Professional Documents
Culture Documents
Ù Ù Ø®Ø Ø Ø Ø Ø Ù Ø Ø Ø Ø Ù Ø
Ù Ù Ø®Ø Ø Ø Ø Ø Ù Ø Ø Ø Ø Ù Ø
Ù Ù Ø®Ø Ø Ø Ø Ø Ù Ø Ø Ø Ø Ù Ø
قراءة في كتاب:
1
أوالً :العرض الفني للكتاب:
حيمل الكتاب عنوان "اجتاهات حديثة يف اإلشراف الرتبوي" من تأليف األستاذ
الدكتور /عبدالعزيز عبدالوهاب البابطني -أستاذ بقسم اإلدارة الرتبوية بكلية الرتبية جامعة
امللك سعود.
يقع الكتاب يف (312صفحة) من القطع املتوسط ،ويستهل املؤلف الكتاب بالفهرس
ويقع يف صفحتني (ج – د) حيث قسم املؤلف حمتويات الكتاب إىل موضوعات رئيسية ينبثق
منها موضوعات فرعية .بدأ املؤلف باملقدمة وتقع يف ثالثة صفحات ( )3-1ناقش فيها أمهية
الرتبية ودور اإلشراف الرتبوي يف املؤسسات التعليمية.
وبعد ذلك عرض املؤلف مفهوم اإلشراف الرتبوي وتطوره يف مثاين صفحات (-4
)12حيث استعرض مفهوم اإلشراف الرتبوي واجتاهاته ،مث بدأ باملوضوع األول حتت عنوان
العوامل األساسية املؤثرة يف تشكيل مفهوم اإلشراف الرتبوي وتطوره يف حوايل مخسة عشر
صفحة ( )27-21مث تناول املؤلف موضوع أمناط حديثة يف اإلشراف الرتبوي يف أربعة أقسام
مث بعد ذلك تعرض بالنقاش ملوضوع النظرية ودورها يف حتسني املمارسات اإلشرافية وذلك يف
حوايل مائة ومخسة وثالثون صفحة ( .)174 – 28مث بدأ املؤلف يف تناول موضوع
املمارسات اإلشرافية يف مناذج حديثة حيث استعرض أنواع املمارسات اإلشرافية يف مخسني
صفحة ( .)189 – 183مث تناول الكاتب موضوع مناذج حديثة يف جمال املمارسات
اإلشرافية ميدانياً مستعراضاً عملية اإلشراف الرتبوي مع الصيغ الرتبوية واملخطط الكلي للمنهج
املدرسي وذلك يف حوايل أربعني صفحة ( .)234 – 190مث تناول املؤلف موضوع القيادة
واإلشراف الرتبوي والذي ضم أمناط القيادة الرتبوية ونظريات القيادة ومناذج السلوك القيادي
يف مخسة عشر صفحة ( .)249 – 235مث تعرض ملوضوع االتصال يف جمال اإلشراف
الرتبوي حيث ضم مقدمة والتعريف وعناصر االتصال وأمناط االتصال وفعاليته يف العملية
اإلشرافية يف تسعة صفحات ( .)259 – 250وانتهى املؤلف مبوضوع إعداد املشرفني
الرتبويني وتأهيلهم مهنياً مع استعراض لربامج اإلعداد يف اثين وثالثني صفحة (– 260
.)192وختم الكاتب بقائمة املراجع العربية واألجنبية يف ست صفحات (.)312 – 306
وقد صدر الكتاب يف طبعته األوىل عام 1425هـ2004/م يف اململكة العربية السعودية
– الرياض.
2
ثانياً :العرض العلمي للكتاب:
المقدمةـ :
بدأ املؤلف كتابه اجتاهات حديثة يف اإلشراف الرتبوي مبقدمة ناقش فيها أمهية
الرتبية يف إعداد األجيال القادمة ملواجهة املستقبل وحتدياته ودور اإلشراف الرتبوي على
املؤسسات التعليمية وتصميم اخلطط واملناهج والربامج احلديثة ملواكبة املستجدات العاملية.
ذكر املؤلف أنه لكي يؤدي اإلشراف الرتبوي دوره كأسلوب تطوير للعملية
الرتبوية والرقي هبا فإنه ال بد له من أن يطور مفاهيمه وأساليبه وأمناطه مبا يتفق
واالجتاهات العاملية املعاصرة وأن يصبح له دور أساسي وفاعل يف تطوير قدرات املعلم
وإمكاناته من خالل تزويده باملعارف واملهارات واالجتاهات اإلجيابية اليت متكنه من أداء
عمله بكفاءة عالية.
كما أشار املؤلف إىل أن املشرف الرتبوي جيب أن ينظر إيل على أنه إنسان قادر
على حتسني أداء املعلمني وتطوير قدراهتم بناء على ما لديهم من خصائص ذاتية ومسات
شخصية.
وقد ذكر املؤلف انه وضع هذا الكتاب على أمل أن يسهم يف تطوير املمارسات
اإلشرافية يف اململكة العربية السعودية خاصة ودول اخلليج العربية عامة .حيث أحس
املؤلف بأمهية تطوير تلك املمارسات وسبل تطبيقها ميدانياً ،وحتسني صورهتا من خالل
اإلفادة من التجارب الناجحة واملستجدات الرتبوية مبا يتفق وطبيعة جمتمعاتنا وقيمها
وحاجاهتا يف بناء األجيال القادمة ملستقبل أفضل.
3
مفهوم اإلشراف التربوي وتطوره:
لقد بدأ املؤلف هذا اجلزء من الكتاب بإسهام الرتبية اإلسالمية يف مد احلضارة
اإلنسانية باملفاهيم واألفكار اجلديدة والقيم الراقية حيث كان هلا السبق يف وضع األسس
األوىل للرتبية احلديثة.
تناول الكاتب بعد ذلك نشأة اإلشراف الرتبوي بصورته احلديثة وذكر أهنا تعود
إىل عام 1654عندما قام املستوطنون األوربيون يف والية ماساشوسيتس األمريكية
بإصدار قانون يعطي احلق ألولياء األمور ومراقبني من جامعة هارفرد يف اإلشراف على
تعيني امل علمني اجلدد يف مدارس الوالية وفق شروط معينة .مث انتقال املسؤولية اإلشرايف
من أولياء األمور إىل إدارتني مها إدارة الرتبية على مستوى الوالية وإدارة املنطقة التعليمية
وانتقاهلا يف القرن العشرين إىل مديري املدارس واملشرفني الرتبويني املتخصصني.
كما يذكر أنه بتطور مفهوم الرتبية وأساليبها ونظريات التعليم والعالقات
اإلنسانية ،قد تبعه تطور واضح ملفهوم اإلشراف الرتبوي وأصبحت غري مقيدة مبجال حمدد
من جماالت العملية الرتبوية بل ترتبط جبميع اجملاالت الرتبوية والنامجة عنها .وأصبحت
مهمة اإلشراف الرتبوي واسعة وشاملة ودور املشرف احلديث أصبح كبرياً يف حتقيق
أهداف املؤسسة الرتبوية وتطويرها.
وألن اإلشراف الرتبوي قد مر بعدة مراحل خالل اقرن العشرين حيث كان ينظر
إليه يف بداية األمر على أنه امتداد لإلدارة الرتبوية مث أصبح أكثر ارتباطاً باملنهج الدراسي
وطرق التدريس وبعد ذلك ارتبط حبركة العالقات اإلنسانية.
ونتيجة لتعدد املراحل واالجتاهات اليت مر هبا اإلشراف الرتبوي واليت شكلت
مفهم اإلشراف الرتبوي وقد خلصت رداح اخلطيب هذه االجتاهات الرئيسية اليت مر هبا
اإلشراف الرتبوي كما يلي:
-1اإلشراف التربوي هو عملية فنية محضة حيث يركز اهتمامه على تصميم
املناهج الدراسية وتطويرها.
-2اإلشراف التربوي هو عملية إدارية حيث ينظر له على أنه أحد اجلوانب
اإلدارة املدرسية.
4
-3اإلشراف التربوي هو عالقات إنسانية حيث ينظر إىل اإلشراف الرتبوي
على أنه تعامل بني املعلم واملشرف الرتبوي.
ومن ناحية أخرى ونتيجة الختالف مسميات اإلشراف الرتبوي (تفتيش ،توجيه،
إشراف) ،وتعدد اجتاهاته فقد أصبح لإلشراف الرتبوي تعريفات كثرية ومتباينة فذكر منها
تعريف ويلز ( )wilesلإلشراف الرتبوي على أنه" :نشاط ذو غاية ،يوجد من أجل معاونة
املدرسني على أداء وظيفتهم بطريقة أفضل".
كما ذكر املؤلف تعريف آخر لـكروفت ( )Croftأن اإلشراف الرتبوي هو اجلهود
الرامية لتنسيق النمو املستمر للمعلمني ويرفع مستوى ذلك النمو وذكر أيضاً تعريف
نشوان ملفهوم اإلشراف الرتبوي على أنه "عملية تعاونية تشخيصية حتليلية ،عالجية
مستمرة تتم من خالل التفاعل البناء املثمر بني املشرف واملعلم هبدف حتسني عملييت
التعليم والتعلم.
كما ذكر املؤلف تعريف موشر ( )Mosherوبريل ( )Pureelأن اإلشراف الرتبوي
"مهمة قيادية وتدريبية ...وتعليم املعلمني كيفية التعليم".
كما ذكر تعريف بوردمان ( )Bordmanلإلشراف الرتبوي بأنه اجملهود الذي يبذل
لتنسيق النمو املستمر للمعلمني يف املدرسة فرادى أو مجاعات وتوجيهه ورفع مستواه.
ونتيجة للتطور الكبري يف الفكر الرتبوي وممارساته امليدانية فقد أصبح مفهوم
اإلشراف الرتبوي يهتم جبميع عناصر العملية التعليمية واملتمثلة بالعلم والتعلم واملناهج
الدراسية وطرق التدريس والبيئة املادية واالجتماعية يف املؤسسات التعليمية.
كما أوضح املؤلف أن معظم الباحثني واملهتمني يف جمال اإلشراف الرتبوي يرون
أن اتساع مفهوم اإلشراف الرتبوي ومشوله أدى إىل عدم دقته ووضوحه.
كما أن معظم الباحثني الرتبوييني يعيبون على اإلشراف الرتبوي كونه يرتاوح يف
ممارساته بني اإلدارة والقيادية الرتبوية واملناهج وطرق التدريس والعالقات اإلنسانية
واالتصاالت اإلنسانية .علماً بأن أغلب املهتمني واملستغلني يف جمال الرتبية والتعليم
يدركون العالقة الوثيقة والديناميكية بني احلقول املتنوعة للرتبية ويدركون أيضاً صعوبة
الفصل بينها يف كثري من األحيان.
5
ويف النهاية يرى املؤلف أنه على الرغم من اتساع جمال اإلشراف الرتبوي ومشوله
جبميع حقول الرتبية إال أن عملية تنفيذه مل تأخذ طريقها الصحيح .حيث أن قيام إنسان
واحد وهو املشرف جبميع هذه األدوار اجلسيمة هو عمل غري صحيح يف هذه املرحلة
الزمنية لذلك يرى ضرورة حتقيق تطور كيفي ونوعي يف شىت جماالت الرتبية والتعليم.
