Ù Ù Ø®Ø Ø Ø Ø Ø Ù Ø Ø Ø Ø Ù Ø

You might also like

Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 46

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬

‫جامعة الملك سعود‬


‫كلية التربية‬
‫قسم المناهج وطرق التدريس‬

‫قراءة في كتاب‪:‬‬

‫"اتجاهات حديثة في اإلشراف‬


‫التربوي"‬
‫مقدم للجنة اإلختبار الشامل في الفصل الدراسي األول ‪1429-1428‬هـ‬

‫الطالب ‪ /‬خالد غنيم الهمزاني‬


‫‪425121244‬‬

‫الفصل الدراسي األول ‪1429-1428‬هـ‬


‫تمهيد‪:‬‬
‫لقد أخذ اإلشراف الرتبوي باألساليب والطرق احلديثة لإلشراف الرتبوي مبفهومه‬
‫العصري الذي يتمشى مع املفهوم اجلديد لإلشراف من أجل النهوض بالعمليتني الرتبوية‬
‫مر اإلشراف الرتبوي خالل تطوره بصعوبات جعلته يتعثر يف مواكبة‬ ‫والتعليمية‪ ،‬وقد ّ‬
‫التطور يف ميادين الرتبية األخرى‪.‬‬
‫ومع هذا التطور الشامل يف مفهوم اإلشراف الرتبوي جند أن ما ميارسه املشرفون‬
‫الرتبويون يف امليدان ال يتمشى ومفهوم اإلشراف الرتبوي احلديث لرتكيزهم على‬
‫األساليب التقليدية اليت ال تتطلب سوى املتابعة الروتينية الورقية أكثر منها الفنية‪.‬‬
‫وإن هذا التطور يف مفهوم اإلشراف الرتبوي واجتاهاته احلديثة ملواكبة التطور‬
‫الرتبوي الذي حيدث يف العملية الرتبوية والتعليمية قد حدا بكثري من املهتمني هبذا الشأن‬
‫يف التنظري ملثل هذه القضايا ومن هذه املؤلفات احلديثة كتاب "اجتاهات حديثة يف‬
‫اإلشراف الرتبوي" والذي حنن بصدد قراءته فيما يأيت من صفحات‪.‬‬
‫ولقد متت قراءة هذا الكتاب على النحو التايل‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬العرض الفين للكتاب‪ ،‬وقد مت ذلك من خالل ذكر عنوان الكتاب ومؤلفه‬
‫والدار الناشرة للكتاب وعدد الصفحات إمجاالً والصفحات اليت حتدثت عن كل‬
‫موضوع‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬العرض العلمي للكتاب‪ ،‬وذلك بذكر موجز علمي عن موضوعات الكتاب‬
‫اليت تطرق إليها مؤلف الكتاب‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬التعليق على الكتاب ‪ ،‬وهو عبارة عن تعليق ملا جاء به الكتاب ‪ ،‬ومستنداً‬
‫فيه إىل اخلربة امليدانية يف هذا اجملال واملالحظات يف البيئة التعليمية من خالل املعايشة ‪،‬‬
‫وكذلك التطرق إىل مدى مناسبة ما جاء يف الكتاب لواقعنا الرتبوي والتعليمي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أوالً‪ :‬العرض الفني للكتاب‪:‬‬
‫حيمل الكتاب عنوان "اجتاهات حديثة يف اإلشراف الرتبوي" من تأليف األستاذ‬
‫الدكتور‪ /‬عبدالعزيز عبدالوهاب البابطني ‪ -‬أستاذ بقسم اإلدارة الرتبوية بكلية الرتبية جامعة‬
‫امللك سعود‪.‬‬
‫يقع الكتاب يف (‪312‬صفحة) من القطع املتوسط‪ ،‬ويستهل املؤلف الكتاب بالفهرس‬
‫ويقع يف صفحتني (ج – د) حيث قسم املؤلف حمتويات الكتاب إىل موضوعات رئيسية ينبثق‬
‫منها موضوعات فرعية‪ .‬بدأ املؤلف باملقدمة وتقع يف ثالثة صفحات (‪ )3-1‬ناقش فيها أمهية‬
‫الرتبية ودور اإلشراف الرتبوي يف املؤسسات التعليمية‪.‬‬
‫وبعد ذلك عرض املؤلف مفهوم اإلشراف الرتبوي وتطوره يف مثاين صفحات (‪-4‬‬
‫‪ )12‬حيث استعرض مفهوم اإلشراف الرتبوي واجتاهاته‪ ،‬مث بدأ باملوضوع األول حتت عنوان‬
‫العوامل األساسية املؤثرة يف تشكيل مفهوم اإلشراف الرتبوي وتطوره يف حوايل مخسة عشر‬
‫صفحة (‪ )27-21‬مث تناول املؤلف موضوع أمناط حديثة يف اإلشراف الرتبوي يف أربعة أقسام‬
‫مث بعد ذلك تعرض بالنقاش ملوضوع النظرية ودورها يف حتسني املمارسات اإلشرافية وذلك يف‬
‫حوايل مائة ومخسة وثالثون صفحة (‪ .)174 – 28‬مث بدأ املؤلف يف تناول موضوع‬
‫املمارسات اإلشرافية يف مناذج حديثة حيث استعرض أنواع املمارسات اإلشرافية يف مخسني‬
‫صفحة (‪ .)189 – 183‬مث تناول الكاتب موضوع مناذج حديثة يف جمال املمارسات‬
‫اإلشرافية ميدانياً مستعراضاً عملية اإلشراف الرتبوي مع الصيغ الرتبوية واملخطط الكلي للمنهج‬
‫املدرسي وذلك يف حوايل أربعني صفحة (‪ .)234 – 190‬مث تناول املؤلف موضوع القيادة‬
‫واإلشراف الرتبوي والذي ضم أمناط القيادة الرتبوية ونظريات القيادة ومناذج السلوك القيادي‬
‫يف مخسة عشر صفحة (‪ .)249 – 235‬مث تعرض ملوضوع االتصال يف جمال اإلشراف‬
‫الرتبوي حيث ضم مقدمة والتعريف وعناصر االتصال وأمناط االتصال وفعاليته يف العملية‬
‫اإلشرافية يف تسعة صفحات (‪ .)259 – 250‬وانتهى املؤلف مبوضوع إعداد املشرفني‬
‫الرتبويني وتأهيلهم مهنياً مع استعراض لربامج اإلعداد يف اثين وثالثني صفحة (‪– 260‬‬
‫‪ .)192‬وختم الكاتب بقائمة املراجع العربية واألجنبية يف ست صفحات (‪.)312 – 306‬‬
‫وقد صدر الكتاب يف طبعته األوىل عام ‪1425‬هـ‪2004/‬م يف اململكة العربية السعودية‬
‫– الرياض‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫ثانياً‪ :‬العرض العلمي للكتاب‪:‬‬
‫المقدمةـ ‪:‬‬
‫بدأ املؤلف كتابه اجتاهات حديثة يف اإلشراف الرتبوي مبقدمة ناقش فيها أمهية‬
‫الرتبية يف إعداد األجيال القادمة ملواجهة املستقبل وحتدياته ودور اإلشراف الرتبوي على‬
‫املؤسسات التعليمية وتصميم اخلطط واملناهج والربامج احلديثة ملواكبة املستجدات العاملية‪.‬‬
‫ذكر املؤلف أنه لكي يؤدي اإلشراف الرتبوي دوره كأسلوب تطوير للعملية‬
‫الرتبوية والرقي هبا فإنه ال بد له من أن يطور مفاهيمه وأساليبه وأمناطه مبا يتفق‬
‫واالجتاهات العاملية املعاصرة وأن يصبح له دور أساسي وفاعل يف تطوير قدرات املعلم‬
‫وإمكاناته من خالل تزويده باملعارف واملهارات واالجتاهات اإلجيابية اليت متكنه من أداء‬
‫عمله بكفاءة عالية‪.‬‬
‫كما أشار املؤلف إىل أن املشرف الرتبوي جيب أن ينظر إيل على أنه إنسان قادر‬
‫على حتسني أداء املعلمني وتطوير قدراهتم بناء على ما لديهم من خصائص ذاتية ومسات‬
‫شخصية‪.‬‬
‫وقد ذكر املؤلف انه وضع هذا الكتاب على أمل أن يسهم يف تطوير املمارسات‬
‫اإلشرافية يف اململكة العربية السعودية خاصة ودول اخلليج العربية عامة‪ .‬حيث أحس‬
‫املؤلف بأمهية تطوير تلك املمارسات وسبل تطبيقها ميدانياً‪ ،‬وحتسني صورهتا من خالل‬
‫اإلفادة من التجارب الناجحة واملستجدات الرتبوية مبا يتفق وطبيعة جمتمعاتنا وقيمها‬
‫وحاجاهتا يف بناء األجيال القادمة ملستقبل أفضل‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫مفهوم اإلشراف التربوي وتطوره‪:‬‬
‫لقد بدأ املؤلف هذا اجلزء من الكتاب بإسهام الرتبية اإلسالمية يف مد احلضارة‬
‫اإلنسانية باملفاهيم واألفكار اجلديدة والقيم الراقية حيث كان هلا السبق يف وضع األسس‬
‫األوىل للرتبية احلديثة‪.‬‬
‫تناول الكاتب بعد ذلك نشأة اإلشراف الرتبوي بصورته احلديثة وذكر أهنا تعود‬
‫إىل عام ‪ 1654‬عندما قام املستوطنون األوربيون يف والية ماساشوسيتس األمريكية‬
‫بإصدار قانون يعطي احلق ألولياء األمور ومراقبني من جامعة هارفرد يف اإلشراف على‬
‫تعيني امل علمني اجلدد يف مدارس الوالية وفق شروط معينة‪ .‬مث انتقال املسؤولية اإلشرايف‬
‫من أولياء األمور إىل إدارتني مها إدارة الرتبية على مستوى الوالية وإدارة املنطقة التعليمية‬
‫وانتقاهلا يف القرن العشرين إىل مديري املدارس واملشرفني الرتبويني املتخصصني‪.‬‬
‫كما يذكر أنه بتطور مفهوم الرتبية وأساليبها ونظريات التعليم والعالقات‬
‫اإلنسانية‪ ،‬قد تبعه تطور واضح ملفهوم اإلشراف الرتبوي وأصبحت غري مقيدة مبجال حمدد‬
‫من جماالت العملية الرتبوية بل ترتبط جبميع اجملاالت الرتبوية والنامجة عنها‪ .‬وأصبحت‬
‫مهمة اإلشراف الرتبوي واسعة وشاملة ودور املشرف احلديث أصبح كبرياً يف حتقيق‬
‫أهداف املؤسسة الرتبوية وتطويرها‪.‬‬
‫وألن اإلشراف الرتبوي قد مر بعدة مراحل خالل اقرن العشرين حيث كان ينظر‬
‫إليه يف بداية األمر على أنه امتداد لإلدارة الرتبوية مث أصبح أكثر ارتباطاً باملنهج الدراسي‬
‫وطرق التدريس وبعد ذلك ارتبط حبركة العالقات اإلنسانية‪.‬‬
‫ونتيجة لتعدد املراحل واالجتاهات اليت مر هبا اإلشراف الرتبوي واليت شكلت‬
‫مفهم اإلشراف الرتبوي وقد خلصت رداح اخلطيب هذه االجتاهات الرئيسية اليت مر هبا‬
‫اإلشراف الرتبوي كما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬اإلشراف التربوي هو عملية فنية محضة حيث يركز اهتمامه على تصميم‬
‫املناهج الدراسية وتطويرها‪.‬‬
‫‪ -2‬اإلشراف التربوي هو عملية إدارية حيث ينظر له على أنه أحد اجلوانب‬
‫اإلدارة املدرسية‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫‪ -3‬اإلشراف التربوي هو عالقات إنسانية حيث ينظر إىل اإلشراف الرتبوي‬
‫على أنه تعامل بني املعلم واملشرف الرتبوي‪.‬‬
‫ومن ناحية أخرى ونتيجة الختالف مسميات اإلشراف الرتبوي (تفتيش‪ ،‬توجيه‪،‬‬
‫إشراف)‪ ،‬وتعدد اجتاهاته فقد أصبح لإلشراف الرتبوي تعريفات كثرية ومتباينة فذكر منها‬
‫تعريف ويلز (‪ )wiles‬لإلشراف الرتبوي على أنه‪" :‬نشاط ذو غاية‪ ،‬يوجد من أجل معاونة‬
‫املدرسني على أداء وظيفتهم بطريقة أفضل"‪.‬‬
‫كما ذكر املؤلف تعريف آخر لـكروفت (‪ )Croft‬أن اإلشراف الرتبوي هو اجلهود‬
‫الرامية لتنسيق النمو املستمر للمعلمني ويرفع مستوى ذلك النمو وذكر أيضاً تعريف‬
‫نشوان ملفهوم اإلشراف الرتبوي على أنه "عملية تعاونية تشخيصية حتليلية‪ ،‬عالجية‬
‫مستمرة تتم من خالل التفاعل البناء املثمر بني املشرف واملعلم هبدف حتسني عملييت‬
‫التعليم والتعلم‪.‬‬
‫كما ذكر املؤلف تعريف موشر (‪ )Mosher‬وبريل (‪ )Pureel‬أن اإلشراف الرتبوي‬
‫"مهمة قيادية وتدريبية‪ ...‬وتعليم املعلمني كيفية التعليم"‪.‬‬
‫كما ذكر تعريف بوردمان (‪ )Bordman‬لإلشراف الرتبوي بأنه اجملهود الذي يبذل‬
‫لتنسيق النمو املستمر للمعلمني يف املدرسة فرادى أو مجاعات وتوجيهه ورفع مستواه‪.‬‬
‫ونتيجة للتطور الكبري يف الفكر الرتبوي وممارساته امليدانية فقد أصبح مفهوم‬
‫اإلشراف الرتبوي يهتم جبميع عناصر العملية التعليمية واملتمثلة بالعلم والتعلم واملناهج‬
‫الدراسية وطرق التدريس والبيئة املادية واالجتماعية يف املؤسسات التعليمية‪.‬‬
‫كما أوضح املؤلف أن معظم الباحثني واملهتمني يف جمال اإلشراف الرتبوي يرون‬
‫أن اتساع مفهوم اإلشراف الرتبوي ومشوله أدى إىل عدم دقته ووضوحه‪.‬‬
‫كما أن معظم الباحثني الرتبوييني يعيبون على اإلشراف الرتبوي كونه يرتاوح يف‬
‫ممارساته بني اإلدارة والقيادية الرتبوية واملناهج وطرق التدريس والعالقات اإلنسانية‬
‫واالتصاالت اإلنسانية‪ .‬علماً بأن أغلب املهتمني واملستغلني يف جمال الرتبية والتعليم‬
‫يدركون العالقة الوثيقة والديناميكية بني احلقول املتنوعة للرتبية ويدركون أيضاً صعوبة‬
‫الفصل بينها يف كثري من األحيان‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫ويف النهاية يرى املؤلف أنه على الرغم من اتساع جمال اإلشراف الرتبوي ومشوله‬
‫جبميع حقول الرتبية إال أن عملية تنفيذه مل تأخذ طريقها الصحيح‪ .‬حيث أن قيام إنسان‬
‫واحد وهو املشرف جبميع هذه األدوار اجلسيمة هو عمل غري صحيح يف هذه املرحلة‬
‫الزمنية لذلك يرى ضرورة حتقيق تطور كيفي ونوعي يف شىت جماالت الرتبية والتعليم‪.‬‬
‫كما أوصى الكاتب بتوزيع فريق العمل من املشرفني الرتبويني على مستويني‬
‫وذلك تسهيالً للعمل األول لتشخيص الواقع ومجع البيانات واآلخر تسند إليه مهمة‬
‫العالج وحتسني الواقع وتطويره‪.‬‬
‫ويف النهاية جند أن مفهوم اإلشراف التربوي يبنى على المسميات الثالثة التاليةـ‬
‫تفتيش‪ ،‬وتوجيه‪ ،‬وإشراف على اعتبار أنها تمثل مراحلـ تطور مفهوم اإلشراف‬
‫التربوي‪.‬‬
‫ولكنه يرى أن هذه املسميات ال تدل على معانيها احلقيقية وال تتف قمع‬
‫مفاهيمها وتطبيقاهتا امليدانية وبالتايل فهي ال تتعدى كوهنا ت غري ألفاظ ومما يدل على‬
‫ذلك أن بعض األنظمة الرتبوية تستعمل أجد املسميات بشكل رمسي مثل إشراف وكلنها‬
‫تطلق كلمة تفتيش بشكل تلقائي ومتارسه‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫العوامل األساسية المؤثرة في تشكيل مفهوم اإلشراف التربوي‪:‬‬
‫يف هذا اجلزء من الكتاب تناول املؤلف احلركات اليت على أساسها تبىن املمارسات‬
‫اإلشرافية يف جمال الرتبية والتعليم وهذه احلركات هي‪:‬‬
‫‪ )1‬احلركة العلمية التقليدية‪.‬‬
‫‪ )2‬حركة العالقات اإلنسانية‪.‬‬
‫‪ )3‬احلركة العلمية احلديثة‪.‬‬
‫وقد تناول الكاتب بداية وفلسفة كل حركة من هذه احلركات وتطبيقها يف جمال‬
‫اإلشراف الرتبوي كما يلي‪:‬‬
‫‪ )1‬الحركة العلمية التقليدية‪:‬ـ‬
‫بدأ ظهور هذه احلركة يف أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين حيث‬
‫برزت حركة تطويرية يف ميدان الصناعة األمريكية أطلق عليها إدارة الورش مث عرفت‬
‫باإلدارة العلمية وقد وضع فريد ريك تيلور وهو يعد أباً لإلدارة العلمية أربعة مبادئ‬
‫علمية لإلدارة نتيجة ملالحظاته للعاملني يف املصانع وهو يربط األجر بعدد الوحدات‬
‫املنتجة لذلك فمن الضروري وجود عدد من املراقبني واملالحظني لكل عامل‪ .‬واإلدارة‬
‫العلمية تتبىن الفلسفة األوتوقراطية التسلطية يف حتقيق أهدافها فتنظر إىل العاملني على أهنم‬
‫أفراد تابعون ومستأجرون مبوجب عقد عمل ألداء أعمال حمددة من أصحاب العمل‪.‬‬
‫وقد انعكس هذا االجتاه العلمي من إدارة املصانع وميدان الصناعات واملال‬
‫واألعمال إىل ميدان الرتبية وفروعها املتعددة وبذلك انتقل اإلشراف الرتبوي يف طبيعته‬
‫وممارساته من العشوائية واالرجتالية واالجتهادات الفردية إىل التفكري العلمي املنظم املبىن‬
‫على التحليل والقياس واملوضوعية يف معاجلة القضايا الرتبوية املختلفة وتأثر اإلشراف‬
‫الرتبوي مببادئ احلركة العلمية بشكل واضح ومن أهم تلك التأثريات جعل مسؤولية‬
‫التخطيط بيد املشرف الرتبوي والقيادات الرتبوية األخرى وأصبح املعلم مهمته تنفيذ‬
‫العمل الرتبوي بناء على توجيهات وإرشادات املشرف الرتبوي وكذلك منح املشرف‬
‫سلطة ونفوذ كبري يف حتديد أساليب حتسني مستوى أداء امل علم وتطويره‪.‬‬

