Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 3

‫م اإلسالم بالجار وأعلَى من قدره؛ حيث قرن هللا سبحانه وتعالى اإلحس ان إلى‬ ‫أيها المسلمون عباد هللا‪

‫أيها المسلمون عباد هللا‪ ،‬لقد اهت َّ‬


‫الجار مع األمر بعبادته وتوحيده‪ ،‬من ضمن عشرة أوامر في كتابه العزيز‪:‬‬
‫ِين‬
‫س اك ِ‬ ‫م َ‬‫سانًا َوبِذِي ا ْل ُق ْربَى َوا ْليَ َت ا َمى َوا ْل َ‬ ‫ح َ‬
‫ن ِإ ْ‬ ‫ش ْيًئ ا َوبِا ْل َوالِ َد ْي ِ‬
‫ه َ‬ ‫ش ِركُوا بِ ِ‬ ‫اع ُب ُدوا اللَّ َه َواَل ُت ْ‬ ‫•‪ ‬فقال سبحانه تعالى‪َ  ﴿ :‬و ْ‬
‫خ َت ااًل‬
‫ُ ْ‬‫م‬ ‫انَ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫َ ْ‬ ‫ِبُّ‬‫ح‬ ‫ي‬
‫ُ‬ ‫اَل‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫نَّ‬ ‫ُم‬‫ك‬ ‫ن‬‫ا‬ ‫م‬
‫ْ ْ َ ُ ْ ِإ‬‫ي‬‫َأ‬ ‫ت‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫م‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫و‬
‫َّ ِ ِ َ َ َ‬ ‫يل‬ ‫ب‬ ‫الس‬ ‫ن‬ ‫ْ‬
‫ج ُ ِ َ َّ ِ ِ ِ َ ْ ِ َ ْ ِ‬
‫ب‬‫ا‬ ‫و‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ب‬ ‫ب‬ ‫ح‬‫ا‬ ‫ص‬ ‫ال‬‫و‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫ار ا ْل ُ‬
‫ج ِ‬‫ار ذِي ا ْل ُق ْربَى َوا ْل َ‬ ‫َوا ْل َ‬
‫ج ِ‬
‫خو ًرا‪[ ﴾ ‬النساء‪.]36 :‬‬ ‫َف ُ‬
‫‪ ‬‬
‫بل تأمل نزول جبريل عليه السالم؛ لتقرير هذا الحق األصيل من حقوق الجار‪:‬‬
‫•‪ ‬ففي الص حيحين عن ابن عم ر رض ي هللا عنهم ا ق ال‪ :‬ق ال رس ول هللا ص لى هللا علي ه وس لم‪« :‬م ازال جبري ل‬
‫يوصيني بالجار‪ ،‬حتى ظننت أنه سيورثه»‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫رجل من األنصار‪ ،‬قال‪(( :‬خرجت مع أهلي أريد النبي صلى هللا عليه وس لم وإذ ب ه‬ ‫ٍ‬ ‫•‪ ‬وفي مسند اإلمام أحمد عن‬
‫قائم‪ ،‬وإذا رجل مقبل عليه‪ ،‬فظننت أن له حاجة‪ ،‬فجلست‪ ،‬فوهللا لقد قام رسول هللا صلى هللا عليه وس لم ح تى‬
‫جعلت َأ ْرثِي له من طول القيام‪ ،‬ثم انصرف‪ ،‬فقمت إليه‪ ،‬فقلت‪ :‬يا رسول هللا‪ ،‬لقد قام بك هذا الرجل‪ ،‬حتى جعلت‬
‫َأ ْرثِي لك من طول القيام‪ ،‬فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ :‬أت دري من ه ذا؟ قلت‪ :‬ال‪ ،‬ق ال ص لى هللا علي ه‬
‫وسلم‪ :‬جبريل‪ ،‬ما زال يوصيني بالجار‪ ،‬حتى ظننت أنه سيورثه))‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫واإلحسان إلى الجار من عالمات اإليمان‪ ،‬ومن صفات وسمت األبرار‪:‬‬
‫•‪  ‬ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي هللا عنه أن النبي صلى هللا عليه وسلم قال‪(( :‬من كان يؤمن باهلل والي وم‬
‫اآلخر‪ ،‬فليحسن إلى جاره‪ ،‬ومن كان ي ؤمن باهلل والي وم اآلخ ر‪ ،‬فليك رم ض يفه‪ ،‬ومن ك ان ي ؤمن باهلل والي وم اآلخ ر‪،‬‬
