Professional Documents
Culture Documents
مختصر فرق معاصرة اختصره د. عبدالرحمن غالب عواجي
مختصر فرق معاصرة اختصره د. عبدالرحمن غالب عواجي
اختصره :
د /عبد الرحمن بن غالب عواجي
عضو هيئة التدريس بالجامعة اإلسالمية بالمدنية المنورة
للل
0
بسمميحرلا نمحرلا هللا
ا٢بمد هلل رب العا٤بْب ،كأشهد أف ال إلو إال هللا كرل الصا٢بْب ،كأشهد أف سيدان كحبيبنا دمحما عبده
كرسولو أشرؼ ا٣بلق أٝبعْب ،صلى هللا عليو كعلى آلة الطيبْب الطاىرين ،كعلى أصحاب الغر ا٤بيامْب،
كعلى من تبعهم إبحساف إذل يوـ الدين.
فهذا ٨بتصر لكتاب "فرؽ معاصرة تنتسب إذل اإلسبلـ كبياف موقف اإلسبلـ منها" ٤بؤلفو الشيخ الدكتور
غالب بن علي عواجي تغمده هللا بواسع الرٞبات كجعل ذلك ُب موازين ا٢بسنات كٝبعنا كإايه ُب دار
الكرامة ُب مقعد صدؽ عند مليك مقتدر.
كىذا الكتاب من الكتب الٍب جعل ٥با هللا ٥با القبوؿ بْب طلبة العلم ،فقد قيػٌررت دراستو ُب كثّب من
ا١بامعات اإلسبلمية كالعربية ُب ٨بتلف البلداف٤ ،با حول من معلومات كبّبة كفوائد عظيمة ك٘برد ُب
النقل كالدراسة ،مبِب على منهج السلف الصاحل ،فقد نقل من أمهات كتب الفرؽ ا٤بذكورة كبْب ا٫برافها
أبدلة نقلية كعقلية كاضحة.
كقد كنت ٩بن أنعم هللا علي بتدريس كتاب كالدم لطبلب ا١بامعة اإلسبلميةُ ،ب ٨بتلف كلياهتا ُب مادة
الفرؽ ،كطلب مِب كثّب من الطبلب اختصار كتاب الفرؽ ا٤بقرر ،فَبددت رىبة من اختصار كتاب الوالد
ٗبا ٱبل ٗبنهجو أك يقل عن ىدفو ،فاستخرت هللا كاستشرت ٍب عقدت العزـ على اختصاره كعلمت أف
ا٤بختصر فرع عن األصل كال يغِب الفرع عن األصل بل ال يقوـ إال بو – كىذا ما أكصي بو طبلب العلم
.-
1
ككاف ٩با زاد شوقي لقراءتو مرات عديدة كاختصاره اختصارا موجزا ما أحسست بو من أينس بعد كحشة
فراقو ،فكاف لقاء بيِب كبينو ُب السطور كالكلمات ،فاختلطت العربات ابلعبارات.
لكن تركت ٝبار فقدؾ ُب ا٢بشا ككسرت ٦بداُب كرأس عصاٌب .
كال نقوؿ إال ما يرضي ربنا ،كقد حرصت أال أغّب عباراتو ُب معظم االختصار ،اللهم سول حذؼ
االسَبساؿ كربط ا١بمل ببعضها بعد ذلك ،كدل أترؾ شيئا من ا٤بسائل ا٤بذكورة ُب أصل الكتاب ،كقد
قمست ما ارأتيت تقسيمو كحولت بعض الفصوؿ إذل مباحث ،كقسمت بعض ا٤بباحث إذل فقرات
ليسهل على طبلب العلم حفظها كفهمها ،ككنت ُب ىذا مستعينا ابهلل كحده.
فرحم هللا ا٤بؤلف رٞبة كاسعة ككتب ذلك ُب ميزاف أجوره كحسناتو ،كجزاه هللا عن ٞبلة العلم كطلبتو
أطيب ا١بزاء كأجزلو كأفضل اإلحساف كأكملو ،كرفع درجاتو ُب عليْب ،مع األنبياء كالصديقْب كالشهداء
كالصا٢بْب ،كا٢بمد هلل رب العا٤بْب.
خطة الكتاب:
اعتمدت تقسيم الكتاب األصل ُب تقسيمو سول جعل لعض الفصوؿ مباحث كجعل بعض األبواب
فصوال كذلك كما يلي:
ا٤ببحث الرابع :حصر الفرؽ ُب العدد ا٤بذكور ُب حديث االفَباؽ .كفيو مطلباف:
ا٤بطلب الثاين :معُب قولو ملسو هيلع هللا ىلص :كلها ُب النار إال كاحدة "
2
ا٤ببحث السادس :مدجى سعة ا٣ببلؼ الذم كاف ٰبصل بْب الصحابة.
ٛبهيد :
ا٤ببحث السابع :إيضاحات لبعض اآلراء االعتقادية للخوارج ،كيشمل ا٤بسائل التالية:
3
ا٤بطلب الرابع :اإلمامة العظمى.
ٛبهيد:
4
ا٤بسألة الثانية :سبب تسميتهم ابلرفاضة.
ا٤ببحث السابع :إيضاحات لبعض اآلراء االعتقادية للشيعة كفيو ا٤بطالب التالية :
ا٤ببحث الثامن :الشيعة ُب العصر ا٢باضر ،كىل تغّب خلفهم عن سلفهم .
5
ا٤ببحث الثاين :مٌب ظهر ا٤بذىب الباطِب.
6
ا٤ببحث الثامن :عبادات النصّبية .
7
ا٤بطلب الرابع :عداكهتم لؤلنبياء.
ا٤ببحث األكؿ :نبذة عن أساس ظهور البهائية كبياف صلتها ابلبابية كفيو ا٤بطالب التالية:
ا٤ببحث الثاين:زعيم البهائية ،ا٠بو كمولد ،دكره ُب مؤٛبر بدشت ،عمالتو لبل٪بليز كالركس ىو كأسرتو،
كفاتو .
ا٤ببحث الرابع :ا٤ببادمء الٍب اندل هبا البهائيوف :كفيو ا٤بطالب التالية:
8
ا٤بطلب السادس :عقائد أخرل للبهائيْب .
ٛبهيد :التحذير من ظهور دجالْب يدعوف النبوة بعد دمحم ملسو هيلع هللا ىلص .
ا٤ببحث الرابع :كيف كصل القادايين إذل دعول النبوة ،كفيو ا٤بطالب التالية:
9
ا٤ببحث الثامن :عبلقة القادايين ابإلسبلـ كا٤بسلمْب كموقف علماء ا٥بند كابكستاف من القاداينية.
ا٤ببحث ا٢بادم عشر :بعض زعماء القاداينية -1ا٢بكيم نور ا١بْب ٧ -2 ،بمود اٞبد -3 ،ا٣بواجة
كماؿ الدين -4 ،شخصيات أخرل.
ا٤ببحث التاسع :مغالطات ١بنة ٝباعة الصوفية ُب مدينة " الورف" بنيجّباي.
ا٤ببحث الثاين عشر :إيضاحات لبعض اآلراء االعتقادية للصوفية ،كفيو ا٤بطالب التالية:
10
ا٤بطلب الثاين :ا٢بلوؿ عند الصوفية.
11
ا٤ببحث التاسع :منزلة مذىب ا٤برجئة عند السلف .
ا٤ببحث الرابع :ذكر أىم عقائد ا١بهمية إٝباال ،كفيو ا٤بطالب التالية :
ا٤بطلب األكؿ :التوحيد .ا٤بطلب الثاين :العدؿ .ا٤بطلب الثالث :الوعد كالوعيد .ا٤بطلب الرابع :القوؿ
اب٤بنزلة بْب ا٤بنزلتْب .ا٤بطلب ا٣بامس :األمر اب٤بعركؼ كالنهي عن ا٤بنكر
12
الفصل الثالث عشر :األشاعرة أو السبعية ،كفيو ا٤بباحث االتالية :
الفصل اخلامس عشر :دراسة أىم ادلسائل اليت اتفق عليها اىل اكالم ,فيو ا٤بباحث التالية:
13
مقدمة يف الفرق
ا٥بدؼ األ٠بى من دراسة ىذه الفرؽ ىو أف ٫بقق أىدافا طيبة ُب خدمة اإلسبلـ كُب كسر حدة
ا٣ببلفات الٍب مزقت ا٤بسلمْب ،كالعمل على ٝبع كلمتهم ،كمعرفتهم ٤بواقع ا٣ببلفليتجنبوىا٩ ،با يسهم
ٕبوؿ هللا ُب العودة الصادقة إذل هنجهم القوًن كاٙباد كلمتهم.
– 1تذكّب ا٤بسلمْب ٗبا كاف عليو سلف ىذه األمة من العزة قبل تفرقهم.
– 2لفت أنظارىم إذل حا٥بم اليوموخساراهتم الٍب منوا هبا ،ككصل أمتهمبماضيها ،كبياف منشأ جذكر
ا٣ببلفات الٍب أدت إذل تفرقهم.
– 5رصد األفكار الدخيلة الٍب يركجها أعداء األمة ليتعرؼ الناس على خطرىم ،كما من ببل سابق إال
كىو موجود اليوـ ،كلكل قوـ كارث.1
– 7دعوة علماء ا٤بسلمْب إذل القياـ بدراسة تراث ىذه الفرؽ كفحصو كاستخراج ا٢بق من ذلك.
يزعم بعض الناس أف دراسة ىذه الفرؽ ليس ٦بداي ،النتهاء أمر تلك الفرؽ كانداثرىا ،كللجواب علىذلك
نقوؿ:
أف العربة ابألفكار كليست ابألشخاص ،فمادامت أفكارىم ابقية فدارستها ضركرة -1
كالعقبلنيْب ا١بدد الذين كرثوا آراء ا٤بعتزلة.
1قاؿ كرل هللا الدىلوم" :إذا قرأت القرآف فبل ٙبسب أف ا٤بخاصمة كانت مع قوـ انقرضوا ،بل الواقع أنو ما من ببلء
كاف فيما سبق من الزماف إال كىو موجود اليوـ بطريق اال٭بوذج ٕبكم ا٢بديث"لتتبعن سنن من كاف قبلكم" ا٢بديث
أخرجو الَبمذم .475/4انظر :مقدمة ُب أسباب اختبلؼ ا٤بسلمْب كتفرقهم ص 39نقبل عن الفوز الكبّب ص26
14
أنو الزالت لتلك الفرؽ أتباع ينادكف اب٠بها كتطبيق اعتقاداهتا كيستحلوف دماء ا٤بخالفْب أك -2
يكفركهنم ،كالصوفيةمثبل ،فقد جرؼ تيارىم أعداد كثّبة من ا٤بسلمْب ،فاعتقدكا ا٣برافات
كغلوا ُب األشخاص كٙبضّب األركاح كاتباع ا٤بنامات كغّبىا.
أف ُب ذلك تكثّب لعدد أتباع الفرقة الناجية ،كذلك بعد دراسة الفرؽ دراسة فاحصة كدعوة -3
أتباعها إذل ا٢بق.
أف ُب عدـ دراستها إبطاؿ ٤با فرضو الشرع من القياـ ابألمر اب٤بعركؼ كالنهي عن ا٤بنكر، -4
فدعوةالناس إذل التمسك كبياف أضرار الفرؽ ُب ٨بالفتها للشرع ٙبقيق لذلك.
أف ُب عدـ دراستها إفساح للمجاؿ أماـ أتباع الفرؽ ا٤بخالفة للحق لنشر ابطلهم كتكثّب -5
سوادىم ،كلذلك انتشرت آرائهم بْب عامة ا٤بسلمْب ،كال ادؿ على ذلك من تردجيد كثّب
3
من ا٤بكسلمْب لبعض العهبارات دكف أف يعرفوا أف مصدرىا من ا٤بعتزلة 2أك من الصوفية
أك البهائية 4أك القاداينية 5أك ا٣بوارج 6أك الشيعة ،7بسبب جلهلهم بتلك ا١بطوائف.8
جاء الكتاب كالسنةابلنهي عن التفرؽ ،كقد سار على هنجهما كاىتدل هبديهما الصحابة كالتابعوف ٥بم
إبحساف ،كإبراز ذلك فيما يلي:
أوال :األدلة من القرآن :جاءت كثّب من النصوص ُب القرآف الكرًن تدعوة إذل الوحدة كتنهى عن
التفرؽ كمن ذلك:
9
– 1قوؿ هللا تعاذل{:كأف ىا صراطي مستقيما فاتبعوه كال تتبعوا السبل فتفرؽ بكم عن سبيلو}
كاألايت كثّب كاضحة ُب معناىا كداللتها،كال ٙبتاج إال إذل تطبيق ٔبد كإخبلص ،فهي ٙبذر من التفرؽ
كتدعوا إذل ٝبع كلمة ا٤بسلمْب.
كردت أحاديث كثّب عم الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص تدعوا إذل اجتماع كلمة ا٤بسلمْب كٙبذر من تفرقهم ،منها على
سبيل ا٤بثاؿ ما يلي:
ماركاه عبد هللا ينب مسعود هنع هللا يضر قاؿ :خط لنا رسوؿ هللا يوما خطا ٍب قاؿ ىذاسبيل هللاٍ ،ب -1
خط خطوطا عن ٲبينو كعن مشالو،كقاؿ :ىذه سبل على كل سبيل منها شيطاف يدعوا
12
إليو"
حديث العرابض بن سارية قاؿ ،قاؿ الِب صلى هللا عليهوسلم " :فإنو من يعش منكم -2
فسّبل اختبلفا كثّبا فعليكم بسنٍب كسنة ا٣بلفاء الراشدًن ا٤بهديْب من بعدم عضوا عليها
ابلنواجذ كإايكم ك٧بداثت األمور ،فإف كل ٧بدثة بدعة".13
ما ركاه حذيفة عن النيب ملسو هيلع هللا ىلص أنو قاؿ ُب بياف ا٤بخرج عند ظهور تفرؽ ا٤بسلمْب كاختبلفهم: -3
" تلزـ ٝباعة ا٤بسلمْب كإماىم " قاؿ حذيفة:قلت:فإف دل يكن ٥بم ٝباعة كال إماـ؟قاؿ" :
فاعتزؿ تلك الفرؽ كلها كلو أف تعض على أصل شجرة حٌب يدركك ا٤بوت كانت على
14
ذلك "
حديث االفَباؽ كىم أىم حديث كأبينو ُب بياف افَباؽ األمة ،كقد تعددت طرؽ كركاتو، -4
فمنها ما ركاه معاكية بن أيب سفياف رضي هللا عنهقاؿ :قاـ فينا رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص،فقاؿ " :أال
كُب ركاية أنس عن النيب صلى هللا عليو كسيلم أنو قاؿ " :إف بِب إسرائيل افَبقت على إحدل كسبعْب
16
فرقة كإف أمٍب ستفَبؽ على اثنتْب كسبعْب فرقة كلها فثي النار إال كاحدة كىي ا١بماعة "
سند احلديث :منهم من دل يصححو كدل ٯبوز االستدالؿ بو كابن حزـ كغّبه ،كمنهم من أ-
اكتفى بتعدد طرقو ،كمنهم أخذ بو كصححو كحاكؿ حصر العدد ا٤بذكور ُب ا٢بديث
ضعفو.18 17
كالبغدادم ،كقد صححو ابن تيمية كرد على من ٌ
حصر الفرق يف حديث االفًتاق :إف حصر الفرؽ ُب العدد ا٤بذكور ُب ا٢بديث ليشمل ب-
كل فرقة فيهإشكاؿ ،ألف أصوؿ الفرؽ ال تصل إذل ىذا العدد ،كفركعها تصل إذل أكثر
من ىذا العددٍ ،ب إف الفرؽ ليس لظهورىا زمن ٧بدد،أم دل يرد ُب السنة ٙبديد لنهاية تفرؽ
األمة.
فالصواب أف يقاؿ :إف ىذا ا٢بديث ُب إخبار عن افَباؽ األمة ،دكف ٙبديدىم بزمن معْب ،فتيعد
الفرقةفرقة ُب أم زماف ظهرت فيو ،فهو قد أخرب عن افَباؽ أمتو ،كأمتو مستمرة إذل يوـ القيامة ،مع
االعتقاد أف يوجد ىذا العدد على الوجو الذم أراده الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص ُب عصران كُب غّبه.19
ج -من ىي الفرقة الناجية :كرد ُب ا٢بديث أف ىناؾ فرقة انجية تنجو من النار ،كقد اختلف العلماء
ُب ا٤براد هبم على أقواؿ ،كىي كما يلي إٝباال :
قيل إهنم السواد األعظم من أىل اإلسبلـ ،كقيل ىم العلماء اجملتهدكف ،كقيل إهنم خصوص الصحابة،
كقيل إهنم ا١بماعة إذا اجتمعوا على أمّب.20
د -معٌت قولو ملسو هيلع هللا ىلص " :كلها يف النار إال واحدة ":
الثاين:أهنم ٙبت ا٤بشيئة كأىل الكبائر إف شاء عذهبم كإف شاء عفى عنهم. 21
الثالث :أف األكذل عدـ التعرض لتعيينهم ألف ا٢بديث ُب تعيينهم إٝباليا كليس تفصيليا.22
كالذم يظهر أف ىذه الفرؽ ٚبتلف ُب بعدىا كقرهبا من ا٢بق ،فبعضها يوصف أتباعو ابلبدعة كحكمهم
كأىل الكبائر ٙبت ا٤بشيئة ،كبعضهم يوصف ابلكفر مثل السبئية كالباطنية كا٤بيمونية من ا٣بوارج.
أكال :كاف ا٣ببلؼ ُب عصر النيب ملسو هيلع هللا ىلص ينتهي فور كصوؿ الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص حْب ٰبكم فيو ،كما ىو ا٢باؿ ُب
قصة ا٣ببلؼ بْب ا٤بهاجرين كاألنصار حينما اختلف رجبلف ،فاستغاث أحدٮبا اب٤بهاجرين كاستغاث
اآلخر ابألنصار ،فخرج رسوؿ هلل ملسو هيلع هللا ىلص مغضبا كىو يقوؿ":كأان بْب ظهرانيكم" فانتهى ا٣ببلؼ ،كاألمثلة
كثّبة على ىذا.
اثنيا :بعد كفاة النيب ملسو هيلع هللا ىلص إذل أكاخر عصر ا٣بلفاء الراشدين حدثت بعض األمور الٍب كانت ٧بل خبلؼ،
كلكنهم كانوا على منهج كاحد ُب أصوؿ الدين كفركعو ،كلذلك قضى عليها الصحابة مهنع هللا يضر بثباهتم
كيقينهم ،كمن تلك االختبلفات الٍب حدثت ُب عصرىم ما يلي:
– 1حْب اختلفوا ُب موت النيب صل هللا عليو كسلم ىل مات أـ ال؟ كاختلفوا على رأيْب حيث رأل
أبو بكر كمن معو أنو قد مات كرأل عمر كمن معو أنو دل ٲبت.
– 2اختلفوا ُب موضع دفنو،فأىل ا٤بكة أردكا دفنو ُب مكة ،كأىل ا٤بدينة أرادكه ُب ا٤بدينة ،كقاؿ آخركف
بنقلو إذل بيت ا٤بقدس ،كلكل فريق حججو،كلكن أبو بكر الصديق هنع هللا يضر قضى على ىذا ا٣ببلؼ حينما
ركل ٥بم قوؿ النيب ملسو هيلع هللا ىلص" :ما قبض هللا نبيا إال ُب ا٤بوضع الذم ٰبب أف يدفن فيو" .23
– 3اختلفوا ُب تسيّب جيش أسامو ،ىل يبقى ُب ا٤بدينة كما يرل عمر أـ ٲبضي كما يرل أبو بكر ،
كلكن سرعاف ما اقتنع الناسي برأم أيب بكر هنع هللا يضر .
– 4اختلفوا ُب قتاؿ ماين الزكاة ،ىل ييقاتلوف إبنكارىم ركن من أركاف اإلسبلـ،كما يرل أبو بكر ،أـ
ال يقاتلوف ،كما يرل عمرٍ ،ب انتهى ا٣ببلؼ بقبوؿ رأم أيب بكر هنع هللا يضر ،بعد قياسو للصبلة على
الزكاة ،كبْب ٥بم كجوب عدـ التفريق بينهما .
– 5اختلفوُب اإلمامة بعد كفاة النيب ملسو هيلع هللا ىلص ،ىل ىي ُب قريش أـ ُب األنصار ،كذلك بعد اجتماع
األنصار ُب سقيفة بِب ساعدة كاختيارىم ٣بليفة منهمٍ ،ب رجعوا ٝبيعا إذل رأم أيب بكر حينما تبْب ٥بم
ا٢بق ُب قولو.
سادسا :مدى سعة اخلالف الذي كان حيصل بُت الصحابة وكيف تطور؟
كاف ا٣ببلؼ ُب عهد الصحابة ينتهى أبسرع كقت ،كذلك ألهنم ما كانوا يريدكف ا٣ببلؼ لذاتو
أكألىوائهم ،كإ٭با كاف ا٣ببلؼ حوؿ فهم نص من كتاب هللا أك سنة نبيو ملسو هيلع هللا ىلص ،كىي أمور أكثرىا
اجتهادم يسوغ فيها االجتهاد ،كمع ذلك كاف إذا تبْب لبعضهم صحة اجتهاد أخيو ترؾ ا٣ببلؼ
ككافقو ،بل كرٗبا رجع كثّب منهم عن اجتهاده كراىية لبلختبلؼ كحرصا على ٝبع الكلمة ،فخبلفهم
كاف ا٤برادمنو ىو الوصوؿ إذل ا٢بق ،كدل ٱبتلفوا على أمر ُب العقيدة أك الشريعة كغاية ما حصل بينهم
ىو خبلفهم ُب أمور دنيوية اجتهادية كما حصل بْب علي كمعاكية رضي هللا عنهما.
كقد تدرج ىذا ا٤بنحى ُب االختبلؼ ك٬بر ُب جسد األمة حٌب كصل ا٢باؿ إذل كاقعنا ا٤بؤسف الذم
نعيشو اليوـ حيث توالت على ا٤بسلمْب الضرابت كاإلىاانت جراء تشتتهم كتفرؽ كلمتهم حٌب كصل
فذؿ ا٤بسلموف ذال شنيعا
ا٢باؿ إذل الواقع ا٤بؤسف الذم نعيشو اليوـ من التباكي على الوحدة اإلسبلميةٌ ،
أذؿ الناس إذل اف جاء اإلسبلـ فأعزىم
خصوصا ُب عصران ا٢باضر ،كالعرب ٖبصوصهم كانوقبل اإلسبلـ ٌ
كأخرجهم من الظلمات إذل النور ،كىناؾ عوامل كثّبة أسهمت ُب نكبات ا٤بسلمْب -سنذكرىا خبل ىذه
ا٤بقدمة.-
مر ا٤بسلموف ٖببلفات عديدة ،كلكن كل تلك االختبلفات ال ٚبرج عن أحد ىذه األمور كذلك كما
يلي:
– 1خبلفات عملية ،كقع فيها اقتتاؿ ،كجردت فيها السيوؼ ،كىي نتيجةالختبلفاتعقدية ،كإف كانت
تبدك أهنا سياسية ،كما كقع بْب علي كا٣بوارج ،أك بْب ا٣بوارجواألمويْب ،كحديثا ما نراه من فتك الشيعة
ُب لبناف كغّبىا أبىل السنة.
– 2خبلفاتعلمية ،خاض غمارىا العلماء ،كتبعهم على ذلك أتباع ،كأصبح كل فريق ال يصغي لآلخر
كال ينصفو ،كال شك أهنا ىذه ا٣ببلفات أذكت انر العداكة كالبغضاء بْب ا٤بسلمْب. 24
ال يتيسر ُب الغالب معرفة ظهور كل فرقة من الفرؽ على كجو التحديد ،كذلك ألف الفرقة ال تستحق
ىذا االسم إال بعد مركرىا ٗبراحل متعددة ،حيث تبدأ بفكرة صغّبة فردية أك ٝباعية ٍب تتكوف،إذل أف
تصبح فرقة ٥با منهج ٩بيز ،يقوؿ األستاذ أبو زىرة":إف األفكار الٍب تشيع كتنتشر ،من الصعب الوصوؿ
إذل مبدئها على كجو ا٢بزـ كاليقْب من غّب حدس كٚبمْب" ،25فالتخطيط لقياـ فرقة قد تطوؿ مدتو كقد
ال يوجد لعلماء الفرؽ قانوف يسّبكف عليو ُب عدىم للفرؽ اإلسبلمية ،بل ٥بم طرؽ متعددةٕ ،بسب
اجتهاد كل كاحد ،منهم يقوؿ الشهرستاين":فما كجدت مصنػ ىفْب منهم متفقْب على منهاج كاحد ُب
تعديد الفرؽ ".26
كمصداؽ كبلـ الشهرستاين يظهر عند ع ٌد العلماء ألمهات الفرؽ فمثبل عند األشعرم عشرة أصناؼ،
كعند الشهرستاين أربع فرؽ ،كعند غّبىم ٜباف فرؽ ،كعند آخرين ثبلاث ،كعند بعضهم ٟبسوف ،كلعل
بعضهم قد اختلط عليو عد الفرؽ الٍب يطلق عليها أهنا من أىل اإلسبلـ من غّبىا.
اختلف ا٤بنتسبوف إذل اإلسبلـ فيمن يدخلوف ُب االسم العاـ ٤بلة اإلسبلـ ،كحاصل األقواؿ ُب ذلك كما
يلي:
مقر بنبوة دمحم ملسو هيلع هللا ىلص كتصديقو ،كىذا قوؿ أبو القاسم الكعيب زعيم
-1أف ىذه التسمية تشمل كل ٌ
الكعبية من ا٤بعتزلة.
-2أهنا تشمل كل من يرل كجوب الصبلة ٫بو الكعبة.
-3أهنا تشمل كل من أقر ابلشهادتْب ظاىرا كلو كاف مضمرا النفاؽ ،كىو قوؿ ٦بسمة خراساف.
جل تلك األقواؿ ال ٚبلو من انتقاد ،فالقوؿ األكؿ كاألخّب ،ينقضو ما كقع من يهود
كالواقع ،أف ٌ
أصبهاف ،حيث أهقركا بنبوة دمحم ملسو هيلع هللا ىلص إلىالعرب ،ككذلك ا٤بوشكانية من اليهود ،أقرك بنبوة دمحم كشرائع
اإلسبلـ ،كنفوا أف يكوف مرسل إذل كافة البشر ،كمع ذلك فهم ليسوا مسلمْب.27
كا٢بق ُب ىذا أنو ال يدخل ُب اإلسبلـ إال من أقر بو ظاىرا كابطنا كالتزـ بشرائع اإلسبلـٍ ،ب إذا كاف لو
بعض البدع فإنو ينزؿ من اإلسبلـ حسب قربو أك بعده عنها ،كٰبَبز من تكفّب شخص معْب إال إذا
ظهر كفره من قولو أك فعلو أك اعتقاده بعد إقامة ا٢بجة عليو.
حدث كثّبمن التفرؽ ُب أمة اإلسبلـ كدل يلتزموا ابألكامر كالنواىي من الكتاب كالسنة عن النهي عن
التفرؽ ،كقد ساعدىم ُب ذلك أعداء اإلسبلـ ا٤بَببصْب هبم بعد أف أتثر كثّب من شباب األمة ابلدسائس
الٍب ٙباؾ لتفريقهم من قبل أعدائهم ،حٌب أصبح كثّبمنهم معوؿ ىدـ على دينو كأمتو ،فتعمقت الفرقة
كنشأت األحزاب كا١بماعات.
كىناؾ أسباب عديدة عملت ٦بتمعة على ذلك التفرؽ بعضها معلن كبعضها خفي ،من أبرزىا مايلي:
أ – كجود علماء ا٫برفت عقائدىم :فقد ظهر علماء السوء الذين ييظهرف من النصوص ما يوافقهم،
ٰبرموف ما
كٱبفوف منها ماال يتفق مع أىوائهم ،كىؤالء قد أضلوا الناس بغّب علم كال ىدل،فصاركا ى
شاءكا كٰبللوف ما شاءكا كيفتوف ٗبا يريدكف ،كبغضوا ألتباعهمكل من ال يسّب على طريقهم ،ككصفوه
بكل صفة سوء حٌب ينفركىم عن معرفة ا٢بق كأىلو كقد قاؿ ملسو هيلع هللا ىلص " :أخوؼ ما أخاؼ على امٍب منافق
28
عليم اللساف ٯبادؿ ابلقرآف"
ب – غلبة ا١بهل كفشوه بْب أكساط ا٤بسلمْب ُب ٨بتلف العصور بصفة عامة :فقد مرت عصور ٨بتلفة
على ا٤بسلمْب فشا فيها ا١بهل كاستحكمت ا٣برافات على نفوسا٤بسلمْب بدال من العلم كاالعتقاد
الصحيح ،كعيظٌم بعض ا٤بخلوقْب تعظيما خارجا عن ىدم اإلسبلـ.
ج – عدـ فهم النصوص فهما سليما :حٌب كإف كانت النية رٲبا تكوف حسنة عند البعض ،حيث
تؤكؿ النصوص لصا٢بها كصارت كل فرقة تعيب على األخرل عدـ فهمها للمراد من
أخذت كل فرقة ٌ
النصوص دكف علم أكىدل .
د – موافقة ا٣ببلؼ كالفرقة ٥بول ُب النفوس :كىذا السبب أدل إذل إقصاء العقل كإٮباؿ الشرائع كإخراج
ذـ الكتاب
النصوص عن مدلوالهتا ،كإقامة البدع كنشر ا٣برافات كسفك الدماء ُب أحياف كثّبة ،مع ٌ
كالسنة التٌباع ا٥بول كالتحذير منو.
ىػ -تدخل سلطاف العصبية البغيضة :حيث أدت العصبية البغيضة إذل نشر البدع كا٣برافات كتعظيم
ماعليو اآلابء كتقدًن أفكارىم على النصوصالشرعية ،فأخذت كل طائفة ٛبجد رموزىا ،كتتحزب حو٥با،
ك – استحكاـ قوة ا٢بسد ُب النفوس :ككانت أىم نتائج ىذا ا٢بسد ىو استحكاـ الفرقة بْب ا٤بسلمْب
كبغي بعضهم على بعض كظهور العداكة كالبغضاء كغّب ذلك من ا٤بفاسد ،كقد قاؿ النيب ملسو هيلع هللا ىلص " ا٢بسد
أيكل ا٢بسنات كما أتكل النار ا٢بطب".29
ز – الرغبة ُب إحياء البدع كا٣برافات :كاف لعامل حب البدع كالعمل هبا كالتصميم عليها ،أكرب األثر ُب
قياـ كثّب من ا٢بركات كالفرؽ على امتداد اتريخ اإلسبلـ بعد كفاة النيب ملسو هيلع هللا ىلص .فشرعوا ألنفسهم ما شاءكا
من الزايدة كالنقصاف على شريعة دمحم صلى هللا عليو كسلم ،فاختلط على كثّب من الناس ا٢بق ابلباطل
كصعب عليهم التفريق بْب الشرع ا٤بنزؿ كالبدع احملدثة ،كدل يلتفت إذل النصوص الٍب أتمر ابلسّب على
النهج ا٢بق كعدـ االبتداع فيو كقوؿ هللا تعاذل { :كأف ىذا صراطي مستقيما فاتبعوه كال تتبعوا السبل
30
فتفرؽ بكم عن سبيلو} كقوؿ النيب ملسو هيلع هللا ىلص " من عمل عمبل ليس عليو أمران فهو رد"
ح – تقديس العقل كتقدٲبة على النقل :كاعتبارىم أف العقل ىو الفيصل العدؿ مع أف العقل لو حدكد
إذا ٘باكزىا الشخص خرج عن ا٢بق ،كقد أدل إذل ذلك ترٝبة الكتب اليواننية ُب عهد ا٤بأموف إذل ظهور
كثّب من الفرؽ الٍب تقدـ العقل على نصوص الشرع ،فاحتدـ ا٣بصاـ بْب الطوائف اإلسبلمية ،فا٤بعتزلة
مثبل ،كمن تبعهم ،قدموا العقل على القل كاعتربكه ا٤برجع األكؿ كاألخّب كا٢باكم ُب قضااي الدين ،
ففتحوا هبذا ابب فتنة كتفريق بْب ا٤بسلمْب ،فقيض هللا من عباده من كقف ُب طريق ىؤالء كدحر
شبههم. 31
ط – بث الدعاايت ا٤بنفرة من االعتقاد الصحيح ا٤بوافق للكتاب كالسنة :كغرضهم مكن ذلك ىو
التنفّب عن أىل ا٢بق ببث الدعاايت الكاذبةعنهم ،فكالوا التهم كقذفوا األلقاب الظا٤بة عليهم جزافا .
فمن تلك األكصاؼ الٍب أطلقها ىؤالء على أتباع العقيدة السلفية ،كصفوىم اب٤بشبهةكا٢بشوية كاجملسمة
كالنابتة كالنواصب كغّب ذلك من األلقاب ،ككبار الفرؽ الذين بثوا الدعايةالسيئةكاأللقاب الشنيعة على
م – كجود أتثّبات خارجية :فقد كاف للتأثّبات ا٣بارجية أثر مهم ُب نشأة الفرؽ كاستحكامها بعد
نشأهتا بْب ا٤بسلمْب كىي تكمن ُب األمور التالية:
اختبلط ا٤بسلمْب بغّبىم :كذلك بعد أف دخل ُب اإلسبلـ من غّب ا٤بسلمْب ،كلكنهم -1
دخلوا متمسكْب ببعض األفكار الٍب كانوا عليها قبل دخو٥بم اإلسبلـ ،متعمدين كغّب
متعمدين ،فنتج عن ذلك ٝباعات كفرؽ شكلت فرؽ إسبلمية فيما بعد.
كجود حركةثقافية :حيث ترٝبت قدٲبا ُب عهد ا٤بأموف كتب غريبة على ا٤بسلمْب ،كتَبجم -2
حديثا كتب للمبلحدة كا٤باديْب تسهم ُب تنمية ا٣ببلؼ بْب ا٤بسلمينوتفرقهم.
أتثر بعض ا٤بسلمْب بغّبىم من أىل الدايانت السابقة :كذلك بعد أف عايشوىم ،فنشأت -3
اعتقادات كاف أصلها فارسي أك ىندم أك نصراين أك يهودم.32
ما يواجهو ا٤بسلموف من ضغوط ينتج عنها جيل يعتقد أف ماعليو اآلابء كاألجداد كاف ىو -4
ا٢بق كالصحيح.
دخوؿ كثّب من الناس ُب اإلسبلـ ظاىرا ،كىم يبيتوف النية ٥بدمو كأكثر ىذا الصنف ىم -5
اليهود كالنصارل ،كقد ظهرت آاثرىم على آراء الرافضة الغبلة ُب أتثرىم ابليهودية ُب ٝبلة
من االعتقادات ال سيما آراء ابن سبأ اليهودم ُب قولو ابلرجعة كالوصية33ككذلك قو٥بم
ابلبداء كا١بهمية ُب أتثرىم ابليهودية ُب قو٥بم ٖبلق القرآف كما ىو اعتقاد اليهود ٖبلق التوراة
كا٤بعتزلة كالنصّبية ُب أتثرىم اب٥بندكسية ُب قو٥بم ابلتناسخ 34كالصوفية ُب أتثرىم ابلنصرانية
35
ُب النظر إذل الدنيا كاحتقارىم الكامل ٥با ،كقو٥بم ابلبلىوت كالناسوت كاالٙباد بينهما
كغّبذلك كثّب .
إف عقيدة السلف ما كانت كدل تكن مشتملة على غموض أك اضطراب ٰبتاج إذل توضيح كلكن الذم
حصل دل يكن ُب ا٢بسباف ،فقد ظهر علماء سوء أحاطوا كثّبامن التعاليم اإلسبلمية بشبهاهتم الٍب كرثوىا
عن ٨بتلف الفلسفات ٍب أضرموا انر ا٣ببلففيها ،كقلبوا األمور حٌب احتاجت إذل بياف كإيضاح إلعادة
ا٤بسلمْب إذل نبع العقيدة الصاُب.
ادلبحث األول:
ال ريب أف ىناؾ خطط ٙباؾ ،كمؤامرات تنفذ ضد ا٤بسلمْب من قبل أعدائهم ،كال أظن أف القارمء ُب
حاجة إذل ضرب األمثلة على ىذا الواقع ا٤بشدىد بدأ من االستعمار الفعلي إذل االستعمار الفكرم إذل
التفرؽ ا٢باصل بْب ا٤بسلمْب ،كسنَبؾ الكبلـ عن تفرؽ ا٤بسلمْب كٙبزابهتم كىواهنم على سائر األ٩بم
كٝبيع ا٤بلل ،كسنتحدث بنصح إذل الصفوة الباقية من ا٤بسلمْب الذين بقوا قابضْب على مفاىيم الكتاب
كالسنة كنبْب ٥بم أبرز األخطار احملدقة هبم.
٧باربة ا٤بسلمْب ُب ٛبسكهم بكتاب رهبم كسنة نبيهم ملسو هيلع هللا ىلص. -1
٧باكلة دؽ إسفْب بْب الكتاب كالسنة ،كبث دعول األخذ من القرآف دكف السنة. -2
تشكيك ا٤بسلمْب ُب صبلحية تعاليم دينهم ُب ىذا العصر. -3
بث الدعاايت ضد أىل السنة كتشويو معتقداهتم. -4
٧باربة أىل السنة عن طريق ٛبجيد العقل كتقديسو. -5
٧باربتو عن طريق التأكيبلت الفاسدة للنصوص. -6
٧باربتهم ا٢برب النفسية كإدخاؿ ا٥بواف كاليأس على قلوهبم. -7
25
٧باربتهم عن طريق تقوية بعضهم على بعض ليضعفوىم ماداي كبشراي كلتدكـ حاجتهم إذل -8
أعدائهم.
إحياء البدع كا٣برافات كالَبغيب فيها. -9
٧ -10باكلة حصر مفهوـ اإلسبلـ كتعاليمو ُب القياـ ابلعبادات فقط دكف ا٤بعامبلت كالسلوؾ.
-11إشغاؿ أىل ا٢بق بفًب ٨بتلفة كنظرايت ابطلة لصرفهم عن دينهم.
-12إشغا٥بم بدعول التجديد ُب الدين إبحداث البدع.
-13أتييد كل الدعوات ا٥بدامة كا٤ببادمء ا٤بنحرفة الٍب تدعوا إذل نسخ الشريعة اإلسبلمية.
ادلبحث الثاين:
لقد ألٌف علماء االسبلـ مؤلفات كاسعة ُب بياف معتقد فرقة أىل السنة كا١بماعة إال أنو كمع األسف ال
يزاؿ كثّب من الناس ٯبهل معتقدات ىذه الفرقة كمسلماهتا ،كذلك لعدة أسباب أبرزىا ما يلي:
كُب ا٢بقيقة مهما كصل إليو الشخص من علم كثقافة إال أنو ٰبتاج إذل ٘بديد معلوماتو كقراءهتا من
كتب أىل السنة ليكتسب علما جديدا كليزداد معرفة كبصّبة هبا.
ففرقة السلف ىم أىل السنة كا١بماعة كىم الطائفة ا٤بنصورة كىم خّب الفرؽ كأزكاىا كال تقارف هبم أم
فرقة أخرل هبا مهما ابلغت ُب انتساهبا إذل الكتاب كالسنة.
فقد اتضح منهاجهم القوًن كشهد ٥بم النيب العظيم أهنم على ا٢بق كا٥بدل كأنو ال يضرىم من خالفهم
حٌب أيٌب أمر هللا كىم على ا٢بق.
26
ادلبحث الثالث:
أيطلقت على ىذه الطائفة ألقاب صحيحة تدؿ على حا٥بم كصحةمعتقداهتم ،فكانت كالرحيق لكل
مؤمن ،ككالشجى ُب حلق كل مبتدع ،كىي أ٠باء أيخذت من أكصافهم الٍب كردت على لساف ا٤بصطفى
ملسو هيلع هللا ىلص.
كفيما يلي إلقاء الضوء على ذكر تلك األ٠باء فيما يلي:
معُب السنة ُب اللغة :ىي الطريقة أك الطرؽ الواضحة كالسلوؾ الطيب – كما قاؿ ا١بوىرم كابن
األثّب.-36
معُب السنة ُب االصطبلح :تطلق على كل ماجاء عن ا٤بصطفى ملسو هيلع هللا ىلص من أقوالو كأفعالو كتقريراتو ،كمن
كرامة هللا ألىل السنة ىدايتو ٥بم إذل االنتساب ٥با دكف غّبىا كما ىو حاؿ أىل الطرؽ البدعية الذين
يتسبوف إذل رأم شخص معْب أك إذل بلد أك قوـ أك غّب ذلك.
كقد أيطلق على السلف أىل السنة لتمسكهم هبا منذ عصر النيب ملسو هيلع هللا ىلص كالصحابة رضواف هللا عليهم
كمن تبعهم إبحساف.
تطلق على الطائفة أك الفرقة أك األمة الذين يرتبطوف ٗبنهج كاحد كىدؼ كاحد كدل يتفرقوا ُب
االعتقاد كالسلوؾ ،كتطلق تسمية أىل السنة كا١بماعة -كىو ا٤براد -على السلف الصاحل كأتباعهم
إذل يوـ القيامة ،كىم الذين ر ٌغب الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص ُب االنضماـ إليهم كأخرب أهنم على ا٢بق.
قيل ا١بماعة ىم السواد األعظم ،كاختلفوا ُب ا٤بقصود ابلسواد األعظم ،فقيل ىم ىم كثرة -1
الناس ،كىذا مردكر بقوؿ هللا{ :كإف تطع أكثر من ُب األرض يضلو عن سبيل هللا} فليس
ا٢بق منوطا ابلكثرة.
قيل ىم العلماء العاملوف اب٢بق ،كىذا قوؿ كثّبمن العلماء. -2
28
قيل إف ا١بماعة ىم العلماء اجملتهدكف ُب كل عصر إال أف ىذا التعريف ضيق كاسعا -3
ابشَباط الوصوؿ إذل رتبة االجتهادٍ ،ب إف لكل فن علماؤه اجملتهدكف فيو ،كعلماء السلف
أكؿ من يدخل ُب ذلك.