‫نقد الحركة العلمية‪:‬‬

‫‪7‬‬
‫إن تطبيق األسلوب العلمي يف جمال اإلشراف الرتبوي مبىن أساساً على االعتقاد‬
‫بأن التعليم هو علم ويفرتض أن يقوم بدور فاعل يف جتديد تفكري اإلنسان وسلوكه بدقة‬
‫ومنطقية ومن هذا املنظور مت تطبيق األسلوب العلمي يف اإلشراف الرتبوي بطريقة ال‬
‫تراعي طبيعة العلوم اإلنسانية‪ .‬وبالرغم مما حققته النظرية العلمية من جناح يف جمال الرتبية‬
‫والتعليم إال أن هناك أوجه كثرية من النقد املوجه إىل فكر تيلور اخلاص باإلدارة العلمية‪،‬‬
‫على سبيل املثال‪:‬‬
‫‪ -1‬ضعف العالقات اإلنسانية داخل مؤسسات اإلنتاج‪.‬‬
‫‪ -2‬جتاهل الفروق الفردية بني العاملني‪.‬‬
‫‪ -3‬تقييد احلرية الفردية لدى العاملني‪.‬‬
‫‪ -4‬عدم إتاحة الفرصة للعمال باالشرتاك يف عملية التخطيط مما أدى إىل عزلة‬
‫العمال وشعورهم بضعف االنتماء ملؤسسة اإلنتاج‪.‬‬
‫ومن إيجابيات اإلدارةـ العلمية التقليدية؛ـ أهنا أدخلت إىل ميدان الصناعة مبادئ‬
‫جديدة ومفلسفة جديدة يف العالقة بني اإلدارة والعاملني وعاجلت الكثري من املشاكل‬
‫الصناعية اليت تولدت عن الثورة الصناعية األوىل كما أهنا حشدت الطاقات والعقول ضد‬
‫استغالل اإلنسان ألخيه اإلنسان وبلورت اجتاهات جديدة تدعو إىل تقدير اإلنسان والرفع‬
‫من شأنه أينما كان ويتمثل هذا االجتاه اجلديد يف حركة العالقات اإلنسانية‪.‬‬
‫‪ )2‬حركة العالقاتـ اإلنسانية‪:‬‬
‫تعترب دراسات وأحباث مايو وزمالءه يف شركة كهرباء الغربية بالواليات املتحدة‬
‫األمريكية هي البداية احلقيقية لظهور حركة العالقات اإلنسانية وينظر إىل مفهوم العالقات‬
‫اإلنسانية على أنه حفز العاملني يف التنظيم ودفعهم إىل ذلك إلشاعة روح الفريق بينهم‬
‫وإشباع حاجاهتم وحتقيق أهداف التنظيم بفعالية‪ .‬وقد استفادت الرتبية بعامة واإلشراف‬
‫الرتبوي خباصة من تلك األفكار اجلديدة‪ ،‬واتضح ذلك جلياً يف إجياد عالقة متميزة بني‬
‫املشرف الرتبوي واملعلمني يف ميدان الرتبية والتعليم‪ .‬وأصبح دور املشرف الرتبوي هو‬
‫إشاعة شعور الرضا بني امل علمني من خالل إظهار روح االهتمام بكل معلم على أنه‬

‫‪8‬‬
‫إنسان يستحق االحرتام والتقدير ولكي يبلغ اإلنسان درجة عالية من الرضا الوظيفي ينبغي‬
‫أن تتحقق حاجاته النفسية واالجتماعية‪.‬‬
‫إن حركة العالقات اإلنسانية جاءت بأفكار نظرية جيدة ومهمة‪ ،‬إال أن بعضها‬
‫كان غري قابل للتطبيق فضالً عن أن املغاالة يف استخدام العالقات اإلنسانية جعل األهداف‬
‫الشخصية فوق األهداف العامة للمؤسسة‪ ،‬وأصبح املشرف الرتبوي جيامل املعلم بدرجة‬
‫كبرية على حساب العمل وأهدافه مما جنم عنه تكاسل املعلم يف أداء عمله فاخنفض عطاؤه‬
‫وإنتاجيته‪.‬‬
‫ومن المآخذ على أسلوب تطبيق العالقات اإلنسانيةـ في مجال التربيةـ‬
‫والتعليم‪:‬‬
‫أ) عدم القدرة على متكني املعلم من النمو املهين إىل أقصى درجة ممكنة‪.‬‬
‫ب) عدم التمكن من تفجري طاقات املعلمني واهتماماهتم إىل احلد املطلوب‪.‬‬
‫ج) انصب االهتمام كثرياً على تلبية االحتياجات اإلنسانية الدنيا‪.‬‬
‫د) ضعف االهتمام بقضايا مهمة مثل‪ :‬احلصيلة العلمية وحتدي القدرات واملسؤولية‬
‫والتغذية الراجعة‪.‬‬
‫ونتيجة هلذه املآخذ بدأ األصوات تتعاىل ضد اإلنكار اليت جاءت هبا هذه احلركة‪.‬‬
‫‪ )3‬الحركة العلمية الحديثة‪:‬‬
‫جاءت احلركة العلمية احلديث وتطبيقاهتا يف جمال الرتبية عموماً واإلشراف‬
‫الرتبوي بشكل خاص كرد فعل ضد ممارسات حركة العالقات اإلنسانية خاصة ف ميا‬
‫يتعلق بدور املعلم داخل حجرة الصف‪.‬‬
‫ويرى أصحاب احلركة العلمية احلديثة أن حركة العالقات اإلنسانية مل هتتم كثرياً‬
‫بطبيعة العمل الرتبوي ومل حتدد بوضوح األهداف املراد حتقيقيها لذا أسهمت احلركة‬
‫العلمية احلديثة يف حتليل العمل إىل أجزاء صغرية أو كفايات (مهارات) تعليمية الزمة لعمل‬
‫املعلم واملشرف الرتبوي ومدير املدرسة وحددت مستويات اإلجناز املطلوبة يف العمل‬
‫الرتبوي كما أسهمت يف وضع ضوابط دقيقة لقياس مستوى العمل الرتبوي مثل أدوات‬

