Rapport Annuel - 2021 VF

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 443

‫المملكة المغربية‬

‫المجلس األعلى للحسابات‬

‫التقرير السنوي‬
‫للمجلس األعلى للحسابات‬
‫برسم سنة ‪2021‬‬
‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات‬
‫برسم سنة ‪2021‬‬

‫المقدم إلى صاحب الجاللة نصره الل‬


‫من طرف‬
‫الرئيس األول للمجلس األعلى للحسابات‬
‫تقرير حول أنشطة المجلس األعلى للحسابات‬
‫برسم سنة ‪2021‬‬

‫مرفوع إلى حضرة صاحب الجاللة نصره هللا‬

‫من طرف زينب العدوي‬


‫الرئيس األول للمجلس األعلى للحسابات‬

‫موالي صاحب الجاللة‪،‬‬


‫لي عظيم الشرف أن أرفع إلى جاللتكم‪ ،‬طبقا للفصل ‪ 148‬من الدستور‬
‫وتنفيذا للمادة ‪ 100‬من القانون رقم ‪ 62.99‬المتعلق بمدونة المحاكم‬
‫المالية‪ ،‬التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪.2021‬‬
‫مداولة غرفة المشورة بالمجلس األعلى للحسابات‬
‫بالمصادقة على التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات‬
‫برسم سنة ‪2021‬‬
‫بناء على القانون رقم ‪ 62.99‬المتعلق بمدونة المحاكم المالية‪ ،‬ال سيما أحكام المواد ‪ 22‬و‪ 99‬و‪100‬‬
‫منه؛‬
‫وتبعا إلعداد مشروع التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪ 2021‬من طرف لجنة‬
‫البرامج والتقارير واعتماده في اجتماعها المنعقد بتاريخ ‪ 3‬نونبر ‪2022‬؛‬
‫وبعد انعقاد اجتماع غرفة المشورة بتاريخ ‪ 3‬نونبر ‪ 2022‬قصد التداول في مشروع التقرير المذكور؛‬
‫وبعد المناقشة والتداول‪ ،‬صادقت الغرفة المذكورة على التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات‬
‫برسم سنة ‪ .2021‬وكانت الهيئة مكونة كما يلي‪:‬‬
‫ذة‪ .‬زينب العدوي‪ ،‬الرئيس األول للمجلس األعلى للحسابات‪ ،‬رئيسا؛‬
‫ذ‪ .‬عبد العزيز كلوح‪ ،‬الكاتب العام للمجلس األعلى للحسابات‪ ،‬عضوا؛‬
‫ذ‪ .‬محمد كمال الداودي‪ ،‬رئيس غرفة تنسيق أعمال المحاكم المالية‪ ،‬المقرر العام للمجلس‪ ،‬عضوا؛‬
‫ذ‪ .‬عبد الوهاب قادري‪ ،‬رئيس الغرفة األولى‪ ،‬عضوا؛‬
‫ذ‪ .‬ياسين الناصري بن الصغير‪ ،‬رئيس الغرفة الثانية‪ ،‬عضوا؛‬
‫ذ‪ .‬سعيد لمرابطي‪ ،‬رئيس الغرفة الثالثة‪ ،‬عضوا؛‬
‫ذ‪ .‬محمد دير‪ ،‬رئيس الغرفة الرابعة‪ ،‬عضوا؛‬
‫ذ‪ .‬رشيد اسماعيلي علوي‪ ،‬رئيس الغرفة الخامسة‪ ،‬عضوا؛‬
‫ذة‪ .‬فاطمة بوزوغ‪ ،‬رئيسة غرفة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪ ،‬عضوا؛‬
‫ذة‪ .‬سمية السباعي‪ ،‬رئيسة غرفة التصريح اإلجباري بالممتلكات‪ ،‬عضوا؛‬
‫ذ‪ .‬أحمد أمساس‪ ،‬رئيس غرفة استئناف أحكام المجالس الجهوية للحسابات‪ ،‬عضوا؛‬
‫ذة‪ .‬فاطمة زراد‪ ،‬أقدم مستشارة بالغرفة األولى‪ ،‬عضوا؛‬
‫ذ‪ .‬إسماعيل لغباري‪ ،‬أقدم مستشار بالغرفة الثانية‪ ،‬عضوا؛‬
‫ذ‪ .‬عبد الهادي كربوش‪ ،‬أقدم مستشار بالغرفة الثالثة‪ ،‬عضوا؛‬
‫ذ‪ .‬محمد بلحاج‪ ،‬أقدم مستشار بالغرفة الرابعة‪ ،‬عضوا؛‬
‫ذ‪ .‬عبد هللا بومية‪ ،‬أقدم مستشار بالغرفة الخامسة‪ ،‬عضوا؛‬
‫ذ‪ .‬علي الطلحاوي‪ ،‬أقدم مستشار بغرفة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪ ،‬عضوا؛‬
‫ذ‪ .‬أحمد نكراج‪ ،‬أقدم مستشار بغرفة التصريح اإلجباري بالممتلكات‪ ،‬عضوا؛‬
‫ذ‪ .‬عبد النور عفريط‪ ،‬أقدم مستشار بغرفة استئناف أحكام المجالس الجهوية للحسابات‪ ،‬عضوا‪.‬‬

‫وحرر بالرباط بتاريخ ‪ 3‬نونبر ‪2022‬‬


‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪8‬‬
‫موالي صاحب الجاللة‪،‬‬
‫عرفت سنة ‪ 2021‬بروز بعض بوادر التعافي خاصة بعد تخفيف القيود الصحية املرتبطة بجائحة "كوفيد‪-‬‬
‫‪ "19‬ورفعها تدريجيا بالتزامن مع تقدم عمليات التلقيح‪ ،‬حيث سجل االقتصاد العاملي نموا مهما بنسبة‬
‫‪ %6,1‬بعد تراجع غير مسبوق سنة ‪ 2020‬بنسبة ‪ .%3,1‬غير أن عدم مسايرة الطاقات النتاجية لوتيرة‬
‫تزايد الطلب الناجم عن تعافي االقتصاد العاملي من جهة‪ ،‬ثم اندالع األزمة الروسية‪-‬األوكرانية من جهة‬
‫أخرى‪ ،‬أديا إلى صعود أسعار املنتجات الطاقية واملواد الغذائية إلى مستويات قياسية‪ ،‬وبالتالي إلى بروز‬
‫ضغوط تضخمية ازدادت حدتها خالل سنة ‪.2022‬‬
‫ولم يكن املغرب بمنأى عن تداعيات هذه األزمات‪ ،‬إال أن الجراءات االستباقية التي اتخذتها بالدنا بفضل‬
‫الرؤية املتبصرة لجاللتكم واملتمثلة‪ ،‬أساسا‪ ،‬في ضمان استمرارية املؤسسات والحفاظ على صحة‬
‫املواطنين‪ ،‬عبر إطالق عملية واسعة ورائدة للتلقيح‪ ،‬وإعطاء االنطالقة لبرنامج القالع االقتصادي مع‬
‫البقاء على التحفيزات املالية والنقدية للقطاعات األكثر تضررا‪ ،‬مكنت من الحد من آثار هذه األزمات‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬ورغم استمرار الجائحة‪ ،‬فقد تميزت سنة ‪ 2021‬بتنظيم بالدنا‪ ،‬داخل اآلجال املحددة دستوريا‪،‬‬
‫لجميع االستحقاقات االنتخابية التي كانت مقررة‪ ،‬التشريعية منها والجماعية وكذا تلك املتعلقة بالغرف‬
‫املهنية‪ ،‬مما شكل محطة مهمة في تعزيز املسار الديمقراطي وتكريس املكتسبات السياسية التي راكمها‬
‫املغرب منذ االستقالل‪.‬‬
‫وعلى املستوى االقتصادي‪ ،‬وبفضل الجراءات املتخذة وكذا املوسم الفالحي الجيد لسنة ‪ ،2021‬حققت‬
‫بالدنا نموا اقتصاديا بنسبة ‪ %7,9‬بعد أن كان الناتج الداخلي الخام قد انخفض بنسبة ‪ %6,3‬سنة‬
‫‪ .2020‬وهم االنتعاش االقتصادي على الخصوص قطاعي البناء والتجارة وكذا قطاع السياحة‪ ،‬الذي‬
‫تضرر بشكل ملحوظ بسبب الجائحة‪ .‬وساهمت هذه الدينامية االقتصادية في إنعاش سوق الشغل من‬
‫خالل إحداث ‪ 230‬ألف منصب شغل صاف‪ ،‬غير أن ذلك لم يكن كافيا لتعويض جميع مناصب الشغل‬
‫املفقودة في السنة التي قبلها مما جعل معدل البطالة باملغرب ينتقل من ‪ %11,9‬سنة ‪ 2020‬إلى ‪%12,3‬‬
‫سنة ‪.2021‬‬
‫وموازاة مع االنتعاش الذي عرفه االقتصاد الوطني خالل سنة ‪ ،2021‬سجلت املالية العمومية بدورها‬
‫تحسنا على مستوى عدة مؤشرات‪ .‬فمقارنة بسنة ‪ 2020‬وعلى أساس الناتج الداخلي الخام‪ ،‬تقلص عجز‬
‫امليزانية‪ ،‬دون احتساب عائدات تفويت مساهمات الدولة‪ ،‬بما قدره ‪ 1,2‬نقطة ليستقر في ‪ ،%5,9‬بينما‬
‫تراجع مؤشر مديونية الخزينة بما قدره ‪ 3,3‬نقطة ليبلغ ‪ .%68,9‬أما على أساس القيمة املطلقة‪ ،‬فقد‬
‫واصل جاري الدين العمومي منحاه التصاعدي بنسبة ‪ %6,3‬حيث وصل إلى مبلغ ‪ 885,3‬مليار درهم‪،‬‬
‫موزع بين املكون الداخلي بحصة ‪ %77‬واملكون الخارجي بنسبة ‪.%23‬‬
‫َّ‬
‫وعلى إثر التغير السريع للظرفية االقتصادية منذ بداية سنة ‪ُ ،2022‬ي َت َوق ُع أن يسجل النمو االقتصادي‬
‫ببالدنا تباطؤا ملحوظا بالنظر إلى العجز الحاصل في التساقطات املطرية وإلى السياق الدولي املضطرب‬
‫واملتسم بتداعيات األزمة الروسية‪-‬األوكرانية‪ ،‬والسيما االرتفاع القياس ي ألسعار املحروقات واملواد‬

‫‪9‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫الغذائية وكذا اختالل سلسلة المدادات العاملية‪ .‬وفي ظل هذا الوضع قد يتأثر االقتصاد الوطني‬
‫بالضغوط التضخمية ومن آثارها على القدرة الشرائية للمواطنين‪.‬‬
‫وقد استدعت هذه الوضعية زيادة الدعم املوجه من طرف الدولة ملساندة القطاعات املتضررة والتحكم‬
‫في الزيادة في األسعار ودعم القدرة الشرائية للمواطنين السيما من خالل مضاعفة نفقات صندوق‬
‫املقاصة والزيادة في األجور على مستوى بعض القطاعات‪ .‬وفي ظل حالة الاليقين التي يتسم بها الوضع‬
‫الدولي ومواجهة بالدنا لتحديات تغير املناخ وندرة املوارد املائية‪ ،‬فإن الحاجة أصبحت ملحة‪ ،‬أكثر من أي‬
‫وقت مض ى‪ ،‬لتنزيل توجهات النموذج التنموي الجديد وتوفير الشروط الالزمة الستكمال أوراش الصالح‬
‫الكبرى التي انخرطت فيها بالدنا‪ ،‬واملرتبطة أساسا باملنظومتين الصحية والتعليمية وبتحفيز االستثمار‬
‫والنظام الجبائي‪ ،‬فضال عن الصالحات التي تشمل القطاع العام وكذا تعزيز آليات الحكامة والتحول‬
‫الرقمي‪.‬‬
‫فعلى األمد القصير‪ ،‬وباملوازاة مع ورش تعميم الحماية االجتماعية‪ ،‬يتعين تطوير وتسريع الصالحات‬
‫الجارية الهادفة إلى تنمية وتثمين الرأسمال البشري في مجاالت الصحة والتربية والتكوين بما يعمل على‬
‫توفير الخدمات العمومية في جميع العماالت واألقاليم وتكافئ الفرص من أجل ضمان الولوج العادل إلى‬
‫املنظومة الصحية والحرص على جودة الخدمات‪ ،‬مع العمل‪ ،‬على وجه الخصوص‪ ،‬على تتبع إنجازات‬
‫الخريجين ومستوى مهاراتهم وقابليتهم لالندماج في سوق الشغل‪ .‬كما أن توفير مختلف مكونات عرض‬
‫الرعاية الصحية يكتس ي أهمية بالغة قصد تعميم التغطية الصحية داخل اآلجال املحددة‪.‬‬
‫كما أن بعض الصالحات‪ ،‬التي تكتس ي صبغة االستعجال‪ ،‬لم يتم استكمالها بعد‪ .‬ويتعلق األمر على‬
‫سبيل املثال بإصالح أنظمة التقاعد‪ ،‬والتي يتجلى طابعها االستعجالي خاصة على مستوى الصندوق‬
‫املغربي للتقاعد الذي ما زال يعاني من اختالل توازناته املالية رغم التعديل املعياري الذي عرفه نظام‬
‫املعاشات املدنية سنة ‪.2016‬‬
‫وقصد مواجهة تكاليف هذه الصالحات‪ ،‬يعد ورش الصالح الجبائي واحدا من السبل املهمة‪ ،‬للرفع من‬
‫موارد ميزانية الدولة‪ ،‬وخاصة عبر توسيع القاعدة الضريبية والتخلي تدريجيا عن العفاءات ذات التكلفة‬
‫العالية باملقارنة مع مردودها االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬وكذا االستغالل األمثل لإلمكانات الجبائية‬
‫للجماعات الترابية‪ ،‬ال سيما في املدن والحواضر الكبرى‪.‬‬
‫ويشكل تسريع تفعيل الطار الجديد لالستثمار مدخال أساسيا لتحفيز النمو وخلق الثروة وتحقيق توزيع‬
‫مجالي أكثر توازنا لها‪ ،‬وذلك تماشيا مع توصيات التقرير حول النموذج التنموي الجديد‪ .‬كما يعتبر إصالح‬
‫املؤسسات واملقاوالت العمومية رافعة أساسية لبلوغ هذه الغايات‪ ،‬خاصة عبر تجميعها في أقطاب كبرى‬
‫متجانسة ومتكاملة فيما بينها‪ .‬ومن شأن هذه الجراءات أن تساعد على ترشيد االستثمار العمومي والرفع‬
‫من أثره وتحقيق التقائية وتكامل أفضل بين تدخالت مختلف الفاعلين املؤسساتيين‪ .‬ويعتبر امليثاق‬
‫الجديد لالستثمار‪ ،‬مع ما يقدمه من تحفيزات تتسم باملرونة‪ ،‬عامال مهما من أجل تعزيز استقطاب‬
‫مختلف جهات اململكة للمشاريع االستثمارية‪ ،‬شريطة مواكبتها بإطار محفز على املستوى الترابي يشمل‬
‫أساسا جوانب التخطيط والتعمير وتأمين الوعاء العقاري املالئم مع دعم ذلك بالتكوين املنهي املناسب‬
‫الذي يستجيب للخصوصيات والحاجيات املحلية والقادر على توفير الكفاءات البشرية الضرورية‪ .‬وفي‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪10‬‬


‫نفس السياق‪ ،‬تشكل تقوية منظومة الشراكة بين القطاعين العمومي والخاص وإعادة النظر فيها‬
‫وتوجيهها نحو مجاالت استثمار ذات مردودية أكبر‪ ،‬فرصة مواتية من أجل تطوير قطاعات حيوية كاملاء‬
‫والطاقة والصناعة الدوائية‪ .‬وسيتيح االنكباب الفعال واملتزامن على الرافعات املذكورة إعطاء نقلة نوعية‬
‫لالستثمار في بالدنا‪ ،‬وخاصة الرفع من نسبة مساهمة القطاع الخاص فيه للوصول بها إلى الهدف املحدد‬
‫في الثلثين من مجموع االستثمارات في أفق سنة ‪.2035‬‬
‫وفي مجال املالية العمومية تستلزم املحافظة على التوازنات املالية‪ ،‬مضاعفة الجهود الرامية إلى التحكم‬
‫في نفقات األجهزة العمومية واالستغالل األمثل ملواردها الجبائية وغير الجبائية‪ ،‬والتدبير املحكم للدعم‬
‫العمومي السيما من خالل تنزيل السجل االجتماعي املوحد على كافة الجهات ومباشرة إصالح شامل‬
‫للمالية العمومية‪ ،‬من أجل ضمان استدامة مؤشراتها وصمودها أمام األزمات وحاالت الطوارئ والكوارث‬
‫‪ .‬ومن شأن تكريس التدبير القائم على نجاعة األداء أن يساهم في تحسين مؤشرات املالية العمومية وفق‬
‫منظور شمولي بما ينسجم ومتطلبات النموذج التنموي الجديد‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬ويعتبر التنزيل التدريجي للجهوية املتقدمة أحد أهم مداخل تحقيق تنمية مندمجة تروم إرساء‬
‫عدالة مجالية واجتماعية‪ .‬وفي هذا السياق‪ ،‬فقد أظهرت املهام املنجزة من طرف املجالس الجهوية‬
‫للحسابات على مستوى الجماعات الترابية‪ ،‬وال سيما بالنسبة للجهات‪ ،‬استمرار عدم تناسب املوارد‬
‫املخصصة لهذه األخيرة واالختصاصات املنوطة بها‪ ،‬مما يستدعي التفكير في آليات تمويل مبتكرة تساعدها‬
‫على تنويع مواردها املالية وضمان استدامتها‪ .‬وحتى تكون هذه الجهات قائمة الذات‪ ،‬وقابلة لالستمرار‪،‬‬
‫كما جاء في خطاب جاللتكم السامي بتاريخ ‪ 03‬يناير ‪ 2010‬بمناسبة تنصيب اللجنة االستشارية للجهوية‪،‬‬
‫وأن تكون قادرة على التكيف وأن تشكل فضاءات لترسيخ أسس التنمية‪ ،‬فإن الجهات‪ ،‬وبالنظر إلى مكانة‬
‫الصدارة التي تتبوأها دستوريا في إعداد مخططات وبرامج التنمية‪ ،‬تحتاج إلى تعزيز وظيفتها في مجال‬
‫التخطيط االستراتيجي بما يسمح باستثمار جميع الفرص املتاحة‪ ،‬وبلورة برامج تنموية مالئمة وقابلة‬
‫للتنزيل وتنفيذها بفعالية وتتبعها عن كثب‪ ،‬واملساهمة الفعلية في مختلف االستراتيجيات القطاعية‪.‬‬
‫وينبغي‪ ،‬في هذا الصدد أيضا‪ ،‬مواكبة الجماعات الترابية في تعزيز تدبيرها وتقوية آليات حكامتها‪ ،‬عبر‬
‫تفعيل ميثاق الالتمركز الداري‪ ،‬وتمكينها تدريجيا من املؤهالت واملوارد الالزمة‪ .‬ويبدو مهما إيالء عناية‬
‫خاصة للعالم القروي من أجل تدارك الخصاص املسجل على مستوى بعض الخدمات األساسية‪ .‬كما‬
‫يشكل تعزيز دور املجتمع املدني في الوسط القروي من خالل تفعيل آليات االقتصاد التضامني عامال‬
‫ُ‬
‫أساسيا للحد من التفاوتات وإحدى دعامات االقتصاد امل ْد ِمج‪.‬‬
‫وبغية تجويد الخدمات املقدمة للمواطنين وخاصة ضمان استمراريتها‪ ،‬فقد أظهرت الجائحة الحاجة إلى‬
‫االنخراط في ورش التحول الرقمي على مستوى املجاالت الترابية وتطوير البنية الالزمة لذلك‪ ،‬خاصة في‬
‫املناطق النائية‪ .‬وفي هذا الطار‪ ،‬وإذا كانت األزمة الصحية قد فرضت اعتماد نمط التعليم عن بعد‪،‬‬
‫فقد شكل هذا السياق الخاص فرصة الستجالء أهمية هذا النمط من التدريس ودافعا قويا للتفكير في‬
‫السبل املالئمة من أجل استثماره على نحو أفضل‪.‬‬
‫إن الظرفية الراهنة بقدر ما تشكل تحديا‪ ،‬توفر فرصا مواتية لبالدنا السيما فيما يخص إمكانية استفادتها‬
‫من إعادة توزيع سالسل القيم العاملية‪ .‬وهو ما من شأنه أن يساهم في الرفع من درجة إدماج قطاعنا‬

‫‪11‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫الصناعي‪ ،‬والزيادة في القيمة املضافة لصادراتنا وتعزيز نصيبها في سوق األسمدة وقطاع السيارات وأجزاء‬
‫الطائرات وكذا القطاعات املوجهة للتصدير بصفة عامة‪ .‬وتشكل مبادرات جاللتكم الرامية إلى تعزيز‬
‫السيادة االقتصادية والصحية والطاقية والغذائية لبالدنا مدخال أساسيا ملواجهة التحديات الراهنة‬
‫وتأمين تنمية مستدامة لألجيال املقبلة‪.‬‬
‫وتشكل كل هذه الرهانات باعثا قويا للمحاكم املالية ألن تكون على استعداد للتأقلم مع كل ظرفية‬
‫طارئة‪ ،‬وأن تضع اآلليات املالئمة لالستجابة للمتطلبات التي قد تتمخض عن ذلك‪.‬‬
‫مـوالي‪،‬‬

‫إن املحاكم املالية‪ ،‬بمكونيها املجلس األعلى للحسابات واملجالس الجهوية للحسابات‪ ،‬وتفعيال ملهامها‬
‫الدستورية املتمثلة في تدعيم وحماية مبادئ وقيم الحكامة الجيدة والشفافية واملحاسبة‪ ،‬تحرص كل‬
‫الحرص على ممارسة كافة اختصاصاتها وفق منهجية شمولية ومتوازنة‪ ،‬تسعى من خاللها إلى تكريس‬
‫ثقافة التدبير املرتكز على النتائج وأثره على حياة املواطن كمعيار لتقييم مدى نجاعة البرامج واملشاريع‬
‫العمومية املعتمدة‪ ،‬مع تفعيل املبدأ الدستوري القائم على ربط املسؤولية باملحاسبة‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬وفي إطار التأسيس ملرحلة جديدة ضمن مسار تطور الرقابة العليا على املالية العمومية ببالدنا‪،‬‬
‫فقد اعتمد املجلس‪ ،‬خالل سنة ‪ ،2021‬توجهات استراتيجية جديدة للمحاكم املالية‪ ،‬تتمحور حول‬
‫ب رمجة األعمال الرقابية وتوحيد املعايير واملناهج املعتمدة في هذا املجال‪ ،‬وكذا إعداد ونشر النتائج التي‬
‫تسفر عنها واعتماد سياسة عقابية خاصة بهذه املحاكم وتفعيل الجسور ما بين مختلف االختصاصات‬
‫القضائية وغير القضائية‪ ،‬فضال عن إرساء ثقافة االنفتاح على املحيط الخارجي‪.‬‬
‫جزءا من مهامها الرقابية‪ ،‬خالل سنة ‪ ،2021‬لتقييم‬ ‫وقد كان طبيعيا أن تخصص املحاكم املالية ً‬
‫مجموعة من التدابير والجراءات التي اتخذتها السلطات العمومية خالل فترة الجائحة ولتسليط الضوء‬
‫على تداعياتها على بعض املجاالت الحيوية ذات البعد الجهوي واملحلي‪ ،‬مثل الصحة والتعليم والسياحة‬
‫وكذا تدبير الجماعات الترابية‪.‬‬
‫وفي إطار تنزيل مضامين التوجهات االستراتيجية الجديدة‪ ،‬فقد تم إعداد برنامج أعمال املحاكم املالية‬
‫برسم سنة ‪ 2022‬وفق رؤية جديدة تستجيب النشغاالت وانتظارات األطراف املعنية والفاعلين‬
‫االقتصاديين والرأي العام واملواطنين‪ ،‬من خالل مقاربة تعتمد على تحليل املخاطر وعلى منهاج يضمن‬
‫استقاللية وموضوعية وحياد املحاكم املالية‪ .‬كما تم أيضا‪ ،‬وألول مرة‪ ،‬اعتماد برنامج متعدد السنوات‬
‫برسم الفترة ‪ 2026-2022‬يتضمن أهم املواضيع الرقابية التي ستنصب حولها أعمال املحاكم املالية‬
‫خالل الخمس سنوات القادمة‪ ،‬دون الخالل بشرط املرونة الالزمة للمالءمة مع الشكاليات والرهانات‬
‫القائمة أو املستجدة مع الحرص على تتبع البرامج واملشاريع العمومية الكبرى ومدى تنزيلها على املستوى‬
‫الترابي‪.‬‬
‫بالضافة إلى ذلك‪ ،‬شرعت املحاكم املالية‪ ،‬سنة ‪ ،2022‬في تتبع تنفيذ الصالحات الكبرى املهيكلة التي‬
‫انخرطت فيها بالدنا‪ ،‬خاصة تلك املرتبطة بإصالح املالية العمومية وتعميم التغطية الصحية واالستثمار‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪12‬‬


‫والنظام الجبائي واملؤسسات واملقاوالت العمومية‪ ،‬وما فتئت تحث‪ ،‬باستمرار‪ ،‬على التسريع من وتيرة‬
‫هذه الصالحات القطاعية‪ ،‬بل وتبادر إلى تقديم مقترحاتها الرامية إلى الرفع من وقعها‪.‬‬
‫وفي هذا الطار‪ ،‬وقصد تنوير مجلس ي البرملان حول نتائج تنفيذ ميزانية الدولة بشكل أفضل‪ ،‬عمل املجلس‬
‫على إعادة النظر في مضمون التقرير حول تنفيذ قانون املالية املصاحب ملشروع قانون التصفية لسنة‬
‫‪ ،2020‬وذلك من أجل تسليط الضوء على مدى االلتزام باآلليات الجديدة التي جاء بها القانون التنظيمي‬
‫لقانون املالية والهادفة إلى تعزيز النجاعة والفعالية وانسجام الفعل العمومي‪ ،‬وتكريس مبادئ شفافية‬
‫وصدقية الحسابات العمومية‪ ،‬وكذا دعم دور البرملان في مراقبة املالية العمومية‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد‪ ،‬وبفضل التعاون والتنسيق املشترك بين املجلس األعلى للحسابات وباقي األطراف املعنية‪،‬‬
‫تم تمكين البرملان من التقرير حول تنفيذ قانون املالية لسنة ‪ 2020‬داخل اآلجال املقررة دستوريا‪ ،‬وتسنى‬
‫له‪ ،‬وألول مرة‪ ،‬املصادقة على مشروع قانون التصفية ذي الصلة قبل مناقشة مشروع قانون املالية‬
‫للسنة املوالية‪.‬‬
‫وألجل تكريس مبدأ املحاسبة وقصد توفير املعطيات املوثوقة للمالية العمومية‪ ،‬وقع املجلس األعلى‬
‫للحسابات ووزارة االقتصاد واملالية‪ ،‬خالل سنة ‪ ،2021‬اتفاق تعاون يرمي‪ ،‬من بين أمور أخرى‪ ،‬إلى وضع‬
‫إطار عمل من أجل تحسين عمليات تقديم الحسابات ومحتواها ومواكبة ورش رقمنتها وتوفير الشروط‬
‫الالزمة لتمكين املجلس من ممارسة اختصاصه املتعلق بالتصديق على حسابات الدولة املنصوص عليه‬
‫في القانون التنظيمي املتعلق بقانون املالية‪.‬‬
‫ويعتبر التصديق على حسابات الدولة اختصاصا جديدا أنيط باملجلس في إطار القانون التنظيمي لقانون‬
‫املالية رقم ‪ ،130.13‬إذ دخل حيز التطبيق بالنسبة لحسابات السنة املالية ‪ .2020‬ونظرا ملا لهذا الورش‬
‫من خصوصية وأهمية بالغة‪ ،‬حيث ال تتم ممارسته إال في عدد محدود من الدول ال يتجاوز عددها ثالثين‬
‫دولة على الصعيد الدولي وثالثة على املستوى الفريقي‪ ،‬فإن املجلس أحدث بنية خاصة به وتكوين املوارد‬
‫البشرية الضرورية قصد مباشرة عملية التصديق في أحسن الظروف‪.‬‬
‫أما بالنسبة ملخرجاتها‪ ،‬فإن املحاكم املالية ال تقتصر على عرض جوانب القصور املرصودة‪ ،‬بل تقوم‬
‫بإصدار توصيات وتحدد سبل الصالح لألطراف املعنية‪ ،‬تستهدف األسباب والعوامل التي أدت إلى بروز‬
‫جوانب القصور تلك‪ .‬وتحرص املحاكم املالية‪ ،‬في هذا الصدد‪ ،‬على جودة توصياتها‪ ،‬حتى تكون دقيقة‬
‫وبناءة وقابلة للتنفيذ‪ ،‬وذلك من خالل إرساء مقاربة تفاعلية قبلية موسعة مع األجهزة املراقبة واألطراف‬
‫ذات العالقة‪ ،‬فضال عن تسليط الضوء على التحسينات املرصودة وتقاسم املمارسات الفضلى‪.‬‬
‫كما أولت املحاكم املالية‪ ،‬ومنذ سنة ‪ ،2008‬عناية خاصة لتتبع مآالت توصياتها‪ ،‬من أجل الوقوف عل‬
‫مدى انخراط األجهزة املعنية في تفعيل هذه التوصيات ورصد‪ ،‬عند االقتضاء‪ ،‬العوامل التي حالت دون‬
‫ذلك‪.‬‬
‫وسعيا منه لالرتقاء بع ملية تتبع التوصيات وتوسيع مجالها‪ ،‬فقد أطلق املجلس‪ ،‬خالل سنة ‪،2022‬‬
‫منصة رقمية ضمن تجربة رائدة على مستوى الهيئات العليا للرقابة‪ .‬وستسهم هذه املنصة في الرفع من‬

‫‪13‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫القيمة املضافة لألعمال الرقابية للمحاكم املالية كما أنها ستحفز على التنزيل الفعلي للتوصيات من قبل‬
‫األجهزة املعنية‪ ،‬بالنظر ملا تتيحه هذه املنصة من إمكانيات وأدوات للتتبع املستمر والفوري للتوصيات‪.‬‬
‫أما بالنسبة لنشر أعمال املحاكم املالية‪ ،‬ومن أجل تكريس مبدأ التواجهية والرفع من مقروئية تقريره‬
‫السنوي‪ ،‬فإن املجلس األعلى للحسابات اعتمد مقاربة جديدة ملعالجة األجوبة املتوصل بها من طرف‬
‫مختلف األجهزة املعنية‪ ،‬تقض ي بإدماج محتوياتها في صلب املالحظات املسجلة‪.‬‬
‫مـوالي‪،‬‬

‫لقد قام املجلس بإطالق ورش مهم لصالح الطار القانوني للمحاكم املالية‪ ،‬ذلك أن القانون الحالي يعود‬
‫لسنة ‪ .2002‬ويروم هذا الصالح مالءمة مقتضياته مع التحوالت التي عرفتها مجموعة من الجوانب ذات‬
‫الصلة باملالية العمومية‪ ،‬من جهة‪ ،‬وجعل املساطر املتبعة من طرف املحاكم املالية أكثر استجابة ملعايير‬
‫الفعالية والنجاعة‪ ،‬وأكثر قدرة لالستجابة النتظارات األطراف ذات العالقة‪ ،‬من جهة أخرى‪.‬‬
‫وال يمكن لهذا الصالح أن يبلغ مقاصده إال بالتوازي مع إعادة النظر في نظام مسؤولية املدبرين‬
‫العموميين‪ ،‬محاسبين وآمرين بالصرف ومراقبين وموظفين‪ ،‬بما يتيح تحقيق التوازن بين مسؤولياتهم‬
‫ويؤسس لرساء وظيفة ردع تركز على أكثر املمارسات إضرارا بوضعية األجهزة العمومية وعلى الخالل‬
‫بواجب تقديم الحساب وعلى غياب املوثوقية عن الوثائق املقدمة وعلى عدم الوفاء بااللتزامات التعاقدية‬
‫املضمنة في اتفاقيات الشراكة املبرمة‪.‬‬
‫ويعتبر إرساء سياسة عقابية مسألة ضرورية لتأمين نجاعة املساطر املعتمدة حاليا أمام املحاكم املالية‬
‫السيما في ميدان التأديب املتعلق بامليزانية والشؤون املالية بما يكفل تفادي تحريك قضايا دون أثر‬
‫ملموس‪ ،‬أي قضايا تتعلق بمخالفات لم تترتب عنها أي خسارة أو ضرر‪ ،‬أو تلك التي يمكن معالجتها من‬
‫خالل توصيات أو مذكرات استعجالية للرئيس األول‪.‬‬
‫وألن املجلس األعلى للحسابات يضطلع أيضا بدور مهم في السهام في محاربة الفساد‪ ،‬الذي يعتبر آفة‬
‫متعددة املظاهر واالنعكاسات‪ ،‬فقد باشر مجموعة من الجراءات واألعمال التحضيرية من أجل تمكينه‬
‫من ممارسة االختصاص املتعلق بمراقبة التصاريح الجبارية باملمتلكات‪ ،‬الذي شرع في أجرأته سنة‬
‫‪ ،2022‬وذلك وفق منهجية تعتمد على تحليل املخاطر وتستند إلى أسس ومعايير موضوعية‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪14‬‬


‫مــوالي‪،‬‬

‫تطبيقا ملقتضيات الفصل ‪ 148‬من دستور اململكة لسنة ‪ ،2011‬واملادة ‪ 100‬من القانون رقم ‪62.99‬‬
‫املتعلق بمدونة املحاكم املالية‪ ،‬يتضمن هذا التقرير السنوي بيانا عن أعمال املجلس األعلى للحسابات‬
‫واملجالس الجهوية للحسابات برسم سنة ‪.2021‬‬
‫ويشمل هذا التقرير السنوي ثمانية فصول‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫• الفصل األول‪ ،‬مخصص لألنشطة القضائية للمحاكم املالية‪ ،‬حيث يقدم بيانا عن هذه‬
‫األنشطة والحصائيات ذات الصلة وخالصة ألهم املبادئ والقواعد املكرسة في األحكام‬
‫والقرارات الصادرة عن املحاكم املالية في هذا املجال؛‬
‫• الفصل الثاني‪ ،‬يستعرض‪ ،‬وألول مرة‪ ،‬خالصات حول تقدم أوراش الصالحات الكبرى ذات‬
‫الصلة باملالية العمومية‪ ،‬واالستثمار‪ ،‬والجبايات‪ ،‬والحماية االجتماعية‪ ،‬واملؤسسات واملقاوالت‬
‫العمومية؛‬
‫• الفصل الثالث‪ ،‬يهم مراقبة التسيير وتقييم البرامج واملشاريع‪ ،‬حيث تم إنجاز ‪ 200‬مهمة رقابية‬
‫من طرف املحاكم املالية‪ ،‬منها ‪ 24‬أنجزت على صعيد غرف املجلس األعلى للحسابات‪ ،‬غالبيتها‬
‫(‪ 20‬مهمة) تكتس ي طابعا موضوعاتيا‪ ،‬و‪ 176‬مهمة على مستوى املجالس الجهوية للحسابات‬
‫االثنتي عشرة‪ .‬وعلى هذا األساس‪ ،‬وتم تثمين مخرجات هذه املهمات الرقابية من أجل إعداد ‪28‬‬
‫خالصة ألبرز املالحظات والتوصيات تأخذ بعين االعتبار أجوبة األجهزة املعنية و تضمينها بهذا‬
‫همت القطاعات املالية‪ ،‬وقطاعات‬ ‫الفصل‪ .‬وتتعلق هذه امللخصات بمواضيع متنوعة‪ ،‬حيث ّ‬
‫الصحة والتربية والتكوين والتعليم العالي وكذا القطاعات النتاجية والدارية والثقافية‪،‬‬
‫بالضافة إلى مواضيع ذات بعد ترابي‪ .‬وتتضمن هذه الخالصات بعض الجوانب املرتبطة باألزمة‬
‫الصحية وآثارها على بعض املجاالت؛‬
‫• الفصل الرابع ‪ ،‬يتطرق ألهم خالصات عمليات تتبع التوصيات‪ ،‬على مستوى التفاعل واألثر‪،‬‬
‫من طرف غرف املجلس األعلى للحسابات واملجالس الجهوية للحسابات مع تخصيص جزء من‬
‫هذا الفصل لتتبع التوصيات املرتبطة بتدبير العانات املمنوحة للجمعيات من طرف القطاعات‬
‫الحكومية؛‬
‫• الفصل الخامس ‪ ،‬يقدم ملخصا لتقرير املجلس حول تنفيذ قانون املالية لسنة ‪ ،2020‬والذي‬
‫سبق للمجلس أن وجهه إلى البرملان بتاريخ ‪ 21‬يوليوز ‪ ،2022‬طبقا ملقتضيات املادة ‪ 66‬من‬
‫القانون التنظيمي رقم ‪ 130.13‬لقانون املالية الصادر بتاريخ ‪ 18‬يونيو ‪2015‬؛‬
‫• الفصل السادس‪ ،‬يهم االختصاص املرتبط بالتصريح الجباري باملمتلكات؛‬
‫• الفصل السابع‪ ،‬يتطرق الختصاصات املحاكم املالية املرتبطة بمراقبة حسابات األحزاب‬
‫السياسية وفحص النفقات املتعلقة بالعمليات االنتخابية؛‬

‫‪15‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫الفصل الثامن‪ ،‬يهم التوجهات االستراتيجية الجديدة للمحاكم املالية وأنشطة الدعم‪ ،‬خاصة‬ ‫•‬

‫على مستوى تدبير املوارد املالية والبشرية وتنمية القدرات ونظم املعلومات والتعاون‪ ،‬فضال عن‬
‫أنشطة كتابة الضبط لدى هذه املحاكم‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪16‬‬


‫توجيهات هامة‬
‫تطبيقا لمقتضيات الفصل ‪ 148‬من الدستور‪ ،‬تم إعداد التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم‬
‫سنة ‪ 2021‬وفق المقاربة المعتمدة في إطار التوجهات االستراتيجية للمحاكم المالية برسم الفترة‬
‫‪ ،2026-2022‬مع مراعاة المقتضيات القانونية المتعلقة بإعداد هذا التقرير السنوي والمصادقة عليه‪،‬‬
‫وال سيما المواد ‪ 22‬و‪ 99‬و‪ 100‬من القانون رقم ‪ 62.99‬المتعلق بمدونة المحاكم المالية‪.‬‬
‫وألجل الرفع من م قروئية هذا التقرير السنوي بما يضمن استفادة مثلى من مضامينه من طرف كل‬
‫مستعمليه‪ ،‬نورد بعده بعض التوجيهات األساسية‪.‬‬

‫ينقسم هذا التقرير السنوي إلى ثمانية فصول‪ ،‬بحيث يتضمن كل فصل بيانا عن أنشطة المحاكم المالية‬
‫(المجلس األعلى للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات) بشأن االختصاصات المنوطة بها‪.‬‬

‫وهكذا‪ ،‬وبالنسبة للفصل األول المرتبط باالختصاصات القضائية‪ ،‬أي التدقيق والبت في الحسابات‪،‬‬
‫بما في ذلك التسيير بحكم الواقع‪ ،‬والتأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪ ،‬فيشمل إحصائيات‬
‫حول أنشطة المحاكم المالية بشأن هذين االختصاصين من جهة‪ ،‬وأهم القواعد والمبادئ المستنبطة‬
‫من خالل األحكام والقرارات الصادرة عنها في هذا اإلطار‪ .‬وتشكل هذه القواعد مرجعا يمكن‬
‫للمدبرين العموميين‪ ،‬كل حسب موقعه وصفته‪ ،‬االستفادة منها من أجل تفادي نفس الممارسات التي‬
‫كانت موضوع األحكام والقرارات الصادرة‪ ،‬كما قد تساهم هذه القواعد في تفسير وتوضيح بعض‬
‫المقتضيات ذات الصلة بالتدبير المالي والمحاسباتي لألجهزة العمومية‪.‬‬
‫أما الفصل الثالث المخصص لمراقبة التسيير‪ ،‬بما في ذلك تقييم البرامج والمشاريع‪ ،‬فيتضمن ‪28‬‬
‫خالصة أعدتها غرف المجلس األعلى للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات انطالقا من مهمات‬
‫رقابية منجزة‪ ،‬والتي كانت ‪-‬أي الخالصات‪ -‬موضوع مسطرة تواجهية مع كل األجهزة التي لها‬
‫عالقة بموضوعها‪ .‬في هذا السياق‪ ،‬تجدر اإلشارة إلى ما يلي‪:‬‬
‫• تشتمل كل خالصة على مالحظات وتوصيات المحاكم المالية‪ ،‬كما حرص المجلس‪ ،‬إعماال‬
‫لمقتضيات المادتين ‪ 99‬و‪ 100‬من مدونة المحاكم المالية‪ ،‬على إدماج األجوبة المتوصل بها‬
‫في قلب خالصاته‪ ،‬بحيث تم أخذها بعين االعتبار في إطار صياغة المالحظات والتوصيات‪،‬‬
‫أو إدراج مقتطفات من هذه األجوبة مباشرة بعد المالحظات المطابقة لها والتعليق عليها عند‬
‫االقتضاء؛‬
‫• قد يتم حذف بعض عناصر اإلجابة في الحاالت التالية‪:‬‬
‫✓ إذا تم أخذها باالعتبار في صياغة مالحظات المجلس‪ ،‬بحيث تصبح هذه‬
‫العناصر‪ ،‬بعد ذلك‪ ،‬غير ذات موضوع‪،‬‬
‫✓ إذا كانت ترتبط بمسؤولية أطراف أخرى غير تلك المعنية مباشرة بمالحظات‬
‫وتوصيات المحاكم المالية‪،‬‬
‫✓ إذا كانت غير مرتبطة بموضوع المالحظات أو التوصيات الواردة في الخالصة؛‬
‫• إن القراءة المتوازنة للخالصات المضمنة في هذا التقرير من طرف مستعمليه تقتضي األخذ‬
‫بعين االعتبار العناصر الواردة في األجوبة المتوصل بها؛‬
‫• إن المالحظات التي تم إدراجها في هذه الخالصات تتعلق بصفة حصرية بتلك المرتبطة‬
‫بالتدبير‪ ،‬أما المالحظات التي قد تتضمن أفعاال يشكل موضوعها مخالفات لقواعد قانونية‪،‬‬
‫ومن شأنها إثارة مسؤولية بعض المدبرين والمسيرين‪ ،‬فيتم تضمينها في تقارير منفصلة من‬
‫أجل تحريك المتابعات التي قد تفضي إلى عقوبات تأديبية إدارية‪ ،‬أو عقوبات في مجال‬

‫‪17‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية أمام المحاكم المالية‪ ،‬أو إحاالت جنائية‪ ،‬مع‬
‫مراعاة المبدأ الدستوري الخاص بقرينة البراءة‪.‬‬
‫• إن عرض المالحظات ذات العالقة بالتدبير في إطار هذه الخالصات ال يعني أن كل مظاهر‬
‫التدبير ذات الصلة بالقطاع أو المجال موضوع الخالصة تنطوي فقط على جوانب سلبية‪.‬‬
‫فالهدف الرئيسي من إثارة هذه المالحظات إنما هو تحسين التدبير وتجويده‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪18‬‬


‫الفصل األول‪ :‬األنشطة القضائية للمحاكم المالية‬
‫اعتمدت بالدنا النموذج القضائي في نظام الرقابة العليا على األموال العمومية من خالل إحداث‬
‫المجلس األعلى للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات كمحاكم مالية تتولى‪ ،‬بموجب الفصل ‪147‬‬
‫من دستور المملكة‪ ،‬التحقق من سالمة العمليات المتعلقة بمداخيل ومصاريف األجهزة الخاضعة‬
‫لمراقبتها‪ ،‬وتقييم كيفية تدبيرها لشؤونها‪ ،‬وتصدر‪ ،‬عند االقتضاء‪ ،‬عقوبات عن كل إخالل بالقواعد‬
‫السارية على العمليات المذكورة‪ ،‬وذلك من خالل نوعين من االختصاصات ينظمها القانون رقم‬
‫‪ 62.99‬المتعلق بمدونة المحاكم المالية‪ ،‬وهي اختصاصات قضائية تتجلى في التدقيق والبت في‬
‫حسابات األجهزة العمومية المدلى بها من طرف المحاسبين العموميين أو المحاسبين بحكم الواقع‪،‬‬
‫وفي التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪ ،‬واختصاصات غير قضائية تتمثل‪ ،‬من بين‬
‫اختصاصات أخرى‪ ،‬في مراقبة التسيير واستعمال األموال العمومية‪.‬‬
‫في هذا اإلطار‪ ،‬تشكل سلطة توقيع العقاب بشكل مباشر الميزة األساسية للنموذج القضائي مقارنة‬
‫بالنظام األنكلوساكسوني الذي تتخذ في إطاره األجهزة العليا للرقابة شكل مكاتب للتدقيق وتنحصر‬
‫سلطاتها في تبليغ الجهات المختصة عن المخالفات المالية المكتشفة في إطار أعمال المراقبة والتدقيق‬
‫التي تنجزها‪ .‬بيد أنه‪ ،‬وانسجاما مع األهداف التي أحدثت من أجلها األجهزة العليا للرقابة‪ ،‬بشكل عام‪،‬‬
‫وفقا لإلعالن التأسيسي لإلنتوساي "إعالن ليما"‪ ،‬التي تروم تكريس مبدأي المحاسبة والمساءلة‬
‫والمساهمة في تحسين التدبير العمومي و التأكد من حسن استعمال الموارد العمومية وفقا لمعايير‬
‫الفعالية والنجاعة واالقتصاد‪ ،‬تكتسي االختصاصات القضائية للمحاكم المالية طابعا خاصا‪ ،‬إذ ال‬
‫تهدف‪ ،‬في جوهرها‪ ،‬إلى فض نزاعات بين أطراف‪ ،‬بل تسعى من خالل البت في القضايا المعروضة‬
‫عليها‪ ،‬باإلضافة إلى أهداف الردع الخاص والعام للعقوبات التي تصدرها هذه المحاكم‪ ،‬إلى ضمان‬
‫مبدأ الشرعية وتكريس قواعد التسيير الجيد في تدبير الشأن العام وكذا حماية مصالح وحقوق األجهزة‬
‫موضوع المراقبة‪ ،‬وذلك من خالل إثارة المسؤولية الشخصية لمرتكبي المخالفات وجبر الضرر الذي‬
‫قد يلحق األجهزة المعنية‪ ،‬بما يضمن المساهمة الفعالة في تحسين التدبير العمومي وإشاعة ثقافة حسن‬
‫التدبير وتدعيم وحماية مبادئ وقيم الحكامة الجيدة والشفافية والمحاسبة‪ ،‬بالنسبة للدولة واألجهزة‬
‫العمومية األخرى‪.‬‬
‫وبالتالي‪ ،‬تستهدف المساءلة عن المخالفات المالية التي يرتكبها مسؤولو ومسيرو األجهزة العمومية‬
‫الخاضعة لالختصاصات القضائية للمحاكم المالية تغطية المجال ما بين المسؤولية التدبيرية المرتبطة‬
‫بكفاءة التسيير‪ ،‬والتي يتعين تطويرها بالنظر إلى التوجهات الراهنة نحو إرساء مقاربة التدبير المرتكز‬
‫على النتائج ‪ ،‬والمسؤولية الجنائية التي يجب حصرها في األفعال الخطيرة المتصلة باإلخالل بواجب‬
‫االستقامة والنزاهة‪ ،‬األمر الذي يفيد بأن تحديد نطاق المخالفات المالية‪ ،‬وبشكل أدق المجال بين‬
‫التوصيات التي تسفر عنها مهمات مراقبة التسيير وبين إحالة األفعال التي قد تستوجب عقوبة جنائية‬
‫على الجهات القضائية المختصة‪ ،‬يظل رهينا بعنصرين أساسيين‪ :‬سلطة المالءمة التي تتوفر عليها‬
‫النيابة العامة لدى هذه المحاكم باعتبارها سلطة متابعة واالجتهاد القضائي المنوط بهيئات الحكم عند‬
‫تكييف المؤاخذات المنسوبة إلى المتابعين في إطار القضايا التي تبت فيها هذه المحاكم‪.‬‬
‫وبغض النظر عن اختالف قواعد إسناد المسؤولية برسم االختصاصات القضائية‪ ،‬سواء في إطار‬
‫التدقيق والبت في الحسابات أو في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪ ،‬فإن القاسم‬
‫المشترك بينها يظل ارتكازها على وظيفة المسؤول والمدبر العمومي المعني ومدى قيامه بالمهام‬
‫المنوطة به طبقا للقوانين واألنظمة السارية وللممارسات الجيدة في التدبير المطبقة بالجهاز العمومي‬
‫الذي يتولى داخله مسؤوليات ومهام وظيفية‪ ،‬وهو ما يضفي على إثارة هذه المسؤولية طبيعة إدارية‬
‫ومهنية تهدف من خالل توقيع عقوبات مالية على األشخاص المعنيين‪ ،‬إلى حماية النظام المالي‬
‫العمومي الذي تحكمه قواعد قانونية خاصة‪ ،‬بغض النظر عن نية المعني باألمر في ارتكاب المخالفة‪،‬‬
‫وبصفة عامة‪ ،‬دون اشتراط توفر الركن المعنوي كأساس لقيام المسؤولية‪.‬‬

‫‪19‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫لذلك‪ ،‬وباإلضافة إلى اإلحصائيات المتعلقة بحصيلة ممارسة المحاكم المالية لالختصاصات القضائية‬
‫برسم سنة ‪ ،2021‬تم تخصيص حيز هام في إطار هذا التقرير للقواعد والمبادئ المستنبطة من األحكام‬
‫والقرارات الصادرة خالل نفس السنة بهدف توضيح المقتضيات القانونية السارية في مجال التدبير‬
‫العمومي وإرساء وإشاعة قواعد حسن التدبير من خالل إثارة االنتباه إلى الثغرات واالختالالت التي‬
‫تشوب هذا التدبير قصد العمل على تجاوزها في المستقبل‪.‬‬

‫أوال‪ .‬تعزيز وظيفتي الردع الخاص والعام في مجال التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‬
‫في إطار التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪ ،‬تعاقب المحاكم المالية كل مسؤول أو موظف‬
‫أو عون بأحد األجهزة الخاضعة الختصاصها في هذا المجال‪ ،‬في حالة ارتكابه إلحدى المخالفات‬
‫المنصوص عليها في المواد ‪ 54‬و‪ 55‬و‪ 56‬من مدونة المحاكم المالية‪ ،‬وبعد متابعته من طرف النيابة‬
‫العامة‪ ،‬سواء من تلقاء نفسها أو بناء على الطلبات الصادرة عن السلطات المؤهلة قانونا‪ ،‬والمحددة‬
‫في المادتين ‪ 57‬و‪ 138‬من هذه المدونة‪ ،‬وذلك من خالل إصدار أحكام وقرارات إما بعدم المؤاخذة‪،‬‬
‫في حالة عدم ثبوت ارتكاب المتابع المعني لمخالفة مستوجبة للمسؤولية‪ ،‬أو بالحكم عليه بالغرامة‬
‫المناسبة حسب ظروف ومالبسات الفعل المرتكب يحدد مبلغها حسب خطورة وتكرار المخالفة على‬
‫أال يقل هذا المبلغ عن ألف ‪ 1000‬درهم عن كل مخالفة ومن غير أن يتجاوز مجموع مبلغ الغرامة‬
‫عن كل مخالفة أجرته السنوية الصافية التي كان يتقاضاها المعني باألمر عند تاريخ ارتكاب المخالفة‪،‬‬
‫وذلك طبقا للمادة ‪ 66‬من مدونة المحاكم المالية‪ .‬وباإلضافة إلى الغرامة‪ ،‬وإذا ما ترتبت عن المخالفة‬
‫المرتكبة خسارة للجهاز العام المعني‪ ،‬تحكم المحكمة المالية بإرجاع األموال المطابقة من رأسمال‬
‫وفوائد‪.‬‬
‫وتتسم المسطرة القضائية المعمول بها في إطار هذا االختصاص بطابع ادعائي تتولى في إطارها‬
‫النيابة العامة سلطة المتابعة سواء من تلقاء نفسها أو بناء على الطلبات الصادرة عن السلطات المؤهلة‬
‫قانونا لذلك‪ .‬وتتسم المسطرة القضائية المعمول بها في إطار هذا االختصاص بطابع ادعائي تتولى في‬
‫إطارها النيابة العامة لدى المحاكم المالية سلطة المتابعة سواء من تلقاء نفسها أو بناء على الطلبات‬
‫الصادرة عن السلطات المؤهلة قانونا‪ ،‬والمحددة في المادتين ‪ 57‬و‪ 138‬من مدونة المحاكم المالية‪.‬‬
‫وباعتبارها طرفا رئيسيا في دعوى التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪ ،‬تتولى النيابة العامة‬
‫تتبع التحقيق في القضايا الرائجة بما يضمن إنجازه داخل آجال معقولة وفي ظروف مناسبة‪ .‬كما تضع‬
‫مستنتجاتها على التقارير المتضمنة لنتائج التحقيق ويعتبر حضورها إلزاميا في جلسات الحكم‪ .‬كما‬
‫يحق لها الطعن باالستئناف والنقض في األحكام والقرارات التي تصدرها المحاكم المالية في إطار‬
‫هذا االختصاص‪.‬‬
‫تنظر المحاكم المالية في قضايا التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية ابتدائيا من طرف غرفة‬
‫التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية بالنسبة للمجلس األعلى للحسابات فيما يتعلق بمسؤولي‬
‫وموظفي وأعوان األجهزة العمومية الوطنية‪ ،‬وهي مرافق الدولة والمؤسسات العمومية والشركات‬
‫أو المقاوالت التي تملك فيها الدولة أو المؤسسات العمومية على انفراد أو بصفة مشتركة بشكل مباشر‬
‫أو غير مباشر‪ ،‬أغلبية األسهم في الرأسمال أو سلطة مرجحة في اتخاذ القرار‪ ،‬وكذا تلك التي تملك‬
‫فيها الدولة أو المؤسسات العمومية بصفة مشتركة مع الجماعات الترابية أغلبية األسهم في الرأسمال‬
‫أو سلطة مرجحة في اتخاذ القرار‪.‬‬
‫في حين تتولى المجالس الجهوية للحسابات النظر في القضايا المتعلقة بالمخالفات المرتكبة من طرف‬
‫مسؤولي وموظفي وأعوان الجماعات الترابية والمؤسسات العمومية التابعة لهذه الجماعات‬
‫والمجموعات‪ ،‬وكذا كل الشركات أو المقاوالت التي تملك فيها الجماعات الترابية أو المجموعات أو‬
‫الهيئات على انفراد أو بصفة مشتركة بشكل مباشر أو غير مباشر أغلبية األسهم في الرأسمال أو‬
‫سلطة مرجحة في اتخاذ القرار‪ ،‬وذلك في حدود النفوذ الترابي لكل مجلس جهوي للحسابات‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪20‬‬


‫أما استئنافيا‪ ،‬فتبت غرفة االستئناف بالمجلس األعلى للحسابات في طلبات استئناف األحكام الصادرة‬
‫عن المجالس الجهوية للحسابات بينما تتولى هيئة الغرف المشتركة النظر في طلبات استئناف‬
‫القرارات الصادرة عن غرفة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية بالمجلس‪.‬‬
‫أ‪ .‬حصيلة نشاط المحاكم المالية‬
‫بالنسبة للقضايا التي كانت رائجة أمام غرفة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية عند بداية‬
‫سنة ‪ ،2021‬فقد بلغ عددها ‪ 13‬قضية تتابع النيابة العامة لدى المجلس في إطارها ‪ 49‬شخصا‪ .‬وقد‬
‫أصدرت الغرفة خالل السنة المذكورة ‪ 11‬قرارا يهم ‪ 05‬قضايا معروضة أمامها‪ ،‬حيث وصل مجموع‬
‫مبالغ الغرامات المحكوم بها ‪ 1.430.000,00‬درهم‪ .‬كما أنجزت الغرفة خالل السنة ذاتها ‪ 14‬تقريرا‬
‫في إطار ‪ 03‬قضايا‪.‬‬
‫وفي إطار تعاون المجلس مع المجالس الجهوية للحسابات‪ ،‬طبقا للمادة ‪ 158‬من القانون رقم ‪62.99‬‬
‫المتعلق بمدونة المحاكم المالية‪ ،‬كما تم تعديلها بموجب المادة األولى من القانون رقم ‪ 55.16‬الصادر‬
‫بشأن تنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.16.153‬في ‪ 21‬من ذي القعدة ‪ 25( 1437‬أغسطس ‪،)2016‬‬
‫السيما الفقرة الثانية منها‪ ،‬يمكن للرئيس األول‪ ،‬بطلب من أحد رؤساء المجالس الجهوية المعنية‪ ،‬أن‬
‫يكلف قضاة معينين بالمحاكم المالية بالقيام في عين المكان بالمراقبة أو بالتحقيق أو المشاركة في‬
‫هيئات البت في ملفات تدخل ضمن اختصاصات المجالس الجهوية‪.‬‬
‫وتفعيال لهذه المقتضيات‪ ،‬واصل خمسة (‪ )05‬مستشارين مقررين من غرفة التأديب المتعلق بالميزانية‬
‫والشؤون المالية‪ ،‬إجراءات التحقيق في ‪ 14‬قضية رائجة أمام المجالس الجهوية للحسابات لجهات‪:‬‬
‫الرباط ‪ -‬سال ‪ -‬القنيطرة‪ ،‬وبني‪-‬مالل خنيفرة‪ ،‬وطنجة ‪ -‬تطوان‪-‬الحسيمة‪ ،‬وكلميم‪ -‬واد نون‪ ،‬وفاس‪-‬‬
‫مكناس‪ ،‬وسوس‪-‬ماسة‪ ،‬يتابع في إطارها ‪ 66‬شخصا‪ .‬وقد أنجز المستشارون المكلفون بالتحقيق في‬
‫هذه القضايا‪ ،‬خالل سنة ‪ ،2021‬ما مجموعه ‪ 14‬تقريرا تتعلق بنتائج التحقيق في القضايا المسندة‬
‫إليهم‪.‬‬
‫وفيما يتعلق بالمجالس الجهوية للحسابات‪ ،‬فقد أصدرت خالل سنة ‪ ،2021‬ما مجموعه ‪ 78‬حكما في‬
‫إطار ‪ 57‬قضية من أصل ‪ 112‬كانت رائجة أمامها عند بداية السنة‪ .‬وبلغ مجموع مبالغ الغرامات‬
‫الصادرة في إطار هذه األحكام ‪ 3.311.500,00‬درهم‪ .‬كما قضت هذه المجالس الجهوية للحسابات‬
‫في إطار هذه األحكام بإرجاع ما مجموعه ‪ 15.739,006,88‬درهم‪.‬‬
‫أما على مستوى االستئناف‪ ،‬فقد أصدرت هيئة الغرف المشتركة ‪ 04‬قرارات خالل سنة ‪ 2021‬من‬
‫أصل ‪ 12‬طلب استئناف كان رائجا أمامها‪ ،‬منها طلبان اثنان عرضا عليها خالل سنة ‪ .2021‬باإلضافة‬
‫إلى ذلك‪ ،‬فقد استنفد طلبان اثنان جميع مراحل المسطرة وكانا جاهزين للبت عند متم السنة‪ .‬أما غرفة‬
‫استئناف األحكام الصادرة عن المجالس الجهوية للحسابات‪ ،‬فقد بلغ عدد الملفات الرائجة أمامها عند‬
‫بداية سنة ‪ 2021‬ما مجموعه ‪ 16‬ملفا‪ .‬كما توصلت خالل السنة ذاتها باثني عشر (‪ )12‬طلب استئناف‬
‫جديد‪ ،‬أصدرت بشأنها الغرفة ‪ 11‬قرارا‪ ،‬علما أن ‪ 09‬ملفات كانت جاهزة للبت عند متم السنة المذكور‪.‬‬
‫ب‪ .‬أغلبية اإلحاالت تمت من طرف هيئات المحاكم المالية‬
‫كما هو الشأن منذ دخول مدونة المحاكم المالية حيز التنفيذ‪ ،‬وبالنظر إلى السلطات المؤهلة لرفع‬
‫القضايا في إطار التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪ ،‬فإن جميع القضايا الرائجة أمام المجلس‬
‫خالل سنة ‪ 2021‬أحيلت من طرف هيئات داخلية بالمحاكم المالية‪ ،‬السيما هيئات التداول في نتائج‬
‫المراقبة القضائية في إطار التدقيق والبت في الحسابات‪ ،‬طبقا للمادة ‪ 37‬من مدونة المحاكم المالية‪،‬‬
‫وكذا في مشاريع التقارير الخاصة التي تسفر عنها مهمات مراقبة التسيير‪ ،‬وذلك استنادا إلى مقتضيات‬
‫المادة ‪ 84‬من مدونة المحاكم المالية‪.‬‬
‫وبالتالي‪ ،‬فقد ظلت مساهمة السلطات الخارجية عن المجلس جد محدودة في إثارة المنازعة القضائية‬
‫في مادة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪ ،‬إذ لم تتجاوز الطلبات الصادرة عن الوزراء‬
‫نسبة ‪ % 7‬من مجموع الطلبات الواردة على النيابة العامة لدى المجلس األعلى للحسابات ونسبة‬

‫‪21‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫‪ % 30‬من مجموع الطلبات الواردة على السادة وكالء الملك لدى المجالس الجهوية للحسابات‪ .‬في‬
‫حين لم يصدر عن السلطات األخرى المؤهلة‪ ،‬والمحددة في المادتين ‪ 57‬و‪ 138‬من مدونة المحاكم‬
‫المالية‪ ،‬أي طلب في هذا الشأن‪.‬‬
‫وتعكس هيمنة اإلحاالت الداخلية كمصدر رئيسي للمنازعة القضائية أمام المحاكم المالية أهمية ومزايا‬
‫تفعيل منهجية المراقبة المندمجة التي تعمل على تحقيق التكامل بين مختلف االختصاصات الموكلة‬
‫إلى المحاكم المالية سواء القضائية منها أو غير القضائية‪.‬‬
‫ج‪ .‬تنامي المساءلة عن أخطاء التسيير‬
‫يمكن التمييز‪ ،‬في إطار المخالفات المستوجبة للمسؤولية في مادة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون‬
‫المالية‪ ،‬بين المخالفات الشكلية ذات الطابع العام ومخالفات النتيجة التي تتسم بخطورة أكبر‪ ،‬والتي قد‬
‫تنقسم أيضا حسب إرادة مرتكبيها إلى مخالفات عمدية وأخرى غير عمدية‪ .‬كما تستوعب هذه‬
‫المخالفات‪ ،‬فضال عن حاالت خرق القواعد القانونية‪ ،‬تلك المرتبطة بمنح امتيازات غير مبررة‪ ،‬والتي‬
‫تمنح لألخالق والقيم التي يجب أن تسود في الحياة العامة أهمية كبيرة‪.‬‬
‫وتتعلق أغلب المؤاخذات موضوع القضايا التي بتت فيها المحاكم المالية‪ ،‬خالل سنة ‪ ،2021‬بالحاالت‬
‫ذات الصلة بفرض وتحصيل المداخيل وتنفيذ عقود التدبير المفوض‪ ،‬وكذا حاالت عدم التقيد بقواعد‬
‫تنفيذ النفقات العمومية وبالنصوص التنظيمية المتعلقة بالصفقات العمومية من خالل إبرام صفقات‬
‫وإصدار سندات الطلب من أجل تسوية مقابل خدمات سبق إنجازها قبل تاريخ التعاقد‪ ،‬دون الحرص‬
‫على إخضاعها للمنافسة المسبقة‪ ،‬وكذا اإلشهاد غير الصحيح على استالم مواد وخدمات دون التأكد‬
‫من مطابقتها للخصائص التقنية المتعاقد بشأنها والتي ينتج عنها اإلدالء بأوراق غير صحيحة وكذا‬
‫الحصول للغير على منافع نقدية غير مبررة‪ .‬كما يتضح من خالل الجدول التالي‪:‬‬
‫نسب ارتكاب هذه المخالفات‬ ‫المخالفات المستوجبة للمسؤولية‬
‫‪% 35‬‬ ‫مخالفة قواعد االلتزام بالنفقات العمومية وتصفيتها واألمر بصرفها‬
‫‪% 22‬‬ ‫عدم احترام النصوص التنظيمية المتعلقة بالصفقات العمومية‬
‫‪% 28‬‬ ‫اإلدالء إلى المحاكم المالية بأوراق مزورة أو غير صحيحة‬
‫‪% 09‬‬ ‫حصول الشخص لنفسه أو لغيره على منفـعة غير مبررة نقدية أو عينية‬
‫‪% 03‬‬ ‫التقييد غير القانوني لنفقة بهدف التمكن من تجاوز لالعتمادات‬
‫‪% 03‬‬ ‫مخالفة قواعد تدبير الممتلكات الخاضعة لرقابة الجهاز‬

‫د‪ .‬تكريس الممارسات الجيدة في التدبير وشروط المحاكمة العادلة في االجتهاد‬


‫القضائي في مادة التأديب المالي‬
‫كرست األحكام والقرارات الصادرة عن المحاكم المالية في إطار ممارستها الختصاص التأديب‬
‫المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪ ،‬خالل سنة ‪ ،2021‬مجموعة من القواعد واالجتهادات التي‬
‫تعرضت‪ ،‬من جهة‪ ،‬لطبيعة وحدود سلطة المستشار المكلف بالتحقيق ومبدأ شرعية المخالفة في إطار‬
‫هذا االختصاص وشروط قيام المخالفات الشكلية‪ ،‬ومن جهة أخرى‪ ،‬لتحليل المخالفات المرتكبة وإبراز‬
‫قواعد إسناد المسؤولية‪ ،‬وكذا لكيفية تقدير هيئة الحكم لظروف ومالبسات ارتكاب المخالفات عند‬
‫تحديدها لمبلغ الغرامات المحكوم بها‪.‬‬
‫‪ .1‬حول حدود سلطة المستشار المقرر المكلف بالتحقيق‬
‫في جوابه على دفع شكلي أثار سقوط األفعال موضوع المتابعة بالتقادم‪ ،‬استنادا إلى المادة ‪ 107‬من‬
‫القانون رقم ‪ 62.99‬المتعلق بمدونة المحاكم المالية‪ ،‬على أساس أن اكتشافها تم من طرف المستشار‬
‫المقرر عند قيامه بمعاينة ميدانية خالل التحقيق‪ ،‬أوضح المجلس أن مهمة المستشار المقرر‪ ،‬في إطار‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪22‬‬


‫التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪ ،‬تنحصر خالل مرحلة التحقيق‪ ،‬في جمع المعطيات‬
‫والعناصر المادية المتعلقة باألفعال موضوع المتابعة واألدلة التي قد تثبت أو تنفي ارتكاب هذه‬
‫األفعال‪ ،‬وذلك‪ ،‬من خالل السلطات المخولة له بموجب المادة ‪ 59‬من مدونة المحاكم المالية التي‬
‫تؤهله للقيام بجميع التحقيقات والتحريات لدى جميع األجهزة العمومية أو الخاصة واالطالع على‬
‫الوثائق واالستماع إلى جميع األشخاص الذين يظهر أن مسؤوليتهم قائمة‪ ،‬وإلى جميع الشهود بعد أداء‬
‫اليمين طبقا للكيفيات والشروط المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية؛‬
‫واعتبارا لكون المستشار المكلف بالتحقيق يتوفر‪ ،‬كذلك‪ ،‬على صوت تقريري كعضو ضمن هيئة‬
‫الحكم‪ ،‬طبقا للمادة ‪ 64‬من مدونة المحاكم المالية‪ ،‬فإن مهمته يجب أن ال تمتد إلى اكتشاف وتحديد‬
‫نطاق المؤاخذات موضوع المتابعة خالل مرحلة التحقيق‪ ،‬وذلك طبقا للمبدأ الذي كرسته مدونة‬
‫المحاكم المالية في إطار مسطرة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪ ،‬الذي يقتضي فصل‬
‫سلطة المتابعة عن سلطة التحقيق كشرط أساسي من شروط المحاكمة العادلة (القرار عدد ‪2021/03‬‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 19‬يناير ‪ 2021‬الصادر في القضية عدد ‪ 2018/101‬المتعلقة بالتسيير المالي للحي‬
‫الجامعي ببني مالل)‪.‬‬
‫‪ .2‬حول المخالفات وشروط قيامها‬
‫‪ ‬نطاق مبدأ شرعية المخالفة في مجال التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‬
‫كرست القرارات الصادرة عن المجلس االتجاه نحو توسيع نطاق مبدأ شرعية المخالفة في ميدان‬
‫التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية ليمتد‪ ،‬باإلضافة إلى القوانين واألنظمة‪ ،‬إلى " ما يعتبر‬
‫من المسلمات البديهية (في التدبير) التي ال تحتاج إلى تنظيم أو تقعيد"‪ ،‬كما جاء في قرار المجلس‬
‫األعلى (محكمة النقض حاليا) عدد ‪ 594‬المؤرخ في ‪ 11‬أكتوبر ‪ .2001‬في هذا االطار‪ ،‬اعتبر‬
‫المجلس أن إصدار مدير المكتب الوطني لألعمال الجامعية االجتماعية والثقافية لقرار فسخ صفقة‬
‫وتضمينه مقتضى اإلعالن عن صفقة تفاوضية دون اتخاذ التدابير التي تقتضيها مهامه اإلشرافية‬
‫قصد التأكد من وضعية بنايات الحي الجامعي والتأكد من جدية السبب الذي بررت به الشركة صاحبة‬
‫الصفقة األصلية طلب الفسخ والذي كان من شأنه تمكين المعني باألمر من الوقوف على ضرورة‬
‫إعادة النظر في الدراسة القبلية للمشروع وإعداد ملف طلب عروض جديد عوض اختيار أسلوب‬
‫تعاقد يُلزم باالحتفاظ بالشروط التقنية الواردة في الصفقة األصلية رغم نقائصها‪ ،‬تقصيرا في التدابير‬
‫االحتياطية التي يجب أن يتخذها كل مدبر عمومي في تدبيره لممتلكات الجهاز الذي يشرف عليه‬
‫(قرار عدد ‪ 2021/02‬الصادر في القضية عدد ‪ 2018/101‬المتعلقة بالتسيير المالي للحي الجامعي‬
‫ببني مالل)‪.‬‬
‫‪ ‬شروط قيام المخالفات الشكلية‬
‫جوابا على دفوعات متابعين بأن المخالفات التي ارتكبوها كانت عن حسن نية ولم يترتب عنها أي‬
‫ضرر للجهاز‪ ،‬أوضح المجلس في العديد من قراراته بأن إلحاق ضرر بجهاز عمومي ال يعتبر من‬
‫أركان قي ام المخالفات الشكلية في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪ ،‬التي تتحقق‬
‫بمجرد ثبوت الركن المادي الذي تجسده مخالفة قاعدة قانونية أو التزام تعاقدي‪ .‬كما أن حسن نية‬
‫المتابع وعدم تحقيق كسب مادي أو معنوي من ارتكاب المخالفة الثابتة في حقه ال يشكل سببا إلعفائه‬
‫من المسؤولية‪ ،‬إذ ال يعتبر عنصر القصد الزما لقيام المخالفات الشكلية والمادية في مادة التأديب‬
‫المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪ ،‬كما أكد ذلك قرار المجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) عدد‬
‫‪ 627‬بتاريخ ‪ 18‬أكتوبر ‪ 2001‬المتعلق بطلب نقض القرار عدد ‪ 2000/43‬الصادر عن المجلس‬
‫األعلى للحسابات بتاريخ ‪ 3‬أبريل ‪ 2000‬في الملف رقم ‪ 96/121‬في مادة التأديب المتعلق بالميزانية‬
‫والشؤون المالية‪(.‬القرارات عدد ‪ 2021/01‬الصادر في القضية عدد ‪ 2017/102‬المتعلقة بالمركب‬
‫الرياضي محمد الخامس والقاعدة البحرية بالمحمدية‪ ،‬وأرقام ‪ 11‬و‪ 12‬و‪ 2021/13‬الصادرة في‬
‫القضية عدد ‪ 2018/107‬المتعلقة بالمركز االستشفائي الجهوي لمراكش ‪ -‬تانسيفت – الحوز)‪.‬‬

‫‪23‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫‪ ‬بشأن اللجوء إلى صفقات وسندات التسوية ومخاطرها‬
‫تطرقت القرارات الصادرة عن المجلس في القضية المتعلقة بالمركز االستشفائي لجهة مراكش ‪-‬‬
‫تانسيفت ‪ -‬الحوز لهذه المخالفة التي همت ممارسات متواترة دأب عليها هذا الجهاز من أجل تلبية‬
‫الحاجات العامة التي أحدث من أجلها‪ ،‬والتي تتجلى في الحصول على توريدات وإنجاز أشغال وأعمال‬
‫في غياب أي عالقة تعاقدية مع الموردين ودون التقيد بقواعد تنفيذ النفقات العمومية‪ ،‬ال سيما عدم‬
‫إخضاع األعمال المنجزة للمنافسة ولمراقبة االلتزام بالنفقات‪ ،‬إذ يُطلب من بعض الممونين‪ ،‬الذين‬
‫يقبلون بهذا التعامل‪ ،‬إنجاز هذه األعمال إلى حين إبرام صفقات أو إصدار سندات الطلب "لتسوية"‬
‫مستحقاتهم‪.‬‬
‫وبغض النظر عما تشكله هذه الممارسة من مخالفة لمبادئ وقواعد تنفيذ النفقات العمومية المنصوص‬
‫عليها في النظام العام للمحاسبة العمومية وما يترتب عنها من تراكم لديون الجهاز ووضع واعتماد‬
‫وثائق محاسبية ال تعكس حقيقة تنفيذ األعمال موضوعها‪ ،‬فإن ما زاد من مخاطرها عند إصدار سندات‬
‫"التسوية" االعتماد خالل مرحلة اإلشهاد على إنجاز الخدمة على الوثائق التي أعدتها المقاولة المنجزة‬
‫لألعمال‪ ،‬بصفة انفرادية‪ ،‬والتي ضمنتها عناصر تصفية مبلغ األعمال موضوع "التسوية" في غياب‬
‫مسك إدارة المركز االستشفائي ألي وضعية تحدد قيمة الديون التي في ذمتها للشركة المتعاقد معها‬
‫برسم تلك الطلبيات‪ ،‬إضافة إلى إدراج بعض تلك النفقات‪ ،‬عند "التسوية"‪ ،‬في عنوان مالي مغاير‬
‫للنفقة التي تم تنفيذها على أرض الواقع‪.‬‬
‫وقد حرص المجلس من خالل القرارات التي أصدرها في إطار هذه القضية على توضيح االختالالت‬
‫المترتبة عن هذه الممارسة وتداعياتها السلبية على التدبير العمومي‪ ،‬انطالقا من مجموعة من القواعد‬
‫التي تم استنباطها‪ ،‬وأهمها‪:‬‬
‫‪ -‬لما كان االلتزام القانوني بنفقة هو العمل الذي يحدث أو يثبت بموجبه جهاز عمومي سندا‬
‫يترتب عنه تحمل في ميزانيته‪ ،‬كما ينص على ذلك الفصل ‪ 33‬من المرسوم الملكي رقم‬
‫‪ 66-330‬بسن نظام عام للمحاسبة العمومية‪ ،‬فإن إحداثه يقتضي االلتزام المحاسبي بهذه‬
‫النفقة‪ ،‬كإجراء أول في إطار المرحلة اإلدارية في تنفيذ النفقات العمومية‪ ،‬وذلك حتى ال‬
‫يتجاوز هذا التحمل حدود ترخيصات الميزانية والمقررات أو اإلعالنات أو التأشيرات‬
‫المنصوص عليها في القوانين أو األنظمة؛‬
‫‪ -‬ال يتطابق اللجوء إلى صفقات وسندات التسوية مع تسلسل مراحل تنفيذ النفقات العمومية‬
‫وما يقتضيه ذلك من إجراءات مراقبة االلتزام بالنفقات‪ ،‬كما تخالف هذه الممارسة واجب‬
‫إعمال مبدأ المنافسة عند إسناد الطلبيات العمومية‪ ،‬وال تنسجم مع الغاية التي أحدث المشرع‬
‫من أجلها سندات الطلب كوسيلة من وسائل النشاط اإلداري وطريقة للتعاقد تهدف إلى تلبية‬
‫حاجات عامة للمرفق في المستقبل‪ ،‬وليس كآلية لتسوية ديون الجهاز العمومي؛‬
‫‪ -‬يعتبر الشروع في تنفيذ صفقة‪ ،‬قبل تأشير مراقب االلتزام بالنفقات وقبل المصادقة عليها‬
‫من طرف السلطة المختصة‪ ،‬مخالفة لقواعد االلتزام بالنفقات العمومية وللنصوص التنظيمية‬
‫المتعلقة بالصفقات العمومية‪ .‬كما ال تستجيب هذه الممارسة لمبادئ المنافسة واحترام‬
‫واجبات اإلشهار والشفافية في اختيارات صاحب المشروع والمساواة في الوصول إلى‬
‫الطلبيات العمومية‪ ،‬وبالتالي ال تتيح إمكانية االستفادة من العرض األفضل اقتصاديا ومن‬
‫كرستها النصوص‬ ‫األثمان التنافسية التي يتيحها السوق‪ ،‬وتخالف‪ ،‬بذلك‪ ،‬المبادئ العامة التي ّ‬
‫المنظمة للصفقات العمومية من أجل ضمان فعالية النفقات العمومية؛‬
‫‪ -‬إصدار سندات طلب للتسوية ال يعكس موضوعها حقيقة النفقات المراد تسويتها‪ ،‬إلى جانب‬
‫مخالفته لقواعد تنفيذ النفقات العمومية‪ ،‬ينطوي على مخاطر عدم تبرئة ذمة الجهاز العمومي‬
‫من الدين الحقيقي‪ ،‬والذي قد تطالب به الشركة التي تولت اإلنجاز الفعلي في حالة توفرها‬
‫على مستندات مثبتة لألعمال التي قامت بها لفائدة الجهاز العمومي المعني؛‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪24‬‬


‫‪ -‬تزداد مخاطر سندات التسوية عند اإلشهاد على إنجاز الخدمة اعتمادا على الوثائق التي‬
‫أعدتها الشركة المنجزة لألعمال‪ ،‬بصفة انفرادية‪ ،‬والتي ضمنتها عناصر تصفية مبلغ تلك‬
‫األعمال في غياب مسك اإلدارة ألي وضعية تحدد قيمة الديون التي في ذمتها للشركة‬
‫المتعاقد معها برسم تلك الطلبيات؛‬
‫‪ -‬تتحقق المخالفة المتعلقة بالتقييد غير القانوني لنفقة بهدف تجاوز االعتمادات‪ ،‬عند قيام اآلمر‬
‫بالصرف بإدراج نفقة في إطار االعتمادات المالية المخصصة لعنوان مالي مغاير للنفقة‬
‫التي تم تنفيذها على أرض الواقع‪ ،‬بسبب عدم توفر االعتمادات وعدم كفايتها بالخانة المالية‬
‫الخاصة باألعمال المعنية‪.‬‬
‫‪ ‬حول مخالفة قواعد تصفية النفقات العمومية واآلثار المترتبة عنها‬
‫تعتبر مرحلة تسلم األعمال المتعاقد بشأنها من أهم مراحل تنفيذ الطلبيات العمومية‪ ،‬ويشكل اإلشهاد‬
‫على صحة اإلنجاز بعد التأكد من مطابقة األعمال المنجزة للمواصفات المحددة‪ ،‬تبعا لذلك‪ ،‬المرحلة‬
‫الرئيسية في مسلسل تنفيذ النفقات العمومية والتي على أساسها يتم إصدار األمر بأداء المبالغ المستحقة‪.‬‬
‫وقد شكلت هذه المرحلة والتزال مصدر أغلب المؤاخذات موضوع المتابعة في إطار التأديب المتعلق‬
‫بالميزانية والشؤون المالية‪ ،‬وذلك‪ ،‬لما لوحظ من عدم إيالء األهمية الالزمة لهذه المرحلة إما بسبب‬
‫تساهل صاحب المشروع في التغييرات التي يتم إدخالها على مواصفات األعمال المتعاقد بشأنها‪،‬‬
‫خالل مرحلة التنفيذ‪ ،‬دون تطبيق اإلجراءات المنصوص عليها بهذا الخصوص‪ ،‬أو من خالل عدم‬
‫الحرص على اختيار أشخاص مؤهلين وتمكينهم من الوثائق التعاقدية التي تمكنهم من القيام بالمراقبات‬
‫الالزمة السابقة لعملية التسلم‪ ،‬أو من خالل عدم تطبيق إجراءات التتبع والمراقبة المنصوص عليها‬
‫في بنود الوثائق التعاقدية‪ ،‬خالل مرحلة التنفيذ‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬فقد حرص المجلس‪ ،‬في مجموعة من قراراته‪ ،‬بخصوص المؤاخذات ذات الصلة بهذه‬
‫المرحلة‪ ،‬على توضيح مستلزمات اإلشهاد على العمل المنجز‪ ،‬وتداعيات عدم صحة هذا اإلشهاد‬
‫وتغيير مواصفات األعمال خالل التنفيذ دون التقيد باإلجراءات المنصوص عليها وما يترتب عن ذلك‬
‫من إخالل بمبدأ المنافسة وبالتوازن المالي للعقد‪.‬‬
‫في ما يتعلق بمستلزمات اإلشهاد على العمل المنجز‪ :‬أوضح المجلس في قراراته أن اإلشهاد على‬
‫صحة إنجاز العمل يستوجب معاينة األشغال المنجزة والتأكد من مدى مطابقتها لمجموع التزامات‬
‫الصفقة‪ ،‬وال سيما للمواصفات التقنية‪ ،‬عمال بمقتضيات المادة ‪ 65‬من دفتر الشروط اإلدارية العامة‪-‬‬
‫أشغال‪ ،‬اعتبارا لكون هذه المطابقة تشكل عنصرا من عناصر إثبات العمل المنجز‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬تعد‬
‫شرطا أساسيا لصحة عملية التصفية التي تهدف إلى الحصر الصحيح لمبلغ النفقة؛‬
‫وكما بيّن أن مصادقة المتابع على الكشوفات التفصيلية ومحاضر التسلم المؤقت المتعلقة بصفقة‬
‫عمومية‪ ،‬بالرغم من علمه بأن البيانات المضمنة فيها ال تعكس حقيقة التنفيذ‪ ،‬تعتبر مخالفة لقواعد‬
‫تصفية النفقات العمومية‪ ،‬ويترتب عن هذه المصادقة تصفية الدين على أسس غير صحيحة‪ ،‬وحصر‬
‫مبالغ كشوفات الحساب المتعلقة بهذه الصفقة وإصدار األوامر المتعلقة بأداء هذه المبالغ بقدر ال يعكس‬
‫الثمن الحقيقي للمعدات الموردة واألشغال المنجزة‪ ،‬األمر الذي يشكل منح منفعة غير مبررة للمتعاقد‬
‫معه في إطار هذه الصفقة (القرار عدد ‪ 2021/01‬الصادر في القضية عدد ‪ 2017/102‬المتعلقة‬
‫بالمركب الرياضي محمد الخامس والقاعدة البحرية بالمحمدية)‪.‬‬
‫وجوابا على دفوعات متابع بكون العتاد المورد أكثر جودة مقارنة بالعتاد المتعاقد بشأنه‪ ،‬أوضح‬
‫المجلس أن هذه المبررات تنصرف إلى مرحلة تحديد الحاجيات موضوع الصفقة‪ ،‬والتي كان يتعين‬
‫عليه مراعاتها عند إعداد دفتر الشروط الخاصة وال تمتد إلى مرحلة تنفيذ الصفقة وتسلم األعمال‬
‫موضوعها‪ ،‬التي تقتضي إنجاز عمليات رقابية‪ ،‬وليس اختيارات‪ ،‬وينصب موضوع هذه المرحلة‬
‫على التأكد من مطابقة الخدمة المنجزة للمواصفات المتعاقد بشأنها سلفا‪ ،‬وعند االقتضاء العمل على‬
‫سلك المساطر الجاري بها العمل من أجل تغيير المواصفات التقنية‪ ،‬إذ أن من شأن أي إخالل بالعناصر‬

‫‪25‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫التي قامت عليها المنافسة المس بها وبمبدأ المساواة في ولوج الطلبيات العمومية (القرار عدد‬
‫‪ 2021/01‬الصادر في القضية عدد ‪ 2017/102‬المتعلقة بالمركب الرياضي محمد الخامس والقاعدة‬
‫البحرية بالمحمدية)‪.‬‬
‫كما اعتبر المجلس أن مصادقة اآلمر بالصرف على الكشوفات التفصيلية للصفقة وإصداره لألمر‬
‫بأداء مبالغها رغم علمه بعدم صحة األسس المعتمدة من أجل تصفية هذه المبالغ‪ ،‬مخالفة لقواعد‬
‫تصفية النفقات العمومية واألمر بصرفها (نفس القرار)‪.‬‬
‫وأن اإلجراءات الالزمة لصحة عملية اإلشهاد على الخدمة المنجزة‪ ،‬في إطار صفقات اقتناء خدمة‬
‫تصفية الدم موضوع المتابعة‪ ،‬ترتبط حصريا بالتدابير التي نصت عليها بنود الصفقة‪ ،‬ال سيما االطالع‬
‫على سجالت المرضى ومراقبتها والقيام بزيارات تفقدية لمراكز تصفية الدم المتعاقد معها‪ ،‬وال تجزئ‬
‫عنها أو تعفي المندوب من مسؤوليته‪ ،‬قيام هذا األخير‪ ،‬بإجراءات محدودة في الزمن والمكان أو‬
‫الموضوع من أجل تتبع التنفيذ‪ ،‬من قبيل توجيهه تعليمات شفوية لموظفيه لزيارة مركز دون آخر‪،‬‬
‫وقيامه بمهمة افتحاص أحد المراكز في إطار صفقة فريدة دون غيرها‪ ،‬واالجتماع بموظفيه للتداول‬
‫في مسألة طارئة خالل تنفيذ تلك الصفقات أو مبادرته بإحداث بطائق تتبع حصص تصفية الدم‪ ،‬ما‬
‫دامت جل هذه اإلجراءات بقيت غير ذي جدوى ولم تسهم في تفادي االختالالت التي شابت تنفيذ‬
‫الصفقات المعنية (القرار عدد ‪ 2021/06‬الصادر في القضية عدد ‪ 2018/103‬المتعلقة بمندوبية‬
‫وزارة الصحة بعمالة فاس)‪.‬‬
‫وأكد المجلس على أن إثبات العمل المنجز في إطار صفقات اقتناء خدمة تصفية الدم كان يجب أن يتم‬
‫بواسطة الوثائق والمستندات التعاقدية المثبتة لهذه الخدمة (سجالت المرضى)‪ ،‬والتي كان يتعين على‬
‫صاحب المشروع العمل والحرص على مسكها من طرف صاحب الصفقة (مراكز تصفية الدم)‬
‫ومراقبتها والتأشير عليها من طرف المساعد االجتماعي والمندوب‪ ،‬بصفتهم ممثلي صاحب‬
‫المشروع‪ ،‬وليس على أساس التقارير الشهرية التي تعدها تلك المراكز والتي لم يتم إخضاعها ألي‬
‫مراقبة أو مقارنة قبل اعتمادها من طرف المساعدين االجتماعيين عند اإلشهاد على كشوفات الحساب‬
‫( القرارات أرقام ‪ 06‬و‪ 07‬و‪ 2021/08‬الصادرة في القضية عدد ‪ 2018/103‬المتعلقة بمندوبية‬
‫وزارة الصحة بعمالة فاس)‪.‬‬
‫وأنه لما كان اإلشهاد على صحة إنجاز العمل يقتضي التأكد من مطابقة الخدمة المنجزة للخصائص‬
‫التقنية المتعاقد بشأنها ومن تنفيذ المتعاقد معه لجميع التزاماته التعاقدية‪ ،‬فإن إعمال مسطرة التحقق‬
‫من طرف صاحب المشروع‪ ،‬قصد التأكد من صحة بيانات التقارير الشهرية التي تعدها مراكز تصفية‬
‫الدم في إطار الصفقات موضوع المتابعة يعتبر من أعمال التصفية التي يتعين التقيد بها (القراران‬
‫عددا ‪ 07‬و‪ 2021/08‬الصادران في القضية عدد ‪ 2018/103‬المتعلقة بمندوبية وزارة الصحة بعمالة‬
‫فاس)‪.‬‬
‫في نفس السياق‪ ،‬أكد المجلس على أنه ال يشترط إصدار صاحب المشروع لقرار كتابي بتكليف‬
‫الموظف الذي أوكل إليه مهمة اإلشهاد على إنجاز الخدمة برسم صفقة عمومية لكي يكتسب هذه‬
‫الصفة‪ ،‬التي تنشأ بمجرد توقيع هذا الموظف على الوثائق المثبتة إلنجاز الخدمة ال سيما كشوفات‬
‫الحساب ومحاضر التسلم‪ ،‬والتي تتطلب عملية اإلشهاد عليها القيام باإلجراءات الالزمة التي يقتضيها‬
‫التحقق من الخدمة السيما االطالع على دفاتر الشروط الخاصة والوثائق (السجالت) التي نصت‬
‫عليها بنود الصفقة (القراران عددا ‪ 07‬و‪ 2021/08‬الصادران في القضية عدد ‪ 2018/103‬المتعلقة‬
‫بمندوبية وزارة الصحة بعمالة فاس)‪.‬‬
‫بشأن تغيير المواصفات التقنية خالل التنفيذ‪ :‬أكد المجلس على أن تغيير المواصفات التقنية للصفقة‬
‫يستلزم تحديد أثمنة جديدة لألشغال البديلة وتضمينها في عقد ملحق وفقا لما تقتضيه الفقرة األخيرة‬
‫من المادة ‪ 39‬من دفتر الشروط اإلدارية العامة‪-‬أشغال‪ ،‬والتي تحيل على المادة ‪ 51‬من نفس دفتر‬
‫الشروط اإلدارية (القرار عدد ‪ 2021/03‬الصادر في القضية عدد ‪ 2018/101‬المتعلقة بالتسيير‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪26‬‬


‫المالي للحي الجامعي ببني مالل)‪ .‬لذلك‪ ،‬فإن تعديل المواصفات التقنية دون احترام اإلجراءات‬
‫المنصوص عليها في النصوص المنظمة للصفقات العمومية‪ ،‬وتصفية المبالغ المرتبطة بها في غياب‬
‫أي أساس تعاقدي يحدد المواصفات التقنية واألثمنة‪ ،‬يمس باألسس التي قامت عليها المنافسة بالنظر‬
‫إلى أن طبيعة ومواصفات األشغال المنصوص عليها في دفتر الشروط الخاصة المتعلق بالصفقة‬
‫شكلت محددات أساسية لتعهدات المتنافسين في مرحلة اإلدالء بالعروض‪ ،‬كما يعتبر إخالال بمبدأ‬
‫المساواة في ولوج الطلبيات العمومية وبمبدأ حسن استعمال المال العام‪ ،‬وهي المبادئ التي يتعين على‬
‫صاحب المشروع التقيد بها عند إبرام الصفقات العمومية‪ ،‬طبقا للمادة األولى من المرسوم رقم‬
‫‪ 2.12.349‬المتعلق بالصفقات العمومية (القراران عدد ‪ 2021/01‬الصادر في القضية عدد‬
‫‪ 2017/102‬المتعلقة بالمركب الرياضي محمد الخامس والقاعدة البحرية بالمحمدية وعدد ‪2021/03‬‬
‫الصادر في القضية عدد ‪ 2018/101‬المتعلقة بالتسيير المالي للحي الجامعي ببني مالل)‪.‬‬
‫وتبعا لذلك‪ ،‬فإن موافقة صاحب المشروع على تغيير محتوى األشغال وتعديل المواصفات التقنية لها‬
‫دون احترام اإلجراءات المنصوص عليها في النصوص التنظيمية‪ ،‬تعد مخالفة لمقتضيات المادة ‪5‬‬
‫من المرسوم رقم ‪ 2.12.349‬المتعلق بالصفقات العمومية والمادتين ‪ 39‬و‪ 51‬من دفتر الشروط‬
‫اإلدارية العامة المذكور أعاله (القرار عدد ‪ 2021/03‬الصادر في القضية عدد ‪ 2018/101‬المتعلقة‬
‫بالتسيير المالي للحي الجامعي ببني مالل)‪ .‬وفي إطار نفس القرار‪ ،‬نبه المجلس إلى أن إحداث تغييرات‬
‫جوهرية خالل فترة وجيزة من الشروع في تنفيذ الصفقة دون وجود مستجدات أو ظروف غير متوقعة‬
‫تبرر هذه التغييرات‪ ،‬ودون احترام اإلجراءات المنصوص عليها في النصوص المنظمة للصفقات‬
‫العمومية عند اعتماد تلك التغييرات‪ ،‬يعد تغييرا للهدف األصلي للصفقة وتحويال لموضوعها (نفس‬
‫القرار)‪.‬‬
‫أثر التغييرات على التوازن المالي للعقد‪ :‬في قضية تتعلق بتنفيذ عقود التكوين المبرمة وفق قواعد‬
‫القانون العادي‪ ،‬أوضح المجلس أنه لما كان توفير مقرات للتكوين وكذا التجهيزات والوسائل‬
‫البيداغوجية الضرورية إلنجاز التكوينات يندرج ضمن االلتزامات األصلية الملقاة على عاتق المتعاقد‬
‫معه‪ ،‬فإن تحويل مكان إنجاز التكوينات إلى المراكز التابعة للوزارة يعتبر تقليصا من التزامات‬
‫المتعاقد معه كان يتعين أن يقابله تخفيض في المبلغ المتعاقد بشأنه (القرار عدد ‪ 2021/05‬الصادر‬
‫في القضية عدد ‪ 2018/110‬المتعلقة بوزارة السياحة)‪ .‬لذلك‪ ،‬إذا كان الطابع الجزافي ألثمان‬
‫التكوينات لم يسمح‪ ،‬في الصيغة األصلية للعقد‪ ،‬بخصم مقابل قاعات التكوين ومراعاة نسبة الحضور‬
‫الضئيلة‪ ،‬ومادام أن هذا المبلغ الجزافي تم تحديده على أساس االلتزامات الملقاة على عاتق المتعاقد‬
‫معه‪ ،‬فقد كان يتعين‪ ،‬حفاظا على التوازن المالي للعقد‪ ،‬اللجوء إلى عقد ملحق لتحديد ثمن جديد على‬
‫أساس االلتزامات الجديدة‪ ،‬وعند االقتضاء‪ ،‬تفعيل مقتضيات الفصلين ‪ 261‬و‪ 263‬من ظهير‬
‫االلتزامات والعقود‪ ،‬التي تجيز الحصول على تعويض في حالة عدم الوفاء بااللتزامات التعاقدية‬
‫(نفس القرار)‪.‬‬
‫‪ ‬بشأن ممارسة المهام اإلشرافية من طرف الرئيس التسلسلي‬
‫كرست القرارات الصادرة عن المجلس خالل سنة ‪ ،2021‬بهذا الشأن‪ ،‬مجموعة من القواعد أهمها‪:‬‬
‫‪ -‬تقتضي الوظيفة اإلشرافية للمتابع‪ ،‬بصفته الرئيس التسلسلي للعاملين بالجهاز المعني‪،‬‬
‫مباشرة مهام اإلدارة المعهودة إليه بما ينطوي عليه ذلك من عناصر التنظيم والتنسيق‬
‫والرقابة داخل الجهاز الذي يديره‪ ،‬إذ يصبح مسؤوال عن كل خطأ أو تقصير وقع من أحد‬
‫العاملين تحت رئاسته‪ ،‬إذا ثبت أنه كان بوسعه الحيلولة دون وقوع ذلك لكنه قصر في أداء‬
‫مهامه اإلشرافية‪( ،‬القراران عدد ‪ 2021/01‬وعدد ‪ 2021/02‬الصادران على التوالي في‬
‫القضيتين عدد ‪ 2017/102‬المتعلقة بالمركب الرياضي محمد الخامس والقاعدة البحرية‬
‫بالمحمدية وعدد ‪ 2018/101‬المتعلقة بالحي الجامعي ببني مالل)‪.‬‬
‫‪ -‬يتعين على الرئيس التسلسلي‪ ،‬مباشرة مهام اإلدارة المعهودة إليه بما يستلزم ذلك من عناصر‬
‫اليقظة والحيطة إلى جانب التنظيم والقيادة‪ ،‬وذلك من خالل إرساء نظام لمراقبة تسيير‬

‫‪27‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫المصالح التي يتولى اإلشراف عليها يزوده بشكل دوري وآني بالمعلومات الضرورية حول‬
‫سير األنشطة والمشاريع‪ ،‬ويساعده على اتخاذ القرارات واإلجراءات التصحيحية السريعة‬
‫والمالئمة في الوقت المناسب‪ ،‬إذ أنه يعد مسؤوال عن كل خطأ أو تقصير ثبت أنه كان‬
‫بوسعه الحيلولة دون وقوعه (القرار عدد ‪ 2021/02‬الصادر في القضية عدد ‪2018/101‬‬
‫المتعلقة بالحي الجامعي ببني مالل)‪.‬‬
‫‪ -‬يعد تقصيرا‪ ،‬في قيام صاحب المشروع بالواجبات التي تقتضيها هذه الصفقة‪ ،‬فسخ الصفة‬
‫بناء على طلب المقاول‪ ،‬قبل االطالع واإللمام بوضعية تقدم األشغال ودراسة المبررات‬
‫الواردة في طلب الفسخ والتأكد من مدى جديتها قبل اتخاذ قرار اللجوء إلى صفقة تفاوضية‬
‫قصد استكمال أشغال الصفقة‪ ،‬والذي ال يمكن من تعديل محتوى ومواصفات األشغال‬
‫المحددة في الصفقة األصلية‪( ،‬نفس القرار)‪.‬‬
‫‪ -‬احتفاظ مدير المؤسسة العمومية المعنية بصالحيات إصدار قرارات فسخ الصفقات‪ ،‬يحمله‬
‫كامل المسؤوليات المرتبطة بهذه القرارات‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬فدفعه بكون إصداره لقرار فسخ‬
‫الصفقة األصلية وإدراج مقتضى إبرام صفقة تفاوضية في قرار الفسخ‪ ،‬جاء تلبية لطلب‬
‫المسؤول عن مصلحة تابعة له‪ ،‬ال يستقيم مع المسؤوليات والواجبات اإلشرافية التي‬
‫يفرضها منصبه كمدير للمؤسسة العمومية المعنية‪ ،‬والتي تقتضي بذل العناية المهنية الكافية‬
‫واتخاذ التدابير االحتياطية الالزمة قبل إصدار أي قرار أو الموافقة على أي طلب ذي صلة‬
‫(نفس القرار)‪.‬‬
‫‪ -‬يعتبر إهماال وتقصيرا من المتابع‪ ،‬في ممارسة المهام الموكلة إليه‪ ،‬عدم الحرص على‬
‫اعتماد إدارة الجهاز الذي يشرف عليه على مساطر كتابية الستشارة المتعهدين قصد‬
‫الحصول على عروض أثمان عند اللجوء إلى سندات الطلب‪ ،‬وكذا عدم التقيد بالمساطر‬
‫الجاري بها العمل عند إجراء تغييرات على مواصفات األعمال المتعاقد بشأنها أثناء التنفيذ‪،‬‬
‫واعتماد وثائق للتأكد من صحة إنجاز العمل كان يعلم أنها غير صحيحة (القرار عدد‬
‫‪ 2021/01‬الصادر في القضية عدد ‪ 2017/102‬المتعلقة بالمركب الرياضي محمد الخامس‬
‫والقاعدة البحرية بالمحمدية)‪.‬‬
‫‪ -‬يتعين على مندوب وزارة الصحة باعتباره الرئيس التسلسلي لكافة العاملين بالمندوبية‪ ،‬طبقا‬
‫للمادة ‪ 13‬من قرار وزيرة الصحة رقم ‪ 1363.11‬الصادر في ‪ 12‬من جمادى اآلخرة‬
‫‪ 16( 1432‬ماي ‪ )2011‬بشأن اختصاصات وتنظيم المصالح الالممركزة لوزارة الصحة‪،‬‬
‫ووفق ما تقتضيه مهامه االشرافية‪ ،‬العمل على وضع نظام للمراقبة الداخلية من شأنه‬
‫ضمان التتبع الجيد لتنفيذ الصفقات المتعلقة باقتناء خدمة تصفية الدم وتصفية النفقات‬
‫المترتبة عنها على أسس صحيحة‪ ،‬والحرص على قيام الموظفين والمسؤولين بالمصالح‬
‫التابعة للمندوبية بالمهام المسندة إليهم ال سيما أولئك المكلفين مباشرة بمراقبة وتتبع تنفيذ‬
‫الخدمات موضوع تلك الصفقات بناء على ما جاء في دفاتر الشروط الخاصة المتعلقة بها‬
‫(القرار عدد ‪ 2021/06‬الصادر في القضية عدد ‪ 2018/103‬المتعلقة بمندوبية وزارة‬
‫الصحة بعمالة فاس)‪.‬‬
‫‪ ‬مهام وواجبات صاحب المشروع برسم صفقة عمومية‬
‫أوضح المجلس في قراراته بهذا الخصوص أنه‪:‬‬
‫‪ -‬عندما تكون الخدمات المراد تلبيتها من طرف جهاز عمومي ذات صبغة توقعية ومتكررة‬
‫ودائمة‪ ،‬يتعين على صاحب المشروع اعتماد طريقة اإلبرام المناسبة التي تتيحها النصوص‬
‫التنظيمية المتعلقة بالصفقات العمومية‪ ،‬كما هو الشأن في هذه الحالة‪ ،‬باللجوء إلى الصفقات‬
‫القابلة للتجديد تفاديا لبعض اإلكراهات التي قد تحول دون احترام اإلجراءات المسطرية‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪28‬‬


‫التي تتطلبها الصفقات العادية؛ (القرار عدد ‪ 2021/10‬بتاريخ ‪ 9‬فبراير ‪ 2021‬الصادر في‬
‫القضية عدد ‪ 2018/107‬المتعلقة بالمركز االستشفائي الجهوي لمراكش‪-‬تانسيفت‪-‬الحوز)‪.‬‬
‫‪ -‬كما نبه المجلس إلى أنه يتعين على صاحب المشروع‪ ،‬عند علمه بعيب في الدراسة القبلية‬
‫للمشروع‪ ،‬العمل على مراجعة هذه الدراسة من أجل التحديد الدقيق للحاجيات ومراجعة‬
‫المواصفات التقنية لألشغال وفق المعايير المعمول بها واختيار أسلوب ابرام الصفقة الثانية‪،‬‬
‫بعد فسخ الصفقة األولى‪ ،‬بما يتوافق مع هذه التغييرات عوض إبرام صفقة تفاوضية وفق‬
‫مقتضيات المادة ‪ 86‬من المرسوم رقم ‪ 2.12.349‬الصادر بتاريخ ‪ 20‬مارس ‪2013‬‬
‫المتعلق بالصفقات العمومية والتي تُلزم صاحب المشروع بالتقيد بالشروط الواردة في‬
‫الصفقة األصلية‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬ال يتيح له اختيار هذا األسلوب في التعاقد إمكانية مراجعة‬
‫وتعديل مواصفات وكميات أشغال الصفقة األصلية (القرار عدد ‪ 2021/03‬الصادر في‬
‫القضية عدد ‪ 2018/101‬المتعلقة بالحي الجامعي ببني مالل)‪.‬‬
‫‪ -‬وأنه يقع على صاحب المشروع في إطار صفقة عمومية قبل تكليف موظفين بمهام التتبع‬
‫واإلشهاد على الخدمة موضوع تلك الصفقة‪ ،‬العمل على تحديد مهامهم بناء على رسالة‬
‫تكليف أو مذكرة مصلحية‪ ،‬تتضمن بشكل واضح وتفصيلي مساطر ومستلزمات اإلشهاد‬
‫على الخدمات المنجزة بما يتيح لهم التحقق من مطابقتها لبنود الصفقة وللخصائص التقنية‬
‫لدفتر الشروط الصفقة وكذا من تقيد صاحب الصفقة بواجباته التعاقدية‪.‬‬
‫‪ -‬وإذا كانت المذكرات المصلحية المتعلقة بتحديد مهام المكلفين بالتتبع في إطار صفقة عمومية‬
‫ال تعد بديال عن بنود دفتر الشروط الخاصة‪ ،‬بل ترتيبا وتصنيفا وتبسيطا لها‪ ،‬فإن األهمية‬
‫والجدوى من إصدارها تتجليان في المقابل‪ ،‬في كونها إجراء يروم تحسين تدبير التتبع‬
‫ومراقبة تنفيذ الصفقات وتوضيح المسؤوليات المترتبة عن ذلك‪ ،‬خاصة‪ ،‬إذا كانت مهام‬
‫تتبع تنفيذ هذه الصفقات تتجاوز المهام اإلدارية االعتيادية الموكلة إلى المكلفين بذلك التتبع‬
‫وتتطلب منهم تأهيال خاصا‪( .‬القرار عدد ‪ 2021/06‬الصادر في القضية عدد ‪2018/103‬‬
‫المتعلقة بمندوبية وزارة الصحة بعمالة فاس)‪.‬‬
‫‪ -‬تكتسي اإلجراءات المنصوص عليها في دفاتر الشروط الخاصة للصفقات ال سيما تلك التي‬
‫تروم تأكد صاحب المشروع من تقديم صاحب الصفقة للخدمات المتعاقد عليها (الزيارات‬
‫التفقدية) أهمية قصوى في التنفيذ والتتبع الجيد لصفقات تصفية الدم وإن أوردتها تلك الدفاتر‬
‫بصيغة اختيارية أو أخضعت اللجوء إليها للسلطة التقديرية لصاحب المشروع‪ ،‬إذ كان من‬
‫شأن العمل بها مواكبة وتأطير صاحب الصفقة في أداء الخدمات المتعاقد بشأنها بما يمكن‬
‫من تصفية النفقات المترتبة عنها على أسس صحيحة‪ ،‬خاصة عندما يكون الجهاز المعني‬
‫حديث العهد بتدبير تلك الصفقات ولم يراكم قبل ذلك أي تجربة فيما يخص هذا النوع من‬
‫الصفقات (نفس القرار)‪.‬‬
‫‪ .3‬حول تقدير مسؤولية المتابعين‬
‫تتعدد وتتنوع أسباب ومالبسات ارتكاب المخالفات ال ُمنشئة لمسؤولية مختلف المدبرين العموميين أمام‬
‫القاضي المالي باختالف األنظمة القانونية لألجهزة الخاضعة لالختصاصات القضائية للمحاكم المالية‪،‬‬
‫واألنشطة والحاجات التي أحدثت هذه األجهزة من أجل تحقيقها وتلبيتها‪ ،‬وكذا اإلكراهات والمخاطر‬
‫التي تترتب عن ممارستها‪ ،‬وذلك حسب المهام والمسؤوليات الموكلة لهؤالء المدبرين وموقعهم في‬
‫هرم المسؤولية داخل هذه األجهزة‪.‬‬
‫وتتوفر هيئات الحكم‪ ،‬في هذا المجال‪ ،‬على سلطات واسعة في تقدير مسؤولية المدبرين العموميين‬
‫من خالل أهليتها لمراعاة الظروف والعوامل التي تسببت في المخالفات المرتكبة عند تقدير مبلغ‬
‫الغرامة حسب خطورة وتكرار المخالفات المعنية‪ ،‬طبقا للمادة ‪ 66‬من مدونة المحاكم المالية‪.‬‬

‫‪29‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫في هذا اإلطار‪ ،‬اعتبرت الهيئة‪ ،‬ظرفا للتشديد عند تقدير الغرامة‪ ،‬لجوء اآلمر بالصرف المساعد‬
‫بصفة متكررة ومتواترة إلى إحداث تحمالت في ذمة الجهاز في غياب أي أساس تعاقدي دون‬
‫االكتراث بقواعد تنفيذ النفقات العمومية وما قد يترتب عن ذلك من تجاوز لترخيصات الميزانية‬
‫وتراكم للديون في ذمة الجهاز العمومي (القرار عدد ‪ 2021/13‬الصادر في القضية عدد ‪2018/107‬‬
‫المتعلقة بالمركز االستشفائي الجهوي لمراكش تانسيفت الحوز)‪.‬‬
‫وكذلك الشأن بالنسبة لقيام المتابع باإلشهاد على إنجاز الخدمة‪ ،‬في إطار سند الطلب للتسوية‪ ،‬بالنظر‬
‫إلى وظيفته كمسؤول عن قطب الشؤون اإلدارية الذي أنيطت به مهمة تدبير الميزانية والتدبير المالي‬
‫والمحاسبي‪ ،‬اعتمادا على الوثائق التي أعدتها الشركة المنجزة للخدمة‪ ،‬بصفة انفرادية‪ ،‬والتي ضمنتها‬
‫عناصر تصفية المبلغ الصادر األمر بأدائه‪ ،‬دون مسكه ألي وضعية تحدد قيمة الديون التي تم تسديدها‬
‫للشركة وقيمة المبالغ التي التزال في ذمة الجهاز العمومي لفائدتها‪ ،‬الشيء الذي من شأنه أن يؤدي‬
‫إلى تمكين الشركة من مبالغ زائدة عن المستحق (القرار عدد ‪ 2021/12‬الصادر في القضية عدد‬
‫‪ 2018/107‬المتعلقة بالمركز االستشفائي الجهوي لمراكش‪-‬تانسيفت‪-‬الحوز)‪.‬‬
‫وفي نفس اإلطار‪ ،‬اعتُبر ظرفا للتشديد عند تقدير مبلغ الغرامة‪ ،‬عدم حرص مهندس مكلف بمصلحة‬
‫صيانة المعدات على مسك بطاقة التدخل المتعلقة بأعمال الصيانة التي استفاد منها أحد األجهزة‬
‫واعتماده كليا عند اإلشهاد على العمل المنجز على عناصر التصفية التي حددتها الشركة المتدخلة‬
‫(القرار عدد ‪ 2021/11‬الصادر في القضية عدد ‪ 2018/107‬المتعلقة بالمركز االستشفائي الجهوي‬
‫لمراكش‪-‬تانسيفت‪-‬الحوز)‪.‬‬
‫ومن ظروف التشديد‪ ،‬كذلك‪ ،‬علم صاحب المشروع بعيب في الدراسة القبلية المعتمدة إلنجاز أشغال‬
‫التهيئة موضوع الصفقة والنقائص التي تشوبها في تاريخ إبرامها إذ كان يتعين‪ ،‬عليه‪ ،‬في هذه الحالة‪،‬‬
‫العمل على مراجعة هذه الدراسة من أجل التحديد الدقيق للمساحات موضوع التهيئة ولكميات األشغال‬
‫الالزمة لها ومراجعة المواصفات التقنية لألشغال وفق المعايير المعمول بها‪ ،‬وكذا إعداد ملف طلب‬
‫عروض جديد قبل الدعوة للمنافسة الستكمال أشغال المشروع (القرار عدد ‪ 2021/02‬الصادر في‬
‫القضية عدد ‪ 2018/101‬المتعلقة بالحي الجامعي ببني مالل)‪.‬‬
‫كما اعتبرت الهيئة الدفع بتفادي إلغاء االعتمادات من أجل تبرير االرتجال واألخطاء التي شابت‬
‫عملية التكوين من مظاهر سوء التدبير وضعف في تحديد وبرمجة الحاجات العامة المراد تلبيتها‪ ،‬إذ‬
‫كان يجب أن تتم عملية تحديد الحاجيات بما يتناسب مع االلتزامات المهنية لألطر والموظفين‬
‫المستهدفين‪ ،‬ووفق برامج معدة سلفا بالتنسيق مع هؤالء ورؤسائهم التسلسليين‪ ،‬وذلك من خالل اختيار‬
‫الفترات المالءمة وضبط قوائم المستفيدين تفاديا للنتائج التي أسفر عنها التنفيذ‪ ،‬كما يعكس هذا الدفع‬
‫سلبيات أسلوب التدبير المرتكز على الوسائل‪ ،‬والذي ينطوي على مخاطر التبذير وعدم تحقيق الفعالية‬
‫في رصد االع تمادات المالية المرخص بها لتلبية الحاجات العامة للجهاز العام المعني (القرار عدد‬
‫‪ 2021/05‬الصادر في القضية عدد ‪ 2018/110‬المتعلقة بوزارة السياحة)‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق بظروف التخفيف‪ ،‬فقد راعت هيئة الحكم عند تقدير مبلغ الغرامة كون مهمة التدبير‬
‫التي مارسها المتابع هي أول مهمة إدارية تسند إليه‪ ،‬إضافة إلى عدم استفادته من أي تكوين في مجال‬
‫التدبير اإلداري والمحاسبي (القرار عدد ‪ 2021/10‬الصادر في القضية عدد ‪ 2018/107‬المتعلقة‬
‫بالمركز االستشفائي الجهوي لمراكش‪-‬تانسيفت‪-‬الحوز)‪ ،‬وكون ارتكاب‪ ،‬المكلفين بتتبع الصفقات‬
‫المتعلقة بتقديم خدمة تصفية الدم‪ ،‬لمخالفة اإلشهاد الخاطئ على العمل المنجز‪ ،‬ساهم فيه تقصير‬
‫صاحب المشروع في تفعيل آليات تتبع التنفيذ المنصوص عليها في دفتر الشروط الخاصة المتعلق‬
‫بالصفقات موضوع المتابعة‪ ،‬ال سيما وأن مهام تتبع تنفيذ تلك الصفقات تتجاوز المهام اإلدارية‬
‫االعتيادية الموكلة إليهم وتتطلب تأهيال خاصا وتحديدا واضحا وتفصيليا لمهام التتبع و لمساطر‬
‫إجرائه وكذا تبيان مستلزمات اإلشهاد على الخدمات المنجزة في إطارها‪ ،‬هذا إضافة إلى حداثة تجربة‬
‫المندوبية بخصوص هذا النوع من الصفقات وعدم مالءمة بعض مقتضيات دفاتر الشروط الخاصة‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪30‬‬


‫لطبيعة الخدمات المقدمة وأسس تصفية مستحقات المتعاقد معه (القرارات أعداد ‪ 07‬و‪ 08‬و‪2021/09‬‬
‫الصادرة في القضية عدد ‪ 2018/103‬المتعلقة بمندوبية وزارة الصحة بعمالة فاس)‪.‬‬
‫وفي إطار نفس القضية‪ ،‬اعتبرت هيئة الحكم اتخاذ صاحب المشروع إلجراءات من أجل تسوية‬
‫االختالالت التي انبثقت عنها األفعال موضوع المتابعة من قبيل خصم المبالغ الزائدة من مستحقات‬
‫المتعاقد معه‪ ،‬من ظروف التخفيف التي راعتها عند تقديرها لمبلغ الغرامة المحكوم به في حقه (القرار‬
‫عدد ‪.)2021/06‬‬
‫‪ .4‬القواعد المكرسة في مرحلة االستئناف‬
‫يمكن التمييز‪ ،‬في هذا اإلطار بين القواعد ذات الصلة بالمسطرة المتبعة وبين قواعد إسناد المسؤولية‬
‫بشأن المخالفات المرتكبة‪ ،‬وكذا شروط قيامها‪:‬‬
‫‪ ‬سالمة إجراءات المتابعة‬
‫اعتبر المجلس أن النيابة العامة ال تتقيد في اتخاذ قرار المتابعة‪ ،‬بما تتضمنه تقارير التفتيش من أفعال‬
‫أو بالمدة الزمنية التي شملها التفتيش الذي أنجزته الجهة المختصة‪ ،‬بالنظر لما لها من سلطة مطلقة‬
‫إلجراء المتابعة بشأن جميع األفعال التي تبلغ إلى علمها‪ ،‬من خالل التقارير أو الشكايات أو الوشايات‬
‫التي تتوصل بها‪ ،‬أو بناء على المعلومات والوثائق التي يحق لها أن تطلبها من الجهات المختصة‬
‫(قرار عدد ‪/ 2021/01‬ت‪.‬م‪.‬ش‪.‬م بتاريخ ‪ 2‬فبراير ‪ 2021‬ملف االستئناف عدد‬
‫‪/2019/313‬ت‪.‬م‪.‬ش‪.‬م‪ ،‬القضية المتعلقة باألكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة طنجة‪-‬تطوان)‪.‬‬
‫كما أن العيوب التي تكون قد طالت مسطرة إنجاز تقارير التفتيش‪ ،‬ال يمكن أن تحول دون فتح النيابة‬
‫العامة للمتابعات القضائية‪ ،‬مادام أن البحث التمهيدي الذي استند عليه قرار المتابعة تم في احترام تام‬
‫للمساطر المؤطرة إلجراءات التحقيق المنصوص عليها في مدونة المحاكم المالية (قرار عدد‬
‫‪ /2022/02‬ت‪.‬م‪.‬ش‪.‬م بتاريخ ‪ 7‬يناير ‪ /2022‬ملف االستئناف رقم ‪ /2019/312‬ت‪.‬م‪.‬ش‪.‬م‪،‬‬
‫األكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة فاس‪ -‬بولمان)‪ .‬فاألمر بإجراء البحث التمهيدي وإحالة‬
‫التقرير المنجز على إثر ذلك على النيابة العامة‪ ،‬بعد تقديم طلب إحالة القضية إلى المجلس‪ ،‬ال يعتبر‬
‫عيبا في مسطرة المتابعة‪ ،‬مادام أن المادة ‪ 12‬من مدونة المحاكم المالية ال تقيد إجراء البحث التمهيدي‬
‫إال بمراعاة مقتضيات المادة ‪ 58‬من نفس المدونة‪ ،‬التي تفرض أن يكون البحث التمهيدي سابقا لقرار‬
‫الوكيل العام للملك بإجراء المتابعة (قرار عدد ‪ /2022/03‬ت‪.‬م‪.‬ش‪.‬م بتاريخ ‪ 7‬يناير ‪ 2022‬متعلق‬
‫بملف االستئناف رقم ‪ ،2018/308‬جامعة موالي إسماعيل بمكناس)‪.‬‬
‫‪ ‬تقادم المخالفات أمام المحاكم المالية‬
‫في إطار توضيح المادة ‪ 107‬من مدونة المحاكم المالية‪ ،‬التي تنص على أن المخالفات المنصوص‬
‫عليها في المواد ‪ 54‬و‪ 55‬و‪ 56‬من مدونة المحاكم المالية تتقادم‪ ،‬إذا لم يتم اكتشافها من طرف المجلس‬
‫أو كل سلطة مختصة‪ ،‬داخل أجل خمس سنوات كاملة يبتدئ من التاريخ الذي تكون قد ارتكبت فيه‪،‬‬
‫اعتبر المجلس أن التقادم ال يسري إال على المخالفات التي لم يتم اكتشافها داخل هذا األجل‪ ،‬أما‬
‫المخالفات التي يتم اكتشافها قبل فوات أجل خمس سنوات على تاريخ ارتكابها فال تسري عليها مدة‬
‫جديدة للتقادم ابتداء من تاريخ هذا االكتشاف‪ ،‬إذا لم يتم بشأنها إجراء المتابعة أو التحقيق أو المحاكمة‬
‫(قرار عدد ‪/ 2021/11‬ت‪.‬م‪.‬ش‪.‬م بتاريخ ‪ 29‬دجنبر ‪ /2021‬ملف االستئناف‬
‫عدد ‪/2020/308‬ت‪.‬م‪.‬ش‪.‬م‪ ،‬القضية المتعلقة بالجماعة الترابية جرسيف)‪.‬‬
‫ونظرا لكون المخالفات التي من شأنها أن تثير المسؤولية في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية‬
‫والشؤون المالية‪ ،‬تنتج عن تنفيذ العمليات المرتبطة بالتدبير العمومي‪ ،‬فقد اعتبر المجلس أن التقادم‬
‫يهم كل عملية على حدة‪ ،‬وبالتالي فإنه في حالة تنفيذ صفقة عمومية‪ ،‬ال ينتج عن تقادم الفعل المرتبط‬
‫بالمصادقة والتأشير على هذه الصفقة واألمر بالشروع في التنفيذ تقادم جميع أجزائها‪ ،‬لكون العمليات‬
‫المتعلقة بتنفيذ الصفقة مستقلة عن بعضها البعض من حيث الزمن وكذا من حيث اآلثار المالية‬
‫والقانونية التي تترتب عنها‪ ،‬وال يمكن اعتبار العمليات الالحقة للمصادقة على الصفقة‪ ،‬مشمولة‬

‫‪31‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫بالتقادم‪ ،‬ألن الرئيس األول طلب إحالتها إلى المجلس األعلى للحسابات قبل مرور خمس سنوات على‬
‫تاريخ ارتكاب األفعال المعنية (قرار عدد ‪/2021/01‬ت‪.‬م‪.‬ش‪.‬م بتاريخ ‪ 2‬فبراير ‪ /2021‬ملف‬
‫االستئناف عدد ‪/2019/313‬ت‪.‬م‪.‬ش‪.‬م‪ ،‬القضية المتعلقة باألكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة‬
‫طنجة‪-‬تطوان)‪.‬‬
‫‪ ‬تراكم المتابعات والعقوبات أمام المحاكم المالية‬
‫ال يحول سلك مسطرة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية دون سلك مسطرة التسيير بحكم‬
‫الواقع‪ ،‬متى توافرت العناصر المكونة لهذه األخيرة‪ ،‬وذلك الستقاللية كل مسطرة عن األخرى‪ ،‬من‬
‫جهة‪ ،‬وعدم وجود أي تراتبية بين االختصاصات التي يمارسها المجلس‪ ،‬من جهة أخرى (قرار عدد‬
‫‪ 2021/01‬بتاريخ ‪ 23‬فبراير ‪ /2021‬ملف االستئناف عدد ‪ 2019/01‬المتعلق بالتسيير بحكم الواقع‪/‬‬
‫بمؤسسة عمومية)‪.‬‬
‫في نفس السياق‪ ،‬فإن استناد القرار المستأنف في تحديد مبلغ الغرامة المحكوم بها‪ ،‬على أساس ارتكاب‬
‫الطاعن مخالفتين‪ ،‬بالرغم من أن المجلس األعلى للحسابات اعتبره مسؤوال عن الفعل الوحيد المنسوب‬
‫إليه‪ ،‬ال يعتبر تطبيقا للعقوبة مرتين عن نفس الفعل‪ ،‬ما دام أن الفعل الواحد يمكن أن يتضمن عدة‬
‫مخالفات يعاقب عليها في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪( .‬قرار عدد‪2021/01‬‬
‫‪/‬ت‪.‬م‪.‬ش‪.‬م صادر بتاريخ ‪ 7‬يناير ‪/ 2022‬ملف االستئناف عدد ‪/2019/314‬ت‪.‬م‪.‬ش‪.‬م‪ ،‬القضية‬
‫المتعلقة باألكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الشاوية‪-‬ورديغة)‪.‬‬
‫‪ ‬واجب الحصول على أفضل العروض االقتصادية‬
‫بخصوص تنفيذ النفقات العمومية بواسطة سندات الطلب‪ ،‬اعتبر المجلس بأنه إذا كان الهدف من‬
‫اللجوء إليها هو تفادي طول المسطرة التي تفرضها الطرق العادية إلبرام الصفقات العمومية‪ ،‬فإن‬
‫هذه السندات تخضع‪ ،‬في المقابل‪ ،‬للمبادئ العامة التي تحكم تنفيذ جميع أصناف الطلبيات العمومية‪،‬‬
‫وخاصة ما يتعلق بواجب إعمال الشفافية في اختيارات صاحب المشروع‪ .‬فاإلدالء بثالثة سندات‬
‫مضادة لتبرير الثمن الملتزم به‪ ،‬ال يقوم دليال كافيا على احترام اآلمر بالصرف لمبادئ الشراء‬
‫العمومي‪ ،‬ما دام أنه لم يتقيد بواجب الحصول على أفضل العروض االقتصادية‪ ،‬حينما قبل بااللتزام‬
‫بالنفقات العمومية‪ ،‬دون تقييم العروض المقدمة من طرف المتنافسين على أساس األسعار المتداولة‬
‫في السوق وقت إبرام سند الطلب‪ ،‬والتي يتعين على اآلمر بالصرف أن يكون على علم مسبق بها‬
‫(قرار عدد ‪/ 2020/01‬ت‪.‬م‪.‬ش‪.‬م عن هيئة الغرف المشتركة بتاريخ ‪ 14‬يناير ‪/ 2020‬ملف االستئناف‬
‫عدد ‪/2018/320‬ت‪.‬م‪.‬ش‪.‬م‪ ،‬القضية المتعلقة بالنيابة اإلقليمية للتربية والتكوين بسال)‪.‬‬
‫‪ ‬إنجاز محضر التسلم النهائي قبل تنفيذ مجموع األشغال‬
‫بالرغم من كون عدم تركيب المقاولة لمعدات محطة ضخ المياه فرضته مستجدات تنفيذ األشغال ولم‬
‫تكن متوقعة عند ابرام الصفقة‪ ،‬فإن توافق صاحب المشروع والمقاولة على تكفل هذه األخيرة بإنجاز‬
‫األعمال المتبقية الحقا ال يبرر اإلشهاد على العمل المنجز بمحضر التسلم النهائي‪ ،‬مادام أنه كان‬
‫بإمكان صاحب المشروع استصدار أمر بتمديد أجل الضمان إلى غاية استيفاء المقاولة اللتزاماتها‬
‫الواردة بالصفقة (قرار عدد ‪/2019/06‬ت‪.‬م‪.‬ش‪.‬م بتاريخ ‪ 11‬يونيو ‪/ 2019‬ملف االستئناف عدد‬
‫‪ ،2018/304‬متعلق بشركة العمران تامسنا)‬
‫‪ ‬مفهوم التأخر في إنجاز األشغال‬
‫يدخل أداء فاتورة خدمات الصيانة واألتعاب التي ينص عليها الفصل ‪ 24‬من دفتر التحمالت لفائدة‬
‫المكتب الوطني للكهرباء‪ ،‬ضمن االلتزامات الملقاة على عاتق صاحب الصفقة والتي يتوقف عليها‬
‫تشغيل المنشآت الكهربائية‪ ،‬وبالتالي فإن تأخر المقاول في أداء هذه األتعاب يعتبر تأخرا في إنجاز‬
‫بنود الصفقة المبرمة مع الجماعة‪ ،‬ويستوجب تطبيق الغرامات المنصوص عليها في الصفقة (قرار‬
‫عدد ‪/ 2021/07‬ت‪.‬م‪.‬ش‪.‬م بتاريخ ‪ 19‬ماي ‪ 2021‬ملف االستئناف عدد ‪/2018/319‬ت‪.‬م‪.‬ش‪.‬م‪،‬‬
‫القضية المتعلقة بالجماعة الترابية تمصلوحت)‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪32‬‬


‫‪ ‬تطبيق غرامات التأخير ال يخضع للسلطة التقديرية لصاحب المشروع‬
‫يندرج االحتساب الصحيح ألجل تنفيذ األشغال ضمن قواعد تصفية النفقات‪ ،‬على اعتبار أن بنود‬
‫الصفقة حددت أجل التنفيذ المتعاقد بشأنه والجزاءات التي قد يتخذها صاحب المشروع في حالة تأخر‬
‫المقاول في تنفيذ التزاماته التعاقدية (قرار عدد‪/2019/05 :‬ت‪.‬م‪.‬ش‪.‬م صادر بتاريخ ‪ 11‬يونيو ‪2019‬‬
‫ملف االستئناف عدد ‪( 2018/302‬متعلق بشركة العمران تامسنا)‪.‬‬
‫ويعتبر تطبيق غرامات التأخير في حق المقاوالت التي لم تتقيد باآلجال المتعاقد بشأنها لتنفيذ األشغال‪،‬‬
‫من الجزاءات التي يتعين على اآلمر بالصرف تطبيقها في حال توفر شروط ذلك‪ ،‬وال يخضع ذلك‬
‫للسلطة التقديرية لصاحب المشروع‪ ،‬ما دام أن هذه الغرامات منصوص عليها في دفتر الشروط‬
‫الخاصة وتدخل ضمن أسس تصفية النفقات المستحقة للمقاول (قرار عدد ‪/ 2020/01‬ت‪.‬م‪.‬ش‪.‬م عن‬
‫هيئة الغرف المشتركة بتاريخ ‪ 14‬يناير ‪ 2020‬ملف االستئناف عدد ‪/2018/320‬ت‪.‬م‪.‬ش‪.‬م‪ ،‬القضية‬
‫المتعلقة بالنيابة اإلقليمية للتربية والتكوين بسال)‪.‬‬
‫‪ ‬حول قواعد إسناد المسؤولية‬
‫تحديد المسؤول عن تسلم الصفقة‪ :‬يتحمل اآلمر بالصرف المسؤولية عن العمليات المرتبطة بالمهام‬
‫المسندة إليه بشكل حصري‪ ،‬كالمصادقة على محاضر التسلم المؤقت واألمر بأداء النفقات موضوع‬
‫الكشف التفصيلي األخير‪ ،‬بعد تأكده من إنجاز الخدمة طبقا لما هو مطلوب في دفاتر الشروط الخاصة‪،‬‬
‫وال تتأثر هذه المسؤولية بتلك التي يتحملها األشخاص المكلفون بالتسلم المادي للعتاد موضوع الصفقة‪،‬‬
‫في إطار تصفيتهم للنفقات المستحقة على الجهاز العمومي‪ .‬فلئن كان أعضاء اللجن التقنية التابعة‬
‫للمركز الجهوي للتكنولوجيا التربوية باألكاديمية الجهوية للتربية والتكوين مسؤولين عن اإلشهاد على‬
‫إنجاز الخدمة‪ ،‬من خالل التوقيع على شواهد تسلم العتاد‪ ،‬في إطار تصفية النفقات المستحقة للموردين‬
‫برسم الكشوف التفصيلية‪ ،‬فإن أعضاء اللجنة المكلفة باإلعالن عن التسلم المؤقت‪ ،‬مسؤولون عن‬
‫تنفيذ المورد اللتزامات الصفقات في مجموعها‪ ،‬من حيث مطابقة كل ما تم إنجازه من خدمة لما تم‬
‫االتفاق عليه في ذات الصفقات (قرار عدد ‪/ 2021/01‬ت‪.‬م‪.‬ش‪.‬م صادر بتاريخ ‪ 2‬فبراير ‪2021‬‬
‫ملف االستئناف عدد ‪/2019/313‬ت‪.‬م‪.‬ش‪.‬م‪ ،‬القضية المتعلقة باألكاديمية الجهوية للتربية والتكوين‬
‫لجهة طنجة‪-‬تطوان)‪.‬‬
‫كما أن تسلم التجهيزات من طرف اللجن التقنية المعهود إليها بمعاينة وتسلم العتاد وتحرير وتوقيع‬
‫شواهد التسلم‪ ،‬وفق مقتضيات البند ‪ 6‬من دفاتر الشروط الخاصة‪ ،‬وتأكيدها أن ما تم تسلمه يتطابق‬
‫مع المواصفات والخ صائص التقنية المتعاقد بشأنها ويستجيب لمتطلبات العملية التربوية‪ ،‬ال يعفي‬
‫الممثل القانوني للجهاز العمومي صاحب المشروع‪ ،‬من إعمال المراقبات الالزمة للتأكد من مدى‬
‫احترام صاحب الصفقة لمجموع االلتزامات المتعاقد بشأنها‪ ،‬خاصة وأن المعني باألمر هو الموقع‬
‫الوحيد على محاضر التسلم (قرار عدد ‪ /2022/02‬ت‪.‬م‪.‬ش‪.‬م صادر بتاريخ ‪ 7‬يناير ‪ ،2022‬ملف‬
‫االستئناف رقم ‪ /2019/312‬ت‪.‬م‪.‬ش‪.‬م‪ ،‬األكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة فاس‪ -‬بولمان)‪.‬‬
‫وتبعا لذلك‪ ،‬يقتضي تنفيذ الصفقات العمومية االلتزام بما تم االتفاق عليه بين صاحب المشروع‬
‫وصاحب الصفقة‪ ،‬خاصة ما يتعلق بضرورة تقيد هذا األخير بإنجاز األشغال أو التوريدات أو الخدمات‬
‫طبقا للخصائص التقنية المنصوص عليها في هذه الصفقات‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬فإن قبول اآلمر بالصرف تسلم‬
‫عتاد ال يحمل العالمة التجارية المتعاقد بشأنها واإلشهاد بكون العتاد المورد يستجيب للشروط‬
‫التعاقدية‪ ،‬يعتبر إشهادا خاطئا بإنجاز الخدمة ويتعارض مع قواعد تصفية النفقات العمومية ومع قواعد‬
‫تسلم الصفقات العمومية‪ ،‬اعتبارا لكون األمر مرتبط بمقتضيات تعاقدية وجب االلتزام بها‪ ،‬وأن تغيير‬
‫نوع العالمة التجارية المتفق عليها ال يتم إال بإبرام عقد ملحق (قرار عدد ‪ /2022/03‬ت‪.‬م‪.‬ش‪.‬م‬
‫بتاريخ ‪ 7‬يناير ‪ 2022‬لف االستئناف رقم ‪( 2018/308‬متعلق بجامعة موالي إسماعيل بمكناس)‪.‬‬
‫حالة االستعجال ال تبرر خرق القانون‪ :‬تنفيذ المشاريع المرتبطة بفك العزلة عن العالم القروي ال‬
‫يشكل ظرفا قاهرا من شأنه تبرير الحيد عن القواعد التي تحكم تنفيذ النفقات والطلبيات العمومية‪ ،‬ما‬
‫دام أن المشرع أخذ الظروف المتسمة باالستعجال بعين االعتبار‪ ،‬حينما نص على إمكانية اللجوء إلى‬

‫‪33‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫الصفقات التفاوضية‪( .‬قرار عدد ‪/ 2021/07‬ت‪.‬م‪.‬ش‪.‬م بتاريخ ‪ 19‬ماي ‪/ 2021‬ملف االستئناف عدد‬
‫‪/2018/319‬ت‪.‬م‪.‬ش‪.‬م‪ ،‬القضية المتعلقة بالجماعة الترابية تمصلوحت)‪.‬‬
‫المسؤولية عن فعل الغير‪ :‬توقيع المدير التجاري لشركة على عقود تفويت البقع األرضية‪ ،‬ال يعفي‬
‫المدير العام لنفس الشركة من المسؤولية عن المخالفة المرتكبة‪ ،‬لكون التفويض الممنوح للمدير‬
‫التجاري يتم تحت مسؤوليته‪ .‬كما أن المسؤولية عن المخالفات التي يرتكبها المدبر العمومي ال تفترض‬
‫وجوبا العلم المسبق بها‪ ،‬فالدفع بعدم العلم الذي من شأنه أن ينفي المسؤولية يستدعي تبيان االحتياطات‬
‫المتخذة بغرض تفادي وقوع هذه المخالفات في إطار المهام اإلشرافية لهذا المدبر (قرار عدد‬
‫‪/2019/03‬ت‪.‬م‪.‬ش‪.‬م بتاريخ ‪ 3‬يوليو ‪ 2019‬ملف االستئناف عدد ‪ 2018/301‬متعلق بشركة العمران‬
‫تامسنا)‪.‬‬
‫وفي نفس االتجاه‪ ،‬يعتبر القابض الجماعي مسؤوال عن المخالفات التي يرتكبها وكيل المداخيل‪ ،‬إذا‬
‫لم يقم بأعمال المراقبة المنوطة به‪ ،‬بالنظر لكون هذا األخير يعمل لحساب القابض وتحت مراقبته‪.‬‬
‫وبالتالي‪ ،‬فإن المسؤولية التي يتحملها وكيل المداخيل عن األخطاء التي تعتري تصفية المداخيل‬
‫المحصلة‪ ،‬ال تحول دون مساءلة القابض عن نفس الفعل‪ ،‬إال إذا أثبت أنه قام بالمراقبات الالزمة للتأكد‬
‫من القبض القانوني للمداخيل المعهود إليه بتحصيلها (قرار عدد ‪/ 2021/03‬ت‪.‬م‪.‬ش‪.‬م عن غرفة‬
‫االستئناف بتاريخ ‪ 10‬نونبر ‪ 2020‬ملف االستئناف عدد ‪/2018/316‬ت‪.‬م‪.‬ش‪.‬م‪ ،‬القضية المتعلقة‬
‫بالجماعة الترابية أقواس بريش)‪.‬‬
‫مسؤولية المحاسب العمومي في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪ :‬ال يقتصر دور‬
‫القابض على التأكد من أن دفعات وكيل المداخيل قد أنجزت في التواريخ المعنية وأنها تطابق‬
‫المحصوالت اإلجمالية المقبوضة‪ ،‬بل يتعداه إلى واجب إجراء المراقبة على قانونية التحصيل‪ ،‬استنادا‬
‫إلى مقتضيات المادة ‪ 6‬من القانون رقم ‪ 61.99‬المتعلق بتحديد مسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين‬
‫والمحاسبين العموميين (قرار عدد ‪/ 2021/03‬ت‪.‬م‪.‬ش‪.‬م عن غرفة االستئناف بتاريخ ‪ 10‬نونبر‬
‫‪ 2020‬ملف االستئناف عدد ‪/2018/316‬ت‪.‬م‪.‬ش‪.‬م‪ ،‬القضية المتعلقة بالجماعة الترابية أقواس‬
‫بريش)‪.‬‬

‫ثانيا‪ .‬تكريس مبدأ المساءلة في إطار اختصاص التدقيق والبت في الحسابات‬


‫تتولى المحاكم المالية‪ ،‬في إطار دعوى تلقائية بحكم القانون‪ ،‬التدقيق والتحقيق والبت في حسابات‬
‫األجهزة العمومية الخاضعة لهذا االختصاص التي يدلي بها المحاسبون العموميون عن عمليات‬
‫المداخيل والنفقات‪ ،‬وكذا عمليات الصندوق المنجزة من طرفهم‪ ،‬وذلك بواسطة أحكام وقرارات نهائية‬
‫تثبت ما إذا كان المحاسب العمومي بريء الذمة أو في حسابه عجز أو فائض‪.‬‬
‫أ‪ .‬تحسن مستمر في نسب اإلدالء بالحسابات‬
‫طبقا للمادتين ‪ 25‬و‪ 126‬من مدونة المحاكم المالية‪ ،‬يُلزم محاسبو مرافق الدولة والجماعات الترابية‬
‫والمؤسسات العمومية الوطنية أو المحلية‪ ،‬التي تتوفر على محاسب عمومي‪ ،‬بتقديم الحسابات أو‬
‫البيانات المحاسبية والمستندات المثبتة إلى المجلس األعلى للحسابات أو المجلس الجهوي للحسابات‪،‬‬
‫حسب الحالة‪ ،‬داخل اآلجال ووفق األشكال المقررة في النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها‬
‫العمل‪.‬‬
‫وإذا لم يقدم المحاسب العمومي الحسابات أو البيانات المحاسبية أو المستندات المثبتة إلى المحاكم‬
‫المالية في اآلجال المقررة‪ ،‬جاز للرئيس األول أو رئيس المجلس الجهوي للحسابات بالتماس‪ ،‬على‬
‫التوالي‪ ،‬من الوكيل العام للملك أو وكيل الملك‪ ،‬بموجب المادتين ‪ 29‬و‪ 128‬من مدونة المحاكم المالية‬
‫أن يوجه إلى المحاسب العمومي أوامر بتقديم الوثائق المشار إليها أعاله وأن يحكم عليه في حالة عدم‬
‫تقديم تلك الوثائق بغرامة قد يبلغ حدها األقصى ألف درهم‪ .‬كما يجوز للرئيس األول أو رئيس المجلس‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪34‬‬


‫الجهوي باإلضافة إلى ذلك أن يحكم عليه بغرامة تهديدية أقصاها خمسمائة درهم عن كل شهر من‬
‫التأخير‪.‬‬
‫في هذا اإلطار‪ ،‬بلغ عدد الحسابات المدلى بها للمحاكم المالية خالل سنة ‪ 2021‬ما مجموعه ‪1.800‬‬
‫حسابا‪ ،‬منها ‪ 1.142‬حسابا تتعلق بالسنة المالية ‪.2020‬‬
‫وسعيا منه نحو تجويد عمليات اإلدالء بالحسابات‪ ،‬باشر المجلس األعلى للحسابات بتنسيق مع مصالح‬
‫وزارة االقتصاد والمالية‪ ،‬مجموعة من التدابير الرامية إلى نزع الطابع المادي عن الحسابات التي‬
‫يتعين االدالء بها ورقمنتها‪ ،‬حيث قطعت هذه العملية أشواطا مهمة‪ .‬وهكذا‪ ،‬فقد شرع المحاسبون‬
‫العموميون التابعون إلدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة في تقديم حساباتهم في شكلها الرقمي‪،‬‬
‫كما تم اتخاذ مجموعة من اإلجراءات المماثلة بالنسبة لحسابات المحاسبين التابعين للمديرية العامة‬
‫للضرائب وكذا بعض أصناف المحاسبين التابعين للخزينة العامة للمملكة في أفق تعميم هذه العملية‬
‫على جميع المحاسبين العموميين‪.‬‬
‫وعلى المستوى الجهوي‪ ،‬ومن أجل ضمان االنتظام في تقديم الحسابات والبيانات المحاسبية من طرف‬
‫المحاسبين العموميين في اآلجال المقررة‪ ،‬اعتمدت المحاكم المالية مقاربة تواصلية من خالل تنظيم‬
‫اجتماعات مع المسؤولين اإلقليميين والجهويين للخزينة العامة للمملكة قصد دراسة اإلكراهات التي‬
‫تعيق عمليات اإلدالء بالحسابات وإيجاد الحلول الكفيلة بتجاوزها‪ ،‬وكذا توجيه مراسالت في‬
‫الموضوع إلى المحاسبين المعنيين بالتأخير أو إلى رؤسائهم التسلسليين‪.‬‬
‫ب‪ .‬نتائج التدقيق والتحقيق والبت في الحسابات‬
‫طبقا لمقتضيات المادتين ‪ 30‬و‪ 128‬من مدونة المحاكم المالية‪ ،‬يقوم المستشارون المقررون بالتدقيق‬
‫والتحقيق في الحسابات والبيانات المحاسبية المسندة إليهم في إطار البرامج السنوية المعتمدة من‬
‫طرف المجلس األعلى للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات‪.‬‬
‫وتكون مسطرة التحقيق كتابية وتواجهية‪ ،‬ويتحتم فيها مشاركة األطراف المعنية بالتحقيق‪ ،‬بما في‬
‫ذلك اآلمر بالصرف والمراقب والمحاسب العمومي أو أي مسؤول آخر‪ ،‬والذين يتوجب عليهم تقديم‬
‫جميع التوضيحات أو التبريرات التي يراها المستشار المقرر ضرورية‪ ،‬وذلك في حدود الصالحيات‬
‫المخولة إلى كل واحد منهم‪ ،‬والوثائق التي هم ملزمون بحفظها تطبيقا للمقتضيات التنظيمية الجاري‬
‫بها العمل‪ .‬كما يمكن في إطار التحقيق القيام في عين المكان بجميع التحريات التي يراها المستشار‬
‫المقرر ضرورية إلنجاز مهمته‪.‬‬
‫وبعد االنتهاء من التدقيق والتحقيق في الحسابات‪ ،‬يعد المستشار المقرر تقريرين اثنين‪ ،‬يتضمن األول‬
‫نتائج التحقيق المتعلقة بالحساب أو البيان المحاسبي المقدم من طرف المحاسب العمومي‪ ،‬ويبرز‪ ،‬عند‬
‫االقتضاء‪ ،‬المالحظات المتعلقة بالوقائع التي من شأنها أن تثبت مسؤولية اآلمر بالصرف والمراقب‬
‫والمحاسب العمومي في نطاق االختصاصات القضائية للمجلس‪ ،‬فيما يعرض المستشار المقرر في‬
‫تقريره الثاني المالحظات المتعلقة بتسيير المرفق أو المؤسسة أو المقاولة العمومية المعنية والخاضعة‬
‫الختصاص المجلس في مجال مراقبة التسيير‪.‬‬
‫ويخضع البت في حسابات المحاسبين العموميين من طرف المحاكم المالية لمسطرة قضائية تتسم‬
‫بكونها كتابية وسرية وتواجهية على أساس قاعدة القرار المزدوج التي تقتضي‪ ،‬طبقا للمادة ‪ 37‬من‬
‫مدونة المحاكم المالية‪ ،‬البت في الحساب على مرحلتين تمهيدية ونهائية‪ ،‬في حالة إذا ما ثبت للمجلس‬
‫أو المجلس الجهوي المختص وجود مخالفات ناتجة عن عدم اتخاذ اإلجراءات التي يتوجب على‬
‫المحاسب العمومي القيام بها في مجال تحصيل الموارد أو عدم قيامه بأعمال مراقبة صحة النفقة عمال‬
‫بالقوانين واألنظمة الجاري بها العمل‪.‬‬
‫وفي هذه الحالة‪ ،‬توجه المحكمة المالية المختصة أمرا للمحاسب العمومي بواسطة قرار‪/‬حكم تمهيدي‬
‫بتقديم تبريراته كتابة‪ ،‬أو عند عدم تقديمها بإرجاع المبالغ التي يصرح بها المجلس كمستحقات للجهاز‬

‫‪35‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫العمومي المعني‪ ،‬وذلك داخل أجل تحدده الهيئة على أال يقل عن ثالثة أشهر ابتداء من تاريخ تبليغ‬
‫القرار التمهيدي‪ .‬وعند انصرام هذا األجل‪ ،‬يتخذ المجلس كل إجراء يراه مناسبا في انتظار أن يبت‬
‫في القضية بقرار‪/‬حكم نهائي داخل أجل أقصاه سنة ابتداء من تاريخ صدور القرار‪/‬الحكم التمهيدي‪.‬‬
‫أما إذا لم يسفر التدقيق والتحقيق في الحساب عن ارتكاب أية مخالفة‪ ،‬يتم البت في الحساب أو الوضعية‬
‫المحاسبية بقرار‪/‬حكم نهائي‪.‬‬
‫وطبقا للمادة ‪ 40‬من مدونة المحاكم المالية‪ ،‬تثبت القرارات واألحكام النهائية الصادرة عن المحاكم‬
‫المالية في مادة التدقيق والبت في الحسابات‪ ،‬ما إذا كان المحاسب العمومي بريء الذمة أو في حسابه‬
‫عجز أو فائض‪.‬‬
‫أما من حيث األعمال المنجزة في إطار التدقيق والبت في الحسابات‪ ،‬فقد قام المجلس بتدقيق ما‬
‫مجموعه ‪ 1.400‬حساب‪ ،‬أسفرت عن إعداد ‪ 249‬مذكرة مالحظات‪ ،‬بُ ِّلّ َغ منها عند نهاية سنة ‪2021‬‬
‫ما مجموعه ‪ 150‬مالحظة‪ .‬أما على مستوى البت في الحسابات‪ ،‬فقد أصدر المجلس ‪ 31‬قرارا تمهيديا‬
‫و‪ 77‬قرارا نهائيا‪ ،‬تم بمقتضاها التصريح بعجز بمبلغ إجمالي قدره ‪ 2.585.000,41‬درهم‪.‬‬
‫أما المجالس الجهوية للحسابات‪ ،‬فقد أصدرت‪ ،‬خالل سنة ‪ ،2021‬ما مجموعه ‪ 260‬حكما تمهيديا‬
‫و‪ 2.209‬حكما نهائيا‪ ،‬منها ‪ 2.067‬حكما بإبراء الذمة و‪ 142‬حكما يقضي بوجود عجز في حسابات‬
‫المحاسبين العموميين‪ ،‬حيث بلغ مجموع مبالغ العجز المحكوم بها ‪ 16.039.590,35‬درهم‪ .‬كما‬
‫تجدر اإلشارة في هذا اإلطار‪ ،‬إلى أن المحاسبين العموميين قاموا بتحصيل ما مجموعه‬
‫‪ 7.135.474,54‬درهم على إثر توصلهم بمذكرات مالحظات أو بأحكام تمهيدية‪.‬‬
‫وفيما يتعلق باستئناف القرارات واألحكام الصادرة في ميدان التدقيق والبت في الحسابات‪ ،‬فقد بلغ‬
‫عدد الملفات التي كانت رائجة أمام هيئة الغرف المشتركة عند بداية سنة ‪ 2021‬ما مجموعه ‪07‬‬
‫ملفات كما توصلت خالل نفس السنة بسبعة ملفات جديدة‪ ،‬وقد بتت الهيئة في ‪ 07‬ملفات بينما كانت‬
‫‪ 05‬ملفات جاهزة للبت عند نهاية السنة‪.‬‬
‫وبخصوص غرفة االستئناف‪ ،‬فقد بلغ عدد الملفات المعروضة عليها خالل سنة ‪ 2021‬ما مجموعه‬
‫‪ 154‬ملفا‪ ،‬منها ‪ 72‬ملفا كان رائجا عند بداية السنة و‪ 82‬طلب استئناف جديد‪ .‬وقد أصدرت الغرفة‬
‫خالل السنة المذكورة ‪ 37‬قرارا بشأن هذه الملفات‪ ،‬بينما بلغ عدد الملفات الجاهزة للبت‪ ،‬عند متم‬
‫السنة‪ ،‬ما مجموعه ‪ 26‬ملفا‪.‬‬
‫وفي مجال التسيير بحكم الواقع‪ ،‬باإلضافة إلى اإللزام التشريعي للمحاسبين العموميين باإلدالء‬
‫بحساباتهم للمحاكم المالية‪ ،‬يمكن لهذه األخيرة‪ ،‬بواسطة أحكام وقرارات قضائية‪ ،‬إلزام أشخاص‬
‫آخرين غير خاضعين مبدئيا الختصاصها في إطار التدقيق والبت في الحسابات باإلدالء بحسابات‬
‫استعمالهم لألموال العمومية في حال ثبوت تدخلهم في العمليات المالية لألجهزة العمومية الخاضعة‬
‫لرقابتها دون التوفر على األهلية لذلك‪ ،‬وفقا للتعريف الوارد في المادة ‪ 41‬من مدونة المحاكم المالية‪.‬‬
‫وبالرغم من أن دعوى التسيير بحكم الواقع تندرج في إطار البت في الحسابات‪ ،‬إال أنها ليست دعوى‬
‫تلقائية‪ ،‬بل تتم إحالتها على المحكمة المالية المختصة من طرف النيابة العامة‪ ،‬وذلك بواسطة مقرر‬
‫إحالة سواء من تلقاء نفسها أو بناء على طلب إحدى السلطات الواردة في المادة ‪ 42‬من مدونة المحاكم‬
‫المالية (بالنسبة للمجلس األعلى للحسابات) وفي المادة ‪ 132‬من نفس المدونة (بالنسبة للمجالس‬
‫الجهوية للحسابات)‪ ،‬بصرف النظر عن حق المحكمة المالية المختصة في التصدي للنظر فيها بصفة‬
‫مباشرة‪ ،‬استنادا إلى اإلثباتات المنجزة بمناسبة التدقيق في الحسابات أو البيانات المحاسبية‪ .‬وفي هذا‬
‫الصدد‪ ،‬يخضع األشخاص المصرح بهم محاسبين بحكم الواقع لنفس االلتزامات والمسؤوليات التي‬
‫يتحملها المحاسبون العموميون النظاميون‪.‬‬
‫وباإلضافة إلى القضايا الرائجة أمام المجالس الجهوية للحسابات‪ ،‬في إطار هذا االختصاص‪ ،‬والتي‬
‫بلغت ما مجموعه سبع حاالت (‪ ،)07‬أصدرت غرفة االستئناف بالمجلس القرار النهائي عدد‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪36‬‬


‫‪/126‬ب‪.‬ح بتاريخ ‪ 08‬مارس ‪ 2021‬بالتصريح بحالة التسيير بحكم الواقع بشأن بعض العمليات‬
‫المتعلقة بالتسيير المالي لمؤسسة عمومية بمبلغ قدره ‪1.795.500,00‬درهم‪.‬‬
‫ج‪ .‬طبيعة المخالفات‬
‫في مجال المداخيل‪ ،‬أبانت الممارسة القضائية للمحاكم المالية على أن المخالفات التي شكلت موضوع‬
‫أحكام وقرارات بالعجز‪ ،‬خالل الفترة المعنية‪ ،‬تتعلق بحاالت عدم اتخاذ المحاسبين العموميين‬
‫لإلجراءات الواجبة في مجال تحصيل المداخيل‪ ،‬والمنصوص عليها في القانون رقم ‪ 15.97‬المتعلق‬
‫بمدونة تحصيل الديون العمومية‪ ،‬وترتب عن هذا اإلغفال تقادم هذه الديون أو عدم قابليتها للتحصيل‪.‬‬
‫أما في مجال أداء النفقات‪ ،‬فإن أغلب الحاالت التي تم الحكم في إطارها بالعجز في حسابات المحاسبين‬
‫العموميين تتعلق بشكل أساسي بعدم مراقبة صحة حسابات تصفية مبالغ بعض النفقات المؤداة‪ ،‬كما‬
‫هو الشأن بالنسبة الحتساب أتعاب المهندس المعماري في إطار صفقات األشغال أو عدم خصم‬
‫غرامات التأخير أو أخطاء مرتبطة بعدم احتساب النسبة الصحيحة المطبقة برسم الضريبة على القيمة‬
‫المضافة‪.‬‬
‫د‪ .‬تكريس مبادئ وقواعد حماية حقوق األجهزة العمومية وضمان صحة نفقاتها‬
‫كرست القرارات الصادرة عن غرفة استئناف األحكام الصادرة عن المجالس الجهوية للحسابات وعن‬
‫هيئة الغرف المشتركة مجموعة من المبادئ والقواعد سواء فيما يتعلق بالمسطرة المتبعة في مجال‬
‫التدقيق والبت في حسابات المحاسبين العموميين والمحاسبين بحكم الواقع‪ ،‬أو على صعيد قيام‬
‫المخالفا ت المنشئة للمسؤولية المالية والشخصية أمام القاضي المالي في مادة التدقيق والبت في‬
‫الحسابات‪ ،‬وكذا قواعد إسناد المسؤولية بشأن هذه المخالفات‪:‬‬
‫‪ .1‬حول المسطرة‬
‫بشأن إعمال المسطرة التواجهية‪ :‬في هذا اإلطار‪ ،‬كرس المجلس القاعدة التي تفيد بأن إصالح‬
‫األخطاء المادية ال يؤدي إلى إلغاء اآلثار التي يرتبها المقرر القضائي‪ ،‬إال في حدود ما تم إصالحه‪.‬‬
‫لذلك فإن القرار التمهيدي األول‪ ،‬الذي تم بمقتضاه توجيه أمر للمحاسب لإلدالء بتبريراته حول تقادم‬
‫الدين الضريبي‪ ،‬هو الذي يجب أخذه بعين االعتبار عند احتساب أجل الخمس سنوات المنصوص‬
‫عليه في الفقرة الثانية من المادة ‪ 107‬من مدونة المحاكم المالية‪ .‬وفي سياق آخر‪ ،‬ليس من شأن عدم‬
‫توصل المحاسب شخصيا بمذكرة المالحظات إعابة المسطرة التواجهية‪ ،‬ما دام أن المالحظات تبلغ‬
‫للمركز المحاسبي المعني‪ ،‬وأن المحاسب توصل شخصيا بالقرار التمهيدي الذي تضمن األمر الموجه‬
‫إليه وقدم أجوبته عن هذا األمر (قرار عدد ‪ 2021/05‬بتاريخ ‪ 04‬يونيو ‪/ 2021‬ملف االستئناف عدد‬
‫‪ ،2019/04‬حساب قباضة سوق األربعاء الغرب‪/‬السنة المالية ‪.)2010‬‬
‫آجال البت في الحسابات‪ :‬في إطار تطبيق مقتضيات الفقرة الثانية من المادة ‪ 107‬من مدونة المحاكم‬
‫المالية‪ ،‬اعتبر المجلس أن صدور الحكم المستأنف بعد مرور أزيد من سنة على تاريخ إصدار الحكم‬
‫التمهيدي‪ ،‬ال يعتبر مبررا للطعن في صحة الحكم المعني‪ ،‬وإن كان يتجاوز األجل المحدد بمقتضى‬
‫المادة ‪ 37‬من مدونة المحاكم المالية‪ ،‬ما دام أن األجل المذكور يهم فقط تنظيم العمل داخل المجلس‪،‬‬
‫ولم يرتب المشرع أي جزاء عن عدم احترامه (قرار عدد ‪ 2021/07‬بتاريخ ‪ 30‬مارس ‪ /2021‬ملف‬
‫االستئناف عدد ‪ ،2019/27‬حساب الجماعة الترابية بوذنيب‪/‬السنة المالية ‪.)2014‬‬
‫‪ .2‬بشأن المخالفات المستوجب للحكم بالعجز في حسابات المحاسبين العموميين‬
‫تشمل القواعد المكرسة في هذا اإلطار اإلجراءات المتخذة من طرف المحاسبين العموميين في مجال‬
‫تحصيل المداخيل ونطاق مراقبة صحة النفقة‪ ،‬وتحديد مبلغ العجز المحكوم به‪.‬‬
‫إجراءات التحصيل‪ :‬بشأن تحديد المقصود بإجراءات التحصيل‪ ،‬اعتبرت غرفة استئناف األحكام‬
‫الصادرة عن المجالس الجهوية للحسابات أن توجيه طلب معلومات من طرف المحاسب إلى السلطات‬
‫المحلية يندرج ضمن حق االطالع المخول للمحاسبين المكلفين بالتحصيل بمقتضى المواد من ‪128‬‬

‫‪37‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫إلى ‪ 130‬من مدونة تحصيل الديون العمومية‪ ،‬وال يدخل ضمن إجراءات التحصيل الجبري القاطعة‬
‫للتقادم ‪ .‬كما ال يمكن االعتداد بإجراءات التفتيش التي قام بها المحاسب‪ ،‬ألنه لم يكن من شأنها أن‬
‫تؤثر في الوضعية القانونية لهذه الديون بعد أن لحقها التقادم‪ ،‬بالنظر إلى كون المحاسب يفقد الحق في‬
‫اللجوء إلى إجراءات التحصيل الجبري بغرض تحصيل الديون المتقادمة (قرار عدد ‪2021/04‬‬
‫بتاريخ ‪ 04‬يونيو ‪/ 2021‬ملف االستئناف عدد ‪ ،2019/07‬حساب قباضة جرسيف‪/‬السنوات المالية‬
‫‪ 2011‬و‪ 2012‬و‪.)2013‬‬
‫الديون الناتجة عن الكراء‪ :‬تندرج الديون المترتبة عن كراء المحالت المخصصة لممارسة نشاط‬
‫مهني ضمن الديون المستحقة لفائدة الجماعات المحلية وهيئاتها‪ ،‬وبالتالي فهي تعتبر ديونا عمومية‬
‫يعهد بقبضها للمحاسبين المكلفين بالتحصيل‪ ،‬مادام أن المادة ‪ 2‬من القانون رقم ‪ 15.97‬المتعلق بمدونة‬
‫تحصيل الديون العمومية‪ ،‬ال تستثني من نطاق تطبيق مقتضيات هذه المدونة أي دين عمومي مستحق‬
‫لفائدة األجهزة العمومية‪ ،‬ما عدا ديون المؤسسات العمومية ذات الصبغة التجارية (قرار عدد‬
‫‪ 2021/02‬بتاريخ ‪ 25‬مارس ‪/2021‬ملف االستئناف عدد ‪ ،2019/17‬حساب الجماعة الترابية‬
‫تويسيت‪ /‬السنة المالية ‪.)2013‬‬
‫وتبعا لذلك‪ ،‬فإن الدفع بإدراج الديون المترتبة عن كراء المحالت التابعة للجماعة الترابية بغرض‬
‫ممارسة نشاط تجاري أو مهني ضمن الديون المستحقة للمؤسسات العمومية‪ ،‬وبالتالي استثناؤها من‬
‫تطبيق مقتضيات مدونة التحصيل‪ ،‬ال يستند إلى أي أساس‪ ،‬لكون الجماعات الترابية‪ ،‬وإن كانت تدخل‬
‫ضمن األجهزة العمومية‪ ،‬فإنها ال تعتبر مؤسسات عمومية بالمفهوم القانوني (قرار عدد ‪2021/08‬‬
‫بتاريخ ‪ 12‬أبريل ‪/ 2021‬ملف االستئناف عدد ‪ ،2019/32‬حساب الجماعة الترابية الحاجب‪/‬السنة‬
‫المالية ‪.)2014‬‬
‫القوة التنفيذية لألمر بالمداخيل‪ :‬تخول عقود الكراء المتعلقة باألمالك الخاصة للجماعة الترابية‬
‫لرئيس هذه األخيرة‪ ،‬طرح النزاع أمام المحكمة المختصة‪ ،‬في حالة إخالل المكتري بالتزاماته‪ ،‬غير‬
‫أن اللجوء إلى القضاء يهم أساسا النزاعات المتعلقة بتطبيق البنود األخرى للعقد‪ ،‬غير تلك المرتبطة‬
‫باستيفاء الوجيبة الكرائية‪ ،‬الصادر بشأنها أمر بالمداخيل‪ ،‬فهذا األخير يكتسب القوة التنفيذية بمجرد‬
‫إصداره من طرف اآلمر بالصرف وال يحتاج تنفيذه إلى إصدار حكم قضائي في الموضوع (قرار‬
‫عدد ‪ 2021/09‬بتاريخ ‪ 12‬أبريل ‪ 2021‬ملف االستئناف عدد ‪ ،2019/21‬حساب الجماعة الترابية‬
‫إملشيل ‪ /‬السنة المالية ‪.)2012‬‬
‫ووفقا لذلك‪ ،‬ال يمكن للمحاسب العمومي الدفع بعدم إعمال اآلمر بالصرف للتدابير المنصوص عليها‬
‫في عقد الكراء لتبرير عدم اتخاذ اإلجراءات الضرورية لتحصيل الديون العمومية الناتجة عن هذا‬
‫العقد (قرار عدد ‪ 2021/04‬بتاريخ ‪ 25‬مارس ‪/ 2021‬ملف االستئناف عدد ‪ ،2019/18‬حساب‬
‫الجماعة الترابية تويسيت‪/‬السنة المالية ‪)2014‬؛‬
‫إلغاء الديون العمومية وأثره على مسؤولية المحاسب‪ :‬إن القرارات التي يمكن أن تصدر عن‬
‫السلطات المختصة بالبت في طلبات إلغاء الديون العمومية‪ ،‬ال يمكن أن تؤثر على المقررات القضائية‬
‫الصادرة عن المحاكم المالية والتي تكون قد صرحت بمسؤولية المحاسب بسبب تقادم هذه الديون‪.‬‬
‫وبالتالي‪ ،‬فإنه ال يمكن إبراء المحاسب من مسؤوليته عن تقادم الدين حتى في حالة قبول طلب إلغائه‬
‫(قرار عدد ‪ 2021/02‬بتاريخ ‪ 07‬ماي ‪/ 2021‬ملف االستئناف عدد ‪ ،2019/05‬حساب قباضة‬
‫جرسيف ‪/‬السنة المالية ‪.)2011‬‬
‫كذلك‪ ،‬ال يمكن الدفع بمقتضيات القانون رقم ‪ ،120.12‬بتاريخ ‪ 8‬فبراير ‪ ،2013‬المتعلق بإلغاء‬
‫الزيادات والغرامات والذعائر وصوائر التحصيل الخاصة بالديون المستحقة للجماعات والعماالت‬
‫واألقاليم والجهات لتبرير عدم اتخاذ اإلجراءات بغرض تحصيل أصل الرسوم والحقوق والمساهمات‬
‫واألتاوات المستحقة قبل فاتح يناير ‪ ،2013‬أو منعها من التقادم‪ ،‬ألن اإللغاء المنصوص عليه بهذا‬
‫القانون ينصب على الزيادات والغرامات والذعائر وصوائر التحصيل وال يهم أصل الدين (قرار عدد‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪38‬‬


‫‪ 2021/31‬بتاريخ ‪ 21‬شتنبر ‪ 2021‬ملف االستئناف عدد ‪ ،2021/12‬حساب الجماعة الترابية‬
‫بنسليمان‪/‬السنتان الماليتان ‪ 2012‬و‪.)2013‬‬
‫نطاق مراقبة صحة النفقة‪ :‬إن التأشير على أداء نفقة‪ ،‬دون إثارة االنتباه إلى األخطاء التي تعتري‬
‫تصفيتها‪ ،‬يشكل مخالفة ناتجة عن عدم إعمال مراقبة صحة النفقة‪ ،‬وعلى الخصوص عدم التأكد من‬
‫صحة حسابات التصفية‪ ،‬وال يمكن تكييف هذه العملية بأنها تدخل في إطار مراقبة مشروعية النفقة‪،‬‬
‫على اعتبار أن المقتضى القانوني الذي استند إليه الحكم المستأنف يحدد أحد عناصر التصفية التي‬
‫يجب أخذها بعين االعتبار في تحديد المبلغ المستحق على الجماعة‪ ،‬وال يمكن لآلمر بالصرف تغيير‬
‫هذا المقتضى بواسطة الئحة للموظفين واألعوان‪ ،‬والتي لها طابع الوثيقة المحددة لعناصر التصفية‬
‫وال تعتبر قرارا إداريا من شأنه إنشاء حقوق أو امتيازات إضافية لفائدة الموظفين واألعوان المرسمين‬
‫(قرار عدد ‪ 2021/07‬بتاريخ ‪ 30‬مارس ‪ /2021‬ملف االستئناف عدد ‪ ،2019/27‬حساب الجماعة‬
‫الترابية بوذنيب‪/‬السنة المالية ‪)2014‬؛‬
‫وتبعا لذلك‪ ،‬يستلزم التأكد من صحة حسابات التصفية معرفة األسس المعتمدة في احتساب النفقة‬
‫والتأكد من مدى مطابقتها للقوانين واألنظمة الجاري بها العمل‪ ،‬وبالتالي فإن أداء المبلغ المقابل للزيادة‬
‫في حجم االشغال‪ ،‬في غياب األمر بالخدمة المحدد ألسس تصفية المبلغ الواجب أداؤه‪ ،‬وخاصة ما‬
‫يتعلق بكمية األشغال المراد إنجازها والمبلغ األقصى الذي ال يجب أن تتجاوزه هذه األشغال‪ ،‬يجعل‬
‫المحاسب مسؤوال شخصيا وماليا عن عدم مراقبة صحة النفقة (قرار عدد ‪ 2021/21‬بتاريخ ‪30‬‬
‫مارس ‪ /2021‬ملف االستئناف عدد ‪ ،2019/25‬حساب الجماعة الترابية إعزانن‪/‬السنة المالية‬
‫‪.)2015‬‬
‫ووفقا لذلك‪ ،‬ال تقتصر مراقبة صحة النفقة من حيث صحة حسابات التصفية‪ ،‬على مراقبة صحة‬
‫العمليات الحسابية‪ ،‬عبر مقارنة المبلغ الواجب أداؤه مع المبلغ المضمن بالوثائق المثبتة‪ ،‬بل تقتضي‬
‫التأكد كذلك من تصفية النفقة استنادا إلى األسس المحددة بمقتضى القوانين واألنظمة الجاري بها‬
‫العمل (قرار عدد ‪ 2021/26‬بتاريخ ‪ 14‬شتنبر ‪/2021‬ملف االستئناف عدد ‪ ،2020/19‬حساب‬
‫الجماعة الترابية إيموزار مرموشة‪ /‬السنة المالية ‪ .)2011‬فإصدار األمر باألداء يتم بناء على نتائج‬
‫التصفية التي تتوالها المصالح التابعة لآلمر بالصرف‪ ،‬وبالتالي فإن المحاسب العمومي ملزم بمراقبة‬
‫مدى صحة األسس التي استندت عليها التصفية قبل التأشير على األداء‪ ،‬كما تفرض ذلك مقتضيات‬
‫المادة ‪ 74‬من المرسوم رقم ‪ 2.09.441‬بتاريخ ‪ 17‬محرم ‪ 03( 1431‬يناير ‪ ،)2010‬بسن نظام‬
‫للمحاسبة العمومية للجماعات المحلية ومجموعاتها‪( .‬قرار عدد ‪ 2021/22‬بتاريخ ‪ 8‬أبريل ‪2021‬‬
‫‪/‬ملف االستئناف عدد ‪ ،2019/26‬متعلق بحساب الجماعة الترابية أغبال‪/‬السنة المالية ‪)2013‬؛‬
‫الوثائق المحددة ألسس التصفية‪ :‬يتحمل المحاسب المكلف باألداء المسؤولية الشخصية والمالية في‬
‫حالة التأشير على أداء نفقة في غياب أسس تصفية هذه األخيرة‪ ،‬وبالتالي فإن اإلدالء بشهادة إدارية‪،‬‬
‫يشير فيها اآلمر بالصرف على الخصوص‪ ،‬إلى أنه تم اعتماد الفواتير المقدمة من طرف الممونين‬
‫كأسس لتصفية هذه النفقات‪ ،‬وأن هذه الفواتير تبين عدد الوجبات المقدمة واألثمنة المطبقة للحصول‬
‫على المبالغ االجمالية للحواالت‪ ،‬ال يمكن أن تعفي المحاسب من هذه المسؤولية‪ ،‬في غياب سندات‬
‫الطلب ‪ ،‬باعتبارها الوثائق المحاسبية المحددة ألسس تصفية النفقة والمرجع الذي يتم على أساسه‬
‫التأكد من صحة الحسابات المضمنة باألوامر باألداء (قرار عدد ‪ 2021/03‬بتاريخ ‪ 07‬ماي ‪2021‬‬
‫ملف االستئناف عدد ‪ ،2019/06‬الخزينة اإلقليمية لتزنيت برسم السنتين الماليتين ‪ 2010‬و‪.)2011‬‬
‫إذا كان المحاسب العمومي ملزما بالقيام بأعمال مراقبة صحة النفقة بناء على الوثائق المثبتة المرفقة‬
‫بحواالت األداء‪ ،‬فإنه غير ملزم بالتأكد من مدى إمكانية إنجاز األشغال خالل مدة معينة‪ ،‬مادام أن‬
‫طبيعة المهام الرقابية المسندة إليه‪ ،‬ال تخول له الخوض في األمور المرتبطة بمراقبة اإلنجاز المادي‬
‫للخدمة (قرار عدد ‪ 2021/24‬بتاريخ ‪ 23‬مارس ‪ /2021‬ملف االستئناف عدد ‪ ،2018/11‬حساب‬
‫الجماعة الترابية البرج ‪ /‬السنة المالية‪.)2012‬‬

‫‪39‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫تحديد تاريخ انتهاء أشغال الصفقة‪ :‬إن تاريخ إنجاز المحضر الذي يتم بواسطته اإلعالن عن التسلم‪،‬‬
‫ال يوافق بالضرورة تاريخ االنتهاء الفعلي لألشغال‪ ،‬وبالتالي فإن إقرار صاحب المشروع بكون‬
‫صاحب الصفقة انتهى من إنجاز األشغال داخل األجل المتفق عليه‪ ،‬يبرئ المقاول من التزاماته‬
‫بخصوص أجل التنفيذ‪ ،‬حتى وإن أنجز محضر التسلم بتاريخ الحق النتهاء األشغال‪ ،‬مما يجعل‬
‫مساءلة المحاسب عن عدم تطبيق غرامات التأخير‪ ،‬غير ذات أساس (قرار عدد ‪ 2021/21‬بتاريخ‬
‫‪ 30‬مارس ‪ /2021‬ملف االستئناف عدد ‪ ،2019/25‬حساب الجماعة الترابية إعزانن‪/‬السنة المالية‬
‫‪.)2015‬‬
‫‪ .3‬حول قواعد إسناد المسؤولية المالية والشخصية‬
‫في هذا المجال‪ ،‬كرست غرفة استئناف األحكام الصادرة عن المجالس الجهوية للحسابات‪ ،‬عند النظر‬
‫في طلبات االستئناف المرفوعة أمامها‪ ،‬القواعد والمبادئ التالية‪:‬‬
‫‪ -‬تطبيقا لمقتضيات المادة ‪ 125‬من مدونة تحصيل الديون العمومية‪ ،‬فإنه ال يمكن إثارة‬
‫مسؤولية المحاسب عن تقادم إجراءات تحصيل الديون العمومية خالل الفترة السابقة لتاريخ‬
‫تعيينه بالمركز المحاسبي‪ ،‬ألن المسؤولية في هذه الحالة يتحملها المحاسب الذي ترك أجل‬
‫التقادم يمر من غير أن يتخذ اإلجراءات الكفيلة بتحصيل الدين أو قطع أجل التقادم (قرار‬
‫عدد ‪ 2021/05‬بتاريخ ‪ 04‬يونيو ‪/2021‬ملف االستئناف عدد ‪ ،2019/04‬حساب قباضة‬
‫سوق األربعاء الغرب‪/‬السنة المالية ‪ .)2010‬وبالتالي‪ ،‬فإن مساءلة المحاسب عن عدم اتخاذ‬
‫إجراءات التحصيل التي هو ملزم بها في مجال تحصيل المداخيل‪ ،‬طبقا لمقتضيات المادة‬
‫‪ 37‬من مدونة المحاكم المالية‪ ،‬بالرغم من أن الدين المعني لم يطله التقادم الرباعي خالل‬
‫السنة المالية التي تم البت في الحساب المتعلق بها‪ ،‬يجعل الحكم المستأنف مستندا إلى تعليل‬
‫مخالف للقانون (قرار عدد ‪ 2021/19‬بتاريخ ‪ 25‬فبراير ‪ /2021‬ملف االستئناف عدد‬
‫‪ ،2019/11‬حساب الجماعة الترابية تكوست‪/‬السنة المالية ‪)2014‬؛‬
‫‪ -‬إن عدم إبداء المحاسب‪ ،‬عقب تسلم مهامه كقابض جديد للجماعة‪ ،‬ألي تحفظات على الديون‬
‫التي قد تكون غير قابلة للتحصيل‪ ،‬وخالل المدة الممنوحة له للقيام بذلك‪ ،‬يعتبر قبوال بتحمل‬
‫مسؤولية تحصيل هذه الديون مكان المحاسب السلف (قرار عدد ‪ 2021/09‬بتاريخ ‪12‬‬
‫أبريل ‪ /2021‬ملف االستئناف عدد ‪ ،2019/21‬حساب الجماعة الترابية إملشيل‪/‬السنة‬
‫المالية ‪)2012‬؛‬
‫‪ -‬تقادم الديون العمومية هو واقعة يعاينها قاضي الحسابات من تلقاء نفسه‪ ،‬ويعتمدها كأساس‬
‫إلثارة المسؤولية الشخصية والمالية للمحاسب العمومي‪ ،‬إذا لم يقم باتخاذ االجراءات التي‬
‫يتوجب عليه اتخاذها لتحصيل الديون التي تكفل بها‪ ،‬أو لتفادي تقادم هذه اإلجراءات‪ ،‬وذلك‬
‫عمال بمقتضيات المادة ‪ 37‬من مدونة المحاكم المالية‪ .‬لذلك فإن تحريك المسؤولية‬
‫الشخصية والمالية للمحاسب العمومي‪ ،‬بناء على تقادم الديون العمومية‪ ،‬تتم من طرف‬
‫قاضي الحسابات بشكل تلقائي‪ ،‬وال تتوقف على إثارة التقادم من طرف مديني األجهزة‬
‫العمومية (قرار عدد ‪ 2021/06‬بتاريخ ‪ 04‬يونيو ‪/2021‬ملف االستئناف عدد ‪،2019/03‬‬
‫حساب قباضة سوق األربعاء الغرب‪/‬السنة المالية ‪)2011‬؛‬
‫‪ -‬إثارة المسؤولية الشخصية والمالية للمحاسب عن تقادم الديون العمومية تقتضي من المحكمة‬
‫المالية االرتكاز على وثائق تتضمن بيانات دقيقة من شأنها إثبات واقعة التقادم‪ .‬وبالتالي فإن‬
‫القول بمسؤولية المحاسب عن تقادم الدين دون تحديد تاريخ بداية احتساب أجل التقادم وال‬
‫تاريخ انتهائه‪ ،‬يجعل الحكم مستندا على واقعة لم يتم التثبت منها (قرار عدد ‪2021/28‬‬
‫بتاريخ ‪ 14‬شتنبر ‪ /2021‬ملف االستئناف عدد ‪ ،2019/33‬حساب الجماعة الترابية‬
‫مكناس‪/‬السنة المالية ‪)2012‬؛‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪40‬‬


‫‪ -‬ال تصرح المحاكم المالية بوجود عجز في حساب المحاسب العمومي‪ ،‬إال إذا كان مبلغ‬
‫النفقة المؤدى زيادة عن الدين الحقيقي مستحقا لجهاز عمومي‪ ،‬وبالتالي فإن تسوية مبلغ‬
‫الضريبة المقتطع من دخل الموظف بشكل زائد عما هو مستحق عليه‪ ،‬ال تستدعي التصريح‬
‫بوجود هذا العجز‪ ،‬مادام أن القانون يخول للموظف المعني الحق في مطالبة إدارة‬
‫الضرائب‪ ،‬وليس الجهاز المشغل‪ ،‬بإرجاع مبلغ الضريبة المقتطع بشكل زائد (قرار عدد‬
‫‪ 2021/29‬بتاريخ ‪ 7‬شتنبر ‪ 2021‬ملف االستئناف عدد ‪ ،2019/02‬حساب إقليم الفحص‪-‬‬
‫أنجرة ‪ /‬السنة المالية ‪)2007‬؛‬
‫‪ -‬ال تثار المسؤولية الشخصية والمالية للمحاسب العمومي على أداء نفقات الجماعات الترابية‪،‬‬
‫إال في الحالة المحددة على سبيل الحصر في المادة ‪ 37‬من مدونة المحاكم المالية والمادة‬
‫‪ 74‬من المرسوم رقم ‪ 2.09.441‬بتاريخ ‪ 17‬محرم ‪ 03( 1431‬يناير ‪ ،)2010‬بسن نظام‬
‫للمحاسبة العمومية للجماعات المحلية ومجموعاتها‪ ،‬والمتمثلة في عدم مراقبة صحة النفقة‬
‫من حيث صحة حسابات التصفية ووجود اإلشهاد المسبق على االلتزام المالي والصفة‬
‫اإلبرائية للتسديد‪ .‬لذلك‪ ،‬فإن التصريح بوجود عجز في حساب الطاعن‪ ،‬بعلة عدم إدالء هذا‬
‫األخير بملف الحوالة رقم ‪ ،1011‬ال يستند إلى أي من المقتضيات التشريعية والتنظيمية‬
‫المحددة لمسؤولية المحاسب العمومي في ميدان البت في الحسابات‪ ،‬على اعتبار أن الجزاء‬
‫المترتب عن امتناع المحاسب عن اإلدالء بالوثائق العامة والمستندات المثبتة المكونة‬
‫لحساب الجهاز العمومي‪ ،‬يتمثل في الغرامة والغرامة التهديدية المنصوص عليهما في المادة‬
‫‪ 29‬من مدونة المحاكم المالية (قرار عدد ‪ 2021/29‬بتاريخ ‪ 7‬شتنبر ‪ /2021‬ملف‬
‫االستئناف عدد ‪ ،2019/02‬حساب إقليم الفحص‪-‬أنجرة ‪ /‬السنة المالية ‪)2007‬؛‬
‫‪ -‬إن مبلغ العجز الذي يصرح بوجوده في حساب المحاسب العمومي‪ ،‬في حالة ارتكاب مخالفة‬
‫مرتبطة بعدم التأكد من صحة حسابات التصفية‪ ،‬يعادل المبلغ المؤدى زيادة عن الدين‬
‫المستحق على الجهاز العمومي‪ ،‬وال يشمل بالضرورة مجموع النفقة المضمنة بالحوالة‪،‬‬
‫وذلك انسجاما مع مقتضيات الفقرة الثانية من المادة ‪ 37‬من مدونة المحاكم المالية التي تنص‬
‫على أن المجلس يأمر المحاسب العمومي بواسطة قرار تمهيدي بإرجاع المبالغ التي يصرح‬
‫بها المجلس كمستحقات للجهاز العمومي المعني‪ ،‬في حالة عدم تقديم التبريرات بشأن‬
‫المخالفات التي يرتكبها هذا المحاسب (قرار عدد ‪ 2021/27‬بتاريخ ‪ 14‬شتنبر ‪/2021‬‬
‫ملف االستئناف عدد ‪ ،2020/18‬حساب الجماعة الترابية إيموزار مرموشة ‪ /‬السنة المالية‬
‫‪)2012‬؛‬
‫‪ -‬إن المبالغ التي يتم تحصيلها من طرف المحاسب العمومي‪ ،‬بعد صدور الحكم القاضي‬
‫بوجود عجز في حسابه‪ ،‬تؤخذ بعين االعتبار في القرار االستئنافي‪ ،‬لتحديد المبلغ النهائي‬
‫للعجز‪ ،‬لكونها تقوم مقام اإلرجاع المنصوص عليه في المادة ‪ 37‬من مدونة المحاكم المالية‬
‫(قرار عدد ‪ 2021/10‬بتاريخ ‪ 25‬فبراير ‪ 2021‬ملف االستئناف عدد ‪ ،2019/09‬حساب‬
‫الجماعة الترابية صاكا ‪ /‬السنة المالية ‪)2011‬؛‬
‫‪ -‬يعتبر تحصيل المبلغ الذي يكون المجلس الجهوي للحسابات قد صرح به كعجز في حساب‬
‫المحاسب العمومي‪ ،‬مبررا إلبراء ذمة هذا األخير‪ ،‬غير أن االكتفاء بإصدار اآلمر بالصرف‬
‫لألمر بالمداخيل السترجاع ما تم أداؤه زيادة عن المستحق‪ ،‬ليس من شأنه إعفاء المحاسب‬
‫من المسؤولية عن المخالفة المرتكبة أو إبراء ذمته من العجز المحكوم به ابتدائيا‪ ،‬طالما أن‬
‫المستأنف‪ ،‬لم يدل بما يثبت التحصيل الفعلي للمبالغ التي تضمنها األمر الصادر إزاء‬
‫المستفيد من النفقة (قرار عدد ‪ 2021/03‬بتاريخ ‪ 16‬فبراير ‪ /2021‬ملف االستئناف عدد‬
‫‪ ،2019/05‬حساب الجماعة الترابية رأس أمليل ‪ /‬السنة المالية ‪.)2014‬‬
‫‪ .4‬القواعد المكرسة في مجال التسيير بحكم الواقع‬

‫‪41‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫في هذا المجال‪ ،‬كرست القرارات الصادرة عن هيئة الغرف المشتركة وغرفة استئناف األحكام‬
‫الصادرة عن المجالس الجهوية للحسابات مجموعة من القواعد‪ ،‬أبرزها كالتالي‪:‬‬
‫النيابة العامة غير ملزمة بالكشف عن مصدر المعلومات التي تتوصل بها‪ :‬في هذا اإلطار‪ ،‬اعتبرت‬
‫هيئة الغرف المشتركة أن اكتفاء القرار التمهيدي الصادر عن غرفة التدقيق والبت في الحسابات‪،‬‬
‫باإلشارة إلى مقرر النيابة العامة دون ذكر الجهة التي أحالت العمليات التي قد تشكل تسييرا بحكم‬
‫الواقع‪ ،‬يعتبر سليما من الناحية القانونية‪ ،‬وال يتضمن أي عيب من شأنه التأثير على صحة المسطرة‬
‫المتبعة إلصدار القرار المستأنف‪ ،‬بالنظر لكون النيابة العامة غير ملزمة بالكشف عن مصدر‬
‫المعلومات التي تتوصل بها‪ ،‬عندما تتخذ قرار اإلحالة من تلقاء نفسها (قرار عدد ‪ 2021 /01‬بتاريخ‬
‫‪ 23‬فبراير ‪ / 2021‬ملف االستئناف عدد ‪ ،2019/01‬تسيير بحكم الواقع‪ /‬مؤسسة عمومية)؛‬
‫رفض طلب المراجعة غير قابل لالستئناف‪ :‬ال يعتبر طلب المراجعة درجة من درجات التقاضي‪ ،‬بل‬
‫يندرج ضمن طرق الطعن غير العادية التي ال يمكن أن تكون موضوع طعن باالستئناف‪ ،‬وبالتالي‬
‫فإن الحكم القاضي بعدم قبول طلب المراجعة‪ ،‬يكون قد صدر بشكل نهائي وال يقبل الطعن باالستئناف‪،‬‬
‫ألن عكس ذلك ينطوي على إمكانية تصدي محكمة الدرجة الثانية للنظر في جوهر القضية من جديد‪،‬‬
‫وهو ما ال يستقيم مع اكتساب الحكم الصادر ابتدائيا في الجوهر لقوة الشيء المقضي به‪ ،‬بعدما صار‬
‫نهائيا وقابال للتنفيذ (قرار عدد ‪ 2021/17‬بتاريخ ‪ 03‬دجنبر ‪ /2021‬ملف االستئناف عدد ‪،2021/07‬‬
‫تسيير بحكم الواقع‪ /‬الجماعة الترابية الدار البيضاء)؛‬
‫التدخل في مهام اآلمر بالصرف والمحاسب العمومي‪ :‬إن اقتطاع شركة التدبير المفوض لمبلغ اإلتاوة‬
‫المستحق لفائدة الجماعة‪ ،‬لتغطية ديون الجماعة إزاء الشركة يتعارض مع مبدأ عدم الجمع بين مهام‬
‫اآلمر بالصرف والمحاسب العمومي المكرس بمقتضى الفصل ‪ 3‬من المرسوم رقم ‪ 2.76.576‬بسن‬
‫نظام لمحاسبة الجماعات المحلية وهيئاتها‪ ،‬وخارج قواعد المحاسبة العمومية التي تخضع لها هذه‬
‫الجماعة‪ ،‬خاصة ما ينص عليه الفصل ‪ 18‬من ذات المرسوم من كون "استخالص المحصوالت يتم‬
‫دون مقاصة بين المداخيل والمصاريف"‪ ،‬وكذا الفصل ‪ 43‬الذي يقضي "بكون النفقات يجب أن تقرر‬
‫في ميزانية الجماعة وأن تكون مطابقة للقوانين واألنظمة" (قرار عدد ‪ 2021/18‬بتاريخ ‪ 3‬دجنبر‬
‫‪ /2021‬ملف االستئناف عدد ‪ ،2021/08‬تسيير بحكم الواقع‪ /‬الجماعة الترابية الدار البيضاء)؛‬
‫حساب التسيير بحكم الواقع‪ :‬إن الوثائق المقدمة‪ ،‬خالل مرحلة التحقيق‪ ،‬على أساس أنها بيانا تفصيليا‬
‫لكيفيات استعمال المبالغ المضمنة بالحكم المستأنف‪ ،‬غير كافية لتبرير العمليات المكونة للتسيير بحكم‬
‫الواقع‪ ،‬لكونها تضمنت احتساب خدمات سبق أن تم تحملها في إطار نفقات أخرى‪ ،‬وبالتالي فإن ذلك‬
‫البيان ال يحل محل الحساب الذي يجب أن يقدم للمجلس‪ ،‬بعد التصريح بوجود تسيير بحكم الواقع‪.‬‬
‫(قرار عدد ‪ 2021 /01‬بتاريخ ‪ 23‬فبراير ‪/ 2021‬ملف االستئناف عدد ‪( 2019/01‬تسيير بحكم‬
‫الواقع‪ /‬مؤسسة عمومية)‪.‬‬

‫ثالثا‪ .‬إحالة أفعال قد تستوجب عقوبة جنائية‬


‫اعتبارا لكون بعض األفعال التي تكون موضوع متابعات أمام المحاكم المالية قد تندرج أيضا ضمن‬
‫جرائم االعتداء على المال العام‪ ،‬نصت المادة ‪ 111‬من مدونة المحاكم المالية على أن المتابعات أمام‬
‫المحاكم المالية ال تحول دون ممارسة الدعوى الجنائية‪.‬‬
‫ويجد مبدأ قابلية تراكم العقوبات أساسه في كون عناصر المسؤولية في مادة التأديب المتعلق بالميزانية‬
‫والشؤون المالية تختلف عن تلك المتعلقة بالمسؤولية الجنائية‪ ،‬إذ تتجاوز هذه األخيرة وظيفة تدبير‬
‫المال العام لكونها تهدف إلى معاقبة اإلخالل بواجب االستقامة وحفظ األمانة‪ ،‬في حين تتسم المسؤولية‬
‫في مادة التأديب المالي بطبيعة إدارية وعقابية‪ ،‬ال يشترط لقيامها توفر الركن المعنوي‪ ،‬وترتكز على‬
‫وظيفة المسؤول المتابع ومدى قيامه بالمهام المنوطة به طبقا للقوانين واألنظمة السارية على الجهاز‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪42‬‬


‫العمومي الذي يتولى داخله مهام وظيفية‪ ،‬كما تهدف من خالل العقوبات المالية إلى حماية النظام العام‬
‫المالي الذي تحكمه قواعد قانونية خاصة‪.‬‬
‫في هذا اإلطار‪ ،‬وخالل سنة ‪ ،2021‬وطبقا لمقتضيات المادة ‪ 111‬أعاله‪ ،‬أحال الوكيل العام للملك‬
‫لدى المجلس األعلى للحسابات عشرين (‪ )20‬ملفا على الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض –‬
‫رئيس النيابة العامة‪ ،‬وذلك قصد اتخاذ المتعين بشأنها وفق المساطر الجاري بها العمل‪.‬‬
‫وتتعلق أهم األفعال المكتشفة من طرف المحاكم المالية والتي تمت إحالتها على القاضي الجنائي‬
‫بالحاالت التالية‪ :‬توجيه مسطرة إسناد طلبيات عمومية بشكل يخالف مبادئ المساواة والمنافسة في‬
‫ولوج الطلبيات العمومية؛ المبالغة في أثمان الطلبيات العمومية؛ أداء نفقات في غياب العمل المنجز(‬
‫الحواالت الصورية)؛ تقديم حسابات غير صحيحة؛ استعمال ممتلكات جهاز عمومي ألغراض‬
‫شخصية؛ اقتناء معدات في غياب حاجة حقيقية‪...‬‬

‫‪43‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫الفصل الثاني‪ :‬تتبع أوراش اإلصالحات الكبرى‬

‫يحرص المجلس األعلى للحسابات على تتبع تنزيل أوراش اإلصالحات الكبرى ببالدنا‪ ،‬حيث جعله‬
‫ضمن أولوياته الرئيسية في انسجام مع مهامه الدستورية المتمثلة في تدعيم وحماية قيم الحكامة الجيدة‬
‫والشفافية والمحاسبة‪ ،‬وتفعيال أيضا لتوجهاته االستراتيجية برسم الفترة ‪ 2026-2022‬والتي تروم‬
‫أساسا الرفع من القيمة المضافة ألعمال المحاكم المالية‪ ،‬بما ينعكس على تجويد التدبير العمومي في‬
‫مختلف تجلياته‪.‬‬
‫وفي هذا السياق‪ ،‬يتضمن هذا التقرير السنوي نتائج مهمات تتبع تنزيل أوراش اإلصالح المتعلقة بما‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪ -‬المالية العمومية؛‬
‫‪ -‬منظومة الحماية االجتماعية؛‬
‫‪ -‬االستثمار؛‬
‫‪ -‬المنظومة الجبائية؛‬
‫‪ -‬المؤسسات والمقاوالت العمومية‪.‬‬
‫أكدت رئاسة الحكومة في معرض جوابها أن هذه األوراش تعد من أولويات الحكومة وأنها عازمة على‬
‫اإلسراع في تنزيلها تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية واستجابة النتظارات المواطنات والمواطنين والفاعلين‬
‫االقتصاديين واالجتماعيين‪.‬‬

‫وقد تم إدراج تعقيبات رئاسة الحكومة وكذا القطاعات الوزارية المعنية في صلب المالحظات المتعلقة‬
‫بكل ورش على حدة‪ ،‬كما هو مفصل أسفله‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪44‬‬


‫إصالح المالية العمومية‪:‬‬
‫ورش بحاجة إلى التسريع لالستجابة لمتطلبات نجاعة األداء‬

‫أرسى القانون التنظيمي رقم ‪ 130.13‬لقانون المالية‪ ،‬الذي صدر سنة ‪ ،2015‬مقاربة جديدة لتدبير‬
‫المالية العمومية‪ ،‬وفق منهجية تدرجية‪ ،‬قوامها االنتقال من تدبير قائم على الوسائل إلى تدبير جديد‬
‫منصب حول النتائج ويسعى إلى تكريس مبادئ تدبير حديث للمالية العمومية‪.‬‬
‫ولهذه الغاية‪ ،‬تضمن القانون التنظيمي المذكور مجموعة من المقتضيات الرامية إلى إرساء أنماط‬
‫جديدة لتدبير المالية العمومية‪ ،‬ترتكز أساسا على تقوية نجاعة أداء التدبير العمومي وتعزيز الشفافية‬
‫وكذا تكريس مبدأ المحاسبة‪.‬‬
‫وفي هذا السياق‪ ،‬حرص المجلس األعلى للحسابات‪ ،‬بصفته الهيئة العليا لمراقبة المالية العمومية‬
‫بالمملكة‪ ،‬وتفعيال لتوجهاته االستراتيجية برسم الفترة ‪ ،2026-2022‬على تتبع تنفيذ اإلصالحات‬
‫التي أقرها القانون التنظيمي رقم ‪ ،130.13‬سواء في إطار ممارسة مختلف االختصاصات المنوطة‬
‫به‪ ،‬أو من خالل آليات أخرى تمثلت أساسا في‪:‬‬
‫‪ -‬تعزيز آليات التعاون مع وزارة االقتصاد والمالية من خالل توقيع بروتوكول تفاهم في‬
‫يوليوز ‪2021‬؛‬
‫‪ -‬عقد اجتماعات موسعة مع مسؤولي تسع مديريات تابعة لوزارة االقتصاد والمالية‪،‬‬
‫ومعنية بصفة مباشرة بهذه اإلصالحات‪.‬‬
‫وقد أولى المجلس عناية خاصة ألربعة مرتكزات أساسية تندرج ضمن هذا الورش اإلصالحي‪،‬‬
‫والمرتبطة بالتصديق على حسابات الدولة‪ ،‬وإرساء التدبير المبني على نجاعة األداء‪ ،‬ورقمنة حسابات‬
‫الدولة ونزع الطابع المادي عنها‪ ،‬وتكريس مبدأ المحاسبة‪.‬‬
‫وقد تبين في هذا الصدد‪ ،‬أن األطراف المعنية‪ ،‬وخاصة وزارة االقتصاد والمالية‪ ،‬قد اتخذت مجموعة‬
‫من التدابير الرامية إلى تنزيل اإلصالحات المرتبطة بهذه المرتكزات األربعة‪ ،‬غير أن بعض‬
‫التحديات مازالت قائمة‪ ،‬وهو ما يستدعي مواصلة الجهود ومباشرة إجراءات ضرورية أخرى‬
‫الستكمال عملية التنزيل‪.‬‬
‫بخصوص ورش إصالح المالية العمومية‪ ،‬أشارت رئاسة الحكومة أن القانون التنظيمي رقم ‪ 130.13‬لقانون‬
‫المالية يشكل إطارا تشريعيا يرسخ التدابير المتخذة في المجال المالي والمحاسباتي‪ .‬وأضافت أنه يعد إصالحا‬
‫جذريا لمنظومة تدبير المالية العمومية يروم تكريس التدبير المبني على النتائج وتوسيع صالحيات المدبرين‬
‫مقرونة بالمساءلة والمحاسبة‪ ،‬مما يقتضي توفير الظروف المالئمة لتنزيله بأكبر قدر من الفعالية والنجاعة‪.‬‬
‫إال أنه بعد مضي خمس سنوات على التنزيل التدريجي لمختلف مقتضيات هذا القانون التنظيمي (الميزانية‬
‫المهيكلة حول البرامج‪ ،‬والبرمجة الميزانياتية لثالث سنوات‪ ،‬وتقرير نجاعة األداء‪ ،‬إلخ‪ ،).‬أبانت الممارسة‬
‫على ضرورة سن مقتضيات جديدة يتم بموجبها تعزيز المكتسبات وتحقيق األهداف المرجوة من اإلصالح‪،‬‬
‫وذلك بتشاور مع مختلف األطراف المعنية‪.‬‬
‫‪ .1‬التصديق على حسابات الدولة‬
‫يكتسي التصديق على حسابات الدولة طابعا استراتيجيا‪ ،‬من حيث كونه مدخال أساسيا من أجل تعزيز‬
‫الشفافية وتجويد المعطيات المالية والمحاسبية‪ ،‬فضال عن إسهامه في تكريس مبدأ المحاسبة‪ ،‬مع ما‬
‫يترتب عن كل ذلك من آثار ت ُ ْس ِّهم في تحديث تدبير القطاع العمومي‪ .‬كما تولي المؤسسات المالية‬
‫الدولية والشركاء والمستثمرون ووكاالت التصنيف أهمية خاصة لعملية التصديق على الحسابات‬
‫العامة‪.‬‬
‫وتعتبر عملية التصديق على حسابات الدولة عملية مركبة‪ ،‬وهو ما يفسر أن عدد البلدان التي اعتمدت‬
‫هذه اآللية على المستوى الدولي لم يتجاوز ‪ 30‬بلدا‪ ،‬وعلى المستوى القاري ثالث دول‪.‬‬

‫‪45‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫وقد نصت المادة ‪ 31‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 130.13‬لقانون المالية‪ ،‬على تولي المجلس األعلى‬
‫للحسابات لهذا االختصاص اعتبارا من فاتح يناير ‪ ،2020‬كواحدة من أهم المستجدات التي جاء بها‬
‫إصالح المالية العمومية‪ .‬وباإلضافة إلى ذلك‪ ،‬نصت المادة ‪ 66‬من نفس القانون على أن يكون مشروع‬
‫قانون التصفية مرفقا بالحساب العام للدولة مدعما بالحصيلة المحاسبية والبيانات المالية األخرى‬
‫وبتقييم لاللتزامات الخارجة عن الحصيلة المحاسبية‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد‪ ،‬باشرت األطراف المعنية مجموعة من التدابير الرامية إلى تفعيل المقتضيات المتعلقة‬
‫بالتصديق على الحسابات‪ ،‬حيث بادر المجلس إلى اتخاذ عدة إجراءات تحضيرية من أجل ممارسة‬
‫هذا االختصاص طبقا للمعايير المعتمدة في هذا اإلطار‪.‬‬
‫وإذا كان القانون التنظيمي قد نص على أن مقتضيات الفقرة ‪ 5‬من المادة ‪ 31‬سالفة الذكر تدخل حيز‬
‫التنفيذ اعتبارا من فاتح يناير ‪ ،2020‬فإن عملية التصديق على حسابات الدولة ما زالت لم تستكمل‬
‫بعد جميع مراحلها‪ ،‬حيث لم يتوصل المجلس بالمكونات األولى لحساب الدولة برسم سنة ‪ 2020‬إال‬
‫ابتداء من تاريخ ‪ 27‬مايو ‪ 2022‬مع استمرار عملية اإلدالء بالعناصر الالزمة لمباشرة عملية التصديق‬
‫من طرف المجلس‪ ،‬بطلب منه‪ ،‬منذ هذا التاريخ‪ .‬وفي هذا اإلطار شرع المجلس مؤخرا في تنظيم‬
‫لقاءات مباشرة مع مصالح الخزينة العامة للمملكة‪ ،‬تناولت‪ ،‬من بين أمور أخرى‪ ،‬طرق مسك‬
‫المحاسبة العامة وكيفية إعداد البيانات المالية والمحاسبية‪.‬‬
‫بشأن الجوانب المتعلقة بالتصديق على حسابات الدولة‪ ،‬أبرزت وزارة االقتصاد والمالية ما تم القيام به في‬
‫إطار سلسلة اللقاءات الثنائية بين المجلس األعلى للحسابات ومصالح الخزينة العامة للمملكة منذ يوليوز ‪.2020‬‬
‫وفيما يرتبط بحسابات سنة ‪ ،2020‬أشارت الوزارة إلى أن الظروف االستثنائية جراء تداعيات جائحة‬
‫"كوفيد ‪ "19 -‬فاقمت الصعوبات المرتبطة بتنزيل ورش اإلصالح المحاسبي‪ .‬كما أكدت‪ ،‬على أن هذه السنة‬
‫شكلت محكا حقيقيا للعمل بمقتضيات القانون التنظيمي للمالية من حيث احترام آجال تقديم مشروع قانون‬
‫التصفية لتلك السنة مع ضرورة إرفاقه بمجموعة من البيانات‪ ،‬والتي تطلب إعدادها تنسيقا موسعا مع عدة‬
‫أطراف ما زالت لم تستأنس بما فيه الكفاية بقواعد المحاسبة العامة والتي كان لزاما عليها وألول مرة أن تقدم‬
‫معلومات دقيقة ألصول وخصوم الدولة‪.‬‬
‫وفضال عن ذلك‪ ،‬فإن القانون التنظيمي يحتاج إلى مراجعة وتوضيح للمقتضيات ذات الصلة باإلدالء‬
‫بحسابات الدولة وكذا تلك المتعلقة بعملية التصديق‪ ،‬خاصة على مستوى الجوانب المرتبطة باآلجال‬
‫وبكيفيات تبليغ "تقرير عمليات التصديق" والجهات التي يوجه إليها هذا التقرير‪ .‬كما يبدو ضروريا‬
‫أن تشمل هذه المراجعة وظيفة التقرير المعد في إطار عمليات التصديق ضمن مسطرة المصادقة‬
‫على قوانين التصفية‪.‬‬
‫ومن بين اإلجراءات األخرى المقترح اتخاذها في هذا الصدد‪ ،‬يمكن ذكر على الخصوص ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬اعتماد اآلليات المالئمة من أجل مواكبة عمليات إعداد حسابات الدولة‪ ،‬مع العمل على‬
‫إرساء آليات للتنسيق بين األطراف المعنية بإعداد هذه الحسابات؛‬
‫‪ -‬الحرص على ضمان تكامل أنظمة المعلومات وتالؤمها من أجل تيسير تبادل المعلومات‬
‫فيما بينها؛‬
‫أكدت الوزارة أن مصالحها تولي أهمية قصوى للجانب المتعلق بمالئمة األنظمة المعلوماتية وضمان الشروط‬
‫الالزمة لتبادل سلس للمعلومات فيما بينها‪ .‬وقد ترتب عن ذلك قيام األنظمة المعتمدة من طرف المديرية العامة‬
‫الضرائب وإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة والخزينة العامة للمملكة بتزويد‪ ،‬وبطريقة تلقائية‪ ،‬النظام‬
‫المعلوماتي الخاص بمحاسبة الدولة ببيانات شاملة ودقيقة تمكن من مركزة حسابات الدولة في اليوم الموالي‬
‫إلجراء العمليات‪ .‬وأبرزت‪ ،‬في هذا اإلطار‪ ،‬أن هذه المصالح قامت بتحيين هذه األنظمة بوتيرة منتظمة استعدادا‬
‫لتنزيل سلس للمخطط المحاسبي الجديد‪ ،‬وموضحة أن األعمال جارية لمالئمة األنظمة المعلوماتية المتبقية‬
‫لتيسير عمليات تبادل المعلومات الضرورية لمسك المحاسبة العامة للدولة‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪46‬‬


‫‪ -‬تعزيز آليات الرقابية الداخلية‪ ،‬خاصة على مستوى الجوانب المالية والمحاسبية‪،‬‬
‫واإلسراع بتفعيل مشروع "إرساء أنظمة الرقابة الداخلية" على مستوى اإلدارات‬
‫العمومية؛‬
‫أشارت الوزارة الى أن ورش إرساء وتفعيل أنظمة الرقابة الداخلية على مستوى اإلدارات العمومية باعتباره‬
‫مدخال لتعزيز آلية التصديق على الحسابات‪ ،‬قد تم إطالقه فعال على صعيد وزارة االقتصاد والمالية‪ ،‬ويتم‬
‫تدبيره عبر لجنة تترأسها المفتشية العامة للمالية‪ .‬وبالنسبة آلليات الرقابة الداخلية التي تهم الجوانب المالية‬
‫والمحاسبية والتي تضطلع بها الخزينة العامة للمملكة‪ ،‬فقد تم‪ ،‬حسب الوزارة‪ ،‬تعزيزها بما يجعلها تتكيف‬
‫بصفة تدريجية مع متطلبات النظام المحاسبي‪ .‬وفي هذا اإلطار‪ ،‬أشارت الوزارة إلى مجموعة من اإلجراءات‬
‫العملية التي تم اعتمادها في إطار مقاربة تركيبية خالل سنة ‪.2022‬‬
‫‪ -‬اعتماد استراتيجية لقيادة التغيير مرتبطة باالنتقال من المحاسبة الميزانياتية المبنية على‬
‫التدفقات النقدية إلى المحاسبة العامة المبنية على أساس االستحقاق؛‬
‫‪ -‬استكمال المحاسبة الميزانياتية للدولة بالمعطيات والبيانات الالزمة لتحديد أصولها‪،‬‬
‫والذي يعتبر أحد أهم مستجدات المحاسبة العامة للدولة‪.‬‬
‫أوضحت الوزارة أن أصول الدولة تتميز بتنوعها وكثرتها‪ ،‬مما يستلزم القيام بعدة ترتيبات أولية وتظافر‬
‫الجهود بين المحاسبين العموميين ومصالح القطاعات الوزارية المعنية من أجل جردها وتقييمها وفقا للمعايير‬
‫المحاسبية المعتمدة‪ .‬كما أشارت الوزارة أن المصالح المكلفة بالمحاسبة في الدول التي تبنت مثل هذه‬
‫اإلصالحات المحاسبية وبتشاور مع األجهزة المكلفة بالتصديق على حسابات الدولة‪ ،‬دأبت على تبني خطط‬
‫على المدى المتوسط لتحسين جودة المعطيات المحاسبية الخاصة بها كما وكيفا‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬أبرزت‬
‫الوزارة أن عمليات جرد األصول وتقييمها قد قطعت أشواطا ال يستهان بها‪ ،‬حيث قامت القطاعات الوزارية‬
‫بموافاة الخزينة العامة للمملكة بجرد أولي يتم إغناؤه تدريجيا‪ ،‬كما أفادت أن نظاما معلوماتيا خاصا في طور‬
‫اإلنجاز من أجل معالجة جميع العمليات المرتبطة باألصول الثابتة‪.‬‬
‫‪ .2‬نجاعة أداء التدبير العمومي‬
‫سن القانون التنظيمي رقم ‪ 130.13‬مجموعة من القواعد المتعلقة بإعداد وتنفيذ ميزانية الدولة‪ ،‬في‬
‫إطار إرساء مقاربة شمولية ومندمجة لتدبير المالية العمومية مرتكزة على النتائج‪ ،‬وتسعى إلى الرفع‬
‫من نجاعة أداء التدبير العمومي وفعاليته‪ ،‬وبالتالي تجويد خدمات المرافق العمومية‪ ،‬وإلى ضمان‬
‫انسجام السياسات العمومية والتقائيتها‪ .‬كما تروم هذه المقاربة تكريسا أفضل وأكثر توازنا لمبدأ مساءلة‬
‫المدبرين العموميين‪.‬‬
‫وقد عرف تنزيل المقتضيات القانونية المتعلقة بنجاعة األداء تقدما ملحوظا‪ ،‬غير أن هذه المقاربة‬
‫الجديدة في تدبير المالية العمومية لم تبلغ بعد كل أهدافها وذلك بالنظر إلى مجموعة من العوامل‪.‬‬
‫فمن جهة‪ ،‬فإن مقتضيات نجاعة األداء ال تطبق سوى على الميزانية العامة للدولة بمكوناتها الثالثة‬
‫(الميزانية العامة ومصالح الدولة المسيرة بطريقة مستقلة والحسابات الخصوصية للخزينة)‪ ،‬بينما ال‬
‫تندرج المؤسسات والمقاوالت والشركات العمومية ضمن نطاق هذه المقتضيات‪.‬‬
‫أوضحت الوزارة أن المؤسسات والمقاوالت والشركات العمومية‪ ،‬واعتبارا للدور المحوري الذي تضطلع به‬
‫في تنفيذ عدد من السياسات العمومية‪ ،‬تساهم بشكل كبير‪ ،‬وأحيانا حصري في إنجاز أهداف ومؤشرات نجاعة‬
‫األداء‪ .‬وأحالت في هذا الصدد على مشاريع نجاعة األداء التي ترصد المؤسسات والمقاوالت العمومية المعنية‬
‫أو المتدخلة في إنجاز البرنامج والمؤشر المعنيين‪ .‬ووعيا بهذه األهمية‪ ،‬نص نموذج ميثاق التدبير المرفق‬
‫بمنشور رئيس الحكومة رقم ‪ 21/2021‬بتاريخ ‪ 26‬يوليوز‪ 2021‬على أنه يجب تحديد مساهمة المؤسسات‬
‫العمومية في تنفيذ السياسات العمومية المنوطة بالوزارة‪ /‬القطاع‪ /‬المؤسسة‪ ،‬وذلك في انسجام مع رهاناتها‬
‫االستراتيجية‪ .‬كما أوضحت أنه‪ ،‬وفي إطار التفكير حول محاور تعديل القانون التنظيمي رقم ‪ 130.13‬لقانون‬
‫المالية‪ ،‬يتم االنكباب حاليا على سن مقتضيات جديدة تتيح تعزيز مساهمة المؤسسات العمومية في نجاعة أداء‬
‫القطاع الوزاري أو المؤسسة الوصية‪.‬‬

‫‪47‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن تملك منهجية نجاعة األداء من طرف بعض الفاعلين الرئيسيين ودورهم في‬
‫إرساء هذه المقاربة يظالن محدودين‪ ،‬حيث ما زال منطق التدبير القائم على الوسائل سائدا‪ ،‬كما أن‬
‫مناقشة مشاريع تقارير نجاعة األداء أثناء التصويت على قوانين المالية ال تحظى باالهتمام الالزم‪.‬‬
‫أكدت الوزارة على أن التدبير القائم على نجاعة األداء يشكل إصالحا جوهريا لنمط وفلسفة التدبير العمومي‪،‬‬
‫ويتطلب مقاربة تدريجية في ترسيخ هذه الثقافة التدبيرية الجديدة عمادها قيادة التغيير والمواكبة والتقييم‬
‫المستمر‪ .‬كما أوضحت أن اال رتقاء بالنقاش حول قوانين المالية إلى مساءلة مدى نجاعة وفعالية السياسات‬
‫العمومية يشكل أحد أهم غايات القانون التنظيمي رقم ‪ ،130.13‬مشيرة‪ ،‬وعلى سبيل المثال‪ ،‬أن دراسة مشروع‬
‫قانون التصفية للسنة المالية ‪ 2020‬على مستوى لجنة مراقبة المالية العامة بمجلس النواب‪ ،‬أفردت حيزا هاما‬
‫لنجاعة األداء‪.‬‬
‫وفي نفس السياق‪ ،‬فإن التقرير التركيبي الذي تعده وزارة االقتصاد والمالية حول نجاعة األداء انطالقا‬
‫من التقارير الفردية لمختلف اإلدارات والوزارات‪ ،‬ال يقدم إلى البرلمان إال بعد حوالي سنتين من‬
‫نهاية السنة المعنية وذلك بمناسبة التصويت على قانون التصفية‪ ،‬وهو األمر الذي يحد من المساءلة‬
‫أمام البرلمان بخصوص نجاعة األداء وال يعزز النقاش بشأنها‪.‬‬
‫بخصوص التقرير التركيبي حول نجاعة األداء الذي يقدم إلى البرلمان بمناسبة تقديم مشروع قانون التصفية‪،‬‬
‫ذكرت الوزارة أن ذلك يتم وفقا لمقتضيات المادتين‪ 65‬و‪ 66‬من القانون التنظيمي رقم ‪ ،130.13‬مشيرة إلى‬
‫أن عددا من القطاعات تقوم بإضافة تقارير نجاعة أدائها برسم السنة المالية المنقضية للوثائق المرفقة بمشاريع‬
‫ميزانياتها القطاعية الذي تتم دراسته باللجان المعنية بالبرلمان‪ ،‬وهو اإلجراء الذي تدرس الوزارة حاليا إدراجه‬
‫ضمن تعديالت القانون التنظيمي رقم ‪130.13‬‬
‫أما على المستوى العملي‪ ،‬فإن بعض الجوانب ما زالت تحتاج إلى تحسين‪ ،‬ذلك أن إرساء مقاربة‬
‫نجاعة األداء لم يواكبها‪ ،‬في العموم‪ ،‬توفير بعض اآلليات الضرورية من أجل الرفع من النجاعة‪ ،‬وال‬
‫سيما إرساء نظام فعال للمراقبة الداخلية ولمراقبة التسيير وأنظمة معلوماتية مناسبة‪.‬‬
‫أكدت الوزارة أن آليات مراقبة التدبير تشكل ضمانا الستدامة وموثوقية منظومة نجاعة األداء‪ ،‬مضيفة أنها‬
‫أجرت خالل سنة ‪ 2019‬دراسة حول واقع منظومة مراقبة التدبير على مستوى عشرة قطاعات وزارية‪،‬‬
‫مكنت من إعداد مخطط عمل شامل يروم إرساء منظومة مراقبة التدبير على مستوى القطاعات الوزارية‬
‫والمؤسسات‪ ،‬مشيرة إلى أنها منكبة منذ سنة ‪ 2021‬على تفعيله‪ .‬وبالموازاة مع ذلك تشرف المفتشية العامة‬
‫للمالية على إرساء منظومة للمراقبة الداخلية من خالل مخطط عمل شامل ومماثل‪.‬‬
‫وبخصوص أنظمة المعلومات‪ ،‬وفي سياق توصية تقارير افتحاص نجاعة األداء للسنوات المالية ‪2018‬‬
‫و‪ 2019‬و‪ 2020‬ذات األولوية المتعلقة بالعمل على تطوير األنظمة المعلوماتية‪ ،‬أشارت الوزارة إلى منشور‬
‫رئيس الحكومة رقم ‪ 21/2021‬الذي أكد على أن التدبير القائم على النتائج يستوجب تكفل نظم معلوماتية‬
‫خاصة بإنتاج مؤشرات نجاعة األداء موثوقة وذات جودة وموحدة ومضبوطة وقابلة للحفظ وبتكلفة إنتاج أقل‪.‬‬
‫كما أشارت إلى أن مشروع المرسوم رقم ‪ 2.22.381‬سينص على ضرورة إرساء منظومة مراقبة التدبير‬
‫على مستوى القطاعات الوزارية استنادا على نظم معلومات مندمجة تتعلق بالتدبير‪.‬‬
‫وفضال عن ذلك‪ ،‬فإن البرامج المعتمدة ال تشكل دائما تنزيال لالستراتيجيات القطاعية‪ ،‬كما أن‬
‫مسؤوليات مديري البرامج غير محددة بشكل مضبوط‪.‬‬
‫بهذا الخصوص‪ ،‬ذكرت الوزارة باإلطار المرجعي لمنهجية نجاعة األداء الذي أعدته وأصدرته وكذا بمنشور‬
‫رئيس الحكومة رقم ‪ ،21/2021‬مشيرة إلى أنها عملت‪ ،‬في هذا الصدد‪ ،‬على مواكبة عدد من القطاعات‬
‫الوزارية‪ ،‬قصد تكريس االنسجام بين برامجها الميزانياتية واستراتيجيتها القطاعية‪ ،‬ال سيما قطاعي التربية‬
‫الوطنية والتعليم األولي والتكوين المهني‪ ،‬وذلك قصد مواءمة برامجهما الميزانياتية مع المحاور االستراتيجية‬
‫للقانون ‪ -‬اإلطار رقم ‪ 51.17‬المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي‪.‬‬
‫وبالنسبة ألدوار ومهام مسؤولي البرامج‪ ،‬أحالت الوزارة على منشور رئيس الحكومة رقم ‪ 09/2021‬بشأن‬
‫تحديد دور ومهام مسؤول البرنامج وكيفية تعيينه من طرف رئيس اإلدارة المعنية بواسطة رسالة تكليف بمهمة‪.‬‬
‫وفيما يتعلق بمؤشرات قياس نجاعة األداء‪ ،‬فيبدو ضروريا تقييمها من حيث عددها وأيضا من حيث‬
‫جودتها ومالءمتها من أجل إعطاء صورة مناسبة حول النجاعة‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪48‬‬


‫أوضحت الوزارة أن عدد األهداف قد انخفض بين سنتي ‪ 2018‬و‪ 2022‬من ‪ 423‬إلى ‪ 396‬هدفا‪ ،‬بينما تقلص‬
‫عدد المؤشرات من ‪ 881‬مؤشر إلى ‪ ،812‬موضحة أن متوسط األهداف حسب البرامج بلغ ‪ ،3,3‬علما أن‬
‫العدد المرجعي هو ‪ 3‬أهداف‪ ،‬بينما بلغ متوسط المؤشرات حسب األهداف ‪ 2,05‬علما أن العدد المرجعي هو‬
‫‪ 3‬مؤشرات‪ .‬وعزت الوزارة تجاوز متوسط األهداف للمعيار المرجعي‪ ،‬أساسا‪ ،‬إلى هيكلة ‪ 9‬قطاعات وزارية‬
‫ومؤسسات لميزانياتها حول برنامج ميزانياتي واحد‪ ،‬وربط كل األهداف بهذا البرنامج‪ .‬وأكدت الوزارة أنها‬
‫تواصل مواكبتها لفائدة القطاعات الوزارية والمؤسسات قصد تجويد منظومة نجاعة أدائها‪ ،‬السيما من خالل‬
‫االستعاضة و‪/‬أو حذف مؤشرات األنشطة أو الوسائل‪ ،‬وكذا المؤشرات التي ال تتيح قياس اإلنجازات أو ال‬
‫تتوفر على توقعات سنوية وقيمة مستهدفة‪.‬‬
‫وتبعا لذلك‪ ،‬ومن أجل بلوغ األهداف التي وضعها القانون التنظيمي‪ ،‬فإن الحاجة تبدو ماسة من أجل‬
‫توفير الشروط القبلية الالزمة لتعزيز نجاعة األداء‪ ،‬خاصة في أفق مراجعة نظام مسؤولية المدبرين‬
‫العموميين‪ .‬وتتمثل هذه الشروط أساسا في إرساء أو تفعيل مراقبة التسيير ونظام فعال للمراقبة‬
‫الداخلية‪ ،‬واعتماد نظام للرصد واإلبالغ‪ ،‬وتعزيز الموارد البشرية‪.‬‬
‫كما أنه من الضروري إرساء آليات للتعاقد بين وزارة االقتصاد والمالية ومختلف القطاعات‬
‫الحكومية‪ ،‬وكذا بين هذه األخيرة ومصالحها الالممركزة من أجل تحديد أهداف مختلف السياسات‬
‫القطاعية ووسائل تنزيلها وآجال ذلك‪.‬‬
‫أكدت الوزارة أنه في إطار مقاربة نجاعة األداء يبلور ميثاق التدبير آلية للتعاقد المرتكز على نجاعة األداء‪،‬‬
‫وذلك على مستوى كل قطاع أو مؤسسة‪ ،‬من حيث تحديد أدوار المسؤولين‪ ،‬والقواعد المتعلقة بالقيادة وحصر‬
‫البرامج الميزانياتية‪ ،‬وتحديد الجدول الزمني لسير األنشطة الميزانياتية وتلك المتعلقة بنجاعة األداء وإرساء‬
‫آليات حوار التدبير باعتباره إطارا للتنسيق وااللتزام المتبادل بين مختلف الفاعلين‪ .‬واعتبارا لهذه األهمية‪ ،‬دعا‬
‫المنشور رقم ‪ 09/2021‬القطاعات الوزارية والمؤسسات إلى اعتماد ميثاق التدبير‪ ،‬حيث أنيط إعداده وتحيينه‬
‫واإلشراف على تفعيله بالكاتب العام للقطاع الوزاري أو المؤسسة المعنية‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬اعتمدت مجموعة‬
‫من القطاعات مواثيق تدبيرها فيما تنكب قطاعات أخرى على إعداد و‪/‬أو استكمال المواثيق الخاصة بها‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة‪ ،‬بخصوص الجماعات الترابية‪ ،‬إلى أن القوانين التنظيمية لسنة ‪ 2015‬نصت على‬
‫مجموعة من المقتضيات الرامية إلى دعم آليات الحكامة وإرساء التدبير القائم على النتائج‪ .‬وفي هذا‬
‫اإلطار‪ ،‬فإن تحسين أداء هذه الجماعات الترابية يقتضي‪ ،‬من بين أمور أخرى‪ ،‬تفعيال أكبر لهذه‬
‫اآلليات القانونية‪.‬‬

‫‪ .3‬رقمنة الحسابات‬
‫في إطار تنفيذ ورش رقمنة العمليات المرتبطة بتدبير المالية العمومية‪ ،‬اتخذت وزارة االقتصاد‬
‫والمالية مجموعة من التدابير وأحرزت تقدما مهما على هذا المستوى‪ ،‬يحتاج مزيدا من الدعم‬
‫والتعزيز‪ .‬وهكذا‪ ،‬فقد طورت الوزارة عدة أنظمة معلوماتية تستغل حاليا في تدبير مداخيل ونفقات‬
‫الميزانية العامة‪ ،‬ومن بينها على سبيل المثال النظام الضريبي المندمج (‪ )SIT‬وبرنامج )‪)BADR‬‬
‫الذي تستعمله إدارة الجمارك‪ ،‬والميزانية اإللكترونية (‪ ،)E-budget‬ونظاما التدبير المندمج للنفقات‬
‫(‪ )GID‬وللمداخيل (‪ )GIR‬ونظام المعلومات الخاص بمخطط حسابات الدولة (‪.)PCE-SI‬‬
‫وقد مكنت هذه األنظمة المعلوماتية من تحديث عمليات تدبير الميزانية العامة‪ ،‬كما أنها ساهمت‪،‬‬
‫بالنسبة لبعض أصناف المحاسبين العموميين‪ ،‬من رقمنة الحسابات التي يدلون بها إلى المجلس‪ ،‬ولو‬
‫بصفة جزئية‪ .‬غير أن بعض التحديات ما زالت قائمة‪ ،‬مما يستدعي تجاوزها من أجل بلوغ األهداف‬
‫المتوخاة‪.‬‬
‫فمن جهة‪ ،‬يسجل أن األنظمة المعتمدة ال تتيح رقمنة شاملة لجميع الوثائق منذ بدء عملية إعدادها إلى‬
‫غاية توثيقها‪ ،‬وذلك إما بسبب عدم تغطية الرقمنة لجميع جوانب التدبير أو بسبب عدم تالؤم األنظمة‬
‫المعلوماتية فيما بينها‪ ،‬مما يجعل عمليات تبادل المعلومات بينها غير سلسة بما فيه الكفاية وال تتم‬
‫بصفة آلية‪.‬‬

‫‪49‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫ومن جهة أخرى‪ ،‬فإن مستوى تقدم عمليات رقمنة الحسابات يتسم بالتباين بين أصناف المحاسبين‬
‫العموميين‪ ،‬ففي الوقت الذي شرع بعضهم في تقديم حسابات مرقمنة فإن عملية الرقمنة ما زالت في‬
‫بداياتها أو لم يشرع فيها بالنسبة للبعض اآلخر‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬فقد شرع المحاسبون التابعون إلدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة في تقديم الحسابات‬
‫المتعلقة بالسنة المالية ‪ ،2019‬رغم تسجيل بعض المالحظات بشأنها‪ .‬أما على مستوى الخزينة العامة‬
‫للمملكة‪ ،‬فقد تم اعتماد منهجية تدرجية في رقمنة الحسابات‪ ،‬استهلت بتلك التي تهم الخزنة الوزاريين‬
‫وخزنة العماالت واألقاليم‪ ،‬على أساس تقديم الوثائق المبررة في شكلها المرقمن اعتبارا من سنة‬
‫‪ ،2022‬علما أن المجلس والخزينة العامة للمملكة بصدد االتفاق حول محتوى وشكل الوثائق العامة‬
‫التي ستقدم في إطار الحسابات المرقمنة‪.‬‬
‫وفيما يخص المديرية العامة للضرائب‪ ،‬فإن توفرها على معطيات مرقمنة منذ بداية العمليات المالية‬
‫والمحاسبية والمضمنة في نظامها المعلوماتي سيشكل عنصرا مساعدا وميسرا لرقمنة حسابات‬
‫القباض التابعين لهذه المديرية العامة‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬وفي إطار التنسيق بين المجلس والمديرية‬
‫العامة للضرائب‪ ،‬تم تحديد مكونات الحسابات المرقمنة التي يتعين على قباض هذه األخيرة تقديمها‬
‫وكذا قنوات اإلدالء بها‪ ،‬حيث تمت صياغة مشروع تعليمية بهذا الشأن‪ .‬ومن المرتقب أن يتم تقديم‬
‫الحسابات المرقمنة لقباض إدارة الضرائب برسم السنة المالية ‪ 2021‬اعتبارا من سنة ‪.2022‬‬
‫وبالنسبة لمديرية المنشآت العامة والخوصصة‪ ،‬فقد تم االتفاق على طبيعة الملفات التي يتعين على‬
‫المحاسبين العموميين تقديمها للمجلس‪ ،‬حيث أنشأ هذا األخير منصة إلكترونية تسمح لهم بتقديم بيانات‬
‫محاسبية ابتداء من السنة المالية ‪.2019‬‬
‫كما ستهم عملية الرقمنة أيضا حسابات الوكاالت المحاسبية لدى بعض األجهزة والمؤسسات‬
‫(البرلمان‪ ،‬والمجلس األعلى للسلطة القضائية‪ ،‬والمجلس األعلى للحسابات‪ ،‬والمجلس االقتصادي‬
‫واالجتماعي والبيئي‪ ،‬والمجلس الوطني لحقوق اإلنسان) ثم حسابات القباض‪ ،‬وكذا حسابات الوكاالت‬
‫المحاسبية للبعثات الدبلوماسية والقنصليات‪.‬‬
‫وقد أظهرت عملية رقمنة حسابات قباض إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة وجود بعض‬
‫التحديات‪ ،‬التي يتعين رفعها‪ ،‬وهو ما يقتضي تقييم هذه التجربة من أجل تجويد عملية الرقمنة سواء‬
‫بالنسبة لقباض اإلدارة المذكورة أو بالنسبة لباقي أصناف المحاسبين العموميين‪.‬‬
‫وفي نفس السياق‪ ،‬وألجل تعميم عمليات الرقمنة وتسريعها وبلوغ األهداف المتوخاة‪ ،‬فمن المهم اتخاذ‬
‫اإلجراءات التالية‪:‬‬
‫‪ -‬وضع تصورات لسيرورة عمليات الرقمنة وفق منظور متكامل ومقاربة شمولية‬
‫ومندمجة وجدولة زمنية متوافق بشأنها‪ ،‬تأخذ بعين االعتبار كافة المتدخلين في تدبير‬
‫المالية العمومية‪ ،‬من جهة‪ ،‬وأجهزة الرقابة‪ ،‬من جهة أخرى؛‬
‫‪ -‬استثمار الجهود التي تم بذلها من أجل تزويد مختلف المديريات بأنظمة معلوماتية وإرساء‬
‫آليات تتيح التفاعل بين هذه األنظمة وتبادل المعطيات فيما بينها؛‬
‫‪ -‬مواكبة وتقديم الدعم لإلدارات التي لم تنخرط بعد في عمليات الرقمنة‪.‬‬
‫بخصوص المالحظات واالقتراحات المتعلقة برقمنة الحسابات‪ ،‬ذكرت الوزارة تشكيل لجنة مشتركة بين‬
‫المجلس األعلى للحسابات والخزينة العامة للمملكة‪ ،‬تتولى تتبع عملية تنزيل هذا المشروع اعتمادا على منهجية‬
‫تدريجية في رقمنة الحسابات‪ ،‬وذلك لتمكين جميع المتدخلين من استيعاب هذا التغيير‪ .‬واعتبرت الوزارة أن‬
‫التباين المالحظ من طرف المجلس بخصوص عملية رقمنة حسابات التسيير يعزى أساسا إلى اختالف‬
‫اختصاصات المحاسبين العموميين‪ ،‬حيث إن عمليات الرقمنة تتفاوت في الصعوبة حسب نوعية العمليات‬
‫المستهدفة (نفقات أو مداخيل) ونوعية وثائق اإلثبات التي يجب اإلدالء بها وعدد الفاعلين والمتدخلين في‬
‫السلسلة المحاسباتية والميزانياتية‪ .‬ولتسهيل عمليات الرقمنة‪ ،‬أشارت الوزارة إلى أن الخزينة العامة للمملكة‪،‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪50‬‬


‫قامت بإنشاء منصة إلكترونية خاصة بحسابات مرافق الدولة )‪ (PLATE FORME-CSE‬يتم عبرها تقديم‬
‫حسابات المحاسبين العموميين إلى المجلس األعلى للحسابات‪.‬‬
‫‪ .4‬تقديم الحساب‬
‫في إطار تنزيل توجهاته االستراتيجية برسم الفترة ‪ ،2026-2022‬انخرط المجلس في إعداد تصور‬
‫حول النموذج األمثل لإلدالء بحسابات الدولة واألجهزة العمومية وتكريس مبدأ المحاسبة‪ ،‬بما يتيح‬
‫إعمال رقابة قائمة على مبادئ االقتصاد والفعالية والنجاعة‪ .‬فالهدف الرئيسي يكمن في إعادة النظر‬
‫في عمليات اإلدالء بحسابات مرافق الدولة وفق منظور يكرس التدبير القائم على نجاعة األداء‪.‬‬
‫ويرتبط األمر أيضا بمواكبة ودعم األجهزة المعنية بالرقمنة قصد مالءمة حسابات مرافق الدولة مع‬
‫متطلبات القانون التنظيمي للمالية فيما يتعلق بنجاعة األداء‪ ،‬وتيسير عمليات استغالل البيانات من‬
‫طرف قاضي الحسابات‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد‪ ،‬فإن عمليات اإلدالء بالحسابات للمجلس‪ ،‬كما هي ممارسة حاليا‪ ،‬تنطوي على بعض‬
‫النقائص التي يجب تجاوزها‪ ،‬والمتمثلة أساسا فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬ال تقدم الوثائق المبررة المكونة للحسابات المدلى بها سوى معطيات حول جوانب‬
‫المشروعية ومدى مطابقة العمليات المحاسبية للتعليميات الصادرة عن وزارة االقتصاد‬
‫والمالية‪ ،‬وال تقدم معلومات كافية عن الجوانب المتعلقة بنجاعة األداء؛‬
‫‪ -‬يتوزع تنفيذ ميزانية كل وزارة على حدة‪ ،‬بين الخازن الوزاري المعني وخزنة العماالت‬
‫واألقاليم‪ ،‬وهو ما ال يمكن من إعمال المراقبة المندمجة على النحو المنصوص عليه في‬
‫المادة ‪ 32‬من مدونة المحاكم المالية؛‬
‫‪ -‬يبلغ عدد المحاسبين المعنيين بتقديم الحسابات سنويا‪ ،‬إلى غاية متم سنة ‪ ،2021‬ما‬
‫مجموعه ‪ 767‬محاسبا‪ ،‬وهو عدد مرتفع نسبيا‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬وبدل أن يكون الحساب‬
‫مدخال أساسيا لمساءلة المحاسبين واآلمرين بالصرف والمراقبين وغيرهم من الفاعلين‪،‬‬
‫تحول اختصاص التدقيق والبت في الحسابات إلى عمليات لتدقيق عدد كبير من الحسابات‬
‫تهم عدة سنوات‪ ،‬وقد تقدم في بعض األحيان خارج اآلجال القانونية؛‬
‫‪ -‬يتسم النظام المحاسبي لألجهزة العمومية بتعدد أصناف المحاسبين‪ ،‬وما يجعل هذا النظام‬
‫مركبا وال يسمح بتكوين نظرة شمولية حول التدبير العمومي عكس ما يمكن أن يتيحه‬
‫نظام محاسبي أكثر فاعلية‪ ،‬من حيث توطيد حسابات األجهزة العمومية ومركزة‬
‫المعلومات المالية والمحاسبية وتوفيرها في الوقت المناسب وجعلها أداة حقيقية للتدبير‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد‪ ،‬فإن اإلجراءات التي باشرها المجلس‪ ،‬بتشاور مع األطراف المعنية‪ ،‬من أجل إرساء‬
‫نموذج جديد لعمليات اإلدالء بالحسابات‪ ،‬قد مكنت من تحديد بعض الجوانب التي تحتاج إلى مراجعة‬
‫وإعادة نظر‪ ،‬والمتمثلة أساسا فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬مراجعة اإلطار القانوني لتقديم الحسابات كي يتماشى مع مقتضيات القانون التنظيمي‬
‫للمالية رقم ‪ ،130.13‬خاصة فيما يتعلق باعتماد المحاسبة العامة والتدبير القائم على‬
‫نجاعة األداء؛‬
‫‪ -‬إعادة النظر في تنظيم شبكة المحاسبين العموميين واعتماد معايير متوافق بشأنها من أجل‬
‫تقديم حساباتهم؛‬
‫‪ -‬مراجعة نظام مسؤولية المحاسبين العموميين في أفق إرساء توازن بين مسؤوليات‬
‫مختلف المدبرين العموميين وذلك في إطار مقاربة شمولية لمسؤولية جميع المتدخلين؛‬
‫‪ -‬إعادة النظر في عملية تحديد القواعد والمعايير المنظمة للمحاسبة العمومية والتنظيم‬
‫المحاسبي وكذا المساءلة‪.‬‬

‫‪51‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫ذكرت الوزارة أن المحاسبين العموميين يقدمون‪ ،‬بشكل دوري‪ ،‬حسابات مرافق الدولة إلى المجلس األعلى‬
‫للحسابات عمال بمقتضيات القوانين الجاري بها العمل‪ .‬وتقدم هذه الحسابات مصنفة حسب نوع الميزانية ونوع‬
‫العمليات (مداخيل‪ ،‬نفقات أو عمليات الخزينة) وكذا اآلمر بالصرف‪ ،‬وذلك بطريقة مادية وعلى شكل بيانات‬
‫معلوماتية في نفس الوقت‪ ،‬مما يمكن في آن واحد من تحديد مسؤولية كل طرف من المتدخلين ومعرفة وضعية‬
‫كل قطاع وزاري بصفة مفصلة وشاملة‪.‬‬
‫كما أوضحت الوزارة أن مصالح المركزة بالخزينة العامة للمملكة تقوم بتجميع المعطيات وإعداد الوضعيات‬
‫المحاسباتية وتقديمها بطريقتين مختلفتين‪:‬‬
‫وفق نظام التبويب المالي الذي يمكن من خالله تجميع واستخالص البيانات المتعلقة بكل قطاع وزاري‬ ‫•‬
‫على حدة‪ ،‬حتى يتسنى للمجلس مقارنة هذه األخيرة بمعطيات الحساب العام للمملكة؛‬
‫ووفق نظام المركز المحاسبي حتى يتمكن المجلس من مقارنة هذه الوضعيات بالحسابات الفردية‬ ‫•‬
‫للمحاسبين العموميين‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪52‬‬


‫منظومة الحماية االجتماعية‪:‬‬
‫ورش يعزز دعائم الدولة االجتماعية ويستدعي آليات تمويل كفيلة بضمان‬
‫استدامته‬

‫عرف تدعيم الحماية االجتماعية ببالدنا تطورا ملحوظا على مدى العقدين األخيرين‪ ،‬حيث تم إطالق‬
‫العديد من البرامج التي تهدف إلى تنمية وتعزيز الرأسمال البشري ومكافحة الفقر وتحقيق اإلنصاف‬
‫والعدالة االجتماعية‪ .‬ومن أهم هذه البرامج التأمين اإلجباري األساسي عن المرض ونظام المساعدة‬
‫الطبية‪ ،‬وإصالح بعض أنظمة التقاعد‪ .‬كما تم إحراز تقدم كبير في مجال الحماية االجتماعية‪ ،‬من‬
‫خالل‪:‬‬
‫‪ -‬مضاعفة عدد المستفيدين من برنامج التأمين اإلجباري األساسي عن المرض ما بين‬
‫سنتي ‪ 2006‬و‪ ،2021‬حيث ارتفع من ‪ 5,1‬مليون إلى حوالي ‪ 11‬مليون مستفيد؛‬
‫‪ -‬تزايد عدد السكان المشمولين بنظام المساعدة الطبية بشكل ملحوظ منذ تعميمه سنة‬
‫‪ ،2012‬حيث تجاوز ‪ 11‬مليون منخرط سنة ‪2019‬؛‬
‫‪ -‬ارتفاع نسبة المستفيدين من التقاعد‪ ،‬حيث انتقلت من ‪ %33‬سنة ‪ 2011‬إلى ‪ %42‬سنة‬
‫‪( 2019‬بفضل تطور عدد العاملين بالقطاع الخاص أساسا)‪.‬‬
‫‪ .1‬الحماية االجتماعية‪ :‬ورش طموح‬
‫على الرغم من التطور الهام الذي عرفته الحماية االجتماعية‪ ،‬فإنها ال تزال تمثل تحديا يتعين مواجهته‬
‫سواء من حيث نطاقها أو مضمونها أو تمويلها وحكامتها‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬فإن المعدل اإلجمالي للتغطية الصحية للسكان لم يتجاوز‪ %69‬مع نهاية ‪ ،2019‬منهم ‪%31‬‬
‫برسم نظام المساعدة الطبية‪ ،‬و‪ %29‬فيما يخص نظام التأمين اإلجباري األساسي عن المرض و‪%9‬‬
‫فيما يتعلق ببعض األنظمة الخاصة (تعاضدية القوات المسلحة الملكية والصناديق الداخلية و‪/‬أو التأمين‬
‫الخاص وأنظمة األئمة والشيوخ والمقدمين‪ ،‬إلخ‪ .).‬وبالتالي فإن ما يناهز ‪ %31‬من الساكنة ال تشملهم‬
‫أي تغطية صحية‪ .‬كما أن نظام المساعدة الطبية‪ ،‬ال يوفر سوى تغطية محدودة‪ ،‬لكونه يقتصر على‬
‫مؤسسات العرض الصحي التابعة للقطاع العام‪ ،‬وكذا نظرا لضعف بل وغياب بعض الخدمات على‬
‫مستوى هذه المؤسسات‪.‬‬
‫أما بالنسبة للتقاعد‪ ،‬فلم يتجاوز معدل تغطية الساكنة النشيطة نسبة ‪ % 42‬مع نهاية سنة ‪،2019‬‬
‫وبالتالي فإن ما يقارب ‪ % 58‬من الساكنة النشيطة ال يستفيدون من أي تغطية في هذا المجال‪.‬‬
‫ونتيجة لذلك‪ ،‬ال يستفيد جزء كبير من السكان من أية تغطية سواء للتقاعد أو في المجال الصحي‪،‬‬
‫ومن ضمنهم أساسا األشخاص النشيطون غير األجراء (أصحاب المهن الحرة والتجار وغيرهم)‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن غياب نظام فعال بمعايير ناجعة الختيار الساكنة المستهدفة‪ ،‬غالبا ما يحول‬
‫دون إعمال التدابير والبرامج االجتماعية لفائدة الفئات المعنية وبصفة ناجعة‪.‬‬
‫وقد شكلت التعليمات الملكية السامية الواردة في خطاب عيد العرش‪ ،‬لسنة ‪ ،2020‬وكذا الخطاب‬
‫الذي ألقاه جاللته في افتتاح السنة التشريعية في أكتوبر من نفس السنة‪ ،‬نقطة تحول كبرى‪ ،‬حيث دعا‬
‫جاللة الملك إلى تعميم الحماية االجتماعية وحدد مكونات هذا المشروع اإلصالحي الطموح وخطة‬
‫إنجازه‪.‬‬
‫كما أوصت اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي الجديد باعتماد مقاربة إرادية‪ ،‬بهدف تأمين قاعدة متينة‬
‫للحماية االجتماعية تعزز المقومات الكفيلة بمواجهة اآلفات االجتماعية وإدماج الفئات الهشة وتجسد‬
‫التضامن بين المواطنين وفقا لمبادئ المساهمات العادلة‪.‬‬

‫‪53‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫وتبعا لذلك تم اعتماد القانون اإلطار رقم ‪ 09.21‬المتعلق بالحماية االجتماعية الذي نص‪ ،‬على وجه‬
‫الخصوص‪ ،‬على مبادئ توجيهية وأساليب وآليات الحماية االجتماعية‪ ،‬فضال عن جدول زمني‬
‫لتنزيلها‪ .‬ووفقا للتعليمات الملكية السامية‪ ،‬تمتد خطة اإلنجاز على الفترة ‪ 2025-2021‬على الشكل‬
‫التالي‪:‬‬
‫‪ -‬توسيع التغطية الصحية اإلجبارية بتمكين ‪ 22‬مليون مستفيد إضافي من االستفادة من‬
‫التأمين اإلجباري عن المرض بحلول نهاية سنة ‪2022‬؛‬
‫‪ -‬تعميم التعويضات العائلية خالل ‪2024-2023‬؛‬
‫‪ -‬توسيع قاعدة االنخراط في أنظمة التقاعد وتعميم التعويض عن فقدان الشغل سنة ‪.2025‬‬
‫وقد أفادت رئاسة الحكومة في مضمن جوابها أن الحكومة تقوم بتسريع وتيرة تنزيل اإلصالحات التشريعية‬
‫والهيكلية‪ ،‬ال من حيث توفير الموارد المالية الالزمة لتمويله‪ ،‬وكذا تعزيز مبدأ الحكامة لتجاوز الصعوبات‬
‫التي تعاني منها أنظمة الحماية الحالية‪ .‬وأضافت أن الحكومة جعلت من هذه األجندة االجتماعية‪ ،‬تبعا‬
‫لبرنامجها‪ ،‬إحدى أولوياتها الملحة‪ ،‬وأدرجتها في إطار ثالث محاور عمل أساسية‪:‬‬
‫‪ -‬تعميم الحماية االجتماعية لفائدة الفئات التي لم تكن تستفيد منها حتى اآلن؛‬
‫‪ -‬إخراج السجل االجتماعي الموحد في أقرب اآلجال لتحسين نظم استهداف مستفيدي المساعدات االجتماعية؛‬
‫‪ -‬إعادة تأهيل المنظومة الصحية الوطنية‪.‬‬
‫وطبقا لتوقعات الحكومة لسنة ‪ ،2021‬سيتطلب تدبير هذه البرامج‪ ،‬في أفق سنة ‪ ،2025‬تخصيص‬
‫مبلغ سنوي إجمالي قدره ‪ 51‬مليار درهم‪ ،‬منها ‪ 23‬مليار درهم سيتم تمويلها من ميزانية الدولة‪.‬‬
‫وتتكون مصادر التمويل العام التي ستتم تعبئتها من التمويالت المباشرة من ميزانية الدولة‪ ،‬واإليرادات‬
‫الضريبية المخصصة‪ ،‬وكذا الموارد المتاحة إثر إصالح منظومة المقاصة‪.‬‬
‫أوضحت وزارة االقتصاد والمالية أن الغالف المالي المخصص للحماية االجتماعية سيتأثر بالمراجعات التي‬
‫عرفها وسيعرفها الحد األدنى لألجور‪ ،‬خالل سنتي ‪ 2022‬و‪.2023‬‬
‫وتجدر اإلشارة في هذا السياق إلى أن السلطات العمومية ركزت‪ ،‬بشكل رئيسي‪ ،‬على تعميم التأمين‬
‫اإلجباري األساسي عن المرض‪ ،‬في حين لم يتم بعد تحديد تفاصيل المكونات األخرى لإلصالح‬
‫المنصوص عليها في القانون اإلطار‪.‬‬
‫أفادت وزارة االقتصاد والمالية أن السيد رئيس الحكومة من خالل المراسلة عدد ‪ ،1323‬بتاريخ ‪ 09‬شتنبر‬
‫‪ ، 2022‬عمل على إرساء قواعد وحكامة برنامج الدعم االجتماعي الموجه لتمكين األسر محدودة الدخل وهو‬
‫ما سيمكن من العمل على وضع تصور شامل لمنظومة التعويضات العائلية التي ينتظر أن يتم الشروع في‬
‫تنزيلها قبل نهاية سنة ‪.2023‬‬
‫‪ .2‬تقدم ورش تعميم التأمين اإلجباري األساسي عن المرض‬
‫بموجب القانون اإلطار‪ 09.21‬المتعلق بالحماية االجتماعية‪ ،‬يتوقع تعميم التأمين اإلجباري األساسي‬
‫عن المرض لفائدة كافة المواطنين مع نهاية سنة ‪ ،2022‬لتتم بذلك تغطية ما يناهز ‪ 22‬مليونا من‬
‫المستفيدين اإلضافيين‪ .‬وتتكون هذه الساكنة أساسا من االشخاص المستفيدين من نظام المساعدة الطبية‬
‫باإلضافة إلى فئة المهنيين والعمال المستقلين واألشخاص غير األجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا‪.‬‬
‫وفي هذا السياق‪ ،‬تم التوقيع‪ ،‬في ‪ 14‬أبريل ‪ 2021‬أمام صاحب الجاللة‪ ،‬على ثالث اتفاقيات إطار من‬
‫قبل مختلف القطاعات الوزارية المعنية‪ ،‬في إطار تعميم التأمين اإلجباري األساسي عن المرض‬
‫ليشمل الفئات غير المستفيدة‪ ،‬والتي يبلغ عددها حوالي ‪ 3‬ماليين منخرطا رئيسيا‪ .‬ويتعلق األمر على‬
‫الخصوص باالتفاقيات التالية‪:‬‬
‫‪ -‬اتفاقية إطار تتعلق بتعميم التأمين اإلجباري األساسي عن المرض لفائدة التجار‬
‫والحرفيين والمهنيين ومقدمي الخدمات المستقلين الخاضعين لنظام المساهمة المهنية‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪54‬‬


‫الموحدة أو لنظام المقاول الذاتي أو لنظام المحاسبة‪ ،‬والتي تهم حوالي ‪ 800‬ألف منخرطا‬
‫مع أسرهم؛‬
‫‪ -‬اتفاقية إطار خاصة بتعميم التأمين اإلجباري األساسي عن المرض لفائدة الحرفيين‬
‫ومهنيي الصناعة التقليدية والتي تروم تغطية ما يقارب ‪ 500.000‬منخرطا وأسرهم؛‬
‫‪ -‬اتفاقية إطار لتعميم التأمين اإلجباري األساسي عن المرض لفائدة الفالحين تهم ‪1.6‬‬
‫مليون منخرطا وأسرهم‪.‬‬
‫وقد أفادت رئاسة الحكومة أنه تم إحداث لجنتين‪ ،‬وفقا ألحكام القانون اإلطار رقم ‪ 09.21‬المتعلق بالحماية‬
‫االجتماعية‪ ،‬بموجب المرسوم رقم ‪ 522.21.2‬وهما كالتالي‪:‬‬
‫‪ -‬اللجنة الوزارية لقيادة إصالح منظومة الحماية االجتماعية‪ ،‬برئاسة رئيس الحكومة‪ ،‬وتتألف من السلطات‬
‫الحكومية المك لفة بالداخلية‪ ،‬والمالية‪ ،‬والصحة والحماية االجتماعية‪ ،‬واالستثمار وااللتقائية وتقييم السياسات‬
‫العمومية والميزانية‪ ،‬وكذا األمين العام للحكومة‪ .‬وتسهر هذه اللجنة أساسا على تتبع تنفيذ اإلصالح‪ ،‬وتنسيق‬
‫تدخالت مختلف األطراف المعنية‪ .‬وتجتمع اللجنة شهريا منذ نونبر ‪ ،2021‬وبوتيرة أكبر في األسابيع األخيرة؛‬
‫‪ -‬لجنة تقنية لدى اللجنة الوزارية تسهر على ضمان التنفيذ التقني األمثل لمختلف مكونات اإلصالح‪ .‬ويترأس‬
‫هذه اللجنة الوزير المنتدب المكلف بالميزانية‪ ،‬وتضم أيضا ممثلين عن السلطات الحكومية األعضاء في اللجنة‬
‫الوزارية ومديري الصندوق الوطني للضمان االجتماعي والوكالة الوطنية للتأمين الصحي‪ ،‬وتجتمع هذه اللجنة‬
‫أسبوعيا‪ ،‬من أجل تقييم التقدم المحرز في تسجيل الفئات الجديدة التي تشملها التغطية‪ ،‬ومعالجة المشاكل‬
‫والعوائق المرتبطة بفئات معينة من المستفيدين أو ببعض الجوانب التقنية‪ ،‬من خالل اقتراح الحلول المناسبة‬
‫والسهر على تنفيذها‪.‬‬
‫وقد مكنت الوتيرة المرتفعة الجتماعات اللجنتين المذكورتين من تسريع العمل المتعلق بتعميم التأمين اإلجباري‬
‫األساسي عن المرض في األشهر األخيرة‪ ،‬والقيام بالتحكيم الضروري في األوقات المناسبة‪ ،‬ثم تعبئة األطراف‬
‫المعنية ألجل تسريع تنزيل جميع مكونات الورش‪.‬‬
‫• التمويل والتأطير القانوني‬
‫يشمل تنزيل ورش تعميم التأمين اإلجباري األساسي عن المرض العديد من الجوانب الجوهرية‪،‬‬
‫والتي تتعلق أساسا بإحداث آليات التمويل‪ ،‬ووضع أو تعديل القوانين والنصوص التنظيمية‪ ،‬وتنزيل‬
‫اإلطار واآلليات الالزمة لتدبير التأمين اإلجباري األساسي عن المرض (الحكامة‪ ،‬ونظام المعلومات‪،‬‬
‫والتنظيم‪ ،‬والجوانب اللوجستية‪ ،‬إلخ)‪.‬‬
‫وفيما يخص التمويل‪ ،‬فإن تعميم التأمين اإلجباري األساسي عن المرض يتطلب إحداث اآلليات‬
‫الالزمة لضمان استمراريته واستدامته‪ .‬فطبقا لتوقعات الحكومة لسنة ‪ ،2021‬تقدر التكلفة السنوية‬
‫لتعميم التأمين اإلجباري األساسي عن المرض بما يناهز ‪ 13,8‬مليار درهم‪ .‬ويالحظ حاليا أن التوجه‬
‫المعتمد يسير نحو التمويل وفق آلية المساهمة مع تمويل المتبقي من طرف الدولة في إطار التضامن‬
‫وخاصة فيما يتعلق باألشخاص غير القادرين على تحمل واجبات االشتراك‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى أن‬
‫تمويل ورش الحماية االجتماعية في إطار التضامن سيعتمد على التوجيه التدريجي للموارد‬
‫المخصصة لتمويل نظام المساعدة الطبية والتحويالت المنجزة في إطار بعض البرامج (تيسير‪،‬‬
‫والدعم المباشر لألرامل‪ ،‬ومليون محفظة)‪ ،‬وكذا الهوامش الناتجة عن االصالح التدريجي لصندوق‬
‫المقاصة باإلضافة إلى تعبئة موارد ضريبية جديدة‪.‬‬
‫وفيما يتعلق باإلطار القانوني‪ ،‬تجدر اإلشارة إلى تعديل القانون رقم ‪ 98.15‬المتعلق بنظام التأمين‬
‫اإلجباري األساسي عن المرض الخاص بفئات المهنيين والعمال المستقلين واألشخاص غير األجراء‬
‫الذين يزاولون نشاطا خاصا‪ ،‬باإلضافة إلى اعتماد المراسيم المتعلقة بفئات العمال غير األجراء‪ .‬كما‬
‫تم تعديل القانون رقم ‪ 99.15‬الخاص بإحداث نظام للمعاشات لفائدة فئات المهنيين والعمال المستقلين‬
‫واألشخاص غير األجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا‪ .‬وقد أتاح هذا التعديل‪ ،‬على وجه الخصوص‪،‬‬
‫الفصل بين التأمين اإلجباري األساسي عن المرض وأنظمة المعاشات‪ ،‬حيث أصبحت هذه األخيرة‬
‫ذات طبيعة اختيارية لفترة انتقالية وفقا للقانون اإلطار‪ ،‬علما أن أجل تعميم التقاعد تم تحديده في سنة‬

‫‪55‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫‪ .2025‬ويجدر التذكير بأن القانون السابق كان قد ألزم كل فئة تنخرط في التأمين اإلجباري األساسي‬
‫عن المرض بأن تدفع أيضا اشتراكات نظام التقاعد‪.‬‬
‫وقد تم اعتماد القانونين رقم ‪ 98.15‬ورقم ‪ ،99.15‬المذكورين أعاله‪ ،‬في سنة ‪ ،2017‬غير أنهما لم‬
‫يشهدا أي تقدم ملحوظ فيما يتعلق بانخراط الساكنة المعنية‪ ،‬إذ إلى غاية نهاية سنة ‪ ،2020‬لم يتم إدماج‬
‫سوى أربع فئات مهنية فقط في نظام التأمين اإلجباري األساسي عن المرض الخاص بها‪ .‬لكن تم‬
‫تدارك هذا الوضع بتسريع الوتيرة منذ اعتماد القانون اإلطار سنة ‪ .2021‬وهكذا تمت المصادقة على‬
‫عدد من المراسيم التطبيقية التي تتعلق بفئات مختلفة من المهنيين والعمال المستقلين واألشخاص غير‬
‫األجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا (مثل األطباء‪ ،‬المهندسين المعماريين‪ ،‬الصيادلة‪ ،‬األشخاص‬
‫الخاضعين لنظام المساهمة المهنية الموحدة‪ ،‬والتجار والحرفيين الذين يتوفرون على محاسبة‪،‬‬
‫والمقاولين الذاتين‪ ،‬والفالحين‪ ،‬إلخ)‪.‬‬
‫أوضحت وزارة الصحة والحماية االجتماعية أنه‪ ،‬إلى حدود ‪ 17‬أكتوبر‪ ،2022‬تم تسجيل ‪ 2.351.505‬شخصا‬
‫من فئة غير األجراء‪ ،‬منهم ‪ 1.036.240‬فالحا و‪ 459.201‬حرفيا‪.‬‬
‫وبالموازاة مع ذلك‪ ،‬بادرت الحكومة إلى تعديل نصوص أخرى‪ .‬ويتعلق األمر‪ ،‬على وجه الخصوص‪،‬‬
‫بمشروع القانون رقم ‪ 27.22‬يقضي بتغيير وتتميم القانون رقم ‪ 65.00‬بمثابة مدونة التغطية الصحية‬
‫األساسية والذي صادق عليه مجلس الحكومة المنعقد في ‪ 8‬شتنبر ‪ .2022‬ويهدف هذا المشروع‪ ،‬إلى‬
‫إلغاء نظام المساعدة الطبية وتوسيع نظام التأمين اإلجباري األساسي عن المرض ليشمل المستفيدين‬
‫من نظام المساعدة الطبية في إطار نظام خاص يضمن نفس الخدمات المقدمة من طرف الصندوق‬
‫الوطني للضمان االجتماعي لفائدة أجراء القطاع الخاص‪ .‬وينص هذا المشروع أيضا على اعتماد‬
‫السجل االجتماعي الموحد الستهداف الفئات المستحقة لنظام التأمين اإلجباري األساسي عن المرض‬
‫الخاص باألشخاص غير القادرين على تحمل واجبات االشتراك‪.‬‬
‫وبخصوص نظام المساعدة الطبية‪ ،‬أكد رئيس الحكومة في ‪ 24‬أكتوبر ‪ 2022‬عن تسجيل ‪ 4‬ماليين‬
‫أسرة في وضعية هشاشة ضمن منظومة الصندوق الوطني للضمان االجتماعي (أي حوالي ‪%36‬‬
‫من المستفيدين من نظام المساعدة الطبية)‪.‬‬
‫وأكدت رئاسة الحكومة في جوابها أنه سيتم إلحاق ‪ 4‬ماليين أسرة من فئة األشخاص غير القادرين على تحمل‬
‫واجبات االشتراك لالستفادة من نظام التأمين اإلجباري األساسي عن المرض ابتداء من فاتح دجنبر ‪2022‬‬
‫وفي نفس اإلطار‪ ،‬ينص القانون رقم ‪ 72.18‬المتعلق بمنظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم‬
‫االجتماعي وبإحداث الوكالة الوطنية للسجالت‪ ،‬الصادر في ‪ 8‬غشت ‪ ،2020‬على إنشاء سجل‬
‫اجتماعي موحد‪ ،‬كآلية رئيسية لالستهداف سواء بالنسبة للمستفيدين من اإلعانات المباشرة أو‬
‫المستفيدين من نظام التأمين اإلجباري األساسي عن المرض غير القادرين على تحمل واجبات‬
‫االشتراك والتي يستوجب تحملها من طرف الميزانية العامة للدولة‪.‬‬
‫وبالرغم من هذا التعزيز المستمر للمنظومة القانونية‪ ،‬فإن بعض النصوص أو التعديالت المهمة‬
‫سجلت تباطؤا في اعتمادها‪ .‬ويتعلق األمر بشكل أساسي بتعديل القانون المتعلق بنظام الضمان‬
‫االجتماعي‪ ،‬فضال عن مراجعة حكامة الصندوق الوطني للضمان االجتماعي بخصوص تدبير‬
‫مختلف أنظمة التأمين اإلجباري األساسي عن المرض‪.‬‬
‫وأفادت رئاسة الحكومة في مضمون جوابها عن المصادقة على ‪ 28‬مرسوم تطبيقي للقانون رقم ‪98.15‬‬
‫والقانون رقم ‪ ،99.15‬وتسجيل ‪ 2,4‬مليون مهني من غير األجراء وفتح باب االستفادة من نظام التأمين‬
‫اإلجباري األساسي عن المرض أمام ‪ 6‬ماليين مستفيد وذوي الحقوق المرتبطين بهم‪ .‬كما أشارت إلى إعداد‬
‫مجموعة من مشاريع القوانين والمراسيم ومن بينها ‪ :‬مشروع قانون رقم ‪ 27.22‬يقضي بتتميم وتغيير القانون‬
‫رقم ‪ 65.00‬والمرسوم التطبيقي المتعلق بتنفيذه (تمت المصادقة عليه من قبل البرلمان بتاريخ ‪ 7‬نونبر ‪،)2022‬‬
‫ومشروع المرسوم رقم ‪ 797.22.2‬بتطبيق القانون رقم ‪ 65.00‬فيما يخص نظام التأمين اإلجباري األساسي‬
‫عن المرض الخاص باألشخاص غير القادرين على تحمل واجبات االشتراك (تمت المصادقة من لدن المجلس‬
‫الحكومي بتاريخ ‪ 17‬نونبر ‪ ،) 2022‬ومشروع المرسوم رقم ‪ 2.22.924‬يتعلق بمجلس إدارة الصندوق‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪56‬‬


‫الوطني للضمان االجتماعي فيما يخص نظام التأمين اإلجباري األساسي عن المرض الخاص باألشخاص غير‬
‫القادرين على تحمل واجبات االشتراك (تمت المصادقة عليه من لدن المجلس الحكومي بتاريخ ‪ 24‬نونبر‬
‫‪ ،)2022‬ومشروع المرسوم رقم ‪ 2.22.923‬بتحديد عتبة نظام التأمين اإلجباري األساسي عن المرض‬
‫الخاص باألشخاص غير القادرين على تحمل واجبات االشتراك (تمت المصادقة عليه من طرف المجلس‬
‫الحكومي بتاريخ ‪ 24‬نونبر ‪.) 2022‬‬
‫وأضافت أن الحكومة أعدت استراتيجية لالرتقاء بالمنظومة الصحية الوطنية‪ ،‬تنفيذا للتوجيهات الملكية‬
‫السامية‪ ،‬ترتكز على أربع دعامات أساسية تتمثل األولى في اعتماد حكامة جيدة تتوخى تقوية آليات التقنين‬
‫وضبط عمل الفاعلين وتعزيز الحكامة االستشفائية والتخطيط الترابي للعرض الصحي‪ ،‬والثانية تهم تثمين‬
‫الموارد البشرية لتحفيز الرأسمال البشري بالقطاع العام وتقليص الخصاص الحالي في الموارد البشرية‬
‫وإصالح نظام التكوين‪ ،‬وكذا االنفتاح على الكفاءات الطبية األجنبية‪ ،‬وتحفيز األطر الطبية المغربية المقيمة‬
‫بالخارج وحثها على العودة إلى أرض الوطن‪ .‬أما الدعامة الثالثة فتتعلق بتأهيل العرض الصحي بما يستجيب‬
‫النتظارات المغاربة في تيسير الولوج للخدمات الطبية والرفع من جودتها‪ ،‬والتوزيع العادل للخدمات‬
‫االستشفائية عبر التراب الوطني‪ ،‬في حين تهم الدعامة الرابعة رقمنة المنظومة الصحية عبر إحداث منظومة‬
‫معلوماتية مندمجة لتجميع ومعالجة واستغالل كافة المعلومات األساسية الخاصة بالمنظومة الصحية‪.‬‬
‫كما أشارت رئاسة الحكومة إلى أن الحكومة قامت ببلورة وتفعيل إجراءات عملية تهدف إلى االرتقاء بالموارد‬
‫البشرية في القطاع الصحي‪ ،‬عن طريق الرفع من األجرة الشهرية لألطباء ورد االعتبار للمجهودات التي‬
‫يبذلونها أثناء مزاولة مهامهم من خالل تخويل الرقم االستداللي ‪ 509‬واالعتراف بدبلوم الدكتوراه‪ ،‬وكذا‬
‫تحصين الممارسة الطبية من خالل إحداث قانون الوظيفة العمومية الصحية‪ .‬كما تم الرفع من الميزانية‬
‫المخصصة لقطاع الصحة إلى ‪ 28‬مليار درهم برسم مشروع قانون المالية لسنة ‪ 2023‬وإطالق ورش تأهيل‬
‫المستشفيات و‪ 1400‬من المراكز الصحية وإحداث ‪ 3‬مراكز استشفائية جامعية (جهات درعة‪-‬تافياللت وبني‬
‫مالل‪-‬خنيفرة وكلميم ‪-‬واد نون)‪ ،‬باإلضافة إلى إحداث مخطط يمتد إلى سنة ‪ 2030‬للرفع من تكوين عدد األطر‬
‫الصحية بمختلف مكوناتها لتصل إلى ‪ 94‬ألف مهني صحة مقارنة مع ‪ 68‬ألف حاليا وخلق رافعات لتحسين‬
‫أسالك التكوين بغية سد الخصاص‪.‬‬
‫وأشارت رئاسة الحكومة إلى إحداث لجنة توجيهية تحت رئاسة السيد رئيس الحكومة‪ ،‬والتي عقدت اجتماعا‬
‫بتاريخ ‪ 18‬ماي ‪ ،2022‬تقرر فيه إحداث ‪ 4‬مجموعات عمل تضم جميع القطاعات والمؤسسات المعنية التي‬
‫قامت بإعداد مشروع قانون ‪ -‬إطار رقم ‪ 22.06‬يتعلق بالمنظومة الصحية الوطنية‪ ،‬وأعدت خمس مشاريع‬
‫قوانين تخص إحداث الهيئة العليا للصحة (رقم ‪ ) 07.22‬وإحداث المجموعات الصحية الترابية (رقم ‪،)08.22‬‬
‫والضمانات األساسية الممنوحة للموارد البشرية بالوظيفة الصحية (رقم ‪ ،)09.22‬وإحداث الوكالة المغربية‬
‫لألدوية والمنتجات الصحية (رقم ‪ ،)10.22‬وإحداث الوكالة المغربية للدم ومشتقاته (رقم ‪.)11.22‬‬
‫وقد أشار بالغ عقب انعقاد هذا المجلس أن الحكومة ستعمل على تنزيل مضامين هذه القوانين وفق مقاربة‬
‫تدريجية تتوخى االنفتاح والتشاور مع كافة المتدخلين‪ ،‬في احترام تام لمبدأ استمرارية المرفق العام‪.‬‬
‫• التأمين اإلجباري األساسي عن المرض وعرض العالجات بالقطاع العام‬
‫يظل تعميم التأمين اإلجباري األساسي عن المرض رهينا بتطوير المستشفى العمومي باعتباره رافعة‬
‫رئيسية لنظام التأمين اإلجباري األساسي عن المرض‪ .‬فعلى الرغم من الجهود المبذولة خالل السنوات‬
‫األخيرة‪ ،‬الزالت المنظومة االستشفائية تعرف عدة نقائص‪ ،‬مع العلم أن نجاح تعميم نظام التأمين‬
‫اإلجباري األساسي عن المرض يرتبط ارتباطا وثيقا بتطوير المستشفى العمومي وعرض العالجات‬
‫المقدمة للمؤمنين‪.‬‬
‫وقصد معالجة هذه النقائص‪ ،‬تم وضع مشروع القانون اإلطار رقم ‪ 06.22‬المتعلق بالمنظومة الصحية‬
‫الوطنية الذي صادق عليه مجلس الوزراء بتاريخ ‪ 13‬يوليوز ‪( 2022‬وصادق عليه البرلمان بتاريخ‬
‫‪ 7‬نونبر ‪ .)2022‬ويروم هذا المشروع اإلصالح الشامل للمنظومة الصحية الوطنية‪ ،‬قصد تمكينها‬
‫من القيام بالمهام المنوطة بها على الوجه األكمل واالستجابة بشكل مالئم النتظارات المواطنين‪.‬‬
‫ويهدف هذا المشروع‪ ،‬على وجه الخصوص‪ ،‬إلى تحقيق األهداف التالية‪:‬‬
‫‪ -‬تثمين الموارد البشرية العاملة في قطاع الصحة وإحداث الوظيفة العمومية الصحية؛‬

‫‪57‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫‪ -‬إحداث هيئات الحكامة والتقنين‪ :‬ويتعلق األمر بالهيئة العليا للصحة‪ ،‬والمجموعات‬
‫الصحية الترابية‪ ،‬والوكالة الوطنية لألدوية والمنتجات الصحية‪ ،‬والوكالة المغربية للدم‬
‫ومشتقاته؛‬
‫‪ -‬إعادة تنظيم مسار العالجات وال سيما من خالل ترسيخ الزامية احترام مسلك العالجات‬
‫واعتماد الملف الطبي المشترك؛‬
‫‪ -‬تأهيل البنيات التحتية للمؤسسات االستشفائية؛‬
‫‪ -‬التوطين الترابي لعرض العالجات وتحسين حكامته‪.‬‬
‫‪ .3‬المخاطر المتعلقة بتنزيل التأمين اإلجباري األساسي عن المرض‬
‫يعتبر تعميم التأمين اإلجباري األساسي عن المرض مشروعا مهيكال وطموحا‪ .‬وقد تقرر أن يدخل‬
‫حيز التنفيذ مع نهاية سنة ‪ ،2022‬ويعني ذلك وجوب تسجيل كافة الساكنة المعنية في هذا األجل‪ .‬إال‬
‫أن تحقيق أهداف هذا التعميم قد تواجهه بعض المخاطر‪ ،‬التي يمكن اعتبارها في آن واحد عوامل‬
‫نجاح رئيسية لإلصالح‪ ،‬وتتجلى خاصة فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تمديد آجال االستفادة الفعلية من التأمين اإلجباري األساسي عن المرض لجزء من السكان‬
‫المعنيين إلى ما بعد ‪ ،2022‬ويتعلق األمر بالعمال غير األجراء والمستفيدين من نظام‬
‫المساعدة الطبية‪ ،‬بسبب تباطؤ وتيرة التسجيل لكافة الفئات المعنية بالمقارنة مع اآلجال‬
‫المتوقعة؛‬
‫أوضحت وزارة االقتصاد والمالية أنه‪ ،‬بمجرد تعميم التأمين االجباري األساسي عن المرض ليشمل األشخاص‬
‫المستفيدين من نظام المساعدة الطبية‪ ،‬سيتعين عليهم التسجيل على مستوى السجل االجتماعي الموحد للتحقق‬
‫من مدى استيفائهم للشروط التي وضعتها الدولة لالستفادة من نظام التأمين اإلجباري األساسي عن المرض‬
‫الخاص باألشخاص غير القادرين على أداء واجبات االنخراط‪.‬‬
‫‪ -‬جدوى واستدامة الجوانب المتصلة بتمويل التأمين اإلجباري األساسي عن المرض والتي‬
‫يتعين توفيرها للمنظومة برمتها وكذا لألشخاص غير القادرين على تحمل واجبات‬
‫االشتراك؛‬
‫وقد أكدت رئاسة الحكومة في جوابها أن من أجل ضمان التوازن المالي للتأمين اإلجباري األساسي على‬
‫المرض واستدامته‪ ،‬تم االشتغال على مجموعة من الدراسات بما في ذلك إنجاز دراسة توجيهية تخص الفئات‬
‫المستهدفة‪ ،‬ودراسة للتحكم في نفقات األدوية والنفقات الخاصة بالخدمات الطبية واألجهزة‪ .‬كما تم إحداث‬
‫العديد من آليات العمل تهم خاصة تعزيز حكامة العرض الصحي وتنسيق مسار الخدمات الطبية‪ ،‬وتنظيم مسار‬
‫العالجات على المستوى الجهوي وإحداث السجل الطبي المشترك‪ ،‬وتعزيز جاذبية المؤسسات االستشفائية‬
‫العمومية وإمدادها بالموارد البشرية والمعدات الالزمة‪ ،‬وإحداث مؤسسات جديدة للرعاية الصحية‪ ،‬وتعميم‬
‫نظام المعلومات على مستوى المؤسسات الصحية‪.‬‬
‫‪ -‬تطوير وتأهيل عرض العالجات بالقطاع العمومي في شموليته (البنيات االستشفائية‬
‫العمومية والخاصة والموارد البشرية والتجهيزات‪ ،)...‬والذي يعد شرطا أساسيا لنجاح‬
‫التعميم‪ .‬ويتمثل جانب الخطورة في أن موارد التأمين اإلجباري عن المرض من المحتمل‬
‫أن تتوجه في أغلبها نحو القطاع الخاص‪ .‬وبالتالي‪ ،‬يحتمل أال يقوم المستشفى العمومي‬
‫بدوره كرافعة لنظام التأمين اإلجباري األساسي عن المرض‪ ،‬وأال يستفيد من التمويل‬
‫المرتقب تعبئته بواسطة هذا النظام؛‬
‫أفادت وزارة الصحة والحماية االجتماعية أن الدعامات الرئيسية لمشروع القانون اإلطار رقم ‪ 06-22‬المتعلق‬
‫بالمنظومة الصحية تعتبر مدخال أساسيا للرفع من منسوب الثقة والمصداقية في المنظومة الصحية مع‬
‫استحضار مبادئ حسن التدبير والحكامة الجيدة مما سيعود بالنفع على جميع المرتفقين الذين سيشملهم نظام‬
‫التأمين اإلجباري األساسي عن المرض في أفق نهاية سنة ‪ ،2022‬عبر توفير وتقريب الخدمات الصحية‬
‫وأنسنتها والرفع من جودتها‪ .‬لهذا‪ ،‬تضيف الوزارة‪ ،‬فإن المستشفى العمومي سيسكون المستفيد األول من‬
‫مخرجات إصالح المنظومة الصحية من أجل تقوية الشراكة بين القطاعين العام والخاص في إطار الخريطة‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪58‬‬


