Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 20

‫أمن البناء وسالمة الساكنة ‪.

‬‬
‫ان من يقتل االنسان هو مسكنه الذي بناه بيده و ليست األرض التي تهتز تحته ‪.‬‬

‫يهدف االنسان على مر العصور الى بناء مستقر أمن يركن اليه في الحر و القر و على هذا األساس بنيت حضارات و‬
‫أمم‪ ،‬فيختار االنسان املكان‪ B‬االمن و األرض الصلبة و يشيد املباني في تناغم مع الطبيعة و الحدود ‪ ،‬فيختار و‬
‫يستخدم عناصر للبناء من حجر طبيعي او صناعي ( لبنات ‪ ،‬كتل ‪ ،‬ما الى ذلك ) و أيضا من مواد الطين و التراب و‬
‫الخشب و املعادن و الخرسانة ‪....‬‬
‫هذه صورة توضح حضارة جانبا من موقع لحضارة املايا والتي وجد فيها التالي املباني جميعا تتماشى مع حركة الجبال املحيطة بها ومتوافقة مع‬
‫خطوط الكونتور‪ :‬‬

‫‪:‬‬

‫وكان الحجر من املواد األساسية التي استخدمت في البناء منذ بدايته‪ ،‬ومنذ أن توفرت التقنية الالزمة للقيام‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫بذلك؛ طبعا لم يكن الحجر متوفرا في كل مكان‪ ،‬لذا ظهرت مواد بديلة عنه‪ ،‬مثل الطين والخشب‪ ،‬إال إن أيا منها‬

‫‪1‬‬
‫ً ُ‬
‫لم يتمكن من استبدال الحجر والقيام محله‪ ،‬واستمر الحجر في كونه أشد املواد جاذبية‪ ،‬وأكثرها طلبا‪ ،‬ونقل من‬
‫ً‬
‫مكان آلخر الستعماله؛ وربما كان ذلك حاله بسبب إمكانيته املمتازة في االستجابة للحاجات‪ B‬التي ذكرت سابقا‪.‬‬

‫‪ ‬‬
‫ً‬
‫الحجر مادة قوية‪ ،‬وصالبته ومتانته تعطي للمهندسين إحساسا بالقوة والثقة‪ ،‬كما إن للمادة حضور قوي‪ ،‬وتوحي‬
‫ً‬
‫إلى الدوام واالستمرارية في الزمن‪ ،‬فصالبته تجعله مقاوما للظروف البيئية والزمنية والحروب وأكثر املواد قدرة‬
‫على البقاء‪ ،‬وتروي عطش من يرغب في بناء عمارة خالدة؛ ولذلك شيدت العمارات‪ B‬التاريخية معابدها وقصورها‬
‫مبان أكبر وأعلى‬
‫بالحجر‪ ،‬واستوردته من مناطق أخرى عند عدم وجوده؛ فالحجر ساعد املهندسين على إنشاء ٍ‬
‫وأقوى‪ ،‬وأصبحت املادة وسيلة لتخليد ذكريات األمة وتثبيت وقائعها‪ B‬في الجدران ‪.‬‬

‫و بسبب الكثافة السكانية و التي افضت الى تقارب و تراص في البنيان مما زاد في خطورة آثار الظواهر‪ B‬الطبيعية‬
‫وزيادة الضحايا و املوتى عجزا عن مجابهة قوى طبيعية خارجة عن سيطرة البشر و استيعابه‪ ،‬حيث اصبح من‬
‫التحدي العيش‪ B‬مع كل التكنولوجيا و التطور و الكثافة من جهة و الحفاظ على األرواح و املمتلكات من جهة‬
‫أخرى‪.‬‬

‫خطر الزالزل‬ ‫‪-1‬‬

‫الزالزل ضواهر طبيعية ال تعرف الحدود السياسية‪ ،‬فاألرض التي نعيش عليها تتعرض ملليون زلزال سنويا‪ ،‬منها‬
‫مائة على األقل ذات قوة تدميرية عالية ‪ ،‬ومن بين مدن العالم‪ B‬الخمسين األسرع نموا تقع ‪ 40‬مدينة في مناطق‬
‫معرضة للزلزال بصورة مباشرة و يقع الساحل الجزائري على خط النار في السنوات األخيرة التي شهدت نشاطا‬
‫غيرمألوفا بين صفيحتي أوروبا و افريقبا ‪..‬‬

‫مما ينتج عنه إطالق ّ‬


‫كميات‬ ‫يحدث الزلزال عندما تحصل حركة مفاجئة للكتل الصخرية‪ B‬تحت سطح األرض‪ّ ،‬‬
‫الطاقة التي تنتقل على شكل موجات صادمة ّ‬ ‫ّ‬
‫تتسبب باالهتزاز‪ ،‬وهذه الحركة هي إحدى القوى الداخلية‬ ‫كبيرة من‬
‫مستمر في تغيير شكل سطحها و زيادة اقطارها ‪ ،‬وهناك آالف الزالزل التي تحدث ّ‬
‫كل‬ ‫ّ‬ ‫لالرض التي تساهم بشكل‬
‫اّل‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫والتسبب في‬ ‫يوم‪ ،‬وعلى الرغم من ّأن معظمها يمثل اهتزازات‪ B‬صغيرة‪ ،‬إ أن بعضها قوي بما يكفي لتدمير املدن‪،‬‬
‫ّ‬
‫موت آالف األرواح البشرية‪ ،‬إذ ّأد ت الزالزل التي حدثت في القرن العشرين امليالدي إلى فقدان حياة أكثر من‬
‫مليون شخص‪ ،‬ويعتمد نوع الخطر‪ B‬املحتمل على حجم الزلزال‪ ،‬وبعد املنطقة عن بؤرته‪ّ ،‬‬
‫وقوة النشاط الزلزالي‪،‬‬
‫باإلضافة إلى عوامل أخرى‪ ،‬مثل‪ :‬تضاريس املنطقة‪ ،‬والطبيعة الجيولوجية تحت سطح األرض‪ ،‬واملياه الجوفية‪،‬‬
‫ً‬
‫دائما ما ّيتبع الزالزل الكبيرة سلسلة من ّ‬ ‫ّ‬
‫الهزات‪ B‬االرتدادية‪ ،‬أما التأثير السلبي و ما يتسبب فيه‬ ‫ويجدر بالذكر أنه‬
‫االنسان نفسه فهو كما يلي ‪:‬‬