‫‪9‬‬
‫مالحظة التدريس وقوائم الكفايات التعليمية الالزمة للمعلم وجلميع العاملني يف حقل‬
‫التعليم‪.‬‬
‫وخيلص سريجوفاين إىل أن مجيع هذه احلركات‪ :‬احلركية العلمية التقليدية وحركة‬
‫العالقات اإلنسانية واحلركة العلمية احلديثة تشرتك يف عدم القناعة بقدرات املعلم ونقص‬
‫الثقة يف إمكانية إشراكه بأنشطة املدرسة وبراجمها مما جعل أنظار املهتمني مبجال اإلشراف‬
‫الرتبوي واإلدارة الرتبوية تتجه إىل االستفادة من إجيابيات احلركات العلمية والعالقات‬
‫اإلنسانية يف تنمية املوارد البشرية مع العناية واالهتمام بالقدرات واإلمكانات اخلاصة‬
‫للعاملني يف حقل الرتبية والتعليم‪.‬‬
‫‪ )4‬حركة التنمية البشرية‪:‬ـ‬
‫بالرغم من أن هناك من يرى أن اإلشراف الرتبوي احلال يعاد من جديد إىل‬
‫ممارساته التفتيشية السابقة‪ ،‬إال أن حركة تنمية املوارد البشرية تفرض وجودها وهيمنها‬
‫على ساحة اإلشراف الرتبوي وتطبيقاته امليدانية يف الوقت الراهن‪ .‬ومن منظور هذه‬
‫احلركة أصبحت مهمة املشرف الرتبوي هي مساعدة العاملني يف املؤسسات الرتبوية ورفع‬
‫مستوى مهاراهتم وفاعليتهم إىل أقصى درجة ممكنة‪ .‬ويرى أصحاب حركة التنمية البشرية‬
‫ضرورة الدمج والتنسيق بني حاجات العاملني كأفراد وحاجات العمل املدرسي‬
‫كمؤسسة‪ .‬كما يرى أصحاب هذه احلركة أن منو وتطور نظام التعليم مرتبط بدرجة‬
‫كبرية مبستوى فاعلية منسوبية كأفراد ومجاعات‪.‬‬
‫وفي ضوء حركة التنمية البشريةـ قامت الممارساتـ اإلشرافيةـ على عدد من‬
‫األسس والمنطلقات وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬يرغب املعلمون يف حتقيق األهداف املهمة بدرجة عالية من الفاعلية واإلبداع‪.‬‬
‫‪ -2‬أن معظم املعلمني قادرون على ممارسة املسؤولية واملبادأة واإلبداع بشكل‬
‫أفضل مما يؤدون به أعماهلم حالياً‪.‬‬
‫‪ -3‬يساعد املشرف الرتبوي مجيع املعلمني على كيفية استثمار طاقاهتم وقدراهتم‬
‫إىل أقص درجة ممكنة يف سبيل حتقيقي األهداف املنشودة‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫‪ -4‬يشجع املشرف الرتبوي مجيع املعلمني على املشاركة الفاعلة يف اختاذ القرارات‬
‫املهمة والروتينية البسيطة على حد سواء‪.‬‬
‫‪ -5‬إن جودة مستوى اختاذ القرارات تسهم يف حتسني مستوى املشرفني الرتبويني‬
‫واملعلمني معاً إىل أعد درجة ممكنة خاصة يف جوانب التفكري اإلبداعي واخلربة وتنمية‬
‫القدرات اخلالقة‪.‬‬
‫‪ -6‬يشجع املشرف الرتبوي زمالءه املعلمني على حتمل املسؤولية الكاملة يف‬
‫التوجيه الذايت وضبط النفس من أجل حتقيق األهداف اليت أسهم اجلميع يف صنعها‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫أنماط حديثة في اإلشراف التربوي‪:‬‬
‫إن استخدام األمناط اإلشرافية يعد مبثابة أطر نظرية تقود املشرف الرتبوي إىل‬
‫ممارسة اإلشراف الرتبوي يف ضوء رؤية فلسفية ونفسية واجتماعية حمددة وواضحة‪ .‬ويف‬
‫اجلدول رقم (‪ )1‬أوضح املؤلف أن هناك أمناط إشرافية متنوفة وخمتلفة باختالف مصدرها‪.‬‬
‫وقد اعتمد أصحاب هذه التصنيفات عند تنظيمهم ألمناط اإلشراف الرتبوي وترتيبهم هلا‬
‫على واحدة أو أكثر من الوسائل التالية‪ :‬املالحظة املباشرة‪ ،‬املمارسة الفعلية‪ ،‬اإلدراك‬
‫النظري والتنظري‪ ،‬والبحث اإلجرائي امليداين‪.‬‬
‫إن العدد اإلمجايل لألمناط اإلشرافية املعمول هبا هي سبعة عشر (‪ )17‬منطاً‬
‫إشرافياً‪ .‬وقد تناول املؤلف أربعة من أهم األمناط احلديثة يف الغشراف الرتبوي وهي‬
‫اإلشراف الرتبوي العيادي‪ ،‬اإلشراف الرتبوي باألهداف واإلشراف الرتبوي التطويري‪،‬‬
‫اإلشراف الرتبوي املتنوع (اخلياري)‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬نمط اإلشراف التربوي العيادي‪:‬ـ‬
‫ميثل اإلشراف العيادي أحد األمناط اإلشرافية احلديثة اليت تؤكد بقوة على املهارات‬
‫التعليمية وطرق التدريس وأساليب التدريس هبدف حتسني التعليم من خالل املالحظة‬
‫الصفية الفاعلة واملباشرة من قبل املشرف الرتبوي‪.‬‬
‫كما أن اإلشراف العيادي كما أشار أجيسون وجيل يهتم بالتفاعل املبين على‬
‫التفاهم بدالً من استخدام التوجيه املباشر ويستخدم األساليب الشورية "الدميوقراطية" بدالً‬
‫من األساليب السلطوية وينظر للمعلم على أنه حمور العملية اإلشرافية بدالً من أن يكون‬
‫املشرف هو حمور العملية اإلشرافية‪ .‬جاء اإلشراف الرتبوي العيادي نتيجة للممارسات‬
‫اإلشرافية التقليدية وأسهم يف حل كثري من القضايا الرتبوية اليت كان يعاين منها ميدان‬
‫الرتبية والتعليم‪ ،‬كما أسهم يف تضييق الفجوة بني املشرف الرت بوي واملعلمني وحتسني‬
‫مستوى التدريس الصفي وتنمية قدرات املعلم وإمكاناته‪.‬‬
‫وأهم مزاياـ اإلشراف التربوي العياديـ هي‪:‬‬
‫‪ )1‬أسهم اإلشراف الرتبوي العيادي يف بناء عالقة احرتام متبادلة بني املشرف‬
‫الرتبوي واملعلم‪ ،‬وأشاع مناخاً مؤسسياً إجيابياً يدعو إىل اإلبداع والتميز‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫‪ )2‬فتح اجملال ملشاركة املعلم الفاعلة يف مجيع مراحل اإلشراف الرتبوي العيادي‬
‫مثل التخطيط واختيار أسلوب املالحظة الصفية وحتليل التفاعل الصفي والتغذية الراجعة‪.‬‬
‫‪ )3‬يعتمد على أساليب وأدوات مالحظة موضوعية يف التعرف على أداء املعلم‬
‫الصفي فينعكس هذا إجيابياً على تقبل املعلم للتوجيهات املوضوعية املبنية على أسس‬
‫علمية‪.‬‬
‫يشجع املعلم على تطوير قدراته املهنية ذاتياً من خالل املشاركة املباشرة يف حتليل‬
‫تدريسه الصفي‪.‬‬
‫وعلى الرغم من هذه المحاسن إال أنه ال يخلو من سلبيات وعيوب منها‪:‬‬
‫‪ -1‬تقييد دور املعلم يف نطاق النشاط الصفي فقط‪.‬‬
‫‪ -2‬أن متيز املشرف الرتبوي يف اخلربة واملستوى العلمي قد يدفعه أحياناً إىل فرض‬
‫رأيه على املعلم‪.‬‬
‫‪ -3‬يتطلب اإلشراف العيادي أعداداً كبرية من املشرفني الرتبويني للقيام باملهام‬
‫اإلشرافية على أكمل وجه‪.‬‬
‫‪ -4‬يستهلك املشرف الرتبوي العيادي كمية كبرية من الوقت مقارنة باملشرف‬
‫التقليدي‪.‬‬
‫ثانياً‪:‬ـ نمط اإلشراف التربوي المتنوع‪:‬‬
‫جاء هذا النمط على يد أستاذ الرتبية جالهتورن يف عام ‪1984‬م وينطلق‬
‫جالهتورن يف فلسفته من الفروق الفردية لدى املعلمني‪ ،‬حني يرى أن املعلمني يتفاوتون يف‬
‫قدراهتم وإمكاناهتم الشخصية واملهنية ومستوياهتم العلمية‪ .‬عليه يرى أنه من غري املناسب‬
‫أن يستخدم املشرف الرتبوي منط اإلشراف العيادي مع مجيع املعلمني دون استثناء وأن‬
‫يتعامل مع مجيع املعلمني على اختالف املراحل التعليمية بنفس األسلوب على الرغم من‬
‫أهنم خمتلفون يف مساهتم الشخصية واحتياجاهتم املهنية واالجتماعية‪.‬‬
‫ويعتقد جالهتورن أن األساليب اإلشرافية التالية تقابل مجيع أذواق املعلمني يف‬
‫ميدان الرتبية والتعليم‪:‬‬
‫‪ -1‬اإلشراف الرتبوي العيادي‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫‪ -2‬اإلشراف الرتبوي التعاوين‪.‬‬
‫‪ -3‬اإلشراف الرتبوي الذايت‪.‬‬
‫‪ -4‬اإلشراف الرتبوي اإلداري‪.‬‬
‫ومن أهم مميزات اإلشراف التربوي المتنوع‪:‬‬
‫‪ -1‬اختيار املعلم لألسلوب اإلشرايف املناسب لقدراته وإمكاناته واحتياجاته‬
‫الشخصية واملهنية‪.‬‬
‫‪ -2‬بناء اإلشراف الرتبوي املتنوع على مبدأ الشورى واألسس الدميقراطية مما‬
‫يسهم يف إجياد مناخات تروبوية مرحية وصحية‪.‬‬
‫‪ -3‬إسهام اإلشراف املتنوع يف بناء ثقة املعلم بنفسه وقدراته املهنية‪.‬‬
‫‪ -4‬رفع مستوى مسؤولية املعلم جتاه عمله الرتبوي‪.‬‬
‫‪ -5‬مراعاة الفروق الفردية بني املعلمني‪.‬‬
‫‪ -6‬تركيز اإلشراف الرتبوي على تطوير قدرات املعلمني وتنميتهم مهنياً‪.‬‬
‫مآخذـ على اإلشراف التربوي المتنوع‪:‬‬
‫‪ -1‬حيتاج إىل وقت وجهد كبريين وزيادة االنفاق املادي على التعليم وذلك لبناء‬
‫خطط طويلة املدى لتهيئة امليدان وتعريف املعلمني واملشرفني فيه‪.‬‬
‫‪ -2‬اختيار املعلم ألسلوب اإلشراف املناسب قد يكون جمازفة خاصة مع بعض‬
‫فئات املعلمني ممن ال حيسنون عملية االختيار‪.‬‬
‫‪ -3‬اعتقاد بعض املعلمني أن هذا النمط اإلشرايف معناه فصل اإلشراف عن عملية‬
‫التقييم قد يشجعهم على التهاون يف أداء مهامهم املوكلة هلم‪.‬‬
‫‪ -4‬يعاين هذا النمط من صعوبات إدارية وفنية عند تطبيقه يف امليدان‪.‬‬
‫ثالثاً‪:‬ـ نمط اإلشراف التربوي التطوري‪:‬‬
‫يعد اإلشراف الرتبوي التطوري أحد االجتاهات احلديثة يف جمال اإلشراف الرتبوي‬
‫حيث أنه يهتم بالفروق الفردية لدى املعلم وحدد جلكمان وهو صاحب نظرية اإلشراف‬
‫الرتبوي املتطور ثالثثة أساليب إشرافية هي األسلوب املباشر‪ ،‬األسلوب التشاركي‬
‫واألسلوب غري املباشر من أجل تطوير قدرات املعلمني وإمكاناهتم ألداء مهامهم املوكلة‬

‫‪14‬‬
‫هلم على أفضل وجه‪ ،‬ويفرتض جلكمان أن هذه األساليب اإلشرافية الثالثة تقابل مجيع‬
‫األذواق والفروق الفردية يف ميدان الرتبية والتعليم‪.‬‬
‫يقوم استخدام أساليب اإلشراف الرتبوي التطوري على قياس مستوى التفكري‬
‫التجريدي للمعلم‪ ،‬وحتديده بدقة وتصنيفه ضمن أحد املستويات الثالثة التالية‪ :‬تفكري‬
‫جتريدي منخفض‪ ،‬تفكري جتريدي متوسط‪ ،‬تفكري جتريدي عايل‪ .‬وعملية تشخيص مستوى‬
‫التفكري التجريدي لكل معلم على حده هي مرحلة مهمة جداً وهي سابقة ملرحلة التطبيق‪،‬‬
‫حيث أن استخدام أساليب إشرافية وتطبيقها ميدانياً قبل الوقوف على قدرات املعلمني‬
‫وإمكاناهتم أمر يرفضه املنطق والواقع‪.‬‬
‫ومن مميزات استخدام اإلشراف التربوي التطوري‪:‬‬
‫‪ -1‬اهتمامه مبراعاة الفروق الفردية لدى املعلمني‪.‬‬
‫‪ -2‬تطوير وتنمية طاقات املعلمني وقدراهتم‪.‬‬
‫‪ -3‬اختيار األسلوب اإلشرايف بناء على احتياجات املعلم الشخصية واملهنية‪.‬‬
‫‪ -4‬استخدام منحى علمي من خالل مراحل واضحة ومرتبة منطقياً‪.‬‬
‫‪ -5‬إشاعة مناخ مؤسسي سليم وصحي‪.‬‬
‫‪ -6‬توفري اختيارات علمية لتشخيص قدرات املعلم وسبل تطويرها‪.‬‬
‫المآخذـ على اإلشراف التربوي التطوري‪:‬‬
‫‪ -1‬اختيار املشرف الرتبوي املناسب للمعلم يؤثر بالسلب على عالقة الزمالة‬
‫والتعاون بني املشرف واملعلم‪.‬‬
‫‪ -2‬يعترب البعض أن حتديد األسلوب اإلشرايف بناء على مستوى التفكري التجريدي‬
‫فقط غري كايف وضرورة إضافة متغري آخر هو الدافعية للعمل‪.‬‬
‫‪ -3‬يتطلب تطبيق هذا اإلشراف تقليل نصاب املشرف الرتبوي من املعلمني مما‬
‫يضاعف من أعداد املشرفني الرتبويني‪.‬‬
‫‪ -4‬يتطلب تطبيقه هتيئة امليدان وتدريب مكثف جلميع املشرفني وبالتايل صعوبات‬
‫إدارية وفنية وزيادة التكلفة املادية‪.‬‬