‫الصحية الجهوية‪ ،‬إضافة إلى إحداث نظام معلوماتي مندمج يهدف إلى جمع ومعالجة كل المعلومات األساسية‬
‫الخاصة بالمنظومة الصحية وتحسين نظام الفوترة بالمؤسسات االستشفائية‪.‬‬
‫‪ -‬ضعف الحصة المسترجعة لتغطية تكاليف العالجات الصحية‪ ،‬حيث ال تزال هذه الحصة‬
‫منخفضة حاليا‪ ،‬ال سيما بسبب عدم تجديد االتفاقيات التي تحدد التعريفة الوطنية المرجعية‬
‫وكذا ضعف التقنين على هذا المستوى إزاء عرض العالجات بالقطاع الخاص؛‬
‫أوضحت رئاسة الحكومة في جوابها أنه بالرغم من عدم مراجعة االتفاقيات المحددة للتعريفة المرجعية‪ ،‬يبقى‬
‫تعويض عدد من األمراض المزمنة مناسبا للتكلفة العالجية الحالية‪ ،‬كالقصور الكلوي المزمن والنهائي‪،‬‬
‫واعتالالت صمامات القلب الرثوية‪ ،‬وجراحة القلب‪ ...‬كما أشارت إلى تحكم عوامل أخرى في نسبة التعويض‬
‫كوصف األدوية األصلية عوض األدوية الجنيسة‪ ،‬أو وصف األدوية دون أخذ قابليتها للتعويض في إطار‬
‫التأمين الصحي عن المرض بعين االعتبار‪ .‬وأضافت أن اللجنة الوزارية لقيادة إصالح منظومة الحماية‬
‫االجتماعية تشتغل على تفعيل مجموعة من الروافع تهدف للرفع من الحصة المسترجعة لتغطية تكاليف‬
‫العالجات الصحية واستدامة تمويل التغطية الصحية‪.‬‬
‫‪ -‬التأخير في تنزيل السجل االجتماعي الموحد على مجموع التراب الوطني‪ ،‬وخاصة في‬
‫مجال التحديد الموثوق للفئات غير القادرة على تحمل واجبات االشتراك والعمل على‬
‫تحيين المعطيات ذات الصلة بصفة منتظمة‪.‬‬
‫أفادت رئاسة الحكومة أن الحكومة بادرت‪ ،‬من خالل اللجنة الوزارية لقيادة إصالح منظومة الحماية‬
‫االجتماعية‪ ،‬إلى تسخير جميع اإلمكانيات لتسريع وتيرة التفعيل والتعميم حيث سيتم تعميم السجل الوطني‬
‫للسكان في مختلف أقاليم المملكة ثم السجل االجتماعي الموحد وتفعيلهما في أجل ال يتعدى أواخر شهر دجنبر‬
‫‪.2022‬‬
‫‪ .4‬التوصيات‬
‫على ضوء هذه المخاطر الرئيسية‪ ،‬يوصي المجلس األعلى للحسابات بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬الحرص على اعتماد التعديالت الالزمة للقوانين والنصوص التنظيمية في أقرب اآلجال‬
‫قصد توفير السند القانوني الالزم لتنفيذ تعميم التأمين اإلجباري األساسي عن المرض؛‬
‫أوضحت وزارة االقتصاد والمالية أن الحكومة منكبة على إعداد جميع النصوص المتعلقة بالتأمين اإلجباري‬
‫األساسي عن المرض‪ ،‬وذلك قبل فاتح دجنبر ‪ ،2022‬حيث أن النصوص التطبيقية لمشروع القانون رقم‬
‫‪ 27.22‬القاضي بتغيير وتتميم القانون ‪ 65.00‬قد بلغت أطوارها النهائية‪.‬‬
‫‪ -‬اعتماد آليات التمويل الكفيلة بضمان استدامة وصالحية واستمرارية التأمين اإلجباري‬
‫األساسي عن المرض‪ ،‬باإلضافة إلى تمكين المؤمنين من حصة مالئمة لتغطية تكاليف‬
‫العالجات؛‬
‫‪ -‬تسريع خطة تطوير وتأهيل المؤسسات االستشفائية والموارد البشرية الالزمة قصد‬
‫توفير عرض العالجات وتحسين جودة الخدمات الصحية في القطاع العام‪.‬‬

‫‪59‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫منظومة االستثمار‪:‬‬
‫الحاجة إلى اعتماد استراتيجية وطنية وبرنامج عمل لتنزيل ميثاق االستثمار‬

‫يكتسي إصالح االستثمار أهمية قصوى من أجل خلق دينامية اقتصادية منتجة للقيمة المضافة ولفرص‬
‫الشغل‪ .‬ووعيا منها بهذه األهمية‪ ،‬تعتبر السلطات العمومية تنمية االستثمار من بين أولوياتها‬
‫االستراتيجية‪ ،‬وذلك من خالل تحسين جاذبية المملكة وتعبئة رافعات التحفيز على االستثمار وتعزيز‬
‫ثقة المستثمرين المغاربة واألجانب‪.‬‬
‫وتستدعي التطورات الراهنة‪ ،‬جراء تداعيات جائحة كوفيد ‪ 19‬والتحديات الناتجة عن الظرفية العالمية‬
‫المتسمة بالتضخم وما يستلزم ذلك من تحوالت لمواكبة الخيارات االقتصادية وإعادة تموضع سالسل‬
‫القيمة و تحديد األولويات االستراتيجية‪ ،‬اعتماد إطار استراتيجي مندمج لالستثمار‪ ،‬وتعزيز اإلطار‬
‫المؤسساتي‪ ،‬وتسريع إصالح اإلطار التشريعي لتحفيز االستثمار‪ ،‬ومتابعة تنزيل األوراش الهيكلية‬
‫المتعلقة بتحسين مناخ األعمال من أجل اغتنام الفرص التي يتيحها هذا السياق الجديد‪.‬‬
‫بخصوص هذا الورش‪ ،‬أوضحت رئاسة الحكومة في جوابها‪ ،‬أن الحكومة‪ ،‬وباإلضافة إلى اإلصالحات‬
‫االستراتيجية والهيكلية التي باشرتها في هذا اإلطار‪ ،‬تقوم حاليا‪ ،‬بالتنسيق مع جميع الفاعلين من القطاعين‬
‫العام والخاص‪ ،‬بإعداد خارطة طريق جديدة لتحسين مناخ األعمال في أفق ‪ .2026‬وستشمل خارطة الطريق‬
‫هذه جيال جديدا من اإلصالحات المتعلقة بالمجاالت التالية‪ :‬تبسيط ورقمنة اإلجراءات اإلدارية‪ ،‬وتحسين‬
‫الولوج إلى العقار والمناطق الصناعية‪ ،‬وتطوير أدوات جديدة للحصول على التمويل‪ ،‬وتحسين الولوج إلى‬
‫الطلبيات العمومية من أجل جعلها رافعة للتنمية االقتصادية وتعزيز االبتكار وثقافة ريادة األعمال‪.‬‬
‫‪ .1‬اإلطار المرجعي‬
‫حددت الخطب السامية لجاللة الملك وكذا تقرير النموذج التنموي الجديد والبرامج الحكومية‪،‬‬
‫التوجهات االستراتيجية إلصالح االستثمار‪ .‬في هذا الصدد‪ ،‬أعطى صاحب الجاللة توجيهاته السامية‬
‫لتحديد اإلصالحات ذات األولوية لتطوير االستثمار‪ .‬كما أكد جاللته في خطابه أمام البرلمان بتاريخ‬
‫‪ 14‬أكتوبر ‪ ،2022‬على أن يعطي الميثاق الوطني الجديد لالستثمار دفعة ملموسة لجاذبية المغرب‬
‫لالستثمارات الخاصة‪ ،‬الوطنية واألجنبية‪ ،‬وأن تقوم المراكز الجهوية لالستثمار باإلشراف الشامل‬
‫على عملية االستثمار‪ .‬ودعا جاللته إلى ضرورة ترجمة التزامات كل األطراف‪ ،‬من حكومة وقطاع‬
‫خاص وقطاع بنكي‪ ،‬في تعاقد وطني لالستثمار‪ ،‬وذلك بهدف تعبئة ‪ 550‬مليار درهم من االستثمارات‪،‬‬
‫وخلق ‪ 500‬ألف منصب شغل‪ ،‬في الفترة بين ‪ 2022‬و‪.2026‬‬
‫وفي نفس السياق‪ ،‬تجدر اإلشارة إلى أن تقرير النموذج التنموي الجديد لسنة ‪ ،2021‬في محوره‬
‫االستراتيجي األول‪ ،‬حول التحول القتصاد منتج ومتنوع قادر على خلق قيمة مضافة ومناصب شغل‬
‫ذات جودة‪ ،‬اقترح اعتماد خارطـة طريـق مبنيـة علـى خمس خيـارات اسـتراتيجية وهـي‪ :‬تأميـن‬
‫المبـادرة المقاوالتية؛ توجيــه الفاعليــن االقتصاديين إلى األنشطة المنتجة؛ تخفيـض تكاليـف عوامــل‬
‫اإلنتاج؛ وضــع إطــار ماكرو‪-‬اقتصــادي فــي خدمــة التنميــة؛ وبــروز االقتصاد االجتماعي‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬أولى البرنامج الحكومي ‪ 2026-2021‬أهمية كبيرة لتحديات التنمية وتشجيع‬
‫االستثمار‪ ،‬وعرض في محوره الثاني المتعلق بمواكبة تحول االقتصاد الوطني‪" ،‬من أجل خلق فرص‬
‫شغل للجميع"‪ ،‬العديد من اإلجراءات لتعزيز االستثمار والتخفيف من آثار األزمة االقتصادية الناجمة‬
‫عن جائحة "كوفيد ‪."19‬‬
‫‪ .2‬أهداف اإلصالح‬
‫يتمثل الهدف االستراتيجي الرئيسي إلصالح منظومة االستثمار‪ ،‬والذي أشار إليه النموذج التنموي‬
‫الجديد‪ ،‬في تعبئة أكبر لالستثمار الخاص مقابل االستثمار العمومي‪ ،‬بغية رفع مساهمته في الجهد‬
‫االستثماري اإلجمالي من الثلث‪ ،‬المسجل حاليا‪ ،‬إلى الثلثين بحلول سنة ‪ .2035‬ويكرس هذا الهدف‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪60‬‬


‫اإلصالحات الهيكلية التي شرعت المملكة في إنجازها بهدف تعزيز وتسهيل عملية االستثمار‪ ،‬السيما‬
‫تنزيل ورش الجهوية المتقدمة‪ ،‬وإصالح المراكز الجهوية لالستثمار‪ ،‬وإنشاء اللجان الجهوية الموحدة‬
‫لالستثمار‪ ،‬وتبسيط اإلجراءات اإلدارية‪ ،‬وإنشاء صندوق محمد السادس لالستثمار‪ ،‬وتطوير الشراكة‬
‫بين القطاعين العام والخاص‪ ،‬وإصالح الضرائب وإصالح قطاع المؤسسات والمقاوالت العمومية‪،‬‬
‫وكذا اعتماد ميثاق الالتمركز اإلداري‪.‬‬
‫وفي خضم هذه اإلصالحات‪ ،‬شرعت السلطات العمومية في مراجعة اإلطار التشريعي لتحفيز‬
‫االستثمار‪ ،‬من خالل العمل على اعتماد قانون‪-‬إطار جديد بمثابة ميثاق االستثمار‪ ،‬والذي يهدف أساسا‬
‫إلى تحسين أثر االستثمارات‪ ،‬وال سيما فيما يتعلق بخلق فرص شغل والحد من التفاوتات المجالية من‬
‫حيث جاذبية االستثمار‪ .‬كما يهدف هذا الميثاق الجديد إلى توجيه االستثمارات نحو القطاعات اإلنتاجية‬
‫ذات القيمة المضافة العالية‪ ،‬وضمان التنمية المستدامة‪ ،‬فضال عن تعزيز جاذبية المملكة لجعلها قطبا‬
‫قاريا ودوليا لجلب االستثمار األجنبي المباشر‪ ،‬وتحسين مناخ األعمال‪ ،‬وتسهيل عملية االستثمار‪،‬‬
‫وزيادة حصة االستثمار الخاص الوطني واألجنبي بشكل ملموس‪ ،‬وكذا تشجيع الصادرات وتواجد‬
‫المقاوالت المغربية على الصعيد الدولي‪ ،‬وتشجيع تعويض الواردات باإلنتاج المحلي‪.‬‬
‫‪ .3‬حصيلة اإلصالح‬
‫واصلت السلطات العمومية خالل الفترة األخيرة تنزيل األوراش االستراتيجية المتعلقة بمختلف‬
‫اإلصالحات الهادفة لتنمية االستثمار‪ .‬فعلى المستوى المؤسساتي‪ ،‬خالل سنة ‪ ،2020‬أتمت اللجنة‬
‫الوزارية للقيادة المكلفة بتتبع إصالح المراكز الجهوية لالستثمار‪ ،‬في إطار ال تمركز اإلجراءات‬
‫اإلدارية الخاصة باالستثمار‪ ،‬عملية إعادة هيكلة هذه المراكز وفق صيغتها الجديدة التي جاء بها‬
‫القانون رقم ‪ 47.18‬المتعلق بإصالح هذه المراكز‪ .‬وفي أكتوبر ‪ ،2021‬أحدثت في ظل الحكومة‬
‫الحالية وزارة منتدبة لدى رئيس الحكومة مكلفة باالستثمار والتقائية وتقييم السياسات العمومية‪ ،‬أنيطت‬
‫بها مهمة إعداد ووضع السياسة الحكومية في مجاالت االستثمار ومناخ االعمال والتقائية وتقييم‬
‫السياسات العمومية‪ ،‬والسهر على تتبع تنفيذها وتقييمها‪ ،‬وذلك بتنسيق مع الوزارات والقطاعات‬
‫المعنية‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬تم اعتماد ميثاق الالتمركز اإلداري سنة ‪ ،2018‬والذي تاله نشر المرسوم‬
‫رقم ‪ 2.19.40‬المتعلق بتحديد نموذج التصميم المديري المرجعي لالتمركز اإلداري‪ ،‬وكذا إنشاء‬
‫ونشر‪ ،‬انطالقا من أبريل ‪ ،2021‬بواب ٍة وطني ٍة تتضمن ‪ 2700‬إجراء ومسطرة إدارية‪ ،‬تدعى "إدارتي‬
‫‪."IDARATI‬‬
‫أما فيما يخص اإلطار التحفيزي‪ ،‬فقد تمت المصادقة من طرف البرلمان على مشروع القانون‪-‬اإلطار‬
‫رقم ‪ 03.22‬بمثابة ميثاق االستثمار في نهاية نونبر ‪ .2022‬وقد التزمت الحكومة‪ ،‬في هذا الصدد‪،‬‬
‫بإصدار النصوص التطبيقية الثالثة المتعلقة بتفعيل أنظمة الدعم المنصوص عليها في الميثاق الجديد‬
‫وفق جدول زمني تدريجي حدده مشروع القانون‪-‬اإلطار سالف الذكر‪ ،‬داخل أجل ال يتعدى ‪ 12‬شهرا‬
‫من تاريخ نشره‪.‬‬
‫وبالموازاة مع هذه التطورات‪ ،‬عرف مجال تحسين مناخ األعمال تحقيق إنجازات أخرى همت‬
‫باألساس إحداث "صندوق دعم تمويل المبادرة المقاوالتية" بموجب قانون المالية ‪ 2020‬وإحداث‬
‫"صندوق محمد السادس لالستثمار" وتعيين مديره العام بمجلس الوزراء المنعقد في ‪ 18‬أكتوبر‬
‫‪ 2022‬وتحسين اإلطار القانوني والمسطري للطلبيات العمومية وتعزيز الحكامة والتأطير القانوني‬
‫آلجال األداء باإلضافة إلى اعتماد السياسة الوطنية لتحسين مناخ األعمال للفترة ‪ 2025-2021‬من‬
‫قبل اللجنة الوطنية لمناخ األعمال‪.‬‬
‫‪ .4‬مالحظات بخصوص تنزيل ورش إصالح منظومة االستثمار‬
‫إدراكا منه ألهمية اإلصالحات المتعلقة باالستثمار‪ ،‬قام المجلس األعلى للحسابات بتقييم للتطورات‬
‫األخيرة‪ ،‬حيث أجرى‪ ،‬في هذا السياق‪ ،‬مقابالت مع مجموعة من األطراف المعنية الرئيسية (الوزارة‬
‫المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة باالستثمار وااللتقائية وتقييم السياسات العمومية‪ ،‬والوكالة‬

‫‪61‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫المغربية لتنمية االستثمارات والصادرات والمركز الجهوي لالستثمار لجهة الرباط‪-‬سال‪ -‬القنيطرة)‪،‬‬
‫كما اطلع على المجهودات المبذولة في هذا المجال وحدد المخاطر التي من شأنها إعاقة تحقيق‬
‫األهداف المرسومة لهذا الورش اإلصالحي‪.‬‬
‫• الحاجة إلى تحسين اإلطار االستراتيجي والمؤسساتي‬
‫رغم أن مختلف البرامج الحكومية أدرجت التوجيهات الملكية ومخرجات النموذج التنموي الجديد‪،‬‬
‫المشار إليها أعاله‪ ،‬كأهداف استراتيجية لها‪ ،‬فإن ذلك لم يتم وفق استراتيجية وطنية رسمية من أجل‬
‫تنمية االستثمار وتحفيزه وإنعاشه‪ ،‬حيث ظلت األوراش االستراتيجية لمنظومة االستثمار مؤطرة وفق‬
‫مقاربة قطاعية في ظل غياب إطار استراتيجي أفقي يحدد األولويات وينشئ روابط التقائية بين‬
‫القطاعات ويسطر اآلليات العملية التي يجب رصدها لتحقيق األهداف المرسومة‪.‬‬
‫وفضال عن ذلك‪ ،‬يتسم اإلطار المؤسساتي المخصص لتنزيل هذه التوجيهات االستراتيجية بتعدد‬
‫المتدخلين وتداخل نطاق اختصاصهم الذي قد يشمل المستوى الوطني بالنسبة للبعض‪ ،‬أو المحلي أو‬
‫القطاعي بالنسبة لآلخرين‪ ،‬مع العلم أن جميع األطراف تعمل على تحقيق هدف واحد يتمحور حول‬
‫تشجيع االستثمارات وتنميتها‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن تباين أولويات وأهداف المتدخلين وكذا‬
‫االختالفات التي تطبع مقارباتهم ال يساهم في ضمان اتساق التدخالت مع التوجيهات المشتركة‬
‫المسطرة مما من شأنه أن يضعف التقائية السياسات العمومية في مجال تنمية االستثمار وتحفيزه‬
‫وإنعاشه‪.‬‬
‫جوابا على هذه المالحظة أشارت الوزارة المكلفة باالستثمار والتقائية وتقييم السياسات العمومية إلى أن تنفيذ‬
‫التوجيهات السامية لجاللة الملك محمد السادس نصره هللا وتوصيات النموذج التنموي الجديد وكذا توجيهات‬
‫وأولويات البرنامج الحكومي الهادفة إلى تنمية وتشجيع االستثمار‪ ،‬يتطلب وضع استراتيجية وطنية مخصصة‬
‫لالستثمار مع وضع اآلليات الالزمة لتتبعها وتقييمها‪ .‬وهو من المهام الرئيسية المنوطة بالوزارة‪ ،‬التي قامت‪،‬‬
‫في هذا اإلطار‪ ،‬بإنجاز دراسة أولية وكذا إعطاء االنطالقة إلنجاز دراسة تقنية من أجل تحديد الطموحات‬
‫القطاعية والجهوية للنهوض باالستثمار الخاص في أفق ‪ .2026‬وسيتم تنفيذ هذا العمل وفق مقاربة تشاركية‬
‫تروم تحقيق التقائية حول السياسة الوطنية االستثمار‪ ،‬مع إدماج جميع الجهات المعنية من القطاعين العام‬
‫والخاص‪.‬‬
‫وفي سياق متصل‪ ،‬يناط بالوزارة دور رئيسي‪ ،‬من خالل صالحياتها المزدوجة «االستثمار وااللتقائية"‪ ،‬في‬
‫تحقيق هذا االتساق العام‪ ،‬الذي تضمنه على المستوى المركزي من خالل "الهيئة الوطنية لالستثمار" التي‬
‫سيتم إحداثها في إطار ميثاق االستثمار الجديد‪ .‬كما أنه في السنوات األخيرة‪ ،‬تم وضع مجموعة من اآلليات‬
‫على المستوى الترابي في إطار التقائية (اللجان الجهوية الموحدة لالستثمار وكذا مراكز االستثمار الجهوي)‬
‫لتحسين نجاعة وفعالية عملية االستثمار‪.‬‬

‫• ضرورة تسريع استكمال إصالح اإلطار التحفيزي لالستثمار‬


‫يعد توفير عروض تحفيزية جذابة وديناميكية من بين الركائز األساسية لتحقيق األهداف االستراتيجية‬
‫المتعلقة بتنمية االستثمارات‪ .‬ومن شأن هذه التحفيزات تشجيع مبادرات القطاع الخاص وتعبئة‬
‫اإلمكانيات المحلية وجلب رؤوس األموال والخبرة األجنبية واستقطاب وجذب الكفاءات العالية‬
‫لمغاربة العالم وكذا تكييف االستثمارات لالستجابة لمختلف التطورات االقتصادية واالجتماعية‬
‫والبيئية والتكنولوجية الوطنية منها والدولية‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن اإلطار التحفيزي المؤطر بالقانون رقم ‪ 18.95‬بمثابة ميثاق االستثمار بقي‬
‫دون تغيير منذ أكثر من ‪ 26‬سنة‪ ،‬مما جعله متجاوزا بالنظر للتطورات والتغييرات سالفة الذكر‪ .‬وقد‬
‫استغرقت مبادرات السلطات العمومية وقتا طويال لتنزيل قانون‪-‬إطار جديد وعرفت مناقشة العديد‬
‫من الصيغ إلى غاية مصادقة البرلمان على مشروع القانون‪-‬اإلطار رقم ‪ 03.22‬في نونبر سنة ‪.2022‬‬
‫وساهم التأخير المسجل في تجديد اإلطار التحفيزي في عدم وضوح الرؤية لدى المستثمرين وخلق‬
‫سياق يتسم بالترقب مع ما لذلك من أثر سلبي على الدينامية االقتصادية‪ .‬واستدراكا لهذه الوضعية‪،‬‬
‫يكتسي تسريع المسار المؤسساتي أهمية بالغة مع ما يستدعيه ذلك من التزام بالجدول الزمنى التدريجي‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪62‬‬


‫الخاص بنشر النصوص التطبيقية للميثاق الجديد‪ ،‬والتي حدد لها مدة زمنية لن تتعدى ‪ 12‬شهرا‬
‫إلصدارها‪ ،‬ابتداء من دخول هذا القانون حيز التنفيذ‪.‬‬
‫أشارت رئاسة الحكومة إلى أن "الميثاق الجديد قد تم اعتماده من طرف الحكومة في أقل من ‪ 10‬أشهر‪ ،‬استجابة‬
‫لتعليمات وتوجيهات جاللة الملك محمد السادس نصره هللا"‪.‬‬
‫وبدورها‪ ،‬أوردت الوزارة المكلفة باالستثمار والتقائية وتقييم السياسات العمومية أنه تمت المصادقة من طرف‬
‫المجلس الوزاري على مشروع قانون إطار بمثابة ميثاق االستثمار‪ ،‬كنتيجة عمل مشترك لكل مكونات الحكومة‬
‫بعد ‪ 9‬أشهر فقط من تعيينها‪.‬‬

‫• الحاجة إلى تبسيط العملية اإلدارية لالستثمار وجعلها مندمجة‬


‫منذ وضع خطة إصالح منظومة االستثمار‪ ،‬بادرت السلطات العمومية إلى إطالق مجموعة من‬
‫المشاريع االستراتيجية من أجل تسهيل اإلجراءات اإلدارية الالزمة للعملية االستثمارية بغية توفير‬
‫خدمة غير ممركزة ومبسطة ومندمجة‪ .‬من هذا المنظور‪ ،‬تمحور إصالح المراكز الجهوية لالستثمار‬
‫الذي تم سنة ‪ 2019‬بموجب القانون ‪ 47.18‬حول هدف رئيسي يرمي بشكل أساسي إلى إنشاء شباك‬
‫وحيد حقيقي لالستثمار يتولى المعالجة الشاملة لمشاريع االستثمار من بدايتها إلى نهايتها‪ .‬وقد تزامن‬
‫تحقيق هذا الهدف مع إصالحات أفقية أخرى‪ ،‬تشمل بشكل أساسي الالتمركز اإلداري‪ ،‬وتبسيط‬
‫اإلجراءات اإلدارية ورقمنة الخدمات العمومية‪.‬‬
‫غير أن التسهيالت اإلدارية التي تستهدفها هذه اإلصالحات ال تزال تواجه بعض المعيقات على‬
‫المستوى العملي‪ ،‬حيث الزالت العديد من اإلجراءات اإلدارية الالزمة لتفعيل بعض المشاريع‬
‫االستثمارية تتم خارج الشباك الوحيد للمراكز الجهوية لالستثمار‪ .‬كما أن النظام التحفيزي لالستثمار‬
‫اليزال متفرقا بين العديد من األجهزة العمومية دون أن يسلك بالضرورة مسار المراكز الجهوية‬
‫لالستثمار‪.‬‬
‫ويؤثر هذا الوضع على الدور المحوري الذي أريد للمراكز الجهوية لالستثمار من أجل اإلشراف‬
‫على عملية االستثمار برمتها وفق ما جاء في خطاب جاللة الملك في ‪ 14‬أكتوبر ‪ ،2022‬مما يستدعي‬
‫ضرورة اتخاذ إجراءات تصحيحية بمقاربة شمولية‪ ،‬على أن يشمل نطاق هذه األخيرة‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫ترسيخ المراكز الجهوية لالستثمار كإطار موحد لمعالجة ملفات االستثمار‪ ،‬تكريس المبادئ التي سنها‬
‫القانون رقم ‪ 55.19‬المتعلق بتبسيط المساﻃر واإلجراءات اإلدارية وتسريع الالتمركز اإلداري من‬
‫طرف القطاعات الوزارية وكذا تحسين رقمنة الخدمات العمومية‪.‬‬

‫أوضحت رئاسة الحكومة أنها قد عقدت اجتماعا‪ ،‬ترأسه السيد رئيس الحكومة‪ ،‬مع جميع المراكز الجهوية‬
‫لالستثمار‪ ،‬خصص لدراسة التدابير الالزمة لتحفيز اإلنعاش االقتصادي وتسهيل عملية االستثمار وتمكين هذه‬
‫المراكز من االضطالع بمهامها وتثمين العمل المهم الذي قامت به هذه المراكز خالل العامين الماضيين‪،‬‬
‫خاصة بعد اإلصالح العميق لهذه المراكز تنفيذا لتعليمات جاللة الملك محمد السادس نصره هللا‪.‬‬
‫ومن جهتها‪ ،‬أشارت الوزارة المكلفة باالستثمار والتقائية وتقييم السياسات العمومية إلى أن المنهجية المعتمدة‬
‫لتصميم ميثاق االستثمار الجديد‪ ،‬مكنت من وضع إطار تحفيزي شامل لدعم وتعزيز االستثمار‪ .‬كما أن هذا‬
‫الميثاق الجديد يشمل كل االستثمارات‪ ،‬باختالف حجمها‪ ،‬فضال عن كونه موجه لجميع المستثمرين المغاربة‬
‫واألجانب‪ ،‬وفي جميع جهات المملكة‪.‬‬
‫وأضافت هذه الوزارة أن الميثاق الجديد يجلب ابتكارا هاما ويعزز الدور المحوري الذي أريد للمراكز الجهوية‬
‫لالستثمار من أجل اإلشراف الشامل على مشاريع االستثمار‪ .‬حيت تم تفويض على المستوى الترابي‪ ،‬في إطار‬
‫نظام الدعم األساسي‪ ،‬عملية اإلعداد والمصادقة والتوقيع على اتفاقيات االستثمار‪ ،‬إذا كان المبلغ اإلجمالي‬
‫للمشروع المعني يقل عن عتبة تحدد بنص تنظيمي‪.‬‬

‫• ضرورة تحديد رؤية لمعالجة عوائق االستثمار‬


‫بغض النظر عن االهتمام الذي حظيت به اإلصالحات اإلدارية للعملية االستثمارية‪ ،‬فإن تشخيص‬
‫العوائق المتوافق بشأنها بين جميع المتدخلين يبرز الحاجة إلى االعتماد على رافعات اقتصادية أخرى‬

‫‪63‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫من أجل تحسين جاذبية البالد كوجهة لالستثمار‪ .‬ويشمل ذلك معالجة المعيقات الهيكلية المرتبطة‬
‫بالقطاع غير المهيكل‪ ،‬وتقليص كلفة عوامل اإلنتاج‪ ،‬وتحسين شروط الحصول على العقار والتمويل‬
‫واللجوء إلى آليات التحكيم والوساطة لحل النزاعات‪ ،‬باإلضافة إلى تسريع وتيرة اإلصالح الضريبي‪.‬‬
‫ففيما يتعلق بالشق العقاري‪ ،‬ينبغي إيالء األولوية لتنفيذ توصيات المناظرة الوطنية المتعلقة بهذا‬
‫الموضوع المنعقدة سنة ‪ ،2015‬ال سيما اعتماد خطة شاملة ومتكاملة للعقار‪ ،‬ووضع نموذج جديد‬
‫لجلب االستثمارات يتالءم مع تنوع األنظمة العقارية وكذلك تحديث الترسانة القانونية التي تحكمها‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬هناك حاجة إلى إنشاء أنظمة تبادل البيانات وضمان موثوقيتها كآلية إلخبار‬
‫الجهات المهتمة بشأن العرض العقاري المتاح‪.‬‬
‫أما على صعيد التمويل‪ ،‬فمن الضروري أن تكون اإلجراءات التي أعلنتها الحكومة لتعزيز انخراط‬
‫القطاع البنكي في مجال االستثمار جاهزة في إطار منهجية استباقية العتماد ميثاق االستثمار‪ .‬وينطبق‬
‫نفس األمر على تفعيل صندوق محمد السادس لالستثمار‪ ،‬الذي ينتظر منه أن يعمل كرافعة أساسية‬
‫لتمويل بعض االستثمارات‪ .‬كما أن العمل على تجانس وتحسين استهداف آليات دعم التمويل التي‬
‫وضعتها مختلف األجهزة من شأنه أن يُسْهم في الرفع من أدائها وانسجامها‪.‬‬
‫وعلى المستوى الضريبي‪ ،‬فمن شأن تسريع تنزيل أحكام القانون اإلطار رقم ‪ 69.19‬المتعلق‬
‫باإلصالح الجبائي‪ ،‬في شقه الخاص بحوافز االستثمار‪ ،‬أن يلعب أيضا دورا مهما في تحسين جاذبية‬
‫بالدنا لالستثمار‪.‬‬

‫أشارت الوزارة المكلفة باالستثمار والتقائية وتقييم السياسات العمومية إلى أنه أصبح من الضروري تكييف‬
‫وتحديث اإلطار المرجعي لتعبئة وتدبير العقار‪ ،‬باعتباره أحد الروافع االستراتيجية لتعزيز الجاذبية وتحسين‬
‫مناخ األعمال واالستجابة للتحديات في مجال االستثمار‪.‬‬
‫‪ .5‬التوصيات‬
‫على ضوء ما سبق‪ ،‬يوصي المجلس بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬اعتماد استراتيجية وطنية لالستثمار من أجل تنزيل رسمي‪ ،‬وبشكل منهجي‪ ،‬للتوجيهات‬
‫الملكية وألهداف النموذج التنموي الجديد المتعلقة بتحفيز االستثمار الخاص‪ ،‬مع تحديد‬
‫خطة تنفيذها على المستويين القطاعي والترابي‪.‬‬
‫‪ -‬إجراء تحليل لمهام مختلف الفاعلين المؤسسيين المسؤولين عن االستثمار من أجل تحديد‬
‫مجاالت التحسين وااللتقائية في تدخالتهم‪ ،‬بهدف تحقيق تكامل أفضل والمزيد من‬
‫الترشيد؛‬
‫‪ -‬تبسيط اإلجراء اإلداري لالستثمار من خالل تكريس دور المراكز الجهوية لالستثمار‬
‫كإطار موحد للمعالجة اإلدارية لعملية االستثمار من بدايتها إلى نهايتها ومن خالل تسريع‬
‫وتيرة إنجاز اإلصالحات المتعلقة بهذه المراكز؛‬
‫‪ -‬وضع خطة عمل حكومية في مجال تحسين مناخ األعمال بهدف تحديد اإلجراءات ذات‬
‫األولوية وتسريع تنفيذها‪.‬‬
‫كما يرى المجلس أن التنفيذ الناجح لهذا الورش االستراتيجي يستلزم انخراط جميع األطراف ذات‬
‫الصلة والفاعلين المعنيين السيما الوزارة المكلفة باالستثمار‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪64‬‬


‫اإلصالح الجبائي‪:‬‬
‫أهمية استكمال اإلصالح من أجل تحفيز االستثمار ودعم موارد الدولة‬

‫يندرج اإلصالح الجبائي في إطار تعزيز المكاسب والتوجيهات التي كرسها دستور سنة ‪2011‬‬
‫والتعليمات الملكية السامية‪ .‬وهكذا‪ ،‬فقد نص الدستور في الفصلين ‪ 39‬و‪ 40‬على مبدأ المساواة أمام‬
‫الضرائب من حيث تحمل الجميع للتكاليف العمومية كل على قدر استطاعته‪ .‬كما أن صاحب الجاللة‬
‫أكد في أكثر من مناسبة على أهمية القيام بإصالح ضريبي وتعزيزه بميثاق جديد ومحفز لالستثمار‪.‬‬
‫وقد شكل اإلصالح الجبائي موضوع القانون اإلطار رقم ‪ 69.19‬الصادر بتاريخ ‪ 26‬يوليو ‪،2021‬‬
‫الذي يحدد التوجهات واألهداف وآليات وكيفيات التنزيل‪ .‬وقد تم إعداد هذا القانون اإلطار على ضوء‬
‫التوصيات الصادرة عن المناظرة الوطنية حول الجبايات التي نظمت في ‪ 2019‬وكذا توصيات‬
‫التقرير حول النموذج التنموي الجديد لسنة ‪.2021‬‬
‫‪ .1‬أهداف اإلصالح‬
‫يسعى القانون اإلطار رقم ‪ 69.19‬المتعلق باإلصالح الجبائي إلى إرساء نظام جبائي فعال ومنصف‬
‫ومتوازن ومنتج‪ ،‬يمكن من تعبئة اإلمكانات الضريبية الالزمة لتمويل السياسات العمومية التي تتمحور‬
‫حول التنمية االقتصادية واإلدماج والتماسك االجتماعيين‪.‬‬
‫وقد خلص القانون اإلطار المذكور إلى أنه بعد مرور ما يزيد عن ثالثة عقود عن اإلصالح الضريبي‬
‫لسنة ‪ ،1984‬الذي أسفر عن اإلرساء التدريجي للضرائب الثالثة الرئيسية المشكلة للنظام الجبائي‬
‫الوطني (الضريبة على القيمة المضافة والضريبة على الشركات والضريبة العامة على الدخل)‪،‬‬
‫أصبح من الضروري "معالجة النقائص المرصودة" ومالءمة هذا النظام مع التطورات االقتصادية‬
‫واالجتماعية وكذا مع المعايير الجديدة للحكامة الجيدة‪.‬‬
‫ففي إطار رؤية متكاملة للنظام الجبائي‪ ،‬يضم القانون اإلطار‪:‬‬
‫‪ -‬جبايات الجماعات الترابية بهدف تبسيطها ومالءمتها وتوحيدها مع ضرائب الدولة؛‬
‫‪ -‬الرسوم شبه الضريبية وكذا الواجبات والرسوم المستخلصة لفائدة الدولة والتي ستكون‬
‫قواعد تحديد وعائها وتحصيلها موضوع تبسيط وترشيد‪.‬‬
‫كما تناول القانون اإلطار كذلك العالقة بين الملزمين واإلدارة الجبائية من خالل تعزيز ضمان‬
‫حقوقهما على حد سواء‪ ،‬وتعزيز عالقة الثقة بين الطرفين ومتابعة تحسين جودة الخدمة المقدمة من‬
‫طرف اإلدارة لفائدة الملزمين‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬حدد القانون اإلطار أجل خمس سنوات ابتداء من‬
‫تاريخ نشره ألجل التنزيل التدريجي للتدابير ذات األولوية المنصوص عليها‪ .‬وبذلك يشكل هذا القانون‬
‫اإلطار حاليا مرجعا للسياسة الجبائية للدولة‪.‬‬
‫أكدت رئاسة الحكومة على انكباب الحكومة من خالل قانون المالية برسم سنة ‪ 2022‬ومشروع قانون المالية‬
‫لسنة ‪ 2023‬على تسريع اإلصالح الجبائي عبر إدخال مجموعة من التدابير واإلجراءات الضريبية المقترحة‬
‫في القانون‪-‬اإلطار‪ ،‬والتي همت أساسا إصالح الضريبة على الشركات والضريبة على الدخل‪.‬‬
‫وفي نفس السياق‪ ،‬أكدت وزارة االقتصاد والمالية كذلك على التزام المديرية العامة للضرائب الدائم والمسؤول‬
‫بتنزيل ورش اإلصالح بدءا بالتدابير ذات األولوية كما هي محددة بمقتضى أحكام المادة ‪ 19‬من القانون اإلطار‬
‫رقم ‪ 69.19‬المتعلق باإلصالح الجبائي‪ .‬كما أشارت الوزارة أن تنزيل كثير من التدابير يتطلب عدة مشاورات‬
‫مع بعض القطاعات قد تطول قبل التوصل إلى انخراط من قبلهم من أجل تنزيل سليم وأن واجب ضمان توازن‬
‫المالية العمومية تفرض بعض التدابير المواكبة من أجل تفادي بعض االنعكاسات الفورية على المداخيل‬
‫واإلخالل بالتوازن‪.‬‬

‫‪65‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫‪ .2‬تقدم اإلصالح‬
‫أدخل قانون المالية لسنة ‪ 2022‬ومشروع قانون المالية لسنة ‪ ،2023‬بشكل عام‪ ،‬تعديالت ضريبية‬
‫وتدابير تصحيحية وأحكاما ومقتضيات ذات طابع ظرفي يمكن إجمالها على النحو التالي‪:‬‬

‫• بخصوص الضريبة على الشركات‬


‫بموجب قانون المالية لسنة ‪ ،2022‬تم التخلي عن نظام تصاعدية أسعار جدول الضريبة على الشركات‬
‫واعتماد األسعار التناسبية كطريقة الحتساب هذه الضريبة‪ .‬كما عمل القانون على تخفيض السعر‬
‫الهامشي من ‪ %28‬إلى ‪ %26‬بالنسبة للشركات الصناعية التي يقل مبلغ ربحها الصافي عن ‪100‬‬
‫مليون درهم‪.‬‬
‫وعمل قانون المالية لسنة ‪ ،2022‬كذلك‪ ،‬على تخفيض سعر الحد األدنى للضريبة من ‪ %0,50‬إلى‬
‫‪ %0,40‬لصالح الشركات التي تصرح بحصيلة جارية إيجابية دون احتساب االهتالك‪ .‬ويندرج هذا‬
‫التخفيض ضمن عملية تنزيل المادة الرابعة من القانون‪-‬اإلطار رقم ‪ 19.69‬سالف الذكر‪.‬‬
‫كما سن قانون المالية لسنة ‪ 2022‬نظاما تحفيزيا لعمليات تفويت أصول وخصوم جمعيات التمويالت‬
‫الصغرى إلى شركات مساهمة‪.‬‬
‫وواصل مشروع قانون المالية لسنة ‪ 2023‬تنزيل األهداف المسطرة في القانون اإلطار والتدابير‬
‫المرتبطة بالضريبة على الشركات التي تهم مراجعة األسعار الحالية بهدف الوصول‪ ،‬في غضون‬
‫أربع سنوات‪ ،‬إلى األسعار المستهدفة والمتمثلة في ‪ %20‬بالنسبة للشركات التي يقل ربحها الصافي‬
‫عن ‪ 100‬مليون درهم‪ ،‬و‪ %35‬بالنسبة للشركات التي تحقق ربحا صافيا يساوي أو يفوق ‪ 100‬مليون‬
‫درهم‪ .‬وسيتم زيادة أو تخفيض األسعار المعمول بها في ‪ 31‬دجنبر‪ ،2022‬حسب الحالة‪ ،‬تدريجيا‬
‫برسم كل سنة مفتوحة خالل الفترة الممتدة من فاتح يناير ‪ 2023‬إلى ‪ 31‬دجنبر ‪.2026‬‬
‫ويقترح مشروع قانون المالية لسنة ‪ ،2023‬كذلك‪ ،‬التخفيض التدريجي على مدى أربع سنوات لسعر‬
‫الضريبة المحجوزة من المنبع على عوائد األسهم وحصص المشاركة والدخول المعتبرة في حكمها‬
‫من ‪ %15‬إلى ‪ .%10‬وسيتم خفض هذا السعر تدريجيا خالل الفترة الممتدة من فاتح يناير ‪ 2023‬إلى‬
‫‪ 31‬دجنبر ‪ 2026‬و ُحدد في ‪ %13,75‬برسم سنة ‪.2023‬‬
‫كما اقترح مشروع قانون المالية لسنة ‪ 2023‬مواصلة تخفيض سعر الحد األدنى للضريبة على‬
‫الشركات من ‪ % 0,50‬إلى ‪.% 0,25‬‬
‫ويعتبر المجلس أن مشروع قانون المالية لسنة ‪ 2023‬حدد آجاال ومسارا لبلوغ السعر المستهدف‬
‫للضريبة على الشركات المحدد في ‪ % 20‬بالنسبة للشركات التي ال يتجاوز ربحها الصافي ‪100‬‬
‫مليون درهم و‪ % 35‬بالنسبة للشركات التي يفوق ربحها هذه العتبة‪ .‬هذا األمر قد تنجم عنه بعض‬
‫المخاطر‪ ،‬إذ أن الشركة التي ستخضع الرتفاع سعر الضريبة من ‪ % 20‬إلى ‪ % 35‬لجميع أرباحها‬
‫بمجرد أن تصل إلى العتبة المحددة‪ ،‬قد تلجأ إما إلى الحد من نشاطها حين تصبح التكلفة الجبائية‬
‫اإلضافية ذات طابع رادع وإما إلى التخفيض من األرباح المصرح بها لتجنب أثر هذا التغيير‪.‬‬
‫وباإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن التخفيض التدريجي لسعر الضريبة المحجوزة من المنبع على عوائد األسهم‬
‫وحصص المشاركة والدخول المعتبرة في حكمها‪ ،‬المقترح للتخفيف من أثر الزيادة في أسعار‬
‫الضريبة على الشركات‪ ،‬معمم على كل الشركات بما فيها تلك التي ستخضع لسعر أدنى (أي تخفيضا‬
‫للضريبة) برسم المراجعة المقترحة في مشروع قانون المالية لسنة ‪.2023‬‬
‫بخصوص المخاطر المتعلقة بارتفاع سعر الضريبة من ‪ 20%‬إلى ‪ 35%‬بمجرد أن تصل الشركات المعنية‬
‫إلى العتبة المحددة‪ ،‬أشارت الوزارة بأن إشكالية "العتبة" مطروحة في جميع األنظمة الجبائية كلما تعددت‬
‫أسعار الضريبة على الشركات بما في ذلك النظام الحالي الذي ينص على عدة أسعار‪ .‬وأكدت الوزارة أن‬
‫إصالح أسعار هذه الضريبة أخذ بعين االعتبار البنية الحقيقية لالقتصاد الوطني‪ ،‬حيث أن نسبة ضئيلة من‬
‫الشركات (‪ )143‬التي تحقق أرباحا تفوق مائة مليون درهم تؤدي أكبر نسبة من مداخيل هذه الضريبة‪ ،‬ويسهل‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪66‬‬


‫تتبعها ومراقبتها من طرف إدارة الضرائب (مؤسسات ومقاوالت عمومية وشركات تزاول أنشطة مقننة أو‬
‫في وضعية احتكار أو احتكار القلة وكذا شركات مدرجة في البورصة)‪.‬‬
‫وق َّللت الوزارة من مخاطر التخفيض من األرباح المصرح بها لتجنب أثر هذا التغيير لكون مستوى الضغط‬
‫الضريبي على هذه الفئة لن يتغير نتيجة التخفيض من سعر الضريبة المحجوزة في المنبع على عوائد األسهم‬
‫والدخول المعتبرة في حكمها وكذا اعتماد المديرية العامة للضرائب على مقاربة إدارة المخاطر والعمل على‬
‫المحاربة الفعالة للغش والتهرب الضريبين‪.‬‬
‫أما فيما يخص التخفيض التدريجي لسعر الضريبة المحجوزة في المنبع على عوائد األسهم وحصص المشاركة‬
‫والدخول المعتبرة في حكمها وتعميمه على كل الشركات‪ ،‬ذكرت الوزارة بأن هدف التدبير يروم تحفيز‬
‫المقاوالت من أجل دعم تنافسيتها على الصعيد الوطني والدولي ويهم فئة قليلة من الشركات التي ستستفيد من‬
‫تخفيض سعر الضريبة على الشركات من ‪ %31‬إلى ‪ %20‬والتي تحقق أرباحا ما بين مليون ومائة مليون‬
‫درهم وال تتعدى نسبتها ‪ %2,8‬من مجموع الشركات المصرحة بالضريبة على الشركات‪.‬‬

‫• بخصوص الضريبة على الدخل‬


‫في إطار تنزيل هدف إدماج القطاع غير المهيكل في االقتصاد المنظم وتبسيط النظام الجبائي المطبق‬
‫على أنشطة القرب المدرة لدخل محدود‪ ،‬أقر قانون المالية لسنة ‪ 2022‬تدابير تتمثل في ‪ )1‬تحسين‬
‫نظام المساهمة المهنية الموحدة وتبسيط كيفيات احتسابها من خالل تجميع األنشطة ذات الطبيعة نفسها‬
‫ومراجعة األسعار الهامشية‪ )2 ،‬تمديد تطبيق التدابير التحفيزية لفائدة الملزمين الذين يقومون‬
‫بالتعريف لدى إدارة الضرائب ألول مرة و‪ )3‬تجديد اإلعفاء من الضريبة على الدخل بالنسبة لألجور‬
‫المدفوعة للشباب عند أول تشغيل لهم‪.‬‬
‫ويخضع الحد األدنى للضريبة على الدخل للتخفيض التدريجي‪ ،‬كما هو الحال بالنسبة للضريبة على‬
‫الشركات‪ ،‬حيث انتقل من ‪ %0.50‬إلى ‪ %0.40‬بالنسبة للمؤسسات التي تصرح بحصيلة جارية‬
‫موجبة دون احتساب االهتالك‪.‬‬
‫ومن جهته‪ ،‬يقترح مشروع قانون المالية برسم سنة ‪ 2023‬رفع بعض أسعار الخصم واالنخراط في‬
‫العودة التدريجية إلى مبدأ تضريب الدخل العام‪ .‬وهكذا‪ ،‬فقد نص على التدابير التالية‪:‬‬
‫‪ -‬رفع سعر الخصم المتعلق بالنفقات المرتبطة بالوظيفة أو الخدمة من ‪ % 20‬إلى ‪ %25‬مع‬
‫الرفع من سقف التخفيض من ‪ 30.000‬إلى ‪ 35.000‬درهم؛‬
‫‪ -‬رفع سعر التخفيض الجزافي المطبق بخصوص المعاشات واإليرادات العمرية من ‪% 60‬‬
‫إلى ‪ %70‬على مبلغ إجمالي قابل للتضريب ال يتجاوز ‪ 168.000‬درهم؛‬
‫‪ -‬تمديد أجل اإلعفاء من الضريبة على الدخل بالنسبة للمستخدمين الجدد وذلك إلى غاية ‪31‬‬
‫دجنبر ‪2026‬؛‬
‫‪ -‬التنفيذ التدريجي لمبدأ فرض الضريبة على الدخل السنوي العام من خالل التخلي عن‬
‫التضريب المنفصل للمداخيل العقارية وحذف الطابع اإلبرائي للحجوزات على التعويضات‬
‫المدفوعة للغير وإلزامية إيداع التصريح بالضريبة على الدخل المتعلق بالدخل الفالحي‬
‫المعفى؛‬
‫‪ -‬مراجعة كيفيات التضريب على دخل الربح العقاري ومراقبة هذه الضريبة؛‬
‫‪ -‬وضع معايير للنظام الجبائي المرتبط بحصص األرباح واألجور المدفوعة من طرف‬
‫الشركات المكتسبة لصفة "القطب المالي للدار البيضاء" والشركات المقامة في مناطق‬
‫التسريع الصناعي؛‬
‫‪ -‬ترشيد نظامي المقاول الذاتي والمساهمة المهنية الموحدة‪ ،‬حيث يخضع فائض رقم‬
‫المعامالت السنوي الذي يتجاوز ‪ 50.000‬درهم المحقق من طرف مقدمي الخدمات مع‬
‫نفس الزبون إلى الحجز في المنبع بسعر إبرائي قدره ‪% 30‬؛‬

‫‪67‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫‪ -‬تخفيض سعر الحد األدنى للضريبة من ‪ % 6‬إلى ‪ % 4‬بالنسبة للمهن الحرة‪.‬‬
‫وبهذا الصدد‪ ،‬فإن المجلس يثير االنتباه إلى أن مشروع قانون مالية سنة ‪ 2023‬لم ينص على تدابير‬
‫متعلقة بـ "إعادة النظر في الجدول التصاعدي لسعر الضريبة على الدخل" كما نصت على ذلك المادة‬
‫الرابعة من القانون اإلطار‪ ،‬أو على األقل لم يقدم آجاال للتطبيق في الفترة ‪ 2026-2023‬على غرار‬
‫الضريبة على الشركات‪ ،‬وذلك من أجل توضيح الرؤية بشأن هذا اإلصالح‪.‬‬
‫أوضحت الوزارة أن مراجعة الجدول التصاعدي ألسعار الضريبة على الدخل المطبقة على األشخاص‬
‫الذاتيين‪ ،‬التي تنكب الحكومة على دراستها بناء على المعطيات اإلحصائية وعلى اآلثار االجتماعية‬
‫واالقتصادية على جميع الفئات الخاضعة للضريبة على الدخل بما فيها المأجورين‪ ،‬تستلزم المزيد من الوقت‬
‫من أجل التشاور وتعميق دراسة األثر‪ ،‬بالنظر لإلكراهات المرتبطة خصوصا بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬عدم استفادة شريحة الدخل التي ال تتعدى ‪ 30.000‬درهم من أي مراجعة لهذا الجدول على اعتبار أنها معفاة‬
‫كليا من الضريبة على الدخل؛‬
‫‪ -‬استفادة أصحاب األجور العليا من هذه المراجعة لجدول أسعار الضريبة على الدخل نظرا لتصاعدية أسعار‬
‫هذا الجدول؛‬
‫‪ -‬استفادة كذلك أصحاب الدخول العليا المتعلقة باألنشطة المهنية أو الفالحية من مراجعة هذا الجدول‪.‬‬
‫وأضافت الوزارة أنه وأخذا بعين االعتبار للتكلفة الباهظة ألي مراجعة لهذا الجدول‪ ،‬فإنها تظل رهينة بتوسيع‬
‫قاعدة وعاء هذه الضريبة‪ ،‬السيما من خالل الرفع من مستوى المساهمة في اإليرادات الجبائية لبعض األنشطة‬
‫المهنية التي تتوفر على قدرة إسهامية عالية حتى يتسنى مراجعة ناجعة ألشطر هذه الضريبة‪ .‬كما أكدت أن‬
‫التدابير التي جاء بها قانون المالية لسنة ‪ 2022‬ومقترحات مشروع قانون المالية لسنة ‪ 2023‬كلها تدابير ذات‬
‫أولية همت كثيرا من األهداف األساسية التي وردت في المادة ‪ 3‬من القانون اإلطار‪.‬‬
‫وبخصوص التدبير المدرج في مشروع قانون المالية لسنة ‪ 2023‬المتعلق بمراجعة النظام الجبائي المطبق‬
‫برسم الضريبة على الدخل‪ ،‬فقد ذ ّكرت الوزارة أنه يندرج في إطار تفعيل االلتزامات الحكومة في إطار الحوار‬
‫االجتماعي األخير والهادفة إلى تحسين القدرة الشرائية لذوي األجور والدخول المعتبرة في حكمها بمن فيهم‬
‫المتقاعدين‪.‬‬

‫• بخصوص الضريبة على القيمة المضافة‬


‫تضمن قانون المالية لسنة ‪ 2022‬تدابير لتحسين نظام التحفيزات وأخرى تصحيحية أو للمالءمة‪ .‬فقد‬
‫تم تخفيض عتبة االتفاقيات المبرمة مع الدولة من ‪ 100‬إلى ‪ 50‬مليون درهم لالستفادة من اإلعفاء من‬
‫الضريبة على القيمة المضافة المؤداة على تجهيزات االستثمار‪.‬‬
‫كما أن إعادة تطبيق الضريبة على القيمة المضافة الداخلية‪ ،‬مع الحق في الخصم‪ ،‬على األلواح‬
‫الشمسية وسخانات المياه الشمسية هو تصحيح للنظام المعتمد في السنة السابقة‪ .‬وتتعلق تدابير المالءمة‬
‫بعمليات التأمين التكافلي المتوافقة مع نظام الضريبة على القيمة المضافة المطبق على معامالت‬
‫التأمين األخرى وكذا بتوسيع مجال اإلعفاء من الضريبة على القيمة المضافة ليشمل القروض البنكية‬
‫لطلبة التعليم العمومي لتمويل دراستهم‪.‬‬
‫ويقترح مشروع قانون المالية لسنة ‪ 2023‬بالنسبة للضريبة على القيمة المضافة إجراء مالءمة يتعلق‬
‫بتوحيد سعر هذه الضريبة المطبق على المهن الحرة للسعر العادي البالغ ‪ %20‬بدال من سعر ‪%10‬‬
‫المعمول به حاليا‪ .‬كما نص مشروع القانون على الشروط التنظيمية لالستفادة من اإلعفاء من الضريبة‬
‫على القيمة المضافة للمعدات الفالحية‪.‬‬
‫ويسجل المجلس أن القانون اإلطار حدد بشكل واضح اإلصالح المرتبط بالضريبة على القيمة‬
‫المضافة‪ .‬فقد كرس مبدأ حيادية هذه الضريبة مع االحتفاظ بإعفاء المنتجات األساسية من خالل توسيع‬
‫نطاق تطبيق الضريبة وتقليص عدد أسعارها وتعميم الحق في استرجاعها‪.‬‬
‫بناء على ذلك‪ ،‬وفي ضوء اإلجراءات الوارد ذكرها‪ ،‬فإن الشروع في إصالح هذه الضريبة ال زال‬
‫لم يأخذ بعده الحقيقي‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪68‬‬


‫أكدت رئاسة الحكومة على عزم الحكومة إطالق ورش إصالح الضريبة على القيمة المضافة اعتبارا من‬
‫السنة المقبلة‪ ،‬والذي سيهدف إلى تكريس مبدأ الحيادية مع مراعاة اإلبقاء على إعفاء المواد األساسية‪ ،‬وذلك‬
‫من خالل توسيع نطاق تطبيق هذه الضريبة وتقليص عدد األسعار وكذا تعميم الحق في استرجاعها‪.‬‬
‫ومن جانبها‪ ،‬أشارت وزارة االقتصاد والمالية أنه انسجاما مع مبدأ التدرج في تنزيل اإلصالح الجبائي ومراعاة‬
‫للظرفية االقتصادية واالجتماعية الراهنة‪ ،‬تم التركيز في مشروع قانون المالية لسنة ‪ 2023‬باألساس على‬
‫إصالح الضريبة على الشركات وإصالح أنظمة فرض الضريبة على الدخل‪.‬‬
‫أما بالنسبة للضريبة على القيمة المضافة‪ ،‬فأوضحت الوزارة أنه تم إدراج بعض التدابير كمرحلة أولية‬
‫لإلصالح تهدف إلى توحيد سعر الضريبة المطبق على المهن الحرة وتحديد اإلجراءات التنظيمية لالستفادة‬
‫من إعفاء المعدات الفالحية وستتم مواصلة اإلصالح التدريجي ابتداء من قانون المالية لسنة ‪.2024‬‬

‫• تعبئة موارد إضافية في إطار تمويل الحماية االجتماعية‬


‫تمت إعادة اعتماد المساهمة االجتماعية للتضامن على األرباح والمداخيل برسم سنة ‪ .2022‬وقد تم‬
‫تجديد هذه المساهمة في مشروع قانون المالية ‪ 2023‬وذلك للسنوات ‪ 2023‬و‪ 2024‬و‪.2025‬‬

‫• تحسين العالقات بين الملزمين واإلدارة الجبائية‬


‫شكل قانون المالية لسنة ‪ 2022‬منطلقا لتعزيز ضمان حقوق كال الطرفين‪ .‬وتم بموجبه تأسيس اللجان‬
‫الجهوية للطعون الضريبية‪ ،‬كما أوضح القانون أن تنظيم اللجنة المكلفة بالنظر في المخالفات‬
‫الضريبية وكيفيات سيرها يحدد بنص تنظيمي‪ .‬فيما يتوقع مشروع قانون المالية ‪ 2023‬وضع مسطرة‬
‫تواجهية بخصوص التصريح بالضريبة على الدخل برسم الربح العقاري‪.‬‬

‫• األهداف المرتبطة بمراجعة القواعد المتعلقة بجبايات الجماعات الترابية والرسوم‬


‫شبه الضريبية‬
‫تجدر اإلشارة إلى أن هذه الجوانب من اإلصالح الجبائي الشامل‪ ،‬والمنصوص عليها في القانون‬
‫اإلطار لم تكتمل بعد‪ ،‬كما لم يتم بعد وضع رؤية بخصوصها توضح طرق وآجال تنفيذها‪.‬‬
‫أشارت رئاسة الحكومة أن الحكومة ستعمل على مراجعة القواعد المتعلقة بجبايات الجماعات الترابية‬
‫ومالءمتها مع األحكام المنظمة لضرائب الدولة‪ ،‬وذلك في مجال الوعاء والتحصيل والمراقبة والمنازعات‬
‫والمساطر والخدمات اإللكترونية‪.‬‬
‫وفي اإلطار ذاته‪ ،‬أوضحت وزارة االقتصاد والمالية أنه تم العمل في مرحلة أولى لتمهيد انطالق إصالح‬
‫الجبايات الترابية على تفعيل ما جاء في القانون رقم ‪ 07.20‬المغير والمتمم للقانون رقم ‪ 47-06‬المتعلق بهذه‬
‫الجبايات‪ ،‬ال سيما ما تعلق بإعادة توزيع مهام تدبير بعض الرسوم الترابية بين المديرية العامة للضرائب‬
‫(الرسم المهني) والخزينة العامة للمملكة (رسم السكن ورسم الخدمات الجماعية)‪ ،‬وذلك من خالل العمل على‬
‫إصدار النصوص التنظيمية الالزمة لهذه الغاية‪.‬‬
‫وفيما يتعلق باستكمال جوانب اإلصالح الشامل المنصوص عليه في القانون اإلطار‪ ،‬أوضحت الوزارة أنه تم‬
‫عقد عدة لقاءات مع وزارة الداخلية ومع الخزينة العامة للمملكة‪ ،‬لدراسة التدابير التشريعية واإلجراءات‬
‫المواكبة لتنزيل هذا اإلصالح‪ ،‬حيث تم تكوين لجن تقنية مشتركة تنكب على دراسة المعطيات اإلحصائية‬
‫واألثر الجبائي لمختلف السيناريوهات المقترحة لتجميع الرسوم المطبقة على الممتلكات العقارية وتلك المتعلقة‬
‫باألنشطة االقتصادية‪ ،‬خصوصا الرسم المهني‪.‬‬
‫وبخصوص تنزيل اإلصالح الخاص بمراجعة الرسوم شبه الضريبية‪ ،‬ذ ّكرت الوزارة بإدراج قانون المالية‬
‫لسنة ‪ ،2022‬كمرحلة أولى‪ ،‬لمقتضيات الرسم الجوي للتضامن وإنعاش السياحة في المدونة العامة للضرائب‬
‫وذلك بهدف إسناد تدبيره إلى اإلدارة الجبائية وإعادة رصد حصيلته للميزانية العامة للدولة‪ .‬وأكدت الوزارة‬
‫أن الحكومة ستعمل على مواصلة تنزيل هذا الهدف في إطار قوانين المالية المقبلة‪.‬‬

‫‪69‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫‪ .3‬توصيات المجلس األعلى للحسابات‬
‫بناء على ما سبق‪ ،‬فإن المجلس يسجل التزام السلطات العمومية بتنزيل القانون اإلطار رقم ‪69.19‬‬
‫المتعلق باإلصالح الجبائي‪ ،‬ويوصي بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬مواصلة الجهود لتنزيل إصالح الضريبة على الدخل والضريبة على القيمة المضافة مع‬
‫تحديد جدولها الزمني على غرار الضريبة على الشركات‪ ،‬والتواصل بشأن أثر التغييرات‬
‫المحدثة أو المبرمجة على الميزانية؛‬
‫‪ -‬العمل على بلورة وتنفيذ خارطة طريق لتنزيل اإلصالح المتعلق بمراجعة جبايات‬
‫الجماعات الترابية والرسوم شبه الضريبية‪ ،‬وذلك وفقا لألهداف المسطرة في القانون‬
‫اإلطار سالف الذكر خصوصا المادتين ‪ 9‬و‪13‬؛‬
‫‪ -‬إجراء تقييم دوري لألثر االجتماعي واالقتصادي للحوافز الممنوحة من أجل توجيه‬
‫القرارات بشأن "االحتفاظ بها أو مراجعتها أو حذفها حسب الحالة"‪ ،‬وفقًا للفقرة األخيرة‬
‫من المادة ‪ 8‬من القانون اإلطار‪ ،‬سالف الذكر‪ ،‬ودع ًما لعملية توسيع الوعاء الضريبي‬
‫وفق ما هو منصوص عليه في المادة ‪ 4‬من نفس القانون‪.‬‬
‫أخبرت وزارة المالية في تعقيبها أنه سيتم التواصل في شأن اآلليات وكيفيات تنزيل التدابير القادمة‪ ،‬وذلك في‬
‫إطار التزام الحكومة باتخاذ جميع اإلجراءات لتنفيذ التوصيات الصادرة عن المجلس األعلى للحسابات في‬
‫شأن تنزيل القانون اإلطار رقم ‪ 69.19‬المتعلق باإلصالح الجبائي‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪70‬‬


‫قطاع المؤسسات والمقاوالت العمومية‪:‬‬
‫الحاجة إلى إعادة النظر في محفظة المؤسسات والمقاوالت العمومية‬
‫وتجميعها في أقطاب كبرى‬

‫أعطى صاحب الجاللة الملك محمد السادس حفظه هللا‪ ،‬بمناسبة انعقاد مجلس الوزراء بتاريخ ‪10‬‬
‫أكتوبر ‪ ،2018‬تعليماته السامية لوزير االقتصاد والمالية التخاذ التدابير الضرورية قصد وفاء عدد‬
‫من المؤسسات والمقاوالت العمومية‪ ،‬التي تعاني من صعوبات مالية‪ ،‬بالتزاماتها وأداء ما تراكم‬
‫بذمتها من متأخرات‪.‬‬
‫كما شدد جاللته بمناسبة خطاب العرش‪ ،‬في ‪ 29‬يوليو ‪ ،2020‬على ضرورة اإلسراع بإطالق إصالح‬
‫عميق للقطاع العام‪ ،‬وأمر بإحداث الوكالة الوطنية للتدبير االستراتيجي لمساهمات الدولة وتتبع نجاعة‬
‫أداء المؤسسات والمقاوالت العمومية وصندوق االستثمار االستراتيجي‪ .1‬وعالوة على ذلك‪ ،‬دعا‬
‫جاللة الملك‪ ،‬خالل الخطاب الذي ألقاه في ‪ 9‬أكتوبر ‪ 2020‬بمناسبة افتتاح الدورة األولى من السنة‬
‫التشريعية الخامسة‪ ،‬إلى القيام بمراجعة جوهرية ومتوازنة لقطاع المؤسسات والمقاوالت العمومية‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة‪ ،‬إلى أن تقرير النموذج التنموي الجديد‪ ،‬المقدم إلى صاحب الجاللة في ‪ 25‬مايو‬
‫‪ ،2021‬أوصى بجعل تحويل قطاع المؤسسات والمقاوالت العمومية محركا للتنمية االقتصادية‬
‫ورافعة رئيسية إلنعاش االقتصاد بعد األزمة الصحية لكوفيد ‪ .19‬كما ساهم المجلس األعلى‬
‫للحسابات‪ ،‬من خالل التقرير الذي أصدره سنة ‪ 2016‬بعنوان "قطاع المؤسسات والمقاوالت العمومية‬
‫بالمغرب‪ :‬العمق االستراتيجي والحكامة"‪ ،‬في إطالق دينامية اإلصالح‪.‬‬
‫وفي سنة ‪ ،2021‬تم نشر القانونين المؤسسين لهذا إلصالح بالجريدة الرسمية‪ .‬ويتعلق األمر بالقانون‪-‬‬
‫اإلطار رقم ‪ 50.21‬المتعلق بإصالح المؤسسات والمقاوالت العمومية والقانون رقم ‪ 82.20‬المتعلق‬
‫بإحداث الوكالة الوطنية للتدبير االستراتيجي لمساهمات الدولة وتتبع نجاعة أداء المؤسسات‬
‫والمقاوالت العمومية‪ .2‬كما تم إحداث صندوق محمد السادس لالستثمار‪ ،‬في نهاية سنة ‪،2020‬‬
‫بموجب القانون رقم ‪ 76.20‬المؤرخ في ‪ 31‬دجنبر ‪ ،2020‬والذي يهدف إلى دعم تنفيذ خطة إنعاش‬
‫االقتصاد الوطني للتخفيف من اآلثار السلبية لألزمة الصحية لكوفيد ‪.19‬‬
‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬كرس البرنامج الحكومي ‪ 2026-2021‬التزام الحكومة بتنزيل اإلصالح الشامل‬
‫للمؤسسات والمقاوالت العمومية‪ ،‬وتسريع تفعيل الوكالة الوطنية وصندوق محمد السادس لالستثمار‪.‬‬
‫‪ .1‬أهداف اإلصالح‬
‫يشمل إصالح المؤسسات والمقاوالت العمومية ثالثة مكونات رئيسية‪ ،‬تتجلى في إنجاز عمليات إعادة‬
‫الهيكلة ووضع النصوص التشريعية والتنظيمية المنصوص عليها في القانون‪-‬اإلطار رقم ‪50.21‬‬
‫وتفعيل كل من الوكالة الوطنية وصندوق محمد السادس لالستثمار‪.‬‬
‫وقد تم وضع تدابير ملموسة ومحددة‪ ،‬تتطلب مبادرات تشريعية أو تنظيمية أو تشغيلية إضافية‪،‬‬
‫بموجب القوانين المذكورة أعاله‪ ،‬السيما تحديث اإلطار القانوني الذي يؤطر إحداث وحكامة‬
‫المؤسسات والمقاوالت العمومية‪ ،‬وتنفيذ برامج إعادة الهيكلة‪ ،‬ومراجعة المراقبة المالية للدولة على‬
‫هذه المؤسسات‪ ،‬وإعداد سياسة مساهمات الدولة وإبرام عقود‪-‬برامج متعددة السنوات بين الدولة‬
‫والمؤسسات والمقاوالت العمومية‪.‬‬
‫في إطار تعقيبها‪ ،‬ذ ّكرت رئاسة الحكومة بأهمية وأهداف اإلصالح‪ ،‬حيث أكدت أن الحكومة تعطي أهمية‬
‫قصوى لتنزيل ورش إصالح هذا القطاع‪ ،‬وكذا تسريع تنزيل أوراش مهيكلة‪ ،‬بهدف تحقيق اإلقالع االقتصادي‬
‫وتحسين جودة الخدمات العمومية المقدمة للمواطنين‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬تسهر الحكومة على تنفيذ التوجيهات‬

‫‪ 1‬سمي فيما بعد بصندوق محمد السادس‪.‬‬


‫‪ 2‬المشار إليها بالوكالة الوطنية‪.‬‬

‫‪71‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫الملكية السامية فيما يتعلق بإعادة هيكلة وتحسين نجاعة المؤسسات والمقاوالت العمومية‪ ،‬وكذا على بلوغ‬
‫األهداف األساسية لهذا اإلصالح والمرتبطة خاصة‪ ،‬بتعزيز الدور االستراتيجي للمؤسسات والمقاوالت‬
‫العمومية في تنزيل السياسات العمومية واالستراتيجيات القطاعية وإعادة تحديد حجم القطاع العام وترشيد‬
‫النفقات العمومية‪ ،‬باإلضافة إلى تثمين أصول المؤسسات والمقاوالت العمومية وإعادة تمركزها حول أنشطتها‬
‫األساسية‪ .‬وأوضحت رئاسة الحكومة كذلك‪ ،‬أنه تم إطالق مجموعة من عمليات الهيكلة‪ ،‬من بينها إعادة هيكلة‬
‫قطاع الموانئ وإحداث القطب العمومي السمعي البصري وتدارس إحداث الشركات الجهوية لتوزيع الماء‬
‫والكهرباء‪.‬‬
‫ومن جهتها‪ ،‬أشارت وزارة االقتصاد والمالية إلى أنه قد تم وضع كافة التدابير التشريعية والتنظيمية والعملياتية‬
‫لتنزيل اإلصالح من طرف مديرية المنشآت العامة والخوصصة في إطار خارطة طريق تم وضعها من خالل‬
‫مذكرة داخلية بتاريخ ‪ 21‬دجنبر ‪.2021‬‬
‫‪ .2‬التقدم في تنزيل اإلصالح‬
‫ب عد أزيد من سنتين من إعالن الشروع في اإلصالح وبعد سنة واحدة من نشر النصوص القانونية‬
‫المؤسسة له‪ ،‬أصبح من الالزم تقييم التقدم الذي تحقق في تنزيل هذا الورش االستراتيجي والبنيوي‬
‫الذي حدد فيه المشرع خمس سنوات كآجال لتنفيذ عمليات إعادة هيكلة المؤسسات والمقاوالت‬
‫العمومية‪.‬‬
‫• دينامية إعادة هيكلة المحفظة العمومية في حاجة إلى انطالقة فعلية‬
‫على الرغم من الجهود المبذولة منذ سنة ‪ 2018‬إلعادة هيكلة محفظة المؤسسات والمقاوالت‬
‫العمومية‪ ،‬إال أن التركيبة المستهدفة لهذه المحفظة‪ ،‬من حيث حجمها وبنيتها‪ ،‬لم يتم تحديدها بعد في‬
‫أفق اإلصالح المرتقب‪ .‬كما لم يتم وضع خارطة طريق لعمليات إعادة الهيكلة بجدول زمني محدد‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة‪ ،‬بهذا الخصوص‪ ،‬إلى أنه تم تحديد بعض سيناريوهات إعادة الهيكلة ولكنها ال تزال‬
‫تتطلب مشاورات مع الوزارات الوصية لتحديد الخيارات المناسبة‪ ،‬حيث اعتمدت وزارة االقتصاد‬
‫والمالية‪ ،‬في سنة ‪ ،2022‬مقاربة تحديد األولويات حسب القطاعات إلجراء هذه المشاورات التي‬
‫ستهم في البداية قطاعي "الطاقة والمعادن" و "النقل واللوجستيك"‪.‬‬
‫جوابا على هذه المالحظة أشارت وزارة االقتصاد والمالية إلى أنه باإلضافة إلى عمليات إعادة الهيكلة التي تم‬
‫إطالقها بخصوص المؤسسات والمقاوالت العمومية اإلستراتيجية والتي ستقوم الوكالة الوطنية بتسريع تنفيذها‪،‬‬
‫تواصل الوزارة التدابير من أجل وضع تصور شامل ومندمج لخطة اإلصالح تهم عمليات إعادة هيكلة‬
‫المؤسسات والمقاوالت العمومية األخرى ذات الطابع غير التجاري‪.‬‬
‫وسيتمخض عن هذه الرؤية برنامج عمل مندمج ومتكامل سيحدد‪ ،‬وفق جدولة زمنية محددة‪ ،‬جميع عمليات‬
‫إعادة الهيكلة وأولويتها‪ .‬وسيمكن هذا البرنامج من توضيح الرؤية حول التركيبة المثلى للمحفظة العمومية‬
‫والتي سيتم مراجعتها باستمرار وفق نفس المنهجية‪.‬‬
‫ويتم إجراء عمليات إعادة الهيكلة في إطار مقاربة جماعية وتشاركية تهدف إلى معالجة كافة اإلشكاليات‬
‫والصعوبات المتعلقة بها‪ ،‬علما أنه ال يمكن أن تقرر وزارة االقتصاد والمالية معالم عمليات إعادة الهيكلة‬
‫بمعزل عن باقي األطراف المتدخلة‪ ،‬حيث تم في هذا الصدد إجراء عدة حوارات استراتيجية خاصة مع‬
‫الوزارات الوصية والمؤسسات والمقاوالت العمومية‪ ،‬وذلك منذ سنة ‪.2019‬‬
‫كما أن عمليات إعادة الهيكلة األربعة‪ ،‬التي تمت برمجتها بموجب قانون المالية لسنة ‪ ،2022‬لم يتم‬
‫تنفيذها بعد‪ .‬ويتعلق األمر بالشراكة اإلستراتيجية بين المكتب الوطني للسكك الحديدية والمكتب‬
‫الشريف للفوسفاط وصندوق الحسن الثاني للتنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وإحداث القطب العمومي‬
‫السمعي والبصري‪ ،‬والتقارب بين الوكالة الخاصة لطنجة المتوسط وشركة استغالل الموانئ‪ ،‬وإحداث‬
‫الشركات الجهوية لتوزيع الكهرباء والماء الصالح للشرب‪ .‬وبالموازاة مع ذلك‪ ،‬استمرت دينامية توسع‬
‫المحفظة العمومية‪ ،‬على الرغم من تباطؤها في سنتي ‪ 2020‬و‪ ،2021‬حيث تم إحداث ‪ 19‬شركة‬
‫فرعية جديدة خالل الفترة ‪.2021-2018‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪72‬‬


‫فيما يخص عمليات إعادة الهيكلة األربعة المشار إليها أعاله‪ ،‬أشار جواب وزارة االقتصاد والمالية إلى ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تجري حاليا األشغال والمشاورات بين أهم األطراف المعنية من أجل استكمال العمليات المزمع تنفيذها في‬
‫إطار تنزيل القطب السمعي البصري‪ ،‬علما أن األشغال واألسس الضرورية لتقويم نموذج هذا القطب‬
‫تستدعي مشاورات عميقة وموسعة واتخاد القرارات الالزمة حول أدوات تمويل عمليات اإلصالح‪ .‬وبمجرد‬
‫اتضاح الرؤية حول سبل تمويل النموذج الجديد‪ ،‬سيتم وضع عقد برنامج لتحديد جدولة زمنية لتفعيل‬
‫اإلصالح‪.‬‬
‫‪ -‬تم بالفعل تفويت ‪ %35‬من رأس مال شركة استغالل الموانئ لفائدة الوكالة الخاصة طنجة المتوسط‪ .‬وستتم‬
‫دراسة جدوى تفعيل الجزء الثاني من عملية التقارب حسب األهداف والتوجهات اإلستراتيجية‪.‬‬
‫‪ -‬يوجد مشروع القانون المتعلق بتنفيذ ورش إعادة هيكلة قطاع توزيع الماء والكهرباء في مراحله األخيرة من‬
‫أجل وضعه في مسطرة المصادقة‪.‬‬
‫ومن جانب آخر‪ ،‬فإن إجراءات إعادة الهيكلة الداخلية التي بدأت في تنفيذها بعض المؤسسات‬
‫والمقاوالت العمومية ذات األهمية الكبرى للدولة لم تفض بعد إلى النتائج المتوخاة فيما يخص‬
‫وضعيتها المالية ومؤشراتها االقتصادية‪ .‬وفي هذا السياق‪ ،‬فإن بعض هذه المؤسسات والمقاوالت‬
‫العمومية تراجعت نتائجها المالية‪ ،‬في سنتي ‪ 2020‬و‪ ،2022‬بسبب األزمة الصحية وارتفاع أسعار‬
‫المواد األولية‪ ،‬والسيما المنتجات الطاقية‪ ،‬إثر اندالع النزاع الروسي‪-‬االوكراني‪ .‬وينطبق هذا األمر‪،‬‬
‫على سبيل المثال‪ ،‬على المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب والمكتب الوطني للسكك‬
‫الحديدية وشركة الخطوط الملكية المغربية‪ .‬وقد أدى ذلك إلى تدهور قدراتها على التمويل الذاتي‪،‬‬
‫وبالتالي إضعاف إمكانياتها على دعم دينامية اإلنعاش االقتصادي‪ .‬حيث يتوقع أن تنهي شركة الخطوط‬
‫الملكية المغربية السنة المالية ‪ 2022‬بعجز قدره ‪ 2,7‬مليار درهم‪ ،‬في حين يتوقع المكتب الوطني‬
‫للكهرباء والماء الصالح للشرب‪ ،‬في سنة ‪ ،2022‬عجزا قياسيا في فرع الكهرباء يقدر ب ‪ 18‬مليار‬
‫درهم‪ .‬وقد كان للصعوبات المالية التي واجهتها المؤسسات والمقاوالت العمومية‪ ،‬بفعل الظرفية‬
‫الدولية غير المستقرة‪ ،‬تأثير كبير على المالية العمومية‪ ،‬حيث اضطرت الحكومة‪ ،‬في أكتوبر ‪،2022‬‬
‫إلى فتح اعتمادات إضافية لفائدتها بمبلغ ‪ 7‬مليار درهم‪.‬‬
‫جوابا على هذه المالحظة أشارت وزارة االقتصاد والمالية إلى أنه قد تأثرت عمليات إعادة هيكلة بعض‬
‫المؤسسات والمقاوالت العمومية ذات الرهانات اإلستراتيجية بالظروف االستثنائية المرتبطة بأزمة كوفيد ‪19‬‬
‫والتوترات الدولية وأزمة اإلجهاد المائي وسيتم إبرا م عقود برامج أو اتفاقيات تفاهم بين الدولة وهذه المؤسسات‬
‫والمقاوالت العمومية تتضمن االلتزامات الضرورية لتنزيل عمليات إعادة هيكلة جوهرية لنماذجها المالية‪.‬‬
‫• ضرورة تسريع إعداد النصوص التشريعية والتنظيمية المنصوص عليها في‬
‫القانون‪-‬اإلطار والمصادقة عليها‬
‫نص القانون‪-‬اإلطار رقم ‪ 50.21‬على خمسة نصوص تشريعية أخرى‪ ،‬تتعلق بإصالح نظام‬
‫الخوصصة‪ ،‬وبالحكامة والمراقبة المالية للدولة‪ ،‬وتعيين المتصرفين المستقلين في األجهزة التداولية‬
‫للمقاوالت العمومية‪ ،‬وإحداث الهيئة المركزية للتصفية‪ ،‬فضال عن تعديل القوانين التنظيمية للجماعات‬
‫الترابية لتنزيل األهداف والمبادئ المنصوص عليها في القانون‪-‬اإلطار سالف الذكر‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬نص هذا القانون‪-‬اإلطار على خمس نصوص تنظيمية‪ ،‬وهي المراسيم المتعلقة‬
‫بتحديد شروط وكيفيات تعيين ممثلي الدولة في الهيئات التداولية للمؤسسات والمقاوالت العمومية‪،‬‬
‫وشروط وكيفيات تعيين األعضاء المستقلين للمؤسسات العمومية‪ ،‬وحاالت إبرام عقود‪-‬برامج بين‬
‫الدولة والمؤسسات والمقاوالت العمومية‪ ،‬وميثاق الممارسات الجيدة للحكامة‪ ،‬وكذا كيفيات تقييم الملك‬
‫العام الموضوع رهن إشارة المؤسسات والمقاوالت العمومية‪.‬‬
‫وقد حددت وزارة االقتصاد والمالية‪ ،‬في برنامجها التشريعي‪ ،‬جدوال زمنيا يمتد على سنتي ‪2022‬‬
‫و‪ ،2023‬إلعداد النصوص القانونية الالزمة لتنزيل اإلصالح والشروع في مسطرة المصادقة عليها‪.‬‬
‫غير أنه لوحظ أن بعض مشاريع القوانين ما تزال معلقة على الرغم من االنتهاء من إعدادها منذ عدة‬
‫سنوات‪ .‬ويتعلق األمر‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬بمشروع إصالح منظومة الحكامة والمراقبة المالية للدولة‬

‫‪73‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫الذي سبق تقديمه إلى مجلس الحكومة خالل اجتماعه المنعقد بتاريخ ‪ 19‬أكتوبر ‪ .2017‬وتجدر‬
‫اإلشارة إلى أنه‪ ،‬إلى حدود شهر نونبر ‪ ،2022‬تمت المصادقة على مشروع قانون رقم ‪ 40.22‬يتعلق‬
‫بتحديد عدد المتصرفين المستقلين وشروط ومسطرة تعيينهم من طرف مجلس الحكومة المنعقد بتاريخ‬
‫‪ 3‬نونبر ‪ ،2022‬كما توصلت األمانة العامة للحكومة بمشروعي مرسومين رقم ‪ 2.22.581‬المتعلق‬
‫بتحديد شروط وكيفيات تعيين ممثلي الدولة في األجهزة التداولية للمؤسسات والمقاوالت العمومية‬
‫ورقم ‪ 2.22.582‬المتعلق بتحديد شروط وكيفيات تعيين األعضاء المستقلين في األجهزة التداولية‬
‫للمؤسسات العمومية‪ ،‬قصد برمجتهما في جدول أعمال اجتماع مجلس الحكومة‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫مشروع مرسوم يتعلق بتفعيل الوكالة الوطنية‪.‬‬
‫جوابا على هذه المالحظة أشارت وزارة االقتصاد والمالية إلى أنه على إثر عرض المسودة األولية إلصالح‬
‫منظومة الحكامة والمراقبة المالية للدولة على المؤسسات والمقاوالت العمومية على المجلس الحكومي المنعقد‬
‫بتاريخ ‪ 19‬أكتوبر ‪ ،2017‬تقرر تعميق دراسة االقتراحات والمالحظات التي أبدتها القطاعات الوزارية‪.‬‬
‫وباإلضافة إلى المشاورات مع القطاعات الوزارية والشركاء المعنيين‪ ،‬تمت مراجعة المشروع لمالئمته مع‬
‫التوجهات الملكية السامية الصادرة سنة ‪ 2020‬بشأن اإلصالح العميق للمؤسسات والمقاوالت العمومية‪ ،‬من‬
‫جهة‪ ،‬ومع الرؤية الجديدة للنموذج التنموي والدروس المستخلصة من جائحة كوفيد ‪ ،19‬من جهة أخرى‪.‬‬
‫لذا وفقا لما سبق‪ ،‬فإن مشروع القانون المتعلق بإصالح منظومة الحكامة والمراقبة المالية للدولة ليس معلقا‪،‬‬
‫بل تتواصل األشغال لتجويده أخذا بعين االعتبار التطورات المتعلقة بالتوجهات اإلستراتيجية لقطاع المؤسسات‬
‫والمقاوالت العمومية‪ .‬ويوجد حاليا هذا المشروع في طور الصياغة النهائية قصد وضعه في مسطرة المصادقة‪.‬‬
‫وفيما يخص مشروع القانون المتعلق بنظام الخوصصة‪ ،‬فإن المشاورات جارية لتحديد المبادئ واألهداف‬
‫األساسية لمالئمة هذا المشروع مع التوجه الجديد إلصالح القطاع العام‪ ،‬مما يسمح بمباشرة أشغال صياغة‬
‫هذا المشروع‪.‬‬
‫وفيما يخص تدبير عمليات تصفية المؤسسات والمقاوالت العمومية والتي نص بشأنها القانون اإلطار رقم ‪-21‬‬
‫‪ 50‬على إحداث هيئة مركزية تتولى القيام بتصفية المؤسسات والمقاوالت العمومية‪ ،‬فإنه سيتم العمل على‬
‫إعداد المقتضيات التشريعية بمجرد االنتهاء من الدراسة حول عمليات التصفية‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن اإلجراءات جارية من أجل وضع في مسطرة المصادقة لمشروع مرسوم تحدد بموجبه‬
‫الحاالت التي يتعين فيها إبرام عقود برامج بين الدولة والمؤسسات والمقاوالت العمومية مصحوبا بالنسخة‬
‫المحينة للدليل المنهجي للتعاقد‪.‬‬
‫كما أن الميثاق الخاص بحكامة المؤسسات والمقاوالت العمومية‪ ،‬الذي يوجد في طور التحيين‪ ،‬يوجد في‬
‫مراحله األخيرة‪ ،‬حيث يتم إجراء المشاورات مع اللجنة الوطنية لحكامة المقاوالت ومع العديد من المؤسسات‬
‫والمقاوالت العمومية وكذا الهيئات والجمعيات النشيطة في مجال الحكامة قبل وضع مشروع المرسوم المرتبط‬
‫به في مسطرة المصادقة‪.‬‬
‫وبالنسبة للنصوص التنظيمية المدرجة في القانون رقم ‪ 82-20‬المتعلق بالوكالة الوطنية‪ ،‬فإن اإلجراءات‬
‫جارية إلتمام صياغة ثالثة مشاريع مراسيم من أجل إدراجها في مسطرة المصادقة‪.‬‬
‫• تشغيل الوكالة الوطنية رهين باستكمال مجلس اإلدارة‬
‫تم نشر القانون رقم ‪ 82.20‬المتعلق بإحداث الوكالة الوطنية‪ ،‬في الجريدة الرسمية‪ ،‬في يوليو ‪.2021‬‬
‫وتعتبر الوكالة‪ ،‬التي تم تحديد نطاق محفظتها في ملحق هذا القانون‪ ،‬حجر الزاوية في اإلصالح‪،‬‬
‫حيث ستغطي ‪ 57‬مؤسسة ومقاولة عمومية تجارية تمتلك ‪ 488‬شركة فرعية‪ .‬مما يطرح تساؤالت‬
‫حول صالحيات المديرية المكلفة حاليا بالمنشآت العامة والخوصصة‪ ،‬وآليات المراقبة المالية للدولة‬
‫على المساهمات المنقولة للوكالة‪ ،‬وكذا مآل المؤسسات والمقاوالت العمومية ذات الطابع غير‬
‫التجاري التي ستحتفظ بها الدولة‪.‬‬
‫ويظل تفعيل الوكالة الوطنية مشروطا باستكمال أجهزة الحكامة والتدبير المنصوص عليها في القانون‬
‫المحدث لها‪ .‬حيث تم تعيين المدير العام خالل اجتماع مجلس الوزراء المنعقد بتاريخ ‪ 13‬يوليو‬
‫‪ ،2022‬غير أنه‪ ،‬لم يتم‪ ،‬بعد‪ ،‬تعيين جميع أعضاء مجلس اإلدارة‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬فإنه على الرغم من‬
‫صدور القانون رقم ‪ 82.20‬المشار إليه أعاله في الجريدة الرسمية‪ ،‬منذ أزيد من سنة‪ ،‬لم يتم بعد‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪74‬‬


‫استكمال أجهزة الحكامة والتدبير للوكالة‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى أن تعيين تسعة مسؤولين وأطر من‬
‫مديرية المنشآت العامة والخوصصة لدعم تشغيل الوكالة الوطنية‪ ،‬لم يتم إال مؤخرا بتاريخ ‪ 6‬أكتوبر‬
‫‪ 2022‬بواسطة مذكرة لوزيرة االقتصاد والمالية‪.‬‬
‫عالوة على ذلك‪ ،‬فإن التوجهات االستراتيجية للسياسة المتعلقة بمساهمات الدولة‪ ،‬والتي يتولى مجلس‬
‫الوزراء المصادقة عليها طبقا للمادة ‪ 3‬من القانون رقم ‪ 82.20‬سالف الذكر‪ ،‬لم تتم حتى اآلن اإلعالن‬
‫عنها‪ .‬علما أن هذه التوجهات االستراتيجية تعتبر مرحلة قبلية لوضع السياسة المذكورة‪.‬‬
‫في إطار تعقيبها‪ ،‬أشارت رئاسة الحكومة على أن الحكومة جعلت إحداث وتفعيل الوكالة الوطنية للتدبير‬
‫االستراتيجي لمساهمات الدولة وتتبع نجاعة أداء المؤسسات والمقاوالت العمومية من ضمن أولويات البرنامج‬
‫الحكومي ‪ ،2026-2021‬والتي تندرج في إطار تنفيذ التوجيهات الملكية السامية الواردة في خطاب العرش‬
‫بتاريخ ‪ 29‬يوليو ‪ 2020‬والخطاب الملكي الموجه للبرلمان في أكتوبر ‪ .2020‬كما أن مشروع المرسوم‬
‫‪ 2.22.582‬القاضي بتحديد شروط تعيين وتعويض األعضاء المستقلين في مجالس إدارة المؤسسات العمومية‬
‫يستهدف أيضا تعيين األعضاء المستقلين في مجلس إدارة هذه الوكالة‪ .‬وبعد تعيين المدير العام للوكالة‪ ،‬وافقت‬
‫وزارة االقتصاد والمالية في شتنبر ‪ ،2022‬بصفة استثنائية‪ ،‬على ميزانية الوكالة برسم سنة ‪ 2022‬لتمكينها‬
‫من تنفيذ مهامها ذات األولوية‪ ،‬وذلك في انتظار تعيين أعضاء مجلس إدارتها‪ .‬وفي انتظار مصادقة المجلس‬
‫الوزاري على التوجهات االستراتيجية‪ ،‬أطلقت وزارة االقتصاد والمالية مشروع إعداد السياسة المساهماتية‬
‫للدولة‪.‬‬
‫كما أشارت وزارة االقتصاد والمالية إلى أنه فيما يخص إعادة تحديد صالحيات وتنظيم مديرية المنشآت‬
‫العمومية والخوصصة مراعاة للمهام التي تتوالها الوكالة الوطنية‪ ،‬فيجب اإلشارة إلى أن الدور المهم للمديرية‬
‫يظل قائما خاصة في ممارسة مهامها التي تغطي جميع مكونات المحفظة العمومية‪ ،‬بما فيها تلك التي تندرج‬
‫ضمن نطاق الوكالة الوطنية‪ ،‬والتي تخص أساسا المهام السيادية‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أنه يتم حاليا االنتهاء من إعداد أدوات تسيير الوكالة عبر إعداد مشاريع اتفاقية المراقبة‬
‫والهيكل التنظيمي للوكالة ونظام المشتريات والنظام األساسي للمستخدمين باإلضافة إلى مختلف المساطر‬
‫العملياتية والمحاسباتية وكذا المواثيق المتعلقة بتنظيم وتسيير أشغال هيئات الحكامة‪.‬‬
‫وبالنسبة للتوجهات االستراتيجية للسياسة المساهماتية للدولة‪ ،‬فقد عملت مديرية المنشآت العامة والخوصصة‬
‫منذ بداية سنة ‪ 2022‬وفي إطار شراكة مع مؤسسة مالية دولية‪ ،‬وبشكل استباقي‪ ،‬على إطالق دراسة ينفذها‬
‫مكتب للخبرة من أجل إرساء السياسة المساهماتية للدولة باإلضافة إلى خارطة الطريق لتنزيل مضامينها‪.‬‬
‫وسيتمخض عن هذه الدراسة الخطوط العريضة للتوجهات اإلستراتيجية الكبرى إلعداد السياسة المساهماتية‬
‫للدولة التي سيتم تنقيحها ومالئمتها قبل تقديمها لمصادقة المجلس الوزاري طبقا ألحكام الفصل ‪ 49‬من‬
‫الدستور‪.‬‬
‫• اعتماد رؤية واضحة لألنشطة المستقبلية لصندوق محمد السادس أساس لتفعيله‬
‫األمثل‬
‫تم إحداث صندوق محمد السادس لالستثمار بموجب القانون رقم ‪ 76.20‬المؤرخ في ‪ 31‬دجنبر‬
‫‪ 2020‬للمساهمة في تنفيذ خطة إنعاش االقتصاد الوطني‪ ،‬التي أعلن عنها صاحب الجاللة في خطابه‬
‫السامي بتاريخ ‪ 29‬يوليوز‪ 2020‬بمناسبة عيد العرش‪ ،‬والتي رصد لها غالف مالي إجمالي قدره‬
‫‪ 120‬مليار درهم‪ .‬وقد تم تنفيذ مساهمة الدولة في الصندوق‪ ،‬خالل سنة ‪ ،2020‬برسم نفقات االستثمار‬
‫بمبلغ ‪ 15‬مليار درهم‪.‬‬
‫وقد تم تعيين المتصرفين بموجب النظام األساسي الملحق بالمرسوم التطبيقي رقم ‪ 2.21.67‬الصادر‬
‫في ‪ 19‬فبراير ‪ ،2021‬كما تم تعيين المدير العام‪ ،‬مؤخرا‪ ،‬خالل مجلس الوزراء المنعقد بتاريخ ‪18‬‬
‫أكتوبر ‪.2022‬‬
‫ولتفعيل صندوق محمد السادس لالستثمار‪ ،‬شرعت وزارة االقتصاد والمالية‪ ،‬بعد صدور القانون‬
‫المحدث له‪ ،‬في وضع تصور ودراسة متعلقة بإحداث وهيكلة الصناديق القطاعية والموضوعاتية‪،‬‬
‫المنصوص عليها في المادة ‪ 4‬من القانون رقم ‪ ،76.20‬وكذا الشراكات والمشاريع الكبرى التي سيتم‬
‫تمويلها‪ .‬غير أن هذه المشاريع لم يتم عرضها بعد على هيئات حكامة الصندوق العتمادها والشروع‬
‫في تنفيذها‪.‬‬

‫‪75‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫أشارت رئاسة الحكومة أنه بعد نشر القانون رقم ‪ 76.20‬الصادر في ‪ 31‬ديسمبر ‪ 2020‬بإحداث صندوق‬
‫محمد السادس لالستثمار‪ ،‬وفقا للتوجيهات الملكية السامية‪ ،‬فقد تم القيام بمجموعة من اإلجراءات من أجل‬
‫إنشاء الصناديق القطاعية والموضوعاتية التي سيستند عليها الصندوق‪ .‬وعلى إثر تعيين المدير العام للصندوق‬
‫خالل اجتماع المجلس الوزاري المنعقد في شهر أكتوبر ‪ ،2022‬سيتم تسريع تفعيل مهام الصندوق ال سيما‬
‫من خالل عقد االجتماع األول لمجلس إدارته‪.‬‬
‫وفي اإلطار نفسه‪ ،‬أوضحت وزارة االقتصاد والمالية أنه في إطار التحضير لعقد االجتماع األول للمجلس‬
‫اإلداري للصندوق‪ ،‬يتم إعداد مجموعة من القرارات الكفيلة بإعطاء االنطالقة الفعلية للصندوق‪ ،‬خاصة فيما‬
‫يتعلق بهيكلة وإرساء الصناديق القطاعية والموضوعاتية‪ ،‬وكذا استكمال آليات تدبير هيأت الحكامة‪.‬‬
‫وإثر تعيين المدير العام للصندوق بتاريخ ‪ 18‬أكتوبر ‪ ،2022‬فقد تم تسريع اإلجراءات من أجل تعيين أعضاء‬
‫المجلس اإلداري للصندوق وعقد اجتماعه األول المرتقب قبل نهاية سنة ‪ ،2022‬مما سيمكن من تفعيل‬
‫الصندوق والموافقة على استراتيجيته وبرنامج عمله خاصة فيما يتعلق بالرزنامة األولى للمشاريع التي سيساهم‬
‫في تمويلها وتنميتها وكذلك الشروع في األشغال المتعلقة بوضع منهجية واستراتيجية الصندوق وإرساء‬
‫الصناديق القطاعية والموضوعاتية الكفيلة بمواكبة تنمية القطاعات اإلستراتيجية‪.‬‬
‫‪ .3‬التوصيات‬
‫بناء على ما سبق‪ ،‬يوصي المجلس األعلى للحسابات بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تحديد التركيبة المستهدفة للمحفظة العمومية ووضع تخطيط متعدد السنوات لبرامج إعادة‬
‫الهيكلة بأشكالها المختلفة‪ :‬التجميع‪ ،‬واالندماج‪ ،‬والتحويل إلى القطاع الخاص‪ ،‬وفتح‬
‫رأس المال‪ ،‬والتصفية‪ ،‬والشراكة بين القطاعين العام والخاص‪ ،‬وما إلى ذلك؛‬
‫‪ -‬اإلسراع في تنفيذ إجراءات إعادة الهيكلة‪ ،‬على المدى القصير والمتوسط‪ ،‬التي تم‬
‫الشروع فيها من طرف المؤسسات والمقاوالت العمومية ذات الرهانات االقتصادية‬
‫واالجتماعية الكبيرة‪ ،‬في إطار عقود برامج موقعة مع الدولة؛‬
‫‪ -‬إعادة تحديد صالحيات وتنظيم مديرية المنشآت العامة والخوصصة لمراعاة الصالحيات‬
‫التي أصبحت تتوالها الوكالة الوطنية؛‬
‫‪ -‬استكمال أجهزة حكامة الوكالة الوطنية والمصادقة على أدوات تدبيرها والشروع‪ ،‬في‬
‫أقرب وقت ممكن‪ ،‬في أشغال البرمجة االستراتيجية والتشغيلية؛‬
‫‪ -‬اإلسراع في تفعيل هيئات حكامة وتدبير صندوق محمد السادس لالستثمار وتسريع وتيرة‬
‫إحداث الصناديق القطاعية‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪76‬‬


‫الفصل الثالث‪ :‬مراقبة التسيير وتقييم البرامج والمشاريع العمومية‬
‫يتولى المجلس األعلى للحسابات مراقبة تسيير األجهزة العمومية‪ ،‬طبقا لمقتضيات المواد من ‪ 75‬إلى‬
‫‪ 85‬من القانون رقم ‪ ،62-99‬وتمتد هذه المراقبة إلى تقييم البرامج والمشاريع العمومية‪.‬‬
‫أما بالنسبة للمجالس الجهوية للحسابات‪ ،‬فيخضع هذا االختصاص لمقتضيات المواد من ‪ 147‬إلى‬
‫‪ 153‬من القانون رقم ‪ 62.99‬المذكور‪.‬‬

‫‪ .1‬حصيلة أنشطة المجلس األعلى للحسابات‬


‫قام المجلس األعلى للحسابات في إطار اختصاص مراقبة التسيير‪ ،‬بما في ذلك تسيير األجهزة والمهام‬
‫األفقية والموضوعاتية وتقييم البرامج والمشاريع العمومية‪ ،‬ببرمجة ‪ 41‬مهمة رقابية خالل سنة‬
‫‪ ،2021‬أنجزت منها ‪ 24‬مهمة‪ ،‬تتوزع حسب القطاعات كما هو مبين في الجدول الموالي‪:‬‬

‫مهمات مراقبة التسيير والمهمات الموضوعاتية المنجزة‬ ‫القطاعات‬


‫استثمارات الميزانية العامة للدولة‬ ‫القطاعات المالية‬
‫الهيئة المغربية لسوق الرساميل‬
‫الموارد البشرية لوزارة الصحة‬
‫منظومة األدوية‪ :‬عمليات اإلذن بالعرض في السوق والمراقبة وتحديد ثمن بيع األدوية‬ ‫قطاع الصحة والحماية‬
‫نظام اإلنذار المبكر وتقليص وتدبير المخاطر الصحية‬ ‫االجتماعية‬
‫البرنامج الوطني للوقاية ومراقبة ارتفاع ضغط الدم‬
‫الموارد البشرية لقطاع التربية الوطنية‬
‫التكوين األساسي والتكوين المستمر ألطر هيئة التدريس‬
‫التعليم المدرسي عن بعد‬ ‫قطاعات التربية والتكوين‬
‫التعليم العالي عن بعد‬ ‫والتعليم العالي‬
‫منظومة التعليم العتيق‬
‫التكوين المهني الفالحي‬
‫خطة دعم قطاع السياحة لتجاوز آثار جائحة "كوفيد‪"19-‬‬
‫القطاعات اإلنتاجية‬
‫التجميع الفالحي‬
‫المباني اإلدارية‬
‫نظام مراقبة الولوج في اإلدارات العمومية‬ ‫القطاعات اإلدارية‬
‫نظام رصد المخالفات بواسطة الرادارات‬
‫العمل الثقافي‪ :‬الولوج إلى الثقافة‬
‫تدبير المباني والمواقع التاريخية‬
‫قطاع الثقافة‬
‫المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي‬
‫المعهد العالي لمهن السمعي البصري والسينما‬
‫االستراتيجية الوطنية للتنقالت الحضرية‬
‫الوكاالت الحضرية‬ ‫التنمية المجالية‬
‫حكامة وكالة تهيئة ضفتي أبي رقراق‬

‫‪77‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫‪ .2‬حصيلة أنشطة المجالس الجهوية للحسابات‬
‫برمجت المجالس الجهوية للحسابات االثنا عشر خالل سنة ‪ 2021‬ما مجموعه ‪ 197‬مهمة رقابية‬
‫تندرج في إطار ممارسة اختصاص مراقبة التسيير‪ ،‬أنجزت منها ما مجموعه ‪.176‬‬
‫وتتوزع هذه المهمات الرقابية المبرمجة والمنجزة من طرف المجالس الجهوية للحسابات على النحو‬
‫المبين في الجدول الموالي‪:‬‬
‫مهمات مراقبة التسيير المبرمجة والمنجزة من طرف المجالس الجهوية للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬
‫عدد المهام المنجزة‬ ‫عدد المهام المبرمجة‬ ‫األجهزة‬
‫‪8‬‬ ‫‪8‬‬ ‫مهام مراقبة تسيير الجهات‬
‫‪25‬‬ ‫‪26‬‬ ‫مهام مراقبة تسيير األقاليم والعماالت‬
‫‪108‬‬ ‫‪119‬‬ ‫مهام مراقبة تسيير الجماعات‬
‫‪2‬‬ ‫‪2‬‬ ‫مهام مراقبة تسيير مؤسسات التعاون ومجموعات الجماعات‬
‫‪2‬‬ ‫‪7‬‬ ‫مهام مراقبة تسيير المؤسسات العمومية المحلية‬
‫‪14‬‬ ‫‪15‬‬ ‫مهام مراقبة عقود التدبير المفوض‬
‫‪4‬‬ ‫‪7‬‬ ‫مهام مراقبة شركات التنمية المحلية‬
‫‪13‬‬ ‫‪13‬‬ ‫المهام األفقية أو الموضوعاتية‬
‫‪176‬‬ ‫‪197‬‬ ‫المجموع‬

‫ويتبين من خالل الجدول السابق‪ ،‬أن المجالس الجهوية للحسابات خصصت‪ ،‬خالل سنة ‪ ،2021‬غالبية‬
‫مهماتها الرقابية لمراقبة تسيير الجماعات الترابية وهيئاتها‪ ،‬وذلك بالنظر إلى أن هذه األجهزة تمثل‬
‫الحصة الكبرى من األجهزة الخاضعة لمراقبة هذه المجالس‪ .‬وهكذا‪ ،‬فقد برمجت هذه األخيرة ‪155‬‬
‫مهمة رقابية تتعلق بالجماعات الترابية وهيئاتها‪ ،‬أي ما يعادل ‪ %78‬من إجمالي المهمات المبرمجة‬
‫برسم سنة ‪ ،2021‬أنجزت منها ‪ 143‬مهمة‪ ،‬وهو ما يمثل نسبة إنجاز تفوق ‪.%92‬‬
‫وفضال عن ذلك‪ ،‬برمجت المجالس الجهوية للحسابات خالل سنة ‪ 2021‬ما مجموعه ‪ 13‬مهمة أفقية‪،‬‬
‫أنجزت جميعها‪ .‬وهي مهام يبرمجها كل مجلس جهوي للحسابات على حدة‪ ،‬يتناول من خاللها محورا‬
‫واحدا من محاور التدبير الذي تتم مراقبته على مستوى عينة من جماعات الجهة المعنية كما يمكن‪،‬‬
‫في بعض الحاالت‪ ،‬االقتصار على عينة من جماعات عمالة واحدة أو إقليم واحد‪ .‬وتراعى في برمجة‬
‫هذه المهام األفقية المخاطر التي ينطوي عليها محور المراقبة أو ما يكتسيه من أهمية آنية أو‬
‫استراتيجية سواء بالنسبة للمواطن أو بالنسبة للتنمية الترابية بشكل عام‪ .‬وقد همت المهام األفقية‬
‫المنجزة خالل سنة ‪ 2021‬ما مجموعه ‪ 225‬جهازا‪ ،‬وانصبت حول مجاالت الماء‪ ،‬والتخطيط‬
‫االستراتيجي‪ ،‬وفضاءات االستقبال الصناعي‪ ،‬والنقل الحضري‪ ،‬وبعض المرافق العمومية المحلية‬
‫األخرى كالمحطات الطرقية والمجازر‪ ،‬فضال عن تدبير العماالت واألقاليم ومجموعات الجماعات‬
‫الترابية ومؤسسات التعاون‪ ،‬وكذا تقديم اإلعانات للجمعيات وتدبير عقود واتفاقات القانون العادي‪.‬‬
‫وباإلضافة إلى هذه المهمات الرقابية‪ ،‬وفي إطار تكريس آليات التعاون بين مختلف مكونات المحاكم‬
‫المالية‪ ،‬أنجزت المجالس الجهوية للحسابات فيما بينها مهام موضوعاتية‪ ،‬كما ساهمت‪ ،‬وإعماال‬
‫لمقتضيات المادة ‪ 158‬من مدونة المحاكم المالية‪ ،‬في تنفيذ مهام رقابية تندرج مواضيعها ضمن‬
‫اختصاصات غرف المجلس األعلى للحسابات‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬أنجزت المجالس الجهوية للحسابات‪ ،‬خالل سنة ‪ 2021‬خمس (‪ )05‬مهمات موضوعاتية ذات‬
‫صلة بالتنمية الترابية‪ ،‬شاركت فيها كل المجالس‪ ،‬وتمحورت مواضيعها حول تدبير الجهات‪ ،‬خاصة‬
‫في جوانبها المرتبطة بتدبير النفقات والتخطيط االستراتيجي وتدبير الشراكات واتفاقيات التعاون‪،‬‬
‫وتدبير مرفق النقل المدرسي في الوسط القروي‪ ،‬وتدبير مشاتل المقاولين الشباب‪ ،‬كما تناولت مهمتان‬
‫موضوعاتيتان‪ ،‬تباعا‪ ،‬بعض أوجه تدبير الجماعات في الوسط القروي وتأثير األزمة الصحية على‬
‫تدبير الجماعات الترابية‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪78‬‬


‫وخالل سنة ‪ ،2021‬ساهمت المجالس الجهوية للحسابات أيضا في تنفيذ ‪ 11‬مهمة رقابية بشراكة مع‬
‫غرف المجلس حسب االختصاصات القطاعية لكل غرفة‪ .‬وتتعلق هذه المهام المشتركة أساسا بتدبير‬
‫الوكاالت الحضرية وبتدبير بعض الغرف المهنية (غرف الفالحة‪ ،‬وغرف الصناعة التقليدية‪ ،‬وغرف‬
‫الصيد البحري) وبتدبير الرسوم المحلية من طرف الدولة لفائدة الجماعات الترابية‪ ،‬وكذا بالمركز‬
‫االستشفائي الجهوي لجهة كلميم‪-‬واد نون وبكلية العلوم بتطوان‪ ،‬فضال عن المساهمة في المهام‬
‫المتعلقة باالستراتيجية الوطنية للتنقالت الحضرية وبنظام اإلنذار المبكر وتقليص وتدبير المخاطر‬
‫الصحية وبحكامة وكالة تهيئة ضفتي أبي رقراق‪.‬‬
‫‪ .3‬خالصات المهمات الرقابية المدرجة في هذا التقرير‬
‫انطالقا من المهمات الرقابية المنجزة خالل سنة ‪ ،2021‬والتي بلغ عددها ‪ 200‬مهمة‪ ،‬منها ‪ 176‬تم‬
‫إنجازها من طرف المجالس الجهوية للحسابات‪ ،‬قام المجلس األعلى للحسابات باستثمار مخرجاتها‬
‫وإعداد ‪ 28‬خالصة أدرجت في هذا التقرير‪.‬‬
‫وتعالج كل خالصة على حدة موضوعا أفقيا معينا من خالل استغالل التقارير الخاصة للمهمات‬
‫الرقابية التي تطرقت إلى نفس الموضوع‪ .‬وتشكل المواضيع ذات العالقة بالمهمات المنجزة من طرف‬
‫المجالس الجهوية للحسابات المثال األبرز للخالصات التي تم إعدادها انطالقا من عدد كبير من‬
‫التقارير الخاصة‪ ،‬حيث غالبا ما تكون هذه األخيرة منجزة من طرف جميع المجالس الجهوية وقد‬
‫همت مجموعة كبيرة من األجهزة على مستوى كل مجلس جهوي‪.‬‬

‫‪79‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪80‬‬
‫القطاعات المالية‬

‫‪81‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪82‬‬
‫يقتضي تعزيز نجاعة التدبير العمومي إيالء عناية خاصة للجوانب المرتبطة بالمالية العمومية‪ .‬في‬
‫هذا اإلطار‪ ،‬يركز المجلس األعلى للحسابات بصفة دورية على مجموعة من المواضيع ذات المخاطر‬
‫المرتفعة التي تستدعي اهتماما خاصا كالتوازنات المالية والمديونية وديمومة صناديق التقاعد وكذا‬
‫الحسابات الخصوصية للخزينة‪.‬‬
‫وارتباطا بالقطاعات المالية‪ ،‬تعتبر نفقات االستثمار أحد مكونات تكاليف الميزانية العامة للدولة‪،‬‬
‫وتوجه‪ ،‬حسب المادة ‪ 17‬من القانون التنظيمي للمالية رقم ‪ ،130.13‬باألساس إلنجاز المخططات‬
‫التنموية االستراتيجية والبرامج متعددة السنوات بغية الحفاظ على الثروات الوطنية أو إعادة تكوينها‬
‫أو تنميتها‪ ،‬وهو ما يضفي على هذه النفقات أهمية خاصة‪ ،‬ويقتضي‪ ،‬بالتالي‪ ،‬ضبطها وتدبيرها بما‬
‫يتيح استعمالها على النحو األمثل ويضمن نجاعة االستثمار العمومي‪.‬‬
‫وسعيا إلى تنظيم األسواق المالية‪ ،‬التي أضحت في العصر الراهن مركز اهتمام المستثمرين‬
‫والمدخرين‪ ،‬تحرص الدول على الحفاظ على استقرار هذه األسواق والزيادة من مردوديتها والرفع‬
‫من منسوب الثقة في السوق الداخلية من خالل فرض رقابة صارمة عليها من طرف أجهزة وهيئات‬
‫تنشأ لهذا الغرض‪ ،‬تتمتع باالستقاللية الكافية لممارسة مختلف مهامها‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد‪ ،‬أنجز المجلس األعلى للحسابات مهمتين رقابيتين تتعلقان ب‪:‬‬
‫‪ -‬االستثمارات المدرجة بالميزانية العامة للدولة؛‬
‫‪ -‬الهيئة المغربية لسوق الرساميل‪.‬‬

‫‪83‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫المالية العمومية‪:‬‬
‫بعض نقط االهتمام‬

‫بعد سنة ‪ ،2020‬التي اتسمت بآثار األزمة الصحية‪ ،‬شهدت المالية العمومية انتعاشا نسبيا خالل سنة‬
‫‪ ،2021‬حيث سجلت المؤشرات الرئيسية المتعلقة بالمالية العامة تحسنا يعزى أساسا إلى األداء الجيد‬
‫للمداخيل‪ ،‬ال سيما في شقها الضريبي‪.‬‬
‫إال أن هذا االنتعاش يواجه حاليا ظرفية صعبة تتسم بالشكوك التي يشهدها االقتصاد العالمي والوطني‪.‬‬
‫وقد أدى السياق الجيوسياسي الذي يعرف ارتفاع األسعار الدولية للمواد األساسية وزيادة ضغط‬
‫التضخم‪ ،‬فضال عن آثار الجفاف‪ ،‬إلى خفض التوقعات اإليجابية لالنتعاش التي سادت سنة ‪.2021‬‬
‫ونتيجة لذلك‪ ،‬من المتوقع أن تواجه المالية العمومية تحديات كبيرة تتميز بزيادة النفقات الناتجة عن‬
‫دعم أسعار المواد االستهالكية‪ ،‬وارتفاع المطالب برفع األجور في الوظيفة العمومية‪ ،‬وكذا متطلبات‬
‫اإلصالحات التي يتم إنجازها على مستوى المنظومة الصحية ومنظومة التعليم والحماية االجتماعية‪،‬‬
‫زيادة على ضرورة الحفاظ على دينامية الدولة في مجال االستثمار العمومي‪ .‬وتأتي هذه التحديات في‬
‫سياق مطبوع بتغير شروط التمويل في ارتباط بزيادة نسب الفائدة تحت تأثير الضغوط التضخمية‪.‬‬
‫هذا باإلضافة إلى بعض المخاطر المتعلقة بالتزامات الدولة الضمنية المرتبطة بالحالة الحرجة‬
‫لمنظومة التقاعد‪.‬‬
‫وفي مقابل الضغوط الناتجة عن النفقات‪ ،‬قد تواجه تعبئة المداخيل بعض اإلكراهات‪ .‬فعلى الرغم من‬
‫األداء المهم الذي سجلته المداخيل الضريبية خالل سنة ‪ ،2021‬والذي استمر في سنة ‪ ،2022‬فإن‬
‫هذه الدينامية من المرجح أن تشهد بعض التراجع نظرا لتباطؤ النمو‪ .‬كما أن الموارد غير الضريبية‪،‬‬
‫التي تتكون أساسا من مساهمات المؤسسات والشركات العمومية وموارد الخوصصة‪ ،‬قد ال تكفي‬
‫لمواجهة ارتفاع النفقات‪ ،‬وبالتالي قد تشكل عامال من شأنه أن يحد من طموح العودة التدريجية إلى‬
‫توازن الميزانية لما قبل األزمة‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فالتمويل من خالل اللجوء إلى المديونية‪ ،‬الذي اتسم بمنحى تصاعدي على مدى‬
‫العقد الماضي والذي زاد في سنة ‪ 2020‬تحت تأثير األزمة الصحية‪ ،‬من شأنه أن يحد من هوامش‬
‫التمويل بشروط مواتية‪ .‬فعلى الرغم من أن سنة ‪ 2021‬شهدت انخفاضا مهما في نسبة دين الخزينة‬
‫من ‪ %72,2‬إلى ‪ %68,9‬من الناتج الداخلي اإلجمالي مقارنة بسنة ‪ ،2020‬إال أن حجم الدين استمر‬
‫في االرتفاع مما يجعل العودة إلى وضع ما قبل األزمة الصحية (‪ %60,3‬من الناتج الداخلي اإلجمالي‬
‫في عام ‪ )2019‬صعب التحقيق على المدى المتوسط‪ .‬كما أن شروط التمويل على الصعيدين الداخلي‬
‫والدولي‪ ،‬والتي ظلت مواتية لفترة طويلة‪ ،‬من المتوقع أن تشهد تغيرا‪ ،‬ال سيما فيما يتعلق بأسعار‬
‫الفائدة‪ ،‬وهو ما تبينه الوضعية الراهنة والتوقعات المستقبلية التي تتجه نحو الزيادة في هذه األسعار‪،‬‬
‫مع ما سيكون لذلك من تأثير على كلفة الدين‪.‬‬
‫ارتباطا بهذه االكراهات‪ ،‬فإن المجلس‪ ،‬إذ يسجل عزم الحكومة استرداد الهوامش الميزانياتية كما تم‬
‫اإلعالن عنه في مشروع قانون المالية لسنة ‪ 2023‬وفي وثيقة البرمجة الميزانياتية للسنوات الثالث‬
‫‪ ،2025-2023‬يركز على أهمية االستمرار والتعجيل في اإلصالحات التي تم الشروع فيها على‬
‫مستوى المالية العمومية وكذلك على مستوى المشاريع المهيكلة األخرى‪ ،‬وال سيما تلك المتعلقة‬
‫بالمؤسسات والمقاوالت العمومية والحماية االجتماعية وقطاع المياه واالنتقال الطاقي‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى ونظرا لما تشكله الحسابات الخصوصية للخزينة من نسبة مهمة داخل ميزانية الدولة‬
‫على مستوى المداخيل والنفقات ونظرا كذلك لتعدد هذه الحسابات وتراكم أرصدتها‪ ،‬فإنها تستدعي‬
‫اهتماما خاصا من أجل ترشيد عددها وحصتها في ميزانية الدولة وإعادة النظر في التوازن بين‬
‫مداخيلها ونفقاتها وهو ما دعا إليه المجلس في تقاريره السابقة خاصة تلك المتعلقة بتنفيذ قانون المالية‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪84‬‬


‫وبخصوص أنظمة التقاعد األساسية‪ ،‬فإن عدم تحقيق توازناتها المالية واقتراب نفاد احتياطاتها في‬
‫آجال متفاوتة يبين محدودية نطاق اإلصالحات المقياسية التي همت باألساس كال من نظام المعاشات‬
‫المدنية بالصندوق المغربي للتقاعد منذ سنة ‪ ،2016‬وكذلك النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد في‬
‫سنة ‪ .2021‬ويقتضي ضمان ديمومة المنظومة على المدى الطويل اإلسراع في تنزيل ورش‬
‫اإلصالح الهيكلي لنظام التقاعد‪ ،‬السيما في أفق توسيع االنخراط في أنظمة التقاعد سنة ‪ 2025‬ليشمل‬
‫األشخاص الذين يمارسون عمال وال يستفيدون من أي معاش‪ ،‬وذلك في إطار ورش تعميم الحماية‬
‫االجتماعية‪ .‬ويسجل المجلس عزم السلطات العمومية على الشروع في هذا اإلصالح في غضون‬
‫السنة المقبلة‪.‬‬

‫‪85‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫نفقات االستثمار المدرجة بالميزانية العامة للدولة‪:‬‬
‫أثر محدود يستدعي إعادة النظر في بنية االستثمارات العمومية وأهدافها‬

‫قامت بالدنا ببذل مجهود مهم في مجال االستثمار خالل السنوات العشر األخيرة بمعدل سنوي أقصاه‬
‫و‪ %33‬من الناتج الداخلي الخام‪ ،‬وذلك بمساهمة القطاع الخاص‪ .‬وقد همت هذه االستثمارات‪ ،‬أساسا‪،‬‬
‫المشاريع المهيكلة الكبرى للبنيات التحتية‪ ،‬واستراتيجيات التنمية القطاعية وبرامج التنمية الحضرية‬
‫المندمجة‪ .‬بيد أن أثر هذا المجهود ظل محدودا نسبيا من حيث مساهمته في النمو االقتصادي وتحسين‬
‫اإلنتاجية وكذلك على مستوى تأثيره غير المباشر على االستثمار‪.‬‬
‫وتضع هذه المجهودات المتواصلة في مجال االستثمار العمومي بالدنا ضمن الدول ذات نسب‬
‫االستثمار المرتفعة‪ ،‬غير أنها ال تترجم على مستوى األداء االقتصادي الذي يظل غير كاف نسبيا‪،‬‬
‫مقارنة مع بعض الدول التي تحقق مستويات نمو مماثلة أو قريبة من تلك التي يحققها المغرب‬
‫وبمجهود أقل أهمية على مستوى استثمارها العمومي‪.‬‬
‫وبالتالي‪ ،‬تطرح إشكالية نجاعة االستثمار العمومي والعوامل التي تعرقل تحسينه وتطويره‪ .‬وترتبط‬
‫بعض هذه العوامل‪ ،‬من جهة‪ ،‬ببنية وتركيبة وطبيعة االستثمارات نفسها‪ ،‬من حيث جودتها وجدواها‪،‬‬
‫والتي ال تمكن من تثمين وتحسين الثروات الوطنية‪ ،‬ومن جهة أخرى‪ ،‬بالنقائص التي تعتري مختلف‬
‫مراحل تدبير مشاريع االستثمار انطالقا من تحديد االحتياجات إلى التتبع والتقييم مرورا بمرحلتي‬
‫التخطيط والتنفيذ‪.‬‬
‫وقد تطرقت مهمة المراقبة التي قام بها المجلس األعلى للحسابات إلى نفقات االستثمار المدرجة في‬
‫ميزانية الدولة نظرا للتطور المتزايد الذي حققته خالل السنوات األخيرة‪ ،‬مقارنة بتلك التي تم تنفيذها‬
‫من قبل األجهزة العمومية األخرى‪ .‬فخالل الفترة الممتدة ما بين ‪ 2010‬و‪ ،2020‬بلغت االستثمارات‬
‫العمومية‪ 3‬المنجزة معدال سنويا يقارب ‪ 219,91‬مليار درهم‪ ،‬تم إنجاز ‪ %62‬منها على مستوى‬
‫ميزانية الدولة و‪ %32‬من طرف المؤسسات والمقاوالت العمومية و‪ %6‬من قبل الجماعات الترابية‪.‬‬
‫وخالل نفس الفترة‪ ،‬بلغت نفقات االستثمار المنجزة‪ 4‬والمدرجة في ميزانية الدولة‪ ،‬في المتوسط‪ ،‬ما‬
‫يقارب ‪ 136,25‬مليار درهم‪ ،‬حيث ارتفعت من ما مجموعه ‪ 99,61‬مليار درهم في سنة ‪ 2010‬إلى‬
‫‪ 233,88‬مليار درهم برسم سنة ‪ ،2020‬بزيادة بلغت نسبتها ‪ .%135‬وقد تحملت الميزانية العامة‬
‫للدولة في المتوسط نسبة ‪ %43,62‬من هذه االستثمارات مقابل ‪ %55,8‬للحسابات الخصوصية‬
‫للخزينة و‪ %0,58‬لمصالح الدولة المسيرة بطريقة مستقلة‪.‬‬
‫وضمن ميزانية الدولة‪ ،‬تم التركيز‪ ،‬بصفة خاصة‪ ،‬على نفقات االستثمار المدرجة بالميزانية العامة‬
‫نظرا للصعوبات العملية التي تطرحها طريقة تقديم التوقعات المتعلقة بنفقات الحسابات الخصوصية‬
‫للخزينة وتنفيذها وطبيعة العمليات المدرجة في هذه الحسابات‪ ،‬والتي يتم االحتفاظ بها ألكثر من سنة‬
‫بدون تحديد سنتها المالية األصلية‪ ،‬باإلضافة إلى صعوبة إعادة تشكيل واحتساب أرصدتها‪.‬‬
‫وقد تم تحليل نفقات االستثمار المدرجة في الميزانية العامة للدولة‪ ،‬خالل الفترة الممتدة من ‪2010‬‬
‫إلى ‪ ،2020‬من خالل عينة متكونة من ستة قطاعات وزارية نفذت ما يفوق ‪ %64‬من النفقات‬
‫اإلجمالية لالستثمار‪ .‬ويتعلق األمر بوزارة االقتصاد والمالية (بالنسبة للتكاليف المشتركة لالستثمار)‬
‫وقطاعات الفالحة‪ ،‬والتجهيز والنقل‪ ،‬والصحة‪ ،‬والشباب والرياضة‪ ،‬والطاقة والمعادن‪.‬‬

‫‪ 3‬المصدر‪ :‬قوانين التصفية‪ ،‬والتقارير المرفقة بمشاريع قوانين المالية المتعلقة بالمؤسسات والمقاوالت العمومية‪ ،‬والبيانات اإلحصائية للمالية‬
‫المحلية المنجزة من طرف الخزينة العامة للمملكة‪.‬‬
‫‪ 4‬المصدر‪ :‬قوانين التصفية‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪86‬‬


‫أوال‪ .‬بخصوص بنية وتركيبة وتنفيذ نفقات االستثمار المدرجة في ميزانية الدولة‬
‫بالرجوع إلى تنظيم المعلومات المالية طبقا للتصنيف االقتصادي للنفقات‪ ،‬المعتمد في اإلطار‬
‫المرجعي للتبويب الميزانياتي المغربي‪ ،5‬يتم تقسيم نفقات االستثمار حسب طبيعتها‪ ،‬إلى ثالثة أصناف‬
‫كبرى (أبواب) وهي‪ :‬إعانات التجهيز وتحويالت رأس المال (القسم رقم ‪ )7‬والعمليات المالية (القسم‬
‫رقم ‪ )9‬واألصول الثابتة (القسم رقم ‪.)8‬‬
‫غير أنه لوحظ‪ ،‬من خالل تحليل حسابات التسيير المتعلقة بالقطاعات الوزارية المشار إليها أعاله‪،‬‬
‫إدراج أصناف أخرى من نفقات التسيير ضمن نفقات االستثمار‪ ،‬والتي تمثل في المتوسط ‪% 3,4‬‬
‫(‪ 1.371‬مليون درهم) من اعتمادات األداء‪ ،‬ويتعلق األمر بنفقات "تقديم الخدمات" و"السلع‬
‫االستهالكية" و"إعانات االستغالل والتحويالت الجارية األخرى"‪.‬‬
‫وتشكل هذه النفقات (األقسام رقم ‪ 7‬و‪ 8‬و‪ %97 )9‬من مجموع متوسط اعتمادات األداء واالعتمادات‬
‫النهائية المتعلقة بنفقات االستثمار‪ .‬وقد بلغ متوسط الفارق بين االعتمادات النهائية واعتمادات األداء‬
‫ما يقارب ‪ ،%18‬في حين بلغت نسبة تنفيذ هذه االعتمادات النهائية‪ ،‬في المتوسط‪ ،‬ما قدره ‪.%75‬‬
‫وبالنسبة لتوزيع نفقات االستثمار المحققة حسب التبويب الميزانياتي سالف الذكر‪ ،‬لوحظ أن إعانات‬
‫التجهيز وتحويالت رأس المال تحتل المرتبة األولى من حيث نسبة التنفيذ بمعدل يصل إلى ‪ %57‬من‬
‫المبالغ المؤداة بالنسبة للقطاعات الوزارية المعنية‪ ،‬مقارنة مع العمليات المالية التي تشكل ‪%22‬‬
‫واألصول الثابتة بنسبة ‪.%18‬‬
‫أوضحت وزارة االقتصاد والمالية أن إدراج "نفقات تقديم الخدمات" و"نفقات االستغالل والتحويالت الجارية"‬
‫باعتبارها نفقات التسيير ضمن نفقات االستثمار بالنسبة للقطاعات الوزارية المعنية بالدراسة‪ ،‬قد تم قبل دخول‬
‫مقتضيات المادة ‪ 17‬من القانون التنظيمي حيز التنفيذ أي خالل الفترة ‪ ،2015- 2010‬إال أنه وابتداء من سنة‬
‫‪ 2016‬يمكن مالحظة تقلص حجم هذه النفقات تدريجيا بفضل المجهودات المبذولة لتطهير بنود الميزانية‪ .‬كما‬
‫أكدت الوزارة أن نفقات "تقديم الخدمات" و"السلع االستهالكية" اختفت نهائيا من ميزانية االستثمار للقطاعات‬
‫الوزارية المعنية خالل الفترة ‪.2019-2018‬‬
‫‪ ‬تنفيذ محدود لالستثمارات المتعلقة باألصول الثابتة التي تنفذها مرافق الدولة‬
‫أبرز تحليل طبيعة االستثمارات في مجال األصول الثابتة وجود تركيز‪ ،%87‬كمتوسط‪ ،‬على مستوى‬
‫أربعة عناوين ميزانياتية فرعية وهي‪ :‬األشغال العمومية (‪ )%53‬وتشييد المباني واإلصالحات‬
‫الكبرى (‪ )%18‬واقتناء المعدات التقنية والمعلوماتية (‪ )%10‬والدراسات والمساعدة التقنية (‪.)%6‬‬
‫ويظل معدل التنفيذ على مستوى هذه العناوين الفرعية ضعيفا‪ ،‬حيث ال يتعدى في المعدل ‪،%17‬‬
‫بنسبة متوسطة ال تتجاوز ‪ %58‬بالنسبة لألشغال العمومية و‪ %11‬بالنسبة لتشييد المباني و‪%10‬‬
‫بالنسبة لإلصالحات الكبرى و‪ %7‬بالنسبة القتناء المعدات التقنية والمعلوماتية و‪ %5‬بخصوص‬
‫الدراسات والمساعدة التقنية و‪ %8‬بالنسبة لألصول الثابتة األخرى‪.‬‬
‫جوابا على هذه المالحظة‪ ،‬أوضحت وزارة االقتصاد والمالية أن تواضع معدالت التنفيذ يرجع باألساس إلى‬
‫طبيعة هذه النفقات‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬طبيعة نفقات األشغال وتشييد المباني‪ ،‬التي ترتبط بشكل وثيق بتصفية‬
‫األصول العقارية‪ ،‬تشكل عقبة كبيرة لتنفيذ االستثمارات المتعلقة بها وفق الحيز الزمني المحدد لها‪ .‬إضافة إلى‬
‫أن بطء المساطر القضائية المعمول بها في هذا الشأن يساهم كذلك في تأخير إنجاز بعض المشاريع وربما‬
‫حتى إيقافها‪ .‬هذا‪ ،‬وتبعا للتوجيهات الملكية السامية لصاحب الجاللة بهذا الخصوص‪ ،‬تنص المذكرة التوجيهية‬
‫للسيد رئيس الحكومة حول إعداد مشروع قانون المالية‪ ،‬على عدم برمجة أية مشاريع ال تتم تصفية عقاراتها‬
‫أو لم تستكمل بعد دراساتها‪ .‬كما أضافت الوزارة أنه‪ ،‬ورغم ذلك‪ ،‬يمكن أن تسجل هذه االستثمارات بعض‬
‫التأخر بالنظر إلى الصعوبات التقنية الطارئة التي تعترضها والتي تتطلب أحيانا اللجوء إلى دراسات غير‬
‫مبرمجة‪ ،‬أو بفعل الظروف المناخية غير المالئمة والتي يمكن أن تؤثر على سير األشغال كالتساقطات المطرية‬
‫أو الفيضانات‪.‬‬

‫‪ 5‬الدليل المرجعي المتعلق بالتبويب الميزانياتي‪2017 -‬‬

‫‪87‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫‪ ‬نفقات التسيير المدرجة في ميزانية االستثمار‬
‫بالرغم من كون قائمة التبويب الميزانياتي المعمول بها تصنفها ضمن ميزانية التسيير‪ ،‬مازالت بعض‬
‫النفقات المتعلقة ب"تقديم الخدمات" و"إعانات االستغالل والتحويالت الجارية" و"السلع‬
‫االستهالكية" والنفقات غير الموزعة تدرج ضمن ميزانية االستثمار‪ ،‬مما قد يساهم في الرفع من حجم‬
‫االستثمارات المنجزة فعليا‪ ،‬وبالتالي إعاقة مقروئية الوثائق الميزانياتية من أجل تقييم المجهود الحقيقي‬
‫المبذول في مجال االستثمار‪.‬‬
‫كما أن محتوى وطبيعة بعض نفقات االستثمار‪ ،‬في بعض العناوين‪ ،‬يجعلها أقرب لنفقات التدخل أو‬
‫التحويل أكثر منها لنفقات االستثمار‪ .‬وهذه النفقات هي‪ ،‬في أغلب األحيان‪ ،‬مدفوعات بدون مقابل‬
‫لفائدة بعض أصناف من المستفيدين (اإلعانات وخصومات الفائدة على قروض البناء لفائدة األسر‪،‬‬
‫وإعانات التسيير الموجهة للمؤسسات العمومية ذات الطابع اإلداري وما شابهها‪ ،‬بما في ذلك مصالح‬
‫الدولة المسيرة بطريقة مستقلة والنفقات المتعلقة بإعانات التسيير والتحويالت الجارية)‪.‬‬
‫وكانت البنود المتعلقة بنفقات التدخل أو التحويل قد اعتمدت في التبويب الميزانياتي قبل إصدار القانون‬
‫التنظيمي لقانون المالية الحالي رقم ‪ .130.13‬وقد انطلقت عملية التطهير التدريجي لميزانية‬
‫االستثمار‪ ،‬تطبيقا لمقتضيات هذا القانون التنظيمي‪ ،‬خالل فترة إعداد قانون المالية لسنة ‪ ،2015‬حيث‬
‫تم التركيز على النفقات المتعلقة بالترحيل و‪/‬أو التوطيد وكذا نفقات أخرى‪ ،‬استوجبت تجزيء بعض‬
‫العناوين ذات الصلة إلى نفقات تم إدراجها في ميزانية التسيير وأخرى في ميزانية االستثمار عبر‬
‫تغيير تسميتها‪ .‬ومازال هذا التطهير رهينا بالقدرات التدبيرية وقدرة اآلمرين بالصرف على تنفيذ‬
‫اعتمادات الترحيل واالعتمادات المدمجة بشأن هذا الصنف من النفقات‪.‬‬
‫و منذ اعتماد القانون التنظيمي الجديد لقانون المالية‪ ،‬ارتكزت عملية تطهير بنود ميزانية االستثمار‬
‫على مقاربة تدريجية تقوم على التشاور المستمر والدؤوب مع مختلف القطاعات الوزارية‬
‫والمؤسسات المعنية‪ ،‬من أجل تحديد البنود المستهدفة والحرص على احترام البنود المستحدثة‬
‫للمقتضيات الجاري بها العمل‪.‬‬
‫‪ ‬أهمية العمليات المالية‬
‫ترتبط العمليات المالية باألصول المالية للدولة‪ ،‬وتهم القروض والتسبيقات وكذا تدبير المساهمات‬
‫المالية للدولة‪ .‬ويهم تدبير هذه العمليات‪ ،‬االستثمار المالي في شكل مساهمات تلتزم بها الدولة تجاه‬
‫بعض المقاوالت أو إعادة الرسملة ومخصصات على شكل أموال ذاتية تضخها الدولة في أصول‬
‫بعض الشركات كأداء مخصصات على شكل رأس مال أولي بمناسبة تأسيس مؤسسة أو مقاولة‬
‫عمومية جديدة أو أداء مخصصات بشأن الزيادة في رأس المال‪ ،‬إلخ‪.‬‬
‫وخالل الفترة الممتدة ما بين ‪ 2010‬و‪ ،2020‬مثلت اعتمادات األداء المخصصة للعمليات المالية‬
‫‪ 8.748( %22‬مليون درهم) من المتوسط اإلجمالي لهذه االعتمادات‪ ،‬منها ‪ %73‬متكونة من سندات‬
‫المساهمات و‪ %27‬من مخصصات في شكل رأس المال‪ .‬وبالنسبة لالعتمادات النهائية‪ ،‬فقد سجلت‬
‫ارتفاعا بما يعادل ‪ %10‬في المتوسط مقارنة باعتمادات األداء‪ .‬وبالنسبة لمعدل تنفيذ النفقات‪ ،‬فقد بلغ‬
‫نسبة ‪ %84‬في المتوسط‪.‬‬
‫وبالنظر إلى أهمية العمليات المالية‪ ،‬التي تعكس بنية المحفظة العمومية‪ ،‬تثار مسألة فعالية الدولة‬
‫كمساهم وفعالية االستثمارات المدرجة في الميزانية العامة للدولة‪ .‬وفي هذا اإلطار‪ ،‬لوحظ أن أربع‬
‫مؤسسات ومقاوالت عمومية تضخ ما يعادل ‪ ،%72‬كمتوسط‪ ،‬من مجموع المساهمات بمبلغ إجمالي‬
‫قدره ‪ 10.219‬مليون درهم‪ ،‬خالل الفترة الممتدة ما بين ‪ 2010‬و‪.2019‬‬
‫وفي هذا الباب‪ ،‬حث منشور الوزير المكلف باالقتصاد والمالية رقم ‪ 1509‬الصادر بتاريخ‬
‫‪ 24‬شتنبر ‪ ،2021‬المتعلق بتأطير البرمجة الميزانياتية للمؤسسات والمقاوالت العمومية‪ ،‬على‬
‫ضرورة تطوير هذه المؤسسات والمقاوالت لمواردها الذاتية‪ ،‬وعقلنة نفقاتها في اتجاه تحقيق النتائج‬
‫وتحسين مساهماتها في الميزانية العامة للدولة‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪88‬‬


‫‪ ‬هيمنة إعانات التجهيز والتحويالت الموجهة للحسابات الخصوصية للخزينة‬
‫والمؤسسات والمقاوالت العمومية على ميزانية االستثمار‬
‫بالنسبة لتوزيع إعانات التجهيز وتحويل رأس المال حسب القطاعات الوزارية‪ ،‬تمثل نفقات االستثمار‬
‫المدرجة في فصل "التكاليف المشتركة‪-‬االستثمار" ما يعادل‪ ،‬في المتوسط‪ %54 ،‬من مجموع هذه‬
‫النفقات‪ .‬ويستمر هذا الفصل الذي من المفترض أن يقتصر على النفقات غير القابلة لإلدراج في‬
‫فصول االستثمار المتعلقة بالقطاعات الوزارية‪ ،‬في احتواء أكبر حصة من الغالف اإلجمالي‬
‫العتمادات األداء الخاصة باإلعانات والتحويالت وكذا البنود الميزانياتية المماثلة‪ .‬ومن شأن هذه‬
‫الوضعية أن تؤثر على جودة البرمجة والتوقع المتعلقين بالميزانية‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬فخالل الفترة الممتدة ما بين ‪ 2010‬و‪ ،2020‬تلقت الحسابات الخصوصية للخزينة ما يقارب‬
‫‪ %76‬من مجموع إعانات التجهيز وتحويل رأس المال (‪ 21.845‬مليون درهم) بهدف اقتناء عقارات‪،‬‬
‫في حين استفادت المؤسسات العمومية ذات الطابع اإلداري من ‪ %20‬من هذه اإلعانات‪ ،‬فيما حصلت‬
‫هيئات أخرى على نسبة ‪( %4‬المقاوالت غير المالية والجمعيات والمؤسسات غير الربحية‬
‫والجماعات الترابية)‪.‬‬
‫وتؤثر مسألة غلبة حصة التحويالت الموجهة للحسابات الخصوصية للخزينة والمؤسسات العمومية‬
‫ذات الطابع اإلداري في نفقات االستثمار المتعلقة بالدولة‪ ،‬باعتبارها خيارا في مجال تنفيذ هذه النفقات‪،‬‬
‫على جودة ومقروئية المجهود المبذول في مجال االستثمار المدرج في الميزانية العامة للدولة‪ .‬كما‬
‫يتطلب تقييم االستثمار الحقيقي المدرج في هذه الميزانية إعادة معالجة هذه التحويالت الموجهة إلى‬
‫الدعامات الميزانياتية األخرى ولفائدة الهيئات العمومية‪.‬‬
‫وباإلضافة إلى ذلك‪ ،‬تجدر اإلشارة إلى وجود قصور على مستوى تتبع ومراقبة استخدام التحويالت‬
‫المتعلقة بإعانات التجهيز وتحويل رأس المال‪ ،‬الموجهة للحسابات الخصوصية للخزينة‪ ،‬وكذا تنفيذها‬
‫الفعلي لدى المؤسسات العمومية ذات الطابع اإلداري‪ ،‬مما يحول دون االطالع على حقيقة االستثمار‬
‫المنجز من طرف هذه األجهزة والتأكد بضمان معقول من اإلنجاز الفعلي لالستثمار وتشكيله لألصول‬
‫الثابتة‪.‬‬
‫فضال عن ذلك‪ ،‬يتم تنفيذ نفقات التحويل ونفقات إعادة التوزيع‪ ،‬التي تهدف أساسا إلى تحقيق أهداف‬
‫وغايات اجتماعية أو اقتصادية‪ ،‬دون مقابل لفائدة الدولة‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬فإن العديد من الصعوبات‬
‫تحول دون تحديد البنود التي يمكن اعتبارها مخصصات ذات طبيعة استثمارية صرفة‪ ،‬حيث يتطلب‬
‫تحليل طبيعة عمليات التحويل إجراء تحقيقات معمقة مع األطراف المستفيدة من أجل التمكن من‬
‫تأهيلها وتصنيفها‪.‬‬
‫وعلى مستوى اإلنجاز‪ ،‬قدرت المبالغ المفرج عنها من الميزانية العامة للدولة الموجهة للمؤسسات‬
‫والمقاوالت العمومية‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬بحوالي ‪ 33.213‬مليون درهم في سنة ‪2020‬‬
‫مقابل ‪ 31.310‬مليون درهم برسم سنة ‪ ،2019‬بمعدل إنجاز يقارب ‪ %90‬مقارنة بالتوقعات‪ .‬وبالنسبة‬
‫لبنية توزيع هذه المبالغ المفرج عنها‪ ،‬حسب تنزيالت الميزانية والمستفيدين‪ ،‬فهي متطابقة نسبيا ما‬
‫بين السنوات‪ .‬فبرسم سنة ‪ 2020‬مثال‪ ،‬خصص ما يناهز ‪ %63‬للمؤسسات والمقاوالت العمومية التي‬
‫تتلقى اإلعانات و‪ %32‬للتجهيز و‪ %5‬لزيادة رأس المال مقابل ‪ %63,3‬و‪ %33,5‬و‪ %3,2‬على‬
‫التوالي التي سجلت برسم سنة ‪.2019‬‬
‫وحسب طبيعة المستفيدين من التحويالت‪ ،‬تركزت هذه األخيرة لدى المؤسسات العمومية غير‬
‫التجارية بما يعادل ‪ %84‬برسم سنة ‪ ،2020‬على غرار سنة ‪ ،2019‬منها ‪ %71,46‬موجهة للتسيير‬
‫و‪ %28,47‬مخصصة للتجهيز و‪ %0,07‬لفائدة الزيادة في رأس المال‪ .‬في حين خصصت ‪%16‬‬
‫المتبقية لفائدة المؤسسات العمومية والمقاوالت التجارية منها ‪ %51,27‬للتجهيز و‪ %20,79‬للتسيير‬
‫و‪ %27,93‬للزيادات في رأس المال‪.‬‬

‫‪89‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫في معرض جوابها على هذه المالحظة‪ ،‬أوضحت وزارة االقتصاد والمالية أن معظم االعتمادات المبرمجة‬
‫على مستوى فصل التكاليف المشتركة‪ -‬االستثمار تهم التحويالت الموجهة للحسابات المرصدة ألمور‬
‫خصوصية والتي تستلزم تدخل الوزارة لتصفية وبرمجة المبالغ المتعلقة بها‪ ،‬وذلك على أساس معطيات‬
‫المداخيل المتوقعة‪ .‬وينطبق ذلك بالخصوص على التحويالت الموجهة لفائدة الجهات‪ .‬كما يمكن تبرير برمجة‬
‫التحويالت بوجود التزامات لوزارة االقتصاد والمالية على المدى المتوسط‪ ،‬وأحيانا العتبارات تتعلق بالطابع‬
‫المؤقت لبعض التحويالت أو التي تتطلب تتبعا مسبقا قبل إجراء هذه التحويالت‪ .‬من جهة أخرى‪ ،‬تتعلق‬
‫االعتمادات األخرى المدرجة في هذا الفصل أساسا بااللتزامات المنبثقة عن االتفاقيات التي تعتبر فيها وزارة‬
‫االقتصاد والمالية طرفا معنيا‪ ،‬وكذا بالعمليات المتعلقة بتمويل رؤوس األموال التي يمكن أن تطرأ خالل السنة‬
‫ووفق إجراءات خاصة‪.‬‬
‫كما أفادت الوزارة أن تنفيذ النفقات المتعلقة باالستثمار تحدده أساسا البرمجة المعتمدة من طرف القطاعات‬
‫المعنية والتي تهدف إلى رصد االعتمادات الضرورية وتحديد الدعامات المعتمدة من قبيل الميزانيات القطاعية‬
‫أو الحسابات الخصوصية للخزينة أو المؤسسات العمومية‪ .‬والجدير بالذكر‪ ،‬أن مستويات التحويالت المبرمجة‬
‫ما هي إال انعكاس للمتطلبات الفعلية والعملية التي تمليها ضرورة إنجاز وتوطيد االعتمادات المتعلقة بالمشاريع‬
‫المزمع تنفيذها‪ ،‬بغض النظر عن طبيعة هذه الدعامات‪.‬‬
‫كما أشارت الوزارة أن بنية اعتمادات االستثمار كما جاء في التقرير‪ ،‬تمليها‪ ،‬باإلضافة إلى العوامل المذكورة‬
‫سلفا‪ ،‬الخيارات المعتمدة لتنفيذ السياسات العمومية والتي تجعل من بعض المؤسسات العمومية فاعال أساسيا‬
‫في تنفيذها (كاألكاديميات الجهوية للتربية والتكوين والجامعات ومراكز االستشفاء الجامعية وغيرها من‬
‫المؤسسات العمومية)‪ ،‬وأن تنفيذ بعض البرامج ذات الطابع األفقي والتي تستلزم مساهمة عدة قطاعات‬
‫وزارية‪ ،‬يجعل في كثير من األحيان أمر التنفيذ عبر الحسابات الخصوصية للخزينة خيارا عمليا له طابع‬
‫مرحلي‪.‬‬
‫وبخصوص تأثير هذه التحويالت على المقروئية العامة للمعطيات المتعلقة باالستثمار‪ ،‬ذكرت الوزارة أن‬
‫التأشير على هذه التحويالت يتم وفق مسطرة محددة تعتمد باألساس على ضرورة توفير المعلومات المتعلقة‬
‫بتنفيذ هذه العمليات من طرف المؤسسات العمومية وكذا وضعية خزينتها المالية‪ .‬إلى جانب ذلك‪ ،‬أكدت الوزارة‬
‫أن دور ممثليها في مختلف هيئات الحكامة للمؤسسات العمومية‪ ،‬يمكنها من متابعة القرارات المتخذة والوقوف‬
‫على نسب التنفيذ وكذا طرق برمجة مشاريع االستثمار الممولة من طرف الدولة‪.‬‬
‫كما أوضحت الوزارة أن العمليات التي يتم تنفيذها في إطار الحسابات الخصوصية للخزينة تخضع بدورها‬
‫لنفس المساطر التي يتم إعمالها بالنسبة للميزانيات القطاعية‪ ،‬وتسهر الوزارة على تتبع تنفيذها كما هو الشأن‬
‫بالنسبة للمشاريع المبرمجة على مستوى القطاعات الوزارية‪.‬‬
‫وأخيرا‪ ،‬أكدت الوزارة أنها تعمل بشكل وثيق مع القطاعات المعنية لتوفير المعلومات المتعلقة بجل مشاريع‬
‫االستثمار‪ ،‬وذلك في إطار االجتماعات المخصصة للبرمجة الميزانياتية وأثناء إعداد المذكرة المتعلقة بالتوزيع‬
‫الجهوي لالستثمار بمناسبة إعداد مشاريع قوانين المالية السنوية‪ ،‬باعتبار أن هذه التحويالت سواء كانت لفائدة‬
‫الحسابات الخصوصية للخزينة أو المؤسسات والمقاوالت العمومي ة فهي تعد إصدارات فعلية ناجمة عن تنفيذ‬
‫نفقات عمومية مبررة تنجزها الدولة أو المؤسسات التابعة لها‪.‬‬
‫ثانيا‪ .‬نجاعة نفقات االستثمار المتعلقة بالدولة‬
‫‪ ‬تخطيط وبرمجة نفقات االستثمار المتعلقة بالدولة بحاجة للتحسين‬
‫كرست أحكام الدستور التخطيط القطاعي في إطار رؤية استشرافية متناسقة ومندمجة من شأنها إبراز‬
‫آثار الميزانية على االقتصاد والنمو‪ .‬غير أن تنزيل السياسة الحكومية في قوانين المالية ال يتم دائما‬
‫بطريقة واضحة ومقروءة‪ ،‬ذلك أن فحص التبويب الميزانياتي الجاري به العمل ال يتيح تجميع وربط‬
‫برامج االستثمار لجعلها أداة في خدمة وتقييم السياسات العمومية‪.‬‬
‫وتعد البرمجة الميزانياتية متعددة السنوات أحد مبادئ تدبير مالية الدولة‪ ،‬التي نص عليها القانون‬
‫ُعرف القانون التنظيمي البرنامج على‬
‫التنظيمي للمالية الذي دخل حيز التنفيذ ابتداء من سنة ‪ .2019‬وي ّ‬
‫أنه عبارة عن "مجموعة متناسقة من المشاريع أو العمليات التابعة لنفس القطاع الوزاري أو‬
‫ُعرف المشروع أو العملية على أنه عبارة عن "مجموعة محددة من األنشطة‬ ‫المؤسسة"‪ .‬كما ي ّ‬
‫واألوراش التي تم إنجازها بهدف االستجابة لمجموعة من االحتياجات المحددة"‪ .‬وتجدر اإلشارة في‬
‫هذا الصدد إلى غياب قوانين برمجة تحدد التوجهات العامة للمالية العمومية‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪90‬‬


‫في معرض جوابها على هذه المالحظة‪ ،‬أوضحت وزارة االقتصاد والمالية أن منهجية تخطيط وبرمجة‬
‫اعتمادات االستثمار تؤطرها المقتضيات الدستورية والتشريعية المنصوص عليها ضمن القانون التنظيمي‬
‫لقانون المالية‪ .‬من جهة أخرى‪ ،‬وفي ظل عدم إلزامية البرلمان بالمصادقة على مخطط للحكومة‪ ،‬وضع دستور‬
‫سنة ‪ 2011‬األسس لمقاربة جديدة ترتكز على توزيع االعتمادات استنادا إلى المعطيات المتعلقة بتنفيذ‬
‫االستراتيجيات والمخططات القطاعية‪ ،‬حيث يمكن أن يعتمد هذا التوزيع على أسلوب يتخذ عدة أشكال‬
‫كالتوجيهات الملكية السامية وتدابير السياسات العمومية التي تتكفل الحكومة بتنفيذها‪ ،‬واالستراتيجيات‬
‫القطاعية التي تم اعتمادها والمصادقة عليها من طرف الحكومة‪ ،‬وتوطيد االلتزامات التي تعهدت بها الدولة‬
‫في إطار اتفاقيات التمويل‪ ،‬والقوانين‪-‬إطار لتنزيل بعض السياسات القطاعية‪.‬‬
‫كما أفادت الوزارة من خالل جوابها أن هذا اإلطار الجديد للبرمجة‪ ،‬المنصوص عليه في المادة ‪ 5‬من القانون‬
‫التنظيمي لقانون المالية‪ ،‬يشكل مقاربة جديدة من شأنها أن تخضع الحكومة للمساءلة وتقطع مع اإلطار غير‬
‫المرن للتخطيط الذي أبان عن قصوره‪ ،‬وذلك من خالل اعتماد إطار سلس وأكثر استجابة لتطورات الظرفية‬
‫االقتصادية والمالية‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى إصالح بنية نموذج الميزانية‬
‫إن وضع وثائق الميزانية الحالي يتم بمنطق توزيع االعتمادات بين البرامج‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬تجدر‬
‫اإلشارة إلى غياب التنسيق والتقارب بين بنيات البرامج والمشاريع من جهة‪ ،‬ومضامين السياسات‬
‫العمومية من جهة أخرى تتمحور حول برامج ومشاريع ترتكز حول مهام محددة لخدمة المرافق‬
‫العمومية‪ .‬فالترابط بين برامج الميزانية والسياسات العمومية ال يمكن تحقيقه إال من خالل أدوات‬
‫تنسيق بين الوزارات‪ .‬وفي هذا اإلطار‪ ،‬هناك مجال إلضفاء طابع مؤسساتي على المقاربة بين‬
‫الوزارات بحيث تكون موجهة نحو السياسات العمومية بدال من هياكل الوزارة‪ ،‬مما يستلزم إحداث‬
‫بنيات لهذا الغرض‪.‬‬
‫ويبرز تحليل نموذج الميزانية أن الطريقة المتبعة في بلورة البرامج تتم من خالل تحديد األهداف‬
‫المتوخاة حسب الهياكل‪ .‬وبالتالي فإن البرامج تكون‪ ،‬في معظم الحاالت‪ ،‬متطابقة مع الهياكل التنظيمية‬
‫للوزارات والمؤسسات المعنية‪.‬‬
‫ولإلشارة‪ ،‬فقد أوصت المراجع المنهجية المرتبطة بوضع البرامج الميزانياتية بالتنسيق بين بنية هذه‬
‫البرامج والسياسات العمومية التي تتبعها الوزارات مع الحرص على المهام المنوطة بها‪ .‬كما دعت‬
‫هذه المراجع إلى عدم تحديد البرامج وفق الهياكل التنظيمية الوزارية‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فالتبويب الميزانياتي المعمول به ال يسمح بتجميع وربط برامج االستثمار‪ ،‬سواء‬
‫كانت وزارية أو مشتركة بين الوزارات‪ ،‬بمهام الخدمات العمومية وذلك ألجل جعلها أداة لتقييم‬
‫السياسات العمومية‪.‬‬
‫وبهذا الخصوص‪ ،‬أبرزت وزارة االقتصاد والمالية أن المراجع المنهجية المتعلقة ببلورة البرامج الميزانياتية‪،‬‬
‫التي تم إعدادها من طرف هذه الوزارة‪ ،‬ترتكز على السهر على التناسق بين بنيات البرامج وسياسات اإلدارات‬
‫أو المؤسسات المعنية وأن تعكس مجاالت تدخلها‪ .‬كما تحث هذه المراجع على ضرورة تجنب إحداث البرامج‬
‫باالرتكاز على الهياكل التنظيمية القائمة على مستوى القطاعات الوزارية أو المؤسسات‪ ،‬وال تسمح بوجود أية‬
‫عالقة بين الهيكل اإلداري (عدد المديريات) لهذه القطاعات وعدد برامج ميزانياتها‪.‬‬
‫من جهة أخرى‪ ،‬أبرزت الوزارة أن برامج الميزانية‪ ،‬كما تم تعريفها في إطار القانون التنظيمي لقانون المالية‬
‫لسنة ‪ ، 2015‬هي برامج وزارية‪ ،‬في حين أن أغلب السياسات العمومية هي بين وزارية تقوم على برنامج‬
‫عمل السلطات العمومية في مجال ترابي معين‪ ،‬وتعمل على البحث عن حلول توافقية بين مختلف الفاعلين‬
‫بالرغم من تعدد وتعارض مصالحهم‪ .‬لذلك‪ ،‬أكدت الوزارة أنه ال يمكن الربط بين برامج الميزانية والسياسات‬
‫العمومية إال من خالل آليات التنسيق المشتركة بين الوزارات‪ ،‬وأنه ينبغي إعطاء دينامية جديدة للجان المحدثة‬
‫بهذا الخصوص‪ ،‬كما هو الحال بالنسبة للجنة المكلفة بالتقائية وانسجام السياسات العمومية‪.‬‬

‫‪91‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫‪ ‬ضرورة معايرة مساطر تحديد الحاجيات واختيار المشاريع االستثمارية حسب‬
‫أولوياتها‬
‫يرتبط تعليل طلبات االعتمادات لتمويل مشاريع االستثمار بحصيلة الوزارات المعنية‪ ،‬من حيث جودة‬
‫تنفيذ المشاريع التي تم الشروع فيها مسبقا‪ .‬فتقييم األداء والقدرات التدبيرية للمسؤولين عن البرامج‬
‫الزال يخضع لمنطق استهالك االعتمادات عوض نجاعة األداء‪.‬‬
‫كما أن مشاريع االستثمار المقترحة ال ترفق دائما بصياغة احتياجات مدروسة ومبررة من خالل‬
‫تحليل سوسيو‪-‬اقتصادي‪ ،‬يأخذ بعين االعتبار معايير الوجاهة والجدوى واختيار التمويل والتكلفة‬
‫مقابل الفائدة واألهداف واآلثار‪.‬‬
‫بموازاة مع هذا الجانب المتعلق باختيار مشاريع االستثمار‪ ،‬تبرز أهمية تحديد أولوياتها بغرض خلق‬
‫عالقة بين التخطيط االستراتيجي وتنزيل هذه المشاريع‪ .‬ومن شأن تحديد األولويات أن يمكن‪ ،‬على‬
‫مستوى كل وزارة على حدة‪ ،‬من إعادة وضع وتصنيف محفظات مشاريع االستثمار التي يمكن‬
‫برمجتها على المدى القصير والمتوسط‪ .‬ومن شأن ذلك أيضا أن يتيح تحسين الرؤية وقيادة برامج‬
‫االستثمار وتعزيز الحكامة‪.‬‬
‫كما تجدر اإلشارة إلى غياب مساطر ومعايير موحدة النتقاء مشاريع االستثمار‪ ،‬حيث أن هذا االنتقاء‬
‫يتطلب تحقيق توازن بين األهداف االستراتيجية وقدرات التدبير ألجل تحديد وتكييف وسائل التدخل‪.‬‬
‫ألجل ذلك‪ ،‬ت تضح ضرورة التوفر على مرجع منهجي لوضع األولويات بين المشاريع مع الحرص‬
‫على تناسب هذا المرجع مع كل استراتيجية قطاعية‪ ،‬وتمكينه من تحديد المشاريع األكثر أولوية وذلك‬
‫من خالل وضع "مصفوفة األولويات" بناء على مجموعة من المعايير المرجحة‪ .‬ويتعلق األمر أساسا‬
‫بمواءمة المشاريع مع االستراتيجيات القطاعية والنتائج واآلثار المتوقعة‪ ،‬وكذا سد الحاجيات‬
‫المستعجلة وضبط التكاليف مع رصد الفوائد والمخاطر والجدوى ومعيقات التنفيذ (الحلول القانونية‬
‫والمالية والتقنية والتكنولوجية) واستهداف العدالة الترابية واالجتماعية‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد‪ ،‬أكدت وزارة االقتصاد والمالية أن إعداد حصيلة إنجازات القطاعات الوزارية والمؤسسات‬
‫يتم في إطار تقارير نجاعة األداء والتي تجمع سنويا في تقرير واحد‪ ،‬وهو تقرير نجاعة األداء السنوي الذي‬
‫يرافق مشروع قانون التصفية ويعرض على البرلمان في موعد أقصاه نهاية الربع األول من السنة المالية‬
‫الثا نية التي تلي تنفيذ قانون المالية المعني‪ .‬وعليه فإن مشاريع نجاعة األداء والمناقشات الميزانياتية إلعداد‬
‫مشروع قانون المالية المعني تعتمد بصفة خاصة على تقارير نجاعة األداء وحصيلة السنتين الفارطتين‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى‪ ،‬أبرزت الوزارة أن مقترحات القطاعات الوزارية والمؤسسات‪ ،‬بخصوص البرمجة‬
‫الميزانياتية لثالث سنوات القادمة والتي تحدد أهداف ومؤشرات نجاعة األداء‪ ،‬تناقش سنويا على مستوى لجان‬
‫البرمجة ونجاعة األداء والتي تضم ممثلين عن مصالح الوزارة المكلفة بالمالية (مديرية الميزانية) وعن‬
‫القطاعات الوزارية والمؤسسات المعنية‪ .‬وتعمل هذه اللجان على دراسة مقترحات البرمجة الميزانياتية‬
‫واألهداف ومؤشرات نجاعة األداء المرتبطة بها‪ ،‬ال سيما االستدامة الميزانياتية على ضوء اإلطار الماكرو‬
‫االقتصادي والتوجيهات العامة‪ ،‬فضال عن المعطيات المتعلقة بتنفيذ الميزانية واإلنجازات المرتبطة بنجاعة‬
‫األداء‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى قاعدة بيانات خاصة بالمشاريع ونظام معلوماتي لتدبيرها‬
‫رغم توفر الوزارات التي تمت مراقبتها على قواعد بيانات قطاعية لمشاريع االستثمار‪ ،‬فإن هذه‬
‫القواعد الزالت غير مدمجة في قاعدة بيانات عامة تتيح رؤية مندمجة ومحينة للمجهودات وإمكانيات‬
‫االستثمار العمومي‪.‬‬
‫وفضال عن خلق قاعدة بيانات خاصة بالمشاريع‪ ،‬يتعين وضع نظام معلوماتي ألجل قيادة‬
‫االستثمارات‪ .‬وسيمكن هذا النظام من جرد المشاريع التي تم الشروع فيها من قبل األجهزة العمومية‬
‫بغرض تسهيل تتبعها‪ ،‬وذلك حتى يتسنى لمختلف المتدخلين الحصول على وضعية محينة وكاملة‬
‫لتنفيذ المشاريع‪ ،‬حسب كل قطاع وتنزيلها على مستوى التراب الوطني‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪92‬‬


‫ومن شأن نظام معلوماتي خاص أن يمكن من التوفر على رسم شامل لخريطة المشاريع وخطة‬
‫تقريرية لنظام تدبير االستثمارات العمومية يحدد كافة مراحل دورة حياة المشاريع‪ .‬كما أن هذا النظام‬
‫سيساعد على تعزيز الشفافية والمحاسبة من خالل تتبع مساطر اختيار وتقييم مشاريع االستثمار‬
‫العمومي‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة تعزيز التقييم القبلي لمشاريع االستثمار‬
‫يستلزم التقييم القبلي وفعالية طرق االختيار خبرة وتموقعا تنظيميا مناسبا للجهة المكلفة بهذا النشاط‪،‬‬
‫وذلك لضمان استقالليتها وموضوعية أشغالها‪.‬‬
‫ويتسم اإلطار المؤسساتي الحالي بإحداث وحدة بمديرية الميزانية مكلفة باالستثمار العمومي على‬
‫صعيد وزارة االقتصاد والمالية‪ ،‬إضافة إلى الوحدات المكلفة‪ ،‬على مستوى مختلف الوزارات‪ ،‬بتنفيذ‬
‫اإلطار المرجعي لتقييم المشاريع‪.‬‬
‫ويتم تحديد أولوية المشاريع‪ ،‬في بعض الدول‪ ،‬من خالل طلبات تقديم مشاريع أو طلبات إبداء االهتمام‬
‫حيث يتم فحص نتائجها من طرف خبراء مستقلين يصدرون رأيا يعتمد كأساس التخاذ قرارات‬
‫التمويل‪ .‬وفي حاالت أخرى‪ ،‬يتم انتقاء المشاريع من طرف لجان تضم خبراء يقومون بمراجعة طرق‬
‫تقييم المشاريع ويضعون مقترحاتهم لدى السلطات التخاذ القرار النهائي‪.‬‬
‫في نفس السياق‪ ،‬أكدت المذكرات التوجيهية التي يصدرها رئيس الحكومة‪ ،‬في أكثر من مناسبة‪ ،‬على‬
‫أن ينجز اآلمرون بالصرف دراسات قبلية لمشاريع االستثمار وتحديد مردوديتها السوسيو‪-‬اقتصادية‬
‫وتكاليفها وآجال تنفيذها وآليات تمويلها وأثرها على تحسين ظروف عيش المواطنين‪.‬‬
‫كما ال يمكن غياب إطار قانوني يؤسس لضرورة اللجوء إلى تقييم قبلي وبشكل منتظم لمشاريع‬
‫االستثمار العمومي الكبرى‪ ،‬باعتماد منهجية ومرجعية موحدة تستجيب لخصوصية تدبير قطاعات‬
‫األنشطة‪ ،‬من تحديد وجاهتها وتوفير معلومات حول نتائجها وآثارها المتوخاة‪.‬‬
‫وفي معرض جوابها‪ ،‬أوضحت وزارة االقتصاد والمالية أن التوصيات المتعلقة بإحداث قاعدة بيانات خاصة‬
‫بالمشاريع ونظام معلوماتي لتدبيرها وكذا تعزيز التقييم القبلي لمشاريع االستثمار‪ ،‬تندرج في إطار إصالح‬
‫نظام تدبير االستثمارات العمومية الذي يشكل ورشا إصالحيا قيد التنفيذ‪ ،‬حيث يشمل هذا اإلصالح مجموعة‬
‫من التدابير من بينها اعتماد إطار النتقاء المشاريع االستثمارية ذات األولوية وإحداث نظام معلوماتي متكامل‬
‫يضم قاعدة بيانات للمشاريع االستثمارية‪.‬‬
‫بناء على ما سبق‪ ،‬يوصي المجلس األعلى للحسابات وزارة االقتصاد والمالية بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬مواصلة الجهود لتطهير بنود ميزانية االستثمار من خالل تحديد وإعادة تصنيف‬
‫النفقات التي ال تتوفر على مواصفات تمكن من اعتبارها نفقات االستثمار؛‬
‫‪ -‬تعزيز آلية حكامة التحويالت واإلعانات التي تقدمها الدولة للمؤسسات العمومية‬
‫لتحسين نجاعة نفقات االستثمار؛‬
‫‪ -‬إعادة النظر في بنية نموذج الميزانية لضمان مزيد من المقروئية للمجهود االستثماري‬
‫لميزانية الدولة؛‬
‫‪ -‬وضع أدوات وهياكل للتنسيق بين الوزارات موجهة نحو السياسات العمومية بدال من‬
‫هياكل كل وزارة‪ ،‬وذلك من أجل ضمان التنسيق بين البرامج المقررة في الميزانية‬
‫وهذه السياسات؛‬
‫‪ -‬وضع إطار مؤسساتي وقانوني للتقييم القبلي لمشاريع االستثمار العمومية واعتماد‬
‫منهجية موحدة تستجيب لخصوصية وشروط تدبير القطاعات اإلنتاجية؛‬
‫‪ -‬خلق دينامية جديدة لدى الجهة المكلفة باالستثمار العمومي على مستوى إعداد محفظة‬
‫مشاريع االستثمار وانتقائها وتحديد األولويات والتتبع والمراقبة؛‬

‫‪93‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫‪ -‬إنشاء بنك شامل للمشاريع وقاعدة بيانات متعلقة بمشاريع االستثمار مدعومة بنظام‬
‫معلوماتي للتتبع والمساعدة على اتخاذ القرار‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪94‬‬


‫الهيئة المغربية لسوق الرساميل‪:‬‬
‫ضرورة استكمال اإلصالح من أجل ضبط أفضل لألسواق المالية‬

‫تعتبر الهيئة المغربية لسوق الرساميل (‪ )AMMC‬الهيئة المشرفة على سوق الرساميل التي نتجت‬
‫عن تحول مجلس القيم المنقولة (‪ ،)CDVM‬وهي شخص معنوي عمومي يتمتع باالستقالل المالي‪.‬‬
‫وقد شرعت في مزاولة نشاطها في فبراير ‪ ،2016‬بعد دخول القانون رقم ‪ 43.12‬المتعلق بالهيئة‬
‫المغربية لسوق الرساميل حيز التنفيذ‪ ،‬حيث حدد مهامها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬التأكد من حماية االدخار الموظف في األدوات المالية؛‬
‫‪ -‬السهر على المساواة في التعامل مع المكتتبين والشفافية ونزاهة سوق الرساميل وعلى إخبار‬
‫المستثمرين؛‬
‫‪ -‬التأكد من حسن سير سوق الرساميل والسهر على تطبيق األحكام التشريعية والتنظيمية؛‬
‫‪ -‬السهر على مراقبة نشاط مختلف الهيئات واألشخاص الخاضعين لمراقبتها؛‬
‫‪ -‬التأكد من احترام األشخاص والهيئات الخاضعين لمراقبتها لألحكام التشريعية والتنظيمية‬
‫المتعلقة بمكافحة غسل األموال؛‬
‫‪ -‬المساهمة في النهوض بالتربية المالية للمدخرين؛‬
‫‪ -‬مساعدة الحكومة في تنظيم سوق الرساميل‪.‬‬
‫يتولى تدبير الهيئة رئيس وتتكون أجهزتها من مجلس إدارة ومجلس تأديبي‪.‬‬
‫وركزت مهمة المجلس األعلى للحسابات على تقييم أداء الهيئة في االضطالع بمهامها الرئيسية‪،‬‬
‫المتعلقة أساسا بإصدار االعتمادات والمراقبة وإنجاز التحقيقات وتطبيق العقوبات والتربية المالية‬
‫والتطوير التنظيمي‪ .‬كما شملت تقييم تدبير الموارد التي خصصتها الهيئة لتفعيل هيكلتها الجديدة‪.‬‬
‫أوال‪ .‬على مستوى ممارسة مهام الهيئة‬
‫‪ .1‬إصدار االعتمادات والتأشيرات‬
‫تتوزع االعتمادات التي تصدرها الهيئة بين التأشير على العمليات المالية واعتماد األدوات المالية‬
‫باإلضافة إلى اعتماد المتدخلين‪.‬‬
‫أ‪ .‬التأشير على العمليات المالية‬
‫‪ ‬نظام تقنين مالي في طور االستجابة للمعايير الدولية‬
‫تتأثر جودة مراقبة المعلومات المالية بضعف تقنين مستقل للمدققين الخارجيين‪ ،‬باإلضافة إلى عدم‬
‫تأطير وتفعيل تدبير المخاطر بشكل كامل‪ .‬كما أن المعايير المستعملة لتقييم المعلومات المالية تفتقر‬
‫إلى الدقة في غياب دالئل عملية تتعلق بالعمليات المالية‪.‬‬
‫وقد أوضحت الهيئة المغربية لسوق الرساميل أنه قد تم تحيين وتفعيل هذا النظام بواسطة الدورية رقم ‪03/19‬‬
‫في يوليوز ‪ ،2019‬مضيفة أنه قد تمت مؤخرا تكملة هذه اإلجراءات بالتعديل األخير للقانون المتعلق بشركات‬
‫المساهمة الذي يرمي بشكل خاص إلى تمتين نظام حماية المستثمرين‪.‬‬
‫‪ ‬أدوات عمل محدودة‬
‫يتم التأشير على العمليات المالية في غياب مساطر محينة ودالئل للتحليل باإلضافة إلى اعتماد نظام‬
‫معلوماتي غير مالئم‪.‬‬
‫أشارت الهيئة إلى أنها بصدد إتمام تحيين المساطر وأدوات العمل‪ ،‬والذي شرع فيه فور تفعيل النظام الجديد‬
‫لدعوة الجمهور لالكتتاب على إثر نشر الدورية رقم ‪.03/19‬‬

‫‪95‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫‪ ‬توثيق غير كاف لألشغال مع لجوء محدود إلى التحقيقات‬
‫سجل‪ ،‬على هذا المستوى‪ ،‬احترام جزئي للمساطر ونقص في توثيق عمل المحللين الماليين الذي ال‬
‫يخضع إلى نظام لتقييمه‪ .‬كما تم تسجيل اللجوء المحدود إلى آليات التحقيق المتاحة للهيئة مع ضعف‬
‫تطبيق بعض أنواع المراقبة (دراسة مدى وجاهة واتساق المعلومات الخاصة بالمستثمرين والتحقق‬
‫من أن المتدخلين الذين طلبوا اعتمادهم لديهم الضمانات الكافية من حيث تنظيم شركاتهم والوسائل‬
‫التقنية والمالية التي تتوفر عليها والتجربة المكتسبة لدى مسيريها‪ )...‬فضال عن غياب شبه كلي‬
‫للمراقبة على هيئات االستشارة‪.‬‬
‫وتعتبر الهيئة أن ورش مراجعة وتحديث المساطر‪ ،‬الذي يوجد قيد اإلتمام‪ ،‬من شأنه أن يسمح باألخذ في‬
‫االعتبار الجوانب التي لم تعد متماشية مع تطور السوق واألنظمة القانونية‪ .‬كما أنها أعدت مشروع دورية‬
‫لتأطير مهنة هيئات االستشارة‪ ،‬وجهت‪ ،‬من أجل المصادقة‪ ،‬إلى وزارة االقتصاد والمالية‪ ،‬على أن يتم نشرها‬
‫في الجريدة الرسمية‪.‬‬
‫ب‪ .‬اعتماد األدوات المالية‬
‫‪ ‬مساطر غير معتمدة وتوثيق محدود لألشغال‬
‫تم تطوير معظم المساطر المتعلقة بهذا النشاط بشكل متأخر خالل سنتي ‪ 2019‬و‪ .2020‬وما تزال‬
‫هذه المساطر غير معتمدة بشكل رسمي من طرف الهيئة‪ .‬زيادة على ذلك‪ ،‬فإن أشغال فحص طلبات‬
‫االعتماد ال يتم توثيقها بشكل كافٍ مما ال يمكن من التعرف على محتواها‪.‬‬
‫وقد أوضحت الهيئة أنها أطلقت عددا من المشاريع البنيوية‪ ،‬من بينها إعادة هيكلة مرجعها الوثائقي والذي‬
‫سيتم إنهاؤه خالل الثلث األول من سنة ‪.2023‬‬
‫‪ ‬اعتماد األدوات المالية ومنح التراخيص في حاجة لمزيد من التطوير‬
‫بالنسبة لألدوات المالية فقد تم اعتماد بعضها دون التحقق من قدرات طالبيها‪ .‬وفيما يتعلق بالتراخيص‪،‬‬
‫فقد تم منح بعضها لصناديق تبين أن الشركات المدبرة لها ال تستجيب لشرط حصرية نشاطها في‬
‫تدبير الهيئات المكلفة بالتوظيف الجماعي للقيم المنقولة‪ ،‬خالفا لما تتطلبه القوانين الجاري بها العمل‪،‬‬
‫وخاصة المادة ‪ 23‬من الظهير الشريف المعتبر بمثابة قانون رقم ‪ 1.93.213‬صادر في ‪ 21‬سبتمبر‬
‫‪ 1993‬يتعلق بالهيئات المكلفة بالتوظيف الجماعي للقيم المنقولة والمادة ‪ 39‬من القانون رقم ‪33.06‬‬
‫المتعلق بتسنيد األصول‪.‬‬
‫في هذا الصدد‪ ،‬أشارت الهيئة المغربية لسوق الرساميل إلى أنها تمكنت من جعل الفرق المكلفة بمراقبة قطاع‬
‫تدبير األصول تتخصص حسب نوع األدوات الخاضعة لإلشراف‪ ،‬مضيفة أن اإلجراءات التي يتم تنفيذها في‬
‫إطار منح التراخيص أصبحت ممركزة في نفس المصلحة مما مكن من تبسيط القواعد الشكلية لتوثيقها‪.‬‬
‫‪ ‬محدودية التحقق البعدي لالعتمادات وعدم تتبع اآلجال القانونية‬
‫يهدف التحقق البعدي إلى التأكد من أن المستندات المدلى بها تتوافق مع المشاريع المصادق عليها‪.‬‬
‫غير أن هذا التحقق ال يمارس على نحو كاف‪ .‬زيادة على ذلك‪ ،‬فإن تتبع اآلجال القانونية التي تخضع‬
‫لها الهيئة ال يتم بشكل مالئم من أجل ضمان احترامها وتفادي كل متابعة قضائية بشأنها‪.‬‬
‫وقد أوردت الهيئة في هذا اإلطار أنه‪ ،‬ومن أجل إشراف أفضل خصوصا على شركات التسيير والصناديق‬
‫المسيرة‪ ،‬تم إنشاء فرق متخصصة في المراقبة بعين المكان‪ ،‬وأخرى متخصصة في الترخيص والتتبع‪.‬‬
‫ج‪ .‬اعتماد المتدخلين‬
‫‪ ‬اختالف أنظمة اعتماد شركات تدبير هيئات التوظيف الجماعي‬
‫بالنسبة لهيئات التوظيف الجماعي العقاري (‪ ،)OPCI‬فإن منح وسحب االعتماد يعود إلى الهيئة‬
‫المغربية لسوق الرساميل في حين يندرج هذا االختصاص‪ ،‬بالنسبة لهيئات التوظيف الجماعي‬
‫للرأسمال (‪ ،)OPCC‬ضمن مسؤولية اإلدارة (الوزارة المكلفة بالمالية) بناء على رأي الهيئة المغربية‬
‫لسوق الرساميل‪ .‬أما بخصوص الهيئات المكلفة بالتوظيف الجماعي للقيم المنقولة (‪ ،)OPCVM‬فال‬
‫يوجد أي نظام العتماد المتدخلين في هذا النوع من األنشطة‪ .‬وألجل توحيد أنظمة اعتماد شركات‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪96‬‬


‫تدبير هيئات التوظيف الجماعي‪ ،‬فإن بعض القوانين‪ ،‬كتلك المتعلقة بهيئات التوظيف الجماعي للقيم‬
‫المنقولة وكذا بهيئات التوظيف الجماعي للرأسمال‪ ،‬توجد في طور التعديل‪.‬‬
‫‪ ‬منظومة مساطر في حاجة إلى استكمالها‬
‫لم يتم وضع مساطر بشأن اعتماد بعض الفئات من شركات تدبير هيئات التوظيف الجماعي خصوصا‬
‫هيئات التوظيف الجماعي العقاري (‪ )OPCI‬وصناديق التوظيف الجماعي للتسنيد (‪)FPCT‬‬
‫باإلضافة إلى قصور في وضع معايير رسمية ومعتمدة من أجل تقييم وسائل الشركات التي تطلب‬
‫االعتماد‪ .‬كما أن معالجة طلبات االعتماد تتم خارج النظام المعلوماتي (‪ )SESAM‬مما يؤدي إلى‬
‫ضعف تتبع آجال هذه المعالجة‪.‬‬
‫بهذا الخصوص‪ ،‬أوضحت الهيئة أن إعادة هيكلة المرجع الوثائقي قد شكل واحدا من بين المشاريع البنيوية‬
‫التي أطلقتها الهيئة بعد تبني نظامها العام‪ .‬وقد مكن هذا المشروع‪ ،‬حسب الهيئة‪ ،‬من وضع خريطة كاملة‬
‫لمساطر الهيئة‪.‬‬
‫‪ ‬غياب التتبع البعدي‬
‫رغم أن الهيئة‪ ،‬وكما تنص على ذلك المساطر ذات الصلة‪ ،‬مكلفة بالتحقق البعدي من اإلنجاز الفعلي‬
‫لجميع الوسائل المصرح بها في طلبات االعتماد‪ ،‬فإنها ال تقوم باإلجراءات الكافية بهذا الشأن‪.‬‬
‫‪ .2‬المراقبات‬
‫تتوزع المراقبات التي تمارسها الهيئة بين مراقبة المعلومات المالية والمراقبة بناء على الوثائق‬
‫والمراقبة بالمعاينة ومراقبة مقاوالت السوق‪.‬‬
‫أ‪ .‬مراقبة المعلومات المالية‪ :‬مراقبة بطابع غير رسمي‬
‫بالرغم من توفره على مجموعة من اإلمكانيات‪ ،‬فإن النظام المعمول به في مجال مراقبة المعلومات‬
‫المالية تعتريه بعض النقائص المتمثلة‪ ،‬على وجه الخصوص‪ ،‬في الحدود التي تعرفها هذه الوظيفة‬
‫ومحدودية المراقبات وتباين نتائجها‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن الهيئة ال تصدر عقوبات بشأن المخالفات‬
‫للنصوص التشريعية والتنظيمية التي تستدعي توجيه إنذار أو توبيخ أو عقوبات مالية طبقا للقانون‬
‫المتعلق بالهيئة ولنظامها العام‪ .‬وتكتفي الهيئة‪ ،‬في هذه الحاالت‪ ،‬بوضع خطة عمل أو القيام بعمليات‬
‫تحسيس‪.‬‬
‫للحد من هذه النقائص‪ ،‬أوضحت الهيئة المغربية لسوق الرساميل أن فرق المراقبة استفادت من تخصص‬
‫قطاعي وموضوعاتي سمح بتعزيز خبرتهم في مختلف المجاالت‪.‬‬
‫أما فيما يخص نتائج المراقبة‪ ،‬فقد أكدت الهيئة أنه يتم إدراج الحاالت التي من شأنها أن تشكل إخالال في ملفات‬
‫عرض على أنظار لجنة تتبع المراقبة‪ .‬أما بالنسبة للحاالت التي ال ينجم عنها أي ضرر للمستثمرين‪،‬‬ ‫مفصلة ت ُ َ‬
‫فإنها تخضع إلجراءات تصحيحية وتحسيسية من منطلق مواكبة الفاعلين‪.‬‬
‫ب‪ .‬المراقبة على أساس الوثائق‪ :‬مراقبة محدودة بالنظر إلى طابعها التصريحي‬
‫‪ ‬على مستوى مراقبة المتدخلين‬
‫تعتري خريطة المخاطر مجموعة من النقائص‪ ،‬إن على مستوى الجرد وتقييم بعض المخاطر أو على‬
‫مستوى االنتقال من تنقيط المخاطر إلى تحديد خطة العمل‪.‬‬
‫كما أن الهيئة ال تعمل دائما على إصدار عقوبات بشأن عدم احترام النصوص التنظيمية‪ ،‬كما هو‬
‫الحال في بعض حاالت تجاوز النسب االحترازية (مراعاة وجود نسب مناسبة بين األموال الذاتية‬
‫ومبلغ االلتزامات ومراعاة وجود نسب مناسبة بين األموال الذاتية ومبلغ المخاطر التي تتعرض لها‬
‫السندات الصادرة عن مصدر واحد‪ )...‬وعدم احترام شروط نشر المعلومات المنصوص عليها في‬
‫المادة العاشرة من القانون رقم ‪ 43.12‬سالف الذكر‪.‬‬
‫ومنحت الهيئة‪ ،‬في غياب أساس قانوني‪ ،‬استثناءات للقواعد االحترازية لفائدة شركات البورصة إلى‬
‫غاية دخول القانون رقم ‪ 19.14‬المتعلق ببورصة القيم وشركات البورصة والمرشدين في االستثمار‬

‫‪97‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫المالي حيز التنفيذ في ‪ 16‬مارس ‪ .2017‬كما استمرت الهيئة في منح هذه االستثناءات الحقا دون‬
‫إصدارها للمنشور المنصوص عليه في القانون المذكور والذي يحدد شروط منح هذه االستثناءات‪.‬‬
‫‪ ‬على مستوى مراقبة شركات التدبير وهيئات التوظيف الجماعي للقيم المنقولة‬
‫إن استبدال النظام العام السابق لمجلس القيم المنقولة بالنظام المطبق على الهيئة‪ ،‬تم بدون إدراج نظير‬
‫لألحكام المتعلقة بالعقوبات‪ .‬وأمام هذه الوضعية‪ ،‬تكتفي الهيئة بإلزام المتدخلين باإلخبار عن هذه‬
‫التجاوزات وتبريرها وكذا تسويتها في أقرب اآلجال‪ .‬وعليه‪ ،‬فإن عدم التنصيص على هذه العقوبات‬
‫ال يساعد على احترام القواعد االحترازية‪ ،‬السيما تلك المتعلقة بهيئات التوظيف الجماعي للقيم‬
‫المنقولة‪ .‬كما أنه ال يمكن الهيئة من إصدار العقوبات الالزمة عن عدم احترام واجبات اإلخبار والنشر‬
‫المنصوص عليها في المادة العاشرة من القانون رقم ‪ 43.12‬سالف الذكر‪ ،‬حيث يتم حفظ الحاالت‬
‫المكتشفة في هذا الصدد‪.‬‬
‫أوضحت الهيئة على أنه ستتم معالجة هذه الحاالت في إطار التعديالت قيد اإلنجاز أو تلك التي سيُشرع فيها‬
‫الحقا‪.‬‬
‫ج‪ .‬مراقبة مقاوالت السوق‪ :‬مراقبة بدون طابع رسمي وغير مركزة على النظام‬
‫المعلوماتي‬
‫‪ ‬مراقبة الوديع المركزي‬
‫تتسم مراقبة الوديع المركزي بعدم االنتظام وغياب طابعها الرسمي‪ ،‬حيث إن معالجة األحداث الطارئة‬
‫غير مؤطرة بأي مسطرة مما يصعب على الهيئة التحقق من شمولية األحداث المصرح بها‪.‬‬
‫‪ ‬مراقبة بورصة الدار البيضاء‬
‫لم يتم التركيز بصفة كافية على النظام المعلوماتي‪ ،‬خالل عمليات التفتيش المنجزة على بورصة الدار‬
‫البيضاء‪ .‬وتعود آخر عملية تفتيش لهذا النظام‪ ،‬والتي همت االنتقال إلى المنصة المعلوماتية الجديدة‬
‫للتسعير‪ ،‬إلى سنة ‪ .2016‬ومنذ ذلك التاريخ‪ ،‬لم تنجز الهيئة افتحاص النظام المعلوماتي للبورصة‬
‫بشكل كاف على الرغم من انتقال هذه األخيرة إلى العمل بنظام جديد للتداول وأهمية هذا النظام في‬
‫تدبير أنشطتها‪.‬‬
‫كما أن الهيئة لم تقم بالتتبع الالزم لدفتر التحمالت الموقع بتاريخ ‪ 16‬يونيو ‪ 2016‬بين الوزارة المكلفة‬
‫بالمالية والشركة المسيرة لبورصة الدار البيضاء‪ ،‬وذلك على الرغم من تكليفها بهذا التتبع في القانون‬
‫رقم ‪ 19.14‬سالف الذكر‪ .‬ذلك أن دفتر التحمالت لم يخضع للتدقيق إال سنة ‪ 2020‬بمناسبة مهمة‬
‫تفتيش لبورصة الدار البيضاء‪.‬‬
‫د‪ .‬المراقبة بعين المكان‬
‫‪ ‬عدم انتظام مهمات التفتيش‬
‫تعرف أشغال التفتيش والزيارات إلى عين المكان تفاوتا كبيرا في توزيع عددها بين السنوات‪ .‬فمن‬
‫بين ‪ 76‬مهمة تم إنجازها منذ سنة ‪ ،2013‬فإن ‪ 13‬منها تمت في سنة ‪ 2013‬و‪ 8‬في سنة ‪ 2014‬و‪7‬‬
‫مهمات في سنة ‪ ،2015‬ليعرف‪ ،‬بعد ذلك‪ ،‬هذا العدد تراجعا منذ سنة ‪ 2016‬التي شهدت إنجاز مهمتي‬
‫تفتيش عام فقط‪ ،‬مقابل مهمة واحدة سنة ‪.2017‬‬
‫‪ ‬غياب منهجية مراقبة معتمدة على المخاطر‬
‫تعتمد برمجة مهمات التفتيش أساسا على منطق التناوب دون األخذ بعين االعتبار للمخاطر بشكل‬
‫كاف‪ ،‬حيث يالحظ غياب تخطيط رسمي يستحضر المخاطر المستهدفة خالل مرحلة اإلعداد وتحديد‬
‫أهداف المراقبة المنبثقة عن المخاطر الرئيسية‪.‬‬
‫أفادت الهيئة المغربية لسوق الرساميل بهذا الخصوص أنه تمت المصادقة وإضفاء الطابع الرسمي على مخطط‬
‫سنوي لعمليات التفتيش من طرف لجنة داخلية أحدثت لهذا الغرض (لجنة تتبع المراقبات)‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪98‬‬


‫‪ ‬تأخر في تبليغ التقارير‬
‫تستغرق أغلب المهمات مدة طويلة إلنجازها‪ ،‬حيث أن ‪ %70‬من التقارير لم يتم تبليغها في الوقت‬
‫المناسب إلى الجهات التي شملها التفتيش‪ .‬وتراوحت مدة التأخير في التبليغ بين سنة وثالث سنوات‪،‬‬
‫كما أن المعلومات واألحداث التي وقعت إلى حدود تاريخ إعداد التقارير ال يتم أخذها بعين االعتبار‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن التقارير المشتملة على توصيات يتم تبليغها بشكل متأخر بعد نهاية الفترة‬
‫المعنية بالتفتيش‪ ،‬وهو ما قد يؤثر بشكل سلبي على تفعيلها ويفقدها فائدتها‪.‬‬
‫‪ ‬غياب التتبع البعدي لمهمات التفتيش‬
‫ال يحتل التتبع البعدي مكانة مهمة ضمن أعمال المفتشين‪ ،‬كما أن أنشطة التتبع التي تقوم بها الهيئة‬
‫غير كافية من أجل تمكينها من تقييم مدى معالجة النقائص التي تم تسجيلها‪ .‬وتكتفي الهيئة‪ ،‬في هذا‬
‫الصدد‪ ،‬بالتخطيط لمهام التتبع البعدي من أجل التحقق من إنجاز خطة العمل المتفق عليها‪.‬‬
‫‪ .3‬مراقبة السوق‬
‫‪ ‬محدودية مجال التدخل‬
‫يقتصر مجال المراقبة على قطاع البورصة وال يغطي باقي األسواق‪ ،‬السيما سوق الدين وسوق‬
‫العمليات التفاوضية خارج البورصة‪ .‬وال تخضع هذه األسواق لمراقبة الهيئة نظرا للخصاص في‬
‫األدوات والمهارات الالزمة لتأطير هذه األنشطة‪.‬‬
‫في هذا اإلطار‪ ،‬أوضحت الهيئة أن مجموعة عمل تضم األطراف المعنية (وزارة المالية وبنك المغرب والهيئة‬
‫المغربية لسوق الرساميل) بصدد االشتغال على مشروع تأطير وإشراف متعلق بسوق الدين العام والخاص‪.‬‬
‫‪ ‬تدبير غير مؤطر للحاالت المشتبه بها‬
‫لم يتم وضع قواعد مؤطرة لعمليات اكتشاف وتكييف الحاالت المشتبه فيها التي من شأنها أن تشكل‬
‫مخالفات في البورصة‪ .‬فمجمل المساطر التي تم وضعها سنة ‪ 2018‬تبقى ذات طابع عام‪ ،‬حيث ال‬
‫توضح مراحل المراقبة وأهم مخرجاتها كما أنها ال تحدد معايير لتقييم االنحرافات المكتشفة‪.‬‬
‫‪ .4‬التحقيقات‬
‫‪ ‬ضرورة إضفاء الرسمية على المساطر المعمول بها‬
‫ال يتم استيفاء بعض العناصر األساسية المتعلقة بعملية التحقيق‪ ،‬ويتعلق األمر أساسا بعدم تقديم تقرير‬
‫التحقيق وعدم تحرير محضر جلسة االستماع وغياب سجل تتبع آجال إرسال ملفات التحقيق إلى‬
‫المجلس التأديبي وتبليغ االستدعاء لحضور جلسات االستماع‪ ،‬وذلك على الرغم من أن القانون رقم‬
‫‪ 43.12‬سالف الذكر يحدد آجاال لهذه اإلجراءات‪.‬‬
‫بخصوص هذه النقطة‪ ،‬أوضحت الهيئة أنه تم‪ ،‬منذ إعادة تنظيم الهيئة سنة ‪ ،2018‬وضع مساطر داخلية‬
‫إضافية قصد تعزيز القواعد الشكلية مثل تلك المتعلقة بقرارات فتح وإغالق التحقيقات‪.‬‬
‫‪ ‬سير التحقيقات في حاجة إلى التحسين‬
‫تتسم أعمال البحث والتقصي والتحقيقات المنجزة بالمحدودية‪ ،‬حيث إن بعض التحقيقات تحفظ بسرعة‬
‫دون األخذ باالعتبار العديد من الوقائع التي كانت أساس فتح التحقيق‪ .‬كما أن شروط إغالق التحقيق‬
‫ومعاييره وكذا قرار عدم إرساله إلى المجلس التأديبي غير واضحة‪ .‬فقد تم حفظ بعض ملفات التحقيق‬
‫على الرغم من أن مقتضيات المادة ‪ 18‬من القانون رقم ‪ 43.12‬تنص على أن رئيس الهيئة المغربية‬
‫لسوق الرساميل "(‪ )...‬يرفع الى السلطة القضائية المختصة‪ ،‬بعد استطالع رأي المجلس التأديبي‪،‬‬
‫كل الوقائع التي عوينت من طرف الهيئة المغربية لسوق الرساميل والتي تشكل مخالفات لهذا القانون‬
‫أو للنصوص التشريعية (‪.")...‬‬

‫‪99‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫‪ .5‬العقوبات‬
‫‪ ‬عدم البت في الجنح المتعلقة بالبورصة مما أدى إلى تقادمها‬
‫على إثر نشر النظام العام للهيئة المغربية لسوق الرساميل في مايو‪ ،2017‬تم تفعيل مقتضيات القانون‬
‫رقم ‪ 43.12‬ومعها تفعيل المجلس التأديبي‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬وبالنسبة لسنتي ‪ 2016‬و‪( 2017‬إلى غاية شهر مايو ‪ )2017‬التي لم يكن خاللهما المجلس‬
‫التأديبي مفعال‪ ،‬قام المجلس اإلداري للهيئة‪ ،‬عوضا عن المجلس التأديبي‪ ،‬بفحص ملفات التحقيق‬
‫والبت في مسألة إحالة الوقائع التي يمكن أن تصنف كمخالفات جنائية على القضاء‪ .‬وتبين من خالل‬
‫دراسة أعمال المجلس اإلداري خالل الفترة المذكورة أن السلطة العقابية المخولة للهيئة المغربية‬
‫لسوق الرساميل لم يتم تفعيلها بشكل كافٍ ‪ ،‬إذ لم يتم اتخاذ أي تدبير تصحيحي خالل هذه الفترة ولم‬
‫يتم تحريك أي مسطرة إحالة‪ .‬كما أن المجلس اإلداري للهيئة في اجتماعه المنعقد بتاريخ ‪ 10‬مارس‬
‫‪ ،2016‬الذي تسلم خالله الملفات المعروضة على آخر اجتماع للمجلس اإلداري لمجلس القيم المنقولة‪،‬‬
‫لم يبت في القضايا العالقة مما أدى إلى تقادم مجموعة من الجنح المتعلقة بالبورصة‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى مالءمة السقف المحدد للعقوبات المالية‬
‫ينص القانون رقم ‪ 43.12‬على أن مبلغ العقوبة المالية‪ ،‬التي يمكن أن يصدرها رئيس الهيئة المغربية‬
‫لسوق الرساميل في حالة اإلخالالت‪ ،‬ال يمكن أن يتجاوز ‪ 200.000‬درهم لكل قرار‪ ،‬باستثناء الحالة‬
‫الخاصة المتعلقة بتحقيق أرباح والتي قد تصل العقوبة بشأنها إلى خمسة أضعاف هذه األرباح‪ .‬وهكذا‪،‬‬
‫فإن هذا السقف (‪ 200.000‬درهم) ال يشكل أداة ردع كافية‪ ،‬بالنظر إلى حجم األنشطة ومبالغ‬
‫المعامالت المتداولة في أسواق الرساميل‪.‬‬
‫وقد أوضحت الهيئة أن هذه األسقف ستكون موضوع تحليل في إطار التعديل القانوني المقبل‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة اعتماد أساس قانوني بشأن بعض اإلخالالت‬
‫لقد تم رصد بعض اإلخالالت التي لم يتمكن المجلس التأديبي من اقتراح العقوبة المالئمة بشأنها بسبب‬
‫غياب األساس القانوني المناسب‪ .‬ومن أكثر األمثلة تكرارا بهذا الخصوص‪ ،‬تلك المتعلقة بعمليات‬
‫إعادة الشراء وإقراض السندات‪ ،‬والتي ال ترتب النصوص القانونية المتعلقة بها عقوبات في حالة‬
‫عدم احترام مقتضياتها‪ .‬وينطبق الشيء نفسه على القواعد التي يسنها نظام الوديع المركزي‪ ،‬والتي‬
‫ال يترتب عن مخالفتها أي عقوبة‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن اإلخالالت المتعلقة بهذه المقتضيات صدرت بشأنها عقوبات في إطار النظام‬
‫العام لمجلس القيم المنقولة سابقا دون اعتماد مقتضيات مماثلة من حيث العقوبة في النظام العام للهيئة‬
‫المغربية لسوق الرساميل التي حلت محله‪.‬‬
‫أوضحت الهيئة على أنه تم إدراج مقتضيات متعلقة بالعقوبات عبر تعديل القانون المتعلق بإقراض السندات‪،‬‬
‫على أن يتم إ دراج مقتضيات أخرى الحقا ال سيما عبر مشروع تعديل القانون المتعلق بالهيئات المكلفة‬
‫بالتوظيف الجماعي للقيم المنقولة‪".‬‬
‫تأسيسا على ما سبق‪ ،‬يوصي المجلس األعلى للحسابات الهيئة المغربية لسوق الرساميل بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تعزيز المراقبة بعين المكان وتأطير مسلسلها من أجل إصدار التقارير وإنجاز‬
‫اإلجراءات المترتبة عنها في الوقت المناسب؛‬
‫‪ -‬تطوير التتبع والمراقبة البعدية للتراخيص واالعتمادات‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪100‬‬


‫ثانيا‪ .‬على مستوى الحكامة واألنشطة الداعمة‬
‫‪ .1‬الحكامة والتنظيم‬
‫‪ ‬الحاجة إلى تأطير عمليات التعيين بالنسبة لألعضاء المستقلين في المجلس اإلداري‬
‫للهيئة وأعضاء المجلس التأديبي‬
‫ينص القانون رقم ‪ 43.12‬المتعلق بالهيئة المغربية لسوق الرساميل‪ ،‬وال سيما المادتان ‪ 15‬و‪ 19‬منه‪،‬‬
‫وكذا النصوص التنظيمية ذات الصلة‪ ،‬على أن أعضاء مجلس اإلدارة وأعضاء المجلس التأديبي‬
‫يعينون من قبل الوزير المكلف بالمالية‪ ،‬كما تحدد هذه المقتضيات المعايير المعتمدة وهي الكفاءة‬
‫والنزاهة واالستقاللية طبقا للمعايير الدولية‪ .‬غير أن عملية التعيين هاته تظل غير مؤطرة بالشكل‬
‫الكافي‪ ،‬حيث إن المقتضيات القانونية سالفة الذكر تتضمن معايير ذات طابع عام يتعين إتمامها بتأطير‬
‫مناسب لهذه العملية‪.‬‬
‫‪ ‬تنظيم ال يتيح التنسيق الكافي بين البنيات اإلدارية للهيئة‬
‫إن الهيكل التنظيمي الذي اعتمدته الهيئة‪ ،‬في سنة ‪ ،2018‬ال يتيح تنسيقا كافيا وتبادال للمعلومات بين‬
‫أجهزة الهيئة بشأن األنشطة المرتبطة بمهامها‪ .‬وهكذا‪ ،‬فإن بعض المعلومات المتوفرة لدى بعض‬
‫البنيات اإلدارية ال يتم تقاسمها مع بنيات أخرى يمكن أن تفيدها في تنفيذ أمثل ألنشطتها‪ .‬باإلضافة‬
‫إلى ذلك‪ ،‬تم إحداث بنيات جديدة دون موافقة المجلس اإلداري للهيئة (مثل قسم التواصل والعالقات‬
‫الدولية) وكذا التأخر في شغل بعض مناصب المسؤولية (مثل رئيس قسم تطوير الموارد البشرية‬
‫ورئيس قسم هيئات التوظيف الجماعي للرأسمال (‪ )OPCC‬ورئيس قسم هيئات التوظيف الجماعي‬
‫العقاري (‪ ))OPCI‬التي تظل شاغرة لفترات تتراوح بين سنة وثالث سنوات‪ ،‬مما قد يؤثر على السير‬
‫العادي ألنشطة الهيئة‪.‬‬
‫‪ .2‬الرقابة الداخلية والتدقيق الداخلي‬
‫‪ ‬الحاجة إلى تطوير نظام الرقابة الداخلية‬
‫ظل نظام الرقابة الداخلية وإدارة المخاطر محدودا لفترة طويلة‪ ،‬ويرجع ذلك أساسا إلى عدم نشر‬
‫خريطة المخاطر وعدم تحيينها من جهة‪ ،‬والتخلي عن نظام إدارة الجودة )‪ ،(QMS‬في سنة ‪،2015‬‬
‫من جهة أخرى‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬وخالل سنة ‪ ،2019‬تم إطالق عملية لتطوير نظام الرقابة الداخلية للهيئة مستوحى‬
‫من المعايير الدولية في هذا المجال؛ بيد أن هذه العملية لم تحظ سوى باهتمام محدود نسبيا سواء من‬
‫لدن المجلس اإلداري للهيئة على مستوى اإلشراف أو من طرف لجنة المخاطر والرقابة الداخلية على‬
‫مستوى القيادة‪.‬‬
‫غير أن مصادقة المجلس اإلداري في ‪ 2‬يونيو ‪2021‬على ميثاق للرقابة الداخلية والذي يتضمن تحديد‬
‫المبادئ واإلطار التنظيمي وكذلك التدابير الدنيا لسير نظام الرقابة الداخلية بالهيئة‪ ،‬من شأنه أن يساهم‬
‫في تطوير نظام يستجيب للمعايير الدولية‪.‬‬
‫‪ ‬أنشطة محدودة في مجال التدقيق الداخلي‬
‫ال تعتمد أعمال التدقيق الداخلي للهيئة مقاربة قائمة على أساس المخاطر‪ ،‬إذ تتجه أساسا نحو مهام‬
‫رقابة االلتزام المتعلقة بتدقيق مطابقة وشرعية أعمال األجهزة (المجلس اإلداري والمجلس التأديبي)‬
‫وبعض األنشطة الجارية األخرى كمراقبة احترام القواعد األخالقية وتدقيق الصفقات‪.‬‬
‫‪ .3‬النظم المعلوماتية‬
‫‪ ‬مخطط مديري طموح مقابل وتيرة تنفيذ بطيئة‬
‫تتسم وتيرة تنفيذ المخطط المديري ألنظمة المعلومات )‪ (SDSI‬بالبطء‪ .‬وقد تم وضع هذا المخطط‬
‫في سنة ‪ 2018‬ليغطي الفترة ‪ ،2022-2019‬حيث تضمن ‪ 36‬مشروعا لم يتم‪ ،‬إلى غاية ‪ 30‬يونيو‬
‫‪ ،2022‬استكمال سوى ‪ %56‬منها‪ ،‬فيما تعرف مشاريع أخرى ذات طابع استعجالي تأخرا في التنفيذ‪،‬‬

‫‪101‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫مثل مشروع ‪– SESAM‬المرحلة األولى والمرجع الوثائقي الداخلي ومشروع ‪،GED/BPM‬‬
‫والتطبيق المعلوماتي ‪ ،MDM‬وكذا ‪ ،ERP‬إلخ‪ ،‬مما أثر على تحقيق األهداف المحددة له‪ .‬كما أن‬
‫تأخر تنفيذ مشروع التطبيق المعلوماتي "‪ "SESAM‬الذي كان مبرمجا بين ‪ 2017‬و‪ 2020‬والموجه‬
‫إلى دعم المهن الرئيسية للهيئة‪ ،‬قد ساهم في تأخير بلوغ الهيئة أهدافها المتعلقة بالتطوير المهني‬
‫لوظائفها‪.‬‬
‫أوضحت الهيئة أنه تم إنجاز المرحلة ‪ 1‬من مشروع ‪ SESAM‬سنة ‪ ،2021‬على أن يتم إنجاز مراحل أخرى‬
‫إلتمام المشروع برمته‪ .‬أما بالنسبة للمشاريع األخرى المذكورة‪ ،‬فقد تم إنجازها أو سيتم إنجازها إلى غاية‬
‫نهاية هذه السنة‪ ،‬باستثناء مشروع إدارة المستندات اإللكترونية )‪ (GED‬والذي سيُطلق خالل الربع األخير‬
‫من سنة ‪.2022‬‬
‫‪ ‬تتبع وترتيب األولويات غير كافيين‬
‫أدى العدد المهم من المشاريع التي تتطلب تعبئة الموارد المرتبطة بمهن الهيئة ونظم معلوماتها وكذا‬
‫مخاطر التنفيذ المرتبطة بها إلى عدم تمكنها من ترتيب األولويات ضمن هذه المشاريع بهدف اختيار‬
‫أهمها وضمان تنفيذها‪.‬‬
‫وفي سنة ‪ ،2019‬تم إحداث لجنة خاصة تعنى بترتيب األولويات‪ ،‬لكن الوضع لم يتحسن على الرغم‬
‫من التوصيات التي وجهتها هذه اللجنة إلى المجلس اإلداري للهيئة بهذا الشأن‪.‬‬
‫بناء على ما سبق‪ ،‬يوصي المجلس الهيئة المغربية لسوق الرساميل بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تحديد وتأطير عملية انتقاء األعضاء المعينين بصفة شخصية في المجلس اإلداري‬
‫وأعضاء المجلس التأديبي مع تعزيز تشكيلة هذا األخير؛‬
‫‪ -‬تحسين التنسيق بين مختلف بنيات الهيئة بهدف استخدام أمثل للمعلومات المتاحة لها‪،‬‬
‫باالرتكاز أساسا على نظام معلوماتي يحقق هذه الغاية؛‬
‫‪ -‬العمل على تطوير نظام الرقابة الداخلية لالستجابة أكثر للمعايير الدولية في هذا المجال؛‬
‫‪ -‬توسيع مجال التدقيق الداخلي‪ ،‬على المستوى العملي‪ ،‬ليشمل مختلف أنشطة الهيئة‬
‫زيادة على مهام مراقبة المالءمة التي يقوم بها وذلك بنا ًء على تحليل المخاطر‬
‫المرتبطة بهذه األنشطة؛‬
‫‪ -‬تسريع تنفيذ المشاريع المتعلقة بنظم المعلومات من خالل إعطاء األولوية للنظم األكثر‬
‫دعما لألنشطة الرئيسية للهيئة‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن المجلس األعلى للحسابات يوصي الهيئة المغربية لسوق الرساميل بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تسريع اعتماد مجموعة المراجع المتكونة من مساطر رسمية ومعدلة بانتظام ودالئل‬
‫عملية مختصة تغطي جميع العمليات المتعلقة بأعمال الهيئة‪ ،‬ال سيما االعتمادات‬
‫والتراخيص والمراقبة والتحقيقات والعقوبات؛‬
‫‪ -‬تحسين عمليات توثيق أنشطة الهيئة وتتبعها بما يسمح بالتوحيد والرقابة والمراجعة؛‬
‫‪ -‬تطوير تدبير المخاطر من خالل وضع خرائط للمخاطر والعمل على تحيينها بانتظام‬
‫بهدف ترشيد أمثل ألنشطة الهيئة‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪102‬‬


‫قطاع الصحة‬

‫‪103‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪104‬‬
‫يعتبر تطوير المنظومة الصحية ببالدنا أولوية رئيسية‪ ،‬تجسدت من خالل إطالق ورش مجتمعي كبير‬
‫يهدف إلى تعميم الحماية االجتماعية‪.‬‬
‫ومن أهم محاور هذا الورش المهيكل تنمية الموارد البشرية لقطاع الصحة‪ ،‬والتي تشكل الركيزة‬
‫األساسية لتطوير العرض الصحي وتجويد الخدمات المقدمة في هذا اإلطار واالستجابة‪ ،‬بالتالي‪،‬‬
‫لحاجيات المواطنين‪.‬‬
‫وفي سياق سعيها لتحسين هذه المنظومة وتوفير الخدمات العالجية للمواطنين بالجودة المطلوبة‪،‬‬
‫أطلقت السلطات الحكومية المعنية‪ ،‬منذ عدة سنوات‪ ،‬مجموعة من البرامج الوطنية التي تستهدف‬
‫الوقاية من مجموعة من األمراض المزمنة‪ ،‬ومن بينها تلك المرتبطة بارتفاع ضغط الدم باعتباره أحد‬
‫األمراض األكثر انتشارا خاصة لدى بعض الفئات العمرية‪.‬‬
‫وترتبط نجاعة المنظومة الصحية باعتماد مجموعة من التدابير واإلجراءات‪ ،‬وفي مقدمتها إرساء‬
‫نظام فعال للمراقبة الصحية واإلنذار المبكر والذي يمكن‪ ،‬وفي الوقت المناسب‪ ،‬من رصد المخاطر‬
‫الصحية وتتبع مؤشرات األمراض ذات األولوية‪ ،‬تفاديا لكل انعكاسات غير محمودة على صحة‬
‫األفراد‪ .‬وقد أظهرت األزمة الصحية األخيرة الحاجة الملحة لتطوير هذا النظام كآلية استباقية تتيح‬
‫رصد المخاطر وتطويقها بفعالية ونجاعة واتخاذ اإلجراءات القمينة بحماية صحة المواطنين‪.‬‬
‫ويكتسي النهوض بقطاع الصناعة الدوائية ببالدنا‪ ،‬باعتباره قطاعا حيويا واستراتيجيا‪ ،‬أهمية كبرى‬
‫ضمن المنظومة الصحية من أجل توفير أدوية ذات جودة وبأثمنة تسهل الولوج إليها في إطار التجسيد‬
‫الفعلي للحق في الصحة لكافة المواطنين‪.‬‬
‫وعطفا على ما سبق‪ ،‬فقد أنجز المجلس األعلى للحسابات‪ ،‬خالل سنة ‪ ،2021‬أربع مهمات رقابية‬
‫ذات صلة بقطاع الصحة‪ ،‬تناولت الجوانب التالية‪:‬‬
‫‪ -‬الموارد البشرية بوزارة الصحة؛‬
‫‪ -‬منظومة األدوية‪ :‬عمليات اإلذن بالعرض في السوق والمراقبة وتحديد ثمن بيع األدوية؛‬
‫‪ -‬البرنامج الوطني للوقاية ومراقبة ارتفاع ضغط الدم؛‬
‫‪ -‬نظام المراقبة الصحية واإلنذار المبكر والسريع‪.‬‬

‫‪105‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫الموارد البشرية لوزارة الصحة‪:‬‬
‫تفاوتات ترابية واختالالت على مستوى تغطية الساكنة‬

‫تشكل الموارد البشرية الصحية أساس أي منظومة صحية والمحرك الرئيسي لنجاعتها وتطويرها‬
‫وإصالحها‪ .‬وقد حددت منظمة الصحة العالمية عتبة كثافة العاملين الصحيين في ‪ 4,45‬عامال صحيا‬
‫لكل ألف نسمة‪ ،‬وذلك لتوفير تغطية مالئمة للساكنة فيما يخص العالجات األساسية‪ ،‬ال سيما منها‬
‫الضرورية من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة‪ .‬ويبقى مستوى التغطية في المغرب منخفضا‬
‫مقارنة بهذه العتبة‪ ،‬حيث ال يتجاوز معدل التغطية ‪ 1,64‬عامال صحيا لكل ألف نسمة‪ ،‬مع وجود‬
‫تباينات بين مختلف الجهات‪.‬‬
‫ويشكل مهنيو الصحة التابعون للوزارة المكلفة بالصحة مكونا أساسيا في منظومة العالجات الوطنية‬
‫وإحدى الرافعات لتحقيق تغطية جيدة للسكان‪ .‬ففي سنة ‪ ،2021‬بلغ عدد موظفي الوزارة‬
‫‪ 53.478‬موظفا‪ ،‬من بينهم ‪ 49.612‬موظفا في وضعية القيام بالوظيفة في مختلف الهياكل التابعة‬
‫لـلوزارة‪ ،‬موزعة بين ‪ 9.422‬إطارا طبيا و‪ 30.199‬إطارا ممرضا و‪ 9.991‬إطارا إداريا وتقنيا‪.‬‬
‫وقد تم تحقيق إنجازات مهمة‪ ،‬خالل العقد الماضي‪ ،‬فيما يخص تطوير عرض العالجات الصحية‬
‫لضمان ولوج الساكنة للرعاية الصحية سواء على مستوى البنيات التحتية أو التغطية الصحية‪ ،‬وذلك‬
‫من خالل إنشاء مرافق صحية جديدة وتعميم التغطية الصحية‪ .‬غير أن تحقيق هذه الدينامية يستدعي‬
‫توفير األطر الطبية والتمريضية الضرورية من حيث العدد ومالءمتها مع احتياجات الساكنة‪،‬‬
‫باإلضافة إلى إدارتها بشكل يمكن من توقع تطوراتها المستقبلية‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد‪ ،‬أفادت وزارة الصحة والحماية االجتماعية أن تحقيق هذه الدينامية يتم في حدود اإلمكانيات‬
‫المتوفرة من المناصب المالية المتاحة‪ ،‬والخريجين المتوفرين في سوق الشغل‪ ،‬وبتنسيق مع مختلف القطاعات‬
‫الوزارية ذات الصلة‪.‬‬
‫وتهدف مهمة المراقبة التي أنجزها المجلس األعلى للحسابات التأكد من أن الوضعية الراهنة لألطر‬
‫الصحية للوزارة تمكن من االستجابة بشكل فعال لالحتياجات الحالية والمستقبلية للساكنة‪ .‬وقد شملت‬
‫المهمة الفترة الممتدة ما بين سنتي ‪ 2010‬و‪.2021‬‬
‫أوال‪ .‬لمحة عامة عن كثافة العاملين الصحيين على المستوى الوطني‬
‫‪ ‬تطور طفيف نحو تحسين كثافة العاملين الصحيين‬
‫انتقل عدد األطباء على المستوى الوطني من ‪ 19.444‬طبيبا‪ ،‬موزعة بين ‪ 11.510‬طبيبا في القطاع‬
‫العام و‪ 7.934‬طبيبا في القطاع الخاص‪ ،‬سنة ‪ ،2011‬إلى ‪ 25.575‬طبيبا‪ ،‬موزعة بين ‪11.953‬‬
‫طبيبا في القطاع العام و‪ 13.622‬طبيبا في القطاع الخاص‪ ،‬سنة ‪ .2020‬أما فيما يخص الممرضين‬
‫وتقنيي الصحة (في القطاع العام) فقد انتقل عددهم من ‪ 29.025‬إلى ‪ 33.837‬ممرضا وتقني صحة‬
‫خالل نفس الفترة‪.‬‬
‫وبذلك‪ ،‬لم تشهد كثافة العاملين الصحيين لكل ‪ 10.000‬نسمة تحسنا ملحوظا خالل العقد الماضي‪،‬‬
‫حيث ارتفع المعدل من ‪ 15,1‬سنة ‪ 2011‬إلى ‪ 16,4‬سنة ‪ ،2020‬بزيادة طفيفة قدرها ‪ 1,3‬نقطة‬
‫(‪ .)+%9‬ويرجع هذا التطور بشكل رئيسي إلى زيادة كثافة األطباء التي ارتفعت من ‪ 6,1‬إلى ‪7,1‬‬
‫خالل نفس الفترة‪ ،‬نظرا الرتفاع كثافة أطباء القطاع الخاص من ‪ 2,5‬إلى ‪ 3,8‬وعلى عكس ذلك‪،‬‬
‫تراجعت كثافة أطباء القطاع العام من ‪ 3,6‬إلى ‪ 3,3‬خالل نفس الفترة‪.‬‬
‫وقد عزت الوزارة تراجع كثافة أطباء القطاع العام لعدم جاذبية القطاع خصوصا بالنسبة لألطباء العامين‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة التخفيف من الفوارق الجهوية‬
‫رغم التطور الطفيف الذي عرفته كثافة العاملين الصحيين على المستوى الوطني‪ ،‬خالل الفترة الممتدة‬
‫من ‪ 2011‬إلى ‪ ،2020‬فإن هذا التحسن لم يسجل بشكل متكافئ بين مختلف الجهات‪ .‬إذ شهدت هذه‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪106‬‬


‫الكثافة زيادة واضحة في بعض الجهات‪ ،‬مثل جهة كلميم واد نون( ‪ )+% 79‬وجهة الداخلة واد الذهب‬
‫(‪ ،)+%158‬وذلك نتيجة لمجهودات وزارة الصحة من أجل توسيع العرض الصحي‪ .‬لكن بالمقابل‪،‬‬
‫عرفت هذه الكثافة انخفاضا في بعض الجهات كما هو الحال بالنسبة لجهة الرباط سال القنيطرة (‪%7‬ـ)‬
‫وجهة بني مالل خنيفرة (‪%3‬ـ)‪.‬‬
‫ويتأكد هذا الوضع‪ ،‬بشكل أكبر‪ ،‬من خالل مقارنة تطور كثافة العاملين الصحيين على مستوى الجهات‬
‫بالمعدل الوطني‪ .‬حيث عرفت بعض الجهات تطورا ملحوظا تجاوز المعدل الوطني‪ ،‬في حين تراجعت‬
‫هذه الكثافة في جهات أخرى‪ .‬ويتعلق األمر بالخصوص بجهة بني مالل‪-‬خنيفرة التي عرفت سنة‬
‫‪ 2020‬كثافة بلغت ‪ 11,9‬عامال صحيا لكل ‪ 10.000‬نسمة‪ ،‬في حين أن المعدل الوطني بلغ ‪،16,4‬‬
‫أي بفارق ‪ 4,5‬نقاط‪ ،‬بينما لم يتجاوز هذا الفارق ‪ 2,7‬نقاطا سنة ‪.2011‬‬
‫ثانيا‪ .‬توزيع العاملين الصحيين لوزارة الصحة‬
‫يستلزم توزيع األطر الطبية والتمريضية وضع معايير محددة‪ ،‬حسب سلة العالجات لكل مؤسسة‬
‫صحية وفق مستواها المرجعي فيما يخص تنظيم عرض العالجات والخريطة الصحية والمخططات‬
‫الجهوية لعرض العالجات (كما نص عليه المرسوم رقم ‪ 2.14.562‬بتطبيق القانون اإلطار رقم‬
‫‪ 34.09‬المتعلق بالمنظومة الصحية وبعرض العالجات)‪ .‬وفي غياب هذه المعايير‪ ،‬يصعب تحديد‬
‫مستوى التوافق بين أعداد األطر المتوفرة‪ ،‬واالحتياجات الصحية للساكنة وكذا احتياجات المؤسسات‬
‫الصحية‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن تحليل توزيع هذه األطر‪ ،‬حسب شبكات العرض الصحي وحسب المجال‬
‫وحسب المؤسسات الصحية‪ ،‬أبان على أن توزيعها ال يعتمد على معايير موضوعية‪ .‬وقد أدى هذا‬
‫الوضع إلى ظهور تفاوتات ترابية‪ ،‬وتباينات على مستوى تغطية السكان‪ ،‬فضال عن ضعف المالءمة‬
‫بين البنيات التحتية والموارد البشرية المخصصة لها‪ .‬ويضاف إلى ذلك ضعف في تدبير هذه الموارد‬
‫البشرية والتي تعاني أساسا من الخصاص‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى تقليص التفاوت على مستوى التوزيع الجغرافي لألطر الطبية‬
‫في سنة ‪ ،2020‬ومقارنة بمتوسط ‪ 2,62‬على الصعيد الوطني‪ ،‬تفاوتت كثافة األطباء التابعين لوزارة‬
‫الصحة لكل ‪ 10.000‬نسمة حسب الجهات بين ‪ 1,97‬في جهة مراكش آسفي و‪ 4,48‬في جهة كلميم‬
‫واد نون‪.‬‬
‫وباالقتصار على شبكة مؤسسات الرعاية الصحية األولية‪ ،‬تبلغ كثافة األطباء‪ ،‬لكل‬
‫‪ 10.000‬نسمة‪ 0,81،‬في المجال القروي مقابل ‪ 0,74‬في المجال الحضري‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى‬
‫وجود تفاوتات في بعض الجهات بين المجالين‪ ،‬كما هو الحال في جهة الداخلة ‪ -‬واد الذهب‪ ،‬وجهة‬
‫درعة ‪ -‬تافياللت‪ ،‬وجهة مراكش ‪ -‬آسفي التي تسجل أدنى المستويات من حيث تغطية سكان المجال‬
‫القروي بمعدالت كثافة تبلغ على التوالي‪ 0,37‬و‪ 0,43‬و‪.0,59‬‬
‫وأخذا بعين االعتبار أطباء الشبكة االستشفائية‪ ،‬وعلما أن المستشفيات تتواجد بالمجال الحضري‪ ،‬فإن‬
‫التفاوت في توزيع الموارد البشرية الطبية يزداد حدة‪ ،‬إذ تصل هذه الكثافة في المجال الحضري إلى‬
‫‪ ،2,71‬أي أكثر بثالث مرات من المجال القروي‪ .‬ويتجلى هذا التفاوت في أن ‪ %88,5‬من أطباء‬
‫وزارة الصحة يغطون ‪ %63,4‬من السكان بالمجال الحضري‪ ،‬بينما ‪ %36,6‬من السكان بالمجال‬
‫القروي يحظون بتغطية ‪ %11,5‬فقط من أطباء الوزارة‪.‬‬
‫ولم تتم ترجمة التوجه االستراتيجي للوزارة‪ ،‬نحو تعزيز تغطية المراكز الصحية بالمجال القروي‬
‫باألطر الطبية‪ ،‬بشكل ملموس على أرض الواقع من حيث معدل التأطير الطبي‪ .‬فمن بين‬
‫‪ 2.126‬مركزا صحيا من المستويين األول والثاني‪ ،‬يتواجد ‪ 1.279‬مركزا في المجال القروي (أي‬
‫‪ )60%‬يشتغل بها ‪ % 41‬من أطباء شبكة مؤسسات الرعاية الصحية األولية‪ ،‬وذلك بمعدل إشراف‬
‫طبي يقل عن طبيب واحد لكل مركز‪ .‬بينما تتوفر المراكز الصحية الحضرية‪ ،‬التي تمثل ‪ %40‬من‬
‫مجموع مراكز هذه الشبكة‪ ،‬على ‪ %59‬من الموارد الطبية بمعدل إشراف طبي يبلغ ‪.2,49‬‬

‫‪107‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫‪ ‬ضرورة تحسين توزيع األطر الطبية حسب شبكات العالجات‬
‫تعتمد فعالية نظام عرض العالجات على تركيبة األطر الطبية وتوزيعها بين المؤسسات الصحية‪.‬‬
‫ومن أجل تحليل هذه العناصر تم التطرق إلى تركيبة األطر الطبية بوزارة الصحة وتوزيعها حسب‬
‫شبكات العالجات‪ .‬ويمثل األطباء المتخصصون ‪ %50,3‬واألطباء العامون ‪ %45,6‬من إجمالي‬
‫األطر الطبية بوزارة الصحة‪ ،‬بينما يمثل أطباء األسنان والصيادلة ‪ %2,4‬و‪ %1,7‬على التوالي‪.‬‬
‫وفي غياب دراسات وبائية تحدد الحاجيات العالجية‪ ،‬يصعب تحليل تركيبة األطر الطبية‪ ،‬وبالتالي تم‬
‫االعتماد على تصنيف التخصصات (ذات األولوية وغير ذات األولوية) بناء على عرض العالجات‬
‫للمؤسسات االستشفائية‪ ،‬وذلك وفق مستوياتها المرجعية‪ .‬وتشكل التخصصات غير ذات األولوية‬
‫المكون األكبر لتركيبة المتخصصين الطبيين وذلك بنسبة ‪ 2.911( %61,5‬طبيبا متخصصا) في‬
‫حين أن االختصاصات ذات األولوية تشكل نسبة ‪ %38,50‬فقط (‪ 1.825‬طبيبا متخصصا)‪.‬‬
‫وقد أشارت الوزارة المكلفة بالصحة أن ثالثة تخصصات طبية (الطب الرياضي‪ ،‬طب الشغل‪ ،‬والطب‬
‫الجماعاتي) تم اعتبارها اختصاصات غير ذات أولوية وأنها تمثل ‪ %45,52‬من أصل ‪ 2.911‬طبيبا متخصصا‬
‫غير ذي أولوية‪ .‬وأضافت أن هذه الفئة من األطباء في هذه التخصصات الثالثة يزاولون مهام أطباء عامين‬
‫بالمراكز االستشفائية التابعة لها‪.‬‬
‫وفيما يتعلق بتوزيع األطر الطبية حسب شبكات العالجات‪ ،‬يشكل األطباء الممارسون في المستشفيات‬
‫ما يقارب ‪ %51,85‬مقابل ‪ %31,60‬على مستوى شبكة مؤسسات الرعاية الصحية األولية‬
‫و‪ %16,55‬على مستوى الهياكل األخرى من إجمالي عدد األطباء‪ .‬ومن شأن هذه التركيبة أن تشكل‬
‫عائقا أمام تنزيل مخطط تنظيمي فعال لعرض العالجات الصحية يستند على قنوات الرعاية الصحية‪،‬‬
‫على اعتبار أن مؤسسات الرعاية الصحية األولية تشكل البوابة الرئيسية لولوج المنظومة الصحية‪،‬‬
‫كما هو منصوص عليه في المادة ‪ 7‬من المرسوم رقم ‪ 2.14.562‬المتعلق بالمنظومة الصحية وعرض‬
‫العالجات‪.‬‬
‫‪ ‬تحقيق التوافق بين الموارد الطبية والبنيات التحتية لعرض العالجات‬
‫بشكل عام‪ ،‬تم الوقوف على غياب عالقة توافقية بين الموارد البشرية الطبية والبنيات التحتية‪ ،‬فعلى‬
‫سبيل المثال‪:‬‬
‫‪ -‬يبلغ متوسط عدد األسرة لكل طبيب ‪ 5,17‬سريرا‪ .‬وتتوفر خمس جهات على نسبة أعلى‬
‫من المتوسط (كجهتي الرباط سال القنيطرة (‪ )7,45‬ومراكش آسفي (‪ .))7,1‬أما على‬
‫مستوى الجهات الجنوبية‪ ،‬فتتراوح هذه النسبة بين ‪ 3,62‬في جهة العيون الساقية الحمراء‬
‫و‪ 1,29‬في جهة الداخلة وادي الذهب‪ .‬وتظل الجهات األخرى في مستويات قريبة من‬
‫المتوسط الوطني؛‬
‫‪ -‬يبلغ متوسط عدد الجراحين ‪ 3‬أطباء جراحين لكل غرفة عمليات‪ .‬وتتواجد جميع الجهات‬
‫في مستويات قريبة من المتوسط الوطني‪ ،‬باستثناء جهات كلميم واد نون والداخلة وادي‬
‫الذهب والعيون الساقية الحمراء‪ ،‬حيث تتراوح هذه النسبة بين ‪ 4‬و‪ 5‬جراحين لكل غرفة‬
‫عمليات‪ .‬وتوجد أقل المعدالت بجهة درعة تافياللت والجهة الشرقية‪ ،‬وذلك بنسبة جراحين‬
‫اثنين لكل غرفة عمليات؛‬
‫‪ -‬يبلغ متوسط عدد أطباء التخدير واإلنعاش ‪ 6‬أطباء لكل سرير عناية مركزة‪ .‬وتفتقر جهة‬
‫طنجة تطوان الحسيمة بشكل ملحوظ لهذه الفئة من األطباء (طبيب تخدير واحد لـكل‬
‫‪ 11‬سرير عناية مركزة)‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة ترشيد تدبير الموارد البشرية الطبية المتاحة‬
‫في سياق يتسم بنقص الموارد البشرية الطبية التي تميز جل المؤسسات الصحية‪ ،‬فإن ترشيد إدارة‬
‫الموارد البشرية يستدعي أساسا تدبيرا ناجعا للموارد البشرية المتاحة‪ .‬إال أنه تم الوقوف على مجموعة‬
‫من المالحظات في هذا الصدد ومن ضمنها ما يلي‪:‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪108‬‬


‫‪ -‬عدم توفر بعض المستشفيات على التخصصات المنصوص عليها في المرسوم رقم‬
‫‪ 2.14.562‬المتعلق بالمنظومة الصحية وعرض العالجات‪ ،‬نظرا لغياب أطباء في هذه‬
‫االختصاصات أو عدم كفاية عددهم‪ ،‬األمر الذي يجعل من الصعب ضمان مداومة‬
‫العالجات؛‬
‫‪ -‬تعيين أطباء متخصصين في مؤسسات استشفائية ال تتوافق طبيعة اختصاصاتهم مع سلة‬
‫العالجات الخاصة بها كما هو منصوص عليه في اإلطار التنظيمي‪ .‬ويتعلق األمر بـ ‪153‬‬
‫طبيبا اختصاصيا في مستشفيات القرب و‪ 648‬في المستشفيات اإلقليمية و‪ 179‬في‬
‫المستشفيات الجهوية‪.‬‬
‫وقد أوضحت الوزارة المكلفة بالصحة أن تعيين األطباء االختصاصيين يتم وفق المرسوم ‪2.14.562‬‬
‫(خصوصا المرفق رقم ‪ 1‬الذي يحدد سلة العالجات حسب مستوى العالج)‪ ،‬وأن التعيين يتم بالمراكز‬
‫االستشفائية باستثناء بعض التخصصات الطبية (مثل طب األطفال‪ ،‬واألمراض الجلدية) التي تتواجد أيضا‬
‫بالمراكز الصحية وذلك ألسباب تنظيمية‪ ،‬تهدف إلى تخفيف العبء على المراكز االستشفائية‪ .‬وأضافت أن‬
‫تواجد بعض االختصاصات من المستوى الجهوي بالمراكز االستشفائية اإلقليمية راجع إلى أنها كانت تعتبر‬
‫مراكز استشفائية جهوية قبل التقسيم الترابي الجهوي لسنة ‪.2015‬‬
‫‪ -‬تعيين أطباء متخصصين في مراكز صحية من المفترض أن تكون‪ ،‬حسب النصوص‬
‫التنظيمية‪ ،‬تحت إشراف طبيب عام‪ .‬ويتعلق األمر بما مجموعه ‪ 765‬طبيبا متخصصا في‬
‫مختلف التخصصات؛‬
‫‪ -‬وجود عدد مهم من األطباء في وضعية إلحاق أو الوضع رهن اإلشارة لدى مؤسسات أخرى‬
‫(‪ 524‬طبيبا دون احتساب األطباء الممارسين في المستشفيات الجامعية) وأطباء معينين في‬
‫مهام إدارية في اإلدارة المركزية أو المصالح الخارجية للوزارة (‪ 827‬طبيبا)‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة ترشيد تدبير الموارد البشرية التمريضية‬
‫كما هو الحال بالنسبة لألطر الطبية‪ ،‬فقد سجل تباين في توزيع الممرضين وتقنيي الصحة نتج عنه‬
‫تباين بين الجهات في تغطية السكان من قبل هذه الفئة من األطر‪ .‬فمقارنة بالمتوسط الوطني‪ ،‬والذي‬
‫يبلغ ‪ 8,33‬ممرضا وتقني صحة لكل ‪ 10.000‬نسمة‪ ،‬تتراوح كثافة هذه األطر بين ‪( 5,34‬أي ممرض‬
‫وتقني صحة واحد لـكل ‪ 1.873‬نسمة) في جهة الدار البيضاء‪-‬سطات‪ ،‬و‪( 24,96‬أي ممرض وتقني‬
‫صحة واحد لكل ‪ 401‬نسمة) في جهة كلميم‪-‬واد نون‪.‬‬
‫وعلى مستوى التوزيع المجالي‪ ،‬فقد سجل تمركز هذه األطر في المجال الحضري‪ .‬فمن إجمالي‬
‫‪ 30.199‬ممرضا وتقني صحة‪ ،‬يوجد ‪( 24.477‬أي ‪ ،)%81,1‬في المجال الحضري‪ ،‬مقابل ‪5.722‬‬
‫فقط (أي ‪ )%18,9‬في المجال القروي‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى‪ ،‬سجل عدم التناسب بين األطر التمريضية والبنيات التحتية لعرض العالجات كما‬
‫توضح ذلك الحاالت التالية‪:‬‬
‫أسرة‪ ،‬وتتراوح‬
‫‪ -‬يبلغ متوسط عدد الممرضين متعددي التخصصات ممرضا واحدا لكل ‪ّ 4‬‬
‫هذه النسبة ما بين ‪ 1‬و‪ 7‬حسب الجهات‪ .‬وتسجل جهتا الرباط سال القنيطرة (ممرض واحد‬
‫لـكل ‪ 7‬أسرة) والدار البيضاء سطات (ممرض واحد لكل ‪ 6‬أسرة) أدنى المستويات من‬
‫حيث هذه النسبة‪ .‬وبالمقابل‪ ،‬تتوفر الجهات الجنوبية على نسب عالية تتراوح بين ممرض‬
‫واحد لكل سريرين وممرض واحد لكل سرير‪ .‬وتبقى الجهات األخرى في مستويات قريبة‬
‫من المتوسط الوطني؛‬
‫‪ -‬يبلغ متوسط عدد ممرضي التخدير واإلنعاش ‪ 4‬ممرضين لكل غرفة عمليات‪ ،‬مع وجود‬
‫تفاوتات طفيفة نسبيا بين الجهات‪ .‬وتصبح هذه التفاوتات أكثر حدة عند احتساب هذا المتوسط‬
‫بالنسبة لعدد أطباء التخدير واإلنعاش‪ ،‬وهذا راجع باألساس إلى ضعف وسوء توزيع هذه‬
‫الفئة على مستوى الجهات‪.‬‬

‫‪109‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫‪ -‬يبلغ متوسط عدد تقنيي األشعة ‪ 5‬تقنيين لكل طبيب أشعة‪ ،‬مع وجود تفاوتات طفيفة بين‬
‫الجهات (باستثناء جهة كلميم واد نون التي تتوفر على نسبة ‪ 8‬تقنيين لكل طبيب أشعة)‪.‬‬
‫وتصبح هذه التفاوتات أكثر حدة عند احتساب هذا المتوسط بالنسبة لعدد غرف األشعة‪ ،‬إذ‬
‫تتراوح هذه النسبة بين ‪ 1‬و‪ 15‬تقنيا لكل غرفة أشعة‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬سجل ضعف في ترشيد تدبير األطر التمريضية‪ ،‬حيث تم تعيين عدد مهم‬
‫(‪ 1.646‬ممرضا وتقني صحة‪ ،‬أي أكثر من ‪ %5‬من مجموع هذه األطر) للقيام بمهام إدارية‪ .‬كما تم‬
‫تعيين مجموعة من تقنيي الصحة والتقنيين في الترويض وإعادة التأهيل في تخصصات أخرى على‬
‫مستوى مراكز صحية‪.‬‬
‫وقد أشارت الوزارة المكلفة بالصحة أن بعض التخصصات من األطر الصحية وتقنيي الصحة هي تخصصات‬
‫إدارية محضة مثل تقنيي اإلحصاء الصحي‪.‬‬
‫ثالثا‪ .‬خصائص تطور الموارد البشرية الصحية‬
‫أدى نقص اإللمام بدينامية التغييرات التي تعرفها الموارد البشرية الصحية إلى تطورها‪ ،‬خالل الفترة‬
‫الممتدة ما بين ‪ 2011‬و‪ ،2021‬في اتجاهات ال تساعد على تنميتها وتقليل الفوارق على عدة مستويات‪.‬‬
‫فعلى الرغم من تزايد أعدادها بشكل عام‪ ،‬فإن ذلك ال يتيح تغطية فعالة الحتياجات السكان‪ .‬إذ يالحظ‬
‫تعزيز للتخصصات غير ذات األولوية‪ ،‬وتعزيز عرض للعالجات ال يخدم تدعيم عالجات القرب‪.‬‬
‫يضاف إلى ذلك‪ ،‬أن اآلليات الكفيلة بإعادة توزيع الموارد البشرية بشكل متوازن ال يتم تفعيلها بشكل‬
‫مناسب مما يزيد من حدة التفاوتات‪.‬‬
‫‪ ‬تطور غير متناسب لعدد األطباء مقارنة بنمو السكان‬
‫عرف عدد األطباء التابعين للوزارة زيادة طفيفة‪ ،‬منذ سنة ‪ ،2011‬إذ انتقل من ‪ 8.283‬إلى‬
‫‪ 9.422‬طبيبا في سنة ‪ ،2021‬بمتوسط معدل نمو سنوي يقارب ‪ ،%1‬علما أن معدل الزيادة في عدد‬
‫السكان هو ‪ %1,1‬خالل الفترة الممتدة ما بين ‪ 2010‬و‪ 2020‬وفقا لمعطيات المندوبية السامية‬
‫للتخطيط‪ .‬ويبقى هذا التطور لعدد األطباء غير كاف لتحسين التغطية الطبية للسكان بالنظر للعجز‬
‫الكبير في أعداد األطباء المتراكم على مر السنين‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فإذا استمر تطور النمو الديمغرافي‬
‫واألطر الطبية للوزارة على نفس المنحى‪ ،‬فقد يزيد ذلك من حدة العجز التراكمي ألعداد األطباء مما‬
‫يشكل عائقا أمام تعزيز التغطية الطبية للسكان‪.‬‬
‫‪ ‬تطور أعداد األطر الطبية في اتجاه تعزيز التخصص مع غلبة التخصصات غير ذات‬
‫األولوية‬
‫عرفت أعداد األطباء العامين والمتخصصين تطورا متباينا خالل الفترة الممتدة بين ‪ 2011‬و‪.2021‬‬
‫ففي الوقت الذي سجل عدد األطباء المتخصصين نموا بمتوسط معدل سنوي بلغ ‪ ،%4.3‬عرف عدد‬
‫األطباء العامين تراجعا بمعدل نمو سنوي بلغ (‪%1.4‬ـ)‪ .‬ومن جهة أخرى‪ ،‬فقد سجل تطور متزايد‬
‫نحو تعزيز التخصصات غير ذات األولوية‪ ،‬حيث عرف عدد األطباء في هذه التخصصات زيادة‬
‫ملحوظة مقارنة بالمتخصصين في التخصصات ذات األولوية‪ .‬وعرفت حصة األطباء ذوي‬
‫التخصصات ذات األولوية تناقصا مستمرا‪ ،‬إذ تراجعت من ‪ %42‬سنة ‪ 2011‬إلى ‪ %38,5‬سنة‬
‫‪ ،2021‬بينما سجلت حصة التخصصات غير ذات األولوية تزايدا‪ ،‬حيث انتقلت من ‪ %58‬إلى‬
‫‪.%61,5‬‬
‫ويعزى تراجع حصة التخصصات ذات األولوية باألساس إلى انخفاض حصة التخصصات الجراحية‬
‫من ‪ %18,2‬سنة ‪ 2011‬إلى ‪ %14,4‬سنة ‪ ،2021‬وخصوصا الجراحة العامة وأمراض النساء‬
‫والتوليد وذلك منذ سنة ‪.2014‬‬
‫‪ ‬منحى تطور أعداد األطر الطبية ال يخدم عالجات القرب‬
‫اتخذ تطور عدد أطباء شبكة المستشفيات وشبكة مؤسسات الرعاية الصحية األولية مسارين مختلفين‪.‬‬
‫ففي الوقت الذي ارتفع عدد األطر الطبية في شبكة المستشفيات من ‪ 3.592‬طبيبا سنة ‪ 2011‬إلى‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪110‬‬


‫‪ 4.885‬سنة ‪ ،2021‬انخفض عدد األطباء في شبكة مؤسسات الرعاية الصحية األولية من‬
‫‪ 3.361‬طبيبا إلى ‪ 2.977‬خالل نفس الفترة‪.‬‬
‫كما أن تطور عدد أطباء شبكة مؤسسات الرعاية الصحية األولية ال يتوافق وتطور عدد المراكز‬
‫الصحية لهذه الشبكة‪ .‬ففي الوقت الذي سجلت فيه زيادة في عدد هذه المراكز‪ ،‬بفضل إنشاء مؤسسات‬
‫جديدة حيث ارتفعت من ‪ 2.689‬مركزا صحيا سنة ‪ 2011‬إلى ‪ 2.935‬سنة ‪( 2020‬بما في ذلك‬
‫‪ 809‬مستوصفا قرويا)‪ ،‬عرف عدد األطر الطبية لهذه الشبكة انخفاضا مستمرا خالل نفس الفترة‬
‫حيث تراجع من ‪ 3.361‬طبيبا سنة ‪ 2011‬إلى ‪ 2.977‬سنة ‪.2021‬‬
‫‪ ‬منحى تطور تدفق الموارد البشرية الطبية يكرس التفاوتات‬
‫يشكل التعيين وإعادة االنتشار آليتين مهمتين لتحقيق توزيع متوازن للموارد البشرية الطبية بين‬
‫الجهات‪ ،‬غير أن تطور تدفق هذه الموارد أظهر توجها نحو تمركزها في جهات معينة‪ .‬فخالل الفترة‬
‫الممتدة بين سنتي ‪ 2011‬و‪ ،2021‬تمركزت تدفقاتها التراكمية في جهتي الدار البيضاء ‪ -‬سطات‬
‫والرباط ‪ -‬سال ‪ -‬القنيطرة بنسب ‪ %21‬و‪ %14‬على التوالي‪.‬‬
‫ونجمت هذه الوضعية عن اختالل التوازن في التدفقات المتعلقة بالتوظيف وتلك المتعلقة بالمغادرة‬
‫(التقاعد‪ ،‬والوفيات‪ ،‬واالستقاالت‪ ،‬وما إلى ذلك)‪ ،‬وكذا الحركية االنتقالية لهذه األطر بين الجهات‪.‬‬
‫وقد أدى تطور هذه التدفقات التراكمية خالل نفس الفترة إلى زيادة تمركز الموارد البشرية الطبية في‬
‫جهات معينة مقارنة بأخرى‪ ،‬حيث سجلت بعض الجهات زيادة في أعداد األطر الطبية مثل جهات‬
‫الدار البيضاء ‪ -‬سطات (‪ ،)529+‬والرباط ‪ -‬سال ‪ -‬القنيطرة (‪ ،)475+‬ومراكش ‪ -‬آسفي (‪،)443+‬‬
‫وفاس ‪ -‬مكناس (‪ ،)385+‬بينما عرفت جهات أخرى تناقصا في أعداد أطرها‪ ،‬كما هو الحال بالنسبة‬
‫لجهات درعة ‪ -‬تافياللت (‪146‬ـ)‪ ،‬والعيون ‪ -‬الساقية الحمراء (‪114‬ـ)‪ ،‬وكلميم ‪ -‬واد نون (‪102‬ـ)‪.‬‬
‫‪ ‬منحى تنازلي ألعداد الممرضين متعددي التخصصات واتجاه نحو ضعف التأطير من‬
‫طرف األطباء‬
‫يشكل الممرضون متعددو التخصصات أساس العالجات التمريضية في المؤسسات الصحية‪ .‬وقد‬
‫شهدت أعدادهم انخفاضا في شبكتي العالجات الطبية‪ ،‬وتحديدا في شبكة مؤسسات الرعاية الصحية‬
‫األولية‪ ،‬إذ تراجع عددهم من ‪ 6.231‬إلى ‪ 6.180‬ممرضا على مستوى شبكة المستشفيات ومن‬
‫‪ 7.061‬إلى ‪ 6.568‬ممرضا على مستوى شبكة مؤسسات الرعاية الصحية األولية‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬عرف معدل تأطير الممرضين من طرف األطباء تراجعا‪ ،‬حيث انتقل من‬
‫‪ 2,89‬ممرضا لكل طبيب سنة ‪ 2011‬إلى ‪ 3,21‬سنة ‪ .2021‬وانخفضت هذه النسبة بشكل أكبر على‬
‫مستوى بعض التخصصات كما هو الشأن بالنسبة لفئة القابالت التي ارتفع معدل تأطيرها من‬
‫‪ 11,34‬قابلة لكل طبيب توليد وأمراض نسائية سنة ‪ 2011‬إلى ‪ 21,89‬سنة ‪.2021‬‬
‫رابعا‪ .‬اإلسقاطات والتوقعات المتعلقة بالموارد البشرية الصحية‬
‫بشكل عام‪ ،‬وبالنظر إلى المنحى الحالي لتطور كثافة العاملين الصحيين وتوقعات نمو الساكنة‪ ،‬فإن‬
‫العجز في عدد األطباء والممرضين وتقنيي الصحة سيستمر في التزايد في السنوات القادمة‪ .‬وبناء‬
‫على تنبؤات تدفق أعداد الخريجين من هذه األطر‪ ،‬فإن تحقيق تغطية جيدة للسكان (‪ 4,45‬عامل‬
‫صحي لكل ‪ 1.000‬نسمة كما حددته المنظمة العالمية للصحة) يبقى بعيد المنال‪ .‬إذ أن الوصول لهذه‬
‫العتبة مرهون بقدرة منظومة تكوين العامليين الصحيين على المحافظة على الوتيرة الحالية ألعداد‬
‫الخريجين وضمان اندماجهم في المنظومة الصحية الوطنية‪.‬‬
‫عالوة على ذلك‪ ،‬فإن تطور أعداد العاملين الصحيين بالوزارة ال يساير تطور أعداد المؤسسات‬
‫الصحية‪ ،‬مما نتج عنه زيادة في الحاجيات من هذه األطر‪ .‬كما أن وتيرة توظيف األطباء على مستوى‬
‫الوزارة وتوقعاتها المستقبلية مقارنة بتوقعات أعداد المغادرين‪ ،‬ال سيما المتقاعدين منهم‪ ،‬تشير إلى‬
‫انخفاض مستمر في أعداد العاملين الصحيين خالل السنوات القادمة‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬فإن استمرار الوتيرة‬
‫الحالية للتوظيف لن يسمح بتغطية الحاجيات الناتجة عن توقعات المغادرين في أفق سنة ‪.2028‬‬

‫‪111‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫‪ ‬ضرورة التخفيف من العجز في أعداد العاملين الصحيين‬
‫استند تقييم آفاق تطور أعداد العاملين الصحيين من لدن المجلس‪ ،‬على وضع نموذج لمختلف العوامل‬
‫التي تؤثر على توافرها‪ ،‬وهي كالتالي‪ :‬تطور كثافة العاملين الصحيين وتوقعات التزايد السكاني‬
‫وتقديرات تدفق أعداد الخريجين من أطباء وممرضين وتقنيي الصحة‪ .‬وقد اعتمد هذا النموذج على‬
‫إسقاطات قائمة على المالحظات المستقاة من تطور العوامل سالفة الذكر خالل الفترة السابقة‬
‫(‪2011‬ـ‪ )2021‬وعلى فرضية استمرار نفس المنحنيات على مدى السنوات القادمة‪ .‬وعلى الرغم من‬
‫أن هذه اإلسقاطات ال تشكل تنبؤا مؤكدا‪ ،‬فإنها تعتبر من بين السيناريوهات المحتملة بخصوص توافر‬
‫العاملين الصحيين‪.‬‬
‫ويبين توزيع العجز بين فئتي األطباء‪ ،‬من جهة‪ ،‬والممرضين وتقنيي الصحة‪ ،‬من جهة أخرى‪ ،‬اتجاها‬
‫نحو تفاقم العجز في عدد األطباء الذي يرجح أن يرتفع من حوالي ‪ 47.000‬طبيبا سنة ‪ 2023‬إلى‬
‫أزيد من ‪ 53.000‬طبيبا في أفق ‪ .2035‬بالمقابل‪ ،‬فمن المرجح أن يسجل انخفاض في عجز عدد‬
‫الممرضين وتقنيي الصحة‪ ،‬والذي قد يتراجع من حوالي ‪ 56.000‬ممرضا وتقني صحة إلى ‪54.000‬‬
‫خالل نفس األفق‪.‬‬
‫ويبقى تخفيف هذا العجز رهينا بالقدرة على الرفع من وتيرة تكوين أطر طبية وتمريضية جديدة‪ .‬فبناء‬
‫على أعداد الطالب المسجلين برسم سنة ‪ ،2021‬تشير التوقعات المستقبلية لخريجي كليات الطب إلى‬
‫زيادة عددهم‪ ،‬من حوالي ‪ 1.548‬طبيبا سنة ‪ 2022‬إلى ‪ 1.958‬في أفق ‪ .2028‬كما تُظهر التوقعات‬
‫أيضا تطورا كبيرا لخريجي المهن التمريضية الذين من المتوقع أن يزيد عددهم من ‪ 3.019‬خريجا‬
‫بحلول سنة ‪ 2023‬إلى ‪ 5.840‬في أفق ‪.2027‬‬
‫وانطالقا من فرضية الحفاظ على اتجاه منحنيات العوامل المحددة لتوفر العاملين الصحيين المالحظة‬
‫سلفا‪ ،‬فإن هدف تغطية كاملة للسكان بالعاملين الصحيين ال يمكن بلوغه إال على المدى الطويل (في‬
‫أفق سنة ‪ 2035‬تقريبا)‪ .‬كما تستوجب هذه التغطية تحقيق فرضية الحفاظ على كافة الخريجين من‬
‫أطر طبية وتمريضية ضمن المنظومة الصحية الوطنية طيلة هذه المرحلة‪ ،‬مما يستدعي وضع آليات‬
‫مناسبة للحد من ظاهرة هجرة األطباء التي أصبحت أكثر حدة في السنوات األخيرة‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى تقليص العجز في األطر الطبية والتمريضية للوزارة‬
‫قامت الوزارة المكلفة بالصحة باحتساب تقديرات احتياجاتها من األطباء والممرضين وتقنيي الصحة‬
‫في سنتي ‪ 2016‬و‪ ،2020‬على أساس ما يسمى "بمعايير الخريطة الصحية" التي وضعتها الوزارة‬
‫مسبقا والتي لم يتم اعتمادها رسميا لحد اآلن‪ .‬وقد تبين تفاقم الحاجيات اإلجمالية من األطر الصحية‬
‫من ‪ 15.379‬إلى ‪ ،17.175‬بزيادة ‪ 1.796‬إطارا صحيا‪.‬‬
‫ويرجع هذا الوضع إلى التطور المتباين لوتيرة تزايد الموارد البشرية‪ ،‬السيما عدد األطباء‪ ،‬ووتيرة‬
‫إنشاء البنيات التحتية‪ .‬فمن المحتمل أن يزداد هذا الوضع تفاقما في المستقبل نتيجة الحاجة للموارد‬
‫البشرية لتغطية حاجيات المستشفيات والمراكز الصحية قيد اإلنشاء‪ ،‬وكذا أخذا بعين االعتبار‬
‫للتوقعات المستقبلية لتطور عدد أطباء وممرضي وتقنيي الصحة للوزارة‪.‬‬
‫وفيما يخص األطر الطبية‪ ،‬فقد عرفت عملية التوظيف منحى تنازليا‪ ،‬بينما سجلت حاالت المغادرة‬
‫الدائمة (التقاعد بسبب السن‪ ،‬واالستقالة‪ ،‬والتخلي عن الوظيفة‪ ،‬وغيرها من العوامل األخرى) منحى‬
‫تصاعديا خالل الفترة ‪ 2011‬ـ ‪ .2020‬وتجدر اإلشارة إلى أن اإلحالة على التقاعد واالستقالة شكلتا‬
‫السببين الرئيسين المحددين لعدد المغادرين‪ .‬لكن‪ ،‬ومنذ سنة ‪ ،2016‬شهد عدد االستقاالت انخفاضا‬
‫كبيرا‪ ،‬وبالتوازي بدأت عمليات المغادرة المرتبطة بالتخلي عن الوظيفة تأخذ منحى تصاعديا‪.‬‬
‫وعلى الرغم من أن تراكم عدد التوظيفات (‪ )5.102‬فاق تراكم عدد المغادرين (‪ )3.052‬خالل نفس‬
‫الفترة‪ ،‬فإن التوقعات المستقبلية لهذين المتغيرين توضح أنهما يتخذان منحيين مختلفين‪ ،‬منحى تنازلي‬
‫بالنسبة للتوظيف ومنحى تصاعدي بالنسبة للمغادرين‪ .‬وبذلك‪ ،‬فإذا حافظت عملية التوظيف على نفس‬
‫وتيرة السنوات السابقة‪ ،‬تشير التوقعات إلى أنه اعتبارا من سنة ‪ ،2028‬ستكون حاالت المغادرة‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪112‬‬


‫النهائية أعلى من التوظيفات‪ .‬واعتبارا من هذه السنة‪ ،‬من المتوقع أن يشهد عدد أطباء الوزارة انخفاضا‬
‫مستمرا‪.‬‬
‫وفيما يتعلق بالممرضين وتقنيي الصحة‪ ،‬فقد لوحظ أن تطور التوظيف والمغادرة الدائمة يتخذان‬
‫منحنيين متباينين‪ ،‬يتميزان بمنحى تصاعدي فيما يخص التوظيف وبمنحى تنازلي فيما يخص المغادرة‬
‫الدائمة‪ .‬وبالتالي‪ ،‬إذا استمر الحفاظ على نفس وتيرة التوظيف مستقبال‪ ،‬فمن المتوقع أن يعرف عدد‬
‫الممرضين وتقنيي الصحة بالوزارة تزايدا مستمرا‪.‬‬
‫وقد أوضحت وزارة الصحة والحماية االجتماعية أنها عملت‪ ،‬في إطار الرفع من أعداد الخريجين من‬
‫الممرضين وتقنيي الصحة‪ ،‬على الرفع من عدد خريجي المعاهد العليا للمهن التمريضية وتقنيي الصحة‪ ،‬كما‬
‫تم أيضا الرفع من عدد المناصب المالية المخصصة لألطباء المقيمين‪.‬‬
‫خامسا‪ .‬سياسة تخطيط الموارد البشرية الصحية‬
‫أدى غياب سياسة حكومية حقيقية للموارد البشرية في قطاع الصحة ومحدودية اإلجراءات‬
‫االستراتيجية للوزارة في هذا المجال‪ ،‬وكذا اإلشكاالت المتعلقة بالتخطيط‪ ،‬إلى ظهور نقائص بالغة‬
‫التأثير على هذه الموارد‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن ضعف التتبع والتحكم في المحددات التي تؤثر على‬
‫توفر هذه الموارد (التكوين‪ ،‬والتوزيع‪ ،‬والهجرة‪ ،‬وما إلى ذلك) ال يساعد على تطوير حلول مناسبة‬
‫وناجعة لإلشكاليات المطروحة‪.‬‬
‫‪ ‬سياسة حكومية متعددة القطاعات للموارد البشرية الصحية‬
‫على مدى عقود‪ ،‬ظل النقص في األطر الطبية والتمريضية من أهم المعيقات التي عانى منها قطاع‬
‫الصحة‪ .‬ويشكل توفير الموارد البشرية الضرورية الحجر األساس ألي سياسة حكومية في هذا‬
‫القطاع‪ .‬ومن المفروض أن تنبني هذه السياسة متعددة القطاعات‪ ،‬والتي تتجاوز نطاق تدخل الوزارة‬
‫المكلفة بالصحة‪ ،‬على تقارب إجراءات مختلف القطاعات الحكومية الفاعلة من حيث التكوين‬
‫والتخطيط وتدبير العاملين الصحيين‪.‬‬
‫وقد كانت مبادرة تكوين ‪ 3.300‬طبيبا سنويا في أفق سنة ‪ ،2020‬التي أطلقت سنة ‪ ،2008‬المبادرة‬
‫الحكومية الوحيدة التي اتخذت في هذا االتجاه‪ ،‬وكان الهدف منها رفع معدل تغطية الساكنة باألطباء‬
‫من ‪ 0,51‬إلى طبيب واحد لكل ‪ 1.000‬نسمة‪ .‬إال أن هذه المبادرة لم تتعد مرحلة االتفاق بين مختلف‬
‫القطاعات الحكومية المعنية‪ ،‬حيث لم يتجاوز متوسط عدد األطباء المكونين ‪ 1.000‬طبيب سنويا‬
‫والذي بقي بعيدا عن الهدف المنشود‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق بتكوين الممرضين وتقنيي الصحة‪ ،‬وفي غياب سياسات حكومية تخصها‪ ،‬فقد اتخذت‬
‫الوزارة إجراءات هامة في إطار خططها اإلستراتيجية‪ ،‬إما عن طريق إصالح مسارات تكوين هذه‬
‫الفئة أو زيادة عدد المتدربين أو تنويع التخصصات‪.‬‬
‫عالوة على ذلك‪ ،‬فإن اإلشكاليات التي تعاني منها الموارد البشرية في قطاع الصحة تتعدى البعد‬
‫الكمي وتنطوي على إكراهات أعمق‪ ،‬من قبيل التفاوتات الترابية والمجالية‪ ،‬وجاذبية القطاع‪ ،‬وهجرة‬
‫الموارد البشرية الصحية‪ .‬إال أنه لم يتم اتخاذ إجراءات أو تدابير حكومية ناجعة من شأنها أن تقدم‬
‫حلوال لهذه اإلكراهات‪.‬‬
‫‪ ‬آليات اليقظة المعلوماتية لتتبع تطور العوامل المؤثرة على توفر الموارد البشرية‬
‫يستوجب وضع سياسة للموارد البشرية في قطاع الصحة جرد كافة المعطيات التي تتحكم في توفر‬
‫هذه الموارد وكذا تتبع تطورها على المدى المتوسط والطويل‪ ،‬إذ يشكل ذلك الدعامة الالزمة من أجل‬
‫بلورة سياسة حكومية ناجعة في هذا المجال‪ .‬كما يعد التوفر على معطيات محينة وموثوقة‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى حكامة مالئمة‪ ،‬من الركائز األساسية لضمان يقظة معلوماتية فعالة‪ ،‬من شأنها تقييم النقائص‬
‫الحالية والمستقبلية التي يتسم بها تدبير الموارد البشرية الصحية والمساهمة في تقديم حلول مناسبة‬
‫لها‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬توصي منظمة الصحة العالمية بضرورة التوفر على معطيات متعلقة بمجموعة‬

‫‪113‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫من المؤشرات مثل أعداد وكثافة العاملين الصحيين‪ ،‬وقدرة منظومة التكوين‪ ،‬وتدفقات القوى العاملة‬
‫الصحية في سوق الشغل‪ ،‬والتوظيف والحركية االنتقالية‪ ،‬وتدفقات الهجرة‪ ،‬إلخ‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬ال تتوفر الوزارة المكلفة بالصحة على آليات تسمح لنظامها المعلوماتي‪ ،‬من خالل‬
‫مؤشرات مناسبة‪ ،‬برصد وتوفير معطيات حول هذه العناصر‪.‬‬
‫‪ ‬آليات تخطيط الموارد البشرية الصحية‬
‫ال يستند تدبير الموارد البشرية‪ ،‬على مستوى الوزارة‪ ،‬إلى معايير موضوعية لتخصيص هذه الموارد‬
‫للمؤسسات الصحية بناء على إطارها المرجعي‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى أن الوزارة وضعت معايير غير‬
‫رسمية بناء على المبادئ التي حددها المرسوم التنفيذي للقانون اإلطار رقم ‪ 34.09‬المتعلق بالمنظومة‬
‫الصحية وبعرض العالجات‪ ،‬إال أنه لم يتم اعتمادها‪ .‬وال يأخذ هذا اإلطار المرجعي بعين االعتبار‬
‫حجم أنشطة المؤسسات الصحية لضمان توزيع متوازن للعمل بين العاملين الصحيين‪ ،‬مما يحد من‬
‫فعالية عملية تخطيط الموارد البشرية الصحية‪.‬‬
‫وقد ساهمت كل هذه العناصر في غياب تخطيط فعال للموارد البشرية قائم على تدبير استشرافي‬
‫للوظائف والمهارات على مستوى الوزارة‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬تجدر اإلشارة إلى أن استراتيجية الوزارة‬
‫برسم الفترة الممتدة ما بين سنتي ‪ 2012‬و ‪ 2016‬تضمنت عدة توجهات منها بلورة وتنفيذ مخطط‬
‫لتدبير مندمج للموارد البشرية‪ ،‬ووضع إطار مرجعي خاص بالوظائف والمهارات‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫وضع تدبير توقعي للوظائف والكفاءات‪ ،‬إال أنه لم يتم تنزيل هذه التدابير على أرض الواقع‪.‬‬
‫بناء على ما سبق‪ ،‬وبالنظر إلى الطبيعة الشاملة للقضايا المتعلقة بإدارة الموارد البشرية الصحية‪،‬‬
‫والحاجة إلى التنسيق بين مختلف القطاعات الوزارية المعنية في هذا المجال‪ ،‬يوصي المجلس‬
‫األعلى للحسابات رئاسة الحكومة بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬دعم الوتيرة الحالية ألعداد خريجي األطر الصحية (األطباء والممرضون وتقنيو‬
‫الصحة) من خالل تعزيز القدرة التكوينية والتدريبية؛‬
‫‪ -‬اتخاذ تدابير من شأنها الرفع من جاذبية المنظومة الصحية الوطنية‪ ،‬بما فيها‬
‫المستشفى العمومي‪ ،‬وتحفيز األطر الصحية على االندماج ضمنها؛‬
‫‪ -‬السهر على إعداد وتنفيذ سياسة حكومية خاصة بالموارد البشرية في قطاع الصحة‪،‬‬
‫مع مراعاة مختلف العوامل التي تؤثر على توفر األطر الصحية (التدريب‪ ،‬التوزيع‪،‬‬
‫المغادرة‪ ،‬إلخ‪ ، ).‬ووضع آليات لليقظة والتتبع لتطور مختلف هذه العوامل على أساس‬
‫معطيات ميدانية‪.‬‬
‫كما يوصي المجلس األعلى للحسابات‪ ،‬الوزارة المكلفة بالصحة والحماية االجتماعية بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬العمل على توزيع الموارد البشرية الصحية بشكل متوازن من خالل وضع واعتماد‬
‫معايير متعلقة بتوزيع األطر الطبية والتمريضية الالزمة على مستوى المؤسسات‬
‫الصحية؛‬
‫‪ -‬وضع آليات لتعزيز الموارد البشرية الصحية‪ ،‬وال سيما األطر الطبية‪ ،‬فيما يخص‬
‫عالجات القرب وخاصة في المجال القروي وكذا آليات لتحفيز هذه األطر للعمل في‬
‫المناطق النائية؛‬
‫‪ -‬اتخاذ تدابير فعالة لتعزيز هيئة األطباء العامين‪ ،‬وضمان تطوير التخصصات ذات‬
‫األولوية والتي تتوافق مع الحاجيات الحقيقية للساكنة؛‬
‫‪ -‬اعتماد سياسة متعلقة بحركية الموارد البشرية الصحية من شأنها ضمان توزيع‬
‫متوازن لهذه الموارد بين الجهات وكذا تصحيح التفاوتات بشكل مستمر؛‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪114‬‬


‫‪ -‬العمل على بلورة سياسة توظيف على مستوى الوزارة‪ ،‬والسيما بالنسبة لألطباء‪ ،‬من‬
‫شأنها أن تساهم في االستجابة لحاجيات الساكنة والمؤسسات الصحية وكذا تعويض‬
‫أعداد المغادرين أخذا بعين االعتبار للتوقعات المستقبلية‪.‬‬

‫‪115‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫منظومة األدوية‪:‬‬
‫الحاجة لوضع سياسة دوائية وطنية ترتكز على تحفيز اإلنتاج المحلي‬

‫طبقا لمقتضيات المادة ‪ 7‬من القانون رقم ‪ 17.04‬بمثابة مدونة األدوية والصيدلة يخضع كل دواء‬
‫مصنع أو مستورد إلذن مسلم من طرف وزارة الصحة‪ ،‬قبل تسويقه أو توزيعه‪ .‬كما يخضع إجراء‬
‫اإلذن بالعرض في السوق لمقتضيات المرسوم رقم ‪ 2.14.841‬الصادر في ‪ 5‬أغسطس ‪2015‬‬
‫المتعلق باإلذن بعرض األدوية المعدة لالستعمال البشري في السوق‪ .‬حيث يتم إصدار اإلذن بالعرض‬
‫في السوق من قبل الوزارة المكلفة بالصحة بعد استطالع رأي اللجنة الوطنية لإلذن بعرض األدوية‬
‫في السوق‪ ،‬بالنسبة لألدوية األصلية‪ ،‬أو لجنة دراسات التكافئ الحيوي‪ ،‬في حالة األدوية الجنيسة‪.‬‬
‫وبعد الحصول على اإلذن بالعرض في السوق‪ ،‬يتعين على المؤسسة الصيدلية الصناعية المعنية تقديم‬
‫طلب تحديد سعر الدواء المرخص له‪ .‬ويحدد المرسوم رقم ‪ 2.13.852‬الصادر في‬
‫‪ 18‬ديسمبر ‪ ،2013‬شروط وكيفيات تحديد سعر بيع األدوية المصنعة محليا أو المستوردة‪ .‬وبمجرد‬
‫تحديد سعر بيع الدواء للعموم‪ ،‬يمكن للمؤسسة الصيدلية الصناعية المعنية إيداع طلب إدراج الدواء‬
‫ضمن قائمة األدوية المقبول إرجاع مصاريفها برسم التأمين اإلجباري عن المرض‪ ،‬على مستوى‬
‫الوكالة الوطنية للتأمين الصحي‪ ،‬وذلك تطبيقا لمقتضيات المادة ‪ 8‬من المرسوم رقم ‪2.05.733‬‬
‫الصادر في ‪ 18‬يوليو ‪ 2005‬بتطبيق القانون رقم ‪ 65.00‬بمثابة مدونة التغطية الصحية األساسية‪.‬‬
‫وقد قام المجلس األعلى للحسابات بمراقبة عمليات اإلذن بالعرض في السوق ومراقبة وتحديد سعر‬
‫بيع األدوية بهدف التأكد من أن هذه العمليات تضمن توافر أدوية عالية الجودة وتمكن من تسهيل‬
‫الولوج إليها اقتصاديا‪ .‬وشملت المهمة الفترة الزمنية الممتدة ما بين ‪ 2014‬و‪.2021‬‬
‫وشملت مهمة المراقبة الجوانب المرتبطة باإلطار العام لعمليات اإلذن بالعرض في السوق ومراقبة‬
‫وتحديد سعر بيع األدوية والنظام المعلوماتي المرتبط بها وبتوافر وجودة األدوية وبتحديد ومراجعة‬
‫أسعار بيعها‪.‬‬
‫أوال‪ .‬اإلطار العام والنظام المعلوماتي‬
‫تعيق عمليات اإلذن بالعرض في السوق ومراقبة وتحديد سعر بيع األدوية بعض النقائص ذات الصلة‬
‫باإلطارين القانوني واالستراتيجي‪ ،‬وكذلك غياب نظام معلوماتي مندمج‪.‬‬
‫‪ .1‬اإلطار القانوني‬
‫‪ ‬ضرورة استكمال اإلطار القانوني المنظم لعمليات اإلذن بالعرض‬
‫يقتضي تنفيذ جميع مقتضيات القانون رقم ‪ 17.04‬المتعلق بمدونة األدوية والصيدلة والمرسوم رقم‬
‫‪ 2.14.841‬المتعلق باإلذن بعرض األدوية‪ ،‬سالفي الذكر‪ ،‬اعتماد مجموعة من النصوص التطبيقية‪.‬‬
‫غير أن عشرة (‪ )10‬نصوص لم يتم إخراجها بعد إلى حيز الوجود‪ ،‬وتهم على الخصوص (‪ )1‬كيفيات‬
‫إيداع طلبات الحصول على التأشيرة الصحية وشهادة البيع الحر وشهادة إثبات احترام المؤسسة‬
‫لقواعد حسن إنجاز الصنع (‪ )2‬وشروط منح تأشيرة اإلشهار (‪ )3‬وتعريف محتوى الوثيقة التقنية‬
‫المشتركة لتسجيل األدوية (‪ )4‬وتحديد األنواع المختلفة من التعديالت الجوهرية والثانوية المتعلقة‬
‫بعناصر ملف طلب اإلذن بالعرض في السوق والشروط الواجب توافرها والمستندات الواجب تقديمها‬
‫للقيام بها والتعديالت التي قد تؤدي إلى تحديث هذا اإلذن‪.‬‬
‫وقد أفادت الوزارة أن خمسة من هذه النصوص التطبيقية تمت صياغتها وأنها في طور الدراسة مع األمانة‬
‫العامة للحكومة‪.‬‬
‫‪ ‬مقتضيات تنظيمية بحاجة للتوضيح‬
‫تتسم بعض المقتضيات الواردة في النصوص التنظيمية المؤطرة لقطاع األدوية‪ ،‬والسيما تلك المتعلقة‬
‫بالمخزون االحتياطي لألدوية وتحديد سعر البيع للعموم‪ ،‬بعدم وضوحها‪ .‬ففيما يخص اإلطار المتعلق‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪116‬‬


‫بتحديد أسعار البيع‪ ،‬تبين أن المرسوم رقم ‪ ،2.13.852‬الصادر في ‪ 18‬ديسمبر ‪ ،2013‬والمتعلق‬
‫بشروط وكيفيات تحديد سعر بيع األدوية المصنعة محليا أو المستوردة‪ ،‬لم يحدد طريقة تحديد أسعار‬
‫األدوية التي ال تحمل ال صفة دواء أصلي وال صفة دواء جنيس‪.‬‬
‫وبخصوص المخزون االحتياطي لألدوية‪ ،‬وألجل ضمان اإلمداد الطبيعي للسوق الوطنية باألدوية‬
‫الالزمة‪ ،‬تنص المادة األولى من قرار وزير الصحة رقم ‪ 12( 263.02‬يونيو ‪ )2002‬على أن‬
‫المؤسسات الصيدلية الصناعية والمؤسسات الصيدلية الموزعة بالجملة ملزمة بتكوين مخزون‬
‫احتياطي من األدوية يعادل على التوالي ‪ 4/1‬و‪ 12/1‬من إجمالي حجم مبيعاتها خالل السنة السابقة‪.‬‬
‫غير أن هذا القرار يحدد المخزون االحتياطي الذي يتعين على المؤسسات الصيدلية تكوينه نسبة‬
‫إلجمالي المبيعات من حيث الحجم‪ ،‬دون التمييز بين المبيعات للقطاع الخاص‪ ،‬والمبيعات للقطاع‬
‫العام‪ ،‬والصادرات‪ .‬كما أنه يتطرق بشكل عام للمخزون االحتياطي دون األخذ بعين االعتبار‬
‫خصوصيات بعض المستحضرات الصيدلية‪ ،‬مثل األدوية األساسية‪ ،‬واألدوية التي تساهم في سياسة‬
‫صحية عمومية محددة‪ ،‬واألدوية المستوردة‪ ،‬واألدوية التي توجد في حالة احتكار‪.‬‬
‫وقد أوضحت الوزارة ضرورة تحديد مخزون جميع األدوية ألنها أساسية وذات منفعة عالجية ثبتت مسبقا من‬
‫طرف اللجنة الوطنية لمنح اإلذن بالعرض في السوق‪.‬‬
‫‪ ‬إطار قانوني يحفز االستيراد على حساب اإلنتاج المحلي‬
‫يمنح هامش إضافي بنسبة ‪ %10‬من ثمن المصنع دون احتساب الرسوم على كل دواء مستورد طبقا‬
‫للمادة ‪ 4‬من المرسوم رقم ‪ 2.13.852‬سالف الذكر‪ .‬وتشمل هذه النسبة هامش ربح المستورد‪،‬‬
‫ومصاريف اإليصال‪ ،‬والرسوم الجمركية‪ .‬وفي الواقع‪ ،‬يشكل هذا الهامش اإلضافي ميزة غير مبررة‬
‫تمنح للمستوردين‪ .‬حيث أن المصنعين المحليين لألدوية يتحملون أيضا مصاريف اإليصال والرسوم‬
‫الجمركية المطبقة على المواد األولية المستوردة والمستخدمة في عملية إنتاج األدوية محليا‪.‬‬
‫‪ ‬إطار قانوني ال يشجع بشكل كاف على تطوير األدوية الجنيسة‬
‫ال يحفز اإلطار القانوني المعمول به‪ ،‬بشكل كاف‪ ،‬على دخول األدوية الجنيسة إلى السوق الوطنية‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫ويالحظ ذلك‪ ،‬من جهة‪ ،‬على مستوى مدة براءة اختراع األدوية األصلية (ما بين ‪ 20‬و‪ 25‬سنة)‬
‫والتي تعد طويلة نسبيا في المغرب مقارنة بدول االتحاد األوروبي‪ .‬فعلى سبيل المقارنة‪ ،‬تحدد هذه‬
‫الفترة في عشر سنوات في جميع الدول األعضاء في االتحاد األوروبي‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى‪ ،‬حسب المادة ‪ 5‬من المرسوم رقم ‪ ،2.13.852‬سالف الذكر‪ ..." ،‬ال يجوز تسويق‬
‫أي دواء جنيس بسعر بيع للعموم أعلى من سعر بيع الدواء األصلي"‪ .‬وتشكل هذه الفقرة عائقا أمام‬
‫دخول األدوية الجنيسة للسوق الوطنية‪ .‬حيث تستخدم المؤسسات الصيدلية الصناعية أحكام هذه المادة‬
‫لوضع حواجز تحول دون ولوج األدوية الجنيسة إلى السوق‪ ،‬وذلك من خالل خفض سعر بيع األدوية‬
‫األصلية التي انتهت مدة براءة اختراعها إلى مستوى غير مربح لمصنعي األدوية الجنيسة‪.‬‬
‫‪ ‬عدم احترام قاعدة تحديد سعر بيع األدوية الجنيسة‬
‫وفقا للمادة ‪ 5‬من المرسوم رقم ‪ ،2.13.852‬سالف الذكر‪ ،‬يحدد سعر كل دواء جنيس مصنع محليا أو‬
‫مستورد‪ ،‬على أساس السعر المرجعي األقصى‪ .‬ويحسب السعر المرجعي األقصى بتطبيق النسب‬
‫الدنيا للتخفيض‪ ،‬المحددة في نفس المادة‪ ،‬على سعر المصنع األولي‪ ،‬دون احتساب الرسوم‪ ،‬للدواء‬
‫األصلي المعني‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فإن هذه المادة ال تميز بين الدواء األول المدرج في السوق والدواء الثاني‬
‫أو الثالث‪ .‬لكن من خالل فحص الملفات المتعلقة بتحديد أسعار بيع األدوية الجنيسة‪ ،‬تبين أن مديرية‬
‫األدوية والصيدلة تطبق هذه الصيغة حصريا الحتساب السعر المرجعي األقصى ألول دواء جنيس‪.‬‬
‫أما بالنسبة للدواء الجنيس الثاني والثالث‪ ،‬لنفس الدواء األصلي‪ ،‬فتعتمد المديرية الصيغة الواردة في‬
‫قائمة للقواعد الداخلية والتي تحدد السعر المرجعي األقصى في متوسط أسعار المصنع دون احتساب‬
‫الرسوم لألدوية الجنيسة المدرجة في السوق‪.‬‬