‫موقع املستوطنات في املناطق الزلزالية‪B‬‬ ‫‪‬‬


‫ممارسات وقواعد البناء الخاطئة‬ ‫‪‬‬
‫ّ‬
‫تمركز املباني بشكل مكثف وارتفاع أعداد سكانها ؛‬ ‫‪‬‬
‫ُ‬
‫عدم وجود نظم لإلنذار وانعدام الوعي العام بمخاطر الزالزل‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪2‬‬
‫ّ‬
‫أهم اآلثار الناتجة‪ B‬عن الزالزل‬ ‫‪-2‬‬

‫شدتها بحسب ّ‬ ‫ً‬


‫حدوثا‪ ،‬وقد تختلف ّ‬ ‫االهتزازات األرضية ّ‬
‫قوة املوجات‬ ‫تعد االهتزازات األرضية أكثر آثار الزالزل‬
‫هزات قوية تحدث مع الزالزل الكبيرة‪ ،‬وقد‬‫هزات بسيطة ترافق الزالزل الصغيرة‪ ،‬إلى ّ‬ ‫الزلزالية‪ ،‬إذ تتراوح من ّ‬
‫لعدة دقائق‪ّ ،‬‬
‫تتسبب خاللها بإحداث‪ B‬أضرار من تدمير وتلف للمباني‪ B‬واملنشآت‪،‬‬ ‫الهزة األرضية القوية ّ‬
‫تستمر ّ‬
‫ّ‬
‫وتساقط لألشياء‪ ،‬كما قد يواجه البشر والحيوانات‪ B‬خاللها صعوبة في الوقوف والحركة‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫ً‬ ‫اّل‬ ‫ً‬
‫أحيانا ّ‬ ‫ّ‬
‫تشققات أرضية‪ ،‬إ ّأنها أثر نادر الحدوث نسبيا‪،‬‬ ‫التشققات واالنهيارات األرضية ينتج عن الزالزل‬
‫يسبب ّ‬ ‫مما ّ‬ ‫ّ‬
‫وتتشكل نتيجة حركة ّ‬
‫الهزة‪ B‬األرضية على طول منطقة ضعيفة كالصدع‪ّ ،‬‬
‫تكسر سطح األرض‪ ،‬ولهذه‬
‫تسبب ّ‬ ‫ً‬
‫أضرارا على اإلنسان‪ ،‬فهي ّ‬ ‫ّ‬
‫تشققات في خطوط األنابيب‪ ،‬واألنفاق‪ ،‬والقنوات املائية‪،‬‬ ‫التشققات األرضية‬
‫التشققات األرضية في هذه املناطق كفيل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ومدرجات املطارات‪ ،‬فحدوث‬ ‫وخطوط السكك الحديدية‪ ،‬والطرق‪،‬‬
‫بتدميرها أو إحداث تلف شديد فيها‪.‬‬
‫املستمرة‪ ،‬إذ تزعزع ّ‬
‫الهزات األرضية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التشققات واالهتزازات‬ ‫قد ينتج عن الزالزل حدوث انهيارات أرضية بسبب‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫مما ّ‬‫الناتجة عن الزالزل استقرار املنحدرات‪ّ ،‬‬
‫يتسبب في انهيارات أرضية وتساقط للصخور‪ ،‬وتعد األمطار الغزيرة‪B‬‬
‫املتصدعة عوامل تزيد من احتمالية ّ‬
‫وشدة حدوث االنهيارات‪ ،‬وقد ّ‬
‫تؤدي هذه االنهيارات إلى تدمير‬ ‫ّ‬ ‫والصخور‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املباني‪ ،‬وجرف املنازل‪ ،‬وسد الطرق وخطوط السكك الحديدية‪ ،‬كما يمكنها في بعض الحاالت سد األنهار‪.‬‬

‫تتسبب بها الزلزال‪ ،‬ويمكن أن يبدأ الحريق بسبب ّ‬


‫تسربغاز من‬ ‫الحرائق ّ‬
‫تعد الحرائق من اآلثار الخطيرة التي قد ّ‬
‫ّ‬
‫املتضررة‪ ،‬أو بفعل انقالب مواقد‬ ‫أنابيب‪ B‬الغاز املكسورة‪ ،‬أو نتيجة حدوث تماس كهربائي في خطوط الكهرباء‬
‫الحطب أو الفحم املشتعلة‪ ،‬وقد يزداد الوضع خطورة في حال انقطاع املياه نتيجة تلف خطوط وأنابيب املياه‪ّ ،‬‬
‫مما‬
‫يستمر لفترة طويلة‪ ،‬وهذا بدوره ّ‬
‫يؤدي إلى تدمير املنازل‪ ،‬وترك العديد من‬ ‫ّ‬ ‫يصعب عملية إطفاء الحريق الذي قد‬‫ّ‬
‫السكان‪ B‬بال مأوى‪.‬‬
‫ً‬
‫أمواج تسونامي تنتج أمواج تسونامي أحيانا كأثر ثانوي لبعض أنواع الزالزل‪ ،‬وتسونامي (‪ )Tsunami‬مصطلح‪B‬‬
‫ياباني يعني موجة امليناء‪ ،‬فموجة تسونامي هي موجة مائية ضخمة تنتج بسبب ّ‬
‫تغير مستوى ارتفاع مياه املحيط‬
‫نتيجة اإلزاحة الرأسية املفاجئة التي تحدث للقاع بفعل الزالزل‪ ،‬واالنهيارات األرضية‪ ،‬والتكوينات البركانية‪ ،‬وتبدأ‬
‫موجة تسونامي من منطقة االضطراب في قاع املحيط‪ ،‬وقد تنتقل حتى مسافات بعيدة‪ ،‬وتعتمد سرعتها على عمق‬
‫املحيط‪ ،‬فقد تصل إلى نحو ‪ 0.2‬كم‪/‬ثانية (‪ 712‬كم‪/‬ساعة)‪،‬‬