‫رابعاً‪:‬ـ نمط اإلشراف التربوي باألهداف‪:‬‬

‫‪15‬‬
‫يؤكد اإلشراف الرتبوي باألهداف على وضع األهداف املراد حتقيقها وصياغتها‬
‫بدقة حبي ثتكون قابلة للقياس والتطبيق‪ .‬ويقوم اإلشراف باألهداف أساساً على مبدأ‬
‫مشاركة مجيع املعنني بالعملية اإلشرافية من معلمني ومديرين ومشرفني تربويني وغريهم يف‬
‫حتديد األهداف املراد بلوغها‪ .‬ويعرف اإلشراف باألهداف على أنه عملية مشاركة مجيع‬
‫األفراد املعنني بالعملية اإلشرافية يف وضع األهداف املراد حتقيقيها بغرض زيادة فعالية‬
‫العملية اإلشرافية‪ .‬وتتضمن هذه العملية حتديد أهداف واضحة وقابلة للقياس والتطبيق‬
‫ونتائج حمددة بدقة‪ ،‬وبرامج واقعية وتقييماً لألداء يف ضوء النتائج املتوقعة واإلشراف‬
‫باألهداف يقوم على املبدأين التاليني‪:‬‬
‫‪ -1‬مبدأ املشاركة‪.‬‬
‫‪ -2‬مبدأ حتديد األهداف‪:‬‬
‫ويمكن إجمالـ مميزات اإلشراف التربوي باألهداف في النقاط التالية‪:‬ـ‬
‫‪ -1‬يساعد على إشاعة أجواء اجتماعية ونفسية مالئمة لإلبداع‪.‬‬
‫‪ -2‬يسهم يف رفع الروح املعنوية للمعلمني وحتسني عالقتهم باملشرفني‪.‬‬
‫‪ -3‬يساعد على حتسني أداء املعلمني ورفع الكفاءة اإلنتاجية لنظام اإلشراف‪.‬‬
‫‪ -4‬يؤكد على تقويض السلطات وتوزيع األدوار واملهام مما يزيد من شعور‬
‫املعلمني باملسؤولية وااللتزام بتحقيق األهداف‪.‬‬
‫‪ -5‬يسهم يف ربط أهداف املعلم الفردية وتكاملها مع األهداف العامة لنظام‬
‫اإلشراف‪.‬‬
‫‪ -6‬يؤكد على وضع أولويات وأهداف واقعية ميكن قياسها‪.‬‬
‫محاذير تطبيق اإلشراف التربوي باألهداف‪:‬‬
‫بالرغم من فوائد اإلشراف باألهداف يف حتسني نظام اإلشراف الرتبوي وممارساته‬
‫امليدانية إال أنه ال خيلو من سلبيات وعيوب ومنها‪:‬‬
‫‪ -1‬احلاجة إىل استثمار كمية كبرية من الوقت يف سبيل تطبيق اإلشراف الرتبوي‬
‫باألهداف والتوصل إىل نتائج‪.‬‬
‫‪ -2‬وضع أهداف غري قابلة للقياس والتحقيق‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫‪ -3‬احلاجة إىل تقليل نصاب املشرف من املعلمني مما يرتتب عليه زيادة كبرية يف‬
‫عدد املشرفني الرتبويني‪.‬‬
‫‪ -4‬املبالغة يف وضع األهداف السلوكية واإلجرائية قد يؤثر على الرؤية الشاملة‬
‫لنظام اإلشراف الرتبوي وغاياته‪.‬‬
‫‪ -5‬فهم هذا النوع من اإلشراف الرتبوي حيتاج إىل برامج تدريبية تؤدي إىل زيادة‬
‫تكاليف التعليم واالنفاق عليه‪.‬‬
‫‪ -6‬يتطلب تطبيق اإلشراف باألهداف إخالصاً للعمل والتزاماً بالواجب‬
‫واملسؤوليات وقد ال تتوافر هذه السمات يف بعض املشرفني الرتبويني‬
‫واملعلمني وبالتايل فإن فلسفة اإلشراف باألهداء ال تصلح جلميع الناس‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫النظرية ودورها في تحسين الممارسات اإلشرافية‪:‬‬
‫لقد أشار املؤلف إىل أن هناك ضرورة ملحة إىل تأسيس املمارسات اإلشرافية على‬
‫مبادئ وأصول علمية مستمدة من نظرية تسهم يف الوقوف على السلوك املمارس وحتديده‬
‫وتفسريه وتبويبه ووضع التصورات املستقبلية ملا ينبغي أن تكون عل يه العملية التعليمية‬
‫وأصبحت املمارسات اإلشرافية اليت تعتمد على التلقائية والعفوية واالجتهادات الشخصية‬
‫وال تنطلق من إطار مرجعي حمدد هي ممارسات قاصرة وبعيدة عن روح العصر احلديث‪.‬‬
‫ومفهوم النظرية يف جمال اإلشراف الرتبوي ينسجم مع النظرة السائدة يف جمال‬
‫العلوم االجتماعية اليت ترى أن النظرية هي نوع من أنواع التعميمات وإصدار األحكام‬
‫املبىن على مالحظة الواقع وإمكانية التحقق منه وتعرف النظرية بأهنا جمموعة فروض‬
‫يستنبط منها قوانني ومبادئ عامة قابلة للفحص والتجريب ولكون النظرية متيل إىل‬
‫التجريد والعمومية فإنه من غري املنطق احلكم عليها بأ‪،‬ها صحيحة متاماً أو خاطئة إمجاالً‪.‬‬
‫ولقد تطورت معظم النظريات نتيجة لمرورها بثالث مراحل‪:‬ـ‬
‫‪ -1‬املعاجلة املنطقية للمشكلة أو املوضوع‪.‬‬
‫‪ -2‬تطوير قائمة خصائص حمددة‪.‬‬
‫‪ -3‬صياغة تصنيف منظم‪.‬‬
‫وميكن االستفادة من هذه املراحل الثالثة يف توجيه سلوك املمارسني امليدانني يف‬
‫جمال اإلشراف الرتبوي من أجل حتسني تلك املمارسات الرتبوية مبدارس التعليم العام‪.‬‬
‫وفيما يلي تعريف باملراحل‪:‬‬
‫‪ )1‬المعالجةـ المنطقية للمشكلة‪:‬‬
‫متثل هذه املرحلة احللقة األوىل من سلسلة تطوير النظرية‪ ،‬وتتكون أساساً من‬
‫اآليت‪ :‬العصف الذهين‪ ،‬أو فتح باب نقاش ودي يف عامل املثاليات حول موضوع حمدد أو‬
‫التحدث عن النزعات واالجتاهات احلديثة واحلديث الودي عن املمارسات واألحداث‬
‫املدرسية وعن املالحظات امليدانية‪ ،‬يهيئ بيئة ثرية وصاحلة لتعليقات املعلمني املبنية على‬
‫خرباهتم امليدانية ومناقشة بعض النماذج واألمناط السلوكية احملددة واملنتقاة عشوائياً من‬
‫الواقع امليداين ميكن أن تكون نقطة بداية سلسلة يف تطوير النظرية‪.‬‬
‫‪ )2‬تطوير قائمة خصائص محددة‪:‬‬

‫‪18‬‬
‫يتم وضع قوائم اخلصائص ظاهرة معنية بناء على مالحظات مباشرة لعينات يتم‬
‫انتقاؤها عشوائيا وهذه املالحظات تقود بشكل مباشر إىل تصميم قائمة من التعميمات‬
‫وتسهم تلك املالحظات العامة ذات التكرارات املناسبة يف صياغة قائمة واضحة وحمددة م‬
‫اخلصائص القابلة التصنيف والتبويب‪.‬‬
‫‪ )3‬صياغة تصنيف منظم‪:‬‬
‫آخر مراحل تطور النظرية يتم من خالهلا تدوين سلسلة من مالحظات املعلمني‬
‫واملشرفني الرتبويني واإلداريني املنتقاة بطريقة عشوائية لقضايا تربوية حمددة مثل‪:‬‬
‫املمارسات امليدانية وسلوك التالميذ ونتيجة لتلك املالحظات اليت مت اختيارها عشوائيا‬
‫تقدم إرشادات وتوجيهات ذات قيمة علمية وفنية للعاملني الرتبويني يف امليدان حيث ميكن‬
‫للمعلم مثالً أن يضم خططاً منظمة ألنشطته التعليمية أو جتعل املشرف الرتبوي يغري من‬
‫سلوكه اإلشرايف‪.‬‬
‫خصائص النظريةـ الجيدة في اإلشراف التربوي‪:‬‬
‫‪ -1‬أن تكون قابلة للمالحظة والتطبيق‪.‬‬
‫‪ -2‬أن تكون ذات قابلية ومرونة لتعديلها إىل بعض الصيغ النظامية الصادقة‪.‬‬
‫‪ -3‬أن تكون ذات بعد مستقبلي وتبين على أسا من التخطيط السليم‪.‬‬
‫‪ -4‬جيب أن تسهم النظرية يف تكوين رؤية واضحة للعالقات بني أهداف املؤسسة‬
‫الرتبوية وقدرات وإمكانات العاملني‪.‬‬
‫‪ -5‬ينبغي أن تسهم النظرية اجليدة يف أعمال الفكر قبل االستجابة للمواقف‬
‫املتباينة‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫الممارسات اإلشرافية في نماذج حديثة‪:‬‬
‫لقد تعددت أمناط اإلشراف الرتبوي وقد مرت باملمارسات اإلشرافية بعدة مراحل‬
‫وأشكال وميكن إجيازها على النحو التايل‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬الممارساتـ اإلشرافيةـ التقليدية‪:‬ـ‬
‫وتتمثل يف قيام املشرف الرتبوي بزيارات ميدانية للمعلمني‪ ،‬وتقدمي نصح‬
‫وإرشادات وتوجيهات عامة جلميع املعلمني يف امليدان وكأن املعلمني متشاهبون يف كل‬
‫شيء من مسات شخصية وقدرات عقلية وإمكاناته علمية وتربوية مما أدرى إىل أن املشرف‬
‫الرتبوي بدأ يكر نفسه يف كثري من املواقف الرتبوية‪.‬‬
‫ثانياً‪:‬ـ الممارسات اإلشرافية المبنية على الفروق الفردية‪:‬‬
‫وفيها ينظر إىل املعلم على أنه حالة متميزة وفريدة من نوعها وأن املعلم حيتاج إىل‬
‫عناية ورعاية خاصة وخمتلفة عن غريه وأصبحت عملية تطوير املعلم وتنمية قدراته العلمية‬
‫واملهنية تتم من خالل جلسات مطولة ومتكررة بني املشرف واملعلم للوقوف على‬
‫احتياجات املعلم وسبل حتقيقيها وتتجلى هذه املمارسات اإلشرافية يف تطبيق اإلشراف‬
‫الرتبوي العيادي‪.‬‬
‫ثالثاً‪:‬ـ الممارسات اإلشرافية الجماعية المبنية على رأي المشرف التربوي‬
‫وقناعاته‪:‬‬
‫يتمثل هذا االجتاه يف تطبيق اإلشراف الرتبوي التطوري ميدانياً من خالل توزيع‬
‫املعلمني إىل ثالث فئات متجانسة من حيث مستوى القدرة على التفكري التجريدي بعد‬
‫تشخيص مستويات املعلمني حسب التفكري التجريري يتم توزيعهم إىل ثالث جمموعات‪،‬‬
‫كل جمموعة يستخدم معها أسلوب إشرايف مناسب لتفكري املعلمني وهذه األساليب هي‪:‬‬
‫املباشر التتشاركي وغري املباشر‪.‬‬
‫رابعاً‪:‬ـ الممارساتـ اإلشرافيةـ الجماعية المبنية على اختيار المعلم وقناعته‪:‬‬
‫إن اختيار املعلم لألسلوب اإلشرايف املناسب له يؤدي إىل حتقيق النتائج التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬تفاعل املعلم اإلجيايب مع األسلوب املختار‪.‬‬
‫‪ -2‬حتمل املعلم جزءا من مهمة اإلشراف الرتبوي‪.‬‬
‫‪ -3‬املسامهة يف تقليل عدد املشرفني الرتبويني‪,‬‬