‫‪ 6‬القانون رقم ‪ 17.97‬المتعلق بحماية الملكية الصناعية‪.‬‬

‫‪117‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫وترى الوزارة أنه بتطبيق المماثلة ابتداء من سعر المصنع دون احتساب الرسوم على الدواء الجنيس لما ال‬
‫نهاية‪ ،‬فإن سعر األدوية الجنيسة الجديدة ستكون جد منخفضة بالنسبة لتلك الموجودة سلفا في السوق مما ال‬
‫يشجع ولوج األدوية الجنيسة الجديدة في السوق المغربية‪.‬‬
‫ويوضح المجلس‪ ،‬بهذا الشأن‪ ،‬أن تطبيق الصيغة الواردة في قائمة القواعد الداخلية يؤدي الى تطوير‬
‫عدة أدوية جنيسة لدواء أصلي واحد فقط وال يساعد على النهوض بصناعة األدوية الجنيسة بصفة‬
‫عامة‪.‬‬
‫‪ .2‬اإلطار االستراتيجي‬
‫تتولى الوزارة المكلفة بالصحة إعداد وتنفيذ السياسة الوطنية المتعلقة باألدوية والمنتجات الصيدلية‬
‫على المستويين التقني والتنظيمي‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى مواكبة السياسة الدوائية الوطنية بمخططات تنفيذية ومخطط للتتبع‬
‫والتقييم‬
‫قامت الوزارة المكلفة بالصحة‪ ،‬سنة ‪ ،2012‬بوضع أول سياسة دوائية وطنية‪ ،‬شملت الفترة الممتدة‬
‫ما بين ‪ 2015‬و‪ .2020‬إال أنه لم يتم إعداد المخططات التنفيذية الخاصة بها‪ ،‬وكذا مخطط تتبع وتقييم‬
‫إنجازاتها‪.‬‬
‫أفادت الوزارة أن السياسة الدوائية الوطنية لسنة ‪ 2015‬لم تنص على مدة زمنية ‪ 5‬سنوات‪ .‬وعليه فإن هذه‬
‫السياسة الدوائية تبقى سارية المفعول إلى حين ظهور نسخة تالية‪ .‬كما تم تقييم هذه السياسة سنة ‪ 2021‬وإصدار‬
‫خالصة له من طرف أعضاء لجنة صياغة السياسة الدوائية الوطنية الجديدة‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى استكمال تنفيذ التدابير المخطط لها في إطار السياسة الدوائية الوطنية‬
‫لم يتم تنفيذ غالبية اإلجراءات المسطرة في السياسة الدوائية الوطنية‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬كان من‬
‫المقرر إنجاز إجراءين على مستوى المحور األول المتعلق باختيار األدوية‪ .‬ويتعلق األمر بتطوير‬
‫البروتوكوالت العالجية وبمراجعة القائمة الوطنية لألدوية األساسية‪ .‬إال أنه‪ ،‬وبصرف النظر عن‬
‫بعض البروتوكوالت العالجية التي أعدتها الوكالة الوطنية للتأمين الصحي‪ ،‬لم يتم تغطية جميع‬
‫األمراض ذات األولوية من خالل البروتوكوالت العالجية المذكورة‪ .‬كما أن قائمة األدوية األساسية‬
‫لم يتم تحديثها منذ إعدادها سنة ‪ .2012‬وكمثال آخر‪ ،‬لم يتم تنفيذ التدابير األربعة التي حددها المحور‬
‫الثاني‪ ،‬المتعلق بجودة األدوية وسالمتها وفعاليتها‪ ،‬وهي‪ :‬تسريع عملية تحديث التشريعات الصيدالنية‬
‫والتدابير التنظيمية‪ ،‬وتعزيز إجراءات تسجيل األدوية من خالل إنشاء نظام معلوماتي للتدبير‪ ،‬وإنشاء‬
‫وكالة وطنية لألدوية والمنتجات الصحية‪ ،‬وتعزيز التفتيش‪.‬‬
‫وقد أوضحت الوزارة أنه تم إرسال التشريعات الصيدالنية والتدابير التنظيمية لألمانة العامة للحكومة‪ ،‬كما‬
‫أكدت أن النظام المعلوماتي للتدبير في طور اإلنجاز‪.‬‬
‫‪ .3‬النظام المعلوماتي‬
‫تم بخصوص النظام المعلوماتي الوقوف على ما يلي‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة وضع نظام معلوماتي مندمج‬
‫تتسم عملية اإلذن بالعرض في السوق والمراقبة وتحديد أسعار بيع األدوية للعموم بغياب نظام‬
‫معلوماتي مندمج وبضعف تغطية أنشطة مديرية األدوية والصيدلة المتعلقة باألدوية ببرامج معلوماتية‪.‬‬
‫وبالتالي‪ ،‬يتم االعتماد على التطبيقات المكتبية والسجالت اليدوية‪ ،‬على مستوى أغلبية المصالح‪ ،‬من‬
‫أجل تتبع الملفات‪ ،‬مما قد ال يضمن موثوقية البيانات‪.‬‬
‫ثانيا‪ .‬توافر وجودة األدوية‬
‫يتطرق هذا المحور إلى آليات تقييم االحتياجات الدوائية الوطنية‪ ،‬وآليات توفير األدوية الالزمة‬
‫والحفاظ على السيادة الدوائية الوطنية‪ ،‬وآليات المراقبة الموضوعة لضمان جودة األدوية المعروضة‬
‫في السوق الوطنية‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪118‬‬


‫‪ .1‬آليات تحديد الحاجيات الوطنية من األدوية‬
‫‪ ‬الحاجة إلى تحديد المشهد الوبائي الوطني وإعداد البروتوكوالت العالجية‬
‫ال تتوفر وزارة الصحة والحماية االجتماعية على دراسات وبائية مفصلة لتحديد المشهد الوبائي‬
‫للبالد‪ ،‬على الرغم من كون هذا األخير‪ ،‬وفقا للتوصيات الدولية‪ ،‬يشكل عنصرا أساسيا لتقييم‬
‫االحتياجات الدوائية الوطنية بشكل صحيح‪ .‬كما أن بعض البروتوكوالت العالجية التي تم تطويرها‬
‫تتسم بعدم الكفاية وعدم التحديث‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة استكمال مصنف لألدوية وتحيين قائمة األدوية األساسية‬
‫تبين أن مصنف األدوية الذي تم وضعه سنة ‪ 2019‬غير مكتمل‪ ،‬حيث ال يأخذ بعين االعتبار حاجيات‬
‫المستشفيات الجامعية‪ .‬وفيما يتعلق بقائمة األدوية األساسية‪ ،‬المسند إعدادها لمديرية األدوية والصيدلة‬
‫وفقا ألحكام المرسوم رقم ‪ ،285.94.2‬سالف الذكر‪ ،‬فإن القائمة الوحيدة لألدوية األساسية التي تتوفر‬
‫عليها الوزارة المكلفة بالصحة‪ ،‬تم إعدادها سنة ‪ 2012‬من قبل مديرية المستشفيات والعالجات المتنقلة‬
‫ولم يتم تحيينها منذ ذلك التاريخ‪.‬‬
‫‪ .2‬آليات توفير األدوية الالزمة‬
‫‪ ‬الحاجة إلى تسريع عمليات منح اإلذن بعرض األدوية في السوق‬
‫حدد المرسوم رقم ‪ ،2.14.841‬سالف الذكر‪ ،‬اآلجال القانونية إلصدار إذن تسويق دواء معين‪ ،‬في‬
‫حال اكتمال ملف الطلب‪ ،‬في ‪ 300‬يوم‪ .‬إال أن هذه اآلجال غالبا ما يتم تجاوزها‪ ،‬حيث أظهرت‬
‫مراجعة ملفات طلب اإلذن بالعرض في السوق المتعلقة ب ‪ 285‬دواء تم تسجيلها‪ ،‬خالل الفترة‬
‫‪ ،2019-2015‬أن فترة معالجة ‪ 133‬ملفا تراوحت بين ‪ 500‬و‪ 837‬يوما‪.‬‬
‫وتقع أهم التأخيرات في معالجة الملفات خالل مرحلة المراقبة التقنية المنجزة على مستوى المختبر‬
‫الوطني لمراقبة األدوية‪ .‬ذلك أن مدة معالجة المختبر لبعض الملفات تتراوح بين ‪ 300‬و‪ 550‬يوما‪،‬‬
‫على الرغم من أن المدة القانونية المخصصة لهذه المرحلة هي ‪ 180‬يوما‪.‬‬
‫وقد أفادت الوزارة أنه عند عدم اكتمال الملف يتم إيقاف عداد المدة القانونية عند كل مراسلة للمؤسسة‬
‫الصيدالنية الصناعية الطالبة إلى حين التوصل منها بما هو مطلوب من وثائق وبيانات‪ ،‬مما يؤدي إلى تراكم‬
‫المدد‪.‬‬
‫‪ ‬وجود أدوية أساسية في حالة احتكار‬
‫تعرف األدوية في حالة احتكار على أنها أدوية يتم تسويقها من قبل مؤسسة صيدلية صناعية واحدة‪.‬‬
‫وقد تبين أن ‪ 1.229‬دواء من بين تلك التي يتم تسويقها في السوق المغربية (‪ )%25‬توجد في وضعية‬
‫احتكار‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬كشفت المقارنة بين قائمة األدوية تحت االحتكار وقائمة األدوية األساسية‪،‬‬
‫أن ‪ 315‬دواء أساسيا يوجد في حالة احتكار‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬يصعب التفاوض مع المؤسسات الصيدلية‬
‫المسوقة لهذه األدوية ألجل تحديد سعر بيع معقول‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة تقيد جميع المؤسسات الصيدلية بإلزامية االحتفاظ والتصريح بالمخزون‬
‫االحتياطي من األدوية‬
‫لضمان اإلمداد العادي للسوق الوطنية باحتياجاتها الدوائية‪ ،‬تنص المادة ‪ 84‬من القانون رقم ‪،17.04‬‬
‫سالف الذكر‪ ،‬والمادة األولى من القرار رقم ‪ 263.02‬الصادر عن الوزير المكلف بالصحة على أن‬
‫المؤسسات الصيدلية الصناعية والمؤسسات الصيدلية الموزعة بالجملة ملزمة باالحتفاظ بمخزون‬
‫احتياطي من األدوية يقدر على التولي ب ‪ 4/1‬و‪ 12/1‬من كمية المبيعات خالل العام السابق‬
‫والتصريح به شهريا لدى هذه الوزارة‪.‬‬
‫وقد سجل‪ ،‬في هذا الصدد‪ ،‬أن المؤسسات الصيدلية الصناعية ال تقوم جميعها بالتصريح بوضعية‬
‫مخزونها االحتياطي لألدوية وفي المدة المحددة‪ ،‬لدى المرصد الوطني لألدوية والمنتجات الصحية‪،‬‬
‫التابع لمديرية األدوية والصيدلة‪ .‬والشيء نفسه ينطبق على المؤسسات الصيدلية الموزعة بالجملة‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن المرصد الوطني لألدوية والمنتجات الصحية ال يتتبع بشكل منهجي مدى‬

‫‪119‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫امتثال المؤسسات الصيدلية إللزامية االحتفاظ بالمخزون االحتياطي من األدوية‪ .‬وقد تبين من خالل‬
‫فحص البيانات التي قدمها المرصد أنه خالل سنة ‪ 2020‬لم يتم االحتفاظ بالمخزون االحتياطي‬
‫القانوني لما مجموعه ‪ 666‬دواء‪.‬‬
‫أكدت الوزارة أنه ال يتم التصريح‪ ،‬من طرف كل المؤسسات الصيدلية الصناعية‪ ،‬بوضعية مخزونها‬
‫االحتياطي لدى المرصد الوطني لألدوية والمنتجات الصحية وفي المدة الزمنية المحددة‪ .‬لذلك تقوم مديرية‬
‫األدوية والصيدلة بمراسالت تذكيرية وبعمليات تفتيش آنية‪ .‬كما أكدت على أنه يجب على المؤسسات الصيدلية‬
‫إمداد مديرية األدوية والصيدلية بكل المعلومات المتعلقة برقم المعامالت وجميع المعطيات حول الكميات‬
‫المصدرة من األدوية‪ ،‬كما وقيمة‪ ،‬من أجل ضمان مخزون وطني كافي‪.‬‬
‫‪ ‬تسويق بعض األدوية دون تجديد اإلذن بالعرض في السوق‬
‫تم تحديد مدة صالحية اإلذن بعرض األدوية في السوق في خمس سنوات‪ ،‬وفقا ألحكام المادة ‪ 19‬من‬
‫المرسوم رقم ‪ 2.14.841‬المشار إليه أعاله‪ .‬ويتعين على المؤسسة الصيدلية الصناعية المعنية تقديم‬
‫طلب تجديد اإلذن بالعرض في السوق قبل ‪ 180‬يوما على األقل من تاريخ انتهاء صالحيته‪.‬‬
‫وقد سجل ضعف في تتبع رخص تسويق األدوية‪ ،‬حيث تعتمد مديرية األدوية والصيدلة بشكل كبير‬
‫على طلبات تجديد اإلذن بالعرض في السوق المتوصل بها المؤسسات الصيدلية الصناعية المعنية‪.‬‬
‫إضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن هذه األخيرة ال تدلي بطلبات تجديد اإلذن بالعرض في السوق داخل اآلجال‬
‫القانونية‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬فإنه من أصل ‪ 5.307‬دواء تم عرضه في السوق سنة ‪ ،2021‬تم تسويق‬
‫‪ 3.842‬دواء بدون تجديد اإلذن بالعرض في السوق‪.‬‬
‫‪ .3‬مراقبة قطاع األدوية‬
‫‪ ‬اإلطار القانوني الخاص بمراقبة قطاع األدوية بحاجة للتعزيز‬
‫يؤطر القانون رقم ‪ ،17.04‬سالف الذكر‪ ،‬مهمة مراقبة قطاع األدوية‪ .‬وقد اتضح أن بعض النصوص‬
‫القانونية المتعلقة بمراقبة القطاع قد استغرقت وقتا طويال من أجل اعتمادها ونشرها‪ ،‬بينما لم يتم‬
‫صياغة نصوص أخرى‪ .‬وهكذا‪ ،‬فإن المرسوم رقم ‪ 2.18.878‬المتعلق بكيفيات ممارسة المراقبة من‬
‫طرف الصيادلة المفتشين لم يُنشر إال في ‪ 8‬سبتمبر ‪ .2021‬في حين أن النصوص القانونية المتعلقة‬
‫بقواعد حسن إنجاز األعمال الصيدلية وقواعد حسن إنجاز الصنع والتوزيع المنصوص عليها في‬
‫المادتين ‪ 20‬و‪ 31‬من القانون رقم ‪ 17.04‬لم تخرج بعد إلى حيز الوجود‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬يعتمد مفتشو‬
‫الصيدلة‪ ،‬لتنفيذ مهامهم‪ ،‬على معايير الممارسات الجيدة الفرنسية والمعايير التي اعتمدها المعهد‬
‫المغربي للتقييس سنة ‪.2017‬‬
‫وقد أكدت الوزارة أنه تمت صياغة نصوص أخرى وتم إرسالها إلى األمانة العامة للحكومة‪ ،‬كما أشارت إلى‬
‫أن المقتضيات القانونية والتنظيمية الخاصة بالتفتيش الصيدلي ال تسمح بتفتيش بعض األماكن رغم وجود‬
‫أدوية بها‪.‬‬
‫‪ ‬محدودية وعدم احترام برامج المراقبة والتفتيش‬
‫طبقا لمقتضيات المادة األولى من المرسوم رقم ‪ 2.18.878‬سالف الذكر‪ ،‬يقوم الصيادلة المفتشون‬
‫المفوضون بعمليات المراقبات واألبحاث وذلك إما بمبادرة من مديرية األدوية والصيدلة من خالل‬
‫تنفيذ برنامجها السنوي لمهام المراقبة والتفتيش أو بناء على أمر من الوزير المكلف بالصحة بمبادرة‬
‫منه أو بطلب من األمين العام للحكومة أو بطلب من المجلس الوطني لهيئة الصيادلة‪.‬‬
‫ومن خالل فحص نظام المراقبة والتفتيش‪ ،‬تبين أن مديرية األدوية والصيدلة لم تكن تتوفر على نظام‬
‫لبرمجة مهام الرقابة والتفتيش على قطاع األدوية قبل سنة ‪ .2019‬ومنذ هذه السنة‪ ،‬تم وضع برنامج‬
‫مهام المراقبة والتفتيش بطريقة تضمن مراقبة المؤسسات الصيدلية الصناعية والمؤسسات الصيدلية‬
‫الموزعة بالجملة كل ثالث سنوات‪ ،‬حيث تتم كل سنة برمجة مراقبة ما يقارب ‪ 20‬مؤسسة صيدلية‬
‫صناعية و‪ 30‬مؤسسة صيدلية موزعة بالجملة و‪ 100‬صيدلية‪ .‬ولجدولة عمليات التفتيش تعتمد مديرية‬
‫األدوية والصيدلة على ثالثة معايير وهي تاريخ آخر عملية تفتيش وأهمية المخالفات المرصودة سابقا‬
‫وتاريخ منح شهادة الممارسات الصيدلية الجيدة‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪120‬‬


‫وقد تبين أن البيانات الخاصة بهذه المهام غير مكتملة (التقارير‪ ،‬المحاضر‪ ،)...‬كما ال تتم مراقبة‬
‫المؤسسات الصيدلية بالوتيرة المحددة في برامج التفتيش‪ ،‬حيث إن معدالت تنفيذ المهام المقررة خالل‬
‫الفترة ‪ ،2021-2019‬ظلت منخفضة للغاية‪ ،‬باستثناء مهام المراقبة المتعلقة بـالمؤسسات الصيدلية‬
‫الموزعة بالجملة‪ .‬ويرجع عدم احترام برامج المراقبة والتفتيش المقررة‪ ،‬جزئيا إلى نقص في عدد‬
‫المفتشين‪.‬‬
‫وقد أفادت الوزارة أنه تم القيام بتفتيش وتحريات في المؤسسات الصيدلية وصيدليات القطاع الخاص‪ ،‬متعلقة‬
‫بأزمة كوفيد ‪ 19‬في الفترة الممتدة بين ‪ 2019‬و‪.2021‬‬
‫‪ ‬عدم منح الصالحيات الزجرية لمديرية األدوية والصيدلة‬
‫يحرر الصيادلة المفتشون عقب كل تفتيش وفي غياب مخالفات للتشريع والتنظيم الجاري بهما العمل‪،‬‬
‫تقريرا يتضمن المالحظات المتعلقة باإلخالل بقواعد حسن إنجاز الصنع والتوزيع وقواعد حسن إنجاز‬
‫األعمال الصيدلية طبقا لمقتضيات المادتين ‪ 8‬و‪ 11‬من المرسوم رقم ‪ 2.18.878‬سالف الذكر‪ .‬ويتم‬
‫إرسال هذه التقارير إلى الوزير المكلف بالصحة وإلى الصيدلي المسؤول عن المكان موضوع‬
‫التفتيش‪.‬‬
‫وعندما يتم الوقوف على مخالفات من شأنها المساس بصحة المواطنين‪ ،‬يقوم الصيادلة المفتشون‬
‫بتضمين المخالفات التي عاينوها في محضر يحال على الوزير المكلف بالصحة وعلى األمين العام‬
‫للحكومة‪ .‬ويقوم هذا األخير بتوجيه إعذار إلى الصيدلي المسؤول عن المؤسسة المعنية لوضع حد‬
‫للخروقات المالحظة داخل أجل يحدده حسب أهمية اإلصالحات المطلوبة‪ .‬وفي حال عدم االمتثال‬
‫لهذا اإلعذار‪ ،‬بعد انقضاء المدة المحددة‪ ،‬يجوز لألمانة العامة للحكومة‪ ،‬وفقا للمادة ‪ 83‬من القانون‬
‫رقم ‪ ،17.04‬سالف الذكر‪ ،‬أن ترفع األمر إلى السلطة القضائية بهدف إجراء المتابعات التي تستدعيها‬
‫الوقائع التي تمت معاينتها وأن تطلب من رئيس المحكمة المختصة إصدار األمر بإغالق المؤسسة‬
‫المعنية في انتظار النطق بالحكم‪.‬‬
‫وقد أظهر فحص تقارير ومحاضر التفتيش التي أدلت بها مديرية األدوية والصيدلة‪ ،‬الطبيعة المتكررة‬
‫لبعض المخالفات‪ .‬ويتعلق األمر على سبيل المثال بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬الغياب الدائم للصيدلي المسؤول؛‬
‫‪ -‬وجود مناطق غير مؤمنة (منطقة تخزين للمنتجات منتهية الصالحية والمؤثرات العقلية‪،‬‬
‫وما إلى ذلك)؛‬
‫‪ -‬غياب وعدم كفاية بعض المعدات (نظام معالجة الهواء‪ ،‬غرفة التبريد‪ ،‬إلخ‪).‬؛‬
‫‪ -‬عدم وجود نظام لتدبير الجودة؛‬
‫‪ -‬عدم وجود سجالت مراقبة المعدات‪.‬‬
‫وفي غياب توفرها على سلطة زجرية‪ ،‬تقوم مديرية األدوية والصيدلة بإحالة ملفات متضمنة‬
‫لمخالفات‪ ،‬من شأنها التأثير على صحة المواطنين‪ ،‬على األمانة العامة للحكومة‪ ،‬دون أن تقوم بتتبع‬
‫مآالتها‪.‬‬
‫ثالثا‪ .‬تحديد ومراجعة أسعار األدوية‬
‫يحدد المرسوم رقم ‪ 2.13.852‬سالف الذكر‪ ،‬طرق تحديد ومراجعة أسعار األدوية‪ ،‬حيث يتم تحديد‬
‫أسعار األدوية بناء على طلب المؤسسة الصيدلية المعنية بعد الحصول على اإلذن بالعرض في‬
‫السوق‪ ،‬في حين تتم مراجعة أسعار األدوية األصلية عند مراجعة اإلذن بالعرض في السوق‪ ،‬وبالنسبة‬
‫لألدوية الجنيسة عند مراجعة سعر البيع للعموم ألدويتها األصلية‪.‬‬

‫‪121‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫‪ .1‬تحديد أسعار بيع األدوية للعموم‬
‫‪ ‬اختيار الدول المعيارية يستدعي دراسة مسبقة‬
‫طبقا لمقتضيات المرسوم رقم ‪ ،2.13.852‬يتضمن ثمن البيع للعموم ثالثة مكونات وهي‪ :‬ثمن المصنع‬
‫دون احتساب الرسوم وهامش ربح الموزع بالجملة وهامش ربح الصيدلي والضريبة على القيمة‬
‫المضافة‪ .‬ويعتمد نظام تحديد ثمن المصنع دون احتساب الرسوم على التحليل المقارن ألسعار المصنع‬
‫الخالية من الرسوم المعمول بها في الدول التي تم تحديد قائمتها في المادة ‪ 3‬من المرسوم سالف الذكر‪.‬‬
‫ويتعلق األمر بإسبانيا‪ ،‬والبرتغال‪ ،‬وفرنسا‪ ،‬وبلجيكا‪ ،‬وتركيا‪ ،‬والمملكة العربية السعودية‪ .‬غير أن‬
‫اختيار هذه الدول المعيارية لم يكن موضوع دراسة مسبقة لضمان مالءمة أسعارها مع السياق‬
‫االقتصادي للمغرب‪ .‬حيث يتضح من خالل المقارنة على أساس إجمالي الناتج الداخلي الخام أن‬
‫نصيب الفرد من الناتج الداخلي الخام بالمغرب ال يتجاوز ‪ 3.235‬دوالرا‪ ،‬في حين يبلغ هذا المؤشر‬
‫على سبيل المثال‪ 40.578 ،‬دوالرا بفرنسا‪ 29.555 ،‬دوالرا بإسبانيا و‪ 23.330‬دوالرا ببلجيكا‪.7‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى إبرام اتفاقيات لتبادل المعلومات حول أسعار األدوية مع البلدان المعيارية‬
‫لتحديد ثمن المصنع دون احتساب الرسوم‪ ،‬تقوم مديرية األدوية والصيدلة بإنجاز تحليل مقارن ألسعار‬
‫المصنع الخالية من الرسوم المعمول بها في دول المقارنة المعيارية المذكورة أعاله‪ .‬وتعتمد المديرية‬
‫في هذا التحليل على األسعار المنشورة على المواقع اإللكترونية الرسمية للسلطات المختصة في‬
‫البلدان المعيارية‪ .‬غير أن هذه األثمنة غالبا ما تكون مختلفة عن تلك المعتمدة في هذه البلدان‪ ،‬حيث‬
‫ال تشمل في كثير من األحيان الخصومات المتفق عليها بين السلطات التنظيمية لقطاع األدوية‬
‫والمؤسسات الصيدلية‪ .‬كما أن الوزارة المكلفة بالصحة لم تبرم اتفاقيات تتيح تبادل المعلومات حول‬
‫أسعار األدوية مع البلدان المعيارية‪ .‬حيث تم إبرام اتفاقية شراكة واحدة بهذا الخصوص مع تركيا‬
‫دون أن يتم تطبيقها‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة احترام المدة القانونية لمعالجة ملفات تحديد أسعار األدوية‬
‫يحدد الوزير المكلف بالصحة ثمن بيع األدوية األصلية للعموم ويصادق على ثمن بيع األدوية الجنيسة‬
‫داخل أجل أقصاه ‪ 60‬يوما من تاريخ التوصل بالملف الكامل المتعلق بطلب تحديد السعر أو المصادقة‬
‫عليه وفقا ألحكام المادة ‪ 12‬من المرسوم رقم ‪ 2.13.852‬سالف الذكر‪ .‬غير أن هذه المدة القانونية ال‬
‫يتم احترامها في الغالب‪ .‬وقد تتراوح مدة التأخير ما بين ‪ 168‬و‪ 874‬يوما‪ .‬حيث تتراوح هذه المدة‪،‬‬
‫حسب المراحل‪ ،‬ما بين ‪ 30‬و‪ 260‬يوما على مستوى مديرية األدوية والصيدلة‪ ،‬وما بين ‪ 52‬و‪274‬‬
‫يوما على مستوى لجنة األسعار المشتركة بين الوزارات وما بين ‪ 86‬و‪ 339‬يوما على مستوى مرحلة‬
‫نشر قرارات تحديد األسعار في الجريدة الرسمية‪.‬‬
‫‪ ‬هوامش ربح مرتفعة مقارنة بالدول المعيارية‬
‫تتفاوت هوامش ربح المؤسسات الصيدلية الموزعة بالجملة بين ‪ ،%11‬بالنسبة لألدوية التي يكون‬
‫ثمن مصنعها دون احتساب الرسوم أقل أو يساوي ‪ 588‬درهما و‪ %2‬بالنسبة لباقي األدوية‪ ،‬وذلك‬
‫وفقا ألحكام المادة ‪ 4‬من المرسوم رقم ‪ 2.13.852‬سالف الذكر‪ .‬أما على مستوى الصيدليات‪ ،‬فتتراوح‬
‫هذه الهوامش بين ‪ %47‬و‪ %57‬بالنسبة لألدوية التي يكون ثمن مصنعها دون احتساب الرسوم أقل‬
‫أو يساوي ‪ 588‬درهما‪ ،‬وبالنسبة لألدوية التي يزيد سعر تصنيعها عن ‪ 558‬درهما‪ ،‬تتراوح هذه‬
‫الهوامش بين ‪ 300‬و‪ 400‬درهم لكل علبة‪.‬‬
‫وقد أظهرت مقارنة هوامش ربح المؤسسات الصيدلية الموزعة بالجملة والصيدليات المعتمدة‬
‫بالمغرب مع تلك المعتمدة في البلدان المعيارية أن هوامش الربح المعتمدة بالمغرب مرتفعة نسبيا‪.‬‬
‫فعلى سبيل المثال‪ ،‬تتراوح هوامش ربح المؤسسات الصيدلية الموزعة بالجملة‪ ،‬المعتمدة بتركيا‪ ،‬بين‬
‫‪ %4‬و‪ %9‬بالنسبة لألدوية التي يكون ثمن المصنع دون احتساب الرسوم أقل أو يساوي‬
‫‪ 222,46‬درهما بل ينخفض الهامش إلى ‪ %2‬فقط إذا فاق هذا الثمن مبلغ ‪ 222,46‬درهما‪ .‬وفي‬

‫‪ 7‬البنك الدولي‪2019،‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪122‬‬


‫فرنسا‪ ،‬يتم تطبيق هامش ربح بنسبة ‪ %6,93‬فقط على األدوية التي يكون ثمن المصنع دون احتساب‬
‫الرسوم أقل أو يساوي ‪ 4.996,09‬درهم‪ ،‬مع تطبيق حد أدنى قيمته ‪ 3.196‬درهما وسقف قيمته‬
‫‪ 340,9‬درهما‪ .‬في حين أنه ال يتم تطبيق أي هامش على األدوية التي يفوق ثمن المصنع دون احتساب‬
‫الرسوم هذا المبلغ‪.‬‬
‫وفيما يتعلق بهوامش ربح الصيدلي‪ ،‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬يساوي هامش الربح في المغرب‪ ،‬المطبق‬
‫على األدوية التي يكون ثمن المصنع دون احتساب الرسوم أقل أو يساوي ‪ 166‬درهم‪ % 57 ،‬بينما‬
‫ال يتجاوز ‪ % 25‬في تركيا‪ ،‬و‪ % 5.58‬في البرتغال‪ ،‬و‪ % 21.4‬في فرنسا‪ ،‬و‪ % 6.42‬في بلجيكا‪.‬‬
‫‪ ‬نسبة الضريبة على القيمة المضافة مرتفعة مقارنة بالدول المعيارية‬
‫تبلغ نسبة الضريبة على القيمة المضافة المطبقة على األدوية بالمغرب ‪ .%7‬وتُعفى من الضريبة‬
‫على القيمة المضافة األدوية التي تعالج بعض األمراض المزمنة والمكلفة‪ ،‬السيما مرض السكري‬
‫والسرطان واإليدز والتهاب الكبد ‪ B‬و‪ ،C‬واألدوية التي يتجاوز ثمن مصنعها دون احتساب الرسوم‬
‫‪ 588‬درهما‪ .‬وحسب البيانات التي تتوفر عليها مديرية األدوية والصيدلة‪ ،‬يبلغ عدد األدوية الخاضعة‬
‫للضريبة على القيمة المضافة ‪ 4.587‬دواء من إجمالي ‪ 7.766‬دواء يتوفر على ثمن بيع للعموم‪.‬‬
‫ومن خالل مقارنة نسبة الضريبة على القيمة المضافة المطبقة على األدوية بالمغرب وتلك المطبقة‬
‫بالدول المعيارية‪ ،‬تبين أنه باستثناء تركيا التي تعتمد نسبة ضريبة على القيمة المضافة تساوي ‪،%8‬‬
‫فإن نسبة الضريبة على القيمة المضافة المطبقة في المغرب هي األعلى‪ ،‬إذ تبلغ هذه النسبة ‪%2,1‬‬
‫في فرنسا بالنسبة لألدوية المعوض عنها برسم نظام التأمين اإلجباري و‪ %4‬في إسبانيا و‪ %5‬في‬
‫البرتغال‪.‬‬
‫‪ .2‬مراجعة سعر بيع األدوية للعموم‬
‫خالل الفترة ما بين ‪ 2014‬و‪ ،2021‬من أصل ‪ 7.876‬دواء مرخصا بتسويقه بالمغرب‪ ،‬شمل تخفيض‬
‫سعر البيع للعموم ما مجموعه ‪ 3.417‬دواء‪ ،‬أي بمعدل ‪ ،% 43‬كما تم رفع سعر بيع ‪ 44‬دواء‪ ،‬في‬
‫حين تم الحفاظ على األسعار األصلية لـ ‪ 4.415‬دواء أي بنسبة ‪.%61‬‬
‫‪ ‬تخفيضات ذات أثر محدود على سعر بيع األدوية‬
‫لم يكن لعمليات خفض سعر البيع للعموم التي تم القيام بها‪ ،‬خالل الفترة المذكورة‪ ،‬تأثير كبير على‬
‫سعر البيع للعموم لبعض األدوية‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬شهد سعر ‪ 760‬دواء انخفاضا قيمته أقل أو‬
‫تساوي ‪ 2‬درهم‪ .‬ويتعلق األمر ب ‪ %25‬من إجمالي األدوية التي تم خفض سعرها والتي يتراوح‬
‫ثمنها ما بين ‪ 4,75‬و‪ 1.246‬درهما‪ .‬كما عرف ‪ 1.450‬دواء انخفاضا أقل أو يساوي ‪ 10‬دراهم‪ ،‬أي‬
‫‪ %48‬من إجمالي األدوية التي تم خفض سعرها والتي يتراوح ثمنها ما بين ‪ 4,75‬و‪ 1.503‬درهما‪.‬‬
‫ويعزى األثر المحدود لعمليات خفض سعر البيع للعموم‪ ،‬التي تم القيام بها خالل هذه الفترة‪ ،‬بصفة‬
‫أساسية إلى الصيغة المعتمدة في مراجعة أسعار األدوية األصلية‪ .‬حيت أنه ال يتم تطبيق نفس الصيغة‬
‫المعتمدة عند تحديد السعر األولي (اعتماد أدنى سعر من أسعار المصنع دون احتساب الرسوم المحددة‬
‫في البلدان المعيارية)‪ .‬فبناء على المادة ‪ 14‬من المرسوم رقم ‪ ،2.13.852‬سالف الذكر‪ ،‬من أجل‬
‫مراجعة أسعار األدوية األصلية‪ ،‬يطبق متوسط أسعار المصنع دون احتساب الرسوم المعتمدة في‬
‫البلدان المعيارية‪ .‬وإذا كان سعر المصنع دون احتساب الرسوم المعتمد في المغرب أقل من السعر‬
‫المحصل عليه‪ ،‬يتم االحتفاظ بسعر المصنع دون احتساب الرسوم المعمول به‪ .‬ويؤدي تطبيق هذه‬
‫الصيغة إلى تخفيض محدود لألسعار أو الحفاظ على السعر األولي‪.‬‬

‫‪123‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫‪ .3‬اإلدراج في قائمة األدوية المعوض عنها برسم نظام التأمين اإلجباري عن المرض‬
‫‪ ‬فصل إجراءات تحديد سعر البيع للعموم عن إجراءات اإلدراج في قائمة األدوية‬
‫المعوض عنها برسم نظام التأمين اإلجباري األساسي عن المرض‬
‫يتم فصل عملية تحديد سعر البيع عن عملية اإلدراج في قائمة األدوية المعوض عنها برسم نظام‬
‫التأمين اإلجباري عن المرض‪ .‬حيث تعالج ملفات تحديد أسعار بيع األدوية للعموم من طرف مديرية‬
‫األدوية والصيدلة ولجنة األسعار المشتركة بين الوزارات في حين تتم دراسة ملفات طلبات اإلدراج‬
‫في قائمة األدوية المعوض عنها برسم نظام التأمين اإلجباري األساسي عن المرض من طرف الوكالة‬
‫الوطنية للتأمين الصحي‪ ،‬استنادا إلى آراء لجنة الشفافية ودراسات لجنة التقييم المالي واالقتصادي‪.‬‬
‫وجدير بالذكر أن طلب اإلدراج في قائمة األدوية المعوض عنها برسم نظام التأمين اإلجباري األساسي‬
‫عن المرض يأتي بعد اتخاذ قرار التحديد والمصادقة على سعر البيع للعموم‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فإن قرار‬
‫اإلدراج في قائمة األدوية المعوض عنها‪ ،‬الذي يعد قوة تفاوضية من أجل تحديد سعر بيع للعموم‬
‫منخفض‪ ،‬ال يتم استغاللها من طرف الوزارة المكلفة بالصحة‪.‬‬
‫بناء على ما سبق‪ ،‬يوصي المجلس األعلى للحسابات بما يلي‪:‬‬
‫▪ رئاسة الحكومة‬
‫‪ -‬استكمال اإلطار القانوني المنظم لقطاع األدوية والحرص على تحديثه بانتظام داخل‬
‫آجال معقولة؛‬
‫‪ -‬إعادة النظر في عمليات اإلذن بالعرض في السوق والمراقبة وتحديد ثمن بيع األدوية‬
‫السيما اآلجال القانونية لمعالجة طلبات اإلذن بالعرض في السوق وطرق تحديد‬
‫ومراجعة األسعار‪ ،‬وذلك لضمان توافرها وسهولة الولوج إليها اقتصاديا؛‬
‫‪ -‬العمل على تطوير الصناعة المحلية لألدوية لتأمين حاجيات السوق الوطنية من األدوية‬
‫ومكافحة االحتكار؛‬
‫▪ الوزارة المكلفة بالمالية‬
‫‪ -‬إعادة النظر في عمليات تحديد ومراجعة أسعار بيع األدوية لضمان توافرها وسهولة‬
‫الولوج إليها اقتصاديا‪.‬‬
‫▪ الوزارة المكلفة بالصحة والحماية االجتماعية‬
‫‪ -‬إعداد سياسة دوائية وطنية ترتكز على تحفيز اإلنتاج المحلي لألدوية والحرص على‬
‫تتبع تنزيلها؛‬
‫‪ -‬تعزيز استقاللية وحكامة وموارد مديرية األدوية والصيدلة لتمكينها من أداء دورها‬
‫المتمثل في مراقبة وتتبع قطاع األدوية بشكل فعال؛‬
‫‪ -‬الحرص على إنشاء آليات تحفيز وتطوير دخول األدوية الجنيسة إلى السوق الوطنية؛‬
‫‪ -‬مراجعة عملية تقييم االحتياجات الدوائية الوطنية بصفة منتظمة؛‬
‫‪ -‬إعادة النظر في عمليات اإلذن بالعرض في السوق والمراقبة وتحديد ثمن بيع األدوية‬
‫السيما اآلجال القانونية لمعالجة طلبات اإلذن بالعرض في السوق وطرق تحديد‬
‫ومراجعة األسعار‪ ،‬وذلك لضمان توافرها وسهولة الولوج إليها اقتصاديا؛‬
‫‪ -‬تزويد مديرية األدوية والصيدلة بنظام معلوماتي مندمج؛‬
‫‪ -‬دمج عملتي تحديد سعر البيع واإلدراج في قائمة األدوية المعوض عنها برسم نظام‬
‫التأمين اإلجباري عن المرض‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪124‬‬


‫نظام المراقبة الصحية واإلنذار المبكر والسريع‪:‬‬
‫قدرة على التأقلم وتحديات مرتبطة بالحفاظ على استمرارية العالجات وبرامج‬
‫الصحة‬

‫تتعدد عوامل نجاعة النظام الصحي‪ ،‬ولعل من أهمها‪ ،‬فعالية نظام المراقبة الصحية واإلنذار المبكر‬
‫والذي يهدف إلى تقليص المخاطر بغية االستجابة والتصدي لها في الوقت المناسب‪ .‬لذلك‪ ،‬تم اتخاذ‬
‫مجموعة من التدابير لدعم نظام المراقبة الصحية‪ ،‬كتفعيل المراقبة القائمة على تتبع مؤشرات‬
‫األمراض ذات األولوية‪ ،‬والعمل على تفعيل نظام مراقبة يتيح جمع وتحليل اإلشارات واألحداث‬
‫الصحية غير العادية‪ ،‬والتي قد تشكل حالة طوارئ صحية عامة‪ .‬ولدعم هذا النظام‪ ،‬تم وضع إطار‬
‫قانوني‪ ،‬بشكل تدريجي يتكون أساسا من المرسوم الملكي رقم ‪ 554.65‬بتاريخ ‪ 17‬ربيع األول ‪1387‬‬
‫(‪ 26‬يونيو ‪ )1967‬الذي يحدد قائمة األمراض التي يجب اإلبالغ عنها وطرق اإلبالغ وما إلى ذلك‪،‬‬
‫باإلضافة الى المراسيم والدوريات والقرارات الوزارية ذات الصلة‪ .‬كما حث البرنامجان الحكوميان‬
‫برسم الفترة ‪ 2016-2012‬والفترة ‪ ،2021-2016‬على إحداث نظام مراقبة صحية فعال‪ ،‬وعلى‬
‫تعزيز كل من األمن الصحي‪ ،‬ووسائل المراقبة والوقاية من المخاطر وحاالت الطوارئ‪ ،‬فضال عن‬
‫وسائل المراقبة الصحية على مستوى الحدود‪.‬‬
‫وقد قام المجلس األعلى للحسابات بمراقبة تدبير نظام اإلنذار المبكر وتقليص وتدبير المخاطر للتأكد‬
‫من مدى قدرة النظام الصحي على مواجهة األزمات الصحية‪ ،‬وذلك على ضوء تداعيات جائحة‬
‫كوفيد‪.19-‬‬
‫أوال‪ .‬نظام اإلنذار المبكر‬
‫‪ .1‬اإلطار القانوني واالستراتيجي لنظام اإلنذار المبكر‬
‫‪ ‬ضرورة إرساء قانون متعلق بالصحة العامة‬
‫على الرغم من أن المخطط االستراتيجي لوزارة الصحة للفترة ‪ 2016-2012‬يتضمن ضمن أهدافه‬
‫إعداد مشروع قانون حول الصحة العامة والمراقبة واألمن الصحي‪ ،‬فإنه لم تتم بعد المصادقة عليه‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى تحيين وتكميل اإلطار القانوني‬
‫لم يتم استكمال اإلطار القانوني الحالي‪ ،‬حيث ال يتضمن‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬خاصيات المراقبة‬
‫الصحية الفعالة‪ .‬كما أن معظم النصوص القانونية لم يتم تحيينها لتتماشى مع التغيرات الصحية‪ ،‬على‬
‫الصعيدين الوطني والدولي‪ ،‬خاصة كل ما يتعلق باألوبئة حديثة الظهور واللوائح الصحية الدولية‪.‬‬
‫‪ ‬االستراتيجيات ومخططات العمل المتعلقة بنظام اإلنذار ومراقبة الصحة العامة‬
‫ركز المخططان الحكوميان (‪ 2016-2012‬و‪ )2021-2016‬وكذلك استراتيجيات الوزارة المكلفة‬
‫بالصحة (‪ 2016-2012‬و"الصحة ‪ )"2025‬على ضرورة إحداث نظام فعال لليقظة وتعزيز األمن‬
‫الصحي‪ .‬وقد أُظهر التقدم المحرز في تنفيذ هذه االستراتيجيات خاصة فيما يتعلق بإحداث وتطوير‬
‫نظام المراقبة الصحية واإلنذار المبكر‪ ،‬أن العديد من اإلجراءات والتدابير المخططة تعرف تأخرا‬
‫من حيث تنفيذها‪ .‬ويتعلق األمر‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬بتحيين دليل معايير المراقبة الوبائية وتنزيل‬
‫استراتيجية وطنية للمراقبة واألمن الصحي وكذلك تطوير شبكة المختبرات الطبية‪.‬‬

‫‪125‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫‪ .2‬تنظيم نظام اإلنذار المبكر‬
‫مكن تحليل هذا الجانب من تسجيل المالحظات التالية‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة إحداث لجنة لليقظة واألمن الصحي‬
‫لم يتم إحداث لجنة اليقظة واألمن الصحي المنصوص عليها في المادة ‪ 30‬من القانون‪-‬إطار‬
‫رقم ‪ 34.09‬المتعلق بالنظام الصحي والعالجات‪ ،‬رغم أهميتها لدعم وتنسيق أنشطة المراقبة والسالمة‬
‫الصحية‪.‬‬
‫‪ ‬طابع مجزأ ألنشطة المراقبة الصحية‬
‫تقوم عدة مصالح على مستوى الوزارة المكلفة بالصحة‪ ،‬كمصلحة مراقبة األوبئة ومصلحة األمراض‬
‫الوبائية‪ ،‬بأنشطة المراقبة الصحية دون تنسيق بينها‪ ،‬الشيء الذي ال يسمح بإرساء وتوحيد طرق عمل‬
‫مواتية لقيادة وإدارة نظام المراقبة الصحية‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى مأسسة التعاون والتنسيق بين القطاعات‬
‫تم الوقوف على غياب آليات مؤسساتية بين القطاعات وشراكات رسمية بين مختلف الجهات المتدخلة‪،‬‬
‫تم ّكن من جمع ونشر المعلومات بطريقة فعالة وفي الوقت المناسب‪ .‬كما لم يتم إحداث منصة مشتركة‬
‫لتبادل المعلومات بين مختلف المعنيين بالمراقبة الصحية‪ ،‬من ضمنهم الوزارة المكلفة بالفالحة‬
‫والقطاع المكلف بالبيئة والوزارة المكلفة بالتربية الوطنية‪ ،‬والوزارة المكلفة باإلسكان‪ ،‬مما يشكل أحد‬
‫نقاط الضعف الرئيسية في نظام اإلنذار المبكر‪.‬‬
‫‪ .3‬قدرات نظام اإلنذار المبكر‬
‫مكن فحص هذا الجانب من تسجيل عدد من المالحظات‪ ،‬يتلخص أهمها فيما يلي‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة تفعيل المراقبة القائمة على األحداث‬
‫قصد تفعيل المراقبة القائمة على األحداث المتعلقة بالصحة العامة بمختلف أسبابها (أمراض مجهولة‬
‫وغير معتادة او غير مرتقبة ذات مصدر بيولوجي أو كيميائي أو إشعاعي)‪ ،‬قامت مديرية علم األوبئة‬
‫ومحاربة األمراض‪ ،‬بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية‪ ،‬بوضع أسس العمل بهذا النوع من المراقبة‪.‬‬
‫غير أن العملية ال تزال في مراحلها األولى‪ ،‬حيث سيتطلب تفعيلها التعاون بين جميع القطاعات‬
‫المعنية (كالوزارة المكلفة بالصحة والحماية االجتماعية ووزارة الداخلية والوزارة المكلفة بالفالحة‬
‫وغيرها) وتعبئة موارد بشرية مؤهلة ومدربة‪ ،‬باإلضافة إلى توفير تكنولوجيا المعلومات والتواصل‬
‫بشكل يم ّكن من التقاط وتصفية وتنقيح جميع البيانات التي تم جمعها من مصادر مختلفة‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى الرفع من نظام المراقبة‬
‫فيما يخص نظام المراقبة الحالي‪ ،‬فيتسم بعدم شمولية البيانات والمعلومات التي يتم الحصول عليها‬
‫من خالله‪ .‬ويعزى ذلك إلى عدم إشراك فئات معينة من المبلغين‪ ،‬السيما في القطاع الخاص‬
‫(المستشفيات الخاصة والعيادات الطبية)‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬أظهر فحص عينة من استمارات التبليغ‬
‫أن البيانات المتوصل بها من طرف مديرية علم األوبئة ومحاربة األمراض ليست كاملة‪ ،‬وأنه ال يتم‬
‫ملء نماذج اإلشعار بشكل صحيح و‪/‬أو تعاني من نقص المعلومات الالزمة لتأكيد الحاالت واالستجابة‬
‫لها‪ ،‬كالمعطيات السريرية وعنوان وتعريف المعني باألمر‪ ،‬إلخ‪..‬‬
‫كما لم يتم استغالل بعض مصادر المعلومات المتعلقة بمراقبة األمراض واألحداث غير العادية‪،‬‬
‫والصادرة عن قطاع الصحة‪ ،‬بشكل كاف كالمعطيات حول التعفنات داخل المستشفيات‪ ،‬وسجالت‬
‫الوفيات ومقاومة مضادات البكتيريا‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬ال تزال مساهمة المختبرات في التزويد‬
‫بالمعلومات الالزمة محدودة وذلك ألسباب عدة من بينها‪ ،‬غياب التنسيق فيما بينها وعدم انخراط‬
‫المختبرات الخاصة في اإلبالغ‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪126‬‬


‫‪ .4‬الوسائل المتاحة لنظام اإلنذار المبكر‬
‫بالنسبة للوسائل المتاحة لنظام اإلنذار المبكر‪ ،‬تخص أبرز المالحظات الجوانب التقنية وكذا الموارد‬
‫البشرية والمالية‪.‬‬
‫أ‪ .‬الوسائل التقنية‬
‫‪ ‬ضرورة ضمان توافق دليل المراقبة الصحية مع اللوائح الصحية الدولية‬
‫ال يتوافق دليل المراقبة الصحية المعمول به مع متطلبات اللوائح الصحية الدولية‪ .‬إذ ال يحدد هذا‬
‫الدليل إجراءات التحقيق والتدابير والطرق التي يجب تطبيقها في حالة ظهور إشارات أو أحداث قد‬
‫تشكل حالة طوارئ صحية عامة‪.‬‬
‫‪ ‬نظام معلوماتي ذو طابع يدوي‬
‫يرتكز نظام المعلومات المخصص لإلنذار المبكر‪ ،‬المعمول به‪ ،‬أساسا على السجالت اليدوية أو‬
‫األدوات المكتبية (مثل ‪ )Excel‬في غياب نظام معلوماتي آلي قادر على تدبير وتحليل البيانات‪ .‬ويزيد‬
‫من حدة هذا الوضع تجزئ البرامج الصحية وعدم تخصيص أي وسيلة (مركز اتصال مثال) للتبليغ‬
‫عن الحاالت المشتبه فيها أو المؤكدة‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى توفير المعلومات المتعلقة بمخزون المعدات واللوازم الطبية وغير الطبية‬
‫وضمان مخزون وطني لبعض الكواشف‬
‫ال تتوفر الوحدة المسؤولة عن المراقبة الصحية واإلنذار المبكر‪ ،‬بالوزارة المكلفة بالصحة‪ ،‬على‬
‫المعلومات المتعلقة بمخزون المعدات واللوازم الطبية وغير الطبية المتوفرة‪ .‬كما تبقى المعلومات‬
‫حول األدوية وبعض المعدات متفرقة بين المديريات واألقسام األخرى للوزارة‪ .‬كما سجل غياب‬
‫مخزون وطني لبعض الكواشف الالزمة لتشخيص بعض األمراض التي تم القضاء عليها سلفا‪ ،‬أو‬
‫التي لم يسبق رصدها بالبالد (األمراض االستوائية مثال)‪ ،‬أو التي يُحتمل تسربها عن طريق نقط‬
‫العبور (في ظل تواجدها في بعض البلدان المجاورة)‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة الرفع من قدرات المختبرات التابعة للوزارة‬
‫تتسم قدرات مختبرات الوزارة المكلفة بالصحة بعدم الكفاية‪ ،‬بسبب تحديد تخصصها في مجاالت‬
‫البرامج الصحية للوزارة‪ .‬وباإلضافة إلى ذلك‪ ،‬ال تزال قدرات المختبرات المتعلقة بعلم الفيروسات‬
‫وعلم الجراثيم محدودة وغير كافية‪ .‬هذا‪ ،‬إلى جانب كون خمسة (‪ )5‬مختبرات فقط‪ ،‬من أصل ‪140‬‬
‫مختبرا للصحة العامة (وهي معهد باستور‪ ،‬والمعهد الوطني للصحة‪ ،‬ومختبر المستشفى العسكري‬
‫محمد الخامس بالرباط‪ ،‬ومختبر الدرك الملكي‪ ،‬ومختبر المستشفى العسكري بكلميم)‪ ،‬تتوفر على‬
‫مستوى السالمة من الدرجة الثالثة الخاص بالسالمة البيولوجية‪ ،‬والذي يعد ضروريا للكشف عن‬
‫بعض األمراض (السيما "اإليبوال")‪ .‬كما لم يتم تعيين المختبرات المرجعية بشكل رسمي من طرف‬
‫الوزارة‪.‬‬
‫‪ ‬العمل على تطوير بنك لسالالت األمراض لرصد تلك التي تم القضاء عليها والمحتمل‬
‫عودة ظهورها‬
‫ال تتوفر مختبرات وزارة الصحة على بنك لسالالت األمراض للتمكن من إجراء فحوصات منتظمة‬
‫ودورية لرصد األمراض التي تم القضاء عليها والمحتمل عودة ظهورها (مثل ما حدث بالنسبة لشلل‬
‫األطفال في سوريا‪ ،‬وجدري الماء في إنجلترا‪ ،‬والحصبة في فرنسا)‪ ،‬وبالتالي تفعيل نظام اإلنذار‬
‫المبكر‪.‬‬

‫‪127‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫ب‪ .‬الموارد البشرية والمالية‬
‫‪ ‬الحاجة لتعزيز الموارد البشرية المكلفة بمجال المراقبة الصحية وبرامج التكوين‬
‫المستمر‬
‫ال يتوفر نظام المراقبة الصحية واإلنذار المبكر على الموارد البشرية الكافية (‪ 118‬أخصائيا في علم‬
‫األوبئة‪ ،‬منهم ‪ 28‬على المستوى المركزي و‪ 90‬على مستوى الجهات)‪ .‬إذ يتكلف عشرة موظفين‪،‬‬
‫منهم أربعة أطباء فقط‪ ،‬بتسيير ما يعادل ‪ 45‬برنامجا صحيا باإلضافة إلى جائحة كوفيد‪ .19-‬كما ال‬
‫يتوفر هذا النظام على خطة لتعويض الموظفين العاملين بمجال المراقبة واإلنذار المبكر المحالين‬
‫على التقاعد أو المغادرة الطوعية‪.‬‬
‫كما أن الموظفين المكلفين بالرصد والمراقبة الوبائية‪ ،‬على المستوى المركزي وعلى المستوى‬
‫الترابي‪ ،‬ال يستفيدون بشكل منتظم من برامج التكوين المستمر لتعزيز قدراتهم على الكشف السريع‬
‫عن المخاطر الصحية‪.‬‬
‫‪ ‬الموارد المالية المخصصة للمراقبة الوبائية‬
‫تتسم الموارد المالية المخصصة للمراقبة الوبائية بالمحدودية‪ ،‬حيث أن حصة الميزانية المخصصة‬
‫لها ضئيلة مقارنة بالميزانية العامة للوزارة‪ ،‬إذ لم تتجاوز نسبة ‪ %0,63‬سنة ‪ .2021‬وفي الوقت‬
‫نفسه‪ ،‬لم يخصص أي بند في الميزانية ألنشطة المراقبة على الحدود‪.‬‬
‫ثانيا‪ .‬نظام التقليص من المخاطر‬
‫تم في هذا الصدد الوقوف على أهم إجراءات الوقاية وتقييم المخاطر باإلضافة إلى مدى تتبع وتقييم‬
‫نظام التقليص من المخاطر‪ .‬وقد مكنت مراقبة هذه الجوانب من تسجيل المالحظات التالية‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة تجاوز اإلكراهات التي تواجه تنفيذ البرامج الوقائية‬
‫يواجه تنفيذ بعض البرامج الصحية نقصا في الموارد البشرية (األطباء العامون والمتخصصون‬
‫والممرضون) وكذا سوءا في توزيعها‪ .‬ويمتد هذا الوضع أيضا إلى مختبرات الوزارة‪ ،‬التي تواجه‬
‫نقصا مستمرا وحادا في عدد التقنيين‪ .‬كما تواجه هذه البرامج صعوبات تتعلق بتمويل أنشطة الوقاية‬
‫والتوعية وإجراءات مكافحة األمراض‪ .‬إذ‪ ،‬بصرف النظر عن التمويل المتاح في إطار التعاون‬
‫الدولي‪ ،‬ال تزال الميزانية المخصصة لبعض البرامج الصحية محدودة إلى جانب ضعف الميزانية‬
‫المخصصة للعالجات الوقائية‪.‬‬
‫كما يعرف مجال تدريب المتدخلين في الوقاية من األمراض ذات األولوية التي يتم رصدها ومراقبتها‬
‫ومكافحتها‪ ،‬مجموعة من النقائص‪ ،‬من بينها ضعف عدد التداريب وعدد المستفيدين‪ .‬كما تبقى فعالية‬
‫أنشطة الوقاية من األمراض والحد منها محدودة بسبب عدم تفعيل مشاركة جميع القطاعات المعنية‬
‫(كما هو الشأن بالنسبة للوزارة المكلفة بالتربية الوطنية‪ ،‬والوزارة المكلفة باإلسكان‪ ،‬والقطاع المكلف‬
‫بالبيئة)‪.‬‬
‫‪ ‬تقييم المخاطر الصحية‬
‫ال ينبني تقييم المخاطر على أسس منهجية‪ ،‬حيث ال يتم إال بعد اكتشاف وتأكيد حدث صحي عام غير‬
‫عاد أو تطور غير طبيعي لمنحى األمراض المعروفة وتحت المراقبة من قبل البرامج الصحية‪ ،‬بينما‬
‫من المفروض أن يتم باستمرار ألجل تقليص المخاطر والحد من آثارها السلبية على المنظومة‬
‫الصحية‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى إرساء تطبيقات اإلخطار‬
‫ال يتوفر نظام اإلنذار المبكر المحدث على تطبيقات اإلخطار‪ .‬وبالتالي فإن تبليغ المعلومات‪ ،‬المتعلقة‬
‫باألمراض المرتبطة بقطاعي صحة اإلنسان والحيوان وأحداث الصحة العامة‪ ،‬ال يتم تلقائيا‪ .‬إذ يتم‬
‫ذلك بشكل يدوي عن طريق الرسائل القصيرة أو البريد اإللكتروني‪ .‬وقد تم في سنة ‪ ،2018‬وضع‬
‫تطبيق لتسهيل اإلبالغ عن حاالت التهاب السحايا‪ ،‬لكنه ال يشمل جميع األمراض األخرى‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪128‬‬


‫‪ ‬ضرورة إجراء تمارين المحاكاة بشكل منتظم وشامل‬
‫تعرف تمارين المحاكاة التي تجرى من طرف الوزارة‪ ،‬بغرض تحديد قدرات النظام الصحي وتوفير‬
‫الخبرة العملية للمشاركين في أنشطة اإلنذار المبكر والتدخل السريع‪ ،‬عدة نقائص‪ .‬حيث لم يتم إدراج‬
‫عناصر تقييم قدرة النظام الصحي على اإلنذار المبكر وتقييم المخاطر والتبليغ في الوقت المناسب في‬
‫تمارين المحاكاة‪ .‬كما أن عدد تمارين المحاكاة المتعقلة باألحداث ذات األصل الكيميائي محدود‪ ،‬بينما‬
‫لم تخصص أي تمارين محاكاة لألحداث والمخاطر ذات األصل اإلشعاعي‪.‬‬
‫ثالثا‪ .‬التدابير الصحية المتخذة لمواجهة جائحة كوفيد‪19-‬‬
‫شكلت أزمة كوفيد‪ 19-‬تحديا كبيرا أظهر اإلكراهات والثغرات التي يتسم بها نظام اإلنذار وتقليص‬
‫المخاطر‪ ،‬مما يستدعي اتخاذ اإلجراءات الضرورية من أجل تجاوزها وتأسيس نظام صحي قوي‬
‫ومرن‪ ،‬قادر على مواجهة طوارئ الصحة العامة المحتملة مستقبال‪.‬‬
‫فقد تم خالل جائحة كوفيد‪ 19-‬بذل مجهودات غير مسبوقة فيما يخص الرصد والكشف واإلبالغ‪،‬‬
‫وذلك بغية تقليص المخاطر والحد من التأثيرات الجانبية المحتملة لهذه الجائحة‪ .‬وعليه‪ ،‬تم التأقلم مع‬
‫هذا الوضع بسن قواعد تنظيمية وإرساء تنظيمات هيكلية باإلضافة إلى وضع إجراءات صحية ألجل‬
‫المراقبة والتصدي بشكل شبه دائم‪ ،‬سواء على المستوى الداخلي للبالد أو على مستوى الحدود‪ .‬كما‬
‫استلزم التصدي لهذه الجائحة تعبئة موارد مالية هامة تم توفيرها أساسا عن طريق تمويالت الصندوق‬
‫الخاص بتدبير جائحة كوفيد‪.19-‬‬
‫وقد ساهمت جهود المراقبة والتصدي في تجنيب البالد موجات النتشار الفيروس وحدت من ذرواتها‪.‬‬
‫كما ساهمت هذه المجهودات في إرساء مالمح تدبير جديد تجسد‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬في دعم عدة‬
‫مستشفيات بمولدات األوكسجين وتقوية قدرات المختبرات والبنيات االستشفائية‪ ،‬فيما يتعلق بعدد‬
‫األسرة والمعدات البيوطبية‪ ،‬وكذلك مخزون اللقاحات‪.‬‬
‫غير أن المجهودات المبذولة في إطار جائحة كوفيد‪ ،19-‬ورغم أهميتها‪ ،‬ال ترقى إلى مستوى "نظام‬
‫لإلنذار المبكر وتقليص وتدبير المخاطر" قائم بذاته ومطابق للنظام الموصوف ضمن أهداف التنمية‬
‫المستدامة‪ ،‬والذي من شأنه تكريس نظام صحي قوي ومرن‪ .‬حيث ظلت هذه المجهودات‪ ،‬وما ترتب‬
‫عنها من آثار جانبية‪ ،‬موسومة بعدة نقائص تتعلق على الخصوص بعدم تمكن المنظومة الصحية من‬
‫استمرارية العالجات وخدمات البرامج الصحية والتكفل ببعض الفئات المجتمعية الهشة‪ ،‬وكذا تشكيل‬
‫مخزون لألدوية والكواشف وغيرها‪ ،‬مما ال يساهم في تأمين األمن والسيادة الصحيين‪.‬‬
‫بناء على ما سبق‪ ،‬ومراعاة لمبادئ الهدف الثالث (‪ 3‬د) من أهداف التنمية المستدامة المتعلق‬
‫بتعزيز القدرات في مجال اإلنذار المبكر والحد من المخاطر وإدارة المخاطر الصحية‪ ،‬ومن أجل‬
‫إرساء نظام لإلنذار المبكر وتقليص المخاطر يساهم في الوقاية من الجوائح المحتملة‪ ،‬الصحية‬
‫منها على وجه الخصوص‪ ،‬وفي تجنب اآلثار الجانبية لألزمات الصحية على النظام الصحي‪:‬‬
‫‪ -‬يوصي المجلس األعلى للحسابات رئاسة الحكومة بالسهر على إرساء نظام فعال‬
‫لإلنذار المبكر وتقليص المخاطر‪ ،‬ممأسس ودائم ومزود بالوسائل واآلليات الضرورية‬
‫ويحظى باالنخراط الفعلي لجميع األطراف ذات الصلة‪ ،‬السيما الوزارة المكلفة بالصحة‬
‫والوزارة المكلفة بالفالحة والوزارة المكلفة بالتربية الوطنية‪ ،‬والوزارة المكلفة‬
‫باإلسكان‪ ،‬والقطاع المكلف بالبيئة‪ ،...‬ويحرص على التنسيق الفعال بينها؛‬
‫‪ -‬كما يوصي الوزارة المكلفة بالصحة بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تفعيل التدابير واآلليات المتعلقة بنظام اإلنذار المبكر وتقليص المخاطر‪ ،‬المضمنة في‬
‫مختلف االستراتيجيات والمخططات؛‬
‫‪ -‬وضع إطار قانوني ومؤسساتي مالئم ومحين للمراقبة واليقظة الصحية وكذا اإلنذار‬
‫المبكر؛‬

‫‪129‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫‪ -‬الحرص على التنسيق فيما يخص تدخالت ووسائل ومعطيات مختلف المتدخلين في‬
‫نظام اليقظة والمراقبة الصحية؛‬
‫‪ -‬تقوية نظام المراقبة الصحية عبر تفعيل نظام المراقبة القائمة على األحداث؛‬
‫‪ -‬القيام بتقييمات منهجية للمخاطر الصحية وإنجاز تمارين المحاكاة بشكل منتظم لكل‬
‫أنواع المخاطر‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪130‬‬


‫البرنامج الوطني للوقاية ومراقبة ارتفاع ضغط الدم‪:‬‬
‫ضرورة إرساء إطار مؤسساتي مناسب لتحسين حكامة البرنامج‬

‫تم وضع البرنامج الوطني للوقاية ومراقبة ارتفاع ضغط الدم من قبل وزارة الصحة والرعاية‬
‫االجتماعية منذ عام ‪ ،1996‬بهدف الحد من خطورة ارتفاع ضغط الدم ومضاعفاته والعجز والوفيات‬
‫المبكرة المرتبطة به‪ .‬وتشرف على تدبير هذا البرنامج مصلحة أمراض القلب والشرايين بقسم‬
‫األمراض غير المتنقلة بمديرية علم األوبئة ومحاربة األمراض‪.‬‬
‫وقد أنجز المجلس األعلى للحسابات مهمة رقابية حول البرنامج تطرقت إلى اإلجراءات واألنشطة‬
‫المبرمجة واآلليات المعتمدة والوسائل المرصودة في إطار هذا البرنامج وكذا إلى مستوى تحقيق‬
‫أهدافه المتمثلة في التحكم في الوضع الصحي المرتبط بارتفاع ضغط الدم‪.‬‬
‫وقد ركزت المهمة الرقابية‪ ،‬التي شملت الفترة ما بين سنتي ‪ 2010‬و‪ ،2020‬على أهم المصالح‬
‫المركزية بوزارة الصحة والحماية االجتماعية المتدخلة في تنزيل البرنامج وعلى عينة من المديريات‬
‫الجهوية والمندوبيات اإلقليمية والمراكز الصحية‪.‬‬
‫أوال‪ .‬تأطير البرنامج وحكامته‬
‫‪ ‬الحاجة إلى تعزيز تأطير البرنامج من حيث مستهدفيه وموارده وأهدافه وأنشطته‬
‫ومؤشرات تتبعه‬
‫يفتقر البرنامج إلى التأطير الكافي في ظل غياب وثيقة مرجعية ورسمية تحدد بدقة الفئات المستهدفة‬
‫وأهداف البرنامج ومكوناته وأنشطته والوسائل المرصودة له‪ ،‬وكذا مؤشرات تتبع وتقييم إنجاز أهدافه‪.‬‬
‫وأفادت الوزارة أنه من ناحية تأطير البرنامج‪ ،‬يغطي دليل برنامج الوقاية ومكافحة ارتفاع ضغط الدم‪ ،‬الذي‬
‫تم تطويره في عام ‪ 2012‬وتم تحديثه في عام ‪ ،2020‬جميع الجوانب السريرية واإلدارية والتنظيمية للبرنامج‬
‫من السياق إلى المراقبة ‪ /‬التقييم‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فقد تم توزيع الدورية الوزارية الصادرة في ‪ 8‬مايو‬
‫‪ ،2012‬والتي تم تطويرها ونشرها بمناسبة اليوم العالمي الرتفاع ضغط الدم‪ ،‬هذه الدورية تصف بوضوح‬
‫رؤية االستراتيجية الوطنية للوقاية من ارتفاع ضغط الدم ومكافحته وكذلك السكان المستهدفين من البرنامج‪.‬‬
‫ويوضح المجلس‪ ،‬بهذا الصدد‪ ،‬أن مشروع الدليل المشار اليه لم يتم اعتماده بعد‪ .‬أما الدورية المذكورة‬
‫فهي تتعلق بتنظيم حملة وطنية للتحسيس والكشف عن ارتفاع ضغط الدم‪.‬‬
‫فعلى مستوى تحديد السكان المستهدفين‪ ،‬ال يتم تحيين المسوح الوطنية بانتظام‪ ،‬والتي تقدر نسبة وعدد‬
‫األشخاص المصابين بارتفاع ضغط الدم‪ .‬عالوة على ذلك‪ ،‬يعتبر عدم تأسيس نظام لالستهداف واحدا‬
‫من العوامل التي حالت دون تحقيق أهداف البرنامج وترشيد استعمال موارده من حيث تغطية حاجيات‬
‫مرضى ارتفاع ضغط الدم من األدوية‪ ،‬السيما بالنسبة للمرضى في وضعية فقر أو هشاشة‪.‬‬
‫أما على مستوى تحديد األهداف والمؤشرات‪ ،‬فإن مؤشرات التتبع المعتمدة ال تشمل جميع أهداف‬
‫البرنامج‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬ال يتم تتبع ورصد المضاعفات الناجمة عن حاالت اإلصابة بارتفاع‬
‫ضغط الدم بالدقة الكافية‪ ،‬علما أن البرنامج أدرجها ضمن أهدافه الرئيسية‪ .‬كذلك‪ ،‬تم تحديد مؤشر‬
‫تتبع الهدف المتعلق بالرفع من عدد الحاالت الجديدة التي يتم تشخيصها سنويا بصفة غير متجانسة‬
‫خالل الفترة المشمولة بالمهمة الرقابية‪ ،‬حيث حدد في نسبة ‪ %10‬للفترة من ‪ 2011‬إلى ‪ 2019‬وفي‬
‫‪ %5‬ابتداء من سنة ‪ ،2020‬بينما أشارت المشاريع السنوية ألداء الوزارة الى نسبة تناهز ‪.%4‬‬
‫وفي ظل عدم تخصيص اعتمادات مالية للبرنامج على وجه التحديد‪ ،‬يتم إنجاز الطلبيات المرتبطة‬
‫باألدوية واقتناء األجهزة والمعدات المتعلقة بالتكفل بمرضى ارتفاع ضغط الدم عبر استخدام بنود‬
‫مختلفة من ميزانية الوزارة‪ ،‬مما يصعب معه مهمة تحديد الموارد المعبأة لفائدة البرنامج‪.‬‬

‫‪131‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫وارتباطا بتنزيل األنشطة والعمليات‪ ،‬فإن البرنامج يفتقر إلى خطة عمل متكاملة خاصة به‪ ،‬كما أنه‬
‫يعاني من ضعف التنسيق مع المصالح األخرى للوزارة التي تدير أنشطة تدخل في نطاق الوقاية من‬
‫ارتفاع ضغط الدم‪.‬‬
‫وقد أشارت الوزارة في معرض جوابها إلى أنها تضع كل سنة خطة عمل خاصة ببرنامج الوقاية ومكافحة‬
‫ارتفاع ضغط الدم يتم من خاللها تحديد األهداف واإلجراءات والتدابير المخطط لها خالل العام‪.‬‬
‫كما ال يتم التنسيق بين وحدة أنماط الحياة الصحية وبرنامج مكافحة التبغ وبرنامج الوقاية ومكافحة ارتفاع‬
‫ضغط الدم في تحديد األهداف المسطرة وتطوير خطط العمل‪ .‬علما أن كل هذه المصالح تندرج تحت قسم‬
‫األمراض غير السارية الذي يقوم بدور التنسيق‪.‬‬
‫ويوضح المجلس أن الوثائق التي قدمت له "كخطة عمل البرنامج" تتعلق ببرنامج عمل قسم األمراض‬
‫غير السارية‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة تجاوز الصعوبات التي تعترض عمل آليات الحكامة‬
‫فيما يتعلق بآليات الحكامة‪ ،‬يتم االستناد إلى لجنة الدعم التقني وإلى تنظيم مسلك العالجات الخاص‬
‫بارتفاع ضغط الدم (‪ )filière de soins relatifs à l’HTA‬مع اعتماد بروتوكوالت عالجية‬
‫للتكفل بالمرضى‪ .‬غير أن فحص هذه اآلليات أظهر أن البروتوكوالت العالجية غير محينة وأن‬
‫التنسيق بين المستويات المختلفة لمسلك العالجات الخاص بارتفاع ضغط الدم ال يرقى إلى المستوى‬
‫المطلوب‪ ،‬مما ينعكس سلبا على عملية التكفل بالمرضى وجودة الخدمات الطبية‪.‬‬
‫ثانيا‪ .‬تدبير وقيادة البرنامج‬
‫تتولى المصالح المركزية بمديرية علم األوبئة ومحاربة األمراض تدبير البرنامج في الجانب المتعلق‬
‫بالتخطيط االستراتيجي‪ ،‬بينما تقوم المراكز الصحية بتنفيذ أنشطة البرنامج وتقديم الخدمات الطبية‬
‫الالزمة ومراقبة وتتبع حاالت اإلصابة بمرض ارتفاع ضغط الدم‪ .‬وبين هذين المستويين‪ ،‬تتدخل‬
‫المصالح الجهوية واإلقليمية من أجل ضمان حسن سير البرنامج والسهر على تحقيق أهدافه في حدود‬
‫اختصاصها الترابي‪ .‬وقد مكنت المهمة الرقابية من الوقوف على مالحظات ترتبط بالتخطيط والتتبع‬
‫واإلشراف والتنسيق وكذا بالنظام المعلوماتي الخاص بالبرنامج‪.‬‬
‫‪ ‬عمليات التخطيط والتتبع والتنسيق واإلشراف بحاجة للتعزيز‬
‫فيما يتعلق بالتخطيط‪ ،‬فإن اإلجراءات والتدابير االستراتيجية المعتمدة في مجال التكفل والوقاية من‬
‫ارتفاع ضغط الدم ال ترتكز في الغالب على آليات لضمان تنزيلها على أرض الواقع على المستوى‬
‫الجهوي واإلقليمي وعلى مستوى المراكز الصحية‪.‬‬
‫وبالنسبة للتنسيق والتتبع واإلشراف‪ ،‬ال تمارس المديريات الجهوية والمندوبيات اإلقليمية كافة أدوارها‬
‫من أجل السهر على ضمان تنزيل أهداف البرنامج وال سيما من حيث التأطير والتنسيق مع مختلف‬
‫المتدخلين وتتبع وتنفيذ أنشطة البرنامج واإلشراف عليها‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى نظام معلوماتي رقمي‬
‫بالنسبة للنظام المعلوماتي‪ ،‬فإن البرنامج يعتمد في تجميع ومعالجة واستغالل البيانات اإلحصائية‬
‫المتعلقة بمرض ارتفاع ضغط الدم على وسائل تقليدية (ورقية) في شكل دفاتر وسجالت تتم تعبئتها‬
‫يدويا على مستوى المراكز الصحية ثم ترسل البيانات المتضمنة بها الى المصالح المركزية مرورا‬
‫بالمندوبيات اإلقليمية والمديريات الجهوية‪ .‬وتنطوي هذه الطريقة المتبعة في تجميع ومعالجة‬
‫واستغالل البيانات اإلحصائية على عدة مخاطر ترتبط بعدم شمولية وصحة البيانات وموثوقية‬
‫مؤشرات البرنامج‪.‬‬
‫ثالثا‪ .‬تحقيق أهداف البرنامج وتنزيل اإلجراءات االستراتيجية‬
‫من خالل تحليل مؤشري عدد الحاالت الجديدة التي يتم تشخيصها سنويا وتلك التي تتكفل بها المراكز‬
‫الصحية‪ ،‬يتضح أن ارتفاع ضغط الدم ال يزال غير خاضع للمراقبة والتتبع الكافيين على الرغم من‬
‫التقدم المهم الذي حققته بالدنا في هذا المجال‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪132‬‬


‫‪ ‬صعوبات في المراقبة والتكفل رغم التقدم الملموس‬
‫شهدت الحاالت الجديدة التي تم تشخيصها تطورا كبيرا بين سنتي ‪ 2011‬و‪ ،2020‬حيث انتقلت‬
‫أعدادها من ‪ 66.150‬حالة سنة ‪ 2011‬إلى ‪ 116.266‬حالة سنة ‪ ،2019‬ثم ‪ 80.585‬حالة جديدة سنة‬
‫‪( 2020‬نظرا لتأثير الوباء)‪ .‬وفي هذا السياق‪ ،‬تم تحقيق أرقام تتجاوز تقريبا الهدف السنوي للبرنامج‬
‫بين عامي ‪ 2012‬و‪ .2014‬وباستثناء عام ‪ 2020‬الذي عرف نسبة إنجاز لم تتعد ‪ ،%66‬فإن الفترة‬
‫الممتدة ما بين ‪ 2011‬و‪ 2020‬سجلت تحقيق نسبة إنجاز سنوي فاقت ‪.%90‬‬
‫كما ارتفع مؤشر حاالت ارتفاع ضغط الدم المتكفل بها على المستوى الوطني من قبل المراكز الصحية‬
‫بخمسة أضعاف‪ ،‬حيث انتقل من ‪ 198.808‬حالة في سنة ‪ 2010‬إلى ‪ 1.195.257‬حالة متكفل بها‬
‫في سنة ‪ ،2020‬تم تسجيل ‪ %55‬منها بالمجال الحضري و‪ %45‬منها بالوسط القروي‪.‬‬
‫لكن‪ ،‬وعلى الرغم من التقدم المسجل‪ ،‬يبقى عدد حاالت ارتفاع ضغط الدم المتكفل بها في إطار‬
‫البرنامج (مليون و‪ 195‬ألف حالة بمعدل تغطية ‪ )%16,5‬أقل بكثير من التقديرات حول عدد الحاالت‬
‫المصابة بهذا المرض‪ .‬وحسب المسح الوطني المنجز سنة ‪ 2018‬من طرف وزارة الصحة والحماية‬
‫االجتماعية ومنظمة الصحة العالمية‪ ،‬قدر عدد الحاالت المصابة بالمرض في ‪ 7‬ماليين و‪ 253‬ألفا‬
‫أي ما يمثل ‪ %29,3‬من السكان الذين تتراوح أعمارهم بين ‪ 18‬سنة وما فوق‪.‬‬
‫كما أبان المسح الوطني أن ‪ %53,7‬من األشخاص المصابين بارتفاع ضغط الدم لم يتلقوا أي عالج‬
‫خالل سنتي ‪ 2017‬و‪.2018‬‬
‫ويالحظ أن هدف التكفل بجميع حاالت ارتفاع ضغط الدم التي يتم تشخيصها يبقى صعب المنال بسبب‬
‫عدم توفر جميع الخدمات للتكفل الطبي الالزم‪ .‬ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى نقص المعدات وعدم‬
‫كفاية األدوية والموارد البشرية الطبية وشبه الطبية‪.‬‬
‫وإذا كان معدل اإلصابة بمرض ارتفاع ضغط الدم قد انخفض بأربع نقاط مئوية تبعا لنتائج المسحين‬
‫المنجزين في سنتي ‪ 2000‬و‪ ،2018‬حيث تراجع من ‪ %33,6‬سنة ‪ 2000‬الى ‪ %29,3‬سنة ‪،2018‬‬
‫فإن هذا المعدل يظل أعلى من متوسط المعدل المسجل على المستوى العالمي‪ ،‬الذي ال يتجاوز ‪،%22‬‬
‫ومن المعدل المسجل على المستوى اإلفريقي‪ ،‬الذي يبلغ ‪.%827‬‬
‫رابعا‪ .‬تدبير الموارد المرصودة للبرنامج‬
‫يعتبرنقص الموارد البشرية والمادية المتاحة من أهم المعيقات التي تواجه تنفيذ أنشطة البرنامج‬
‫وتحقيق أهدافه‪ ،‬ال سيما في سياق تزايد نسبة المصابين بارتفاع ضغط الدم المتكفل بهم على مستوى‬
‫المراكز الصحية‪ ،‬حيث سجل ما يلي‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة تعزيز الموارد البشرية واألجهزة الطبية‬
‫في هذا الصدد‪ ،‬أظهرت معطيات مديرية الموارد البشرية لوزارة الصحة والحماية االجتماعية‪ ،‬أن‬
‫‪ 632‬مركزا صحيا (‪ 536‬مركزا قرويا و‪ 96‬مركزا حضريا) ال يتوفر على طبيب‪ .‬كما ال تتوفر‬
‫دائما التخصصات الطبية األساسية في مسلك العالجات الخاصة بارتفاع ضغط الدم (مثل تخصصات‬
‫أمراض القلب والكلي والعيون والطب الباطني) على مستوى وحدة األمراض المزمنة بالمراكز‬
‫الصحية أو على مستوى المستشفيات‪.‬‬
‫وقد أشارت وزارة الصحة والحماية االجتماعية إلى وجود نقص في الموارد البشرية بشكل عام في القطاع‪.‬‬
‫أما على مستوى المعدات الطبية‪ ،‬فإن المقتنيات ال تشمل جميع األجهزة واألدوات الالزمة للفحص‬
‫والتشخيص وتتبع حاالت ارتفاع ضغط الدم‪.‬‬
‫وأفادت الوزارة أن شراء هذه األجهزة الطبية يرتبط بتوفر االعتمادات المالية‪.‬‬

‫‪ 8‬الموقع الرسمي للمنظمة العالمية للصحة الذي تمت زيارته بتاريخ ‪ 3‬أكتوبر ‪2022‬‬

‫‪133‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫‪ ‬اإلمداد باألدوية يحتاج لمزيد من االنتظام‬
‫على الرغم من الدور الحيوي لألدوية من أجل التحكم في ارتفاع ضغط الدم والوقاية من مضاعفاته‪،‬‬
‫فإنها قد ال تتوفر دائما‪ ،‬مما يؤثر سلبا على التكفل الفعال بالمرضى‪ .‬ويرجع هذا األمر إلى الصعوبات‬
‫المسجلة في تدبير بعض الصفقات‪ ،‬السيما تلك المعدة بناء على االحتياجات السنوية من األدوية إذ ال‬
‫يتم تنفيذها أو ال تنفذ إال بعد وقت طويل من إبرامها‪.‬‬
‫بناء على ما سبق‪ ،‬يوصي المجلس األعلى للحسابات وزارة الصحة والحماية االجتماعية بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬العمل على إرساء إطار مؤسساتي مناسب للبرنامج الوطني للوقاية ومراقبة ارتفاع‬
‫ضغط الدم وضمان حسن سير عمل الهيئات المرتبطة بحكامته؛‬
‫‪ -‬تحسين أعمال التخطيط والتنسيق والتتبع والمراقبة بالموازاة مع العمل على تنزيل‬
‫اإلجراءات االستراتيجية المتعلقة بالوقاية ومراقبة ارتفاع ضغط الدم؛‬
‫‪ -‬وضع نظام معلوماتي فعال إلنتاج بيانات شاملة وموثوق بصحتها ومؤشرات مناسبة‬
‫للتكفل بمرضى ارتفاع ضغط الدم وتتبع عالجهم؛‬
‫‪ -‬تحسين أداء مسلك العالجات الخاص بارتفاع ضغط الدم من خالل ضمان التنسيق الفعال‬
‫بين مختلف مستوياته؛‬
‫‪ -‬تحديث البروتوكوالت العالجية المتعلقة بالتكفل بمرضى ارتفاع ضغط الدم والسهر على‬
‫التطبيق المناسب للبروتوكول الخاص بالوقاية من أمراض القلب والشرايين؛‬
‫‪ -‬العمل على توفير الموارد البشرية واألجهزة الالزمة وعلى انتظام اإلمداد باألدوية‬
‫لضمان فعالية التكفل وتقديم جميع الخدمات العالجية المطلوبة مع الحرص على إعمال‬
‫ممارسات التدبير الجيد لموارد البرنامج‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪134‬‬


‫قطاعات التربية والتكوين‬
‫والتعليم العالي‬

‫‪135‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪136‬‬
‫تولي بالدنا أهمية كبرى لتطوير المنظومة التعليمية‪ ،‬في مختلف جوانبها‪ ،‬باعتبارها شرطا الزما‬
‫لتحقيق التنمية الشاملة‪ .‬وقد انخرطت في هذا اإلطار في إصالح عميق وشامل للمدرسة المغربية‪،‬‬
‫غايته األساسية إرساء نظام تربوي جديد يساهم بفعالية في تكوين أجيال قادرة على االبتكار واإلبداع‬
‫والعطاء‪.‬‬
‫وفي هذا السياق‪ ،‬فإن تأهيل الموارد البشرية لقطاع التربية والتكوين وتمكينها من اآلليات والوسائل‬
‫الضرورية‪ ،‬بما في ذلك الحرص على تنمية قدراتها البيداغوجية ومداركها المعرفية‪ ،‬يشكل مقوما‬
‫أساسيا للنهوض بالتعليم في بالدنا‪.‬‬
‫ويحتل العالم القروي مكانة متميزة ضمن اهتمامات القطاعات المعنية بالتعليم‪ ،‬سواء بصفة مباشرة‬
‫أو غير مباشرة‪ ،‬لذلك تم اتخاذ مجموعة من التدابير الرامية إلى النهوض بالتعليم في الوسط القروي‬
‫وتحسين المؤشرات ذات الصلة‪ .‬ومن بين هذه التدابير تلك المتعلقة بالنقل المدرسي لكونه آلية من‬
‫آليات الدعم االجتماعي التي تساهم في تقليص نسبة الهدر المدرسي‪.‬‬
‫وعلى صعيد آخر‪ ،‬شكلت األزمة الصحية "كوفيد‪ "19-‬فرصة مواتية الستجالء أهمية تطوير أنماط‬
‫التدريس على مستوى جميع األسالك‪ ،‬ليبرز بذلك نمط التدريس عن بعد كآلية يجب استثمارها وتوفير‬
‫مقومات نجاحها كي تساهم في االرتقاء بالمنظومة التربوية‪.‬‬
‫كما تكتسي بعض الجوانب األخرى ذات الصلة بالمنظومة التعليمية ببالدنا أهمية خاصة‪ ،‬ومن بينها‬
‫التعليم العتيق الذي‪ ،‬وإلى جانب دوره في تأمين تعليم ذي خصوصيات لفائدة فئات واسعة من‬
‫المتمدرسين‪ ،‬يساهم في الحفاظ على قيم الوسطية واالعتدال وعلى المرتكزات الدينية لألمة‪ ،‬فضال‬
‫عن التكوين المهني الذي يسعى إلى تكوين كفاءات ذات جودة عالية تستجيب لمتطلبات سوق الشغل‬
‫في شتى الميادين‪ ،‬ومن ضمنها المجال الفالحي‪.‬‬
‫واستحضارا لكل ما سبق‪ ،‬فقد أنجز المجلس األعلى للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات خالل‬
‫سنة ‪ 2021‬مجموعة من المهام الرقابية المتعلقة بقطاع التربية والتكوين والتعليم العالي‪ .‬وقد ركزت‬
‫هذه المهام على الجوانب التالية‪:‬‬
‫‪ -‬الموارد البشرية لقطاع التربية الوطنية؛‬
‫‪ -‬التكوين األساسي والتكوين المستمر ألطر هيئة التدريس؛‬
‫‪ -‬النقل المدرسي في الوسط القروي؛‬
‫‪ -‬التعليم المدرسي عن بعد؛‬
‫‪ -‬التعليم العالي عن بعد؛‬
‫‪ -‬منظومة التعليم العتيق؛‬
‫‪ -‬التكوين المهني الفالحي‪.‬‬

‫‪137‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫الموارد البشرية لقطاع التربية الوطنية‪:‬‬
‫الحاجة لضمان توزيع أكثر توازنا لألطر التربوية‬

‫مثل العاملون في قطاع التربية الوطنية خالل سنة ‪ ،2021‬حوالي ‪ %33‬من مجموع العاملين بالوظيفة‬
‫العمومية‪ ،‬حيث بلغ عددهم ‪ ،315.954‬منهم ‪ 213.954‬تابعين للوزارة بنسبة بلغت ‪%68‬‬
‫و‪ 102.000‬تم توظيفهم من طرف األكاديميات الجهوية للتربية والتكوين وهو ما يمثل ‪ %32‬من‬
‫العاملين في القطاع‪ .‬ويتكون العاملون بقطاع التربية الوطنية‪ ،‬باإلضافة إلى األطر المشتركة بين‬
‫مختلفة الوزارات‪ ،‬من خمس هيئات‪ ،‬تضم كل واحدة عدة أطر‪ .‬أما بالنسبة للميزانية المرصودة لهذا‬
‫القطاع خالل سنة ‪ ،2022‬فقد ناهزت ‪ 63‬مليار درهم‪ ،‬مثلت فيها نفقات الموظفين أكثر من ‪%71‬‬
‫أي مبلغ إجمالي ناهز ‪ 45‬مليار درهم‪.‬‬
‫وقد همت المهمة الرقابية التي أنجزها المجلس األعلى للحسابات بهذا الخصوص‪ ،‬توزيع هذه الموارد‬
‫البشرية واإلطار القانوني وكذا الجوانب المتعلقة بإعادة انتشار أطر هيئة التدريس وتقييم هذه الهيئة‪،‬‬
‫فضال عن البنيات التنظيمية ومنظومة المعلومات‪.‬‬
‫أوال‪ .‬توزيع متباين للموارد البشرية‬
‫بلغ عدد موظفي قطاع التربية الوطنية سنة ‪ ،2021‬ما يناهز ‪ 315.954‬موظفا‪ .‬ويشكل األساتذة‬
‫‪ % 90‬بما مجموعه ‪ 283.612‬مدرسا‪ ،‬من بينهم ‪ %54‬بالسلك االبتدائي و‪ %27‬بالثانوي اإلعدادي‬
‫و‪ %15‬بالسلك الثانوي التأهيلي‪ .‬باإلضافة إلى ‪ 31.837‬موظفا مكونا من أطر إدارية وأطر أخرى‪.‬‬
‫وقد عرف عدد األساتذة التابعين لوزارة التربية الوطنية انخفاضا بما مجموعه ‪ 44.630‬أستاذا ما‬
‫بين السنة الدراسية ‪ 2018-2017‬والسنة الدراسية ‪ ،2022-2021‬أي بنسبة ‪ .%16‬في حين عرف‬
‫عدد األساتذة أطر األكاديميات ارتفاعا ملحوظا‪ ،‬حيث انتقل عددهم من ‪ 35000‬أستاذا سنة ‪2017‬‬
‫إلى ‪ 100000‬سنة ‪ 2021‬أي بنسبة ارتفاع بلغت ‪.%185‬‬
‫أما بالنسبة لتوزيع عدد األساتذة حسب األكاديميات في الموسم الدراسي ‪ ،2021-2020‬فقد احتلت‬
‫جهة "الدار البيضاء سطات" الصدارة ب ‪ 41.009‬أستاذا‪ ،‬تتبعها جهة "مراكش ‪-‬اسفي"‬
‫ب ‪ 36485‬أستاذا ثم جهة "فاس‪-‬مكناس" ب ‪ 33.038‬أستاذا‪ ،‬ثم جهة "الرباط‪-‬سال‪-‬القنيطرة "‬
‫ب ‪ 29.399‬أستاذا‪.‬‬
‫أما بحسب أهمية التالميذ المسجلين‪ ،‬فتحتل أكاديمية جهة "الدار البيضاء‪-‬سطات" المرتبة األولى من‬
‫حيث عدد المسجلين بحوالي ‪ 1,13‬مليون تلميذا أي بنسبة ‪ %17,5‬من العدد اإلجمالي للتالميذ‬
‫المسجلين‪ ،‬وتليها "أكاديمية جهة مراكش أسفي" بحوالي ‪ 947.567‬تلميذا مسجال ثم أكاديمية جهة‬
‫"الرباط سال القنيطرة" ب ‪ 819.428‬تلميذا‪.‬‬
‫‪ ‬التأطير البيداغوجي للتالميذ‪ :‬تباين بين األسالك وبين الجهات‬
‫يعتبر مؤشر التأطير البيداغوجي للتالميذ (عدد التالميذ بالنسبة لكل أستاذ) أحد أهم المؤشرات‬
‫المستعملة لتقييم التوزيع المتوازن للموارد البشرية‪ ،‬وقد سجل تحسن في هذا المؤشر على الصعيد‬
‫الوطني‪ ،‬حيث انتقل من ‪ 28‬تلميذا لكل أستاذ برسم السنة الدراسية ‪ 2017-2016‬إلى ‪ 25‬تلميذا لكل‬
‫أستاذ برسم السنة الدراسية ‪ .2021-2020‬غير أن هذا المؤشر يعرف تباينا مهما بين األسالك‬
‫واألكاديميات والعماالت واألقاليم‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬فقد بلغ المعدل الوطني لهذا المؤشر ‪ 19‬تلميذا لكل أستاذ بالنسبة للسلك الثانوي التأهيلي برسم‬
‫السنة الدراسية ‪ ،2021-2020‬مع تسجيل أعلى مستوى على صعيد األكاديمية الجهوية لكلميم‪-‬واد‬
‫نون بنسبة ‪ 14‬تلميذا‪ ،‬مقابل ‪ 21‬تلميذا بالنسبة ألكاديمية الدار البيضاء‪-‬سطات وأكاديمية مراكش‪-‬‬
‫أسفي‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪138‬‬


‫أما بالنسبة للسلك الثانوي اإلعدادي‪ ،‬فقد وصل المعدل الوطني لعدد التالميذ لكل أستاذ ‪ 26‬تلميذا‪ ،‬مع‬
‫تسجيل أدنى مستوى على صعيد أكاديميتي الرباط‪-‬سال‪-‬القنيطرة ومراكش‪-‬آسفي بمعدل ‪ 28‬تلميذا‬
‫لكل أستاذ‪ ،‬مقابل ‪ 20‬تلميذا لكل أستاذ في جهة كلميم‪-‬واد نون‪.‬‬
‫وبالنسبة للتعليم االبتدائي‪ ،‬فقد بلغ متوسط عدد التالميذ بالنسبة لكل أستاذ ‪ 27‬تلميذا‪ ،‬غير أن هذا‬
‫المؤشر عرف تباينا مهما من أكاديمية جهوية ألخرى‪ ،‬حيث تم تسجيل معدل ‪ 20‬تلميذا لكل أستاذ‬
‫بجهة كلميم واد نون مقابل ‪ 32‬تلميذا لكل أستاذ على مستوى األكاديمية الجهوية الرباط سال القنيطرة‬
‫واألكاديمية الجهوية الدار البيضاء‪-‬سطات‪.‬‬
‫وعلى مستوى العماالت واألقاليم‪ ،‬فقد تم تسجيل معدل ‪ 13‬تلميذا لكل أستاذ بإقليم سيدي إفني‬
‫و‪ 39‬تلميذا لكل أستاذ على مستوى إقليم مديونة بالنسبة للسلك االبتدائي‪ .‬برسم الموسم ‪2021-2020‬‬
‫وبالنسبة للسلك الثانوي اإلعدادي‪ ،‬بلغت النسبة أستاذا واحدا لكل ‪ 32‬تلميذا بإقليم برشيد‪ ،‬وأستاذا لكل‬
‫‪ 10‬تالميذ بإقليم أوسرد خالل موسم ‪.2021-2020‬‬
‫وبالنسبة للسلك الثانوي التأهيلي‪ ،‬تتراوح نسبة التالميذ‪/‬األساتذة ما بين أستاذ لكل خمسة تالميذ بإقليم‬
‫أوسرد وأستاذ لكل ‪ 24‬تلميذا بإقليم سيدي بنور‪.‬‬
‫‪ ‬التأطير البيداغوجي لألساتذة‪ :‬تباين بين الجهات واألسالك‬
‫يعبر التأطير البيداغوجي لألساتذة عن المؤشر الذي يحدد عدد األساتذة الذين يؤطرهم كل مفتش‪ .‬وقد‬
‫بلغ المعدل الوطني للتأطير البيداغوجي لألساتذة نسبة ‪ 120‬أستاذا لكل مفتش‪ ،‬إال أن هذا المعدل‬
‫يختلف حسب الجهات واألقاليم واألسالك‪.‬‬
‫وهكذا فقد تم تسجيل مؤشرات مختلفة حسب األكاديميات‪ ،‬إذ بلغ هذا المؤشر‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬نسبة‬
‫مفتش واحد لكل ‪ 154‬أستاذا في أكاديمية مراكش أسفي‪ ،‬في حين تتوفر أكاديمية كلميم واد نون على‬
‫مفتش واحد لكل ‪ 25‬أستاذا‪ ،‬برسم الموسم الدراسي ‪.2021-2020‬‬
‫سجل أيضا على صعيد العماالت واألقاليم‪ .‬فعلى سبيل‬ ‫هذا التباين في معدل التأطير البيداغوجي ُ‬
‫المثال‪ ،‬يتوفر إقليم طرفاية على مفتش واحد لكل ‪ 24‬أستاذا‪ ،‬أما في إقليم إنزكان ‪-‬آيت ملول فتم‬
‫تسجيل مفتش واحد لكل ‪ 320‬أستاذا‪.‬‬
‫وفيما يخص نسبة التأطير التربوي لألساتذة حسب األسالك‪ ،‬فتجدر اإلشارة إلى أن سلك الثانوي‬
‫اإلعدادي قد سجل أدنى مستوى من حيث التأطير مقارنة مع األسالك األخرى‪ ،‬حيث يمثل مفتشو هذا‬
‫السلك نسبة ‪ %3‬فقط من إجمالي المفتشين‪ ،‬أي ‪ 75‬مفتشا من أصل ‪ ،2.357‬بينما يتوفر سلكا االبتدائي‬
‫والثانوي التأهيلي على نسبة ‪.%97‬‬
‫فعلى سبيل المثال‪ ،‬وبرسم الموسم الدراسي ‪ ،2021-2020‬بلغت نسبة التأطير البيداغوجي في سلك‬
‫الثانوي اإلعدادي مفتشا واحدا لكل ‪ 1.094‬أستاذا على مستوى أكاديمية جهة الشرق (أربعة مفتشين)‪،‬‬
‫فيما وصلت هذه النسبة بأكاديمية جهة الرباط‪-‬سال‪-‬القنيطرة إلى مفتش واحد لكل ‪ 584‬أستاذا‬
‫(‪13‬مفتشا)‪ ،‬أما بالنسبة ألكاديمية جهة بني مالل‪-‬خنيفرة (‪ 16‬إطارا) فقد بلغت نسبة التأطير مفتشا‬
‫واحدا لكل ‪ 305‬أستاذا‪ ،‬وعرفت أكاديمية جهة الدار البيضاء‪-‬سطات (‪ 47‬إطارا) تسجيل تأطير‬
‫بيداغوجي بلغ مفتشا واحدا لكل ‪ 222‬أستاذا‪ ،‬فيما بلغت هذه النسبة مفتشا واحدا لكل ‪ 148‬أستاذا على‬
‫مستوى أكاديمية جهة سوس ماسة (ثمانية أطر)‪.‬‬
‫‪ ‬اإلحالة على التقاعد عامل مؤثر في نسب التأطير‬
‫تتأثر نسب تأطير التالميذ ونسب التأطير البيداغوجي‪ ،‬من بين أمور أخرى‪ ،‬بانخفاض عدد األطر‪،‬‬
‫سواء تعلق األمر باألساتذة أو المفتشين خاصة من خالل اإلحالة على التقاعد‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬بلغ‬
‫إجمالي عدد األطر الذين غادروا القطاع خالل السنوات الست الماضية ‪ 72.468‬إطارا‪ ،‬من بينهم‬
‫حوالي ‪ %80‬من أعضاء هيئة التدريس‪ ،‬أي ‪ 57.422‬أستاذا‪ ،‬علما أن االحتياجات السنوية لهذه الهيئة‬
‫حسب الوزارة تقدر بما مجموعه ‪ 25.550‬أستاذا‪.‬‬

‫‪139‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫ويبلغ العدد اإلجمالي لحاالت اإلحالة على التقاعد المتوقعة للقطاع‪ ،‬خالل العشر سنوات المقبلة‪ ،‬ما‬
‫يعادل ‪ 81.140‬أستاذا‪ ،‬أي بمتوسط سنوي يقارب ‪ 9.015‬أستاذا‪.‬‬
‫ثانيا‪ .‬اإلطار القانوني لموظفي قطاع التربية الوطنية‬
‫يشتمل قطاع التربية الوطنية على فئتين من الموظفين‪:‬‬
‫‪ -‬الفئة األولى تتبع للوزارة مباشرة ويشار إليها بأطر الموظفين‪ .‬ويخضع هؤالء الموظفون‬
‫للنظام الخاص لموظفي وزارة التربية الوطنية‪ ،‬ويصنفون في خمس هيئات‪ ،‬تضم ما‬
‫مجموعه ‪ 17‬إطارا‪.‬‬
‫‪ -‬الفئة الثانية تابعة ألكاديميات التربية والتكوين‪ .‬ويخضع هؤالء الموظفون للنظام األساسي‬
‫ألطر األكاديميات الجهوية للتربية والتكوين‪.‬‬
‫‪ ‬وجود هيئتين مختلفتين لمهام متشابهة‬
‫يتوفر قطاع التربية الوطنية على هيئتين مختلفتين مكلفتين بمهام مماثلة‪ ،‬ذلك أن القانون رقم ‪07.00‬‬
‫بإحداث األكاديميات الجهوية للتربية والتكوين ينص في مادته العاشرة‪ ،‬على استمرار خضوع األطر‬
‫التابعة للوزارة في وضعية اإللحاق للنظام العام للوظيفة العمومية ولمقتضيات أنظمتهم الخاصة‪.‬‬
‫وبجانب هؤالء الموظفين‪ ،‬ومن أجل السماح لألكاديميات بالقيام بالمهام المنوطة بها‪ ،‬تتوفر هذه‬
‫األخيرة على موظفين تابعين لها يتم توظيفهم طبقا لنظام خاص يحدد بمرسوم‪ ،‬كما نصت على ذلك‬
‫المادة ‪ 11‬من القانون سالف الذكر‪ .‬غير أن هذا المرسوم لم تتم بعد المصادقة عليه‪.‬‬
‫‪ ‬األطر العاملة ضمن األكاديميات‪ ،‬وضع قانوني يجب إعادة تعريفه‬
‫نصت المادة ‪ 10‬من القانون رقم ‪ 07.00‬على أن يظل الموظفون واألعوان المنتمون إلى الهيئات‬
‫التعليمية واإلدارية والتقنية العاملون بمصالح ومؤسسات التربية والتكوين التابعة للقطاع العام في‬
‫الجهة خاضعين ألحكام النظام العام للوظيفة العمومية وكذا ألحكام أنظمتهم األساسية الخاصة‪.‬‬
‫وفي نفس الوقت‪ ،‬أعطى هذا القانون‪ ،‬من خالل المادة ‪ 8‬منه‪ ،‬كل الصالحيات لمديري األكاديميات‬
‫لتسيير شؤون األكاديمية‪ ،‬بما في ذلك الموارد البشرية حسب مقتضيات المرسوم رقم ‪2.00.1016‬‬
‫الصادر في ‪ 29‬يونيو ‪ .2001‬إال أن مديري األكاديميات ال يمارسون هذه الصالحيات إال من خالل‬
‫قرارات التفويض التي تحدد المسائل التي تم تفويضها بصفة حصرية‪ .‬ويجعل هذا اإلجراء من مديري‬
‫األكاديميات موظفين تابعين للوزارة‪ ،‬في حين ينص القانون رقم ‪ 07.00‬على أن األكاديمية مؤسسة‬
‫عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي‪.‬‬
‫كما نصت المادة ‪ 11‬من نفس القانون على أن الهيئات الخاصة باألكاديميات تتكون من أعوان تم‬
‫توظيفهم من لدن األكاديمية طبقا لنظام أساسي خاص يحدد بمرسوم وموظفين وأعوان في وضعية‬
‫إلحاق‪ .‬غير أن الوضعية الحالية للموارد البشرية باألكاديميات تظهر أن الموظفين التابعين للوزارة‬
‫المشتغلين باألكاديميات ليسوا في وضعية إلحاق كما تنص على ذلك هذه المادة وكما تنص على ذلك‬
‫أيضا المادة ‪ 38‬مكرر مرتين من القانون األساسي العام للوظيفة العمومية‪.‬‬
‫وعليه فإن هذه الفئة ال يمكن أن تتم إدارتها عن طريق أوامر تفويض اإلمضاء الممنوحة لمديري‬
‫األكاديميات‪ ،‬على اعتبار أن هذه الفئة تابعة لألكاديميات التي هي مؤسسات عمومية تتمتع بالشخصية‬
‫المعنوية‪.‬‬
‫‪ ‬عدم اجتياز أعضاء هيئة التدريس المتحان التأهيل المهني‬
‫ال تخضع فئة واسعة من األساتذة الذين تم توظيفهم من طرف األكاديميات‪ ،‬المتحان األهلية المهنية‬
‫الذي يخول لهم الحصول على شهادة الكفاءة المهنية ‪ ،CAP‬علما أن القرار المشترك رقم ‪7259‬‬
‫بتاريخ ‪ 7‬أكتوبر ‪ 2016‬اشترط نجاح هذه األطر في االمتحان المذكور لترسيمهم‪ .‬وقد حدد القرار‬
‫سالف الذكر فترة إجراء االمتحان في غضون السنة الثانية ابتداء من تاريخ التوظيف‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪140‬‬


‫فمن بين ‪ 83.422‬أستاذا تم توظيفهم‪ ،‬فقط ‪ 3.568‬منهم خضعوا المتحانات الكفاءة المهنية أي بنسبة‬
‫‪ %4,28‬من مجموع أساتذة األفواج الخمسة األولى والذين من المفروض خضوعهم لهذا االمتحان‪.‬‬
‫وعلى الرغم من ذلك‪ ،‬لم تعمل وزارة التربية الوطنية على تسوية وضعية هذه الفئة‪ ،‬علما أنها تمارس‬
‫فعليا مهنة التدريس وتشارك في الحركة االنتقالية نحو جميع المديريات اإلقليمية التي تخضع لنفس‬
‫األكاديمية‪.‬‬
‫ثالثا‪ .‬إعادة انتشار أطر هيئة التدريس‬
‫سجلت فوارق مهمة بين الحاجيات الحقيقية من األساتذة والحاجيات المعبر عنها والناتجة عن الخريطة‬
‫التربوية‪ .‬وهكذا‪ ،‬وعلى الرغم من المركزية التوظيف‪ ،‬فإن توزيع المدرسين على األكاديميات‬
‫والمديريات اإلقليمية ال زال يحدد على المستوى المركزي وفقا للجدول العام للموارد والحاجيات‬
‫(‪.)TGRB‬‬
‫‪ ‬التوظيف الالمركزي‪ :‬آلية قد ال تحقق األهداف التي اعتمدت ألجلها‬
‫لقد سمح اإلطار القانوني لألكاديميات بالتوظيف المباشر ألطرها‪ ،‬حيث أصبح المترشحون يضعون‬
‫طلبات التوظيف على مستوى المديرية اإلقليمية التي يرغبون في التوظيف في ترابها‪ .‬وقد كان الهدف‬
‫من هذه المسطرة المحافظة على االستمرارية البيداغوجية على مستوى المديريات اإلقليمية في كل‬
‫أكاديمية على حدة‪ ،‬إال أن تحليل نتائج الحركة االنتقالية أظهر أن عددا كبيرا من أطر األكاديميات‬
‫حصلوا على االنتقال من المديريات التي عينوا فيها وهو ما يعاكس الهدف األصلي لعملية التوظيف‬
‫على مستوى األكاديميات‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬فقد بلغ عدد األساتذة الذين تم نقلهم إلى مديرية إقليمية غير التي تم تعيينهم فيها ‪ 12.299‬أستاذا‬
‫من أصل ‪ 85.000‬استاذا تم تعيينهم حتى عام ‪.2020‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن عدد أطر األكاديميات لمؤسسات التعليم االبتدائي الذين تم نقلهم إلى مديرية‬
‫إقليمية غير تلك التي تم تعيينهم فيها‪ ،‬عرف نموا مضطردا خالل الفترة الزمنية ‪ ،2021-2019‬حيث‬
‫انتقل من ‪ 3.071‬أستاذا سنة ‪ 2019‬إلى ‪ 4.770‬أستاذا سنة ‪ ،2021‬بزيادة قدرها ‪.%55‬‬
‫‪ ‬الحركة االنتقالية‪ :‬عامل عدم االستقرار البيداغوجي‬
‫تمثل الحركة االنتقالية عامال من عوامل عدم االستقرار البيداغوجي داخل المؤسسات التعليمية‪.‬‬
‫وحسب المذكرة رقم ‪ ،15.56‬تعتبر أقدمية ثالث سنوات في التدريس شرطا ضروريا للمشاركة في‬
‫الحركة االنتقالية الوطنية‪ .‬وقد تم خفض هذه المدة إلى سنة واحدة بموجب المذكرات السنوية المتعلقة‬
‫بفتح الحركة االنتقالية لموظفي قطاع التربية الوطنية والتي تستمر إلى غاية آخر السنة الدراسية‪.‬‬
‫وقد نتج عن تخفيض عدد سنوات األقدمية‪ ،‬تزايد مهم في عدد طلبات انتقال أطر األكاديميات‪ ،‬حيث‬
‫انتقل عدد المشاركين في الحركة الوطنية من ‪ 33.734‬أستاذا سنة ‪ ،2017‬إلى ‪ 80.345‬استاذا سنة‬
‫‪ ،2021‬بنسبة زيادة ناهزت ‪ .%138‬كما عرف عدد األساتذة الذين استفادوا من االنتقال زيادة هامة‪،‬‬
‫حيث ارتفع عدد األساتذة المستفيدين من ‪ 20.547‬في سنة ‪ 2017‬إلى ‪ 35.668‬سنة ‪ ،2021‬أي‬
‫بزيادة قاربت ‪.%74‬‬
‫في هذا اإلطار‪ ،‬عرف عدد األساتذة أطر األكاديميات الذين استفادوا من الحركة االنتقالية ارتفاعا‬
‫مهما من سنة ألخرى ليرتفع من ‪ 14.063‬برسم سنة ‪ 2019‬إلى ‪ 20.329‬برسم سنة ‪ ،2021‬أي‬
‫بنسبة ارتفاع تقدر ب ‪ .%44‬وبلغت نسبة االستجابة لطلبات االنتقال أكثر من ‪ %52‬خالل سنوات‬
‫‪ 2019‬و‪ 2020‬و‪.2021‬‬
‫أما بالنسبة للعدد اإلجمالي لألساتذة أطر االكاديميات الذين استفادوا من الحركة االنتقالية برسم‬
‫السنوات ‪ 2019‬و‪ 2020‬و‪ 2021‬فهو ‪ 53.683‬أستاذا‪ ،‬وهو ما يعادل ‪ %63‬من مجموع أطر‬
‫األكاديميات البالغ عددهم ‪ 85.000‬إطارا‪ ،‬مما يساهم في خلق وضعية عدم استقرار بيداغوجي على‬
‫مستوى عدة مؤسسات تعرف نسبة انتقاالت مهمة‪ ،‬بحيث ال تتجاوز مدة اشتغالهم بها السنة الواحدة‪.‬‬

‫‪141‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫وتهم هذه الوضعية أساسا المناطق القروية وخصوصا المؤسسات المدرسية االبتدائية والتي مثل‬
‫أساتذتها أكثر من ‪ %64‬من مجموع األساتذة المنتقلين‪.‬‬
‫‪ ‬الغياب في قطاع التربية والتعليم‪ :‬مؤشرات في ارتفاع‬
‫يعتبر التغيب في قطاع التربية والتعليم من العوامل األساسية التي تؤثر سلبا وبشكل مباشر على الزمن‬
‫المدرسي للتالميذ‪ .‬وتختلف هذه الظاهرة حسب األكاديميات وحسب المجال (قروي‪/‬حضري) وكذلك‬
‫حسب األسالك‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد‪ ،‬تم تسجيل ارتفاع مهم في عدد الغيابات بالمجالين الحضري والقروي‪ ،‬من بينها‬
‫غيابات غير مبررة‪ ،‬حيث بلغ ‪ 207.463‬يوم غياب بالنسبة للسنة الدراسية ‪ 2021-2020‬مقابل‬
‫‪ 117.323‬يوم غياب بالنسبة للسنة الدراسية ‪ ،2017-2016‬أي بنسبة ارتفاع إجمالية ناهزت ‪.%77‬‬
‫مع اإلشارة إلى أن أعلى مستويات الغياب سجلت في السلك االبتدائي متبوعا بالسلك الثانوي اإلعدادي‬
‫ثم السلك الثانوي التأهيلي‪.‬‬
‫رابعا‪ .‬تقييم هيئة التدريس‬
‫يخضع أطر هيئة التدريس للتقييم على الصعيد البيداغوجي من طرف المفتشين وعلى الصعيد اإلداري‬
‫من طرف مديري المؤسسات التعليمية‪ .‬إال أن منظومة التقييم ال تستند على المردودية كمعيار للتقييم‪.‬‬
‫‪ ‬منظومة تقييم ال تستند على المردودية‬
‫شكل تقييم موظفي قطاع التربية الوطنية‪ ،‬وخاصة أطر هيئة التدريس‪ ،‬محورا مركزيا في كل‬
‫اإلصالحات التي عرفها هذا القطاع نظرا ألهميته البالغة في التحسين المستمر للجودة وفي تحقيق‬
‫نجاعة وعدالة المنظومة التربوية‪.‬‬
‫غير أن نظام التقييم المعتمد حاليا من طرف وزارة التربية الوطنية يعتمد باألساس على األقدمية في‬
‫ترقية األساتذة في غياب تقييم للمردودية وفي ظل عدم وضع وتطبيق منظومة تقييم للموظفين تنبني‬
‫على النتائج المحققة‪ .‬فالمعايير التي يتم االستناد عليها في بطاقة التنقيط (المردودية واالنضباط‬
‫والبحث والتجديد) تبقى غير واضحة بالشكل الكافي وصعبة التطبيق في غياب نظام يسمح بالتتبع‬
‫الفردي لكل إطار‪.‬‬
‫وعلى سبيل المثال‪ ،‬فإن االستفادة من الترقية في الدرجة تتم أحيانا دون األخذ بعين االعتبار الكفاءة‬
‫واالستحقاق ودون الرجوع‪ ،‬في عدة حاالت‪ ،‬للملف الشخصي للمترشح‪ ،‬من أجل التأكد من وضعيته‬
‫اإلدارية (سلوكيات ماسة باالنضباط و‪/‬أو غيابات غير مبررة)‪ .‬وكمثال على ذلك‪ ،‬أظهرت قائمة‬
‫تضم ‪ 202‬مرشحا للترقية باالختيار‪ ،‬لسنة ‪ 2019‬بأكاديمية جهة الدار البيضاء‪-‬سطات‪ ،‬أن من بين‬
‫هؤالء‪ ،‬عشرون مرشحا تم استبعادهم مؤقتا لفترات متفاوتة‪ ،‬بما في ذلك مرشح واحد تمت قهقرته‬
‫من رتبته إلى رتبة أدنى‪ .‬كما أن المرشحين المتبقين البالغ عددهم ‪ 181‬مرشحا كانوا جميعا في حالة‬
‫غياب غير مبرر لفترات تتراوح من خمسة إلى ‪ 11‬يوما‪ .‬وقد بلغ متوسط النقط التي حصل عليها‬
‫المرشحون البالغ عددهم ‪ 202‬مرشحا ‪.19/20‬‬
‫وتعتبر وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة أن هذه الحاالت‪ ،‬التي ال تستجيب للمذكرات الوزارية‬
‫المتعلقة بالترقية باالختيار‪ ،‬تظل معزولة‪ ،‬مقارنة باألعداد التي تتم ترقيتها‪ ،‬وال تمس‪ ،‬بشكل عام‪ ،‬بمصداقية‬
‫مسطرة الترقي‪.‬‬
‫‪ ‬التقييم البيداغوجي من طرف المفتشين التربويين‪ :‬مؤشرات في تراجع‬
‫حددت لهيئة اإلشراف والرقابة التربوية مجموعة من المهام والصالحيات بموجب المرسوم رقم‬
‫‪ 2.02.854‬المؤرخ ‪ 10‬فبراير ‪ 2003‬المتعلق بالنظام األساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية‬
‫والدوريات رقم ‪( 113‬تنظيم العمل المشترك بين المفتشين) ورقم ‪( 114‬مفتشي المدارس االبتدائية)‪.‬‬
‫ورقم ‪( 115‬مفتشي الثانوي) بتاريخ ‪.2004/9/21‬‬
‫وقد عرفت نسبة التأطير البيداغوجي لألساتذة من طرف المفتشين تراجعا مستمرا خالل السنوات‬
‫األخيرة‪ ،‬بسبب تراجع أعداد المفتشين والزيادة المهمة في أعداد األساتذة منذ سنة ‪ ،2016‬باإلضافة‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪142‬‬


‫إلى تعدد وتنويع المهام المسندة لهؤالء المفتشين‪ ،‬مع هيمنة المهام ذات الطبيعة اإلدارية على الجانب‬
‫التربوي‪.‬‬
‫وقد ساهم إغالق مركز التدريب الوطني لمفتشي التعليم (‪ )CNFIE‬بين عامي ‪ 1999‬و‪ ،2009‬في‬
‫النقص التدريجي في أعداد المفتشين وتراجع نسبة التأطير البيداغوجي‪ ،‬مقارنة مع ارتفاع وتيرة‬
‫توظيف أطر هيئة التدريس‪.‬‬
‫وتبقى اآلليات التي تم وضعها من أجل مراقبة وتقييم األساتذة غير مالئمة‪ .‬ذلك أن زيارات المفتشين‬
‫لألساتذة محدودة ومتباعدة زمنيا‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬ال يمكن أن تشكل قاعدة متينة للتقييم‪ .‬وفي هذا اإلطار‪،‬‬
‫تم تسجيل مجموعة من المالحظات‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ -‬عدم استغالل تقارير التفتيش الفردية من قبل مختلف األطراف المعنية؛‬
‫‪ -‬تقييم عمل األستاذ من منظور تدبيري للموظفين وليس بهدف تحسين ممارسات التدريس‪.‬‬
‫إن تقييم األساتذة من طرف هيئة التفتيش التربوي‪ ،‬عرف معدالت متباينة من أكاديمية إلى أخرى‪،‬‬
‫فعلى سبيل المثال‪ ،‬خالل السنة الدراسية ‪ 2021-2020‬تم على مستوى أكاديمية الرباط‪-‬سال‪-‬القنيطرة‬
‫تحقيق ‪ 7.221‬عملية تقييم ألساتذة التعليم العمومي‪ ،‬أي نسبة ‪ 31‬تقييم لكل مفتش (عددهم ‪.)231‬‬
‫وبالنسبة ألكاديمية سوس ماسة‪ ،‬فقد أجريت‪ 7.427‬عملية تقييم‪ ،‬بنسبة ‪ 40‬عملية لكل مفتش (عددهم‬
‫‪ .)186‬أما النسبة األعلى التي تم إنجازها خالل نفس السنة‪ ،‬فسجلت على مستوى أكاديمية مراكش‪-‬‬
‫آسفي‪ ،‬حيت أجريت ‪ 43.545‬عملية تقييم‪ ،‬بنسبة ‪ 184‬عملية لكل مفتش (عددهم ‪.)237‬‬
‫‪ ‬التقييم اإلداري من طرف مديري المؤسسات التعليمية‪ :‬دور مهم وموارد محدودة‬
‫تستند صالحيات مدير المؤسسة التعليمية إلى المادة ‪ 11‬من المرسوم رقم ‪ 2.02.376‬الصادر في‬
‫‪ 2002/7/17‬المتعلق بالنظام العام لمؤسسات التعليم العمومي‪ ،‬ويقتصر دورهم في تقييم األساتذة‪،‬‬
‫على تقديم مالحظات حول سلوكهم خارج الفصل الدراسي من حيث الحضور والمشاركة واالندماج‬
‫في المؤسسة‪.‬‬
‫وبحكم حضوره اليومي وقربه من األساتذة‪ ،‬يلعب مدير المؤسسة التعليمية‪ ،‬دورا مهما في التأطير‬
‫وعلى الخصوص في عملية التقييم اإلداري لألستاذ‪.‬‬
‫وعادة ما يتم تأكيد النقطة التي يمنحها مدير المؤسسة من قبل المدير اإلقليمي‪ .‬وهذا المعطى تمت‬
‫مالحظته‪ ،‬بصفة عامة‪ ،‬من خالل عينة من استمارات التقييم من أجل الترقية‪.‬‬
‫ويواجه المديرون في ممارسة مهامهم مجموعة من اإلكراهات‪ ،‬المرتبطة أساسا بنقص في الموارد‬
‫البشرية (هيئة الدعم اإلداري والتربوي واالجتماعي)‪ ،‬وتخصيص حيز مهم للمهام اإلدارية (تسليم‬
‫الشهادات المدرسية مثال) وللعالقات مع األطراف األخرى المتدخلة في المنظومة التعليمية‬
‫(المديريات اإلقليمية‪ ،‬أولياء أمور التالميذ‪ ،‬الشركاء الخارجيون‪ ،)...‬فضال عن اإلكراهات المرتبطة‬
‫بالوسائل المادية الموضوعة رهن تصرفهم (المعدات والصيانة والمواد البيداغوجية)‪ ،‬والتي غالبا ما‬
‫تكون محدودة بالنظر لحاجيات المؤسسة‪.‬‬
‫ورغم كل هذه اإلكراهات‪ ،‬فإن الممارسات التدبيرية المثلى لمديري بعض المؤسسات التعليمية‪ ،‬كان‬
‫لها وقع إيجابي على مناخ المؤسسة‪ ،‬وبالتالي الرفع من وتيرة األداء ومردوديتها الداخلية‪ .‬ومن ثم‪،‬‬
‫فإن منح مديري المؤسسات التربوية مزيدا من الدعم اإلداري‪ ،‬من خالل مدهم بأطر إدارية إضافية‪،‬‬
‫من شأنه أن يساهم في تعزيز دورهم المرتبط بأنشطة اإلدارة التعليمية‪ ،‬مثل تقييم األساتذة ودعمهم‬
‫وإعداد استراتيجيات التكوين‪.‬‬
‫خامسا‪ .‬البنيات التنظيمية ومنظومة المعلومات‬
‫تواجه البنيات التنظيمية والمعلوماتية إلدارة الموارد البشرية عدة إكراهات تؤثر سلبا على مردودية‬
‫ونجاعة هذه الموارد‪ .‬فباإلضافة إلى تعدد المتدخلين في تدبير الموارد البشرية ومركزية القرارات‪،‬‬

‫‪143‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫ال يتوفر القطاع الوصي على نظام معلوماتي مندمج قادر على توفير معلومات موثوقة وشاملة وفي‬
‫الوقت المالئم‪.‬‬
‫‪ ‬تعدد المتدخلين في المنظومة اإلدارية‬
‫تتسم منظومة تدبير الموارد البشرية على مستوى وزارة التربية الوطنية بتعدد المتدخلين سواء على‬
‫الصعيد المركزي (مختلف المديريات واألقسام) أو على الصعيد الجهوي (األكاديميات) وعلى الصعيد‬
‫المحلي (المديريات اإلقليمية والمؤسسات التعليمية)‪ ،‬مما يؤثر على مسلسل تبني السياسات‬
‫واالستراتيجيات وتنزيلها على أرض الواقع‪ ،‬وكذا على التدبير اليومي خاصة من طرف مديري‬
‫المؤسسات التعليمية‪.‬‬
‫فعلى سبيل المثال‪ ،‬وبالرغم من التقدم الذي تم إحرازه على صعيد تفويض سلطات أوسع لفائدة‬
‫األ كاديميات‪ ،‬فإن القرارات االستراتيجية لتدبير الموارد البشرية (قرار التوظيف والحركة االنتقالية‬
‫والتحفيز) ال زالت تتخذ على المستوى المركزي‪ ،‬مما يحد من استقاللية األكاديميات‪.‬‬
‫كما أن المؤسسات التعليمية‪ ،‬التي تلعب دورا مهما في إدارة الموارد البشرية عالقة باألداء وجودة‬
‫المدرسة‪ ،‬تعرف نقصا في الموارد البشرية وخاصة الحراس العامون ومعدو المختبرات والمساعدون‬
‫اإلداريون‪ ،‬والمراقبون‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬الحظ المجلس أن بعض المدارس االبتدائية تتم إدارتها من طرف المدير لوحده‪،‬‬
‫بغض النظر عن عدد التالميذ واألساتذة‪.‬‬
‫‪ ‬اختالف المعطيات بين قاعدة بيانات الوزارة واألكاديميات‬
‫يعكس اختالف المعلومات الصادرة عن الوزارة وتلك التي تتوفر عليها األكاديميات النقائص التي‬
‫تعتري منظومة المعلومات لقطاع التربية الوطنية‪ ،‬فضال عن عدم قدرتها على تقديم كل المعلومات‪،‬‬
‫وبالتفصيل‪ ،‬حول المنظومة التعليمية وطنيا وجهويا ومحليا‪ ،‬وربط المعلومات فيما بينها‪ ،‬كتلك‬
‫المرتبطة بالموارد البشرية والمؤسسات التعليمية ونتائج التالميذ‪.‬‬
‫وقد سجل هذا االختالف‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬على مستوى عدد األساتذة‪ ،‬حيث تم تسجيل وجود فرق‬
‫بين معطيات قاعدة بيانات الوزارة وتلك المستقاة مباشرة من األكاديميات‪ ،‬يتراوح ما بين‬
‫‪ 15.213‬أستاذا خالل سنة ‪ 2020-2019‬و‪ 15.028‬خالل سنة ‪ .2021-2020‬وقد سجل هذا التباين‬
‫على مستوى كل األكاديميات بدون استثناء‪ ،‬إال أنه عرف مستويات أكبر في البعض منها‪ ،‬خاصة‬
‫أكاديمية مراكش ‪-‬آسفي التي وصل فيها إلى ‪ 7.509‬أستاذا وأكاديمية طنجة‪-‬تطوان التي وصل فيها‬
‫الفرق إلى ‪ 4.642‬أستاذا‪ .‬وسجل هذا التباين في األرقام أيضا على مستوى عدد التالميذ‪ ،‬حيث بلغ‬
‫الفرق على الصعيد الوطني خالل سنتي ‪ 2020-2019‬و‪ 2021-2020‬على التوالي ‪20.561‬‬
‫و‪ 26.095.‬تلميذا‪ .‬وقد بلغت هذه الفوارق‪ ،‬على سبيل المثال خالل سنتي ‪2020-2019‬‬
‫و‪ ،2021-2020‬في أكاديميتي سوس‪-‬ماسة وفاس مكناس على التوالي ‪ 69.896‬و‪ 43.146‬تلميذا‬
‫و‪ 54.684‬و‪ 75.777‬تلميذا‪.‬‬
‫وتعزو وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة االختالف الملحوظ فيما يتعلق بأعداد المدرسين‬
‫والتالميذ إلى االختالف في التواريخ المرجعية أوفي البيانات المستخلصة من قواعد إحصائية ومن قواعد إنتاج‬
‫المعطيات‪.‬‬
‫كما سجلت فوارق مهمة في البيانات اإلحصائية الخاصة بالغياب غير المبرر‪ ،‬الممسوكة على مستوى‬
‫كل من األكاديميات وإدارة الموارد البشرية‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬خالل سنة ‪ ،2020‬تم تسجيل‬
‫‪ 174.322‬يوم غياب لدى أكاديمية طنجة‪-‬تطوان‪-‬الحسيمة‪ ،‬في حين‪ ،‬وخالل نفس السنة‪ ،‬تم تسجيل‬
‫فقط ‪ 9.475‬يوم غياب لدى مديرية الموارد البشرية‪ ،‬أي بفارق ‪ 137.847‬يوم‪ .‬أما بالنسبة ألكاديمية‬
‫الدار البيضاء‪-‬سطات‪ ،‬فإن عدد أيام الغياب لدى األكاديمية هو ‪ 180.649‬يوما‪ ،‬في حين تشير‬
‫معطيات مديرية الموارد البشرية إلى ‪ 8.842‬يوم غياب فقط‪ ،‬أي بفارق ‪ 171.807‬يوم‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪144‬‬


‫وقد بررت وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة هذه الفوارق بمجموعة من األسباب‪ ،‬ومن ضمنها‪:‬‬
‫عدم التقيد بالتوجيهات المتعلقة بمسك المعطيات الخاصة بحاالت الغياب غير المبرر على نظام ‪،MASIRH‬‬
‫واستخدام تطبيقات معلوماتية تم تطويرها منذ سنة ‪ 2004‬والتي لم يعد ينبغي استخدامها منذ الشروع في‬
‫استعمال نظام ‪ ،MASIRH‬وعدم مسك جميع اإلجراءات اإلدارية المتعلقة بمسطرة االقتطاع بسبب التغيب‬
‫غير المبرر‪ ،‬والتي تشكل القاعدة األساس التي يتم االستناد إليها في وضع إحصاءات التغيب غير المبرر‪.‬‬
‫‪ ‬غياب منظومة معلومات مندمجة‬
‫ال تتوفر الوزارة على منظومة معلوماتية مندمجة تشمل كافة مهامها وكل المتدخلين‪ ،‬رغم توفرها‬
‫على بعض المنصات والبرامج المعلوماتية لتدبير الموارد البشرية والمسار التربوي للتالميذ‪ ،‬وهو‬
‫ما ال ينسجم مع مقتضيات المادة ‪ 42‬من القانون اإلطار رقم ‪ 51.17‬المتعلق بمنظومة التربية والتكوين‬
‫والبحث العلمي‪ ،‬والتي تنص على ضرورة أن تعمل السلطات الحكومية المختصة بشراكة مع‬
‫المؤسسات المعنية على وضع نظام وطني متكامل للمعلومات‪ ،‬من أجل إدماج تكنولوجيا المعلومات‬
‫واالتصاالت في تدبير وتقييم مختلف مكونات منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي‪ ،‬والسهر على‬
‫تأمينه وتطويره وتحيينه بكيفية دائمة ومستمرة‪....‬‬
‫ومن شأن وضع هذه المنظومة كأداة التخاذ القرارات االستراتيجية والعملياتية والتدبيرية‪ ،‬أن يساعد‬
‫قطاع التربية الوطنية على تحقيق نجاعة أفضل بخصوص إنجاز األهداف واقتصاد الوسائل‬
‫المستعملة‪.‬‬
‫أفادت الوزارة أنها بذلت مجهودات لتطوير نظام المعلومات ومن ضمنها االندماج في المعطيات من خالل‬
‫اعتماد مرجعيات موحدة تُستخدم من قبل غالبية التطبيقات والحلول المعلوماتية‪ ،‬واالندماج على مستوى‬
‫حسابات المستخدمين‪ ،‬وإحداث واجهات خاصة حسب المستخدمين الرئيسيين‪.‬‬
‫تأسيسا على ما سبق‪ ،‬ومن أجل تجاوز النقائص المسجلة‪ ،‬يوصي المجلس الوزارة المكلفة بقطاع‬
‫التربية الوطنية بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬إرساء أسس لضمان توزيع متوازن وأمثل لألساتذة ما بين األكاديميات والمديريات‬
‫اإلقليمية والمدارس؛‬
‫‪ -‬إعادة النظر في المنظومة المؤطرة للحركة االنتقالية بشكل يساهم في الحفاظ على‬
‫االستقرار البيداغوجي للمؤسسات التعليمية؛‬
‫‪ -‬إعطاء استقاللية أكبر لألكاديميات بشأن تدبير الموارد البشرية‪ ،‬من خالل تفويض‬
‫بعض المهام المتعلقة بالتوظيف والتعيين في إطار عقود برامج تبين بوضوح الجدولة‬
‫الزمنية والنتائج المنتظرة وآليات التتبع والتقييم؛‬
‫‪ -‬تفويض بعض االختصاصات لمديري المؤسسات التعليمية في إطار عالقة تعاقدية‬
‫وتدبير يهدف إلى تحقيق النتائج والنجاعة التربوية والتدبيرية؛‬
‫‪ -‬مراجعة آليات التقييم سواء التربوي أو اإلداري بهدف تجويد التعليم؛‬
‫‪ -‬تسريع عملية وضع منظومة معلوماتية مندمجة من أجل الحصول على معلومات‬
‫موثوقة‪ ،‬شاملة تسمح باتخاذ قرارات مالئمة في الوقت المناسب‪.‬‬

‫‪145‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫التكوين األساس والتكوين المستمر ألطر هيئة التدريس‪:‬‬
‫مسار تكويني بحاجة للتجويد‬

‫تعتبر أطر هيئة التدريس الركيزة األساسية للنهوض بالمنظومة التربوية وتطوير مردوديتها‪ .‬كما‬
‫تعتبر مهنة التدريس مهنة قائمة بذاتها تستوجب من مزاولها التوفر على تكوين أساس يضمن اكتسابه‬
‫تأهيال تربويا ومهنيا‪ ،‬وعلى تكوين مستمر من أجل الرفع من قدراته وتحيين مداركه‪ .‬وقد ركزت‬
‫المحطات اإلصالحية التي عرفتها المنظومة التربوية‪ ،‬منذ الميثاق الوطني إلى غاية اعتماد القانون‬
‫اإلطار‪ ،‬على أهمية التكوين‪ ،‬وسعت إلى تحسين جودته من خالل جعله إلزاميا قبل ولوج المهنة‪،‬‬
‫وكذلك بعد تولي مهمة التدريس عن طريق اعتماد تكوين مستمر مدى الحياة المهنية وإدراجه ضمن‬
‫عناصر تقييم األداء والترقي المهني‪.‬‬
‫ورغم ما حظي به التكوين من اهتمام‪ ،‬من خالل اإلصالحات التي شملته‪ ،‬والمجهودات المبذولة من‬
‫أجل تطويره‪ ،‬فإن تنظيم التكوين األساس تعتريه عدة نقائص ال تسمح بتقديم تأهيل تربوي ومهني‬
‫كاف وقادر على جعل األساتذة المتدربين يكتسبون جميع الكفايات الالزمة قبل تولي مهمة التدريس‪.‬‬
‫و األمر نفسه يتعلق بالتكوين المستمر الذي يعرف مجموعة من النقائص تحول دون مساهمته الفعالة‬
‫في تطوير القدرات المهنية لهيئة التدريس‪.‬‬
‫ومن أجل تشخيص واقع التكوين وكيفية تنظيمه وأثره على النتائج المحققة‪ ،‬أنجز المجلس األعلى‬
‫للحسابات مهمة رقابية من أجل تقييم منظومة التكوين األساس والتكوين المستمر ألطر هيئة التدريس‬
‫المعتمدة من طرف قطاع التربية الوطنية‪ ،‬وذلك خالل الفترة الممتدة من ‪ 2016‬إلى ‪.2021‬‬
‫أوال‪ .‬حكامة التكوين‬
‫يتدخل في عملية تكوين أطر هيئة التدريس كل من الوزارة واألكاديميات الجهوية والمراكز الجهوية‬
‫لمهن التربية والتكوين‪ .‬وتشوب حكامة التكوين على المستوى الجهوي عدة نقائص تتجلى فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين‪ :‬وضعية في حاجة للتوضيح‬
‫تعاني المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين من وضعية إدارية وتنظيمية وتدبيرية غير واضحة‬
‫من حيث التبعية إلى األكاديميات أو الوزارة الوصية‪ .‬وجدير بالذكر أن عدم توضيح المرسوم رقم‬
‫‪ ،2.11.672‬المحدث للمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين‪ ،‬للوضعية القانونية والتنظيمية لهذه‬
‫المراكز أثر سلبا على إرساء حكامة جيدة لمنظومة التكوين‪.‬‬
‫وفي معرض جوابها‪ ،‬أوضحت وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة أن أحكام القانون رقم ‪،07.00‬‬
‫القاضي بإحداث األكاديميات الجهوية للتربية والتكوين‪ ،‬هي التي يجب أن تعتمد أوال في تأطير عالقة المراكز‬
‫الجهوية باألكاديميات الجهوية‪ .‬كما أشارت أن المجلس األعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي أدلى برأيه‬
‫بخصوص مشروع القانون التعديلي للقانون سالف الذكر‪ ،‬حيث اقترح فيه ضرورة الربط الواضح بين المراكز‬
‫الجهوية واألكاديميات الجهوية‪ ،‬لما سيحققه من نجاعة في تدبير التكوين األساس والمهني‪ ،‬وبناء تصور واضح‬
‫ومندمج ألدوار ومسؤوليات هذه المكونات على الصعيد الجهوي‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة تعزيز التنسيق بين المراكز واألكاديميات الجهوية للتربية والتكوين‬
‫نص المرسوم رقم ‪ 2.11.672‬على أنه يجب تحديد آليات التنسيق بين المراكز الجهوية لمهن التربية‬
‫والتكوين واألكاديميات الجهوية بقرار للسلطة الحكومية المكلفة بالتعليم المدرسي‪ ،‬إال أنه لم يتم تحديد‬
‫هذه اآلليات وظل هذا التنسيق بين الطرفين محدودا‪ ،‬مما ينعكس سلبا على ضبط وتنظيم عملية‬
‫التداريب الميدانية‪ ،‬خالل السنة التكوينية األولى‪ ،‬إضافة إلى صعوبات مسجلة على مستوى تتبع‬
‫األساتذة المكونين للمتدربين في وضعية تحمل كلي للقسم‪ ،‬خالل السنة التكوينية الثانية‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪146‬‬


‫‪ ‬الحاجة إلى تعزيز الموارد البشرية بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين‬
‫ال زالت المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين‪ ،‬منذ إحداثها سنة ‪ ،2012‬في طور إرساء هياكلها‬
‫اإلدارية‪ ،‬حيث يعاني البعض منها من قلة األطر المكلفة باإلدارة والتسيير‪ ،‬مما يشكل إكراها أمام‬
‫تنفيذ المهام المنوطة بها‪ ،‬سواء تعلق األمر بالتكوين األساس أو التكوين المستمر‪ ،‬وخاصة فيما يتعلق‬
‫بالتتبع واإلشراف‪.‬‬
‫في جوابها‪ ،‬أفادت الوزارة الوصية أنه تم خالل السنة الجارية فتح باب الترشيح النتقاء أطر وموظفين وتقنيين‬
‫إداريين للعمل بإدارة المراكز الجهوية وكذلك أساتذة التعليم العالي حسب الحاجيات التي تم رصدها‬
‫(‪ 306‬منصبا) باألكاديميات الجهوية للتربية والتكوين باستثناء جهة درعة تافياللت على أن تتم مواصلة الجهود‬
‫من أجل سد الخصاص‪ ،‬بشكل تدريجي‪ ،‬في الموارد البشرية‪.‬‬
‫وفيما يتعلق بتكوين المتدربين بالمراكز‪ ،‬فيتم االعتماد على المكونين واالستعانة أيضا باألساتذة‬
‫الزائرين من أجل سد الخصاص في عدد المكونين‪ ،‬في ظل ضعف تجانس المواد المدرسة مع‬
‫تخصص المكونين ببعض المراكز‪ ،‬مما قد ال يسمح بتقديم تكوين ذي جودة كافية يضمن للمتدربين‬
‫اكتساب الكفايات والمهارات الضرورية التي تتطلبها مهنة التدريس‪.‬‬
‫وقد أشارت الوزارة الوصية في جوابها إلى أن مشروع مقرر وزاري في شأن تحديد شروط ومعايير انتقاء‬
‫الموظفين الذين يعهد لهم القيام بمهام التدريس بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين قد تم إعداده‪.‬‬
‫‪ ‬تجهيزات ووسائل لوجستيكية وديداكتيكية غير كافية بالمراكز الجهوية‬
‫تعتبر التجهيزات والوسائل اللوجستيكية والديداكتيكية ضرورية لتأمين التكوين وضمان استمراريته‬
‫في ظروف جيدة‪ ،‬حيث تساهم كل واحدة من هذه العناصر‪ ،‬بشكل متكامل‪ ،‬في قيام المراكز الجهوية‬
‫بدورها التكويني على أحسن وجه‪ .‬وقد تبين أن هذه المراكز ال تتوفر على التجهيزات والوسائل‬
‫اللوجستيكية والديداكتي كية الكافية رغم أنها تعتبر ضرورية لتيسير وتجويد التكوين ومواكبة مختلف‬
‫مراحله‪ ،‬في ظل تطور الوسائل المستعملة في هذا المجال‪.‬‬
‫ثانيا‪ .‬التكوين األساس‬
‫عرف التكوين األساس ألطر هيئة التدريس مجموعة من النقائص‪ ،‬على مستوى التنظيم والتنفيذ‪،‬‬
‫تتجلى أهمها فيما يلي‪.‬‬
‫‪ ‬تنزيل محدود لألولويات االستراتيجية المتعلقة بالتكوين األساس‬
‫جاءت الرؤية االستراتيجية بمجموعة من اإلجراءات الرامية إلى النهوض بمهنة التدريس‪ ،‬وذلك من‬
‫خالل مجموعة من األهداف واإلجراءات المعتمدة لتنفيذها‪ .‬وفي هذا الخصوص‪ ،‬لم تقم‪ ،‬وإلى حدود‬
‫نهاية شهر فبراير ‪ ،2022‬المراكز الجهوية بإحداث شعب لتكوين أساتذة التعليم األولي‪ ،‬كما لم تقم‬
‫بتكوين مدرسين متمكنين من التربية الدامجة‪.‬‬
‫أوضحت الوزارة في جوابها‪ ،‬أنه لم يتم تفعيل مسلك التعليم األولي لصعوبة إضافة هذه المهمة ألساتذة التعليم‬
‫االبتدائي‪ ،‬كما تعذر تكوين المربيات بالمراكز‪ .‬وأشارت إلى أنه قد تم إعداد مجزوءة التربية الدامجة واعتمادها‬
‫بالنسبة لسلك تكوين أطر اإلدارة التربوية وسلك تكوين أطر الدعم التربوي‪.‬‬
‫وفيما يتعلق بالتخصصات اللغوية والمعرفية والبيداغوجية‪ ،‬فإن المكونين المشرفين على مجاالت‬
‫التكوين بهذه المراكز‪ ،‬ال يخضعون لتكوين أساس قبل ولوج المهنة بالمراكز الجهوية‪.‬‬
‫أما فيما يخص إدماج تكنولوجيا اإلعالم واالتصال والثقافة الرقمية‪ ،‬فإن أشغال إعداد مجزوءة‬
‫ومساقات تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت إلى غاية أواخر ‪ ،2021‬في إطار المشروع رقم ‪ ،9‬لم‬
‫تحقق تقدما كبيرا حيث بلغت نسبة إنجازها على التوالي ‪ % 45‬و‪.%5‬‬
‫‪ ‬اعتماد مدة للتكوين مغايرة لتلك المحددة في الرؤية االستراتيجية‬
‫على الرغم من كون التدبير ذي األولوية رقم ‪ 16‬الذي جاءت به المذكرة اإلطار رقم ‪ 099/15‬بتاريخ‬
‫‪ 12‬أكتوبر ‪ ،2015‬في شأن التنزيل األولي للرؤية االستراتيجية‪ ،‬قد نص على تفعيل التكوين األساس‬
‫على مدى ‪ 3‬سنوات كاملة وبمضامين ذات جودة والذي كان من المتوقع أن يتم أجرأته انطالقا من‬

‫‪147‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫الموسم الدراسي ‪ ،2016-2015‬فإن مدة التكوين‪ ،‬طيلة الفترة الممتدة من ‪ 2012‬إلى ‪ ،2021‬ظلت‬
‫بعيدة عن المدة المعتمدة بالمذكرة اإلطار وعرفت تغييرات متتالية‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬حددت هذه المدة في سنة واحدة ما بين ‪ 2012‬و‪ ،2016‬ليتم تخفيضها إلى أقل‪ 9‬من سنة ما‬
‫بين ‪ 2016‬و‪ 2017‬رغم صدور القرارات رقم ‪ 16/1873‬و‪ 16/1874‬و‪ ،16/1875‬بتاريخ‬
‫‪ 12‬ماي ‪ ، 2016‬والتي حددت مدة التكوين في سنة واحدة‪ ،‬ليتم رفعها بعد ذلك إلى سنتين ابتداء من‬
‫فوج دورة دجنبر ‪.2018‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى تجويد برنامج التكوين‬
‫تم الوقوف على مجموعة من المالحظات تتعلق ببرنامج التكوين‪ ،‬على المستويات التالية‪:‬‬
‫• من حيث توازن البرنامج التكويني‬
‫تميز هذا األخير بعدم التوازن من حيث الحيز الزمني المخصص للتكوين النظري والتطبيقي خالل‬
‫السنة التكوينية األولى‪ ،‬حيث تبين أن الحيز الزمني المخصص للتكوين التطبيقي ضيق جدا‪ ،‬مقارنة‬
‫مع التكوين النظري‪ ،‬بحيث اتجه الحيز الزمني المخصص له نحو التقليص من فوج آلخر‪ ،‬وأصبحت‬
‫مدته ال تتجاوز ‪ %20‬من المدة اإلجمالية للتكوين بعدما كانت في حدود ‪ ،%60‬الشيء الذي ال يضمن‬
‫التوازن بين هذين التكوينين‪.‬‬
‫كما أن االنطالق المتأخر للموسم التكويني‪ ،‬عادة ابتداء من شهر يناير‪ ،‬يؤدي إلى ضياع حوالي‬
‫‪ 96‬ساعة من التدريب‪ ،‬أي بمعدل ‪ 6‬ساعات في األسبوع طيلة ‪ 16‬أسبوعا‪ ،‬كما تتزامن هذه التداريب‪،‬‬
‫في بعض األحيان‪ ،‬مع فترة امتحانات نهاية السنة الدراسية بالمؤسسات التعليمية‪.‬‬
‫وعالوة على ذلك‪ ،‬لم يستفد ما مجموعه ‪ 2.689‬متدربا ينتمون ألربعة أفواج‪ ،‬ما بين دورة‬
‫يناير ‪ 2018‬ودورة نونبر ‪ ،2020‬من التداريب الميدانية خالل السنة التكوينية األولى‪ ،‬مما ال يسمح‬
‫للمتدرب باالستئناس بالوسط المهني واكتساب الكفايات المهنية التي تؤهله لتحمل مسؤولية القسم‪،‬‬
‫إضافة إلى أثر ذلك على جودة التكوين باعتبار التكوين التطبيقي عنصرا أساسيا في التكوين‪.‬‬
‫• من حيث مضمون البرنامج وغالفه الزمني‬
‫فيما يخص مضمون برنامج التكوين األساس بالنسبة ألساتذة التعليم الثانوي‪ ،‬والحيز الزمني‬
‫المخصص له‪ ،‬فينظم‪ ،‬حسب المرسوم المحدث للمراكز الجهوية‪ ،‬خالل السنة التكوينية األولى‪ ،‬في‬
‫مسل كين‪ ،‬هما مسلك تأهيل أساتذة التعليم الثانوي اإلعدادي ومسلك تأهيل أساتذة التعليم الثانوي‬
‫التأهيلي‪ ،‬على أساس أن يتضمن كل مسلك الوحدات والمواد المدرسة في السلك التعليمي المناسب‪.‬‬
‫وقد صدر خالل سنة ‪ 2016‬القراران رقم ‪ 16/1874‬و‪ ،16/1875‬بشأن تحديد كيفية تنظيم التكوين‬
‫ونظام الدراسة بهذين المسلكين‪ ،‬حيث حددا‪ ،‬بالمادة ‪ ،7‬عدد مجزوءات التكوين في ‪ 12‬مجزوءة‬
‫بمعدل ‪ 34‬ساعة لكل واحدة منها بالنسبة لكل مسلك‪ .‬ثم عدل القرار رقم ‪ 007.19‬المؤرخ في‬
‫‪ 19‬فبراير ‪ 2019‬برنامج التأهيل‪ ،‬وأصبح يشمل ‪ 14‬مجزوءة وورشتين عمليتين إجباريتين‪ ،‬بالنسبة‬
‫لكل مسلك‪ ،‬في نفس الحيز الزمني‪ ،‬وذلك باالستناد إلى المادة ‪ 7‬المذكورة‪ ،‬إال أنه تبين‪ ،‬مباشرة بعد‬
‫صدور القرارين المشار إليهما‪ ،‬أن الوزارة شرعت في تكوين أساتذة التعليم الثانوي في مسلك واحد‪،‬‬
‫حيث أصبحت كل مجزوءة تتم في ‪ 34‬ساعة بمضمون يشمل‪ ،‬في الوقت نفسه‪ ،‬مواد مسلك اإلعدادي‬
‫ومسلك التأهيلي‪ ،‬مما ساهم في تقليص مضمون التكوين وكذلك الحيز الزمني المخصص له‪.‬‬
‫ويتم تحديد محتوى المواد في غياب إطار يسمح بضمان استجابته للكفايات الالزم اكتسابها من طرف‬
‫المتدربين‪ ،‬وكذلك قياس مدى تجانسه مع البرنامج الدراسي الذي سيدرسونه عند تخرجهم‪ .‬وقد تبين‬
‫في هذا الصدد‪ ،‬أنه باستثناء مركز واحد‪ ،‬الذي ال يتوفر على مسلك تأهيل أساتذة التعليم الثانوي‪ ،‬فإن‬
‫‪ %54‬من المراكز ال تتوفر على العدة الخاصة بهذا المسلك الجديد‪ .‬إضافة إلى ذلك‪ ،‬ال يسمح هذا‬

‫‪ 28 9‬يوما بالنسبة لفوج دورة نونبر ‪ ،2016‬و‪ 144‬ساعة بالنسبة لفوج دورة يونيو ‪ ،2017‬و‪ 6‬أشهر بالنسبة لفوج دورة يناير ‪.2018‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪148‬‬


‫النمط من التكوين للمتدربين‪ ،‬خالل فترة التأهيل‪ ،‬بمعرفة السلك الذي سيدرسونه عند تخرجهم إال‬
‫خالل السنة التكوينية الثانية‪ ،‬بمناسبة تحملهم الكلي للقسم‪ ،‬أي بعد انقضاء السنة التكوينية األولى‪.‬‬
‫• من حيث المدة الفعلية للتكوين‬
‫ال يستفيد المتدربون المنتمون لنفس الفوج من نفس عدد ساعات التكوين‪ ،‬حيث تختلف من مركز‬
‫آلخر‪ ،‬كما لم يتلق المتدربون ببعض المراكز أي تكوين‪ ،‬خالل السنة التكوينية الثانية‪ ،‬إذ تبين من‬
‫خالل أجوبة ‪ %83‬من مديري المراكز الجهوية‪ ،‬عن االستبيان الموجه إليهم‪ ،‬عدم استفادة جميع‬
‫المتدربين بهذه المراكز من برنامج التكوين المخصص للسنة الثانية‪ .‬ويبرز هذا الوضع التباين بين‬
‫المراكز من حيث الغالف الزمني الفعلي للتكوين‪ ،‬الشيء الذي ينتج عنه هدر حيز من زمن التكوين‪،‬‬
‫وال يسمح بضمان تلقي المتدربين المنتمين لنفس الفوج للتكوين ذاته‪.‬‬
‫وأوضحت الوزارة في تعقيبها أنها أصدرت المذكرة عدد ‪ 002/22‬بتاريخ ‪ 5‬يناير ‪ 2022‬في شأن تكوين‬
‫األطر النظامية لألكاديميات الجهوية للتربية والتكوين المتدربين‪ ،‬والتي تنظم المراحل األساسية لفترة التكوين‪،‬‬
‫كما اعتمدت هندسة تكوينية جديدة حددت زمن التكوين في كل مجزوءة في ‪ 30‬ساعة‪ ،‬إضافة الى ‪ 4‬ساعات‬
‫مخصصة للتقويم‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى تعزيز الجهد الموجه لتقويم التكوين‬
‫يعتبر التقويم مرحلة مهمة من عملية التكوين‪ .‬إال أنه‪ ،‬وبالرجوع إلى االستبيان‪ ،‬تبين أن ‪ %42‬من‬
‫المراكز الجهوية ال تسند نقطة للتداريب الميدانية‪ ،‬و‪ %25‬منها تقوم بتقويم هذه التداريب وتخصص‬
‫لها نقطة‪ ،‬لكن ال تحتسب في شهادة االعتراف وذلك لعدم استفادة جميع المتدربين من التداريب‬
‫الميدانية‪ .‬كما أن نظام التقويم يسمح بتولي المتدربين‪ ،‬خالل السنة التكوينية الثانية‪ ،‬التدريس باألقسام‬
‫وذلك دون اجتياز امتحان التصديق على المجزوءات أو النجاح به‪.‬‬
‫‪ ‬صعوبات على مستوى إنجاز التداريب الميدانية‬
‫تعتمد عملية التكوين على الجانب النظري والتطبيقي‪ ،‬إال أن تفعيل هذا األخير يواجه مجموعة من‬
‫الصعوبات على مستوى استقبال وتأطير المتدربين‪ ،‬حيث تم تسجيل أن ‪ %92‬من المراكز الجهوية‬
‫تواجه صعوبات عند توزيع المتدربين على المؤسسات التطبيقية خالل السنة التكوينية األولى‪ .‬ويرجع‬
‫هذا األمر إلى ضعف انخراط بعض المؤسسات التعليمية ورفض استقبال المتدربين‪ ،‬في بعض‬
‫األحيان‪ ،‬من طرف األساتذة المستقبلين ومديري المؤسسات‪ ،‬إضافة إلى عامل البعد الجغرافي‪.‬‬
‫وأفادت الوزارة في جوابها أن المذكرة الوزارية عدد ‪ 02/22‬سالفة الذكر تنص على برمجة التداريب على‬
‫شكل أنشطة ميدانية‪ ،‬تخصص لها ست (‪ )6‬ساعات كل أسبوع على مدى ‪ 20‬أسبوعا تكوينيا‪ ،‬وكذلك على‬
‫تأمين تعويضات األساتذة المستقبلين عن تأطير التداريب الميدانية مع إصدار دليل األستاذ(ة) المستقبل(ة)‬
‫الخاص باألنشطة الميدانية والتداريب بالمؤسسات التعليمية‪.‬‬
‫‪ ‬إكراهات أمام إرساء التناوب في التكوين‬
‫يهدف التناوب في التكوين‪ ،‬حسب المادة ‪ 15‬من القرار رقم ‪ 007.19‬بتاريخ ‪ 19‬فبراير ‪ 2019‬سالف‬
‫الذكر‪ ،‬إلى تكوين المتدربين‪ ،‬خالل السنة التكوينية الثانية‪ ،‬في ثالث صيغ مختلفة ومتكاملة‪ .‬ويتعلق‬
‫األمر بتكوين ميداني في إطار التحمل الكلي للقسم‪ ،‬وتكوين حضوري بالمراكز الجهوية‪ ،‬وإعداد‬
‫بحث تدخلي ومناقشته‪ ،‬إال أن إرساء هذا التناوب في التكوين يعرف عدة إكراهات تتمثل فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬ضعف التأطير التربوي للمتدربين في وضعية تحمل كلي للقسم‪ ،‬وضعف مصاحبتهم‪،‬‬
‫وصعوبة مواكبتهم من طرف المكونين‪ ،‬بحيث أن ‪ %33,33‬من المراكز الجهوية ال تواكب‬
‫هؤالء المتدربين؛‬
‫‪ -‬ضعف التكوين عن بعد؛‬
‫‪ -‬التأخر في إعداد البحوث التربوية‪.‬‬

‫‪149‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫‪ ‬أهمية التأهيل المهني ألطر هيئة التدريس‬
‫يت وج التكوين األساس باجتياز امتحان التأهيل المهني عند نهاية السنة التكوينية الثانية‪ ،‬حيث يعتبر‬
‫من العناصر األساسية الواجب توفرها في أطر هيئة التدريس‪ ،‬إال أنه تبين أن هناك تأخرا في التأهيل‬
‫المهني ألطر هيئة التدريس‪ ،‬بحيث أن ‪ %83‬من المتدربين التابعين لألفواج ما بين دورة نونبر ‪2016‬‬
‫ودجنبر ‪ 2018‬يمارسون مهنة التدريس دون أن يؤهلوا مهنيا‪.‬‬
‫ثالثا‪ .‬التكوين المستمر‬
‫حظي التكوين المستمر منذ الميثاق الوطني بعناية خاصة من أجل الرفع من قدرات أطر هيئة‬
‫التدريس‪ ،‬وذلك من خالل اتخاذ بعض التدابير لتطويره‪ ،‬إال أن تنزيلها واجهته عدة إكراهات وجعل‬
‫النتائج المحققة ال ترقى إلى حجم التطلعات‪.‬‬
‫‪ ‬أهمية استغالل التكوين المستمر كآلية لتدارك نقص التكوين األساس‬
‫يعتبر التكوين المستمر آلية لتدارك‪ ،‬عند االقتضاء‪ ،‬النقص الحاصل في التكوين األساس وكذلك‬
‫لتطوير القدرات المه نية لهيئة التدريس‪ .‬لكن بالرجوع إلى العروض المقدمة‪ ،‬في مجال التكوين‬
‫المستمر‪ ،‬سجل عدم تقييم النقص الحاصل في التكوين األساس بالنسبة لألساتذة المزاولين من أجل‬
‫برمجة تكوينات تمكن من تدارك ومعالجة هذا النقص‪ ،‬وبالتالي ال يتم استغالل التكوين المستمر في‬
‫هذا الباب‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى تحسين منهجية تحديد حاجيات التكوين المستمر‬
‫قبل اعتماد االستراتيجية الوطنية للتكوين المستمر‪ ،‬لم تكن عروض التكوين المستمر تنبني‪ ،‬في غالب‬
‫األحيان‪ ،‬على الحاجيات المعبر عنها‪ ،‬مما يجعلها ال تتالءم مع انتظارات األساتذة ويؤدي في بعض‬
‫األحيان إلى عدم اإلقبال عليها‪.‬‬
‫‪ ‬أهمية إعمال آلية المصاحبة في التكوين المستمر‬
‫تعتبر المصاحبة من آليات مواكبة األساتذة وتكوينهم‪ ،‬أثناء ممارسة المهنة‪ ،‬من طرف أساتذة ذوي‬
‫التجربة والخبرة قصد الرفع من أدائهم‪ .‬وفي إطار التنزيل األولي للرؤية االستراتيجية‪ ،‬جاءت المذكرة‬
‫اإلطار رقم ‪ 099/15‬بتاريخ ‪ 12‬أكتوبر ‪ 2015‬بالتدابير رقم ‪ 15‬المتعلق بالتكوين والمصاحبة عبر‬
‫الممارسة إلحداث هذه اآللية التي قررت أجرأتها انطالقا من الموسم الدراسي ‪ ،2016-2015‬إال أن‬
‫عدم توفر العدد الكافي من األساتذة المصاحبين وعدم انخراطهم بشكل فعال‪ ،‬جعل دعم التكوين‬
‫المستمر عبر هذه اآللية جد محدود‪.‬‬
‫‪ ‬التأخر في اعتماد استراتيجية للتكوين المستمر‬
‫تفعيال ألهداف الرؤية االستراتيجية ومضامين القانون اإلطار الرامية إلى تطوير التكوين المستمر‪،‬‬
‫اعتمدت الوزارة استراتيجية وطنية للتكوين المستمر‪ ،‬بعد مرور حوالي ‪ 6‬سنوات عن اعتماد هذه‬
‫الرؤية‪ ،‬لتج اوز النقائص المرصودة في هذا المجال‪ ،‬وتطوير مهارات أطر هيئة التدريس وتحسين‬
‫مردوديتهم‪ ،‬إال أن تنزيلها يتم في سياق يتسم بإكراهات تقنية وبشرية وكذلك بضعف القدرات‬
‫التدبيرية على المستوى الجهوي‪ .‬كما يعتبر زمن التكوين إكراها حقيقيا الرتباطه بالزمن الدراسي‪،‬‬
‫بحيث يجب التفكير في صيغ تكوين غير مكلفة وال تؤثر على الزمن المذكور وتسمح‪ ،‬في نفس الوقت‪،‬‬
‫بتجاوز عامل البعد الجغرافي‪ ،‬الذي يحول‪ ،‬في بعض األحيان دون االستفادة من التكوين‪.‬‬
‫بناء على ما سبق‪ ،‬يوصي المجلس األعلى للحسابات وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي‬
‫والرياضة بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬العمل على تأكيد وضعية المراكز الجهوية باعتبارها مؤسسات مستقلة لتتمكن‪ ،‬في إطار‬
‫تعاقدي مع مختلف األكاديميات الجهوية للتربية والتكوين‪ ،‬من القيام بمهام التكوين‬
‫األساس والتكوين المستمر والبحث التربوي لفائدة هذه األكاديميات‪ ،‬مع ضرورة‬
‫مأسسة آلية التنسيق بين مختلف المتدخلين في تكوين األطر التربوية على الصعيد‬
‫الجهوي؛‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪150‬‬


‫‪ -‬إرساء الهياكل اإلدارية بالمراكز الجهوية وتمكينها من الموارد البشرية الكافية‬
‫والتجهيزات والوسائل اللوجستيكية والديداكتيكية الضرورية‪ ،‬مع الحرص على تجانس‬
‫المواد المدرسة (المجزوءات) مع تخصص المكونين المشرفين عنها لضمان اكتساب‬
‫المتدربين للكفايات الالزمة؛‬
‫‪ -‬العمل على تجويد المسار التكويني لهيئة التدريس وذلك عبر تشجيع اإلقبال على مسالك‬
‫مهن التربية والتكوين بهدف استقطاب أساتذة مؤهلين لتولي مهمة التدريس‬
‫بالقطاعين العام والخاص؛‬
‫في هذا الباب أفادت الوزارة الوصية ووزارة االقتصاد والمالية أنه تم يوم ‪ 13‬يونيو ‪ 2022‬توقيع اتفاقية إطار‬
‫بين وزارة التعليم العالي والبحث العلمي واالبتكار ووزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة ووزارة‬
‫االقتصاد والمالية‪ ،‬تحت رئاسة السيد رئيس الحكومة‪ ،‬تهدف إلى تكوين أطر تربوية مؤهلة لتلبية الحاجيات‬
‫الحالية والمستقبلية لمختلف مستويات التعليم االبتدائي والثانوي‪ ،‬وتحسين ظروف التكوين بالمراكز الجهوية‬
‫وضمان تكوين تأهيلي إضافي بعد النجاح في مباريات التوظيف يوسع الهندسة التكوينية العامة‪ .‬حيث تم‬
‫تخصيص ‪ 4‬ماليير درهم على مدى خمس سنوات (خارج نفقات األجور)‪ ،‬من أجل الرفع من الطاقة‬
‫االستيعابية لمسالك اإلجازة‪ ،‬وجعلها مسارا للتميز وطريقا رئيسيا لتوظيف أساتذة التعليم األساسي والثانوي‬
‫في المستقبل‪.‬‬
‫‪ -‬احترام وتوحيد مسار التكوين المخصص للمتدربين حيث يلزم المتدرب بإتمام الغالف‬
‫الزمني مع اجتياز امتحانات التأهيل التربوي والمهني داخل اآلجال المخصصة لها؛‬
‫‪ -‬العمل على الرفع من التأطير التربوي للمتدربين‪ ،‬في وضعية تحمل كلي للقسم‪ ،‬وضمان‬
‫مصاحبتهم من طرف األساتذة الممارسين لالستفادة من تجربتهم وخبرتهم‪ ،‬ومواكبتهم‬
‫من طرف المكونين بالمراكز‪ ،‬وكذلك تأطير التكوين عن بعد وإعداد توصيف خاص به‬
‫وجعله مكمال للتكوين الحضوري؛‬
‫‪ -‬األخذ بعين االعتبار الحاجيات الحقيقية للتكوين المستمر لتشجيع اإلقبال عليه‪ ،‬وكذلك‬
‫تجاوز اإلكراهات التقنية والبشرية لتنزيل االستراتيجية الوطنية للتكوين المستمر بشكل‬
‫جيد؛‬
‫‪ -‬إخضاع التكوين المستمر لتقييم األثر على األداء المهني؛‬
‫‪ -‬إدراج التكوين المستمر ضمن عناصر تقييم األداء والترقي المهني‪.‬‬

‫‪151‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫النقل المدرسي في الوسط القروي‪:‬‬
‫تسجيل مجهودات مهمة وضرورة إرساء نموذج مستدام للتدبير كفيل‬
‫باالستجابة النتظارات المرتفقين‬

‫يعتبر النقل المدرسي‪ ،‬وال سيما بالوسط القروي‪ ،‬عامال مؤثرا في الحياة المدرسية والعملية التعليمية‬
‫الموجَّه إلى تذليل بعض المعيقات‬‫الرتباطه بمردوديتها‪ ،‬إذ يدخل ضمن آليات الدعم االجتماعي َ‬
‫السوسيو – اقتصادية والجغرافية التي تحول دون تمدرس األطفال المنحدرين من أسر معوزة؛‬
‫وبالتالي المساهمة في تعزيز تكافئ الفرص في الولوج إلى التعليم اإللزامي‪ ،‬وتقليص الهدر المدرسي‬
‫واالنقطاع المبكر عن الدراسة خصوصا في صفوف الفتيات‪.‬‬
‫واستحضارا لهذه األهمية‪ ،‬أنجزت المجالس الجهوية للحسابات لجهات الشرق‪ ،‬وطنجة ‪ -‬تطوان ‪-‬‬
‫الحسيمة‪ ،‬وفاس ‪ -‬مكناس‪ ،‬وسوس ‪ -‬ماسة برسم سنتي ‪ 2020‬و‪ ،2021‬مهمات رقابية حول النقل‬
‫المدرسي في الوسط القروي‪ ،‬شملت نفوذ ‪ 273‬جماعة موزعة على ‪ 11‬عمالة وإقليما‪ ،10‬وقد شملت‬
‫هذه المهمات على الخصوص حكامة المرفق المرتبطة أساسا بتنسيق تدخالت مختلف األطراف‬
‫المعنية بتدبيره من جهة‪ ،‬والتسيير االعتيادي للمرفق ومدى تلبيته لحاجيات المرتفقين‪ ،‬من جهة أخرى‪.‬‬
‫أوال‪ .‬حكامة مرفق النقل المدرسي بالمجال القروي‬
‫‪ .1‬اإلطار المؤسساتي للنقل المدرسي‬
‫تتجلى أهم المالحظات المسجلة فيما يلي‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة تنسيق جهود مختلف المتدخلين في تدبير مرفق النقل المدرسي‬
‫يتميز تدبير مرفق النقل المدرسي بالوسط القروي بتدخل عدة أطراف‪ ،‬في مقدمتها الجماعات‬
‫وجمعيات المجتمع المدني؛ باإلضافة إلى الجهات والعماالت واألقاليم والمديريات اإلقليمية لوزارة‬
‫التربية الوطنية والتكوين المهني‪ ،‬والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية‪ .‬وتبقى طبيعة وحدود تدخالت‬
‫هذه األطراف غير منسجمة وضعيفة التنسيق‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد‪ ،‬فإن العماالت واألقاليم‪ ،‬صاحبة االختصاص األصلي بموجب المادة ‪ 79‬من القانون‬
‫التنظيمي رقم ‪ 112.14‬المتعلق بالعماالت واألقاليم‪ ،‬ال تضطلع بدورها في تعبئة الجهود وتنسيق‬
‫تدخالت مختلف األطراف الفاعلة بهذا المرفق بما يكفل الرفع من أدائه‪ ،‬وضمان استمرارية الخدمة‬
‫المقدمة للمرتفقين‪ ،‬حيث يقتصر دورها على اقتناء بعض حافالت النقل المدرسي وتوزيعها على‬
‫الجماعات‪.‬‬
‫وإجماال‪ ،‬فإن تدبير هذا المرفق ال يتم وفق رؤية واضحة كفيلة بتحسين نجاعته وفعاليته وضمان‬
‫استدامته‪ .‬ويساهم في غياب هذه الرؤية لدى العماالت واألقاليم تأخر أو عدم إعداد برنامج التنمية‬
‫المنصوص عليه في المادة ‪ 80‬من القانون رقم ‪ 112.14‬سالف الذكر (أقاليم الحسيمة وتارودانت‬
‫وفجيج)؛ باإلضافة إلى عدم تفعيل آليات التعاضد والتعاون بين الجماعات المتواجدة بترابها (شركات‬
‫التنمية المحلية‪ ،‬مؤسسات التعاون بين الجماعات‪ ،‬ومجموعات الجماعات الترابية‪.)... ،‬‬
‫وقد أوضحت وزارة الداخلية أنه‪ ،‬سعيا للرفع من مؤشرات التمدرس خصوصا في صفوف الفتيات بالعالم‬
‫القروي‪ ،‬قامت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية خالل الفترة الممتدة من ‪ 2005‬إلى ‪ ،2021‬باقتناء حوالي‬
‫‪ 2.900‬حافلة للنقل المدرسي‪ ،‬بمعدل حافلة لكل ‪ 50‬تلميذ وتلميذة‪ .‬غير أن تدبير هذا المرفق بالوسط القروي‬
‫يواجه مجموعة من التحديات‪ ،‬أهمها غياب نموذج للتدبير يحدد اإلطار المؤسساتي والمالي‪ ،‬مما يترتب عنه‬
‫ضعف التنسيق بين مختلف الفاعلين ويشكل عائقا لضمان جودة واستدامة خدمة النقل المدرسي‪ .‬وألجل ذلك‪،‬‬

‫‪ 10‬يتعلق األمر بعمالة وجدة‪ -‬أنكاد وأقاليم بركان والناضور والدريوش وتاوريرت وجرادة وجرسيف وفجيج والحسيمة وموالي يعقوب‬
‫وتارودانت‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪152‬‬


‫تقوم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بإنجاز دراسة تشخيصية أولية حول تدبير أسطول حافالت التي تم‬
‫اقتناؤها في هذا اإلطار‪ ،‬من أجل وضع رؤية شاملة تمكن من تجويد وضمان استدامة المرفق‪.‬‬
‫من جهتها أكدت وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة بأنها تعمل بتنسيق مع باقي الشركاء من‬
‫أجل اقتراح حلول ناجعة ومستدامة في هذا المجال في إطار تحقيق التكامل مع باقي مكونات سلة الدعم‬
‫االجتماعي قصد تحسين مؤشرات التمدرس والحد من الهدر المدرسي‪.‬‬
‫‪ ‬االستفادة من مزايا تعدد مصادر التمويل رهين بضمان االلتقائية والتنسيق المحكم بين‬
‫مختلف المتدخلين‬
‫يتسم تمويل اقتناء حافالت النقل المدرسي بتعدد المتدخلين وبتنوع المصادر ذات الصلة‪ ،‬وهو ما‬
‫يُساعد على تلبية الحاجيات اآلنية بخصوص تسهيل ولوج المتمدرسين المنحدرين من الوسط القروي‬
‫إلى المؤسسات التعليمية‪ .‬لكن هذا التعدد يستلزم اعتماد إطار مؤسساتي يضمن االلتقائية والتنسيق‬
‫ال ُمحكم بين مختلف المتدخلين‪ ،‬ويحقق بالتالي شروط النجاعة والفعالية في تدبير هذا المرفق‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬فبالنسبة لجماعات جهة الشرق‪ ،‬ساهمت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في تمويل اقتناء‬
‫‪ 222‬حافلة من أصل ‪ 537‬حافلة‪ ،‬أي بنسبة تفوق ‪ ،%41‬ثم مجلس جهة الشرق بنسبة ‪ ،%18‬بينما‬
‫اقتصرت مجالس العمالة واألقاليم على تمويل اقتناء ‪ 45‬حافلة‪ ،‬وقامت الجماعات بتمويل اقتناء‬
‫‪ 23‬حافلة من ميزانياتها الذاتية‪.‬‬
‫مولت وكالة إنعاش‬ ‫وبالنسبة إلقليم الحسيمة بجهة طنجة – تطوان – الحسيمة‪ ،‬فمن أصل ‪ 229‬حافلة‪ّ ،‬‬
‫وتنمية الشمال اقتناء ‪ 64‬حافلة‪ ،‬وبرنامج تقليص الفوارق المجالية واالجتماعية بالوسط القروي‬
‫‪ 62‬حافلة‪ ،‬ومجلس الجهة ‪ 34‬حافلة‪ ،‬والجماعات‪ ،‬سواء بصفة ذاتية أو بشراكة مع المبادرة الوطنية‬
‫للتنمية البشرية‪ 18 ،‬حافلة‪.‬‬
‫مولت‬
‫وفي إقليم تارودانت التابع لجهة سوس – ماسة‪ ،‬يتكون أسطول النقل المدرسي من ‪ 181‬حافلة‪ّ ،‬‬
‫والمجلس اإلقليمي (‪ 40‬حافلة)‪ ،‬ووزارة التربية‬
‫ُ‬ ‫اقتناءها المبادرة ُ الوطنية للتنمية البشرية (‪ 84‬حافلة)‪،‬‬
‫الوطنية (‪ 10‬حافالت) وصندوق الجماعات الساللية (‪ 8‬حافالت)‪ ،‬وباقي المتدخلين (‪ 39‬حافلة)‪.‬‬
‫أما على مستوى إقليم موالي يعقوب بجهة فاس – مكناس‪ ،‬فيتكون أسطول النقل المدرسي من‬
‫‪ 81‬حافلة‪ ،‬تم اقتناء ‪ 57‬منها في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية‪ ،‬و‪ 6‬حافالت من طرف مجلس‬
‫اإلقليم‪ ،‬و‪ 3‬حافالت من طرف مجلس الجهة‪ ،‬و‪ 9‬حافالت من طرف صندوق دعم الجماعات الساللية‬
‫و‪ 5‬حافالت من قِّبل المحسنين‪.‬‬
‫‪ ‬تحديد الحاجيات من حافالت النقل المدرسي يحتاج مزيدا من الضبط‬
‫تقتصر عملية تحديد الحاجيات على الطلبات التي يقدمها بعض المنتخبين‪ .‬وال تضطلع العماالت‬
‫واألقاليم‪ ،‬على النحو المطلوب‪ ،‬بالدور المنوط بها‪ ،‬والمتمثل على الخصوص في تشخيص الخصاص‬
‫من حافالت النقل المدرسي‪ ،‬أو على األقل التنسيق بين مختلف المتدخلين على مستوى تراب العمالة‬
‫أو اإلقليم‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬ال تتوفر إدارات العماالت واألقاليم التي شملتها المهمات الرقابية على‬
‫وحدات إدارية (مصلحة‪ ،‬أو مكتب‪ ،‬أو خلية ‪ُ )...‬مكلفة باإلشراف على تدبير هذا المرفق‪ ،‬يكون ضمن‬
‫مهامها تحديد الحاجيات بدقة‪ ،‬ومن ثم العمل على تلبيتها بشكل يراعي العدالة المجالية بين الجماعات‪،‬‬
‫ووفق برمجة مضبوطة لالقتناءات‪ ،‬مع الحرص على ترشيدها‪.‬‬
‫ويكون التعبير عن الحاجيات من طرف الجماعات والجمعيات‪ ،‬في غالب األحيان‪ ،‬غير دقيق بسبب‬
‫عدم توفرها على معطيات كافية لتشخيص الخصاص ووتيرة تطوره من موسم دراسي آلخر‪ .‬وقد‬
‫كان من نتائج ذلك‪ ،‬على سبيل الذكر‪ ،‬اكتظاظ الحافالت بالمتمدرسين وتعدد الرحالت اليومية على‬
‫نفس المسارات على مستوى عدة جماعات‪ ،‬فيما تتوفر جماعات أخرى على حافالت غير مستغلة‪.‬‬

‫‪153‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫‪ ‬تكليف جمعيات بتدبير خدمة النقل المدرسي دون إشراك مجالس العمالة واألقاليم‬
‫المعنية‬
‫يسهر العديد من جمعيات المجتمع المدني على تدبير مرفق النقل المدرسي بالوسط القروي‪ .‬حيث‬
‫ط ‪ 233‬جمعية في هذا المجال على مستوى ‪ 85‬جماعة بجهة الشرق‪ ،‬و‪ 83‬جمعية بتراب‬ ‫ش ُ‬
‫تن َ‬
‫‪ 78‬جماعة بإقليم تارودانت و‪ 52‬جمعية بنفوذ ‪ 31‬جماعة بإقليم الحسيمة و‪ 16‬جمعية بنفوذ ‪ 11‬جماعة‬
‫بإقليم موالي يعقوب‪ .‬وتتولى الجمعيات جل أوجه التسيير االعتيادي (التكفل بجزء من المصاريف‪،‬‬
‫وتشغيل السائقين وأداء أجورهم‪ ،‬وتحديد الرحالت ومسارات الحافالت‪ ،‬وتحديد تسعيرة خدمة النقل‬
‫المدرسي واستخالصها)‪.‬‬
‫غير أن تكليف الجمعيات بتدبير هذا المرفق تم بموجب اتفاقيات ثنائية أبرمتها معها الجماعات المعنية‪،‬‬
‫وذلك في غياب العماالت أو األقاليم المعنية باعتبارها صاحبة االختصاص األصلي‪ .‬ولم يقم أي‬
‫مجلس للعمالة أو األقاليم التي شملتها المهمات الرقابية‪ ،‬بوضع آلية تعاقدية حول تدبير النقل المدرسي‪،‬‬
‫سواء في إطار ثنائي أو متعدد األطراف‪ ،‬مع الجماعات و‪/‬أو الجمعيات المعنية‪.‬‬
‫‪ .2‬اتفاقيات التعاون والشراكة‬
‫بهذا الخصوص‪ ،‬تم تسجيل أهم المالحظات التالية‪.‬‬
‫‪ ‬إسناد تدبير حافالت النقل المدرسي لجمعيات " غير مؤهلة "‬
‫أبرمت بعض الجماعات اتفاقيات مع جمعيات آباء وأولياء التالميذ لتسيير خدمة النقل المدرسي‪ ،‬وهو‬
‫ما يجعل من الصعب على مسيري هذه الجمعيات الجمع بين مهام المشاركة في تدبير العملية التعليمية‬
‫واألعمال الموازية لها داخل المؤسسة التعليمية‪ ،‬من جهة‪ ،‬ومهام اإلشراف اليومي على تدبير النقل‬
‫المدرسي‪ ،‬من جهة أخرى‪ .‬كما قامت بعض الجماعات بوضع حافالت رهن إشارة سائقين خواص‬
‫في غياب اتفاقية شراكة تؤطر العالقة بين الطرفين‪.‬‬
‫وعالوة على ذلك‪ ،‬فإن العديد من الجمعيات التي تربطها اتفاقيات شراكة مع جماعات وتتلقى منها‬
‫دعما ماليا منتظما لهذا الغرض‪ ،‬تنحصر أنشطتها المرخصة على مجاالت التنمية واألعمال‬
‫االجتماعية‪ ،‬وحماية المجال الغابوي وتربية النحل‪ ،‬ودون أن يكون تدبير النقل المدرسي ضمن‬
‫أنشطتها المرخصة بمقتضى أنظمتها األساسية‪ .‬وهكذا‪ ،‬لم يتعد عدد الجمعيات المهتمة بشكل وثيق‬
‫بقطاع النقل المدرسي بجماعات جهة الشرق ‪ 57‬جمعية‪ ،‬أي ما يناهز ربع الجمعيات النشيطة في هذا‬
‫المجال (‪.)%25‬‬
‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬أوضحت وزارة الداخلية‪ ،‬بخصوص الشراكة مع الجمعيات المكلفة بتدبير النقل المدرسي‪،‬‬
‫بأنها قد حثت الجماعات الترابية‪ ،‬من خالل الدورية عدد ‪ D2185‬بتاريخ ‪ 5‬أبريل ‪ ،2018‬على احترام شروط‬
‫الشفافية في انتقاء شركائها من المجتمع المدني وتتبع أنشطتهم‪.‬‬
‫‪ ‬تعاقد الجماعات مع جمعيات دون اللجوء إلى طلبات العروض‬
‫لجأت جل الجماعات بصفة مباشرة إلى إبرام اتفاقيات مع جمعيات تم اختيارها لتسيير مرفق النقل‬
‫المدرسي‪ ،‬دون اإلعالن عن طلبات عروض مشاريع الختيار الجمعيات األقدر واألفضل‪ ،‬والتي‬
‫تتوفر على خبرة أو برنامج وتصور في تطوير النقل المدرسي‪ .‬ولم تبادر الجماعات إلى إحداث‬
‫لجان يوكل إليها انتقاء المشاريع المستوفية للشروط المطلوبة وتحديد المبالغ المخصصة لكل مشروع‬
‫سيما االتفاقيات التي تعادل أو تفوق ضمنها مساهمة الجماعة ‪ 50.000‬درهم‪ .‬وهو ما ال يتماشى مع‬
‫ما جاء في منشور الوزير األول رقم ‪ 2003/7‬بتاريخ ‪ 27‬يونيو ‪ 2003‬بشأن الشراكة بين الدولة‬
‫وجمعيات المجتمع المدني‪ ،‬والذي حدد معايير االنتقاء ال ُمحققة للشفافية والموضوعية والمنفعة‬
‫المباشرة للفئات المستهدفة‪ ،‬باإلضافة إلى المعايير ذات الصلة بالجمعية الشريكة كالقدرة على إنجاز‬
‫المشروع ودورية انعقاد اجتماعات هياكلها التقريرية واحترام قواعد التسيير الديمقراطي ألجهزتها‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪154‬‬


‫‪ ‬ضرورة إعداد دليل للمساطر ودفتر للتحمالت إلسناد تدبير مرفق النقل المدرسي إلى‬
‫الجمعيات‬
‫ال تتوفر جل الجماعات الترابية التي شملتها المهمات الرقابية‪ ،‬على دالئل للمساطر‪ ،‬مصادق عليها‬
‫من طرف مجالسها المنتخبة‪ ،‬تتضمن بالخصوص المجاالت والشروط المحددة لالستفادة من الدعم‬
‫العمومي المقدم من طرفها‪ ،‬والتي من المفترض أن يكون من ضمنها تدبير خدمة النقل المدرسي‪.‬‬
‫وفي نفس السياق‪ ،‬فإن اتفاقيات الشراكة المبرمة بين الجماعات وجمعيات المجتمع المدني والمتعلقة‬
‫بالنقل المدرسي (باستثناء جماعة مستكمار بإقليم تاوريرت) لم تؤطر بدفاتر تحمالت تكون بمثابة‬
‫سند مرجعي للتعاقد على أسس تستجيب لشروط ومتطلبات تجويد الخدمات المقدمة للمرتفقين‪ ،‬وتحدد‬
‫المفاهيم وااللتزامات‪ ،‬وآليات التمويل والمراقبة والتتبع‪ ،‬وذلك عمال بدورية وزير التربية الوطنية‬
‫عدد ‪ 1202/8‬بتاريخ ‪ 13‬مارس ‪ 2013‬بشأن تنمية النقل المدرسي بالوسط القروي التي حثت جميع‬
‫الشركاء على ضرورة تفعيل بنود دفتر التحمالت لحساب الغير الصادر عن وزارة التجهيز والنقل‬
‫والذي يتضمن شروط ممارسة هذا النشاط‪.‬‬
‫‪ ‬صياغة بنود اتفاقيات التعاون والشراكة بحاجة إلى مزيد من الدقة‬
‫إن صياغة بنود اتفاقيات الشراكة التي أبرمتها الجماعات مع بعض الجمعيات التي أوكلت لها تسيير‬
‫مرفق النقل المدرسي تحتاج لمزيد من الدقة خاصة فيما يتعلق بالجوانب المالية‪ .‬ففي بعض الحاالت‪،‬‬
‫تمت اإلشارة فقط إلى تخصيص منحة سنوية للمساهمة في تسيير الحافالت حسب اإلمكانات المتاحة‬
‫للجماعة دون تحديد مبلغ هذه المساهمة‪ .‬وفي حاالت أخرى‪ ،‬تشير االتفاقية إلى التزام الجماعة‪ ،‬إلى‬
‫جانب الجمعية‪ ،‬بالمساهمة في تغطية المصاريف المتعلقة بالمحروقات واإلصالح‪ ،‬ولم يتم تحديد ال‬
‫نسبة وال مبلغ المساهمة المالية لكل طرف‪ ،‬وال ماهية وحجم هذه اإلصالحات‪.‬‬
‫‪ ‬القدرات التدبيرية للجمعيات المكلفة بالنقل المدرسي تحتاج إلى مزيد من التأهيل‬
‫والتأطير‬
‫تعاني الجمعيات المشرفة على تدبير مرفق النقل المدرسي من ضعف في قدراتها التدبيرية‪ .‬فقد تبين‬
‫أن جل الجمعيات عجزت عن االضطالع بمختلف األنشطة األساسية المرتبطة بتسيير هذا المرفق‪،‬‬
‫من قبيل التتبع المنتظم لنفقات استهالك الوقود وصيانة الحافالت‪ ،‬مع مسك سجالت (محاسباتية)‬
‫تضبط وتضمن الشفافية في استعمال أموال الدعم الممنوح‪ .‬وتقتصر بعض الجمعيات على تلقي الدعم‬
‫المالي السنوي المقدم لها من طرف الجماعات وتحويله ألداء أجور السائقين‪.‬‬
‫واعتبارا لهذه النقائص‪ ،‬وبالنظر ألهمية مرفق النقل المدرسي ولحجم أسطول الحافالت‪ ،‬وما يستلزم‬
‫ذلك من إلمام بقواعد التدبير الجيد‪ ،‬فإنه من الضروري دعم القدرات التدبيرية للجمعيات المعنية كي‬
‫تتناسب مع متطلبات تسيير المرفق سواء في شقه المالي أو التقني‪ ،‬وتأهيلها وتوفير الموارد البشرية‬
‫الالزمة لها‪ ،‬حتى تقوم بمهامها على وجه أفضل‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة تفعيل المراقبة والتتبع لتنفيذ االتفاقيات المبرمة‬
‫نصت اتفاقيات التعاون والشراكة المبرمة بين مجالس العماالت واألقاليم والجماعات المستفيدة من‬
‫حافالت النقل المدرسي‪ ،‬على ضرورة إحداث لجان مشتركة لتتبع مدى تحقيق أهداف االتفاقيات‬
‫المبرمة‪ .‬إال أنه لم يتم تفصيل مجمل المهام والصالحيات التي تختص بتنفيذها أو مراقبتها هذه اللجنة‪،‬‬
‫وكذا طريقة اشتغالها وفترات اجتماعاتها ونوعية التقارير والتوصيات المفترض أن ت ُصدرها‪.‬‬
‫وفي نفس السياق‪ ،‬ال تقوم العديد من الجماعات بإعداد التقارير الربع سنوية المنصوص عليها في‬
‫اتفاقيات اقتناء وتسيير الحافالت‪ ،‬المبرمة في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية‪ ،‬والتي يجب أن‬
‫تتضمن تطور مؤشرات النجاعة (مثل نسبة اإلقبال على التمدرس‪ ،‬ونسبة تمدرس الفتاة القروية‪،‬‬
‫ونسبة التقليص من الهدر المدرسي‪ ،‬واستمرارية ووقع المشروع على المستفيدين) وكذا مقارنة بين‬
‫اإلنجازات والتوقعات مرفقة بالبيانات‪ ،‬باإلضافة إلى تحليل الصعوبات المحتملة والحلول المتخذة أو‬
‫المقترحة‪.‬‬

‫‪155‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫‪ ‬ضمان استمرارية المرفق رهين بتوفير التمويالت الالزمة وتسهيل المساطر اإلدارية‬
‫يُكلف اقتناء حافالت النقل المدرسي مبالغ مالية مهمة تفوق قدرات الجماعات والجمعيات‪ .‬فبعمالة‬
‫وأقاليم جهة الشرق‪ ،‬كلف اقتناء ‪ 191‬حافلة خالل الفترة ‪ 2020-2016‬ما مجموعه‬
‫‪ 70.435.917,52‬درهم‪ ،‬أي أن قيمة الحافلة الواحدة تناهز ‪ 368.774,44‬درهما‪ .‬وبإقليم الحسيمة‬
‫كلف اقتناء ‪ 147‬حافلة مبلغا قدره ‪ 54.534.000,00‬درهم‪ ،‬أي بمعدل ‪ 309.755,00‬درهما لكل‬
‫حافلة‪ .‬وباعتبار أن عمر الحافلة يندرج ضمن مؤشرات قياس جودة الخدمات‪ ،‬فإن عدد الحافالت التي‬
‫تجاوز عمرها خمس سنوات بحلول سنة ‪ ،2022‬يمثل نسبة ‪ %61‬من األسطول بجهة الشرق‪ ،‬مقابل‬
‫‪ %58‬في إقليم موالي يعقوب؛ مما يشكل ضغطا على الجهات المعنية بتسيير النقل المدرسي جراء‬
‫تزايد تكاليف اإلصالح والصيانة‪ .‬وبالنظر كذلك إلى العمر االفتراضي لصالحية الحافالت والذي‬
‫يمكن تحديده في ‪ 10‬سنوات‪ ،‬فإن عدد الحافالت التي تجاوزت هذه المدة في سنة ‪ 2022‬هو ‪ 63‬حافلة‬
‫بجهة الشرق‪ ،‬وسيرتفع إلى ‪ 379‬حافلة في أفق سنة ‪ ،2027‬وهو ما يعني ضرورة توفير تمويالت‬
‫تناهز ‪ 140‬مليون درهم لتجديد األسطول‪.‬‬
‫ومن أجل تلبية الحاجيات المتزايدة للمتمدرسين في العالم القروي‪ ،‬فإن المتدخلين العموميين المعنيين‬
‫مدعوون للبحث عن مصادر للتمويل مبتكرة ودائمة القتناء حافالت إضافية من أجل دعم األسطول‬
‫وصيانته وتجديده‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬تتلقى مجموعة من الجمعيات حافالت للنقل المدرسي على شكل‬
‫هِّبات ترد عليها من الخارج (محسنون مقيمون بالخارج‪ ،‬جمعيات أجنبية)‪ ،‬إال أنها تواجه عدة‬
‫صعوبات لتسجيلها وتسوية وضعيتها القانونية قبل استغاللها‪ .‬ومن هذه الصعوبات تعقد وطول‬
‫المساطر اإلدارية الواجب اتباعها من أجل اإلعفاء من رسوم الجمارك وتحويل الملكية والتسجيل‬
‫والترخيص باالستغالل وغير ذلك‪ ،‬إذ تتراوح مدة هذه اإلجراءات‪ ،‬حسب مسؤولي بعض الجمعيات‬
‫بإقليم تارودانت‪ ،‬ما بين ‪ 3‬أشهر و‪ 12‬شهرا‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن الجمعيات تتحمل مصاريف‬
‫أخرى الستكمال هذه اإلجراءات تتراوح ما بين ‪ 30‬و‪ 50‬ألف درهم للحافلة حسب مسؤولي بعض‬
‫الجمعيات‪ ،‬رغم أن هذه الحافالت ال تستعمل لغرض ربحي‪.‬‬
‫وأفادت وزارة الداخلية في جوابها‪ ،‬بأنها تقوم‪ ،‬في إطار مواكبة الجماعات الترابية‪ ،‬بتشجيع التعاون بينها‪ ،‬وال‬
‫سيما دعم إحداث مجموعة الجماعات الترابية من أجل تجميع مواردها وضمان تغطية أوسع وذات جودة‬
‫لعرض النقل المدرسي‪ ،‬حيث تمت الموافقة على دعم مجموعة الجماعات الترابية إلقليم جرادة‪ ،‬والتي تم‬
‫اعتمادها كآلية لتدبير هذا المرفق‪ ،‬وذلك‪ ،‬بهدف تحسين جودة هذه الخدمة وزيادة معدل التمدرس بالمناطق‬
‫القروية وخاصة بين الفتيات‪.‬‬
‫ومن جهتها أوضحت وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة‪ ،‬بأنها سعت من موقعها للمساهمة في‬
‫تدبير أمثل لهذه الخدمة‪ ،‬وذلك من خالل إبرام اتفاقية إطار مع وزارة الداخلية ‪ -‬المبادرة الوطنية للتنمية‬
‫البشرية في شتنبر ‪ ،2018‬تروم تعزيز وإرساء آلية لتدبير فعال ومستدام لخدمة النقل المدرسي إضافة لتشجيع‬
‫وتأطير جمعيات المجتمع المدني النشيطة في هذا المجال‪ ،‬وكذا إعداد نموذج اتفاقية شراكة لتدبير النقل‬
‫المدرسي‪ ،‬بين مصالحها الالممركزة ومجلس الجهة أو الجماعة الترابية والجمعية التي ستدبر الحافلة‬
‫المخصصة للنقل المدرسي‪.‬‬
‫وتأسيسا على ما سبق‪ ،‬توصي المجالس الجهوية للحسابات وزارة الداخلية والوزارة المكلفة بقطاع‬
‫التربية الوطنية والتعليم األولي‪ ،‬بالحرص على ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬قيام العماالت واألقاليم‪ ،‬باعتبارها صاحبة االختصاص‪ ،‬بمهامها في ميدان النقل‬
‫المدرسي في المجال القروي‪ ،‬والسيما اإلشراف على هذا المرفق والتنسيق بين مختلف‬
‫المتدخلين في تدبيره (سواء منهم العموميون أو الخواص)‪ ،‬وذلك في إطار مالئم‪ ،‬يأخذ‬
‫بعين االعتبار خصوصيات كل عمالة أو إقليم‪ ،‬ويحدد التزامات ومسؤوليات األطراف‬
‫المعنية‪ ،‬وأيضا مصادر التمويل الالزمة‪ ،‬ويضمن التقائية وفعالية التدخالت‬
‫(العمومية)‪ ،‬وكذا استدامة الخدمة المقدمة للمرتفقين؛‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪156‬‬


‫‪ -‬تحديد الحاجيات من حافالت النقل المدرسي على صعيد كل إقليم‪ ،‬وترشيد عمليات‬
‫اقتنائها وتوزيعها بشكل يحقق العدالة المجالية بين الجماعات والتعاضد والتعاون فيما‬
‫بينها؛‬
‫‪ -‬إعمال آلية طلب عروض المشاريع من أجل انتقاء الجمعيات المؤهلة لتدبير المرفق‪،‬‬
‫واعتماد دفتر التحمالت الخاص بالنقل المدرسي المعد من طرف مصالح الوزارة‬
‫المكلفة بالتجهيز والنقل؛‬
‫‪ -‬تنظيم دورات تكوينية لفائدة الجمعيات التي تتولى تدبير مرفق النقل المدرسي قصد‬
‫مساعدتها على تقوية قدراتها التدبيرية‪ ،‬وبالخصوص في المجاالت المتعلقة بإعداد‬
‫وتنفيذ الميزانية‪ ،‬ومسك المحاسبة‪ ،‬وتسيير أسطول الحافالت‪ ،‬إلخ‪.‬‬
‫ثانيا‪ .‬تسيير مرفق النقل المدرسي بالوسط القروي وتطور بعض المؤشرات ذات الصلة‬
‫‪ .1‬تدبير أسطول حافالت النقل المدرسي‬
‫تتجلى أهم المالحظات المسجلة فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬نقل التالميذ في ظروف غير مالئمة وال تستجيب لشروط السالمة‬
‫يتم في عدة حاالت نقل التالميذ في ظروف غير مالئمة وال تستجيب لشروط السالمة‪ ،‬بسبب تجاوز‬
‫الحموالت المفترضة للحافالت‪ .‬فمثال على مستوى عمالة وأقاليم جهة الشرق‪ ،‬عرف عدد المستفيدين‬
‫من النقل المدرسي ارتفاعا مضطردا وانتقل من ‪ 10.363‬تلميذا وتلميذة خالل الموسم الدراسي‬
‫‪ 2017-2016‬إلى ‪ 18.602‬خالل الموسم الدراسي ‪ ،2020-2019‬أي بزيادة بلغت نسبة تناهز‬
‫‪ .%77‬وبالمقابل‪ ،‬ظل عدد المقاعد المتاحة غير كاف منذ الموسم الدراسي ‪ ،2017-2016‬ليرتفع‬
‫بذلك مؤشر االكتظاظ من ‪ 1,82‬إلى ‪ ،1,98‬أي أن نسبة ملء الحافلة تصل إلى ‪ .%200‬وهو ما‬
‫يعرفه كذلك إقليم الحسيمة في عدة جماعات‪ ،‬حيث ت ُ ِّقل الحافلة أكثر من ‪ 60‬تلميذا وتلميذة رغم أن‬
‫طاقتها االستيعابية القانونية محددة في ‪ 27‬مقعدا‪.‬‬
‫أمام هذه الوضعية‪ ،‬يتم اللجوء إما إلى برمجة عدة رحالت يوميا بواسطة نفس الحافلة إذا كانت‬
‫المسافة بين محالت السكنى والمؤسسة التعليمية تسمح بذلك‪ ،‬أو االكتفاء برحلة واحدة ونقل جميع‬
‫التالميذ دفعة واحدة‪ ،‬مما ال يضمن شروط السالمة أثناء السياقة‪ ،‬فضال عن عدم احترام عدد الركاب‬
‫المؤمن عنهم‪.‬‬
‫ومن جانب آخر‪ ،‬ال تتوفر بعض الحافالت المستعملة في النقل المدرسي على شروط الراحة‬
‫والسالمة‪ ،‬حيث يضطر بعض التالميذ إلى الجلوس على كراسي بالستيكية صغيرة غير مثبتة بالحافلة‬
‫وال تتوفر على أحزمة للسالمة وال مساند للظهر‪ ،‬أو مقاعد تكون في شكل ِّدكَاك طويلة بمتكآت‪ ،‬وذلك‬
‫دون مراعاة لمقتضيات الفصلين ‪ 2‬و‪ 49‬من المرسوم رقم ‪ 2.80.122‬بتاريخ ‪ 3‬نونبر ‪ 1981‬يتعلق‬
‫بالنقل الخاص الجماعي لألشخاص كما تم تغييره وتتميمه‪ .‬كما يلجأ المشرفون على تسيير مرفق النقل‬
‫المدرسي في بعض األحيان وبفعل االكتظاظ إلى نزع الكراسي المثبتة في الحافلة لفسح المجال لنقل‬
‫أكبر عدد ممكن من التالميذ‪.‬‬
‫‪ ‬أهمية األخذ بعين االعتبار خصوصيات الفتاة القروية وكذا ذوي االحتياجات الخاصة‬
‫يشكل االكتظاظ وضعية غير مريحة للتلميذات وأسرهن‪ .‬وقد أفادت بعض الجمعيات المسيّرة للنقل‬
‫المدرسي في كل من عمالة وأقاليم جهة الشرق وإقليمي الحسيمة وتارودانت أن اآلباء أصبحوا‬
‫يطالبون بتخصيص حافالت للفتيات‪ .‬وهو ما يستدعي استحضار األبعاد السوسيو‪-‬ثقافية في تدبير هذا‬
‫المرفق‪ ،‬وذلك بالرغم من األعباء المالية اإلضافية المتطلبة‪ ،‬ألن الحد من الهدر المدرسي في صفوف‬
‫الفتيات القرويات يعتبر من الغايات األساسية للمرفق‪.‬‬
‫من جانب آخر‪ ،‬فإن جل الحافالت المستعملة في النقل المدرسي غير مناسبة للتلميذات والتالميذ ذوي‬
‫اإلعاقة الحركية‪ ،‬ولم يتم تزويدها بالولوجيات وفق المعايير المعمول بها‪ .‬وهو ما ال ينسجم مع‬

‫‪157‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫مقتضيات المادتين ‪ 11‬و‪ 21‬من القانون اإلطار رقم ‪ 13.97‬المتعلق بحماية حقوق األشخاص في‬
‫وضعية إعاقة والنهوض بها‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى توفير بنيات لالنتظار في ظل عدم تطابق فترات الزمن المدرسي مع توقيت‬
‫مرور الحافالت‬
‫بالرغم من المجهودات التي يبذلها مختلف المتدخلين لتوفير حافالت للنقل المدرسي‪ ،‬ونظرا لعدم‬
‫تطابق فترات الزمن المدرسي مع توقيت مرور الحافالت‪ ،‬بالنسبة لجميع التالميذ المستفيدين‪ ،‬يضطر‬
‫هؤالء للقدوم‪ ،‬في بعض األحيان‪ ،‬إلى المؤسسات التعليمية قبل مواعيد الدروس‪ ،‬ثم انتظار موعد‬
‫انطالق الحافلة لمدة بعد انتهاء دروسهم‪ ،‬مع ما قد يترتب عن ذلك من إهدار للوقت في االنتظار أو‬
‫تعرض آلثار التقلبات الجوية وغيرها‪.‬‬
‫سجل في بعض الجماعات غياب بنيات الستقبال التلميذات والتالميذ وتأطيرهم بين‬ ‫وفي هذا اإلطار‪ُ ،‬‬
‫مواعيد الرحالت‪ .‬ويرجع سبب ذلك‪ ،‬إلى نقص الموارد البشرية وعدد القاعات في المؤسسات‬
‫التعليمية‪ ،‬أو إلى تردد مسؤوليها في استقبال هؤالء التلميذات والتالميذ لعدم تحمل مسؤوليتهم خالل‬
‫هذه الفترات‪.‬‬
‫‪ ‬المراقبة التقنية الدورية للحافالت وتزويدها بوسائل اإلغاثة يكتسيان ضرورة ملحة‬
‫ال يتم إخضاع جل حافالت النقل المدرسي بالعمالة واألقاليم المعنية‪ ،‬للمراقبة التقنية الدورية‪ ،‬مما ال‬
‫ينسجم مع مقتضيات الفصل ‪ 39‬من المرسوم رقم ‪ 2.80.122‬بتاريخ ‪ 3‬نونبر ‪ 1981‬سالف الذكر‪.‬‬
‫ففي إقليم تارودانت‪ ،‬تبين أن ‪ 148‬حافلة لم تخضع للمراقبة التقنية خالل الفترة ‪ ،2019-2015‬أي‬
‫بنسبة ‪ %82‬من مجموع الحافالت المستغلة‪ ،‬فيما خضعت ‪ 25‬حافلة إلجراء الفحص التقني بصفة‬
‫غير منتظمة خالل نفس الفترة‪ ،‬و‪ 8‬حافالت فقط هي التي خضعت للمراقبة التقنية الدورية‪ .‬وينطوي‬
‫غياب المراقبة التقنية الدورية على مخاطر‪ ،‬من بينها استعمال حافالت غير مؤهلة للسير على الطرق‬
‫العمومية‪ ،‬مع ما يمثله ذلك من خطر سواء على السائقين والمتمدرسين وعلى مستعملي الطريق‪.‬‬
‫وفيما يخص وسائل اإلغاثة‪ ،‬فإن بعضا من حافالت النقل المدرسي التي تفوق سعتها ‪ 25‬مقعدا غير‬
‫مزود بأجهزة اإلطفاء أو أن مدة صالحيتها منتهية‪ .‬فضال عن ذلك‪ ،‬تفتقر بعض الحافالت لصندوق‬
‫اإلسعافات األولية والعاجلة‪ ،‬وفي حال وجوده فهو ال يحتوي على المواد الصيدلية التي تمكن من‬
‫القيام بالعالجات األولية‪ ،‬وهذا ال ينسجم ومضامين الفصلين ‪ 20‬و‪ 21‬من المرسوم رقم ‪2.80.122‬‬
‫المذكور‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة إخضاع حافالت النقل المدرسي إلجراءات التسجيل واعتماد ورقة السير‬
‫إن بعض الحافالت المستعملة في النقل المدرسي ببعض األقاليم‪ ،‬سواء التي تم اقتناؤها داخل المغرب‬
‫أو التي تم استيرادها من الخارج مازالت تحمل أرقام تسجيل مؤقتة )‪ (WW‬أو أجنبية‪ ،‬رغم مرور‬
‫عدة سنوات على تاريخ أول شروع في استخدامها بالمغرب‪.‬‬
‫من ناحية أخرى‪ ،‬ال يتم‪ ،‬إال في حاالت قليلة‪ ،‬احترام مقتضيات دفتر التحمالت المتعلق بالنقل المدرسي‬
‫لحساب الغير‪ ،‬التي تحدد شروط استغالل مركبات النقل المدرسي ومسطرتي تقديم التصريح بالقيام‬
‫بهذا النقل وتسليم أوراق السير‪ .‬ففي إقليم تارودانت مثال‪ ،‬فإن (‪ )32‬حافلة فقط من أصل (‪ ،)181‬أي‬
‫حوالي ‪ %18‬من مجموع الحافالت باإلقليم‪ ،‬هي التي تتوفر على ورقة السير الصادرة عن المديرية‬
‫االقليمية للتجهيز والنقل‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة إبرام عقود الشغل مع سائقي الحافالت واكتتاب التأمين لفائدتهم‬
‫ال تعمل أغلب الجمعيات المدبرة للنقل المدرسي على إبرام عقود الشغل مع سائقي الحافالت‪ .‬ففي‬
‫عمالة وأقاليم جهة الشرق‪ ،‬وباستثناء الجمعية اإلقليمية لتطوير وتعميم التعليم ببركان التي شرعت في‬
‫تدبير خدمة النقل المدرسي مع بداية الموسم الدراسي ‪ ،2021/2020‬فإن باقي الجمعيات النشيطة في‬
‫المجال لم تبرم عقود شغل مع سائقي الحافالت‪ .‬كما أن ‪ 72‬سائقا من بين ‪ 108‬على مستوى إقليم‬
‫تارودانت ال تربطهم مع الجمعيات المشغلة عقود شغل موثقة‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪158‬‬


‫من جهة أخرى‪ ،‬ال يستفيد جل السائقين العاملين بمرفق النقل المدرسي من التأمين ضد حوادث الشغل‬
‫واألمراض المهنية‪ ،‬مما ال ينسجم مع مقتضيات المادة ‪ 29‬من القانون رقم ‪ 18.12‬المتعلق بالتعويض‬
‫عن حوادث الشغل‪ ،‬وكذا المادة ‪ 6‬من دفتر التحمالت المتعلق بالنقل المدرسي لحساب الغير‪ .‬فعلى‬
‫مستوى عمالة وأقاليم جهة الشرق على سبيل المثال‪ ،‬فإن أكثر من ‪ %91‬من السائقين غير مصرح‬
‫بهم لدى الصندوق الوطني للضمان االجتماعي‪.‬‬
‫وقد أبانت دراسة عينة من ملفات السائقين مكونة من ‪ 129‬سائقا على مستوى جماعات عمالة وأقاليم‬
‫جهة الشرق أن نصفهم تقريبا (‪ )%48‬يشتغلون مع الجمعيات المسيرة للنقل المدرسي لموسم دراسي‬
‫واحد فقط‪ .‬وتواجه الجمعيات صعوبة في إيجاد سائق بديل تتوفر فيه الشروط المطلوبة‪ ،‬مما يؤثر‬
‫على استمرارية خدمة النقل المدرسي‪ .‬وتعزى أسباب مغادرة السائقين للعمل طواعية إلى هزالة‬
‫األجرة الشهرية وغياب التغطية االجتماعية واالشتغال دون عقود عمل‪.‬‬
‫وتستدعي هذه الوضعية إعادة تأطير العالقة مع السائقين عن طريق إبرام عقود شغل موثقة لحماية‬
‫حقوق األطراف (سائقين وجمعيات ومستفيدين وجماعات) من خالل التنصيص صراحة على‬
‫مجموعة من االلتزامات المهنية‪ ،‬خاصة ما يتعلق بالحفاظ على الحافالت وااللتزام بسلوك تربوي في‬
‫التع امل مع التالميذ‪ ،‬وكذا اكتتاب تأمين لفائدة السائقين‪ .‬مما سيساهم في تحفيزهم على االنخراط في‬
‫تحسين جودة الخدمة المقدمة للمرتفقين وضمان استمراريتها‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة التأكد من توفر السائقين على الشروط الالزمة‬
‫ال يتوفر بعض السائقين الذين تستعين بهم الجمعيات‪ ،‬على رخصة السياقة من صنف "د"‪ ،‬التي تخول‬
‫لهم سياقة العربات المستخدمة في النقل المدرسي‪ ،‬والتي تحتوي على أكثر من (‪ )8‬مقاعد للجلوس‬
‫أو تنقل على متنها أكثر من (‪ )8‬أشخاص دون احتساب السائق‪ ،‬وهو ما ال يراعي مقتضيات المادة‬
‫‪ 7‬من القانون رقم ‪ 52.05‬المتعلق بمدونة السير على الطرق‪ ،‬وكذا المادة ‪ 9‬من دفتر التحمالت‬
‫المتعلق بالنقل المدرسي لحساب الغير‪ .‬ففي عينة مكونة من ‪ 218‬سائقا لمركبات النقل المدرسي‬
‫بالجماعات التابعة لعمالة وأقاليم جهة الشرق‪ ،‬تبين أن ‪ 109‬منهم فقط (‪ )50‬يتوفرون على الرخصة‬
‫المالئمة لسياقة هذه المركبات‪.‬‬
‫من جهة أخرى‪ ،‬فإن مجموعة من السائقين ال يتوفرون على بطاقة السائق المهني‪ ،‬بالرغم من كون‬
‫العربات المستعملة في النقل المدرسي تستلزم توفر السائق على هذه البطاقة طبقا ألحكام المادة ‪40‬‬
‫من القانون رقم ‪ 05.52‬سالف الذكر‪ .‬وعلى سبيل المثال‪ ،‬تم إحصاء ‪ 52‬سائقا للحافالت بنفوذ‬
‫‪ 8‬جماعات تابعة إلقليم الحسيمة حاصلين على رخصة السياقة من صنف "د"‪ ،‬إال أنهم ال يتوفرون‬
‫على بطاقة السائق المهني‪.‬‬
‫عالوة على ذلك‪ ،‬فإن جل السائقين ال يتوفرون على شهادة الفحص الطبي‪ ،‬كما نصت على ذلك المادة‬
‫‪ 9‬من دفتر التحمالت المتعلق بالنقل المدرسي لحساب الغير‪ .‬وعلى سبيل المثال‪ ،‬فإن ‪ 25‬من أصل‬
‫‪ 52‬سائقا يعملون بنفوذ ‪ 8‬جماعات تابعة إلقليم الحسيمة ال يتوفرون على شهادة الفحص الطبي‪.‬‬
‫‪ .2‬التدبير المالي للنقل المدرسي‬
‫تتجلى أهم المالحظات المسجلة فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬وضعية مالية غير مريحة للجمعيات المسيرة لمرفق النقل المدرسي بالوسط القروي‬
‫تعاني الجمعيات المتدخلة في تدبير النقل المدرسي بالعالم القروي من ضعف مواردها المالية التي ال‬
‫تغطي مصاريفها االعتيادية‪ ،‬مما ينتج عنه عجز هيكلي شبه دائم ومتفاقم من سنة ألخرى‪ .‬ففي عينة‬
‫مكونة من ‪ 44‬جمعية تتولى تدبير حافالت النقل المدرسي على مستوى أقاليم الناضور والدريوش‬
‫وجرسيف‪ ،‬تبين أن ‪ 22‬جمعية عرفت عجزا ماليا سنويا مرة واحدة على األقل خالل الفترة‬
‫سجل عجز في مالية جمعيات أخرى بجماعات في كل من إقليمي موالي يعقوب‬ ‫‪ .2021-2016‬كما ُ‬
‫وتارودانت‪.‬‬

‫‪159‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫وأمام هذه الوضعية‪ ،‬ولتفادي توقف خدمة النقل المدرسي‪ ،‬وما ينتج عنه من ضرر معنوي تجاه‬
‫الساكنة باإلضافة إلى حرمان التالميذ من الدراسة‪ ،‬تضطر الجماعات إلى تحميل ميزانياتها‪ ،‬فضال‬
‫عن اإلعانات السنوية المقدمة للجمعيات‪ ،‬نفقات إضافية والتي بلغ مجموعها‪ ،‬على سبيل المثال بالنسبة‬
‫للجماعات التابعة لعمالة وأقاليم جهة الشرق خالل الفترة ‪ ،2020-2016‬ما قدره‬
‫‪ 1.272.008,27‬درهم‪.‬‬
‫‪ ‬وفاء األطراف المتعاقدة بالتزاماتها وتعبئة موارد مالية إضافية من الشروط األساسية‬
‫الستدامة خدمات النقل المدرسي بصيغتها الحالية‬
‫تعتمد أغلب الجمعيات المدبرة لمرفق النقل المدرسي على الدعم المالي المقدم لها من طرف‬
‫المحولة من قِّبل الجماعات‬
‫ّ‬ ‫الجماعات‪ .‬ففي عمالة وأقاليم جهة الشرق مثال‪ ،‬انتقل حجم المساهمات‬
‫لفائدة الجمعيات التي تتكفل بتسيير مرفق النقل المدرسي من ‪ 2,5‬مليون درهم سنة ‪ 2016‬إلى ما‬
‫يناهز ‪ 5,7‬مليون درهم خالل سنة ‪ 2019‬أي بزيادة تجاوزت ‪.%127‬‬
‫وبالرغم من أن جل اتفاقيات الشراكة مع الجمعيات يتم إبرامها في بداية الموسم الدراسي‪ ،‬فإن بعض‬
‫الجماعات ال تقوم ببرمجة االعتمادات الضرورية عند إعداد ميزانياتها قصد تفعيل هذه االتفاقيات؛‬
‫كما أن تحويل المساهمات المالية لحساب الجمعيات غالبا ما يتم متأخرا خالل شهر دجنبر أو خالل‬
‫السنة الموالية‪ ،‬مما يجعل هذه الجمعيات تفتقر للسيولة النقدية الكافية في باقي فترات السنة‪ ،‬الشيء‬
‫الذي ينتج عنه تأخر صرف أجور السائقين ويصعب معه ضمان استمرارية الخدمة‪.‬‬
‫وعالقة بما سبق‪ ،‬فقد تبين على مستوى إقليم تارودانت‪ ،‬أن ‪ 36‬جمعية (أي ‪ %43‬من الجمعيات‬
‫المدبرة لهذا المرفق) لم تتلق أي دعم خالل الفترة ‪ .2019-2015‬بينما لجأت بعض الجماعات بجهة‬
‫الشرق إلى خفض مبالغ المساهمات المالية التي تم تحويلها لفائدة الجمعيات مقارنة مع المبالغ المتعاقد‬
‫بشأنها بمبرر عدم كفاية االعتمادات‪.‬‬
‫‪ ‬مراقبة مالية الجمعيات المدبرة للنقل المدرسي ضرورة ملحة‬
‫ال تخضع مالية غالبية الجمعيات المدبرة للنقل المدرسي ألية مراقبة‪ ،‬سواء من طرف العماالت‬
‫واألقاليم باعتبارها صاحبة االختصاص في مجال تدبير هذا المرفق‪ ،‬أو من طرف الجماعات التي‬
‫تربطها بها اتفاقيات وتمنح لها دعما ماليا‪ .‬واستثناء‪ ،‬تدلي بعض الجمعيات بالتقارير المالية التي تعدها‬
‫بمناسبة انعقاد جموعها العامة لفائدة الجماعات المعنية‪ ،‬غير أن التقارير المالية المقدمة عبارة عن‬
‫قوائم بسيطة لمجموع المداخيل والمصاريف المنجزة‪ ،‬وال يتم إعدادها وفق مخطط محاسبة الجمعيات‪،‬‬
‫وتعزيزها بالوثائق المحاسبية المثبتة‪ ،‬وبالتالي فإنها ال تسمح بأية مراقبة فعالة‪ .‬وتكتفي الجماعات‬
‫بتسلم هذه التقارير دون أن تباشر أي مراقبة أو تدقيق مالي‪.‬‬
‫كما أن أغلب الجمعيات المدبرة للنقل المدرسي ال تمسك محاسبتها وفق مخطط محاسبة الجمعيات‬
‫معززة بالوثائق المحاسبية المثبتة‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬تبين أن ‪ 33‬فقط من أصل ‪ 83‬جمعية نشيطة‬
‫في هذا المجال بجماعات إقليم تارودانت‪ ،‬هي التي تمسك محاسبتها‪ ،‬أي ما يناهز ‪ .%40‬وهذا ال‬
‫يراعي مقتضيات الفصلين ‪ 32‬و‪ 32‬مكرر مرتين من الظهير الشريف رقم ‪ 1.58.376‬بتنظيم حق‬
‫تأسيس الجمعيات كما تم تعديله وتتميمه‪ ،‬سيما بالقانون رقم ‪ 75.00‬الصادر في ‪ 23‬يوليوز ‪،2002‬‬
‫وكذلك أحكام الفصل ‪ 3‬من قرار وزير المالية بتاريخ ‪ 31‬يناير ‪ 1959‬بمثابة النظام المالي والمحاسبي‬
‫للجمعيات التي تتلقى دعما دوريا من الجماعات المحلية‪ ،‬والتي تلزم الجمعيات بمسك المحاسبة حسب‬
‫نظام مزدوج‪.‬‬
‫صرحت بها‬
‫يتسن التأكد من صدقية األرقام التي ّ‬‫ّ‬ ‫وفي غياب الوثائق المحاسبية والقوائم التركيبية‪ ،‬لم‬
‫الجمعيات المدبرة للمرفق‪ .‬كما ال يسمح ذلك بإجراء مراقبة فعالة للتدبير المالي‪ ،‬ال سيما في ظل عدم‬
‫فصل الجمعيات للعمليات المالية المتعلقة بالمرفق عن العمليات المالية األخرى‪ ،‬إذ أن بعض الجمعيات‬
‫تنشط في مجاالت أخرى بالموازاة مع تسيير حافالت النقل المدرسي لفائدة الجماعات المعنية‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪160‬‬


‫‪ .3‬تطور مؤشرات التمدرس وخدمة النقل المدرسي‬
‫‪ ‬تطور عدد حافالت النقل المدرسي ونسبة الهدر المدرسي بدرجات متفاوتة‬
‫خالل الفترة ‪ ،2020-2017‬عرف عدد حافالت النقل المدرسي بجماعات عمالة وأقاليم جهة الشرق‪،‬‬
‫تطورا ملحوظا‪ ،‬إذ انتقل من ‪ 416‬حافلة سنة ‪ 2017‬إلى ‪ 537‬حافلة سنة ‪ .2020‬وخالل نفس الفترة‪،‬‬
‫فقد عرف مؤشر الهدر المدرسي تحسنا مسترسال‪ ،‬تباينت أهميته حسب األسالك التعليمية‪ .‬فقد انخفض‬
‫هذ المؤشر في السلك الثانوي اإلعدادي بثالث (‪ )3‬نقط متراجعا من ‪ %10,3‬إلى ‪ .%7,3‬أما في‬
‫السلكين الثانوي التأهيلي واالبتدائي‪ ،‬فقد انخفض هذا المؤشر نسبيا بنقطة واحدة (‪ ،)1‬حيث تراجع‬
‫على التوالي من ‪ %6,5‬إلى ‪ %5,3‬ومن ‪ %3,1‬إلى ‪.%2,1‬‬
‫أما في إقليم موالي يعقوب‪ ،‬فقد عرف مؤشر الهدر المدرسي تطورا إيجابيا ما بين موسمي‬
‫‪ 2016/2015‬و‪ 2020/2019‬في كل األسالك التعليمية‪ ،‬ولئن كان ذلك بنسب متفاوتة‪ ،‬حيث تراجع‬
‫من ‪ %2,9‬إلى ‪ %1,5‬بالنسبة للمستوى االبتدائي ومن ‪ %14,5‬إلى ‪ %9,7‬بالنسبة للمستوى‬
‫اإلعدادي ومن ‪ %8,2‬إلى ‪ %7,6‬بالنسبة للمستوى التأهيلي‪.‬‬
‫وفي إقليم الحسيمة‪ ،‬فقد ش ِّهد كل من عدد الحافالت بالوسط القروي وعدد المستفيدين من النقل‬
‫بواسطتها‪ ،‬زيادة بحوالي ‪( %125‬انتقل من ‪ 102‬إلى ‪ 229‬حافلة) و‪( %60‬انتقل من ‪ 5.246‬إلى‬
‫‪ 8.426‬مستفيد) على التوالي خالل الفترة ‪ .2021-2017‬وباستثناء االنخفاض الملموس بالنسبة‬
‫للسلكين اإلعدادي والثانوي في الموسم الدراسي ‪ 2018/2017‬مقارنة مع سابقه‪ ،‬فإن مؤشر الهدر‬
‫المدرسي بقي بعد ذلك شبه مستقر في ‪ %3‬و‪ %2‬على التوالي‪.‬‬
‫وبالنسبة إلقليم تارودانت‪ ،‬فقد تضاعف عدد حافالت النقل المدرسي بأكثر من أربع مرات (انتقل من‬
‫‪ 44‬إلى ‪ 181‬حافلة)‪ ،‬وعدد المستفيدين من هذه الخدمة ست مرات تقريبا (انتقل من ‪ 1.914‬إلى‬
‫‪ 11.074‬مستفيد) خالل الفترة ‪ .2019-2015‬ورغم ذلك‪ ،‬استقر المؤشر العام للهدر المدرسي‬
‫(بالنسبة لجميع األسالك التعليمية) خالل هذه الفترة في نسبة متوسطة قدرها ‪ ،%5‬مع تسجيل انخفاض‬
‫طفيف خالل سنتي ‪ 2018‬و‪ 2019‬بنسبتي ‪ %4,4‬و‪ %4,9‬بعد أن كان في حدود ‪ %5,9‬خالل سنة‬
‫‪.2019‬‬
‫‪ ‬استقرار أعداد غير المسجلين بالمدارس والمنقطعين عن الدراسة‬
‫رغم تطور أسطول الحافالت المستغلة في العمالة واألقاليم التي شملتها المهمات الرقابية‪ ،‬فقد تبين‬
‫أن مؤشر التمدرس‪ ،‬من خالل عدد غير المسجلين وكذا المنقطعين‪ ،11‬عرف تذبذبا من إقليم إلى آخر‪.‬‬
‫ففي عمالة وأقاليم جهة الشرق‪ ،‬عرف عدد غير المسجلين زيادة بلغت نسبتها ‪ %0,87‬خالل الفترة‬
‫‪ ،2017-2020‬وانتقل من ‪ 5.401‬إلى ‪ 5.448‬طفال‪ .‬وفي إقليم تارودانت‪ ،‬عرف عدد المنقطعين عن‬
‫الدراسة منحى تصاعديا وانتقل من ‪ 2.982‬إلى ‪ 3.609‬تلميذا منقطعا خالل الفترة ‪.2019-2016‬‬
‫وبالنسبة إلقليم الحسيمة‪ ،‬فقد تم الوقوف على حاالت انقطاع عن الدراسة بارتباط مباشر بغياب النقل‬
‫المدرسي بالوسط القروي لإلقليم كما أفاد بذلك ممثلو الجمعيات المسيرة للمرفق‪ ،‬مثل جماعة النكور‬
‫بما مجموعه ‪ 22‬حالة انقطاع خالل الموسمين الدراسيين ‪ 2020/2019‬و‪ ،2021/2020‬وجماعة‬
‫عبد الغاية السواحل بما مجموعه ‪ 34‬حالة انقطاع حيث تبعد المؤسسات التعليمية عن محالت السكن‬
‫بمسافة تتراوح بين ‪ 05‬و‪ 25‬كيلومترا‪ .‬أما في إقليم موالي يعقوب‪ ،‬فقد عرفت نسبة التمدرس تحسنا‬
‫ملحوظا خالل الفترة ‪ ،2020-2015‬وإن كان ذلك بنسب متفاوتة حسب الفئة العمرية‪ ،‬حيث انتقلت‬
‫نسبة التمدرس اإلجمالية بالنسبة للفئة العمرية ‪ 14-22‬سنة من ‪ 77‬إلى ‪ 83‬في المائة وبالنسية للفئة‬
‫العمرية من ‪ 15‬إلى ‪ 17‬سنة من ‪ 43‬إلى ‪ 51‬في المائة‪ ،‬وذلك ما بين الموسمين الدراسيين‬
‫‪ 2016/2015‬و‪ .2020/2019‬والمنحى ذاته عرفته نسبة تمدرس الفتيات التي ارتفعت‪ ،‬ما بين‬
‫الموسمين المذكورين‪ ،‬من ‪ 68‬إلى ‪ 75‬في المائة ومن ‪ 33‬إلى ‪ 43‬في المائة على التوالي‪.‬‬

‫‪ 11‬حسب المعطيات المقدمة من طرف األكاديميات الجهوية للتربية والتكوين المعنية‪.‬‬

‫‪161‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫‪ ‬الحاجة إلى اعتماد لوحة قيادة لمرفق النقل المدرسي‬
‫تتعدد األهداف المسطرة لمرفق النقل المدرسي بالعالم القروي‪ .‬ويتجلى أه ُّمها في محاربة الهدر‬
‫المدرسي‪ ،‬والمساهمة في تمدرس الفتيات‪ ،‬والدعم االجتماعي لألسر المعوزة‪ ،‬وتحسين ظروف تنقل‬
‫التالميذ ‪ ...‬واعتبارا لطبيعة هذه األهداف‪ ،‬فإن تقييم مدى إنجازها يستلزم وضع لوحة قيادة تتضمن‬
‫جميع المعطيات حول تدبير هذا المرفق الذي يتسم‪ ،‬كما سبق تفصيله أعاله‪ ،‬بتعدد المتدخلين وضعف‬
‫التنسيق فيما بينهم‪.‬‬
‫وفي هذا السياق‪ ،‬اتضح أن الجماعات والجمعيات‪ ،‬باعتبارها أهم األطراف التي تتولى عمليا تدبير‬
‫المرفق‪ ،‬ال تتوفر على أي معطيات بخصوص مؤشرات التمدرس كالهدر المدرسي‪ ،‬ونسب النجاح‪،‬‬
‫بينما تقتصر أدوار مجالس العماالت واألقاليم والجهات‪ ،‬ووكاالت تنمية األقاليم والمبادرة الوطنية‬
‫للتنمية البشرية‪ ،‬على تمويل اقتناء الحافالت‪ .‬أما مصالح وزارة التربية الوطنية‪ ،‬ولئن كانت تتوفر‬
‫على نظام معلوماتي ينتج معطيات عامة حول العملية التعليمية‪ ،‬فإن مسلسل إنتاج هذه المعطيات‬
‫منفصل عن خدمة النقل المدرسي‪ ،‬وال يتيح تقييم هذا المرفق وفق منهج علمي يبين العالقة السببية‬
‫(األسباب واآلثار) بين خدمة النقل المدرسي ومؤشرات التمدرس بصفة خاصة ونتائج العملية‬
‫التعليمية بصفة عامة‪.‬‬
‫وقد أوضحت وزارة الداخلية أنه‪ ،‬سعيا لتجاوز اإلكراهات التي يعرفها مرفق النقل المدرسي بالعالم القروي‪،‬‬
‫تقوم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية‪ ،‬في إطار مرحلتها الثالثة بإنجاز دراسة تشخيصية أولية حول تدبير‬
‫أسطول حافالت النقل المدرسي التي تم اقتناؤها في هذا اإلطار‪ ،‬بغية تحديد رؤية شاملة تمكن من تجويد‬
‫وضمان استدامة المرفق‪ ،‬توضح دور وصالحيات كافة الفاعلين المعنيين‪ ،‬عالوة على وضع استراتيجية‬
‫واضحة تمكن من توفير الموارد المالية الالزمة لتسيير حافالت النقل المدرسي وتعبئة الموارد البشرية المؤهلة‬
‫وفق دفتر تحمالت خاص بالنقل المدرسي‪ .‬كما تقوم المديرية العامة للجماعات الترابية بعملية تشخيص حول‬
‫تدبير المرفق بالمجال القروي‪ ،‬وذلك من أجل تحديد المعيقات وتقييم األداء واقتراح توصيات تهدف إلى تجويد‬
‫خدماته وتحسين حكامته‪.‬‬
‫ومن جهتها‪ ،‬وللمساهمة في الرفع من نجاعة تدبير هذا المرفق‪ ،‬اقترحت وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي‬
‫والرياضة‪:‬‬
‫‪ -‬مساهمة الوزارة عبر مصالحها اإلقليمية في تحديد الحاجيات من النقل المدرسي عبر تحضير خريطة‬
‫الخصاص من هذه الخدمة‪ ،‬في تكامل مع باقي خدمات الدعم االجتماعي خصوصا اإليواء واإلطعام المدرسي‪،‬‬
‫وذلك على مستوى المؤسسات المستفيدة ولوائح التلميذات والتالميذ؛‬
‫‪ -‬المساهمة في تحديد مسارات النقل المدرسي وخلق ترابط المسارات بين الجماعات الترابية وذلك بغية ترشيد‬
‫النفقات واستعمال الحافالت المدرسية؛‬
‫‪ -‬تتبع وتقييم أداء المرفق وربط اآلثار بالنتائج المحققة وفق مؤشرات قابلة للقياس يناط بالمصالح اإلقليمية‬
‫للوزارة إعداد لوحة قيادة للنقل المدرسي تضم مؤشرات مثل نسبة الهدر المدرسي على مستوى الجماعات‬
‫المستفيدة من النقل المدرسي‪ ،‬نسبة االنقطاع عن الدراسة‪ ،‬تمدرس الفتاة القروية‪ ،‬ونسبة استكمال الدراسة‬
‫بالسلك االعدادي‪ .‬على أن توضع هذه اللوحة رهن إشارة المتدخلين في النقل المدرسي وتخضع للتحيين بشكل‬
‫دوري لتقييم مدى تحقق األهداف المنتظرة‪.‬‬
‫وأ ضافت هذه الوزارة بأن مصالحها مستعدة للمساهمة في بلورة نموذج حكامة ناجعة لمرفق النقل المدرسي‪،‬‬
‫واستدامة التمويل لهذه الخدمة‪ ،‬واالعتماد على التجارب الناجحة في بعض جهات المملكة‪ ،‬للتدبير المفوض‬
‫لخدمة النقل المدرسي من طرف جمعية أو شركة متخصصة في هذا المجال كشركات التنمية المحلية أو‬
‫مجموعات الجماعات الترابية‪.‬‬
‫وتأسيسا على ما سبق‪ ،‬توصي المجالس الجهوية للحسابات وزارة الداخلية والوزارة المكلفة بقطاع‬
‫التربية الوطنية والتعليم األولي‪ ،‬بالحرص على ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬توسيع وتجويد عرض النقل المدرسي بتوفير العدد الكافي من الحافالت المستوفية‬
‫للخصائص التقنية المحددة في القوانين واألنظمة الجاري بها العمل‪ ،‬والسيما المتعلقة‬
‫بنقل األشخاص ذوي االحتياجات الخاصة‪ ،‬مع ضرورة إخضاعها إلجراءات التسجيل‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪162‬‬


‫القانونية‪ ،‬وللمراقبة التقنية الدورية المفروضة على المركبات‪ ،‬وكذلك توفير بنيات‬
‫مالئمة الستقبال أو على األقل إيواء التالميذ خالل فترات انتظار الحافالت؛‬
‫‪ -‬تشغيل السائقين (بواسطة عقود عمل) المتوفرين على رخصة السياقة من صنف "د"‪،‬‬
‫وبطاقة السائق المهني وشهادة الفحص الطبي‪ ،‬واكتتاب التأمين ضد حوادث الشغل‬
‫واألمراض المهنية والتغطية الصحية لفائدتهم؛‬
‫‪ -‬البحث‪ ،‬في ظل الوضعية المالية الصعبة التي تعرفها بعض الجمعيات‪ ،‬عن حلول بديلة‬
‫لضمان استمرارية خدمة النقل المدرسي (تمويالت مبتكرة‪ ،‬حافالت احتياطية‪)... ،‬؛‬
‫‪ -‬اعتماد لوحة قيادة لتتبع وتقييم أداء المرفق بناء على مؤشرات كمية وكيفية لقياس‬
‫الفعالية والجودة؛‬
‫‪ -‬تعزيز المراقبة على الجمعيات الموكول إليها تسيير المرفق‪ ،‬والسيما إلزامها باإلدالء‬
‫بالحسابات والبيانات المحددة في القوانين واألنظمة الجاري بها العمل‪ ،‬وتحديد قيمة‬
‫المساهمات المفروضة على المستفيدين من المرفق‪.‬‬

‫‪163‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫التعليم المدرسي عن بعد‪:‬‬
‫أهمية استثمار هذا النمط الجديد وتوفير مقومات نجاحه‬

‫على إثر تفشي جائحة "كوفيد‪ ،"19-‬سارعت كل الدول التي تبنت الحجر الصحي الشامل إلى إغالق‬
‫مؤسساتها التعليمية باعتبارها مراكز تجمعات بشرية تشكل مجاال خصبا النتشار العدوى‪ .‬وقد مس‬
‫اإلغالق حوالي ‪ 1,6‬مليار تلميذ وطالب في أكثر من ‪ 190‬بلدا في كل القارات‪ .‬كما شمل اإلغالق‬
‫‪ %94‬من الساكنة المتمدرسة عالميا و‪ %99‬من البلدان ذات الدخل الضعيف وبلدان الشريحة الدنيا‪،‬‬
‫ذات الدخل المتوسط‪ .‬وقبل اإلعالن عن حالة الطوارئ واتخاذ السلطات المغربية لقرار الحجر‬
‫الصحي‪ 12‬بتاريخ ‪ 24‬مارس ‪ ،2020‬بادرت الوزارة المكلفة بقطاع التعليم إلى اإلعالن عن إغالق‬
‫المدارس وأرفقت هذا اإلجراء بقرار آخر يتمثل في اإلبقاء على سير هذا المرفق وضمان‬
‫"االستمرارية البيداغوجية" وذلك باعتماد نمط التعليم عن بعد بداية من ‪ 16‬مارس ‪.2020‬‬
‫لكن‪ ،‬وبالرغم من المجهودات التي قامت بها الوزارة لتطبيق هذا النمط والحفاظ على استمرارية‬
‫المرفق العام‪ ،‬فقد رافقت تنفيذه مجموعة من الصعوبات والتحديات (قانونية وبشرية ومادية‪ )...‬كان‬
‫لها األثر المباشر على النتائج التي تم تحقيقها والتي كانت متباينة على مستويات عدة‪.‬‬
‫وقد شملت مهمة تقييم نمط "التعليم المدرسي عن بعد" عدة جوانب‪ ،‬تتعلق بمكانة التعليم عن بعد في‬
‫المنظومة الوطنية للتعليم‪ ،‬ونجاعة العرض المدرسي‪ ،‬وحصيلة عملية التعليم عن بعد باإلضافة إلى‬
‫تدبير اآلليات والموارد المستعملة في هذه المرحلة‪.‬‬
‫أوال‪ .‬التعليم المدرسي عن بعد في إطار المنظومة الوطنية للتعليم‬
‫‪ ‬خطة "التعليم عن بعد"‪ :‬أمام األزمة البد من إيجاد الحلول‬
‫أمام األزمة الصحية الطارئة‪ ،‬وفي غياب تجربة سابقة أو تأطير قانوني حول نمط التعليم عن بعد‪،‬‬
‫سارعت السلطات الوصية إلى اتخاذ مجموعة من اإلجراءات المتتالية إلرساء نمط التعليم عن بعد‬
‫والتحضير واإلعداد لضمان تطبيقه على مستوى مجموع التراب الوطني‪ .‬كما ساهمت هذه اإلجراءات‬
‫في تحديد األشخاص المسؤولين عن تنفيذه والموارد الواجب تعبئتها وأشكال التواصل المزمع‬
‫اعتمادها‪ .‬وقد استندت وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة في تفعيل نمط التعليم عن بعد‬
‫على المكتسبات المحققة في إطار برنامج تعميم تكنولوجيات اإلعالم واالتصال بالمؤسسات التعليمية‬
‫"جيني"‪ ،‬الذي انطلق سنة ‪.2005‬‬
‫وقد برزت مجموعة من اإلكراهات التي أثرت سلبا على نجاح العملية ومتابعة التالميذ لدروسهم‪.‬‬
‫فالمجهود المرتبط بعملية إنتاج الموارد الرقمية لم يصل‪ ،‬بالشكل المطلوب‪ ،‬إلى جميع التالميذ بسبب‬
‫محدودية اإلمكانيات والمعدات التكنولوجية (حواسيب‪ ،‬هواتف‪ ،‬انترنيت‪ ،)...‬فضال عن محدودية‬
‫المساعدة والتأطير من طرف أولياء األمور‪ .‬فالمصالح الوزارية سخرت كافة جهودها لعملية إنتاج‬
‫الموارد الرقمية‪ ،‬دون إيالء العناية الالزمة لجانب مهم ضمن هذه العملية‪ ،‬والمتمثل في مدى وصول‬
‫هذا المجهود إلى التلميذ ومدى االستفادة منه‪.‬‬
‫باإلضافة الى ذلك‪ ،‬وبالنظر إلى غياب نص قانوني بشأن مسألة تفعيل االستمرارية البيداغوجية من‬
‫طرف األساتذة‪ ،‬فإن العملية أخذت طابعا تطوعيا صرفا‪ ،‬حيث لم ينخرط بعض األساتذة فيها‪ ،‬معللين‬
‫ذلك‪ ،‬على الخصوص‪ ،‬بعدم التوفر على حاسوب أو هاتف وظيفي أو شبكة إنترنيت أو لحرصهم على‬
‫حماية معطياتهم الشخصية أو لعدم االقتناع بأهداف التعليم عن بعد‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬قدر تقرير‪،‬‬
‫أنجزه المجلس األعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي‪ ،13‬نسبة األساتذة الذين لم ينخرطوا في عملية‬
‫‪ 12‬المرسوم بقانون رقم ‪ 2.20.292‬صادر في ‪ 28‬من رجب ‪ 23( 1441‬مارس ‪ )2020‬يتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية‬
‫وإجراءات اإلعالن عنها‪ ،‬والمرسوم رقم‪ 2.20.293.‬صادر في ‪ 29‬من رجب ‪ 24( 1441‬مارس ‪ )2020‬بإعالن حالة الطوارئ الصحية‬
‫بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس كورونا‪-‬كوفيد ‪.19‬‬
‫‪ 13‬الصادر بتاريخ ‪2021/11/12‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪164‬‬


‫تنزيل التعليم عن بعد في ‪ ،%17,4‬وهو ما يعني أن االستمرارية البيداغوجية لم تفعل على مستوى‬
‫مجموعة من األقسام‪ ،‬تضم ما يعادل ‪ 1,1‬مليون تلميذا‪.‬‬
‫‪ ‬مرسوم التعليم عن بعد‪ :‬خطوة مهمة إلى األمام‬
‫صدر المرسوم رقم ‪ 2.20.474‬المتعلق بالتعلم عن بعد والذي يحدد شروط وكيفيات تقديم التعلم عن‬
‫بعد لفائدة المتعلمين بمؤسسات التربية والتعليم والتكوين المدرسي والمهني والجامعي بالقطاعين‬
‫العام والخاص‪ ،‬بتاريخ ‪ 24‬غشت ‪ .2021‬أي بعد أكثر من عام عن بداية تطبيق نمط التعليم عن بعد‬
‫بالمؤسسات المدرسية الوطنية‪.‬‬
‫غير أن هذا المرسوم‪ ،‬وإن كان يشكل تطورا ملحوظا في سبيل إدماج التعليم عن بعد في المنظومة‬
‫التربوية لبالدنا‪ ،‬فإنه لم يتطرق إلى تعريف الظروف ودواعي التطبيق التي يمكن أن تفرض اللجوء‬
‫إلى هذا النمط وتسمح بتبنيه‪ ،‬وتسمح كذلك للتالميذ أو ألولياء أمورهم بالمطالبة باالستفادة منه كلما‬
‫توافرت أو اجتمعت الظروف لذلك (مرض طارئ‪ ،‬انقطاع لسبب معقول‪ ،‬كارثة طبيعية‪ .)...‬وفي‬
‫غياب مأسسة حقيقية‪ ،‬وفي انتظار ما ستنص عليه النصوص التطبيقية التي أحال عليها المرسوم‪ ،‬ال‬
‫يمكن حاليا اعتبار هذا النمط جزءا فعليا من المنظومة التربوية الوطنية‪.‬‬
‫ثانيا‪ .‬العرض المدرسي‪ :‬تنوع في العرض بمعيقات كبيرة‬
‫حدَّت مجموعة من العوامل من نجاعة هذا العرض واالستفادة المثلى منه‪ ،‬ومن ضمنها‪:‬‬
‫‪ ‬تعدد التالميذ ذوي المستويات المختلفة داخل األسرة الواحدة حال دون متابعة التالميذ‬
‫لدروسهم‬
‫حال البث التلفزي المتوازي للدروس ألسالك مختلفة دون تتبع التالميذ المتمدرسين في األسالك‬
‫المختلفة والمنتمين لألسرة الواحدة‪ ،‬لدروسهم المتلفزة‪ .‬وإذا كان مؤشر توفر األسر المغربية على‬
‫جهاز تلفاز واحد مرتفعا‪ ،‬حسب تقرير المندوبية السامية للتخطيط المتعلق بالمؤشرات االجتماعية‬
‫لسنة ‪ %90,5( 2020‬في الوسط القروي و‪ %97,6‬في الوسط الحضري)‪ ،‬فإن تعدد األطفال داخل‬
‫األسرة الواحدة (أكثر من طفلين حسب إحصائيات سنة ‪ 2018‬الواردة في تقرير للمندوبية نفسها)‬
‫وبث عدة دروس تهم مستويات مختلفة في نفس الوقت لم يمكن كل التالميذ من متابعة دروسهم في‬
‫آن واحد‪ ،‬خاصة في الوسط القروي‪.‬‬
‫‪ ‬مشاهدة ومتابعة القنوات التلفزية المخصصة للتعليم عن بعد‪ :‬نسب تتبع محدودة‬
‫لم يبادر القطاع الوصي إلى طلب معلومات من الشركة الوطنية لإلذاعة والتلفزة‪ ،‬لها عالقة بنسب‬
‫التتبع والمشاهدة‪ ،‬وذلك من أجل تكوين رؤية واضحة حول مدى تجاوب التالميذ مع هذه الواسطة‪،‬‬
‫خصوصا وأن مكونات القطاع بذلت جهدا مهما في إنتاج الدروس المتلفزة‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى تعزيز التفاعل بين التالميذ واألساتذة عند اعتماد نمط التعليم عن بعد‬
‫احتلت التلفزة المرتبة الثانية بنسبة ‪ ،%43‬بعد الهاتف الذكي (‪ ،)%88‬ضمن الوسائل المعتمدة في‬
‫تأمين خدمة التعليم عن بعد‪ ،‬إال أن هذه الوسيلة ال تتيح إمكانية التفاعل بين األستاذ والتلميذ‪ ،‬ال سيما‬
‫وأن العملية التعليمية مبنية أساسا على هذا التفاعل‪ .‬فقد اتسمت عملية التعليم عن بعد باعتماد الطريقة‬
‫التقليدية في تقديم الدروس‪ ،‬أي التلقين واإللقاء‪ ،‬وغياب التفاعل في العالقة التربوية‪ ،‬سواء بين األستاذ‬
‫والتلميذ أو بين التالميذ فيما بينهم‪ ،‬باإلضافة إلى غياب التواصل غير اللفظي الضروري لتكوين‬
‫شخصية المتعلم وترسيخ المعارف التي يكتسبها‪ .‬وفي هذا اإلطار‪ ،‬صرحت ‪ %39‬من األسر التي‬
‫شكلت العينة التي اعتمدها تقرير المفتشية العامة للشؤون التربوية حول تقييم التعليم عن بعد‪ ،‬بأنها‬
‫غير راضية عن مستوى التفاعل بين األساتذة والتالميذ‪.‬‬
‫‪ ‬استعمال محدود لمنصة "تلميذتيس"‬
‫لم يتعد عدد مستعملي منصة "تلميذتيس" ‪ %8‬من مجموع التالميذ‪ ،‬وأن معدل القراءة الكاملة لم‬
‫يتجاوز ‪ .% 2‬ويمكن تفسير هذه المحدودية بعدة عوامل‪ ،‬منها وجود بعض الصعوبات في توفير‬

‫‪165‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫المساعدة والدعم بالنسبة للتالميذ الصغار (التعليم األولي واالبتدائي) وكذا غياب وسيلة التواصل‬
‫(جهاز كمبيوتر أو جهاز لوحي أو هاتف ذكي)‪.‬‬
‫‪ ‬األقسام االفتراضية‪ :‬محدودية في االستعمال‬
‫أطلقت الوزارة‪ ،‬ابتداء من االثنين ‪ 23‬مارس ‪ ،2020‬العمل بالخدمة التشاركية المدمجة ‪ Teams‬في‬
‫منظومة مسار‪ ،‬وذلك بقصد تمكين األساتذة من التواصل المباشر مع تالمذتهم من خالل األقسام‬
‫االفتراضية )‪.(classes virtuelles‬‬
‫وقد تمكنت الوزارة من تغطية ما يقارب ‪ %45‬من األقسام الفعلية بأقسام افتراضية في شهر مارس‬
‫‪ ،2020‬أما خالل األشهر المتبقية من فترة تعليق الدراسة الحضورية‪ ،‬فقد كانت التغطية شبه شاملة‬
‫لألقسام في السلكين اإلعدادي والتأهيلي بما يناهز ‪ .%95‬وإذا كانت نسب التغطية قد سجلت مستويات‬
‫مرتفعة‪ ،‬فإن نسبة استعمال األقسام االفتراضية ظلت محدودة‪ ،‬حيث لم تتجاوز ‪ %3‬في شهر مارس‬
‫‪ 2020‬وبلغت ‪ %27‬في أبريل‪ ،‬لتنخفض بعد ذلك إلى ‪ %10‬و‪ %6‬في شهري ماي ويونيو ‪.2020‬‬
‫وتفسر هذه النسب المنخفضة من المشاهدة بعدة أسباب تمت إثارتها في اللقاءات الميدانية مع‬
‫المسؤولين‪ ،‬ومنها صعوبة التوصل بالقن السري لتفعيل الحساب في ظل الحجر الصحي‪ ،‬باإلضافة‬
‫للتكلفة المرتفعة إذ يشترط التوفر على رصيد لإلنترنيت للتمكن من متابعة الدروس في األقسام‬
‫االفتراضية‪ ،‬وكذا بروز بعض المعيقات التقنية المرتبطة بالمنتوج ككل‪.‬‬
‫‪ ‬الوسائط األخرى‪ :‬نجاح غير مؤطر‬
‫سمحت الوزارة لألطر التربوية باستعمال جميع الوسائط الممكنة لضمان االستمرارية البيداغوجية‪،‬‬
‫مثل‪" :‬واتساب" و"يوتوب" و"فيسبوك" و"تيمز" و"زوم"‪ .‬وقد تبين أن وسائل التواصل االجتماعي‬
‫ومجموعات التبادل كانت األكثر استعماال مقارنة بالوسائل األخرى‪ .‬وقد واجه استعمال هذه الوسائط‬
‫الصعوبات التالية‪:‬‬
‫‪ -‬صعوبة أو عدم التمكن من مراجعة المحتوى البيداغوجي‪ :‬سجلت‪ ،‬على هذا المستوى‪،‬‬
‫صعوبة مراجعة المحتوى البيداغوجي للدروس المقدمة للتالميذ‪ ،‬فهي محتويات يمررها‬
‫األستاذ مباشرة للتلميذ دون أن تكون مشمولة‪ ،‬في الغالب‪ ،‬بالتتبع والتأطير واإلشراف الذي‬
‫حظيت به المحتويات األخرى والتي تم تقديمها عن طريق التلفاز أو المسطحات المحدثة‬
‫من طرف الوزارة؛‬
‫‪ -‬صعوبة الحصول على إحصائيات رسمية‪ :‬لم يكن هناك تتبع خاص لهذه العملية على‬
‫مستوى األكاديميات الجهوية‪ ،‬بل كانت العملية موكولة للمديريات اإلقليمية من خالل‬
‫شبكات تتضمن إحصائيات تتعلق بالوسائط المستعملة وعدد التالميذ‪ ،‬فضال عن غياب أي‬
‫تتبع أو إفراغ لهذه الشبكات من أجل تتبع عملية التعليم عن بعد‪.‬‬
‫ثالثا‪ .‬حصيلة التعليم عن بعد في ضوء مبادئ الجودة والعدالة وتكافئ الفرص‬
‫لقد أسفر تدقيق مدى انسجام الحصيلة الكمية لعملية التعليم عن بعد مع مبدأ العدالة وتكافئ الفرص‬
‫وجودة وفعالية العملية التعليمية عن تسجيل المالحظات التالية‪.‬‬
‫‪ .1‬االستفادة من التعليم عن بعد‪ :‬تباينات في المؤشرات‬
‫سعت الوزارة الوصية إلى اتخاذ مجموعة من التدابير الرامية إلى ضمان استفادة واسعة من نمط‬
‫التعليم عن بعد‪ ،‬غير أن المؤشرات ذات الصلة أظهرت تفاوتات على هذا المستوى‪ ،‬وهو ما يتجلى‬
‫من خالل ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬تباين بين الجهات على مستوى االستفادة من نمط التعليم عن بعد‬
‫حسب االحصائيات الصادرة عن األكاديميات الجهوية للتربية والتكوين‪ ،‬بلغت نسبة التالميذ‬
‫المستفيدين من التعليم عن بعد خالل الفترة الممتدة من ‪ 16‬مارس إلى نهاية الموسم الدراسي‬
‫‪ ،2020-2019‬حوالي ‪ %67‬على الصعيد الوطني‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪166‬‬


‫وإذا كانت هذه النسبة اإلجمالية تعتبر مرتفعة نسبيا‪ ،‬خاصة وأن اعتماد هذا النمط من التعليم لم تسبقه‬
‫تجارب مماثلة‪ ،‬فإنها تتباين بين الجهات‪ .‬فمثال على مستوى جهتي بني مالل‪-‬خنيفرة وفاس‪-‬مكناس‪،‬‬
‫لم تتجاوز نسبة التالميذ المستفيدين من التعليم عن بعد ‪ %54‬و‪ %56‬على التوالي‪ ،‬فيما تجاوزت‬
‫‪ % 93‬بالنسبة لجهة الرباط‪-‬سال‪-‬القنيطرة‪.‬‬
‫‪ ‬تفاوتات بين الوسطين الحضري والقروي في االستفادة من نمط التعليم عن بعد‬
‫أظهرت اإلحصائيات المتوفرة حول االستفادة من نمط التعليم عن بعد‪ 14‬خالل فترة الحجر الصحي‬
‫تفاوتات مهمة بين الوسطين الحضري والقروي‪ ،‬كما يتبين ذلك من خالل ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬بالنسبة للمتابعة الدورية‪ ،‬فقد تراوحت‪ ،‬حسب األسالك الدراسية‪ ،‬بين ‪ %45‬و‪%65‬‬
‫بالوسط الحضري‪ ،‬وبين ‪ %23‬و‪ %49‬بالوسط القروي؛‬
‫‪ -‬بالنسبة للمتابعة غير الدورية‪ ،‬فقد تراوحت بين ‪ %26‬و‪ %38‬بالوسط الحضري‪ ،‬وبين‬
‫‪ %36‬و‪ %41‬بالوسط القروي؛‬
‫‪ -‬فيما يخص نسب عدم المتابعة‪ ،‬فقد تراوحت بين ‪ %9‬و‪ %19‬بالوسط الحضري‪ ،‬وبين‬
‫‪%15‬و‪ %37‬بالوسط القروي‪.‬‬
‫في هذا اإلطار‪ ،‬أشارت وزارة التربية الوطنية والتعليم األولي والرياضة إلى أنها‪ ،‬وألجل تقليص هذه‬
‫التفاوتات‪ ،‬سخرت بعض اإلمكانيات‪ ،‬ومن ضمنها بث الدروس على القنوات التلفزيونية الوطنية‪ ،‬والولوج‬
‫المجاني إلى المنصة الوطنية ‪ ،www.telmidtice.ma‬وتوفير كراسات الدعم لفائدة مليون تلميذ في المدارس‬
‫االبتدائية التي تنتمي إلى الوسط القروي‪ ،‬ودعم تالمذة بعض الجهات المنحدرين من المناطق النائية واألسر‬
‫المعوزة بمعدات معلوماتية‪.‬‬
‫‪ ‬ارتفاع نسب الهدر المدرسي بالنسبة لتالميذ الوسط القروي تزامنا مع اعتماد نمط‬
‫التعليم عن بعد‬
‫حسب اإلحصائيات الصادرة عن الوزارة الوصية‪ ،‬فقد عرفت نسب الهدر المدرسي‪ ،‬وال سيما بالوسط‬
‫القروي ارتفاعا‪ ،‬تزامنا مع اعتماد نمط التعليم عن بعد‪ .‬فعلى مستوى السلك االبتدائي‪ ،‬ارتفعت نسبة‬
‫الهدر المدرسي على الصعيد الوطني من ‪ %2,1‬في الموسم الدراسي ‪ 2020-2019‬إلى ‪ %2,9‬في‬
‫موسم ‪ .2021-2020‬وقد سجلت أعلى النسب في الوسط القروي‪ ،‬حيث انتقلت من ‪ %2,6‬إلى ما‬
‫يقارب ‪ %3,7‬ما بين الموسمين المذكورين‪ ،‬أي أن ما يزيد عن ‪ 108.090‬تلميذ قد انقطعوا عن‬
‫الدراسة في السلك االبتدائي‪ ،‬منهم ‪ 76.481‬في الوسط القروي خالل الموسم الدراسي ‪.2021-2020‬‬
‫أما فيما يخص السلك الثانوي اإلعدادي‪ ،‬فقد عرف بدوره تسجيل ارتفاع لنسب الهدر المدرسي بالوسط‬
‫القروي‪ ،‬حيث انتقلت من ‪ %12,2‬في موسم ‪ 2020-2019‬إلى ‪ %12,8‬في الموسم الدراسي‬
‫‪ ،2021-2020‬أي أن عدد تالميذ هذا السلك الذين غادروا مقاعد الدراسة بلغ خالل هذه السنة ما‬
‫مجموعه ‪ 1577.461‬تلميذا بالوسط القروي لوحده‪ ،‬في حين سجل تحسن ملموس في الوسط‬
‫الحضري‪ ،‬إذ تراجعت نسبة الهدر من ‪ %9,3‬إلى ‪ %7,9‬ما بين الموسمين المذكورين‪.‬‬
‫وبدوره عرف السلك الثانوي التأهيلي ارتفاعا في نسبة الهدر المدرسي بالوسط القروي‪ ،‬حيث انتقلت‬
‫من ‪ %7‬إلى ‪ %7,6‬ما بين موسمي ‪ 2020-2019‬و‪ ،2021-2020‬بينما عرفت هذه النسبة تحسنا‬
‫طفيفا في الوسط الحضري‪ ،‬إذ انخفضت خالل نفس الفترة من ‪ %7,5‬إلى ‪.%7,3‬‬
‫‪ ‬تفاوتات مهمة بين تالميذ التعليم العمومي والخصوصي في فترة الحجر الصحي‬
‫اتسمت عملية "التعليم عن بعد" بتسجيل تفاوتات مهمة بين التعليمين العمومي والخصوصي من حيث‬
‫نسب المتابعة‪ ،‬مما أثر على تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص‪ .‬إذ فاقت نسب المتابعة المسجلة بمؤسسات‬
‫التعليم المدرسي الخصوصي في فترة الحجر الصحي ‪ %90‬على المستوى الوطني مقابل ‪%67‬‬

‫‪ 14‬إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط‬


‫‪ 15‬تم احتساب عدد المنقطعين عن الدراسة انطالقا من إحصائيات أعداد التالميذ وفق مؤشرات التربية ‪2020-2019‬‬

‫‪167‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫سجل انخراط واسع لمؤسسات التعليم الخصوصي في هذه العملية‬‫المسجلة بالتعليم العمومي‪ ،‬كما ُ‬
‫(أكثر من ‪ %93‬من المؤسسات التعليمية الخصوصية على المستوى الوطني)‪.‬‬
‫وتعزى هذه التفاوتات إلى عدة أسباب ترتبط ببعض الخصائص التي تميز التعليم الخصوصي‪ ،‬من‬
‫أهمها التوفر على المعدات والوسائل الرقمية التي تتيح له اعتماد نمط التعليم عن بعد بشكل أوسع‬
‫مقارنة بالتعليم العمومي‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة لتعزيز العرض المقدم للتالميذ ذوي االحتياجات الخاصة‬
‫اتسم العرض التربوي المقدم للتلميذ ذوي االحتياجات الخاصة‪ ،‬خالل فترة الحجر الصحي‪،‬‬
‫بالمحدودية‪ ،‬إذ لم يتجاوز عدد الدروس المصورة لهذه الفئة خمسة دروس فقط بالنسبة لألكاديمية‬
‫الجهوية الرباط سال القنيطرة على سبيل المثال‪ ،‬باإلضافة لعدد قليل من الكبسوالت المتفرقة التي تم‬
‫تسجيلها في بعض المديريات اإلقليمية وكذا بعض الموارد األخرى الموجهة لهذه الفئة‪ .‬وعالوة على‬
‫ذلك‪ ،‬سجل غياب لإلحصائيات المتعلقة بمدى متابعة الدروس عن بعد بالنسبة لهذه الفئة من‬
‫المتمدرسين‪.‬‬
‫‪ .2‬جودة التعليم عن بعد‪ :‬مجهودات كثيرة تنتظر القطاع‬
‫ساهم التعليم عن بعد في ضمان االستمرارية البيداغوجية‪ ،‬إال أن هذه العملية صاحبتها بعض النقائص‬
‫والمخاطر التي حدت من تحقيق األهداف المسطرة لها‪ ،‬والمتمثلة أساسا في تقليص الزمن الدراسي‬
‫وعدم إتمام المقررات‪ ،‬باإلضافة إلى النقص المالحظ على مستوى تكوين األساتذة فيما يخص تكنلوجيا‬
‫المعلومات واالتصال‪.‬‬
‫‪ ‬تأثير اإلعالن عن إلغاء االمتحانات‬
‫تم‪ ،‬بتاريخ ‪ 12‬ماي ‪ ،2020‬اإلعالن عن قرار إلغاء االمتحانات والتصريح باالنتقال التلقائي إلى‬
‫الصف الموالي باالعتماد على نقط المراقبة المستمرة والفروض الحضورية التي أجريت قبل هذا‬
‫التاريخ‪.‬‬
‫وقد أثر هذا اإلعالن المبكر على سيرورة العملية التعليمية‪ ،‬من خالل عدم استمرار الكثير من‬
‫المتعلمين والمتعلمات في متابعة الدراسة عن بعد‪ ،‬وأدى‪ ،‬بالتالي‪ ،‬إلى نهاية السنة الدراسية بالنسبة‬
‫لعدد من التالميذ‪ .‬فحسب تقرير المندوبية السامية للتخطيط حول كوفيد‪ 19-‬الصادر في فبراير ‪،2021‬‬
‫صرح ‪ %66‬من تالميذ السلك االبتدائي و‪ %70‬من تالميذ اإلعدادي بأنهم قلصوا من زمنهم المدرسي‬
‫عقب اإلعالن عن إلغاء االمتحانات‪.‬‬
‫‪ ‬تقليص الزمن الدراسي وتأثيره على التعلمات الجديدة في المستويات الموالية‬
‫نتج عن تقليص الزمن الدراسي بسبب تطبيق نمط التعليم عن بعد عدم إتمام المقررات أو البرامج‬
‫البيداغوجية‪ ،‬سواء في فترة التعليم عن بعد خالل السنة الدراسية ‪ 2020-2019‬أو في الفترة الدراسية‬
‫الموالية ‪.2021-2020‬‬
‫فخالل فترة الحجر الصحي‪ ،‬وحسب إحصائيات البحث حول كوفيد‪ 19-‬الذي أنجزته المندوبية السامية‬
‫للتخطيط‪ ،‬صرح ‪ %68,3‬من التالميذ بأن المقرر البيداغوجي السنوي لم يتم استيفاؤه في إطار التعليم‬
‫عن بعد‪ .‬وقد سجلت‪ ،‬في هذا اإلطار‪ ،‬نسب متقاربة بين الوسطين الحضري والقروي‪ ،‬من جهة‪،‬‬
‫وعلى مستوى التعليم العمومي والخصوصي‪ ،‬من جهة أخرى‪ .‬ومن شأن هذه الوضعية أن تؤثر سلبا‬
‫على جودة التعلمات المكتسبة‪ ،‬ذلك أن عدم استيفاء جميع مكونات المقرر البيداغوجي لمستوى دراسي‬
‫معين قد يؤثر على المسار التعليمي للتلميذ خالل المستويات الدراسية الموالية‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى تكوين األساتذة على أساسيات التعليم عن بعد‬
‫من بين أهم اإلكراهات التي عرفتها عملية التعليم عن بعد تلك المرتبطة بعدم تمكن فئة من األساتذة‬
‫من أساسيات تكنولوجيا اإلعالم واالتصاالت وعدم تعميم التكوينات في هذا المجال‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪168‬‬


‫فحسب مخرجات التقرير المتعلق بتقييم عملية "التعليم عن بعد‪ :‬المقومات والواقع واآلفاق" الذي‬
‫أنجزته المفتشية العامة للتربية والتكوين ‪-‬الشؤون التربوية‪ ،-‬فإن نسبة األساتذة المستفيدين من تكوين‬
‫في تكنولوجيا المعلومات واالتصال من أساتذة العينة الذين شملتهم الدراسة لم تتعد ‪ ،%45‬وهو‬
‫المعطى ذاته الذي أكدته اإلحصائيات المستقاة من األكاديميات الجهوية للتربية والتكوين والمتعلقة‬
‫بنسب األساتذة الذين سبق لهم االستفادة من تكوين في تكنولوجيا االعالم واالتصال‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬أفادت الوزارة بوجه خاص أنه قد تم إعداد ستة (‪ )6‬مساقات للتكوين عن بعد تهدف إلى‬
‫تمكين األساتذة من التحكم في استعماالت أدوات التعليم عن بعد‪.‬‬
‫‪ .3‬التدابير المتخذة للحد من آثار الجائحة على مستويات التالميذ‪ :‬إجراءات عادية لتدارك‬
‫وضع غير عاد‬
‫سعيا إلى تجاوز بعض النقائص التي صاحبت اعتماد نمط التعليم عن بعد خالل الموسم ‪2020-2019‬‬
‫والمتعلقة‪ ،‬على الخصوص‪ ،‬كما سبقت اإلشارة إلى ذلك‪ ،‬باعتماد منهاج تقليدي في التدريس عن بعد‬
‫قائم على التلقين واإللقاء وبعدم استفادة فئة من المتمدرسين من هذا النمط أو عدم التأقلم معه‪ ،‬بادرت‬
‫الوزارة الوصية قبيل بداية السنة الدراسية الموالية (‪ )2021-2020‬إلى إصدار مذكرات وزارية‬
‫وضحت كيفية تطبيق التقويم التشخيصي‪ ،‬أي تقويم مستويات التالميذ وكيفيات تقديم الدعم لهم‪ .‬وتثير‬
‫هذه العملية مجموعة من المالحظات‪ ،‬من أهمها ما يلي‪.‬‬
‫‪ ‬الزمن المخصص للتقويم غير كاف‬
‫حسب المذكرة الوزارية رقم ‪ 20/39‬بتاريخ ‪ 28‬غشت ‪ 2020‬بشأن تنظيم الموسم الدراسي‬
‫‪ ،2021-2020‬فقد تم تخصيص الفترة الممتدة من ‪ 07‬شتنبر إلى ‪ 03‬أكتوبر ‪ 2020‬للقيام بعملية‬
‫التقويم التشخيصي والتثبيت والمراجعة‪ .‬غير أن هذه العملية تزامنت مع تبني نمط التدريس بالتناوب‬
‫القائم على تقسيم التالميذ إلى فوجين‪ ،‬أحدهما يستفيد من حصص الدروس حضوريا بينما يستفيد‬
‫الفوج الثاني من الحصص بالمنزل في إطار ما سمي بالتعليم الذاتي‪ .‬وهكذا‪ ،‬وعلى المستوى العملي‪،‬‬
‫وبالنظر إلى اعتم اد مبدأ التناوب‪ ،‬أصبحت الفترة المخصصة لعملية التقويم التشخيصي التي تتم‬
‫حضوريا‪ ،‬محصورة في أسبوعين فقط عوض أربعة أسابيع المعلنة‪ .‬وفي الحصيلة‪ ،‬فإن فترة‬
‫األسبوعين ال تكفي للقيام بعملية التقويم ثم تفويج التالميذ بناء على هذا التقويم‪ ،‬ليتم بعد ذلك تقديم‬
‫حصص الدعم التصحيحية المناسبة للجوانب التي تحتاج إلى ذلك‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى اعتماد حلول إبداعية مقابل استعمال زمن مكثف ومنهاج ثابت‬
‫تتسم المنظومة الدراسية‪ ،‬على الخصوص‪ ،‬باستعمال للزمن ذي وعاء كبير (مثال‪ ،‬يقوم أساتذة السلك‬
‫االبتدائي بتدريس ‪ 30‬ساعة أسبوعيا) وببرامج دراسية ومناهج مكثفة‪ .‬ورغم الطابع االستثنائي لنمط‬
‫"التعليم عن بعد" والذي لم يسبق للمنظومة التربوية أن اعتمدته‪ ،‬فلم يتم إدخال أي تعديالت مهمة‬
‫على منهاج التدريس ولم يتم إقرار مرونة كافية بخصوص الحيز الزمني للتدريس وللمقرر الدراسي‬
‫المعتمد في الظروف العادية (كتقليص الدروس أو إعطاء األولوية لدروس أو مواد بعينها‪ ،)....‬بل تم‬
‫االحتفاظ به كامال دون أي تغيير‪ .‬وقد كان لهذا األمر األثر المباشر على مستوى التحصيل‪ ،‬إذ أن‬
‫الدروس التي كانت تدرس للتالميذ حضوريا هي نفسها التي تم تقديمها للتالميذ خالل فترة "التعليم‬
‫عن بعد" شكال ومضمونا‪ ،‬وهو ما نبهت إليه المفتشية العامة للشؤون البيداغوجية‪ .‬وإذا كان التقليص‬
‫قد طال الحصص التي تم بثها‪ ،‬فإن ذلك جاء فقط استجابة لضرورة تقنية مرتبطة بالمساحة الزمنية‬
‫المسموح بها لبث الدروس وليس استجابة لهدف بيداغوجي‪.‬‬
‫‪ ‬التأطير واإلشراف‪ :‬الحاجة إلى تعزيز هيئة التفتيش من أجل تتبع دقيق لعمليات الدعم‬
‫عرفت هيئة التفتيش تراجعا ملحوظا على مستوى مواردها البشرية‪ .‬فبعد أن كان عدد المفتشين سنة‬
‫‪ 2009‬يصل إلى ‪ 1.090( 2.620‬بالسلك االبتدائي و‪ 1.530‬بالسلك الثانوي) تراجع سنة ‪ 2021‬إلى‬
‫‪ 1.858‬مفتشا (‪ 905‬بالسلك االبتدائي و‪ 935‬بالسلك الثانوي)‪ ،‬أي بنسية انخفاض بلغت حوالي ‪%30‬‬
‫مقارنة بسنة ‪.2009‬‬

‫‪169‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫وبالنظر لإلكراهات التي واجهت اعتماد نمط "التعليم عن بعد"‪ ،‬وفي ظل تراجع عدد المفتشين وعدم‬
‫القدرة على التغطية الشاملة لكل المناطق التربوية التابعة لهم بالتأطير واإلشراف‪ ،‬ال يمكن التأكد من‬
‫انخراط جميع األساتذة‪ ،‬وبشكل علمي وسليم وبالفعالية المرجوة‪ ،‬في عملية "التعليم عن بعد"‪.‬‬
‫‪ ‬التتبع والتقييم‪ :‬ضرورة تجويد التقارير المرفوعة‬
‫في إطار تتبع عملية التعليم عن بعد‪ ،‬يتم إعداد تقارير تكتفي بعرض إحصائيات حول عدد التالميذ‬
‫المتعثرين الذين استفادوا من حصص الدعم وعددها‪ ،‬والتي توجه من األساتذة إلى مديري المؤسسات‬
‫التعليمية فالمديريات اإلقليمية ثم األكاديميات الجهوية المعنية‪ ،‬دون أن ترقى هذه التقارير ألن تكون‬
‫أداة فعالة من أجل إعطاء تقييم دقيق ومضبوط حول هذه العملية‪ ،‬وال سيما تقديم صورة دقيقة لمستوى‬
‫المتمدرسين على إثر اعتماد هذا النمط من التعليم‪.‬‬
‫وفي السياق ذاته‪ ،‬فقد رصدت بعض التباينات على مستوى التعامل مع اإلحصائيات المجمعة‪ ،‬ذلك‬
‫أن بعض المديريات اإلقليمية لم تقم بتجميع هذه المعلومات كما أن بعض التقارير تبقى لدى األستاذ‬
‫في انتظار زيارة المفتش التربوي دون توجيهها لمدير المؤسسة التعليمية‪ .‬والحال هاته‪ ،‬فإن هذه‬
‫الوضعية ال تساعد‪ ،‬سواء على المستوى الجهوي أو المركزي‪ ،‬من اتخاذ التدابير التصحيحية أو‬
‫إجراءات الدعم المالئمة‪.‬‬
‫وقد أشارت الوزارة إلى إعداد تقرير حول تقييم تجربة التعليم عن بعد‪ ،‬وكذا إنجاز استقراء للرأي حول تقييم‬
‫نمط الدراسة عن بعد‪.‬‬
‫‪ ‬استثمار نتائج التقويم‪ :‬ضرورة اعتماد خطة للدعم‬
‫في ظل غياب خطة وطنية للدعم كفيلة بتدارك جوانب الخصاص لدى المتمدرسين جراء انتشار‬
‫جائحة كوفيد ‪ 19‬واعتماد نمط "التعليم عن بعد" وما صاحب ذلك من إكراهات سبق ذكرها‪ ،‬اقتصر‬
‫التدخل التصحيحي على اإلطار الذي وضعته المذكرة الوزارية رقم ‪ 39/20‬والتي حددت فترة أربعة‬
‫أسابيع لتقديم حصص الدعم‪ ،‬ليتم على إثرها توجيه تقارير إلى المديريات اإلقليمية واألكاديميات‬
‫الجهوية‪ .‬والحال هاته‪ ،‬فإن عملية تقديم الدعم التي تلت اعتماد نمط "التعليم عن بعد" لم تختلف عن‬
‫سابقتها المعتمدة خالل الظروف العادية‪ ،‬أي أنها لم تراع‪ ،‬وعلى النحو المطلوب‪ ،‬الظرفية االستثنائية‬
‫التي فرضتها األزمة الصحية والتي انعكست على المنظومة التربوية‪ ،‬ولم تأخذ أيضا بعين االعتبار‬
‫توصيات المنظمات المختصة‪ 16‬في هذا اإلطار‪ .‬وعالوة على ذلك‪ ،‬لم يتم تقييم آثار عملية الدعم على‬
‫المتمدرسين الذين استفادوا منها‪ ،‬وهو األمر الذي لم يمكن المصالح المركزية للقطاع الوصي من‬
‫التوفر على صورة واضحة عن مستويات التالميذ وعن الجوانب التي تحتاج إلى دعم إضافي‪،‬‬
‫وبالتالي لم يتح تقييم فعالية هذا اإلجراء ووجاهة اعتماده‪.‬‬
‫رابعا‪ .‬تدبير التعليم عن بعد‬
‫لقد استعان القطاع الوصي بمجموعة من اآلليات والموارد لتدبير مرحلة التعليم عن بعد‪ ،‬غير أن‬
‫تدبيرها يثير المالحظات التالية‪.‬‬
‫‪ .1‬الحكامة‪ :‬مجهودات كبيرة تحتاج إلى النجاعة‬
‫بذل القطاع الوصي مجهودات كبيرة في مواجهة الجائحة‪ ،‬وخاصة على مستوى التدابير االحترازية‬
‫والتربوية وتعبئة الموارد البشرية والتواصل‪ .‬غير أن هذه المجهودات رافقتها بعض النقائص التي‬
‫حدت من نجاعتها وفعاليتها‪.‬‬
‫‪ ‬تعدد البالغات والمذكرات الوزارية في ظل غياب مخطط استمرارية المرفق‬
‫لم يكن القطاع الوصي يتوفر على أي مخطط لالستمرارية البيداغوجية أو إطار قانوني يؤطر تنظيم‬
‫وتطبيق نمط "التعليم عن بعد"‪ .‬وفي ظل هذا الغياب‪ ،‬اضطرت السلطات الوصية إلى إصدار العديد‬
‫من البالغات والمذكرات‪ ،‬بعضها في اليوم الواحد‪ ،‬وذلك لتوضيح كيفيات تنزيل هذا النمط ومحاولة‬

‫‪ 16‬تقارير األمم المتحدة واليونسكو‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪170‬‬