‫ّأم ا ارتفاع أمواج تسونامي فيبلغ حوالي عشرات األمتار‪ ،‬إذ يتراوح بين ‪20-10‬م في معظمها‪ ،‬كما قد يصل ارتفاع‬
‫ً‬
‫القليل منها إلى ‪ 90‬مترا‪.‬‬

‫تنبه من خطر حدوث‬ ‫أقل سرعة من املوجات الزلزالية‪ ،‬ولذلك ّ‬


‫فإن االهتزازات الزلزالية ّ‬ ‫تعد أمواج تسونامي ّ‬‫ّ‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫ولكن الوقت قد ال يكون كافيا ألخذ االحتياطات في املناطق القريبة من الزلزال‪،‬‬ ‫تسونامي قبل وصول املوجة‪،‬‬
‫اّل‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫ويجدر بالذكر ّأن موجات تسونامي ال تشكل خطرا في أعماق املحيط‪ ،‬إ ّأنها تصبح خطيرة عند اقترابها من‬
‫وتتجمع الطاقة التي ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫توزعت عبر جميع أنحاء املحيط‪ ،‬كما يزداد‬ ‫الشاطئ وسطح املياه‪ ،‬ففي املياه الضحلة تتركز‬
‫تدميرا للمناطق واملجتمعات‪ B‬الساحلية من الزالزل التي ّ‬‫ً‬ ‫ً‬
‫تتسبب‬ ‫ارتفاع املوجة‪ ،‬وعادة ما تكون أمواج تسونامي أكثر‬
‫تؤدي إلى أضرار‪ ،‬ودمار‪ّ ،‬‬
‫ووفيات‪.‬‬ ‫بها‪ ،‬فقد ّ‬

‫ّ‬
‫التسيل (باإلنجليزية‪ )Liquefaction :‬عندما ّ‬
‫تتعرض التربة الرملية املشبعة باملياه إلى اهتزازات‪B‬‬ ‫ّ‬
‫تسيل التربة‪ B‬يحدث‬
‫تسيل التربة يجب‬‫أرضية بفعل الزلزال‪ ،‬ونتيجة لذلك تفقد التربة القوة والصالبة‪ ،‬وتصبح كسائل لزج‪ ،‬ولحدوث ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫توفر شرطين‪ ،‬األول أن تكون التربة رملية مفككة‪ ،‬ومشبعة باملياه‪ ،‬وذلك حتى عمق ‪9‬م تحت سطح األرض‪،‬‬
‫يؤدي ّ‬ ‫التسيل‪ ،‬وقد ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫تسيل التربة إلى أضرار كبيرة في‬ ‫للتسبب في‬ ‫والثاني أن يكون اهتزاز األرض قويا بما يكفي‬

‫‪4‬‬
‫ّ‬
‫وتشقق سطح األرض‪ .‬و زلزال ميلة‬ ‫املمتلكات‪ B‬حول العالم‪ ،‬منها غرق وميالن املباني‪ ،‬وانهيار املنحدرات‪ ،‬وهبوط‬
‫يجسد هذه الظاهرة‪ B‬بوضوح و تجليات خطيرة ‪.‬‬

‫يعتبر تسييل التربة املشبعة (‪ )La liquéfaction des sols saturés‬أثناء الزالزل من أهم املشاكل التي يواجهها‬
‫املهندسون‪ .‬بالكاد كان هناك زلزال كبير بدون حاالت قليلة على األقل من التسييل‪ .‬بعض مظاهره هي املستوطنات‬
‫وانقالب املباني والتدفقات الجانبية ومخاريط التميع‪ B‬وعدم استقرار املنحدرات‪ .‬يتضمن التصميم الزلزالي‪ B‬ملحطات‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫تقييما ملخاطر التسييل ‪ ،‬وفي هذا اإلطار ‪ ،‬تستخدم طرق‬ ‫الطاقة‪ B‬النووية واملرافق الحيوية األخرى بشكل منهجي‬
‫ذات طبيعة تجريبية بالكامل بشكل شائع في الهندسة‪ .‬توفر هذه األساليب هوامش التصميم وقيود االستخدام‪.‬‬
‫الستغالل هذه الهوامش في حالة إعادة التقييم ‪،‬‬

‫الزالزل في الجزائر‬ ‫‪-3‬‬

‫زلزال الشلف ‪1980‬‬ ‫‪-‬‬

‫تعرضت والية األصنام (الشلف حاليا) في ‪ 10‬أكتوبر ‪ 1980‬الساعة الواحدة ظهرا وخمس وعشرين دقيقة لهزة‬
‫أرضية عنيفة بلغ مقدارها ‪ 7.3‬على سلم ريشتر‪ .‬وقد كان زلزاال عنيفا جدا لدرجة تدمير ‪ 80‬باملئة من املدينة وقد‬
‫خلف وراءه خسائر بشرية بلغت ‪ 10000‬ضحية من بينهم ‪ 2633‬قتيال‪ .‬في الهزة‪ B‬االولى واستمرت الهزات االرتدادية‬
‫لهذا الزلزال عدة أشهر بعد الهزة األولى‪ .‬كما خلف صدعا طوله ‪ 36‬كيلومترا مع ارتفاع الطبقات الصخرية‪ B‬بـ ‪6‬‬
‫أمتار بالقرب من منطقة بني راشد‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫زلزال البليدة ‪1985‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪6‬‬
‫لقد كان زلزال ‪ 2‬مارس ‪ 1825‬مدمرا ملدينة البليدة حيث سحقت وردة متيجة الصغيرة‪ B‬أكثر من نصف سكانها‬
‫تحت األنقاض‪.‬‬
‫لم تتوقف الهزات‪ B‬االرتدادية عن الظهور من حين آلخر‪ ،‬ولكن على فترات متكررة خالل يوم ‪ 3‬مارس و التي يبدو‬
‫أن مركزها كان في الجهة الغربية‪ .‬قرر عدد قليل من الناس العودة إلى منازلهم املتداعية‪ .‬جاءت هزتان متتاليتان‬
‫عنيفتان‪ ،‬في ليلة الثالث إلى الرابع‪ ،‬مما أزعج راحة البال ودفع الناس إلى األماكن العامة‪.‬‬
‫صباحا كانت هزة قصيرة لكنها شديدة طردت الناس‬ ‫ً‬ ‫و إذ لم يتوقف املطر عن السقوط‪ ،‬حوالي الساعة الرابعة‬
‫من منازلهم بشكل صارم‪ ،‬طردت أولئك الذين أبقاهم املطر‪ B‬أو الجهل بالخطر في منازلهم املتصدعة‪ .‬كان عليهم أن‬
‫يستسلموا أخيرا ألخذ عائالتهم إلى الساحة العامة‪.‬‬
‫اعتبارا من ‪ 7‬مارس ‪ ،‬كان قد تم إخراج أكثر من ‪ 3000‬جثة من تحت األنقاض‪ ،‬في مدينة كان تعداد سكانها آن‬ ‫ً‬
‫ذاك يقدر بحوالي ‪ 7000‬نسمة‪.‬‬