‫‪20‬‬
‫ويضع أصحاب هذا االجتاه أربعة أنواع من اإلشراف الرتبوي خيتار املعلم منها ما‬
‫يناسب قدراته وإمكاناته العلمية واملهنية‪ ،‬وهذه األنواع هي‪ :‬اإلشراف العيادي‪ ،‬اإلشراف‬
‫التعاوين‪ ،‬اإلشراف اإلداري‪ ،‬إشراف اإلقران‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫نماذج حديثة في مجال الممارسات اإلشرافية ميدانياً‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬خياراتـ وبدائل في عملية الممارساتـ اإلشرافية‪:‬ـ‬
‫قامت سوليفان وجالنز عام ‪ 2000‬بفحص بعض اخليارات املفيدة يف عملية‬
‫ممارسة اإلشراف الرتبوي ميدانياً وبالرغم من أن هذه اخليارات والبدائل مبنية أساساً على‬
‫املمارسات امليدانية لإلشراف الرتبوي إال أهنا مل تغفل البعد النظري للعملية اإلشرافية‬
‫وتتمثل البدائل واخليارات يف اآليت‪:‬‬
‫‪ -1‬إرشاد املعلم املبتدئ (أو قليل اخلربة)‪.‬‬
‫‪ -2‬تدريب املعلم لزميله ومتكينه من االستفادة من خرباته امليدانية‪.‬‬
‫‪ -3‬حقائق مهنية لإلشراف الرتبوي املتنوع‪.‬‬
‫‪ -4‬تقومي اإلقران (الزمالء)‪.‬‬
‫‪ -5‬إجراء األحباث امليدانية (اإلجرائية)‪.‬‬
‫استطاع هذه اخليارات اخلمسة أن تلفت أنظار العاملني واملهتمني باإلشراف‬
‫الرتبوي إىل أمهية تطبيقها للتغلب على املمارسات اإلشرافية التقليدية‪ ،‬وتسعى هذه‬
‫اخليارات إىل حتقيق التوجيه (اإلشراف) الذايت‪ ،‬واالستقاللية املهنية للمعلم من خالل‬
‫عالقات إجيابية متبادلة‪ ،‬املشاركة يف صنع القرارات‪ ،‬اإلصغاء التأملي‪ ،‬واالستجابة الفاعلة‬
‫للميدان‪.‬‬
‫إن طرح هذه اخليارات يف ممارسة العملية اإلشرافية يتمشى مع روح العصر وعامل‬
‫القرن احلادي والعشرين‪ ،‬ألن اإلشراف الرتبوي احلديث يتجه بقوة على التأكيد على‬
‫الفكر (الدميوقراطي) الشورى‪ .‬كما أهنا تسهم يف دفع القيادات الرتبوية إىل توصيف‬
‫أفكارهم ومهاراهتم وقيمهم يف خدمة العملية التعليمية عن طريق العالقات املتبادلة‬
‫واملشاركة الفاعلة للمعلمني أثناء أدائهم ألدوارهم املنوطة هبم‪.‬‬
‫ثانياً‪:‬ـ نظام نموذج فكري لتطوير الممارساتـ اإلشرافية‪:‬ـ‬
‫عرض املؤلف النموذج اإلدراكي الذي قدمه الباحثان فسلر وبورك بغرض تطوير‬
‫اإلشراف الرتبوي ويقدم هذا النظام إطاراً فكرياً للباحثني ولرجال امليدان حيث ميكن أن‬
‫يستخدم رجال امليدان هذا النظام يف وضع خطة استشرافية منظمة بقصد حتسني أداء‬
‫اإلشراف الرتبوي كما ميكن للعاملني امليدانيني بناء برنامج متكامل لتطوير املعلمني أثناء‬

‫‪22‬‬
‫اخلدمة‪ .‬وقد يساهم هذا النظام أيضاً يف حتديد املشكالت‪ ،‬ووضع االسرتاتيجيات املناسبة‬
‫لبحث عليها من أجل حتسني مهنة التعليم‪ .‬كما ميكن للباحثني استخدام هذا النظام يف‬
‫حتليل واختبار الفرضيات هبدف حتسني النمو املهين لدى العاملني يف ميدان الرتبية والتعليم‪.‬‬
‫ثالثاً‪:‬ـ مزاوجة بين أنماط اإلشراف العياديـ ووظائف العقلـ البشري كاتجاه‬
‫حديث في ممارسة اإلشراف التربوي‪:‬‬
‫يرى أصحاب هذا االجتاه احلديث يف اإلشراف الرتبوي أنه بإمكان املشرف‬
‫الرتبوي اختيار النمط اإلشرايف املناسب له أو للموقف التعليمي من خالل االطالع على‬
‫أعمال عامل النفس كارل جونج‪ ،‬ويرى الباحث أن تطبيقات أفكار جونج يف جمال‬
‫اإلشراف القيادي قد تسهم يف إثراء البيئة التعليمية‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫التعرف على شخصية المعلم تساعد المشرف التربوي في أداء عمله‪:‬‬
‫إن اخلصائص الشخصية تلعب دوراً مهما يف تقرير نوعية األمناط السلوكية للفرد‬
‫وتساعد املشرف الرتبوي يف فهم املعلمني وتطوير قدراهتم وقد قدم املؤلف بعض‬
‫الدراسات امليدانية اليت هدفها التعرف على الفروق يف األمناط الشخصية لدى الطلبة‬
‫املعلمني كما وضح املؤلف بطاقة توكمان الذي اهتم بطبيعة املعلم ومساعدته واالرتقاء‬
‫مبستواه املهين والذي اطلق عليها اسم بطاقة توكمان للتغذية الراجعة لتحديد مستوى‬
‫فاعلية التدريس وتطويره وميكن للمشرف الرتبوي استخدامها هبدف التنويع يف املمارسات‬
‫اإلشرافية‪.‬‬
‫المخطط الكلي للمنهج المدرسي واإلشراف التربوي‪:‬‬
‫إن املخطط الكلي للمنهج املدرسي ميثل أحد األساليب املفيدة يف تسهيل مهمة‬
‫املشرف الرتبوي يف جمال املناهج الدراسية ويرى ونستني أن عملية املخطط الكلي للمنهج‬
‫الدراسي تساعد املشرف الرتبوي على معرفة‪:‬‬
‫‪ -1‬كمية الوقت اليت يستثمرها املعلم فعلياً يف عملية التدريس‪.‬‬
‫‪ -2‬جمال املقرر الدراسي وتتابع مفرداته‪.‬‬
‫‪ -3‬أوجه التشابه واالختالف يف تدريس موضوع حمدد بني معلم وآخر ومدرسة‬
‫وأخرى ومستوى دراسي وآخر‪.‬‬
‫‪ -4‬نسبة التداخل أو التكرار بني موضوعات املقررات الدراسية‪.‬‬
‫‪ -5‬مدى التزام املعلمني باللوائح واألنظمة التعليمية املعتمدة‪.‬‬
‫‪ -6‬تدريس موضوعات املقرر وتغطيتها متاماً قبل إجراء االختبار فيها‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫القيادة واإلشراف التربوي‪:‬‬
‫لقد عرفت القيادة الرتبوية تعاريف عدة منها‪ :‬تعريف هامفيل وكونس بأهنا هي‪:‬‬
‫السلوك الذي ميارسه الفرد أثناء تعاملع مع األنشطة اجلماعية بقصد حتقيق أهداف‬
‫مشرتكة‪ ،‬كما عرفها ذكي بأهنا‪ :‬توجيه لسلوك اآلخرين حنو غرض معني أو هي السلوك‬
‫الذي يقوم به الفرد حني يوجه نشاط مجاعة حنو هدف مشرتك‪.‬‬
‫وذلك يعين أن القائد الرتبوي ميارس سلوكاً مؤثراً يف سلوك اآلخرين يهدف إىل‬
‫إحداث تغيري خيدم أهداف املؤسسة الرتبوية وغاياهتا واملشرف الرتبوي هو قائد تربوي‬
‫يتوقع أن يؤثر سلوكه القيادي يف ممارساته اإلشرافية امليدانية أثناء تفاعله مع املعلمني مبا‬
‫خيدم أهدفا العملية التعليمية‪.‬‬
‫ومن أهم خصائص املشرف الرتبوي الذي يتصف بالروح القيادية هي النزع إىل‬
‫املشاركة والتفاعل مع املعلمني والرغبة يف عملية التغيري والتجديد الرتبوي‪.‬‬
‫أنماط القيادةـ التربوية‪:‬‬
‫يلعب منط القيادة السائد دوراً مؤثراً يف اجتاهات العاملني ومستوى معنوياهتم حنو‬
‫العمل بعامة واإلشراف الرتبوي على وجه اخلصوص ويتوقف على منط سلوك املشرف‬
‫الرتبوي القائد مستوى جناح املعلمني يف أداء مهامهم املنوطة هبم والذي ينعكس أثره على‬
‫العملية التعليمية برمتها وأهم هذه األمناط هي‪:‬‬
‫‪ )1‬النمط السلطوي "األوتوقراطي"‪:‬‬
‫يتصف هذا النمط من القيادة بأن القائد (املشرف الرتبوي) يتخذ من سلطته‬
‫الرمسية أسلوباً إلجبار املعلمني وغريهم من العاملني على أداء مهامهم املنوطة هبم من أجل‬
‫حتقيق األهداف املنشودة‪ .‬ومييل سلوك املشرف األوتوقراطي إىل االعتماد على مركزية‬
‫السلطة واالحتفاظ بالقرارات لنفسه وعدم مشاركة املعلم من خالل إبعاده عن املشاركة‬
‫يف صنع القرارات املهمة أو التخطيط لنموه املهين‪ .‬تتكون لدى املعلم مجلة من األحاسيس‬
‫واملشاعر السلبية حنو املشرف خباصة واإلشراف الرتبوي بعامة وعمله إصالح اخللل يف‬
‫العالقة بني املشرف واملعلم هي عملية معقدة يف ظل اإلدارة املركزية والتنظيم اهلرمي‬
‫وتدفق األوامر والتعليمات من أعلى اهلرم إىل أسفله‪.‬‬
‫‪ )2‬النمط الشوري "الديموقراطي"‪:‬‬

‫‪25‬‬
‫يتصف هذا النمط من القيادة بكونه يتيح الفرصة للمرؤوسني باملشاركة الفاعلة يف‬
‫صنع القرارات واإلسهام يف املهام القيادية من خالل عالقات إنسانية متميزة بني القائد‬
‫واملرؤوسني فاملشرف الرتبوي الشوري "الدميوقراطي" يقيم عالقات إنسانية وثيقة مع‬
‫معلمية ويفوض سلطاته املتعلقة بالنمو املهين لبعض املعلمني ممن ميتلكون القدرة على ذلك‬
‫كما يشجع العلم على تنمية قدراته وإمكاناته وتوسيع رفعة مشاركاته يف اختاذ القرارات‬
‫املهمة وباستخدام هذا النمط يساهم املشرف الرتبوي يف اختفاء بعض املمارسات السلبية‬
‫يف جمال اإلشراف الرتبوي مثل التعايل على املعلمني وحتسني العالقات اإلنسانية املتوترة بني‬
‫الشمرف واملعلم‪.‬‬
‫‪ )3‬النمط الترسلي‪:‬‬
‫يتصف هذا النمط القيادي مبنح مجيع املرؤوسني أكرب قدر ممكن من احلرية يف‬
‫ممارسة مهامهم املوكلة هلم رمسياً دون توجيه مباشر من قبل القائد فالقائد الرتسلي يسعى‬
‫على كسب رضا املرؤوسني من خالل تفويض سلطاته هلم‪ .‬وينزع املشرف ذو السلوك‬
‫الرتسلي إىل جماملة املعلمني ومنحهم حرية كايف ألداء مهامهم املوكلة هلم وعلى الرغم من‬
‫إعطاء املشرف احلرية للمعلم يف اختاذ القرارات املهمة‪ ،‬إال أنه ال حيظى باحرتام املعلمني‬
‫وتقديرهم‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫نظريات القيادة ونماذج السلوك القيادي‪:‬‬
‫أسهمت الدراسات واألحباث العلمية يف حتديد مفهوم القيادة وجنم عن ذلك عدد‬
‫من نظريات القيادة ومناذج السلوك القيادي‪ .‬ومن أهم هذه النظريات‪:‬‬
‫‪ )1‬نظرية اإلنسانـ العظيم‪:‬‬
‫يرى أصحاب هذه النظرية أن الرجل العظيم هو إنسان موهوب بالفطرة اليت‬
‫وهبها اهلل‪ ،‬ويرون كذلك أن جناح القائد يتوقف على خصائص ومعايري شخصية حمددة‪،‬‬
‫يتفرد هبا القائد عما سواه وقد تعرضت هذه النظرية إىل انتقادات كثرية من أمهها أهنا‬
‫الغت أثر البيئة واجملتمع يف صنع القائد وحقل مواهبه‪ .‬وباختفاء هذه النظرية برزت نظرية‬
‫أخرى شبيهة هبا هي نظري السمات‪.‬‬
‫‪ )2‬نظرياتـ السمات‪:‬‬
‫لقد توصلت بعض الدراسات إىل أن هناك عالقة بني القيادة الناجحة وبعض‬
‫السمات الشخصية مثل‪ :‬األمانة‪ ،‬الذكاء‪ ،‬الثقة بالنفس‪ ،‬القدرة على التعبري وبالرغم من أن‬
‫بعض الدراسات كشفت عن وجود ارتباط إجيايب بني بعض السمات والقيادة الفاعلة إال‬
‫أن تعمم تلك النتائج بناء على شواهد حمدودة يعد ضرباً من ضروب اجملازفة‪.‬‬
‫‪ )3‬نظرية الموقف‪:‬‬
‫تعتمد هذه النظرية على أساس أنه ال يوجد أسلوب قيادي واحد يصلح جلميع‬
‫املواقف ألن مسات القيادة ختتلف باختالف املواقف القيادية وفيها يبدي املشرف مرونة‬
‫فائقة يف تكيفه مع مجيع املواقف اليت تصادفه أثناء عملية اإلشراف أي أن املشرف ال‬
‫يعتمد فقط على السمات الشخصية بل ربطت القيادة باملواقف املختلفة‪.‬‬
‫‪ )4‬النظريةـ التفاعلية (المدخل التوفيقي)‪:‬‬
‫حاولت نظرية التفاعل أن تربط بني نظرية السمات ونظرية املوقف وتوائم بينهما‬
‫وإن توازن بني أثر السمات اجلسمية والنفسية وأثر املوقف وعوامل البيئة يف تشكل‬
‫السلوك القيادي‪ .‬وعليه فاملشرف الرتبوي الناجح هو الذي ميتلك االستعداد والقدرة على‬
‫متثيل أهداف املرؤوسني‪ ،‬ومقابلة مطالبهم وكسب رضاهم وقناعتهم بأنه أنسب إنسان‬
‫لالضطالع هبذا الدور‪.‬‬
‫‪ )5‬نموذج تانينبوم وشمد‪:‬‬

