Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 75

‫عـقـيدة بـني الـعـباس‬

‫وحمايتهم للدين والعقيدة والسنة‬

‫قال النبي الهاشمي صلى اهلل عليه وآله وسلم ( أيها الناس قد تركت فيكم ما‬
‫صحيح اجلامع ‪.‬‬ ‫إن أخذتم به لن تضلوا ‪ :‬كتاب اهلل و عترتي أهل بيتي )‬

‫جمعه وأعده‬

‫الشريف أبو العباس‬ ‫الشريف أبو عبدالرحمن‬

‫عبداإلله بن حاتم بن أحمد‬ ‫عبدالمحسن بن حاتم بن أحمد العباسي‬


‫العباسي‬

‫‪a.h.a.abbasi @gmail.com‬‬

‫‪1‬‬
‫الفهرسـ‬

‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬

‫المقدمةـ ‪.........................................................................‬‬
‫‪5‬‬

‫الفصل األولـ ‪ -:‬عقائد بني العباس‬

‫‪ -1‬عقيدة أمري املؤمنني اخلليفة أبو العباس القادر باهلل ‪8 ..............................‬‬

‫‪ -2‬عقيدة القاضي الشريف أبو علي ابن أيب موسى احلنبلي العباسي ‪12 ...............‬‬

‫الفصل الثاني ‪ -:‬ثناء األئمة على بني العباسـ ‪...................................‬‬


‫‪15‬‬

‫الفصل الثالث ‪ -:‬عقيدة وجهود أفراد بني العباس‬

‫‪ - 1‬حرب األمة الصحايب عبداهلل بن العباس بن عبداملطلب ‪18 .........................‬‬

‫‪ - 2‬علي السجاد بن عبداهلل بن العباس بن عبداملطلب ‪18 ............................‬‬

‫‪ -3‬أمري املؤمنني اخلليفة أبو العباس السفاح ‪19 ......................................‬‬

‫‪ -4‬أمري املؤمنني اخلليفة أبو جعفر املنصور ‪20 ......................................‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ - 5‬أمري املؤمنني اخلليفة أبو موسى املهدي ‪.......................................‬‬
‫‪21‬‬

‫‪ - 6‬أمري املؤمنني اخلليفة اهلادي ‪25 ................................................‬‬

‫‪ -7‬أمري املؤمنني اخلليفة هارون الرشيد ‪26 ..........................................‬‬

‫‪ - 8‬أمري املؤمنني اخلليفة األمني ‪29 .................................................‬‬

‫‪ -9‬أمري املؤمنني اخلليفة أبو الفضل املتوكل‪ J‬على اهلل ‪30 ..............................‬‬

‫‪ -10‬أمري املؤمنني اخلليفة املهتدي باهلل ‪35 ..........................................‬‬

‫‪ - 11‬أمري املؤمنني اخلليفة املعتز باهلل ‪.............................................‬‬


‫‪35‬‬

‫‪ - 12‬أمري املؤمنني اخلليفة أبو العباس املعتضد باهلل ‪36 ................................‬‬

‫‪ - 13‬أمري املؤمنني اخلليفة املقتدر باهلل ‪38 ..........................................‬‬

‫‪ - 14‬أمري املؤمنني اخلليفة القاهر باهلل ‪38 ...........................................‬‬

‫‪ - 15‬أمري املؤمنني اخلليفة الراضي باهلل ‪39 ..........................................‬‬

‫‪ - 16‬أمري املؤمنني اخلليفة املتقي هلل ‪39 .............................................‬‬

‫‪ - 17‬أمري املؤمنني اخلليفة أبو بكر الطائع هلل ‪39 .....................................‬‬

‫‪ - 18‬أمري املؤمنني اخلليفة أبو العباس القادر باهلل ‪40 .................................‬‬

‫‪ - 19‬أمري املؤمنني اخلليفة القائم بأمر اهلل ‪42 ........................................‬‬

‫‪ - 20‬أمري املؤمنني اخلليفة املستضيء باهلل ‪43 ........................................‬‬

‫‪3‬‬
‫‪ - 21‬أمري املؤمنني اخلليفة الظاهر باهلل ‪44............................................‬‬

‫‪ - 22‬أمري املؤمنني اخلليفة أبو أمحد املستعصم باهلل ‪44 ................................‬‬

‫‪ - 23‬األمري حممد بن سليمان بن علي بن عبداهلل بن عباس ‪........................‬‬


‫‪45‬‬

‫‪ - 24‬األمري عيسى بن موسى بن حممد بن علي بن عبداهلل بن عباس ‪45 ...............‬‬

‫‪ - 25‬اإلمام سليمان بن داود بن داود بن علي بن عبداهلل بن عباس ‪46 ...............‬‬

‫‪ -25‬األمري موسى بن عيسى بن موسى بن حممد بن علي بن عبداهلل بن عباس ‪46 .....‬‬

‫‪ -26‬اإلمام هارون بن العباس بن عيسى بن عبداهلل بن حممد بن علي بن عبداهلل بن عباس ‪47 ....‬‬

‫‪ -27‬اإلمام إمساعيل بن إبراهيم بن عيسى بن عبداهلل بن حممد بن علي بن عبداهلل بن عباس ‪47 ...‬‬

‫‪ -28‬الشريف أبو جعفر عبد اخلالق ابن أيب موسى احلنبلي العباسي‪................ J‬‬
‫‪48‬‬

‫‪ -29‬الشريف القاضي أبو علي حممد ابن أيب موسى احلنبلي العباسي‪51 .............. J‬‬

‫أبو الربكات عبداهلل بن احلسني السويدي العباسي ‪30- 52 ..........................‬‬

‫‪ -31‬العالمة الشريف علي بن حممد بن سعيد بن عبداهلل السويدي العباسي‪52 ........ J‬‬

‫‪ -32‬العالمة الشريف أبو الفوز حممد أمني بن علي بن سعيد السويدي العباسي‪52 .... J‬‬

‫الفصل الرابعـ ‪ -:‬مختصر عقيدة بني العباس المذكورة في الكتابـ ‪.................‬‬

‫‪53‬‬

‫الفصل الخامس ‪ -:‬بعض من شذ فخالف هذا اإلعتقاد من بني العباس‬


‫‪4‬‬
‫‪ - 1‬أمري املؤمنني اخلليفة املأمون ‪.................................................‬‬
‫‪57‬‬

‫‪ -2‬أمري املؤمنني اخلليفة املعتصم باهلل ‪59 ............................................‬‬

‫‪ - 3‬أمري املؤمنني اخلليفة الواثق باهلل ‪63 .............................................‬‬

‫‪ - 4‬أمري املؤمنني اخلليفة الناصر لدين اهلل ‪.........................................‬‬


‫‪66‬‬

‫الفصل السادس ‪ -:‬المراجع ‪...................................................‬ـ‬


‫‪67‬‬

‫بسم اهلل الرحمنـ الرحيم‬


‫الحمد هلل رب العالمين ‪ ,‬والصالة والسالم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ‪ ,‬أما بعــد‬
‫‪-:‬‬

‫فإن بني العباس بن عبدالطلب عم النبي صـلى اهلل عليـه وآلـه وسـلم وعصـبته أحـد الـبيوت األربعـة‬
‫من بيوت آل النـبي صـلى اهلل عليـه وآلـه وسـلم ‪ ,‬وهـذا األمـر عليـه أصـحاب النـبي صـلى اهلل عليـه‬
‫وآله وسلم فقد روى مسلم أن زيد بن أرقم سئل عن آل الــبيت فقــال هم آل العبــاس وآل عقيــل‬
‫وآل جعفر وآل علي ‪ ,‬وهذ باتفاق أهل السنة والجماعة أيضا ولم يخالف في ذلــك إال المبتدعــة‬
‫فق ــد ق ــال ابن تيمي ــة في منه ــاج الس ــنة (‪-:)359\4‬ـ ( ـ اتفق العلم ــاء على أن ب ــني العب ــاس وب ــني‬
‫الح ـ ــارث بن عبـ ـ ـدالمطلب من آل محمد ال ـ ــذين تحـ ـ ــرم عليهم الصـ ـ ــدقة وي ـ ــدخلون في الصـ ـ ــالة‬
‫ويستحقون من الخمس)‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫وأثبت بنــو العبــاس بــأقوالهم وأفعــالهم أنهم من آل الــبيت تــدينا وعقيــدة وليس نســبا فقــط ‪ ,‬فقــد‬
‫نصــروا الــدين و عقيــدة الســلف وســنة النــبي صـلى اهلل عليــه وســلم ودافعــوا عنهــا وقــاموا بحمايتهــا‬
‫أتم حمايــة وشــهد لهم بــذلك أهــل العلم في كتبهم ‪ ,‬ولم يخــالف ذلــك منهم إال من شــذ فتــبرأوا‬
‫منــه ‪ ,‬وال نعلم قبيلــة أو عشــيرة من بــني هاشــم بــل من قــريش بــل من العــرب بــل من العجم قــامت‬
‫بعشر معشار ما قام به بنو العباس من نصرة الدين والعقيدة والســنة وحمايتهــا وذلــك من نعمــة اهلل‬
‫ومنتـه عليهم ( ولكن اهلل يمن على من يشـاء من عبـاده ) ‪ ,‬ولـذلك رمـاهم أهـل البـدع واألهـواء‬
‫والحاسـ ــدون والحاقـ ــدون عن قـ ــوس واحـ ــدة فتكلمـ ــوا فيهم وكـ ــذبوا عليهم وشـ ــوهوا تـ ــاريخهم‬
‫وحاربوهم بشتى الوسائل ولكن ( إن اهلل يدافع عن الذين ءامنوا ) ‪.‬‬

‫فأصــبح من شــعار أهــل البــدع التــبرؤ من بــني العبــاس كمــا قــال ابن أبي العــز في شــرح الطحاويــة‬
‫(ص ‪ -: )490‬قال القاضي أبو بكر ابن الطيب عن الباطنية وكيفية إفسادهم لــدين اإلســالم قــال‬
‫يقولون للداعي ‪ :‬يجب عليك إذا وجدت من تدعوه مســلما أن تجعل التشــيع عنــده دينه وشــعاره‬
‫واجعل الم ــدخل من جهة ظلم الس ــلف لعلي وقتلهم الحس ــين والت ــبري من تيم وع ــدي وب ــني أمية‬
‫وبني العباس ‪ .‬انتهى ‪.‬‬

‫وأصــبح كــل من أثـنى على بــني العبــاس وذكــر أخبــارهم ناصــبيا مهــددا من الــروافض ‪ ,‬كمــا حصــل‬
‫مع الخطيب البغدادي عندما أخرج من دمشــق بســبب أنــه ناصـبي يــروي فضــائل الصــحابة وأخبــار‬
‫خلفـــاء بـــني العبـــاس في الجـــامع فكـــان ذلك ســـبب إخـــراج الخطيب من دمشق كم ــا ذك ــره ابن‬
‫عساكر في تاريخ دمشق (‪. )285\14‬‬

‫فهـذا كتـاب عظيم جمعنــا فيــه مجموعـة من العقائـد الـتي كتبهـا بنــو العبــاس بأنفسـهم واعتقـدوهاـ ‪,‬‬
‫وجمعنــا أيضــا نقــوالت عن األئمــة يثنــون فيهــا على بــني العبــاس وعقائــدهم ‪ ,‬وذكرنــا أيضــا عقيــدة‬
‫بعض األفراد من بـني العبـاس وجهـودهم في حمايـة ونصـرة الـدين والعقيـدة والسـنة ‪ ,‬وجعلنـا بعـد‬
‫ذلك مختصــرا لعقيــدة بـني العبـاس الـتي ذكـرت في هــذا الكتـاب ‪ ,‬وتكلمنــا في نهايــة الكتـاب عن‬
‫بعض من شذ عن بني العباس وخالف طريقتهم ‪ ,‬وجمعنا لهذا الكتاب له عدة أسباب منها ‪-:‬‬

‫‪ -1‬هديـة لبـني العبـاس كلهم حـتى يعلمـوا عقيـدة أسـالفهم ‪ ,‬فمن كــان عليهــا فليحمــد اهلل ‪ ,‬ومن‬
‫خالف شيئا منها فليتق اهلل وليعتقد ما اعتقدوه حتى يكون منهم نسبا وعقيدة ‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫‪ -2‬حــتى يعلم عامــة النــاس أن هــذه عقيــدة آل الــبيت وليســت عقيــدتهم األشــعرية أو الزيديــة أو‬
‫الرفض أو التصوف البدعي أوالشركي ‪.‬‬

‫‪ -3‬الرد على بعض من تطاول على بني العباس فوصفهم بأوصاف سيئة وطعن في عقيدتهم ‪.‬‬

‫‪ -4‬أن هـ ــذا من حقـ ــوق أجـ ــدادنا وأسـ ــالفنا علينـ ــا ‪ ,‬فـ ــإن الخمسـ ــمائة سـ ــنة األخـ ــيرة من تـ ــاريخ‬
‫المسلمين كانت سنوات نحسات انــدرس فيهــا العلم وانخفتت فيهــا أنــوار العقيــدة ‪ ,‬فجهــل كثــير‬
‫من بني العباس ما كان عليه أسالفهم وأجدادهم ‪ ,‬فتبيين ما كانوا عليه حق لهم علينا ‪.‬‬

‫وهنا كلمة نوجهها لبـني العبـاس فنقـول لمـا كـان بنـو العبـاس أهـل ديانـة متمسـكين بالسـنة مبعـدين‬
‫ومحــاربين للمبتدعــة كــانت دولتهم قويــة عزيــزة ‪ ,‬فلمــا أظهــر المــأمون البــدع لم تمكث إال ‪14‬‬
‫سنة فسرعان ما أزالوها وأعادوا السنة وتمسكوا بها واستمروا على ذلك ‪ ,‬ودخل الضعف فيهم‬
‫لما ظهرت فيهم المعصيةـ لكن مــع التمســك بالعقيـدة والســنة وقــد فسـدت عقائــد كثـير من النــاس‬
‫فكانت الدول تنشأ وتسقط دولة بعد دولة وهم باقون ‪ ,‬فلما قويت ديــانتهم قــويت دولتهم ولم‬
‫يكن ألحد معهمـ كلمة إلى أن جعل الخليفة المستعصم وزيره رافضيا بإختياره فحصلت القاصمة‬
‫‪ ,‬مع أن المستعصم كما سيأتي كان على عقيدة السـلف وكـان الرافضـةـ مهـانين في وقتـهـ ‪ ,‬فكـان‬
‫السقوط عقابا من اهلل لبني العباس لتقريبهم أهــل البــدع واهلل أعلم ‪ ,‬فعلى بـني العبــاس أن يتعظــوا‬
‫مما حصل مع أسالفهم فيكونون أهل ديانة وعقيدة معادين ألهل البدع والضالل وقدوة للناس ‪.‬‬

‫ونحن نحم ــد اهلل ع ــز وج ــل حم ــدا كث ــيرا طيب ــا على أن جعلن ــا من ب ــني العب ــاس وعلى عقي ــدتهم ‪,‬‬
‫وهــذه النعمــة وهي نعمــة النســب ليس لإلنســان أي يــد فيهــا ‪ ,‬فــإن اإلنســان يولــد و معـهـ نســبه ولم‬
‫يب ــذل في تحص ــيله أي مش ــقة بعكس نعم ــة الم ــال والص ــحة فإنه ــا غالب ــا م ــا تحت ــاج إلى ن ــوع من‬
‫المشقة ‪.‬‬

‫ومن حقوق القراء علينا أن نسرد نسبنا ‪ ,‬فإن اإلنتساب إلى بني هاشم البـد لـه من بينـة وال سـيما‬
‫أنه قد كثر في هذه األيام ادعاءات النسب الهاشمي بمختلف فروعه ‪.‬‬

‫فنحن عبدالمحس ــن وعبداإلل ــه ابن ــا ح ــاتم بن أحم ــد بن علي بن الحس ــين بن علي بن س ــليمان بن‬
‫أحم ــد بن الحس ــين بن علي بن عالء ال ــدين بن علي بن هاش ــم بن أبي بك ــر بن محم ــد بن علي بن‬
‫محمد بن الحســن بن أحمــد بن جعفــر بن علي بن شــرف الـدين بن تقي الــدين أبي بكــر بن موســى‬

‫‪7‬‬
‫بن تقي الدين أبي بكر ابن جعفر بن الخليفة الطائع هلل بن الخليفة المطيــع هلل بن الخليفــة المقتــدر‬
‫باهلل بن الخليفــة المعتضــد باهلل بن األمــير الموفــق طلحــة بن الخليفــة المتوكــل على اهلل بن الخليفــة‬
‫المعتصـم باهلل بن الخليفـة هـارون الرشـيد بن الخليفـة المهـدي بن الخليفـة أبي جعفـر المنصـور بن‬
‫اإلم ــام محم ــد بن علي الس ــجاد بن عبداهلل بن العب ــاس بن عب ــدالمطلب بن هاش ــم بن عب ــد من ــاف‬
‫القرشي ‪.‬‬

‫وهذا النسب مذكور في الصك الصادر من نقابة األشراف العباسيين في صفد عام ‪ 985‬هـ وهــو‬
‫موجود اليوم مع اإلضافات الملحقة به إلى يومنا هذا ‪.‬‬

‫وأخــيرا فكمــا قــال رســول اهلل صــلى اهلل عليــه وآلــه وســلم ( من ال يشــكر النــاس ال يشــكر اهلل )‬
‫فبعد شكر اهلل عز وجـل نشـكر صـاحب الفضـل األكـبر علينـا منـذ الصـغر من بعـد فضـل اهلل تعـالى‬
‫الوالــد الشــريف النســابة أبــا عبدالمحســن حــاتم بن أحمــد العباســي فقــد كــانت لــه توجيهــات مهمــة‬
‫اســتفدنا منهــا ‪ ,‬ونشــكر أيضــا العم األكــبر الشــريف النســابة أبــا أحمــد حســني بن أحمــد العباســي‬
‫الذي له جهود كبـيرة في خدمـة النسـب العباسـي وتعريـف النـاس بهم ومعـه الوالـد ‪ ,‬وقـدـ شـجعانا‬
‫على القيــام بهــذا الجمــع المبــارك ‪ ,‬حفظهمــا اهلل من كــل شــر وســوء ومكــروه ووفقهمـاـ لكــل خــير‬
‫وسدد خطاهما وأيدهما على ضعاف الدين واألمانة والمبتدعين ‪.‬‬

‫كتبه عبدالمحسن وعبداإلله ابنا حاتم العباسي ‪ -‬جدة ‪ 1430\6\10 -‬هـ‬

‫( الفصل األول ‪ -:‬عقائد بني العباس )‬

‫‪ -1‬عقيدة أمير المؤمنين الخليفة أبو العباس القادرـ باهلل (‪ 422‬هـ) ‪-:‬‬

‫قال ابن الجوزي في المنتظم (‪-: )384\4‬‬

‫أخبرنا محمد بن ناصر الحافظ حدثنا أبو الحسـين محمد بن محمد بن الفـراء قـال‪ :‬أخـرج اإلمـام‬
‫القــائم بــأمر اهلل أمــير المؤمــنين أبو جعفر ابن القــادر باهلل في ســنة نيف وثالثين وأربعمائة االعتقــاد‬
‫القــادري الــذي ذكــره القــادر فقــرئ في الــديوان وحضر الزهــاد والعلمــاء وممن حضر الشــيخ أبو‬

‫‪8‬‬
‫الحسن علي بن عمر القزويني فكتب خطة تحته قبل أن يكتب الفقهــاءـ وكتب الفقهــاءـ خطــوطهم‬
‫فيه‬

‫أن هذا اعتقاد المسلمين ومن خالفه فقد فسق وكفر‪ ,‬وهو‪-:‬‬

‫يجب على اإلنسان أن يعلم أن اهلل عز وجل وحده ال شريك له ‪.‬‬

‫لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد ‪.‬‬

‫لم يتخذ صاحبة وال ولدا ‪.‬‬

‫ولم يكن له شريك في الملك ‪.‬‬

‫وهو أول لم يزل وآخر ال يزال ‪.‬‬

‫قادر على كل شيء غير عاجز عن شيء ‪.‬‬

‫إذا أراد شيئاً قال له كن فيكون ‪.‬‬

‫غني غير محتاج إلى شيء ال إله إال هو الحي القيوم ال تأخذه سنة وال نوم ‪.‬‬

‫يطعم وال يطعم ‪.‬‬

‫ال يستوحش من وحدة وال يأنس بشيء ‪.‬‬

‫وهو الغني عن كل شيء ‪.‬‬

‫ال تخلفه ال ــدهور واألزم ــان وكيف تغ ــيره ال ــدهور واألزم ــان وهو خ ــالق ال ــدهور واألزم ــان والليل‬
‫والنهــار والضـوء والظلمة والسـموات واألرض وما فيها من أنـواع الخلق والــبر والبحر وما فيهما‬
‫وكل شيء حي أو موات أو جماد ‪.‬‬

‫كان ربنا وحده ال شيء معه ‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫وال مك ــان يحويه فخلق كل ش ــيء بقدرته وخلق الع ــرش ال لحاجته إليه فاس ــتوى عليه كيف ش ــاء‬
‫وأراد ال استقرار لراحة كما يستريح الخلق ‪.‬‬

‫وهو مدبر السـموات واألرضــين ومـدبر ما فيهما ومن في الـبر والبحر وال مـدبر غـيره وال حافظ‬
‫سواه يرزقهم ويمرضهم ويعافيهم ويميتهم ويحييهم ‪.‬‬

‫والخلق كلهم عاجزون والمالئكة والنبيون والمرسلون والخلق كلهم أجمعون ‪.‬‬

‫وهو القادر بقدرة والعالم بعلم أزلي غير مستفاد ‪.‬‬

‫وهو السميع بسمع والمبصر ببصر يعرف صفتهما من نفسه ال يبلغ كنههما أحد من خلقه ‪.‬‬

‫متكلم بكالم ال بآلة مخلوقة كآلة المخلوقين ‪.‬‬

‫ال يوصف إال بما وصف به نفسه أو وصفه به نبيه عليه السالم ‪.‬‬

‫وكل ص ـ ــفة وصف بها نفسه أو وص ـ ــفه بها رس ـ ــوله ص ـ ــلى اهلل عليه وس ـ ــلم فهي ص ـ ــفة حقيقية ال‬
‫مجازية ‪.‬‬

‫ويعلم أن كالم اهلل تع ــالى غ ــير مخل ــوق تكلم به تكليمــاً وأنزله على رس ــوله ص ــلى اهلل عيه وس ــلم‬
‫على لس ــان جبريل بع ــدما س ــمعه جبريل منه فتاله جبريل على محمد ص ــلى اهلل عليه وس ــلم وتاله‬
‫محمد على أصـ ـ ــحابه وتاله أصـ ـ ــحابه على األمة ولم يصر بتالوة المخلـ ـ ــوقين مخلوق ـ ـ ـاً ألنه ذلك‬
‫الكالم بعينه الذي تكلم اهلل به فهو غير مخلــوق فبكل حــال متلــواً ومحفوظـاً ومكتوبـاً ومســموعاً‬
‫ومن قال أنه مخلوق على حال من األحوال فهو كافر حالل الدم بعد االستتابة منه ‪.‬‬

‫ويعلم أن اإليمــان قــول وعمل ونية وقــول باللســان وعمل باألركــان والجــوارح وتصــديق به يزيد‬
‫وينقص يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ‪.‬‬

‫وهو ذو أجزاء وشعب فأرفع أجزائه ال إله إال اهلل وأدناها إماطة األذى عن الطريق والحيــاء شــعبة‬
‫من شعب اإليمان ‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫والصبر من اإليمان بمنزلة الرأس من الجسد ‪.‬‬

‫واإلنسان ال يدري كيف هو مكتــوب عند اهلل وال بمــاذا يختم له فلــذلك يقــول مــؤمن إن شــاء اهلل‬
‫وأرجو أن أكــون مؤمن ـاً وال يضــره اإلســتئناء والرجــاء وال يكــون بهما شــاكاً وال مرتاب ـاً ألنه يريد‬
‫بذلك ما هو مغيب عنه من أمر آخرته وخاتمته ‪.‬‬

‫وكل شـــيء يتقـــرب به إلى اهلل تعـ ــالى ويعمل لخـــالص وجهه من أن ــواع الطاعـ ــات فرائضه وسـ ــننه‬
‫وفضائله فهو كله من اإليمان منسوب إليه ‪.‬‬

‫وال يكون لإليمان نهاية أبدا ألنه ال نهاية للفضائل وال للمتبوع في الفرائض أبداً ‪.‬‬

‫ويجب أن يحب الصــحابة من أصــحاب النــبي صــلى اهلل عليه وســلم كلهم ونعلم أنهم خــير الخلق‬
‫بعد رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪.‬‬

‫وأن خ ــيرهم كلهم وأفض ــلهم بعد رس ــول اهلل ص ــلى اهلل عليه وس ــلم أبو بكر الص ــديق ثم عمر بن‬
‫الخطاب ثم عثمان بن عفان ثم علي بن أبي طالب رضي اهلل عنهم ‪.‬‬

‫ويشهد للعشرة بالجنة ويترحم على أزواج رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪.‬‬

‫ومن سب سيدتنا عائشة رضي اهلل عنها فال حظ له في اإلسالم ‪.‬‬

‫وال يقول في معاوية رضي اهلل عنه إال خيراً ‪.‬‬

‫وال ي ــدخل في ش ــيء ش ــجر بينهم وي ــترحم على جم ــاعتهم‪ ،‬ق ــال اهلل تع ــالى‪ " :‬وال ــذين ج ــاءوا من‬
‫بعـ ــدهم يقولـ ــون ربنا اغفر لنا وإلخواننا الـ ــذين سـ ــبقونا باإليمـ ــان وال تجعل في قلوبنا غالً للـ ــذين‬
‫آمن ــوا ربنا إنك رؤوف رحيم " وق ــال فيهم‪ " :‬ونزعنا ما في ص ــدورهم من غل إخوان ـاً على س ــرر‬
‫متقابلين " ‪.‬‬

‫وال يكفر بترك شيء من الفرائض غير الصالة المكتوبة وحــدها فإنه من تركها من غــير عــذر وهو‬
‫صــحيح فــارغ حــتى يخــرج وقتـ األخــرى فهو كــافر وإن لم يجحــدها قوله صــلى اهلل عليه وســلم‬
‫بين العبد والكفر ترك الصالة فمن تركها فقد كفر ‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫وال يزال كافراً حــتى ينــدم ويعيــدها فــإن مــات قبل أن ينــدم ويعيد أو يضــمر أن يعيد لم يصل عليه‬
‫وحشر مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف ‪.‬‬

‫وسائر األعمال ال يكفر بتركها وإن كان يفسق حتى يجحدها ‪.‬‬

‫هــذا قــول أهل الســنة والجماعة الــذي من تمسك به كــان على الحق المــبين وعلى منهــاج الــدين‬
‫والطريق المستقيم ورجى به النجاة من النار ودخول الجنة إن شاء اهلل تعالى ‪.‬‬

‫وقـ ــال الن ـ ــبي صـ ــلى اهلل عليه وس ـ ــلم الـ ــدين النصـ ــيحة قيل لمن يا رس ـ ــول اهلل ‪ ,‬ق ـ ــال‪ :‬هلل ولكتابه‬
‫ولرسوله وألئمة المسلمين ولعامتهمـ ‪.‬‬

‫وقـــال عليه الســـالم‪ :‬أيما عبد جاءته موعظة من اهلل تعـ ــالى في دينه فإنها نعمة من اهلل سـ ــيقت إليه‬
‫فإن قبلها يشكر وإال كانت حجة عليه من اهلل ليزداد بها إثماً ويزاد بها من اهلل سخطاً ‪.‬‬

‫جعلنا اهلل آلالئه من الشاكرين ولنعمائه ذاكرين وبالسنة معتصمين وغفر لنا ولجميع المسلمين‪.‬‬

‫‪ -2‬عقيدة القاضيـ الشريف أبو علي محمد ابن أبي موسى الحنبلي العباسي (‬
‫‪428‬هـ)‬

‫قال أبو يعلى في طبقات الحنابلة (‪-:)53\2‬‬

‫قرأت على المبارك بن عبد الجبار من أصله في حلقتنا بجـامع المنصـور قلت له‪ :‬حـدثك القاضي‬
‫الشريف أبو علي قال‪ :‬باب ما تنطق به األلسنة وتعتقده األفئدة من واجب الديانات‪.‬‬

‫حقيقة اإليمان عند أهل األديان االعتقاد بالقلب والنطق باللسان‪:‬‬

‫‪12‬‬
‫أن اهلل تعالى واحد أحد فرد صمد ال يغيره األبد ليس له والد وال ولد ‪.‬‬

‫وأنه سميع بصير بديع قدير حكيم خبير علي كبـير ولي نصــير قـوي مجــير ليس له شــبيه وال نظـير‬
‫وال عون وال ظهير وال شريك وال وزير وال ند وال مشير ‪.‬‬

‫سبق األشياء فهو قديم ال كقدمها وعلم كون وجودها في نهاية عدمها ‪.‬‬

‫لم تملكه الخواطر فتكيفه ولم تدركه األبصار فتصفه ‪.‬‬

‫ولم يخل من علمه مكان فيقع به التأبين ولم يقدمه زمان فينطلق عليه التأوين ‪.‬‬

‫ولم يتقدمه دهر وال حين وال كان قبله كون وال تكوين ‪.‬‬

‫وال تجري ماهيته في مقال وال تخطر كيفيته ببال وال يدخل في األمثال واألشكال ‪.‬‬

‫صفاته كذاته ليس بجسم في صفاته جل أن يشــبه بمبتدعاته أو يضــاف إلى مصــنوعاته ليس كمثله‬
‫شيء وهو السميع البصير ‪.‬‬

‫أراد ما الخلق فاعلوه ولو عصمهم لما خالفوه ولو أراد أن يطيعوه جميعاً ألطاعوه ‪.‬‬

‫خلق الخالئق وأفعالهم وقدرـ أرزاقهم وآجالهم ‪.‬‬

‫ال س ـ ـ ــمي له في أرضه وس ـ ـ ــماواته على الع ـ ـ ــرش اس ـ ـ ــتوى وعلى الملك احت ـ ـ ــوى وعلمه محيط‬
‫باألشياء‪.‬‬