‫زلزال بومرداس املدمر ‪2003‬‬ ‫‪-‬‬


‫عنيفا بشكل خاص‪ً .‬‬
‫وفق ا لشبكة ستراسبورغ الوطنية ‪ ،‬كانت القوة ‪6.7‬‬ ‫كان الزلزال‪ B‬الذي هز شمال الجزائر‪ً B‬‬
‫ً‬
‫مساء بالتوقيت‬ ‫ً‬
‫مساء بالتوقيت العالمي ‪7:44‬‬ ‫درجة على مقياس ريختر‪ .‬وقع الزلزال الرئيسي في الساعة ‪6:44‬‬
‫املحلي وتبعه على الفور عشرات الهزات االرتدادية‪ .‬يقع مركز هذا الزلزال‪ B‬في البحر بالقرب من الساحل ‪ ،‬على بعد‬
‫‪ 60‬كم شمال شرق الجزائر‪ B‬العاصمة ‪ ،‬على بعد أربعة كيلومترات من الساحل ‪ ،‬بين الزموري وبومرداس (لونغ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ 3.53‬شرقا ‪ -‬خط عرض ‪ 36.81‬شماال)‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫حشد حوالي ثالثين خبيرا دوليا لزلزال الجزائر‬

‫حشد هذا الحدث مجموعة التدخل ما بعد الزالزل ‪ INSU / CNRS‬لتشكيل فريق بحث متعدد التخصصات (علم‬
‫الزالزل ‪ ،‬التكتونية ‪ ،‬الجيوفيزياء البحرية ‪ ،‬الجيوديسيا)‪ .‬كان التحدي هو دراسة هذا الزلزال ‪ ،‬لتحديد املخاطر‬
‫الزلزالية في املنطقة بشكل أفضل ‪ ،‬إلدارة املخاطر الزلزالية‪ B‬بشكل أفضل مثل ضعف املباني‪ .‬وهكذا تم تنسيق‬
‫عمل العلماء من عشرة مختبرات في فرنسا مع نظرائهم من مركز البحوث في الفيزياء الفلكية وعلم الفلك‬
‫والجيوفيزياء في الجزائر‪ B‬العاصمة‪ .‬كما شارك باحثون من قسم العلوم اإلنسانية واالجتماعية في املركز الوطني‬
‫ً‬
‫للبحوث العلمية ‪ ،‬الذين حشدوا ما مجموعه حوالي ثالثين باحثا دوليا ‪.‬‬

‫كان هذا الزلزال األكثر دموية في الجزائر‪ B‬منذ عام ‪ ، 1980‬وآخر تقرير بتاريخ ‪ 21‬يونيو ‪ ، 2003‬أفاد عن مقتل‬
‫ً‬
‫‪ 10147 .2278‬جريحا وأكثر من ‪ 15‬ألف مشرد حسب التقارير السابقة‪ .‬وتظهر حصيلة القتلى ‪ 1382‬قتيال و‬
‫ودمرت‬‫‪ 3442‬جرحى فقط في محافظة بومرداس (‪ 50‬كلم شرق الجزائر‪ B‬العاصمة) ‪ ،‬األكثر تضررا من الزلزال‪ُ .‬‬
‫جنوبا‪ .‬دائرة الجزائر تدفع أيضا ثمنا باهظا‪ B‬حيث قتل ‪ 883‬شخصا وجرح‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫تقريبا وكذلك كدارة‬ ‫بودواو بالكامل‬
‫ً‬
‫‪ .6787‬تقع مدينة رغاية على بعد حوالي ثالثين كيلومترا من مركز الزلزال ‪ ،‬وتعرضت لدمار هائل تسبب في سقوط‬
‫العديد من الضحايا‪ B‬خاصة في الجزء الشمالي من املدينة ‪ ،‬كما كان من املمكن أن ينهار مبنى في املدينة العسكرية‪ .‬في‬
‫الرويبة أضرار مادية جسيمة‪ .‬في برج البحري ‪ ،‬شرق الجزائر العاصمة‪ ، B‬انهار ما يقرب من ‪ ٪70‬من املباني األخيرة‬
‫ً‬
‫نتيجة الزلزال العنيف‪ B.‬سيكون الضرر هائال ‪ ،‬حيث انهارت مجموعة كاملة من الفيالت ‪ ،‬سواء كانت مأهولة أو‬
‫قيد اإلنشاء‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫جريح ا في تيزي وزو جنوب شرقي مركز الزلزال‪ .‬قتيالن و ‪ 127‬جريحا في‬ ‫وفي أماكن أخرى ‪ ،‬سقط ‪ 7‬قتلى و ‪261‬‬
‫البويرة‪ B‬جنوب شرقي البالد‪ .‬قتيالن و ‪ 3‬جرحى في بجاية في الشرق‪ 2 .‬قتيل و ‪ 709‬جرحى في البليدة بالجنوب‬
‫الغربي‪ B‬و ‪ 121‬جريح في املدية‪.‬‬