أهنم خصوص أصحاب النيب ملسو هيلع هللا ىلص ،كىو قوؿ مرجوح ،فمن احملاؿ أف ٰبكم النيب على غّب -4
الصحابة اب٥ببلؾ كلقولو كذلك" :من كاف على مثل ما أان عليو اليوـ كأصحايب".
أهنم ٝباعة ا٤بسلمْب إذا اجتمعوا على أمّب ،إال أنو يرد عليو أف ا٢بديث دل يرد ُب ابب -5
اإلمارة كإ٭با كرد ُب التحذير من الفرقة.
37
أهنم ٝباعة على ا٢بق أخرب عنهم النيب ملسو هيلع هللا ىلص بتلك الصفات دكف تعيْب أ٠بائهموبلداهنم -6
كىم الفرقة الناجية كىذا ىو الراجح – كهللا أعلم -كألىل السنة نصيب من كل تلك
األقواؿ.
اثنيا :السلف:
من األ٠باء الٍب أيطلقت عليهم السلف ،كتعريف السلف ُب اللغة :ىو لفظ يشمل كل من سبق كتقدـ
على غّبه.38
تعريفل السلف اصطبلحا :اختلف العلماء ُب ا٤بفهوـ من إطبلؽ السلف كما يلي:
ذىب احملققوف من أىل العلم إذل أف مفهوـ السلف عند االطبلؽ يراد بو الصحابة من أىل أ-
القركف الثبلثة كالتابعوف ٥بم إبحساف – كىو الرأم الذم اختاره شيخ اإلسبلـ ابن
تيمية39كقد كصفهم شيخ اإلسبلـ أبف أقل أكصافهم أهنم أنو ٧ببوف للقرآف كا٢بديث
ابحثوف عن معانيهما كالعمل ٗباعملوه من موجبها.40
ذىب بعض العلماء إلىأف ا٤براد ابلسلف ىم خصوص الصحابة فقط. ب-
كمن من يرل أهنم الصحابة كالتابعوف كغّبىم. ت-
ُ 37ب بعض الركاايت كاآلاثر أف ىذه ا١بماعة ىم أىل الغرب" أم الدلو الكبّب كىم العرب" كُب بعضها أهنم أىل
الشاـ ،كرجحو شيخ اإلسبلـ ابن تيمية ،كالذم رجحو عامة العلماء أف ىذه الطائفة ال يلزـ أف تكوف ُب مكاف كاحد
من األرض كٲبكن اف يكوف آخرىم ابلشاـ عند انقضاء األمر ،كهللا أعلم.
38انظر :الصحاح للجوىرم 1376/4كا٤بفردات للراغب ص 239
39انظر٦ :بموع الفتاكل 355/6
40انظر٦ :بموع الفتاكل 95-85/4
29
كمنهم من خص السلف ابلقركف الثبلثة األكذل. ث-
كيتضح من ىذه التعريفات أنو ال خبلؼ بْب ا٤بسلمْب على أف الصحابة ىم السلف الصاحل األخيار
كأفضل األمة بعد نبيها كأفضل األمة بعدىم ىم التابعوف ٥بم إبحساف ٍب أتباع التابعْب كمن سار على
هنجهم دكف تقييد بزمن.41
دل يكن ىذا الوصف ٦برد لقب أك اسم أك ظهر صدفة على ألسنة الناس ،بل نشأ عن سلوؾ عميق ٤با
كاف عليو الصحابة كمن بعدىم إبحساف فاستحقوا ىذا االسم نتيجة عمل كاقتداء كالتزاـ ٥بدم الكتاب
كالسنة.
كال اعتبار لنبز أصحاب األىواء كالبدع كتزىيدىم عن فرقة السلف كما ٙبملوه ُب سبيل التمسك ٗبنهج
السلف كاإلماـ أٞبد ٍب ابن تيمية كغّبىم.
كقد ذكر الشيخ أبو زىرة ُب كتابو اتريخ ا٤بذاىب اإلسبلمية 42ككذلك الدكتور مصطفة الشكعة ُب كتابو
إسبلـ ببل مذاىب ،أف السلفيْب أطلقوا على أنفسهم ىذا اللقب ُب القرف الرابعٍ ،ب ٘بدد على يد شيخ
اإلسبلـ ابن تيمية ُب القرف السابع ٍب جدده الشيخ دمحم بن عبد الوىاب ُب القرف الثاين عشر ،كقد
أخطئوا ا٢بقيقة كما أخطأىا الدكتور دمحم سعيد البوطي ُب كتابو السلفية مرحلة زمنية مباركة ال مذىب
إسبلمي 43بل ىي اتباع للصحابة كالسلف الصاحل.
كالناجية ُب اللغة :كصف لتلك الفرقة ابلنجاة دكف أف يكوف لو تعلق بزمن.
41األسبقية التكوف مزية إذا دل يصاحبها االلتزاـ ابلكتاب كالسنة ،فقد كجد ُب زمن الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص كزمن الصحابة من دل
يكن لو ادىن فضل أك خّب مثل ا٤بنافقْب كا٤برتدين الذين سيقوؿ ٥بم الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص يوـ القيامة :سحقا سحقا كما ثبت
بذلك النص ،كعلى ىذا فبل تظهر مزيتها إال مع التحقيق كاالتباع كاالنقياد.
42انظر :ص 211
43للدكتور صاحل الفوزاف جزاه هللا خّبا تعقيبات قوية ُب الرد على أيب زىرة كالدكتور سعيد البوطي فيما زعماه عن
السلف ُب كتابو ا١بيد" البياف ألخطاء بعض الكتاب" انظر :ص 127ك 187كانظر :كسطية أىل السنة بْب الفرؽ
ص 112كص 113
30
كا٤بقصود هبم :ىم أىل ا٢بق ٩بن ٛبسكوا بكتاب هللا تعاذل كسنة رسولو ملسو هيلع هللا ىلص على مدل األزماف ،كقد
أخذ ا٠بهم من ا٢بديث "ال تزاؿ طائفة من أمٍب "..ألهنا ٪بت من الضبللة كالفًب ك٪بت من عذاب
هللا كعقابو إذا ماتوا كما قاؿ النيب ملسو هيلع هللا ىلص":تركتكم على احملجة البيضاء ال يزيغ عنها إال ىالك".44
كدل يقصد السلف من كراء ىذا التسمية الشهادة ألنفسهم اب١بنة كال التزكية كإ٭با ا٤بقصود هبا إظهار
ما ىم عليو من التمسك بكتاب هللا كسنة رسولو كٮبا مصدرا النجاة.
ال يريد العلماء عندما يطلقوف ىذه التسمية كشيخ اإلسبلـ ابن تيمية كغّبٮبن أىل العلم ال يريدكف
التقسيم ،فالسنة كا٢بديث ٗبعُب كاحد ،كلكن قد يطلق بعض علماء السلف أىل السنة احَبازا عن
غّبىم من أىل البدع ،فتكوف السنة عامة كا٢بديث أخص ،كيظهر ىذا االفَباؽ ُب أبواب االعتقاد
عند ىذا االستعماؿ ،فقد يكوف ا٤برأ من أىل السنة كليس من أىل ا٢بديث من الناحية الصناعية،
أم ليس ٗبحدث ،كقد يكوف من أىل ا٢بديث صناعة كليس ىو من أىل السنة.46
ا٤براد هبم كل من تسمك بنصوص الكتاب كالسنة ،كيريدكف بو ما أثر عن هللا تعاذل كعن نبيو صلى
هللا عليو كسلم من تلك النصوص.
كال يريدكف ما ىو متعارؼ عليو عند العلماء من أقساـ ا٢بديث ،كمنها ا٤بأثور كىو ما كقف على
الصحايب كدل يرفع إذل النيب ملسو هيلع هللا ىلص ،فالسلف ال ينطبق عليهم ىذا االصطبلح فهم أحرص الناس على
التمسك ٗبا صح عنو ،كإ٭با يقصدكف ابألثر ىو ا٢بديث ،فأىل األثر أم أىل ا٢بديثوما كرد عن
السلف من آاثر صحيحة ،ألف رد اآلاثر من ٠بات أىل البدع.
كقد فسر العلماء ىذه الطائفة :أبهنم كل من ٛبسك ابلكتابةكالسنة كعمل الصحابة اجملانبْب للبدع
كأىلها.
كقد أخرب النيب ملسو هيلع هللا ىلص أف النصر سيكوف حليفهم إذل أف تقوـ الساعة ،فهم منصوركف بلطف هللا ٥بم
كحفظو ٥بم من كيد أعدائهم كليس ا٤بقصود ٛبلكهم على ا٤بمالك أك ا٢بكومات.
األمساء واأللقاب اليت يُنبز هبا أىل احلق من قبل أىل الباطل: -2
أطلق أىل الباطل إطبلقات من ٨بتلف األ٠باء الذميمة كاأللقاب الباطلة لينفركا الناس عنهم كعن
عقيدهتم الصافية ،كىو نفس مسلك ا٤بشككْب ٘باه النيب ملسو هيلع هللا ىلص حيث أطلقوا عليو أنو ساحر ك٦بنوف
ككذاب كغّب ذلك.
كُب الواقع إف ذمهم اليزيد السلف إال فضبل ،كإ٭با يدؿ على نقص صاحبو كرفعة لو كزايدة ُب
األجر ،كقد أصبح من عبلمات أىل البدع ذمهم كسبهم ألىل السنة كالتشهّب هبم كاالخَباع
األلقاابلباطلة الٍب ينبزكهنم هبا ،بل نبز أىل الباطل رب العا٤بْب حينما نفوا صفاتو كشبهوه
اب٤بعدكمات.
كمن األ٠باء كاأللقاب الٍب أطلقها أىل الباطل نبزا ألىل السنة ما يلي:
ا٤بشبهة – النقصانية – ا٤بخالفة –الشكاؾ ،كتنبزىم هبا ا١بهمية إلثباهتم صفات هللا. -1
ا٢بشوية – النباتة أك انوابت – اجملربة –ا٤بشبهة ،كتنبزىم هبا ا٤بعتزلة كالزاندقة كسائر أىل -2
الكبلـ كا٣بوارج.
اجملربة أك ا١بربة كتنبزىم هبما القدرية. -3
الناصبة أك النواصب – العامة – ا١بمهور – ا٤بشبهة – ا٢بشوية ،كتنبزىم هبا الرافضة. -4
ا٤بشبهة – اجملسمة – ا٢بشوية – التوابت – الغثاء-الغثراء-كتنبزىم هبا األشاعرة كا٤باتريدية. -5
فأىل السنة دل يثبتوا فيها أم شبو بْب ا٣بالق كا٤بخلوؽ إال ٦برد التسمية ،مع معرفة معُب الصفة كإ٭با
التفويض ُب الكيفية.
أما أكلئك دل ينفوىا عن هللا إال بعد أف شبهوه ٖبلقو ،فأم الفريقْب أكذل بتسميتهم اب٤بشبهة ،ىل ىم
أىل السنة أـ أكلئك أىل الباطل من ا١بهمية؟ .
زعمهم أف أىل السنة نقصانية لقو٥بم أف اإلٲباف يزيد كينقص ،فبل ريب أهنم يك ٌذبوف هبذا ب-
النبز قوؿ الكتاب كالسنة ُب إثبات زايدة اإلٲباف ،كلردىم النصوص الواردة ُب ىذا ،حيث
زعموا أف اإلٲباف ال يزيد كال ينقص ،كقد كردت ُب ذلك أحاديث كثّبة ُب ىذا تؤكد كلها
زايدة اإلٲباف كنقصانو ،منها قوؿ النيب ملسو هيلع هللا ىلص" :اإلٲباف بضع كسبعوف أك بضع كستوف شعبة
كأفضلها قوؿ ال إلو إال هللا كأدانىا إماطة األذل عن الطريق كا٢بياء شعبة من اإلٲباف".48
أما تسميتهم ألىل السنة ٨بالفة ،كيقصدكف أهنم ٨بالفوف للحق ،كا٢بق ىو أف أىل السنة ت-
٨بالفة ألىل األىواء كالبدع ،بل كمعادية ،كيكفي أهنم من أشد الناس اتباعان لكتاب هللا
كسنة نبيو صلى هللا عليو.
أما تسميتهم ألىل السنة ابلشكاؾ من قبل ا٤برجئة فإهنا تسمية ظا٤بة ،ألف السلف دل ث-
يشكوا ُب دينهم كال ُب أخبار رهبم كنبيهم ،كال ُب شيء ثبت ابلكتاب كالسنة ،فا٤برجئة
أكذل هبذا النبز لشكهم -بللردىم -ما أخرب هللا بو عن نفسو.
أما ابلنسبة لنبزىم ألىل السنة أبهنم حشوية ،كيقصدكف بو حشو الناس أم ال قيمة ٥بم، ج-
أك ٗبعُب أهنم ال يفرقوف بْب األحاديث ،أك ٗبعُب أهنم ٦بسمة هلل تعاذل بسبب إثباهتم
صفات هللا تعاذل ،كما الذم يضّب أىل السنة من السلف احتقار ىؤالء ٥بم بعد أف
أكرمهم هللا كأثُب عليهم ككصفهم نبيو ابلطائفة ا٤بنصورةٖ ،ببلؼ ما حشوا بو أذىاهنم من
فإف ىذا النبز من االفَباءات الكاذبة على أىل السنة الذين علموا ٗبا جاء ُب الكتاب كالسنة كدل يعملوا
بغّبىا ٩با جاءت بو الفلسفات اإل٢بادية كعلم الكبلـ الباطل ،كىذا من ابب قلب ا٢بقائق كا٤بغالطات
ا٤بكشوفة.
أما نبزىم ألىل السنة أبهنم جربية أك ٦بربة أك قدرية ،فإنو ابلتأمل ُب مذىب القدرية كا١بربية خ-
كأىل السنة يرل أف القدريةاحملتجوف ابلقدر ىم الذين يزعموف رضى هللا عن كل عمل
ين أى ٍشىريكوا لى ٍو ىشاءى اَّللي ىما ىعبى ٍد ىان ًم ٍن يدكنًًو يعملونو كٰبتجوف ابلقدر .قاؿ تعاذل{ :كقى ى ً
اؿ الذ ى ى
آاب يؤ ىان} كُب مقابل ىؤالء جاءت فرقة أخرل تنفي أف يكوف هلل تعاذل أم و ً
م ٍن ىش ٍيء ىٍ٫ب ين ىكال ى
أثر ُب فعل اإلنساف تركان أك فعبلن ،بل اإلنساف ىو الذم ٱبلق فعلو كما يريد.
كىذا مذىب غبلة القدرية ،كقد انقرضوا ،إال أف ا٤بتأخرين منهم يثبتوف علم هللا ابألشياء قبل
كقوعها ،كلكنو ال يتدخل ُب أعماؿ البشر بل ىم الذين ٱبلقوهنا.
كأما ا١بربية :يقولوف كل عمل يعملو العبد فإنو مقدر عليو من هللا ك٦ببور على فعلو فإف هللا ىو
الفاعل ا٢بقيقي بقوتو كليس للعبد إال نسبة الفعل إليو عن طريق اجملاز.
أما مذىب السلف ٖببلؼ ذلك كلو كمعُب ىذا أهنم ال تصح تسميتهم ال قدرية كال جربية.
فإف معتقد أىل ا٢بق أىل السنة كا١بماعة أف أفعاؿ العباد تنسب إليهم حقيقة كأيضان ٗبشيئتو الٍب ال
ٚبرج عن إطارىا العاـ عن مشيئة هللا تعاذل ٥با كخلقو ٥با كوانن.
كأما نبزىم للسلف أبهنم انصبة ،فقد كذب الرافضة كافَبكا أف يكوف أم شخص من د-
السلف قد نصب العداكة ألىل البيت أك للرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص كأىل بيتو ،كىذا النبز داللة قاطعة
على جهل الرافضة ٗبذىب السلف ُب أىل البيت ألهنم دل يقرؤكا ٥بم كدل يطلعوا على
كىذه التسمية ٤بن عداىم ابلعامة ىي مثل تسميتهم ٤بن عداىم اب١بمهور ،كمن العجيب أف ٰبكموا
على كل ا٤بسلمْب بصفة كاحدة ،بينما يقابل تلك التسمية تسمية كاحدة ٥بم "ا٣باصة" الدالة على
تعاليهم كغركرىم.
د -كأما نبزىم ألىل السنة أبهنم ٦بسمة إلثباهتم صفات هللا تعاذل كما جاءت ُب القرآف الكرًن كُب
السنة ا٤بطهرة.
فهو نبز أابف عن جهلهم ٕبقيقة عقيدة السلف كأابف عن قصورىم ُب الفهم السليم لنصوص
الوحيْب ،فإف لفظ التجسيم عند السلف ىو من األلفاظ الٍب ٯبب التحرز منها عند إطبلقها على
هللا تعاذل ،كال بد أف نسأؿ من أطلقها عن مراده اب١بسم ،فإف أراد إبطبلقو ا٤بعُب الذم يثبت
الصفات هلل فهو الصواب ،كإف قصد غّبه فّبدكنو على قائلو ،مع أنو دل يعهد عن السلف أف أطلقوا
لفظ ا١بسم على هللا ال نفيان كال إثبااتن ،فإف كاف كال بد من إطبلقها فلتكن ابأللفاظ الشرعية الٍب
تدؿ على تنزيو هللا تعاذل على اإلطبلؽ ،مثل ليس كمثلو شيء ،كقل ىو هللا أحد ،كلو ا٤بثل األعلى،
كغّب ذلك.
د-أما نبزىم ٥بم أبهنم غثاء كغثراء ،فهو ٗبعُب أف أىل السنة ىم كالغثاء الذم ٰبملو السيل عند
ا٫بداره ،كالغثراء ٗبعُب سفلة الناس كأراذ٥بم ،كا٤بعُب هبذا النبز الباطل أف أىل السنة ىم سفلة الناس
الذين ىم كزبد السيل أم ال خّب فيهم كال نفع.
كىذه مغالطة ظاىرة كظلم كاضح ،كيستطيع أم شخص أف يتبْب صحة ىذا حينما يتصور أف الناس
بعد كفاة الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص ظلوا على ا٥بدل الذم تركهم عليو ا٤بصطفى إذل أف نبتت الدعوات ا٥بدامة
كاآلراء الضالة بسبب ترٝبة كتب اليوانف كاستعبلء األىواء فأم الفريقْب يستحق ىذا اللقب؟
35
ىػ -كقد نبزكىم أيضان بتسميتهم "زكامل أسفار" تشبيهان ٥بم اب١بماؿ الٍب ٰبمل عليها ك٠بوىم بػ
"أصحاب أقاصيص كحكاايت كأخبار" ككل ىذه األكصاؼ ىم منها براء.
كإذا أتتك مذمٍب من انقص *** فهي الشهادة رل أبين فاضل
كا٢بقيقة أف اقتحاـ ىؤالء ٤با ال ٰبسنونو ٗبا قرركه ُب عقائدىم من ا٤بتناقضات كا١بهل الشنيع من
حيث ظنوا أهنم كصلوا إذل العلم الغزير ،فكانوا مثل الٍب نقضت غز٥با بعد إحكامو ُب كل مرة ،أك
من الذين ضل سعيهم ُب ا٢بياة الدنيا كىم ٰبسبوف أهنم ٰبسنوف صنعان.
ادلبحث اخلامس:
ما ىي عقيدة السلف وما ىو منهجهم يف مسائل االعتقاد
العقيدة ىي ما يعتقده الشخص ُب قرارة نفسو كيعقد العزـ عليو كيراه صحيحان سواء أكاف صحيحان
ُب حقيقة األمر أـ ابطبلن.
كعقيدة السلف ىيٝ :بلة ما أخذكه عن كتاب هللا كسنة نبيو ،كىو االعتقاد الصحيح ٖببلؼ
عقائد غّبىم الذين خلطوا بعلم الكبلـ كآراء الفبلسفة ،فجاءت نتاجان مشوىان خصوصان ُب ما يتعلق
أب٠باء هللا كصفاتو ،بل زلت ببعضهم قدمو إذل ا٣بطأ فيما يتعلق ابلنبوات كابلسمعيات بسبب
فأكلوا نصوص القرآف كقبلوا ما عرفوا من ا٢بديث دكف ٛبحيص الصحيح
أتثرىم ابألفكار ا٤بنحرفةٌ ،
من ا٤بكذكب ،كاعتمد بعضهم على ا٤بكاشفات كالرؤل كا٤بنامات بزعمهم .
كأحياانن يضرب ىؤالء ابلنصوص جانبان ٕبجة أهنا متعارضة ،مع أنو ُب الواقع ال يوجد بْب النصوص
الصحيحة أم تعارض إذا تبْب الناسخ كا٤بنسوخ كا٤بتقدـ كا٤بتأخر منها ،فإف دل يتبْب ذلك فإنو ٲبكن
و
فحينئذ طريقة أىل السنة أنو ال ا١بمع بينها كال ٧بالة ،إال إذا كانت أحاديث موضوعة كصحيحة
تعارض بْب الصحيح كا٤بوضوع ،إذ ال قيمة للموضوع كشبهو إزاء الصحيح.
إف منهج السلف ُب مسائل االعتقاد كاالستدالؿ ٥با يقوـ على إٲباهنم بكل ما ثبت دليلو من كتاب
هللا تعاذل كسنة نبيو ملسو هيلع هللا ىلص إٲباانن راسخان ظاىران كابطنان من األمور الغيبية الٍب كقعت كالٍب ستقع ،كىي
مزية عظيمة تدؿ على قوة إٲباهنم كطمأنينة نفوسهم غّب متأكلْب بعقو٥بم رد النصوص كما تفعل
ك الالفرؽ الباطلة ،كيردكف ما أشكل عليهم إذل الكتاب كالسنة عمبل بقوؿ هللا تعاذل { :فىبل ىكىربًٌ ى
ت ىكيي ىسلًٌ يموا ً ً يػؤًمنو ىف حٌب يٰب ًٌكم ى ً
يما ىش ىجىر بػىٍيػنىػ يه ٍم يٍب ال ىًٯب يدكا ًُب أىنٍػ يفس ًه ٍم ىحىرجان ٩با قى ى
ضٍي ى وؾ ف ى يٍ ي ى ى ي
تى ٍسلًيما}سورة النساء آية 65كفيما يلي سوؼ نلقي الضوء على أبرز مناحي عقيدة أىل السنة :
36
منهج أىل السنة يف تقريرالعقيدة :كىو يتمثل ُب األمور التالية: أ-
-1التمسك ابلكتاب كالسنة كعدـ التفريق بينهما كٙبكيمهما كالعمل هبما ُب كل ما
يعرض ٥بم من قضااي العبادة كغّبىا دكف رد أك أتكيل.
الوقوؼ عند مفاىيم النصوص كفهم دالالهتا كعدـ ا٣بوض فيما ال٦باؿ للعقل فيو مع -3
االستفادة من داللة العقل ُب حدكده.
اإلعراض عن البدع كعن أىلها فبل ٯبالسوهنم كال يسمعوف كبلمهم كال شبههم بل ٰبذركف -4
منهم أشد ٙبذير.
لزكـ ٝباعة ا٤بسلمْب كنبذ التفرؽ كالتحذير منو. -5
أف ىذا ا٤بنهج ىو ما دؿ عليو الكتاب كالسنة كعمل السلف الصاحل. -1
أف ىذا ا٤بنهج من أقول أسباب بقاء عقيدهتم صافية نقية ال تشوهبا شوائب الضبلؿ. -2
أدلتهم على وجوب لزوم ذلك ادلنهج: ج-
كىذه اآلايت كاضحة الداللة على أف ا٥بدل كلو ُب كتاب هللا تعاذل كُب ىدم نبيو دمحم صلى هللا
عليو كسلم كأف الواجب على كل مسلم االنقياد كاإلذعاف كالتسليم التاـ.
37
اثنيا :أدلتهم من السنة:
كردت عن النيب ملسو هيلع هللا ىلص أحاديث كثّبة ٰبث فيها على كجوب التمسك بكتاب هللا تعاذل ،كأف من
فارقو فبل حظ لو من اإلسبلـ.
قاؿ ملسو هيلع هللا ىلص " :مثل ا٤بنافق الذم ال يقرأ القرآف كمثل ا٢بنظلة ليس ٥با ريح كطعمها مر" 50كعن عمر
بن ا٣بطاب هنع هللا يضر أف النيب ملسو هيلع هللا ىلص قاؿ" :إف هللا يرفع هبذا الكتاب أقوامان كيضع بو آخرين" 51كعن ابن
عباس رضي هللا عنهما قاؿ قاؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص" :إف الذم ليس ُب جوفو شيء من القرآف كالبيت
52
ا٣برب"
كمن حديث يركيو العرابض بن سارية قاؿ :قاؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص" :كعليكم بسنٍب كسنة ا٣بلفاء الراشدين
53
ا٤بهديْب عضوا عليها ابلنواجذ كإايكم ك٧بداثت األمور فإف كل بدعة ضبللة"
كاألحاديث ُب ىذا كثّبة كلها تؤكد كجوب التمسك كالعمل بكتاب هللا تعاذل كأنو ىو الصراط ا٤بستقيم
الذم أكلو ُب الدنيا كآخره ُب ا١بنة.
ادلبحث السادس
أقوال السلف
يف وجوب التمسك ابلسنة واحلذر من البدع
كردت عن السلف الكراـ أقواؿ كثّبة ُب ا٢بث على التمسك بكتاب هللا تعاذل كسنة نبيو ،كأف
ا٥بدل كا٣بّب كالفبلح كلو ُب ذلك ،كأنو ٯبب على كل ا٤بسلمْب الرجوع إذل كتاب هللا كالتمسك بو
ُب كل أحوا٥بم كاختبلفاهتم ،كما قاؿ هللا سبحانو كتعاذل{ :فىًإ ٍف تىػنازعتم ًُب شي وء فىػردكه إً ىذل اَّللً
ى ى ٍي ٍ ى ٍ ي ي
وؿ}.كالرس ً
ى ي
كىذا ىو منهج كل من جاء بعد السلف الكراـ من التابعْب كمن تبعهم من علماء ا٤بسلمْب
كعامتهم ،كُب كتب شيخ اإلسبلـ رٞبو هللا كتلميذه ابن القيم كغّبٮبا كالطربم كابن كثّب كأىل
ا٢بديث كالشيخْب كغّبٮبا ٩بن تزخر أبقوا٥بم ا٤بكتبات اإلسبلمية ُب كتبهم من األقواؿ كالشركحات
أوال :أقوال السلف يف جوب االتباع وترك االبتداع :كىي كثّبة جدا ،كمن تلك األقواؿ الٍب تدؿ
على ذلك من أقواؿ السلف ما يلي :
-قاؿ عبد هللا بن مسعود "اتبعوا كال تبتدعوا فقد كفيتم".54
55
-كعن معاذ بن جبل من كبلـ لو هنع هللا يضر قاؿ" :فإايكم كما ابتدع فإ٭با ابتدع ضبللة"
-كقاؿ حذيفة اتقوا هللا اي معشر القراء خذكا طريق من قبلكم فوهللا لئن سبقتم لقد سبقتم سبقان بعيدان
كإف تركتموه ٲبينان كمشاالن فقد ضللتم ضبلالن بعيدان".56
-كعن عبد هللا بن الديلمي قاؿ" :إف أكؿ ذىاب الدين ترؾ السنة يذىب الدين سنة سنة كما يذىب
ا٢ببل قوة قوة".57
-كعن حساف بن عطية قاؿ" :ما ابتدع قوـ بدعة ُب دينهم إال نزع هللا من سنتهم مثلها ٍب ال يعيدىا
إليهم إذل يوـ القيامة" .58
-قاؿ ابن مسعود هنع هللا يضر" :عليكم ابلعلم كإايكم كالبدع كالتنطع كالتعمق كعليكم ابلعتيق"
-عن ٦باىد قاؿ قيل البن عمر" :إف ٪بده يقوؿ كذا ككذا فجعل ال يسمع منو كراىية أف يقع ُب قلبو
59
منو شيء"
كقد ركيت عن السلف من النصوص الكثّبة ما ال ٰبتمل ا٤بقاـ ذكرىا ىنا ،ككلها هتدؼ إذل أمر كاحد،
ىو اجتناب أىل البدع كالتحذير منهم ،كعدـ ٦بالستهم ٞباية للعقيدة كٞباية لقلوهبم ،مع قيامهم بواجب
األمر اب٤بعركؼ كالنهي عن ا٤بنكر.
اثنيا:استدالذلم على وجوب العمل مبا ورد عن الصحابة مهنع هللا يضر:
يعمل السلف ٗبا ثبت عن الصحابة رضواف هللا عليهم امتثاالن ألمر النيب ملسو هيلع هللا ىلص فإف الصحابة أفقو كأعرؼ
-كعن بغض أىل األىواء كحب االبتعاد عنهم قاؿ أبو ا١بوزاء" :لئن ٯباكرين قردة كخنازير أحب إرل من
62
أف ٯباكرين أحد منهم" يعِب أىل األىواء.
ادلبحث السابع
لزوم السلف مجاعة ادلسلمُت وحتذيرىم من التفرق وأدلتهم على ذلك
أما لزكمهم ٝباعة ا٤بسلمْب كٙبذيرىم من التفرؽ ،فهذا أحد األسس الٍب قامت عليها عقيدهتم امتثاالن
عز كجل كمن سنة نبيو ملسو هيلع هللا ىلص على
ألمر هللا تعاذل كأمر نبيو ملسو هيلع هللا ىلص ،فقد استفاضت األدلة من كتاب هللا ٌ
كجوب لزكـ ا١بماعة كا٢بذر من التفرؽ ،كفيما يلي ذكر أبرز األدلة الٍب كردت ُب الكتاب كالسنة على
ذلك:
كىذه اآلايت كغّبىا هتدؼ إذل منع التفرؽ ُب اآلراء كا٤بعتقدات ،إال أف ا٤بسلمْب ُب عصران ىذا دل
يستفيدكا منها ،أك دل يعملوا هبا ،بل كاف بعضهم قريبان من حاؿ الذين أخرب هللا عنهم أهنم ازدادكا ٗبجيء
اب إًال ًمن بىػ ٍع ًد ً
ين أيكتيوا الٍكتى ى
ً
{كىما تىػ ىفر ىؽ الذ ى
البينات اختبلفان كفرقة كبعدان عن منهج هللا تعاذل ،قاؿ تعاذل :ى
ىما ىجاءتٍػ يه يم الٍبىػيًٌنىةي} سورة البينة آية.4
كىذه األحاديث كغّبىا ٩با كردت عن النيب ملسو هيلع هللا ىلص كلها تؤكد على كجوب لزكـ ا١بماعة كالتحذير من
التفرؽ ،كلو ٛبسك هبا ا٤بسلموف كحققوىا لكانوا على ا٣بّب الذم مضى عليو السلف الكراـ من
الصحابة كمن تبعهم إبحساف.
ادلبحث الثامن
الثناء على السلف رمحهم هللا تعاىل
كمن األمثلة على ثناء هللا سبحانو كتعاذل عليهم ُب القرآف الكرًن:
اج ًرين كاألىنصا ًر كال ًذين اتػبػعوىم إبًًحس و
اف ر ًض ىي هللاي ىعٍنػ يه ٍم ً ً ً
{كالساب يقو ىف األىكليو ىف م ىن الٍ يم ىه ى ى ى ى ى ى ي ي ٍ ى -قولو تعاذل :ى
يم}سورة التوبة ً ً ات ى٘ب ًرم ىٙبتػها األىنٍػهار خالً ًد ً
و
ك الٍ ىف ٍويز الٍ ىعظ ي
ين ف ىيها أىبى ندا ىذل ى
ضواٍ ىعٍنوي ىكأ ىىعد ى٥بيٍم ىجن ٍ ٍى ى ى ي ى ى ىكىر ي
64أخرجو مسلم1340/3
65أخرجو البخارم 615/6
66أخرجو مسلم1476/3
67أخرجو مسلم 1479/3
42
آية.100
ين ىم ىعوي أ ًىشداء ىعلىى الٍ يكفا ًر ير ىٞبىاء بػىٍيػنىػ يه ٍم تىػىر ياى ٍم يرك نعا يسج ندا}سورة -كقولو تعاذل٧{ :بم هد رس ي ً ً
وؿ اَّلل ىكالذ ى ى ي
الفتح آية.29
-قاؿ رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص" :ال تسبوا أحدان من أصحايب فإف أحدكم لو أنفق مثل أحد ذىبان ما أدرؾ
مد أحدىم كال نصيفو".68
-ككرد ُب الصحيحْب عن عمراف بن حصْب كغّبه أف رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص قاؿ خّب الناس قرين ٍب
الذين يلوهنم ٍب الذين يلوهنم .قاؿ عمراف فبل أدرم أذكر بعد قرنو قرنْب أك ثبلثة ".69
-كُب صحيح مسلم عن جابر أف النيب ملسو هيلع هللا ىلص قاؿ ال يدخل النار إف شاء هللا من أصحاب الشجرة
أحد من الذين ابيعوا ٙبتها".70
كرد ُب ىذا ا٤بعُب أنو قيل لعائشة اهنع هللا يضر أف انسان يتناكلوف أصحاب رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص حٌب أاب بكر كعمر
فقالت":كما تعجبوف من ىذا؟ انقطع عنهم العمل فأحب هللا أف ال يقطع عنهم األجر".
-كعن ابن عباس أنو قاؿ ال تسبوا أصحاب دمحم ملسو هيلع هللا ىلص فلمقاـ أحدىم ساعة يعِب مع النيب ملسو هيلع هللا ىلص خّب
من عمل أحدكم أربعْب سنة".71
-كصفهم عبد هللا بن مسعود هنع هللا يضر بقولو" :إف هللا نظر ُب قلوب العباد فوجد قلب دمحم خّب
قلوب العباد فاصطفاه لنفسو كابتعثو برسالتو ٍب نظر ُب قلوب العباد بعد قلب دمحم ملسو هيلع هللا ىلص فوجد
قلوب أصحابو خّب قلوب العباد فجعلهم كزراء نبيو يقاتلوف على دينو.72"..
-كُب ركاية عنو أنو قاؿ " :من كاف منكم مستنان فليسًب ٗبن قد مات فإف ا٢بي ال تؤمن عليو
الفتنة أكلئك أصحاب دمحم ملسو هيلع هللا ىلص كانوا أفضل ىذه األمة أبرىا قلوابن 73"...كغّبىا من اآلاثر
الكثّبة الٍب تدؿ على عظم منزلتهم ُب األمة.
ادلبحث التاسع
جهودىم يف خدمة اإلسالم
تنوعت جهود السلف ُب خدمة اإلسبلـ كأٮبها:جهودىم ا٢بربية كجهودىم ُب بياف العقيدة اإلسبلمية
كذلك كما يلي:
أوال :جهودىم احلربية :فالتاريخ مليء بذكرىا ،غِب أبحداثها ،ال ٯبهل أم مسلم ذلك ابتداءان
ٔبهودىم ا٢بربية بْب يدم نبيهم ملسو هيلع هللا ىلص ُب معارؾ عديدة،كبدر كأحد كا٣بندؽ كسائر الغزكات الٍب خاضوا
كبعد كفاتو كانتقاؿ ا٣ببلفة إذل عمر هنع هللا يضر ازدادت رقعة الدكلة اإلسبلمية كأكصلها ٔبهوده بعد نصر هللا
إذل ما يسمى ُب عصران ا٢باضر ابالمرباطورية.
ككذا ُب عهد ا٣بليفة الثالث عثماف هنع هللا يضر ٍب تتابعة الفتوحات على يد معاكية هنع هللا يضر ،كبلغت الدكلة
اإلسبلمية قمة ٦بدىاكازدىارىا.
ٍب جاءت الدكلة العباسية كسلكت نفس اال٘باه ،إذل أف جاءت أيضان الدكلة العثمانية ككانت ٥با جهود
رائعة ُب انتشار اإلسبلـ كنشره.
ككاف علماء السلف ىم احملركوف لتلك األحداث ٖبطبهم ا٢بماسية كإاثرة ركح التضحية ُب سبيل هللا
تعاذل ،بل كا٤بشاركة ا١بادة ُب خوض ا٤بعارؾ ،كال يغيب عن ذىن القارئ ما فعلو شيخ اإلسبلـ ابن
تيمية كغّبه ُب كقوفهم ضد التتار كانتصارىم عليهم ،فحفظ هللا هبم الدين ٤با ادخره ٥بم من جزيل األجر
كالثواب.
أف السلف من الرعيل األكؿ على عهد رسوؿ هللا صلى هللا عليو كسلمكانوا أخلص الناس أ-
كأشدىم حفاظان على شعائر اإلسبلـ ككانوا أشداء على الكفار رٞباء بينهم يتناصحوف.
ُب زمن ا٣بليفة الراشد أيب بكر رضياهلل كما كاف منمحاربتو ألىل الردة كإرجاعهم إذل الدين ب-
كما كانت ىجرتو إذل ا٤بدينة مع النيب ملسو هيلع هللا ىلص كإنفاقو ُب سبيل هللا كإعتاقو الرقاب إال أحد
الشواىد على ذلك.
أف ا٣بليفة الراشد الفاركؽ عمر بن ا٣بطاب هنع هللا يضر اقض مضاجع أعداء اإلسبلـ كأعلى هللا بو ت-
كلمة ا٢بق كظهر ا٤بسلموف على أعدائهم ،كدخل الناس ُب دين هللا أفواجان ،ككانت درتو
45
سيفان مسلطان على رقاب أىل البدع،فقد دخل عليو شاب طويل الثوب كعمر ٯبود بنفسو
فسلم عليو ،فلما خرج انداه عمر فرجع إليو الشاب ،فقاؿ لو" :اي بِب أقصر من ثوبك فإنو
أنقى لثوبك كاتقى لربك" أك كبلمان ٫بو ىذا ،كدل يشغلو ما ىو فيو من سكرات ا٤بوت حٌب
عن التنبيو على ىذه ا٤بسألة فما الظن بغّبىا؟
أف ا٣بليفة عثماف هنع هللا يضر أبلى ُب اإلسبلـ كُب خدمتو كُب الفتوحات كنشر اإلسبلـ كخدمة ث-
العقيدة ا٢بنيفية ما طفحت بو ا٤براجع التارٱبية.
أف ا٣بليفة علي هنع هللا يضر سار على نفس األىداؼ ُب خدمة الدين كرفع رايتو ك٧باربة أىل ج-
الكفر كأىل البدع أبقوالو كأفعالو حٌب لقي ربو.
أف الدكلة األموية ككاف ألكؿ ملوكهم معاكية هنع هللا يضر خدماتو ا١بليلة لئلسبلـ كا٤بسلمْب ،فقد ح-
فيتحت البلداف الكثّبة ُب عهده كعهد خلفائو،كانتشر اإلسبلـ انتشاران كاسعان كنبغ ُب عهد
الدكلة األموية ٍب العباسية علماء أجبلء خدموا الدين كقدموا أنفسهم ُب سبيل ا٢بفاظ على
صفائو كنقائو.
أنو دل ٱبل عهد من العهود إال كفيو جهابذة من علماء السنة كمن احملافظْب على بقاء كنقاء خ-
اإلسبلـ إذل يومنا ا٢باضر كهلل ا٢بمد.
فبل ننسى تلك ا٤بواقف ا٤بشرفة لعلماء السلف ُب خدمة الدين اإلسبلمي ،أمثاؿ اإلماما٤ببجل إماـ
أىل السنة أٞبد بن حنبل كالعز بن عبد السبلـ كشيخ اإلسبلـ ابن تيمية كتلميذه ابن القيم إذل أف
جاء ُب العهد القريب الشيخ دمحم بن عبد الوىاب الذم جدد هللا بو كثّبان من السنن الٍب كادت أف
تندثر كأذؿ بو كثّبان من أىل البدع الٍب انتشرت
46
كقد ابتدأ األشعرم كتابو اإلابنة بقولو ُب ذكر معتقد أىل السنة بقولو " :قولنا الذم نقوؿ بو،
عز كج ٌل ،كبسنة نبينا ملسو هلآو هيلع هللا ىلص ،كما ركم عن الصحابة
كداينتنا الٍب ندين هبا :التمسك بكتاب ربنا ٌ
كالتابعْب كأئمة ا٢بديث ،ك٫بن بذلك معتصموف .كٗبا كاف يقوؿ بو أبو عبد هللا أٞبد بن دمحم بن
حنبل نضر هللا كجهو ،كرفع درجتو كأجزؿ مثوبتو ،قائلوف ،ك٤بن خالف قولو ٦بانبوف".
ٍب بدأ بسرد معتقد أىل السنة ٗبا ٯبب من االعتقاد ابهلل كصفاتو كاالعتقاد بنبيو ملسو هيلع هللا ىلص كاالعتقاد
ابألمور الغيبية من ا١بنة كالنار كالقضاء كالقدر كالشفاعة كا٤بيزاف كالصراط كاالعتقاد ُب الصحابة
كنزكؿ هللا كاستوائو على عرشو كما ٯبب من االعتقاد ُب السنة كعدـ االبتداع كعقيدة أىل السنة ُب
العيدين كا١بهاد كالدعاء لوالة األمر كعدـ ا٣بركج عليهم كغّب ذلك من عقائد أىل السنة التيب بينها
فجزاه هللا عن اإلسبلـ كا٤بسلمْب خّب ا١بزاء.74
كقد أكرد البللكائي رٞبو هللا فصبلن طويبلن عن اعتقاد علماء السلف كعدد أ٠بائهم كذكر مقاالهتم
ٙبت عنواف "سياؽ ما ركم عن ا٤بأثور عن السلف ُب ٝبل اعتقاد أىل السنة كالتمسك هبا كالوصية
ٕبفظها قرانن بعد قرف"
ٍب شرع ُب بياف اعتقادىم (الصحابة فمن بعدىم) ُب مسائل العقيدة 75كقد سار على ىذا ا٤بنهج
عدة من ا٤بؤلفْب السلف رٞبهم هللا ٝبيعان.