كما أوصى الكاتب بتوزيع فريق العمل من املشرفني الرتبويني على مستويني
وذلك تسهيالً للعمل األول لتشخيص الواقع ومجع البيانات واآلخر تسند إليه مهمة
العالج وحتسني الواقع وتطويره.
ويف النهاية جند أن مفهوم اإلشراف التربوي يبنى على المسميات الثالثة التاليةـ
تفتيش ،وتوجيه ،وإشراف على اعتبار أنها تمثل مراحلـ تطور مفهوم اإلشراف
التربوي.
ولكنه يرى أن هذه املسميات ال تدل على معانيها احلقيقية وال تتف قمع
مفاهيمها وتطبيقاهتا امليدانية وبالتايل فهي ال تتعدى كوهنا ت غري ألفاظ ومما يدل على
ذلك أن بعض األنظمة الرتبوية تستعمل أجد املسميات بشكل رمسي مثل إشراف وكلنها
تطلق كلمة تفتيش بشكل تلقائي ومتارسه.
6
العوامل األساسية المؤثرة في تشكيل مفهوم اإلشراف التربوي:
يف هذا اجلزء من الكتاب تناول املؤلف احلركات اليت على أساسها تبىن املمارسات
اإلشرافية يف جمال الرتبية والتعليم وهذه احلركات هي:
)1احلركة العلمية التقليدية.
)2حركة العالقات اإلنسانية.
)3احلركة العلمية احلديثة.
وقد تناول الكاتب بداية وفلسفة كل حركة من هذه احلركات وتطبيقها يف جمال
اإلشراف الرتبوي كما يلي:
)1الحركة العلمية التقليدية:ـ
بدأ ظهور هذه احلركة يف أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين حيث
برزت حركة تطويرية يف ميدان الصناعة األمريكية أطلق عليها إدارة الورش مث عرفت
باإلدارة العلمية وقد وضع فريد ريك تيلور وهو يعد أباً لإلدارة العلمية أربعة مبادئ
علمية لإلدارة نتيجة ملالحظاته للعاملني يف املصانع وهو يربط األجر بعدد الوحدات
املنتجة لذلك فمن الضروري وجود عدد من املراقبني واملالحظني لكل عامل .واإلدارة
العلمية تتبىن الفلسفة األوتوقراطية التسلطية يف حتقيق أهدافها فتنظر إىل العاملني على أهنم
أفراد تابعون ومستأجرون مبوجب عقد عمل ألداء أعمال حمددة من أصحاب العمل.
وقد انعكس هذا االجتاه العلمي من إدارة املصانع وميدان الصناعات واملال
واألعمال إىل ميدان الرتبية وفروعها املتعددة وبذلك انتقل اإلشراف الرتبوي يف طبيعته
وممارساته من العشوائية واالرجتالية واالجتهادات الفردية إىل التفكري العلمي املنظم املبىن
على التحليل والقياس واملوضوعية يف معاجلة القضايا الرتبوية املختلفة وتأثر اإلشراف
الرتبوي مببادئ احلركة العلمية بشكل واضح ومن أهم تلك التأثريات جعل مسؤولية
التخطيط بيد املشرف الرتبوي والقيادات الرتبوية األخرى وأصبح املعلم مهمته تنفيذ
العمل الرتبوي بناء على توجيهات وإرشادات املشرف الرتبوي وكذلك منح املشرف
سلطة ونفوذ كبري يف حتديد أساليب حتسني مستوى أداء امل علم وتطويره.
7
إن تطبيق األسلوب العلمي يف جمال اإلشراف الرتبوي مبىن أساساً على االعتقاد
بأن التعليم هو علم ويفرتض أن يقوم بدور فاعل يف جتديد تفكري اإلنسان وسلوكه بدقة
ومنطقية ومن هذا املنظور مت تطبيق األسلوب العلمي يف اإلشراف الرتبوي بطريقة ال
تراعي طبيعة العلوم اإلنسانية .وبالرغم مما حققته النظرية العلمية من جناح يف جمال الرتبية
والتعليم إال أن هناك أوجه كثرية من النقد املوجه إىل فكر تيلور اخلاص باإلدارة العلمية،
على سبيل املثال:
-1ضعف العالقات اإلنسانية داخل مؤسسات اإلنتاج.
-2جتاهل الفروق الفردية بني العاملني.
-3تقييد احلرية الفردية لدى العاملني.
-4عدم إتاحة الفرصة للعمال باالشرتاك يف عملية التخطيط مما أدى إىل عزلة
العمال وشعورهم بضعف االنتماء ملؤسسة اإلنتاج.
ومن إيجابيات اإلدارةـ العلمية التقليدية؛ـ أهنا أدخلت إىل ميدان الصناعة مبادئ
جديدة ومفلسفة جديدة يف العالقة بني اإلدارة والعاملني وعاجلت الكثري من املشاكل
الصناعية اليت تولدت عن الثورة الصناعية األوىل كما أهنا حشدت الطاقات والعقول ضد
استغالل اإلنسان ألخيه اإلنسان وبلورت اجتاهات جديدة تدعو إىل تقدير اإلنسان والرفع
من شأنه أينما كان ويتمثل هذا االجتاه اجلديد يف حركة العالقات اإلنسانية.
)2حركة العالقاتـ اإلنسانية:
تعترب دراسات وأحباث مايو وزمالءه يف شركة كهرباء الغربية بالواليات املتحدة
األمريكية هي البداية احلقيقية لظهور حركة العالقات اإلنسانية وينظر إىل مفهوم العالقات
اإلنسانية على أنه حفز العاملني يف التنظيم ودفعهم إىل ذلك إلشاعة روح الفريق بينهم
وإشباع حاجاهتم وحتقيق أهداف التنظيم بفعالية .وقد استفادت الرتبية بعامة واإلشراف
الرتبوي خباصة من تلك األفكار اجلديدة ،واتضح ذلك جلياً يف إجياد عالقة متميزة بني
املشرف الرتبوي واملعلمني يف ميدان الرتبية والتعليم .وأصبح دور املشرف الرتبوي هو
إشاعة شعور الرضا بني امل علمني من خالل إظهار روح االهتمام بكل معلم على أنه
8
إنسان يستحق االحرتام والتقدير ولكي يبلغ اإلنسان درجة عالية من الرضا الوظيفي ينبغي
أن تتحقق حاجاته النفسية واالجتماعية.
إن حركة العالقات اإلنسانية جاءت بأفكار نظرية جيدة ومهمة ،إال أن بعضها
كان غري قابل للتطبيق فضالً عن أن املغاالة يف استخدام العالقات اإلنسانية جعل األهداف
الشخصية فوق األهداف العامة للمؤسسة ،وأصبح املشرف الرتبوي جيامل املعلم بدرجة
كبرية على حساب العمل وأهدافه مما جنم عنه تكاسل املعلم يف أداء عمله فاخنفض عطاؤه
وإنتاجيته.
ومن المآخذ على أسلوب تطبيق العالقات اإلنسانيةـ في مجال التربيةـ
والتعليم:
أ) عدم القدرة على متكني املعلم من النمو املهين إىل أقصى درجة ممكنة.
ب) عدم التمكن من تفجري طاقات املعلمني واهتماماهتم إىل احلد املطلوب.
ج) انصب االهتمام كثرياً على تلبية االحتياجات اإلنسانية الدنيا.
د) ضعف االهتمام بقضايا مهمة مثل :احلصيلة العلمية وحتدي القدرات واملسؤولية
والتغذية الراجعة.
ونتيجة هلذه املآخذ بدأ األصوات تتعاىل ضد اإلنكار اليت جاءت هبا هذه احلركة.
)3الحركة العلمية الحديثة:
جاءت احلركة العلمية احلديث وتطبيقاهتا يف جمال الرتبية عموماً واإلشراف
الرتبوي بشكل خاص كرد فعل ضد ممارسات حركة العالقات اإلنسانية خاصة ف ميا
يتعلق بدور املعلم داخل حجرة الصف.
ويرى أصحاب احلركة العلمية احلديثة أن حركة العالقات اإلنسانية مل هتتم كثرياً
بطبيعة العمل الرتبوي ومل حتدد بوضوح األهداف املراد حتقيقيها لذا أسهمت احلركة
العلمية احلديثة يف حتليل العمل إىل أجزاء صغرية أو كفايات (مهارات) تعليمية الزمة لعمل
املعلم واملشرف الرتبوي ومدير املدرسة وحددت مستويات اإلجناز املطلوبة يف العمل
الرتبوي كما أسهمت يف وضع ضوابط دقيقة لقياس مستوى العمل الرتبوي مثل أدوات
9
مالحظة التدريس وقوائم الكفايات التعليمية الالزمة للمعلم وجلميع العاملني يف حقل
التعليم.
وخيلص سريجوفاين إىل أن مجيع هذه احلركات :احلركية العلمية التقليدية وحركة
العالقات اإلنسانية واحلركة العلمية احلديثة تشرتك يف عدم القناعة بقدرات املعلم ونقص
الثقة يف إمكانية إشراكه بأنشطة املدرسة وبراجمها مما جعل أنظار املهتمني مبجال اإلشراف
الرتبوي واإلدارة الرتبوية تتجه إىل االستفادة من إجيابيات احلركات العلمية والعالقات
اإلنسانية يف تنمية املوارد البشرية مع العناية واالهتمام بالقدرات واإلمكانات اخلاصة
للعاملني يف حقل الرتبية والتعليم.
)4حركة التنمية البشرية:ـ
بالرغم من أن هناك من يرى أن اإلشراف الرتبوي احلال يعاد من جديد إىل
ممارساته التفتيشية السابقة ،إال أن حركة تنمية املوارد البشرية تفرض وجودها وهيمنها
على ساحة اإلشراف الرتبوي وتطبيقاته امليدانية يف الوقت الراهن .ومن منظور هذه
احلركة أصبحت مهمة املشرف الرتبوي هي مساعدة العاملني يف املؤسسات الرتبوية ورفع
مستوى مهاراهتم وفاعليتهم إىل أقصى درجة ممكنة .ويرى أصحاب حركة التنمية البشرية
ضرورة الدمج والتنسيق بني حاجات العاملني كأفراد وحاجات العمل املدرسي
كمؤسسة .كما يرى أصحاب هذه احلركة أن منو وتطور نظام التعليم مرتبط بدرجة
كبرية مبستوى فاعلية منسوبية كأفراد ومجاعات.
وفي ضوء حركة التنمية البشريةـ قامت الممارساتـ اإلشرافيةـ على عدد من
األسس والمنطلقات وهي:
-1يرغب املعلمون يف حتقيق األهداف املهمة بدرجة عالية من الفاعلية واإلبداع.
-2أن معظم املعلمني قادرون على ممارسة املسؤولية واملبادأة واإلبداع بشكل
أفضل مما يؤدون به أعماهلم حالياً.
-3يساعد املشرف الرتبوي مجيع املعلمني على كيفية استثمار طاقاهتم وقدراهتم
إىل أقص درجة ممكنة يف سبيل حتقيقي األهداف املنشودة.