‫ك ـ ـ ــذلك س ـ ـ ــئل اإلم ـ ـ ــام أحمد بن محمد بن حنبل رضي اهلل عنه عن قوله عز وجل ما يك ـ ـ ــون من‬
‫نجــوى ثالثة إال هو رابعهم وال خمسة إال هو سادســهم وال أدنى من ذلك وال أكــثر إال هو معهم‬
‫أينما كانوا فقال‪ :‬علمه‪.‬‬

‫والقرآن كالم اهلل تعالى وصفة من صفات ذاته غير مخلوق وال محدث ‪.‬‬

‫كالم رب العـ ــالمين في صـ ــدور الحـ ــافظين وعلى ألسن النـ ــاطقين وفي أسـ ــماع السـ ــامعين وأكف‬
‫الكاتبين ومالحظة الناظرين برهانه ظاهر وحكمه قاهر ومعجزه باهر‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫وأن اهلل عز وجل كلم موسى تكليماً وتجلى للجبل فجعله دكاً هشيماً ‪.‬‬

‫وأنه خلق النفوس وسواها وألهمها فجورها وتقواها ‪ ,‬واإليمان بالقدر خيره وشره حلوه ومره ‪.‬‬

‫أن مع كل عبد رقيباً وعتيداً وحفيظاً وشهيداً يكتبان حسناته ويحصيان سيئاته ‪.‬‬

‫وأن كل مؤمن وكافرـ وبر وفاجرـ يعاين عمله عند حضور منيته ويعلم مصيره قبل ميتته‪.‬‬

‫وأن منكراً ونكيراً إلى كل أحد ينزالن سوى النبيين فيسأالن ويمتحنان عما يعتقده من األديان ‪.‬‬

‫وأن المؤمن يخبر في قبره بالنعيم والكافر يعذب بالعذاب األليم ‪.‬‬

‫وأنه ال محيص لمخلوق من القدر المقدورـ ولن يتجاوز ما خط في اللوح المسطور‪.‬‬

‫وأن الساعة آتية ال ريب فيها وأن اهلل يبعث من في القبور‪.‬‬

‫وأن اهلل جل اس ــمه يعيد خلقهم كما ب ــدأهم ويحش ــرهم كما ابت ــدأهم من ص ــفائح القب ــور وبط ــون‬
‫الحيتان في تخوم البحور وأجواف السباع وحواصل النسور‪.‬‬

‫وأن اهلل تعالى يتجلى في القيامة لعباده األبرار فيرونه بالعيون واألبصار ‪.‬‬

‫وانه يخرج أقواماً من النار فيسكنهم الجنة دار القرار ‪.‬‬

‫وأنه يقبل شفاعة محمد المختار في أهل الكبائر واألوزار ‪.‬‬

‫وأن الم ـ ــيزان حق توضع فيه أعم ـ ــال العب ـ ــاد فمن ثقلت موازينه نجا من الن ـ ــار ومن خفت موازينه‬
‫أدخل جهنم وبئس القرار ‪.‬‬

‫وأن الصراط حق يجوزه األبرار ‪.‬‬

‫وأن حوض رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم حق يرده المؤمنون ويذاد عنه الكفار‪.‬‬

‫وأن اإليمـ ــان غـ ــير مخلـ ــوق وهو قـ ــول باللسـ ــان وإخالص بالجنـ ــان وعمل باألركـ ــان يزيد بالطاعة‬
‫وينقص بالعصيان‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫وأن محمداً صلى اهلل عليه وسلم خاتم النبيين وأفضل المرسلين ‪.‬‬

‫وأمته خير األمم أجمعين وأفضلهمـ القرن الذين شاهدوه وآمنوا به وصدقوه ‪.‬‬

‫وأفضل القرن الذي صحبوه أربع عشرة مائة بايعوه بيعة الرضوان وأفضلهم أهل بدر إذ نصروه‬

‫وأفضــلهمـ أربع ــون في الــدار كنفــوه ‪ ,‬وأفض ــلهم عش ــرة عــزروه ووقــروه شــهد لهم بالجنة وقبض‬
‫وهو عنهم راض ‪ ,‬وأفضل هؤالء العشرة األبرار الخلفاء الراشدون المهديون األربعة األخيار ‪.‬‬

‫وأفضل األربعة أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي عليهم السالم ‪.‬‬

‫وأفضل القرون القرن الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يتبعونهم‪.‬‬

‫وأن نتـ ــولى أصـــحاب محمد صـــلى اهلل عليه وسـ ــلم بأســـرهم وال نبحث عن اختالفهم في أمـ ــرهم‬
‫ونمسك عن الخوض في ذكرهم إال بأحسن الذكر لهم‪.‬‬

‫وأن نت ـ ــولى أهل القبلة ممن ولي ح ـ ــرب المس ـ ــلمين على ما ك ـ ــان فيهم من علي وطلحة والزب ـ ــير‬
‫وعائشة ومعاوية رضوان اهلل عليهم وال ندخل فيما شجر بينهم إتباعـاً لقـول رب العـالمين والـذين‬
‫جاءوا من بعـدهم يقولـون ربنا اغفر لنا وإلخواننا الـذين سـبقونا باإليمـان وال تجعل في قلوبنا غالً‬
‫للذين آمنوا ربنا إنك رؤوفـ رحيم ‪.‬‬

‫( الفصل الثانيـ ‪ -:‬ثناء األئمة على بني العباس )‬

‫كان الخلفاء من بني أمية يسبون آل البيت إال عمر بن عبدالعزيز ويزيد بن الوليد ‪.‬‬

‫قال ابن حزم األموي موالهم في رسائله عن بني العباس (‪ -: )147\2‬إال أنهم لم يعلنوا بسب‬
‫علي بن أبي‬
‫أحد من الصــحابة‪ ،‬رضــوان اهلل عليهم ‪ ،‬بخالف ما كــان بنو أمية يســتعملون من لعن ّ‬
‫طالب رضوان اهلل عليه ‪ ،‬ولعن بنيه الطاهرين من بني الزهـراء ؛ وكلهم كـان على هـذا حاشا عُمر‬
‫بن عبد العزيز ويزيد بن الوليد رحمهما اهلل تعالى فإنهما لم يستجيزا ذلك ‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫ق ـ ــال ابن تيمي ـ ــة في منه ـ ــاج الس ـ ــنة (‪ -: )170\8‬وأعظم ما نقمه الن ـ ــاس على ب ـ ــني أمية ش ـ ــيئان‬
‫أحدهما تكلمهم في علي والثاني تأخير الصالة عن وقتها ‪.‬‬

‫قلنا ‪ :‬ومن أخطائهم أيضا تأخير الصالة عن وقتها بل أحيانا إخراجها عن وقتها ‪ ,‬وتقديم الخطبــة‬
‫على الصــالة في العيــدين ‪ ,‬والتــأذين لصــالة العيــدين ‪ ,‬وأنهم كــانوا يخطبــون قعــودا ‪ ,‬واســتمروا‬
‫على هذا حتى أماتوا السنن وظن النـاس أن البـدع هي السـنن ‪ ,‬فلمـا جـاء بنـو العبـاس رضـوان اهلل‬
‫عليهم أحيوا هذه السنن التي أميتت وأوقفوا سب الصحابة ولعنهم ‪.‬‬

‫وهذه نصوص عن األئمة في الثناء على بني العباس وعقيدتهم ‪-:‬‬

‫‪ -1‬قال ابن كثير في البداية والنهاية (‪-: )396\14‬‬

‫قال البيهقي ولم يكن في الخلفاء قبله ‪ -‬أي المأمون ‪ -‬من بني أمية وبني العباس خليفة إال على‬
‫مذهب السلف ومنهاجهم‪ ،‬فلما ولي هو الخالفة اجتمع به هؤالء فحملوه على ذلك وزينوا له ‪.‬‬

‫‪ -2‬قال أبو عبيد اآلجري في السؤاالت (‪-: )290\1‬‬

‫حـدثنا أبو داود حـدثنا أحمد بن عبـدة قـال‪ :‬سـمعت معـاذـ بن معـاذـ قـال لما قـدم بنو العبـاس بـدأوا‬
‫بالصالة قبل الخطبة‪ ،‬فانصرف الناس وهم يقولون‪ :‬بدلت السنة بدلت السنة يوم العيد ‪.‬‬

‫‪ -3‬قال الذهبي في تاريخ اإلسالم (‪-: )1007\1‬‬

‫قـ ــال عبيد اهلل العيشي‪ :‬قـ ــال أبي‪ :‬سـ ــمعت األشـ ــياخ يقولـ ــون‪ :‬واهلل لقد أفضت الخالفة إلى بـ ــني‬
‫العباس وما في األرض أحد أكثر قارئاً للقرآن وال أفضل عابداً وناسكاً منهم بالحميمة‪.‬‬

‫‪ -4‬قال ابن تيمية في منهاج السنة (‪-: )225\6‬‬

‫وما زال بنو العب ـ ــاس مثب ـ ــتين لخالفة األربعة مق ـ ــدمين ألبي بكر وعمر وعثم ـ ــان على المن ـ ــابر فلم‬
‫يقاتل أحد من شيعتهم وال من شيعة بني أمية قدحا في خالفة الثالثة ‪.‬‬

‫‪ -5‬وقال في منهاج السنة (‪-: )169\8‬‬


‫‪16‬‬
‫ولهذا لما تولى بنو العباس كانوا أحسن مراعاة للوقت من بني أمية ‪.‬‬

‫‪ -6‬وقال في منهاج السنة (‪-: )171\8‬‬

‫ثم كـــان من نعم اهلل ســـبحانه ورحمته باإلســـالم أن الدولة لما انتقلت إلى ب ــني هاشم ص ــارت في‬
‫بـني العبـاس فـإن الدولة الهاشـمية أول ما ظهـرت كـانت الـدعوة إلى الرضا من آل محمد وكـانت‬
‫ش ــيعة الدولة مح ــبين لب ــني هاشم وك ــان ال ــذي ت ــولى الخالفة من ب ــني هاشم يع ــرف ق ــدر الخلف ــاء‬
‫الراش ــدين والس ــابقين األولين من المه ــاجرين واألنص ــار فلم يظهر في دولتهم إال تعظيم الخلف ــاء‬
‫الراش ـ ــدين وذك ـ ــرهم على المن ـ ــابر والثن ـ ــاء عليهم وتعظيم الص ـ ــحابة وإال فلو ت ـ ــولى والعي ـ ــاذ باهلل‬
‫رافضي يسب الخلفاء والسابقين األولين لقلب اإلسالم ولكن دخل في غمار الدولة من كانوا ال‬
‫يرضون باطنه ومن كان ال يمكنهم دفعهـ كما لم يمكن عليا قمع األمراء الذين هم أكابر عســكره‬
‫كاألشعث بن قيس واألشــتر النخعي وهاشم المرقــال وأمثــالهم ودخل من أبنــاء المجــوس ومن في‬
‫قلبه غل على اإلس ــالم من أهل الب ــدع والزنادقةـ وتتبعهم المه ــدي بقتلهم ح ــتى ان ــدفع ب ــذلك شر‬
‫كبير وكان من خيار خلفاء بني العباس وكذلك الرشيد كان فيه من تعظيم العلم والجهاد والدين‬
‫ما كانت به دولته من خيار دول بني العبــاس وكأنما كــانت تمــام ســعادتهم فلم ينتظم بعــدها األمر‬
‫لهم ‪.‬‬

‫‪ -7‬وقال في منهاج السنة (‪-: )358\4‬‬

‫قيل آل محمد ي ـ ــدخل فيهم بنو هاشم وأزواجه وك ـ ــذلك بنو المطلب على أحد الق ـ ــولين وأك ـ ــثر‬
‫هــؤالء تــذمهم اإلماميةـ فــإنهم يــذمون ولد العبــاس ال ســيما خلفــاؤهم وهم من آل محمد صــلى اهلل‬
‫عليه وســلم ويــذمون من يتــولى أبا بكر وعمر وجمهــور بـني هاشم يتولـون أبا بكر وعمر وال يتــبرأ‬
‫منهم صـ ـ ــحيح النسب من بـ ـ ــني هاشم إال نفر قليل بالنسـ ـ ــبة إلى كـ ـ ــثرة بـ ـ ــني هاشم ‪ ,‬وأهل العلم‬
‫والدين منهم يتولون أبا بكر وعمر رضي اهلل عنهما ‪.‬‬

‫‪ -8‬وقال في منهاج السنة (‪-: )55\4‬‬

‫الوجه الثامن‪ :‬أن يقال دعوى كون جميع الخلفاء كانوا مشتغلين بما ذكره من الخمور والفجور‬
‫كـ ــذب عليهم والحكايـ ــات المنقولة في ذلك فيها ما هو كـ ــذب وقد علم أن فيهم العـ ــدل الزاهد‬
‫كعمر بن عبدالعزيز والمهتدي باهلل وأكــثرهم لم يكن مظهــرا لهــذه المنكــرات من خلفــاء بــني أمية‬
‫وبـ ــني العبـ ــاس وإن كـ ــان أحـ ــدهم قد يبتلى ببعض الـ ــذنوب وقد يكـ ــون تـ ــاب منها وقد يكـ ــون له‬

‫‪17‬‬
‫حســنات كثــيرة تمحو تلك الســيئات وقد يبتلى بمصــائب تكفر عنه خطايــاه ففي الجملة الملــوك‬
‫حســناتهم كبــار وســيئاتهم كبــار والواحد من هــؤالء وإن كــان له ذنــوب ومعــاص ال تكــون ألحــاد‬
‫المؤم ــنين فلهم من الحس ــنات ما ليس ألح ــاد المس ــلمين من األمر ب ــالمعروفـ والنهي عن المنكر‬
‫وإقامة الح ــدود وجه ــاد الع ــدو وإيص ــال كث ــير من الحق ــوق إلى مس ــتحقيها ومنع كث ــير من الظلم‬
‫وإقامة كثــير من العــدل ونحن ال نقــول إنهم كــانوا ســالمين من الظــالم والــذنوب كما ال نقــول إن‬
‫أكــثر المســلمين كــانوا ســالمين من ذلك لكن نقــول وجــود الظلم والمعاصي من بعض المســلمين‬
‫ووالة أمورهم وعامهم ال يمنع أن يشارك فيما عمله من طاعة اهلل وأهل السنة ال يأمرون بموافقة‬
‫والة األمور إال في طاعة اهلل ال في معصيته ‪.‬‬

‫‪ -9‬قال الماوردي في الحاوي (‪-: )489\2‬‬

‫َأن ََّأو َل َم ْن َأذَّ َن ل ََها لصـالة‬ ‫صـاَل ِة ال ِْعيـ ِـد ‪َ ،‬ف َـر َوىـ َأبُو قِاَل بَـةَ َّ‬ ‫ِ‬
‫ث اَأْلذَا َن ل َ‬ ‫ض الْـ ُـواَل ِة ْـ‬
‫َأح َد َ‬ ‫َوقَـ ْد َكــا َن َب ْع ُ‬
‫ب ل ََها‬ ‫َأن ََّأو َل َم ْن َأذَّ َن ل ََها ُم َعا ِويَـ ـةُ ‪َ ،‬و َخطَ َ‬ ‫ب َّ‬ ‫الز َب ْي ــ ِر ‪َ ،‬و َر َوى َس ــ ِعي ُد بْ ُن ال ُْم َس ــيَّ ِ‬ ‫العيد َع ْب ــ ُد اللَّ ِه بْ ُن ُّ‬
‫ـال ‪ :‬لََقـ ْد‬ ‫ص ـ َحابَِة ِإلَى َمـ ْـر َوا َن َوقَـ َ‬ ‫ض ال َّ‬ ‫ـام َب ْع ُ‬‫ص ـاَل ِة ‪َ ،‬و َكــا َن َمـ ْـر َوا ُن ِم ْن قِبَلِـ ِـه َعلَى ال َْم ِدينَـ ِـة َف َقـ َـ‬ ‫ـل ال َّ‬
‫َق ْبـ َ‬
‫ضـ ـ ـ َي اللَّهُ َع ْن ُه ْم‬‫ول اللَّ ِه صـ ـ ـلَّى اللَّهُ َعلَْي ـ ـ ِـه وسـ ـ ـلَّم وَأبا ب ْـكـ ـ ٍر وعُمـ ــر وعُثْمـ ــا َن و َعلِيًّا ر ِ‬ ‫ت َر ُسـ ـ ـ َ‬ ‫َأ ْد َر ْك ُ‬
‫ََ َََ َ َ َ َ َ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫ـام َأبُو‬ ‫ـك ُس ـنَّةٌ َم ْت ُرو َكـ ةٌـ ‪َ ،‬ف َقـ َـ‬ ‫ـال تِْلـ َ‬ ‫ص ـاَل ِة ‪ ،‬ف َقـ َ‬ ‫ان َواَل ِإقَ َامـ ٍـة َويَ ْخطُبُ ــو َن َب ْع ـ َد ال َّ‬ ‫يص ـلُّو َن ال ِْعي ـ َد بِاَل َأ َذ ٍ‬
‫َُ‬
‫ص ـلَّى اللَّهُ َعلَْيـ ِـه َو َس ـلَّ َم‬ ‫ت رس ـ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س ـ ِع ٍ‬
‫ول اللَّه َ‬ ‫ـال ‪ََّ :‬أما َهـ َذا َف َقـ َد َأدَّى َما َعلَْيــه ‪َ ،‬س ـم ْع ُ َ ُ‬ ‫ي َف َقـ َ‬ ‫يد الْ ُخـ ْد ِر ُّ‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫ضـ ـ ْع ُ‬ ‫ـك لَ َ‬ ‫ـك َوذَلِ ـ َ‬‫َم تَ ْسـ ـتَ ِط ْع فَبِ َق ْلبِ ـ َ‬
‫ك فَـ ـِإ ْن ل ْ‬ ‫َم تَ ْسـ ـتَ ِط ْع فَبِلِ َسـ ـانِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ـول ‪َ :‬أنْكـ ـ ِر ال ُْم ْن َكـ َـر بِيَ ــد َك فَـ ـِإ ْن ل ْ‬
‫َي ُقـ ُ‬
‫اَأْلم َر ِإلَى َحالِ ِه ‪.‬‬
‫اس َو َردُّوا ْ‬ ‫ْك ِه ْم ِإلَى َأ ْن َولِ َي َبنُو ال َْعبَّ ِ‬ ‫ان ‪ ,‬ثُ َّم جرى َعلَي ِه بنُو ُأميَّةَ َأيَّام مل ِ‬
‫ْ َ َ َُ‬ ‫ََ‬
‫اِإْل يْم ِ‬
‫َ‬
‫‪ -10‬قال ابن واصل في مفـرج الكــروب (‪)166\4‬ـ ‪ -:‬وكــان الناصر لــدين اهلل يتشـيع ويميل‬
‫إلى م ـ ــذهب االمامي ـ ــة‪ ،‬وهو خالف ما ك ـ ــان عليه آب ـ ــاؤه من الق ـ ــادر إلى المستضئ ف ـ ــإنهم ك ـ ــانوا‬
‫يذهبون مذهب السلف‪ ،‬وللقادر عقيدة مشهورة في ذلك ‪.‬‬

‫( الفصل الثالث عقيدة وجهودـ أفراد بني العباس )‬

‫‪ -1‬الصحابي الجليل عبداهلل بن العباس بن عبدالمطلب (‪ 68‬هـ)‬


‫‪ -1‬قال البيهقي في السنن الكبرى ( حديث رقم ‪-: )20669‬‬

‫‪18‬‬
‫أخبرنا أبو عبد اهلل بن برهــان وأبو الحســين بن الفضل القطــان وأبو محمد الســكري ببغــداد قــالوا‬
‫أنبأ إسـ ـ ــماعيل بن محمد الصـ ـ ــفار ثنا الحسن بن عرفة ثنا مـ ـ ــروان بن شـ ـ ــجاع الجـ ـ ــزري عن عبد‬
‫الملك بن ج ــريج عن عط ــاء بن أبي رب ــاح ق ــال ‪ :‬أتيت بن عب ــاس وهو ي ــنزع في زم ــزم قد ابتلت‬
‫أس ــافل ثيابه فقلت له قد تكلم في الق ــدر فق ــال أوقد فعلوها فقلت نعم ق ــال فواهلل ما ن ــزلت ه ــذه‬
‫اآلية إال فيهم ( ذوقوا مس سقر إنا كل شـيء خلقنـاه بقـدر ) أولئك شـرار هـذه األمة ال تعـودوا‬
‫مرضاهم وال تصلوا على موتاهم إن أريتني أحدا منهم فقأتـ عينيه بأصبعي هاتين ‪.‬‬

‫‪ -2‬قال اإلمام أحمد بن حنبل في المسند (‪-: )202\7‬‬


‫الز َب ْي ِر‬ ‫َّع النَّبِ ُّى ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪َ .-‬ف َق َ‬
‫ال عُ ْر َوةُ بْ ُن ُّ‬ ‫يد بْ ِن ُجَب ْي ٍر َع ِن ابْ ِن َعبَّ ٍ‬ ‫َعن س ِع ِ‬
‫ال تَ َمت َ‬
‫اس قَ َ‬ ‫ْ َ‬
‫ـول َن َهى َأبُو‬ ‫ـال َي ُقـ ُ‬‫ـول عُ َريَّةُ قَـ َ‬
‫اس َما َي ُقـ ُ‬ ‫ال ابْ ُن َعبَّ ٍ‬ ‫َن َهى َأبُو بَ ْك ٍر َوعُ َم ُر َع ِن ال ُْم ْت َع ِة ‪ -‬في الحج ‪َ -‬ف َق َ‬
‫ـال النَّبِ ُّى ‪-‬صـ ــلى اهلل عليه‬ ‫اه ْم َس ـ ـَي ْهلِ ُكو َن َأقُـ ـ ُ‬
‫ـول قَـ ـ َ‬ ‫ـال ابْ ُن َعبَّ ٍ‬
‫اس َُأر ُ‬ ‫بَ ْكـ ـ ٍر َوعُ َـم ـ ُـر َع ِن ال ُْم ْت َعـ ـ ِـة ‪َ ,‬ف َقـ ـ َ‬
‫ول َن َهى َأبُو بَ ْك ٍر َوعُ َم ُر‪.‬‬ ‫وسلم‪َ -‬و َي ُق ُ‬

‫‪ -3‬قال النسائي في السنن الكبرى (‪-: )8575‬‬

‫أخبرنا عمرو بن علي قال حدثنا عبد الرحمن بن مهــدي قــال حــدثنا عكرمة بن عمــار قــال حــدثني‬
‫أبو زميل قال حدثني عبد اهلل بن عباس قــال ‪ :‬لما خــرجت الحرورية اعــتزلوا في دار وكــانوا ســتة‬
‫آالف فقلتـ لعلي يا أمير المؤمنين أبرد بالصالة لعلي أكلم هؤالء القوم ‪ ,‬قال إني أخافهم عليك‬
‫‪ ,‬قلت كال ‪ ,‬فلبست وترجلت ودخلت عليهم في دار نصف النهار وهم يأكلون ‪ ,‬فقــالوا مرحبا‬
‫بك يا ابن عب ــاس فما ج ــاء ب ــك ‪ ,‬قلت لهم أتيتكم من عند أص ــحاب الن ــبي ص ــلى اهلل عليه وس ــلم‬
‫المهــاجرين واألنصــار ومن عند ابن عم النــبي صــلى اهلل عليه وســلم وصــهره وعليهم نــزل القــرآن‬
‫فهم أعلم بتأويله منكم وليس فيكم منهم أحد ألبلغكم ما يقول ــون وأبلغهم ما تقول ــون ‪ ,‬ف ــانتحى‬
‫لي نفر منهم قلت هـ ــاتوا ما نقمتم على أصـ ــحاب رسـ ــول اهلل صـ ــلى اهلل عليه و سـ ــلم وابن عمه ‪,‬‬
‫قــالوا ثالث قلت ما هن ‪ ,‬قــالوا أما إحــداهن فإنه حكم الرجــال في أمر اهلل وقــال اهلل ( إن الحكم‬
‫إال هلل ) ما ش ـ ــأن الرج ـ ــال والحكم ‪ ,‬قلت ه ـ ــذه واح ـ ــدة ‪ ,‬ق ـ ــالوا وأما الثانية فإنه قاتل ولم يسب‬
‫ســباهم ولم يغنم إن كــانوا كفــارا لقد حل ســبيهم ولئن كــانوا مؤمــنين ما حل ســبيهم وال قتــالهم ‪,‬‬
‫قلت هــذه ثنتــان فما الثالثة ‪ ,‬قــالوا محى نفسه من أمــير المؤمــنين فــإن لم يكن أمــير المؤمــنين فهو‬
‫أمير الكافرين ‪ ,‬قلت هل عندكم شيء غير هذا ‪ ,‬قالوا حسبنا هذا ‪ ,‬قلت لهم أرأيتكم إن قــرأت‬
‫عليكم من كتـاب اهلل جل ثنـاؤه وسـنة نبيه صـلى اهلل عليه و سـلم ما يـرد قـولكم أترجعـون ‪ ,‬قـالوا‬

‫‪19‬‬
‫نعم قلت أما قولكم حكم الرجــال في أمر اهلل فــإني أقــرأ عليكم في كتــاب اهلل أن قد صــير حكمه‬
‫إلى الرج ــال في ثمن ربع درهم ف ــأمر اهلل تب ــارك وتع ــالى أن يحكم ــوا فيه ‪ ,‬أرأيت ق ــول اهلل تب ــارك‬
‫وتعــالى { يا أيها الــذين آمنــوا ال تقتلــوا الصــيد وأنتم حــرم ومن قتله منكم متعمــدا فجــزاء مثل ما‬
‫قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم } وكان من حكم اهلل أنه صيره إلى الرجال يحكمــون فيه‬
‫ولو شاء يحكم فيه ‪ ,‬فجاز من حكم الرجال ‪ ,‬أنشدكم باهلل أحكم الرجال في صالح ذات البين‬
‫وحقن دمــائهم أفضل أو في أرنب ‪ ,‬قــالوا بلى بل هــذا أفضل ‪ ,‬وفي المــرأة وزوجهاـ ( وإن خفتم‬
‫شــقاق بينهما فــابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها ) فنشــدتكم باهلل حكم الرجــال في صــالح‬
‫ذات بينهم وحقن دمـ ــائهم أفضل من حكمهم في بضع امـ ــرأة ‪ ,‬خـ ــرجت من هـ ــذه ؟ قـ ــالوا نعم ‪,‬‬
‫قلت وأما قـ ــولكم قاتل ولم يسب ولم يغنم أفتسـ ــبون أمكم عائشة تسـ ــتحلون منها ما تسـ ــتحلون‬
‫من غيرها وهي أمكم ؟ فـ ـ ــإن قلتم إنا نسـ ـ ــتحل منها ما نسـ ـ ــتحل من غيرها فقد كفـ ـ ــرتم وإن قلتم‬
‫ليست بأمنا فقد كفرتم ( النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم ) فأنتم بين ضاللتين‬
‫ف ــأتوا منها بمخ ــرج ‪ ,‬أفخ ــرجت من هـــذه ؟ ق ــالوا نعم ‪ ,‬وأما محي نفسه من أم ــير المؤم ــنين فأنا‬
‫آتيكم بما ترضــون أن نــبي اهلل صــلى اهلل عليه و ســلم يــوم الحديبية صــالح المشــركين فقــال لعلي‬
‫اكتب يا علي هذا ما صالح عليه محمد رسول اهلل قالوا لو نعلم أنك رسول اهلل صلى اهلل عليه و‬
‫سلم ما قاتلناك فقال رسول اهلل صلى اهلل عليه و سلم امح يا علي اللهم إنك تعلم أني رسـول اهلل‬
‫امح يا علي واكتب هـ ــذا ما صـ ــالح عليه محمد بن عبد اهلل ‪ ,‬واهلل لرسـ ــول اهلل صـ ــلى اهلل عليه و‬
‫س ــلم خ ــير من علي وقد محى نفسه ولم يكن مح ــوه نفسه ذلك مح ــاه من النب ــوة ‪ ,‬أخ ــرجت من‬
‫ه ــذه ؟ ق ــالوا نعم ‪ ,‬فرجع منهم ألف ــان وخ ــرج س ــائرهم فقتل ــوا على ض ــاللتهم قتلهم المه ــاجرون‬
‫واألنصار ‪.‬‬

‫‪ -2‬علي السجاد بن عبداهلل بن العباس بن عبدالمطلب (‪118‬هـ)‬


‫قال الاللكائي في اعتقاد أهل السنة (‪-: )730\4‬‬

‫عن علي بن عبد اهلل بن العباس أنه كان يقول إذا كان اإلمام صاحب هوى فال يصلى خلفه ‪.‬‬

‫‪ -3‬أمير المؤمنين الخليفة أبو العباس السفاح (‪136‬هـ)‬


‫‪ -1‬قال ابن الجوزي في كشف المشكل من حديث الصحيحين (‪-: )16\1‬‬

‫‪20‬‬
‫وقد روى أبو سليمان الخطابي عن أبي عمر الزاهد عن ثعلب عن ابن األعرابي قال أول خطبة‬
‫خطبها السفاح في قرية يقال لها العباسية باألنبار فلما افتتح الكالم وصار إلى ذكر الشهادة من‬
‫الخطبة قام رجل من آل أبي طالب في عنقه مصحف فقال أذكرك اهلل الذي ذكرته إال أنصفتني‬
‫من خصمي وحكمت بيني وبينه بما في هذا المصحف ‪ ,‬فقال له ومن ظالمك ؟ فقال أبو بكر‬
‫الذي منع فاطمة فدك ‪ ,‬فقال له وهل كان بعده أحد ؟ قال نعم ‪ ,‬قال من ؟ قال عمر ‪ ,‬قال‬
‫فأقام على ظلمك ؟ قال نعم ‪ ,‬قال وهل كان بعده أحد ؟ قال نعم ‪ ,‬قال من ؟ قال عثمان ‪ ,‬قال‬
‫فأقام على ظلمك ؟ قال نعم ‪ ,‬قال وهل كان بعده أحد ؟ قال نعم ‪ ,‬قال من ؟ قال أمير‬
‫المؤمنين علي بن أبي طالب ‪ ,‬قال وأقام على ظلمك ؟ فأسكت الرجل وجعل يلتفت إلى ما‬
‫وراءه يطلب مخلصا ‪ ,‬فقال له واهلل الذي ال إله إال هو لوال أنه أول مقام قمته ثم إني لم يكن‬
‫تقدمت إليك في هذا قبل ألخذت الذي فيه عيناك ‪ ,‬اقعد ‪ ,‬وأقبل على الخطبة ‪.‬‬