ادلبحث العاشر
بيان وسطية أىل السنةيف مسائل االعتقاد وسالمتهم من ضالليت
76
اإلفراط والتفريط
ا٤بتتبع ٤بنهج السلف ٯبد أف هللا تعاذل قد ىداىم إذل الوسط ُب عقيدهتم فبل إفراط كال تفريط قاؿ تعاذل:
ك ىج ىع ٍلنىا يك ٍم أيمةن ىك ىسطان}سورة البقرة آية 143أم خياران عدكالن كقاؿ النيب ملسو هيلع هللا ىلص":خّب األمور ً
{كىك ىذل ى
ى
وسطيتهم ابلنسبة لإلديان بذات هللا :عقيدة أىل السنة ُب هللا أبف لو ذاات ال تشبو ذكات أ-
ا٤بخلوقْب كصفات ال تشبو صفاهتم كأ٠باء تليق ٔببللو ،ىي كسط بْب اليهود ا٤بشبهة،
الذين كصفوا ذاتو العلية بذكات ا٤بخلوقْب ،كبْب النصارل الذين كصفوا ا٤بخلوقْب بذات هللا
تعاذل حينما ادعوا أف ا٤بسيح ابن هللا.
وسيطتهم ابلنسبة لإلديان ابألنبياء :يعتقد أىل السنة ابعتقادىم أف أنبياء هللا بشر ،كأف ب-
هللا اصطفاىم بوحيو كرسالتو ،كأهنم اطهر الناس كأعقل الناس ،كأهنم ال يعلموف الغيب إال
ٗبا علمهم هللا ،كىذا ا٤بوقف كسط بْب اليهود الذين ملئوا توراهتم ابإلفك على أنبيائهم ،كما
كذبوا على نيب اهللا إبرىيم كلوط كيعقوب كدكاد كسليماف كغّبىم.
أما النصارل فقد ادعوا األلوىية لبعض األنبياء كالصا٢بْب كغّبىم ،كقو٥بم ُب عيسى كأمو كركح
القدس ،ككذلك ما غلو ُب علمائهم فأنزلوىم منزلة ا٣بالق كٮبا٤بشرعوف كاحملرموف كاحملللوف ،فأىل
السنة كسط بْب تفريط اليهودكبْب إفراط النصارل.
وسطيتهم يف عبادة هللا :كقف أىل السنة مسلكا صحيحا ُب أداء عبادهتم ،كىو موقف ال ت-
يتجاكز ما أمركا بو ُب الكتاب كالسنة ،ال يزيدكف ُب عبادهتم كال ينقصوف عما شرع رهبم.
أما اليهود فقد حرفوا عبادهتم كتكاسلوا عن أدائها ،فعندما أمرىم هللا أف يدخلوا الباب دخلوه زحفا
على أعقاهبم ،كعندما قاؿ ٥بم قولوا حطة قالوا حنطة ،كقو٥بم ٤بوسى{ :اذىب أنت كربك فقاتبل إان
ىهنا قاعدكف} كأمرىم هللا أف يعبدكه فعبدكا العجل كآ٥بة أخرل،كأما النصارل فقد غلوا ُب عبادهتم
وسطيتهم يف صفات هللا :كقفف أىل السنة موقفا صحيحا عادؿ كسطا بْب أصحاب ث-
الدايانت األخرل ،فقد آمنوا أبف هللا ال يوصف إال ٗبا كرد ُب الشرع كال ٱبَبكف لو أ٠باء
كصفات أخرل ،كقطعوا الطمع عن إدراؾ كيفية صفاتو معمعرفتهم أف الكبلـ ُب الصفات
فرع عن معرفة الذات ،كأف هللا ليس كمثلو شيء كىو السميع البصّب.
كىذا ٖببلؼ اليهود الذين كصفوا هللا بصفات النقص كالذـ كالبخل كالفقر كالندـ كالبكاء كالتعب
كالنسياف كما ىو ُب توراهتم كتلمودىم ،كقد أخرب هللا عن بعض أقوا٥بم كقو٥بم{:إف هللا فقّب ك٫بن
اغنياء} سورة آؿ عمراف آية.181
أما النصرانية فقد غلوا ُب بعض البشر حٌب أكصلوىم إذل صفات األلوىية ،فادعوا أف ا٤بسيح كلد
هللا ،كأنو ٯبلس إذل جوار هللا ،كغلوا ُب قديسيهم ككربائهم.
تعددت الفرؽ اإلسبلمية كتباينت مفاىيمها كادعت كل طائفة أهنا على ا٢بق ،كلكن العربة ىي ٗبدل
موافقتها للكتاب كالسنة ،كفيما يلي بياف كسطية أىل السنة بْب كل تلك الفرؽ:
تظهر كسطية أىل السنة ُب ابب األ٠باء كالصفات ٗبقارنة عقيدهتم بعقائد ا٤بخالفْب من الفرؽ.
فأىلىالسنة يؤمنوف أبف هلل أ٠باء حسُب كصفات عليا ،كصف هبا نفسو ُب كتابو كسنة نبيو ،آمن هبا
السلف من غّب ٙبريف كال تعطيل كال ٛبثيل كال أتكيل.
فموقف أىل السنة كسطا بْب أىل التعطيل كأىل التشبية ،فأىل التعطيل نفوا عن هللا اتصافهبالصفات
كنفوا األ٠باء ٕبجة التنزيو كما ىو مذىب ا١بهمية ،كأما ا٤بعتزلة فأثبتوا األ٠باء فقط كلكنها التدؿ على
مدلوالهتا فوافقوا ا١بهمية ،كأما االشاعرة فقد أثبتوا األ٠باء كبعض الصفات كدل يقولوا فيما نفوه كما قالوا
فيما أثبتوه كليس ٥بم برىاف أك دليل.
49
كُب ا٤بقابل كقف أىل التشبيو موقفا مناقضا ألىل التعطيل فأثبتوا هلل صفاات كصفات اإلنساف ٛباما،
كهشاـ بن ا٢بكم الرافضي كىشاـ بن ا٢بكم ا١بواليقي كمقاتل بن سليماف كداكد ا١بواريب كغّبىم.
أما أىل السنة فقد أثبتوا األ٠باء كالصفات دكف أف ينساقوا إذل التشبيو ،بل دل ٱبطر ُب أذىاهنم٤ ،بعرفتهم
أف اتفاؽ ا٤بسميات ال يلزـ منو االتفاؽ ُب الذات ،فلم يعطلوا دالئل أ٠باء هللا كصفاتو الٍب كصف هبا
نفسو بل أثبتوىا على ما يليق ٔببللو ،كعرفوا معانيها ،كقطعوا الطمع عن معرفة كيفياهتا فكانوا كسطا ُب
ىذا الباب.
يتبْب كسطية أىل السنة ُب ذلك من خبلؿ معرفة حكمهم على أصحاب ا٤بعاصي ُب الدنيا كاآلخرة
كحكم ا٤بخالفْب عليهم ُب الدنيا كاآلخرة أيضا.
فأىل السنة ٰبكموف أف العاصي ال ٱبرج من اإلسبلـ ،كيقاؿ لو مؤمن إبٲبانو فاسق بكبّبتو ،كأما ُب
اآلخرة فحكمو إذل هللا تعاذل ،إف شاء غفر لو كإف شاء عذبو ،كال ٱبلد ُب النار مثل الكفار.
أما ا٣بوارج أىل االفراط فقد حكمو أبنو كافر ُب الدنيا ٨بلد ُب النار ،أك ىو ُب منزلة بْب ا٤بنزلتْب ُب
الدينا ٨بلد ُب النار ،كما ىو مذىب ا٤بعتزلة ،كقابلتهم ا٤برجئة الذين قالوا أبنو مؤمن كامل اإلٲباف كىو ُب
اآلخرة مع النبيْب ،كسبب اختبلفهم أهنم رأك أف اإلٲباف ال يتبعض كال يزيد كال ينقص.
كقف أىل السنة موقفا يعضده النقل كالعقل ُب ابب القدر ،بعد أف رأكا أف القدر سر هللا بتقديره لكل
الكائنات ،كأف هللا خالق كل شي ٗبا فيها أفعاؿ العباد ،كلكنها تسمى فعل العبد ،كأف هللا ىو الذم
أقدرىعليها ،كىي ٙبت مشيئة هللا الكونية.
أما ا١بربية فتقوؿ :إف العبد ال قدرة لو على الفعل ،كأف ا٣بالق كالفاعل ىو هللا ،كُب ا٤بقابل تقوؿ
القدرية :إف العبد ىو ا٣بالق لفعل نفسو كقدرتو كإرداتو دكف أم تدخل من هللا ،كمن ىنا أثبتو خالقْب
مع هللا ،كسبب اختبلفهم ىو عدـ تفريقهم بْب اإلرادة الكونية كاإلرداة الشرعية ،فتوٮبوا أف هلل إرادة
شرعية فقط ،كأف ا٤بعاصي خارجة عن إرادتو.
50
توسط أىل السنة ُب ابب االعتقاد ُب الصحابة مهنع هللا يضر بْب غلو الغالْب كتقصّب ا٤بخالفْب ،فعرفوا ٥بم
فضلهم ككقركىم كاعَبفوا ٔبميلهم ٗبا قدموه لؤلمة كٛبيز موقفهم أبمور منها:
ىذه أبرز عقائد أىل السنة ُب الصحابة مهنع هللا يضر ٖببلؼ أىل البدع كالعقائد الباطلة.
فا٣بوارج كفركا الصحايب عليا ككفركا من شارؾ ُب قضية التحكيم كأكجبوا النار على ا٢بسن كا٢بسينب
كعثماف ككفركا عائشة كطلحة كالزبّب ،كتبعهم على ذلك ا٤بعتزلة كواصل بن عطاء كعمرك بن عبيد ،كقالوا
بفسق أصحاب ا١بمل كعلي كمعاكية كخطأ إحدل الطائفتْب ال على التعيْب ،كتناسوا فضائلهم.
كأما الرافضة فشتموا الصحابة بل تقربوا إذل هللا بسبهم ،ككقفوا من أىل البيت موقفا معاداي غلفوه ابلغلو
فيهم ،كأنزلوىم منازؿ ال يرضاىا أىل البيت ألنفسهم ،كما كقع ببلء آلؿ البيت إال ككاف كراءه دسائس
الشيعة كخذالهنم ٥بم.78
78ارجع ٤بزيد من التفصي كتاب كسطية أىل السنة بْب الفرؽ د /دمحم ابكرًن كإذل دراستنا للرافضة ضمن ىذا الكتاب
فرؽ معاصرة.
51
أوال :عالمات ومسات الفرقق الفرقة الناجية:
امتاز أتباع العقيدة الصحيحة ٗبزااي عظيمة ميزهتم عن ٝبيع العقائد الٍب قامت على ا٥بول كما أفرزتو
العقوؿ البشرية.
أف العقيدة السلفية قامت على الكتاب هللا كسنة نبيو ملسو هيلع هللا ىلص ،كدل تدنس بعلم الكبلـ كا٤بنطق أ-
كسائر علوـ اليوانف كغّبىم.
أف معتنقيها أثبت الناس على ا٢بق ٖببلؼ أىل األىواء الذين تتجارل هبم أىوائهم ليقينهم ب-
بصحتها كاقتناعهم هبا.
سّبىم على ما سار عليو السلف الصاحل كأهنم بذلوا جهدىم ُب نشر كتعليم الناس العقيدة ت-
الصا٢بة كإخراج التناس من عبادة العباد لعبادة رب العباد كمعرفة فضلهم.
اعتقادىم أف السلف كانوا أحرص الناس على اجتماع الكلمة كعدـ الفرقة بْب ا٤بسلمْب ث-
كمن أميز صفاهتم الٍب يعتقدكهنا فيهم:
أهنم أعرؼ األمة اب٢بق. -1
أهنم أرحم األمة اب٣بلق. -2
أهنم أرحم الناس ٖبصومهم. -3
أهنم من أشد الناس رجوعا إذل ا٢بق كانقيادا لو. -4
أهنم من أشد رحابة صدر كدماثة خلق كتسامح كإنصاؼ. -5
أهنم أكثر التناس تواضعا كأبعدىم عن السباب كالفحش كسوء األخبلؽ. -6
ال يشتموف أحدا كال يظهركف االستهزاء إال ابلقدر الذم يبْب غرضهم من الرد -7
على ا٤بخالف ُب حاؿ الضركرة.
مواقفهم ُب ذلك كثّبة مشهورة سجلها اترٱبهم ا٤بشرؽ كمن أمثلتها :مواقفهم من سقيفة بِب ساعدة
كمواقفهم ٙبجاه أىل الذمة ،كموقفهمفي ا٢برب من ا٤بخالفْب.
52
كمن أمثلة ذلك موقف الصديق أبو بكر من عمر رضي هللا عنهما حينماشكى أبو بكر عمر إذل النيب
ملسو هيلع هللا ىلص فغضب النيب على عمر فأشفق عليو أبو بكر ،كأخذ يهدمء من النيب كيقوؿ :ايرسوؿ هللا أان كنت
أظلم.
ككذلك ما كاف من عمر رغم شدتو ُب ا٢بق ،يتفقد الفقراء كيعْب ا٤بعوزين ،كال يناـ حٌب يطمئن على
ا٤بسلمْب ،كيوقد للفقراء انرىم ،كيطبخ طعامهم كىو ا٣بليفة.
ككذلك ما كاف من عثماف ،الذم كاف يتصف ابلرقة كا٢بياء كالكرـ ا٤بشهور ،ككاف سريع العفو ،ال ينتقم
لنفسو٧ ،ببا للعافية ٘باه رعيتو.
ككذلك ما كاف من علي هنع هللا يضر ،معو ما ميزه هللا بو من أخبلؽ طيبة ،كرٞبة اب٤بساكْب كتفقدىم ،كبذلو
لنفسو ُب ا٤بعارؾ ٞباية للمسلمْب.
ككذلك ماكاف ٩بن كاف بعدىم ٩بن سار على هنجهم من األئمة كالعلماء ،فهذا اإلماـ أٞبد بن حنبل
كاترٱبو معركؼ من القائلْب ٖبلق القرآف ،كٙبملو ا٤بشاؽ نصرة للدين كٞباية للمسلمْب ،ككذلك ماكاف
من ابن تيمية الذم كاف من أحرص الناس على بياف ا٢بق ،كمن أشدىم عفوا عمنظلمو ،كدل يباؿ
ابلسجن كاالهتامات الٍب كجهت لو ُب سبيل نشر ا٢بق.
ككذلك ماكاف من علماء العصور ا٤بتأخرة كالشيخ دمحم بن عبد الوىاب الذم بذؿ كل البذؿ ُب سبيل
نشر التوحيد كطمس معادل الشرؾ ،كالشيخ عبد هللا القرعاكم الذم أخرج هللا بو أقواما من الظلمات إذل
النور كمن الشرؾ إذل التوحيد ُب منطقة جيزاف ،ففتح هللا بو القلوب كأانر بو البصائر.
53
قبلوىم الركاايت الكاذبة كال يتحركف النصوص الصحيحة. -7
قبو٥بم لؤلخبار الٍب ال يصدقها العقل كال تعضدىا ا٢بجة. -8
عدـ اىتمامهم ابلسنة النبوية كتسلطهم عليها ابلتأكيل الباطل. -9
األمثلىة على ذلك مشهور ُب اتريخ الفرؽ ا٤بخالفة ألىل السنة ،فا٣بوارج ىم أكؿ الفرؽ ا٥بالكة،
كيتصفوف اب١بفاء كا٣بركج عن الدين كتكفّب ا٤بخالفْب كاستحبلؿ دمائهم حٌب من الصحابة،كتكفّبىم
لعلي كعثماف كأبوموسى كمعاكية كعمرك بن العاص كا٢بسن كا٢بسْب كغّبىم.
كمن أمثلة الفرؽ ا٥بالكة ٪بد الركافض الذين كقفوا موقف السوء من الصحابة كسائر أىل السنة.
ٍب نبعت ا٤بعتزلة الذين ملئوا كتبهم سبااب ألىل السنة كا٤بتمسكنب هبا كأطلقوا عليهم ألفاظ لينفركا الناس
عنهمٍ ،ب توالت العصور فظهرت ا٤برجئة كالقدرية كاألشعرية كغّبىا من الطوائف الٍب تتصف بضيق األفق
كالشدة على ا٤بخالفْب.
فا٤بعتزلة ال يرجعوف إذل الكتاب كال إذل السنة ُب الصفات ،كال ُب ا٢بكم على ا٤بخالفْب ،كإ٭با أيخذكف
ما ٛبليو عليهم عقو٥بم ،فهم يقدموف العقل على النقل كيؤكلوف النصوص مع أنو ال تعارض ُب ا٢بقيقة
بْب العقل كالنقل.
كال زاؿ أىل الباطل يصفوف أىل السنة أبقبح الصفات ،كيسبوهنم أببشع السباب ،كالكوثرم مثبل الذم
مؤلكتبو ُب النيل من ابن تيمية كعقيدة أىل السنة الصافية ،كأطلق عليهم عدة ألقاب ابطلة لينفر الناس
عنهم.
كلكن علماء ا٤بسلمْب ردكا على كل أفٌاؾ بردكد كالصواعق ا٤بزلزلة تبْب خطأ كل مفَب كتوضح ضبلؿ كل
مبتدع ،كبينوا أف األمور ترجع إذل الكتاب كالسنة ال إذل ا٣بصومات ،فقد سأؿ عمرك بن قيس ا٢بكم بن
عتبة":ما اضطر الناس إذل ىذه األىواء أف يدخلوا فيها؟" قاؿ " :ا٣بصومات"،79كقاؿ الفضيل " :ال
٘بادلوا أىل ا٣بصومات فإهنم ٱبوضوف ُب آايت هللا".80
يسر هللا ٢بفظ الدين رجاال كىبوا أنفسهم ٣بدمة ىذه العقيدة ا٤بباركة ،كيسر ٥بم األمور كرزقهم الذكاء
كاإلخبلص ،فكانوا جنودا أكفياء لدينهم كبذلوا كل علمهم كجهادىم لدفن كل بدعة ٧بدثة ،كحذركا من
كل صاحب ىول ،ك٫بن نذكر ىنا ما تيسر منهم كمثاؿ على الثراء الفكرم عند علماء السلف على
سبيل ا٤بثاؿ ال ا٢بصر ،كمن ىؤالء ما يلي:
اثنيا :أىم مؤلفات علماء السنة يف بيان العقيدة والرد على ادلخالفُت:
81للدكتور صبلح الدين ا٤بنجد كتيب ابسم أ٠باء مؤلفات شيخ اإلسبلـ ابن تيمية صدر عن دار الكتاب ا١بديد،
بّبكت –لبناف.
55
ألف علماء السلف ُب بياف عقيدهتم كإيضاحها كالرد على ا٤بخالفْب مؤلفات كثّبة مدعومة بنصوص
الكتاب كالسنة كإٝباع األمة ،ما ال يكاد ٰبصى كثرة ،كمن ىؤالء ما يلي:
اإلماـ أٞبد بن حنبل :كمن كتبو :السنة،كاإلٲباف ،كالرد على الزاندقة ،كفضائل الصحابة. أ-
اإلماـ البخارم ،أدكع ُب صحيحة كثّبا من بياف عقيدة السلف،ككذلك ُب كتابو خلق ب-
أفعاؿ العباد ،ككذلك ُب كتابو األدب ا٤بفرد.
اإلماـ مسلم :أكدع ُب صحيحو كثّبا من أبواب العقيدة. ت-
ابن ماجو ُب سسننو. ث-
عثماف بن سعيد الدارميُ :ب كتبو الرد على ا١بهمية ،الرد على بشر ا٤بريسي. ج-
ابن عاصمُ :ب كتابو السنة. ح-
دمحم بن نصر ا٤بركزمُ :ب كتابو السنة. خ-
اإلماـ الطربمُ :ب كتابو صريح السنة. د-
ا٣ببلؿُ:ب كتابو السنة. ذ-
ابن خزٲبةُ:ب كتابو التوحيد كإثبات صفات الرب عز كجل. ر-
الطحاكمُ :ب كتابو العقيدة الطحاكية. ز-
األشعرمُ :ب كتابو اإلابنة عن أصوؿ الداينة. س-
ابن أيب حاًبُ :ب كتابو الرد على ا١بهمية. ش-
ص -ا٢بسن بن علي الربهبارمُ :ب كتاهبالسنة.
ض -اآلجرمُ:ب كتابو الشريعة ،كالتصديق ابلنظر إذل هللا تعاذل.
الدارقطِبُ :ب كتابو أحاديث النزكؿ كتاب الصفات. ط-
ابن بطةُ:ب كتابو اإلابنة الصغرل كالكربل. ظ-
البللكائيُ :ب كتابو شرح أصوؿ اعتقاد أىل السنة كا١بماعة. ع-
شيخ اإلسبلـ ابن تيمية ،ككتبو مشهور ُب ذلك.82 غ-
ابن قيم :كذلك لو مؤلفات مشهورة ؼ-
الشيخ دمحم بن عبد الوىاب :كأىم مؤلفاتو:التوحيد ،ككشف الشبهات ،كغّبىا من الرسائل. ؽ-
82للدكتور صبلح الدين ا٤بمنجد كتيب ابسم "أ٠باء مؤلفات شيخ اإلسبلـ ابن تيمية" صدر عن دار الكتاب ا١بديد،
بّبكت.
56
الشيخ حافظ ا٢بكميُ:ب كتابو معارج القبوؿ كغّبىا من الكتب. ؾ-
ُب عصران ا٢باضر كثّب من أىل العلم األجبلء كتبوا ُب بياف السنة ككضحوىا كردكا على ؿ-
ا٤بخالفْب ،مثل الشيخ ابن ابز كاأللباين كغّبىم.
ككل ما سبق ىو من ابب التمثيل ال ا٢بصر ،فيكاد يكوف مستحيل ٝبع كتاب السلف ا٤بؤلفة ُب ىذا
الباب ،رحم هللا ا١بميع كنفع ٗبؤلفاهتم إنو على كل شيء قدير.
57
الفصل الثاين:
اخلوارج
ا٣بوارج فرقة من الفرؽ االعتقادية ،بسطت نفوذىا السياسي على بقاع كاسعة من الدكلة اإلسبلمية ُب
ا٤بشرؽ كا٤بغرب العريب ،كُب عماف كحضرموت كز٪ببار كما جاكرىا من ا٤بناطق اإلفريقية ُب ا٤بغرب العريب،
كال تزاؿ ٥بم ثقافتهم ا٤بتمثلة ُب ا٤بذىب اإلابضيهناؾ.
كال زالت بعض أفكار ا٣بوارج ،كال سيما األزارقة متواجدة إذل عصران ا٢باضر ،كابألخص تلك األفكار
ا٤بتعلقة بتكفّب العصاة.
كٯبدر التنبيو إذل أف كتب ا٣بوارج تكادتكوف مفقودة ٛباما ابستثناءاإلابضية ،كلذلك نرجع إذل مؤلفاٛبا
كتبو علماء السنة عنهم مع اعتقادان بصحة ما نقلوه عنهم ٤بعايشتهم ٥بم ،كالحتماؿ أهنم عثركا على
كتب للخوارج دل تصل إلينا ،ك ما كصل إلينا من كتب االابضية يدؿ على مصداقهم.83
ادلبحث األول:
ا٣بوارج ُب اللغة ٝبع خارجي ،كىو اسم مشتق من ا٣بركج ،كقد أطلق علماء اللغة ُب آخر تعريفاىم ٤بادة
خرج على ٝباعة من الناس معللْب ذلك ٖبركجهم من الدين أك على اإلماـ علي أك ٣بركجهم على
الناس.84
ُب االصطبلح :اختلف العلماء ُب تعريفهم للخوارج كحاصل ذلك فيما يلي:
– 1منهم من عرفو أبنو ىو ا٣بركج على اإلماـ ا٤بتفق على إمامتو الشرعية ُب أم زماف كمكاف ،كىذا
رأم الشهرستاين كابن حزـ.85
83انظر :ا٣بوارج اترٱبهم كآراؤىم االعتقادية كموقف اإلسبلـ منها ،ص .ب ،للمؤلف رٞبو هللا تعاذل.
84انظر :هتذيب اللغة 50/7كاتج العركس30/2
85انظر :ا٤بلل كالنحل 114/1كالفصل 113/2
58
– 2منهم من خصو ابلطائفة الذين خرجوا على علي هنع هللا يضر ،كىذا رأم األشعرم.86
– 3عرفو بعض علماء االابضية أبهنم طوائف من الناس ُب زمن التابعْب كاتبعي التابعْب أك٥بم انفع بن
األزرؽ عاـ 64ىػ ، 87كقاؿ بو إسحاؽ أطيفش ،كىذا التعريف يستثِب احملكمة األكؿ الذين خرجوا
على علي بن أيب طالب ،كىذا غّب مقبوؿ حٌب عند بعض علماء اإلابضية.
كيَبجح التعريف الثاين لكثرة من سار عليو من علماءالفرؽ ،كىو ما يتفق أيضا مع مفهوـ ا٣بوارج
كطائفة كفرقة ذات أفكار كآراء اعتقادية.
ادلبحث الثاين:
– 1ا٣بوارج:كىو أشهر أ٠بائهم،كيقبلونو على أساس أنو مأخوذ من قوؿ هللا تعاذل {كمن ٱبرج من بيتو
مهاجرا إذل هللا كرسولو ٍب يدركو ا٤بوت فقد كقع أجره على هللا}سورة النساء آية.100كىم ينفونو إذا أريد
بو أهنم خارجوف عن الدين أك عن ا١بماعة،أك عن علي بن أيب طالب ،ألهنم يعتقدكف أف عليا ىو
ا٣بارج عليهم.
– 2ا٢بركرية :كىي نسبة إذل ا٤بكاف الذم خرج فيو أسبلفهم على علي بن أيب طالب،كىو قرب
الكوفة.
– 3الشراة :كىم يفتخركف هبذه التسمية ،كأيخذكنو من قوؿ هللا تعاذل{ :إانهلل اشَبل منا ا٤بؤمنْب
أنفسهم أموا٥بم أبف ٥بم ا١بنة} سورة التوبة آية.111
– 4ا٤بارقة :كأطلقو عليهم خصوما٣بوارج ،لتنطبق عليو أحاديت ا٤بركؽ الواردة ُب الصحيحْب.
– 5احملكمة :كىو ٌأكؿ األ٠باء الٍب أطلقت عليهم ،كقيل إف سبب تسميتهم هبذا ىو لرفضهم ٙبكيم
ا٢بكمْب ،كإما لَبدادىم كلمة " ال حكم اال هلل" كىو الراجح.
- 6النواصب٠ :بوا هبذا ٤ببالغتهم ُب نصب العداء لعلي بن أيب طالب هنع هللا يضر.
اختلف ا٤بؤرخوف كعلماء الفرؽ ُب ٙبديد بدء نشأهتم كخبلصة ذلك مايلي:
– 1أهنم خرجوا ُب عهد النيب صلى هللا عليهوسلم ،كقاؿ هبذا الشهرستاين كابن حزـ كابن ا١بوزم
اآلجرم كغّبىم.
ك ٌ
كيقصد أصحاب أصحاب ىذا الرأم ما حدث من قياـ ذم ا٣بويصرة كىو عبد هللا بن ذم
ا٣بويصرةالتميمي ُب كجو الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص ،معَبضا على القسمة الفيء ،88كلكن ىذا الرأم ٯبانبو الصواب،
إذ أف ذك ا٣بويصرة ال يعترب زعيما للخوارج ،بل ىي حادثة فردية ٙبدث للحاكم أك صاحب السلطة ُب
٨بتلف األزماف ،خصوصا كأف دافع ذك ا٣بويصرة ىو الطمع كسوء األدب مع النيب ملسو هيلع هللا ىلص.
– 2أهنم نشأؤكا ُب عهد عثماف هنع هللا يضر ،كىذا رأم ابن كثّب كابن أيب العز كغّبىم ،89لكن يىرد على ىذا
الرأم أف دافع الثوار ىو قتل عثماف كاالستيبلء على ا٤باؿ ،كدل يكن لديهم فرقة ذات طابع اعتقادم كما
ىو ا٣بوارج بعد ذلك.
– 3أهنم نشأكا ُب عهد علي هنع هللا يضر ،حْب خرج عليو طلحة كالزبّب كىذا رأم الورجبلين من األابضية
كبعض علماء اإلابضية ،90كال يصح كصف طلحة كالزبّب أبهنم من ا٣بوارج كمعهم عائشة ،كقد شهد هللا
٥بم ابإلٲباف كشهد الرسوؿ لطلحة كالزبّب اب١بنة.91
– 4أهنم ظهركا ُب عهد انفع بن األزرؽ سنة 64ىػ ،كدل يقل هبذا سول اإلابضية ،كىو رأم غّب مقبوؿ
لوجود تسلسل األحداث كارتباطها من احملكمة األكذل إذل ظهور انفع بن األزرؽ.
– 5أهنم ظهركا حْب خرج ا٣بوارج من احملكمة عن جيش علي بن أيب طالب ،حيث كاف ٥بم آنذاؾ
92
ا٘باه سياسي كآراء اعتقادية انفردكا هبا عن عموـ أىل السنة كىذا ىو الراجح.
كقعت بْب اإلماـ علي هنع هللا يضر كبْب ا٣بوراج عدة ٧باكرات قبل نشوب ا٤بعركة بْب جيشو كبْب ا٣بوارج حينما
انفصلوا عنو كأظهركا لو العداء عقب أحداث التحكيم بينو كبْب معاكية بن أيب سفياف ،كذلك حينما
طلب منهم علي بياف أسباب خركجهم عليو فأجابوه أبشياء منها:
٤ – 1باذا دل يبح ٥بم ُب معركة ا١بمل أخذ النساء كالذرية كما أابح ٥بم أخذ ا٤باؿ ،كقد كقعت ىذه
ا٤بعركة بْب جيش علي كبْب جيش علي كطلحة كالزبّب ُب أحداث – ليس ىنا ٦باؿ ذكرىا .-
٤ – 2باذا ٧بى لفظ أمّب ا٤برنْب ُب التحكيم بينو كبْب معاكية.
شك فيخبلفتو حينما قاؿ للحكمْب:إف كنت أىبل للخبلفة فأثبتاين ك٤باذا رضي ابلتحكيم؟
٤ – 3باذا ٌ
فأجاهبم علي هنع هللا يضر ٗبا يدحض شبههم ىذه أبجوبة منها مايلي:
– 1أنو أابح ٥بم ا٤باؿ ألنو من بيت ماؿ ا٤بسلمْب ،كأما النساء كالذرية فلم يشَبكوا ُب القتاؿ كىم
مسلموف أيضا ،كدل تكن منهم ردة فبل يسبوفٍ ،ب إنو قاؿ ٥بم " لو إٔبت لكم اسَبقاؽ النساء كالذرية
فأيكم أيخذ عائشة " فخجل القوـ من ىذا ،كرجع معو كثّب منهم.
- 2أما شبهتهم الثانية ،فاستدؿ بفعل الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص يوـ ا٢بديبية ،مع أف النزاع أصبل كاف ُب أمر غّب
ا٣ببلفة كىو مطالبة بدـ عثماف ،مع معرفة معاكية أبفضلية علي ،كهللا أعلم بصحة ىذه الركاية .
– 3أما مسألة الشكٌ ُب خبلفتو ،فقد أجاهبم عن شبهتهم ىذه أبنو أراد العدؿ بينو كبْب معاكية كلو
قاؿ :أحكما رل دل يكن ىذا ٙبكيما ،كأجاهبم أبف الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص ح ٌكم سعد بن معاذ ُب حق كاف لو مع
92انظر لتلك األقواؿ :تلبيس إبليس ص 90كالفصل البن حزـ 157/4كا٤بلل كالنحل للشهرستاين 21/1كشرح
الطحاكية البن أيب العز ص 472كالبداية كالنهاية 189/7كالدليل أىل العقوؿ للورجبلين ص 15كعماف اتريخ
يتكلم للسا٤بي ص 103
93انظر :الفرؽ بْب الفرؽ ص 79كشرح هنج الببلغة 275/2كالكامل للمربد 117/2
61
بِب قريضة ،فرجع مع علي بعد ىذا من رجع ،كحدث قتاؿ بْب جيشو كبْب من بقي من ا٣بوارج فقتلوا
كدل ينج منهم إال تسعة كما قيل.94
ادلبحث الرابع:
ىناؾ أسباب متعددة أدت إذل خركج ا٣بوارج نوجز أٮبها فيما يلي:
كىذا أقول األسباب ُب خركجهم ،إذ أف ا٢بكاـ ُب نظرىم ال يستحقوف ا٣ببلفة لعدـ توفر
شركطا٣بوارجالقاسيةعليهم ،كساىم ُب ذلك عدـ االستقرار السياسيآنذاؾ ،كظنوا أيضا أف القتاؿ بْب
ا٤بسلمْب كاف ألجل ا٣ببلفة ،مع أنو دل يكن كذلك.
- 2قضيةالتحكيم:
كىذا عامل مهم ٣بركجهم ،كذلك حينما أصركا علي علي بن أيب طالب أف يقبل التحيكم ٍب طلبوا منو
أف يرجع كيعلن إسبلمو فرد عليهم ردا عنيفا ،فأظهركا ا٣بركج عليو كنفض أيديهم من طاعتو ك٧باربتو.
– 3جور ا٢بكاـ كظهور ا٤بنكرات ُب نظرىم ،حيث كاف كثّب من ا٣بوراج يردد أف ا٢بكاـ ظلمة كأف
ا٤بنكرات فاشية ،كلكنهم حينما خرجوا فعلوا أضعاؼ ماكاف من ا٤بنكرات كاستحبل٥بم دماء ا٤بسلمْب.
– 4العصبية القبلية :كذلك حينما قامت بعد أف أماهتا اإلسبلـ ،كلكن بقيت بواؽ ُب النفوس أدت
إذل قياـ ا٢بسد مرة أخرل ُب النفوس٩ ،با أذكى انر العداكة كالفرقة بْب ا٤بسلمْب ،ك٩با يذكر عن ا٤بأموف
أنو كاف يرل أف أكثر ا٣بوراج من قبيلة ربيعة حسدا ٤بضر فكاف يقوؿ " كهللا ما خرج اثناف أحدٮبا شاراي
94انظر :اتريخ األمم كا٤بلوؾ للطربم 89/5كالبداية كالنهاية 218/6كالكامل البن األثّب 345/3كمركج الذىب
417/2كانظر :اعَباض علي ٰبي معمر على نتيجة ا٤بعركة ُب كتابو االابضية بْب الفرؽ ص ،68كٙبديدم العدد برقم
تسعة فيو بعد متكلف ،كالركاايت ُب ذلك فيها اضطراب.
62
إال كاف من ربيعة " كيقوؿ " :كهللا ما زالت ربيعة ساخطة على هللا منذ أف جعل نبيو من مضر "،كىناؾ
عوامل أخرل اقتصادية كدينية أدت إذل خركجهم تنم عن جهل مطبق منهم .95
ادلبحث اخلامس:
أوال :حركات اخلوارج الثورية :ابتدأت حركاهتم الثورية منذ خركجهم بعد قضيةالتحكيم على علي بن
أيب طالب ،كمن جاء بعده من ا٢بكاـ األمويْب ،حيث خرجوا ُب شكل عصاابت كٝباعات متفرقة ىنا
كىناؾ ،إذل أف جاء انفع بن األزرؽ سنة 64ىػ فابتدأ ا٣بوارجيظهركف كفرقة كبّبة امتدت إذل عصر
الدكلةالعباسيةٛ ،بثل موضع معارضة لكل خليفة للمسلمْب.
اثنيا :فرق اخلوارج:من رٞبة هللا اب٤بسلمْب أف ا٣بوارج كانوا يتفرقوف ألتفو األسباب ،فلو اٙبدكا لكانت
كارثة على ببلد ا٤بسلمْب ،فمثبل تفرقوا حينما رأل انفع بن األزرؽ عدـ جواز التقية كالقعدة بْب
ا٤بخالفْب ، 96فتفرقوا فرقا كثّبة ابعتبار رأم كل فرقة منهم ،كبعض تلك الفرؽ انتهى ُب كقتو كبعضها
اندمج مع فرؽ أخرل كبعضها رجع عن مقالتو.
اثلثا :عدد فرق اخلوارج :من الصعوبة ع ٌد فرؽ ا٣بوارج األصلية كالفرعية ،فقد اختلف علماء الفرؽ ُب
عددىم ،فعند األشعرم يعدىا أربعا ،كعند غّبىخمسا ،كبعضهم ٜبانية ،كبضعهم ٟبسا كعشرين،
كبعضهم أكثر من ثبلثْب ،كالسبب ُب ىذا االختبلؼ يعود إذل أف ا٣بوارج فرقة حربية متقلبة ،فلم
يتمكن العلماء من حصرىمٍ ،ب إهنم كانوا يتفرقوف كٱبتلفوف ُب آراءىم ألتفو األسباب ،كدل تكن أيضا
95انظر :اتريخ الطربم 84/5كالكامل البن األثّب 344/3كانظر :العقيدة كالشريعة ُب اإلسبلـ ١بولد زيهر ص
192كاتريخ ا٤بذاىب اإلسبلمية أليب زىرة 69/10كفجر اإلسبلـ ألٞبد امْب ص 262كقعة صفْب لنصر بن مزاحم
ص 573
96أم ىل ٰبل ٥بم ا٤بقاـ بْب ا٤بخالفْب أـ ال ٰبل؟ كيكوف ا٤بقيم بينهم كافرا حبلؿ الدموا٤باؿ ،كما يرل ذلك انفع حٌب
كإف كاف منهم ،كحينما كصا انفع إذل إحداث تلك األموربينهم انفصلت عنو النجدات بقيادة ٪بدة بن عامر فقالوا
لنافع :أحدثت ما دل يكن عملو السلف من أىل النهركاف كالقبلة ،فأجاهبم :أبف ىذه حجة عرفها كقامت عليو
كيننبغي األخذ هبا ،ففارقوه.
63
كتبهم معركفة بل أخفوىا خوفا عليها من الناس،إال أف أشهر فرقهم ىي فرقة اإلابضية كما ييذكر ذلك
ُب كتب الفرؽ.97
ادلبحث السادس:
ال بد من كقفة يسّبة عند ىذه الطائفة ،لكوف ىذه الطائفة ال يزاؿ ٥با أتباع كأنصار ُب أماكن كثّب ُب
العادل ،كلكثر ماجاء من أخبارىم السياسية كالعقدية كاالجتماعية ،حيث يوجد أتباعها حاليا ُب ا١بزائر
كتونس كليبيا كعماف كز٪ببار ، 98كدراسة ا٣بوارج أتخذ حيزا كبّبت ٫بيل القارئ فيها إذل االطبلع على
ماكتب عنهم. 99
زعيم اإلابضية :ينسب اإلابضية مذىبهم إذل جابر بن زيد األزدم ،كىو من تبلميذ ابن أ-
عباس ، 100كقد نسبوا أيضا إذل عبد هللا بن ٰبي بن إابض لشهرة مواقفو مع ا٢بكاـ ،كىو
أحد التابعْب عاصر معاكية كابن الزبّب .
ىذا ىو ا٠بو ا٢بقيقي خبلفا ٤با ذكره بعض علماء الفرقكا٤بلطي كصاحب كتاب إابنة ا٤بناىج ،حيث
التبس عليهم ا٠بو إبابض بن عمرك ا٤بسمى بطالب ا٢بق كا٠بو ٰبي بن عبد هللا ،101كبعضهم نفى
نسبتهم إذل ابن إابض كابن حزـ ،102كىذا خطأ منو ككىم ،فهم ال يعرفونو كال يتربؤكف منو.103
97انظر :مقاالت اإلسبلميْب لؤلشعرم 1983/1كالفرؽ بْب الفرؽ ص 24كص 72كإابنة ا٤بناىج ١بعفر بن أٞبد
ص 155كالتنبيو كالرد للملطي ص 167كاتريخ الفرؽ اإلسبلمية ص 268-266كاالعتصاـ للشاطيب .219/2
98انظر :دراسات إسبلمية ُب أصوؿ االابضية ،بكّب سعيد ،ص 136
99مثل ما كتبو علي ٰبي معمر ُب كتبو الكثّبة عنهم :االابذية بْب الفرؽ اإلسبلمية ،كاالابضية ُب موكب التاريخ،
كاالابضية مذىب إسبلمي معتدؿ ،ككذا كتاب السا٤بي عماف اتريخ يتكلم ،كما طتبو د/صابر طعيمة :االابضية عقيدة
كمذىبا ،إألل غّب ذلك من الكتب ا٤بتيسر كجودىا عن ىذه الفرقة.
100انظر :االابضية بْب الفرؽ االسبلمية ص 353
101كطالب ا٢بق ظهر عاـ 128ىػ كأصلو من حضرموت قتل سنة 130ىػ بعد معركة مع جيش ا٣بليفة مركاف بن
دمحم.انظر :التنبيو كالرد للملطي ص 55كإابنة ا٤بناىج ١بعفر بن دمحم ص155
102انظر :الفصل 191/4
103انظر :اإلابضية بْب الفرؽ اإلسبلمية ص48
64
كقد أرخ بعض علماء اإلابضية اتريخ الوقت الذم استعمل فيو اسم االابضية ،حيث ذكركا أنو كاف ُب
القرف الثالث ا٥بجرم ،ككانو يسموف قبلها ٝباعة ا٤بسلمْب ،أك أىل الدعوة ،أك أىل االستقامة ،كما
يذكر ذلك ابن خلفوف من علمائهم – ُب أجوبتو. - 104
اتفقت كلمة علماء الفرؽ على ع ٌد االابضية من ا٣بوارج ،ككافقهم على ذلك بعض زعماء اإلابضية
ا٤بتقدمْب ،خبلفا لبعض ا٤بتأخرين كأيب اسحاؽ أطفيش كعلي ٰبي معمر حيث نفوا أف يكوف االابضية
من فرؽ ا٣بوارج ،كزعما أف اتريخ ا٣بوارج يبدأ من انفع بن االزرؽ سنة 64ىػ ،كنفى كجود صلة مابْب
احملكمة كبْب انفع بن األزرؽ ك٪بدة بن عهامر كغّبٮبا.105
كىذا القوؿ فيو مغالطة خاطئة ،حيث إف أحداث ا٣بوارج متسلسلة منذ خركج احملكمة األكذل إذل ظهور
انفع بن األرزؽ.