‫فليقل خي ًرا أو ليصمت))‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫واإلحسان إلى الجار سبب من أسباب نَيل محبة هللا تعالى ورسوله المختار صلى هللا عليه وسلم‪:‬‬
‫•‪  ‬قال صلى هللا عليه وسلم‪(( :‬إن أحببتم أن يحبكم هللا ورسوله‪ ،‬فأدوا إذا ائتمنتم‪ ،‬واص دقوا إذا ح َّدثتم‪ ،‬وأحس نوا‬
‫وحسن إسناده األلباني]‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫جوا َر َمن جاوركم))؛ [رواه الطبراني‪،‬‬
‫‪ ‬‬
‫سبب لمغفرة الذنوب واألوزار‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫بحقه‬ ‫والقيام‬ ‫الجار‬ ‫إلى‬ ‫واإلحسان‬
‫حسن ‪ ،‬عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال‪ :‬قال النبي صلى هللا علي ه وس لم‪(( :‬م ا‬ ‫ٍ‬ ‫•‪ ‬فقد روى اإلمام أحمد بسند‬
‫مسلم يموت‪ ،‬فيشهد ل ه ثالث ة أبي ات من جيران ه األدنَين بخ ير‪ ،‬إال ق ال هللا ع ز وج ل‪ :‬ق د قبِلت ش هادة‬ ‫ٍ‬ ‫من عب ٍد‬
‫عبادي على ما علموا‪ ،‬وغفرت له ما أعلم))‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫والذي يحسن إلى جاره في الحقيقة هو من خير الناس‪:‬‬
‫•‪  ‬ففي سنن الترمذي عن عبدهللا بن عمرو رضي هللا عنهما أن النبي صلى هللا عليه وسلم قال‪(( :‬خير األص حاب‬
‫عند هللا تعالى خيرهم لصاحبه‪ ،‬وخير الجيران عند هللا تعالى خيرهم لجاره))‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫دنيا‪:‬‬ ‫عادة ال‬ ‫ر بس‬ ‫د ظف‬ ‫الح فق‬ ‫ار الص‬ ‫الى الج‬ ‫ه هللا تع‬ ‫ومن رزق‬
‫•‪ ‬فقد قال رس ول هللا ص لى هللا علي ه وس لم‪(( :‬أرب ع من الس عادة‪ :‬الم رأة الص الحة‪ ،‬والمس كن الواس ع‪ ،‬والج ار‬
‫الصالح‪ ،‬والمركب الهنيء))‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫الوقفة الثانية‪ :‬في التحذير من أذى الجار‪:‬‬
‫فقد ح َّذ ر النبي صلى هللا عليه وسلم من أذى الجار بأي شكل من األشكال‪ ،‬وذكر أن ذلك مما ينافي اإليمان‪:‬‬
‫•‪  ‬كما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي هللا عنه‪ ،‬أن النبي صلى هللا عليه وسلم ق ال‪(( :‬وهللا ال ي ؤمن‪ ،‬وهللا ال‬
‫يؤمن‪ ،‬وهللا ال يؤمن‪ ،‬قيل‪ :‬من يا رسول هللا؟ قال‪ :‬الذي ال يأمن جاره بوائقه))؛ أي‪ :‬غوائله وشروره‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫•‪ ‬وفي رواية أحمد‪(( :‬قيل‪ :‬وما بوائقه؟ قال‪ :‬شره))‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫•‪ ‬وفي الحديث‪(( :‬من كان يؤمن باهلل واليوم اآلخر‪ ،‬فال يؤ ِذ جاره))‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫•‪ ‬وجاء عن النبي صلى هللا علي ه وس لم أن ه ق ال‪(( :‬من أغل ق باب ه عن ج اره؛ مخاف ة على أهل ه ومال ه‪ ،‬فليس‬
‫ن جاره بوائقه))‪.‬‬ ‫بمؤمن‪ ،‬وليس بمؤمن َمن ال يأ َم ُ‬
‫‪ ‬‬
‫ومما يدل على خطورة أذى الجار أن الخطأ في حقه أعظم من الخطأ مع غيره‪:‬‬
‫دا وه و‬ ‫ل‪( :‬أن تجع ل هلل ن ًّ‬