‫‪ -2‬قال ابن كثير في السيرة النبوية (‪-: )30\1‬‬

‫لما هلك أبرهة وابنـ ــاه‪ ،‬وزال ملك الحبشة عن اليمن هجر القليس الـ ــذي كـ ــان بنـ ــاه أبرهة وأراد‬
‫صرف حج العرب إليه‪ ،‬لجهله وقلةـ عقله‪ ،‬وأصــبح يبابا ال أنيس بــه‪ ,‬وكــان قد بنــاه على صــنمين‪،‬‬
‫وهما كعيب وامرأتـ ـ ـ ـ ــه‪ ،‬وكانا من خشب طـ ـ ـ ـ ــول كل منهما س ـ ـ ـ ـ ــتون ذراعا في السـ ـ ـ ـ ــماء‪ ،‬وكانا‬
‫مصـ ــحوبين من الجـ ــان‪ ،‬ولهـ ــذا كـ ــان ال يتعـ ــرض أحد إلى أخذ شـ ــيء من بنـ ــاء القليس وأمتعته إال‬
‫أصابوه بسوء‪ ،‬فلم يزل كذلك إلى أيام السفاح أول خلفاء بنى العباس فذكر له أمــره وما فيه من‬
‫األمتعة والرخ ــام ال ــذي ك ــان أبرهة نقله إليه من ص ــرح بلقيس ال ــذي ك ــان ب ــاليمن‪ ،‬فبعث إليه من‬
‫خربه حجرا حجرا‪ ،‬وأخذ جميع ما فيه من األمتعة والحواصل‪.‬‬

‫‪ -3‬قال في الوافي بالوفيات (‪-: )2459\1‬‬

‫ولما صعد المنبر خطب قائماً‪ ،‬فقال الناس‪ :‬يا ابن عم رسول اهلل أحييت السنة ‪ ،‬وكانت بنو أمية‬
‫يخطبون قعوداً ‪.‬‬

‫‪ -4‬أمير المؤمنين الخليفة أبو جعفر المنصور (‪158‬هـ)‬


‫‪ -1‬قال ابن كثير في البداية والنهاية (‪-: )336\13‬‬

‫‪21‬‬
‫ثم دخلت ســنة إحــدى وأربعين ومائة فيها خــرجت طائفة يقــال لها الراوندية على المنصــور‪ .‬ذكر‬
‫ابن جرير عن الم ــدائني‪ :‬أن أص ــلهم من خراس ــان‪ ،‬وهم على رأي أبي مس ــلم الخراس ــاني‪ ،‬ك ــانوا‬
‫يقولـون بالتناسـخ‪ ،‬ويزعمـون أن روح آدم انتقلت إلى عثمـان بن نهيـك‪ ،‬وأن ربهم الـذي يطعمهم‬
‫ويســـقيهم أبو جعفر المنصـ ــور‪ ,‬وأن الهيثم بن معاوية جبري ــل‪ ،‬قبحهم اهلل‪ .‬ق ــال ابن جرير‪ :‬فـ ــأتوا‬
‫يوما قصر المنصور فجعلوا يطوفــون به ويقولــون‪ :‬هــذا قصر ربنــا‪ ،‬فأرسل المنصــور إلى رؤســائهم‬
‫فحبس منهم مائتين‪ ،‬فغضبوا من ذلك وقالوا‪ :‬عالم تحبسهم ؟ ثم عمدوا إلى نعش فحملــوه على‬
‫ك ــواهلهم وليس عليه أح ــد‪ ،‬واجتمع ــوا حوله ك ــأنهم يش ــيعون جن ــازة‪ ،‬واجت ــازوا بب ــاب الس ــجن‪،‬‬
‫فــألقوا النعش ودخلــوا الســجن قهــرا واســتخرجوا من فيه من أصــحابهم‪ ،‬وقصــدوا نحو المنصــور‬
‫وهم في ستمائة‪ ،‬فتنادى النـاس وغلقت أبـواب البلـد‪ ،‬وخــرج المنصــور من القصر ماشــيا‪ ،‬ألنه لم‬
‫يجد دابة يركبه ــا‪ ،‬ثم جئ بدابة فركبها وقصد نحو الراوندية وج ــاء الن ــاس من كل ناحي ــة‪ ،‬وج ــاء‬
‫معن بن زائ ــدة‪ ،‬فلما رأى المنص ــور ترجل وأخذ بلج ــام دابة المنص ــور‪ ،‬وق ــال‪ :‬يا أم ــير المؤم ــنين‬
‫ارجع ! نحن نكفيكهم ‪ ,‬فـ ــأبى وقـ ــام أهل األسـ ــواق إليهم فقـ ــاتلوهم‪ ،‬وجـ ــاءتـ الجيـ ــوش فـ ــالتفوا‬
‫عليهم من كل ناحية فحصدوهمـ عن آخرهم‪ ،‬ولم يبق منهم بقية‪.‬‬

‫‪ -2‬قال ابن حجر في تهذيب الكمال (‪ )163\9‬عند ترجمــة محمد بن ســعيد المصــلوب الــذي‬
‫وضع حديثاً عن أنس مرفوعاً‪" :‬أنا خاتم النبيين ال نبي بعدي إال أن يشاء اهلل ‪ -:‬قــال عبد اهلل بن‬
‫أحمد عن أبيه قتله أبو جعفر المنصور في الزندقة ‪.‬‬

‫‪ -3‬قال ابن تيمية في الفتاوى (‪-: )420\12‬‬

‫وال خالف بين األمة أن أول من ق ـ ـ ــال القـ ـ ــرآن مخل ـ ـ ــوق الجعد بن درهم ثم الجهم بن ص ـ ـ ــفوان‬
‫وكالهما قتلهم المسـ ــلمون وممن أفـ ــتى بقتل هـ ــؤالء مالك بن أنس ومحمد بن عبد الـ ــرحمن بن‬
‫أبى ليلى وس ــفيان ابن عيينة وأبو جعفر المنص ــور الخليفة و معتمر بن س ــليمان ويح ــيى ابن س ــعيد‬
‫القطـ ــان وعبد الـ ــرحمن بن مهـ ــدي ومعـ ــاذ بن معـ ــاذ ووكيع بن الجـ ــراح وأبـ ــوه وعبد اهلل بن داود‬
‫الخريـ ـ ــبى وبشر بن الوليد صـ ـ ــاحب أبى يوسف وأبو مصـ ـ ــعبـ الزهـ ـ ــري وأبو عبيد اهلل القاسم بن‬
‫سالم وأبو ثور وأحمد بن حنبل وغير هؤالء من األئمة ‪.‬‬

‫‪ -5‬أمير المؤمنين الخليفة المهدي (‪169‬هـ)‬


‫‪ -1‬قال ابن كثير في البداية والنهاية (‪-: )532\13‬‬

‫‪22‬‬
‫وفيه ــا ‪ -‬أي س ــنة ‪ 167‬ه ـ ـ ‪ -‬تتبع المه ــدي جماعة من الزنادقةـ في س ــائر اآلف ــاق فاستحض ــرهم‬
‫وقتلهم صبرا بين يديه‪ ،‬وكان المتولي أمر الزنادقة عمر الكلواذي‪.‬‬

‫‪ -2‬قال ابن تيمية في الفتاوى (‪-: )20\4‬‬

‫وكان المهدي من خيـار خلفـاء بـني العبـاس وأحسـنهم إيمانا وعـدال وجـودا فصـار يتتبع المنـافقين‬
‫الزنادقة كذلك ‪.‬‬

‫‪ -3‬قال القلقشندي في مآثر اإلنافة في معالم الخالفة (‪-: )84\1‬‬

‫وفي أيامه قتل المقنع الخراســاني وهو رجل سـاحر خيل للنـاس صـورة قمر يطلع ويــراه النــاس من‬
‫مســافة شــهرين وكــان مشــوه الصــورة أعــور قصــيرا فاتخذ وجها من ذهب وتقنع به فســمي المقنع‬
‫وادعى مع ذلك الربوبية وأطاعه خلق كثير وكان له قلعة فحصروه بها حتى قتلوه ‪.‬‬

‫‪ -4‬قال الذهبي في ترجمة المهدي (‪-: )1256\1‬‬

‫معطاء‪ ،‬محبباً إلى الرعية‪ ،‬قصاباً في الزنادقة‪ ،‬باحثاً عنهم‪.‬‬


‫ً‬ ‫كان جواداً‪ ،‬ممداحاً‪،‬‬

‫‪ -5‬قال البخاري في خلق أفعال العباد (‪-: )37\1‬‬

‫ح ــدثني أبو جعفر ق ــال س ــمعت الحسن بن موسى األش ــيب وذكر الجهمية فق ــال منهم ثم ق ــال ‪:‬‬
‫أدخل رأس من رؤس ــاء الزنادقة يق ــال له ش ــمغلة على المه ــدي فق ــال دل ــني على أص ــحابك فق ــال‬
‫أصحابي أكثر من ذلك فقــال دلــني عليهم فقــال صــنفان ممن ينتحل القبلة ‪ ,‬الجهمي إذا غال قــال‬
‫ليس ثم شيء وأشار األشيب إلى السماء ‪ ,‬والقدري إذا غال قال هما اثنان خالق خير وخــالق شر‬
‫‪ ,‬فضربـ عنقه وصلبه ‪.‬‬

‫‪ -5‬قال ابن الجوزي في المنتَظَم في تاريخ الملوك واألمم (‪-: )92\3‬‬


‫وهو ي ـ ــؤرخ لع ـ ــام ‪ 167‬ه ـ ـ ـ ‪ :‬وفيها‪ :‬جد المه ـ ــدي في طلب الزنادقةـ والبحث عنهم في اآلف ـ ــاق‬
‫وقتلهم‪ ،‬وولى أمرهم عمر الكلواذي‪ ،‬فأخذ يزيد بن الفيض كاتب المنصور‪ ،‬فأقر فحبس فهـرب‬
‫من الحبس‪ .‬أخبرنا أبو منصـ ــور القـ ــزاز قـ ــال‪ :‬أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثـ ــابت قـ ــال‪ :‬اتهم‬
‫‪23‬‬
‫المهدي صــالح بن عبد القــدوس البصــري بالزندقــة‪ ،‬فــأمرـ بحمله إليه فأحضــر‪ ،‬فلما خاطبه أعجب‬
‫بغزارة علمه وأدبه وحسن ثيابه فأمرـ بتخلية سبيله‪ ،‬فما ولي رده فقال‪ :‬ألست القائل‪:‬‬
‫والشيخ ال يترك أخالقه ‪ ...‬حتى يواري في ثرى رمسه‬
‫إذا ارعوى عاد إلى جهله ‪ ...‬كذا الضنى عاد إلى نكسه‬

‫ق ــال‪ :‬بلى‪ ،‬ق ــال‪ :‬وأنت ال ت ــترك أخالق ــك‪ ،‬ونحن نحكم فيك بحكمك‪ .‬ثم أمر به فقتل وص ــلب‬
‫على الجسر‪ .‬قــال ابن ثــابت‪ :‬وقيل إنه بلغه عنه أبيــات يعــرض فيها بــالنبي صــلى اهلل عليه وســلم‪،‬‬
‫قال‪ :‬ويقال إنه كان مشهوراً بالزندقة وله مع أبي الهذيل العالف مناظرات‪.‬‬

‫‪ -6‬قال الاللكائي في اعتقاد أهل السنة (‪-: )720\4‬‬

‫سمعت الحسين األخباري يقول قــرأت في أخبــار إبــراهيم بن المهــدي أنه حــدث عن زبية المــدني‬
‫أن المه ــدي أش ــخص من المدينة ثالثين ش ــيخا ممن تكلم في الق ــدر واش ــتهر به ق ــال فكنت فيهم‬
‫فلما مثلنا بين يديه ضربهم بالسياط أجمعين ‪.‬‬

‫‪ -7‬قال الذهبي في السير (‪-: )402\7‬‬


‫وذكر ابن أبي الدنيا أن المهدي كتب إلى االمصار يزجر أن يتكلم أحد من أهل االهواء في شئ‬
‫منها ‪ ,‬وعن يوسف الصائغ قال‪ :‬رفع أهل البدع رؤوسهم‪ ،‬وأخذوا في الجدل‪ ،‬فأمرـ بمنع الناس‬
‫من الكالم‪ ،‬وأن ال يخاض فيه‪.‬‬

‫‪ -8‬قال ابن القيم في نقد المنقول (‪-: )95\1‬‬

‫أما غياث بن إبراهيم فكذاب خبيث وهو الذي دخل على المهــدي فوجــده يلعب بالحمــام فــروى‬
‫له ال سبق إال في خف أو نصل أو حافر أو جناح فلما خرج قال أشهد أن قفــاك قفا كــذاب على‬
‫رســول اهلل صــلى اهلل عليه و ســلم ثم أمر بــذبح الحمــام لتســببهن في كــذب هــذا على رســول اهلل‬
‫صلى اهلل عليه و سلم ‪.‬‬

‫‪ -9‬قال اإلسفراييني في التبصير في الدين (ص ‪-: )35‬‬

‫الكاملية ‪ -:‬اح ــداهما الكاملة وهم أتب ــاع أبي كامل يقول ــون أن الص ــحابة كلهم كف ــروا ب ــتركهم‬
‫بيعة على وكفر علي أيضا بتركه قتـ ـ ــالهم إذ كـ ـ ــان واجبا عليه أن يقـ ـ ــاتلهم كما قاتل أهل صـ ـ ــفين‬

‫‪24‬‬
‫والجمل ‪ ,‬وكان بشار بن بـرد الشـاعر منهم لما سـئل عن الصـحابة فقـال كفـروا فقيل له ما تقـول‬
‫في علي فأنشد قول الشاعر ‪-:‬‬

‫وما شر الثالثة أم عمرو ‪ ...‬بصاحبك الذي ال تصحبيا‬

‫وبشار هذا زاد على الكاملية بنوعين من البدعة‬

‫أحدهما أنه كان يقول بالرجعة قبل القيامة كما كان يقولها الرجعية من الروافض‬

‫والثاني انه كان يقول بتصويب إبليس في تفضيل النار على األرض ولذلك قال ‪-:‬‬

‫األرض مظلمة والنار مشرقة ‪ ...‬والنار معبودة مذ كانت النار‬

‫ووفقـ اهلل ســبحانه المهــدي بن منصــور الخليفة حــتى غرقه وأتباعه في دجلة ذلك لهم خــزي في‬
‫الدنيا ولهم في اآلخرة عذاب عظيم‪.‬‬

‫‪ -6‬أمير المؤمنين الخليفة الهادي (‪170‬هـ)‬


‫‪ -1‬روى ابن الجوزي في المنتظم بسنده إلى المطلب بن عكاشة المزني (‪-: )100\3‬‬

‫‪25‬‬
‫ق ـ ــال ق ـ ــدمنا على أم ـ ــير المؤم ـ ــنين اله ـ ــادي ش ـ ــهوداً على رجل منا ش ـ ــتم قريشـ ـ ـاً وتخطى إلى ذكر‬
‫الرسـ ـ ــول ص ـ ــلى اهلل عليه وس ـ ــلم‪ ،‬فجلس لنا مجلسـ ـ ـاً أحضر فيه فقهـ ـ ــاء أهل زمان ـ ــه‪ ،‬ومن ك ـ ــان‬
‫بالحضرة على بابه‪ ،‬وأحضر الرجل وأحضرنا‪ ،‬فشهدنا عليه بما سمعنا منه‪ ،‬فتغير وجه الهادي ثم‬
‫نكس رأسه ثم رفعه فقال‪ :‬إني سمعت أبي المهدي يحــدث عن أبيه المنصــور‪ ،‬عن أبيه محمد بن‬
‫علي عن أبيه علي بن عبد اهلل‪ ،‬عن أبيه عبد اهلل بن عب ــاس ق ــال‪ :‬من أراد ه ــوان ق ــريش أهانه اهلل‪،‬‬
‫تخطيت إلى ذكر رسول اهلل صلى اهلل‬
‫َ‬ ‫وأنت يا عدو اهلل لم ترض بأن أردت ذلك من قريش حتى‬
‫عليه وسلم‪ ،‬اضربوا عنقه؛ فما برحنا حتى قتل‪.‬‬

‫‪ -2‬وقال في المنتظم وهو يؤرخ لسنة ‪169‬هـ (‪-: )101\3‬‬

‫وفيها اشــت ّد طلب موسى للزنادقــة‪ ،‬فقتل منهم جماعــة‪ ،‬فكــان فيمن قتل كــاتب يقطين وابنه علي‬
‫بن يقطين‪ ،‬وكـ ــان علي قد حج فنظر إلى النـ ــاس في الطـ ــواف يهرولـ ــون‪ ،‬فقـ ــال‪ :‬ما أشـ ــبههم ببقر‬
‫يدور في البيدر؛ فقال شاعر‪:‬‬

‫مـ ــاذا تـ ــرى في رجل كـ ــافر يش ـ ـبِّه الكعبة‬ ‫قل ألمين اهلل في خلقه وارث الكعبة و المنـ ــبر‬
‫بالبيدر؟‬

‫الب َّر والدَّوسر؟ـ‬


‫ويجعل الناس إذا ما سعوا ُح ْمراً يَ ُدوس ُ‬

‫فقتله موسى ثم صلبه‪.‬‬

‫وقــال ابن الجــوزي أيضــا ‪ :‬وقتل من بــني هاشم يعقــوب بن الفضل بن عبد الــرحمن بن عبــاس بن‬
‫ربيعة بن الح ــارث بن عبد المطلب‪ ،‬وك ــان المه ــدي أتى به وب ــابن ل ــداود بن علي فحبس ــهما لما‬
‫جعلت‬
‫ُ‬ ‫كنت! أما واهلل لــوال أني كنت‬
‫أقـ ّـرا بالزندقــة‪ ،‬وقــال ليعقــوب‪ :‬لــوال محمد رســول اهلل من َ‬
‫على اهلل عهداً إن والني أن ال أقتل هاشمياً لما ناظرتك؛ ثم التفت إلى الهادي‪ ،‬فقــال‪ :‬يا موســى‪،‬‬
‫وليت هـــذا األمر من بعـــدي أن ال تناظرهما س ــاعة واح ــدة‪ ،‬فم ــات ابن‬
‫ـمت عليك بحقي إن َ‬‫أقســ ُ‬
‫داود بن علي في الحبس قبل وفـاة المهـدي‪ ،‬فلما قــدم الهــادي من جرجــان ذكر وصــية المهــدي‪،‬‬
‫وأقعدتـ عليه الرجال حتى مات‪ ،‬ولها عنه‪.‬‬‫فأرسل إلى يعقوب وألقى عليه فراشاً ِ‬

‫‪ -7‬أمير المؤمنين الخليفة الرشيد (‪193‬هـ)‬


‫‪ -1‬قال في البداية والنهاية (‪-: )562\13‬‬

‫‪26‬‬
‫وفيها – أي سنة ‪ 170‬هـ ‪ -‬تتبع الرشيد خلقا من الزنادقةـ فقتل منهم طائفة كثيرة‪.‬‬

‫‪ -2‬وقال أيضا (‪-: )45\14‬‬

‫وفضــائل الرشــيد ومكارمه كثــيرة جــدا ‪ ,‬قد ذكر األئمة من ذلك شــيئا كثـيرا فــذكرنا منه أنموذجا‬
‫ص ــالحا ‪ ,‬وقد ك ــان الفض ــيل بن عي ــاض يق ــول‪ :‬ليس م ــوت أحد أعز علينا من م ــوت الرش ــيد لما‬
‫أتخـــوف بعـــده من الحـــوادث وإني ألدعو اهلل أن يزيد في عم ــره من عم ــري ‪ ,‬ق ــالوا‪ :‬فلما م ــات‬
‫الرشيد وظهرتـ تلك الفتن والحوادث واالختالفات‪ ،‬وظهر القـول بخلق القـرآن‪ ،‬فعرفنا ما كـان‬
‫تخوفه الفضيل من ذلك‪.‬‬

‫‪ -3‬قال الاللكائي في اعتقاد أهل السنة (‪-: )127\1‬‬

‫ح ــدثني أحمد بن إب ــراهيم ال ــدورقي ح ــدثني محمد بن ن ــوح المض ــروب عن المس ــعودي القاضي‬
‫سمعت هارون أمير المؤمنين يقول بلغني أن بشــرا المريسي يــزعم إن القــرآن مخلــوق هلل علي إن‬
‫أظفرني به إال قتلته قتلة ما قتلتها أحدا قط ‪.‬‬

‫‪ -4‬قال ابن تيمية في الفتاوى (‪-: )20\4‬‬

‫وتعظيم أئمة األمة وعوامها للســنة والحــديث وأهله في األصــول والفــروع من األقــوال واألعمــال‬
‫أك ـ ــثر من أن ي ـ ــذكر هنا وتجد اإلس ـ ــالم واإليم ـ ــان كلما ظهر وق ـ ــوى ك ـ ــانت الس ـ ــنة وأهلها أظهر‬
‫وأقوى وإن ظهر شيء من الكفر والنفاق ظهرت البدع بحسب ذلك مثل دولة المهدي والرشيد‬
‫ونحوهما ممن كان يعظم اإلسالم واإليمان ويغزوـ أعــداءه من الكفــار والمنــافقين كــان أهل السـنة‬
‫في تلك األيام أقوى وأكثر وأهل البدع أذل وأقل فإن المهــدي قتل من المنــافقين الزنادقة من ال‬
‫يحصى عدده إال اهلل والرشيد كان كثير الغزو والحج ‪.‬‬

‫‪ -5‬قال الخطيب في تاريخ بغداد (‪-: ) 325\1‬‬


‫ق ــال محمد ابن خ ــازم‪ :‬كنت أق ــرا ح ــديث األعمش عن أبي ص ــالح على أم ــير المؤم ــنين ه ــارون‪،‬‬
‫فكلما قلت‪ :‬قـال رسـول اهلل‪ ،‬قـال‪ :‬صلى اهلل على سـيدي ومـوالي‪ ،‬حــتى ذكــرت حـديث " التقى‬
‫‪27‬‬
‫آدم وموسى " ‪ ،‬فقــال عمه‪ :‬يا محمد أين التقيــا؟ ‪ ,‬قــال‪ :‬فغضبـ هــارون‪ ،‬وقــال‪ :‬من طــرح إليك‬
‫هذا ‪ ,‬وأمر به فحبس ‪ ,‬ووكل بي من حشمه من أدخلـني إليه في محبسـه‪ ،‬فقــال‪ :‬يا محمــد‪ ،‬واهلل‬
‫ما هو إال شيء خطر ببالي‪ ،‬وحلف لي بالعتق وصــدقة المــال‪ ،‬وغــير ذلك من مغلظــات األيمــان ما‬
‫سمعت من أحــد‪ ،‬وال جــري بيــني وبين أحد في هــذا الكالم‪ ،‬وما هو إال شــيء خطر ببــالي لم يجر‬
‫بي ــني وبين أحد فيه كالم‪ ،‬ق ــال‪ :‬فلما رجعت إلى أم ــير المؤم ــنين كلمته ‪ ,‬فق ــال‪ :‬لي ــدلني علي من‬
‫طــرح إليه هــذا الكالم‪ ,‬فقلتـ‪ :‬يا أمــير المؤمــنين‪ ،‬قد حلف بــالعتق ومغلظــاتـ األيمــان أنه إنما هو‬
‫شيء خطر ببالي لم يجر بيـني وبين أحد فيه كالم ‪ ,‬قـال‪ :‬فـأمر به فـأطلق من الحبس وقـال لي‪ :‬يا‬
‫محمد ويحك إنما ت ــوهمت أنه ط ــرح إليه بعض الملح ــدين ه ــذا الكالم ال ــذي خ ــرج منه فيـ ـدلني‬
‫عليهم فأستبيحهم‪ ،‬وإال فأنا على يقين أن القرشي ال يتزندق ‪ ,‬قال هذا ونحوه من الكالم ‪.‬‬

‫‪ -6‬وقال أيضا (‪_: )173\6‬‬


‫سمعت خــرزاذ القائد يقــول‪ :‬كنت عند الرشـيد فــدخل أبو معاويةـ الضــرير وعنــده رجل من وجــوه‬
‫ق ـ ــريش فج ـ ــرى الح ـ ــديث إلى أن خ ـ ــرج أبو معاوية إلى ح ـ ــديث األعمش عن أبي ص ـ ــالح عن أبي‬
‫هريرة‪ " :‬أن موسى لقي آدم فقال‪ :‬أنت آدم الذي أخرجتنا من الجنة " وذكر الحديث‪.‬‬
‫فقال القرشي‪ :‬أين لقي آدم موسى قال‪ :‬فغضب الرشيد وقــال‪ :‬النطع والســيف زنــديق واهلل يطعن‬
‫في حــديث رســول اهلل صــلى اهلل عليه وســلم قــال‪ :‬فما زال أبو معاوية يســكنه ويقــول‪ :‬كــانت منه‬
‫بادرة ولم يفهم يا أمير المؤمنين حتى سكنه ‪.‬‬

‫‪ -7‬قال الخطيب البغدادي في شرف أصحاب الحديث (‪-: )55\1‬‬


‫قال هــارون الرشــيد طلبت أربعة فوجــدتها في أربعة ‪ ,‬طلبت الكفر فوجدته في الجهمية ‪ ,‬وطلبت‬
‫الكالم والش ـ ـ ـ ــغب فوجدته في المعتزلة ‪ ,‬وطلبت الكـ ـ ـ ــذب فوجدته عند الرافضة ‪ ,‬وطلبت الحق‬
‫فوجدته مع أصحاب الحديث ‪.‬‬

‫‪ -8‬قال ابن الجوزي في المنتظم (‪-: )107\3‬‬


‫قال أبو معاويةـ‪ :‬دخلت على هارون الرشــيد فقــال لي‪ :‬يا أبا معاوية ‪ ،‬لهممت أنه من أثبت خالفـة‬
‫علي فعلت به وفعلت به ‪ .‬فس ـ ـ ـ ـ ــكت ‪ ،‬فق ـ ـ ـ ـ ــال لي‪ :‬تكلم تكلم ‪ ,‬فقلت‪ :‬إن أذنت لي تكلمت ‪,‬‬

‫‪28‬‬
‫فقــال تكلم ‪ ،‬قلت‪ :‬يا أمــير المؤمــنين ‪ ،‬قــالت تيم منا خليفة رســول اهلل‪ ،‬وقــالت عــدي‪ :‬منا خليفة‬
‫رسول اهلل ‪ ،‬وقــالت بنو أميــة‪ ،‬منا خليفة الخلفـاء‪ ،‬فـأين حظكم يا بـني هاشم من الخالفــة؟ واهلل ما‬
‫حظكم فيها إال علي بن أبي طـالب رضي اهلل عنـه‪ ،‬فقـال‪ :‬واهلل يا أبـا معاويةـ ال يبلغـني أن أحـداً لم‬
‫يثبت خالفة علي إال فعلتـ به كذا وكذا‪.‬‬

‫‪ -9‬وقال أيضا في نفس الموضع ‪-:‬‬


‫وكــان الرشــيد يســتقبح المــدح بالكــذب ويــذم المــادح به ‪ ,‬قــال يوم ـاً لبعض والته‪ :‬كيف تــركت‬
‫الناس؟ فقال‪ :‬يا أمير المؤمنين‪ ،‬أحســنت فيهم السـيرة وأنســيتهم ســيرة العمــرين ‪ ,‬فغضب الرشـيد‬
‫واستشـ ــاط وقـ ــال‪ :‬ويلك يا ابن الفاعلـ ــة‪ ،‬العمـ ــرين العمـ ــرين‪ ،‬وأخذ سـ ــفرجلة فرمـ ــاه بها فكـ ــادت‬
‫تهلكه‪ ،‬وأخرج من بين يديه‪.‬‬

‫‪ -10‬وقال أيضا (‪-: )108\3‬‬


‫وقــام الرشــيد إلى الصــالة‪ ،‬فجــاء غالم ابن أبي مــريم فقــال‪ :‬أمــير المؤمــنين قد قــام إلى الصــالة ‪،‬‬
‫فــألقى عليه ثيابه ومضىـ نحــوه ‪ ،‬فــإذا هو يقــرأ في صــالة الصــبح " ومــالي ال أعبد الــذي فطــرني "‬
‫فقـــال له ابن أبي مـــريم ال أدري واهلل ‪ ,‬فما تمالك أن ضـــحك في ص ــالته ‪ ،‬ثم التفت كالمغضبـ‬
‫فقــال يا ابن أبي مــريم في الصــالة أيضـاً؟ قــال يا هــذا‪ ،‬ما صــنعت؟ قــال قطعت علي الصــالة ‪ ,‬قــال‬
‫واهلل ما فعلت ‪ ،‬إنما سـ ـ ــمعت منك كالم ـ ـ ـاً غمـ ـ ــني حين قلت " وما لي ال أعبد الـ ـ ــذي فطـ ـ ــرني "‬
‫فقلت‪ :‬ال أدري ‪ ,‬فضحك وقال‪ :‬إياك والقرآن والدين ولك ما شئت بعدها‪.‬‬

‫قال ابن عساكر في تاريخ دمشق (‪-: )127\7‬‬


‫عن إســماعيل بن إبــراهيم قــال أخذ هــارون الرشــيد زنــديقا فــأمرـ بضــرب عنقه فقــال له الزنــديق لم‬
‫تضرب عنقي يا أمير المؤمنين قال أريح العباد منك قال فــأين أنت من ألف حــديث وضــعتها على‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم كلها ما فيها حـرف نطق به رســول اهلل صـلى اهلل عليه وســلم قــال‬
‫ف ــأين أنت يا ع ــدو اهلل من أبي إس ــحاق الف ــزاري وعبد اهلل بن المب ــارك ينخالنها فيخرجانها حرفا‬
‫حرفا‪.‬‬

‫‪ -12‬قال ابن بطة في اإلبانة (‪-: )370\5‬‬

‫‪29‬‬
‫حدثنا أبو بكر عبد العزيز ‪ ،‬قال ‪ :‬نا أبو بكر الخالل ‪ ،‬قال ‪ :‬حدثني روح بن الفرج ‪ ،‬قال ‪ :‬نا‬
‫أبو داود السجستاني ‪ ،‬قال ‪ :‬نا عبد الرحمن بن قريب األصمعي ‪ ،‬قال ‪ :‬سمعت عمي األصمعي‬
‫‪ ،‬يقول ‪ « :‬أتي هارون برجل يقول ‪ :‬القرآن مخلوق فقتله » ‪.‬‬