ٍب إنو قد كردت تسميتهم اب٣بوارج حٌب قبل ظهور ان فع بن األزرؽ ،كما جاء ُب كتاب كفاء الضمانة
أبداء األمانة ٤بؤلفو العيزايب اإلابضي .106
افَبقت اإلابضية إذل عدة فرؽ ،منها ما يعَبؼ بو االابضية كمنها ما ينكركنو كيشنعوف على من ينسبها
إليهم كمن تلك الفرؽ ما يلي:
ابإلضافة إذل ىذه ،فإف ىناؾ ست فرؽ أخرل لئلابضية ُب ا٤بغرب كىي:
– 1فرقة النكار :ينتسبوف إذل رجل يسمى أاب قدامة يزيد بن فندين ،الذم أنكر إمامة زعيم اإلابضية
اب٤بغرب عبد الوىاب رستم ،كلذلك ٠بوا هبذا االسم.
– 2النفاثية :نسبة إذل رجل يسمى فرج النفوسي،كنفوسة قرية تقع ُب ليبيا.
– 5السكاكية :نسبة إذل زعيمها عبد هللا بن السكاؾ اللواٌبٛ ،بيز ىذا أبقوالو الكفرية كقد تربأت منو
اإلابضية.
كقد شكك علي ٰبي معمر ُب كجود بعض ىذه الفرؽ 108فضبل عن نسبتها إذل اإلابضية إال أف كثّبا
من العلماء يذكركف ىذه الفرؽ ضمن اإلابضية اب٤بغرب.
قامت لئلابضية دكلتاف ،إحداٮبا ُب ا٤بغرب ،كاألخرل ُب ا٤بشرؽ ُب عماف .كذلك كما يلي:
أكال :دكلة ا٤بشرؽ :كقد قامت ُب عماف ،كساعدىا ُب ذلك بعدىا عن دار ا٣ببلفة اإلسبلمية ٍب
مسالكها الوعرة .
كقد ابتدأت منذ أف ىرب إليها بعض ا٣بوارج إثر ىزٲبتهم ُب معركة النهركاف ،كبدأت تقوم غراسها ُب
عماف إذل أف اشتدت قوهتا كقوم عودىا،حٌب قرركا االنصاؿ عن ا٣ببلفة اإلسبلمية كانتخبوا ٥بم خليفو
ا٠بو ا١بلندم بن مسعود األزدم.
اثنيا :دكلة ا٤بغرب:فقد قامت نتيجة النتشار ا٤بذىب اإلابضي بْب قبائل الرببر كذلك عن طريق دعاتو
الذين خرجو من البصرل الٍب كانت تعد مقرىم الرئيسي.
ككاف أكؿ زعيم ٥بم ىو أبو ا٣بطاب عبد األعلى بن السمح ا٤بعافرم ،كاستولوا على طرابلس إال أف جيش
ا٣ببلفة دحر جيوشهم.
ٍب قاـ بعده عبد الرٞبن الرستمي كأسس دكلة اإلابضية الرستمية اب٤بغرب سنة 160ىػ كاستوذل على
أماكن كثّبة.
ٍب تواذل ا٣بلفاء من بعده من عقبو إذل أف بدأ التشتت بْب األسرة الرستمية نتيجة خبلفهم حوؿ ا٣ببلفة،
ٍب انتهى أمرىم هبجوـ الشيعة عليهم بقيادة أيب عبد هللا الشيعي سنة 296ىػ كاالستيبلء على دكلتهم.
تتسم معاملة اإلابضية ٤بخالفيهم ابللْب كالتسامح كجوزكا تزكيج ا٤بسلمات من ٨بالفيهم ،كتعترب ا٤بخالفْب
٥بم من أىل القبلة كفار نعمة كليسوا كفار ملة إال معسكر السلطاف،ىذا ما يذكره بعض علماء الفرؽ،
كاألشعرم ككأيب زكراي ا١بناكم من اإلابضية.
بينما ٪بد بعضهم يذكر عنهم أبنو يركف أبف ٨بالفيهمكفار ملة،كيذكر البعض عنهم أهنم يركف معاملة
القسوة كالشدة مع ا٤بخالف كيستحلوف دماء ٨بالفيهم ،ك٩بن قاؿ بذلك البغدادم كالشهرستاين ،كقاؿ بو
من اإلابضية العيزايب كالوارجبلين.
109انظر :األزىار الرايضية ُب أئمة كملوؾ اإلابضية 148/2ك 152ك٨بطوطو ا٤بارغيِب عن افَباؽ اإلابضية الست
اب٤بغرب ص.7-1
110انظر :عماف اتريخ يتكلم للسا٤بي ص 131كاألزىار الرايضية للباركين 2/2كالكامل البن األثّب 192/5
67
كيرجع ذلك الضطراب كتب علماء االابضية ُب ذلك ،فبينما نرل نقل بعضهم مسا٧بة ا٤بخالف ٥بم إال
أننا ٪بد أف بعض كتبهم ترل أف كل من دل يعتقد مذىب االابضية فهو على الكفر ،كأف هللا ال يقبل دينا
غّب االابضية ،كذلك مثل كتاب العقود الفضية ككشف الغمة كالنيل كشفاء العليل كا٢بجة للعيزايب كغّبىا
من كتبهم ،كيتضح ىذا من خبلؿ التارل:
أكال :اللْب كالتسامح :كنسلط الضوء ُب ذلك على ما قالو عنهم كتٌاب الفرؽ كما قالوه عن أنفسهم ُب
كتبهم.
أما ما قالو عنهم علماء الفرؽ :يرل األشعرم أف اإلابضية ال ترل السف مع ا٤بخالفْب ،كأف دارىم دار
توحيد إال دار السلطاف كال يقتلوف النساء كاألطفاؿ.111
أما ماقالوه عن أنفسهم :فيذكر صاحب كتاب األدايف اإلابضي ككذلك اإلابضي أبو زكراي ا١بناكم أنو
ٯبوز معاملة ا٤بخالفْب معاملة حسنة كلكن على اإلماـ أف يناصبهم العداء حٌب يذعنوا كأنو ُب حاؿ
114
ا٢برب ال ٘بوز غّب دمائهم .113بينما يرل اإلابضي علي ٰبي معمر أنو ال ٯبوز دماء ٨بالفيهم
اتفق ا٣بوارج على الوالء التاـ كالَبضي عن ا٣بليفتْب الراشدين أيب بكر كعمر رضي هللا عنهما دل ٚبرج
فرقة منهم عن ذلك.
أما ا٣بليفتْب عثماف كعلي رضي هللا عنهما ،فقد ىلك ا٣بوارج فيهما كذموٮبا ،كيهمنا ىنا ىو أف نشّب
إذل موقف االابضية كذلك فيما يلي:
ال شك أف عثماف هنع هللا يضر صحايب جليل مشهود لو اب١بنة ،أما اإلابضية فقد كفركه كطعنوا فيو كُب خبلفتو
كما جاء ُب كتاب كشف الغمة ككتاب األدايف للوارجبلين من كتبهم.115
يعتقد اإلابضية كجوب الرباءة من علي هنع هللا يضر كما جاء ُب كتاب كشف الغمة ،كأتكؿ بعضهم كحفص بن
أيب ا٤بقداـ بعض نصوص القرءاف أهنا نزلت ُب علي. 116
كقد شتم االابضية أيضا معاكية كعمرك بن العاص رضي هللا عنهما كشتموا كلعنوا ا٢بسن كا٢بسْب
لقتلهما ابن ملجم كتسليمهما ا٣ببلفة ٤بعاكية ،ككذلك ككقفوا نفس ا٤بوقف أيضا من طلحة كالزبّب
كأكجبوا ٥بما النار ، 117كما كرد كل ذلك ُب كتاب الدليل ألىل العقوؿ للورجبلين ككشف الغمة من
كتبهم .
كىذا خبلفا ٤با ذىب إليو بعض ا٤بعاصرين من االابضية من عدـ تكفّب الصحابة كمدحهم كعلي بن ٰبي
معمر ُب كتابو االابضية بْب الفرؽ 118كىذا خبلؼ ما ذىب إليو علماء اإلابضية أنفسهم.119
عقائداالابضية: د-
لفرقة اإلابضية أقواؿ فقهية كعقائدية ٚبالف فيها ا٢بق ،كسوؼ نقتصر ىنا على أقوا٥بم ُب العقيدة كذلك
فيما يلي:
صفات هللا :انقسموا إذل قسمْب :منهم من نفى الصفات نفيا اتما خوفا من التشبيو -1
بزعمهم ،كقسم منهم يرجع الصفات إذل الذات،فقالوا:إف هللا عادل بذاتو ك٠بيع بذاتو إذل
آخر الصفات.
فالصفات عْب الذات عندىم كما نص على ذلك العيزايب ُب كتابو ا٢بجة ُب بياف احملجة ،كأكلوا
النصوص إذل معاف ليست ىي ا٤برادة ،كاليد ابلنعمة كالوجو ابلذات ك٦بيء هللا ٦بيء أمره،كىكذا ،كما
ذكر ذلك الورجبلين ُب كتابو الدليل ألىل العقوؿ.120
فأىل السنة يثبتوف الصفة كيقولوف إهنا معلومة ،كينفوف معرفة الكيفية كيقولوف :الكيف ٦بهوؿ كالسؤاؿ
عنو بدعة ،كأنو هللا {ليس كمثلو شيء كىو السميع البصّب} سورة الشورل آية 11كىذه اآلية أساس
كاضح ُب إثبات الصفات.121
ينفي االابضية صفة االستواء كيعتقدكف أف هللا ُب كل مكاف ،كىذا ا٢بلوؿ قوؿ غبلة ا١بهمية ،كيفسركف
االستواء ابستواء قدرتو كلطفو فوؽ خلقو.
رؤية هللا تعاذل :ينكر اإلابضية رؤية هللا تعاذل ،الستحالتو ُب العقل ،ككل ما استدلوا بو ُب -3
تعضيد ما ذىبوا إليو من النصوص إما اف نكوف غّب صحيحة الثبوت ،أك صحيحة الثبوت
كلكن أكلوا معانيها إذل معاف ابطلة ،كاستدال٥بم بقولو تعاذل {ال تدركو االبصار كىو يدرؾ
األبصار} سورة األنعاـ آية 103كىذا ُب فيو نفي اإلحاطة كالشموؿ كليس فيو نفي
الرؤية.
كقولو تعاذل {لن تراين كلكن انظر إذل ا١ببل} 122كا٤براد بو ُب الدنيا ،كقد علق إمكاف رؤيتو تعاذل
ٗبمكن كىو استقرار ا١ببل.
قو٥بم ٖبلق القرآف :كما نص على ذلك ابن ٝبيح الورجبلين ُب كتابو مقدمة التوحيد -4
كالدليل ألىل العقوؿ ،123كىذا خبلؼ مذىب أىل السنة كا١بماعة من أف القراف كبلـ
هللا بلغو إذل جربيل،كمنو إذل النيب صلى هللا عليهوسلم ،كالكبلـ صفة هلل تعاذل ،كقد خرج
بعض اإلابضية عن القوؿ ٖبلق القرآف كردكا على من قاؿ ٖبلقو كصاحب كتاب األدايف
كأبو النظر العماين.124
125انظر :مًب النونية للنفوسي ص 12كا٢بجة ُب بياف احملجة ص 23كغاية ا٤براد ص 9كاإلابضية بْب الفرؽ ص
248
126انظر :مًب النونية للنفوسي ص 27
127انظر :كتاب األدايف ص 53
128انظر :مًب نونية للنفوسي ص25
129انظر :غاية ا٤براد ص9
130انظر :قناطر ا٣بّبات 318/1نقبل عن اإلابضية عقيدة كمذىبا ص126
131انظر :كتاب األدايف ص 53كغاية ا٤براد ص 7
132انظر :اإلابضية عقيدة كمذىبا د /صابر طعيمة ص117-116
71
يسموف ا٤بذنب
-12يرل اإلابضية أف االٲباف يزيد كينقص خبلفا لسائر فرؽ ا٣بوارج،لكنهم ٌ
كافرا كفر نعمة كمنافقا ،كيركف أنو ُب االخرة ٨بلد ُب النار إذا مات من غّب توبة ،كىنا
كافقوا فرؽ ا٣بوارج ُب ا٢بكم على العصاة ُب اآلخرة.133
يرل اإلابضية كجوب تنصيب اإلماـ ،134كيركف صحة إمامة ا٤بفضوؿ مع كجود الفاضل، -13
ككافقوا ُب ىذا مذىب أىل السنة ،135خبلفا لرأم بعض فرؽ ا٣بوارج كاحملكمة كالنجدات
من أنو قد يستغُب عن نصب ا٣بليفة إذا تناصف الناس فيما بينهم .
-14يرل االابضية جواز التقية ،136خبلفا ألكثر فرؽ ا٣بوارج،كهبذاتكتفي ٗبا تقدـ ذكره عن
فرقة االابضية.
ادلبحث السابع:
للخوارج مسائل اعتقادية كثَتة خالفوا فيها أىل السنة واجلماعة من أبرزىا ما يلي:
التأكيل ُب اللغة يطلق على عدة معاين ،منها التفسّب،كا٤برجع،كا٤بصّب،كالعاقبة ،كتلك ا٤بعاين موجودة ُب
القرآف الكرًن كقولو تعاذل{ :ىل ينظركف إال أتكيلو} سورة األعراؼ آية 53
كال يلزـ من معرفة التأكيل ٗبعُب التفسّب معرفة التأكيل ٗبعُب ا٤بصّب كالعاقبة ،فقد يعرؼ معُب النص كلكن
ال تعرؼ حقيقتو كأ٠باء هللا كصفاتو.
133انظر :اإلابضية بْب الفرؽ ،علي معمر ص 289كغاية ا٤براد للسا٤بي ص 18
134انظر :اإلابضية بْب الفرؽ ،علي معمر ص 289كغاية ا٤براد للسا٤بي ص 18
135انظر :اإلابضية بْب الفرؽ اإلسبلمية ص 462
136انظر :مسند الربيع بن حبيب 12/3
72
ج -ىناؾ معُب اثلث للتأكيل ُب االصطبلح لدل ا٤بتأخرين ،من علماء علم الكبلـ كأصوؿ الفقو ،كىو
صرؼ اللفظ عن ا٤بعُب الراجح إذل ا٤بعُب ا٤برجوح.
كىذا النوع الثالث مرفوض عند السلف ،كاعتربكه ٙبريفا ابطبل ،137فلم يعرفو سلف األمة كدل يقولوا بو ،
ك٤با ٰبملو من معاف خطّبة على نصوص الشرع.
رأي اخلوارج يف التأويل :اختلف علماء الفرؽ ُب ا٢بكم على ا٣بوارج ،ىل أيخذكف بظواىر النصوص أـ
ابلتأكيل ،أـ أهنم ليسوا على رأم كاحد ،فذىب بعضهم إذل أف ا٣بوارج نصيوف جامدكف على ا٤بعُب
الظاىر من النص ،كىذا رأم أٞبد أمْب كأيب زىرة.138
يؤكلوف النصوص ٗبا يوافق أىوائهم ،كىو رأم ابن ىباس كابنيتيمة كابن
كمنهم من ذىب إذل أف ا٣بوارج ٌ
القيم ، 139كمنهم من ذىب إذل أهنم ليسوا على رأم كاحد فمنهم نصيوف كمنهم مؤكلة كىو رأم
األشعرم ، 140كىو الراجح .
رغم قلة ا٤بصادر الٍب تذكر رأم ا٣بوارج ُب موقفهم ا٢بقيقي من صفات هللا ،إال أنو كردت بعض اآلاثر
عن بعض فرقهم كالٍب تدؿ على حدكث صفات هللا ،كفرقة الشيبانية حيث يقولوف إف هللا دل يكن يعلم
حٌب خلق لنفسو علم ،141كىذا فيو تناقض ظاىر إذ كيف علم أنو دكف علم كىو بغّب علم.
أما االابضية فقد تقدـ أهنم يقفوف موقف النفي كالتأكيل من الصفات ٕبجة االبتعاد عن اعتقاد ا٤بشبهة.
اختلف حكم ا٣بوارج على أىل الذنوب بعد اتفاقهم بصفة عامة على القوؿ بتكفّبىم كفر ملة ،كحاصل
ا٣ببلؼ فيما يلي:
ب – أهنم كفار كفر نعمة كليس كفر ملة ،كعليو االابضية ،حيث ٰبكموف على صاحب ا٤بعصية ابلنار
إذا مات عليها كٰبكموف ُب الدنيا أبنو منافق ،كأف النفاؽ ال يكوف إال ُب األفعاؿ ال ُب االعتقاد.142
أدلتهم:
- 1استدؿ ا٣بوارج ٗبجمل النصوص الٍب تنص على تقسيم الناس إذل مؤمن ككافر ٍ ،ب قالوا :ليس كراء
ذلك ا٢بصر شيء .
كقوؿ هللا تعاذل{:ىو الذم خلقكم فمنكم كافر كمنكم مؤمن}سورة التغابن آية2كقالوا :الفساؽ ليسو
مؤمنْب فإذان ىم كفار.
كىذا االستدالؿ ال ٱبفى أنو استدالؿ ابطل ،فهناؾ قسم اثلث كىم العصاة ،كذكر الفريقْب ال يدؿ
على نفي ماعداٮبا.
- 2استدلوا بقولو تعاذل{ :كمن لكم ٰبكم ٗبا أنزؿ هللا فأكلئك ىم الكافركف} سورة ا٤بائدة آية 44كقالوا
االية تشمل كل من عمل ذنب ،ألنو حكم بغّب ما أنزؿ هللا.
كىذا االستدالؿ ابطل ،ألف اآلية قد تكوف كاردة على من استحل ذلك.
– 3استدلوا ابلسنة بقواللنيب صلى هللا عليهوسلم":ال يزم الزين حْب يزين كىو مؤمن كال يشراب٣بمر
حْب يشرهبا كىو مؤمن كاليسرؽ حْب يسرؽ كىو مؤمن " 143حيث فهموا من ا٢بديث نفي اإلٲباف عنو
ابلكلية .
كىذا االستدالؿ ابطل ،حيث ينصرؼ ذلك إذل مناستحل ذلك الفعل ،أك أف ا٤براد بو نفي كماؿ
اإلٲباف عنهم ،أك نفي اإلٲباف عنهم مقيد ٕباؿ مواقعتهم ذنوب ،كلو كانت الكبائر ٚبرج الشخص
142نقبل عن االاب ية بْب الفرؽ اإلسبلمية عن كتاب ا٤بقاالت ُب القجيم كا٢بديثص 315كانظر :دراسات إسبلمية
ُب أصوؿ اإلابضية ،األصل التاسع ص60
143أخرجو البخارم 13/8كمسلم 54/1
74
ابلكلية من اإلٲباف ٤با أقيم ا٢بد عليهم ،كقد قاؿ الزىرم ُب مثل ىذه االحاديث":أمركىا كما أمرىا من
قبلكم".144
اإلمامة العظمى ىي مشكلة ا٣بوارج العظمى طواؿ العصراألموم كالعباسي ،فجردكا السيوؼ عمليا
انقمْب على سياسات ا٣بلفاء ُب الناس ،كانشغلوا فكراي ُب ٙبديد مهاـ اإلماـ ا٤بنوطة بو كصفاتو
كخصائصو ،كيتبْب ذلك فيما يلي:
الفريق األكؿ :كىم عامة ا٣بوارج يوجبوف نصب اإلماـ كاالنضواء ٙبت لوائو ماداـ على منهجهم.
الفريق الثاين :يركف أنو قد يستغُب عن اإلماـ إذا تناصف الناس فيما بينهم ،كىذا رأم احملكمة كالنجدات
كاإلابضية ،145كاستدلوا على ذلك بعدة مربرات منها ما يلي:
-استندكا إذل ا٤ببدأ القائل "الحكم إال هلل حرفيا" ،كأف ا٢بكم ليس من اختصاص البشر بل ىو
هلل.
-أف الغرض ىو تطبيق الشريعة فإذا أقامها الناس كتناصفوا فبل حاجة لئلماـ.
-أف الكتاب كالسنة دل تشر إذل حتمية تنصيب إماـ.146
كا٢بقيقة أف أكؿ من خالف تلك ا٤بربرات ىم أنفسهم ،فاحملكمة كلوا عليهم عبدهللا بن كىب الراسيب
كالنجدات كلوا عليهم ٪بدة بن عامر ،ككل تلك ا٤بربرات كاىية ،فمن الساذجة القوؿ بتناصف الناس،
فوجود اإلماـ ضركرة عقبل كشرعا.
كأما ما قيل عن االابضية من أهنم يقولوف بذلك147فهو من نسج خصومهم لبث االشاعة الباطلة
عنهم 148كهللا أعلم.
كىم ال يركف اعتبار النسب أك ا١بنس فيما يركجوف ٤بذىبهم ،لكنهمفي ابطنهم أىلكتهم العصبية ٍ ،ب
إف الشرع ال يوجب على اإلماـ هناره صياـ كليلو قياـ ،أك يكوف انتخابو برضى كل أفراد ا٤بسلمْب بل
ينصب إذا اجتمع عليو أىل ا٢بل كالعقد. 149
يعيش اإلماـ عند ا٣بوارج بْب فكي األسد عكس الشيعة ،فّبكف أنو ا٤بثل األعلى كٯبب أف يتصف
بذلك قوال كفعبل .
كترل فرقة البيهسية كالعوفية من ا٣بوارج أف كفر اإلماـ يوجب كفر رعيتو ،إذا دل ٱبرجوا عليو كينكرركا
عليو.
كال شك أف ىذا خبلؼ مقاصد الشريعة من طاعة اإلماـ لتستقيم شؤكف ا٢بياة كأيمن الناس ،كأنو ال
ٯبوز ا٣بركج عليو إال أف يرك كفرا بواحا.
اختلف ا٣بوارج ُب صحة إمامة ا٤بفضوؿ مع كجود الفاضل ،كذلك إذل فريقْب:
ترل فرقة الشبيبية من ا٣بوارج جواز إمامة ا٤برأة مستدلْب بغزالة أـ شبيب أك زكجتو حينما تولت
بعدىاالمامة ،كدخلت مسجد الكوفة ُب مائٍب امرأة ُب زمن ا٢بجاج ،كىذاالرأم ٨بالف لسائر فرؽ
ا٣بوارج كأىل السنة.151
القسم األكؿ:الغبلة ،كىم عامة ا٣بوارج حيث أٝبعوا على أف السيف يعمل ُب ٨بالفيهم كاستحبللدمائهم
كأموا٥بم ،كىذا رأم احملكمة كاألزارقة كالنجدات كغّبىم كما ذكر ذلك األشعرم.152
القسم الثاين :ا٤بائلوف إذل االعتداؿ :كأكثر من برز منهم ىو أبو ببلؿ مرداس بن أدية حيث كاف يقوؿ:
" إان ال ٬بيف آمنا كال ٪برد سيفا "
كمنهم كذلك االخنسية من ا٣بوارج حيث ٰبرموف الغدر اب٤بخالفْب أك قتلهم قبل الدعوة كجوزكا تزيج
األخنسيات من ا٤بخالفْب ،كتبعهم على ذلك البيهسية.
اختلف ا٣بوارج ُب حكمهم على أطفاؿ ٨بالفيهم كدل ٲبيزكا بْب صغّب دل يكلف ككبّب مكلف كذلك فيما
يلي:
الفريق األكؿ :استباح قتؤلطفاؿ ٨بالفيهم معتربا أهنم مثل آابئهم كىم األزارقة كالعجاردة كا٢بمزية كا٣بلفية.
الفريق الثاين :يرل أهنم من أىل ا١بنة كدل ٯبوز قتلهم كىم النجدات كالصفرية كا٤بيمونية
150انظر :الفصل البن حزـ 163/4كاالابضية بْب الفرؽ اإلسبلمية ص 462كآراء ا٣بوارج لعمار الطاليب ص 128
151انظر :الفرؽ بْب الفرؽ ص 110
152انظر :مقاالت االسبلميْب204/1
77
الفريق ا٣بامس :تولوا أطفاؿ ا٤بسلمْب كتوقفوا ُب أطفاؿ ا٤بشركْب كىم اإلابضية.
أما عند أىل السنة فهو أيضا موضع اختبلؼ حيث يرل بعض العلماء أف أطفاؿ ا٤بؤمنْب إذا ماتوا على
اإلٲباف فإف هللا يدخلهم ا١بنة تبعا آلابئهم كما قاؿ تعاذل {كالذينآمنوا كتتبععتهم ذريتهم ا٢بقنا هبم
ذريتهم} سورة الطور آية 21كقد ذكر ابن القيم أهنم ُب ا١بنة دكف خبلؼ ،كيرل بعض أىل العلم أهنم
ٙبت ا٤بشيئة.
أما أطفاؿ ا٤بشركْب عند أىل السنة فقد اختلف فيهم أىل العلم اختبلفا كثّبا ،فمنهم من يرل التوقف ُب
أمرىم فبل ٰبكم ٥بم.
كمنهم من يرل أهنمفي ا١بنة ،كمنهم من يرل أهنم ُب النار ،كمنهم من يرل أهنم ُب منزلة بْب ا٤بنزلتْب أم
بْب ا١بنة كالنار ،كمنهم من برل أف حكمهم كحكم آابئهم ُب الدنيا كاآلخرة ،كمنهم من يرل أهنم
ٲبتحنوف ُب عرصات يوـ القيامة بطاعة رسوؿ يرسلو هللا إليهم.
كقد استعرض ابن القيم أدلة القائلْب بكل قوؿٍ ،ب رجح القوؿ االخّب حيثقاؿ " :كهبذا يتألف مشل
االدلة كلها كتتوافق األحاديث".
كاما ابن حزـ كالنوكم فّباي أف أطفاؿ ا٤بشركْب ُب ا١بنة ،كتوقف شيخ االسبلـ ُب ا٢بكم عليهم ،كقد
جاءت األحاديث اب٤بنع من قتل نساء كذرية ا٤بشركْب خبلفا لرأم ا٣بوارج.153
اختلفت كجهات النظر ُب ا٢بكمعلى ا٣بوارج حسب ما يظهر ،كذلك على قولْب:
القوؿ األكؿ :ا٢بكم بتكفّبىم ،كىؤالء استندكا إذل حديث ا٤بركؽ ا٤بشهور حينما قاؿ النيب صلى هللا
عليو كصلم " ٲبرقوف من الدين كما ٲبرؽ السهم من الرمية"
كإذا كاف بعض العلماء يتحرج من تكفّبىم عموما ،فإنو ال يتحرج من تكفّب بعض فرقهم كالبدعية
الذين قصركا الصبلة على ركعة ُب الصباح كركعة ُب ا٤بساء كا٤بيمونية الذين أجازكا نكاح احملارـ كأنكركا
أف تكوف سورة يوسف من القرآف.154
153انظر :التفسّب القيم ص 451كفتح القدير 98/5كجامع البياف 25/27كطريق ا٥بجرتْب ص 387كالفصل البن
حزـ74/4
78
القوؿ الثاين :ا٢بكم عليهم ابلفسق كاالبتداع كالبغي ،كىؤاء ٙبرجوا من إخراجهم من ا٤بلة،كاكتفوا
بتفسيقهم كا٢بكم ببغيهم.
ٍب إف كثّبا من السلف دل يعاملهم معاملة الكفار كما جرل ٥بم مع علي بن أيب طالب كعمر بن عبد
العزيز فلم تسىب ذراريهم كتغنم أموا٥بم.
ادلراجع
أكالن :مراجع فرقة ا٣بوارج كمنها:
154انظر :ا٤بلل كالنحل 129/1كقصة يوسف فيها الدركس من تقدًن ٨بافة هللا على خوؼ غّبه ككبح ٝباح النفس
ك٨بالفة ا٥بول كدل يكن فيها فحش أك مواعيد فاجرة.
79
الدليل ألىل العقوؿ :للورجبلين. -4
مًب النونية :للنفوسي. -5
كتاب األدايف٤ :بؤلف إابضي ٦بهوؿ االسم. -6
أجوبة ابن خلفوف. -7
تلقْب الصبياف ما ٯبب على اإلنساف :للسا٤بي. -8
كتاب الدعائم :ألٞبد بن النضر. -9
-10مسند الربيع بن حبيب أك ا١بامع الصحيح
-11مدارج الكماؿ نظم ٨بتصر ا٣بصاؿ :للسا٤بي.
-12اإلابضية عقيدة كمذىبان :د .صابر طعيمة.
80
الفصل الثالث:
155
الشيعة
متهيد:
تَبكز الدراسة عن الشيعة ُب بياف ضبل٥بم كإيضاح موقفهم من النصوص كالشعائر اإلسبلمية كموقفهم
منأىل البيت كبياف اعتقادىم ُب القراف الكرًن كالصحابة مهنع هللا يضر،كغّب ذلك من تعاليمهم.
كالشيعة كطائفة ذات أفكار غلب عليهم ىذا االسم كىم من أكذب الفرؽ علىأئمتهم كمن أخطرىا على
ا٤بسلمْب كذلك بسبب:
ادلبحث األول:
155قد يعَبض البعض على تسمية ىؤالءالركافض ابلشيعة ٕبجة عدـ صدقهم ُب تشيهم آلؿ البيت ،ألهنم أعداء آؿ
البيت كليسوا شيعتهم ،كىذا ا٤بعَبض ٧بق ُب ذلك ،كلكن أثبت تسميتهم شيعة كاسم علم يعم ٝبيع اللفرؽ الٍب
تظاىرت ابلتشيع ،كلئبل يعَبض أحد إبخراج بعض الطوائف الٍب تظاىرت بنصرة آؿ البيت حينما تطلق على ا١بميع
تسميتهم ابلركافض كالذين يركف رأم الزيدية مثبل ،كألف تسميتعهم ابلركافض عرفت حينما أطلقها عليهم زيد.
81
أوال :تعريف الشيعة يف اللغة:
كاستعملت مادة "شيعة" كمشتقاهتا ُب القرآف الكرًن مرادا هبا معانيها اللغوية ا٤بوضوعة ٥با ُب عدة معاين،
كذلك كما يلي:
كردت كأريد هبا الفرقة كا١بماعة كما قاؿ تعاذلٍ{:ب لننزعن من كل شيعة أيهم أشد على -1
157
الرٞبن عتيا}سورة مرًن آية 69أم من كل فرقة كٝباعة كأمة
الفرؽ كاألحزاب كما قاؿ تعاذل{:إف الذين فرقوا دينهم ككانوا شيعا لست منهم} سورة -2
األنعاـ آية 159
األمثاؿ كالنظائر كما قاؿ تعاذل{:كلقد أىلكنا أشياعكم} سورة القمر آية 51 -3
ا٤بتابع كا٤بوارل كا٤بناصر ،كما قاؿ تعاذل{:ىذا من شيعتو كىذا من عدكه} سورة القصص -4
آية.15815
– 1أنو علم على كل من يتوذل عليا كاىل بيتو ،159كىذا غّب سديد ألف أىل السنة يتولوف عليا.
– 2ىم الذين نصركا عليا كاعتقدكا إمامتو نصا ،كأف خبلفة من سبقو ظلما لو ،كينقض ىذا ما
اعتقدتو بعض فرؽ الشيعة من صحة إمامة من سبقو كالزيدية كما يذكر ابن حزـ.160
– 3ىم الذين فضلوا عليا على عثماف ،كينقض ىذا ما يعتقده بعض الشيعة من الرباءة من عثماف .
– 4ىو اسم لكل من فضل عليا على ا٣بلفاء الراشدين قبلو كرأل أف أىل البيت أحق اب٣ببلفة كأف
خبلفة غّبىم ابطلة .كىذا ىو الراجح.161
اختلفت أقواؿ علماء الشيعة كغّبىم ُب ٙبديد بدء ظهور التشيع ،كحاصل األقواؿ ُب ذلك كما يلي:
-1أنو ظهر مبكرا ُب زمن النيب ملسو هيلع هللا ىلص ،كعلى يديو ،حيث كاف يدعوا إذل التوحيد كمشايعة علي،
كقد قاؿ هبذا دمحم حسْب الزين من الشيعة كالنوٖبِب ُب فرقو كا٣بميِب كحسن الشّبازم. 162
–2أف التشيع ظهر ُب معركة ا١بمل ،حْب تواجو علي كطلحة كالزبّب ،كقاؿ هبذا ابن الندًن .163
كاف مدلوؿ التشيع ٌإابف الفًب الٍب حدثت بْب علي معاكية تعِب مناصرة كمتابعة علي بن أيب طالب
هنع هللا يضر.
كعلى ىذا الرأم كثّب من الصحابة ،حيث رأكا أف عليا أحق اب٣ببلفة من معاكية بعد اجتماع كلمة الناس
عليو ،كىذا ال يعِب أف يفهم أهنم شيعة اب٤بعُب ا٤بعركؼ ،إذ تطور ا٤بفهوـ إذل مفهوـ مغاير ٥بذا بعد ذلك
ٛباما.
كمع ذلك ،فقد كاف ا٤بتشيعوف معتدلوف ُب ىذه الفَبة ،إذ دل يركا تكفّب ٨بالفيهم ،كدل يسبٌواالصحابة،
كقد اشتهر هبذا ٝباعة من أصحاب علي كأيب االسود الدؤرل ،كأبو سعيد ٰبي بن يعمر ،كغّبىم.168
ٍب تطور بعد ذلك تطورا عنيفا حيث بدأ التشيع ينحى منحى الطعن ُب الصحابة كتكفّبىم كدل يستثنوا
أحدا سول عدد قليل منهم،كسلماف الفارسي كأيب ذر كا٤بقداد كعمار بن ايسر كحذيفة ،ككاف ذلك
بتأثّب ابن سبأ اليهودم كأفكاره.
ٍب تطور مفهوـ التشيع إذل مرحلتو ا٣بطّبة ،كىو القوؿ أبلوىية علي أك أئمة آؿ البيت ،كأكؿ من تزعم
ىذا القوؿ صراحة ىو ابن سبأ ابليهودم ،كقد أحرؽ علي هنع هللا يضر كل من ثبت أنو قاؿ هبذا الكفر.169
اثلثا :أمساء الشيعة :يطلق عليهم اسم الشيعة كالرافضة كالزيدية 170كذلك كما يلي:
ٛبهيد :انقسمت الشيعة إذل فرؽ عديدة أكصلها بعضهم إذل ما يقارب سبعْب فرقة.171
كقد تفاكتت عقائدىم من حيث الغلو ا٤بخرج من ا٤بلة كما دكف ذلك ،كُب دراستنا ىنا سوؼ
نقتصر على أربع فرؽ كاف ٥با دكر ابرز ُب العادل االسبلمي كىي:
-السبئية
-الكيسانية
-الزيدية
-الرافضة ،كىي الواجهة البارزة ُب عصران ا٢باضر للتشيع.
السبب يف تفرق الشيعة :كشأف سائر الفرؽ ا٤بنستبة إذل اإلسبلـ تفرؽ الشيعة إذل عدة أ-
فرؽ كمن أسباب ذلك مايلي:
– 1اختبلفهم ُب نظرهتم للتشيع :فمنهم الغارل الذم يقدس األئمة كيكفر ٨بالفيو،كمنهم من اتصف
بنوع من االعتداؿ.
– 2اختبلفهم ُب تعيْب أئمتهم من ذرية علي كذلك بتنوع فرقهم حسب اختبلفهم ُب تعيْب أئمتهم من
آؿ البيت.
– 3كوف التشيع مدخبل لكل طامع ُب مأرب ،فمنهم الطامع ُب السلطة كمنهم من يطمع ُب االنتقاـ
من اآلخرين كمنهم من أحب الظهور ،كلكنهم اجتمعوا على إحداث انشقاقات كبّبة بْب صفوؼ
الشيعة.
اختلف العلماء ُب عدد فرؽ الشيعة ،فاالشعرم يذكر أهنم ثبلث فرؽ رئيسية كماعداىا فركع، 172
كالبغدادم ٯبعل أصو٥بم أربع ،173كالشهرستاين ٯبعلو أصو٥بم ٟبس ، 174كبعضهم ٯبعلها أقل كبعضهم
أكثر .
اختلف العلماء ُب ع ٌد فرؽ الشيعة كذلك لكثرة ظهور الفرؽ ا٤بتتابعة للشيعة ،بسبب كثرة أىل
األىواء الداخلْب ُب التشيع،كالذين أدخلوا ُب التشيع عقائد ال تتفق مع ركح اإلسبلـ ،كىذا التفرؽ
السريع كالكثّب جعل العلماء ال يتفقوف ُب عدىم ،بل سجلوا ما أمكنهم رصده ٍب إف لتباعد
العلماء عن أماكن نشأة كثّب من فرقهم كاف لو دكر ابرز ُب عدـ رصد كل فرقة تظهر للشيعة ،
ابإلضافة اذل جهود الشيعة ُب اخفاء فرقهم ك٨بططاهتم العقدية عن ٨بالفيهم.
– 1السبئية :ىم أتباع عبد هللا بن سبأ اليهودم،قيل إنو من ا٢بّبة ابلعراؽ ، 175كقيل إف أصلو
ركمي ، 176كقيل إنو من أىل صنعاء من اليمن ، 177كىو الراجح .
كقد أظهر ىذا الرجل اإلسبلـ نفاقا ُب زمن عثماف كألب الناس على عثماف كساىم ُب قتلوٍ ،ب أظهر
178
الغلو ُب علي كآؿ البيتٍ ،ب زعم بعد مقتل علي أنو دل يقتل بل ا٤بقتوؿ ىو شيطاف ٛبثل بصورة علي
ٍ ،ب دعا إذل القوؿ ابلرجعة 179أم برجعة علي إذل الدنيا ٍ ،ب أظهر القوؿ أبلوىية علي.
اختلفت الركاايت ُب فعل علي بن أيب طالب هنع هللا يضر ٘باه ابن سبأ،فبعض الركاايت تذكر أف علي استتابو
ثبلثة أايـ فلم يرجع فأحرقو ُب ٝبلة سبعْب رجبل.180
كبعض الركايت تذكر أف ابن سبأدل يظهر القوؿ أبلوىية علي إال بعد كفاتو.181
كُب ا٢بقيقة ،فإف القوؿ أبف عليا تركو أك نفاه قوؿ ُب نظر ،إذ يستحيل أف يَبكو عليا يعيث فسادا ُب
األرض كيدعوا إذل الوىيتو.
كأما القوؿ بنفيو فقد يقاؿ -إذا صح نفيو -أنو تركو لعدـ ثبوت تلك األقواؿ عليو ،أك أف ابن سبأ قد
يكوف نفاىا أماـ علي ،كىذا ليس ٗبستغرب على من يضمر شرا اب٤بسلمْب ،أك أف يقاؿ أنو نفاه
لعدـ كصوؿ دعواه إذل القوؿ ابلوىيتو ُب ذلك الوقت ،كعندما مات أظهر القوؿ أبلوىيتو ،كىذا األخّب
فيو ٝبع بْب الركاايت ،.كال يتلفت ٤بن حاكؿ التشكيك ُب كجود ابن سبأ من ا٤بؤرخْب من بعض علماء
الشيعة كمن ا٤بستشرقْب.183
كعلى كل حاؿ فقد أظهر ابن سبأ القوؿ أبلوىية علي كأنو دل ٲبت ،بل ا٤بقتوؿ شيطاف ،كأف الرعد
صوت علي كأف الربؽ سوطو كأف االئمة ينبت ٥بم السمن كالعسل من األرض.
كقد رد عليو العلماء كالبغدادم ُب الفرؽ بْب الفرؽ كابن حزـ ُب الفصل ُب ا٤بلل كالنحل بعدة ردكد
عقلية منها ما يلي :
-أف قوؿ ابن سبأ أف ا٤بقتوؿ شيطاف ،فلماذا يلعن ىو كأتباعو ابن ملجم كقد قتل شيطاان.
يرد عليو أف الربؽ كالرعد موجوداف منذ القدـ ،كدل يقل
-أف القوؿ أبف الرعد صوتو كالربؽ سوطوٌ ،
أحد ٕبدكثهما بعد مقتل علي.
-أما القوؿ أبف السمن كالعسل ينبت لؤلئمة 184فيكذبو أف ا٢بسْب كأصحابو قتلوا عطشا ،كدل
ينبت ٥بم السمن كال العسل .
كرغم تفاىات مزاعم ابن سبأ كشيعتو إال أف العلماء قد ذكركا الزامات كردكد كثّبة ٲبكن أف نكتفي منها
ٗبا سبق .
اشتهر الكيسانية ٗبواالهتم البن ا٢بنفية كىو دمحم بن علي بن أيب طالب ٤ ،با نقموا على ا٢بسن
لتنازلو اب٣ببلفة ٤بعاكية ،كقالوا أبنو كصي علي كأكذل اب٣ببلفة من بعده ٍ ،ب قالوا أبف ا٣ببلفة بعد
علي للحسن ٍب للحسْب ٍب البن ا٢بنفية .
-3ادلختارية :يبدك أف ىناؾ خلط بْب علماء الفرؽ بْب الكيسانية كا٤بختارية فمنهم من يعدىا فرقة
187
مستقلة كالشهرستاين ،كمنهم من يعدىا ىي نفسها كالكيسانية كما فعل القمي ُب مقاالتو
.
كالذم يظهر أف الكيسانية كانت فرقة قائمة يتزعمها كيساف ،فلما ظهر ا٤بختار الثقفي انضموا اليو .
كتنسب ىذه الفرقة إذل ا٤بختار بن أيب عبيد بن مسعود الثقفي ،كلد ُب الطائف ُ ،ب السنة األكذل
للهجرة ،كىو ابن لصحايب جليل. 188
كقد نشأ ا٤بختار ذكيا فطنا مراكغا يضمر النفاؽ ُب تشيعو ،كإ٭با كاف يريد مطامح سياسية ،كما ذكر
ذلك ابن كثّب ُب البداية كالنهاية كالشهرستاين ُب ا٤بلل كالنحل .
كقد خاض ا٤بختار معارؾ طاحنة ُب العراؽ خارج منها منتصرا كقتل كثّب من قتلة علي هنع هللا يضر ،فأعجبتو
نفسو ،فأخذ يسجو كسجع الكهاف ،حٌب انفض عنو كثّب من أصحابو ،إذل قتل سنة 67ىػ ُب حربو
مع مصعب بن الزبّب.