‫تيسير تقديم الدروس من خالله لكافة المتمدرسين‪ ،‬وهو األمر ‪-‬أي تعدد البالغات‪-‬الذي من شأنه أن‬
‫يؤدي إلى عدم القدرة على التتبع السليم والدقيق لمضامين هذه البالغات ولإلجراءات والتدابير الواردة‬
‫فيها‪.‬‬
‫‪ ‬التواصل‪ :‬نجاح نسبي‬
‫تمت أغلب عمليات تواصل مسؤولي القطاع الوصي مع مديري المؤسسات التعليمية بواسطة الهاتف‬
‫و"الواتساب"‪ ،‬وهو ما ساهم في نجاح العملية وأضفى عليها طابع السرعة في تبليغ التوجيهات‬
‫الوزارية بشأن تطبيق خطة "التعليم عن بعد" والتفاعل معها بشكل فعال‪.‬‬
‫وعلى المنوال نفسه‪ ،‬سارت عمليات التواصل بين المديرين واألساتذة من خالل اللجوء إلى وسائل‬
‫التواصل االجتماعي‪ ،‬وبشكل خاص "الواتساب" و"الفيسبوك"‪ ،‬وذلك بحسب مستوى تمكن المديرين‬
‫من استعمال هذه الوسائل‪ .‬ورغم الجهود التي بذلت في هذا اإلطار‪ ،‬فإن المعطيات المستقاة من بعض‬
‫المصادر‪ ،‬مثل المقابالت مع األساتذة والمفتشين وتقارير هيئات أخرى‪ ،‬تؤكد أن عملية التواصل لم‬
‫تشمل جميع األساتذة ألسباب عديدة‪ ،‬منها عدم توفر بعضهم على الوسائل الضرورية لذلك‪ ،‬خاصة‬
‫الهواتف الذكية واالنترنيت‪ ،‬أو عدم تمكنهم منها‪.‬‬
‫‪ ‬التأطير والمراقبة‪ :‬معيقات صعبة التجاوز‬
‫لجأ المفتشون التربويون المكلفون بالمراقبة والتأطير‪ ،‬بحكم ظروف الجائحة‪ ،‬إلى مختلف وسائل‬
‫التواصل االجتماعي المتاحة إلنجاز مهامهم‪ ،‬وقد عرفت هذه العملية العديد من المعيقات التي حالت‬
‫دون بلوغ األهداف المرجوة‪ .‬فباإلضافة إلى عدم انخراط بعض األساتذة‪ ،‬واجهت عملية التأطير‬
‫والمراقبة عائقين مهمين‪:‬‬
‫‪ -‬تراجع أعداد هيئة المفتشين كما سبقت اإلشارة إلى ذلك؛‬
‫‪ -‬عدم انخراط مجموعة من األساتذة في عمليات التأطير المنجزة من طرف المفتشين‪.‬‬
‫‪ ‬تتبع العملية‪ :‬الحاجة إلى تعزيز موثوقيتها‬
‫طلب من األساتذة ملء استمارات عن مجمل نشاطهم التربوي خالل فترة "اعتماد التعليم عن بعد"‪،‬‬ ‫ُ‬
‫وتتضمن على الخصوص نوعية المادة وأعداد التالميذ الذين يتابعون الدرس‪ .‬غير أن هذه العملية‬
‫عرفت صعوبات عديدة‪ ،‬منها‪ :‬ضعف موثوقية المعلومات المدلى بها وعدم انتظام العملية وعدم رفع‬
‫هذه المعلومات إلى المصالح المركزية‪.‬‬
‫‪ .2‬تدبير الموارد إبان الجائحة‪ :‬انخراط تلقائي وتدابير غير مكلفة‬
‫بذلت األطر اإلدارية والتقنية والتربوية التابعة للقطاع الوصي مجهودات كبيرة خالل مرحلة تفشي‬
‫الجائحة‪ ،‬ال سيما من حيث اإلجراءات االحترازية التي تم اعتمادها‪ .‬كما اضطلع مديرو المؤسسات‬
‫التعليمية بدور محوري وهام في سبيل إنجاح تنزيل النمط الجديد للتعليم‪.‬‬
‫‪ ‬تقليص المخصصات المالية للقطاع‬
‫على غرار دول المعمور‪ ،‬كان لجائحة كوفيد ‪ 19‬آثار سلبية على ميزانية الدولة‪ ،‬خاصة وأن جل‬
‫األنشطة االقتصادية تم تجميدها للحد من انتشار الفيروس‪ ،‬مما كان له انعكاس مباشر على مداخيل‬
‫الدولة التي لم تبلغ مستوى التوقعات المعتمدة عند إعداد قانون المالية لسنة ‪ .2020‬ولمواجهة هذه‬
‫التداعيات‪ ،‬تمت المصادقة على قانون المالية المعدل رقم ‪ 35.20‬والذي استهدف خاصة إنعاش‬
‫االقتصاد الوطني والحفاظ على مناصب الشغل‪ .‬وتبعا لذلك‪ ،‬عرفت االعتمادات المخصصة للقطاع‬
‫الوصي تقليصا بما يزيد عن أربعة (‪ )4‬مليار درهم‪ ،‬منها ‪ 1,4‬مليار درهم من اعتمادات االستثمار‬
‫وما يعادل ثالثة (‪ )3‬مليار درهم من اعتمادات االستغالل‪ ،‬موزعة بين فصل االعتمادات الخاصة‬
‫بالموظفين وأجور أطر األكاديمية (‪ 1,9‬مليار درهم) واالعتمادات المتعلقة بالمعدات والنفقات‬
‫المختلفة (‪ 1,1‬مليار درهم)‪.‬‬

‫‪171‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫وقد كان من تبعات هذا التقليص‪ ،‬أن تم اللجوء إلى تدابير خاصة لتغطية بعض النفقات الطارئة بفعل‬
‫الجائحة‪ ،‬من ضمنها‪:‬‬
‫‪ -‬القيام بتحويالت إلى بنود ميزانية مناسبة لطبيعة هذه النفقات؛‬
‫‪ -‬تحمل بعض من هذه النفقات من طرف فعاليات وشركاء من المجتمع المدني‪ ،‬مثل المبادرة‬
‫الوطنية للتنمية البشرية وجمعيات آباء وأولياء التالميذ‪ ،‬وجمعية مدرسة النجاح وجمعية‬
‫التنمية والتعاون المدرسي‪...‬‬
‫وقد أكدت وزارة االقتصاد والمالية‪ ،‬في هذا الصدد‪ ،‬عدم توفر األكاديميات الجهوية للتربية والتكوين ضمن‬
‫ميزانياتها على اعتمادات خاصة بتدبير النفقات الطارئة بفعل الجائحة وكذلك عملية التعليم عن بعد‪.‬‬
‫‪ ‬النفقات المرتبطة بالتعليم عن بعد‪ :‬نفقات محدودة في غياب بنود خاصة بها‬
‫ال تتضمن ميزانية القطاع الوصي بنودا مخصصة للتعليم عن بعد‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فإن المبالغ التي تم‬
‫صرفها من أجل تغطية النفقات المتعلقة بالتعليم عن بعد‪ ،‬لم يتم تسجيلها في بنود خاصة بها وبشكل‬
‫يسمح بتمييزها عن باقي المبالغ التي تم صرفها على مستوى البنود األخرى التي تم اللجوء إليها‬
‫لتغطيتها‪ .‬كما أن هذه النفقات يتم تسجيلها وتتبعها على المستوى المحلي (أكاديميات ومديريات) فقط‪،‬‬
‫في غياب أي تجميع لها على المستوى المركزي‪.‬‬
‫بناء على كل ما سبق‪ ،‬يوصي المجلس األعلى للحسابات الوزارة المكلفة بالتربية الوطنية والتعليم‬
‫األولي والرياضة بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬العمل على إدماج أكبر لنمط "التعليم عن بعد" في المنظومة التعليمية الوطنية‪ ،‬تفعيال‬
‫للمقتضيات القانونية وتوجيهات الرؤية االستراتيجية وكذا النموذج التنموي الجديد؛‬
‫‪ -‬العمل على التحديد الدقيق لشروط ودواعي اللجوء لنمط التعليم عن بعد في األوقات‬
‫العادية‪ ،‬خارج الظروف المرتبطة باألزمات‪ ،‬وخاصة في العالم القروي (انقطاع الطرق‬
‫المؤدية إلى المدارس في فصل الشتاء‪)...‬؛‬
‫‪ -‬اإلسراع في إصدار النصوص التنظيمية التي أحال عليها المرسوم رقم ‪2.20.474‬‬
‫المتعلق بالتعليم عن بعد‪ ،‬خاصة وأن مسار الجائحة لم يتضح بعد؛‬
‫‪ -‬وضع خطة واضحة ومدروسة تسمح بتكييف آليات التعليم عن بعد حسب الوضعية‬
‫الخاصة لكل فئة من المستفيدين في ضوء الدروس المستفادة من التجربة المعتمدة خالل‬
‫فترة الحجر الصحي؛‬
‫‪ -‬تتبع وتقييم نتائج كل المبادرات التي قام بها القطاع الوصي بغرض تنفيذ خطة‬
‫االستمرارية البيداغوجية‪ ،‬وذلك من أجل تقييم سليم لمدى وجاهة وفعالية اإلجراءات‬
‫المتخذة لتكريسها ودعمها في حالة النجاح أو لتصحيحها واستبدالها في حالة التعثر؛‬
‫‪ -‬تعميم التكوينات في مجال تكنولوجيا اإلعالم واالتصال على جميع األساتذة؛‬
‫‪ -‬إعداد خطة فعالة لتدارك النقص التعليمي الناتج عن الجائحة في أفق الدخول المدرسي‬
‫‪2023-2022‬؛‬
‫‪ -‬تمكين المتمدرسين في العالم القروي واألحياء الحضرية الهامشية من تمييز إيجابي في‬
‫هذه العملية‪ ،‬على اعتبار أنهم األقل استفادة من "التعليم عن بعد"؛‬
‫‪ -‬وضع مخطط لالستمرارية البيداغوجية يكون جاهزا لمواجهة كل األزمات المحتملة‬
‫مستقبال (أجهزة الحكامة‪ ،‬الموارد البشرية‪ ،‬الموارد المالية‪ ،‬خطة التواصل‪ ،‬نظام‬
‫المراقبة‪.)...‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪172‬‬


‫وتفاعال مع هذه التوصيات‪ ،‬أبرزت وزارة االقتصاد والمالية أن مشروع خارطة الطريق لتنزيل إصالح‬
‫منظومة التربية والتكوين يستجيب ألهم توصيات المجلس األعلى للحسابات حيث يرتكز على مجموعة من‬
‫االلتزامات‪ ،‬منها تجديد المقاربات البيداغوجية‪ ،‬وتعزيز الوسائل الرقمية‪ ،‬باإلضافة إلى دعم التكوين األساس‬
‫والمستمر‪ ،‬على أن يتم رصد اعتمادات مالية مهمة لهذا الغرض من أجل تمكين الوزارة الوصية من الوفاء‬
‫بالتزاماتها المسطرة في إطار خارطة الطريق سالفة الذكر‪.‬‬

‫‪173‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫التعليم العالي عن بعد‪:‬‬
‫الحاجة إلى اعتماد إطار قانوني مناسب يحدد آليات حكامته وتنظيمه‬

‫فرض الطابع االستعجالي للوضعية الوبائية الناجمة عن تفشي جائحة "كوفيد‪ ،"19-‬اتخاذ العديد من‬
‫اإلجراءات من طرف الوزارة المكلفة بالتعليم العالي والجامعات من أجل ضمان استمرارية التعليم‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬تم اعتماد قرار بتبني التعليم العالي عن بعد منذ ‪ 16‬مارس ‪.2020‬‬
‫وبالرغم من المجهودات التي قامت بها الوزارة لتطبيق هذا النمط والحفاظ على استمرارية المرفق‬
‫العام‪ ،‬فقد رافقت تنفيذه مجموعة من الصعوبات واإلكراهات (قانونية وبشرية ومادية‪ ،)...‬كان لها‬
‫األثر المباشر على النتائج التي تم تحقيقها والتي كانت متباينة على مستويات عدة‪ ،‬كنسبة الطلبة الذين‬
‫تمكنوا من تتبع الدروس واألعمال التوجيهية والتطبيقية ونسبة األساتذة الذين استفادوا من التكوين في‬
‫مجال التعليم عن بعد‪.‬‬
‫أوال‪ .‬نمط "التعليم العالي عن بعد" قبل جائحة "كوفيد ‪"19‬‬
‫شملت مراقبة اإلجراءات واألعمال المتعلقة بالتعليم العالي عن بعد‪ ،‬خالل فترة ما قبل جائحة‬
‫"كوفيد‪ ،"19-‬الجوانب القانونية واالستراتيجية والتنظيمية والعملية‪.‬‬
‫‪ ‬إصدار متأخر لإلطار القانوني المنظم لنمط التعليم العالي عن بعد‬
‫عرفت النصوص القانونية المنظمة لنمط التعليم العالي عن بعد تأخرا في إصدارها‪ .‬إذ أن القرارات‬
‫الوزارية بالمصادقة على دفاتر الضوابط البيداغوجية الوطنية‪ ،‬لم تتضمن مقتضيات تخص التعليم‬
‫العالي عن بعد إال خالل سنة ‪ ،2014‬وذلك بشكل محدود‪ .‬أما بخصوص القانون اإلطار رقم ‪51.17‬‬
‫المتعلق بنظام التربية والتعليم والتكوين والبحث العلمي‪ ،‬والذي تضمن بعض المقتضيات المتعلقة‬
‫بالتعليم العالي عن بعد‪ ،‬فلم يدخل حيز التنفيذ إال خالل شهر غشت ‪ ،2019‬أي بضعة أشهر فقط قبيل‬
‫األزمة الصحية‪ ،‬في حين أن المرسوم رقم ‪ 2.20.474‬المتعلق بالتعليم العالي عن بعد‪ ،‬وهو نص‬
‫تطبيقي لهذا القانون اإلطار‪ ،‬لم يصدر إال في شتنبر ‪.2021‬‬
‫وبالتالي‪ ،‬فلم يكن التعليم العالي عن بعد يستند‪ ،‬قبل الجائحة‪ ،‬على أساس قانوني على الرغم من أن‬
‫الميثاق الوطني للتربية والتكوين فتح إمكانية استخدام التقنيات الجديدة للمعلومات واالتصال في التعليم‬
‫العالي منذ سنة ‪.1999‬‬
‫‪ ‬إطار قانوني محدود النطاق‬
‫في الوقت الذي أصبحت بعض المسالك تدرس كليا عن بعد‪ ،‬بل وأصبحت الجامعات االفتراضية أمرا‬
‫واقعا على المستوى الدولي‪ ،‬ما زال اإلطار القانوني الحالي ببالدنا ال يسمح بتدريس وحدة دراسية‬
‫كليا عن بعد‪ ،‬حيث ال يمكن تدريس سوى جزء منها عن بعد‪ .‬ذلك أن دفاتر الضوابط البيداغوجية‬
‫الوطنية‪ ،‬الصادرة سنة ‪ ،2014‬نصت على إمكانية التدريس عن بعد لجزء من الوحدة فقط‪ ،‬مما يحول‬
‫دون إمكانية توفير وحدات تدرس كليا عن بعد‪.‬‬
‫وقد أشارت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي واالبتكار إلى أن توجهها يروم تنويع طرق وأنماط التدريس‬
‫وضمان تطوير التعليم عن بعد تدريجيا‪ ،‬وأن اعتماد تدريس المسالك كليا عن بعد هو خطوة مستقبلية سيتم‬
‫اتخاذها على إثر تطبيق ونجاح النمط الهجين (التدريس حضوريا ‪ /‬عن بعد)‪ .‬كما أكدت أن اإلصالح‬
‫البيداغوجي الجديد سيخص مراجعة دفاتر الضوابط البيداغوجية الوطنية لجميع الشهادات الوطنية بهدف‬
‫إدراج امكانية تدريس المسالك ‪ %100‬عن بعد‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة وضع استراتيجية واضحة لتنفيذ خطط عمل تطوير التعليم عن بعد‬
‫شكل تطوير التكنولوجيا الرقمية في التعليم العالي جزءا من مشاريع خطتي العمل األخيرتين‬
‫"‪ "2016 - 2013‬و"‪ "2021 - 2017‬لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي‪ ،‬وذلك بهدف تحسين‬
‫عرض التعليم العالي‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪174‬‬


‫إال أن تنزيل اإلجراءات المتعلقة بخطط العمل سالفة الذكر‪ ،‬لم يكن فعاال بسبب غياب استراتيجية‬
‫محددة األهداف ومؤشرات قياس أثر النتائج المحققة‪ .‬وفي الواقع‪ ،‬شرعت الوزارة في تنفيذ هذه‬
‫الخطط من خالل إجراءات متفرقة ظل أثرها محدودا‪ ،‬في ظل غياب رؤية واضحة بخصوص كيفية‬
‫تنفيذ اإلجراءات المضمنة بهذه المخططات‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى إحداث وحدة لقيادة التعليم العالي عن بعد على مستوى الوزارة‬
‫ال تتوفر الوزارة على وحدة لقيادة التعليم العالي عن بعد‪ ،‬إذ لم يكن تدبير الخطط والمشاريع المتعلقة‬
‫بهذا النمط من التعليم‪ ،‬قبل جائحة "كوفيد‪ ،"19‬تابعا ألحد الهياكل التنظيمية على المستوى المركزي‪،‬‬
‫مما جعل مسألة التنسيق واستغالل التقارير المتعلقة بتتبع األعمال المنجزة‪ ،‬في هذا اإلطار‪ ،‬أمرا‬
‫صعبا‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن هذا الوضع لم يمكن من ترصيد المكتسبات المحققة في هذا المجال‪ .‬وقد زاد‬
‫من حدة مخاطر توقف الخطط والمشاريع المتعلقة بهذا النمط من التعليم‪ ،‬غياب االستمرارية بالتغيير‬
‫المتكرر للمسؤولين المكلفين بها‪ ،‬كما هو الحال بالنسبة لمشروعي ‪ NET-U‬و ‪.E-SUP‬‬
‫ثانيا‪ .‬تدبير التعليم العالي عن بعد أثناء جائحة "كوفيد‪"19-‬‬
‫اتخذت الوزارة والجامعات عدة إجراءات من أجل ضمان استمرارية التعليم وتأقلم المؤسسات‬
‫الجامعية مع هذا الوضع‪ .‬وقد همت هذه اإلجراءات األساتذة والطلبة على حد سواء‪ .‬وتروم هذه‬
‫اإلجراءات تحسين البنية التحتية والتجهيزات الخاصة بالتعليم العالي عن بعد‪ ،‬فضال عن مواكبة‬
‫األساتذة‪ ،‬من خالل تنظيم دورات تدريبية وتقديم المساعدة التقنية إلنجاز ونشر الموارد الرقمية‪.‬‬
‫‪ ‬مواجهة األساتذة لبعض الصعوبات بخصوص بيداغوجية التعليم عن بعد‬
‫يتطلب التعليم عن بعد بيداغوجية خاصة من أجل تقديم دروس تضمن الحد األدنى من التفاعل بين‬
‫الطالب واألساتذة‪ .‬إال أن االعتماد المفاجئ لنمط التعليم العالي عن بعد‪ ،‬اضطر األساتذة إلى اإلسراع‬
‫في تكييف مناهجهم البيداغوجية من أجل ضمان استمرارية الدروس‪ ،‬مما أسفر عن مواجهة األساتذة‬
‫لصعوبات في المسايرة والتأقلم السريع مع هذا النمط من التعليم‪ .‬وفي هذا اإلطار‪ ،‬عبر ‪ %71‬من‬
‫األساتذة الذين أجابوا عن االستبيان‪ ،17‬عن وجود صعوبات فيما يتعلق ببيداغوجية التعليم عن بعد‪،‬‬
‫في حين أشار ‪ %20‬إلى أنهم لم يشعروا بأي تغيير‪ ،‬وصرح ‪ %9‬فقط على أن هذا التدريس لم يطرح‬
‫أي مشكل‪.‬‬
‫‪ ‬معدل التغطية بخصوص تكوين األساتذة والخبراء في ميدان التعليم العالي عن بعد‬
‫بحاجة للتعزيز‬
‫تم تسجيل نسب ضعيفة فيما يخص تكوين األساتذة والمكونين في مجال التعليم عن بعد‪ ،‬وذلك برسم‬
‫الموسم الجامعي ‪ ،2021-2020‬حيث لم تتعد نسبة األساتذة المستفيدين ‪ %46‬ونسبة الخبراء‬
‫(األساتذة والمهندسين المكونين) ‪.%2,53‬‬
‫كما سجلت تفاوتات ب ين الجامعات من حيث معدل تكوين األساتذة في مجال التعليم العالي عن بعد‪.‬‬
‫فإذا كان هذا المعدل‪ ،‬لم يتجاوز ‪ %23‬على مستوى جامعة السلطان موالي سليمان ببني مالل‪،‬‬
‫و‪ %28‬على مستوى جامعة محمد األول بوجدة‪ ،‬فقد بلغ ‪ %67‬على مستوى جامعة سيدي محمد بن‬
‫عبد هللا بفاس‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة دعم التأطير التقني لفائدة األساتذة‬
‫لم تتجاوز تغطية تكوين األطر اإلدارية والتقنية المؤهلة لتقديم التأطير الفني والتقني لألساتذة والطلبة‪،‬‬
‫في مجال التعليم العالي عن بعد‪ ،‬برسم الموسم الجامعي ‪ ،2021-2020‬معدل ‪ %16‬في المتوسط‬
‫على صعيد الجامعات االثنتي عشر‪ ،‬حيث أن الحاجيات المعبر عنها من طرف الجامعات فيما يتعلق‬

‫‪ 17‬تم االعتماد على استبيانين من أجل تجميع معلومات حول التعليم العالي عن بعد‪ .‬االستبيان األول وجه إلى األساتذة (تم الحصول على‬
‫‪ 1.505‬جواب) والثاني إلى الطلبة (تم الحصول على ‪ 30.560‬جواب)‪.‬‬

‫‪175‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫باألطر الواجب تكوينها في مجال التعليم عن بعد تقدر بما مجموعه ‪ 851‬إطارا‪ ،‬وهو ما يمثل ثالثة‬
‫أضعاف األطر التي تم تكوينها برسم هذه السنة الجامعية والذي لم يتجاوز ‪ 253‬موظفا‪.‬‬
‫عالوة على ذلك‪ ،‬يخفي هذا المستوى المحدود من التغطية تفاوتات بين الجامعات‪ .‬فإذا كانت هذه‬
‫النسبة وصلت إلى ‪%49,3‬على مستوى جامعة موالي إسماعيل بمكناس‪ ،‬فإنها لم تتجاوز ‪%9,8‬‬
‫على مستوى جامعة الحسن األول بسطات‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة توفير شبكة األنترنيت للطلبة وبالجودة المطلوبة‬
‫يعتبر غياب الربط بشبكة اإلنترنت وسوء جودة الربط من أهم العقبات التي حالت دون تتبع الطلبة‬
‫للدروس عن بعد‪ .‬فمن بين الطلبة الذين أجابوا عن االستبيان‪ ،18‬أشار ‪ %52‬منهم إلى عدم توفرهم‬
‫على ربط ثابت بشبكة األنترنت‪ ،‬بينما صرح ‪ %14‬منهم بعدم توفرهم على أي ربط باإلنترنت‬
‫و‪ %38‬أكدوا أنهم توفروا على ربط متقطع‪ .‬وتزداد صعوبات الربط باإلنترنت حدة بالنسبة للطلبة‬
‫الذين تابعوا دروسهم من المناطق القروية والذين يمثلون ‪ %24‬من مجموع الطلبة الذين أجابوا عن‬
‫االستبيان‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد أكدت الوزارة أنها أطلقت مشروع )‪ (Campus connecté‬الذي يهدف إلى توفير بنية تحتية‬
‫للربط بشبكة ‪ Wi-Fi‬في جميع المؤسسات واإلقامات الجامعية العمومية مع توسيع شبكة الربط باألنترنيت‬
‫العالي الصبيب عبر مروان ‪ .5‬كما أشارت إلى أنها بصدد بلورة المخطط الوطني لتسريع تحول منظومة‬
‫التعليم العالي والبحث العلمي )‪ ،)PACTE ESRI 2030‬وأضافت أن التعليم العالي عن بعد يعد مشروعا‬
‫استراتيجيا في هذا اإلصالح‪ ،‬وسيتم تطويره‪ ،‬من بين إجراءات أخرى‪ ،‬عبر تعزيز البنية التحتية الالزمة‪.‬‬
‫‪ ‬عدم توفر الطلبة على المعدات المعلوماتية الالزمة لمتابعة الدروس عن بعد‬
‫بالرغم من اعتبار المعدات المعلوماتية وسيلة أساسية لمتابعة الدروس عن بعد‪ ،‬فقد صرح ‪ %51‬من‬
‫الطلبة الذين شملهم االستبيان عن تلقيهم الدروس عبر الهاتف المحمول‪ ،‬في حين أكد ‪ %3‬من الطلبة‬
‫على عدم توفرهم على أية وسيلة للولوج إلى منصات التعليم عن بعد‪ .‬فيما صرح ‪ %46‬فقط من‬
‫الطلبة‪ ،‬بأنهم يتوفرون على حاسوب أو لوحة إلكترونية‪.‬‬
‫‪ ‬انخفاض نسبة الموارد الرقمية التفاعلية مقارنة بالموارد الرقمية غير التفاعلية‬
‫تم الوقوف‪ ،‬بناء على البيانات المقدمة من طرف الجامعات‪ ،‬على ارتفاع نسبة الموارد البيداغوجية‬
‫غير التفاعلية المنتجة على شكل ‪ Word‬و‪ Excel‬و‪ ،PPT‬مقارنة بالموارد التفاعلية عبر تقنية‬
‫التناظر المرئي‪ ،‬خالل الفترة الممتدة من بداية األسدس الثاني ‪ 2020-2019‬حتى نهاية األسدس‬
‫الثاني ‪.2021-2020‬‬
‫فباستثناء جامعات محمد الخامس بالرباط‪ ،‬وسيدي محمد بن عبد هللا بفاس وشعيب الدكالي بالجديدة‪،‬‬
‫حيث بلغت نسبة الموارد التفاعلية التي تم إنتاجها على التوالي‪ %59 ،‬و‪ %45‬و‪ %31‬من مجموع‬
‫الموارد الرقمية المنتجة‪ ،‬فقد سجلت الجامعات األخرى نسبا منخفضة من الموارد التفاعلية مقابل‬
‫ارتفاع نسبة الموارد التقليدية غير التفاعلية‪.‬‬
‫‪ ‬معدالت إنجاز األعمال التطبيقية والتوجيهية بحاجة للتعزيز‬
‫فيما يتعلق بالتخصصات العلمية التي تتطلب أعماال تطبيقية أو توجيهية باستخدام أجهزة تكنولوجية‪،‬‬
‫أو دراسة حاالت عملية من أجل تطبيق المواد البيداغوجية التي تم تلقيها‪ ،‬فقد صرح ‪ %53‬من‬
‫الطلبة‪ 19‬الذين أجابوا على االستبيان والمسجلين بمسالك علمية‪ ،‬أنهم لم يستفيدوا من أية حصة عن‬
‫بعد من حصص األعمال التطبيقية إبان جائحة "كوفيد‪."19-‬‬
‫أما فيما يتعلق باألعمال التوجيهية عن بعد‪ ،‬فمن بين ‪ %88‬من الطالب المعنيين بهذه األعمال‪ ،‬والذين‬
‫شملهم االستبيان‪ ،‬أكد ‪ %36‬أنهم لم يستفيدوا من أية حصة‪.‬‬

‫‪ 18‬بلغ عدد الطلبة الذين أجابوا عن االستبيان الموجه من طرف المجلس ‪ 30.625‬طالبا‪.‬‬
‫‪ 19‬بلغ عدد الطال ب الذين أجابوا على سؤال االستبيان المتعلق بإنجاز األعمال التطبيقية عن بعد خالل فترة الجائحة والذين ينتمون إلى مسالك‬
‫علمية ‪ 10.204‬طالب‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪176‬‬


‫ثالثا‪ .‬المشاريع المتعلقة بتطوير التعليم العالي عن بعد‬
‫‪ ‬التأخير في إنجاز بعض األعمال المتعلقة بمشاريع تطوير التعليم العالي عن بعد وعدم‬
‫تخصيص الموارد المالية المبرمجة برسم سنتي ‪ 2021‬و‪2022‬‬
‫أطلقت الوزارة المكلفة بالتعليم العالي مشروعين يتعلقان بالتعليم العالي عن بعد‪ ،‬وذلك في إطار‬
‫مشروع تعاقدي مع الجامعات برسم الفترة الممتدة من ‪ 2021‬إلى ‪ .2023‬ويهدف هذان المشروعان‬
‫إلى تعميم استخدام تقنيات المعلومات في مجال التعليم العالي‪ ،‬وكذلك تعزيز منظومة المعلومات‬
‫للتربية والتكوين والبحث العلمي‪ .‬وقد تم تسجيل المالحظات التالية بخصوص هذه المشاريع‪:‬‬
‫‪ -‬التأخير في إنجاز بعض األعمال األساسية المبرمجة سنة ‪ ،2021‬وخاصة فيما يتعلق‬
‫بإعداد دليل مرجعي وطني للتعليم العالي عن بعد‪ ،‬وتنفيذ مشروع المكتبة الرقمية؛‬
‫‪ -‬عدم تخصيص الموارد المالية المبرمجة برسم سنتي ‪ 2021‬و‪ 2022‬لتنفيذ هذين‬
‫المشروعين‪ ،‬إذ أن الوزارة المكلفة بالتعليم العالي خصصت لهما ‪ 10‬ماليين درهم فقط‬
‫في سنة ‪ ،2021‬مع اإلشارة إلى أن هذا المبلغ ال يمثل سوى ‪ %3‬من المبالغ المتعاقد‬
‫بشأنها خالل هذه السنة‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن الوزارة لم تخصص لهذين المشروعين‬
‫أي اعتمادات في ميزانيتها لسنة ‪ ،2022‬مما من شأنه أن يعيق تحقيق األهداف التعاقدية‬
‫ويحد من تطوير هذا النوع من التعليم‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة لتعزيز نمط التعليم عن بعد‬
‫لم تبلغ بعد التجربة المغربية في ميدان التعليم العالي عن بعد‪ ،‬مستوى بعض البلدان المماثلة مثل‬
‫تونس والسنغال‪ ،‬في مجال الجامعات االفتراضية‪ ،‬حيث أن مشروع الحرم الجامعي االفتراضي‬
‫المغربي (‪ )CVM‬الذي تم إطالقه سنة ‪ ،2004‬لم يعرف النجاح المنشود واالستمرارية الالزمة‪.‬‬
‫ومنذ ذلك الحين‪ ،‬لم يتم إعادة إطالق أية مشاريع مماثلة تهم مؤسسات افتراضية للتعليم العالي‪.‬‬
‫وفيما يخص المنصات اإللكترونية للمساقات الجماعية مفتوحة المصادر‬
‫(‪ ،(plateformes de MOOCs‬فإن التجربة في هذا المجال لم ترق أيضا إلى المستوى المطلوب‪.‬‬
‫حيث لم يتم إنشاء الجامعة الرقمية المغربية إال سنة ‪ ،2016‬ولم تعط انطالقتها الفعلية سوى في سنة‬
‫‪ .2019‬كما أن إنجازات هذه المنصة بقيت متواضعة‪ ،‬حيث أنها تحتوي على حوالي ‪ 30‬درسا جماعيا‬
‫مفتوح المصدر (‪ )MOOCs‬عمليا و‪ 15‬درسا آخر قيد التنفيذ وقد أصدرت المنصة ‪ 890‬شهادة‬
‫لفائدة ‪ 22201‬مسجل‪.‬‬
‫بناء على ما سبق‪ ،‬يوصي المجلس األعلى للحسابات الوزارة المكلفة بالتعليم العالي والبحث العلمي‬
‫واالبتكار بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬اعتماد إطار قانوني مناسب يمكن من وضع تعريف دقيق للتعليم العالي عن بعد وأهدافه‬
‫(خاصة خلق مسالك تدرس كليا عن بعد) ويحدد إطاره التنظيمي والتدبيري وحكامته‬
‫وكذا آليات المراقبة والتتبع؛‬
‫‪ -‬وضع استراتيجية وطنية للتعليم العالي عن بعد تحدد بدقة األهداف والنتائج المتوخاة‬
‫منه والموارد المخصصة (البشرية والمادية والمالية)‪ ،‬وآليات التنسيق ورصد خطط‬
‫العمل‪ ،‬فضال عن النتائج ومؤشرات األداء؛‬
‫‪ -‬العمل على ضمان تحديث المعدات الجامعية المخصصة للتعليم العالي عن بعد؛‬
‫‪ -‬تعزيز إجراءات تكوين األساتذة الباحثين في مجال التعليم العالي عن بعد؛‬
‫‪ -‬العمل على تطوير ونشر برامج مالئمة تهدف إلى تعميم المعدات وتحسين نسبة ربط‬
‫الطلبة بشبكة األنترنيت؛‬

‫‪177‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫‪ -‬إنشاء وتطوير المساقات الجماعية مفتوحة المصادر)‪ (MOOCs‬من طرف‬
‫الجامعات‪ ،‬وال سيما من خالل مضاعفة طلبات العروض الخاصة بمشاريع البحث‬
‫العلمي وتعبئة التمويل الالزم‪.‬‬
‫وقد أكدت وزارة المالية في جوابها أن المخطط الوطني لتسريع التحول في نظام التعليم العالي والبحث العلمي‬
‫واالبتكار يستجيب للتوصيات الرئيسية للمجلس األعلى للحسابات‪ ،‬حيث يعتمد على العديد من االلتزامات في‬
‫هذا االتجاه منها ضمان التحول الرقمي لمنظومة التعليم العالي من خالل إنشاء منصات رقمية للتعلم عن بعد‬
‫والرقمنة الشاملة للخدمات اإلدارية بالجامعة‪ .‬كما أشارت إلى رصد اعتمادات مالية مهمة لهذا الغرض من‬
‫أجل تمكين الوزارة الوصية من الوفاء بالتزاماتها المسطرة في إطار تنزيل المخطط سالف الذكر‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪178‬‬


‫التكوين المهني الفالحي‪:‬‬
‫آلية مهمة في حاجة إلى التطوير لالستجابة لحاجيات الفالحة التقليدية‬
‫والعصرية‬

‫اعتمد المغرب منظومة للتكوين المهني الفالحي من أجل تلبية المتطلبات واالحتياجات النوعية والكمية‬
‫لسوق الشغل ودمج اليد العاملة القروية والرفع من مستواها‪ ،‬بما يُحقق تنمية هذا القطاع وتطوير‬
‫القدرة التنافسية للمقاوالت الفالحية ووحدات اإلنتاج‪ .‬وقد عرفت منظومة التكوين العديد من‬
‫اإلصالحات التي تروم تطويرها لمواجهة التحديات الرئيسية التي ت ُعيق مواكبة تحوالت القطاع‬
‫الفالحي‪.‬‬
‫وتتكون منظومة التكوين المهني الفالحي من سبع (‪ )07‬ثانويات فالحية تُوفر تعليما تقنيا وأربع‬
‫وخمسين (‪ )54‬مؤسسة للتكوين الفالحي‪ .‬وت ُتيح هذه المؤسسات التكوين في ثمانية عشر (‪ )18‬مسلكا‬
‫لتكوين التقنيين المتخصصين وستة (‪ )06‬مسالك لتكوين التقنيين واثني عشر (‪ )12‬مسلكا لتكوين‬
‫العمال ال ُمؤ َّهلين‪ ،‬باإلضافة إلى التكوين بالتدرج في عشرين (‪ )20‬حرفة‪ .‬كما يُم ِّ ّكن التعليم التقني من‬
‫منح شهادة البكالوريا في شعبة العلوم التجريبية مسلك العلوم الزراعية أو البكالوريا المهنية تخصص‬
‫"تسيير الضيعة الفالحية"‪.‬‬
‫وكمعدل سنوي‪ ،‬خالل الفترة ‪َ ،2020-2011‬م َّكنت هذه المنظومة من تكوين ما يُناهز ‪ 2.000‬خريجا‬
‫للتكوين المهني بالتناوب (تقني متخصص وتقني وعامل مؤهل) و‪ 3.300‬خريجا للتكوين المهني‬
‫بالتدرج و‪ 192‬تلميذا حاصال على شهادة البكالوريا‪.‬‬
‫وتقوم هذه المؤسسات بمهام التكوين األساسي في المجاالت المرتبطة بالقطاع الفالحي‪ ،‬والتكوين‬
‫المستمر للفالحين ومهنيي القطاع‪ ،‬وإعداد الشباب خاصة بنات وأبناء الفالحين لالندماج في الحياة‬
‫المهنية الفالحية‪ .‬كما ت ُساهم هذه المؤسسات في أنشطة البحث والدراسات المتعلقة بمجاالت التكوين‬
‫التي تسهر عليها‪.‬‬
‫أوال‪ .‬اإلطار االستراتيجي والحكامة‬
‫‪ .1‬االستراتيجية الوطنية للتكوين والبحث الفالحيين‬
‫‪ ‬ضرورة إدماج جميع المتدخلين في االستراتيجية الوطنية للتكوين والبحث الفالحيين‬
‫اقتصر تنزيل االستراتيجية الوطنية للتكوين والبحث الفالحيين‪ ،‬التي تم اعتمادها انطالقا من سنة‬
‫‪ ،2013‬على التكوين والبحث الفالحيين اللذين توفرهما المصالح التابعة للوزارة المكلفة بقطاع‬
‫ضعف‬ ‫الفالحة‪ ،‬دون أن يشمل ما يُقدمه باقي المتدخلين العموميين والخواص في هذا المجال نتج عنه ُ‬
‫انخراطهم في تنفيذ هذه االستراتيجية‪.‬‬
‫بهذا الخصوص‪ ،‬أكدت الوزارة المكلفة بقطاع الفالحة‪ ،‬من خالل جوابها‪ ،‬أنها قامت باستشارة جميع الفاعلين‬
‫المعنيين خالل إعداد االستراتيجية‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن مجموعة من الفاعلين العموميين والخواص يُوفرون تكوينا في العديد من‬
‫المسالك الفالحية‪ ،‬خاصة في مجال الصناعة الغذائية‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة لمكتب التكوين المهني‬
‫وإنعاش الشغل الذي قَدَّم‪ ،‬خالل سنة ‪ 14 ،2021‬تكوينا أساسيا في الميدان الفالحي‪ .‬كما يُساهم النسيج‬
‫الجمعوي في هذه المهمة‪ ،‬وذلك من خالل إحداث "الدور األسرية القروية" التي تهدف إلى مواكبة‬
‫الشباب القروي من خالل تمكينهم من تكوين بالتدرج يُؤهلهم لولوج المجال المهني الفالحي‪ .‬هذا‬
‫التنوع في العرض من حيث التكوين في الميدان الفالحي يستدعي إشراك باقي ال ُمتدخلين في جميع‬
‫مراحل إعداد وتنفيذ االستراتيجيات المتعلقة بالتكوين‪ ،‬والحرص على ضمان االلتقائية والتكامل في‬
‫هذا المجال‪.‬‬

‫‪179‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫‪ ‬الحاجة إلى نموذج متعدد السنوات لتمويل االستراتيجية الوطنية للتكوين والبحث‬
‫الفالحيين وتفعيل المخططات التوجيهية الجهوية‬
‫م َّكنت االستراتيجية الوطنية للتكوين والبحث الفالحيين من تحديد توجهات استراتيجية ومشاريع‬
‫وإجراءات للتنفيذ‪ .‬كما تضمنت إجراءات لمواكبة تطوير منظومة التكوين المهني باستثمار أولي‬
‫إجمالي (من أجل إنجاز عمليات رفع المستوى وتوسيع أو بناء مؤسسات جديدة) قدره‬
‫‪ 640‬مليون درهم‪ ،‬وبالرفع من الميزانية السنوية اإلجمالية‪ ،‬المخصصة لهاته المنظومة‪ ،‬من ‪220‬‬
‫إلى ‪ 510‬مليون درهم في أفق سنة ‪ .2020‬إال أن هذه االستراتيجية لم تقترح نموذجا للتمويل ُمتعدد‬
‫السنوات ومستدام انطالقا من تحليل آليات التمويل الحالية للمنظومة‪.‬‬
‫عالوة على ذلك‪ ،‬تو َّقعت االستراتيجية الشروع في تمويل المشاريع المقترحة عبر طلب التزام‬
‫للحكومة والجهات الفاعلة الرئيسية لتعبئة الموارد البشرية والمالية الضرورية‪ .‬وكان من المنتظر أن‬
‫يُ ْس ِّفر هذا االلتزام عن إبرام عقد برنامج إطار يحدد غالف الميزانية وبرنامج العمل الالزمين لتنفيذ‬
‫االستراتيجية‪ .‬إال أنه لم يتم ابرام هذا العقد‪-‬برنامج وكذا االتفاقيات المتعلقة بتنفيذه‪ .‬نتيجة لذلك‪ ،‬وفي‬
‫غياب االلتزام بتمويل هذه االستراتيجية‪ ،‬لم تسمح االعتمادات المبرمجة لتنفيذها في ميزانية الوزارة‬
‫المكلفة بقطاع الفالحة من تحقيق المشاريع المهيكلة الرئيسية لالستراتيجية‪.‬‬
‫وبهدف تجاوز أثر غياب إبرام عقد‪-‬برنامج إطار يحدد غالف الميزانية وبرنامج العمل الالزمين لتنفيذ‬
‫االستراتيجية‪ ،‬أوضحت الوزارة أنها قامت بعرض االستراتيجية الوطنية للتكوين والبحث الفالحيين على‬
‫مختلف القطاعات الوزارية المعنية باألمر (قطاع التربية الوطنية وقطاع التعليم العالي وقطاع التكوين المهني)‬
‫ووزارة االقتصاد والمالية من أجل تمويل مشاريع هاته االستراتيجية‪ .‬كما أشارت الوزارة أنها ت ُحضر‬
‫مقترحات الميزانية في إطار البرمجة الميزانياتية لثالث سنوات وذلك طبقا لمقتضيات القانون التنظيمي للمالية‪،‬‬
‫مع مراعاة توجهات هذه االستراتيجية‪ .‬لكن قيود الميزانية السنوية تؤثر على الموارد المخصصة إلنجازها‪.‬‬
‫س ِّ ّجل استغالل محدود للمخططات التوجيهية للتكوين المهني الفالحي برسم الفتر‬ ‫كما ُ‬
‫(‪ )2020-2016‬ال ُم َعدَّة من طرف الوزارة من أجل التخطيط لعرض التكوين والبُنى التحتية والموارد‬
‫الالزمة من طرف المؤسسات‪ ،‬وذلك بالنظر لصعوبة تطبيق مضامينها‪ .‬وقد تبين عدم علم مديري‬
‫بعض المؤسسات بوجود هذه المخططات وبمحتواها‪ ،‬سواء بسبب ضعف في التواصل أو غياب‬
‫الوثائق والتقارير المرتبطة بها على مستوى أرشيف المؤسسات‪.‬‬
‫وفضال عن ذلك‪ ،‬لم يتم إرساء الهياكل الجهوية لقيادة وتتبع تنفيذ هذه المخططات‪ ،‬والمتمثلة في لجنة‬
‫س ِّ ّجل غياب تتبع تنفيذ هذه المخططات‪ ،‬مما ساهم كذلك في عدم‬ ‫القيادة ومجلس التوجيه‪ .‬وبالتالي‪ُ ،‬‬
‫تطبيقها فعليا وعدم استغاللها كآلية للعمل سواء بالنسبة لمديرية التعليم والتكوين والبحث أو بالنسبة‬
‫للمؤسسات نفسها‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة إرساء نظام لتتبع وتقييم االستراتيجية‬
‫لم يتم إحداث لجنتي القيادة والتتبع كآليتين من أجل ضمان تتبع المشاريع والتحقق من إنجازها في‬
‫إطار تنزيل االستراتيجية الوطنية للتكوين والبحث الفالحيين‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فإن تتبع إنجاز مشاريع‬
‫االستراتيجية ت َّم بشكل غير شمولي وغير مستمر‪ ،‬األمر الذي لم يُ َم ِّ ّكن من تحديد معيقات التنفيذ من‬
‫أجل اقتراح الحلول الناجعة في الوقت المناسب‪ .‬عالوة على ذلك‪ ،‬لم يتم اعتماد نظام للتتبع والتقييم‬
‫مخصص لتتبع تنفيذ االستراتيجية‪ ،‬وهو ما حال دون الوقوف على مدى تقدم مشاريعها وتحديد‬
‫الصعوبات التي تعترض تنفيذها‪ ،‬من أجل اقتراح الحلول المناسبة بالتشاور مع فاعلي وشركاء‬
‫منظومة التكوين المهني الفالحي‪.‬‬
‫وقد أكدت الوزارة في جوابها‪ ،‬أنه بالرغم من غياب لجان التتبع والقيادة‪ ،‬فهي تقوم بتتبع مراحل تقدم المشاريع‬
‫التي تم إطالقها‪ .‬وأنه تم الحصول سنة ‪ 2019‬على تثبيت حزمة برامج حاسوبية (‪ )ERP‬من أجل تسيير وتتبع‬
‫وتوجيه نظام التكوين المهني الفالحي‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد‪ ،‬يوضح المجلس أن هذا النظام المعلوماتي ي ُخص فقط تسهيل وتتبع مختلف مراحل‬
‫التكوين وال يمكن من تتبع جميع المشاريع المتضمنة في االستراتيجية‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪180‬‬


‫‪ ‬حصيلة تنفيذ االستراتيجية تبقى في حاجة إلى تحسين‬
‫تم تنزيل توجيهات االستراتيجية الوطنية للتكوين والبحث الفالحيين على شكل خارطة طريق تشمل‬
‫مجموعة من مخططات العمل‪ .‬فإجماال‪ ،‬تم تحديد ‪ 32‬مشروعا و‪ 112‬مخطط عمل‪ .‬كما تم تصنيف‬
‫كل مخطط عمل حسب األولوية وتفصيله من حيث المسؤولية واإلجراءات والمشاركين ومدة اإلنجاز‪.‬‬
‫ومن خالل تحليل وضعية تنفيذ مشاريع االستراتيجية‪ ،‬تبين عدم إنجاز تسعة (‪ )09‬مشاريع من بين‬
‫أربعة عشر (‪ )14‬مشروعا يخص التكوين المهني الفالحي‪ ،‬في حين أن إنجاز خمسة (‪ )05‬مشاريع‬
‫المتبقية تم بصفة جزئية‪ .‬كما أن األهداف المسطرة بالنسبة لجميع المؤشرات لم يتم تحقيقها خالل سنة‬
‫‪ .2020‬حيث بلغ عدد خريجي التكوين المهني بالتناوب ‪ 2.231‬خريجا والتكوين المهني بالتدرج‬
‫‪1.759‬خريجا‪ ،‬أي بنسبة تحقيق لألهداف تبلغ على التوالي ‪ %47‬و‪ ،%14‬فيما بلغ عدد المكونين‬
‫‪ 262‬مكونا أي بنسبة ‪ %21‬فقط‪ .‬في حين بلغت الطاقة االستيعابية لمؤسسات التكوين المهني ‪5.375‬‬
‫متدربا أي بنسبة ‪ .%61‬وت ُعزى هذه النتائج إلى عدم اكتمال تنفيذ المشاريع المهيكلة المبرمجة في‬
‫االستراتيجية وعدم تنفيذ الملفات االستراتيجية الكبرى (البرنامج الوطني للتكوين المهني الفالحي‬
‫لالستجابة لمتطلبات مخطط المغرب األخضر‪ ،‬إلخ‪.).‬‬
‫وفي هذا الصدد‪ ،‬أشارت الوزارة أنه بالرغم من النقص الحاصل في الموارد المالية‪ ،‬فإنها منخرطة بشكل‬
‫فعلي في تنفيذ المشاريع المدرجة في االستراتيجية الوطنية للتكوين والبحث الفالحيين‪ ،‬السيما فيما يتعلق‬
‫بتحسين حكامة منظومة التكوين المهني الفالحي‪ ،‬أساسا عبر إحداث أقطاب متعددة المراكز‪ ،‬وتحسين البنية‬
‫التحتية والرفع من الطاقة االستيعابية لمؤسسات التكوين المهني الفالحي وتحديث التجهيزات والمعدات‬
‫والضيعات البيداغوجية من أجل توفير تكوين تطبيقي جيد للمتدربين‪ .‬وذكرت الوزارة أنه من بين اإلكراهات‬
‫التي حالت دون تحقيق األهداف المسطرة‪ ،‬النقص في عدد المكونين وكذا عدم تجديد االتفاقية المتعلقة بالتكوين‬
‫بالتدرج لفائدة الشباب القروي بعد نشر القانون التنظيمي للمالية سنة ‪ ،2015‬باإلضافة إلى تفشي وباء كورونا‬
‫سنتي ‪ 2019‬و‪ 2020‬الذي أثر بشكل كبير على تحقيق برنامج التكوين بالتدرج لفائدة الشباب القروي‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة الحرص على تناسب األهداف المسطرة في عقد برنامج التكوين المهني‬
‫‪ 2021 -2015‬مع القدرات التنفيذية للوزارة‬
‫حدد عقد البرنامج الخاص المبرم بين قطاع الفالحة وقطاع التكوين المهني التزامات الطرفين‬
‫واألهداف الكمية من حيث تطور أعداد المتدربين في التكوين المهني األساسي وعدد المؤسسات‬
‫المزمع إحداثها والحاجيات المتوقعة من األطر التقنية والبيداغوجية ونفقات التكوين المهني األساسي‪.‬‬
‫مع ذلك‪ ،‬تبيّن أن عقد البرنامج المذكور لم يتم اعتماده كخارطة طريق للتكوين المهني األساسي‬
‫بالنسبة للوزارة المكلفة بقطاع الفالحة‪ ،‬وكلوحة قيادة للتتبع بالنسبة للوزارة المكلفة بالتكوين المهني‪.‬‬
‫س ِّ ّجل غياب نظام لتتبع وتقييم هذا العقد‪-‬برنامج إضافة إلى عدم إحداث لجنة مشتركة‬‫وفي هذا الصدد‪ُ ،‬‬
‫ّ‬
‫لتتبع اإلنجازات‪ .‬ومن شأن اعتماد نظام للتتبع أن يُمكن من معرفة مدى تنفيذ المشاريع ال ُمبرمجة‬
‫واتخاذ القرارات المناسبة من أجل تجاوز ال ُمعيقات التي تواجه التنفيذ‪.‬‬
‫أوضحت الوزارة‪ ،‬في معرض جوابها‪ ،‬أن قطاع التكوين المهني التزم في إطار العقد‪-‬برنامج بالعمل على‬
‫توفير الموارد والدعم الالزمين لمواكبة قطاعات التكوين من أجل تحقيق األهداف المحددة‪ .‬ومن بين‬
‫اإلجراءات األولية التي قام بها هذا القطاع العمل على مراجعة القانون اإلطار الخاص بالتكوين المهني الذي‬
‫سيمكن من توسيع عرض التكوين ليشمل فئات أخرى من الساكنة (أقل من ‪ 15‬سنة‪ ،‬وأكثر من ‪ 40‬سنة‪،‬‬
‫واالعتراف بالتعلمات المكتسبة والتكوين التأهيلي‪ ،‬إلخ‪ ).‬وبلوغ األهداف المحددة في العقد‪-‬برنامج‪ .‬غير أن‬
‫هذا القانون لم يصدر بعد‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬لم يقم قطاع التكوين المهني بإنشاء لجان القيادة والتتبع‪.‬‬
‫برز تحليل تطور المؤشرات المعتمدة في العقد‪-‬برنامج أن األهداف المحددة لم يتم‬
‫من جهة أخرى‪ ،‬يُ ِّ‬
‫بلوغها‪ .‬إذ لم تتجاوز نسبة إنجاز الهدف المرتبط بعدد المتدربين في التكوين المهني األساسي ‪.%43‬‬
‫ونتيجة لذلك‪ ،‬لم تتعد نسبة إنجاز هدف تكوين ‪ 84.360‬خريجا ‪ .%38‬أما فيما يتعلق بااللتزامات‬
‫المرتبطة بإحداث مؤسسات جديدة‪ ،‬فقد تم إنشاء ثالث (‪ )03‬مؤسسات فقط من أصل عشرين (‪)20‬‬
‫مؤسسة مبرمجة في أفق ‪ ،2021-2020‬أي بنسبة إنجاز بلغت ‪ .%15‬كذلك‪ ،‬لم يتم توفير االحتياجات‬

‫‪181‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫المبرمجة من حيث األطر التقنية والبيداغوجية‪ ،‬حيث لم يتم توظيف سوى ‪ 31‬إطارا من أصل ‪519‬‬
‫متوقع وضعهم رهن إشارة منظومة التكوين المهني الفالحي‪ ،‬أي بنسبة إنجاز ال تتجاوز ‪.%6‬‬
‫وتَدُ ُّل هذه اإلنجازات على أن التوقعات المسطرة لم يتم تحديدها بالدقة الالزمة بالنظر إلى إمكانيات‬
‫الوزارة‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فإن النتائج المتواضعة المحصل عليها ترجع أساسا إلى عدم تناسب أهداف عقد‬
‫البرنامج والقدرات التنفيذية للوزارة‪ ،‬وكذا ضعف تعبئة الموارد المالية والبشرية بالنظر إلى مستوى‬
‫الطموحات المحددة في عقد البرنامج‪.‬‬
‫بهذا الخصوص‪ ،‬أكدت الوزارة أن هناك عدة إكراهات حالت دون تحقيق األهداف وهي‪:‬‬
‫عدم تجديد اتفاقية التكوين المهني بعد نشر القانون التنظيمي رقم ‪130.13‬؛‬ ‫‪-‬‬
‫قيود الميزانية التي فرضتها الحكومة فيما يتعلق بترشيد النفقات المرتبطة بالدراسات والبناء والتي أدت‬ ‫‪-‬‬
‫إلى عدم إنشاء مؤسسات جديدة؛‬
‫الظروف الخاصة بوباء كورونا والتي ساهمت بشكل كبير في تقليص عدد المتدربين خالل السنوات‬ ‫‪-‬‬
‫الدراسية ‪ 2020-2019‬و‪ 2021-2020‬وخاصة لكون مؤسسات التكوين المهني الفالحي تعتمد على‬
‫نظام اإليواء الداخلي‪.‬‬
‫من خالل ما سبق‪ ،‬يوصي المجلس األعلى للحسابات الوزارة المكلفة بقطاع الفالحة بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬ضمان التموقع االستراتيجي لمؤسسات التكوين التقني والمهني الفالحي في إطار رؤية‬
‫وطنية شمولية للتكوين المهني تأخذ بعين االعتبار تقييم نتائج تنفيذ االستراتيجيات‬
‫السابقة؛‬
‫‪ -‬إشراك جميع الفرقاء المعنيين في مراحل إعداد وتنفيذ االستراتيجيات التي تضعها‬
‫الوزارة في ميدان التكوين الفالحي‪ ،‬خاصة قطاع التكوين المهني والفدراليات‬
‫البيمهنية‪ ،‬مع الحرص على األخذ بعين االعتبار القدرات التنفيذية للوزارة‪.‬‬
‫‪ .2‬الحكامة‬
‫‪ ‬ضرورة االنخراط الفعلي للمديريات الجهوية في مجال التكوين المهني الفالحي‬
‫أسندت للمديريات الجهوية للفالحة مهام قيادة وتنسيق وتتبع برامج التعليم التقني والتكوين المهني‬
‫س ِّ ّجل تفاوت في درجة انخراط مختلف المديريات الجهوية‬ ‫الفالحي على المستوى الجهوي‪ ،‬غير أنه ُ‬
‫في هذه المهام‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬تقوم بعض المديريات الجهوية بالتتبع التربوي للمؤسسات المتواجدة‬
‫في مجال نفوذها الترابي عن طريق طلب البيانات األسبوعية المتعلقة بتتبع البرامج التربوية والجداول‬
‫الزمنية‪ ،‬في حين أن مديريات جهوية أخرى ال تقوم بهذا النوع من التتبع وتقتصر فقط على التتبع‬
‫المالي واإلداري‪ .‬وفي نفس السياق‪ ،‬ت ُشارك بعض المديريات الجهوية في التنسيق بين المؤسسات‪،‬‬
‫المكونين والوسائل اللوجيستيكية‪ ،‬في حين أن هناك مديريات أخرى ال تقوم‬ ‫ّ‬ ‫من خالل تسهيل تبادل‬
‫بهذا التنسيق‪ .‬كما يتجلى االختالف في ممارسة المهام المتعلقة بتعيين أعضاء مجلس التسيير والتنسيق‬
‫التربوي لمؤسسات التكوين المهني الفالحي الذي يتم من طرف المدير الجهوي في بعض الجهات‪،‬‬
‫بينما يتم من طرف مدير التعليم والتكوين والبحث على المستوى المركزي بالنسبة لجهات أخرى‪،‬‬
‫نص قانوني يحدد تنظيم هذا االختصاص‪.‬‬
‫وذلك في غياب ّ‬
‫كما أن المديريات الجهوية ال تستفيد من المنصة المعلوماتية المتعلقة بتسيير امتحان الولوج وتتبع‬
‫اإلنجازات التربوية لبرامج التكوين‪ ،‬والتي أحدثتها مديرية التعليم والتكوين والبحث‪ ،‬وذلك بالرغم‬
‫من تضمن اختصاصات المديريات الجهوية لمهام تتبع منظومة التكوين على الصعيد الجهوي‪ .‬وتكتفي‬
‫المديريات الجهوية باللجوء مباشرة إلى مؤسسات التكوين من أجل موافاتها ببيانات تتبع البرامج‬
‫التربوية والجداول الزمنية المنجزة‪.‬‬
‫أشارت في جوابها أنه يتم العمل في انسجام تام مع كل مؤسسات الوزارة وعلى جميع المستويات‪ :‬المركزية‬
‫والجهوية واإلقليمية‪ ،‬كما يتم احترام مبدأ التسلسل اإلداري في تدبير المراسالت اإلدارية الموجهة إلى‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪182‬‬


‫مؤسسات التكوين المهني الفالحي‪ ،‬والذي يتم بشكل منهجي عبر الجهات التي يتم التشاور معها في كل ما يهم‬
‫مؤسسات التكوين المهني الفالحي‪.‬‬
‫إضافة إلى ذلك‪ ،‬تتولى مديرية التعليم والتكوين والبحث قيادة المنظومة على الصعيد الوطني من‬
‫خالل تطوير وتحديث برامج التكوين‪ ،‬ووضع الخريطة المدرسية السنوية‪ ،‬وتحديد شروط الولوج‬
‫المكونين (مركز للتأهيل الفالحي ‪ /‬معهد تكوين تقنيي الفالحة ‪ /‬معهد‬
‫ّ‬ ‫إلى المؤسسات‪ ،‬وبرمجة تدريب‬
‫التقنيين المتخصصين في الفالحة)‪ ،‬في ظل ضعف التنسيق مع المديريات الجهوية‪ ،‬التي ال تمارس‬
‫بشكل فعلي مهمة القيادة‪ ،‬التي تدخل في صلب مهامها‪ ،‬رغم أن مديرية التعليم والتكوين والبحث‬
‫تشارك في اللجان التقنية الجهوية التي تدرس كل األنشطة المتعلقة بالتكوين المهني الفالحي‪ ،‬كما‬
‫أشارت الوزارة في معرض جوابها‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة توضيح مهام وطريقة اشتغال األقطاب الجهوية متعددة المراكز‬
‫قامت الوزارة باختيار مؤسسة في كل جهة كمؤسسة قطب وبتكليف مديرها كرئيس له‪ .‬وأسندت‬
‫الوزارة لهذه األقطاب مهمة تجميع الموارد البشرية واللوجيستيكية من أجل دعم المؤسسات األقل‬
‫توفرا على هذه اإلمكانيات‪ ،‬وكذلك تجميع بيانات المؤسسات التابعة لجهتها بهدف خلق ُمخاطب‬
‫جهوي واحد لدى مديرية التعليم والتكوين والبحث‪.‬‬
‫في هذا اإلطار‪ ،‬وإن لم تتم مأسسة القطب الجهوي على صعيد كل جهة‪ ،‬فقد بدأ يتجسد على أرض‬
‫الواقع مع بعض التمايز بين الجهات‪ .‬فعلى سبيل التوضيح‪ ،‬تعقد المؤسسات التابعة لنفس القطب في‬
‫بعض الجهات اجتماعات منتظمة إليجاد آليات للتعاون‪ ،‬في حين بدأت جهات أخرى بالفعل في العمل‬
‫كأقطاب عن طريق تبادل الموارد اللوجيستيكية والتربوية (تنظيم زيارات إلى الوحدات التطبيقية‬
‫التربوية بين المؤسسات‪ ،‬واستخدام منشآت المؤسسة القطب من طرف بقية المؤسسات التابعة له‪،‬‬
‫إلخ‪ ).‬وكذلك البشرية (تنقل المكونين‪ ،‬ودعم الموظفين اإلداريين لمؤسسات أخرى‪ ،‬إلخ‪.).‬‬
‫ومن ناحية أخرى‪ ،‬تبيّن أن بعض المديريات الجهوية للفالحة‪ 20‬تعتبر أن الدور الذي سيسند إلى‬
‫القطب يمكن أن يتم إنجازه من طرف المديرية الجهوية‪ ،‬وأن هناك تداخال في مهامهما‪ .‬كما أن إضفاء‬
‫الطابع الرسمي على األقطاب الجهوية سيتم على حساب الصالحيات التنظيمية المسندة إلى المديريات‬
‫الجهوية‪ .‬ومن جانبها‪ ،‬أجمعت مؤسسات التكوين على الدور الهام الذي يمكن أن تؤديه األقطاب‬
‫شريطة وضع تصور واضح لهذه الهيكلة وتنظيمها وكيفية اشتغالها‪.‬‬
‫وفي هذا الشأن‪ ،‬التزمت الوزارة في جوابها بإعداد مذكرة دورية لتحديد دور ومهام األقطاب الجهوية متعددة‬
‫المراكز انطالقا من الموسم األكاديمي ‪.2023-2022‬‬
‫‪ ‬ضرورة تعزيز العالقة مع الهيئات البيمهنية للفالحة مع تفعيل مجالس اإلتقان‬
‫لم يتم إحداث مجلس اإلتقان على مستوى كل مؤسسة أو مجموعة من مؤسسات التكوين المهني كما‬
‫هو منصوص عليه في النظام العام لمؤسسات التكوين المهني‪ .‬ويترأس هذا المجلس شخصية من‬
‫الوسط المهني على اعتبار أن إدماج المهنيين في عملية التكوين المهني عنصر مهم لنجاح هذه‬
‫المنظومة‪ .‬فهناك توافق بين جميع الفاعلين (مديرية التعليم والتكوين والبحث‪ ،‬والمديريات الجهوية‪،‬‬
‫والمؤسسات‪ ،‬والمهنيين‪ ،‬إلخ‪ ).‬بشأن أهمية هذه العملية على اعتبار أن المهنيين يشكلون المشغّل‬
‫الرئيسي لخريجي مؤسسات التكوين المهني الفالحي‪ .‬ويلعب المهنيون دورا أساسيا في المنظومة من‬
‫حيث تحديد الحاجيات من التكوين‪ ،‬وإعداد البرامج‪ ،‬وتحديد عدد المستفيدين‪ ،‬ودعم األنشطة التربوية‬
‫عن طريق تيسير الولوج إلى التداريب‪ ،‬واقتراح فرص التشغيل على المتخرجين‪ ،‬والمشاركة في‬
‫تقييم التكوين المقدم‪ ،‬إلخ‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬فإن المهنيين يشاركون بشكل منتظم في الدراسات التي تجرى بهدف تطوير برامج‬
‫تكوين جديدة وفقا للمقاربة القائمة على الكفاءات‪ ،‬ويعبرون‪ ،‬أحيانا‪ ،‬عن احتياجات تكوين خاصة في‬

‫‪ 20‬ثالث من أصل أربع مديريات تمت زيارتها‪.‬‬

‫‪183‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫قطاعات معينة‪ .‬كما توجد مبادرات تعاون على الصعيدين الجهوي والمحلي‪ ،‬بين المهنيين وبعض‬
‫المديريات الجهوية وبعض مؤسسات التكوين المهني‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬فإن مشاركة المهنيين في عملية التكوين المهني الفالحي ال تتم عن طريق الهيئات البيمهنية‬
‫للفالحة‪ ،‬والتي تعتبر الممثل القانوني للمهنيين في نفس القطاع‪ .‬حيث أنه باستثناء االتفاقية الموقعة‬
‫سنة ‪ 2014‬مع مجموعة من المتدخلين‪ ،‬من بينهم الكونفدرالية المغربية للفالحة والتنمية القروية‪،‬‬
‫إلحداث البكالوريا المهنية الزراعية‪ ،‬فإن عنصر التكوين المهني لم يكن موضوع اتفاقيات أو شراكات‬
‫أخرى بين الوزارة المكلفة بقطاع الفالحة وهذه الهيئات‪.‬‬
‫وجدير بالذكر‪ ،‬أنه لم يتم تحقيق اإلنجازات المنتظرة إالَّ نسبيا في الجزء المخصص للتكوين المهني‬
‫على مستوى عقود البرامج ال ُمبرمة مع الهيئات البيمهنية للفالحة في إطار مخطط المغرب األخضر‪.‬‬
‫ويرجع ذلك باألساس إلى أن التعاون مع هاته الهيئات لم يتم بالشكل الكافي الذي يسمح بتنفيذ‬
‫اإلجراءات المنصوص عليها في عقود البرامج سالفة الذكر‪.‬‬
‫ومن خالل جوابها‪ ،‬أكدت الوزارة أن مديرية التعليم والتكوين والبحث ستعمل على اتخاذ اإلجراءات الالزمة‬
‫لتفعيل مجالس اإلتقان في المستقبل‪ .‬كما أوضحت أن مديرية التعليم والتكوين والبحث تشارك كل سنة في‬
‫اجتماعات مع الهيئات البيمهنية من أجل تقديم الحصيلة المنجزة في عقود البرامج وتسجيل احتياجات التكوين‬
‫المعبر عنها من طرف هاته الهيئات‪ .‬وتمكن عقود البرامج من تحديد حاجيات التكوين ودمجها عند إعداد‬
‫خارطة طريق مؤسسات التكوين المهني الفالحي‪ .‬ولتحقيق أهداف استراتيجية الجيل األخضر‪ ،‬وذلك عبر‬
‫توفير تكوين ‪ 140.000‬خريج في أفق سنة ‪ ،2030‬وضعت الوزارة خارطة طريق لتزويد القطاع برؤية‬
‫كافية لتوقع تطور الطلب على المهارات ومعالجة عرض التعليم والتكوين المناسب وتعديل برامج التكوين‬
‫لضمان المالءمة بين العرض والطلب‪ ،‬من خالل توفير االحتياجات على أرض الواقع‪ ،‬وذلك بتشارك مع‬
‫المهنيين‪.‬‬
‫تبعا لذلك‪ ،‬يوصي المجلس الوزارة المكلفة بقطاع الفالحة بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تعزيز إشراك المديريات الجهوية للفالحة في عملية التكوين المهني الفالحي لمزيد من‬
‫الالتمركز اإلداري في اتخاذ القرار‪ ،‬مع توضيح النظام المؤسسي لألقطاب الجهوية‬
‫متعددة المراكز ومواكبة وتتبع النتائج المحصل عليها؛‬
‫وقد التزمت الوزارة في معرض جوابها على العمل على تعزيز دور المصالح الالمركزية التابعة لها‪ ،‬خاصة‬
‫المديريات الجهوية للفالحة‪ ،‬في مجال التكوين المهني الفالحي من خالل تفعيل األقطاب الجهوية متعددة‬
‫المراكز‪.‬‬
‫‪ -‬الحرص على تأطير وتنظيم الفدراليات البيمهنية وتعزيز التنسيق والشراكة معها في‬
‫مختلف مجاالت التكوين المهني وخصوصا فيما يرتبط بتحديد الحاجيات وخلق مسالك‬
‫التكوين وتطوير برامج التكوين ودعم األنشطة التربوية والتقييم‪.‬‬
‫وبهذا الخصوص‪ ،‬أكدت الوزارة على العمل على عقد اتفاقيات مع جميع الفدراليات البيمهنية لتعزيز التنسيق‬
‫والشراكة معهم في مختلف مجاالت التكوين المهني‪.‬‬
‫‪ .3‬التنظيم‬
‫‪ ‬تنوع األنظمة األساسية لمؤسسات التكوين المهني الفالحي ال يمكن من تسيير أمثل‬
‫للمنظومة‬
‫تتكون منظومة التكوين المهني من ‪ 54‬مؤسسة تنقسم إلى ثالثة أصناف من حيث أنظمتها األساسية‪.‬‬
‫حيث تضم هذه المنظومة مؤسسة عمومية واحدة (معهد األمير سيدي محمد للتقنيين المتخصصين في‬
‫التدبير والتسويق الفالحي) و‪ 53‬مؤسسة كمصالح ال ممركزة تابعة للوزارة المكلفة بالفالحة‪ ،‬منها‬
‫ست (‪ )06‬مؤسسات تعتبر مرافق للدولة مسيرة بصورة مستقلة‪.‬‬
‫وقد أفرز هذا الوضع صعوبة في تسيير المنظومة برمتها‪ .‬ففي حين تتمتع المؤسسة العمومية‬
‫باستقاللية إدارية ومالية‪ ،‬فإن مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة تتمتع باستقاللية محدودة وغير‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪184‬‬


‫مستغلة خصوصا أن نصف هذه المرافق ال يحقق أية مداخيل‪ ،‬ونصفها اآلخر يحقق مداخيل ضئيلة‬
‫بالرغم من أن النصوص القانونية التي تنظم هذه المرافق تتيح لها إمكانية تحصيل مداخيل أخرى‪،‬‬
‫باإلضافة إلى تلك المتعلقة ببيع المنتوجات الحيوانية والنباتية‪ ،‬من خالل تنظيم دورات تكوينية‬
‫وتدريبية وكذلك أنشطة رياضية‪ ،‬وكراء القاعات والمالعب الرياضية لتنظيم التظاهرات العلمية‬
‫والثقافية واالجتماعية والرياضية‪ ،‬فعلى سبيل التوضيح‪ ،‬حققت هذه المرافق إجمالي مداخيل بلغ‬
‫حوالي ‪ 300‬ألف درهم في سنة ‪ ،2020‬وهو ما يمثل أقل من ‪ %2‬من إجمالي الموارد المرخصة‬
‫لهذه المؤسسات الثالث في نفس السنة المالية‪.‬‬
‫أما بالنسبة للمؤسسات التي تعتبر مصالح إدارية ال ممركزة للوزارة‪ ،‬والتي تتوفر على بنية تحتية‬
‫مهمة (مراكز للتكوين المستمر‪ ،‬ومدرجات جديدة ومجهزة حديثا‪ ،‬وقاعات االجتماعات‪ ،‬ووحدات‬
‫تكنولوجية‪ ،‬ووحدات صناعية إلنتاج الحليب ومشتقاته‪ ،‬وقاعات الحلب‪ ،‬واألراضي الفالحية‬
‫المزروعة‪ ،‬إلخ‪ ،).‬فإنها غير مؤهلة‪ ،‬بالنظر لطبيعتها القانونية‪ ،‬لتحصيل مداخيل من شأنها أن‬
‫تساعدها في تحسين وتعزيز هذه البنيات التحتية والتجهيزات‪.‬‬
‫وأشارت الوزارة في جوابها إلى أنه‪ ،‬اعتبارا من هذه السنة‪ ،‬سيتم دراسة األنظمة األساسية المختلفة لمؤسسات‬
‫التكوين المهني الفالحي من أجل اعتماد أفضل نظام أساسي يضمن تحسين تسيير منظومة التكوين‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى تبسيط تدبير الميزانية المخصصة للتكوين بالتدرج المهني‬
‫َوقَّعت الوزارة المكلفة بالفالحة والوزارة المكلفة بقطاع التكوين المهني في يوليوز سنة ‪ 2008‬على‬
‫اتفاقية إطار للتكوين بالتدرج المهني في القطاع الفالحي‪ ،‬يستفيد منها ‪ 60.000‬شابة وشابا قرويا من‬
‫أبناء الفالحين‪ ،‬وذلك خالل الفترة الممتدة بين سنتي ‪ 2008‬و‪ .2012‬وقد تم إحداث مرفق واحد للدولة‬
‫مسير بصورة مستقلة على المستوى المركزي للوزارة المكلفة بالفالحة‪ ،‬ابتداء من فاتح يناير سنة‬
‫‪ ،2009‬تحت اسم "مصلحة الثانويات الفالحية"‪ ،‬بدل إحداث مرفق في كل منطقة فالحية تتميز بوجود‬
‫إمكانيات للتشغيل في الميدان الفالحي‪ ،‬كما تم االتفاق عليه‪.‬‬
‫وبالرغم من ذلك‪ ،‬ال يزال تدبير الميزانية المخصصة للتكوين بالتدرج المهني يواجه مجموعة من‬
‫الصعوبات بالنظر إلى تفويض مصلحة الثانويات الفالحية االعتمادات مباشرة إلى جميع مؤسسات‬
‫المنظومة‪ .‬وهو ما يشكل تدبيرا إضافيا لهذه االعتمادات المالية يتم بالتوازي مع اعتمادات الميزانية‬
‫المخصصة لمختلف المؤسسات في إطار الميزانية العامة‪ .‬كما أن هذه المصلحة لم تسجل أية مداخيل‬
‫منذ سنة ‪ ،2014‬ما عدا االعتمادات المفوضة من طرف الوزارة المكلفة بالفالحة‪ ،‬والتي أضحت‬
‫المصدر الوحيد لتمويل النفقات المتعلقة بالتكوين بالتدرج المهني مما يستدعي إعادة النظر في اإلطار‬
‫القانوني لمصلحة الثانويات الفالحية‪.‬‬
‫وقد أوضحت الوزارة في جوابها على أنه بالرغم من أن تدبير ميزانية مرفق الدولة المسير بصورة مستقلة‬
‫والميزانية العامة يعد معقدا بعض الشيء‪ ،‬فاإلبقاء على مرفق الدولة المسير بصورة مستقلة يجد تفسيره‪ ،‬على‬
‫سبيل المثال‪ ،‬في حالة توقيع اتفاقيات الشراكة مع المجالس الجهوية كما هو الحال بالنسبة للمجلس الجهوي‬
‫لفاس‪-‬مكناس لتكوين شباب الجهة خالل سنة ‪ ،2021‬والذي من شأنه أن يرفع من عدد المتدرجين‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة معالجة االنخفاض المستمر في أعداد المكونين نتيجة التقاعد‬
‫المكونين‬
‫ّ‬ ‫يُظهر تحليل بيانات منظومة التكوين المهني الفالحي‪ ،‬خالل الفترة ‪ ،2021-2010‬أن عدد‬
‫مكونا سنة ‪ .2021‬وباإلضافة‬
‫مكونا سنة ‪ 2010‬إلى ‪ّ 262‬‬ ‫انخفض بنسبة ‪ ،%14‬حيث انتقل من ‪ّ 306‬‬
‫المكونين القارين‪ ،‬حيث يمكن تصنيفها على‬
‫ّ‬ ‫س ِّ ّجل تباين كبير بين المؤسسات من حيث عدد‬
‫إلى ذلك‪ُ ،‬‬
‫النحو التالي‪:‬‬
‫مكونين قَ ِّ ّ‬
‫ارين؛‬ ‫‪ 6‬مؤسسات للتكوين المهني لديها أكثر من ‪ّ 10‬‬ ‫‪-‬‬
‫مكونين قَ ِّ ّ‬
‫ارين؛‬ ‫‪ 12‬مؤسسة تضم ما بين ‪ 6‬و‪ّ 10‬‬ ‫‪-‬‬
‫ارين؛‬ ‫َ‬
‫مكونين ق ِّ ّ‬ ‫‪ 28‬مؤسسة تتوفر على ما بين ‪ 1‬و‪ّ 5‬‬ ‫‪-‬‬
‫مكون قَار‪.‬‬
‫‪ 7‬مؤسسات ال تتوفر على أي ّ‬ ‫‪-‬‬

‫‪185‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫كونا سيحالون على التقاعد بحلول سنة ‪ ،2026‬أي ما يمثل ‪ %39‬من‬ ‫إضافة لما سبق‪ ،‬فإن ‪ُ 103‬م ّ ِّ‬
‫العدد اإلجمالي خالل سنة ‪ .2021‬كما يتبين أن هناك تفاوتا بين وتيرتي التوظيف والتقاعد‪ ،‬بحيث تتم‬
‫كونين‪.‬‬
‫إحالة ‪ُ 17‬مك ّ ِّونا كمعدل سنوي على التقاعد‪ ،‬في حين أن ُمعدل التوظيف السنوي ال يتجاوز ‪ُ 4‬م ّ ِّ‬
‫كما يعرف معدل التأطير البيداغوجي انخفاضا مستمرا‪.‬‬
‫أكدت الوزارة‪ ،‬في جوابها‪ ،‬أن القيود المفروضة على المناصب المالية المخصصة لها‪ ،‬ال تسمح بتلبية‬
‫احتياجات مؤسسات التكوين المهني الفالحي من حيث المكونين واألطر اإلدارية‪ .‬كما أشارت أن نقص الموارد‬
‫البشرية‪ ،‬المسجل في منظومة التكوين المهني‪ ،‬دفع مؤسسات التكوين المهني الفالحي إلى اللجوء إلى ال ُمكونين‬
‫العرضيين لتلبية الحاجيات المعبر عنها في انتظار تعيين مكونين رسميين‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة تعزيز األطر اإلدارية والتقنية على مستوى منظومة التكوين المهني الفالحي‬
‫أظهر تحليل وضعية الموارد البشرية بمختلف المؤسسات نقصا في األطر اإلدارية والتقنية على‬
‫سجل نقص أكبر في الموارد‬ ‫مستوى المنظومة‪ ،‬مع وجود بعض التباين حسب نوعية المؤسسات‪ .‬وقد ُ‬
‫البشرية على مستوى مراكز التأهيل الفالحي‪ ،‬مقارنة مع معاهد تكوين التقنيين الفالحيين ثم معاهد‬
‫تكوين التقنيين المتخصصين في الفالحة‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد‪ ،‬لوحظ عدم توفر ‪ 15‬مركزا للتأهيل الفالحي على مدير األشغال وتقني الصيانة‬
‫وموظف التوثيق والمكلف بورشة العمل‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن بعض مراكز التأهيل الفالحي تواجه‬
‫نقصا واضحا في الموظفين أكثر من غيرها‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬يتوفر "مركز أوالد بوكرين" على‬
‫مدير المؤسسة فقط‪ ،‬فيما يتوفر "مركز سيدي عالل التازي" على الحارس العام فقط‪ ،‬في حين تتوفر‬
‫مراكز التأهيل الفالحي بوالماس والنويرات على المدير والحارس العام فقط‪.‬‬
‫وتعرف معاهد تكوين التقنيين الفالحيين ومعاهد تكوين التقنيين المتخصصين في الفالحة نفس‬
‫الخصاص‪ ،‬حيث ال تتوفر ‪ 22‬مؤسسة على مدير للدراسات‪ ،‬و‪ 27‬مؤسسة على المكلف بالضيعة‪،‬‬
‫و‪ 19‬مؤسسة على أمين المخزن‪ ،‬و‪ 36‬مؤسسة على تقني في الصيانة‪ .‬كما أن ‪ 7‬مؤسسات ال تتوفر‬
‫على حارس عام أو حارس عام للداخلية‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬تعاني بعض المؤسسات من عجز كبير‬
‫في الموارد البشرية‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬تتكون فئة األطر اإلدارية والتقنية من المدير فقط على مستوى‬
‫معهد تكوين التقنيين الفالحيين بسيدي بيبي ومعهد تكوين التقنيين المتخصصين الفالحيين بواد أمليل‪.‬‬
‫أما بالنسبة للثانويات الفالحية‪ ،‬فهي جزء من مؤسسات التكوين المهني الفالحي حيث توجد ‪ 4‬ثانويات‬
‫فالحية ضمن معاهد تكوين التقنيين الفالحيين وتقع الثانويات األخرى (‪ )3‬ضمن معاهد تكوين التقنيين‬
‫المتخصصين في الفالحة‪ .‬وهكذا فاألطر اإلدارية والتقنية التي تقوم بتسيير الثانويات الفالحية هي‬
‫نفسها المسؤولة عن تدبير معاهد تكوين التقنيين أو معاهد تكوين التقنيين المتخصصين‪ .‬تبعا لذلك‪،‬‬
‫فالتسيير اإلضافي للثانوية الفالحية يزيد من صعوبة المهمة خصوصا في المؤسسات التي تفتقر‬
‫للموارد البشرية‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬ال تتوفر الثانوية الفالحية بمشرع بلقصيري (وهي أيضا معهد‬
‫تكوين التقنيين) سوى على المدير والحارس العام‪ ،‬كما ال تتوفر الثانوية الفالحية بجمعة سحيم (وهي‬
‫أيضا معهد تكوين التقنيين) سوى على المدير وتقني في الصيانة‪.‬‬
‫في معرض جوابها‪ ،‬أشارت الوزارة إلى أنه يتم سنويا تطوير التدبير التوقعي للوظائف والمهارات بتشاور مع‬
‫مديرية الموارد البشرية للوزارة لدعم تعزيز الموارد البشرية بمؤسسات التكوين المهني الفالحي‪ .‬كما أكدت‬
‫الوزارة أن محدودية المناصب المالية المخصصة لقطاع الفالحة ال تمكن من تلبية حاجيات القطاع‪ ،‬بما في‬
‫ذلك الموارد البشرية لمؤسسات التكوين المهني الفالحي‪ .‬وأفادت الوزارة أن تنظيم منظومة التكوين المهني‬
‫الفالحي‪ ،‬في ‪ 12‬قطبا جهويا متعدد المراكز‪ ،‬سيضمن تجميع الموارد البشرية واستخدامها بشكل أكثر فعالية‬
‫ونجاعة وكذا سد الثغرات التي لوحظت على مستوى بعض المؤسسات التابعة للقطب‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪186‬‬


‫ثانيا‪ .‬أنشطة التعليم التقني والتكوين المهني‬
‫‪ .1‬التعليم التقني الفالحي‬
‫‪ ‬الحاجة إلى إصالح نظام بكالوريا العلوم الزراعية‬
‫تُوفر ست (‪ )06‬ثانويات فالحية شهادة البكالوريا في العلوم الزراعية‪ .‬وقد بلغ عدد التالميذ المسجلين‬
‫بهذه البكالوريا ‪ 166‬تلميذا خالل الموسم الدراسي ‪ ،2021-2020‬حصل ‪ 136‬منهم على شهادة‬
‫البكالوريا بمعدل نجاح بلغ ‪ .%82‬ويُبرز تحليل المعطيات التي تهم عدد التالميذ المسجلين في بكالوريا‬
‫العلوم الزراعية انخفاضا ملحوظا ناهز ‪ ،%25‬حيث تراجع عددهم من ‪ 221‬إلى ‪ 166‬خالل الفترة‬
‫الممتدة بين سنتي ‪ 2010‬و‪.2020‬‬
‫وقد أ َّكدت االستراتيجية الوطنية للتكوين والبحث الفالحيين في تشخيصها أن نظام التعليم الفالحي فَقَدَ‬
‫على َم ّر السنين الكثير من أهميته‪ ،‬بحيث أصبح يعتبر كنشاط ثانوي داخل منظومة التكوين المهني‬
‫الفالحي (‪ 3‬ساعات فقط من المواد المتعلقة بالعلوم الزراعية مدرجة ضمن البرنامج الدراسي‬
‫للبكالوريا)‪.‬‬
‫كما أن إحداث نظام البكالوريا المهنية "تسيير ضيعة فالحية"‪ ،‬والذي يُشكل خيارا استراتيجيا لوزارة‬
‫التربية الوطنية كجزء من إصالحها لنظام التعليم المدرسي‪ ،‬أثر سلبا على وضع بكالوريا العلوم‬
‫الزراعية التي أصبح االحتفاظ بها‪ ،‬بجانب البكالوريا المهنية على مستوى الثانوية الفالحية‪ ،‬أمرا‬
‫صعب التطبيق نظرا لمحدودية الموارد البشرية والمادية‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬اضطرت الثانوية‬
‫الفالحية بتمارة‪ ،‬التي وفرت الحصول على شهادة البكالوريا في العلوم الزراعية منذ سنة ‪،1989‬‬
‫إلى التخلي عنها سنة ‪ 2015‬واستبدالها بالبكالوريا المهنية في ظل غياب موارد بشرية كافية‪.‬‬
‫أكدت الوزارة في جوابها أنها تقوم‪ ،‬بالتنسيق مع الوزارة المكلفة بالتربية الوطنية‪ ،‬بدراسة وتقييم النظام من‬
‫أجل إعادة هيكلة بكالوريا العلوم الزراعية‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى تجاوز اإلكراهات التي تعوق تطبيق البكالوريا المهنية‬
‫في إطار الرؤية المتعلقة بخلق مسارات مهنية في منظومة التعليم المدرسي‪ ،‬أطلقت الوزارة المكلفة‬
‫بالتربية الوطنية والوزارة المكلفة بالتكوين المهني‪ ،‬ابتداء من الموسم الدراسي ‪ ،2015-2014‬شهادة‬
‫البكالوريا المهنية بهدف تعزيز المسار المهني في منظومة التعليم والتكوين‪ ،‬وتنويع العرض التعليمي‬
‫وتحسين قابلية توظيف الشباب وإدماجهم في الحياة المهنية‪.‬‬
‫وت ُ َعدُّ المدرسة الفالحية بتمارة المؤسسة الوحيدة التي تقدم البكالوريا المهنية على مستوى المنظومة‪.‬‬
‫وقد بلغ عدد الطلبة المسجلين‪ ،‬خالل الفترة الممتدة بين الموسمين الدراسيين ‪2015-2014‬‬
‫و‪ 121 ،2021-2020‬طالبة وطالبا‪ .‬كما بلغ عدد المتخرجين ‪ ،89‬أي بنسبة نجاح تقارب ‪.%74‬‬
‫وباإلضافة إلى ذلك‪ ،‬أبرز تقييم أجراه القطاع المكلف بالتكوين المهني‪ ،‬أن تطبيق البكالوريا المهنية‬
‫يعاني من عدة إكراهات‪ ،‬من بينها غياب رؤية واضحة ومشتركة بين جميع األطراف بشأن النموذج‬
‫المنشود من البكالوريا المهنية والغاية من المسار المهني المستهدف‪ .‬حيث أن الهدف المتمثل في إعداد‬
‫"تقنيين" جاهزين للعمل في الضيعات الفالحية لم يتحقق‪ ،‬بالنظر إلى أنه‪ ،‬في الخمس سنوات األخيرة‪،‬‬
‫‪ %45‬من حاملي شهادة البكالوريا الزراعية والمهنية التحقوا بمؤسسات التكوين المهني الفالحي‪.‬‬
‫وعلى هذا المستوى‪ ،‬يوصي المجلس الوزارة المكلفة بقطاع الفالحة بإجراء تقييم لحصيلة إنجازات‬
‫التعليم التقني الفالحي (بكالوريا علوم زراعية وبكالوريا مهنية) بالتنسيق مع الوزارة المكلفة‬
‫بالتربية الوطنية‪ ،‬وذلك بهدف تحسين نجاعته‪.‬‬
‫بهذا الخصوص‪ ،‬أكدت الوزارة المكلفة بقطاع الفالحة أنها ستعمل‪ ،‬بالتنسيق مع الوزارة المكلفة بالتربية‬
‫الوطنية‪ ،‬على تعليق العمل بالبكالوريا المهنية بداية من الموسم الدراسي المقبل إلى غاية القيام بالتعديالت‬
‫المالئمة والكفيلة لضمان الهدف المنشود من هذا النوع من التكوين‪.‬‬

‫‪187‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫‪ .2‬التكوين المهني‬
‫‪ ‬ضرورة التأطير القانوني للتكوين في إطار المقاربة المبنية على الكفاءات‬
‫ال يستند اعتماد المقاربة المبنية على الكفاءات كمقاربة تربوية جديدة للتكوين إلى أي نص قانوني‪،‬‬
‫حيث أن النصوص التي تم بموجبها المصادقة على برامج التكوين‪ ،‬في إطار هذه المقاربة‪ ،‬ال تشير‬
‫إلى المقاربة التربوية المعتمدة‪ .‬فالتحول من المقاربة المبنية على األهداف (المقاربة المتبعة سابقا)‬
‫إلى المقاربة المبنية على الكفاءات تم من خالل التغيير في الحيز الزمني للمواد في برنامج التكوين‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن الوزارة المكلفة بقطاع الفالحة أعدت مذكرة تحدد نظام تقييم إنجازات‬
‫المتدربين في التكوين المهني الفالحي وفقا للمقاربة المبنية على الكفاءات‪ ،‬وتعرض معايير وطرق‬
‫تطبيق وإدارة التقييم‪.‬‬
‫من جانبه‪ ،‬يشير النظام الداخلي الجديد لمؤسسات التكوين المهني الفالحي‪ ،‬الذي تم إعداده سنة ‪،2021‬‬
‫إلى المقاربة الجديدة التي تحدد طرق تقييم إنجازات المتدربين‪ ،‬غير أن هذا النظام الداخلي لم يتم‬
‫اعتماده بموجب مقرر‪.‬‬
‫ونتجت عن هذه الوضعية عدة صعوبات في توفير التكوين في إطار المقاربة الجديدة‪ ،‬وال سيما من‬
‫حيث انخراط األطر اإلدارية والتربوية في اعتماد أدوات التدريس والتسيير التي يجب أن يوفرها‬
‫التكوين‪ .‬كما يشكل طول المدة التي يستغرقها تصميم برامج التكوين إكراها يعوق تطور التكوين في‬
‫إطار المقاربة المبنية على الكفاءات‪.‬‬
‫التزمت الوزارة في ردها بوضع النظام الداخلي الخاص بمؤسسات التكوين المهني الفالحي في مسطرة‬
‫المصادقة إلصداره في الجريدة الرسمية‪.‬‬
‫‪ ‬إحداث مسالك جديدة في غياب دراسات الجدوى ودون األخذ بعين االعتبار خصائص‬
‫كل جهة ترابية‬
‫كشفت الدراسات القطاعية التي أجريت في إطار مشروع إصالح التعليم عن طريق المقاربة المبنية‬
‫على الكفاءات عن غياب مسالك تكوين في بعض التخصصات المطلوبة في سوق الشغل‪ .‬لذلك‪ ،‬تم‬
‫اقتراح برامج تكوين جديدة في خطة توسيع التكوين‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬وعلى الرغم من الفرص التي يتيحها سوق الشغل لبعض القطاعات‪ ،‬فإنها ال تأخذ بعين‬
‫االعتبار قدرة المؤسسات على استيعاب برامج جديدة‪ .‬حيث يُظهر إحداث مسالك جديدة في المؤسسات‬
‫المكونين عدم أخذ عامل الموارد البشرية بعين االعتبار‪ .‬وهو ما يؤثر‬
‫ّ‬ ‫التي تعاني من نقص كبير في‬
‫سلبا على التنزيل السليم لبرامج التكوين الجديدة وعلى تنفيذ البرامج الموجودة‪.‬‬
‫كما أن تنفيذ التشخيص المتضمن في دليل تدبير مؤسسات التعليم والتكوين المهني‪ ،‬وفقا للمقاربة‬
‫المبنية على الكفاءات‪ ،‬ال يتم بشكل منهجي‪ ،‬مما يشير إلى أن توسيع التكوين وفقا لهذه المقاربة على‬
‫مستوى المؤسسات ال يستند على دراسة قبلية لمدى استعدادها إلجراء التغييرات الالزمة‪.‬‬
‫وباإلضافة إلى ذلك‪ ،‬لم تضع الوزارة أدوات التخطيط التي من شأنها مواكبة تطور سوق الشغل‪،‬‬
‫واالنتباه إلى احتياجات الجهات الفاعلة في القطاع المهني مع مراعاة خصائص كل جهة ترابية‪ .‬كما‬
‫أنها ال تراعي المخططات المديرية الجهوية للتكوين المهني الفالحي التي تم وضعها عند إحداث‬
‫مسالك تكوين جديدة‪.‬‬
‫في معرض جوابها‪ ،‬أوضحت الوزارة أنه يتم حاليا إحداث شعب جديدة بتشاور مع مؤسسات التكوين المهني‬
‫الفالحي وباالعتماد على توفر الموارد البشرية والمعدات‪ ،‬وذلك في إطار تعبئة وحركية المكونين ما بين‬
‫مؤسسات التكوين المهني الفالحي‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪188‬‬


‫‪ ‬ضرورة تقييم التكوين وفق المقاربة المبنية على الكفاءات‬
‫يتضح من خالل نتائج تقرير التقييم المرحلي لمشروع إصالح التكوين عن طريق المقاربة المبنية‬
‫على الكفاءات‪ ،‬أن هذه األخيرة‪ ،‬ورغم مرور ‪ 18‬سنة على اعتمادها في نظام التكوين المهني‬
‫الفالحي‪ ،‬لم تكن موضوع أي تقييم سابق من أجل مقارنتها مع المقاربة السابقة المبنية على األهداف‪.‬‬
‫المكونين بالنظر للمزايا المتعددة التي‬
‫ّ‬ ‫وقد تبيّن أن اعتماد هذه المقاربة عرف تقييما إيجابيا من قبل‬
‫المكونون عن وجود العديد من‬‫ّ‬ ‫توفرها‪ ،‬والسيما من حيث توحيد ممارسات التكوين‪ .‬بالمقابل عبَّر‬
‫التحديات التي يتعين مواجهتها بخصوص تنمية القدرات واعتماد األدوات الالزمة للتكوين وفق هذا‬
‫النهج الجديد‪ ،‬والمحددة في دليل التسيير والتكوين بمؤسسات التكوين المهني الفالحي وفقا للمقاربة‬
‫المبنية على الكفاءات‪.‬‬
‫وبالتالي‪ ،‬فإن هذا اإلصالح الجوهري يتطلب إجراء تقييم منتظم يستند إلى مؤشرات وقاعدة معلومات‬
‫لرصد التقدم المحرز في نشر هذا النهج التعليمي الجديد‪ ،‬وتحديد العقبات المحتملة من أجل اقتراح‬
‫اإلجراءات التصحيحية الالزمة‪.‬‬
‫وفي جوابها‪ ،‬أكدت الوزارة أنها ستعمل على أخذ هذه المالحظة بعين االعتبار في المستقبل‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة للرفع من وتيرة التكوين بالتدرج لفائدة بنات وأبناء الفالحين‬
‫يجدر التذكير إلى أن هدف تكوين ‪ 60.000‬متدربا من العالم القروي المحدد في االتفاقية اإلطار‬
‫للتكوين بالتدرج‪ ،‬المشار إليها أعاله‪ ،‬قد تم رفعه إلى ‪ 69.000‬متدربا مع تمديد مدة االتفاقية حتى‬
‫سنة ‪.2015‬‬
‫ويظهر تحليل إنجازات التكوين بالتدرج‪ ،‬أنه تم تكوين ما مجموعه ‪ 61.533‬شابة وشابا من العالم‬
‫القروي بين سنتي ‪ 2008‬و‪ ،2015‬وفقا لتقرير نهاية تنفيذ االتفاقية المذكورة‪ ،‬منهم ‪ 59.689‬متدربا‬
‫بمؤسسات التكوين المهني الفالحي و‪ 1.844‬من قبل الدور األسرية القروية‪.‬‬
‫ومنذ سنة ‪ ،2016‬انخفضت وتيرة التكوين بالتدرج بشكل ملحوظ‪ ،‬حيث لم يتجاوز المتوسط السنوي‬
‫لعدد المكونين ‪ 3.960‬متدربا‪ ،‬وهو معدل يناهز نصف المعدل المسجل بين سنتي ‪ 2008‬و‪،2012‬‬
‫البالغ أزيد من ‪ 7.500‬متدربا بالتدرج في السنة‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬يظهر تحليل عدد المتخرجين‪،‬‬
‫خالل الفترة ‪ 2020-2014‬أنه من بين ‪ 29.414‬متدربا خضعوا للتكوين‪ ،‬لم يتخرج سوى‬
‫‪ 23.071‬متدربا بالتدرج‪ ،‬أي بمعدل بلغ ‪ .%78‬ومقارنة بتوقعات االستراتيجية الوطنية للتكوين‬
‫والبحث الفالحيين‪ ،‬التي حددت كهدف تدريب وتخرج ‪ 76.410‬متدربا ما بين سنتي ‪ 2014‬و‪،2020‬‬
‫فإن معدل اإلنجاز ناهز ‪.%30‬‬
‫ويعزى هذا االنخفاض في األداء‪ ،‬إلى ظروف إبرام االتفاقية الذي لم تأخذ الوقت الكافي لدراسة‬
‫مضمونها مما أدى إلى تحديد أهداف ُمبالغ فيها مقارنة بالقدرات االستيعابية واإلدارية للمؤسسات‪،‬‬
‫وهو ما يُفسر عدم توقيع أي اتفاق آخر بعد سنة ‪ .2008‬عالوة على ذلك‪ ،‬ال تنص االتفاقية على اتخاذ‬
‫إجراءات لتقييم إدماج المتدربين بالتدرج في سوق الشغل‪.‬‬
‫ويطرح التكوين بالتدرج بعض المشاكل فيما يتعلق باحترام متدربي هذا التكوين للنظام الداخلي‬
‫للمؤسسة ولضوابط التعايش مع متدربي التكوين المهني بالتناوب في نفس الفضاء‪ ،‬بالنظر لفوارق‬
‫السن والمستوى التعليمي بين هاتين الفئتين‪ ،‬فضال عن صعوبات تهم البحث عن المتدربين بالتدرج‬
‫في بعض المناطق‪ .‬وفي هذا اإلطار‪ ،‬تلجأ المؤسسات إلى إبرام اتفاقيات مع التعاونيات والجمعيات‬
‫الراغبة في االستفادة من التدريب بالتدرج في المجاالت التي تهمها‪ ،‬وهي طريقة للبحث عن المتدربين‬
‫بالتدرج تجعل من الممكن اإلشراف بشكل أفضل على المتدربين وتعطي المزيد من الضمانات لنجاح‬
‫التكوين‪.‬‬
‫وأفادت الوزارة في معرض جوابها أن التباطؤ الذي يعرفه التكوين بالتدرج يرجع إلى عدة عوامل منها‬
‫نقص الموارد البشرية وعدم تجديد االتفاقية اإلطار مع قطاع التكوين المهني واستحالة برمجة بعض‬
‫المصاريف الرئيسية (تعويضات عن التنقل وتعويضات المكونين العرضين من أجل تأطير المتدرجين في‬

‫‪189‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫المقاوالت) في إطار ميزانية مرفق للدولة مسير بصورة مستقلة‪ ،‬وذلك بعد تطبيق القانون التنظيمي للمالية‬
‫سنة ‪.2016‬‬
‫‪ ‬ضرورة تحديد المعايير التربوية الخاصة بتوظيف المكونين‬
‫المكونين من قبل مديرية الموارد البشرية التابعة للوزارة المكلفة بقطاع الفالحة دون‬
‫ّ‬ ‫يتم توظيف‬
‫التنسيق مع مؤسسات التكوين المهني الفالحي‪ .‬حيث يتم التوظيف دون الرجوع إلى معايير تربوية‬
‫محددة بل من خالل المباريات المفتوحة لتوظيف المهندسين والتقنيين التي تنظمها الوزارة‪.‬‬
‫المكونين المرسوم رقم ‪ 2.89.565‬بشأن النظام الخاص المشترك‬ ‫ّ‬ ‫وباإلضافة إلى ذلك‪ ،‬ال يطبق في تعيين‬
‫للمكونين في مؤسسات التكوين المهني‪ ،‬وال سيما فيما يتعلق بإعداد قرار وزاري يحدد‬ ‫ّ‬ ‫بين الوزارات‬
‫المكونين بدال من ذلك إلى الشروط المنصوص عليها‬ ‫ّ‬ ‫شروط وبرامج مباريات التوظيف‪ ،‬ويستند تعيين‬
‫في األنظمة األساسية الخاصة بالمهندسين والتقنيين واإلداريين‪ .‬ومن شأن غياب معايير تربوية في انتقاء‬
‫المكونين‪ ،‬إلى جانب عدم وجود خطة لتكوينهم‪ ،‬أن يؤثر سلبا على جودة التكوين‪.‬‬‫ّ‬
‫وأخيرا‪ ،‬تتألف هيئة التكوين في مؤسسات التكوين المهني الفالحي من موظفين تابعين للوزارة المكلفة‬
‫بالفالحة‪ .‬وقد بلغ عددهم خالل السنة الدراسية ‪ 2021-2020‬ما مجموعه ‪ُ 262‬مك ّ ِّونا‪ %47 ،‬منهم‬
‫مهندسون و‪ %33‬تقنيون و‪ %20‬من فئات أخرى‪ .‬غير أن هذا التنوع في المسارات المهنية ال تُمليه‬
‫المكون‪.‬‬
‫ّ ِّ‬ ‫اعتبارات تربوية‪ ،‬حيث يُالحظ أن توزيع المواد الدراسية ال يأخذ بعين االعتبار تخصص‬
‫بالمكونين يحدد طبيعة األنشطة التي يتعين االضطالع بها‬‫ّ‬ ‫كما تبين عدم وجود نظام أساسي خاص‬
‫المكون‪ ،‬وهو ما يشكل عائقا أمام تقييم مدى كفاية كفاءات المكونين وجودة أنشطة‬
‫ّ‬ ‫وفق مستوى تكوين‬
‫التكوين المنفذة‪.‬‬
‫أوضحت الوزارة في جوابها أنه في إطار تعيين المكونين الدائمين‪ ،‬قامت مديرية الموارد البشرية‪ ،‬ابتداء من‬
‫هذه السنة‪ ،‬بإشراك مديرية التعليم والتكوين والبحث في اختيار المكونين الجدد وفقا للمعايير البيداغوجية‬
‫اعتمادا على المرجع المهني للمكون‪ .‬كما أفادت الوزارة أن مؤسسات التكوين المهني تقوم‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫برنامج سنوي للتكوين المستمر على الصعيد البيداغوجي والتقني للمكونين الجدد‪ ،‬بتوفير الدعم والتأطير لهذه‬
‫الفئة من قبل المكونين القدامى قصد ضمان اندماج أفضل داخل المؤسسة‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬يوصي المجلس الوزارة المكلفة بقطاع الفالحة بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تقييم التكوين من طرف الوزارة‪ ،‬وبالتنسيق مع قطاع التكوين المهني‪ ،‬وفقا للمقاربة‬
‫المبنية على الكفاءات وظروف تنفيذه والحرص على اتخاذ التدابير الالزمة لتجاوز‬
‫اإلكراهات التي تعيق تعميمه؛‬
‫‪ -‬إعداد دراسات الجدوى قبل إحداث مؤسسات ومسالك تكوين جديدة مع مراعاة‬
‫خصوصيات كل الجهات الترابية وبالتشاور مع القطاع المكلف بالتكوين المهني؛‬
‫وتفاعال مع هاته التوصية‪ ،‬أكدت الوزارة أنها ستعمل على القيام بدراسات الجدوى قبل إحداث مؤسسات‬
‫ومسالك تكوين جديدة‪.‬‬
‫‪ -‬تعزيز عدد المكونين الدائمين واألطر اإلدارية والتقنية على مستوى مؤسسات التكوين‬
‫المهني الفالحي بما يتماشى مع عرض التكوين المقدم؛‬
‫أوضحت الوزارة أنها تعمل حاليا مع مديرية الموارد البشرية على تعيين المكونين والموظفين اإلداريين حسب‬
‫االحتياجات‪ ،‬وكذلك إعادة توزيع موظفي الوزارة الراغبين في التدخل في مجال التكوين المهني‪.‬‬
‫‪ -‬تعزيز التكوين بالتدرج المهني الموجه لفائدة بنات وأبناء الفالحين من خالل زيادة عدد‬
‫المتدربين وتوسيع عرض التكوين مع تبني التقييم الدوري لجودة التكوين‪.‬‬
‫أكدت الوزارة أنها تعمل حاليا‪ ،‬في إطار استراتيجية الجيل األخضر‪ ،‬على تعزيز التكوين بالتدرج المهني‬
‫الموجه لفائدة بنات وأبناء الفالحين وذلك من خالل زيادة عدد المتدربين وتوسيع عرض التكوين‪ .‬كما تقوم‬
‫الوزارة بشراكة مع قطاع التكوين المهني بوضع نظام تقييم ذاتي على مستوى جميع مؤسسات التكوين المهني‬
‫الفالحي‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪190‬‬


‫منظومة التعليم العتيق‪:‬‬
‫دور مهم للمنظومة في حماية الثوابت الدينية والحاجة لالرتقاء بها أكثر‬

‫تساهم مؤسسات التعليم العتيق في تحصين المجتمع المغربي‪ ،‬والحفاظ على ثوابته الدينية وهويته‬
‫التاريخية والحضارية‪ ،‬وذلك‪ ،‬من خالل إرساء نظام تعليمي يتسم بالوسطية واالعتدال والتسامح‬
‫واحترام اآلخر‪.‬‬
‫ويتم تدبير برامج التعليم العتيق العمومي من طرف وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية‪ ،‬التي تشرف‬
‫أيضا على المؤسسات الخاصة للتعليم العتيق‪ ،‬سواء كانت تابعة ألشخاص ذاتيين أو معنويين‪ .‬وتتكون‬
‫أسالك التعليم العتيق من خمسة أطوار تبتدئ بالتعليم األولي على مستوى الكتاتيب القرآنية‪ ،‬يليها‬
‫التعليم االبتدائي واإلعدادي والثانوي على مستوى المدارس العتيقة العمومية والخاصة‪ ،‬ثم التعليم‬
‫العتيق النهائي لنيل شهادة العالمية‪ .‬وتستغرق الدراسة في كل طور‪ ،‬نفس المدة الدراسية المماثلة لها‬
‫بمختلف أسالك التعليم العمومي العادي‪.‬‬
‫وقد بلغ عدد مدارس التعليم العتيق‪ ،‬وفق االحصائيات الصادرة عن وزارة األوقاف والشؤون‬
‫اإلسالمية خالل سنة ‪ ،2021‬ما مجموعه ‪ 294‬مدرسة‪ ،‬فيما بلغ عدد الكتاتيب القرآنية التقليدية‬
‫ومراكز تحفيظ القرآن الكريم التي تشرف عليها المجالس العلمية المحلية‪ ،‬حوالي ‪ 12.943‬كتابا‪.‬‬
‫وبلغ عدد المتمدرسين في مدارس التعليم العتيق ‪ 36.661‬متمدرسا خالل نفس السنة‪ ،‬كما بلغ عدد‬
‫المتمدرسين بالكتاتيب القرآنية ‪ 419.855‬متمدرسا‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى قيام الوزارة‪ ،‬منذ انطالق الموسم الدراسي ‪ 2016/2015‬بتأسيس فضاءات للتعليم‬
‫األولي‪ ،‬لفائدة الفئة العمرية (‪ 5-4‬سنوات)‪ .‬أطلقت عليها اسم "كتاب قرآني للتعليم األولى"‪ ،‬يجمع‬
‫بين خصوصية الكتاب القرآني التقليدي وبين مواصفات مؤسسة التعليم األولي الحديثة‪.‬‬
‫ويعتمد تمويل تسيير منظومة التعليم العتيق على ثالثة مصادر أساسية‪ ،‬وهي الميزانية العامة للوزارة‪،‬‬
‫والحساب الخصوصي لتسيير برنامج محو األمية بالمساجد وتأهيل التعليم العتيق‪ ،‬وميزانية تسيير‬
‫األوقاف العامة‪ .‬وقد بلغ متوسط اعتمادات التسيير المفتوحة خالل الفترة الممتدة من سنة ‪ 2014‬إلى‬
‫سنة ‪ ،2021‬حوالي ‪ 253‬مليون درهم في السنة‪ ،‬تم رصد ‪ %90‬من مجموع مبالغها‪ ،‬لتعويض‬
‫العاملين في مؤسسات التعليم العتيق ومنح التالميذ‪ .‬كما رصدت خالل نفس الفترة اعتمادات لالستثمار‬
‫بلغت في المتوسط ‪ 70‬مليون درهم في السنة‪.‬‬
‫وقد انصبت مهمة تقييم منظومة التعليم العتيق بالمغرب أساسا حول التخطيط والتنسيق التربوي‬
‫وتدبير المكونات األساسية والشؤون التربوية للمنظومة وإعداد الخريطة المدرسية والمراقبة والتأطير‬
‫التربوي واإلداري باإلضافة لتدبير مشاريع بناء وتأهيل المؤسسات التعليمية‪.‬‬
‫أوال‪ .‬التخطيط والتنسيق التربوي لمنظومة التعليم العتيق‬
‫عرفت منظومة التعليم العتيق عملية إصالح تدريجي‪ ،‬انطلقت منذ سنة ‪ ،2000‬أي بعد صدور الميثاق‬
‫الوطني للتربية والتكوين‪ .‬حيث كان هذا النمط من التعليم يقتصر على تحفيظ القرآن الكريم‪ ،‬وتلقين‬
‫العلوم الشرعية بالكتاتيب القرآنية والمدارس العتيقة بطريقة مستقلة عن المنظومة الوطنية للتربية‬
‫والتكوين‪ .‬وتفعيال لمقتضيات الميثاق الوطني‪ ،‬سالف الذكر‪ ،‬وال سيما الفقرة ‪ 88‬منه‪ ،‬صدر القانون‬
‫رقم ‪ 13.01‬في شأن التعليم العتيق بتاريخ ‪ 29‬يناير ‪ ،2002‬كما قامت وزارة األوقاف والشؤون‬
‫اإلسالمية‪ ،‬بإعداد استراتيجية تربوية في سنة ‪ ،2006‬كان الهدف المتوخى منها التأهيل التدريجي‬
‫لهذه المنظومة‪ .‬وقد ارتكزت هذه االستراتيجية في تنفيذها على تبني ثالثة برامج عمل خالل الفترات‬
‫‪ 2010-2006‬و‪ 2016-2012‬و‪ .2021-2017‬وفي هذا اإلطار‪ ،‬تم الوقوف على المالحظات التالية‪.‬‬

‫‪191‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫‪ .1‬آليات وهيئات التنسيق والتشاور‬
‫‪ ‬ضرورة تفعيل آليات التنسيق بين منظومتي التعليم العتيق والتربية والتكوين‬
‫أوصى المجلس األعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي‪ ،‬في إطار الرؤية االستراتيجية ‪،2030‬‬
‫بإحداث آليات للتنسيق بين قطاعات التربية والتكوين‪ ،‬تهم المناهج والتكوينات‪ ،‬ومد الجسور بين‬
‫األطوار التعليمية والتكوينية بمختلف هذه القطاعات‪ .‬إال أن فحص التدابير واإلجراءات المسطرة‪،‬‬
‫من أجل تنفيذ مضامين هذه االستراتيجية‪ ،‬أظهر وجود تأخر على مستوى تنزيل آليات التنسيق‬
‫والتعاون والشراكة بين منظومتي التعليم العتيق والتربية والتكوين‪ ،‬وهو ما فوت على وزارة األوقاف‬
‫والشؤون اإلسالمية‪ ،‬فرصة االستفادة من خبراء قطاعي التربية الوطنية والتعليم العالي في مجال‬
‫التربية والتكوين‪.‬‬
‫في هذا الصدد‪ ،‬تجدر اإلشارة إلى أن إبرام اتفاقية إطار للشراكة في شأن "تفعيل المشاريع‬
‫االستراتيجية لتنزيل أحكام القانون اإلطار رقم ‪ 51.17‬المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث‬
‫العلمي"‪ ،‬بين وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي ووزارة األوقاف‬
‫والشؤون اإلسالمية‪ ،‬لم يتم إال بتاريخ ‪ 14‬يونيو ‪ .2021‬وقد حددت هذه االتفاقية‪ ،‬اإلطار العام للشراكة‬
‫والتعاون بين الطرفين‪ ،‬وفق المحاور المنبثقة عن مرتكزات القانون اإلطار سالف الذكر‪ ،‬لكن دون‬
‫تحديد اآلليات العملية للتنسيق‪.‬‬
‫وقد أشارت وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية في جوابها إلى أنها قد حرصت منذ بداية التأهيل على االنفتاح‬
‫على هذه القطاعات‪ ،‬مما أسهم في االستفادة من التجارب واإلمكانات واآلفاق التي توفرها القطاعات ذات‬
‫االهتمام المشترك لتيسير إدماج تالميذ وطلبة التعليم العتيق في المنظومة الوطنية للتربية والتكوين‪ ،‬واالستعانة‬
‫بخبرات علمية وكفاءات وأطر تربوية وصحية تابعة لقطاعات التربية الوطنية والتعليم العالي والصحة في‬
‫مجاالت التدريس والتأطير والتكوين والتأليف المدرسي‪ .‬كما استفاد تالميذ وطلبة مؤسسات التعليم العتيق من‬
‫البرنامج الوطني للصحة المدرسية والجامعية‪ ،‬وكذا مواكبة مستجدات التربية والتكوين ومشاريع اإلصالح‬
‫الجامعي الصادرة عن قطاع التربية الوطنية والتعليم العالي على مستوى البرامج والمناهج الدراسية‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة لتفعيل دور اللجنة الوطنية واللجان الجهوية للتعليم العتيق‬
‫تم إحداث لجنة وطنية للتعليم العتيق سنة ‪ ،2006‬أسندت رئاستها للقطاع المكلف بالشؤون اإلسالمية‪،‬‬
‫وتتكون هذه اللجنة حسب المادة ‪ 18‬من القانون رقم ‪ 13.01‬في شأن التعليم العتيق‪ ،‬من ممثلي‬
‫السلطتين الحكوميتين المكلفتين بالتربية الوطنية والتعليم العالي‪ ،‬وممثل عن المجالس العلمية‪.‬‬
‫وتضطلع بمهام تتبع وضعية التعليم العتيق‪ ،‬واقتراح التدابير الكفيلة بتطويره والنهوض بمؤسساته‪،‬‬
‫وإبداء الرأي في البرامج المتعلقة به‪ .‬كما تقوم بمهام تنشيط أعمال اللجان الجهوية للتعليم العتيق‬
‫وتنسيق وتتبع أنشطتها‪ .‬غير أنه ومن خالل االطالع على محاضر عمل هذه اللجنة‪ ،‬تبين أنه لم تعقد‬
‫أي اجتماع لها منذ سنة ‪ ،2013‬وأنها لم تعمل على إحداث لجان للتنسيق‪ ،‬مكونة من ممثلين عن‬
‫القطاعات المهتمة بالتربية والتكوين‪ ،‬رغم تأكيدها في التوصيات الصادرة عنها قبل ‪ ،2013‬على‬
‫ضرورة إحداثها‪.‬‬
‫كما تم أيضا‪ ،‬إحداث اللجان الجهوية للتعليم العتيق‪ ،‬تحت رئاسة القطاع المكلف باألوقاف والشؤون‬
‫اإلسالمية‪ ،‬على صعيد جميع جهات المملكة‪ ،‬وذلك طبقا للمادة ‪ 19‬من القانون رقم ‪ 13.01‬سالف‬
‫الذكر‪ .‬وتتكون هذه اللجان حسب نفس المادة‪ ،‬من ممثلين عن األكاديمية الجهوية للتربية والتكوين‪،‬‬
‫والمجلس أو المجالس العلمية الجهوية‪ ،‬والجامعة أو الجامعات المتواجدة بالجهة‪ .‬إال أنه‪ ،‬تبين أن هذه‬
‫اللجان ال تعقد اجتماعاتها إال مرة واحدة في السنة‪ ،‬عوض مرتين على األقل كما نصت على ذلك‬
‫المادة ‪ 21‬من القانون رقم ‪ 13.01‬المذكور‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى أن اللجنة الوطنية للتعليم العتيق ال‬
‫تقوم بتنشيط أعمال هذه اللجان وتنسيق وتتبع أنشطتها كما هو منصوص عليه في المادتين ‪ 18‬و‪19‬‬
‫من القانون رقم ‪ 13.01‬سالف الذكر‪.‬‬
‫في هذا اإلطار‪ ،‬أوضحت الوزارة في جوابها بأن غياب آليات إجرائية تضمن عقد اللجنة الوطنية الجتماعاتها‬
‫مرتين على األقل في السنة‪ ،‬وتنسيق أنشطتها‪ ،‬وفعالية أدائها ومواكبة أعضائها لمستجدات التعليم العتيق‪ ،‬جعل‬
‫دور أعضائها يقتصر على حضور االجتماعات‪ ،‬واالطالع على التدابير واإلجراءات التي اتخذتها الوزارة‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪192‬‬


‫لتأهيل هذا القطاع‪ ،‬ومناقشة حصيلة منجزاتها وأنشطتها السنوية‪ ،‬وتقديم بعض التوصيات والمقترحات‪ ،‬دون‬
‫أن تضطلع هذه اللجنة باألدوار المنوطة بها على المستوى الميداني‪ ،‬والمتعلقة أساسا بتتبع وضعية التعليم‬
‫العتيق ومؤسساته‪ ،‬واإلسهام بمشاريع عملية لتطوير منظومته التربوية على الصعيدين الجهوي والوطني‪،‬‬
‫األمر الذي يستلزم التفكير في اعتماد آليات إجرائية جديدة لتطوير العمل بين القطاعات الممثلة في هذه اللجان‪،‬‬
‫وتفعيل التنسيق بين اللجنة الوطنية واللجان الجهوية‪ ،‬وضمان فعاليتها‪ ،‬وهو ما تعمل الوزارة على دراسة‬
‫إمكانية تضمينه في مشروع تعديل قانون التعليم العتيق‪.‬‬
‫‪ .2‬تتبع تنفيذ أهداف االستراتيجية التربوية لتأهيل التعليم العتيق‬
‫‪ ‬ضرورة تحديد أهداف واضحة وربطها بمؤشرات لقياس األداء‬
‫حددت الوزارة في استراتيجيتها لتأهيل التعليم العتيق ‪ 13‬مجاال ذا أولوية‪ ،‬ارتكزت على ‪ 32‬هدفا‬
‫عاما‪ ،‬و‪ 32‬إجراء تدبيريا‪ .‬وقد شملت هذه االستراتيجية مجاالت التشخيص الميداني لمنظومة التعليم‬
‫العتيق‪ ،‬والبناء القانوني لها‪ ،‬وتسوية الوضعية القانونية للمدارس العتيقة‪ ،‬وتأهيل بنيتها المادية‪،‬‬
‫وإرساء قواعد التدبير والتسيير اإلداري‪ ،‬وتطوير البرامج والمناهج الدراسية وكذا الكتاب المدرسي‪،‬‬
‫وتحسين التأطير والتكوين المستمر‪ ،‬وتعزيز المراقبة والتقويم والتنشيط التربوي‪ ،‬باإلضافة لمد‬
‫الجسور بين التعليم العتيق والتعليم العمومي‪.‬‬
‫غير أن هذه األهداف والتدابير لم يتم ربطها بالتكلفة المالية التقديرية‪ ،‬وال بالموارد البشرية الضرورية‬
‫لتحقيقها‪ ،‬كما أنه لم يتم وضعها في إطار زمني محدد إلنجازها‪ .‬إضافة إلى أنه لم تتم صياغة أي‬
‫إطار يتضمن المؤشرات الكفيلة بجعلها قابلة للقياس من حيث األداء كما ونوعا‪ ،‬عبر تحديد أهداف‬
‫قابلة للقياس‪ ،‬تسمح بالتأكد من مدى تحقيق األهداف المسطرة‪ .‬وهذا من شأنه أن يساعد الجهات‬
‫المعنية على التخطيط الجيد‪ ،‬وتوظيف المهارات الالزمة للزيادة من فرص النجاح‪ ،‬وإتاحة إمكانية‬
‫مراقبة فعالية اإلجراءات المتخذة وتقييم المنجزات‪.‬‬
‫وقد أشارت الوزارة في جوابها إلى أنها بصدد االشتغال على إعداد نص قانوني جديد يؤطر التعليم العتيق‪،‬‬
‫ويحدد بدقة خريطة طريق إلصالحه خالل السنوات المقبلة‪ ،‬ويضع معالم واضحة لالستراتيجية التربوية‬
‫الخاصة به على المدى البعيد‪ .‬كما أضافت بأنها ستعمل على وضع استراتيجية تربوية بعيدة المدى للتعليم‬
‫العتيق بالمواصفات العلمية المتعارف عليها‪ ،‬مع ضمان كل شروط إنجاحها‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة إدراج الكتاتيب القرآنية ومراكز تحفيظ القرآن الكريم في استراتيجية تأهيل‬
‫التعليم العتيق‬
‫تقوم الكتاتيب القرآنية ومراكز تحفيظ القرآن الكريم‪ ،‬التي تشرف عليها المجالس العلمية المحلية‪،‬‬
‫بدور مهم باعتبارها الرافد األساسي إلمداد مدارس التعليم العتيق بالمتمدرسين‪ .‬وفي هذا اإلطار‪،‬‬
‫تقوم الوزارة سنويا بإحصاء الكتاتيب والمراكز القرآنية بمختلف عماالت وأقاليم المملكة‪ .‬وحسب‬
‫اإلحصاء السنوي الذي نظمته الوزارة خالل الموسم الدراسي ‪ ،2020/2019‬بلغ عدد الكتاتيب‬
‫القرآنية ‪ُ 10.496‬كتابا‪ ،‬وعدد مراكز تحفيظ القرآن الكريم ‪ 2.447‬مركزا قرآنيا‪ ،‬يدرس بها ما‬
‫مجموعه ‪ 419.885‬متمدرسا‪ .‬لكن وبالرغم من ذلك‪ ،‬ال تتضمن استراتيجية التعليم العتيق أهدافا‬
‫وتدابير خاصة لتأهيل هذه الكتاتيب والمراكز القرآنية‪ ،‬لضمان التقائية أهدافها مع منظومة التعليم‬
‫العتيق‪ ،‬بصفتها رافدا أساسيا لهذه األخيرة‪ ،‬السيما عن طريق عقد شراكات مع المجالس العلمية‬
‫المحلية‪.‬‬
‫في هذا اإلطار‪ ،‬أشارت الوزارة في معرض جوابها إلى أن متطلبات مرحلة التأسيس‪ ،‬ورأي المجلس األعلى‬
‫للتعليم رقم ‪ 07/01‬بتاريخ ‪ 28‬يوليوز ‪ 2007‬في موضوع تأهيل التعليم العتيق اعتبر أن المؤسسات المستهدفة‬
‫بعمليات المالءمة والتأهيل هي المدارس العتيقة بالدرجة األولى‪ .‬كما أن غياب الوسائل المالية والبشرية الكافية‬
‫لتأهيل الكتاتيب القرآنية التقليدية اقتضى إعطاء األولوية لهيكلة التعليم المدرسي والنهائي العتيق‪ ،‬واالقتصار‬
‫في تأهيل الكتاتيب القرآنية على بعض العمليات التدبيرية والتربوية والمادية‪.‬‬

‫‪193‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫في هذا اإلطار‪ ،‬يوصي المجلس األعلى للحسابات بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تحيين اإلطار االستراتيجي لتأهيل منظومة التعليم العتيق وفق رؤية مندمجة قائمة على‬
‫تحديد دقيق لألهداف المتوخاة في هذا القطاع‪ ،‬مع االعتماد على مؤشرات أداء تتيح‬
‫إجراء تقييم منتظم لجميع مراحل التخطيط وإنجاز مشاريع التأهيل؛‬
‫‪ -‬تفعيل آليات التنسيق والتعاون والشراكة المنصوص عليها في القانون رقم ‪ 13.01‬في‬
‫شأن التعليم العتيق مع جميع الفاعلين األساسيين‪ ،‬السيما قطاعي التربية الوطنية‬
‫والتعليم العالي‪ ،‬وذلك من أجل تجويد المنظومة التربوية للتعليم العتيق‪.‬‬
‫ثانيا‪ .‬تدبير المكونات األساسية لمنظومة التعليم العتيق‬
‫ضمن المراحل األساسية التي يتطلبها إعداد استراتيجية تأهيل التعليم العتيق‪ ،‬توجد مرحلة تشخيص‬
‫الوضعية الراهنة‪ ،‬والتي يتم من خاللها تحديد دقيق لمختلف الجوانب اإلدارية والتربوية والمادية التي‬
‫تتطلبها المنظومة‪ .‬في هذا الصدد‪ ،‬أثار تحليل المعطيات المتعلقة بالمكونات األساسية الواجب توفرها‬
‫إلعداد الخريطة المدرسية‪ ،‬مجموعة من المالحظات تتعلق بإحصاء وتصنيف مؤسسات التعليم‬
‫العتيق‪ ،‬والعالقة بين الكتاتيب القرآنية التقليدية والمدارس العتيقة‪ ،‬وتدبير مسار التلميذ داخل منظومة‬
‫التعليم العتيق‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى ضبط إحصائيات مؤسسات التعليم العتيق‬
‫من أجل توفير اآلليات الكفيلة بتسهيل عملية اتخاذ القرار في مجال التخطيط التربوي وتتبعها وتقييمها‪،‬‬
‫تضمن برنامج عمل مديرية التعليم العتيق‪ ،‬للفترة ‪ ،2016-2012‬تدبيرا ينص على ضرورة إنجاز‬
‫إحصاء ميداني شامل للمدارس العتيقة والكتاتيب القرآنية خالل سنة ‪ .2013‬وقد حدد لهذه العملية‬
‫غالف مالي قدره ‪ 1,5‬مليون درهم‪ ،‬باإلضافة إلى إنجاز بحوث ميدانية ودراسات إحصائية وتقييمية‬
‫تهم مختلف القضايا المرتبطة بهذه المؤسسات‪ .‬غير أن هذا اإلحصاء وهذه الدراسات لم يتم إنجازها‬
‫بعد‪.‬‬
‫ومن أجل تجاوز هذا القصور‪ ،‬شرعت الوزارة ابتداء من سنة ‪ 2013‬في تكليف المراقبين اإلداريين‬
‫للمدارس العتيقة ومراقبي الكتاتيب القرآنية‪ ،‬بإنجاز إحصاء ميداني سنوي لهذه المؤسسات‪ .‬غير أن‬
‫جودة المعطيات المحصل عليها تبقى رهينة بمدى استيعاب المعلومات المطلوب تعبئتها وبدرجة‬
‫دقتها‪ ،‬خصوصا بعدما أصبح إحصاء هذه المدارس يقتصر‪ ،‬منذ سنة ‪ ،2018‬على تحيين المعلومات‬
‫الواردة في التطبيقية من طرف المشرف على المدرسة وبحضور المراقب اإلداري (‪ 294‬مدرسة‬
‫سنة ‪ .)2021‬كما أن المعطيات اإلحصائية المتعلقة بالكتاتيب القرآنية‪ ،‬تشوبها بعض النقائص من‬
‫حيث شموليتها وجودتها‪ ،‬نظرا لكثرتها‪ ،‬وللصعوبات المرتبطة بتوفرها‪ ،‬نتيجة صعوبة التواصل مع‬
‫بعض المكلفين بتحفيظ القرآن الكريم (المدررين)‪ ،‬باإلضافة لغياب تعريف دقيق لمفهوم "ال ُكتَّاب‬
‫القرآني"‪.‬‬
‫وقد أرجعت الوزارة عدم التمكن من إنجاز بحوث ميدانية ودراسة إحصائية وتقييمية في مختلف القضايا‬
‫المرتبطة بالتعليم العتيق إلى عدم التوفر على االعتمادات المالية المطلوبة لذلك‪ ،‬باإلضافة إلى الصعوبات‬
‫المرتبطة بخصوصيات هذا القطاع وطبيعة تدبير الحقل الديني‪ ،‬والتي تمت مالمسة بعض جوانبها من خالل‬
‫الممارسة العملية لهذا القطاع‪ ،‬وخصوصا أثناء القيام باإلحصاء الميداني لمؤسسات التعليم العتيق‪ .‬كما أضافت‬
‫الوزارة بأنها قررت ابتداء من الموسم الدراسي ‪ 2020-2019‬االعتماد على المعطيات الممسوكة ببوابة‬
‫مدارس التعليم العتيق كمرجع لإلحصاء وذلك بعد دراسة الجدوى والتأكد من دقتها‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة ضبط مسار المتمدرسين بالمؤسسات التعليمية‬
‫تواجه منظومة التعليم العتيق صعوبات في عملية ضبط حركية التالميذ بين مختلف المدارس العتيقة‪،‬‬
‫وذلك بسبب غياب رقم وطني خاص بكل متمدرس‪ ،‬كما هو الحال بالنسبة لمؤسسات منظومة التربية‬
‫الوطنية‪ .‬في هذا اإلطار‪ ،‬لوحظ بأن عملية تتبع مسار تالميذ المدارس العتيقة تعتريها عدة صعوبات‪،‬‬
‫مرتبطة على سبيل المثال بتشابه األسماء خصوصا في الوسط القروي‪ ،‬مع العلم بأن المتمدرسين‬
‫يمكنهم االلتحاق بأي مدرسة للتعليم العتيق دون قيود‪ .‬هذه الوضعية‪ ،‬تشجع على زيادة حركية التالميذ‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪194‬‬


‫من مدرسة إلى أخرى‪ ،‬وربما لمرات متتالية خالل نفس الموسم الدراسي‪ ،‬وهو ما من شأنه التأثير‬
‫على تحصيلهم الدراسي وعلى ضبط اإلحصائيات المتعلقة بهذه المؤسسات‪.‬‬
‫في نفس السياق‪ ،‬يصعب تتبع مسار التالميذ الملتحقين بالمدرسة العمومية أو بالجامعات أو المنقطعين‬
‫عن الدراسة‪ ،‬في غياب رقم وطني للتلميذ‪ ،‬خصوصا في ظل األفواج الكبيرة للتالميذ الذين يغادرون‬
‫سنويا نظام التعليم العتيق‪ ،‬سواء في طور التعليم االبتدائي أو اإلعدادي أو الثانوي‪.‬‬
‫وقد أوضحت الوزارة في جوابها بأن قاعدة معطيات التعليم العتيق توفر رمزا خاصا بكل متمدرس‪ ،‬إال أن‬
‫استعماالته على غرار ما هو معمول به في وزارة التربية الوطنية تعتريها صعوبات إما تقنية مرتبطة بظروف‬
‫تصميم وتطوير هذه البوابة والوسائل البشرية والمادية المتوفرة لها‪ ،‬مما ال يسمح بتمكين التالميذ من الولوج‬
‫إليها‪ ،‬وإما تدبيرية مرتبطة بعمليات تسجيل التالميذ وضبط حركيتهم‪ ،‬والتي تتم وفق كيفيات وشروط خاصة‬
‫تراعي خصوصيات التعليم العتيق (منها عدم تقييد تسجيل المتمدرسين بالمدارس القريبة بمقر سكناهم) وتوفر‬
‫المرونة الالزمة مما يجعلها في الغالب مخالفة لما هو معمول به في وزارة التربية الوطنية‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة تطوير النظام المعلوماتي الخاص بمنظومة التعليم العتيق‬
‫في إطار المجهودات التي تبذلها من أجل تعزيز وتحديث منظومة التعليم العتيق‪ ،‬قامت الوزارة‪،‬‬
‫خالل سنة ‪ ،2008‬بإنشاء قاعدة معطيات تهدف إلى تسهيل عملية تحيين ونسخ لوائح المنح الخاصة‬
‫بالتالميذ‪ .‬كما تم تطوير هذه القاعدة لتشمل‪ ،‬ابتداء من سنة ‪ ،2010‬العديد من عمليات تدبير التعليم‬
‫العتيق‪ ،‬كتدبير المؤسسات وتدبير شؤون التالميذ وشؤون العاملين بها‪ ،‬وكذا تدبير الجدول الزمني‬
‫للدراسة‪ ،‬باإلضافة إلى تدبير االمتحانات‪.‬‬
‫وبالرغم من كون اعتماد هذه المنصة الرقمية قد ساهم في تعزيز ورش تأهيل مؤسسات التعليم العتيق‪،‬‬
‫إال أن الزيارات الميدانية‪ ،‬التي قام بها المجلس األعلى للحسابات لعينة من المدارس العتيقة أسفرت‬
‫عن تسجيل بعض المالحظات من أبرزها ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬غياب رمز خاص بمسار تالميذ وطلبة التعليم العتيق‪ ،‬كما هو معمول به في وزارة التربية‬
‫الوطنية‪ ،‬وذلك من أجل الرفع من مستوى الخدمات التعليمية وتمكين التالميذ من الولوج‬
‫إليها؛‬
‫‪ -‬عدم إلزام مستعملي المنصة من تعبئة جميع البيانات المتعلقة بتالميذ التعليم العتيق‪ ،‬إذ يمكن‬
‫االكتفاء بإدخال المعلومات المتعلقة باالسم وتاريخ االزدياد فقط وترك باقي الخانات فارغة‬
‫(كرقم البطاقة الوطنية لألب‪ ،‬وتاريخ االلتحاق بالمدرسة‪ ،‬إلخ)‪ .‬نفس األمر بالنسبة للبيانات‬
‫المتعلقة باألساتذة حيث ال تلزمهم المنصة بملء جميع المعلومات (كالشهادة المحصل عليها‪،‬‬
‫‪)...‬؛‬
‫‪ -‬ال يسمح رابط التلميذ الموجود لدى المؤسسة التعليمية بالتعرف على مساره الدراسي‪ ،‬وكذا‬
‫كشف النقط الخاص بكل تلميذ‪ ،‬والنتائج الفردية عند نهاية األطوار الدراسية؛‬
‫‪ -‬ال تمكن المنصة من استخراج شهادة المغادرة واالنقطاع والشهادة المدرسية‪ ،‬على الرغم‬
‫من أن جميع المعلومات المتعلقة بالتلميذ مخزنة بها؛‬
‫‪ -‬عدم إدراج المعطيات المتعلقة بمسار تكوين األساتذة‪ ،‬السيما التكوين األساس والمستمر‪،‬‬
‫وعدد ومواضيع الدورات المستفاد منها‪ ،‬من أجل استغالل هذه المعطيات في إعداد برامج‬
‫التكوين وتدبير توزيع األساتذة بين المؤسسات‪.‬‬
‫وقد أوضحت الوزارة بأنها جعلت ملء الخانات المرتبطة ببيانات المتمدرسين والعاملين بالتعليم العتيق غير‬
‫إجبارية نظرا لتباين إمكانات مدارس التعليم العتيق والظروف التي تشتغل فيها‪ ،‬وكذا قصر الوقت الزمني‬
‫للدخول المدرسي‪ ،‬وكثرة العمليات المرتبطة به‪ ،‬مما قد يحول دون استفادة بعض المدارس من المنح والمكافآت‬
‫المخصصة لها نتيجة عدم تمكنها من إدخال كل البيانات‪ .‬كما أشارت إلى أنها بصدد دراسة وجرد البيانات‬
‫الضرورية بالبوابة بغرض جعلها إجبارية عند إدخال المعطيات بها أو عند القيام بأي تحيين أو إتمام للعمليات‬
‫المبرمجة بهذه البوابة‪ .‬أما بخصوص كشف النقط الفردي لكل تلميذ عند نهاية األطوار الدراسية واستخراج‬

‫‪195‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫الشواهد المدرسية والمغادرة واالنقطاع فتدخل‪ ،‬حسب جواب الوزارة‪ ،‬ضمن قائمة العمليات والتعديالت التي‬
‫تشتغل عليها ويتم تطويرها حسب األولويات ووفق اإلمكانات المادية والبشرية المتاحة‪.‬‬
‫من أجل ذلك‪ ،‬يوصي المجلس األعلى للحسابات وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬السهر على ضبط المكونات األساسية لمنظومة التعليم العتيق‪ ،‬خصوصا من خالل‬
‫تحسين وتحيين اإلحصائيات والمعطيات الميدانية المتعلقة بالمؤسسات التعليمية‪،‬‬
‫والعمل على تصنيفها حسب مردوديتها‪ ،‬وكذا اعتماد رقم وطني خاص بمسار كل تلميذ‬
‫على غرار ما هو معمول به في قطاع التربية الوطنية والتعليم األولي؛‬
‫‪ -‬إرساء عالقة ثابتة بين المدارس العتيقة والكتاتيب القرآنية‪ ،‬مبنية على التنسيق‬
‫والتعاون والتخطيط‪ ،‬باعتبارها الرافد الرئيسي للمتمدرسين والمكون األساسي‬
‫لتهيئتهم لولوج نظام التعليم العتيق‪ ،‬والعمل كذلك على تصنيف الكتاتيب القرآنية حسب‬
‫مردوديتها؛‬
‫‪ -‬اتخاذ اإلجراءات الكفيلة بتطوير النظام المعلوماتي‪ ،‬بهدف جعله أداة فعالة لدعم‬
‫استراتيجية الوزارة لتأهيل منظومة التعليم العتيق‪ ،‬وذلك وفق تصور واضح يأخذ بعين‬
‫االعتبار البيئة المحيطة بمؤسسات التعليم العتيق والسعي لالستجابة الحتياجات‬
‫الفاعلين األساسيين في هذا المجال‪ ،‬السيما الوزارة والمؤسسات التعليمية والتالميذ‬
‫وكذا أباء وأولياء أمورهم‪.‬‬
‫ثالثا‪ .‬تدبير الشؤون التربوية وإعداد الخريطة المدرسية‬
‫‪ ‬الحاجة إلى إعداد الخريطة المدرسية‬
‫تعتبر الخريطة المدرسية أداة أساسية ألجرأة اإلصالحات والمخططات التربوية وتحقيق األهداف‬
‫المرسومة‪ .‬فهي تمنح نظرة توقعية لتلبية الخدمات التربوية‪ ،‬من خالل تشخيص للواقع والمتداده‬
‫المستقبلي‪ ،‬مع األخذ بعين االعتبار المعطيات الديمغرافية والتربوية والجغرافية واالقتصادية‪ .‬وفي‬
‫هذا اإلطار‪ ،‬تم تكليف مديرية التعليم العتيق ومحو األمية بالمساجد‪ ،‬منذ إحداثها سنة ‪ ،2004‬بإعداد‬
‫الخريطة المدرسية الوطنية لمؤسسات التعليم العتيق‪ .‬إال أن المديرية المذكورة لم تشرع بعد في إعداد‬
‫هذه الخريطة‪.‬‬
‫وقد أوضحت الوزارة في معرض جوابها بأن العناصر والمحددات المتحكمة في إعداد مشروع الخريطة‬
‫المدرسية للتعليم العتيق تعتريها عدة صعوبات وإكراهات‪ ،‬كما تتحكم فيها بعض االعتبارات يمكن اجمالها في‬
‫كون التعليم العتيق هو تعليم اختياري‪ ،‬وبالتالي يصعب ضبط توقعات المستهدفين به‪ ،‬كما أن من خصوصياته‬
‫إمكانية استقبال المدرسة لمتمدرسين من مختلف مناطق المملكة بناء على إرادتهم واختيارهم‪ ،‬إضافة إلى عدم‬
‫توفر أغلبية مدارس التعليم العتيق على روافد قارة تضمن استقرار بنيتها التربوية‪ ،‬وكذا عدم التنصيص في‬
‫قانون التعليم العتيق على الحصول على إذن مسبق من الوزارة قبل الشروع في بناء مؤسسة التعليم العتيق‪.‬‬
‫كما تجدر اإلشارة إلى أن اللجنة الوطنية للتعليم العتيق كانت قد قررت في اجتماعها بتاريخ‬
‫‪ 13‬مارس ‪ ،2007‬تشكيل "خلية تأهيل مؤسسات التعليم العتيق" تتكون من مسؤولي وأطر مديرية‬
‫التعليم العتيق وتحت رئاسة مدير التعليم العتيق‪ ،‬يوكل إليها وضع خريطة مدرسية وطنية وخرائط‬
‫جهوية وإقليمية‪ .‬غير أن هذه الخلية‪ ،‬لم تقم بإعداد الخريطة المدرسية المذكورة‪ .‬أما على المستوى‬
‫الجهوي واإلقليمي‪ ،‬فقد عهد إلى مندوبي الشؤون اإلسالمية‪ ،‬طبقا لدليل مهامهم ومسؤولياتهم‪ ،‬إعداد‬
‫مشروع خريطة مدرسية بمنطقة تدبيرهم وتحيينه وتتبع إنجازه‪ ،‬وكذا تخطيط الحاجيات المستقبلية‬
‫لمؤسسات التعليم العتيق واقتراح مخطط متعدد السنوات لتلبيتها‪ .‬غير أن مشاريع هذه الخرائط‬
‫المدرسية الجهوية واإلقليمية لم يتم إنجازها بعد‪ .‬ومن بين النتائج المترتبة عن غياب خرائط مدرسية‪،‬‬
‫منها على سبيل المثال‪ ،‬الشروع في إنشاء مدارس نموذجية للتعليم العتيق‪ ،‬دون معرفة مسبقة‬
‫للحاجيات والخصائص الخاصة بالمناطق المعنية‪ ،‬ومعرفة فرص استقطاب التالميذ‪ ،‬بالنظر‬
‫لخصوصية التعليم العتيق‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪196‬‬


‫أما بخصوص تكليف "خلية تأهيل مؤسسات التعليم العتيق" بوضع خريطة مدرسية وطنية وجهوية وإقليمية‪،‬‬
‫فكان المقصود بذلك‪ ،‬حسب جواب الوزارة‪ ،‬هو خلق تكامل بين المؤسسات وطنيا وجهويا وإقليميا بحسب‬
‫األطوار والمستويات الدراسية التي يمكن أن تؤهل فيها كل مؤسسة حسب إمكاناتها الذاتية‪ ،‬وذلك بهدف تجميع‬
‫األعداد الهزيلة للتالميذ‪ ،‬وبالتالي االستثمار األمثل للموارد والوسائل المتاحة‪ .‬كما أفادت الوزارة بأنها‬
‫اضطرت للشروع في بناء مدارس نموذجية تستجيب للمواصفات والمعايير المطلوبة وتحفز مختلف الفاعلين‬
‫والشركاء بالتعليم العتيق والقائمين على مؤسساته على تأهيل مؤسساتهم أو بناء مؤسسات جديدة على غرار‬
‫المؤسسات النموذجية‪ ،‬مع العلم أن أغلب المؤسسات القائمة تعاني من ضعف البنية المادية‪ ،‬علما بأن نسبة‬
‫االنخراط في عملية التأهيل تبقى ضعيفة‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة مالءمة المناهج التربوية والبرامج الدراسية حسب خصائص الفئات العمرية‬
‫ال تأخذ المناهج التربوية والبرامج الدراسية المعتمدة بعين االعتبار تجانس الفئات العمرية‬
‫للمتمدرسين‪ .‬فرغم اختالف التركيبة العمرية للتالميذ‪ ،‬وما لها من أثر على مستوى التعلم واالستيعاب‬
‫والتركيز‪ ،‬فإن المناهج التربوية والبرامج الدراسية المعتمدة ال تعرف أي تغيير‪ ،‬وهو ما يؤثر على‬
‫جودة التعلمات وعلى اختيار المقاربة البيداغوجية المالئمة‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى أن اختالف الفئات‬
‫العمرية لتالميذ التعليم العتيق‪ ،‬يخص أيضا التركيبة العمرية للتالميذ داخل الفصل الواحد‪ ،‬بحيث‬
‫تضم بعض الفصول الدراسية‪ ،‬تالميذ تتراوح أعمارهم بين أقل من ‪ 9‬سنوات إلى ما فوق ‪ 26‬سنة‪،‬‬
‫الشيء الذي يصعب معه بسط عملية التدريس في ظل عدم تجانس المتمدرسين‪.‬‬
‫وقد أوضحت الوزارة في جوابها بأن مشروع تأهيل التعليم العتيق واجه معطيات واقعية تتسم بعدم تجانس‬
‫الفئات العمرية للتالميذ في بعض المؤسسات‪ ،‬األمر الذي دفع الوزارة إلى التعامل بمرونة مع هذا اإلشكال‬
‫ومعالجته بشكل متدرج إلدماج حفظة القرآن الكريم المنتسبين للكتاتيب القرآنية بالتعليم االبتدائي العتيق‪،‬‬
‫واإلسهام في تعميم التمدرس‪ ،‬وصيانة الشباب من التطرف والتشدد‪ ،‬وذلك من خالل اتخاذ عدة تدابير على‬
‫مستوى البرامج والمناهج الدراسية‪ ،‬وعلى المستوى التنظيمي‪ .‬وبالموازاة مع هذه التدابير الكفيلة بالتقليص‬
‫من الفروق التربوية بين المتعلمين وضمان قدر من التجانس بينهم‪ ،‬تبقى‪ ،‬حسب الوزارة‪ ،‬الحاالت المتسمة‬
‫بعدم التجانس داخل الفصل الواحد على مستوى السن ببعض المؤسسات حاالت استثنائية تتم معالجتها بتدابير‬
‫تنظيمية وإدارية‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة مالءمة وضعية هيئة التدريس ألهداف منظومة التعليم العتيق‬
‫بلغ عدد األطر اإلدارية والتربوية العاملة بمؤسسات التعليم العتيق برسم الموسم الدراسي‬
‫‪ ،2020/2019‬حوالي ‪ 7.150‬إطارا‪ ،‬من بينهم ‪ 4.201‬أستاذا وأستاذة و‪ 985‬إطارا إداريا‬
‫و‪ 1.964‬مستخدما‪ .‬ويشتغل حوالي ‪ %80‬من هؤالء األطر بناء على طلبات تكليف يتم تجديدها‬
‫سنويا‪ ،‬مقابل االستفادة من مكافئة جزافية شهرية‪ .‬وتتضمن هذه الطلبات مقتضيات تتعلق بتخويل‬
‫العاملين الحرية في التخلي عن المهام المسندة إليهم متى رغبوا في ذلك‪ .‬وال يشترط في األساتذة‬
‫المكلفين بموجب عقود التكليف التوفر على تجربة ميدانية وبيداغوجية‪ ،‬بحيث تتكفل مديرية التعليم‬
‫العتيق ومحو األمية بالمساجد‪ ،‬بتوفير تكوين تخصصي مستمر لهم‪.‬‬
‫وبالرغم من كون الدورات التكوينية والورشات العلمية التي تنظمها الوزارة قد أسهمت في تطوير‬
‫األداء العلمي لألساتذة‪ ،‬إال أن أثر هذه المجهودات يبقى غير مستدام‪ ،‬إذ بعد اكتساب الخبرة المهنية‬
‫واالستفادة من الدورات التكوينية‪ ،‬ما يلبث أن يغادر بعض األساتذة بحثا عن االستقرار المهني‪ ،‬ثم‬
‫يلتحق أساتذة جدد لتبدأ مراحل التكوين من جديد‪ ،‬وهو ما ينعكس على مردودية وفعالية نظام التعليم‬
‫العتيق‪ .‬في هذا الصدد‪ ،‬بلغ عدد األساتذة الذين غادروا نظام التعليم العتيق خالل الفترة ‪2014‬ـ‪2022‬‬
‫حوالي ‪ 1.504‬أستاذا‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة تحسين المردودية التربوية للمدارس العتيقة‬
‫يستلزم تطوير منظومة التعليم العتيق تحسين مردوديتها التربوية‪ ،‬بحيث تعرف نسب النجاح تطورا‬
‫بطيئا في كافة األطوار الدراسية‪ ،‬سواء بالنسبة للتالميذ الذين انخرطوا في هذا النمط من التعليم منذ‬
‫المستوى األول أو الثاني أو الثالث ابتدائي‪ .‬وفي هذا اإلطار‪ ،‬تبين بأنه من أصل ‪ 2.521‬تلميذا مسجال‬
‫بالمستوى األول ابتدائي برسم الموسم الدراسي ‪ 2016/2015‬تمكن ‪ 939‬منهم فقط من بلوغ المستوى‬

‫‪197‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫السادس خالل الموسم الدراسي ‪ 2021/2020‬و‪ 240‬منهم فقط هم من حصلوا على الشهادة االبتدائية‬
‫برسم نفس الموسم‪.‬‬
‫ومن بين ‪ 1.638‬تلميذا مسجال ألول مرة في المستوى الثاني ابتدائي‪ ،‬برسم الموسم الدراسي‬
‫‪ ،2017/2016‬تمكن ‪ 619‬منهم من بلوغ المستوى السادس في الموسم الدراسي ‪ ،2021/2020‬فيما‬
‫حصل على الشهادة االبتدائية ‪ 220‬منهم خالل نفس الموسم‪ .‬وكذلك من بين ‪ 1.115‬تلميذا مسجال‬
‫ألول مرة في المستوى الثالث برسم الموسم الدراسي ‪ ،2018/2017‬تمكن ‪ 531‬منهم من بلوغ‬
‫المستوى السادس في نهاية الموسم الدراسي ‪ ،2021/2020‬فيما حصل على الشهادة االبتدائية ‪201‬‬
‫منهم برسم نفس الموسم‪ .‬نفس األمر ينطبق على األفواج المسجلة برسم المواسم الدراسية السابقة‪.‬‬
‫وقد أشارت الوزارة في جوابها إلى أنه يمكن إجمال االعتبارات المؤثرة في المردودية التربوية للتالميذ‬
‫المتدرجين بهذا القطاع في تباين قدراتهم في حفظ القرآن الكريم‪ ،‬وهو ما يجعل عددا منهم غير قادرين على‬
‫مواكبة إيقاع الحفظ الستكمال عدد األحزاب المطلوبة (‪ 40‬حزبا على األقل) لقبول ملف ترشيحهم الجتياز‬
‫امتحان نيل شهادة التعليم االبتدائي العتيق (المادة ‪ 25‬من نظام الدراسات واالمتحانات بمؤسسات التعليم‬
‫العتيق)‪ ،‬فيما يلتحق بعضهم بالتعليم العمومي قصد استكمال دراستهم‪ ،‬وينقطع بعضهم عن الدراسة ألسباب‬
‫شخصية أو لظروف اجتماعية‪.‬‬
‫كما يرجع‪ ،‬حسب جواب الوزارة‪ ،‬عدم تمكن كل التالميذ المتدرجين الذين وصلوا إلى المستوى السادس ابتدائي‬
‫من النجاح في امتحانات هذا المستوى الدراسي إلى اعتبار نهاية الطور االبتدائي العتيق محطة أساسية معيارية‬
‫في تحديد مدى امتالك خريجي هذا الطور للمواصفات والكفايات الالزمة التي تؤهلهم لالستمرار في هذه‬
‫المنظومة‪ ،‬ومسايرة الدراسة في أطوارها الالحقة بالنظر لكونها أطوارا تخصصية‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى تعميم التنشيط التربوي على المؤسسات التعليمية‬
‫يعتبر التنشيط التربوي‪ ،‬آلية مهمة من أجل تحقيق انفتاح تالميذ وطلبة التعليم العتيق على محيطهم‬
‫االجتماعي والثقافي وتنمية قدراتهم اإلبداعية وتحسين جودة التعلمات وتشجيع الكفاءات وتطويرها‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬تنص المادة ‪ 14‬من الظهير الشريف رقم ‪ 1.03.193‬في شأن اختصاصات وتنظيم‬
‫وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية على خلق الفضاءات التربوية واألنشطة الموازية (أنشطة فنية‬
‫وثقافية وعلمية ورياضية واجتماعية وبيئية وصحية وتواصلية)‪ .‬كما تنص المذكرة اإلطار رقم ‪205‬‬
‫لسنة ‪ 2012‬المتعلقة باألنشطة الموازية على إحداث أندية تربوية بمؤسسات التعليم العتيق‪ .‬ويتولى‬
‫إنجاز هذه األنشطة مختصون في التنشيط التربوي يستفيدون من دورات تكوينية وطنية في مجاالت‬
‫تخصصهم‪ .‬في هذا الصدد‪ ،‬استفاد تالميذ وطلبة التعليم العتيق من ‪ 29.505‬نشاط تربوي خالل الفترة‬
‫‪ ،2020-2014‬بمعدل ‪ 4.215‬نشاطا في السنة‪.‬‬
‫غير أن عمليات التنشيط التربوي ال تزال غير معممة بحيث غطت خالل سنة ‪ 2021‬حوالي‬
‫‪ 126‬مدرسة من بين ‪ ،294‬أي بنسبة ‪ .%43‬فباستثناء جهة درعة تافياللت التي تتوفر جميع مدارسها‬
‫على منشط تربوي‪ ،‬تتراوح نسب المدارس التي تتوفر على منشط تربوي على مستوى الجهات ما‬
‫بين ‪ %19‬و‪ .%67‬في نفس السياق‪ ،‬تتوفر ‪ 115‬مدرسة من أصل ‪ 294‬على أندية تربوية‪ ،‬أي حوالي‬
‫‪ .%39‬عالوة على ذلك‪ ،‬ال يتم إخضاع هذه األنشطة الموازية للمراقبة الكافية‪ ،‬وذلك خالفا لما هو‬
‫منصوص عليه في المذكرة عدد ‪ 143‬بتاريخ ‪ 16‬غشت ‪.2012‬‬
‫وقد أوضحت وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية في معرض جوابها إلى أن عملية التنشيط التربوي واجهت‬
‫إكراهات حالت دون تحقيق التغطية الشاملة للمؤسسات‪ ،‬والتي تتمثل في عدم توفر اإلمكانات واالعتمادات‬
‫المالية الكافية لمواكبة التزايد المستمر لعدد مدارس هذا القطاع وصعوبة إيجاد الكفاءات المؤهلة‪ ،‬باإلضافة‬
‫لعدم استقرار المنشطين التربويين بصفة دائمة في المؤسسات التي يعملون بها‪.‬‬
‫كما أضافت الوزارة بأنه قد تم تكليف المفتشين التربويين المعتمدين في مختلف جهات المملكة بتتبع عمل‬
‫المنشطين التربويين‪ ،‬غير أن هذه العملية ركزت أكثر على التتبع والمواكبة والتأطير بالنظر لحداثة تجربة‬
‫التنشيط التربوي بمؤسسات التعليم العتيق‪ ،‬كما اتسمت بالتفاوت من موسم دراسي آلخر‪ ،‬ولم تشمل جميع‬
‫المنشطين التربويين‪ ،‬وذلك بسبب قلة عدد المفتشين التربويين المعتمدين بالتعليم العتيق وكثرة المهام الموكولة‬
‫إليهم (الزيارات الصفية للمدرسين‪ ،‬الندوات التربوية‪ ،‬الدروس التطبيقية‪ ،‬المشاركة في لجان اختبار المستوى‪،‬‬
‫تتبع الدخول المدرسي‪.)...‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪198‬‬


‫في هذا اإلطار‪ ،‬يوصي المجلس األعلى للحسابات بالعمل على إعداد خريطة مدرسية وطنية وخرائط‬
‫جهوية وإقليمية‪ ،‬بشكل يراعي توجهات السياسة التربوية لمنظومة التعليم العتيق والمميزات‬
‫الخاصة بهذا النمط من التعليم‪ ،‬وذلك من حيث المناهج التربوية والبرامج‪ ،‬واألطوار الدراسية‪،‬‬
‫والفئات العمرية للمتمدرسين‪.‬‬
‫رابعا‪ .‬المراقبة والتأطير التربوي واإلداري‬
‫تخضع مؤسسات التعليم العتيق لمراقبة إدارية وتربوية‪ ،‬استنادا إلى أحكام الظهير الشريف رقم‬
‫‪ 1.16.38‬الصادر في ‪ 17‬جمادى األولى ‪ 26( 1437‬فبراير ‪ )2016‬في شأن اختصاصات وتنظيم‬
‫وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية‪ ،‬وكذا لمقتضيات القانون رقم ‪ 13.01‬في شأن التعليم العتيق‬
‫(المادة ‪ 16‬منه)‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة تعميم عمليات المراقبة والتأطير التربوي‬
‫بلغ عدد المفتشين التربويين‪ ،‬برسم الموسم الدراسي ‪ ،2021/2020‬ما مجموعه ‪ 81‬مفتشا‪ ،‬موزعين‬
‫على جهات المملكة حسب المواد الدراسية‪ .‬غير أن دراسة توزيع المفتشين التربويين‪ ،‬أظهر غياب‬
‫المفتشين التربويين في بعض مواد التخصص (مواد العلوم الشرعية واللغة العربية) على مستوى‬
‫بعض جهات المملكة‪ ،‬كجهتي الشرق وبني مالل‪-‬خنيفرة اللتين عرفتا غياب مفتش تربوي خاص‬
‫بمواد العلوم الشرعية‪ ،‬وكذا جهة الدار البيضاء‪-‬سطات التي ال تتوفر على مفتش تربوي للمواد‬
‫المقررة في نظام التعليم العمومي‪.‬‬
‫كما تجدر اإلشارة‪ ،‬إلى ارتفاع عدد المفتشين التربويين الذين يغادرون سنويا نظام التعليم العتيق‪،‬‬
‫بحيث بلغ عددهم ‪ 64‬مفتشا تربويا منذ الموسم الدراسي ‪ ،2012/2011‬من بينهم ‪ %53‬غادروا‬
‫ألسباب شخصية‪ ،‬فيما تم إعفاء الباقين بالنظر لضعف كفاءتهم ومردوديتهم‪.‬‬
‫على صعيد آخر‪ ،‬يقوم المفتشون التربويون بمراقبة وتأطير المواد التي تدخل في تخصصهم على‬
‫مستوى جميع األطوار الدراسية (ابتدائي وإعدادي وثانوي)‪ ،‬على عكس ما هو معمول به على‬
‫مستوى نظام التربية الوطنية‪ ،‬وبغض النظر عن الخصوصيات التربوية التي تميز كل طور‪.‬‬
‫وقد أشارت الوزارة إلى أن أسباب غياب مفتشين تربويين في إحدى المواد أو الوحدات الدراسية ببعض‬
‫الجهات يرجع ‪ ،‬أحيانا إلى عدم التوفر على هيئة للتأطير والمراقبة التربوية تابعة للوزارة‪ ،‬وكذا غياب‬
‫اإلمكانات المالية التي تمكن من وضع إطار قانوني إلحداث هذه الهيئة‪ ،‬باإلضافة الرتفاع عدد المفتشين‬
‫التربويين الذين يغادرون سنويا نظام التعليم العتيق‪.‬‬
‫كما أضافت بأنها ستعمل حال توفر اإلمكانيات المالية المطلوبة واكتمال الشروط التربوية لتأهيل هذا القطاع‪،‬‬
‫على إعادة صياغة أدوار هذه الهيئة وإعادة هيكلتها‪ ،‬وتنويع الصيغ المعتمدة في توزيع المفتشين التربويين‬
‫حسب الجهات واألقاليم لتشمل عملية التأطير والمراقبة التربوية جميع الوحدات والمواد الدراسية‪ ،‬وكذا‬
‫تخصيص مفتشين تربويين بكل طور دراسي‪ ،‬بما ينسجم مع الخصوصيات التربوية والمنهجية لألطوار‬
‫الدراسية‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة تعزيز المراقبة اإلدارية وتتبع أداء المدارس العتيقة‬
‫تخضع مؤسسات التعليم العتيق لمراقبة إدارية‪ ،‬يتم إجراؤها بصفة دورية‪ ،‬من طرف مراقبين يتم‬
‫تكليفهم من طرف الوزارة بموجب عقود تكليف‪ ،‬مقابل استفادتهم من مكافآت جزافية شهرية‬
‫وتعويضات تكميلية عند نهاية كل دورة‪.‬‬
‫وقد بين تحليل المعطيات‪ ،‬المتعلقة بالفترة ‪ ،2020 -2013‬بأن عدد المراقبين اإلداريين ال يتناسب‬
‫مع عدد مؤسسات التعليم العتيق‪ ،‬بحيث لم يتجاوز عددهم ‪ 40‬مراقبا إداريا مكلفا بمراقبة ‪ 292‬مؤسسة‬
‫على الصعيد الوطني‪ .‬نفس األمر بالنسبة لعدد مراقبي الكتاتيب القرآنية الذي ناهز ‪ 300‬مراقبا إداريا‬
‫مكلفا بمراقبة ‪ 12.943‬كتابا قرآنيا‪.‬‬
‫وقد أوضحت الوزارة في جوابها بأن الرفع من عدد المفتشين رهين بتوفير اعتمادات مالية إضافية لهذا القطاع‪،‬‬
‫ونفس الشيء بالنسبة لمراقبي الكتاتيب القرآنية‪.‬‬

‫‪199‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫كما يتم إنجاز تقارير المراقبة اإلدارية للمدارس العتيقة بناء على استمارات نموذجية‪ ،‬تم إعدادها من‬
‫طرف مديرية التعليم العتيق ومحو األمية بالمساجد‪ ،‬والتي يتعين على المراقب اإلداري تعبئتها‪ .‬غير‬
‫أن عدم مالءمة االستمارة المذكورة‪ ،‬حسب كل دورة دراسية وحسب طبيعة األهداف الخاصة‬
‫والغايات المرجوة‪ ،‬ال يتيح للمندوبيات وللمديرية االستغالل األمثل للمعطيات واستنباط الخالصات‪.‬‬
‫كما أن الطابع المتكرر للبيانات الواردة في التقارير الخاصة بكل مؤسسة يقلل من جدوى تحليل‬
‫ومقارنة وتقييم الفوارق الممكن تسجيلها بين مختلف المؤسسات والدورات‪.‬‬
‫وفي نفس اإلطار‪ ،‬يحول غياب منهجية مضبوطة الستغالل التقارير المنجزة‪ ،‬دون إمكانية استخراج‬
‫المؤشرات المتعلقة بالنتائج واألداء‪ ،‬ورصد النقائص الخاصة أو العامة‪ ،‬وكذا استنتاج الخالصات‪،‬‬
‫واستخالص الدروس الضرورية من أجل اتخاذ القرارات الكفيلة بتحسين الوضعية‪ ،‬السيما بالنظر‬
‫للعدد الكبير للتقارير المنجزة (أزيد من ألف تقرير سنوي بالنسبة لمدارس التعليم العتيق و‪ 33‬ألف‬
‫تقرير سنوي بالنسبة للكتاتيب القرآنية)‪ .‬لذلك‪ ،‬فإن هذه الوضعية من شأنها أن تفضي إلى تقليل أثر‬
‫المراقبة اإلدارية‪ ،‬السيما من حيث تقويم النقائص المرصودة في حينها‪ ،‬وهو ما تبين من خالل‬
‫الزيارات التفقدية لبعض المؤسسات من طرف مديرية التعليم العتيق والمندوبيات‪ ،‬والتي وقفت على‬
‫عدة نقائص لم يتم رصدها على مستوى تقارير المراقبة اإلدارية‪.‬‬
‫في هذا اإلطار‪ ،‬صرحت الوزارة بأنها ستعمل على تجاوز هذه اإلشكاالت‪ ،‬مع اإلشارة إلى أن المنهجية المتبعة‬
‫في استغالل التقارير المتوصل بها تعتمد على جرد وتصنيف النقائص المرصودة وتحديد طبيعتها‪ ،‬وكذا‬
‫التنسيق مع مختلف المصالح المعنية لمعالجتها‪ .‬كما تتم مراسلة المندوبيات المعنية للتأكد من مدى استمرار‬
‫النقائص من عدمها‪ ،‬علما بأن كثرة التقارير المتوصل بها مع قلة الموارد البشرية يكون لها أثر على تفعيل‬
‫كافة المالحظات الواردة بالتقارير‪.‬‬
‫في هذا الصدد‪ ،‬يرى المجلس األعلى للحسابات بأن بلوغ األهداف المرجوة من المراقبة اإلدارية‬
‫يقتضي تحليل المعطيات الواردة في االستمارات من أجل تحديد المالحظات المتكررة واستخالص‬
‫الدروس الكفيلة بتحسين أداء المؤسسات المعنية‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى تأطير االمتيازات والمساعدات المقدمة لمؤسسات التعليم العتيق باتفاقيات‬
‫شراكة‬
‫تخصص الدولة اعتمادات مالية مهمة لمؤسسات التعليم العتيق‪ ،‬وذلك بهدف تجويد منظومة التعليم‬
‫العتيق وحث بعض المؤسسات التعليمية الخاصة على االنخراط في هذه المنظومة‪ .‬وأمام تزايد عدد‬
‫المؤسسات‪ ،‬العمومية منها والخاصة‪ ،‬وما لذلك من أثر على الميزانية المرصودة لهذا المجال‪ ،‬قامت‬
‫الوزارة بربط الدعم الممنوح بعدد التالميذ‪ ،‬بحيث تم تحديد السقف األدنى لعدد المتمدرسين المطلوب‬
‫تسجيلهم في كل مستوى دراسي في ‪ 15‬تلميذ بالنسبة للمدارس المختلطة و‪ 10‬تلميذات بالنسبة لمدارس‬
‫اإلناث‪.‬‬
‫وتقوم الوزارة بدعم هذه المؤسسات‪ ،‬عبر تخصيص مكافآت جزافية شهرية للعاملين بها‪ ،‬تصرف‬
‫لهم بشكل مباشر في حساباتهم البنكية‪ ،‬وكذا تخصيص منح دراسية شهرية للتالميذ والطلبة بها‪ ،‬تؤديها‬
‫الوزارة لهم بواسطة مؤدين منتدبين معينين بمقتضى قرار مشترك بين وزارة األوقاف والشؤون‬
‫اإلسالمية ووزارة االقتصاد والمالية‪ ،‬باإلضافة إلى تقديم بعض التجهيزات لفائدة هذه المؤسسات‪.‬‬
‫في هذا الصدد‪ ،‬ينص القرار الوزيري عدد ‪ 875.06‬الصادر في ‪ 3‬ماي ‪ 2006‬في شأن تحديد شروط‬
‫االستفادة من دعم الدولة للتعليم العتيق‪ ،‬على وجوب ربط االمتيازات والمساعدات الممنوحة‬
‫لمؤسسات التعليم العتيق ومدد وكيفية االستفادة منها بدفتر تحمالت مع هذه األخيرة (المادة الثالثة)‪.‬‬
‫غير أنه لوحظ غياب إطار تعاقدي بين الوزارة والمؤسسات التعليمية يوضح األهداف واآلليات الكفيلة‬
‫بتأطير استعمال الدعم‪ ،‬السيما من خالل االتفاق على االلتزامات والواجبات المتعلقة بكل طرف‪،‬‬
‫وأداء هذه المؤسسات وضبط معايير تسييرها وجودة تعليمها‪ ،‬مع العمل على إرساء برامج عمل على‬
‫كافة المستويات للنهوض بمنظومة التعليم العتيق‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪200‬‬


‫كما تقدم الوزارة دعما سنويا‪ ،‬من أجل بناء وإصالح بعض مؤسسات التعليم العتيق الخاصة‪ ،‬حيث‬
‫تستفيد الجمعيات المشرفة عليها‪ ،‬من مبالغ مالية من أجل القيام بإصالحات أو بأشغال التوسعة‪ ،‬بناء‬
‫على مذكرة الوزارة عدد ‪ 115‬بتاريخ ‪ 02‬يونيو ‪ ،2015‬دون إبرام إطار تعاقدي من أجل تقديم هذا‬
‫الدعم‪ ،‬ويتم ذلك بناء على طلب يتقدم به مشرف المؤسسة إلى المديرية‪ .‬وقد بلغ مجموع اإلعانات‬
‫المقدمة في هذا اإلطار ما مجموعه ‪ 5,9‬مليون درهم خالل الفترة ‪.2020-2014‬‬
‫وقد أشارت الوزارة في جوابها إلى أنها ارتأت في الوقت الراهن عدم العمل بدفتر التحمالت نظرا لعدم تجانس‬
‫مؤسسات التعليم العتيق وتنوعها‪ ،‬وتباين إمكاناتها ومؤهالتها وظروفها البنيوية واالجتماعية وكذا عدم استقرار‬
‫بنياتها التربوية‪ ،‬بحيث تعرف تباينا في أعداد المسجلين بها من موسم دراسي إلى آخر‪ ،‬إضافة إلى أن معرفة‬
‫عدد المسجلين الحقيقيين بمدارس التعليم العتيق رهين بانتهاء العمليات المرتبطة بالدخول المدرسي التي تمتد‬
‫إلى نهاية نونبر‪ .‬مما يصعب معه تدقيق التوقعات المستقبلية والعمل بدفتر التحمالت‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬يوصي المجلس األعلى للحسابات وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تعزيز المراقبة والتأطير التربوي من خالل العمل على تغطية جميع مؤسسات التعليم‬
‫العتيق‪ ،‬واعتماد مفتشين تربويين متخصصين حسب األطوار الدراسية‪ ،‬وكذا الرفع من‬
‫جودة الزيارات الصفية في إطار برمجة سنوية؛‬
‫‪ -‬تجويد تقارير المراقبة اإلدارية والتربوية‪ ،‬واستغالل المعطيات والنتائج الواردة فيها‪،‬‬
‫في إطار منهجية مضبوطة تمكن من استخراج المؤشرات المتعلقة بالنتائج واألداء‪،‬‬
‫ورصد النقائص الخاصة أو العامة‪ ،‬وكذا استخالص الدروس الضرورية لتأهيل وتجويد‬
‫المنظومة التربوية للتعليم العتيق؛‬
‫‪ -‬تأطير الدعم واالمتيازات والمساعدات الممنوحة لمؤسسات التعليم العتيق وللجمعيات‬
‫المدبرة لها‪ ،‬من خالل إبرام اتفاقيات شراكة معها‪ ،‬وعلى أساس دفاتر تحمالت تتضمن‬
‫أهدافا واضحة وقابلة للقياس وتحدد االلتزامات والواجبات المتعلقة بكل طرف‪.‬‬
‫خامسا‪ .‬تدبير مشاريع بناء وتأهيل المؤسسات التعليمية‬
‫تتكلف وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية‪ ،‬بإنجاز مشاريع بناء وتأهيل مؤسسات التعليم العتيق‪،‬‬
‫وكذا القيام بعمليات التتبع والصيانة‪ ،‬والمراقبة للحالة المادية للبنايات والمنشآت المدرسية‪ ،‬واتخاذ‬
‫التدابير الضرورية لمعالجة وضعها‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة مالءمة وتيرة منح رخص إحداث مؤسسات التعليم العتيق مع األهداف‬
‫االستراتيجية لتطوير المنظومة‬
‫بلغ عدد الرخص الممنوحة لمدارس التعليم العتيق‪ ،‬خالل الفترة الممتدة من ‪ 2014‬إلى ‪ ،2020‬ما‬
‫مجموعه ‪ 225‬رخصة تشمل الرخص المتعلقة بالفتح‪ ،‬والرخص المتعلقة باالستمرار في المزاولة‪،‬‬
‫ورخص الموافقة على البناء‪ ،‬ورخص الموافقة على التوسعة‪ ،‬ورخص الموافقة على فتح األطوار‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬لوحظ بأن نظام التراخيص المتعلقة بالفتح أو الموافقة على فتح أطوار جديدة أو‬
‫إبداء الرأي في شأن الموافقة على بناء مؤسسات للتعليم العتيق‪ ،‬من طرف الخواص ال يقيد المؤسسات‬
‫بمواصفات معينة‪ ،‬من أجل الحصول على هذه الرخص‪ ،‬وإنما يشترط فقط استيفاء طلبها للوثائق‬
‫المطلوبة في النصوص التنظيمية‪ .‬وبمجرد حصول المؤسسة على الرخصة‪ ،‬تستفيد من الدعم‬
‫المخصص ألداء مكافآت العاملين مــن مدرسـين وإداريين ومسـتخدمين (المكلفين بمهــام الحراســة‬
‫والنظ افــة)‪ ،‬ومنح الطلبة‪ ،‬إضافة إلى تحمل الوزارة في بعض األحيان لبعض نفقات تسيير هذه‬
‫المؤسسات (مصاريف استهالك الماء والكهرباء ومواد التنظيف)‪.‬‬
‫كما أن منح هذه الرخص يقتضي اعتماد خريطة مدرسية‪ ،‬وكذا مؤشرات وأهداف واضحة (التوزيع‬
‫الجغرافي للمؤسسات التعليمية‪ ،‬وخصائص عروضها التربوية‪ ،‬واالحتياجات التعليمية الواجـب‬
‫تلبيتها‪ ،‬والتغطية من حيث األطوار المتوفرة‪ ،‬والمستويات الدراسية المستهدفة‪ ،‬وعدد التالميذ‬
‫المرتقب تسجيلهم بالطور المطلوب‪ ،‬والطاقة االستيعابية غير المستعملة في كل مدرسة‪ ،‬إلخ)‪ ،‬وذلك‬

‫‪201‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫لتفادي ارتفاع تكاليف الدعم واإلعانات العمومية الممنوحة‪ ،‬دون إسهام فعلي في تطوير وتجويد‬
‫منظومة التعليم العتيق‪.‬‬
‫وقد أشارت الوزارة في معرض جوابها إلى أنه نظرا لالعتبارات واإلكراهات التي حالت دون تمكن المديرية‬
‫من وضع خريطة مدرسية للتعليم العتيق‪ ،‬فإنها توظف بعض المعطيات المرتبطة بهذه الخريطة في إبداء‬
‫الرأي في طلبات بناء وتهيئة مؤسسات التعليم العتيق أو فتحها وكذا فتح المستويات واألطوار الدراسية‬
‫المقترحة من طرف هذه المؤسسات‪ ،‬مع العلم بأنها ال تمنح رخص الموافقة على البناء أو التوسعة وإنما تبدي‬
‫رأيها على التصميم لمراقبة مدى احترام الشروط والمواصفات المنصوص عليها بالقرار الوزيري رقم‬
‫‪ 876.06‬الصادر في ‪ 03‬ماي ‪ 2006‬بتحديد معايير التأطير والتجهيز التي تخضع لها مؤسسات التعليم العتيق‪.‬‬
‫كما أضافت ب أن منح رخصة الفتح لمؤسسة للتعليم العتيق ال يعني بالضرورة استفادتها من الدعم المخصص‬
‫ألداء مكافآت العاملين ومنح المتمدرسين وأحيانا لبعض نفقات التسيير‪ ،‬بحيث يبقى هذا الدعم رهينا بتوفر‬
‫االعتمادات المالية وتوفر النصاب المطلوب من المتمدرسين‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة تحسين المسطرة المتعلقة برخص الموافقة على بناء مؤسسات جديدة‬
‫تقوم بعض الجمعيات بتشييد مبان بهدف إحداث مدارس عتيقة‪ ،‬دون الحصول على الموافقة القبلية‬
‫للوزارة‪ ،‬بحيث ال يتقدم المعنيون باألمر بطلب رخصة الفتح سوى بعد االنتهاء من البناء‪.‬‬
‫كما أن الوزارة لم تقم بإعداد دفتر تحمالت يخص بناء مدارس التعليم العتيق‪ ،‬بحيث يقتصر دورها‪،‬‬
‫في حالة تقديم طلب الرخصة‪ ،‬على المصادقة على التصميم المدلى به‪ ،‬والتأكد من مدى احترام توفر‬
‫ثالث حجرات في كل طور‪ ،‬والتقيد بنسبة ‪ 1,8‬متر مربع لكل متمدرس‪ ،‬دون تطبيق جل مقتضيات‬
‫القرار الوزيري رقم ‪ 876.06‬الصادر في ‪ 03‬ماي ‪ 2006‬بتحديد معايير التأطير والتجهيز التي‬
‫تخضع لها مؤسسات التعليم العتيق‪.‬‬
‫في هذا اإلطار‪ ،‬أوضحت الوزارة بأن قانون التعليم العتيق ال يشترط الحصول على إذن مسبق من الوزارة‬
‫لبناء مؤسسة للتعليم العتيق‪ ،‬والرأي الذي تبديه في هذا الشأن غير ملزم للجهة المكلفة بالبناء‪ ،‬وبالتالي ينحصر‬
‫دورها في منح الترخيص بالفتح الذي يبقى رهينا فقط بتوفير الشروط والمعايير المطلوبة حيث يقتصر دور‬
‫الوزارة على التأكد من مدى احترام مؤسسات التعليم العتيق للمعايير المادية والتربوية المنصوص عليها‬
‫بالقرار الخاص بتحديد معايير التأطير والتجهيز التي تخضع لها مؤسسات التعليم العتيق‪ .‬كما أضافت الوزارة‬
‫بأنها تعمل على استدراك هذا األمر من خالل تعديل النص القانوني المؤطر للتعليم العتيق‪ ،‬كما أنها لم تقم‬
‫بإعداد دفتر تحمالت يتعلق ببناء مدارس التعليم العتيق ألن هناك معايير أخرى عامة من اختصاص قطاعات‬
‫ومصالح أخرى (قوانين التعمير وضوابط البناء وشروط السالمة ورخصة البناء‪.)...‬‬
‫‪ ‬ضرورة إنجاز الدراسات األولية والمتعلقة بجدوى مشاريع البناء‬
‫في إطار مخططاتها التنفيذية السنوية‪ ،‬قامت الوزارة ببناء ‪ 25‬مدرسة للتعليم العتيق ما بين سنتي‬
‫‪ 2008‬و‪ ،2020‬وصنفتها بالنموذجية‪ ،‬بطاقة استيعابية وصلت إلى ‪ 5.394‬مقعدا‪ ،‬وداخليات ضمت‬
‫‪ 5.372‬سريرا‪ .‬وقد بلغ عدد المتمدرسين بها ‪ 2.447‬تلميذا برسم الموسم الدراسي ‪،2022/2021‬‬
‫أي أقل من ‪ %50‬من طاقتها االستيعابية‪ .‬كما بلغت تكلفة بنائها حوالي ‪ 538‬مليون درهم‪ ،‬دون‬
‫احتساب تكلفة الدراسات والوعاء العقاري والتجهيزات (اإلدارية والمدرسية والداخلية)‪ .‬فيما همت‬
‫هذه التكاليف حوالي ‪ 122.132‬مترا مربعا للمساحة المغطاة‪ ،‬أي ما يناهز ‪ %41‬من مساحة‬
‫األراضي المعبئة لهذا الغرض‪.‬‬
‫غير أن اختيار أماكن توطين هذه المدارس النموذجية‪ ،‬لم يعتمد على تشخيص قبلي لحاجيات المناطق‬
‫المعنية بهذا النوع من التعليم‪ ،‬ومدى قدرتها على استقطاب المتمدرسين‪ ،‬بحيث أن المعيار األساسي‬
‫الذي تحكم في قرار بناء معظم المؤسسات المنجزة‪ ،‬هو توفر الوعاء العقاري‪ ،‬ال سيما من خالل‬
‫مسطرة تحبيس األراضي من طرف مواطنين لهذا الغرض‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة للمدارس النموذجية‬
‫المنجزة بتمارة والريصاني وبنسليمان وشفشاون وتاونات والصويرة‪.‬‬
‫عالوة على ذلك‪ ،‬فإن غياب دراسات الجدوى‪ ،‬من شأنه أن يؤدي إلى إنشاء مدارس في أماكن ال‬
‫تتوفر على طلب تربوي كاف (من حيث الروافد المكونة لمنظومة التعليم العتيق‪ ،‬ال سيما الكتاتيب‬
‫القرآنية ومراكز تحفيظ القرآن الكريم في محيط المدرسة)‪ ،‬أو إنشائها في مناطق تتميز بوفرة العرض‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪202‬‬


‫التربوي‪ ،‬وهو ما قد يشكل منافسة قوية للمدارس النموذجية‪ .‬كما تقوم الوزارة بمنح رخص لفتح‬
‫مؤسسات خاصة في نفس أماكن توطين بعض المدارس النموذجية‪ .‬هذه الوضعية‪ ،‬ينتج عنها عدم‬
‫قدرة هذه المؤسسات على االستغالل الكامل لطاقتها االستيعابية وتحديد األطوار والمستويات التي‬
‫ستدرس بها‪.‬‬
‫وقد أشارت الوزارة في جوابها إلى أنه منذ سنة ‪ 2010‬أصبح البحث عن العقارات إليواء المؤسسات النموذجية‬
‫يسند إلى اللجان االقليمية الختيار األراضي‪ .‬وأن بعض المؤسسات النموذجية يتم إحداثها في إطار اتفاقيات‬
‫شراكة لتعزيز التنمية المجالية لألقاليم‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى التخطيط لتدبير صيانة وإصالح مؤسسات التعليم العتيق‬
‫تكتسي صيانة مباني مؤسسات التعليم العتيق‪ ،‬أهمية قصوى من أجل المحافظة عليها ووقايتها من‬
‫التلف لكي تؤدي وظيفتها على الوجه األكمل‪ ،‬وللتقليل كذلك من التكاليف الناتجة عن اإلهمال أو‬
‫اإلرجاء‪ .‬وتشمل هذه األعمال اإلعداد والتخطيط والتنفيذ لعملية الصيانة‪ ،‬باإلضافة إلى المتابعة‬
‫والرقابة أثناء وبعد التنفيذ‪ .‬وقد بلغت تكاليف صيانة مدارس التعليم العتيق‪ ،‬حوالي ‪ 9,32‬مليون درهم‬
‫خالل الفترة الممتدة من ‪ 2014‬إلى ‪ .2021‬إال أن االنتقال من المنهج الذي يعتمد على إصالح العطل‬
‫عند حدوثه‪ ،‬والذي غالبا ما يؤدي إلى تراكم األعطال‪ ،‬وارتفاع كلفة إصالحها‪ ،‬إلى المنهج التوقعي‬
‫واالستباقي المبني على الصيانة الوقائية والصيانة التصحيحية‪ ،‬يقتضي توفر الوزارة على خطة‬
‫محكمة إلصالح وصيانة هذه البنايات‪.‬‬
‫في هذا اإلطار‪ ،‬يوصي المجلس األعلى للحسابات وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬اعتماد دفتر تحمالت يتضمن الشروط العامة‪ ،‬وكذا المواصفات والمعايير التقنية‬
‫والتربوية والمعمارية المطلوب توفرها في البنايات المعدة الحتضان مؤسسات التعليم‬
‫العتيق‪ ،‬وربط مسطرة الترخيص بالفتح أو باستمرار المزاولة بمدى احترام هذه‬
‫المواصفات؛‬
‫‪ -‬القيام بدراسات الجدوى‪ ،‬والدراسات األولية الضرورية‪ ،‬قبل الشروع في البت في‬
‫المشاريع المتعلقة بإنشاء مؤسسات جديدة للتعليم العتيق‪ ،‬بما يتيح التشخيص القبلي‬
‫لحاجيات المناطق المعنية‪ ،‬ومدى قدرة المؤسسات المتوقع إنجازها على استقطاب‬
‫المتمدرسين‪ ،‬وكذا ضبط تكلفة أشغال بنائها وتجهيزها؛‬
‫‪ -‬إعداد برنامج خاص بتتبع وصيانة البنايات والمنشآت المدرسية‪ ،‬واتخاذ التدابير‬
‫الضرورية لمعالجة وضعها‪ ،‬بما يسمح ببلوغ األهداف المرتبطة بتحسين الوضعية‬
‫الوظيفية لهذه المؤسسات‪ ،‬وضمان سالمة مرتفقيها والعاملين بها‪ ،‬حتى تمر العملية‬
‫التربوية في ظروف الئقة وآمنة‪.‬‬

‫‪203‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪204‬‬
‫القطاعات اإلنتاجية‬

‫‪205‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪206‬‬
‫تزخر بالدنا بالعديد من المؤهالت االقتصادية التي يتعين استغاللها على نحو يمكن من توفير مقومات‬
‫اقتصاد متنوع وتنافسي قادر على إنتاج قيمة مضافة والرفع من نسب النمو وتوفير مزيد من فرص‬
‫الشغل‪.‬‬
‫وتشكل السياحة‪ ،‬على هذا المستوى‪ ،‬دعامة أساسية لالقتصاد الوطني ورافعة من رافعات التنمية‬
‫المستدامة‪ ،‬لذلك ما فتئت السلطات الحكومية المعنية تولي هذا القطاع األهمية الالزمة من أجل تحسين‬
‫أدائه والرفع من مردوديته واالرتقاء بقدرته التنافسية من خالل االستغالل األمثل لإلمكانات المتوفرة‪.‬‬
‫وعلى غرار مجموعة من القطاعات‪ ،‬تأثرت السياحة بشكل كبير جراء إقرار الحجر الصحي تزامنا‬
‫مع انتشار جائحة "كوفيد ‪ ،"19 -‬وهو ما اقتضى اعتماد خطة من أجل دعم القطاع لتجاوز آثار‬
‫الجائحة واستعادة نشاطه الطبيعي‪.‬‬
‫وعلى صعيد آخر‪ ،‬يشكل التجميع الفالحي إحدى اآلليات التي من شأنها اإلسهام في تطوير الفالحة‬
‫ببالدنا‪ ،‬من خالل االستفادة من مزايا هذا النموذج القائم على تنظيم الفالحين (المنتجين) حول فاعلين‬
‫خواص أو تنظيمات مهنية (ال ُم َج ِّ ّمعين)‪ ،‬والمتمثلة أساسا في االستفادة من التقنيات الحديثة والتمويل‬
‫والولوج إلى األسواق الداخلية والخارجية‪.‬‬
‫وألجل توفير المزيد من مناصب الشغل‪ ،‬أولت االستراتيجيات الوطنية عناية خاصة للتشغيل الذاتي‪،‬‬
‫حيث تم اعتماد برامج واتخاذ تدابير تتضمن حزمة من التحفيزات والتسهيالت‪ ،‬تمويلية باألساس‪،‬‬
‫لفائدة الشباب حاملي المشاريع الراغبين في إنشاء مقاوالتهم‪ ،‬ومن بين أهمها "البرنامج الوطني‬
‫لمشاتل المقاوالت" الذي استهدف إحداث فضاءات مؤقتة الحتضان األنشطة المهنية المزاولة من‬
‫طرف الشباب‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد‪ ،‬تناولت المهمات الرقابية التي أنجزتها المحاكم المالية خالل سنة ‪ 2021‬والمرتبطة‬
‫بالقطاعات اإلنتاجية الجوانب التالية‪:‬‬
‫‪ -‬خطة دعم قطاع السياحة لتجاوز آثار جائحة "كوفيد‪"19-‬؛‬
‫‪ -‬التجميع الفالحي؛‬
‫‪ -‬مشاتل المقاولين الشباب؛‬
‫‪ -‬فضاءات االستقبال الصناعي المنجزة بشراكة مع الجماعات الترابية بجهة الدار‬
‫البيضاء‪-‬سطات‪.‬‬

‫‪207‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫خطة دعم قطاع السياحة لتجاوز آثار جائحة كوفيد‪:19-‬‬
‫أهمية مواصلة الجهود لتحقيق أهداف عقد البرنامج ‪2022-2020‬‬

‫يساهم قطاع السياحة في تنمية االقتصاد الوطني‪ ،‬حيث قُدِّّرت مساهمته بنسبة ‪ %7‬من الناتج الداخلي‬
‫الخام سنة ‪ ،2019‬و َم َّكن من توفير ‪ 565‬ألف فرصة عمل مباشرة‪ ،‬ومن تحقيق مداخيل‬
‫ناهزت ‪ 123,8‬مليار درهم خالل نفس السنة‪.‬‬
‫وقد واجه قطاع السياحة‪ ،‬على امتداد العقدين الماضيين‪ ،‬عدة أحداث ظرفية أثرت على أدائه‪ ،‬إالَّ أن‬
‫األزمة الصحية الحالية الناجمة عن فيروس كورونا المستجد كوفيد ‪ 19-‬أدخلت القطاع في وضعية‬
‫غير مسبوقة بسبب تداعياتها‪ ،‬مما أثر على المنظومة السياحية بأكملها كما هو الحال في جميع أنحاء‬
‫العالم‪.‬‬
‫ولمواجهة آثار الجائحة على هذا القطاع‪ ،‬اتخذت السلطات العمومية عدة إجراءات وتدابير‪ ،‬لعل أهمها‬
‫التوقيع على عقد البرنامج بين الدولة والقطاع الخاص‪ ،‬في ‪ 6‬غشت ‪ ،2020‬المتعلق بدعم وإنعاش‬
‫قطاع السياحة الذي يغطي الفترة ‪.2022- 2020‬‬
‫وقد أنجز المجلس األعلى للحسابات مهمة موضوعاتية حول قطاع السياحة في مواجهة األزمة‬
‫الصحية الناجمة عن "كوفيد‪ ،"19-‬سعى من خاللها إلى الوقوف على مدى تأثر القطاع بالجائحة‬
‫ونجاعة اإلجراءات المتخذة من طرف مختلف الفاعلين‪.‬‬
‫أوال‪ .‬تأثير األزمة الصحية "كوفيد‪ "19-‬على قطاع السياحة‬
‫‪ ‬ضرورة تعزيز حكامة وتدبير القطاع السياحي ال سيما فيما يخص التنسيق والرصد‬
‫واليقظة‬
‫قبل جائحة "كوفيد‪ ،"19-‬كانت السلطات العمومية قد اعتمدت استراتيجية التنمية السياحية "رؤية‬
‫ض ِّ ّمنَت في عقد البرنامج الوطني ‪ 2020-2010‬الذي حدد مجموعة من األهداف‪،‬‬ ‫‪ ،"2020‬والتي ُ‬
‫من بينها تنويع العرض وتعزيز االستثمار في المجال السياحي وإحداث هيئات للحكامة‪ ،‬وترسيخ‬
‫مكانة قطاع السياحة كإحدى ركائز التنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬من خالل إحداث مناصب شغل‬
‫صة السياحة في الناتج الداخلي الخام‪ .‬وقد عرف تنفيذ هذا العقد بعض‬
‫وح َّ‬
‫جديدة والرفع من مداخيل ِّ‬
‫النقائص‪.‬‬
‫ولعل أهم هذه النقائص عدم إحداث بعض الهيئات المنصوص عليها في عقد البرنامج الوطني‪،‬‬
‫كالمجلس الوطني للسياحة ووكاالت للتنمية السياحية على مستوى الوجهات السياحية الثمانية لت ُح َّل‬
‫َم َح َّل المجالس الجهوية والمجالس اإلقليمية للسياحة‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى أنه في غياب إحداث هذه‬
‫الوكاالت‪ ،‬تم االتفاق مع الفاعلين على المستوى الجهوي على إنشاء شركات للتنمية الجهوية للسياحة‪،‬‬
‫كما هو الشأن بالنسبة لشركة التنمية الجهوية للسياحة لسوس‪-‬ماسة‪.‬‬
‫وقد أفادت الوزارة المكلفة بالسياحة في جوابها أن غياب هياكل الحكامة المنصوص عليها في إطار رؤية‬
‫ض ِّع إطار تنسيقي مع‬
‫‪ 2020‬لم يمنع قطاع السياحة من إدارة ومتابعة أوراش القطاع والمشاريع الترابية‪َ ،‬و َو ْ‬
‫القطاعين العام والخاص بهدف المواكبة والتنسيق وتقييم تنفيذ الرؤية وتتبع اإلنجازات‪.‬‬
‫وبخصوص نظام القيادة واليقظة الحالي‪ ،‬فإنه ال يستجيب بشكل كافٍ الحتياجات مختلف المتدخلين‬
‫في القطاع السياحي على المدى المتوسط والمدى البعيد‪ .‬ذلك أن مرصد السياحة لم يعد ُمفَعَّال منذ‬
‫‪ ،2016‬علما أن إحداثه جاء ليكون بمثابة أداة لليقظة والرصد والتحليل وآلية تساعد على اتخاذ القرار‬
‫عن طريق تقديم نظرة شاملة عن النشاط السياحي ومراقبة االقتصاد السياحي الوطني وتوجيه وتشجيع‬
‫التنمية السياحية‪ .‬ويعود انعقاد آخر جمعية عمومية عادية إلى ‪ 23‬أبريل ‪ 2015‬وآخر مجلس إدارة‬
‫للمرصد إلى ‪ 28‬دجنبر ‪.2015‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪208‬‬


‫وقد أكدت الوزارة بهذا الخصوص‪ ،‬أن جهودا كبيرة تبذل لضمان إعادة تموضع مرصد السياحة وإعادة تأهيله‪.‬‬
‫ولهذا الغرض‪ ،‬عُقد جمع عام في ‪ 6‬يوليوز ‪ 2022‬لمواصلة دراسة هذا الموضوع‪.‬‬
‫وعلى صعيد آخر‪ ،‬اتسم االستثمار في مجال التنشيط السياحي بمحدوديته رغم كونه أحد األهداف‬
‫التي طمحت رؤية ‪ 2020‬لتطويرها‪ ،‬إذ ال تزال االستثمارات السياحية تتركز على إنشاء مؤسسات‬
‫اإليواء على حساب العرض في مجال التنشيط والترفيه‪ .‬فباستثناء سنتي ‪ 2013‬و‪ 2019‬اللتين بلغت‬
‫فيهما نسبة االستثمار في مجال التنشيط السياحي ‪ ،%46‬فقد سجل هذا األخير نسبا محدودة تتراوح‬
‫بين ‪ %3‬و‪ %21‬من االستثمار اإلجمالي خالل الفترة ‪.2019-2011‬‬
‫وفيما يخص السياحة الداخلية‪ ،‬لم يتم وضع استراتيجية مندمجة خاصة بتطويرها أخذا بعين االعتبار‬
‫البعد الجهوي وطبيعة المنتوج السياحي والتواصل والتوزيع والدعم‪ .‬وقد أبرز تقييم رؤية ‪،2020‬‬
‫الذي قامت به الوزارة المكلفة بالسياحة في أكتوبر ‪ ،2020‬شبه غياب لمنتوج سياحي مناسب للسياحة‬
‫الداخلية وكذا آلليات دعم مخصصة لذلك وشبكة توزيع منظمة‪ ،‬علما أن األطراف الموقعة لعقد‬
‫البرنامج الوطني "رؤية ‪ "2020‬التزمت باتخاذ إجراءات تهم تشجيع السياحة الداخلية وأخرى تهم‬
‫المنتوج السياحي والتواصل والتوزيع والدعم‪.‬‬
‫ورغم المؤشرات المشجعة الخاصة بأداء السياحة الداخلية‪ ،‬فإنه ال يعكس اإلمكانات الكبيرة المتاحة‬
‫في هذا المجال‪ .‬ويعزى ذلك باألساس إلى التأخر في وضع منتوج سياحي يالئم متطلبات السياح‬
‫المقيمين وقدرتهم الشرائية‪ ،‬وكذا في وضع آليات لدعمهم كشيكات السياحة وتطبيق أسعار تشجيعية‬
‫للسياحة الداخلية من طرف شركات النقل والفاعلين السياحيين على مدار السنة‪.‬‬
‫أما بالنسبة إلقامة السائحين األجانب بالمغرب‪ ،‬فقد تم تسجيل نسبة محدودة للمؤشر المتعلق باإلقامة‬
‫)‪ (TES‬حيث لم يتجاوز ‪ %34‬في متم سنة ‪ ،2019‬بسبب توجه السائحين خارج مؤسسات اإليواء‬
‫السياحي المصنفة وتغير سلوكهم وميولهم أكثر إلى السياحة اإليكولوجية والقروية‪ ،‬وسياحة‬
‫االستكشاف في الجبال والصحراء‪.‬‬
‫في هذا الشأن‪ ،‬يوصي المجلس األعلى للحسابات الوزارة المكلفة بالسياحة بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬مراجعة آليات الحكامة والقيادة المعتمدة حاليا بتنسيق مع الفاعلين في القطاع‬
‫السياحي‪ ،‬وذلك من خالل إحداث هيئات الحكامة على المستويين المركزي والترابي‬
‫تماشيا مع تنزيل الجهوية المتقدمة والالتمركز اإلداري ومراجعة آليات التخطيط‬
‫واإلحصاء؛‬
‫‪ -‬إعادة تأهيل مرصد السياحة من أجل القيام بمهامه في مجال اليقظة والرصد والتحليل‪.‬‬
‫‪ ‬تأثير األزمة الصحية على المؤشرات الرئيسية للقطاع‬
‫تعتبر السياحة أحد القطاعات األكثر تضررا من تداعيات جائحة "كوفيد‪ ،"19-‬إذ كان لها تأثير بالغ‬
‫على السياحة بشكل عام والصناعة الفندقية بشكل خاص‪ ،‬بحيث أدت إجراءات تقييد التنقل وإغالق‬
‫الحدود إلى تراجع كبير في أداء قطاع السياحة على المستويين الوطني والدولي‪.‬‬
‫وحسب منظمة السياحة العالمية‪ ،‬فقد سجل القطاع أسوأ نتائج له عبر التاريخ‪ ،‬حيث تراجع عدد‬
‫المسافرين عبر النقل الجوي التجاري من ‪ 1.867‬مليون مسافرا في يناير ‪ 2019‬إلى ‪ 606‬مليون‬
‫مسافرا في مارس ‪ ،2020‬أي بانخفاض نسبته ‪ %70‬خالل هذه الفترة‪ .‬كما تراجع عدد السياح‬
‫الوافدين على مستوى العالم من ‪ 1,5‬مليار سائح دولي وافد في عام ‪ 2019‬إلى ‪ 398‬مليون سائح في‬
‫عام ‪ ،2020‬بانخفاض نسبته ‪.%74‬‬
‫وعلى المستوى الوطني‪ ،‬تأثرت السياحة بشكل كبير جراء األزمة الصحية نتيجة إغالق الحدود وقيود‬
‫السفر التي فرضتها السلطات العمومية للتخفيف من آثار انتشار الفيروس‪ .‬حيث انخفض عدد الوافدين‬
‫إلى المراكز الحدودية بشكل كبير‪ ،‬متراجعا من ‪ 12.932.260‬وافدا خالل سنة ‪ 2019‬إلى‬
‫‪ 2.777.802‬سنة ‪ 2020‬و‪ 3.721.702‬سنة ‪ ،2021‬أي بنسبة انخفاض بلغت ‪ %78‬بين ‪2019‬‬

‫‪209‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫و‪ ،2020‬ونسبة ‪ %71‬بين ‪ 2019‬و‪ .2021‬كما تراجع عدد الوافدين إلى مؤسسات اإليواء السياحي‬
‫من ‪ 9.155.925‬وافدا سنة ‪ 2019‬إلى ‪ 2.522.994‬سنة ‪ 2020‬و‪ 3.640.394‬سنة ‪.2021‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬كان لألزمة تأثير كبير على نشاط اإليواء السياحي‪ ،‬حيث تم تسجيل ما يقرب من‬
‫‪ 6.975.620‬ليلة مبيت خالل ‪ 2020‬و‪ 9.195.657‬ليلة مبيت سنة ‪ 2021‬في مؤسسات اإليواء‬
‫السياحي مقارنة بـ ‪ 25.243.989‬ليلة مبيت مسجلة في ‪ ،2019‬وهو ما يمثل تراجعا بنسبة ‪%72‬‬
‫من ‪ 2019‬إلى ‪ 2020‬و‪ %64‬من ‪ 2019‬إلى ‪.2021‬‬
‫وقد بلغ إجمالي عائدات السياح الوافدين على المغرب ‪ 36.450‬مليون درهم خالل ‪2020‬‬
‫و‪ 34.310‬مليون درهم خالل سنة ‪ ،2021‬بعد أن كانت في حدود ‪ 78.747‬مليون درهم في سنة‬
‫‪ ،2019‬مسجلة بذلك انخفاضا بلغت نسبته ‪ %54‬بين سنتي ‪ 2019‬و‪ 2020‬و‪ % 56‬بين ‪2019‬‬
‫و‪.2021‬‬
‫ش َّغلة بالفنادق التي بلغت ‪ 146.287‬سريرا تهم‬
‫وكان لهذا الوضع أيضا تأثيرات كبيرة على السعة ال ُم َ‬
‫جميع الفئات نهاية سنة ‪ ،2021‬وهو ما يمثل ‪ %53‬من السعة المتوفرة‪.‬‬
‫كما أدت األزمة الصحية إلى إغالق مؤسسات اإليواء السياحي المصنفة‪ ،‬حيث بلغ معدل إغالق هذه‬
‫المؤسسات على المستوى الوطني حوالي ‪ %37‬سنة ‪ 2020‬و‪ %19‬سنة‪ 2021‬وذلك استنادا إلى‬
‫الطاقة اإليوائية للحظيرة الفندقية الوطنية‪.‬‬
‫وفيما يتعلق بالتشغيل‪ ،‬فقد قدرت الوزارة فقدان نحو ‪ 300‬ألف منصب شغل مباشر في الربع الثاني‬
‫من سنة ‪( 2020‬أي أكثر من ‪ %54‬من مجموع مناصب الشغل المباشرة في القطاع)‪.‬‬
‫ثانيا‪ .‬اإلجراءات المتخذة لمواجهة آثار األزمة الصحية‬
‫للتخفيف من اآلثار السلبية للوباء على القطاع السياحي‪ ،‬تم التوقيع‪ ،‬في ‪ 06‬غشت ‪ ،2020‬على عقد‬
‫برنامج بين الدولة والقطاع الخاص إلنعاش قطاع السياحة يغطي الفترة ‪ .2022-2020‬ويهدف هذا‬
‫البرنامج‪ ،‬الذي يتضمن ‪ 21‬إجراء‪ ،‬الحفاظ على مناصب الشغل‪ ،‬وتوفير الدعم االقتصادي والمالي‪،‬‬
‫وتحفيز وتعزيز الطلب السياحي وكذا تنشيط االستثمار ووضع بعض التدابير الهيكلية الشاملة في‬
‫القطاع‪.‬‬
‫‪ ‬الحرص على الحفاظ على مناصب الشغل‬
‫يهدف عقد البرنامج ‪ 2022-2020‬إلى الحفاظ على فرص الشغل من خالل اتخاذ تدابير ذات طابع‬
‫اجتماعي لفائدة المستخدمين والمقاوالت العاملة في القطاع السياحي‪ ،‬وذلك من أجل مساعدتهم على‬
‫مواجهة اآلثار السلبية التي خلفتها جائحة "كوفيد‪."19-‬‬
‫• جهود متواصلة للدولة للحفاظ على فرص الشغل‬
‫يبرز تحليل وضعية منح التعويضات الجزافية المحددة بتاريخ ‪ 30‬يونيو ‪ 2021‬أن عدد األجراء‬
‫المستفيدين من هذا التعويض‪ ،‬العاملين في مجال اإليواء السياحي والمطاعم‪ ،‬كان في حدود ‪82.631‬‬
‫من بين ‪ 126.311‬من مجموع األجراء المصرح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان االجتماعي إلى‬
‫حدود شهر فبراير ‪ ،2020‬أي بمعدل تعويض يقارب ‪ .%65‬ومن جهة أخرى‪ ،‬بلغ عدد المرشدين‬
‫السياحيين الذين تقدموا بطلبات من أجل االستفادة من التعويض الجزافي حوالي ‪ 2.330‬مرشدا سياحيا‬
‫من مجموع المرشدين السياحيين‪ ،‬البالغ عددهم ‪ ،3.254‬والذين يتوفرون على شروط االستفادة من‬
‫التغطية االجتماعية وتوصل الصندوق الوطني للضمان االجتماعي بملفاتهم وتمت معالجتها‪.‬‬
‫وفي السياق ذاته‪ ،‬أبرزت المعطيات المتعلقة بطالبي التعويض الجزافي‪ ،‬التي توصلت بها وزارة‬
‫السياحة من الصندوق الوطني للضمان االجتماعي‪ ،‬أنه إلى متم فبراير ‪ ،2020‬لم يتجاوز العدد‬
‫اإلجمالي لألجراء التابعين للقطاع المصرح بهم لدى الصندوق ‪ 126.311‬أجيرا‪ ،‬أي بنسبة ‪%23‬‬
‫فقط من مجموع األجراء العاملين في القطاع السياحي‪ ،‬وهو ما يفيد بأن ‪ %77‬من الشغيلة العاملة في‬
‫القطاع (أي ما يقارب ‪ 423.700‬وظيفة مباشرة) لم يتم التصريح بها لدى الصندوق الوطني للضمان‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪210‬‬


‫االجتماعي‪ ،‬وبالتالي لم تتمكن هذه الفئة من االستفادة من التعويض‪ ،‬مما يزيد من تفاقم وضعيتها‬
‫االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬
‫من جهة أخرى‪ ،‬يشترط في منح التعويض الجزافي المنصوص عليه في عقد البرنامج ‪،2022-2020‬‬
‫احترام المشغلين لهدف الحفاظ على ما ال يقل عن ‪ %80‬من عدد مناصب الشغل الثابتة المصرح بها‬
‫لدى الصندوق الوطني للضمان االجتماعي برسم شهر فبراير ‪ .2020‬إال أن هذا الشرط لم تتمكن‬
‫المقاوالت السياحية من احترامه نظرا للصعوبات التي واجهتها خالل هذه الفترة‪.‬‬
‫وعلى هذا المستوى‪ ،‬يوصي المجلس الوزارة المكلفة بالسياحة بمواصلة المجهودات المبذولة من‬
‫أجل تفعيل التدابير التي جاء بها عقد البرنامج ‪ ،2022-2020‬المتعلق بإنعاش القطاع السياحي‬
‫لتجاوز تداعيات األزمة الصحية الناجمة عن ''كوفيد‪.''19-‬‬
‫• العمل غير المهيكل في القطاع السياحي‪ :‬وجوب رفع التحدي المتمثل في الضبط‬
‫واإلدماج التدريجي‬
‫يعرف قطاع السياحة تفشي ظاهرة العمل غير المهيكل‪ ،‬دون أن تتوفر الوزارة الوصية على تقييم‬
‫لوضعية هذه الظاهرة‪ ،‬وكذا مدى تأثيرها على االقتصاد السياحي وعلى الجانب االجتماعي للعاملين‬
‫في القطاع‪ .‬ويتعلق األمر ببعض فئات العاملين في األنشطة المتصلة بالسياحة‪ ،‬كشركات تأجير‬
‫المعدات وشركات تأجير السيارات وعمال مؤسسات اإليواء غير المصنفة‪.‬‬
‫وبموجب اإلجراء الرابع من عقد البرنامج ‪ ،2022-2020‬يعتبر إدماج العمل غير المهيكل في القطاع‬
‫السياحي مكونا رئيسيا من مكونات المحور المتعلق بالحفاظ على وظائف القطاع‪ .‬غير أنه‪ ،‬باستثناء‬
‫التدابير المتخذة لصالح المرشدين السياحيين من خالل تنظيم مهنتهم وإدماجهم في نظام التأمين‬
‫االجتماعي للعاملين لحسابهم الخاص‪ ،‬لم يتم اتخاذ التدابير الالزمة لفئات أخرى من العاملين في‬
‫األنشطة المتصلة بالسياحة كشركات تأجير المعدات وشركات تأجير السيارات وعمال مؤسسات‬
‫اإليواء غير المصنفة‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬لم تستفد هذه الفئة من العاملين في القطاع السياحي من أي تدابير‬
‫إلدراجها في الجانب المهيكل للقطاع ولم تستفد من التعويض الجزافي عن فقدان الشغل الذي تسببت‬
‫فيه األزمة الصحية‪ ،‬على غرار الفئات األخرى المستفيدة‪.‬‬
‫وقد أفادت الوزارة أنه في إطار تفعيل تعميم التغطية الصحية‪ ،‬يقوم قطاع السياحة بإدراج العاملين غير األجراء‬
‫لوكاالت األسفار‪ ،‬والمطاعم السياحية المصنفة‪ ،‬وكذلك مؤسسات اإليواء السياحي المصنفة‪ .‬وبالنسبة للمهن‬
‫األخرى‪ ،‬فيتم إدراجها من طرف القطاعات الحكومية المعنية في إطار عمل حكومي منسق‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة تعزيز الدعم االقتصادي والمالي لقطاع السياحة‬
‫يضم عقد البرنامج ‪ 2022-2020‬في محوره االستراتيجي المتعلق بالدعم االقتصادي والمالي ثالث‬
‫آليات‪ ،‬وه ي التمويل البنكي لمقاوالت القطاع‪ ،‬وديون الزبناء والتدابير الضريبية الخاصة بالقطاع‪.‬‬
‫وقد سجلت في هذا الصدد مجموعة من المالحظات همت الجوانب التالية‪:‬‬
‫• صعوبة تسديد أقساط الديون من طرف المقاوالت على المدى المتوسط‬
‫التزمت األطراف الموقعة لعقد البرنامج ‪ 2022-2020‬بتمديد مهلة تسديد ديون قروض "ضمان‬
‫أوكسجين" إلى غاية ‪ 31‬دجنبر ‪ 2021‬عوض تاريخ ‪ 30‬يونيو‪ .2020‬وتغطي هذه التمويالت البنكية‬
‫المصاريف الجارية لسنة ‪ .2020‬وقد تم اعتماد تاريخ ‪ 31‬دجنبر ‪ 2021‬كحد أقصى السترجاع‬
‫المبالغ‪ .‬كما أنه‪ ،‬في حالة عدم التزام المقاوالت بهذا األجل‪ ،‬فقد تم تحديد مدة استهالك القروض‬
‫االستثنائية لتمويل احتياجات رأس المال العامل في خمس سنوات كحد أقصى‪.‬‬
‫وعالوة على تعقد شروط االستفادة من هذه التمويالت‪ ،‬فإن هذا النوع من التمويل ال يستجيب لمتطلبات‬
‫قطاع يعاني بشكل كبير من تداعيات األزمة الصحية‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فقد تم إحداث آلية "ضمان أكسجين" قصد تمكين المقاوالت التي عرفت خزينتها‬
‫تدهورا بسبب انخفاض نشاطها من الحصول على موارد استثنائية للتمويل وتخفيف العبء على‬

‫‪211‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫السيولة النقدية للمقاوالت في جميع القطاعات بغية تفادي اإليقاف شبه الكلي لنشاطها‪ .‬غير أنه ومع‬
‫استمرار األزمة الصحية وانخفاض النشاط السياحي‪ ،‬أصبح من الصعب على المقاوالت تسديد أقساط‬
‫الديون على المدى المتوسط والبعيد نظرا لكون فائض استغاللها الخام ال يكفي المتصاص النفقات‬
‫المالية واالستهالكات‪ ،‬مما قد يعرض مجموعة من المقاوالت لإلفالس‪.‬‬
‫وبالتالي‪ ،‬يوصي المجلس بإعادة هيكلة الديون بعيدة المدى من خالل اتخاذ تدابير ملموسة في‬
‫مجال ضمان القروض‪ ،‬تفاديا لضياع جزء كبير من النسيج اإلنتاجي في هذا القطاع‪.‬‬
‫• ضرورة تمديد تأجيل سداد القروض البنكية لفائدة المقاوالت المتضررة‬
‫نص عقد البرنامج ‪ 2022-2020‬على تأجيل سداد القروض البنكية وتلك المتعلقة بقروض التمويل‬
‫التأجيري )‪ (leasing‬إلى غاية ‪ 31‬مارس ‪ 2021‬بدون أداء رسوم أو غرامات بالنسبة لمقاوالت‬
‫القطاع السياحي واألجراء العاملين فيه‪ .‬غير أنه بعد التوقف شبه الكلي للنشاط السياحي‪ ،‬أحدثت لجنة‬
‫اليقظة االقتصادية آلية تمكن أصحاب القروض من االستفادة من تأجيل سداد أقساط القروض من‬
‫مارس إلى يونيو ‪ .2020‬وقد مكن هذا اإلجراء من تخفيف العبء على السيولة النقدية للمقاوالت‬
‫واألسر في كل القطاعات التي تأثرت كثيرا من تداعيات األزمة الصحية‪.‬‬
‫ومن بين اإلجراءات التي جاء بها عقد البرنامج تمديد تأجيل سداد القروض البنكية لفائدة المقاوالت‬
‫المتضررة من األزمة لمدة تسعة أشهر إضافية‪ ،‬أي إلى غاية ‪ 31‬مارس ‪ .2021‬إالَّ أن اإلجراء لم‬
‫يتم احترامه‪ ،‬بحيث يتطلب تفعيله مشاورات مع المجموعة المهنية لبنوك المغرب في إطار لجنة‬
‫اليقظة االقتصادية‪.‬‬
‫وقد أفادت الوزارة في جوابها أنه في إطار المخطط االستعجالي الذي تمت المصادقة عليه في يناير ‪،2022‬‬
‫تم تأجيل آجال استحقاق القروض البنكية لمدة قد تصل إلى سنة لفائدة مؤسسات اإليواء السياحي المصنفة‬
‫ووكاالت األسفار وشركات النقل السياحي والمطاعم السياحية المصنفة‪.‬‬
‫• ضرورة توضيح التدابير التي يتعين اتخاذها تجاه ديون الزبناء‬
‫منذ توقف النشاط السياحي‪ ،‬ألغيت عدة خدمات سياحية كانت مبرمجة ومؤدى عنها مسبقا‪ .‬وبهذا‬
‫الخصوص‪ ،‬تمت المصادقة بتاريخ ‪ 13‬مايو ‪ 2020‬على القانون رقم ‪ 30.20‬بسن أحكام خاصة‬
‫تتعلق بعقود األسفار والمقامات السياحية وعقود النقل الجوي للمسافرين‪ .‬وقد مكن هذا اإلجراء‬
‫القانوني المقاوالت من تعويض المبالغ المستخلصة من الزبناء‪ .‬وقد سجل المجلس على العموم احترام‬
‫مقتضيات القانون رقم ‪ 30.20‬من طرف مهنيي القطاع‪ ،‬باستثناء بعض وكاالت األسفار التي لم‬
‫تحترم التزاماتها بهذا الخصوص‪.‬‬
‫وقد التزمت األطراف الموقعة لعقد البرنامج سالف الذكر‪ ،‬على حرص الدولة على احترام مقتضيات‬
‫هذا القانون والتزام القطاع الخاص بتعهداته لالحتفاظ بعالقة الثقة مع الزبون‪ .‬لكن هذا اإلجراء لم‬
‫يكن واضحا بالشكل الكافي ولم يتطرق بشكل مفصل إلى التدابير التي يتعين اتخاذها عند االقتضاء‪.‬‬
‫وقد أفادت الوزارة في جوابها أنه تم فرض عقوبات على الفاعلين السياحيين الذين لم يحترموا مقتضيات‬
‫القانون رقم ‪ 30.20‬وذلك حسب اإلطار القانوني الجاري به العمل‪ .‬كما أنه تمت معالجة مختلف الشكايات‬
‫الواردة على هذه الوزارة حيث تمت تسوية البعض منها وديا في حين اتبعت المسطرة اإلدارية الخاصة بالبحث‬
‫والعقوبات في باقي الشكايات‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد‪ ،‬يوصي المجلس بإحداث نظام تأمين بالنسبة لعقود السفر والمقامات السياحية‬
‫وعقود النقل الجوي للمسافرين لحماية الزبناء ضد التأثيرات السلبية التي تترتب عن اإلغالقات‬
‫المفاجئة للحدود‪.‬‬
‫• تدابير ضريبية لفائدة القطاع السياحي لم يتم اتخاذها‬
‫التزمت الدولة من خالل عقد البرنامج ‪ 2022-2020‬بالعمل على وضع اتفاق شامل لمعالجة الديون‬
‫الجبائية لمهنيي السياحة‪ .‬لكن لم يتم بعد الشروع في وضع اتفاق شامل لمعالجة الديون الجبائية‬
‫للمقاوالت السياحية‪ ،‬والذي كان من المفروض أن يدخل حيز التنفيذ متم سنة ‪.2021‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪212‬‬


‫ومن خالل تحليل الجبايات الخاصة بالقطاع السياحي‪ ،‬لوحظ تعدد للضرائب سواء المباشرة أو غير‬
‫المباشرة المفروضة عليه والتأخر في اتخاذ مجموعة من التدابير التي تم االلتزام بتفعيلها سنة ‪،2021‬‬
‫والخاصة بإعادة هيكلة وتطوير النظام الجبائي العام المتعلق بقطاع السياحة‪ ،‬بمشاركة األطراف‬
‫المعنية‪.‬‬
‫وقد أفادت الوزارة في جوابها أنه بالنسبة للشق الضريبي للمخطط االستعجالي‪ ،‬يتم العمل على تحمل الضريبة‬
‫المهنية المستحقة وغير المسددة لمدة سنتين ضريبيتين‪ ،‬بغرض تخفيف االلتزامات الضريبية في ظل هذه‬
‫الظرفية الخاصة‪.‬‬
‫‪ ‬آليات تشجيع االستثمار في حاجة للتفعيل‬
‫نص عقد البرنامج ‪ ،2022-2020‬المشار إليه أعاله‪ ،‬على إحداث آليتين لتشجيع االستثمار‪ .‬ويتعلق‬
‫األمر بصندوق االستثمار في القطاع السياحي الموجه لمواكبة المشاريع السياحية وآلية "إنماء‬
‫السياحة" الموجهة لدعم التنافسية وتحويل األطراف‪ ،‬والتي تهم المقاوالت الصغرى والصغيرة جدا‬
‫التي تزاول المهن المقننة كاإليواء والتوزيع والمطاعم وكذلك المهن واألنشطة الموازية للقطاع‬
‫السياحي كالتنشيط والرقمنة‪ .‬غير أنه بالرغم من المجهودات المبذولة في هذا اإلطار‪ ،‬لم يتم تفعيل‬
‫هاتين اآلليتين‪.‬‬
‫وقد أفادت الوزارة في جوابها أن آلية "إنماء سياحة" قد تم دمجها في برنامج الدعم الشامل لتطوير المقاوالت‬
‫السياحية الصغرى والمتوسطة والمقاوالت الصغيرة جدا والذي يتعلق بتحديث المقاوالت القائمة ودعم إنشاء‬
‫مقاوالت جديدة خاصة في مجال التنشيط‪ .‬حيث تم في إطار تفعيل هذا األخير‪ ،‬إطالق برنامج تجريبي على‬
‫مستوى جهة سوس ماسة‪ ،‬وتوقيع اتفاقية شراكة سنة ‪ 2021‬مع الجهة لرصد غالف مالي يبلغ ‪ 100‬مليون‬
‫درهما موزع بين الجهة والشركة المغرية للهندسة السياحية لفائدة ‪ 150‬مقاولة‪ .‬كما تم إحداث شركة التنمية‬
‫الجهوية للسهر على إدارة هذه اآللية‪.‬‬
‫‪ ‬تشجيع وتعزيز الطلب على السياحة‪ :‬إجراءات يتعين استكمالها‬
‫التزمت الدولة في عقد البرنامج ‪ 2022-2020‬سالف الذكر‪ ،‬باتخاذ مجموعة من التدابير المتعلقة‬
‫بتشجيع وتعزيز الطلب السياحي وخاصة عبر العمل بالجواز الصحي وخلق دينامية للسياحة الداخلية‪.‬‬
‫• ضرورة االنخراط في اإلطار المرجعي للسالمة الصحية بمؤسسات اإليواء السياحي‬
‫وضعت وزارة السياحة إطارا مرجعيا للسالمة الصحية خاصا بمؤسسات اإليواء السياحي‪ ،‬وكذا‬
‫منصة للتقييم الذاتي تحت اسم "‪ "Welcomesafely.ma‬قصد مواكبة مؤسسات اإليواء السياحي‬
‫المصنفة في عملية مالءمتها لمعيار السالمة الصحية بهدف حصولها على عالمة‬
‫‪ .Welcomesafely‬إال أنه بالرغم من المجهودات التي تم بذلها في هذا اإلطار‪ ،‬فإن عدد المؤسسات‬
‫السياحية المصنفة المسجلة على المنصة لم يتجاوز ‪ 709‬من أصل ‪ 4.370‬مؤسسة مستهدفة‪ ،‬أي‬
‫بنسبة ‪ %16‬فقط‪ .‬أما فيما يخص المؤسسات التي حصلت على عالمة ‪ Welcomesafely‬بعد تلقي‬
‫التدريب الالزم‪ ،‬فلم تتعد ‪ 245‬مؤسسة سياحية وهو ما يمثل نسبة ‪ %5,6‬من المؤسسات السياحية‬
‫المتوقعة‪ .‬وتعزى هذه الوضعية إلى التجاوب غير الكافي لمؤسسات اإليواء مع هذا اإلطار المرجعي‪.‬‬
‫• الشيكات السياحية‪ :‬آلية لدعم السياحة الداخلية لم يتم تفعيلها‬
‫لم يتم تفعيل آلية دعم الطلب السياحي الداخلي المتمثلة في إصدار "شيكات سياحية" من طرف‬
‫المشغلين لفائدة موظفيهم ومستخدميهم لتمكينهم من دفع النفقات المتعلقة بالخدمات السياحية كليا أو‬
‫جزئيا‪ ،‬بالرغم من المصادقة على هذا اإلجراء في إطار قانون المالية التعديلي لسنة ‪.2020‬‬
‫وقد أفادت الوزارة في جوابها أنها تعمل جاهدة من أجل تفعيل هذا اإلجراء بحيث تجري تشاورات مع وزارة‬
‫المالية لضمان تنفيذ هذه اآللية‪.‬‬
‫‪ ‬إجراءات هيكلية يجب التسريع في تنزيلها‬
‫نص عقد البرنامج‪ ،‬سالف الذكر‪ ،‬على عدة إجراءات هيكلية تهم على وجه الخصوص اإلطار‬
‫التنظيمي والتقييس‪ ،‬وكذا رقمنة القطاع السياحي‪.‬‬

‫‪213‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫• اإلطار التنظيمي يعرف تعثرا في اعتماده‬
‫تم إعداد مجموعة من مشاريع النصوص التنظيمية تخص مجال اإليواء السياحي (الفندقة)‪ ،‬ولكنها‬
‫تعرف تعثرا في اعتمادها بسبب التأخر الحاصل في دراستها أو الموافقة والمصادقة عليها‪ .‬حيث أن‬
‫مشروع المرسوم بتحديد استغالل وتصنيف المؤسسات السياحية وأشكال اإليواء السياحي األخرى‬
‫المنصوص عليه في القانون رقم ‪ ،80.14‬ومشروع المرسوم بتحديد معايير تصنيف المؤسسات‬
‫السياحية‪ ،‬لم يتم اعتمادهما بعد‪ .‬ويرجع ذلك إلى انتظار صدور المرسوم المتعلق بالمصادقة على‬
‫ضابط للبناء خاص بمؤسسات اإليواء السياحي‪.‬‬
‫وقد أفادت الوزارة أنه تم إدراج المرسوم بتحديد كيفيات استغالل وتصنيف المؤسسات السياحية وأشكال‬
‫اإليواء السياحي األخرى لدى األمانة العامة للحكومة بتاريخ ‪ 2021/12/20‬وذلك من أجل إدراجه في مسطرة‬
‫المصادقة‪ .‬إضافة إلى ذلك ‪ ،‬تم إعداد مشروع قرار السلطة الحكومية المكلفة بالسياحة بتحديد معايير تصنيف‬
‫المؤسسات السياحية وسيتم إرساله لألمانة العامة للحكومة قصد إدراجه في مسطرة المصادقة بمجرد الموافقة‬
‫على المرسوم المشار إليه أعاله‪ ،‬وكذا المرسوم بالموافقة على ضابط البناء العام المحدد لمعايير البناء الخاصة‬
‫بمؤسسات اإليواء السياحي المقدم من طرف قطاع التعمير‪.‬‬
‫وفي السياق ذاته‪ ،‬لم تتم المصادقة على أربعة مشاريع قرارات مشتركة بين الوزارات‪ .‬ويتعلق األمر‬
‫بمشروع القرار المتعلق بتحديد نماذج الوثائق الواجب توفرها للترخيص في االستغالل وتصنيف‬
‫استغالل المؤسسات السياحية وأشكال اإليواء السياحي األخرى‪ ،‬ومشروع القرار المتعلق بدفتر‬
‫التحمالت الخاص باإليواء عند السكان‪ ،‬ومشروع القرار المتعلق بدفتر التحمالت الخاص باإليواء‬
‫البديل‪ .‬كما لم تتم المصادقة على مشروع المرسوم رقم ‪ 2.19.541‬بتطبيق القانون رقم ‪ 05.12‬كما‬
‫تم تغييره بالقانون ‪ 67.21‬المتعلق بتنظيم مهنة المرشد السياحي وكذا مشروع القرار المشترك بين‬
‫وزارة السياحة ووزارة الداخلية المتعلق بتحديد شروط وكيفيات إصدار بطائق اعتماد المرشدين‬
‫السياحيين‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة‪ ،‬في هذا الصدد‪ ،‬إلى أن اإلصالح التنظيمي الذي بدأ العمل به لم يشمل سوى الفاعلين‬
‫الرئيسيين المنظمين في سالسل اإلنتاج السياحية‪ ،‬حيث لم يستفد من هذه اإلصالحات أصحاب‬
‫األنشطة والمهن ذات الصلة بالقطاع السياحي السيما مهن التنشيط والترفيه والمطاعم‪.‬‬
‫• إطار التقييس غير معمم على جل المهن السياحية ويتطلب مزيدا من االنخراط من‬
‫طرف الوزارة‬
‫يعرف القطاع السياحي استعماال ضعيفا للتقييس‪ ،‬مما يؤثر على ترويج العرض السياحي في غياب‬
‫مالءمته للممارسات الدولية الفضلى‪ .‬فالمعايير المتوفرة حاليا تخص فقط قطاع اإليواء والفندقة المنظم‬
‫بمعايير التصنيف المنصوص عليها في إطار القانون ‪ 61.00‬بمثابة النظام األساسي للمؤسسات‬
‫السياحية‪ ،‬كما أن جل المهن السياحية األخرى ال تتوفر على معايير ومقاييس تنظمها‪ .‬وقد لوحظ‬
‫غياب معايير تؤطر مهنا كالمطاعم ووكاالت األسفار واإلرشاد السياحي والنقل السياحي واألشكال‬
‫األخرى كالسياحة المستدامة والجبلية وسياحة األعمال‪ ،‬وكذا التنشيط والترفيه والصحة والرفاهية‪.‬‬
‫وتداركا لهذه الوضعية‪ ،‬أطلقت الوزارة مؤخرا مخططا توقعيا للمعايير التي سيتم اعتمادها في قطاع‬
‫السياحة للعامين المقبلين‪.‬‬
‫• ضرورة تطوير رقمنة قطاع السياحة‬
‫نص عقد البرنامج ‪ 2022-2020‬على تعزيز التحول الرقمي لقطاع السياحة وتسريع رقمنة جميع‬
‫مسارات سلسلة القيمة السياحية‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬تم توقيع شراكة بين الوزارة المكلفة بالسياحة والبنك‬
‫األوروبي إلعادة اإلعمار والتنمية والمنظمة العالمية للسياحة من أجل إنجاز دراسة عن مشاريع‬
‫إقالع القطاع السياحي وخاصة عبر تطوير التكنولوجيا الرقمية‪ .‬كما قام المكتب الوطني المغربي‬
‫للسياحة‪ ،‬سنة ‪ ،2021‬بمجموعة من الحمالت اإلعالمية حول الرقمنة وذلك في إطار حملة "نتالقاو‬
‫فبالدنا" التي أطلقها المكتب‪ .‬كما تجدر اإلشارة إلى أن الشركة المغربية للهندسة السياحية قد أطلقت‪،‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪214‬‬


‫سنة ‪ ،2019‬ورشا حول رقمنة القطاع السياحي‪ ،‬وهو الورش الذي يوجد في مرحلة متقدمة من‬
‫إنجازه‪.‬‬
‫أكدت الوزارة أنها عملت على تنفيذ العديد من اإلجراءات والمبادرات التي من شأنها تعزيز التحول الرقمي‬
‫للقطاع‪ ،‬والسيما من خالل إطالق منصة رقمية للدعم والتوعية والمشاركة لفائدة مهنيي قطاع السياحة‬
‫بالمغرب (أكاديمية السياحة) وخلق منصة معلوماتية تهدف إلى رقمنة نظام جمع ومعالجة مؤشرات السياحة‬
‫وتوفير أدوات عملية لصنع القرار وإحداث نظام تواصل رقمي للعالمة التجارية "المغرب"‪ ،‬تتمحور حول‬
‫تعزيز التواجد على شبكة اإلنترنت‪ ،‬من خالل مواقع ومنصات على شبكات التواصل االجتماعي‪.‬‬
‫وعلى الرغم من أهمية الجهود المبذولة‪ ،‬وفي الوقت الذي أصبحت فيه الرقمنة عامال أساسيا لجذب‬
‫المزيد من السياح على المستوى العالمي‪ ،‬فإن هذه الجهود تتسم بمحدوديتها نظرا لغياب استراتيجية‬
‫موحدة وشاملة لرقمنة القطاع السياحي تتولى قيادتها الوزارة الوصية مع انخراط جميع الفاعلين‬
‫العموميين والخواص‪.‬‬
‫وبالتالي‪ ،‬يوصي المجلس الوزارة المكلفة بالسياحة بوضع استراتيجية للتحول الرقمي لقطاع‬
‫السياحة بكل مكوناته تتبناها الوزارة بتنسيق مع مختلف الفاعلين داخل المنظومة السياحية‪ ،‬السيما‬
‫الهيئات الموجودة تحت وصايتها ومصالحها الالممركزة والفيدرالية الوطنية للسياحة‪.‬‬

‫‪215‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫التجميع الفالحي‪:‬‬
‫نظام واعد بحاجة الستكمال جميع عوامل نجاحه‬

‫اعتمدت وزارة الفالحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات نظام التجميع الفالحي‬
‫كنموذج لتنظيم وتثمين سالسل اإلنتاج‪ ،‬وكأحد أسس مخطط المغرب األخضر‪ .‬وتَ ْك ُمن الغاية من‬
‫اختيار هذا النموذج في محاولة تجاوز اإلكراهات المرتبطة بتجزيء الضيعات الفالحية وتيسير‬
‫الولوج لتقنيات اإلنتاج الحديثة والتمويل والتسويق‪ .‬وقد حدد هذا المخطط هدف إنجاز ‪ 286‬مشروعا‬
‫للتجميع الفالحي تهم ‪ 377.365‬فالحا باستثمار إجمالي يقدر بمبلغ ‪ 46.476‬مليون درهم بحلول سنة‬
‫‪.2020‬‬
‫وفي هذا الصدد‪ ،‬ركزت المهمة الرقابية التي أنجزها المجلس على الجوانب المتعلقة بالتخطيط‬
‫والحكامة والشروط المؤطرة للتجميع وكذا حصيلة المنجزات ذات الصلة‪.‬‬
‫أوال‪ .‬فيما يخص التخطيط والحكامة والشروط المؤطرة للتجميع‬
‫‪ ‬تحيين المخططات الفالحية الجهوية دون إجراء تعديالت على عقود البرامج الموقعة‬
‫مع الجمعيات‬
‫يُعد التجميع الفالحي أحد أهم محاور المخططات الفالحية الجهوية وكذا عقود البرامج المبرمة مع‬
‫المنظمات المهنية الممثلة لمختلف سالسل اإلنتاج‪ ،‬غير أنه بالرجوع إلى االلتزامات الواردة فيها‪،‬‬
‫لُوحظ غياب التناسق والتكامل فيما بينها بخصوص بعض األهداف المسطرة‪.‬‬
‫واستنادا إلى حصيلة األهداف الرئيسية المنصوص عليها في المخططات الفالحية الجهوية ال ُم َحينة‬
‫سنة ‪ ،2015‬تبين أن هذه األهداف ال تتطابق مع االلتزامات المنصوص عليها في إطار عقود البرامج‬
‫لسالسل االنتاج المعنية‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬بخصوص عقدي البرنامج المتعلقين بسلسلتي الحبوب‬
‫والزيتون عن الفترة ‪ ،2020-2009‬تم إنجاز ‪ 120‬و‪ 170‬مشروعا على التوالي‪ ،‬في حين تم حصرها‬
‫في ‪ 33‬و‪ 43‬مشروعا ضمن األهداف المسطرة في المخططين الفالحيين الجهويين المرتبطين بهاتين‬
‫السلسلتين المعتمدين سنة ‪ .2015‬كما تجدر اإلشارة إلى أنه في سنة ‪ ،2015‬تمت مراجعة عدد‬
‫مشاريع التجميع الفالحي التي كانت مبرمجة سنة ‪ 2009‬باعتماد ‪ 286‬مشروعا دون إجراء تعديالت‬
‫على عقود البرامج الموقعة مع الجمعيات المهنية المعنية‪.‬‬
‫وقد ترتبت عن هذه الوضعية مجموعة من الصعوبات تتعلق‪ ،‬من جهة‪ ،‬بتتبع االلتزامات المنصوص‬
‫عليها في عقود البرامج المذكورة على المستوى الجهوي‪ ،‬ومن جهة أخرى بالتنسيق مع الجمعيات‬
‫المهنية‪.‬‬
‫وأفادت الوزارة المكلفة بالفالحة في جوابها أنه تم تحديد ما مجموعه ‪ 961‬مشروعا كهدف بالنسبة للمشاريع‬
‫المنتجة (الدعامة األولى) دون التمييز بين المشاريع الفردية ومشاريع التجميع‪ .‬وفي بعض عقود البرامج (كما‬
‫هو الحال بالنسبة لسلسلتي الزيتون والحبوب) وبعض المخططات الفالحية الجهوية‪ ،‬تم دمج المشاريع الفردية‬
‫في مشاريع التجميع في إطار الدعامة األولى‪ .‬غير أنه اتضح وجوب التفرقة بين هذين النوعين من المشاريع‬
‫على مستوى المخططات الجهوية المحينة حيث تم تحديد ‪ 286‬مشروعا للتجميع الفالحي و‪ 724‬مشروعا‬
‫لالستثمارات الفردية‪.‬‬
‫كما أنه في إطار استراتيجية الجيل األخضر ‪ ،2030-2020‬ستأخذ عقود البرامج الجديدة بعين االعتبار‬
‫األهداف المسطرة على مستوى المخططات الفالحية الجهوية المعدة من طرف كل جهة مع إشراك وطيد‬
‫للتنظيمات البيمهنية‪.‬‬
‫‪ ‬آليات وأدوات تتبع وتقييم نظام التجميع بحاجة للتعزيز‬
‫تم إسناد مهمة تتبع وتقييم مشاريع التجميع لوكالة التنمية الفالحية وللمديريات الجهوية للفالحة‪َ .‬إّل‬
‫أنه سجل غياب آليات واضحة لتتبع مؤشرات األداء المتعلقة بإنجاز مختلف مشاريع التجميع‪ ،‬خاصة‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪216‬‬


‫تلك المتعلقة بحجم اإلنتاج الخام والمردودية وحجم اإلنتاج المحول والمسوق ونسبة المساهمة في‬
‫المؤشرات العامة‪.‬‬
‫وقد أشارت الوزارة في جوابها إلى أنه خالل السنوات األولى‪ ،‬لم يكن ممكنا تتبع إنجاز مشاريع التجميع‬
‫الفالحي من الناحية الكمية لكونها لم تصل بعد إلى مرحلة النُّضج‪ ،‬لذا اقتصرت مهام التتبع المنجزة من طرف‬
‫وكالة التنمية الفالحية والمديريات الجهوية للفالحة في هذه المرحلة إلى حد كبير على تقييم مؤشرات الجودة‪.‬‬
‫كما أن تقييم نظام التجميع المعتمد حاليا يظل جزئيا وال يعتمد على مقاربة شمولية‪ ،‬حيث يقتصر على‬
‫إجراء استطالعات ميدانية من طرف وكالة التنمية الفالحية بتعاون مع المديريات الجهوية للفالحة‬
‫لدى المتدخلين‪ ،‬السيما المنظمات المهنية وال ُم َج ِّ ّمعين والفالحين المعنيين‪ .‬ور َّكزت هذه االستطالعات‬
‫أساسا على المشاريع المتوفرة على شهادة التجميع وه َّمت فقط ‪ 890‬فالحا‪ ،‬أي بنسبة ‪ %2‬من مجموع‬
‫الفالحين المعنيين بمشاريع التجميع‪ ،‬والذين يقدر عددهم بما مجموعه ‪ 56.473‬فالحا‪ .‬باإلضافة لذلك‪،‬‬
‫نظمت وكالة التنمية الفالحية مناظرة وطنية حول التجميع الفالحي بمراكش سنة ‪ 2018‬من أجل‬
‫تعبئة الفاعلين وتقديم ترسانة عملية وإجراءات قابلة للتنفيذ من أجل تسريع وتيرة إرساء مشاريع‬
‫ناجحة للتجميع الفالحي والوقوف على الوضعية الراهنة للتجميع الفالحي وتقييمه‪ .‬ويالحظ أن نتائج‬
‫االستطالعات المذكورة وكذا المناظرة الوطنية لم تسمح بتقديم تشخيص وتقييم شاملين لنظام التجميع‪.‬‬
‫وفي نفس السياق‪ ،‬وإلى غاية سنة ‪ ،2020‬لم يتم إنجاز أية دراسة لقياس أثر نموذج التجميع الفالحي‪،‬‬
‫مما لم يمكن من تحديد مدى مساهمته في تحفيز الفالحين على االنخراط في التجميع وفي تطوير‬
‫وتثمين المنتجات الفالحية‪.‬‬
‫وحسب المعطيات التي تم التوصل بها من طرف الوزارة‪ ،‬فقد قامت وكالة التنمية الفالحية برسم‬
‫سنتي ‪ 2020‬و‪ ،2021‬بتنسيق مع المديريات الجهوية للفالحة‪ ،‬بتقييم وتتبع ‪ 40‬مشروعا للتجميع‬
‫الفالحي‪ .‬وقد شمل هذا التقييم مؤشري األثر المتعلقين بالدخل السنوي المج َّمع واإلنتاجية للفالح‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة تعبئة المنظمات المهنية ومطابقة مشاريع التجميع لشروط المصادقة‬
‫واالستفادة من الدعم‬
‫التزمت المنظمات المهنية‪ ،‬في إطار عقود البرامج المبرمة معها‪ ،‬بإنجاز مشاريع التجميع‪ ،‬وذلك من‬
‫خالل دعم عملية البحث وتشخيص المشاريع الواعدة بناء على الخبرة والمعرفة الميدانية للمهنيين‪.‬‬
‫كما التزمت بتعبئة مختلف الفاعلين‪ ،‬السيما المجموعات الفالحية المغربية الكبرى النشيطة في مجال‬
‫الصناعة الغذائية وكذا جلب المستثمرين الدوليين‪ .‬غير أن اإلنجازات المحرزة في مجال التجميع تفيد‬
‫عدم كفاية تعبئة الهيئات المهنية في المساهمة في تحقيق األهداف التي تم تسطيرها‪ ،‬مما أثر سلبا على‬
‫نجاح هذه التجربة على مستوى بعض السالسل السيما سلسلتي الزيتون والحبوب اللتين عرفتا إنجاز‬
‫عشرة مشاريع فقط عند متم سنة ‪ .2020‬وتجدر اإلشارة أن المنظمتين المهنيتين الممثلتين لهاتين‬
‫السلسلتين تعهدتا في إطار عقدي البرنامج المتعلقين بهما بتنفيذ ‪ 290‬مشروعا (موزعا بين ‪170‬‬
‫لسلسلة الزيتون و‪ 120‬مشروعا لسلسلة الحبوب)‪ .‬وتعزى هذه الوضعية إلى الخصوصية الثقافية‬
‫والسوسيولوجية لبعض المناطق‪ ،‬التي تجعل من نجاح اعتماد نمط التجميع يعرف تفاوتا بين جهات‬
‫المملكة ويستدعي مجهودات إضافية لتعبئة مختلف الفاعلين‪ ،‬وإلى وجود تباين يهم خصائص سالسل‬
‫اإلنتاج‪ ،‬السيما سلسلتي الحبوب والزيتون اللتين ت ُعانيان بشكل أكبر من التدخل الكبير للوسطاء‬
‫وضعف تنظيم نسيج المنتجين وكذا غياب هيكلة السوق‪ ،‬مقارنة مع باقي السالسل األخرى‪.‬‬
‫وقد أفادت الوزارة في جوابها أن عقود البرامج الجديدة التي ستبرم في إطار استراتيجية الجيل األخضر ستأخذ‬
‫بعين االعتبار األهداف المسطرة على مستوى المخططات الفالحية الجهوية الجديدة بما في ذلك مشاريع‬
‫التجميع الفالحي‪ ،‬وذلك بإشراك وتنسيق وطيد مع مختلف التنظيمات البيمهنية‪.‬‬
‫س ِّ ّجل بُطء وتيرة تسوية ملفات مشاريع التجميع ومالئمتها للنصوص التطبيقية للقانون رقم ‪04.12‬‬
‫كما ُ‬
‫المتعلق بالتجميع الفالحي الصادر سنة ‪ ،2015‬حيث تمت تسوية ‪ 23‬مشروعا للتجميع فقط من أصل‬
‫‪ 63‬مشروعا ُمضمنا في سجل التجميع الوطني إلى متم سنة ‪ .2021‬أما المشاريع األربعون (‪)40‬‬
‫المتبقية‪ ،‬فتتكون من ثمانية (‪ )8‬مشاريع جديدة و‪ 32‬مشروعا تحمل شهادات تجميع قديمة‪ .‬وقد تبين‬

‫‪217‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫أن شروط االستفادة من الدعم تظل معقدة وتحول دون تسريع عملية مطابقة مشاريع التجميع‬
‫للمقتضيات القانونية سالفة الذكر‪ ،‬كما تبينت صعوبة بعض المساطر المتعلقة بإعداد ملف طلب‬
‫المصادقة على مشاريع التجميع الفالحي والسيما تلك المتعلقة باإلدالء بوثيقة إثبات استغالل المساحة‬
‫أو القطيع المج َّمع وكذا تقرير تقدير اإلنتاجية عند طلب الدعم الجزافي‪ ،‬خاصة بالنسبة لسالسل االنتاج‬
‫الحيواني (الحليب واللحوم الحمراء)‪.‬‬
‫وقد أكدت الوزارة في جوابها أنه قد تم تجاوز هذه الصعوبات التي تم رصدها ميدانيا سنتي ‪ 2016‬و‪2017‬‬
‫عبر تبسيط المساطر على مستوى النصوص التطبيقية الجديدة‪ .‬وقد ساهمت مختلف اإلجراءات التبسيطية في‬
‫تحفيز المج ِّ ّمعين‪ ،‬خاصة منهم الفاعلين في سالسل اإلنتاج الحيواني على مالءمة مشاريعهم للنصوص التطبيقية‬
‫الجديدة‪ ،‬وذلك بعد إدراج معدات تربية الماشية في الئحة المعدات التي تستفيد من الدعم بنسب تفضيلية‪.‬‬
‫‪ ‬التعاونيات والتجميع غير الرسمي والشراكة مع القطاع الخاص‪ ،‬آليات وإمكانات هامة‬
‫في مجال التجميع بحاجة إلى المزيد من التعبئة‬
‫يتوفر قطاع الفالحة بالمغرب على بيئة مناسبة لتطوير مشاريع التجميع‪ ،‬حيث أن التعاونيات الفالحية‬
‫والتجميع غير الرسمي‪ ،‬باإلضافة إلى مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص‪ ،‬والتي تلزم‬
‫المستفيدين منها بموجب دفاتر التحمالت بإنجاز مشاريع للتجميع‪ ،‬تشكل إطارا مالئما يوفر إمكانات‬
‫هامة من شأنها إعطاء دفعة قوية لهذا النظام‪.‬‬
‫ففيما يتعلق بالتجميع المرتكز على التعاونيات‪ ،‬تمت ممارسته بشكل غير رسمي‪ ،‬ال سيما على مستوى‬
‫سلسلة الحليب‪ ،‬منذ عدة سنوات قبل اعتماد مخطط المغرب األخضر وإصدار القانون رقم ‪112.12‬‬
‫المتعلق بالتعاونيات‪ .‬ولإلشارة‪ ،‬فمنذ إطالق مخطط المغرب األخضر سنة ‪ ،2008‬حظي نموذج‬
‫تنظيم الفالحين على شكل تعاونيات بدعم من طرف الدولة في إطار هذا المخطط من خالل مشاريع‬
‫الفالحة التضامنية‪ .‬وفي هذا اإلطار‪ ،‬تم إنشاء ما مجموعه ‪ 880‬تنظيما مهنيا في إطار هذه المشاريع‬
‫من بينها ما يقارب ‪ 300‬تعاونية باإلضافة إلى ما يقارب ‪ 700‬تعاونية تمت مواكبتها في إطار تنمية‬
‫المنتوجات المجالية‪.‬‬
‫كما يمكن للتعاونيات أن تأخذ صفة المج ِّ ّمع طبقا للقانون ‪ 04.12‬المتعلق بالتجميع الفالحي شريطة‬
‫التوفر على القدرات التقنية والتدبيرية والمالية الالزمة‪ ،‬السيما فيما يخص تثمين وتسويق إنتاج‬
‫المج َّمعين وتوفير المواكبة التقنية لهم‪ .‬كما يمكن للتعاونيات أن تكون مج َّمعة في إطار مشاريع كبرى‬
‫للتجميع وذلك من أجل تنظيم أفضل للفالحين المج َّمعين كما هو الحال بالنسبة لسالسل الحليب‬
‫والحبوب والزراعات الزيتية‪.‬‬
‫إال أن هذا المجال ال يزال مستغال بشكل محدود في ميدان التجميع رغم وجود فرص متاحة للنجاح‬
‫وللعمل بشكل أفضل كما يتضح ذلك من خالل نماذج بعض التعاونيات الناجحة‪.‬‬
‫وإلى جانب التعاونيات‪ ،‬يوفر التجميع غير الرسمي‪ ،‬السيما في قطاعي الحليب والحبوب‪ ،‬إمكانات‬
‫كبيرة ال يتم استغاللها بشكل كافٍ ‪ .‬ويشتغل حاليا ما يناهز ‪ 200.000‬فالحا بنظام التجميع دون تأطير‬
‫ودون االستفادة من دعم الدولة‪.‬‬
‫وفي إطار تعبئة العقار الفالحي المخصص لمشاريع مخطط المغرب األخضر‪ ،‬ومن ضمنها مشاريع‬
‫التجميع‪ ،‬أطلقت وكالة التنمية الفالحية‪ ،‬في ‪ 29‬مارس ‪ ،2010‬العملية الثالثة لتفويت أراضي الدولة‬
‫والتي تناهز ‪ 21.240‬هكتارا‪ .‬وقد تم اعتماد مبدأ التجميع في تنفيذ هذه المشاريع من خالل الشراكة‬
‫بين المستثمرين والفالحين قصد تيسير ولوج المجمعين إلى التقنيات الحديثة وإلى األسواق المحلية‪.‬‬
‫ومنذ إطالق هذه العملية‪ ،‬بلغ عدد مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص التي تم االلتزام‬
‫بتنفيذها في إطار التجميع ‪ 126‬مشروعا ُموزعا على مساحة إجمالية تقدر بحوالي ‪ 15.600‬هكتارا‪،‬‬
‫غير أنه لم يتم إنجاز‪ ،‬إلى حد اآلن‪ ،‬سوى ‪ 16‬وحدة للتثمين‪.‬‬
‫ويستنتج مما سبق ذكره‪ ،‬أنه باإلضافة إلى الخصوصية الثقافية والسوسيولوجية لبعض المناطق كما‬
‫هو الحال على سبيل المثال بجهة سوس ماسة ومناطق دكالة والغرب‪ ،‬فإن االستغالل األمثل‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪218‬‬


‫للتعاونيات والتجميع غير الرسمي والشراكة مع القطاع الخاص‪ ،‬باإلضافة إلى دعم الدولة وإشراك‬
‫المنظمات المهنية‪ ،‬يمكن أن يساهم في تحفيز الفالحين على االنخراط في هذا النظام وإرساء مناخ‬
‫جمعين‪.‬‬
‫للثقة بين أصحاب مشاريع التجميع والفالحين ال ُم ِّ ّ‬
‫وقد أفادت الوزارة في جوابها أن عدد مشاريع التجميع المنجزة سيرتفع خالل السنوات المقبلة‪ ،‬وذلك بعد إتمام‬
‫إنجاز وحدات التثمين المرتقبة في إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص والتي سيتم حولها إرساء مشاريع‬
‫التجميع‪ .‬كما ستمكن مراجعة وتخفيض شروط األهلية وكذلك مختلف تدابير تبسيط مساطر المصادقة على‬
‫مشاريع التجميع المنصوص عليها في النصوص التطبيقية الجديدة‪ ،‬هؤالء الشركاء من تنفيذ التزاماتهم المتعلقة‬
‫بالتجميع الفالحي‪.‬‬
‫وتبعا لذلك‪ ،‬يوصي المجلس األعلى للحسابات الوزارة المكلفة بالفالحة بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬العمل على ضبط األهداف المتعلقة بالتجميع من خالل ضمان التناسق والتكامل بين‬
‫المخططات الفالحية الجهوية وعقود البرامج الموقعة مع الجمعيات والتركيز على‬
‫تحديد أفضل للمشاريع مع مراعاة اإلمكانات المتوفرة والمعيقات التي تواجه كل سلسلة‬
‫وكذا خصوصيات كل جهة؛‬
‫‪ -‬اعتماد نظام للتتبع والتقييم خاص بالتجميع الفالحي من خالل وضع مؤشرات أداء‬
‫لمشاريع التجميع مع تحديد أدوات تتبع هذه المؤشرات والتقييم المنتظم لعملية التجميع‬
‫في جميع مراحلها ومكوناته‪.‬‬
‫‪ -‬ضمان تنفيذ المهنيين اللتزاماتهم التعاقدية عن طريق وضع الشروط المؤطرة للتجميع‬
‫وتعبئة كبار المتعهدين في عملية التجميع‪ ،‬وكذا مواكبتهم من حيث الهيكلة وطرق‬
‫االشتغال بشكل يمكنهم من مواجهة اإلكراهات التنظيمية والمالية؛‬
‫‪ -‬تسريع وتعميم مطابقة مشاريع التجميع الفالحي للقوانين واألنظمة الجاري بها العمل؛‬
‫‪ -‬اتخاذ التدابير الالزمة تجاه المتعهدين الذين استفادوا من مشاريع الشراكة مع القطاع‬
‫الخاص التي باشرتها وكالة التنمية الفالحية‪ ،‬والذين لم يفوا بالتزاماتهم التعاقدية في‬
‫تنفيذ مشاريع التجميع الفالحي؛‬
‫أفادت الوزارة أنه ستتم مواكبة شركاء الدولة في إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص حول األراضي‬
‫التابعة للملك الخاص للدولة الذين التزموا بالتجميع الفالحي وأنجزوا وحدة التثمين التي سيقام حولها مشروع‬
‫التجميع من أجل االمتثال اللتزاماتهم‪.‬‬
‫‪ -‬تسخير اإلمكانات المتوفرة من تعاونيات ومشاريع التجميع غير الرسمي‪ ،‬من خالل‬
‫دعمها بغية تشجيعها وحثها على االنخراط في نظام التجميع الفالحي‪.‬‬
‫أكدت الوزارة أن جميع السالسل موضوع نماذج التجميع الفالحي ستحظى بتعبئة ومواكبة مكثفة من أجل‬
‫إرساء مشاريع التجميع من الجيل الجديد‪.‬‬

‫ثانيا‪ .‬حصيلة المنجزات المتعلقة بنظام التجميع‬


‫من خالل تحليل حصيلة المنجزات المتعلقة بنظام التجميع وقياس مدى تنفيذ برنامج االستثمار المتوقع‬
‫في إطار كل مشروع والمساحة المتوقعة واإلنتاج الحيواني وكذا عدد ال ُمجمعين‪ ،‬تم الوقوف على ما‬
‫يلي‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة إرساء مناخ للثقة وتحسين اإلنجازات لتحقيق األهداف المحددة‬
‫كما تمت اإلشارة إليه سلفا‪ ،‬حددت المخططات الفالحية الجهوية المحينة سنة ‪ 2015‬من بين أهدافها‬
‫إنجاز‪ 286‬مشروعا تجميعيا باستثمارات إجمالية قدرها ‪ 46.476‬مليون درهم‪ ،‬تهم تجميع ما يقارب‬
‫‪ 377.365‬فالحا مجمعا بحلول سنة ‪ 2020‬بما يشمل مساحة قدرها ‪ 807.943‬هكتارا من األراضي‬
‫الفالحية وقطيعا يقدر ب ‪ 1.583.277‬رأسا من الماشية‪.‬‬

‫‪219‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫وقد قامت مختلف المديريات الجهوية للفالحة ووكالة التنمية الفالحية بمجهودات مهمة في إطار‬
‫التحسيس ومواكبة المجمعين المستهدفين قصد بلورة مشاريعهم‪ .‬وهو ما َم َّكن من الرفع من عدد‬
‫المشاريع المصادق عليها من قبل اللجنة التقنية إلى ‪ 176‬مشروعا‪ ،‬أي بزيادة فاقت ‪ %62‬من عدد‬
‫المشاريع المبرمجة في المخططات الفالحية الجهوية التي تم تحيينها سنة ‪ .2015‬كما َه َّمت عملية‬
‫التجميع ُمختلف السالسل اإلنتاجية موضوع عقود البرنامج التي تم توقيعها بين الحكومة والجمعيات‬
‫البيمهنية‪ ،‬حيث تم تحديد ‪ 31‬نموذجا على مستوى النصوص التنظيمية للقانون رقم ‪ 04.12‬المذكور‪،‬‬
‫تم رفعها إلى ‪ 36‬نموذجا سنة ‪ 2021‬لتشمل ‪ 34‬سلسة فالحية‪.‬‬
‫غير أنه‪ ،‬وبالرغم من المجهودات المبذولة‪ ،‬ظلت الحصيلة الكاملة لإلنجازات دون المستوى‬
‫المستهدف‪ ،‬حيث لم يتم تنفيذ سوى ‪ 63‬مشروعا من بين ‪ 286‬مشروعا مبرمجا‪ ،‬إلى غاية أبريل‬
‫‪ ،2020‬أي بنسبة إنجاز لم تتجاوز ‪ .%22‬وقد مكنت المشاريع المنجزة من تجميع مساحة‬
‫‪ 182.853‬هكتارا و‪ 126.238‬رأسا من الماشية لصالح ‪ 56.473‬فالحا مجمعا‪ ،‬أي ما يمثل على‬
‫التوالي ‪ %23‬و‪ %8‬و‪ %15‬من األهداف المتوقعة‪.‬‬
‫وترجع أسباب هذه الوضعية أساسا إلى‪:‬‬
‫‪ -‬ضعف في التعاون وفي إرساء مناخ الثقة بين ال ُم َج ِّ ّمعين والفالحين اللذين يتم تجميعهم في‬
‫إطار عقد التجميع؛‬
‫‪ -‬نقص على مستوى تنظيم وتأطير المنظمات المهنية؛‬
‫‪ -‬الصعوبات المرتبطة بقطاع التحويل والتثمين‪ ،‬والسيما بالنسبة للمجازر التي تشهد تأخرا‬
‫في تأهيلها؛‬
‫‪ -‬اإلكراهات المتعلقة بالتسويق‪ ،‬وال سيما على مستوى أسواق البيع بالجملة التي ال تزال غير‬
‫منظمة وغير مؤهلة بشكل كاف‪.‬‬
‫س ِّ ّجل تباين في اإلنجازات بين الجهات وعدم تحقيق األهداف المتوخاة‪ ،‬إذ أبرز‬
‫وباإلضافة إلى ذلك‪ُ ،‬‬
‫تحليل عينة من المشاريع المقررة في المخططات الفالحية الجهوية‪ ،‬ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬جهات تعرف نجاح نظام التجميع مثل جهتي درعة‪-‬تافياللت وسوس‪-‬ماسة‪ ،‬حيث بلغت‬
‫نسبة إنجاز مشاريع التجميع بهما ‪ %100‬و‪ %69‬على التوالي من األهداف المسطرة؛‬
‫‪ -‬جهات تعرف نسب إنجاز متوسطة‪ ،‬مثل جهة الشرق التي نُ ِّفّذت بها ‪ %47‬من المشاريع‬
‫المقررة؛‬
‫‪ -‬جهات حققت معدالت منخفضة من اإلنجاز ال تتعدى ‪ ،%24‬كجهات فاس‪-‬مكناس وبني‬
‫مالل‪-‬خنيفرة والدار البيضاء‪-‬سطات والرباط‪-‬سال‪-‬القنيطرة ومراكش‪-‬آسفي وطنجة‪-‬‬
‫تطوان‪-‬الحسيمة والعيون‪-‬الساقية الحمراء والداخلة‪-‬واد الذهب‪.‬‬
‫وأخذا بعين االعتبار عدد المشاريع المنجزة والمساحة اإلجمالية وعدد ال ُمجمعين المعنيين‪ ،‬يتضح أن‬
‫ظ ُّل ُمر ّكزا على مستوى ثالث جهات وهي الدار البيضاء ‪-‬سطات‪ ،‬والرباط ‪-‬سال‪-‬القنيطرة‬ ‫التجميع ي َ‬
‫وسوس‪-‬ماسة‪ ،‬بنسبة تزيد عن ‪ %54‬من مشاريع التجميع المنجزة على الصعيد الوطني و‪ %74‬من‬
‫عدد المجمعين المستفيدين و‪ %75‬من إجمالي المساحة المشمولة بالتجميع‪.‬‬
‫تعزى هذه الوضعية‪ ،‬حسب الوزارة‪ ،‬إلى تمركز المشاريع الخاصة بالسالسل الصناعية (السكر والحبوب‬
‫والزراعات الزيتية واألرز والخضراوات) بجهتي الدار البيضاء‪-‬سطات والرباط‪-‬سال‪-‬القنيطرة التي تضم‬
‫عددا كبيرا من المج َّمعين وكذلك تمركز المشاريع الخاصة بسلسلة الحوامض ومشاريع تعاونية كوباك في‬
‫سالسل الحليب واللحوم الحمراء والبواكر بجهة سوس‪-‬ماسة‪ .‬كما أنه في إطار استراتيجية الجيل األخضر‪،‬‬
‫ستقدم الدولة مواكبة وثيقة لمشاريع التجميع مع األخذ بعين االعتبار خصوصيات وإمكانات كل جهة من أجل‬
‫تحقيق األهداف المسطرة‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪220‬‬


‫‪ ‬الحاجة إلى تجاوز اإلكراهات التي يعرفها نظام التجميع في سلسلتي الحليب واللحوم‬
‫الحمراء‬
‫فيما يخص سلسلة الحليب‪ ،‬تم إنجاز ثمانية مشاريع فقط من أصل ‪ 32‬مشروعا متوقعا )‪(%25‬‬
‫وباستثمار إجمالي لم يتجاوز‪ 5,5‬مليار درهم (‪ ،)%41‬كما لم يتم تجميع سوى ‪ 14.537‬فالحا‪ ،‬وهو‬
‫طر‪ .‬وذلك بالرغم من أن هذه السلسلة توفر إمكانات تتناسب مع‬ ‫س َّ‬
‫ما يمثل نسبة ‪ %15‬من الهدف ال ُم َ‬
‫نظام التجميع ورغم الجهود المبذولة من طرف وزارة الفالحة‪ ،‬والتي مكنت من رفع عدد المشاريع‬
‫المصادق عليها من طرف اللجنة التقنية إلى ‪ 28‬مشروعا‪ .‬ويعزى هذا الوضع إلى عدم استقرار سوق‬
‫الحليب وإلى اإلكراهات العامة التي تعرفها هذه السلسلة ال سيما تأثرها بالتقلبات المناخية نتيجة قلة‬
‫التساقطات خالل سنوات متناوبة كموسمي ‪ 2013/2012‬و‪ ،2016/2015‬وحضور التسويق غير‬
‫المنظم‪ ،‬إضافة إلى المشاكل التنظيمية التي عرفتها الفيدرالية البيمهنية المغربية للحليب‬
‫(‪ .)FIMALAIT‬يُضاف إلى ذلك صعوبة التعاقد بسبب عدم توصل ال ُم َج ِّ ّمع وال ُمنتجين غالبا إلى‬
‫اتفاق بخصوص شروط العقد ال سيما فيما يتعلق بالتمويل المسبق للمدخالت وجودة المنتوج وسعر‬
‫البيع‪ ،‬وكذا إلى بعض الشروط المعقدة‪ ،‬خاصة شرط تقديم المستند الذي يبرز المساحة اإلجمالية‬
‫والثروة الحيوانية خالل مرحلة الموافقة على مشروع التجميع‪.‬‬
‫أما بالنسبة لسلسلة اللحوم الحمراء‪ ،‬فقد تمت برمجة إنجاز ‪ 20‬مشروعا في إطار نظام التجميع‬
‫الفالحي‪ .‬غير أنه لم يتم تنفيذ سوى مشروعين فقط (أي بنسبة ‪ )%10‬من طرف تعاونية فالحية بجهة‬
‫سوس‪-‬ماسة وشركة خاصة بجهة بني مالل‪-‬خنيفرة‪ .‬ويرجع ضعف هذه المؤشرات‪ ،‬إلى محدودية‬
‫مشاركة المنظمات البيمهنية في تعبئة المجمعين المحتملين‪ ،‬وهو ما يتجلى من خالل االستثمار المعبأ‬
‫من طرفها والذي لم يتجاوز ‪ 274‬مليون درهم أي بنسبة ‪ %12‬من الهدف المتوقع‪ ،‬وكذا عدم بلوغ‬
‫األهداف األخرى‪ ،‬حيث بلغ عدد الفالحين الذين تم تجميعهم ‪ %2( 1.049‬من الهدف المسطر)‪ ،‬كما‬
‫لم يتم تجميع سوى ‪ 21.737‬رأسا من الماشية (نسبة إنجاز ال تتعدى ‪.)%2‬‬
‫ويرجع هذا الوضع إلى اإلكراهات التي تعرفها السلسلة‪ ،‬السيما تلك المتعلقة بالتنظيم وبإعادة الهيكلة‬
‫وبالتأخير في عصرنة وحدات الذبح وارتفاع أنشطة الذبح والبيع غير المهيكل للحوم الحمراء وكذا‬
‫تعدد الوسطاء‪.‬‬
‫وإضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن نظام التجميع لم يحقق النجاح المنتظر منه في الجهات ذات اإلمكانات العالية‬
‫في تربية المواشي‪ ،‬كجهة الدار البيضاء‪-‬سطات (‪ %18‬من اإلنتاج الوطني‪ ،‬مساحة خصبة بحوالي‬
‫‪ %66‬من المساحة اإلجمالية للجهة‪ ،‬وجود مجموعات نشطة لتسمين الماشية‪ ،)...‬التي لم تعرف‬
‫إنجاز أي مشروع على مستواها علما أن المخطط الجهوي الفالحي لهذه الجهة قد برمج تنفيذ عشرة‬
‫مشاريع للتجميع‪.‬‬
‫أفادت الوزارة في جوابها أنه من أجل تشجيع إرساء مشاريع التجميع في السالسل الحيوانية‪ ،‬تم تجاوز‬
‫الصعوبات المرتبطة بمساطر المصادقة على هذه المشاريع‪ .‬إذ ستحفز مختلف التدابير‪ ،‬المج ِّ ّمعين الذين سبق‬
‫لهم إطالق مشاريع التجميع في سلسلتي الحليب واللحوم الحمراء في بداية مخطط المغرب األخضر دون‬
‫الوصول إلى مرحلة التعاقد‪ ،‬على إعداد مشاريعهم طبقا لإلجراءات التنظيمية الجديدة وذلك في إطار‬
‫استراتيجية الجيل األخضر مع إشراك أكبر للتنظيمات البيمهنية المعنية‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة لضبط قنوات التسويق المتعلقة بنظام التجميع لسلسلة اللحوم البيضاء‬
‫توقعت المخططات الجهوية الفالحية المحينة إنجاز ‪ 14‬مشروعا للتجميع‪ ،‬غير أنه بالرغم من الجهود‬
‫المبذولة‪ ،‬والتي مكنت من رفع عدد المشاريع المصادق عليها من طرف اللجنة التقنية إلى سبعة‬
‫مشاريع (أي ‪ %50‬من التوقعات)‪ ،‬فإن النتائج المحققة لم ترق إلى مستوى األهداف المسطرة‪ .‬فقد‬
‫تم ّكن مشروعان فقط من الحصول على شهادة التجميع‪ ،‬المتمثالن في مشروع تربية األرانب سنة‬
‫‪ 2011‬في جهة مراكش‪-‬آسفي ومشروع اللحوم البيضاء على مستوى جهة الدار البيضاء – سطات‬
‫سنة ‪ ،2017‬أي بنسبة ‪ %14‬من المشاريع المتوقعة ونسبة ‪ %2‬فقط من االستثمار اإلجمالي المتوقع‬
‫ومن عدد ال ُمجمعين المستهدفين‪.‬‬

‫‪221‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫وتجدر اإلشارة إلى أنه على الرغم من تركيز نشاط تربية الدواجن في محور القنيطرة‪-‬الجديدة‪ ،‬فإن‬
‫نظام التجميع لم يحقق النجاح المنتظر في المناطق التي تقع في هذا المحور رغم اإلمكانات المتاحة‬
‫لها في ميدان التجميع‪ ،‬كما هو الحال بالنسبة لجهة الدار البيضاء‪-‬سطات‪ ،‬التي عرفت تنفيذ مشروع‬
‫واحد فقط من بين ‪ 9‬مشاريع متوقعة في المخططات الجهوية الفالحية المحينة‪.‬‬
‫ويعود عدم نجاح نظام التجميع بسلسلة الدواجن‪ ،‬بشكل رئيسي‪ ،‬إلى انتشار النشاط غير المهيكل‬
‫واالهتمام المحدود للمهنيين بسبب طبيعة قنوات التسويق التي تتسم بهيمنة المجازر التقليدية‬
‫(الرياشات)‪ ،‬إضافة إلى سلوك المستهلك الذي مازال يفضل اللجوء إلى هذه األخيرة‪.‬‬
‫أشارت الوزارة في جوابها إلى أن تعزيز انخراط الفيدرالية البيمهنية لقطاع الدواجن وكذا تبسيط المساطر‬
‫المتعلقة بالتجميع سيمكن من تشجيع المج ِّ ّمعين المحتملين الجدد أو الذين سبق لهم إطالق مشاريعهم في بداية‬
‫مخطط المغرب األخضر‪ ،‬على إعداد مشاريع جديدة للتجميع طبقا لإلجراءات التنظيمية الجديدة الجاري بها‬
‫العمل في إطار استراتيجية الجيل األخضر‪.‬‬
‫‪ ‬نتائج نظام التجميع بسلسلة الحبوب بحاجة للتحسين‬
‫عرفت سلسلة الحبوب (الحبوب الخريفية) إبرام عقد برنامج سنة ‪ 2009‬يشمل الفترة ‪2020-2009‬‬
‫بين الحكومة والفيدرالية الوطنية البيمهـنية للحبوب (‪ )FIAC‬بتكلفة استثمارية قدرها ‪ 29‬مليار درهم‪،‬‬
‫منها ‪ 8‬ماليير درهم كمساهمة للدولة‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى المخططات الجهوية الفالحية المحينة سنة ‪ ،2015‬فقد تقرر إنجاز ‪ 27‬مشروعا‬
‫للتجميع‪ ،‬غير أنه لم يتم إنجاز سوى خمسة (‪ )5‬مشاريع للتجميع بمساحة قدرها ‪ 19.552‬هكتارا‬
‫وتجميع ‪ %2‬فقط من الفالحين المعنيين‪ ،‬مما يجعل ممارسة نظام التجميع في سلسلة الحبوب جد‬
‫محدودة‪ .‬وال تتناسب هذه الوضعية مع أهمية هذه السلسلة من الناحية االقتصادية واالجتماعية واألمن‬
‫الغذائي واإلمكانات المتوفرة لتجميع جزء كبير من مساحة الحبوب التي تشغل نسبة ‪ %59‬من‬
‫المساحة الصالحة للزراعة وضمان إنتاج كبير من الحبوب على المستوى الوطني‪.‬‬
‫وفي نفس السياق‪ ،‬لم تتمكن هذه السلسلة من تعبئة سوى ‪ %11‬من االستثمار المتوقع وخمسة (‪)5‬‬
‫مجمعين فقط‪ .‬ويبرر هذا الوضع باإلكراهات والصعوبات الهيكلية التي تعاني منها هذه السلسلة بشكل‬
‫عام‪ ،‬السيما عملية التسويق التي يهيمن عليها الوسطاء‪ ،‬خاصة خالل المواسم الفالحية الجيدة‪ .‬تضاف‬
‫إلى ذلك مشكلة القدرة التنافسية فيما يتعلق باستيراد القمح وتأثيره على أسعار الحبوب في السوق‬
‫المحلي‪ ،‬وكذا مناخ الثقة المتسم بالحذر بين المجمع والمجمعين‪ ،‬السيما في ظل عدم وجود رؤية‬
‫واضحة ألسعار بيع المحصول‪ ،‬باعتبارها عامال محددا لنجاح نظام التجميع‪.‬‬
‫أفادت الوزارة في جوابها أن القطاع الفالحي سيواصل الجهود المبذولة والرامية إلى تعزيز التجميع الفالحي‬
‫في هذه السلسلة االستراتيجية التي تتالئم مع هذا النموذج التنظيمي وذلك من خالل إشراك التنظيم البيمهني‬
‫بشكل أكبر استنادا على اإلطار التنظيمي الجديد للتجميع‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة تحسين نتائج التجميع بسلسلة الحوامض‬
‫عرفت سلسلة الحوامض سنة ‪ 2008‬توقيع برنامج تعاقدي بين الحكومة والفيدرالية المغربية البيمهنية‬
‫للحوامض (مغرب سيتروس)‪ ،‬يغطي الفترة الممتدة بين ‪ 2008‬و‪ ،2018‬يهدف إلى تأهيل سلسلة‬
‫الحوامض عبر التحفيز على التجميع‪ .‬وفي هذا اإلطار‪ ،‬تمت برمجة إنجاز ‪ 41‬مشروعا في إطار‬
‫المخططات الفالحية الجهوية المحينة‪ ،‬تمت المصادقة على ‪ 27‬منها من طرف اللجان التقنية‬
‫المختصة‪ ،‬إال أن اإلنجازات على أرض الواقع لم تكن في مستوى األهداف المسطرة‪ ،‬حيث لم يتم‬
‫إنجاز سوى ‪ 14‬مشروعا‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى‪ ،‬وبالرغم من كون مناطق إنتاج الحوامض تتركز على المستوى الوطني في أربع‬
‫جهات‪ :‬سوس‪-‬ماسة )‪ ،(%38‬الغرب‪-‬اللوكوس (‪ ،(%20‬تادلة (‪ )%14‬والحوز (‪ ،)%6‬فإن ما‬
‫يقارب ‪ %63‬من المساحة موضوع التجميع (‪ 23.914‬هكتارا) تتركز على مستوى جهة سوس‪-‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪222‬‬