‫‪ -13‬قال ابن بطة في اإلبانة (‪-: )371\5‬‬

‫حدثنا أبو بكر ‪ ،‬قال ‪ :‬نا محمد بن عبد الرحمن بن أبي طاهر األزدي ‪ ،‬قال ‪ :‬سمعت أبي ‪ :‬قــال‬
‫لي حسين الخادم المعروفـ بالكبير ‪ « :‬جاءني رســول الرشــيد ليال ‪ ،‬فلبست ســيفي ودخلت إليه‬
‫‪ ،‬فـــإذا به على كرسي مغضـــبا ‪ ،‬وإذا شـــيخ في نطع ‪ ،‬فقـــال لي ‪ :‬يا حس ــين اض ــرب عنقه ق ــال ‪:‬‬
‫فســللت ســيفي فضــربت عنقه ‪ .‬قــال ‪ :‬فتغــير من ذاك وجهي ألني لم أعــرف قصــته ‪ ،‬قــال ‪ :‬فرفع‬
‫الرشيد رأسه إلي فقال لي ‪ :‬ال تكــره ما فعلتـ يا حســين ‪ ،‬فــإن هــذا كــان يقــول ‪ :‬القــرآن مخلــوق‬
‫»‪.‬‬

‫‪ -8‬أمير المؤمنين الخليفة األمين (‪198‬هـ)‬


‫قال ابن عساكر في تاريخ دمشق (‪-: )218\56‬‬

‫ق ــال أحم ــد بن حنب ــل لما أن دخل إس ــماعيل ابن علية على محمد بن زبي ــدة أم ــير المؤم ــنين فلما‬
‫بص ــره قـــال له يا ابن الفاعلة أنت الـــذي تقـــول كالم اهلل مخل ــوق ‪ ,‬ق ــال فوقف إس ــماعيل وجعل‬
‫ينــادي يا أمــير المؤمــنين زلة من عــالم ‪ ,‬قــال أبو عبد اهلل إني ألرجو أن يــرحم اهلل محمــدا بإنكــاره‬
‫على إسماعيل هذا الشأن ‪.‬‬

‫‪ -9‬أمير المؤمنين الخليفة المتوكل على اهلل (‪247‬هـ)‬

‫‪30‬‬
‫‪ -1‬قال في البداية والنهاية (‪-: )317\14‬‬

‫وقد دخل عبد العزيز بن يحـ ــيى الكنـ ــاني ‪ -‬صـ ــاحب كتـ ــاب الحيـ ــدة ‪ -‬على المتوكل وكـ ــان من‬
‫خيـ ـ ـ ـ ــار الخلفـ ـ ـ ـ ــاء ألنه أحسن الصـ ـ ـ ـ ــنيع ألهل السـ ـ ـ ـ ــنة‪ ،‬بخالف أخيه الواثق وأبيه المعتصم وعمه‬
‫المأمون ‪ ،‬فإنهم أساؤوا إلى أهل السنة وقربوا أهل البدع والضالل من المعتزلة وغيرهم ‪.‬‬

‫‪ -2‬وقال أيضا (‪-: )341\14‬‬

‫أمر المتوكل أهل الذمة أن يتمـيزوا عن المسـلمين في لباسـهم وعمـائمهم وثيـابهم‪ ،‬وأن يتطيلسـوا‬
‫بالمص ـ ــبوغ ب ـ ــالقلى وأن يك ـ ــون على عم ـ ــائمهم رق ـ ــاع مخالفة لل ـ ــون ثي ـ ــابهم من خلفهم ومن بين‬
‫أيــديهم‪ ،‬وأن يلزمــوا بالزنــانير الخاصــرة لثيــابهم كزنــانير الفالحين اليــوم‪ ،‬وأن يحملــوا في رقــابهم‬
‫ك ـ ــرات من خشب كث ـ ــيرة‪ ،‬وأن ال يركب ـ ــوا خيال‪ ،‬ولتكن ركبهم من خش ـ ــب‪ ،‬إلى غ ـ ــير ذلك من‬
‫األمور المذلة لهم المهينة لنفوسهم‪ ،‬وأن ال يستعملوا في شيء من الدواوين التي يكون لهم فيها‬
‫حكم على مس ــلم‪ ،‬وأمر بتخ ــريب كنائس ــهم المحدث ــة‪ ،‬وبتض ــييق من ــازلهم المتس ــعة‪ ،‬فيؤخذ منها‬
‫العش ــر‪ ،‬وأن يعمل مما ك ــان متس ــعا من من ــازلهم مس ــجد‪ ،‬وأمر بتس ــوية قب ــورهم ب ــاألرض‪ ،‬وكتب‬
‫بذلك إلى سائر األقاليم واآلفاق‪ ،‬وإلى كل بلد ورستاق‪.‬‬

‫‪ -3‬وقال أيضا (‪-: )346\14‬‬

‫ثم دخلت ســنة ست وثالثين ومــائتين فيها أمر المتوكل بهــدم قــبر الحســين بن علي بن أبي طــالب‬
‫وما حوله من المن ـ ـ ــازل وال ـ ـ ــدور‪ ،‬ون ـ ـ ــودي في الن ـ ـ ــاس من وجد هنا بعد ثالثة أي ـ ـ ــام ذهبت به إلى‬
‫المطبق‪.‬‬

‫‪ -4‬وقال أيضا (‪-: )349\14‬‬

‫وفي عيد الفطر منها أمر المتوكل بإنزال جثة أحمد بن نصر الخزاعي والجمع بين رأسه وجسده‬
‫وأن يس ــلم إلى أوليائ ــه‪ ،‬فف ــرح الن ــاس ب ــذلك فرحا ش ــديدا‪ ،‬واجتمع في جنازته خلق كث ــير ج ــدا‪،‬‬
‫وجعلوا يتمسحون بها وبأعواد نعشه‪ ،‬وكان يوما مشهودا‪.‬‬

‫ثم أتوا إلى الجذع الذي صـلب عليه فجعلــوا يتمسـحون بـه‪ ،‬وأرهج العامة بــذلك فرحا وسـرورا‪،‬‬
‫فكتب المتوكل إلى نائبه ي ــأمره ب ــردعهم عن تع ــاطي مثل ه ــذا وعن المغ ــاالة في البش ــر‪ ،‬ثم كتب‬
‫‪31‬‬
‫المتوكل إلى اآلف ــاق ب ــالمنع من الكالم في مس ــألة الكالم والكف عن الق ــول بخلق الق ــرآن‪ ،‬وأن‬
‫من تعلم علم الكالم لو تكلم فيه فالمطبق مأواه إلى أن يموت‪.‬‬

‫وأمـر النـاس أن ال يشـتغل أحد إال بالكتـاب والسـنة ال غـير‪ ،‬ثم أظهر إكـرام اإلمـام أحمد بن حنبل‬
‫واستدعاه من بغداد إليه ‪.‬‬

‫‪ -5‬وقال أيضا (‪-: )375\14‬‬

‫وفيها أمر الخليفة المتوكل على اهلل بض ــرب رجل من أعي ــان أهل بغ ــداد يق ــال له عيسى بن جعفر‬
‫بن محمد بن عاصم‪ ،‬فضرب ضربا شديدا مبرحا‪ ،‬يقال إنه ضرب ألف سوط حتى مات‪.‬‬

‫وذلك أنه شــهد عليه ســبعة عشر رجال عند قاضي الشــرقية أبي حســان الزيــادي أنه يشــتم أبا بكر‬
‫وعمر وعائشة وحفصة رضي اهلل عنهم‪.‬‬

‫فرفع أم ــره إلى الخليفة فج ــاء كت ــاب الخليفة إلى محمد بن عبد اهلل بن ط ــاهر بن الحس ــين ن ــائب‬
‫بغــداد يــأمره أن يضــربه بين النــاس حد السب ‪ ،‬ثم يضــرب بالســياط حــتى يمــوت ويلقى في دجلة‬
‫وال يصلى عليه‪ ،‬ليرتدع بذلك أهل اإللحاد والمعاندة‪.‬‬

‫ففعل معه ذلك قبحه اهلل ولعنه‪.‬‬

‫‪ -6‬وقال أيضا (‪-: )412\14‬‬

‫فلما ولي المتوكل على اهلل الخالفة استبشر النــاس بواليتــه‪ ،‬فإنه كــان محبا للســنة وأهلهــا‪ ،‬ورفع‬
‫المحنة عن الن ــاس‪ ،‬وكتب إلى اآلف ــاق ال يتكلم أحد في الق ــول بخلق الق ــرآن‪ ،‬ثم كتب إلى نائبه‬
‫ببغداد ‪ -‬وهو إسحاق بن إبراهيم ‪ -‬أن يبعث بأحمد بن حنبل إليه ‪.‬‬

‫‪ -7‬وقال أيضا (‪-: )413\14‬‬

‫ثم إن رجال من المبتدعة يقال له ابن البلخي وشى إلى الخليفة شــيئا فقــال‪ :‬إن رجال من العلــويين‬
‫قد أوى إلى منزل أحمد بن حنبل وهو يبايع له الناس في الباطن‪.‬‬

‫فأمر الخليفة نائب بغداد أن يكبس منزل أحمد من الليل‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫فلم يشــعروا إال والمشــاعل قد أحــاطت بالــدار من كل جــانب حــتى من فــوق األســطحة‪ ،‬فوجــدوا‬
‫اإلمـ ــام أحمد جالسا في داره مع عياله فسـ ــألوه عما ذكر عنه فقـ ــال‪ :‬ليس عنـ ــدي من هـ ــذا علم‪،‬‬
‫وليس من هــذا شــيء وال هــذا من نيــتي‪ ،‬وإني ألرى طاعة أمــير المؤمــنين في السر والعالنيــة‪ ،‬وفي‬
‫عســري ويســري ومنشــطي ومكــرهي‪ ،‬وأثــره علي‪ ،‬وإني ألدعو اهلل بالتســديد والتوفيــق‪ ،‬في الليل‬
‫والنهار‪ ،‬في كالم كثير‪.‬‬

‫ففتشوا منزله حتى مكان الكتب وبيوت النساء واألسطحة وغيرها فلم يروا شيئا‪.‬‬

‫فلما بل ـ ـ ــغ المتوكل ذلك وعلم براءته مما نسب إليه علم أنهم يك ـ ـ ــذبون عليه كثـ ـ ــيرا‪ ،‬فبعث إليه‬
‫يعقــوب بن إبــراهيم المعــروف بقوصــرة ‪ -‬وهو أحد الحجبة ‪ -‬بعشــرة آالف درهم من الخليفــة‪،‬‬
‫وقال‪ :‬هو يقرأ عليك السالم ويقول‪ :‬استنفق هذه‪ ،‬فامتنع من قبولها‪.‬‬

‫‪ -8‬وقال أيضا (‪-: )419\14‬‬

‫وكتب رجل رقعةـ إلى المتوكل يقول‪ :‬يا أمير المؤمنين إن أحمد يشتم آباءك ويرميهم بالزندقة‪.‬‬

‫فكتب فيها المتوكل‪ :‬أما الم ـ ــأمون فإنه خلط فس ـ ــلط الن ـ ــاس على نفس ـ ــه‪ ،‬وأما أبي المعتصم فإنه‬
‫كان رجل حرب ولم يكن له بصر بالكالم‪ ،‬وأما أخي الواثق فإنه استحق ما قيل فيه‪.‬‬

‫ثم أمر أن يض ـ ــرب الرجل ال ـ ــذي رفع إليه الرقعة م ـ ــائتي س ـ ــوط‪ ،‬فأخ ـ ــذه عبد اهلل بن إس ـ ــحاق بن‬
‫إبراهيم فضربه خمسمائة سوط‪.‬‬

‫فق ــال له الخليفة‪ :‬لم ض ــربته خمس ــمائة س ــوط ؟ فق ــال‪ :‬م ــائتين لطاعتك وم ــائتين لطاعة اهلل‪ ،‬ومائة‬
‫لكونه قذف هذا الشيخ الرجل الصالح أحمد بن حنبل‪.‬‬

‫وقد كتب الخليفة إلى أحمد يس ــأله عن الق ــول في الق ــرآن س ــؤال استرش ــاد واس ــتفادة ال س ــؤال‬
‫تعنت وال امتحان وال عناد‪.‬‬

‫وقـ ــال أحمد بن مـ ــروان المـ ــالكي‪ :‬ثنا أحمد بن علي البصـ ــري قـ ــال‪ :‬وجه المتوكل إلى أحمد بن‬
‫المعــذل وغــيره من العلمــاء فجمعهم في داره ثم خــرج عليهم فقــام النــاس كلهم إليه إال أحمد بن‬
‫المعذل‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫فقــال المتوكل لعبيد اهلل‪ :‬إن هــذا ال يــرى بيعتنا ؟ فقــال‪ :‬يا أمــير المؤمــنين بلى ! ولكن في بصــره‬
‫سوء‪.‬‬

‫فقال أحمد بن المعذل‪ :‬يا أمير المؤمنين ما في بصري سوء‪ ،‬ولكن نزهتك من عذاب اهلل‪.‬‬

‫قال النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ " :‬من أحب أن يتمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار "‪.‬‬

‫فجاء المتوكل فجلس إلى جنبه‪.‬‬

‫‪ -9‬وقال أيضا (‪-: )454\14‬‬

‫وكان المتوكل محببا إلى رعيته قائما في نصـرة أهل السـنة‪ ،‬وقد شــبهه بعضــهم بالصــديق في قتله‬
‫أهل الردة‪ ،‬ألنه نصر الحق ورده عليهم حتى رجعوا إلى الدين‪.‬‬

‫وبعمر بن عبد العزيز حين رد مظالم بني أمية‪.‬‬

‫وقد أظهر السنة بعد البدعة‪ ،‬وأخمد أهل البدع وبدعتهم بعد انتشارها واشتهارها فرحمه اهلل‪.‬‬

‫وقد رآه بعضهم في المنام بعد موته وهو جالس في نور قال فقلتـ‪ :‬المتوكل ؟ قال‪ :‬المتوكل‪.‬‬

‫قلت‪ :‬فما فعل بك ربك ؟ قال‪ :‬غفر لي‪.‬‬

‫قلت‪ :‬بماذا ؟ قال‪ :‬بقليل من السنة أحييتها‪.‬‬

‫‪ -10‬قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (‪-: )21\4‬‬

‫وكان في أيام المتوكل قد عز اإلسالم‪ ،‬حتى ألزم أهل الذمة بالشروط العمرية‪ ،‬وألزمــوا الصــغار‪،‬‬
‫فعـ ــزت السـ ــنة والجماعـ ــة‪،‬وقمعتـ الجهمية والرافضة ونحـ ــوهم ففي عهـ ــده رفعتـ المحنة بخلق‬
‫القرآن ‪.‬‬

‫‪ -11‬وقال في مجموع الفتاوى (‪-: )25\3‬‬

‫‪34‬‬
‫ثم إن اهلل كشف الغمة عن األمة في والية المتوكل على اهلل ال ـ ـ ــذي جعل اهلل عامة خلف ـ ـ ــاء ب ـ ـ ــني‬
‫العباس من ذريته دون ذرية الذين أقاموا المحنة ألهل الســنة‪ ،‬فــأمر المتوكل برفع المحنة وإظهــار‬
‫الكتاب والسنة‪ ،‬وأن يروى ما ثبت عن النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬والصحابة والتابعين ‪.‬‬

‫‪ -12‬قال الزركلي في األعالم (‪-: )180\7‬‬

‫محمــود بن الفــرج (‪ 235 -..‬ه =‪ 850 -..‬م) محمــود بن الفــرج النيســابوري‪ :‬متنــبئ‪ ،‬أصــله‬
‫من نيسابور‪ ,‬ظهر بسامراء في أيام المتوكل العباسي‪ ،‬فــزعم أنه نــبي وأنه (ذو القــرنين) وتبعه ‪27‬‬
‫رجال‪ ،‬وكتب مصــحفا ســماه (القــرآن) وزعم أن جبريل نــزل به عليــه ‪ ,‬وخــرج أربعة من أصــحابه‬
‫ببغـ ــداد‪ ،‬فانتشر خـ ــبره‪ ،‬فقبض عليه المتوكل وأمر به فضـ ــرب ضـ ــربا شـ ــديدا وحمل إلى بغـ ــداد‪،‬‬
‫فأك ــذب نفس ــه‪ ،‬وأمر أص ــحابه أن يض ــربه كل واحد منهم عشر ص ــفعات ‪ ,‬وم ــات من الض ــرب‪،‬‬
‫وحبس أصحابه ‪.‬‬

‫‪ -13‬قال في الوافي بالوفيات (‪-: )1015\1‬‬

‫أبو عبد اهلل الجهمي أحمد بن محمد بن حميد بن ث ــور بن س ــليمان بن حفص بن عبد اهلل ابن أبي‬
‫الجهم بن حذيفة العــدوي القرشي من بــني عــدي بن كعب يعــرف بــالجهمي‪ ،‬نســبة إلى جــده أبي‬
‫الجهم‪ ،‬يكنى أبا عبد اهلل‪ ،‬حجازي نشأ بــالعراق‪ ،‬وكـان أديبـاً راوية شــاعراً خـبيث اللسـان هجــاء‪،‬‬
‫قوم من العمريين والعثمانيين كالم فذكر سلفهم بأقبح ذكر‪ ،‬فنهاه بعض العباسيين‬ ‫وقع بينه وبين ٍ‬
‫فـ ــذكر العبـ ــاس بـ ــأقبح ذكر ورمـ ــاه بـ ــأمر عظيم‪ ،‬وتشـ ــاهدوا عليه وأنهي خـ ــبره إلى المتوكل فـ ــأمرـ‬
‫بضربه مائة سوط فضربه إياها إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم في مجلس العامة بسر من رأى ‪.‬‬

‫قال الخالل في كتابه السنة (‪-: )84\1‬‬

‫أخبرنا أبو بكر المـ ـ ــروذي قـ ـ ــال سـ ـ ــمعت أبا عبداهلل وذكر الخليفة المتوكل رحمه اهلل فقـ ـ ــال إني‬
‫ألدعو له بالصالح والعافية وقال لئن حدث به حدث لتنظرن ما يحل باإلسالم ‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫‪ -10‬أمير المؤمنين الخليفة المعتز باهلل (‪255‬هـ)‬
‫قال الطبري في التاريخ (‪-: )419\5‬‬

‫وكــان محمد بن عمــران الضــبي مــؤدب المعــتز قد ســمى رجــاال للمعــتز للقضــاء نحو ثمانية رجــال‬
‫فيهم الخلنجي والخصـ ـ ـ ــاف وكتب كتبهم ‪ ,‬فوقع فيه شـ ـ ـ ــفيع الخـ ـ ـ ــادم ومحمد بن إبـ ـ ـ ــراهيم بن‬
‫الكردية وعبدالسـ ــميع بن هـ ــارون بن سـ ــليمان بن أبي جعفر ‪ ,‬وقـ ــالوا إنهم من أصـ ــحاب ابن أبي‬
‫داود وهم رافضة وقدريةـ وزيدية وجهمية ‪ ,‬فأمر المعتز بطردهم وإخراجهم إلى بغداد ‪.‬‬

‫‪ -11‬أمير المؤمنين الخليفة المهتدي باهلل بن الواثق باهلل (‪256‬هـ)‬


‫قال الذهبي في السير (‪-: )535\12‬‬

‫قال ابن أبي الـدنيا‪ :‬حـدثنا أبو النضر المـروزي‪ ،‬قـال لي جعفر بن عبد الواحد‪ :‬ذاكـرت المهتـدي‬
‫بشــيء‪ ،‬فقلتـ له‪ :‬كــان أحمد بن حنبل يقــول بــه‪ ،‬ولكنه كــان يخــالف‪ ،‬كــأني أشــرت إلى آبائه ‪-‬‬
‫فقــال‪ :‬رحمه اهلل أحمد بن حنبــل‪ ،‬لو جــاز لي لتــبرأت من أبي‪ ،‬تكلم بــالحق وقل بــه‪ ،‬فــإن الرجل‬
‫ليتكلم بالحق فينبل في عيني ‪.‬‬

‫وكـ ــان قد اطـ ــرح المالهي‪ ،‬وحـ ــرم الغنـ ــاء‪ ،‬وحسم أصـ ــحاب السـ ــلطان عن الظلم‪ ،‬وكـ ــان شـ ــديد‬
‫اإلشراف على أمر الدواوين‪ ،‬يجلس بنفسه‪ ،‬ويجلس بين يديه الكتاب‪ ،‬يعملون الحساب‪ ،‬ويلــزم‬
‫الجل ــوس ي ــومي الخميس واالث ــنين‪ ،‬وقد ض ــرب جماعة من الكب ــار‪ ،‬ونفى جعفر بن محم ــود إلى‬
‫بغداد لرفض فيه ‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫‪ -12‬أمير المؤمنين الخليفة المعتضد باهلل (‪289‬هـ)‬
‫‪ -1‬قال ابن تيمية في الفتاوى (‪-: )22\4‬‬

‫وكــان في أيــام المتوكل قد عز اإلســالم حــتى ألــزم أهل الذمة بالشــروط العمرية وألزمــوا الصــغار‬
‫فعزت السنة والجماعة وقمعت الجهمية والرافضةـ ونحوهم وكذلك في أيام المعتضد والمهتدي‬
‫والقــادر وغــيرهم من الخلفــاء الــذين كــانوا أحمد ســيرة وأحسن طريقة من غــيرهم وكــان اإلســالم‬
‫في زمنهم أعز وكانت السنة بحسب ذلك ‪.‬‬

‫‪ -2‬قال في البداية والنهاية (‪-: )642\14‬‬

‫وفيها نـ ـ ـ ــودي ببغ ـ ـ ـ ــداد أن ال يمكن أحد من القص ـ ـ ـ ــاص والطرقية والمنجمين ومن أش ـ ـ ـ ــبههم من‬
‫الجلوس في المساجد وال في الطرقات‪ ،‬وأن ال تباع كتب الكالم والفلسفة والجدل بين الناس‪،‬‬
‫وذلك بهمة أبي العباس المعتضد سلطان اإلسالم‪.‬‬

‫‪ -3‬وقال أيضا (‪-: )659\14‬‬

‫وفيها نهى المعتضد النــاس أن يعملــوا في يــوم النــيروز ما كــانوا يتعاطونه من إيقــاد النــيران وصب‬
‫المـ ــاء وغـ ــير ذلك من األفعـ ــال المشـ ــابهة ألفعـ ــال المجـ ــوس‪ ،‬ومنع من حمل هـ ــدايا الفالحين إلى‬
‫المنقطعين في هـ ـ ــذا اليـ ـ ــوم وأمر بتـ ـ ــأخير ذلك إلى الحـ ـ ــادي عشر من حزيـ ـ ــران وسـ ـ ــمي النـ ـ ــيروز‬
‫المعتضدي‪ ،‬وكتب بذلك إلى اآلفاق‪.‬‬

‫‪ -4‬وقال أيضا (‪-: )699\14‬‬

‫قــال لــه مســامره عالم قتلت أحمــد بن الطيب وق ـدـ كــان خادمــك ولم يظهــر جنايــة ؟ فقــال – أي‬
‫المعتضد – ويحك إنه دعاني إلى اإللحاد والكفــر باهلل فيمـا بيـني وبينـه فقلت لــه ‪ :‬يــا هـذا أنـا ابن‬

‫‪37‬‬
‫عم صاحب الشريعة وأنا منتصب في منصبه فأكفر حتى أكون من غير قبيلته ؟ فقتلته على الكفر‬
‫والزندقة ‪.‬‬

‫‪ -5‬وقال أيضا (‪-: )701\14‬‬

‫عن ابن س ـ ــريج القاضي إس ـ ــماعيل بن إس ـ ــحاق ق ـ ــال‪ :‬دخلت يوما على المعتضد ف ـ ــدفع إلى كتابا‬
‫فقرأته فــإذا فيه الــرخص من زلل العلمــاء قد جمعها بعض النــاس ‪ -‬فقلتـ‪ :‬يا أمــير المؤمــنين إنما‬
‫جمع هذا زنديق‪.‬‬

‫فقـ ــال‪ :‬كيف ؟ فقلتـ‪ :‬إن من أبـ ــاح المتعة لم يبح الغنـ ــاء‪ ،‬ومن أبـ ــاح الغن ـ ــاء لم يبح إض ـ ــافته إلى‬
‫آالت اللهو‪ ،‬ومن جمع زلل العلماء ثم أخذ بها ذهب دينه‪.‬‬

‫فأمر بتحريق ذلك الكتاب‪.‬‬

‫‪ -6‬وقال أيضا (‪-: )761\14‬‬

‫ج ــاء القاض ــي يوما بعض خ ــدم الخليفة المعتضد ف ــترفع في المجلس على خص ــمه ف ــأمره ح ــاجب‬
‫القاضي أن يساوي خصمه فامتنع إدالال بجاهه عند الخليفــة‪ ،‬فزبــره القاضي وقــال‪ :‬ائتــوني بــدالل‬
‫النخس حتى أبيع هذا العبد وأبعث بثمنه إلى الخليفة‪ ،‬وجاء حاجب القاضي فأخذه بيده وأجلسه‬
‫مع خص ــمه‪ ،‬فلما انقضت الحكومة رجع الخ ــادم إلى المعتضد فبكى بين يديه فق ــال له‪ :‬ما لك ؟‬
‫فـ ــأخبره بـ ــالخبر وما أراد القاضي من بيعـ ــه‪ ،‬فقـ ــال‪ :‬واهلل لو باعك ألجـ ــزت بيعه ولما اسـ ــترجعتك‬
‫أبدا‪ ،‬فليس خصوصيتك عندي تزيل مرتبة الشرع فإنه عمود السلطان وقوام األديان ‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫‪ -13‬أمير المؤمنين الخليفة المقتدر باهلل (‪323‬هـ)‬
‫‪ -1‬قال في البداية والنهاية (‪-: )750\14‬‬

‫أمر المقتــدر بــأن ال يســتخدم أحد من اليهــود والنصــارى في الــدواوين‪ ،‬وألزمــوا بلــزومهمـ بيــوتهم‪،‬‬
‫وأن يلبسوا المساحي ويضعون بين أكتافهم رقاعا ليعرفوا بها‪ ،‬وألزموا بالذل حيث كانوا‪.‬‬

‫‪ -2‬وقال أيضا (‪-: )737\14‬‬

‫ورد الحالج إلى محبسه وتأخر جواب المقتدر ثالثة أيام حــتى ســاء ظن الــوزير حامد بن العبــاس‪،‬‬
‫فكتب إلى الخليفة يقــول له‪ :‬إن أمر الحالج قد اشـتهر ولم يختلف فيه اثنــان وقد افتتن كثـير من‬
‫النــاس بــه ‪ ,‬فجــاء الجــواب بــأن يســلم إلى محمد بن عبد الصــمد صــاحب الشــرطة وليضــربه ألف‬
‫سوط‪ ،‬فإن مات وإال ضربت عنقه ففرح الوزير بذلك ‪.‬‬

‫‪ -3‬وقال أيضا (‪-: )18\15‬‬


‫وفي صــفر منهــا – أي ســنة ‪ 313‬هـ ـ ‪ -‬بلغ الخليفة أن جماعة من الرافضةـ يجتمعــون في مســجد‬
‫براثا فينـ ـ ــالون من الصـ ـ ــحابة وال يصـ ـ ــلون الجمعـ ـ ــة ويكـ ـ ــاتبون القرامطة ويـ ـ ــدعون إلى محمد بن‬
‫إسماعيل الذي ظهر بين الكوفة وبغداد ويدعون أنه المهدي ويتبرأون من المقتدر وممن تبعه‪.‬‬
‫فأمر باالحتياط عليهم واستفتى العلماء بالمسجد فأفتوا بأنه مسجد ضرار‪ ،‬فضــربـ من قــدر عليه‬
‫منهم الضرب المبرح‪ ،‬ونودي عليهم ‪ ,‬وأمر بهدم ذلك المسجد المذكور فهدم ‪.‬‬

‫‪ -14‬أمير المؤمنين الخليفة القاهر باهلل (‪339‬هـ)‬


‫قال ابن القيم في أحكام أهل الذمة عن المجوس (‪-:)232\1‬‬

‫‪39‬‬
‫واستفتى القاهر باهلل العباسي الفقهاء فيهم فأفتاه أبو سعيد أنهم ال يقرون فأمر بقتلهم فبذلوا مــاال‬
‫عظيما فتركهم ‪.‬‬

‫‪ -15‬أمير المؤمنين الخليفة الراضي باهلل (‪329‬هـ)‬


‫قال في البداية والنهاية (‪-: )82\15‬‬

‫وفيها ظهر ببغداد رجل يعرف بأبي جعفر بن علي الشــلمغاني ويقــال له ابن العرافة ‪ ،‬فــذكروا عنه‬
‫أنه يــدعي ما كــان يدعيه الحالج من اإللهيــة‪ ،‬وكــانوا قد قبضــوا عليه في دولة المقتــدر عند حامد‬
‫بن العباس‪ ،‬واتهم بأنه يقول بالتناسخ فأنكر ذلك‪.‬‬

‫ولما كـ ــانت هـ ــذه المـ ــرة أحضـ ــره الراضي وادعى عليه بما كـ ــان ذكر عنه فـ ــأنكر ثم أقر بأشـ ــياء‪،‬‬
‫فأفتى قوم أن دمه حالل إال أن يتوب من هذه المقالة‪ ،‬فأبى أن يتوب‪ ،‬فضــرب ثمــانين ســوطا‪ ،‬ثم‬
‫ضـ ــربت عنقه وألحق بـ ــالحالج‪ ،‬وقتل معهـ صـ ــاحبه ابن أبي عـ ــون لعنه اهلل وكـ ــان هـ ــذا اللعين من‬
‫جملة من اتبعه وصدقه فيما يزعمه من الكفر‪.‬‬

‫وقد بسط ابن األثـ ــير في كامله مـ ــذهب هـ ــؤالء الكفـ ــرة بسـ ــطا جيـ ــدا‪ ،‬وشـ ــبه مـ ــذهبهم بمـ ــذهب‬
‫النصيرية‪.‬‬