كقد ٛبسك ا٤بختار ٗبواالة دمحم بن ا٢بنفية كأظهر ذلك نفاقا ليستدر عواطف الناس فمن ىو دمحم بن
ا٢بنفية :
كبعد كفاتو اختلفت الشيعة ،فمنهم من قاؿ إنو مات كسّبجع ،كمنهم من قاؿ إنو الزاؿ حيا ٔببل
رضول قرب ا٤بدينة،كعنده عيناف تفيضاف عسبل كماء ،كعن ٲبينو أسد ٰبرسو كعن يساره ٭بر ٰبرسو
كا٤ببلئكة تراجعو الكبلـ كأنو ا٤بهدم ا٤بنتظر كأنو سوؼ يرجع ليمؤل األرض عدال .
كقد اختلفت الكيسانية ُب سبب حبس ابن ا٢بنفية ،فمنهم من قاؿ أبف سبب حبسو سر ال يعلمو إال
هللا ،كمنهم من قاؿ إنو عقاب من هللا ،بسبب خركجو إذل يزيد بعد مقتل ا٢بسْب ،كطلبو األماف ،
كقيل عقاب بسبب خركجو من مكو ُب عهد ابن الزبّب كقصد عبد ا٤بلك بن مركاف. 189
كال تدرم كيف تبلدت عقوؿ ىؤالء إذل حد أهنم يعتقدكف أف هللا عاقبو جملرد زايتو للخلفاء كالذين كانت
٥بم أايد مشكورة على ببلد ا٤بسلمْب .
-4الزيدية :بعد مقتل ا٢بسْب ،190ظهرت معظم الفرؽ الٍب تزعم التشيع ،كالٍب ازدادات معها
ا٘باىات الغلو ُب آؿ البيت.
كقد ا٘بهت أنظار الشيعة إذل علي بن ا٢بسْب ا٤بلقب بزين العابدين ،لكنو كاف على كالء اتـ لبِب أمية،
ككاف ال يثق ٗبن يظهر تشيعو ككاف يكرمو يزيد بن معاكية كأيكل معو كىو خليفة ،191ككاف أكالده ىم
زيد بن علي كدمحم بن علي ا٤بكُب أبيب جعفر الباقر كعمر بن علي.192
كاختلف الشيعة ُب زيد كدمحم أيهم أكذل ابالمامة ،فذىب طائفة منهم إذل إمامة زيد ك٠بوا ابلزيدية كمن
ٍبٌ ُب عقبو ،كيشَبطوف خركج اإلماـ بسيفو سواء أكاف من أكالد ا٢بسن أك من أكالد ا٢بسْب ،أم
اشَبطوا أف تكوف ُب أكالد فاطمة كما ترل ا١باركدية.193
كقد كصف الزيدية ابالعتداؿ ،غّب أف ا٢بق ىو أف الزيدية ٱبتلف ا٤بتقدموف منهم عن ا٤بتأخرين ،
فا٤بتقدموف يؤمنوف ٖببلفة الشيخْب كمتبعوف ألقواؿ زيد ،كأما ا٤بتأخرين فيعدكف رافضة ،كيرفضوف إمامة
الشيخْب كيك ٌفركف الصحابة ، 195كٲبكن تسليط الضوء على صاحب مذىب الزيدية كىو زيد بن علي
بن ا٢بسْب فيما يلي :
ىو زيد بن علي بن ا٢بسْب بن علي بن أيب طالب ،كلد سنة 80ىػ تقريبا ،كتوُب سنة 122ىػ .
كقد كاف زيد شخصية فذة كذا علم كفقو كتقول،كقد أخذ عن كاصل بن عطاء كأيب حنيفة ،196كقد كاف
أبو حنيفة ٲبيل إذل زيد كيتعصب لو.197
خرج زيد على األمويْب كأشهر السبلح ُب كجوىهم ،منكرا للظلم كا١بور ُب نظر بعض ا٤بؤرخْب ،بينما
يرل البعض أف خركجو كاف رد فعل ٤با تصرؼ معو ا٣بليفة ىشاـ بن عبد ا٤بلك بقسوة كعنف ُب قصة
مفادىا أنو دل يؤذف لو ابلدخوؿ على ىشاـ لثبلثة أايـ حينما جاء إليو من ا٤بدينة ،ك٤با دخل اهتمو
ا٣بليفة أبنو أبيريد ا٣ببلفة ٍ ،ب أمره اب٣بركج ،فقاؿ زيد :أخرج كال أكوف إال حيث تكره .
فأٝبع على ا٣بركج على ىشاـ ،كاجتمع لو جيش كبّب من الرافضة ،ك٤با تراءت ا١بيوش جيوش ا٣ببلفة
كجيش زيد الذم كاف معظمو من الرافضة ،رأل الرافضة ُب جيش زيد أف يلولوا ىاربْب من ميداف ا٤بعركة
لزيد آراء انفرد هبا عن عموـ أقواؿ الشيعة ا٤بتضاربة كمن أبرزىا ما يلي:
ُ – 1ب السياسة :برل زيد جواز إمامة ا٤بفضوؿ مع كجود الفاضل ،كىي ليست كراثة ،ككاف يرل
تفضيل علي على الصحابة كيرل صحة خبلفة أيب بكر كعمر ٤بصلحة رأكىا. 199
– 2القوؿ بعدـ عصمة األئمة ،أك كصايتهم ،من النيب ملسو هيلع هللا ىلص ،كما تقوؿ اإلمامية.200
– 3دل يقل اب٤بهدم ا٤بنتظر كال الغائب ا٤بكتوـ ،201خبلفا لكل فرؽ الشيعة الٍب ترل كل طائفة منهم
أف ٥با مهداي منتظرا ٱبرج ُب نصرهتا ،202كأىل السنة يؤمنوف ٗبجيء مهدم ُب آخر الزماف على ما بينتو
األحاديث -203كما يذكر ذلك أبو زىرة ،أما األشعرم فقد نقل أف الزيدية يقولوف بتخليد مرتكب
الكبّبة ُب النار ،204كأىل ا٢بق يقولوف أنو ٙبت ا٤بشيئة.
198انظر :الكامل البن األثّب 229/5ك ص 235كص 247-242كانظر :مركج الذىب 220-217/3كالبداية
كالنهاية 330-329/9كمقاتل الطالبيْب ص ،102-86كٯبب اف ندرؾ أف ا٤ببالغات الٍب ذكرىا ا٤بسعودم
كاألصفهاين صاحب مركج الذىب كانت بناء على تشيعهما.
199انظر :ا٤بلل كالنحل 155/1كاإلماـ زيد ص 188
200انظر :اإلماـ زيد ص ،191كلكن الزيدية ُب عصران ا٢باضر يقولوف بعصمتهم .انظر :نصيحة اإلخواف ص 4
201كقد زعمت ا١باركدية من الزيدية أف دمحم بن عبد هللا بن ا٢بسن دل ٲبت ،كانو ٱبرج كيغلب ،كفرقة أخرل ززعمت
أف دمحم بن القاسم صاحب الطالقاف حي دل ٲبت ،كأنو ٱبرج كيغلب ،كفرقة قالت مثل ذلك ُب ٰبي بن دمحم صاحب
الكوفة .انظر :مقاالت االسبلميْب141/1
202انظر :اإلماـ زيد ص 195
203توجد فركؽ بْب أىل السنة كالرافضة ُب ا٤بهدم كثّبة ،ىذا أحدىا ،كمنها ٛبسة ا٤بهدم عند اىل السنة ٗبحمد
بن عبد هللا ،كعند الرافضة دمحم بن ا٢بسن العسكرم ،كمهدم السنة ٰبكم ابلشريعة اإلسبلمية كمهدم الرافضة ٰبكم
بشريعة آؿ داكد ،كمهدم السنة نعمة عليهم ،كمهدم الرافضة نقمة كببلء ،كمهدم السنة يتميز ابلعدؿ ،كمهدم
الرافضة إلعبلء أمرىم فقط ،كمهدم السنة يفر إذل البيت ا٢براـ كيتبعو الناس فيبايعونوف دكف حرص منو عليها ،كمهدم
91
– 4أف مرتكب الكبّبة ُب منزلة بْب ا٤بنزلتْب كلكنو ال ٱبلد ُب النار ،خبلفا لرأم ا٤بعزلة الذين يقوؿ
اب٤بنزلة بْب ا٤بنزلتْب مع ٚبليده ُب النار كما يرل أبو زىره بينما يرل االشعرم أف الزيدية يقولوف ابلتخليد
ُب النار. 205
- 5اتفق الزيدية مع أىل السنة ُب اإلٲباف ابلقضاء كالقدر كأهنا من هللا كأف العبدؿ لو مشيئة كاختيار
بتمكْب من هللا كأنو ٰباسب على فعلو. 206
– 6دل يقل ابلبداء على هللا ،كافق أىل السنة ُب علم هللا األزرل. 207
7دل يقل ابلرجعة ا٤بزعومة عند الشيعة ،الٍب مرداىم منها أف يرجع من ظلم آؿ البيت فينتصف
آؿ البيت منهم بعد قياـ ا١بميع من قبورىم قبل يوـ القيامة. 208
ىذه أىم آراء زيد إال أنو مع األسف دل تستمر الزيدية على تلك االصوؿ ،فا٫برفوا إذل مذىب االثِب
عشرية ُب كثّب من فرقهم ،فقالوا ابلرجعة209كرفضوا خبلفة الشيخْب 210كأبطلوا إمامة الشيخْب ،كقالوا
بعصمة األئمة كا١باركدية كالسليمانية كا١بريرية كالبَبية أك الصا٢بية كاليعقوبية ،ككلها من فرؽ الزيدية ،
كأشهرىا ا١باركدية .
-5الرافضة :
معٌت الرفض فياللغة واالصطالح: أ-
الرافضة ٱبرج ٗبشيئتو على اختبلؼ بينهم ُب مكاف خرةكجهو كمهجي السنة لو مدة ٧بدكدة كمهجي الرافضة ليس
٢بكمو ٙبديد.إذل أخرالفركؽ بْب أىل السنة كالرافضة ُب قضية ا٤بهدم.
204انظر :مقاالت االسبلميْب 149/1كاتريخ الفرؽ اإلسبلمية ص 294
205انظر :اإلماـ زيد ص 204
206انظر :اإلماـ زيد ص 208
207انظر :اإلماـ زيد ص 211كانظر :مواقف الرافضة منو ،مقاالت اإلسبلميْب 113/1
208انظر :مقاالت اإلسبلميْب لؤلشعرم 144/1عن فرقة البَبية منهم ،كص 145عن فرقة اليعقوبية حيث ظلوا
على رأم زيد ُب إنكار الرجعة.
209كالفرقة ا٣بامسة منهم فإهنم ال ينكركف رجعة األموات قبل يوـ القيامة .انظر :مقاالت االسبلميْب145/1
210كما ىو مذىب ا١باركدية فيها كمذىب السليمانية ُب تكفّبىم عثماف هنع هللا يضر عند االحداث الٍب نقمت عليو ،أك
الرباءة منو كما ىو مذىب البَبية أصحاب ا٢بسن بن صاحل بن حي ،كالنعيمية أصحاب نعيم بن اليماف حيث تربأكا
من عثماف كمن ٧بارب علي ،كشهدكا عليو ابلكفر ،كذكر األشعرم بعد ذكره ما تقدـ أف الفرقة ا٣بامسة من الزيدية
يتربأكف من أيب بكر كعمر.
92
الرفض ُب اللغة أيٌب ٗبعُب الَبؾ ،كما ذكر ذلك صاحب الصحاح كالقاموس احمليط.211
كُب االصطبلح :يطلق على طائفة ذات أفكار كآراء اعتقادية رفضت خبلفة الشيخْب كأكثر الصحابة
،كزعموا أف ا٣ببلفة ُب علي كذريتو من بعده بنص من النيب ملسو هيلع هللا ىلص كأف خبلفة غّبىم ابطلة .
٠بوا لرفضهم اإلماـ زيد بن علي بن ا٢بسْب ، 212كقيل ٠بوا لرفضهم أكثر الصحابة كإمامة الشيخْب
213كقيل لرفضهم الدين ،كالراجح ىو القوؿ الثاين كالمنافاة بْب بينو كبْب األكؿ ،فهم قد رفضوا
الصحابة ككفركىم كرفضوا كذلك زيد بن علي بن أيب طالب .
وجود الرافضة قبل اتصاذلم بزيد :كجدت الرافضة قبل اتصا٥بم بزيد ،متشبعْب أبفكار ث-
اليهودم ابن سبأ ،ك٥بذا طلبو من زيد موافقتهم ك٤با دل ٯبب رفضوه .
ٌ
أمساؤىم قبالتصاذلم بزيد: ج-
ا٣بشبية ،كذلك ألهنم كانوا يقاتلوف اب٣بشب كال ٯبيزكف السيوؼ إال ٙبت إماـ معصوـ.
214
كمن أ٠بائهم اإلمامية لزعمهم أف اإلمامةكانت ابلنص لعلي كأكالده من بعده.
للرافضة فرؽ كثّبة اختلفت ُب بعض مسائل االعتقاد كا٤بهدم 215كالرجعة 216كغّبىا كاتفقت كلها
على حوؿ إمامة علي كأحقيتو هبا كأكالده من بعده .
كأشهر فرقهم احملمدية كاالثنا عشرية ،كىذا بعض التفصيل حو٥با :
كلد دمحم سنة 93ىػ ،217كقد كاف صاحب علم ككرع ،خرج من ا٤بدينة على ا٣بليفة ا٤بنصور ،ككاف
ذلك بتأثّب دعوة ا٤بغّبة بن سعيد العجلي الذم أخذ يدعوا الناس إذل االعتقاد أبف دمحمج بن ا٢بسن ىو
ا٤بهدم ا٤بتظر ،كنشر ُب الناس أف سيكوف لو ملكا سيمتد طويبل كسيمؤل األرض عدال ،فأرسل إليو
ا٤بنصور جيشا بقيادة عيسى بن موسى فقتل دمحم بن ا٢بسن ُب تلك ا٤بعركة 218فلما قتل اكتشف
أصحابو زيف دعول ا٤بهدية فيو فرجعوا عن ىذا االعتقاد ،كبقيت طائفة على اعتقادىم فيو كزعموا أنو دل
ٲبت كأف ا٤بقتوؿ شيطاف ،كزعموا أف دمحم بن ا٢بسن ال يزاؿ حيا ُب جبل حاجر بنجد. 219
تعترب االثِب عشرية الواجهة الرئيسية للتشيع ُب عصران ا٢باضر ،كأشهر فرقهم ،كأكثرىا انتشارا ،ينتنمي
إليها أكثر الشيعة ُب العراؽ كإيراف كابكستاف كغّبىا من البلداف ،حٌب زعم ا٣بنميِب أف أتباعو يبلغوف
200مليوف ،كزعم أف نواة التشيع ُب اإلسبلـ ىو الرسوؿ كعلي كخدٯبة كأف الرسوؿ كاف يدعوا إذل
التشيع من نقطة الصفر كما تبجح بذلك ُب كتابو كالية الفقية. 220
لبلثنا عشرية أ٠باء أطلقت عليهم بعضها من قبل ٨بالفيم كبعضها من قبلهم ىم ،كأبرزىا ما يلي :
-1االثنا عشرية : 221كذلك الهنم يعتقدكف إبمامة اثنا عشر رجبل من آؿ البيت أك٥بم علي بن
أيب طالب كآخرىم دمحم بن ا٢بسن العسكرم كىو ا٤بهدم ا٤بنتظر عندىم ، 222كىؤال االثِب
عشر ىم :
كمن ا٤ببلحظ أهنم حصركا اإلمامة ُب أكالد ا٢بسْب دكف أكالد ا٢بسن .
– 2ا١بعفرية :نسبة إذل جعفر الصادؽ ،الذم زعموا أهنم بنوا مذىبهم ُب الفركع على أقوالو
كآرائو كلذلك ٰببوف ىذا اإلسم أف يطلق عليهم -.كما ذكر ذلك ا٣بميِب ُب الوصية اإل٥بية
كالشّبرازم ُب قضية الشيعة -كىو ُب ا٢بقيقة برمء منو ،كمانسبوه إليو ٚبرصات كأكاذيب نسوهبا
إليو.223
0 3الرافضة :كىذا اإلسم غّب ٧بحبوب لديهم ،كقد ٠بٌو بو إما لرفضهم مناصرة علي بن أيب
طالب ،كإما لرفضهم أئمتهم كغدرىم هبم ،كإما لرفضهم الصحابة كإمامة الشيخْب ،كإما لرفضهم
الدين .
كلكن يوجد ُب بعض ركاايت الشيعة أف هللا ٠باىم ابلرافضة كما أكرد ذلك الكليِب ُب كتاب الركضة
من كتاب الكاُب ، 224كلعل ىذا من قبيل ٧باكلتهم ٙبسْب اإلسم بعد اشتهاره عليهم .
– 4اإلمامية :ك٠بٌوا بذلك إما نسبة إذل اإلماـ أم ا٣بليفة ،ألنو آكد أصوؿ الدين عندىم ،أك
٠بوا بذلك النتظارىم إماـ آخر ،سيظهر ُب آخر الزماف كىو الغائب ا٤بنتظر ،كقيل ٠بوا بذلك
نص على إمامة علي كأكالده من بعده ،كاختار الشهرستاين ىذاالتعريف
لزعمهم أف الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص ٌ
كنص عليو الشّبازم من علمائهم 225أك النتظارىم إماـ آخر الزماف الغائب ا٤بتظر.226
– 5ا٣باصة :كىذه التسمية ىم الذين أطلقوىا على أنفسهم ،كيسموف غّبىم من ا٤بسلمْب
العامة كىذا فيو شبو من اليهود. 227
223انظر :مؤٛبر النجف ص 1-1من ا٣بطوط العريضة كالوصية اإل٥بية للخميِب ص 5كقضية الشيعة ص 3
224انظر :الشيعة كالتشيع نقبل عن الكاُب – كتاب الركضة ص 34
225انظر :ا٤بلل كالنحل 62/1كقضية الشيعة ص 3
226انظر :قضية الشيعة ص 271
227انظر :أكجو الشيبو بْب اليهود كالرافضة ُب العقيدة ،رسالة ماجستّب للجميلي ،كانظر كتاب رسالة ُب الرد على
الرافضة.
95
سبب انتشار مذىب الرافضة وأماكن انتشارىم : ب-
انتشر ىذا ا٤بذىب انتشارا كاسعا كذلك يعود إذل أمرين :
كالثاين :جهل ا٤بسلمْب ٕبقيق مذىب الرافضة ،مع انتشار كسائل الرافضة للدعوة إذل مذىبهم .
أىم األماكن اليت انتشر فيها ادلذىب االثنا عشري : ح-
– 1ايراف :كىو ا٤بذىب الر٠بي للدكلة بعد أف اعلن ذلك ا٣بميِب كن ٌكل ابلسنة لردىم عن دينهم.
– 2العراؽ.
– 3ا٥بند .
– 4ابكستاف .
ُ – 5ب عدة بقاع من العادل ،حيث ٥بم انتشار متفرؽ ُب بعض الدكؿ كسوراي كلبناف كدكؿ ا٣بليج ككثّب
من البلداف اإلسبلمية .
انقسمت اإلثِب عشريةإذل فرؽ كثّبة ،228من أشدىا خطرا كأتثّبا كنفوذا ُب العادل االسببلمي فرقتاف كٮبا
:
– 1الشيخية :كقد يقاؿ ٥بم األٞبدية ، 229كتنسب إذل رجل يقاؿ لو الشيخ أٞبد بن زين الدين
اإلحسائي البحراين كلد ينة 1166ىػ كتوُب سنة 1243ىػ .
كىو ضاؿ ملحد لو كثّب من اآلراء الكفرية ،عاش ُب مدف الشيعة ا٥بامة مثبل كرببلء كطوس كغّبىا
انشرا أفكاره كمعتقداتو .
228عند األشعرم 30فرقة ،كُب ٨بتصر التحفة االثِب عشرية أهنم 39فرقة .ص21
229انظر٨ :بتصر التحفة االثِب عشرية ص22
96
– يزعم أف هللا ٘بلى ُب علي كأكالده األحد عشر ،كأهنم مظاىر هللا تعاذل .
– أرجع كجود الكوف إذل كجود األئمة كأهنم ىم العلة ا٤بوثرة ُب الكوف.
– يزعم أف ا٤بهدم يظهر ُب كل مكاف بصورة رجل مؤمن ٍب ادعى نفيو ىذا االعتقاد.
– 2الرشتية :كىي الفرقة الثانية ُب اإلثِب عشرية ،كظهرت بعد ىبلؾ اإلحسائي،حْب قاـ ابألمر من
بعده أحد تبلمذتو كيسمى كاضم الرشٍب 230سنة 1242ىػ ،كقد خالف شيخو ُب بعض ا٤بسائل
ٰبل فيو حٌب يظهر ا٤بهدم
حيث أنو ادعى أف ا٤بهدم ركح األبواب حل فيو ،كلكنو زعم أنو آخر إنساف ٌ
.
كقد نشر مذىبو ُب كثّب من بلداف ا٤بسلمْب كإيراف كعربستاف كأذربيجاف كالكويت كا٥بند كابكستاف.
كغّبىا ،كىناؾ فرقة أخرل ىي ٧بل نظر ىل تلحق ابلشيعة ،اك الصوفية كىي النور ٖبشية نسبة إذل رجل
يسمى دمحم نور ٖبش القوىستاين ا٤بولود سنة795ىػ.231
ادلبحث السابع:
للرافضة اعتقادت كثّبة إال أننا سنقتصر على أىم ا٤بسائل االعتقادية عندىم ،كٲبكن إٯبازىا فيما يلي
ىذه القضية ىي أىم القضااي ُب االعتقاد الشيعي ،كيدكر عليها أكرب ا٣ببلؼ بْب السنة كالشيعة
الرافضة ،كالرافضة يعتربكف اإلمامة متسلسلة ُب آؿ البيت ،كيعتقدكف أهنا ركن من أركاف اإلسبلـ،
كيعتقدكف أهنا منصب اثبت من عند هللا ،كفيما يلي نستعرض أىم آرائهم فيها :
– 1أف اإلماـ لو صلة ابهلل كصلة األنبياء كالرسل،232كما أكرد الكليِب ُب الكاُب عن أيب عبد هللا أنو
قاؿ " :أيشرؾ بْب األكصياء كالرسل ُب الطاعة " 233ككردأيضا أف اإلماـ يوحى إليو كما أكرد ذلك
الكليِب ُب كتاب ا٢بجة من كتاب الكاُب ،234كأف رتبتو ال يصل إليها ملك مقرب كال نيب مرسل كما
ذكر ذلك ا٣بميِب ُب كالية الفقيو. 235
– 2أف اإلٲباف ابإلماـ جزء من اإلٲباف ابهلل ،كأف معرفة هللا ال تكفي بدكف معرفة اإلماـ حيث كرد ُب
236
الكاُب عن جعفر الصادؽ أف معرفة هللا ىي " تصديق هللا كتصديق الرسوؿ كمواالة علي"
– 3حرفوا معاين القرآف الكرًن إذل أىوائهم ،حيث صرفوا معاين النصوص إذل ما يوافق اعتقاداهتم
كأىوائهم زاعمْب أهنا ىي ا٤بقصودة،كاألمثلة على ذلك كثّبة منها ما يلي :
أ – فسركا قوؿ هللا تعاذل{:كجعلنا لو نورا ٲبشي بو ُب الناس}كأكلوا النور ىنا أنو ىو علي كاألئمة من
بعده كما جاء ُب الكاُب.237
232انظر :ابب االضطرار إذل ا٢بجة ص 128كابب طبقات األنبياء كالرسل كاألئمة ص 133كابب الفرؽ بْب
الرسوؿ كالنيب كاحملدث ص ُ 134ب الكاُب ،ا١بزء األكؿ.
233الكاُب 143/1
234انظر :الكاُب ،كتاب ا٢بجة 134/1،كذكر ركاايت كثّبة.
235انظر :كالية الفقيو ،ص61
236الكاُب 138/1
237الكاُب 150/1
98
ب – فسركا قوؿ هللا تعاذل { :من جاء اب٢بسنة فلو خّب منها كىم من فزع يومئذ آمنوف كمن جاء
ابلسيئة فكبت كجوىهم ُب النار }سورة النمل آية 89كفسركا ا٢بسنة أبهنا معرفة الوالية كحب آؿ البيت
كالسيئة إنكار الوالية كبغض آؿ البيت كما ُب الكاُب.238
ج – فسركا قوؿ هللا تعاذل { :كلك قوـ ىاد }سورة الرعد آية 7أم إماـ يهديهم ابتداء من علي
كانتهاء اب٤بهدم ،كما جاء ُب الكاُب ،إذل غّب ذلك من النصوص الٍب أكلت عن معانيها . 239
– 4يعتقدكف أف األئمة ىم من ٝبع القرآف كلو كما أينزؿ ،240كىذا خبلؼ قوؿ أىل السنة الذين
يعتقدكف أف أكؿ من ٝبع القرآف ىو أكؿ خليفة ُب اإلسبلـ كىو أبو بكر الصديق هنع هللا يضر .
– 5أف األئمة عندىم اسم هللا األعظم ،241كعندىم مصحف فاطمة كا١بفر.
كا١بفر ىو كعاء من أدـ فيو علم النبيْب كالوصيْب كعلم العلماء من بِب إسرائيل ،كتنص ركاايت أخرل
على أف ا١بفر ىو العلم اإلٝبارل بلوح القضاء كالقدر ،كما كاف كما سيكوف من ا٢بوادث إذل قياـ
الساعة.
كمصحف فاطمة ىو مثل قرآننا ثبلث مرات مافيو حرؼ كاحد من قراننا ،كما جاء ذلك ُب كتاب
ا٢بجة من كتاب الكاُب.242
– 6أف األئمة ال ٲبوتوف إال ٗبشيئتهم ،243كأف اإلماـ إذا مات يغسلو االبن األكرب الذم يليو ُب
اإلمامة ،244ك٥بم ركاايت كأساطّب ُب قضية خلق اإلماـ ،كما جاء ذلك ُب كتاب الكاُب كغّبه من
أمهات كتبهم .245
238الكاُب 142/1
239الكاُب 148/1
240انظر :ابب أنو دل ٯبمع القرآف كلو إال األئمة عليهم السبلـ ،كأهنم يعلموف علمو كلو ،الكاُب ، 178/1كأكرد
ركاايت كأحاديث كثّبة نسبها إألل أيب عبد هللا كأيب جعفر.
241انظر :الكاُب 178/1ابب ما أعطي األئمة عليهم السبلـ من اسم هللا األعظم.
242انظر :كتاب ا٢بجة من الكاُب 185/1ابب فيو ذكر الصحيفة كا١بفر كا١بامعة كمصحف فاطمة ع كاألحاديث
كما يسموهنا ،كىي ٙبوم كثّبا من الغلو الفاحش.
243الكاُب201/1
244الكاُب 315/1
245انظر :الكاُب318/1
99
أدلتهم على معتقدىم يف االمامة :
استدلوا بكثّب من اآلايت الٍب أ ٌكلوىا حسب معتقدىم ، 246كاستدلوا بكثّب من االحاديث كالركاايت
ا٤بكذكبة ا٤بنسبوة إذل األئمة كغّبىم ،غّب أننا نريد أف نذكر أبرز الركاايت الٍب استدلوا هبا.
كىي ُب ٦بملها ركاايت كاردة ُب فضائل علي،كالواقع أف أىل السنة ىم من يذكر فضائل علي كيتباىوف
هبا إال أهنم ٱبالفوف الرافضة ُب استدال٥بم هبا كمن ذلك ما يلي :
أ – قالو أبف أمر اإلمامة ال ٰبتمل عدـ البياف ،كالرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص بعث لرفع ا٣ببلؼ ،كقالوا أبف ا٣بليفة من
بعده ىو علي. 247
248
ب–استدلوا بقوؿ النيب ملسو هيلع هللا ىلص ":من كنت مواله فعلي مواله "
249
ج – استدلوا بقوؿ النيب ملسو هيلع هللا ىلص" :أقضاكم علي "
د – استدلوا بقوؿ النيب ملسو هيلع هللا ىلص " :أنت مِب ٗبنزلة ىاركف من موسى " 250كزاد الرافضة ُب ا٢بديث":إال أنو
251
ال ينبغي أف أذىب إال أنت كخليفٍب"
يؤمر على علي أحد من الصحابة ُب الغزكات ،كاستنبطوا من ذلك أنو ىو
ىػ – قالوا أبف الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص دل ٌ
األمّب من بعده.252
ك -أف الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص أرسل عليا بسورة الفاٙبة ليقرأىا على الناس ُب ا٢بج مع أف األمّب ُب ا٢بج ىو
أاببكر الصديق.253
246246أدلتهم على ذلك كثّبة جدا ،حيث لفقوا عشرات األحاديث ُب إثبات الوصية كا٣ببلفة ُب علي كأكالده كما
فعل العامل ُب كتابو ا٤براجعات .انظر :ص 246-239كانظر :اباب خاصا ُب الصوية ىو ا٤براجعة رقم .68
247انظر :فصل ا٣بطاب ُب ٙبريف كتاب رب األرابب ص 13
248الكاُب 233/1
249اا٤بلل كالنحل 163/1
250صحيح البخارم 71/7
251انظر :ا٤براجعات ص .162
252انظر :ا٤بلل كالنحل 163/1
253انظر :أضواء على خطوط ٧بب الدين ص 95
100
الرد على استدالذلم األول كىو قو٥بم أف أمر اإلمامة ال ٰبتمل عدـ البياف:
أما قو٥بم أف أمر اإلمامة ال ٰبتمل عدـ البياف كأف الرسوؿ قد بينو ،فنقولبل ٫بن نعتقد أيضا أف الرسوؿ
ملسو هيلع هللا ىلص قد بينو ٗبقدمات كثّبة ،تدؿ على استخبلؼ أيب بكر الصديق ،فمن ذلك ماجاء عن جبّب بن
مطعم عن أبيو ُ ،ب جواب الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص للمرأة الٍب أمرىا أف ترجع إليو فقاؿ " :فإف دل أجدؾ ايرسوؿ
254
هللا"فقاؿ ملسو هيلع هللا ىلص ":إف دل ٘بديِب فأت أاب بكر "
كُب حديث حذيفة بن اليماف أنو قاؿ قاؿ رسوؿ هللا صلى هللا لعيو كسلم " اقتدكا ابللذين من بعدم
255
أيب بكر كعمر"
كمن حديث عائشة قالت قاؿ رل رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص " ادعي رل أاب بكر كأخاؾ حٌب أكتب كتااب فإين
256
أخاؼ أف يتمُب متمن كيقوؿ قائل أان أكذل كأيىب هللا كا٤بؤمنوف إال أاب بكر"
كغّب ىذه االحاديث الكثّبة ،الٍب تعرؼ منها أحقية أاب بكر الصديق اب٣ببلفة ،كليس ىناؾ أم دليل
صريح يدؿ على خبلفة علي ،كلو كاف ىناؾ دليل لقالو علي ك٤با كتمو ك٤با كذبو الناس. 257
كلذلك قاؿ علي ٤بن قاؿ لو حْب كفاتو استخلف علينا " :ال كلكن أترككم كما ترككم رسوؿ هللا صلى
هللا عليو كسلم " كلو كانت ابلوراثة لبينها علي ،كلبْب استحقاؽ ا٣ببلفة من بعده لبنيو ك٤با عصى ذلك
ا٢بسن كتنازؿ ٤بعاكية حقنا لدماء ا٤بسلمْب ك٤با استجاز لو ذلك مع علمو أبف منصبو ُب اإلمامة من عند
هللا. 258
كقد ثببت أف عليا قاؿ كىو على منرب الكوفة " :أيها الناس إف خّب ىذه األمة بعد نبيها أبو بكر ٍب عمر
259 " ..كلو علم أنو خّب منهما ٤با غش ا٤بسلمْب ك٤با كتم ذلك عنهم .
كدل يزعم علي كال ا٢بسن كال ا٢بسْب كال أحد من بِب ىاشم أف لديهم نص من النيب ملسو هيلع هللا ىلص على إمامتهم .
الرد على استدالذلم الثاينكىو قوؿ النيب ملسو هيلع هللا ىلص " :من كننت مواله فعلي مواله "
ككرد أيضا أف ا٤بؤمنْب أكلياء هللا ،ككرد أف هللا كرسولو كالذين امنوا أكلياء ا٤بؤمنْب فقاؿ تعاذل {:إ٭با
كليكم هللا كرسولو كالذين أمنوا } ،فليس معُب ذلك اإلمارة كأف من كنت كليا يعِب أمّبا عليو .
ككالية علي ك٧ببتو كاجبة على كل مسلم ،كىي من جنس مواالة ا٤بؤمنْب بعضهم لبعض ،فكل من كاف
الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص مواله فعلي مواله كالشك ،كليس ا٤براد من كنت أمّبه فعلي أمّبه فالرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص دل يدع
اإلمارة أصبل .
الرد على استدالذلم الثالث وىو قول النيب ملسو هيلع هللا ىلص " :أقضاكم علي "
كىذا ليس فيو نص اب٣ببلفة من بعده ،كغاية مافيو أنو شهد لو ابلقضاء ،كاليلزـ أصبل أف يكوف اإلماـ
قاضيا ،كليس القضاء من شركط اإلمامة مع أٮبيتها ،كىذا من جنس كصف الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص ألحد
الصحابة ٗبا يتميز بو كقولو " أفرضكم زيد " كقولو " :أعلمكم اب٢ببلؿ كا٢براـ معاذ " كقولو " :أقرؤكم
أيب" .كىكذا كاف من عادة النيب ملسو هيلع هللا ىلص أف يربز الثناء ٗبا يتميز بو أصحابو ،كلو أراد ابلقضاء ا٣ببلفة من
بعده ٤با خشي أحدا كألظهر ذلك ُب صريح العبارة .
الرد على استدالذلم الرابع وىو قول النيب ملسو هيلع هللا ىلص " :أنت مٍت مبنزلة ىارون من موسى " :
كىذا ليس فيو نص على اإلمامة ،كما أف ىاركف دل يكوف ىو خليفة موكسى بل مات قبلو.
كسبب كركد ا٢بديث يوضح ذلك ،كىو أنو قا٥با ُب غزكة تبوؾ ،حيث خلف الرسوؿ على ا٤بدينة عليا
فقاؿ بعض ا٤بنافقْب":إ٭با خلف عليا ألنو يستثقلو كال ٰببو "
فلما علم بذلك عليا أخذ سيفو ك٢بق ابلرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص كىو انزؿ اب١برؼ كأخربه بقوؿ ا٤بنافقْب ،فقاؿ لو
الرسوؿ صلى هللا عليو كسلم " :أما ترضىى اف تكوف مِب ٗبنزلة ىاركف من موسى " فبْب لو أف
استخبلفو على ا٤بدينو ليس الستثقالو ،بل كما فعل موسى مع ىاركف حينما ذىب ليمقات ربو ،فلم
ٱبلفو بغضا أك استثقاال .
كىناؾ حكم كثّبة أرادىا الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص من استخبلؼ علي ،كمن أبرزىا أف الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص سيغيب عن
ا٤بدينة فَبة طويلة لبعد تبوؾ عنها ،كٰبتاج ذلك أف ٱبلف عليها رجل قوم شجاع يرىب األعداء
كيكبت ا٤بنافقْب ،كليس ىناؾ أنسب من علي ا٤بعركؼ بشجاعتو كبسالتو كإقدامو ُب ا٢بق .
102
الرد على استدالذلم اخلامس " :وىو أن الرسول كان ال يؤمر أحد على علي يف الغزوات " :
فجوابو أف يقاؿ :إف ذلك ليس دليبل على استخبلفو ا٣ببلفة من بعده ،فقد كاف الرسوؿ يورل من يرل
أنو األنسب للقياـ بتلك ا٤بهمة ،فقد كذل الرسوؿ من ىو دكف أيب بكر إبٝباع السنة كالشيعة ،مثل
عمرك بن العاص ،كالوليد بن عقبة ،ككذل ابن أـ مكتوـ على ا٤بدينة كما كذل غّبه ،فلم يَبؾ كال ية أيب
بكر لكونو انقصا عن ىؤالء كرٗبا ترؾ كاليتو إلرادة بقاءه عنده ُب ا٤بدينة كحاجتو إليو .
كأما إرسالو لعلي بسورة براءة فذلك لينبذ إذل ا٤بشركْب عهدىم ،كقد كانت من عادة العرب أف ال ينبذ
العقود كال ٰبلها إال ا٤بطاع أك رجل من أىل بيتو فقط ،كعلي ىو صاحب القرابة ،كدل يكن ا٤بقصود رد
260
أيب بكر عن إمارة ا٢بج ،كلذلك كاف علي يصلي خلف أاب بكر كىو أمّب على ا٢بج
يدعي الشيعة عصمة االئمة من كل الذنوب كا٣بطااي كالصغائر كالكبائر كا٣بطأ كالنسياف منذ طفولتهم
إذل هناية حياهتم كجواب ال شك فيو .
كسبب ذلك :ىو أهنم اعتقدكا أف العصمة شرط من شركط اإلمامةٍ 261ب رفعوا منزلة األئمة إذل
االعتقاد أبهنم أفضل من األنبياء ،ألهنم نواب أفضل األنبياءٍ ،262ب اعتقدكا أهنم يعلموف الغيب كأف
جزءا إ٥بيا حل فيهم ، 263كاذا كانوا كذلك فمن الطبيعي أف تكوف العصمة إحدل خصائصهم .
كىناؾ سبب اثف ،كىو أهنم قالوا إف تنصيب اإلماـ إ٭با شرع ألجل جواز ا٣بطأ على غّبه ،فلو جاز
ا٣بطأ عليو كىو ا٥بادم إذل ا٢بق الحجتجنا إذل ىاد آخر كىكذا ،كىذا يستلزـ التسلسل. 264
كىناؾ سبب اثلث أيضا كىو أهنم اعتمدكا على النصوص الٍب تنص على عصمة األئمة حيث أكردكا
كثّبا من الوراايت الٍب تنص على عصمة األئمة ُب كتبهم كما جاء عند الكاُب من ركاية أيب عبد هللا أنو
- 1من أىم األسباب الٍب دعت الشيعة إذل القوؿ بعصمة اإلماـ ىو ا٣بوؼ من كقوع ا٣بطأ منو
فيحتاج الناس إذل ىاد يستحيل عليو ا٣بطأ – كما سبق. -
كىذا من الباطل ،إذ أنو من ا٤بعلوـ عند ٝبيع الناس أف ا٤بقصود من تنصيب اإلماـ ىو تنفيذ األحكاـ
كدرء ا٤بفاسد كحفظ األمن كالنظر ُب مصاحل الرعية كغّب ذلك ،كليس شرطا بقائو ُب ا٢بكم اف يكوف
معصوما .
-2أف الشرع دل يطالبو اإلماـ إصابة عْب ا٢بق ُب كل مسألة بل طالبو بتحرم العدؿ بقدر
اإلمكاف.
-3أننا لو افَبضنا صحة دعواىم فإنو ال يكفي إماـ معصوـ كاحد للناس كلهم مع تباعد البلداف ،
فوجب أف يكوف ُب كل بلد إماـ معصوـ يباشر ا٢بكم بنفسو كإال ىلك الناس كال ٯبوز لو أف
يبنيب أحدا مكانو ١بواز ا٣بطأ على غّبه كىذا من ا٤بستحيبلت الٍب ال تتخيل .
-4أنو ليس لديهم أم دليل صحيح من القراف أك السنة أك اإلٝباع فيهالتصريح بعصمة االئمة .
-5أنو دل تثبت العصمة ا٤بطلقة الٍب اعتقدىا الشيعة ألحد من البشر ،بل حٌب األنبياء عليهم
الصبلة كالسبلـ ،فقد كرد أف البِب ملسو هيلع هللا ىلص ينسى أك صدرت منو تصرفات ابحتهاده ُب غّب التبليغ
عوتب عليها كقولو تعاذل { :عفى هللا عنك دل أذنت ٥بم }سورة التوبة آية 43كعوتب على
أخذ الفداء من أسارل بدر كغّب ذلك ،فكيف تثبت ٤بن ىو دكهنم.
-6أف أئمة الشيعة قد صرحوا بنفي العصمة عنهم ُب كتبهم ،كمع ذلك الأيخذ هبا الرافضة ،
كقوؿ علي هنع هللا يضر عندما علل كرىو السبلـ على ا٤براة الشابة بقولو" :أٚبوؼ أف يعجبِب صوهتا
266
فيدخل علي من اإلٍب أكثر ٩با طلبت من األجر "
ككاف يقوؿ ألصحابو " :ال تكفوا عن مقالة ٕبق أك مشورة بعدؿ فإين لست آمن أف أخطيء"
267
التقية ُب اللغة ىي ا٢بذر ،كىي ُب مفهوـ الشيعة أف يظهر الشخص خبلؼ ما يبطن .أم أف معناىا
الكذب كا٣بداع كا٤براكغة ،269كمصداؽ ىذا ماجاء ُب ركاية الكليِب عن أيب عبد هللا أنو قاؿ "
270
خالطوىم ابلربانية كخالفوىم اب١بوانية "
كالتقية تعترب عند الشيعة من أسس العقائد عند الرافضة كيتبْب ذلك فيما يلي :
271
- 1أف التقية أساس الدين ،كما جاء ُب الكاُب " :ال إٲباف ٤بن ال تقية لو "
– 2أف التقية عز الدين كنشره ذؿ ،كما جاء عن أيب عبد هللا ُب الكاُب أنو قاؿ ":إنكم على دين من
كتمو أعزه هللا كمن أذاعو أذلو هللا " ، 272كىذا خبلؼ أمر هللا بنشر ا٢بق كالصدكع بو كما قاؿ تعاذل
{:بلغ ما أنزؿ إليك} كقاؿ { :فاصدع ٗبا تؤمر }
– 3أف ترؾ التقية مثل ترؾ الصبلة ،قاؿ القمي " التقية كاجبة من تركها كاف ٗبنزلة من ترؾ الصبلة
".273
- 4أف التقية قائمة إذل أف ٱبرج قائم آؿ دمحم ،كىو ا٤بهدم ا٤بنتظر ،كما نص على ذلك القمي
. 274
اختلفت كلمة لشيعة ُب األساب الٍب دعتهم إذل األخذ ابلتقية ،كفيما يلي نوجز أىم ما قيل:
-1قالت طائفة منهم أف التقية ٘بب للحفاظ على النفس أك العرض أك ا٤باؿ أك االخواف.