‫‪27‬‬
‫حيدد هذا النموذج اجتاهني خمتلفني ومتباينني إلمكانيات سلوك املشرف مع‬
‫املرؤوسني ففي أقصى االجتاه األمين يتمثل منط السلوك الدميوقراطي ويف أقصى االجتاه‬
‫األيسر يتمثل النمط األوتوقراطي‪ ،‬وبني هذين االجتاهني عدد من أمناط السلوك القيادية‪.‬‬
‫‪ )6‬نموذج الشبكة اإلدارية‪:‬‬
‫يؤكد هذا النموذج على بعدين أساسيني مها العاملون والعمل وقد أطلق على هذا‬
‫النموذج الشبكة ألنه مصمم على شكل حمورين‪ :‬حمور أفقي خاص بالعمل وحمور عمودي‬
‫خاص بالعاملني وبالرغم من أن املوقف القيادي هو الذي حيدد نوع النمط القيادي‬
‫املناسب إال أن املمارسة العلمية تشري إىل أن النمط القيادي هو أنسب األمناط القيادية ألنه‬
‫خيصص درجة اهتمام عالية بالعمل والعاملني يف نفس الوقت‪.‬‬
‫‪ )7‬نموذج ريدن‪:‬‬
‫الحظ ريدن بأن منوذج الشبكة ركز على بعدين أساسيني للسلوك القيادي ومها‪:‬‬
‫بعد العمل وبعد العاملني‪ ،‬ورأى ريدن ضرورة إضافة بعد ثالث هو بعد الفعالية‪ ،‬فأصبح‬
‫منوذج ريدن يعتمد على ثالثة أبعاد هي‪ :‬العمل‪ ،‬العاملون‪ ،‬الفاعلية وبناء على هذه األبعاد‬
‫الثالثة‪ ،‬نسج ريدن أربعة أمناط أساسية للسلوك القيادي وهي النمط القيادي املتفاين‬
‫والذي يهتم بالعمل فقط والنمط القيادي املتكامل ويهتم بالعمل والعاملني يف آن واحد‬
‫والنمط القيادي املنعزل وهو ال يهتم بالعمل وال بالعاملني‪.‬‬
‫ومما يؤخذ على منوذج ريدن عدم وضوح املقصود باملواقف املناسبة وغري املناسبة‬
‫اليت تواجه القائد (املشرف الرتبوي)‪.‬‬
‫‪ )8‬نموذج الهدف والمسار‪:‬‬
‫يعمل هذا النموذج على الربط بني السلوك القيادي ودافعية العاملني ومشاعرهم‪.‬‬
‫ويؤكد مضمون هذا النموذج على الكيفية اليت ميكن أن حيدث هبا سلوك القائد (املشرف)‬
‫الرتبوي أثراً يف دافعية املعلمني واجتاهاهتم حنو العمل‪.‬‬
‫يتضح من استعراض النظريات والنماذج القيادية املذكورة آنفاً أن هناك عدداً من‬
‫األمناط القيادية اليت ميكن أن ميارسها املشرف الرتبوي خالل أدائه ملهامه اإلشرافية وهي‬
‫متحور حول بعدين أساسيني مها‪:‬‬

‫‪28‬‬
‫‪ -‬السلوك القيادي الذي يهتم باملعلم‪.‬‬
‫‪ -‬السلوك القيادي الذي يهتم بالعمل اإلشرايف‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫االتصال في مجال اإلشراف التربوي‪:‬‬
‫يبدأ املؤلف هذا اجلزء من الكتاب مقدمة أوضح فيها بعض النعم اليت أنعم اهلل هبا‬
‫على اإلنسان ليتعرف على بيئته املادية والبشرية ويتصل بواسطها ويتفاعل هبدف حتقيق‬
‫ذاته ومقابلة احتياجاته النفسية واالجتماعية كما أوضح الكاتب كيف بلغ االتصال بني‬
‫أبناء البشر يف هذا العصر ذروته حىت أطلق عليه عصر االتصاالت وكيف أن هذا االتصال‬
‫أصبح علماً تطبيقياً له مفاهيمه وعملياته اخلاصة‪ .‬وقد استفادت حقول الرتبية املتنوعة من‬
‫هذا العلم التطبيقي يف حتقيق أهدافها وعليه فإن بعض املهتمني مبجال اإلشراف الرتبوي‬
‫يرون أن اإلشراف الرتبوي هو عبارة عن عملية اتصال بني مشرف تربوي ومعلم حيث‬
‫ميارس املشرف الرتبوي دوره يف عملية االتصال من خالل استخدامه أساليب معينة‪.‬‬
‫تعريفـ االتصالـ في مجال اإلشراف التربوي‪:‬‬
‫ميكن تعريف االتصال يف جمال اإلشراف الرتبوي على أنه عملية تفاعلية حتدث بني‬
‫املشرف الرتبوي واملعلم أو جمموعة من املعلمني‪ ،‬عن طريق إرسال رسائل لفظية وأو غري‬
‫لفظية واستقباهلا حبيث يتحقق الفهم املتبادل بني املشرفني الرتبويني ومعلميهم مبا ينعكس‬
‫إجيابا على حتسني العملية التعليمية‪.‬‬
‫عناصر االتصال في العملية اإلشرافية‪:‬ـ‬
‫تتضمن عملية االتصال الرتبوي العناصر التالية‪:‬‬
‫‪ )1‬الهدف‪:‬‬
‫حتدث عملية االتصال يف جمال اإلشراف الرتبوي نتيجة هلدف أو عدة أهداف يريد‬
‫املشرف الرتبوي أو املعلم توصيلها إىل الطرف الثاين‪.‬‬
‫‪ )2‬المرسل‪:‬ـ هو فرد (أو جمموعة أفراد) يطلق عليه اسم املتصل وهو الذي يوجه‬
‫رسالة االتصال ويف جمال اإلشراف الرتبوي يتمثل املرسل عادة يف اآليت‪ :‬مشرف تربوي أو‬
‫مدير مدرسة أو معلم‪.‬‬
‫‪ )3‬الرسالة‪:‬ـ متثل مضمون االتصال الذي يود املتصل نقله إىل املستقبل والرسالة‬
‫هي عبارة عن سلوك لفظي أو سلوك غري لفظي ولكي حتقق الرسالة اإلشرافية أهدافها‬
‫ينبغي أن تكون واضحة وذات معىن حمدد وأن ترسل يف الوقت املناسب‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫‪ )4‬المستقبل‪ :‬هو فرد (أو جمموعة أفراد) يتلقى رسالة االتصال من املتصل‬
‫ويكشف واقع املمارسات اإلشرافية امليدانية إن املعلم أو املعلمني هم يف العادة الذين‬
‫يقومون بدور املستقبل آلراء وأفكار املرسل (املشرف الرتبوي)‪.‬‬
‫‪ )5‬الوسيلة‪ :‬هي أدارة لنقل الرسالة من املرسل واملرسل إليه‪.‬‬
‫‪ )6‬التغذية الراجعة‪:‬ـ هي استجابة املستقبل ملضمون الرسالة اليت استلمها من‬
‫املرسل ورد فعله عليها‪.‬‬
‫وبذلك فإن عملية االتصال عموماً ويف جمال اإلشراف الرتبوي على وجه‬
‫اخلصوص تتم على شكل حلقة دائرية‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫أنماط االتصال في مجال اإلشراف التربوي‪:‬‬
‫هناك ثالثة أمناط رئيسية لعملية االتصال يف مجيع املؤسسات على اختالف‬
‫أنشطتها ومسمياهتا‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬االتصال ذو االتجاه األحاديث األفقي‪:‬‬
‫وفيه ال يرى املرسل (املشرف الرتبوي) أمهية لتغذية راجعة على رسالته اليت‬
‫استلمها املستقبل (املعلم) كما يف الشكل‪:‬‬

‫مستقبل‬ ‫مرسل‬
‫(معلم)‬ ‫(شرف تربوي)‬

‫وقد ذكر املؤلف أن استخدام االتصال أحادي االجتاه يف العملية اإلشرافية يعد‬
‫مناسباً إذا اقتصر استخدماه على إبالغ املستقبل (املعلم) بقرارات جديدة‪ ،‬وأنظمة حديثة‬
‫أو معدلة وذلك باستخدام قنوات مثل نشرات عن طريق الربيد أو إعالنات عن طريق‬
‫مطبوعات رمسية‪.‬‬
‫وهذا النمط غري مناسب جلميع املمارسات اإلشرافية حيث أن تعميمة قد يقود‬
‫على عدد من السلبيات مثل النكوص باإلشراف الرتبوي وتقليل دور املعلم يف العملية‬
‫التعليمية وتشجيع املشرف الرتبوي على التعايل على املعلمني وإجياد مناخات عمل غري‬
‫مشجعة إلبداع املعلمني وتطورهم الذايت واملهين‪.‬‬
‫ثانيا‪:‬ـ االتصال ذو االتجاه األحاديـ األفقي مع تغذيةـ راجعة‪:‬‬
‫إن عملية االتصال من املرسل (املشرف الرتبوي) واملستقبل (املعلم) باستخدام هذا‬
‫النمط هي عملية مشاهبة للنمط األول مع اختالف بسيط يتمثل يف السماح ملستقبل‬
‫الرسالة (املعلم) بتقدمي تغذية راجعة إىل املرسل (املشرف الرتبوي) من خالل املواجهة‬
‫املباشرة أو أي قناة اتصال مناسبة لنق التغذية الراجعة كما بالشكل‪:‬‬

‫مستقبل‬ ‫مرسل‬
‫(معلم)‬ ‫(شرف تربوي)‬
‫تغذية راجعة غري منتظمة‬

‫‪32‬‬
‫وبالرغم من أن هذا النمط من االتصال هو نسبياً أفضل من النمط األول‪ ،‬إال أنه‬
‫يظل شكلياً ويبدي شعوراً بعد االهتمام بالتغذية الراجعة حول الرسالة حيث ينظر إليها‬
‫املرسل على أهنا خيار غري ملزم لتعديل الرسالة وهذا النمط من االتصال يعد اتصاالً غري‬
‫متفاعل ألن املشرف الرتبوي (املرسل)‪ ،‬يرسل رسائله إىل املعلمني (املستقبلني) دون‬
‫االلتفات إىل آرائاهم ومقرتحاهتم حول شكل الرسالة ومضموهنا‪.‬‬
‫* يرى املؤلف أن هذين النمطني من االتصال بني املشرف الرتبوي واملعلمني‬
‫جتسيداً هليمنة املشرف الرتبوي وتعاليه على املعلمني مما يوفر بيئة خصبة ملمارسة التفتيش‬
‫من خالل استخدام أساليب سلطوية مع املعلمني‪.‬‬
‫ثالثاً‪:‬ـ االتصال ذو االتجاهين المتفاعلين‪:‬‬
‫يطلق على هذا النمط من االتصال األفقي بني املرسل واملستقبل االتصال املتفاعل‬
‫وذلك ألن املرسل ميلك الرغبة األكيدة ملعرفة رأي املستقبل يف موضوع الرسالة كما‬
‫يبيدي املرسل (املشرف الرتبوي) مرونة واستعداداً ألن يضع نفسه موضوع املستقبل‬
‫لرسائل زمالئه املعلمني أي إن املشرف الرتبوي (املرسل) يقوم بدور املرسل تارة وبدور‬
‫املستقبل تارة أخرى وكذلك احلال بالنسبة للمعلمني وميكن استخدام هذا النمط يف حلقة‬
‫نقاش أو ورشه عمل جتمع شخصية املعلم ومينحه حرية كافية للمشاركة يف صنع‬
‫القرارات املهمة ومينح املشرف فرصة مناسبة الستخدام أساليب إشرافية حديثة مثل‬
‫اإلشراف الرتبوي العيادي واإلشراف التعاوين وقد ختم املؤلف هذا اجلزء من الكتاب‬
‫بالشروط الواجب توافرها يف املشرف الرتبوي أثناء عملية االتصال وأمهها‪:‬‬
‫‪ -1‬تقبل مشاعر املعلمني وأفكارهم‪.‬‬
‫‪ -2‬عدم التعايل على املعلمني وعدم التقليل من شأهنم‪.‬‬
‫‪ -3‬القدرة على التعبري اللفظي‪.‬‬
‫‪ -4‬القدرة اللغوية على كتابة الرسالة والتعبري عنها بوضوح‪.‬‬
‫‪ -5‬مراعاة الفروق الفردية بني املعلمني‪.‬‬
‫‪ -6‬التأكد من حتقيق الرسالة ألهدافها‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫إعداد المشرفين التربويين وتأهيلهم مهنياً‪:‬‬
‫لقد حظي اإلشراف الرتبوي بتحديث بعض مفاهيمه حيث مت تغيري مسمى‬
‫التفتيش إىل توجيه مث إىل إشراف تربوي ليتمشى مع روح العصر احلديث وأكدت أنظمة‬
‫اإلشراف الرتبوي على ضرورة ممارسة املشرف ألدواره املوكلة إليه بأسلوب شورى‬
‫(دميوقراطي) وتعاوين غري أن واقع املشرف الرتبوي وإمكاناته وإعداده وتأهيله احملدود ال‬
‫ميكنه من القيام بدوره املطلوب حيث إن دوره الفعلي هو االهتمام جبميع مكونات العملية‬
‫التعليمة لذلك فإن ضعف إ عداد املشرف الرتبوي وتأهيله املهين قاد إىل إخفاق معظم‬
‫حماوالت التغيري والتجديد الرتبوي امليداين‪.‬‬
‫ولقد أدى التطور الكمي اهلائل يف نظام التعليم السعودي إىل تبلور اجتاه لدى‬
‫املسؤولني بوزارة الرتبية والتعليم حنو حتسني مستوى املشرف وتطوير قدراته وإمكاناته لذا‬
‫قامت الوزارة بالتعاون مع بعض اجلامعات السعودية بعقد برامج (دورات) تدريس‬
‫للمشرفني الرتبويني عام ‪1413‬هـ واستمرت هذه الربامج التدريبية تستقبل كل فصل‬
‫دراسي املشرفني الرتبويني العاملني يف امليدان من مجيع التخصصات وكانت أهداف‬
‫الربنامج زيادة النمو املعريف وتنمية مهارات املشرف وقدراته العلمية والرتبوية وتطوير‬
‫خرباته التدريبية ومهارات البحث العلمي واالستقصاء لديه‪.‬‬
‫وقد حقق هذا الربنامج أهدافه بنسبة جيدة كما أسهم يف زيادة معرفة املتدربني‬
‫ببعض اجلوانب املتعلقة باإلشراف الرتبوي‪.‬‬
‫‪ -‬وبالرغم مما بذلته وزارة الرتبية والتعليم السعودية من جهود يف جمال تطوير‬
‫قدرات املشرفني إال أن البعض يرى عدم كفاية تلك اإلجراءات يف حتسني املمارسات‬
‫امليدانية وتطويرها وعليه قامت وزارة الرتبية والتعلم السعودية بتكليف جلنة متخصصة‬
‫لوضع اختبارات مفننة يف ضوء الكفايات األساسية لإلشراف الرتبوي حيث ميكن‬
‫لصاحب القرار الرتبوي االعتماد على هذه االختبارات يف اختيار القيادات اإلشرافية‬
‫وتأهيلها وتدريبها‪.‬‬
‫ومتكن أعضاء اللجنة املكلفة بوضع االختبار املقنن املبين على حركة الكفايات ومت‬
‫حتديد تسعة (‪ )9‬جماالت رئيسية للمشرفني الرتبويني وبعد أن حيصل املشرف (املرشح)‬