‫‪ -16‬أمير المؤمنين الخليفة المتقي هلل (‪357‬هـ)‬


‫قال في البداية والنهاية (‪-: )151\15‬‬

‫وفيها كثر الرفض ببغداد فنودي بها من ذكر أحدا من الصحابة بسوء فقد برئت منه الذمة‪.‬‬

‫‪ -17‬أمير المؤمنين الخليفة الطائع هلل (‪393‬هـ)‬


‫قال في البداية والنهاية (‪-: )476\15‬‬

‫وبعث الخليفة الط ـ ــائع هلل إلى ابن س ـ ــمعون من أحض ـ ــره إليه وهو مغضبـ علي ـ ــه‪ ،‬فخيف على ابن‬
‫س ــمعون من ــه‪ ،‬فلما جلس بين يديه أخذ في الوع ــظ‪ ،‬وك ــان أك ــثر ما أورده من كالم علي بن أبي‬
‫‪40‬‬
‫ط ـ ــالب‪ ،‬فبكى الخليفة ح ـ ــتى س ـ ــمع نش ـ ــيجه‪ ،‬ثم خ ـ ــرج من بين يديه وهو مك ـ ــرم‪ ،‬فقيل للخليفة‪:‬‬
‫رأيناك طلبته وأنت غضــبان‪ ،‬فقــال‪ :‬بلغــني أنه ينتقص عليا فــأردت أن أعاقبــه‪ ،‬فلما حضر أكــثر من‬
‫ذكر علي فعلمت أنه موفق‪ ،‬فذكرني وشفى ما كان في خاطري عليه‪.‬‬

‫‪ -18‬أمير المؤمنين الخليفة أبو العباس القادر باهلل (‪422‬هـ)‬


‫‪ -1‬قال ابن الجوزي في المنتظم (‪-:)326\4‬‬

‫أخبرنا سعد اهلل بن علي البزار أنبأ أبو بكر الطريثيثي‪ ،‬أنبأ هبة اهلل بن الحسن الطــبري قــال‪ :‬وفي‬
‫ســنة ثمــان وأربعمائة اســتتاب القــادر باهلل الخليفة فقهــاء المعتزلــة‪ ،‬فــأظهرواـ الرجــوع وتــبرأوا من‬
‫االعــتزال والــرفض والمقــاالت المخالفة لإلســالم‪ ،‬وأخــذت خطــوطهم بــذلك‪ ،‬وأنهم مــتى خــالفوا‬
‫أحل فيهم من النك ـ ـ ــال والعقوبة ما يتعظ به أمث ـ ـ ــالهم‪ ،‬وامتثل محم ـ ـ ــود بن س ـ ـ ــبكتكين أمر أم ـ ـ ــير‬
‫المؤم ــنين في ذلك واس ــتن بس ــنته في أعماله ال ــتي اس ــتخلفه عليها من بالد خراس ــان وغيره ــا‪ ،‬في‬
‫قتل المعتزلة والرافضة واإلسماعيلية والقرامطة والجهمية والمشبهة‪ ،‬وصلبهم وحبسهم ونفــاهم‪،‬‬
‫وأمر بلعنهم على المنابر‪ ،‬وأبعد جميع طوائف أهل البدع ‪ ،‬ونفاهم عن ديارهم‪ ،‬وصار ذلك سنة‬
‫في اإلسالم‪.‬‬

‫‪ -2‬قال في البداية والنهاية (‪-: )519\15‬‬


‫وفي عاشر رجب ‪ -‬سنة ‪ 398‬هـ ‪ -‬جـرت فتنة بين السـنة والرافضــة‪ ،‬سـببها أن بعض الهاشــميين‬
‫قصد أبا عبد اهلل محمد بن النعم ــان المع ــروف ب ــابن المعلم ‪ -‬وك ــان فقيه الشــيعة ‪ -‬في مس ــجده‬
‫بـ ــدرب ربـ ــاح‪ ،‬فعـ ــرضـ له بالسب فثـ ــار أصـ ــحابه له واسـ ــتنفر أصـ ــحاب الكـ ــرخ وصـ ــاروا إلى دار‬
‫القاضي أبي محمد األكفـ ـ ـ ــاني والشـ ـ ـ ــيخ أبي حامد اإلسـ ـ ـ ــفراييني‪ ،‬وجـ ـ ـ ــرت فتنة عظيمة طويلـ ـ ـ ــة‪،‬‬
‫وأحض ــرت الش ــيعة مص ــحفا ذك ــروا أنه مص ــحف عبد اهلل بن مس ــعود‪ ،‬وهو مخ ــالف للمص ــاحف‬
‫كلها‪ ،‬فجمع األشراف والقضاة والفقهاء في يوم جمعة لليلة بقيت من رجب‪ ،‬وعرض المصحف‬
‫عليهم فأشــار الشــيخ أبو حامد اإلســفراييني والفقهــاء بتحريقــه‪ ،‬ففعل ذلك بمحضر منهم‪ ،‬فغضب‬
‫الشـ ـ ــيعة من ذلك غضـ ـ ــبا شـ ـ ــديدا‪ ،‬وجعلـ ـ ــوا يـ ـ ــدعون ليلة النصف من شـ ـ ــعبان على من فعل ذلك‬
‫ويســـبونه‪ ،‬وقصدـ جماعة من أحـــداثهم دار الش ــيخ أبي حامد لي ــؤذوه فانتقل منها إلى دار القطن‪،‬‬
‫‪41‬‬
‫وص ـ ـ ــاحوا يا ح ـ ـ ــاكم يا منص ـ ـ ــور‪ ،‬وبلغ ذلك الخليفة فغضبـ وبعث أعوانه لنص ـ ـ ــرة أهل الس ـ ـ ــنة‪،‬‬
‫فحــرقتـ دور كثــيرة من دور الشــيعة‪ ،‬وجــرت خطــوب شــديدة‪ ،‬وبعث عميد الجيــوش إلى بغــداد‬
‫لينفي عنها ابن المعلم فقيه الشـ ــيعة‪ ،‬فـ ــأخرج منها ثم شـ ــفع فيـ ــه‪ ،‬ومنعتـ القصـ ــاص من التعـ ــرض‬
‫للـ ــذكر والسـ ــؤال باسم الشـ ــيخين‪ ،‬وعلي رضي اهلل عنهم‪ ،‬وعـ ــاد الشـ ــيخ أبو حامد إلى داره على‬
‫عادته‪.‬‬

‫‪ -3‬وقال أيضا (‪-: )576\15‬‬

‫ثم دخلت ســنة تسع وأربعمائة في يــوم الخميس الســابع عشر من المحــرم قــرئ بــدار الخالفة في‬
‫الموكب كتاب في مذهب أهل السنة وفيه أن من قال القرآن مخلوق فهو كافر حالل الدم‪.‬‬

‫‪ -4‬وقال أيضا (‪-: )626\15‬‬

‫وفي هــذا اليــوم جمع القضــاة والعلمــاء في دار الخالفــة‪ ،‬وقــرئ عليهم كتــاب جمعه القــادر باهلل‪،‬‬
‫فيه مواعظ وتفاص ــيل مـــذاهب أهل الس ــنة‪ ،‬وفيه ال ــرد على أهل الب ــدع‪ ،‬وتفس ــيق من ق ــال بخلق‬
‫الق ــرآن‪ ،‬وص ــفة ما وقع بين بشر المريسي وعبد العزيز بن يح ــيى الكن ــاني من المن ــاظرة‪ ،‬ثم ختم‬
‫القول بالمواعظ‪ ،‬والقول بالمعروف‪ ،‬والنهى عن المنكر‪.‬‬

‫وأخذ خطوط الحاضرين بالموافقة على ما سمعوه‪.‬‬

‫وفي يوم االثنين غرة ذي القعدة جمعـوا أيضا كلهم وقـرئ عليهم كتـاب آخر طويل يتضـمن بيـان‬
‫السنة والرد على أهل البدع ومناظرة بشر المرسي والكناني أيضا‪ ،‬واألمر بــالمعروفـ والنهي عن‬
‫المنكــر‪ ،‬وفضل الص ــحابة‪ ،‬وذكر فض ــائل أبي بكر الصــديق وعمر بن الخط ــاب رضي اهلل عنهمــا‪،‬‬
‫ولم يفرغوا منه إال بعد العتمة‪ ،‬وأخذت خطوطهم بموافقة ما سمعوه‪.‬‬

‫وعزل خطباء الشيعة‪ ،‬وولى خطباء السنة وهلل الحمد والمنة على ذلك وغيره‪.‬‬

‫وجــرت فتنة بمســجد براثــا‪ ،‬وضــربوا الخطيب الســني بــاآلجر‪ ،‬حــتى كســروا أنفه وخلعــوا كتفــه‪،‬‬
‫فانتصر لهم الخليفة وأهـ ــان الشـ ــيعة وأذلهم‪ ،‬حـ ــتى جـ ــاؤوا يعتـ ــذرون مما صـ ــنعوا‪ ،‬وأن ذلك إنما‬
‫تعاطاه السفهاء منهم‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫‪ -5‬وقال أيضا عن القادر (‪-: )637\15‬‬

‫وقد كان حليما كريما‪ ،‬محبا الهل العلم والدين والصالح‪ ،‬ويأمر بــالمعروفـ وينهى عن المنكــر‪،‬‬
‫وك ــان على طريقة الس ــلف في االعتق ــاد‪ ،‬وله في ذلك مص ــنفاتـ ك ــانت تق ــرأ على الن ــاس‪ ،‬وك ــان‬
‫أبيض حسن الجسم طويل اللحية عريضها يخضبها‪ ،‬وكان يقوم الليل كثــير الصــدقة‪ ،‬محبا للســنة‬
‫وأهلهـ ــا‪ ،‬مبغضا للبدعة وأهلهـ ــا‪ ،‬وكـ ــان يكـ ــثر الصـ ــوم ويـ ــبر الفقـ ــراء من أقطاعـ ــه‪ ،‬يبعث منـ ــه إلى‬
‫المجــاورين بــالحرمين وجــامع المنصــور‪ ،‬وجــامع الرصــافة‪ ،‬وكــان يخــرج من داره في زي العامة‬
‫فيزور قبور الصالحين ‪.‬‬

‫‪ -6‬قال الذهبي في السير عن القادر (‪-: )128\15‬‬

‫وص ــنف كتابا في األص ــول‪ ،‬ذكر فيه فضل الص ــحابة‪ ،‬وإكف ــار من ق ــال‪ :‬بخلق الق ــرآن ‪ ,‬وك ــان‬
‫ذلك الكتاب يقرأ في كل جمعة في حلقة أصحاب الحديث‪ ،‬ويحضـره النـاس مـدة خالفتـه‪ ،‬وهي‬
‫إحدى وأربعون سنة وثالثة أشهر ‪.‬‬

‫‪ -19‬أمير المؤمنين الخليفة القائم بأمر اهلل (‪467‬هـ)‬


‫‪ -1‬قال في البداية والنهاية (‪-: )669\15‬‬

‫وفيها ‪ -‬أي سنة ‪ 429‬هـ ‪ -‬اســتدعى الخليفة بالقضــاة والفقهــاء وأحضر جــاثليق النصــارى ورأس‬
‫جالوت اليهود‪ ،‬وألزموا بالغيار‪.‬‬

‫‪ -2‬وقال أيضا (‪-: )685\15‬‬

‫وفيها ‪ -‬أي سنة ‪ 433‬هـ ‪ -‬قرئ االعتقاد القادري الذي جمعه الخليفة القادر‪ ،‬وأخذت خطــوط‬
‫العلمــاء والزهــاد عليه بأنه اعتقــاد المســلمين‪ ،‬ومن خالفه فسق وكفــر‪ ،‬وكــان أول من كتب عليه‬
‫الشــيخ أبو الحسن علي بن عمر القزويــني‪ ،‬ثم كتب بعــده العلمــاء‪ ،‬وقد ســرده الشــيخ أبو الفــرج‬
‫بن الجوزي بتمامه في منتظمه‪ ،‬وفيه جملة جيدة من اعتقاد السلف‪.‬‬

‫‪ -3‬وقال أيضا (‪-: )736\15‬‬

‫‪43‬‬
‫وفيها ‪ -‬أي سنة ‪ 448‬هـ ‪ -‬ألزم الروافض بترك األذان بحي على خير العمــل‪ ،‬وأمــروا أن ينــادي‬
‫مــؤذنهم في أذان الصــبح‪ ،‬وبعد حي على الفالح‪ :‬الصــالة خــير من النــوم‪ ،‬مــرتين‪ ،‬وأزيل ما كــان‬
‫على أبـــواب المســـاجد ومســـاجدهمـ من كتابة‪ :‬محمد وعلي خ ــير البش ــر‪ ،‬ودخل المنش ــدون من‬
‫باب البصرة إلى باب الكرخ‪ ،‬ينشدون بالقصائد التي فيها مدح الصحابة ‪.‬‬

‫وأمر رئيس الرؤســاء الــوالي بقتل أبي عبد اهلل بن الجالب شــيخ الــروافض‪ ،‬لما كــان تظــاهر به من‬
‫الرفض والغلو فيه‪ ،‬فقتل على باب دكانه‪ ،‬وهربـ أبو جعفر الطوسي ونهبت داره‪.‬‬

‫‪ -4‬وقال أيضا (‪-: )7\16‬‬

‫ثم دخلت سنة ثمان وخمسين وأربعمائة في يوم عاشوراء أغلق أهل الكرخ دكاكينهم وأحضــروا‬
‫نســاء ينحن على الحســين‪ ،‬كما جــرت به عــادتهم الســالفة في بــدعتهم المتقدمةـ المخالفــة‪ ،‬فحين‬
‫وقع ذلك أنكرته العامة‪ ،‬وطلب الخليفة أبا الغنائم وأنكر عليه ذلك‪.‬‬

‫فاعت ــذر إليه بأنه لم يعلم ب ــه‪ ،‬وأنه حين علم أزال ــه‪ ،‬وت ــردد أهل الك ــرخ إلى ال ــديوان يعت ــذرون من‬
‫ذلك‪ ،‬وخرج التوقيع بكفر من سب الصحابة وأظهر البدع‪.‬‬

‫‪ -5‬وقال أيضا (‪-: )14\16‬‬

‫وفي يوم السبت النصف من جمادى اآلخرة ‪ -‬سنة ‪ 460‬هـ ‪ -‬قرئ االعتقاد القــادري الــذي فيه‬
‫مذهب أهل السـنة‪ ،‬واإلنكــار على أهل البـدع‪ ،‬وقـرأ أبو مســلم الكجي البخـاري المحــدث كتــاب‬
‫التوحيد البن خزيمة على الجماعة الحاضرين‪.‬‬

‫وذكر بمحضر من الوزير ابن جهــير وجماعة الفقهــاءـ وأهل الكالم‪ ،‬واعــترفوا بالموافقــة‪ ،‬ثم قــرئ‬
‫االعتقــاد القــادري على الشــريف أبي جعفر بن المقتــدي باهلل ببــاب البصــرة‪ ،‬وذلك لســماعه له من‬
‫الخليفة القادر باهلل مصنفه‪.‬‬

‫‪ -20‬أمير المؤمنين الخليفة المستضيء باهلل (‪575‬هـ)‬

‫‪44‬‬
‫‪ -1‬قال في البداية والنهاية (‪-: )530\16‬‬

‫وفيها ‪ -‬سنة ‪ 554‬ه ـ ‪ -‬احتيط ببغــداد على شــاعر ينشد للــروافض يقــال لــه ابن قرايــا ‪ ,‬يقــف في‬
‫األس ــواق وي ــذكر أش ــعارا يض ــمنها ذم الص ــحابة وس ــبهم و تجــويرهم وتهجين من يحبهم‪ ،‬فعقد له‬
‫مجلس بأمر الخليفة واستنطق فإذا هو رافضي جلد خبيث داعية إليــه‪ ،‬فــأفتى الفقهــاء بقطع لســانه‬
‫ويديـ ـ ــه‪ ،‬ففعل به ذلـ ـ ــك‪ ،‬ثم اختطفته العامة فما زالـ ـ ــوا يرمونه بـ ـ ــاآلجر حـ ـ ــتى ألقى نفسه في دجلة‬
‫فاســتخرجوه منها وقتلــوه حــتى مــات‪ ،‬فأخــذوا شــريطا وربطــوه في رجله وجــروه على رجله حــتى‬
‫طــافوا به البلد وجميع األســواق‪ ،‬ثم ألقــوه في بعض األتونــات مع اآلجر والكلس‪ ،‬وعجز الشــرط‬
‫عن تخليصه منهم‪.‬‬

‫‪ -2‬وقال أيضا (‪-: )541\16‬‬

‫وك ـ ــان من خي ـ ــار الخلف ـ ــاء آم ـ ــرا ب ـ ــالمعروف ناهيا عن المنك ـ ــر‪ ،‬م ـ ــزيال عن الن ـ ــاس المكوس ـ ــات‬
‫والضرائب‪ ،‬مبطال للبدع والمعائب‪ ،‬وكان حليما وقورا كريما ‪.‬‬

‫‪ -21‬أمير المؤمنين الخليفة الظاهر باهلل (‪623‬هـ)‬


‫قال القلقشندي في مآثر اإلنافة في معالم الخالفة (‪-: )199\1‬‬

‫لما ولي الخالفة أظهر العـ ـ ــدل وأزال المكـ ـ ــوس وأخـ ـ ــرج المسـ ـ ــجونين من السـ ـ ــجن ومشى على‬
‫مذهب أهل السنة وترك ما كان عليه أبوه من التشيع ‪.‬‬

‫‪ -22‬أمير المؤمنين الخليفة المستعصم باهلل (‪656‬هـ)‬


‫قال في البداية والنهاية (‪-: )366\17‬‬

‫‪45‬‬
‫وقد كان حسن الصورة جيد السريرة‪ ،‬صحيح العقيـدة مقتــديا بأبيه المستنصر في المعدلة وكــثرة‬
‫الصدقاتـ وإكرام العلماء والعباد ‪.‬‬

‫وقد اســتجاز له الحافظ ابن النجــار من جماعة من مشــايخ خراســان منهم المؤيد الطوســي‪ ،‬وأبو‬
‫روح عبد العزيز بن محمد الهـ ــروي وأبو بكر القاسم بن عبد اهلل بن الصـ ــفار وغـ ــيرهم‪ ،‬وحـ ــدث‬
‫عنه جماعة منهم مؤدبه شيخ الشيوخ صدر الدين أبو الحسن علي بن محمد بن النيار‪.‬‬

‫وأج ــاز هو لإلم ــام مح ــيي ال ــدين بن الج ــوزي‪ ،‬وللش ــيخ نجم ال ــدين الب ــادرائي‪ ،‬وح ــدثا عنه به ــذه‬
‫االجازة‪.‬‬

‫وقد كان رحمه اهلل سنيا على طريقة السـلف واعتقــاد الجماعة كما كـان أبـوه وجــده‪ ،‬ولكن كــان‬
‫فيه لين وعدم تيقظ ومحبة للمال وجمعه ‪.‬‬

‫‪-23‬األمير محمد بن سليمان بن علي بن عبداهلل بن عباس (‪173‬هـ)‬


‫قال في لسان الميزان (‪-: )51\4‬‬

‫عبد الكريم بن أبي العوجاء خال معن بن زائدة ‪ ,‬زنديق مغتر ‪ ,‬قال أبو احمد بن عدي لما أخذ‬
‫ليضرب عنقه قال لقد وضعت فيكم أربعة آالف حديث احرم فيه الحالل واحلل الحرام قتله‬
‫محمد بن سليمان العباسي األمير بالبصرة ‪.‬‬
‫قال اإلسفراييني في التبصير في الدين (ص ‪-: )137‬‬
‫وكــان عبد الكــريم ابن أبي العوجــاء خــال معن بن زائــدة في السر على دين المانوية وكــان يقــول‬
‫بالتناسخ وكـــان في الظـــاهر ينتسب إلى القدرية والرافضةـ ووضع كث ــيرا من األح ــاديث اغ ــتر بها‬
‫ال ــروافض وأفسد على ال ــروافض ص ــومهم ووضع لهم حس ــابا يغ ــيرون به رؤوس الش ــهور ونسب‬
‫ذلك إلى جعفر بن محمد بن جعفر الصـ ـ ــادق رضي اهلل عنه ولما ظهر خـ ـ ــبر وضع الحسـ ـ ــاب أمر‬
‫بقتله أبو جعفر محمد بن سليمان الهاشمي فصلب ‪.‬‬

‫‪ -24‬األمير عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبداهلل بن عباس‬

‫‪46‬‬
‫قال الشهرستاني في الملل والنحل (ص ‪-: )52‬‬

‫الخطابي ــة ‪ :‬أص ــحاب أبي الخط ــاب محمد بن أبي زينب األس ــدي األج ــدع م ــولى ب ــني أس ــد‪ ،‬وهو‬
‫الــذي عــزا نفسه إلى أبي عبد اهلل جعفر بن محمد الصــادق رضي اهلل عنهم ‪ ,‬فلما وقف الصــادق‬
‫على غل ــوه الباطل في حقه ت ــبرأ منه ولعن ــه‪ ،‬وأمر أص ــحابه ب ــالبراءة منه ‪ ،‬وش ــدد الق ــول في ذلك‬
‫وبالغ في التبري منهم واللعن لهم ؛ فلما اعتزل عنه ادعى اإلمامةـ لنفسه‪.‬‬

‫زعم أبو الخطـــاب‪ :‬أن األئمة أنبيـــاء ثم آلهة وقـــال بإلهية جعفر بن محمد وإلهية آبائه رضي اللـ ـه‬
‫عنهم؛ وهم أبناء اهلل وأحباؤه ‪ ,‬واإللهية نور في النبوة ‪ ،‬والنبوة نــور في اإلمانــة‪ ،‬وال يخلو العــالم‬
‫من هذه اآلثــار واألنــوار ‪ ,‬وزعم أن جعفــراً هو اإلله في زمانــه‪ ،‬وليس هو المحســوس الــذي يرونه‬
‫؛ ولكن لما نزل إلى هذا العالم لبس تلك الصورة فرآه الناس فيها‪.‬‬

‫ولما توقف عيسى بن موسى صاحب المنصور على خبث دعوته قتله بسبخة الكوفة‪.‬‬

‫‪-25‬اإلمام سليمان بن داود بن داود بن علي بن عبداهلل بن عباس ‪229‬هـ‬


‫‪ -1‬قال الذهبي في السير (‪-: )625\10‬‬

‫قال الزعفراني‪ :‬قال لي أبو عبد اهلل الشافعي‪ :‬ما رأيت أعقل من هذين الرجلين‪ :‬أحمد بن حنبل‪،‬‬
‫وسليمان بن داود الهاشمي ‪.‬‬

‫‪ -2‬قال الخطيب في تاريخ بغداد (‪-: )31\9‬‬

‫ق ــال ابن خ ــراش بلغ ــني عن أحمد بن حنب ــل أنه ق ــال لو قيل لي اخ ــتر لألمة رجال اس ــتخلفه عليهم‬
‫استخلفت سليمان بن داود الهاشمي ‪.‬‬

‫‪ -3‬قال ابن تيمية في درء التعارض (‪-: )442\1‬‬

‫قال سليمان بن داود الهاشمي ‪ -‬أحد أئمة اإلسالم نظير الشافعي و أحمد و إســحاق و أبي عبيد‬
‫و أبي بكر بن أبي شيبة وأمثالهم ‪ -‬قــال ‪ ( :‬من قــال القـرآن مخلــوق فهو كــافر وإن كـان القـرآن‬
‫مخلوقا كما زعموا فلم صـار فرعــون أولى بــأن يخلد في النــار إذ قــال ‪ { :‬أنا ربكم األعلى } من‬

‫‪47‬‬
‫هــذا ؟ وكالهما عنــده مخلــوق ) فــأخبر بــذلك أبو عبيد فاستحســنه وأعجبه ‪ ,‬ذكر ذلك البخــاري‬
‫في كتاب خلق أفعال العباد ‪.‬‬

‫‪ -4‬قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (‪-: )118\2‬‬


‫ِ‬ ‫وب ُسـلَْي َما ُن بْ ُن داود ال َْها ِشـ ِم ُّي ‪ :‬ااِل ْسـتِ ْثنَاءُ َجــاِئٌز َو َم ْن قَـ َ‬
‫ـل ‪:‬‬ ‫ـال ‪َ :‬أنَا ُمـْؤ م ٌن َح ًّقا َول ْ‬
‫َم َي ُقـ ْ‬ ‫ـال َأبُو َأيُّ َ‬
‫قَـ َ‬
‫س بِ ُم ْر ِجِئ ‪.‬‬ ‫ِئ‬ ‫ِع ْن َد اللَّ ِه ولَم يستَثْ ِن ؛ فَ َذلِ َ ِ ِ‬
‫ك ع ْندي َجا ٌز َول َْي َ‬ ‫َ ْ َْ‬
‫‪ -5‬قال البخاري في خلق أفعال العباد (‪-: )34\1‬‬

‫قال سليمان بن داود الهاشمي ‪ :‬من صلى خلف من يقول القرآن مخلوق أعاد صالته ‪.‬‬

‫‪-26‬األم ـ ــير موس ـ ــى بن عيس ـ ــى بن موس ـ ــى بن محم ـ ــد بن علي بن عبداهلل بن‬
‫عباس‬
‫قــال في الشــفا بتعريــف بحقــوق المصــطفى (‪ -: )309\2‬وشــتم رجل عائشة بالكوفة فقــدم إلى‬
‫موسى بن عيســـى العباسي فقـــال من حضر هـــذا فقـــال ابن أبى ليلى أنا فجلد ثم ــانين وحلق رأسه‬
‫وأسلمه للحجامين ‪.‬‬

‫‪ - 27‬اإلمام هارون بن العباس بن عيسى بن عبداهلل بن حممد بن علي بن عبداهلل بن عباس‬

‫قال الخالل في كتابه السنة (‪-: )237\1‬‬

‫قــال أبو العبــاس هــارون بن العبــاس الهاشــمي من رد حــديث مجاهد فهو عنــدي جهمي ‪ ,‬ومن رد‬
‫فضل النــبي فهو عنــدي زنــديق ال يســتتاب ويقتل ألن اهلل عز و جل قد فضــله على األنبيــاء عليهم‬
‫الســالم وقد روي عن اهلل عز و جل قــال ال أذكر إال ذكــرت معي ‪ ,‬ويــروى في قوله لعمــرك قــال‬
‫بحياتك ‪ ,‬ويـ ــروى أنه قـ ــال يا محمد لـــوالك ما خلقت آدم ‪ ,‬فاحـ ــذروا من رد حـ ــديث مجاهد ‪,‬‬
‫وقد بلغني عنه أخــزاه اهلل أنه ينكر أن اهلل عز و جل يـنزل فمن رد هـذا وحــديث مجاهد فال يكلم‬
‫وال يصلى عليه ‪.‬‬

‫‪ -28‬اإلمام إمساعيل بن إبراهيم بن عيسى بن عبداهلل بن حممد بن علي بن عبداهلل بن عباس‬

‫‪48‬‬
‫قال الخالل في كتابه السنة (‪-: )237\1‬‬

‫قــال أبو علي إســماعيل بن إبــراهيم الهاشــمي إن هــذا المعــروف بالترمــذي عنــدنا مبتــدع جهمي ‪,‬‬
‫ومن رد حديث مجاهد فقد دفع فضل رســول اهلل ومن رد فضــيلة الرســول فهو عنـدنا كـافر مرتد‬
‫عن اإلسالم ‪.‬‬
‫وقد كان ورد علي كتــاب منه فيه إن العــرش ســرير مثل عــرش بلقيس وعــرش ســبأ وعــرش يوسف‬
‫وعـرش إبليس فـأنكرت هــذا وغـيره من قوله وأنكـره أهل العلم واإلسـالم إنكــارا شـديدا ‪ ,‬والـذي‬
‫ندين اهلل عز وجل به حديث مجاهد يقعده على العرش فمن رد هذا فهو عندنا جهمي كافر ‪.‬‬

‫وبلغني أنه قال الهاشميون معي على مثل قولي وكذب أخزاه اهلل ما هاشمي يدفع فضــيلة لرســول‬
‫اهلل إذ كــان ذلك فخــرة وله ‪ ,‬ومن فعل ذلك من الهاشــميين فيجب التفــتيش عنه والنظر في أمــره‬
‫وال أعرفه وال رأيته قط من حيث أعرفه ‪ ,‬ولقد كــان عند صــالح بن علي الهاشــمي رضي اهلل عنه‬
‫بالمدينة فقربه وأدنـ ــاه ثم إنه ظهر منه العـ ــداء هلل على ما حبسه عليه وأطـ ــال حبسه من دفعهـ هـ ــذا‬
‫الح ــديث وغ ــيره مما أطلق به لس ــانه ووضع في الكتب ‪ ,‬وذكر أن بيعة أبي مس ــلم أصح من بيعة‬
‫أبي بكر الصـــديق رضي اهلل عنه ‪ ,‬ووضع آلل أبي طـــالب كتابا ي ــذكر فيه أن العلوية أحق بالدولة‬
‫من أبي بكر الص ـ ــديق يتق ـ ــرب ب ـ ــذلك إليهم ‪ ,‬وقد أراد ص ـ ــالح بن علي رضي اهلل عنه حين حبسه‬
‫أراد أن يقــدم عليه حــتى أخرجه ابــني في جــوف الليل ‪ ,‬فســمعت صــالح بن علي يــذكر ذلك كله‬
‫عنه ويضعه فينبغي لسامع ذكره أن يتقي اهلل وحده ال شريك له ويحذر عنه الناس ويتــبين عليه ما‬
‫هو فيه ‪.‬‬

‫( ‪470‬‬ ‫‪ -29‬الش ــريف أبو جعفر عبد الخ ــالق ابن أبي موس ــى الحنبلي العباس ــي‬
‫هـ)‬

‫‪ -1‬قال أبو يعلى في طبقات الحنابلة عن الشريف (‪-: )102\2‬‬


‫وك ــان إذا بلغه منكر قد ظهر عظم عليه ذلك ج ــداً وع ــرف فيه الكراهة الش ــديدة ‪ ,‬وك ــان ش ــديد‬
‫القول واللسان في أصحاب البدع والقمع لباطلهم ودحض كلمتهم وإبطالها ‪.‬‬
‫ولم تزل كلمته عالية عليهم وأصحابه متظاهرين على أهل البدع ال يرد يدهم عنهم أحد ‪.‬‬