-2كقالت طائفة أف التقية ٘بب ألهنا فضيلة بذاهتا ،كالفضائل ٯبب التحلي هبا. 279
كالصواب أهنم قالوا هبا لظركؼ أحاطت هبم كرأكا أف ا٣ببلص ال يكوف إال ابإلتكاء على القية ،منها
ما يلي:
أهنم كقفوا على أقواؿ متضاربة من ا٤بعصومْب عندىم ،رغم أهنا ال تثبت أصبل.280 أ-
كمنها ما كجدكه من كبلـ األئمة ُب مدح الصحابة ك٨بالفة عقائد الرافضة . ب-
كمنها أهنم ١بؤك إذل التقية كما يراه ٨بالفوىم كموافقوىم أحياان من أهنم قالوىا من ٤با كقفوا ت-
ا١بهل علمائهم ُب الفتيا ،فما يفتونو ُب مسألة ٱبالفونو بعد مدة كذلك بسبب نسياهنم
الفتيا األكذل ،فاستحسنوا التقية للخركج من ذلك ا١بهل ،ك٩بن قاؿ هبذا سليماف بن
أكرد الشيعة أدلة كثّبة على كجوب التقية لوك فيها أعناؽ النصوص لتوافق معاين ما اعتقدكه ُب التقية ،
فمن ذلك ما ذكره ٕبر العلوـ ُب تعليقو على فرؽ الشيعة للنوٖبٍب من األدلةالكثّبة الٍب نقلها عن
الطربسي منها ما يلي :
-1قولو تعاذل{:كال تلقوا أبيديكم إذل التهلكة} سورة البقرة آية .195
-2قولو تعاذل{ :فنظر نظرة ُب النجوـ فقاؿ إين سقيم} سورة الصافات آية .88
-3قولو تعاذل{ :ال يتخذ ا٤بؤمنوف الكافرين أكلياء من دكف ا٤بؤمنْب ...إال أف تتقوا منهم تقاة}
سورة آؿ عمراف آة .16
-4قولو تعاذل{:إال من أكره كقلبو مطمئن ابإلٲباف} سورة النحل آية.106
إف استدال٥بم ابآلايت السابقة كغّبىا من أمثا٥با استدالؿ خاطيء إذ أف معانيها ال ٛبت ٤بعاف التقية
ا٤برادة عندىم أبدىن صلة ،كالٍب ىي من الكذب عندىم كإظهار خبلؼ ما يبطن اإلنساف ُب ا٤بأمن
كا٤بكره.
ففي اآلية األكذل أمر هللا بعدـ إلقاء النفس إذل التهلكة كليس فيها ٘بويز التقية ُب كل كقت.
كاآلية الثانية فيها تعريض كليس كذب كىو أم أنِب سقسم من عبادتكم لؤلكاثف ُب قولو {إين
سقيم}.282
كأما اآلية الثالثة فإف معناىا األمر ابالتقاء من الكفار ،كالنهي عن مواالة الكفار إال أف يكوف الكفار
غالبْب ظاىرين فيداركف ابللساف دكف القلب دفعا للضرر عن النفس أك دفعا ٣بطرىم عن ا٤بسلمْب كما
ذكر ذلك البغوم رٞبو هللا .283
اثنيا :أف التقية قلب ٢بقائق الدين ،فاهلل عز كجل طلب من الناس نشر العلم كبيانو كدل أيمرىم بكتمانو
كخداع الناس بو ،فقاؿ تعاذل { :اي أيها الرسوؿ بلغ ما أنزؿ إليك من ربك} .
كقد امتثل ذلك الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص فقاؿ " :بلغوا عِب كلو آية "
كقاؿ":نضر هللا امرءا ٠بع منا شيئا فبلغو كما ٠بع "
كأثُب هللا على ا٤ببلغْب للعلم كا٤ببينْب للحق فقاؿ{:الذين يبلغوف رساالت هللا كٱبشونو}
كما ذـ ا٤بنافقْب كا٤بخادعْب فقاؿ{ :كاذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا كإذا خلوا إذل شيطانيهم قالوا إان
معكم إ٭با ٫بن مستهزؤكف} كقد أمر اإلسبلـ ابلصدؽ فقاؿ ملسو هيلع هللا ىلص":عليكم ابلصدؽ فاف الصدؽ يهدم
إذل الرب "..
اثلثا :أف الشيعة رككا ُب أمها كتبهم ما يناقض قو٥بم ابلتقية فقد رككا أف عليا هنع هللا يضر كاف يهدد عمر ُب
مواقف كثّبة بل يضربو أحياان كيهينو كيرفع صوتو عليو كأف عليا لو شاءأف ٱبسف بعمر ٣بسف بو كبغّبه
،كىذا دليل على أف عليا ماكاف ٕباجة إذل التقية .
كركا كذلك أف عليا توقف عن مبايعة أيب بكر ستة أشهر كلو كاف يرل كجوب التقية لبايعو كأبطن
ا٣ببلؼ .
رابعا :ىناؾ الزمات تلزـ الشيعة بضد ما يعتقدكنو ُب قو٥بم ابلتقية ،حيث رككا أف األئمة يعلموف ما
كاف كما سيكوف كأنو ال ٱبفى عليهم شيء ،كإذا كاف كذلك فإف التقية ُب حقهم تعترب جبنا كخوفا
كإال فلماذا يلجؤكف إذل التقية كىم يعلموف الغيب .
كيلزـ من ذلك أيضا أف يصفوا ا٢بسْب بن علي اإلماـ الثاين أبنو ليس لو كرامة كال فضل ،بل ليس لو
إٲباف ألنو عمل ٖببلؼ التقية مع معاكية .
كيلزـ منو أيضا أف يكوف ا٤بنافقْب أفضل الناس ألهنم أكثر الناس ٨بادعة كإظهارا ٣ببلؼ ما يبطنوف.285
يؤمن أىل السنة اب٤بهدم الذم صحت بو األحاديث ،كلكنو غّب مهدم الشيعة الذين جعلوا كل
تعلقهم بو ،كاخباره عندىم اكثر من اف تذكر كقد أفرده الطوسي بكتابو ا٤بسمى "كتاب الغيبة" كليس
للشيعة مهدم كاحد كإ٭با لكل فرقة مهديها الذم تنتظره ،كمهدم االثنا عشرية ىو دمحم بن ا٢بسن
العسكرم.
يزعم الرافضة أف ا٤بهدم ُب سراداب بسامراء ،كأف فيو دابة ترابط دائما على اببو لّبكبها إذا خرج ،
كيقف ٝباعة عليو ينادكف :ايموالان اخرج ،كيشهركف السبلح ،كال يصلوف خشية أف ٱبرج كىم
منشغلوف عنو ،كيتوجهوف إذل ا٤بشرؽ ُب أماكن كثّبة كأزمنة متعددة كالعشر األكاخر من رمضاف
كينادكف أبعلى األصوات منادين ٖبركج ا٤بهدم .
فقد تقرر ُب عقائد الرافضة كما يذكر الكليِب " أف األرض ال ٚبلوا من إماـ حجة إال إذا كاف قبل يوـ
القيامة أبربعْب يوما".286
كيعتقدكف أنو ال ٯبوز السؤاؿ عن ا٠بو أبم حاؿ ،كيكتفى بلقب القائم ألنو يقوـ بعد ا٤بوت، 287
كيعتقدكف أنو ٰبج فيكل سنة ماشيا على رجليو كال يرل عليو أثر السفر. 288
كقد ٠بى الكليِب أمة دمحم ملسو هيلع هللا ىلص أشباه ا٣بنازير كاألمة ا٤بلعونة لعدـ إٲباهنا بغيبة ا٤بهدم. 289
285انظر٤ :بزيد من التفصي ٨ :بتصر التحفة االثِب عشرية حيث ذكر أشياء يضيق اجملاؿ عن ذكرىا ،ص296-288
286انظر :للمزيد من اخباره :كتاب الغيبة للطوسي ككتاب ا٢بجة من الكاُب ص ُ 277-264ب األبواب التالية:
ابب تسمية من رآه (ع) كابب النهي عن االسم(ع) كابب اندر ُب حاؿ الغيبة ،كانظر كتاب الغيبة ص ، 300ابب
كراىية التوقيت إألل ص 303ابب التمحيص كاالمتحاف .كابب مولد الصاحب(ع) ا١بزء الثاين ،ص -264
.268كانظر :من كتب السلف منهاج السنة 29-12/1ك٨بتصر التحفة االثِب عشرية ص 200كالشيعة كالتشيع
ص .388-351
287انظر :الغيبة ص260
288انظر :الكاُب 268/2
289انظر :الكاُب 272/2
109
كيركف أف غيبة ا٤بهدم كاف من ا٤بفَبض أف ال تتأخر كثّبا ،فقد كانت ستة أايـ أك ستة أشهر أك ست
سنْب ،290كيركف أنو قبل ظهوره ستخرج عبلمات منها أنو تقع الفًب بْب السنة كالشيعة كيسمي
بعضهم بعضا كذابْب كيتفل بعضهم ُب كجوه بعض. 291
كيعتقدكف أف ا٤بهدم حينما خرج من بطن أمو كاف يقرأ القراف بصوت مسموع ككاف ساجدا ٍب أمره
كالده فاستعاذ ابهلل من الشيطاف الرجيم ٍب قاؿ أشهد أف ال إلو إال هللا كأشهد أف دمحما رسوؿ هللا ٍب صلى
على أمّب ا٤بؤمنْب كعلى األئمة إذل أف كقف على أبيو ٍب تلى قوؿ هللا { :كنريد أف ٭بن على الذين
استضعفوا ُب األرض ك٪بعلهم أئمة ك٪بعلهم الوراثْب }سورة القصص آية.5
ك٥بم أخبار كثّبة ذكرىا الطوسي ُب كبلـ ا٤بهدم كأفعالو يطوؿ ذكرىا كىو حديث عهد ابلوالدة منها أف
ركح القدس طار بو مرة ليعلمو العلم ،كأنو كاف ينمو ُب السنة الواحدة مثل ٭بو سنتْب من غّبه ككثّب من
292
ا٣برافات تركناىا خشية اإلطالة
كيعتقدكف أف ا٤بهدم قد شوىد كىو يطوؼ حوؿ الكعبة ،كلو يوما كاحدا يلتقي فيو ٖبواصو كىو ال
ٰبب أف يساكن أحدا من أمة دمحم كلو ككبلء ك٠باسرة يوقعوف عنو عدىم الطوسي 13رجبل كىم
٩بدكحوف.293
كمع كل تلك االعتقدات النٍب انتهجها الشيعة ُب هتويل أمر ا٤بهدم كسبك القصص كاألساطّب حولو
إال أف ا٢بقيقة ىي أنو شخصية خيالية ال كجود ٥با إال ُب أذىاف الشيعة كما ىو الصحيح عند أكثر
العلماء كنتيجة لذلك كقعوا ُب كثّب من التناقضات294ٲبكن إٯباز آرائهم فيو فيما يلي :
290انظر :الكاُب273/2
291انظر :الكاُب275/2
292انظر :الغيبة لطوسي ص139
293انظر :الغيبة ص .241-199كالكاُب431/2
294ألهنم يزعموف أف لو غيبيتْب :إحداٮبا :يوـ كفاة أبيو كىي الصغرل ،كمدهتا 68أك 69سنة ،كاثنيتهما :الكربل:
كتبدأ من كفاة أيب ا٢بسْب علي بن دمحم السمرم آخر السفراء األربعة ا٤بزعومْب.
110
فبعضهم يرل أف أابه قد مات كىو ا٢بسن العسكرم كدل ٱبلف ابنا ،كاستدلوا بعدة كقائع منها أف أخوه
قد كرث كل تركتو كلو كاف لو ابنا لتبْب ذلك ،كمنها أنو قد استيربا أرحاـ جواريو كزكجاتو من قبل ا٣بليفة
العباسي بعد كفاتو كدل تكن إحداىن حامل .
كبعضهم يرل ثبوت كالدتو ،كىؤالء اختلفوا اختبلفا كثّبا ،فالنوٖبٍب يزعم أهنا سنة 255ق ػ كالكليِب
يرل أهنا سنة 256ىػ 295مع اعَبافو أبف ا٤بهدم خفي الوالدة كا٤بنشأ ، 296كبعضهم يرل أنو كلد بعد
كفاة كالده بثمانية أشهر ،كبعضهم يرل أنو كلد قبل كفاة كالده بسنْب ،كقاؿ بعضهم ٖبمس سنوات .
فمنهم من يرل أهنا سنة 256ىػ ،كمنهم من يرل أهنا سنة 258ىػ كبعضهم يرل أهنا سنة 255ىػ .
كاختلفوا ُب اسم أمو فمنهم من يقوؿ أهنا نرجس كمنهم من يقوؿ أهنا صقيل كمنهم من يقوؿ أهنا
حكيمة كمنهم من يقوؿ أهنا سوسن ،297كغّب ذلك من األقاكيل كاالختبلفات الكثّبة لٍب تدؿ على
بطبلف كجود ا٤بهدم كحقيقة .
اختلف الشيعة ُب ا٤بكاف الذم اختفى فيو مهديهم دمحم بن ا٢بسن العسكرم على أقواؿ كثّبة ،كلعل كل
أىل مكاف معْب قربوه موضع اختفائو منهم ،فمنهم من قاؿ ُب سامراء ،298كمنهم من قاؿ ُب ا٤بدينة،
كمنهم من قاؿ ُب مكة ،299كمنهم من قاؿ بذات طول،300كمنهم من من قاؿ ُب اليمن بوادم
يؤمن سائر العقبلء أنو ال رجعة ألحد بعد موتو ليعيش ُب الدنيا ،كيؤمن ا٤بسلموف برجعة كاحدة تكوف
يوـ القيامة حْب ٯبمع هللا ا٣ببلئق لفصل القضاء كما ىو معلوـ من الدين ابلضركرة .
أما الشيعة الرافضة فقد قرركا ُب عقائدىم أف النيب ملسو هيلع هللا ىلص كأىل بيتو علي كا٢بسن كا٢بسْب كبقية األئمة
سّبجعوف قبل يوـ القيامة ،كسّبجع ُب ا٤بقابل أبوز بكر كعمر كعثماف كمعاكية كيزيد بن ذم ا١بوشن
ككل من آذل أىل البيت ،كذلك حٌب يت عقاهبم كيقتلوا من قبل النيب كأىل البيت .
ك٥بم ُب أخبار الرجعة أحاديث غريبة كخرافات ٲبجها العقل السليم ،منها ما يلي :
أف أاب بكر كعمر يصلباف ُب زمن ا٤بهدم حيث يصلبهما ُب شجرة خضرة فتيبس ،كُب ركاية -
ُب شجرة ايبسة فتخضر .
كمنها أف ا٤بهدم ٱبرج يوـ عاشوراء يوـ السبت بْب الركن كا٤بقاـ ،فتسّب إليو شيعتو فمنهم من -
يطّب كمن من ٲبشي كالسحاب ،كتكوف ا٤ببلئكة حولو صافْب،كمعو ٝبيع الكتب ا٤بقدسة الٍب
أنز٥با هللا على أنبيائو كلهم ٍ ،ب ينكل كيعذب ٨بالفيو كٲبتد ملكو ملكا عظيما .
-كمنها أف أكؿ أعماؿ ا٤بهدم ىو أف يبدأ بقتل قريش كيصلبهم أحياء كأمواات كيعمل فيهم
السيف كال يستتيب منهم أحدا كيستمر ُب قتلو ٜبانية أشهر ال يضع السيف ،كأنو يقطع يد بِب
شيبة كيعلقها على الكعبة كيقتل سبعْب قبيلة من قبائل العرب .
-كمنها أنو يقيم ا٢بد على أـ ا٤بؤنْب عائشة،كزعموا أنو يبدأ حكما جديدا كىذا ا٢بكم فسركه
أبنو على حكم سليماف بن داككد ،كىذا يعِب أنو ال ٰبكم ابإلسبلـ ،بل ٰبكم بشريعة دكاد ،
كمن ا٤بعلوـ أف شريعة داكد كانت ىي اليهودية .
-كمنها أهنم يعتقدكف أف الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص حينما سّبجع كسيكوف جنداي يقاتل ُب جيش علي حيث
يبعث كذلك ىو كسائر األنبياء ،كيعتقدكف أف دابة األرض ا٤بذكورة ُب القرآف ىي علي بن أيب
طالب .
ىناؾ الكثّب من تلك ا٣برافات ُب اعتقاداهتم ٘باه ا٤بهدم -ضربنا عنها صفحا -رغم ٨بالفتها الصرٰبة
للكتاب كالسنة ،فقد نص القراف على أنو ال رجعة ُب الدنيا فقاؿ تعاذل{ :حٌب إذا جاء أحدىم
ا٤بكوت قاؿ رب ارجعوف لعلي أعمل صا٢با فيما تركت كبل إهنا كلمة ىو قائلها كمن كرائهم برزخ إذل
يوـ يبعثوف}
كأما قو٥بم أف ا٤بهدم سيحاسب الناس فإف اإلسبلـ صرح أبف هللا عز كجل ىو من يتوذل ا٢بساب ١بيمع
ا٣ببلئق ،أما البشر فقاؿ عنهم فقاؿ هللا عنهم{ :إف كل من ُب السموات كاألرض إال آت الرٞبن عبدا
}
أما قو٥بم أبف الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص يقاتل بْب يدم علي فهذا استخفاؼ بعظم حق الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص كإىانة أيضا
لعلي أبنو دابة األرض .
كأما زعمهم بصلب خيار الصحابة كأيب بكر كعمر فهو ٧بض افَباء ككذب ،فكيف يعقل أف ٯبازاي
بقتل ا٢بسْب كليس ٥بم صلىة بذلك ككيف ٯبازيهم هللا أماـ أقواـ دل يشهدكا ذنبهما كدل يعرفوا لو سببا ك٩با
يناقض قوؿ الشيعة ابلرجعة ما يلي :
أهنم لو رجعوا إذل الدنيا قبل يوـ القيامة لكاف أمرىم ُب اآلخرة إذل ا١بنة ،ألف هللا عدؿ ، أ-
كمن الظلم أف يعذبوا مرة أخرل ،كىذا ٖببلؼ ما يعتقده اإلمامية من أف من آذل آؿ
البيت عذابو مستمر ُب جهنم ،ك٤باذ دل يعذهبم كقت كقوع ا١برٲبة ،كأخرىم اذل آخر الزماف
؟.
ب -أف مزاعم الرافضة ُب حق ا٣بلفاء الثبلثة من اغتصاب ا٣ببلفة من البيت التصل إذل الكفر،
كليس فيها كفر بواح ،بل أقصى ما يصل إليو ىو الفسق كالفسق اليوجب الرجعة ُب الدنيا ،كلو
كاف األمر يتسوجب الرجعة لرجع الكفرة كا٤بشركْب الذين ادعوا األلوىية مع هللا كفرعوف ك٭بركد
كغّبىم .
أف الرجعة للنيب كسائر األئمة كإخراجهم من قبورىم ٢بضور عقاب من آذل آؿ البيت فيو ح-
تعذيب ٥بم ،كذلك ألهنم سوؼ يقاسوف سكرات ا٤بوت مرة أخرل ،كا٤بوت أشد اآلـ
الدنيا .
113
أنو لو قلنا برجعة من آذل آؿ البيت ٍب رأكا كقوؼ النيب ملسو هيلع هللا ىلص كآؿ البيت ُب مواجهتهم خ-
لرجعوا كاتبوا كعلموا أهنم أخطئوا كالتوبة مقبولة ُب الدنيا فكيف يعذبوا ُب اآلخرة -على
حسب معتقد الرافضة -؟ .
إذل غّب ىذه الردكد الٍب تدحض معتقدىم الباطل ُب ا٤بهدية كالرجعة .
كقت بعض الشيعة ٣بركج ا٤بهدم زمنا معينا ،كذلك بعد كفاة ا٢بسن العسكرم بزمن ٍب ٤با رأكا أنو دل
ٱبرج كاستحالة أف ٱبرج جعلوا ٣بركجو زمنا غّب مسمى .
فقد كرد عند الكليِب أنو سيخرج بعد سبعْب سنة ٍب مددت ىذه ا٤بدة حْب أفشى الشيعة سره إذل أجل
غّب مسمى ،كذلك بعد قتل احسْب ،فقد ركل أبو ٞبزة الثمارل عن أيب جعفر الباقر أف هللا تبارؾ
كتعاذل كانقد كقت ىذا األمر ُب السبعْب فلما أف قتل ا٢بسْب اشتد غضب هللا على أىل االرض فأخره
إذل أربعْب كمائة فحدثناكم فأذعتم ا٢بديث فكشفتم قناع السَب كدل ٯبعل لو بعد ذلك كقتا".303
كالواقع أنو لن ٱبرج ا٤بهدم حٌب ٚبرج ىذه العقيدة من أذىاهنم كمعتقداهتم الٍب صنعها علماؤىم ٤بقاصد
ظاىرة كابطنو .
سبب إصرار الشيعة على القول بوجود دمحم بن احلسن العسكري : -3
ىناؾ أسباب معينة أدت إذل إصرار الشيعة ابلقوؿ بوجود ابن لئلماـ ا٢بادم عشر ،كىو ا٢بسن
العسكرم ،كمكابرهتم ُب ذلك رغم كل الرباىْب الٍب تشّب إذل عدـ كجوده أك كالدتو ،كذلك لوضعهم
شركط ُب حقيقتها تقوؿ على هللا كحكم ابلغيب أرغمتهم على اخَباع ابن لئلماـ ا٢بادم عشر ،حٌب ال
تسفط عقيدة اإلمامة من أساسها فتختل موازين الشيعة ُب اإلٲباف هبا ،كمنها ما يلي :
– 2قو٥بم أف اإلماـ ال ٲبوت حٌب ٱبلف ُب ذريتو من ٱبلفو ليتوذل اإلمامة حتما الزما.
– 2أف اإلمامة ال تعود ُب أخوين بعد ا٢بسن كا٢بسْب أبدا بل ُب األعقاب فقط. 304
– 4ىناؾ سبب مهم أدل إذل قو٥بم بذلك كىو ما مر على الشيعة من ضركؼ سياسية كاجتماعية
كدينية ذاقوا فيها مرارة ا٢برماف من عدـ إقامة دكلة ٥بم تنظر إليهم ابلعْب الٍب يريدكهنا كذلك عندا
غلبتهم الدكؿ اإلسبلمية ا٤بتعاقبة بدأ من إخضاع الدكلة األموية ٥بم حيث بدأكا ُب حبك ا٤بخططات
الشريرة من أجل اجتماع كلمة الشيعة كعدـ فرقهم فكانت عقيدة الرجعة للمهدم إحدل تلك
النتائج ،كأبرز ما ٲبيز ا٤بنتظر عندىم أنو ليس من العرب بل ىو فارسي ٰبمل ُب طياتو حقدا دفينا
على العرب كإالفلماذا يقتل قريش كيقتل سبعْب قبيلة من العرب كيعمل لسيف ُب رقاب العرب كما
ىو مقرر عندىم ،كيتضح ىذا ُب الركاية الٍب يركيها لطوسي عن أيب عبد هللا " :اتقوا العرب فإف ٥بم
خرب سوء أما إنو ال ٱبرج مع القائم منهم احد".306
القرءاف الكرًن كبلـ هللا ،ال أيتيو الباطل من بْب يديو كال من خلفو٧ ،بفوظ ُب الصدكر ك٧بفور ُب
السطور ،قاؿ تعاذل{ :إان ٫بن نزلنا الذكر كإان لو ٢بافظوف} سورة ا٢بجر آية9
نزؿ بو جربيل األمْب على قلب النيب دمحم سيد ا٤برسلْب كبلغنا رسولو كما تبلغو عن هللا تعاذل،ىذا ىو
اعتقاد ا٤بسلمْب ُب القراف الكرًن.
305ذكرىا عنو إحساف إ٥بي ظهّب ُب كتابو الشيعة كالتشيع ص 286نقبل عن متاب القمي ص .527كقد ذكر
الكليِب ُب الكاُب كثّبا من تلك ا٣برافات ُب كتاب ا٢بجة مثل :اب أف ا٢بجة ال تقوـ على خلقو إال إبماـ م 135
كابب أف األئمة ىم أركاف األرض ص 152كابب عرض األعماؿ على النيب كاألئمة ص 170كابب أف األئمة معدف
العلم كشجرة النبوة ك٨بتلف ا٤ببلئكة.كابب ما عند األئمة من سبلح رسوؿ هللا كمتاعو ص 181كابب فيو ذكر
الصحيفة كا١بفر كا١بامعة كمصحف فاطمة ص 181كابب أف األئمة يعلموف مٌب ٲبوتوف كأهنم ال ٲبوتوف إال ابختيارىم
ص 202كابب أف األئمة يعلموف علم ماكاف كما يكوف كأنو ال ٱبفى عليهم شيء صلوات هللا كسبلمو عليهم
ص 203كابب أف اإلماـ ال يغسلو إال إماـ من األئمة ص ، 315كأبواب أخرل كثّبة يطوؿ ا٤بقاـ بذكرىا حشيت
ٗببالغات كخرافات نسبوىا إذل األئمة .
306كتاب الغيبة للطوسي ص 284
115
أما الشيعة الرافضة فلم يسلم القرآف من تنقصهم كاعتقاداهتمالباطلة فيو ،فقد أعلنوا أف القرآف ٧برؼ
كما نص على ذلك علماؤىم الكبار كالكليِب كالقمي كا٤بفيد كاألردبيلي كالطربسي كالكاشي
كاجمللسي كا١بزائرم كالكازراين كغّبىم حيث صرحوا بكل كضوح أف ُب القراف الكرًن نقصا كٙبريفا
ُب اآلايت الٍب ييذكر فيها علي بن أيب طالب أك اآلايت الٍب فيها ذـ ا٤بهاجرين كاألنصار كمثالب
قريش.
كيعتقدكف اف ا٤بصحف الصحيح ىو مصحف فاطمة كفيو أضعاؼ ا٤بصحف العثماين الذم
أبيداي٤بسلمْب.
كالشواىد كاألمثلة على ذلك كثّبة جدا ُب نصوصهم على ٙبريف القرآف ،منها ما كتبو ا٤بّبزا حسْب
دمحم تقي النورم الطربسي الذم ألف كتاب فصل ا٣بطاب ُب إثبات ٙبريف كتاب رب
األرابب،كعندما ألفو سنة 1292ىػ قامت ضجة كبّبة حولو خصوصا عندما أبدل بعض عقبلئهم
307
بقاء اعتقاد التحريف سرا مبثواث ُب كتبهم ال أف ٯبمع ُب كتاب معْب حٌب تقاـ بو ا٢بجة عليهم
.
كمن االمثلة الٍب يذكر الشيعة أهنا حرفت من القرآف ىي سورة الوالية حيث زعموا أهنا نقصت من
القرآف الكرًن كالٍب منها قو٥بم(:اي أيها الذين آمنوا آمنوا ابلنيب كالورل اللذين بعثناٮبا يهداينكم
الصراط ا٤بستقيم نيب ككرل بعضهما من بعض كأان العليم ا٣ببّب إف الذين يوفوف بعهد هللا ٥بم جنات
النعيم كالذين إذا تليت علهيم آايتنا كانوا بئاايتنا مكذبْب إف ٥بم فيجهنم مقاما عظيما إذا نودم هبم
يوـ القيامة أين الظا٤بوف ا٤بكذبوف للمرسلْب )..إذل آخر النصوص الٍب ٛبتليء ركاكة كسذاجة
كاضحة.
كقد أكرد الكليِب ُب كتابو الكاُب كثّب من النصوص الٍب زعم أهنا ٧برفة منها قو٥بم(:كمن يطع هللا
كرسولو ُب كالية علي ككالية األئمة من بعده فقد فاز فوزا عظيما) ٍب قاؿ ىكذا نزلت .
كمنها قو٥بم):كلقد عهدان إذل آدـ من قبل كلمات ُب دمحم كعلي كفاطمة كا٢بسن كا٢بسْب كاألئمة
عليهم السبلـ من ذريتهم فنسي كدل ٪بد لو عزما) كقولو(:سأؿ سائل بعذاب كاقع للكافرين بوالية
علي ليس لو دافع) كغّبىا ا٤بئات من النصوص الٍب زعموا ٙبريفها -تركناىا خشية اإلطالة. -308
الصحابة ىم خّب األمة بعد نبيها كٞبلة الدين كأمناء ا٤بلة ،نقلوا إذل من خلفهم أمور دينهم
كعلموىم سنة نبيهم مهنع هللا يضر كأرضاىم.
أما الشيعة فقد ىلكوا ُب الصحابة مهنع هللا يضر ككفركىم كحكموا بردة خيارىم ،بل كجعلوا طعنهم كلعنهم
قربة إذل هللا صباحا كمساء ،بل كصل كرىهم للصحابة أف كرىوا لفظ العشرة الذم يذكرىم ابلعشرة
ا٤ببشرين اب١بنة ،كال ٱبلوا كتاب من كتب الشيعة على كثرهتا كبطبلهنا من سب كشتم للخلفاء
الراشدين كسائر الصحابة إال من استثنوىم.
كقد عربكا عن أيب بكر كعمر كعائشة كحفصة بصنمي قريش كجبتيهما كطاغوتيهماكابنتيهما،
كأحياان يعربكف عن أيب بكر اب١ببت كعمر ابلطاغوت ،كىذا الطعن كاللمز ُب شأف سائر الصحابة
مهنع هللا يضر.
أما الكليِب فإنو دل يتورع عن تفسّب القرآف على حسب ىواه ُب جرأتو ا٤بعركفة ،فلىمز كثّب من
الصحابة ُب أتكيلو لآلايت القرآنية كتأكيلو لقولو تعاذل{:لَبكنب طبقا عن طبق} سورة االنشقاؽ
آية ،19كقولو تعاذل { :إف الذين آمنو ٍب كفرك ٍب آمنوا ٍب كفركا ٍب ازدادكا كفرا دل يكن هللا ليغفر
٥بم كال ليهديهم طريقا}سورة النساء آية،137كذكر الكليِب أف ا٤بقصود هبا فبلف كفبلف كفبلف
كيقصد أبو بكر كعمر كعثماف ،كغّب ذلك من النصوص الكثّبة الٍب أك٥با للطعن ُب ا٣بلفاء
الراشدين. 309
كقد بلغ حقدىن ككراىيتهم ألـ ا٤بؤمنْب عائشة اهنع هللا يضر أف يتهمها الكليِب ُب دينها كعرضها كعفتها
حْب يفتعل كثّب من الركاايت الٍب طعنت فيها ،كالركايت الٍب ألفها كنسبها للحسْب ،منها أف
ا٢بسْب قاؿ لعائشة " :قدٲبا ىتكت حجاب رسوؿ هللا أنت كأبوؾ كأدخلت بيتو من ال ٰبب رسوؿ
310
هللا قربو"
309انظر :الكاُب343/1
310انظر :الكاُب241-240/2
117
كمنها أف ا٢بسْب قاؿ ٥با أيضا " :كقد أدخلت أنت بيت رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص الرجاؿ بغّب إذنو " كغّب
ذلك من الركاايت الٍب اخَبعها كألصقها اب٢بسْب كغّبه من األئمة. 311
كقد اختلق إمامهم العاملي كثّب من الركايت الٍب تطعن ُب الصحابة ُب كتابو ا٤براجعات الذم ذكر
فيو أنو منصف يقوؿ ا٢بق ،لكنو جاء ابلطواـ كالدكاىي ٗبا افَبل فيو من كبلـ ككقيعة ُب الصحابة
عموما ،كا٣بلفاء الثبلثة خصوصا.
فقد ذكر أف أاب بكر كعمر ٰبسدكف عليا ،ألف الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص زكجو فاطمة كأهنما خطباىا كدل يزكجهما
الرسوؿ ،ككأنو نسي أك تناسى أف الرسوؿ قد زكج ابنتْب لو لعثنما بن عفارف هنع هللا يضر ،كزعم أف ا٣بلفاء
الثبلثة الٲبتثلوف ألكامر رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص ،كأنو كاف دائم الدعاء عليهم.
كدل يَبؾ حٌب أمهات ا٤بؤمنْب من طعنو كقبح كبلمو ،فقد زعم أف قرف الشيطاف ٱبرج من بيت
عائشة ،كأف الفًب كالشركر كلها تنبعث منو ،ككأنو تناسى أف الرسوؿ صلى هللا عليهوسلم كاف دائم
ا٣بركج منو للناس.312
إذل غّب ذلك من األكاذيب الٍب امتبلت هبا أمهات كتبهم ُب الطعن ُب الصحابة كأمهات ا٤بؤمنْب
مهنع هللا يضر كأرضاىم.
شهادة ادلنصفُت :
لقد أنصف أصحاب النيب ملسو هيلع هللا ىلص كثّب من ا٤بنصفْب من غّب ا٤بسلمْب ُ ،ب الوقت الذم كقع الشيعة
ُب اظلم ُب حق الصحابة مع دعواىم اإلسبلـ ،يقوؿ الكاتب اإل٪بليزم ا٤بشهور كاريل ُب إعجابو
ابلقراف ":علينا من ا٤ببدأ أف نقرر أف دمحما كاف كاحدا من أعبلـ التاريخ العظماء ..إذل أف يقوؿ "إف
إخبلص خلفائو لدعوتو كإٲباهنم هبم ..قد جعلهم يعملوف على تعميم الدعوة الرحيمة"
كتقوؿ الدكتورة لورا فيتشا فالّبم الكاتبة اإليطالية ":أما ا٣بلفاء الذين خلفوا دمحما ُب حكم الدكلة
اإلسبلمية ..فقد صاركا على سننو الٍب سنها ٥بم كحلموا راية اإلسبلـ"
كىناؾ عشرات األمثلة ألقواؿ ىؤالء ا٤بنصفْب تركناىا خشية اإلطالة .313
311نفس ا٤برجع.
312انظر :ا٤براجعات للعاملي ص 300-255
118
سابعا:قوذلم ابلبداء على هللا:
تعريفالبداء: أ-
البداء معناه الظهور بعد ا٣بفاء ،كما ُب قولو تعاذل{ :كبدا ٥بم من هللا مادل يكونوا ٰبستبوف}سورة
الزمر آية .47
كمعناه أيضا حدكث رأم جديد دل يكن من قبل ،كما قاؿ تعاذلٍ{:ب بدا ٥بم من بعد ما رأكا اآلايت
ليسجننو حٌب حْب} سورة يوسف آية .35
كلو معاف أخرل كلها ال ٚبرج عن مفهوـ كاحد ،كىو تتجدد العلم بتجدد األحداث.
كىذه ا٤بعاين تستبلزـ سبق ا١بهل كحدكث العلم تبعا ٢بدكث ا٤بستجدات لقصور العقل عن إدراؾ
ا٤بغيبات.
كىذه ا٤بعاين ال ٧بذكر فيها إذا أطلقت على اإلنساف أما إذا أطلقت على هللا فبل شك أهنا كفر
ٚبرج صاحبها من ا٤بلة ،ذلك أف هللا عادل الغيب كالشهادة ،يعلم السر كأخفى كيعلم ماظهر كما دل
يظهر ،كىذا أمر معلوـ من الدين ابلضركرة.
كىذه العقيدة رغم ا٫برافها إال أف كل كتب الشيعة تؤكد كجوب اعتقاد ىذه الفكر بل ٘بعلها من
لوازماإلٲباف.
أما األشعرم فقد قسمهم إذل ثبل فرؽ ،فمنهم من يقوؿ ابلبداء على هللا ،كمنهم من يقوؿ بعدـ
ٯبوز ُب األكؿ كجوز ُب
البداء ،كمنهم من يفرؽ بْب ما اطلع عليو العباد كمادل يطلعوا عليو ،فلم ٌ
الثاين. 314
ال تكاد ٙبصر أدلة الشيعة على عقيدة البداء ،كذلك لتسمكهم الشديد هبا.
313الارجع إذل كتاب اإلساـ كارسوؿ ُب نظر منصفي الشرؽ كالغرب ،القسم الثاين ،لَبل ما يزيدؾ إٲباان كاتزازا
بدينك.
314انظر :مقاالت اإلسبلميْب 113/1
119
فمن تلك األدلة كالركايت الكثّبة الٍب توضح ٔببلء مقدار تعلقعهم بعقيدة البداء ،كالٍب نسبوا معظمها
إذل األئمةفمن ذلك الركاايت الٍب ذكرىاالكليِب ُب الكاُب كنسبها إذل األئمة كالركاية الٍب تقوؿ " :ما
تعبد هللا بشيء مثل البداء ".
ككذلكقولو " :ما بعث هللا نبيا اال بتحرًن ا٣بمر كأف يقر هلل ابلبداء" كغّب ذلك من الركايت الكثّبة الٍب
تعظم البداء كتشرعو . 315كمعلوـ اف نسبة ا١بهل اذل هللا تعاذل كفر كردة -كما تقدـ.-
يبدك أف أكؿ من ادعى البداء على هللا تعاذل ىم اليهود ،حيث قالوا :إف هللا تعاذل خلق ا٣بلق كدل يكن
يعلم ىل سيكوف فيهم خّب أك شر ،كىل ستكوف أفعا٥بم حسنة أـ قبيحة فقد جاء ُب سفر التكوين ُب
اإلصحاح السادس من التوراة " :كرأل الرب أف شر اإلنساف قد كثر على األرض كأف كل تصور أفكار
قلبو إ٭با ىو شرير كل يوـ فحزف الرب أنو عمل اإلنساف ُب األرض كأتسف ُب قلبو جدا ،فقاؿ الرب:
أ٧بو عن كجو األرض اإلنساف الذم خلقتو ألين حزنت أين عملتهم ".316
كىذا النص كأضرابو يفيد أف هللا قد بدت لو بعض األمور الٍب دل يكن يعلمها فحزف حزكف حزان شديدا
حْب رأل معاصي البشر.
فالبداء عقيدة يهودية مدكنة ُب كتبهم ا٤بقدسة ،كنفس ىذه األفكار مدكنة عند الشيعة ُب كتبهم .
كأشد من تزعم ىذه العقيدة من الشيعة ىو ا٤بختار بن أيب عبيد الثقفي ،كيرككف أف سبب ادعاء ا٤بختار
القوؿ ابلبداء ىو أنو قد تكهن كأخذ يسجع كسجع الكهاف كادعى النبوة كنزكؿ الوحي عليو ،ككاف يعد
أتباعو ابلنصر ،فإذا نيصركا فرح بذلك كادعى صدؽ نبوتو ،كإذا يىزموا أرجع ذلك إذل البداء.317
ككاف ذلك عندما ىزـ جيشو من قبل جيش مصعب بن الزبّب كارل العراؽ آنذاؾ ،كاستدؿ ابلنسخ ُب
نصوص القرآف على صحة أقوالو ، 318كمعلوـ أف النسخ تدرج ُب التشريع كرٞبة كالبداء جهل .
فالقراف قد دؿ على علم هللا األزرل كاألبدم فقاؿ تعاذل{:كعنده مفاتح الغيب ال يعملها إال ىو}سورة
األنعاـ آية 59كقالتعاذل{:ال يضل ريب كال ينسى}سورة طو آية 52كقاؿ تعاذل{ :عادل الغيب
كالشهادة}سورة ا٢بشر آية ،22كغّبىا من النصوص ُب الكتاب كالسنة الٍب تصف هللا ابلعلم األزرل
كاألبدم كما خفي كما ظهر كما أيسر كما أيعلن.
تعمد علماء الشيعةمغالطات الناس قدٲبا كحديثا ُب إبداء نظرهتم إذل ا٤بخالفْب من سائر الناس عموما،
كمن أىل السنة خصوصا ،متخذين من التقية منفذا لكل ما يريدكهنز
كقد أبدل بعضهم ُب الظاىر تقاراب مع أىل السنة فا٬بدع بذلك الكثّب ،كلكن تبْب بعد ذلك ٥بم أف
الشيعة سلفا كخلفا دل تتغّب مواقفهم قدر أ٭بلة ،ذلك أف دينهم قاـ من األساس على أساس التقية
كالكذب -كما تصرح بذلك كتبهم ا٤بوثوقة عندىم . -
فبل ٲبكن أف ٰبصل تقارب بْب السنة كالشيعة ما داموا يؤمنوف بتلك العقائد الٍب ترفع أئمتهم إذل مناص
األلوىية ،كما داموت بؤمنوف ابلبشارة لليهود بعودة ا٢بكم كالتمكْب ٥بم ُب األرض حينما يظهر األئمة
،كما جاء ُب الكاُب أبف "األئمة إذا ظهر أمرىم حكموا ٕبكم داكد كآؿ دكد كال يسألوف البينة " كىذا
يعِب بشارة الشيعة لليهود بعودة حكمهم على األرض ،تعضده سيوؼ األئمة .
ككذلك موقف الغبلة منهم بتحريف القرآف كاعتقادىم النقص فيو كعدـ كمالو كموقفهم من الصحابة كما
ااعتقدكا فيهم من الردة كالكفر ،كل ذلك يعد مانعا بينهم كبْب تقارب أىل السنة.
ك٥بذا حذر علماء اإلسبلـ منذ القدـ من ىؤالء الشيعة ،يقوؿ الشافعي " :ما رأيت قوما ُب أىل
األىواء قوما أشهد ابلزكر من الرافضة ".320
كيقوؿ شريك القاضي " :أٞبل عن كل من لقيت إالالرافضة فإهنم يضعوف ا٢بديث كيتخذكنو دينا".321
319انظر :كتاب صب العذاب على من سب األصحاب ضمن رسالة علمية ٙبقيق ابن أيب شعيب ،كانظر٨ :بتصر
منهاج السنة 173/1
320اختصار علوـ ا٢بديث البن ككثّب ص 109نقبل عن الشيعة ُب ا٤بيزاف ص 116
121
كٗبثل ىذا الكبلـ قاؿ اإلماـ مالك كابن ا٤ببارؾ كأبو زرعو كالرازم كالطحاكم كأبو حنيفة كابن تيمية كابن
القيم كغّبىم .