10
-4يشجع املشرف الرتبوي مجيع املعلمني على املشاركة الفاعلة يف اختاذ القرارات
املهمة والروتينية البسيطة على حد سواء.
-5إن جودة مستوى اختاذ القرارات تسهم يف حتسني مستوى املشرفني الرتبويني
واملعلمني معاً إىل أعد درجة ممكنة خاصة يف جوانب التفكري اإلبداعي واخلربة وتنمية
القدرات اخلالقة.
-6يشجع املشرف الرتبوي زمالءه املعلمني على حتمل املسؤولية الكاملة يف
التوجيه الذايت وضبط النفس من أجل حتقيق األهداف اليت أسهم اجلميع يف صنعها.
11
أنماط حديثة في اإلشراف التربوي:
إن استخدام األمناط اإلشرافية يعد مبثابة أطر نظرية تقود املشرف الرتبوي إىل
ممارسة اإلشراف الرتبوي يف ضوء رؤية فلسفية ونفسية واجتماعية حمددة وواضحة .ويف
اجلدول رقم ( )1أوضح املؤلف أن هناك أمناط إشرافية متنوفة وخمتلفة باختالف مصدرها.
وقد اعتمد أصحاب هذه التصنيفات عند تنظيمهم ألمناط اإلشراف الرتبوي وترتيبهم هلا
على واحدة أو أكثر من الوسائل التالية :املالحظة املباشرة ،املمارسة الفعلية ،اإلدراك
النظري والتنظري ،والبحث اإلجرائي امليداين.
إن العدد اإلمجايل لألمناط اإلشرافية املعمول هبا هي سبعة عشر ( )17منطاً
إشرافياً .وقد تناول املؤلف أربعة من أهم األمناط احلديثة يف الغشراف الرتبوي وهي
اإلشراف الرتبوي العيادي ،اإلشراف الرتبوي باألهداف واإلشراف الرتبوي التطويري،
اإلشراف الرتبوي املتنوع (اخلياري).
أوالً :نمط اإلشراف التربوي العيادي:ـ
ميثل اإلشراف العيادي أحد األمناط اإلشرافية احلديثة اليت تؤكد بقوة على املهارات
التعليمية وطرق التدريس وأساليب التدريس هبدف حتسني التعليم من خالل املالحظة
الصفية الفاعلة واملباشرة من قبل املشرف الرتبوي.
كما أن اإلشراف العيادي كما أشار أجيسون وجيل يهتم بالتفاعل املبين على
التفاهم بدالً من استخدام التوجيه املباشر ويستخدم األساليب الشورية "الدميوقراطية" بدالً
من األساليب السلطوية وينظر للمعلم على أنه حمور العملية اإلشرافية بدالً من أن يكون
املشرف هو حمور العملية اإلشرافية .جاء اإلشراف الرتبوي العيادي نتيجة للممارسات
اإلشرافية التقليدية وأسهم يف حل كثري من القضايا الرتبوية اليت كان يعاين منها ميدان
الرتبية والتعليم ،كما أسهم يف تضييق الفجوة بني املشرف الرت بوي واملعلمني وحتسني
مستوى التدريس الصفي وتنمية قدرات املعلم وإمكاناته.
وأهم مزاياـ اإلشراف التربوي العياديـ هي:
)1أسهم اإلشراف الرتبوي العيادي يف بناء عالقة احرتام متبادلة بني املشرف
الرتبوي واملعلم ،وأشاع مناخاً مؤسسياً إجيابياً يدعو إىل اإلبداع والتميز.
12
)2فتح اجملال ملشاركة املعلم الفاعلة يف مجيع مراحل اإلشراف الرتبوي العيادي
مثل التخطيط واختيار أسلوب املالحظة الصفية وحتليل التفاعل الصفي والتغذية الراجعة.
)3يعتمد على أساليب وأدوات مالحظة موضوعية يف التعرف على أداء املعلم
الصفي فينعكس هذا إجيابياً على تقبل املعلم للتوجيهات املوضوعية املبنية على أسس
علمية.
يشجع املعلم على تطوير قدراته املهنية ذاتياً من خالل املشاركة املباشرة يف حتليل
تدريسه الصفي.
وعلى الرغم من هذه المحاسن إال أنه ال يخلو من سلبيات وعيوب منها:
-1تقييد دور املعلم يف نطاق النشاط الصفي فقط.
-2أن متيز املشرف الرتبوي يف اخلربة واملستوى العلمي قد يدفعه أحياناً إىل فرض
رأيه على املعلم.
-3يتطلب اإلشراف العيادي أعداداً كبرية من املشرفني الرتبويني للقيام باملهام
اإلشرافية على أكمل وجه.
-4يستهلك املشرف الرتبوي العيادي كمية كبرية من الوقت مقارنة باملشرف
التقليدي.
ثانياً:ـ نمط اإلشراف التربوي المتنوع:
جاء هذا النمط على يد أستاذ الرتبية جالهتورن يف عام 1984م وينطلق
جالهتورن يف فلسفته من الفروق الفردية لدى املعلمني ،حني يرى أن املعلمني يتفاوتون يف
قدراهتم وإمكاناهتم الشخصية واملهنية ومستوياهتم العلمية .عليه يرى أنه من غري املناسب
أن يستخدم املشرف الرتبوي منط اإلشراف العيادي مع مجيع املعلمني دون استثناء وأن
يتعامل مع مجيع املعلمني على اختالف املراحل التعليمية بنفس األسلوب على الرغم من
أهنم خمتلفون يف مساهتم الشخصية واحتياجاهتم املهنية واالجتماعية.
ويعتقد جالهتورن أن األساليب اإلشرافية التالية تقابل مجيع أذواق املعلمني يف
ميدان الرتبية والتعليم:
-1اإلشراف الرتبوي العيادي.
13
-2اإلشراف الرتبوي التعاوين.
-3اإلشراف الرتبوي الذايت.
-4اإلشراف الرتبوي اإلداري.
ومن أهم مميزات اإلشراف التربوي المتنوع:
-1اختيار املعلم لألسلوب اإلشرايف املناسب لقدراته وإمكاناته واحتياجاته
الشخصية واملهنية.
-2بناء اإلشراف الرتبوي املتنوع على مبدأ الشورى واألسس الدميقراطية مما
يسهم يف إجياد مناخات تروبوية مرحية وصحية.
-3إسهام اإلشراف املتنوع يف بناء ثقة املعلم بنفسه وقدراته املهنية.
-4رفع مستوى مسؤولية املعلم جتاه عمله الرتبوي.
-5مراعاة الفروق الفردية بني املعلمني.
-6تركيز اإلشراف الرتبوي على تطوير قدرات املعلمني وتنميتهم مهنياً.
مآخذـ على اإلشراف التربوي المتنوع:
-1حيتاج إىل وقت وجهد كبريين وزيادة االنفاق املادي على التعليم وذلك لبناء
خطط طويلة املدى لتهيئة امليدان وتعريف املعلمني واملشرفني فيه.
-2اختيار املعلم ألسلوب اإلشراف املناسب قد يكون جمازفة خاصة مع بعض
فئات املعلمني ممن ال حيسنون عملية االختيار.
-3اعتقاد بعض املعلمني أن هذا النمط اإلشرايف معناه فصل اإلشراف عن عملية
التقييم قد يشجعهم على التهاون يف أداء مهامهم املوكلة هلم.
-4يعاين هذا النمط من صعوبات إدارية وفنية عند تطبيقه يف امليدان.
ثالثاً:ـ نمط اإلشراف التربوي التطوري:
يعد اإلشراف الرتبوي التطوري أحد االجتاهات احلديثة يف جمال اإلشراف الرتبوي
حيث أنه يهتم بالفروق الفردية لدى املعلم وحدد جلكمان وهو صاحب نظرية اإلشراف
الرتبوي املتطور ثالثثة أساليب إشرافية هي األسلوب املباشر ،األسلوب التشاركي
واألسلوب غري املباشر من أجل تطوير قدرات املعلمني وإمكاناهتم ألداء مهامهم املوكلة
14
هلم على أفضل وجه ،ويفرتض جلكمان أن هذه األساليب اإلشرافية الثالثة تقابل مجيع
األذواق والفروق الفردية يف ميدان الرتبية والتعليم.
يقوم استخدام أساليب اإلشراف الرتبوي التطوري على قياس مستوى التفكري
التجريدي للمعلم ،وحتديده بدقة وتصنيفه ضمن أحد املستويات الثالثة التالية :تفكري
جتريدي منخفض ،تفكري جتريدي متوسط ،تفكري جتريدي عايل .وعملية تشخيص مستوى
التفكري التجريدي لكل معلم على حده هي مرحلة مهمة جداً وهي سابقة ملرحلة التطبيق،
حيث أن استخدام أساليب إشرافية وتطبيقها ميدانياً قبل الوقوف على قدرات املعلمني
وإمكاناهتم أمر يرفضه املنطق والواقع.
ومن مميزات استخدام اإلشراف التربوي التطوري:
-1اهتمامه مبراعاة الفروق الفردية لدى املعلمني.
-2تطوير وتنمية طاقات املعلمني وقدراهتم.
-3اختيار األسلوب اإلشرايف بناء على احتياجات املعلم الشخصية واملهنية.
-4استخدام منحى علمي من خالل مراحل واضحة ومرتبة منطقياً.
-5إشاعة مناخ مؤسسي سليم وصحي.
-6توفري اختيارات علمية لتشخيص قدرات املعلم وسبل تطويرها.
المآخذـ على اإلشراف التربوي التطوري:
-1اختيار املشرف الرتبوي املناسب للمعلم يؤثر بالسلب على عالقة الزمالة
والتعاون بني املشرف واملعلم.
-2يعترب البعض أن حتديد األسلوب اإلشرايف بناء على مستوى التفكري التجريدي
فقط غري كايف وضرورة إضافة متغري آخر هو الدافعية للعمل.
-3يتطلب تطبيق هذا اإلشراف تقليل نصاب املشرف الرتبوي من املعلمني مما
يضاعف من أعداد املشرفني الرتبويني.
-4يتطلب تطبيقه هتيئة امليدان وتدريب مكثف جلميع املشرفني وبالتايل صعوبات
إدارية وفنية وزيادة التكلفة املادية.
15
يؤكد اإلشراف الرتبوي باألهداف على وضع األهداف املراد حتقيقها وصياغتها
بدقة حبي ثتكون قابلة للقياس والتطبيق .ويقوم اإلشراف باألهداف أساساً على مبدأ
مشاركة مجيع املعنني بالعملية اإلشرافية من معلمني ومديرين ومشرفني تربويني وغريهم يف
حتديد األهداف املراد بلوغها .ويعرف اإلشراف باألهداف على أنه عملية مشاركة مجيع
األفراد املعنني بالعملية اإلشرافية يف وضع األهداف املراد حتقيقيها بغرض زيادة فعالية
العملية اإلشرافية .وتتضمن هذه العملية حتديد أهداف واضحة وقابلة للقياس والتطبيق
ونتائج حمددة بدقة ،وبرامج واقعية وتقييماً لألداء يف ضوء النتائج املتوقعة واإلشراف
باألهداف يقوم على املبدأين التاليني:
-1مبدأ املشاركة.