‫‪ -2‬وقال أيضا (‪-: )103\2‬‬

‫‪49‬‬
‫وصل إلى مدينة السالم بالجـانب الشـرقي ابن القشـيري وأظهر على الكرسي مقالة األشـعري ولم‬
‫تكن ظهـ ــرت قبل ذلك على رؤوس األشـ ــهاد لما كـ ــان يلحقهم من أيـ ــدي أصـ ــحابنا وقمعهمـ لهم‬
‫فعظم ذلك عليه – أي الشريف ‪ -‬وأنكره غاية اإلنكار وعــاد إلى نهر المعلى منكــراً لظهــور هــذه‬
‫البدعة وقمع أهلها فاشـ ــتد أزر أهل السـ ــنة وقـ ــويت كلمتهم وأوقعـ ــوا بأهل هـ ــذه البدعة دفعـ ــات‬
‫وكانت الغلبة لطائفتنا طائفة الحق ‪.‬‬

‫‪ -3‬قال ابن رجب في ذيل طبقات الحنابلة (‪-: )13\1‬‬


‫وفي س ــنة س ــتين وأربعمائة ك ــان أبو علي بن الوليد‪ -‬ش ــيخ المعتزلة‪ -‬قد ع ــزم على إظه ــار مذهبه‬
‫ألجل م ــوت الش ــيخ األجل أبي منص ــور بن يوس ــف‪ ،‬فق ــام الش ــريف أبو جعف ــر‪ ،‬وع ــبر إلى ج ــامع‬
‫المنصور‪ ،‬هو وأهل مذهبه‪ ،‬وسائر الفقهاءـ وأعيان أهل الحــديث‪ ،‬وبلغــوا ذلك‪ .‬ففــرح أهل السـنة‬
‫بــذلك‪ ،‬وقــرأوا كتــاب التوحيد البن خزيمة‪ .‬ثم حضــروا الــديوان‪ ،‬وســألوا إخــراج االعتقــاد الــذي‬
‫جمعه الخليفة القادر‪ .‬فأجيبوا إلى ذلك‪ .‬وقرىء هناك بمحضر من الجميع‪ ،‬واتفقوا على لعن من‬
‫خالفه وتكفيره‪ .‬وبالغ ابن فَورك في ذلك‪.‬‬
‫ثم س ــأل الش ــريف أبو جعف ــر‪ ،‬والزاهد الص ــحراوي‪ :‬أن يس ــلم إليهم االعتق ــاد‪ ،‬فق ــال لهم الــوزير‪:‬‬
‫ليس ههنا نســخة غــير هــذه‪ .‬ونحن نكتب لكم به نســخة لتقــرأ في المجــالس‪ .‬فقــالوا‪ :‬هكــذا فعلنا‬
‫في أيــام القــادر‪ ،‬قــرىء في المســاجد والجوامع‪ .‬فقــال‪ :‬هكــذا تفعلــون‪ ،‬فليس اعتقــاد غــير هــذا‪،‬‬
‫وانصرفوا‪ .‬ثم قرىء بعد ذلك االعتقاد بباب البصرة‪ ،‬وحضره الخاص والعام‪.‬‬

‫وك ــذلك أنكر الش ــريف أبو جعفر على ابن عقيل ت ــردده إلى ابن الوليد وغ ــيره‪ ،‬ف ــاختفى م ــدة ثم‬
‫تاب وأظهر توبته‪.‬‬

‫‪ -4‬وقال أيضا (‪-: )15-13\1‬‬


‫قياما كليًا‪ ،‬ومات في عقبها‪.‬‬
‫فتنة ابن القشيري ‪ ،‬قام فيها الشريف ً‬
‫ومض ــمون ذلك‪ :‬أن أبا نصر ابن القش ــيري ورد بغ ــداد‪ ،‬س ــنة تسع وس ــتين وأربعمائ ــة‪ ،‬وجلس في‬
‫النظامية‪ .‬وأخذ ي ــذم الحنابل ــة‪ ،‬وينس ــبهم إلى التجس ــيم‪ .‬وك ــان المتعصب له أبو س ــعد الص ــوفي‪،‬‬
‫ومــال إلى نصــره أبو إســحاق الشــيرازي‪ ،‬وكتب إلى نظــام الملك الــوزير يشــكو الحنابلــة‪ ،‬ويســأله‬
‫المعونة‪ .‬فاتفق جماعة من أتباعه على الهجوم على الشريف أبي جعفر في مسجده‪ ،‬واإليقــاع بــه‪،‬‬
‫فـ ــرتب الشـ ــريف جماعة أعـ ــدهم لـ ــرد خصـ ــومة إن وقعت‪ .‬فلما وصل أولئك إلى بـ ــاب المسـ ــجد‬

‫‪50‬‬
‫رماهم هؤالء باآلجر‪ .‬فوقعت الفتنـة‪ ،‬وقتل من أولئك رجل من العامـة‪ ،‬وجـرح آخــرون‪ ،‬وأخـذت‬
‫ثياب‪.‬‬
‫وأغلق أتب ــاع بن القش ــيري أب ــواب س ــوق مدرسة النظ ــام‪ ،‬وص ــاحوا‪ :‬المستنصر باهلل‪ ،‬يا منص ــور‪-‬‬
‫يعنـ ــون العُبَيـ ــدي صـ ــاحب مصر‪ -‬وقصـ ــدوا بـ ــذلك التشـ ــنيع على الخليفة العباسـ ــي‪ ،‬وأنه ممـ ــالىء‬
‫للحنابلة‪ ،‬ال سيما والشريف أبو جعفر ابن عمه‪.‬‬
‫وغصب أبو إس ــحاق‪ ،‬وأظهر الت ــأهب للس ــفر‪ .‬وك ــاتب فقه ــاءُـ الش ــافعية نظ ــام الملك بما ج ــرى‪،‬‬
‫ضـب لتســلط الحنابلة على الطائفة األخــرى‪ .‬وكــان الخليفة‬
‫فورد كتابه باالمتعــاض من ذلــك‪ ،‬والغَ َ‬
‫يخاف من السلطان ووزيره نظام الملك ويداريهما‪.‬‬
‫وحكى أبو المعــالي صــالح بن شــافع‪ ،‬عن شــيخه أبي الفتح الحلــواني وغــيره‪ ،‬ممن شــاهد الحــال‪:‬‬
‫أن الخليفة لما خاف من تشنيع الشافعية عليه عند النظام أمر الــوزير أن يجيل الفكر فيما تنحسم‬
‫به الفتنة‪ .‬فاسـ ــتدعى الشـ ــريف أبا جعفر بجماعة من الرؤسـ ــاء منهم ابن جـ ــردة‪ ،‬فتلطفـ ــوا به حـ ــتى‬
‫حضر في الليـــل‪ ،‬وحضر أبو إســـحاق‪ ،‬وأبو ســـعد الصـــوفي‪ ،‬وأبو نصر بن القش ــيري‪ .‬فلما حضر‬
‫الشريف عظَّمه الوزير ورفعه‪ ،‬وقال‪ :‬إن أمير المؤمــنين ســاءه ما جــرى من اختالف المســلمين في‬
‫ـدنو من الشــريف‪ .‬فقــام إليه أبو إســحاق‪،‬‬
‫وَأمــرهم بالـ ّ‬
‫عقائدهم‪ ،‬وهـؤالء يصــالحونك على ما تريــد‪َ ،‬‬
‫وكــان يــتردد في أيــام المنــاظرة إلى مســجده بــدرب المطبخ‪ ،‬فقــال‪ :‬أنا ذاك الــذي تعــرف‪ ،‬وهــذه‬
‫كتبي في أصول الفقه‪ ،‬أقول فيها‪ :‬خالفًا لألشعرية‪ ،‬ثم قبل رأسه‪.‬‬
‫فقيراً لم تُظ ِهر لنا ما في نفسك‪ ،‬فلما جاء‬
‫فقال له الشريف‪ :‬قد كان ما تقول‪ ،‬إالَ أنك لما كنت َ‬
‫أبديت ما كان مخفيًا‪.‬‬
‫َ‬ ‫األعوان والسلطان خواجا ُب ُز ْرك‪ -‬يعني النظام‪-‬‬
‫ثم قــام أبو ســعد الصــوفي‪ ،‬فقبّل يد الشــريف‪ ،‬وتَلطف بــه‪ ،‬فــالتفت مغضــباً وقــال‪ :‬أيها الشــيخ‪ ،‬إ ّن‬
‫ـاحب لهو و َس ـ ـماع‬
‫الفقهـ ــاءـ إذا تكلمـ ــوا في مسـ ــائل األصـ ــول فلهم فيها مـ ــدخل‪ ،‬وَأما أنت‪ :‬فصـ ـ ُ‬
‫فأقمت سوق التعصب‪.‬‬ ‫َـ‬ ‫داخلت المتكلمين والفقهاء‪،‬‬
‫َ‬ ‫وتعبير فمن زاحمك على ذلك حتى‬
‫احتراما للشــريف‪ -‬فقــال الشــريف‪ :‬من هــذا‪ .‬فقيل‪ :‬أبو نصر‬ ‫ً‬ ‫ثم قــام ابن القشــيري‪ -‬وكــان أقلَّ ُهم‬
‫ابن القش ــيري‪ ،‬فق ــال لو ج ــاز أن يش ــكر أحد على بدعته لك ــان ِهــذا الش ــاب ألنه ب ــاد هنا بما في‬
‫نفسه‪ ،‬ولم ينافقنا كما فعل هذان ‪ ,‬ثم التفت إلى الوزير فقال‪ :‬أي صلح يكون بيننا ‪ ,‬إنما يكـون‬
‫الصلح بين مختصمين على والية أو دنيا أو تنازع في ملك ‪ ,‬فأما هؤالء القوم فــإنهم يزعمــون أنَّا‬
‫ـأي صـلح بيننــا ‪ ,‬وهـذا اإلمــام يصـدع‬
‫كفـار‪ ،‬ونحن نــزعم أن من ال يعتقد ما نعتقـده كــان كـافراً‪ ،‬فـ ُّ‬
‫للسـ ـ ــلمين‪ ،‬وقد كـ ـ ــان جـ ـ ـ َداه‪ -‬الق ـ ــائم والق ـ ــادر‪َ -‬أخرجا اعتقادهما للنـ ـ ــاس‪ ،‬وق ـ ــرىء عليهم في‬
‫دواوينهم‪ ،‬وحمله عنهم الخراسانيون والحجيج إلى أطراف األرض‪ ،‬ونحن على اعتقادهما‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫وأنهى الــوزير إلى الخليفة ما جــرى‪ ،‬فخــرج في الجــواب‪ :‬عــرف ما أنهيته من حضــور ابن العم‪-‬‬
‫َكــثر اللّ ــهُ في األولي ــاء مثلَه‪ -‬وحض ــور من حضر من أهل العلم‪ .‬والحمد هلل ال ــذي جمع الكلم ــة‪،‬‬
‫وضم األلف ـ ــة‪ ،‬فلي ـ ــؤذن للجماعة في االنصـ ـ ــراف‪ ،‬وليقل البن أبي موسى‪ :‬إنه قد أف ـ ــرد له موضع‬
‫ليراجع في كثير من األمور المهمة‪ ،‬وليتبرك بمكانه‪.‬‬
‫قريب من الخدمة َ‬
‫ٌ‬
‫‪ -5‬وقال أيضا (‪-: )17\1‬‬

‫ترحم ـ ــوا على الش ـ ــريف الش ـ ــهيد القتيل المس ـ ــموم لما ذكر من أن بعض‬
‫وك ـ ــانت العامة تق ـ ــول‪َّ :‬‬
‫سما‪.‬‬
‫المبتدعة‪ :‬ألقى في مداسه ً‬
‫‪ -6‬وقال أيضا (‪-: )127\1‬‬
‫أصــحابنا كــانوا ينقمــون على ابن عقيل تــردده إلى ابن الوليــد‪ ،‬وابن التبــان شــيخي المعتزلة‪ .‬وكــان‬
‫يقرأ عليهما في السر علم الكالم‪ ،‬ويظهر منه في بعض األحيــان نــوع انحــراف عن الســنة‪ ،‬وتــأول‬
‫لبعض الصفات‪ ،‬ولم يزل فيه بعض ذلك إلى أن مات رحمه اهلل‪.‬‬
‫ـترحم على‬
‫ففي س ـ ــنة إح ـ ــدى وس ـ ــتين اطلع ـ ــوا له على كتب فيها ش ـ ــيء من تعظيم المعتزل ـ ــة‪ ،‬وال ـ ـ ُّ‬
‫الحالَّج وغـــير ذلك‪ .‬ووقف على ذلك الشـــريف أبو جعفر وغ ــيره‪ ،‬فاش ــتد ذلك عليهم‪ ،‬وطلب ــوا‬
‫أذاه‪ ،‬فـ ــاختفى‪ .‬ثم التجأ إلى دار السـ ــلطان‪ ،‬ولم يـ ــزل أمـ ــره في تخبيط إلى سـ ــنة خمس وسـ ــتين‪،‬‬
‫فحضر في أولها إلى الــديوان‪ ،‬ومعه جماعة من األصــحاب‪ ،‬فاصــطلحوا ولم يحضر الشــريف أبو‬
‫جعفر ألنه كان عاتبًا على والة األمر بسبب إنكار منكر قد سبق ذكره في ترجمته‪.‬‬
‫فمضى ابن عقيل إلى بيت الش ـ ــريف وص ـ ــالحه وكتب َخطّه‪ :‬يق ـ ــول علي بن عقيل بن محمد‪ :‬إني‬
‫أب ــرأ إلى اهلل تع ــالى من م ــذاهب مبتدعة االع ــتزال وغ ــيره‪ ،‬ومن ص ــحبة أرباب ــه‪ ،‬وتعظيم أص ــحابه‪،‬‬
‫ووجد ب َخطّي من م ـ ـ ــذاهبهم‬
‫وال ـ ـ ــترحم على أس ـ ـ ــالفهم‪ ،‬والتك ـ ـ ــثر ب ـ ـ ــأخالقهم‪ .‬وما كنت علّقت ـ ـ ــه‪ُ ،‬‬
‫وضاللتهم فأنا تائب إلى اهلل تعالى من كتابته‪ .‬وال تَحل كتابته‪ ،‬وال قراءته‪ ،‬وال اعتقاده‪.‬‬
‫وإنني علقت مسألة في جملة ذلك ‪ ,‬وإن قوماً قالوا‪ :‬هو أجساد سود‪.‬‬
‫ـدم وال يســمى جســماً‪ ،‬وال شــيًئا‬
‫علي‪ ،‬وأنه قــال‪ :‬هو َعـ ٌ‬
‫وقلت الصــحيح ما ســمعته من الشــيخ أبي ّ‬
‫واعتقدت أنا ذلك‪ .‬وأنا تائب إلى اهلل تعالى منهم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫أصالً ‪,‬‬
‫ـرت ذلك في جــزء عملتــه ‪,‬‬
‫والزهد والكرامــات ‪ ,‬ونصـ ُ‬
‫ـدت في الحالج أنه من أهل ال ـ َذين ُّ‬
‫واعتقـ ُ‬
‫وأنا تَــائب إلى اهلل تعــالى منــه‪ ،‬وأنه قتل بإجمــاع علمــاء عصــره‪ ،‬وأصــابوا في ذلــك‪ ،‬وأخطأ هــو ‪,‬‬
‫ومع ذلك ف ــإني أس ــتغفر اللّه تع ــالى‪ ،‬وأت ــوب إليه من مخالطة المعتزل ــة‪ ،‬والمبتدع ــة‪ ،‬وغ ــير ذل ــك‪،‬‬

‫‪52‬‬
‫والــترحم عليهم‪ ،‬والتعظيم لهم فــإن ذلك كله حــرام وال يحل لمســلم فعله لقــول النــبي صــلى اهلل‬
‫عليه وسلم‪" :‬من عظَّم صاحب بدعة فقد أعان على َه ْدِم اإلسالم"‪.‬‬
‫وقد كــان الشــريف أبو جعفــر‪ ،‬ومن كــان َمعه من الشــيوخ‪ ،‬واألتبــاع‪ ،‬ســادتي وإخــواني‪ -‬حرســهم‬
‫علي لما شاهدوه بحــالي من الكتب الــتي أبــرأ إلى اهلل تعــالى منهــا‪،‬‬
‫اهلل تعالى‪ -‬مصيبين في اإلنكار َّ‬
‫كنت مخطًئا غير مصيب‪.‬‬
‫وأتحقق أني ُ‬
‫ُ‬
‫علي ما ينـ ــافي هـ ــذا الخط وهـ ــذا اإلقـ ــرار ‪ ,‬فإلمـ ــام المسـ ــلمين مكافـ ــأتي على ذلك‪.‬‬
‫ومـ ــتى حفظ َّ‬
‫وأش ــهدت اهلل ومالئكته وأولي العلم‪ ،‬على ذلك غ ــير مج ــبر‪ ،‬وال مك ـ َـره وب ــاطني وظ ــاهري‪ -‬يعلم‬
‫نتق ُم اللّهُ ِم ْنهُ‪َ ،‬واللّهُ َع ِزيز ذُو انْتِ َقام" المائـدة‪:‬‬
‫اد َفي ِ‬
‫من َع َ َ‬
‫اهلل تعالى‪ -‬في ذلك سواء‪ .‬قال تعالى‪َ " :‬و ْ‬
‫‪.199‬‬
‫وكتب يوم األربعاء عاشر محرم سنة خمس وستين وأربعمائة‪.‬‬
‫ض ـ ـر َش ـ ـ ِه َد عليه جماعة كثـ ــيرة من الشـ ــهود‬
‫وكـ ــانت كتابته قبل حضـ ــوره الـ ــديوان بيـ ــوم‪ ،‬فلما ح َ‬
‫والعلماء‪.‬‬

‫‪ -30‬الشريف القاضيـ أبو علي محمد ابن أبي موسى الحنبلي العباسي (‪ 422‬هـ)‬

‫قال ابن تيمية في الصارم المسلول على شاتم الرسول (‪-: )570\1‬‬

‫ق ــال ابن أبي موس ــى‪ ( -:‬و من سب الس ــلف من ال ــروافض فليس بكفؤ و ال ي ــزوج ‪ ,‬و من رمى‬
‫عائشة رضي اهلل عنها بما برأها اهلل منه فقد مــرق من الــدين و لم ينعقد له نك ــاح على مســلمة إال‬
‫أن يتوب و يظهر توبته ) ‪.‬‬

‫‪ -31‬أبو البركاتـ عبداهلل بن الحسين السويدي العباسيـ (‪1174‬هـ)‬

‫‪ -1‬قال محب الدين الخطيب عن مؤتمر النجف الذي كان رئيسه الســويدي ‪ -:‬مــؤتمر النجــف‬
‫الذي انتهى بخضوع مجتهدي الشيعة إلمامة أبي بكر وعمر وإعالنهم ذلك على منبر الكوفــة في‬
‫خطبة الجمعة يوم ‪ 26‬شوال سنة ‪ 1156‬هـ ‪.‬‬

‫‪ -2‬قال أبو البركات في كتابه مؤتمر النجف (ص ‪ -: )1‬لما يسـر اهلل لي نصـرة الشـريعه الغـراء‬
‫‪ ,‬وردع أهل البدع واإلغراء عزمت على حج بيت اهلل الحرام ‪ ,‬شكرا له على مــا وفقـني من نيـل‬

‫‪53‬‬
‫الم ــرام ‪ ,‬وم ــا ب ــه إص ــالح كاف ــة أه ــل اإلس ــالم ‪ ,‬وإج ــراء الح ــق على ي ــدي ‪ ,‬وإخم ــاد ن ــار الباط ــل‬
‫بمبـ ــاحثتي وإرجـ ــاع الشـ ــيعة عمـ ــا هم عليـ ــه من سـ ــب الصـ ــحابه وتكفـ ــيرهم ‪ ,‬وإدعـ ــائهم الفضـ ــل‬
‫والخالف ــة لعلي بن أبي ط ــالب رض ــي اهلل عن ــه وتج ــويزهم المتع ــة والمس ــح على ال ــرجلين ‪ ,‬وغ ــير‬
‫ذلك من قبائحهم وبدعهم وضاللتهم المشهوره المتواترة عنهم ‪.‬‬

‫‪ -3‬وقال أيضــا في كتابــه مــؤتمر النجــف (ص ‪ -: )6‬كيــف تحصــل المباحثــة معهمـ وهم ينكــرون‬
‫كــل حــديث عنــدنا ‪ ,‬فال يقولــون يصــحة الكتب الســتة وال غيرهــا ‪ ,‬وكــل آيــه أحتج بهــا يؤولونهــا‬
‫ويقولون الدليل إذا تطرقه األحتمال يبطل به اإلستدالل ‪ ,‬كما أنهم يقولون شرط الدليل أن يتفق‬
‫علي ــه الخص ــمان ‪ .‬على أن األم ــور اإلجتهادي ــه تفي ــد الظن ‪ ,‬فكي ــف أثبت لهم ج ــواز المس ــح على‬
‫الخفين وهو قد ثبت بالسنة ؟ فإن قلت ‪ :‬روى حديث المسح على الخفين نحــو ســبعين صــحابيا‬
‫منهم اإلمام علي ‪ ،‬قالو ‪ :‬عندنا ثبت عـدم جـواز المســح بالروايـة أكــثر من مائـة صـحابي منهم أبـو‬
‫بكر وعمر ؛فإن قلت ‪ :‬إن هذه األحاديث التي توردونها في عدم صحة المســح موضـوعة مفـتراة‬
‫‪ .‬قــالوا ‪ :‬األحــاديث الــتي توردونهــا في صــحة المســح موضــوعة ‪ .‬فمــا هــو جــوابهم هــو جوابنــا ‪.‬‬
‫فكيف يلزمون بمثل هذه األحاديث ؟‬

‫‪1214‬هـ‬ ‫‪ -32‬العالمة الشريفـ علي بن محمد بن سعيد بن عبداهلل السويدي العباسي‬

‫لـه كتـاب العقـد الثمين في بيـان مسـائل الـدين طبـع بمصـر عـام ‪ 1830‬م ‪ ,‬ذكـر فيـه أن اإلسـتغاثة‬
‫بغــير اهلل شــرك ‪ ,‬وأن البــدع في العبــادات كلهــا ســيئة ‪ ,‬ونصــر ســائر عقائــد الســلف وانتصــر البن‬
‫تيمية ‪.‬‬

‫‪1246‬هـ‬ ‫‪ -33‬العالمة الشريفـ أبو الفوز محمد أمين بن علي السويدي العباسي‬

‫لــه شــرح على كتــاب أبيــه ســماه التوضــيح والتبــيين لمســائل العقــد الثمين طبــع في حاشــية العقــد‬
‫الثمين ‪.‬‬

‫( الفصل الرابع ‪ -:‬مختصر عقيدة بني العباس المذكورة في الكتاب)‬

‫يعتقد آل البيت من بني العباس وهم عصبة النبي صلى اهلل عليه وآله وسلم ‪-:‬‬
‫أن اهلل واحد أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫وأنه ال يسـ ــتحق العبـ ــادة أحد إال اهلل ألنه هو الـ ــذي خلق الخلق ورزقهم وهو الـ ــذي يحـ ــييهم وهو‬
‫الذي يميتهم ‪ ,‬فمن عبد غير اهلل بأي وجه من الوجوه فهو مشرك ‪.‬‬

‫وأن الــدعاء عبــادة والــذبح عبــادة والنــذر عبــادة ‪ ,‬فمن دعا غــير اهلل وطلب منه مــاال يقــدر عليه إال‬
‫اهلل ك ــالمغفرة والذرية واإلج ــارة من الن ــار والش ــفاعة فهو مش ــرك ‪ ,‬وك ــذلك من ذبح أو ن ــذر تقربا‬
‫للمخلوقين فهو مشرك ‪.‬‬

‫وأن اهلل هو األول فلم يكن قبله وال معهـ شيء ‪ ,‬وهو اآلخر فليس بعده شيء ‪.‬‬

‫وأن هلل األس ــماء الحس ــنى فال يس ــمى اهلل إال بما س ــمى به نفسه أو س ــماه به رس ــوله ص ــلى اهلل عليه‬
‫وآله وسلم ‪.‬‬

‫وأن هلل عز وجل الصفات العلى فال يوصف اهلل إال بما وصف به نفسه أو وصفه بــه رسـوله صـلى‬
‫اهلل عليه وآله وسلم ‪.‬‬

‫وأن معاني صفات اهلل معلومةـ ‪ ,‬وال يعلم كيفيتها إال اهلل ‪.‬‬

‫وأن صفاته كذاته ليست مخلوقة ‪.‬‬

‫وأن كل صـ ــفة وصف اهلل بها نفسه أو وصـ ــفه بها رسـ ــوله صـ ــلى اهلل عليه وآله وسـ ــلم فهي صـ ــفة‬
‫حقيقية ال مجازية ‪.‬‬

‫وأن من صــفات اهلل العلــو ‪ ,‬فهــو فــوق كــل مخلوقاتــه على العــرش اســتوى أي اعتلى ‪ ,‬وعلمــه في‬
‫كل مكان فال يخلو من علمه مكان ‪.‬‬

‫وأن من صفاته أنه متكلم بكالم ‪ ,‬وأنه ينزل ‪ ,‬وأنه سميع بصير بديع قدير حكيم خبير علي كبــير‬
‫ولي نصير قوي ‪ ,‬وعليم بعلم أزلي لم يستفده من أحد‪.‬‬

‫وأنه ليس كمثلـه شـيء ‪ ,‬وليس له شــبيه وال نظـير ‪ ,‬فمن شــبه اهلل بخلقـه فقــال اهلل يشــبه كــذا ‪ ,‬أو‬
‫مثل اهلل بخلقه فقال اهلل مثل كذا ‪ ,‬فهو كافر ضال مضل ‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫وأن من أنكــر صــفات اهلل وردهــا فقــال اهلل ال يتكلم أو اهلل ال يــنزل فهــو كــافر ال يكلم وال يصــلى‬
‫عليه ‪.‬‬

‫وأن القــرآن كالم اهلل تعــالى غــير مخلــوق تكلم به تكليمـاً وأنزله على رســوله صــلى اهلل عليه وآله‬
‫وســلم على لســان جبريل بعــدما ســمعه جبريل منه فتاله جبريل على محمد صــلى اهلل عليه وســلم‬
‫وتاله محمد على أص ـ ــحابه وتاله أص ـ ــحابه على األمة ولم يصر بتالوة المخل ـ ــوقين مخلوقـ ـ ـاً ألنه‬
‫ذلك الكالم بعينه الـ ــذي تكلم اهلل به فهو غـ ــير مخلـ ــوق فبكل حـ ــال متلـ ــواً ومحفوظ ـ ـاًـ ومكتوب ـ ـاً‬
‫ومسموعاً ومن قال أنه مخلوق على حال من األحوال فهو كافر حالل الدم بعد االستتابة منه ‪.‬‬

‫وأن اهلل خلق الخالئق وأفعالهم وقدرـ أرزاقهم وآجالهم ‪.‬‬

‫وأن اهلل أراد ما الخلق فاعلوه ‪ ,‬ولو عصمهم لما خالفوه ‪ ,‬ولو أراد أن يطيعوه جميعاً ألطاعوه ‪.‬‬

‫وأن اإليمــان بالقــدر خــيره وشــره حلــوه ومــره ركن من أركــان الــدين ‪ ,‬فمن تكلم في القــدر عــزر‬
‫بالضرب واستحق العذاب في اآلخرة ‪.‬‬

‫وأنه ال محيص لمخلوق من القدر المقدورـ ولن يتجاوز ما خط في اللوح المسطور‪.‬‬

‫وأن اإليمان قول باللسان وإخالص بالجنان وعمل باألركان يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان‪.‬‬

‫وأن اإليمـ ـ ـ ــان ذو أجـ ـ ـ ــزاء وشـ ـ ـ ــعب فـ ـ ـ ــأرفعـ أجزائه ال إله إال اهلل وأدناها إماطة األذى عن الطريق‬
‫والحياء شعبة من شعب اإليمان ‪.‬‬

‫وأن كل ش ــيء يتق ــرب به إلى اهلل تع ــالى ويعمل لخ ــالص وجهه من أن ــواع الطاع ــات فهو كله من‬
‫اإليمان ‪ ,‬وال يكون لإليمان نهاية أبدا ألنه ال نهاية للفضائل أبداً ‪.‬‬

‫وأن المســلم ال يكفر بــترك شــيء من الف ــرائض غ ــير الص ــالة المكتوبة وح ــدها فــإن من تركها من‬
‫غــير عــذر وهو صــحيح فــارغ حــتى يخــرج وقتـ األخــرى فهو كــافر وإن لم يجحــدها لقوله صــلى‬
‫اهلل عليه وســلم بين العبد والكفر تــرك الصــالة فمن تركها فقد كفر ‪ ,‬وال يــزال كــافراً حــتى ينــدم‬

‫‪56‬‬
‫ويعيدها فإن مــات قبل أن ينــدم ويعيد أو يضــمر أن يعيد لم يصل عليه وحشر مع فرعــون وهامــان‬
‫وقارون وأبي بن خلف ‪ ,‬وأما سائر األعمال ال يكفر بتركها وإن كان يفسق حتى يجحدها ‪.‬‬

‫و أن اإلنســان ال يــدري كيف هو مكتــوب عند اهلل وال بمــاذا يختم له فلــذلك يقــول أنا مــؤمن إن‬
‫شاء اهلل وأرجو أن أكون مؤمناً وال يضره اإلستئناء والرجاء وال يكون بهما شــاكاً وال مرتابـاً ألنه‬
‫يريد بذلك ما هو مغيب عنه من أمر آخرته وخاتمته ‪.‬‬

‫وأن من قال أنا مؤمن حقا ولم يقل عند اهلل ولم يستثن فذلك جائز ‪.‬‬

‫وأن مع كل عبد رقيباً وعتيداً وحفيظاً وشهيداً يكتبان حسناته ويحصيان سيئاته ‪.‬‬

‫وأن كل مؤمن وكافرـ وبر وفاجرـ يعاين عمله عند حضور منيته ويعلم مصيره قبل ميتته‪.‬‬