كىو ما حذر منو أيضا علماء اإلسبلـ ُب العصور ا٤بتاخرة ،كبينوا كفرىم كأابطيلهم ،كاأللوسي ك٧بب
الدين ا٣بطيب كهبجت البيطار كدمحم رشيد رضا كا٥ببلرل كالسباعي كا٤بودكدم كابن ابز كالشيخ األمْب
كغّبىم من العلماء الذين عرفوا حقيقة الشيعة .
كقد عقدت مؤٛبرات للتقريب إال أف كل ٧باكالت التقريب بْب السنة كالشيعة ابءت ابلفشل ،ككاف من
أبرز تلك ا٤بؤٛبرات ا٤بؤٛبر الذم عقد ُب النجف 322عاـ 1156ىػ برعاية ا٤بلك اندر شاه ،كحضره
علماء السنة كالشيعة من العراؽ كإيراف كابكستاف كغّبىم ،كاتفقوا ُب نتائجو على كجوب عدـ ذـ
الصحابة كأفضليتهم على سائر األمة ،كلكنهم سرعاف مانكصوا على أعقاهبم كعادكا إذل عقائدىم
الباطلة .
كىذا ىو منهج إمامهم ا٣بميِب ُب العصور ا٤بتأخرة ،حيث يقوؿ " :ال تبعدك الناس عنكم الواحد تلو
اآلخر ال تكيلو التهم ٥بم ابلوىابية اترة كابلكفر اترة فمن يبقى حولكم إذا عمدًب إذل ٩بارسة ىذا
األسلوب ".323
كىو هبذا التوجيو أيمرىم ٕببك النفاؽ كمعرفة طرؽ ا٣بداع ،ك٥بذا أمر ا٣بميِب ا٢بجاج اإليرانيْب أبف
يصلٌوا مع أىل السنة تقية كخداعا ٍب يعيدكف صبلهتم بعد ذلك .
كقد بلغ حقدىم على أىل السنة كاالستهانة بدمائهم كأعراضهم حدا ال يوصف حينما افتعلوا الفوضى
ُب حج عاـ 1407ىػ ُب مكة ا٤بكرة ككاف عددىم ما يقارب مائة كٟبسْب الفا ،كىجموا يريدكف
الكعبة ك٘بمهركا ُب مظاىرات غوغائية ،يهدفوف إذل ٙبقيق ٨بطط رىيب رافعْب شعارات كصور
ا٣بنمينيب لوال لطلف هللا ٍب يقضة ا٢بكومة السعودية الٍب حالت دكف تنفيذ ٨بططاهتم الدنيئة .
كحيل بينهم كبْب دخوؿ ا٢برـ فاشتبكوا مع ا٤بسلمْب من ا٤بواطنْب كا١بنود كبقية ا٢بجاج من ا٤بسلمْب ُب
قتاؿ ضار أريقت فيو دماء ا٤بسلمْب األبرايء .
كال ننسى ما فعلوه أبىل السنة ُب لبناف بكل قسوة كعنف كقتل كسفك لدماء األبرايء ،كىذا ديدهنم
منذ القدـ ،فقد كاف ا٤بسلموف يذٕبوف ُب بغداد كٰبرقوف ابأللوؼ أماـ ابن العلقمي كالنصّب الطوسي
كٮبا يدالف التتار على عورات ا٤بسلمْب كعلى كتبهم كأماكن ختبائهم .كيظهراف الفرحةكالشماتة
اب٤بسلمْب.
كيرل ا٣بميِب أف السِب ٪بس كيرل أف النواصب ال ٙبل ذابئحهم كيرل عدـ جواز الصبلة على ميت
أىل السنة كال غرابة أف يبغضوا ىذه األمة ما داموا قد أبغضوا خيارىا كىم أصحاب النيب ملسو هيلع هللا ىلص .
ادلبحث التاسع:
تعددت آراء العلماء ُب تكفّبىم من عدمو ،كبغض النظر عن كجهات نظر العلماء ُب ا٢بكم عليهم ،
فإف ا٢بكم على الشيعة أك غّبىم من الفرؽ ٕبكم كاحد ٰبتاج اذل تفصيل كذلك كما يلي :
أف الشيعة ليسوا على مبدأ كاحد ،فمنهم الغبلة ا٣بارجوف عن ا٤بلة كمنهم ا٤ببتدعة كىم -1
متفاككتوف ُب ابتداعهم .
أف التثبت ُب تكفّب ا٤بعْب أمر البد منو ،إذ ليس كل من انتسب إذل طائفة معينة ٰبق -2
تكفّبه .
ليس معنىالتثبت ُب تكفّب ا٤بعْب أننا النطلق على الطائفة ا٣بارجة عن ا٢بق ألفاظ التبديع -3
كالتضليل كا٣بركج عن ا١بماعة ،الف ذلك ا٢بكم خاص بتعيْب األفراد ال ا١بماعة ،كعلى
ىذا فا٢بكم على الشيعة اهنم ضبلؿ كفساؽ خارجوف عن ا٢بق أمر ال شك فيو .
اتضح أف الشيعة عندىم مبادمء اثبتة ُب كتبهم ا٤بعتمدة ،من قا٥با أك قاؿ ببعض منها فبل -4
شك ُب كفره.
123
منها قو٥بم بتحريف القرآف كغلوىم ُب أئمتهم كتفضيلهم على سائر األنبياء كغلوىم ُب بغض
الصحابة ٩بن شهد ٥بم الرسوؿ اب١بنة كقو٥بم ابلبداء على هللا ،فمن قا٥با فهو خارج عن ملة اإلسبلـ
،أما من دل يقل هبا ككاف لو اعتقادات أخرل الٚبرجو عن الدين فإنو تقاـ عليو ا٢بجة ٍب ٰبكم عليو
بعد ذلك حسب قبولو ا٢بق أك رده لو .
124
-22عبد هللا بن سبأ حقيقة ال خياؿ :لسعدم ا٥بامشي.
-23السبئيوف منهجان كغاية :دٞ .بدم عبد العاؿ.
-24إحساف إ٥بي ظهّب ُب كتبو:
لشيعة كالسنة. -1
الشيعة كأىل البيت. -2
الشيعة كالقرآف. -3
الشيعة كالتشيع. -4
125
الفصل الرابع:
الباطنية
مذىب الباطنية من أردأ ا٤بذاىب كأخبثها كأىلو عتاة الشر كأفسد ا٤بخلوقات ،كىم أعدل أعداء اإلسبلـ
قدٲبا كحديثا ،فأراقوا دماء ا٤بسلمْب عندما ٛبكنوا منهم ُب ا٢بج ،كألقوا جثثهم ُب بئر زمزـ كدفنوا بعضهم
ُب صحن ا٤بسجد ،كاقتلعو ا٢بجر األسود كأخذكه معهم كقتلوا كثّبا من علماء كمشائخ ا٤بسلمْب.
كىم دائما مع كل عدك يَببص اب٤بسلمْب ،ككقائع التاريخ تشهد بذلك كما فعل نصّب الدين ا١بطوسي
دؿ التتار على ا٣بليفة كد٥بم على عورات ا٤بسلمْب فقتل النساء كاألطفاؿ كالرجاؿ كأغرقوا
مثبل عندما ٌ
كثّبا من كتب ا٤بسلمْب فينهرر دجلة كالفرات.
كأعظم أعيادىم ىو الذم يصيب فيو ا٤بسلمْب ببل ء ككرب كيوـ استيبلء الصليبيْب على سواحل الشاـ
ككيوـ استيبلء التتار على بغداد.
كقد حذر علماء ا٤بسلمْب كأنذركا من من خطرىم،يقوؿ البغدادم" :اعلموا أسعدكم هللا أف ضرر الباطنية
على ا٤بسلمْب أعظم من ضرر اليهود كالنصارل كاجملوس عليهم ،بل كأعظم من الدىرية كسائر أصناؼ
الكفرة عليهم ،بل أعظم من ضرر الدجاؿ الذم يظهر آخر الزماف ،ألف الذين ضلوا عن الدين بعد
دعوة الباطنية من كقت ظهور دعوهتم إذل يومنا أكثر من الذين يضلوف ابلدجاؿ كقت ظهوره ألف فتنة
324
الدجاؿ ال تزيد مدهتا عن أربعْب يوما كفظائح الباطنية أكثر من عدد الرمل كالقطر "
كقد ذكر ابن كثّب ٝبلة من فظائحهم كفظائعهم مع ا٢بجاج كما استباحوا من حرمات ا٤بسلمْب.325
كقد حذر منهم شيخ اإلسبلـ ابن تيمية كبْب أهنم أكفر من اليهود كالنصارل بل كأكفر من كثّب من
ا٤بشركْب كضررىم أعظم من ضرر الكفار كالفرنج كالتتار كغّبىم .326
كالباطنية بوجو عاـ ىم ٞبّب أعداء اإلسبلـ الٍب ٲبتطوهنا كلما أرادكا ىدـ اإلسبلـ أك ىبلؾ ا٤بسملْب كما
فعل نصر الدين الطوسي ا٣بائن الذم ٔبٌلتو كتب الباطينة كألبسوه ا٤بدائح كالثناء مثل مصطفى غالب ُب
ادلبحث األول:
ادلطلب األول:
اختلفت كلمة العلماء حوؿ ٙبديد ظهور مذىب الباطنية ،فقد ذىب بعضهم إذل ٙبديد سنة 205ىػ
كقاؿ آخركف سنة 250ىػ ،كبعض العلماء يقوؿ مائتْب ككسر ، 329كٰبددىا بعضهم بسنة 276ىػ
كذلك حينما قاـ زعيمهم ميموف بن ديصاف القداح إبنشاء ىذا ا٤بذىب ا٣ببيث ىو كزمبلؤه الذين كانوا
على شاكلتو. 330
كقد ذكر أصحاب التواريخ أف دعوة الباطنية ظهرت ُب عهد ا٤بأموف كانتشرت ُب عهد ا٤بعتصم ،كمنهم
من نسب الباطنية إذل الصابئْب ٕبراف ،كيذكر البغدادم أهنم دىرية زاندقة. 331
كالذم يَبجح أف ٚبطيط إقامة ا٤بذىب كاف ما بْب سنة 200ك300ق ػ ،كيظهر أف سبب االختبلؼ
يعود إذل غموض أمر الباطنية ،فكل كاحد من العماء ىأرخ ٥بم حسب ما كصل إليو من خربىم .
كيعود كذلك إذل أف مذىب الباطنية نفسو يقبل االختبلفات ،القتباسو كثّب من العقائد الباطلة
للدىرية كالفبلسفة كالربٮبية كالبوذية كاليهودية كالنصرانية .
قاـ ىذا ا٤بذىب من أكؿ يوـ على ا٤بيل من اإلسبلـ كأىلو ،كذلك إما إبخراج ا٤بسلم عن دينو أك إبخاؿ
الشكوؾ إذل قلبو .
كمن أبرز أسباب قياـ ىذا ا٤بذىب ىو إبطاؿ اإلسبلـ كالقضاء عليو ،أك تشكيك ا٤بسلمْب بدينهم ،
كإحبلؿ اجملوسية ٧بلو ،كلذلك اٚبذ أىل ىذا ا٤بذىب عدة أقنعة منها :
اعتمادىم على التأكيل الباطِب للقراف ،كتفسّبه ٗبعاين تناُب تعاليم اإلسبلـ كزعم أف أ-
للنصوص ظاىر كابطن.
كمنها إظهار التشيع كإظهار حب آؿ البيت حٌب يصلوا إذل قلوب عواـ ا٤بسلمْب كمن ب-
خططهم أف يبثوا دعاهتم كيزكدكىم ٖبطط ماكرة كىي ا٢بيل الٍب يستعملوهنا ُب دعوة
ا٤بدعوين كموافقة ىو كل مدعو كا٤بيل إذل ما ٰببو ُب ابدمء االمر ،كمن أبرز حيلهم :
التظاىر ابإلسبلـ كحب آؿ البيت كاالنتصاؼ ٥بم . -1
لب.
دعول أف للنصوص ظاىر كابطن كالظاىر قشور كالباطن ٌ -2
اختاركا أف يدخلوا على ا٤بسلمْب عن طريق التشيع ،كىم مع ذلك يعتربكف الرافضة ضبلؿ -3
أرؾ الناس عقوال كأسخفهم رأاي كألينهم
إال أهنم -كما يقوؿ الغزارل -رأكا اف الرافضة ٌ
عريكة لقبوؿ احملاال كأطوعهم للتصديق اب٣برافات.332
بث دعاهتم كإلزمهم ٖبطط ماكرة كموافقة كل مدعو كاتباعو على ىواه مستعمبل معو -4
حيلهم ا٤بعركفة.
ككاف أبرز دعاهتم بل رئيسهم ىو ميموف بن ديصاف القداح 333كابنو عبيد هللا كٞبداف قرمط 334كزكركيو
بن مهركيو كأبوسعيد ا١بنايب ككلده أبو الطاىر 335كغّبىم كثّب .
أمساء الباطنية
أطلقت كثّب من األ٠باء على ىذه الطائفة ،بعضها يقبلونو كبعضها ال يقبلونو كمن أشهرىا ما يلي :
الباطنية :أيطلق عليهم لزعمهم أف لنصوص الكتاب كالسنة ظاىر كابطن ،كأف الظاىر ٗبنزلة -1
القشور كالباطن ٗبنزلة اللب.336
337
نص على
اإل٠باعيلية :نسبة إذل إ٠باعيل بن جعفر الصادؽ ،ألف كالده جعفر الصادؽ ٌ -2
إمامتو من بعده كأكصى لو بزعمهم .
كُب ا٢بقيقة فإف إ٠باعيل قد مات ُب حياة كالده جعفر سنة 145ق ،كلكن اإل٠باعيلية
يعللوف سبب اختفائو أبف كالده أخفاه خوفا عليو من ا٣بليفة العباسي ،كلذلك كتب
٧بضرا بوفاتو ،كأشهد عليو عامل ا٣بليفة العباسي ا٤بنصور اب٤بدينة ا٤بنورة .
أما اإل٠باعيلية فيزعموف أنو توجو إذل السلمية قرب مدٲبة ٞباة ٍ ،ب توجو بعد ذلك إذل
دمشق خوفا من ا٣بليفة ٍ ،ب توجو إذل العراؽ ٍب ظل يتنقل بْب أتباعو سرا كٙبت أزايء
٨بتلفة إذل أف توُب سنة 158ىػ بعد أف أكصى ابإلمامة من بعده البنو دمحم. 338
ىذا ىو رأم اإل٠باعيلية ُب سوؽ اإلمامة ،أما اإلمامية اإلثِب عشرية فاختاركا بعد جعفر
الصادؽ ابنو موسى الكاظم ،كدل يقولوا إبمامة إ٠باعيل .
كقد تفرؽ اإل٠باعيلية إذل ثبلث فرؽ رئيسية كىي :الدركز كاألغاخانية كالنزارية البهرة .339
السبعية : -3
ك٠بو ابلسبعية لدعواىم أف أدكار اإلمامة سبعة سبعة ،كلما انتهى حكم سبعة قامت القيامة كابتدأ دكر
جديد .
،البادية كالنهاية 62/11ك٠باه النوٖبٍب قرمطويو ،فرؽ الشيعة ص 93ك٠باه ابن ا١بوزم كرميتة ،تلبيس إبليس
ص110
335انظر :فضائح الباطنية كبياف مذىب الباطنية ُب عدة مواضع.
336انظر :بياف مذىب الباطنية كبطبلنو ص 21كانظر :فضائح الباطنية ص11
337انظر :اإلفحاـ ألفئدة الباطنية الطغاـ ص23
338انظر :تفصيل ىذه األحداث ُب كتاب أعبلـ اإل٠باعيلية ٤بؤلفو الباطِب مصطفى غالب ص161
339نظر :ماكتبو عنهم إحساف إ٥بي ظهّب ُب كتابو اإل٠باعيلية اتريخ كعقائد.
129
كقد فسركا ابلعدد سبعة كثّبا من األمور كقالوا :إف الكواكب السيارة سبعة كاألايـ سبعة كأعضاء اإلنساف
سبعة كالنقب ُب الرأس سبعة إذل آخر ماقالوه .
كقيل إهنم ٠بوا بذلك العتقادىم أف العادل السفي تديره الكواكب السبعة كىي زحل كا٤بشَبم كعطارد
كا٤بريخ كالزىرة كالشمس كالقمر ،كىي عقيدة مأخوذة من مبلحدة ا٤بنجمْب. 340
التعليمية :ك٠بوا بذلك العتقادىم أف ا٢بق يؤخذ ابلتعليم ،كالعلم الٯبوز أخذه من غّب اإلماـ -4
ا٤بعصوـ لضماف الوثوؽ بو ، 341كبنوا مذىبهم على ا٢بجر على العقوؿ كإبطاؿ النظر
كاالستدالؿ ،كأبطلوا الرأم لتعارض اآلراء ُب نظرىم .
ماحل أبيديهم كا٢براـ
اإلابحية :كذلك ألهنم ال ٰبرموف منكرا كال يتلزموف بشرع ،بل ا٢ببلؿ ٌ -5
مامنعوا منو ،كيستدلوف على ذلك بقوؿ هللا تعاؿ { :خلق لكم ماُب األرض ٝبيعا}سورة
البقرة آية ،29كقالوا أبف ظاىر اإلٍب ٧برـ كابطنو حبلؿ ،كماؿ قاؿ تعاذل {:كذركا ظاىر اإلٍب
كابطنو}سورة األنعاـ آية ،129كىذه حيلة منهم الستدراج الناس إذل مذىبهم الردمء ،كإال
فإف ا٤بقصود من اآلية ُب ٛباـ الوضوح .
القرامطة : 342ك٠بوا بذلك النتساهبم إذل رجل يقاؿ لو ٞبداف قرمط ،كىو رجل من أىلة الكوفة -6
ككاف يتظاىر على زىد كداينة 343كقيل كاف يتظاىر بذلك ككاف ُب حيقتو على الداينة
اجملوسية ، 344فوجد ُب طريقو ذات يوـ أحد دعاة االابطنية فدار بينهما حوار انتهى بدخوؿ
ٞبداف قرمط ا٤بذىب الباطِب .
ا٤ببلحدة :ألهنم ينفوف كجود هللا عز كجل كيقولوف بتأثّب الكواكب. 345 -7
ا٤بزدكية :نسبة إذل مزدؾ ،كلعلو غّب مزدؾ صاحب الشيوعية األكذل الفارسية.346 -8
توزع القرامطة على أماكن كثّب ٲبكن إٯباز أٮبها فيما يلي :
ُ – 1ب اليمن :تزعم القرامطة ُب اليمن رجبلف أحدٮبا ا٤بنصور بن ا٢بسن بن زاذاف ،كاآلخر ىو علي
بن الفضل ا١بدين ،بعد أف أرسلهما ميموف بن ديصاف القداح ،كقد كوف ا٤بنصور دكلة ُب اليمن بعد
أف ٝبع القبائل حولو ،كتسمى ٗبنصور اليمن ،كأرسل دعاتو إذل أماكن كثّبة كا٤بغرب مثل الداعية عبيد
هللا ا٤بهدم عندما أرسلو إذل ا٤بغرب ككوف الدكلة العبيدية ٍ ،ب اختلف معو صاحبو علي بن الفضل،
كاجتمع حولو عدة قبائل أيضا كقامت بينهما حركب ،كقد أابح ابن الفضل احملرمات كادعى النبوة ٍب
االلوىية ،ككاف يكتب إذل عمالو " :من ابسط األرض كداحيها كمزلزؿ ا١بباؿ كمرسيها علي بن الفضل
-2العراؽ :من ا٤بعلوـ أف جنوب العراؽ ٩با يلي فارس أرض الشيعة كمهدىا كمكرز ا١بهل كا٣برافات ،
ككانت قاعدة أساسية النتشار ا٤بذىب القرمطي ،كقد نشط فيو ٝبلة من دعاة اإل٠باعيلية مثل مهركية
كحسْب األىوازم كىم ٦بوس انتسبوا إذل األحواز العربية تعمية جملوسيتهم ،كأرسل كذلك غّبىم من
الدعاة ،إذل أف قتل آخر دعاهتم عاـ 301ىػ كىو زكركيو كتشتت أبتاعو. 352
– 3البحرين :كقد قامت القرمطية ُب البحرين على يد شخص أعطى نفسو إسم ٰبي بن
ا٤بهدم ، 353كيقوؿ بعضهم أف ا٠بو ا٢بسن بن هبراـ الفارسي ، 354كقد استماؿ الناس إليو
ابلتدريج ٍب ادعى أنو ا٤بهدم ا٤بنتظر ،كتبعو على ذلك كثّب من الناس من أبرزىم أبو سعيد
ا١بنايب الذم عاث فسادا ُب األرض ٍب قتل ٍب توذل ابنو أبو الطاىر كغزا البصرة عاـ 311ىػ
كقد قتل ٝبلة كبّبة من الرجاؿ كسىب النساء كالصبياف ،كُب عاـ 312ىػ قطع على ا٢بجاج
طريقهم كأعمل السيف ُب رقاهبم ،كُب عاـ 313دخل الكوفة كقتل من قدركا على قتلو ،كُب
عاـ 317ىجم على مكة كقتل ا٢بجاج يوـ الَبكية ،كاستلبواا٢بجر األسود اثنتْب كعشرين سنة
إذل أف ردكه إبيعاز من قرامطة ا٤بغرب بعد أف ساءت ٠بعتهم ُب العادل اإلسبلمي بزعمهم ٍ ،ب
تناكب على زعامتهم ٝبلة من العتاة كاجملرمْب إذل أف قاـ زعيم قبيلة بِب عبد القيس كىو عبد هللا
بن علي العيوين كاستعاف اب٣بليفة العباسي كالسلطاف السلجوقي ملكشاه ،ككقعت معركة اهنزـ
فيها القرامطة كانتهت دكلتهم. 355
كقد ذكر ابن كثّب أف القرامطة زاندقة مبلحدة من أتباع فبلسفة الفرس الذين يتعقدكف بنبوة
زرداشت كمزدؾ ككانوا يبيحوف احملرمات ،كُب سنة 286ىػ ٙبرج القرامطة برائسة أيب سعيد ا٢بسن
بن هبراـ ا١بنايب ،كقد كاف ٠بسارا يبيع الطعاـ للناس ُب القطيف قبل أف يدخل مذىب الباطنية عن
351انظر :كشف أسرار الباطنية 63-40كانظر :الباطنيوف كا٢بركات ا٥بدامة ُب التاريخ اإلسبلمي ص24-20
كالقرامطة حملمود شاكر ص54-52
352انظر :القرامطة ص55
353انظر :القرامطة ص66
354انظر :الباطنيوف كا٢بركات ا٥بدامة ص16
355انظر :القرامطة س 70-66كالباطنيوف كا٢بركات ا٥بخدامة ص19-16
132
طريق أحد دعاهتم ،ككوف لو أتباع فلما قوم أتباعو أخاكؼ أىل العراؽ كالشاـ كصارت ٥بم دكلة
أليب طاىر ابن أيب سعيد ا١بنايب ٍ ،ب غزكا مكة ُب عاـ 317ىػ ُب يوـ الَبكية كقتلوا كل من كجدكا
من ا٢بجيج ُب رحاب مكة كشعاهبا كأعملوا السيوؼ على رقاب ا٢بجاج داخل الكعبة كخارجها،
ككاف يقوؿ أان ابهلل كابهلل أان ،أخلق ا٣بلق كأفنيهم أان ٍ ،ب أمر إبلقاء القتلى ُب بئر زمزـ كأمر بقلع
ابب الكعبة كنزع كسوهتا كقلع ا٢بجر األسود كمكث عندىم اثنتْب كعشرين سنة ،كىذا من
اإلبتبلءات الٍب حصلت من قبلهم على ا٤بسملْب .
كُب نفس ذلك الوقت نبغت للباطنية انبغة ُب ا٤بغرب بقيادة عبيد هللا بن ميموف بن ديصاف القداح الذم
كاف يهوداي كأظهر اإلسبلـ كادعى أنو من آؿ البيت من نسل فاطمة كاغَب بو كثّب من الناس من الرببر
ٍب قويت شوكتو كانتزع ا٤بلك من بِب األغلب على إفريقية ، 356كاستوذل حفيده ا٤بعز على مصر كاستمر
ملك العبيديْب ٫بو قرنْب من الزماف إذل أف قضى عليهم البطل ا٤بسلم صبلح الدين األيويب ُب سنة
564ىػ .
ادلبحث الرابع:
من ا٤ببادمء األساسية عند الباطنية تقديس النفاؽ كالكذب كا٤براكغة ،كأىم أمر عندىم ىو ٦باراة
ا٤بدعويْب ٕ ،بيث يتلوف الداعي ٕبسب حاؿ ا٤بدعو حٌب يستأنسو كٲبيل إليو ،فإف كاف ا٤بدعو شيعيا
أظهر لو الداعي حب آؿ البيت ،كإف كاف فاجرا أظهر لو حسن انتهاب الشهوات ،كإف كاف انسكا
متعبدا أظهر لو الزىد ُب الدنيا ،كإف كاف ٦بوسيا أظهر لو تعظيم النار ،كإف كاف نصرانيا أظهر لو
تعظيم الصليب ،كإف كاف يهوداي أظهر لو الطعن فيمن عدا اليهود كإف كاف فيلسوفا أظهر آراء الباطنية
الٍب توافق آرء الفبلسفة ،كإف كاف ثنواي بْب لو حقيقة إبطاؿ التوحيد ،كالقوؿ ابلسابق كالتارل ،كىكذا
يتلونوف بكل لوف ُب سبيل دعوهتم ،ك٥بم حيل للوصوؿ إذل قلوب الناس كالتدرج هبم إذل الكفر .
احليلة األوىل :الزرؽ كالتفرس :كىي أف ٱبتار الداعي من يتفرس فيو قبوؿ استدراجو للدعوة الباطنية ،
ٕبيث يشكل عليو ُب أتكيل النصوص كأف ٥با ظاىرا كابطنا الستدراجو .
احليلة الثانية :التأنيس :كىي الوصوؿ إذل قلب ا٤بدعو بكل طريقة ،كذلك ٕبسب ما يناسب حاؿ
ا٤بدعو ،كذكر اآلايت كاألحاديث كاألشعار ،ككل أمر يزيد ُب األنس.
احليلة الثالثة :التتشكيك :كىي أف يطرح الداعي بعض ا٤بسائل الدينية الٍب يعجز ا٤بدعو عن اإلجابة
عليها ،كا٤بسائل الٍب دل نطلع على ا٢بكمة فيها أك ا٤بسائل التعبدية ،كمتشابو القرآف ،كبعض ا٤بسائل
الفقهية عن رمي ا١بمار كاإلحراـ كالطواؼ كعن ا٢بركؼ أكائل السور كقولو تعاذل { كهيعص } كغّبىا
.
احليلة الرابعة :التعليق :كىي بعد تلهف ا٤بدعو إذل معرفة اإلجابة عن تلك األسئلة فيمنعوف جوابو إال
بعد أف يعطيهم العهد كا٤بيثاؽ ،فإف رضي ينقلونو إذل ا٢بيلة ا٣بامسة .
احليلة اخلامسة :الربط :كىي إحكاـ قبضتهم على ا٤بدعو ٗبا يؤخذكنو عليو من عهود كمواثيق غليظة
ابستحقاؽ اللعنة كالغضب كالنار كغّبىا إف ىو أفشى سرا من أسرارىم .
احليلة السادسة :التدليس :كىي إظهار تعظيم الشرع كالرغبة ُب طلب العلم ،كأخذ العلم عن اإلماـ
ا٤بستور الذم ىو الطريق إذل علم النيب الناطق كالوصي كىو األساس إذل علم الناطق ،كأنو مستور
لعلمهم أف الكجود لو .
احليلة السابعة :التأسيس :كىو أهنم يضعوف مقدمة التنكر ُب الظاىر كال تبطل الباطن ،كىي دعواىم
أف للنصوص ظاىرا كابطنا كأف الظاىر قشور كالباطن ىو اللب .
احليلة الثامنة :ا٣بلع من الدين :كىي أف يقاؿ للمدعو :أف ا٤بقصود من النصوص ىو الباطن كمٌب
كقف عليها مدعو سقط عنو حكم الظاىر ،ففائدة الظاىر أف يفهم ما أكدع فيو من علم الباطن ال
احليلة التاسعة :اإلنسبلخ من الدين أك السلخ :كىي بعد أف أينسوا من ا٤بدعو قبوؿ دعوهتم ،أعلموه
أنو قد أطلق من كاثقو كحل لو كلماحر عليو ،كزالت عنو ٝبيع التكاليف.358
كسقوط التكاليف عنو ابلتدريج ،فتسقط عنو الصبلة بعد أف يدفع مبلغ 12دينارا ،كيقرأ لو اإلماـ
قولو تعاذل {:كيضع عنهم إصرىم كاالغبلؿ الٍب كانت عليهم} كيفهمونو أف الصبلة ىي معرفة أسرار
الباطن أك معرفة ٟبسة أ٠باء كىي علي كا٢بسْب كا٢بسْب ك٧بسن كفاطمة .
ٍب يسقطوف عنو فريضة الصوـ ،بعد أف يدفع ا٤ببلغ ا٤بذكور لئلماـ .كيفهمونو أف الصوـ ىو كتماف
أسرار الباطنية أك معرفة ثبلثْب رجبل أك ثبلثْب امرأة يعدكهنم ُب كتبهم .
ٍب يسقطوف ا٢بج كيفهمونو أف ا٢بج ىو زايرة مشائخهم ال قصد مكة .
ٍب يسقطوف عمو حرمة ا٣بمر كا٤بيسر كيفهموه أف ا٤بقصود هبما أبو بكر كعمر ٍ ،ب يسقطوف عنو كجوب
غسل ا١بنابة كيفهمونو أف الطهارة ىي طهارة القلب ٍ ،ب يسقطوف عنو حرمة الزان ،كيسمونو ا٤بشهد
األعظم كهنابة الفوز ،كيتلو عليو الداعي قولو تعاذل { :فبل تعلم نفس ماأخفي لعهم من قرة
أعْب}سورة السجدة آية .17
كبعد ىذا التعليم يبدأ ا٤بدعو بتطبيق ذلك العلم الساقط ،فيبدأ بتطبيق ذلك على زكجتو فيبيحها
للداعي ٍ ،ب ٰبضر ا٤بشهد األعظم كىو اجتماع الرجاؿ كالنساء ُب مكاف كاحد كتطفأ فيو السرج بعد أف
تدار الكؤكس كٙبمى الرؤكس ٍب يتناىبوف النساء فيقع كل كاحد منهم على من أمامو .359
ك٥بم طرؽ كأساليب عجيبة تسلب لب العامة كا٣باصة ُب طريقة دعوهتم ،بعد أف يكوف الداعي على
علم ٗبجمل الفرؽ اإلسبلمية كغّب اإلسبلمية كدقائقها كمواطن الضعف ُب كل فرقة كداينة ،كينربكف
جملادلة من أراد ٦بادلتهم ٕبسب أحوا٥بم كيطرحوف تساؤالت كثّبة فإذا عجز عنها ا٤بدعو يَبكو الداعي
كيسخر منو ،فتتعلق بو قلوب العامة ٤بعرفة إجابت تلك األسئلة ،كأما اذا كاف اجملادؿ من أىل العلم
ا٤بتبحرين فيو ،فينحى ا٤بدعو إذل منحى الفلسفة العميقة الٍب ٚبفى على عواـ الناس حٌب اليظهر ٗبظهر
358انظر :لتفصيل تلكا٢بيل :فضائح الباطنية ص 22-21كبياف مذىب الباطنية كبطبلنو ص30-25
359ذكرىا الديلمي ُب بياف مذىب الباطنية كبطبلنو ص15-11
135
ا٤بنهزـ ،كُب كل األحواؿ ٥بم طرؽ عجيبة كدقيقة استطاعوا من خبل٥با نشر مذىبهم الباطل ُب كثّب من
أصقاع العادل اإلسبلمي. 360
ادلبحث اخلامس:
عقائد الباطنية
عقائد الباطنية ىي ٦بموع أفكار ملفقة من مذاىب شٌب ُب خبط كاضطراب ،كتتناقض أخبار مذىبهم
تناقضا ظاىرا .
كىم ُب كل أحوا٥بم يتسَبكف ٗبذىب التشيع آلؿ البيت ،أك بزعم التجديد كالتقدـ ،أك غّبه من
الشعارات.
اختلفت مذاىب الباطنية ُب اعتقادىم ُب األلوىية ،إال أهنا ي٘بمع على اإل٢باد كالكفر ،363فذىب قسم
منهم إذل القوؿ بوجود إ٥بْب ،ال أكؿ لوجودٮبا من حيث الزمن ،إال أف أحدٮبا علة لوجود الثاين ،
كاسم العلة السابق ،كاسم ا٤بعلوؿ التارل ،كأف السابق خلق العادل بواسطة التارل ال بنفسو ،كقد يسموف
األكؿ عقبل كالثاين نفسا .
كىذا يدؿ على جهلهم بلغة العرب كاكثرىم من ببلد فارس ،حيث إف ا١بمع ُب اآلايت للتعظيم كليس
للكثرة .
كيذكر الباطِب مصطفى غالب أهنم يعتقدكف أف هللا دل ٱبلق العادل كال يستطيع أف يتصل بو ،كإ٭با ىو علة
العادل كسبب كجوده فقط. 364
كذىب قسم منهم إذل االعتقاد أبف علي بن أيب طالب ىو ا٣بالق للسموات كاألرض كأنو ظهر ُب صورة
الناسوت ليؤنس خلقو كعبيده.
كذىب بعضهم إذل أف هللا ال يوصف ٗبوجود أك غّب موجود كال ٗبعلوـ كال ٦بهوؿ كال موصوؼ كال غّب
موصوؼ ،إذل آخر إ٢بادىم الذم يظهركنو للعواـ أبنو تنزيو هلل كىو ُب حقيقتو نفي لوجود هللا.
ينكر الباطنيوف النبوات كٯبحدكف ا٤بعجزات ،كيزعموف أهنا من قبيل السحر كالطبلسم ،كيفسركف النبوة
أبهنا عبارة عن شخص فاضت عليو من السابق بواسطة التارل قوة قدسية صافية مهيأة ألف تنتقش عند
اإلتصاؿ ابلنفس الكلية ٗبا فيها من ا١بزئيات.
كىذه القوة القدسية الٍب تفيض على النيب ال تستكمل ُب أكؿ حلو٥با ،كىذه القوة ال تستكمل إال بعد
أف تنتقل من الرسوؿ الناطق إذل األساس الصامت. 365
كمن ىذا التصور الردمء اعتقدكا أف جربيل عبارة عن العقل الفائض على النيب ،كيعتقدكف أف القرآف
تعبّب دمحم عن ا٤بعارؼ الٍب فاضت عليو من جربيل الذم ىو العقل.
كيعتقدكف أف كل نيب لشريعتو مدة،فاذا انصرمت مدتو بعث هللا نبيا آخر ينسخ شريعتو ،كحددكا لكل
نيب سبعة أئمة ،أك٥بم الناطق ٍب األساس ٍب الصامت ٍب السوس .
كعليو فإهنم يعتقدكف أف عليا ىو سوس دمحم كقد استتمت دكرة األئمة ٔبعفر بن دمحم ،كابتدأ الدكر الثاين
ٗبحمد بن إ٠باعيل كشريعتو انسخة ٤با قبلو.
ك٥بذا يعتقدكف أف شريعة دمحم منسوخة بشريعة إ٠باعيل بن دمحم ،كىكذا ُب كل دكرة.366
اثلثا :اعتقادىم يف اآلخرة :أنكر الباطنية اآلخرة الٍب جاء هبا القراف كجاءت هبا السنة ،كأكلوا معانيها
بتأكيبلت ابطنية ابطلة ،كقالوا أبهنا رموز تشّب إذل خركج اإلماـ ،كأنكركا البعث ابألجساـ كا١بنة كالنار
،كقالوا أبف ا٤بعاد ىو عود كل شيء إذل أصلو .
كلذلك قالوا إف جسم اإلنساف مكوف من أخبلط أربعة كىي الصفراء كالسوداء كالدـ كالبلغلم ،فالصفراء
تصّب انرا ،كالسوداء تصّب ترااب ،كالدـ يصّب ىواء ،كالبلغلم يصّب ماء .كأما ركح النساف فإف كانت
صافية مواضبة على العبادات فإهنا تتحد بعادل األركاح الذم انفصلتمنو.367
رابعا :اعتقادىم يف التكاليف الشرعية :يتميز مذىب الباطنية أبنو أشد ا٤بذاىب استحبلال
للمحرمات ،كلكن ظاىر مذىبهم ىو لزكاـ القياـ ابلتكاليف الشرعية ،كإظهار الزىد كالورع .
كذلك حٌب يتحقق مرادىم من إرادة إرىاؽ الناس بكثرة التكاليف ُ،ب نفس الوقت الذم يركزكف فيو
على مسامع الناس أف ا٣بركج من تلك التكاليف أمر يسّب .
كحينما يشتاؽ الشخص ٤بعرفة تلك الكيفية ،يبدأكف ُب تعليقو ابألئمة ا٤بستورين ٍ ،ب يسّبكف معو
اب٤براحل الٍب سبق ذكرىا ُب دعوهتم للمدعوين إذل الدخوؿ ُب الباطنية.
مع تكرارىم القوؿ أبف أبف ىذه التكاليف كضعت لتستهدؼ من كرائها فائدة كاحدة كىي استنهاض
ٮبة القلب ليصل إذل معرفة بواطن ىذه األمور فقط ،كمن ىنا يبدأ ا٫ببلؿ الداخل ُب الباطنية عن كل
األكامر كالنواىي .
النصّبية ىي إحدل الفرؽ الباطنية الٍب ظهرت ُب القرف الثالث للهجرة ،كذلك بعد أف انشقت عن فرقة
اإلمامية.
كالنصّبكف كغّبىم من أعداء اإلسبلـ ،بل أشد أعداء اإلسبلـ ُب معاداة ا٤بسلمْب ،فهم يَببصوف
اب٤بسلمْب الدكائر ،كيقفوف مع أعداء األمة ُب صف كاحد ،العتقادىم أف إيذاء كقتل ا٤بسلمْب فيو
ثواب ٥بم .
كال زاال٤بسلموف ُب سوراي كلبناف يتجرعوف جرائمهم ،فيقتلوف األبرايء كالنساء كاألطفاؿ ،كىذا امتداد
١برائمهم ضد ا٤بسلمْب منذ عهد كقوؼ النصّبية مع الصليبيْب كالتتار.
كقد انطوت عقائدىم على كفر صريح كإ٢باد كبّب ،فكما جاء ُب كتاهبم ا٥بفت الشريف يعتقدكف فيو
أف ا٢بسْب ىو هللا ب العا٤بْب كخالق السموات كاألرضْب ،كلذلك قاؿ ا٢بسْب لعمرك بن سعد ٤باجاء
لقتالو : :كٰبك ،تقتل رب العا٤بْب كإلو األلْب كاآلخرين "إذل آخر ماجاء من كفرايهتم. 368
ادلبحث الثاين:
تنسب ىذه الطائفة الفاجرة إذل زعيمهم دمحم بن نصّب النمّبم ،ككاف من الشيعة اإلثِب عشرية كأصلو
من فارس ٍ ،ب انفصل عنهم بعد أف انزعهم على إثبات صفة الباب لو ،حيث ادعى أنو الباب إذل
تقر لو اإلمامية بذلك انفصل عنهم ككوف مذىبو كظل زعيما لطائفتو إذل أف
ا٤بهدم ا٤بنتظر ،فلما دل ٌ
ىلك سنة 260أك 270ق369ػ .
كقد نقل عبد ا٢بسْب عن القمي ُب كصفو البن نصّب أنو كاف فاحشا كقد أجاز اللواط كسائر احملرمات
مدعيا أف ذلك من تواضع ا٤بفعوؿ بو ..إذل آخر أكصافو الشنيعة. 371
كلكن ُب كتاهبم ا٥بفت الشريف نفي ذلك ٛباما ،كأنو ال يقع من مؤمن منهم بل يقع ٩بن عادل
عليا.372
كقد أٝبعت كتب الشيعة ُب ذكرىا لدعوة ابن نصّب أنو ادعى أنو الباب ٍب النبوة ٍب القوؿ أبلوىية علي
كإابحة احملارـ ،كالقوؿ ابلتناسخ ،كما استوعب عبد ا٢بسْب الشيعي أخباره ُب كتابو العلويوف أك
النصّبية ،انقبل عن أىم مصادرىم مثل القمي ُب مقاالتو كالنوٖبٍب ُب فرقو كالكشي ُب كتابو الرجاؿ
كالطوسي ُب الغيبة كا٢بلي ُب كتابو الرجاؿ كالطربسي ُب االحتجاج كغّبىم.
ادلبحث الثالث:
أطلقت على ىذه الطائفة عدة أ٠باء بعضها يقبلونو كبعضها ال يقبلونو كمنها ما يلي :
النصّبية :ىذا االسم ىو أشهر األ٠باء الٍب أطلقت عليهم ،كقد اختلفوا ُب أصل -1
تسميتهم هبذا االسم كما يلي:
أ – أف ىذا السم أطلق عليهم لتمييزىم كاضطهادىم بدافع العصبية ا٤بذىبية حسب زعمهم كعلق
اترٱبيا هبم ، 373كلذلك يبغضوف ىذا االسم.
ج – يعلل بعض ا٤بؤرخْب كا٤بستشرقْب كا٤بسشرؽ ريسو أف سبب تسميتهمبهذا االسم لوجود صلة
عقائدية بينهم كبْب النصارل ٤با الحظو من التقارب بينهم ُب كثّب من الشعائر كاالعتقاداتكالتثليث
374
. " ع .ـ .س" كتقديس ا٣بمر كالتجسد
د -أنو أطلق عليهم نسبة إذل مؤسس مذىبهم دمحم بن نصّب النمّبم ،375كىو الراجح.