-2مبدأ حتديد األهداف:
ويمكن إجمالـ مميزات اإلشراف التربوي باألهداف في النقاط التالية:ـ
-1يساعد على إشاعة أجواء اجتماعية ونفسية مالئمة لإلبداع.
-2يسهم يف رفع الروح املعنوية للمعلمني وحتسني عالقتهم باملشرفني.
-3يساعد على حتسني أداء املعلمني ورفع الكفاءة اإلنتاجية لنظام اإلشراف.
-4يؤكد على تقويض السلطات وتوزيع األدوار واملهام مما يزيد من شعور
املعلمني باملسؤولية وااللتزام بتحقيق األهداف.
-5يسهم يف ربط أهداف املعلم الفردية وتكاملها مع األهداف العامة لنظام
اإلشراف.
-6يؤكد على وضع أولويات وأهداف واقعية ميكن قياسها.
محاذير تطبيق اإلشراف التربوي باألهداف:
بالرغم من فوائد اإلشراف باألهداف يف حتسني نظام اإلشراف الرتبوي وممارساته
امليدانية إال أنه ال خيلو من سلبيات وعيوب ومنها:
-1احلاجة إىل استثمار كمية كبرية من الوقت يف سبيل تطبيق اإلشراف الرتبوي
باألهداف والتوصل إىل نتائج.
-2وضع أهداف غري قابلة للقياس والتحقيق.
16
-3احلاجة إىل تقليل نصاب املشرف من املعلمني مما يرتتب عليه زيادة كبرية يف
عدد املشرفني الرتبويني.
-4املبالغة يف وضع األهداف السلوكية واإلجرائية قد يؤثر على الرؤية الشاملة
لنظام اإلشراف الرتبوي وغاياته.
-5فهم هذا النوع من اإلشراف الرتبوي حيتاج إىل برامج تدريبية تؤدي إىل زيادة
تكاليف التعليم واالنفاق عليه.
-6يتطلب تطبيق اإلشراف باألهداف إخالصاً للعمل والتزاماً بالواجب
واملسؤوليات وقد ال تتوافر هذه السمات يف بعض املشرفني الرتبويني
واملعلمني وبالتايل فإن فلسفة اإلشراف باألهداء ال تصلح جلميع الناس.
17
النظرية ودورها في تحسين الممارسات اإلشرافية:
لقد أشار املؤلف إىل أن هناك ضرورة ملحة إىل تأسيس املمارسات اإلشرافية على
مبادئ وأصول علمية مستمدة من نظرية تسهم يف الوقوف على السلوك املمارس وحتديده
وتفسريه وتبويبه ووضع التصورات املستقبلية ملا ينبغي أن تكون عل يه العملية التعليمية
وأصبحت املمارسات اإلشرافية اليت تعتمد على التلقائية والعفوية واالجتهادات الشخصية
وال تنطلق من إطار مرجعي حمدد هي ممارسات قاصرة وبعيدة عن روح العصر احلديث.
ومفهوم النظرية يف جمال اإلشراف الرتبوي ينسجم مع النظرة السائدة يف جمال
العلوم االجتماعية اليت ترى أن النظرية هي نوع من أنواع التعميمات وإصدار األحكام
املبىن على مالحظة الواقع وإمكانية التحقق منه وتعرف النظرية بأهنا جمموعة فروض
يستنبط منها قوانني ومبادئ عامة قابلة للفحص والتجريب ولكون النظرية متيل إىل
التجريد والعمومية فإنه من غري املنطق احلكم عليها بأ،ها صحيحة متاماً أو خاطئة إمجاالً.
ولقد تطورت معظم النظريات نتيجة لمرورها بثالث مراحل:ـ
-1املعاجلة املنطقية للمشكلة أو املوضوع.
-2تطوير قائمة خصائص حمددة.
-3صياغة تصنيف منظم.
وميكن االستفادة من هذه املراحل الثالثة يف توجيه سلوك املمارسني امليدانني يف
جمال اإلشراف الرتبوي من أجل حتسني تلك املمارسات الرتبوية مبدارس التعليم العام.
وفيما يلي تعريف باملراحل:
)1المعالجةـ المنطقية للمشكلة:
متثل هذه املرحلة احللقة األوىل من سلسلة تطوير النظرية ،وتتكون أساساً من
اآليت :العصف الذهين ،أو فتح باب نقاش ودي يف عامل املثاليات حول موضوع حمدد أو
التحدث عن النزعات واالجتاهات احلديثة واحلديث الودي عن املمارسات واألحداث
املدرسية وعن املالحظات امليدانية ،يهيئ بيئة ثرية وصاحلة لتعليقات املعلمني املبنية على
خرباهتم امليدانية ومناقشة بعض النماذج واألمناط السلوكية احملددة واملنتقاة عشوائياً من
الواقع امليداين ميكن أن تكون نقطة بداية سلسلة يف تطوير النظرية.
)2تطوير قائمة خصائص محددة:
18
يتم وضع قوائم اخلصائص ظاهرة معنية بناء على مالحظات مباشرة لعينات يتم
انتقاؤها عشوائيا وهذه املالحظات تقود بشكل مباشر إىل تصميم قائمة من التعميمات
وتسهم تلك املالحظات العامة ذات التكرارات املناسبة يف صياغة قائمة واضحة وحمددة م
اخلصائص القابلة التصنيف والتبويب.
)3صياغة تصنيف منظم:
آخر مراحل تطور النظرية يتم من خالهلا تدوين سلسلة من مالحظات املعلمني
واملشرفني الرتبويني واإلداريني املنتقاة بطريقة عشوائية لقضايا تربوية حمددة مثل:
املمارسات امليدانية وسلوك التالميذ ونتيجة لتلك املالحظات اليت مت اختيارها عشوائيا
تقدم إرشادات وتوجيهات ذات قيمة علمية وفنية للعاملني الرتبويني يف امليدان حيث ميكن
للمعلم مثالً أن يضم خططاً منظمة ألنشطته التعليمية أو جتعل املشرف الرتبوي يغري من
سلوكه اإلشرايف.
خصائص النظريةـ الجيدة في اإلشراف التربوي:
-1أن تكون قابلة للمالحظة والتطبيق.
-2أن تكون ذات قابلية ومرونة لتعديلها إىل بعض الصيغ النظامية الصادقة.
-3أن تكون ذات بعد مستقبلي وتبين على أسا من التخطيط السليم.
-4جيب أن تسهم النظرية يف تكوين رؤية واضحة للعالقات بني أهداف املؤسسة
الرتبوية وقدرات وإمكانات العاملني.
-5ينبغي أن تسهم النظرية اجليدة يف أعمال الفكر قبل االستجابة للمواقف
املتباينة.
19
الممارسات اإلشرافية في نماذج حديثة:
لقد تعددت أمناط اإلشراف الرتبوي وقد مرت باملمارسات اإلشرافية بعدة مراحل
وأشكال وميكن إجيازها على النحو التايل:
أوالً :الممارساتـ اإلشرافيةـ التقليدية:ـ
وتتمثل يف قيام املشرف الرتبوي بزيارات ميدانية للمعلمني ،وتقدمي نصح
وإرشادات وتوجيهات عامة جلميع املعلمني يف امليدان وكأن املعلمني متشاهبون يف كل
شيء من مسات شخصية وقدرات عقلية وإمكاناته علمية وتربوية مما أدرى إىل أن املشرف
الرتبوي بدأ يكر نفسه يف كثري من املواقف الرتبوية.
ثانياً:ـ الممارسات اإلشرافية المبنية على الفروق الفردية:
وفيها ينظر إىل املعلم على أنه حالة متميزة وفريدة من نوعها وأن املعلم حيتاج إىل
عناية ورعاية خاصة وخمتلفة عن غريه وأصبحت عملية تطوير املعلم وتنمية قدراته العلمية
واملهنية تتم من خالل جلسات مطولة ومتكررة بني املشرف واملعلم للوقوف على
احتياجات املعلم وسبل حتقيقيها وتتجلى هذه املمارسات اإلشرافية يف تطبيق اإلشراف
الرتبوي العيادي.
ثالثاً:ـ الممارسات اإلشرافية الجماعية المبنية على رأي المشرف التربوي
وقناعاته:
يتمثل هذا االجتاه يف تطبيق اإلشراف الرتبوي التطوري ميدانياً من خالل توزيع
املعلمني إىل ثالث فئات متجانسة من حيث مستوى القدرة على التفكري التجريدي بعد
تشخيص مستويات املعلمني حسب التفكري التجريري يتم توزيعهم إىل ثالث جمموعات،
كل جمموعة يستخدم معها أسلوب إشرايف مناسب لتفكري املعلمني وهذه األساليب هي:
املباشر التتشاركي وغري املباشر.
رابعاً:ـ الممارساتـ اإلشرافيةـ الجماعية المبنية على اختيار المعلم وقناعته:
إن اختيار املعلم لألسلوب اإلشرايف املناسب له يؤدي إىل حتقيق النتائج التالية:
-1تفاعل املعلم اإلجيايب مع األسلوب املختار.
-2حتمل املعلم جزءا من مهمة اإلشراف الرتبوي.
-3املسامهة يف تقليل عدد املشرفني الرتبويني,
20
ويضع أصحاب هذا االجتاه أربعة أنواع من اإلشراف الرتبوي خيتار املعلم منها ما
يناسب قدراته وإمكاناته العلمية واملهنية ،وهذه األنواع هي :اإلشراف العيادي ،اإلشراف
التعاوين ،اإلشراف اإلداري ،إشراف اإلقران.
21
نماذج حديثة في مجال الممارسات اإلشرافية ميدانياً:
أوالً :خياراتـ وبدائل في عملية الممارساتـ اإلشرافية:ـ
قامت سوليفان وجالنز عام 2000بفحص بعض اخليارات املفيدة يف عملية
ممارسة اإلشراف الرتبوي ميدانياً وبالرغم من أن هذه اخليارات والبدائل مبنية أساساً على
املمارسات امليدانية لإلشراف الرتبوي إال أهنا مل تغفل البعد النظري للعملية اإلشرافية
وتتمثل البدائل واخليارات يف اآليت:
-1إرشاد املعلم املبتدئ (أو قليل اخلربة).
-2تدريب املعلم لزميله ومتكينه من االستفادة من خرباته امليدانية.
-3حقائق مهنية لإلشراف الرتبوي املتنوع.
-4تقومي اإلقران (الزمالء).
-5إجراء األحباث امليدانية (اإلجرائية).
استطاع هذه اخليارات اخلمسة أن تلفت أنظار العاملني واملهتمني باإلشراف
الرتبوي إىل أمهية تطبيقها للتغلب على املمارسات اإلشرافية التقليدية ،وتسعى هذه
اخليارات إىل حتقيق التوجيه (اإلشراف) الذايت ،واالستقاللية املهنية للمعلم من خالل
عالقات إجيابية متبادلة ،املشاركة يف صنع القرارات ،اإلصغاء التأملي ،واالستجابة الفاعلة
للميدان.
إن طرح هذه اخليارات يف ممارسة العملية اإلشرافية يتمشى مع روح العصر وعامل
القرن احلادي والعشرين ،ألن اإلشراف الرتبوي احلديث يتجه بقوة على التأكيد على
الفكر (الدميوقراطي) الشورى .كما أهنا تسهم يف دفع القيادات الرتبوية إىل توصيف
أفكارهم ومهاراهتم وقيمهم يف خدمة العملية التعليمية عن طريق العالقات املتبادلة
واملشاركة الفاعلة للمعلمني أثناء أدائهم ألدوارهم املنوطة هبم.