‫وأن منكراً ونكيراً إلى كل أحد ينزالن سوى النبيين فيسأالن ويمتحنان عما يعتقده من األديان ‪.‬‬

‫وأن المؤمن يخبر في قبره بالنعيم والكافر يعذب بالعذاب األليم ‪.‬‬

‫وأن الساعة آتية ال ريب فيها وأن اهلل يبعث من في القبور‪.‬‬

‫وأن اهلل جل اس ــمه يعيد خلقهم كما ب ــدأهم ويحش ــرهم كما ابت ــدأهم من ص ــفائح القب ــور وبط ــون‬
‫الحيتان في تخوم البحور وأجواف السباع وحواصل النسور‪.‬‬

‫وأن اهلل تعالى يتجلى في القيامة لعباده األبرار فيرونه بالعيون واألبصار ‪.‬‬

‫وأنه يخرج أقواماً من النار فيسكنهم الجنة دار القرار ‪.‬‬

‫وأنه يقبل شفاعة محمد المختار في أهل الكبائر واألوزار ‪.‬‬

‫وأن الم ـ ــيزان حق توضع فيه أعم ـ ــال العب ـ ــاد فمن ثقلت موازينه نجا من الن ـ ــار ومن خفت موازينه‬
‫أدخل جهنم وبئس القرار ‪.‬‬

‫وأن الصراط حق يجوزه األبرار ‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫وأن حوض رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم حق يرده المؤمنون ويذاد عنه الكفار‪.‬‬

‫وأن محمـ ــداً صـ ــلى اهلل عليه وآله وسـ ــلم خـ ــاتم النبـ ــيين وأفضل المرسـ ــلين ‪ ,‬ومن فضـ ــله أن اهلل‬
‫يجلسه على عرشه يوم القيامة ليظهر فضله وكرامته للخلق أجمعين ‪.‬‬

‫وأمته خير األمم أجمعين وأفضلهمـ القرن الذين شاهدوه وآمنوا به وصدقوه ‪.‬‬

‫وأفضل القرون القرن الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يتبعونهم ‪.‬‬

‫وأن محبة أصــحاب النــبي صــلى اهلل عليه وســلم كلهم واجبــة ونعلم أنهم خــير الخلق بعد رســول‬
‫اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪.‬‬

‫وأن خيرهم كلهم وأفضلهمـ بعد رسول اهلل صلى اهلل عليه آله وسلم أبو بكر الصديق ثم عمر بن‬
‫الخطــاب ثم عثمــان بن عفــان ثم علي بن أبي طــالب رض ـي اهلل عنهم ‪ ,‬ثم بقيــة العشــرة المبشــرين‬
‫بالجنــة أبــو عبيــدة بن الجــراح والزبــير بن العــوام وســعد بن أبي وقــاص وســعيد بن زيــد وطلحــة بن‬
‫عبيداهلل وعبدالرحمن بن عوف رضي اهلل عنم ‪ ,‬ثم أربعون رجال رضي اهلل عنهم اجتمعوا في دار‬
‫األرقم بن أبي األرقم ‪ ,‬ثم أهل بدر رضي اهلل عنهم ‪ ,‬ثم أهل بيعة الرضوان رضي اهلل عنهم ‪.‬‬

‫وأن نتـ ـ ــولى أصـ ـ ــحاب محمد صـ ـ ــلى اهلل عليه وآله وسـ ـ ــلم بأسـ ـ ــرهم وال نبحث عن اختالفهم في‬
‫أمرهم ونمسك عن الخوض في ذكرهم إال بأحسن الذكر لهم ‪.‬‬

‫وأن نـترحم على أزواج رســول اهلل صـلى اهلل عليه آله وسـلم ‪ ,‬ومن سب سـيدتنا عائشة رضي اهلل‬
‫عنها فال حظ له في اإلسالم ‪.‬‬

‫وأن ال يقال في معاويةـ رضي اهلل عنه إال خيراً ‪.‬‬

‫وأن ال يــدخل في شــيء شــجر بينهم ويــترحم على جمــاعتهم ‪ ،‬قــال اهلل تعــالى ( والــذين جــاءوا من‬
‫بعـ ــدهم يقولـ ــون ربنا اغفر لنا وإلخواننا الـ ــذين سـ ــبقونا باإليمـ ــان وال تجعل في قلوبنا غالً للـ ــذين‬
‫آمن ـ ـ ــوا ربنا إنك رؤوفـ رحيم ) وق ـ ـ ــال ( ونزعنا ما في ص ـ ـ ــدورهم من غل إخوانـ ـ ـ ـاً على س ـ ـ ــرر‬
‫متقابلين ) ‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫وأن يسلم المسلم لحـديث رســول اهلل صـلى اهلل عليــه وآلـه وسـلم إذا ســمعه وال يعـترض برأيـه أو‬
‫عقله فمن فعل ذلك فهو زنديق ‪.‬‬

‫وأن يقدم كالم رسول اهلل صلى اهلل عليه وآله وسـلم على كالم غـيره من الخلـق كائنـا من كـان ‪,‬‬
‫فمن قدم كالم غيره على كالمه فهو هالك ‪.‬‬

‫وأن أعلم النـ ـ ــاس بفهم كالم اهلل وكالم رسـ ـ ــول اهلل صـ ـ ــلى اهلل عليـ ـ ــه وآلـ ـ ــه وسـ ـ ــلم المهـ ـ ــاجرون‬
‫واألنصار فمن خالفهم فقد ضل عن الصراط المستقيم كما حصل مع الخوارج ‪.‬‬

‫وأن من ذكــر رســول اهلل صــلى اهلل عليــه وآلــه وســلم بســوء أو رد فضــيلته كالمقــام المحمــود أو‬
‫استهزئ بشيء من دين اهلل فهو زنديق كافر يقتل ‪.‬‬

‫وأن ال يتمسح وال يتبرك بشيء من األشياء إال ما ثبت عن رسول اهلل صلى اهلل عليــه وآلــه وســلم‬
‫أو عن أصحابه ‪.‬‬

‫وأن ال يروى عن النبي صلى اهلل عليه وآله وسلم والصحابة والتابعين إال ما صح عنهم ‪.‬‬

‫وأن ال يتتبع رخص العلماء ‪ ,‬فمن تتبع رخص العلماء فقد تزندق ‪.‬‬

‫وأن آل بيت النبي صلى اهلل عليه وآله وسلم هم آل العباس وآل عقيل وآل جعفر وآل علي ‪.‬‬

‫وأنه لم يسلم من أعمام النبي صلى اهلل عليه وآله وسلم إال اثنان حمزة والعباس ‪ ,‬وكفر بــه اثنــان‬
‫هما أبو لهب وهو من أشد أهل النـار عـذابا ‪ ,‬وأبـو طـالب وهـو أخـف أهـل النـار عـذابا ‪ ,‬ومـا همـا‬
‫بخارجين منها أبدا ‪.‬‬

‫وأن البدع في الدين كلها سيئة ليس فيها شيء حسن ‪.‬‬

‫وأنه ال يعلم أحد من السابقين من بني العباس احتفل بمولد رسول اهلل صلى اهلل عليه وآله وســلم‬
‫ال من خلفـ ـ ــائهم وال أمـ ـ ــرائهم وال علمـ ـ ــائهم وال أئمتهم ‪ ,‬وأن أول من أقامـ ـ ــه األعـ ـ ــاجم اليهـ ـ ــود‬
‫األرجاس األنجاس بنو عبيد ومن بعدهم صاحب إربيل األعجمي ‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫وأن الحق المبين مع أصحاب الحديث أهل السنة والجماعة ‪.‬‬

‫وأن المسلم قد ينطق بالكفر ويعتقده فال يكفر وال يقتل إال بعد اإلستتابة ‪.‬‬

‫وأن من سب أصحاب رسول اهلل صلى اهلل عليه وآله وسلم أو زوجاته فهو رافضي كافر ‪.‬‬

‫وأن من قال القرآن مخلوق أو أن اهلل ال يرى يوم القيامة فهو جهمي معتزلي كافر ‪.‬‬

‫وأن الحالج صوفي كافر ادعى األلوهية ‪ ,‬كفر وقتل وصلب بإجماع علماء عصره ‪.‬‬

‫وأن من استحل دماءـ المسلمين أو كفر بالحكم بغير ما أنزل اهلل فهو خارجي ضال ‪.‬‬

‫وأن من تكلم في العباس أو علي أو الحسن أو الحسين فهو ناصبي ضال ‪.‬‬

‫وأن أهـل البــدع والضــالل من الــروافض والخــوارج واإلســماعيلية والمشـبهة والجهميــة والمعتزلــة‬
‫والقدرية هم أعداء الملة والدين ‪ ,‬فال يكلمون وال يجالسون وال يقربون وال يصــلى خلفهم ومن‬
‫ص ــلى خلفهم أع ــاد ب ــل يبغض ــون ويط ــردون ويخرج ــون وينف ــون ويقمع ــون ويفس ــقون ويكف ــرون‬
‫ويقتلــون بعــدما يســتتابون ويضــربون ويحــاربون ويعــادون ويلعنــون ويحبســون وينكلــون ويهــانون‬
‫ويعاقبون وتحرق ديارهم وتهدم مساجدهم ‪.‬‬

‫وأمــا الزيديــة واألشــعرية فهم أيض ــا ضــالل مبت ــدعون من أعــداء المل ــة وال ــدين ‪ ,‬فال يكلمــون وال‬
‫يجالس ــون وال يقرب ــون وال يص ــلى خلفهم ب ــل يبغض ــون ويط ــردون وينف ــون ويخرج ــون ويقمع ــون‬
‫ويفسقون ويعادون ويلعنون ويحبسون ويعاقبون ولكنهم ال يكفرون ‪.‬‬

‫وأن من ت ـ ــردد على أه ـ ــل الب ـ ــدع وجالس ـ ــهم ولم ينك ـ ــر عليهم وعظمهم وت ـ ــرحم عليهم فحكم ـ ــه‬
‫حكمهم‪.‬‬

‫( الفصل الخامس ‪ -:‬بعض من شذ فخالف شيئا من اعتقاد بني العباس )‬

‫‪ -1‬أمير المؤمنين الخليفة المأمون (‪218‬هـ)‬

‫‪60‬‬
‫مخالفة المأمون لبني العباس كانت قبل أن يظهر أي بدعــة بثمـاني عشــرة ســنة ‪ ,‬عنــدما خلـع أخـاه‬
‫األمين من الخالف ــة ودع ــا إلى نفس ــه ‪ ,‬واس ــتمر في ح ــرب أخي ــه إلى أن تمكن جن ــوده من دخ ــول‬
‫بغداد وقتل أخيه األمين رحمه اهلل ‪ ,‬فأي خير يرجى ممن قتل أخاه من أجل الدنيا ؟‬

‫ولم يكتف بـذلك فقــط في مخالفـة بـني العبــاس ‪ ,‬فبعــد خلعــه ألخيـه من الخالفـة بسـبع ســنين بـايع‬
‫بواليــة العهــد لعلي الرضــا بن موســى الكــاظم ونــزع الســواد الــذي اختــاره بنــو العبــاس تأســيا بــالنبي‬
‫صلى اهلل عليه وآله وسلم عندما دخل مكة يـوم الفتح وعليـه عمامـة سـوداء ‪ ,‬فـنزع السـواد وأمـر‬
‫بالخضرة التي ال نقل فيها وال أثر ‪.‬‬

‫ولم يسكت على ذلك بنـو العبـاس فخلعـوا المـأمون وبـايعوا عمـه إبـراهيم بن المهـدي فلم يسـتمر‬
‫في الخالفة إال سنة بعد محاربة المأمون لهم فكان ذلك من شؤم الخروج على اإلمام ‪.‬‬

‫ولم يقــف المـأمون في مخالفــة بـني العبــاس عنــد هـذا الحــد بـل تعـدى إلى الجنــاب العظيم والشـأن‬
‫الجليـ ــل إلى العقيـ ــدة ‪ ,‬فخـ ــالف عقيـ ــدة العبـ ــاس وابنـ ــه عبداهلل وعلي بن عبداهلل ومحمـ ــد بن علي‬
‫والمنصــور والمهــدي والرشــيد ‪ ,‬فنبــذ عقيــدة آبائــه وأجــداده من العبــاس إلى الرشــيد وراء ظهــره‬
‫وأخــرج بــدعا شــتى ‪ ,‬أولهــا الكفــر العظيم القــول بخلــق القــرآن ‪ ,‬وثانيهــا تفضــيل علي على كــل‬
‫الصحابة ‪ ,‬ثالثها براءة الذمة ممن ترحم على معاوية أو ذكره بخير ‪ ,‬فاعتقـد هــذه البــدع وامتحن‬
‫الناس عليها ‪.‬‬

‫وك ــان ق ــد ج ــر على األم ــة ش ــرا كب ــيرا مس ــتطيرا بترجم ــة كتب الفالس ــفة والمالح ــدة من اليون ــان‬
‫والهنود إلى اللغــة العربيـة ‪ ,‬فكــانت ســببا في ضـالل كثـير من النـاس وظهــور بـدع جديــدة لم تكن‬
‫موجودة ‪.‬‬

‫ولكن مع ذلــك كلــه كــان محبـا للعلم وأهلــه وباحثــا عن الحــق ‪,‬وكـان ســبب ضـالله مجالسـة أهـل‬
‫الب ــدع واأله ــواء فق ــد ق ــال ابن كث ــير في البداي ــة والنهاي ــة (‪ -: )217\14‬وقد ك ــان فيه تش ــيع‬
‫واعــتزال وجهل بالســنة الصــحيحة ‪ ,‬وكــان على مــذهب االعــتزال ألنه اجتمع بجماعة منهم بشر‬
‫بن غي ــاث المريسي فخ ــدعوه وأخذ عنهم ه ــذا الم ــذهب الباط ــل‪ ،‬وك ــان يحب العلم ولم يكن له‬
‫بصيرة نافذة فيه‪ ،‬فدخل عليه بسبب ذلك الــداخل‪ ،‬وراج عنــده الباطــل ‪ ,‬ودعا إليه وحمل النــاس‬
‫عليه قهرا‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫وأما بحثه عن الحق ورجوعه إليــه إذا تــبين لــه الــدليل فقــد قــال الصــفدي في الـوافي بالوفيــات عن‬
‫الم ــأمون (‪ -: )2518\1‬وقد ن ــادى المن ــادي بإباحة متعة النس ــاء ولم ي ــزل به يح ــيى بن أكثم‪،‬‬
‫وروى له ح ـ ـ ـ ــديث الزه ـ ـ ـ ــري عن اب ـ ـ ـ ــني ابن الحنفية عن أبيهما محمد عن علي رضي اهلل عنه أن‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم نهى عن متعة النساء يوم خيبر‪ ،‬فلما صحح له الحديث رجع ِإلى‬
‫الحق وأبطلها‪.‬‬

‫وهذا السبب هو الذي جعل أهل العلم ال يكفرونـه مـع أنهم كفـروا من زين لـه هـذا القـول كبشـر‬
‫المريسي وابن أبي دوؤاد وغيرهم ‪.‬‬

‫وحتى نكون منصفين سنذكر بعضا من محاسنه ‪.‬‬

‫‪ -1‬قــال ابن كثــير في البدايــة والنهايــة (‪)192\14‬ـ ‪ -:‬ولما بلغ المــأمون هــذه االبيــات ‪ -‬وهي‬
‫قصيدة طويلـة للشـاعر أبو الحسن بن علي بن جبلة الخراسـاني يلقب بــالعكوك ‪ -‬عــارض فيها أبا‬
‫ن ــواس فتطلبه الم ــأمون فه ــربـ منه ثم أحضر بين يديه فق ــال له‪ :‬ويحك فض ــلت القاسم بن عيسى‬
‫علينا ‪ ,‬فقال‪ :‬يا أمير المؤمــنين أنتم أهل بيت اصــطفاكم اهلل من بين عبــاده‪ ،‬وآتــاكم ملكا عظيمــا‪،‬‬
‫وإنما فضلته على أشكاله وأقرانه ‪ ,‬فقال‪ :‬واهلل ما أبقيت أحدا حيث تقول‪:‬‬

‫كل من في االرض من عرب * بين باديه إلى حضره‬

‫ومع هذا فال أستحل قتلك بهذا ‪ ،‬ولكن بشركك وكفرك حيث تقول في عبد ذليل‪:‬‬

‫أنت الذي تنزل االيام منزلها * وتنقل الدهر من حال إلى حال‬

‫وما مددتـ مدى طرف إلى أحد * إال قضيت بأرزاق وآجال‬

‫ذاك اهلل يفعله ‪ ،‬أخرجوا لسانه من قفاه ‪ ,‬فأخرجوا لسانه في هذه السنة فمات‪.‬‬

‫‪-2‬قال الذهبي في السير (‪-: )279\10‬‬


‫أدخل خ ــارجي على الم ــأمون ‪ ،‬فق ــال‪ :‬ما حملك على الخالف ؟ ق ــال‪ :‬قوله‪( :‬ومن لم يحكم بما‬
‫أنزل اهلل فأولئك هم الكافرون) قال‪ :‬ألك علم بأنها منزلة ؟ قال‪ :‬نعم‪.‬‬
‫قال‪ :‬وما دليلك ؟ قال‪ :‬إجماع االمة‪.‬‬
‫قال‪ :‬فكما رضيت بإجماعهم في التنزيل‪ ،‬فارض بإجماعهم في التأويل‪.‬‬
‫قال‪ :‬صدقت ‪ ,‬السالم عليك يا أمير المؤمنين ‪.‬‬
‫‪62‬‬
‫‪ -3‬قال الاللكائي في اعتقاد أهل السنة (‪-: )742\4‬‬

‫أخبرنا عبيد اهلل بن أحمد بن علي أخبرنا علي بن أحمد بن الجهم الكـاتب قـال ثنا أبو سـعيد علي‬
‫بن الحسن القصــري قــال ســمعت أبا الهــذيل يقــول قــال المــأمون لحاجبه يوما انظر من بالبــاب ‪,‬‬
‫ءأصـحاب الكالم ؟ فخـرج وعـاد إليه فقـال بالبـاب أبو الهـذيل العالف وهو معـتزلي وعبد اهلل ابن‬
‫أب ــاض األباضي وهش ــام بن الكل ــبي الرافضي فق ــال الم ــأمون ما بقي من أعالم جهنم أحد إال وقد‬
‫حضر ‪.‬‬

‫‪ -4‬قال ابن القيم في أحكام أهل الذمة (‪-: )467\1‬‬


‫ودخل بعض الشعراء على المأمون وفي مجلسه يهودي جالس فأنشده ‪-:‬‬
‫يا ابن الذي طاعته في الورى ‪ ...‬وحكمه مفترض واجب‬
‫إن الذي عـظمت من أجله ‪ ...‬يزعم هـذا أنه كاذب‬

‫فقال له المأمون أصحيح ما يقول ؟ قال نعم ‪ ,‬فأمر بقتله ‪.‬‬

‫‪ -2‬أمير المؤمنين الخليفة المعتصم باهلل (‪227‬هـ)‬


‫كان وليا للعهد بعد المأمون ‪ ,‬فلما احتضر المأمون أوصاه بوصايا ‪.‬‬
‫قال ابن كثير في البداية والنهاية (‪-: )231\14‬‬
‫أوصـ ـ ــى ‪ -‬أي المـ ـ ــأمون ‪ -‬إلى أخيه المعتصم وكتب وصـ ـ ــيته بحضـ ـ ــرته وبحضـ ـ ــرة ابنه العبـ ـ ــاس‬
‫وجماعة القضاة واالمراء والوزراء والكتاب‪.‬‬
‫وفيها القـ ـ ـ ــول بخلق القـ ـ ـ ــرآن ولم يتب من ذلك بل مـ ـ ـ ــات عليه وانقطع عمله وهو على ذلك لم‬
‫يرجع عنه ولم يتب منـ ــه‪ ،‬وأوصى أن يكـ ــبر عليه الـ ــذي يصـ ــلي عليه خمسـ ــا ‪ ،‬وأوصـ ــى المعتصم‬
‫بتقــوى اهلل عز وجل والرفق بالرعيــة‪ ،‬وأوصــاه أن يعتقد ما كــان يعتقــده أخــوه المــأمون في القــرآن‬
‫وأن يدعو الناس إلى ذلك ‪ ،‬وأوصــاه بعبد اهلل بن طــاهر وأحمد بن إبــراهيم وأحمد بن أبي دواد ‪،‬‬
‫وقال شاوره في أمورك وال تفارقه ‪ ،‬وإياك ويحــيى بن أكثم أن تصــحبه ‪ ،‬ثم نهــاه عنه وذمهـ وقــال‬
‫خانني ونفر الناس عني ففارقته غير راض عنه‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫قال ابن كثير في البداية والنهاية (‪-: ) 286\14‬‬
‫وكان أميا ال يحسن الكتابة‪ ،‬وكان سبب ذلك أنه كان يتردد معه إلى الكتاب غالم فمات الغالم‬
‫فقال له أبوه الرشيد‪ :‬ما فعل غالمك ؟ قال‪ :‬مات فاستراح من الكتاب‪ ،‬فقال الرشيد‪ :‬وقد بلغ‬
‫منك كراهة الكتاب إلى أن تجعل الموت راحة منه ؟ واهلل يا بني ال تذهب بعد اليوم إلى‬
‫الكتاب‪.‬‬
‫فتركوه فكان أميا ‪ .‬انتهى ‪.‬‬
‫قلنــا ‪ :‬فهــذه األســباب وهي محبــة المعتصــم للمــأمون ‪ ,‬ووصــية المــأمون لــه ‪ ,‬وكــون المعتصــم ال‬
‫علم لــه ‪ ,‬جعلتــه يســير على خطى أخيــه في اإلمتحــان بخلــق القــرآن لكنــه وكــل ذلــك إلى ابن أبي‬
‫دؤاد ‪.‬‬

‫ولكنه أمر بعد ذلك برفع المحنة فقد قال ابن كثير (‪-: )399\14‬‬

‫ثم قال المعتصم ألحمد بن حنبل لوال أنك كنت في يد من كان قبلي لم أتعــرض إليــك‪ ،‬ثم قــال‪:‬‬
‫يا عبدالرحمن ألم آمرك أن ترفع المحنة ؟ قـال أحمد‪ :‬فقلت‪ ،‬اهلل أكـبر‪ ،‬هـذا فـرج للمسـلمين ‪.‬‬
‫انتهى‪.‬‬

‫قلنــا ‪ :‬وحــتى أنــه لم يــرد امتحــان أحمــد بن حنبــل فقــد قــال المعتصــم ألحمــد بن حنبل لــوال أنك‬
‫كنت في يد من كان قبلي لم أتعرض إليك ‪ ,‬وأراد أيضا أن يخلي سبيله من غير شيء ‪.‬‬

‫ق ــال ال ــذهبي في الس ــير (‪)253\11‬ـ ‪-:‬ـ ـ ق ــال حنبل‪ :‬س ــمعت أبا عبد اهلل‪ ،‬يق ــول‪ :‬ذهب عقلي‬
‫مرارا‪ ،‬فكــان إذارفع عــني الضـرب‪ ،‬رجعت إلي نفسي ‪ ,‬وإذا اسـترخيت وســقطت‪ ،‬رفع الضــرب‪،‬‬
‫أصابني ذلك مرارا‪.‬‬
‫ورأيته‪ ،‬يعني‪ :‬المعتصم‪ ،‬قاعدا في الشمس بغير مظلة‪ ،‬فسمعته‪ ،‬وقد أفقت ‪ ،‬يقول البن أبي‬
‫دواد‪ ،‬لقد ارتكبت (إثما) في أمر هذا الرجل‪.‬‬
‫فقال‪ :‬يا أمير المؤمنين‪ ،‬إنه ‪ -‬واهلل ‪ -‬كافر مشرك‪ ،‬قد أشرك من غير وجه‪.‬‬

‫فال يزال به حتى يصرفه عما يريد ‪ ,‬وقد كان أراد تخليتي بال ضرب‪ ،‬فلم يدعـه‪ ،‬وال إســحاق بن‬
‫إبراهيم‪ .‬انتهى‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫قلنــا ‪ :‬وعنــدما كــان يســمع ردود أحمــد عليهم يلين ويســكت فيحرضــونه ويحلفــون لــه كثــيرا أنــه‬
‫كافر ضال مضل ‪.‬‬

‫قـ ـ ــال ابن كثـ ـ ــير (‪ -: )400\14‬فقـ ـ ــال ابن أبي دؤاد‪ :‬هو واهلل يا أمـ ـ ــير المؤمـ ـ ــنين ضـ ـ ــال مضل‬
‫مبت ــدع‪ ،‬وهنا قض ــاتك والفقه ــاء فس ــلهم‪ ،‬فق ــال لهم‪ :‬ما تقول ــون ؟ فأج ــابوا بمثل ما ق ــال ابن أبي‬
‫دؤاد ‪.‬‬

‫وقال أيضا (‪-: )402\14‬فقالوا يا أمير المؤمـنين هـذا كـافر ضـال مضـل ‪ ,‬وقـال له إسـحاق بن‬
‫إبــراهيم نــائب بغــداد‪ :‬يا أمــير المؤمــنين ليس من تــدبير الخالفة أن تخلي ســبيله ويغلب خليفــتين ‪،‬‬
‫فعند ذلك حمي واشتد غضبه‪ ،‬وكان ألينهم عريكة‪ ،‬وهو يظن أنهم على شيء‪.‬‬

‫قــال أحمد فعند ذلك قــال لي‪ :‬لعنك اهلل ‪ ،‬طمعت فيك أن تجيبــني فلم تجبــني ‪ ،‬ثم قــال‪ :‬خــذوه‬
‫واخلعوه واسحبوه‪.‬‬

‫وقال أيضا (‪ -: )403\14‬ثم لم يزالوا يقولون له‪ :‬يا أمير المؤمنين إنه ضال مضل كافر ‪.‬‬

‫قلنا ‪ :‬وقدكان المعتصم رحمه اهلل مع ذلك كله أرأف الناس باإلمام أحمد ‪.‬‬

‫قال الذهبي في السير (‪-: )265\11‬‬


‫قال أبو جعفر لقيت أبــا عبد اهلل‪ ،‬فــرأيت في يديه مجمــرة يســخن خرقــة‪ ،‬ثم يجعلها على جنبه من‬
‫الضرب‪ ,‬فقال‪ :‬يا أبا جعفر‪ ،‬ما كان في القوم أرأف بي من المعتصم ‪ .‬انتهى ‪.‬‬

‫قلن ــا ‪ :‬ومن نعم ــة اهلل على المعتص ــم أن وفق ـهـ للتوب ــة من ه ــذه الزل ــة والن ــدم عليه ــا ‪ ,‬وأن س ــامحه‬
‫اإلمام أحمد على ما حصل منه لقرابته من النبي صلى اهلل عليه وآله وسلم ‪.‬‬

‫قـ ــال في البدايـ ــة والنهايـ ــة (‪ -: )404\14‬وذلك أن المعتصم نـ ــدم على ما كـ ــان منه إلى أحمد‬
‫ن ـ ــدما كث ـ ــيرا‪ ،‬وجعل يس ـ ــأل الن ـ ــائب عنه والن ـ ــائب يس ـ ــتعلم خ ـ ــبره‪ ،‬فلما ع ـ ــوفي ف ـ ــرح المعتصم‬
‫والمســلمون بــذلك‪ ،‬ولما شــفاه اهلل بالعافية بقي مــدة وإبهامــاه يؤذيهما الــبرد‪،‬وجعل كل من آذاه‬
‫في حل إال أهل البدعة ‪.‬‬

‫قال في اآلداب الشرعية (‪ -: )100\1‬قــال في رواية حنبل وهو يداويه اللهم ال تؤاخــذهم فلما‬
‫برئ ذكره حنبل له فقال نعم أحببت أن ألقى اهلل تعالى وليس بيني وبين قرابة النبي صــلى اهلل عليه‬
‫وسلم شيء وقد جعلته في حل إال ابن أبي دؤاد ومن كان مثله فإني ال أجعلهم في حل ‪.‬‬
‫‪65‬‬
‫قلنــا ‪ :‬ولم نجــد أنــه امتحن أحــدا بعــد اإلمــام أحمــد أو أمــر باإلمتحــان ‪ ,‬ولم يمتحن المعتصــم كــل‬
‫من قال أن القرآن ليس بمخلوق بل كان بعض أئمة الســنة يعقــدون المجــالس من غــير أن يمنعهم‬
‫أحــد كمــا كــان يفعــل عاصــم بن علي بن عاصــم الــذي قــال عنــه الــذهبي في الســير ( كــان عاصم‬
‫رحمه اهلل ممن ذب عن الدين في المحنة ) فقد قـال الخطيب في تـاريخ بغـداد (‪)248\12‬ـ ‪-:‬‬
‫ق ـ ــال عمر بن حفص وجه المعتصم بمن يح ـ ــرز مجلس عاصم بن علي بن عاصم في رحبة النخل‬
‫الــتي في جــامع الرصــافة قــال وكــان عاصم بن علي يجلس على ســطح المســقطات وينتشر النــاس‬
‫في الرحبة وما يليها فيعظم الجمع ج ــدا ح ــتى س ــمعته يوما يق ــول ح ــدثنا الليث بن س ــعد ويس ــتعاد‬
‫فأع ــاد أربع عش ــرة م ــرة والن ــاس ال يس ــمعون ق ــال وك ــان ه ــارون المس ــتملى ي ــركب نخلة معوجة‬
‫ويستملى عليها فبلغ المعتصم كــثرة الجمع فــأمرـ بحــزرهم فوجه بقطــاعي الغنم فخــرزوا المجلس‬
‫عشرين ومائة ألف ‪.‬‬

‫قلنا ‪ :‬وقد كان جدنا رحمه اهلل مالذا لإلسالم وأهله بعد اهلل عزوجل ‪ ,‬فما هي بخافيــة على أحــد‬
‫قصة الهاشمية التي أسرها الروم فصاحتـ وامعتصماه فلما بلغته قال لبيك لبيـك ونهض من فـوره‬
‫وصاح قائال النفير النفير وتجهز جهازا لم يتجهزه قبله أحد وأشــهد على وصــيته فغــزا بالد الــروم‬
‫فنكل بهم وسأل عن أي مدنها أمنع فقالوا عمورية فتوجه إليها ‪.‬‬