‫سئل رسول هللا صلى هللا عليه وسلم عن أعظم الذنب عند هللا؟ فذكر ثالثَ خِال ٍ‬ ‫•‪ ‬فقد ُ‬
‫م معك‪ ،‬وأن تزني بحليلة جارك))‪.‬‬ ‫خلَقك‪ ،‬وأن تقتل ولدك خشية أن يط َع َ‬ ‫َ‬
‫‪ ‬‬
‫•‪  ‬وفي سنن أبي داود عن المقداد بن األسود رضي هللا عنه أن النبي صلى هللا عليه وسلم ق ال ألص حابه‪(( :‬ألن‬
‫يزني الرجل بعشر نسوة أيسر عليه من أن يزني بامرأة جاره‪ ،‬وألن يسرق الرجل من عشرة أبيات أيسر عليه من‬ ‫َ‬
‫أن يسرق من جاره))‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫أيض ا أن العب د ال ينتف ع بأعمال ه الص الحة‪ ،‬إال ب الكف عن أذى الج يران‪:‬‬ ‫ً‬ ‫ومم ا ي بين خط ورة أذى الج ار‬
‫•‪  ‬فقد روى البخاري في األدب المفرد‪ ،‬عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال‪(( :‬قيل للنبي صلى هللا عليه وس لم‪ :‬ي ا‬
‫رسول هللا‪ ،‬إن فالن ًة تقوم الليل وتصوم النهار‪ ،‬وتفعل‪ ،‬وتتصدق‪ ،‬وتؤذي جيرانه ا بلس انها؟ فق ال رس ول هللا ص لى‬
‫هللا عليه وسلم‪ :‬ال خير فيها‪ ،‬هي من أهل النار‪ ،‬قالوا‪ :‬وفالنة تص لي المكتوب ة‪ ،‬وتتص دق ب أثوار‪ ،‬وال ت ؤذي أح ًدا؟‬
‫فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ :‬هي من أهل الجنة))‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫ولذلك فقد استعاذ رسول هللا صلى هللا عليه وسلم من جار السوء‪:‬‬
‫مق ام‬‫•‪  ‬فعن أبي هريرة أن النبي صلى هللا عليه وسلم كان يقول‪(( :‬اللهم إني أعوذ بك من ج ار الس وء في دار ال ُ‬
‫– اإلقامة ‪ -‬فإن جار البادية يتحول عنك))‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫•‪ ‬وفي رواية‪(( :‬تعوذوا باهلل))؛ [رواه النسائي‪ ،‬وابن حبان‪ ،‬وصححه األلباني]‪.‬‬
‫ألن الجار السيئ من مصادر الشقاء والعياذ باهلل‪.‬‬

‫•‪  ‬ففي الحديث الصحيح قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪(( :‬وأربع من الشقاوة‪ :‬الجار السوء‪ ،‬والم رأة الس وء‪،‬‬
‫ل أو‬‫والمركب السوء‪ ،‬والمسكن الضيق‪ ،‬وهللا تعالى يحب ج ا ًرا ص بر على أذي ة ج اره‪ ،‬ح تى يكفيَ ه هللا إي اه بتح ُّو ٍ‬
‫موت))‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫•‪ ‬ولذلك يقولون‪ :‬الجار قبل الدار‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫ومن أراد أن يعرف أنه محسن أم مسيء‪ ،‬فلينظر إلى حاله مع جيرانه؛ فإن مقياس العبد في اإلحس ان واإلس اءة‬
‫بحسب تعامله مع جيرانه‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫•‪ ‬روى البيهقي والحاكم بسند صحيح عن أبي هريرة رضي هللا عنه‪ ،‬ق ال‪(( :‬ج اء رج ل إلى رس ول هللا ص لى هللا‬
‫عليه وسلم‪ ،‬فقال‪ :‬يا رسول هللا‪ُ ،‬دلَّني على عمل إذا أن ا عمِلت ب ه دخلت الجن ة‪ ،‬ق ال‪ :‬كن محس ًنا‪ ،‬ق ال‪ :‬كي ف‬
‫ل جيران ك‪ ،‬ف إن ق الوا‪ :‬إن ك محس ن‪ ،‬ف أنت محس ن‪ ،‬وإن ق الوا‪ :‬إن ك مس يء‪ ،‬ف أنت‬ ‫س ْ‬