‫‪8‬‬
9
‫الهندسة املدنية هي الضمان لتقليل االضرار‪ ،‬والنجاة من الدمار‬ ‫‪-4‬‬

‫على الرغم من أن القوة التدميرية للزالزل معروفة منذ فجر التاريخ ‪ ،‬إال أنه لم يتم تطوير وسائل فعالة للوقاية‬
‫من الزالزل للمباني إال في القرن العشرين‪ .‬تعود املحاوالت األولى التخاذ تدابير مقاومة الزالزل على األقل إلى زمن‬
‫اليونان القديمة عندما كانت املعابد موجودة تم بناؤها على طبقة من الرمل ‪ ،‬على األرجح لعزل املباني في الطابق‬
‫السفلي‪.‬‬

‫لدى املهندس املدني طرق متاحة لضمان السلوك اإليجابي للهياكل في مواجهة الزالزل‪ .‬هذه األساليب تأخذ بعين‬
‫االعتبار خصوصيات عمل الزالزل و االستفادة من خصائص االستجابة الزلزالية للهياكل‪ .‬ومع ذلك و ً‬
‫نظرا‪ B‬ألن‬
‫الزالزل هي أحداث نادرة وال يمكن التنبؤ بها ‪ ،‬فمن غير املعقول توقع ظهور املباني ساملة ً‬
‫تماما من جميع الزالزل‪.‬‬
‫بهذا املعنى ‪ ،‬فالهدف األساسي للبناء عادة ما تتضمن الحماية من الزالزل منع املباني من االنهيار إلنقاذ األرواح‬
‫البشرية‪ .‬فيما يتعلق باملباني الجديدة ‪ ،‬فإن وسائل تحقيق هذا الهدف معروفة و سهل التطبيق‪ .‬هذه الوسائل‬
‫تتعلق بشكل أساسي بتصميم الهيكل‪ B‬وتفاصيل البناء‪ .‬على أي حال‪ ،‬في ممارسة نشاطهم‪ ،‬يجب على جميع أصحاب‪B‬‬
‫املصلحة‪ B‬في البناء ً‬
‫دائما أن يضعو في اعتبارهم أن البناء هو من يقتل الناس و ليس الزلزال ‪.‬‬

‫رغم أن زلزال توهوكو الذي ضرب اليابان‪ B‬عام ‪ُ ،2011‬ي عرف بأنه أحد أكثر الزالزل التي وقعت في اآلونة األخيرة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تدميرا ‪ ،‬فإنه ليس سوى واحد من األحداث املشابهة الكثيرة التي يشهدها هذا البلد سنويا‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫فأرخبيل اليابان يقع على طول ما ُيعرف بـ "حزام النار حول املحيط الهادئ"‪ ،‬على حافة الصفائح التكتونية ملناطق‬
‫صفيحة وأخرى‪ ،‬تنضغط إحداها تحت الثانية‬ ‫ٍ‬ ‫أوراسيا واملحيط الهادئ والفلبين‪ .‬وعند الحافة الفاصلة ما بين كل‬
‫ً‬
‫مما يؤدي إلى تراكم ضغوط غير عادية في كثافتها‪ .‬ويمثل الزلزال‪ B‬تنفيسا لهذه الضغوط‪ ،‬مما يقود لحدوث هزات‬
‫كاف لتسوية مدينة متوسطة الحجم باألرض‪.‬‬ ‫حد ٍ‬‫تصل في قوتها إلى ٍ‬
‫ُ‬
‫لكن باملقابل فإن األبراج املقامة في اليابان‪ B‬ليست باملباني العادية‪ .‬فبحسب ِجن ساتو‪ ،‬وهو مهندس إنشاءات‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫مساعد في جامعة طوكيو‪ ،‬ال بد أن تتمتع كل األبنية هناك ‪ -‬حتى وإن كانت صغيرة أو مؤقتة ‪ -‬باملرونة‬ ‫وأستاذ‬
‫الالزمة للصمود في وجه الزالزل التي تضرب هذا البلد‪..‬‬
‫توجد في اليابان بعض أكثر املباني مرونة في العالم‪ B‬بقدر يجعلها تصمد في وجه الزالزل‪ .‬ويكمن السر في ذلك في‬
‫قدرة تلك األبنية على "التمايل" عندما تهتز األرض من تحتها‪.‬‬
‫تهيمن ناطحات السحاب املنتشرة في طوكيو وأوساكا ويوكوهاما على الصورة العامة لهذه املدن‪ .‬وتعطي األبراج‪B‬‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫لبناء من صنع اإلنسان أن يكون‪.‬‬ ‫عادة انطباعا بأنها راسخة وثابتة‪ ،‬كما يمكن ٍ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وتمثل هذه األبراج الشاهقة خلفية ثابتة ملشهد الحياة اليومية في املناطق الحضرية اليابانية‪ ،‬كما تفعل في أي‬
‫مدينة كبيرة ومتقدمة في أي مكان آخر في العالم‪ B.‬وبينما يتحرك الناس وكذلك السيارات بصخب حول هذه‬
‫ٌ‬
‫األبنية‪ ،‬تظل راسخة ال تتحرك‪ ،‬وكأنها تربط باقي أرجاء املدينة املفعمة بالنشاط املتواصل واملحموم‪ ،‬إذ يتعين على‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫ناطحات السحاب هناك أن تصبح قادرة على التمايل‪ B‬مع الزالزل ال أن تنهار بفعلها وتبقيها في مكانها‪.‬‬