‫قال الخطيب في تاريخ بغداد (‪-: )344\2‬‬

‫غــزا المعتصم بالد الــروم في ســنة ثالث وعشــرين ومــائتين فــانكى في العــدو نكاية عظيمة ونصب‬
‫على عمورية المجـانيق واقـام عليها حـتى فتحها ودخلها فقتل فيها ثالثين الفا وسـبى مثلهم وكـان‬
‫في سبيه ستون بطريقا وطرح النار في عمورية من سائر نواحيها فاحرقهاـ وجــاء ببابها إلى العــراق‬
‫وهو باق حتى اآلن منصوب على أحد األبواب دار الخالفة ‪ .‬انتهى ‪.‬‬

‫قلنـــا ‪ :‬ومن محاســـنه الكث ــيرة قضـــاؤه على فتنـــة الكـــافر الخ ــبيث باب ــك الخ ــرمي ال ــذي قت ــل من‬
‫المسلمين ألف ألف وخمسمائة ألف كما ذكر الذهبي ‪.‬‬
‫قال الغزالي في فضائح الباطنية (‪ -: )14‬وأما البابكية فإسم لطائفة منهم بايعوا رجال يقال له‬
‫بابك الخرمي وكان خروجه في بعض الجبال بناحية أذربيجان في أيام المعتصم باهلل واستفحل‬
‫أمرهم واشتدت شوكتهم وقاتهلم افشين صاحب حبس المعتصم مداهنا له في قتالهم ومتخاذال‬

‫‪66‬‬
‫عن الجد في قمعهم إضمارا لموافقتهم في ضاللهم فاشتدت وطأة البابكية على جيوش‬
‫المسلمين حتى مزقوا جند المسلمين وبددوهم منهزمين الى أن هبت ريح النصر واستولى‬
‫عليهم المعتصم المترشح لإلمامة في ذلك العصر فصلب بابك وصلب أفشين بإزائه‪.‬‬

‫قلنــا ‪ :‬ومن محاســنه أيضــا قتلــه لعــدد من الباطنيــة المجــوس وقــد كــان بعضــهم من قــواده ‪ ,‬وقتلــه‬
‫أيضا لرئيس الزنادقةـ ‪ ,‬وقتلهـ لقائد الرافضة ‪.‬‬

‫قال الخطيب في تاريخ بغداد (‪ -: )343\2‬قال ابن عرفــة ‪ :‬قتل المعتصم ثمانية أعــداء بابك ‪,‬‬
‫ومازيار ‪ ,‬وباطس ‪ ,‬ورئيس الزنادقةـ ‪ ,‬واالفشين ‪ ,‬وعجيفا ‪ ,‬وقارن ‪ ,‬وقائد الرافضة ‪.‬‬

‫‪ -3‬أمير المؤمنين الخليفة الواثق باهلل (‪232‬هـ)‬


‫بويع له بالخالفة بعد أبيه المعتصم ‪ ,‬وشدد في المحنة بسبب اللعين ابن أبي دؤاد‪.‬‬

‫قال الخطيب في تاريخ بغداد (‪ -: )177\6‬وكان ابن أبي داود قد استولى على الواثق وحمله‬
‫على التشديد في المحنة ودعا الناس إلى القول بخلق القرآن ‪.‬‬

‫قـ ــال الـ ــذهبي في السـ ــير (‪ )312\10‬ـ ‪ -:‬ـ ـ قتل أحمد بن نصر الخـ ــزاعي الشـ ــهيد ظلمـ ــا‪ ،‬وأمر‬
‫بامتحـــان األئمة والمـــؤذنين بخلق القـــرآن ‪ ،‬وافتك من أسر ال ــروم أربعة آالف وست مئة نفس ‪،‬‬
‫فقال ابن أبي دواد‪ :‬من لم يقل‪ :‬القرآن مخلوق‪ ،‬فال تفتكوه ‪ .‬انتهى ‪.‬‬

‫قلنا ‪ :‬ومن كرامات الواثــق أن أنعم اهلل عليـه بنعمــة عظيمــة وهي التوبــة من القــول بخلــق القــرآن ‪,‬‬
‫ووقف المحنة وتهديد من قال بخلق القرآن بالقتل ‪.‬‬

‫قال ابن تغري بردي في النجوم الزاهرة (‪-: )235\1‬ـ وفي أيام هرثمة هذا ورد كتاب الخليفة‬
‫المتوكل إلى مصر بـ ــترك الجـ ــدال في القـ ــرآن واتبـ ــاع السـ ــنة وع ـ ـدم القـ ــول بخلق القـ ــرآن ‪ ,‬وهلل‬
‫الحمد ‪ ,‬وس ـ ــببه أن الواثق ك ـ ــان قد ت ـ ــاب ورجع عن الق ـ ــول بخلق الق ـ ــرآن‪ ،‬فأدركته المنية قبل‬
‫إشاعة ذلك وتولى المتوكل الخالفة‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫وق ــال أيض ــا عن ــد كالم ــه عن رج ــوع الواث ــق (‪)237\1‬ـ ‪-:‬ولما وقع ذلك كتب لألقط ــار برفع‬
‫المحنة والســكوت عن هــذه المقالة بالجملة ‪ ،‬وهــدد كل من قــال بها بالقتل ‪ ,‬وكــان هرثمة هــذا‬
‫يحب الســنة ‪ ،‬فأخذ في إظهــار الســنة والعمل بها ‪ ،‬وفــرح النــاس بــذلك وتباشــروا بواليته ؛ فلم‬
‫تطل مدته على إمرة مصر بعد ذلك حتى مرض ومات ‪ .‬انتهى ‪.‬‬

‫قلنا ‪ :‬وقد رويت قصة رجوع الواثق بعدة أسانيد دلت على صحتها ‪.‬‬

‫قال الخطيب في تاريخ بغداد (‪-: )244\2‬‬


‫أخبرنا محمد بن الف ـ ـ ــرج بن علي ال ـ ـ ــبزار أخبرنا عبد اهلل بن إب ـ ـ ــراهيم بن ماسي ح ـ ـ ــدثنا جعفر بن‬
‫شعيب الشاشي حـدثني محمد بن يوسف الشاشي حـدثني إبـراهيم بن منبه قـال‪ :‬سـمعت طـاهر بن‬
‫خلف يق ــول س ــمعت محمد بن الواثق ال ــذي يق ــال له المهت ــدي باهلل يق ــول‪ :‬ك ــان أبي إذا أراد أن‬
‫يقتل رجالً أحض ــرنا ذلك المجلس ف ــأتى بش ــيخ مخض ــوب مقيد فق ــال أبي‪ :‬ائ ــذنوا ألبي عبد اهلل‬
‫وأصــحابه يعــني ابن أبي دؤاد قــال‪ :‬فأدخل الشــيخ والواثق في مصــاله فقــال الســالم عليك يا أمــير‬
‫المؤمـ ــنين فقـ ــال له‪ :‬ال سـ ــلم اهلل عليك فقـ ــال‪ :‬يا أمـ ــير المؤمـ ــنين بئس ما أدبك مؤدبك قـ ــال اهلل‬
‫تع ــالى‪ " :‬وإذا ح ــييتم بتحية فحي ــوا بأحسن منها أو ردوها " واهلل ما حييت ــني بها وال بأحسن منها‪.‬‬
‫فق ــال ابن أبي دؤاد‪ :‬يا أم ــير المؤم ــنين الرجل متكلم فق ــال له‪ :‬كلمه فق ــال‪ :‬يا ش ــيخ ما تق ــول في‬
‫القــرآن قــال الشــيخ‪ :‬لم تنصــفني يعــني ولي الســؤال فقــال له‪ :‬سل فقــال له الشــيخ‪ :‬ما تقــول في‬
‫القـ ــرآن؟ فقـ ــال‪ :‬مخلـ ــوق فقـ ــال‪ :‬هـ ــذا شـ ــيء علمه النـ ــبي صـ ــلى اهلل عليه وسـ ــلم وأبو بكر وعمر‬
‫وعثمان وعلي والخلفاء الراشدون أم شيء لم يعلموه؟ فقال‪ :‬شيء لم يعلمــوه فقــال‪ :‬ســبحان اهلل‬
‫شيء لم يعلمه النــبي صــلى اهلل عليه وســلم وال أبو بكر وال عمر وال عثمــان وال علي وال الخلفــاء‬
‫الراش ــدون علمته أنت؟ ق ــال فخجل فق ــال‪ :‬أقل ــني والمس ــألة بحالها ق ــال نعم؟ ق ــال‪ :‬ما تق ــول في‬
‫القـ ــرآن؟ فقـ ــال‪ :‬مخلـ ــوق فقـ ــال‪ :‬هـ ــذا شـ ــيء علمه النـ ــبي صـ ــلى اهلل عليه وسـ ــلم وأبو بكر وعمر‬
‫وعثمان وعلي والخلفــاء الراشــدون أم لم يعلمــوه؟ فقــال‪ :‬علمــوه ولم يــدعوا النــاس إليه قــال‪ :‬أفال‬
‫وس ــعك ما وس ــعهم؟ ق ــال‪ :‬ثم ق ــام أبي ف ــدخل مجلس الخل ــوة واس ــتلقى على قف ــاه ووضع إح ــدى‬
‫رجليه على األخــرى وهو يقــول‪ :‬هــذا ش ــيء لم يعلمه الن ــبي وال أبو بكر وال عمر وال عثمــان وال‬
‫علي وال الخلفاء الراشدون علمته أنت؟ سبحان اهلل؟ شيء علمه النبي صــلى اهلل عليه وســلم وأبو‬
‫بكر وعمر وعثمان وعلي والخلفاء الراشدون ولم يدعوا الناس إليـه؟ أفال وسـعكـ ما وسـعهم؟ـ ثم‬
‫دعا عماراً الحاجب فأمر أن يرفع عنه القيود ويعطيه أربعمائة دينار ويأذن له في الرجــوع وســقط‬
‫من عينه ابن أبي دؤاد ولم يمتحن بعد ذلك أحداً‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫قال الخطيب في تاريخ بغداد (‪-: )345\4‬‬
‫أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق أخبرنا أحمد بن سـ ـ ـ ــندي الحـ ـ ـ ــداد ق ـ ـ ـ ــال‪ :‬قـ ـ ـ ــرئ علي أحمد بن‬
‫الممتنع وأنا اس ـ ــمع قيل له أخ ـ ــبركم ص ـ ــالح بن علي بن يعق ـ ــوب بن المنص ـ ــور الهاش ـ ــمي ق ـ ــال‪:‬‬
‫حض ــرت المهت ــدى باهلل أم ــير المؤم ــنين رحمة اهلل عليه وقد جلس للنظر في أم ــور المتظلمين في‬
‫دار العامة فنظـ ــرت إلى قصص النـ ــاس تقـ ــرأ عليه من أولها إلى آخرها فيـ ــأمر بـ ــالتوقيع فيها وينشأ‬
‫الكتاب عليها ويحرر ويختم وتدفع إلى صاحبها بين يديه فسرني ذلك واستحســنت ما رأيت منه‬
‫فجعلت أنظر إليه ففطن ونظر إلى فغضضت عنه حـ ــتى كـ ــان ذلك مـ ــني ومنه مـ ــرارا ثالثة إذا نظر‬
‫غضضت وإذا شغل نظرت فقال لي‪ :‬يا صالح قلت لبيك يا أمير المؤمنين وقمت قائمـاً فقــال في‬
‫نفسك م ــنى ش ــيء تريد أو ق ــال تحب أن تقوله قلت‪ :‬نعم يا س ــيدي فق ــال لي‪ :‬عد إلى موض ــعك‬
‫فعــدتـ وعــاد إلى النظر حــتى إذا قــام قــال للحــاجب ال يــبرح صــالح وانصــرف النــاس ثم أذن لي‬
‫وهمتني نفسي فدخلت فدعوت له فقال لي‪ :‬اجلس فجلست فقــال يا صـالح تقــول لي ما دار في‬
‫نفسك أو أق ـ ـ ــول أنا ما دار في نفسي أنه دار في نفسك قلت‪ :‬يا أم ـ ـ ــير المؤمـ ـ ــنين ما تعـ ـ ــزم عليه‬
‫وتــأمر به فقــال‪ :‬أقــول أنا إنه دار في نفسي أنك استحســنت ما رأيت منا فقلتـ أي خليفة خليفتنا‬
‫إن لم يكن يقــول أن القــرآن مخلــوق فــورد على قلــبي أمر عظيم ثم قلت يا نفس هل تمــوتين قبل‬
‫أجلك وهل تمــوتين إال مــرة وهل يجــوز الكــذب في جد أو هــزل فقلت‪ :‬يا أمــير المؤمــنين ما دار‬
‫في نفسي إال ما قلت فـ ــأطرق ملي ـ ـاً ثم قـ ــال‪ :‬ويحك اسـ ــمع مـ ــنى ما أقـ ــول فواهلل لتسـ ــمعن الحق‬
‫فســـرى عـــني وقلت‪ :‬يا ســـيدي ومن أولى بقـــول الحق منك وأنت خليفة رب الع ــالمين وابن عم‬
‫س ــيد المرس ــلين من األولين واآلخ ــرين فق ــال‪ :‬ما زلت أق ــول إن الق ــرآن مخل ــوق ص ــدراً من أي ــام‬
‫الواثق حــتى أقــدم أحمد بن أبي دؤاد علينا شــيخا من أهل الشــام من أهل أذنة فأدخل الشـيخ علي‬
‫الواثق مقيداً وهو جميل الوجه تام القامة حسن الشيبة فرأيت الواثق قد اســتحيى منه ورق له فما‬
‫زال يدنيه ويقربه حــتى قــرب منه فســلم الشــيخ فأحسن ودعا فبلغ وأوجز فقــال له الواثق‪ :‬اجلس‬
‫فجلس وق ـ ــال له‪ :‬يا ش ـ ــيخ ن ـ ــاظر ابن أبي دؤاد على ما ين ـ ــاظرك عليه فق ـ ــال‪ :‬له الش ـ ــيخ يا أم ـ ــير‬
‫المؤم ــنين ابن أبي دؤاد يص ــبو ويض ــعف عن المن ــاظرة فغضبـ الواثق وع ــاد مك ــان الرقة له غض ــبا‬
‫عليه وقال‪ :‬أبو عبد اهلل بن أبي داود يصبو ويضعف عن مناظرتك أنت فقال الشــيخ‪ :‬هــون عليك‬
‫يا أمير المؤمـنين ما بك وإيــذن في مناظرته فقـال الواثق‪ :‬ما دعوتك إال للمنـاظرة فقــال الشـيخ‪ :‬يا‬
‫أمــير المؤمــنين إن رأيت أن تحفظ على وعليه ما يقــول قــال‪ :‬أفعل فقــال الشــيخ‪ :‬يا أحمد أخــبرني‬
‫عن مقالتك هذه هي مقالة واجبة داخلة في عقد الـدين فال يكـون الـدين كـامال حـتى يقـال فيه بما‬
‫قلت قــال‪ :‬نعم قــال الشــيخ‪ :‬يا أحمد أخــبرني عن رســول اهلل صــلى اهلل عليه وســلم حين بعثه اهلل‬

‫‪69‬‬
‫إلى عبــاده هل ســتر رســول اهلل شــيئاً مما أمــره اهلل به في أمر دينهم فقــال‪ :‬ال فقــال الشــيخ‪ :‬فــدعا‬
‫رسـول اهلل صـلى اهلل عليه وسـلم األمة إلى مقالتك هــذه فسـكت بن أبي دؤاد فقــال الشـيخ‪ :‬تكلم‬
‫فس ــكت ف ــالتفت الش ــيخ إلى الواثق فق ــال‪ :‬يا أم ــير المؤم ــنين واح ــدة فق ــال الواثق‪ :‬واح ــدة فق ــال‬
‫الشيخ‪ :‬يا أحمد أخبرني عن اهلل عز وجل حين أنزل القرآن على رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬
‫فقال‪ :‬اليوم اكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم اإلسالم ديناً كان اهلل تعالى‬
‫الصادق في إكماله دينه أو أنت الصادق في نقصانه حــتى يقــال فيه بمقالتك هــذه فســكت بن أبي‬
‫دؤاد فقــال الشــيخ‪ :‬أجب يا أحمد فلم يجب فقــال الشــيخ‪ :‬يا أمــير المؤمــنين اثنتــان فقــال الواثق‪:‬‬
‫نعم اثنتـان قـال الشـيخ‪ :‬يا أحمد أخـبرني عن مقالتك هـذه علمها رسـول اهلل صـلى اهلل عليه وسـلم‬
‫أم جهلها قال بن أبي داود‪ :‬علمها قـال‪ :‬فـدعا النـاس إليها فسـكت قـال الشـيخ‪ :‬يا أمـير المؤمـنين‬
‫ثالث فقال الواثق ثالث فقال الشيخ‪ :‬يا أحمد فاتسع لرسول اهلل صلى اهلل عليه وســلم ان علمها‬
‫وأمسك عنها كما زعمت ولم يط ــالب أمته بها ق ــال‪ :‬نعم ق ــال الش ــيخ‪ :‬واتسع ألبي بكر الص ــديق‬
‫وعمر بن الخط ـ ــاب وعثم ـ ــان وعلي رضي اهلل عنهم ق ـ ــال ابن أبي دؤاد نعم ف ـ ــأعرض الش ـ ــيخ عنه‬
‫وأقبل على الواثق فقال‪ :‬يا أمير المؤمنين قد قدمتـ القول أن أحمد يصبو ويضعف عن المنــاظرة‬
‫يا أمــير المؤمــنين إن لم يتسع لك من اإلمســاك عن هــذه المقالة ما زعم هــذا أنه اتسع لرســول اهلل‬
‫صــلى اهلل عليه وســلم وألبي بكر وعمر وعثمــان وعلي فال وسع اهلل على من لم يتسع له ما اتسع‬
‫لهم أو قال فال وسع اهلل عليك فقال الواثق‪ :‬نعم إن لم يتسع لنا من اإلمسـاك عن هـذه المقالة ما‬
‫اتسع لرسول اهلل صلى اهلل عليه وســلم وأبي بكر وعمر وعثمــان وعلي فال وسع اهلل علينا اقطعــوا‬
‫قيد الشــيخ فلما قطع القيد ضــرب الشــيخ بيــده إلى القيد حــتى يأخــذه فجاذبه الحــداد عليه فقــال‬
‫الواثق‪ :‬دع الش ــيخ يأخ ــذه فأخ ــذه فوض ــعه في كمه فق ــال له الواثق‪ :‬يا ش ــيخ لم ج ــاذبت الح ــداد‬
‫عليه قـــال ألني نـــويت أن أتقـــدم إلى من أوصى إليه إذا أنا مت أن يجعله بي ــني وبين كف ــني ح ــتى‬
‫أخاصم به هــذا الظــالم عند اهلل يــوم القيامة وأقــول يا رب سل عبــدك هــذا لم قيــدنى وروع أهلي‬
‫وولــدي وإخــواني بال حق أوجب ذلك علي وبكى الشــيخ فبكى الواثق وبكينا ثم ســأله الواثق أن‬
‫يجعله في حل وســعةـ مما ناله فقــال له الشــيخ‪ :‬واهلل يا أمــير المؤمــنين لقد جعلتك في حل وســعة‬
‫من أول ي ــوم إكرامـ ـاً لرس ــول اهلل ص ــلى اهلل عليه وس ــلم إذ كنت رجالً من أهله فق ــال الواثق‪ :‬لي‬
‫إليك حاجة فقـ ــال الشـ ــيخ‪ :‬إن كـ ــانت ممكنة فعلتـ فقـ ــال له الواثق‪ :‬تقيم قبلنا فننتفع بك وتنتفع‬
‫بك فتياننا فق ــال الش ــيخ‪ :‬يا أم ــير المؤم ــنين إن ردك إي ــاي إلى الموضع ال ــذي أخرج ــني عنه ه ــذا‬
‫الظــالم أنفع لك من مقــامي عليك وأخــبرك بما في ذلك أصــير إلى أهلي وولــدي فــأكف دعــاءهم‬
‫عليك فقد خلفتهم على ذلك فقال له الواثق‪ :‬فتقبل منا صلة تستعين بها على دهرك قال‪ :‬يا أمير‬

‫‪70‬‬
‫المؤمـ ــنين ال يحل لي أنا عنها غـ ــنى وذوـ مـ ــرة سـ ــوى فقـ ــال‪ :‬سل حاجة قـ ــال‪ :‬أو تقضـ ــيها يا أمـ ــير‬
‫المؤمــنين قــال‪ :‬نعم قــال‪ :‬تــأذن ان يخلى لي الســبيل الســاعة إلى الثغر قــال‪ :‬قد أذنت لك فســلم‬
‫عليه وخــرج قــال‪ :‬صــالح بن علي قــال‪ :‬المهتــدى باهلل‪ :‬فــرجعت عن هــذه المقالة وأظن أن الواثق‬
‫قد كان رجع عنها منذ ذلك الوقت‪.‬‬
‫أخبرنا أبو بكر عبد اهلل بن حمويه بن أبـ ـ ــزك الهمـ ـ ــذاني بها قـ ـ ــال‪ :‬سـ ـ ــمعت أبا بكر أحمد بن عبد‬
‫ال ــرحمن الش ــيرازي الحافظ وح ــدثنا بح ــديث الش ــيخ األذني ومناظرتهـ مع ابن أبي داود بحض ــرة‬
‫الواثق فقال‪ :‬الشيخ هو أبو عبد الرحمن عبد اهلل بن محمد ابن إسحاق األذرمي‪.‬‬

‫ق ــال الخطيب في ت ــاريخ بغ ــداد (‪)177\6‬ـ ‪-:‬ـ ـ أخ ــبرني عبيد اهلل بن أبي الفتح أخبرنا أحمد بن‬
‫إبــراهيم بن الحسن حــدثنا إبــراهيم بن محمد بن الحسن حــدثنا إبــراهيم بن محمد بن عرفة قــال‪:‬‬
‫ح ـ ــدثني حامد بن العبـ ـ ــاس عن رجل عن المهتـ ـ ــدي أن الواثق م ـ ــات وقد تـ ـ ــاب عن القـ ـ ــول بخلق‬
‫القرآن‪.‬‬

‫قال الـذهبي في السـير (‪)307\10‬ـ ‪-:‬ـ قـال عبيداهلل بن يحـيى‪ :‬حـدثنا إبـراهيم بن أسـباط‪ ،‬قـال‪:‬‬
‫حمل رجل مقيــد‪ ،‬فأدخل على ابن أبي دواد بحضــور الواثــق‪ ،‬فقــال الحمد أخــبرني عن ما دعــوتم‬
‫الناس إليه‪ ،‬أعلمه رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم فما دعا إليه‪ ،‬أم شئ لم يعلمه ؟ قــال‪ :‬بل علمه‬
‫‪ ,‬قــال‪ :‬فكــان يســعه أن ال يــدعو النــاس إليــه‪ ،‬وأنتم ال يســعكم ؟ ! فبهتــوا‪ ،‬وضــحك الواثــق‪ ،‬وقــامـ‬
‫قابضا على فم ـ ــه‪ ،‬ودخل مجلس ـ ــا‪ ،‬ومد رجليه وهو يق ـ ــول‪ :‬أمر وسع رس ـ ــول اهلل ص ـ ــلى اهلل عليه‬
‫وسلم أن يسكت عنه وال يسعنا ! ثم أمر أن يعطى الشيخ ثالث مئة دينار‪ ،‬وأن يرد إلى بلده ‪.‬‬

‫قال اآلجري في كتابه الشريعة (‪ -: )88\1‬حدثنا أبو عبد اهلل جعفر بن إدريس القزويني قال ‪:‬‬
‫ح ــدثنا أحمد بن الممتنع بن عبد اهلل القرشي ال ــتيمي ق ــال ‪ :‬ح ــدثنا أبو الفضل ص ــالح بن علي بن‬
‫يعق ــوب بن منص ــور الهاش ــمي ‪ -‬وك ــان من وج ــوه ب ــني هاشم ‪ ،‬وأهل الجاللة ‪ ،‬والس ــبق منهم ‪-‬‬
‫ق ــال ‪ :‬حض ــرت المهت ــدي باهلل أم ــير المؤم ــنين رحمة اهلل تع ــالى عليه ‪ ،‬وقد جلس ينظر في أم ــور‬
‫المسلمين في دار العامة ‪..‬وذكر القصة ‪.‬‬

‫‪ -4‬أمير المؤمنين الخليفة الناصر لدين اهلل (‪622‬هـ)‬


‫قـ ــال في مفـ ــرج الكـ ــروب (‪ )166\4‬ـ ‪ -:‬ـ ـ وكـ ــان الناصر لـ ــدين اهلل يتشـ ــيع ويميل إلى مـ ــذهب‬
‫االماميــة‪ ،‬وهو خالف ما كــان عليه آبــاؤه من القــادر إلى المستضئ فــإنهم كــانوا يــذهبون مــذهب‬

‫‪71‬‬
‫الس ــلف ‪ ،‬وللق ــادر عقي ــدة مش ــهورة في ذلك ‪ ,‬وق ــال ابن كث ــير (‪)138\17‬ـ ‪ -:‬وك ــان الناصر‬
‫شيعيا ‪.‬‬

‫قلنــا ‪ :‬لم نقــف لــه على ســب ألي صــحابي أو أمــر بــذلك ‪ ,‬إنمــا المعــروفـ عنــه تقديمــه لعلي على‬
‫الصــحابة فهــو شــيعي لكنــه ليس برافضــي ولكنــه كــان متعاطفــا معهمـ ومــائال لهم ‪ ,‬وجــاء بعــده ابنــه‬
‫الظاهر ومن بعده حفيده المستنصر وكــانوا على عقيــدة الســلف كمــا كــان أجــدادهم ‪ ,‬ومــع ذلــك‬
‫فقــد كــانت لــه رحمــه اهلل وعفــا عنــه جهــود طيبــة ‪ ,‬منهــا مــا قالــه ابن كثــير (‪ -: )750\16‬وفيها‬
‫قبض الخليفة على عبد الس ــالم بن عبد الوه ــاب بن الش ــيخ عبد الق ــادر الجيالني ‪ ،‬بس ــبب فس ــقهـ‬
‫وفجـوره‪ ،‬وأحـرقت كتبه وأمواله قبل ذلك لما فيها من كتب الفالسـفة‪ ،‬وعلـوم االوائـل‪ ،‬وأصـبح‬
‫يستعطي بين الناس ‪.‬‬

‫( المـراجـع )‬

‫أوال‪ :‬كتب التاريخ ‪-:‬‬


‫‪ -1‬البداية‪ J‬والنهاية البن كثري ‪.‬‬

‫‪ -2‬املنتظم البن اجلوزي ‪.‬‬

‫‪ -3‬تاريخ الرسل وامللوك للطربي ‪.‬‬

‫‪ -4‬تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ‪.‬‬

‫‪ -5‬تاريخ دمشق البن عساكر ‪.‬‬

‫‪ -6‬النجوم الزاهرة يف ملوك مصر والقاهرة‪ J‬البن تغري بردي ‪.‬‬

‫‪ -7‬تاريخ اإلسالم‪ J‬للذهيب ‪.‬‬

‫‪ -8‬كتاب مفرج الكروب يف تاريخ بين أيوب البن واصل احلموي ‪.‬‬

‫‪ -9‬مآثر اإلنافة يف معامل اخلالفة للقلقشندي ‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫ثانيا ‪ :‬كتب الحديث ‪-:‬‬

‫‪ -1‬املسند ألمحد بن حنبل ‪.‬‬

‫‪ -2‬السنن الكربى للنسائي ‪.‬‬

‫‪ -3‬السنن الكربى للبيهقي‪. J‬‬

‫ثالثا ‪ :‬كتب السنة والعقيدة ‪-:‬‬

‫‪ -1‬كتاب الشريعة لآلجري ‪.‬‬

‫‪ -2‬كتاب السنة للخالل ‪.‬‬

‫‪ -3‬كتاب فضائح الباطنية‪ J‬للغزايل ‪.‬‬

‫‪ -4‬منهاج السنة النبوية يف نقض كالم الشيعة والقدرية البن تيمية ‪.‬‬

‫‪ -5‬جمموع الفتاوى البن تيمية ‪.‬‬

‫‪ -6‬إعتقاد أهل السنة واجلماعة لاللكائي ‪.‬‬

‫‪ -7‬الصارم السلول على شامت الرسول البن تيمية ‪.‬‬

‫‪ -8‬مؤمتر النجف أليب الربكات عبداهلل السويدي ‪.‬‬

‫‪ -9‬خلق أفعال العباد للبخاري ‪.‬‬

‫‪ -10‬درء تعارض العقل والنقل البن تيمية ‪.‬‬

‫‪ -11‬اإلبانة‪ J‬البن بطة العكربي ‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫‪ -12‬شرح العقيدة الطحاوية البن أيب العز ‪.‬‬

‫‪ -13‬التبصري يف الدين لإلسفراييين ‪.‬‬

‫‪ -14‬امللل والنحل للشهرستاين ‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬كتب السيرة ‪-:‬‬

‫‪ -1‬الشفا بتعريف حقوق املصطفى للقاضي عياض ‪.‬‬

‫‪ -2‬السرية النبوية البن كثري ‪.‬‬

‫خامسا ‪ :‬كتب التراجمـ والطبقات ‪-:‬‬

‫‪ -1‬طبقات احلنابلة أليب يعلى ‪.‬‬

‫‪ -2‬ذيل طبقات احلنابلة البن رجب ‪.‬‬

‫‪ -3‬سري أعالم النبالء للذهيب ‪.‬‬

‫‪ -4‬لسان امليزان للذهيب ‪.‬‬

‫‪ -5‬األعالم‪ J‬للزركلي ‪.‬‬

‫‪ -6‬الوايف بالوفيات للصفدي ‪.‬‬

‫سادساـ ‪ :‬كتب أخرى ‪-:‬‬

‫‪ -1‬كشف املشكل من حديث الصحيحني البن اجلوزي ‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫‪ -2‬أحكام أهل الذمة البن القيم ‪.‬‬

‫‪ -3‬احلاوي يف الفقة الشافعي للماوردي ‪.‬‬

‫‪ -4‬السؤاالت‪ J‬أليب عبيد اآلجري ‪.‬‬

‫‪ -5‬نقد النقول واحملك املميز بني الردود واملقبول البن القيم ‪.‬‬

‫‪ -6‬األداب الشرعية البن مفلح ‪.‬‬

‫‪75‬‬

You might also like