ثانياً:ـ نظام نموذج فكري لتطوير الممارساتـ اإلشرافية:ـ
عرض املؤلف النموذج اإلدراكي الذي قدمه الباحثان فسلر وبورك بغرض تطوير
اإلشراف الرتبوي ويقدم هذا النظام إطاراً فكرياً للباحثني ولرجال امليدان حيث ميكن أن
يستخدم رجال امليدان هذا النظام يف وضع خطة استشرافية منظمة بقصد حتسني أداء
اإلشراف الرتبوي كما ميكن للعاملني امليدانيني بناء برنامج متكامل لتطوير املعلمني أثناء
22
اخلدمة .وقد يساهم هذا النظام أيضاً يف حتديد املشكالت ،ووضع االسرتاتيجيات املناسبة
لبحث عليها من أجل حتسني مهنة التعليم .كما ميكن للباحثني استخدام هذا النظام يف
حتليل واختبار الفرضيات هبدف حتسني النمو املهين لدى العاملني يف ميدان الرتبية والتعليم.
ثالثاً:ـ مزاوجة بين أنماط اإلشراف العياديـ ووظائف العقلـ البشري كاتجاه
حديث في ممارسة اإلشراف التربوي:
يرى أصحاب هذا االجتاه احلديث يف اإلشراف الرتبوي أنه بإمكان املشرف
الرتبوي اختيار النمط اإلشرايف املناسب له أو للموقف التعليمي من خالل االطالع على
أعمال عامل النفس كارل جونج ،ويرى الباحث أن تطبيقات أفكار جونج يف جمال
اإلشراف القيادي قد تسهم يف إثراء البيئة التعليمية.
23
التعرف على شخصية المعلم تساعد المشرف التربوي في أداء عمله:
إن اخلصائص الشخصية تلعب دوراً مهما يف تقرير نوعية األمناط السلوكية للفرد
وتساعد املشرف الرتبوي يف فهم املعلمني وتطوير قدراهتم وقد قدم املؤلف بعض
الدراسات امليدانية اليت هدفها التعرف على الفروق يف األمناط الشخصية لدى الطلبة
املعلمني كما وضح املؤلف بطاقة توكمان الذي اهتم بطبيعة املعلم ومساعدته واالرتقاء
مبستواه املهين والذي اطلق عليها اسم بطاقة توكمان للتغذية الراجعة لتحديد مستوى
فاعلية التدريس وتطويره وميكن للمشرف الرتبوي استخدامها هبدف التنويع يف املمارسات
اإلشرافية.
المخطط الكلي للمنهج المدرسي واإلشراف التربوي:
إن املخطط الكلي للمنهج املدرسي ميثل أحد األساليب املفيدة يف تسهيل مهمة
املشرف الرتبوي يف جمال املناهج الدراسية ويرى ونستني أن عملية املخطط الكلي للمنهج
الدراسي تساعد املشرف الرتبوي على معرفة:
-1كمية الوقت اليت يستثمرها املعلم فعلياً يف عملية التدريس.
-2جمال املقرر الدراسي وتتابع مفرداته.
-3أوجه التشابه واالختالف يف تدريس موضوع حمدد بني معلم وآخر ومدرسة
وأخرى ومستوى دراسي وآخر.
-4نسبة التداخل أو التكرار بني موضوعات املقررات الدراسية.
-5مدى التزام املعلمني باللوائح واألنظمة التعليمية املعتمدة.
-6تدريس موضوعات املقرر وتغطيتها متاماً قبل إجراء االختبار فيها.
24
القيادة واإلشراف التربوي:
لقد عرفت القيادة الرتبوية تعاريف عدة منها :تعريف هامفيل وكونس بأهنا هي:
السلوك الذي ميارسه الفرد أثناء تعاملع مع األنشطة اجلماعية بقصد حتقيق أهداف
مشرتكة ،كما عرفها ذكي بأهنا :توجيه لسلوك اآلخرين حنو غرض معني أو هي السلوك
الذي يقوم به الفرد حني يوجه نشاط مجاعة حنو هدف مشرتك.
وذلك يعين أن القائد الرتبوي ميارس سلوكاً مؤثراً يف سلوك اآلخرين يهدف إىل
إحداث تغيري خيدم أهداف املؤسسة الرتبوية وغاياهتا واملشرف الرتبوي هو قائد تربوي
يتوقع أن يؤثر سلوكه القيادي يف ممارساته اإلشرافية امليدانية أثناء تفاعله مع املعلمني مبا
خيدم أهدفا العملية التعليمية.
ومن أهم خصائص املشرف الرتبوي الذي يتصف بالروح القيادية هي النزع إىل
املشاركة والتفاعل مع املعلمني والرغبة يف عملية التغيري والتجديد الرتبوي.
أنماط القيادةـ التربوية:
يلعب منط القيادة السائد دوراً مؤثراً يف اجتاهات العاملني ومستوى معنوياهتم حنو
العمل بعامة واإلشراف الرتبوي على وجه اخلصوص ويتوقف على منط سلوك املشرف
الرتبوي القائد مستوى جناح املعلمني يف أداء مهامهم املنوطة هبم والذي ينعكس أثره على
العملية التعليمية برمتها وأهم هذه األمناط هي:
)1النمط السلطوي "األوتوقراطي":
يتصف هذا النمط من القيادة بأن القائد (املشرف الرتبوي) يتخذ من سلطته
الرمسية أسلوباً إلجبار املعلمني وغريهم من العاملني على أداء مهامهم املنوطة هبم من أجل
حتقيق األهداف املنشودة .ومييل سلوك املشرف األوتوقراطي إىل االعتماد على مركزية
السلطة واالحتفاظ بالقرارات لنفسه وعدم مشاركة املعلم من خالل إبعاده عن املشاركة
يف صنع القرارات املهمة أو التخطيط لنموه املهين .تتكون لدى املعلم مجلة من األحاسيس
واملشاعر السلبية حنو املشرف خباصة واإلشراف الرتبوي بعامة وعمله إصالح اخللل يف
العالقة بني املشرف واملعلم هي عملية معقدة يف ظل اإلدارة املركزية والتنظيم اهلرمي
وتدفق األوامر والتعليمات من أعلى اهلرم إىل أسفله.
)2النمط الشوري "الديموقراطي":
25
يتصف هذا النمط من القيادة بكونه يتيح الفرصة للمرؤوسني باملشاركة الفاعلة يف
صنع القرارات واإلسهام يف املهام القيادية من خالل عالقات إنسانية متميزة بني القائد
واملرؤوسني فاملشرف الرتبوي الشوري "الدميوقراطي" يقيم عالقات إنسانية وثيقة مع
معلمية ويفوض سلطاته املتعلقة بالنمو املهين لبعض املعلمني ممن ميتلكون القدرة على ذلك
كما يشجع العلم على تنمية قدراته وإمكاناته وتوسيع رفعة مشاركاته يف اختاذ القرارات
املهمة وباستخدام هذا النمط يساهم املشرف الرتبوي يف اختفاء بعض املمارسات السلبية
يف جمال اإلشراف الرتبوي مثل التعايل على املعلمني وحتسني العالقات اإلنسانية املتوترة بني
الشمرف واملعلم.
)3النمط الترسلي:
يتصف هذا النمط القيادي مبنح مجيع املرؤوسني أكرب قدر ممكن من احلرية يف
ممارسة مهامهم املوكلة هلم رمسياً دون توجيه مباشر من قبل القائد فالقائد الرتسلي يسعى
على كسب رضا املرؤوسني من خالل تفويض سلطاته هلم .وينزع املشرف ذو السلوك
الرتسلي إىل جماملة املعلمني ومنحهم حرية كايف ألداء مهامهم املوكلة هلم وعلى الرغم من
إعطاء املشرف احلرية للمعلم يف اختاذ القرارات املهمة ،إال أنه ال حيظى باحرتام املعلمني
وتقديرهم.
26
نظريات القيادة ونماذج السلوك القيادي:
أسهمت الدراسات واألحباث العلمية يف حتديد مفهوم القيادة وجنم عن ذلك عدد
من نظريات القيادة ومناذج السلوك القيادي .ومن أهم هذه النظريات:
)1نظرية اإلنسانـ العظيم:
يرى أصحاب هذه النظرية أن الرجل العظيم هو إنسان موهوب بالفطرة اليت
وهبها اهلل ،ويرون كذلك أن جناح القائد يتوقف على خصائص ومعايري شخصية حمددة،
يتفرد هبا القائد عما سواه وقد تعرضت هذه النظرية إىل انتقادات كثرية من أمهها أهنا
الغت أثر البيئة واجملتمع يف صنع القائد وحقل مواهبه .وباختفاء هذه النظرية برزت نظرية
أخرى شبيهة هبا هي نظري السمات.
)2نظرياتـ السمات:
لقد توصلت بعض الدراسات إىل أن هناك عالقة بني القيادة الناجحة وبعض
السمات الشخصية مثل :األمانة ،الذكاء ،الثقة بالنفس ،القدرة على التعبري وبالرغم من أن
بعض الدراسات كشفت عن وجود ارتباط إجيايب بني بعض السمات والقيادة الفاعلة إال
أن تعمم تلك النتائج بناء على شواهد حمدودة يعد ضرباً من ضروب اجملازفة.
)3نظرية الموقف:
تعتمد هذه النظرية على أساس أنه ال يوجد أسلوب قيادي واحد يصلح جلميع
املواقف ألن مسات القيادة ختتلف باختالف املواقف القيادية وفيها يبدي املشرف مرونة
فائقة يف تكيفه مع مجيع املواقف اليت تصادفه أثناء عملية اإلشراف أي أن املشرف ال
يعتمد فقط على السمات الشخصية بل ربطت القيادة باملواقف املختلفة.
)4النظريةـ التفاعلية (المدخل التوفيقي):
حاولت نظرية التفاعل أن تربط بني نظرية السمات ونظرية املوقف وتوائم بينهما
وإن توازن بني أثر السمات اجلسمية والنفسية وأثر املوقف وعوامل البيئة يف تشكل
السلوك القيادي .وعليه فاملشرف الرتبوي الناجح هو الذي ميتلك االستعداد والقدرة على
متثيل أهداف املرؤوسني ،ومقابلة مطالبهم وكسب رضاهم وقناعتهم بأنه أنسب إنسان
لالضطالع هبذا الدور.
)5نموذج تانينبوم وشمد:
27
حيدد هذا النموذج اجتاهني خمتلفني ومتباينني إلمكانيات سلوك املشرف مع
املرؤوسني ففي أقصى االجتاه األمين يتمثل منط السلوك الدميوقراطي ويف أقصى االجتاه
األيسر يتمثل النمط األوتوقراطي ،وبني هذين االجتاهني عدد من أمناط السلوك القيادية.