‫‪Kachidoki, Chuo-ku, Tokyo‬‬

‫‪11‬‬
‫وهناك مستويان رئيسيان من املرونة يسعى املهندسون ِب جد لضمانهما؛ أولهما هو ذاك الضروري للصمود في وجه‬
‫الزالزل األقل قوة‪ ،‬من النوع الذي يمكن أن يضرب أي مبنى ثالث أو أربع مرات خالل عمره االفتراضي‪.‬‬
‫إلصالح في املبنى‬
‫ٍ‬ ‫أضرار تحتاج‬
‫ٍ‬ ‫وفي إطار هذا املستوى‪ ،‬يتمثل هدف مهندسي اإلنشاءات في الحيلولة دون حدوث أي‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫أي من‬‫جراء هذه الزالزل ضعيفة القوة‪ ،‬وهو ما يعني أن يكون التصميم محكما على نحو يم ِّكن البناء من مواجهة ٍ‬
‫ُْ‬
‫هذه الهزات الزلزالية دون أن تل ِحق به أذى‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أما املستوى الثاني من املرونة‪ ،‬فهو ذاك الالزم ملواجهة الزالزل شديدة القوة‪ ،‬وهي أقل عددا وفرصا في الحدوث‬
‫ً‬
‫بناء على شدة ما ُيعرف بـ "زلزال كانتو الكبير‬
‫قارنة بالنوع السابق‪ .‬وتم تحديد مستوى مثل هذه الهزات ً‬ ‫بكثير ُم‬
‫‪."1923‬‬
‫ْ‬ ‫ً‬
‫مدينتي طوكيو‬ ‫وكان هذا الزلزال‪ B‬قويا للغاية‪ ،‬وبلغت شدته ‪ 7.9‬درجة على مقياس ريختر‪ ،‬ما أدى لتدمير‬
‫ويوكوهاما‪ ،‬ومقتل أكثر من ‪ 140‬ألف شخص‪.‬‬
‫وبالنسبة للزالزل األكثر قوة من ذلك الزلزال‪ ،‬ال يسعى املهندسون للحفاظ على املبنى في حد ذاته‪ ،‬ويهتمون في‬
‫أضرار ال توقع ضحايا‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫املقام األول بتجنب وقوع خسائر بشرية‪ ،‬ما يعني تسامحهم مع حدوث أي‬
‫ويقول زيغي لوبكوفسكي‪ ،‬الخبير في الزالزل في كلية لندن الجامعية‪" ،‬املرء يصمم املباني لحماية أرواح الناس‪ ..‬هذا‬
‫هو الحد األدنى املطلوب"‪.‬‬

‫ممكن من‬
‫ٍ‬ ‫قدر‬
‫حتى يتسنى للمبنى الصمود في وجه القوى الهائلة الناجمة عن الزالزل‪ ،‬يتعين عليه امتصاص أكبر ٍ‬
‫الطاقة‪ B‬الزلزالية‪ .‬ويقول ساتو في هذا الشأن‪" :‬ال ينهار املبنى إذا ما كان بمقدوره امتصاص كل الطاقة"‪ B‬التي ّيولدها‬
‫الزلزال‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫ٌ‬
‫زلزال وقع عام ‪ 2016‬وبلغت شدته ‪ 6.4‬درجة على مقياس ريختر‬ ‫بوسعنا هنا رؤية طريق تشوشو السريع الذي دمره‬

‫ويحدث ذلك في األساس من خالل ما ُي طلق عليه عملية "العزل الزلزالي"‪ ،‬التي يتم فيها وضع املباني أو الهياكل‬
‫اإلنشائية على حوامل أو أسطح تتحمل الصدمات أو تمتصها‪ .‬وفي بعض األحيان‪ ،‬تتسم مثل هذه األسطح ببساطة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫كتل من املطاط يتراوح سمكها ما بين ‪ 30‬إلى ‪ 50‬سنتيمترا تقريبا (من ‪ 12‬إلى ‪20‬‬ ‫التكوين‪ ،‬إلى حد كونها مجرد ٍ‬
‫بوصة)‪ ،‬وذلك بهدف تحمل الهزات الناجمة عن الزلزال ومقاومتها‪.‬‬

‫وهذا رسم توضيحي ببرنامج األوتوكاد لالسطوانات املطاطية أسفل األساسات‬


‫‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫ويتم وضع هذه البطانات املطاطية تحت األعمدة الحاملة للمبنى‪ ،‬مهما كان موقعها في أساسات‪ B‬البناء‪.‬‬
‫ورغم أن مسألة تهيئة وضع األعمدة الخرسانية وجعلها تستقر على مثل هذه البطانات املطاطية ‪ -‬املوضوعة‬
‫بدورها فوق قاعدة املبنى ‪ -‬تشكل إحدى الوسائل‪ B‬الرئيسية التي تمكن األبنية من الصمود في وجه الزالزل؛ فإن‬
‫نقاط بالطوابق‪B‬‬
‫صمامات لتثبيط الحركة واالهتزازات وتخفيفها‪ ،‬ونشر هذه الصمامات‪ B‬في ٍ‬‫ٍ‬ ‫اللجوء إلى استخدام‬
‫العليا‪ B‬من املبنى‪ ،‬يمكن أن تزيد كذلك من مستوى مرونته‪.‬‬

‫صمامات على‬
‫ٍ‪B‬‬ ‫ويقول لوبكوفسكي‪" :‬يمكن أن يتحرك املبنى املرتفع ملسافة ‪ 1.5‬متر (‪ 5‬أقدام)‪ ،‬ولكن إذا وضعت‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫علو معينة ‪ -‬بواقع كل طابقين مثال وصوال إلى أعلى البناء ‪ -‬فسيكون بوسعك أن تقلص الحركة إلى‬
‫مستويات ٍ‬
‫مسافة أقل بكثير‪ ،‬ما يمنع حدوث تدمير للبنى املوجودة فوق قاعدة املبنى"‪.‬‬
‫ٍ‬

‫‪14‬‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫وتبدو هذه الصمامات أشبه باملضخات‪ B‬التي تستخدم مع الدراجات الهوائية‪ ،‬باستثناء أنها مملوءة بالسوائل ال‬
‫بالهواء‪ .‬وتقوم فكرة عملها على أنها تضغط على السائل املوجود بداخلها‪ ،‬عندما تنضغط هي دون أن يؤدي‬
‫بمقدار طفيف‪ .‬وتقود هذه العملية‪ B‬إلى تقليل االهتزازات التي تحدث بين‬
‫ٍ‬ ‫الضغط الواقع عليها إلى تحريكها سوى‬
‫جنبات املبنى‪.‬‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬


‫طابقا‬
‫‪B‬‬ ‫صماما يعمل بالزيت ُويستخدم في برج "روبونغي هيلز موري" في طوكيو‪ ،‬واملؤلف من ‪53‬‬
‫‪B‬‬ ‫يمكننا أن نرى هنا مهندسا مدنيا يعرض‬