‫ماسة لوحدها‪ .‬ويعزى ذلك إلى نجاح النسيج التعاوني وكذا البعد التضامني والسوسيوثقافي لمختلف‬
‫الفاعلين في هذه الجهة‪ .‬أما في باقي الجهات‪ ،‬فتعرف هذه العملية تطورا محدودا‪.‬‬
‫وباستثناء جهة سوس‪-‬ماسة‪ ،‬تعزى أوجه القصور في تجميع سلسلة الحوامض إلى ضعف مشاركة‬
‫المهنيين في هذه العملية‪ ،‬وهو ما يعكسه‪ ،‬بصفة خاصة‪ ،‬العدد المنخفض للمستثمرين وال ُمجمعين‬
‫ضعف‬‫سر هذا ال ُّ‬
‫النشيطين‪ ،‬حيث أن أكثر من ‪ %40‬من المساحات ال ُمج َّمعة تابعة ل ُم َج ِّ ّم َع ْين اثنين‪ .‬ويُف َّ‬
‫أيضا بحجم االستثمارات المعبأة‪ ،‬التي ال تتجاوز ‪ %42‬من إجمالي االستثمارات المتوقعة في إطار‬
‫المخططات الفالحية الجهوية‪.‬‬
‫كما يُعزى عدم اإلقبال على نظام التجميع إلى المشاكل التي تواجه هذه السلسلة من حيث سوء تنظيم‬
‫السوق الداخلي وتعدد الوسطاء والمضاربين‪ ،‬مما لم يسمح بتطوير مشاريع التجميع وتحقيق اآلثار‬
‫المستهدفة من هذا النظام‪.‬‬
‫أفادت الوزارة في جوابها أنه من خالل تعزيز انخراط الفيدرالية البيمهنية للحوامض ومع تبسيط مساطر‬
‫المصادقة ومنح الدعم لمشاريع التجميع‪ ،‬سيتمكن باقي الفاعلين في هذه السلسلة من إرساء مشاريع جديدة‬
‫وبالتالي تجميع مساحات أكبر للحوامض في مختلف جهات ومناطق اإلنتاج‪ .‬كما أن اعتماد القانون رقم‬
‫‪ ،37.21‬المتعلق بسن تدابير خاصة تتعلق بالتسويق المباشر للفواكه والخضروات المنتجة في إطار التجميع‬
‫الفالحي دون إلزامية المرور عبر أسواق الجملة‪ ،‬سيحفز الفاعلين في سلسلة الحوامض على االنخراط في‬
‫نظام التجميع الفالحي‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى تشجيع التجميع بسلسلة الزيتون‬
‫التزمت األطراف الموقعة للبرنامج التعاقدي الخاص بسلسلة الزيتون بوضع الشروط الضرورية من‬
‫أجل تطوير ‪ 170‬مشروعا للتجميع اإلنتاجي في زراعة الزيتون‪ .‬غير أنه تمت المصادقة فقط على‬
‫‪ 19‬مشروعا للتجميع الفالحي من أصل ‪ 43‬مشروعا متوقعا في إطار المخططات الفالحية الجهوية‬
‫المحينة‪ ،‬أي ما يعادل ‪ %44‬من الهدف المسطر‪ ،‬ولم يتم إنجاز سوى ‪ 5‬منها‪ ،‬أي بنسبة إنجاز ال‬
‫تتجاوز ‪ ،%12‬بمساحة لم تتعد ‪ %14‬من المساحة اإلجمالية المتوقعة وعدد فالحين مستفيدين من‬
‫التجميع في حدود ‪ %3‬من العدد اإلجمالي المستهدف‪.‬‬
‫وتعكس هذه الوضعية الصعوبات التي يواجهها هذا النموذج التنظيمي الجديد في سلسلة إنتاج‬
‫الزيتون‪ ،‬الذي يخضع إلكراهات تتعلق أساسا ً بعدم اّلنخراط الفعلي للهيئات البيمهنية في تصميم‬
‫وتحديد مشاريع التجميع وصعوبة تحديد المستثمرين المحتملين لتبني المشاريع وغياب الثقة بين‬
‫المجمع والمجمعين بسب عدم احترام اّللتزامات التعاقدية‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة أنه على الرغم من صدور النصوص القانونية المتعلقة بالتجميع الفالحي منذ شتنبر‬
‫‪ ،2014‬ظلت الصعوبات التي تعيق تنفيذ مشاريع تجميع منتوجات الزيتون مستمرة‪ ،‬حيث لم ينجز‬
‫سوى مشروعين اثنين خالل الفترة التي تلت إصدار النصوص المذكورة‪ ،‬أي بين ‪ 2015‬و‪.2020‬‬
‫وقد أكدت الوزارة في جوابها أن االنخراط الفعلي للفيدرالية البيمهنية للزيتون استنادا على اإلطار التنظيمي‬
‫الجديد للتجميع الفالحي سيُمكن من تحفيز المج ِّ ّمعين المحتملين في هذه السلسلة إلرساء مشاريع تجميع من‬
‫الجيل الجديد في إطار استراتيجية الجيل األخضر وذلك من أجل تفعيل التجميع في هذه السلسلة‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة ترجمة االلتزامات المتعلقة بتجميع سلسلة األشجار المثمرة على أرض الواقع‬
‫تم االلتزام في إطار البرنامج التعاقدي المتعلق بسلسلة األشجار المثمرة بتوفير الظروف الالزمة‬
‫إلنشاء مشاريع التجميع الفالحي من أجل تنمية هذا القطاع‪ ،‬وبتحسين ظروف تزويد وحدات التثمين‬
‫عن طريق تطوير مشاريع التجميع والتشجيع على التعاقد بخصوص المعامالت بين المنتجين‬
‫والمصنعين‪ .‬وقد تمت برمجة ‪ 23‬مشروعا للتجميع‪ ،‬غير أنه تم إنجاز ستة مشاريع فقط‪ ،‬أي بنسبة‬
‫انجاز وصلت لـ ‪ ،%26‬باستثمارات معبأة في حدود نسبة ‪ %24‬فقط من الهدف المسطر‬
‫(‪ 243‬مليون درهم)‪.‬‬

‫‪223‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫ومن جهة أخرى‪ ،‬وبالرغم من كون المناطق المهمة إلنتاج األشجار المثمرة على الصعيد الوطني‬
‫تتموقع في األطلس المتوسط والريف الغربي ومنطقة ما قبل الريف والسايس والحوز وملوية بما‬
‫س ِّ ّجل تركيز كبير للتجميع على مستوى جهة درعة‪-‬‬
‫يقارب ‪ %56‬من المساحة اإلجمالية المغروسة‪ُ ،‬‬
‫تافياللت التي تتوفر لوحدها على أكثر من ‪ %62‬من عدد الفالحين ال ُمجمعين ومن المساحة موضوع‬
‫التجميع‪.‬‬
‫وتعاني عملية التجميع من اإلكراهات التي يواجهها القطاع برمته‪ ،‬حيث تشكل وضعية أسواق الجملة‬
‫في المغرب أولى العقبات التي تواجه دينامية عملية تجميع سلسلة األشجار المثمرة‪ .‬وقد سبق للمجلس‬
‫األعلى للحسابات أن أشار في تقريره السنوي برسم سنتي ‪ 2019‬و‪ 2020‬إلى المعيقات التي تواجه‬
‫هذه األسواق وتحد من أدائها ومن القيام بالدور المنوط بها‪ ،‬والمرتبطة أساسا باإلطار القانوني الذي‬
‫أصبحت بعض مقتضياته متجاوزة‪ ،‬وكذا بالمنافسة التي تواجهها أسواق الجملة من األسواق األخرى‬
‫غير المهيكلة ومن المسالك الموازية‪.‬‬
‫وقد أشارت الوزارة في جوابها إلى أنه سيتم األخذ بعين االعتبار المالحظات المتعلقة بهذه السلسلة خالل‬
‫التنزيل الفعلي الستراتيجية الجيل األخضر من حيث هيكلة وعصرنة قنوات التسويق وذلك عبر تقويم أسواق‬
‫الجملة وإعادة تأهيل وتحسين األسواق األسبوعية وتعزيز قنوات توزيع الخضر والفواكه وتطبيق القانون رقم‬
‫‪.37.21‬‬

‫بناء على ما سبق‪ ،‬يوصي المجلس الوزارة المكلفة بالفالحة بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬اتخاذ التدابير الالزمة للتغلب على اإلكراهات التي تعيق نجاح التجميع الفالحي‪ ،‬خاصة‬
‫تلك المتعلقة بالتحويل والتسويق (الوسطاء وأسواق الجملة والبحث عن أسواق جديدة‬
‫محتملة)؛‬
‫أفادت الوزارة‪ ،‬بهذا الخصوص‪ ،‬أنه سيتم في إطار االستراتيجية الجديدة للجيل األخضر تنظيم وتطوير مسالك‬
‫التسويق‪.‬‬
‫جمعين في إطار عقود التجميع‪.‬‬
‫جمع والم ِّ‬
‫‪ -‬توفير عوامل تعزيز الثقة والتعاون بين الم ِّ‬
‫أكدت الوزارة أنه من أجل تعزيز مناخ الثقة بين المج ِّ ّمع والمج َّمعين‪ ،‬ستقوم الدولة في إطار استراتيجية الجيل‬
‫األخضر ‪ 2030-2020‬بمواكبة وثيقة لمشاريع التجميع وذلك باألخذ بعين االعتبار خصوصيات كل منطقة‬
‫وكل سلسلة‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪224‬‬


‫مشاتل المقاولين الشباب‪:‬‬
‫برنامج طموح لم يحقق كل أهدافه مما يستدعي إعادة بلورته‬

‫يشكل تحفيز التشغيل الذاتي وتشجيع إنشاء المقاوالت‪ ،‬مع توفير شروط استدامتها وإنتاجها للثروة‪،‬‬
‫أولوية في السياسات االقتصادية واالجتماعية للدولة‪ .‬في هذا اإلطار‪ ،‬وسعيا منها إلى إحداث مزيد‬
‫من مناصب الشغل‪ ،‬وضعت السلطات العمومية برامج تتضمن مجموعة من التدابير الرامية إلى‬
‫تشجيع المقاولين الشباب حاملي المشاريع‪.‬‬
‫ومن بين هذه اإلجراءات إحداث "صندوق النهوض بتشغيل الشباب" سنة ‪ ،1994‬والذي يخصص‬
‫جزء من موارده لتمويل "البرنامج الوطني لمشاتل المقاوالت" الهادف إلى إحداث فضاءات مؤقتة‬
‫الحتضان األنشطة المهنية المزاولة من طرف الشباب‪ ،‬تمكنهم من اكتراء محالت مهنية بأثمنة‬
‫تفضيلية مع توفير الخدمات والتجهيزات األساسية والمواكبة والتتبع‪ .‬وقد حددت أهداف هذا البرنامج‬
‫ومؤشراته األساسية في إنشاء ‪ 4.000‬مقاولة وإحداث ‪ 40.000‬منصب شغل وتحقيق استثمارات‬
‫خاصة بقيمة ملياري درهم‪ ،‬إلى جانب تقليص معدل فشل المقاوالت المنشأة حديثا‪.‬‬
‫وقد ركزت المهمة الموضوعاتية المنجزة في هذا اإلطار من طرف المجالس الجهوية للحسابات‪،‬‬
‫بشراكة مع المجلس األعلى للحسابات‪ ،‬على تقييم الحصيلة المالية والتشغيلية للبرنامج المذكور‬
‫ومراقبة مدى فعالية أجهزة حكامته وتحديد العوائق التي تعترض نجاعته‪.‬‬
‫أوالً‪ .‬الحصيلة المالية والتشغيلية لبرنامج مشاتل المقاوالت‬
‫في إطار البرنامج الوطني لمشاتل المقاوالت‪ ،‬تم استهداف إنجاز ‪ 36‬مشتال في مجموع جهات‬
‫المملكة‪ ،‬بناء على اتفاقيات شراكة موقعة بين السلطة الحكومية المكلفة بالصناعة والتجارة‬
‫والجماعات الترابية المحتضنة لهذه المشاتل‪ ،‬باإلضافة إلى شركاء آخرين كوكالة إنعاش وتنمية‬
‫الشمال (بالنسبة للمشاتل المبرمجة ضمن نفوذها الترابي)‪ .‬غير أنه وحتى متم شهر مايو ‪ ،2022‬لم‬
‫يتم إنجاز إال سبعة وعشرين (‪ )27‬مشتال منها‪ ،‬كلفت نفقات فعلية بلغت ‪ 281.852.924,83‬درهما‪،‬‬
‫تم تمويلها عبر تحويالت صندوق النهوض بتشغيل الشباب لصالح الشركاء في حدود مبلغ ‪154,66‬‬
‫مليون درهم‪ ،‬صرف منها ما يناهز ‪ 139,28‬مليون درهم‪ ،‬وهو ما يمثل حوالي ‪ %49‬من الكلفة‬
‫اإلجمالية للمشاتل المنجزة‪ .‬في حين تمت تعبئة المبالغ المتبقية بنسب متفاوتة بين باقي الشركاء‪ ،‬حيث‬
‫تمت تعبئة ‪ %27‬منها من طرف الجماعات الترابية المعنية (وهو ما يعادل مبلغ ‪76.390.873,36‬‬
‫درهما) و‪ %13‬من طرف وكالة إنعاش وتنمية أقاليم الشمال (وهو ما يعادل مبلغ ‪35.349.787,87‬‬
‫درهما)‪ ،‬فيما تم تمويل ‪ %7‬من هذه الكلفة من طرف صندوق الحسن الثاني للتنمية االقتصادية‬
‫واالجتماعية و‪ %4‬من طرف شركاء آخرين‪.‬‬
‫‪ ‬الحصيلة التشغيلية للبرنامج‪ :‬حصيلة محدودة‬
‫ضعت تحت تصرف جهات أخرى الستغاللها ألغراض عمومية أخرى (مشتل‬ ‫باستثناء ثالثة مشاتل ُو ِّ‬
‫الراشيدية ومشتل الفنيدق ومشتل الزمامرة)‪ ،‬فإن تشخيص الوضعية التشغيلية لباقي المشاتل المنجزة‬
‫أبانت على مجموعة من الصعوبات؛ ذلك أنه من بين المشاتل المنجزة (البالغ عددها ‪ 27‬مشتال)‪ ،‬لم‬
‫يتم‪ ،‬إلى غاية شهر مايو ‪ ،2022‬تشغيل واستغالل خمسة (‪ )05‬مشاتل على الرغم من االنتهاء من‬
‫إنجازها منذ فترات بعيدة‪ ،‬كلفت استثمارات عمومية تقدر بحوالي ‪ 34,36‬مليون درهم دون تحقيق‬
‫األثر اإليجابي المتوخى‪ .‬وتتوزع هذه المشاتل غير المشغلة بين جهة فاس –مكناس (مشتالن‪ ،‬كلف‬
‫إنجازهما أكثر من ‪ 11,27‬مليون درهم) وجهة الدار البيضاء –سطات (مشتل واحد‪ ،‬كلف إنجازه‬
‫مبلغ ‪ 7,75‬مليون درهم) وجهة درعة–تافياللت (مشتل واحد‪ ،‬كلف إنجازه مبلغ ‪ 7,40‬مليون درهم‬
‫وجهة سوس –ماسة (مشتل واحد‪ ،‬كلف إنجازه مبلغ ‪ 7,94‬مليون درهم)‪.‬‬

‫‪225‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫أما المشاتل األخرى‪ ،‬والبالغ عددها سبعة عشر (‪ )17‬مشتال‪ ،‬والتي كلف إنجاز أشغالها وتهيئتها‪ ،‬إلى‬
‫غاية متم شهر مايو ‪ ،2022‬غالفا ماليا تجاوز ‪ 206.489.809,06‬درهم‪ ،‬فتبين أنها توجد في وضعية‬
‫استغالل جزئي فقط‪ ،‬حيث ال يتجاوز معدل تشغيل المحالت المهنية المتواجدة بها نسبة ‪ %72‬على‬
‫الرغم من الشروع في استغالل هذه المشاتل منذ أزيد من عشر(‪ )10‬سنوات‪.‬‬
‫وبالتالي فإن عدم تحقق الهدف الكمي للبرنامج من جهة أولى‪ ،‬وعدم تشغيل واستغالل مجموعة من‬
‫المشاتل المنجزة أو تشغيلها جزئيا فقط من جهة ثانية‪ ،‬لم يساعد على المساهمة في بلوغ األهداف‬
‫"والمؤشرات" المسطرة في إطار البرنامج في مجال التشغيل ومواكبة وتحفيز الشباب حاملي‬
‫المشاريع على إنشاء المقاوالت‪ ،‬كما لم يحدث األثر المتوخى بشأن تحفيز االستثمارات الخاصة‬
‫وتطوير النسيج االقتصادي المحلي‪ ،‬وكذا توفير الظروف الالزمة لضمان التقائيته وتكامله مع البرامج‬
‫والتدابير األخرى المماثلة‪.‬‬
‫‪ ‬النتائج واألهداف والمؤشرات المحققة متواضعة‬
‫إن تقييم حصيلة هذا البرنامج‪ ،‬أبان عن محدودية أثر االستثمارات العمومية التي تمت تعبئتها بالنظر‬
‫إلى تواضع نسب تحقق جميع أهداف ومؤشرات البرنامج‪ ،‬حيث لم تساهم جميع المشاتل المشغلة إال‬
‫في إحداث حوالي ‪ 2.765‬منصب شغل من أصل ‪ 40.000‬المتوقعة‪ ،‬أي بنسبة إنجاز ال تزيد عن‪،%7‬‬
‫كما أن مساهمة خمسة (‪ )05‬مشاتل‪ ،‬تم اإلدالء للمجلس بالمعطيات المتعلقة بها‪ ،‬وهي المتواجدة بمدن‬
‫تطوان وشفشاون وتازة والجديدة وآسفي‪ ،‬تبقى جد متواضعة‪ ،‬حيث لم يتم إنشاء سوى ‪ 87‬مقاولة‬
‫من أصل ‪ 4.000‬مقاولة المتوقعة في إطار البرنامج‪ ،‬أي بنسبة إنجاز في حدود ‪ ، %2‬بينما ال تتوفر‬
‫الجهات المعنية على أي معطيات بشأن المشاتل األخرى‪ ،‬في حين تعذر قياس مدى تحقق الهدفين‬
‫اآلخرين المتمثلين في تحفيز استثمارات خاصة بمبلغ ملياري (‪ )2‬درهم وتقليص معدل فشل‬
‫المقاوالت‪ ،‬بسبب عدم توفر األجهزة المعنية على معطيات حول نسبة تحقق هذين المؤشرين (السلطة‬
‫الحكومية المكلفة بالصناعة والتجارة والجماعات الترابية)‪.‬‬
‫‪ ‬إنجاز غير مكتمل ألشغال بعض المشاتل‬
‫إن أشغال إنجاز بعض المشاتل متوقفة أو عالقة منذ فترات بعيدة‪ ،‬دون أن يتم اتخاذ التدابير الالزمة‬
‫لتجاوز أسبابها‪ ،‬والمتمثلة باألساس في تخلي أصحاب الصفقات عن األوراش بسبب عدم صرف‬
‫الجماعات المعنية لمستحقاتهم المالية (كما هو الحال بالنسبة لمشتل المحمدية)‪ ،‬أو لسوء التخطيط‬
‫وعدم كفاية االعتمادات المالية لتغطية األشغال وعدم وفاء الشركاء بالتزاماتهم (كما هو الحال بالنسبة‬
‫لمشتل المقاوالت بمدينة القنيطرة)‪.‬‬
‫وعلى سبيل المثال فإن تنفيذ األجزاء المنجزة من حصة األشغال الكبرى لهذين المشتلين كلف‬
‫استثمارات عمومية إجمالية تقدر بحوالي ‪ 24.697.149,64‬درهم دون تحقيق األثر واألهداف‬
‫المرسومة‪ ،‬منها مبلغ ‪ 8.309.479,00‬درهم‪ ،‬يمثل مجموع النفقات المؤداة مقابل األشطر المنجزة‬
‫من أشغال مشتل المقاوالت بالمحمدية‪ ،‬ومبلغ ‪ 16.387.670,64‬درهم كنفقات مؤداة مقابل ما أنجز‬
‫من األشغال بمشتل المقاوالت "الساكنية" بالقنيطرة‪.‬‬
‫‪ ‬األهداف المحققة في إطار المشاتل المنجزة‬
‫لم يتم تحقيق األهداف المسطرة في إطار البرنامج الوطني لمشاتل المقاوالت‪ ،‬ذلك أن المشاتل المشغلة‬
‫جزئيا لم تساهم بشكل ملموس في دينامية إنشاء المقاوالت وإحداث مناصب الشغل وتطوير النسيج‬
‫االقتصادي المحلي‪ .‬ففيما يخص عدد المقاوالت التي تم إنشاؤها بمعظم المشاتل‪ ،‬فإن المعلومات‬
‫المتوفرة لدى األطراف المعنية ال تشمل سوى خمسة منها‪ ،‬وهي مشاتل تطوان وتازة والجديدة وآسفي‬
‫وشفشاون‪.‬‬
‫في هذا اإلطار‪ ،‬يالحظ أن مجموع المقاوالت المحدثة على مستوى المشاتل الخمسة قد ناهز‬
‫‪ 87‬مقاولة‪ ،‬أي ما يقارب ‪ 18‬مقاولة كمعدل لكل مشتل منها‪ .‬ويعد مشتل المقاوالت بالجديدة أكثر‬
‫مشتل إحداثا للمقاوالت‪ ،‬إذ بلغ عدد المقاوالت المحدثة ‪ 54‬مقاولة‪ ،‬في المقابل‪ ،‬لم يتم إحداث أي‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪226‬‬


‫مقاولة على مستوى مشتل المقاوالت بشفشاون منذ إحداثه سنة ‪ ،2000‬وذلك على الرغم من استفادة‬
‫‪ 29‬شابا من محالته المهنية‪.‬‬
‫أما فيما يخص مناصب الشغل المحدثة‪ ،‬فقد تبين أن عددها اإلجمالي في إطار مجموع المشاتل المشغلة‬
‫جزئيا والبالغ عددها ‪ 17‬مشتال‪ ،‬لم يتجاوز ‪ 2.765‬منصب شغل (بما في ذلك العدد اإلجمالي‬
‫للمستفيدين من إسناد المحالت المهنية البالغ ‪ 848‬مستفيد)‪.‬‬
‫ويتضح وجود تباين كبير على مستوى عدد مناصب الشغل المحدثة بكل مشتل‪ ،‬إذ يعد مشتل المقاولين‬
‫شرع في استغالله خالل سنة ‪ ،2005‬أقل مشتل إحداثا لمناصب الشغل‬ ‫الشباب بجرادة‪ ،‬الذي ُ‬
‫(‪ 25‬منصب شغل بمعدل يقل عن منصبين في كل سنة ومنصب واحد فقط عن كل محل تم إنجازه)‬
‫بالنظر الرتفاع نسبة المحالت غير المشغلة بهذا المشتل والتي ناهزت ‪( %89‬إذ ال يتم تشغيل سوى‬
‫ثالثة محالت فقط من أصل ‪ 28‬التي تم إنجازها)‪ ،‬فيما تم إحداث أكبر عدد من مناصب الشغل بمشتل‬
‫شرع في استغالله خالل سنة ‪ ،2011‬بواقع ‪ 420‬منصب شغل وبمعدل‬ ‫المقاوالت بتاوريرت‪ ،‬الذي ُ‬
‫‪ 42‬منصبا في كل سنة وأربعة مناصب عن كل محل تم إنجازه‪.‬‬
‫ولئن أكدت وزارة الصناعة والتجارة أن عدد فرص الشغل التي مكن البرنامج من إحداثها تبقى دون‬
‫الطموحات‪ ،‬فإنها أرجعت ضعف حصيلة هذا البرنامج إلى ارتباطها بمدى نجاعة تدبير كل المراحل التي‬
‫تقطعها المشاريع من تفويت وتثمين جميع المشاتل المنجزة‪ ،‬وإلى دور مختلف الجهات الفاعلة في تنفيذه‪،‬‬
‫خصوصا التزامات الجماعات الترابية التي تأخذ وقتا كثيرا في تفعيلها‪.‬‬
‫‪ ‬تدبير غير مالئم لغالبية المشاتل من طرف الجماعات‬
‫يعد التدبير المباشر لمشاتل المقاوالت من طرف الجماعات الترابية النمط األكثر انتشارا‪ ،‬ذلك أنه‬
‫باستثناء مشتلي المقاوالت بسطات وبالجديدة اللذين يتم تدبيرهما على التوالي من طرف القطاع‬
‫الخاص وجمعية للمقاوالت‪ ،‬فإن باقي المشاتل تدبر من طرف الجماعات الترابية المعنية‪ .‬إال أنه تبين‬
‫أن إسناد هذه المهام والوظائف للجماعات بشأن إحداث وتدبير المشاتل لم يراع المؤهالت البشرية‬
‫والتقنية الحقيقية لهذه الجماعات الترابية ذات الطابع الحضري في الغالب والتي تتطلبها مثل هذه‬
‫البرامج‪ ،‬األمر الذي ساهم في تفاقم تعثر إنجاز أو تشغيل معظم المشاتل وتواضع حصيلتها التشغيلية‪.‬‬
‫‪ ‬إسناد وشغل المحالت المتواجدة بالمشاتل المشغلة بنسب متباينة‬
‫‪2‬‬
‫تمتد مشاتل المقاوالت المنجزة على مساحات إجمالية تتراوح بين ‪ 1.280‬م (مشتل المقاوالت‬
‫شيدت بهذه الفضاءات محالت مهنية ذات‬ ‫بالفنيدق) و‪ 30.000‬م‪( 2‬مشتل المقاوالت بميسور)‪ .‬وقد ُ‬
‫مساحات مبنية تتراوح بين ‪ 1.040‬م‪ ²‬و‪ 7.200‬م‪ .²‬إال أن المساحة المبنية ال تغطي أحيانا إال نسبة‬
‫ضعيفة من المساحة اإلجمالية للمشتل‪ ،‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬ال تمثل المساحة المبنية بمشتل المقاوالت‬
‫بميسور سوى ‪ %9‬فقط من المساحة اإلجمالية للعقار المحتضن للمشتل‪.‬‬
‫في ما يتعلق بمكونات المشتل‪ ،‬فهي تضم محالت مهنية يتراوح عددها بين ‪ 21‬محال (بمشتل‬
‫المقاوالت بشفشاون) و‪ 100‬محل (بمشتل المقاوالت بتاوريرت) إضافة إلى فضاءات مشتركة أخرى‪.‬‬
‫وقد وصلت النسبة العامة إلسناد المحالت المنجزة بالمشاتل المشغلة نسبة‪ %91‬وهي نسبة مرتفعة‬
‫نسبيا‪ ،‬السيما إذا ما تمت مقارنتها مع النسبة العامة لتشغيل هذه المحالت والتي ال تتعدى ‪.%72‬‬
‫سجلت أدنى نسبة تشغيل للمحالت المنجزة بمشتل المقاوالت بأبي الجعد‪ ،‬حيث إن ‪ %10‬فقط هي‬ ‫و ُ‬
‫التي يتم استغاللها‪ ،‬في حين لم يتم تخصيص كافة المحالت المنجزة إال على مستوى مشتل واحد فقط‪،‬‬
‫ويتعلق األمر بمشتل المقاوالت بتاوريرت‪.‬‬
‫ثانيا‪ .‬مسار تخطيط وإنجاز مشاريع المقاوالت‬
‫تبين أن النموذج الذي تم اعتماده إلنجاز المشاتل لم يكن موضوع دراسة مسبقة بالشكل الكافي وأبان‬
‫عن نواقص خالل عملية التنفيذ والتنزيل‪ ،‬مما أثر سلبا على اإلنجاز المادي لهذه المشاريع وعلى مدى‬
‫تحقيق األهداف المتوخاة‪ ،‬حيث أن صياغة االتفاقيات لم تول العناية الالزمة للشروط التشغيلية‬

‫‪227‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫للمشاتل ولإلجراءات المواكبة الكفيلة ببلوغ الغاية األساسية من البرنامج والمتمثلة في تحفيز إنشاء‬
‫واحتضان المقاوالت الصغرى وإنعاش الشغل‪.‬‬
‫‪ .1‬تخطيط مشاريع مشاتل المقاوالت‬
‫أفرز تقييم مسلسل تخطيط مشاتل المقاوالت مجموعة من المالحظات يمكن إجمالها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬تخطيط مشاتل المقاوالت في غياب وثيقة مرجعية رسمية‬
‫تم إنجاز مشاتل المقاوالت في إطار "البرنامج الوطني لمشاتل المقاوالت" تحت إشراف السلطة‬
‫الحكومية المكلفة بالصناعة والتجارة‪ ،‬علما أن بعض عملياته المالية والمادية ال زالت سارية التنفيذ‬
‫إلى متم شهر مايو ‪ .2022‬فعلى مستوى اإلنجاز‪ ،‬لم يتم اعتماد وثيقة مرجعية رسمية لتصور هذا‬
‫البرنامج وتحديد أهدافه وإجراءاته والجدولة الزمنية لتنفيذه‪ ،‬إذ من شأن هذه الوثيقة أن تحدد مراحل‬
‫تخطيط وتنفيذ وظروف تشغيل مشاريع هذا البرنامج من طرف مختلف الشركاء والمتدخلين‪ ،‬وأن‬
‫تتيح إنجاز مهمات للتقييم المواكب أو البعدي للتأكد من مدى التقيد باإلجراءات والمساطر المعمول‬
‫بها في تنفيذ وتدبير هذه المشاتل على النحو المقرر سلفا‪ ،‬وبالتالي التحقق من بلوغ األهداف المتوخاة‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬تم االكتفاء بتوثيق مشاريع هذا البرنامج الحقا في إطار اتفاقيات متعددة األطراف تهم كل‬
‫واحدة منها أحد المشاتل المزمع إنجازها‪ ،‬وتتضمن بنودها أساسا جزءا من التزامات األطراف‬
‫المتعاقدة من أجل إحداث وتدبير المشتل فقط‪ ،‬دون أن ترقى هذه االتفاقيات إلى مستوى الوثائق التي‬
‫تضمن تخطيط مسار تنفيذ وتشغيل مشاتل المقاوالت‪.‬‬
‫‪ ‬برمجة مشاتل المقاوالت دون إنجاز دراسات جدوى‬
‫لم يتم القيام بدراسات قبلية للجدوى‪ ،‬سواء منها تلك المتعلقة بالبرنامج الوطني لمشاتل المقاوالت أو‬
‫بالمشاريع المترتبة عنه على المستوى الترابي‪ ،‬مما ال ينسجم مع الممارسات الفُضلى المعمول بها‬
‫في مجال التخطيط للبرامج والمشاريع العمومية‪.‬‬
‫فضال عن ذلك‪ ،‬أدى غياب دراسة الجدوى إلى عدم تضمين عدد من االتفاقيات المبرمة بشأن إنجاز‬
‫واستغالل بعض المشاتل عدة معطيات مهمة‪ ،‬كاألغلفة المالية للمشاريع المبرمجة والتزامات‬
‫األطراف والتأكد من تواجد الفئة المستهدفة‪ ،‬وتحديد مكونات المشروع والتأكد من مدى تالؤم األنشطة‬
‫المستهدفة مع حاجيات النسيج االقتصادي المحلي ومن مدى تالؤم الخصائص الفنية للمشتل لطبيعة‬
‫األنشطة المبرمجة‪.‬‬
‫وقد بررت وزارة الصناعة والتجارة غياب دراسات الجدوى بكون البرنامج قد ركز على استهداف المراكز‬
‫القروية المهمشة الصغيرة والمتوسطة وأيضا بعض المدن المحيطة بالمراكز الحضرية الكبرى‪ ،‬وهي‬
‫بالخصوص جماعات ال يتواجد بها أي فضاء مهيكَل لالستقبال الصناعي‪ ،‬مما دفع الوزارة إلى االعتماد على‬
‫الخبرة التي اكتسبتها في مجال تهيئة البنيات التحتية لالستقبال الصناعي‪.‬‬
‫‪ ‬غياب تحديد أهداف ومؤشرات وطنية ومحلية للمشاتل المبرمجة‬
‫على الرغم من المساهمة المالية المهمة التي رصدتها السلطة الحكومية المكلفة بالصناعة والتجارة‬
‫والبالغة أزيد من ‪ 160‬مليون درهم كمبلغ يعبأ إلى جانب مساهمات شركاء آخرين من أجل إنجاز‬
‫مشاتل المقاوالت‪ ،‬لم يتم إقرار منظومة أهداف ومؤشرات مرتبطة بتنفيذ البرنامج الوطني لمشاتل‬
‫المقاوالت من أجل ضمان التحقق عند االقتضاء من مدى استجابة النتائج المحصل عليها لألهداف‬
‫المسطرة سلفا‪ ،‬وذلك عبر وضع أهداف دقيقة مقرونة بمؤشرات قابلة للقياس بعد تنفيذ المشروع‪ ،‬إذ‬
‫أن هذه األهداف لم يتم تحديدها إال بمناسبة وضع خطة عمل الوزارة المعنية لسنة ‪ 1998‬من خالل‬
‫استهداف إحداث ‪ 4.000‬مقاولة و‪ 40.000‬منصب شغل وتحفيز لالستثمارات بمبلغ ملياري درهم‪،‬‬
‫دون تحديد السقف الزمني لبلوغ هذه األهداف‪.‬‬
‫عالوة على أن جل االتفاقيات الموقعة بخصوص إحداث المشاتل لم تول كثير العناية لتحديد هذه‬
‫األهداف والمؤشرات‪ ،‬إذ حصرت الغايات من إحداثها في توفير محالت مهنية للمقاولين الشباب فقط‪،‬‬
‫وهو ما يمكن اعتباره إجراء غير كاف لتحقيق الغاية المتوخاة من كل مشتل‪ ،‬حيث لم تتم اإلشارة إلى‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪228‬‬


‫أهداف ومؤشرات قابلة للقياس وإلى األهداف المتوخاة من وراء إنشاء المقاوالت وضمان استمرار‬
‫نشاطها بعد فترة االحتضان بالمشتل وإحداث فرص الشغل‪.‬‬
‫‪ ‬أداء غير ناجع لمنظومة الحكامة المعتمدة لتتبع تنفيذ مشاريع البرنامج‬
‫إن إطالق البرنامج الوطني لمشاتل المقاوالت تم دون وضع هيئة حكامة مركزية مكلفة بتتبع تنفيذ‬
‫هذا البرنامج بصفة شاملة‪ ،‬إذ أن نموذج الحكامة الذي تم اتباعه الحقا اكتفى بتكوين لجان خاصة بكل‬
‫مشتل تتألف من األطراف الشريكة وتختص بتتبع ومعالجة اإلشكاليات المرتبطة به على حدة‪ .‬وقد‬
‫أتاح االطالع على حصيلة عمل هذه اللجان الوقوف على تباين وتيرة اشتغالها وحصيلة عملها‬
‫واختالف ممارساتها ومواقفها القانونية من مشتل إلى آخر‪.‬‬
‫وقد أدى عدم تأسيس لجنة حكامة مرتبطة بالبرنامج في شموليته‪ ،‬يناط بها ضبط العالقة بين الشركاء‬
‫والتحكيم بينهم‪ ،‬عند االقتضاء‪ ،‬وتقنين بعض اإلجراءات والمساطر المتبعة‪ ،‬إلى حدوث اختالفات‬
‫جذرية بين الشركاء فيما يخص بعض المشاتل المنجزة ترتب عنها تغييب المقاربة التنسيقية والتوافقية‬
‫وتأخير عملية استغالل المشاتل‪ .‬وتبرز في هذا الشأن حالة مشتل المقاوالت "البستان ‪ "3‬بمدينة وجدة‬
‫الذي عرف تباينات في الرؤى بين المجلس الجماعي لوجدة والسلطة الحكومية الشريكة بخصوص‬
‫دفتر التحمالت وملحق االتفاقية رقم ‪ II‬المصادق عليهما من طرف المجلس الجماعي خالل سنة‬
‫‪ 2002‬واللذين تم رفضهما من طرف السلطة الحكومية المكلفة بتدبير البرنامج‪ ،‬إذ لم يتم التوافق‬
‫بشأنهما إال خالل سنة ‪ ،2010‬مما أخر عملية الشروع في استغالل المحالت المهنية‪.‬‬
‫‪ ‬إسناد أدوار أساسية للجماعات في إحداث وتدبير المشاتل دون مراعاة إلمكانياتها‬
‫ومؤهالتها في المجال‬
‫أسندت األطراف الشريكة للجماعات أدوارا أساسية فيما يخص إنجاز وتشغيل هذه المشاتل‪ ،‬مما يجعل‬
‫مجهودات ونتائج عمل الجماعات حاسمة في نجاح أو فشل هذه المشاريع‪ .‬وتتمثل األدوار الملقاة على‬
‫عاتق الجماعات إجماال في تعبئة الوعاء العقاري وتجهيزه وفي القيام بعمليات البناء بصفتها صاحبة‬
‫المشروع والمكلفة بصيانة البنايات كما تتولى مهمة تأسيس لجان التأطير والمواكبة قصد تقديم النصح‬
‫والدعم للمقاولين الشباب‪.‬‬
‫إن إسناد كافة هذه األدوار للجماعات المحتضنة لهذه المشاتل ذات الطابع الحضري في الغالب‪ ،‬لم‬
‫يأخذ بعين االعتبار اإلمكانيات التقنية والمؤهالت البشرية المتاحة لدى الجماعات المعنية‪ ،‬سواء من‬
‫حيث قدرة اإلشراف على صفقات الدراسات واألشغال ذات الكلفة المرتفعة‪ ،‬أو من حيث مواكبة‬
‫ودعم المقاولين الشباب المستهدفين بهذه المشاتل‪ ،‬مما أثر سلبا على مدى اضطالعها بهذه المهام‬
‫وأدى إلى تعثر مجموعة من الصفقات المبرمة وتوقف األشغال المتعلقة بها وكذا انعدام خدمات‬
‫اإلرشاد والمواكبة بالمشاتل المنجزة‪.‬‬
‫‪ ‬إجراءات غير كافية لمواكبة ودعم المقاولين الشباب بالمشاتل‬
‫إن النموذج الذي تم اعتماده الستغالل مشاتل المقاوالت واحتضان المقاولين الشباب أبان عن نقائص‬
‫خالل عملية التنفيذ والتنزيل‪ ،‬وذلك لعدم إحاطته بمختلف الشروط الضرورية الضامنة لنجاحه‪ ،‬حيث‬
‫لم يتم إقرار إجراءات المواكبة والمصاحبة وكذا آليات الدعم المالي التي من شأنها أن تسهم في بلوغ‬
‫الغاية األساسية من المشروع‪ ،‬والمتمثلة في تحفيز إنشاء المقاوالت الصغرى واحتضانها مع ما‬
‫يستلزم ذلك من إرشاد ونصح وتكوين ودعم مالي خالل مراحل االنطالق في دورة المشروع حتى‬
‫يتسنى تجاوز المراحل األولى لكونها غالبا صعبة ومحفوفة بالمخاطر‪.‬‬
‫وقد نصت االتفاقيات ذات الصلة على ضرورة تأسيس الجماعات لخلية مكلفة بتقديم النصح‬
‫والمواكبة‪ ،‬إال أن هذا البند ظل غير مفعل نظرا لعدم تأسيس هذه البنيات والفتقار الجماعات للموارد‬
‫البشرية وللمؤهالت والكفاءات الالزمة للقيام بهذه المهام‪.‬‬
‫أما بخصوص الجانب المالي‪ ،‬فلم يتم إقرار أية آلية تمويلية لدعم المقاوالت المستهدف إنشاؤها‪ ،‬إذ‬
‫تبين أن البرنامج الوطني لمشاتل المقاوالت تم اعتماده في إطار القرار الحكومي القاضي بتقديم‬

‫‪229‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫قروض للمقاولين الشباب وكذا برنامج األولويات االجتماعية‪ ،‬إال أن عدم السعي نحو ضمان االلتقاء‬
‫والتكامل بين آليتي الدعم المالي (القروض) وتوفير فضاءات االحتضان (المشاتل)‪ ،‬وتأخر التنفيذ‬
‫المادي لمشاتل المقاوالت‪ ،‬أفقد هاتين اآلليتين الفعالية واالنسجام الالزمين لبلوغ األهداف المتوخاة‪.‬‬
‫أرجعت وزارة التجارة والصناعة عدم خلق خاليا التتبع والنصح ببعض المشاتل إلى تدني مستوى تثمين هذه‬
‫المشاتل بشكل لم يسمح بتوفير إيرادات كافية لتوظيف مدير الخلية‪ ،‬وإلى صعوبة فرض الجماعات للتقيد‬
‫بدفاتر التحمالت من طرف المستفيدين من المحالت المهنية‪ ،‬وذلك باحترام فترات االحتضان المنصوص‬
‫عليها وكذلك أداء واجبات الكراء‪.‬‬
‫‪ ‬صياغة االتفاقيات المتعلقة بالمشاتل بشكل يحد من التدبير األمثل لها‬
‫ال تضمن بنود مختلف االتفاقيات التي تم توقيعها بين الشركاء إلحداث مشاتل المقاوالت انسجاما‬
‫واتساقا مع متطلبات وأهداف المشروع‪ ،‬مما ترتب عنه االضطرار إلى إدخال تعديالت في عدة‬
‫مناسبات لتجاوز النقائص التي حالت دون ضمان التنفيذ والتدبير األمثل للمشروع‪.‬‬
‫فعلى سبيل المثال‪ ،‬لم تحدد هذه االتفاقيات آجال وفاء الشركاء بالتزاماتهم التعاقدية وآجاال لتنفيذ‬
‫األشغال المتعلقة بمشاريع المشاتل من أجل ضمان تشغيلها داخل آجال معقولة‪ ،‬واستعاضت عن ذلك‬
‫بترك حرية التصرف ألطراف االتفاقية في التقرير بشأن اآلجال وفق جدولة زمنية متوافق بشأنها‪،‬‬
‫فيما حددت بعض االتفاقيات طبيعة االلتزامات الموضوعة على عاتق الشركاء دون تقدير قيمتها‬
‫المالية‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق بطريقة إسناد المحالت‪ ،‬فقد أشارت معظم االتفاقيات إلى أن تسليم المحالت للمقاولين‬
‫يتم عن طريق الكراء بينما تشير أخرى إلى أن استغاللها يتم عن طريق "االحتالل المؤقت"‪ ،‬في حين‬
‫تتضمن نفس االتفاقيات ما يتيح إمكانية تفويت المحالت المهنية بناء على طلبات االستفادة المقدمة من‬
‫طرف حاملي المشاريع‪ ،‬عالوة على كون ديباجة هذه االتفاقيات تشير‪ ،‬ضمن أهدافها‪ ،‬إلى كونها‬
‫ترمي إلى مساعدة المستفيدين على "اقتناء" المحالت المذكورة‪.‬‬
‫وقد ساهمت طبيعة التدبير المشترك وما طرحه من إكراهات مرتبطة بصعوبة التنسيق بين الجماعات‬
‫الترابية والسلطة الحكومية المعنية‪ ،‬في التأخر في معالجة التناقضات سالفة الذكر واستدراك أمور‬
‫جوهرية أخرى لم ترد بشأنها بنود في االتفاقيات‪ ،‬من قبيل عدم تنصيصها على ضرورة إنجاز دفتر‬
‫تحمالت ينبثق عنها‪ ،‬سواء أكان اعتماده بكيفية مشتركة من أطراف االتفاقية أو بمبادرة منفردة‬
‫للجماعة‪ .‬وقد كان من بين نتائج هذه التناقضات اضطرار الشركاء إلى إدخال تعديالت على االتفاقيات‬
‫األصلية بغية تداركها‪ ،‬وبالتالي تأخير عمليات الشروع في تشغيل معظم المشاتل المنجزة‪.‬‬
‫وإن أرجعت وزارة الصناعة والتجارة هذه النقائص إلى كون االتفاقيات األولية تمت صياغتها منذ أكثر من‬
‫‪ 20‬سنة مما يفسر عدم إدراج بعض التدابير والبنود بها‪ ،‬فقد أفادت بأن الخبرة المكتسبة انطالقا من المشاريع‬
‫السابقة مكنت من تدارك النقائص المسجلة بمناسبة توقيع اتفاقيات حديثة‪.‬‬
‫‪ .2‬تقييم تنفيذ أشغال مشاتل المقاوالت‬
‫إن عدم إحكام وضبط مرحلة تخطيط مشاتل المقاوالت كان له أثر بالغ على سالمة ووتيرة عمليات‬
‫التنفيذ المادي لهذه المشاتل‪ ،‬إذ عانت في الغالب من تعثر أشغال إنجازها‪ .‬وفي هذا الشأن‪ ،‬اتضح أن‬
‫النقائص التي شابت هذه المرحلة تمثلت‪ ،‬على الخصوص‪ ،‬فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬توطين بعض المشاتل بشكل حد من جاذبيتها‬
‫لم يتم اختيار مواقع مناسبة لتوطين بعض مشاتل المقاوالت‪ ،‬بشكل يضمن نجاح هذه المشاتل ويساعد‬
‫على تحقيق األهداف المراد بلوغها‪.‬‬
‫فعلى سبيل المثال‪ ،‬يتضح أن الموقع الذي اختير كمشتل للمقاوالت بمدينة آسفي لم يشكل عامال إيجابيا‬
‫في تحفيز نجاح المقاوالت الناشئة‪ ،‬حيث يتواجد بمنطقة ال تتوفر على ولوجية للمنطقة الصناعية‬
‫وللمعامل المتواجدة بها وكذا لمقر المكتب الشريف للفوسفاط على اعتبار كونهم زبناء مستهدفين من‬
‫طرف أغلب المقاوالت المنشأة‪ ،‬عالوة على وجود ممر سككي يحول دون الولوج إلى الضفة األخرى‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪230‬‬


‫المطلة على المعامل‪ ،‬وهو ما أثر سلبا على جاذبية المشتل وقدرته على استقطاب الشباب حاملي‬
‫المشاريع‪.‬‬
‫وفي نفس اإلطار‪ ،‬ف إن عدم إسناد المحالت المتواجدة بمشتل المقاوالت ببنسليمان (جماعة واد‬
‫الشراط) يرجع إلحجام المقاولين الشباب عن تقديم طلباتهم في الموضوع ألسباب تعزى باألساس إلى‬
‫بعد المشتل عن المناطق السكنية‪.‬‬
‫‪ ‬وفاء بعض الشركاء بالتزاماتهم التعاقدية خارج اآلجال المعقولة‬
‫في ظل عدم التنصيص الدقيق ضمن بنود االتفاقيات الموقعة على آجال الوفاء بالتزامات الشركاء‪،‬‬
‫فإن بعض الجماعات الترابية لم تعمل على الوفاء بجميع التزاماتها سواء ضمن االتفاقيات األصلية‬
‫أو مالحقها‪ ،‬السيما من حيث التقيد بآجال معقولة لإلنجاز وكذا حث الشركاء اآلخرين على تنفيذ‬
‫التزاماتهم بصفة موازية‪.‬‬
‫وكمثال على ذلك‪ ،‬لم تستطع جماعة تاوريرت توفير قطعة أرضية مجهزة تبلغ مساحتها‬
‫‪ 15.260‬مترا مربعا حيث تكفلت باألمر الحقا وكالة إنعاش وتنمية الشمال التي انضمت لالتفاقية‬
‫األولى بتاريخ ‪ 26‬يوليوز ‪ ،2002‬والتي تحملت بموجبها النفقات المتعلقة بإيصال التجهيزات‬
‫األساسية للمشتل في حدود ثالثة ماليين درهم‪ ،‬أي بعد تأخر الشروع في إنجاز المشروع ألزيد من‬
‫خمس سنوات‪.‬‬
‫أما بخصوص مشتل المقاوالت بالمحمدية‪ ،‬فلم يتم توفير التمويل في اآلجال المناسبة من لدن السلطة‬
‫الحكومية المكلفة بالصناعة والتجارة‪ ،‬مما أدى إلى صعوبات في التنفيذ المادي للمشتل وتوقف أشغاله‬
‫منذ سنة ‪ 2004‬دون اتخاذ تدابير إليجاد حلول مناسبة وناجعة‪ ،‬حيث أن أشغال المشتل ما تزال متوقفة‬
‫في مرحلة األشغال الكبرى بعد تخلي صاحب الصفقة عن الورش بسبب عدم صرف الجماعة‬
‫لمستحقاته المالية‪.‬‬
‫وفي نفس السياق‪ ،‬وبخصوص مشتل المقاوالت بأبي الجعد‪ ،‬لم تتمكن الجماعة من توفير االعتمادات‬
‫الالزمة لتجهيز منطقة مشتل المقاوالت بالشبكات األساسية كما التزمت بذلك بموجب االتفاقية األولى‬
‫إلحداث المشتل المذكور‪ ،‬وهو ما تكفلت به الحقا عمالة إقليم خريبكة سنة ‪( 2008‬أي بعد أزيد من‬
‫‪ 4‬سنوات من توقيع االتفاقية األولى) المتمثل في القيام بأشغال الربط بشبكات التطهير السائل والماء‬
‫الصالح للشرب والطرق والتي تم تسلمها مؤقتا خالل سنة ‪ 2012‬بكلفة بلغت‬
‫‪ 3.356.798,79‬درهما‪ ،‬بينما تولت جماعة أبي الجعد خالل سنة ‪ 2017‬تمويل تزويد منطقة مشتل‬
‫المقاوالت بالكهرباء‪ .‬لكن على الرغم من ذلك‪ ،‬ظل المشتل غير قابل لالستغالل ليتم التوقيع على‬
‫ملحق اتفاقية بتاريخ ‪ 26‬أكتوبر‪ ،2020‬التزمت بموجبه السلطة الحكومية المكلفة بالصناعة والتجارة‬
‫بدفع مبلغ ‪ 1.538.300,00‬درهما للمديرية اإلقليمية للتجهيز والنقل من أجل إتمام أشغال المشتل‪.‬‬
‫‪ ‬شروع متأخر في استغالل مشاتل المقاوالت نتيجة تعثرات متواترة في تنفيذ أشغالها‬
‫يتبين من خالل تقييم المدة الفاصلة بين تاريخ التوقيع على اتفاقيات إحداث المشاتل وتاريخ الشروع‬
‫في إجراءات إسناد المحالت المنجزة لفائدة المقاولين الشباب‪ ،‬طول الفترة الزمنية الفاصلة بينهما‪،‬‬
‫مما قد يمس براهنية وواقعية المعطيات التي تم على أساسها وضع تصور المشاريع‪ .‬ويرجع هذا‬
‫التأخر في الغالب إلى الصعوبات التي عرفتها صفقات األشغال المبرمة سواء من طرف الجماعات‬
‫أو وكالة إنعاش وتنمية الشمال وكذا المديريات اإلقليمية للتجهيز والنقل‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬تبين أن المدة الفاصلة بين تواريخ التوقيع على االتفاقيات المتعلقة بإنجاز معظم المشاتل وبين‬
‫تواريخ الشروع في االشتغال‪ ،‬تتجاوز العشر (‪ )10‬سنوات مثال بالنسبة لمشتل المقاوالت غار البارود‬
‫بمدينة وجدة ومشتل المقاوالت بسلوان (الناضور) ومشتل المقاوالت بسطات‪ ،‬بينما تتجاوز هذه المدة‬
‫العشرين (‪ )20‬سنة كما هو األمر بالنسبة لمشاتل المقاوالت بمدن القنيطرة والمحمدية وأكادير‪.‬‬
‫ولئن أكدت وزارة الصناعة والتجارة التأخر المسجل في بعض مشاتل المقاوالت على مستوى تسلم األشغال‬
‫والشروع في عمليات االستغالل‪ ،‬فإنها فسرته بعوامل متعددة مثل‪:‬‬

‫‪231‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫‪ -‬صعوبة فتح الحساب الخصوصي وطول المدة الالزمة لذلك بسبب تعقيد المسطرة بين الجماعة ووزارتي‬
‫الداخلية والمالية؛‬
‫‪ -‬عدم تسوية الوضعية العقارية لألراضي المخصصة الستقبال المشاريع؛‬
‫‪ -‬عدم توفر بعض الشركاء المحليين على الموارد المالية الالزمة لتغطية نفقات أشغال التهيئة‪.‬‬
‫‪ ‬توقف أشغال عدد من المشاتل حال دون الشروع في استغاللها‬
‫لم يتم استكمال إنجازأشغال عدد من مشاتل المقاوالت‪ ،‬مما عاق عملية الشروع في استغاللها وحول‬
‫البنايات المنجزة إلى منشآت متهالكة ودون تحقيق الفائدة المرجوة‪ ،‬وذلك على الرغم من المبالغ‬
‫المالية المهمة التي صرفت من أجل إنجازها‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة للمشاتل المتواجدة بعماالت وأقاليم‬
‫أكادير إداوتنان والقنيطرة والمحمدية وبنسليمان وخريبكة وتنغير‪.‬‬
‫ويرجع تعثر األشغال بعدد من المشاتل إلى النقائص المرتبطة بمرحلة التخطيط أو بقصور في‬
‫اإلشراف والمراقبة أ ثناء تنفيذ هذه المشاتل أو لتعدد أصحاب المشاريع‪ ،‬مما أدى إلى عدم كفاية‬
‫االعتمادات المالية لتغطية األشغال أو إلى عدم قدرة الشركاء على الوفاء بالتزاماتهم‪ ،‬خاصة فيما‬
‫يتعلق ب تجهيز البقع األرضية من طرف الجماعات‪ ،‬ونشوب نزاعات بين المقاوالت وأصحاب‬
‫المشاريع (حالة مشتلي المحمدية والدراركة)‪.‬‬
‫كما تم تسلم بعض المشاتل مؤقتا والشروع في تشغيلها رغم عدم قابليتها لالستغالل‪ ،‬مما اضطر‬
‫المستفيدين إلى إتمام بعض األشغال الداخلية وتحمل النفقات ذات الصلة‪ ،‬رغم أن استفادتهم من‬
‫المحالت المهنية يفترض أنها ذات طابع مؤقت‪ ،‬أو أدى إلى عزوف بعضهم اآلخر عن تقديم طلبات‬
‫االستفادة من هذه المحالت‪ ،‬ويتعلق األمر بمشاتل المقاوالت المتواجدة بجماعات تازة وأبي الجعد‬
‫والدراركة وابن جرير‪.‬‬
‫ثالثا‪ .‬تقييم استغالل وأداء مشاتل المقاوالت المنجزة‬
‫شابت تشغيل مشاتل المقاوالت مجموعة من النقائص لعدم تطابق استغاللها مع الطابع المؤقت لعمليات‬
‫االحتضان‪ ،‬مما أثر على أدائها ومدى بلوغ أهداف البرنامج الوطني لمشاتل المقاوالت‪:‬‬
‫‪ .1‬استغالل مشاتل المقاوالت‬
‫خالفا للمعايير المقررة بمقتضى االتفاقيات الموقعة ودفاتر التحمالت المنظمة لتدبير المشاتل‪ ،‬تبين‬
‫أن استغالل المشاتل المنجزة عرف عدة نقائص‪ ،‬ترتبط بما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬إسناد محالت في غياب دفاتر تحمالت ودون إبرام عقود الكراء‬
‫أ ُسنِّ دت بعض المحالت المهنية في غياب دفتر للتحمالت يحدد المعايير المعتمدة النتقاء المستفيدين‬
‫واإلطار المرجعي لتنظيم عالقتهم بالجماعة ووضع ضوابط استغاللهم للمحالت وإجراءات اإلسناد‬
‫أو الفسخ‪ .‬ويتعلق األمر بجميع المحالت المسندة المتواجدة بمشتل جماعة سطات‪ ،‬وكذا المحالت‬
‫المسندة بمشتل جماعة تاوريرت قبل سنة ‪ 47( 2009‬محال)‪ ،‬إضافة إلى جزء من المحالت التي تم‬
‫تخصيصها بمشتلي طنجة (‪ 15‬محال) وشفشاون (‪ 09‬محالت)‪.‬‬
‫كما أن جميع عقود الكراء المتعلقة بمشتل المقاوالت بتاوريرت لم تبرم إال بعد مدة تراوحت ما بين‬
‫‪ 8‬أشهر و‪ 6‬سنوات من إسناد المحالت والشروع في استغاللها‪ ،‬مما فوت على الجماعة مداخيل‬
‫الكراء المستحقة عن تلك الفترة وأفرز وضعية شغل تلك المحالت بدون سند قانوني‪ .‬كما أن عددا من‬
‫عقود الكراء بنفس المشتل يتم تمديدها بأثر رجعي‪ ،‬إذ تعمد الجماعة إلى قبول تمديد عقود انقضت‬
‫في فترات سابقة‪ ،‬وذلك بسبب عدم سلك المستفيدين إلجراءات التمديد المنصوص عليها في عقود‬
‫الكراء عبر توجيه طلب إلى الجماعة بواسطة البريد المضمون قبل انصرام مدة صالحية العقد بستة‬
‫أشهر‪ ،‬وهو ما يجعل المستفيدين منها في وضعية غير قانونية تجاه الجماعة لعدم وجود أية عالقة‬
‫تعاقدية سليمة تربطهم بها بعد انتهاء مدة صالحية العقود‪ ،‬مما ينطوي على مخاطر تضر بمصالح‬
‫الجماعة‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪232‬‬


‫‪ ‬إبرام عقود كراء ال تنسجم وأهداف البرنامج الوطني لمشاتل المقاوالت‬
‫اتضح من خالل االطالع على مختلف التعديالت التي عرفها دفتر التحمالت الخاص بمشتل المقاوالت‬
‫بابن جرير‪ ،‬أن عقود الكراء ال تحترم مقتضيات وأهداف البرنامج الوطني لمشاتل المقاوالت فيما‬
‫يتعلق بمدة عقود الكراء‪ ،‬والتي تهدف باألساس إلى اعتماد مبدأ التناوب على استغالل المحالت‬
‫المهنية التي يوفرها المشتل خالل مدة زمنية ال تتجاوز ‪ 36‬شهرا والتي يمكن تمديدها مرة واحدة من‬
‫طرف لجنة إسناد هذه المحالت في حالة عدم بلوغ المشروع مرحلة النضج المطلوبة‪.‬‬
‫في حين أنه‪ ،‬وبعد مضي مدة االستغالل المنصوص عليها في دفتر التحمالت المصادق عليه من قبل‬
‫المجلس الجماعي خالل دورة يوليوز ‪ ،2006‬والتي حددت في ‪ 36‬شهرا قابلة للتجديد مرة واحدة‪،‬‬
‫تم تمديد مدة الكراء إلى ثالث سنوات ثم إلى خمس سنوات قابلة للتجديد بموجب دفتر التحمالت‬
‫المصادق عليه من قبل المجلس الجماعي في دورة أبريل ‪ ،2014‬مما أدى إلى استغالل المستفيدين‬
‫لهذه المحالت بشكل دائم منذ تاريخ إسنادها‪.‬‬
‫كما أن مدة كراء محالت مشتل المقاوالت بآسفي المنصوص عليها بالعقود ذات الصلة تتجاوز مدة‬
‫‪ 36‬شهرا المحددة في النموذج الخاص بالمشاريع الممولة في إطار البرنامج الوطني لمشاتل‬
‫المقاوالت‪ ،‬لتصل إلى ‪ 60‬شهرا قابلة للتجديد دون حد أقصى‪ ،‬وهو ما يتعارض وأهداف البرنامج‪.‬‬
‫وقد ترتب عن هذه التعديالت تجاوز جميع المستفيدين للمدة التعاقدية للكراء‪ ،‬إذ أن جميع مستغلي‬
‫مشتل ابن جرير قد تجاوزوا مدة ‪ 10‬سنوات‪.‬‬
‫‪ ‬تدابير غير كافية خاصة بإدماج مقاربة النوع‬
‫لم تتضمن االتفاقيات األولية ومالحقها أو دفاتر التحمالت المعتمدة لتحديد معايير االستفادة من محالت‬
‫مشاتل المقاوالت أي تدابير خاصة للعمل بمقاربة النوع لضمان وجود توازن يهم استفادة النساء‬
‫واألشخاص ذوي االحتياجات الخاصة من المحالت المهنية‪ ،‬مما ترتب عنه ضعف استفادة هاتين‬
‫الفئتين من هذه المشاتل‪ .‬ويظهر االطالع على وضعية المستفيدين أن عدد المستفيدين من النساء بلغ‬
‫‪ 35‬من أصل ‪ 848‬مستفيدا‪ ،‬في حين استفاد شخص واحد من ذوي االحتياجات الخاصة من المحالت‬
‫المسندة‪.‬‬
‫‪ ‬األنشطة الممارسة في المشاتل المشغلة ال تتوافق مع األنشطة المستهدفة‬
‫حددت االتفاقيات المتعلقة بإحداث مشاتل المقاولين الشباب وكذا دفاتر التحمالت المتعلقة بها األنشطة‬
‫المستهدفة في مشاريع المقاوالت التي تنشط في المجال الصناعي أو المهن المتعلقة بقطاع الصناعة‪،‬‬
‫شريطة أن يتم إنشاء هذه المقاوالت قبيل أو أثناء فترة االحتضان‪ ،‬وأال يتعلق األمر بتوسيع نشاط أو‬
‫نقله من مكان آخر إلى المشتل‪ ،‬إضافة إلى وجوب أن تكون األنشطة المقترحة ذات صبغة حديثة‬
‫ومبتكرة وأن تساهم في إحداث أكبر عدد من مناصب الشغل‪.‬‬
‫إال أن األنشطة المزاولة على مستوى بعض مشاتل المقاوالت (طنجة‪ ،‬شفشاون‪ ،‬تازة‪ ،‬سطات‪ ،‬وجدة‬
‫البستان ‪ ،)3‬ال تستجيب للشروط المنصوص عليها‪ ،‬إذ تقتصر على أنشطة ال تمت بصلة لما هو‬
‫صناعي‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة لألنشطة المتعلقة باإلطعام والنجارة واللحامة والنسيج واأللبسة‪،‬‬
‫عالوة على كونها تفتقر إلى الطابع االبتكاري وال تساهم في إحداث مناصب الشغل في غالب األحيان‪،‬‬
‫مما يؤكد وجود نقص فيما يتعلق باختيار األنشطة المالئمة للمشاتل‪ ،‬أو في التأكد مسبقا من وجود فئة‬
‫مستهدفة قبل الشروع في تنفيذ المشاريع‪.‬‬
‫وقد كان من نتائج موافقة لجان التوزيع على إسناد محالت لممارسة أنشطة بالمشاتل المنجزة غير‬
‫تلك المرتبطة بالمجال الصناعي‪ ،‬إعاقة تكريس مبدأ تناوب وتعاقب المقاولين على المحالت المهنية‬
‫وإثارة صعوبات أثناء حلول أجل إخالء هذه المحالت‪ ،‬على اعتبار أن األنشطة الممارسة في الواقع‬
‫داخل هذه المشاتل ترتكز على بعض عناصر األصل التجاري التي تساهم جوهريا في نجاح النشاط‪،‬‬
‫والتي يصعب على المستفيدين التخلي عنها‪.‬‬

‫‪233‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫وتعتبر وزارة الصناعة والتجارة أن تدبير مشاتل المقاوالت يتميز بطابع المرونة‪ ،‬إذ أنه وعلى الرغم من‬
‫إيالء األولوية للوحدات الصناعية التي تخلق أكبر عدد ممكن من مناصب الشغل‪ ،‬فإنه يمكن لهذه المشاريع أن‬
‫تضم أنشطة أخرى مثل الحرف‪ ،‬والتنمية الزراعية عندما يتطلب السياق االقتصادي للمنطقة ذلك‪ ،‬كما هو‬
‫الشأن بالنسبة لمشتل شفشاون الذي يتكيف نشاطه مع التوجه االقتصادي للمدينة‪ ،‬وهي السياحة والحرف‬
‫اليدوية‪.‬‬
‫‪ ‬تعديل شروط االستفادة من المشتل بسبب عدم التأكد من تواجد فئة مستهدفة قبل‬
‫التنفيذ‬
‫حددت المادة ‪ 2‬من القانون رقم ‪ 13.94‬بشأن استخدام صندوق النهوض بتشغيل الشباب شروط‬
‫االستفادة من التمويل بتشغيل الشباب المتراوحة أعمارهم ما بين ‪ 20‬و‪ 45‬سنة والمتوفرين على شهادة‬
‫التعليم العالي أو شهادة التكوين المهني أو شهادة تثبت تأهيلهم المهني‪ ،‬وهي نفسها الشروط التي نصت‬
‫عليها اتفاقيات إحداث مشاتل المقاوالت‪.‬‬
‫إال أنه لم يتم احترام معيار السن المحدد سلفا بخصوص بعض مشاتل المقاوالت‪ ،‬كما هو الشأن مثال‬
‫بالنسبة لمشتل المقاوالت بجماعة ميسور (غير المشغل منذ إحداثه)‪ ،‬إذ أنه تم اشتراط سن يتراوح‬
‫بين ‪ 20‬سنة و‪ 40‬سنة كمعيار لالستفادة‪ ،‬ليتم تمديده إلى سن ‪ 50‬سنة كحد أقصى بموجب ملحق‬
‫لالتفاقية األصلية‪ ،‬بسبب عدم توصل اللجنة الثالثية المشرفة على اختيار المستفيدين بأي طلب‪.‬‬
‫وتعزى هذه الوضعية إلى غياب دراسة جدوى متعلقة بالمشروع تتيح التأكد من تواجد فئة مستهدفة‬
‫قبل الشروع في تنفيذه‪.‬‬
‫‪ ‬إسناد محالت مهنية لمستفيدين ال يستوفون الشروط المقررة‬
‫على الرغم من إقرار مجموعة من المقتضيات باالتفاقيات المحدثة لمشاتل المقاوالت ودفاتر تحمالتها‬
‫بخصوص الشروط الواجب توفرها في المقاولين الشباب لالستفادة من المحالت المهنية‪ ،‬فقد تم إسناد‬
‫محالت تجارية لعدد منهم رغم عدم استيفائهم للشروط الموضوعة سلفا‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬تم الوقوف مثال‪ ،‬على أن اللجنة الثالثية المشتركة لمشتل البستان ‪ 3‬بمدينة وجدة قد أسندت‬
‫محالت ل ‪ 17‬من حاملي المشاريع ال تتوفر فيهم الشروط سالفة الذكر‪ ،‬إذ أن بعضهم غير عاطل عن‬
‫العمل (مسيرو شركات‪ )..‬أو لم يقدموا ما يفيد الموافقة المبدئية لتمويل مشاريعهم من طرف مؤسسات‬
‫القروض‪ ،‬كما تبين أن أربعة مستفيدين بمشتل تاوريرت‪ ،‬تنعدم فيهم بعض الشروط لكونهم مقيمين‬
‫خارج اإلقليم أو لعدم بلوغهم أو تجاوزهم السن القانوني‪ ،‬في حين حصل مستفيد آخر على محلين‬
‫بنفس المشتل‪ ،‬كما أن أحد المستفيدين بمشتل الجديدة ال يحمل الجنسية المغربية‪ ،‬عالوة على أن أحد‬
‫عشر (‪ )11‬مستفيدا من مشتل المقاوالت بجماعة ابن جرير تتجاوز أعمارهم سن ‪ 45‬سنة‪.‬‬
‫‪ ‬تفعيل محدود آلليات اإلشراف والمتابعة‬
‫عرف تدبير جميع مشاتل المقاوالت قصورا في اإلشراف والمتابعة اللذين يضمنان استغالال يتوافق‬
‫مع االلتزامات التعاقدية وينسجم مع أهداف المشاتل‪ ،‬وذلك من خالل متابعة مرحلية لتدبير المشاتل‬
‫وصيانتها والتحضير لتوسعتها مع تتبع عمليات المصاحبة وكذا تنزيل إجراءات المواكبة وتقييم النتائج‬
‫المحققة والوقوف على اإلكراهات والمعيقات المطروحة والبحث على الوسائل والحلول الكفيلة‬
‫بتجاوزها‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬لم يتم إحداث خلية التتبع والنصح بمشاتل المقاوالت المشغلة رغم التنصيص عليها باالتفاقيات‬
‫األصلية إلحداث مشاتل المقاوالت ومالحقها‪ ،‬في حين أن المشاتل التي تتوفر على هذه الخلية ال توفر‬
‫العدد الكافي والمؤهل من الموظفين‪ ،‬كتلك الكائنة بمشتلي تازة وطنجة والتي تتكون من موظف‬
‫جماعي واحد فقط تقتصر مهمته على تتبع وضعية الباقي استخالصه‪ ،‬دون أن تشمل خدمات التتبع‬
‫والنصح‪.‬‬
‫ولئن أشارت وزارة الصناعة والتجارة إلى أن إجراءات التتبع والمواكبة تدخل ضمن اختصاصات الشركاء‬
‫المحليين‪ ،‬فإنها أفادت بأنها تعمل على الرغم من ذلك على مساندتهم على تخطي مختلف الصعوبات التي‬
‫تواجههم من خالل وضع عدة تدابير من شأنها تحسين الوضعية التشغيلية لهذه المشاتل‪ ،‬من بينها‪:‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪234‬‬


‫‪ -‬إعادة توزيع المحالت غير المستغلة من خالل اللجنة الثالثية طبقا التفاقية الشراكة وملحقاتها؛‬
‫‪ -‬حل اإلشكالية المرتبطة بالمحالت الموزعة بشكل مخالف لمضمون االتفاقيات المبرمة مع الشركاء‬
‫المحليين؛‬
‫‪ -‬دعوة المستفيدين الذين أدخلوا تعديالت على محالتهم أو الذين أقاموا مشاريع غير تلك التي منحت لهم‬
‫من أجلها هذه المحالت أو الذين يستغلون أكثر من محل إلى المالءمة مع مقتضيات دفتر التحمالت؛‬
‫‪ -‬اتخاذ اإلجراءات اإلدارية والقانونية من أجل الشروع في تحصيل واجبات الكراء؛‬
‫‪ -‬تعيين المسؤول عن المشتل وإحداث الخلية المكلفة بتسييره من أجل المساعدة وتقديم الدعم التقني‬
‫واللوجيستيكي لحاملي المشاريع بغرض توفير جميع الشروط الكفيلة بإنجاحها‪.‬‬
‫‪ -‬مشاركة مندوبي الوزارة في عملية متابعة هذه المشاريع‪.‬‬
‫‪ ‬تسوية الوضعية القانونية لعقارات المشاتل‬
‫على الرغم من أن االتفاقيات المحدثة لمشاتل المقاوالت قد نصت على أن ملكية مشاتل المقاوالت‬
‫تؤول إلى الجماعات التي أنجزت هذه المشاتل داخل نفوذها الترابي‪ ،‬فإن عددا من الجماعات لم تقم‬
‫بتسوية الوضعية العقارية لهذه األراضي عبر إبرام عقود التفويت مع مالكها (إدارة أمالك الدولة‬
‫وشركة العمران) وتحفيظها باسمها وإدراجها ضمن سجل أمالكها‪ ،‬خاصة وأنه تم االتفاق على تفويت‬
‫بعض هذه العقارات إلى الجماعات بالمجان قبيل الشروع في تنفيذ هذه المشاتل‪.‬‬
‫إن عدم مبادرة كل من جماعات طنجة وشفشاون والفنيدق ووجدة (مشتال البستان وغار البارود)‬
‫وتاوريرت وآسفي والدراركة والعيون‪ ،‬إلى مباشرة إجراءات تسوية الوضعية العقارية‪ ،‬قد يؤثر على‬
‫موقفها القانوني في مواجهة المستفيدين من المحالت الذين لم يحترموا دفاتر التحمالت وبنود عقود‬
‫الكراء‪ ،‬وكذا في مواجهة المترامين عليها‪.‬‬
‫من جهة أخرى‪ ،‬يرفض مجموعة من المحاسبين العموميين التكفل بأوامر بالتحصيل الصادرة عن‬
‫الجماعات بشأن استخالص واجبات كراء المحالت المسندة (أو شغلها بشكل مؤقت)‪ ،‬معللين ذلك‬
‫بعدم إدالء مصالح اآلمر بالصرف بما يفيد إدراج هذه البنايات ضمن أمالك الجماعات المعنية (حالة‬
‫مشتل تازة العليا)‪ ،‬مما أدى إلى تراكم ديون غير محصلة في ذمة مستغلي محالت هذه المشاتل‪.‬‬
‫‪ ‬صعوبة استخالص واجب استغالل المحالت المهنية المسندة‬
‫لم تقم الجماعات الترابية المكلفة بتدبير مشاتل المقاوالت بفرض واستخالص مستحقات استغالل‬
‫المحالت‪ ،‬سواء تعلق األمر بالوجيبات الكرائية أو بالرسم المفروض على شغل األمالك العامة‪.‬‬
‫ويرجع هذا الوضع إلى عدم التزام المستفيدين بأداء ديونهم وإلى انتهاء مدة الكراء (أو الشغل)‬
‫المضمنة بعقودهم وإلى عدم توفر ملفات المستفيدين من جهة‪ ،‬وإلى رفض المحاسبين العموميين‬
‫التكفل بأوامر التحصيل ذات الصلة بعلة أنها ال تندرج ضمن الديون العمومية بالنظر لطابعها المدني‬
‫التعاقدي أو بسبب عدم اإلدالء بما يفيد امتالك الجماعات للعقارات موضوع هذه المداخيل من جهة‬
‫أخرى‪.‬‬
‫‪ ‬مواكبة المصالح الالممركزة للسلطة الحكومية المكلفة بالصناعة والتجارة للمشاتل‬
‫المنجزة‬
‫تم الوقوف على وجود تباين في مستوى التزام المصالح الالممركزة للسلطة الحكومية المكلفة‬
‫بالصناعة والتجارة بشأن مواكبة وتتبع المشاتل التي تدخل في دائرة نفوذها الترابي واختالف درجة‬
‫إلمامها بإشكاليات تدبير هذه المشاتل‪.‬‬
‫فمعظم االستمارات وردت على المجالس الجهوية للحسابات دون تضمينها المعطيات المطلوبة بحجة‬
‫عدم توفرها لدى المندوبيات الجهوية واإلقليمية لهذه الوزارة‪ ،‬فيما اعتبرت بعض هذه المندوبيات‬
‫نفسها غير معنية بتدبير المشاتل لكونها قد سلمت للجماعات‪ ،‬وذلك على الرغم من أنها تعتبر عضوا‬
‫قانونيا (أو رئيسا أحيانا) في لجان إسناد المحالت (اللجنة الثالثية أو الرباعية) التي لم تعقد اجتماعاتها‬

‫‪235‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫بالنسبة لعدد من المشاتل منذ أن أسندت المحالت أول مرة للمستفيدين أو لمدد وصلت أحيانا ألزيد‬
‫من عشر سنوات (كمشاتل ابن جرير وتازة وطنجة ‪.)...‬‬
‫إن عدم اضطالع بعض المندوبيات بمواكبة عمليات تدبير هذه المشاتل وتأطير أدائها ال ينسجم‬
‫وأهداف الشراكة التي أسست لمثل هذه المشاريع‪ ،‬وال ينسجم واالختصاصات المسندة إليها في مجال‬
‫تحفيز إنشاء المقاوالت ودعم إحداث مناصب الشغل‪ ،‬خاصة في ظل ضعف اإلمكانيات التي تتوفر‬
‫عليها الجماعات‪.‬‬
‫‪ ‬دورات تحسيسية وتكوينية غائبة لفائدة المقاولين الشباب‬
‫لم يستفد حاملو المشاريع الذين أسندت لهم محالت بمشاتل المقاوالت المنجزة من دورات تكوينية‬
‫وتحسيسية من أجل تنمية قدراتهم وكفاءاتهم في مجال إنشاء وتسيير المقاوالت أو في مجال األنشطة‬
‫المزمع ممارساتها داخل هذا المشتل‪ ،‬وكذا من مواكبة أو مصاحبة من طرف أي جهة كانت‪ ،‬وذلك‬
‫بغية تقريبهم من السياق الذي يندرج ضمنه المشروع‪ ،‬وإشراكهم في عملية اإلعداد القبلي‪ ،‬والمتمثل‬
‫في الوقوف على مدى مالءمة موقع المشروع لحاجيات مقاوالتهم وأنشطتهم‪.‬‬
‫كما أنه لم يتم وضع هؤالء المستفيدين في السياق الذي تندرج فيه هذه المشاتل باعتبارها فضاءات‬
‫مؤقتة الستقبالهم‪ ،‬مما أثر على استمرارية ونجاح مشاتل المقاوالت وحد من تعاقب المستفيدين على‬
‫المحالت المهنية باعتبارها حاضنة تتولى استقبال ومصاحبة ودعم المقاوالت الناشئة‪.‬‬
‫وإذا كان هذا الوضع يرجع لضعف إمكانيات الجماعة في مجال تحفيز إنشاء المقاوالت ودعم التشغيل‬
‫الذاتي‪ ،‬فإن هذا النقص لم يتم تداركه الحقا عبر إشراك الهيئات والمؤسسات العمومية التي راكمت‬
‫تجربة في هذا الشأن مثل المراكز الجهوية لالستثمار والوكالة الوطنية إلنعاش التشغيل والكفاءات‪.‬‬
‫‪ .2‬أداء مشاتل المقاوالت المنجزة‬
‫أبان تقييم أداء مشاتل المقاوالت عن عدم تحقيق أهداف ونتائج البرنامج الوطني‪ ،‬فضال عن كونه لم‬
‫يعد يشكل أولوية من أولويات السلطات العمومية ولم يعد من االستراتيجيات المتعلقة بتحفيز الشباب‬
‫على التشغيل الذاتي وتيسير إنشاء المقاوالت وإحداث مناصب الشغل وتطوير النسيج االقتصادي‬
‫المحلي‪ .‬إذ تظهر نتائج ومخرجات البرنامج أن مؤشرات األداء التي تم قياسها انطالقا من المعطيات‬
‫المتوفرة والمدلى بها للمجالس الجهوية للحسابات أن مساهمة هذه المنشآت تبقى جد متواضعة بالنظر‬
‫سجلت مجموعة من المالحظات‬ ‫ست من أجلها‪ .‬وقد ُ‬ ‫لعدم التزامها بالمعايير والغايات األساسية التي أ ُ ِّس َ‬
‫بخصوص أداء مشاتل المقاوالت ترتبط أساسا بما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬غياب المؤشرات المالية والمحاسباتية للمشاتل المنجزة بسبب عدم إحداث الحسابات‬
‫الخصوصية‬
‫خالفا لما نصت عليه اتفاقيات إحداث مشاتل المقاوالت‪ ،‬فإن الجماعات الترابية التي أسندت إليها‬
‫مهمة تدبير مشاتل المقاوالت لم تقم بفتح حسابات خصوصية بميزانياتها تدرج بها مداخيل الكراء‬
‫ونفقات تدبير المحالت المنجزة بمشاتل المقاوالت‪ ،‬رغم أنها التزمت بموجب نفس االتفاقيات بأن يتم‬
‫توظيف هاته المداخيل في صيانة المشروع وكذا في إنجاز مشاريع مماثلة بنفس المسطرة ولتحقيق‬
‫نفس الغاية‪ .‬وقد ترتب عن عدم فتح هذه الحسابات تنزيل مداخيل المشاتل التي تم تحصيلها والنفقات‬
‫التي يتم دفعها في الميزانية الرئيسية‪ ،‬مما حد من توفر معلومات حول مداخيل ونفقات المشاتل المنجزة‬
‫وحول المؤشرات المالية والمحاسباتية المرتبطة بهذه المشاتل‪.‬‬
‫‪ ‬ارتفاع عدد المحالت غير المشغلة بمشاتل المقاوالت‬
‫تبقى نسبة المحالت غير المشغلة مرتفعة مقارنة مع عدد المحالت المنجزة بمشاتل المقاوالت‪ ،‬وهو‬
‫ما يؤشر على ضعف وقع هذه المشاريع من حيث إنعاش األنشطة المستهدفة وتحفيز إنشاء المقاوالت‬
‫وإحداث مناصب الشغل‪ .‬وقد بلغ عدد المحالت غير المشغلة على مستوى تسعة مشاتل ‪ 206‬محال‬
‫من أصل ‪ 422‬تم إنجازها‪ ،‬وهو ما يمثل نسبة ‪.%49‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪236‬‬


‫‪ ‬النتائج المحققة غير متالئمة مع حجم االستثمارات العمومية المعبأة‬
‫يعتبر معيار كلفة إنشاء المقاوالت وإحداث مناصب الشغل من بين المؤشرات التي تمكن من قياس‬
‫نجاعة مشاتل المقاوالت‪ ،‬ويتبين من تحليل المعطيات المتوفرة أن هذه الكلفة تبقى جد مرتفعة‪ ،‬مما‬
‫يؤشر على ضعف نجاعة مشاتل المقاوالت بالنظر إلى الوسائل المستعملة والنتائج المحققة‪.‬‬
‫فاعتبارا لعدد المقاوالت المنشأة وعدد مناصب الشغل المحدثة بمجموع المشاتل المشغلة البالغ عددها‬
‫سبعة عشر‪ ،‬يتبين أن إنشاء مقاولة واحدة كلف ما قدره ‪ 660.504,36‬درهم في حين كلف إحداث‬
‫منصب شغل واحد ‪ 74.679,85‬درهم من االستثمارات العمومية التي تمت تعبئتها‪.‬‬
‫‪ ‬عدم رضا المقاولين الشباب على خدمات مشاتل المقاوالت‬
‫عبرت عينة مكونة من ‪ 90‬مستفيدا من المحالت المهنية المتواجدة بمشاتل المقاوالت بآسفي وابن‬
‫جرير وتازة‪ ،‬عن عدم رضاهم عن إجراءات المواكبة المقدمة من طرف األجهزة الساهرة على تدبير‬
‫هذه المشاتل وذلك خالل جل المراحل التي تمر منها عملية إحداث المقاولة وتطورها‪ .‬باإلضافة إلى‬
‫عدم استحسان المستفيدين للخدمات التي يقدمها المشتل كما هو الشأن بالنسبة لتهيئة مرافق المشتل‬
‫ووضعية الخدمات المشتركة داخل المشتل والتتبع الدوري ألنشطة المقاوالت المحدثة‪ .‬ذلك أن نسبة‬
‫المستجوبين الذين أبانوا عن عدم رضاهم عن إجراءات المواكبة وكذا الخدمات المقدمة تتراوح بين‬
‫‪ % 77‬و‪ ،%86‬استنادا إلى نتائج تحليل أجوبتهم المعبر عنها في االستبيانات ذات الصلة‪.‬‬
‫‪ ‬مواصلة تمويل أشغال مشاتل المقاوالت في ظل عدم وضوح الرؤية حول مآلها‬
‫من خالل االتفاقيات التي تم إبرامها خالل السنتين األخيرتين‪ ،‬تم الوقوف على مواصلة تمويل إنهاء‬
‫أشغال بعض المشاتل التي تعثر إنجازها سواء بواسطة صندوق النهوض بتشغيل الشباب أو بواسطة‬
‫صندوق الحسن الثاني للتنمية االقتصادية واالجتماعية‪ .‬ويتعلق األمر باتفاقيتين حول إتمام أشغال‬
‫مشتلي المقاوالت بجماعة أبي الجعد وتنغير أبرمتا تباعا بتاريخي ‪ 24‬شتنبر ‪ 2020‬و‪ 26‬أكتوبر‬
‫‪ 2020‬التزمت بمقتضاهما السلطة الحكومية المكلفة بالصناعة والتجارة بدفع مبلغ إضافي قدره‬
‫‪ 1.538.300,00‬درهم بالنسبة للمشتل األول و‪ 2.696.320,00‬درهما بالنسبة للمشتل الثاني‪.‬‬
‫وقد تمت مواصلة تمويل أشغال هذين المشتلين دون توفر الشركاء على دراسة حول مآل المشروعين‬
‫في ظل عدم تمكن جميع المشاتل المنجزة بالقيام بوظائفها‪ .‬كما أن توقيع مالحق االتفاقيات تم دون‬
‫تدارك النقائص التي شابت االتفاقيات األولية ودون إشراك الهيئات العمومية ذات االختصاص في‬
‫مجال تحفيز إنشاء المقاوالت وإنعاش الشغل‪ ،‬لتوفير شروط من شأنها ضمان نجاح واستدامة هذه‬
‫المشاريع مستقبال‪.‬‬
‫وألجل تدبير أكثر نجاعة‪ ،‬خاصة في ظل اإلكراهات والصعوبات التي اعترضت مسار إنجاز وتدبير مشاتل‬
‫المقاوالت‪ ،‬فإن وزارة الداخلية ترى أنه من المناسب في هذا الصدد إيالء العناية لتحقيق االلتقائية والتكامل‬
‫والتناسق بين فضاءات االستقبال المؤقت للمقاوالت واألنشطة المزاولة بها وكذا البرامج األخرى التي تروم‬
‫دعم ومواكبة وتمويل حاملي المشاريع وذلك من خالل‪:‬‬
‫‪ -‬انخراط جل الشركاء والفاعلين المحليين المعنيين من أجل النهوض بهذه المشاتل لتحقيق األهداف المتوخاة‬
‫منها‪ ،‬مع تحديد مسطرة محكمة لالستفادة من البرنامج‪ ،‬بشكل ناجع وفعال؛‬
‫‪ -‬إشراك جل الشركاء والفاعلين الذين يتوفرون على الخبرة في مجال النهوض بالمقاوالت وتشجيع‬
‫المبادرات الفردية كالمراكز الجهوية لالستثمار‪ ،‬تحقيقا لمزيد من االلتقائية والتكامل؛‬
‫‪ -‬االستفادة من تجربة حاضنات المقاوالت والجمعيات العاملة في مجال مواكبة المقاوالت مع دراسة إمكانية‬
‫إشراكهم في هذا الشأن وفق دفتر تحمالت مصادق عليه من طرف جميع الشركاء؛‬
‫‪ -‬االستفادة من تجربة منصات الشباب موضوع المرحلة الثالثة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية‪ ،‬السيما‬
‫البرنامج ‪ 3‬المتعلق بــــ "تحسين دخل الشباب واإلدماج االقتصادي" والذي يهدف إلى تحسين الوضع‬
‫االقتصادي واالجتماعي للسكان المستهدفين من البرنامج‪ ،‬وخاصة للشباب‪ ،‬من خالل دعم التشغيل وريادة‬
‫األعمال ودعم المشاريع في االقتصاد االجتماعي والتضامني‪ ،‬حيث تشكل هذه المنصات مراكز للقاء‬
‫مختلف الجهات الفاعلة المشاركة في إدماج الشباب‪ ،‬بما يسمح بتوفير مساحات لالستقبال واالستماع‬

‫‪237‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫والتوجيه ودعم ريادة األعمال وتعزيز المهارات ومواكبة المعنيين في عملية تصميم مشاريعهم أو في‬
‫تكاملهم المهني‪.‬‬
‫وتأسيسا ً على ما سبق‪ ،‬واعتبارا لحاجة الشباب حاملي المشاريع للتمويل المالئم والناجع‬
‫ولفضاءات استقبال المقاوالت الناشئة‪ ،‬ومن أجل تجاوز مختلف المعيقات التي خلصت إليها هذه‬
‫المهمة‪ ،‬والتي حالت دون تحقيق الغايات المرجوة من برنامج مشاتل المقاوالت‪ ،‬فإن المجالس‬
‫الجهوية للحسابات توصي السلطة الحكومية المكلفة بالصناعة والتجارة بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬إعادة النظر في البرنامج الوطني لمشاتل المقاوالت بصياغته في إطار مخطط محين‬
‫وإدراجه ضمن مختلف االستراتيجيات الحكومية الراهنة المتعلقة بتحفيز إنشاء‬
‫المقاوالت وإنعاش الشغل؛‬
‫‪ -‬السعي نحو ضمان االلتقائية والتكامل والتناسق بين فضاءات االستقبال المؤقت‬
‫للمقاوالت واألنشطة المزاولة بها من جهة‪ ،‬والبرامج األخرى التي تروم دعم ومواكبة‬
‫وتمويل حاملي المشاريع من جهة أخرى‪.‬‬
‫كما توصي جميع الشركاء المعنيين بتدبير مشاتل المقاوالت (السلطة الحكومية المكلفة بالصناعة‬
‫والتجارة والجماعات الترابية وسلطة المراقبة اإلدارية) بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬االستفادة من تجربة حاضنات المقاوالت والجمعيات العاملة في مجال مواكبة المقاوالت‬
‫مع دراسة إمكانية إشراكها في هذا المجال؛‬
‫‪ -‬االستفادة من منصات الشباب موضوع المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية‬
‫البشرية‪ ،‬والسيما البرنامج الثالث المتعلق ب "تحسين دخل الشباب واإلدماج‬
‫االقتصادي"؛‬
‫‪ -‬حصر وتدبير مشاتل المقاوالت التي تبين أنها الزالت قادرة على أداء وظيفتها على‬
‫النحو الذي أحدثت من أجله وفقا للمبادئ والمعايير المنظمة لفضاءات االحتضان‬
‫المؤقت للمقاوالت‪ ،‬وال سيما من خالل‪:‬‬
‫‪ -‬البحث عن شراكات مع القطاع الخاص من أجل تحديث تدبير مشاتل المقاوالت؛‬
‫‪ -‬إشراك الجهات وكذا المراكز الجهوية لالستثمار ووكالة إنعاش التشغيل والكفاءات‬
‫والغرف المهنية في تدبير هذه البرامج‪ ،‬اعتبارا الختصاصها القانوني وتجربتها في‬
‫مجال إنعاش التشغيل وتحفيز إنشاء المقاوالت ومواكبة حاملي المشاريع؛‬
‫‪ -‬إرساء وتفعيل أجهزة حكامة خاصة بتتبع تدبير البرنامج الوطني وأداء مشاتل‬
‫المقاوالت‪ ،‬بما يضمن تحسين أداء البرنامج والمشاريع المترتبة عنه؛‬
‫‪ -‬التقيد بالطابع المؤقت الحتضان المقاولين الشباب واتخاذ اإلجراءات الالزمة في حال‬
‫عدم احترام دفاتر التحمالت وعقود الكراء؛‬
‫‪ -‬تدعيم أنشطة مواكبة المقاولين الشباب داخل المشاتل‪ ،‬السيما فيما يخص اإلرشاد‬
‫والتأطير والتكوين في الجوانب المالية والتدبيرية والمحاسبية والتقنية؛‬
‫‪ -‬إعادة النظر في طبيعة األنشطة المستهدفة في مشاتل المقاوالت واختيار تلك‬
‫المتماشية مع مبدأ التناوب في استغالل المحالت‪ ،‬السيما تلك المتعلقة بقطاع‬
‫الخدمات والبحث واالبتكار والتكنولوجيا؛‬
‫‪ -‬إعداد دليل مساطر نموذجي حول مختلف اإلجراءات الواجب اتباعها في مجال تدبير‬
‫مشاتل المقاوالت؛‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪238‬‬


‫‪ -‬إعادة تخصيص مشاتل المقاوالت التي قد يتبين‪ ،‬عقب دراسة وتقييم وضعيتها الراهنة‪،‬‬
‫عدم إمكانية أدائها لوظائفها طبقا ألهداف البرنامج؛‬
‫‪ -‬دراسة التجارب المقارنة في مجال مشاتل المقاوالت قصد استلهام الممارسات الفضلى‬
‫في تدعيم نجاعة وأداء المشاتل‪.‬‬
‫أما فيما يخص الجماعات الترابية‪ ،‬باعتبارها مالكة للمشاتل ومكلفة بتدبيرها‪ ،‬فإن المجالس‬
‫الجهوية للحسابات توصيها بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تسوية الوضعية العقارية لمشاتل المقاوالت واتخاذ اإلجراءات الالزمة من أجل تحصيل‬
‫الباقي استخالصه المتراكم في ذمة المستفيدين من مشاتل المقاوالت وإخالء المحالت‬
‫المهنية التي تم الترامي عليها دون سند قانوني من طرف األغيار؛‬
‫‪ -‬إحداث حسابات خصوصية أو ميزانيات ملحقة لضبط مداخيل ونفقات مشاتل المقاوالت؛‬
‫‪ -‬تفعيل آليات حكامة المشاتل باالنفتاح على الهيئات العمومية والخاصة المعنية بهذا‬
‫المجال وتوثيق أعمالها وقراراتها‪.‬‬

‫‪239‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫فضاءات االستقبال الصناعي المنجزة بشراكة مع‬
‫الجماعات الترابية بجهة الدار البيضاء‪-‬سطات‪:‬‬
‫تحديات متعددة ومقومات مهمة تستدعي استثمارا أفضل‬

‫يعتبر تحفيز االستثمارات وجلبها أولوية بالنسبة لبالدنا‪ ،‬باعتبارها رافعة أساسية لتنمية االقتصاد‬
‫الوطني وإحداث فرص الشغل‪ ،‬المباشرة منها وغير المباشرة‪.‬‬
‫ويشكل إحداث فضاءات مالئمة لالستقبال الصناعي (مناطق صناعية‪ ،‬مجمعات صناعية‪ ،‬مناطق‬
‫األنشطة االقتصادية‪ )...‬شرطا الزما لجلب االستثمارات‪ ،‬ومدخال أساسيا لتطوير البنية التحتية‬
‫الصناعية ومواكبة االستثمار الصناعي‪ .‬لذلك‪ ،‬ما فتئت السلطات الحكومية تولي هذا الجانب أولوية‬
‫خاصة‪ ،‬من خالل مجموعة من التدابير واإلجراءات المتخذة في إطار مخططات استراتيجية قطاعية‪،‬‬
‫وال سيما المخطط الوطني لتهيئة المناطق الصناعية ومخطط اإلقالع الصناعي والميثاق الوطني‬
‫لإلقالع الصناعي‪.‬‬
‫كما تعتبر الجماعات الترابية فاعال رئيسيا في تحفيز االستثمار بالنظر لالختصاصات المخولة لها في‬
‫هذا اإلطار‪ .‬ذلك أن المادة ‪ 82‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 111.14‬أناطت بالجهات اختصاصا ذاتيا‬
‫في مجال التنمية االقتصادية‪ ،‬والذي يشمل باألساس توطين وتنظيم مناطق لألنشطة االقتصادية بالجهة‬
‫وجذب االستثمار‪ .‬كما خولت المادة ‪ 87‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 113.14‬الجماعات اختصاصات‬
‫مشتركة مع الدولة ألجل القيام باألعمال الالزمة إلنعاش وتشجيع االستثمارات‪.‬‬
‫وبالنظر للمؤهالت االقتصادية التي تتوفر عليها جهة الدار البيضاء‪-‬سطات‪ ،‬فقد اتخذت السلطات‬
‫الحكومية والجماعات الترابية المعنية عدة تدابير من أجل تطوير بنيتها الصناعية التحتية من خالل‬
‫إحداث عدة فضاءات لالستقبال الصناعي‪ .‬وفي هذا السياق‪ ،‬أنجز المجلس الجهوي للحسابات لجهة‬
‫الدار البيضاء‪-‬سطات مهمة رقابية انصبت باألساس حول الوضعية الراهنة لهذه الفضاءات‬
‫وخصائصها والتحديات المرتبطة بإحداثها‪.‬‬
‫أوال‪ .‬فضاءات االستقبال الصناعي بالجهة‪ :‬الوضعية الراهنة والخصائص‬
‫تعتبر جهة الدار البيضاء – سطات القطب الصناعي األول ببالدنا‪ ،‬حيث تساهم بحوالي ‪ %44‬من‬
‫الناتج المحلي اإلجمالي الصناعي للمغرب‪ ،‬أي أكثر من ‪ 73‬مليار درهم‪ ،‬وتحتضن ما يزيد عن‬
‫‪ 3.000‬وحدة صناعية مهيكلة‪ ،‬وهو ما يعادل حوالي ‪ %40‬من الوحدات المكونة للنسيج الصناعي‬
‫ببالدنا‪ ،‬كما تضم الجهة ‪ %24‬من فضاءات االستقبال الصناعي على المستوى الوطني‪.‬‬
‫وتت سم الوضعية الراهنة لهذه الفضاءات بانخراط محدود للجماعات الترابية في تهيئة فضاءات‬
‫االستقبال الصناعي وبرمجة وتنفيذ المشاريع ذات الصلة‪ ،‬فضال عن عدم كفاية التدابير المتخذة من‬
‫أجل توفير تجهيزات وخدمات مالئمة على مستوى الفضاءات الموجودة‪ ،‬وضعف في التثمين‪.‬‬
‫‪ .1‬انخراط الجماعات الترابية في توفير فضاءات االستقبال الصناعي‪ :‬تدابير غير كافية‬
‫رغم الدور المهم المنوط بها في تشجيع االستثمار‪ ،‬فإن الجماعات الترابية لجهة الدار البيضاء‪-‬سطات‬
‫لم تتخذ ما يكفي من اإلجراءات من أجل توفير فضاءات لالستقبال الصناعي‪ ،‬إن على مستوى‬
‫التخطيط أو على مستوى تنفيذ بعض المشاريع المقررة ذات الصلة بهذا الميدان‪.‬‬
‫وتعتبر وزارة الداخلية أن انخراط الجماعات الترابية من عدمه فيما يخص فضاءات االستقبال الصناعي‪ ،‬يجب‬
‫تقييمه منذ تخويلها االختصاص في إطار القوانين التنظيمية لسنة ‪ ،2015‬وأن ضعف التثمين وعدم كفاية‬
‫التدابير المتخذة من أجل توفير خدمات وتجهيزات مالئمة ال يجب إرجاعه فقط لضعف انخراط الجماعات‬
‫الترابية‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪240‬‬


‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬وجبت اإلشارة إلى أن مقتضيات القوانين التي كانت سارية المفعول قبل دخول‬
‫القوانين التنظيمية حيز التنفيذ (المادة ‪ 7‬من القانون ‪ 47.96‬المتعلق بتنظيم الجهات والمادة ‪ 36‬من‬
‫القانون ‪ 78.00‬بمثابة الميثاق الجماعي والمادة ‪ 36‬من القانون ‪ 79.00‬المتعلق بتنظيم العماالت‬
‫واألقاليم) قد أناطت بالجماعات الترابية دورا رئيسيا في مجال إقامة وتنظيم فضاءات االستقبال‬
‫الصناعي‪ .‬أما بخصوص ضعف التثمين والتجهيزات بالمناطق الصناعية موضوع المهمة الرقابية‬
‫فهي تتعلق حصرا بالجماعات الترابية متى كانت صاحبة المشاريع‪ ،‬فضال عن كون التجهيزات‬
‫المتعلقة بالربط الخارجي للمناطق الصناعية بصفة عامة تعتبر اختصاصا حصريا للجماعات طبقا‬
‫للمادة ‪ 83‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 113.14‬المتعلق بالجماعات‪.‬‬
‫‪ ‬مساهمة محدودة للجماعات الترابية في تهيئة فضاءات االستقبال الصناعي‬
‫لم تساهم الجماعات الترابية لجهة الدار البيضاء ‪ -‬سطات في تعبئة سوى ‪ %7‬من إجمالي المساحة‬
‫المخصصة لفضاءات االستقبال الصناعي على مستوى الجهة‪ ،‬أي ما يعادل ‪ 304,75‬هكتار (منها‬
‫‪ 4,65‬هكتار مخصصة لمشاتل المقاوالت و‪ 1,1‬هكتار مخصصة للمقاولين الشباب)‪.‬‬
‫وفي السياق ذاته‪ ،‬لم تتجاوز نسبة األراضي المخصصة لألنشطة الصناعية التي تمت تهيئتها أو التي‬
‫هي في طور التهيئة ‪ %53‬من إجمالي المساحة المخصصة لهذه األنشطة في إطار تصاميم التهيئة‬
‫المصادق عليها‪ ،‬علما أن احتساب هذه النسبة قد أخذ بعين االعتبار الفضاءات المنجزة خالل ثمانينيات‬
‫وتسعينيات القرن الماضي‪ ،‬والتي تمت في غالبيتها في غياب وثائق التعمير‪ .‬أما إذا تم االكتفاء‬
‫بالفضاءات المهيأة أو التي هي في طور التهيئة منذ سنة ‪ ،2011‬حيث نشرت معظم تصاميم التهيئة‬
‫الجاري بها العمل‪ ،‬فإن النسبة المذكورة لن تتجاوز ‪.%18‬‬
‫وتظل هذه المساهمة بعيدة عن تلبية حاجيات الجهة في هذا المجال‪ ،‬والتي تم تقديرها من طرف‬
‫الفاعلين األساسيين (فدراليات الصناعات‪ ،‬المركز الجهوي لالستثمار‪ ،‬الجماعات والجهة‪ ،‬شركات‬
‫التدبير المفوض) في مساحة متوسطة تبلغ ‪ 80‬هكتارا سنويا حتى عام ‪.2030‬‬
‫وفي نفس الصدد‪ ،‬لم تتخذ الجهة‪ ،‬رغم كونها فاعال رئيسيا في جلب االستثمار على المستوى الترابي‪،‬‬
‫ما يكفي من اإلجراءات من أجل اإلسهام في إحداث فضاءات لالستقبال الصناعي‪ ،‬إذ تظل المبادرات‬
‫المتخذة في هذا اإلطار جد محدودة‪ ،‬تتمثل على الخصوص فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬التوقيع‪ ،‬سنة ‪ ،2020‬على اتفاقية شراكة مع وكالة تحدي األلفية من أجل إنجاز منطقة‬
‫صناعية )‪ )PI CityShoes‬على عقار مجهز منذ سنة ‪ .2008‬حيث ما زالت أشغال‬
‫التجهيز النهائية جارية‪ ،‬إذ لم يتم إال خالل شهر شتنبر ‪ 2019‬توقيع مذكرة تفاهم بين‬
‫الجهة وشركة العمران‪ ،‬صاحبة التجزئة العقارية‪ ،‬ألجل اقتناء التجزئة ووضعها رهن‬
‫إشارة شركة التنمية الجهوية المحدثة تفعيال التفاقية الدعم إلنشاء المجمع الصناعي‬
‫والموقعة مع وكالة تحدي األلفية؛‬
‫‪ -‬أنشأت جهة الشاوية‪-‬ورديغة سابقا‪ ،‬سنة ‪ ،1994‬شركة "‪ "FIASET‬قصد إنشاء‬
‫مجمعات صناعية ومناطق صناعية وتجارية ومشاتل للشركات الناشئة‪ .‬ولم تحقق هذه‬
‫الشركة أيا من األهداف التي أحدثت ألجلها‪ ،‬كما أنها تعاني من وضعية مالية صعبة مما‬
‫حذا بجهة الدار البيضاء‪-‬سطات‪ ،‬التي حلت محل جهة ورديغة – الشاوية‪ ،‬إلى الزيادة‬
‫في رأسمالها ليصل إلى ‪ 27‬مليون درهم‪ ،‬علما أن هذه الشركة ال تسجل سوى التكاليف‬
‫دون أي عوائد مالية‪ .‬وفي نفس السياق‪ ،‬اقتنت الشركة‪ ،‬منذ سنة ‪ ،2000‬بقعة أرضية‬
‫على مساحة ‪ 59,7‬هكتار‪ ،‬بكلفة إجمالية ناهزت ‪ 5,71‬مليون درهم‪ ،‬دون أن يتم‪ ،‬بعد‬
‫مضي أكثر من ‪ 22‬سنة‪ ،‬إنجاز أي مشروع متعلق بفضاءات االستقبال الصناعي‪.‬‬
‫وقد أوضحت وزارة الداخلية أن الجماعات الترابية‪ ،‬ولئن كانت فاعال رئيسيا في جلب االستثمار‪ ،‬فإن ذلك يتم‬
‫في إطار اللجنة الجهوية الموحدة لالستثمار المكونة أساسا من المركز الجهوي لالستثمار وجميع المصالح‬
‫الخارجية الالممركزة‪ ،‬والتي تعتبر جهاز الحكامة المعني باالستثمار عامة وبالمناطق الصناعية خاصة‪.‬‬

‫‪241‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫مضيفة أن مسألة إدراج تنطيق عمراني للمناطق الصناعية في تصاميم التهيئة لبعض العقارات ال يضفي عليها‬
‫صفة المنفعة العامة والتي من شأنها تسهيل توفير هذه العقارات‪ ،‬كما أنه غير مبني على أساس دراسة جدوى‬
‫دقيقة تبرر اقتناءها وتسوية وضعيتها من طرف الجماعات الترابية‪.‬‬
‫‪ ‬تهيئة فضاءات لالستقبال الصناعي في غياب دراسات أولية‬
‫تمت تهيئة بعض المناطق الصناعية بالجهة في غياب دراسات الجدوى ووثائق التعمير ودون تقييم‬
‫احتياجات الفاعلين في القطاع الصناعي‪ ،‬حيث تمت تهيئة هذه المناطق وفق نفس المساطر المعتمدة‬
‫لتهيئة التجزئات السكنية‪ ،‬دون مراعاة لخصوصيات األنشطة الصناعية التي ستحتضنها هذه المناطق‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬وإذا كانت المشاريع التي تم تطويرها بشراكة مع وزارة الصناعة والتجارة قد‬
‫ارتكزت على الدراسات الفنية والمالية الالزمة (المنصة الصناعية للنواصر‪ ،‬ومشروعا سطات بارك‬
‫وإكو بارك ببرشيد‪ ،‬والمشاريع الممولة من طرف صندوق المناطق الصناعية المستدامة‬
‫»‪ ،«FONZID‬والمناطق الصناعية التجريبية المنجزة بشراكة مع وكالة تحدي األلفية‪-‬المغرب‪،‬‬
‫وكذا مشروع تأهيل المنطقة الصناعية بموالي رشيد وبرشيد)‪ ،‬فإن المناطق الصناعية من الجيل‬
‫األول والثاني أنجزت في غياب الدراسات األولية ووثائق التعمير ودون تسوية للعقار المحتضن لها‪،‬‬
‫باإلضافة لتهيئتها وفق نموذج التجزئات السكنية في ظل غياب إطار قانوني مالئم‪ ،‬كما هو الشأن‬
‫بالنسبة للمنطقة الصناعية للجديدة ومنطقة األنشطة االقتصادية الحي الحسني والمناطق الصناعية‬
‫لبنسليمان (الشطر األول والثاني) وسطات وابن أحمد وبرشيد‪.‬‬
‫‪ ‬التخطيط إلحداث فضاءات االستقبال‪ :‬نقص في التعريف بالسياسات القطاعية وغياب‬
‫تملكها على المستوى الترابي‬
‫انسجاما مع الممارسات الفضلى المعمول بها على مستوى بعض الدول الرائدة في هذا المجال (مثل‬
‫تركيا‪ ،‬وإسبانيا‪ ،‬والمكسيك)‪ ،‬فإن التخطيط المالئم لعمليات إحداث فضاءات االستقبال يقوم على‬
‫مرتكزين اثنين متالزمين ومتكاملين‪ ،‬وهما‪:‬‬
‫‪ -‬تملك االستراتيجيات الحكومية الخاصة بتطوير هذه الفضاءات على المستوى الترابي‬
‫الجهوي والمحلي؛‬
‫‪ -‬التهيئة والتخطيط العمراني الموازي‪.‬‬
‫غير أن عمليات إحداث فضاءات االستقبال الصناعي على مستوى جهة الدار البيضاء – سطات تمت‬
‫دون مراعاة للمرتكزين المذكورين‪ .‬وهو ما يتجلى من خالل ما يلي‪:‬‬
‫▪ الحاجة إلى التعريف أكثر باالستراتيجيات الحكومية الخاصة بفضاءات االستقبال‬
‫الصناعي‬
‫لم يتم اتخاذ اإلجراءات الكفيلة بالتعريف باالستراتيجيات الحكومية المتعلقة بفضاءات االستقبال‬
‫الصن اعي‪ ،‬إذ تبين‪ ،‬في هذا اإلطار‪ ،‬غياب التنسيق بين القطاع الوزاري المعني ومصالحه‬
‫الالممركزة‪ ،‬فضال عن عدم توفر مجموعة من الفاعلين الرئيسيين‪ ،‬ال سيما على المستوى الترابي‪،‬‬
‫على مضامين هذه االستراتيجيات (الجهات والعماالت واألقاليم والجماعات والوكاالت الجهوية لتنفيذ‬
‫المشاريع والمراكز الجهوية لالستثمار والوكاالت الحضرية)‪.‬‬
‫وتؤدي هذه الوضعية إلى عدم تملك هذه االستراتيجيات على المستوى الترابي‪ ،‬وبالتالي إعاقة إعمال‬
‫مبدأ تنزيل السياسات العمومية وتكريس التقائيتها‪ ،‬في ظل عدم توفر مجموعة من الفاعلين‪ ،‬وخاصة‬
‫الجماعات الترابية‪ ،‬على معطيات ومعلومات مضبوطة بشأن هذه السياسات‪ ،‬بما يتيح أخذها بعين‬
‫االعتبار خالل مراحل التخطيط الترابي‪.‬‬
‫وقد أوضحت وزارة الصناعة والتجارة أنها وضعت مخططا لتوفير العقار الصناعي من أجل مواكبة‬
‫االستراتيجيات الصناعية للمملكة‪ ،‬والسيما ميثاق اإلقالع الصناعي الوطني (‪ (PNEI‬ومخطط التسريع‬
‫الصناعي )‪ (PAI‬اللذان تم في إطارهما تطوير مناطق استقبال صناعية عالية الجودة‪ ،‬تستجيب للمعايير‬
‫الدولية وتتوفر على مجموعة كاملة وفعالة من الخدمات وهياكل تسيير فعالة‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪242‬‬


‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬وجبت اإلشارة إلى أهمية تمكين المصالح الالممركزة للوزارة وكذا الفاعلين‬
‫الرئيسيين من االستراتيجيات المذكورة‪ ،‬سعيا إلى تملكها على المستوى الترابي‪.‬‬
‫▪ أهمية إدراج مشاريع تطوير فضاءات االستقبال الصناعي ضمن مخططات وبرامج‬
‫تنمية الجماعات الترابية‬
‫لم تقم ‪ 15‬جماعة‪ ،‬من أصل ‪ 23‬جماعة معنية بإقامة مناطق صناعية على ترابها‪ ،‬ببرمجة مشاريع‬
‫ضمن مخططاتها التنموية من أجل تطوير البنية التحتية المالئمة الحتضان فضاءات االستقبال‬
‫الصناعي‪ ،‬رغم أن وثائق التعمير المتعلقة بها قد خصصت مناطق لمثل هذه المشاريع‪.‬‬
‫أما بالنسبة للجماعات التي برمجت هذا النوع من المشاريع‪ ،‬فإنها لم تنجز أيا منها‪ ،‬باستثناء االنتهاء‬
‫من مشاريع قديمة تعتبر نفسها طرفا فيها (مثل مشروع إتمام أشغال المباني الخاصة بالمقاولين الشباب‬
‫بسطات والتي تعود لسنة ‪ 2000‬ومشروع تكملة أشغال الشطر األول من المنطقة الصناعية ببنسليمان‬
‫والتي تم إنجازها من طرف شركة العمران)‪.‬‬
‫▪ ضرورة إنجاز التصميم الجهوي إلعداد التراب وتوطين المناطق الصناعية‬
‫ال تتوفر جهة الدار البيضاء –سطات إلى حدود إنجاز هذه المهمة (أبريل ‪ )2022‬على التصميم‬
‫الجهوي إلعداد التراب المنصوص عليه في القانون التنظيمي ‪ 111.14‬المتعلق بالجهات‪ ،‬وهو ما‬
‫من شأنه أن يؤثر على التخطيط السليم للتنمية االقتصادية الجهوية‪ ،‬وال سيما في جوانبها المتعلقة‬
‫بإحداث وإعادة تهيئة المناطق الصناعية‪ .‬ذلك أن غياب إطار مسبق يحدد األولويات المتعلقة‬
‫بالمشاريع المهيكلة بالجهة انطالقا من التصميم الجهوي إلعداد التراب يشكل عائقا بالنسبة للمستثمر‬
‫الذي يحتاج إلى رؤية مستقبلية حول الفضاءات المقرر تهيئتها وتجهيزها الحتضان المناطق الصناعية‬
‫بالجهة‪.‬‬
‫‪ .2‬عمليات التجهيز والتثمين‪ :‬نقائص قد تعيق تحفيز لالستثمار‬
‫يشكل توفير التجهيزات المالئمة بفضاءات االستقبال الصناعي وتقديم الخدمات المناسبة مع ضمان‬
‫استدامتها‪ ،‬مدخال أساسيا لجلب االستثمار وتحفيزه‪ .‬غير أن بعض النقائص المسجلة على هذا المستوى‬
‫قد تعيق تحقيق هذه األهداف‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى تحسين تجهيزات فضاءات االستقبال الصناعي وشبكاتها‬
‫تعرف مجموعة من المناطق الصناعية تهالكا على مستوى تجهيزاتها وعلى مستوى شبكات الربط‬
‫داخل الموقع وخارجه (‪.)In-site et Hors-site‬‬
‫وفي هذا الصدد‪ ،‬فإن غالبية المناطق الصناعية تم ربطها مباشرة بشبكات الصرف الصحي السكني‬
‫للمدينة في غياب محطات للمعالجة المسبقة لمياه الصرف الصناعي على مستوى كل وحدة صناعية‬
‫وكل فضاء لالستقبال الصناعي‪ .‬كما أن هناك بعض المناطق الصناعية التي لم يتم ربطها حتى بشبكة‬
‫الصرف الصحي السكني‪ ،‬كما هو الحال بالنسبة لمنطقتي أوالد عزوز وبرشيد الصناعيتين‪ ،‬حيث يتم‬
‫صب النفايات الصناعية السائلة مباشرة في المجال البيئي‪.‬‬
‫وكنتيجة لذلك‪ ،‬وفي ظل غياب إطار قانوني يؤطر عمليات تدبير األجزاء المشتركة داخل المناطق‬
‫الصناعية‪ ،‬فإن ضعف الصيانة يؤدي إلى تدهور تجهيزاتها (الطرق‪ ،‬اإلنارة‪ ،‬قنوات تصريف مياه‬
‫األمطار ومياه الصرف الصحي‪ ،‬التشوير‪ )...‬وال يوفر بيئة مناسبة الشتغال الوحدات الصناعية‬
‫داخلها‪ ،‬كما قد يعيق تحقيق األهداف المتوخاة من إحداث المناطق الصناعية‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة مراعاة شروط المحافظة على البيئة‬
‫تم إحداث مجموعة من فضاءات االستقبال الصناعي‪ ،‬على مساحة تمثل أزيد من ‪ %67‬من المساحة‬
‫اإلجمالية لهذه الفضاءات بالجهة‪ ،‬قبل دخول القانون رقم ‪ 12.03‬المتعلق بدراسات التأثير البيئي‬
‫ومراسيمه التطبيقية رقم ‪ 2.04.563‬ورقم ‪ 2.04.564‬حيز التطبيق‪ ،‬مما يعني أن إنشائها قد تم في‬
‫غياب دراسات التأثير البيئي‪ .‬أما بالنسبة لباقي فضاءات االستقبال‪ ،‬والتي تغطي حوالي ‪ %33‬من‬

‫‪243‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫المساحة اإلجمالية‪ ،‬فإنها تعرف مجموعة من المشاكل ذات الطابع البيئي‪ ،‬وإن شكلت موضوع تقييم‬
‫لألثر البيئي‪ .‬وتكمن أهم هذه المشاكل في غياب أو ضعف قدرة محطات معالجة المياه العادمة‪ ،‬ووجود‬
‫وحدات صناعية تتميز نفاياتها باختالف وتنوع تركيباتها الكيميائية مما يستحيل معه معالجتها في‬
‫نفس المحطة وبنفس الوسائل والطرائق‪ ،‬وغياب أجهزة تقوم بمراقبة مدى احترام شروط الحفاظ على‬
‫البيئة كما تم التنصيص على ذلك ضمن دراسات التأثير البيئي‪.‬‬
‫ومما يزيد في تفاقم الوضع البيئي على هذا المستوى‪ ،‬وجود أكثر من ‪ 3.300‬وحدة صناعية غير‬
‫مهيكلة لم تخضع ألي دراسات للتأثير على البيئة‪.‬‬
‫وإجماال‪ ،‬فإن النشاط الصناعي على مستوى جهة الدار البيضاء ‪ -‬سطات‪ ،‬وفي غياب دراسات للتأثير‬
‫البيئي في غالبية الحاالت‪ ،‬يفرز مجموعة من المشاكل البيئية‪ ،‬المتمثلة أساسا فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬ضعف في عملية ربط الجيلين األول والثاني من المناطق الصناعية بشبكات الصرف‬
‫الصحي وعدم توفير أوعية عقارية خاصة بإنشاء محطات المعالجة القبلية داخلها؛‬
‫‪ -‬تواتر األعطاب المتعلقة بانسداد وتدهور معدات تصريف مياه الصرف الصحي (حسب‬
‫بيانات شركة التدبير المفوض للماء والكهرباء بمدينة الدار البيضاء ووكالة توزيع الماء‬
‫والكهرباء بالجديدة)؛‬
‫‪ -‬تسبب نفايات الوحدات الصناعية غير المهيكلة بإقليم مديونة في أضرار متكررة في أغشية‬
‫ومعدات الترشيح الفائق لمحطة معالجة مياه الصرف الصحي؛‬
‫‪ -‬وجود خطر حقيقي لتلوث البيئة الطبيعية والبيئة البحرية‪ ،‬حيث تستقبل محطات المعالجة‬
‫األولية في الجهة والواقعة على الساحل نفايات صناعية غير معالجة يتم قذفها الحقا عبر‬
‫مصب بحري على مسافات تتراوح بين ‪ 2‬و‪ 3,5‬كيلومترات في المحيط‪.‬‬
‫ولعل من أهم األسباب التي أدت إلى بروز هذه المشاكل البيئية‪ ،‬عدم وجود إطار قانوني يعاقب على‬
‫تصريف المياه الملوثة للوحدات الصناعية في شبكة الصرف الصحي السكني للمدينة والتي ال تحترم‬
‫الحدود المنصوص عليها في القرار المشترك رقم ‪ 3286.17‬الصادر بتاريخ ‪ 4‬شتنبر ‪ .2017‬وفي‬
‫نفس السياق‪ ،‬وجبت اإلشارة إلى أن القانون رقم ‪ 36.15‬المتعلق بالماء والمرسوم رقم ‪2.04.553‬‬
‫المتعلق باالنسكابات والتدفقات والتصريفات والرواسب المباشرة أو غير المباشرة في المياه السطحية‬
‫أو الجوفية ال ينصان على عقوبات محددة لهذا النوع من الممارسات‪.‬‬
‫‪ ‬إعادة تهيئة وتأهيل المناطق الصناعية من الجيل األول والثاني‪ :‬تأخر في التنفيذ‬
‫نظرا للصعوبات التي تعرفها المناطق الصناعية المنجزة من طرف الجماعات الترابية بالجهة‪ ،‬بادرت‬
‫القطاعات الحكومية المعنية‪ ،‬منذ سنة ‪ ،2005‬إلى اعتماد مخطط اإلقالع الصناعي (‪ )2005‬والميثاق‬
‫الوطني لإلقالع الصناعي لسنة (‪ ،)2009‬وذلك بغية تحقيق ثالثة أهداف رئيسية‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ -‬تشجيع الشراكة بين الخواص والجماعات الترابية والغرف المهنية والمؤسسات العمومية؛‬
‫‪ -‬وضع رهن إشارة أصحاب الوحدات الصناعية حزمة من الحلول‪ ،‬تجمع بين توفير‬
‫األراضي والمباني الجاهزة وتقديم مجموعة من الخدمات المواكبة؛‬
‫‪ -‬إعادة تأهيل المناطق الصناعية القائمة بهدف تطويرها‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد‪ ،‬سجل‪ ،‬على مستوى الجهة‪ ،‬تقدم ملموس من حيث إحداث جيل جديد (جيل ثالث)‬
‫من فضاءات االستقبال الصناعي‪ ،‬والتي تم إنجازها بشراكة مع أطراف أخرى‪.‬‬
‫في المقابل‪ ،‬فإن المحور المتعلق بإعادة التهيئة أو إعادة تأهيل مناطق الجيل األول والثاني‪ ،‬التي تم‬
‫إنشاؤها في إطار المخطط الوطني لتهيئة المناطق الصناعية‪ ،‬عرف تأخرا كبيرا في إنجازه‪ ،‬إذ لم يتم‬
‫الشروع في انتقاء المناطق الصناعية التي ستتم تهيئتها أو إعادة تأهيلها‪ ،‬كالمنطقة الصناعية أحد‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪244‬‬


‫السوالم والمجمع الصناعي للبرنوصي‪ ،‬إال خالل سنة ‪ 2018‬بمناسبة إطالق برنامج صندوق المناطق‬
‫الصناعية المستدامة التابع لوكالة تحدي األلفية‪.‬‬
‫وقد أشارت وزارة الصناعة إلى أنها‪ ،‬وبهدف اختيار مشاريع تهيئة وإعادة تأهيل البنى التحتية لالستقبال‬
‫الصناعي‪ ،‬عملت على إطالق دعوات إلبداء االهتمام )‪ (AMI‬ترتكز على تعبئة الجهات الفاعلة المختلفة قصد‬
‫تطوير العرض العقاري‪ ،‬موضحة أنه قد تم اعتماد هذه اآللية من طرف صندوق المناطق الصناعية المستدامة‬
‫»‪ «FONZID‬بعد توقيع الميثاق الثاني بين الحكومة المغربية والوكالة األمريكية "‪ "MCC‬الذي دخل حيز‬
‫التنفيذ في ‪.2018‬‬
‫‪ ‬تثمين محدود للبقع الصناعية واحتمال كبير للمضاربة‬
‫في إطار المخطط الوطني لتهيئة المناطق الصناعية‪ ،‬كانت التركيبة المالية لمشاريع إنشاء فضاءات‬
‫االستقبال الصناعي تقوم على تقديم الدعم المالي لعملية اقتناء وتهيئة العقار المحتضن لفضاء االستقبال‬
‫وتفويت البقع الصناعية للمستفيدين بثمن التكلفة شريطة تثمينها داخل أجل زمني محدد في أفق‬
‫استغاللها لألغراض المخصصة لها‪.‬‬
‫غير أن دفاتر التحمالت ذات الصلة تضمنت مقتضيات‪ ،‬خاصة في الشق المتعلق بشروط تفويت‬
‫البقع‪ ،‬صعبة التنفيذ‪ ،‬ال سيما في ظل غياب إطار قانوني مالئم وجهاز يسهر على تطبيقها‪ .‬وهكذا‪،‬‬
‫عرفت مجموعة من المناطق الصناعية تأخرا في تثمين البقع‪ ،‬مما نتج عنه عدم احترام آجال إنجاز‬
‫عقود البيع النهائية‪ ،‬كما هي محددة في دفاتر التحمالت‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬لم يتم تفعيل بنود فسخ‬
‫الوعد بالبيع نتيجة عدم التثمين‪ ،‬إذ‪ ،‬وعلى سبيل المثال‪ ،‬لم يتم بناء أو استكمال بناء ‪ 33‬بقعة بالمنطقة‬
‫الصناعية بالجديدة‪ ،‬حيث ظلت على شكل أراض عارية دون أن تحتضن أي نشاط صناعي‪.‬‬
‫ويمكن تفسير هذه الوضعية بمجموعة من العوامل‪ ،‬أهمها عدم دقة وشمولية ونجاعة مساطر انتقاء‬
‫المستثمرين وعدم وجود معايير وشروط واضحة لالنتقاء‪ ،‬وكذا عدم التطبيق الصارم لبنود دفاتر‬
‫التحمالت‪ ،‬فضال عن اعتماد الجماعات المعنية خيار "بيع البقع" كعرض وحيد وحصري متاح‬
‫للمستثمر ودون العمل على تنويع الخيارات الممكنة (كإمكانية الكراء مع التجديد الضمني للعقد ذي‬
‫الصلة)‪.‬‬
‫ونتيجة لما سبق‪ ،‬فإن نسبة التثمين الصناعي للبقع ما زالت في حدود متوسطة على مستوى الجهة‪،‬‬
‫إذ لم تتجاوز‪ ،‬في أحسن الحاالت‪ ،‬نسبة ‪ .%54‬ومن شأن هذه الوضعية أن تؤدي إلى المضاربة في‬
‫البقع غير المثمنة‪ ،‬مما سيحيد بالجهود المبذولة في هذا اإلطار عن أهدافها المسطرة والمتمثلة أساسا‬
‫في توفير مناخ مالئم لالستثمار واإلسهام في التنمية االقتصادية للجهة‪.‬‬
‫ثانيا‪ .‬إحداث فضاءات االستقبال الصناعي‪ :‬إكراهات وانعكاسات سلبية تعيق تحقيق األهداف‬
‫المسطرة‬
‫تواجه عمليات إحداث فضاءات االستقبال الصناعي مجموعة من اإلكراهات‪ ،‬كما أنها تعاني من عدة‬
‫نقائص‪ ،‬مما يؤثر سلبا على تحقيق األهداف المرجوة وال يساهم‪ ،‬على النحو المطلوب‪ ،‬في إنعاش‬
‫االستثمار على مستوى الجهة‪.‬‬
‫‪ .1‬توفير األوعية العقارية المالئمة‪ :‬عائق حقيقي أمام إحداث فضاءات لالستقبال الصناعي‬
‫يشكل توفير األوعية العقارية المالئمة الحتضان فضاءات االستقبال الصناعي عائقا حقيقيا أمام‬
‫األطراف المعنية‪ ،‬مما أدى إلى اللجوء المتكرر لمسطرة االستثناء وانتشار مهم للوحدات الصناعية‬
‫غير المهيكلة‪.‬‬
‫‪ ‬صعوبات في تعبئة األوعية العقارية المالئمة‬
‫تم إحداث مجموعة من المناطق الصناعية دون تسوية األوعية العقارية المقامة عليها‪ ،‬كما هو الشأن‬
‫بالنسبة لمنطقة األنشطة االقتصادية للحي الحسني والمناطق الصناعية لكل من الجديدة وبنسليمان‬
‫(الشطران األول والثاني) وسطات وابن أحمد وبرشيد‪.‬‬

‫‪245‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫وتجد الجماعات الترابية المعنية صعوبات في تعبئة األوعية العقارية المنصوص عليها في وثائق‬
‫التعمير من أجل احتضان فضاءات االستقبال الصناعي‪ ،‬وذلك نتيجة مجموعة من العوامل‪ ،‬أهمها‪:‬‬
‫‪ -‬تراجع مساحة األوعية العقارية سهلة التعبئة‪ ،‬ال سيما تلك المملوكة للدولة والممكن‬
‫تخصيصها لألنشطة الصناعية‪ ،‬مقابل تواجد معظمها‪ ،‬حسب تصاميم التهيئة‪ ،‬على‬
‫أراض للخواص (باستثناء جماعتي أوالد عزوز وأوالد صالح حيث خصص تصميما‬
‫تهيئتهما أراض للتنطيق الصناعي في ملكية الدولة على مساحتي ‪ 699,23‬هكتارا‬
‫و‪ 369,32‬هكتارا)‪ ،‬وهو ما يتطلب موارد مالية مهمة القتنائها‪ ،‬ال سيما في ظل توجه‬
‫اجتهاد القضاء اإلداري إلى عدم منح صفة المنفعة العامة لعمليات نزع ملكية األوعية‬
‫العقارية التابعة للخواص من أجل إنشاء فضاءات االستقبال الصناعي؛‬
‫‪ -‬عدم وجود جهاز ذي بعد جهوي يتولى مهمة تعبئة األوعية العقارية ذات التنطيق‬
‫الصناعي‪ ،‬كما هي محددة في وثائق التعمير؛‬
‫‪ -‬ضعف معدل العائد على االستثمار (‪ )Taux de retour sur l’investissement‬في‬
‫عمليات تطوير وإنشاء فضاءات االستقبال الصناعي‪ ،‬وهو ما يؤدي إلى عدم مبادرة‬
‫مالك األراضي ذات التنطيق الصناعي إلى تعبئتها‪.‬‬
‫وقد أوردت وزارة الداخلية أن المديريات الجهوية واإلقليمية ألمالك الدولة تتولى مهمة تعبئة العقارات وذلك‬
‫تحت وصاية اللجنة الجهوية الموحدة لالستثمار‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬وجبت اإلشارة إلى أن هذه المديريات ال ت ُعتبر صاحبة المشروع المتعلق بتعبئة‬
‫األراضي من أجل إنشاء مناطق صناعية‪ ،‬إذ يقتصر دورها على الموافقة على البيع لصاحب‬
‫المشروع‪ ،‬أما تعبئة العقارات فهي منوطة بالجماعات الترابية وخصوصا الجهة (صاحبة االختصاص‬
‫حاليا) وذلك من أجل إنجاز هذه المشاريع في ظل عدم مبادرة الخواص إلنجاز هذه المناطق الصناعية‬
‫لالستقبال لضعف معدل العائد على االستثمار المتعلق بها‪.‬‬
‫‪ ‬لجوء متكرر لمسطرة االستثناء من أجل توفير األوعية العقارية الحتضان فضاءات‬
‫لالستقبال الصناعي‬
‫نتيجة لندرة فضاءات االستقبال الصناعي المهيكلة وتنامي ظاهرة المضاربة في أسعار األراضي‬
‫ذات التنطيق الصناعي‪ ،‬يلجأ العديد من المستثمرين‪ ،‬في إطار مسطرة االستثناءات‪ ،‬إلى إنشاء‬
‫وحداتهم الصناعية على أراض فالحية‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬فقد تم الترخيص ألكثر من ‪ 352‬مشروعا‬
‫صناعيا في إطار مسطرة االستثناءات‪ ،‬والتي غالبيتها تتعلق بتغيير وجهة األراضي الفالحية‬
‫وتحويلها إلى أراض صناعية‪ ،‬وهو ما يٌفَسَّر ببحث المستثمرين الصناعيين على أراض بأسعار مناسبة‬
‫لتوطين وحداتهم لمواجهة التكلفة المرتفعة والمضاربة التي تعرفها األراضي ذات التنطيق الصناعي‪.‬‬
‫كما تعزى هذه الوضعية أيضا إلى سعي المستثمرين القتناء أراض ذات مساحات كبيرة مالئمة للنشاط‬
‫الصناعي المراد إحداثه والتي ال توفرها العروض المتاحة‪.‬‬
‫‪ ‬انتشار مهم للوحدات الصناعية غير المهيكلة‬
‫في ظل ندرة العرض الخاص والمالئم للمقاوالت الصناعية الصغيرة والمتوسطة‪ ،‬تعرف الجهة‬
‫انتشارا للوحدات الصناعية غير المهيكلة‪ ،‬أي الوحدات الصناعية‪ ،‬المرخص لها أو غير المرخص‬
‫لها‪ ،‬التي تنشط خارج المناطق الصناعية‪ ،‬وهو ما يتعارض ومقاصد االستراتيجيات القطاعية ذات‬
‫الصلة والتي من بين أهدافها تجميع الوحدات الصناعية في مجمعات وتكتالت صناعية داخل مناطق‬
‫صناعية بمواصفات مهنية‪.‬‬
‫وهكذا تضم الجهة أكثر من ‪ 3.300‬وحدة صناعية غير مهيكلة تمتد على مساحة إجمالية تقارب ‪188‬‬
‫هكتارا‪ ،‬وتشغل ما يزيد عن ‪ 23.600‬من اليد العاملة‪ .‬مع العلم أن العديد منها يمارس أنشطة تقتضي‬
‫اتخاذ تدابير خاصة لتفادي اإلضرار بالبيئة (تذويب الحديد والنحاس‪ ،‬الصناعة الكيماوية والشبه‬
‫كيماوية‪.)....،‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪246‬‬


‫وتتمركز هذه الوحدات غير المهيكلة خاصة في الجماعات ذات الطابع القروي الواقعة بمحاذاة المدن‬
‫الرئيسية لألقاليم المعنية‪ ،‬وكذا في العماالت الواقعة حول مركز مدينة الدار البيضاء (موالي رشيد‬
‫وسيدي عثمان وعين الشق والحي الحسني وسيدي البرنوصي‪.)....‬‬
‫‪ .2‬اإلطار القانوني والمؤسساتي لتهيئة فضاءات االستقبال الصناعي‪ :‬ضرورة اعتماد إطار‬
‫خاص بهذه العمليات‬
‫تتسم عملية إنشاء وتطوير فضاءات االستقبال الصناعي‪ ،‬بمراحلها المختلفة من تخطيط وتأهيل وإعادة‬
‫هيكلة‪ ،‬بغياب إطار قانوني خاص يؤطر كل هذه المراحل‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬لم يتضمن القانون ‪ -‬اإلطار رقم ‪ 18.95‬بمثابة ميثاق لالستثمار أي مقتضيات‬
‫تتعلق بإنشاء الدولة أو الجماعات الترابية لمناطق صناعية جاهزة لالستخدام‪ .‬فالمادة الوحيدة (رقم‬
‫‪ )19‬التي تشير لهذه المناطق ال تتعلق إال ببعض الفضاءات التي تتم تعبئتها من طرف الخواص والتي‬
‫يمكن للدولة‪ ،‬إذا رأت مبررا لذلك‪ ،‬أن تساهم جزئيا في تكاليف إنشائها‪.‬‬
‫ورغم التغيرات الجوهرية التي عرفتها البيئة القانونية واحتياجات المستثمرين‪ ،‬فقد ظل‬
‫القانون ‪ -‬اإلطار سالف الذكر ساري المفعول لما يزيد عن ‪ 23‬سنة دون أن يخضع ألي إصالح‬
‫يتالءم وهذه التغيرات‪ ،‬إلى أن تم مؤخرا (سنة ‪ )2022‬إعداد مشروع قانون ‪ -‬إطار رقم ‪03.22‬‬
‫بمثابة ميثاق جديد لالستثمار يهدف للرفع من آثار عملية االستثمار‪ ،‬السيما فيما يتعلق بإحداث فرص‬
‫الشغل القار‪ ،‬وتقليص الفوارق بين األقاليم والعماالت في جلب االستثمارات‪ ،‬فضال عن استهداف‬
‫القطاعات اإلنتاجية ذات القيمة المضافة العالية‪ ،‬وتحقيق التنمية المستدامة‪ ،‬وكذا تحسين مناخ األعمال‬
‫وتسهيل عملية االستثمار‪ ،‬والرفع من مساهمة االستثمار الخاص الوطني واألجنبي‪.‬‬
‫ومن أهم انعكاسات هذا الغياب الذي استمر لمدة تزيد عن ‪ 23‬سنة‪ ،‬يمكن اإلشارة إلى ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬أهمية اعتماد جهاز على المستوى الجهوي‪ ،‬مسؤول عن تعبئة األوعية العقارية ذات‬
‫التنطيق الصناعي وإنشاء فضاءات االستقبال الصناعي‬
‫يعد غياب جهاز على المستوى الجهوي‪ ،‬مسؤول عن تعبئة األوعية العقارية ذات التنطيق الصناعي‪،‬‬
‫أحد األسباب الرئيسية التي أدت إلى بروز مجموعة من اإلكراهات ذات الصلة بتعبئة األراضي‬
‫الصناعية‪ ،‬والتي تكمن أهم تجلياتها في نسبة التعبئة التي لم تتجاوز ‪ %17‬خالل الفترة‬
‫‪ 2021 - 2011‬و‪ %53‬منذ سنة ‪.1980‬‬
‫‪ ‬الحاجة العتماد إطار قانوني خاص بإنشاء فضاءات االستقبال الصناعي وبتحديد‬
‫مكوناتها‬
‫في غياب إطار قانوني خاص‪ ،‬تم االستناد في إنشاء المناطق الصناعية إلى نصوص قانونية ذات‬
‫طابع عام (ظهير ‪ 30‬شتنبر ‪ 1953‬المتعلق بالتجزئات العقارية وتقسيم العقارات والقانون رقم ‪12.90‬‬
‫المتعلق بالتعمير والقانون رقم ‪ 25.90‬المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم‬
‫العقارات)‪ ،‬حيث يتم إخضاع عمليات إنشاء فضاءات االستقبال الصناعي لنفس المقتضيات المؤطرة‬
‫إلحداث التجزئات السكنية‪.‬‬
‫وفي نفس السياق‪ ،‬فإن مكونات هذه المناطق‪ ،‬من حيث الخدمات المقدمة للمستثمرين وطبيعة‬
‫التجهيزات والبنايات المتواجدة بها‪ ،‬تظل غير مؤطرة بمقتضيات قانونية خاصة‪ ،‬وهو ما يعتبر أحد‬
‫أهم أسباب ضعف تثمين المناطق الصناعية المحدثة‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬وألجل تعزيز الترسانة القانونية ذات الصلة بفضاءات االستقبال الصناعي‪ ،‬فقد تم‬
‫إعداد مشروع قانون رقم ‪ 102.21‬المتعلق بالمناطق الصناعية وذلك بتعاون مع وكالة تحدي األلفية‪-‬‬
‫المغرب وإشراك كل الفاعلين المعنيين‪ ،‬حيث تمت المصادقة عليه من طرف المجلس الحكومي سنة‬
‫‪ ،2022‬وهو في طور المناقشة على مستوى الغرفة األولى للبرلمان‪ .‬وينص مشروع القانون سالف‬
‫الذكر على العناصر األساسية التالية‪:‬‬

‫‪247‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫‪ -‬مخطط المناطق الصناعية‪ :‬وضع مخطط وطني للمناطق الصناعية‪ ،‬باعتباره وثيقة‬
‫مرجعية‪ ،‬يحدد السياسة العامة والتوجهات االستراتيجية للدولة في ميدان البنيات التحتية‬
‫الصناعية؛‬
‫‪ -‬تهيئة وتطوير وتسويق المناطق الصناعية‪ :‬وضع نظام عام لتهيئة وتطوير وتسويق‬
‫المناطق الصناعية يحدد القواعد العامة الواجب مراعاتها في مجال تهيئة وتطوير‬
‫وتسويق المناطق الصناعية والدراسات الواجب إرفاقها بطلب إنجاز مشروع تهيئة‬
‫المنطقة الصناعية؛‬
‫‪ -‬تدبير المناطق الصناعية‪ :‬التنصيص على نظام عام لتدبير المناطق الصناعية يحدد‬
‫القواعد العامة الواجب مراعاتها في مجال تدبير المناطق الصناعية والقواعد المحددة‬
‫لآلجال المتعلقة بتثمين وإنجاز األشغال في المناطق الصناعية الواجب تضمينه في عقود‬
‫البيع أو الكراء المبرمة بين المكلف بالتهيئة والمستثمرين باإلضافة إلى الخدمات الالزمة‬
‫ألنشطة المستثمرين‪.‬‬
‫في نفس السياق‪ ،‬أوضحت وزارة الصناعة والتجارة أنها منكبة على صياغة دفتر تحمالت بالنسبة للمشاريع‬
‫التي تكون طرفا فيها‪ ،‬قصد حلحلة عراقيل عدم تثمين البقع األرضية‪ ،‬وتدبير االلتزامات بين المسؤول عن‬
‫تسيير البنية التحتية والمستثمر‪.‬‬
‫‪ ‬أهمية اعتماد آلية قانونية من أجل إدارة فضاءات االستقبال الصناعي‬
‫تعرف تجهيزات وشبكات الجيلين األول والثاني من المناطق الصناعية مستوى متقدما من التدهور‪،‬‬
‫فضال عن ضعف الخدمات المقدمة للمستثمرين‪ ،‬وذلك بسبب غياب إطار قانوني وآليات تنظيمية‬
‫تؤطر عمليات تدبير وإدارة الخدمات بهذه الفضاءات بعد توطين الوحدات الصناعية بها‪.‬‬
‫وأمام هذه الوضع‪ ،‬بادر العديد من المستثمرين داخل هذه الفضاءات‪ ،‬بما فيها تلك التي تم إنجازها‬
‫من طرف الجماعات الترابية‪ ،‬إلى تأسيس جمعيات تعنى أساسا بالتواصل مع الجماعات المعنية قصد‬
‫حثها إلعادة هيكلة تجهيزات المنطقة الصناعية‪ ،‬غير أن هذه المبادرات لم تفض إلى النتائج المرجوة‪،‬‬
‫نظرا لمحدودية الموارد المالية لهذه الجماعات‪.‬‬
‫وفي المقابل‪ ،‬فقد اعتمد الجيل الثالث من فضاءات االستقبال الصناعي‪ ،‬بما في ذلك تلك التي تم‬
‫تطويرها في إطار تشاركي‪ ،‬مثل المجمعات الصناعية المعدة للكراء‪ ،‬أو التي أنشأتها شركة "ميدزد"‬
‫(‪ ،)MEDZ‬نموذجا مبتكرا يقوم على إنشاء شركة تدبير مسؤولة عن تطوير وتسويق وتشغيل‬
‫وصيانة هذه الفضاءات‪ ،‬مستوحى من نظام الملكية المشتركة المشار إليها في المادة ‪ 45‬من القانون‬
‫رقم ‪ 25.90‬المتعلق بالتجزئات بالنسبة للبقع غير المبنية‪ ،‬والقانون رقم ‪ 18.00‬المعدل والمتمم‬
‫بواسطة القانون رقم ‪ 106.12‬بالنسبة للمباني المشيدة‪ .‬ورغم مزايا هذا النموذج التدبيري في الحفاظ‬
‫على التجهيزات واستدامتها‪ ،‬فإنه يؤدي‪ ،‬حسب أصحاب الوحدات الصناعية المعنية‪ ،‬إلى تحميلهم‬
‫أعباء مالية إضافية‪ ،‬بالنظر إلى كونهم يساهمون‪ ،‬من جهة‪ ،‬في أداء تكاليف تدبير المنطقة الصناعية‪،‬‬
‫ويؤدون‪ ،‬من جهة‪ ،‬الرسوم المحلية ذات الصلة‪ ،‬وال سيما رسم الخدمات الجماعية‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى اعتماد آليات مبتكرة من أجل تمويل التجهيزات وشبكات ربط فضاءات‬
‫االستقبال الصناعي‬
‫سن المشرع عدة آليات لتمويل البنية التحتية وشبكات الربط‪ ،‬تتمثل في ضرائب التأسيس األولى‪،‬‬
‫وخاصة المساهمة في إنجاز الطرق العامة الجماعية المفروضة على مالك األراضي المجاورة لها‬
‫والمنصوص عليها في المواد من ‪ 37‬إلى ‪ 39‬من القانون ‪ 12.90‬المتعلق بالتعمير‪ .‬فضال عن آليات‬
‫أخرى‪ ،‬كالرسم المهني والرسم على الخدمات الجماعية المنصوص عليها في القانون ‪ 47.06‬المتعلق‬
‫بجبايات الجماعات الترابية‪.‬‬
‫غير أن الجماعات المعنية ال تتخذ ما يكفي من اإلجراءات من أجل تعبئة هذه الموارد‪ ،‬حتى يتسنى‬
‫لها االضطالع‪ ،‬على النحو المطلوب‪ ،‬بأدوارها في تمويل البنية التحتية والتجهيزات الكبرى وشبكات‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪248‬‬


‫الربط لهذه الفضاءات‪ ،‬وعلى وجه الخصوص‪ ،‬تلك الناتجة عن فتح مناطق حضرية جديدة ذات‬
‫تنطيق صناعي‪.‬‬
‫وإزاء هذه الوضعية‪ ،‬تعرف عمليات إحداث فضاءات االستقبال الصناعي وتجهيزها إكراهات‬
‫تمويلية‪ ،‬تفضي بالنتيجة إلى اختيار حلول مؤقتة لربطها بالتجهيزات والشبكات أو إنجاز تجهيزات‬
‫ذات قدرة محدودة تتناسب مع الموارد المالية المتوفرة للتهيئة (كمثال على ذلك المناطق الصناعية‬
‫ألوالد عزوز وسطات وبرشيد وسيدي المكي والجديدة أو حتى بعض العمليات التي قام بها الخواص‬
‫كعملية "سابينو")‪.‬‬
‫ثالثا‪ .‬المجمعات الصناعية المعدة للكراء‪ :‬نموذج يحتذى به رغم بعض النقائص المرتبطة بمدى‬
‫وفاء الجماعات المعنية بالتزاماتها‬
‫يرتكز هذا النموذج على إنشاء مجمع صناعي للكراء )‪ (PIL‬في إطار شراكة تجمع بين الوزارة‬
‫الوصية والجماعة المعنية وأطراف أخرى‪ .‬ويعتبر المجمع الصناعي ببوسكورة أول فضاء شرع في‬
‫إنشائه في هذا اإلطار‪ ،‬سنة ‪ ،2003‬على مساحة ‪ 28‬هكتارا‪ .‬ويضم هذا النوع من الفضاءات‪ ،‬حاليا‪،‬‬
‫أربعة مجمعات صناعية على مساحة إجمالية قدرها ‪ 141‬هكتار‪ ،‬تنشط بها ‪ 500‬شركة وتوفر أكثر‬
‫من ‪ 25.000‬فرصة عمل مباشرة‪.‬‬
‫وقد مكن هذا النموذج من المجمعات من تجاوز مجموعة من المعيقات سالفة الذكر‪ ،‬وال سيما غياب‬
‫إطار قانوني خاص بفضاءات االستقبال الصناعي‪ ،‬من خالل تبني تدبير محكم لعملية التخطيط‬
‫والتهيئة واالنتقاء ومواكبة عمل المجمع‪ ،‬وهو ما يمكن استجالؤه من خالل العناصر التالية‪:‬‬
‫‪ ‬هندسة مالية وتقنية مبتكرة‬
‫يتميز هذا النموذج من فضاءات االستقبال الصناعي بهندسة مالية وتقنية مبتكرة‪ ،‬حيث‪ ،‬وبعد الموافقة‬
‫على الوعاء العقاري المحتضن للفضاء بناء على دراسة جدوى‪ ،‬تشرع الجماعة المعنية في مسطرة‬
‫اقتناء العقار‪ ،‬ووضعه‪ ،‬بموجب عقد إيجار‪ ،‬تحت تصرف شركة تدبير يتم إنشاؤها لتطوير وتسويق‬
‫وإدارة المجمع‪ ،‬التي تتخذ شكل شركة مجهولة االسم مع مجلس لإلدارة ومجلس للمراقبة‪ .‬ويتكون‬
‫رأسمالها من مساهمات الجهات المانحة الشريكة للغرفة‪ ،‬وتتكون مساهمة الجماعة في رأسمال‬
‫الشركة من الهامش اإلضافي المحقق على سعر بيع العقار إلى الغرفة‪.‬‬
‫أما على المستوى المالي‪ ،‬فإن البقع أو المباني الجاهزة التي تمت تهيئتها في إطار هذه المجمعات يتم‬
‫كراؤها بأسعار تحفيزية ال تتجاوز‪ ،‬للمتر المربع الواحد شهريا‪ 5 ،‬أو ‪ 6‬دراهم بالنسبة للبقع و‪ 30‬أو‬
‫‪ 40‬درهم للمباني الجاهزة‪ .‬وتحدد مدة عقد الكراء في ‪ 9‬سنوات قابلة للتجديد ضمنيا‪ ،‬دون إمكانية‬
‫تمديده ليصبح عقد إيجار انتفاعي‪ ،‬مما يسمح للمستثمر الصناعي من تخصيص سيوالته النقدية‬
‫لتطوير تجهيزات ومعدات وحدته الصناعية‪ ،‬كما أن هذه الهندسة تمكن من تحييد المخاطر المتعلقة‬
‫بالمضاربة‪.‬‬
‫‪ ‬آلية تسمح بالتوازن المالي لتدبير المجمع وبضمان استدامة التجهيزات‬
‫تسمح الهندسة المالية لهذا النموذج بتحقيق التوازن المالي لتدبير المجمع الصناعي خالل مدة قصيرة‬
‫(بين ‪ 2‬و‪ 4‬سنوات)‪ .‬إذ يعتمد هذا النموذج على اقتراح عروض مخصصة حصريا للكراء‪ ،‬سواء‬
‫بالنسبة للبقع أو المصانع الجاهزة لالستخدام أو المباني المخصصة للخدمات المصاحبة وكذا البقع‬
‫المتواجدة على الطريق الرئيسي التي يتم تخصيصها ألنشطة قاعات العروض أو محطات الخدمة‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬وألجل المحافظة على التجهيزات والخدمات المصاحبة وضمان استدامتها‪ ،‬تسهر‬
‫شركة تدبير المجمع على اقتطاع المساهمات الالزمة لذلك من الوحدات الصناعية الموجودة بالمجمع‪.‬‬
‫‪ ‬نسب تثمين مرتفعة وضبط أفضل لعمليات انتقاء المستثمرين‬
‫إذا كانت محدودية نسب التثمين تعتبر واحدا من أهم اإلكراهات التي تعرفها المناطق الصناعية‬
‫المنجزة من طرف الجماعات الترابية‪ ،‬فإن نسبة تثمين المجمعات الصناعية المنجزة في إطار تشاركي‬

‫‪249‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫تقارب ‪( %100‬نسبة ‪ %100‬بكل من المجمع الصناعي بوسكورة وأوالد صالح و‪ %70‬بالنسبة‬
‫لمجمع سطات)‪ .‬وتعزى هذه النسبة المرتفعة إلى إيالء عناية خاصة لشروط الترويج لهذه المجمعات‬
‫داخل المغرب وخارجه وللبنود المتعلقة بانتقاء المستثمرين وبتثمين البقع والبنايات‪.‬‬
‫ويمكن لهذا النموذج أن يحقق نتائج أفضل إذا ما تم تجاوز بعض النقائص المرتبطة أساسا بعدم وفاء‬
‫الجماعات الترابية بالتزاماتها وواجباتها في هذا المجال‪ ،‬والتي يمكن استعراضها على النحو الموالي‪:‬‬
‫‪ -‬باستثناء المجمعات الصناعية األربع المنجزة على مستوى الجهة بمبادرة من السلطة‬
‫اإلقليمية المعنية بشراكة فاعلين آخرين‪ ،‬ورغم المزايا التي ينطوي عليها هذا النموذج‪ ،‬لم‬
‫تقم الجماعات الترابية بالجهة ببرمجة أي مشاريع تتعلق بإنشاء أو تهيئة مجمعات صناعية‬
‫للكراء في إطار برامجها ومخططاتها التنموية؛‬
‫‪ -‬سعي بعض الجماعات الترابية إلى تحقيق مكاسب مالية إضافية عند بيعها للعقار المخصص‬
‫إلنشاء المجمع الصناعي‪ ،‬مما قد يؤثر على التوازن المالي للمشروع؛‬
‫‪ -‬عدم قيام بعض الجماعات بربط المجمعات الصناعية التي تم إنشاؤها بشبكة الصرف‬
‫الصحي على الرغم من توفر المجمع والوحدات الصناعية على محطات معالجة أولية (حالة‬
‫مجمع سيدي المكي ببرشيد)؛‬
‫‪ -‬عدم مبادرة الجماعات الترابية المعنية بالمساهمة في رأسمال شركات تدبير المجمعات‬
‫الصناعية إلى االضطالع بدورها كفاعل أساسي في أجهزة الحكامة والجموع العامة‪.‬‬
‫وقد أوضحت وزارة الداخلية أن تقرير النموذج التنموي الجديد تضمن‪ ،‬فيما يخص مناطق األنشطة االقتصادية‬
‫عموما والصناعية خاصة‪ ،‬توصيات مهمة تمثل عصارة تجربة المجهودات المبذولة من طرف بالدنا في هذا‬
‫المجال والمتمثلة فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬إسناد التصميم األولي لهذه المناطق إلى فاعل جهوي قادر على هيكلة المشروع في تنسيق مع الفاعلين‬
‫المعنيين المتعددين (السلطات العمومية‪ ،‬المقاوالت‪ ،‬المنعشين العقاريين‪ ،‬المستثمرين والجمعيات)‪ ،‬وتحديد‬
‫وعاء عقاري مالئم يستجيب للحاجيات وضمان ربط منطقة األنشطة وإنجاز التجهيزات خارج الموقع؛‬
‫‪ -‬قيام الجهات بتطوير مناطق صناعية يتم إدماجها في مشروع حقيقي للمجال الترابي ومرتبطة ارتباطا كامال‬
‫بالنسيج الحضري القائم وبأنماط النقل وتستجيب لحاجيات وطلب المقاوالت؛‬
‫‪ -‬إمكانية ارتكاز اإلنجاز والتنفيذ الفعلي على الشراكة بين القطاعين العام والخاص‪ ،‬ليتم إسنادهما إلى متعاملين‬
‫خواص يتم انتقاؤهم وفق مسطرة مفتوحة لطلب المشاريع وعلى أساس دفتر تحمالت يفرض جودة عالية‬
‫للخدمات داخل المناطق المعني؛‬
‫‪ -‬تطوير مناطق لألنشطة االقتصادية بجودة عالية وبأسعار تنافسية في متناول جميع المقاوالت ‪.‬وهو ما‬
‫يستدعي العمل على التخطيط في إطار شراكة وثيقة مع الجهات لبلورة عرض للبنيات التحتية لالستقبال‬
‫قادرة على االستجابة للطلب‪ ،‬وتوفير شروط إقالع أنشطة جديدة‪.‬‬
‫وتأسيسا على ما سبق‪ ،‬فإن المجلس الجهوي للحسابات لجهة الدار البيضاء – سطات يوصي بما‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪ -‬وضع برنامج إلعادة تهيئة فضاءات االستقبال الصناعي المنجزة من طرف الجماعات‬
‫الترابية باالعتماد على اإلطار المرجعي لصندوق المناطق الصناعية المستدامة التابع‬
‫لوكالة تحدي األلفية المغرب؛‬
‫‪ -‬تجميع الموارد المالية للجهة والجماعات المعنية لتسريع عملية إنشاء جيل جديد من‬
‫فضاءات االستقبال الصناعي باستلهام نموذج المركبات الصناعية المعدة للكراء‬
‫المنجزة في إطار تشاركي؛‬
‫‪ -‬التعريف على مستوى الجهة بمختلف استراتيجيات وزارة الصناعة والتجارة بشكل‬
‫عام وتلك المتعلقة بتحفيز إنشاء فضاءات االستقبال الصناعي على وجه الخصوص؛‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪250‬‬


‫‪ -‬ترجمة االستراتيجيات المختلفة المتعلقة بتحفيز إنشاء فضاءات االستقبال الصناعي‬
‫إلى مشاريع ملموسة ضمن مخططات وبرامج تنمية الجهة والجماعات؛‬
‫‪ -‬التسريع بإخراج التصميم الجهوي إلعداد التراب ومخططات التوجيه إلى حيز الوجود‬
‫مع ضمان توزيع متوازن للتنطيق الصناعي في إطار رؤية شاملة ومتناغمة ومتوازنة‬
‫لتراب الجهة؛‬
‫‪ -‬تحسين معدل تحويل المساحات المخصصة للتنطيق الصناعي إلى فضاءات لالستقبال‬
‫الصناعي وترشيد عمليات اللجوء إلى مسطرة االستثناءات؛‬
‫‪ -‬الحيلولة دون إنشاء وحدات صناعية جديدة غير مهيكلة ووضع استراتيجية جهوية‬
‫للتسوية التدريجية والشاملة لوضعية تلك القائمة؛‬
‫‪ -‬اعتماد إطار قانوني وآليات تنظيمية خاصة بإنشاء وتدبير فضاءات االستقبال‬
‫الصناعي؛‬
‫‪ -‬تكليف جهاز على المستوى الجهوي بإنشاء وتطوير وتدبير وإدارة المجمعات‬
‫الصناعية للكراء؛‬
‫‪ -‬إعادة تأهيل المناطق الصناعية القديمة في تناسق مع القوانين المتعلقة بخفض‬
‫التأثيرات البيئية‪.‬‬

‫‪251‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪252‬‬
‫قطاع الثقافة‬

‫‪253‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪254‬‬
‫تتوفر بالدنا على مؤهالت قادرة على جعل الثقافة رافعة أساسية لتحقيق التنمية الشاملة‪ ،‬حيث تزخر‬
‫بتراث ثقافي مادي وغير مادي متنوع ومتعدد الروافد‪ ،‬وهو ما يشكل ثروة حقيقية ويعكس غنى‬
‫رصيدها التاريخي والثقافي‪.‬‬
‫وقد كان هذا الموروث الثقافي موضوع مجموعة من المبادرات الرامية إلى ضبطه وحمايته وتثمينه‬
‫كي يشكل أحد مرتكزات التنمية‪ .‬وفي هذا السياق‪ ،‬تبرز الجوانب المتعلقة بحماية المواقع والمباني‬
‫التاريخية كإحدى أهم المحاور التي تنصب حولها االستراتيجيات والبرامج المعتمدة في إطار تطوير‬
‫الثقافة ببالدنا‪.‬‬
‫كما يكتسي الولوج إلى الثقافة ودعم اإلبداع أهمية خاصة في إطار االرتقاء بالعمل الثقافي‪ ،‬بالنظر‬
‫للدور الكبير لهذه الجوانب في تعزيز الهوية الوطنية والمساهمة في التنمية البشرية‪ ،‬والنهوض‬
‫بالتراث الفني واإلبداعي والتعريف به‪ ،‬وتثمين الرأسمال الالمادي لبالدنا‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد‪ ،‬ركزت المهمات الرقابية التي أنجزها المجلس خالل سنة ‪ 2021‬على الجانبين‬
‫التاليين‪:‬‬
‫‪ -‬العمل الثقافي‪ :‬الولوج إلى الثقافة ودعم اإلبداع؛‬
‫تدبير المباني والمواقع التاريخية‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪255‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫العمل الثقافي‪:‬‬
‫أهمية إعداد استراتيجية مندمجة للعمل الثقافي من أجل ضمان الولوج للثقافة‬
‫ودعم اإلبداع‬

‫يتوفر المغرب على مؤهالت قادرة على جعل العمل الثقافي رافعة أساسية من رافعات التنمية الشاملة‪،‬‬
‫ويشكل التراث الثقافي المادي والالمادي أحد أهم مكوناته‪ .‬لذلك‪ ،‬ارتكز المخطط التنفيذي للبرنامج‬
‫الحكومي في قطاع الثقافة للفترة ‪ ،2021- 2017‬على عدة محاور من أهمها‪ )1( :‬إعداد استراتيجية‬
‫ثقافية وطنية‪ )2( ،‬والحفاظ على التراث الثقافي وتثمينه‪ )3( ،‬وإعمال سياسة القرب الثقافي‪)4( ،‬‬
‫وإرساء أسس الصناعة الثقافية‪.‬‬
‫في هذا اإلطار‪ ،‬يقوم عدة متدخلين‪ ،‬كالقطاعات الوزارية والجماعات الترابية وبعض المؤسسات‬
‫العمومية‪ ،‬برصد وسائل مهمة للعمل الثقافي‪ .‬فخالل الفترة الممتدة من ‪ 2016‬إلى ‪ ،2020‬بلغت‬
‫االعتمادات المخصصة من الميزانية العامة لقطاع الثقافة حوالي ‪ 4,75‬مليار درهم‪ ،‬من بينها ‪2,68‬‬
‫مليار درهم همت مجال االستثمار (‪ .)%56‬كما بلغت مبالغ الدعم المخصص للمشاريع الفنية والثقافية‬
‫ما مجموعه ‪ 245,80‬مليون درهم‪ ،‬تم رصدها من "الصندوق الوطني للعمل الثقافي"‪ ،‬خالل نفس‬
‫الفترة‪.‬‬
‫في نفس السياق‪ ،‬تسعى وزارة الشباب والثقافة والتواصل إلى تطوير المهن الثقافية من خالل اإلشراف‬
‫على تسيير المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي‪ ،‬والذي تراوحت االعتمادات السنوية‬
‫المخصصة له ما بين ‪ 2,24‬و‪ 2,72‬مليون درهم‪ ،‬والمعهد العالي لمهن السمعي البصري والسينما‬
‫الذي يعتبر مرفقا للدولة مسيرا بصورة مستقلة بواسطة ميزانية تتراوح ما بين ‪ 13,26‬و‪14,56‬‬
‫مليون درهم‪.‬‬
‫واستحضارا ألهمية العمل الثقافي في تحقيق التنمية الشاملة‪ ،‬ومن أجل تحسين المجهودات المبذولة‬
‫لالرتقاء بالعمل الثقافي‪ ،‬أنجز المجلس األعلى للحسابات مهمة رقابية همت الجوانب المتعلقة بتدبير‬
‫البنيات األساسية الثقافية ودعم المشاريع الفنية والثقافية‪ ،‬باإلضافة إلى مراقبة تسيير المعهد العالي‬
‫لمهن السمعي البصري والسينما والمعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي‪.‬‬
‫تتمثل أهم المالحظات المنبثقة عن هذه المهمة الرقابية وأبرز التوصيات الصادرة عن المجلس فيما‬
‫يلي‪.‬‬
‫أوال‪ .‬اإلطار االستراتيجي لقطاع الثقافة‪ :‬خارطة طريق للنهوض بالعمل الثقافي‬
‫تتطلب تنمية القطاع الثقافي وجود برامج عمل منبثقة عن استراتيجية مندمجة تأخذ بعين االعتبار‪،‬‬
‫عند بلورتها وتنزيلها‪ ،‬احتياجات المواطنين ومختلف المتدخلين في القطاع الثقافي على الصعيدين‬
‫الوطني والجهوي‪ ،‬السيما القطاعات الوزارية (الثقافة والتعليم والسياحة والصناعة التقليدية والشؤون‬
‫اإلسالمية‪ ،‬إلخ)‪ ،‬والجماعات الترابية والمجتمع المدني وكذا المؤسسات العمومية المعنية‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬أنيطت بالوزارة المكلفة بالثقافة مهمة إعداد وتنفيذ سياسة الحكومة المتعلقة بالتراث‬
‫والتنمية الثقافية والفنية‪ ،‬كما تنص على ذلك المادة األولى من المرسوم رقم ‪ 2-06-328‬الصادر في‬
‫‪ 10‬نوفمبر ‪ 2006‬بتحديد اختصاصات وتنظيم وزارة الثقافة‪ .‬وتتولى الوزارة لهذه الغاية توحيد‬
‫التوجهات وتنسيق األعمال الهادفة إلى تقوية النسيج الثقافي الوطني واستخدام الوسائل الكفيلة بضمان‬
‫ازدهاره‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى اعتماد استراتيجية وطنية لضمان التقائية وتكامل مكونات القطاع الثقافي‬
‫حدد المخطط التنفيذي للبرنامج الحكومي في قطاع الثقافة‪ ،‬المعتمد سنة ‪ ،2017‬أجل سنتين كحد‬
‫أقصى إلعداد استراتيجية وطنية للثقافة‪ ،‬إال أن هذا الهدف لم يتم تحقيقه بعد‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪256‬‬


‫وقد اقتصر برنامج العمل الخماسي للوزارة على مجموعة من المشاريع المنتقاة من برامج تنمية‬
‫الجهات واال تفاقيات متعددة األطراف‪ ،‬في غياب أي تنسيق أو تشاور بين مختلف الفاعلين‪ ،‬ودون‬
‫تحديد واضح ألهدافهم والتزاماتهم‪ ،‬ناهيك عن عدم تسطير جدولة زمنية لتنفيذ المشاريع المتفق عليها‪.‬‬
‫وفي نفس السياق‪ ،‬لم تقم الوزارة بإبرام عقود "األهداف – الوسائل" مع مصالحها الخارجية‪ ،‬كما هو‬
‫منصوص عليه في المادة الثالثة من القرار رقم ‪ 1701-16‬الصادر في ‪ 10‬يونيو ‪ 2016‬بتحديد‬
‫اختصاصات وتنظيم المصالح الالممركزة لوزارة الثقافة‪.‬‬
‫وبالرغم من وعي الوزارة بدور الجماعات الترابية في دعم الالمركزية وتوسيع شبكة المؤسسات‬
‫الثقافية‪ ،‬السيما من خالل مبادرات هذه األخيرة الهادفة إلى المحافظة على المصادر المتنوعة والغنية‬
‫للثقافة المغربية‪ ،‬وتوفير البنيات التحتية الثقافية‪ ،‬وتشجيع الطاقات الخالقة لإلسهام في تنمية وتطوير‬
‫كل أشكال االبتكار واإلبداع الثقافي والفني‪ ،‬فإن غياب استراتيجية ثقافية وطنية مندمجة فوت على‬
‫الفاعلين الثقافيين فرصة اعتماد مبادئ توجيهية عامة وآليات للتقارب والتنسيق‪ .‬وفي هذا الصدد‪،‬‬
‫تبين من خالل استقراء برامج التنمية الجهوية بأن بعض الجهات تولي للعمل الثقافي أولوية‬
‫استراتيجية تتكامل مع أهداف القطاعات االجتماعية واالقتصادية األخرى‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة‬
‫لجهتي الرباط‪-‬سال‪-‬القنيطرة والدار البيضاء‪-‬سطات‪ ،‬فيما تقتصر جهات أخرى على برمجة بعض‬
‫المشاريع والتدخالت في مجاالت ثقافية متفرقة دون إدراجها ضمن رؤية مندمجة (إنجاز بعض البنى‬
‫التحتية الثقافية ودعم بعض التظاهرات الثقافية)‪.‬‬
‫وفي ظل غياب استراتيجية وطنية وعدم تحديد آليات التنسيق بين المتدخلين‪ ،‬يبقى العمل الثقافي‬
‫موسوما بتداخل االختصاصات وازدواجية التدخالت‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى أن الوزارة المكلفة بالثقافة‬
‫قد أبرمت في فبراير ‪ 2021‬صفقة للدراسات‪ ،‬بمبلغ ‪ 4,16‬مليون درهم‪ ،‬تتعلق بإعداد استراتيجية‬
‫للقطاع الثقافي واإلبداعي‪.‬‬
‫في هذا اإلطار‪ ،‬أفادت الوزارة المكلفة بالثقافة أنها اشتغلت بشكل منهجي على بلورة العناصر البارزة وإعداد‬
‫مقترحات ووثائق ودالئل لرؤية وطنية للمغرب الثقافي‪ .‬كما أن الوصول إلى التقائية وتكامل التدابير المعتمدة‬
‫في القطاع الثقافي من طرف مختلف القطاعات الوزارية ومختلف الهيئات العمومية سيتم‪ ،‬حسب الوزارة‪ ،‬من‬
‫خالل إحداث المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية‪ ،‬كمؤسسة مرجعية واستشارية منوط بها اقتراح‬
‫ا ستراتيجية وطنية في هذا المجال‪ ،‬تساهم في جعل الثقافة رافعة حقيقية للتنمية وعنصرا فعاال في مشروع‬
‫الحداثة والتقدم‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة إيجاد أساليب مبتكرة لتمويل القطاع الثقافي‬
‫يعتبر القطاع الثقافي مجاال خصبا لخلق القيمة والثروة ورافعة لتنمية االقتصاد االجتماعي وإحداث‬
‫فرص الشغل وتعزيز التنمية البشرية‪ .‬في هذا الصدد‪ ،‬تمثل الشراكة بين القطاعين العام والخاص‬
‫فرصة لجذب المستثمرين الخواص لالستثمار في البنى التحتية الثقافية وإدارتها‪ ،‬وبالتالي تخفيف‬
‫العبء عن ميزانية الدولة وتحسين الظروف التقنية واالقتصادية والمالية لتسيير هذه المنشآت‪ .‬ومع‬
‫ذلك‪ ،‬فقد لوحظ بأن هذا النوع من الشراكة ال يزال محدودا‪ ،‬وهو ما يقتضي دراسة سبل اعتماد‬
‫أساليب مبتكرة من طرف الوزارة لتمويل وإدارة العمل الثقافي تأخذ بعين االعتبار خصائص هذا‬
‫القطاع ونجاعة وفعالية الدعم العمومي الممنوح لهذه الغاية‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد‪ ،‬أوضحت الوزارة أن المؤسسات الثقافية التابعة للقطاع تعرف مجموعة من اإلكراهات‬
‫والنقائص المتعلقة بمحدودية الموارد البشرية العاملة بهذه الفضاءات واالعتمادات المالية المخصصة لتسييرها‬
‫والتي تؤثر سلبا على ممارستها للمهام المنوطة بها للنهوض باألعمال واإلبداعات الفنية واألدبية في ميادين‬
‫المسرح والكتاب والفنون التشكيلية‪ ،‬والقراءة العمومية وتنشيط الفضاءات الثقافية‪ .‬كما أن الواقع لم يفرز بعد‬
‫شركاء خواص يتوفرون على الشروط الالزمة إلنجاح هذا النوع من الشراكة‪ ،‬وخاصة فيما يتعلق بقدرتهم‬
‫على توفير الموارد المالية خارج اإلعانات المالية الممنوحة من طرف الدولة والموارد البشرية المختصة في‬
‫ميدان الوساطة الثقافية‪.‬‬

‫‪257‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫‪ ‬الحاجة العتماد برنامج للتعافي لمرحلة ما بعد كوفيد ‪19‬‬
‫تميزت سنة ‪ 2020‬بتوقف العديد من األنشطة الثقافية والفنية‪ ،‬بسبب األزمة الصحية التي أدت إلى‬
‫إغالق المرافق الثقافية أمام الجمهور‪ .‬ولمواجهة آثار هذه الوضعية‪ ،‬اتخذت الوزارة مجموعة من‬
‫اإلجراءات‪ ،‬من بينها تنظيم بعض التظاهرات الثقافية عبر اإلنترنت‪.‬‬
‫غير أن الوزارة لم تتمكن من تقييم أثر األزمة الصحية على القطاع‪ ،‬وذلك من خالل تقدير الخسائر‬
‫التي تعرضت لها مختلف مكوناته وانعكاساتها على سوق الشغل‪ ،‬بهدف تحديد المجاالت الثقافية ذات‬
‫األولوية واألهداف المتوقعة وإعداد الخطط والمبادرات المالئمة للرفع من أدائها‪ ،‬فضال عن اقتراح‬
‫مصادر تمويل مبتكرة‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى أن منظمة اليونسكو قد حثت الحكومات على إدماج العمل‬
‫الثقافي ضمن البرامج الوطنية لإلنعاش االقتصادي واالجتماعي لما بعد جائحة كوفيد ‪.19‬‬
‫وقد أبرزت الوزارة أنها قامت‪ ،‬بالموازاة مع التحسن التدريجي للوضعية الوبائية بالبالد‪ ،‬بطرح برنامج لدعم‬
‫المشاريع الثقافية والفنية خالل سنة ‪ 2021‬مكن من تخفيف آثار هذه الوضعية‪ ،‬استفادت منه مجموعة مهمة‬
‫من الفاعلين الثقافيين والفنيين‪ .‬كما أفادت أنها استأنفت برامج الدعم أخذا بعين االعتبار تقوية النسيج الثقافي‬
‫والفني للرفع من مقاومته لألزمات‪.‬‬
‫من أجل ذلك‪ ،‬يوصي المجلس األعلى للحسابات الوزارة المكلفة بالثقافة بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬إعداد استراتيجية ثقافية مندمجة تحدد الرؤية واألهداف والتوجهات الكبرى للعمل‬
‫الثقافي على المستوى الوطني‪ ،‬وكذا المجاالت االستراتيجية ذات األولوية؛‬
‫‪ -‬السهر على وضع آليات محكمة‪ ،‬لضمان التقائية وتنسيق مختلف تدخالت الفاعلين‬
‫الرئيسيين في العمل الثقافي واالستعمال المشترك للموارد المالية والبشرية‪.‬‬
‫ثانيا‪ .‬التراث الثقافي الالمادي‪ :‬رأسمال ال محيد عنه للتنمية الثقافية على المستوى الترابي‬
‫في سنة ‪ ،2006‬صادق المغرب على اتفاقية اليونسكو لحماية التراث الثقافي الالمادي‪ ،‬ومنذ ذلك‬
‫الحين تم إدراج ‪ 11‬عنصرا في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي الالمادي للبشرية‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫عنصر واحد في قائمة التراث الثقافي الالمادي الذي يحتاج إلى صون عاجل‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى بلورة إطار قانوني يحدد التراث الثقافي الالمادي وطرق حمايته‬
‫تنص اتفاقية اليونسكو سالفة الذكر‪ ،‬على أنه من بين تدابير صون وتنمية وتعزيز التراث الثقافي‬
‫الالمادي في كل دولة‪ ،‬اعتماد تدابير قانونية وتقنية وإدارية ومالية تهدف إلى ضمان الولوج إلى‬
‫التراث الثقافي الالمادي‪ .‬في هذا الصدد‪ ،‬تم تسجيل تأخر ملحوظ في دمج الجوانب المتعلقة بالتراث‬
‫الثقافي الالمادي في اإلطار القانوني الوطني المؤطر للتراث الثقافي‪ ،‬بالنظر إلى كون القانون رقم‬
‫‪ 22.80‬المتعلق بالمحافظة على المباني التاريخية والمناظر والكتابات المنقوشة والتحف الفنية‬
‫والعاديات ال يشمل الجوانب المتعلقة بالتراث الثقافي الالمادي‪ .‬كما أن مسطرة تحديد التراث الثقافي‬
‫الالمادي‪ ،‬والهيئات المنوط بها تقييده وترتيبه وصونه لم يتم التنصيص عليها بعد‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن الحكومة سبق أن أعدت‪ ،‬سنة ‪ ،2013‬ثالثة مشاريع قوانين همت جمع التراث‬
‫الثقافي بكل مكوناته‪ ،‬بما فيه الالمادي‪ ،‬وذلك في إطار برنامج للتعاون المشترك بين الحكومة واألمم‬
‫المتحدة تحت عنوان "التراث الثقافي والصناعات اإلبداعية كقاطرة للتنمية المستدامة ‪."2012-2008‬‬
‫كما قامت بعد ذلك بإعداد مشروع قانون يتعلق بالحماية والمحافظة وتثمين التراث الثقافي المادي‬
‫والالمادي‪ ،‬والذي ال يزال قيد الدراسة من طرف الوزارة‪ .‬وفي نفس السياق‪ ،‬لم يتم بعد إصدار‬
‫مشروع القانون المتعلق بالميثاق الوطني للتراث‪ ،‬مع العلم بأن النموذج التنموي الجديد أوصى‬
‫"بوضع ميثاق وطني للتراث المادي والالمادي‪ ،‬من أجل حماية الذاكرة والموروث وتثمينهما"‪.‬‬
‫وقد أوضحت الوزارة أنه‪ ،‬وعيا منها بمحدودية اإلطار القانوني الحالي لتدبير التراث الثقافي بصفة عامة‬
‫والتراث الثقافي الالمادي بصفة خاصة‪ ،‬يخضع قانون التراث الثقافي إلى إعادة النظر في أفق تضمينه اهتماما‬
‫خاصا بالتراث الثقافي الالمادي وكذا الكنوز البشرية الحية حيث سيمكن من وضع اإلطار القانوني األمثل‬
‫للتراث الثقافي‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪258‬‬


‫‪ ‬جرد عناصر التراث الثقافي الالمادي‬
‫يتم جرد التراث الثقافي الالمادي عن طريق البعثات الميدانية السنوية التي تشمل كال من التراث‬
‫الثقافي المادي والالمادي‪ ،‬باإلضافة إلى معالجة الرصيد الوثائقي الذي تتوفر عليه مديرية التراث‬
‫الثقافي وكذا من خالل الدراسات التوثيقية واألنثربولوجية المنجزة بتعاون مع أكاديميين وباحثين‬
‫مختصين في التراث غير المادي الوطني‪.‬‬
‫فمنذ التصديق على اتفاقية اليونسكو وإلى حدود شهر أكتوبر ‪ ،2022‬تمكنت الوزارة من جرد ‪204‬‬
‫عنصرا من التراث الثقافي الالمادي‪ .‬كما تم خالل سنة ‪ 2021‬إطالق دراسة شملت ‪ 42‬مهمة جرد‬
‫موضوعاتي للتراث الثقافي الالمادي‪.‬‬
‫إال أن الوزارة ال تتوفر على برنامج عمل متعدد السنوات لجرد وصون هذا التراث‪ ،‬السيما من خالل‬
‫تشجيع وتثمين البحوث والدراسات العلمية في هذا المجال‪ ،‬وتحديد المناطق الجغرافية والموضوعاتية‬
‫المستهدفة‪ ،‬وكذا الجدولة الزمنية للقيام بالجرد الشامل ورقمنة هذا الموروث الثقافي‪ ،‬عالوة على‬
‫تعبئة الموارد المالية والبشرية الالزمة لذلك‪.‬‬
‫كما لم يتم تحيين المنصة الرقمية المتعلقة بجرد وتوثيق التراث الثقافي التي تم إنشاؤها سنة ‪،2010‬‬
‫علما بأن هذه األخيرة ال تتيح للعموم إمكانية اقتراح إدماج عناصر من التراث الثقافي الالمادي لقوائم‬
‫الجرد‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى أن الوزارة قد شرعت في تطوير نظام معلوماتي جغرافي جديد للتدبير‬
‫الرقمي للتراث الثقافي المادي والالمادي‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد‪ ،‬أوضحت الوزارة بأنه في ظل وضع يتميز باألساس بضعف الموارد البشرية على الصعيد‬
‫المركزي (‪ 4‬أطر) والشبه منعدمة على الصعيد الجهوي (‪ 6‬أطر)‪ ،‬والغياب الكلي لإلمكانيات اللوجستيكية‬
‫مثل السيارات الميدانية‪ ،‬فإن ذلك يحول دون تمكن اإلدارة من وضع برنامج توقعي متعدد السنوات بمعايير‬
‫ومؤشرات موضوعية قابلة لإلنجاز‪ .‬ويتم االقتصار‪ ،‬بين الفينة واألخرى‪ ،‬على تنظيم بعثات ميدانية من طرف‬
‫اإلدارة المركزية‪ ،‬التي من المفترض أن يقتصر دورها على جمع وتصنيف المعطيات‪ ،‬والتركيز باألساس‬
‫على معالجة الرصيد الوثائقي الذي تتوفر عليه مديرية التراث الثقافي‪.‬‬
‫‪ ‬إعداد نظام للكنوز البشرية الحية‬
‫حسب المبادئ التوجيهية لليونسكو‪ ،‬يقصد بالكنوز البشرية الحية األشخاص المعترف لهم بامتالكهم‬
‫مستوى عال جدا للمعارف والخبرات والمهارات والكفاءات الالزمة للحفاظ على عناصر محددة من‬
‫التراث الثقافي الالمادي أو إنشائها أو إنتاجها‪ ،‬يتم اختيارهم من طرف مجموعاتهم أو الدولة كاعتراف‬
‫بتقاليدهم الثقافية الحية وابتكاراتهم داخل طوائفهم أو المجموعات الموجودة في مجالهم الترابي‪ .‬ولهذه‬
‫الغاية‪ ،‬أوصت اليونسكو في سنة ‪ 1993‬بأن تعتمد الدول األعضاء أنظمة وطنية للكنوز البشرية‬
‫الحية‪.‬‬
‫في هذا اإلطار‪ ،‬خلصت الدراسة التي أنجزتها السلطات الحكومية المعنية سنة ‪ 2010‬إلى ضرورة‬
‫تفعيل ثالث آليات من أجل إعداد هذا النظام‪ ،‬وهي‪ )1( :‬آلية قانونية تتمثل وظيفتها في تقنين عمل‬
‫النظام‪ )2( ،‬وآلية مؤسساتية تحدد الجهات المسؤولة عن تطبيقه‪ )3( ،‬وآلية مالية تحدد مختلف‬
‫السيناريوهات المتعلقة بكيفيات تمويل الحقوق االجتماعية لهذه الكنوز البشرية الحية‪ .‬غير أن هذه‬
‫اآلليات لم يتم تفعيلها بعد‪.‬‬
‫وقد أفادت الوزارة‪ ،‬في هذا اإلطار‪ ،‬بأن قانون التراث الثقافي الذي يوجد في طور المراجعة يولي اهتماما‬
‫خاصا بالتراث الثقافي الالمادي وكذا الكنوز البشرية الحية‪ ،‬حيث سيمثل اإلطار القانوني المناسب لبرامج‬
‫قطاع الثقافة في الميدان‪ .‬كما أضافت بأنها أعدت قائمة مظاهر الكنوز البشرية الحية ابتداء من ‪ .2011‬وفي‬
‫انتظار المصادقة على القانون المذكور‪ ،‬يتم االقتصار حاليا على اقتراح بعض الكنوز البشرية الحية‪.‬‬
‫في هذا اإلطار‪ ،‬يوصي المجلس األعلى للحسابات الوزارة المكلفة بالثقافة بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬استكمال اإلطار القانوني المتعلق بتحديد وحماية وتثمين التراث الثقافي‪ ،‬السيما من خالل‬
‫إدراج الجوانب المتعلقة بصون وتثمين وتعزيز الموروث الثقافي الالمادي؛‬

‫‪259‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫‪ -‬العمل على إعداد نظام الكنوز الحية‪ ،‬من أجل التعرف على حاملي التراث الثقافي‬
‫الالمادي وضمان انتقاله إلى األجيال القادمة؛‬
‫‪ -‬العمل على إعداد برامج متعددة السنوات لجرد التراث الثقافي الالمادي‪ ،‬من خالل‬
‫تحديد الموضوعات والمناطق المستهدفة والسعي لتعبئة الموارد البشرية والمالية‬
‫الكفيلة بضمان فعالية عمليات الجرد المبرمجة‪.‬‬
‫ثالثا‪ .‬إنجاز بنيات تحتية ثقافية للقرب‪ :‬أولوية تهدف إلى اإلنصاف الثقافي على المستوى المحلي‬
‫تعتبر سياسة القرب الثقافي أحد المحاور الرئيسية للبرنامج التنفيذي للوزارة المكلفة بالثقافة (‪-2017‬‬
‫‪ ،)2021‬والتي تهدف إلى تشجيع المواطنين على المشاركة في الحياة الثقافية من خالل ضمان التوزيع‬
‫العادل للبنى التحتية الثقافية‪ .‬وتضم هذه األخيرة مراكز ثقافية ومعاهد الموسيقى والفنون‬
‫الكوريغرافية‪ ،‬ومكتبات وسائطية ونقاطا للقراءة‪ .‬وفي هذا السياق‪ ،‬أبرمت الوزارة اتفاقيات شراكة‬
‫مع العديد من المتدخلين من أجل المساهمة في إنجاز هذه المشاريع‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة تحديد الحاجيات من خالل دراسة جدوى المشاريع‬
‫تعتبر مرحلة دراسة جدوى المشاريع وتحديد الحاجيات مرحلة أساسية في عمليات التخطيط إلنجاز‬
‫البنيات التحتية الثقافية‪ ،‬وذلك من أجل التشخيص الدقيق لواقع الحال وتحديد نوع وطبيعة التجهيزات‬
‫المالئمة للسكان وفق المعايير الجاري بها العمل‪.‬‬
‫غير أن إنجاز البنيات التحتية الثقافية‪ ،‬ال يتم وفق مقاربة تقوم على تشخيص الحاجيات‪ ،‬بحيث ال يتم‬
‫في غالب األحيان القيام بالدراسات الالزمة قبل إطالق المشاريع أو إبرام اتفاقيات الشراكة‪ .‬وتترتب‬
‫عن هذه الوضعية صعوبات في تحديد المناطق التي تفتقر إلى البنيات التحتية الثقافية وكذا الخصائص‬
‫السوسيو اقتصادية للساكنة المستهدفة‪ ،‬قصد اختيار نوع التجهيزات المناسبة لها‪ ،‬وبالتالي برمجة‬
‫الموارد المالية والبشرية الالزمة إلنجاز واستغالل البنى التحتية المبرمجة طبقا لألهداف المسطرة‪.‬‬
‫من أجل ذلك‪ ،‬وضعت الوزارة‪ ،‬خالل سنة ‪ ،2021‬خارطة البنيات التحتية الثقافية‪ ،‬كخطوة أولى‬
‫لتحديد الحاجيات المتعلقة بمشاريع البنيات التحتية الثقافية‪.‬‬
‫وقد أبرزت الوزارة في جوابها أن وضع خريطة للبنيات التحتية الثقافية يهدف إلى تحسين ممارسات قطاع‬
‫الثقافة في ميدان تحديد الحاجيات والتي ستستغل للتحديد الدقيق لجدوى التجهيزات الثقافية المزمع إحداثها أو‬
‫تأهيلها حسب طلبات وقدرات شركاء القطاع قبل تحديد التزاماتهم‪ .‬كما أن قطاع الثقافة سيتمكن عبر هذه‬
‫المقاربة‪ ،‬من استباق حاجيات البنيات التحتية الثقافية المحتملة أخذا بعين االعتبار ضرورات الالتمركز‬
‫والعدالة المجالية‪ .‬ويتعلق األمر‪ ،‬حسب الوزارة‪ ،‬بخطوة أولى في اتجاه معالجة متكاملة تهدف إلى نجاعة ودقة‬
‫اختيارات االتفاقيات المستقبلية مع الشركاء الترابيين‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة لوضع نظام لتتبع تقدم مشاريع البنيات التحتية الثقافية‬
‫تشرف المديريات الجهوية واإلقليمية التابعة للوزارة المكلفة بالثقافة على مشاريع بناء البنى التحتية‬
‫الثقافية للقرب‪ ،‬بحيث تم تعيين المدراء الجهويين واإلقليميين آمرين بالصرف مساعدين‪ .‬كما أحدثت‬
‫الوزارة على المستوى المركزي "وحدة تدبير المشاريع" عهد إليها تتبع المشاريع الثقافية بالتنسيق‬
‫مع المديريات المذكورة‪ .‬غير أن فعالية هذه اآلليات تتطلب تجاوز الصعوبات المتعلقة بتوحيد البيانات‬
‫الخاصة بتقدم تنفيذ هذه المشاريع وتجميعها في قواعد بيانات تتيح تتبعها واستخراج لوحات القيادة‪.‬‬
‫في هذا اإلطار‪ ،‬قامت الوزارة خالل سنة ‪ ،2015‬بتطوير تطبيق معلوماتي للتتبع التقني والمالي‬
‫للمشاريع (‪ )e-Project‬حيث أحدثت ‪ 55‬حساب مستخدم‪ ،‬غير أنها اقتصرت على تكوين الموظفين‬
‫المعنيين على مستوى المديريات على استخدامه‪ ،‬دون تفعيل العمل به‪.‬‬
‫أوضحت الوزارة أنها بصدد إنجاز نظام معلوماتي مندمج لتدبير عمل قطاع الثقافة يضم عدة برامج معلوماتية‬
‫(مداخيل الصندوق الوطني للعمل الثقافي‪ ،‬تدبير عمليات دعم العمل الثقافي‪ ،‬منح بطاقة الفنان‪ ،‬الجوائز األدبية‬
‫والفنية‪ ،‬تتبع المشاريع الثقافية‪ ،)...‬والذي‪ ،‬حسب الوزارة‪ ،‬سيمكن من توحيد البيانات الخاصة بتقدم تنفيذ‬
‫المشاريع على مستوى جميع برامج القطاع وتجميعها في قواعد بيانات تتيح تتبعها واستخراج لوحات القيادة‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪260‬‬


‫‪ ‬ضرورة تحسين تدبير االلتزامات التعاقدية موضوع اتفاقيات الشراكة‬
‫أظهر فحص وضعية تنفيذ اتفاقيات الشراكة المتعلقة بإنجاز البنى التحتية الثقافية للقرب‪ ،‬التي تم‬
‫إبرامها مع الجماعات الترابية للفترة ‪ ،2021-2015‬محدودية اإلنجازات مقارنة بااللتزامات‬
‫التعاقدية‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬بلغ عدد مشاريع البنى الثقافية التي لم يتم تنفيذها ‪ 35‬مشروعا (يشمل‬
‫مراكز ثقافية ومسارح ومعاهد الموسيقى وشبكات القراءة العمومية)‪ ،‬بكلفة تقديرية ناهزت ‪264‬‬
‫مليون درهم‪ ،‬وهو ما يعادل ‪ %35‬من العدد اإلجمالي للمشاريع المضمنة في االتفاقيات‪.‬‬
‫ويستشف من خالل دراسة األسباب الكامنة وراء عدم تنفيذ أو إتمام اتفاقيات الشراكة مع الجماعات‬
‫الترابية‪ ،‬أنها مرتبطة بأربعة عوامل أساسية‪ )1( :‬التأخر في تعبئة الموارد المالية الالزمة إلنجاز‬
‫المشاريع‪ )2( ،‬اعتبار اتفاقيات الغية لعدم تضمينها اسم الطرف الموقّع‪ )3( ،‬بروز صعوبات‬
‫اعترضت الجماعة المعنية في تعبئة الوعاء العقاري إلنجاز المشروع‪ ،‬باإلضافة إلى (‪ )4‬المنازعات‬
‫الناشئة مع المقاوالت المكلفة باألشغال‪.‬‬
‫وفي حالة عدم تنفيذ اتفاقيات الشراكة مع الجماعات الترابية‪ ،‬تبقى الموارد المعبأة من طرف هذه‬
‫األخيرة غير مستغلة في انتظار اتضاح الرؤية حول مآل تلك االتفاقيات‪ ،‬وهو ما من شأنه أن يؤثر‬
‫على التزامات هذه الجماعات بخصوص برمجة المشاريع‪.‬‬
‫في هذا اإلطار‪ ،‬عزت الوزارة التأخير الحاصل في إنجاز البنيات التحتية الثقافية للقرب‪ ،‬مقارنة مع االلتزامات‬
‫التعاقدية مع الشركاء‪ ،‬إلى ضعف االلتزامات المتعلقة بالمشاريع المبرمج إنجازها بالشراكة مع الجماعات‬
‫الترابية‪ ،‬وكذا الصعوبات المسجلة على مستوى تعبئة الوعاء العقاري وقدرة التمويل إلحداث التجهيزات‬
‫الثقافية‪ .‬كما أن الجائحة أثرت بشكل كبير على مستوى إنجاز اتفاقيات الشراكة بفعل قيود الميزانية خالل سنة‬
‫‪ 2020‬وتمديد آجال اإلنجاز بسبب توقف األشغال‪.‬‬
‫‪ ‬وجوب تشغيل البنى التحتية الثقافية بعد إنجازها‬
‫من خالل فحص خارطة البنى التحتية الثقافية التي أعدتها وزارة الثقافة سنة ‪ ،2021‬تبين أن بعض‬
‫المراكز الثقافية‪ ،‬التي تم إنجازها سواء في إطار الشراكة مع قطاعات وزارية أخرى أو مع جماعات‬
‫ترابية‪ ،‬التزال غير مستغلة‪ ،‬علما أن المبالغ المعبأة من طرف وزارة الثقافة إلنجاز هذه المشاريع‬
‫قدرت بحوالي ‪ 52‬مليون درهم‪.‬‬
‫وتبرز هذه الوضعية الصعوبات التي تواجه الوزارة‪ ،‬فيما يخص استغالل بعض المراكز الثقافية بعد‬
‫االنتهاء من إنجازها‪ ،‬وذلك بسبب غياب رؤية مندمجة تأخذ بعين االعتبار‪ ،‬على وجه الخصوص‪،‬‬
‫القدرة على تعبئة الموارد البشرية الالزمة الستغاللها‪.‬‬
‫وقد أفادت الوزارة بأن عدم استغالل بعض المراكز الثقافية المنجزة يهم الفضاءات التي تم إنجازها بشراكة‬
‫مع بعض الجماعات الترابية التي لم تتمكن من تعبئة الموارد البشرية الالزمة ضمن التزاماتها التعاقدية‪،‬‬
‫مضيفة أن القطاع يشكو بدوره من محدودية موارده البشرية‪.‬‬
‫‪ ‬التوزيع اإلقليمي للمعاهد الموسيقية ومعاهد الفنون الكوريغرافية وشبكة القراءة‬
‫العمومية‬
‫تقع مسؤولة إنشاء وإدارة المؤسسات الثقافية للتأهيل والتعليم الفني والثقافي على عاتق الوزارة المكلفة‬
‫بالثقافة‪ ،‬طبقا للمادة األولى من المرسوم رقم ‪ 2.06.328‬الصادر في ‪ 18‬من شوال ‪1427‬‬
‫(‪ 10‬نوفمبر ‪ )2006‬بتحديد اختصاصات وتنظيم وزارة الثقافة‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬تشرف الوزارة على ‪ 34‬معهدا عموميا للموسيقى والفنون الكوريغرافية‪ ،‬من بينها‬
‫معهد موسيقي وطني وثمانية معاهد جهوية و‪ 25‬معهدا محليا‪ .‬غير أن ثالث جهات في المملكة ال‬
‫تتوفر على أي معهد‪ ،‬وهي جهات درعة‪-‬تافياللت وكلميم‪-‬واد نون والداخلة‪-‬واد الذهب‪.‬‬
‫وفي نفس السياق‪ ،‬وضعت الوزارة برنامجا وطنيا يهم إنشاء شبكة للقراءة العمومية‪ ،‬والذي مكن من‬
‫إحداث ‪ 331‬مكتبة‪ %75 ،‬منها بشراكة مع الجماعات الترابية‪ ،‬و‪ %9‬بشراكة مع الجمعيات‪ ،‬و‪%5‬‬
‫بشراكة مع المندوبية العامة إلدارة السجون وإعادة اإلدماج‪ ،‬فيما تم إنجاز ‪ %11‬منها مباشرة من‬

‫‪261‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫طرف وزارة الثقافة دون إبرام اتفاقية شراكة‪ .‬وقد ساهمت هذه الشبكة في تحقيق معدل تغطية يناهز‬
‫‪ 0,46‬مكتبة لكل ‪ 50‬ألف نسمة خالل ‪ .2021‬غير أن هذا المعدل يبقى منخفضا مقارنة مع الهدف‬
‫المتوخى في مشروع نجاعة األداء المتعلق بالوزارة (‪ 0,52‬خالل نفس السنة)‪ ،‬فضال عن المعايير‬
‫الدولية لليونسكو التي توصي بضرورة توفير مكتبة عمومية لكل تجمع عمراني يضم أكثر من‬
‫‪ 5000‬شخص‪.‬‬
‫في هذا الصدد‪ ،‬أوضحت الوزارة أنه‪ ،‬وعيا منها بأهمية ضمان التوزيع المجالي العادل للبنية التحتية الثقافية‪،‬‬
‫ورغم اإلكراهات والصعوبات المتمثلة في ضعف الميزانية السنوية التي ترصد لقطاع الثقافة فإنها حريصة‬
‫على تمكين جميع الفئات العمرية من الولوج إلى مختلف الخدمات التي تقدمها في المجال الفني والثقافي‪ .‬وفي‬
‫هذا السياق‪ ،‬ستفتتح الوزارة معهدين موسيقيين خالل السنة الدراسية ‪ 2023/2022‬المعهد الجهوي للموسيقى‬
‫والفن الكوريغرافي بالراشيدية والمعهد الجهوي للموسيقى والفن الكوريغرافي بالداخلة‪ .‬وستعمل خالل السنة‬
‫الدراسية المقبلة على افتتاح المعهد الجهوي للموسيقى والفن الكوريغرافي بكلميم‪ ،‬بمجرد توفر الظروف‬
‫المناسبة الفتتاحه‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد‪ ،‬يوصي المجلس األعلى للحسابات الوزارة المكلفة بالثقافة بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬السهر على إنجاز الدراسات القبلية لتحديد دقيق للحاجيات المتعلقة بالبنى التحتية‬
‫الثقافية للقرب‪ ،‬أخذا بعين االعتبار الوضعية القائمة والمعطيات السوسيو‪-‬اقتصادية‬
‫وكذا مناطق الخصاص‪ ،‬لضمان تغطية ترابية عادلة واستغالل أمثل للمنشآت المنجزة؛‬
‫‪ -‬اتخاذ التدابير الالزمة‪ ،‬بتنسيق مع الجهات المعنية‪ ،‬لتشغيل البنيات التحتية الثقافية‬
‫المنجزة‪ ،‬ومدها بالموارد المالية والبشرية الالزمة لتسييرها‪.‬‬
‫رابعا‪ .‬دعم العمل الثقافي‪ :‬نظام في خدمة االبتكار والنهوض بالصناعات الثقافية واإلبداعية‬
‫يعتبر إرساء أسس صناعات إبداعية وثقافية أحد المحاور الرئيسية للمخطط التنفيذي للبرنامج‬
‫الحكومي في قطاع الثقافة ‪ .2021-2017‬وفي هذا اإلطار‪ ،‬قامت الوزارة بوضع برنامج لدعم‬
‫المشاريع الفنية والثقافية‪ ،‬يهدف من جهة‪ ،‬إلى إبراز دور وإسهامات الثقافة في تنمية وخلق الثروات‬
‫وتحقيق التنمية المستدامة‪ ،‬ومن جهة أخرى إلى الزيادة في رقم المعامالت التجارية الناجمة عن السلع‬
‫والخدمات الثقافية‪ ،‬السيما في مجاالت المسرح والموسيقى والفنون الكوريغرافية والكتاب والفنون‬
‫التشكيلية والمهرجانات والتظاهرات الفنية والثقافية‪ ،‬باإلضافة إلى دعم الجمعيات والنقابات الفنية‬
‫والثقافية‪ .‬وقد تم تخصيص غالف مالي يزيد على ‪ 245‬مليون درهم كإعانات استفاد منها‪ ،‬خالل‬
‫الفترة ‪ ،212021-2016‬أكثر من ‪ 6.400‬مشروع في مختلف المجاالت المذكورة‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة لتقييم أثر برنامج الدعم على تطوير الصناعات اإلبداعية والثقافية‬
‫أظهر فحص نتائج الدعم الممنوح للمشاريع الثقافية بأن استراتيجية الدعم ترتكز في الغالب على‬
‫الوسائل بدال من النتائج‪ ،‬وعلى هاجس استهالك اإلعانات الممنوحة وتحقيق أهداف كمية دون التركيز‬
‫على األهداف المتعلقة بإقامة صناعات ثقافية وإبداعية‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬خالل دورة ‪ ،2019‬وزعت‬
‫لجنة الدعم الغالف المالي المخصص لمجال المسرح بشكل شبه متساو بين ‪ 13‬مشروعا‪ ،‬بحيث تم‬
‫دعم ‪ 8‬مشاريع بقيمة ‪ 300.000‬درهم‪ ،‬و‪ 4‬مشاريع بقيمة ‪ 340.000‬درهما‪ ،‬ومشروع واحد بقيمة‬
‫‪ 370.000‬درهما‪ .‬كما قررت اللجنة‪ ،‬خالل نفس السنة (مايو ‪ ،)2019‬رفع مبلغ الدعم بنسبة ‪%45‬‬
‫لكل مشروع بهدف استهالك االعتمادات المتبقية‪.‬‬
‫وعالوة على ذلك‪ ،‬لوحظ غياب إطار رسمي لتقييم أثر اإلعانات الممنوحة على ازدهار الصناعات‬
‫اإلبداعية والثقافية ببالدنا‪ ،‬مع العلم بأن الوزارة ال تتوفر على بيانات إحصائية موضوعية إلجراء‬
‫عمليات التقييم‪.‬‬
‫وقد أوضحت الوزارة أن الدراسات المنجزة في إطار تقييم أثر برنامج الدعم على تطوير الصناعات اإلبداعية‬
‫والثقافية عبر اتساع األنشطة وتأهيل مهنية المتدخلين الثقافيين والفنيين‪ ،‬تمكن القطاع من التيقن بأن اإلعانات‬

‫‪ 21‬تجدر اإلشارة إلى أن الوزارة لم تعلن عن طلبات العروض المتعلقة بدعم المشاريع الفنية والثقافية سنة ‪.2021‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪262‬‬


‫المالية الممنوحة شجعت على ظهور فاعلين جدد‪ ،‬وكذا تقوية دينامية الفاعلين الحاليين‪ ،‬على غرار دور النشر‬
‫الجدي دة وإحداث المكتبات عالوة على تقوية المبدعين في الميدان الفني‪ .‬إال أن دراسة دقيقة معمقة ومفصلة‬
‫لتقييم األثر تبقى‪ ،‬حسب الوزارة‪ ،‬الزمة الحتساب مساهمة الدعم في إحداث الصناعات اإلبداعية والثقافية‪.‬‬
‫لذلك‪ ،‬فمن المزمع القيام بالدراسات المعمقة لتقييم األثر بشراكة مع فيدرالية الصناعات اإلبداعية والثقافية التي‬
‫تضم المهنيين األكثر تنظيما بالقطاع‪.‬‬
‫‪ ‬وضع نظام معلوماتي مندمج لتتبع دعم المشاريع الفنية والثقافية‬
‫تقوم الوزارة بإعداد دراسة حول إنجاز نظام معلومات خاص بتدبير ومراقبة دعم األنشطة الفنية‬
‫والثقافية‪ .‬لذلك‪ ،‬فإن غياب هذا النظام المعلوماتي يحول دون حصول لجان الدعم على المعلومات‬
‫المتعلقة باالستفادة وطرق استعمال الدعم الممنوح من طرف مختلف مصالح الوزارة‪ ،‬والتصدي‪،‬‬
‫عند االقتضاء‪ ،‬لبعض الممارسات‪ ،‬كتلك المتعلقة بالمشاريع التي حصلت على دعم تراكمي‪ ،‬فضال‬
‫عن تحديد المؤشرات الكمية والنوعية للمشاريع المنفذة‪.‬‬
‫في هذا الصدد‪ ،‬أفادت الوزارة أنه في إطار إعداد الدراسة المتعلقة بإنجاز نظام معلومات خاص بتدبير ومراقبة‬
‫دعم األنشطة الفنية والثقافية‪ ،‬تم إنجاز المرحلة األولى من النظام المذكور بإنشاء منصة إلكترونية مكنت‬
‫القطاع من تلقي ملفات المشاريع الفنية والثقافية المرشحة لالستفادة من اإلعانات المالية عن بعد برسم سنة‬
‫‪ ،2022‬كما أبرزت أنه سيت م قريبا االنتهاء من إنجاز المرحلة الثانية المتعلقة بنظام تتبع إنجاز المشاريع من‬
‫طرف المستفيدين‪.‬‬
‫‪ ‬تسريع وتيرة اإلجراءات المتعلقة بإرجاع المبالغ الممنوحة للمستفيدين الذين لم يفوا‬
‫بالتزاماتهم‬
‫من خالل فحص الوضعية المتعلقة باستعمال الدعم العمومي للمشاريع الثقافية والفنية‪ ،‬تبين بأن عملية‬
‫استرجاع المبالغ غير المستعملة أو غير المستحقة تعتريها بعض النقائص‪ .‬ففي هذا الصدد‪ ،‬بلغ عدد‬
‫المشاريع الفنية والثقافية المستفيدة من الدعم التي لم يتم تنفيذها خالل الفترة ‪ ،2019-2016‬ما‬
‫مجموعه ‪ 170‬مشروعا‪ .‬وتتوزع هذه المشاريع ما بين ‪ 124‬مشروعا في مجال الكتاب و‪ 31‬مشروعا‬
‫في مجال الفنون و‪ 14‬مشروعا لدعم الجمعيات والنقابات الثقافية والفنية والتظاهرات والمهرجانات‬
‫الثقافية والفنية‪ .‬كما أن المبالغ الممنوحة من طرف الوزارة‪ ،‬كدفعات أولى‪ ،‬للمستفيدين الذين لم‬
‫يحترموا التزاماتهم التعاقدية قدرت بحوالي ‪ 3,42‬مليون درهم‪.‬‬
‫غير أن مجموع مبالغ الدعم التي تم استرجاعها بلغت‪ ،‬إلى غاية متم سنة ‪ ،2021‬ما مجموعه‬
‫‪ 236‬ألف درهم‪ ،‬أي ما يعادل ‪ %7‬من مجموع المبالغ غير المستحقة الواجب إرجاعها إلى خزينة‬
‫الدولة‪ ،‬علما بأن ‪ %90‬من المبالغ المسترجعة‪ ،‬تم استخالصها خالل سنة ‪.2021‬‬
‫أشارت الوزارة أن استرجاع المبالغ الممنوحة للمستفيدين الذين لم يفوا بالتزاماتهم‪ ،‬قد تعثر طويال‪ ،‬وذلك‬
‫بسبب غياب اإلسناد القانوني لهذا النوع من المداخيل الخاصة بالصندوق الوطني للعمل الثقافي عند إحداثه‪،‬‬
‫ولم يتم استدراك األمر إال بعد إدراجه ضمن "المداخيل المختلفة" برسم قانون المالية لسنة ‪ 2018‬وهو ما‬
‫يفسر بأن التحصيل لم يتم إنهاؤه إال سنة ‪.2021‬‬
‫لذلك‪ ،‬يوصي المجلس األعلى للحسابات الوزارة المكلفة بالثقافة بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬السهر على وضع استراتيجية للدعم ترتكز على النتائج عوض الوسائل وعلى تقييم‬
‫أثر دعم المشاريع الفنية والثقافية على تطور الصناعة اإلبداعية والثقافية‪ ،‬وذلك‬
‫استنادا إلى مؤشرات كمية ونوعية‪ ،‬واضحة وقابلة للقياس؛‬
‫‪ -‬وضع نظام معلومات مندمج من أجل تتبع وتوجيه الدعم العمومي الممنوح للمشاريع‬
‫الفنية والثقافية‪ ،‬وتعزيز آليات التنسيق بين مختلف الهيئات المكلفة بتقديم الدعم؛‬
‫‪ -‬وضع آلية قارة لضمان احترام االلتزامات التعاقدية من طرف المستفيدين من الدعم‬
‫وتفعيل مسطرة استرجاع مبالغ الدعم غير المستحقة أو تلك التي لم يحترم المستفيدون‬
‫منها التزاماتهم التعاقدية‪.‬‬

‫‪263‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫خامسا‪ .‬مراكز التكوين المهني والفني‪ :‬رافعة للرقي بالعمل الثقافي واإلبداعي‬
‫تتوفر وزارة الشباب والثقافة والتواصل‪ ،‬على مجموعة من مؤسسات التعليم العالي للتكوين في المهن‬
‫الثقافية واإلبداعية‪ ،‬من بينها المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي‪ ،‬والمعهد العالي لمهن‬
‫السمعي البصري والسينما‪.‬‬
‫ويعتبر المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي مؤسسة تعليمية تابعة لقطاع الثقافة‪ ،‬أنيطت بها‬
‫مهمة التكوين المهني والبحث والخبرة في مجال فن الدراما والمسرح‪ ،‬وكذا التكوين في الوساطة‬
‫والتنشيط الثقافي من خالل تأطير المهرجانات وتدبير المراكز الثقافية‪ .‬وقد قام المعهد‪ ،‬خالل الفترة‬
‫‪ ،2020-1990‬بتكوين ‪ 472‬خريجا‪ .‬وللقيام بمهامه‪ ،‬يستفيد المعهد من اعتمادات سنوية‪ ،‬تراوحت‬
‫ما بين ‪ 2,24‬و‪ 2,72‬مليون درهم خالل الفترة ‪ ،2021-2017‬يتم تقييدها ضمن أحد بنود الميزانية‬
‫العامة للوزارة المكلفة بالثقافة‪.‬‬
‫أما المعهد العالي لمهن السمعي البصري والسينما‪ ،‬فهو مؤسسة تعليمية تم إحداثها سنة ‪ 2013‬على‬
‫شكل مرفق للدولة مسير بصورة مستقلة تابع لقطاع االتصال‪ ،‬ويضطلع بمهمة التكوين والبحث وتقديم‬
‫الخدمات في مجاالت السمعي البصري والسينما‪ .‬وقد بلغ عدد خريجي المعهد‪ ،‬منذ إحداثه‪،‬‬
‫‪ 278‬خريجا على مستوى سلكي اإلجازة والماستر‪ .‬كما تراوحت مداخيل المعهد‪ ،‬خالل الفترة ‪-2017‬‬
‫‪ ،2019‬ما بين ‪ 13,26‬و‪ 14,56‬مليون درهم‪ ،‬فيما سجلت انخفاضا ملحوظا سنة ‪ 2020‬بحيث ناهزت‬
‫‪ 7,28‬مليون درهم‪ .‬أما بالنسبة لنفقات المعهد‪ ،‬فقد انتقلت من ‪ 8,6‬مليون درهم سنة ‪ 2016‬إلى‬
‫‪ 2,6‬مليون درهم سنة ‪.2020‬‬
‫‪ ‬ضرورة استكمال المسار التكويني إلحداث المعهدين‬
‫تشمل مهام المعهد العالي لمهن السمعي البصري والسينما‪ ،‬حسب المرسوم رقم ‪ 2.12.109‬المتعلق‬
‫بإحداثه وتنظيمه‪ ،‬ثالث مكونات‪ :‬التكوين والبحث وتقديم الخدمات في المهن السمعية البصرية‬
‫والسينما والميادين المرتبطة بها‪ ،‬السيما مهن الصورة والصوت والمونتاج وما بعد اإلنتاج‪ ،‬والمهن‬
‫المصاحبة لإلخراج ولإلنتاج‪ ،‬والكتابة‪.‬‬
‫أما فيما يخص المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي‪ ،‬فيضطلع بالمهام المتعلقة بالتكوين‬
‫األساسي والمستمر والبحث العلمي والفني والتقني باإلضافة إلى الخبرة‪ .‬وينظم التكوين بهذا المعهد‬
‫في سلك أساسي وفي أسالك اإلجازة والماستر والدكتوراه‪ ،‬وفق ما هو منصوص عليه في المادتين‬
‫‪ 3‬و‪ 4‬من المرسوم رقم ‪ 2.10.624‬الصادر بتاريخ ‪ 19‬أكتوبر ‪ 2011‬المتعلق بإعادة تنظيمه‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬فقد سجل المجلس أن المهام المنفذة فعليا من قبل المؤسستين تبقى جزئية‪ .‬ففي هذا‬
‫الصدد‪ ،‬يقتصر المعهد العالي لمهن السمعي البصري والسينما في تكوينه على سلكين فقط للتكوين‪،‬‬
‫ويتعلق األمر بسلك اإلجازة في الدراسات األساسية‪ ،‬وبسلك الماستر المتخصص (الذي عرف تخرج‬
‫دفعة واحدة)‪ .‬وعليه‪ ،‬فإن المعهد المذكور‪ ،‬ال يضطلع بباقي المهام المنوطة به والمنصوص عليها في‬
‫مرسوم إحداثه‪ ،‬والمتعلقة على وجه الخصوص‪ ،‬بالتكوين المستمر وتحضير وتسليم دبلوم مهندس‬
‫الدولة واإلجازة المهنية والدكتوراه والقيام ببرامج البحوث‪.‬‬
‫وفي نفس السياق‪ ،‬يقتصر التكوين الذي يتم تقديمه فعليا من طرف المعهد العالي للفن المسرحي‬
‫والتنشيط الثقافي‪ ،‬على سلك واحد لإلجازة المهنية‪ ،‬علما أنه لم يتم اعتماده بعد‪ .‬في حين أن باقي‬
‫األسالك‪ ،‬وال سيما الماستر والماستر المتخصص والدكتوراه‪ ،‬ال تزال في مرحلة الدراسة‪ ،‬في انتظار‬
‫المصادقة على دفاتر الضوابط البيداغوجية‪.‬‬
‫في هذا اإلطار‪ ،‬أوضحت الوزارة بأن مختلف اإلدارات المتعاقبة على تسيير المعهد العالي للفن المسرحي‬
‫والتنشيط الثقافي حاولت‪ ،‬منذ سنة ‪ ،2011‬االنخراط في اإلصالح الجامعي‪ ،‬لكن ذلك لم يتم لكون رؤية القانون‬
‫رقم ‪ 01.00‬المتعلق بتنظيم التعليم العالي‪ ،‬تنص على أن التكوين في سلك اإلجازة يستغرق ثالث سنوات‪ ،‬فيما‬
‫التجربة أبانت أن التكوين في المعهد يتطلب أربع سنوات لوجود جانب مهني فني يتطلب الزمن الدراسي‬
‫الكافي لتحقيق أهداف التكوين‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪264‬‬


‫‪ ‬وضع نظام لتتبع وتقييم نجاعة األداء‬
‫تنص المادة ‪ 77‬من القانون رقم ‪ 01.00‬المتعلق بتنظيم التعليم العالي‪ ،‬على أن نظام التعليم العالي‬
‫يخضع في مجمله لتقييم منتظم ينصب على مردوديته الداخلية والخارجية‪ ،‬ويشمل جميع الجوانب‬
‫البيداغوجية واإلدارية والبحث‪ .‬كما نصت المادة ‪ 78‬من نفس القانون على أن مؤسسات التعليم العالي‬
‫العام والخاص ملزمة بوضع نظام للتقييم الذاتي‪.‬‬
‫إال أن المعهدين المذكورين ال يتوفران على نظام للتتبع والتقييم‪ .‬فعلى مستوى المعهد العالي لمهن‬
‫السمعي البصري والسينما‪ ،‬لم يتم إجراء أي تقييم ألسالك اإلجازة والماستر بمختلف تخصصاتها‪،‬‬
‫وهو ما يتعارض مع مقتضيات دفتر الضوابط البيداغوجية الوطنية‪ ،‬والذي ينص على إنجاز نوعين‬
‫من التقييم‪ :‬تقييم سنوي وتقييم ذاتي‪ .‬ويعزى هذا األمر إلى غياب النظام سالف الذكر‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬تبين من خالل فحص أدوات المساعدة في اتخاذ القرار على مستوى المعهد العالي‬
‫للفن المسرحي والتنشيط الثقافي‪ ،‬غياب نظام يمكن من تعزيز تدبير مسار التكوين وتقييم جودته‪ .‬وفي‬
‫هذا الصدد‪ ،‬تجدر اإلشارة إلى أن المعهد ال يتوفر على األدوات واآلليات الالزمة لوضع نظام فعال‬
‫للتتبع والتقييم‪ ،‬السيما دليل للمساطر ودليل لضمان الجودة‪ ،‬وخريطة العمليات‪ ،‬وتوصيف الوظائف‪،‬‬
‫ونظام المراقبة الداخلية وكذلك المؤشرات الكمية والنوعية لتتبع األنشطة ونجاعة األداء‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة لمواكبة اإلدماج المهني للخريجين‬
‫تنص المادة ‪ 25‬من القانون رقم ‪ 01.00‬المتعلق بتنظيم التعليم العالي‪ ،‬على أن مؤسسات التعليم العالي‬
‫التابعة للقطاعات الوزارية تتكلف بإعداد الشباب إلدماجهم في الحياة العملية‪.‬‬
‫غير أن المعهدين المذكورين لم يقوما بوضع برامج عمل لمواكبة وتتبع إدماج الخريجين في الحياة‬
‫المهنية‪ ،‬وذلك عن طريق إرساء آليات للتوجيه وتتبع إدماجهم وتطور مسارهم المهني‪ ،‬علما بأن‬
‫إرساء مثل هذه اآللية من شأنه أن يمكن هاتين المؤسستين من جمع المعطيات اإلحصائية الالزمة‬
‫إلنشاء قاعدة معلومات حول الخريجين‪ ،‬والتي ستساعد في العمل على مالءمة التكوينات المتاحة مع‬
‫متطلبات سوق الشغل (كمعدل اإلدماج والوضعيات المهنية وأنواع األنشطة وشبكة األجور‪.)...‬‬
‫وتجدر اإلشارة‪ ،‬إلى أن المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي قام بوضع خلية للتوجيه‬
‫واإلدماج المهني لخريجيه‪ ،‬إال أن هاته الخلية الزالت غير مفعلة‪.‬‬
‫‪ ‬تعزيز هيئة التدريس‬
‫تضم هيئة التدريس بالمعهد العالي لمهن السمعي البصري والسينما تسعة أساتذة مرسمين‪ ،‬بما في‬
‫ذلك المدير‪ .‬ولمواجهة محدودية هذا العدد‪ ،‬يلجأ المعهد إلى خدمات األساتذة الزائرين‪ ،‬الذين يتم‬
‫اختيارهم من بين أساتذة معاهد التكوين األخرى‪ ،‬أو من بين المهنيين العاملين في المجال السمعي‬
‫البصري والس ينما‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬عرف عدد األساتذة الزائرين انخفاضا ملحوظا‪ ،‬بحيث تراجع من ‪40‬‬
‫أستاذا برسم الموسم الدراسي ‪ ،2016-2015‬إلى تسعة أساتذة زائرين برسم الموسم الدراسي ‪-2021‬‬
‫‪ . 2020‬ومن شأن هذا االنخفاض أن يؤثر سلبا على جودة التكوين‪ ،‬خصوصا أن عدد األساتذة‬
‫المرسمين بقي ثابتا منذ الموسم الدراسي ‪.2017-2016‬‬
‫أما على مستوى المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي‪ ،‬فقد تبين أن مؤهالت تكوين األساتذة‬
‫المرسمين ليست جميعها متالئمة مع متطلبات نظام "إجازة‪ -‬ماستر‪ -‬دكتوراه"‪ .‬وفي هذا السياق‪ ،‬فقد‬
‫نصت المادة ‪ 2‬من المرسوم رقم ‪ 2.96.804‬في شأن النظام األساسي الخاص بهيئة األساتذة الباحثين‬
‫بمؤسسات تكوين األطر العليا‪ ،‬على أن هيئة األساتذة الباحثين بهذه الفئة من المؤسسات تشمل األطر‬
‫التالية‪ :‬أستاذ التعليم العالي‪ ،‬أستاذ مؤهل وأستاذ التعليم العالي مساعد‪ ،‬إال أنه‪ ،‬لوحظ بأن ‪ %54‬من‬
‫األساتذة المرسمين في المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي غير حاصلين على شهادة‬
‫الدكتوراه وال ينتمون إلى إحدى الفئات الواردة بالنصوص التنظيمية الجاري بها العمل‪ .‬وهو األمر‬
‫الذي يحد من إمكانية اعتماد شعب ومسالك التكوين‪ ،‬ودمجها في نظام "اإلجازة‪-‬الماستر‪-‬الدكتوراه"‪.‬‬

‫‪265‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫وقد أوضحت الوزارة بأنها تعمل على تعزيز هيئة التدريس وذلك من خالل طلب مناصب مالية جديدة تهم‬
‫مجال التدريس الفني الجامعي‪.‬‬
‫‪ ‬وضع الهياكل المتعلقة بالتعليم والبحث‬
‫لم يقم المعهد العالي لمهن السمعي البصري والسينما بوضع الهياكل المتعلقة بالتعليم والبحث‪ ،‬وال‬
‫سيما أقسام التكوين‪ .‬وتعزى هذه الوضعية إلى غياب نص تنظيمي متعلق بإحداث وتنظيم هذه الهياكل‪،‬‬
‫كما هو منصوص عليه في المادة ‪ 36‬من القانون رقم ‪ 01.00‬المتعلق بتنظيم التعليم العالي‪ ،‬والمادة‬
‫‪ 21‬من المرسوم رقم ‪ 2.12.109‬المتعلق بإحداث المعهد العالي لمهن السمعي البصري والسينما التي‬
‫تنص على أن هياكل التعليم والبحث المتعلقة بالمؤسسة وتنظيمها هي محددة من طرف السلطة‬
‫الحكومية المكلفة باالتصال باقتراح من مجلس المؤسسة بعد أخذ رأي مجلس التنسيق‪.‬‬
‫إضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي لم يعمل على وضع البنية المتعلقة‬
‫بالبحث المنصوص عليها في المادة ‪ 11‬من المرسوم رقم ‪ 2.10.624‬المتعلق بإعادة تنظيمه‪ ،‬وال‬
‫سيما مركز البحث العلمي والدراسات المتعلقة بالدكتوراه‪.‬‬
‫في هذا الصدد‪ ،‬أبرزت الوزارة أن غياب الهياكل المتعلقة بالتعليم والبحث مرتبط بعدم اعتماد النظام‬
‫البيداغوجي إجازة‪-‬ماستر‪-‬دكتوراه‪.‬‬
‫‪ ‬عدم عقد اجتماعات مجلس المؤسسة بشكل منتظم‬
‫يجتمع مجلس المؤسسة باستدعاء من الرئيس أو بطلب كتابي موجه من ثلث األعضاء على األقل‬
‫ثالث مرات في السنة وكلما استدعت الضرورة‪ ،‬وذلك بناء على المادة ‪ 21‬من المرسوم رقم‬
‫‪ 2.05.885‬الصادر بتاريخ ‪ 21‬أبريل ‪ ،2006‬المتخذ لتطبيق المادتين ‪ 33‬و‪ 35‬من القانون رقم‬
‫‪ 01.00‬المتعلق بتنظيم التعليم العالي‪.‬‬
‫إال أن فحص محاضر اجتماعات مجلس المؤسسة المتوفرة على مستوى المعهدين‪ ،‬أظهر بأن هذا‬
‫المقتضى ال يتم احترامه إال نادرا‪ .‬ذلك أن مجلس المؤسسة الخاص بالمعهد العالي للفن المسرحي‬
‫والتنشيط الثقافي‪ ،‬لم يجتمع إال ‪ 6‬مرات خالل الفترة ‪ ،2020-2015‬أي ما يعادل ثلث سقف‬
‫االجتماعات الواجب عقدها (‪ 18‬اجتماعا)‪ .‬كما أنه‪ ،‬ومنذ إحداثه‪ ،‬لم يجتمع مجلس المعهد العالي لمهن‬
‫السمعي البصري والسينما سوى ‪ 10‬مرات‪ ،‬أي ما يعادل اجتماعا واحدا إلى اثنين في السنة‪ ،‬عوض‬
‫ثالث اجتماعات في السنة المنصوص عليها في المرسوم سالف الذكر‪.‬‬
‫وقد تؤثر هذه الوضعية سلبا على التدبير البيداغوجي واإلداري لهذين المعهدين‪ ،‬نظرا للمهام المنوطة‬
‫بمجلس المؤسسة‪.‬‬
‫وقد أفادت الوزارة في جوابها بأن الفترة الممتدة من ‪ 2015‬إلى ‪ 2018‬عرفت انقطاعات في اجتماعات مجلس‬
‫المؤسسة‪ .‬لكن منذ سنة ‪ ،2018‬تم السعي للحفاظ على وتيرة منتظمة لعقد هذه االجتماعات‪ ،‬غير أن جائحة‬
‫كوفيد‪ 19-‬أثرت على هذه الوتيرة‪ ،‬وذلك بالرغم من تدارك األمر بعقد بعض االجتماعات عن بعد‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬يوصي المجلس األعلى للحسابات كال من المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي‪،‬‬
‫والمعهد العالي لمهن السمعي البصري والسينما‪ ،‬بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬اعتماد مخطط استراتيجي خاص بالمعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي‪،‬‬
‫والمعهد العالي لمهن السمعي البصري والسينما‪ ،‬كل على حدة‪ ،‬يتضمن كيفية برمجة‬
‫وتنزيل المهام المنوطة بهما؛‬
‫‪ -‬الحرص على احترام المقتضيات المتعلقة بدفتر الضوابط البيداغوجية الوطنية ونظام‬
‫التتبع والتقييم؛‬
‫‪ -‬وضع نظام لتتبع الخريجين بهدف تقييم مدى اندماجهم في سوق الشغل‪ ،‬وكذا مالءمة‬
‫التكوينات المتوفرة مع متطلباته؛‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪266‬‬


‫‪ -‬وضع هياكل الحكامة المتعلقة بالتكوين الواردة في التشريعات المعمول بها واألنظمة‬
‫الداخلية‪ ،‬مع السهر على ضمان حسن تسييرها‪.‬‬

‫‪267‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫تدبير المباني والمواقع التاريخية‪:‬‬
‫الحاجة لوضع استراتيجية مندمجة لتثمين التراث الثقافي‬

‫يخضع تدبير الموروث الثقافي للقانون رقم ‪ 22.80‬الصادر بتاريخ ‪ 25‬دجنبر ‪ 1980‬المتعلق‬
‫بالمحافظة على المباني التاريخية والمناظر والكتابات المنقوشة والتحف الفنية والعاديات‪ ،‬كما تم‬
‫تغييره وتتميمه‪.‬‬
‫وتناط بالوزارة المكلفة بالثقافة مهمة السهر على حماية التراث المعماري واألثري واإلثنوغرافي‬
‫والمتحفي ومختلف الثروات الفنية الوطنية والحفاظ عليها وترميمها وتعدادها والتعريف بها‪ .‬ولهذه‬
‫الغاية‪ ،‬تتولى مديرية التراث الثقافي برمجة األبحاث األثرية وتنظيم ومراقبة أوراش الحفريات‬
‫وتجميع وصيانة التراث المتحفي وحمايته وإعداد الوثائق الالزمة للقيام بجرد هذا التراث والقيام‬
‫بأعمال التنشيط المتعلقة به‪.‬‬
‫وقد بلغت الموارد المخصصة‪ ،‬من الميزانية العامة للدولة‪ ،‬لتدبير المباني والمواقع التاريخية حوالي‬
‫‪ 35,24‬مليون درهم (دون احتساب نفقات الموظفين)‪ ،‬وهوما يشكل نسبة ‪ %0,31‬من الميزانية‬
‫المخصصة للوزارة المكلفة بالثقافة خالل الفترة من ‪ 2016‬إلى ‪ .2021‬كما بلغت النفقات المرصودة‬
‫من قبل "الصندوق الوطني للعمل الثقافي" لصيانة هذه المواقع والمباني التاريخية‪ ،‬حوالي‬
‫‪ 10,40‬مليون درهم سنويا‪ ،‬بحيث بلغت النفقات اإلجمالية المنجزة خالل الفترة الممتدة من ‪2015‬‬
‫إلى ‪ 222019‬حوالي ‪ 52‬مليون درهم‪ .‬بينما بلغ متوسط الموارد المتأتية من استغالل هذه المواقع‬
‫والمباني حوالي ‪ 56,23‬مليون درهم في السنة‪ ،‬أي ما يعادل مداخيل إجمالية لفائدة الصندوق سالف‬
‫الذكر قدرها ‪ 281,15‬مليون درهم خالل نفس الفترة‪ .‬وتجدر اإلشارة‪ ،‬إلى أن هذه المداخيل قد سجلت‬
‫ارتفاعا ملحوظا على إثر مراجعة تعريفة زيارة المعالم التاريخية خالل سنة ‪ ،2018‬إذ انتقلت من‬
‫‪ 15,84‬مليون درهم في سنة ‪ 2017‬إلى ‪ 163,56‬مليون درهم في سنة ‪.2019‬‬
‫وقد تمحورت مهمة مراقبة تدبير المباني والمواقع التاريخية حول تحديد هذا التراث الثقافي وحمايته‬
‫والمحافظة عليه واإلجراءات المتخذة من أجل تثمينه االقتصادي والسياحي‪.‬‬
‫‪ .1‬الحاجة لتحيين النصوص التشريعية المتعلقة بحماية التراث الثقافي والمحافظة عليه‬
‫وتثمينه‬
‫يحظى التراث الثقافي الوطني بالحماية وفقا لمقتضيات القانون رقم ‪ 22.80‬المتعلق بالمحافظة على‬
‫المباني التاريخية والمناظر والكتابات المنقوشة والتحف الفنية والعاديات والقانون رقم ‪19.05‬‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 15‬يونيو ‪ 2006‬القاضي بتغيير وتتميم القانون رقم ‪ 22.80‬سالف الذكر‪ .‬وقد أعدت‬
‫الوزارة المكلفة بالثقافة مشروع قانون يتعلق بحماية التراث الثقافي والمحافظة عليه وتثمينه‪ .‬إال أن‬
‫هذا المشروع اليزال قيد الدراسة منذ إعداده سنة ‪.2018‬‬
‫في هذا الصدد‪ ،‬تجدر اإلشارة إلى أن مذكرة تقديم هذا المشروع تنص على أن "مسألة مصير اإلرث‬
‫الوطني الثقافي تطرح بإلحاح شديد أمام عدم مواكبة النصوص التشريعية للتطورات الراهنة‬
‫وانحصارها في البعد "المعماري" للتراث بينما تمتد القواعد المعيارية الحالية‪ ،‬المعترف بها عالميا‪،‬‬
‫لتشمل الجوانب غير المادية للتراث وكذا المرتبطة بالجماعات وحاملي المدارك والمهارات والجوانب‬
‫المرتبطة بالمناظر الطبيعية الثقافية"‪ .‬لذلك‪ ،‬فإن تحيين النصوص التشريعية سيساهم‪ ،‬من جهة‪ ،‬في‬
‫تعزيز و مالءمة اإلطار القانوني الوطني المتعلق بحماية وتثمين التراث الثقافي الوطني مع المعايير‬
‫الدولية‪ ،‬بتوافق مع االلتزامات الدولية المصادق عليها من قبل المغرب‪ ،‬ومن جهة أخرى‪ ،‬في إدماج‬
‫المفاهيم الجديدة المعترف بها دوليا فيما يتعلق بالتراث الثقافي‪ ،‬وخاصة إحداث وحماية "المجموعات‬

‫‪ 22‬التقارير حول الحسابات الخصوصية للخزينة المصاحبة لمشروع قانون المالية برسم السنوات من ‪ 2016‬إلى ‪.2020‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪268‬‬


‫التاريخية والتقليدية" و"المناظر الطبيعية الثقافية"‪ ،‬والتراث الثقافي المغمور بالمياه والتراث الثقافي‬
‫غير المادي‪ ،‬إلخ‪.‬‬
‫وقد أوضحت الوزارة المكلفة بالثقافة أنها عملت منذ سنة ‪ 2013‬على تحيين وتعزيز الترسانة القانونية التي‬
‫تعمل على صيانة التراث بالمغرب من خالل إعداد مشروعي قانون‪ ،‬األول يتعلق بحماية التراث الثقافي‬
‫والمحافظة عليه وتثمينه كمشروع مكمل ومعدل للقانونين رقم ‪ 22.80‬و‪ ،19.05‬والذي جاء كآلية لتحيين‬
‫وتوسيع نطاق مفهوم التراث ليشمل الجانب الالمادي المرتبط بالمدارك والمعارف والمهارات والجماعات‬
‫الحامل ة لها‪ ،‬والتراث المغمور بالمياه باإلضافة إلى التراث المنقول وغير المنقول كالمناظر الطبيعية الثقافية‬
‫والمجموعات التاريخية‪ ،‬والذي تتم حاليا دراسته على مستوى األمانة العامة للحكومة‪ ،‬كما يتم عقد عدد من‬
‫اللقاءات مع المصالح المعنية لمواءمته مع القوانين الوطنية األخرى (البيئة‪ ،‬التعمير‪ ،‬المياه والغابات‪.)...‬أما‬
‫مشروع القانون الثاني رقم ‪ 42.15‬فيوافق بموجبه المغرب على اتفاقية المعهد الدولي لتوحيد القانون الخاص‬
‫(يونيدروا) بشأن الممتلكات الثقافية المسروقة أو المصدرة بطرق غير مشروعة‪ ،‬المعتمدة من قبل المؤتمر‬
‫الدبلوماسي المنعقد بروما من ‪ 7‬إلى ‪ 24‬يونيو ‪ 1995‬والتي انضم إليها المغرب بشكل رسمي في غشت‬
‫‪.2022‬‬
‫‪ .2‬جرد المباني والمواقع التاريخية وحمايتها‬
‫نص الفصل ‪ 2-32‬من القانون رقم ‪ 22.80‬المتعلق بالمحافظة على المباني التاريخية والمناظر‬
‫والكتابات المنقوشة والتحف الفنية والعاديات‪ ،‬على أن "السلطة الحكومية المختصة تقوم بإعداد جرد‬
‫عام للمنقوالت المقيدة والمرتبة تصنف حسب كل عمالة وإقليم‪ ،‬ويتم تحيين هذا الجرد سنويا"‪ .‬غير‬
‫أن السجل الوطني للتراث الثقافي الممسوك من طرف الوزارة المعنية يجب استكماله وتحيينه‪ ،‬وكذا‬
‫تضمينه جميع المعطيات والمعلومات التي تسمح بوصف تفصيلي للتراث المادي (مدرج ‪ /‬مصنف ‪/‬‬
‫وطني ‪ /‬عالمي ‪ /‬تاريخ اإلدراج‪ ،‬إلخ)‪ .‬كما أن إعداد خريطة أثرية وطنية من شأنه أن يوفر للفاعلين‬
‫في القطاع آلية للتدبير والتهيئة‪ ،‬تقدم جردا معلوماتيا يجمع وينظم‪ ،‬بصفة دورية ومحينة‪ ،‬البيانات‬
‫األثرية الموجودة على صعيد التراب الوطني‪.‬‬
‫في نفس السياق‪ ،‬ال تتوفر الوزارة المكلفة بالثقافة على برنامج عمل توقعي لتقييد وترتيب المواقع‬
‫وفق أهداف ومواعيد محددة لإلنجاز‪ ،‬وعلى أساس معايير تسمح بتحديد األولويات‪ .‬علما بأن هذا‬
‫البرنامج التوقعي سيسمح بتحديد الشروط المطلوبة والوسائل التي يجب تعبئتها والتدابير التواصلية‬
‫التي ينبغي القيام بها إلجراء هذه العمليات‪ .‬في هذا الصدد‪ ،‬تجدر اإلشارة إلى أنه ال يتم إخبار مالكي‬
‫العقارات‪ ،‬موضوع التقييد أو الترتيب كمباني تاريخية‪ ،‬بالطلبات المقدمة في هذا الشأن‪ ،‬كما أن حق‬
‫التعرض على مسطرة تقييد أو ترتيب تلك العقارات كمبان تاريخية‪ ،‬غير منصوص عليه في‬
‫النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل‪.‬‬
‫في هذا اإلطار‪ ،‬أشارت الوزارة أن القطاع المعني قام مؤخرا بإحداث نظام معلوماتي لجرد وتدبير التراث‬
‫الوطني (قيد اإلنشاء)‪ ،‬سيسمح بالتوفر على جميع المعطيات والمعلومات التي تتيح توصيفا تفصيليا لكل ممتلك‬
‫وعنصر ثقافي وطني‪ ،‬وسيضم جميع األرشيف الذي تتوفر عليه مديرية التراث الثقافي بما فيه ذلك األرشيف‬
‫المكتوب‪ ،‬والوثائق ذات القيمة التراثية‪ ،‬وتقارير بعثات الجرد وبرامج البحث والتعاون والتنقيب والتحري‪.‬‬
‫غير أن التحدي الكبير للجرد يبقى مرتبطا‪ ،‬حسب الوزارة‪ ،‬بنقص الموارد البشرية المتخصصة والموارد‬
‫اللوجستية المرصودة والمستخدمة لهذه العملية مثل السيارات الميدانية‪ ،‬وذلك على الرغم من إحداث وحدات‬
‫إدارية جهوية ابتداء من سنة ‪ ،2006‬حيث يحد نقص العنصر البشري المتخصص بشكل كبير من نجاعتها‬
‫ومردوديتها‪ .‬أما بالنسبة لعدم إخبار مالكي العقارات موضوع التقييد أو الترتيب‪ ،‬فيرجع في بعض األحيان‪،‬‬
‫حسب الوزارة‪ ،‬العتبار التقييد إجراء استباقيا ووقائيا‪ ،‬ووسيلة عملية إلنقاذ وحماية الممتلكات الثقافية المعرضة‬
‫لالندثار‪.‬‬
‫‪ .3‬تعزيز تدابير التتبع والمحافظة على المباني والمواقع التاريخية‬
‫تم ترميم وإعادة تأهيل العديد من المواقع والمعالم التاريخية في إطار اتفاقيات متعددة األطراف‪،‬‬
‫بغالف مالي قدره ‪ 728‬مليون درهم‪ ،‬يغطي الفترة ‪ .2021-2011‬وقد تجاوزت مساهمة الوزارة‬

‫‪269‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫المكلفة بالثقافة في هذه االتفاقيات أزيد من ‪ 618‬مليون درهم (‪ .)%85‬غير أن اإلجراءات المتخذة‬
‫من أجل المحافظة على التراث الثقافي تثير المالحظات التالية‪:‬‬
‫‪ ‬ضرورة تعميم مخطط تدبير وصون األحياء والمدن العتيقة‬
‫تعتبر مخططات تدبير التراث التاريخي بمثابة إطار عمل استراتيجي ميداني‪ ،‬يقترح على المدى‬
‫القصير والمتوسط والبعيد‪ ،‬برنامج عمل متعدد السنوات لحماية الممتلكات وترميمها وتثمينها‪ .‬إال أن‬
‫هذه المخططات ال يتم إعدادها إال عندما يتم تصنيف التراث الثقافي على أنه تراث عالمي‪ .‬كما ال‬
‫تتوفر الوزارة على مخططات لصون التراث الثقافي المادي‪ ،‬تشتمل على الوثائق القانونية واإلدارية‬
‫والمالية لهذه الممتلكات‪ ،‬وتحدد مناطق حمايتها ونظام تتبعها وتقييمها‪ ،‬وكذا سبل تعميمها على جميع‬
‫المواقع والمعالم التاريخية‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد‪ ،‬تجدر اإلشارة إلى أن مديرية التراث الثقافي تعمل على وضع وتعميم مخطط تدبير‬
‫مرجعي مستوحى من مخطط تدبير تراث مدينة الرباط‪ ،‬والذي يعتبر وثيقة مرجعية في هذا الشأن‬
‫حسب لجنة التراث العالمي‪.‬‬
‫وقد أوضحت الوزارة أنه يتم العمل بمخططات التدبير بالمواقع والمدن المصنفة تراثا عالميا كمراكش والرباط‬
‫ووليلي وقصر آيت بن حدو‪ ،‬ويتم تحضير المخططات الخاصة بمدن الصويرة وتطوان وفاس ومكناس‪ .‬كما‬
‫تم إدراج مخططات التدبير في مشروع القانون الجديد المتعلق بحماية التراث الثقافي والمحافظة عليه وتثمينه‬
‫ليشمل حتى المعالم غير المدرجة في لوائح اليونيسكو‪ ،‬خاصة "المجموعات التاريخية والتقليدية" و"المناظر‬
‫الطبيعية" المرتبة وطنيا‪.‬‬
‫‪ ‬المحافظة على الموروث الثقافي الصناعي وإعادة تأهيله‬
‫يشمل التراث الصناعي بقايا المستوطنات البشرية والمناظر الطبيعية والحضرية ذات القيمة التاريخية‬
‫أو االجتماعية أو المعمارية أو العلمية‪ ،‬التي تم إنجازها لتلبية االحتياجات الصناعية‪ .‬ويتكون هذا‬
‫التراث الصناعي من المنشآت واآلالت واألوراش والمصانع والمطاحن والمناجم ومواقع المعالجة‬
‫والتكرير‪ ،‬باإلضافة إلى المستودعات والمخازن‪ .‬غير أن هذا التراث غير محدد وال تتم دراسته بشكل‬
‫كاف‪ ،‬وهو ما قد يعرضه للضياع‪.‬‬
‫ويمكن‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬ذكر أطالل مصانع السكر وشبكات الري التي كانت تستخدم إلنتاج الطاقة‬
‫المائية للمصانع والتي يعود إنشاء البعض منها إلى القرن الخامس عشر‪ ،‬وكذلك مناجم الفحم والمدن‬
‫العمالية المجاورة لها بمنطقة جرادة‪ .‬كما تشكل المدن الصناعية والمصانع وجميع وحدات اإلنتاج‬
‫على مستوى مدينة الدار البيضاء‪ ،‬والتي تم أخذها في االعتبار ضمن مخططات توسعة المدينة في‬
‫سنتي ‪ 1918‬و‪ ،1946‬مصدرا غنيا للتعريف بالتاريخ الصناعي للبالد‪.‬‬
‫وقد أشارت الوزارة بأنها ساهمت‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬منذ ‪ 2018‬في تمويل وتتبع أشغال إنجاز مشروع إعادة‬
‫تأهيل المنجم الصغير وإحداث معهد إلحياء التراث المنجمي بمدينة جرادة‪ ،‬باإلضافة إلى إصالح وتأهيل‬
‫التجهيزات والمباني الصناعية الموروثة عن فترة اشتغال هذا المنجم‪ ،‬وذلك من أجل دمجها في المسار السياحي‬
‫للموقع ‪ .‬كما تم تقييد آثار معامل ومعاصر السكر بإقليم شيشاوة‪ ،‬وهناك ملفات قيد اإلعداد تخص معامل‬
‫ومعاصر السكر بأكرض بإقليم الصويرة ومعامل بإقليم تارودانت‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة العتماد ميثاق ومخطط وطني استعجالي للحفاظ على المباني والمواقع‬
‫التاريخية المعرضة للخطر‬
‫يعد تحديد أهلية وأولوية ترميم أو إعادة تأهيل المواقع والمعالم التراثية رهينا بإنجاز خارطة المخاطر‬
‫بناء على معايير محددة مسبقا‪ .‬غير أن توقع وتخطيط هذه العمليات يقتضي اعتماد مخطط للحفاظ‬
‫على التراث الثقافي‪ .‬في هذا الصدد‪ ،‬اقترحت المبادئ التوجيهية االستراتيجية لتدبير وتنمية التراث‬
‫الثقافي المغربي المنجزة سنة ‪ ،2013‬وضع ميثاق وطني لترميم وإعادة تأهيل التراث المبني باإلضافة‬
‫إلى مخطط وطني استعجالي للحفاظ على التراث الثقافي المعرض للخطر‪ .‬ويهدف هذا المخطط إلى‪:‬‬
‫‪ -‬اعتماد تعريف للمخاطر المتعلقة بالتراث المادي؛‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪270‬‬


‫‪ -‬جرد المواقع والمباني التاريخية وعناصر التراث الثقافي الالمادي المعرضة للخطر أو تلك‬
‫التي تحتاج إلى صون عاجل؛‬
‫‪ -‬تحديد الكلفة التقديرية للموارد البشرية والمالية الالزمة للحفاظ على التراث وإعادة تأهيله؛‬
‫‪ -‬تعزيز قدرات التدخل في عمليات تفتيش المباني التاريخية والمواقع من أجل تنفيذ إجراءات‬
‫وقائية؛‬
‫‪ -‬إجراء التشخيصات والدراسات القبلية ألي إجراء للحفظ والتثمين؛‬
‫‪ -‬وضع خطة عمل وجدول زمني لمواجهة تهديدات تدمير واختفاء الممتلكات الثقافية‪.‬‬
‫غير أن إعداد ميثاق وطني لترميم وإعادة تأهيل المباني التراثية وكذا مخطط وطني استعجالي لم يتم‬
‫بعد‪ ،‬وذلك في انتظار إحداث نظام معلومات جغرافي لتدبير التراث الثقافي‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد‪ ،‬أشارت الوزارة إلى أن نظام المعلومات الجغرافية لتدبير التراث الثقافي‪ ،‬سيُمكن من استخراج‬
‫المعطيات المتعلقة بحالة حفظ المباني التاريخية والمواقع التي على أساسها سيتم إعداد المخطط االستعجالي‬
‫لترميم وتأهيل التراث المعماري‪.‬‬
‫‪ ‬إعداد دالئل معمارية مرجعية وطنية وضابط البناء العام المتعلق بأشغال ترميم وإعادة‬
‫تأهيل المنشآت والمباني التاريخية‬
‫تواجه بعض المنشآت والمباني التاريخية مشاكل تقنية أثناء تنفيذ أعمال ترميمها أو إعادة تأهيلها‪،‬‬
‫وهو ما قد يؤدي إلى أضرار يصعب إصالحها‪ .‬وبالرغم من ذلك‪ ،‬ال تتوفر الوزارة المكلفة بالثقافة‬
‫على إطار وطني مرجعي في المجال المعماري يعرف ويميز بين أشغال الترميم وأشغال إعادة‬
‫التأهيل‪ ،‬لتوجيه المقاوالت المعنية لتبني المقاربات المالئمة في إنجاز األشغال وتقليص هوامش‬
‫التأويل لديها‪.‬‬
‫وقد قامت وزارة الداخلية بإعداد مشروع دليل مرجعي معماري وضابط بناء خاص بالمدن العتيقة‬
‫لتوحيد مفاهيم وإجراءات التدخل‪ .‬غير أن هذه الوثائق ال تزال في طور اإلعداد‪ ،‬وتبقى غير شاملة‬
‫بالنظر إلى تعدد الحاالت التي تميز المباني التاريخية الخاضعة للترميم أو إعادة التأهيل‪.‬‬
‫كما تعتبر الدالئل المعمارية من بين اآلليات الكفيلة بتوفر إرشادات حول تقنيات الصيانة والمحافظة‬
‫على الطابع االستثنائي للمباني التاريخية‪ ،‬وتحديد المواد األكثر مالءمة لكل صنف من المنشآت‪،‬‬
‫فضال عن دورها في الحفاظ على تقاليد البناء المنقولة من طرف الحرفيين‪ ،‬والتي ثَبُتت نجاعتها‬
‫واستدامتها‪ .‬في هذا الصدد‪ ،‬لوحظ غياب خطة واضحة لتطوير هذه األدوات واقتراح قواعد للتدبير‬
‫األمثل للمواقع والمعالم التاريخية وتجنب اندثار القيم الثقافية المتعلقة بها‪.‬‬
‫وقد أوضحت الوزارة أنها انخرطت منذ سنة ‪ 2020‬في بلورة دالئل ومراجع وإطار مرجعي في مجال التراث‬
‫المعماري‪ ،‬من خالل مشروعين‪ :‬األول يتعلق بتثمين المدن العتيقة مع وزارة الداخلية‪ ،‬والثاني حول توحيد‬
‫معايير وإجراءات ترميم التراث المعماري مع وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير واإلسكان وسياسة‬
‫المدينة‪ .‬كما أشارت الوزارة إلى أن مختلف مصالح القطاع المكلفة بتدبير التراث تقوم بتوثيق عمليات التدخل‬
‫والترميم بالمباني التاريخية والمواقع الوطنية في أفق وضع خطة قطاعية مرجعية في مجال ترميم وإعادة‬
‫تأهيل هذا التراث الوطني‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة تصنيف المقاوالت العاملة في مجال الترميم وإعادة التأهيل‬
‫تتطلب عمليات ترميم وإعادة تأهيل المآثر التاريخية مهارات متخصصة ومعرفة خاصة بكل صنف‬
‫من المواقع أو المباني التاريخية‪ .‬كما تتطلب التنسيق الفعال مع مكاتب الدراسات المعتمدة ومعاهد‬
‫التكوين المتخصصة في علم اآلثار والهندسة المعمارية‪ ،‬وكذا المتخصصين في العلوم اإلنسانية‬
‫كالمؤرخين وعلماء األنثروبولوجيا وعلماء االجتماع‪.‬‬

‫‪271‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫غير أن المقاوالت المسؤولة عن أعمال الترميم أو إعادة التأهيل تفتقر‪ ،‬في كثير من األحيان‪ ،‬إلى‬
‫مستخدمين مؤهلين ومتخصصين في هذه األشغال‪ .‬كما لم يتم بعد إصدار دليل للشركات المتخصصة‬
‫في أشغال الترميم وإعادة التأهيل‪.‬‬
‫وقد أوضحت الوزارة بأنها شرعت‪ ،‬بتنسيق مع وزارة التجهيز‪ ،‬ومنذ سنة ‪ ،2019‬في إعداد مشروع نظام‬
‫تكييف وتصنيف المقاوالت العاملة في قطاع ترميم وإعادة تأهيل المباني التاريخية‪ ،‬وقد بلغ هذا المشروع‬
‫مراحل متقدمة‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة لتعميم دراسات تأثير المشاريع االستثمارية المزمع إنجازها في محيط المواقع‬
‫والمباني التاريخية‬
‫تشكل دراسة تأثير المشاريع أداة وقائية تدخل في إطار سياسة الحفاظ على المواقع والمباني والمعالم‬
‫التاريخية‪ .‬غير أن إنجاز هذه الدراسات ال يتم بصفة منهجية‪ ،‬بحيث اقتصر على أربعة مشاريع (باحة‬
‫بيع السمك بميناء مدينة الصويرة‪ ،‬وموقف السيارات في محيط المدينة العتيقة بمراكش‪ ،‬ومشروع‬
‫برج محمد السادس‪ ،‬ومحطة الرباط المدينة)‪ ،‬باإلضافة لدراسة التأثير المتعلقة بواحة فجيج التي تم‬
‫القيام بها في إطار إجراءات تصنيف هذا الموقع ضمن التراث العالمي‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن الطابع غير اإللزامي لدراسات التأثير‪ ،‬فضال عن غياب لجنة وطنية ولجن‬
‫إقليمية تابعة للوزارة المكلفة بالثقافة تناط بها مهمة إبداء رأيها من أجل قبول أو رفض المشاريع‬
‫المعنية‪ ،‬بناء على تقييم تأثيرها على المواقع والبنايات التاريخية‪ ،‬من شأنه أن يحول دون إمكانية‬
‫الرصد القبلي للمخاطر والوقاية منها‪ ،‬وعند االقتضاء إصالح األضرار الناجمة عن بعض المشاريع‬
‫المنجزة‪.‬‬
‫في هذا اإلطار‪ ،‬أوضحت الوزارة أن النصوص التشريعية الحالية الخاصة بحماية التراث الوطني ال تنص‬
‫على إلزامية إنجاز دراسات التأثير على التراث‪ ،‬األمر الذي تم تداركه على مستوى مشروع القانون الجديد‬
‫المتعلق بحماية التراث الثقافي والمحافظة عليه وتثمينه‪ ،‬حيث تم اشتراط القيام بدراسات أثر مسبقة إلنجاز‬
‫مشاريع وأشغال بمدار مناطق الحماية الخاصة بالمعالم والمواقع الوطنية من أجل تحديد أثرها على المجال‬
‫الثقافي والطبيعي لهذه المعالم‪.‬‬
‫‪ ‬إحداث شرطة التراث ولجان المراقبة التابعة لألقاليم والعماالت‬
‫يتمثل دور شرطة التراث في إثبات المخالفات المتعلقة بالتراث الثقافي‪ .‬إال أنه لم يتم بعد إعمال‬
‫المقتضى المتعلق بإحداثها المنصوص عليه في القانون رقم ‪ 22.80‬المتعلق بـالمحافظة على المباني‬
‫التاريخية والمناظر والكتابات المنقوشة والتحف الفنية والعاديات‪ .‬وفي نفس السياق‪ ،‬لم يتم بعد تشكيل‬
‫لجان مراقبة التراث الثقافي التابعة لألقاليم والعماالت الواردة في الفصل ‪ 1-51‬من القانون رقم‬
‫‪ 22.80‬سالف الذكر‪ ،‬وذلك بسبب غياب النص التنظيمي الذي يحدد تأليفها‪.‬‬
‫وقد أشارت الوزارة إلى أن تأخر استصدار النص التنظيمي المتعلق بإحداث شرطة التراث كما ينص على‬
‫ذلك القانون رقم ‪ 22.80‬سالف الذكر‪ ،‬يرجع باألساس إلى انخراطها منذ سنة ‪ 2013‬في مراجعة هذا القانون‬
‫الذي بلغ مراحل متقدمة في إعداده‪.‬‬
‫‪ ‬تتبع مشاريع ترميم المواقع والمباني التاريخية المضمنة في االتفاقيات متعددة‬
‫األطراف‬
‫ساهمت الوزارة المكلفة بالثقافة بمبلغ ‪ 618‬مليون درهم لتمويل مشاريع ترميم المواقع والمباني‬
‫التاريخية الواردة في اتفاقيات متعددة األطراف تتعلق بالتثمين والتطوير العمراني لبعض المدن‪ .‬غير‬
‫أن هذه المساهمات المالية لم يتم تحديدها في ضوء دراسات قبلية‪ ،‬ولم يتم إشراك الوزارة بشكل كاف‬
‫في اختيار المواقع والتدخالت المبرمجة قبل الشروع في عمليات الترميم‪ .‬كما ال تتوفر الوزارة‪،‬‬
‫بصفتها صاحبة المشاريع وعضوا في اللجنة المركزية لتتبع وتقييم االتفاقيات المذكورة‪ ،‬على‬
‫المحاضر والتقارير نصف السنوية التي يعدها أصحاب المشاريع المنتدبين‪( ،‬كوكالة التنمية ورد‬
‫االعتبار لمدينة فاس ووكالة إنعاش وتنمية عماالت وأقاليم الشمال ومجموعة العمران وشركات التنمية‬
‫المحلية)‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪272‬‬


‫في هذا اإلطار‪ ،‬يوصي المجلس األعلى للحسابات الوزارة المكلفة بالثقافة بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬العمل على تحسين الحماية القانونية للمواقع والمباني التاريخية‪ ،‬من خالل اعتماد‬
‫خطط عمل تهدف إلى تحديد المعايير واختيار المواقع المراد تحديدها وتصنيفها‬
‫وتثمينها‪ ،‬وتسريع استكمال اإلطار القانوني الخاص بها؛‬
‫‪ -‬تكثيف العمليات المتعلقة بالجرد العام والشامل للتراث الثقافي‪ ،‬والسهر على تحيينه‬
‫سنويا‪ ،‬مع إدراج كل البيانات المجمعة في الخريطة األثرية الوطنية؛‬
‫‪ -‬وضع دالئل للحفاظ على التراث الثقافي المادي وترميمه‪ ،‬تتضمن مؤشرات حول تقنيات‬
‫الصيانة والحفظ‪ ،‬وكذا المواد األكثر مالءمة لكل نوع من الهياكل والحفاظ على تقاليد‬
‫البناء المتناقلة من قبل الحرفيين في هذا المجال؛‬
‫‪ -‬العمل على اعتماد نص تنظيمي يلزم بإجراء دراسات تأثير المشاريع واألنشطة‬
‫االستثمارية المزمع إنجازها في محيط المواقع والمباني التاريخية على هذه األخيرة؛‬
‫‪ -‬تفعيل دور هيئات المراقبة والحكامة الواردة في النصوص التشريعية ذات الصلة‪،‬‬
‫والسيما شرطة التراث ولجان المراقبة التابعة لألقاليم والعماالت‪.‬‬
‫‪ .4‬التثمين االقتصادي والسياحي للتراث التاريخي‬
‫يرتبط تثمين المواقع والمباني التاريخية بقدرتها على المساهمة في التنمية المستدامة‪ ،‬من خالل جذب‬
‫السياح والترويج للمناطق المعنية‪ ،‬في احترام تام للخصائص الهندسية والجمالية والتاريخية للموقع‪.‬‬
‫وقد أظهر تحليل عدد الزوار وحجم المداخيل المتأتية من األنشطة المرتبطة بتثمين التراث التاريخي‪،‬‬
‫أن العديد من المواقع والمباني التاريخية ال تزال غير معروفة خصوصا على المستوى الداخلي‪،‬‬
‫بحيث لم يتجاوز عدد الزوار المغاربة لهاته المواقع ‪ 385‬ألف زائر خالل سنة ‪ 2019‬مقابل ‪2,3‬‬
‫مليون سائح أجنبي‪.‬‬
‫كما يقتصر استغالل المواقع والمعالم األثرية على واجبات الزيارة (‪ %99‬من المداخيل)‪ ،‬وفي حاالت‬
‫محدودة على تأجير الفضاءات إلقامة التظاهرات الثقافية أو السينمائية‪ .‬وفي هذا السياق‪ ،‬لوحظ نقص‬
‫التجهيزات الخاصة باستقبال الزوار وغياب فضاءات لألنشطة االقتصادية وللخدمات في محيط معظم‬
‫المواقع والمعالم التاريخية (مناطق االستراحة‪ ،‬فضاءات تربوية واستكشافية لفائدة األطفال والشباب‪،‬‬
‫ورشات التنشيط الثقافي‪ ،‬مطاعم ‪ ،‬بيع األعمال الفنية والهدايا التذكارية‪ .)...‬وتؤشر هذه الوضعية إلى‬
‫نقص في التنسيق والتعاون بين مختلف الفاعلين في القطاع‪ ،‬من أجل التعريف والنهوض والتثمين‬
‫االقتصادي لهذا التراث الوطني‪.‬‬
‫وقد أوضحت الوزارة بأن الترويج للتراث والثقافة المغربية يستدعي خطة وطنية تتكامل في تنزيلها على‬
‫أرض الواقع مع قطاعات وزارية أخرى (السياحة‪ ،‬الصناعة التقليدية‪ )...‬وهو ما يشتغل عليه القطاع حاليا‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة لتعميم التجربة الرائدة لمراكز التعريف بالتراث‬
‫شرعت الوزارة المكلفة بالثقافة‪ ،‬منذ سنة ‪ ،2011‬في إحداث مراكز للتعريف بالتراث في بعض‬
‫المواقع والمعالم التاريخية‪ ،‬وذلك من أجل تعزيز وعي الزوار به وتقديره والمساهمة في المحافظة‬
‫عليه‪ .‬إال أن عدد المواقع والمآثر التاريخية التي تتوفر على مركز للتعريف بالتراث ال تتجاوز تسعة‪،‬‬
‫فيما باقي المواقع ال تتوفر على أي مركز للتعريف بها أو خلية لمواكبة الزوار وترويج المعلومات‬
‫التراثية والثقافية الخاصة بها‪ ،‬بما في ذلك المآثر المصنفة على أنها تراث عالمي‪.‬‬
‫كما أن األنشطة الثقافية والعلمية والتعليمية المنظمة من طرف مراكز التعريف بالتراث‪ ،‬ال تعكس‬
‫الطاقات السياحية والثقافية للمواقع المعنية‪ ،‬بحيث قامت أربعة مراكز فقط‪ ،‬خالل سنتي ‪2019‬‬
‫و‪ ،2020‬بتنظيم تظاهرات ثقافية لصالح الزوار والجمعيات والتالميذ وبعض المؤسسات التعليمية‬
‫(المواقع األثرية للقصر الصغير وليكسوس ووليلي ومركز األطلس المتوسط بأزرو)‪.‬‬

‫‪273‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫وقد أوضحت الوزارة بأنها تحرص على تعميم إنشاء مراكز التعريف بالتراث بجميع أنحاء التراب الوطني‪،‬‬
‫وذلك حسب اإلمكانيات المالية المرصودة سنويا إلنجاز الدراسات واألشغال الالزمة لها‪ ،‬وقد قامت منذ سنة‬
‫‪ 2019‬بإطالق العديد من مشاريع البناء والتهيئة لعدد من مراكز التعريف بالتراث‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة تعزيز التنسيق والتعاون مع الفاعلين في المجال السياحي‬
‫تنظم الوزارة المكلفة بالثقافة تظاهرة سنوية من ‪ 18‬أبريل إلى ‪ 18‬مايو‪ ،‬تحت اسم "شهر التراث"‪،‬‬
‫والذي يتزامن مع اليوم العالمي للمآثر التاريخية والمواقع واليوم العالمي للمتاحف‪ .‬ويهدف هذا الحدث‬
‫إلى النهوض بالتراث الوطني‪ ،‬من خالل القيام بأنشطة ثقافية مكثفة لفائدة جمهور واسع (معارض‬
‫وملتقيات وجوالت مصحوبة بمرشدين وعروض وورشات عمل)‪.‬‬
‫إال أنه‪ ،‬وباستثناء "شهر التراث" وكذا بعض التظاهرات العرضية‪ ،‬كاليوم الدراسي الذي تم تنظيمه‬
‫في ‪ 30‬أكتوبر ‪ 2019‬حول موضوع النهوض بالمواقع األثرية وإدماجها في الدوائر السياحية بمنطقة‬
‫طنجة‪-‬تطوان‪ ،‬والنشاط الثقافي المنظم على مستوى موقع أغمات‪ ،‬فقد لوحظ ضعف آليات التنسيق‬
‫بين الوزارتين المكلفتين بقطاعي الثقافة والسياحة والجماعات الترابية وباقي الفاعلين على المستوى‬
‫الوطني والمحلي‪ ،‬من أجل جعل المواقع والمآثر التاريخية رافعة للنهوض بالسياحة الثقافية‪.‬‬
‫‪ ‬الترويج اإلعالمي للمواقع والمآثر التاريخية‬
‫تقوم الوزارة المكلفة بالثقافة بمنح التراخيص من أجل تصوير األفالم الوثائقية والربورطاجات‬
‫التلفزية المتعلقة بالمواقع والمآثر التاريخية‪ .‬كما أنشأت بعض المواقع اإللكترونية المخصصة للتراث‬
‫الثقافي‪ ،‬من بينها‪:‬‬
‫‪ -‬بوابة عن التراث الثقافي المغربي موجهة للعموم؛‬
‫‪ -‬منصة وثائقية توفر بيانات عن جرد التراث الثقافي بالمغرب؛‬
‫‪ -‬نظام معلومات جغرافي‪ ،‬غير متاح للعموم‪ ،‬يسمح باالطالع على الوثائق المتعلقة بالتراث‬
‫الثقافي المغربي المتوفر في قاعدة البيانات‪.‬‬
‫في نفس السياق‪ ،‬تقوم الوزارة بتثمين المباني والمآثر التاريخية باستعمال مختلف الوسائط التعليمية‬
‫كالنشرات والكتيبات والملفات والقوائم المصورة متعددة اللغات واإلصدارات والندوات العلمية‬
‫ومقاطع الفيديو ومعارض الصور وخرائط للموقع باإلضافة للوحات التشوير واإلرشاد‪.‬‬
‫إال أن تحسين أثر هذه الوسائط يقتضي إدراجها ضمن منهجية مندمجة ومتكاملة تأخذ بعين االعتبار‬
‫الرسائل المراد توجيهها وأهداف التواصل والفئة المستهدفة وكذا وسائط التواصل األكثر مالءمة‬
‫وتراعي التمويل الالزم لذلك‪.‬‬
‫وقد أشارت الوزارة إلى أن نقص الموارد البشرية المختصة في التنشيط والوساطة الثقافية يعد من العقبات‬
‫الرئيسية التي تحول دون تنفيذ استراتيجية القطاع في مجال التواصل والترويج اإلعالمي للتراث الثقافي‬
‫الوطني‪.‬‬
‫في هذا الصدد‪ ،‬يوصي المجلس األعلى للحسابات الوزارة المكلفة بالثقافة بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬السهر على بلورة استراتيجية مندمجة‪ ،‬من أجل التثمين العلمي والثقافي واالقتصادي‬
‫والسياحي للتراث الثقافي والترويج اإلعالمي للمواقع والمآثر التاريخية؛‬
‫‪ -‬العمل بصفة تدريجية على تعميم تجربة مراكز التعريف بالتراث الوطني‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪274‬‬


‫القطاعات اإلدارية‬

‫‪275‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪276‬‬
‫يشكل تدبير المباني المخصصة لمختلف أجهزة الدولة‪ ،‬موضوعا ذا أهمية لكونه يرتبط في الغالب‬
‫بالفضاءات التي تقدم فيها الخدمات العمومية للمرتفقين وتمارس فيها الموارد البشرية لهذه األجهزة‬
‫المهام المنوطة بها‪.‬‬
‫وعالقة بهذه المباني اإلدارية‪ ،‬فقد أضحى تجهيزها بأنظمة لمراقبة الولوج إليها أمرا ضروريا من‬
‫أجل تنظيم حركة األشخاص داخلها وضمان حمايتهم والمحافظة على الممتلكات‪ ،‬فضال عن ضبط‬
‫عمليتي الدخول إلى مكان العمل والخروج منه واحتساب مدة العمل‪.‬‬
‫وعلى صعيد آخر‪ ،‬تعتبر السالمة الطرقية هاجسا رئيسيا للسلطات العمومية المختصة‪ ،‬حيث اعتمدت‬
‫في هذا اإلطار مجموعة من التدابير الرامية إلى الحد من حوادث السير والتي تخلف سنويا آالف‬
‫القتلى والجرحى‪ ،‬فضال عن تكلفتها االقتصادية واالجتماعية المرتفعة والتي تقدر بحوالي ‪ 20‬مليار‬
‫درهم سنويا‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد‪ ،‬أنجز المجلس األعلى للحسابات ثالث مهمات رقابية تمحورت حول المواضيع‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪ -‬المباني اإلدارية؛‬
‫‪ -‬نظام مراقبة الولوج في اإلدارات العمومية؛‬
‫‪ -‬نظام رصد المخالفات بواسطة الرادارات‪.‬‬

‫‪277‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫المباني اإلدارية‪:‬‬
‫أهمية وضع استراتيجية لتدبير العقارات المخصصة للقطاعات الوزارية‬
‫وآليات لترشيد االقتناء والتخصيص‬

‫تتولى وزارة االقتصاد والمالية‪ ،‬من خالل مديرية أمالك الدولة تدبير ملك الدولة الخاص ومن ضمنه‬
‫العقارات المخصصة للقطاعات الوزارية‪ .‬وتشمل هذه األمالك العقارية‪ ،‬على وجه الخصوص‪،‬‬
‫أراضي عارية مخصصة لتشييد المباني اإلدارية ومباني إدارية مخصصة للمرافق العامة ومساكن‬
‫إدارية‪.‬‬
‫وتضع مديرية أمالك الدولة رهن إشارة القطاعات الوزارية عقارات الدولة الالزمة لقيامها بمهامها‬
‫عن طريق تخصيص األراضي والمباني اإلدارية‪ .‬وتتولى هذه القطاعات تدبير العقارات المخصصة‬
‫لها وفقا لمواردها والمعايير التي تراها مناسبة من حيث البناء والتهيئة واالستغالل والصيانة والتجهيز‬
‫والحراسة‪.‬‬
‫وقد بلغت المساحة اإلجمالية للمباني اإلدارية والعقارات التابعة للملك الخاص للدولة‪ ،‬حسب‬
‫إحصائيات مديرية أمالك الدولة في سنة ‪ ،2020‬ما مجموعه ‪ 90.186‬هكتارا ووصل عددها إلى‬
‫‪ 12.454‬وحدة عقارية‪ .‬بينما بلغ عدد العقارات المكتراة من لدن الدولة لفائدة القطاعات الوزارية‬
‫المخصصة لالستخدام اإلداري حوالي ‪ 100‬مبنى بين سنتي ‪ 2017‬و‪.2019‬‬
‫وبلغت النفقات العقارية‪ ،‬برسم سنة ‪ ،2020‬حوالي ‪ 5.968‬مليون درهم‪ ،‬منها ‪ 5.367‬مليون درهم‬
‫كنفقات استثمار‪ ،‬و‪ 601‬مليون درهم كنفقات تسيير منها ‪ 234‬مليون درهم كنفقات خاصة باألكرية‬
‫اإلدارية‪.‬‬
‫أوال‪ .‬بشأن أهمية وضع استراتيجية خاصة بعقارات الدولة المخصصة للقطاعات الوزارية‬
‫يقصد بوضع "استراتيجية بشأن العقارات المستغلة من قبل القطاعات الوزارية" تسطير أهداف محددة‬
‫تندرج ضمن سياسة عقارية للدولة بغية ترشيد كلفة الوظيفة العقارية للدولة من خالل وضع معايير‬
‫الستغالل عقالني للمساحات‪ ،‬وتثمين المباني اإلدارية‪ .‬ويستوجب ذلك وضع إطار مناسب القتنائها‬
‫وتفويتها واستئجارها‪ ،‬ووضع معايير بشأن توفير البنايات المناسبة لمرتفقي اإلدارة العمومية‬
‫والموظفين على حد سواء‪ ،‬وإحداث أجهزة وهيئات من أجل ضمان القيادة والحكامة الجيدة لهذه‬
‫العقارات وإصدار اآلراء والتوصيات المناسبة لتطويرها‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى وضع سياسة رسمية بشأن المباني اإلدارية‬
‫في إطار تدبير األصول العقارية المخصصة للقطاعات الوزارية‪ ،‬تم تزويد هذه األخيرة بتوجيهات‬
‫تهدف‪ ،‬في مجملها‪ ،‬إلى ترشيد تدبير المباني اإلدارية ومختلف التخصيصات واالقتناءات والتفويتات‬
‫العقارية للدولة بواسطة دوريات ورسائل إلى القطاعات الوزارية صادرة عن رئيس الحكومة والوزير‬
‫المكلف باالقتصاد والمالية‪.‬‬
‫بيد أن هذه التوجيهات ال تندرج في إطار سياسة رسمية واضحة ومتناسقة ومشتركة بين الوزارات‬
‫والمؤسسات المستفيدة من التخصيصات العقارية للدولة‪ .‬وبالتالي‪ ،‬يمارس تدبير المباني اإلدارية‬
‫للدولة المخصصة للقطاعات الوزارية في غياب إطار مرجعي قائم على أساس معايير الستعمال‬
‫المساحات العقارية المخصصة لإلدارات العمومية ومعايير واضحة لتخصيصها واقتناءها وتفويتها‬
‫وكذا استئجارها‪.‬‬
‫في تعقيبها‪ ،‬أكدت وزارة االقتصاد والمالية على أن مسألة وضع سياسة رسمية بشأن المباني اإلدارية‪ ،‬ال‬
‫تتعلق فقط بمديرية أمالك الدولة وإنما تهم العديد من المتدخلين في هذا المجال‪ ،‬بما فيهم القطاعات الحكومية‬
‫المكلفة بالتعمير واإلسكان والداخلية واألحباس والجماعات الترابية‪ ،...‬وذلك باعتبارها مسألة وطنية تقتضي‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪278‬‬


‫مقاربة تشاركية تضمن مساهمة جميع الفاعلين لبلورة سياسة متكاملة وفق رؤية شمولية قائمة على تظافر‬
‫الجهود وتناسقها وتراعي كافة الشروط الكفيلة بإنجاحها‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى وضع معايير لنظام تدبير المباني اإلدارية‬
‫في هذا الصدد‪ ،‬وبالرغم من أهميتها في تدبير المباني اإلدارية لضمان التدبير الرشيد للمباني اإلدارية‬
‫للدولة المخصصة للقطاعات الوزارية‪ ،‬فقد لوحظ غياب معايير مشتركة رسمية في هذا المجال‪.‬‬
‫‪ ‬غياب معايير الستغالل المساحات‬
‫تعد المساحة المخصصة عنصرا يجب أخذه بعين االعتبار من أجل تحسين أداء تدبير المباني اإلدارية‬
‫للدولة‪ .‬وتساهم معيرة المساحات المستغلة في توفير ظروف عمل مالئمة للموظفين العموميين وتجويد‬
‫الخدمات المقدمة للمرتفقين وكذا في تحقيق االقتصاد والنجاعة من خالل االستخدام األمثل لهذه‬
‫المباني‪ ،‬سواء كانت عقارات في ملكية الدولة أو مكتراة‪.‬‬
‫بيد أنه لوحظ أن المتدخلين في تدبير العقارات المخصصة للقطاعات الوزارية (مديرية أمالك الدولة‬
‫والقطاعات الوزارية) لم يضعوا معايير الستغالل المساحات في المباني اإلدارية وال قواعد تساعد‬
‫على تعبئة وتخصيص هذه المباني وفق االحتياجات الحقيقية لإلدارات‪ ،‬بحيث يتم التخصيص على‬
‫أساس االحتياجات المعبر عنها من لدن القطاعات الوزارية في ظل غياب إطار معياري‪.‬‬
‫وهكذا وفي ظل غياب هذه المعايير‪ ،‬يختلف استغالل المباني اإلدارية من إدارة إلى أخرى‪ ،‬مما يحول‬
‫دون وضع أسس لتدبير عقالني لعقارات الدولة المخصصة للقطاعات الوزارية قائم على أساس تحديد‬
‫المساحات المناسبة‪ ،‬بناء على طبيعة النشاط أو المرفق اإلداري وإعادة تخصيص المساحات الشاغرة‬
‫والتدبير النشط للمباني اإلدارية وضبط مسؤوليات مستغلي هذه المباني‪.‬‬
‫كما أن الحاجة إلى وضع معايير استخدام فضاءات العمل في المباني اإلدارية للدولة تدعمها‬
‫الممارسات الفضلى المعترف بها دوليا في هذا المجال‪ .‬وعلى سبيل المثال‪ ،‬ففرنسا تعتمد مساحة ‪12‬‬
‫مترا مربعا كمساحة صافية قابلة لالستغالل لكل موظف؛ وفي بلجيكا تطبق مساحة ‪ 13,5‬مترا مربعا‬
‫لكل موظف كمعيار الستغالل المباني اإلدارية‪.‬‬
‫‪ ‬غياب معايير للتخصيص واالقتناء‬
‫بصفتها مالكا للعقارات المخصصة لإلدارات الوزارية‪ ،‬فإن الدولة مكلفة بتدبير أصولها العقارية‬
‫بنجاعة تؤمن الحفاظ على قيمة ممتلكاتها وتضمن ظروف عمل أفضل للموظفين وتحسين جودة‬
‫خدمات المرفق العام‪ .‬وتستلزم هذه األهداف وضع معايير التخصيص واالقتناء‪.‬‬
‫غير أنه لوحظ أن تدبير المباني اإلدارية للدولة ال يعتمد على معايير لضمان تخصيص العقارات‬
‫واقتنائها وفقا للحاجة الحقيقية للقطاعات الوزارية تأخذ بعين االعتبار طبيعة ونطاق مشاريع المرفق‬
‫العام ومجال النشاط المعني‪.‬‬
‫في هذا اإلطار أكدت وزارة االقتصاد والمالية بأن الدور الذي تضطلع به مديرية أمالك الدولة‪ ،‬بموجب منشور‬
‫رئيس الحكومة رقم ‪ 2021/02‬بتاريخ ‪ 12‬فبراير ‪ ،2021‬الذي يخول لها‪ ،‬من خالل مشاركتها في اللجنة‬
‫اإلدارية الختيار األراضي‪ ،‬أن تدلي برأيها بناء على اعتبارات تتعلق على وجه الخصوص بمساحة األرض‬
‫موضوع االختيار واستعمالها ومدى انسجامها مع طبيعة المشروع المزمع إنجازه واحترام التخصيص‬
‫المعماري للعقار المعني‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق بالتنسيق األولي لتحديد احتياجات القطاعات الوزارية لألراضي‪ ،‬أشار الجواب إلى عمل اللجان‬
‫المسؤولة عن دراسة المخطط التوجيهي للتهيئة الحضرية وإعداد تصميم تهيئة المدن والتي تشارك فيها مديرية‬
‫أمالك الدولة‪.‬‬
‫على ضوء ما سبق‪ ،‬يوصي المجلس األعلى للحسابات وزارة االقتصاد والمالية بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬وضع سياسة متعلقة بعقارات الدولة المخصصة للقطاعات الوزارية‪ ،‬وال سيما المباني‬
‫اإلدارية‪ ،‬تهدف إلى تحسين األداء وتحقيق االنسجام ووضع آليات القيادة والتنسيق‬
‫بين الفاعلين المعنيين؛‬