)6نموذج الشبكة اإلدارية:
يؤكد هذا النموذج على بعدين أساسيني مها العاملون والعمل وقد أطلق على هذا
النموذج الشبكة ألنه مصمم على شكل حمورين :حمور أفقي خاص بالعمل وحمور عمودي
خاص بالعاملني وبالرغم من أن املوقف القيادي هو الذي حيدد نوع النمط القيادي
املناسب إال أن املمارسة العلمية تشري إىل أن النمط القيادي هو أنسب األمناط القيادية ألنه
خيصص درجة اهتمام عالية بالعمل والعاملني يف نفس الوقت.
)7نموذج ريدن:
الحظ ريدن بأن منوذج الشبكة ركز على بعدين أساسيني للسلوك القيادي ومها:
بعد العمل وبعد العاملني ،ورأى ريدن ضرورة إضافة بعد ثالث هو بعد الفعالية ،فأصبح
منوذج ريدن يعتمد على ثالثة أبعاد هي :العمل ،العاملون ،الفاعلية وبناء على هذه األبعاد
الثالثة ،نسج ريدن أربعة أمناط أساسية للسلوك القيادي وهي النمط القيادي املتفاين
والذي يهتم بالعمل فقط والنمط القيادي املتكامل ويهتم بالعمل والعاملني يف آن واحد
والنمط القيادي املنعزل وهو ال يهتم بالعمل وال بالعاملني.
ومما يؤخذ على منوذج ريدن عدم وضوح املقصود باملواقف املناسبة وغري املناسبة
اليت تواجه القائد (املشرف الرتبوي).
)8نموذج الهدف والمسار:
يعمل هذا النموذج على الربط بني السلوك القيادي ودافعية العاملني ومشاعرهم.
ويؤكد مضمون هذا النموذج على الكيفية اليت ميكن أن حيدث هبا سلوك القائد (املشرف)
الرتبوي أثراً يف دافعية املعلمني واجتاهاهتم حنو العمل.
يتضح من استعراض النظريات والنماذج القيادية املذكورة آنفاً أن هناك عدداً من
األمناط القيادية اليت ميكن أن ميارسها املشرف الرتبوي خالل أدائه ملهامه اإلشرافية وهي
متحور حول بعدين أساسيني مها:
28
-السلوك القيادي الذي يهتم باملعلم.
-السلوك القيادي الذي يهتم بالعمل اإلشرايف.
29
االتصال في مجال اإلشراف التربوي:
يبدأ املؤلف هذا اجلزء من الكتاب مقدمة أوضح فيها بعض النعم اليت أنعم اهلل هبا
على اإلنسان ليتعرف على بيئته املادية والبشرية ويتصل بواسطها ويتفاعل هبدف حتقيق
ذاته ومقابلة احتياجاته النفسية واالجتماعية كما أوضح الكاتب كيف بلغ االتصال بني
أبناء البشر يف هذا العصر ذروته حىت أطلق عليه عصر االتصاالت وكيف أن هذا االتصال
أصبح علماً تطبيقياً له مفاهيمه وعملياته اخلاصة .وقد استفادت حقول الرتبية املتنوعة من
هذا العلم التطبيقي يف حتقيق أهدافها وعليه فإن بعض املهتمني مبجال اإلشراف الرتبوي
يرون أن اإلشراف الرتبوي هو عبارة عن عملية اتصال بني مشرف تربوي ومعلم حيث
ميارس املشرف الرتبوي دوره يف عملية االتصال من خالل استخدامه أساليب معينة.
تعريفـ االتصالـ في مجال اإلشراف التربوي:
ميكن تعريف االتصال يف جمال اإلشراف الرتبوي على أنه عملية تفاعلية حتدث بني
املشرف الرتبوي واملعلم أو جمموعة من املعلمني ،عن طريق إرسال رسائل لفظية وأو غري
لفظية واستقباهلا حبيث يتحقق الفهم املتبادل بني املشرفني الرتبويني ومعلميهم مبا ينعكس
إجيابا على حتسني العملية التعليمية.
عناصر االتصال في العملية اإلشرافية:ـ
تتضمن عملية االتصال الرتبوي العناصر التالية:
)1الهدف:
حتدث عملية االتصال يف جمال اإلشراف الرتبوي نتيجة هلدف أو عدة أهداف يريد
املشرف الرتبوي أو املعلم توصيلها إىل الطرف الثاين.
)2المرسل:ـ هو فرد (أو جمموعة أفراد) يطلق عليه اسم املتصل وهو الذي يوجه
رسالة االتصال ويف جمال اإلشراف الرتبوي يتمثل املرسل عادة يف اآليت :مشرف تربوي أو
مدير مدرسة أو معلم.
)3الرسالة:ـ متثل مضمون االتصال الذي يود املتصل نقله إىل املستقبل والرسالة
هي عبارة عن سلوك لفظي أو سلوك غري لفظي ولكي حتقق الرسالة اإلشرافية أهدافها
ينبغي أن تكون واضحة وذات معىن حمدد وأن ترسل يف الوقت املناسب.
30
)4المستقبل :هو فرد (أو جمموعة أفراد) يتلقى رسالة االتصال من املتصل
ويكشف واقع املمارسات اإلشرافية امليدانية إن املعلم أو املعلمني هم يف العادة الذين
يقومون بدور املستقبل آلراء وأفكار املرسل (املشرف الرتبوي).
)5الوسيلة :هي أدارة لنقل الرسالة من املرسل واملرسل إليه.
)6التغذية الراجعة:ـ هي استجابة املستقبل ملضمون الرسالة اليت استلمها من
املرسل ورد فعله عليها.
وبذلك فإن عملية االتصال عموماً ويف جمال اإلشراف الرتبوي على وجه
اخلصوص تتم على شكل حلقة دائرية.
31
أنماط االتصال في مجال اإلشراف التربوي:
هناك ثالثة أمناط رئيسية لعملية االتصال يف مجيع املؤسسات على اختالف
أنشطتها ومسمياهتا.
أوالً :االتصال ذو االتجاه األحاديث األفقي:
وفيه ال يرى املرسل (املشرف الرتبوي) أمهية لتغذية راجعة على رسالته اليت
استلمها املستقبل (املعلم) كما يف الشكل:
مستقبل مرسل
(معلم) (شرف تربوي)
وقد ذكر املؤلف أن استخدام االتصال أحادي االجتاه يف العملية اإلشرافية يعد
مناسباً إذا اقتصر استخدماه على إبالغ املستقبل (املعلم) بقرارات جديدة ،وأنظمة حديثة
أو معدلة وذلك باستخدام قنوات مثل نشرات عن طريق الربيد أو إعالنات عن طريق
مطبوعات رمسية.
وهذا النمط غري مناسب جلميع املمارسات اإلشرافية حيث أن تعميمة قد يقود
على عدد من السلبيات مثل النكوص باإلشراف الرتبوي وتقليل دور املعلم يف العملية
التعليمية وتشجيع املشرف الرتبوي على التعايل على املعلمني وإجياد مناخات عمل غري
مشجعة إلبداع املعلمني وتطورهم الذايت واملهين.
ثانيا:ـ االتصال ذو االتجاه األحاديـ األفقي مع تغذيةـ راجعة:
إن عملية االتصال من املرسل (املشرف الرتبوي) واملستقبل (املعلم) باستخدام هذا
النمط هي عملية مشاهبة للنمط األول مع اختالف بسيط يتمثل يف السماح ملستقبل
الرسالة (املعلم) بتقدمي تغذية راجعة إىل املرسل (املشرف الرتبوي) من خالل املواجهة
املباشرة أو أي قناة اتصال مناسبة لنق التغذية الراجعة كما بالشكل:
مستقبل مرسل
(معلم) (شرف تربوي)
تغذية راجعة غري منتظمة
32
وبالرغم من أن هذا النمط من االتصال هو نسبياً أفضل من النمط األول ،إال أنه
يظل شكلياً ويبدي شعوراً بعد االهتمام بالتغذية الراجعة حول الرسالة حيث ينظر إليها
املرسل على أهنا خيار غري ملزم لتعديل الرسالة وهذا النمط من االتصال يعد اتصاالً غري
متفاعل ألن املشرف الرتبوي (املرسل) ،يرسل رسائله إىل املعلمني (املستقبلني) دون
االلتفات إىل آرائاهم ومقرتحاهتم حول شكل الرسالة ومضموهنا.
* يرى املؤلف أن هذين النمطني من االتصال بني املشرف الرتبوي واملعلمني
جتسيداً هليمنة املشرف الرتبوي وتعاليه على املعلمني مما يوفر بيئة خصبة ملمارسة التفتيش
من خالل استخدام أساليب سلطوية مع املعلمني.
ثالثاً:ـ االتصال ذو االتجاهين المتفاعلين:
يطلق على هذا النمط من االتصال األفقي بني املرسل واملستقبل االتصال املتفاعل
وذلك ألن املرسل ميلك الرغبة األكيدة ملعرفة رأي املستقبل يف موضوع الرسالة كما
يبيدي املرسل (املشرف الرتبوي) مرونة واستعداداً ألن يضع نفسه موضوع املستقبل
لرسائل زمالئه املعلمني أي إن املشرف الرتبوي (املرسل) يقوم بدور املرسل تارة وبدور
املستقبل تارة أخرى وكذلك احلال بالنسبة للمعلمني وميكن استخدام هذا النمط يف حلقة
نقاش أو ورشه عمل جتمع شخصية املعلم ومينحه حرية كافية للمشاركة يف صنع
القرارات املهمة ومينح املشرف فرصة مناسبة الستخدام أساليب إشرافية حديثة مثل
اإلشراف الرتبوي العيادي واإلشراف التعاوين وقد ختم املؤلف هذا اجلزء من الكتاب
بالشروط الواجب توافرها يف املشرف الرتبوي أثناء عملية االتصال وأمهها:
-1تقبل مشاعر املعلمني وأفكارهم.
-2عدم التعايل على املعلمني وعدم التقليل من شأهنم.
-3القدرة على التعبري اللفظي.
-4القدرة اللغوية على كتابة الرسالة والتعبري عنها بوضوح.
-5مراعاة الفروق الفردية بني املعلمني.
-6التأكد من حتقيق الرسالة ألهدافها.
33
إعداد المشرفين التربويين وتأهيلهم مهنياً:
لقد حظي اإلشراف الرتبوي بتحديث بعض مفاهيمه حيث مت تغيري مسمى
التفتيش إىل توجيه مث إىل إشراف تربوي ليتمشى مع روح العصر احلديث وأكدت أنظمة
اإلشراف الرتبوي على ضرورة ممارسة املشرف ألدواره املوكلة إليه بأسلوب شورى
(دميوقراطي) وتعاوين غري أن واقع املشرف الرتبوي وإمكاناته وإعداده وتأهيله احملدود ال
ميكنه من القيام بدوره املطلوب حيث إن دوره الفعلي هو االهتمام جبميع مكونات العملية
التعليمة لذلك فإن ضعف إ عداد املشرف الرتبوي وتأهيله املهين قاد إىل إخفاق معظم
حماوالت التغيري والتجديد الرتبوي امليداين.