‫‪34‬‬
‫على درجة مقبولة يف جمال السمات الشخصية جيلس إلجراء اختبار يف اجملاالت الثمانية‬
‫الباقية وهذه الكفايات هي‪:‬‬
‫‪ -1‬السمات الشخصية‪.‬‬
‫‪ -2‬كفايات تتعلق بتطوير املناهج الدراسية‪.‬‬
‫‪ -3‬تقدمي اخلدمات املطلوبة للعملية التعليمية‪.‬‬
‫‪ -4‬تنظيم العملية التعليمية و إداراهتا‪.‬‬
‫‪ -5‬توفري اخلدمات األساسية للطلبة ذوي االحتياجات اخلاصة‪.‬‬
‫‪ -6‬تنمية املعلمني مهنيا أثناء اخلدمة‪.‬‬
‫‪ -7‬توثيق العالقة بني املدرسة واجملتمع احمللي‪.‬‬
‫‪ -8‬تنمية عالقات إنسانية بني العاملني‪.‬‬
‫كفايات تتعلق بالقدرة يف جمال تقومي العملية التعليمية‪.‬‬
‫وبالرغم من اإلجيابيات اليت حققتها احلركة العاملية للكفايات يف إصالح نظام‬
‫التعليم إال أن تطبيقها حملياً أو عربياً ال ختلو من بعض املعوقات اليت قد حتد من تنبيها‬
‫واالستفادة منها كما ينبغي ومن أهم هذه املعوقات‪:‬‬
‫‪ )1‬معوقات خاصة بطبيعة الكفايات‪:‬ـ‬
‫وتتمثل هذه املعوقات يف عدم وضوح مفهوم الكفايات وكذلك التأكيد على‬
‫السلوك القابل للقياس كما أن تطبيق الكفايات حيتاج إىل إمكانات مادية وطاقات فنية‬
‫وبشرية ضخمة‪.‬‬
‫‪ )2‬معوقات مرتبطة بثقافة المجتمع والمنظمات التربوية‪:‬‬
‫يتطلب تطبيق الكفايات اختيار أفضل العناصر البشرية للمهن الرتبوية وقد يتعارض‬
‫هذا التوجه اجلديد مع ثقافة اجملتمع اليت تتخذ أحياناً من الشفاعات والصداقات‬
‫واجملامالت منهجاً هلا‪.‬‬
‫‪ )3‬معوقات مرتبطةبـ النظام التربوي‪:‬‬
‫مثل مقاومة التغيري من بعض العاملني يف ميدان الرتبية والتعلم وقلة التدريب أثناء‬
‫اخلدمة والرتكيز على األساليب النظرية يف تنمية الكفايات والتعلم بشكل عام‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫‪ )4‬معوقات تتعلق بالتقويمـ الذاتيـ للعاملين في مجال التعليم‪:‬‬
‫يتطلب التدريب القائم على الكفايات من املتدرب أن يكون على درجة عالية من‬
‫الوعي بذاته وحتمل املسؤولية لرفع كفايته الذاتية عن طريق التدريب املستمر‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫برامج إعداد المشرفين التربويين‪:‬‬
‫إن اجلامعات هي اجلهة املسؤولة عن إنشاء برامج األعداد واملوافقة عليها أما‬
‫األفراد الذين حصلوا على إعداد مناسب للخدمة يف جمال اإلشراف الرتبوي فإهنم قد‬
‫حصلوا على درجة املاجستري يف الرتبية وتتضمن شهادة املاجستري جمموعة من مقررات‬
‫الدراسات العليا اليت تركز على املوضوعات التالية‪ :‬املهارات اإلشرافية العامة‪ ،‬إدارة‬
‫األفراد‪ ،‬تصميم املناهج وتقوميها وسياسات التعليم وموضوعات أخرى ذات عالقة‬
‫باإلشراف الرتبوي‪.‬‬
‫نموذج مقترح إلعداد المشرفين التربويين‪:‬ـ‬
‫وضع داريش تصوراً لكيفية إعداد املشرفني الرتبويني وتأهيلهم قبل اخلدمة يف جمال‬
‫اإلشراف ا لرتبوي ويعتمد منوذج داريش على ثالثة ابعاد رئيسية كما يلي‪:‬‬
‫البعدـ األول‪ :‬اإلعدادـ األكاديمي‪:‬ـ‬
‫تبين برامج إعداد املشرفني الرتبويني التقليدية على أساس اكتساب املعارف‬
‫واحلقائق واملعلومات من خالل عدد م عني من املقررات الدراسية اجلامعية وحمتوى هذه‬
‫املقررات الدراسية يركز على املهارات ذات الصلة باألداء املهين الفعال‪.‬‬
‫البعدـ الثاني‪:‬ـ اإلعداد العملي‪:‬‬
‫يرى املتخصصني أن حتسني القيادات املستقبلية مليدان التعليم ينبغي أن يبين على‬
‫خربات عملية وممارسات ميدانية‪.‬‬
‫البعدـ الثالث‪ :‬التكوين الذاتي‪:‬ـ‬
‫يرى داريش أن بعد التكوين الذايت أو الشخص للمشرف الرتبوي من أهم أبعاد‬
‫إعداد برامج املشرفني الرتبويني‪ ،‬ويتمثل هذا البعد يف األنشطة الشعورية املوجهة ملساعدة‬
‫الطالب يف تركيب اخلربات املكتسبة من املصادر األخرى وكذلك لبناء التقدير الذايت‬
‫للقائد الرتبوي‪.‬‬
‫تطوير أداء المشرف التربوي وتحسين مستواه المهني‪:‬‬
‫ميكن تطوير مستوى أداء املشرف الرتبوي وتنمية قدراته وإمكاناته من أجل حتقيق‬
‫التغيري املطلوب يف األفراد واملؤسسة الرتبوية وذلك من خالل اخلطوات العريضة التالية‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬وضع خطة قصيرة األجل يتم من خاللها‪:‬‬

‫‪37‬‬
‫‪ -1‬وضع ضوابط ومعايري علمية دقيقة وواضحة الختيار املشرفني الرتبويني‪.‬‬
‫‪ -2‬تزويد املرشح قبل التحاقه باإلشراف الرتبوي بالكفايات اإلشرافية األساسية‪.‬‬
‫‪ -3‬العمل على تطبيق مبدأ مشرف تربوي حتت التجربة ملدة فصل دراسي واحد‬
‫أو أكثر‪.‬‬
‫‪ -4‬الزام كل مشرف تربوي يعمل يف امليدان بااللتحاق بربنامج تدرييب‪.‬‬
‫‪ -5‬إتاحة الفرصة للمشرفني الرتبويني لاللتحاق باجلامعات‪.‬‬
‫‪ -6‬تقومي أداء املشرف الرتبوي وممارساته امليدانية‪.‬‬
‫ثانياً‪:‬ـ وضع خطة طويلة األجلةـ ليتم من خاللها‪:‬‬
‫تزويد امليدان بكفاءات بشرية مؤهلة تأهيالً أكادميياً عالياً يف جماالت الرتبية‬
‫املختلفة مثل املناهج العامة وطرق التدريس واإلدارة والتخطيط الرتبوي واإلشراف‬
‫الرتبوي والقياس والتقومي وإحالل أصحاب الكفاءات العلمية العالية جمل القوى البشرية‬
‫احلالية املوجودة على رأس العمل يف جمال اإلشراف الرتبوي‪.‬‬
‫واخلطة طويلة األجل جيب أن ترسم لنا ما ينبغي أن يكون عليه اإلشراف الرتبوي‬
‫مستقبالً وتنأى بنا بعيداً عن مشكلة ترقيع اإلشراف الرتبوي احلايل وممارساته وتسعى إىل‬
‫حلول جذرية‪.‬‬
‫تمهين اإلشراف التربوي‪:‬‬
‫من احللول اجلذرية لواقع اإلشراف الرتبوي العريب عموماً والسعودي على وجه‬
‫اخلصوص‪ ،‬أن تتبىن اجلهات الرمسية املسؤولة عن ال إشراف الرتبوي خططاً طويلة األجل‬
‫يف متهني اإلشراف الرتبوي الذي مينح مبوجبه املشرف الرتبوي رخصة رمسية ملمارسة‬
‫العمل اإلشراف وفق شروط وضوابط شخصية ومهنية وعلمية دقيقية وواضحة‪.‬‬
‫وقد حدد املؤلف جمموعة الشروط والضوابط اليت يتم على أساسها منح املرشح‬
‫رخصة عمل يف جمال اإلشراف الرتبوي السعودي‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫استشراف مستقبل اإلشراف التربوي‪:‬‬
‫إن عدم انسجام نتائج البحث يف جمال اإلشراف الرتبوي أحياناً مع الفكر‬
‫الدميوقراطي دفع بعض املفكرين إىل اجملاهرة بالدعوة إىل إلغاء نظام اإلشراف الرتبوي‬
‫عموماً لكونه ال يتماشى مع الفلسفة العامة لنظام التعليم وتوجهاته‪ .‬كما يالحظ تبلور‬
‫اجتاه قوي يدعو إىل املزيد من استخدام إشراف األقران واإلشراف الذايت والتقومي الذايت‬
‫واإلشراف التشاركي أو التعاوين وغريها من األساليب اليت متنح املعلم حرية أكرب‬
‫باملشاركة يف العملية اإلشرافية وجاء هذا االجتاه كرد فعل للممارسات البريوقراطية يف‬
‫تقومي املعلمني ويتوقع املهتمون يف جمال اإلشراف أن تتغري النظرة للمعلم مستقبال ويكون‬
‫املعلم مشاركاً فعاالً يف العملية اإلشرافية ومساوياً يف مسؤولية اإلشراف للمشرف‬
‫الرتبوي وبذا سوف ينتهي دور املشرف الرتبوي يف كونه املصدر الوحيد لتقدمي النصائح‬
‫وإصدار األحكام للمعلم‪.‬‬
‫وضعفت كارولني سنايدر عدداً من الضوابط واملعايري اليت ميكن يف ضوئها التعامل‬
‫مع معطيات املستقبل واالستعداد إىل عامل متغري من خالل إجابتها عن السؤال التايل‪ :‬ما‬
‫دور اإلشراف الرتبوي اجلديد يف عصر التعقيدات والتغريات املتساعة‪ ،‬اليت تعصف بالعامل‬
‫املتحضر؟ والضوابط واملعايري هي كماي يل‪:‬‬
‫‪ -1‬االعتماد على قيادات تربوية ذات رؤى وخيال خصب‪.‬‬
‫‪ -2‬استخدام التخطيط االسرتاتيجي‪.‬‬
‫‪ -3‬استخدام التفكري املنظم يف أداء العمل‪.‬‬
‫‪ -4‬بناء قاعدة معلوماتية ملساعدة فريق العمل على إجراء التعديالت املطلوبة‪.‬‬
‫‪ -5‬تنمية املوارد البشرية ورفع كفاءهتم وقدراهتم على مقابلة متطلبات العمل‪.‬‬
‫‪ -6‬تقدمي خدمات نوعية تتمثل يف اخلدمات يف العمليات واإلجراءات والربامج‬
‫املصممة لتحقيق األهداف املرجوة‪.‬‬
‫‪ -7‬البحث عن رضا املستهلك عن طريق مجع املعلومات واالستجابة لالحتياجات‬
‫الطارئة والتحديات األخرى والتعهد بالتطوير املستمر‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫وختاماً‪ ،‬فإن هذه املعايري والضوابط سوف تسهم يف مساعدة املعلمني واملشرفني‬
‫الرتبويني والقيادات الرتبوية األخرى على االستجابة بطرق جديدة للحياة املعقدة يف نظام‬
‫التعليم‪ ،‬هبدف مقابلة احتياجات الطلبة املتغرية‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫ثالثاً‪ :‬التعليق على الكتاب‪:‬‬
‫‪ -‬جاء هذا الكتاب يف (‪ 312‬صفحة) تناول فيها املؤلف معظم موضوعات‬
‫االجتاهات احلديثة يف اإلشراف الرتبوي والقضايا املتعلقة هبذه االجتاهات مستعينا بعدد‬
‫كبري من املراجع املتخصصة يف هذا اجملال األجنبية منها والعربية‪.‬‬
‫‪ -‬لقد حاول املؤلف توصيل أكرب قدر ممكن من املعلومات عن موضوع اإلشراف‬
‫الرتبوي واالجتاهات احلديثة فيه فجاء هذا على حساب تنظيم الكتاب فلم جند كما هو‬
‫متعارف عليه أبواب رئيسية وفصول وموضوعات رئيسية وأخرى فرعية بل جاءت كل‬
‫العناوين تفتقر إىل الرتابط ودود معرفة املهم واألهم أو الرئيسي أو الفرعي‪ ،‬وكأمنا هو‬
‫عرض ألحباث جمزأة ‪.‬‬
‫‪ -‬كما أن أسلوب السرد وتكديس املوضوعات أضفى على الكتاب طابع تارخيي‬
‫فجعل من املوضوع وكأنه كتاب يف تاريخ اإلشراف الرتبوي وليس عن احلديث واملعاصر‬
‫يف هذا اجملال‪ ،‬مع أن االهتمام بالبعد التارخيي ملوضوع اإلشراف مهم حبيث نستطيع من‬
‫خالله معرفة الفلسفات والرؤى اليت كان يقوم عليها‪ ،‬كما أن يف ذلك حتديد لفرتات‬
‫مر هبا اإلشراف الرتبوي‪.‬‬
‫التحديث اليت ّ‬
‫‪ -‬معظم ما استشهد به املؤلف كان لتجارب وأنظمة غربية وخاصة يف الواليات‬
‫املتحدة األمريكية بدءاً من بداية اإلشراف الرتبوي وحىت استشراف املستقبل ومل يتطرق‬
‫بشكل متعمق يف التجارب العربية أو السعودية واقتصر حديثة على ذكر اجلهود اليت قامت‬
‫هبا وزارة الرتبية والتعليم السعودية يف جمال تطوير قدرات املشرفني الرتبويني‪.‬‬
‫ومن املعل وم أن جتارب ال دوال ملتقدمة مهمة يف مس ألة التح ديث والتط وير‪ ،‬إالّ أن من‬
‫املناسب أن يك ون هن اك ح ديث عن ذلك مبا ويتفق وإمكاني ات البلد املس تفيد حىت ال‬
‫يك ون هن اك ع ائق التط بيق عن دما يتضح الب ون الشاسع فمن ش أن ذلك أن يثبط ب اجلهود‬
‫التطويرية ‪.‬‬
‫‪ -‬إنه ومن خالل سرد املؤلف بعض املفاهيم عن اإلشراف الرتبوي وتوضيح لآلراء‬
‫املختلفة حي ال ه ذا املوض وع وأنه ك ان له األثر الكبري يف ع دم التحديد ال دقيق ملفه وم‬
‫اإلشراف الرتبوي‪ ،‬كما أن التعريف الذي أورده املؤلف (بأن اإلشراف جمموعة اخلدمات‬
‫والعمليات اليت تقوم بقصد مساعدة املعلمني على النمو املهين مما يساعد يف بلوغ أهداف‬