‫الجمع بين األناقة واألمن والسالمة‬


‫ً‬
‫لكن طرق جعل املبنى مرنا بما يكفي للصمود أمام الزالزل ال تقتصر على استخدام وسائل معقدة تستهدف‬
‫ُ‬
‫امتصاص الطاقة‪ B‬الزلزالية‪ B‬وتخفيف قوة االهتزازات‪ ،‬بل إن هناك أساليب أخرى تعنى بالتصميم الداخلي‬
‫والخارجي للمبنى وهيئته كذلك‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وفي هذا السياق‪ ،‬يقول لوبكوفسكي‪" :‬ما نريده ‪ -‬في الحالة املثالية ‪ -‬أن نجعل املبنى منتظما ومتناسقا بقدر اإلمكان‪..‬‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫مسافات متساوية" ستزيد قدرة‬ ‫شبكة تفصلها‬
‫ٍ‬ ‫إذا ما كان لكل الطوابق االرتفاع نفسه وكانت األعمدة على شكل‬
‫املبنى على الصمود أمام أي زلزال‪.‬‬
‫لكن مصممي ناطحات السحاب ذات الشكل املتميز ال يرحبون في أغلب األحيان بتقديم مثل هذا النوع من‬
‫ً‬
‫التنازالت‪ ،‬ما يجعل من الشائع حدوث تباينات‪ B‬بين املعايير املطلوبة من جانب املهندسين لجعل املبنى قادرا على‬
‫مقاومة الزالزل‪ ،‬والرؤى اإلبداعية التي يريد املهندسون املعماريون تطبيقها في البناء نفسه‪ ،‬مما يقود إلى أن تنشأ‬
‫ٌ‪B‬‬
‫توترات بين الفريقين‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬
‫صراعات كبيرة بيننا‪..‬‬ ‫ويقول نوريهيرو إجيري مدير شركة إجيري للهندسة اإلنشائية ومقرها طوكيو‪" :‬توجد دائما‬
‫ً‬
‫تعليما بشأن الزالزل‪ ،‬لذا يكون بمقدور‬
‫‪B‬‬ ‫لحسن الحظ‪ ،‬يتلقى املهندسون املعماريون في اليابان ‪ -‬بدورهم ‪-‬‬
‫املهندسين واملصممين تبادل النقاش بشكل منطقي"‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫نظرة على برج "سكاي تري" املوجود في طوكيو وهو ثاني أعلى مبنى في العالم‪ B.‬وقد‬ ‫ٍ‬ ‫ولعل الوقت قد حان إللقاء‬
‫معمارية من تصميمات املعابد‬ ‫ٍ‬ ‫معماري معروف باسم "املستقبلية الجديدة"‪ُ ،‬وينتفع فيه بعناصر‬ ‫ٍ‬ ‫طراز‬
‫ٍ‬ ‫شيد على‬ ‫ّ‬
‫اليابانية‪ B‬التقليدية املعروفة باسم "باغودا"‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫زلزالية‪ .‬ويمكن للعمود والصمامات أن تمتص مجتمعة الطاقة‪ B‬التي‬ ‫ٍ‬ ‫بصمامات‬
‫ٍ‬ ‫كما يتضمن عمودا مركزيا مرتبطا‬
‫ّيولدها الزلزال‪.‬‬
‫ً ُ‬
‫هندسية تتسم بالطابع‪ B‬العملي والجمالي معا‪ ،‬وت َم ِّكن املباني‬
‫ٍ‬ ‫حلول‬
‫ٍ‬ ‫إذا عدنا إلى ساتو سنجد أنه يعكف على تطوير‪B‬‬
‫من مقاومة الزالزل‪ .‬ويقول في هذا الشأن‪" :‬عندما أناقش التصميمات‪ B‬اإلنشائية مع املهندسين املعماريين‪ ،‬أبحث‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫طريقة لجعل العناصر‪ B‬املرتبطة بمقاومة الزالزل متناغمة مع التصميم العام للمبنى"‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫دوما عن‬
‫ً‬
‫ويضيف بالقول‪" :‬أحيانا أتمكن من إيجاد وسيلة يمكنني من خاللها دمج هذه العناصر في املخطط املعماري الخاص‬
‫أوقات ثالثة" يتم‬‫ٍ‬ ‫شفافة‪ ،‬وفي‬
‫ٍ‬ ‫شفافة أو نصف‬
‫ٍ‬ ‫بكل طابق من الطوابق‪ ،‬وفي أحيان أخرى أستطيع‪ B‬تطوير عناصر‬
‫كفاءة‬
‫ٍ‬ ‫قادرة على تحسين‬ ‫ٍ‬ ‫ستقاة من علم الهندسة موجودة في تصميم املبنى‪ ،‬وتحويلها إلى عوامل‬ ‫ٍ‬ ‫االنتفاع بعناصر ُم‬
‫املبنى فيما يتعلق بالصمود أمام الزالزل‪.‬‬
‫ُ‬ ‫فعلى سبيل املثال‪ ،‬يفيد استخدام َ‬
‫بنى شبكية في الحيلولة دون انبعاج والتواء الهياكل التي تستخدم لدعم املباني‪.‬‬
‫ومالصق له في املكان‪ ،‬على أال يلتوي‬ ‫ٍ‬ ‫جزء آخر يماثله في الشكل‬
‫فإذا انبعج أحد أجزاء هذه البنى‪ ،‬سيساعده وجود ٍ‬
‫ً‬
‫كبير ‪ ،‬كما يوزع مهمة امتصاص الطاقة على أكثر من نقطة‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬يساعد الهيكل الشبكي على تقوية‬ ‫بشكل ٍ‬ ‫ٍ‬
‫املباني وتدعيمها‪ ،‬دون أن يقلل ذلك من قيمته الجمالية‪ ،‬إذ يمكن أن يكون بديع الشكل في الوقت نفسه‪.‬‬
‫تصميمات آخذة في التطور‬ ‫ٌ‪B‬‬
‫ً‬
‫مبان ُمقاومة للزالزل ومن ثم بنائها بالفعل أمرا يتسم‬ ‫ال يتسم الهدف الخاص بتحديد املعايير املطلوبة لتشييد ٍ‬
‫ً‬
‫بالجمود والسكون‪ .‬فالباحثون يسعون دوما لالستفادة من الصدوع الزلزالية النشطة في الوقت الراهن‪ ،‬من أجل‬
‫وتكهنات بشأن التأثيرات‪ B‬املحتملة للزالزل التي ستقع في املستقبل على املباني‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫تقديرات‬
‫ٍ‪B‬‬ ‫بلورة‬
‫وهكذا ال يمكن للمهندسين‪ B‬املتخصصين في مقاومة الزالزل ونظرائهم املعنيين بالتصميم واإلنشاءات‪ ،‬أن يتيقنوا‬
‫من مدى مرونة تصميماتهم سوى بعد فوات‪ B‬األوان‪.‬‬