ولقد أدى التطور الكمي اهلائل يف نظام التعليم السعودي إىل تبلور اجتاه لدى
املسؤولني بوزارة الرتبية والتعليم حنو حتسني مستوى املشرف وتطوير قدراته وإمكاناته لذا
قامت الوزارة بالتعاون مع بعض اجلامعات السعودية بعقد برامج (دورات) تدريس
للمشرفني الرتبويني عام 1413هـ واستمرت هذه الربامج التدريبية تستقبل كل فصل
دراسي املشرفني الرتبويني العاملني يف امليدان من مجيع التخصصات وكانت أهداف
الربنامج زيادة النمو املعريف وتنمية مهارات املشرف وقدراته العلمية والرتبوية وتطوير
خرباته التدريبية ومهارات البحث العلمي واالستقصاء لديه.
وقد حقق هذا الربنامج أهدافه بنسبة جيدة كما أسهم يف زيادة معرفة املتدربني
ببعض اجلوانب املتعلقة باإلشراف الرتبوي.
-وبالرغم مما بذلته وزارة الرتبية والتعليم السعودية من جهود يف جمال تطوير
قدرات املشرفني إال أن البعض يرى عدم كفاية تلك اإلجراءات يف حتسني املمارسات
امليدانية وتطويرها وعليه قامت وزارة الرتبية والتعلم السعودية بتكليف جلنة متخصصة
لوضع اختبارات مفننة يف ضوء الكفايات األساسية لإلشراف الرتبوي حيث ميكن
لصاحب القرار الرتبوي االعتماد على هذه االختبارات يف اختيار القيادات اإلشرافية
وتأهيلها وتدريبها.
ومتكن أعضاء اللجنة املكلفة بوضع االختبار املقنن املبين على حركة الكفايات ومت
حتديد تسعة ( )9جماالت رئيسية للمشرفني الرتبويني وبعد أن حيصل املشرف (املرشح)
34
على درجة مقبولة يف جمال السمات الشخصية جيلس إلجراء اختبار يف اجملاالت الثمانية
الباقية وهذه الكفايات هي:
-1السمات الشخصية.
-2كفايات تتعلق بتطوير املناهج الدراسية.
-3تقدمي اخلدمات املطلوبة للعملية التعليمية.
-4تنظيم العملية التعليمية و إداراهتا.
-5توفري اخلدمات األساسية للطلبة ذوي االحتياجات اخلاصة.
-6تنمية املعلمني مهنيا أثناء اخلدمة.
-7توثيق العالقة بني املدرسة واجملتمع احمللي.
-8تنمية عالقات إنسانية بني العاملني.
كفايات تتعلق بالقدرة يف جمال تقومي العملية التعليمية.
وبالرغم من اإلجيابيات اليت حققتها احلركة العاملية للكفايات يف إصالح نظام
التعليم إال أن تطبيقها حملياً أو عربياً ال ختلو من بعض املعوقات اليت قد حتد من تنبيها
واالستفادة منها كما ينبغي ومن أهم هذه املعوقات:
)1معوقات خاصة بطبيعة الكفايات:ـ
وتتمثل هذه املعوقات يف عدم وضوح مفهوم الكفايات وكذلك التأكيد على
السلوك القابل للقياس كما أن تطبيق الكفايات حيتاج إىل إمكانات مادية وطاقات فنية
وبشرية ضخمة.
)2معوقات مرتبطة بثقافة المجتمع والمنظمات التربوية:
يتطلب تطبيق الكفايات اختيار أفضل العناصر البشرية للمهن الرتبوية وقد يتعارض
هذا التوجه اجلديد مع ثقافة اجملتمع اليت تتخذ أحياناً من الشفاعات والصداقات
واجملامالت منهجاً هلا.
)3معوقات مرتبطةبـ النظام التربوي:
مثل مقاومة التغيري من بعض العاملني يف ميدان الرتبية والتعلم وقلة التدريب أثناء
اخلدمة والرتكيز على األساليب النظرية يف تنمية الكفايات والتعلم بشكل عام.
35
)4معوقات تتعلق بالتقويمـ الذاتيـ للعاملين في مجال التعليم:
يتطلب التدريب القائم على الكفايات من املتدرب أن يكون على درجة عالية من
الوعي بذاته وحتمل املسؤولية لرفع كفايته الذاتية عن طريق التدريب املستمر.
36
برامج إعداد المشرفين التربويين:
إن اجلامعات هي اجلهة املسؤولة عن إنشاء برامج األعداد واملوافقة عليها أما
األفراد الذين حصلوا على إعداد مناسب للخدمة يف جمال اإلشراف الرتبوي فإهنم قد
حصلوا على درجة املاجستري يف الرتبية وتتضمن شهادة املاجستري جمموعة من مقررات
الدراسات العليا اليت تركز على املوضوعات التالية :املهارات اإلشرافية العامة ،إدارة
األفراد ،تصميم املناهج وتقوميها وسياسات التعليم وموضوعات أخرى ذات عالقة
باإلشراف الرتبوي.
نموذج مقترح إلعداد المشرفين التربويين:ـ
وضع داريش تصوراً لكيفية إعداد املشرفني الرتبويني وتأهيلهم قبل اخلدمة يف جمال
اإلشراف ا لرتبوي ويعتمد منوذج داريش على ثالثة ابعاد رئيسية كما يلي:
البعدـ األول :اإلعدادـ األكاديمي:ـ
تبين برامج إعداد املشرفني الرتبويني التقليدية على أساس اكتساب املعارف
واحلقائق واملعلومات من خالل عدد م عني من املقررات الدراسية اجلامعية وحمتوى هذه
املقررات الدراسية يركز على املهارات ذات الصلة باألداء املهين الفعال.
البعدـ الثاني:ـ اإلعداد العملي:
يرى املتخصصني أن حتسني القيادات املستقبلية مليدان التعليم ينبغي أن يبين على
خربات عملية وممارسات ميدانية.
البعدـ الثالث :التكوين الذاتي:ـ
يرى داريش أن بعد التكوين الذايت أو الشخص للمشرف الرتبوي من أهم أبعاد
إعداد برامج املشرفني الرتبويني ،ويتمثل هذا البعد يف األنشطة الشعورية املوجهة ملساعدة
الطالب يف تركيب اخلربات املكتسبة من املصادر األخرى وكذلك لبناء التقدير الذايت
للقائد الرتبوي.
تطوير أداء المشرف التربوي وتحسين مستواه المهني:
ميكن تطوير مستوى أداء املشرف الرتبوي وتنمية قدراته وإمكاناته من أجل حتقيق
التغيري املطلوب يف األفراد واملؤسسة الرتبوية وذلك من خالل اخلطوات العريضة التالية:
أوالً :وضع خطة قصيرة األجل يتم من خاللها:
37
-1وضع ضوابط ومعايري علمية دقيقة وواضحة الختيار املشرفني الرتبويني.
-2تزويد املرشح قبل التحاقه باإلشراف الرتبوي بالكفايات اإلشرافية األساسية.
-3العمل على تطبيق مبدأ مشرف تربوي حتت التجربة ملدة فصل دراسي واحد
أو أكثر.
-4الزام كل مشرف تربوي يعمل يف امليدان بااللتحاق بربنامج تدرييب.
-5إتاحة الفرصة للمشرفني الرتبويني لاللتحاق باجلامعات.
-6تقومي أداء املشرف الرتبوي وممارساته امليدانية.
ثانياً:ـ وضع خطة طويلة األجلةـ ليتم من خاللها:
تزويد امليدان بكفاءات بشرية مؤهلة تأهيالً أكادميياً عالياً يف جماالت الرتبية
املختلفة مثل املناهج العامة وطرق التدريس واإلدارة والتخطيط الرتبوي واإلشراف
الرتبوي والقياس والتقومي وإحالل أصحاب الكفاءات العلمية العالية جمل القوى البشرية
احلالية املوجودة على رأس العمل يف جمال اإلشراف الرتبوي.
واخلطة طويلة األجل جيب أن ترسم لنا ما ينبغي أن يكون عليه اإلشراف الرتبوي
مستقبالً وتنأى بنا بعيداً عن مشكلة ترقيع اإلشراف الرتبوي احلايل وممارساته وتسعى إىل
حلول جذرية.
تمهين اإلشراف التربوي:
من احللول اجلذرية لواقع اإلشراف الرتبوي العريب عموماً والسعودي على وجه
اخلصوص ،أن تتبىن اجلهات الرمسية املسؤولة عن ال إشراف الرتبوي خططاً طويلة األجل
يف متهني اإلشراف الرتبوي الذي مينح مبوجبه املشرف الرتبوي رخصة رمسية ملمارسة
العمل اإلشراف وفق شروط وضوابط شخصية ومهنية وعلمية دقيقية وواضحة.
وقد حدد املؤلف جمموعة الشروط والضوابط اليت يتم على أساسها منح املرشح
رخصة عمل يف جمال اإلشراف الرتبوي السعودي.
38
استشراف مستقبل اإلشراف التربوي:
إن عدم انسجام نتائج البحث يف جمال اإلشراف الرتبوي أحياناً مع الفكر
الدميوقراطي دفع بعض املفكرين إىل اجملاهرة بالدعوة إىل إلغاء نظام اإلشراف الرتبوي
عموماً لكونه ال يتماشى مع الفلسفة العامة لنظام التعليم وتوجهاته .كما يالحظ تبلور
اجتاه قوي يدعو إىل املزيد من استخدام إشراف األقران واإلشراف الذايت والتقومي الذايت
واإلشراف التشاركي أو التعاوين وغريها من األساليب اليت متنح املعلم حرية أكرب
باملشاركة يف العملية اإلشرافية وجاء هذا االجتاه كرد فعل للممارسات البريوقراطية يف
تقومي املعلمني ويتوقع املهتمون يف جمال اإلشراف أن تتغري النظرة للمعلم مستقبال ويكون
املعلم مشاركاً فعاالً يف العملية اإلشرافية ومساوياً يف مسؤولية اإلشراف للمشرف
الرتبوي وبذا سوف ينتهي دور املشرف الرتبوي يف كونه املصدر الوحيد لتقدمي النصائح
وإصدار األحكام للمعلم.
وضعفت كارولني سنايدر عدداً من الضوابط واملعايري اليت ميكن يف ضوئها التعامل
مع معطيات املستقبل واالستعداد إىل عامل متغري من خالل إجابتها عن السؤال التايل :ما
دور اإلشراف الرتبوي اجلديد يف عصر التعقيدات والتغريات املتساعة ،اليت تعصف بالعامل
املتحضر؟ والضوابط واملعايري هي كماي يل:
-1االعتماد على قيادات تربوية ذات رؤى وخيال خصب.
-2استخدام التخطيط االسرتاتيجي.
-3استخدام التفكري املنظم يف أداء العمل.
-4بناء قاعدة معلوماتية ملساعدة فريق العمل على إجراء التعديالت املطلوبة.
-5تنمية املوارد البشرية ورفع كفاءهتم وقدراهتم على مقابلة متطلبات العمل.
-6تقدمي خدمات نوعية تتمثل يف اخلدمات يف العمليات واإلجراءات والربامج
املصممة لتحقيق األهداف املرجوة.
-7البحث عن رضا املستهلك عن طريق مجع املعلومات واالستجابة لالحتياجات
الطارئة والتحديات األخرى والتعهد بالتطوير املستمر.