‫‪279‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫‪ -‬تأكيد دور مديرية أمالك الدولة كممثل للدولة المالكة واالضطالع بمسؤولية اقتراح‬
‫االستراتيجية الخاصة بالمباني اإلدارية والعقارات التي تستخدمها القطاعات الوزارية‬
‫بتنسيق مع األطراف ذات الصلة‪ ،‬مع السهر على إرساء هوية بصرية تميز اإلدارة‬
‫المغربية‪.‬‬
‫أكدت الوزارة أن هذه التوصيات تبقى ذات طبيعة شمولية لكونها تهم السياسة العقارية للدولة التي تتم مراجعتها‬
‫حاليا‪.‬‬
‫كما أشارت إلى إنجاز بعض الخطوات اإلصالحية التي تندرج في هذا اإلطار والتي من أهمها منشور رئيس‬
‫الحكومة رقم ‪ 2021/02‬الصادر بتاريخ ‪ 12‬فبراير ‪ 2021‬بشأن االقتناءات والتخصيصات العقارية التي تهم‬
‫الملك الخاص للدولة‪.‬‬
‫ثانيا‪ .‬بشأن نظام معلومات محين ومخصص لضبط وتتبع عقارات الدولة المخصصة للقطاعات‬
‫الوزارية‬
‫على الرغم من كونها تشكل المصدر األساسي للمعلومات بشأن ملك الدولة الخاص بصفة عامة‪ ،‬ال‬
‫تحتوي منظومة المعلومات الخاصة بمديرية أمالك الدولة (‪ )AMLACS‬على معلومات شاملة‬
‫وموثوقة بشكل كافٍ ومدققة بشأن تدبير التخصيصات العقارية المستغلة من لدن القطاعات الوزارية‪.‬‬
‫ويتعلق األمر بشكل أساسي بالمعلومات المتعلقة بالمباني اإلدارية المخصصة وغير المستغلة‪،‬‬
‫واألراضي المخصصة العارية‪ ،‬واالستثمارات التي تم تنفيذها على األراضي المخصصة والمساحات‬
‫المستغلة وغير المستغلة والمباني المستغلة على سبيل الكراء وكذلك المعلومات المتعلقة بإصالح‬
‫وصيانة وحراسة هذه المباني‪.‬‬
‫‪ ‬الحرص على التحيين المستمر لقاعدة المعطيات بشأن عقارات الدولة المخصصة‬
‫للقطاعات الوزارية‬
‫من خالل المقارنة بين البيانات المتعلقة بعقارات الدولة المخصصة للقطاعات الوزارية التي تتضمنها‬
‫منظومة المعلومات (‪ )AMLACS‬والبيانات التي صرحت بها الوزارات للمجلس بشأن العقارات‬
‫التي كانت تستغلها‪ ،‬إلى حدود سنة ‪ ،2021‬تبين أن المعطيات غير متطابقة مما يؤشر على أن الالئحة‬
‫التفصيلية للعقارات والمباني المخصصة للقطاعات الوزارية المتوفرة لدى مديرية أمالك الدولة‬
‫والمدلى بها للمجلس ليست شاملة وغير محينة‪.‬‬
‫ونتي جة لذلك‪ ،‬كشفت هذه المقارنة عن حاالت اختالف كبيرة بين البيانات المستخرجة من منظومة‬
‫(‪ )AMLACS‬وتلك الواردة مباشرة من القطاعات الوزارية‪ ،‬سواء من حيث عدد الوحدات العقارية‬
‫أو المساحة اإلجمالية‪ .‬وفيما يلي بعض األمثلة بشأن هذه االختالفات‪:‬‬
‫‪ -‬بالنسبة لقطاع التربية الوطنية‪ ،‬تبين من خالل المعطيات المستخرجة من منظومة‬
‫(‪ )AMLACS‬أن عدد وحداتها العقارية يبلغ ‪ 5.367‬وحدة بمساحة قدرها‬
‫‪ 5.790,9‬هكتارا‪ ،‬في حين أظهرت المعطيات المقدمة من طرف الوزارة أن عدد هذه‬
‫الوحدات هو ‪ 1.018‬وحدة فقط وبمساحة ال تتعدى ‪ 1.156,69‬هكتارا؛‬
‫‪ -‬بالنسبة لقطاع الصحة‪ ،‬أظهرت المعطيات المستخرجة من منظومة (‪ )AMLACS‬أن عدد‬
‫وحداتها العقارية بلغ ‪ 1.070‬وحدة بمساحة قدرها ‪ 897‬هكتار‪ ،‬في حين تشير البيانات‬
‫المقدمة من طرف الوزارة أن عدد هذه الوحدات هو ‪ 3.382‬وحدة بمساحة تصل الى‬
‫‪ 1.233,99‬هكتارا؛‬
‫‪ -‬بالنسبة لقطاع الفالحة‪ ،‬تبين من خالل المعطيات المستخرجة من منظومة (‪)AMLACS‬‬
‫أن عدد وحداتها العقارية هو ‪ 705‬وحدة بمساحة قدرها ‪ 9.631,3‬هكتارا‪ ،‬في حين أظهرت‬
‫المعطيات المقدمة من طرف الوزارة أن عدد هذه الوحدات ال يتجاوز ‪ 326‬وحدة والمساحة‬
‫ال تتعدى ‪1.043,84‬هكتارا؛‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪280‬‬


‫‪ -‬بالنسبة لقطاع العدل‪ ،‬تشير المعطيات المستخرجة من منظومة (‪ )AMLACS‬أن عدد‬
‫وحداتها العقارية هو ‪ 514‬وحدة بمساحة قدرها ‪ 3.983,3‬هكتارا‪ ،‬في حين أن البيانات‬
‫المقدمة من طرف الوزارة تظهر أن عدد هذه الوحدات هو ‪ 619‬وحدة وبمساحة ال تتجاوز‬
‫‪ 241,65‬هكتارا؛‬
‫‪ -‬بالنسبة إلدارة السجون وإعادة اإلدماج‪ ،‬تبين من خالل المعطيات المستخرجة من منظومة‬
‫(‪ )AMLACS‬أن عدد وحداتها العقارية ال يتعدى ‪ 15‬وحدة بمساحة قدرها‬
‫‪ 130,6‬هكتارا‪ ،‬في حين أظهرت المعطيات المقدمة من طرف اإلدارة المعنية أن عدد‬
‫الوحدات يصل إلى ‪ 123‬وحدة بمساحة قدرها ‪ 3.659,3‬هكتارا؛‬
‫‪ -‬بالنسبة لقطاع التعليم العالي‪ ،‬أظهرت البيانات المستخرجة من منظومة (‪ )AMLACS‬أن‬
‫عدد وحداتها العقارية هو ‪ 68‬وحدة بمساحة قدرها ‪ 375,6‬هكتارا‪ ،‬في حين بينت المعطيات‬
‫المقدمة من طرف الوزارة أن عدد الوحدات هو ‪ 130‬وحدة وبمساحة بلغت‬
‫‪ 693,03‬هكتارا‪.‬‬
‫ويمكن تفسير هذه االختالفات بعدم تحيين منظومة (‪ )AMLACS‬وعدم مدها بالمعلومات المتعلقة‬
‫بالتغييرات الكلية أو الجزئية التي طرأت على مستوى العقارات المخصصة‪ ،‬كالتعديالت في‬
‫المساحات أو التوسيع أو إعادة التهيئة أو تعلية البنايات أو إنهاء التخصيص أو تسوية التحويالت‬
‫المؤقتة للتخصيصات‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد‪ ،‬ال تقوم القطاعات الوزارية المعنية بتحيين البيانات المتعلقة بالعقارات المخصصة‬
‫لها بشكل تلقائي فور حدوث التغييرات المكملة أو المعدلة لوضعية هذه العقارات‪ ،‬وال توافي مديرية‬
‫أمالك الدولة بشكل منتظم بهذه المعلومات من أجل تحديث منظومة المعلومات الخاصة بتدبير الملك‬
‫الخاص للدولة بشكل عام والتخصيصات بشكل خاص‪.‬‬
‫جوابا عن هذه المالحظة‪ ،‬أشارت الوزارة أنه فيما يتعلق باالختالفات التي أشار إليها التقرير بين البيانات‬
‫المستخلصة من نظام ‪ AMLACS‬وتلك المقدمة من القطاعات الوزارية إلى أن المعطيات المستخرجة من‬
‫نظام ‪ AMLACS‬تم اإلشارة فيها إلى المراجع العقارية لكل عقار على حدة‪ .‬وأكدت أن إجراء مقارنة بين‬
‫المعطيات الصادرة عن مديرية أمالك الدولة وتلك الصادرة عن القطاعات الوزارية المعنية يستدعي ضرورة‬
‫توفر اللوائح المتوصل بها من طرف المجلس على معلومات عن مراجع العقارات بما فيها أرقام الرسوم‬
‫العقارية والتصاميم الخرائطية للعقارات المعنية مما سيسهل عملية تحديد هذه العقارات على مستوى سجالت‬
‫المحافظة العقارية وسيمكن من عرضها في صور األقمار الصناعية‪.‬‬
‫ويعد نظام ‪ AMLACS‬حاليا المصدر الرئيسي للمعلومات المتعلقة بأمالك الدولة‪ ،‬ليس فقط بالنسبة لهذه‬
‫المديرية ولكن أيضا لجميع اإلدارات العمومية المستفيدة من التخصيص والتي تطلب المعطيات بانتظام من‬
‫هذه المديرية قصد تحديث قواعد البيانات المتعلقة بها‪.‬‬
‫فعلى سبيل المثال‪ ،‬لوحظ أن عدد الوحدات العقارية الصادر عن إحدى الوزارات‪ ،‬والذي يبلغ ‪ 1.018‬وحدة‬
‫ع قارية‪ ،‬أقل بكثير من العدد الذي سبق أن توصلت به مديرية أمالك الدولة من قبل هذه الوزارة خالل سنة‬
‫‪ 2014‬بمناسبة إطالق ورش إحصاء العقارات المخصصة آنذاك‪ .‬فقد كان العدد المعلن عنه في البداية ‪23.620‬‬
‫وحدة قبل أن يتم تخفيضه إلى ‪ 6.106‬وحدة‪ ،‬بما فيها المدارس ومراكز التكوين والمباني اإلدارية‪ ،‬وذلك بعد‬
‫إزالة المباني التي ال تندرج ضمن أمالك الدولة بتشاور مع مصالح هذه المديرية‪.‬‬
‫وإذ يأخذ المجلس بعين االعتبار كون نظام ‪ AMLACS‬يعد حاليا المصدر الرئيسي المتاح للمعلومات‬
‫المتعلقة بأمالك الدولة الخاصة بشكل عام وضمنها العقارات المخصصة لإلدارات العمومية‪ ،.‬فإنه‬
‫يسجل أن هذا النظام يعوزه التحيين المستمر مما يحول دون إعطاء صورة صادقة بشأن المباني‬
‫اإلدارية والعقارات المستغلة فعليا من لدن اإلدارات العمومية‪.‬‬
‫ويؤكد المجلس أن المنهجية التي تم استخدامها لجمع البيانات من اإلدارات المعنية هي نفسها التي‬
‫اعتمدتها مديرية أمالك الدولة‪ ،‬سنة ‪ ،2014‬بمناسبة إطالق ورشها المتعلق بإحصاء العقارات‬
‫المخصصة لإلدارات العمومية المشار اليه في جوابها‪ ،‬بما في ذلك المعلومات المتعلقة بمراجع‬

‫‪281‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫العقارات من أرقام الرسوم العقارية وأرقام محاضر التخصيص وتواريخها ومساحات العقارات‬
‫اإلجمالية وتلك المستغلة وغير المستغلة‪ ،‬إلى غير ذلك‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة الى إحصاء المباني اإلدارية الشاغرة أو غير المستغلة‬
‫ال تحتوي قاعدة بيانات (‪)AMLACS‬على معلومات محينة بشأن المباني اإلدارية غير المستغلة أو‬
‫الشاغرة المخصصة للقطاعات الوزارية‪ ،‬مما ال يسمح لمديرية أمالك الدولة بمعرفة المخزون‬
‫الحقيقي لألصول العقارية المتاحة إلعادة تخصيصها أو إعادة استخدامها‪ ،‬األمر الذي يشكل عائقا‬
‫أمام التدبير األمثل للممتلكات العقارية للدولة‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬يسجل المجلس أن اإلدارات العمومية المستفيدة من التخصيصات العقارية ال تمد‬
‫مديرية أمالك الدولة بالمعلومات الكافية بشأن وضعية هذه التخصيصات‪ ،‬والسيما المعلومات المتعلقة‬
‫بالمباني الشاغرة أو المستغلة جزئيا‪ ،‬ولتجاوز هذا النقص على مستوى المعلومات أطلقت المديرية‬
‫المذكورة‪ ،‬خالل سنة ‪ ،2014‬عملية لتجميع المعطيات حول العقارات المخصصة لإلدارات العمومية‪،‬‬
‫من خالل منشور لرئيس الحكومة تحت عدد ‪ ،2014/01‬إال أن أغلب هذه اإلدارات لم تتجاوب مع‬
‫هذه العملية فيما صرحت أخرى بمعلومات غير كاملة‪.‬‬
‫في معرض جوابها‪ ،‬أكدت الوزارة ما جاء في مالحظة المجلس وركزت على أن عدم تعاون اإلدارات العمومية‬
‫في إحصاء العقارات المخصصة لها‪ ،‬كانت أحد األسباب الرئيسية وراء استصدار منشور رئيس الحكومة رقم‬
‫‪ 2021/02‬بتاريخ ‪ 12‬فبراير ‪ 2021‬والذي سيخول لمديرية أمالك الدولة‪ ،‬ليس فقط إحصاء هذه العقارات‪،‬‬
‫وإنما أيضا إمكانية استعادتها في حال عدم استعمالها‪.‬‬
‫ولهذه الغاية‪ ،‬أطلقت المديرية المعنية مشروعا مع مديرياتها الجهوية يهدف إلى تحديد العقارات المخصصة‬
‫غير المستخدمة (كليا أو جزئيا) من أجل إبالغ اإلدارات المعنية واستعادة هذه العقارات‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة تجميع المعلومات عن الوضعية التي توجد عليها المباني اإلدارية‬
‫تفتقر منظومة (‪ )AMLACS‬إلى معلومات محينة بشأن الوضعية التي توجد عليها التخصيصات‬
‫العقارية‪ .‬كما أن اإلدارات العمومية المستفيدة من هذه التخصيصات ال يلزمها محضر التخصيص‬
‫بضرورة التصريح بحالة المباني اإلدارية لدى مديرية أمالك الدولة التي ال تتوصل بالبيانات الكاملة‬
‫والدقيقة وفي الوقت المناسب حول وضعية المباني اإلدارية‪ ،‬وال سيما البيانات المتعلقة بإصالحها‬
‫وبصيانتها وحراستها وديمومتها‪.‬‬
‫ويشكل غياب المعلومات المتعلقة بالمباني اإلدارية للدولة المخصصة للقطاعات الحكومية إكراها‬
‫يعيق إرساء تخطيط على مستوى برمجة أعمال الصيانة والتمويل المتعلق بها‪.‬‬
‫في جوابها أكدت الوزارة ما جاء في مالحظة المجلس مشيرة إلى أنها أطلقت خالل سنة ‪ 2014‬عملية إحصائية‬
‫واسعة النطاق بهدف تجميع معطيات شاملة ومحينة بشأن المباني واألراضي المخصصة لإلدارات العمومية‬
‫واستعماالتها غير أنه جوبهت بعدم تعاون اإلدارات العمومية في عملية جرد األصول المخصصة لها‪ ،‬حيث‬
‫أن أغلبها لم يزود هذه المديرية بالمعطيات التي ُ‬
‫طلبت منها آنذاك حول العقارات المخصصة لها باستثناء ثمان‬
‫إدارات عمومية‪.‬‬
‫‪ ‬إحصاء غير شامل للعقارات المكتراة من لدن اإلدارات العمومية‬
‫ال تتوفر مديرية أمالك الدولة على معلومات مضبوطة بشأن العقارات التي تستأجرها الدولة لفائدة‬
‫اإلدارات العمومية نظرا لغياب جرد شامل لها‪ .‬كما أن المعنيين باألمر لم يسبق أن أخضعوا تدبير‬
‫هذه العملية ألي مراقبة أو تقييم بهدف تجويده‪.‬‬
‫ويرجع سبب ذلك إلى كون مهمة تتبع العقارات التي تستغلها القطاعات الوزارية على سبيل الكراء‬
‫ال تدخل ضمن م هام مديرية أمالك الدولة التي يقتصر دورها‪ ،‬في هذا المجال‪ ،‬على تحديد سعر‬
‫اإليجار من خالل عضويتها في لجنة الخبرة العقارية‪ .‬وبصفة عامة‪ ،‬يبقى هذا التتبع من مسؤولية كل‬
‫قطاع وزاري (تجديد عقد الكراء‪ ،‬مراجعة أسعار الكراء‪ ،‬تهيئة البنايات المستغلة على سبيل الكراء‬
‫وصيانتها وإصالحها وحراستها)‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪282‬‬


‫على ضوء ما سبق‪ ،‬يوصي المجلس وزارة االقتصاد والمالية بوضع نظام معلومات مندمج‬
‫ومخصص لتدبير عقارات الدولة المخصصة للقطاعات الوزارية يتيح حصر هذه العقارات وضبط‬
‫استعمالها وتدبيرها‪.‬‬
‫في إطار تعقيبها على توصية المجلس‪ ،‬أشارت الوزارة إلى مجهوداتها المتواصلة الرامية إلى تعزيز منظومة‬
‫الرقابة الداخلية‪ ،‬من خالل إطالقها لمجموعة من األوراش ذات األولوية الكبرى ضمن مخططها االستراتيجي‬
‫والتي من أهمها النظام المعلوماتي ‪ AMLACS‬الذي تم اعتماده منذ بداية سنة ‪ 2020‬كبديل عن النظام‬
‫السابق ‪ ،SIDOM‬ونظام المعلومات الجغرافي ألمالك الدولة ‪ ،SIG‬وورش تحسين موثوقية البيانات المدرجة‬
‫بنظام ‪ AMLACS‬وورش التحفيظ العقاري‪ .‬ومشروع القانون المتعلق بالملك الخاص للدولة‪.‬‬
‫ثالثا‪ .‬تأطير عمليات تخصيص واقتناء وتفويت وكراء العقارات المستغلة من لدن القطاعات‬
‫الوزارية‬
‫تتكون العقارات التي تستغلها وتدبرها القطاعات الوزارية من تخصيصات عقارية واحتالالت‪ .‬وإلى‬
‫حدود ‪ 31‬دجنبر ‪ ،2020‬بلغت التخصيصات ما مجموعه ‪ 9.381‬وحدة عقارية (‪ )%75,3‬بمساحة‬
‫إجمالية قدرها ‪ 29.495‬هكتارا )‪ (%32‬في حين تقدر االحتالالت بما يناهز ‪ 3.073‬وحدة‬
‫)‪ (% 24,7‬وبمساحة تقدر ب ‪ 60.691‬هكتارا )‪.(%67,3‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى تسوية وضعية االحتالالت‬
‫وفقا لإلجراءات المعمول بها لدى مديرية أمالك الدولة‪ ،‬يتم التمييز بين نوعين من االحتالل بشأن‬
‫العقارات التي تستغلها القطاعات الوزارية‪:‬‬
‫‪ -‬تخصيصات عقارية (أراضي و‪ /‬أو مباني) ولكنها مستغلة من لدن إدارات غير تلك‬
‫المخصصة لها أو محتلة من لدن األغيار (احتالالت على المخصصات)؛‬
‫‪ -‬األراضي و‪ /‬أو المباني المستغلة من لدن اإلدارات العمومية بدون اللجوء إلى مساطر‬
‫التخصيص العقاري التي تشرف عليها مديرية أمالك الدولة‪.‬‬
‫وفي سنة ‪ ،2020‬بلغت المساحات العقارية التي طالتها االحتالالت بنوعيها من لدن اإلدارات‬
‫العمومية‪ ،‬ما مجموعه ‪ 60.691‬هكتارا موزعة على ‪ 3.073‬وحدة عقارية وهو ما يمثل ‪ % 67‬من‬
‫إجمالي المساحة المستغلة من لدن اإلدارات (‪ 90.186‬هكتارا)‪.‬‬
‫وتمثل هذه االحتالالت قسما كبيرا من المساحة اإلجمالية وعدد الوحدات العقارية التي تستغلها‬
‫اإلدارات العمومية األمر الذي يتطلب مجهودا من أجل تسويتها‪.‬‬
‫‪ ‬تتبع غير كاف لالستغالل الفعلي للتخصيصات‬
‫تُستخدم العقارات المخصصة للقطاعات الوزارية بشكل أساسي لتلبية االحتياجات المتعلقة بتدبير‬
‫المرافق العامة التي تقدمها الدولة‪ ،‬والسيما المباني اإلدارية والمؤسسات التعليمية والتجهيزات‬
‫الصحية والمحاكم والمؤسسات السجنية وغيرها‪.‬‬
‫غير أن تحليل قاعدة البيانات المتعلقة بمديرية أمالك الدولة (‪ )AMLACS‬أظهر أنها تتضمن فقط‬
‫معلومات بشأن االستغالل في حدود ‪ %38‬فقط من المساحة اإلجمالية للتخصيصات‪ ،‬وال تتوفر على‬
‫بيانات االستخدام المتعلقة بمساحة مخصصة تصل إلى ‪ 55.786,41‬هكتارا‪ ،‬وهو ما يعادل ‪%62‬‬
‫من المساحة اإلجمالية التابعة للقطاعات الوزارية‪.‬‬
‫وال تسمح المساطر المعمول بها حاليا ألجل مراقبة وتتبع االستخدام الفعلي للمباني اإلدارية‬
‫المخصصة لإلدارات العمومية (وضع قوائم لجرد التخصيصات العقارية ونسبة استغاللها وطبيعة‬
‫النشاط‪ )...‬بتوفير معلومات موثوقة ومحينة بشأن االستخدام الفعلي للتخصيصات‪.‬‬
‫في معرض جوابها‪ ،‬أكدت الوزارة أنه في إطار تتبع العقارات المخصصة‪ ،‬بادرت إلى إنهاء وإعادة التخصيص‬
‫في العديد من الحاالت التي كانت تستوجب موافقة اإلدارات المعنية‪ .‬وقد أصبح بإمكانها استعادة العقارات‬
‫المخصصة غير المستعملة وفق الشروط والشكليات التي حددها منشور رئيس الحكومة رقم ‪2021/02‬‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 12‬فبراير ‪.2021‬‬

‫‪283‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫‪ ‬الحاجة إلى التأطير في مجال تحديد االحتياجات العقارية‬
‫باستثناء شرط توفر االعتمادات في الميزانية‪ ،‬فالقطاعات الوزارية غير ملزمة بأن تحدد في طلباتها‬
‫المتعلقة باالقتناء أو التخصيص احتياجاتها العقارية بشكل موثق من حيث الكم والكيف كالمساحة‬
‫ونوع النشاط والفئة المستهدفة‪.‬‬
‫كما تلجأ القطاعات الوزارية إلى عملية كراء العقارات الستخدامها كمبان إدارية أو مرافق عمومية‬
‫دون أن تكون ملزمة بتحديد احتياجاتها العقارية‪ .‬وتعمد أغلب الوزارات إلى تنفيذ االعتمادات المدرجة‬
‫في ميزانياتها القطاعية المخصصة لهذا النوع من النفقات العقارية دون إلزامها‪ ،‬مسطريا‪ ،‬بتقديم جرد‬
‫احتياجات المصالح اإلدارية التي سيتم إيواؤها في المباني المستأجرة وطبيعة النشاط وعدد الموظفين‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬تتحمل بعض القطاعات الوزارية نفقات مهمة من حيث التجهيز واإلصالح‬
‫والتجديد لجعل هذه المباني المكتراة صالحة لالستعمال كمبان إدارية‪.‬‬
‫وغالبا ما يتم تحديد االحتياجات العقارية للقطاعات الوزارية (اقتناء أو كراء) بمنأى عن أي تنسيق‬
‫أو تشاور مع مديرية أمالك الدولة‪ ،‬التي ينبغي أن تضطلع بمهمة البت في الطريقة المناسبة لتلبية‬
‫االحتياجات العقارية لإلدارات العمومية اعتبارا للدور المنوط بها كممثل للدولة المالكة‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى القيام بدراسة الخيارات المتاحة لتلبية االحتياجات العقارية لإلدارات‬
‫العمومية‬
‫لوحظ أن القطاعات الوزارية في مسار بحثها عن مباني إدارية ال تلجأ إلى دراسة االختيارات العقارية‬
‫المالئمة على مستوى الكلفة واألداء لتبرير االختيار بين الكراء أو االقتناء أو البناء‪ .‬كما أن اللجوء‬
‫إلى الكراء يتم‪ ،‬أحيانا‪ ،‬في حاالت االستعجال لتلبية احتياجات طارئة ناشئة بعد إحداث بنيات إدارية‬
‫جديدة أو بسبب إكراهات مرتبطة بالميزانية‪.‬‬
‫كذلك‪ ،‬فإن القرارات التي تتخذها القطاعات الوزارية بشأن اللجوء إلى خيار كراء مقراتها اإلدارية‬
‫ال تكون مدعمة بمبررات االختيار وكذا عملية تحكيم موثقة بين تكلفة العملية وعائداتها بناء على‬
‫دراسات مالئمة‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة تأطير عمليات تفويت المباني اإلدارية للدولة‬
‫قد تلجأ الدولة في إطار تدبيرها النشط لممتلكاتها العقارية إلى تفويت العقارات المخصصة للقطاعات‬
‫الوزارية من أراضي أو مبان إدارية أو مساكن وظيفية‪.‬‬
‫في هذا اإلطار‪ ،‬أطلقت مديرية أمالك الدولة عملية لتفويت مساكن الدولة رغبة منها في عقلنة نفقات‬
‫التسيير وتكاليف الصيانة ذات الصلة‪ .‬وهكذا فوتت الدولة بين سنتي ‪ 2015‬و‪ ،2020‬ما يناهز‬
‫‪ 448‬وحدة سكنية بقيمة إجمالية بلغت ‪ 164,8‬مليون درهم‪ .‬غير أن تنفيذ هذه العملية واجه عدة‬
‫صعوبات بسبب غياب جرد شامل للمساكن الوظيفية الضرورية للسير العادي لعمل اإلدارة وعدم‬
‫التوفر على إحصاء للمساكن التي يشغلها متقاعدون أو الذين غادروا وظائفهم ألسباب أخرى‪ ،‬أو‬
‫المستغلة من طرف أسرهم بعد وفاتهم‪.‬‬
‫في تعقيبها ذكرت الوزارة بالتدابير التي تم القيام بها فيما يتعلق بتفويت المساكن اإلدارية‪ ،‬من خالل التذكير‬
‫بالمنشور رقم ‪ 2020/11‬الصادر عن رئيس الحكومة بتاريخ ‪ 24‬يوليو ‪ 2020‬بشأن تنزيل المقتضيات المتعلقة‬
‫ببيع المساكن اإلدارية وذلك من خالل دعوة القطاعات الوزارية التي لم تقم بعد بحصر الئحة المساكن الوظيفية‬
‫غير القابلة للتفويت إلى موافاة مديرية أمالك الدولة بقائمة هذه المساكن مع اإلشارة إلى إمكانية تحيين هذه‬
‫اللوائح‪.‬‬
‫وأشارت إلى أنه تم تعميم رسالة دورية إلى كافة مندوبيات أمالك الدولة بتاريخ ‪ 13‬يوليو ‪ 2020‬لحثها على‬
‫معالجة هذا الملف بتنسيق مع المصالح الجهوية التابعة لمختلف القطاعات الوزارية‪ ،‬إال أن تفاعل هذه األخيرة‬
‫ظل محدودا إلى يومه‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪284‬‬


‫‪ ‬الحاجة إلى ترشيد النفقات العقارية للدولة‬
‫خالل الفترة الممتدة من ‪ 2016‬إلى ‪ ،2020‬بلغت النفقات العقارية المدرجة في الميزانية العامة للدولة‬
‫(نفقات االستثمار ونفقات التسيير ونفقات الكراء) أكثر من ‪ 38‬مليار درهم‪ ،‬أي بمتوسط سنوي قدره‬
‫‪ 7,5‬مليار درهم‪.‬‬
‫وتشكل نفقات االستثمار العقارية ما يقرب من ‪ %90‬من إجمالي النفقات العقارية المدرجة في‬
‫الميزانية العامة للدولة‪ ،‬إذ بلغت ما قدره ‪ 34,5‬مليار درهم بمتوسط سنوي يقارب ‪ 6,9‬مليار درهم‪،‬‬
‫خالل نفس الفترة‪.‬‬
‫كما لوحظ أن النفقات العقارية للدولة تظل موزعة بين الميزانيات القطاعية التابعة للميزانية العامة‬
‫والحسابات الخصوصية للخزينة وميزانيات مصالح الدولة المسيرة بصورة مستقلة‪ ،‬مما ال يتيح تقديم‬
‫بيانات شاملة ووجيهة بشأن هذه النفقات‪.‬‬
‫وبالتالي فإن التشتت الحاصل في تدبير الميزانية العقارية للدولة يحول دون بلورة رؤية شمولية بشأن‬
‫النفقات المتعلقة بها في أفق اعتماد برنامج موحد متعدد السنوات لالستثمارات العقارية (ال سيما‬
‫عمليات االقتناء والبناء)‪ ،‬وتحقيق اقتصاد مندمج على مستوى عمليات البناء عن طريق تشييد‬
‫مجمعات إدارية مندمجة والقيام بعمليات اقتناء مجمعة للخدمات التي تهدف إلى الحفاظ على المباني‬
‫اإلدارية للدولة في حالة جيدة من خالل صيانتها ونظافتها وتأمين الحراسة الالزمة لها‪.‬‬
‫على ضوء ما سبق‪ ،‬يوصي المجلس األعلى للحسابات وزارة االقتصاد والمالية بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تحديد االحتياجات العقارية لإلدارات العمومية في مجال المباني اإلدارية من خالل وضع‬
‫آليات تروم ترشيد االختيارات المتاحة من تخصيص‪ ،‬أو اقتناء أو بناء أو كراء‪ ،‬الخ؛‬
‫‪ -‬تأطير أفضل لعمليات تفويت عقارات الدولة المخصصة للقطاعات الوزارية‪ ،‬والسيما‬
‫المباني اإلدارية والمساكن الوظيفية بالسهر على تحقيق االقتصاد والنجاعة والفعالية؛‬
‫‪ -‬وضع رؤية شمولية للنفقات العقارية في أفق وضع برمجة مندمجة ومتعددة السنوات‬
‫لالستثمارات العقارية ونفقات التسيير المتعلقة بها‪.‬‬

‫‪285‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫أنظمة مراقبة الولوج في اإلدارات العمومية‪:‬‬
‫الحاجة إلى استكمال اإلطار القانوني واالستراتيجي من أجل استغالل أمثل‬

‫يُم ِّ ّكن نظام مراقبة الولوج من تنظيم حركة األشخاص داخل المباني والمرافق‪ .‬وت ُتيح هذه اآللية ضبط‬
‫عمليتي الدخول إلى مكان العمل والخروج منه واحتساب مدة العمل وضمان حماية األشخاص‬
‫والممتلكات‪.‬‬
‫وقد تم اعتماد هذا النظام في اإلدارات العمومية إثر صدور منشور رئيس الحكومة رقم ‪2012/26‬‬
‫بتاريخ ‪ 15‬نونبر ‪ 2012‬بشأن التغيب غير المشروع عن العمل‪ .‬ونظرا لعدم تحقيق كل النتائج‬
‫المرجوة من التدابير المتعلقة بالتصدي للتغيب غير المشروع الواردة في منشور سابق (رقم ‪2005/8‬‬
‫بتاريخ ‪ 11‬مايو ‪ ،)2005‬فقد أقر منشور سنة ‪ 2012‬إجراءات جديدة من بينها تزويد اإلدارات‬
‫بالوسائل التكنولوجية الحديثة لضبط الحضور‪ ،‬وذلك لما ت ُوفره هذه الوسائل من ميزات تتمثل أساسا‬
‫في نجاعتها في التصدي لظاهرة التغيب غير المشروع من خالل توفير بيانات حديثة وإعداد تقارير‬
‫حول التغيب في حينه واتباع المساطر اإلدارية عند االقتضاء‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬يعتبر تدبير الموارد البشرية واحترام مواقيت العمل من العناصر األساسية لتحسين‬
‫كفاءة اإلدارة وتجويد تدبير النفقات العمومية‪ ،‬خاصة وأن أجور موظفي الدولة ت ُشكل أهم نفقة في‬
‫الميزانية العامة حيث بلغت ما يناهز ‪ 140,46‬مليار درهم سنة ‪ ،2021‬وأن عدد الموظفين وصل‬
‫إلى ما مجموعه ‪ 570.769‬موظفا مدنيا خالل نفس السنة‪.‬‬
‫وقد شملت مهمة المراقبة ‪ 21‬قطاعا وزاريا يتوفر على أنظمة مراقبة الولوج قدرت كلفة إنجازها‬
‫بأكثر من ‪ 45‬مليون درهم‪ ،23‬وانصبت أساسا حول تقييم الجوانب المتعلقة بتثبيت واستخدام هذه‬
‫األنظمة ودورها في تحسين تدبير الموارد البشرية في سياق يتميز بتغيرات عميقة لمفهوم أوقات‬
‫العمل والحضور‪ ،‬ال سيما مع بروز آليات جديدة للعمل عن بعد‪.‬‬
‫أوال‪ .‬فيما يخص الحكامة واإلطار القانوني‬
‫يعتمد نجاح وفعالية أنظمة مراقبة الولوج‪ ،‬خاصة في شقها المرتبط بضبط الحضور‪ ،‬على إرساء‬
‫إطار قانوني واستراتيجي وحكامة فعالة‪.‬‬
‫‪ ‬إدراج تدبير الزمن اإلداري في الخطط االستراتيجية لإلصالح اإلداري‬
‫لم يحظ تدبير الزمن اإلداري باألهمية المطلوبة في الخطط االستراتيجية المتعلقة باإلصالح اإلداري‬
‫قبل ‪ .2018‬فقد باشرت السلطات الحكومية المعنية‪ ،‬منذ تسعينيات القرن الماضي‪ ،‬مجموعة من‬
‫التدابير الرامية إلى إصالح اإلدارة‪ ،‬وذلك من خالل خطط استراتيجية كبرى تجسدت‪ ،‬على‬
‫الخصوص‪ ،‬في ميثاق اإلدارة الجيدة سنة ‪ ،1998‬وبرنامج دعم إصالح اإلدارة العمومية لسنة ‪.2003‬‬
‫وعلى الرغم من أن الخطط المذكورة تناولت الجانب المتعلق بتدبير الموارد البشرية في اإلدارة‬
‫العمومية‪ ،‬فإنها لم تدمج تدبير الزمن اإلداري وأنظمة مراقبة الولوج كآليات لضبط مدة عمل‬
‫الموظفين‪.24‬‬
‫ورغم اإلجراءات النوعية التي أتى بها منشور رئيس الحكومة المذكور أعاله‪ ،‬والذي أ َّكد على تثبيت‬
‫أنظمة مراقبة الولوج وعلى ضرورة تدبير الحضور‪ ،‬فلم يتم تضمين اعتماد هذه األنظمة في إطار‬
‫استراتيجي إال بعد مرور خمس سنوات من خالل الخطة الوطنية إلصالح اإلدارة (‪.)2021-2018‬‬
‫ولم يسمح هذا التأخير لإلدارات العمومية بتبني رؤية استراتيجية مشتركة ومتكاملة‪ ،‬قادرة على توحيد‬
‫المقاربة فيما يخص أنظمة مراقبة الولوج واعتمادها في إطار تدبير متكامل للموارد البشرية‪.‬‬

‫‪ 23‬اعتمدت بعض اإلدارات هذا النظام قبل صدور منشور رئيس الحكومة ألسباب تتعلق بشكل أساسي بضمان األمن والسالمة‪.‬‬
‫‪ 24‬تقرير المجلس األعلى للحسابات المتعلق بتقييم نظام اإلدارة العمومية – دجنبر ‪.2017‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪286‬‬


‫‪ ‬تأخر ملحوظ في تنفيذ مشروعي إنشاء نظام آلي مشترك لتدبير الموارد البشرية‬
‫وتدبير الزمن اإلداري‬
‫حددت الخطة الوطنية إلصالح اإلدارة (‪ )2021-2018‬ثالثة أهداف رئيسية‪ ،‬تتمثل في توفير‬
‫وتوسيع وتنويع عرض الخدمات العمومية وإعادة هيكلة بنيات اإلدارات العمومية وتمكين اإلدارة من‬
‫اآلليات والوسائل التشريعية والتنظيمية والتدبيرية الضرورية للنهوض بالمرفق العام والخدمات‬
‫العمومية‪ .‬وتضم هذه الخطة ‪ 24‬مشروعا‪ ،‬من بينها المشروع المتعلق بإنشاء نظام معلوماتي مشترك‬
‫لتدبير الموارد البشرية في اإلدارات العمومية والمشروع المتعلق بتدبير الزمن اإلداري باإلدارة‬
‫العمومية‪.‬‬
‫ويتعلق المشروع األول بإنشاء نظام آلي مشترك لتدبير الموارد البشرية في إطار توحيد الوسائل‪ .‬وقد‬
‫تمت برمجة هذا المشروع على أساس االنتهاء من تنفيذه متم سنة ‪ ،2021‬غير أن عملية إنجازه‬
‫عرفت تأخرا ملحوظا‪ ،‬حيث لم يشرع في تنفيذه إال بتاريخ ‪ 28‬فبراير ‪ .2021‬وقد كان هذا المشروع‬
‫موضوع اتفاقية بتاريخ ‪ 16‬أكتوبر‪ 2017‬تمت مراجعتها بتاريخ ‪ 21‬فبراير‪ 2021‬لدمج قطاعات‬
‫أخرى‪ .‬وتبعا لذلك‪ ،‬تم تمديد أجل تنفيذ المشروع حتى نهاية سنة ‪ ،2023‬أي بإضافة سنتين عن التاريخ‬
‫المتوقع‪.‬‬
‫وفضال عن التأخر الملحوظ في تنفيذ هذا المشروع‪ ،‬فقد تم إطالقه دون دراسة جدوى تقنية مسبقة‬
‫لربط النظام المستقبلي بمختلف التطبيقات المرتبطة بنظام مراقبة الولوج المثبتة داخل القطاعات‬
‫الحكومية‪ ،‬مع تسجيل عدم انخراط مجموعة من القطاعات في المشروع‪ ،‬حيث حظي بالتزام‬
‫‪ 17‬قطاعا فقط من أصل‪ 35‬قطاعا‪ .‬ولئن كانت وزارة االنتقال الرقمي وإصالح اإلدارة أوضحت‬
‫أن ربط النظام المعلوماتي المشترك لتدبير الموارد البشرية (‪ (SIRH‬بأنظمة مراقبة الولوج الموجودة‬
‫بمختلف اإلدارات العمومية أمر ممكن‪ ،‬حسب مكتب الدراسات المكلف‪ ،‬وأن خاصية الربط مدرجة‬
‫في دفتر المواصفات التقنية المتعلق بالصفقة رقم ‪ 07/2019/MRAFP‬ذات الصلة‪ ،‬فإن عملية‬
‫الربط قد تعترضها صعوبات تقنية خاصة في ظل تباين أنظمة مراقبة الولوج المعتمدة من طرف‬
‫مختلف القطاعات الوزارية‪.‬‬
‫أما على مستوى المشروع الثاني المتعلق بتدبير الزمن اإلداري والذي وضع رؤية عامة تروم تطوير‬
‫حلول قانونية وإدارية ورقمية وأخالقية بهدف تحسين تدبير وإدارة الزمن اإلداري‪ ،‬فقد تبين تأخر‬
‫ملحوظ في تنفيذ مختلف إجراءاته الستة (‪ .)06‬ذلك أنه‪ ،‬ومع نهاية مدة التنفيذ المحددة في متم سنة‬
‫‪ ،2021‬بلغ إنجاز إجراءين اثنين نسبة ‪ ،%100‬ويتعلق األمر بإنجاز تقارير سنوية تقييمية لعمليات‬
‫مواجهة التغيب غير المشروع عن العمل وبإنجاز مراجع الدراسة المتعلقة بتدبير الزمن في اإلدارة‬
‫العمومية‪ .‬فيما بلغ إنجاز إجراء واحد نسبة ‪ %50‬والذي يهم إطالق طلب العروض المتعلق بتدبير‬
‫الزمن في اإلدارة العمومية‪ .‬بينما لم تتم مباشرة إنجاز اإلجراءات الثالثة األخرى والمتعلقة بمتابعة‬
‫تنفيذ الدراسة وإعداد تصور حول الحلول المالئمة لمواجهة التغيب عن العمل‪ ،‬وإعداد مشروع قانون‬
‫يتعلق بالتوقف غير المشروع عن العمل داخل اإلدارة العمومية والجماعات الترابية‪.‬‬
‫ومن بين اإلجراءات المنجزة كليا في هذا اإلطار‪ ،‬إعداد التقرير التركيبي ‪ 2017-2012‬من طرف‬
‫الوزارة سنة ‪ ،2019‬والذي تضمن تقييما شامال لمنظومة محاربة التغيب عن العمل بشقيه المشروع‬
‫وغير المشروع‪ ،‬بما في ذلك حصيلة تطبيق منشور رئيس الحكومة رقم ‪ 2012/26‬بتاريخ‬
‫‪ 15‬نونبر ‪ 2012‬حول التغيب غير المشروع عن العمل خالل الفترة الممتدة بين سنتي ‪2012‬‬
‫و‪ ،2017‬علما أن هذا التقرير‪ ،‬الذي تم توجيهه إلى السيد رئيس الحكومة بموجب الرسالة رقم ‪800‬‬
‫بتاريخ ‪ 02‬أبريل ‪ ،2020‬اقترح حلوال قانونية وتدبيرية ورقمية وتخليقية في مواجهة ظاهرة التغيب‬
‫بالوظيفة العمومية‪.‬‬

‫‪287‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫‪ ‬ضرورة تعزيز اختصاصات اللجنة ما بين الوزارية وخاليا تتبع وتقييم التدابير‬
‫المنصوص عليها في منشور ‪2012‬‬
‫َص المنشور الصادر عن رئيس الحكومة سنة ‪ 2012‬على إنشاء لجنة ما بين وزارية لدى الوزارة‬ ‫ن َّ‬
‫المكلفة بإصالح اإلدارة‪ ،‬تتألف من ممثلين عن وزارة االقتصاد والمالية (الخزينة العامة ومديرية‬
‫الميزانية) وممثلين عن القطاعات الوزارية‪ .‬وفي هذا اإلطار‪ ،‬فقد تبين أن هذه األخيرة ال تتوفر على‬
‫السلطة الكافية التي ت ُم ِّ ّكنها من الحصول على المعلومات المتعلقة بالتغيب غير المشروع عن العمل‬
‫من القطاعات الوزارية المعنية بطريقة منتظمة ومضبوطة وعلى المعطيات المتعلقة بتنفيذ إجراءات‬
‫المنشور السالف ذكره بما فيها اللجوء ألنظمة مراقبة الولوج‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فقد أوكل منشور رئيس الحكومة للجنة مهام تتبع وتقييم تفعيل اإلجراءات والتدابير‬
‫موضوع المنشور ورصد العوائق واإلشكاالت المطروحة واقتراح الحلول الناجعة لها‪ .‬وكلفها‬
‫ب الدعوة‪ ،‬عند االقتضاء‪ ،‬إلى القيام بعمليات تدقيق بواسطة المفتشية العامة للمالية والمفتشية العامة‬
‫لإلدارة الترابية‪ ،‬كما مكنها من اللجوء إلى مكاتب التدقيق الخارجية إن اقتضى األمر ذلك‪ .‬وقد لوحظ‬
‫أن اللجنة لم تتمكن من القيام بهذه األدوار‪.‬‬
‫وتعزي الوزارة هذه الوضعية إلى كون دور اللجنة دورا استشاريا باألساس‪ ،‬حيث لم تخولها المقتضيات‬
‫الجاري بها العمل أية صالحيات تتعلق بالرقابة والتدقيق أو االستعانة مباشرة بهيئات مختصة للقيام بهذا الدور‪،‬‬
‫حتى في حالة وقوفها على نقائص تدبيرية أو حاالت عدم تطبيق القانون في مواجهة التغيب غير المشروع‬
‫عن العمل من طرف الرؤساء التسلسليين ومن طرف مصالح تدبير الموارد البشرية‪ .‬إضافة إلى ذلك‪ ،‬وحسب‬
‫الوزارة المعنية‪ ،‬فإن طلبات اللجنة الموجهة إلى بعض المفتشيات العامة من أجل التدقيق في حاالت معينة‬
‫للتغيب عن العمل لم تسفر عن نتائج ملموسة‪.‬‬
‫وفي نفس اإلطار‪ ،‬فإن الخلية المحدثة على المستوى المركزي للقطاعات الوزارية لتفعيل التدابير‬
‫واإلجراءات الوقائية والتنسيق مع المصالح الحكومية مكنت من تحسين عملية تتبع حاالت التغيب‬
‫غير المشروع عن العمل‪ ،‬خصوصا طويل األمد‪ ،‬ومن تحسين مستوى التنسيق مع الوزارة المكلفة‬
‫باالنتقال الرقمي وإصالح اإلدارة والخزينة العامة للمملكة‪ .‬ورغم تسجيل هذه الجوانب اإليجابية فقد‬
‫رصدت بعض النقائص‪ ،‬إذ تبين أن ‪ %43‬من القطاعات التي شملتها المهمة الرقابية للمجلس لم‬
‫تحدث هذه الخلية‪ ،‬حيث تتولى‪ ،‬في الغالب‪ ،‬الوحدة اإلدارية المكلفة بتدبير الموارد البشرية تنفيذ المهام‬
‫المنوطة بها‪ .‬وعالوة على ذلك‪ ،‬فقد تم‪ ،‬في بعض الحاالت‪ ،‬تحديد أعضاء الخلية دون تكليفها رسميا‪،‬‬
‫كما أن بعض الخاليا ال تقوم بإنجاز محاضر حول اجتماعاتها‪ ،‬وتكتفي‪ ،‬وبشكل عام‪ ،‬بإعداد الشهادات‬
‫الجماعية والتقارير السنوية الموجهة للخزينة العامة للمملكة ولوزارة االنتقال الرقمي وإصالح‬
‫اإلدارة‪ ،‬في حين ال تقوم بتفعيل وتتبع اإلجراءات الوقائية المنصوص عليها في المنشور الصادر سنة‬
‫‪ ،2012‬بما في ذلك تلك المتعلقة بتدبير أنظمة مراقبة الولوج‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة إحداث وحدة للقيادة وتحديد المسؤوليات المرتبطة بعمل أنظمة مراقبة الولوج‬
‫ال تتوفر القطاعات الوزارية‪ ،‬باستثناء قطاع واحد‪ ،‬على لجنة للقيادة مكلفة بإدارة نظام مراقبة الولوج‬
‫تضم جميع المديرين المركزيين وت ُعنى بتحديد وتوحيد أساليب تدبير نظام مراقبة الولوج وضمان‬
‫برمجته وتتبعه‪.‬‬
‫كما تبين‪ ،‬على مستوى التدبير اليومي‪ ،‬أن هذه العملية ت ُسند إلى المصالح المكلفة بالموارد البشرية‪،‬‬
‫ظم المعلومات داخل هذه المصالح‪ ،‬أو الوحدة المكلفة بنظم المعلومات أو تلك‬ ‫أو وحدة مسؤولة عن نُ ُ‬
‫المكلفة باألمن واالستقبال‪ .‬وبصرف النظر عن الوحدة التي ت ُشرف على هذه العملية‪ ،‬فقد تبين وجود‬
‫صعوبات تهم التنسيق بين المتدخلين فيما يتعلق بتوزيع المهام وتحديث البيانات وبرمجة األنظمة‪،‬‬
‫وهو ما يُؤدي إلى نواقص في عملية تتبع مراقبة الولوج وعدم كفاية استغالل البيانات المستخرجة‪.‬‬
‫س ِّ ّجل تكليف موظف واحد في الغالب بمهمة تدبير النظام‪،‬‬
‫أما على مستوى توفير الموارد البشرية‪ ،‬فقد ُ‬
‫حيث لوحظ أن مختلف القطاعات الوزارية تعاني من نقص في الموارد البشرية القادرة على القيام‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪288‬‬


‫بهذه العملية سواء بسبب افتقارها للمهارات التقنية التي ت ُمكنها من ذلك أو لصعوبة االحتفاظ بالموظفين‬
‫المؤهلين‪.‬‬
‫وعلى مستوى تحديد المسؤولية المرتبطة بتدبير التغيب غير المشروع عن العمل‪ ،‬فبالرغم من تأكيد‬
‫منشور رئيس الحكومة على الدور المحوري للرئيس المباشر في هذا الجانب‪ ،‬فإن تدبير الموارد‬
‫البشرية عموما‪ ،‬بما فيها حاالت التغيب واإلجراءات ذات الصلة‪ ،‬يتميز بوجود تمركز كبير في معظم‬
‫القطاعات‪ ،‬باستثناء ستة منها قامت بتفويض بعض القرارات إلى مصالحها الالممركزة خصوصا‬
‫فيما يتعلق بتوجيه اإلنذارات علما أن باقي اإلجراءات تتم على المستوى المركزي‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة وضع إطار قانوني متعلق بأنظمة مراقبة الولوج‬
‫لم يتم وضع إطار قانوني خاص ُمصاحب العتماد أنظمة مراقبة الولوج واستخدامها على مستوى‬
‫اإلدارة‪ ،‬حيث إن النصوص القانونية الحالية المتعلقة بالتغيب غير المشروع عن العمل ال تتالءم مع‬
‫استخدام هذه الوسائل التكنولوجية لرصد حاالت التغيب غير المشروع وشروطه‪ ،‬مما يطرح إشكالية‬
‫الحجية القانونية للبيانات المستخرجة من األنظمة المعدة لهذا الغرض‪ ،‬خاصة في حال اتخاذ إجراءات‬
‫عقابية‪.‬‬
‫ظ ُّل منشور ‪ 2012‬بشأن التغيب غير َكافٍ إلنجاح استعمال هذا النظام والحد من التغيب غير‬ ‫و َي َ‬
‫المشروع‪ ،‬خصوصا وأن ذلك يستلزم احترام مجموعة من القواعد القانونية التي تهم‪ ،‬أساسا‪ ،‬إلزامية‬
‫استعمال النظام من طرف الموظف واستعمال المعطيات ذات الطابع الشخصي‪ ،‬وظروف حفظ‬
‫البيانات بما يضمن عدم تغييرها وضمان حجيتها‪ ،‬واحترام المساطر القانونية واإلدارية المتعلقة‬
‫بإثبات الغياب غير المشروع والقيام باقتطاعات من األجر أو توجيه عقوبات أخرى‪.‬‬
‫بناء على ما سبق‪ ،‬يوصي المجلس األعلى للحسابات الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة‬
‫باالنتقال الرقمي وإصالح اإلدارة‪ ،‬وبتنسيق مع باقي القطاعات الحكومية‪ ،‬بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬وضع إطار حكامة مناسب يم ِّكن من التدبير الفعال ألنظمة مراقبة الولوج داخل اإلدارة‬
‫العمومية بما فيها إحداث وحدة للقيادة تضم مختلف المسؤولين على مستوى كل قطاع‬
‫وزاري يتمثل دورها في االرتقاء بتدبير نظام مراقبة الولوج إلى المستوى االستراتيجي‬
‫وتوحيد الرؤى وتحديد األهداف وتتبع إنجازها‪.‬‬
‫‪ -‬وضع إطار قانوني يحدد أهداف وشروط وإجراءات استخدام أنظمة مراقبة الولوج‪ ،‬ال‬
‫سيما فيما يتعلق بتدبير الموارد البشرية والولوج وحماية الممتلكات العامة‪.‬‬

‫ثانيا‪ .‬فيما يخص تجهيز اإلدارات العمومية بأنظمة مراقبة الولوج وتدبيرها‬
‫‪ .1‬تجهيز اإلدارات العمومية بأنظمة مراقبة الولوج‬
‫‪ ‬ضرورة تسريع تعميم أنظمة مراقبة الولوج على مختلف اإلدارات العمومية‬
‫قامت ‪ 10‬قطاعات وزارية من أصل ‪ 21‬باقتناء نظام مراقبة الولوج قبل إصدار منشور سنة ‪2012‬‬
‫المذكور أعاله وقامت بتجديده لتلبية متطلباتها؛ فيما سجلت أربع قطاعات وزارية أخرى تأخرا في‬
‫ذلك‪ ،‬تراوح ما بين سنتين وخمس سنوات عن إصدار منشور رئيس الحكومة‪ .‬وفي المقابل‪ ،‬فإن ثالثة‬
‫قطاعات وزارية غير مجهزة بأنظمة مراقبة الولوج‪.‬‬
‫وفيما يتعلق بالتجهيزات والحلول المعلوماتية المعتمدة‪ ،‬فهي تتسم بتنوع كبير بين القطاعات الوزارية‬
‫من حيث النوع والبرمجة والسعة وإمكانيات التطوير المستقبلي للخصائص المتاحة‪ .‬ويعكس هذا‬
‫التنوع غياب رؤية موحدة بين مختلف القطاعات الوزارية فيما يتعلق بتدبير الحضور ووقت العمل‪،‬‬
‫وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى بروز صعوبات عند ربط أنظمة مراقبة الولوج بنظام المعلومات‬
‫المتعلق بتدبير الموارد البشرية الذي يوجد قيد اإلنجاز بالنظر لغياب دراسة الجدوى‪.‬‬

‫‪289‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن أنظمة مراقبة الولوج غالبا ما تعتمد على المستوى المركزي للوزارات دون‬
‫تعميمها على المصالح الالممركزة‪ ،‬حيث يبقى توزيع أنظمة مراقبة الولوج على هذا المستوى محدودا‬
‫للغاية‪ .‬ذلك أن هذه األنظمة تشمل ‪ %92‬من الموظفين على المستوى المركزي مقابل ‪ %3‬فقط على‬
‫المستوى الالممركز‪ ،‬حيث تستخدم وسائل أخرى كأوراق مراقبة الحضور والمراقبة التسلسلية‪ .‬ومن‬
‫بين العوامل التي يمكن أن تفسر هذه التفاوتات‪ ،‬عدم تخصيص الموارد المالية الكافية على الرغم من‬
‫َص على ضرورة توفيرها‪ ،‬والتوزيع الترابي لإلدارات‬ ‫أن منشور رئيس الحكومة لسنة ‪ 2012‬ن َّ‬
‫الالممركزة وتعددها وقلة عدد الموظفين بها‪ ،‬وطبيعة التوقيت اإلداري لبعض الوظائف‪ ،‬والتصاميم‬
‫المعمارية للمنشآت التي تُعيق أحيانا تجهيز المباني بأنظمة مراقبة الولوج‪.‬‬
‫وتعتبر وزارة االنتقال الرقمي وإصالح اإلدارة أن التأخر الملحوظ في تعميم أنظمة المراقبة اإللكترونية‬
‫لمراقبة الولوج في اإلدارات العمومية وخضوع نسبة جد محدودة من الموظفين لمراقبتها‪ ،‬والسيما على‬
‫مستوى المصالح الخارجية‪ ،‬يشكل إحدى أهم اإلكراهات التي تواجه تنفيذ مشروع الدراسة الميدانية المتعلقة‬
‫بتدبير الزمن اإلداري‪ ،‬فضال عن صعوبات استغالل مخرجات هذه األنظمة وربطها بالنظام المعلوماتي لتدبير‬
‫الموارد البشرية باإلدارات العمومية‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة القيام بدراسة قبلية العتماد أنظمة مراقبة الولوج والحرص على صيانتها‬
‫لم يخضع تجهيز اإلدارات بأنظمة مراقبة الولوج لدراسة جدوى قبلية من قبل القطاعات الوزارية‬
‫المعنية‪ ،‬باستثناء ‪ 3‬من أصل ‪ 21‬قطاعا‪ .‬وتهدف هذه الدراسة إلى توفير المعطيات المتعلقة بالحضور‬
‫ونوع التقنية المالئمة وأمن المباني اإلدارية وتحديد الحاجيات والمتطلبات األساسية الالزمة لتنفيذ‬
‫المشروع‪.‬‬
‫وكان لغياب هذه الدراسات انعكاسات سلبية من حيث استخدام واستغالل أنظمة مراقبة الولوج ومدى‬
‫تلبيتها لحاجيات اإلدارة‪ .‬وقد تبين وجود أنظمة مراقبة ولوج غير مشغلة أو معطلة على مستوى‬
‫خمسة قطاعات حكومية‪ .‬وترجع أسباب عدم استغاللها إلى عدم مالءمتها أو وجود أعطاب تقنية أو‬
‫نقص في الموارد البشرية أو عدم انخراط الموظفين في استعمال نظام مراقبة الولوج في بعض‬
‫األحيان‪.‬‬
‫من جهة أخرى‪ ،‬فإن ‪ 13‬قطاعا وزاريا‪ ،‬من بين ‪ ،21‬لم تبرم عقودا تتعلق بخدمات الصيانة بعد انتهاء‬
‫فترة الضمان (أكثر من ‪ %60‬من القطاعات)‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬فقد لوحظ أن بعض األنظمة معطلة‬
‫بسبب عدم صيانتها‪ .‬ويعزى غياب عقود الصيانة إلى عدم كفاية اعتمادات الميزانية المخصصة لذلك‪،‬‬
‫لكون تكاليف هذه العمليات تكون أحيانا مرتفعة وألن تحديث الحلول المعلوماتية وتطويرها يتطلب‬
‫استثمارات إضافية ال تتمكن القطاعات الوزارية من توفيرها دائما‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة إشراك الموظفين في المشاريع المتعلقة باعتماد أنظمة الولوج‬
‫قامت القطاعات الوزارية بإصدار مذكرات داخلية ت ُذَ ِّ ّكر بمقتضيات منشور رئيس الحكومة بالتزامن‬
‫مع تجهيز مقرات العمل بأنظمة مراقبة الولوج وبداية استغاللها‪ ،‬إال أن ذلك لم ت ُواكبه‪ ،‬بالقدر الكافي‪،‬‬
‫حمالت تواصلية وتوعوية تهدف إلشراك الموظفين في هذا المشروع وشرح أهمية اعتماد هذا النظام‪.‬‬
‫ذلك أن وضع أنظمة لمراقبة الولوج لإلدارات العمومية ال يُ ْم ِّكن أن يحقق أهدافه المرجوة دون إشراك‬
‫ِّف ْعلي للموظفين‪ ،‬باعتبارهم المعنيين الرئيسيين بذلك‪ ،‬في اإلجراءات المتخذة في هذا اإلطار‬
‫وتحسيسهم بأهداف ومزايا هذه األنظمة‪ ،‬والتي ال تتمثل فقط في تدبير عمليات الحضور بل تتجاوزها‬
‫إلى جوانب أخرى ذات أهمية بالغة تشمل‪ ،‬على الخصوص‪ ،‬الرفع من أداء اإلدارة وتخليق المرفق‬
‫العمومي وتدبيرا أمثل للموارد البشرية والحفاظ على األمن وحماية األشخاص والممتلكات‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪290‬‬


‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬يوصي المجلس األعلى للحسابات الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة‬
‫باالنتقال الرقمي وإصالح اإلدارة‪ ،‬وبتنسيق مع باقي القطاعات الحكومية‪ ،‬بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬إجراء تقييم للتجارب المختلفة التي اعتمدت أنظمة مراقبة الولوج بهدف تشخيص‬
‫وضعيتها الحالية واقتراح التغييرات التي يجب مباشرتها‪ ،‬مع ضرورة تعميم استعمال‬
‫هذه األنظمة وضمان صيانتها؛‬
‫‪ -‬العمل على إشراك وتوعية جميع األطراف المعنية بأنظمة مراقبة الولوج وضمان‬
‫التواصل الدائم معها فيما يتعلق بفائدة هذه اآللية في تحسين تدبير الموارد البشرية‪.‬‬

‫‪ .2‬استغالل وفعالية أنظمة مراقبة الولوج‬


‫‪ ‬ضرورة تحيين البيانات والوضعية اإلدارية للموظفين‬
‫ال تقوم غالبية القطاعات بعمليات دورية ومنتظمة لمراجعة البيانات وإلعادة البرمجة للتأكد من أن‬
‫عملها يتم وفق الشروط المحددة مسبقا‪ .‬حيث إن ‪ %85‬من القطاعات لم تقم بتحديث البيانات المتعلقة‬
‫بالموظفين حتى يتسنى أخذ التغييرات التي تطرأ على وضعيتهم اإلدارية بعين االعتبار وإدراج حاالت‬
‫الغياب المرخصة وغير المرخصة‪ .‬ويعكس هذا الوضع صعوبات في التنسيق بين المصالح المكلفة‬
‫بتدبير نظام مراقبة الولوج‪ ،‬وعدم اتخاذ كافة التدابير الالزمة من أجل استفادة مثلى من كافة المزايا‬
‫سن فعالية النظام ويضمن االستخدام األفضل‬ ‫التي يوفرها‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى أن تحديث البيانات يُح ِّ ّ‬
‫للمخرجات والتفاعل المرن مع نظام معلومات الموارد البشرية‪.‬‬
‫وتتيح ‪ %50‬من أنظمة مراقبة الولوج فقط إمكانية القيام بمختلف اإلجراءات المتعلقة بالتغيب بالنسبة‬
‫للموظفين بطريقة إلكترونية‪ .‬وتسري المالحظة ذاتها على ميزة االطالع عن بعد على البيانات‬
‫المتعلقة بالحضور من طرف الموظف‪ ،‬واطالع الرؤساء التسلسليين على وضعيته واتخاذ إجراءات‬
‫سريعة إذا تطلب األمر ذلك‪.‬‬
‫إن عدم تحديث المعطيات بشكل آلي ودوري يحد من فعالية نظام مراقبة الولوج وصدقية المعطيات‬
‫التي يوفرها‪ .‬كما أن غياب تفاعل هذا النظام مع باقي األنظمة المعلوماتية المعتمدة في اإلدارة‪،‬‬
‫وخصوصا نظام المعلومات المتعلق بتدبير الموارد البشرية‪ ،‬ال يُ َم ِّ ّكن من تبادل البيانات وتحيين تلك‬
‫المتعلقة بالموظفين وتحسين تدبير الموارد البشرية وتتبع أدائها ومسارها المهنيين‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة الستغالل وضعيات الحضور المستخرجة من األنظمة‬
‫ت ُتيح أنظمة الولوج إمكانية الحصول على وضعيات الحضور الخاصة بكل موظف أو بنية إدارية‬
‫والتي يتم استخراجها من قبل المسؤولين عن تدبير نظام الولوج وإرسالها بشكل دوري إلى المسؤولين‬
‫المباشرين والرؤساء التسلسليين ومسؤولي الموارد البشرية في كل قطاع‪ .‬وقد تَ َّم تبني هذه الممارسة‬
‫من قبل معظم القطاعات الوزارية في بداية استغالل هذه التقنية‪ ،‬إال أن ‪ 17‬قطاعا من أصل ‪ 21‬تَ َخلَّ ْوا‬
‫عنها تدريجيا‪ .‬وقد نتج عن ذلك عدم استغالل أو استغالل غير كافٍ للبيانات المستخرجة‪.‬‬
‫وعلى الرغم من األهمية القصوى للمعطيات التي توفرها أنظمة مراقبة الولوج في تحسين تدبير‬
‫الموارد البشرية‪ ،‬لم يقم أي قطاع بإجراء تقييم دوري للبيانات المتوفرة‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬لم تتمكن‬
‫معظم القطاعات الوزارية (‪ )21/18‬من توفير بيانات إحصائية مجمعة وموثوقة عن المدة التي قضاها‬
‫الموظفون بمقرات عملهم‪ ،‬مع األخذ في االعتبار التأخير والغياب المبرر وغير المشروع‪.‬‬
‫ونتيجة لذلك‪ ،‬فإن غياب المعالجة الدورية لبيانات الحضور التي توفرها أنظمة مراقبة الولوج من‬
‫طرف القطاعات المعنية وبلورتها في إطار بيانات قابلة لالستغالل وتقارير شاملة‪ ،‬يؤدي إلى عدم‬
‫االستفادة من مخرجات هذه األنظمة لتتبع الحضور ومراقبة مدى انتشار ظاهرة التغيب غير المشروع‬
‫عن العمل على مستوى كل قطاع‪ ،‬وبالتالي على مستوى جميع القطاعات‪.‬‬

‫‪291‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫‪ ‬الحاجة لتجاوز الصعوبات المتعلقة بإعداد التقارير السنوية والشهادات الجماعية‬
‫ترم إصدار التقارير السنوية حول عمليات تنفيذ التدابير واإلجراءات الواردة في منشور رئيس‬‫ال يَحْ ِّ‬
‫الحكومة لسنة ‪ 2012‬ونتائجها اآلجال المنصوص عليها في هذا المنشور‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬وفي‬
‫إطار إعداد التقرير السنوي لسنة ‪ 2019‬حول حصيلة تنفيذ التدابير واإلجراءات المذكورة‪ ،‬لم تتجاوز‬
‫نسبة القطاعات التي أرسلت تقاريرها ‪ %32‬من مجموع القطاعات المعنية‪ ،‬من بينها خمس قطاعات‬
‫فقط قامت بإرسال تقاريرها داخل اآلجال المحددة‪ ،‬أي قبل متم شهر يونيو من السنة الموالية‪.‬‬
‫في نفس السياق‪ ،‬يشير التقرير الموجز لسنة ‪ 2017‬حول التغيب غير المشروع أن ‪ %10‬من‬
‫القطاعات المعنية فقط‪ ،‬قد أرسلت الشهادات الجماعية للوزارة المكلفة باالنتقال الرقمي واإلصالح‬
‫اإلداري في الوقت المحدد‪.‬‬
‫وبالرغم من المجهودات المبذولة من طرف مختلف القطاعات الوزارية‪ ،‬فهي تواجه عدة صعوبات‬
‫من أجل توفير قوائم الحضور‪ ،‬في ظل غياب نظام ُولُوج ُموحد و ُمعمم‪.‬‬
‫بناء على ما سبق‪ ،‬يوصي المجلس األعلى للحسابات الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة‬
‫باالنتقال الرقمي وإصالح اإلدارة‪ ،‬وبتنسيق مع باقي القطاعات الحكومية‪ ،‬بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬استخدام العمل على استغالل المعطيات التي توفرها أنظمة مراقبة الولوج‪ ،‬مع السهر‬
‫على تفاعلها مع نظام متكامل لتدبير الموارد البشرية أخذا بعين االعتبار الممارسات‬
‫الفضلى التي اعتمدتها بعض اإلدارات العمومية في هذا اإلطار؛‬
‫‪ -‬تنظيم اإلجراءات المرتبطة بتدبير أنظمة الولوج ووقت العمل في اإلدارات والتغيب غير‬
‫المشروع عن العمل مع توضيح األدوار والمسؤوليات المنوطة بالمسؤولين خاصة‬
‫الرؤساء المباشرين‪ ،‬فيما يهم تنفيذ هذه اإلجراءات‪.‬‬

‫‪ .3‬تأمين أنظمة الولوج وحماية المعطيات الشخصية‬


‫‪ ‬ضرورة تحسين تدبير الولوج للمباني اإلدارية‬
‫عززت أنظمة مراقبة الولوج أمن المباني بإتاحتها إمكانية التتبع وتدبير ولوج المرتفقين‪ .‬إال أن تدبير‬
‫هذا الولوج من خالل تطبيقات معلوماتية مخصصة لذلك ليست ممارسة معممة‪ ،‬حيث تم رصدها في‬
‫ثالث قطاعات فقط‪ .‬إضافة لذلك‪ ،‬يتوفر قطاعان فقط على مسطرة مكتوبة تتعلق بتدبير الزيارة‬
‫وشروط االستقبال والتنقل داخل المباني اإلدارية‪.‬‬
‫أما بالنسبة لتدبير ولوج الموظفين‪ ،‬فيعتمد األداء السليم لألنظمة على توفير بطائق ولوج وظيفية‬
‫واعتماد مساطر مكتوبة حول كيفية تدبيرها وبرمجتها‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة احترام التوجيهات الوطنية الخاصة بأمن نظم المعلومات في اللجوء ألنظمة‬
‫الولوج‬
‫يجب أن يخضع نظام مراقبة الولوج للتوجيهات الوطنية الخاصة بأمن نظم المعلومات بما يسمح‬
‫بحمايته والزيادة من فعاليته‪ .‬حيث تبين عدم دمج نظام مراقبة الولوج في إطار التصميم المديري‬
‫ألنظمة المعلومات المعتمد في القطاعات الحكومية بالرغم من كونه نظاما معلوماتيا يقوم بتدبير قاعدة‬
‫بيانات مهمة قد تشكل مصدر مخاطر‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬لم يقدم أي قطاع وزاري خريطة المخاطر المرتبطة باستغالل األنظمة والتي من‬
‫شأ نها أن تمكن من تحديد العيوب ذات الصلة ووضع التدابير المالئمة للتعامل معها‪ .‬كما تبين أن‬
‫تدبير األنظمة المعلوماتية يتم في غياب ميثاق رسمي وموقع من طرف جميع الموظفين حيث قامت‬
‫ستة قطاعات فقط بذلك‪ .‬واألمر ذاته بالنسبة لمخطط استمرارية االستغالل والذي سجل اعتماده على‬
‫مستوى ثالثة قطاعات‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪292‬‬


‫‪ ‬الحاجة لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي في إطار تدبير أنظمة مراقبة الولوج‬
‫لم تقم القطاعات الحكومية المعنية بتقديم طلب للحصول على التصريح المسبق من اللجنة الوطنية‬
‫لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي المتعلقة باستعمال أنظمة الولوج في معالجة بيانات‬
‫ذات طابع شخصي‪ .‬ومن بين األسباب التي تفسر عدم التقدم بطلب إذن أو تقديم تصريح مسبقين‪،‬‬
‫النقص المسجل في ضبط الجوانب المتعلقة باإلطار القانوني المتعلق بحماية األشخاص الذاتيين تجاه‬
‫معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي‪ ،‬وتطبيقها فيما يتعلق بأنظمة مراقبة الولوج على وجه‬
‫الخصوص‪.‬‬

‫بناء على ما سبق‪ ،‬يوصي المجلس األعلى للحسابات الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة‬
‫باالنتقال الرقمي وإصالح اإلدارة‪ ،‬وبتنسيق مع باقي القطاعات الحكومية‪ ،‬بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬دمج أنظمة مراقبة الولوج في التصميم المديري لنظم المعلومات واحترام التوجيهات‬
‫الوطنية الخاصة بأمن نظم المعلومات فيما يتعلق بأمن أنظمة مراقبة الولوج؛‬
‫‪ -‬التقيد بمتطلبات حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي والقواعد المرتبطة بها‪ ،‬والسهر‬
‫على تكوين وتدريب الموظفين في هذا المجال وتعيين مسؤولين عن معالجة المعطيات‬
‫ذات الطابع الشخصي‪.‬‬

‫‪293‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫نظام رصد المخالفات بواسطة الرادارات الثابتة‪:‬‬
‫أهمية تحسين األداء والمردودية‬

‫تسبب حوادث السير سنويا بالمغرب ما يقرب من ‪ 3.500‬حالة وفاة و‪ 12.000‬إصابة خطيرة‪ ،‬أي‬
‫بمعدل عشر حاالت وفاة و‪ 33‬إصابة خطيرة يوميا‪ .‬وللحد من هذه الوضعية‪ ،‬اتخذت عدة إجراءات‬
‫من بينها اعتماد نظام لمراقبة ومعالجة المخالفات الملتقطة بواسطة الرادارات الثابتة‪ ،‬من خالل وضع‬
‫أجهزة تكنولوجية مخصصة لضبط ومراقبة وإثبات المخالفات‪ ،‬كما تنص على ذلك المادة ‪ 197‬من‬
‫مدونة السير على الطرق‪.‬‬
‫ويتكون األسطول الوطني للرادارات الثابتة‪( ،‬إلى غاية شهر مارس ‪ ،)2022‬من ‪ 113‬رادارا مشغال‬
‫و‪ 552‬رادارا من الجيل الجديد في طور التركيب‪ ،‬تم اقتناؤها خالل سنة ‪ ،2018‬بمبلغ إجمالي قدره‬
‫‪ 276‬مليون درهم‪ ،‬باإلضافة إلى مصاريف صيانتها بمبلغ ‪ 11,5‬مليون درهم‪ .‬ويسهر على عمليات‬
‫رصد ومعالجة المخالفات عدة متدخلين‪ ،‬وهم الوكالة الوطنية للسالمة الطرقية ووزارة النقل‬
‫واللوجستيك ووزارة العدل والنيابة العامة والمحاكم االبتدائية والخزينة العامة للمملكة وبريد المغرب‪.‬‬
‫ومن أجل تسهيل عملية تبادل المعلومات‪ ،‬يستغل هؤالء المتدخلون أنظمة معلوماتية لمعالجة رسائل‬
‫المخالفات وتبليغها للمعنيين باألمر‪ ،‬وتحصيل الغرامات التصالحية والجزافية وتدبير الشكايات‬
‫واإلبالغ عن المخالفين‪ ،‬وعند االقتضاء إحالة المحاضر على المحاكم المختصة‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن هذا النظام اآللي قد مكن من معالجة أكثر من ‪ 17,1‬مليون رسالة مخالفة نتج‬
‫عنها ‪ 8,5‬مليون محضر‪ ،‬خالل الفترة ‪ ،2021-2015‬منها ‪ 1,07‬مليون رسالة تمت تسويتها في‬
‫المرحلة الودية (أي بنسبة ‪ %12,5‬من المحاضر التي تمت معالجتها)‪ ،‬و‪ 1,63‬مليون مخالفة في‬
‫طور التحرير‪ ،‬فيما تمت إحالة ‪ 5,8‬مليون محضر مخالفة على القضاء‪.‬‬
‫أوال‪ .‬اإلطار العام لنظام مراقبة ومعالجة المخالفات الملتقطة بواسطة الرادارات الثابتة‬
‫أدرج المغرب السالمة الطرقية ضمن أولوياته الوطنية‪ ،‬من خالل تبني استراتيجية وطنية للسالمة‬
‫الطرقية تروم الحد من المنحى التصاعدي لحوادث السير‪ ،‬باإلضافة إلحداث لجنة مشتركة بين‬
‫الوزارات ولجنة دائمة ولجان جهوية للسالمة الطرقية‪ ،‬فضال عن اعتماد القانون رقم ‪ 52.05‬الخاص‬
‫بمدونة السير على الطرق‪ ،‬والذي دخل حيز التنفيذ في فاتح أكتوبر ‪ .2010‬وتعتبر المعاينة والمعالجة‬
‫اآللية للمخالفات من بين أهم وسائل السالمة الطرقية التي نصت عليها المدونة واالستراتيجية الوطنية‪.‬‬
‫في هذا اإلطار‪ ،‬تم تسجيل المالحظات التالية‪:‬‬
‫‪ ‬الحاجة لتحيين االستراتيجية الوطنية للسالمة الطرقية وفق أهداف الخطة العالمية‬
‫للسالمة الطرقية (‪)2030-2021‬‬
‫اعتمدت الحكومة استراتيجية وطنية للسالمة الطرقية‪ ،‬تغطي الفترة ‪ ،2026-2017‬تهدف إلى تنمية‬
‫سلوكيات مسؤولة وطرقات أكثر أمانا‪ .‬وقد حددت هذه االستراتيجية هدفا كميا يتجلى في تقليص عدد‬
‫القتلى ضحايا حوادث السير إلى ‪ %50‬في أفق ‪ ،2026‬أي إلى أقل من ‪ 1.900‬قتيال على الطرقات‬
‫في سنة ‪ 2026‬مع عدم تجاوز ‪ 3.000‬قتيال في سنة ‪ .2020‬ولتنفيذ هذه االستراتيجية‪ ،‬تم وضع‬
‫خطط عمل تقوم على خمسة مرتكزات‪ ،‬وهي‪ :‬تدبير السالمة الطرقية‪ ،‬وطرق أكثر أمانا‪ ،‬ومركبات‬
‫أكثر أمانا‪ ،‬وسلوك أكثر أمانا من مستعملي الطريق‪ ،‬واستجابة أكثر تفاعلية لما بعد الحادثة‪ .‬كما تم‬
‫تحديد مؤشرات بينية‪ ،‬مثل إنشاء الوكالة الوطنية للسالمة الطرقية‪ ،‬واعتماد خطة جهوية للسالمة‬
‫الطرقية‪ ،‬ومؤشرات متعلقة بالتغييرات في سلوك مستعملي الطريق‪.‬‬
‫ورغم أن السنة المرجعية إلعداد االستراتيجية الوطنية هي ‪ ،2015‬لم يتم الشروع في تنفيذها سوى‬
‫في سنة ‪ ،2017‬وهو ما يعني عدم تزامن تنزيلها مع األجندة المنصوص عليها في خطتي العمل‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪294‬‬


‫العالميتين للسالمة الطرقية‪ ،‬عن العقدين ‪ 252020-2011‬ثم ‪ .262030-2021‬وتقتضي هذه الوضعية‬
‫تحيين هذه االستراتيجية من أجل إدراج اإلجراءات المتعلقة بتشجيع النقل متعدد األنماط والتهيئة‬
‫العمرانية واللجوء إلى سياسات تفرض تخفيض السرعة‪ ،‬كنقطة انطالق العتماد نهج السالمة‬
‫الطرقية‪ ،‬وذلك وفق ما هو منصوص عليه في الخطة الثانية ‪.2030-2021‬‬
‫وفي نفس السياق‪ ،‬لوحظ غياب عقد ‪ -‬برنامج بين الدولة والوكالة الوطنية للسالمة الطرقية يحدد‬
‫التزامات الطرفين والوسائل البشرية والمالية الالزمة لتنفيذ أهداف هذه االستراتيجية في إطار‬
‫اختصاصات هذه األخيرة‪.‬‬
‫في هذا اإلطار‪ ،‬أشارت الوكالة الوطنية للسالمة الطرقية أنها برمجت دراسة تقييمية للمخطط الخماسي األول‬
‫(‪ ،)2021-2017‬تستهدف تثمين المكتسبات التي تم تحقيقها خالل المرحلة األولى وكذلك الوقوف على‬
‫اإلكراهات التي واجهتها من أجل تجاوزها في المرحلة الثانية‪ .‬كما أضافت الوكالة بأن هذه الدراسة تشكل‬
‫فرصة لتحيين ومالءمة االستراتيجية الوطنية للسالمة الطرقية مع أهداف الخطة العالمية للسالمة الطرقية‬
‫‪.2030-2021‬‬
‫‪ ‬ضرورة الرفع من أداء اللجن المسؤولة عن السالمة الطرقية‬
‫نص المرسوم رقم ‪ 2.04.266‬الصادر في ‪ 25‬يوليو ‪ 2006‬بإحداث اللجنة المشتركة بين الوزارات‬
‫واللجنة الدائمة واللجن الجهوية للسالمة الطرقية‪ ،‬على المقتضيات التنظيمية واالختصاصات المخولة‬
‫لهذه اللجن‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬تم تكليف اللجنة المشتركة‪ ،‬التي يرأسها رئيس الحكومة‪ ،‬بالمصادقة على‬
‫االستراتيجية الوطنية المندمجة في مجال السالمة الطرقية التي تقترحها اللجنة الدائمة‪ ،‬تحت رئاسة‬
‫الوزير المكلف بالنقل‪ ،‬وبتنسيق تطبيق استعمال الوسائل الموضوعة لهذا الغرض رهن إشارة‬
‫القطاعات الوزارية المعنية‪ .‬كما عهد للجن الجهوية‪ ،‬التي يرأسها والي الجهة‪ ،‬بإعداد وتنفيذ مخطط‬
‫جهوي لتطبيق االستراتيجية الوطنية للسالمة الطرقية والسهر على تنفيذها‪ ،‬وكذا إعداد تقرير للتقييم‬
‫كل ثالثة أشهر يتعلق بعملها وتوجيهه إلى اللجنة الدائمة‪ .‬غير أن فعالية هاته اللجن تقتضي االنتظام‬
‫في عقد اجتماعاتها‪.‬‬
‫في هذا الصدد‪ ،‬لم يتجاوز عدد االجتماعات التي عقدتها اللجنة المشتركة‪ ،‬خالل الفترة ‪،2021-2015‬‬
‫أربعة اجتماعات‪ ،‬في حين كان عليها عقد أربعة عشر اجتماعا على األقل‪ ،‬أي بمعدل اجتماعين في‬
‫السنة‪ ،‬وفق ما هو منصوص عليه في المادة ‪ 5‬من المرسوم رقم ‪ 2.04.266‬سالف الذكر‪.‬‬
‫كما تميزت كل من اللجنة الدائمة واللجن الجهوية للسالمة الطرقية بقلة نشاطها‪ .‬وقد انعكست هذه‬
‫الوضعية على مستوى التنسيق والتشاور بين مختلف المتدخلين في عمليات تركيب وتشغيل الرادارات‬
‫الثابتة‪ ،‬وتحديد المحاور الطرقية ذات األولوية واختيار المواقع المالئمة لتركيبها‪ ،‬ووضع خطط‬
‫جهوية للسالمة الطرقية‪ ،‬وتقديم اقتراحات لتحسين تدبير نظام مراقبة ومعالجة المخالفات الملتقطة‪،‬‬
‫وكذا إعداد تقارير تقييم في الموضوع‪.‬‬
‫وقد أفادت الوكالة الوطنية للسالمة الطرقية في معرض جوابها أنها ستقوم بتقديم مشروع مرسوم تعديلي يأخذ‬
‫بعين االعتبار التحوالت الهيكلية والمؤسساتية ويتجاوز مختلف اإلكراهات بما في ذلك تلك المشار إليها في‬
‫مالحظات المجلس األعلى للحسابات‪ .‬أما بخصوص التنسيق والتشاور بين المتدخلين في مجال السالمة‬
‫الطرقية‪ ،‬أضافت الوكالة بأنها قامت بإعداد المخطط الوطني للمراقبة ‪ 2024-2022‬في إطار مقاربة تشاركية‬
‫مع مختلف المتدخلين المعنيين‪ ،‬والذي تمت المصادقة عليه من طرف المجلس اإلداري للوكالة في دورته‬

‫‪ 25‬اعتمدت الجمعية العامة لألمم المتحدة‪ ،‬في مارس ‪ ،2010‬الخطة العالمية للسالمة الطرقية برسم الفترة ‪ .2020-2011‬وكان الهدف‬
‫المنشود من هذه الخطة هو تقليص الوفيات واإلصابات الناجمة عن حوادث المرور في جميع أنحاء العالم بحلول ‪ ،2020‬وذلك من أجل إنقاذ‬
‫خمسة ماليين شخص وتفادي ‪ 50‬مليون إصابة خطيرة‪ ،‬واقتصاد ‪ 5000‬مليار دوالر أمريكي‪.‬‬
‫‪ 26‬أعلن القرار رقم ‪ 74/299‬الصادر عن الجمعية العامة لألمم المتحدة "عقد العمل من أجل السالمة على الطرق ‪ "2030-2021‬بهدف‬
‫خفض عدد الوفيات واإلصابات الناجمة عن حوادث المرور على األقل ب ‪ %50‬خالل الفترة المذكورة‪.‬‬

‫‪295‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫الخامسة‪ .‬وفي هذا اإلطار‪ ،‬وبغية إنجاح تنزيل هذا المخطط‪ ،‬تم إحداث لجنة مركزية ولجان جهوية للتتبع‬
‫والتنسيق وتقييم أنشطة المراقبة الطرقية‪.‬‬
‫من جهتها أشارت وزارة العدل إلى أن االجتماع الوحيد الذي تتم الدعوة إليه كل سنة‪ ،‬يتم خالله التطرق‬
‫بإسهاب لكل ما يتعلق بالسالمة الطرقية بما في ذلك الرادار الثابت‪ .‬أما بالنسبة للجن الجهوية للسالمة الطرقية‪،‬‬
‫فلم يتم تفعيلها سوى في شهر يونيو ‪.2022‬‬
‫‪ ‬الحاجة لدمج األنظمة المعلوماتية المتعلقة بمعالجة المخالفات الملتقطة‬
‫تتم معالجة المخالفات الملتقطة بواسطة الرادارات الثابتة من خالل أنظمة معلوماتية خاصة بكل‬
‫متدخل على حدة‪ .‬في هذا الصدد‪ ،‬تتم‪ ،‬في مرحلة أولى‪ ،‬معالجة رسائل المخالفات الملتقطة على‬
‫مستوى نظام يديره المركز الوطني لمعالجة المخالفات التابع للوكالة الوطنية للسالمة الطرقية‪ .‬بعد‬
‫ذلك‪ ،‬يتم توجيه محاضر المخالفات‪ ،‬التي لم يتم تحصيل الغرامات التصالحية والجزافية المتعلقة بها‪،‬‬
‫إلى وزارة العدل التي تعالجها عبر نظام معلوماتي خاص بها‪ .‬أما العمليات المتعلقة بالتبليغ واألداء‪،‬‬
‫فتتم معالجتها بشكل منفصل على مستوى أنظمة خاصة ببريد المغرب والخزينة العامة للمملكة وإدارة‬
‫الجمارك‪.‬‬
‫في هذا اإلطار‪ ،‬تجدر اإلشارة إلى أن عدم اندماج هذه األنظمة المعلوماتية‪ ،‬غالبا ما يؤدي إلى التأخر‬
‫في معالجة ملفات المخالفات‪ ،‬وكذا رصد اختالفات في البيانات المتعلقة بها‪ ،‬عالوة على عدم قدرتها‬
‫على معالجة الكم الهائل من المحاضر والغرامات المثارة داخل آجال معقولة‪.‬‬
‫وقد أفادت الوكالة الوطنية للسالمة الطرقية في جوابها إلى أن توحيد مختلف األنظمة في نظام موحد يطرح‬
‫مجموعة من العراقيل خاصة فيما يتعلق بالمسؤولية عن النظام‪ ،‬واختالف مهمات ووظائف كل جهة‪ ،‬وكذا‬
‫كون عمليات التسيير تختلف من جهة ألخرى‪.‬‬
‫كما أشارت وزارة العدل في جوابها بأن نظام المعالجة اإللكترونية لمحاضر المخالفات والجنح المرصودة‬
‫عبر الرادار الثابت‪ ،‬الخاص بهذه الوزارة والمفعل بجميع المحاكم االبتدائية‪ ،‬يمكن من تدبير التبادل مع الوكالة‬
‫الوطنية للسالمة الطرقية بشكل آلي وآني وتلقائي‪ ،‬كما يتم السهر على استمرارية وفعالية هذا التبادل وذلك من‬
‫خالل برنامج إلكتروني خاص بهذه العملية‪ .‬عالوة على ذلك‪ ،‬وحتى يتم التأكد من شمولية المعطيات المتبادلة‬
‫بين مختلف األنظمة‪ ،‬فإنه ستتم مقارنة مختلف الحاالت المتعلقة بالمعطيات المتبادلة بين جميع المتدخلين بصفة‬
‫دورية خالل أشغال اللجنة المركزية لتتبع إجراءات المراقبة وتطبيق العقوبات‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة تحديد حصة الوكالة الوطنية للسالمة الطرقية من مداخيل الغرامات التصالحية‬
‫والجزافية‬
‫تنص المادة ‪ 9‬من القانون رقم ‪ 103.14‬المحدث للوكالة الوطنية للسالمة الطرقية على تخصيصها‬
‫بحصة من مداخيل الغرامات التصالحية والجزافية المتعلقة بمخالفات القانون رقم ‪ 52.05‬كما تم‬
‫تغييره وتتميمه المتعلق بمدونة السير على الطرق التي تتم معاينتها بطريقة آلية‪ .‬إال أنه لم يتم تحديد‬
‫النسبة المئوية لحصة الوكالة من هذه الغرامات‪ ،‬مما ال يمكنها من الموارد المالية الالزمة للشروع‬
‫في وضع خطط عملها لتحقيق أهدافها في مجال السالمة الطرقية‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أنه قبل إنشاء الوكالة الوطنية‪ ،‬كانت توزع مداخيل غرامات مخالفات قانون السير‬
‫على الطرق وفقا لنسب منصوص عليها في المواد ‪ 15‬و‪ 22‬و‪ 23‬من قانون المالية لسنة ‪ ،2011‬كما‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪ %50 -‬من عائدات الغرامات التصالحية والجزافية لفائدة مرفق الدولة المسير بصورة‬
‫مستقلة "مديرية النقل عبر الطرق والسالمة الطرقية"‪ ،‬والذي تم حذفه بموجب قانون المالية‬
‫برسم سنة ‪ ،2020‬وذلك على إثر إحداث الوكالة الوطنية سالفة الذكر؛‬
‫‪ %28 -‬من حصيلة الغرامات واإلدانات المالية المتعلقة بالمخالفات المرورية الصادرة عن‬
‫المحاكم‪ ،‬لصالح "الصندوق الخاص لدعم المحاكم"؛‬
‫‪ %12 -‬من حصيلة الغرامات والجزاءات المالية المتعلقة بالمخالفات المرورية الصادرة عن‬
‫المحاكم‪ ،‬لصالح "الصندوق الخاص لدعم المؤسسات السجنية"‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪296‬‬


‫وقد أوضحت الوكالة بشأن هذه النقطة أنها عقدت عدة اجتماعات مع وزارة المالية واألمانة العامة للحكومة‬
‫لتحديد الحصة الخاصة بالوكالة وضمان تحصيلها‪ .‬كما تمت مراسلة وزارة االقتصاد والمالية من أجل إيجاد‬
‫حل لهذه الوضعية‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن المخطط التشريعي للوكالة الوطنية للسالمة الطرقية نص على‬
‫تعديل القانون رقم ‪ 103.14‬لتحديد الحصة المذكورة‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬يوصي المجلس األعلى للحسابات بما يلي‪:‬‬
‫وزارة النقل واللوجستيك‬
‫‪ -‬تحيين االستراتيجية الوطنية للسالمة الطرقية‪ ،‬تماشيا مع الخطة العالمية للسالمة‬
‫الطرقية (‪ ،)2030-2021‬وذلك بإدراج األهداف المتعلقة بالنقل متعدد األنماط‪ ،‬وتهيئة‬
‫المجال الترابي‪ ،‬وسياسات خفض السرعة؛‬
‫‪ -‬العمل على إبرام عقد ‪ -‬برنامج بين الدولة والوكالة الوطنية للسالمة يروم تحديد‬
‫التزامات الطرفين من أجل تنفيذ هذه االستراتيجية وتوفير الموارد الالزمة لذلك‪ ،‬في‬
‫إطار االختصاصات الموكولة لهذه األخيرة؛‬
‫‪ -‬العمل على تفعيل دور اللجن المسؤولة عن السالمة الطرقية على المستوى الوطني‬
‫والجهوي‪ ،‬والسيما اللجنة المشتركة بين الوزارات واللجنة الدائمة واللجن الجهوية‬
‫للسالمة الطرقية‪ ،‬والحرص على ضمان انتظام اجتماعاتها وتتبع قراراتها؛‬
‫الوكالة الوطنية للسالمة الطرقية‬
‫‪ -‬تأهيل نظام مراقبة ومعالجة المخالفات الملتقطة بواسطة الرادارات الثابتة‪ ،‬بتنسيق مع‬
‫الشركاء المعنيين‪ ،‬وذلك لضمان اندماج وتكامل مكوناته ونجاعة مخرجاته‪ ،‬سواء في‬
‫المرحلة الرضائية أو المرحلة القضائية؛‬
‫وزارة االقتصاد والمالية‬
‫‪ -‬السعي لتحديد حصة الوكالة الوطنية للسالمة الطرقية من مداخيل الغرامات التصالحية‬
‫والجزافية لتمكينها من تنفيذ أهدافها في مجال السالمة الطرقية‪ ،‬وفق ما ينص عليه‬
‫القانون رقم ‪ 103.14‬المحدث لها‪.‬‬
‫ثانيا‪ .‬اقتناء وتركيب وصيانة الرادارات الثابتة‬
‫شرعت الوزارة المكلفة بالنقل واللوجستيك باقتناء وتركيب الرادارات الثابتة سنة ‪ ،2007‬من خالل‬
‫اقتناء ‪ 150‬رادارا‪ .‬غير أن التأخر في دخول قانون مدونة السير على الطرق حيز التنفيذ‪ ،‬إلى غاية‬
‫سنة ‪ ،2010‬أدى إلى قصور في استغالل هذا العتاد‪ ،‬حيث لم يتم الشروع في استغالل مائة رادار إال‬
‫ابتداء من سنة ‪.2014‬‬
‫وفي سنة ‪ ،2018‬تم الشروع في توسعة حظيرة الرادارات الثابتة‪ ،‬بعد اقتناء ‪ 552‬رادارا من الجيل‬
‫الجديد‪ ،‬بمبلغ إجمالي قدره ‪ 276‬مليون درهم‪ ،‬لتغطية جميع جهات المملكة‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬تمت‬
‫إثارة عدة مالحظات‪ ،‬من أبرزها ما يلي‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة تسريع عمليات تركيب الرادارات من الجيل الجديد‬
‫تمر عملية تركيب الرادارات بعدة مراحل أهمها القيام بأشغال التثبيت والربط بشبكة الكهرباء‪ ،‬وإجراء‬
‫االختبارات التقنية لتشغيلها‪ ،‬ثم تسلم المعدات من طرف اللجنة المعينة من طرف الوكالة الوطنية‬
‫للسالمة الطرقية‪ .‬إال أنه‪ ،‬وبعد انصرام ثالث سنوات من تاريخ المصادقة على الصفقات المخصصة‬
‫القتناء هذه الرادارات في دجنبر ‪ ،2018‬لم يتجاوز معدل تركيبها ‪ %12‬من مجموع العتاد (أي‬
‫‪ 66‬رادارا من أصل ‪ 552‬تم اقتناؤها إلى حدود نهاية فبراير ‪ ،)2022‬مقابل ‪ %29‬من الرادارات‬
‫في طور التركيب و‪ %59‬لم يتم تركيبها بعد‪.‬‬

‫‪297‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫وقد أرجعت الوكالة في معرض جوابها السبب في التأخر المسجل في أشغال تركيب الرادارات أساسا إلى‬
‫فترة الحجر الصحي التي أدت إل نقص حاد في وتيرة تثبيت الرادارات‪ ،‬عالوة على التأخير الكبير في الحصول‬
‫على التراخيص الالزمة لتثبيت الرادارات وربطها بالشبكة الكهربائية بسبب تعدد المتدخلين واإلكراهات‬
‫اإلدارية المرتبطة بكل متدخل‪ .‬كما أفادت بأنه إلى متم شهر يوليوز ‪ ،2022‬تم تشغيل ‪ 134‬جهازا أي ‪،%24‬‬
‫وتثبيت ‪ 136‬جهازا أي ‪ %25‬في انتظار ربط هذه األجهزة بالكهرباء‪ ،‬والباقي في طور اإلنجاز‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلنجاز دراسات تهم سلوك مستعملي الطرق‬
‫تقوم الوكالة الوطنية للسالمة الطرقية والوزارة المكلفة بالنقل بتقييم مخاطر الحوادث المتعلقة بالسرعة‬
‫بناء على خالصات سنوية لحوادث المرور‪ ،‬تلخص المعطيات الخاصة بالحوادث ذات الضرر‬
‫الجسماني التي سجلتها مصالح المديرية العامة لألمن الوطني والدرك الملكي‪ .‬إال أنه‪ ،‬وفي غياب‬
‫دراسات لسلوك مستعملي الطرق واألسباب والعواقب المترتبة عن تجاوز السرعة القصوى‪ ،‬تبقى‬
‫هذه الخالصات غير كافية لتحديد المقاطع الطرقية األكثر خطورة‪.‬‬
‫كما أن هذه الخالصات السنوية تقتصر في غالب األحيان على المعلومات الواردة في محاضر حوادث‬
‫المرور ذات الضرر الجسماني‪ ،‬والتي غالبا ما ال تتضمن توصيفا دقيقا للحادثة‪ ،‬خصوصا السرعة‬
‫ونقطة وقوع الحادثة داخل التجمعات السكنية‪ ،‬عوض االقتصار على اسم الشارع أو الحي‪ .‬باإلضافة‬
‫لذلك‪ ،‬فإن هذه الخالصات ال تتضمن المعلومات المتعلقة بالحوادث المادية وتلك المرتبطة بالتعب‬
‫وتأثير الكحول وعدم احترام إجبارية استعمال حزام السالمة (عدد الحوادث ودرجة خطورتها‬
‫واألضرار المالية الناتجة عنها)‪.‬‬
‫وقد أفادت الوكالة إلى أنها ستعمل على إنجاز الدراسات الالزمة لقياس المؤشرات السلوكية لدى مستعملي‬
‫الطريق السيما تلك المتعلقة بالسرعة‪ ،‬وذلك بشكل دوري ووفق التجارب الرائدة في هذا المجال‪ ،‬مضيفة بأنها‬
‫واعية بأهمية التوفر على معطيات وبيانات موثوقة لحوادث السير الجسمانية‪ .‬كما قامت الوكالة في إطار‬
‫برنامج عملها بإدراج مشروع تطوير وتأهيل نظام تجميع البيانات المتعلقة بحوادث السير الجسمانية وذلك‬
‫بتنسيق مع مختلف المتدخلين وال سيما هيئات المراقبة الطرقية‪.‬‬
‫في نفس السياق‪ ،‬أشارت وزارة العدل إلى أن التنظيم الهيكلي الجديد للوزارة يتضمن خلق مرصد وطني‬
‫لإلجرام سيكون من بين مهامه دراسة كل السلوكات اإلجرامية بما فيها السلوكات اإلجرامية على الطرق والتي‬
‫تشكل مخالفة للقانون‪ ،‬ومن شأن إحداث هذا المرصد أن يمكن من تحديد مسببات هذه السلوكات وسبل الحد‬
‫منها ومكافحتها‪.‬‬
‫‪ ‬وجوب تحديد مواقع تركيب الرادارات قبل اإلعالن عن طلبات العروض‬
‫يقتضي االستغالل األمثل لحظيرة الرادارات احترام الخطط التشغيلية ومعايير التركيب وأولويات‬
‫االستخدام المحددة في دراسات الجدوى التقنية حسب نوع المعدات‪ ،‬وذلك في أفق تحقيق األهداف‬
‫المسطرة في االستراتيجية الوطنية للسالمة الطرقية‪.‬‬
‫غير أن الصفقات المبرمة في سنة ‪ ،2018‬اقتصرت على تحديد مواقع التركيب خارج التجمعات‬
‫السكنية (الرادارات من نوع ‪-I‬أ‪ ،‬باستثناء الطرق السيارة)‪ ،‬في ما تُرك قرار تحديد مواقع تركيب‬
‫الرادارات داخل المناطق السكنية لمرحلة تنفيذ الصفقة (الرادارات من نوع ‪ -I‬ب)‪ .‬وقد واجه إنجاز‬
‫هذه الصفقات عدة إكراهات إدارية وتقنية ومالية‪ ،‬تتعلق على وجه الخصوص بصعوبة الحصول‬
‫على الرخص اإلدارية وربط الرادارات بالكهرباء واألنترنيت‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد‪ ،‬قامت مديرية النقل عبر الطرق والسالمة الطرقية‪ ،‬بتاريخ ‪ 6‬مايو ‪ ،2019‬بمراسلة‬
‫المديريات الجهوية للوزارة المكلفة بالنقل القتراح المواقع المناسبة لتركيب الرادارات على مستوى‬
‫المقاطع الطرقية األكثر عرضة للحوادث‪ .‬كما قامت بمراسلة عمال األقاليم والعماالت‪ ،‬بتاريخ‬
‫‪ 7‬أبريل ‪ ،2021‬لتعيين مواقع جديدة بعد تعذر تركيبها في المواقع المحددة سابقا‪ .‬عالوة على ذلك‪،‬‬
‫تم تسجيل توقفات متكررة لألشغال‪ ،‬باإلضافة إلى المخاطر المرتبطة بالزيادة في حجم األشغال (زيادة‬
‫أشغال حفر الخنادق وتوريد األسالك الكهربائية)‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪298‬‬


‫وقد أرجعت الوكال ة األسباب الرئيسية لعدم تحديد أماكن تثبيت الرادارات داخل المجال الحضري في عدم‬
‫توفر قاعدة بيانات حوادث السير على المعلومات المتعلقة بالمواقع الجغرافية للحوادث في المناطق الحضرية‬
‫بشكل دقيق‪ .‬كما أن المعطيات التي ستعتمدها أي دراسة قبلية يمكن أن تتغير بين تاريخ إنجاز الدراسة ومرحلة‬
‫التنفيذ (كتوسيع الطرق‪ ،‬وتهييئ مرافق جديدة للسالمة الطرقية‪ ،‬وتثبيت أو إزالة إشارات المرور الضوئية‪،‬‬
‫وتهييئ مواقف السيارات‪ ،‬إلخ‪.).‬‬
‫كما أشارت الوكالة إلى أنه قد تم توزيع الرادارات على المدن بحسب نسبة حوادث السير والوفيات المسجلة‬
‫بها وبعد هذه المرحلة تم تحديد أماكن تثبيت الرادارات بمقاربة تشاركية مع جميع الجهات الفاعلة المعنية‪ ،‬وال‬
‫سيما األمن الوطني والجماعات الترابية والسلطات المحلية والمصالح الخارجية لوزارة التجهيز والنقل‪.‬‬
‫من أجل ذلك‪ ،‬يوصي المجلس الوكالة الوطنية للسالمة الطرقية بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تحسين مسطرة تحديد الحاجيات والتخطيط القتناء الرادارات الثابتة‪ ،‬من خالل إجراء‬
‫دراسات قبلية تعنى بسلوك مستعملي الطرق وتحديد مواقع تركيب الرادارات قبل‬
‫اإلعالن عن طلبات العروض المتعلقة باقتنائها وتركيبها؛‬
‫‪ -‬تسريع عملية تركيب وتشغيل الرادارات المقتناة‪ ،‬من خالل السعي لتجاوز المعيقات‬
‫اإلدارية والتقنية بتنسيق مع األطراف المعنية (خصوصا الحصول على الرخص‬
‫اإلدارية الضرورية وربط الرادارات بشبكات الكهرباء واألنترنت)‪.‬‬
‫ثالثا‪ .‬تحسين نجاعة نظام مراقبة ومعالجة المخالفات الملتقطة بواسطة الرادارات الثابتة‬
‫تشكل نجاعة وفعالية نظام مراقبة ومعالجة المخالفات الملتقطة بواسطة الرادارات الثابتة وسيلة‬
‫أساسية لتغيير سلوك السائقين‪ .‬غير أن فعالية هذا النظام تبقى محدودة‪ ،‬بالنظر إلى ارتفاع حجم‬
‫المخالفات التي يتم إلغاؤها بعد معاينتها‪ ،‬بحيث تم تقدير مبالغ الغرامات المحتملة المقابلة لها بما يزيد‬
‫على ‪ 3.881‬مليون درهم‪ ،‬خالل الفترة ‪ ،2021-2015‬أي ما يعادل ‪ 554‬مليون درهم في السنة‪.‬‬
‫وتعود أسباب هذه الوضعية إلى وجود مشاكل تقنية أو متعلقة بالتبليغ أو بتقادم المخالفات‪ ،‬سواء في‬
‫مرحلة معالجتها على مستوى الوكالة الوطنية للسالمة الطرقية أو بعد إحالتها على المحاكم المختصة‪.‬‬
‫‪ .1‬معالجة المخالفات على مستوى الوكالة الوطنية للسالمة الطرقية‬
‫في حالة تجاوز السائق السرعة المسموح بها‪ ،‬يلتقط رادار المراقبة صورة رقمية للوحة تسجيل‬
‫المركبة والسرعة التي كانت تسير بها وتاريخ ومكان المخالفة‪ ،‬ليقوم في مرحلة بعدية بإرسالها إلى‬
‫المركز الوطني للمعالجة التابع للوكالة الوطنية للسالمة الطرقية‪ ،‬التي تقوم بمعالجة المعطيات‬
‫المرتبطة بالمخالفة وإشعار المخالف بها قصد تحصيل الغرامات المخصصة لها‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة العمل على تقليص نسبة إلغاء المخالفات‬
‫خالل الفترة الممتدة من ‪ 2015‬إلى ‪ ،2021‬بلغ عدد المخالفات الملتقطة بواسطة الرادارات الثابتة‪،‬‬
‫أزيد من ‪ 17‬مليون مخالفة‪ .‬وقد أدت معالجة هذه المخالفات إلى قبول ‪ 8,52‬مليون مخالفة وإلغاء‬
‫‪ 6,69‬مليون منها‪ ،‬وهو ما يعادل نسبة إلغاء تجاوزت ‪ .%39‬ويعزى هذا الوضع بشكل أساسي إلى‬
‫األسباب التالية‪:‬‬
‫• ضعف جودة الصور الرقمية الملتقطة‬
‫تشكل نسبة المخالفات الملغاة بسبب ضعف جودة الصور الملتقطة حوالي ‪ %64‬من إجمالي المخالفات‬
‫الملغاة‪ ،‬أي ما يزيد عن ‪ 4,27‬مليون مخالفة‪ .‬ويمكن تفسير هذه الوضعية بالحالة المتردية لكاميرات‬
‫الرادارات ولعدم مطابقة صفائح التسجيل لمعايير التصنيع (صور داكنة أو ساطعة أو غير واضحة‪،‬‬
‫باإلضافة لتعذر قراءة صفائح المركبة)‪.‬‬
‫• عدم قدرة الرادار على تحديد المركبة المخالفة‬
‫ال تمكن كاميرات الرادارات الثابتة من الجيل القديم من تحديد المركبة المخالفة التي توجد في بعض‬
‫الوضعيات المرورية (مثل مركبتين متوازيتين أو مركبتين متتابعتين تفصلهما مسافة قصيرة)‬

‫‪299‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫ويتسبب هذا القصور التقني في إلغاء عدد كبير من المخالفات سنويا‪ ،‬حيث شكلت حوالي ‪ %26‬من‬
‫إجمالي المخالفات الملغاة خالل الفترة سالفة الذكر‪.‬‬
‫• إلغاء المخالفات المرتكبة من قبل الدراجات النارية غير المسجلة‬
‫على الرغم من إلزامية تسجيل الدراجات النارية بعجلتين‪ ،‬التي تم سنها منذ سنة ‪ ،2015‬فإن العديد‬
‫من السائقين ال يمتثلون لهذا اإلجراء‪ ،‬وهو ما يؤدي إلى إلغاء عدد كبير من المخالفات المرتكبة من‬
‫طرف هذه المركبات‪ ،‬والتي بلغ مجموعها أزيد من ‪ 306.000‬مخالفة خالل نفس الفترة‪.‬‬
‫في هذا الصدد‪ ،‬أوضحت الوكالة في ما يتعلق بحاالت اإللغاء المتعلقة بالدراجات النارية التي تقل سعة محركها‬
‫عن ‪ 50‬سم مكعب‪ ،‬فإن القانون رقم ‪ 52.05‬المتعلق بمدونة السير ينص على ضرورة ترقيم الدراجات النارية‬
‫تحت ‪ 50‬سم مكعب‪ .‬كما يعتبر عدم ترقيم هذا النوع من الدراجات جنحة يعاقب عليها بغرامة من ‪ 2000‬درهم‬
‫إلى ‪ 12000‬درهم مع حجز الدراجة النارية إلى غاية رفع المخالفة (المادة ‪.)161‬‬
‫‪ ‬الحاجة لتحسين إجراءات التعرف على أرقام تسجيل المركبات المخالفة‬
‫يعتمد األعوان التابعون للمركز الوطني لمعالجة المخالفات في تحديد هوية مالكي المركبات المخالفة‬
‫على قاعدة معطيات البطاقات الرمادية للمركبات المسجلة في المغرب‪ .‬غير أن تحليل رسائل‬
‫المخالفات المسجلة خالل الفترة ‪ ،2021-2015‬بين وجود أزيد من مليوني مركبة في حالة انتظار‬
‫التعرف عليها‪.‬‬
‫وتشكل المخالفات التي التقطتها الرادارات الثابتة‪ ،‬خالل الفترة الممتدة من ‪ 2016‬إلى ‪،2019‬‬
‫المرتكبة من طرف المركبات المسجلة بالخارج‪ ،‬ما يناهز مليون و‪ 184‬ألف مخالفة‪ ،‬من بينها‬
‫‪ 25.361‬مخالفة من شأنها أن تشكل جنحة و‪ 102.294‬مخالفة من الدرجة األولى‪ .‬إال أن تحرير‬
‫محاضر هذه المخالفات يتم دون إشعار المخالفين المعنيين‪ ،‬بسبب صعوبة تحديد هوية مالكي هذه‬
‫المركبات‪.‬‬
‫في نفس السياق‪ ،‬ال تتوفر الوكالة الوطنية للسالمة الطرقية على منصة مشتركة مع الشركة الوطنية‬
‫للنقل واللوجستيك من أجل مدها بالمعطيات الالزمة لتحديد مستعملي سيارات الدولة المرتكبة‬
‫للمخالفات‪ .‬وقد بلغ‪ ،‬خالل الفترة ‪ ،2021-2015‬عدد المخالفات الملتقطة لهذه السيارات حوالي‬
‫‪ 305.895‬مخالفة‪ ،‬ما يزيد عن ‪ %64‬منها لم يتم التعرف على مرتكبيها (حوالي ‪ 196.777‬مخالفة)‪.‬‬
‫كما تجدر اإلشارة إلى أن ما يزيد عن ‪ 2.646‬مخالفة من شأنها أن تصنف كجنحة و‪ 20.086‬مخالفة‬
‫من الدرجة األولى‪ .‬مع العلم بأن الوكالة الوطنية تقوم بتبليغ محاضر المخالفات الملتقطة إلى اإلدارات‬
‫المعنية‪ ،‬دون أن تقوم هذه األخيرة بالتبليغ بشكل منتظم عن الموظفين المخالفين‪.‬‬
‫أوردت الوكالة في جوابها أنها قامت بالتعاون مع إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة بإنشاء منصة‬
‫لتبادل البيانات المتعلقة بالقبول المؤقت للسيارات المسجلة بالخارج ومحاضر المخالفات التي تم تسجيلها في‬
‫حقها‪ .‬وذلك بهدف إشعار المخالفين عند المعابر الحدودية مع دعوتهم ألداء مبالغ الغرامات المسجلة في حقهم‬
‫وديا قبل مغادرة التراب الوطني‪ .‬كما قامت الوكالة والشركة الوطنية للنقل واللوجستيك‪ ،‬بإعداد دراسة إلنشاء‬
‫منصة للتبادل اإللكتروني يسمح بتلقي المعلومات الخاصة بأسطول مركبات الدولة يوميا من أجل تقليل التأخير‬
‫في تحرير المخالفات‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة تحسين مستوى تبليغ اإلشعار بالمخالفات‬
‫خالل الفترة ‪ ،2021-2015‬لم يتجاوز معدل تبليغ اإلشعار بالمخالفات إلى المعنيين باألمر نسبة‬
‫‪ ،%56‬أي ما يعادل ‪ 4,56‬مليون مخالفة من الدرجة األولى والثانية والثالثة من إجمالي ‪ 8,15‬مليون‬
‫مخالفة‪ .‬وترجع أسباب هذه الوضعية إلى المشاكل المتعلقة بتحديد عناوين المخالفين وعدم تغطية‬
‫بعض المناطق بالخدمات البريدية‪.‬‬
‫وفي نفس السياق‪ ،‬فإن الوكالة الوطنية للسالمة الطرقية ال تتوفر على المعطيات المتعلقة بمآل ‪178‬‬
‫ألف إشعار تم إرساله إلى بريد المغرب خالل الفترة ‪ .2021-2017‬وقد سجل‪ ،‬في هذا الصدد‪ ،‬أن‬
‫المراقبة التي يجريها المركز الوطني لمعالجة المخالفات تقتصر على التأكد من تطابق محاضر‬
‫المخالفات المرسلة إلى بريد المغرب مع المبالغ المضمنة في الفواتير أثناء إعداد الكشوفات الشهرية‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪300‬‬


‫وقد أرجعت الوكالة سبب عدم تسليم إشعارات المخالفات بشكل أساسي إلى عدم ضبط العناوين باإلضافة إلى‬
‫تقصير بعض المواطنين في أخذ رسائلهم من مكاتب البريد‪ .‬أما فيما يخص اإلشعارات التي لم يتم التوصل‬
‫بمصيرها‪ ،‬فقد تمت مقارنة المعطيات مع مصالح البريد والتي أظهرت أن الفارق الملحوظ يرجع إلى مشكلة‬
‫تقنية في تبادل المعطيات وسيتم تجاوزها‪.‬‬
‫‪ .2‬تحريك الدعوى العمومية وتنفيذ األحكام‬
‫في حالة تعذر التعرف على عنوان مالك المركبة أو في حالة رفضه تلقي التبليغ بالمخالفة أو في حالة‬
‫عدم أداء الغرامة التصالحية والجزافية‪ ،‬توجه الوكالة الوطنية للسالمة الطرقية‪ ،‬طبقا للمادة ‪ 203‬من‬
‫مدونة السير على الطرق‪ ،‬محاضر المخالفات إلى وزارة العدل‪ .‬التي تقوم بإحالتها على وكالء الملك‬
‫لدى المحاكم المختصة قصد تحريك الدعوى العمومية‪ .‬وقد بلغ عدد محاضر المخالفات الموجهة إلى‬
‫النيابة العامة ‪ 5,4‬مليون محضر خالل الفترة الممتدة من ‪ 2015‬إلى ‪.2021‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى مراجعة اآلجال القانونية لتحصيل الغرامة التصالحية والجزافية‬
‫يتم تحصيل الغرامة التصالحية والجزافية‪ ،‬ما عدا في حالة المنازعة‪ ،‬داخل أجل مدته ثالثون (‪)30‬‬
‫‪27‬‬
‫يوما كاملة‪ ،‬يبتدأ من اليوم الموالي ليوم تبليغ اإلشعار بالمخالفة‪ ،‬وذلك طبقا لمقتضيات المادتين ‪222‬‬
‫و‪ 230‬من القانون رقم ‪ 52.05‬سالف الذكر‪ .‬ويستفيد المخالف الذي يؤدي هذه الغرامة في غضون‬
‫‪ 24‬ساعة أو ‪ 15‬يوما من تاريخ تبليغ اإلشعار من تخفيض في مبلغها‪.‬‬
‫ورغم هذه التسهيالت الممنوحة لتشجيع المخالفين على أداء ما بذمتهم‪ ،‬يظل مستوى أداء الغرامات‬
‫في المرحلة التصالحية منخفضا‪ ،‬بحيث لم تتجاوز هذه النسبة ‪ %12,5‬خالل الفترة ‪،2021-2015‬‬
‫حيث تم استخالص ما يناهز ‪ 1,04‬مليون غرامة تصالحية وجزافية من أصل ‪ 8,15‬مليون مخالفة‪.‬‬
‫لذلك‪ ،‬فإن أجل ثالثين يوما يبقى غير كاف‪ ،‬من جهة‪ ،‬للسماح للمخالفين بأداء الغرامة التصالحية‬
‫والجزافية داخل أجل معقول‪ ،‬ومن جهة أخرى‪ ،‬لتمكين الوكالة الوطنية للسالمة الطرقية من تتبع‬
‫أنجع لمآل محاضر المخالفات التي لم يتم تبليغها من طرف بريد المغرب‪ ،‬وكذلك الغرامات غير‬
‫المستخلصة من طرف الخزينة العامة للمملكة‪.‬‬
‫في هذا الصدد‪ ،‬أفادت وزارة العدل أنه سبق أن اقترحت الوكالة الوطنية للسالمة الطرقية الرفع من هذا األجل‬
‫إلى ‪ 90‬يوما غير أن الوزارة ترى أن أي رفع لألجل المذكور ال ينبغي أن يتعدى ‪ 60‬يوما فقط‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة إيالء العناية الالزمة لعملية إحالة محاضر المخالفات على القضاء لتفادي‬
‫حفظها‬
‫تنص المادة ‪ 5‬من قانون المسطرة الجنائية على أن الدعوى العمومية تتقادم بمرور سنة ميالدية كاملة‬
‫تبتدأ من يوم ارتكاب المخالفة‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬فإن إحالة ملفات المخالفات على المحاكم المختصة يقتضي‬
‫األخذ بعين االعتبار أجل تقادمها‪.‬‬
‫في هذا الصدد‪ ،‬فإن النيابة العامة لدى المحاكم المختصة تتلقى‪ ،‬في كثير من الحاالت‪ ،‬محاضر‬
‫مخالفات طالها التقادم أو اقترب أجل تقادمها‪ ،‬وهو ما يؤدي إلى حفظها‪ ،‬بحيث بلغت نسبة حفظ‬
‫الملفات أزيد من ‪ ،%62‬أي ما يعادل ‪ 3,4‬مليون محضر مخالفة تم حفظه من أصل ‪ 5,47‬مليون‬
‫محضر تمت إحالته على النيابة العامة خالل الفترة ‪ .2021-2015‬هذه الوضعية‪ ،‬تقتضي إيالء المزيد‬
‫من العناية للرفع من فعالية ونجاعة نظام معالجة المخالفات قبل إحالتها على المحاكم المختصة‪ ،‬بما‬
‫يتيح تعزيز الرقابة والمساواة أمام العقوبة‪ ،‬وبالتالي تغيير سلوك مستعملي الطرق‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن عملية إحالة محاضر المخالفات على المحاكم لم يتم الشروع فيها سوى في‬
‫سنة ‪ 2015‬بالنسبة للجنح و‪ 2016‬بالنسبة للمخالفات من الدرجات األولى والثانية والثالثة‪ ،‬وذلك‪،‬‬
‫بالرغم من دخول القانون رقم ‪ ،52.05‬سالف الذكر‪ ،‬حيز التنفيذ في فاتح أكتوبر ‪ .2010‬كما أن‬

‫‪ 27‬المادة ‪ 222‬من قانون مدونة السير على الطرق كما تم تغييره وتعديله بالمادة األولى من القانون رقم ‪ 116.14‬الصادر بتنفيذه الظهير‬
‫الشريف رقم ‪ 1.16.106‬بتاريخ ‪ 13‬شوال ‪ 18( 1437‬يوليو ‪.)2016‬‬

‫‪301‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫معالجة محاضر المخالفات على مستوى وزارة العدل لم تنطلق سوى في سنة ‪( 2018‬سنة تعميم‬
‫نظام معالجة المخالفات والجنح بجميع المحاكم االبتدائية)‪ ،‬وهو ما نتج عنه تراكم الملفات التي كان‬
‫على المحاكم البت فيها‪.‬‬
‫وقد أشارت وزارة العدل في هذا الصدد‪ ،‬إلى أن النيابة العامة بمحاكم المملكة تسهر على تفعيل المواد من‬
‫‪ 375‬إلى ‪ 382‬من قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬والتي تنص على إمكانية اقتراحها على المخالف أداء غرامة‬
‫جزافية ال تتجاوز نصف الحد األقصى للغرامة المقررة قانونا‪ ،‬وهذا االقتراح يصبح سندا قابال للتنفيذ في حالة‬
‫قبول المخالف به أو عدم تعرضه‪ ،‬وهو ما يمكن من أجل إضافي ألداء مبلغ الغرامة رضائيا‪ ،‬وكذلك ترشيد‬
‫المجهودات البشرية والمادية المرتبطة بتحريك الدعوى العمومية‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة تعزيز الموارد البشرية واللوجستيكية للمحاكم لمواكبة ارتفاع عدد المحاضر‬
‫المحالة عليها‬
‫تتمركز ملفات المخالفات بشكل كبير على مستوى المحاكم االبتدائية للدار البيضاء والرباط ومراكش‬
‫وطنجة وتمارة وسال (حوالي ‪ %68‬من مجموع المخالفات المحالة على القضاء)‪ ،‬وذلك اعتبارا‬
‫ألهمية الشبكة الطرقية وحركة السير داخل النطاق الترابي لهذه المحاكم‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬تلقت‬
‫المحكمة االبتدائية بالدار البيضاء لوحدها أزيد من ‪ 1,8‬مليون محضر مخالفة من مجموع ‪ 5,4‬مليون‬
‫محضرا‪ ،‬أي ما يعادل ‪ %33‬من إجمالي المحاضر المحالة على المحاكم خالل الفترة ‪.2021-2015‬‬
‫كما أن االستمرار في توسيع حظيرة الرادارات الثابتة على المستوى الوطني سيؤدي حتما إلى إنتاج‬
‫كم هائل من المحاضر‪ ،‬وبالتالي زيادة حجم األشغال الملقاة على عاتق قضاة النيابة العامة وقضاة‬
‫الحكم وأطر كتابة النيابة العامة وكتابة الضبط من أجل إحالة ملفات المخالفات والبت فيها وتبليغ‬
‫وتنفيذ األحكام الصادرة في شأنها‪ .‬لذلك‪ ،‬فإن هذا االرتفاع‪ ،‬يستدعي مواكبته بالموارد البشرية‬
‫واللوجستيكية الالزمة لمعالجة هذه الملفات داخل آجال معقولة‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة لتجاوز إشكالية غياب الهوية الكاملة للمخالف في الملفات المتعلقة بالجنح‬
‫يطرح تدبير المخالفات المتعلقة بتجاوز السرعة القصوى المسموح بها بما يعادل ‪ 50‬كيلومتر في‬
‫الساعة أو أكثر‪ ،‬والتي من شأنها أن تشكل جنحا‪ ،‬العديد من اإلشكاالت المرتبطة بعدم تضمين‬
‫المحاضر اإللكترونية للهوية الكاملة للمخالفين أو صفتهم بما يسمح باحترام قواعد االختصاص‬
‫االستثنائية أو الخاصة بمحاكمة األحداث أو األشخاص الذين يتجاوز سنهم ‪ 60‬سنة‪ ،‬وبالتالي يتعذر‬
‫تطبيق اإلكراه البدني في حقهم‪ .‬وبما أن أغلبية الملفات يتم البت فيها غيابيا‪ ،‬فإن الهوية تكتسي أهمية‬
‫قصوى من أجل تحديد االختصاص النوعي وكذلك تنفيذ األحكام‪ .‬غير أن النيابة العامة غالبا ما تواجه‬
‫عدة صعوبات لإلدالء بالهوية الكاملة للمعنيين باألمر وهو ما يؤدي إلى تأخر البت في هذه الملفات‪.‬‬
‫كما أن اعتماد نظام المراقبة والمعالجة على معطيات البطاقة الرمادية لتحديد هوية المخالفين‪ ،‬تجعل‬
‫من مالك المركبة هو المخالف بصفة تلقائية‪ ،‬وهو ما يطرح الكثير من المشاكل بالنسبة للمركبات‬
‫المملوكة لألشخاص المعنوية من القطاعين العام والخاص أو في حالة تأجيرها أو تغيير ملكيتها‪ .‬ومن‬
‫بين مقترحات وزارة العدل لتجاوز المنازعات الناشئة عن هذه اإلشكالية‪ ،‬تطوير عملية التقاط صورة‬
‫المخالفة لتشمل أيضا التقاط صور السائق‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬أوضحت وزارة العدل في جوابها أن تطوير عملية التقاط صورة المخالفة لتشمل أيضا التقاط‬
‫صورة السائق من شأنه أن يحد من ارتفاع عدد المنازعات التي نشهدها في الوقت الراهن‪ ،‬خاصة وأن‬
‫مقتضيات القانون رقم ‪ 09.08‬المتعلق بحماية األشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي‬
‫يتيح هذه اإلمكانية‪ ،‬من أجل تفادي المنازعة وتطبيقا لمبدأ شخصية العقوبة‪.‬‬
‫‪ ‬دراسة إمكانية مراجعة إجبارية التصريح بالنسبة لألشخاص المعنويين‬
‫تشكل المخالفات التي تخص األشخاص المعنويين ‪ %29‬من مجموع المخالفات الملتقطة بواسطة‬
‫الرادارات الثابتة (حوالي ‪ 345.000‬مخالفة سنويا)‪ %80 ،‬منها من الدرجة الثالثة والتي ال تستوجب‬
‫خصم النقط‪ .‬في هذا الصدد‪ ،‬اقترحت الوكالة الوطنية للسالمة الطرقية وكذلك وزارة العدل إعفاء‬
‫األشخاص المعنويين من إجبارية التصريح بالنسبة للمخالفات من الدرجة الثالثة‪ ،‬مع إتاحة إمكانية‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪302‬‬


‫األداء المباشر‪ .‬لذلك‪ ،‬فإن من شأن اعتماد هذا المقترح السماح بإرسال اإلشعار مباشرة إلى الشخص‬
‫المعنوي وإعفائه من التصريح بالسائق‪ ،‬وبالتالي تخفيف األعباء الملقاة على عاتق المحاكم‪.‬‬
‫‪ ‬العمل على تحسين تبليغ وتنفيذ األحكام القضائية‬
‫منذ دخول القانون المتعلق بمدونة السير على الطرق حيز التنفيذ في سنة ‪ ،2010‬وإلى غاية سنة‬
‫‪ ،2021‬بلغ عدد األحكام الصادرة بشأن مخالفات السرعة الملتقطة بواسطة الرادارات الثابتة‪ ،‬ما‬
‫يناهز ‪ 1.534.151‬حكما‪ ،‬منها ‪ُ 1.503.636‬حكما باإلدانة‪ .‬إال أن تبليغ هذه األحكام وتنفيذها يواجه‬
‫عدة معيقات‪ .‬في هذا الصدد‪ ،‬لم تتجاوز نسبة تبليغ األحكام الصادرة عن المحاكم االبتدائية ‪( %8‬أي‬
‫ما يعادل‪ 119.857‬حكما)‪ ،‬مع اإلشارة إلى أن معدل التبليغ برسم سنة ‪ 2021‬لم يتجاوز ‪( %2‬بحيث‬
‫تم تبليغ ‪ 3.572‬حكما من بين ‪ 181.289‬حكم إدانة)‪.‬‬
‫كما بلغت نسبة تنفيذ األحكام التي تم تبليغها خالل نفس الفترة حوالي ‪( %61‬أي ‪ 73.419‬حكما)‪.‬‬
‫غير أن معدل االستخالص لم يتجاوز‪ ،‬من حيث القيمة‪ %5 ،‬من إجمالي مبالغ األحكام التي تم تبليغها‪،‬‬
‫أي ما يعادل ‪ 31‬مليون درهم من إجمالي ‪ 664‬مليون درهم من الغرامات الصادرة عن األحكام‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن معيقات تبليغ األحكام ترتبط أساسا بصعوبة تحديد عناوين المخالفين‪ ،‬بحيث‬
‫تواجه كتابات الضبط لدى المحاكم نفس المشاكل التي واجهت الوكالة الوطنية للسالمة الطرقية خالل‬
‫المرحلة التصالحية‪ ،‬وهو ما يقتضي تكثيف جهود التنسيق بين وزارة العدل والوكالة وتبادل‬
‫المعلومات والعناوين المتاحة منذ المرحلة التصالحية‪.‬‬
‫ورغبة في إعطاء دينامية أكثر لعملية تبليغ وتحصيل الغرامات واإلدانات النقدية‪ ،‬فقد أشارت وزارة‬
‫العدل إلى أنها اتخذت مجموعة من التدابير التي تروم تحقيق النجاعة والفعالية في عملية التحصيل‪،‬‬
‫منها إحداث وحدات خاصة بالتبليغ والتحصيل على صعيد محاكم المملكة‪ ،‬وتعزيزها بموظفين قارين‬
‫ومؤهلين للقيام بمهام التبليغ والتحصيل وكذا بالموارد اللوجستيكية‪.‬‬
‫وقد أفادت وزارة العدل أنها منكبة على دراسة إمكانية الولوج إلى بيانات المواطنين المخزنة بقاعدة بيانات‬
‫التعريف الوطنية خاصة تلك المتعلقة بالعناوين بتعاون مع اإلدارة العامة لألمن الوطني‪ ،‬وقد سبق عقد‬
‫اجتماعات تنسيقية بين مسؤولي الوزارة والمديرية العامة المذكورة في سبيل تيسير هذه الرؤية‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬يوصي المجلس األعلى للحسابات وزارة العدل ووزارة النقل واللوجستيك والوكالة الوطنية‬
‫للسالمة الطرقية بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تدارس جدوى مراجعة اآلجال القانونية الستخالص الغرامة التصالحية والجزافية‬
‫المحددة في ثالثين (‪ )30‬يو ًما من تاريخ تبليغ اإلشعار بالمخالفة‪ ،‬بما يتيح للوكالة‬
‫الوطنية للسالمة الطرقية من تحصيل الغرامات التصالحية والجزافية داخل آجال‬
‫معقولة؛‬
‫‪ -‬العمل على تحسين أداء ومردودية نظام المراقبة والمعالجة اآللي للمخالفات‪ ،‬وال سيما‬
‫من خالل الجوانب التالية‪:‬‬
‫‪ -‬تأهيل الرادارات المستعملة بهدف تقليص نسبة إلغاء المخالفات‪ ،‬المرتبط بالمشاكل‬
‫التقنية أو بجودة المعدات المركبة؛‬
‫‪ -‬االستغالل المندمج للمعلومات التي يوفرها نظام تسجيل البطائق الرمادية ورخص‬
‫السياقة‪ ،‬من أجل الرفع من فعالية ونجاعة تحديد هوية مالكي المركبات موضوع‬
‫المخالفات الملتقطة بواسطة الرادارات الثابتة؛‬
‫‪ -‬إنشاء آلية للتنسيق مع إدارة الجمارك للتعرف على هوية مالكي المركبات المسجلة‬
‫بالخارج وتبليغ المعنيين باألمر باإلشعار بالمخالفة؛‬

‫‪303‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫‪ -‬حث األجهزة العمومية على التصريح المنتظم باألعوان والموظفين المعنيين‬
‫بالمخالفات الملتقطة بواسطة الرادارات الثابتة لسيارات الدولة‪ ،‬وتسهيل عمليات‬
‫إشعارهم بمحاضر المخالفات؛‬
‫‪ -‬اللجوء إلى وسائل بديلة‪ ،‬مثل الرسائل النصية واإللكترونية‪ ،‬لتحسين معدل تبليغ‬
‫اإلشعار بالمخالفات وتجاوز اإلكراهات المرتبطة بعناوين المخالفين؛‬
‫‪ -‬إنشاء آلية يقظة وتتبع‪ ،‬بالتنسيق بين الوكالة الوطنية للسالمة الطرقية ووزارة‬
‫العدل‪ ،‬تهدف إلى ضبط آجال التقادم وعملية إحالة محاضر المخالفات على المحاكم‬
‫المختصة‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪304‬‬


‫الحكامة الترابية والتنمية المجالية‬

‫‪305‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪306‬‬
‫تندرج التنمية المجالية ضمن األولويات الكبرى لبالدنا‪ ،‬في إطار السعي إلى التقليص من الفوارق‬
‫بين الجهات وإرساء عدالة مجالية بينها كركيزة أساسية لتفعيل النموذج التنموي الجديد‪ .‬وتضطلع‬
‫الجماعات الترابية ومجموعة من الفاعلين والمتدخلين على المستوى الترابي بدور هام في تحقيق هذه‬
‫األهداف‪.‬‬
‫لقد أناطت القوانين التنظيمية لسنة ‪ 2015‬مجموعة من االختصاصات الواسعة والمتنوعة للجماعات‬
‫الترابية بمختلف مستوياتها‪ ،‬جعلت منها شريكا حقيقيا للدولة في تنزيل مختلف االستراتيجيات‬
‫القطاعية والبرامج الوطنية على المستوى الترابي‪ .‬فالجماعات الترابية‪ ،‬وفي مقدمتها الجهات‪ ،‬أسندت‬
‫لها اختصاصات تتعلق بالتنمية االقتصادية وتحفيز االستثمار‪ ،‬بما في ذلك إحداث فضاءات لالستقبال‬
‫الصناعي‪ ،‬واختصاصات أخرى ذات طابع اجتماعي فضال عن دورها الرئيسي في تدبير خدمات‬
‫القرب ذات الصلة المباشرة بالمعيش اليومي للمواطن‪ ،‬ومن بينها التزويد بالماء الصالح للشرب‬
‫والتطهير السائل وتدبير النفايات وفك العزلة‪ ،‬خاصة في الوسط القروي‪ .‬كما تساهم الجماعات الترابية‬
‫بشكل كبير في أجرأة مجموعة من البرامج ذات الطبيعة االستراتيجية‪ ،‬ومن ضمنها تلك المتعلقة‬
‫بالتنقالت الحضرية‪.‬‬
‫وخالل فترة الجائحة‪ ،‬سعت هذه الجماعات الترابية‪ ،‬بتنسيق مع مصالح العماالت واألقاليم‪ ،‬إلى اتخاذ‬
‫التدابير الالزمة من أجل الحد من تداعيات هذه األزمة على التدبير اليومي للمرافق العمومية المحلية‬
‫وضمان استمرار الخدمات المقدمة من طرفها‪.‬‬
‫وإلى جانب الجماعات الترابية‪ ،‬يضطلع فاعلون آخرون بأدوار مهمة في مجال التهيئة المجالية‬
‫والتعمير‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬تعد الوكاالت الحضرية فاعال رئيسيا في التخطيط العمراني والتدبير‬
‫الحضري من أجل مواجهة التحديات الديموغرافية والعمرانية والتوسعات المجالية‪.‬‬
‫وفي نفس اإلطار‪ ،‬تتولى وكالة تهيئة ضفتي أبي رقراق مهام خاصة تروم اإلسهام في التنمية‬
‫االقتصادية واالجتماعية لمدينتي الرباط وسال‪ ،‬وفق رؤية منسجمة تتالءم ومؤهالت المجال المعني‬
‫بالتهيئة‪.‬‬
‫وعلى هذا األساس‪ ،‬وبالنظر إلى األهمية التي يكتسيها تدعيم آليات الحكامة الترابية والتنمية المجالية‪،‬‬
‫أنجز المجلس األعلى للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات مجموعة من المهمات الرقابية التي‬
‫انصبت حول الجوانب التالية‪:‬‬
‫‪ -‬تأثير األزمة الصحية "كوفيد‪ "19-‬على تدبير الجماعات الترابية؛‬
‫‪ -‬تدبير الجهات‪ :‬التخطيط االستراتيجي وتدبير النفقات؛‬
‫‪ -‬بعض أوجه تدبير الجماعات في الوسط القروي؛‬
‫‪ -‬االستراتيجية الوطنية للتنقالت الحضرية؛‬
‫‪ -‬الوكاالت الحضرية؛‬
‫‪ -‬حكامة وكالة تهيئة ضفتي أبي رقراق‪.‬‬

‫‪307‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫تأثير األزمة الصحية "كوفيد ‪"19‬‬
‫على تدبير الجماعات الترابية‪:‬‬
‫أهمية تطوير آليات االشتغال من أجل ضمان استمرارية الخدمات‬

‫أدى انتشار جائحة كوفيد ‪ 19‬إلى انعكاسات متعددة على المستويات الصحية واالجتماعية واالقتصادية‬
‫بأغلب دول العالم‪ ،‬مما حذا بها إلى اتخاذ مجموعة من التدابير واإلجراءات االحترازية بهدف وقف‬
‫انتشار هذه الجائحة‪ ،‬مع مراعاة ضمان استمرار الدورة االقتصادية وتقديم الخدمات العمومية‬
‫األساسية قدر اإلمكان‪ .‬وقد كان لهذه اإلجراءات‪ ،‬التي تتجلى أساسا في إعالن حالة الطوارئ الصحية‬
‫والحجر الصحي ووقف عدد من األنشطة االقتصادية‪ ،‬تداعيات بالغة األهمية‪.‬‬
‫وفي بالدنا‪ ،‬عملت السلطات العمومية منذ بداية الجائحة‪ ،‬على وضع خطط وآليات من أجل حكامة‬
‫فعالة لتدبير هذه األزمة وآثارها المتعددة‪ .‬وفي هذا اإلطار‪ ،‬قامت بتعبئة شاملة لمواجهة اآلثار الصحية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬ووضع أجهزة حكامة خاصة بتدبير األزمة‪ ،‬إضافة إلى مالءمة الترسانة‬
‫القانونية والتنظيمية بما يتماشى مع الظرفية التي فرضتها طبيعة الجائحة‪.‬‬
‫وقد انكبت المحاكم المالية‪ ،‬من خالل إنجاز مهمة موضوعاتية بتنسيق بين المجالس الجهوية‬
‫للحسابات‪ ،‬على تقييم أثر هذه الجائحة على الجماعات الترابية‪ ،‬حيث شملت المهمة الجهات االثنتي‬
‫عشرة للمملكة و‪ 69‬عمالة وإقليم و‪ 205‬جماعة‪ .‬وقد حددت هذه المهمة كأهداف رئيسية لها تقييم‬
‫تأثير الجائحة على مختلف أوجه تدبير هذه األجهزة‪ ،‬بما في ذلك ماليتها‪ ،‬وكذا تقييم المجهودات‬
‫المبذولة من طرفها في هذا السياق‪ ،‬خاصة وأن الجماعات الترابية مدعوة إلى تعزيز حضورها‬
‫وتدخالتها بشكل يستجيب النتظارات الساكنة‪.‬‬
‫أوال‪ .‬على مستوى آثار الجائحة على الجماعات الترابية‬
‫‪ .1‬تدبير المرافق العمومية المحلية من قبل الجماعات‬
‫يعد تدبير المرافق العمومية المحلية اختصاصا ذاتيا للجماعات‪ ،‬تقوم من خالله بتقديم خدمات القرب‬
‫لفائدة المواطنين‪ .‬غير أن فترة الطوارئ الصحية‪ ،‬عرفت تدخل السلطات الحكومية المختصة والسلطة‬
‫المحلية في التدبير اليومي لهذه المرافق‪ ،‬في حين بقي دور الجماعات محدودا خالل هذه الفترة‪ .‬وفي‬
‫هذا اإلطار‪ ،‬تم العمل على إصدار مجموعة من القرارات والدوريات والبالغات سواء على المستوى‬
‫المركزي أو على مستوى الواليات والعماالت تقضي بتأطير ومواكبة تدبير المرافق خالل هذه الفترة‪،‬‬
‫سواء من حيث استمرارية العمل أو إغالق البعض منها وكيفية استئنافها وكذلك كيفية تدبير التداعيات‬
‫المالية السلبية المترتبة عن إعالن حالة الطوارئ الصحية على مستغلي المرافق‪ ،‬وذلك طبقا لما تمليه‬
‫دوريتا وزير الداخلية عدد ‪ 11252‬بتاريخ ‪ 6‬غشت ‪ 2020‬و‪ 1098‬بتاريخ ‪ 26‬يناير ‪.2021‬‬
‫وقد عرفت المداخيل المالية المتأتية من المرافق المحلية المشار لها في الرسم البياني أسفله تأثرا‬
‫واضحا بظروف الجائحة‪ ،‬إذ سجلت ميزانيات عينة الجماعات‪ 28‬انخفاضا بحوالي ‪ 119‬مليون درهم‪،‬‬
‫حيث شكلت المداخيل المفوتة عن استغالل األسواق األسبوعية لوحدها نسبة ‪ %50‬من مجموع‬
‫المداخيل المزمع تحصيلها‪ .‬وعموما‪ ،‬فإن األسواق بمختلف أنواعها استأثرت بالنصيب األكبر بما‬
‫يناهز ‪ 74‬مليون درهم‪ ،‬أي بنسبة ‪ % 62‬من مجموع المداخيل المفوتة‪ .‬وتتمثل باقي المرافق األكثر‬
‫تأثرا بالجائحة في المجازر (‪ )%12‬والمحطات الطرقية (‪ )%11‬والمرائب (‪ )%8‬والمسابح (‪.)%4‬‬
‫وتتعلق هذه المداخيل المفوتة أساسا إما بفقدان مباشر للموارد المتأتية من هذه المرافق في حالة التدبير‬
‫المباشر‪ ،‬أو واجبات مالية لم يتم أداؤها بعد‪ ،‬أو إعفاءات‪/‬تخفيضات للمبالغ الواجب أداؤها تم‬

‫‪ 28‬لم تتمكن جميع الجماعات من تقدير المداخيل المفوتة عليها بسبب تداعيات الجائحة‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪308‬‬


‫تقديمها‪/‬أو يتم التداول بشأنها لفائدة المهنيين أو مستغلي المرافق العمومية الجماعية طبقا لما تنص‬
‫عليه دوريتا وزير الداخلية المشار إليهما أعاله‪.‬‬
‫وبخصوص مرفق النقل الحضري وشبه الحضري عبر الحافالت‪ ،‬فقد عرفت الشركات المفوض لها‬
‫تأثرا ماليا ملموسا بسبب اإلجراءات االحترازية المتخذة على الصعيد الوطني‪ .‬وبهدف مواكبة هذه‬
‫األخيرة لضمان استمرارية حسن سير المرفق‪ ،‬تمت صياغة بروتوكوالت اتفاقيات‪ ،‬بين المديرية‬
‫العامة للجماعات الترابية والجماعات المفوضة والشركات المفوض إليها‪ ،‬قصد التخفيف من حدة‬
‫التأثير المالي المترتب عن األزمة الوبائية‪ .‬وفي هذا اإلطار‪ ،‬نصت البنود الموافقة على تحويل دعم‬
‫مالي من المديرية إلى المفوض صاحب االختصاص‪ ،‬الذي بدوره سيعمل على تحويله للشركات‬
‫المفوض لها‪ .‬وقد بلغت القيمة االجمالية للدعم المرصود ما مجموعه ‪ 298‬مليون درهم‪.‬‬
‫‪ .2‬منح الرخص من قبل الجماعات‬
‫شهد عدد الرخص المطلوبة بمختلف أصنافها (رخص البناء والتجزئة والتقسيم وإحداث مجموعات‬
‫سكنية ورخص السكن وشهادات المطابقة) انخفاضا من ‪ 96.049‬رخصة خالل سنة ‪ 2019‬إلى‬
‫‪ 78.669‬خالل سنة ‪ ،2020‬أي بتراجع قدره ‪ ،%18‬ليسجل خالل نهاية أكتوبر ‪ 2021‬ما مجموعه‬
‫‪ 76.947‬رخصة‪ ،‬أي بتراجع نسبته ‪.%2‬‬
‫كما أن عدد الطلبات المقدمة للحصول على رخص التقسيم عرف تراجعا ملحوظا‪ ،‬بنسبة ‪ ،%53‬بين‬
‫سنة ‪ )464( 2019‬وسنة ‪ ،)217( 2020‬ليرتفع بعد ذلك‪ ،‬في حدود أكتوبر ‪ ،2021‬إلى‬
‫‪ 384‬رخصة‪ ،‬أي بنسبة ‪% 77‬؛ في حين شهدت األصناف األخرى انخفاضا بمعدل ‪ %21‬بين سنتي‬
‫‪ 2019‬و‪ ،2020‬لتعود بعد ذلك لالرتفاع بين سنتي ‪ 2020‬و‪ ،2021‬كما هو الشأن بالنسبة لرخص‬
‫التجزئة بنسبة ‪ %31‬ورخص إحداث مجموعات سكنية بنسبة ‪ %48‬ورخص البناء بنسبة ‪.%0,2‬‬
‫وفضال عن ذلك‪ ،‬فقد عرف مؤشر منح الرخص اإلجمالي‪ 29‬استقرارا بين السنوات الثالث‬
‫(‪%94‬خالل سنة ‪ 2019‬مقابل ‪ %95‬خالل سنة ‪ 2020‬و‪ %91‬خالل سنة ‪ ،)2021‬مما يدل على‬
‫استمرار المصالح الجماعية في االستجابة لطلبات الترخيص المقدمة بنفس الوتيرة‪ ،‬وكذا مساهمة‬
‫تفعيل المنصة الرقمية "رخص" في الحد من اآلثار التي أملتها ظروف االشتغال في ظل الجائحة‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬تشير دورية السيد وزير الداخلية رقم ‪ D7175‬بتاريخ ‪ 26‬اكتوبر ‪ 2021‬إلى‬
‫انخراط ‪ 1.135‬جماعة بالشباك الرقمي لرخص التعمير‪.‬‬
‫‪ .3‬أثر الجائحة على تنفيذ الطلبيات العمومية والعقود واالتفاقيات‬
‫تم تقييم أثر الجائحة على تنفيذ الصفقات والعقود واالتفاقيات من خالل الوقوف على تطور الصفقات‬
‫العمومية المنجزة خالل الفترة ‪ ،2021 –2019‬وتحديد حجم الصفقات العمومية التي تم بشأنها اتخاذ‬
‫قرارات التوقف أو التعديل أو الفسخ بسبب الجائحة وتقييم مدى تأثير ذلك على تأخر الجماعات‬
‫الترابية في أداء التزاماتها المالية‪.‬‬
‫فيما يخص تطور وضعية الطلبيات العمومية المنجزة خالل الفترة المذكورة‪ ،‬عرفت أعدادها تراجعا‬
‫على مستوى مختلف الجماعات الترابية بنسبة ‪ %25‬ما بين سنتي ‪ 2019‬و‪ 2020‬وبنسبة ‪ %45‬ما‬
‫بين سنتي ‪ 2019‬و‪.2021‬‬
‫كما عرفت مبالغ هذه الطلبيات العمومية منحى تراجعيا خالل نفس الفترة‪ ،‬حيث انخفضت من مبلغ‬
‫قدره ‪ 4.759‬مليون درهم سنة ‪ 2019‬إلى مبلغ ‪ 4.317‬مليون درهم سنة ‪ 2020‬لتصل إلى ‪2.550‬‬
‫مليون درهم سنة ‪ .2021‬وبهذا شكلت نسب التراجع ‪ %10‬ما بين سنتي ‪ 2019‬و‪ 2020‬و‪ %45‬ما‬
‫بين سنتي ‪ 2019‬و‪.2021‬‬

‫عدد الرخص الممنوحة‬


‫‪.‬‬ ‫‪ 29‬مؤشر منح الرخص اإلجمالي يساوي‬
‫عدد الرخص المطلوبة‬

‫‪309‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫وفيما يتعلق بمآل االلتزامات السارية بعد تفشي الجائحة‪ ،‬فقد بلغ عدد التزامات الجماعات التي تم‬
‫اتخاذ قرار بشأنها ‪ 747‬وذلك من أصل ‪ 846‬كعدد إجمالي لاللتزامات‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى أنه بالنسبة‬
‫لكل المستويات الترابية‪ ،‬شكل قرار التوقف أهم القرارات التي تم اتخاذها‪ ،‬حيث مثلت االلتزامات‬
‫المعنية به نسبة ‪ %80‬من مجموع االلتزامات التي تم اتخاذ قرار بشأنها‪.‬‬
‫وخالل سنتي ‪ 2020‬و‪ ،2021‬قامت الجماعات الترابية ببرمجة ما يقارب ‪ 6.095‬صفقة عمومية‬
‫موزعة بين ‪ 3.498‬صفقة بالنسبة للجماعات و‪ 1.874‬صفقة بالنسبة للعماالت واألقاليم و‪723‬‬
‫صفقات بالنسبة للجهات‪ %56 ،‬منها تمت برمجتها سنة ‪ ،2020‬فيما تمت برمجة الباقي سنة ‪.2021‬‬
‫وقد تخلت الجماعات الترابية عن االلتزام بما نسبته ‪ %33‬من هذه الصفقات‪ .‬ويعزى سبب عدم‬
‫االلتزام بالنسبة ل ‪ %35‬منها إلى الظروف التي أمالها تفشي الجائحة‪.‬‬
‫‪ .4‬أثر الجائحة على الموارد البشرية‬
‫طالت آثار الجائحة كذلك تدبير الموارد البشرية بالنسبة للجماعات الترابية خاصة فيما يتعلق‬
‫بالتوظيف في مناصب المسؤولية وتنظيم الدورات التكوينية وترقيات الموظفين‪ ،‬وذلك خالل الفترة‬
‫الممتدة بين سنتي ‪ 2019‬و‪.2021‬‬
‫فقد عرفت المناصب المالية المتعلقة بمناصب المسؤولية‪ ،‬بخصوص جميع المستويات الترابية‪،‬‬
‫تراجعا‪ ،‬حيث انخفضت من ‪ 1.252‬منصب سنة ‪ 2019‬إلى ‪ 1.068‬منصب سنة ‪ 2020‬ثم إلى ‪785‬‬
‫منصب فقط سنة ‪ .2021‬كما أن أعداد المناصب المؤجلة عرف منحى تصاعديا‪ ،‬بسبب تداعيات‬
‫الجائحة‪ ،‬إذ انتقلت من ‪ 504‬منصب مؤجل سنة ‪ 2019‬إلى ‪ 589‬سنة ‪ .2020‬وشكلت نسبة مناصب‬
‫المسؤولية الملغاة أو المؤجلة بالنسبة للعينة ككل‪ ،30‬بسبب ما فرضته الجائحة من تدابير احترازية‬
‫ووقائية‪ %22 ،‬من مجموع المناصب المؤجلة أو الملغاة خالل الفترة ‪ 2021-2020‬موزعة بنسبة‬
‫‪ %23‬بالنسبة لسنة ‪ 2020‬و‪ %21‬بالنسبة لسنة ‪.2021‬‬
‫أما فيما يخص دورات التكوين المستمر‪ ،‬ألغت الجماعات الترابية ‪ 381‬دورة من أصل ‪ 1.214‬دورة‬
‫مبرمجة‪ ،‬أي بنسبة إلغاء وصلت إلى ‪ %30‬سنة ‪ .2020‬ويرجع السبب بالنسبة لغالبيتها (‪ %95‬من‬
‫هذه الدورات الملغاة) إلى ما خلفته ظروف الجائحة خالل تلك السنة‪ ،‬وما استلزمته آنذاك من احترام‬
‫لشروط الوقاية والسالمة ضمانا للحد من انتشار الوباء‪.‬‬
‫‪ .5‬الشكايات والمنازعات القضائية ذات الصلة بالجائحة‬
‫أفادت الجماعات الترابية أنها توصلت بما يناهز ‪ 6.450‬شكاية يرتبط موضوعها بالجائحة‪ ،‬بلغت‬
‫تلك المودعة من طرف المواطنين ما مجموعه ‪ 5.475‬شكاية‪ ،‬أي نسبة ‪ .%85‬كما شكلت تلك الواردة‬
‫على الجماعات‪ ،‬باعتبارها أقرب وحدة ترابية من الساكنة المحلية‪ ،‬النصيب األكبر بنسبة ‪ .%95‬وقد‬
‫تنوعت مواضيعها أساسا بين مطالب المواطنين من أجل اتخاذ التدابير الوقائية والصحية‬
‫واللوجستيكية الالزمة (توفير التعقيم‪ ،‬حل مشاكل التنقل‪ ،‬توفير سيارات اإلسعاف‪ ،)...‬وأخرى من‬
‫قبل الملزمين والمستغلين تتعلق بمطالب التخفيض أو اإلعفاء من واجبات الكراء ومستحقات شغل‬
‫الملك العام نتيجة إغالق المحالت التجارية والمهنية وتوقف األنشطة االقتصادية‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫مطالب إيقاف األنشطة التجارية المخالفة للتدابير الوقائية‪.‬‬
‫أما فيما يخص المآل المخصص لها‪ ،‬فقد أشارت الجماعات الترابية من خالل األجوبة المضمنة‬
‫باالستمارات إلى أنه تمت االستجابة ودراسة المطالب لما مجموعه ‪ 4.646‬شكاية‪ ،‬أي ما يشكل نسبة‬
‫‪ %72‬من مجموع الشكايات الواردة‪ ،‬وهو ما يمكن اعتباره نسبة جيدة تؤشر على انخراط وحرص‬
‫هذه األخيرة على دراسة ومعالجة واالستجابة خالل فترة الجائحة‪.‬‬

‫‪ 30‬تتشكل العينة من ‪ 286‬جماعة ترابية‪ ،‬تضم الجهات االثنتي عشرة و‪ 69‬عمالة وإقليم و‪ 205‬جماعة‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪310‬‬


‫ومن جانب آخر‪ ،‬نشأت ‪ 22‬منازعة قضائية لها ارتباط مباشر بتداعيات الجائحة‪ .‬وتتعلق بنسبة‬
‫‪ %50‬بطلبات مستغلي المرافق الجماعية من أجل الحصول على تعويضات مالية‪ ،‬ونسبة ‪ %18‬لكل‬
‫من مطالب إلغاء قرارات فسخ عقود تدبير المرافق الجماعية أو وقف تنفيذها ومنازعات ناشئة بفعل‬
‫التقاعس عن أداء واجبات استغالل هذه المرافق‪ ،‬ثم نسبة ‪ %5‬لكل من مطالب إلغاء قرارات إغالق‬
‫بعض المحالت بسبب عدم احترام الشروط الوقائية‪ ،‬ومطالب شركات بفسخ الصفقات بالتراضي مع‬
‫إرجاع الضمان المؤقت والمطالبة بمستحقات عن خدماتها المنجزة‪.‬‬
‫تأسيسا على ما سبق‪ ،‬توصي المجالس الجهوية للحسابات بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تعميم تشغيل المنصة الرقمية لرخص التعمير وتمكين وحث الجماعات على االنخراط‬
‫في رقمنة باقي المساطر واإلجراءات بما يكفل استمرار األنشطة في حال وجود معيقات‬
‫أو أزمات؛‬
‫‪ -‬تدارس إمكانية تفعيل مقتضيات دوريتي وزير الداخلية للطلبات المقدمة من طرف‬
‫المهنيين ومستغلي المرافق الجماعية وتفادي اللجوء إلى القضاء كحل أولي لتسوية‬
‫النزاعات الناشئة عن الجائحة؛‬
‫‪ -‬الحرص على مسك وضعيات دورية بمداخيل المرافق الجماعية لتقييم مدى تطورها‬
‫واستباق االكراهات الطارئة‪.‬‬
‫ثانيا‪ .‬على مستوى الوضعية المالية والميزانياتية للجماعات الترابية‬
‫‪ .1‬تعديالت ميزانيات الجماعات الترابية‬
‫طرأت على ميزانيات الجماعات الترابية لسنتي ‪ 2020‬و‪ 2021‬تعديالت مهمة بسبب الجائحة‪ ،‬والتي‬
‫تم القيام بها وفق آليتين اثنتين هما‪ :‬تحويل االعتمادات بين بنود الميزانية وفتح اعتمادات جديدة غير‬
‫مبرمجة بناء على موارد متوفرة‪ ،‬وذلك لالستجابة للحاجيات الملحة لظرفية الجائحة‪ .‬وإذ ظل اللجوء‬
‫إلى اآللية الثانية استثنائيا‪ ،‬فقد قامت الجماعات الترابية بمختلف مستوياتها بعدة تحويالت لالعتمادات‬
‫ذات الصلة بالجائحة‪ ،‬مع تسجيل اختالف حجمها وطبيعتها باختالف المستويات المذكورة‪.‬‬
‫فبخصوص التحويالت المرتبطة بالجائحة‪ ،‬فقد تواترت بشكل أكبر خالل سنة ‪ 2020‬مقارنة مع سنة‬
‫‪ 2021‬التي كان إعداد ميزانيتها قد أخذ بعين االعتبار الحاجيات األساسية التي فرضت نفسها‪ ،‬وذلك‬
‫انطالقا من تجربة تدبير األزمة خالل الفصول الثالثة األخيرة من سنة ‪ .2020‬وقد سجل انخراط مهم‬
‫للجماعات الترابية في عملية مالءمة ميزانياتها لمتطلبات تدبير الجائحة‪ ،‬خاصة مع الترخيص من‬
‫قبل وزارة الداخلية لرؤساء مجالسها القيام بهذه التحويالت دون الحاجة إلى مصادقة المجالس التداولية‬
‫والتي تعذر انعقادها آنذاك‪ .‬ويظهر هذا االنخراط انطالقا من عدد الجماعات الترابية المعنية‪ ،‬وكذلك‬
‫أهمية حصة التحويالت المتعلقة بالجائحة من مجموع تحويالت االعتمادات المنجزة‪ ،‬كما هو موضح‬
‫فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬فيما يخص نسب األجهزة التي قامت بتحويل لالعتمادات على األقل داخل جزء التسيير‬
‫فبلغت ‪ %75‬على مستوى الجهات و‪ %68‬على مستوى العماالت واألقاليم و‪ %60‬على‬
‫مستوى الجماعات‪ .‬فيما بلغت هذه النسب على التوالي ‪ %50‬و‪ %26‬و‪ %13‬فيما يخص‬
‫جزء التجهيز؛‬
‫‪ -‬أما بخصوص حصة التحويالت ذات الصلة بالجائحة داخل جزء التسيير‪ ،‬فبلغت نسبتها‬
‫‪ %28‬على مستوى الجهات و‪ %66‬على مستوى العماالت واألقاليم و‪ %33‬على مستوى‬
‫الجماعات‪ .‬فيما بلغت هذه النسب‪ ،‬فيما يخص جزء التجهيز‪ %13 ،‬على مستوى الجهات‬
‫والعماالت واألقاليم و‪ %3‬على مستوى الجماعات‪.‬‬

‫‪311‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫أما بخصوص طبيعة بنود الميزانية المعنية بشكل أكبر بهذه التحويالت‪ ،‬فقد تم التمييز بين تلك التي‬
‫تمثل جذعا مشتركا بين المستويات الترابية الثالثة‪ ،‬واألخرى التي تخص مستويات بعينها‪ ،‬وذلك‬
‫بالنظر إلى طبيعة كل واحد منها‪ .‬فمن جهة‪ ،‬يتعلق األمر بالبنود الخاصة باقتناء مواد الوقاية والتطهير‬
‫وتلك المتعلقة باقتناء مواد غذائية لفائدة الفئات المعوزة‪ ،‬إضافة إلى البند الخاص "بتحويالت لفائدة‬
‫الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا ‪-‬كوفيد ‪."-19‬‬
‫ومن جهة ثانية‪ ،‬فقد تركزت تحويالت الجماعات على البنود الخاصة باقتناء العتاد لفائدة مكاتب‬
‫الصحة وكذا مصاريف نقل الموتى وأداء أجور األعوان العرضيين‪ .‬وبالنسبة للعماالت واألقاليم‪،‬‬
‫كانت تحويالت االعتمادات الخاصة بالتصدي للجائحة تهم بشكل أكبر البنود المتعلقة بدعم الفئات‬
‫المعوزة بمواد غذائية وتلك الخاصة بمصاريف استقبال وإطعام األطر الصحية والعاملين في مواجهة‬
‫الجائحة بصفة عامة‪ ،‬إضافة إلى البند الخاص باقتناء آليات ومركبات على مستوى جزء التجهيز‪ .‬أما‬
‫بالنسبة للجهات‪ ،‬فقد كان البند الخاص بتقديم مواد غذائية لفائدة الفئات المعوزة األكثر استفادة من‬
‫تحويالت االعتمادات مع قيام ثمان جهات بذلك‪ ،‬إضافة إلى تسجيل بعض المبادرات االستثنائية على‬
‫مستوى جزء التجهيز وبمبالغ مهمة كتلك المسجلة على مستوى جهة طنجة – تطوان – الحسيمة التي‬
‫قامت بتحويل اعتماد قدره ‪ 50‬مليون درهم قصد المساهمة في تمويل تجهيز المستشفيات اإلقليمية‬
‫على صعيد الجهة بمختبرات للكشف عن الفيروس‪.‬‬
‫‪ .2‬تطور األقسام الكبرى لميزانيات الجماعات الترابية‬
‫بالنسبة لألقسام الكبرى للميزانيات الرئيسية وكذا الميزانيات الملحقة‪ ،‬فقد كان التأثير عاما وموحدا‬
‫على مختلف المستويات الترابية سواء بالنسبة للمداخيل أو النفقات‪ .‬وهكذا‪ ،‬فإن كل أجهزة العينات‬
‫المختارة على مستوى كل جهة شهدت نفس المنحى التراجعي‪ ،‬إال في حاالت قليلة تخص فقط مجالس‬
‫الجهات‪ 31‬والتي سجل بها ارتفاع طفيف لمداخيلها‪ ،‬والذي مرده األساسي ارتفاع الفوائض المالية‬
‫على مستوى الجزء الثاني من الميزانية‪.‬‬
‫ومع هذا المعطى‪ ،‬اختلفت درجة انخفاض المداخيل بالمقارنة مع درجتها بالنسبة للنفقات بحسب‬
‫المستويات الترابية‪ ،‬إذ تبقى الجماعات األكثر تأثرا بفعل انخفاض الفائض اإلجمالي لميزانياتها‬
‫الرئيسية بنسبة ‪ %14‬مقابل استقرار هذا الفائض لدى العماالت واألقاليم وانخفاضه بنسبة طفيفة بلغت‬
‫‪ %3‬لدى الجهات‪ .‬أما بخصوص الحسابات الخصوصية‪ ،‬فقد شهدت هي أيضا تراجعا على مستوى‬
‫مداخيلها ونفقاتها لكن فقط بالنسبة للجماعات والعماالت واألقاليم فيما ارتفعت لدى الجهات‪.‬‬
‫وفيما يخص أجزاء ا لميزانية الرئيسية‪ ،‬فقد تراجعت مداخيل ونفقات التسيير وكذا التجهيز باإلضافة‬
‫إلى تراجع االدخار الخام‪ ،‬بدرجات متفاوتة بين المستويات الترابية يظهر معه تراجع أكبر لدى‬
‫الجماعات كما هو مبين فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬فيما يخص مداخيل التسيير فقد تراجعت بنسب ‪ %12‬على مستوى الجهات و‪ %8‬على‬
‫مستوى العماالت واألقاليم و‪ %11‬على مستوى الجماعات‪ .‬فيما بلغت هذه النسب على‬
‫التوالي ‪ %2‬و‪ %8‬و‪ %10‬فيما يخص مداخيل التجهيز؛‬
‫‪ -‬وبخصوص نفقات التسيير الحقيقية فقد انخفضت بنسب ‪ %9‬على مستوى الجهات و‪%7‬‬
‫على مستوى العماالت واألقاليم و‪ %6‬على مستوى الجماعات‪ .‬وقد بلغت هذه النسب‬
‫تباعا ‪ %8‬و‪ %21‬و‪ %4‬فيما يخص نفقات التجهيز؛‬
‫‪ -‬أما االدخار الخام‪ ،32‬فسجل أعلى مستويات االنخفاض على مستوى الجماعات بنسبة‬
‫‪ ،%37‬فيما بلغت هذه النسبة ‪ %13‬على مستوى الجهات و‪ %14‬على مستوى العماالت‬
‫واألقاليم‪.‬‬

‫‪ 31‬جهات الدار البيضاء – سطات ومراكش – آسفي ودرعة – تافياللت وسوس – ماسة وكلميم واد نون‪.‬‬
‫‪ 32‬فائض الجزء األول من الميزانية المحول إلى الجزء الثاني منها‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪312‬‬


‫مكن هذا المستوى من التحليل أيضا من الوقوف على تطور بعض المؤشرات المالية األخرى‪ ،‬مثل‬
‫معدل االدخار الخام‪ 33‬الذي تبين عدم تراجعه لدى الجهات والعماالت واألقاليم مع استقراره في‬
‫مستويات مرتفعة خاصة بالنسبة للجهات‪ ،‬في مقابل تدنيه لدى الجماعات‪ ،‬خاصة تلك الكبرى مثل‬
‫الرباط والدار البيضاء وطنجة والتي انخفض بها إلى أقل من ‪ .%10‬وبالنسبة لمؤشر االستقالل‬
‫المالي‪ ،34‬فقد تراجع بالنسبة لعينة الجماعات‪ ،‬وهو المستوى الترابي األكثر استقاللية‪ ،‬بفعل انخفاض‬
‫مداخيلها الضريبية الذاتية ومداخيل أمالكها في مقابل استقراره بالنسبة للجهات والعماالت واألقاليم‬
‫في مستويات منخفضة‪.‬‬
‫‪ .3‬تطور أصناف المداخيل والنفقات‬
‫يتم التمييز بين أصناف المداخيل والنفقات على مستوى كل جزء من الميزانية‪ .‬وتشترك المستويات‬
‫الترابية في نفس األصناف مع تخصيص صنفين إضافيين للجهات يتعلقان بمخصصات التسيير‬
‫والتجهيز المحولة للوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع‪.‬‬
‫ففيما يتعلق بتطور أهم األصناف داخل بنية مداخيل التسيير‪ ،‬سجل التراجع األهم بالنسبة للجماعات‪،‬‬
‫بنسب ‪ %17‬و‪ %15‬تواليا‪ ،‬لكل من الرسوم المحلية ومداخيل األمالك مع استقرار حصيلة الضرائب‬
‫والرسوم المحولة من طرف الدولة والتي تتعلق حصريا في هذا المستوى بحصة الجماعات من منتوج‬
‫الضريبة على القيمة المضافة‪ .‬أما بالنسبة للعماالت واألقاليم‪ ،‬فقد انعكس االنخفاض الطفيف لحصيلتها‬
‫من الضرائب والرسوم المحولة من طرف الدولة‪ ،‬والذي يمثل أهم مداخيل التسيير بها‪ ،‬على‬
‫االنخفاض اإلجمالي لمداخيل هذا الجزء والذي ناهز نسبة ‪ .%8‬وبالنسبة للجهات‪ ،‬كان االنخفاض‬
‫األهم متعلقا بحصيلتها من الضرائب والرسوم المحولة من طرف الدولة‪ 35‬الذي بلغت نسبته ‪،%16‬‬
‫مع استقرار لإلمدادات والمساعدات والمساهمات الممنوحة لها‪.‬‬
‫وقد أوضحت وزارة االقتصاد والمالية أنه على إثر تراجع الموارد الضريبية للدولة في سياق الجائحة‪،‬‬
‫وبموجب قانون المالية المعدل للسنة المالية ‪ ،2020‬تم خفض سقف تحمالت الحسابين الخصوصيين "حصة‬
‫الجماعات الترابية من حصيلة الضريبة على القيمة المضافة" و"الصندوق الخاص لحصيلة حصص الضرائب‬
‫المرصدة للجهات" على التوالي بنسبتي ‪ %23‬و‪ ،%10‬مضيفة أنه‪ ،‬وبالرغم من الظرفية الصعبة‪ ،‬تمت‬
‫المحافظة خالل سنة ‪ 2020‬على نفس حصص الضرائب المرصودة لفائدة الجماعات الترابية‪ ،‬وعلى نفس‬
‫مبلغ مساهمة الميزانية العامة المقدمة للجهات‪.‬‬
‫كما أشارت الوزارة ذاتها إلى توقع قانون المالية لسنة ‪ 2021‬زيادة في سقف تحمالت الحسابين المذكورين‬
‫على التوالي بنسبتي ‪ %19‬و‪ ، %16‬مبرزة أن سنة ‪ 2021‬تصادف بلوغ سقف ‪ 10‬مليار درهم كموارد محولة‬
‫مبرمجة لفائدة الجهات‪.‬‬
‫و بخصوص نفقات التسيير الحقيقية‪ ،‬حافظت مختلف المستويات الترابية على استقرار نفقات‬
‫الموظفين‪ ،‬مع خفضها لنفقات المنتخبين بنسبة تراوح ‪ ،%33‬غير أن أهمية هذه النسبة ال تنعكس‬
‫على إجمالي نفقات التسيير نظرا لضعف المبالغ المتعلقة بها‪ .‬وتظل النفقات المتعلقة بااللتزامات‬
‫المالية الناتجة عن اتفاقيات أو عقود والنفقات المخصصة لإلعانات والمساعدات األكثر تراجعا بالنسبة‬
‫لمختلف المستويات الترابية‪ ،‬مع تراجع مهم أيضا بالنسبة لنفقات تنفيذ األحكام القضائية لدى الجماعات‬
‫(‪ .)-%20‬وتجدر اإلشارة إلى أن دوريات السيد وزير الداخلية الخاصة بالتدبير األمثل للنفقات قد‬
‫وضعت إطارا موحدا لمبادئ التعامل مع مختلف أصناف النفقات‪ ،‬حيث تعكس التطورات المسجلة‬
‫المذكورة تطبيقا صارما لمضامينها وعلى مختلف المستويات‪.‬‬
‫أما بالنسبة لمداخيل التجهيز‪ ،‬فيبقى االنخفاض الحاد لمداخيل االقتراضات أهم ما تم تسجيله بشكل‬
‫موحد بين المستويات الترابية كلها (انخفاض بنسب ‪ %77‬و‪ %67‬و‪ %38‬للجماعات والعماالت‬
‫واألقاليم والجهات تواليا)‪ ،‬بالموازاة مع تراجع مهم لمداخيل الجماعات الخاصة بمخصصات التجهيز‬

‫‪ 33‬نسبة االدخار الخام إلى مداخيل التسيير‪.‬‬


‫‪ 34‬نسبة المداخيل الذاتية إلى نفقات التسيير الحقيقية‪.‬‬
‫‪ 35‬الحصص من الضريبة على الدخل والضريبة على الشركات والرسم على عقود التأمين‪.‬‬

‫‪313‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫من منتوج الضريبة على القيمة المضافة (‪ ،)-%40‬وكذلك انخفاض إلمدادات التجهيز بالنسبة للجهات‬
‫(‪ .)-%45‬فيما يخص الفوائض المالية التي تعتبر أهم مدخول على هذا الصعيد‪ ،‬فقد استقرت نسبيا‬
‫مع ارتفاع مكونها الخاص بفوائض السنوات السابقة في مقابل تدني الفائض المحول من الجزء األول‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬أشارت وزارة االقتصاد والمالية إلى انخفاض حجم القروض الممنوحة للجماعات الترابية‬
‫من طرف صندوق التجهيز الجماعي خالل سنتي ‪ 2020‬و‪ ،2021‬بحيث بلغ على التوالي ‪ 3.646‬مليون درهم‬
‫و‪ 3.038‬مليون درهم مقابل ‪ 4.305‬مليون درهم سنة ‪ .2019‬كما انخفضت سحوبات القروض من‬
‫‪ 4.189‬مليون درهم سنة ‪ 2019‬إلى ‪ 3.510‬مليون درهم سنة ‪ 2020‬بسبب تداعيات الجائحة على وتيرة‬
‫إنجاز استثمارات الجماعات الترابية‪.‬‬
‫وبالنسبة لنفقات هذا الجزء‪ ،‬فقد شهدت كل مستويات الجماعات الترابية نفس المنحى بانخفاض مهم‬
‫لكل من نفقات األشغال (انخفاض بنسب ‪ %17‬و‪ %33‬و‪ %22‬للجماعات والعماالت واألقاليم‬
‫والجهات تواليا) ونفقات اإلمدادات والمساهمات الممنوحة (انخفاض بنسب ‪ %8‬و‪ %59‬و‪%8‬‬
‫للجماعات والعماالت واألقاليم والجهات تواليا) مع استقرار لنفقات استهالك رأسمال الدين المقترض‪،‬‬
‫موازاة مع استقرار نفقة فوائد الديون المدرجة بالجزء األول للميزانية‪.‬‬
‫وقد أوضحت وزارة االقتصاد والمالية أنه‪ ،‬حسب النشرة اإلحصائية التي تصدرها الخزينة العامة للمملكة‪،‬‬
‫انخفضت موارد الجماعات الترابية إجماليا بنسبة ‪ %12,6‬نهاية شهر دجنبر ‪ ،2020‬مقارنة مع نفس الفترة‬
‫من سنة ‪ ،2019‬وذلك نتيجة تراجع الموارد المالية المحولة بنسبة ‪ %12,7‬والموارد الذاتية بما قدره ‪%12,6‬‬
‫في حين أن النفقات العادية تراجعت فقط بنسبة ‪ 5,6%‬ونفقات االستثمار بما نسبته ‪.%12,8‬‬
‫‪ .4‬مداخيل ونفقات الجماعات الترابية األكثر تأثرا بتداعيات الجائحة‬
‫سجلت‪ ،‬بالنسبة للمستويات الترابية الثالث‪ ،‬عالقة ترابطية بين تطور هذه المداخيل وظروف جائحة‬
‫كوفيد‪.19-‬‬
‫فبالنس بة للجماعات‪ ،‬سجل تأثير قوي للجائحة على المداخيل ذات المردود المنخفض مثل مداخيل‬
‫الرسم على محال بيع المشروبات والرسم على اإلقامة بالمؤسسات السياحية‪ ،‬التي فاقت بها نسب‬
‫االنخفاض ‪ %50‬بفعل تراجع أرقام معامالت محال بيع المشروبات واالنخفاض المهم ألعداد ليالي‬
‫المبي ت بالمؤسسات السياحية‪ .‬كذلك هو الشأن بالنسبة لمداخيل استغالل األمالك الجماعية العامة‪،‬‬
‫حيث قامت عدد من الجماعات بتطبيق إعفاءات جزئية بخصوصها لفائدة الملزمين بها بالنظر إلى‬
‫توقفهم عن استغاللها لفترة طويلة من سنة ‪ .2020‬بالموازاة مع ذلك‪ ،‬لوحظ تأثير أقل حدة‪ ،‬حيث لم‬
‫تتجاوز نسبة االنخفاض ‪ %15‬على األكثر‪ ،‬على المداخيل ذات المردودية األكبر‪ ،‬كالرسوم الثالثة‬
‫المدبرة من طرف الدولة والتي انخفضت أساسا بفعل تراجع إصدار األوامر بالمداخيل من طرف‬
‫اآلمرين بالصرف وبفعل تراجع التحصيل من قبل المحاسبين العموميين‪.‬‬
‫ومع عدم تسجيل تأثر ملحوظ ألي من مداخيل العماالت واألقاليم‪ ،‬باستثناء حصتها من منتوج الضريبة‬
‫على القيمة المضافة المشار إليها سلفا‪ ،‬فقد عرفت مداخيل الجهات من الضرائب والرسوم المحولة‬
‫من الدولة لفائدتها تراجعا مهما‪ .‬فباإلضافة إلى تراجع مجموع منتوجات هذه الضرائب والرسوم من‬
‫مصدرها لدى الدولة‪ ،‬وذلك بنسبة ‪ ،%5‬كانت الجهات من أبرز المساهمين في الصندوق الخاص‬
‫بتدبير جائحة فيروس كورونا المستجد بمبلغ ‪ 1,5‬مليار درهم‪ ،‬مثل ثلثها مجموع االقتطاعات التي‬
‫أجريت على الحصص الخاصة بهذه الجهات‪ ،‬بينما تم رصد الثلثين اآلخرين انطالقا من صندوق‬
‫التضامن بين الجهات‪ .‬وبذلك‪ ،‬تكون هذه الحصص الخاصة بالضرائب والرسوم الثالثة قد تراجعت‬
‫لدى مختلف الجهات بنسب من ‪ %15‬إلى ‪.%22‬‬
‫وقد كانت لهذه التطورات على مستوى المداخيل‪ ،‬تداعيات على تنفيذ النفقات التي يمكن التمييز فيها‬
‫بين نفقات ذات طابع اجتماعي ارتفعت‪ ،‬خاصة على مستوى الجهات‪ ،‬دون أن تشكل ثقال على‬
‫ميزانيات هذه األجهزة مع تقلص النفقات األخرى وفق ثالث تجليات مختلفة‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪314‬‬


‫فبخصوص نفقات الدعم االجتماعي‪ ،‬سجل بالنسبة لكل المستويات الترابية منحيان اثنان في تطورها‪،‬‬
‫إذ عرفت تقلصا لها فيما يخص مبالغ دعم الجمعيات غطى عليه ارتفاع مهم‪ ،‬لمبالغ الدعم المباشر‬
‫للفئات المعوزة‪ ،‬والتي تخص مصاريف اقتناء المؤونات الغذائية بشكل خاص‪ .‬فعلى سبيل المثال‪،‬‬
‫انتقلت هذه النفقات بالنسبة لكل الجهات بين سنتي ‪ 2019‬و‪ 2020‬من ‪ 201‬إلى ‪ 383‬مليون درهم‪،‬‬
‫أي بارتفاع نسبته ‪.%90‬‬
‫أما فيما يخص النفقات التي سجلت انخفاضا‪ ،‬فيتعلق األمر أوال بنفقات تراجعت بشكل حتمي أملته‬
‫ظروف الجائحة‪ ،‬كنفقات التنقل واقتناء المحروقات ومصاريف استهالك الماء والكهرباء بالبنايات‬
‫اإلدارية وتنظيم اللقاءات والندوات‪ ،‬بنسب وصلت بخصوص بعضها إلى ‪ %80‬ومن دون أن يمكن‬
‫ذلك هذه الجماعات الترابية من تحقيق هوامش اقتصاد ذات أهمية‪.‬‬
‫ويخص التجلي الثاني االنخفاض المحقق في نفقات دعم الجمعيات‪ ،‬بالنظر إلى التوجيهات اإلرشادية‬
‫التي بادرت إليها وزارة الداخلية كتلك الخاصة بتقليص دعم الجمعيات‪ ،‬والتي تم االقتصار بشأنها‬
‫على عدد محدود (من ‪ 11.194‬إلى ‪ 2.684‬جمعية بالنسبة لعينة الدراسة بين سنتي ‪ 2019‬و‪.)2020‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬تم تقليص مبالغ المخصصات المرصودة للمقاطعات‪ ،‬والتي تراجعت بالنسبة‬
‫للجماعات الستة المعنية بها من ‪ 699‬إلى ‪ 557‬مليون درهم‪ ،‬أي بتراجع نسبته ‪ ،%20‬وهو ما ساهم‬
‫بما قدره ‪ %27‬من االنخفاض اإلجمالي لنفقات التسيير الحقيقية‪ .‬ويمكن إضافة كذلك نفقات الموظفين‬
‫التي حافظت على استقرارها نتيجة القرار المتخذ بشأن وقف الترقيات ومباريات التوظيف‪.‬‬
‫ويظهر التجلي الثالث النخفاض نفقات الجماعات الترابية‪ ،‬وخاصة منها الجماعات‪ ،‬في تعذر تسديدها‬
‫لنفقات اإلنارة العمومية واستهالك المياه بالفضاءات التابعة لها‪ ،‬وكذلك مستحقات شركات التدبير‬
‫المفوض‪ ،‬وبذلك تم ترحيل هذه التحمالت إلى السنوات الموالية‪ .‬والجدير باإلشارة أنه رغم نسب‬
‫االنخفاض غير المرتفعة الخاصة بأداءات هذه النفقات الثالثة‪ ،‬والتي ناهزت على التوالي ‪%24‬‬
‫و‪ %12‬و‪ ،%13‬إال أن أهمية مبالغها جعلها تساهم في مجموعها بنسبة ‪ %52‬من االنخفاض اإلجمالي‬
‫لنفقات التسيير الحقيقية‪.‬‬
‫وتبعا لما سبق‪ ،‬يظهر التأثير الحقيقي للجائحة على مالية الجماعات الترابية‪ ،‬وخاصة الجماعات التي‬
‫كانت األكثر تأثرا‪ ،‬والذي تراوح من انخفاض لمداخيلها المختلفة ليصل إلى عدم تمكنها من تسديد‬
‫نفقات ضرورية تهم المرافق الحيوية للمواطنين‪.‬‬
‫وقد أوضحت وزارة االقتصاد والمالية أنه خالل سنتي ‪ 2020‬و‪ ،2021‬صدر‪ ،‬تباعا‪ ،‬القانون رقم ‪07.20‬‬
‫القاضي بتغيير وتتميم القانون رقم ‪ 47.06‬المتعلق بجبايات الجماعات المحلية والقانون رقم ‪ 57.19‬المتعلق‬
‫بنظام األمالك العقارية للجماعات الترابية‪ ،‬وهو ما من شأنه أن يساهم في الرفع من الموارد الذاتية للجماعات‬
‫الترابية وتحفيز االستثمارات المحلية‪.‬‬
‫كما أشارت الوزارة نفسها أن مبلغ الباقي استخالصه المستحق للجماعات الترابية يصل إلى ‪ 43‬مليار درهم‪،‬‬
‫حسب معطيات وزارة الداخلية‪ ،‬وهو ما ينبغي معه إيالء الجماعات الترابية أهمية بالغة الستخالص مواردها‬
‫الذاتية‪.‬‬
‫ثالثا‪ .‬على مستوى مجهودات الجماعات الترابية للتصدي لتداعيات الجائحة‬
‫‪ .1‬المساهمات المالية لفائدة الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا "كوفيد‪"19-‬‬
‫ساهمت الجماعات الترابية خالل سنة ‪ ،2020‬بمختلف مستوياتها‪ ،‬في الصندوق الخاص بتدبير جائحة‬
‫فيروس كورونا وذلك من خالل المساهمة من الميزانية الخاصة‪ ،‬والتنازل عن تعويضات المنتخبين‬
‫عن المهام االنتدابية ومساهمات الموظفين واألعوان‪ .‬وإجماال‪ ،‬فقد بلغت الموارد التي تم ضخها‬
‫بخصوص العينة المعتمدة‪ ،36‬بحسب ما ورد باالستمارات‪ ،‬حوالي ‪ 528‬مليون درهم‪ ،‬بلغت فيها‬

‫‪ 286 36‬جماعة ترابية‪ ،‬تضم الجهات االثنتي عشرة و‪ 69‬عمالة وإقليم و‪ 205‬جماعة‪.‬‬

‫‪315‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫المساهمة عن طريق الميزانية الخاصة ما يناهز ‪ 494‬مليون درهم بنسبة ‪ ،%94‬متبوعة بمساهمة‬
‫الموظفين واألعوان بنسبة ‪ ،%5‬فيما تم التنازل عن تعويضات المنتخبين بنسبة ‪.%2‬‬
‫وعالقة بالمساهمة باعتماد الميزانية الخاصة‪ ،‬فقد تقرر استنادا إلى بالغ جمعية جهات المغرب بتاريخ‬
‫‪ 16‬مارس ‪ 2020‬االتفاق على المساهمة في الصندوق بتخصيص ‪ 1,5‬مليار درهم منها‪:‬‬
‫‪ 1‬مليار درهم من الصندوق الخاص بالتضامن بين الجهات و‪ 500‬مليون درهم كمساهمة من‬
‫الميزانيات الخاصة‪ ،‬وقد تم اقتطاع هذه األخيرة مباشرة من مخصصات الجهات السنوية من الصندوق‬
‫الخاص بحصص الضرائب المرصدة للجهات‪.‬‬
‫أما بالنسبة لعينة الجماعات والعماالت واألقاليم‪ ،‬فقد تمت المبادرة من خالل برمجة اعتمادات تتعلق‬
‫إما بالفائض السنوي المحقق خالل سنة ‪ 2019‬أو جزء منه أو بتحويالت مالية مباشرة لفائدة‬
‫الصندوق‪.‬‬
‫‪ .2‬المساعدات المقدمة للفئات الهشة والمتضررة وللمجتمع المدني‬
‫تنوعت تدخالت عينة الجماعات الترابية أساسا بين تقديم إعانات بشكل مباشر لفائدة الفئات الهشة‬
‫المتضررة‪ ،‬أو بشكل غير مباشر للمجتمع المدني‪ ،‬من خالل تحويل المبالغ لفائدة الجمعيات‪ ،‬مخصصة‬
‫لتقديم الدعم‪ .‬وقد لوحظ في هذا الصدد تباين على مستوى صيغة تقديم الدعم بين الجماعات الترابية‬
‫المشكلة لعينة الدراسة‪.‬‬
‫ففيما يخص الدعم المقدم لفائدة الفئات المتضررة‪ ،‬فقد تمثل أساسا في دعم عيني عبارة عن مساعدات‬
‫غذائية استفاد منها حوالي ‪ 1.129.028‬من المحتاجين بمبلغ إجمالي أزيد من ‪ 301‬مليون درهم‪ ،‬أي‬
‫بمعدل ‪ 265‬درهم للقفة الواحدة‪ .‬وقد تمت عملية حصر لوائح المستفيدين وتوزيع المساعدات الغذائية‬
‫بإشراف من السلطات المحلية‪.‬‬
‫أما فيما يخص المساعدات المقدمة للجمعيات عالقة بالجائحة‪ ،‬فقد تم تقديم دعم مالي لفائدة ‪ 123‬جمعية‬
‫بقيمة مالية فاقت ‪ 100‬مليون درهم‪ ،‬كان الهدف منها مواجهة االنعكاسات االجتماعية (اقتناء وتوزيع‬
‫المساعدات الغذائية‪ ،‬منح قروض بدون فائدة‪ )...‬والصحية (تعزيز المستشفيات والمراكز الصحية‬
‫بالموارد البشرية واللوجستيكية وبالتجهيزات التقنية والطبية الالزمة‪ ،‬القيام بحمالت تحسيسية والسهر‬
‫على عمليات التعقيم والتطهير‪ ،‬اقتناء األدوية ومستلزمات الوقاية الصحية‪ .)...‬باإلضافة الى تدخالت‬
‫أخرى كالمساهمة في مصاريف اإلطعام للعاملين في مواجهة الجائحة والمصابين بكوفيد‪.19-‬‬
‫وبالنسبة لبعض الجماعات الترابية‪ ،‬فلم يتم وضع معايير موضوعية‪ ،‬دقيقة وواضحة حول كيفية‬
‫اختيار الجمعيات التي تم دعمها‪ .‬كما أن نشاط بعض الجمعيات‪ ،‬والتي يفترض مراكمتها لتجربة في‬
‫مجال العمل االجتماعي واإلنساني قصد ضمان نجاحها في تدبير المهمة الموكولة إليها‪ ،‬ال ينسجم‬
‫وموضوع الدعم‪.‬‬
‫‪ .3‬مجهودات التعاون والتنسيق‬
‫في إطار التصدي لتداعيات جائحة كوفيد ‪ ،19‬بادرت الجماعات الترابية إلى القيام بمجموعة من‬
‫التدخالت من أجل تحقيق التنسيق والتعاون مع مختلف الشركاء الفاعلين على المستوى الوطني‬
‫والترابي ضمانا الستمرارية عملها في ظل الظروف الصحية‪ .‬إال أنه سجل ضعف دور الجماعات‬
‫الترابية‪ ،‬خاصة فيما يتعلق بحجم القرارات والمقررات المتخذة من أجل تدبير الجائحة مقارنة مع‬
‫متطلبات الوضعية الصحية واالجتماعية‪ ،‬وكذلك فيما يخص عقد اجتماعات تنسيقية من أجل مناقشة‬
‫الوضعية الوبائية وتحديد األهداف المناسبة لمواجهتها‪.‬‬
‫فق د تبين من خالل العينة التي تمت دراستها أن نسبة المقررات المتعلقة بالجائحة لم تتعد ‪ %6‬من‬
‫مجموع المقررات المتخذة من طرف مجالس الجماعات الترابية‪ .‬كما هو الحال بالنسبة للقرارات‬
‫المتخذة في شأن مواجهة الجائحة والتي لم تتعد نسبة ‪ %5‬من مجموع القرارات خالل الفترة‬
‫‪.2021 - 2020‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪316‬‬


‫وقد أوضحت وزارة الداخلية أنه‪ ،‬وفي إطار مجهودات التنسيق والتعاون‪ ،‬تم إحداث لجان جهوية لليقظة‬
‫االقتصادية تحت قيادة السادة الوالة وبانخراط من رؤساء مجالس الجماعات الترابية بهدف ضمان اإلدارة‬
‫االستباقية لألزمة المرتبطة بجائحة كورونا بطرق فعالة‪ ،‬مع مراعاة الخصوصيات واألولويات الجهوية‪ .‬وقد‬
‫تضمنت التقارير الدورية لهذه اللجان الجهوية مجموعة من المقترحات الكبرى لمواجهة تداعيات الجائحة‪،‬‬
‫شملت ‪ 5‬أقسام محورية هي‪ :‬ديناميكيات األعمال ودعم ريادة األعمال‪ ،‬االستثمار والتشغيل‪ ،‬التنظيم والتطوير‪،‬‬
‫الجانب االجتماعي والضرائب والتسوية‪.‬‬
‫وفي نفس السياق‪ ،‬تضيف الوزارة‪ ،‬أنه تم تعميم دورية وزارية لمواكبة ودعم المقاوالت المتوسطة والصغرى‬
‫من طرف الجماعات الترابية لتحقيق اإلقالع االقتصادي‪ .‬كما شاركت الجماعات الترابية ممثلة بالمجالس‬
‫الجهوية وجمعية الجهات في مجموعة من الورشات تهم مراجعة القانون التنظيمي للجهات‪ ،‬في شقه المرتبط‬
‫باالختصاصات المتعلقة بالتنمية االقتصادية وذلك لالنخراط في المجهودات الرامية لتحقيق اإلقالع االقتصادي‬
‫ما بعد الجائحة‪.‬‬
‫‪ .4‬مجهودات حفظ الصحة المبذولة من قبل الجماعات‬
‫تعاني الجماعات التي تتوفر على وحدات لحفظ الصحة من محدودية الموارد البشرية الطبية بالنظر‬
‫إلى طبيعة المهام المنوطة بها‪ ،‬باإلضافة إلى تراجع نسبة تطورها خالل الجائحة بالمقارنة مع وضعية‬
‫ما قبل الجائحة‪ ،‬خاصة فيما يتعلق باألطباء والممرضين‪ ،‬حيث يشكل هذا النقص تحديا بالنسبة‬
‫للجماعات المعنية يحول دون اضطالعها بالمهام المنوطة بها في توفير شروط الصحة والسالمة‬
‫للساكنة المحلية‪.‬‬
‫وخالفا لوضعية الممرضين واألطباء‪ ،‬فقد سجل ارتفاع‪ ،‬بنسبة ‪ ،%33‬في عدد اإلداريين واألعوان‬
‫خالل سنة ‪ ،2020‬بالمقارنة مع سنة ‪ .2019‬وقد تم تعزيز الوحدات بهذه األصناف من الموارد‬
‫البشرية في إطار التأقل م مع التدابير التي ينبغي القيام بها لإلسهام في مواجهة تداعيات الجائحة‪ .‬إال‬
‫أن ممارسة اختصاصات وحدات حفظ الصحة والمتمثلة على العموم في الوقاية وحفظ الصحة العامة‬
‫وحماية البيئة ال تقتصر فقط على وجود اإلداريين واألعوان‪ ،‬وإنما يتطلب األمر وجود العدد الكافي‬
‫من الممرضين واألطباء من أجل مالءمة هذه الموارد مع طبيعة المهام المنتظرة منهم‪.‬‬
‫وقد سجلت اآلليات والمركبات الموضوعة رهن إشارة وحدات حفظ الصحة تطورا ما بين سنتي‬
‫‪ 2019‬و‪ 2020‬وذلك في إطار تعزيز الوحدات بالوسائل والمعدات واآلليات الالزمة لمواجهة‬
‫الجائحة حيث ارتفعت بنسبة ‪ %41‬خالل الفترة المذكورة‪ .‬ورغم هذا االرتفاع‪ ،‬فإن الجماعات لم‬
‫تتمكن من توفير العدد الكافي من سيارات اإلسعاف وسيارات نقل الموتى مما أفضى إلى صعوبة في‬
‫تلبية جميع طلبات الساكنة‪.‬‬
‫وباإلضافة إلى تدخالتها االعتيادية مثل محاربة القوارض والبعوض وجمع الحيوانات الضالة‪ ،‬فقد‬
‫قامت وحدات حفظ الصحة التابعة للجماعات بمجموعة من التدخالت خالل فترة الجائحة مثل عمليات‬
‫التطهير والتعقيم‪ ،‬والمراقبة الصحية‪ ،‬وتدبير الوفيات‪ ،‬ونقل المصابين بالفيروس للمستوصفات‪،‬‬
‫والمساهمة في تنظيم عمليات التلقيح‪ .‬غير أن هذه التدخالت لم تتسم بالتوازن بين مختلف أصنافها‪،‬‬
‫إذ أن معظم الجهود وجهت لعمليات التطهير والتعقيم‪ ،‬علما أن التدخالت األخرى تعتبر أيضا مهمة‬
‫من أجل الحد من تداعيات الجائحة‪.‬‬
‫‪ .5‬الطلبيات العمومية والعقود المبرمة بهدف التصدي لتداعيات الجائحة‬
‫خالل سنتي ‪ 2020‬و‪ ،2021‬أبرمت الجماعات الترابية مجتمعة ما مجموعه ‪ 1.561‬طلبية عمومية‬
‫وعقد بمبلغ إجمالي قدره ‪ 694‬مليون درهم‪ ،‬تتعلق مباشرة بتدبير الجائحة‪ ،‬أي ما يشكل نسبة ‪%11‬‬
‫من مجموع عدد الطلبيات العمومية والعقود المبرمة بصفة عامة ونسبة ‪ %6‬من مجموع مبالغ هذه‬
‫األخيرة‪ .‬وتتباين هذه األخيرة‪ ،‬حسب صنف الجماعات الترابية‪ ،‬بحيث ناهزت هذه المبالغ على التوالي‬
‫‪ 285‬مليون درهم و‪ 182‬مليون درهم و‪ 226‬مليون درهم‪ ،‬بالنسبة للجهات وعينة العماالت‪/‬األقاليم‬
‫وعينة الجماعات‪ .‬وتتوزع مواضيعها بين تدخالت اجتماعية (‪ 294‬مليون درهم) وصحية‪/‬وقائية‬
‫(‪ 203‬مليون درهم) ولوجيستيكية (‪ 90‬مليون درهم)‪.‬‬

‫‪317‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫وفيما يخص توزيع عدد الطلبيات العمومية والعقود المبرمة قصد التصدي للجائحة‪ ،‬فالجماعات‬
‫الترابية‪ ،‬موضوع العينة‪ ،‬قامت باعتماد مسطرة سندات طلب بشكل أكبر من أجل مواجهة الجائحة‪،‬‬
‫باعتبارها وسيلة مرنة تضمن تلبية الحاجيات المقررة دون التقيد بشكليات مساطر ابرام الصفقات‬
‫العمومية المنصوص عليها في النصوص التنظيمية الجاري بها العمل‪ .‬وفي هذا اإلطار‪ ،‬تم إصدار‬
‫ما مجموعه ‪ 1.104‬سند طلب (بنسبة ‪ %71‬من العدد اإلجمالي) مقابل ‪ 377‬صفقة عمومية‬
‫و‪ 80‬عقدا‪.‬‬
‫أما فيما يخص درجة إعمال مبدأ المنافسة‪ ،‬فقد سجل بالنسبة للصفقات العمومية ذات الصلة بالجائحة‪،‬‬
‫أن الجماعات الترابية قامت بتفعيل المسطرة التفاوضية طبقا لما نصت عليه دورية وزير الداخلية‬
‫عدد ‪ ،1248‬بحيث بلغ عددها ‪ 312‬صفقة تفاوضية‪ ،‬أي ما يشكل نسبة ‪ %83‬من عدد الصفقات‬
‫العمومية ذات الصلة بتدبير الجائحة‪ .‬كما أن ‪ %76‬من الصفقات التفاوضية المبرمة من طرف عينة‬
‫الجماعات الترابية كان لها صلة مباشرة بالتصدي للجائحة‪.‬‬
‫وقد تم‪ ،‬في بعض الح االت‪ ،‬االعتماد على أسلوب التفاوض المباشر مع مقاولة واحدة منذ الوهلة‬
‫األولى‪ ،‬ومن دون اللجوء إلى أسلوب التفاوض مع مقاوالت مختلفة بهدف التمكن من اختيار العرض‬
‫المناسب حسب معايير الثمن وظروف وآجال التسليم‪.‬‬
‫إلى جانب ذلك‪ ،‬لم تكن تتوفر‪ ،‬عند ظهور الجائحة‪ ،‬غالبية الجماعات الترابية على الئحة للموردين‬
‫والمقاوالت الذين يتم التعامل معهم في مثل هذه الحاالت الطارئة‪ .‬ويتجلى دور هذه الالئحة في الطبيعة‬
‫الفجائية والمباغتة لمثل هذه األزمات التي يتعين فيها على الجماعات الترابية إبرام طلبيات عمومية‬
‫وفق آليات تمكن من اقتناء التوريدات الالزمة أو القيام بأشغال وخدمات معينة بأقل تكلفة مع الحرص‬
‫على ضمان مبادئ الشفافية والمساواة بين المتنافسين‪.‬‬
‫‪ .6‬االتفاقيات المبرمة قصد التصدي للجائحة‬
‫خالل سنتي ‪ 2020‬و‪ ،2021‬صادقت الجماعات الترابية‪ ،‬على اتفاقيات شراكة مع مختلف القطاعات‬
‫المعنية بغرض التخفيف من حدة اآلثار الفورية أو المستقبلية للجائحة سواء على المستوى الصحي‬
‫أو االجتماعي أو االقتصادي‪ .‬وقد بلغ عدد اتفاقيات الشراكة المصادق عليها من طرف مجالس العينة‪،‬‬
‫ما مجموعه ‪ 69‬اتفاقية‪ ،‬التزمت فيها بتعبئة غالف مالي بحوالي ‪ 257‬مليون درهم‪.‬‬
‫وقد استأثرت الجهات لوحدها بالنصيب األكبر من إجمالي االلتزامات المالية‪ ،‬بما مجموعه‬
‫‪ 157‬مليون درهم‪ ،‬أي ما يشكل نسبة ‪ ،%61‬متبوعة بعينة مجالس العماالت واألقاليم‪ 37‬بحوالي‬
‫‪ 60‬مليون درهم (أي بنسبة ‪ ،)%23‬في حين لم تتجاوز عينة الجماعات‪ 38‬مبلغ ‪ 40‬مليون درهم أي‬
‫ما يشكل نسبة ‪.%15‬‬
‫أما بالنسبة لمواضيع هذه االتفاقيات‪ ،‬فقد شكلت االلتزامات المالية الموجهة لدعم القطاع الصحي ما‬
‫مجموعه ‪ 208‬مليون درهم‪ ،‬أي ما يشكل نسبة ‪ .%81‬ويتعلق األمر أساسا بمختلف التدخالت الرامية‬
‫إلى تجويد العرض الصحي من خالل تمويل أشغال إنشاء‪ ،‬تهيئة وصيانة وتجهيز وتعزيز المستشفيات‬
‫ومكاتب حفظ الصحة ومعهد باستور بالتجهيزات التقنية والعلمية والطبية الضرورية لمواجهة‬
‫االنعكاسات الصحية للجائحة والعمل على تهيئة وتدبير مراكز االستقبال والعزل للتكفل بمرضى‬
‫كوفيد‪ 19-‬مع توفير مختلف المستلزمات والتجهيزات الطبية وشبه الطبية والتعقيم‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫تقديم الدعم اللوجستيكي للجماعات ومصالح الوقاية المدنية ومصالح وزارة الصحة من خالل مدها‬
‫بسيارات اإلسعاف‪ .‬بالموازاة مع ذلك‪ ،‬تمت المصادقة من طرف مجلس جهة طنجة‪-‬تطوان‪-‬الحسيمة‪،‬‬
‫بشراكة مع جامعة عبد المالك السعدي‪ ،‬على اتفاقية لدعم البحث العلمي في مجال محاربة األوبئة‪،‬‬
‫وذلك عبر المساهمة في إنشاء وتجهيز مختبر األوبئة الجزيئي بكلية الطب والصيدلة بطنجة‪.‬‬

‫‪ 69 37‬عمالة وإقليما‪.‬‬
‫‪ 205 38‬جماعة‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪318‬‬


‫أما فيما يخص باقي االتفاقيات‪ ،‬فقد بلغت االلتزامات المالية ذات الصلة ما مجموعه ‪ 49‬مليون درهم‪،‬‬
‫أي ما يشكل نسبة ‪ ،%19‬ويتعلق األمر أساسا بإبرام اتفاقيات الغرض منها اتخاذ التدابير الالزمة‬
‫الفورية أو المستقبلية لتأهيل وتمكين ومواكبة المتضررين من الجائحة (نساء‪ ،‬صناع تقليديون‪،‬‬
‫مقاولون‪ ،‬تعاونيات‪ )...‬مع البحث عن سبل إنعاش وضمان إقالع القطاع االقتصادي والسياحي‪ .‬كما‬
‫تمت أيضا المبادرة إلى دعم قطاع التعليم‪ ،‬خاصة فيما يتعلق بتجويد عملية الدراسة عن بعد‪.‬‬
‫وبالرغم من هذه المجهودات‪ ،‬فقد سجل انخراط متباين في إبرام اتفاقيات لمواجهة تداعيات الجائحة‪،‬‬
‫بحيث قامت فقط ‪ %58‬من الجهات‪ ،‬و‪ % 26‬من العماالت‪/‬األقاليم موضوع العينة و‪ %3‬من عينة‬
‫الجماعات بتدارس إمكانية عقد اتفاقيات خاصة أو المشاركة في اتفاقيات إطار بهدف البحث عن سبل‬
‫التعاون الكفيلة بالمساهمة في التخفيف من حدة اآلثار الفورية أو المستقبلية للجائحة سواء على‬
‫المستوى الصحي أو االجتماعي أو االقتصادي‪.‬‬
‫وعالقة بهذه الجوانب‪ ،‬أشارت وزارة االقتصاد والمالية إلى أنه تم التوقيع‪ ،‬متم سنة ‪ ،2021‬على أربعة عقود‪-‬‬
‫برامج بين الدولة وجهات فاس ‪ -‬مكناس والداخلة ‪ -‬وادي الذهب وبني مالل ‪ -‬خنيفرة وكلميم ‪ -‬واد نون‪ ،‬بتكلفة‬
‫إجمالية تناهز‪ 23,57‬مليار درهم من أجل تمويل ‪ 197‬مشروعا‪/‬برنامج‪.‬‬
‫وفي السياق ذاته‪ ،‬أوضحت الوزارة أن خارطة الطريق لتنزيل اإلطار التوجيهي لتفعيل ممارسة الجهات‬
‫الختصاصاتها تنص على تنفيذ برنامج عمل استعجالي مرتبط باإلقالع االقتصادي والتشغيل‪ ،‬وذلك عبر‬
‫اعتماد آليات تنظيمية‪ ،‬والسيما‪ ،‬التوقيع بتاريخ ‪ 10‬يونيو ‪ 2021‬على دورية مشتركة بين وزير الداخلية‬
‫والوزير المكل ف بالمالية والوزير المكلف بالصناعة حول التفعيل األمثل لممارسة اختصاصات الجهات في‬
‫مجال دعم المقاوالت‪.‬‬
‫تأسيسا على ما سبق‪ ،‬توصي المجالس الجهوية للحسابات الجماعات الترابية بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬إدماج البعد المتعلق بإدارة المخاطر ضمن أولويات الجماعات الترابية واعتماد وتفعيل‬
‫برامج للتكوين ولتقوية القدرات في مجال مواجهة األزمات الصحية‪ ،‬على غرار ما هو‬
‫معمول به بالنسبة للمخاطر المرتبطة بالفيضانات‪ ،‬والزالزل وانتشار الجراد؛‬
‫‪ -‬العمل على تقوية مبادرات الشراكة والتنسيق بهدف التخفيف من حدة اآلثار المستقبلية‬
‫للجائحة سواء على المستوى الصحي أو االجتماعي أو االقتصادي؛‬
‫‪ -‬التنفيذ السريع لتدخالت الجماعات الترابية خالل فترات األزمات من خالل وضع مخطط‬
‫استباقي لتدبير الطلبيات العمومية والعقود‪ ،‬مع الحرص‪ ،‬قدر اإلمكان‪ ،‬على إعمال مبدأ‬
‫المنافسة وتفادي أي تجاوزات على هذا المستوى؛‬
‫‪ -‬تأهيل المكاتب الجماعية لحفظ الصحة بناء على إنجاز تشخيص عميق لهذه الوحدات‪.‬‬
‫ارتباطا بالتوصية األخيرة‪ ،‬فقد أوضحت وزارة الداخلية أنها تقوم بمواكبة دائمة وتقديم الدعم الالزم للجماعات‬
‫في مجال الوقاية وحفظ الصحة لتجاوز الصعوبات التي يعاني منها‪ ،‬والمتمثلة أساسا في ضعف التغطية الترابية‬
‫(‪ )%18‬والنقص الحاد في الموارد البشرية (‪ 312‬إطارا صحيا على المستوى الوطني) وضعف التجهيزات‬
‫والوسائل اللوجستيكية‪ .‬ولهذه الغاية‪ ،‬تضيف الوزارة أنها أطلقت برنامجين مهيكلين‪:‬‬
‫‪ -‬برنامج تأهيل المكاتب الجماعية لحفظ الصحة‪ ،‬الذي انطلق بشكل فعلي سنة ‪ 2009‬ويشمل حاليا ‪ 12‬مدينة‪،‬‬
‫بكلفة إجمالية قدرها ‪ 158‬مليون درهم؛‬
‫‪ -‬برنامج إحداث مجموعات الجماعات الترابية من أجل بناء وتجهيز مكاتب جماعية لحفظ الصحة ‪-2019‬‬
‫‪ 2024‬بكلفة إجمالية تصل إلى ‪ 536‬مليون درهم‪ ،‬والذي يهدف إلى رفع التغطية الترابية من هذه المرافق‬
‫إلى أزيد من ‪ %64‬بحلول سنة ‪ 2024‬من خالل إحداث ‪ 67‬مكتبا لحفظ الصحة في إطار مجموعات‬
‫الجماعات الترابية لفائدة ‪ 696‬جماعة‪.‬‬
‫وبالموازاة مع ذلك‪ ،‬أوضحت الوزارة أنها تولي عناية خاصة لألطر العاملة بمكاتب حفظ الصحة من خالل‬
‫سعيها إلى مالء مة وضعيتهم اإلدارية والمالية مع نظرائهم بالقطاعات األخرى‪ ،‬وكذا دعم قدراتهم المهنية‬
‫وتقديم المواكبة القانونية والدعم التقني لهذه األطر من خالل جلب الخبرة المحلية والدولية بهذا المجال‪ ،‬حيث‬
‫إنها بصدد إعداد اتفاقية مع وزارة الصحة والحماية االجتماعية إلعادة تأهيل موظفين جماعيين بالمعاهد العليا‬

‫‪319‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫لمهن التمريض وتقنيات الصحة‪ .‬وفضال عن ذلك‪ ،‬تقدم الوزارة أيضا دعما ماليا قصد اقتناء المواد والتجهيزات‬
‫واآلليات الالزمة لحسن سير هاته المرافق‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪320‬‬


‫تدبير الجهات‪:‬‬
‫الحاجة إلى تعزيز وظيفة التخطيط االستراتيجي وتنويع مصادر التمويل‬

‫أولت التشريعات ذات الصلة بالالمركزية‪ ،‬وخاصة القانون التنظيمي رقم ‪ 111.14‬المتعلق بالجهات‪،‬‬
‫مكانة محورية للجهة في التخطيط الترابي‪ ،‬وذلك باعتبارها رافعة للتنمية الجهوية المندمجة‬
‫والمستدامة وإطارا اللتقائية الخطط القطاعية وبرامج التنمية الترابية‪ .‬كما خولت لها مجموعة من‬
‫االختصاصات المتنوعة التي تهدف إلى تحقيق التنمية االقتصادية واالجتماعية وتقليص الفوارق‬
‫المجالية وتنمية القدرات وتعزيز تحقيق أهداف التنمية المستدامة على الصعيد الجهوي‪.‬‬
‫وقد صادقت مجالس جهات المملكة خالل الفترة ‪ 2019-2017‬على ‪ 11‬برنامجا للتنمية الجهوية‪،‬‬
‫بكلفة إجمالية بلغت حوالي ‪ 377‬مليار درهم‪ .‬كما أبرمت‪ ،‬خالل الفترة ‪ ،2020-2016‬أكثر من‬
‫‪ 2.500‬اتفاقية تعاون وشراكة بلغت مساهمتها فيها ما يناهز ‪ 15‬مليار درهم‪ ،‬و‪ 7.782‬طلبية بلغ‬
‫مجموع قيمتها حوالي ‪ 24‬مليار درهم‪ ،‬موزعة على ‪ 3.453‬صفقة بقيمة تتجاوز ‪ 21‬مليار درهم‬
‫و‪ 1.809‬عقد بقيمة تناهز (‪ )2‬ملياري درهم و‪ 2.520‬سند طلب بقيمة تتجاوز ‪ 152‬مليون درهم‪.‬‬
‫وارتباطا بتدبير الجهات‪ ،‬أنجزت المجالس الجهوية للحسابات مهمات رقابية انصبت أساسا حول‬
‫وضعياتها المالية والتخطيط االستراتيجي والحكامة المؤسساتية وكذا تدبير الطلبيات العمومية والدعم‬
‫الممنوح للجمعيات‪.‬‬
‫أوال‪ .‬على مستوى التحليل المالي‬
‫أ‪ .‬مؤشرات عامة‬
‫‪ ‬تطور متسارع للنفقات مقارنة مع المداخيل‬
‫عرفت ميزانيات الجهات نموا ملحوظا خالل الفترة ‪ ،2019-2016‬سواء من حيث المبلغ اإلجمالي‬
‫السنوي للمداخيل المحققة‪ 39‬أو النفقات الحقيقية‪ 40‬المنفذة‪ .‬وهكذا‪ ،‬حقق المجموع السنوي العام لمداخيل‬
‫الجهات تطورا مهما‪ ،‬بحيث انتقل من ‪ 5.264,58‬مليون درهم سنة ‪ 2016‬إلى‬
‫‪ 11.246,53‬مليون درهم سنة ‪ ،2019‬بنسبة نمو ناهزت ‪ .%114‬ويرجع هذا النمو أساسا إلى الرفع‬
‫التدريجي لحصة الجهات من منتوج الضريبة على الدخل والضريبة على الشركات من ‪ %2‬إلى ‪%5‬‬
‫بزيادة نقطة سنويا‪ .‬بالمقابل‪ ،‬شهدت سنة ‪ 2020‬تراجعا للمداخيل المذكورة‪ ،‬وذلك بنسبة ‪ %21‬لتستقر‬
‫في ‪ 8.868,60‬مليون درهم‪ .‬ويعزى هذا التراجع باألساس إلى تداعيات جائحة كوفيد‪ 19-‬على‬
‫االقتصاد الوطني‪ ،‬وبالتالي على حصة الجهات من الضرائب وإمدادات الدولة التي تأثرت بفعل‬
‫االنكماش االقتصادي المسجل خالل السنة المذكورة‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى‪ ،‬ارتفع إجمالي نفقات الجهات خالل الفترة ‪ 2019-2016‬بوتيرة فاقت تلك المسجلة‬
‫على مستوى المداخيل‪ ،‬ذلك أنها انتقلت من ‪ 2.847,50‬مليون درهم سنة ‪ 2016‬إلى ‪9.517,19‬‬
‫مليون درهم سنة ‪ ،2019‬أي بنسبة نمو إجمالية قاربت ‪ ،%235‬وبمعدل نمو سنوي بلغ ‪.%59‬‬
‫بالمقابل‪ ،‬تراجعت النفقات المذكورة بنسبة ‪ %9‬خالل سنة ‪ ،2020‬وذلك نتيجة اعتماد مقاربة‬
‫لترشيدها والتي تم نهجها من طرف الجهات على إثر جائحة كوفيد‪ .19-‬وبالرغم من أن قيمة النفقات‬
‫المنجزة ظلت أقل من قيمة المداخيل المحققة‪ ،‬فإن الوتيرة السريعة لتطور النفقات‪ ،‬وكذا إمكانية‬
‫استمرار تحقيق نسب تطور سلبية بالنسبة للمداخيل‪ ،‬قد يؤثران مستقبال على التوازنات المالية‬
‫للجهات‪ .‬وهو األمر الذي تزكيه نسبة النفقات الحقيقية من المداخيل المحققة البالغة ‪ %98‬سنة ‪2020‬‬
‫مما يستلزم اعتماد خطة لتنمية مداخيل الجهات بشكل يوازي زيادة نفقاتها‪.‬‬

‫‪ 39‬المداخيل المحققة = مجموع مداخيل التسيير والتجهيز – (تحويل الجزء الثاني من الميزانية‪ +‬دفعات الفائض للجزء الثاني من الميزانية)‬
‫‪ 40‬النفقات الحقيقية = مجموع نفقات التسيير والتجهيز – (فائض الجزء األول من الميزانية ‪ +‬تغطية اعتمادات التسيير المنقولة)‬

‫‪321‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫وفي هذا الصدد‪ ،‬أشارت وزارة الداخلية إلى أنه‪ ،‬وفي ظل االنخفاض المهم الذي عرفته المداخيل الجبائية‬
‫للدولة والجماعات الترابية نتيجة التراجع الملحوظ الذي سجلته المؤشرات االقتصادية على المستوى الوطني‬
‫بفعل جائحة كوفيد‪ ،19-‬فقد عملت مصالحها على سن واتخاذ مجموعة من التدابير واإلجراءات التنظيمية‪ ،‬في‬
‫إطار المواكبة‪ ،‬لدعم ترشيد نفقات الجهات أمام تراجع المداخيل‪ ،‬والتي شكلت تحديا من أجل الحفاظ على‬
‫التوازنات المالية‪.‬‬
‫‪ ‬تحسن مستمر لالدخار الخام‬
‫‪41‬‬

‫عرفت ميزانيات تسيير الجهات‪ ،‬خالل الفترة ‪ ،2020-2016‬تحسنا في مؤشراتها المالية‪ ،‬أدى إلى‬
‫تسجيل ادخار خام‪ ،‬انتقل من ‪ 3.631,97‬مليون درهم سنة ‪ 2016‬إلى ‪ 5.904,67‬مليون درهم سنة‬
‫‪ ،2020‬بنسبة نمو بلغت ‪ %63‬خالل الفترة المذكورة‪ .‬ويرجع تحقيق هذا التوازن المالي أساسا إلى‬
‫كون مداخيل التسيير حققت نسبة نمو أسرع من تلك المحققة بالنسبة لنفقات التسيير الحقيقية‪.42‬‬
‫‪ ‬تطور إيجابي للفائض الحقيقي الخام‬
‫بلغت نسبة نمو الفائض الخام لميزانيات الجهات ‪ %122‬خالل الفترة ‪ .2020-2016‬ويرجع ذلك‬
‫أساسا إلى م نحى التطور المتناسب لمداخيل ونفقات التجهيز المسجل في الفترة المذكورة ولقد عرف‬
‫حجم ميزانيات التجهيز ذروته خالل سنة ‪ 2019‬بتحقيق إجمالي مداخيل في حدود‬
‫‪ 19.353,79‬مليون درهم ليتراجع بنسبة ‪ %4‬خالل سنة ‪ 2020‬مقارنة مع السنة المذكورة‪ .‬أما‬
‫بالنسبة لنفقات التجهيز‪ ،‬فقد استمرت في االرتفاع لتبلغ قيمتها القصوى كذلك خالل سنة ‪ ،2019‬حيث‬
‫بلغ إجمالي نفقات التجهيز ‪ 8.148,61‬مليون درهم‪ ،‬لتتراجع بعد ذلك بنسبة ‪ %11‬خالل سنة ‪.2020‬‬
‫ويرجع هذا التطور في ميزانية التجهيز إلى التطبيق التدريجي لمقتضيات القانون التنظيمي رقم‬
‫‪ ،111.14‬المشار إليه أعاله‪ ،‬السيما تلك المتعلقة باالختصاصات الجديدة الموكولة إلى الجهات‬
‫المرتبطة باتفاقيات التعاون والشراكة مع مختلف الجهات العمومية المعنية‪ ،‬وما يقتضيه ذلك‪ ،‬من‬
‫رفع لمداخيل التجهيز ورصد العتمادات إضافية مهمة من أجل إبرام االتفاقيات المشار إليها‪.‬‬
‫وقد أوضحت وزارة الداخلية أن اتفاقيات الشراكة مع مختلف الفاعلين على المستوى الوطني والترابي ساهمت‬
‫في خلق دينامية تروم تظافر المجهود المالي من أجل تنفيذ مشاريع ذات بعد جهوي‪ ،‬مما مكن الجهات من‬
‫تدبير جيد لميزانيات التجهيز وتحقيق فائض خام‪ ،‬إضافة لتوزيع أمثل لنفقات التجهيز بخصوص توطين‬
‫المشاريع على المستوى الجهوي‪ .‬كما أكدت أنه ارتباطا بالتدابير واإلجراءات التنظيمية المتخذة لدعم ترشيد‬
‫نفقات الجهات بما فيها نفقات التجهيز‪ ،‬فقد تم إعطاء األولوية آنذاك الستكمال المشاريع التي هي في طور‬
‫اإلنجاز‪.‬‬
‫ب‪ .‬مؤشرات تنفيذ ميزانيات التسيير‬
‫‪ ‬ضعف نسبة الموارد الذاتية من مداخيل تسيير الجهات‬
‫سجلت المداخيل الضريبية واإلمدادات المحولة من طرف الدولة للجهات نسبة تطور بلغت ‪%85‬‬
‫خالل الفترة ‪ .2020-2016‬وبلغ الحد األقصى لهذا التطور نسبة ‪ %30‬خالل سنة ‪ 2018‬ليتراجع‬
‫فيما بعد بنسبة ‪ %17‬خالل سنة ‪ 2020‬نتيجة التداعيات السلبية لجائحة كوفيد‪ 19-‬على المداخيل‬
‫الضريبية للدولة‪ ،‬وبالتالي على حصة الجهات من هذه األخيرة‪ .‬وتمثل الضرائب واإلمدادات المحولة‬
‫من طرف الدولة لفائدة الجهات النصيب األكبر من مجموع مداخيل الجزء األول من الميزانية‪ ،‬وهو‬
‫ما يعكس ارتهانها الكبير بالتحويالت الضريبية للدولة‪.‬‬
‫بالمقابل‪ ،‬عرفت وتيرة نمو المداخيل الذاتية للجهات تراجعا ناهزت نسبته ‪ %7‬خالل الفترة سالفة‬
‫الذكر‪ .‬من جانبها‪ ،‬ظلت حصة الجهات من المداخيل المدبرة لفائدتها ضعيفة‪ ،‬إذ أن نسبتها من مجموع‬
‫مداخيلها لم تتجاوز ‪ %4‬كحد أقصى خالل سنة ‪ ،2016‬لتستقر عند ‪ %2‬كحد أدنى سنة ‪.2020‬‬

‫‪ 41‬فائض الجزء األول من الميزانية المدفوع للجزء الثاني منها‪.‬‬


‫‪ 42‬دون احتساب فائض الجزء األول من الميزانية‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪322‬‬


‫والمالحظ‪ ،‬أن بعض الجهات ال تمتلك رؤية من أجل تدبير نشط للمداخيل بهدف تنميتها من خالل‬
‫العمل‪ ،‬قدر اإلمكان‪ ،‬على دراسة سبل توسيع قاعدة المداخيل الذاتية وتقوية عائدات استثماراتها في‬
‫شركات التنمية المساهمة فيها‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬أوضحت وزارة الداخلية أنها تواكب الجهات فيما يخص تدبير الموارد‪ ،‬خاصة الذاتية منها‪،‬‬
‫بما في ذلك تحسيسها بأهمية تحيين قوائم الملزمين بشكل دائم مع الحرص على اتخاذ جميع اإلجراءات الكفيلة‬
‫بتحصيل مواردها الجبائية‪.‬‬
‫‪ ‬حصة نفقات اإلدارة العامة والدعم تمثل النسبة األكبر في نفقات التسيير‬
‫سجلت نفقات اإلدارة العامة زيادة ملحوظة خالل الفترة ‪ 2020-2016‬بلغت نسبتها ‪ .%184‬أما فيما‬
‫يتعلق بحصة الدفعات المحولة من قبل الجهات إلى الهيئات الخارجية‪ ،‬فقد سجلت نسبتها من مجموع‬
‫نفقات التسيير أعلى مستوى لها خالل سنة ‪ ،2019‬حيث بلغت ‪ ،%42‬لتتراجع في السنة الموالية‬
‫إلى ‪ .18%‬وتتكون هاته الدفعات أساسا من تحويالت الجهات لفائدة جماعات ترابية أخرى والوكاالت‬
‫الجهوية لتنفيذ المشاريع والدفعات المقدمة في إطار اتفاقيات الشراكة المبرمة‪ .‬وبالنسبة للنفقات‬
‫المرتبطة بالمجال االجتماعي‪ ،‬والمكونة أساسا من دعم الجمعيات وتقديم المساعدات ذات الطابع‬
‫االجتماعي‪ ،‬فقد عرفت حصتها من إجمالي نفقات التسيير الحقيقية تراجعا من ‪ %28‬سنة ‪ 2016‬إلى‬
‫‪ %15‬سنة ‪ .2020‬علما أنها عرفت نموا طفيفا خالل سنة ‪ ،2020‬نتيجة تقديم الجهات لمساعدات‬
‫تضامنية لفائدة المتضررين من جائحة كوفيد‪ ،19-‬من خالل مساهماتها في صندوق تدبير الجائحة‬
‫وتقديمها مساعدات عينية مباشرة‪.‬‬
‫وقد أشارت وزارة الداخلية إلى أن الحصة المهمة من نفقات التسيير تخصص لتسيير الوكاالت الجهوية لتنفيذ‬
‫المشاريع التي تضطلع بدور هام في تنفيذ المشاريع على المستوى الجهوي‪ ،‬موضحة أن تراجع النفقات‬
‫المرتبطة بالمجال االجتماعي يعزى إلى حصر مجال التعاون بين الجهات والمجتمع المدني في الجمعيات ذات‬
‫المنفعة العامة في إطار اتفاقيات الشراكة فقط‪ ،‬فضال عن تأطير هذا المجال من خالل الدورية عدد ‪D2185‬‬
‫بتاريخ ‪ 5‬أبريل ‪.2018‬‬
‫ج‪ .‬مؤشرات تنفيذ ميزانيات التجهيز‬
‫‪ ‬نمو في القدرة على التجهيز‬
‫عرفت القدرة اإلجمالية للجهات على التجهيز‪ ،‬نسبة زيادة مهمة بلغت ‪ %150‬خالل الفترة ‪-2016‬‬
‫‪ .2020‬وذلك بالرغم من تراجعها خالل سنة ‪ 2020‬بنسبة ‪ %6‬مقارنة مع سنة ‪ 2019‬نتيجة تداعيات‬
‫جائحة كوفيد‪ 19-‬على مداخيل الجهات ككل‪ .‬وقد سجلت قدرة الجهات على التمويل الذاتي نسبة زيادة‬
‫بلغت ‪ %50‬خالل الفترة ‪ ،2020-2016‬حيث انتقلت من ‪ 3.546,87‬مليون درهم سنة ‪ 2016‬إلى‬
‫‪ 5.316,38‬سنة ‪ ،2020‬وذلك نتيجة تحقيق الجهات المعنية ادخارا خاما مهما‪ .‬وبالرغم من هذا‬
‫التطور اإليجابي‪ ،‬تراجعت مساهمة القدرة على التمويل الذاتي في قدرة الجهات على التجهيز وفق‬
‫منحنى تنازلي‪ .‬أما فيما يتعلق بالمداخيل الخارجية‪ ،‬والتي تتكون أساسا من إمدادات الدولة ومتحصل‬
‫القروض‪ ،‬فقد عرفت تراجعا ملحوظا خالل سنة ‪ ،2020‬حيث بلغت ‪ 1.473,54‬مليون درهم مقارنة‬
‫مع ‪ 3.007,45‬مليون درهم سنة ‪ ،2019‬مسجلة بذلك نسبة تغيير سلبي ناهزت ناقص ‪ .%51‬وتبقى‬
‫الفوائض المالية السابقة المكون الرئيسي لقدرة الجهات على التجهيز‪ ،‬إذ أن نسبتها بلغت ‪ %62‬خالل‬
‫سنة ‪.2020‬‬
‫وقد أوضحت وزارة الداخلية أن ترشيد النفقات بشكل يتناسب مع نسبة تحقيق المداخيل‪ ،‬أسهم في تحقيق‬
‫الجهات الدخار عام‪ ،‬وهو ما يفسر إلى حد ما نمو القدرة على التجهيز‪ ،‬مضيفة أن قدرة الجهات على التمويل‬
‫الذاتي للمشاريع من أجل تحقيق التنمية الجهوية تظل نسبيا محدودة أمام ارتفاع حاجيات الساكنة‪ .‬ولتجاوز هذا‬
‫الوضع‪ ،‬أشارت الوزارة أن تنزيل برامج وطنية ذات بعد جهوي ساهم‪ ،‬من خالل إشراك الجهات بهدف‬
‫تقليص الفوارق المجالية على المستوى الوطني‪ ،‬في تحديد وفتح مصادر تمويل مهمة من خالل توحيد وتحقيق‬
‫االنسجام وااللتقائية المرجوة بين السياسة الوطنية والسياسة الترابية للتنمية‪.‬‬

‫‪323‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫‪ ‬حصة النفقات المرتبطة بمجاالت الدعم تمثل النسبة األكبر في نفقات التجهيز‬
‫شكلت نفقات الجهات المرتبطة بمجاالت الدعم حصة مهمة من إجمالي نفقات التجهيز الحقيقية خالل‬
‫الفترة ‪ ،2020-2016‬إذ تراوحت نسبتها ما بين ‪ %69‬كحد أقصى سنة ‪ 2016‬و‪ %50‬كحد أدنى‬
‫سنة ‪ .2018‬وقد حققت نفقات الدعم المقدمة من قبل الجهات خالل الفترة ‪ 2018-2016‬نموا بنسبة‬
‫‪ .%186‬وتتكون هذه النفقات باألساس من الدفعات المحولة من طرفها إلى الهيئات والمؤسسات‬
‫األخرى في إطار اتفاقيات التعاون والشراكة‪ ،‬والتي انتقلت من ‪ 1.270,83‬مليون درهم سنة ‪2016‬‬
‫إلى ‪ 2.355,60‬مليون درهم سنة ‪ ،2020‬محققة بذلك نسبة نمو فاقت ‪ .%85‬كذلك‪ ،‬ارتفعت‬
‫التحويالت لفائدة الوكاالت الجهوية لتنفيذ المشاريع‪ ،‬ألجل إنجاز المشاريع المبرمجة‪ ،‬من ‪ 27‬مليون‬
‫درهم سنة ‪ ،2017‬باعتبارها سنة التأسيس الفعلي للوكاالت المذكورة‪ ،‬إلى ‪ 1.825,00‬مليون درهم‬
‫سنة ‪ .2020‬مما يؤشر على تنامي دور الوكاالت الجهوية لتنفيذ المشاريع في تنزيل برامج التنمية‬
‫الجهوية وتفعيل اختصاصات الجهات خالل األربع سنوات المعنية‪.‬‬
‫وبالرغم من نسبة النمو المهم المسجلة خالل الفترة ‪ 2020-2016‬فيما يتعلق بنفقات اإلدارة العامة‬
‫والتي بلغت ‪ ،%237‬فإن حصة النفقات المذكورة من مجموع نفقات التجهيز عرفت تراجعا ملحوظا‪،‬‬
‫إذ أن نسبتها منها تراجعت من ‪ %42‬سنة ‪ 2016‬إلى ‪ %25‬سنة ‪ .2020‬أما بالنسبة للنفقات المرتبطة‬
‫بمجال الشؤون االقتصادية‪ ،‬فإن حصتها من إجمالي نفقات استثمار الجهات‪ ،‬لم تتعد‪ ،‬في أحسن‬
‫الحاالت‪ %10 ،‬المسجلة سنة ‪ .2020‬ويبقى مجال الشؤون االجتماعية األقل استفادة من نفقات‬
‫التجهيز‪ ،‬بحيث لم تتجاوز نسبته من إجمالي نفقات التجهيز ‪ %3‬كحد أقصى خالل سنة ‪ .2016‬يليه‬
‫في ذلك مجال الشؤون التقنية الذي عرف أعلى مستوياته خالل سنة ‪ 2018‬بنسبة ‪.%8‬‬
‫تأسيسا على ما سبق‪ ،‬توصي المجالس الجهوية للحسابات وزارة الداخلية ووزارة االقتصاد‬
‫والمالية بالعمل على تنويع مصادر تمويل الجهات عبر فتح الباب للمؤسسات المالية وإحداث حلول‬
‫تمويلية بديلة موجهة لفائدتها‪ ،‬واللجوء‪ ،‬كلما توفرت شروط ذلك‪ ،‬إلى الشراكة بين القطاعين العام‬
‫والخاص‪.‬‬
‫كما توصي المجالس الجهوية للحسابات الجهات بمراعاة توازن مقبول بين قدرة الجهات في‬
‫التجهيز وحصصها في تمويل برامج تنميتها الجهوية عند التخطيط والبرمجة للمشاريع التنموية‪.‬‬
‫ثانيا‪ .‬على مستوى التخطيط االستراتيجي للتنمية الجهوية‬
‫أ‪ .‬منهجية اإلعداد والتشخيص‬
‫‪ ‬إعداد برامج التنمية الجهوية في غياب تصاميم جهوية إلعداد التراب‬
‫تم وضع برامج التنمية الجهوية من قبل جميع الجهات في غياب توفرها على تصاميم جهوية إلعداد‬
‫التراب‪ ،‬علما أن المرسوم رقم ‪ 2.16.299‬المتعلق بمسطرة إعداد برنامج التنمية صدر بتاريخ سابق‬
‫(‪ 29‬يونيو ‪ )2016‬لتاريخ إصدار المرسوم رقم ‪ 2.17.583‬المتعلق بمسطرة إعداد التصميم الجهوي‬
‫إلعداد التراب (‪ 28‬شتنبر ‪ ،)2017‬بل إن المرسوم األخير تم إصداره بعد مصادقة مجالس معظم‬
‫الجهات على برامج تنميتها الجهوية؛ وهو األمر الذي لم يساعد على إعداد البرامج التنموية المعنية‬
‫بشكل يستجيب للرؤية المنصوص عليها في القانون التنظيمي‪ ،‬سالف الذكر‪ ،‬والذي جعل التصاميم‬
‫الجهوية إلعداد التراب المرجع األساسي للتخطيط لبرامج التنمية الجهوية‪ .‬وتنطوي مسألة إنجاز‬
‫التصميم الجهوي إلعداد التراب بشكل الحق لبرنامج تنمية الجهة على مخاطر عدم انسجام هذين‬
‫المخططين‪ ،‬سيما وأن تأثيرهما يمتد إلى كافة المستويات الترابية بالجهة‪.‬‬
‫في هذا السياق‪ ،‬أوضحت وزارة الداخلية أنه‪ ،‬بصرف النظر عن الظرفية التي ميزت إعداد برامج التنمية‬
‫الجهوية للوالية االنتدابية ‪ ،2021-2016‬باعتبارها استثناء نظرا لحداثة هذه التجربة مع دخول القوانين‬
‫التنظيمية للجماعات الترابية حيز التنفيذ‪ ،‬فإن جميع الجهات تنخرط في بلورة برامج للتنمية الجهوية‬
‫لالختيارات االستراتيجية وكذا التوجهات المجالية والقطاعية‪ ،‬بما فيها تلك المتعلقة بالتصميم الجهوي إلعداد‬
‫التراب‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪324‬‬


‫‪ ‬ضرورة ضبط عملية اختيار مكاتب الدراسات وتتبع إعداد البرامج‬
‫لم يتم في بعض الحاالت إدراج معيار التجربة والخبرة في التخطيط االستراتيجي الترابي ضمن‬
‫مقاييس تقييم عروض مكاتب الدراسات المعنية بإعداد برنامج التنمية‪ .‬كذلك‪ ،‬وفي حاالت أخرى‪ ،‬لم‬
‫يتم اعتماد معايير تمكن من تقييم موضوعي للمؤهالت والعروض التقنية للمتنافسين‪ .‬أما على مستوى‬
‫تتبع تنفيذ صفقات اإلعداد لبرامج التنمية المعنية‪ ،‬فقد تبين أن هناك نقصا في الموارد البشرية‬
‫المتخصصة في التخطيط االستراتيجي لمواكبة وتتبع عملية إعداد برامج التنمية الجهوية‪ .‬عالوة على‬
‫أنه لم يتم تفعيل أجهزة الحكامة المكلفة بتتبع ومراقبة صفقة إعداد برنامج تنميتها الجهوي‪ ،‬والتي كان‬
‫من المفترض أن تشرف عليها لجنة للقيادة يرأسها رئيس الجهة‪.‬‬
‫بخصوص أجهزة الحكامة المكلفة بتتبع ومراقبة صفقات إعداد برامج التنمية الجهوية‪ ،‬أبرزت وزارة الداخلية‬
‫أنه قد تم تعزيز البنية التنظيمية إلدارة الجهات بالموارد الكافية لتتبع ومواكبة ومراقبة مختلف مراحل إنجاز‬
‫هذه البرامج‪.‬‬
‫‪ ‬اعتماد مقاربات تشاركية غير متكاملة إلعداد البرامج‬
‫تم‪ ،‬في بعض الحاالت‪ ،‬تسجيل نقص في التنسيق مع بعض القطاعات الوزارية على المستوى الجهوي‬
‫للتشاور حول المشاريع التي يمكن للجهات المساهمة في إنجازها خالل الوالية االنتدابية لمجالسها‬
‫بشراكة مع باقي المتدخلين المعنيين‪ .‬إضافة إلى ذلك‪ ،‬لم يتم التعاطي بشكل مناسب مع مقترحات‬
‫اللجان الدائمة لمجالس الجهات‪ ،‬وهو ما جعل هذه المرحلة من مسطرة اإلعداد ال تحقق األهداف‬
‫المتوخاة منها والمتمثلة في تنوير باقي مكونات مجالس الجهات أثناء مناقشة مشاريع برامج التنمية‬
‫الجهوية من أجل تجويدها وتدارك النقائص المسجلة فيها‪ .‬من جانب آخر‪ ،‬وعلى مستوى بعض‬
‫الجهات‪ ،‬تم إعداد برنامـج التنمية قبل إحداث اآلليات التشاركية للحوار والتشاور كما لم تغط اللقاءات‬
‫التشاورية كافة عماالت وأقاليم الجهة‪ .‬كذلك‪ ،‬تبين أنه لم يتم العمل على تحليل المقترحات التي تم‬
‫تلقيها على المواقع اإللكتروني بخصوص برنامج التنمية الجهوية الخاص إلحدى الجهات وأخذها‬
‫بعين االعتبار‪.‬‬
‫عالقة بهذا الجانب‪ ،‬أكدت وزارة الداخلية أن مصالحها ما فتئت تحث جميع الفاعلين‪ ،‬وخاصة الجماعات‬
‫الترابية‪ ،‬على االنخراط في ورش إعداد برامج التنمية لبلوغ مستوى تطلعات الجهات وإنجازها بشكل يتناسب‬
‫مع إمكانات وإكراهات كل جهة‪.‬‬
‫‪ ‬أهمية احترام الجدولة الزمنية إلعداد برامج التنمية الجهوية‬
‫سجلت جميع الجهات تأخرا على مستوى إعداد برامج تنميتها الجهوية المتعلقة بالوالية االنتدابية‬
‫‪ ،2021-2016‬حيث تمت المصادقة على هاته البرامج خالل مدة زمنية تراوحت ما بين ‪ 9‬أشهر‬
‫و‪ 40‬شهرا من تاريخ صدور المرسوم رقم ‪ 2.16.299‬بتاريخ ‪ 29‬يونيو ‪ 2016‬المتعلق بتحديد‬
‫مسطرة إعداد برنامج التنمية الجهوية وتتبعه وتحيينه وتقييمه وآليات الحوار والتشاور إلعداده‪.‬‬
‫وتعزى هذه الوضعية إلى عوامل مرتبطة بدخول الجهات تجربة جديدة تحتاج إلى بعض الوقت‬
‫إلنضاج التخطيط للتنمية الجهوية في إطار المنظور الجديد الذي أتت به القوانين التنظيمية للجماعات‬
‫الترابية‪ .‬وبالتالي‪ ،‬يتعين العمل‪ ،‬بالنسبة للفترات االنتدابية القادمة‪ ،‬على احترام الجدولة الزمنية‬
‫المحددة العتماد برنامج التنمية الجهوية‪ ،‬وتجاوز النقائص التي عرفتها المرحلة السابقة والتي حالت‬
‫دون اعتماد وثيقة مرجعية للتنمية الجهوية مع بداية الفترة االنتدابية لمجالس الجهات‪.‬‬
‫أوضحت وزارة الداخلية بهذا الشأن على كون الظرفية التي ميزت إعداد برامج التنمية الجهوية للوالية‬
‫االنتدابية ‪ ،2021-2016‬تعتبر استثناء‪ ،‬على أن تراعى في الفترات االنتدابية القادمة الجوانب المتعلقة باحترام‬
‫الجدولة الزمنية إلعداد هذه البرامج‪.‬‬
‫‪ ‬الحرص على تشخيص دقيق للموارد واإلمكانات‬
‫لم تقم غالبية الجهات بإجراء تقييم قبلي لمواردها وقدراتها المالية‪ ،‬كما لم تقم بإنجاز دراسات قبلية‬
‫للمشاريع المبرمجة للتأكد من مدى مالءمتها لمقومات وإمكانات الجهة المعنية وقابليتها للتنزيل على‬
‫أرض الواقع ولتقييم أثرها على التنمية المستدامة بالجهة‪ .‬وقد أدى غياب التشخيص الواقعي والدقيق‬

‫‪325‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫للحاجيات التنموية إلى تقليص عدد المشاريع المزمع تنفيذها‪ ،‬عند الشروع في تنزيل برنامج التنمية‬
‫الجهوية من طرف بعض الجهات‪.‬‬
‫ب‪ .‬التخطيط لبرامج التنمية الجهوية وتتبع تنزيلها‬
‫‪ ‬ضرورة تجويد التخطيط للبرامج القطاعية الفرعية‬
‫أقدمت بعض الجهات على إدراج مشاريع ال تدخل ضمن اختصاصاتها الذاتية أو المشتركة في برامج‬
‫التنمية الجهوية الخاصة بها‪ .‬وإذا كان هذا التوجه‪ ،‬قد يؤشر على وجود رغبة لدى مجالس الجهات‬
‫المعنية لبرمجة مشاريع ذات طابع اجتماعي لها أثر مباشر على الساكنة أو إلى كون الجهات ما زالت‬
‫تعتبر نفسها مستوى لسد العجز الذي قد يسجل في ميزانيات الجماعات‪ ،‬في حين أن هذه األخيرة‬
‫تندرج ضمن االختصاصات المنقولة‪ ،‬فإن مرد ذلك يعزى كذلك إلى‪:‬‬
‫‪ -‬تعدد التأويالت للمقتضيات القانونية المتعلقة باختصاصات الجهات نظرا لطابعها العام في‬
‫أحيان عدة‪ ،‬السيما فيما يتعلق بنطاق تدخل الجهات في بعض المجاالت التي تجد امتدادات‬
‫لها ضمن االختصاصات المنقولة أو ضمن اختصاصات الفاعلين العموميين اآلخرين في‬
‫التنمية الجهوية‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬تعتبر التنمية االجتماعية (التأهيل االجتماعي‪ ،‬المساعدة‬
‫االجتماعية‪ )... ،‬من ضمن االختصاصات الموكولة للجهات بنص القانون رقم ‪111.14‬‬
‫المتعلق بالجهات‪ ،‬إال أن الطابع العام في صياغة بعض مكونات هذا االختصاص‪ ،‬تجعل‬
‫الجهات تقوم بممارسة اختصاصات تندرج ضمن اختصاصات جماعات ترابية وقطاعات‬
‫وزارية أخرى‪ ،‬كالنقل المدرسي في العالم القروي وتأهيل مؤسسات استشفائية وتعليمية في‬
‫العالم الحضري باعتبارها قطاعات ذات طابع اجتماعي‪.‬‬
‫‪ -‬تعدد التقاطعات بين مختلف اختصاصات الجماعات الترابية المعنية والقطاعات الحكومية‬
‫المختصة‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬يعد اختصاص التنمية القروية (بناء وتحسين الطرق غير‬
‫المصنفة‪ ،‬تأهيل العالم القروي‪ ،‬تأهيل العالم القروي‪ ،‬تنمية المناطق الجبلية والواحات‪)...،‬‬
‫من ضمن االختصاصات الموكولة للجهات المنصوص عليها في القانون ‪ 111.14‬المتعلق‬
‫بالجهات‪ ،‬وهو نفس طبيعة االختصاص المنصوص عليه في القانون التنظيمي رقم‬
‫‪ 112.14‬المتعلق بالعماالت واألقاليم من قبيل إنجاز وصيانة المسالك القروية‪ ،‬تأهيل العالم‬
‫القروي في ميادين الصحة والتكوين والبنيات التحتية والتجهيزات‪ ،‬تنمية المناطق الجبلية‬
‫والواحات‪...،‬‬
‫ولعل من أبرز نتائج هاته الوضعية‪ ،‬تشتيت القدرة على التجهيز بالنسبة للجهات والحد من فعاليتها‬
‫وتأثيرها جراء تنفيذها عددا كبيرا من المشاريع المتعلقة بقطاعات ال تدخل بالضرورة ضمن‬
‫اختصاصاتها الذاتية أو المشتركة‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى ضبط الغالف المالي والجدولة الزمنية عند إعداد برامج التنمية الجهوية‬
‫لم تتمكن غالبية الجهات من ضبط آليات تحديد الكلفة المالية لمكونات برامج تنميتها الجهوية‪ ،‬حيث‬
‫تم تحديد التركيبة المالية لمجموعة من البرامج والمشاريع بشكل جزافي دون إنجاز دراسات خاصة‬
‫لتحديد الكلفة المالية الالزمة لتنفيذها وضمان تمويلها‪ .‬كما تم تسجيل حاالت متعددة تم فيها وضع‬
‫جدولة زمنية غير واقعية لتنفيذ المشاريع المبرمجة‪ .‬في هذا السياق‪ ،‬أدى غياب الدراسات المالية‬
‫والتقنية لمكونات برنامج التنمية الجهوية‪ ،‬إضافة إلى غياب رؤية مشتركة بين جميع الشركاء‬
‫والمتدخلين بخصوص مدى أولوية بعض المشاريع وكيفية إنجازها‪ ،‬إلى التخلي عن إنجاز برامج‬
‫مدرجة ضمن برنامج التنمية الجهوية‪.‬‬
‫أشارت وزارة الداخلية إلى أن بعض اإلكراهات والصعوبات العملية والواقعية وليدة الظرفية قد تعترض‬
‫ترجمة استراتيجيات البرنامج الجهوي للتنمية على شكل التزامات رسمية واتفاقيات في مرحلة التخطيط‬
‫والبرمجة‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪326‬‬


‫‪ ‬ضرورة تحديد األولويات وتوطين المشاريع‬
‫لم يتم في بعض الحاالت تحديد البرامج ذات األولوية كما لم يتم توطين المشاريع‪ .‬وفي نفس السياق‪،‬‬
‫سجل غياب معايير موضوعية يمكن االرتكاز عليها في تحديد أولويات اختيار المشاريع المزمع‬
‫إنجازها في إطار تنزيل برنامج التنمية الجهوية‪ .‬وهو ما أدى في بعض الحاالت‪ ،‬إلى تصنيف بعض‬
‫المشاريع المهمة والتي تم إدراجها ضمن برنامج التنمية المجالية إلقليم معين‪ ،‬كأولوية منخفضة في‬
‫برنامج التنمية الجهوية للجهة‪ .‬مما قد يؤثر على تنزيل هاته المشاريع‪ ،‬ال سيما إذا كانت الجهة شريكا‬
‫رئيسيا في تمويلها وتنفيذها‪ .‬كما تبين أنه لم يتم أخذ جميع المعايير الواردة بدفاتر الشروط الخاصة‬
‫لترتيب األولويات بالجهة‪ ،‬كالجدوى االقتصادية وعدد المستفيدين والطابع االبتكاري للمشاريع‪ ،‬األمر‬
‫الذي قد يؤدي إلى تمويل مشاريع ذات وقع محدود على الساكنة‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة تفعيل آليات المراقبة والتتبع والتقييم‬
‫تم الوقوف على نقص في التخطيط لمرحلة مواكبة تنزيل برامج التنمية الجهوية من قبل مكاتب‬
‫الدراسات‪ ،‬وذلك من خالل الشروع في المواكبة دون أن تكون هناك مشاريع قد شرع فعال في تنفيذها‪،‬‬
‫مما ال ينسجم مع الهدف األساسي من العملية المتمثل في تتبع تقدم إنجاز المشاريع وتحديد تقييم‬
‫العوامل المؤثرة في تنزيلها‪ .‬كما لم تقم غالبية الجهات بالتفعيل الكلي لهيئات التتبع ولجان التنفيذ وفقا‬
‫لما تم تسطيره في برامج تنميتها الجهوية‪.‬‬
‫ج‪ .‬الحكامة المالية‬
‫‪ ‬إعداد الميزانيات السنوية‬
‫أبرزت مراقبة منهجية إعداد الميزانيات السنوية للجهات‪ ،‬قصورا في تفعيل البرمجة الممتدة على‬
‫ثالث سنوات كوسيلة من وسائل التخطيط واالضطالع برؤية استشرافية لموارد وتكاليف الجهات‬
‫المعنية لمدة ثالث سنوات‪ .‬ففي هذا السياق‪ ،‬عملت بعض الجهات على وضع برمجة ثالثية لميزانياتها‪،‬‬
‫إال أن بيانات البرمجة المذكورة ال تنسجم مع نفقات التجهيز المقررة في برامج تنميتها الجهوية‪.‬‬
‫كذلك‪ ،‬فإن جهات أخرى‪ ،‬وفي غياب توفرها على برمجة متعددة السنوات‪ ،‬تقوم بإدخال تعديالت‬
‫متكررة على ميزانياتها األصلية التي تم تحضيرها مسبقا بداية كل سنة‪ ،‬بحيث غالبا ما تتسم التعديالت‬
‫المعنية بطابعها الزمني والموضوعي المتكرر‪ ،‬وتهم في مجموعة من الحاالت نفس الخانات المالية‪.‬‬
‫أوضحت وزارة الداخلية بهذا الشأن على أنه يتم األخذ بعين االعتبار األولويات التي يحددها مجلس الجهة بناء‬
‫على المشاريع المدرجة في برنامج التنمية الجهوية وذلك في إطار إعداد الميزانية على أساس برمجة ثالثية‬
‫السنوات‪ ،‬مضيفة أنه يتم الحرص على االلتزام بهاته النفقات خالل مرحلة تنفيذ المشاريع‪ ،‬إال أنه عند إعداد‬
‫بعض االتفاقيات يتم تحيين وتعديل الميزانيات األصلية نظرا لبعض اإلكراهات التي قد يعرفها تنزيل بعض‬
‫هذه المشاريع‪.‬‬
‫‪ ‬تنزيل المقاربة المرتكزة على األهداف‬
‫تم تسجيل نقائص على مستوى المعطيات المضمنة في مشروع نجاعة األداء‪ ،‬تتمثل على سبيل المثال‬
‫في‪:‬‬
‫‪ -‬عدم تحديد البرامج المدرجة بكل فصل؛‬
‫‪ -‬عدم اعتماد مؤشرات لقياس األهداف المحددة؛‬
‫‪ -‬عدم تبني مقاربة النوع في تحديد األهداف والمؤشرات‪.‬‬
‫بهذا الخصوص‪ ،‬أوضحت وزارة الداخلية أن مختلف مجالس الجهات تلتزم بإعداد مشروع نجاعة األداء برسم‬
‫كل سنة مالية‪ ،‬والذي يرتكز باألساس على تقديم أهداف ومؤشرات برنامج التنمية الجهوية حسب محاوره مع‬
‫إبراز نسبة تفعيل المشاريع المدرجة في إطار هذا البرنامج وكذا حصيلة المشاريع المنجزة وااللتزامات المالية‬
‫الناتجة عن االتفاقيات والعقود المبرمة في إطار هذا البرنامج‪.‬‬

‫‪327‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫د‪ .‬تدبير آليات التعاون والشراكة‬
‫‪ ‬الحاجة إلى التزام معيار الشمولية وااللتقائية في منهجية التخطيط وإعداد الشراكات‬
‫تم تسجيل مجموعة من المالحظات المرتبطة بالمنهجية المتبعة إلبرام اتفاقيات التعاون والشراكة‬
‫بمختلف الجهات‪ ،‬حيث يمكن عرض أبرز تجلياتها كما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬غياب رؤية واضحة بشأن تدبير الشراكات والتعاون‪ ،‬في ظل غياب معايير لتوزيع‬
‫المساهمات المالية بحسب محاور برامج التنمية الجهوية أو على أساس توزيع ترابي‬
‫متكافئ؛‬
‫‪ -‬إبرام اتفاقيات من أجل تنفيذ سياسات قطاعية دون أن تكون للجهات معطيات تفصيلية أو‬
‫رؤية استراتيجية حول القطاع المعني أو مؤشرات حول األثر الممكن أن تحدثه االتفاقيات‬
‫المبرمة؛ وهو ما يحصر دور الجهات في التمويل فقط‪ ،‬حيث تنتهي التزاماتها بعد تحويل‬
‫مساهماتها دون التأكد من تحقيق أهداف االتفاقيات المعنية واآلثار المرجوة من إبرامها؛‬
‫‪ -‬عدم اعتماد منهجية في اختيار الشركاء مبنية على معايير موضوعية وعلى أساس طلب‬
‫اقتراح مشاريع في ميدان معين ودراستها واختيار األفضل منها؛‬
‫‪ -‬عدم إشراك‪ ،‬في بعض الحاالت‪ ،‬قطاعات الدولة كطرف شريك عند إبرام اتفاقيات بمحتوى‬
‫يندرج ضمن االختصاصات المشتركة‪ ،‬وذلك ضمانا للتنسيق المطلوب من طرف جميع‬
‫المتدخلين في قطاع معين واللتقائية األهداف الخاصة بكل مجال‪ ،‬وذلك كله لتفادي‬
‫االزدواجية في التخطيط والتمويل؛‬
‫‪ -‬إبرام اتفاقيات شراكة لتمويل مشاريع دون أخذ اإلمكانات المالية للجهات بعين االعتبار؛‬
‫‪ -‬عدم إيالء العناية الالزمة للجوانب المتعلقة بصياغة االتفاقيات المبرمة من طرف الجهات‪.‬‬
‫أبرزت وزارة الداخلية حرص الجهات على تجويد صياغة اتفاقيات التعاون والشراكة وإخضاعها لدراسة‬
‫دقيقة كفيلة بتغطية كافة الجوانب التقنية والمالية المتعلقة بتنفيذها من أجل التحكم في المخاطر القانونية والمالية‬
‫المرتبطة بصياغة مقتضياتها‪ ،‬إال أنه ال يمكن‪ ،‬حسب الوزارة‪ ،‬التنبؤ على سبيل الحصر واليقين بجميع‬
‫اإلكراهات التي يمكن أن تعترض تنفيذ بنود هذه االتفاقيات والتي تظل وليدة الظرفية‪.‬‬
‫‪ ‬أهمية إعمال التعاقد كآلية لتفعيل االختصاصات المشتركة مع الدولة‬
‫بالرغم من كون معظم برامج التنمية الجهوية قد تم اعتمادها من طرف الجهات خالل األسدس األول‬
‫من سنة ‪ ،2018‬فإن ذلك لم يصاحبه إبرام بعض الجهات لعقود‪-‬برامج مع الدولة‪ ،‬وذلك من أجل‬
‫تنزيل مشاريع برامج التنمية الجهوية المدرجة في إطار االختصاصات المشتركة‪ .‬وهو ما أدى إلى‬
‫تعثر بعض مكونات هاته البرامج أو حذفها من محاور التنمية الجهوية نظرا لغياب آلية تدبيرية تعاقدية‬
‫تحدد التزامات تدخل الجهات من ناحية‪ ،‬والقطاعات الحكومية‪ ،‬من ناحية أخرى‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة في هذا السياق‪ ،‬إلى أن عدم اعتماد مسطرة مرجعية واضحة وموثقة إلبرام عقود‪-‬‬
‫برامج‪ ،‬تبرز ماهية هاته اآللية وكيفيات إعدادها ومن تحديد السلطات المعنية بإبرام وتنزيل العقود‬
‫بين الدولة والجهات ومن تحديد الجزاءات في حال إخالل أي من الشركاء بالتزاماتهم‪ ،‬تشكل عائقا‬
‫بالنسبة لبعض الجهات في تكوين تصور حول دور العقود‪-‬البرامج المذكورة كآلية لتنزيل المشاريع‬
‫التنموية‪ .‬إذ يتم اعتبار العقد‪-‬برنامج كمخطط مواز لبرنامج التنمية الجهوية يمكن أن يتضمن مشاريع‬
‫غير تلك المدرجة في البرنامج‪ ،‬وذلك بدل اعتباره إطارا يحدد التزامات مختلف المتدخلين من أجل‬
‫تنزيل برنامج التنمية الجهوية‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪328‬‬


‫‪ ‬أهمية العمل على تعزيز تتبع تنفيذ االتفاقيات‬
‫لم تتخذ الجهات ما يكفي من اإلجراءات من أجل تتبع تنفيذ االتفاقيات التي تكون طرفا فيها‪ ،‬حيث ال‬
‫تعمل على مراقبة نسبة استخدام مساهماتها المالية وال مدى مطابقة المنجزات لألهداف التعاقدية‬
‫المتفق عليها‪ .‬كما أنها ال تعمل على المطالبة‪ ،‬عند االقتضاء‪ ،‬باسترجاع الفوائض غير المستعملة من‬
‫مساهماتها التي قد تنتج في بعض الحاالت عن الفرق بين الكلفة التقديرية للمشاريع المتعاقد بشأنها‬
‫وبين كلفتها الحقيقية المحصورة بعد إتمام إنجازها‪ ،‬كما قد تنتج‪ ،‬في حاالت أخرى‪ ،‬عن عدم وفاء‬
‫شركاء الجهات المعنية بالتزاماتهم التعاقدية وبالتالي توقف تنفيذ المشاريع المشار إليها أو عدم تنفيذها‬
‫بالمرة‪.‬‬
‫أشارت وزارة الداخلية في هذ الصدد إلى حرص الجهات على إغناء االتفاقيات بالبنود المتعلقة بآليات تتبع‬
‫تنفيذها لتفادي مجموعة من اإلشكاالت من قبيل رفع التكلفة التقديرية للمشاريع أو عدم مطابقة المنجزات‬
‫لألهداف المتفق عليها أو تمديد مدة سريان هذه االتفاقيات وهو ما يحتمل مخاطر قانونية ومالية في حالة عدم‬
‫التزام الجهات باالتفاقيات األصلية‪.‬‬
‫‪ ‬إبرام اتفاقيات ال تساعد على تنزيل برامج التنمية الجهوية أو ال تتناسب وأنشطة‬
‫الشركاء‬
‫يشكل برنامج التنمية الجهوية اآللية المرجعية للتنفيذ والتي يتوجب أن تؤطر خيارات برمجة وتنفيذ‬
‫األعمال التنموية خالل المدة االنتدابية لكل مجلس جهة‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬فإن بعض االتفاقيات المبرمة‬
‫ال يندرج موضوعها ضمن االختصاصات الذاتية والمشتركة للجهات المعنية‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فإن االبتعاد‬
‫عن اإلطار المحدد في البرنامج من شأنه أن يحول دون قدرة الجهة المعنية على تنزيل كافة األعمال‬
‫التنموية المدرجة فيه على أرض الواقع خالل فترة العمل به‪ .‬كما يشكل هذا الوضع عائقا أمام تحقيق‬
‫التكامل واالنسجام بين مختلف المشاريع داخل النفوذ الترابي للجهة‪ ،‬وبالتالي الحد من أثرها لبلوغ‬
‫األهداف التنموية المحددة ضمن وثيقة برنامج التنمية الجهوية‪.‬‬
‫تأسيسا على ما سبق‪ ،‬تؤكد المجالس الجهوية للحسابات على ضرورة تكريس مكانة الصدارة التي‬
‫خولها الفصل ‪ 143‬من الدستور للجهات في عمليات إعداد وتتبع برامج التنمية الجهوية‪،‬‬
‫والتصاميم الجهوية إلعداد التراب‪ ،‬وعلى أهمية ترسيخ مبدأ الديمقراطية التشاركية‪ ،‬من خالل‬
‫وضع مجالس الجهات‪ ،‬وكما ينص على ذلك الفصل ‪ 139‬من الدستور‪ ،‬آليات تشاركية للحوار‬
‫والتشاور‪ ،‬لتيسير مساهمة المواطنات والمواطنين والجمعيات في إعداد برامج التنمية وتتبعها‪.‬‬
‫كما تدعو هذه المجالس وزارة الداخلية إلى‪:‬‬
‫‪ -‬إعادة النظر في المقتضيات القانونية المتعلقة بالجهات بشكل يمكن من رسم حدود أكثر‬
‫دقة الختصاصاتها لتفادي تعدد التأويالت وتقليص التقاطع مع اختصاصات الفاعلين‬
‫الترابيين اآلخرين وتحديد نطاق تدخلهم على مستوى التنمية الجهوية؛‬
‫‪ -‬العمل على مزيد من تنقيح وضبط مقتضيات العقد‪-‬برنامج النموذجي بين الدولة‬
‫والجهات‪ ،‬وذلك بهدف تحديد إطاره ودور كل طرف في المسؤوليات المنوطة به وربطه‬
‫بأهداف استراتيجية ومؤشرات قابلة للتقييم‪.‬‬
‫وتوصي المجالس الجهوية للحسابات الجهات بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬إعداد تشخيص شامل لإلمكانات المالية للجهات وللوضعية الجهوية للقطاعات‬
‫االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬ال سيما فيما يتعلق بجرد مجمل المشاريع المنجزة أو المزمع‬
‫إنجازها في تراب الجهات المعنية مع تعزيز المقاربة التشاركية في إعداد برامج التنمية‬
‫الجهوية؛‬
‫‪ -‬تصنيف المشاريع التنموية المرتبطة بنفس الموضوع ضمن برامج تنموية فرعية‬
‫متناسقة في مشاريعها ومتكاملة في أهدافها‪ ،‬مع الحرص على إنجاز دراسات الجدوى‬

‫‪329‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫قبل اختيار توطين المشاريع المدرجة ضمن برامج التنمية الجهوية‪ ،‬ووضع جدولة‬
‫زمنية واقعية لتنزيلها؛‬
‫‪ -‬إبرام عقود‪-‬برنامج مع القطاعات الحكومية المعنية من أجل تنزيل سليم للمشاريع‬
‫التنموية‪ ،‬السيما بالنسبة للبرامج التي تدخل في إطار االختصاصات المشتركة‪ ،‬وخالل‬
‫فترات موازية لمدة تنزيل برامج التنمية الجهوية؛‬
‫‪ -‬القيام‪ ،‬في مرحلة أولى‪ ،‬بجرد وتقييم لجميع االتفاقيات المبرمة سابقا من أجل تفعيل‬
‫أو تحيين أو تعديل تلك القابلة للتنفيذ وفسخ‪ ،‬عند االقتضاء‪ ،‬االتفاقيات غير القابلة‬
‫لألجرأة؛‬
‫‪ -‬إعداد تصور من أجل تدبير الشراكات والتعاون على صعيد الجهات مبني على تنزيل‬
‫برامج التنمية الجهوية‪ ،‬ووضع معايير توزيع المساهمات المالية بحسب حاجيات‬
‫القطاعات؛ مع تحري الدقة في تحرير اتفاقيات الشراكة بما يساعد على التنزيل السليم‬
‫لها ويمكن من التأويل الموحد لبنودها؛‬
‫‪ -‬تفعيل الجهات آلليات تتبع تنزيل برامج التنمية الجهوية‪ ،‬ومواكبة أجرأة االتفاقيات‪،‬‬
‫مع الحرص على استرجاع األموال المدفوعة في حال عدم وفاء شركاء الجهات‬
‫بالتزاماتهم‪.‬‬
‫ثالثا‪ .‬على مستوى الحكامة المؤسساتية‬
‫أ‪ .‬الوكاالت الجهوية لتنفيذ المشاريع وتدبير محفظة المساهمات المالية‬
‫‪ ‬نقائص على مستوى حكامة الوكاالت الجهوية لتنفيذ المشاريع‬
‫يتمثل دور الوكاالت الجهوية لتنفيذ المشاريع في تقديم كل أشكال المساعدة القانونية والهندسة التقنية‪-‬‬
‫المالية عند دراسة وإعداد المشاريع وبرامج التنمية‪ .‬وفي هذا السياق‪ ،‬تم تسجيل مجموعة من‬
‫المالحظات تهم تدبير بعض الوكاالت‪ ،‬من أهمها‪:‬‬
‫‪ -‬تكليف الوكالتين الجهويتين لتنفيذ المشاريع‪ ،‬على مستوى جهتي طنجة‪-‬تطوان‪-‬الحسيمة‬
‫وبني مالل‪-‬خنيفرة‪ ،‬بإنجاز مشاريع وبرامج التنمية التي أقرها مجلسا الجهتين‪ ،‬دون إعمال‬
‫مبدأ التدرج لمراعاة القدرات التدبيرية للوكالتين اعتبارا لحداثة إنشائهما ولكونهما كانتا في‬
‫طور إرساء هياكلهما اإلدارية؛‬
‫‪ -‬بروز بعض التباينات حول دور الوكالة في تقييم برنامج التنمية الجهوية‪ .‬فمن وجهة‬
‫نظر الجهة‪ ،‬يبقى تقييم المشروع من خالل التأكد من تحقيق أهدافه ووضع مؤشرات‬
‫لقياس األداء واألثر من مهام الوكالة‪ .‬أما بالنسبة لهاته األخيرة‪ ،‬فإنها ترى أن دورها‬
‫ينحصر في اإلشراف على إنجاز المشروع فقط‪ ،‬بينما تبقى الجهة هي المسؤولة عن‬
‫تقييم المشاريع‪ .‬وقد تشكل هذه الوضعية عائقا يحول دون التأكد من تحقيق برامج التنمية‬
‫الجهوية لألهداف المنشودة منها؛‬
‫‪ -‬تباين في مستوى تفعيل الوكاالت المحدثة الختصاصاتها‪ .‬فلئن كانت الوكالة الجهوية‬
‫لتنفيذ المشاريع بجهة طنجة‪-‬تطوان‪-‬الحسيمة‪ ،‬قد قامت بإنجاز دراسات لوضع‬
‫استراتيجيات لتفعيل بعض اختصاصات الجهة المعنية وإعداد تصور حول كيفية تنفيذ‬
‫بعض برامج التنمية واقتراح إحداث شركات للتنمية الجهوية‪ ،‬إضافة إلى إعداد الدراسات‬
‫التقنية لصفقات األشغال وتنفيذ المشاريع المرتبطة بها‪ ،‬فإن دور الوكالة الجهوية لتنفيذ‬
‫المشاريع بجهة الدار البيضاء‪-‬سطات‪ ،‬اقتصر‪ ،‬إلى حدود متم سنة ‪ ،2019‬على‬
‫االستشارات والدراسات التقنية والمالية دون أن يتعداه إلى تنفيذ المشاريع‪ .‬في حين أن‬
‫الوكالة التابعة لجهة مراكش ‪ -‬آسفي سجلت عدم تفعيل أي اختصاص نظرا للتأخر في‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪330‬‬


‫تفعيل أجهزة الحكامة الخاصة بها‪ .‬أما من حيث استغالل الوكاالت لمشاريع لفائدة‬
‫الجهات‪ ،‬فيبقى هذا االختصاص غير مفعل في الغالب‪.‬‬
‫وتعتبر وزارة الداخلية‪ ،‬بهذا الخصوص‪ ،‬أن قيام الوكاالت الجهوية لتنفيذ المشاريع بإجراء تقييم مرحلي من‬
‫خالل وضع مؤشرات للتأكد من تحقيق األهداف وقياس األداء واألثر‪ ،‬يشكل دعامة الختصاصات األجهزة‬
‫التقريرية للجهة في موضوع التقييم الذي يرجع لها أن تباشره في كل مراحل تنفيذ المشاريع والبرامج‪ .‬كما‬
‫تعتبر الوزارة ذاتها أن الوكاالت مطالبة كذلك بالتوفر على منظومة للرقابة الداخلية والتي من بين أسسها التتبع‬
‫والتقييم المستمر بما يساعد على التحكم في المخاطر وتحقيق األهداف‪.‬‬
‫‪ ‬العمل على تحسين تدبير محفظة المساهمات المالية‬
‫خول المشرع للجهات إمكانية إحداث أو المساهمة في رأسمال شركات للتنمية الجهوية باعتبارها آلية‬
‫لتدبير مرفق عمومي يندرج ضمن نطاق تدخلها‪ .‬وفي هذا اإلطار‪ ،‬تم تسجيل بعض المالحظات‬
‫المرتبطة بتدبير المساهمات المالية للجهة‪ ،‬من أبرزها‪:‬‬
‫‪ -‬قيام جهة مراكش‪-‬آسفي بإحداث أربع شركات التنمية الجهوية دون إنجاز أي دراسات‬
‫جدوى تقنية أو مالية أو قانونية للتأكد من وجود حاجة حقيقية إليها وألجل بلورة تصور‬
‫قبلي دقيق حول مجاالت التدخل ذات األولوية التي يمكن أن تكون موضوع شراكات مع‬
‫القطاع الخاص‪ .‬عالوة على مساهمة نفس الجهة في رأسمال شركة تبين أن مهامها ال تندرج‬
‫ضمن أي من االختصاصات المنوطة بالجهات‪ ،‬ذلك أن الشركة المذكورة تتولى تدبير‬
‫المرفق الجماعي المتعلق بالنقل العمومي الحضري عالي الجودة‪ ،‬باإلضافة إلى تأمين كافة‬
‫العمليات المرتبطة بتأمين حسن سير وديمومة المرفق من شراء للحافالت وتوفير‬
‫التجهيزات الضرورية للنقل العمومي الحضري وإنجاز الدراسات الضرورية في هذا‬
‫الصدد ‪ ،‬في حين أن اختصاصات الجهة في مجال النقل تنحصر في مهمتي إعداد تصميم‬
‫النقل داخل النفوذ الترابي للجهة وتنظيم خدمات النقل الطرقي غير الحضري لألشخاص‬
‫بين الجماعات الترابية داخل الجهة؛‬
‫‪ -‬عدم اعتماد رؤية استراتيجية على مستوى جهة طنجة‪-‬تطوان‪-‬الحسيمة تقرر على أساسها‬
‫الجهة المساهمة في رأسمال الشركات في حدود إمكانياتها المالية وتدبير مساهماتها فيها‪.‬‬
‫حيث ال تتوفرالجهة على تصور حول تقدم أداء الشركات التي تساهم فيها والعلى برنامج‬
‫زمني لتحرير حصصها في رأسمالها وال على كيفية تدبير محفظة المساهمات على المدى‬
‫المتوسط والبعيد؛‬
‫‪ -‬توفر جهة الدار البيضاء‪-‬سطات على أسهم في مجموعة من شركات التنمية المحلية وذلك‬
‫قبل صدور القانون التنظيمي رقم ‪ 111.14‬المتعلق بالجهات‪ ،‬الذي حدد إمكانية مساهمة‬
‫الجهات في رأسمال شركات التنمية الجهوية فقط مما يستدعي ضرورة مالءمة وضعية‬
‫الجهة المعنية مع مستجدات القانون التنظيمي سالف الذكر‪.‬‬
‫اعتبرت وزارة الداخلية بخصوص مساهمة الجهة في رأسمال شركات التنمية المحلية‪ ،‬أن مقتضيات المادة‬
‫‪ 130‬من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات‪ ،‬فتحت اإلمكانية في إشراك كل شخص اعتباري خاضع للقانون‬
‫العام‪ ،‬وهو ما ال يتنافى‪ ،‬حسب الوزارة‪ ،‬ووضعية الجهة‪ ،‬خصوصا بالنظر إلى محدودية الموارد المالية‬
‫للجماعات وإلى ضرورة أن تكون أغلبية رأسمال الشركة في ملك أشخاص اعتباريين خاضعين للقانون العام‪.‬‬
‫ب‪ .‬نظام المراقبة الداخلية‬
‫‪ ‬العمل على تجويد الهيكلة اإلدارية وتدبير الموارد البشرية‬
‫تعتري الهيكلة اإلدارية وتدبير الموارد البشرية على مستوى بعض الجهات عدة نقائص‪ ،‬من أبرز‬
‫تجلياتها ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬عدم تعيين مسؤولين في بعض المناصب اإلدارية وعدم تفعيل بعض األقسام والمصالح‬
‫اإلدارية؛‬

‫‪331‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫‪ -‬عدم استقرار الهيكلة التنظيمية إلدارة بعض الجهات أو وكاالتها مع نقص في التنسيق بين‬
‫المصالح اإلدارية؛‬
‫‪ -‬عدم تحديد اختصاصات األقسام والمصالح والوضوح في توزيع المهام بين الموظفين‬
‫وتحديد مسؤولياتهم مع تسجيل الجمع بين عدة مهام في بعض الحاالت‪.‬‬
‫كذلك‪ ،‬همت المالحظات‪ ،‬على مستوى بعض الجهات‪ ،‬مسطرة التوظيف وتدبير المسار المهني‬
‫للموظفين ودعم قدراتهم التدبيرية‪ ،‬أبرزها‪:‬‬
‫‪ -‬عدم استقرار الموارد البشرية ونقائص على مستوى تعيين وتدبير شؤون المكلفين بمهمة؛‬
‫‪ -‬عدم انخراط المكلفين بمهمة واألعوان العرضيين في بعض الجهات في أنظمة التقاعد؛‬
‫‪ -‬عدم تكليف بعض الموظفين بأي مهام داخل اإلدارة‪.‬‬
‫وعلى الرغم من أهمية المشاريع التنموية التي تضطلع بها الجهات‪ ،‬لم يتم إحداث وظيفة مراقبة‬
‫التسيير ضمن الهيكلة اإلدارية كآلية لتتبع سير تلك المشاريع ومقارنة التوقعات بالمنجزات‪ ،‬السيما‬
‫من حيث تكلفة تلك المشاريع ومدى تحقيق األهداف المسطرة في وقتها وتحديد المسؤوليات والكشف‬
‫عن مواطن الخلل حتى يمكن تفاديها مستقبال وبالتالي الرفع من مستوى األداء‪.‬‬
‫أيضا‪ ،‬لم تقم بعض الجهات باعتماد مخطط مديري جهوي للتكوين المستمر باعتباره ركيزة هامة في‬
‫التخطيط االستباقي لتنمية قدرات الموظفين والمنتخبين‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬أكدت وزارة الداخلية قيامها‪ ،‬في إطار المواكبة‪ ،‬بتناول هذا المحور من خالل منشور سنة‬
‫‪ 2016‬المحدد للهيكل التنظيمي للجهات‪ .‬كما أبرزت الوزارة أن رئيس مجلس الجهة‪ ،‬تطبيقا للمادة ‪ 101‬من‬
‫القانون التنظيمي المتعلق بالجهات‪ ،‬يتخذ قرارا يحدد من خالله اختصاصات الوحدات اإلدارية للجهة‪ ،‬مضيفة‬
‫أنه قد صدر سنة ‪ 2021‬مرسوم يتعلق بالتعيين في المناصب العليا بإدارة الجهات واألجور والتعويضات‬
‫المرتبطة بها‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة لتحديد المخاطر األساسية المرتبطة بعمل مصالح الجهات‬
‫في هذا اإلطار تم تسجيل ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬عدم توثيق المخاطر من خالل تجارب سابقة وذلك بهدف تحديد أسباب حدوثها وتقييم‬
‫مستوى ترددها وتأثيرها؛‬
‫‪ -‬عدم توثيق اإلجراءات التي تم اتخاذها واقتراح آليات أخرى من أجل الحد من المخاطر‬
‫المحتملة؛‬
‫‪ -‬عدم تطوير نظام معلومات يمكن من إبالغ دوري لمسؤولي الجهة حول المخاطر التي تم‬
‫التعرض لها خالل فترة معينة‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة في هذا السياق‪ ،‬إلى أنه قد تم مؤخرا إعداد مصفوفة للمخاطر‪ ،‬ذات طابع استراتيجي‬
‫وتنظيمي ومالي وقانوني وعملياتي‪ ،‬وذلك في إطار برنامج دعم ومواكبة الجهات في إرساء وظيفة‬
‫االفتحاص الداخلي الذي تشرف عليه وزارة الداخلية‪.‬‬
‫‪ ‬تباين في اعتماد وتطبيق دليل اإلجراءات والمساطر‬
‫عملت بعض الجهات‪ ،‬على توفير إطار نظري لتنظيم عملها وهياكلها اإلدارية من خالل اعتماد دليل‬
‫لإلجراءات والمساطر‪ .‬إال أنه‪ ،‬وبغض النظر عن بعض النقائص التي يتضمنها الدليل المذكور‪ ،‬فقد‬
‫تبين أن الجهة المعنية ال تتقيد بتطبيق مقتضيات هذا األخير‪ .‬في المقابل‪ ،‬لم تعمل جهات أخرى على‬
‫اعتماد دالئل لإلجراءات والمساطر الداخلية بالرغم من أهميتها كوثيقة تنظيمية مرجعية تمكن من‬
‫توثيق كل المساطر المتبعة مع تحديد المسؤولين عن كل عملية وكيفيات تنفيذها على الوجه األكمل‪،‬‬
‫كما تمكن من تبسيط وتنزيل كل التعليمات والمذكرات بما يكفل التقيد بالقوانين وتحقيق األهداف‬
‫المتوخاة في احترام تام لقواعد ومبادئ الحكامة الجيدة وضمان استمرارية المرفق العام‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪332‬‬