‫أعلم أني محسن؟ قال‪َ :‬‬
‫مسيء))‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫نسأل هللا العظيم أن يرزقنا حسن الجوار‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫الخطبة الثانية‬
‫مع الوقفة الثالثة‪ :‬حقوق الجار‪.‬‬
‫إن حق وق الج ار كث يرة ومتع ددة‪ ،‬لكن ك ل و تأملته ا لوج دتها تتف رع من ثالث ة حق وق ك برى؛ وهي‪:‬‬
‫الحق األول‪ :‬بذل المعروف واإلحسان إليه؛ وذلك بأن يتعاه د جيران ه ويطعمهم من طعام ه‪ ،‬ويتعاه د األق رب منهم‬
‫بالهدية‪ ،‬وأن يكون عونًا لهم ويشاركهم في أفراحهم وأتراحهم‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫ذرّ رض ي هللا عن ه أن الن بي ص لى هللا علي ه وس لم ق ال ل ه‪(( :‬ي ا أب ا ذر إذا طبخت‬ ‫ٍ‬ ‫أبي‬ ‫عن‬ ‫مسلم‬ ‫صحيح‬ ‫في‬ ‫‪ ‬‬ ‫•‬
‫مرق ًة‪ ،‬فأكثر ماءها‪ ،‬وتعاهد جيرانك))‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫•‪  ‬وروى البيهقي عن ابن عباس رضي هللا عنهما‪ ،‬قال‪ :‬سمعت رس ول هللا ص لى هللا علي ه وس لم يق ول‪(( :‬ليس‬
‫المؤمن الذي يشبع‪ ،‬وجاره جائع إلى جنبه))‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫•‪  ‬وروى البخاري في األدب المفرد عن ابن عمر رضي هللا عنهما‪ ،‬قال‪ :‬سمعت النبي صلى هللا عليه وسلم يقول‪:‬‬
‫((كم من جار متعلق بجاره يوم القيامة‪ ،‬يقول‪ :‬يا رب‪ ،‬هذا أغلق بابه دوني‪ ،‬فمنع معروفه))‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫الحق الثاني‪ :‬كف األذى عنه؛ فال يتطل ع إلى ع وراتهم‪ ،‬وال ي ؤذيهم ب القول وال بالفع ل؛ فق د ج اء الوعي د الش ديد‬
‫فيمن يؤذي جاره‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫خص مين ي وم القيام ة‬ ‫َ‬ ‫((أول‬ ‫لم‪:‬‬ ‫وس‬ ‫ه‬ ‫علي‬ ‫هللا‬ ‫لى‬ ‫ص‬ ‫هللا‬ ‫ول‬ ‫رس‬ ‫ال‬ ‫ق‬ ‫ال‪:‬‬ ‫ق‬ ‫ه‪،‬‬ ‫عن‬ ‫هللا‬ ‫ي‬ ‫رض‬ ‫امر‬ ‫ع‬ ‫بن‬ ‫عقبة‬ ‫عن‬ ‫‪ ‬‬ ‫•‬
‫جاران))؛ [رواه أحمد‪ ،‬والطبراني]‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫•‪ ‬قال المناوي رحمه هللا‪" :‬أي‪ :‬أول خصمين ُي قضى بينهما يوم القيامة جاران‪ ،‬آذى أحدهما صاحبه؛ اهتما ًما بشأن‬
‫حق الجوار الذي حث الشرع على رعايته"‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫الحق الثالث‪ :‬الصبر وتحمُّل األذى الذي يصدر منه‪ ،‬فإذا اب ُتليت بجار س وء يؤذي ك‪ ،‬فعلي ك بالص بر‪ ،‬وت ذكر أن ص برك‬
‫هذا على أذى جارك مما يؤهلك لمحبة هللا جل في عاله‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫•‪ ‬كما جاء في حديث أبي ذر رضي هللا عنه عن النبي صلى هللا علي ه وس لم أن ه ق ال‪(( :‬ثالث ة يحبهم هللا‪ ،‬وذك ر‬
‫منهم‪ :‬ورجل له جار يؤذيه‪ ،‬فيصبر على أذاه ويحتسبه‪ ،‬حتى يكفيَه هللا إياه بم وت أو حي اة))؛ [رواه أحم د بإس ناد‬