‫تقرير الخبراء عن الدمار الذي وقع للمباني‪B‬‬ ‫‪-5‬‬

‫قدم الخبير الدولي فكتور دافيدوفيتشي حوصلة خبرة ميدانية و تحليلة رفقة كل من‬
‫‪ ..‬املركز القومي للبحوث التطبيقية في هندسة الزالزل‪.‬‬
‫‪ ..‬هيئة مراقبة اإلنشاءات الفنية ‪،‬‬
‫‪ ..‬املركز القومي لدراسات وأبحاث البناء املتكاملة‪،‬‬
‫‪ ..‬املعمل الوطني لإلسكان والتعمير ‪..‬‬
‫‪ ..‬املركز الوطني للهندسة اإلنشائية‪،‬‬
‫‪SGP / GENEST ..‬‬
‫وضح الخبير الخلل القائم في دائرة املتدخلين في قطاع البناء بغياب غير مبرر لوجود املهندسين املدنيين ‪ ،‬فكانت‪B‬‬
‫الدائرة مختصرة بين معماري و هيئة الرقابة و مقاولة ( مجموعة عمال ) ‪.‬‬
‫حدد الخبير نقاط أساسية إلصالح الوضع‬

‫‪16‬‬
‫إشراك مكاتب الدراسات املختصة ( لم يفعل )‬ ‫‪-‬‬
‫مراجعة قانون الزالزل الجزائري‪( B‬تمت املراجعة )‬ ‫‪-‬‬
‫وقد وضح مستغربا أن املتداخلين حسب الواقع‪ B‬هم ثالثة أطراف ال غير ‪ :‬مهندس معماري ‪ +‬مكتب‬ ‫‪-‬‬
‫مراقبة ‪ +‬مقاولة (مجرد عمال بال تكوين)‬
‫حيث قال ‪ -:‬بأنه من الضروري تغيير النظام املعمول به ووضع آلية جديدة في القطاع ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫انه في الجزائر يعتبرون الدراسة املضادة للزالزل من عمل املعماري ‪ .‬عكس ماهو عليه في فرنسا انها من‬ ‫‪-‬‬
‫اختصاص املهندس املدني‬

‫‪-‬‬
‫ان الهندسة املعمارية لن تكون جيدة إال بحسابات املهندس مدني ‪ ،‬و أن غيابه يجعل خلال باملخططات‪B‬‬ ‫‪-‬‬
‫التنفيذية‬
‫من الضروري مطلقا عند انجاز بناء جديد أن يتشارك املهندس املدني و املعماري‪ B‬و املخطط‬ ‫‪-‬‬
‫القادم( الشكل‪ )2-1‬يشرح االقتراحات‪. B‬‬
‫يجب على صاحب املشروع أن ‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬أن يجمع بين املهندس املدني و املعماري في بداية مهمة الرسم‪ B‬املبدئي ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬ان يمنح األمر الرسمي باملشاركة في إعداد دراسات مضادة للزالزل ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬على املهندس املدني أن يعلم و أن يكون شريك في التصميم ال أن يكتفي بالحسابات‪B‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪-‬‬

‫‪-‬‬

‫‪17‬‬
‫‪-‬‬

‫حيث من غير املعقول ان دمار شامل كان من املمكن تجنبه رغم شدة الزلزال ‪.‬‬
‫و قدم املقترحات التي يجب ان يكون عليها قطاع البناء وفقا لنظام دولي‬

‫الشكل ‪1‬‬
‫مباني جديدة‬
‫يكون التعاقد حسب املقترح بين صاحب املشروع و جميع املتداخلين‪ B‬من معماري و مكتب دراسات تقنية و مكتب‬
‫مراقبة ومقاولة مؤهلة‬

‫‪18‬‬
‫في برامج التقوية والترميم‬

‫يكون العمل وفقا ملجموعة‪ B‬من املختصين الدراسة تكون ملكتب دراسات تقنية مختص و املعماري يكون‬
‫ضمن فريق العمل وليس صاحب الدراسة ‪.‬ومكتب مراقبة تقنية و مقاولة مختصة بالتقوية و التدعيم و‬
‫الكل يتواصل عن طريق خلية مساعدة يعينها‪ B‬صاحب املشروع‬

‫التشريع‪ B‬ينقذ الهندسة غداة الزلزال املدمر‪ ..‬و اطالق قانون ‪ 05-04‬املعدل و املتمم للقانون ‪29-90‬‬ ‫‪-6‬‬
‫املتعلق‪ B‬بالتهيئة و التعمير ‪.‬‬

‫و في الختام انتهى زلزال بومرداس على حصيلة دموية جعلت املشرع الجزائري‪ B‬يتدارك الخلل‪ B‬و يصدر قانون ‪-04‬‬
‫‪ 05‬الذي يوافق نصائح الخبراء الدوليين و الذي يعد لجزائر‪ B‬امنة و بناء مستقر ‪..‬و رغم ذلك فالقانون موقف عن‬
‫التنفيذ رغم تسلسل املراسيم التنفيذية املتعلقة به و اليوم بعد ‪ 17‬سنة من سن هذا القانون لم تتغير الضروف ‪،‬‬
‫مازال السكن يهدد ساكنيه و مازال االمن في البناءات رهين الهزات‪ B‬و االرتدادات‪. B‬‬

‫‪19‬‬
20

You might also like