‫‪41‬‬
‫التعليم) ينطبق على اإلش راف مبفهومه احلديث‪ ،‬وليس على كثري من املمارس ات اليت يق وم‬
‫هبا املشرفون باسم اإلشراف‪.‬‬
‫فاإلشراف مبفهومه احلديث يرمى إىل تنمية املعلم وتفجري طاقاته وتطوير قدراته‬
‫متوصالً بذلك إىل حتسني تعلم الطالب‪ ،‬أما مفهوم اإلشراف القدمي (وكثري من ممارسات‬
‫املشرفني حالياً) جتعل تقييم املعلم هدفاً هنائياً يف حد ذاته‪.‬‬
‫وعند استعراض التعرايف اليت جاء هبا املؤلف يتضح لنا عدة أمور منها‪:‬‬
‫أهنا تنظر إىل اإلشراف على أنه عملية مستمرة ‪ ،‬فال ينتهي عند زيارة أو‬ ‫‪‬‬
‫زيارتني يف السنة‪ ،‬أو بعد القيام بعملية التقومي‪.‬‬
‫أهنا تنظر إىل أن هدف اإلشراف الرتبوي هو املساعدة يف تنمية املعلم‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫وليس اكتشاف أخطائه أو تقوميه فقط‪.‬‬
‫أهنا تنظر إىل أن اإلشراف عملية وليس وظيفة‪ ،‬فليس اإلشراف وظيفة‬ ‫‪‬‬
‫ميارسها صاحب املنصب بقدر ما هي عملية يتوالها أطراف متعددون‬
‫كاملشرف أو زمالء املعلم أو مدير املدرسة أو املعلم نفسه‪ ،‬حيث أن قيام‬
‫إنسان واحد هبذه األعمال جمتمعة هو عمل غري صحيح‪.‬‬
‫أن اإلشراف الرتبوي هبذا املعىن يراعي املبادئ التالية‪:‬‬
‫إن اإلش راف ال رتبوي هو جمموعة من امله ام املرتابطة املتكاملة‬ ‫‪‬‬
‫واليت من خالل ممارس تها تتحقق أهدافه ‪ .‬إن نش اطات اإلش راف ال رتبوي‬
‫تتمثل يف عملي ات إجرائية متنوعة تتطلب ممن يق وم هبا أن يك ون م زوداً‬
‫مبجموعة من املهارات ميكنه من القيام هبذه النشاطات بفعالية وكفاية‪ ،‬إن‬
‫ه ذه النش اطات وتلك امله ارات ت ؤثر يف اجتاه وس رعة ونوعية التغيري‬
‫املطلوب ‪.‬‬
‫اإلش راف ال رتبوي مبعن اه احلديث ال يهتم فقط بالعمل من‬ ‫‪‬‬
‫أجل تط وير املوقف التعليمي التعلمي للوص ول إىل أه داف حمددة متفق‬
‫عليها بل يعين أيضاً بتطوير هذه األهداف ‪ ،‬أي أن اإلشراف الرتبوي يعين‬

‫‪42‬‬
‫ببعدين مرتابطني ‪ :‬تطري املوقف التعليمي التعلمي حنو أهداف معينة وتطوير‬
‫هذه األهداف حنو مواقع جديدة ‪.‬‬
‫إن اإلش راف ال رتبوي مبعن اه احلديث يؤكد أك ثر مما س بق أن‬ ‫‪‬‬
‫ممارسة مهامه والقيام بنشاطاته وتطوير املهارات األساسية لـه ‪ .‬ال ميكن أن‬
‫تتم إال من خالل جه از يتك ون من أش خاص م ؤهلني ت أهيالً ك امالً هلذا‬
‫العمل ‪.‬‬
‫ويف ضوء ما سبق جند أنه مهما كان هناك من طرح علمي أكادميي حول مفهوم‬
‫اإلشراف الرتبوي واالختالف فيه إالّ أننا نظل حتت وطأة عدم املمارسة احلقيقة هلذه‬
‫هوة ما بني املفهوم واملمارسة ‪ ،‬فأزمة اإلشراف‬‫املفاهيم ‪ ،‬وعليه يتضح لنا جلياً أن هناك ّ‬
‫الرتبوي أزمة ممارسة أكثر منها أزمة مفهوم!‬
‫لقد تطرق املؤلف يف املبحث الثاين والذي تناول فيه األمناط احلديثة يف‬ ‫‪-‬‬
‫جمال اإلشراف‪ ،‬وعند إمعان النظر يف ذلك جند أن املؤلف اقتصر على أربعة‬
‫أمناط إشرافية حديثة وهي (اإلشراف الرتبوي العيادي واإلشراف الرتبوي‬
‫باألهداف واإلشراف الرتبوي التطويري واإلشراف الرتبوي املتنوع (اخلياري) )‬
‫علماً بأن هناك ما يربو على سبعة عشر منطاً إشرافياً ‪ ،‬وهذا يفقد هذا املبحث‬
‫هدفه‪.‬‬
‫كما أن هناك فارق زمين لألمناط املنتقاة من قبل املؤلف وما بني العصر‬ ‫‪-‬‬
‫احلايل حيث كان آخر تلك األمناط يف عام ‪1993‬م‪ ،‬بينما صدر الكتاب يف‬
‫عام ‪2004‬م وهذه املدة الزمنية كفيلة بأن يستجد ويستحدث أمناط إشرافية‬
‫حديثة السيما أن مسة العصر احلاضر هو مسة التفجر املعلومايت والتسارع‬
‫العلمي‪.‬‬
‫يف تصوري – أن اإلسهام يف إجياد آليات تنفيذية عملية سواء من قبل‬ ‫‪-‬‬
‫األكادمييني واملمارسني للعمل الرتبوي جبميع فئاهتم أوىل من كثري من التنظري‬
‫وإن كنا حباجة إىل ذلك‪ ،‬وهذا مما غاب يف ثنايا هذا الكتاب حيث أنه مل‬
‫يتطرق إىل تلك األساليب العملية اليت ميكن أن يتبعها املشرف الرتبوي واليت من‬

‫‪43‬‬
‫شأهنا أن تنهض باألداء للمعلمني ومن مث تنعكس على الطالب واليت تتمشى‬
‫واإلمكانات املتاحة يف امليدان الرتبوي‪.‬‬
‫أما مسألة النظرية ودورها يف حتسن املمارسات اإلشرافية واليت تطرق هلا املؤلف يف‬
‫املبحث الرابع من الكتاب ‪ ،‬فهي بال شك هلا دور كبري إالّ أنه من املالحظ أن يقحم جمال‬
‫اإلشراف الرتبوي بأن يكون مبين على نظريات حيث نه ال زال يعترب كعملية داخلة ضمن‬
‫عمليات املنهج – يف نظري – ومما يدل على ذلك أن املؤلف حينما حتدث عن خصائص‬
‫النظرية اجليدة يف اإلشراف الرتبوي حتدث عن خصائص النظرية عموماً‪ ،‬وهذه تنطبق على‬
‫النظرية يف بناء املنهج وليس اإلشراف فقط ‪.‬‬
‫عندما تناول املؤلف التصور املقرتح لعملية اإلشراف الرتبوي‪ ،‬مل يقم‬ ‫‪-‬‬
‫بتناول مقرتح من واقع البيئة التعليمية الرتبوية احمللية (السعودية) وإمنا استعان‬
‫بنموذج مقرتح ‪ ،‬وكان مرتجم حبيث أنه مل ينشأ من داخل البيئة‪ ،‬وقد يكون ها‬
‫حمفز ألن جتري أحباث بتطبيق مناذج حديثة مقرتحة ومعرفة إنعكاساهتا يف البيئة‬
‫احمللية حيث أنه من خالل استعراضي لقائمة األحباث املتعلقة باإلشراف الرتبوي‬
‫يف اململكة العربية السعودية مل يكن هناك من ضمنها حبث تطرق هلذا املوضوع‪.‬‬
‫كما أن الكفايات اليت تناوهلا املؤلف والوجب توافرها يف املشرفني الرتبويني ‪،‬‬
‫إمنا هي من إصدار وزارة الرتبية والتعليم يف اجملاالت التسع‪ ،‬ولو كان هناك تقومي‬
‫لتصور مقرتح استشرايف يف الكفايات لكان أوىل حبيث تكون هناك حداثة يف‬
‫ذلك ‪.‬‬
‫لقد تناول املؤلف يف كتابه موضوعني يندر أي كتاب يف اإلشراف‬ ‫‪-‬‬
‫الرتبوي إال وقد أشار إليهما ومها موضوع القيادة وموضوع االتصال الرتبوي‪،‬‬
‫وبالتايل قد يعترب ذلك أهنما موضوعني تقليديني وليس حبديثني كما هو اهلدف‬
‫من الكتاب‪.‬‬
‫وميكننا القول أن الكتاب قد حوى اسرتاتيجيات وأمناط وأفكار فيه من‬ ‫‪-‬‬
‫احلداثة يف جمال اإلشراف الرتبوي قابلة للتطبيق مىت ما وضع هلا آلية تنفيذية ‪ ،‬ومما‬

‫‪44‬‬
‫ال شك فيه فإن هذا الكتاب يعد من الكتب املهمة يف جمال اإلشراف الرتبوي‬
‫للباحثني والقادة الرتبويني ‪.‬‬
‫ومما جتدر اإلشارة غليه أنه حوى الكتاب استشراف هذا احلقل وجعل‬ ‫‪-‬‬
‫هناك معايري تتواكب واحتياجات العصر ومنها احتياجات الطالب املتغرية من‬
‫حني آلخر‪ ،‬وال شك من أن النظام الذي يقوم على املعايري املستقاة من النظريات‬
‫والواقع هو نظام حديث وأن حركة املعايري يف نظري أقوى من حركة الكفايات‬
‫يف مثل هذا العصر‪.‬‬

‫‪45‬‬

You might also like