‫على شرط مسلم‪ ،‬وصححه األلباني]‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫ي‪ ،‬فق ال ابن مس عود‪ :‬اذهب ف إن‬ ‫•‪ ‬وجاء رجل إلى ابن مسعود وقال‪" :‬إن لي جا ًرا يؤذيني ويشتمني‪ ،‬ويضيق عل َّ‬
‫هو عصى هللا فيك‪ ،‬فأطعِ هللا فيه"‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫فإن عجزت عن الصبر على إيذاء جارك‪ ،‬فتذكر هذه الوصية النبوية‪:‬‬
‫•‪  ‬عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال‪(( :‬جاء رجل إلى النبي صلى هللا علي ه وس لم يش كو ج اره‪ ،‬فق ال ل ه الن بي‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪ :‬اذهب فاصبر‪ ،‬فأتاه مرتين أو ثالثً ا‪ ،‬فق ال ل ه الن بي ص لى هللا علي ه وس لم‪ :‬اذهب ف اطرح‬
‫متاعك في الطريق‪ ،‬فطرح متاعه في الطريق‪ ،‬فجعل الناس يسألونه‪ ،‬فيخبرهم خبره‪ ،‬فجعل الناس يلعنونه‪ :‬فع ل‬
‫هللا به وفعل))‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫•‪  ‬وفي لفظ آخر‪(( :‬فجاء الرجل إلى النبي صلى هللا عليه وسلم فقال‪ :‬يا رسول هللا‪ ،‬لقيت من الناس‪ ،‬ق ال ص لى‬
‫هللا عليه وسلم‪ :‬وما لقيت؟ فقال الرجل‪ :‬يلعنونني‪ ،‬فقال صلى هللا عليه وسلم‪ :‬قد لعنك هللا قب ل الن اس‪ ،‬فق ال‪:‬‬
‫إني ال أعود‪ ،‬ثم ذهب إلى جاره‪ ،‬فقال له‪ :‬ارجع ال ترى مني ش يًئ ا تكره ه‪ ،‬فج اء الش اكي إلى الن بي ص لى هللا‬
‫علي ه وس لم‪ ،‬فق ال ص لى هللا علي ه وس لم‪ :‬ارف ع متاع ك‪ ،‬فق د كُفيت))؛ [أخرج ه أب و داود‪ ،‬والح اكم‪ ،‬وص ححه‬
‫الذهبي]‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫ونختم بهذا النموذج الرائع في الصبر على أذى الجار‪:‬‬
‫وي عن سهل بن عبدهللا التستري رحمه هللا‪" :‬أنه كان له جار ذ ّمِي‪ ،‬وك ان ق د انبث ق من كنيف ه إلى بيت‬ ‫•‪ ‬فقد ُر َ‬
‫ق‪ ،‬فك ان س هل يض ع ك ل ي وم الجفن ة تحت ذل ك البث ق‪ ،‬فيجتم ع م ا يس قط في ه من ك نيف‬ ‫في دار س هل بث ٌ‬
‫المجوسي‪ ،‬ويطرح ه باللي ل؛ حيث ال ي راه أح د‪ ،‬فمكث رحم ه هللا على ه ذه الح ال زمانً ا ط وياًل ‪ ،‬إلى أن حض رت‬
‫سهاًل الوفاة‪ ،‬فاستدعى جاره المجوسي‪ ،‬وقال له‪ :‬ادخل ذلك البيت وانظر ما فيه‪ ،‬فدخل فرأى ذلك البث ق والق ذر‬
‫يسقط منه في الجفنة‪ ،‬فقال‪ :‬م ا ه ذا ال ذي أرى؟ ق ال س هل‪ :‬ه ذا من ذ زم ان طوي ل يس قط من دارك إلى ه ذا‬
‫البيت‪ ،‬وأنا أتلقاه بالنهار وألقيه بالليل‪ ،‬ولوال أنه حض رني أجلي‪ ،‬وأن ا أخ اف أاَّل تتس ع أخالق غ يري ل ذلك‪ ،‬وإال لم‬
‫أخبرك‪ ،‬فافعل ما ترى‪ ،‬فقال المجوسي‪ :‬أيها الشيخ‪ ،‬أنت تعاملني بهذه المعاملة منذ زمان طويل‪ ،‬وأنا مقيم على‬
‫كفري‪ ،‬م َّد يدك؛ فأنا أشهد أن ال إله إال هللا‪ ،‬وأن محم ًدا رسول هللا‪ ،‬ثم مات سهل رحمه هللا"‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫نسأل هللا العظيم أن يصلح أحوال المسلمين إلى أحسن حال‪.‬‬

You might also like