39
وختاماً ،فإن هذه املعايري والضوابط سوف تسهم يف مساعدة املعلمني واملشرفني
الرتبويني والقيادات الرتبوية األخرى على االستجابة بطرق جديدة للحياة املعقدة يف نظام
التعليم ،هبدف مقابلة احتياجات الطلبة املتغرية.
40
ثالثاً :التعليق على الكتاب:
-جاء هذا الكتاب يف ( 312صفحة) تناول فيها املؤلف معظم موضوعات
االجتاهات احلديثة يف اإلشراف الرتبوي والقضايا املتعلقة هبذه االجتاهات مستعينا بعدد
كبري من املراجع املتخصصة يف هذا اجملال األجنبية منها والعربية.
-لقد حاول املؤلف توصيل أكرب قدر ممكن من املعلومات عن موضوع اإلشراف
الرتبوي واالجتاهات احلديثة فيه فجاء هذا على حساب تنظيم الكتاب فلم جند كما هو
متعارف عليه أبواب رئيسية وفصول وموضوعات رئيسية وأخرى فرعية بل جاءت كل
العناوين تفتقر إىل الرتابط ودود معرفة املهم واألهم أو الرئيسي أو الفرعي ،وكأمنا هو
عرض ألحباث جمزأة .
-كما أن أسلوب السرد وتكديس املوضوعات أضفى على الكتاب طابع تارخيي
فجعل من املوضوع وكأنه كتاب يف تاريخ اإلشراف الرتبوي وليس عن احلديث واملعاصر
يف هذا اجملال ،مع أن االهتمام بالبعد التارخيي ملوضوع اإلشراف مهم حبيث نستطيع من
خالله معرفة الفلسفات والرؤى اليت كان يقوم عليها ،كما أن يف ذلك حتديد لفرتات
مر هبا اإلشراف الرتبوي.
التحديث اليت ّ
-معظم ما استشهد به املؤلف كان لتجارب وأنظمة غربية وخاصة يف الواليات
املتحدة األمريكية بدءاً من بداية اإلشراف الرتبوي وحىت استشراف املستقبل ومل يتطرق
بشكل متعمق يف التجارب العربية أو السعودية واقتصر حديثة على ذكر اجلهود اليت قامت
هبا وزارة الرتبية والتعليم السعودية يف جمال تطوير قدرات املشرفني الرتبويني.
ومن املعل وم أن جتارب ال دوال ملتقدمة مهمة يف مس ألة التح ديث والتط وير ،إالّ أن من
املناسب أن يك ون هن اك ح ديث عن ذلك مبا ويتفق وإمكاني ات البلد املس تفيد حىت ال
يك ون هن اك ع ائق التط بيق عن دما يتضح الب ون الشاسع فمن ش أن ذلك أن يثبط ب اجلهود
التطويرية .
-إنه ومن خالل سرد املؤلف بعض املفاهيم عن اإلشراف الرتبوي وتوضيح لآلراء
املختلفة حي ال ه ذا املوض وع وأنه ك ان له األثر الكبري يف ع دم التحديد ال دقيق ملفه وم
اإلشراف الرتبوي ،كما أن التعريف الذي أورده املؤلف (بأن اإلشراف جمموعة اخلدمات
والعمليات اليت تقوم بقصد مساعدة املعلمني على النمو املهين مما يساعد يف بلوغ أهداف
41
التعليم) ينطبق على اإلش راف مبفهومه احلديث ،وليس على كثري من املمارس ات اليت يق وم
هبا املشرفون باسم اإلشراف.
فاإلشراف مبفهومه احلديث يرمى إىل تنمية املعلم وتفجري طاقاته وتطوير قدراته
متوصالً بذلك إىل حتسني تعلم الطالب ،أما مفهوم اإلشراف القدمي (وكثري من ممارسات
املشرفني حالياً) جتعل تقييم املعلم هدفاً هنائياً يف حد ذاته.
وعند استعراض التعرايف اليت جاء هبا املؤلف يتضح لنا عدة أمور منها:
أهنا تنظر إىل اإلشراف على أنه عملية مستمرة ،فال ينتهي عند زيارة أو
زيارتني يف السنة ،أو بعد القيام بعملية التقومي.
أهنا تنظر إىل أن هدف اإلشراف الرتبوي هو املساعدة يف تنمية املعلم،
وليس اكتشاف أخطائه أو تقوميه فقط.
أهنا تنظر إىل أن اإلشراف عملية وليس وظيفة ،فليس اإلشراف وظيفة
ميارسها صاحب املنصب بقدر ما هي عملية يتوالها أطراف متعددون
كاملشرف أو زمالء املعلم أو مدير املدرسة أو املعلم نفسه ،حيث أن قيام
إنسان واحد هبذه األعمال جمتمعة هو عمل غري صحيح.
أن اإلشراف الرتبوي هبذا املعىن يراعي املبادئ التالية:
إن اإلش راف ال رتبوي هو جمموعة من امله ام املرتابطة املتكاملة
واليت من خالل ممارس تها تتحقق أهدافه .إن نش اطات اإلش راف ال رتبوي
تتمثل يف عملي ات إجرائية متنوعة تتطلب ممن يق وم هبا أن يك ون م زوداً
مبجموعة من املهارات ميكنه من القيام هبذه النشاطات بفعالية وكفاية ،إن
ه ذه النش اطات وتلك امله ارات ت ؤثر يف اجتاه وس رعة ونوعية التغيري
املطلوب .
اإلش راف ال رتبوي مبعن اه احلديث ال يهتم فقط بالعمل من
أجل تط وير املوقف التعليمي التعلمي للوص ول إىل أه داف حمددة متفق
عليها بل يعين أيضاً بتطوير هذه األهداف ،أي أن اإلشراف الرتبوي يعين
42
ببعدين مرتابطني :تطري املوقف التعليمي التعلمي حنو أهداف معينة وتطوير
هذه األهداف حنو مواقع جديدة .
إن اإلش راف ال رتبوي مبعن اه احلديث يؤكد أك ثر مما س بق أن
ممارسة مهامه والقيام بنشاطاته وتطوير املهارات األساسية لـه .ال ميكن أن
تتم إال من خالل جه از يتك ون من أش خاص م ؤهلني ت أهيالً ك امالً هلذا
العمل .
ويف ضوء ما سبق جند أنه مهما كان هناك من طرح علمي أكادميي حول مفهوم
اإلشراف الرتبوي واالختالف فيه إالّ أننا نظل حتت وطأة عدم املمارسة احلقيقة هلذه
هوة ما بني املفهوم واملمارسة ،فأزمة اإلشرافاملفاهيم ،وعليه يتضح لنا جلياً أن هناك ّ
الرتبوي أزمة ممارسة أكثر منها أزمة مفهوم!
لقد تطرق املؤلف يف املبحث الثاين والذي تناول فيه األمناط احلديثة يف -
جمال اإلشراف ،وعند إمعان النظر يف ذلك جند أن املؤلف اقتصر على أربعة
أمناط إشرافية حديثة وهي (اإلشراف الرتبوي العيادي واإلشراف الرتبوي
باألهداف واإلشراف الرتبوي التطويري واإلشراف الرتبوي املتنوع (اخلياري) )
علماً بأن هناك ما يربو على سبعة عشر منطاً إشرافياً ،وهذا يفقد هذا املبحث
هدفه.
كما أن هناك فارق زمين لألمناط املنتقاة من قبل املؤلف وما بني العصر -
احلايل حيث كان آخر تلك األمناط يف عام 1993م ،بينما صدر الكتاب يف
عام 2004م وهذه املدة الزمنية كفيلة بأن يستجد ويستحدث أمناط إشرافية
حديثة السيما أن مسة العصر احلاضر هو مسة التفجر املعلومايت والتسارع
العلمي.
يف تصوري – أن اإلسهام يف إجياد آليات تنفيذية عملية سواء من قبل -
األكادمييني واملمارسني للعمل الرتبوي جبميع فئاهتم أوىل من كثري من التنظري
وإن كنا حباجة إىل ذلك ،وهذا مما غاب يف ثنايا هذا الكتاب حيث أنه مل
يتطرق إىل تلك األساليب العملية اليت ميكن أن يتبعها املشرف الرتبوي واليت من
43
شأهنا أن تنهض باألداء للمعلمني ومن مث تنعكس على الطالب واليت تتمشى
واإلمكانات املتاحة يف امليدان الرتبوي.
أما مسألة النظرية ودورها يف حتسن املمارسات اإلشرافية واليت تطرق هلا املؤلف يف
املبحث الرابع من الكتاب ،فهي بال شك هلا دور كبري إالّ أنه من املالحظ أن يقحم جمال
اإلشراف الرتبوي بأن يكون مبين على نظريات حيث نه ال زال يعترب كعملية داخلة ضمن
عمليات املنهج – يف نظري – ومما يدل على ذلك أن املؤلف حينما حتدث عن خصائص
النظرية اجليدة يف اإلشراف الرتبوي حتدث عن خصائص النظرية عموماً ،وهذه تنطبق على
النظرية يف بناء املنهج وليس اإلشراف فقط .
عندما تناول املؤلف التصور املقرتح لعملية اإلشراف الرتبوي ،مل يقم -
بتناول مقرتح من واقع البيئة التعليمية الرتبوية احمللية (السعودية) وإمنا استعان
بنموذج مقرتح ،وكان مرتجم حبيث أنه مل ينشأ من داخل البيئة ،وقد يكون ها
حمفز ألن جتري أحباث بتطبيق مناذج حديثة مقرتحة ومعرفة إنعكاساهتا يف البيئة
احمللية حيث أنه من خالل استعراضي لقائمة األحباث املتعلقة باإلشراف الرتبوي
يف اململكة العربية السعودية مل يكن هناك من ضمنها حبث تطرق هلذا املوضوع.
كما أن الكفايات اليت تناوهلا املؤلف والوجب توافرها يف املشرفني الرتبويني ،
إمنا هي من إصدار وزارة الرتبية والتعليم يف اجملاالت التسع ،ولو كان هناك تقومي
لتصور مقرتح استشرايف يف الكفايات لكان أوىل حبيث تكون هناك حداثة يف
ذلك .
لقد تناول املؤلف يف كتابه موضوعني يندر أي كتاب يف اإلشراف -
الرتبوي إال وقد أشار إليهما ومها موضوع القيادة وموضوع االتصال الرتبوي،
وبالتايل قد يعترب ذلك أهنما موضوعني تقليديني وليس حبديثني كما هو اهلدف
من الكتاب.
وميكننا القول أن الكتاب قد حوى اسرتاتيجيات وأمناط وأفكار فيه من -
احلداثة يف جمال اإلشراف الرتبوي قابلة للتطبيق مىت ما وضع هلا آلية تنفيذية ،ومما
44
ال شك فيه فإن هذا الكتاب يعد من الكتب املهمة يف جمال اإلشراف الرتبوي
للباحثني والقادة الرتبويني .
ومما جتدر اإلشارة غليه أنه حوى الكتاب استشراف هذا احلقل وجعل -
هناك معايري تتواكب واحتياجات العصر ومنها احتياجات الطالب املتغرية من
حني آلخر ،وال شك من أن النظام الذي يقوم على املعايري املستقاة من النظريات
والواقع هو نظام حديث وأن حركة املعايري يف نظري أقوى من حركة الكفايات
يف مثل هذا العصر.
45