‫‪ ‬العمل على تسريع تفعيل وظيفة التدقيق الداخلي‬
‫تنص الهياكل التنظيمية لبعض الجهات على إحداث مصلحة للتدقيق الداخلي‪ .‬غير أن بعض الجهات‬
‫المعنية لم تعمل على تفعيل دور هذه المصلحة‪ ،‬وذلك من خالل تعبئة الموارد البشرية وتمكينها من‬
‫مزاولة مهامها وفق برامج سنوية محددة‪ .‬وعلى الرغم من أن بعض الجهات قامت بالتعاقد مع مكاتب‬
‫خاصة من أجل إنجاز التدقيق الداخلي لعملياتها‪ ،‬فإن هذا األمر ال يعفيها من ضرورة تفعيلها لوحدة‬
‫دائمة للتدقيق الداخلي‪ ،‬وذلك بما يمكن من التحديد المبكر للمخاطرالتي قد تواجهها إدارة الجهة المعنية‬
‫وبالتالي تفادي األخطاء والنقائص المحتملة‪ .‬وتجدر اإلشارة في هذا السياق‪ ،‬إلى أن وزارة الداخلية‬
‫عملت‪ ،‬في إطاربرنامج دعم ومواكبة الجهات في وضع وظيفة االفتحاص الداخلي‪ ،‬على مأسسة عمل‬
‫مصلحة االفتحاص الداخلي‪ ،‬وذلك من خالل‪:‬‬
‫‪ -‬إعداد مصفوفة للمخاطر وتحسيس رؤساء الجهات والمديرين العامين للمصالح بالدور‬
‫المحوري الذي يلعبه التدقيق الداخلي وبأهمية تحيين وتقييم المخاطر ذات الصلة بتدبير‬
‫شؤون الجهات؛‬
‫‪ -‬تقوية قدرات المدققين الداخليين الذين سيتم تعيينهم بمصلحة االفتحاص الداخلي‪ ،‬وتكوينهم‬
‫في تقنيات تشخيص نظام المراقبة الداخلية وتحليل المخاطر؛‬
‫‪ -‬المواكبة الميدانية للمدققين الداخليين المزمع تعيينهم في إعداد مصفوفة مخاطر عمليات‬
‫الجهة‪.‬‬
‫تأسيسا على ما سبق‪ ،‬توصي المجالس الجهوية للحسابات الجهات بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تقوية القدرات التدبيرية للوكاالت الجهوية لتنفيذ المشاريع قبل إسناد تنفيذ المشاريع‬
‫إليها‪ ،‬والحرص على وضع آليات فعالة لتنسيق تدخالتها بينها وبين الجهات وباقي‬
‫الفاعلين على المستوى الجهوي؛‬
‫‪ -‬إجراء دراسات جدوى قبلية للجوانب التقنية والقانونية والمالية قبل اإلقدام على تنزيل‬
‫مشاريع إحداث شركات التنمية الجهوية؛‬
‫‪ -‬مالءمة عمليات مساهمة الجهات في شركات التنمية المحدثة من قبل باقي الجماعات‬
‫الترابية والشركات األخرى مع مستجدات القوانين التنظيمية للجماعات الترابية؛‬
‫‪ -‬تدارك النقائص التي تعتري شركات التنمية الجهوية من قبيل التتبع المنتظم من طرف‬
‫الجهات لمآل مساهماتها‪ ،‬وضرورة حصر مساهمة الجهة في رأسمال شركة تنمية محلية‬
‫التي تندرج مهمتها ضمن اختصاصاتها؛‬
‫‪ -‬تعزيز منظومة المراقبة الداخلية من خالل‪:‬‬
‫‪ -‬استكمال الهيكلة التنظيمية للجهات مع التحديد الدقيق لصالحيات كل مصلحة على‬
‫حدة وتوصيف الوظائف والمهام والتدبير األمثل للموارد البشرية؛‬
‫‪ -‬اعتماد خارطة للمخاطر المحتملة والعمل على تقييمها وتحيينها وتحديد اإلجراءات‬
‫الواجب اتخاذها عند حدوثها ووضع دالئل للمساطر؛‬
‫‪ -‬تعزيز وظيفة مراقبة التسيير ووضع نظام متكامل للمعلومات باستغالل وتحيين‬
‫البرامج المعلوماتية لتتبع تنفيذ برامج التنمية الجهوية؛‬
‫‪ -‬تفعيل وظيفة التدقيق الداخلي‪ ،‬مع خالل مدها بالموارد البشرية المؤهلة وآليات العمل‬
‫الضرورية‪.‬‬

‫‪333‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫رابعا‪ .‬تدبير الطلبيات العمومية ومنح الجمعيات‬
‫أ‪ .‬الطلبيات العمومية‬
‫بالرغم من المجهودات المبذولة من طرف الجهات من أجل التقيد بالقواعد واإلجراءات المتعلقة‬
‫بالطلبيات العمومية‪ ،‬فإنه تم‪ ،‬في هذا الصدد‪ ،‬تسجيل مجموعة من المالحظات‪ ،‬المرتبطة ببعض‬
‫المخاطر والتي تتباين من حيث مظاهرها ومستوى ترددها من جهة إلى أخرى‪ .‬وتتعلق هاته المخاطر‬
‫أساسا بما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬إبرام بعض الجهات لصفقات ال يدخل موضوعها ضمن اختصاصاتها الذاتية أو‬
‫المشتركة‬
‫أسند القانون التنظيمي المتعلق بالجهات لهذه األخيرة اختصاصات ذاتية ومشتركة ومنقولة‪ .‬ولئن كان‬
‫الهدف من هذا التنوع في تراتبية االختصاصات هو تمكين الجهات المعنية من اختصاصات ذات‬
‫مضامين متالئمة تستوعب أبعاد التنمية الجهوية‪ ،‬فإنه من الضروري أن يتم توجيه توظيف مواردها‬
‫بما يخدم تنزيل مشاريع تنموية ذات بعد جهوي‪ .‬ولقد تبين في هذا السياق‪ ،‬أن بعض الجهات أبرمت‬
‫صفقات ال يندرج موضوعها ضمن اختصاصاتها الذاتية أو المشتركة على غرار النقل المدرسي‬
‫وأشغال اإلنارة العمومية والتطهير السائل وتهيئة مدارات حضرية وتأهيل القاعات المدرسية‬
‫وغيرها‪.‬‬
‫‪ ‬الحرص على إرساء الشروط الالزمة لضمان تحديد أفضل للحاجيات وإنجاز الصفقات‬
‫المبرمة في ظروف مالئمة‬
‫عرفت مجموعة من الصفقات المبرمة من طرف بعض الجهات تأخرا في التنفيذ مقارنة مع اآلجال‬
‫التعاقدية‪ .‬ويرجع ذلك إلى أسباب متعددة‪ ،‬من قبيل القصور في تقدير اآلجال الحقيقية التي يتطلبها‬
‫التنفيذ أو النقص في التنسيق بين مختلف المتدخلين في تنفيذ المشاريع أو عدم القيام باإلجراءات‬
‫القانونية لتوفير العقارات الالزمة لتنفيذ المشاريع أو عدم استصدار الرخص المطلوبة أو عدم دقة‬
‫الدراسات التقنية المنجزة أو عدم توفر المقاوالت نائلة الصفقات على المؤهالت والمقومات التقنية‬
‫والمادية الالزمة إلنجاز األعمال المراد تنفيذها‪.‬‬
‫في هذا السياق‪ ،‬أوضحت وزارة الداخلية أن التحديد الدقيق للحاجيات والتنسيق بين مختلف المتدخلين في تنفيذ‬
‫المشاريع وتوفير العقارات والدراسات التقنية باإلضافة إلى التتبع المنتظم لألشغال يعتبر من أهم الشروط‬
‫الضرورية لتحقيق النجاعة الالزمة في إنجاز المشاريع‪ .‬غير أنه‪ ،‬تضيف الوزارة‪ ،‬فما زالت دورة إعداد‬
‫وتنفيذ الصفقات تظهر مجموعة من النقائص الواجب تداركها من طرف الجهات لبلوغ أهدافها المنشودة‪.‬‬
‫‪ ‬الدراسات التقنية والتتبع التقني لألشغال‬
‫تم تسجيل نقائص تتعلق بأداء مكاتب الدراسات المتعاقد معها أو بجودة الدراسات التقنية المنجزة أو‬
‫بتتبع األشغال من طرف مكاتب الدراسات أو المراقبة المعنية‪.‬‬
‫‪ ‬إعداد أنظمة االستشارة ودفاتر الشروط الخاصة للصفقات‬
‫اعترت مجموعة من النقائص عمليات إعداد أنظمة االستشارة‪ ،‬وذلك من قبيل إدراج مقتضيات غير‬
‫مالئمة لتقييم عروض المتنافسين أو عدم دقة المعايير والمقاييس لتقييم عروض المتنافسين‪.‬‬
‫من جانب آخر‪ ،‬تم تسجيل مجموعة من المالحظات المتعلقة بإعداد دفاتر الشروط الخاصة المتعلقة‬
‫بالصفقات المبرمة من طرف مختلف الجهات‪ ،‬والمرتبطة بإعداد المقتضيات المالية والتقنية وبتحديد‬
‫وحدات قياس األثمنة األحادية لألعمال المطلوبة أو في تحديد مواصفاتها وباستحضار البعد البيئي‬
‫وأهداف التنمية المستدامة عند التخطيط إلنجاز األعمال موضوع التعاقد‪.‬‬
‫أوضحت الوزارة أنها قامت بدعوة السيدة والسادة والة الجهات وعمال عماالت وأقاليم المملكة بخصوص‬
‫اعتماد نظام تأهيل وتصنيف مقاوالت البناء واألشغال العمومية إلى حث السيدات والسادة رؤساء الجماعات‬
‫الترابية على ضرورة إدراج ذلك بشكل واضح ضمن مقتضيات دفاتر التحمالت لتنفيذ أمثل للمشاريع‪ .‬كما أنه‬
‫وفي إطار عمليات التدقيق السنوية للعمليات المالية والمحاسباتية المنجزة من طرف اللجان المشتركة بين‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪334‬‬


‫المفتشية العامة لإلدارة الترابية والمفتشية العامة للمالية‪ ،‬ما فتئت هذه األخيرة تحث من خالل توصياتها‬
‫المصالح المعنية للجهة على إيالء األهمية الالزمة لعمليات اإلعداد والتنفيذ‪.‬‬
‫‪ ‬توثيق العمليات المتعلقة بتنفيذ الصفقات العمومية‬
‫في إطار التأكد من مسك الجهات جميع الوثائق والمستندات والشهادات المتعلقة بتنفيذ الصفقات‬
‫المبرمة من قبلها وفقا لما هو منصوص عليه في المقتضيات القانونية والتعاقدية‪ ،‬تم تسجيل بعض‬
‫المالحظات فيما يخص تأسيس عقود الضمان والتأمين لتغطية جميع األخطار المرتبطة بتنفيذ األشغال‬
‫موضوع الصفقات المسندة إليه بمسك الوثائق المرتبطة ببرمجة وتنفيذ أشغال األوراش‪.‬‬
‫‪ ‬تدبير عمليات تسلم الصفقات‬
‫تكون األعمال موضوع الصفقة بعد أن يتم إنجازها وفق الكيفيات المنصوص عليها في دفتر شروطها‬
‫الخاصة‪ ،‬موضوع تسلم مؤقت‪ .‬ويشهد صاحب المشروع‪ ،‬من خالل اإلجراء األخير‪ ،‬على أن نائل‬
‫الصفقة قد أنهى تنفيذ جميع األشغال أو التوريدات أو الخدمات المتعاقد بشأنها‪ .‬وفي هذا السياق‪ ،‬تم‬
‫تسجيل مجموعة من المالحظات التي تهم تدبير عمليات التسلم المؤقت من طرف بعض الجهات‪،‬‬
‫السيما فيما يتعلق بدورة عمليات التسلم أو مسك مستندات التسلم أو محاضر التسلم المؤقت أوالعمليات‬
‫المرتبطة بالتحقق من مطابقة األعمال المنجزة للمواصفات المنصوص عليها في الصفقات المعنية‪.‬‬
‫ب‪ .‬دعم الجمعيات‬
‫شكل الدعم الممنوح للجمعيات أحد أبرز نفقات التسيير المنجزة من طرف الجهات‪ ،‬حيث استفاد منها‬
‫خالل الفترة ‪ 2020-2016‬ما مجموعه ‪ 9.768‬جمعية‪ ،‬فيما بلغ إجمالي قيمة الدعم المقدم لها‬
‫‪ 1.932,89‬مليون درهم‪ .‬وقد تم في هذا الصدد‪ ،‬تسجيل مجموعة من المالحظات‪ ،‬أبرزها ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬ضرورة االلتزام بالضوابط المقررة لتقديم الدعم العمومي للجمعيات‬
‫من أبرز مظاهر القصور المسجلة على هذا المستوى‪ ،‬تلك المرتبطة بالتأكد من اكتساب الجمعيات‬
‫المعنية لصفة المنفعة العامة كشرط لالستفادة من الدعم العمومي المقدم من طرف الجهات المعنية‬
‫وفق اتفاقيات تعاون أو شراكة أو بتحديد البرامج أو األنشطة ذات الفائدة المشتركة المراد إنجازها‬
‫من طرف الجمعيات أو التأكد القبلي من عدم وجود مخاطر مرتبطة بسالمة الوضع القانوني لمكاتب‬
‫الجمعيات المستفيدة من الدعم‪.‬‬
‫في هذا الصدد‪ ،‬أوضحت وزارة الداخلية أن إبرام اتفاقيات شراكة مع جمعيات ال تتوفر على صفة المنفعة‬
‫العامة باإلضافة إلى عدم اعتماد معايير مضبوطة ومساطر شفافة من أجل تقديم الدعم للجمعيات المعنية تبقى‬
‫نقائص وجبت معالجتها والتقيد بالمقتضيات القانونية الواردة بخصوصها في القانون التنظيمي السالف ذكره‪.‬‬
‫وألجل ذلك‪ ،‬تضيف الوزارة‪ ،‬أصدر السيد وزير الداخلية المراسلة رقم ‪ D2185‬بتاريخ ‪ 5‬أبريل ‪ 2018‬التي‬
‫تؤكد على ضرورة التمييز بين توزيع الدعم‪ ،‬الذي يعتبر اختصاصا حصريا لمجالس الجماعات‪ ،‬وبين إبرام‬
‫اتفاقيات التعاون والشراكة‪ ،‬الذي يعد اختصاصا ذاتيا يهم جميع أصناف الجماعات الترابية‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى مسطرة مضبوطة ومعايير لتدبير عمليات منح المساعدات العمومية‬
‫وتتبعها‬
‫أقدمت جل الجهات على صرف مبالغ مهمة من ميزانياتها السنوية خالل الفترة ‪ 2020-2016‬كمنح‬
‫تم تقديمها إلى جمعيات متعددة لدعم أنشطتها أو مشاريعها المختلفة‪ .‬إال أن توزيع هاته المنح تم‪ ،‬في‬
‫بعض الحاالت‪ ،‬في غياب مسطرة مضبوطة يتم بموجبها تحديد مراحل تقديم الدعم ووضع جدولة‬
‫زمنية ألداء دفعات المنح المقدمة‪ ،‬وذلك وفق شروط عملية وشفافة وبناء على معايير موضوعية‬
‫تأخذ بعين االعتبار احترام الجمعيات للقوانين واألنظمة المنظمة لتأسيسها ونشاطها ومدى انسجامها‬
‫مع أهداف وأولويات برنامج التنمية الجهوية ومدى تنفيذها اللتزاماتها تجاه الجهات المانحة‪.‬‬
‫في هذا اإلطار‪ ،‬أكدت وزارة الداخلية على أنها أهابت بالسادة الوالة والعمال إلى دعوة الجماعات الترابية‬
‫التابعة لنفوذهم الترابي إلى االستلهام من المساطر المعتمدة في المبادرة الوطنية للتنمية البشرية من أجل تحديد‬
‫الجمعيات التي ستبرم معها اتفاقيات تعاون وشراكة‪ ،‬خاصة من خالل تنظيم طلبات المشاريع وإحداث لجان‬
‫تقنية تعنى بدراسة مشاريع الجمعيات وتتبع إنجازها وكذا من خالل اعتماد نماذج الوثائق المعتمدة في مختلف‬
‫برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية‪.‬‬

‫‪335‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫تأسيسا على ما سبق‪ ،‬توصي المجالس الجهوية للحسابات الجهات بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تحسين المراقبة الداخلية للطلبيات العمومية بما يضمن‪:‬‬
‫‪ -‬الحرص على أن يندرج موضوع الطلبيات العمومية التي تبرمها الجهات ضمن‬
‫اختصاصاتها الذاتية والمشتركة؛‬
‫‪ -‬ايالء العناية الالزمة لمرحلة تحديد الحاجيات‪ ،‬كما وكيفا‪ ،‬مع اتخاذ اإلجراءات‬
‫االستباقية الالزمة لتنفيذ المشاريع‪ ،‬السيما التنسيق مع المعنيين بتنزيلها؛‬
‫‪ -‬إيالء العناية الالزمة إلعداد وتتبع الدراسات التقنية لتفادي ظهور نقائص في مرحلة‬
‫تنفيذ المشاريع؛‬
‫‪ -‬تضمين أنظمة االستشارة ودفاتر الشروط الخاصة البنود القانونية والتقنية والمالية‬
‫الكفيلة بالتنزيل السليم للمشاريع مع أخذ البعد البيئي وأهداف التنمية المستدامة‬
‫بعين االعتبار في تصور تنفيذ الصفقات؛‬
‫‪ -‬التنزيل السليم للمقتضيات التعاقدية الواردة في دفاتر الشروط الخاصة للصفقات‬
‫العمومية؛‬
‫‪ -‬اعتماد إطار موضوعي وعملي لمنح وتتبع المساعدات العمومية من حيث المراحل‬
‫والجدولة الزمنية ووفق شروط عملية وشفافة وبناء على معايير موضوعية تأخذ‬
‫بعين االعتبار احترام الجمعيات للقوانين واألنظمة المنظمة لتأسيسها ولتقديم حسابها‬
‫ومدى انسجام نشاطها مع أولويات التنمية الجهوية‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪336‬‬


‫أهم أوجه تدبير الجماعات في الوسط القروي‪:‬‬
‫مجاالت ترابية في حاجة إلى مواصلة الجهود لتدارك الخصاص المسجل على‬
‫مستوى بعض الخدمات األساسية‬

‫نظرا للدور الهام الذي تضطلع به الجماعات في الوسط القروي ولالختصاصات الواسعة المنوطة‬
‫بها بموجب القانون التنظيمي رقم ‪ 113.14‬المتعلق بالجماعات‪ ،‬ال سيما في مجاالت تقديم خدمات‬
‫القرب‪ ،‬فقد دأبت المجالس الجهوية للحسابات على إدراج مهام رقابية ضمن برامجها السنوية تروم‬
‫تقييم تدبير شؤون هذه الجماعات‪.‬‬
‫وفي هذا السياق‪ ،‬قامت هذه المجالس الجهوية للحسابات بإنجاز ‪ 87‬مهمة رقابية‪ ،‬في إطار مراقبة‬
‫التسيير‪ ،‬تهم جماعات ذات طابع قروي‪ ،‬خالل سنة ‪ ،2021‬موزعة على ‪ 39‬عمالة وإقليما بإحدى‬
‫عشر جهة من جهات المملكة‪ .‬وتقدم الجماعات‪ ،‬موضوع المراقبة‪ ،‬خدماتها لحوالي ‪903.515‬‬
‫مواطن ومواطنة حسب اإلحصاء العام للسكان والسكنى لسنة ‪ .2014‬وقد ركزت هذه المهمات على‬
‫الجوانب المتعلقة ب تدبير المرافق العمومية األساسية وتنفيذ المشاريع والطلبيات العمومية ونظام‬
‫المراقبة الداخلية‪.‬‬
‫أوال‪ .‬المرافق العمومية األساسية‬
‫‪ .1‬توزيع الماء والتطهير السائل‬
‫‪ ‬العمل على مواصلة تعميم التزود بالماء الصالح للشرب‬
‫تعرف مجموعة من الجماعات (‪ 12‬جماعة من العينة التي شملتها المراقبة) خصاصا في التزود‬
‫بالماء الصالح للشرب‪ ،‬حيث إن نسبة الربط الفردي بشبكة توزيع الماء الصالح للشرب لم تتعد‪ ،‬على‬
‫سبيل المثال‪ %40 ،‬بجماعة موالي أحمد الشريف (إقليم الحسيمة) و‪ %34‬بجماعة معتركة )إقليم‬
‫فكيك)‪ ،‬حسب ما هو مضمن في مونوغرافية الجماعتين المذكورتين لسنة ‪.2020‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن مشاريع تعميم التزويد بالماء الصالح للشرب شكلت أحد أهم محاور المخططات‬
‫الجماعية للتنمية أو برامج عمل الجماعات موضوع المراقبة‪ ،‬وذلك في إطار اتفاقيات شراكة مع‬
‫المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب الذي يتكلف بإنجازها‪ .‬غير أن هذه االتفاقيات إما أنها‬
‫لم تُفَعَّل على أرض الواقع أو الزالت تعرف تأخرا على مستوى اإلنجاز‪ ،‬ويتعلق األمر أساسا بثالث‬
‫اتفاقيات بمبلغ إجمالي ناهز ‪ 103‬مليون درهم‪ .‬حيث إنه‪ ،‬ولئن قامت بعض الجماعات بتهيئة أو‬
‫إصالح منابع المياه الطبيعية وحفر اآلبار قصد تمكين ساكنة المناطق القريبة من التزود بالماء‪ ،‬إال‬
‫أن الجهود المبذولة تظل غير كافية‪ ،‬مما أدى إلى بروز عدة تفاوتات داخل نفس المجال الترابي‪.‬‬
‫وقد أشارت وزارة االقتصاد والمالية‪ ،‬بخصوص تزويد الساكنة القروية بالماء الصالح للشرب‪ ،‬إلى المجهودات‬
‫التي قامت بها الدولة من خالل حساب "حصة الجماعات الترابية من منتوج الضريبة على القيمة المضافة"‬
‫في تمويل عدد من المشاريع التي يتولى تنفيذها المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب‪ ،‬مضيفة بأن‬
‫الحكومة قامت بإعداد البرنامج الوطني للتزود بالماء الشروب ومياه السقي ‪ 2027-2020‬بغالف مالي قدره‬
‫‪ 115,4‬مليار درهم‪ ،‬والذي يهدف إلى تنمية العرض المائي وتدبير الطلب وتقوية التزويد بالماء الصالح‬
‫للشرب بالمجال القروي‪.‬‬
‫‪ ‬الحرص على ضمان جودة المياه المخصصة للشرب‬
‫ال يتم على مستوى مجموعة من الجماعات اتخاذ ما يكفي من اإلجراءات الضرورية لمراقبة جودة‬
‫المياه المستهلكة‪ ،‬من خالل طلب القيام بإجراء تحاليل مخبرية دورية للتأكد مما إذا كانت خصائص‬
‫المياه الموجهة لالستهالك عن طريق قنوات الربط الفردي أو السقايات العمومية أو اآلبار‪ ،‬على حد‬
‫سواء‪ ،‬تستجيب لمعايير الجودة المعتمدة‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬ال يتم على مستوى بعض الجماعات‬
‫القيام بالمعالجة األولية للمياه المستهلكة من قبيل صب مادة الكلور‪ ،‬في حين ال تباشر جماعات أخرى‬

‫‪337‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫عمليات الصيانة والتنقية للخزانات‪ ،‬التي من شأنها أن تحسن نسبيا من جودة المياه المستهلكة‪ ،‬وتقلل‬
‫من خطر تلوث المياه بالجسيمات والمواد الضارة‪.‬‬
‫‪ ‬تمكين الجماعات من ممارسة اختصاصاتها الذاتية المتعلقة بتدبير مرفق توزيع الماء‬
‫الصالح للشرب مع الحرص على التنسيق مع الجمعيات‬
‫يعتبر تدبير مرفق توزيع الماء الصالح للشرب من بين االختصاصات الذاتية للجماعة‪ ،‬إذ يتم إحداثه‬
‫والبت في طرق تدبيره من لدن المجلس الجماعي‪ ،‬وذلك طبقا لمقتضيات المادتين ‪ 83‬و‪ 92‬من القانون‬
‫التنظيمي رقم ‪ ،113.14‬المشار إليه أعاله‪ ،‬إال أن مجموعة من الجماعات أسندت تدبير هذا المرفق‬
‫إلى جمعيات المجتمع المدني في غياب أي إطار تعاقدي وقانوني ينظم التزامات األطراف أو في‬
‫إطار اتفاقيات‪ ،‬ودون إعمال المراقبات الالزمة للتأكد من احترام هذه الجمعيات اللتزاماتها‪ .‬وتطرح‬
‫طريقة التدبير هاته‪ ،‬إشكالية ضبط جودة المياه الموزعة من طرف الجمعيات‪ ،‬نظرا لكونها غير‬
‫خاضعة للمراقبة‪ ،‬وما يمكن أن يترتب عن ذلك من مخاطر تعرض الساكنة ألضرار صحية‪.43‬‬
‫ورغم مزاياه تدبير توزيع الماء الصالح للشرب من طرف الجمعيات‪ ،‬فإنه يظل في حاجة إلى‬
‫اإلشراف والتتبع بشكل أفضل لمنع أي استغالل أو حصول على منفعة خاصة‪.‬‬
‫أوضحت وزارة الداخلية بأن إدارة وتوزيع المياه تُعهد إلى الجمعيات المحلية المختصة نظرا لنقص الموارد‬
‫البشرية والتقنية والمالية في غالبية الجماعات ذات الطابع القروي‪ ،‬مشيرة إلى الميزة التي يمثلها قرب هذه‬
‫الجمعيات من المرتفقين‪ .‬وأضافت أن تقديم هذه الخدمة العامة غالبا ما يتم مقابل رسوم تغطي تكاليف التوزيع‬
‫والصيانة دون السعي لتحقيق أية أرباح‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق بجودة مياه الشرب‪ ،‬فقد أكدت الوزارة على ضرورة اضطالع المؤسسات‪ ،‬السيما وكاالت‬
‫الحوض المائي‪ ،‬بدورها في مراقبة الخصائص الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية والبكتريولوجية للمياه‬
‫المخصصة لالستهالك‪ .‬مشيرة إلى أهمية التوصيات التي تصدرها المفتشية العامة لإلدارة الترابية‪ ،‬في إطار‬
‫مهام التدقيق التي تقوم بها‪ ،‬للحرص على مراقبة جودة المياه واالمتثال للمعايير المعمول بها‪.‬‬
‫في هذا الصدد‪ ،‬تجدر اإلشارة إلى أن الجماعات تضطلع بصالحيات السهر على نظافة الماء الصالح‬
‫للشرب‪ ،‬طبقا للمادة ‪ 100‬من القانون التنظيمي رقم ‪ .113.14‬كما يجب على منتجي وموزعي الماء‬
‫أن يؤمنوا المراقبة المستمرة لجودة الماء طبقا لمقتضيات المادة ‪ 53‬من القانون رقم ‪ 36.15‬المتعلق‬
‫بالماء‪.‬‬
‫‪ ‬العمل على اعتماد استراتيجية تروم توفير وتعميم خدمة التطهير السائل على مستوى‬
‫المراكز التي تعرف تواجد تجمعات سكنية‬
‫على الرغم من أهمية خدمة التطهير السائل‪ ،‬فإن أغلب سكان الجماعات في الوسط القروي يلجؤون‬
‫إلى حلول تقليدية من قبيل الحفر ذات االستعمال الفردي‪ ،‬مع ما يرتبط بذلك من مخاطر صحية وبيئية‬
‫خاصة بالنسبة لألراضي الفالحية المجاورة والمياه الجوفية‪ .‬من جهة أخرى‪ ،‬تفتقر هذه الجماعات‬
‫إلى تصور واضح حول تدبير هذه المرافق‪ .‬إذ أن برامج عملها تتضمن مشاريع متعلقة بإحداث شبكة‬
‫للتطهير السائل بكلفة تقديرية مهمة‪ ،‬غير أن هذه المشاريع لم يتم تفعيلها على أرض الواقع‪ .‬وبالتالي‪،‬‬
‫فإن الوضعية البيئية تبقى مهددة بالتدهور إذا لم يتم إنجاز أشغال الربط بشبكة للصرف الصحي وفق‬
‫الشروط التقنية المعمول بها‪ ،‬خاصة بالجماعات التي تعرف تجمعات سكنية كبيرة‪.‬‬
‫وقد برزت هذه اإلشكالية على مستوى مجموعة من الجماعات التي تفتقر لخدمة التطهير السائل بصفة‬
‫كلية‪ ،‬رغم تواجد بنايات إدارية بمراكز الجماعات من قبيل مقر الجماعة والمستوصف وبعض‬
‫اإلدارات األخرى‪ ،‬منها على سبيل المثال‪ ،‬جماعات تاغزوت وبني بوشيبت وموالي أحمد الشريف‬
‫التابعة إلقليم الحسيمة‪.‬‬
‫وقد عزت وزارة الداخلية عدم تعميم خدمة التطهير السائل إلى خصوصيات الجماعات ذات الطابع القروي‬
‫التي تتميز بوجود مساكن متباعدة ومتناثرة على مساحات شاسعة‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فإن ربط هذه الجماعات بشبكات‬

‫‪ 43‬يبلغ عدد هذه الجمعيات ‪ 6.719‬جمعية موجودة على مستوى ‪ 10‬جهات (التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنتي ‪-2019‬‬
‫‪.)2020‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪338‬‬


‫الصرف الصحي يتطلب استثمارات كبيرة تفوق قدرتها‪ .‬مشيرة إلى أن األنظمة الجاري بها العمل تسمح‬
‫بإنجاز أنظمة تطهير مستقلة للمساكن والتجمعات السكنية القروية‪ ،‬السيما المرسوم رقم ‪ 2-05-1533‬الصادر‬
‫بتاريخ ‪ 16‬مارس ‪ 2006‬المتعلق بالتطهير المستقل‪.‬‬
‫وتأمل الوزارة في تحسين معدل تغطية الجماعات بشبكة التطهير السائل‪ ،‬عقب انتهاء البرنامج الوطني للتطهير‬
‫السائل ومعالجة المياه العادمة‪ ،‬بغالف مالي قدره ‪ 42,76‬مليار درهم‪ ،‬والذي يستهدف الربط الشامل لشبكة‬
‫التطهير بالنسبة لحوالي ‪ 36‬مليون نسمة بحلول عام ‪ ،2040‬في ‪ 365‬مدينة ومركز حضري و‪ 1207‬تجمع‬
‫قروي‪.‬‬
‫في هذا الصدد‪ ،‬وجبت اإلشارة إلى أن غياب خدمة التطهير السائل تهم كذلك الجماعات التي تضم‬
‫تجمعات سكنية كبيرة‪ ،‬بحيث تستدعي إحداث شبكة للتطهير السائل أو‪ ،‬حسب الحالة‪ ،‬تبني بدائل بيئية‬
‫مبتكرة لتفادي المخاطر الصحية والبيئية المحتملة جراء لجوء الساكنة للطرق التقليدية‪.‬‬
‫‪ .2‬اإلنارة العمومية وتوزيع الكهرباء‬
‫‪ ‬ضبط استهالك الطاقة الكهربائية المستعملة في اإلنارة العمومية‬
‫يعتبر مرفق اإلنارة العمومية ثاني مستهلك العتمادات ميزانيات الجماعات على المستوى الوطني‪،‬‬
‫بنسبة تتراوح بين ‪ %30‬و‪ .%40‬وبالتالي‪ ،‬تبقى الجماعات مطالبة بالحد من الزيادة المستمرة في‬
‫استهالك الطاقة‪ ،‬عن طريق القيام بمبادرات تمكنها من تخفيض فواتيرها الطاقية‪ .‬غير أن مستحقات‬
‫استهالك الطاقة الكهربائية المستعملة في اإلنارة العمومية لدى العديد من الجماعات ما فتئت تعرف‬
‫ارتفاعا مع تعاقب السنوات‪ ،‬حيث انتقلت على سبيل المثال بالنسبة لجماعة سيدي بوتميم (إقليم‬
‫الحسيمة) من ‪ 164.806,99‬درهم سنة ‪ 2016‬إلى ‪ 360.634,67‬درهم سنة ‪ ،2018‬كما بلغت‬
‫متراكمات الديون المرتبطة باستهالك الطاقة الكهربائية على مستوى جماعة عامر (عمالة سال) مبلغ‬
‫‪ 36.687.825,00‬درهم بتاريخ ‪ 31‬ماي ‪.2020‬‬
‫ويعزى هذا االرتفاع بالدرجة األولى إلى عدم تفعيل هذه الجماعات للتوصيات الصادرة في إطار‬
‫برنامج النجاعة الطاقية بخصوص استعمال المصابيح االقتصادية األقل استهالكا للكهرباء بدل‬
‫المصابيح العادية‪ ،‬باإلضافة الى غياب المراقبة الدقيقة لفواتير االستهالك والعدادات وضبط الكميات‬
‫المستهلكة وتحديد النقط التي تعرف ارتفاعا في حجم االستهالك وتفادي مخاطر الربط السري بشبكة‬
‫اإلنارة العمومية‪.‬‬
‫وقد أشارت وزارة الداخلية أنها دأبت بمناسبة افتحاص تدبير الجماعات من طرف المفتشية العامة لإلدارة‬
‫الترابية على إصدار توصيات باتخاذ التدابير الالزمة لتجنب هدر الطاقة الكهربائية وتقليل عبء تكاليفها على‬
‫ميزانية الجماعات‪ ،‬خاصة من خالل اعتماد تعميم المصابيح منخفضة االستهالك‪ .‬كما أفادت الوزارة ذاتها‬
‫أنها قامت بوضع برنامج طموح للنجاعة الطاقية يهم ‪ 220‬جماعة ويمتد على الفترة ‪ ،2040-2020‬بتكلفة‬
‫إجمالية قدرها ‪ 11,43‬مليار درهم‪.‬‬
‫كما أوضحت الوزارة بأنها قامت في إطار تنفيذ البرنامج المذكور‪ ،‬بإصدار الدورية عدد ‪ 10415‬بتاريخ ‪10‬‬
‫يونيو ‪ 2019‬لوضع اإلجراءات المتعلقة بتفعيل مشاريع النجاعة الطاقية لإلنارة العمومية‪ ،‬خاصة فيما يتعلق‬
‫بإنجاز الدراسات األولية للمخططات المديرية لإلنارة وإجراء دراسات الجدوى األولية وتحديد طرق التدبير‬
‫المناسبة‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة بلورة مسطرة واضحة لتتبع عمليات صيانة شبكة اإلنارة العمومية‬
‫ال تتوفر مجموعة من الجماعات على قاعدة بيانات خاصة بشبكة اإلنارة العمومية‪ ،‬تتضمن جردا‬
‫واضحا لمختلف النقط الضوئية واألعمدة الكهربائية الحاملة للمصابيح ومختلف المعدات وتمكن من‬
‫تتبع حالة التجهيزات الكهربائية‪ ،‬وبالتالي برمجة عمليات الصيانة بشكل وقائي واستباقي ومنتظم‪.‬‬
‫كما تم تسجيل مجموعة من النقائص في إنجاز عمليات الصيانة‪ ،‬حيث ال تقوم العديد من الجماعات‬
‫بصيانة الشبكات الكهربائية إال بعد وقوع أعطاب ظاهرة‪ .‬وتقتصر هذه الصيانة على تغيير المصابيح‬
‫واألسالك المعطلة‪ .‬كما أن عدم تغيير هذه المصابيح بعد انقضاء عمرها االفتراضي‪ ،‬يحمل الجماعة‬
‫تكاليف إضافية بسبب ارتفاع نسبة استهالكها للطاقة الكهربائية بأزيد من ‪ 20‬في المائة‪ ،‬زيادة على‬

‫‪339‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫ذلك تتدخل فرق الصيانة إلصالح الشبكة الكهربائية دون معرفة دقيقة لمواصفاتها وخصائصها‪،‬‬
‫وذلك بسبب غياب التصاميم التقنية المتعلقة بها‪ .‬وفي نفس اإلطار‪ ،‬ال يتم إعداد بطائق خاصة‬
‫بتدخالت فرق الصيانة‪ ،‬تبين طبيعة األعطاب المكتشفة ونوع اإلصالحات المنجزة‪ .‬وبالتالي فإن هذه‬
‫الوضعية ال تمكن الجماعات من التوفر على تصور شامل لحجم وأهمية األعطاب المحتملة‪ ،‬وطبيعة‬
‫أشغال الصيانة الالزمة لها‪ ،‬أو اإلصالحات الكبرى الواجب برمجتها وإنجازها‪.‬‬
‫وارتباط بمرافق توزيع الماء والكهرباء والتطهير السائل‪ ،‬أوضحت وزارة الداخلية أنها منكبة حاليا على إعداد‬
‫مشروع قانون يروم إنشاء شركات جهوية متعددة الخدمات والتي ستكون المسؤول الوحيد عن هذه المرافق‬
‫على مستوى كل جهة‪ ،‬وذلك بهدف تجنب اإلكراهات الناتجة عن تعدد الجهات المتدخلة في إدارتها‪ ،‬وتحسين‬
‫جودة البنيات التحتية‪ ،‬وتعزيز الموارد واالستثمارات وضمان تغطية التراب الوطني‪ ،‬خاصة على مستوى‬
‫العالم القروي‪ ،‬مضيفة بأنه‪ ،‬تم إحداث الكتابة العامة لشؤون الجهة تحت سلطة والي الجهة‪ ،‬والتي يتمثل دورها‬
‫في السهر على تنزيل السياسات العمومية على المستوى الجهوي‪ ،‬وضمان االلتقائية وتناسق تدخالت المصالح‬
‫الخارجية ومواكبة الجماعات الترابية في مختلف المجاالت‪ ،‬خاصة تلك المتعلقة بتحديث المرافق العمومية‬
‫وتعميم الممارسات الفضلى الكفيلة بالرفع من جودتها‬

‫من جانبها‪ ،‬أكدت وزارة االقتصاد والمالية في هذا الصدد بأن إشكاالت ضبط استهالك الطاقة الكهربائية‬
‫وصيانة المسالك والطرقات وجمع النفايات المنزلية‪ ،‬تتقاسمها معظم الجماعات ذات الطابع القروي‪ ،‬مشيرة‬
‫إلى أن األمر يتطلب إرساء استراتيجية مندمجة ومواكبة متواصلة‪ ،‬تأخذ بعين االعتبار الموارد المالية والبشرية‬
‫والقدرات التدبيرية لهذه الجماعات‪ ،‬لبلوغ مستوى الحكامة المطلوبة‪.‬‬
‫‪ .3‬الطرق‬
‫‪ ‬ضرورة القيام‪ ،‬بتنسيق مع مختلف األطراف المعنية‪ ،‬بصيانة الطرق والمسالك بصفة‬
‫دورية اعتمادا على برنامج يحدد األولويات مع الحرص على اختيار المواد المالئمة‬
‫تمكن عملية الصيانة الدورية للطرق والمسالك من الرفع من العمر االفتراضي للطرق‪ ،‬وتمتد‬
‫باإلضافة إلى أشغال القارعة إلى المنشآت المائية التي تستلزم التنظيف من مترسبات مياه األمطار‬
‫كاألوحال واألحجار تفاديا النسدادها وبالتالي تضرر القارعة نتيجة غمرها باألمطار‪ .‬وقد تدهورت‬
‫حالة الطرق بمجموعة من الجماعات نتيجة عدم القيام بالصيانة الدورية التي يجب أن تستند إلى‬
‫برنامج مسبق يحدد أولويات التدخل‪.‬‬
‫‪ ‬لزوم توثيق عمليات اإلتالف التي يقوم بها األغيار‬
‫قد يحدث أن تقوم بعض المؤسسات‪ ،‬من أجل تمديد شبكاتها‪ ،‬بإتالف الطرق المتواجدة داخل‬
‫الجماعات‪ .‬إال أنه وبالرغم من الترخيص لها من أجل ذلك‪ ،‬ال يتم إنجاز محاضر توثق حالة الطرق‬
‫وعمليات الحفر واإلتالف‪ ،‬مما يستعصي معه تحديد المصاريف الالزم تحميلها لهم‪.‬‬
‫‪ ‬عنونة المسالك الطرقية‬
‫رغم توفر الجماعات على شبكة من المسالك‪ ،‬فإن بعضها ال يُ ْع ِّمل على عنونتها تطبيقا لمقتضيات‬
‫المرسوم رقم ‪ 2.17.307‬الصادر في ‪ 3‬يوليو ‪ 2017‬بتحديد مضمون نظام العنونة المتعلق بالجماعة‬
‫وكيفية إعداده وتحيينه‪ ،‬مما ال يسهل التنقل وسطها‪.‬‬
‫أفادت وزارة الداخلية بأنها قامت بإعداد دليل منهجي يتعلق بإنجاز وتتبع وتقييم برامج عمل الجماعات‪ ،‬حثت‬
‫فيه على وجوب تضمن هذه البرامج لكل ما هو أولوي‪ ،‬وبالتالي ضرورة اٍدراج مشاريع إنجاز وصيانة الطرق‬
‫لكونها من أولويات التنمية المحلية‪ .‬كما أشارت إلى أنها أعدت دليال آخر يشتمل على مختلف مراحل اٍعداد‬
‫وتحيين نظام العنونة‪ ،‬مضيفة بأنها تعمل بالتعاون مع مجموعة من القطاعات الوزارية األخرى في إطار‬
‫برنامج تقليص الفوارق المجالية واالجتماعية من خالل تقوية الدعم المالي للمساهمة في اٍحداث وإعادة تأهيل‬
‫الطرق والمسالك القروية بتلك المناطق‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪340‬‬


‫‪ .4‬النفايات المنزلية والنفايات المماثلة لها‬
‫‪ ‬ضرورة العمل على تعزيز آليات التعاون والشراكة في تدبير النفايات المنزلية‬
‫تعمل أغلب الجماعات بتدبير قطاع النفايات المنزلية والنفايات المماثلة لها بشكل منفرد‪ ،‬مما ال يمكن‬
‫في بعض األحيان من تدبير أمثل للموارد من خالل رؤية مندمجة على المستوى اإلقليمي‪ ،‬خاصة‬
‫أمام محدودية الموارد المالية للجماعات‪ ،‬مقارنة بالتحمالت الالزمة إلنجاز واستغالل المطارح‪،‬‬
‫فضال عن اإلكراهات التقنية المتعلقة بتسييرها‪.‬‬
‫كما لم تعمل مجموعة من الجماعات التي انخرطت في آليات للتعاون على تفعيلها‪ .‬فعلى سبيل المثال‪،‬‬
‫استفادت جماعة سيدي بوتميم بإقليم الحسيمة من مشروع إنجاز مطرح عمومي مراقب بتارجيست‬
‫لفائدة جماعات "تارجيست" و"سيدي بوتميم" و"زرقت"‪ ،‬غير أنه لم يشرع في استعماله‪ ،‬كما لم تقم‬
‫الجماعة بتكثيف التنسيق مع الجهات المعنية قصد الشروع في االستفادة منه‪ .‬وفي نفس السياق‪،‬‬
‫انخرطت جماعة عرباوة بإقليم القنيطرة في مشروع تهيئة مطرح جماعي مشترك مع مجموعة‬
‫الجماعات الترابية "الغرب"‪ ،‬حيث صادقت على االتفاقية المبرمة في هذا الشأن بتاريخ ‪ 06‬يونيو‬
‫‪ ،2017‬إال أن هذا المشروع لم ينجز بعد‪.‬‬
‫أشارت وزارة الداخلية إلى صعوبة التوصل إلى اتفاق بين الجماعات قصد تفعيل آليات التعاون الجماعي‪ .‬وقد‬
‫بادرت‪ ،‬في مستهل سنة ‪ 2021‬إلى العمل على وضع مشروع مخطط وطني للتعاون بين الجماعات الترابية‪،‬‬
‫كما سبق لها أن قامت بإعداد دليل حول تعزيز التعاون بين الجماعات في المناطق القروية والحضرية سنة‬
‫‪.2012‬‬
‫‪ ‬الحث على إدراج مرفق النظافة وجمع النفايات المنزلية والمشابهة لها ضمن‬
‫األولويات التنموية للجماعات‬
‫وفقا لمقتضيات المادة ‪ 83‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 113.14‬المتعلق بالجماعات‪ ،‬تضطلع هذه‬
‫األخيرة بممارسة اختصاص ذاتي يتعلق بإحداث وتدبير المرفق العمومي الالزم لتقديم خدمات القرب‬
‫في ميدان "تنظيف الطرقات والساحات العمومية وجمع النفايات المنزلية والمشابهة لها ونقلها إلى‬
‫المطارح"‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬تبين أن تدبير هذا القطاع ال يحظى باألولوية الالزمة‪ ،‬ويتجلى ذلك من‬
‫خالل غياب استراتيجية لتدبير النفايات‪ ،‬إذ لم يتم إعداد تشخيص دقيق للوضعية البيئية‪ ،‬مع تحديد‬
‫المشاكل واقتراح الحلول الممكنة‪ ،‬علما أن وزارة البيئة أعدت دليال‪ ،‬بشراكة مع وزارة الداخلية‪،‬‬
‫قصد إدماج البعد البيئي في التخطيط الجماعي‪.‬‬
‫ويتضح عدم إيالء األولوية لهذا القطاع أيضا من خالل حجم االستثمارات المخصصة لهذا المرفق‬
‫في برامج عمل الجماعات‪ .‬فعلى سبيل المثال تضمن برنامج عمل جماعة أوالد زيان (إقليم برشيد)‪،‬‬
‫اقتناء شاحنة لتأهيل قطاع النظافة‪ ،‬باالعتماد أساسا على مساهمة الشركاء (وزارة الداخلية وجهة‬
‫الدارالبيضاء‪ -‬سطات)‪ ،‬في غياب أي مساهمة من طرف الجماعة‪ .‬كما أن جماعة بين الويدان (إقليم‬
‫أزيالل) اكتفت ببرمجة مشروع واحد فقط متعلق بتدبير النفايات الصلبة بالمركز بمبلغ إجمالي يناهز‬
‫‪ 300.000,00‬درهم‪ ،‬بينما بلغ الغالف المالي اإلجمالي المخصص إلنجاز المشاريع المدرجة‬
‫ببرنامج العمل ‪ 80,59‬مليون درهم‪ .‬باإلضافة إلى أنها لم تتطرق إلى دراسة مشاكل النفايات الصلبة‬
‫ومحاربة النقط السوداء‪ ،‬وذلك على الرغم من إشارة تقرير التشخيص التشاركي الذي تم إنجازه من‬
‫أجل إعداد برنامج العمل إلى إشكالية تلوث بحيرة السد بفعل نفايات الوحدات السياحية والفندقية‪.‬‬
‫‪ ‬الرفع من جودة خدمة جمع النفايات المنزلية‬
‫ال تقوم مجموعة من الجماعات بجمع النفايات المنزلية والنفايات المشابهة لها وإيداعها بمطرح‬
‫عمومي‪ ،‬كما هو الشأن بجماعة أباينو (إقليم كلميم) بالرغم من اقتنائها لما مجموعه ‪ 135‬حاوية و‪4‬‬
‫شاحنات مجهزة لهذا الغرض‪ .‬وقد عزت الجماعة المذكورة سبب ذلك إلى الصعوبات التي واجهتها‬
‫من أجل إيجاد موقع مناسب لتجميع هذه النفايات ومعالجتها‪ ،‬في انتظار التوفر على مطرح يستجيب‬
‫للمواصفات التقنية المطلوبة‪ .‬وبالمقابل‪ ،‬تقوم جماعات أخرى بتأمين هذه الخدمة بمجال محدود من‬
‫ترابها‪ ،‬حيث تقتصر على المركز وبعض المناطق المحاذية له‪ ،‬كما هو الشأن بجماعة تاغزوت بإقليم‬

‫‪341‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫الحسيمة‪ ،‬حيث ال يستفيد من هذه الخدمة سوى ‪ %16‬من مجموع الساكنة‪ ،‬بينما ال تتجاوز ‪%10‬‬
‫بالنسبة لجماعة موالي أحمد الشريف (إقليم الحسيمة)‪ .‬فيما يصعب تقديم خدمات جمع النفايات على‬
‫مستوى مجموعة من الدواوير بجماعة زاوية سيدي قاسم (إقليم تطوان) النعدام البنية التحتية‬
‫الضرورية‪ ،‬على الرغم من توفر الجماعة على شاحنة لجمع النفايات الصلبة‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة االعتماد على مطارح مراقبة وإغالق أو إعادة تأهيل المطارح العشوائية‬
‫تقوم مجموعة من الجماعات بالتخلص من النفايات المنزلية والنفايات المماثلة لها‪ ،‬في مطارح‬
‫عشوائية ال تستوفي الخصائص والشروط التقنية والتنظيمية‪ ،‬فيما ال تتوفر عدة جماعات على مطارح‬
‫وتقوم برمي النفايات ومخلفات عمليات الهدم والبناء في الغابات واألودية وعلى ضفاف األودية‬
‫والمنحدرات‪ ،‬أو حرقها في الهواء الطلق‪.‬‬
‫فعلى سبيل المثال‪ ،‬يتم جمع النفايات المنزلية (ما بين ‪ 12‬و‪ 18‬متر مكعب يوميا) بجماعة عرباوة‬
‫(إقليم القنيطرة) وطمرها في مطرح عشوائي وسط غابة من أشجار األوكالبتوس متواجدة بمركز‬
‫الجماعة‪ .‬أما بخصوص جماعة أورتزاغ (إقليم تاونات)‪ ،‬فعلى الرغم من اقتنائها لقطعة أرضية إليواء‬
‫مشروع مطرح للنفايات المنزلية بتاريخ ‪ ،2018/01/03‬فإنها لم تباشر عملية تحويل المطرح واتخاذ‬
‫اإلجراءات الكفيلة النطالق المشروع‪ ،‬ال سيما وأنها دأبت على رمي النفايات بالغابة وبجانب الوادي‪.‬‬
‫وفي نفس السياق‪ ،‬يتم كذلك اللجوء إلى التخلص من النفايات المنزلية على طول وادي أباينو بجماعة‬
‫أباينو بإقليم كلميم‪.‬‬
‫أفادت وزارة الداخلية بأنها تعمل بالتعاون مع الوزارة المكلفة بالبيئة وبدعم من البنك الدولي‪ ،‬على تحقيق‬
‫أهداف المرحلة الثانية من البرنامج الوطني للنفايات المنزلية‪ .‬وذلك من خالل تخصيص اعتمادات مالية مهمة‬
‫من أجل المساهمة في تمويل مشاريع تضمن تدبيرا أمثل لهذا المرفق العام‪ ،‬كإغالق المطارح العشوائية‬
‫واٍحداث مطارح مراقبة تحترم المعايير البيئية والصحية‪ ،‬إحداث مراكز التحويل ومراكز الفرز وتثمين‬
‫النفايات‪ ،...‬باإلضافة إلى مواكبة العماالت واألقاليم في إنجاز المخططات المديرية حول تدبير النفايات المنزلية‬
‫والمماثلة ‪ .‬كما أضافت الوزارة أنها تعمل أيضا على تقوية الدعم المؤسساتي عن طريق تعزيز التعاون بين‬
‫الجماعات الترابية بمختلف مستوياتها‪ ،‬وذلك من أجل تدبير أمثل‪ ،‬خاصة على مستوى الجماعات القروية‪ ،‬من‬
‫خالل االستفادة من اقتصاد الحجم وكذلك االعتماد على طرق تدبير حديثة مثل التدبير المفوض الذي من‬
‫الصعب على الجماعات ذات الموارد المالية الضعيفة اللجوء إليه‪.‬‬
‫وتأسيسا على ما سبق‪ ،‬فإن المجالس الجهوية للحسابات توصي وزارة الداخلية‪ ،‬من خالل والة‬
‫الجهات وعمال العماالت واألقاليم‪ ،‬بحث الجماعات على القيام بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬العمل على تفعيل مشاريع تزويد الساكنة بالماء الصالح للشرب في إطار توجه شمولي‬
‫ومتكامل وبتنسيق مع باقي الفاعلين‪ ،‬بما يضمن تعميم هذه الخدمات‪ ،‬مع الحرص على‬
‫اتخاذ التدابير الالزمة لمراقبة جودة المياه؛‬
‫‪ -‬دراسة إمكانية إحداث هيآت عمومية جهوية أو بين الجماعات الترابية (وكالة‪،‬‬
‫مؤسسة‪ )... ،‬لتدبير مرفق توزيع الماء الصالح للشرب لفائدة الساكنة بالوسط القروي؛‬
‫‪ -‬تقاسم الممارسات الفضلى السائدة في بعض المجاالت الترابية بشأن تدبير ندرة المياه؛‬
‫‪ -‬العمل على إرساء نظام للصرف الصحي مالئم بالمجال القروي يتناسب مع النمو السكاني‬
‫وذلك لتفادي المخاطر الصحية والبيئية المحتملة جراء لجوء الساكنة إلى الحلول الفردية‬
‫التقليدية؛‬
‫‪ -‬ضبط استهالك الطاقة الكهربائية المتعلقة باإلنارة العمومية من خالل إعمال حلول‬
‫مقتصدة للطاقة وتتبع الشبكة ومستلزماتها وضمان صيانتها؛‬
‫‪ -‬االنتظام في صيانة المسالك والطرقات وفق برنامج معد سلفا يحدد الحاجيات واألولويات‪،‬‬
‫مع ضرورة توثيق عمليات اإلتالف التي يقوم بها األغيار من أجل تحديد تكاليف اإلصالح‬
‫التي يتعين عليهم تحملها؛‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪342‬‬


‫‪ -‬اإلسراع في إنجاز مطارح عمومية مراقبة في إطار شراكات بين الجماعات المجاورة‬
‫للحد من اآلثار السلبية التي تحدثها المطارح الحالية على المجال البيئي‪ .‬والرفع من جودة‬
‫خدمة جمع النفايات المنزلية وتوفير الوسائل الالزمة لذلك؛‬
‫‪ -‬مواكبة كل اإلجراءات المتخذة في إطار تحسين الخدمات األساسية بعمليات تحسيسية‬
‫وتواصلية‪ ،‬من خالل النسيج الجمعوي على المستوى المحلي‪ ،‬والمدارس والمساجد‪،‬‬
‫ضمانا النخراط أكبر للساكنة في هذه الجهود‪.‬‬
‫ثانيا‪ .‬تنفيذ المشاريع والطلبيات العمومية‬
‫‪ .1‬تنفيذ المشاريع والطلبيات العمومية‬
‫همت المراقبات المنجزة الكيفية المتبعة من طرف الجماعات لتحديد حاجياتها‪ ،‬وتلك التي تهم إنجاز‬
‫المشاريع‪ .‬وقد شملت التأكد من تنفيذ األعمال من طرف المقاوالت المتعاقد معها‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫الوقوف على مدى احترام شروط وآجال التنفيذ‪ ،‬وتقييم طرق تتبع وتسلم األشغال‪.‬‬
‫أ‪ .‬إعداد المشاريع وتحديد الحاجيات‬
‫‪ ‬نشر البرامج التوقعية للصفقات المراد إبرامها‬
‫لم تقم ‪ 31‬جماعة من أصل ‪ 87‬التي خضعت للمراقبة بنشر برامجها التوقعية للصفقات‪ ،‬كما تقضي‬
‫بذلك أحكام المادة ‪ 14‬من المرسوم رقم ‪ 2.12.349‬المتعلق بالصفقات العمومية‪ .‬كما لم تنشر‪ ،‬في‬
‫بداية كل سنة مالية‪ ،‬الئحة سندات الطلب المبرمة برسم السنة المنصرمة ومبلغها االجمالي‪ ،‬حسب‬
‫نوع األعمال‪ ،‬في بوابة الصفقات العمومية‪ ،‬كما تقضي بذلك المادة ‪ 88‬من المرسوم أعاله‪ ،‬التي تم‬
‫تغييرها وتتميمها بمقتضى المادة األولى من المرسوم رقم ‪ 2.19.69‬الصادر في ‪ 24‬ماي ‪.2019‬‬
‫‪ ‬الحرص على تسوية الوضعية القانونية للعقارات المتعلقة بالمشاريع المزمع إنجازها‬
‫لم تقم مجموعة من الجماعات بتصفية الوضعية القانونية للعقارات المحتضنة للمشاريع قبل الشروع‬
‫في إنجاز هذه األخيرة وذلك دون مراعاة لمقتضيات دورية وزير الداخلية عدد ‪ D11884‬الصادرة‬
‫بتاريخ ‪ 17‬دجنبر ‪ 2010‬والمتعلقة بتتبع وتنفيذ اتفاقيات التنمية الترابية‪ ،‬وكذا خالفا لقواعد حسن‬
‫التدبير‪ .‬األمر الذي قد يعرضها للمنازعات القضائية مع األغيار أو تعثر إنجاز المشاريع بسبب‬
‫تعرض مالكي هذه العقارات‪.‬‬
‫وعلى سبيل المثال‪ ،‬عرف مشروع بناء اآلبار والخزانات الخرسانية بتراب جماعة عامر (عمالة‬
‫سال)‪ ،‬تأخيرا مهما نتيجة توقف األشغال ألزيد من ستة أشهر بسبب تعرض بعض مالكي األراضي‪،‬‬
‫وكذا صعوبة استغالله من طرف الساكنة عند انتهاء األشغال‪ .‬وعلى مستوى جماعة عرباوة (إقليم‬
‫القنيطرة)‪ ،‬تبين أن جل المقاطع الطرقية المنجزة من طرف الجماعة فوق أراض فالحية مملوكة‬
‫للخواص قام مالكوها بوضع حواجز فوقها والتعرض على إنجاز الخنادق في جوانبها‪.‬‬
‫وقد أكدت وزارة الداخلية حرصها الدائم‪ ،‬من خالل الدوريات أو الدورات التكوينية المخصصة لفائدة المنتخبين‬
‫والموظفين‪ ،‬على حث الجماعات على تسوية الوضعية القانونية للعقارات المتعلقة بالمشاريع المزمع إنجازها‪،‬‬
‫سواء عن طريق سلك مسطرة نزع الملكية أو االقتناء بالتراضي للعقارات‪ ،‬لتفادي النزاعات القضائية مع‬
‫األغيار وتعرضات مالك األراضي التي تؤدي إلى تجاوز آجال التنفيذ وتعثر المشاريع المبرمجة‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى توخي الدقة في تحديد الحاجيات‬
‫أنجزت الجماعات التي شملتها المهمات الرقابية مجموعة من األشغال التي تقتضي‪ ،‬بالنظر لطبيعتها‪،‬‬
‫القيام بدراسات قبلية من أجل تحديد خصائص األعمال الواجب إنجازها وكمياتها‪ .‬إال أن المهمات‬
‫الرقابية المنجزة بهذا الخصوص بينت أن ‪ %14‬من الجماعات موضوع المراقبة قامت بإنجاز هذه‬
‫المشاريع في غياب تام للدراسات القبلية‪ ،‬في حين أن ‪ %21‬منها اعتمدت على دراسات ال تستوفي‬
‫شروط الجودة الالزمة‪.‬‬

‫‪343‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫وقد ترتب عن ذلك تحمل مجموعة من الجماعات لنفقات إضافية نتيجة ارتفاع الكلفة اإلجمالية‬
‫للمشاريع‪ ،‬واإلخالل بمبدأي المنافسة والشفافية في التعامل مع المتنافسين‪ ،‬باإلضافة إلى تردي جودة‬
‫المنجزات‪ .‬فضال عن عدم استكمال إنجاز بعض المشاريع‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة لمجموعة من اآلبار‪.‬‬
‫وفي نفس السياق‪ ،‬فإن مجموعة من المشاريع التي أنجزت بشأنها الدراسات القبلية لم تتم برمجتها أو‬
‫تفعيلها على أرض الواقع‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فإن الجماعات المعنية تتحمل نفقات مالية في إطار طلبيات‬
‫عمومية دون أن تستفيد من مخرجاتها‪ ،‬خصوصا وأن بعض الدراسات تستلزم التحيين والمالءمة‬
‫حينما تصبح متجاوزة بفعل تَغَيُّر فرضياتها التقنية ومعطياتها األولية مع مرور الوقت (مثل قطر‬
‫قنوات الماء أو القدرة الكهربائية المركبة المرتبطتين بالدينامية الديموغرافية للساكنة المستهدفة‪ ،‬أو‬
‫حركة المرور اليومية للمركبات من الوزن الثقيل التي تقيد تصميم البنية الهندسية للطريق‪ ،‬أو ظهور‬
‫تقنيات ومعدات جديدة أكثر فعالية ونجاعة)‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى تحديد المؤهالت المالية والتقنية للمتنافسين وشواهد التصنيف المناسبة‬
‫في نظام االستشارة‬
‫لم تحدد بنود بعض أنظمة االستشارة‪ ،‬بالدقة الكافية‪ ،‬المؤهالت المالية والتقنية والمراجع المهنية‬
‫للمتنافسين‪ ،‬إذ لم تشر بشكل دقيق إلى المعايير المعتمدة من أجل تقييم العروض المقدمة‪ ،‬حيث يتم‬
‫االكتفاء بسرد المقتضيات العامة ذاتها المنصوص عليها في الفقرة باء) من البند أوال) من المادة ‪25‬‬
‫من المرسوم رقم ‪ 2.12.349‬الصادر في ‪ 20‬مارس ‪ ،2013‬ولم تورد أي عنصر إضافي لتحديد‬
‫معايير قابلة للقياس والتقييم الموضوعي ألهمية وطبيعة األشغال التي يجب أن تتضمنها الشهادات‬
‫والمراجع التقنية المطلوبة‪.‬‬
‫وفي نفس السياق‪ ،‬وفي حاالت أخرى‪ ،‬يتم وضع شروط غير متناسبة مع حجم وأهمية الصفقة‪ .‬ومثال‬
‫على ذلك‪ ،‬اشترطت جماعة إمليلي (إقليم وادي الذهب) في نظام االستشارة الخاص بالصفقة رقم‬
‫‪ CTI/2016/08‬المتعلقة بأشغال إنجاز طريق‪ ،‬توفر المتنافس على الصنف ‪ S‬في القطاع ‪B‬‬
‫"األشغال الطرقية والمسالك الحضرية" بالنسبة للتصنيف المعمول به حاليا أو الصنف ‪ 1‬في القطاع‬
‫‪" :2‬األشغال الطرقية" بالنسبة للتصنيف المعمول به سابقا‪ .‬غير أنه وبالنظر إلى أن موضوع الصفقة‬
‫يتعلق بأشغال إنجاز طريق بطول ‪ 2‬كلم بمبلغ ‪ 3,6‬مليون درهم‪ ،‬فإن تضمين نظام االستشارة شرط‬
‫توفر المتنافس على درجة تصنيف تفوق تلك المحددة من أجل القيام باألشغال المراد إنجازها ال يمكن‬
‫من توسيع دائرة المنافسة‪.‬‬
‫وعلى صعيد آخر‪ ،‬تنص المادة ‪ 25‬من المرسوم المتعلق بالصفقات العمومية على أن تقوم شواهد‬
‫نظام التكييف والتصنيف مقام مذكرة الوسائل البشرية والتقنية والشهادات المسلمة من قبل أصحاب‬
‫المشاريع أو رجال الفن الذين أنجز المتنافسون تحت إشرافهم أعمال مماثلة‪ .‬إال أن بعض الجماعات‬
‫تفرض اإلدالء بهذه الوثائق في آن واحد‪ .‬األمر الذي قد يؤدي إلى المس بمبدأ المنافسة في حال إقصاء‬
‫متنافسين لهذا السبب‪.‬‬
‫‪ ‬الحرص على تجويد إعداد طلبات العروض‬
‫تعتبر وثيقة الكلفة التقديرية للمشروع وأنظمة االستشارة ودفاتر الشروط الخاصة من الوثائق المهمة‬
‫والضرورية التي يستعملها صاحب المشروع كآلية قانونية لضبط االلتزامات المتبادلة وتنظيم مرحلة‬
‫اإلبرام والعالقة التعاقدية مع صاحب الصفقة‪.‬‬
‫فبالنسبة للكلفة التقديرية للمشاريع‪ ،‬تبين أن مجموعة من الجماعات ال تتوفر على المعلومات المتعلقة‬
‫باألثمان المرجعية لمختلف التوريدات واألشغال والخدمات‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬يصعب تحديد الكلفة‬
‫التقديرية للمشاريع بدقة وتحيينها بحسب الظروف االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وهو ما يمكن أن يترتب‬
‫عنه التصريح بعدم جدوى طلب العروض‪ .‬وبالتالي‪ ،‬إعادة المسطرة من جديد وعدم االستجابة‬
‫لحاجيات الجماعة داخل آجال معقولة‪ .‬من جهة أخرى‪ ،‬تمكن قاعدة بيانات األثمان المرجعية من‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪344‬‬


‫رصد العروض المنخفضة بكيفية غير عادية أو المتضمنة ألثمان أحادية مفرطة أو منخفضة بكيفية‬
‫غير عادية خالل مرحلة اإلبرام‪.‬‬
‫وعلى مستوى دفاتر الشروط الخاصة‪ ،‬لم تقم مجموعة من الجماعات بصياغة بعض البنود الضرورية‬
‫لضبط العالقة التعاقدية بين الجماعة وصاحب الصفقة وضمان جودة األشغال‪ ،‬من بينها على سبيل‬
‫المثال‪ :‬المقتضيات المتعلقة بتصاميم التنفيذ وتصاميم جرد المنشآت المنجزة وأبعاد وقياسات بعض‬
‫المنجزات‪ ،‬والجزاءات المترتبة عن عدم احترامها‪ .‬كما ال تراعي المقتضيات المتعلقة بضوابط‬
‫وشروط مراجعة األثمان من قبيل المؤشرات والصيغ المعتمدة‪ ،‬طبقا لقرار رئيس الحكومة رقم‬
‫‪ 3.302.15‬بتحديد قواعد وشروط مراجعة أثمان الصفقات العمومية‪.‬‬
‫ب‪ .‬إبرام الصفقات العمومية وإسناد سندات الطلب‬
‫‪ ‬الحرص على ضبط آليات تقييم المتنافسين‬
‫تبين‪ ،‬على مستوى ‪ %38‬من الجماعات التي شملتها المراقبة‪ ،‬أن لجان طلبات العروض ال تحترم‬
‫القواعد الشكلية والقانونية المؤطرة لعملية تقييم المتنافسين من قبيل فحص العروض وفق المقاييس‬
‫المحددة في أنظمة االستشارة‪ ،‬واحترام توالي مراحل فحص الوثائق‪ .‬كما ال تتحرى الدقة في مراقبة‬
‫الوثائق المدلى بها من طرف المتنافسين ورصد االختالفات بينها‪ ،‬خاصة فيما يتعلق باإلمكانات التقنية‬
‫والبشرية التي يتوفرون عليها وكذا الشواهد المرجعية واألنشطة الرئيسية المزاولة من طرفهم‪ .‬إذ‬
‫تبين وجود اختالفات في الوثائق المدلى بها من طرف المتنافسين فيما يخص عدد األجراء المصرح‬
‫بهم لدى الصندوق الوطني للضمان االجتماعي والمذكرة المتضمنة للوسائل البشرية والتقنية‬
‫للمتنافسين على مستوى بعض هذه الجماعات‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬ال تقوم لجنة طلب العروض بمطالبة المقاولة ذات العرض األكثر أفضلية بتبرير‬
‫عرضها المنخفض بكيفية غير عادية أو المتضمن ألثمان أحادية مفرطة أو منخفضة بكيفية غير‬
‫عادية‪ .‬ويمكن أن يترتب عن كل هذه الممارسات إسناد صفقات لمتنافسين ال تتوفر فيهم المؤهالت‬
‫المطلوبة وغير قادرين على الوفاء بالتزاماتهم التعاقدية وبكافة الشروط التقنية التي يتطلبها تنفيذ‬
‫الصفقات المتبارى بشأنها‪.‬‬
‫‪ ‬الحرص على التقيد الصارم باإلجراءات التنظيمية إلسناد سندات الطلب وخاصة‬
‫االستشارة الكتابية للمتنافسين‬
‫ُ‬
‫تبين أن ‪ %54‬من الجماعات التي تمت مراقبتها ال ت ْع ِّمل‪ ،‬على النحو المطلوب‪ ،‬مقتضيات المادة ‪88‬‬
‫من المرسوم رقم ‪ 2.12.349‬التي تنص على أن األعمال الواجب إنجازها بسندات طلب تخضع‬
‫لمنافسة مسبقة‪ ،‬ما عدا في الحاالت التي يستحيل فيها اللجوء إليها أو كانت غير متالئمة مع العمل‬
‫المطلوب‪.‬‬
‫كما تلجأ مجموعة من الجماعات الستشارة شركات غير متخصصة في مجال الخدمة المراد تلبيتها‪.‬‬
‫وتم الوقوف‪ ،‬في بعض الحاالت‪ ،‬أيضا على غياب المراسالت التي تثبت استشارة الممونين قبل تنفيذ‬
‫الطلبيات‪ ،‬في حين لم يتم تسجيل الوثائق المتعلقة بسندات الطلب‪ ،‬مثل رسائل االستشارة وبيانات‬
‫األثمان المضادة والفواتير‪ ،‬بمكتب الضبط على مستوى جماعات أخرى من أجل حفظ تواريخ إرسالها‬
‫والتوصل بها وطبيعتها‪.‬‬
‫ويترتب عن هذه الممارسات عدم إمكانية التأكد من إعمال المنافسة في مسطرة إسناد هذه الطلبيات‪،‬‬
‫وكذا حصول عدد محدود من الممونين على أغلب سندات الطلب الخاصة ببعض التوريدات والخدمات‬
‫على مستوى ‪ %16‬من الجماعات‪ .‬باإلضافة إلى عدم مطابقة الخدمات واألشغال المنجزة لمعايير‬
‫الجودة التقنيّة المطلوبة أو تحمل الجماعة لنفقات إضافية نتيجة ارتفاع األثمان المطبقة‪.‬‬
‫أشارت وزارة الداخلية إلى أن سنة ‪ 2021‬عرفت تعزيز الترسانة القانونية المنظمة للطلبيات العمومية بصدور‬
‫قرار وزيرة االقتصاد والمالية رقم ‪ 1982.21‬بتاريخ ‪ 14‬ديسمبر ‪ 2021‬المتعلق بتجريد مساطر الصفقات‬
‫العمومية والضمانات المالية من الصفة المادية‪ ،‬مما من شأنه أن يضفي مزيدا من الشفافية على مساطر‬

‫‪345‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫الصفقات العمومية ويكرس مبادئ المساواة وحرية الولوج إلى الطلبية العمومية‪ .‬كما أوضحت أنها حريصة‬
‫على مواكبة الجماعات وتقوية قدرات المنتخبين والموظفين‪ ،‬عن طريق مختلف التدخالت‪ ،‬والتي تبقى أهميتها‬
‫رهينة بمدى انعكاسها على أداء الجماعات على أرض الواقع وضرورة تحديد مؤشرات لقياس مدى تفعيل‬
‫المكتسبات وتحقيق األهداف المسطرة‪ ،‬مع العمل على التتبع الدوري لها‪.‬‬
‫كما أفادت وزارة الداخلية‪ ،‬بأنها أطلقت سنة ‪ ،2019‬بشراكة مع وزارة االقتصاد والمالية ومع البنك الدولي‬
‫والوكالة الفرنسية للتنمية‪ ،‬برنامجا لتحسين أداء الجماعات لمدة خمس سنوات والذي يهدف إلى تقوية الموارد‬
‫البشرية والمالية للجماعات الترابية‪ ،‬وتعزيز قدرتها على تدبير المشاريع واإلدارة المالية‪.‬‬
‫وفي نفس السياق‪ ،‬أكدت وزارة االقتصاد والمالية بخصوص النقائص المسجلة على مستوى إبرام الصفقات‬
‫وتنفيذ المشاريع‪ ،‬على ضرورة إعداد برامج التكوين المستمر لفائدة الموظفين المكلفين بهذه المهام بالجماعات‬
‫المعنية وتوظيف الكفاءات المتخصصة في هذا المجال‪.‬‬
‫‪ .2‬تنفيذ وتتبع إنجاز المشاريع الجماعية‬
‫أ‪ .‬التتبع والمراقبة‬
‫‪ ‬ضرورة إيالء األهمية الالزمة الكتتاب أصحاب الصفقات للتأمينات عن األخطار‬
‫المرتبطة بتنفيذ الصفقات‬
‫أسفر تدقيق ملفات الصفقات موضوع المراقبة عن غياب شواهد التأمين أو اقتصارها على تغطية‬
‫بعض األخطار دون غيرها‪ ،‬وذلك خالفا لمقتضيات المادة ‪ 25‬من دفتر الشروط اإلدارية العامة‬
‫المطبقة على صفقات األشغال‪ .‬في مقابل ذلك ال تقوم الجماعات بمطالبة المقاوالت باحترام التزاماتها‬
‫المتعلقة بالتأمينات‪ ،‬كما ال تعمل على حثها على ذلك من خالل تطبيق اإلجراءات القسرية المنصوص‬
‫عليها في المادة ‪ 79‬من الدفتر سالف الذكر‪.‬‬
‫فضال عن ذلك‪ ،‬وبالرغم من توصل الجماعات ببعض الشواهد التي تفيد بأن أصحاب الصفقات قاموا‬
‫باكتتاب التأمينات‪ ،‬فإن المعطيات المضمنة بها ال تسمح بالتأكد من تغطية عقود التأمين لجميع‬
‫المخاطر المنصوص عليها في دفتر الشروط اإلدارية العامة وللفترة الكلية لألشغال‪.‬‬
‫ولقد تم الوقوف على هذه المالحظة على مستوى نسبة مهمة من الجماعات التي شملتها المراقبة‪،‬‬
‫واختلفت درجة بروزها من جماعة ألخرى‪ ،‬حيث تم رصدها في حاالت محدودة بالنسبة لبعضها‪،‬‬
‫فيما تكررت على مستوى مجموعة من الصفقات بالنسبة لحوالي ‪ %36‬من الجماعات‪ .‬وشكل التأمين‬
‫المتعلق بالمسؤولية العشرية الصنف الذي تمت إثارته بصفة متكررة على مستوى العدد األكبر من‬
‫الجماعات‪.‬‬
‫‪ ‬الحرص على التتبع المستمر والمنتظم ألشغال تنفيذ المشاريع‬
‫لم تقم ‪ %53‬من الجماعات التي تمت مراقبتها بتأمين تتبع كاف ومستمر لمشاريعها من تاريخ انطالقها‬
‫إلى غاية تسلمها‪ .‬كما أن بعض محاضر االجتماعات غير مؤرخة‪ ،‬ومحررة بطريقة غير واضحة‬
‫وموجزة وال تعكس مجموعة من الوقائع المهمة التي تخص التنفيذ‪ ،‬كأعمال فتح الورش وتتبع ومراقبة‬
‫األشغال وإجراءات القيام بالتجارب‪ ،‬ووضعية تقدم األشغال وطلبات أو أوامر اإلدارة واألحداث‬
‫الطارئة خالل مدة التنفيذ وأعمال التسلم المؤقت والنهائي‪ .‬كما ال تشير في معظم األحيان إلى‬
‫مالحظات لجان التتبع والتوصيات المتعلقة باألشغال‪ .‬نفس المالحظة تم تسجيلها في حاالت أخرى‬
‫استعانت فيها بعض الجماعات بمهندسين معماريين وبمكاتب الدراسة للمساعدة على تتبع األشغال‪،‬‬
‫حيث لم ترق هذه الخدمة إلى المستوى المطلوب لنفس األسباب سالفة الذكر‪.‬‬
‫وبخصوص تتبع األشغال المنجزة عن طريق سندات الطلب‪ ،‬فقد سجل غياب كلي لدفاتر الورش‬
‫ومحاضر االجتماعات وجداول المنجزات ونتائج التجارب واالختبارات المتعلقة بجودة المواد‬
‫واألشغال‪ ،‬مما يؤشر على نقص في تتبع هذا النوع من الطلبيات العمومية‪.‬‬
‫من جانب آخر‪ ،‬ال تقوم الجماعات بمطالبة المقاوالت المتعاقد معها بتسليم المذكرة التنفيذية التقنية‪،‬‬
‫تقدم من خاللها وصفا مفصال لإلجراءات التنظيمية لألشغال وطرق تنفيذها‪ ،‬والوسائل المادية‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪346‬‬


‫والبشرية المخصصة للورش‪ ،‬وبرنامج تنفيذ األشغال‪ ،‬وكذا مصدر المواد وكيفيات استعمالها‪ ،‬وذلك‬
‫على الرغم من تنصيص دفاتر الشروط الخاصة على هذه الوثيقة‪.‬‬
‫إن التتبع غير الكافي وغير المنتظم لألشغال يزيد من احتمالية المخاطر المتعلقة بجودتها واحترام‬
‫آجالها‪ ،‬كما يؤدي إلى التأخر في تصفية النفقات واألمر بأدائها وما يتولد عن ذلك من نزاعات من‬
‫شأنها عرقلة تقدم األشغال‪.‬‬
‫‪ ‬وجوب اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان فعالية مراقبات الجودة‬
‫شابت العمليات المتعلقة بمراقبة جودة األشغال نقائص عدة تمت معاينتها على مستوى ‪ 23‬جماعة‪.‬‬
‫فمن جهة‪ ،‬تبين أن تجارب مراقبة جودة المواد واستعمالها تنجز من طرف مختبرات مكلفة من طرف‬
‫المقاوالت المتعاق د معها وليس من طرف الجماعة صاحبة المشروع‪ ،‬األمر الذي من شأنه أن يجعل‬
‫المختبرات في حالة تبعية مالية للمقاوالت‪ ،‬مع ما قد يترتب عن ذلك من مخاطر قد تمس حياد‬
‫واستقاللية هذه المختبرات‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى‪ ،‬فإن عملية اختيار العينات تتم بين ممثلي المقاوالت والمختبرات في غياب ممثل‬
‫عن صاحب المشروع‪ .‬كما ال تتناسب‪ ،‬في كثير من الحاالت‪ ،‬كميات العينات موضوع التجارب‬
‫واالختبارات المدلى بها‪ ،‬مع الحجم اإلجمالي لكميات األشغال المنجزة فعليا‪ .‬وتحد هذه النقائص هي‬
‫األخرى من صدقية نتائج التجارب واالختبارات المدلى بها‪ ،‬ومدى إمكانية تعميم نتائجها على مجمل‬
‫األشغال المنجزة‪.‬‬
‫وعلى صعيد آخر‪ ،‬فإن تقارير االختبارات التقنية المدلى بها ال تتضمن جميع التجارب الضرورية‬
‫كما أن الجماعات ال تشترط إجراء جميع االختبارات وعمليات المراقبة الواردة بدفاتر الشروط‬
‫المشتركة المختلفة‪ .‬وفي حاالت أخرى تستعمل المختبرات عبارات غير دقيقة للتعليق على نتائج‬
‫التجارب‪ .‬وهو ما ال يمكن من الحسم في التصريح بمطابقة المواد واستعمالها للمواصفات التقنية‬
‫المطلوبة من عدمه‪ .‬وكنتيجة مباشرة لعدم القيام بمراقبات الجودة الالزمة‪ ،‬تبين من خالل المعاينات‬
‫الميدانية ظهور عيوب في األشغال المنجزة بعد فترات قصيرة من االنتهاء منها على مستوى ‪07‬‬
‫جماعات‪.‬‬
‫‪ ‬الحرص على تعزيز التدابير الرامية إلى احترام اآلجال‬
‫عرفت مجموعة من المشاريع تأخرا ملحوظا في إتمام أشغالها مما تعذر معه استفادة الساكنة منها‬
‫داخل آجال معقولة‪ ،‬وبلغ عدد هذه المشاريع ‪ 14‬مشروعا‪ ،‬موزعة على ‪ 12‬جماعة بكلفة إجمالية‬
‫بلغت ‪ 34.245.013,84‬درهم‪ ،‬برسم الفترة ما بين ‪ 2015‬و‪ .2020‬وتكمن األسباب الرئيسية وراء‬
‫هذه التأخيرات فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬التأخر غير المبرر في إصدار األمر بالشروع في تنفيذ األشغال؛‬
‫‪ -‬عدم اتخاذ اإلجراءات القبلية النطالق االشغال والكفيلة بإنجاحها‪ ،‬من قبيل التحديد الدقيق‬
‫لالعتمادات المالية الكافية وإعداد تصاميم التنفيذ والتحديد الدقيق ألماكن المنشئات والتنسيق‬
‫المسبق مع الساكنة تفاديا للتعرضات؛‬
‫‪ -‬التأخر في اتخاذ االجراءات الالزمة لتذليل الصعوبات التي تتم مواجهتها أثناء مرحلة‬
‫التنفيذ‪ ،‬وغياب االستباقية في توقعها؛‬
‫‪ -‬عدم وفاء المقاول بالتزاماته وعدم تطبيق الجماعات لإلجراءات القسرية المتعين اتخاذها‬
‫في هذا الشأن‪.‬‬
‫أشارت وزارة الداخلية إلى أن عدم توفر االعتمادات الضرورية ببعض الجماعات يؤدي لالعتماد على‬
‫مواردها البشرية الذاتية إلنجاز الدراسات التقنية األولية‪ ،‬وتتبع األشغال‪ ،‬مع ما قد ينتج عن ذلك من نقائص‬
‫تنعكس على تنفيذ المشاريع‪ ،‬مضيفة بأنها قامت في مطلع سنة ‪ 2019‬مع شركائها الدوليين بإطالق برنامج‬

‫‪347‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫دعم تحسين نجاعة الجماعات‪ ،‬بهدف تعزيز الحكامة الجيدة وتقوية الموارد البشرية والمالية للجماعات‬
‫الترابية‪.‬‬

‫وتأسيسا على ما سبق‪ ،‬توصي المجالس الجهوية للحسابات وزارة الداخلية‪ ،‬من خالل والة الجهات‬
‫وعمال العماالت واألقاليم‪ ،‬بحث الجماعات على ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تسوية الوضعية القانونية للعقارات قبل مباشرة اإلجراءات المتعلقة بإنجاز المشاريع؛‬
‫‪ -‬العمل على إعداد دراسات تقنية دقيقة قبلية من أجل التمكن من ضبط الحاجيات الخاصة‬
‫بالمشاريع المزمع إنجازها وتجويد ملفات طلبات العروض؛‬
‫‪ -‬الحرص على تضمين نظام االستشارة الخاص بالصفقات للمؤهالت التقنية الواجب‬
‫استيفاؤها من طرف المتنافسين‪ ،‬وذلك ضمانا لمشاركة مقاولين يتوفرون على‬
‫المؤهالت التقنية التي يتطلبها إنجاز المشاريع؛‬
‫‪ -‬العمل على تتبع األشغال بصفة منتظمة والتحقق من جودة المواد المستعملة إلنجاز‬
‫األشغال وذلك بالقيام بزيارات ميدانية منتظمة ألوراش المشاريع الجماعية‪ ،‬وإعداد‬
‫محاضر دورية بهذا الشأن‪ ،‬وكذا الحرص على حضور مكاتب الدراسات والمراقبة‬
‫المتعاقد معها بهذا الخصوص‪.‬‬
‫ثالثا‪ .‬نظام المراقبة الداخلية‬
‫‪ .1‬تدعيم آليات الحكامة ونظام المراقبة الداخلية‬
‫‪ ‬تبني نظام التدبير بحسب األهداف‬
‫تتولى الجماعات تدبير أغلب المشاريع دون مراعاة مقتضيات المادتين ‪ 271‬و‪ 272‬من القانون‬
‫التنظيمي رقم ‪ ،113.14‬حيث ال يتم االلتزام بتبني نظام التدبير بحسب األهداف‪ ،‬وبوضع منظومة‬
‫تتبع المشاريع والبرامج‪ ،‬وباعتماد تقييم األداء وتقديم حصيلة التدبير‪ ،‬مما ال يساعد على تقييم أداء‬
‫ونجاعة عمل الجماعة بشكل موضوعي‪.‬‬
‫أوضحت وزارة الداخلية أنها تضع بشكل مسترسل ومتواتر‪ ،‬رهن إشارة الجماعات آليات مختلفة ومتنوعة‬
‫لدعم القدرات التدبيرية لمنتخبيها وأطرها‪ ،‬من قبيل الدالئل حول اختصاصات الجماعات والطرق الحديثة في‬
‫تدبير الشأن المحلي‪ .‬كما تعمل على تنظيم دورات تكوينية لمجالس الجماعات بهذا الخصوص‪ ،‬ليتم استنباط‬
‫مختلف األساليب الفعالة لتدبير الجماعة من خالل تبني نظام التدبير بحسب األهداف ووضع منظومة لتتبع‬
‫المشاريع والبرامج تحدد فيها األهداف المراد بلوغها ومؤشرات الفعالية المتعلقة بها وغيرها‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة التوفر على نظام للمراقبة الداخلية ودليل مرجعي لإلجراءات والمساطر‬
‫اإلدارية‬
‫ال يتوفر تنظيم العمل اإلداري بالجماعات موضوع المراقبة على نظام فعال للمراقبة الداخلية‪ ،‬الذي‬
‫من شأنه تمكينها من تتبع العمليات المنجزة من طرف الوحدات اإلدارية والتأكد من تناسقها وتكاملها‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬ال تتوفر أغلب هذه الجماعات على دليل لإلجراءات والمساطر اإلدارية الداخلية‬
‫يحدد طريقة إنجاز المهام المنوطة بمختلف مصالحها‪.‬‬
‫من جهة أخرى‪ ،‬وخالفا لمقتضيات المادة ‪ 272‬من القانون التنظيمي‪ ،‬لم تقم أغلب الجماعات التي‬
‫تمت مراقبتها باعتماد نظام للمراقبة الداخلية واالفتحاص‪ .‬وال تقوم كذلك بدراسة تقارير التقييم‬
‫واالفتحاص والمراقبة الداخلية وتقديم الحصيلة ضمن جداول أعمال مجالسها؛ وال تنشر هذه التقارير‬
‫بجميع الوسائل المالئمة ليطلع عليها العموم‪ .‬وينتج عن غياب نظام للمراقبة الداخلية عدم توفير‬
‫المعلومات والمعطيات التي تساعد على متابعة وتقييم األداء واتخاذ القرارات المالئمة عند اكتشاف‬
‫الخلل في الوقت المناسب‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪348‬‬


‫أوضحت وزارة الداخلية أنها قامت بإصدار مجموعة من الوثائق التأطيرية التي تروم تنظيم وتبسيط وتجويد‬
‫عمل اإلدارة بالجماعات الترابية من قبيل "دليل المساطر اإلدارية األكثر تداوال على مستوى اإلدارة الترابية‬
‫والجماعات الترابية " كمرجع لتوحيد المساطر اإلدارية وتبسيطها ورقمنتها؛ كما أصدرت الدليل العملي‬
‫المحدد لشكل وشروط إيداع ودراسة وتسليم الرخص واألذون المتعلقة بالتعمير في يناير ‪ ،2021‬ودليل ضابط‬
‫الحالة المدنية‪.‬‬
‫كما أفادت الوزارة بأن المديرية العامة للجماعات الترابية نظمت بتاريخ ‪ 2022/06/08‬ورشة إلطالق مشروع‬
‫تفعيل وظيفة االفتحاص الداخلي على مستوى ‪ 50‬جماعة في إطار إتمام البرنامج المنجز الذي انطلق في‬
‫‪ 2020‬على مستوى ‪ 40‬جماعة (مشروع منجز) والرامي إلى تحسيس الجماعات بأهمية المراقبة الداخلية في‬
‫تجويد عملها‪ .‬ويهدف هذا المشروع إلى تمكين الجماعات المستهدفة من األدوات واآلليات الالزمة في مجال‬
‫تشخيص وتحليل مخاطر التدبير واالفتحاص الداخلي‪ ،‬مع العمل على تقوية قدرات مفتحصي هذه الجماعات‪.‬‬

‫من جانبها‪ ،‬أوضحت وزارة االقتصاد والمالية بأن إشراك الجمعية المغربية لرؤساء مجالس الجماعات إلنجاز‬
‫الدالئل والمساطر الالزمة وتنظيم دورات تكوينية وتحسيسية لفائدة الجماعات ذات الطابع القروي نظرا لوجود‬
‫حاجة مشتركة بين كل هذه الجماعات‪ ،‬من شأنه أن يساهم في تحفيز الجماعات المعنية على االنخراط في‬
‫مسلسل الحكامة الجيدة‪.‬‬
‫‪ ‬اعتماد هيكلة إدارية متناسبة مع عدد الموارد البشرية المتوفرة‬
‫اعتمدت بعض المجالس الجماعية التي يقل عدد سكانها عن ‪ 15.000‬نسمة‪ ،‬المقرر الخاص بالهيكل‬
‫التنظيمي‪ ،‬استنادا إلى منشور السيد وزير الداخلية عدد ‪ 43‬بتاريخ ‪ 28‬يونيو ‪ 2016‬المتعلق بالهيكلة‬
‫التنظيمية للجماعات الترابية‪.‬‬
‫ويتكون هذا الهيكل التنظيمي من مديرية وثالث مصالح باإلضافة إلى مكتب للضبط‪ .‬إال أن عدد‬
‫الموظفين ال يتناسب دائما مع التنظيم المؤشر عليه‪ .‬األمر الذي يجعل مجموعة من الوحدات اإلدارية‬
‫تبقى دون موظفين مع تكليف بعضهم بوحدتين أو أكثر مع ما يثيره ذلك من إشكاليات تتعلق بممارسة‬
‫شخص واحد لمهام متعددة‪ ،‬قد تكون بعضها متنافية‪ .‬ويؤثر نقص الموارد البشرية على قدرة بعض‬
‫الجماعات على القيام بمختلف المهام المنوطة بها وتغطية جميع مجاالت تدخلها‪ ،‬كما قد يؤثر على‬
‫فعالية الموظفين ومردوديتهم بسبب تراكم المسؤوليات التي يتولونها‪ ،‬مما ينعكس سلبا على االستجابة‬
‫لطلبات الساكنة‪.‬‬
‫أشارت وزارة الداخلية إلى أنها بادرت إلى إصدار الدوريتين عدد ‪ D4790‬بتاريخ ‪ 31‬يونيو ‪ 2018‬و‪D6744‬‬
‫بتاريخ ‪ 30‬شتنبر ‪ 2021‬حول التعيين في المناصب العليا بالجماعات الترابية وهيئاتها ونظام التعويض عن‬
‫المسؤولية الذي أصبح محفزا الستقطاب األطر ذات الخبرة والكفاءة‪ ،‬باإلضافة إلى بعض القرارات والمناشير‬
‫ذات الصلة‪ ،‬والتي شكلت خارطة طريق لتزويد الجماعات‪ ،‬سواء تلك التي يفوق أو يقل عدد سكانها عن‬
‫‪ 15.000‬نسمة‪ ،‬بالموارد البشرية الكافية‪ .‬كما قامت الوزارة في هذا الصدد بإعداد هياكل تنظيمية نموذجية‬
‫تأخذ بعين االعتبار التوزيع السليم والمتوازن للموارد البشرية للجماعات لتمكينها من القيام بمختلف مهامها‬
‫وتغطية جميع مجاالت تدخلها وللحيلولة دون تكليف بعض الموظفين بوحدتين أو أكثر مع ما يثيره ذلك من‬
‫تركيز للمهام‪ ،‬قد تكون بعضها متنافية‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة إعداد بطائق توصيف المناصب والوظائف‬
‫ال يتم تحديد مهام الموظفين ومجال تدخلهم وطريقة العمل التي يجب اعتمادها في إطار وظائفهم في‬
‫مقررات تعيينهم‪ .‬وترجع أسباب ذلك إلى عدم قيام مسؤولي إدارة الجماعة بإعداد بطائق توصيف‬
‫المهام أو الوظائف التي تعتبر من الوسائل العملية في تدبير الموارد البشرية‪.‬‬
‫ويقتضي الحرص على نجاعة التنظيم اإلداري والرفع من مستوى أداء الوظائف بكفاءةٍ وضع بطاقة‬
‫لكل منصب أو وظيفة تبين طبيعته وأهدافه التدبيرية والخدماتية والمسؤوليات المتعلقة به‪ ،‬كما يجب‬
‫أن تتضمن هذه الوثيقة تفصيال للمؤهالت العلمية والمعرفية والكفاءات والخبرات العملية الالزم‬
‫توفرها ل تولي المنصب أو الوظيفة‪ .‬وتتجلى أهمية هذه الوسائل التدبيرية في وضع معايير لشغل‬
‫المناصب والوظائف وتعريف الموظف المكلف بالمنصب أو المهمة اإلدارية بمسؤولياته واألعمال‬

‫‪349‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫الوظيفية المكلف بها بدقة‪ ،‬كما تمكن من وضع برامج التكوين المستمر بشكل يناسب تطور‬
‫االختصاصات واألعمال المسندة لكل منصب أو وظيفة‪.‬‬
‫وقد أوضحت وزارة الداخلية أن مختلف الدورات التكوينية التي تستفيد منها الجماعات تستهدف تقوية قدراتها‬
‫التدبيرية وإمدادها باآلليات الحديثة التي تروم الرفع من مستوى أداء الوظائف لتحقيق نجاعة التنظيم اإلداري‪.‬‬
‫‪ .2‬وضع آليات للمراقبة الداخلية في اإلدارة الجبائية المحلية‬
‫‪ ‬تعزيز المراقبة على اإلدارة الجبائية المحلية‬
‫ينطوي عمل اإلدارة الجبائية المحلية على عدة مخاطر من شأنها أن تؤثر على ضبط الوعاء‬
‫الضريبي‪ ،‬أو على القدرة على فرض الرسوم المستحقة وفق األسعار المحددة في القرار الجبائي على‬
‫كل الملزمين‪ ،‬وعلى مستوى تتبع ديون الجماعة واستخالصها‪ ،‬باإلضافة إلى الحفاظ على القيم‬
‫واألموال العمومية المودعة لدى الشسيع وضمان سالمة العمليات المالية والتحويالت إلى القابض‬
‫الجماعي‪.‬‬
‫وقد اقتضت المادتان ‪ 33‬و‪ 43‬من تعليمية وزير المالية المتعلقة بوكاالت المداخيل والنفقات المؤرخة‬
‫في ‪ 26‬مارس ‪ ،1969‬ضرورة إخضاع شسيع المداخيل لمراقبة مستمرة يمارسها رؤساؤه اإلداريون‪،‬‬
‫الذين يتعين عليهم إجراء مراقبة دورية على تسلم ومسك واستعمال دفاتر األرومات المسلمة إلى‬
‫شساعة المداخيل على األقل مرة واحدة في السنة‪ .‬إال أنه‪ ،‬ودون مراعاة لهذه المقتضيات‪ ،‬لم يقم‬
‫رؤساء بعض المجالس الجماعية بمراقبة عمل شسيعي المداخيل بعين المكان وبشكل منتظم‪ ،‬بصفتهم‬
‫آمرين بالصرف ورؤساء تسلسليين لجميع موظفي وأعوان الجماعة‪.‬‬
‫أشارت وزارة الداخلية أنه قد تم‪ ،‬باإلضافة إلى إصدار عدد من المراسيم التطبيقية ابتداء من سنة ‪،2016‬‬
‫تعديل وتتميم القانون رقم ‪ 47.06‬المتعلق بالجبايات المحلية بموجب القانون رقم ‪ 07.20‬بتاريخ ‪ 31‬دجنبر‬
‫‪ ،2020‬والذي تضمن مقتضيات عدة من شأنها تدعيم الموارد الذاتية لهذه الجماعات‪.‬‬
‫وأضافت على أنه تم تعزيز هذه الترسانة القانونية بإصدار بعض الدوريات المتعلقة بتأطير عمل رؤساء‬
‫المجالس الجماعية في المادة الجبائية‪ ،‬من قبيل الدورية عدد ‪ 11252‬المؤرخة في ‪ 06‬غشت ‪ 2020‬حول‬
‫إبداء الرأي بشأن تساؤالت تخص الجبايات المحلية‪ ،‬الدورية عدد ‪ 1345‬بتاريخ ‪ 31‬يوليو ‪ 2019‬حول تطبيق‬
‫بعض المقتضيات القانونية المتعلقة بالجبايات المحلية‪ ،‬والدورية عدد ‪ D1094‬بتاريخ ‪ 01‬مارس ‪2019‬‬
‫المتعلقة بعقلنة التدبير المالي‪ ،‬الميزانياتي والمحاسباتي للجماعات الترابية‪ ،‬باإلضافة إلى إعداد مجموعة من‬
‫الدالئل كدليل الجبايات الترابية وإصدار تعليمية وزير الداخلية رقم ‪ F/1600‬بتاريخ ‪ 05‬مايو ‪ 2021‬حول‬
‫تطبيق القانون رقم ‪ 47.06‬المتعلق بجبايات الجماعات الترابية كما تم تغييره وتتميمه بالقانون رقم ‪.07.20‬‬
‫‪ ‬التنسيق بين بعض المصالح الجماعية واإلدارة الجبائية المحلية‬
‫تم الوقوف خالل المهمات الرقابية على ضعف التنسيق بين المصالح الجماعية مع اإلدارة الجبائية‬
‫المحلية‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬تبين أن مصالح التعمير بعدة جماعات ال توافي‪ ،‬وبصفة دورية‪ ،‬اإلدارة‬
‫الجبائية المحلية بنسخ من رخص التجزئة ورخص البناء وشواهد السكن والمطابقة من أجل تمكينها‬
‫من تدبير وتتبع ملفات األراضي الواقعة بالمركز المحدد‪ ،‬التي تكون موضوع رخصة البناء أو‬
‫رخصة التجزئة‪ ،‬والتي تستفيد من اإلعفاء الكلي المؤقت من الرسم على األراضي الحضرية غير‬
‫المبنية لفترة ثالث سنوات ابتداء من فاتح يناير من السنة التي تلي سنة الحصول على رخصة التجزئة‬
‫أو البناء‪ .‬األمر الذي يحرم الجماعات المعنية من إمكانية فرض هذا الرسم على الملزمين الذين لم‬
‫يتمكنوا من الحصول على شهادة المطابقة أو ترخيص السكن‪.‬‬
‫في نفس اإلطار‪ ،‬فإن الرخص االقتصادية ورخص استغالل المقاهي المسلمة من طرف المصلحة‬
‫المختصة ال توجه‪ ،‬في كثير من الحاالت‪ ،‬لإلدارة الجبائية المحلية للتأكد من وضعية الملزمين بمختلف‬
‫الرسوم‪ ،‬مما يحول دون ضبط وتتبع الرسوم المفروضة كالرسم على محال بيع المشروبات وكذا‬
‫الرسم على اإلقامة في المؤسسات السياحية‪.‬‬
‫وقد أوضحت وزارة الداخلية بأنها قامت بإطالق ورش رقمنة الخدمات المقدمة لمرتفقي الجماعات من خالل‬
‫إرساء مجموعة من المنصات الرقمية كمنصة رخص المتعلقة بمنح الرخص ذات الطابع العمراني‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪350‬‬


‫واالقتصادي‪ ،‬والنظام المندمج لتدبير مداخيل جبايات الجماعات الترابية (‪ )GIR-CT‬وغيرها‪ ...‬وأضافت‬
‫أنها تعمل على تعميم هذه المنصات على مختلف الجماعات بشكل تدريجي‪ ،‬وتقوم بتنظيم دورات تكوينية‬
‫لمختلف المجالس الجماعية في شأن كيفية تطبيقها وأجرأتها‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬تم إصدار الدورية المشتركة‬
‫تحت رقم ‪ RF/1463‬بتاريخ ‪ 03‬مارس ‪ ،2020‬حول استعمال التدبير المندمج للمداخيل في إنجاز عمليات‬
‫شساعة مداخيل الجماعات الترابية ومجموعاتها‪ ،‬والدورية رقم ‪ 9229‬بتاريخ ‪ 01‬يوليوز ‪ 2020‬المتعلقة‬
‫بتعميم استعمال منظومة التدبير المندمج لمداخيل الجماعات الترابية‪.‬‬
‫إضافة إلى ذلك‪ ،‬أكدت وزارة الداخلية على أنها قامت بإعداد مجموعة من الدالئل وتعميمها‪ ،‬والتي توضح‬
‫وتشرح كيفية استغالل هذه المنظومة من طرف مختلف المتدخلين‪ .‬وأضافت على أن تعميم هذه المنظومة‬
‫سيمكن من تجويد الخدمات المقدمة للمرتفقين ورقمنة عمليات شساعة مداخيل الجماعات الترابية بصفة‬
‫تدريجية كما سيمكن من تفادي ضعف التنسيق بين مختلف المصالح الجماعية وال سيما مع اإلدارة الجبائية‪.‬‬
‫‪ .3‬وضع آليات تدبير المشتريات ومسك محاسبة المواد وتدبير األرشيف‬
‫‪ ‬ضرورة التوفر على مساطر لتدبير المشتريات‬
‫ال تتوفر عدة جماعات‪ ،‬موضوع المراقبة‪ ،‬على وحدة إدارية خاصة بالمقتنيات‪ ،‬يعهد إليها اقتناء‬
‫وتوزيع جميع األدوات والمعدات على المصالح والمرافق التابعة للجماعة‪ ،‬حيث تسند مهام تدبير‬
‫وتتبع الطلبيات الجماعية في الغالب إلى شسيع النفقات‪ ،‬في غياب تعريف قبلي وتوقعي للحاجيات‬
‫السنوية‪ ،‬وعدم التوفر على مراجع لألثمان يمكن مصالح الجماعة من تقييم ودراسة العروض المقدمة‬
‫من طرف الممونين‪ ،‬على أساس األثمان المتداولة في السوق‪.‬‬
‫كما أن مصالح الجماعة ال تتوفر على مسطرة واضحة ومكتوبة خاصة بالمشتريات‪ ،‬تمكن من تحديد‬
‫الحاجيات القبلية‪ ،‬واقتناء وتخزين وتوزيع التوريدات على مختلف المصالح الجماعية‪ ،‬وإمداد مختلف‬
‫المصالح الجماعية باألدوات والمعدات التي تحتاجها بشكل مضبوط‪.‬‬
‫‪ ‬العمل على تعزيز التدابير المتعلقة بمراقبة صحة النفقات‬
‫مكنت المراقبات المتعلقة بتدبير النفقات من الوقوف على عدة نقائص‪ ،‬على مستوى ‪ %47‬من‬
‫الجماعات‪ ،‬تحول دون تحصين هذه المرحلة من مخاطر ارتكاب أخطاء في طريقة احتساب كميات‬
‫األشغال المنجزة والتوريدات المستلمة‪ .‬وبهذا الخصوص‪ ،‬تم تسجيل المالحظات التالية‪:‬‬
‫‪ -‬عدم اعتماد جداول المنجزات الحتساب كميات األشغال المنجزة في إطار سندات الطلب؛‬
‫‪ -‬عدم تدعيم جداول المنجزات بالحسابات المترية المفصلة؛‬
‫‪ -‬عدم ضبط أسعار الضريبة على القيمة المضافة المطبقة على نفقات اإلقامة واإلطعام‬
‫واالستقبال؛‬
‫‪ -‬عدم ضبط طريقة احتساب مراجعة األثمان وغرامات التأخير في تنفيذ األشغال‪.‬‬
‫‪ ‬مسك محاسبة المواد‬
‫ال تقوم مجموعة من الجماعات موضوع المراقبة‪ ،‬بمسك محاسبة المواد التي تهدف إلى تتبع‬
‫التوريدات وجرد المخزون المتوفر‪ ،‬عبر مسك سجالت تبين تاريخ دخول وخروج المواد المشتراة‪،‬‬
‫مرفقة بوصوالت التسليم والخروج‪ ،‬وذلك تطبيقا لمقتضيات المواد ‪ 111‬و‪ 117‬و‪ 118‬من المرسوم‬
‫رقم ‪ 2.17.451‬صادر في ‪ 23‬نونبر ‪ 2017‬بسن نظام للمحاسبة العمومية للجماعات ومؤسسات‬
‫التعاون بين الجماعات‪.‬‬
‫في هذا الصدد‪ ،‬تجدر اإلشارة إلى أن غياب نظام محاسبة المواد‪ ،‬يجعل من الصعب تحديد حركية‬
‫المواد والمعدات التي يتم اقتناؤها من طرف الجماعة‪ ،‬كما ال يمكن من ضبط االستعمال الذي خصص‬
‫لها والكمية المتبقية في المخزون منها من جهة‪ ،‬وتحديد الكميات الالزمة منها بشكل مضبوط بغية‬
‫ضمان السير العادي للمرافق الجماعية‪ ،‬من جهة أخرى‪ .‬وتعزو أغلب هذه الجماعات سبب عدم‬
‫مسكها لهذه المحاسبة لعدم صدور القرار المشترك لوزير الداخلية والوزير المكلف بالمالية المتعلق‬
‫بتحديد شروط وكيفيات مسك محاسبة المواد‪ .‬غير أن ذلك ال يعفي الجماعات المعنية من اعتماد‬

‫‪351‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫الممارسات الفضلى من أجل مسك محاسبة للمواد تبرز‪ ،‬على الخصوص‪ ،‬التوريدات المستلمة من‬
‫حيث طبيعتها وكمياتها وكذا أوجه استعمالها‪ ،‬مع ضبط تواريخ كل عملية دخول للمخزن أو خروج‬
‫منه‪.‬‬
‫‪ ‬مسك سجل الجرد ووضع أرقام الجرد على المنقوالت‬
‫ال تقوم مجموعة من الجماعات باحترام المساطر المتعلقة بجرد منقوالتها وترقيمها وتتبعها‪ ،‬إذ إن‬
‫بعضها ال يقوم بتثبيت أرقام الجرد على كافة المنقوالت المدونة بسجل الجرد‪ ،‬مما يصعب معه الربط‬
‫بين هذه المنقوالت وتلك التي تمت معاينتها‪ ،‬كما سجل عدم ملء بعض البيانات بسجل الجرد وخاصة‬
‫الخانة المتعلقة بطريقة االقتناء (سند طلب‪ ،‬صفقة‪ )...،‬والخانة المتعلقة بثمن االقتناء والخانة المتعلقة‬
‫بتخصيص المنقوالت‪ .‬األمر الذي ال يمكن من تتبع المنقوالت والجهة المستفيدة منها‪ .‬وفي هذا اإلطار‪،‬‬
‫أسفرت مراقبة تدبير المنقوالت على أن ‪ %35‬من الجماعات موضوع المراقبة‪ ،‬ال تقوم بتتبع‬
‫منقوالتها بما يكفي للحفاظ عليها‪ ،‬حيث تم تسجيل عدد من النقائص السيما فيما يخص‪:‬‬
‫‪ -‬عدم توثيق حركية المنقوالت عبر إعداد أوراق إبراء الذمة‪ ،‬حتى يتأتى تحديد المسؤوليات‬
‫في حال ضياعها أو سرقتها أو إتالفها؛‬
‫‪ -‬عدم تحرير محاضر بسحب المنقوالت التي لم تعد صالحة لالستعمال‪.‬‬
‫وقد أكدت وزارة الداخلية على أن حسن تدبير نفقات الجماعات الترابية كان دائما في صلب اهتماماتها وأنها‬
‫ما فتئت ت حث مختلف الجماعات على التدبير األمثل لنفقاتها‪ .‬وأضافت بأنها تعمل‪ ،‬بشكل منتظم ومسترسل‪،‬‬
‫على إصدار دوريات ودالئل تهدف إلى تأطير الجماعات وتحصينها خالل تدبير نفقاتها من بعض األخطاء‬
‫التي يمكن أن تعتري تدبير هذا الشق‪ ،‬وتحثها على ضرورة التوفر على مساطر محددة ومضبوطة لتدبير‬
‫المشتريات مع العمل على إنشاء وحدات إدارية خاصة بها‪.‬‬
‫‪ ‬االهتمام بأرشيف الجماعة‬
‫أخضعت المادة ‪ 50‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 113.14‬المتعلق بالجماعات أرشيف الجماعات ألحكام‬
‫القانون رقم ‪ 69.99‬المتعلق باألرشيف‪ ،‬وذلك بالنظر لألهمية التي يكتسيها هذا األرشيف وضرورة‬
‫تدبيره بما يضمن الصالح العام وإثبات حقوق األغيار‪ .‬إال أن أغلب الجماعات ال تتوفر على مكان‬
‫مخصص لحفظ الوثائق والمستندات بشكل منظم يسهل الولوج إليها ويضمن سالمتها من جميع‬
‫األخطار التي يمكن أن تعرضها للتلف والضياع‪.‬‬
‫أوضحت وزارة الداخلية أن عملية تدبير األرشيف بطريقة الكترونية تشكل جزءا ال يتجزأ من ورش الرقمنة‬
‫الذي أطلقته‪ ،‬والذي سيمكن من حفظ الوثائق والمستندات بشكل منظم يسهل الولوج إليها ويضمن سالمتها من‬
‫جميع األخطار التي يمكن أن تعرضها للتلف والضياع‪.‬‬

‫ولهذه الغاية‪ ،‬توصي المجالس الجهوية للحسابات وزارة الداخلية والوزارة المكلفة بقطاع المالية‬
‫باإلسراع بإعداد القرار المشترك المتعلق بتحديد شروط وكيفيات مسك محاسبة المواد؛‬
‫كما توصي وزارة الداخلية بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬مواكبة الجماعات من أجل وضع نظام للتقييم والمراقبة الداخلية وإحداث وحدات‬
‫االفتحاص الداخلي وتحديد طرق وكيفيات مسك محاسبة المواد؛‬
‫‪ -‬إعداد دالئل للمساطر األكثر تداوال ونشرها والتعريف بها بواسطة دورات تكوينية؛‬
‫وتوصي أيضا وزارة الداخلية‪ ،‬من خالل والة الجهات وعمال العماالت واألقاليم‪ ،‬بحث الجماعات‬
‫على القيام بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬العمل على توصيف دقيق لمهام كل موظف في قرار تعيينه مع تضمينه المقتضيات‬
‫المتعلقة بأعمال التوثيق واألرشفة الخاصة به وأعمال التنسيق والتواصل الضرورية‬
‫التي تربطه بالمصالح األخرى بالجماعة؛‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪352‬‬


‫‪ -‬تنظيم دورات تكوينية لفائدة الموظفين من أجل تحسين أدائهم حسب حاجيات كل‬
‫مصلحة؛‬
‫‪ -‬وضع آلية للتنسيق بين المصالح الجماعية مع اإلدارة الجبائية المحلية وذلك من أجل‬
‫ضبط الوعاء والرفع من مردودية استخالص الرسوم؛‬
‫‪ -‬تنظيم أرشيف الجماعة والقيام باإلجراءات الالزمة للحفاظ عليه‪.‬‬

‫‪353‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫االستراتيجية الوطنية للتنقالت الحضرية‪:‬‬
‫أهمية تأطير أفضل للقطاع وتأمين آليات التمويل المناسبة‬

‫تعتبر التنقالت الحضرية رافعة رئيسية لتسهيل الولوج المتكافئ للمواطنين إلى الفرص االقتصادية‬
‫والخدمات العمومية وتعزيز التمازج االجتماعي داخل المدن‪ .‬في هذا الصدد‪ ،‬فحسب إسقاطات السكان‬
‫لسنة ‪ 2022‬التي قامت بها المندوبية السامية للتخطيط‪ ،‬يتركز أكثر من ‪ %76‬من إجمالي الساكنة‬
‫الحضرية في ‪ 45‬جماعة يتجاوز عدد سكانها مئة ألف نسمة‪ .‬وقد ارتفع األسطول الوطني للسيارات‬
‫(سيارات الخدمات والركاب) من ‪ 3,5‬مليون سيارة في سنة ‪ 2015‬إلى ‪ 4,4‬مليون في سنة ‪،2020‬‬
‫أي بزيادة إجمالية قدرها ‪ .%26‬ويساهم هذا االرتفاع المستمر في معدل استعمال السيارات في الرفع‬
‫من استخدام الطرق الحضرية والزيادة من حدة ازدحام حركة السير داخل المراكز الحضرية‪.‬‬
‫وإدراكا منها للتحديات التي يطرحها التنقل الحضري‪ ،‬انخرطت وزارة الداخلية في تنفيذ "استراتيجية‬
‫وطنية للتنقالت الحضرية"‪ ،‬ابتداء من سنة ‪ .2008‬ويتمثل الهدف العام لهذه االستراتيجية في إرساء‬
‫نظام فعال للنقل الحضري يستوفي شروط الجودة والتكلفة واحترام البيئة ويحقق الجدوى المالية‬
‫المستدامة مع إعطاء األولوية للنقل العمومي‪ .‬لهذا الغرض‪ ،‬تم وضع خطة عمل تتألف من ‪ 54‬إجراء‬
‫مقسما إلى أهداف محددة تتعلق بالجوانب التالية‪ :‬تعزيز اإلطار المؤسساتي والتشريعي والتنظيمي‪،‬‬
‫تحسين مرفق النقل الحضري‪ ،‬تعزيز قدرات الجماعات في تنظيم وتدبير المرور والطرق ومواقف‬
‫السيارات وإنشاء آليات تمويل مستدامة‪.‬‬
‫وقد شهد قطاع التنقالت الحضرية تطورا مهما‪ ،‬بفضل المجهودات التي قامت بها وزارة الداخلية‬
‫والجماعات الترابية من أجل تطوير النقل الحضري‪ ،‬وسد عجز البنيات التحتية على المستوى المحلي‪،‬‬
‫وإعداد وثائق تخطيط التنقل الحضري وتمويل الدراسات الالزمة‪ ،‬باإلضافة إلى دعم التجمعات‬
‫الحضرية الكبيرة للدار البيضاء والرباط‪-‬سال وأكادير ومراكش في تنفيذ مشاريع وسائل النقل‬
‫العمومي في مدار خاص‪ ،‬وتحسين تهيئة شبكة الطرق داخل المجال الحضري‪.‬‬
‫وقد تمحورت المهمة الرقابية المنجزة في هذا اإلطار حول تصميم وإعداد االستراتيجية المذكورة‬
‫واإلطار القانوني والمؤسساتي لقطاع التنقالت الحضرية‪ ،‬وكذا الجوانب المرتبطة بالتخطيط والتدبير‪،‬‬
‫بما في ذلك حركة السير ووقوف العربات‪ ،‬فضال عن آليات التمويل‪.‬‬
‫‪ .1‬تصميم وإعداد االستراتيجية الوطنية للتنقالت الحضرية‬
‫كشف تحليل اإلطار التصميمي للمذكرة االستراتيجية القطاعية للتنقالت الحضرية وخطة عملها عن‬
‫وجود بعض أوجه القصور التي من شأنها أن تؤثر على مالءمتها واتساقها وبالتالي تساهم في الحد‬
‫من تبني هذا اإلطار االستراتيجي والتقليص من أثره‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى وضع إطار استراتيجي جديد للتنقالت الحضرية مندمج مع باقي‬
‫االستراتيجيات القطاعية والترابية‬
‫اعتمدت وزارة الداخلية (المديرية العامة للجماعات الترابية) برنامج شراكة تقنية مع البنك الدولي‬
‫من أجل وضع استراتيجية وطنية‪ ،‬خلصت إلى اعتماد مذكرة تناولت تشخيصا لقطاع التنقالت‬
‫الحضرية وقدمت التوجهات االستراتيجية الرئيسية التي وجب ارساؤها بهدف تجاوز الوضعية‬
‫الحرجة للتنقالت داخل التجمعات الحضرية‪.‬‬
‫وقد ظل قطاع التنقالت الحضرية مؤطرا بمذكرة استراتيجية اُعتمدت في أبريل ‪ ،2008‬افتقدت للدقة‬
‫والوضوح الالزمين إلرساء استراتيجية وطنية حقيقية للتنقالت الحضرية ولتشكيل إطار مرجعي‬
‫يوفر رؤية شاملة ومتكاملة ومتسقة‪ .‬وعالوة على ذلك‪ ،‬فإن أول إجراء استراتيجي أوصت به في‬
‫خطة عملها هو ضرورة "إعداد استراتيجية وطنية لقطاع التنقالت الحضرية" على المدى القصير‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪354‬‬


‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فقد أظهر تقييم مدى مواءمة اإلجراءات التنفيذية‪ ،‬المنصوص عليها في خطة‬
‫العمل‪ ،‬للهدف االستراتيجي العام لها عدم تغطية جميع الجوانب االستراتيجية المعلن عنها‪ ،‬بحيث لم‬
‫يتم تضمين اإلجراءات التنفيذية المتعلقة باحترام البيئة‪ ،‬على الرغم من تكريس هذا البعد كأحد المحاور‬
‫الرئيسية للهدف العام لهذه االستراتيجية‪.‬‬
‫كما لم تأخذ االستراتيجية الوطنية للتنقالت الحضرية بعين االعتبار مضامين باقي االستراتيجيات‬
‫القطاعية التي تتناول إشكالية التنقل الحضري‪ ،‬والسيما تلك المرتبطة بالتخطيط الحضري والنقل‬
‫واللوجستيك والطاقة والبيئة والتنمية المستدامة‪ ،‬بحيث تمت بلورتها دون استحضار الشروط الالزمة‬
‫لضمان التقائية إجراءاتها التنفيذية وترابطها وانسجام إطارها وتنسيق تدخالت الجهات المعنية‬
‫بتنزيلها‪.‬‬
‫ومن جانب آخر‪ ،‬ت َّم تنزيل االستراتيجية الوطنية للتنقالت الحضرية على المستوى الترابي باالعتماد‬
‫على مراسالت إدارية مع الفاعلين المحليين‪ ،‬اقتصرت على جوانب محدودة من اإلطار االستراتيجي‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى عدم بلورة خطة تنزيل على المستوى الترابي من أجل تدبير فعال لتنفيذ هذه‬
‫االستراتيجية‪ ،‬خاصة وأنها تبقى مرتبطة في معظم إجراءاتها باالختصاصات المنوطة بالمتدخلين‬
‫المحليين‪ .‬وقد حالت هذه الوضعية دون إمكانية التنفيذ الشامل لجميع األوراش المبرمجة وتتبع مطابقة‬
‫ونجاعة تنفيذها على المستوى الترابي‪.‬‬
‫وقد أوضحت وزارة الداخلية بأنه في إطار تحيين االستراتيجية الوطنية للتنقالت الحضرية ومواءمتها مع‬
‫االلتزامات الدولية للمغرب فيما يتعلق بالتغيرات المناخية والتنمية المستدامة‪ ،‬قامت المديرية العامة للجماعات‬
‫الترابية بإعداد دراستين استراتيجيتين في سنة ‪( 2018‬الرؤية الوطنية للتنقالت الحضرية بحلول عام ‪2030‬‬
‫والتدابير االستراتيجية لتنفيذها – االستراتيجية الوطنية للتنقالت الحضرية)‪ ،‬واللتين اعتمدتا لتحديد المبادئ‬
‫التوجيهية لخارطة طريق التنقالت الحضرية المستدامة الممتدة إلى ‪ ،2035‬والجاري إعدادها من قبل مديرية‬
‫التنقالت الحضرية‪ .‬ويتوخى من هذه الخارطة‪ ،‬حسب الوزارة‪ ،‬وضع رؤية واضحة ومتماسكة للتنقالت‬
‫الحضرية المستدامة في التجمعات الحضرية من خالل إجراءات وخطة عمل ملموسة وواقعية‪ ،‬تخص جوانب‬
‫مختلفة كالحكامة والتمويل وآليات التنفيذ‪ ،‬وترتكز على نهج قائم على تقييم مؤشرات ا ْ‬
‫الداء ومقاربة التدبير‬
‫المرتكز على النتائج‪.‬‬
‫كما أكدت الوزارة بأن دمج البعد البيئي وكذلك تحقيق االلتقائية بين التنقالت الحضرية والتخطيط الحضري‬
‫يكتسي أهمية كبيرة‪ ،‬من أجل تحقيق االنسجام بين مختلف االستراتيجيات القطاعية‪ ،‬وتطوير منظومة مندمجة‬
‫للتنقالت الحضرية‪ ،‬إال أن آليات التنسيق بين مختلف الجهات المختصة ليست محددة قانونيا‪.‬‬
‫‪ ‬وجوب تفعيل الهيئة الوطنية للتنقالت الحضرية‬
‫من أجل دعم ومواكبة تنفيذ االستراتيجية المذكورة آنفا‪ ،‬تم إنشاء هيئة وطنية للتنقالت الحضرية في‬
‫أكتوبر ‪ .2010‬وقد أسندت رئاسة هذه الهيئة إلى الوالي المدير العام للجماعات الترابية وضمت‬
‫الشركاء الرئيسيين المتدخلين في قطاع التنقالت الحضرية‪ ،‬وذلك بهدف ضمان تنظيم المشاورات‬
‫وتنسيق تنفيذ وتتبع وتقييم اإلجراءات المرتبطة بهذه االستراتيجية‪.‬‬
‫إال أن هذه الهيئة ظلت غير مفعلة منذ إنشائها‪ ،‬حيث لم تعقد سوى االجتماع المؤسس لها بتاريخ‬
‫‪ 23‬ماي ‪ .2012‬وقد ساهمت هذه الوضعية في عدم استثمار إمكانيات التشاور والتنسيق ومراقبة‬
‫تنفيذ االستراتيجية الوطنية للتنقالت الحضرية المعهودة إلى هذه الهيئة‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد‪ ،‬أفادت وزارة الداخلية أنه نظرا لمحدودية النظم اإلجرائية‪ ،‬فقد تم إحداث مديرية التنقالت‬
‫الحضرية التابعة للمديرية العامة للجماعات الترابية‪ ،‬تناط بها‪ ،‬على سبيل الذكر‪ ،‬مهام ضمان وتنظيم‬
‫المشاورات والتنسيق مع جميع اإلدارات المعنية‪ ،‬وكذا تنفيذ وتتبع وتقييم اإلجراءات المرتبطة باالستراتيجية‬
‫الوطنية للتنقالت الحضرية‪ .‬كما أضافت الوزارة بأن مشروع خارطة طريق التنقالت الحضرية المستدامة‬
‫سالفة الذكر‪ ،‬يتضمن تشكيل وإرساء لجنة قيادة ولجن أخرى لتتبع وتنفيذ برنامج العمل ذي الصلة‪ ،‬الذي هو‬
‫أيضا قيد اإلعداد من قبل المديرية العامة للجماعات الترابية‪.‬‬

‫‪355‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫في هذا اإلطار‪ ،‬يوصي المجلس األعلى للحسابات وزارة الداخلية بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬العمل على تحيين االستراتيجية الوطنية للتنقالت الحضرية وفقًا لنهج مندمج وتشاركي‬
‫يسمح بتصميم مالئم ومتسق للتوجهات االستراتيجية باالعتماد على إطار منطقي قائم‬
‫على أساس النتائج‪ ،‬والسهر على وضع خطة محكمة لتنزيل مشاريعها على المستوى‬
‫الترابي؛‬
‫‪ -‬تعزيز االستراتيجية الوطنية للتنقالت الحضرية بجهاز للحكامة (ال سيما من خالل‬
‫إضفاء طابع مؤسساتي على الهيئة الوطنية للتنقالت الحضرية) على ضمان قيادة‬
‫وتنزيل التدابير التنفيذية والسهر على التتبع والتقييم المستمر لإلنجازات‪.‬‬
‫‪ .2‬اإلطار القانوني والمؤسساتي لقطاع التنقالت الحضرية‬
‫أبرز تحليل اإلطار القانوني لقطاع التنقالت الحضرية ضرورة العمل على استكماله ومواءمته مع‬
‫األساليب الحديثة المتعلقة بتفويض تدبير خدمات النقل الحضري إلى أطراف خارجية‪ .‬وفي نفس‬
‫ال سياق‪ ،‬أظهر فحص اإلطار المؤسساتي الحالي لقطاع التنقالت الحضرية تعدد الجهات المتدخلة‬
‫سواء على المستوى االستراتيجي أو التنفيذي‪ ،‬باإلضافة إلى تجزئة االختصاصات المتعلقة بهذا‬
‫القطاع‪ .‬وفي ظل غياب هيئة مكلفة بالتنسيق المحلي‪ ،‬ال تساهم هذه الوضعية المؤسساتية في إرساء‬
‫نظام متعدد األنماط ومتسق ومندمج للتنقالت الحضرية‪.‬‬
‫‪ ‬العمل عل وضع إطار قانوني شامل ومنسجم مع التطورات المؤسساتية التي يعرفها‬
‫تدبير النقل الحضري‬
‫نصت خطة عمل المذكرة االستراتيجية سالفة الذكر على ضرورة اعتماد قانون ينظم التنقالت‬
‫الحضرية‪ ،‬ويهدف إلى توفير إطار لتخطيط التنقالت الحضرية‪ ،‬وكذا تأسيس هيئات محلية لتنظيمها‬
‫وتدبير متسق ألنشطة مختلف وسائل النقل داخل المحيط الترابي للتجمعات الحضرية‪ .‬غير أن الورش‬
‫المتعلق بإعداد هذا القانون لم يتم استكماله بعد‪ ،‬بحيث تمت صياغة مشروع قانون منذ سنة ‪،2012‬‬
‫إال أنه ظل موضوع سلسلة من المراجعات دون أن تؤدي إلى اعتماده‪.‬‬
‫وفي نفس السياق‪ ،‬فإن تفويض تدبير المرافق العامة من قبل الجماعات الترابية أو هيآتها إلى شخص‬
‫معنوي خاضع للقانون العام أو الخاص يبقى مؤطرا بموجب القانون رقم ‪ 54.05‬المتعلق بالتدبير‬
‫المفوض للمرافق العامة الصادر في ‪ 14‬فبراير ‪ .2006‬بيد أن التطورات المؤسساتية التي شهدها‬
‫قطاع النقل الحضري أصبحت تطرح عددا من التحديات المرتبطة بمدى مالءمة اإلطار القانوني‬
‫الجاري به العمل للممارسات الحديثة‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬أقر عقد التدبير المفوض الجديد المبرم بين‬
‫مؤسسة التعاون بين الجماعات "ب" والشركة الخاصة "أ‪.‬ب" في نونبر ‪ 2019‬نظاما جديدا‬
‫للتعويضات مبني على مبدأ جزافية التكاليف‪ ،‬كما أحدث نموذجا اقتصاديا قائما على أساس تحمل‬
‫المفوض إليه للمخاطر الصناعية واقتسام المخاطر التجارية مع المفوض‪ ،‬ليعوض بذلك نظام تحمل‬
‫المفوض إليه لكل المسؤولية وكافة المخاطر في تدبيره للمرفق كما هو منصوص عليه في المادة ‪24‬‬
‫من القانون رقم ‪ 54.05‬سالف الذكر‪.‬‬
‫وعلى صعيد آخر‪ ،‬لم ينص القانون رقم ‪ 54.05‬على أي شكل من أشكال التفويت الفرعي لعقود‬
‫التدبير المفوض المبرمة من طرف الجماعات الترابية من أجل تمكينها من نقل المهام المتعلقة بتتبع‬
‫ومراقبة وتنفيذ عقود التدبير المفوض إلى شركات التنمية المحلية‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬أوردت وزارة الداخلية بأن مبدأ تحمل المخاطر يؤدي في أغلب األحيان إلى عجز مالي لدى‬
‫المفوض إليه‪ ،‬وبذلك فإن إنجاز وتنفيذ برامج استثمارية مهمة وضمان جودة في تقديم الخدمة‪ ،‬رهين بتقاسم‬
‫المخاطر وتقديم الدعم لشركات النقل‪ .‬كما أن نظام تحمل السلطة المفوضة جزء من المخاطر يندرج‪ ،‬حسب‬
‫الوزارة‪ ،‬ضمن مبدأ التوازن المالي للعقد المنصوص عليه بالمادة ‪ 4‬من القانون رقم ‪ 54.05‬سالف الذكر‪ .‬كما‬
‫أن عدم صدور مراسيم تطبيقية لهذا القانون يمنح للسلطات المفوضة سلطة تقديرية واسعة في إعداد عقود‬
‫التدبير المفوض‪ ،‬بما في ذلك نقل المهام المتعلقة بتتبع وتنفيذ عقود التدبير المفوض لشركات التنمية المحلية‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪356‬‬


‫‪ ‬إحداث جهاز محلي يعنى بالتخطيط والتنظيم والتدبير المندمج للتنقالت الحضرية‬
‫من بين أهم التدابير التي جاءت بها المذكرة االستراتيجية‪ ،‬ضرورة إنشاء جهاز من أجل تجميع المهام‬
‫المتعلقة بتخطيط التنقالت الحضرية وتنظيمها وتدبيرها وإنشاء "مركز مسؤولية واحد تناط به جميع‬
‫الجوانب المتعلقة بالتنقالت الحضرية على مستوى كل جماعة"‪ ،‬وذلك لضمان "تنسيق أفضل بين‬
‫النقل العمومي والنقل الخاص‪ ،‬وكذلك بين جميع المشاريع االستثمارية الكبرى"‪.‬‬
‫غير أن تنزيل هذه اإلجراءات االستراتيجية على أرض الواقع يسجل تأخيرا ملموسا‪ ،‬بحيث تظل‬
‫التجربة الوحيدة التي تم تجسيدها في هذا اإلطار هي تلك المتعلقة بمدينة الدار البيضاء‪ ،‬والتي تم‬
‫بموجبها إنشاء هيئة تنظيم التنقالت الحضرية خالل سنة ‪ ،2008‬إال أن عدم تمكين هذه األخيرة من‬
‫سلطة رسمية التخاذ القرار والطابع التعاقدي المنظم لها نتج عنه الحد من الدور المنوط بها‪ ،‬مما أدى‬
‫إلى حلها في مارس ‪.2015‬‬
‫‪ ‬التعاون بين الجماعات من أجل تدبير مندمج للتنقالت داخل وخارج المدار الحضري‬
‫إن النمو الحضري المرتفع للتجمعات الكبيرة وتوسعها على شكل ضواحي محيطة بالمدن يفرض‪،‬‬
‫وبصفة آنية وملحة‪ ،‬معالجة إشكالية التنقالت الحضرية إلى خارج المدارات الحضرية للجماعات‪،‬‬
‫ذلك أن ‪ %70‬من الجماعات التي تم توجيه استبيان المجلس إليها (‪ 36‬جماعة) أبرمت عقودا للتدبير‬
‫المفوض إلنشاء خدمة للنقل العمومي بالحافالت تمتد إلى خارج حدودها الترابية وتشمل العديد من‬
‫الجماعات المجاورة‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد‪ ،‬فقد تبين من خالل دراسة اإلطار التعاقدي العام لتدبير مرفق النقل العمومي‬
‫الحضري بواسطة الحافالت بمدينة بركان أن إدماج الجماعات المجاورة التي تقع خارج المدار‬
‫الحضري في عقد االمتياز باالعتماد على اتفاقيات شراكة مع هذه الجماعات تفوض بموجبها سلطة‬
‫تدبير المرفق إلى سلطة االمتياز‪ ،‬ليست سليمة من الناحية القانونية لكون تدبير مرفق النقل يعتبر من‬
‫االختصاصات الموكولة لكل جماعة على حدة والتي ال يجوز تفويضها‪ .‬وفي نفس السياق‪ ،‬لم تتبن‬
‫جماعة القنيطرة اإلطار القانوني المناسب من أجل تمكين الجماعات المجاورة من خدمات مرفق النقل‬
‫الحضري‪ ،‬بحيث تكون جماعة القنيطرة بإبرامها التفاقية مع المجلس اإلقليمي للقنيطرة بتاريخ ‪23‬‬
‫نونبر ‪ 2012‬تهدف إلى تمديد خطوط شبكة النقل بواسطة الحافالت لتشمل الجماعات المجاورة قد‬
‫تجاوزت اختصاصها الترابي‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة‪ ،‬في هذا اإلطار‪ ،‬إلى أن مؤسسات التعاون بين الجماعات التي نص عليها القانون‬
‫التنظيمي رقم ‪ 113.14‬المتعلق بالجماعات تبقى هي اإلطار المؤسساتي األنسب للتدبير المندمج‬
‫لقطاع النقل العمومي‪ ،‬وضمان تخطيط التنقالت الحضرية على نطاق أوسع واالستفادة من اقتصاد‬
‫الحجم الذي قد توفره االستثمارات المنجزة‪ .‬غير أن اللجوء إلى هذا اإلطار الجديد من مؤسسات‬
‫التعاون ال يزال محدودا‪ ،‬إذ يبقى إحداث هذه المؤسسات مرهونا بمبادرة الجماعات المعنية كما هو‬
‫منصوص عليه في المادة ‪ 133‬من القانون التنظيمي سالف الذكر‪ ،‬مما جعل العدد اإلجمالي لمؤسسات‬
‫التعاون بين الجماعات التي تم إنشاؤها على المستوى الوطني محصورا في ‪ 12‬مؤسسة‪ ،‬أي بنسبة‬
‫تغطية لم تتجاوز ‪ %35‬من إجمالي ساكنة المناطق الحضرية‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬أبرزت دراسة تنظيم وتسيير مؤسسات التعاون بين الجماعات المحدثة على‬
‫مستوى مدينتي الرباط والدار البيضاء عن عدم وجود إطار تنظيمي مستدام يمكن من توفير الموارد‬
‫البشرية والمالية بما يتناسب مع االختصاصات المسندة إلى هذه المؤسسات‪ .‬ذلك أن القانون التنظيمي‪،‬‬
‫الذي أتاح إمكانية إنشاء هذه المؤسسات من أجل تدبير أكثر فعالية لبعض المرافق العامة‪ ،‬لم يحدد‬
‫طرق تنظيم وتمويل هذه األجهزة بطريقة مفصلة ودقيقة‪.‬‬
‫وقد أكدت وزارة الداخلية أن مواكبة ومالءمة اإلطار القانوني للتطورات المؤسساتية التي شهدها قطاع النقل‬
‫الحضري‪ ،‬وتعزيز اختصاصات مؤسسات التعاون بين الجماعات وإعادة تحديد الروابط المؤسساتية بينها‬
‫وبين شركات التنمية المحلية‪ ،‬وشركات القطاع الخاص المتدخلة في مجال التنقالت الحضرية رهين بتعديل‬
‫القانون التنظيمي رقم ‪ 113.14‬المتعلق بالجماعات‪ ،‬ووضع خطة جديدة للحكامة في مجال التنقالت الحضرية‪.‬‬

‫‪357‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫كما أوضحت الوزارة أن الدراسة المتعلقة بالرؤية الوطنية للتنقالت الحضرية بحلول عام ‪ 2030‬قد نصت‬
‫على تقوية حكامة النقل الحضري من خالل ضرورة تحديد دقيق لدور شركات التنمية المحلية ومؤسسات‬
‫التعاون وتأطير وتوضيح العالقات المؤسساتية وتقسيم المسؤوليات بينهما‪ .‬باإلضافة لتحديد دور الجهات بالنقل‬
‫الحضري‪.‬‬
‫من أجل ذلك‪ ،‬يوصي المجلس األعلى للحسابات وزارة الداخلية بما يلي ‪:‬‬
‫‪ -‬السهر على ضمان تدبير مندمج للتنقالت الحضرية‪ ،‬من خالل إناطة االختصاصات‬
‫االستراتيجية المتعلقة بالتخطيط بالهيئات المشتركة بين الجماعات (مؤسسات التعاون‬
‫بين الجماعات ومجموعات الجماعات الترابية)‪ ،‬وتعريف الخدمة وتنظيم التنقالت‬
‫الحضرية‪ ،‬وكذلك من خالل تزويدها بإطار تنظيمي ومالي مالئم ومستدام وتكليف‬
‫شركات التنمية المحلية بالمهام التنفيذية الخاصة بتدبير وتتبع خدمة النقل الحضري‬
‫(الحافالت والترامواي)؛‬
‫‪ -‬العمل على تأطير وتوضيح العالقات المؤسسية والتعاقدية بين الهيئات المشتركة‬
‫للجماعات وشركات التنمية المحلية المتدخلة في مجال التنقالت الحضرية؛‬
‫‪ -‬الحرص على تسريع عملية إعداد واعتماد قانون منظم للتنقالت الحضرية يمكن من‬
‫وضع أساس قانوني لمخططات التنقالت الحضرية‪ ،‬ويساهم في تأطير آليات تنظيم‬
‫وتدبير النقل الحضري وتنظيم تدخل مختلف أنماط النقل بطريقة متسقة داخل المجال‬
‫الحضري‪.‬‬
‫‪ .3‬تخطيط وتدبير التنقالت الحضرية‬
‫أوصت المذكرة االستراتيجية للتنقالت الحضرية في خطة عملها بوضع استراتيجية فعالة ومتسقة‬
‫ومتعددة األنماط للتنقالت الحضرية بالنسبة لكل مدينة‪ ،‬وذلك من خالل إعداد واعتماد مخططات‬
‫التنقالت الحضرية‪ .‬في هذا السياق‪ ،‬شرعت مجموعة من المدن في عملية التخطيط للتنقالت الحضرية‬
‫ابتداء من سنة ‪ ،2008‬من خالل اعتماد جيل أول من المخططات‪ ،‬مما مكنها من اعتماد جيل أول من‬
‫المخططات‪ .‬غير أن حصيلة اعتماد هذه المخططات لم ترق إلى المستويات المرجوة‪ ،‬خصوصا‬
‫بسبب محدودية اللجوء إلى هذه اآلليات وطبيعتها غير اإللزامية وكذا قصور عملية اإلشراف والتتبع‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة اعتماد مخططات التنقالت الحضرية‬
‫باستثناء الشروط المنصوص عليها في مسطرة تمويل صندوق مواكبة إصالحات النقل الطرقي‬
‫الحضري والرابط بين المدن والتي تقضي بضرورة توفر مخطط التنقالت الحضرية كأحد معايير‬
‫االستفادة من الدعم‪ ،‬تبقى عملية وضع هذه المخططات غير ملزمة بالنسبة للجماعات‪ .‬وتوضح‬
‫وضعية اعتماد هذه المخططات على مستوى التجمعات الحضرية إلى غاية متم سنة ‪ ،2021‬أن ‪10‬‬
‫مدن فقط تتوفر على مخططات للتنقالت الحضرية وست (‪ )06‬مدن أخرى هي في طور إنجازها‪.‬‬
‫وبذلك‪ ،‬يبقى المعدل الوطني لوضع مخططات التنقالت الحضرية منحصرا في ‪ ،%46‬علما بأن‬
‫المعايير الدولية توصي بضرورة تنفيذ استراتيجية تخطيط محلية للتنقالت خاصة بالمدن التي يزيد‬
‫عدد سكانها عن ‪ 100.000‬نسمة‪.‬‬
‫وفي نفس السياق‪ ،‬أكدت جميع المهمات التي قامت بها المجالس الجهوية للحسابات المذكورة آنفا‪،‬‬
‫في تقييمها لمرحلة اإلعداد القبلي للتدبير المفوض لقطاع النقل بواسطة الحافالت‪ ،‬غياب االعتماد‬
‫على مخططات التنقالت الحضرية وغياب تصور واضح ومندمج لدى الجماعات المعنية لكيفية تنظيم‬
‫وتطوير ه ذا المرفق‪ .‬بحيث يساهم غياب هذه اآلليات التخطيطية على المستوى الترابي في التأثير‬
‫على استجابة عقود التدبير المبرمة للحاجيات المستقبلية لمرفق النقل وشروط تطويره وفق متطلبات‬
‫توسع التهيئة العمرانية وحركية تنقل السكان داخل المدار الحضري وضواحي المدن وكيفية توزيع‬
‫وتكامل الخطوط بين مختلف وسائل النقل في المستقبل (الترامواي‪ ،‬مسارات النقل بواسطة الحافالت‪،‬‬
‫والنقل بواسطة حافالت النقل المزدوج‪ ،‬والنقل بواسطة سيارات األجرة الكبيرة‪ ،‬إلخ‪ ،).‬فضال عن‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪358‬‬


‫الربط بينها وبين المحطات الطرقية ومحطات القطارات والمطارات والموانئ وذلك من خالل‬
‫منصات للتبادل متعددة الوسائط‪.‬‬
‫وقد أوضحت وزارة الداخلية على أنها تقوم باتخاذ عدة تدابير وإجراءات على المستوى التنظيمي والمؤسساتي‬
‫الساسية لتطوير منظومة مندمجة‬ ‫من خالل المبادرة إلى وضع آليات فعالة للتخطيط باعتبارها إحدى الركائز ا ْ‬
‫للتنقل المستدام‪ ،‬حيث تم إطالق ورش خاص بتعزيز المنظومة القانونية‪ ،‬وذلك بإعداد مشروع نص قانوني‬
‫يهدف إلى بلورة جيل جديد من مخططات التنقالت الحضرية المستدامة يأخذ بعين االعتبار البعد البيئي (خاصة‬
‫التقليص من االنبعاثات المسببة لالحتباس الحراري) ومقاربة النوع وكذا التوصيات المنبثقة عن النموذج‬
‫التنموي الجديد‪ ،‬وجعلها إلزامية في مؤسسات التعاون بين الجماعات ومجموعات الجماعات الترابية التي‬
‫يفوق عدد ساكنتها ‪ 150‬ألف نسمة وفقا إلحصاء سنة ‪ 2014‬مع إمكانية انخراط الجماعات دون هذا السقف‬
‫في عملية تخطيط التنقالت‪ ،‬في حالة توفرها على موارد مالية ذاتية إلنجاز الدراسات المتعلقة بمخططات‬
‫التنقالت الحضرية المستدامة‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة توحيد عملية إعداد مخططات التنقالت الحضرية‬
‫بهدف توحيد عملية إعداد مخططات التنقالت الحضرية وخصوصا األساليب المنهجية المتعلقة‬
‫بإجراء الدراسات المرتبطة بهذه المخططات‪ ،‬أوصت خطة عمل المذكرة االستراتيجية بوضع أدوات‬
‫موحدة إلعداد ومواكبة وتنفيذ مخططات التنقالت الحضرية داخل الجماعات تتضمن نموذجا لدفتر‬
‫التحمالت المتعلق بإجراء هذه الدراسات باإلضافة إلى دليل لتنفيذها‪.‬‬
‫وفي هذا السياق‪ ،‬وضعت المديرية العامة للجماعات الترابية بعض الدالئل المنهجية التي تؤطر‬
‫عمليات تهيئة تقاطعات الطرق داخل المجال الحضري (‪ ،)2016‬وتحسين أداء النقل العمومي‬
‫(‪ ،)2016‬وإعداد المخططات المتعلقة بسير وتوقف السيارات (‪.)2017‬‬
‫غير أنه لم يتم بعد إعداد دفتر تحمالت لتأطير الدراسات المتعلقة بمخططات التنقالت الحضرية‬
‫ومخططات السير ومواقف السيارات‪ ،‬باإلضافة إلى عدم تبني مسطرة لصياغة هذه الوثائق وتوحيد‬
‫المنهجية المتبعة في إنجازها‪ .‬وقد ساهمت هذه الوضعية في ظهور بعض االختالفات على مستوى‬
‫الممارسات المتعلقة بعملية إعداد مخططات التنقالت الحضرية داخل المدن‪ ،‬والتي يختلف نطاقها‬
‫وأهدافها ومخرجاتها من جماعة إلى أخرى‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد‪ ،‬أكدت وزارة الداخلية أنها على وشك االنتهاء من إعداد دليل منهجي يوضح مسطرة إنجاز‬
‫مخططات التنقالت الحضرية وكيفية تفعيلها وتتبعها وتقييمها وكذا تحيينها‪ .‬وسيشكل هذا الدليل‪ ،‬حسب‬
‫الوزارة‪ ،‬مرجعا شامال موجها للجماعات وآليات التعاون والشراكة المنبثقة منها وجميع الفاعلين في القطاع‬
‫للمساهمة في تعميم وترسيخ هذا النهج‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى ربط مخططات التنقالت الحضرية مع وثائق التخطيط الحضري‬
‫إن التخطيط للتنقالت الحضرية يجب أن يتم بتوافق مع التخطيط الحضري‪ .‬ذلك أن البنية التحتية‬
‫المتعلقة بالتنقل والنقل وتوقف السيارات وخاصة تكلفتها ووعائها وتأثيرها على المدينة‪ ،‬يجب أن‬
‫تحدد الخيارات الرئيسية لتهيئة المجال التي اعتمدتها الوكاالت الحضرية‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد‪ ،‬فقد تبين من خالل فحص الروابط التي تجمع بين مخططات التنقالت الحضرية‬
‫ووثائق التخطيط الحضرية األخرى (مخططات توجيه التهيئة العمرانية‪ ،‬تصاميم التهيئة‪ ،‬إلخ) عن‬
‫عدم وجود آليات رسمية للتنسيق تمكن من جعل هذه الوثائق متوافقة فيما بينها‪ .‬فعلى مستوى الممارسة‬
‫العملية‪ ،‬ال يتيح اإلطار التنظيمي والمؤسساتي الحالي عملية التنسيق بين األجهزة المكلفة بالتخطيط‬
‫الحضري (الوكاالت الحضرية) وتلك المسؤولة عن تخطيط التنقالت الحضرية (الجماعات ‪/‬‬
‫مؤسسات التعاون بين الجماعات)‪ ،‬ففي كثير من األحيان ال يتزامن وضع مخططات توجيه التهيئة‬
‫العمرانية مع إعداد مخططات التنقالت الحضرية‪ ،‬مما يؤدي إلى عدم تقاطع تحديات التنقل الحضري‬
‫التي تواجهها الجماعات الترابية مع الخيارات المتعلقة بالتخطيط الحضري‪.‬‬
‫وقد أفادت وزارة الداخلية أنه حرصا منها على تحقيق االلتقائية بين وثائق التخطيط الحضري ومخطط التنقالت‬
‫الحضرية‪ ،‬التي تعتبر من بين التحديات المهمة وأوجه القصور في عملية إعداد هذا األخير‪ ،‬فإن دليل مخططات‬
‫التنقالت الحضرية طور اإلنجاز سيعمل على تحديد أسس وآليات التنسيق في إنجاز مخطط توجيه التهيئة‬

‫‪359‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫العمرانية ومخطط التنقالت الحضرية‪ ،‬باعتبارهما أهم أدوات التخطيط بمجال التعمير والتنقل الحضري‪ .‬كما‬
‫سيتم األخذ بعين االعتبار كافة االستراتيجيات والتوجيهات والوثائق القطاعية‪ ،‬خاصة تلك المتعلقة بالتعمير‪،‬‬
‫في مختلف مراحل إنجاز الدراسات المتعلقة بمخططات التنقالت الحضرية‪ .‬ومن أجل ذلك‪ ،‬تحرص المديرية‬
‫العامة للجماعات الترابية على ضرورة وضع لجن محلية للحكامة تعنى بتتبع حسن تنفيذ الدراسات سالفة الذكر‬
‫وبالمصادقة عليها في مختلف مراحلها‪ ،‬وتتكون هذه اللجن من مختلف الفاعلين المعنيين بقطاع التنقالت‬
‫الحضرية وكذا المصالح المختصة على الصعيد المحلي كالتعمير والنقل والتجهيز والتنمية المستدامة‪.‬‬
‫‪ ‬تحقيق االستدامة المالية لخطط تمويل المشاريع المدرجة ضمن مخططات التنقالت‬
‫الحضرية‬
‫أكدت المذكرة االستراتيجية على ضرورة مواكبة مخططات التنقالت الحضرية بخطط تنفيذية "يتم‬
‫تحديد تكلفتها المالية وكذلك برمجة غالف مالي واقعي لها يأخذ بعين االعتبار جميع مصادر التمويل‬
‫المحتملة"‪ .‬غير أن تدقيق مخططات التنقالت الحضرية أبانت عن غياب التقدير المالي للبرامج‬
‫االستثمارية المتضمنة بهذه الوثائق بكل من مدن وجدة والجديدة وطنجة‪.‬‬
‫كما تجدر اإلشارة إلى أن جميع مخططات التنقالت الحضرية المعتمدة إلى غاية سنة ‪ ،2021‬لم تقترن‬
‫بخطط تمويل تحدد بشكل تفصيلي مصادر التمويل التي يمكن تعبئتها لتنفيذ المشاريع المخطط لها‪،‬‬
‫مع األخذ بعين االعتبار القدرات المالية لألطراف المعنية‪ ،‬وكذا التمويالت البديلة الممكن تعبئتها عند‬
‫االقتضاء‪.‬‬
‫‪ ‬وجوب وضع نظام وطني لتتبع قطاع التنقالت الحضرية‬
‫قامت وزارة الداخلية في سنة ‪ 2015‬بفتح ورش من أجل وضع نظام لتتبع التنقالت الحضرية داخل‬
‫المدن التي يزيد عدد سكانها عن ‪ 100‬ألف نسمة‪ ،‬يهدف إلى "تصميم قاعدة بيانات للتنقالت الحضرية‬
‫وإنشاء تطبيق معلوماتي يمكن من تسجيل هذه البيانات وتحديثها وتحليلها واستغاللها وتقييمها"‪ .‬وقد‬
‫تم الشروع في مرحلة تجريبية لهذا المشروع خالل سنة ‪ 2017‬على مستوى خمس مدن وهي الدار‬
‫البيضاء والرباط وأكادير ومراكش ووجدة‪.‬‬
‫غير أن المنصة التي تم وضعها لتسجيل البيانات والمعلومات الخاصة بالتنقالت الحضرية لم يتم‬
‫تعميمها على جميع التجمعات الحضرية المستهدفة‪ ،‬بحيث اقتصر تنزيلها على ‪ 12‬مدينة‪ ،‬كما عرفت‬
‫هذه العملية تسجيل العديد من النقائص‪ .‬ذلك أن الجهات المعنية ال تقوم بتعبئة البيانات بشكل منتظم‬
‫واعتيادي‪ ،‬حيث تعود آخر المعطيات التي تم تسجيلها بالنظام إلى ‪ .2019/2018‬وتعود األسباب‬
‫الرئيسية لهذا القصور إلى غياب مرجع مشترك يمكن من توحيد المعطيات التي يتم إدخالها‪ ،‬وعدم‬
‫تحديد مصادر المعلومات والمعطيات المطلوبة‪ ،‬وعدم إنشاء مراصد التنقالت الحضرية على‬
‫المستوى المحلي على الرغم من التوصيات المتكررة التي أصدرتها جل مخططات التنقالت‬
‫الحضرية المعتمدة على مستوى المدن‪.‬‬
‫في هذا الصدد‪ ،‬يوصي المجلس األعلى للحسابات وزارة الداخلية بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬اتخاذ التدابير المالئمة لجعل إعداد مخططات التنقالت الحضرية إلزاميًا بالنسبة‬
‫للتجمعات الحضرية التي يزيد عدد سكانها عن مئة ألف نسمة بهدف تكريس هذه‬
‫األدوات التخطيطية في التدبير المحلي؛‬
‫‪ -‬توحيد عملية إعداد مخططات التنقالت الحضرية وخاصة األساليب المنهجية المتعلقة‬
‫بإجراء الدراسات المرتبطة بها من خالل وضع أدوات موحدة إلعدادها وتنفيذها‪ ،‬وال‬
‫سيما اعتماد نموذج لدفتر التحمالت ودالئل منهجية؛‬
‫‪ -‬ضمان ارتباط وتناسق وثائق التخطيط الحضري مع وثائق تخطيط التنقالت الحضرية‪،‬‬
‫وال سيما من خالل إرساء آليات رسمية للتنسيق بهدف جعل هذه الوثائق متسقة؛‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪360‬‬


‫‪ -‬السهر على وضع وتفعيل نظام تتبع التنقالت الحضرية‪ ،‬الذي سيمكن من توفير قاعدة‬
‫بيانات موسعة ومالئمة لقطاع التنقالت الحضرية داخل التجمعات الحضرية واستغالل‬
‫مؤشراته في عملية اإلشراف االستراتيجي على القطاع‪.‬‬
‫‪ .4‬تدبير حركة سير وتوقف السيارات‬
‫‪ ‬العمل على وضع خطط السير‬
‫أوصت المذكرة االستراتيجية لسنة ‪ 2008‬بالعمل على إرساء تدبير فعال للطرق ولحركة السير داخل‬
‫المجال الحضري باالعتماد أساسا على خطط للسير من أجل تحديد أولويات الشبكات الطرقية‬
‫وتعريف التركيبة الترابية الخاصة بها وتحسين حركة السير وضمان تنظيم حديث إلشارات المرور‬
‫وتحسين ظروف سير الحافالت والمشاة‪ .‬كما اقترحت جميع مخططات التنقالت الحضرية المعتمدة‬
‫وضع خطط السير‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن مدينتي الدار البيضاء وأكادير هما المدينتان الوحيدتان اللتان‬
‫وضعتا خطة للسير‪.‬‬
‫وقد أكدت وزارة الداخلية على أنها قد قامت بإعداد دليل منهجي يوفر األدوات األساسية المتعلقة بتدبير هذا‬
‫المرفق‪ ،‬ويشتمل على مختلف مراحل إعداد هذه المخططات ويتضمن كذلك عددا من المبادئ والمقترحات‬
‫لتشجيع الجماعات والهيئات التابعة لها على العمل بها‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى تعزيز التنقالت المعتدلة‪ 44‬داخل المراكز الحضرية‬
‫يعتبر السير على األقدام وسيلة النقل األكثر استخداما داخل المدن المغربية‪ ،‬والذي يمثل أكثر من‬
‫‪ %50‬من مجموع التنقالت الحضرية‪ .‬وبالرغم من األهمية التي يكتسيها هذا النمط من التنقل‪ ،‬فقد‬
‫سجل اختالف كبير بين المدن في ظروف تشجيع استخدامه‪ ،‬خصوصا بسبب محدودية المساحات‬
‫المخصصة للراجلين‪ ،‬والتي غالبا ما ال يتم احترامها (عوائق على الطريق‪ ،‬وأرصفة ذات جودة‬
‫متباينة‪ ،‬ومعابر للطرق غالبا ما تكون صعبة‪ ،‬وقصور على مستوى التشوير‪ ،‬إلخ)‪ .‬ويتأثر استخدام‬
‫وسائل النقل المعتدلة بعدم وجود مرافق مخصصة لراكبي الدراجات الهوائية‪ ،‬والتي كثيرا ما تكون‬
‫غير موجودة أو تتسم بانقطاعها‪ ،‬وفي بعض األحيان يتم استخدامها في نفس الوقت من طرف المشاة‬
‫ومستعملي الدراجات الهوائية والدراجات النارية كما هو الحال في مدن أكادير والرباط والدار‬
‫البيضاء‪.‬‬
‫في هذا اإلطار‪ ،‬أفادت وزارة الداخلية بأن التنقالت المعتدلة داخل المراكز الحضرية من بين أوجه القصور‬
‫ال ذي يعرفها نظام التنقل الحضري‪ ،‬وقد تم التأكيد على أهمية تطوير هذا النمط من التنقل في خطة العمل‬
‫المتعلقة بالمذكرة االستراتيجية‪ ،‬وكذلك على مستوى اإلجراءات التي تم وضعها من خالل الرؤية الوطنية‬
‫للتنقالت الحضرية بحلول عام ‪ ،2030‬مضيفة أن الجيل الجديد من مخططات التنقالت الحضرية المستدامة‬
‫يأخذ في صلب اهتماماته تطوير هذا النمط وذلك من أجل دمج البعد البيئي‪ ،‬خاصة التقليص من االنبعاثات‬
‫المسببة لالحتباس الحراري‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة تحسين البنية التحتية المخصصة لوسائل النقل العمومي الجماعي‬
‫يعتمد تحسين جودة النقل العمومي بشكل أساسي على اإلجراءات المتعلقة بحركة المرور المتخذة‬
‫لصالح الحافالت (كإعطاء األولوية من أجل تحسين السرعة التجارية وااللتزام بالمواعيد‪ ،‬والولوج‬
‫السهل واآلمن إلى المحطات وإنشاء ممرات خاصة لسير الحافالت‪ ،‬وغيرها من اإلجراءات‬
‫األخرى)‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬تبقى مراكش هي المدينة الوحيدة التي استطاعت تخصيص ممر خاص لسير‬
‫الحافالت الكهربائية‪ ،‬في حين تعتزم مدينتا أكادير والدار البيضاء إنشاء هذا النوع من التجهيزات‬
‫لتخصيصها للحافالت ذات الخدمة عالية الجودة‪ .‬عالوة على ذلك‪ ،‬فإن تجارب إنشاء ممرات خاصة‬
‫بالحافالت في مدينتي الدار البيضاء والرباط لم تعرف النجاح المنتظر من هذه العملية‪ .‬وعموما‪ ،‬فإن‬
‫حافالت النقل العمومي تبقى مضطرة‪ ،‬على مستوى معظم التجمعات الحضرية‪ ،‬إلى مشاركة الممرات‬

‫‪ 44‬تشمل وسائل النقل المعتدلة جميع التنقالت غير اآللية مثل المشي على األقدام وركوب الدراجات الهوائية وغيرها من أنماط النقل الصديقة‬
‫للبيئة والمعززة للنشاط البدني‪.‬‬

‫‪361‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫الطرقية مع السيارات التي يبقى معدل المساحة المستغلة في الطريق لكل راكب بها مرتفع بالمقارنة‬
‫مع باقي وسائل النقل‪.‬‬
‫‪ ‬إنشاء وحدات تدبير المرور وتوقف السيارات على مستوى الجماعات‬
‫نصت المذكرة االستراتيجية على إنشاء وحدة تدبير المرور وتوقف السيارات على مستوى الجماعات‬
‫لضمان إدارة فعالة لشبكة الطرق وأماكن توقف السيارات وفقا لظروف حركة المرور داخل الجماعة‬
‫وتماشيا مع التوجهات االستراتيجية بعيدة المدى المحددة على مستوى مخططات التنقالت الحضرية‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬تبين بأن جميع الجماعات المعنية لم تنشئ هذه الوحدة‪ ،‬بسبب نقص الموارد البشرية وغياب‬
‫الخبرة الالزمة‪ .‬إال أن عدم إنشاء هذا النوع من الوحدات القادرة على تجميع االختصاصات الخاصة‬
‫بتدبير حركة السير ومرفق توقف السيارات‪ ،‬وتزويدها بالموارد البشرية والمادية الالزمة‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى تعدد المتدخلين يؤدي إلى الحد من أداء تدبير هذا المجال وتناسق اإلجراءات المتخذة‪.‬‬
‫في هذا اإلطار‪ ،‬أبرزت وزارة الداخلية في جوابها أنه‪ ،‬تكريسا لمبدأ التدبير الحر‪ ،‬يمكن للجماعات أن تحدث‬
‫في هياكلها التنظيمية مصلحة أو وحدة مختصة لتدبير حركة السير على الطرقات ومواقع السيارات‪ .‬كما‬
‫يمكنها اختيار أسلوب "شركة تنمية محلية" كطريقة لتدبير شبكة الطرق ومرآب السيارات‪ ،‬كما هو الحال‬
‫بالنسبة لجماعة الدار البيضاء وجماعة تمارة‪ .‬ويتمثل الدعم الذي تقدمه المديرية العامة للجماعات الترابية‬
‫لفائدة الجماعات على هذا المستوى‪ ،‬في إحداث مراكز مراقبة حركة المرور (مدينة الدار البيضاء) وتنفيذ‬
‫مشاريع أنظمة المراقبة بالكاميرات في مجموعة من المدن) الدار البيضاء والرباط ومكناس وبني مالل وطنجة‬
‫ومراكش وأكادير وتمارة)‪.‬‬
‫‪ ‬تخطيط وتدبير مرفق توقف السيارات‬
‫• العمل على وضع استراتيجية توقف السيارات‬
‫تعتبر استراتيجية توقف السيارات مدخال رئيسيا لتحديد رؤية الجماعة لتدبير مواقف السيارات من‬
‫أجل االستخدام األمثل لألماكن العامة وتنظيم الطلب على التنقل‪ .‬وفي هذا السياق‪ ،‬نصت المذكرة‬
‫االستراتيجية على اعتماد نموذج لدفتر التحمالت الخاص بإعداد استراتيجية توقف السيارات باإلضافة‬
‫إلى دليل تنفيذي لتنزيلها‪.‬‬
‫غير أنه‪ ،‬وباستثناء جماعة الدار البيضاء التي اعتمدت مخططا رئيسيا سنة ‪ 2017‬حدد استراتيجية‬
‫توقف السيارات الخاصة بها للسنوات العشر القادمة‪ ،‬فإن الجماعات األخرى لم تقم بتبني رؤية‬
‫واضحة ورسمية لتدبير مرفق توقف السيارات‪ .‬إذ تعتبر معظم الجماعات استغالل مواقف السيارات‬
‫على الطريق العام موردا من مواردها المالية‪ ،‬وليس كأحد الروافع الرئيسية التي يمكن أن تؤثر على‬
‫سلوك مستخدمي الطريق العام وتضمن تقاسم مناسب للممرات الطرقية بين مختلف أنماط التنقل‪.‬‬
‫• تحسين طرق تدبير مواقف السيارات‬
‫أبرز تقييم أداء األساليب المعتمدة من طرف الجماعات أن تدبير مواقف السيارات في إطار عقود‬
‫التأجير أو االمتياز ال يتيح تحسين مرفق التنقالت الحضرية‪ ،‬بحيث ال يتم تحديد تعريفة توقف‬
‫السيارات المطبقة وفقا لمدة توقف السيارات لكونها محددة مسبقا بموجب البنود التعاقدية أو القرارات‬
‫الجبائية‪.‬‬
‫وعلى صعيد آخر‪ ،‬كشف تحليل الوضعية المالية لشركات التنمية المحلية المسؤولة عن تدبير مواقف‬
‫السيارات على مستوى مدن الرباط والدار البيضاء وفاس ومراكش أنها تواجه صعوبات مالية أثرت‬
‫على قدراتها االستثمارية‪ ،‬حيث ساهم‪ ،‬من بين أمور أخرى‪ ،‬تعليق العمل باإلجراءات الخاصة بتثبيت‬
‫السيارات التي لم يقم أصحابها بدفع واجبات التوقف‪ ،‬والتي ال تدخل ضمن صالحيات شركات التدبير‬
‫المفوض‪ ،‬في انخفاض أرقام معامالتها‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬وتجدر اإلشارة كذلك إلى أن عملية اختيار المناطق المخصصة لتوقف السيارات مقابل األداء ال‬
‫يعتمد على دراسات مسبقة لتقييم االحتياجات الخاصة بكل قطاع‪ .‬وقد أبرزت الدراسات التي تم‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪362‬‬


‫إجراؤها‪ ،‬إلى غاية متم سنة ‪ 2021‬في إطار مخططات التنقالت الحضرية (مثل أكادير ووجدة)‪ ،‬عن‬
‫عدم مالءمة عرض مواقف السيارات مع الطلب وعدم هيكلة هذا المرفق‪.‬‬
‫في هذا اإلطار‪ ،‬يوصي المجلس األعلى للحسابات وزارة الداخلية بالعمل على تحسين قدرات‬
‫الجماعات المتعلقة بتدبير الطرق وحركة السير ومواقف السيارات‪ ،‬وذلك من خالل الجوانب التالية‪:‬‬
‫‪ -‬مواكبة المدن من أجل إنشاء وحدات مختصة في تدبير حركة السير على الطرقات‬
‫ومواقف السيارات‪ ،‬مع وضع إطار تنظيمي وإجرائي نموذجي خاص بهذه الوحدات؛‬
‫‪ -‬السهر على إعداد دفتر تحمالت خاص بإعداد مخططات السير داخل المدن وكذا دليل‬
‫مرجعي وطني إلعداد استراتيجية توقف السيارات؛‬
‫‪ -‬اتخاذ التدابير الالزمة لتشجيع إنشاء مرافق جيدة وآمنة وموحدة وقادرة على تعزيز‬
‫استعمال وسائل النقل المستدامة (مثل المشي والدراجات الهوائية ودراجات الخدمة‬
‫الذاتية والسيارات الكهربائية) والحد من استخدام السيارات الخاصة داخل وسط‬
‫المدينة‪.‬‬
‫‪ .5‬ضرورة تطوير النقل العمومي الحضري‬
‫بالرغم من تأكيد المذكرة ا الستراتيجية المذكورة آنفا‪ ،‬في أهدافها االستراتيجية‪ ،‬على أولوية النقل‬
‫العمومي ضمن منظومة التنقالت الحضرية‪ ،‬فقد سجل المجلس في هذا اإلطار مجموعة من النقائص‬
‫التي تساهم في ضعف عرض النقل العمومي عبر الحافالت وعدم تحقيق االندماج بين مختلف وسائل‬
‫النقل العمومي‪ ،‬وخاصة بين الترامواي والحافالت وسيارات األجرة الكبيرة‪.‬‬
‫كما سجلت المجالس الجهوية للحسابات‪ ،‬في نفس السياق‪ ،‬ضعف لجوء الجماعات إلى دراسات تقنية‬
‫من أجل إعادة هيكلة شبكات النقل الحضري وتحديد تركيبة ترابية لهذه الشبكات وتعريف العرض‬
‫الخاص بكل خط من خطوط الشبكة خالل مرحلة التعاقد‪ ،‬باإلضافة إلى عدم التنصيص على مجموعة‬
‫من البنود الضرورية لتأطير العالقة التعاقدية مع شركات النقل الحضري‪ .‬وعلى مستوى تنفيذ البنود‬
‫التعاقدية‪ ،‬فقد سجلت محدودية االستثمارات المنجزة من طرف الشركات المفوض لها وعدم وفاء هذه‬
‫األخيرة بالتزاماتها التعاقدية وقصور نظام التتبع والتقييم المعتمد من طرف الجماعات‪ ،‬نظرا‬
‫لمحدودية قدراتها وخبراتها التقنية‪ ،‬وهو األمر الذي من شأنه اإلخالل بالتوازن االقتصادي والمالي‬
‫التفاقيات التدبير المفوض والتأثير على جودة الخدمات المقدمة‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة وضع خطط إلعادة هيكلة شبكات النقل الحضري‬
‫نصت خطة العمل التي تضمنتها المذكرة االستراتيجية على إعداد خطة إعادة هيكلة لمدينة الدار‬
‫البيضاء على المدى القصير‪ ،‬قبل تعميمها على باقي التجمعات الحضرية على المدى المتوسط (خمس‬
‫سنوات)‪.‬‬
‫في هذا السياق‪ ،‬فإن عدد التجمعات الحضرية التي انخرطت في هذه الدراسات من أجل إعادة هيكلة‬
‫شبكات النقل العمومي لم يتعد أربعة‪ ،‬ويتعلق األمر بكل من مراكش ووجدة والرباط والدار البيضاء‪.‬‬
‫كما تبين عدم االعتماد على هذه الدراسات التقنية القبلية من أجل تحديد مسارات الخطوط وعدد‬
‫الحافالت ومحطات التوقف‪ ،‬وعدم تحديد تركيبة تراتبية لشبكة النقل الحضري باالستناد إلى معطيات‬
‫دقيقة ومضبوطة‪ ،‬تشمل خطوطا رئيسية وأخرى تكميلية وتتضمن نقاطا للتبادل بين مختلف أنماط‬
‫النقل الحضري‪ ،‬بحيث ال تتضمن االتفاقيات المبرمة تسلسال تراتبيا لشبكة االستغالل قائمة على‬
‫تصنيف الخطوط إلى رئيسية وتكميلية وتعريفا دقيقا للعرض الخاص بكل خط من خطوط الشبكة‬
‫بهدف تقديم خدمة متكاملة ومندمجة‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد‪ ،‬أشارت وزارة الداخلية إلى أن العقود المبرمة في السنوات األخيرة تشترط قيام السلطة‬
‫المفوضة بدراسة جدوى وإعادة الهيكلة حسب حجم مدار التدبير المفوض‪ .‬ولتعزيز هذا الجانب‪ ،‬فقد أطلقت‬
‫المديرية العامة للجماعات الترابية دراسة إلنجاز نموذج اقتصادي للنقل الحضري وما بين المدن عبر الحافالت‬

‫‪363‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫والترامواي‪ ،‬يأخذ بعين االعتبار وسائل النقل العمومي المختلفة وحجم مدار التدبير المفوض‪ ،‬من أجل توجيه‬
‫السلطات المفوضة في التفويضات المستقبلية‪ .‬كما سيمكن هذا النموذج‪ ،‬تضيف الوزارة‪ ،‬من القيام بنماذج‬
‫المحاكاة االقتصادية من أجل اختيار السيناريو األنسب (الخدمة المطلوبة‪ ،‬تكلفة الخدمة‪ ،‬الدعم المقدم من طرف‬
‫الدولة‪ )...‬والذي سيوضع رهن إشارة الجماعات الترابية باعتباره مرجعا لصنع القرار وتعزيز دراسات‬
‫الجدوى‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى تأطير أفضل للعالقة التعاقدية بين الجماعات وشركات النقل الحضري‬
‫أبرزت دراسة البنود التعاقدية المنصوص عليها في عقود التدبير المفوض واالمتياز المبرمة بين‬
‫الجماعات وشركات النقل الحضري غياب التنصيص على مجموعة من العناصر الضرورية لضمان‬
‫تأطير أفضل للعالقة التعاقدية بين الطرفين‪ ،‬وبالتالي ضمان خدمة ذات جودة أعلى‪ .‬في هذا الصدد‪،‬‬
‫تبين عدم توضيح وتدقيق الخصائص التقنية للحافالت المخصصة للمرفق‪ ،‬واالكتفاء باإلشارة إلى‬
‫وجوب استجابة هذه الحافالت للمواصفات التقنية المعمول بها‪ ،‬باإلضافة إلى غياب التنصيص على‬
‫مسطرة لتسلم الحافالت للتأكد من مطابقتها للمواصفات التعاقدية مع توثيق عملية التسلم في محاضر‬
‫توقعها األطراف المعنية‪ .‬كما أن االتفاقيات المبرمة ال تتضمن مقتضيات تروم مالءمة الجدول الزمني‬
‫للخدمة مع حاجيات مستعملي الحافالت (مواقيت العمل اإلداري ومواقيت التعليم والدراسة الجامعية)‪،‬‬
‫إذ ال تحدد البنود التعاقدية مواقيت خدمة النقل الحضري وال تحدد أيضا شروط األمن والراحة والولوج‬
‫واالنضباط في المواعيد باالعتماد على مؤشرات أداء لقياس جودة الخدمة المقدمة وكذا التدابير التي‬
‫يتعين على المفوض إليه اتخاذها لتحقيق هذه األهداف‪.‬‬
‫وقد أكدت وزارة الداخلية أنها بصدد تحيين نموذج عقد التدبير المفوض المتعلق بالنقل الحضري عبر‬
‫الحافالت‪ ،‬من خالل تعديل بعض مقتضياته وإضافة مقتضيات جديدة‪ ،‬من أهمها التنصيص على مجموعة من‬
‫العقوبات المطبقة في حالة عدم وفاء المفوض إليه بالتزاماته‪ ،‬وضرورة إعداد مخطط أعمال الصيانة من أجل‬
‫الحفاظ على األسطول وإطالة مدة استغالله وضمان جودة في تقديم الخدمة‪ ،‬ووضع نظام لتحديد الموقع‬
‫الجغرافي للحافالت يسمح بمعلومات دقيقة عن المستخدمين في المحطات‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى مالءمة عرض النقل عبر الحافالت مع الطلب‬
‫حددت المعايير الدولية الحد األدنى للعرض المتعلق بالنقل العمومي عبر الحافالت الواجب توفيره‬
‫في حافلة واحدة لكل ‪ 2000‬نسمة‪ .‬غير أن تقييم هذا المؤشر على مستوى التجمعات الحضرية أظهر‬
‫نسبة منخفضة مقارنة بالمعدل الموصى به بحيث تتراوح نسبة عدد الحافالت لكل ألف نسمة في المدن‬
‫الكبرى ما بين ‪ %9,74‬كحد أدنى بمدينة مراكش و‪ %17,06‬كحد أقصى بمدينة تطوان‪.‬‬
‫‪ ‬وجوب تحقيق التكامل بين شبكة حافالت النقل وسيارات األجرة الكبيرة‬
‫تبلغ نسبة التنقالت الحضرية بواسطة حافالت النقل الحضري ‪ %8,55‬من نسبة التنقالت التي‬
‫يستخدمها السكان النشيطون للوصول إلى مقرات عملهم‪ ،‬فيما بلغت نسبة التنقالت باستخدام سيارات‬
‫األجرة ‪ ،%12,33‬ونسبة النقل الخاص بالمستخدمين ‪ .%6,6‬لذلك فإن نسبة التنقالت الحضرية‬
‫باستخدام سيارات األجرة الكبيرة ووسائل النقل الخاصة بالمستخدمين تبقى مرتفعة مقارنة مع النقل‬
‫عبر الحافالت‪.‬‬
‫كما تجدر اإلشارة إلى أنه بالرغم من تخصيص سيارات األجرة الكبيرة لخدمة التنقل بين المدن‪ ،‬فإن‬
‫هذه األخيرة تنشط داخل المجال الحضري على مستوى غالبية المدن الكبرى‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬تجدر‬
‫اإلشارة إلى أن عدم وجود نظام للنقل يهدف إلى تحقيق التكامل وخلق التبادل بين مختلف وسائل النقل‬
‫من شأنه أن يقلل من جاذبية وكفاءة منظومة النقل العمومي بالحافالت‪.‬‬
‫‪ ‬الحرص على اتخاذ التدابير الالزمة من أجل تنزيل البرامج االستثمارية الواردة في‬
‫عقود التدبير المفوض‬
‫أبرزت مراقبة المجالس الجهوية للحسابات لمدى تنفيذ البرامج االستثمارية‪ ،‬ضعف االستثمارات‬
‫المنجزة من طرف الشركات المفوض لها وعدم وفاءها بااللتزامات التعاقدية فيما يخص توفير عدد‬
‫الحافالت المتعاقد بشأنها وإنجاز البنيات التحتية المبرمجة واحترام الجدولة الزمنية لالستثمارات‪،‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪364‬‬


‫م ما يخل بالتوازن االقتصادي والمالي التفاقية التدبير المفوض ويؤثر على السير العادي للخدمة‪،‬‬
‫خاصة أمام الطلبات المتزايدة للمواطنين من أجل الرفع من جودة الخدمات المقدمة‪.‬‬
‫‪ ‬وجوب تحسين نظام تتبع وتقييم خدمات النقل الحضري بالحافالت‬
‫ينص دفتر التحمالت النموذجي المتعلق بالتدبير المفوض لخدمة النقل بواسطة الحافالت الذي وضعته‬
‫وزارة الداخلية‪ ،‬وكذلك العقود المبرمة مع الجهات المفوض لها تدبير المرفق‪ ،‬على إنشاء مصلحة‬
‫دائمة للمراقبة ولجنة التتبع‪ .‬وفي هذا السياق‪ ،‬تبين غياب هذه الهياكل أو التأخر في إحداثها في بعض‬
‫الحاالت‪ ،‬كما هو الشأن بكل من الناظور وسطات‪ ،‬حيث لم تقم السلطات المفوضة بإحداث المصالح‬
‫الدائمة للمراقبة من أجل تتبع تنفيذ اتفاقيات التدبير المفوض المتعلق بالنقل الحضري بواسطة‬
‫الحافالت وذلك خالفا للمقتضيات التعاقدية‪ .‬كما عرف تفعيل هذه اآلليات بجماعة خنيفرة تأخرا كبيرا‬
‫إذ لم تقم السلطة المفوضة بإحداث مصلحة للمراقبة وتعيين رئيس لها إال بتاريخ ‪ 11‬ماي ‪ ،2017‬أي‬
‫بعد مضي ‪ 6‬سنوات وأربعة أشهر من تاريخ بداية عقد التدبير المفوض‪ ،‬كما لم تتم المصادقة على‬
‫القانون الداخلي المنظم لعمل لجنة التتبع إال بتاريخ ‪ 09‬يونيو ‪ 2014‬أي بعد ‪ 3‬سنوات و‪ 6‬أشهر من‬
‫بداية استغالل شبكة النقل الحضري بواسطة الحافالت‪.‬‬
‫كما أن هناك نقائص مرتبطة بقدرة المصالح الدائمة للمراقبة ولجان التتبع على ممارسة صالحياتها‪،‬‬
‫وال سيما فيما يتعلق بتحديد االختصاصات المناطة بهذه الهياكل وتوفير الموارد البشرية الالزمة‪،‬‬
‫ووضع القوانين الداخلية المنظمة لعملها‪ ،‬فضال عن المساطر التنفيذية والدالئل الكفيلة بإضفاء الطابع‬
‫الرسمي على تدبيرها‪.‬‬
‫وتنعكس هذه النقائص المرتبطة بعمل هذه الهيئات على أداء مهام التتبع والمراقبة المنوطة بها وكذا‬
‫على تنفيذ البنود التعاقدية للتدبير المفوض‪ ،‬وهو ما يتضح من خالل عدم احترام برامج االستثمار‬
‫التعاقدية المتفق عليها مع بعض الشركات المفوض إليها تدبير القطاع كما هو الحال بالنسبة لبعض‬
‫الشركات المفوض إليها تدبير النقل على مستوى فاس والدار البيضاء ومراكش‪.‬‬
‫وفي نفس السياق‪ ،‬ينص البند ‪ 16‬من العقد النموذجي الخاص بالتدبير المفوض والمتعلق بجودة‬
‫الخدمة على أن الجهة المفوض إليها تتعهد بتقديم خدمة النقل العمومي الحضري في ظل شروط‬
‫السالمة الالزمة والراحة وسهولة الولوج واالنتظام وااللتزام بالمواعيد‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬وباستثناء عقود‬
‫التدبير المفوض المبرمة من طرف مؤسستي التعاون بين الجماعات "البيضاء" و"العاصمة"‪ ،‬فإن‬
‫باقي عقود التدبير المفوض واالمتياز األخرى ال تحدد بالدقة الالزمة جودة الخدمة المطلوبة وال‬
‫مؤشرات األداء المالئمة‪ .‬ذلك أن هذه العقود تقتصر على التنصيص على ضرورة وضع مجموعة‬
‫من المؤشرات المتعلقة بالجودة التي يجب تحديدها باالتفاق المشترك مع الطرف المفوض (االنتظام‬
‫في المواعيد واحترام وتيرة المرور والنظافة)‪ ،‬ولكن دون أن تعتمد على معايير محددة تمكن من‬
‫تعريف دقيق لهذه المؤشرات‪.‬‬
‫وقد أوضحت وزارة الداخلية أنه‪ ،‬من أجل تحسين نظام التتبع وتقييم خدمات النقل الحضري‪ ،‬نصت العقود‬
‫المبرمة في السنوات األخيرة‪ ،‬باإلضافة إلى النموذج الذي يتم تحيينه على ضرورة اعتماد المفوض إليه لنظام‬
‫عصري آلالت صرف التذاكر تستجيب لحاجيات السلطة المفوضة على مستوى التتبع والمراقبة‪ ،‬من خالل‬
‫توفير هندسة ممركزة تمكن السلطة المفوضة من تفحص واستغالل المعطيات‪ ،‬وخاصة في مجال البيع‪ .‬كما‬
‫أن هي ئات المراقبة والتتبع (المصلحة الدائمة ولجنة التتبع) تحظى بأهمية بالغة في العقود الجديدة‪ ،‬حيث أن‬
‫السلطات المفوضة والمفوض إليه مدعوون إلى احترام البنود المتعلقة بتكاليف الدراسات والمراقبة‪ .‬ومن أجل‬
‫تعزيز هذا الجانب تم العمل على برمجة العديد من الدورات التكوينية‪ ،‬كما تمت جدولة برامج لتعزيز الموارد‬
‫البشرية داخل المصالح الدائمة‪.‬‬
‫وبناء على ما سبق‪ ،‬يوصي المجلس األعلى للحسابات السلطات المفوضة لخدمة النقل الحضري‬
‫على ضرورة تحسين ممارستها في مجال التدبير المفوض من خالل‪:‬‬
‫‪ -‬إعداد عقود التدبير المفوض اعتمادا على دراسات إعادة هيكلة وتطوير شبكة النقل‬
‫العمومي التي تمكن من تحليل العرض والطلب الخاص بكل خط من خطوط الشبكة مع‬

‫‪365‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫مراعاة تكامل مختلف وسائل النقل العمومي فيما بينها وكذا تطور الحاجيات‬
‫المستقبلية؛‬
‫‪ -‬وضع رهن إشارة هيئات المراقبة والتتبع (المصلحة الدائمة ولجنة التتبع) الموارد‬
‫البشرية الكافية والمختصة وكذا أدوات المراقبة الحديثة‪ ،‬وال سيما األنظمة المعلوماتية‬
‫الجغرافية المساعدة على االستغالل؛‬
‫‪ -‬تحديد نظام تقييم جودة الخدمة المتعاقد بشأنها من خالل وضع مؤشرات أداء مالئمة‪،‬‬
‫تستند أساسا على رضا المرتفق بخصوص الخدمة المقدمة‪ ،‬ال سيما في جوانبها‬
‫المتعلقة بعرض الخدمة‪ ،‬وولوج األشخاص ذوي االحتياجات الخاصة‪ ،‬وتزويد المرتفق‬
‫بالمعلومات الضرورية‪ ،‬وتردد الحافالت‪ ،‬والمدة الزمنية للمسافات المقطوعة‪ ،‬واحترام‬
‫المواعيد‪ ،‬والنظافة‪ ،‬وكيفية التعامل مع المرتفقين‪ ،‬والراحة‪ ،‬والسالمة واألثر البيئي‪.‬‬
‫‪ .6‬تمويل قطاع التنقالت الحضرية‬
‫يتم تمويل قطاع التنقالت الحضرية باالعتماد على مجموعة من المصادر تشمل مداخيل التذاكر‪،‬‬
‫الموارد الخاصة للجماعات الترابية أو الممنوحة عن طريق االقتراض وكذا دعم الدولة المقدم في‬
‫إطار اتفاقيات الشراكة‪ .‬في هذا اإلطار‪ ،‬تم‪ ،‬بموجب المادة ‪ 19‬من قانون المالية رقم ‪ 43-06‬لسنة‬
‫‪ ،2007‬إحداث الحساب الخصوصي للخزينة المسمى "صندوق مواكبة إصالحات النقل الطرقي‬
‫الحضري والرابط بين المدن" من أجل مواكبة ورش إصالح النقل الحضري‪ .‬وقد تدخل هذا‬
‫الصندوق‪ ،‬خالل الفترة الممتدة بين ‪ 2007‬و‪ ،2014‬بشكل خاص لتغطية التعويضات المتعلقة‬
‫ببطاقات االشتراك الخاصة بالنقل المدرسي‪ ،‬ولتقديم منح تجديد أسطول سيارات األجرة ولتمويل‬
‫الدراسات المتعلقة بالتنقالت الحضرية‪ .‬كما أتاح هذا الصندوق‪ ،‬بعد تعديل نفقاته بموجب قانون المالية‬
‫لسنة ‪ ،2014‬دعم تنفيذ مشاريع وسائل النقل العمومي في مدار خاص وتخفيف الصعوبات المالية‬
‫الهيكلية التي تواجهها شركات استغالل شبكتي الطرامواي في الرباط ‪ -‬سال والدار البيضاء‪ .‬وقد بلغ‬
‫مجموع الموارد المالية التي تم تخصيصها من الميزانية العامة والحساب الخصوصي المتعلق‬
‫بالضريبة على القيمة المضافة لهذا الصندوق منذ إحداثه حوالي ‪ 14,52‬مليار درهم‪ ،‬صرف منها ما‬
‫يناهز ‪ 11,68‬مليار درهم خالل الفترة الممتدة من ‪ 2008‬إلى ‪ .2021‬لكن‪ ،‬وبالرغم من الجهود‬
‫المبذولة‪ ،‬ال يزال تمويل قطاع التنقالت الحضرية يواجه معيقات تنظيمية وتحديات على مستوى‬
‫تنويع مصادره واستدامتها‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة وضع استراتيجية خاصة بتمويل قطاع التنقالت الحضرية‬
‫يتطلب قطاع التنقالت الحضرية تعبئة موارد مالية هامة ومتزايدة باستمرار‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬يصل‬
‫المبلغ اإلجمالي لتنفيذ البرامج االثنتي عشرة (‪ )12‬التي أوصى بها مخطط التنقالت الحضرية لمدينة‬
‫فاس إلى ‪ 13,5‬مليار درهم‪ ،‬كما تبلغ قيمة برنامج عمل مخطط التنقالت الحضرية لمدينة مراكش‬
‫‪ 4,25‬مليار درهم‪ ،‬في حين ناهز الغالف المالي اإلجمالي للمشاريع التي أوصى بها مخطط التنقالت‬
‫الحضرية لمدينة الجديدة ما قدره ‪ 1,23‬مليار درهم‪.‬‬
‫في هذا اإلطار‪ ،‬الحظ المجلس غياب رؤية موحدة بين مختلف األطراف المعنية من أجل وضع سياسة‬
‫تمويل مالئمة ومستدامة لقطاع التنقالت الحضرية واعتماد استراتيجية مبتكرة لضمان تمويل مناسب‬
‫ومستقر لتلبية االحتياجات المحددة من خالل دراسات الجدوى‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة احترام االلتزامات المالية لتمويل صندوق مواكبة إصالحات النقل الطرقي‬
‫الحضري والرابط بين المدن‬
‫تميزت الفترة الممتدة ما بين ‪ 2014‬و‪ 2016‬بعدم قدرة الحساب الخصوصي للخزينة المتعلق‬
‫بالضريبة على القيمة المضافة على احترام التزاماته المالية بموجب مذكرة التفاهم الخاصة بتمويل‬
‫مشاريع النقل عبر الطرامواي أو بكل وسيلة نقل جماعي حضري كيفما كان نوعها‪ .‬ليتم تبعا لذلك‪،‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪366‬‬


‫توقيع ملحق تعديلي لمذكرة التفاهم في سنة ‪ 2017‬إلعادة جدولة االلتزامات المالية بطريقة تخول‬
‫زيادة تدريجية في المساهمات‪.‬‬
‫إال أنه‪ ،‬وبالرغم من إعادة جدولة االلتزامات المالية سالفة الذكر‪ ،‬فإن االعتمادات المخصصة من‬
‫الحساب الخصوصي للخزينة المتعلق بالضريبة على القيمة المضافة لم تتعدَّ ما يعادل ‪ 1200‬مليون‬
‫درهم‪ ،‬خالل الفترة ‪ ،2021-2019‬والتي همت جميع النفقات المبرمجة في صندوق مواكبة‬
‫إصالحات النقل الطرقي الحضري والرابط بين المدن والمتضمنة لنفقات النقل الحضري بواسطة‬
‫الحافالت والنقل بواسطة سيارات األجرة من الدرجة األولى والنقل بواسطة سيارات األجرة من‬
‫الدرجة الثانية والنقل بواسطة الطراموي وبكل وسيلة نقل جماعي حضري كيفما كان نوعها‪ ،‬في حين‬
‫حددت مساهمته المخصصة فقط لتمويل مشاريع النقل عبر الطرامواي أو النقل العمومي الحضري‬
‫عن نفس الفترة في ‪ 2900‬مليون درهم وفق مذكرة التفاهم‪.‬‬
‫‪ ‬وجوب تطوير القدرة التمويلية لصندوق مواكبة إصالحات النقل الطرقي الحضري‬
‫والرابط بين المدن‬
‫يبين تحليل التوزيع الترابي لتمويالت صندوق مواكبة إصالحات النقل الطرقي الحضري والرابط‬
‫بين المدن تمركز هاته األخيرة على مستوى التجمعات الحضرية الكبرى‪ ،‬بحيث تستأثر التجمعات‬
‫الحضرية للدار البيضاء والرباط ‪ -‬سال بما يناهز ‪ %98‬من الميزانية المخصصة لتمويل المشاريع‬
‫المتعلقة بوسائل النقل العمومي في مدار خاص‪ ،‬موزعة ما بين ‪ %75,8‬بالنسبة للتجمع الحضري‬
‫للدار البيضاء و‪ %21,8‬بالنسبة لنظيره بالرباط ‪-‬سال‪ .‬في حين استفاد تجمعا أكادير ومراكش على‬
‫التوالي بنسبة ‪ %2‬و‪ %0,4‬من ميزانية الصندوق المذكور‪.‬‬
‫وتجب اإلشارة إلى أنه‪ ،‬من بين مجموع موارد صندوق مواكبة إصالحات النقل الطرقي الحضري‬
‫والرابط بين المدن المقدرة بحوالي ‪ 20‬مليار درهم بحلول سنة ‪ ،2027‬بلغ مجموع االعتمادات‬
‫الملتزمة بها إلى غاية متم سنة ‪ ،2021‬ما مجموعه ‪ 12,05‬مليار درهم والتي خصصت باألساس‬
‫إلى المشاريع الهيكلية في مجال النقل العمومي على مستوى مدينتي الدار البيضاء والرباط‪ ،‬مما يقلص‬
‫من قدرة هذا الصندوق على تمويل مشاريع هيكلية في مدن أخرى‪ ،‬بحيث ال تسمح الموارد الحالية‬
‫المتاحة ببرمجة أكثر من مشروع أو مشروعين ذات حجم متوسط‪.‬‬
‫وقد أكدت وزارة الداخلية أن الرؤية الوطنية للتنقالت الحضرية بحلول عام ‪ 2030‬أوصت بضرورة الحفاظ‬
‫وتعزيز تمويل الدولة عن طريق "صندوق مواكبة إصالحات النقل الطرقي الحضري والرابط بين المدن"‬
‫حتى يتم تدارك النقص الذي مازال يعرفه تمويل هذا القطاع الحيوي‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى تجاوز بعض اإلكراهات التنظيمية لصندوق مواكبة إصالحات النقل الطرقي‬
‫الحضري والرابط بين المدن‬
‫عرف تمويل المشاريع الهيكلية في مجال النقل الحضري عبر آلية صندوق مواكبة إصالحات النقل‬
‫الطرقي الحضري والرابط بين المدن‪ ،‬مواجهة معيقات قانونية وتنظيمية‪ ،‬لكون الطبيعة القانونية‬
‫للصندوق المذكور (حساب خصوصي للخزينة) ال تخول له المساهمة في رأس مال شركات التنمية‬
‫المحلية المكلفة بتطوير مشاريع التنقالت الحضرية‪.‬‬
‫وفضال عن ذلك‪ ،‬لم يحدد قانون المالية المؤسس لهذا الصندوق طبيعة مساهمته‪ ،‬وهو الشيء الذي‬
‫جعل التسجيل المحاسبي لهذه المساهمات بالنسبة لشركات التنمية المحلية تختلف من مؤسسة ألخرى‬
‫ما بين اعتبارها إعانة استثمار أو تسجيلها في الحساب الجاري للشريك‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى تنويع مصادر التمويل‬
‫يستوجب قطاع التنقالت الحضرية تعبئة تمويالت ضخمة لتغطية كلفة االستثمار األولي ومصاريف‬
‫االستغالل والصيانة وتلك المتعلقة بتجديد البنية التحتية ‪.‬ومع ذلك‪ ،‬فإن تمويل هذا القطاع ال يزال‬
‫يعتمد على موارد ميزانية الدولة‪ ،‬خاصة في ظل محدودية القدرات المالية للجماعات الترابية‪.‬‬

‫‪367‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫وإدراكا لهذه اإلشكاليات‪ ،‬أوصت االستراتيجية الوطنية للتنقالت الحضرية بدراسة مصادر تمويل‬
‫إضافية من خالل إشراك المستفيدين من البنيات التحتية المتعلقة بالنقل بطريقة مباشرة أو غير‬
‫مباشرة‪ ،‬أو من خالل تطوير الشراكات بين القطاعين العام والخاص‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ال تزال تعبئة مصادر‬
‫تمويل إضافية لقطاع النقل الحضري محدودة‪ ،‬كما لم يتمكن‪ ،‬بعد‪ ،‬القطاع من جذب مستثمري القطاع‬
‫الخاص في ظل غياب تدابير تحفيزية تساعد الشركات على تحمل جميع المخاطر خاصة المخاطر‬
‫التجارية المرتبطة بتمويل المشاريع الهيكلية الضخمة‪ .‬وتجدر اإلشارة‪ ،‬في هذا اإلطار إلى أهمية‬
‫العمل على تنويع الخدمات المقدمة من أجل استهداف مستعملين جدد‪ ،‬مثل نقل الموظفين والنقل‬
‫المدرسي والجامعي والنقل الجماعي لألفراد‪.‬‬
‫وبناء على ما سبق‪ ،‬يوصي المجلس األعلى للحسابات وزارة الداخلية بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬اعتماد سياسة تمويل لقطاع التنقالت الحضرية تتيح آليات تمويل مناسبة ومستدامة‬
‫وتنفتح على موارد مالية إضافية؛‬
‫وضع إطار مؤسساتي وتنظيمي يعزز تطوير الشراكات بين القطاعين العام والخاص في‬
‫مجال التنقالت الحضرية‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪368‬‬


‫الوكاالت الحضرية‪:‬‬
‫الحاجة إلى إصالح شامل من أجل تموقع جديد لهذه المؤسسات‬

‫تعد الوكاالت الحضرية آلية مؤسساتية وأداة من أدوات التخطيط والتدبير الحضري التي اعتمدتها‬
‫بالدنا‪ ،‬بغية مواجهة التحديات الديموغرافية والعمرانية والتوسعات المجالية للمدن وإطار االستثمار‪.‬‬
‫وتضم شبكة الوكاالت الحضرية ‪ 30‬وكالة تم إنشاؤها تدريجيا خالل الفترة الممتدة ما بين سنتي‬
‫‪ 1984‬و‪ .2013‬وتخضع هذه المؤسسات العمومية التي تتمتع بالشخصية االعتبارية واالستقالل‬
‫المالي لوصاية القطاع الحكومي المكلف بالتعمير وإعداد التراب الوطني‪ .‬يدير الوكاالت مجلس إدارة‬
‫ويدبر شؤونها مدير‪ ،‬باستثناء الوكالة الحضرية للدار البيضاء التي يرأسها عامل وتخضع لوصاية‬
‫وزارة الداخلية‪.‬‬
‫وقد بلغت الميزانية اإلجمالية للوكاالت الحضرية التسعة والعشرين الخاضعة لوصاية القطاع‬
‫الحكومي المكلف بالتعمير حوالي مليار درهم برسم السنة المالية ‪ ،2020‬بما في ذلك اإلعانة المبرمجة‬
‫من ميزانية الدولة والتي قدرها ‪ 946‬مليون درهم‪ ،‬منها ‪ 600‬مليون درهم تم تحويلها لفائدة ‪ 29‬وكالة‬
‫حضرية (‪ 470‬مليون درهم تخص التسيير و‪ 130‬مليون درهم تخص االستثمار)‪ .‬أما بالنسبة للوكالة‬
‫الحضرية للدار البيضاء‪ ،‬فقد بلغت ميزانيتها اإلجمالية ‪ 525,5‬مليون درهم برسم نفس السنة المالية‪،‬‬
‫منها إعانة قدرها ‪ 54‬مليون درهم‪.‬‬
‫وخالل سنة ‪ ،2020‬بلغ عدد العاملين بهذه المؤسسات ‪ 1.982‬مستخدما‪ .‬وفيما يخص التخطيط‬
‫الحضري‪ ،‬بلغ متوسط إنتاج الوكاالت الحضرية لوثائق التعمير‪ ،‬حوالي ‪ 120‬وثيقة في السنة‪ .‬أما‬
‫فيما يتعلق بالتسيير الحضري‪ ،‬فتتم معالجة متوسط يقدر بما مجموعه ‪ 100.000‬ملف سنويا‪ ،‬تتعلق‬
‫‪ 80.000‬منها بالمشاريع الصغيرة (‪ %80‬من مجمل الملفات السنوية)‪.‬‬
‫وعلى الرغم من مساهمتها في التطور المهم الذي حققته بالدنا في مجالي التعمير وإعداد التراب‬
‫ومراكمتها لخبرة تتجاوز ‪ 30‬سنة‪ ،‬ال زالت ممارسة الوكاالت الحضرية لمهامها تتسم بمجموعة من‬
‫أوجه القصور في ظل بيئة تعرف تدخل العديد من الفاعلين وتتداخل فيها رهانات مهمة ذات ارتباط‬
‫وثيق بالتنمية الحضرية والتحديات االجتماعية واالقتصادية والبيئية‪.‬‬
‫وتنضاف إلى ذلك التحديات الناشئة عن اإلصالحات والتوجهات الجديدة (الجهوية المتقدمة‪ ،‬النموذج‬
‫التنموي الجديد‪ ،‬إلخ) وتحديات التعمير التي تفرض الحاجة إلى إعادة التفكير في طرق تدبير القضايا‬
‫المتعلقة بالتنمية الحضرية‪.‬‬
‫وقد تناولت هذه المهمة‪ ،‬التي أنجزت من طرف المجلس األعلى للحسابات بشراكة مع المجالس‬
‫الجهوية للحسابات‪ ،‬تقييم مهام الوكاالت الحضرية وآليات حكامتها وموارده المالية والبشرية‪،‬‬
‫باإلضافة إلى مكانة هذه الوكاالت وتموقعها وقدرتها على االستجابة للتحديات الترابية الجديدة‪.‬‬
‫أوال‪ .‬تقييم مهام الوكاالت الحضرية‬
‫‪ ‬إكراهات في ممارسة الوكاالت الحضرية الختصاصها المتعلق بالتخطيط الحضري‬
‫تقوم الوكاالت الحضرية بدور مهم في اإلشراف على عمليات التمدن والتنمية الترابية باعتبارها‬
‫شريكا تقنيا للفاعلين المحليين‪.‬‬
‫وقد مكنت الجهود التي تبذلها هذه المؤسسات قصد تغطية التراب الوطني بوثائق التعمير‪ ،‬من إنتاج‬
‫أكثر من ‪ 700‬وثيقة تخطيط بين سنتي ‪ 2016‬و‪ ،2021‬ويتعلق الجزء الرئيسي منها بتصاميم تهيئة‪،‬‬
‫مما رفع معدل التغطية الوطنية من ‪ %68‬في سنة ‪ 2016‬إلى ‪ %85‬في سنة ‪.2021‬‬
‫وتواجه الوكاالت الحضرية في قيامها بالدور المتعلق بإعداد وثائق التعمير‪ ،‬العديد من المعيقات‬
‫المرتبطة‪ ،‬من جهة‪ ،‬ببطء اإلجراءات وتعقيدها وبتعدد الفاعلين المتدخلين في العملية وكذا صعوبة‬

‫‪369‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫الوصول إلى المعلومة‪ ،‬ومن جهة أخرى‪ ،‬بنقص مواردها المالية والبشرية‪ ،‬ال سيما فيما يخص بعض‬
‫الكفاءات المتخصصة واإلكراهات المرتبطة بحدود اختصاصها الترابي‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد‪ ،‬تجدر اإلشارة إلى أن التخطيط الحضري ال يخضع في كثير من األحيان لمنطق‬
‫متناسق‪ ،‬وأن إعداد وثائق التعمير ال يحترم منطقا تراتبيا انطالقا من المخططات الجهوية والتوجيهية‬
‫إلى التصاميم الخاصة‪ .‬وهو ما يثير إشكالية تناسب المجال المعتمد للتخطيط‪ ،‬والذي يظل مقيدا‬
‫باالختصاص الترابي للوكاالت الحضرية‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬تم تسجيل تأخير في إعداد وثائق التعمير‪ .‬فبالنسبة إلى األهداف التي حددها القطاع‬
‫الوزاري المكلف بالتعمير‪ ،‬وال سيما مدة ثالث (‪ )3‬سنوات للمخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية وسنة‬
‫ونصف لتصاميم التهيئة وسنة واحدة لتصميم نمو التكتالت العمرانية القروية‪ ،‬فإن متوسط المدة‬
‫الالزمة إلعداد الوثائق المذكورة يصل أحيانا إلى سبع (‪ )7‬سنوات بالنسبة للمخطط التوجيهي للتهيئة‬
‫العمرانية‪ ،‬وخمس (‪ )5‬سنوات بالنسبة لتصاميم التهيئة وأربع سنوات ونصف فيما يخص تصميم نمو‬
‫التكتالت العمرانية القروية‪.‬‬
‫وفي هذا السياق‪ ،‬فإ ن مكاتب الدراسات التقنية التي تكلفها الوكاالت الحضرية بإعداد وثائق التعمير‪،‬‬
‫تلتزم بآجال تعاقدية قصيرة وغير واقعية في كثير من األحيان بالنظر لإلكراهات التي تواجهها فيما‬
‫يتعلق بجمع وتوفر المعلومات والبيانات التي تخص مصالح أخرى‪ ،‬باإلضافة إلى عدم وضوح‬
‫المواعيد النهائية للمراحل األخرى من الدراسات‪ .‬وفي بعض األحيان‪ ،‬تتسبب معيقات إجرائية داخلية‬
‫أخرى‪ ،‬على مستوى الوكاالت الحضرية‪ ،‬في تأخير أو حتى عدم إتمام تلك الدراسات‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى تقييم وثائق التعمير وإضفاء مزيد من المرونة على مقتضياتها‬
‫تفتقد مقتضيات وثائق التعمير إلى المرونة الالزمة مما يحول دون قابليتها للتكيف مع الديناميات‬
‫الجديدة والتعامل مع القضايا والخصوصيات الترابية والتطورات المستجدة‪ .‬ويعود هذا األمر إلى أن‬
‫قواعد تهيئة كل قطاع‪ ،‬واألحكام التي تنطبق عليها‪ ،‬ال توفر هامشا للمرونة‪ .‬ويعزز هذا المنحى أن‬
‫الوثائق المذكورة تجمد أحكام التعمير لفترة طويلة تتجاوز ‪ 10‬سنوات وال يمكن مراجعتها إال وفقا‬
‫لإلجراءات ذاتها المتبعة لدى إعدادها‪.‬‬
‫كذلك‪ ،‬حث القطاع المكلف بالتعمير الوكاالت الحضرية‪ ،‬من خالل المنشور الوزاري رقم ‪4463‬‬
‫بتاريخ ‪ 27‬ماي ‪ ،2014‬على تقييم إعداد وثائق التعمير وإطالق طلبات عروض متعلقة بتعديل أو‬
‫مراجعة وثائق التعمير سنتين على األقل قبل انقضاء إعالن المنفعة العامة المتعلقة بتصميم نمو‬
‫التكتالت العمرانية القروية وتصاميم التهيئة‪ ،‬إال أن التقييم المذكور ال يتم من قبل الوكاالت الحضرية‬
‫إال بمناسبة اعتماد تصميم تهيئة جديد‪ ،‬من خالل دمج تقييم الوثيقة القديمة في عقد الدراسات المتعلق‬
‫بتصميم التهيئة الجديد‪.‬‬
‫ويعد هذا الوضع من العوامل التي تحد من قدرة الوكاالت الحضرية على اقتراح رؤية استراتيجية‬
‫متكاملة للتنمية الترابية بشكل عام ويجعل وثائق التعمير في بعض األحيان غير متوافقة مع الواقع‬
‫المحلي‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى مالءمة دور الوكاالت الحضرية وإلى إرساء توازن جديد في ممارستها‬
‫للمهام المنوطة بها‬
‫يجدر التأكيد‪ ،‬فيما يتعلق بالتدبير الحضري‪ ،‬على أهمية التقيد ب "الرأي الملزم'' الذي تبديه الوكاالت‬
‫الحضرية عند تقديم طلبات الحصول على الرخص‪ ،‬والتي يمنحها‪ ،‬بموجب القانون التنظيمي رقم‬
‫‪ 113.14‬المتعلق بالجماعات (ال سيما المادة ‪ 101‬منه)‪ ،‬موقعا راجحا من حيث المشاركة في إصدار‬
‫رخص البناء والتجزيء‪ ،‬وكذا طبقا لمقتضيات المادة ‪ 35‬من المرسوم رقم ‪ 2.13.424‬الصادر في‬
‫‪ 24‬ماي ‪ 2013‬بالموافقة على ضابط البناء العام‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪370‬‬


‫وقد مكنت الجهود المبذولة من طرف الوكاالت الحضرية خالل الفترة ‪ ،2021-2015‬من دراسة‬
‫‪ 100.000‬ملف سنويا‪ %80 ،‬منها تخص مشاريع صغيرة‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬فإن مهمة التدبير الحضري تمثل جزءا هاما من نشاط الوكاالت الحضرية وتتطلب‬
‫تعبئة عدد كبير من مواردها البشرية (‪ %35‬منهم مكلفون بهذه المهمة)‪ .‬كما أن الجهود المبذولة في‬
‫دراسة ملفات طلبات الترخيص موجهة بشكل أساسي نحو المشاريع الصغيرة على حساب المهام‬
‫االستراتيجية األخرى للوكاالت‪ ،‬وال سيما مهمة التخطيط‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة كذلك إلى إشكالية عدم احترام اآلجال التنظيمية لدراسة الملفات على الرغم من تعميم‬
‫منصة "رخص" منذ سنة ‪ 2020‬وكذا تجاوز بعض رؤساء الجماعات أحيانا آلراء الوكاالت‬
‫الحضرية‪ .‬أما فيما يتعلق بالمشاريع الكبيرة المهيكلة‪ ،‬فال تتوفر الوكاالت الحضرية على إطار واضح‬
‫يحدد طبيعة تدخلها‪ ،‬وال على نظام مرجعي متجانس لدراسة هذا النوع من المشاريع‪.‬‬
‫في هذا الصدد‪ ،‬أكدت وزارة الداخلية أنه على إثر اعتماد ورش التدبير الالمادي لرخص التعمير والرخص‬
‫ذات الطابع االقتصادي‪ ،‬فإن المنصة الرقمية التفاعلية الموحدة "رخص" تضمن عدم إمكانية التوقيع‬
‫اإللكتروني على الرخص التي سبق وأن أبدت الوكالة الحضرية رأيها بالرفض بخصوص ملفاتها‪ ،‬وهو ما‬
‫من شأنه التحكم في أي تجاوزات والحيلولة دون حدوثها‪.‬‬
‫أما بشأن المشاريع االستثمارية الكبيرة المهيكلة‪ ،‬فقد أوضحت وزارة الداخلية أنه " تتم إحالة ملفاتها التي تم‬
‫إيداعها بالمراكز الجهوية لالستثمار والتي حظيت بموافقة اللجنة الجهوية الموحدة لالستثمار على المنصة‬
‫الرقمية لمعالجة رخص التعمير‪ ،‬عن طريق رابط رقمي تم تطويره من طرف مصالح الوزارة بين منصتي‬
‫"رخص" و" ‪ ،"Cri-Invest‬قصد تمكين أصحاب هذه المشاريع من استكمال المساطر المتعلقة بأداء الجبايات‬
‫المحلية واستصدار الرخص إلكترونيا‪.‬‬
‫كما أشارت وزارة الداخلية أنه أصبح بإمكان الوكاالت الحضرية" الحصول على رخص البناء والوثائق‬
‫المتعلقة بها المسلمة عبر المنصة الرقمية "رخص"‪ ،‬من خالل حسابات مستخدميها بالمنصة‪ ،‬وذلك دون‬
‫الحاجة إلى إرسالها إليها من طرف الجماعات المعنية بطريقة مادية‪".‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى تعزيز فعالية دور الوكاالت في مراقبة عمليات التعمير‬
‫ال تقوم العديد من الوكاالت بأداء مهمة المراقبة المنوطة بها بشكل فعال‪ ،‬وذلك بسبب نقص الموارد‬
‫البشرية وهيمنة مهمة التدبير الحضري على حساب المهام األخرى للوكاالت‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬تجدر‬
‫اإلشارة الى أن الموارد البشرية المخصصة لمهمة المراقبة تمثل حوالي ‪ %5‬من إجمالي مستخدمي‬
‫الوكاالت (أي حوالي ‪ 107‬من إجمالي ‪ 1.982‬مستخدما)‪.‬‬
‫وتقتصر مهمة المراقبة الممارسة من طرف الوكاالت الحضرية‪ ،‬طبقا للترسانة القانونية الحالية )ال‬
‫سيما القانون رقم ‪ 12.66‬المتعلق بمراقبة وزجر المخالفات في ميدان التعمير والبناء) على إحالة‬
‫المخالفات على المراقبين التابعين للسلطة المحلية الذين يتوفرون على الصفة الضبطية‪ .‬غير أنه ال‬
‫يتم إبالغ الوكاالت بمآل الملفات المحالة في هذا اإلطار على السلطة المحلية (حفظ وتصحيح‬
‫المخالفات والمتابعات القانونية وعمليات الهدم‪ ،‬والعقوبات وما إلى ذلك)‪.‬‬
‫إضافة إلى ما سبق‪ ،‬وباستثناء بعض الوكاالت‪ ،‬وال سيما الوكالتين الحضريتين للدار البيضاء‬
‫وتطوان‪ ،‬فإن استخدام الحلول الرقمية والتقنيات الحديثة (المراقبة بواسطة الطائرات بدون طيار‪،‬‬
‫على سبيل المثال)‪ ،‬لتحسين المراقبة ال يزال محدودا‪ .‬ينضاف إلى ذلك غياب منصة معلومات مشتركة‬
‫بين مختلف الفاعلين المحليين تهم مراقبة عمليات التعمير والتي تسمح برصد شامل لكل عمليات‬
‫المراقبة‪.‬‬
‫أشارت وزارة الداخلية إلى أنه تم استصدار دورية مشتركة جديدة (الداخلية‪-‬التعمير) تحت رقم ‪ 7.22‬بتاريخ‬
‫‪ 27‬يوليو ‪ ،2022‬بشأن اقتراح تعيين مراقبين في مجال التعمير وتنسيق وتتبع عمليات المراقبة‪ ،‬ترمي‪ ،‬أساسا‪،‬‬
‫إلى اقتراح تعيين مراقبين في مجال التعمير والبناء تابعين للوالي أو العامل أو للمفتشيات الجهوية للتعمير‬
‫والهندسة المعمارية وإعداد التراب؛ وتوضيح كيفية تنزيل منظومة مراقبة وزجر المخالفات المرتكبة في مجال‬
‫التعمير والبناء وتوحيد منهجية إعمالها؛ وإرساء منظومة رقمية مندمجة لكيفية إعمال وتنسيق وتتبع عمليات‬
‫المراقبة؛ والتنسيق مع مصالح الجماعات داخل النفوذ الترابي للعمالة أو اإلقليم قصد العمل على تمكين مراقبي‬

‫‪371‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫التعمير من الرخص واألذون فور تسليمها‪ ،‬مع تمكينهم من حسابات فردية عبر المنصة الرقمية رخص قصد‬
‫االطالع على الوثائق والمستندات (الرخص واألذون‪ ،‬التصاميم‪ ،‬صور الموقع الجغرافي للمشروع‪)... ،‬‬
‫المتعلقة بالمشاريع المرخصة داخل دائرة اختصاصهم‪.‬‬
‫‪ ‬أهمية استناد مهمة الدعم التقني المقدم من طرف الوكاالت إلى إطار مرجعي وتعاقدي‬
‫كاف‬
‫فيما يتعلق بالدعم التقني المقدم من الوكاالت لفائدة الشركاء المحليين‪ ،‬وال سيما الدعم في إعداد‬
‫الدراسات التقنية والحضرية والمساعدة في إعداد الشروط المرجعية ودفاتر التحمالت الخاصة‬
‫للدراسات لفائدة العديد من الشركاء‪ ،‬فإن اإلطار المرجعي لممارسة هذه المهمة اليزال غير واضح‪،‬‬
‫فضال على أن الممارسات المعتمدة من طرف الوكاالت في هذا المجال تظل متباينة‪.‬‬
‫وفي هذا السياق‪ ،‬فإن مهام الدعم التي قامت بها الوكاالت وفق عقود أو اتفاقيات تظل محدودة‪ ،‬حيث‬
‫إن ‪ %37‬منها فقط تمت بموجب اتفاقية خالل الفترة الممتدة من ‪ 2015‬إلى يونيو ‪ .2021‬وهكذا‪ ،‬فإن‬
‫ثلثي الدعم التقني المقدم من الوكاالت يتم تنفيذه عمليًّا خارج أي إطار تعاقدي أو اتفاقي يحدد شروط‬
‫والتزامات األطراف المعنية‪ ،‬كما ال يدر أي مداخيل لصالح الوكاالت على الرغم من تعبئتها لموارد‬
‫مهمة لهذا الغرض‪.‬‬
‫ثانيا‪ .‬حكامة الوكاالت الحضرية ومواردها البشرية والمالية‬
‫‪ ‬الحاجة إلى تعزيز حكامة الوكاالت لخلق قيمة مضافة‬
‫ال يتماشى تكوين مجلس إدارة الوكاالت‪ ،‬من حيث العدد والصفة‪ ،‬مع الممارسات الجيدة في حكامة‬
‫المؤسسات العمومية‪ ،‬مما يؤثر على مساهمته في خلق قيمة مضافة لعمل هذه المؤسسات‪.‬‬
‫فمن حيث العدد‪ ،‬تضم هذه المجالس اإلدارية في أغلب األحيان أكثر من ‪ 30‬عضوا‪ ،‬بينما يوصي‬
‫الميثاق المغربي للممارسات الجيدة لحكامة المؤسسات والمقاوالت العمومية بأن ال يتعدى هذا العدد‬
‫‪ 12‬عضوا في المتوسط‪ .‬ويؤثر هذا العدد الكبير سلبا على انتظام اجتماعاتها‪ ،‬مما يؤدي إلى التأخر‬
‫في المصادقة على ميزانيات الوكاالت مع ما يترتب عن ذلك من تداعيات سلبية على أداءها‪.‬‬
‫فضال عن ذلك‪ ،‬لم يتم إحداث لجان مختصة منبثقة عن مجلس اإلدارة‪ .‬ولئن شكلت الوكالة الحضرية‬
‫للجديدة االستثناء بإحداثها ثالث لجان سنة ‪ ،2014‬فإن تلك اللجان ظلت تقريبا غير مفعلة‪.‬‬
‫سجلت حاالت تأخير في تحديث الهياكل التنظيمية للوكاالت من قبل الوزارة‬ ‫باإلضافة إلى ذلك‪ُ ،‬‬
‫الوصية‪ ،‬على الرغم من أن هذه الهياكل لم تعد تتماشى وممارسة الوكاالت لمهامها‪ .‬وتجدر اإلشارة‬
‫إلى أن الوزارة الوصية قد قامت‪ ،‬منذ سنة ‪ ،2006‬بوضع دليل لإلجراءات اإلدارية والتنظيمية ضم‬
‫هيكال تنظيميا موحدا دون أن يتم العمل به‪.‬‬
‫وتنكب الوزارة منذ نهاية ‪ 2021‬على إجراء دراسة تهم مخططا لالمركزية ينص على مراجعة مهام‬
‫الوكاالت والهياكل التنظيمية الخاصة بها وكذلك إعادة تموقعها‪ ،‬ال سيما فيما يخص عالقتها مع‬
‫المفتشيات الجهوية للوزارة وباقي الفاعلين المحليين‪.‬‬
‫‪ ‬أهمية تطوير الموارد المالية للوكاالت الحضرية‬
‫ارتفعت الميزانية اإلجمالية للوكاالت التسعة والعشرين الخاضعة لوصاية القطاع المكلف بالتعمير‬
‫خالل الفترة ‪ 2020-2015‬من ‪ 1.005,90‬مليون درهم إلى ‪ 1.036,90‬مليون درهم‪ .‬أما بالنسبة‬
‫للوكالة الحضرية للدار البيضاء‪ ،‬فقد انخفضت ميزانيتها اإلجمالية من ‪ 727,7‬مليون درهم إلى‬
‫‪ 525,5‬مليون درهم خالل الفترة نفسها‪ .‬وعلى الرغم من أن قانون إحداث الوكاالت ينص على‬
‫إمكانية تحصيل مجموعة من المداخيل‪ ،‬فإن مواردها تتكون أساسا من دعم الدولة وتهدف بشكل‬
‫أساسي إلى تغطية نفقات التسيير‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪372‬‬


‫وهكذا‪ ،‬فإن الموارد الذاتية للوكاالت ال تزال ضعيفة‪ ،‬كما تظل المجهودات المبذولة بهدف تحصيل‬
‫المبالغ الباقي استخالصها محدودة‪ ،‬حيث بلغ الباقي استخالصه نهاية ‪ 2021‬ما مجموعه‬
‫‪ 89‬مليون درهم‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى تعزيز قدرة الوكاالت الحضرية على جذب الكفاءات‬
‫يعد النظام األساسي لمستخدمي الوكاالت‪ ،‬والذي لم تتم مراجعته منذ ثمانينيات القرن الماضي‪ ،‬غير‬
‫محفز لمواردها البشرية وغير قادر على جذب األطر ذات التخصصات التي تحتاجها الوكاالت‪.‬‬
‫ويتجسد ذلك من خالل المعدل المرتفع لمغادرة الكفاءات التقنية لمناصبهم والوتيرة التنازلية لعدد‬
‫مستخدمي الوكاالت اعتبارا من سنة ‪ ،2019‬مما تسبب في فقدان الخبرات المتراكمة‪ ،‬خاصة وأن‬
‫الوكاالت ال تتوفر إال على عدد محدود من الكفاءات المتخصصة‪ ،‬ال سيما في ميادين التنقل الحضري‬
‫والمرونة الحضرية والتعمير المستدام والمهن ذات الصلة بـالتكنولوجيا الحديثة للمعلومات‬
‫والتواصل‪.‬‬
‫وتحتاج الوكاالت إلى تعزيز كفاءاتها التقنية واإلدارية من أجل مواكبة التحديات الجديدة‪ .‬وقد سبق‬
‫للوزارة الوصية أن وضعت سنة ‪ 2012‬مخططا مديريا للتدريب لفائدة مستخدمي الوكاالت الحضرية‪،‬‬
‫غير أنه لم يتم اعتماده من قبل جميع الوكاالت كما لم يتم تحديثه‪.‬‬
‫ومن جانب آخر‪ ،‬ال يتم تفعيل حركية المسؤولين بشكل منهجي على الرغم من كون هذا اإلجراء‬
‫ممارسة جيدة‪ ،‬خصوصا في سياق المخاطر المرتبطة ببعض المهام والوظائف المعينة‪.‬‬
‫ثالثا‪ .‬مكانة وتموقع الوكاالت الحضرية‬
‫‪ ‬الحاجة إلى تحسين آليات إشراف القطاع الوصي على عمل الوكاالت الحضرية‬
‫يرتبط القطاع المكلف بالتعمير بكل وكالة خاضعة إلشرافه بعقود ‪ -‬أهداف سنوية دون االعتماد على‬
‫استراتيجية محددة أو عقود برامج‪ .‬وتقتصر عقود ‪ -‬األهداف هذه على أدوات التخطيط الحضري‬
‫دون ربطها بإطار ميزانياتي‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فإن غياب إطار تعاقدي واضح بين الدولة والوكاالت‬
‫الحضرية من شأنه أن ينعكس سلبا على تتبع مؤشرات أداء هذه الوكاالت‪.‬‬
‫فعمليا‪ ،‬ال تخضع المهام الواردة في خطط عمل الوكاالت الحضرية ألي عملية تتبع أو تحليل للفرق‬
‫بين المنجزات والتوقعات‪ .‬وتجدر اإلشارة‪ ،‬في هذا الصدد‪ ،‬إلى أنه خالل الفترة ‪ ،2016 - 2013‬تم‬
‫تتبع منجزات عقود ‪ -‬األهداف من خالل لجان المراقبة المركزية‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬اقتصر هذا التتبع على‬
‫مجال التخطيط الحضري‪ ،‬وخصوصا من خالل تتبع عدد الوثائق المنتجة‪.‬‬
‫ولم يتم تكليف قسم "االستشراف والتخطيط الترابي" التابع لمديرية التعمير بمهام التتبع إال سنة‬
‫‪ ،2020‬وذلك موازاة مع النسخة الجديدة من عقود – األهداف‪ ،‬علما أن هذا التتبع ال يزال في مراحله‬
‫األولى ولم يمكن بعد من تقديم بيانات ومعطيات تفصيلية‪.‬‬
‫ومن جانب آخر‪ ،‬فإن من شأن وصاية وزارية موحدة على جميع الوكاالت الحضرية أن يعزز من‬
‫تناسق جهود الدولة على المستوى الوطني فيما يتعلق بالتخطيط والتدبير الحضري‪.‬‬
‫وقد أكدت وزارة الداخلية على أن الوكالة الحضرية للدار البيضاء‪ ،‬التي يضم مجلسها اإلداري السلطة‬
‫الحكومية المكلفة بالتعمير كعضو‪ ،‬تتمتع بمكانة اعتبارية غاية في األهمية على المستوى التنظيمي المؤسساتي‬
‫لنفوذها الترابي‪ ،‬سواء فيما يتعلق باالختصاصات الموكول إليها أو بخصوصيات مجال تدخلها‪ .‬وقد مكنها هذا‬
‫الوضع من االضطالع بتنفيذ عدة مشاريع مهيكلة‪ ،‬يتم إسنادها لمتدخلين آخرين على مستوى مدن أخرى‪،‬‬
‫كبرامج إعادة تأهيل المدينة العتيقة للدار البيضاء على سبيل المثال‪ .‬وفضال عن ذلك‪ ،‬فالوكالة الحضرية للدار‬
‫البيضاء معنية بدورها بالدوريات المشتركة بين وزارتي الداخلية والتعمير‪ ،‬التي من شأنها توضيح بعض‬
‫الجوانب التقنية المتعلق بالتعمير على المستوى الترابي‪.‬‬
‫‪ ‬أهمية تعزيز دور ومكانة الوكاالت الحضرية إزاء مختلف المتدخلين في القطاع‬
‫ال تزال مكانة الوكاالت الحضرية في حاجة إلى تعزيز أخذا بعين االعتبار دور مختلف المتدخلين في‬
‫القطاع (السلطات المحلية‪ ،‬الجماعات‪ ،‬المفتشيات الجهوية للتعمير‪ ،‬إلخ‪ ،).‬وذلك في ظل وجود تداخل‬

‫‪373‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫لالختصاصات في عدد من المجاالت مع الجهات الفاعلة في مجال التخطيط وضعف تثمين خبرة‬
‫الوكاالت في مجال التنمية الترابية وغياب تقاسم الممارسات الفضلى في هذا الميدان‪.‬‬
‫رابعا‪ .‬قدرة الوكاالت الحضرية على االستجابة للتحديات والتوجهات الترابية الجديدة‬
‫‪ ‬إكراهات أمام مواكبة الوكاالت الحضرية للتوجهات الجديدة للتعمير‬
‫تجد الوكاالت الحضرية صعوبة في تكييف مهامها مع التحديات الجديدة للتعمير‪ .‬ويرجع ذلك‪ ،‬من‬
‫جهة‪ ،‬إلى عدم ترجمة الوزارة الوصية للتوجهات الترابية الجديدة المتعلقة بالتنمية الحضرية إلى رؤية‬
‫رسمية موثقة‪ ،‬ومن جهة أخرى‪ ،‬إلى اإلطار القانوني والتنظيمي الحالي (خاصة القانون رقم ‪12.90‬‬
‫المتعلق بالتعمير والقانون رقم ‪ ،25.90‬المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم‬
‫العقارات والظهير الشريف بمثابة قانون رقم ‪ 1.93.51‬يتعلق بإحداث الوكاالت الحضرية) الذي لم‬
‫يعد يواكب التحديات الحالية التي تواجهها الوكاالت‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬فإن القطاع الوصي قد اتخذ‪ ،‬منذ سنة ‪ ،2020‬إجراءات مختلفة من أجل تبني هذه‬
‫التوجهات الجديدة‪ ،‬وذلك من خالل نشر مراجع متعلقة بالتخطيط الحضري تدعو إلى إعداد جيل جديد‬
‫من وثائق التعمير من شأنها أن تكون أكثر مرونة وأكثر مالءمة للتحديات الترابية‪ .‬كما أن مشروعا‬
‫إلنشاء الوكاالت الحضرية الرقمية ‪ 2.0‬هو قيد الدراسة من قبل القطاع الوصي‪.‬‬
‫وقد كان من شأن هذه اإلجراءات أن تكون فعالة أكثر لو اقترنت برؤية موحدة ومعتمدة من قبل جميع‬
‫الوكاالت الحضرية‪ .‬كما أن المراجع المذكورة أعاله غير ملزمة بشكل مباشر وال تثير مسؤولية‬
‫الوكاالت‪.‬‬
‫وعلى ا لرغم من قيام بعض الوكاالت بتبني مبادرات لالنخراط في التوجهات الترابية الجديدة‪ ،‬فإنه‬
‫ال يتم أخذ هذه التوجهات في االعتبار بشكل منهجي أثناء إعداد خطط عمل كل وكالة‪ .‬وباإلضافة إلى‬
‫ذلك‪ ،‬فإ ن بعض الوكاالت ال تزال تجد صعوبات في ممارسة مهامها المرتبطة بالتخطيط والتدبير‬
‫الحضري‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن اإلطار التنظيمي الحالي الذي تستند إليه الوكاالت في ممارسة مهامها (الظهير‬
‫الصادر بتنفيذ القانون رقم ‪ 1.93.51‬المتعلق بإحداث الوكاالت الحضرية)‪ ،‬لم يتم تحديثه منذ سنة‬
‫‪ ،1993‬حيث يتطلب تعديالت تواكب التحديات الجديدة‪ .‬ذلك أنه ال يتضمن عددا من المقتضيات التي‬
‫من شأنها أن تسمح لها باعتماد توجهات النموذج التنموي الجديد‪ ،‬وال سيما من حيث التخطيط‬
‫االستراتيجي على المستوى الجهوي وتعزيز المراقبة الترابية وتكريس التعمير العملياتي والنجاعة‬
‫العقارية‪.‬‬
‫‪ ‬الحاجة إلى تعزيز الموارد البشرية وإرساء الهياكل التنظيمية الالزمة إلنجاز التحول‬
‫الرقمي ونزع الطابع المادي عن الخدمات المقدمة من طرف الوكاالت‬
‫ال تتوفر العديد من الوكاالت على الموارد البشرية والتقنية الكافية إلنجاز تحولها الرقمي حيث ال‬
‫يتضمن هيكلها التنظيمي أجهزة مخصصة لمواكبة ورش الرقمنة‪ .‬ويتم االعتماد على مصالح‬
‫المعلوميات للقيام بهذه المهمة على الرغم من محدودية الموارد البشرية المخصصة لها واقتصار‬
‫دورها عموما على إدارة المعدات المعلوماتية وصيانتها‪.‬‬
‫وعالوة على ذلك‪ ،‬وعلى الرغم من أن جميع الوكاالت قد شرعت في العمل على نزع الطابع المادي‬
‫عن عملياتها‪ ،‬وإن بوتيرة مختلفة‪ ،‬فإن هذه اإلجراءات ال تزال غير مؤطرة بشكل كاف كما تتطلب‬
‫المزيد من الجهود بهدف توحيدها وتشاركها‪.‬‬
‫وقد انخرطت العديد من الوكاالت الحضرية في مشاريع لنزع الطابع المادي عن عملية التخطيط‬
‫والتدبير الحضري‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن تدخل الوزارة الوصية‪ ،‬من أجل توحيد جهود وأدوات عمل‬
‫الوكاالت في هذا االتجاه‪ ،‬لم يتم بطريقة ملموسة إال إبان األزمة الصحية التي أبرزت الحاجة إلى‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪374‬‬


‫رقمنة العمليات‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬ال تزال العديد من المشاريع في مراحلها األولية‪ ،‬ال سيما البوابة‬
‫الجغرافية الوطنية لوثائق التعمير والوكاالت الحضرية ‪.2.0‬‬
‫بناء على ما سبق‪ ،‬وأخذا بعين االعتبار مجمل الدراسات وتوجهات القطاع المكلف بالتعمير الراهنة‬
‫وأيضا قيد الدراسة‪ ،‬يوصي المجلس األعلى للحسابات القطاع المكلف بالتعمير وكذا الوكاالت‬
‫الحضرية بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تفعيل إصالح شامل لإلطار القانوني المتعلق بالوكاالت الحضرية إلعادة تحديد مجال‬
‫تدخلها في ضوء التنظيم الترابي الجديد وتوجهات القطاع المكلف بالتعمير قيد الدراسة‬
‫في هذا المجال‪ ،‬من خالل مالءمة بنياتها وفقًا لمخطط هرمي بمستويات تدخل مالئمة‪:‬‬
‫‪ -‬بنيات على المستوى الجهوي تضطلع أساسا بمهام التخطيط الحضري والدراسات‬
‫االستراتيجية واالستشرافية مع إسناد دور عملي إليها فيما يتعلق بدعم المشاريع‬
‫الحضرية الكبرى ذات البعد الجهوي وتعزيز رصد المعطيات الترابية‪،‬‬
‫‪ -‬بنيات على المستوى اإلقليمي أو الجماعي‪ ،‬عند االقتضاء (الجماعات الكبرى ووفق‬
‫معايير مضبوطة) تحت إشراف البنيات الجهوية المذكورة أعاله‪ ،‬تساهم في دراسات‬
‫التخطيط الحضري ومسؤولة بشكل رئيسي عن دراسة طلبات الحصول على رخص‬
‫التعمير‪،‬‬
‫‪ -‬دعم فروع الوكاالت لتعزيز سياسة القرب؛‬
‫‪ -‬تعزيز دور الوكاالت الحضرية فيما يخص دعم فرص االستثمار والتنمية من خالل‬
‫إضفاء مرونة على أدوات التخطيط وقواعد التهيئة؛‬
‫‪ -‬نهج إصالحات على مستوى عمل وتنظيم مجالس إدارة الوكاالت الحضرية بما يتوافق‬
‫مع الممارسات الجيدة في مجال الحكامة‪ ،‬وال سيما من خالل‪:‬‬
‫‪ -‬إعادة هيكلة المجالس اإلدارية للوكاالت من حيث عدد األعضاء والكفاءة‪،‬‬
‫وضع األنظمة الداخلية والسهر على احترامها‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬تشكيل اللجان المتخصصة؛‬
‫‪ -‬إعادة النظر في اإلطار التعاقدي بين القطاع الوصي والوكاالت الحضرية من خالل‬
‫عقود ‪ -‬برامج متعددة السنوات بأهداف واضحة مرتبطة بموارد مالية مالئمة؛‬
‫‪ -‬إعادة تركيز عمل الوكاالت الحضرية في مجال التدبير الحضري على دراسة ملفات‬
‫المشاريع الكبرى والمركبة‪ ،‬ومواكبة المشاريع المهيكلة وتتبع التمدن؛‬
‫‪ -‬تحديد أشكال وحدود وكيفيات ممارسة مهمة المساعدة التي تقوم بها الوكاالت‬
‫الحضرية؛‬
‫‪ -‬تسريع رقمنة خدمات الوكاالت الحضرية‪ ،‬مع ضبطها‪ ،‬بشكل يضمن توحيد جهود‬
‫وأدوات عملها في هذا االتجاه؛‬
‫‪ -‬إعادة هيكلة مهمة المراقبة التي تقوم بها الوكاالت الحضرية من خالل السهر على‪:‬‬
‫‪ -‬إرساء إطار للتعاون والتنسيق بين الوكالة الحضرية والجهات الفاعلة األخرى في‬
‫مجال مراقبة العمليات المتعلقة بالتعمير‪،‬‬
‫‪ -‬تشجيع اللجوء للتقنيات الحديثة لرصد مخالفات التعمير‪،‬‬
‫‪ -‬وضع مهمة المراقبة التي تمارسها الوكاالت الحضرية لصالح اليقظة الترابية وتقييم‬
‫وثائق التعمير؛‬

‫‪375‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫‪ -‬إرساء آليات تعاون بين الوكاالت الحضرية وتعزيز أوجه التنسيق بينها من أجل تدبير‬
‫أمثل لمواردها وترشيد نفقاتها؛‬
‫‪ -‬وضع آليات ووسائل لتحفيز األطر والعاملين قادرة على جذب الكفاءات وضمان الحفاظ‬
‫عليها؛‬
‫‪ -‬وضع نظام دوري للحركية وفقا للممارسات الفضلى في هذا المجال‪ ،‬واستباق المخاطر‬
‫والممارسات المرتبطة ببعض الوظائف والمهام‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪376‬‬


‫حكامة وكالة تهيئة ضفتي أبي رقراق‪:‬‬
‫نموذج اقتصادي ومالي يقتضي المراجعة من أجل ضمان استدامته‬

‫يعتبر مشروع تهيئة واستثمار ضفتي أبي رقراق‪ ،‬من أهم األوراش المهيكلة المساهمة في التنمية‬
‫االقتصادية واالجتماعية لمدينتي الرباط وسال‪ .‬ويمتد هذا المشروع على مجال تفوق مساحته ستة‬
‫آالف هكتار‪ ،‬ويتألف من ستة أجزاء من المنبع حتى المصب (باب البحر‪ ،‬الساحة الكبيرة‪ ،‬قصبة أبي‬
‫رقراق‪ ،‬صهريج الوادي‪ ،‬المنزه الكبير‪ ،‬مشارف حساين)‪.‬‬
‫واعتبارا لألهمية االستراتيجية والتاريخية واإليكولوجية للموقع‪ ،‬فقد تم إحداث "وكالة تهيئة ضفتي‬
‫أبي رقراق" بموجب القانون رقم ‪ 16.04‬الصادر في ‪ 23‬نوفمبر ‪ ،2005‬وتم الشروع في أعمال‬
‫التهيئة في يناير ‪ .2006‬وتعتبر هذه الوكالة مؤسسة عمومية‪ ،‬تتمتع بالشخصية المعنوية واالستقالل‬
‫المالي‪ ،‬يديرها مجلس إدارة يرأسه رئيس الحكومة‪ ،‬ويسيرها مدير‪ .‬وتضم هذه الوكالة خمس شركات‬
‫تابعة لها وهي‪ :‬شركة مارينا أبي رقراق‪ ،‬وشركة أبي رقراق الثقافات‪ ،‬وشركة الطرامواي الرباط‬
‫سال‪ ،‬وشركة الوقت األخضر‪ ،‬باإلضافة لشركة صبر للتهيئة‪ ،‬كما تساهم في رأسمال كل من شركة‬
‫أمواج وشركة باب البحر‪.‬‬
‫ومن أجل ضبط األهداف التقنية والمالية واالقتصادية المنوطة بالوكالة‪ ،‬وكذا التخطيط وتمويل‬
‫وجدولة تنفيذ وتتبع مشاريع التهيئة واالستثمار‪ ،‬أبرمت الوكالة عقدي‪ -‬برنامج مع الدولة‪ ،‬األول للفترة‬
‫الممتدة بين سنتي ‪ 2006‬و‪ ،2012‬والثاني للفترة الممتدة بين سنتي ‪ 2014‬و‪ .2018‬كما قامت بتعبئة‬
‫ميزانية إجمالية ناهزت ‪ 7,8‬مليار درهم‪ ،‬وذلك خالل الفترة ‪ ،2020-2015‬شكلت الموارد الذاتية‬
‫المعبأة فيها نسبة ‪ %13‬من ميزانية الوكالة (أي ما يناهز ‪ 989‬مليون درهم)‪ .‬وقد خصص مبلغ‬
‫‪ 7,5‬مليار درهم من هذه الميزانية لالستثمار و‪ 371‬مليون درهم للتسيير‪ .‬كما تجدر اإلشارة إلى أن‬
‫مساحة األراضي التي تم اقتناؤها من طرف الوكالة‪ ،‬ناهزت ‪ 453‬هكتارا بمبلغ ‪ 990‬مليون درهم‪،‬‬
‫وهو ما يشكل ‪ %19‬من المساحة المتوقعة في تصميم التهيئة الخاص بضفتي أبي رقراق‪.‬‬
‫وقد بلغ إجمالي عدد مستخدمي الوكالة والشركات التابعة لها‪ ،‬إلى غاية سنة ‪ ،2021‬ما مجموعه‬
‫‪ 162‬مستخدما‪ ،‬من بينهم ‪ 84‬مستخدما يعملون بالوكالة‪ ،‬موزعين على ثالثة أقطاب (القطب المالي‬
‫والدعم وقطب التهيئة وقطب التدبير الترابي)‪ ،‬وعلى ثالث مديريات (التخطيط الحضري‪ ،‬والتدقيق‬
‫والرقابة الداخلية والموارد البشرية واللوجستيك ونظام المعلومات)‪.‬‬
‫وهدفت المهمة الرقابية المنجزة‪ ،‬في هذا اإلطار‪ ،‬إلى تقييم جوانب التنظيم والحكامة والنموذج‬
‫االقتصادي والمالي للوكالة‪.‬‬
‫أوال‪ .‬تنظيم وحكامة الوكالة‬
‫‪ .1‬مجلس اإلدارة‬
‫أناطت المادة ‪ 41‬من القانون رقم ‪ 16.04‬المتعلق بتهيئة واستثمار ضفتي أبي رقراق بمجلس إدارة‬
‫الوكالة جميع الصالحيات والسلط الالزمة إلدارتها‪ .‬وطبقا لمقتضيات المرسوم رقم ‪2.05.1514‬‬
‫الصادر لتطبيق القانون المذكور‪ ،‬فإن مجلس إدارة الوكالة يترأسه رئيس الحكومة‪ ،‬ويتألف من رؤساء‬
‫الجماعات الترابية للرباط وسال‪ ،‬ورؤساء الغرف المهنية بالرباط وسال‪ ،‬ومدير الوكالة الحضرية‬
‫للرباط وسال‪ ،‬ومدير وكالة الحوض المائي ألبي رقراق والشاوية‪ ،‬باإلضافة إلى ممثلي الوكالة‪ .‬كما‬
‫يشارك في أشغاله وزير الداخلية والوزراء المكلفون بإعداد التراب الوطني واإلسكان والمالية‬
‫والفالحة والثقافة والتجهيز والنقل والسياحة والصناعة والتجارة‪ .‬إال أن العدد المهم لألشخاص‬
‫المدعوين للمشاركة في دورات مجلس اإلدارة‪ ،‬إلى جانب أعضائه القانونيين‪ ،‬قد يحد من فعاليته‬
‫ويعيق تبني قرارات ذات بعد استراتيجي والتي من شأنها تقديم حلول للتحديات األساسية التي تواجهها‬
‫الوكالة‪.‬‬

‫‪377‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫كذلك‪ ،‬لم يسهر مجلس اإلدارة على تتبع تنفيذ جميع قراراته‪ ،‬ولم يعمل على حث الوكالة من أجل‬
‫اتخاذ اإلجراءات الالزمة لتطبيقها‪ ،‬كما هو الحال بالنسبة للقرارات التالية‪:‬‬
‫‪ -‬تصفية شركتي "صبر للتهيئة" و"الوقت األخضر"؛‬
‫‪ -‬إعداد مشروع الملحق التعديلي لعقد البرنامج الثاني‪ ،‬وعرضه على رئيس مجلس اإلدارة‬
‫من أجل المصادقة عليه؛‬
‫‪ -‬إبرام اتفاقية مع شركة مارينا أبي رقراق في إطار تقاسم الموارد‪ ،‬تتعلق بتدبير بعض مهام‬
‫الشركة وكذا بعض الموارد البشرية للوكالة‪ ،‬السيما فيما يتعلق بالشؤون القانونية والمالية‬
‫والمحاسبة والصفقات العمومية والنظام المعلوماتي‪.‬‬
‫‪ .2‬ضرورة اعتماد إطار استراتيجي إلنشاء وحل الشركات التابعة للوكالة والمساهمات‬
‫من بين الشركات الخمسة التابعة للوكالة‪ ،‬فإن شركتي "صبر للتهيئة" و"الوقت األخضر" متوقفتان‬
‫عن ممارسة أنشطتهما‪ ،‬ومع ذلك لم تتم تصفيتهما‪ .‬كما لم يتم حل وتصفية شركة "أمواج المغرب"‪،‬‬
‫التي تساهم الوكالة في رأسمالها بنسبة ‪ ،%20‬بالرغم من توقفها عن مزاولة أي نشاط‪.‬‬
‫وتؤكد هذه الوضعية ضرورة اعتماد الوكالة الستراتيجية واضحة وموثقة‪ ،‬تتعلق بتأطير عمليات‬
‫إحداث أو اقتناء أو حل الشركات التابعة والمساهمات المالية‪ ،‬عوض االكتفاء بإعداد مذكرات أولية‬
‫حول األسباب واألسس القانونية‪ ،‬إلنشاء الشركات التابعة واقتراح مشروع النظام األساسي للشركة‬
‫المراد إحداثها‪.‬‬
‫وبهذا الخصوص‪ ،‬أوضحت وزارة الداخلية وكذا الوكالة في جوابيهما أن إحداث الشركات التابعة يتم كلما‬
‫استدعت الضرورة ذلك‪ ،‬إما عن طريق االقتناء المباشر أو عن طريق اإلحداث‪ ،‬كما أن حل الشركات بعد‬
‫تحقيقها ألهدافها مسألة مهمة جدا‪ ،‬ولذلك فقد باشرت الوكالة مسطرة حل وتصفية كل من شركتي صبر للتهيئة‬
‫والوقت األخضر في إطار تفعيل مقررات مجلسها اإلداري وتوصيات المجلس األعلى للحسابات‪.‬‬
‫‪ .3‬ضرورة اعتماد الشركات التابعة استراتيجيات خاصة‬
‫ال تتوفر الشركات التابعة للوكالة على استراتيجيات خاصة بها‪ ،‬متضمنة لألهداف التي يتعين تحقيقها‪،‬‬
‫ومؤشرات األداء الكمية والنوعية لقياس مدى تحقيقها‪ ،‬فضال عن الوسائل الالزمة لذلك‪ .‬وحري‬
‫باإلشارة إلى أن هذه االستراتيجيات الخاصة يجب أن تكون منبثقة عن التوجيهات االستراتيجية‬
‫للوكالة‪.‬‬
‫‪ .4‬الحاجة إلى وضع مخطط تنظيمي رسمي وقار للوكالة‬
‫يتميز مشروع تهيئة واستثمار ضفتي أبي رقراق‪ ،‬بأهميته االستراتيجية وبطابعه الخاص‪ .‬وعليه‪ ،‬فإن‬
‫تنفيذ وتتبع المشاريع المزمع إنجازها من طرف الوكالة‪ ،‬يقتضي توفرها على هيكل تنظيمي قار‪،‬‬
‫وموارد بشرية مؤهلة‪.‬‬
‫ولهذه الغاية‪ ،‬وضعت الوكالة مجموعة من اإلجراءات التنظيمية المنصوص عليها في القانون رقم‬
‫‪ 69.00‬المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة وهيئات أخرى‪ ،‬والمتمثلة أساسا في‬
‫إعداد النظام األساسي للمستخدمين والمساطر اإلدارية والمحاسبية‪ ،‬وكذا المساطر المتعلقة بمهن‬
‫الوكالة التي تم إعدادها وإصدارها سنة ‪ ،2015‬باإلضافة إلى ذلك نص عقد البرنامج الثاني ‪-2014‬‬
‫‪ 2018‬على ضرورة تعزيز الموارد البشرية بالكفاءات‪ ،‬من خالل إعداد مخطط توظيف يمتد على‬
‫مدى خمس سنوات‪.‬‬
‫غير أن التنزيل األمثل لهذه اإلجراءات‪ ،‬عاقه التغيير المستمر الذي عرفه التنظيم الداخلي للوكالة‪،‬‬
‫والراجع باألساس لغياب هيكل تنظيمي رسمي‪ ،‬ولتعاقب العديد من المسؤولين على تسيير أقطاب‬
‫ومديريات في فترات وجيزة‪ ،‬بحيث أنها ال تتجاوز في أحسن األحوال السنة الواحدة‪ ،‬كما هو الحال‬
‫بالنسبة لقطب التهيئة ومديرية الشؤون القانونية ومديرية التدقيق والرقابة الداخلية‪ .‬هذه الوضعية من‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪378‬‬


‫شأنها أن تؤثر سلبا على أداء الموارد البشرية من جهة‪ ،‬ومن جهة ثانية فهي ستؤدي إلى إضعاف‬
‫تماسك واستقرار فرق العمل‪.‬‬
‫وقد أفادت وزارة الداخلية وكذا الوكالة في جوابيهما أن الوكالة قامت بإعداد هيكل تنظيمي رسمي‪ ،‬تمت‬
‫الموافقة عليه في شهر يناير سنة ‪ ،2022‬وذلك تطبيقا لمقررات المجلس اإلداري وتبعا لتوصيات المجلس‬
‫األعلى للحسابات‪.‬‬
‫في هذا اإلطار‪ ،‬يوصي المجلس األعلى للحسابات رئاسة الحكومة بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تعزيز الدور التوجيهي والرقابي لمجلس اإلدارة‪ ،‬من خالل مراجعة تشكيله وطريقة‬
‫عمله والعمل على تتبع تنفيذ الخيارات االستراتيجية والقرارات التي يتخذها؛‬
‫‪ -‬العمل على إرساء هيكل تنظيمي قار للوكالة يتالءم مع أهدافها االستراتيجية ورؤية‬
‫مشروع تهيئة واستثمار ضفتي أبي رقراق‪.‬‬
‫كما يوصي وكالة تهيئة ضفتي أبي رقراق بوضع استراتيجية واضحة متعلقة بإحداث الشركات‬
‫التابعة لها وحلها عند االقتضاء‪ ،‬بما يضمن فعالية ونجاعة تنفيذ مشروع تهيئة واستثمار ضفتي‬
‫أبي رقراق‪.‬‬
‫ثانيا‪ .‬النموذج االقتصادي والمالي للوكالة‬
‫إلنجاز مشروع تهيئة واستثمار ضفتي أبي رقراق‪ ،‬وضعت الوكالة نموذجا اقتصاديا قصد تعبئة‬
‫الوعاء العقاري وتهيئته وتجهيزه‪ ،‬وإنشاء البنية التحتية والمنشآت الهيكلية‪ .‬ويرتكز هذا النموذج‬
‫االقتصادي على المحاور التالية‪:‬‬
‫‪ -‬اقتناء جزء من العقار في منطقة مركزية داخل الموقع؛‬
‫‪ -‬إضفاء طابع حضري متناسق ومتوازن على ضفتي الوادي؛‬
‫‪ -‬توزيع أعمال التهيئة في الزمان والمكان؛‬
‫‪ -‬حماية المنطقة وتأهيلها‪ ،‬وتزويدها بالبنيات التحتية والمنشآت الهيكلية؛‬
‫‪ -‬التثمين والرفع من قيمة المنطقة من خالل تركيبة مالية متطورة‪.‬‬
‫غير أن استدامة هذا النموذج االقتصادي والمالي يواجه المعيقات التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬الحاجة إلى اعتماد استراتيجية استباقية لتعبئة العقار‬
‫خالل الفترة ‪ ،2020-2006‬عبأت الوكالة مبلغ ‪ 990‬مليون درهم لتملك وعاء عقاري بمساحة إجمالية‬
‫تقدر بحوالي ‪ 453‬هكتار‪ .‬إال أن عملية تصفية الوضعية القانونية للعقار بالمناطق القابلة للتهيئة‬
‫العمرانية المحددة في تصميم التهيئة الخاص بضفتي أبي رقراق‪ ،‬تتم بوتيرة بطيئة‪ .‬فعلى مستوى‬
‫األجزاء األربعة األولى من المشروع‪ ،‬ال يتجاوز معدل تصفية الوضعية القانونية للعقار بالمناطق‬
‫القابلة للتهيئة العمرانية نسبة ‪ %32‬على مدى ‪ 14‬سنة (الفترة الممتدة من سنة ‪ 2006‬إلى سنة‬
‫‪ .)2020‬أما على مستوى الجزأين الخامس والسادس‪ ،‬وغير المشمولين بعقدي البرنامج سالفي الذكر‪،‬‬
‫فلم تشرع الوكالة بعد في إجراءات تصفية الوضعية القانونية للعقارات الموجودة بهما‪.‬‬
‫ويعزى انخفاض معدل تصفية الوضعية القانونية للعقارات‪ ،‬على الخصوص‪ ،‬إلى ارتفاع تكلفة نزع‬
‫ملكيتها‪ ،‬بحيث أن الوكالة أوقفت عمليات تعبئـة العقار في بعض المناطق من المشروع‪ ،‬نظرا الرتفاع‬
‫أسعار الوعاء العقاري الكائن بهذه األخيرة‪.‬‬
‫و في هذا السياق‪ ،‬تجدر اإلشارة إلى أن الوكالة لم تقم بوضع استراتيجية لتعبئة العقار‪ ،‬تسمح لها‬
‫بتحديد األهداف المتوخاة‪ ،‬والمناطق ذات األولوية‪ ،‬والموارد الالزمة لتعبئته‪ ،‬كما تأخذ بعين االعتبار‬
‫المخاطر المتعلقة بتعبئة العقار‪ .‬مما ترتب عنه تأخر ملحوظ في تصفية الوضعية القانونية للعقارات‪،‬‬
‫ساهم بدوره في زيادة التكاليف الالزمة القتناء العقار تبعا لدينامية السوق العقاري خالل الفترة المعنية‪.‬‬

‫‪379‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫وفي جوابيهما عن مالحظة المجلس‪ ،‬أشارت وزارة الداخلية وكذا الوكالة أن الوعاء العقاري لضفتي أبي‬
‫رقراق يشكل رصيدا عقاريا استراتيجيا بالنسبة لعاصمة المملكة‪ ،‬كما أن الوكالة تعتبر أن تصفية وضعيته‬
‫القانونية مسألة استراتيجية يتعين عليها مقاربتها على المدى القريب والمتوسط والبعيد‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬وضع‬
‫القانون رقم ‪ 16.04‬األسس القانونية المنظمة لمسألة تعبئة العقار‪ ،‬إال أن الوكالة لم تتمكن من تحقيق‬
‫استراتيجيتها العقارية بسبب عدم تمكينها من الموارد المالية الكافية لذلك‪ .‬كما أفادت الوكالة أن االستراتيجية‬
‫العقارية تتطلب توفير وتعبئة موارد مالية كافية وقارة من شأنها أن تمكنها من تحقيق أهداف هذه االستراتيجية‪،‬‬
‫الشيء الذي لم يتم توفيره للوكالة بالشكل المطلوب لحد اآلن‪.‬‬
‫‪ .2‬الوضعية المالية للوكالة‬
‫‪ ‬صعوبات في تعبئة الموارد الذاتية للوكالة‬
‫تشكل عائدات تفويت العقار أهم مورد ذاتي لوكالة تهيئة ضفتي أبي رقراق وتمثل الركيزة األساسية‬
‫لنموذجها االقتصادي‪ .‬غير أن عدم قدرة الوكالة على تعبئة هذه العائدات حسب الجدولة الزمنية‬
‫المنصوص عليها في عقد البرنامج الثاني ‪ ،2018-2014‬ترتب عنه حدوث عجز في التمويل الذاتي‪،‬‬
‫الشيء الذي أثر سلبا على برمجة أشغال التهيئة وفق اآلجال المقررة‪.‬‬
‫في هذا اإلطار‪ ،‬نص مخطط التمويل العام لعقد البرنامج الثاني (‪ )2018-2014‬على تعبئة موارد‬
‫ذاتية بحوالي ‪ 2.941‬مليون درهم‪ ،‬من بينها مبلغ ‪ 1.218‬مليون درهم مخصصة ألداء ما تم ترحيله‬
‫من عقد البرنامج األول (‪ .)2012-2006‬وتتكون الموارد المالية الذاتية المبرمجة أساسا من عائدات‬
‫بيع األراضي المهيأة‪ ،‬وكذا عائدات تفويت سندات المساهمة في رأسمال شركة المساهمة "باب‬
‫البحر"‪ .‬إال أن حصيلة الموارد الذاتية المعبأة من طرف الوكالة خالل الفترة المذكورة بلغ‬
‫‪ 2.530‬مليون درهم‪ ،‬أي بنسبة ‪ %86‬من تلك المبرمجة‪ ،‬مسجلة بذلك نقصا عن التوقعات بحوالي‬
‫‪ 411‬مليون درهم في متم سنة ‪.2018‬‬
‫ولتجاوز هذه الوضعية‪ ،‬قامت الوكالة‪ ،‬خالل سنة ‪ ،2020‬بإجراء عمليات تفويت إضافية غير مبرمجة‬
‫في عقد البرنامج الثاني‪ ،‬مكنت من تعبئة مبلغ إضافي إجمالي قدره ‪ 294‬مليون درهم‪ ،‬وتقليص‬
‫النقص الحاصل في التمويل الذاتي إلى ‪ 117‬مليون درهم‪.‬‬
‫‪ ‬قصور في دفع المساهمات الملتزم بها من طرف الشركاء‬
‫تشكل مساهمة الشركاء في تمويل مشاريع التهيئة واالستثمار حوالي ‪ %26‬من الموارد المعبأة من‬
‫طرف الوكالة‪ .‬غير أن دفع هذه المساهمات للوكالة لم يحترم الجدولة الزمنية المنصوص عليها في‬
‫عقد البرنامج الثاني ‪ ،2018-2014‬بحيث تفاوتت نسب مساهمة الشركاء ما بين ‪ %46‬و‪ %63‬من‬
‫توقعات العقد المذكور‪ .‬عالوة على ذلك‪ ،‬لوحظ عدم أداء ثالثة شركاء للمساهمات المنصوص عليها‬
‫في بنود عقد البرنامج‪ ،‬بحيث بلغ إجمالي المساهمات غير المدفوعة حوالي ‪ 280‬مليون درهم إلى‬
‫غاية شهر أكتوبر ‪.2021‬‬
‫‪ ‬مؤشرات مالية في حاجة إلى التعديل‬
‫خالل الفترة ‪ ،2020-2013‬سجلت النتيجة الصافية للوكالة قيما سلبية (الحسابات االجتماعية)‪ ،‬بحيث‬
‫بلغ متوسط النتيجة الصافية (‪ )-141,02‬مليون درهم‪ ،‬وتفاوتت بين حد أدنى قدره (‪ )-213,87‬مليون‬
‫درهم سنة ‪ 2020‬و(‪ )-78,05‬مليون درهم كحد أقصى سنة ‪ .2013‬كما بلغ متوسط النتيجة الصافية‬
‫المجمعة‪ ،‬خالل نفس الفترة‪ ،‬حوالي (‪ )-114,72‬مليون درهم‪ ،‬متراوحة ما بين حد أدنى بلغ (‪-‬‬
‫‪ )329,20‬مليون درهم سنة ‪ 2020‬وحد أقصى بقيمة ‪ 155,85‬مليون درهم خالل سنة ‪.2014‬‬
‫ومن بين األسباب التي ساهمت في هذا الوضع‪ ،‬عدم تغطية موارد الوكالة لجميع نفقاتها‪ ،‬فضال عن‬
‫أهمية مخصصات المؤن لمواجهة النقص في قيمة سندات الشركات التابعة‪ ،‬والتي بلغت خالل الفترة‬
‫‪ 2020-2014‬ما يعادل ‪ 393‬مليون درهم‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪380‬‬


‫كما اتسم رقم معامالت الوكالة بعدم االستقرار خالل الفترة ‪ ،2019-2014‬بحيث سجل قيمة قصوى‬
‫قدرها ‪ 1.714‬مليون درهم في سنة ‪ 2014‬وقيمة دنيا قدرها ‪ 0,32‬مليون درهم في سنة ‪ ،2019‬مع‬
‫العلم بأن هذا األخير يتكون أساسا من عائدات تفويت العقار‪.‬‬
‫وابتداء من سنة ‪ ،2016‬لم تعد الوكالة قادرة على تحصيل الموارد الذاتية الالزمة الستكمال إنجاز‬
‫المشاريع المخطط لها وفق برنامجها االستثماري‪ ،‬بحيث سجلت قدرة التمويل الذاتي للوكالة قيما‬
‫سلبية‪ ،‬بعد أن انخفضت من (‪ )-36,45‬مليون درهم سنة ‪ 2016‬إلى (‪ )-196,19‬مليون درهم سنة‬
‫‪ ،2020‬وهو ما ساهم في إضعاف وضعها االقتصادي والمالي‪.‬‬
‫في هذا اإلطار‪ ،‬أوضحت كل من وزارة الداخلية والوكالة بأن المادة ‪ 45‬من القانون رقم ‪ 16.04‬نصت على‬
‫أن مداخيل الوكالة تتكون أساسا من المخصصات السنوية من الميزانية التي تمنحها الدولة‪ ،‬إال أن عدم انتظام‬
‫هذه الموارد وعدم وفاء الشركاء المتعاقدين مع الوكالة بالتزاماتهم المالية لم يمكنها من تحقيق جميع أهدافها‪.‬‬
‫‪ .3‬مردودية الشركات التابعة للوكالة تتسم بالضعف‬
‫‪ ‬النتيجة الصافية لشركة مارينا أبي رقراق‬
‫خالل الفترة ‪ ،2019-2013‬سجلت النتيجة الصافية لشركة مارينا أبي رقراق قيما سلبية بلغ حدها‬
‫األدنى (‪ )-3,69‬مليون درهم في سنة ‪ ،2018‬وحدها األقصى (‪ )-0,82‬مليون درهم سنة ‪،2017‬‬
‫لترتفع بعد ذلك إلى ‪ 9,64‬مليون درهم في سنة ‪ 2020‬بعد تصحيحها بإلغاء مخصصات متعلقة بتغطية‬
‫مخاطر في إطار نزاع قضائي مع الوكالة الوطنية للموانئ بمبلغ ‪ 12,75‬مليون درهم‪.‬‬
‫وفي نفس السياق‪ ،‬أشارت وزارة االقتصاد والمالية في جوابها أنها تتقاسم رأي المجلس األعلى للحسابات‪،‬‬
‫بحيث يجب تحسين األداء المالي لهذه الشركة وتطوير نشاطها وذلك من خالل وضع استراتيجية منبثقة عن‬
‫توجيهات الوكالة‪.‬‬
‫‪ ‬رقم أعمال الشركة التابعة "الوقت األخضر" ورأسمالها‬
‫في سنة ‪ ،2006‬ساهمت الوكالة بنسبة ‪ %100‬في رأسمال شركة "الوقت األخضر" لإلنعاش الفندقي‬
‫والسياحي‪ .‬ويندرج هذا االستثمار في إطار تصفية الوعاء العقاري للجزء األول من مشروع تهيئة‬
‫ضفتي أبي رقراق‪ ،‬لكون إضفاء المنفعة العامة على منطقة مشروع التهيئة لم يتم إال الحقا في سنة‬
‫‪ .2009‬غير أن رقم معامالت هذه الشركة ظل منعدما‪ ،‬كما سجل رأسمالها قيما سلبية طيلة الفترة‬
‫‪ 2020-2013‬نظرا لتوقفها عن ممارسة نشاطها‪.‬‬
‫‪ ‬رقم أعمال الشركة التابعة "صبر للتهيئة" ونتيجتها الصافية‬
‫خالل الفترة (‪ ،)2020-2013‬ظل رقم معامالت شركة "صبر للتهيئة" منعدما‪ ،‬كما سجلت نتيجتها‬
‫الصافية قيما سلبية تراوحت ما بين حد أقصى بقيمة (‪ )-0,1‬مليون درهم في سنة ‪ ،2018‬وحد أدنى‬
‫بقيمة (‪ )-1,14‬مليون درهم في سنة ‪ ،2014‬وذلك بسبب توقفها عن ممارسة نشاطها‪.‬‬
‫‪ .4‬حصيلة المنجزات‬
‫تم تنزيل برنامج تهيئة واستثمار ضفتي أبي رقراق من خالل التعاقد بين الدولة والوكالة‪ .‬ولقد مكن‬
‫كل من "اختيار التهيئة العام" المصادق عليه سنة ‪ 2004‬و"تصميم التهيئة الخاص بضفتي أبي‬
‫رقراق"‪ ،‬الموافق عليه بالمرسوم رقم ‪ 2.09.472‬سنة ‪ ،2009‬من تحديد جميع مشاريع التهيئة‬
‫المخطط لها بمنطقة تهيئة واستثمار ضفتي أبي رقراق‪.‬‬
‫كما تم تقسيم هذه المشاريع على ستة أجزاء جغرافية بمنطقة التهيئة‪ ،‬وتمت برمجة الجدولة الزمنية‬
‫لمختلف مراحل تنفيذها وفقا لمنطق التسلسل المعبر عنه في مخططات االستثمار موضوع عقدي‬
‫البرنامجين األول والثاني المبرمين بين الدولة والوكالة‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬أسفر تقييم حصيلة إنجازات‬
‫عقد البرنامج الثاني عن تباين أداء الوكالة من الناحيتين المالية والمادية‪ ،‬كما هو مبين في المالحظات‬
‫التالية‪:‬‬

‫‪381‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫‪ ‬محدودية التقدم اإلجمالي للبرنامج االستثماري‬
‫تبين من خالل تقييم اإلنجازات المادية للمشاريع المدرجة في عقد البرنامج الثاني (‪،)2014-2018‬‬
‫عدم استكمال إنجاز البرنامج االستثماري المتوقع إنجازه‪ ،‬وذلك بالرغم من مرور ثالث سنوات على‬
‫اآلجال التقديرية النتهائه‪ ،‬حيث بلغ معدل التقدم اإلجمالي للبرنامج ‪ .%58‬كما بين تحليل معدالت‬
‫تقدم أشغال التهيئة‪ ،‬حسب مكونات البرنامج‪ ،‬عن ضعف اإلنجازات خاصة على مستوى المكون‬
‫المتعلق بتثمين وحماية ضفتي أبي رقراق من مخاطر التوسع الحضري غير المقنن‪ ،‬وكذا المكون‬
‫المتعلق باقتناء األراضي في الجزء الثالث والرابع من منطقة التهيئة‪ ،‬بحيث بلغ معدل اإلنجاز بهما‬
‫‪ %16‬و‪ ،%42‬على التوالي‪ .‬كما اليزال المكون المتعلق بإنهاء التهيئة بالجزئين األول والثاني غير‬
‫مكتمل‪ ،‬بمعدل تقدم إجمالي بحوالي ‪ .%76‬علما بأن هذا المكون كان موضوع عقد البرنامج األول‪،‬‬
‫وعرف تجديدا لعدد من المشاريع المبرمجة في إطاره‪ ،‬على مستوى عقد البرنامج الثاني‪.‬‬
‫في السياق نفسه‪ ،‬قررت الوكالة تعليق مشروع حماية المنطقة من مخاطر السكن غير الالئق‪ .‬ويعزى‬
‫هذا األمر إلى المخاطر المتعلقة بارتفاع أسعار العقار‪ .‬كما أن الوكالة لم تنجز المكون المتعلق بالتراث‬
‫ولذلك تم إبرام اتفاقية مع شركة الرباط الجهة للتهيئة في يوليوز ‪ 2018‬تنص على نقل بعض المشاريع‬
‫إلى هذه األخيرة‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى أن معدل تنفيذ البرنامج االستثماري‪ ،‬دون األخذ بعين االعتبار‬
‫المكونين المتوقفين‪ ،‬قد بلغ ‪ ،%70‬وذلك بعد مرور ثالث سنوات على تاريخ انتهاء البرنامج المذكور‪.‬‬
‫على صعيد آخر‪ ،‬لوحظ بأن تدبير أشغال التهيئة واالستثمار يتسم بارتفاع عدد المنازعات مع‬
‫األطراف ذات الصلة‪ ،‬السيما الفاعلين المؤسساتيين وشركات األشغال ومقدمي الخدمات وكذا‬
‫األشخاص المعنيين‪ ،‬وهو ما يعزز المخاطر بارتفاع التكاليف المالية للمشاريع‪ ،‬بحيث بلغت المبالغ‬
‫المطالب بها في إطار المنازعات حوالي ‪ 418‬مليون درهم‪ ،‬أي ما يعادل ‪ %28‬من متوسط الميزانية‬
‫السنوية للوكالة‪ ،‬دون احتساب تلك المتعلقة بمسطرة نزع الملكية‪.‬‬
‫‪ ‬صعوبات في تنفيذ واستكمال بعض المشاريع االستراتيجية المتعلقة بالحماية من‬
‫مخاطر التوسع الحضري غير المقنن‬
‫يعتبر تثمين وحماية العقار من المبادئ التأسيسية "الختيار التهيئة العام" لضفتي أبي رقراق‪ .‬وقد‬
‫كرس عقد البرنامج الثاني هذا المبدأ من خالل تضمينه لمكون متعلق بالحماية من مخاطر التوسع‬
‫الحضري غير المقنن‪ ،‬الذي يتألف من ثالثة مشاريع وهي‪ :‬حماية المنطقة من مخاطر السكن غير‬
‫الالئق‪ ،‬وتأهيل وإدماج قطاعات السكن غير المقنن‪ ،‬وإعادة هيكلة مدينة الخزفيين‪.‬‬
‫بيد أن تقييم تنفيذ المشاريع المتعلقة بهذه األهداف االستراتيجية يظهر عدم إنجاز أي مشروع من‬
‫المشاريع الثالثة بالكامل‪ .‬في هذا الصدد‪ ،‬لم تنجز الوكالة المشروع المتعلق "بحماية المنطقة من‬
‫مخاطر السكن غير الالئق"‪ .‬كما أنها لم تتمكن من إنجاز المشروع المتعلق "بتأهيل وإدماج قطاعات‬
‫السكن غير المقنن" بشكل كامل‪ .‬أما على صعيد إعادة هيكلة مدينة الخزفيين‪ ،‬فقد قامت الوكالة بتعبئة‬
‫الوعاء العقاري‪ ،‬غير أن المشروع ال يزال في مرحلة الدراسة التقنية‪.‬‬
‫ويرجع عدم إنجاز او استكمال المشاريع المتعلقة بالحماية من مخاطر التوسع الحضري غير المقنن‬
‫أساسا إلى الصعوبات التي واجهت الوكالة في تعبئة العقار‪ ،‬وذلك نظرا الرتفاع سعره بالمنطقة‪ .‬حيث‬
‫بلغت التقديرات المالية لتملك األراضي الالزمة إلنجاز المشروعين المتعلقين بحماية المنطقة من‬
‫مخاطر السكن غير الالئق وتأهيل وإدماج قطاعات السكن غير المقنن‪ ،‬ما يعادل ‪ 1.640‬مليون درهم‪.‬‬
‫وتبرز هذه الوضعية الصعوبات التي تواجهها الوكالة لتحقيق األهداف االستراتيجية المتعلقة بحماية‬
‫منطقة تهيئة ضفتي أبي رقراق من السكن غير الالئق وإعادة هيكلة قطاعات السكن غير المقنن‪.‬‬
‫‪ ‬زيادة في تكلفة االستخدامات النهائية للمشاريع بالمقارنة مع الميزانية التوقعية لعقد‬
‫البرنامج الثاني‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪382‬‬


‫شكل ارتفاع تكاليف إنجاز المشاريع المبرمجة أحد اإلكراهات الرئيسية التي واجهت الوكالة في تنفيذ‬
‫البرنامج االستثماري لعقد البرنامج الثاني‪ .‬وذلك بسبب سوء التقييم المتكرر للميزانية التوقعية‬
‫للمشاريع في المراحل القبلية إلعداد عقدي البرنامجين‪.‬‬
‫في هذا اإلطار‪ ،‬أظهرت مقارنة الكلفة التوقعية لعقد البرنامج المذكور مع الكلفة الفعلية لالستثمارات‬
‫المنجزة أو المقرر إنجازها‪ ،‬زيادة مهمة في تكلفة االستخدامات المعدلة للمشاريع بالمقارنة مع‬
‫التقديرات األولية‪ .‬وقد تم تسجيل أكبر الفوارق على مستوى باب الميزانية المتعلق باقتناء العقار‬
‫المبرمج في الجزأين الثالث والرابع من منطقة المشروع‪ ،‬بحيث اضطرت الوكالة إلى وقف تنفيذ‬
‫جميع عمليات اقتناء األراضي لتفادي المخاطر المتعلقة بتجاوز الميزانية والحفاظ على توازنها‬
‫المالي‪.‬‬
‫وقد بلغت التكلفة اإلضافية اإلجمالية‪ ،‬حسب تقديرات الوكالة المبنية على أساس الزيادة الملحوظة‬
‫على مستوى الجزء الثالث (الذي يشمل مشروع الطريق الدائري الحضري ومشروع متنزه سال‬
‫"باركواي" ومشروع القطعة الحضرية)‪ ،‬حوالي ‪ 1.514‬مليون درهم‪ ،‬وهو ما يعادل نسبة تمويل‬
‫إضافية تتجاوز ‪ %149‬بالمقارنة مع الميزانية التوقعية لعقد البرنامج الثاني‪.‬‬
‫عالوة على ذلك‪ ،‬شهدت المشاريع المنجزة على مستوى الجزأين األول والثاني من منطقة التهيئة‪،‬‬
‫تجاوزا كبيرا في تكاليف اإلنجاز النهائية بالمقارنة مع الميزانية األولية المرصودة لها‪ .‬في هذا الصدد‪،‬‬
‫تجاوزت التكلفة اإلضافية المحتسبة على أساس عينة من المشاريع المنجزة في هذين الجزأين نسبة‬
‫متوسطة تناهز ‪ ،%29‬بمبلغ قدره ‪ 112‬مليون درهم‪.‬‬
‫في هذا الصدد‪ ،‬أوضحت وزارة الداخلية وكذا الوكالة أن هذه األخيرة واجهت عدة صعوبات في إنجاز برنامج‬
‫تهيئة واستثمار ضفتي أبي رقراق‪ ،‬خارجة عن إرادتها وخصوصا تلك المتعلقة بالجوانب التالية‪:‬‬
‫‪ -‬ارتفاع تكلفة التعويض عن نزع الملكية المحكوم بها والتي تبقى خارجة عن إرادة الوكالة‪ ،‬األمر الذي‬
‫يشكل جزء من الصعوبات التي تواجهها في القدرة على توفير العقار في ظل ارتفاع مبالغ هاته التعويضات‬
‫على ضوء الخبرات المنجزة في موضوعها؛‬
‫‪ -‬نوعية الوعاء العقاري المتعلق بمشروع " تأهيل وإدماج قطاعات مخاطر السكن غير الالئق" الذي يتميز‬
‫بقلة العقارات المحفظة وكثرة التعرضات‪ ،‬وهو ما شكل سببا رئيسيا في تعثر وتوقف إنجاز هذا المشروع‬
‫الذي كان من شأنه أن يضع الوكالة في وضعية المعتدية ماديا‪.‬‬
‫‪ .5‬الحاجة لتطوير مهمة صيانة المنشآت واستدامة تمويلها‬
‫يتضمن مشروع تدبير الموقع المنجز من طرف الوكالة إصالح المنشآت التقنية وصيانة المساحات‬
‫الطبيعية وحراستها‪ ،‬باإلضافة لتجريف (‪ )dragage‬نهر أبي رقراق‪ .‬وفي هذا اإلطار نص عقد‬
‫البرنامج ‪ ،2018-2014‬على إبرام الوكالة التفاقية شراكة مع جماعتي الرباط وسال‪ ،‬تحدد بموجبها‬
‫كيفية تنفيذه ومساهمة الشركاء في تمويله‪ .‬كما نص عقد البرنامج سالف الذكر على إمكانية تحصيل‬
‫جزء من الموارد الناجمة عن تأجير األماكن العمومية (مواقف السيارات)‪ ،‬وكذا إتاوات الملصقات‬
‫اإلعالنية وغيرها لضمان استدامة مهمة تدبير الموقع وصيانة منشآته‪ .‬غير أن تمويل هذه المهمة‬
‫المتعلقة بصيانة المنشآت التقنية اقتصر على الموارد الذاتية للوكالة‪ ،‬بحيث بلغت النفقات المعبأة خالل‬
‫الفترة الممتدة من ‪ 2015‬إلى ‪ 2020‬حوالي ‪ 162,4‬مليون درهم‪ .‬كما تبين بأن عمليات اإلصالح‬
‫والصيانة تتم في ظل غياب برنامج صيانة متعدد السنوات يشمل جميع المنشآت التقنية‪ ،‬ويحدد‬
‫إجراءات المراقبة الدورية والعمليات التصحيحية المزمع تنفيذها على المدى البعيد‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن الوكالة لم تقم بإنشاء قطب خبرة قادر على تطوير المعرفة والكفاءات‬
‫الضرورية لتنفيذ هذه المهمة‪ ،‬وتفعيل آليات التنسيق والتشاور مع باقي الشركاء من أجل تعبئة‬
‫واستدامة التمويالت الالزمة‪.‬‬

‫‪383‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫وقد أوضحت وزارة الداخلية وكذا الوكالة في جوابيهما أن هذه األخيرة تمكنت من تطوير اإلدارة الخارجية‬
‫للمكونات الرئيسية المتعلقة بالنظافة والحراسة والبستنة مما جعل من الممكن الحفاظ على موقع وادي أبي‬
‫رقراق في حالة جيدة والحفاظ على المساحات العامة المهيئة‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق بعمليات الصيانة التقنية فقد أكدت الوكالة أنه عمال بتوصيات المجلس األعلى للحسابات‪ ،‬فإن‬
‫الهيكل التنظيمي الرسمي للوكالة (الذي تم إرساؤه شهر يناير ‪ )2022‬أحدث قطب خبرة خاصا مكلفا بمهام‬
‫الصيانة الكبرى للمنشآت‪.‬‬
‫‪ .6‬الميناء الترفيهي لمارينا أبي رقراق‪ :‬تدبير مشوب بمجموعة من النقائص‬
‫أحدثت الشركة التابعة للوكالة "مارينا أبي رقراق" سنة ‪ ،2007‬بهدف تدبير واستغالل المنطقة‬
‫الترفيهية التي تشمل ميناء ترفيهيا يمتد على ضفة سال وأرصفة الرباط‪ .‬وشرعت الشركة في تشغيله‬
‫ابتداء من ‪ 15‬مارس ‪ .2008‬غير أن إدارة هذا الميناء تقتضي تحسين نظام الرقابة الداخلية من أجل‬
‫تدبير المخاطر المتعلقة بموثوقية وسالمة البيانات التي يتم إجراؤها‪ .‬في هذا اإلطار‪ ،‬لوحظ غياب‬
‫مساطر تؤطر طرق استقبال بواخر الترفيه وشروط الرسو واإلقامة داخل الميناء‪ ،‬وكذا نظام فوترة‬
‫الخدمات المقدمة‪ .‬كما أن تدبير أشغال النشاط البحري ال يرتكز على نظام معلوماتي خاص‪ ،‬بحيث‬
‫تقتصر على مسك سجالت ورقية لتسجيل المعطيات المتعلقة بوصول ومغادرة البواخر‪.‬‬
‫على صعيد آخر‪ ،‬تمت خمس عمليات تجريف لقناة المالحة وحوض الميناء الترفيهي‪ ،‬بمبلغ إجمالي‬
‫بقيمة ‪ 35‬مليون درهم‪ .‬إال أن إنجاز هذه العمليات تم بشكل غير منتظم ودون االعتماد على مسح‬
‫مسبق لألعماق (باستثناء عملية تجريف واحدة)‪.‬‬
‫كما أن تحمل نفقات جميع العمليات تم من طرف الوكالة خالل الفترة الممتدة من ‪ 2008‬إلى ‪2021‬‬
‫عوض شركة مارينا أبي رقراق‪ ،‬علما أن مقتضيات المادة ‪ 4‬من دفتر التحمالت المتعلق بعقد االمتياز‬
‫المبرم بين الوكالة الوطنية للموانئ وشركة مارينا أبي رقراق في سنة ‪ ،2008‬تنص على أن "صاحب‬
‫االمتياز يتعهد على نفقته الخاصة وتحت مسؤوليته بضمان تجريف الحوض من أجل الحفاظ على‬
‫العمق البحري المنصوص عليه"‪.‬‬
‫وقد أوضحت وزارة الداخلية وكذا الوكالة أنه عمال بتوصيات المجلس‪ ،‬قامت الوكالة من خالل شركة أبي‬
‫رقراق مارينا‪ ،‬بوضع مخطط عمل من أجل تجاوز المالحظات المشار إليها في تقرير المجلس‪ ،‬وفي هذا‬
‫اإلطار عملت الوكالة على ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬توظيف إطار متخصص في تدبير الموانئ وتكليفه بالشرطة المينائية للعمل كرائد ميناء حسب القوانين‬
‫الجاري بها العمل؛‬
‫‪ -‬وضع مسطرة تؤطر عملية استقبال البواخر وشروط الرسو واإلقامة داخل الميناء؛‬
‫‪ -‬العمل على وضع منظومة معلوماتية تؤطر األنشطة المينائية ونظام فوترة للخدمات المقدمة؛‬
‫‪ -‬العمل على تسوية الوضعية المالية لشركة أبي رقراق مارينا فيما يخص استخالص الديون المستحقة‬
‫والمتعلقة ببواخر الترفيه وكذلك المساحات المستغلة من طرف المحالت التجارية؛‬
‫‪ -‬العمل على تكوين الموارد البشرية للشركة فيما يتعلق بتدبير األنشطة بالميناء الترفيهي مارينا‪.‬‬
‫في هذا اإلطار‪ ،‬يوصي المجلس األعلى للحسابات بإعادة تقييم استدامة النموذج االقتصادي والمالي‬
‫للوكالة‪ ،‬وذلك من خالل اإلجراءات التالية‪:‬‬
‫‪ -‬بالنسبة لرئاسة الحكومة ووزارة االقتصاد والمالية ووكالة تهيئة ضفتي أبي رقراق‪:‬‬
‫‪ -‬مد الوكالة بموارد ثابتة تمكن من ضمان اشتغالها وتنفيذ مشاريعها االستثمارية‬
‫بفعالية؛‬
‫‪ -‬بالنسبة لرئاسة الحكومة ووكالة تهيئة ضفتي أبي رقراق‪:‬‬
‫‪ -‬العمل على تحيين مخطط وآليات تعبئة تمويالت مبتكرة وموارد إضافية الستكمال‬
‫برنامج الوكالة االستثماري (كالشراكة بين القطاعين العام والخاص‪ ،‬وضمان‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪384‬‬


‫مساهمة األجهزة العمومية والخاصة‪ ،‬إلخ)‪ ،‬وذلك في إطار عقد برنامج جديد مصمم‬
‫بشكل أفضل ويسمح بتعبئة المزيد من الموارد ؛‬
‫‪ -‬بالنسبة لوكالة تهيئة ضفتي أبي رقراق‪:‬‬
‫ؤطرة لتملك وتأمين العقار‪ ،‬مع تحديد األهداف المتوخاة‬
‫‪ -‬وضع استراتيجية م ِّ‬
‫والجدولة الزمنية المتعلقة بحيازة الوعاء العقاري‪ ،‬ومؤشرات األداء‪ ،‬وتحديد‬
‫الموارد ومصادر التمويل مع استحضار المخاطر وبلورة سيناريوهات تدبيرها في‬
‫الوقت المناسب؛‬
‫‪ -‬تطوير أقطاب الخبرة والكفاءات المتعلقة بالمهام الرئيسية للوكالة‪ ،‬ال سيما تدبير‬
‫المنازعات‪ ،‬وصيانة المنشآت التقنية وتدبير الموقع؛‬
‫‪ -‬العمل على تحسين نظام قيادة وتدبير المشاريع على مستوى الوكالة واالنفتاح على‬
‫آليات جديدة‪ ،‬كاإلشراف المنتدب للمشاريع‪ ،‬بهدف استكمال إنجاز البرنامج‬
‫االستثماري لمشروع تهيئة ضفتي أبي رقراق‪.‬‬

‫‪385‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫الفصل الرابع‪ :‬تتبع تنفيذ التوصيات‬
‫تبعا لنتائج المهمات الرقابية التي تنجزها المحاكم المالية‪ ،‬توجه هذه األخيرة توصيات لألجهزة التي‬
‫شملتها هذه المهمات وذلك من أجل تجاوز األسباب التي أدت إلى النقائص المرصودة واستباق‬
‫المخاطر المحتملة قصد تحسين تدبير األجهزة الخاضعة للرقابة والرفع من أدائها وتجويد الخدمات‬
‫المقدمة للمواطنين‪.‬‬
‫وفي هذا السياق‪ ،‬وتطبيقا لمقتضيات المادة ‪ 3‬من القانون رقم ‪ 62.99‬المتعلق بمدونة المحاكم المالية‬
‫كما تم تغييره وتتميمه بالقانون رقم ‪ 55.16‬الصادر بتاريخ ‪ 25‬غشت ‪ ،2016‬وانسجاما مع‬
‫الممارسات الفضلى المعتمدة من طرف األجهزة العليا للرقابة‪ ،‬تقوم المحاكم المالية‪ ،‬بصفة منتظمة‪،‬‬
‫بتتبع مآل التوصيات التي تصدرها‪ ،‬وذلك من أجل تقييم مدى تفاعل األجهزة المعنية مع هذه‬
‫التوصيات‪ ،‬وقياس أثر المهمات الرقابية المنجزة‪ ،‬فضال عن تحديد‪ ،‬عند االقتضاء‪ ،‬العوامل‬
‫واإلكراهات التي عاقت تنفيذ البعض منها‪.‬‬
‫واستنادا إلى المعايير المهنية المعمول بها في هذا المجال‪ ،‬تتم عمليات تتبع تنفيذ التوصيات إما باعتماد‬
‫آليات كتابية مدعومة باستمارات واستبيانات دقيقة (التتبع المستندي) أو من خالل القيام بمهام ميدانية‪،‬‬
‫وهو ما يسمح للمحاكم المالية من الوقوف على التدابير المتخذة من طرف األجهزة المعنية من أجل‬
‫تنفيذ التوصيات وكذا أثرها على تدبير هذه األجهزة ورصد‪ ،‬عند االقتضاء‪ ،‬العوامل التي حالت دون‬
‫تنفيذ البعض منها‪.‬‬
‫وارتباطا بمهمة تتبع التوصيات‪ ،‬فقد عرفت سنة ‪ 2022‬مستجدات مهمة من أجل تجويد هذه العملية‬
‫وجعلها أكثر فاعلية‪ ،‬إذ جعل المجلس من تحسين جودة التوصيات الصادرة عن المحاكم المالية وتتبع‬
‫تنفيذها أحد توجهاته االستراتيجية الست برسم الفترة ‪ .2026 -2022‬وفي هذا اإلطار‪ ،‬اعتمد المجلس‬
‫منصة رقمية وضعت رهـن إشارة األجهزة الخاضعة لرقابة المجلس‪ ،‬بهدف ضمان تتبع فوري وفعال‬
‫للتوصيات وتيسير عمليات التواصل والتفاعل بين المجلس واألجهزة المعنية بتتبع التوصيات‪.‬‬
‫ويستعرض هذا الجزء من التقرير السنوي أهم الخالصات التي أفضت إليها أعمال تتبع تنفيذ‬
‫التوصيات‪ ،‬انطالقا من تفاعل األجهزة المعنية‪ ،‬والتي تتعلق بالتوصيات الصادرة عن المجلس األعلى‬
‫للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات في إطار المهمات الرقابية المنجزة برسم سنة ‪ ،2018‬والبالغ‬
‫عددها ‪ 3.788‬توصية بنسبة استجابة فاقت ‪ ،%89‬مقابل ‪ %84‬سنة ‪.2017‬‬

‫أوال‪ .‬تتبع التوصيات الصادرة عن المجلس األعلى للحسابات‬


‫قام المجلس األعلى للحسابات بتتبع تنفيذ التوصيات‪ ،‬البالغ عددها ‪ 861‬توصية صادرة عنه في إطار‬
‫‪ 36‬مهمة رقابية أنجزت برسم سنة ‪ ،2018‬وذلك من خالل اعتماد منهجية التتبع المستندي‪ .‬كما قام‬
‫ميدانيا بتتبع التوصيات المتعلقة بتقييم تدبير اإلعانات الممنوحة من طرف القطاعات الحكومية‪.‬‬
‫كما تجدر اإلشارة‪ ،‬بخصوص مهمة "مراقبة تنفيذ ميزانية الدولة برسم سنة ‪ ،"2017‬إلى أن المجلس‬
‫يقوم سنويا بتتبع تنفيذ التوصيات الصادرة عنه بمناسبة إنجازه للتقرير حول تنفيذ قانون المالية الذي‬
‫يرافق مشروع قانون التصفية‪.‬‬
‫‪ .1‬التتبع المستندي ‪ :‬تفاعل إيجابي رغم بعض اإلكراهات وتحسن على مستوى مجموعة‬
‫من أوجه التدبير‬
‫مكنت عملية التتبع المستندي لما مجموعه ‪ 861‬توصية شملت مجموعة من القطاعات (المالية‪،‬‬
‫الصحة‪ ،‬التربية الوطنية والتعليم العالي والتكوين‪ ،‬الماء‪ ،‬الطاقة‪ ،‬الغابات‪ ،‬الصيد البحري‪ ،‬اإلعالم‪،‬‬
‫النقل‪ )...‬من الوقوف على المآل الذي خصص لها‪ ،‬من حيث العد والنسب‪ .‬ويبرز الجدول الموالي‪،‬‬
‫حسب القطاعات وحسب نسب تنفيذ التوصيات‪ ،‬أهم نتائج هذه العملية‪:‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪386‬‬


‫في طور‬
‫غير المنجزة‬ ‫المنجزة‬ ‫مجموع‬
‫اإلنجاز‬
‫التوصيات‬ ‫الجهاز‪/‬المهمة‬
‫النسبة‬ ‫العدد‬ ‫النسبة‬ ‫العدد‬ ‫النسبة‬ ‫العدد‬ ‫الصادرة‬

‫القطاعات المالية‬

‫‪%44‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪%12‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪%44‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪16‬‬ ‫مراقبة تسيير الوديع المركزي‬

‫‪%11‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪%50‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪%39‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪18‬‬ ‫مراقبة تسيير صندوق اإليداع والتدبير‬

‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪%91‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪%9‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪11‬‬ ‫مراقبة تسيير شركة "ميدزد"‬

‫قطاع الصحة‬

‫‪%9‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪%18‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪%73‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪11‬‬ ‫المركز االستشفائي االقليمي ببوجدور‬
‫المركز االستشفائي اإلقليمي موالي عبد هللا‬
‫‪%32‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪%4‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪%64‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪28‬‬
‫بالمحمدية‬
‫المركز االستشفائي اإلقليمي محمد الخامس‬
‫‪%6‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪%35‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪%59‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪17‬‬
‫بالحي المحمدي‪ ،‬الدار البيضاء‬
‫‪%6‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪%47‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪%47‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪17‬‬ ‫مستشفى محمد السادس بطنجة‬

‫‪%26‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪%32‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪%42‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪19‬‬ ‫المركز االستشفائي اإلقليمي بقلعة السراغنة‬

‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪%71‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪%29‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪31‬‬ ‫المركز االستشفائي االقليمي لسيدي سليمان‬
‫مراقبة نظام التأمين اإلجباري األساسي عن‬
‫‪%25‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪%58‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪%17‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪12‬‬ ‫المرض لفائدة أجراء القطاع الخاص المدبر من‬
‫طرف الصندوق الوطني للضمان االجتماعي‬
‫‪%14‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪%86‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪7‬‬ ‫مراقبة تسيير الوكالة الوطنية للتأمين الصحي‬
‫مراقبة تسيير الصندوق الوطني لمنظمات‬
‫‪%100‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪9‬‬
‫االحتياط االجتماعي‬
‫قطاعات التربية الوطنية والتعليم العالي والتكوين‬

‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪%26‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪%74‬‬ ‫‪23‬‬ ‫‪31‬‬ ‫كلية العلوم والتقنيات بمراكش‬
‫البحث العلمي والتكنولوجي بجامعة محمد‬
‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪%38‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪%62‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪13‬‬
‫الخامس بالرباط‬
‫كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‬
‫‪%4‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪%38‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪%58‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪24‬‬
‫بسال التابعة لجامعة محمد الخامس بالرباط‬
‫مراقبة تسيير المدرسة الوطنية للهندسة‬
‫‪%7‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪%40‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪%53‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪15‬‬
‫المعمارية بالرباط‬
‫‪%40‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪%10‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪%50‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪10‬‬ ‫مراقبة تسيير المعهد الملكي لتكوين األطر‬
‫مراقبة تسيير مجموعة المعهد العالي للتجارة‬
‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪%50‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪%50‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪8‬‬
‫وإدارة المقاوالت‬
‫‪%17‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪%39‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪%44‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪18‬‬ ‫مراقبة تسيير المعهد الوطني للتهيئة والتعمير‬
‫كلية الطب والصيدلة التابعة لجامعة محمد‬
‫‪%7‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪%50‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪%43‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪14‬‬
‫األول بوجدة‬
‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪%61‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪%39‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪13‬‬ ‫المدرسة العليا للتكنولوجيا بالعيون‬
‫مراقبة تسيير األكاديمية الجهوية للتربية‬
‫‪%13‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪%67‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪%20‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪15‬‬
‫والتكوين سوس‪-‬ماسة‬

‫‪387‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫في طور‬
‫غير المنجزة‬ ‫المنجزة‬ ‫مجموع‬
‫اإلنجاز‬
‫التوصيات‬ ‫الجهاز‪/‬المهمة‬
‫النسبة‬ ‫العدد‬ ‫النسبة‬ ‫العدد‬ ‫النسبة‬ ‫العدد‬ ‫الصادرة‬

‫قطاعات الماء والطاقة والنقل‬

‫‪%27‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪%33‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪%40‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪33‬‬ ‫مهمة تقييم تدابير النجاعة الطاقية‬

‫‪%13‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪%60‬‬ ‫‪27‬‬ ‫‪%27‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪45‬‬ ‫تقييم تدبير الملك العمومي المائي‬
‫مراقبة تسيير مركزي تسجيل السيارات‬
‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪%78‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪%22‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪9‬‬
‫بمدينتي طنجة وتطوان‬
‫القطاعات اإلنتاجية‬
‫مراقبة تسيير المكتب الوطني للسالمة الصحية‬
‫‪%12‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪%10‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪%78‬‬ ‫‪56‬‬ ‫‪72‬‬
‫للمنتجات الغذائية (أونسا)‬
‫‪%10‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪%32‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪%58‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪24‬‬ ‫برنامج توسيع الري‬
‫تقييم إنجازات مخطط الصيد البحري‬
‫‪%26‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪%34‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪40%‬‬ ‫‪21‬‬ ‫‪53‬‬
‫"آليوتيس'' عن الفترة ‪2016-2009‬‬
‫‪%8‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪%58‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪%34‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪26‬‬ ‫تثمين وإعادة إحياء غابات الفلين‬

‫‪7%‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪%83‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪%10‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪30‬‬ ‫مهمة تقييم سلسلة الزيتون‬

‫قطاع اإلعالم‬
‫التدبير المالي وحكامة شركة الدراسات‬
‫‪%5‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪%16‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪%79‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪19‬‬
‫واإلنجازات السمعية البصرية (صورياد ‪)2M‬‬
‫البث األرضي والفضائي للقنوات التلفزية‬
‫‪%9‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪%18‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪%73‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪22‬‬ ‫واإلذاعية من قبل الشركة الوطنية لإلذاعة‬
‫والتلفزة‬
‫حكامة وتدبير إنتاج البرامج التلفزية للشركة‬
‫‪%4‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪%48‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪%48‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪29‬‬
‫الوطنية لإلذاعة والتلفزة‬
‫البرامج الموجهة للنهوض بالصناعة‬
‫‪%15‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪%46‬‬ ‫‪27‬‬ ‫‪%39‬‬ ‫‪23‬‬ ‫‪59‬‬
‫السينمائية (المركز السينمائي المغربي)‬
‫قطاعات أخرى‬

‫‪%4‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪%23‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪%73‬‬ ‫‪55‬‬ ‫‪75‬‬ ‫تدبير المؤسسات السجنية‬
‫المهمة الموضوعاتية حول مدى جاهزية‬
‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪%87‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪%13‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪8‬‬ ‫المغرب لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة‬
‫‪2030-2015‬‬
‫‪%13‬‬ ‫‪111‬‬ ‫‪%39‬‬ ‫‪334‬‬ ‫‪%48‬‬ ‫‪416‬‬ ‫‪861‬‬ ‫المجموع العام‬

‫وتبرز البيانات الواردة في الجدول أعاله تفاعال إيجابيا من طرف األجهزة المعنية من أجل تنفيذ‬
‫التوصيات الصادرة عن المجلس‪ .‬ذلك أن نسبة التوصيات المنفذة كليا أو التي هي في طور التنفيذ قد‬
‫بلغت ‪ ،%87‬مع تسجيل تطور ملموس مقارنة مع سنة ‪ 2017‬التي بلغت فيها هذه النسبة ‪ .%78‬أما‬
‫التوصيات التي لم يتم تنفيذها بعد فلم تتجاوز نسبتها ‪ .%13‬وتعكس هذه النسب الجهود المبذولة من‬
‫طرف مختلف األجهزة المعنية لتجاوز أوجه القصور التي سجلت خالل مهمات المراقبة‪ ،‬كما تظهر‬
‫األثر اإليجابي لتنفيذ هذه التوصيات والتوجيهات الصادرة‪ ،‬ومساهمته في تحسين أداء هذه األجهزة‪.‬‬
‫ويمكن تفصيل نتائج عمليات التتبع حسب مستوى تنفيذ التوصيات ذات الصلة‪ ،‬على النحو الموالي‪:‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪388‬‬


‫ب‪ .‬التوصيات المنجزة كليا‪ :‬تنفيذ كلي لحوالي نصف التوصيات الصادرة‬
‫من أصل ‪ 861‬توصية شملتها عملية التتبع المستندي‪ ،‬تم تنفيذ ‪ 416‬توصية بصفة كلية‪ ،‬أي حوالي‬
‫‪ .%48‬وكما يبرز ذلك الجدول الموالي‪ ،‬فإن هذه النسبة فاقت ‪ %60‬بخصوص ثمان مهام رقابية‪:‬‬
‫عدد األجهزة المعنية‬ ‫أشطر نسبة التنفيذ الكلي للتوصيات‬
‫‪8‬‬ ‫‪ %60‬وما فوق‬
‫‪14‬‬ ‫‪%59-%40‬‬
‫‪14‬‬ ‫أقل من ‪%40‬‬
‫‪36‬‬ ‫المجموع‬
‫وإذا كانت نسبة التوصيات المنفذة كليا من طرف بعض األجهزة قد تبدو محدودة‪ ،‬فإن ذلك ال يعني‬
‫بالضرورة عدم استجابتها لهذه التوصيات‪ ،‬بل يتعلق األمر فقط بكون مجموعة من هذه التوصيات ال‬
‫تزال في طور التنفيذ‪ ،‬إذ تحتاج‪ ،‬في بعض الحاالت‪ ،‬إلى مدة أطول وإلى سلك مساطر معينة منصوص‬
‫عليها قانونا‪.‬‬
‫وفيما يتعلق بالتوصيات المنفذة كليا‪ ،‬وعلى مستوى التدبير المالي وحكامة شركة الدراسات‬
‫واإلنجازات السمعية البصرية"صورياد ‪ ،"2M‬وفي إطار التفاعل مع توصيات المجلس‪ ،‬أعلن‬
‫الوزير المكلف باالتصال‪ ،‬بتاريخ ‪ 24‬مايو ‪ ،2021‬عن وضع استراتيجية لتطوير المجال السمعي‬
‫البصري‪ ،‬من خالل دمج وكالة "‪ "Régie 3‬في القطب العمومي والذي يضم القنوات التلفزية الثالث‬
‫(‪ SNRT‬و‪ 2M‬و‪.)Médi1tv‬‬
‫أما بالنسبة للمكتب الوطني للسالمة الصحية للمنتجات الغذائية‪ ،‬فقد سجل المجلس التجاوب اإليجابي‬
‫مع جل التوصيات‪ .‬ومن أبرز المنجزة منها‪ ،‬وذات الوقع اإليجابي على السالمة الصحية للمواطن‪،‬‬
‫قيام المكتب باعتماد آلية علمية لتقييم المخاطر الصحية‪ ،‬وذلك من خالل إحداث لجنة علمية مكلفة‬
‫بإنجاز هذا التقييم‪ ،‬في أبريل ‪ .2020‬كما أصبحت تنجز بحوثا دورية لتقييم المخاطر‪ ،‬مع تعزيز‬
‫اللجنة بموارد بشرية من خالل توظيف ثالثة أطر وتنظيم ثالثة تكوينات في مجال تقييم المخاطر‬
‫الصحية‪ .‬ومن جهة أخرى‪ ،‬وتبعا لتوصية المجلس بإعمال مراقبة فعالة على عمليات بيع المبيدات‬
‫المستعملة في مجال الفالحة بالتقسيط‪ ،‬بادر المكتب بإحصاء جميع تجار هذه المواد‪ ،‬والذي يصل‬
‫عددهم إلى ‪ 1.250‬تاجرا‪ ،‬مع وضع شروط صارمة لمزاولة هذا النشاط الحساس‪ .‬كما شرع في هذا‬
‫الصدد‪ ،‬بتسجيل جميع التجار وبتعزيز المراقبة مع تفعيل آليات تتبع هذه المواد‪ .‬وفي سياق آخر‪،‬‬
‫وتفاعال مع توصيات المجلس‪ ،‬عزز المكتب مراقبته على بقايا المبيدات في الخضر والفواكه‪ ،‬بحيث‬
‫راقب المكتب سنة ‪ 2021‬ما يناهز ‪ 2.300‬عينة للبحث عن بقايا المبيدات في المواد النباتية‪ ،‬بينما‬
‫كان عدد العينات ال يتجاوز سنة ‪ 930 ،2019‬عينة أي بزيادة ‪.%147‬‬
‫وبخصوص كلية العلوم والتقنيات بمراكش‪ ،‬فقد تم تنفيذ بعض التوصيات المهمة‪ ،‬حيث تم الرفع من‬
‫المبالغ المرصودة لهياكل البحث العلمي المنخرطة بفعالية في اإلنتاج العلمي‪ .‬كما تم وضع نظام‬
‫لتحديد وتوقع الخصاص من المعدات العلمية والمعلوماتية وكذا العمل على االستغالل األمثل للموارد‬
‫البشرية المتوفرة عن طريق تفعيل الحركية الوظيفية واشتراط السماح لألساتذة الباحثين بتقديم‬
‫الساعات العرضية واإلضافية بإدالئهم بشواهد يقرون فيها بأنهم قاموا بتدريس الساعات القانونية في‬
‫المؤسسة التي يعملون بها‪ ،‬مع إخضاع هذه الشواهد للمصادقة من طرف رئيس الشعبة ورئيس‬
‫المؤسسة الجامعية‪.‬‬
‫وبالنسبة لتدبير المؤسسات السجنية‪ ،‬فقد ساهم تنفيذ التوصيات الصادرة عن المجلس في تحسين‬
‫تدبير أداء المندوبية‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة لتسريع وتيرة تنفيذ برنامج نقل السجون المتهالكة‬
‫والمتواجدة بالوسط الحضري للحد من ظاهرة االكتظاظ داخل السجون وأنسنة ظروف االعتقال‬
‫وتكثيف وتحسين البرا مج المخصصة إلعادة إدماج المعتقلين‪ .‬كما أن إعداد برامج إعادة إدماج‬
‫النزيالت م ّكن من استفادة ‪ 5.092‬نزيلة من هاته البرامج‪ ،‬وذلك في إطار ‪ 19‬ورشة عمل خاصة‬

‫‪389‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫بالتكوين المهني والحرفي في شعب مختلفة خاصة بالنساء‪ .‬وفي نفس السياق‪ ،‬ساهمت عملية تتبع‬
‫مؤشرات األداء وإنشاء نظام للتقييم وإعداد التقارير في قياس درجة تحقيق األهداف المحددة بانتظام‬
‫وداخل اآلجال المسطرة‪.‬‬
‫وفيما يتعلق بالبث األرضي والفضائي للقنوات التلفزية واإلذاعية من قبل الشركة الوطنية لإلذاعة‬
‫والتلفزة‪ ،‬تتضح من خالل تفاعل الشركة الوطنية أهمية اإلجراءات التي اتخذتها في هذا المجال‪ ،‬ال‬
‫سيما اعتماد استراتيجية لتطوير قطاع البث اإلذاعي والتلفزي مرتكزة على التطورات التكنولوجية‬
‫التي يشهدها القطاع وتعزيز تغطية البث اإلذاعي (‪ )FM‬مع مراعاة آفاق التطور الحاصل في قطاع‬
‫البث اإلذاعي‪ ،‬من جهة‪ ،‬وتحسين مستوى التنسيق بين مختلف المديريات لتجنب التباين بين البيانات‬
‫الخاصة بالوضعية العقارية للمحطات‪ ،‬واعتماد مقاربة مندمجة في تدبير المشاريع‪ ،‬بحيث تم خفض‬
‫المعيقات المرتبطة بتعبئة العقار ومنح رخص البناء باإلضافة إلى تتبع استهالك الكهرباء في محطات‬
‫البث اإلذاعي والتلفزي‪ ،‬وتسوية فواتير الكهرباء غير المسددة‪ ،‬من جهة أخرى‪.‬‬
‫ج‪ .‬توصيات في طور اإلنجاز‪ :‬تفاعل إيجابي يحتاج مزيدا من الوقت للتنزيل الكلي‬
‫بلغ عدد التوصيات التي كانت في طور اإلنجاز ما مجموعه ‪ 334‬توصية‪ ،‬أي حوالي ‪ %39‬من‬
‫مجموع التوصيات التي تم تتبعها مستنديا‪ .‬وقد تجاوزت هذه النسبة ‪ %40‬بخصوص ‪ 18‬مهمة رقابية‪:‬‬
‫عدد األجهزة المعنية‬ ‫أشطر نسبة التوصيات التي توجد في طور التنفيذ‬
‫‪9‬‬ ‫‪ %60‬وما فوق‬
‫‪9‬‬ ‫‪%59-%40‬‬
‫‪18‬‬ ‫أقل من ‪%40‬‬
‫‪36‬‬ ‫المجموع‬
‫وتمثل نسب التوصيات التي توجد في طور التنفيذ مؤشرا إضافيا يعكس مدى استجابة األجهزة المعنية‬
‫للتوصيات الصادرة عن المجلس األعلى للحسابات‪ .‬ويتعلق األمر أساسا بتوصيات تقتضي‪ ،‬بطبيعتها‪،‬‬
‫تدابير معينة أو آجاال قانونية من أجل استيفاء جميع شروط تنفيذها كليا‪.‬‬
‫وفي هذا السياق‪ ،‬يمكن اإلشارة إلى بعض المهام التي بلغت فيها نسبة التوصيات التي توجد في طور‬
‫اإلنجاز مستويات مرتفعة كما هو الشأن بالنسبة المهمة الموضوعاتية حول مدى جاهزية المغرب‬
‫لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة ‪.2030-2015‬‬
‫ففي إطار هذه المهمة الموضوعاتية‪ ،‬أصدر المجلس ثمان توصيات التزمت الحكومة بتنفيذ جميعها‪،‬‬
‫حيث وضعت إطارا جديدا يسمح بانخراط مختلف الفاعلين في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة‪ ،‬وذلك‬
‫من خالل إحداث اللجنة الوطنية للتنمية المستدامة‪ .‬وقد ضمت هذه اللجنة من بين أعضائها المندوبية‬
‫السامية للتخطيط والوكالة المغربية للتنمية المستدامة والوكالة المغربية للنجاعة الطاقية وجمعية‬
‫رؤساء جهات المغرب والكونفدرالية العامة لمقاوالت المغرب‪ .‬وقد تم تكليف المندوبية السامية‬
‫للتخطيط بإعداد التقارير المختلفة المتعلقة بأهداف التنمية المستدامة وتقديم تقرير سنوي إلى اللجنة‬
‫الوطنية للتنمية المستدامة مع ضمان تتبع مؤشرات أهداف التنمية المستدامة‪ .‬هذا المعطى من شأنه‬
‫أن يساهم بشكل فعال في عملية تتبع ومواكبة تنفيذ األهداف وفي توفير المعطيات والمؤشرات التي‬
‫تسمح بتقييم التقدم الذي تم تحقيقه‪ .‬ويعتبر إحداث اللجنة خطوة مهمة ستساهم في الرفع من مستوى‬
‫التنسيق بين مختلف الفاعلين العموميين والخواص والمجتمع المدني‪.‬‬
‫د‪ .‬توصيات غير منجزة‪ :‬نسبة محدودة وإكراهات يجب تجاوزها‬
‫لم تتجاوز نسبة التوصيات التي لم يتم تنفيذها ‪ ،%13‬إذ من بين ‪ 861‬توصية لم يتم تنفيذ ‪ 111‬توصية‪.‬‬
‫ولم تتجاوز نسبة عدم التنفيذ ‪ %40‬بخصوص ‪ 33‬مهمة رقابية‪ ،‬من بينها ‪ 28‬مهمة سجلت بشأنها‬
‫نسب عدم تنفيذ تقل عن ‪.%20‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪390‬‬


‫أشطر نسبة التوصيات التي توجد في طور‬
‫عدد األجهزة المعنية‬
‫التنفيذ‬
‫‪1‬‬ ‫‪ %60‬وما فوق‬
‫‪9‬‬ ‫‪%59-%40‬‬
‫‪( 33‬منها ‪ 28‬جهاز سجل نسبا تقل عن ‪)%20‬‬ ‫أقل من ‪%40‬‬
‫‪36‬‬ ‫المجموع‬
‫وفي هذا الصدد‪ ،‬وإضافة إلى السياق المرتبط بانتشار جائحة "كوفيد‪ ،"19-‬فإن استمرار بعض‬
‫اإلكراهات والمعوقات حال دون تنفيذ بعض التوصيات الصادرة عن المجلس األعلى للحسابات‪ ،‬رغم‬
‫األهمية التي تكتسيها من أجل المساهمة في تحسين األداء‪.‬‬
‫وتتمثل أهم اإلكراهات التي تم الدفع بها في هذا اإلطار‪ ،‬في تعدد المتدخلين وعدم اتخاذ القطاع الوصي‬
‫لإلجراءات الضرورية لتنفيذ بعض التوصيات ومحدودية الموارد البشرية والمالية‪ ،‬فضال عن ارتباط‬
‫تنفيذ بعض التوصيات بأجهزة أخرى وكذا لطبيعة بعض التوصيات التي يقتضي تنزيلها اعتماد‬
‫مقاربة تدريجية بيداغوجية‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬وفيما يتعلق بالوديع المركزي "ماروكلير"‪ ،‬فقد أرجع هذا األخير عدم تنفيذ بعض‬
‫التوصيات‪ ،‬كالرفع من مستوى تسوية المعامالت المالية من خالل التقليص من التعاليق وكذا تحديد‬
‫استراتيجية منسجمة ومالئمة للرقمنة تستهدف الشركات القابلة لإلدراج بالبورصة‪ ،‬إلى طبيعة وعدد‬
‫المتدخلين في عملية التنفيذ الذين من بينهم بورصة الدار البيضاء والمجموعة المهنية لبنوك المغرب‬
‫والجمعية المهنية لشركات البورصة‪.‬‬
‫وارتباطا بإنجازات مخطط الصيد البحري "آليوتيس''‪ ،‬لم يتم تنفيذ التوصية المتعلقة بتشغيل جميع‬
‫أسواق البيع بالجملة التي تم إحداثها‪ ،‬والتي كلف إنجازها مبالغ مهمة تقدر بما مجموعه ‪ 600‬مليون‬
‫درهم‪ .‬وقد أفاد قطاع الصيد البحري بأنه تم تجهيز أسواق الجملة بمصانع ثلج وأنظمة التبريد دون‬
‫اإلشارة إلى مستوى تشغيل هذه األسواق‪ .‬ذلك أن الغرض من التوصية هو اتخاذ التدابير لضمان‬
‫تشغيلها فعليا وبكيفية كاملة‪ ،‬بالنظر للمكاسب المهمة التي يمكن تحقيقها من خالل هيكلة وتطوير‬
‫القطاع والخدمات المرتبطة به‪ .‬كما لم يتم تنفيذ التوصية المتعلقة بتعميم آلية المراقبة باألقمار‬
‫االصطناعية لتشمل قطاع الصيد التقليدي‪ ،‬حيث أشار جواب القطاع على ما تمت برمجته خالل‬
‫الفترة من أبريل ‪ 2024‬إلى أبريل ‪ 2027‬بخصوص إنشاء نظام مراقبة جغرافي لألسطول التقليدي‬
‫(‪ )VMS‬بميزانية قدرها ‪ 144‬مليون درهم‪ .‬وتقتضي هذه التوصية األخيرة اعتماد مقاربة بيداغوجية‬
‫ومنهجية تدرجية في تنزيلها‪.‬‬
‫وعالقة بنفس القطاع‪ ،‬تجدر اإلشارة إلى أن خمس توصيات أخرى لم يتم تنفيذها‪ ،‬حيث اعتبر قطاع‬
‫الصيد البحري أنه لم يعد معنيا بها ألن المكتب الوطني للصيد لم يعد يتدخل في تدبير موانئ الصيد‬
‫بعد أن تم في يوليو ‪ 2018‬إنهاء اتفاقية االمتياز المبرمة مع الوكالة الوطنية للموانئ‪ ،‬ويتعلق األمر‬
‫بالتوصيات المرتبطة بتقوية تجهيزات موانئ الصيد بوسائل التفريغ والمناولة والتفريغ اآللي (رافعات‬
‫ومضخات‪ )...‬وبتخفيف االزدحام في موانئ الصيد عن طريق إعادة نشر األنشطة غير المرتبطة‬
‫مباشرة بأنشطة ميناء الصيد وضبط الولوج إلى الميناء‪....‬‬
‫وفيما يتعلق بالوكالة الوطنية للتأمين الصحي‪ ،‬لم يتم تنفيذ التوصية المتعلقة بتوسيع قائمة المستلزمات‬
‫الطبية وإعداد نظام مرجعي ألسعارها الرتباطها بتحديد أثمنة المستلزمات الطبية‪ ،‬من قبل الوزارة‬
‫المكلفة بالصحة‪ ،‬ونشرها بالجريدة الرسمية‪.‬‬
‫وشكلت الموارد البشرية أحد المعيقات أمام عدم إنجاز بعض التوصيات المتعلقة بتدبير الملك‬
‫العمومي المائي‪ ،‬حيث أشار القطاع الحكومي المكلف بالماء ووكاالت األحواض المائية إلى وجود‬
‫نقص على مستوى الموارد البشرية المكلفة بتدبير ومراقبة السدود‪ ،‬واستخالص متأخرات اإلتاوات‬
‫وكذا تدبير نظم المعلومات‪ .‬ويتعلق األمر على سبيل المثال بالتأخر في إعداد المخطط التوجيهي‬

‫‪391‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫للنظام المعلوماتي لوكاالت األحواض المائية والذي يهدف إلى استباق االحتياجات الوظيفية والتقنية‬
‫للنظام المعلوماتي الخاص بكل وكالة‪.‬‬
‫وفيما يتعلق بصندوق اإليداع والتدبير‪ ،‬يقتضي تنفيذ بعض التوصيات المرتبطة بإعادة صياغة‬
‫اإلطار القانوني والمؤسساتي للصندوق من أجل مالءمته مع الممارسات الفضلى لحكامة الشركات‬
‫والتأكد من مدى احترام هذا األخير لاللتزامات واألهداف التي صدرت على أساسها الموافقة من أجل‬
‫إحداث الشركات أو المساهمات‪ ،‬تدخل وزارة المالية باعتبارها القطاع الحكومي الوصي‪.‬‬
‫وبخصوص تثمين وإعادة إحياء غابات الفلين‪ ،‬لم يتم تنفيذ التوصيتين المتعلقتين بإنجاز تقييم شامل‬
‫لفعالية نظام المقاصة‪ ،‬وتطوير نظام "المقاصة من أجل حماية غابات الدولة المراد استغاللها أو‬
‫إحياؤها" حول مشاريع للتنمية االقتصادية المندمجة للمناطق الغابوية‪ .‬وفي هذا اإلطار‪ ،‬فقد أشارت‬
‫الوزارة المعنية إلى التقرير الذي تم إعداده في شهر مارس ‪ 2016‬والذي سبق للجنة المراقبة أن‬
‫اطلعت عليه خالل القيام بالمهمة الرقابية‪ ،‬إال أنه لم يكن شموليا‪ .‬حيث قامت الوزارة الوصية فقط‬
‫بإصدار القرار رقم ‪ 714.22‬بتاريخ ‪ 2‬مارس ‪ 2022‬بتغيير وتتميم القرار رقم ‪ 1855.01‬المتعلق‬
‫بوضع حدود وشروط وإجراءات طلب ومنح المقاصة من أجل حماية المجال الغابوي المراد استغالله‬
‫أو إحياؤه خاصة لرفع سقف المنحة إلى ‪ 1.000‬درهم عن الهكتار المحمي عوض ‪ 350‬درهم سابقا‪.‬‬
‫وبخصوص نظام منح المقاصة سالف الذكر‪ ،‬فلم يتم تطويره بعد إلى اآللية التي أثبتت فعاليتها في‬
‫بلدان أخرى والمتعلقة " باألداء مقابل الخدمات البيئية " بحيث يتم الرفع من انخراط ذوي الحقوق‬
‫في عمليات صيانة وحماية الغابة‪ .‬وقد أشارت الوزارة الوصية في جوابها على عزمها إحداث "هيئة‬
‫التطوير الغابوي" المنصوص عليها في مشروع القانون الغابوي والتي من شأنها تأطير دور ذوي‬
‫الحقوق في تدبير المجال الغابوي‪ .‬وحري بالذكر في هذا اإلطار‪ ،‬إلى أهمية اعتماد مقاربة بيداغوجية‬
‫بالنظر إلى حساسية هذا المجال‪.‬‬
‫وإضافة إلى هذه العناصر‪ ،‬تجدر اإلشارة إلى بعض التوصيات الرئيسية األخرى التي لم يتم تنفيذها‬
‫من طرف بعض األجهزة‪ ،‬وذلك على النحو الموالي‪:‬‬
‫‪ -‬بالنسبة للمعهد الملكي لتكوين األطر‪ ،‬لم يتم تنزيل بعض التوصيات‪ ،‬خصوصا ذات الطابع‬
‫الهيكلي والتقني‪ ،‬كتلك التي تهم توضيح العالقة الهيكلية والوظيفية بين المعهد والوزارة‬
‫الوصية‪ ،‬ووضع نظام شامل لتتبع مسار خريجي المعهد‪ ،‬وتقوية هياكل تدبير الملك العقاري‬
‫والتجهيزات الرياضية وإيجاد حلول للمشاكل التقنية التي يعرفها المركز الوطني‬
‫للرياضات؛‬
‫‪ -‬أما فيما يخص مراقبة نظام التأمين اإلجباري األساسي عن المرض لفائدة أجراء القطاع‬
‫الخاص المدبر من طرف الصندوق الوطني للضمان االجتماعي‪ ،‬لم يتم تنفيذ ثالث‬
‫توصيات‪ ،‬منها توصيتان متعلقتان بمجال تدبير الخدمات لم يدل الصندوق الوطني للضمان‬
‫االجتماعي بأي معلومات عن وضعية تنفيذهما؛‬
‫‪ -‬بالنسبة للتدبير المالي وحكامة شركة الدراسات واإلنجازات السمعية البصرية‪-‬صورياد‬
‫‪ ،2M‬لم يتم تنفيذ التوصية المتعلقة بتقديم وكالة اإلشهار »‪ «Régie3‬للوثائق المحاسباتية‬
‫وفقا للمادة ‪ 21‬من العقد المؤرخ ‪ 1991-07-19‬وكذا إجراء تدقيق لهذه الحسابات؛‬
‫‪ -‬بشأن حكامة وتدبير إنتاج البرامج التلفزية للشركة الوطنية لإلذاعة والتلفزة‪ ،‬لم يتم تنفيذ‬
‫التوصية المتعلقة بضرورة وضع عقد برنامج يمكن من تحديد التزامات الشركة الوطنية‬
‫لإلذاعة والتلفزة مع الدولة‪ ،‬وكذا األهداف والوسائل التي تمكن من التنزيل الفعلي للتوجهات‬
‫االستراتيجية للشركة‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪392‬‬


‫وفيما يتعلق بالصندوق الوطني لمنظمات االحتياط االجتماعي‪ ،‬فقد أصدر المجلس ما مجموعه تسع‬
‫توصيات‪ ،‬لم يتم تنفيذ أية واحدة منها‪ .‬حيث أفاد في معرض جوابه أن إمكانية تنفيذ هذه التوصيات‬
‫باتت من اختصاص كل من رئاسة الحكومة ووزارة الصحة والحماية االجتماعية‪.‬‬
‫وحري بالذكر أيضا‪ ،‬أنه بالنسبة لشركة المساهمات واالستثمارات المالية "فيبار القابضة"‪ ،‬فلم يتم‬
‫التوصل بأي جواب من هذه الشركة بخصوص التدابير المتخذة لتنفيذ التوصيات الموجهة إليها‪ ،‬وعليه‬
‫فإن المجلس سيتخذ اإلجراءات الالزمة للتأكد من مدى تنفيذ هذه الشركة للتوصيات الصادرة بشأنها‪.‬‬
‫‪ .2‬تتبع التوصيات المتعلقة بتقييم تدبير اإلعانات الممنوحة للجمعيات‪ :‬تطور ملموس‬
‫لإلطار القانوني لتدبير منح الدعم مع الحاجة إلى ربطه باألهداف االستراتيجية للقطاعات‬
‫المانحة‬
‫بلغ مجموع الدعم العمومي التراكمي المخصص للجمعيات حسب آخر المعطيات المتوفرة لدى‬
‫الوزارة المكلفة بالعالقات مع البرلمان والخاصة بسنة ‪ ،2018‬ما مجموعه ‪ 3,6‬مليار درهم استفادت‬
‫منه ‪ 22.544‬جمعية‪ .‬وقد قدم هذا الدعم من طرف ‪ 26‬قطاعا حكوميا و‪ 68‬مؤسسة ومقاولة عمومية‬
‫فضال عن خمسة مرافق مسيرة بصورة مستقلة وحسابين مرصودين ألمور خصوصية‪.‬‬
‫وقد بلغ الدعم المبرمج في إطار ميزانية القطاعات الحكومية لسنة ‪ 2018‬حوالي مليار درهم قدمت‬
‫منه فعليا حوالي ‪ 927,54‬مليون درهم لفائدة ‪ 1.089‬جمعية‪ .‬أما فيما يخص الدعم المقدم لجمعيات‬
‫األعمال االجتماعية لفائدة موظفي اإلدارات العمومية فقد بلغ حوالي ‪ 39‬مليون درهم استفادت منه‬
‫‪ 19‬جمعية‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن التمويل العمومي المقدم للجمعيات عبر آلية طلبات العروض قد بلغ ‪52,6‬‬
‫مليون درهم صرف لفائدة ‪ 634‬جمعية‪ ،‬في حين ارتفع التمويل المباشر إلى حوالي ‪ 859‬مليون درهم‬
‫استفادت منه ‪ 623‬جمعية‪ .‬أما عدد االتفاقيات المبرمة فقد بلغ ‪ 1.055‬اتفاقية‪.‬‬
‫غير أن ضبط المعطيات المتعلقة بالدعم العمومي وتتبعها تعتريه مجموعة من المعيقات‪ ،‬حسب ما‬
‫صرحت به الوزارة المكلفة بالعالقات مع البرلمان‪ ،‬بسبب ضعف التفاعل اإليجابي لبعض القطاعات‬
‫الحكومية مع طلبات الوزارة في هذا الشأن‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد‪ ،‬قام المجلس األعلى للحسابات بإصدار تقريرين خاصين حول "تدبير اإلعانات‬
‫الممنوحة للجمعيات من طرف القطاعات الحكومية" و"برامج الدعم المقدم لفائدة جمعيات ومؤسسات‬
‫األعمال االجتماعية"‪.‬‬
‫ولتتبع مآل تنفيذ التوصيات الواردة في التقريرين المذكورين‪ ،‬طلب المجلس من السيد األمين العام‬
‫للحكومة ومن السيد الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعالقات مع البرلمان‪ ،‬والسيدة‬
‫الوزيرة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة باالنتقال الرقمي وإصالح اإلدارة إيفاده باإلجراءات‬
‫المتخذة بشأن تنفيذ هاته التوصيات‪.‬‬
‫وقد توصل المجلس بأجوبة الوزارة المكلفة بالعالقات مع البرلمان بتاريخ ‪ 04‬غشت ‪ ،2022‬وبأجوبة‬
‫الوزارة المكلفة باالنتقال الرقمي وإصالح اإلدارة (مديرية الوظيفة العمومية) بتاريخ ‪ 24‬غشت‬
‫‪ ،2022‬وبأجوبة األمين العام للحكومة بتاريخ ‪ 04‬نونبر ‪ .2022‬وقد تضمنت هذه األجوبة التدابير‬
‫واإلجراءات المتخذة لتنفيذ توصيات المجلس‪.‬‬
‫أ‪ .‬حول تنفيذ التوصيات المتعلقة "بتدبير اإلعانات الممنوحة للجمعيات من طرف‬
‫القطاعات الحكومية"‬
‫تضمن التقرير الخاص بتقييم تدبير اإلعانات الممنوحة للجمعيات من طرف القطاعات الحكومية‬
‫مجموعة من المالحظات والتي قدم المجلس األعلى للحسابات بشأنها عدة توصيات من أبرزها ما‬
‫يلي‪.‬‬

‫‪393‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫‪ ‬فيما يخص اإلطار العام لتدبير الدعم العمومي المقدم للجمعيات‬
‫‪ -‬العمل على وضع استراتيجية حكومية شاملة ومندمجة من أجل تأطير الدعم المقدم‬
‫للجمعيات وتحديد األهداف المرجوة من ورائه والمجاالت ذات األولوية‪ ،‬وذلك تماشيا مع‬
‫األهداف االستراتيجية للقطاعات الوزارية المانحة؛‬
‫‪ -‬تحيين النصوص القانونية الخاصة بالجمعيات من أجل مالءمتها مع مقتضيات الدستور‪،‬‬
‫بما يضمن تعريف وتحديد الجمعيات "المهتمة بقضايا الشأن العام"‪ ،‬وتحديد آليات تدبير‬
‫الدعم العمومي وطرق صرفه والقواعد العامة المتعلقة بمسك محاسبة الجمعيات المستفيدة‬
‫واإلدالء بحساباتها لألجهزة المعنية؛‬
‫‪ -‬اتخاذ اإلجراءات الكفيلة بوضع منظومة إعالمية وطنية خاصة بالجمعيات‪ ،‬كما تنص على‬
‫ذلك مقتضيات المادة ‪ 6‬من المرسوم رقم ‪ 677.09.2‬الصادر بتاريخ ‪ 19‬ماي ‪2010‬‬
‫المتعلق بتنظيم األمانة العامة للحكومة‪.‬‬
‫‪ ‬فيما يتعلق بآليات تدبير وتتبع الدعم واالمتيازات األخرى المقدمة للجمعيات من طرف‬
‫القطاعات الحكومية‬
‫‪ -‬تكريس الدور التنسيقي للقطاع الحكومي المكلف بالعالقات مع البرلمان عبر تنزيل خطة‬
‫النهوض بالدعم العمومي المقدم لجمعيات المجتمع المدني‪ ،‬واتخاذ اإلجراءات الكفيلة بتنفيذ‬
‫المشاريع التي تتضمنها داخل آجال معقولة؛‬
‫‪ -‬السهر على تحسين نجاعة الدعم المقدم للجمعيات من خالل منحه في إطار برمجة متعددة‬
‫السنوات تحدد المجاالت ذات األولوية التي ستستفيد من الدعم واألهداف المتوخاة منه‪ ،‬مع‬
‫جدولة زمنية لتنفيذه وتحديد آليات تتبعه وتقييمه؛‬
‫‪ -‬حث جميع القطاعات الوزارية على اعتماد مساطر موثقة وموحدة من أجل إضفاء المزيد‬
‫من الوضوح والشفافية على عمليات تقديم وتتبع الدعم المالي وغير المالي للجمعيات؛‬
‫‪ -‬حث جميع القطاعات الوزارية على إرساء نظام متكامل لتتبع االتفاقيات المبرمة مع‬
‫جمعيات المجتمع المدني‪ ،‬يروم تجويد مضمونها تماشيا مع مقتضيات منشور الوزير األول‬
‫رقم ‪ ،07/2003‬والسيما فيما يتعلق بالتعريف بالجمعية المستفيدة وبالمشاريع الممولة‬
‫والتزامات األطراف وآليات التتبع والمراقبة الميدانية والمالية؛‬
‫‪ -‬تفعيل التتبع على أساس النتائج وكذا المراقبة اإلدارية على الحسابات السنوية للجمعيات‬
‫التي تستفيد دوريا من الدعم العمومي المقدم من طرف القطاعات الوزارية‪ ،‬بما يمكن من‬
‫تتبع استخدام األموال الممنوحة؛‬
‫‪ -‬السهر على تتبع اإلدالء بالقوائم التركيبية ورفع التقارير السنوية الخاصة بالجمعيات‬
‫المعترف لها بصفة المنفعة العامة إلى األمانة العامة للحكومة‪ ،‬والعمل على حصر وإعذار‬
‫الجمعيات التي تخلفت عن اإلدالء بهذه التقارير بصفة دورية‪.‬‬
‫تبين من خالل دراسة المعطيات الواردة في جواب الوزارة المكلفة بالعالقات مع البرلمان بأنها شرعت في‬
‫تنفيذ جميع التوصيات الصادرة في تقرير المجلس‪ .‬في هذا الصدد‪ ،‬أصدرت استراتيجية جديدة ضمت أربعة‬
‫رهانات كبرى‪ ،‬من بينها الرهان المتعلق بالولوج إلى التمويل العمومي وتدبيره وتتبعه‪ .‬وقد تضمنت هذه‬
‫االستراتيجية الجديدة خمسة خيارات‪ ،‬من بينها‪ ،‬تعزيز الشراكة بين الدولة وجمعيات المجتمع المدني من خالل‬
‫ترشيد التمويل العمومي وتنويع الدعم العمومي الموجه لها وتسريع استكمال وتأهيل البيئة القانونية المتعلقة‬
‫بالمجتمع المدني‪.‬‬
‫وبالتوازي مع إصدار االستراتي جية الجديدة‪ ،‬عملت الوزارة على تحيين خطتها الخاصة بالنهوض بالدعم‬
‫العمومي المقدم لجمعيات المجتمع المدني من خالل مشروعين‪ .‬يتعلق المشروع األول بتجويد آليات منح‬
‫وتدبير التمويل العمومي لجمعيات المجتمع المدني‪ ،‬ويخص المشروع الثاني وضع وتفعيل آليات فعالة وناجعة‬
‫لتتبع التمويل العمومي الموجه لجمعيات المجتمع المدني‪ .‬كما قامت الوزارة بتطوير منشور الشراكة رقم‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪394‬‬


‫‪ 2007/03‬وتعزيز قوته اإللزامية‪ ،‬من خالل إعداد مشروع مرسوم جديد‪ ،‬وتطوير البوابة الوطنية للشراكة‬
‫وإعداد دليل توجيهي لبناء اتفاقيات الشراكة وتتبع تنفيذها‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق بتدبير الدعم المقدم للجمعيات من طرف القطاعات الحكومية‪ ،‬فقد قامت الوزارة بإعداد مشروع‬
‫مرسوم متعلق بالشراكة بين الدولة والجمعيات والذي تمت إحالته على األمانة العامة للحكومة في ماي ‪،2022‬‬
‫كما قامت بإعداد دليل لتوحيد مساطر الدعم العمومي‪ ،‬بشراكة مع القطاعات الحكومية المعنية‪ ،‬والذي سوف‬
‫يعمم على كافة القطاعات الحكومية‪ .‬كما تعمل الوزارة‪ ،‬حسب جوابها‪ ،‬على تطوير البوابة الوطنية للشراكة‬
‫لجعلها فضاء يمكن من تتبع تنفيذ اتفاقيات الشراكة مع الجمعيات من خالل نظام معلوماتي خاص بتتبع اتفاقيات‬
‫الشراكة المبرمة بين القطاعات الحكومية والجمعيات‪.‬‬
‫وفيما يخص تتبع القطاعات الحكومية التفاقيات الشراكة المبرمة مع الجمعيات‪ ،‬أشارت الوزارة إلى إصدار‬
‫منشور السيد رئيس الحكومة عدد ‪ 2022/13‬المتعلق بكيفيات تقديم الحساب السنوي الخاص باستخدام األموال‬
‫والمساعدات العمومية التي تتلقاها الجمعيات الصادر بتاريخ ‪ 12‬يوليو ‪ ،2022‬وعليه يبقى حسن تتبع‬
‫االتفاقيات المبرمة رهينا بمدى تطبيق مقتضيات هذا المنشور‪ ،‬الذي يدعو القطاعات الحكومية إلى التقيد به‬
‫ودعوة الجمعيات المستفيدة من الدعم العمومي إلى ضرورة إعداد الحساب السنوي الخاص باستخدام األموال‬
‫والمساعدات العمومية التي تلقتها وفق النموذج الوارد بالمنشور واإلدالء به للمجلس األعلى للحسابات‪.‬‬
‫وعلى غرار الوزارة المكلفة بالعالقات مع البرلمان‪ ،‬شرعت األمانة العامة الحكومة‪ ،‬حسب المعطيات الواردة‬
‫في جوابها‪ ،‬في تنفيذ كل التوصيات الصادرة عن المجلس‪ .‬ففيما يتعلق بوضع منظومة إعالمية خاصة‬
‫بالجمعيات‪ ،‬قامت األمانة العامة للحكومة باتخاذ اإلجراءات الضرورية قصد ضبط العناصر المكونة لها‬
‫والتدابير الواجب اتخاذها من أجل إعدادها‪ .‬كما تدارست بمعية وزارة الداخلية‪ ،‬في إطار اجتماعين اثنين‪،‬‬
‫السياق العام للمنظومة اإلعالمية الخاصة بالجمعيات والتعريف بأهدافها ومضامينها وخصائصها وكذا التدابير‬
‫الواجب اتخاذها من أجل إعدادها‪ .‬وكذا دراسة إمكانية إنجاز هذه المنظومة بين كافة الوزارات والقطاعات‬
‫الوزارية ذات العالقة بأنشطة الجمعيات المؤسسة قانونيا‪.‬‬
‫وبخصوص تتبع اإلدالء بالقوائم التركيبية والتقارير السنوية الخاصة بالجمعيات المعترف لها بصفة المنفعة‬
‫العامة‪ ،‬فقد عملت األمانة العامة للحكومة على حصر الجمعيات التي لم تدل بتقاريرها المالية السنوية رغم‬
‫رسائل التذكير التي وجهت لها من قبل اإلدارة‪ .‬ومن أجل التواصل مع هذه الجمعيات‪ ،‬قامت األمانة بإجراء‬
‫بحث‪ ،‬بجم يع الوسائل المتاحة لها‪ ،‬حول عناوين مقارها وأرقام هواتفها كما قامت بتوجيه رسائل تذكير إلى‬
‫الجمعيات لإلدالء بتقاريرها المالية السنوية الناقصة‪.‬‬
‫ب‪ .‬حول تنفيذ التوصيات المتعلقة "ببرامج الدعم المقدم لفائدة جمعيات ومؤسسات‬
‫األعمال االجتماعية لموظفي القطاعات الوزارية"‬
‫تضمن التقرير الخاص بتقييم العمل االجتماعي وبرامج الدعم المقدمة لفائدة جمعيات ومؤسسات‬
‫األعمال االجتماعية لموظفي القطاعات الوزارية مجموعة من المالحظات التي وجه المجلس‬
‫بشأنها إلى القطاع المكلف باالنتقال الرقمي وإصالح اإلدارة عدة توصيات من أبرزها ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬فيما يخص نطاق األعمال االجتماعية لفائدة موظفي وأعوان الدولة‬
‫‪ -‬اعتماد تعريف قانوني واضح لألعمال االجتماعية لفائدة موظفي وأعوان الدولة‪ ،‬وذلك من‬
‫خالل تحديد نطاقها والغايات واألهداف والمبادئ المنظمة لها؛‬
‫‪ -‬توحيد القواعد واألنظمة األساسية لمؤسسات وجمعيات األعمال االجتماعية‪ ،‬وذلك من‬
‫خالل اعتماد نظام أساسي موحد والسهر على تجانس هيئاتها اإلدارية وأساليب التدقيق‬
‫والرقابة المالية المطبقة عليها‪.‬‬
‫‪ ‬فيما يتعلق بآليات تدبير وتتبع برامج الدعم المقدم لفائدة جمعيات ومؤسسات األعمال‬
‫االجتماعية‬
‫‪ -‬تعميم اتفاقيات الشراكة بين القطاعات الوزارية ومؤسسات وجمعيات األعمال االجتماعية‪،‬‬
‫مع مراعاة التوجهات االستراتيجية للدولة في مجال تحسين أداء اإلدارة‪ ،‬والعمل على‬
‫تضمين هذه االتفاقيات جميع الجوانب المتعلقة باألهداف المرجوة‪ ،‬واإلجراءات التي يتعين‬
‫اتخاذها وكذا المؤشرات ونظام التتبع والتقييم الواجب اعتماده؛‬

‫‪395‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫‪ -‬اعتماد آليات مناسبة من قبل قطاع إصالح اإلدارة والقطاعات الوزارية المانحة‪ ،‬من أجل‬
‫ضمان تتبع وتقييم مستمرين للدعم العمومي المرصود لفائدة األعمال االجتماعية وتضمين‬
‫نتائج هذا التقييم في التقرير االجتماعي؛‬
‫‪ -‬حث القطاعات الوزارية على اعتماد مقاربة واضحة ومندمجة ومشتركة لتنظيم دعم‬
‫األعمال االجتماعية وفق معايير موضوعية ونوعية موحدة؛‬
‫‪ -‬ترشيد وتنسيق جهود القطاعات الوزارية في مجال دعم األعمال االجتماعية وذلك عن‬
‫طريق تشجيع التعاون في تقديم الخدمات بالشكل الكفيل بتحقيق استهداف أوسع لموظفي‬
‫وأعوان الدولة‪.‬‬
‫بينت الوزارة المكلفة باالنتقال الرقمي وإصالح اإلدارة أن تنزيل توصيات المجلس من قبلها يعترضه غياب‬
‫نص قانوني يخول لها االختصاص في مجال تتبع األعمال االجتماعية باإلدارات العمومية‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن مؤسسات األعمال االجتماعية قد شهدت إحداث مؤسسة جديدة في فاتح شتنبر ‪2022‬‬
‫هي «مؤسسة مشتركة للنهوض باألعمال االجتماعية لفائدة موظفي وأعوان اإلدارات العمومية"‪ .‬وينضوي‬
‫تحت لواء هذه المؤسسة المشتركة موظفو وأعوان كل من رئاسة الحكومة‪ ،‬واألمانة العامة للحكومة‪ ،‬ووزارة‬
‫الصناعة والتجارة‪ ،‬ووزارة االنتقال الطاقي والتنمية المستدامة‪ ،‬ووزارة السياحة والصناعة التقليدية واالقتصاد‬
‫االجتماعي والتضامني‪ ،‬ووزارة التضامن واإلدماج االجتماعي واألسرة‪ ،‬ووزارة اإلدماج االقتصادي‬
‫والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات‪ ،‬ووزارة االستثمار وااللتقائية وتقييم السياسات العمومية‪ ،‬ووزارة‬
‫العالقات مع البرلمان‪ ،‬ووزارة االنتقال الرقمي وإصالح اإلدارة‪ ،‬والمندوبية السامية للتخطيط‪ ،‬والمندوبية‬
‫السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير‪.‬‬

‫ثانيا‪ .‬تتبع التوصيات الصادرة عن المجالس الجهوية للحسابات‬


‫قامت المجالس الجهوية للحسابات بتوجيه مراسالت إلى مختلف األجهزة التي خضعت للمراقبة خالل‬
‫سنة ‪ ،2018‬حيث بلغ عدد التوصيات الصادرة في هذا اإلطار ما مجموعه ‪ 2.927‬توصية‪ ،‬همت‬
‫‪ 217‬جهازا (جماعات ترابية‪ ،‬عقود للتدبير المفوض‪ ،‬مجموعات جماعات ترابية‪ ،‬ووكاالت مستقلة‬
‫لتوزيع الماء والكهرباء)‪.‬‬
‫ومن خالل مختلف األجوبة المتوصل بها من طرف المجالس الجهوية للحسابات‪ ،‬تبين أن األجهزة‬
‫المعنية تفاعلت بشكل إيجابي مع التوصيات الصادرة إليها‪ ،‬مما كان له األثر اإليجابي على تحسين‬
‫بعض جوانب التدبير‪ ،‬غير أن بعض اإلكراهات حالت دون تطبيق بعض التوصيات‪.‬‬
‫‪ .1‬تفاعل إيجابي لألجهزة المعنية مع التوصيات‬
‫كما يبرز ذلك الجدول الموالي‪ ،‬بلغ عدد التوصيات المنجزة ‪ 1.682‬توصية‪ ،‬مقابل ‪ 950‬توصية في‬
‫طور اإلنجاز و‪ 295‬توصية غير منجزة‪:‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪396‬‬


‫غير المنجزة‬ ‫في طور اإلنجاز‬ ‫المنجزة‬ ‫مجموع‬
‫التوصيات‬ ‫المجالس الجهوية للحسابات‬
‫النسبة‬ ‫العدد‬ ‫النسبة‬ ‫العدد‬ ‫النسبة‬ ‫العدد‬
‫الصادرة‬
‫‪%27‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪%45‬‬ ‫‪42‬‬ ‫‪%28‬‬ ‫‪26‬‬ ‫‪93‬‬ ‫م‪.‬ج‪.‬ح لجهة طنجة – تطوان – الحسيمة‬
‫‪%10‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪%33‬‬ ‫‪67‬‬ ‫‪%57‬‬ ‫‪115‬‬ ‫‪202‬‬ ‫م‪.‬ج‪.‬ح للحسابات لجهة الشرق‬
‫‪%5‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪%41‬‬ ‫‪106‬‬ ‫‪%54‬‬ ‫‪140‬‬ ‫‪258‬‬ ‫م‪.‬ج‪.‬ح لجهة فاس ـ مكناس‬
‫‪%20‬‬ ‫‪61‬‬ ‫‪%19‬‬ ‫‪59‬‬ ‫‪%61‬‬ ‫‪191‬‬ ‫‪311‬‬ ‫م‪.‬ج‪.‬ح لجهة الرباط‪-‬سال‪-‬القنيطرة‬
‫‪%4‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪%31‬‬ ‫‪54‬‬ ‫‪%65‬‬ ‫‪114‬‬ ‫‪175‬‬ ‫م‪.‬ج‪.‬ح لجهة بني مالل ـ خنيفرة‬
‫‪%11‬‬ ‫‪69‬‬ ‫‪%36‬‬ ‫‪228‬‬ ‫‪%54‬‬ ‫‪345‬‬ ‫‪642‬‬ ‫م‪.‬ج‪.‬ح لجهة الدار البيضاء ـ سطات‬
‫‪%5‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪%26‬‬ ‫‪89‬‬ ‫‪%69‬‬ ‫‪237‬‬ ‫‪343‬‬ ‫م‪.‬ج‪.‬ح لجهة مراكش آسفي‬
‫‪%17‬‬ ‫‪42‬‬ ‫‪%46‬‬ ‫‪113‬‬ ‫‪%37‬‬ ‫‪92‬‬ ‫‪247‬‬ ‫م‪.‬ج‪.‬ح لجهة درعة ـ تافياللت‬
‫‪%4‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪%27‬‬ ‫‪61‬‬ ‫‪%69‬‬ ‫‪154‬‬ ‫‪225‬‬ ‫م‪.‬ج‪.‬ح لجهة سوس ماسة‬
‫‪%8‬‬ ‫‪26‬‬ ‫‪%29‬‬ ‫‪95‬‬ ‫‪%63‬‬ ‫‪202‬‬ ‫‪323‬‬ ‫م‪.‬ج‪.‬ح لجهة كلميم واد نون‬
‫‪%6‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪%33‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪%61‬‬ ‫‪56‬‬ ‫‪91‬‬ ‫م‪.‬ج‪.‬ح لجهة العيون الساقية الحمراء‬
‫‪%6‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪%35‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪%59‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪17‬‬ ‫م‪.‬ج‪.‬ح لجهة الداخلة ‪ -‬وادي الذهب‬
‫‪%10‬‬ ‫‪295‬‬ ‫‪%33‬‬ ‫‪950‬‬ ‫‪%57‬‬ ‫‪1.682‬‬ ‫‪2.927‬‬ ‫المجموع‬

‫وهكذا‪ ،‬وانطالقا من البيانات المدرجة في الجدول أعاله‪ ،‬يتبين أن نسبة االستجابة للتوصيات الصادرة‬
‫عن المجالس الجهوية للحسابات‪ ،‬سواء بتنفيذها (‪ 1.682‬توصية) أو بالشروع في ذلك (‪950‬‬
‫توصية)‪ ،‬بلغت ‪ %90‬في حين أن نسبة التوصيات غير المنجزة (‪ 295‬توصية) وصلت إلى ‪،%10‬‬
‫وهو ما يعكس‪ ،‬في المجمل‪ ،‬تفاعال إيجابيا لألجهزة المعنية مع توصيات المجالس الجهوية للحسابات‪،‬‬
‫ويبرز أيضا المجهودات والتدابير المتخذة من أجل تحسين طرق تدبيرها والرفع من أدائها‪ .‬وحري‬
‫باإلشارة أيضا إلى أن نسبة االستجابة لتوصيات المجالس الجهوية للحسابات قد عرفت ارتفاعا خالل‬
‫سنة ‪ 2018‬مقارنة بسنة ‪ ،2017‬إذ انتقلت من ‪ %81‬إلى ‪.%89‬‬
‫‪ .2‬أثر ملموس لتنفيذ التوصيات‬
‫تحرص المجالس الجهوية للحسابات أثناء عمليات تتبع تنفيذ التوصيات على رصد الجوانب التي‬
‫تبرز أثر المهمات الرقابية المنجزة‪.‬‬
‫وفي هذا السياق‪ ،‬وإضافة إلى كونها ساهمت في تصحيح مجموعة من الممارسات غير القانونية‪ ،‬فقد‬
‫كان للتوصيات التي أصدرتها المجالس الجهوية للحسابات أثر إيجابي على تحسين األداء على عدة‬
‫مستويات‪ ،‬وذلك من خالل مجموعة من العناصر والمعطيات‪ ،‬تتجلى أساسا فيما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬الحكامة والرقابة الداخلية‪ :‬تدابير من أجل دعم آلياتها وتعزيز أنظمتها‬
‫سعيا إلى تقوية آليات الحكامة وتعزيز أنظمة الرقابة الداخلية‪ ،‬اتخذت مجموعة من الجماعات الترابية‬
‫عدة إجراءات وتدابير‪ ،‬من أهمها ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تفعيل أدوار اللجان الدائمة باعتبارها آلية مهمة لمساعدة المجالس الجماعية على تدارس‬
‫المسائل المعروضة عليها واتخاذ المقررات المناسبة بشأنها؛‬
‫‪ -‬تشكيل لجان تقنية لتتبع تنفيذ المشاريع وكذا لتتبع تنفيذ عقود التدبير المفوض؛‬
‫‪ -‬اعتماد هياكل تنظيمية وتفعيلها مع تفادي‪ ،‬قدر اإلمكان‪ ،‬تركيز المهام‪ ،‬مما كان له انعكاسات‬
‫إيجابية على التدبير اإلداري‪ ،‬تجلت من خالل ضبط المساطر اإلدارية وتوضيح أفضل‬
‫للمهام المنوطة بمختلف الوحدات اإلدارية والموارد البشرية العاملة بها وتنمية للكفاءات؛‬
‫‪ -‬ضبط عمليات وضع الموظفين الجماعيين رهن إشارة إدارات أخرى من خالل عقلنتها‬
‫والتقيد بالضوابط المسطرية التي تحكمها‪ ،‬مما مكن من سد بعض الخصاص الذي كان‬
‫مسجال على مستوى بعض الوحدات اإلدارية؛‬

‫‪397‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫‪ -‬إعداد برامج لتقوية القدرات المهنية للموارد البشرية‪ ،‬مما ساهم في تقوية الرصيد المعرفي‬
‫للموظفين الجماعيين وتمكينهم من مسايرة مستجدات الترسانة القانونية المؤطرة للجماعات‬
‫الترابية (تنظيم دورات تكوينية همت عدة مجاالت‪ ،‬مثل الحالة المدنية والممتلكات واإلنارة‬
‫العم ومية والصفقات العمومية وتدبير النفايات الصلبة‪ ،‬وكذا حول بعض المنصات الرقمية‬
‫مثل "رخص" و"نظام التدبير المندمج للنفقات ‪ GID‬وللمداخيل ‪ "GIR‬و"شكايات"‬
‫و"اندماج" الخاصة بأجور الموظفين‪)....‬؛‬
‫‪ -‬اتخاذ مجموعة من التدابير الرامية للمحافظة على المنقوالت والتوريدات وضمان تدبيرها‬
‫تدبيرا عقالنيا وشفافا‪ ،‬من بينها ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬ضبط عمليات تخزين واستعمال التوريدات عبر توفير أماكن مالئمة لذلك‪ ،‬ومسك‬
‫سجالت محاسبة المواد مع وضع سندات الدخول والخروج التي تمكن من تتبع‬
‫حركية المواد والمعدات؛‬
‫‪ -‬مسك سجالت لجرد مجموع المنقوالت‪ ،‬مع تحيينها وتضمينها جميع المعطيات‬
‫المتعلقة باقتنائها واستعمالها وانتهاء العمل بها؛‬
‫‪ -‬التحديد المسبق للحاجيات المراد تلبيتها وفق معايير موضوعية‪ ،‬واعتماد آليات تتيح التأكد‬
‫من أوجه صرف النفقات طبقا لمبادئ المشروعية واالقتصاد والنجاعة والفعالية (مثل‬
‫اعتماد نظام خاص لتدبير التزود بالمحروقات يسمح بتتبع الكميات المستهلكة ومسك دفاتر‬
‫استهالك الوقود وعمليات الصيانة واإلصالح ووضع سجل قيادة لكل آلية من آليات‬
‫الحظيرة‪ ،‬والشروع في استخدام نظام الشيات لتتبع نفقات تدبير حظيرة السيارات)‪.‬‬
‫‪ ‬تدبير المرافق والتجهيزات العمومية المحلية‪ :‬تحسن نسبي في األداء‬
‫ساهمت التوصيات الصادرة عن المجالس الجهوية للحسابات في تحسين نسبي لتدبير مجموعة من‬
‫المرافق والتجهيزات العمومية المحلية وفي تجويد الخدمات المقدمة للمرتفقين وتبني استراتيجيات‬
‫واضحة من أجل تدبير هذه المرافق‪.‬‬
‫ففيما يتعلق بمرفق توزيع الماء الصالح للشرب‪ ،‬تم اتخاذ بعض اإلجراءات الرامية إلى تحسين‬
‫مردودية شبكة الماء الصالح للشرب‪ ،‬عبر وضع استراتيجية ملموسة وتحسيسية بشأن االقتصاد في‬
‫حجم المياه الموزعة وإجراء تقييم منتظم لدرجة رضا الزبائن‪ ،‬وكذا اعتماد منظومة لالستماع‬
‫ومعالجة مالحظات وشكايات المواطنين تعمل بشكل دائم‪ ،‬وكذا تدعيم الخلية المكلفة بمراقبة حاالت‬
‫الغش في التزود بالماء بالوسائل البشرية والتقنية واللوجستية الالزمة‪ ،‬فضال عن تأمين التوريدات‬
‫من المياه‪ ،‬من خالل تجديد األثقاب المائية وتقوية القدرة التخزينية‪.‬‬
‫وبخصوص مرفق اإلنارة العمومية‪ ،‬بادرت بعض الجماعات إلى اعتماد بعض الحلول من أجل‬
‫ترشيد استهالك الكهرباء وتحديد مؤشرات تمكن من التتبع والتقييم المنتظمين للمرفق واتخاذ‬
‫اإلجراءات المناسبة للحد من االستغالل غير القانوني لشبكة اإلنارة العمومية‪ ،‬فضال عن اعتماد‬
‫منهجية لصيانة التجهيزات وتوثيق مختلف العمليات المنجزة في هذا اإلطار‪ ،‬وكذا االستبدال التدريجي‬
‫لبعض تجهيزات اإلنارة العمومية ذات المردودية المنخفضة بأخرى أكثر جودة طاقيا وبيئيا‪ ،‬واعتماد‬
‫الطاقة الشمسية خالل عمليات توسيع الشبكة الكهربائية‪.‬‬
‫أما بالنسبة لمرفق تدبير النفايات الصلبة والنفايات المماثلة‪ ،‬فقد عملت مجموعة من الجماعات على‬
‫تقييم العقود السابقة لرصد أوجه القصور والنقائص الواجب تجاوزها عند إبرام العقود الجديدة‪ ،‬فضال‬
‫عن القيام بدراسات قبل تفويض المرفق وصياغة دفاتر التحمالت بشكل مستقل كوثيقة تقنية مرجعية‬
‫تحدد شروط االستغالل وكذا الواجبات وااللتزامات المتعلقة باستغالل المرفق المفوض‪ ،‬مع مراجعة‬
‫بعض البنود التعاقدية التي قد تؤثر على التوازنات المالية للعقود‪ .‬كما عملت مجموعة من الجماعات‬
‫على تعميم خدمات النظافة وتعزيز دورها الرقابي واإلشرافي للتأكد من مدى وفاء المفوض إليه‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪398‬‬


‫بالتزاماته التعاقدية (االستثمارات الواجب تنفيذها‪ ،‬صيانة المعدات والتجهيزات المخصصة للمرفق‪،‬‬
‫طبيعة الخدمات المقدمة ووتيرتها وجودتها‪ ،‬كميات النفايات المجمعة وباقي الخدمات المنجزة‪،)...‬‬
‫وذلك من خالل إحداث لجن لتتبع التدبير المفوض لخدمات النظافة ووضع نظام داخلي خاص بها مع‬
‫الحرص على عقد اجتماعاتها بشكل دوري‪ ،‬فضال عن تعزيز المصلحة المكلفة بهذا المرفق بالموارد‬
‫البشرية الكافية‪ .‬وبالموازاة مع ذلك‪ ،‬باشرت مجموعة من الجماعات‪ ،‬بشراكة مع جمعيات‪ ،‬حمالت‬
‫تحسيسية من أجل توعية الساكنة بأهمية االنخراط الفعال في تدبير المرفق‪ ،‬فضال عن مسك سجالت‬
‫للشكايات من أجل رصد المخالفات ذات الصلة بالمرفق وتبليغها للمفوض إليه‪ ،‬وكذا اعتماد استمارة‬
‫لتقييم جودة خدمات النظافة بناء على مؤشرات موثوقة لألداء‪.‬‬
‫وارتباطا بمرفق التطهير السائل‪ ،‬وفي إطار العمل على معالجة بعض المشاكل البيئية التي تم رصدها‬
‫في التقارير الرقابية الصادرة عن المجالس الجهوية للحسابات‪ ،‬اتخذت بعض الجماعات مجموعة من‬
‫التدابير‪ ،‬من أهمها‪ :‬تقوية شبكة التطهير السائل قصد تعميمها والتنسيق مع المكتب الوطني للكهرباء‬
‫والماء الصالح للشرب إلخراج مخططات مديرية للتطهير السائل إلى حيز الوجود‪ ،‬وإعداد الدراسات‬
‫التقنية لمشاريع إنجاز شبكات التطهير السائل‪ .‬كما شرعت بعض الجماعات في إنجاز محطات‬
‫لمعالجة المياه العادمة‪ ،‬بعد تخصيص االعتمادات المالية الالزمة القتناء العقارات المحتضنة لهذه‬
‫المحطات‪ .‬وعالقة بحماية المحيط البيئي لألودية من التلوث بالنفايات والمياه العادمة‪ ،‬قامت بعض‬
‫الجماعات بتنقية األودية في حدود اإلمكانيات المتاحة وبتبليط جوانب األودية وتهيئتها مع وضع سياج‬
‫وقائي يساهم في حمايتها من التلوث‪ ،‬فضال عن القيام بعمليات تحسيسية لفائدة الساكنة‪.‬‬
‫‪ ‬تدبير المشاريع التنموية‪ :‬إجراءات عملية من أجل تنفيذ واستغالل أفضل‬
‫قامت مجموعة من الجماعات باعتماد معايير واضحة في برمجة المشاريع‪ ،‬وإنجاز الدراسات التقنية‬
‫القبلية الالزمة بتنسيق مع الشركاء من أجل وضع تصورات متكاملة حول المشاريع المقررة‪ ،‬فضال‬
‫عن تسوية أو الشروع في تسوية الوضعية القانونية للعقارات وبالخصوص تلك التي أنجزت عليها‬
‫مشاريع‪.‬‬
‫كما عملت مجموعة من الجماعات على بحث السبل الكفيلة بتنسيق مع األطراف المعنية إلخراج‬
‫بعض المشاريع إلى حيز الوجود واتخاذ التدابير الكفيلة باستغالل أنجع للمشاريع المنجزة وضمان‬
‫استدامتها‪.‬‬
‫‪ ‬تدبير الموارد المالية‪ :‬تحسن في مردودية بعض الرسوم والواجبات مع الحاجة إلى‬
‫دعم أكبر للجهود المبذولة‬
‫ساهم تنفيذ التوصيات الصادرة عن المجالس الجهوية للحسابات في تحسين مردودية مجموعة من‬
‫الرسوم والواجبات‪ .‬ويعزى التحسن المسجل على هذا المستوى إلى مجموعة من التدابير‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ -‬التدابير التنظيمية‪ :‬عبر تعزيز شساعة المداخيل وتمكينها من كافة الموارد المادية والبشرية‬
‫مما أدى إلى الرفع من مردوديتها ومن فعالية أدائها وتقوية المؤهالت المهنية للموظفين‪،‬‬
‫فضال عن اعتماد هياكل تنظيمية تتضمن إحداث مصالح للوعاء الضريبي واإلحصاء‬
‫والمراقبة‪ ،‬وكذا تعديل قراراتها الجبائية وتضمينها بعض الرسوم والواجبات التي لم تكن‬
‫مدرجة بها‪ .‬باإلضافة إلى الرفع من درجة التنسيق بين مختلف المصالح الجماعية ذات‬
‫الصلة بمصلحة الجبايات (مصلحة الرخص التجارية‪ ،‬مصلحة التعمير‪ ،‬مصلحة الممتلكات‪،‬‬
‫‪ )...‬ووضع آليات للمراقبة الداخلية بما يضمن الحفاظ على موارد الجماعة؛‬
‫‪ -‬التدابير العملية‪ :‬من خالل القيام سنويا بعمليات اإلحصاء واالستعانة‪ ،‬عند االقتضاء‪،‬‬
‫بمكاتب دراسات وإعداد تطبيقات معلوماتية لضبط أفضل للوعاء الضريبي ولتحيين قائمة‬
‫الملزمين‪ .‬باإلضافة إلى مباشرة عمليات الفرض التلقائي للرسوم واإلصدار الدوري ألوامر‬
‫التحصيل‪ ،‬وسلك المساطر القانونية للحيلولة دون تقادم الديون العمومية (توجيه رسائل‬
‫وإشعارات للمعنيين باألمر وتكليف محامين‪ ،‬عند االقتضاء‪ ،‬من أجل رفع دعاوى قضائية‬
‫ضد المدينين الذين لم يستجيبوا لإلنذارات الموجهة إليهم)؛‬

‫‪399‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫‪ -‬التدابير الموازية‪ :‬المتمثلة على الخصوص في تشجيع المبادرات الذاتية التي تهدف إلى‬
‫خلق رواج اقتصادي وتجاري وبالتالي توسيع الوعاء الضريبي‪ ،‬والقيام بحمالت تحسيسية‬
‫من أجل حث الملزمين بالرسوم اإلقرارية على وضع إقراراتهم داخل اآلجال القانونية‪.‬‬
‫‪ ‬تدبير الطلبيات العمومية وضبط النفقات‪ :‬تحسن في األداء‬
‫مكنت اإلجراءات المتخذة في هذا اإلطار من تحسين تدبير الطلبيات العمومية‪ ،‬ال سيما من خالل‬
‫إعمال مبدأ المنافسة وضبط الحاجيات وإعداد قاعدة بيانات للموردين والخدماتيين والمقاولين‪ ،‬فضال‬
‫عن تتبع إنجاز األشغال وإشراك رؤساء المصالح في عمليات التسلم واإلشهاد على الخدمة المنجزة‬
‫واالستعانة‪ ،‬عند االقتضاء‪ ،‬بذوي الخبرة حسب طبيعة الخدمة‪ .‬باإلضافة إلى إعداد الدراسات القبلية‬
‫وتحديد أماكن األشغال بدقة ومحتواها وكذا صياغة دفاتر الشروط الخاصة صياغة مالئمة وتوثيق‬
‫جميع األشغال المنجزة من خالل مسك دفاتر الورش وجداول المنجزات والوضعيات والجرود‬
‫ومحاضر تسلم األشغال‪.‬‬
‫كما عملت مجموعة من الجماعات على احترام النصوص التنظيمية المتعلقة بالصفقات العمومية‪،‬‬
‫خاصة تلك المتعلقة بالعروض المتضمنة أثمانا مفرطة أو منخفضة بكيفية غير عادية‪ ،‬وبآجال أداء‬
‫مستحقات أصحاب الصفقات‪ ،‬وبتقديم شواهد التأمين واإلدالء بباقي الوثائق المتعلقة بالتنفيذ كتصاميم‬
‫جرد المنشآت المنفذة‪.‬‬
‫وفيما يرتبط باإلعانات المقدمة للجمعيات‪ ،‬فقد اعتمدت عدة جماعات مجموعة من الضوابط من أجل‬
‫تقديم الدعم‪ ،‬من خالل تحديد معايير واضحة لالستفادة من الدعم العمومي وربطه ببرامج وأهداف‬
‫محددة بشكل يتضمن مراقبة مآل هذه األموال وطرق استعمالها‪ ،‬وتتبع مجال صرف هذه اإلعانات‬
‫ونشر إعالنات للجمعيات من أجل وضع طلبات الدعم واعتماد دفاتر تحمالت نموذجية تؤطر عمليات‬
‫توزيع الدعم على الجمعيات ومطالبة تلك التي تستفيد من الدعم المالي بتقديم جميع المستندات والوثائق‬
‫التي توضح كيفية وطرق صرف اإلعانات الممنوحة لها وكذا تقديم برامجها السنوية إلى الجماعات‬
‫المعنية‪.‬‬
‫‪ ‬تدبير الممتلكات‪ :‬مجال في حاجة إلى مزيد الضبط‬
‫اتخذت مجموعة من الجماعات عدة تدابير قانونية من أجل حماية ممتلكاتها وتثمينها‪ ،‬من خالل‬
‫مباشرة مسطرتي التحفيظ والتسجيل مع تخصيص الموارد المالية الالزمة لذلك‪ .‬كما حرصت بعض‬
‫الجماعات على ضبط عمليات استغالل الملك الجماعي العام وحمايته من الترامي عليه مع اللجوء‪،‬‬
‫عند الضرورة‪ ،‬للقضاء المختص‪.‬‬
‫‪ .3‬إكراهات تعوق تنفيذ بعض التوصيات‬
‫حسب المعطيات المستقاة من أجوبة األجهزة المعنية حول تتبع التوصيات الصادرة سنة ‪ ،2018‬فإن‬
‫نسبة التوصيات غير المنجزة بلغت ‪ .%11‬وقد عزت هذه األجهزة عدم تنفيذ هذه التوصيات إلى‬
‫مجموعة من العوامل المرتبطة أساسا بمحدودية الموارد البشرية والمالية وبطول المساطر التي‬
‫تقتضيها بعض اإلجراءات وكذا بارتباط تنفيذ بعض التوصيات بأطراف أخرى‪ ،‬فضال عن اإلكراهات‬
‫التي فرضتها األزمة الصحية نتيجة انتشار جائحة "كوفيد ‪."19‬‬
‫‪ ‬موارد مالية وبشرية محدودة‬
‫تشكل محدودية الموارد المالية أحد أهم العوامل التي تحول دون تمكن األجهزة المعنية من تنفيذ‬
‫توصيات المجالس الجهوية للحسابات‪ ،‬ال سيما تلك التي تقتضي بطبيعتها التوفر على اعتمادات مالية‬
‫مهمة‪ ،‬كتنفيذ بعض المشاريع التنموية أو إنجاز بعض التجهيزات المضمنة في تصاميم التهيئة أو‬
‫تحسين البنية التحتية أو اقتناء أوعية عقارية وتملكها وتسوية وضعيتها القانونية‪.‬‬
‫كما أن مجموعة من الجماعات تعرف خصاصا‪ ،‬كميا ونوعيا‪ ،‬على مستوى مواردها البشرية‪ ،‬األمر‬
‫الذي ال يسعفها في تنفيذ بعض التوصيات‪ ،‬خاصة حينما يتعلق األمر بتوصيات يستلزم تنفيذها التوفر‬
‫على موارد بشرية ذات دراية خاصة ببعض الجوانب القانونية أو المحاسبية أو التقنية‪ ،‬أو توصيات‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪400‬‬


‫تستوجب عددا كافيا من الموظفين (تعزيز بعض المصالح بالموارد البشرية‪ ،‬عدم تركيز بعض المهام‪،‬‬
‫القيام ببعض المهام الرقابية أو اإلشرافية‪.)...‬‬
‫‪ ‬إكراهات ذات طبيعة قانونية‬
‫يقتضي تنفيذ بعض التوصيات مباشرة مساطر قانونية تستلزم آجاال محددة الستيفائها أو إصدار وثائق‬
‫أو مقررات أو إخضاعها للمراقبة اإلدارية والتأشير عليها من قبل الجهات المختصة‪ ،‬وهو األمر‬
‫الذي يحول دون تنفيذ بعض التوصيات‪ ،‬كما هو الشأن مثال بالنسبة لوثائق التعمير التي يستوجب‬
‫إعدادها واعتمادها المرور بعدة مراحل مسطرية‪ ،‬أو بالنسبة العتماد استراتيجية للتدبير المندمج‬
‫للنفايات الصلبة والتي تقتضي سلفا إعداد مخططات مديرية عماالتية أو إقليمية لتدبير النفايات المنزلية‬
‫والمماثلة لها‪ ،‬وكذا بالنسبة لبعض تصاميم التهيئة التي يتوقف إعدادها على المصادقة على مخططات‬
‫توجيه التهيئة العمرانية لمجاالت أوسع تغطي النفوذ الترابي للجماعات المعنية بالتوصية‪.‬‬
‫وفي السياق ذاته‪ ،‬لم تستطع مجموعة من الجماعات تنفيذ بعض التوصيات ذات الصلة بممتلكات‬
‫تستغلها (تحفيظ‪ ،‬الرفع من السومة الكرائية‪ ،‬سلك المساطر القانونية في حق األشخاص الذين ال‬
‫يؤدون واجبات االستغالل‪ )....‬بسبب عدم توفرها على ما يثبت ملكيتها لهذه الممتلكات أو عدم توفرها‬
‫على وثائق ضرورية لمباشرة مسطرة التحفيظ أو بالنظر إلى الطبيعة القانونية لبعض العقارات‬
‫(أراض ساللية مثال)‪.‬‬
‫‪ ‬تنفيذ بعض التوصيات رهين بإجراءات وتدابير موازية تتخذها أطراف أخرى‬
‫تعزو مجموعة من الجماعات عدم تنفيذ بعض التوصيات إلى تعدد األطراف المعنية بها‪ ،‬والتي يتعين‬
‫عليها هي األخرى اتخاذ تدابير وإجراءات ذات صلة بموضوع التوصية‪ ،‬وهو األمر الذي ال يكون‬
‫دائما متاحا‪ ،‬خاصة بالنظر إلى اإلطار القانوني والمؤسساتي لهذه األطراف والذي يقتضي اعتماد‬
‫مساطر وإجراءات مغايرة لتلك المعمول بها على مستوى الجماعات الترابية‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪،‬‬
‫أشارت بعض الجماعات إلى أن تباينا في وجهات النظر بين األجهزة المعنية حال دون تنفيذ بعض‬
‫التوصيات (كما هو الحال مثال بالنسبة لعمليات اقتناء العقارات وتحفيظها‪ ،‬حيث تتباين وجهات النظر‬
‫بين األطراف المعنية بشأن العملية التي تسبق األخرى‪ :‬أداء مبلغ االقتناء أو مباشرة عملية التحفيظ؟)‬
‫وفي نفس السياق‪ ،‬فإن بعض الجماعات بررت عدم قدرتها على تنفيذ بعض التوصيات إلى عدم‬
‫استجابة بعض األطراف لطلباتها المتعلقة بمدها بمعطيات ومعلومات ضرورية لتنفيذ هذه التوصيات‪،‬‬
‫كما هو الشأن بالنسبة للبيانات الضرورية من أجل ضبط الوعاء الضريبي للجماعة أو تفعيل حق‬
‫المراقبة تجاه بعض الملزمين أو إصدار المراسالت واإلشعارات واألوامر بالتحصيل‪.‬‬
‫‪ ‬تداعيات جائحة "كوفيد‪ "19-‬أثرت على تنفيذ بعض التوصيات‬
‫شكلت الظروف االستث نائية التي نجمت عن األزمة الصحية المرتبطة بانتشار جائحة "كوفيد‪"19-‬‬
‫عامال مهما من العوامل التي حالت دون تنفيذ بعض التوصيات‪ ،‬خاصة في ظل إقرار السلطات‬
‫الحكومية المعنية مجموعة من التدابير الرامية إلى الحد من تداعيات الجائحة على الجانب االقتصادي‪.‬‬
‫وهمت هذه التوصيات‪ ،‬على الخصوص‪ ،‬الجوانب الجبائية (تفعيل حق المراقبة وتصحيح المبالغ‬
‫المصرح بها‪ ،‬الرفع من مبالغ اإليجار‪ ،‬مباشرة المساطر القانونية في حق بعض الملزمين الذين ال‬
‫يؤدون ما بذمتهم‪ )...‬وكذا أجرأة بعض اتفاقيات الشراكة‪ ،‬ال سيما تلك المرتبطة ببرامج العمل‪ ،‬وتنفيذ‬
‫أو استكمال بعض المشاريع‪.‬‬
‫وكخالصة عامة‪ ،‬وفي ضوء النتائج التي أسفرت عنها عمليات تتبع تنفيذ التوصيات‪ ،‬فإن المجلس‬
‫يسجل تحسنا في نسب تنفيذ التوصيات الصادرة عن المحاكم المالية مما يبرز التفاعل اإليجابي‬
‫لألجهزة المراقبة‪ ،‬كما ستحرص هذه المحاكم على القيام بمهام ميدانية على مستوى األجهزة التي‬
‫عرفت نسب تنفيذ محدودة‪ .‬وستساهم المنصة الرقمية التي وضعها المجلس خالل سنة ‪ 2022‬في‬
‫الرفع من فعالية ونجاعة عملية التتبع‪.‬‬

‫‪401‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫الفصل الخامس‪ :‬ملخص التقرير حول تنفيذ قانون المالية لسنة ‪2020‬‬
‫تم تنفيذ قانون المالية لسـنة ‪ 2020‬في سياق استثنائي مرتبط بانتشار جائحة كوفيد ‪ 19‬وفي ظل سنة‬
‫تميزت بالجفاف مع التأثيرات الناتجة عن ذلك على مختلف المستويات الصحية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية‪ .‬وبتعليمات ملكية سامية‪ ،‬بادرت السلطات العمومية إلى اتخاذ مجموعة من التدابير‬
‫المالئمة لمواجهة هذه الظرفية على األمد القصير والمتوسط بهدف التخفيف من االنعكاسات‬
‫االقتصادية واالجتماعية لألزمة من خالل الدعم المالي المباشر لألسر المتضررة والحرص على‬
‫الحفاظ على مناصب الشغل ومواكبة المقاوالت الصغرى والمتوسطة عبر االستفادة من قروض‬
‫مضمونة وبشروط ميسرة‪ .‬كما استهدفت هذه التدابير التحكم في مصادر التموين وضمـان اسـتقرار‬
‫االقتصـاد الوطني‪.‬‬
‫ويتضح أن الظرفية االستثنائية لألزمة أبانت عن ضرورة مواصلة اإلصالحات الهيكلية التي اعتمدتها‬
‫بالدنا على مستوى القطاع العام في مجال التدبير الميزانياتي والمحاسباتي‪ .‬وفي هذا الصدد يواكب‬
‫المجلس األعلى للحسابات تنفيذ هذه اإلصالحات ويحث على تسريع وتيرتها من خالل مهماته الدورية‬
‫وإصداره للتوصيات المالئمة وتتبعها‪.‬‬
‫وفي هذا المجال‪ ،‬فقد واصلت الحكومة اعتماد التدبير الميزانياتي المرتكز على النتائج من خالل‬
‫منهجية نجاعة األداء‪ .‬كما عرفت سنة ‪ 2020‬دخول مقتضيات القانون التنظيمي لقانون المالية المتعلقة‬
‫بالتصديق على حسابات الدولة حيز التنفيذ‪.‬‬
‫وتتوخى هذه الخالصة للتقرير الذي أعده المجلس األعلى للحسابات عرض النتائج النهائية لتنفيذ‬
‫قانون المالية برسم سنة ‪ 2020‬في عالقة مع التدابير المتخذة لمواجهة آثار األزمة الصحية المرتبطة‬
‫بجائحة كوفيد ‪ ،19‬وكذا مالحظات المجلس حول تدبير الشأن العمومي من خالل منهجية نجاعة‬
‫األداء وحول التقدم في إعداد البيانات المالية والمحاسبية الالزم تقديمها قصد التصديق على حسابات‬
‫الدولة برسم السنة المالية ‪ 2020‬من طرف المجلس األعلى للحسابات‪.‬‬

‫أوال‪ .‬نتائج تنفيذ قانون المالية لسنة ‪ 12020‬في ظل األزمة الصحية كوفيد‪19-‬‬
‫لمواجهة تداعيات األزمة الصحية المرتبطة بجائحة كوفيد ‪ ،19‬اتخذت السلطات مجموعة من‬
‫اإلجراءات والتدابير المستعجلة واالستثنائية للحد من انتشار الفيروس‪ ،‬والتخفيف من اآلثار الناجمة‬
‫عنه وكذا عن قرارات اإلغالق االحترازية التي تم اتخاذها منذ مارس ‪ .2020‬كما تم إنشاء لجنة‬
‫لليقظة االقتصادية على مستوى وزارة االقتصاد والمالية وإصالح اإلدارة بهدف تتبع ومراقبة تطور‬
‫الوضع االقتصادي وتحديد التدابير المالئمة لدعم القطاعات المتأثرة‪.‬‬
‫وفي هذا السياق اتخذت الحكومة تدابير وآليات مختلفة لتدبير ميزانية سنة ‪ ،2020‬انطلقت بإحداث‬
‫صندوق خاص لتدبير تداعيات الجائحة‪ ،‬ذي طابع تضامني‪ ،‬وواكبها اعتماد قانون المالية المعدل‪،‬‬
‫الذي جعل من أبرز أهدافه الحفاظ على صحة المواطنين‪ ،‬ودعم االقتصاد الوطني من خالل الحفاظ‬
‫على القدرة الشرائية لألفراد واألسر المتضررة من إعالن حالة الطوارئ الصحية والتوقف المؤقت‬
‫لنشاط بعض المؤسسات وكذا دعم المقاوالت التي اضطرت إلى خفض مستوى نشاطها‪.‬‬
‫وتتجلى النتائج البارزة لتنفيذ قانون المالية برسم سنة ‪ 12020‬في الخالصات التالية‪:‬‬

‫‪ 1‬بناء على مشروع قانون التصفية رقم ‪ 20.22‬المتعلق بتنفيذ قانون المالية للسنة المالية ‪2020‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪402‬‬


‫‪ .1‬المداخيل‬
‫‪ ‬انخفاض المداخيل الجبائية‬
‫ساهمت الموارد الجبائية في خزينة الدولة‪ ،‬خالل سنة ‪ ،2020‬بما مجموعه ‪ 201,5‬مليار درهم وهو‬
‫ما يمثل ‪ %81‬من مجموع المداخيل العادية لميزانية الدولة‪ .‬وتشكل الضرائب المباشرة وغير‬
‫المباشرة ‪ %89‬من مجموع الموارد الجبائية‪ ،‬تليها رسوم التسجيل والتمبر بنسبة ‪ %6‬والرسوم‬
‫الجمركية بنسبة ‪.%5‬‬
‫ومقارنة مع سنة ‪ ،2019‬عرفت الموارد الجبائية المسجلة برسم السنة المالية ‪ 2020‬انخفاضا بنسبة‬
‫‪ ،8,6%‬ويعزى هذا االنخفاض إلى التراجع المهم لمداخيل الضرائب المباشرة (ناقص ‪ )%9‬وغير‬
‫المباشرة (ناقص ‪ )%7,1‬والرسوم الجمركية (ناقص ‪ )%1,6‬ورسوم التسجيل والتمبر (ناقص‬
‫‪.)19,8%‬‬
‫‪ ‬المداخيل غير الجبائية‬
‫وصلت المداخيل غير الجبائية‪ 1‬المحصلة برسم سنة ‪( ،2020‬دون احتساب المداخيل المسجلة برسم‬
‫التسديدات من الحسابات المرصدة ألمور خصوصية بمبلغ ‪ 20,3‬مليار درهم)‪ ،‬إلى مبلغ قدره ‪25,9‬‬
‫مليار درهم‪ .‬وبإضافة التسديدات المذكورة أعاله‪ ،‬يصبح المبلغ اإلجمالي لهذه المداخيل ما مجموعه‬
‫‪ 46,3‬مليار درهم‪ ،‬بارتفاع نسبته ‪ %14,7‬مقارنة مع سنة ‪( 2019‬زائد ‪ 5,9‬مليار درهم)‪ .‬وتكون‬
‫بذلك قد شكلت نسبة ‪ %18,7‬من مجموع الموارد العادية مقابل ‪ %15,5‬في السنة التي سبقتها‪.‬‬
‫‪ .2‬النفقات‬
‫بلغت النفقات اإلجمالية برسم ميزانية الدولة لسنة ‪ ،2020‬ما مجموعه ‪ 548,5‬مليار درهم‪ ،‬موزعة‬
‫على الشكل التالي‪:‬‬
‫‪ 334,1 :‬مليار درهم (دون احتساب استهالكات الدين‬
‫• الميزانية العامة‬
‫العمومي المتوسط والطويل األجل الذي بلغ ‪ 68,7‬مليار درهم)‪.‬‬
‫‪ 143,6 :‬مليار درهم‬ ‫• الحسابات الخصوصية للخزينة‬
‫• مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة ‪ 2,1 :‬مليار درهم‪.‬‬

‫وتتوزع نفقات الميزانية العامة على النحو التالي‪:‬‬


‫‪ 215,5 :‬مليار درهم‬ ‫• نفقات التسيير‬
‫‪ 28,7 :‬مليار درهم‪.‬‬ ‫• فوائد وعموالت الدين العمومي‬
‫‪ 89,9 :‬مليار درهم‬ ‫• نفقات االستثمار‬

‫▪ الميزانية العامة‬
‫‪ ‬نفقات الموظفين واألعوان‬
‫بلغت نفقات الموظفين واألعوان برسم سنة ‪ ،2020‬ما مجموعه ‪ 133,5‬مليار درهم‪ ،‬أي ما يعادل‬
‫‪ % 98,1‬من االعتمادات النهائية‪ ،‬مواصلة بذلك منحاها التصاعدي ومسجلة ارتفاعا نسبته ‪%19,5‬‬
‫مقارنة بسنة ‪.2019‬‬
‫يعتبر أهم تأثير على نفقات الموظفين واألعوان ذلك المتعلق بدخول مقتضيات القانون التنظيمي‬
‫لقانون المالية‪ ،‬التي نصت على إدراج مساهمات الدولة في إطار أنظمة االحتياط االجتماعي والتقاعد‬

‫‪ 1‬تتكون المداخيل غير الجبائية من عائدات االحتكار واالستغالالت والمساهمات المالية للدولة ومداخيل الخوصصة ومداخيل أخرى‪.‬‬

‫‪403‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫ضمن فصل نفقات الموظفين‪ ،‬حيز التنفيذ اعتبارا من فاتح يناير ‪ .2020‬وتجدر اإلشارة إلى أن هذه‬
‫المساهمات كانت تدرج سابقا ضمن فصل النفقات المشتركة‪ ،‬وقد أعيد تصنيفها داخل نفقات الموظفين‬
‫واألعوان بمبلغ ‪ 18.410‬مليون درهم مع قانون المالية لسنة ‪.2020‬‬
‫وبذلك ارتفعت حصة نفقات الموظفين واألعوان بالميزانية العامة حيث مثلت على التوالي ‪ %62‬من‬
‫ميزانية التسيير للميزانية العامة للدولة و‪ %33‬من مجموع نفقات الميزانية العامة للدولة و‪ %36‬من‬
‫موارد الميزانية العامة المحصلة برسم سنة ‪.2020‬‬
‫وعلى سبيل اإلشارة‪ ،‬فإن نفقات الموظفين واألعوان‪ ،‬دون احتساب مساهمات الدولة في االحتياط‬
‫االجتماعي والتقاعد‪ ،‬ارتفعت بنسبة ‪ %3‬مقارنة مع سنة ‪ ،2019‬حيث بلغت ‪ 115,12‬مليار درهم‬
‫سنة ‪ 2020‬مقابل ‪ 111,77‬مليار درهم سنة ‪.2019‬‬
‫‪ ‬نفقات المعدات والنفقات المختلفة‬
‫بلغت نفقات المعدات والنفقات المختلفة برسم سنة ‪ 2020‬ما مجموعه ‪ 49,98‬مليار درهم‪ ،‬حيث‬
‫زادت عن تلك المسجلة سنة ‪ 2019‬بمبلغ ‪ 2,4‬مليار درهم‪ ،‬أي بنسبة ‪ .%5‬وقد تجاوزت هذه النتائج‬
‫توقعات قانون المالية المعدل لسنة ‪ 2020‬الذي قلص االعتمادات المخصصة لفصل المعدات والنفقات‬
‫المختلفة إلى ‪ 46,2‬مليار درهم مقابل ‪ 48,3‬مليار درهم برسم قانون المالية األصلي‪.‬‬
‫‪ ‬ارتفاع نفقات االستثمار قصد التصدي آلثار األزمة‬
‫تميز تنفيذ قانون المالية المعدل لسنة ‪ 2020‬ببذل جهد استثماري ملحوظ بلغ ‪ 89,9‬مليار درهم مقابل‬
‫‪ 70,6‬مليار درهم سنة ‪ ،2019‬أي بزيادة قدرها ‪ .%27‬ويضم هذا المبلغ المخصصات االحتياطية‬
‫بمبلغ ‪ 15‬مليار درهم لصالح صندوق االستثمار االستراتيجي قصد تمويل خطة االنعاش االقتصادي‪.‬‬
‫ويشمل مبلغ االستثمار المشار إليه أعاله غالفا إجماليا بلغ ‪ 45,5‬مليار درهم تم تنفيذه من خالل فصل‬
‫التكاليف المشتركة‪-‬االستثمار‪ ،‬أي بنسبة ‪ %50,6‬من إجمالي نفقات االستثمار‪.‬‬
‫▪ مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة‬
‫بلغ عدد مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة ‪ 187‬مرفقا برسم سنة ‪ 2020‬مقابل ‪ 204‬سنة ‪،2019‬‬
‫حيث تم حذف ستة مرافق إلى جانب تحويل ‪ 12‬مركزا جهويا لالستثمار إلى مؤسسات عمومية ذات‬
‫الشخصية االعتبارية واالستقالل المالي‪ ،‬كما تم إنشاء مرفق واحد جديد‪ .‬وتتدخل هذه المرافق بشكل‬
‫رئيسي في القطاع االجتماعي وخصوصا في مجاالت الصحة والتعليم والتكوين المهني‪.‬‬
‫وقد بلغت مداخيل هذه المرافق ‪ 5,1‬مليار درهم والنفقات ‪ 2,11‬مليار درهم منها ‪ 1,76‬مليار درهم‬
‫كنفقات استغالل و‪ 0,35‬مليار درهم كنفقات استثمار‪ ،‬أي بمعدالت تنفيذ وصلت على التوالي إلى‬
‫‪ 51%‬و‪.%23‬‬
‫▪ الحسابات الخصوصية للخزينة‬
‫شهدت السنة المالية ‪ 2020‬ارتفاعا في عدد الحسابات المرصدة ألمور خصوصية مقارنة بسنة‬
‫‪ ،2019‬حيث انتقلت من ‪ 52‬إلى ‪ 56‬حسابا‪.‬‬
‫ويعزى هذا االرتفاع إلى إحداث أربعة حسابات مرصودة ألمور خصوصية منها حسابان متعلقان‬
‫بتدبير تداعيات جائحة كوفيد ‪ .19‬ويتعلق األمر بالحسابات التالية‪:‬‬
‫‪ -‬الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا "كوفيد‪1"19 -‬؛‬
‫‪ -‬صندوق االستثمار االستراتيجي؛‬

‫‪ 1‬أحدث هذا الصندوق بموجب المرسوم رقم ‪ 2.20.269‬الذي تم نشره بالجريدة الرسمية في ‪ 22‬رجب ‪ 17( 1441‬مارس‪ ،)2020‬طبقا‬
‫للمادة ‪ 26‬من القانون التنظيمي للمالية التي تنص على أنه " يجوز في حالة االستعجال والضرورة الملحة وغير المتوقعة أن تحدث خالل‬
‫السنة المالية حسابات خصوصية للخزينة بموجب مراسيم طبقا للفصل ‪ 70‬من الدستور ‪.‬ويتم إخبار اللجنتين المكلفتين بالمالية بالبرلمان مسبقا‬
‫بذلك‪ .‬ويجب عرض هذه المراسيم على البرلمان بقصد المصادقة عليها في أقرب قانون للمالية "‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪404‬‬


‫‪ -‬الصندوق الخاص للنهوض بمنظومة التربية والتكوين وتحسين جودتها؛‬
‫‪ -‬صندوق دعم تمويل المبادرة المقاوالتية‪.‬‬
‫وبلغت المداخيل اإلجمالية المنجزة برسم الحسابات الخصوصية للخزينة لسنة ‪ 2020‬ما‬
‫مجموعه ‪ 146,15‬مليار درهم‪ ،‬مقابل توقعات قدرها ‪ 110,92‬مليار درهم برسم قانون المالية المعدل‬
‫لنفس السنة‪ ،‬أي بنسبة تنفيذ ‪ .%131,8‬وقد عرفت موارد الحسابات الخصوصية للخزينة ارتفاعا‬
‫يقارب ‪ 44,2%‬مقارنة مع سنة ‪.2019‬‬
‫كما ارتفعت نفقات الحسابات الخصوصية للخزينة‪ ،‬من ‪ 90,897‬مليار درهم سنة ‪ 2019‬إلى‬
‫‪ 143,62‬مليار درهم برسم السنة المالية ‪ ،2020‬أي بارتفاع قدره ‪.%58‬‬
‫▪ تفاقم عجز الميزانية في ظروف استثنائية مرتبطة بالجائحة‬
‫أسفر تنفيذ ميزانية سنة ‪ 2020‬عن عجز قدره ‪ 82,4‬مليار درهم أي ما يعادل ‪ %7,6‬من الناتج‬
‫الداخلي الخام في مستوى مطابق للتوقعات‪ ،‬مقابل ‪ 41,6‬مليار درهم سجلت في السنة السابقة‪ .‬ويشار‬
‫إلى أن هذا العجز يصل إلى ‪ 87,7‬مليار درهم إذا لم يتم احتساب رصيد الصندوق الخاص بتدبير‬
‫جائحة كوفيد‪ .19-‬ويرجع تفاقم عجز الميزانية في ‪ ،2020‬في ظل تداعيات األزمة الناجمة عن‬
‫فيروس كوفيد ‪ ،19‬باألساس إلى انخفاض المداخيل وارتفاع نفقات االستثمار‪.‬‬
‫▪ ارتفاع دين الخزينة‬
‫واعتبارا للعجز المسجل‪ ،‬عرف دين الخزينة متم سنة ‪ 2020‬ارتفاعا مهما حيث بلغ ‪ 832,60‬مليار‬
‫درهم مقابل ‪ 747,26‬مليار درهم عند نهاية سنة ‪ ،2019‬أي بزيادة قدرها ‪ 85,35‬مليار درهم‪ .‬وقد‬
‫بلغ دين الخزينة مع نهاية سنة ‪ 2020‬نسبة ‪ % 72,2‬من الناتج الداخلي الخام مقارنة بـ ‪ % 60,3‬عند‬
‫متم سنة ‪ ،2019‬حيث سجل زيادة تناهز ‪ 11,9‬نقطة‪.‬‬
‫وبالنظر إلى مكونات هذا الدين‪ ،‬فقد ارتفع الدين الداخلي ليصل إلى ‪ 632,90‬مليار درهم مقابل‬
‫‪ 585,69‬مليار درهم عند نهاية ‪ ،2019‬بزيادة قدرها ‪ 47,21‬مليار درهم‪ ،‬أي بنسبة ‪ .%8,1‬وسجل‬
‫الدين الخارجي للخزينة‪ ،‬سنة ‪ ،2020‬ارتفاعا بلغ ‪ 38,135‬مليار درهم‪ ،‬أي بنسبة ‪ %23,6‬مقارنة‬
‫مع ‪ 2019‬لينتقل إلى ‪ 199,70‬مليار درهم‪.‬‬

‫ثانيا‪ .‬إرساء أسس التدبير المعتمد على نجاعة األداء‬


‫سبق للمجلس‪ ،‬من خالل التقرير المتعلق بتنفيذ قانون المالية لسنة ‪ ،2019‬أن قام بتقييم أولي لورش‬
‫"نجاعة األداء"‪ ،‬حيث وقف على مجموعة من المعيقات التي تحول دون التنزيل األمثل لهذا األخير‪.‬‬
‫وخالل تقييمه العتماد منهجية نجاعة األداء خالل السنة المالية ‪ ،2020‬تبين للمجلس أن العديد من‬
‫النقائص الزالت تحول دون التطبيق الفعلي للمنهجية المذكورة كما هو منصوص عليه بالقانون‬
‫التنظيمي لقانون المالية‪.‬‬
‫ويتضح أن جل القطاعات الوزارية والمؤسسات المعنية انخرطت في هذا الورش‪ ،‬لكن يالحظ على‬
‫مختلف مستويات التدبير ضعف التملك الفعلي للمنهجية المذكورة‪ ،‬من خالل تحديد برامج تنبثق فعليا‬
‫من االستراتيجيات القطاعية أو من مخططات العمل وتقترن بأهداف شاملة وتتبع عن قرب بواسطة‬
‫مؤشرات تستهدف النتائج عوض الوسائل‪.‬‬
‫كما تم تسجيل مجموعة من النقائص تهم على الخصوص نظم قيادة البرامج والتي تشمل أساسا أنظمة‬
‫المعلومات ومراقبة التسيير والمراقبة الداخلية وكذا حوار التدبير بين الفاعلين والشركاء المعنيين‬
‫بالبرامج‪ .‬حيث تبين غياب ضمانات لتحقيق جودة المعطيات وقدرتها على إعطاء صورة حقيقية لما‬
‫تم إنجازه على مستوى البرامج والمشاريع‪.‬‬

‫‪405‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫ثالثا‪ .‬تقدم إعداد البيانات المالية والمحاسبية الالزم تقديمها قصد التصديق على حسابات الدولة‬
‫برسم السنة المالية ‪2020‬‬
‫يشكل التصديق على حسابات الدولة حدثا بارزا في مسار تحديث تدبير المالية العمومية وتكريسا‬
‫ألحكام الدستور في مجال تدعيم وحماية مبادئ وقيم الحكامة الجيدة والشفافية والمحاسبة بالنسبة‬
‫للدولة واألجهزة العمومية‪ ،‬وهي المبادئ التي حددت مضامينها مقتضيات القانون التنظيمي لقانون‬
‫المالية لسنة ‪ .2015‬ومن شأن هذا المسار في مجال المالية العمومية أن يساهم بشكل أساسي في تدعيم‬
‫مبادئ صدقية وشفافية الحسابات العمومية‪.‬‬
‫كما أن اعتماد المحاسبة العامة‪ ،‬التي دخلت حيز التنفيذ منذ سنة ‪ ،2018‬وتغطيتها لمجموع عمليات‬
‫الدولة‪ ،‬يشكل تحديا كبيرا بالنسبة لألجهزة المكلفة بمسكها وتقديم الحسابات الناتجة عنها‪ .‬وفي المقابل‬
‫فإن التصديق على هذه الحسابات‪ ،‬الموكول إلى المجلس األعلى للحسابات‪ ،‬يشكل كذلك ورشا مهما‬
‫يتطلب تضافر جهود كافة اإلدارات العمومية‪.‬‬
‫وفي ه ذا اإلطار بادر المجلس خالل السنوات األخيرة إلى اعتماد منهجية استباقية بغية االستعداد‬
‫إلنجاز هذه المهمة الجديدة في أحسن الظروف‪ .‬فقد سبق للمجلس‪ ،‬أن أنجز ثالث مهام رئيسية شملت‪:‬‬
‫‪ -‬تقييم نظام الرقابة الداخلية واالفتحاص داخل الوزارات؛‬
‫‪ -‬تقييم نظم المعلومات بوزارة االقتصاد والمالية؛‬
‫‪ -‬تقييم تنفيذ المحاسبة العامة للدولة‪.‬‬
‫كما أن المجلس تمكن في إطار توأمة مؤسساتية مع االتحاد األوربي‪ ،‬منذ ‪ ،2017‬من التعرف عن‬
‫كثب على التجربة الفرنسية في مجال التصديق على حسابات الدولة‪ .‬وبالموازاة مع ذلك‪ ،‬نظم عدة‬
‫ورشات ودورات تكوينية لفائدة مجموعة من قضاته قصد تعزيز قدراتهم والوقوف على الممارسات‬
‫الفضلى في هذا الشأن والسعي إلى مالءمتها بصفة تدريجية مع واقع التجربة المغربية‪ .‬كما أحدث‬
‫المجلس وحدة متخصصة لهذا الورش رصدت لها الموارد الالزمة قصد الشروع في مهامها للتصديق‬
‫على حسابات الدولة برسم سنة ‪ 2020‬كتجربة أولى في هذا المجال مع ما يستدعيه ذلك من تدرج‬
‫ومواكبة وإنضاج لهذه العملية في مختلف مراحلها‪.‬‬
‫واستنادا إلى المادة ‪ 69‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 130.13‬لقانون المالية‪ ،‬توصل المجلس من الخزينة‬
‫العامة للمملكة‪ ،‬بتاريخ ‪ 27‬مايو ‪ ،2022‬بالحصيلة المحاسبية والبيانات األخرى وتقييم االلتزامات‬
‫الخارجة عن الحصيلة المحاسبية برسم سنة ‪ .2020‬ويقوم المجلس حاليا بمختلف العمليات التي‬
‫تقتضيها هذه المهمة بالموازاة مع توفر المعطيات والبيانات والوثائق ذات الصلة‪.‬‬

‫رابعا‪ .‬التوصيات‬
‫يوصي المجلس األعلى للحسابات وزارة االقتصاد والمالية بما يلي‪:‬‬
‫▪ بخصوص اعتماد قانون المالية المعدل‪:‬‬
‫العمل على تعديل المنظومة القانونية المتعلقة بقانون المالية من أجل تأطير أفضل لمسطرة تعديل‬
‫قانون المالية وكيفية دراسته والمصادقة عليه‪.‬‬
‫▪ بخصوص تنزيل ورش نجاعة األداء‪:‬‬
‫‪ -‬من أجل تجاوز النقائص التي تشوب نظام تقديم الحساب المرتبط بنجاعة األداء‪ ،‬المتمثلة‬
‫أساسا في تقديم تقرير نجاعة األداء في شكل تقييم بعد اإلنجاز من طرف وزارة االقتصاد‬
‫والمالية لجميع القطاعات والمؤسسات بشكل موجز في تقرير واحد يرفق بمشروع قانون‬
‫التصفية‪ ،‬سنتين تقريبا بعد انتهاء السنة المالية المعنية‪ ،‬يوصي المجلس بتقديم تقارير نجاعة‬
‫األداء لكل قطاع ومؤسسة على حدة من طرف المسؤول عنها أمام نفس الهيئات الرقابية‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪406‬‬


‫(اللجان البرلمانية المختصة)‪ ،‬التي تقدم أمامها مشاريع نجاعة األداء‪ ،‬مباشرة بعد انتهاء‬
‫السنة المعنية (عند تقديم مشاريع الميزانية للسنة الموالية)؛‬
‫‪ -‬اعتماد مقاربة من شأنها أن تجعل من قانون المالية اآللية الرئيسية لترجمة األولويات المحددة‬
‫من طرف الحكومة والعمل على أن تعكس البرامج المدرجة في إطار مشاريع نجاعة األداء‬
‫االستراتيجيات القطاعية؛‬
‫‪ -‬العمل على تحسيس جميع المتدخلين في منهجية نجاعة األداء‪ ،‬على المستوى المركزي‬
‫والالمركزي‪ ،‬بأهمية آليات قيادة البرامج والعمل على تفعيل جميع مكوناتها وعلى الخصوص‬
‫أنظمة المعلومات ومراقبة التسيير والمراقبة الداخلية‪.‬‬
‫▪ بخصوص تنفيذ الميزانية‪:‬‬
‫‪ -‬تحسين توقعات المداخيل غير الجبائية؛‬
‫‪ -‬تتبع النفقات الجبائية بشكل دوري والقيام بدراسات حول جدوى استمرار العمل بها‪.‬‬
‫▪ بخصوص الحسابات المرصدة ألمور خصوصية‪:‬‬
‫‪ -‬إنجاز تقييم شامل حول الحسابات المرصدة ألمور خصوصية في أفق مراجعة حصص‬
‫الرسوم المرصدة لها‪ ،‬مع الحرص على عدم تخصيص موارد تفوق ما هو ضروري لتغطية‬
‫نفقاتها؛‬
‫‪ -‬مواصلة الجهود الرامية إلى تقليص عدد الحسابات المرصدة ألمور خصوصية والحذف‬
‫التدريجي للنفقات التي يمكن إدراجها في إطار الميزانية العامة للدولة‪ ،‬كالنفقات المتعلقة‬
‫بالموظفين‪ ،‬التي تكتسي طابعا اعتياديا وشبه نظامي‪.‬‬
‫▪ بخصوص مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة‪:‬‬
‫‪ -‬ضبط أنجع للتوقعات المتعلقة بموارد مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة المسجلة بقوانين‬
‫المالية؛‬
‫‪ -‬اتخاذ اإلجراءات الضرورية من أجل تحسين الموارد الذاتية لمرافق الدولة المسيرة بصورة‬
‫مستقلة من أجل تعزيز استقالليتها المالية وذلك بتحسين جودة الخدمات المقدمة والعمل على‬
‫بذل مجهود أكبر في تحصيل مداخيلها‪ ،‬مع دراسة إمكانية تسقيف الموارد الذاتية للمرافق‬
‫التي تسجل مداخيل تفوق حاجياتها‪.‬‬

‫‪407‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫الفصل السادس‪ :‬التصريح اإلجباري بالممتلكات‬
‫أسند دستور المملكة في فصله ‪ 147‬للمجلس األعلى للحسابات مهمة مراقبة وتتبع التصريح‬
‫بالممتلكات‪ .‬كما ألزم الفصل ‪ 158‬من الدستور كل شخص منتخبا كان أو معينا‪ ،‬يمارس مسؤولية‬
‫عمومية‪ ،‬أن يقدم‪ ،‬طبقا للكيفيات المحددة في القانون‪ ،‬تصريحا كتابيا بالممتلكات واألصول التي في‬
‫حيازته‪ ،‬بصفة مباشرة أو غير مباشرة‪ ،‬بمجرد تسلمه لمهامه‪ ،‬وخالل ممارستها وعند انتهائها‪.‬‬
‫وتعتبر هذه المقتضيات الدستورية تتويجا للنصوص القانونية التي صدرت سنة ‪ ،2010‬والتي حددت‬
‫نطاق هذا االختصاص ومجاله‪ ،‬وكذا كيفيات ومساطر إيداع وتلقي وتتبع ومراقبة التصاريح‬
‫بالممتلكات حيث شملت مقتضياتها المسائل المسطرية واإلجرائية المتعلقة بآجال عملية إيداع وتلقي‬
‫جميع أنواع التصريحات بالممتلكات وتحديد قوائم الملزمين وتتبع ومراقبة هذه التصريحات‪ ،‬وكذا‬
‫الجزاءات التي تترتب عن اإلخالل بإلزامية التصريح والسلطات التي تتخذها‪.‬‬
‫في هذا اإلطار‪ ،‬يختص المجلس األعلى للحسابات بتلقي وتتبع ومراقبة التصريحات المتعلقة‬
‫باألشخاص الملزمين الذين يمارسون صالحيتهم على مجموع التراب الوطني‪ ،‬بينما تختص المجالس‬
‫الجهوية للحسابات بتدبير تصريحات الملزمين الذين تنحصر صالحيتهم محليا في نطاق حدود ترابية‬
‫معينة‪ .‬أما الفئات الملزمة أمام المجلس األعلى للحسابات‪ ،‬فهي تشمل أعضاء الحكومة والشخصيات‬
‫المماثلة لهم ورؤساء دواوينهم وأعضاء الهيئة العليا لالتصال السمعي البصري وبعض فئات‬
‫الموظفين واألعوان العموميين فيما تختص المجالس الجهوية للحسابات بتدبير تصريحات بعض فئات‬
‫المنتخبين المحليين وبعض فئات الموظفين واألعوان العموميين كل حسب نفوذه الترابي‪.‬‬
‫وتهدف مهمة تتبع ومراقبة التصاريح بالممتلكات إلى تكريس مبادئ المساءلة والمحاسبة والشفافية‬
‫وحماية المال العام ومحاربة الرشوة وترسيخ أخالقيات المرفق العام‪ ،‬إذ يهدف نظام التصريح‬
‫بالممتلكات المعتمد إلى تتبع تطور القيمة النقدية لممتلكات الملزمين للتأكد من اتساقها مع المداخيل‬
‫المتحصل عليها خالل فترة توليهم لوظيفة عمومية ذات عالقة بتدبير المال العام تحت طائلة وجود‬
‫حاالت االثراء غير المشروع أو استغالل النفوذ أو تضارب المصالح‪.‬‬
‫لذلك‪ ،‬حرص المجلس على ممارسة هذا االختصاص في إطار منظومة رقابية شاملة ترتكز على‬
‫منهجية المراقبة المندمجة من أجل إقامة جسور بين هذا االختصاص ومختلف االختصاصات األخرى‬
‫الموكولة للمحاكم المالية‪ ،‬سواء القضائية أو غير القضائية‪ ،‬سواء عند برمجة المهمات الرقابية أو‬
‫خالل تنفيذها وإصدار التقارير عن النتائج التي تسفر عنها ومعالجتها‪.‬‬
‫في نفس السياق‪ ،‬اعتمد المجلس‪ ،‬منذ مطلع سنة ‪ ،2019‬مسطرة التحميل اإللكتروني لقوائم الملزمين‬
‫بالمنصة الرقمية التي أعدها لفائدة مخاطبيه من ممثلي السلطات الحكومية‪ ،‬وذلك من أجل إضفاء‬
‫الفعالية والمرونة على اإلجراءات ذات الصلة بعملية االدالء بهذه التصريحات‪ ،‬اعتبارا لألهمية‬
‫القصوى التي تكتسيها هذه العملية كمرحلة أولى وأساسية في مسلسل المراقبة للحد من حاالت التأخير‬
‫المسجلة في هذا الشأن‪.‬‬
‫ويرصد التقرير التالي‪ ،‬باإلضافة إلى الحصيلة العامة ألنشطة تلقي وتتبع ومراقبة التصريح اإلجباري‬
‫بالممتلكات لسنة ‪ ،2021‬المالحظات التي أسفر عنها فحص وتحليل قوائم الملزمين من فئة الموظفين‬
‫واألعوان العموميين والتصاريح المودعة من طرفهم لدى المجلس‪ ،‬السيما فيما يتعلق بكيفيات تعبئة‬
‫نموذج التصريح وتتبع ومقارنة البيانات المضمنة به ومدى اتساقها من حيث الشكل‪.‬‬
‫تجدر اإلشارة إلى أن المجلس ينكب حاليا على استكمال مسطرة مراقبة هذه التصاريح من حيث‬
‫الجوهر وصحة البيانات والمعلومات المضمنة بها من أجل التأكد من مدى اتساق ثروة وممتلكات‬
‫الملزمين مع المداخيل المصرح بها‪ .‬وسيتم نشر المالحظات التي ستسفر عنها هذه المراقبة في التقرير‬
‫السنوي للمجلس برسم سنة ‪.2022‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪408‬‬


‫أوال‪ .‬الحصيلة العامة ألنشطة إيداع وتلقي وتتبع ومراقبة التصريح اإلجباري بالممتلكات لسنة‬
‫‪2021‬‬
‫بلغ عدد التصاريح المودعة برسم سنة ‪ 2021‬بالنسبة لجميع الفئات الخاضعة ما مجموعه‬
‫‪ 7.803‬تصريح‪ .‬وبهذا‪ ،‬فقد وصل مجموع التصاريح المودعة منذ سنة ‪ 2010‬إلى غاية متم سنة‬
‫‪ ،2021‬إلى ‪ 347.038‬تصريحا تخص ما يفوق ‪ 100.000‬ملزم من مختلف الفئات على مستوى‬
‫المجلس األعلى للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات‪.‬‬
‫‪ .1‬حصيلة عملية تلقي وتتبع التصاريح بالممتلكات الخاصة بفئات أعضاء الحكومة ورؤساء‬
‫دواوينهم والشخصيات المماثلة ألعضاء الحكومة وأعضاء مجلس النواب وأعضاء‬
‫مجلس المستشارين‬
‫تتلقى كتابة الضبط بالمجلس األعلى للحسابات التصاريح بالممتلكات الخاصة بأعضاء الحكومة‬
‫ورؤساء دواوينهم والشخصيات المماثلة لهم وأعضاء الهيئة العليا لالتصال السمعي البصري‪ ،‬وكذا‬
‫المسؤولون اآلخرون المعينون بظهير شريف‪ ،‬باإلضافة إلى بعض فئات الموظفين واألعوان‬
‫العموميين الذين يمارسون صالحياتهم على مجموع التراب الوطني‪.‬‬
‫وبالنسبة ألعضاء المحكمة الدستورية وأعضاء غرفتي البرلمان‪ ،‬فيدلون بالتصريح بممتلكاتهم لدى‬
‫األمانة العامة للهيئة المحدثة بالمجلس األعلى للحسابات‪ ،‬طبقا ألحكام القوانين التنظيمية على التوالي‬
‫رقم ‪ 29.93‬المتعلق بالمجلس الدستوري ورقم ‪ 27.11‬المتعلق بمجلس النواب و‪ 28.11‬المتعلق‬
‫بمجلس المستشارين وتتولى هذه الهيئة تلقي تصريحات هذه الفئات‪ ،‬ومراقبتها وتتبعها‪ .‬وقد حددت‬
‫األحكام القانونية ذات الصلة تأليف هذه الهيئة التي تتكون من الرئيس األول للمجلس األعلى للحسابات‬
‫بصفته رئيسا‪ ،‬ورئيس الغرفة األولى ورئيس الغرفة اإلدارية بمحكمة النقض‪ ،‬باإلضافة لمستشارين‬
‫بكل من الغرفتين سالفتي الذكر‪ ،‬وكذا األمين العام للهيئة الذي يعينه الرئيس األول للمجلس األعلى‬
‫للحسابات من بين األطر العليا للمجلس‪.‬‬
‫أما بالنسبة لمنتخبي مجالس الجماعات الترابية والغرف المهنية‪ ،‬وكذا الموظفين واألعوان العموميين‬
‫الخاضعين لهذا االختصاص‪ ،‬الذين يمارسون صالحياتهم داخل الحدود الترابية للجهة‪ ،‬فيقومون‬
‫بإيداع تصاريحهم بالممتلكات بكتابة الضبط بالمجلس الجهوي للحسابات المختص‪.‬‬
‫في هذا اإلطار‪ ،‬وتفعيال لهذه المقتضيات‪ ،‬وبطلب من الرئيس األول للمجلس األعلى للحسابات‪ ،‬تم‬
‫تعيين مستشاري محكمة النقض سالفي الذكر‪ ،‬أعضاء بالهيئة من طرف الرئيس المنتدب للمجلس‬
‫األعلى للسلطة القضائية بتاريخ ‪ 02‬أغسطس ‪ .2022‬وتعمل هذه الهيئة المختلطة في إطار المقتضيات‬
‫القانونية االنتقالية المنظمة لشروط وكيفيات تدبير التصريح بالممتلكات للفئات سالفة الذكر‪ ،‬في انتظار‬
‫تنزيل أحكام الفقرة الرابعة من الفصل ‪ 147‬التي أناطت بالمجلس األعلى للحسابات حصريا مهمة‬
‫تتبع ومراقبة التصريح بالممتلكات لجميع فئات الملزمين‪.‬‬
‫▪ أعضاء الحكومة ورؤساء دواوينهم والشخصيات المماثلة لهم‬
‫تميزت سنة ‪ 2021‬بإجراء االنتخابات العامة للتجديد الشامل ألعضاء غرفتي البرلمان ومجالس‬
‫الجماعات الترابية والغرف المهنية‪ ،‬انبثق عنها تعيين حكومة جديدة من األغلبية البرلمانية بتاريخ‬
‫‪ 08‬أكتوبر ‪.2021‬‬
‫وتبعا لذلك‪ ،‬تلقى المجلس األعلى للحسابات التصاريح بالممتلكات بمناسبة بداية االنتداب أو التعيين‬
‫بالنسبة ألعضاء الحكومة ورؤساء دواوينهم وأعضاء مجلسي النواب والمستشارين‪.‬‬
‫‪ ‬فيما يخص أعضاء الحكومة‬
‫تنص المادة ‪ 41‬من القانون التنظيمي‪ .‬رقم ‪ 065.13‬يتعلق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة والوضع‬
‫القانوني ألعضائها في الباب المتعلق باألحكام الختامية واالنتقالية خاصة الفقرة ‪ 3‬منه على‪" :‬وتظل‬
‫سارية المفعول‪ ،‬بصفة انتقالية‪ ،‬جميع األحكام التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالوضع القانوني ألعضاء‬

‫‪409‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫الحكومة الجاري بها العمل عند دخول هذا القانون التنظيمي حيز التنفيذ‪ :‬إلى حين تعويضها وفق‬
‫أحكامه‪".‬‬
‫ونظرا ألن المقصود باألحكام التي تبقى سارية المفعول المشار إليها‪ ،‬هو مقتضيات الظهير الشريف‬
‫رقم ‪ 1.08.72‬الصادر في ‪ 20‬من شوال ‪ 20( 1429‬أكتوبر ‪ )2008‬بتتميم الظهير الشريف‬
‫‪ 1.74.331‬الصادر في ‪ 11‬من ربيع اآلخر ‪ 23( 1395‬أبريل ‪ )1975‬بشأن حالة أعضاء الحكومة‬
‫وتأليف دواوينهم‪ ،‬فإن الفصل ‪ 2‬المكرر ثالث مرات منه يقضي بأنه يتعين على العضو في الحكومة‬
‫أن يصرح‪ ،‬داخل أجل التسعين (‪ )90‬يوما الموالية لتعيينه‪ ،‬بمجموع نشاطاته المهنية والمهام‬
‫االنتخابية التي يمارسها والممتلكات التي يملكها أو يملكها أوالده القاصرون أو يقوم بتدبيرها وكذا‬
‫المداخيل التي استلمها خالل السنة السابقة للسنة التي تم تعيينه فيها‪ .‬كما يتعين عليه في حالة انتهاء‬
‫مهمته ألي سبب آخر غير الوفاة‪ ،‬أن يقوم بالتصريح المنصوص عليه أعاله‪ ،‬داخل أجل التسعين‬
‫(‪ )90‬يوما يحتسب ابتداء من تاريخ انتهاء المهمة المذكورة‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬وبعد التعيين الملكي للحكومة الجديدة بتاريخ ‪ 08‬أكتوبر ‪ ،2021‬قام جميع أعضاء‬
‫الحكومة بإيداع التصريح بممتلكاتهم المتعلقة بهم بمناسبة بداية المهام‪ ،‬وذلك لدى كتابة الضبط‬
‫بالمجلس األعلى للحسابات‪.‬‬
‫‪ ‬بالنسبة للشخصيات المماثلة ألعضاء الحكومة‬
‫توصل المجلس األعلى للحسابات من األمانة العامة للحكومة بتاريخ ‪ 26‬فبراير ‪ 2019‬بقائمة تسع‬
‫شخصيات مماثلة ألعضاء الحكومة من حيث الوضعية اإلدارية‪ ،‬أدلى سبعة منهم بالتصريح األولي‬
‫أو التصريح بمثابة التجديد‪ ،‬في حين تخلف اثنين منهم‪ ،‬وذلك إلى حدود ‪ 30‬نوفمبر ‪.2022‬‬
‫‪ ‬رؤساء دواوين أعضاء الحكومة‬
‫توصل المجلس من األمين العام للحكومة بقائمة ستة رؤساء دواوين ألعضاء الحكومة المعينة وذلك‬
‫إلى متم شهر نوفمبر ‪ .2022‬وقد قام خمسة منهم‪ ،‬باإلدالء بالتصريح بممتلكاتهم بمناسبة استالم‬
‫المهام‪ ،‬بينما أدلى ثالثة رؤساء دواوين آخرين بتصاريحهم‪ ،‬لم ترد أسماؤهم ضمن القائمة المتوصل‬
‫بها‪ ،‬حيث تم تحميل المعلومات الخاصة بهم عند إدالئهم بالتصريح لدى كتابة الضبط بالمجلس‪.‬‬
‫أما فيما يخص رؤساء دواوين أعضاء الحكومة اآلخرين‪ ،‬فإن المجلس لم يتوصل بعد بقوائمهم االسمية‬
‫وال بالتصريح بممتلكاتهم‪.‬‬
‫▪ أعضاء مجلس النواب‬
‫طبقا للمادتين‪ 85.‬المكررة و‪ 85‬المكررة مرتين من القانون التنظيمي رقم ‪ 27.11‬المتعلق بمجلس‬
‫النواب‪ ،‬يلزم أعضاء مجلس النواب بإيداع التصريح بممتلكاتهم بمناسبة بداية االنتداب لدى األمانة‬
‫العامة لهيئة تلقي وتتبع ومراقبة التصريحات ألعضاء مجلس النواب داخل أجل التسعين (‪ )90‬يوما‬
‫الموالية لتاريخ افتتاح الوالية التشريعية الذي صادف ‪ 08‬أكتوبر ‪.2021‬‬
‫في هذا اإلطار‪ ،‬تلقت األمانة العامة للهيئة المذكورة ‪ 394‬تصريحا بالممتلكات بينما تخلف عن إيداعه‬
‫ثالثة أعضاء من المجلس المذكور‪ .‬أما بالنسبة ألعضاء مجلس النواب المنتهية واليتهم برسم الوالية‬
‫التشريعية ‪ ،2021-2016‬فقد سجلت األمانة العامة عدم إيداع ‪ 71‬تصريحا برسم نهاية االنتداب عن‬
‫نفس الفترة‪.‬‬
‫▪ أعضاء مجلس المستشارين‬
‫كما هو الشأن بالنسبة ألعضاء مجلس النواب‪ ،‬فإن أعضاء مجلس المستشارين ملزمون بإيداع‬
‫التصريح بممتلكاتهم بمناسبة بداية االنتداب‪ ،‬لدى األمانة العامة لهيئة تلقي وتتبع ومراقبة التصريحات‬
‫ألعضاء مجلس المستشارين داخل أجل التسعين (‪ )90‬يوما الموالية لتاريخ افتتاح الوالية التشريعية‪،‬‬
‫طبقا للمادتين ‪ 54‬المكرة و‪ 54‬المكررة مرتين من القانون التنظيمي رقم‪ 28.11‬المتعلق بمجلس‬
‫المستشارين‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪410‬‬


‫بهذا الخصوص‪ ،‬أدلى جميع أعضاء مجلس المستشارين المائة والعشرين (‪ )120‬بالتصريح‬
‫بممتلكاتهم‪ .‬أما بالنسبة لألعضاء المنتهية واليتهم برسم الوالية التشريعية ‪ ،2021-2016‬فقد سجلت‬
‫األمانة العامة للهيئة‪ ،‬إلى حدود ‪ 30‬شتنبر ‪ ،2022‬عدم إيداع ‪ 12‬تصريحا برسم نهاية االنتداب‪.‬‬
‫‪ .2‬حصيلة عملية تلقي وتتبع التصاريح بالممتلكات الخاصة بفئة الموظفين واألعوان‬
‫العموميين والمنتخبين المحليين الملزمين‬
‫▪ بخصوص عملية التلقي‬
‫خالل سنة ‪ ،2021‬تلقى المجلس األعلى للحسابات ‪ 1.501‬تصريحا بالممتلكات‪ ،‬منها ‪ 279‬تصريحا‬
‫عن فئة الموظفين واألعوان العموميين الخاضعين‪ ،‬و‪ 1.222‬عن الفئات األخرى خالل الفترة من‬
‫فاتح يناير ‪ 2021‬إلى غاية ‪ 30‬شتنبر ‪.2022‬‬
‫وبذلك‪ ،‬بلغ عدد التصاريح المودعة لدى المجلس األعلى للحسابات منذ دخول منظومة التصريح‬
‫بالممتلكات حيز التطبيق في سنة ‪ 2010‬ما مجموعه ‪ 49.153‬تصريحا‪ ،‬كما يوضح ذلك الجدول‬
‫التالي‪:‬‬
‫عدد التصاريح المودعة بالمجلس األعلى للحسابات عن الفترة ‪2021 – 2010‬‬
‫عدد التصاريح المودعة‬
‫السنوات‬
‫المجموع‬ ‫موظفون‬ ‫فئات أخرى‬
‫‪1.501‬‬ ‫‪279‬‬ ‫‪1.222‬‬ ‫‪2021‬‬
‫‪49.153‬‬ ‫‪43.783‬‬ ‫‪5.370‬‬ ‫‪2021-2010‬‬

‫أما بالنسبة للمجالس الجهوية للحسابات‪ ،‬فقد بلغ عدد التصاريح المودعة لديها ‪ 1.796‬تصريحا عن‬
‫فئة الموظفين واألعوان العموميين الملزمين خالل نفس الفترة‪ ،‬في حين بلغ عدد تصاريح المنتخبين‬
‫المحليين الملزمين ‪ 4.506‬تصريحا‪ ،‬كما يوضح ذلك الجدول التالي‪:‬‬
‫عدد التصاريح المودعة لدى المجالس الجهوية للحسابات عن فئة الموظفين واألعوان العموميين والمنتخبين المحليين‬
‫الملزمين عن الفترة ‪2021 – 2010‬‬
‫عدد التصاريح المودعة‬
‫السنوات‬ ‫مجلس الحسابات المعني‬
‫المجموع‬ ‫موظفون‬ ‫منتخبون‬
‫‪225‬‬ ‫‪160‬‬ ‫‪65‬‬ ‫‪2021‬‬
‫المجلس الجهوي للحسابات لجهة طنجة‪-‬تطوان – الحسيمة‬
‫‪33.959‬‬ ‫‪29.877‬‬ ‫‪4.082‬‬ ‫‪2021-2010‬‬
‫‪544‬‬ ‫‪154‬‬ ‫‪390‬‬ ‫‪2021‬‬
‫المجلس الجهوي للحسابات لجهة الشرق‬
‫‪40.963‬‬ ‫‪34.449‬‬ ‫‪6.514‬‬ ‫‪2021-2010‬‬
‫‪641‬‬ ‫‪118‬‬ ‫‪523‬‬ ‫‪2021‬‬
‫المجلس الجهوي للحسابات لجهة فاس – مكناس‬
‫‪46.185‬‬ ‫‪39.710‬‬ ‫‪6.475‬‬ ‫‪2021-2010‬‬
‫‪567‬‬ ‫‪127‬‬ ‫‪440‬‬ ‫‪2021‬‬
‫المجلس الجهوي للحسابات لجهة الرباط – سال – القنيطرة‬
‫‪33.611‬‬ ‫‪29.868‬‬ ‫‪3.743‬‬ ‫‪2021-2010‬‬
‫‪532‬‬ ‫‪136‬‬ ‫‪396‬‬ ‫‪2021‬‬
‫المجلس الجهوي للحسابات لجهة بني مالل – خنيفرة‬
‫‪10.714‬‬ ‫‪8.871‬‬ ‫‪1.843‬‬ ‫‪2021-2010‬‬
‫‪1.937‬‬ ‫‪547‬‬ ‫‪1.390‬‬ ‫‪2021‬‬
‫المجلس الجهوي للحسابات لجهة الدار البيضاء – سطات‬
‫‪36.501‬‬ ‫‪34.037‬‬ ‫‪2.464‬‬ ‫‪2021-2010‬‬
‫‪613‬‬ ‫‪232‬‬ ‫‪381‬‬ ‫‪2021‬‬
‫المجلس الجهوي للحسابات لجهة مراكش – آسفي‬
‫‪39.244‬‬ ‫‪34.749‬‬ ‫‪4.495‬‬ ‫‪2021-2010‬‬
‫‪715‬‬ ‫‪165‬‬ ‫‪550‬‬ ‫‪2021‬‬
‫المجلس الجهوي للحسابات لجهة درعة – تافياللت‬
‫‪9 361‬‬ ‫‪6.642‬‬ ‫‪2.719‬‬ ‫‪2021-2010‬‬
‫‪386‬‬ ‫‪104‬‬ ‫‪282‬‬ ‫‪2021‬‬
‫المجلس الجهوي للحسابات لجهة سوس – ماسة‬
‫‪29.410‬‬ ‫‪26.232‬‬ ‫‪3.178‬‬ ‫‪2021-2010‬‬
‫‪34‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪2021‬‬
‫المجلس الجهوي للحسابات لجهة كلميم – واد نون‬
‫‪4.027‬‬ ‫‪3.634‬‬ ‫‪393‬‬ ‫‪2021-2010‬‬

‫‪411‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫عدد التصاريح المودعة‬
‫السنوات‬ ‫مجلس الحسابات المعني‬
‫المجموع‬ ‫موظفون‬ ‫منتخبون‬
‫‪78‬‬ ‫‪23‬‬ ‫‪55‬‬ ‫‪2021‬‬
‫المجلس الجهوي للحسابات لجهة العيون – الساقية الحمراء‬
‫‪13.089‬‬ ‫‪12.455‬‬ ‫‪634‬‬ ‫‪2021-2010‬‬
‫‪30‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪2021‬‬
‫المجلس الجهوي للحسابات لجهة الداخلة –وادي الذهب‬
‫‪821‬‬ ‫‪633‬‬ ‫‪188‬‬ ‫‪2021-2010‬‬
‫‪6.302‬‬ ‫‪1.796‬‬ ‫‪4.506‬‬ ‫‪2021‬‬
‫المجموع العام‬
‫‪297.885 261.157 36.728‬‬ ‫‪2021-2010‬‬

‫بهذا‪ ،‬يكون عدد التصاريح المودعة لدى المجالس الجهوية للحسابات عن فئة المنتخبين المحليين‬
‫الملزمين قد بلغ ما مجموعه ‪ 36.728‬تصريحا منذ دخول منظومة التصريح بالممتلكات حيز التطبيق‬
‫في سنة ‪ 2010‬في حين بلغ هذا العدد عن فئة الموظفين واألعوان العموميين الملزمين‪ ،‬خالل نفس‬
‫الفترة‪ ،‬ما مجموعه ‪ 261.157‬تصريحا‪ ،‬أي بما مجموعه ‪ 297.885‬تصريحا‪.‬‬
‫▪ بخصوص عملية تتبع التصاريح‬
‫خالل سنة ‪ ،2021‬وجهت المحاكم المالية ‪ 5.679‬إنذارا للملزمين الموظفين واألعوان العموميين‬
‫الذين أخلوا بواجب التصريح وذلك بناء على المعطيات المحملة بالمنصة الرقمية المعدة لهذا الغرض‪.‬‬
‫ويتعلق األمر ب ‪ 4.398‬منهم لم يدلوا بالتصريح األولي أو لم يجددوه‪ ،‬وب ‪ 1.281‬لم يدلوا بالتصريح‬
‫بمناسبة انتهاء المهام‪.‬‬
‫أما بالنسبة للمنتخبين أعضاء مكاتب الجماعات الترابية والغرف المهنية المخلين بواجب التصريح‬
‫بالممتلكات‪ ،‬فقد وجهت المجالس الجهوية للحسابات ‪ 5.021‬إنذارا منذ ‪ 15‬يونيو ‪ ،2022‬منها ‪1.228‬‬
‫موجهة للمنتخبين المخلين بواجب إيداع التصاريح الموالية لمباشرة المهام أو التجديد الدوري‪ ،‬فيما‬
‫‪ 3.793‬تم توجيهه للمنتخبين المخلين بإيداع التصريح الموالي لنهاية االنتداب‪.‬‬
‫يجدر التذكير‪ ،‬في هذا الصدد‪ ،‬بأن المادة ‪ 7‬من القانون رقم ‪ 54.06‬المتعلق بإحداث التصريح‬
‫اإلجباري لبعض منتخبي المجالس المحلية والغرف المهنية وبعض فئات الموظفين أو األعوان‬
‫العموميين بممتلكاتهم‪ ،‬تمنح الملزمين من فئة المنتخبين المنذرين أجل ستين (‪ )60‬يوما أيضا‪ ،‬من‬
‫تاريخ التوصل باإلنذار قصد تسوية الوضعية‪ ،‬وإذا لم يقم المعنيون باألمر بتسوية وضعيتهم داخل‬
‫هذه اآلجال‪ ،‬يرفع رئيس المجلس الجهوي للحسابات المختص األمر إلى رئيس الحكومة الذي يصدر‬
‫مرسوما معلال بعزل الممتنع عن التصريح من عضوية المجلس الترابي أو الغرفة المهنية‪ .‬ويتخذ‬
‫وزير الداخلية قرارا بتوقيف المعني باألمر مؤقتا إلى حين صدور مرسوم العزل‪.‬‬
‫أما بالنسبة للملزمين من فئة الموظفين واألعوان العموميين‪ ،‬فإن نفس القانون يمنح المنذرين منهم‬
‫أجل ستين يوما (‪ )60‬من تاريخ التوصل باإلنذار قصد تسوية الوضعية‪ ،‬وإذا لم يقم المعنيون باألمر‬
‫بتسوية وضعيتهم داخل هذه اآلجال‪ ،‬يرفع الرئيس األول للمجلس األعلى للحسابات األمر للسلطة‬
‫الحكومية التابع لها الملزم المخل‪ ،‬حيث يتعرض هذا األخير للعزل من الوظيفة أو فسخ العقد‪ ،‬من‬
‫طرف السلطة الحكومية التي لها حق التأديب بالرغم من كل المقتضيات المخالفة‪ ،‬طبقا ألحكام المادة‬
‫‪ 11‬من القانون رقم ‪ 54.06‬سالف الذكر‪.‬‬
‫وعندما يتعلق األمر بعدم التصريح بمناسبة انتهاء المهام أو االنتداب ألي سبب من األسباب غير‬
‫الوفاة‪ ،‬تتم إحالة الملف على الجهة القضائية المختصة قصد تطبيق العقوبات المنصوص عليها في‬
‫القانون الجنائي‪.‬‬

‫ثانيا‪ .‬نتائج فحص قوائم الملزمين بالتصريح بالممتلكات‬


‫تكتسي قوائم الملزمين بالتصريح اإلجباري بالممتلكات أهمية كبرى في تحديد نطاق اختصاص‬
‫التصريح بالممتلكات‪ ،‬حيث حدد القانون لكل فئة من الملزمين السلطة المؤهلة لتحديد وحصر القائمة‬
‫المتعلقة بها وتحيينها‪ ،‬حسب المهام والسلط الموجبة للتصريح‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪412‬‬


‫وبالنظر إلى اإلكراهات التي اعترت ممارسة هذا االختصاص‪ ،‬والمتعلقة باألساس بوضع قوائم‬
‫الملزمين بالتصريح وشروط وكيفيات حصرها وتوجيهها إلى المحاكم المالية‪ ،‬وكذا آثارها على‬
‫عمليتي التتبع والمراقبة‪ ،‬فقد أولى المجلس عناية خاصة لفحص وتحليل القوائم المودعة لديه‪ ،‬بهدف‬
‫تجاوز النقائص التي تشوبها وبالتالي الرفع من فعالية منظومة التصريح اإلجباري بالممتلكات في‬
‫تخليق الحياة العامة وربط المسؤولية بالمحاسبة‪.‬‬
‫في هذا اإلطار‪ ،‬أسفرت عملية فحص وتحليل قوائم الملزمين من فئة الموظفين واألعوان العموميين‬
‫الذين يشكلون أكثر من ‪ %90‬من مجموع الملزمين‪ ،‬عن تسجيل مالحظات تتعلق بكيفية تحديد‬
‫وتصنيف المهام الموجبة للتصريح بالممتلكات طبقا للمقتضيات ذات الصلة‪ ،‬وأخرى تخص السلطة‬
‫المؤهلة لوضع وحصر هذه القوائم‪.‬‬
‫‪ .1‬بشأن تحديد المهام الموجبة للتصريح بالممتلكات ومدى التقيد بالمقتضيات القانونية‬
‫المتعلقة بالقوائم‬
‫حددت المادة الثانية من القانون رقم ‪ 54.06‬سالف الذكر فئة الموظفين واألعوان العموميين الملزمين‬
‫بالتصريح بممتلكاتهم في‪:‬‬

‫• األشخاص المعينون في مناصبهم بظهير شريف؛‬


‫• الموظفون واألعوان التابعون للدولة والجماعات المحلية والمنشآت العامة والهيئات‬
‫األخرى المخول لهم سلطة‪:‬‬
‫‪ -‬األمر بصرف النفقات وقبض المداخيل أو ممارسة مهمة مراقب أو محاسب‬
‫عمومي طبقا ألحكام القانون رقم ‪ 61-99‬المتعلق بتحديد مسؤولية اآلمرين‬
‫بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين؛‬
‫‪ -‬تحديد وعاء الضرائب والرسوم وكل عائد آخر مأذون به بموجب النصوص‬
‫التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل؛‬
‫‪ -‬قبض وتحصيل الضرائب والرسوم والعائدات والمداخيل واألجرة عن الخدمات‬
‫المقدمة والمخصصة للدولة والجماعات المحلية والمنشآت العامة والهيئات‬
‫األخرى كما تم تعريفها في المادة األولى من القانون رقم ‪ 69-00‬المتعلق‬
‫بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة وهيئات أخرى؛‬
‫‪ -‬اإلذن بمنح امتياز أو بتفويت أو باستغالل ملك أو مرفق عمومي أو خاص تابع‬
‫للدولة أو الجماعات المحلية أو المؤسسات العامة؛‬
‫‪ -‬القيام بتدبير األموال وحفظ القيم والسندات وتسلم الودائع والكفاالت؛‬
‫‪ -‬مهام المراقبة ومعاينة المخالفات لنصوص تشريعية وتنظيمية خاصة وزجر‬
‫المخالفات المذكورة؛‬
‫‪ -‬تسليم الرخص أو اإلجازات أو األذون أو االعتمادات؛‬
‫‪ -‬تسجيل أو تقييد امتياز أو حق عيني أو حق غير مادي‪.‬‬
‫• الموظفون واألعوان‪ ،‬غير أولئك المشار إليهم أعاله‪ ،‬المكلفون بمهمة عمومية‬
‫والحاصلون على تفويض باإلمضاء فيما يتعلق باألعمال واإلجراءات المشار إليها في‬
‫البند ‪ 2‬أعاله أو بأعمال قد يكون لها أثر مباشر أو غير مباشر على المال العام‪.‬‬
‫كما تضيف المادة ‪ 14‬من نفس القانون فئة رابعة من الملزمين تتشكل من الموظفين أو األعوان‬
‫العموميين الذين تجعلهم مهامهم أو مسؤولياتهم في وضعية مماثلة لألشخاص المشار إليهم في المادة‬
‫‪ 2‬أعاله‪ ،‬والذين يمكن للحكومة أن تخضعهم للتصريح اإلجباري بالممتلكات‪ ،‬أخذا في االعتبار التنظيم‬
‫الحكومي واإلداري‪.‬‬

‫‪413‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫وإذا كانت أهمية تحديد المهام والسلط الموجبة للتصريح تتجلى في تبيان وتقييم درجة المخاطر على‬
‫المال العام‪ ،‬التي تحف المنصب أو المهام التي يشغلها الملزم‪ ،‬فقد تم في هذا الشأن تسجيل المالحظات‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪ ‬إعمال سلطة تقديرية واسعة في تحديد المهام الموجبة للتصريح‬
‫إذا كانت فئة الملزمين الواردين في الفقرتين ‪ 1‬و‪ 2‬من المادة ‪ 2‬ال تطرح أي إشكال بالنظر إلى التحديد‬
‫الواضح لهذه المهام‪ ،‬والتي ترتبط بمعيار سلطة التعيين (ظهير شريف) ومعيار ممارسة السلطة‬
‫المالية داخل جهاز عمومي‪ ،‬فإن الفئتين الواردتين في الفقرة ‪ 3‬من نفس المادة وفي المادة ‪ 14‬تمنح‬
‫للسلطة الحكومية المؤهلة لحصر اللوائح سلطة تقديرية واسعة في تحديد األشخاص الملزمين‪ ،‬سواء‬
‫عند تحديد األعمال التي يكون لها أثر مباشر أو غير مباشر على المال العام‪ ،‬أو التي ترتبط‬
‫بخصوصيات جهاز معين ومدى تشابههما بالمهام المشار إليها في الفقرتين ‪ 1‬و‪.2‬‬
‫وقد ترتب عن التوسيع في إعمال هذه السلطة التقديرية إدراج موظفين وأعوان ضمن الملزمين ال‬
‫يمارسون مهام أو صالحيات ذات صلة بتدبير المال العام‪.‬‬
‫‪ ‬عدم الدقة في تحديد المهام والسلط الموجبة للتصريح في القوائم‬
‫بالرغم من كون المهام والسلط الموجبة للتصريح تعتبر العنصر األساسي في تحديد الصفة الموجبة‬
‫للتصريح وبالتالي إدراج المسؤولين المعنيين ضمن قوائم الملزمين‪ ،‬فقد لوحظ من خالل فحص قوائم‬
‫األشخاص الملزمين بالتصريح لدى المجلس األعلى للحسابات‪ ،‬والبالغ عددهم ‪ 15.439‬ملزما أن‬
‫عدد الملزمين الذين تم تحديد المهام الموكولة إليهم في هذه القوائم بشكل دقيق بلغ ‪ ،5.206‬أي بنسبة‬
‫ال تتجاوز ‪ % 34‬من مجموع الملزمين‪ .‬في حين لم يتم تحديد المهام ل ‪ 9.837‬ملزم‪ ،‬أي ما يمثل‬
‫‪ %64‬من مجموع الملزمين المعنيين‪.‬‬
‫‪ ‬عدم شمولية قوائم الملزمين‬
‫يتضح من خالل مراجعة قاعدة المعطيات المتعلقة بالتصاريح المودعة‪ ،‬أن عدد األشخاص المصنفين‬
‫طبقا لمعيار التعيين بظهير شريف‪ ،‬لم يتجاوز ‪ 360‬ملزما من مجموع الملزمين‪ ،‬أي ما يمثل ‪%2‬‬
‫فقط‪ ،‬علما أن هناك ملزمين معينين في مناصبهم بظهير شريف (‪ 3.422‬من رجال السلطة) لم يصنفوا‬
‫ضمن هذه الفئة‪.‬‬
‫كما تبين أن أشخاصا يتقلدون مهمة آمر بالصرف‪ ،‬وفقا للتعريف الوارد في القانون رقم ‪61-99‬‬
‫المتعلق بتحديد مسؤولية اآلمرين بالصرف والمراقبين والمحاسبين العموميين‪ ،‬لم ترد بياناتهم ضمن‬
‫القائمة‪ ،‬السيما في قطاعات التربية الوطنية والتعليم العالي والصحة‪.‬‬
‫في نفس السياق‪ ،‬أظهر الفحص اقتصار بعض القوائم على ملزم واحد فقط‪ ،‬على الرغم من كون‬
‫الهياكل التنظيمية للمؤسسات المعنية تخول لمسؤوليها سلطات ومهام لها أثر مباشر على تدبير المال‬
‫العام‪ ،‬ويتعلق األمر بقطاعات الفالحة والتربية الوطنية والتعليم األولي والصحة والتكوين المهني‬
‫والطافة والمعادن‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فقد طال التقصير في شمولية القوائم‪ ،‬قطاعات حكومية لم تدرج مسؤولي مؤسسات‬
‫عمومية تابعة لها ضمن قوائم الملزمين‪ .‬ويتعلق األمر بسبع (‪ )07‬مؤسسات عمومية من أصل ‪260‬‬
‫مؤسسة أو شركة عمومية‪.‬‬
‫‪ ‬عدم اعتماد معايير موحدة في اإلدراج في القوائم برسم نفس القطاع‬
‫في هذا الصدد‪ ،‬لوحظ اختالف وتباين في المعايير المعتمدة من طرف نفس السلطة الحكومية المؤهلة‬
‫لحصر قوائم الملزمين عند تحديد الملزمين داخل أجهزة تتوفر على نفس االختصاصات وتعتمد نفس‬
‫الهيكل التنظيمي‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة لألكاديميات الجهوية للتربية والتكوين بقطاع التربية الوطنية‪،‬‬
‫حيث ضمت قوائم ست (‪ )06‬أكاديميات رؤساء مراكز إقليمية في حين استثنت األكاديميات األخرى‬
‫هذا المنصب من قائمة ملزميها‪ .‬نفس األمر يتعلق بالمراكز االستشفائية الجامعية بقطاع الصحة‪،‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪414‬‬


‫حيث أدرج ملزم واحد فقط بقائمة مركز استشفائي جامعي بينما أدرج ‪ 70‬ملزما بمركز استشفائي‬
‫آخر‪.‬‬
‫وتبعا لما سبق‪ ،‬يتبين أن تطبيق مقتضيات المادتين ‪ 2‬و‪ 14‬المشار إليهما أعاله‪ ،‬والمتعلقة بالمهام‬
‫والسلط الموجبة للتصريح‪ ،‬يتم بطرق ومستويات متباينة تفتقر لمعايير منسجمة وشاملة‪ ،‬إذ أن ممارسة‬
‫نفس المهام أو نفس السلط ال يترتب عنه بالضرورة إدراج المسؤولين المعنيين بقائمة الملزمين‪ ،‬سواء‬
‫بين األجهزة العمومية بصفة عامة أو بين أجهزة متشابهة أو حتى داخل نفس الجهاز‪.‬‬
‫لذا‪ ،‬يوصي المجلس بإعادة النظر في تحديد المهام والسلط الموجبة لإلدراج بقائمة الملزمين‪،‬‬
‫وضرورة تصنيفها مراعاة للفئات المحددة بالمادتين ‪ 2‬و‪ 14‬من القانون رقم ‪ 54.06‬من خالل‬
‫اعتماد معايير موحدة بشأن إعمال السلطة التقديرية‪.‬‬
‫‪ .2‬بشأن السلطة المؤهلة لوضع القوائم وحصرها وتحيينها‬
‫طبقا للمادة ‪ 6‬من القانون ‪ 54.06‬المذكور أعاله‪ ،‬توجه السلطة الحكومية التابع لها الملزم بالتصريح‪،‬‬
‫إلى رئيس مجلس الحسابات المختص قائمة بأسماء الموظفين واألعوان العموميين الملزمين‪ ،‬وكذا‬
‫التغييرات التي يمكن أن تدخل عليها‪ ،‬وذلك باعتبارها صاحبة االختصاص في وضع وحصر قوائم‬
‫األشخاص الملزمين العاملين بالمصالح المركزية والالممركزة وبالمؤسسات العمومية التابعة لها‪.‬‬
‫ونظرا لألهمية القصوى التي تكتسي هذه العملية‪ ،‬فقد أسند منشور الوزير األول رقم ‪ 3/2010‬الصادر‬
‫بتاريخ ‪ ،2010/03/10‬ألعضاء الحكومة والمندوبين السامين والمندوب العام مسؤولية حصر قوائم‬
‫األشخاص الملزمين‪ ،‬مفصلة حسب كل فئة من الفئات األربعة الواردة في المادتين ‪ 2‬و‪ 14‬من القانون‬
‫‪ 54.06‬سالف الذكر‪.‬‬
‫في هذا المجال‪ ،‬لوحظ ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬بشأن تحديد السلطة المؤهلة لوضع وحصر القوائم‬
‫قبل اعتماد المنصة اإللكترونية لتحميل قوائم الملزمين من طرف ممثلي السلطة الحكومية في فبراير‬
‫‪ ،2019‬كان المجلس األعلى للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات تتوصل بقوائم يتم حصرها‬
‫وتوقيعها من طرف مسؤولين من مستويات مختلفة (مدير مركزي أو رئيس قسم أو رئيس مصلحة)‪،‬‬
‫بدون إرفاقها بقرار التفويض في اإلمضاء من طرف السلطة صاحبة االختصاص األصلي‪.‬‬
‫وبعد صدور منشور رئيس الحكومة رقم ‪ 01/2019‬بتاريخ ‪ 08‬يناير ‪ ،2019‬الذي يقتضي تعيين‬
‫مخاطب برسم كل قطاع حكومي يعهد إليه تحميل وتحيين قوائم الملزمين بالتصريح المنتمين إلى‬
‫أسالكه‪ ،‬واعتماد المنصة اإللكترونية‪ ،‬صارت عملية وضع وحصر القوائم المادية وتم االستغناء‬
‫ضمنيا عن القوائم الموجهة على الحامل الورقي‪ ،‬األمر الذي يتعذر معه تحديد الجهة التي تولت وضع‬
‫وحصر هذه القوائم‪.‬‬
‫‪ ‬التقصير في التحيين المنتظم للقوائم‬
‫يالحظ‪ ،‬من خالل فحص قوائم الملزمين بالمنصة اإللكترونية المعدة لهذا الغرض من طرف المجلس‪،‬‬
‫تأخر السلطات الحكومية في تبليغ المجلس في حينه بالتغييرات التي تطرأ على وضعية الملزمين‪،‬‬
‫خاصة أن هذه الوضعية تتسم بالدينامية والتجدد بصفة دورية سواء تعلق األمر باستالم مهام جديدة‬
‫موجبة للتصريح أو انتهائها‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬سجل المجلس قوائم تم تحميلها ألول مرة في فبراير ‪ ،2019‬ولم يتوصل بالتغييرات التي‬
‫طرأت عليها حتى حلول أجل تجديد التصاريح في فبراير ‪ ،2022‬بالرغم من أن فترة الثالث سنوات‬
‫المنصرمة بين سنتي ‪ 2019‬و‪ 2022‬كانت قد عرفت تغييرات في وضعيات األشخاص الملزمين‬
‫المدرجين في هذه القوائم‪.‬‬

‫‪415‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫كما لوحظ أن بعض القطاعات قامت بتحميل قوائم ملزميها لمرة واحدة منذ فبراير ‪ ،2019‬علما أن‬
‫هذه القطاعات عرفت تغييرات في وضعية ملزميها‪ ،‬خاصة فيما يتعلق بانتهاء المهام‪ ،‬حيث يتقدم‬
‫ملزمون لإلدالء بالتصريح بمناسبة انتهاء المهام‪ ،‬في حين يتبين‪ ،‬بالرجوع إلى القوائم التي تم تحميلها‬
‫بالمنصة االلكترونية عدم تحيين وضعيتاهم عبر إضافة المعطيات المتعلقة بانتهاء المهام‪.‬‬
‫وفي نفس السياق‪ ،‬لوحظ أنه من أصل ‪ 37‬قطاعا حكوميا وأزيد من ‪ 260‬مؤسسة عمومية‪ ،‬تم تحيين‬
‫قوائم ‪ 31‬جهازا عموميا فقط‪ ،‬أي بنسبة لم تتجاوز ‪ %10‬وذلك تزامنا مع نهاية رابع فترة تجديد‬
‫التصاريح (منذ نهاية شهر مارس ‪ 2022‬إلى حدود ‪ 20‬شتنبر ‪.)2022‬‬
‫تجدر اإلشارة إلى أنه‪ ،‬ونظرا لما قد يترتب عن عدم تحيين قوائم الملزمين‪ ،‬السيما الحد من راهنية‬
‫عملية تتبع التصريح بالممتلكات وهدر الجهد والموارد‪ ،‬خصوصا عندما يتبين أن األشخاص المعنيين‬
‫غادروا األجهزة المعنية إما بسبب إحالتهم على التقاعد‪ ،‬أو فسخ عقودهم‪ ،‬أو تقديم استقالتهم‪ ،‬فقد دأب‬
‫المجلس‪ ،‬من أجل تجاوز هذه الوضعية‪ ،‬على نهج مقاربة بيداغوجية ومواكبة في هذا المجال عبر‬
‫توجيه مراسالت تذكيرية للسلطات الحكومية قبيل كل مرحلة تجديد‪ ،‬وكذا تنظيم أيام دراسية وتواصلية‬
‫بهدف المواكبة والتحسيس بأهمية التحيين وأثره على المراحل الموالية لمسطرة التتبع والمراقبة‬
‫للتصاريح‪.‬‬
‫وباإلضافة إلى التقصير الملحوظ في ممارسة السلطات الحكومية المؤهلة لمهامها اإلشرافية فيما‬
‫يخص عملية ضبط وحصر قوائم الملزمين‪ ،‬تجدر اإلشارة إلى أن من بين أسباب التأخر في توجيه‬
‫وتحيين القوائم بأسماء الملزمين إلى المجلس األعلى للحسابات‪ ،‬من فئة الموظفين واألعوان‬
‫العموميين‪ ،‬عدم تنصيص القانون ‪ 54.06‬المذكور أعاله‪ ،‬على أجل محدد يلزم السلطات الحكومية‬
‫المؤهلة بوضع القوائم المعنية فور دخول اإلجراء الملزم بالتصريح بالممتلكات حيز التنفيذ (من‬
‫استالم للمهام أو انتهائها)‪ ،‬باستثناء قائمة المنتخبين الملزمين حيث تقتضي الفقرة ‪ 5‬من المادة األولى‬
‫من القانون ‪ 54.06‬المذكور أعاله أن يوجه وزير الداخلية أو السلطة المفوضة من لدنه لهذا الغرض‪،‬‬
‫إلى رئيس المجلس الجهوي للحسابات المختص‪ ،‬القائمة بأسماء الملزمين وكذا التغييرات التي تدخل‬
‫عليها داخل أجل شهر من تسلمهم مهامهم‪.‬‬
‫لذا‪ ،‬يوصي المجلس بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬مراجعة المقتضيات القانونية المتعلقة بالسلطة المؤهلة لوضع القوائم والتفويض‬
‫بشأنها؛‬
‫‪ -‬تفعيل الوظيفة اإلشرافية والتأطيرية للسلطات الحكومية فيما يخص عملية إعداد‬
‫وحصر قوائم الملزمين وممارسة اختصاصها طبقا لألحكام ذات الصلة‪ ،‬وكذا السهر‬
‫على التحيين المنتظم لهذه القوائم؛‬
‫‪ -‬العمل على تحديد آجال مضبوطة في حدود شهر على األكثر من دخول اإلجراء الملزم‬
‫بالتصريح‪ ،‬لوضع القوائم المعنية‪ ،‬لما لذلك من أهمية في تمكين المجلس من تتبع‬
‫إيداع التصريحات طبقا لآلجال المنصوص عليها قانونا؛‬
‫‪ -‬العمل على استكمال رقمنة مسطرة تحميل القوائم من المنبع‪ ،‬عبر رقمنة حصر وتحيين‬
‫قوائم الملزمين بالنظام المعلوماتي لتدبير الموارد البشرية لدى القطاعات الحكومية‪.‬‬

‫ثالثا‪ .‬مالحظات بشأن تعبئة نماذج التصاريح المودعة لدى المجلس‬


‫في إطار تنزيل اإلطار القانوني للتصريح بالممتلكات‪ ،‬صدر المرسوم رقم ‪ 2.09.207‬في ‪ 20‬من‬
‫ذي الحجة ‪ 8( 1430‬ديسمبر ‪ )2009‬المتعلق بتحديد نموذج التصريح ووصل التسلم وبالحد األدنى‬
‫لقيمة األموال المنقولة الواجب التصريح بها‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪416‬‬


‫وقد أسفر فحص عينة من التصاريح بالممتلكات عن مالحظات أولية بشأن كيفيات تعبئة نموذج‬
‫التصريح من طرف الملزمين وتتبع ومقارنة البيانات المضمنة به ومدى اتساقها من حيث الشكل‪،‬‬
‫نوردها كاآلتي‪:‬‬
‫‪ .1‬فيما يخص تعبئة نموذج التصريح‬
‫‪ ‬تصاريح معبأة بطريقة غير سليمة‬
‫كشفت عملية فحص التصاريح عن التقصير في تعبئة جميع مكونات النموذج بالدقة الالزمة وبشكل‬
‫صحيح‪ ،‬كما يتبين من خالل المالحظات التالية‪:‬‬
‫‪ -‬تعبئة نماذج بشكل ناقص وغير كامل‪ ،‬حيث أنها ال تضم الصفحات السبعة (‪ )07‬بكاملها‪،‬‬
‫كما حددها الملحق بالمرسوم رقم ‪ 2.09.207‬سالف الذكر؛‬
‫‪ -‬تسجيل تفاسير مختلفة لنفس المكون بالنموذج كالخلط بين تاريخ التوظيف وتاريخ التعيين‬
‫في المهمة أو إدراج الممتلكات العقارية ضمن األموال المنقولة أو التصريح بالراتب السنوي‬
‫اإلجمالي وليس الصافي في إطار المداخيل المستلمة للسنة السابقة للتعيين‪ .‬ويرجع ذلك‬
‫أساسا إلى قراءات غير موحدة لمكونات النموذج‪،‬‬
‫‪ -‬بيانات محررة بخط غير واضح أو تم التشطيب عليها بدل تعبئة النموذج من جديد؛‬
‫‪ -‬اللجوء إلى نسخ مصورة من التصريح السابق لإلدالء بالتصريح بمناسبة التجديد؛‬
‫‪ -‬تعدد األخطاء المتعلقة باالختيار الصحيح للصفحة أو الجدول المعني بالمعطيات كتعبئة‬
‫معطيات عن مداخيل في جدول غير معني دون ذكرها بين المنقوالت‪.‬‬
‫‪ -‬إغفال تعبئة جميع المعطيات اإلدارية الخاصة بالملزم كتاريخ التعيين أو المهام‪ ،‬أو الرقم‬
‫االستداللي لألجر‪ ،‬أو تاريخ االزدياد أو المعطيات المتعلقة بالممتلكات العقارية من رقم‬
‫المرجع العقاري والقيمة الشرائية أو مساحة العقار وأصله أو تاريخ تملكه أو المعطيات‬
‫المتعلقة باألموال المنقولة من قبيل قيمتها الشرائية وصنفها وتاريخ تملكها أو القيمة األحادية‬
‫للسندات وعددها أو إغفال اإلدالء برقم الحساب البنك‪.‬‬
‫‪ .2‬من حيث تطابق المضمون واتساقه‬
‫في هذا اإلطار‪ ،‬يالحظ من خالل فحص مدى تطابق واتساق البيانات المضمنة بالتصاريح‪ ،‬أن بعض‬
‫التصاريح بالممتلكات يشوبها عدم اتساق المعطيات ضمن نفس التصريح‪ ،‬حيث يتم اإلقرار مثال‬
‫بديون في إطار ا لمداخيل المستلمة خالل السنة السابقة للتعيين‪ ،‬أو اإلدالء بالمدة المتبقية لسداد الدين‬
‫بدل األقساط الشهرية والمبلغ الباقي سداده وذلك في غياب معطيات عن تاريخ الدين أو الجهة‬
‫المقرضة‪.‬‬
‫كما أظهرت المقارنة بين التصاريح المتتالية لنفس الملزم عدم اتساق المعطيات بين هذه التصاريح‬
‫واختالف في البيانات المصرح بها‪ ،‬من قبيل‪:‬‬
‫‪ -‬عدم التصريح بالمداخيل المستلمة خالل السنة السابقة للتعيين عند التصريح األولي وتدارك‬
‫األمر الحقا بمناسبة تجديد التصريح؛‬
‫‪ -‬تغيير في بيانات القرض من تصريح آلخر وفي المعطيات الخاصة بالقيمة الشرائية‬
‫وبتاريخ التملك وبالحصة في الملكية بين التصريح األولي وتصريح التجديد؛‬
‫‪ -‬إغفال التصريح بمآل عقار في التصريحات الموالية أو بعقارات في التصريح األولي رغم‬
‫أن تاريخ التملك يعود لسنوات سابقة؛‬
‫‪ -‬عدم التصريح بجميع الممتلكات المدلى بها في تصريح سابق واالكتفاء بإضافة عقار دون‬
‫تحديد طبيعته‪.‬‬

‫‪417‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫وكما يتبين من خالل المالحظات أعاله‪ ،‬فإن نموذج التصريح بالممتلكات‪ ،‬الملحق بالمرسوم رقم‬
‫‪ 2.09.207‬المذكور أعاله‪ ،‬يستلزم إعادة النظر في بلورته حتى يصبح نموذجا واضحا وسهل‬
‫االستيعاب من طرف جميع الملزمين بما يحد من هامش التأويل واالختالف في تحديد الغرض من‬
‫البيانات موضوع التعبئة‪ .‬كما يتعين اعتماد التعبئة اإللكترونية للتصريح بالممتلكات قصد تيسير ولوج‬
‫قواعد المعطيات لدى اإلدارات والمؤسسات العمومية للتبادل اإللكتروني للمعطيات وتسريع وتبسيط‬
‫البحث والتحري بشأن صحة المعلومات المصرح بها‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪418‬‬


‫الفصل السابع‪ :‬تدقيق حسابات األحزاب السياسية وفحص النفقات‬
‫المتعلقة بالعمليات االنتخابية‬

‫قام المجلس األعلى للحسابات بتدقيق الحسابات السنوية لألحزاب السياسية وفحص صحة نفقاتها‬
‫المتعلقة بالدعم السنوي الممنوح لها للمساهمة في تغطية مصاريف تدبيرها وكذا مصاريف تنظيم‬
‫مؤتمراتها الوطنية العادية برسم السنة المالية ‪ ،2020‬وبفحص حسابات الحمالت االنتخابية من طرف‬
‫األحزاب السياسية والمنظمات النقابية والمترشحين برسم استحقاقات ‪ ،2021‬وذلك طبقا ألحكام‬
‫الفصل ‪ 147‬من الدستور ولمقتضيات المادة ‪ 3‬من القانون رقم ‪ 62.99‬المتعلق بمدونة المحاكم‬
‫المالية‪ ،‬كما تم تغييرها وتتميمها وللقوانين التنظيمية ذات الصلة‪.1‬‬

‫أوال‪ .‬فحص النفقات المتعلقة بالعمليات االنتخابية‬


‫تميزت سنة ‪ 2021‬بتنظيم استحقاقات انتخابية عامة تخص انتخاب أعضاء مجلس النواب والمجالس‬
‫الجماعية والجهوية (اقتراع ‪ 8‬شتنبر) ومجالس العماالت واألقاليم (اقتراع ‪ 21‬شتنبر) ومجلس‬
‫المستشارين (اقتراع ‪ 5‬أكتوبر)‪ .‬في هذا اإلطار‪ ،‬اتخذ المجلس عدة إجراءات من أجل تسهيل عملية‬
‫تقديم حسابات الحمالت االنتخابية لألحزاب السياسية والمنظمات النقابية والمترشحين‪ ،‬من بينها ما‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تحسيس ومواكبة وتذكير األطر المكلفة بالتسيير اإلداري ومسك المحاسبة لدى كل حزب‬
‫أو منظمة نقابية على حدة بكيفيات تقديم حسابات الحمالت االنتخابية‪ ،‬مع التأكيد على‬
‫ضرورة اإلدالء بحساب خاص بكل اقتراع واحترام اآلجال القانونية لإليداع (عقد لقاءات‬
‫تواصلية أيام ‪ 9‬و‪ 10‬و‪ 11‬و‪ 21‬و‪ 22‬مارس ‪(2020‬؛‬
‫‪ -‬تذكير األطر المكلفة بالتسيير المالي واإلداري والتواصل لألحزاب السياسية والمنظمات‬
‫النقابية بالمستجدات التشريعية والتنظيمية‪ ،‬وكذا بالمسؤولية القانونية المترتبة عن تدبير‬
‫الدعم العمومي والمشاركة في العمليات االنتخابية‪ ،‬ووضع رهن إشارتهم جميع النصوص‬
‫القانونية والتنظيمية المحينة (تنظيم يوم دراسي بتاريخ ‪ 16‬شتنبر ‪)2021‬؛‬
‫‪ -‬وضع منصة معلوماتية لتيسير عملية إيداع حسابات الحمالت االنتخابية من طرف األحزاب‬
‫السياسية والمنظمات النقابية والمترشحين‪.‬‬
‫‪ .1‬حسابات الحمالت االنتخابية لألحزاب السياسية والمنظمات النقابية‬
‫بلغت مساهمة الدولة في تمويل الحمالت االنتخابية لألحزاب السياسية برسم اقتراع ‪ 8‬شتنبر ‪2021‬‬
‫ما مجموعه ‪ 336,94‬مليون درهم‪ ،‬استفاد منها ثمانية وعشرون (‪ )28‬حزبا على الشكل التالي‪:‬‬
‫‪ 157,66 -‬مليون درهم برسم انتخاب أعضاء مجلس النواب؛‬
‫‪ 99,54 -‬مليون درهم برسم انتخاب أعضاء المجالس الجماعية؛‬
‫‪ 79,74 -‬مليون درهم برسم انتخاب أعضاء المجالس الجهوية‪.‬‬

‫‪ 1‬المادتان ‪ 44‬و‪ 45‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 29.11‬المتعلق باألحزاب السياسية والمادة ‪ 96‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 27.11‬المتعلق‬
‫بمجلس النواب والمادة ‪ 97‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 28.11‬المتعلق بمجلس المستشارين والمادة ‪ 158‬من القانون التنظيمي رقم ‪59.11‬‬
‫المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية والمادة ‪ 131‬من القانون رقم ‪ 57.11‬المتعلق باللوائح االنتخابية العامة وعمليات االستفتاء‬
‫واستعمال وسائل االتصال السمعي البصري العمومية خالل الحمالت االنتخابية واالستفتائية‪.‬‬

‫‪419‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫كما بلغ ت مساهمة الدولة في تمويل الحمالت االنتخابية لألحزاب السياسية والمنظمات النقابية برسم‬
‫اقتراع ‪ 5‬أكتوبر ‪ 2021‬النتخاب أعضاء مجلس المستشارين ما مجموعه ‪ 19,34‬مليون درهم لفائدة‬
‫إثني عشر (‪ )12‬حزبا (‪ 11,34‬مليون درهم) وإحدى عشر (‪ )11‬منظمة نقابية (‪ 8‬مليون درهم)‪.‬‬
‫في هذا اإلطار‪ ،‬قامت جميع األحزاب السياسية والمنظمات النقابية المستفيدة من الدعم باإلدالء‬
‫بحسابات حمالتها االنتخابية للمجلس األعلى للحسابات‪ ،‬وذلك من أجل فحص مستندات إثبات صرف‬
‫المساهمة المذكورة‪ .‬وقد تم توجيه المالحظات المسجلة إلى المسؤولين الوطنيين عن الهيئات المعنية‬
‫من أجل تسوية وضعيتهم أو إرجاع مبالغ الدعم إلى الخزينة داخل أجل ثالثين يوما من تاريخ التبليغ‪.‬‬
‫‪ .2‬حسابات الحمالت االنتخابية للمترشحين‬
‫بلغت نسبة إيداع حسابات الحمالت االنتخابية للمترشحين حوالي ‪ ،%85‬وذلك بعد اإلدالء للمجلس‬
‫بالحسابات المتعلقة ب ‪ 4.358‬مترشحا من مجموع ‪ 5.146‬ملزما‪ .‬وقد تم في هذا الصدد إعذار‬
‫المتخلفين بضرورة تقديم حسابات حمالتهم االنتخابية للمجلس داخل أجل أقصاه ستين (‪ )60‬يوما من‬
‫تاريخ التوصل باإلعذار‪.‬‬
‫وقد أسفرت عملية فحص حسابات الحمالت االنتخابية للمترشحين برسم جميع االقتراعات سالفة‬
‫الذكر عن توجيه ‪ 1.046‬مذكرة مالحظات‪.‬‬

‫ثانيا‪ .‬تدقيق الحسابات السنوية لألحزاب السياسية‬


‫من أصل أربعة وثالثين (‪ )34‬حزبا‪ ،‬أودع ‪ 29‬حزبا حساباتهم السنوية برسم السنة المالية ‪،2021‬‬
‫مقابل (‪ )30‬حزبا سنة ‪ 2020‬واثنين وثالثين (‪ )32‬حزبا سنة ‪ .2019‬وقد تخلفت خمسة (‪ )05‬أحزاب‬
‫عن تقديم حساباتها إلى المجلس برسم سنة ‪ .2021‬وتجدر اإلشارة إلى أن ‪ 18‬حزبا من أصل ‪29‬‬
‫أدلوا بحساباتهم داخل األجل القانوني (‪ 31‬مارس ‪.)2022‬‬
‫وقد بلغ مجموع الموارد المصرح بها من طرف األحزاب السياسية ما يناهز ‪ 499,69‬مليون درهم‬
‫برسم سنة ‪ ،2021‬بما فيها مبالغ الدعم المقدم لألحزاب لتمويل حمالتها االنتخابية برسم اقتراعات‬
‫‪ ،2021‬مقابل ‪ 121,93‬مليون درهم سنة ‪ 2020‬و‪ 127,39‬مليون درهم سنة ‪ .2019‬في حين بلغ‬
‫مجموع النفقات المصرح بصرفها برسم سنة ‪ 2021‬ما يناهز ‪ 502,26‬مليون درهم‪ ،‬بما فيها‬
‫مصاريف الحمالت االنتخابية برسم االقتراعات المذكورة‪ ،‬مقابل ‪ 122,07‬مليون درهم سنة ‪،2020‬‬
‫و‪ 145,73‬مليون درهم سنة ‪.2019‬‬
‫‪ .1‬إرجاع مبالغ الدعم برسم استحقاقات سابقة أو الدعم السنوي عن السنوات الفارطة‬
‫عمال بالمقتضيات التشريعية والتنظيمية ذات الصلة‪ ،‬قام ‪ 22‬حزبا بإرجاع جزء من الدعم الممنوح‬
‫لها إلى الخزينة بما مجموعه ‪ 7,09‬مليون درهم خالل سنة ‪ 2020‬و‪ 7,53‬مليون درهم خالل سنة‬
‫‪ 2021‬و‪ 18,28‬مليون درهم خالل سنة ‪.2022‬‬
‫وفي المقابل‪ ،‬سجل المجلس أن ‪ 13‬حزبا لم يقم بإرجاع مبالغ الدعم إلى الخزينة بما مجموعه ‪4,22‬‬
‫مليون درهم‪ ،‬تتعلق بالدعم الممنوح لها برسم استحقاقات انتخابية سابقة (اقتراعات ‪ 4‬شتنبر ‪2015‬‬
‫و‪ 2‬أكتوبر ‪ 2015‬و‪ 7‬أكتوبر ‪ ،)2016‬وكذا برسم الدعم السنوي عن سنوات ‪ 2017‬و‪ 2020‬و‪.2021‬‬
‫وتتوزع هذه المبالغ على الشكل التالي‪:‬‬
‫‪ 1,12 -‬مليون درهم‪ ،‬تهم مبالغ الدعم غير المستحق (حاصل الفرق بين مبلغ التسبيق الممنوح‬
‫للحزب برسم مساهمة الدولة في تمويل حمالته االنتخابية والمبلغ العائد له على ضوء النتائج‬
‫المحصل عليها برسم االقتراع المعني)‪ ،‬والدعم غير المستعمل (حاصل الفرق بين مبلغ‬
‫الدعم الممنوح للحزب ومجموع المصاريف المنجزة)؛‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪420‬‬


‫‪ 1,82 -‬مليون درهم‪ ،‬تهم مبالغ الدعم غير المستعمل أو المستعمل لغير الغايات التي منح من‬
‫أجلها (حاصل الفرق بين مبلغ الدعم ومجموع المصاريف المنجزة أو مبلغ الدعم الذي تم‬
‫صرفه ألداء نفقات ال تندرج ضمن أوجه الصرف المحددة ضمن المقتضيات التنظيمية ذات‬
‫الصلة أو تم إنجازها خارج الفترة المخصصة لمصاريف الحملة االنتخابية)؛‬
‫‪ 1,28 -‬مليون درهم‪ ،‬تهم مبالغ الدعم الذي لم يتم إثبات صرفه بوثائق اإلثبات المنصوص‬
‫عليها في القوانين واألنظمة ذات الصلة‪.‬‬
‫‪ .2‬أهم الخالصات والتوصيات المتعلقة بتدقيق الحسابات السنوية لألحزاب السياسية برسم‬
‫‪2020‬‬
‫سجل التقرير المنجز من طرف المجلس األعلى للحسابات بهذا الخصوص عدة خالصات‪ ،‬همت‬
‫أساسا‪:‬‬
‫• اإلشهاد بصحة الحسابات المقدمة‬
‫من أصل ثالثين (‪ )30‬حزبا الذين أدلوا بحساباتهم برسم السنة المالية ‪ ،2020‬سجل المجلس أن سبعة‬
‫وعشرين (‪ )27‬حزبا قدموا حسابات مشهود بصحتها من طرف خبير محاسب مقيد في هيئة الخبراء‬
‫المحاسبين‪ ،‬مقابل ثمانية وعشرين (‪ )28‬حزبا برسم سنة ‪ ،2019‬منها خمسة وعشرون (‪ )25‬حزبا‬
‫أدلوا بحسابات مشهود بصحتها بدون تحفظ‪ ،‬وحزبان (‪ )02‬قدما حسابين مشهود بصحتهما بتحفظ‪.‬‬
‫كما قام حزب واحد (‪ )01‬عن سنة ‪ ،2020‬مقابل ثالثة (‪ )03‬أحزاب برسم سنة ‪ ،2019‬بتقديم تقرير‬
‫خبير محاسب لم يراع في وضعه صيغة اإلشهاد الواردة ضمن المعيار ‪ 5700‬من دليل معايير التدقيق‬
‫القانوني والتعاقدي والمحدد من طرف المجلس الوطني لهيئة الخبراء المحاسبين بالمغرب‪.‬‬
‫في ما قدم حزبان (‪ )02‬عن سنة ‪ ،2020‬مقابل حزب واحد (‪ )01‬عن سنة ‪ ،2019‬حسابيهما السنويين‬
‫دون تقديم تقرير الخبير المحاسب‪.‬‬
‫• الوثائق المكونة للحسابات السنوية‬
‫لم تقم أربعة (‪ )04‬أحزاب برسم سنة ‪ ،2020‬مقابل خمسة (‪ )05‬أحزاب عن سنة ‪ ،2019‬بتقديم كل‬
‫الجداول المكونة لقائمة المعلومات التكميلية والمنصوص عليها في القرار المشترك لوزير الداخلية‬
‫ووزير االقتصاد والمالية رقم ‪ 1078.09‬المتعلق بالمخطط المحاسبي الموحد لألحزاب السياسية‪ .‬كما‬
‫أن حزبين اثنين (‪ )02‬عن سنة ‪ ،2020‬مقابل ثالثة (‪ )03‬أحزاب عن سنة ‪ ،2019‬لم يدليا بجرد‬
‫مستندات اإلثبات المنصوص عليه في المادة ‪ 44‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 29.11‬المتعلق باألحزاب‬
‫السياسية‪.‬‬
‫• مسك المحاسبة‬
‫قامت ثمانية (‪ )08‬أحزاب برسم كل من سنة ‪ 2019‬و‪ 2020‬بمسك المحاسبة وفق الدليل العام للمعايير‬
‫المحاسبية دون مراعاة المالءمات المنصوص عليها في المخطط المحاسبي الموحد لألحزاب‬
‫السياسية‪ .‬كما أن أحد عشر (‪ )11‬حزبا عن سنة ‪ 2020‬وعشرة (‪ )10‬أحزاب برسم سنة ‪ ،2019‬لم‬
‫يقوموا بإدراج مبالغ الدعم الواجب إرجاعها إلى الخزينة على مستوى الموازنة بالحساب رقم‬
‫‪":445‬الدولة ‪ -‬دائنة"‪ .‬إضافة إلى ذلك‪ ،‬سجل المجلس عدم مسك حساب "الصندوق" من طرف‬
‫حزب واحد (‪ )01‬برسم سنة ‪ ،2020‬مقابل ثالثة (‪ )03‬أحزاب عن سنة ‪ 2019‬رغم أدائه عدة نفقات‬
‫نقدا‪.‬‬
‫• فحص النفقات‬
‫بلغ مجموع النفقات المصرح بصرفها من طرف األحزاب السياسية سنة ‪ 2020‬ما مجموعه ‪122,07‬‬
‫مليون درهم‪ ،‬مقابل ‪ 145,73‬مليون درهم سنة ‪ .2019‬وسجل المجلس‪ ،‬في هذا الصدد‪ ،‬مالحظات‬
‫بخصوص صرف نفقات بمبلغ إجمالي قدره ‪ 1,33‬مليون درهم‪ ،‬أي بنسبة ‪ %1,09‬من مجموع‬

‫‪421‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫النفقات المصرح بصرفها‪ ،‬مقابل ‪ 2,34‬مليون درهم سنة ‪ ،2019‬أي بنسبة ‪ .%1,60‬وتخص هذه‬
‫المالحظات‪:‬‬
‫‪ -‬نفقات لم يتم بشأنها تقديم وثائق اإلثبات المطلوبة‪ 929.709,20 :‬درهم‪ ،‬أي بنسبة ‪%0,76‬‬
‫من مجموع النفقات المصرح بصرفها‪ ،‬مقابل ‪ 1.899,394,08‬درهم سنة ‪2019‬؛‬
‫‪ -‬نفقات تم بشأنها تقديم وثائق إثبات غير كافية‪ 54.728,50 :‬درهم‪ ،‬أي ما يمثل ‪%0,04‬‬
‫من مجموع النفقات‪ ،‬مقابل ‪ 48.250,00‬درهم سنة ‪2019‬؛‬
‫‪ -‬نفقات تم بشأنها تقديم وثائق في غير اسم الحزب‪ 344.243,64 :‬درهم‪ ،‬أي ما نسبته‬
‫‪ %0,28‬من مجموع النفقات‪ ،‬مقابل ‪ 396.529,91‬درهم سنة ‪.2019‬‬
‫• توصيات المجلس األعلى للحسابات‬
‫أصدر المجلس عدة توصيات ضمنها في تقريره حول تدقيق حسابات األحزاب السياسية وكذا فحص‬
‫صحة نفقاتها المتعلقة بالدعم العمومي برسم سنة ‪ .2020‬في هذا اإلطار‪ ،‬سجل المجلس تنفيذ السلطات‬
‫الحكومية المختصة للتوصيات الصادرة عنه‪ ،‬السيما من خالل إصدار وتحيين عدة نصوص قانونية‬
‫وتنظيمية تهم نظام تمويل األحزاب السياسية والحمالت االنتخابية‪.‬‬
‫وفيما يلي أبرز التوصيات الصادرة عن المجلس‪:‬‬
‫‪ -‬مواصلة المجهودات المبذولة من طرف السلطات الحكومية المختصة واألحزاب السياسية‬
‫المعنية بإرجاع‪ ،‬إلى الخزينة‪ ،‬مبالغ الدعم غير المبررة (‪ 4,22‬مليون درهم)‪ ،‬وعند‬
‫االقتضاء اتخاذ اإلجراءات الالزمة في حق األحزاب التي لم تقم بتسوية وضعيتها تجاه‬
‫الخزينة؛‬
‫‪ -‬العمل على تنظيم دورات تكوينية أخرى لفائدة األطر اإلدارية لألحزاب السياسية بغرض‬
‫تيسير استعمالها للمخطط المحاسبي الموحد وإعداد دليل للمساطر المحاسبية ونظام‬
‫معلوماتي مشترك بين األحزاب السياسية؛‬
‫‪ -‬السعي لتحقيق مزيد من الشفافية في الحسابات المالية‪ ،‬وذلك من خالل الحرص على‪:‬‬
‫‪ -‬تقديم الوثائق المكونة للحسابات السنوية داخل اآلجال المقررة في القانون التنظيمي رقم‬
‫‪ 29.11‬المتعلق باألحزاب السياسية؛‬
‫‪ -‬اإلشهاد بصحة الحسابات المدلى بها وفق مقتضيات القرار المشترك لوزير الداخلية‬
‫ووزير االقتصاد والمالية رقم ‪ 1078.09‬المتعلق بالمخطط المحاسبي لألحزاب‬
‫السياسية‪ ،‬ووفق المعيار ‪ 5700‬من "دليل معايير التدقيق القانوني والتعاقدي" للهيئة‬
‫الوطنية للخبراء المحاسبين؛‬
‫‪ -‬العمل على مسك المحاسبة وفق مقتضيات "الدليل العام للمعايير المحاسبية" مع مراعاة‬
‫المالءمات المنصوص عليها في المخطط المحاسبي الموحد لألحزاب السياسية‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪422‬‬


‫الفصل الثامن‪ :‬التوجهات االستراتيجية للمحاكم المالية وأنشطة‬
‫الدعم والتعاون الدولي‬
‫يقدم هذا الفصل نظرة عامة حول أهم التدابير المتخذة من طرف المجلس األعلى للحسابات من أجل‬
‫تنزيل التوجهات االستراتيجية الجديدة للمحاكم المالية‪ ،‬فضال عن أهم أنشطة األقطاب المحدثة‬
‫بالمجلس األعلى للحسابات‪.‬‬

‫أوال‪ .‬التوجهات االستراتيجية للمحاكم المالية‪ :‬من أجل إحداث األثر وتعزيز الثقة لدى المواطن‬
‫إن األوراش التي باشرتها المحاكم المالية ال يمكن أن تؤتي ثمارها ما لم يقترن تنفيذها بتوفير مجموعة‬
‫من المقومات والشروط‪ ،‬ومن أهمها اعتماد استراتيجية فعالة للتواصل‪ ،‬وإرساء أسس صلبة للتحول‬
‫الرقمي فضال عن تأهيل الموارد البشرية للمحاكم المالية‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد‪ ،‬اعتمدت المحاكم المالية‪ ،‬سنة ‪ ،2021‬استراتيجية تواصلية‪ ،‬تستهدف األجهزة‬
‫الخاضعة للرقابة واألطراف ذات العالقة والرأي العام‪ ،‬وتروم تأطير اإلجراءات التواصلية للمحاكم‬
‫المالية‪ ،‬وتنويع وسائل التواصل بصفة تدريجية‪ .‬كما تتوخى إرساء منظومة للتواصل تكتسي طابعا‬
‫استباقيا وتساهم في الرفع من أثر أعمال المحاكم المالية عبر توفير المعلومة لكل األطراف ذات‬
‫العالقة‪ ،‬في الوقت المالئم وبالصيغة المناسبة‪.‬‬
‫وفي السياق نفسه‪ ،‬يعمل المجلس أيضا‪ ،‬في حدود صالحيته‪ ،‬على تعزيز قدرات اإلنصات إلى‬
‫المواطنين والمجتمع المدني من خالل تطوير منصة رقمية تفاعلية وعلى إرساء منهجية إلشعار‬
‫األطراف المعنية بالمآالت المخصصة للشكايات ذات الصلة بتدبير الشأن العمومي‪.‬‬
‫أما بخصوص التحول الرقمي‪ ،‬والذي ازدادت أهميته ال سيما مع األزمة الصحية األخيرة‪ ،‬فإنه يهدف‬
‫إلى ضمان استعمال ناجع وفعال لتكنولوجيا المعلومات واالتصال الحديثة من طرف المحاكم المالية‬
‫خالل ممارسة مختلف اختصاصاتها‪.‬‬
‫ويكمن هذا التحول في إرساء ثقافة رقمية داخل المحاكم المالية وضمان تمكينها من التقنيات الحديثة‬
‫من أجل تحقيق قيمة مضافة لممارسة اختصاصاتها‪ ،‬وتعزيز تحليل المعطيات وتبسيط المساطر‬
‫وتجويد عمليات إعداد التقارير واإلبالغ عن نتائج المهام الرقابية والرفع من إنتاجيتها‪ .‬كما يتوخى‬
‫التحول الرقمي تشجيع العمل التشاركي وتبادل المستندات ورقمنة الحسابات وباقي الوثائق الموجهة‬
‫للمحاكم المالية‪ ،‬وضمان مرونة وانفتاح وأمن نظام المعلومات‪ ،‬وكذا حماية الممتلكات المعلوماتية‬
‫للمحاكم المالية‪ .‬ويحظى هذا الورش المهيكل بدعم من عدة مؤسسات وطنية ودولية ذات خبرة واسعة‬
‫في هذا المجال من أجل مواكبة تأهيل النظام المعلوماتي للمجلس في احترام تام للمعايير الجاري بها‬
‫العمل‪ ،‬ال سيما تلك المرتبطة بتجميع المعلومات واستغاللها وكذا ضمان األمن المعلوماتي‪.‬‬
‫وعلى صعيد آخر‪ ،‬ال يمكن ألي إصالح أو تطوير لمناهج العمل أن يبلغ أهدافه ما لم يتم توفير الموارد‬
‫البشرية القادرة على مواكبة هذه التحوالت‪ .‬لذلك‪ ،‬فإن العنصر البشري يشكل الرافعة األساسية من‬
‫أجل تحقيق األهداف االستراتيجية للمحاكم المالية‪ ،‬حيث يتم إيالؤه عناية خاصة تتجلى من خالل عدة‬
‫مستويات‪.‬‬
‫فبالنظر إلى نوعية المهام المسندة للمحاكم المالية واختالفها‪ ،‬ومن بينها مهام ذات طبيعة خاصة‬
‫تمارس من طرف عدد محدود من األجهزة العليا المماثلة‪ ،‬تتعلق‪ ،‬باإلضافة إلى التصديق على‬
‫الحسابات‪ ،‬بمراقبة التصاريح اإلجبارية بالممتلكات وبتدقيق حسابات األحزاب السياسية وبفحص‬
‫نفقات الحمالت االنتخابية‪ ،‬فإن عمليات التوظيف بالمحاكم المالية تحظى باهتمام خاص مع ما يستلزمه‬
‫ذلك من صرامة في عملية االنتقاء‪ ،‬من خالل استهداف التخصصات التي تتالءم ومهام المحاكم المالية‬
‫والتي بإمكانها أن تقدم القيمة المضافة ألعمالها‪ ،‬حيث تسعى هذه المحاكم إلى توظيف كفاءات ذات‬

‫‪423‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫الخبرة في مجاالت معينة مرتبطة بالمهن المستقبلية والقطاعات المتطورة‪ ،‬كمجاالت تحليل المعطيات‬
‫والبيانات الضخمة والقيام بعمليات التدقيق داخل البيئات المرقمنة‪ .‬وفي السياق ذاته‪ ،‬تعمل على تعزيز‬
‫ذلك بتطوير القدرات عبر برنامج متكامل للتكوين األساسي والمستمر‪ ،‬وهو ما يضمن لهذه المحاكم‬
‫ممارسة اختصاصاتها وفق أفضل شروط الجودة واآلجال والقيام بعمليات التأهيل المالئمة‬
‫والضرورية من أجل مواكبة التحوالت والتغيرات التي يعرفها المحيط الخارجي‪.‬‬
‫وعالوة على ذلك‪ ،‬ومن أجل ضمان انسجامها مع التوجهات االستراتيجية الجديدة‪ ،‬عرفت هيكلة‬
‫المحاكم المالية‪ ،‬بما في ذلك وظائف الدعم‪ ،‬إعادة تنظيم خالل سنة ‪.2022‬‬
‫وهكذا‪ ،‬فقد تم اعتماد توزيع جديد للصالحيات القطاعية لغرف المجلس‪ ،‬مع دعم آليات التنسيق بين‬
‫مختلف مكونات المحاكم المالية عبر إحداث تنسيقية عامة ألعمال هذه المحاكم‪ .‬كما تم من خالل هذه‬
‫الهيكلة الجديدة‪ ،‬إيالء عناية خاصة للجوانب المتعلقة بأخالقيات القاضي المالي‪ ،‬حيث تم إحداث وحدة‬
‫تعنى بتكريس المبادئ والقيم التي يتعين على القاضي المالي مراعاتها والتحلي بها سواء خالل‬
‫ممارسة عمله أو حتى خارجه‪.‬‬
‫أما على مستوى وظائف الدعم‪ ،‬فقد تم إحداث أقطاب جديدة تعنى بنظم المعلوميات والتحول الرقمي‪،‬‬
‫وبدعم المهن (المعايير المهنية‪ ،‬التوثيق وتحليل البيانات)‪ ،‬وبالتواصل‪ ،‬وبالتعاون‪ ،‬وكذا بالشؤون‬
‫القانونية‪ ،‬إضافة إلى تلك المنوط بها تدبير الموارد البشرية والمالية والمادية‪ ،‬التي كانت محدثة من‬
‫قبل‪.‬‬
‫ومن أجل تكريس مقومات الحكامة الجيدة‪ ،‬فقد تمت‪ ،‬خالل سنة ‪ ،2021‬حركية واسعة شملت مسؤولي‬
‫مختلف الوحدات سواء على المستوى المركزي أو الجهوي‪ ،‬وخضعت لمعايير الكفاءة واالستحقاق‬
‫ومبدأ التناوب المنصوص عليه في مدونة المحاكم المالية‪ ،‬حيث أسندت بعض مناصب المسؤولية إلى‬
‫قاضيات وقضاة شباب‪ ،‬وهو ما يشكل رافدا للتنوع والتكامل بين مسؤولين راكموا خبرات مهمة داخل‬
‫المحاكم المالية ومسؤولين من الجيل الجديد‪.‬‬

‫ثانيا‪ .‬أنشطة الدعم والتعاون الدولي‪ :‬نحو تعزيز موارد المحاكم المالية وتكريس انفتاحها وإشعاعها‬
‫تقدم مختلف أقطاب المجلس األعلى للحسابات الدعم المادي والمهني لغرف المجلس وللمجالس‬
‫الجهوية للحسابات‪ ،‬بما يسمح لها بتنفيذ مهامها الرقابية في أفضل الظروف‪ .‬وتشمل آليات الدعم هاته‪،‬‬
‫على الخصوص‪ ،‬الجوانب المرتبطة بتدبير الوسائل المالية والمادية وتدبير الموارد البشرية وتقوية‬
‫قدراتها المهنية وكذا نظم المعلومات والتحول الرقمي واتخاذ التدابير الالزمة في مجال التعاون‪،‬‬
‫فضال عن الدعم الذي يقدمه قطب كتابة الضبط وتدبير الحسابات بالنظر إلى المهام الجسيمة المنوطة‬
‫به في تنفيذ مختلف إجراءات المحاكم المالية‪.‬‬
‫‪ .1‬الوسائل المالية والمادية‬
‫بلغت اعتمادات األداء المخصصة للمحاكم المالية‪ ،‬برسم سنة ‪ ،2021‬ما مجموعه ‪ 408,936‬مليون‬
‫درهم‪ ،‬مثلت فيها نفقات الموظفين حوالي ‪ ،%76‬بمبلغ يصل إلى ‪ 310,936‬مليون درهم‪ ،‬في حين‬
‫مثلت مصاريف المعدات والنفقات المختلفة حوالي ‪ ،%12,3‬بمبلغ قدره ‪ 50‬مليون درهم‪ .‬كما بلغت‬
‫نفقات االستثمار ما قدره ‪ 48‬مليون درهم‪ ،‬أي ما يعادل ‪ %11,7‬من مجموع اعتمادات الميزانية‬
‫المخصصة للمحاكم المالية‪.‬‬
‫وقد مكنت االعتمادات المتعلقة بالمعدات والنفقات المختلفة‪ ،‬برسم سنة ‪ ،2021‬من اإلسهام في حسن‬
‫تسيير المحاكم المالية‪ ،‬حيث خصصت هذه االعتمادات أساسا لما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬صيانة مقرات المجلس والمجالس الجهوية للحسابات؛‬
‫‪ -‬توفير الوسائل اللوجستيكية وأدوات العمل في إطار دعم وتسهيل المهام المنوطة بالقضاة‬
‫والموظفين؛‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪424‬‬


‫‪ -‬خدمات الخبرة واالستشارة والتكوين التي تلجأ إليها المحاكم المالية بغية تحقيق أهدافها‬
‫االستراتيجية‪.‬‬
‫وفيما يخص اعتمادات األداء بميزانية االستثمار‪ ،‬برسم سنة ‪ ،2021‬فقد مكنت‪ ،‬على الخصوص مما‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪ -‬إتمام األشغال المتعلقة ببناء مقر المجلس الجهوي للحسابات لجهة الدار البيضاء‪-‬سطات؛‬
‫‪ -‬مواصلة األشغال المتعلقة بتهيئة مقر جديد للمجلس الجهوي للحسابات لجهة الشرق؛‬
‫‪ -‬مواصلة الدراسات التقنية المتعلقة ببناء مقر المجلس الجهوي للحسابات لجهة العيون‪-‬‬
‫الساقية الحمراء؛‬
‫‪ -‬تعزيز وصيانة منصة أمن البنية التحتية للشبكات المعلوماتية للمحاكم المالية؛‬
‫‪ -‬توفير أثاث مكتبي ومعلوماتي لمقار المجالس الجهوية للحسابات بمختلف الجهات‪.‬‬
‫‪ .2‬الموارد البشرية‬
‫خالل سنة ‪ ،2021‬بلغ العدد اإلجمالي للقضاة والموظفين المزاولين مهامهم بالمحاكم المالية ما‬
‫مجموعه ‪ 621‬شخصا‪ ،‬من بينهم ‪ 388‬قاض وقاضية‪ ،‬و‪ 233‬موظفا إداريا‪ .‬وتمثل النساء نسبة ‪%24‬‬
‫داخل هيئة القضاة و‪ %51‬من مجموع الموظفين اإلداريين‪.‬‬
‫▪ هيئة القضاة‬
‫بلغ عدد القضاة‪ ،‬خالل سنة ‪ ،2021‬ما يعادل ‪ 388‬قاضيا‪ ،‬منهم ‪ 170‬قاض يزاولون مهامهم بمختلف‬
‫المجالس الجهوية للحسابات ويبلغ متوسط أعمار قضاة المحاكم المالية ‪ 41‬سنة‪ .‬أما بخصوص‬
‫توزيعهم حسب طبيعة التكوين األساسي‪ ،‬فتضم الهيئة قضاة ذوي تخصص قانوني واقتصادي ومالي‬
‫باإلضافة إلى قضاة ذوي تكوين أساسي في مجاالت الهندسة‪.‬‬
‫ويتوزع القضاة حسب نوع الشهادات المحصل عليها كما يلي‪ :‬السلك الثالث أو الماستر في العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية بنسبة ‪ ،%39‬ومهندسو الدولة بنسبة ‪ ،%33‬والدكتوراه بنسبة ‪ ،%14‬وشهادات‬
‫أخرى بنسبة ‪.%14‬‬
‫▪ الموظفون اإلداريون‬
‫يعمل بالمحاكم المالية موظفون إداريون؛ أضحوا منذ فاتح يوليوز ‪ 2021‬يستفيدون من نظام أساسي‬
‫خاص بهم تحت مسمى "النظام األساسي لهيئة كتابة الضبط بالمحاكم المالية"؛ يقومون بمهام إدارية‬
‫وتقنية متنوعة بالمجلس األعلى للحسابات وبالمجالس الجهوية‪ .‬ويتوزع الموظفون اإلداريون‬
‫بالمحاكم المالية بحسب اإلطار كما يلي‪ :‬المنتدبون القضائيون بنسبة ‪ ،%48‬والمهندسون بنسبة‬
‫‪ ،%3,8‬والمحررون القضائيون بنسبة ‪ ،%23,2‬وكتاب الضبط بنسبة ‪ %22‬وأطر أخرى‬
‫بنسبة ‪.%3‬‬
‫‪ .3‬التكوين‬
‫يولي المجلس األعلى للحسابات أهمية بالغة للتكوين بشقيه األساسي والمستمر‪ ،‬إذ يشكل ضمن‬
‫توجهاته االستراتيجية دعامة أساسية للرفع من قدراته التنظيمية والمهنية‪ ،‬ومن هذا المنطلق يسعى‬
‫باستمرار لتطوير الكفاءات المهنية لقضاته وأطره وموظفيه‪ ،‬وتمكينهم من اكتساب المعارف‬
‫والمهارات الالزمة ألداء مهماهم على أكمل وجه‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬يتوفر المجلس على مركز للتكوين يسهر على المساهمة في الرفع من قدرات قضاة‬
‫وموظفي المحاكم المالية من خالل توفيره لبرامج تكوينية غنية ومتنوعة تستجيب لحاجياتهم‪ ،‬ويعتمد‬

‫‪425‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫في هذا الشأن على مخطط مديري للتكوين يمتد على الفترة ما بين ‪ 2023-2020‬ويتمحور حول ثالثة‬
‫مرتكزات‪:‬‬
‫‪ -‬المرتكز ‪ :1‬الرفع من مهنية القضاة لمزاولة مختلف مهن المحاكم المالية؛‬
‫‪ -‬المرتكز ‪ :2‬االستناد إلى التكنولوجيا الرقمية كدعامة لمزاولة مهن المحاكم المالية؛‬
‫‪ -‬المرتكز ‪ :3‬تطوير قدرات بنيات الدعم بالمحاكم المالية وتعزيز الحكامة الداخلية‪.‬‬
‫ويروم هذا المخطط المديري الذي يتماشى مع التوجهات االستراتيجية للمجلس تطوير معارف‬
‫ومهارات قضاة وأطر المحاكم المالية وكذا مصاحبتهم في سياق معقد وبيئة متغيرة‪ .‬ويسعى المجلس‬
‫من خالل الخطط التشغيلية السنوية لهذا المخطط إلى تنمية القدرات الالزمة لتطوير هذه المرتكزات‪.‬‬
‫وقد واصل مركز التكوين سنة ‪ 2021‬تنظيم أنشطته المتعلقة بعقد الدورات التكوينية المتعلقة بالخطة‬
‫التشغيلية لذات السنة القائمة على تلبية االحتياجات المهنية لقضاة وأطر المحاكم المالية‪ ،‬مستعينا في‬
‫ذلك بشركاء محليين وأجنبيين مختصين مشهود لهم بالتميز‪ ،‬وذلك بهدف إغناء محتوى البرامج‬
‫التكوينية‪ .‬وقد تم في هذا اإلطار تنظيم ‪ 22‬دورة تكوينية تمحورت حول المجاالت التالية‪:‬‬
‫‪ -‬رقابة التسيير وتقييم البرامج والمشاريع العمومية؛‬
‫‪ -‬الرقابة القضائية؛‬
‫‪ -‬تدبير الميزانية والتدبير المرتكز على النتائج؛‬
‫‪ -‬اإلدارة االستراتيجية للمشاريع العمومية؛‬
‫‪ -‬التخطيط االستراتيجي والحكامة المالية للجماعات الترابية؛‬
‫‪ -‬الرقابة على النظم المعلوماتية؛‬
‫‪ -‬التوثيق واالتصال وتدبير المعلومة؛‬
‫‪ -‬مجاالت أفقية أخرى‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أنه تم تنظيم معظم هذه الدورات عن بعد نظرا للظروف االستثنائية التي فرضتها‬
‫جائحة "كوفيد‪ ."19-‬أما بالنسبة للخطة التشغيلية لسنة ‪ ،2022‬فقد برمج المجلس األعلى للحسابات‬
‫‪ 22‬دورة تدريبية‪.‬‬
‫كما تم تنظيم العديد من اللقاءات العلمية والتواصلية لفائدة األطراف ذات العالقة الداخليين‪ ،‬من بينها‬
‫اللقاء التواصلي الذي نظمه المجلس عن بعد خالل شهر شتنبر ‪ 2021‬لفائدة األطر المكلفة بالتنظيم‬
‫المالي واإلداري والتواصل باألحزاب السياسية والمنظمات النقابية حول "كيفية إيداع حسابات‬
‫الحمالت االنتخابية لألحزاب السياسية والمنظمات النقابية والمترشحين"‪.‬‬
‫وفي إطار التعاون مع األجهزة العليا للرقابة بالقارة اإلفريقية‪ ،‬واصل المجلس سلسلة لقاءاته التكوينية‬
‫والعلمية لفائدة القضاة والمدققين المنتسبين لهذه األجهزة من خالل تنظيم ندوة عن بعد حول" الرقابة‬
‫على تنفيذ أهداف التنمية المستدامة"‪ ،‬شارك فيها أكثر من ‪ 100‬مشارك ينتمون إلى ‪ 14‬بلدا إفريقيا‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك وفي إطار انفتاحه على محيطه الخارجي‪ ،‬قام المجلس سنة ‪ 2021‬بتنظيم سلسلة‬
‫محاضرات لفائدة قضاته وموظفيه تم إلقاؤها من طرف مسؤولين على رأس وزارات وهيآت‬
‫ومؤسسات كبرى عمومية وخاصة تناولت مواضيع ذات االهتمام المشترك‪ .‬ويتعلق األمر بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬الوزارة المنتدبة المكلفة بالميزانية؛‬
‫‪ -‬بنك المغرب؛‬
‫‪ -‬المديرية العامة ألمن نظم المعلومات‪ ،‬التابعة إلدارة الدفاع الوطني؛‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪426‬‬


‫‪ -‬وكالة التنمية الرقمية؛‬
‫‪ -‬مجموعة البنك الشعبي؛‬
‫‪ -‬مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط؛‬
‫‪ -‬الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية؛‬
‫‪ -‬جامعة محمد السادس متعددة التخصصات‪.‬‬
‫وفي إطار محور التكو ين األساسي‪ ،‬وبعد أن تلقى الفوج الجديد للمحلقين القضائيين المتكون من ‪49‬‬
‫ملحقا قضائيا تكوينا نظريا وتطبيقيا امتد لمدة ستة (‪ )06‬أشهر بمركز التكوين‪ ،‬تابع هؤالء الملحقون‬
‫تدريبا لمدة ‪ 18‬شهرا بالمجالس الجهوية للحسابات‪ ،‬حيث مكان تعيينهم‪ ،‬وذلك بهدف تمكينهم من‬
‫تطبيق المعارف والمهارات المكتسبة في سياق مهني حقيقي وإعدادهم لمزاولة مهامهم المستقبلية‬
‫تحت تأطير رؤساء هذه المجالس‪.‬‬
‫‪ .4‬كتابة الضبط‬
‫تعتبر كتابة الضبط العمود الفقري للمجلس األعلى للحسابات‪ ،‬إذ تساهم في اإلسراع بإنجاز مخرجاته‬
‫من خالل تتبعها لسير مساطره وتبليغ إجراءاته‪.‬‬
‫وقد انخرطت كتابة الضبط خالل سنة ‪ 2021‬في العديد من المشاريع المندرجة في إطار المخطط‬
‫االستراتيجي للمحاكم المالية‪ ،‬الغاية منها الرفع من وتيرة العمل والنجاعة في األداء‪.‬‬
‫أ‪ .‬مكتب الضبط الرقمي‬
‫تفعيال لمشروع مكتب الضبط الرقمي‪ ،‬اعتمدت كتابة الضبط على تطبيق تدبير المراسالت والذي‬
‫يهدف إلى تسجيل جميع المراسالت الصادرة عن المجلس والواردة عليه وتتبع تبليغها إلى األشخاص‬
‫الذاتيين والمعنويين المعنيين بها‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬قام مكتب الضبط بتسجيل ورقمنة ‪ 3.102‬مراسلة‬
‫واردة و‪ 3.629‬مراسلة صادرة عن المجلس‪ .‬كما مكن ممثلي الغرف والمصالح اإلدارية من االطالع‬
‫وتحميل هذه المراسالت وتتبع مآل تبليغها من خالل حسابات خاصة بهم‪.‬‬
‫وبالنظر لحجم الشكايات والوقع الذي يتركه أثر معالجتها على المشتكين‪ ،‬سجلت كتابة الضبط ‪659‬‬
‫شكاية واردة على المجلس تم إيداعها من طرف المواطنين أو بعض األجهزة العمومية‪ .‬كما قامت‬
‫بإعداد بطائق تعريفية لكل شكاية وتصنيفها حسب اختصاص غرف المجلس األعلى للحسابات أو‬
‫المجالس الجهوية للحسابات قبل إحالتها عليها قصد المعالجة‪.‬‬
‫ب‪ .‬الدليل المرجعي للخاضعين لرقابة المحاكم المالية‬
‫شكل حصر وتوفير الوثائق والمعلومات المتعلقة بـوضعيات المراكز المحاسبية من جهة واألشخاص‬
‫الطبيعيين الخاضعين لهذه الرقابة من جهة أخرى أهم األهداف المسطرة لمشروع توحيد الدليل‬
‫المرجعي للخاضعين لرقابة المحاكم المالية‪ .‬وقد ساهم هذا المشروع من خالل التطبيق المعلوماتي‬
‫"‪ "ASSUJETTIS‬في تسهيل الحصول على المعلومات المطلوبة من طرف قضاة المحاكم المالية‬
‫وتسريع وتيرة عملهم‪ .‬كما سمح هذا التطبيق المعلوماتي بتحميل الوثائق المتحصل عليها من لدن‬
‫مصالح وزارة االقتصاد والمالية ومصالح وزارة العدل المتعلقة بقرارات التعيين أو اإلعفاء الخاصة‬
‫بالمحاسبين العموميين وكذا محاضر أدائهم اليمين القانونية‪ ،‬باإلضافة إلى قرارات إحداث المراكز‬
‫المحاسبية أو حذفها‪ .‬في هذا اإلطار‪ ،‬تمت معالجة وتحيين ‪ 1.298‬معلومة متعلقة بالمحاسبين‬
‫العموميين والمراكز المحاسبية وكذا تحميل ‪ 230‬وثيقة متعلقة بوضعيات المحاسبين والمراكز‬
‫المحاسبية‪.‬‬

‫‪427‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫ج‪ .‬التقديم الالمادي للحسابات‬
‫‪ ‬حسابات مرافق الدولة والمؤسسات والمقاوالت العمومية‬
‫توصلت كتابة الضبط بـما مجموعه ‪ 529‬حسابا يهم مرافق الدولة والمؤسسات والمقاوالت العمومية‪،‬‬
‫من ضمنها ‪ 199‬حسابا تم تقديمها في إطار مشروع نزع الطابع المادي عن الوثائق أي بنسبة ‪،%38‬‬
‫ويتعلق األمر بـ ‪ 33‬حسابا لمحصلي إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة و‪ 166‬بيانا محاسبيا‬
‫للمؤسسات والمقاوالت العمومية‪.‬‬
‫ومواكبة منها لورش التقديم الالمادي للحسابات والبيانات المحاسبية‪ ،‬ساهمت كتابة الضبط في أشغال‬
‫االجتماعات التي عقدتها اللجان الثنائية بين المجلس األعلى للحسابات ومصالح وزارة االقتصاد‬
‫والمالية بغية اإلسراع في تمكين محاسبي اإلدارة الجبائية والخزينة العامة للمملكة من تقديم حساباتهم‬
‫الرقمية في أفق سنة ‪ 2022‬على غرار ما هو معمول به حاليا بالنسبة لمحصلي إدارة الجمارك‬
‫والضرائب غير المباشرة‪.‬‬
‫كما انخرطت خالل االجتماعات األولية مع مصالح وزارة االقتصاد والمالية في مناقشة كيفيات تقديم‬
‫الحساب السنوي الخاص باستخدام األموال والمساعدات العمومية التي تتلقاها الجمعيات‪.‬‬
‫وشاركت في أشغال االجتماعات التي عقدها المجلس األعلى للحسابات مع مصالح وزارة العدل في‬
‫إطار اإلعداد للتقديم الالمادي لحسابات كتاب الضبط بمحاكم المملكة‪.‬‬
‫‪ ‬الحسابات السنوية لألحزاب السياسية‬
‫وعالقة بنزع الطابع المادي عن الوثائق‪ ،‬واصلت كتابة الضبط تلقي الحسابات السنوية لألحزاب‬
‫السياسية باعتماد‪:‬‬
‫‪ -‬اإليداع الالمادي‪ :‬عبر المنصة الرقمية المعدة لهذا الغرض‪ ،‬حيث بلغ عددها ‪ 26‬حسابا أي‬
‫بمعدل ‪%76‬؛‬
‫‪ -‬اإليداع المادي‪ :‬حيث تم وضع ‪ 03‬حسابات بمكتب الضبط بالمجلس‪.‬‬
‫‪ ‬حسابات الحمالت االنتخابية‬
‫▪ حسابات الحمالت االنتخابية للمترشحين‬
‫بعد إعالن نتائج االستحقاقات االنتخابية التشريعية والجهوية والجماعية التي عرفتها بالدنا خالل‬
‫شهري شتنبر وأكتوبر ‪2021‬؛ وفي إطار مسطرة فحص حسابات الحمالت االنتخابية‪ ،‬شاركت كتابة‬
‫الضبط في فعاليات اليوم التواصلي الذي نظمه المجلس األعلى للحسابات مع ممثلي األحزاب السياسية‬
‫والمنظمات النقابية باعتماد تقنية التناظر عن بعد‪ ،‬حيث سلطت الضوء على دورها في عملية تلقي‬
‫هذه الحسابات‪ ،‬انطالقا من مرحلة االستقبال والتوجيه‪ ،‬مرورا بمرحلة التحقق من هوية المصرح أو‬
‫المودع وكذا شكليات تقديم الحساب‪ ،‬وصوال إلى مرحلة التسلم واستخراج وصل اإليداع‪.‬‬
‫كما تواصلت مع ما يفوق ‪ 1.300‬وكيل الئحة الترشيح ومساعديه من أجل مواكبتهم في عملية‬
‫التسجيل القبلي باعتبارها ممارسة جديدة نهجها المجلس إلنجاح هذه العملية‪ ،‬وكذا لإلجابة عن‬
‫تساؤالتهم حول الجوانب ذات الصلة بهذه العملية‪.‬‬
‫ظمت عملية تلقي حسابات وكالء لوائح‬‫وبتنسيق مع كتابات الضبط بالمجالس الجهوية للحسابات‪ ،‬نُ ِّ ّ‬
‫الترشيح الملزمين بإيداعها داخل اآلجال القانونية‪ ،‬والذين قدر عددهم بـما مجموعه ‪ 5.146‬مترشحا‪.‬‬
‫ومن أجل تتبع سير هذه العملية‪ ،‬قامت كتابة الضبط‪ ،‬بالتنسيق مع قسم نظم المعلوميات بالمجلس‪،‬‬
‫بإعداد منصات رقمية الغرض منها مواكبة عملية إيداع هذه الحسابات على صعيد المحاكم المالية‪:‬‬
‫المنصة األولى تعنى بالتسجيل القبلي للمترشح حيث يقوم بتعبئة بطاقة المعلومات الخاصة به‪ ،‬حيث‬
‫بلغ عدد التسجيالت القبلية ‪ 11.000‬تسجيل‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪428‬‬


‫المنصة الثانية تمكن من تنظيم تدفق مودعي الحسابات عبر تحديد مواعيد قبل الحضور إلى مقرات‬
‫المحاكم المالية‪ ،‬حيث تم تسجيل ‪ 1.122‬موعدا بالمجلس األعلى للحسابات‪.‬‬
‫المنصة الثالثة تتعلق بتسجيل الحسابات المودعة بكتابات الضبط بالمحاكم المالية في النظام‬
‫المعلوماتي المعد لهذا الغرض‪ .‬وقد عرفت هذه العملية إيداع ما مجموعه ‪ 4.605‬حسابا‪.‬‬
‫▪ حسابات الحمالت االنتخابية لألحزاب السياسية والمنظمات النقابية‬
‫باعتماد التقديم الالمادي‪ ،‬بلغ عدد حسابات الحمالت االنتخابية لألحزاب السياسية والمنظمات النقابية‬
‫المودعة بالمنصة الرقمية ‪ 89‬حسابا‪ ،‬أي ما يمثل ‪ %90‬من مجموع الحسابات الواجب إيداعها‪ ،‬منها‬
‫‪ 26‬حسابا يخص انتخاب أعضاء مجلس النواب‪ ،‬و‪ 23‬تهم انتخاب أعضاء مجالس الجماعات‪ ،‬و‪22‬‬
‫تتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجهات‪ .‬أما بالنسبة النتخاب أعضاء مجلس المستشارين‪ ،‬فقد بلغ‬
‫مجموع الحسابات المودعة ‪ 18‬حسابا‪ ،‬منها ‪ 10‬أودعتها األحزاب السياسية وثمانية (‪ )08‬قدمتها‬
‫المنظمات النقابية‪.‬‬
‫أما التقديم المادي‪ ،‬فقد هم ‪ 10‬حسابات‪ ،‬منها أربعة (‪ )04‬حسابات النتخاب أعضاء مجلس‬
‫المستشارين‪ ،‬وستة (‪ )06‬حسابات النتخاب أعضاء مجلس النواب‪ ،‬وأعضاء مجالس الجهات‪،‬‬
‫وأعضاء مجالس الجماعات (حسابان لكل هيئة)‪.‬‬
‫وقد تم توجيه كافة هذه الحسابات إلى الغرفة المختصة من أجل مواصلة المسطرة‪.‬‬
‫د‪ .‬رقمنة مخرجات المحاكم المالية‬
‫تابعت كتابة الضبط سعيها في الحفاظ على الموروث المعلوماتي للمحاكم المالية‪ ،‬حيث قامت برقمنة‬
‫المخرجات الصادرة خالل العشرين سنة الماضية وإعداد بطائق تتضمن بيانات وصفية عن كل صنف‬
‫استعدادا لتحميلها في نظام معلوماتي‪ .‬وقد همت هذه العملية الوثائق التالية‪:‬‬
‫عدد الوثائق المرقمنة‬ ‫المسطرة‬
‫‪9.463‬‬ ‫قرارات التدقيق والبت في الحسابات‬
‫‪342‬‬ ‫قرارات التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‬
‫‪325‬‬ ‫قرارات الطعون‬
‫‪170‬‬ ‫التقارير الخاصة‬
‫‪10.300‬‬ ‫المجموع اإلجمالي‬

‫ه‪ .‬إصدار وثائق تحصيل الغرامات المقررة في القرارات واألحكام الصادرة عن المحاكم‬
‫المالية‬
‫تفعيال للمسطرة المتعلقة بتحصيل الغرامات الصادرة عن المحاكم المالية‪ ،‬قامت كتابة الضبط بإعداد‬
‫‪ 123‬مختصرا للقرارات واألحكام الصادرة عن المحاكم المالية في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية‬
‫والشؤون المالية‪ ،‬وكذا ‪ 32‬بيانا لإلصدار‪ ،‬تم توجيهها لخزنة العماالت واألقاليم قصد مباشرة مسطرة‬
‫تحصيل ما مجموعه ‪ 2.763.900,00‬درهما‪ .‬وبناء على ذلك‪ ،‬تم إشعار األشخاص المعنيين باألمر‪،‬‬
‫قصد التوجه إلى مصالح الخزينة العامة للمملكة لتسديد الغرامات الصادرة في حقهم‪.‬‬
‫كما قامت كتابة الضبط بتبليغ رؤساء الجماعات الترابية بالنسخ التنفيذية للقرارات واألحكام الصادرة‬
‫في ميدان التأديب المالي والقاضية بإرجاع المبالغ لفائدة الجماعات والتي بلغ مجموعها‬
‫‪ 1.181.989,55‬درهما‪.‬‬

‫‪429‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫‪ .5‬نظم المعلومات‬
‫في إطار التنزيل التدريجي لمخططه االستراتيجي‪ ،‬قام المجلس بإنجاز عدة مشاريع من أجل تطوير‬
‫نظامه المعلوماتي الذي يعتبر دعامة أساسية في العمل الرقابي‪.‬‬
‫ففي مجال تتبع التصريح بنفقات الحمالت االنتخابية من طرف المرشحين الملزمين‪ ،‬قام المجلس‬
‫بتطوير تطبيقات مندمجة‪ ،‬وهي التطبيق المتعلق بالتسجيل القبلي للملزم بتصريح المصاريف‬
‫االنتخابية‪ ،‬والتطبيق المرتبط بحجز موعد على المنصة المخصصة لذلك‪ ،‬وكذا تطبيق تلقي تصاريح‬
‫المصاريف االنتخابية‪.‬‬
‫أما فيما يخص تتبع المساعدات المالية المقدمة للجمعيات‪ ،‬فقد تم تطوير تطبيق من أجل تتبع‬
‫المساعدات المقدمة من طرف اإلدارات والمؤسسات العمومية للجمعيات قصد تنفيذ مشاريعها‪.‬‬
‫وسيمكن هذا المشروع من الحصول على المعطيات الرقمية والملفات اإللكترونية الخاصة بالجمعيات‬
‫المستفيدة من الدعم العمومي واالستعماالت المخصصة لها ‪.‬‬
‫أما في مجال تتبع تنفيذ التوصيات من طرف األجهزة الخاضعة للرقابة‪ ،‬فقد وضع المجلس منصة‬
‫إلكترونية رهن إشارة األجهزة المعنية قصد إطالع المحاكم المالية على تطور اإلنجازات الخاصة‬
‫بالتوصيات الصادرة في إطار مهام مراقبة التسيير‪ .‬وتكرس هذه المنصة االختيار االستراتيجي‬
‫للمجلس للتواصل اإللكتروني مع األجهزة وتطويره بشكل دوري ودائم‪.‬‬
‫وفي مجال اقتناء وتطوير برنامج خاص بتتبع المهام الرقابية‪ ،‬قام المجلس بتطوير برنامج يهدف إلى‬
‫تتبع مراحل المسطرة المتبعة في إطار المهام المتعلقة بمراقبة التسيير ابتداء من البرمجة إلى نهاية‬
‫المهمة بإنجاز التقرير النهائي‪ ،‬مع إمكانية االحتفاظ بالوثائق والمستندات الخاصة بكل مهمة‪.‬‬
‫وفيما يتعلق بنزع الطابع المادي عن عملية تقديم الحسابات‪ ،‬باشرت إدارة الجمارك والضرائب غير‬
‫المباشرة عملية التقديم الالمادي للحسابات‪ .‬وتبقى هاته التجربة قابلة للتطوير لتسهيل عملية التلقي‬
‫وتسريعها ‪.‬كما قطع المجلس أشواطا مهمة في مشاوراته مع المديرية العامة للضرائب والخزينة‬
‫العامة للمملكة من أجل رقمنة الحسابات المقدمة وتحديد الكيفية المالئمة لضمان التوصل بها بطريقة‬
‫آمنة‪.‬‬
‫ويحاول المجلس‪ ،‬في هذا اإلطار‪ ،‬أن يضع التدابير الكفيلة بإيجاد حل للكم الهائل من الحسابات الورقية‬
‫المقدمة وما يستدعيه ذلك من إكراهات في التوثيق والمحافظة عليها‪ ،‬وذلك من خالل اللجوء إلى نزع‬
‫الطابع المادي عن عملية تقديم الحسابات‪ ،‬وهو ما سيساهم أيضا في جعل عمليات التدقيق والبت أكثر‬
‫فاعلية ونجاعة‪.‬‬
‫ويعتزم المجلس أيضا إنشاء منصة لتتبع الشكايات ووضع نظام خاص لتلقي الشكايات من طرف‬
‫العموم والتي تندرج مواضيعها في إطار اختصاصات المحاكم المالية‪ ،‬والرامية أساسا إلى تدعيم‬
‫وحماية قيم الحكامة الجيدة والشفافية والمحاسبة‪.‬‬
‫كما تم وضع نظام تتبع االختصاصات القضائية للنيابة العامة لدى المحاكم المالية والذي من خالله‬
‫يتم تتبع مراحل النظر في القضايا الرائجة في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية‪ ،‬وكذا‬
‫ملفات التدقيق والبت في الحسابات‪ ،‬كما يسهل هذا النظام تصنيف المالحظات والمؤاخذات موضوع‬
‫الملفات حسب تكييفها القانوني‪ ،‬وتحميل الملتمسات ومستنتجات النيابة العامة‪.‬‬
‫ويصاحب إنجاز هذه التطبيقات ووضعها رهن إشارة مستخدميها‪ ،‬التجديد الدوري للبنية التحتية‬
‫لألجهزة المعلوماتية التي تضم هاته التطبيقات‪ .‬كما يتم تحديث أمن شبكات المعلوميات الخاصة‬
‫بالمحاكم المالية من خالل اقتناء الحلول والبرامج المتخصصة في هذا المجال‪.‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪430‬‬


‫‪ .6‬التعاون الدولي‬
‫يعمل المجلس األعلى للحسابات على تعزيز التعاون مع األجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة‪،‬‬
‫سواء على المستوى الثنائي أو متعدد األطراف‪ ،‬وذلك لمواكبة القضايا الناشئة التي تهم الرقابة على‬
‫المالية العمومية وتبادل المعارف والتجارب والممارسات الفضلى مع األجهزة الرقابية النظيرة‬
‫بغرض الرفع من مردوديتها وتفعيل أثر نتائجها ومستخرجاتها‪ .‬فبرسم سنة ‪ ،2021‬وبالرغم من‬
‫الصعوبات والتحديات التي واجهها تنظيم اللقاءات الدولية جراء جائحة "كوفيد‪ ،"19-‬تمكن المجلس‬
‫األعلى للحسابات من المشاركة عبر تقنية التواصل عن بعد في مجموعة من الفعاليات الدولية‪ ،‬وتنظيم‬
‫العديد من اللقاءات والندوات‪.‬‬
‫أ‪ .‬أنشطة المجلس في إطار التعاون متعدد األطراف‬
‫شارك المجلس األعلى للحسابات‪ ،‬خالل سنة ‪ ،2021‬في العديد من األنشطة المهنية مع مجموعة من‬
‫المنظمات والجهات الدولية‪ ،‬ويتعلق األمر بما يلي‪:‬‬
‫• المنظمة الدولية لألجهزة العليا للرقابة المالية العامة والمحاسبة (اإلنتوساي)‬
‫باعتباره عضوا في منظمة اإلنتوساي‪ ،‬استفاد قضاة المجلس خالل سنة ‪ 2021‬من بعض الفعاليات‬
‫المبرمجة من طرف هذه المنظمة‪ ،‬والتي همت على الخصوص المواضيع التالية‪:‬‬
‫‪ -‬التنمية المستدامة ودور األجهزة العليا للرقابة (اللقاء المنظم من طرف مجموعة العمل حول‬
‫الرقابة البيئية ومجموعة العمل حول أهداف التنمية المستدامة بخصوص الدليل ‪)5202‬؛‬
‫‪ -‬تدقيق القطاع العام وتطور ممارسات الحكامة أثناء وبعد الطوارئ (المؤتمر العلمي والعملي‬
‫الدولي األول لإلنتوساي‪ ،‬المنظم عن بعد تحت رعاية رئاسة المنظمة)؛‬
‫‪ -‬اجتماع لجنة قيادة مجموعة عمل اإلنتوساي حول الرقابة البيئية بتاريخ ‪ 23‬و‪ 24‬شتنبر‬
‫‪.2021‬‬
‫• المنظمة العربية لألجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة (األرابوساي)‬
‫شارك المجلس األعلى للحسابات عبر تقنيات االتصال عن بعد في جل اللقاءات وورشات التكوين‬
‫التي أشرفت عليها المنظمة العربية لألجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة والتي تطرقت لمواضيع‬
‫متنوعة من ضمنها‪:‬‬
‫‪ -‬البيانات الضخمة (اللقاء التدريبي المنظم من ‪ 18‬إلى ‪ 22‬يناير ‪)2021‬؛‬
‫‪ -‬التدقيق من منظور بيئي (اللقاء التدريبي المنظم ما بين ‪ 22‬و‪ 25‬مارس ‪)2021‬؛‬
‫‪ -‬رقابة االلتزام (اللقاء التدريبي المنظم من ‪ 29‬إلى ‪ 31‬مارس ‪)2021‬؛‬
‫‪ -‬تقييم اإليرادات في مجال الصناعات االستخراجية (ورشة منظمة على مرحلتين‪ :‬يوم ‪07‬‬
‫يونيو‪ ،‬ومن ‪ 13‬إلى ‪ 17‬يونيو ‪)2021‬؛‬
‫‪ -‬توثيق العمل الرقابي (اللقاء التدريبي عن بعد بتاريخ ‪ 23‬و‪ 24‬شتنبر ‪)2021‬؛‬
‫‪ -‬الرقابة على الدين العام (اللقاء التدريبي عن بعد المنظم ما بين ‪ 03‬و‪ 07‬أكتوبر ‪)2021‬؛‬
‫‪ -‬الرقابة على األداء (اللقاء التدريبي عن بعد المنظم ما بين ‪ 25‬و‪ 27‬أكتوبر ‪)2021‬؛‬
‫‪ -‬تدقيق الجهات التي تحصل على دعم مالي من الدولة (اللقاء التدريبي المنظم من ‪ 8‬إلى ‪11‬‬
‫نونبر ‪)2021‬؛‬
‫‪ -‬تحليل وتقييم الحساب الختامي للدولة (اللقاء التدريبي المنظم ما بين ‪ 22‬إلى‬
‫‪ 24‬نونبر ‪)2021‬؛‬

‫‪431‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫‪ -‬المحاسبـة الحكـومية المبنـية على أساس االستحقاق في ضوء المعايير الدولية "‪"IPSAS‬‬
‫(اللقاء التدريبي المنظم من ‪ 20‬إلى ‪ 23‬دجنبر ‪.)2021‬‬
‫كما شارك المجلس األعلى للحسابات في عدد من االجتماعات اإلقليمية همت ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬التقرير اإلقليمي لقياس أداء األجهزة العليا للرقابة المالية (االجتماع األول للفريق المكلف‬
‫بإعداد هذا التقرير بتاريخ ‪ 03‬مارس ‪)2021‬؛‬
‫‪ -‬دور األجهزة العليا للرقابة في التدقيق في ظل الكوارث (االجتماع المنعقد من ‪ 29‬نونبر‬
‫إلى ‪ 01‬دجنبر ‪)2021‬؛‬
‫‪ -‬رقابة الجودة على األعمال الرقابية (االجتماع المنظم ما بين ‪ 06‬إلى ‪ 09‬دجنبر ‪.)2021‬‬
‫• مبادرة تنمية اإلنتوساي )‪(IDI‬‬
‫تقوم مبادرة تنمية اإلنتوساي بتنظيم عدة أنشطة لدعم عمل األجهزة العليا للرقابة على المستوى‬
‫الدولي‪ .‬ومن بين أنشطتها التي عرفت مشاركة المجلس األعلى للحسابات تلك التي انصبت حول ما‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪ -‬عرض نتائج االستبيان الدولي حول توجهات األجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة‬
‫بخصوص ممارساتها المهنية خالل الفترة ‪( 2019-2017‬لقاء منظم عن بعد بتاريخ ‪16‬‬
‫شتنبر ‪)2021‬؛‬
‫‪ -‬أثر تدقيق األجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة (المؤتمر الدولي المنظم عن بعد من‬
‫طرف مبادرة تنمية اإلنتوساي بتاريخ ‪ 30‬نونبر ‪)2021‬؛‬
‫‪ -‬االبتكارات من أجل األثر‪ :‬محور اعتماد التكنولوجيا ومشاركة المواطنين في الرقابة المالية‬
‫(لقاء منظم عن بعد بتاريخ ‪ 10‬نونبر ‪.)2021‬‬
‫عالوة على ذلك‪ ،‬شارك المجلس ابتداء من نونبر ‪ 2021‬في برنامج «االستراتيجية وقياس األداء‬
‫واإلبالغ" الذي نظمته مبادرة تنمية اإلنتوساي بالتعاون مع منظمة األرابوساي بهدف دعم قدرات‬
‫األجهزة المشاركة في مجال اإلدارة االستراتيجية‪.‬‬
‫• بعثة صندوق النقد الدولي‬
‫شارك وفد من المجلس األعلى للحسابات ترأسته السيدة الرئيس األول في اجتماع عن بعد يوم الثالثاء‬
‫‪ 7‬دجنبر ‪ 2021‬مع بعثة صندوق النقد الدولي‪ ،‬وذلك في إطار المشاورات السنوية بين السلطات‬
‫المغربية وصندوق النقد الدولي بموجب المادة الرابعة من اتفاقيته التأسيسية‪.‬‬
‫وتمت خالل هذا اللقاء مناقشة مجموعة من المواضيع تمحورت أساسا حول إعداد وإنجاز السياسات‬
‫العمومية ومواكبتها على مستوى المحاكم المالية‪ ،‬باإلضافة إلى الوضعية الراهنة للمالية العمومية في‬
‫ارتباط بتطور المديونية وإنجاز بعض أصناف النفقات‪ ،‬وكذا تتبع ومراقبة النفقات العمومية المتعلقة‬
‫بجائحة "كوفيد‪."19-‬‬
‫كما تم التطرق خالل هذا االجتماع إلى دور المجلس األعلى للحسابات في تتبع وتنزيل القانون‬
‫التنظيمي لقانون المالية‪ ،‬خاصة في مجال التحضير لمهمة التصديق على حسابات الدولة كاختصاص‬
‫منوط بالمجلس األعلى للحسابات‪.‬‬
‫ب‪ .‬أنشطة المجلس األعلى للحسابات في إطار التعاون الثنائي‬
‫• برنامج التعاون "شراكة" مع محكمة الحسابات الهولندية‬
‫في إطار برنامج التعاون القائم بين المجلس األعلى للحسابات ومحكمة الحسابات الهولندية‪ ،‬شارك‬
‫وفد من المجلس عبر تقنية التواصل عن بعد في فعاليات اختتام برنامج التعاون الدولي "شراكة" الذي‬
‫نظم يومي ‪ 27‬و‪ 28‬أكتوبر ‪ .2021‬وقد تضمن جدول أعمال هذا اللقاء عرض حصيلة األنشطة‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪432‬‬


‫المنجزة خالل الفترة ‪ 2021-2016‬بتعاون بين محكمة الحسابات الهولندية ومجموعة من األجهزة‬
‫العليا للرقابة المالية في المنطقة العربية والتي همت مجاالت متعددة كتدبير المالية العمومية والتنمية‬
‫المستدامة والصحة والنزاهة‪.‬‬
‫• جهاز المراقب والمدقق العام بجمهورية الهند‬
‫في إطار عالقات التعاون التي تجمع المجلس بجهاز المراقب والمدقق العام بجمهورية الهند‪ ،‬شارك‬
‫قضاة المجلس عن بعد في ورشة وبرنامج تدريبي تم تنظيمهما من طرف المركز الدولي للتدقيق‬
‫البيئي والتنمية المستدامة )‪ (iCED‬حول موضوعي‪:‬‬
‫‪ -‬تدقيق الصناعات االستخراجية (الورشة الرقمية المنظمة ما بين ‪ 15‬و‪ 19‬مارس ‪)2021‬؛‬
‫‪ -‬الرقابة البيئية (البرنامج التدريبي الدولي المنظم ما بين ‪ 22‬و‪ 26‬نونبر وبين ‪ 29‬نونبر و‪03‬‬
‫دجنبر ‪.)2021‬‬
‫• التعاون مع المدرسة الوطنية لإلدارة العمومية بكيبك (‪)ENAP‬‬
‫نظم المجلس األعلى للحسابات بتعاون مع المدرسة الوطنية لإلدارة العمومية بكيبك‪ ،‬يوم األربعاء‬
‫‪ 30‬يونيو ‪ 2021‬دورة تكوينية عن بعد حول دور المؤسسات العليا للرقابة المالية في تتبع ودراسة‬
‫تنفيذ أهداف التنمية المستدامة‪.‬‬
‫• مكتب المراقب العام بكيبك‬
‫نظم المجلس األعلى للحسابات يوم الثالثاء ‪ 02‬نونبر ‪ 2021‬ندوة حول التدبير المرتكز على النتائج‬
‫قام بتأطيره خبير من مكتب المراقب العام بكيبك‪.‬‬
‫• مكتب مساءلة الحكومة بالواليات المتحدة األمريكية )‪(GAO‬‬
‫شارك المجلس األعلى للحسابات في اللقاء المنظم عن بعد حول تدقيق أنظمة تكنولوجيا المعلومات‬
‫المنظم من طرف مكتب مساءلة الحكومة بالواليات المتحدة األمريكية وفريق عمل تدقيق تكنولوجيا‬
‫المعلومات التابع لإلنتوساي بتاريخ ‪ 21‬غشت ‪.2021‬‬
‫• المنظمة الدولية للفرنكوفونية )‪(OIF‬‬
‫في إطار مهمة المراجعة الخارجية لحسابات المنظمة الدولية للفرنكوفونية (‪ )OIF‬المنوطة بالمجلس‬
‫األعلى للحسابات بالمملكة المغربية‪ ،‬قام فريق قضاة المجلس بمراجعة حسابات هذه المنظمة برسم‬
‫السنة المالية ‪ ،2020‬وذلك خالل الفترة من ‪ 19‬إلى ‪ 28‬يوليوز ‪ 2021‬بمقر المنظمة الدولية‬
‫للفرنكوفونية في باريس‪ .‬كما قام هذا الفريق أيضا بالمهمة المرحلية للتدقيق المالي للسنة المالية ‪2021‬‬
‫بباريس خالل الفترة من ‪ 13‬إلى ‪ 17‬دجنبر ‪.2021‬‬
‫وخالل سنة ‪ ،2021‬شارك المجلس في مختلف هيئات المنظمة الدولية للفرنكفونية‪ .‬حيث تم تقديم‬
‫التقرير ورأي المراجعة حول البيانات المالية المتعلقة بالسنة المالية ‪ 2020‬أمام المؤتمر الوزاري‬
‫للفرنكوفونية المنعقد عن بعد في ‪ 10‬ديسمبر ‪.2021‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬ووفقا للنصوص التي تحكم المنظمة الدولية للفرنكوفونية‪ ،‬شارك المجلس في‬
‫اجتماعات لجنة التدقيق في هذه المنظمة‪ ،‬حيث حضر مدير المراجعة الخارجية أربعة اجتماعات‬
‫للجنة المذكورة خالل سنة ‪.2021‬‬
‫• افتحاص المشاريع الممولة جزئيا من طرف بعض الهيئات التابعة لمنظمة األمم‬
‫المتحدة‬
‫على غرار السنوات الماضية‪ ،‬وفي إطار المساعدة التي يقدمها المجلس للحكومة طبقا لمقتضيات‬
‫مدونة المحاكم المالية‪ ،‬قام المجلس األعلى للحسابات بافتحاص الحسابات المالية لمجموعة من‬
‫المشاريع الممولة بمساهمة من الهيئات التابعة لألمم المتحدة خاصة برنامج األمم المتحدة اإلنمائي‬
‫وصندوق األمم المتحدة للسكان وصندوق األمم المتحدة للطفولة‪ .‬كما قام المجلس بالتقييم الجزئي‬

‫‪433‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫للقدرات التدبيرية ولمنظومة الرقابة الداخلية لمجموعة من المؤسسات الحكومية والمنظمات غير‬
‫الحكومية التي تعمل‪ ،‬بشراكة مع الهيئات األممية سالفة الذكر‪ ،‬على تنفيذ هذه المشاريع أو المرشحة‬
‫لحملها وتدبيرها مستقبال‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬قام المجلس خالل سنة ‪ 2021‬بافتحاص أحد عشر (‪ )11‬مشروعا من بينها عشرة (‪)10‬‬
‫مشاريع ساهم في تمويلهما برنامج األمم المتحدة اإلنمائي ومشروع واحد بمساهمة صندوق األمم‬
‫المتحدة للطفولة حيث تم تدقيق حساباتها المقدمة برسم السنة المالية ‪.2020‬‬
‫وفي نفس السياق‪ ،‬قام المجلس بإنجاز ثمان (‪ )8‬مهام رقابية متعلقة بالتقييم الجزئي للقدرات التدبيرية‬
‫ولمنظومة الرقابة الداخلية‪ ،‬برسم سنة ‪ ،2021‬لثالث (‪ )3‬مؤسسات حكومية ولخمس (‪ )5‬منظمات‬
‫غير حكومية تتولى تنفيذ المشاريع المذكورة أو مرشحة لحملها وتدبيرها مستقبال‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد‪ ،‬تم التأكد من توفر هذه المؤسسات على اإلمكانيات الضرورية (موارد بشرية مؤهلة‬
‫ونظام رقابة داخلية سليم‪ )...‬تسمح لها بتدبير هذه المشاريع وفق المساطر المتعارف عليها وإنجازها‬
‫طبقا لبرنامج العمل المسطر لها‪ .‬كما تمكنها من الحفاظ على الموارد المالية الموضوعة رهن إشارتها‬
‫وصرفها حسب ما رصدت له ووفق القوانين المعمول بها‪.‬‬
‫وقد تم خالل هذه المهام االنكباب على عدة محاور من بينها ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬النتائج المفصلة لعمليات التدقيق واالفتحاص؛‬
‫‪ -‬وتيرة إنجاز المشاريع ومدى تقدمها ومطابقتها لبرامج العمل الخاصة بها؛‬
‫‪ -‬توفر نظام رقابة داخلية سليم؛‬
‫‪ -‬جرد وتدبير الوسائل الموضوعة رهن إشارة حاملي المشاريع‪.‬‬
‫وبعد االنتهاء من مهام تدقيق وافتحاص المشاريع وكذا تقييم القدرات التدبيرية للمؤسسات والمنظمات‬
‫المعنية‪ ،‬تم إعداد التقارير المتعلقة بها وتبليغها‪ ،‬مرفقة بالوثائق المحاسبية ذات الصلة بعدما تم‬
‫التصديق عليها من قبل المستشارين المكلفين بإجراء هذه المهام‪ ،‬إلى كل من وزارة الخارجية والتعاون‬
‫اإلفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج وبرنامج األمم المتحدة اإلنمائي‪.‬‬
‫• مشاركة المجلس في عملية التصديق على حسابات االتحاد االفريقي برسم سنة‬
‫‪2021‬‬
‫يتم سنويا التصديق على حسابات االتحاد اإلفريقي من طرف "مجلس مراجعي الحسابات الخارجيين"‬
‫المؤلف من إحدى عشر (‪ )11‬رئيس لألجهزة العليا للرقابة المالية؛ ستة (‪ )6‬منهم دائمي العضوية‪،‬‬
‫من بينهم المغرب‪ ،‬في حين يتم انتخاب األعضاء الخمسة اآلخرين الذين يمثل كل واحد منهم منطقة‬
‫من مناطق إفريقيا الخمس‪ .‬وتسند رئاسة هذا المجلس لعضو من بين األعضاء لمدة سنتين عمال بمبدأ‬
‫التناوب‪.‬‬
‫وتقوم "لجنة عمليات مراجعة الحسابات" بأعمال مراجعة حسابات االتحاد اإلفريقي‪ .‬وتتألف هذه‬
‫اللجنة من أعضاء يمثلون المؤسسات العليا للرقابة الممثلة في "مجلس مراجعي الحسابات الخارجيين"‬
‫سالف الذكر‪ .‬وتتمثل مهمتهم في ضمان اإلشراف على سير عملية مراجعة الحسابات وفقا‬
‫لالستراتيجية المعتمدة‪ .‬وتسند رئاسة هذه اللجنة لممثل الجهاز األعلى للرقابة الذي يرأس "مجلس‬
‫مراجعي الحسابات الخارجيين"‪.‬‬
‫وعلى مستوى مفوضية االتحاد اإلفريقي‪ ،‬تغطي عمليات مراجعة الحسابات مختلف عناصر‬
‫الحسابات السنوية أو ما يصطلح عليه "مواضيع المراجعة" كشراء السلع والخدمات‪ ،‬وإدارة‬
‫االستثمار‪ ،‬ونظام المعلومات‪ ،‬وإدارة الموارد البشرية‪ ،‬وأموال الشركاء‪ ،‬ونفقات السفر‪ ،‬إلخ‪ .‬ويتولى‬
‫كل جهاز أعلى للرقابة مشارك مراجعة أحد هذه المواضيع‪ .‬وعلى مستوى أجهزة االتحاد اإلفريقي‪،‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪434‬‬


‫يفحص مراجعو الحسابات جميع العمليات المحاسبية والتشغيلية للهيئة‪ ،‬وهذا من خالل نهج قائم على‬
‫تحليل المخاطر‪.‬‬
‫وقد شارك المجلس األعلى للحسابات في أعمال التدقيق الخارجي لالتحاد اإلفريقي ألول مرة في سنة‬
‫‪.2019‬‬
‫وفيما يتعلق بالسنة المالية ‪ ،2021‬شارك المجلس األعلى للحسابات‪ ،‬ممثال بأربعة قضاة‪ ،‬في تدقيق‬
‫حسابات مفوضية االتحاد اإلفريقي حيث تولى مراجعة الجوانب المتعلقة بالموارد البشرية‪ ،‬فضال عن‬
‫تدقيق حسابات البرلمان اإلفريقي‪.‬‬

‫‪435‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪436‬‬
‫الفهرس‬

‫تقديم ‪9 ....................................................................................................................................‬‬
‫توجيهات هامة ‪17 ......................................................................................................................‬‬
‫الفصل األول‪ :‬األنشطة القضائية للمحاكم المالية ‪19 .............................................................................‬‬
‫أوال‪ .‬تعزيز وظيفتي الردع الخاص والعام في مجال التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية ‪20 ...........................‬‬
‫حصيلة نشاط المحاكم المالية ‪21 -----------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫أغلبية اإلحاالت تمت من طرف هيئات المحاكم المالية ‪21 -----------------------------------------------------------‬‬
‫‪22 ------------------------‬‬ ‫تنامي المساءلة عن أخطاء التسيير‬
‫تكريس الممارسات الجيدة في التدبير وشروط المحاكمة العادلة في االجتهاد القضائي في مادة التأديب المالي ‪22 ----------‬‬
‫ثانيا‪ .‬تكريس مبدأ المساءلة في إطار اختصاص التدقيق والبت في الحسابات ‪34 ..................................................‬‬
‫تحسن مستمر في نسب اإلدالء بالحسابات ‪34 -----------------------------------------------------------------------‬‬
‫نتائج التدقيق والتحقيق والبت في الحسابات ‪35 ---------------------------------------------------------------------‬‬
‫طبيعة المخالفات ‪37 ---------------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫تكريس مبادئ وقواعد حماية حقوق األجهزة العمومية وضمان صحة نفقاتها ‪37 ---------------------------------------‬‬
‫ثالثا‪ .‬إحالة أفعال قد تستوجب عقوبة جنائية ‪42 ..........................................................................................‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬تتبع أوراش اإلصالحات الكبرى ‪44 ..............................................................................‬‬
‫إصالح المالية العمومية‪ :‬ورش بحاجة إلى التسريع لالستجابة لمتطلبات نجاعة األداء ‪45 ----------------------------------‬‬
‫منظومة الحماية االجتماعية‪ :‬ورش يعزز دعائم الدولة االجتماعية ويستدعي آليات تمويل كفيلة بضمان استدامته ‪53 ---------‬‬
‫منظومة االستثمار‪ :‬الحاجة إلى اعتماد استراتيجية وطنية وبرنامج عمل لتنزيل ميثاق االستثمار ‪60 ------------------------‬‬
‫اإلصالح الجبائي‪ :‬أهمية استكمال اإلصالح من أجل تحفيز االستثمار ودعم موارد الدولة ‪65 ------------------------------‬‬
‫قطاع المؤسسات والمقاوالت العمومية‪ :‬الحاجة إلى إعادة النظر في محفظة المؤسسات والمقاوالت العمومية وتجميعها في‬
‫أقطاب كبرى ‪71 ----------------------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬مراقبة التسيير وتقييم البرامج والمشاريع العمومية‪77 ......................................................‬‬
‫القطاعات المالية ‪81 ............................................................................................................................‬‬
‫المالية العمومية ‪:‬بعض نقط االهتمام ‪84 -------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫نفقات االستثمار المدرجة بالميزانية العامة للدولة‪ :‬أثر محدود يستدعي إعادة النظر في بنية االستثمارات العمومية وأهدافها ‪86‬‬
‫الهيئة المغربية لسوق الرساميل‪ :‬ضرورة استكمال اإلصالح من أجل ضبط أفضل لألسواق المالية ‪95 ----------------------‬‬
‫قطاع الصحة‪103 ...............................................................................................................................‬‬
‫الموارد البشرية لوزارة الصحة‪ :‬تفاوتات ترابية واختالالت على مستوى تغطية الساكنة ‪106 ------------------------------‬‬
‫منظومة األدوية‪ :‬الحاجة لوضع سياسة دوائية وطنية ترتكز على تحفيز اإلنتاج المحلي ‪116 -------------------------------‬‬
‫نظام المراقبة الصحية واإلنذار المبكر والسريع‪ :‬قدرة على التأقلم وتحديات مرتبطة بالحفاظ على استمرارية العالجات وبرامج‬
‫الصحة‪125 --------------------------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫البرنامج الوطني للوقاية ومراقبة ارتفاع ضغط الدم‪ :‬ضرورة إرساء إطار مؤسساتي مناسب لتحسين حكامة البرنامج ‪131 ---‬‬
‫قطاعات التربية والتكوين والتعليم العالي ‪135 ............................................................................................‬‬
‫الموارد البشرية لقطاع التربية الوطنية‪ :‬الحاجة لضمان توزيع أكثر توازنا لألطر التربوية‪138 ----------------------------‬‬
‫التكوين األساس والتكوين المستمر ألطر هيئة التدريس‪ :‬مسار تكويني بحاجة للتجويد ‪146 --------------------------------‬‬
‫النقل المدرسي في الوسط القروي‪ :‬تسجيل مجهودات مهمة وضرورة إرساء نموذج مستدام للتدبير كفيل باالستجابة النتظارات‬
‫المرتفقين‪152 ------------------------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫التعليم المدرسي عن بعد‪ :‬أهمية استثمار هذا النمط الجديد وتوفير مقومات نجاحه ‪164 ------------------------------------‬‬
‫التعليم العالي عن بعد‪ :‬الحاجة إلى اعتماد إطار قانوني مناسب يحدد آليات حكامته وتنظيمه ‪174 ---------------------------‬‬
‫التكوين المهني الفالحي‪ :‬آلية مهمة في حاجة إلى التطوير لالستجابة لحاجيات الفالحة التقليدية والعصرية ‪179 -------------‬‬
‫منظومة التعليم العتيق‪ :‬دور مهم للمنظومة في حماية الثوابت الدينية والحاجة لالرتقاء بها أكثر ‪191 -----------------------‬‬

‫‪437‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬


‫القطاعات اإلنتاجية ‪205 .......................................................................................................................‬‬
‫خطة دعم قطاع السياحة لتجاوز آثار جائحة كوفيد‪ :19-‬أهمية مواصلة الجهود لتحقيق أهداف عقد‬
‫البرنامج ‪208 ----------------------------------------------------------------------------------------- 2022-2020‬‬
‫التجميع الفالحي‪ :‬نظام واعد بحاجة الستكمال جميع عوامل نجاحه ‪216 -------------------------------------------------‬‬
‫مشاتل المقاولين الشباب‪ :‬برنامج طموح لم يحقق كل أهدافه مما يستدعي إعادة بلورته ‪225 -------------------------------‬‬
‫فضاءات االستقبال الصناعي المنجزة بشراكة مع الجماعات الترابية بجهة الدار البيضاء‪-‬سطات‪ :‬تحديات متعددة ومقومات‬
‫مهمة تستدعي استثمارا أفضل ‪240 ----------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫قطاع الثقافة ‪253 ...............................................................................................................................‬‬
‫العمل الثقافي‪ :‬أهمية إعداد استراتيجية مندمجة للعمل الثقافي من أجل ضمان الولوج للثقافة ودعم اإلبداع ‪256 --------------‬‬
‫تدبير المباني والمواقع التاريخية‪ :‬الحاجة لوضع استراتيجية مندمجة لتثمين التراث الثقافي‪268 ----------------------------‬‬
‫القطاعات اإلدارية ‪275 ........................................................................................................................‬‬
‫المباني اإلدارية‪ :‬أهمية وضع استراتيجية لتدبير العقارات المخصصة للقطاعات الوزارية وآليات لترشيد االقتناء‬
‫والتخصيص ‪278 ---------------------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫أنظمة مراقبة الولوج في اإلدارات العمومية‪ :‬الحاجة إلى استكمال اإلطار القانوني واالستراتيجي من أجل استغالل أمثل ‪286‬‬
‫نظام رصد المخالفات بواسطة الرادارات الثابتة‪ :‬أهمية تحسين األداء والمردودية ‪294 ------------------------------------‬‬
‫الحكامة الترابية والتنمية المجالية ‪305 ....................................................................................................‬‬
‫تأثير األزمة الصحية "كوفيد ‪ " 19‬على تدبير الجماعات الترابية‪ :‬أهمية تطوير آليات االشتغال من أجل ضمان استمرارية‬
‫الخدمات ‪308 ------------------------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫تدبير الجهات‪ :‬الحاجة إلى تعزيز وظيفة التخطيط االستراتيجي وتنويع مصادر التمويل ‪321 ------------------------------‬‬
‫أهم أوجه تدبير الجماعات في الوسط القروي‪ :‬مجاالت ترابية في حاجة إلى مواصلة الجهود لتدارك الخصاص المسجل على‬
‫مستوى بعض الخدمات األساسية ‪337 --------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫االستراتيجية الوطنية للتنقالت الحضرية‪ :‬أهمية تأطير أفضل للقطاع وتأمين آليات التمويل المناسبة ‪354 -------------------‬‬
‫الوكاالت الحضرية‪ :‬الحاجة إلى إصالح شامل من أجل تموقع جديد لهذه المؤسسات ‪369 ---------------------------------‬‬
‫حكامة وكالة تهيئة ضفتي أبي رقراق‪ :‬نموذج اقتصادي ومالي يقتضي المراجعة من أجل ضمان استدامته ‪377 -------------‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬تتبع تنفيذ التوصيات ‪386 ..........................................................................................‬‬
‫أوال‪ .‬تتبع التوصيات الصادرة عن المجلس األعلى للحسابات ‪386 ....................................................................‬‬
‫التتبع المستندي‪ :‬تفاعل إيجابي رغم بعض اإلكراهات وتحسن على مستوى مجموعة من أوجه التدبير ‪386 -----------------‬‬
‫تتبع التوصيات المتعلقة بتقييم تدبير اإلعانات الممنوحة للجمعيات‪ :‬تطور ملموس لإلطار القانوني لتدبير منح الدعم مع الحاجة‬
‫إلى ربطه باألهداف االستراتيجية للقطاعات المانحة‪393 ---------------------------------------------------------------‬‬
‫ثانيا‪ .‬تتبع التوصيات الصادرة عن المجالس الجهوية للحسابات ‪396 ................................................................‬‬
‫تفاعل إيجابي لألجهزة المعنية‪396 -----------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫أثر ملموس لتنفيذ التوصيات ‪397 -----------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫إكراهات تعوق تنفيذ بعض التوصيات ‪400 ---------------------------------------------------------------------------‬‬
‫الفصل الخامس‪ :‬ملخص التقرير حول تنفيذ قانون المالية لسنة ‪402 ............................................... 2020‬‬
‫أوال‪ .‬نتائج تنفيذ قانون المالية لسنة ‪ 2020‬في ظل األزمة الصحية كوفيد‪402 ............................................... 19-‬‬
‫‪403 -------------------------------------------------------------------------------------------------‬‬ ‫المداخيل‬
‫‪403 -------------------------------------------------------------------------------------------------‬‬ ‫النفقات‬
‫ثانيا‪ .‬إرساء أسس التدبير المعتمد على نجاعة األداء‪405 ..............................................................................‬‬
‫ثالثا‪ .‬تقدم إعداد البيانات المالية والمحاسبية الالزم تقديمها قصد التصديق على حسابات الدولة‬
‫برسم السنة المالية ‪406 .............................................................................................................. 2020‬‬
‫رابعا‪ .‬التوصيات ‪406 ..........................................................................................................................‬‬
‫الفصل السادس‪ :‬التصريح اإلجباري بالممتلكات ‪408 ...........................................................................‬‬
‫أوال‪ .‬الحصيلة العامة ألنشطة إيداع وتلقي وتتبع ومراقبة التصريح اإلجباري بالممتلكات لسنة ‪409 ..................2021‬‬
‫حصيلة عملية تلقي وتتبع التصاريح بالممتلكات الخاصة بفئات أعضاء الحكومة ورؤساء دواوينهم والشخصيات المماثلة‬
‫ألعضاء الحكومة وأعضاء مجلس النواب وأعضاء مجلس المستشارين ‪409 ---------------------------------------------‬‬
‫حصيلة عملية تلقي وتتبع التصاريح بالممتلكات الخاصة بفئة الموظفين واألعوان العموميين والمنتخبين المحليين‬
‫الملزمين ‪411 ------------------------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬ ‫‪438‬‬


‫ثانيا‪ .‬نتائج فحص قوائم الملزمين بالتصريح بالممتلكات ‪412 ..........................................................................‬‬
‫‪413 --------------‬‬ ‫بشأن تحديد المهام الموجبة للتصريح بالممتلكات ومدى التقيد بالمقتضيات القانونية المتعلقة بالقوائم‬
‫‪415 ------------------------------------------------------‬‬ ‫بشأن السلطة المؤهلة لوضع القوائم وحصرها وتحيينها‬
‫ثالثا‪ .‬مالحظات بشأن تعبئة نماذج التصاريح المودعة لدى المجلس‪416 ............................................................‬‬
‫‪417 --------------------------------------------------------------------------‬‬ ‫فيما يخص تعبئة نموذج التصريح‬
‫‪417 -------------------------------------------------------------------------‬‬ ‫من حيث تطابق المضمون واتساقه‬
‫الفصل السابع‪ :‬تدقيق حسابات األحزاب السياسية وفحص النفقات المتعلقة بالعمليات االنتخابية ‪419 ................‬‬
‫أوال‪ .‬فحص النفقات المتعلقة بالعمليات االنتخابية ‪419 ..................................................................................‬‬
‫‪419 --------------------------------------------‬‬ ‫حسابات الحمالت االنتخابية لألحزاب السياسية والمنظمات النقابية‬
‫‪420 --------------------------------------------------------------------‬‬ ‫حسابات الحمالت االنتخابية للمترشحين‬
‫ثانيا‪ .‬تدقيق الحسابات السنوية لألحزاب السياسية ‪420 .................................................................................‬‬
‫‪420 ------------------------------‬‬ ‫إرجاع مبالغ الدعم برسم استحقاقات سابقة أو الدعم السنوي عن السنوات الفارطة‬
‫أهم الخالصات والتوصيات المتعلقة بتدقيق الحسابات السنوية لألحزاب السياسية برسم ‪421 --------------------- 2020‬‬
‫الفصل الثامن‪ :‬التوجهات االستراتيجية للمحاكم المالية وأنشطة الدعم والتعاون الدولي ‪423 ...........................‬‬
‫أوال‪ .‬التوجهات االستراتيجية للمحاكم المالية‪ :‬من أجل إحداث األثر وتعزيز الثقة لدى المواطن ‪423 ..........................‬‬
‫ثانيا‪ .‬أنشطة الدعم والتعاون الدولي‪ :‬نحو تعزيز موارد المحاكم المالية وتكريس انفتاحها وإشعاعها ‪424 ...................‬‬
‫الوسائل المالية والمادية‪424 -----------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫الموارد البشرية‪425 ------------------------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫‪425 -------------------------------------------------------------------------------------------------‬‬ ‫التكوين‬
‫‪427 -------------------------------------------------------------------------------------------‬‬ ‫كتابة الضبط‬
‫‪430 -------------------------------------------------------------------------------------------‬‬ ‫نظم المعلومات‬
‫التعاون الدولي ‪431 -------------------------------------------------------------------------------------------------‬‬

‫‪439‬‬ ‫التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنة ‪2021‬‬

You might also like