العلويوف :كىم ٰببوف ىذا االسم ،كقد أخذ من عبادهتم لعلي بن أيب طالب ،كما أف -2
ىذه التسمية تفتح ٥بم آفاؽ تقارب مع الشيعة ،كنسبتهم إذل علي أفضل من ابن نصّب ُب
نظرىم .376
سورة :ؾ :كقد أطلقو األتراؾ عليهم ،كٗبركر الزماف أصبحت تطلق " سوراؾ " كمعناىا -3
عند األتراؾ ا٤بنفيوف أك ا٤بساقوف. 377
النمّبية :نسبة إذل مؤسس ا٤بذىب ٧بمند بن نصّب النمّبم .378 -4
ك٥بم أ٠باء أخرل ٧بلية مثل التختجية كا٢باطبوف ،كذلك ُب غريب األانضوؿ ،كالعلي إ٥بية -5
ُب فارس كتركستاف ككردستاف.
نشأة النصَتية
أعقبت كفاة اإلماـ ا٢بادم عشر ا٢بسن العسكرم بدكف أم عقب ،صدمة كتفرؽ لدل عموـ الشيعة ،
فاختلفوا بعد كفاتو إذل أربع عشرة فرقة ،بْب مؤيد كانؼ لوجود ابن لئلماـ ا٢بادم عشر.
ك٤با كاف من أصوؿ اعتقاداهتم كجود إماـ معصوـ يتوذل تصريف شؤكف الناس ،اخَبعوا فكرة الباب إذل
األماـ ،حيث ٱبتاركف رجبل ٨بصلصا آلؿ البيت يلتقي ابإلماـ ا٤بستور كيكوف حلقة الوصل بينو كبْب
الناس.
كقد استدلوا أبدلة ضعيفة ال تثبت منسوبة إذل النيب ملسو هيلع هللا ىلص " أان مدينة العلم كعلي ابهبا " كغّبىا من
الركاايت الٍب ال تثبت .
فالنصّبية من الفرؽ الٍب قالت ال كجود إلماـ بعد ا٢بسن العسكرم كال كجود لباب بعده ٍ ،ب قالت
أبلوىية ا٢بسن العسكرم أيضا .
كانفصلت بقية ابن نصّب ،كتعاقب على قيادهتا بعد كفاة ابن نصّب ٝبلة من أتباعو أكرثوا ا٤بذىب عقائد
٨بتلفة ،كا١بنببلين كا٣بصييب كا١بسرم كغّبىم .
كقد تفرقوا بعد اضطهادىم من الدكؿ اإلسبلمية إذل أف عادكا ُب الوقت ا٤بعاصر على حْب غفلة من
379
كتسموا أب٠باء ٨بتلفة كحزب البعث االشَباكي ،كدعول
ا٤بسلمْب كاستولوا على ا٢بكم ُب سوراي ٌ ،
التقدمية كالتحرر ،كغّبىا من ا٤بسميات .
ادلبحث اخلامس:
يعترب النصّبيوف أف عقائدىم أسرارا ال ٯبوز ألحد إفشائها مهما كانت الظركؼ ،قد جاء ُب ا٥بفت
الشريف -كتاهبم ا٤بقدس " : -كأف ىذا العلم سر هللا كمكنوف خزائنو الذم دل يطلع عليها أحد من
عباده إال األكلياء ا٤بختصوف "
كىكذا أصحاب الباطل ليس لديهم حجة ُب مواجهة ا٢بق سول كتم ابطلهم .
كقد كتب ٩بحمد فريد كجدم خبلصة ماجاء ُب الباكورة السليمانية كىي ما يلي :
اف النصبّبية يعتقدكف ألوىية علي ،كالكبلزية منهم يعتقدكف أنو حل ُب الشمس -1
فيقدسوف الشمس .
يعتقدكف بتناسح األراكح ،فاألركاح الصا٢بة ٙبل ُب النجوـ ،كلذلك يسموف علي أمّب -2
النحوـ ،كاألركاح الشريرة ٙبل فيا٢بيواانت .
أف كلمة السر عندىم ىي ع ،ـ ،س كىي رموز دمحم كعلي كسلماف . -3
أف لديهم كتااب مقدسا غّب القرآف. -4
أف العقائد الوثنية غّب متجانسة كثنية قدٲبة كإسبلمية متطرفة. 381 -5
كىذا يدؿ على أهنم ليسوا على يقْب من صبلحية داينتهم كصفائها كيعلموف أهنا قامت على ا٣بداع
كالتضليل ،كاألمثلة عديدة على قتلهم ٤بن أفشى أسرارىم.
كقد جاء ُب ا٥بفت الشريف عن كجوب كتماف السر ":فإف أفشيتو إذل أعدائنا فقد أعنت على قتل
382
نفسك"
ا٤برأة النصّبية تعترب من أجهل نساء العادل ،إف أف التعاليم النصّبية تقضي بعدـ جواز اطبلع ا٤برأة على
سر من أسرار ا٤بذىب النصّبم ،ألهنا ُب نظرىم ضعيفة العقل كاإلرادة كألهنا أكثر شرا من الرجل
أم ٌ
كأكثراحتياال كمكرا كىي سبب كل شر عندىم ،كما صرح بذلك ا٥بفت الشريف عندىم .
كيستدلوف أبف ٖبركج آدـ من ا١بنة بسبب ا٤برأة 385كأف قابيل قتل ىابيل بسبب امراة ككيف خانت أمرأة
نوح كلوط ،كقتل ٰبي بسبب امراة ابغية كأهنن مصدر الكيد.
كىذا كلو خبلؼ تعاليم االسبلـ الٍب جاءت إبكراـ ا٤برأة كتعليمها أمور دينها كتكليفها ٗبا يكلف بو
الرجل ،كأف هللا ال يضيع أجر من أحسن عمبل.
دل أينس النصّبية من إظهار تعاليمهم حٌب من بعضهم لبعض ،إال بعد تعقيدات كاختبارات شديدة
يذؿ ُب الرجل ،كيتجرع مرارة اإلىانة ،كينتهك عرضو،كيقضى فيو على آخر
جيث ٱبتار التلميذ الشيخ الذم سيبلزمة كيسمونو الوالد الركحي أك الوالد الديِب ٍب يغرس ُب قلبو
تقديس الشيخ كا٣بضوع لو.
كمن تلك الطرؽ أهنم ٯبعلوف أحذية ا٤بشايخ ترفع فوؽ رأس التلميذ كىو ساكت ال يتكلم ٍ ،ب يتوسل
شيخو لبقية ا٤بشايخ أف يقبلوه ،فإذا قبل يبدأ ُب تقبيل أيدم كأرجل ا٤بشايخ ا٢باضرين .
ٍب يقف مكانو كيوضع على أرسو خرقة بيضاء ٍب يبدأ الشيخ بقراءة العقد الذم سيتم بْب التلميذ
كالشيخ ،كىو أشبو ما يكوف بعقد الزكاج ،كيعتربكف ىذا ٗبثابة ا٣بطبة ،كيعتربكف الكبلـ الذم يسمعو
ٗبثابة النكاح ،كما يتحملو من العلم ٗبثابة ا٢بمل ،فإذا تعلم كأراد التعليم يكوف ذلك ٗبثابة لوضع .
ٍب يشَبطوف عليو أف يكرر ُب اليوـ ٟبسمائة مره بسر ع ـ س ٍ ،ب يعلمونو التعاليم بطرؽ قاسية كلو
إبىدار رجولتو. 386
383انظر :دائرة معارؼ القرف العشرين مادة "نصر" كانظر :العلويوف ص 57كطائفة النصّبية ص 43
384انظر :ا١بيل التارل ص9
385يعتقد ىؤالء أف آدـ قبلو سبعة أكادـ ،كل آدـ مثل ٌأمة ،حٌب جاء أبوان آدـ ا١بديد كىو الثامن كما يذكر ا٥بفت
الشريف ،انظر :الباب ، 61-60ص 153-150
144
كفيما يلي أىم الشركط ُب تعليم ا٤بذىب النصّبم :
387
أف ٯبتاز سن التاسعة عشر -1
أف ٲبر اب٤براحل التالية على التدريج : -2
أ -ا٤برحلة األكؿ :مرحلة ا١بهل :كىي هتيئة من يقع عليو االختيار من أبناء طائفتهم.
ب -ا٤برحلة الثانية :مرحلة التعليم :كىي تلقْب شيء من تعاليم ا٤بذىب ،كيبقى مدة سنة أك
سنتْب ٙبت إشراؼ أحد الشيوخ ،فاذا توسم فيو النجابة نقلوه إذل ا٤برحلة الثالثة كإال طردكه كىي:
ج – مر حلة السماع :كىي الدرجة العليا حيث يلقنونو أسرار ا٤بذىب على يد شيوخو الورحيوف
كيطلقوف عليو الشيخ أك صاحاب العهد مع كجود كفبلء ،كالشهود يشهدكف استعداده لتحمل
األسرار كاحملافظة عليها كلو على دمو .
مع العلم أف كل تلك التعاليم تلقن ُب مرحلة السكرٕ،بيث يشرب ا٤بتعلم ا٣بمر الٍب يسموهنا عبد
النور مع ىالة من التهديد كالوعيد من ىنا كىناؾ ،حٌب يكتمل تعليمو ا٤بذىب ُب أجواء غّب
طبيعية .
ك٥بم طقوس للداخل ُب ا٤بذىب يضحك منها العقبلء ،كيستنكف عنها ا١بهبلء ،فيها هتويل
للداخل ككفبلء لو ككفبلء للكفبلء مع شرب ا٣بمور ككعيد كهتديد. 388
ادلبحث السادس:
للنصّبية عقائد كثّبة بعضها ظاىر كبعضها ال زاؿ ُب طي الكتماف ،كقد اتضح أف أبرز عقائدىم
ما يلي :
أتليو علي بن أيب طالب :كال يتسبعد منهم ىذا االعتقاد ،حيث إهنم كانوا قبل دخو٥بم -1
اإلسبلـ عباد بقر كأكاثف ،فأرادكا صبع عقائدىم بصبغة اإلسبلـ .
ك يعتقدكف أف عليا لو البلىوت كالناسوت ،كبعتقدكف أف عليا خلق دمحم كدمحم خلق سلماف
الفارسي ،كسلماف الفارسي خلق األيتاـ ا٣بمسة كىم :ا٤بقداد :رب الناسي كخالقهم ،كموكل
ابلرعود كازالزؿ ،أبو الدر :أبو ذر الغفارم :ا٤بوكل بدكراف الكواكب كالنجوـ ،عبد هللا بن ركاحة
:ا٤بوكل ابلرايح كقبض أركاج البشر ،عثماف بن مضعوف :ا٤بوكل اب٤بعدة كحرارة ا١بسد ،قنرب بن
كاداف :ا٤بوكل بنفخ األركاح. 389
كقد اختلفوا ُب مكاف حلولو بعد أف ترؾ ثوبو اآلدمي أم صورتو البشرية ،فمنهم من يقوؿ إنو حل ُب
القمر ،كلذلك يتجو إذل القمر ُب العبادة ،كمنهم من يقوؿ إنو حل ُب الشمس ،كيتنجو إذل الشمس
ُب عبادتو .كىؤالء يسموف الكبلزية .390
كيعتقدكف – كما جاء ُب ا٥بفت الشريف – أنو ال ٲبوت ا٤بيت حٌب ٙبمل ركحو إذل علي فإف كانت
صافية صعدت هبا ا٤ببلئكة إذل عْب ُب ا١بنة فقد كرد فيو":ما من مؤمن ٲبوت إال كٙبمل ركحو إذل اإلماـ
علي فينظر فيها ،فإذا كاف مؤمنان ٩بتحنان صافيان صعدت ا٤ببلئكة بركحو إذل السماء فتغمسها ُب عْب ُب
ا١بنة" . 391
كقد جاء ُب السورة الثالثة من كتاهبم ا١بيل التارل " :اللهم اين أسالك ايموالم اي أمّب النحل اي عليا
392
ايعظيم اي أزؿ اي فرد اي قدًن اي علي اي كبّب اي أكرب من كل كبّب اي خالق الشمس كالقمر ا٤بنّب " ..
اذل اخر ماجاء ُب سورىم من الكفر كاإل٢باد كالزندقة كسورة السجود كسورة اإلشارة كالسورة الكبّبة .
كنتيجة لدعواىم ُب حلوؿ األلوىية على بعض األشخاص كقبوؿ عقو٥بم ىذا ا٥براء ،فقد ادعى بعضهم
حل فيو ،كمن يسمى سلماف مرشد الذم ادعى أف هللا حل فيو ،ككاف إظهاره ٥بذا القوؿ ٕبماية
أف هللا ٌ
االستعمار الفرنسي آنذاؾ.
ككاف إذا ظهر ألتباعو ٱبر لو أتباعو ساجدين ،كقد رٌكب أنوارا ُب ثيابو تضيء حينما توصل ببطارية
صغّبة ُب جيبو ،الطريف أف ا٤بستشار الفرنسي فيببلد الشاـ كاف أيضا من ضمن الساجدين كيسميو اي
إ٥بي.
كبعد كفاتو اٚبذ أتباعو ابنو األكرب ٦بيب األكرب ،كقد قتل ىذا أيضا .
كمن خبث أتباعو أهنم يسموف على ذابئحهم فيقولوف " :ابسم ٦بيب األكرب من يدم إذل رقبة أيب بكر
كعمر"
القول ابلتناسخ :ال يؤمن النصّبية بيوـ القيامة ،كسائر أصحاب الدكر الذين يقولوف أبف -2
ا١بزاء ُب الدنيا .
كاستبدلوا ا١بزاء ُب اآلخرة ابلتناسخ ُب الدنيا ،فالتناسخ ىو انتقاؿ ركح ا٤بيت بعد موتو إذل جسد آخر
حسب عملو ،فصاحب العمل ا٢بسن ينتقل إذل جسد حسن منعم ،كالعمل السيء ينتقل إذل جسد
معذب ردمء كالكبلب كا٣بنازير كا٢بيات كالعقارب كا٣بنافس كغّبىا. 394
كالتناسخ عند النصّبية لو أربع صور حسب عمل االنساف كىي :نسخ ،مسخ ،فسخ ،رسخ .
أما النسخ فهو :انتقاؿ ركح اآلدمي اذل جسد آدمي آخر .
393انظر ٤با سبق ذكره عن علي هنع هللا يضر كموقف النصّبية منو :كتاب طائفة النصّبية ص ،50 - 46نقلنا عنو بتصرؼ،
كانظر :فرؽ الشيعة للنوٖبٍب ص ،116كالعلويوف ص ،52 ،44 ،15كلقد توسع الدكتور دمحم أٞبد ا٣بطيب ُب ىذه
ا٤بسألة كبْب تفضيبلهتا ُب الفصل الثاين من كتابو ا٢بركات الباطنية ُب العادل اإلسبلمي ص .354 - 341
394فرؽ الشيعة ص .58 ،57
147
كا٤بسخ ىو :انتقاؿ ركح اآلدمي من جسده إذل جسد حشرة .
كتذكر بعض كراايهتم أف ا٤بسيخ كالفسخ كالرسخ ال تصيب النصّبم بل تصيبأعدائهم ،كقدجاء ُب
ا٥بفت الشريف بياف كل صورة من تلك الصور ،ال يتسع ا٤بقاـ لذكرىا ىنا منها قولو " :كإنو ليلقاؾ
الرجل ُب بدنو كأنت تظن أنو آدمي كإ٭با ىو قرد أك خنزير أك كلب أك دب".396
تقديس اخلمر:كمن أىم عقائدىم أيضان :تقديس ا٣بمر ،حيث زعموا أف هللا تعاذل يتجلى -3
فيها كأهنا تسمى عبد النور تشريفان ٥با ،كجعلوا من أكرب اإلجراـ قلع شجرة العنب.
ادلبحث السابع:
عبادات النصَتية
ٱبتلف النصّبكف عن ا٤بسلمْب ُب العبادات كُب كل شيء ،كذلك ألف مذىبهم خليط من شٌب األفكار
كالدايانت ،كما كرد ُب عقيدهتم ككتبهم من كلمات كالصبلة كالزكاة كالصياـ اليريدكف منها ا٤بقصود ُب
الشريعة اإلسبلمية بل أكلوىا إذل معاف أخرل ابطنية ،منها ما يلي:
أوال :التكاليف :يذكر بعضهم أف النصّبية يفرقوف بْب التزاـ التكاليف بْب ا٤بشايخ كبْب ا١بهاؿ ،
فّبكف جربية التكاليف تسرم على ا٤بشايخ دكف ا١بهاؿ.
كلعل ُب ىذا نظر ،إذ من ا٤بعلوـ أف الشيوخ من النصّبية الذين يسموهنم أيضا أصحاب العهد ،تسقط
عنهم التكاليف إذا عرفوا الباطن ،فقد يكلف الشخص فَبة معينة لطلب العلم كاالستزادة ،كلكن بعد
ذلك تسقط عنو ٝبيع التكاليف إذا عرؼ الباطن كميز بينو كبْب الظاىر فتسقط عنو العبودية كما نص
على ذلك ُب ا٥بفت الشريف. 397
كال يصلوف ا١بمعة كال يعَبفوف بو كفرض ،كال يتطهركف قبل الصبلة كال يصلوف ُب ا٤بساجد كٰباربوف
بناء ا٤بساجد .
كىم ٯبتمعوف للصبلة ُب بيوت معلومة كأكقات معينة كيسموف ىذا االجتماع عيدا ،كفيها ٱبتلط الرجاؿ
ابلنساء ،كيقرأ فيها الشوخ قصص أخبار كمعجزات أئمتهم. 398
اثلثا :القداسات :يقوـ شيوخ النصّبية أبداء بعض الطقوس كالقداسات بعد أداء صلواهتم ،كمن
قداساهتم الكثّبة ،قداس الطيب لكل أخ كحبيب ،كقداس البخور ُب ركح ما يدكر ُب ٧بل الفرح
كالسركر ،كقداس األذاف كابهلل ا٤بستعاف ،كغّبىا .
ككل قداس لو ذكر خاص بو أك كديعة يتوسلوف هبا إذل اإللو علي كا٣بمسة أيتاـ ككبار مشائخهم .
كمن أمثلة ىذه القداسات قداس األذاف حيث جاء فيو " :هللا أكرب هللا أكرب هللا أكرب كبّبا ا٢بمد هلل
كثّبا كجهت كجهي إذل دمحم احملمود طالبا سره ا٤بقصود ا٤بتقرب بتجلي الصفات كعيِب الذات ...ديِب
سلسلة طاعة إذل القدًن األزؿ ..شهدت أف إلو إالىو العلي ا٤بعبود كال حجاب إال السيد دمحم احملمود
كال ابب إال السيد سلماف الفارسي كال مبلئكة إال ا٤ببلئكة ا٣بمسة األيتاـ الكراـ ".399
إذل غّبىا من القداسات الٍب تنضح كفرا كشركا كدعاء غّب هللا كصبغ البشر بصبغة اإللو .
كقد جاء ُب ا٥بفت الشريف بياف أف معُب الصبلة ىي أمّب ا٤برمنْب ،كمعُب الزكاة معرفتو كأما الصياـ
فمعناه االمتناع عن معاشرة النساء 400كأما ا٢بج فيعتربكنو كفرا كعبادة لؤلصناـ. 401
كبعض ىذه االعياد متأثر اب٤بسحية كبعض ابلفارسية ،حيث نرل أف النوركز ىو أكرب األعياد ُب الداينة
اجملوسية ك٪بده عند النصّبية ٰبتل مكانة مرموؽ402ة.
أضمر النصّبية البغض كالعداء للصحابة كأظهركا ذلك ،فاعتقدكا أف من الصحابة كافرا كأيب سفياف
كابنو معاكية ،كخصوا الصحايب ا١بليل أبو بكر ٍب عمر الفاركؽ ابلبغض الشديد فبل ٯبوز عندىم
التسمية أبيب بكر كال عمر.
بل إهنم يعمدكف إذل ا٢بيواانت كيعذبوهنا بدعول أف ركح أبو بكر كعمر كعائشة حلٌت فيها ،كيسموف
عمر أبددل ،كنعتوه أبكصاؼ كنعوت ٱبجل العاقل من ذكرىا .
مر العذاب
كمن ىنا يعمدكف إذل ٞبار كيعذبونو بدعول تعذيب عمر أك يعمدكف إذل غنمة كيذيقوهنا ٌ
بزعم تعذيب عائشة .
ادلبحث التاسع:
فرق النصَتية :تفرؽ النصّبية كشأف سائر أىل الفرؽ الضالة إذل عدة طوائف من أبرزىا ما أ-
يلي :
يعيش النصّبية اليوـ بكثرة ُب ا١بنوب كالشماؿ من سوراي ،ك٥بم كجود ُب تركيا كأطراؼ لبناف الشمارل
كفارس كتركستاف الركسية ككردستاف. 405
حاكؿ بعض من زعماء ا٤بسلمْب إرجاع النصّبية إذل اإلسبلـ ،كقامواٗبجهودات كبّبة كترغيب كترىيب
،استعمل فيها الصّبية مبدأ التقية حيث أظهرك ا٤بوافقة ُب حاؿ ضعفهم كأظهركا ا٢برب ُب حاؿ قوهتم ،
كمن ىؤالء الزعماء ما يلي :
صبلح الدين األيويب :حيث أمر النصّبية ابلصبلة كالصوـ بعد دحره للصليبيْب ، -1
فأطاعوه كبعد موتو جعلوا ا٤بساجد زرائب للحيواانت .
الظاىر بيربس :بعد أف دحر التتار ألزـ النصّبية ببناء ا٤بساجد كإقامة الصبلة فيها فبنوىا -2
بعيدة عن القرل ،كرٗبا أذف فيها غريب فيقولوف لو التنهق أبتيك علفك .
السلطاف العثماين سليم :حيث أمرىم ابلتزاـ الشريعة اإلسبلمية كلكنهم رجعوا بعد موتو . -3
أبراىيم ابشا ابن دمحم علي ابشا كارل مصر . -4
403ىذا ما يذكره د .ا٢بليب ُب كتابو :طائفة النصّبية ص ،83كالذم يذكره أكثر العلماء أف الكبلزية يعبدكف الشمس
على اعتقاد أف عليان حل فيها ،كالنصّبية عمومان يقدسوف الشمس كالقمر ،كتتداخل عبادهتم ٥بما حسب ميوؿ
رؤسائهم.
404طائفة النصّبية انظر ص ،83كدراسات ُب الفرؽ ،صابر طعيمة ص ،55 ،54مذاىب اإلسبلميْب .295 / 4
405العلويوف ،كالنصّبية ص .7
151
السلطاف العثماين عبد ا٢بميد :حيث أرسل يعض ا٤بصلحْب إذل مناطقهم منهم رجبل من -5
خاصتو ا٠بو ضياء ابشا ،كجعلو متصرفا على لواء البلذقية فأنشأ ٥بم ا٤بساجد كا٤بدارس
فأخذكا يتعلموف كيصوموف ك٤با اقتنعت الدكلة برجوعهم إذل اإلسبلـ ترؾ ابشا ىذا امنصب
406
. فدنسوا ا٤بساجد كأحرقوا ا٤بدارس
كمنهم كلك شيخ االسبلـ ابن تيمية لو إسهاـ كبّب ُب جهاد ىؤالء ،كانتصر عليهم ٗبن -6
معو من ا٤بسملْب كفتح ببلدىم ُب جبل كسركاف ،كبْب أخطائهم كبْب ٥بم ا٢بق.407
اال اف كل تلك حملاكال ابءت ابلفشل العتقادىم أف التكاليف ىي من مظاىر ا١بهل كعدـ معرفة الرب
ا٤بعرفة ا٢بقيقية الباطنية .
406انظر :مهذب رحلة ابن بطوطة ا٤بسماة ٙبفة النظار ُب غرائب األمصار كعجائب األسفار ص ٙ ،65بقيق أٞبد
العوامرم كدمحم أٞبد جاد ا٤بوذل طبعة القاىرة ،كخطط الشاـ دمحم كرد علي 105 / 3 ،263 - 260 /1نقبلن عن
ا٢بركات الباطنية ُب العادل اإلسبلمي ص .333 ،332كانظر :طائفة النصّبية ص .65
407انظر :الكواكب الدرية ٤برعي الكرمي ص ،126 ،97كانظر :العقود الدرية البن عبد ا٥بادم ص .197
152
الفصل السادس:
الدروز
ىذه الطائفة ىي إحدل فرؽ الباطنية اإل٠باعيلية العبيدية 408الغبلة الذين أ٥بو ا٢باكم أبمر هللا كجحدكا
كل ما أخرب بو هللا تعاذل من يوـ القيامة كالثواب كالعقاب ،كقالوا ابلتقمص ،كقد ظهرت ىذه الفرقة ُب
القرف ا٣بامس ا٥بجرم ُب مصر. 409
كقد حذر علماء ا٤بسلمْب منها ،بل ذكركا أهنم أشد كفرا من اجملوس كاليهود كالنصارل كما ذكر ذلك
السفاريِب رٞبو هللا. 410
شرىم كخطرىم ىو تكتمهم على عقائدىم ،فبل يسمحوف ألحد ابلدخوؿ ُب مذىبهم كال
ك٩با زاد من ٌ
ا٣بركج منو ،كىم منأخلص الناس لليهود ُب ا٤باضي كحٌب ُب عصران ا٢باضر ُب اسرائيل .
التعريف هبم ُب اللغة :تطلق على معاف عديدة ،فتطلق على األكالد غّب الشرعيْب غّب معركُب اإلابء ،
كتطلق على السفلة كالسقاط ،كتطلق على القمل كالصبئاف.411
كىذه ا٤بعاين تدؿ على الرداءة كاال٫بطاط ،كمن ىنا ٘بد الدركز ال ٰببوف أنت تطلق عليهم ىذه التسمية
.
408نسبة إرل عبيد هللا بن ميموف القداح الذم أسس الدكلة العبيدية ُب ا٤بغرب سنة 296ىػٍ ،ب امتد نفوذىم إذل مصر
كصارت القاىرة عاصمة ٥بم.
409انظر :أضواء على العقيدة الذرزية .ص .5
410انظر :غذاء األلباب شرح منظومة اآلداب .252 / 1
411انظر :هتذيب اللغة 181 / 13ك القاموس احمليط ،182 /2كانظر كتب اللغة مادة "درز"
153
التعريف هبم ُب االصلطاح :ىو مصطلح يطلق على طائفة ذات أفكار كآراء اعتقادية من غبلة الباطنية
انشقوا عن اإل٠باعيلية ُب الظاىر ،كيعتقدكف ألوىية ا٢باكم أبمر هللا ،كيينسبوف إذل أحد ضبلؿ اجملوس
كا٠بو نشتكْب الدرزم. 412
اختلف الناس ُب أصل الدركز على أقواؿ كثّبة منها ما يلي :
كتبدكا كل تلك األقواؿ – غّب القوؿ األكؿ – غّب بعيدة ٩با يضفي ظبلال من الشكوؾ كاالرتياب ُب
أصلهم .
تنسب ىذه الطائفة إذل أحد دعاة الباطنية الذين قالوا أبلوىية ا٢باكم العبيدم ،كيسمى ىذا الداعي دمحم
بن إ٠باعيل ،كيقاؿ لو درزم ،كىو من أصل فارسي ،كيعرؼ ب "نشتكْب".414
قدـ إذل مصر كىو أكؿ من أعلن ألوىية ا٢باكم ،بعد أف كاف يشاركو ُب ضبلالتو رجل فارسي آخر كىو
ٞبزة بن عليالزكزين ،الذم يعد ا٤بؤسس الرئيسي للمذىب .
كقد ابتدأ إعبل٭بذىبو أبف كتب كتااب يقر فيو أبلوىية ا٢باكم ،كمن ٍب جاء كقرأه على مسامع ا٤بسلمْب
ُب ا١بامع األزىر ،فثار الناس عليو ،فهرب أك ىربو ا٢باكم إذل جباؿ لبناف ،كنشر مذىبو ىناؾ إذل أف
قتل عاـ 410ىػ .415
كقد صارت لو الكلمة ُب الدكلة العبيدية آنذاؾ ،بعد أف طابت أفكاره للحاكم أبمر هللا .
كقد لقب نفسو بعدة ألقاب منها اآلية الكربل ،آية التوحيد ،آية الكشف ،العقل الكلي ،اإلرداة ،
علة العلل ،كذكه معو ،كإماـ الزماف ،كقائم الزماف ،كا٤بنتقم من ا٤بشركْب لسيف موالان ،كغّبىا من
األلقاب ،كادعى أنو سلماف الفارسي عن طريق التناسخ ،كادعى أنو ىو الذم أنزؿ القرآف على دمحم .
كقد جاء ُب كتاب ٢بمزة الدرزم بعث بو إذل قاضي القضاة ُب زمنو كيسمى أٞبد بن دمحم العواـ ُب أكؿ
الكتاب حيث يقوؿ " :توكلت على أمّب ا٤بؤمنْب جل ذكره كأستعْب بو ُب ٝبيع األمور .،معل علة
417
العلل ،صفات بسمميحرلا نمحرلا هللا ،من عبد أمّب ا٤بؤمنْب ك٩بلوكو ..اخل"
إذل اخر ماجاء ُب ىذا الكتاب من الكفر كا١بهالة ،كقد اختفى ىذا الرجل بعد موت ا٢باكم إذل أف
قتل سنة 430ىػ .
الدركز من أصحاب العقائد السرية الذين ٰبرموف نشر معتقداهتم ،كلكن بعد أف فر درزم من مصر إذل
جباؿ لبناف كانت تقيم بعض القبائل العربية الداخلة ُب اإلسبلـ ،ككاف لديهم بقااي أتثر اب١باىلية ،
فانتشر بينهم ا٤بذىب اإل٠باعيلي ،رغم تفاىاتو كحقارتو ،فهو يتألف من أفكار ٨بتلطة فلسفية كىندية
كيواننية كفارسية كفرعونية ٧باطة أبسرار كاملة ال يباح الحد االطبلع عليها كال إفشائها .
كال مانع عندىم أف ينكر الدرزم مبادئهم أماـ اآلخرين إذا دل تكن لو قوة أمامهم ،كال زالوا يعتقدكف
ألوىية ا٢باكم ُب ٦بالسهم ا٣باصة كخلواهتم رغم إنكارىم ذلك أماـ الناس ،حيث يعتقدكف كما جاء ُب
الرسالة 26من كتبهم أف ا٢باكم ":دل يلد كدل يولد كدل يكن لو كفوا أحد".419
يعترب إفشاء أسرار ا٤بذىب الدرزم جرٲبة تستحق القتل ،أك يثار ضجة حولو أك ٧باكلة إلصاؽ التهم
الكاذبة حوؿ من يفشيها اذا دل يستطيعوا قتلو ،كما فعلوا مع الشيخ زيد بن عبد العزيز الفياض حينما
كتب ُب ٦بلٍب ا٤بنهل كراية اإلسبلـ التْب كانتا تصدراف ُب جدة كالرايض ،كأصدركا فتاكل ضده كنشركىا
ُب عدة صحف ،ككما فعلوا مع أحد علماء الدركز حينما فظح قبحهم كىو عبد هللا النجار ،فقتلوه
غيلة. 420
كما قالو أيضا دمحم أٞبد ا٣بطيب حينما طبع كتابو عقيدة الدركز فاهنالت عليو ا٤بكا٤بات كالرسائل الٍب
هتدده ابلقتل كتتوعده ابلثبور إف دل يعتذر عن كتابو ،كما ذلك إال ٤بعرفتهم برداءة مذىبهم كأنو ال يقوـ
على حجج كبراىْب يستطيعوف هبا مقارعة ا٢بجج .
سوراي ُ :ب ٧بافظة السويداء كجبل حوراف ُب أكثر من ثبلث كسبعْب قرية. -1
لبناف ُ :ب الغرب األسفل كالغرب األعلى كُب الشحار كا٤بناصف كا١برد كالعرقوب كالباركؾ -2
كا١برد الشمارل كُب الشوؼ .
فلسطْب :عند جبل الكرمل كصفد . -3
ا٤بغرب :قرب مدينة تلمساف قبيلة تعرؼ ببِب عبس . -4
قال دمحم كامل حسُت بعد أن ذكر تلك األماكن" :ومن يدري لعل الباحثُت يكتشفون طوائف أخرى
تعتنق مذىب الدروز يف األقاليم العربية".421
علماء الدركز من أشد الناس تسَبا على مذاىبهم حٌب للموالْب منهم ،فبل يطلع أحد منهم على أسرار
ا٤بذىب إال بعد امتحاانت كثّبة من قبل مشائخهم .
كطريقى تعليمهم عقائد ا٤بذىب يتوقف على رتبة ا٤بتعلم ،كذلك كما يلي \ :
-ينقسموف – كما يذكر دمحم كامل حسْب – إذل عقاؿ كأجاكيد ،كىم من ٰبق ٥بم معرفة أسرار
ا٤بذىب ،كبْب جهاؿ ال ٰبق ٥بم معرفتها .
-العقاؿ ينقسموف إذل ثبلث درجات ،عليا ككسطى كدنيا.
ُ -ب مساء كل ٝبعة ٯبتمعوف ُب ا٣بلوات كىي أماكن العبادة ،كيقرأ عليهم كتاهبم ا٤بقدس ،فبعد
تبلكة ا٤بقدمات ٱبرج الطبقة الدنيا ،كبعد تبلكة بعض الرسائل البسيطة ٱبرج الطيقة الوسطى ،
كال يبقى إال أصحابل الدرجة العليا بعد ذلك .
-ا١بهاؿ فبل يسمح ٥بم ٕبضور ىذه ا٣بلوات أك بسماع شيء من الكتب ا٤بقدسةإال ُب يوـ
عيدىم كىو يوافق عيد أضحى ا٤بسلمْب .
-ال يسمح للجهاؿ أف ينتقلوا اذل طبقة العقاؿ اال بعد امتحاانت شاقة كعسّبة ككثّبة كتركيض
للنفس على التحمل ،إذ ال يقبل ُب طبقة العقاؿ من يدمن التدخْب مثبل كقد يستمر
االمتحات أكثر من سنة إذل أف يثق بو الشيوخ .
ادلبحث الثالث:
ىو أبو علي ا٤بنصور بن العزيز ابهلل بن ا٤بعز لدين هللا الفاطمي ،ليٌقب اب٢باكم أبمر هللا ،كلد سنة 375
ىػ كتوذل ا٤بلك بعد موت أبيو سنة 386ىػ ككاف سادس ملوؾ العبيدين ،توذل ا٤بلك كعمره إحدل عشرة
سنة .
ادعى األلوىية على يد ٞبزة بن علي كغّبه من مبلحدة الباطنية سنة 408ىػ إذل أف قتل سنة 411ىػ ،
ككاف سفاكا للدماء كمعركفا إبرىاب الناس ،كقد كاف فتاكا بوزرائو كقتاال للعلماء كالكتاب ككجوه الناس
ما ال ٰبصى .
كقد كاف ىذا الطاغية مثبل للتصرفات ا٤بتناقضة ،منها أنو لبس الصوؼ سبع سينْب كامتنع عن دخوؿ
ا٢بماـ ،كأقاـ سبع سنْب ٯبلس ُب ضوء الشمع ليبل كهناراٍ ،ب أقاـ ُب الظلمة .
كمن تناقضاتو أنو أيمر بسب الصحابة ٍب يعود فينهى عن ذلك ،كقد بُب مساجد كثّبة ٍب منع من صبلة
الَباكيح عشر سنْب ٍب أابحها .
422آؿ أرسبلف ىم ا٤بناذرة ملوؾ ا٢بّبة الذين كاف ٥بم ُب زمن الدكلة العباسية قوة كنفوذ ُب لبناف ككذلك ُب زمن الدكلة
الفاطمية.
١423بانببلطية نسبة إذل جانببلط بن سعيد بن مصطفى بن حسْب جانببلط.
424اليزبكية عائلة من مشائخ الدركز ُب لبناف ينسبوف إذل قبيلة من قبائل أزد عماف القيسية.
425انظر :طائفة الدركز ص 29 ،28فصل طبقات اجملتمع عند الدركز
158
كقد أراؽ ٟبسة االؼ جرة من العسل ُب البحر خوفا من أف تصنع نبيذا ،كمنع الناس من ا٣بركج ليبل
كهنارا ،كأمر بقتل الكبلب ٍب منع منو ،كقد أمر أف يقف ا٤بصلوف عند ذكر ا٠بو ،فكاف يوقف حٌب ُب
ا٢برمْب الشريفْب ،أما أىل مصر فكانوا يسجدكف لو عند ذكر ا٠بو من ا٣بطيب ،فسيجد لسجودىم
أىل السوؽ كيتبعهم من يراىم.426
ككاف يعمل ا٢بسبة بنفسو كيرافقو عبد يقاؿ لو مسعود فكاف يفعل الفاحشة العظمى بكل من رآه
يغش. 427
كقد كاف الناس يطلبوف منو األماف على ذنب دل يعملوه ،يستوم ُب ذلك الورزاء كالكتاب كأصحاب
الدكاكين كالغلماف كا٤بسلموف كالنصارل.
كرٗبا يسّبكف من أحد ميادين القاىرة حبوا يقبٌلوف األرض إذل أف يصلوا إذل قصره يطلبوف منو العفو ،
فيعطيهم كتاب األماف على ذنب دل يعلموه كصورة كتاب األماف ىي " :ىذا كتاب عبد هللا ككليو ا٤بنصور
أيب علي ا٢باكم أبمر هللا أمّب ا٤بؤمنْب إنكم من اآلمنْب أبماف هللا ا٤بلك ا٢بق ا٤ببْب كأماف جدان دمحم خاًب
النبيْب كأبينا على خّب الوصيْب ..ال خوؼ عليكم كال ٛب ٌد يد بسوء إليكم إال ُب حد يقاـ بواجبو كحق
428
يؤخذ ٗبستوجبو "..
كقد احتار الناس ُب أمر ىذا ا٢باكم ،فمنهم من يرل أنو إلو كىم الدركز ،كمنهم من يرل أنو إماـ عظيم
كىم اإل٠باعيليوف ،كمنهم من يرل أنو ٦بنوف ٨بتل كىم بعض كتاب ا٤بسلمْب كالنصارل.
كلكن ا٢بقيقة يظهر أنو ليس ٗبختل أك ٦بنوف خصوصا كأنو حكم ٤بدة 25سنة ،كإ٭با يظهر كل ذلك
اإلرىاب ٛبهيدا لدعواه األلوىية ،كقد أظهرىا بعد ذلك ابلفعل .
يشغف ا٢باكم اب٣بركج ليبل كالطواؼ ٔبنبات جبل ا٤بقطٌم للنظر ُب النجوـ كا٣بلو بنفسو ،كُب ليلة
االثنْب 27شواؿ سنة 411ق خرج للطواؼ كمعو رجل كصيب كلكنو دل يعد.
كيرل بعض ا٤بؤرخْب كالدكتور دمحم كامل حسْب أف من دبر اغتيالو ىم اليهود الضطهاده ٥بم، 430
431
كمنهم من يرل أنو قتل ٗبؤامرة ابطنيو بسبب إفشائو ألسرارىم ،كىو رأم الدكتور دمحم أٞبد ا٣بطيب
.
كعلى كل حاؿ ،فقد كاف اختفائو هبذه الطريقة فرصة إلذكاء دعول الدركز أف ا٢باكم اختفى كسيعود
قريبا مرة أخرل ليمؤل األرض عدال ٩ ،با شجع ظهوربعض الدعاكل من بعض األشخاص ا٤بغامرين الذين
ادعى فيها كل كاحد منهم أنو ىو ا٢باكم ،كرجل ا٠بو سكْب عاـ 418ادعى أنو ا٢باكم قد رجع من
غيبتو ككقف ينادم بذلك على ابب قصر ا٢باكم ،فما برح أف قتلو ا٢براس ،ككذلك رجل آخر ا٠بو
شركط ،كرجل اثلث ا٠بو ابن الكردم ،حيث صارت ىذه الدعول سهلة ال تتطلب أكثر من ا٤بغامرة
كا١برأة كاالستهانة بعقوؿ البشر .
ادلبحث الرابع:
للدركز عقائد كثّب كخرافات ليٌفقت من أساطّب كدايانت ٨بتلفة ،كأىم عقائدىم ما يلي :
ألوىية احلاكم :أسبغ الدركز على شخصية ا٢باكم أكصافا ال تليق إال ابهلل تعاذل كما قرر -1
ذلك زعيمهم ٞبزة بن علي ،كادعوا أف ا٢باكم لو حقيقة الىوتية كظهر بناسوتو ليقيم ا٢بجة
على عباده ،كأف ٝبيع أفعالو لو حكمة .
كللداخل ُب مذىبهم عهد ال بد أف يردده ،كفيو تصريح ببيع الشخص نفسو للحاكم ،كأف ٱبلص لو
كأف يتربأ من ٝبيع األدايف ،كُب أكؿ الععهد يقوؿ " :آمنت ابهلل ريب ا٢باكم العلي األعلى رب ا٤بشرقْب
432
كرب ا٤بغربْب"
كقد جاء مثل ذلك ُب كثّب من رسائلهم ا٤بقدسة كرسالة الببلغ كالنهاية ُب التوحيد كرسالة سبب
األسباب ٢بمزة الزكزين كرسالة الغيبة كغّبىا .
كدل يقتصر الدركز على الوىية ا٢باكم بل أطلقوىا على كثّب من آابئو كمن كبار دعاهتم على مقتضى أف
هللا يظهر للناس بْب فَبة كأخرل بصورة بشرية .
القول ابلتناسخ :يعتقد الدركز ابلتناسخ أك التقمص كما يسمونو كمعناه عندىم أف تنتقل -2
النفس من جسم بشرم إذل جسم بشرم آخر .
فالنفس ال ٛبوت ،كإ٭با تنتقل نفس ا٤بوحد إذل موحد كنفس ا٤بشركإذل مشرؾ ،كلذلك عدد سكاف العادل
ال يزيد كال ينقص عندىم. 434
كقد قصركا التناسخ على البشر ٖببلؼ النصّبية الذين جعلوه حٌب ُب البهائم كا١بمادات ،العتقادىم أف
انتقاؿ النفس إذل جسم حيواف غّب بشرم ظلم ٥با لتعلق العقاب على نفس غّب عاقلة ،كألف كقوع
العقاب ال يصح إال بعد مركرىا ُب أجساـ بشرية على مدل دىر طويل لكي ٙباسب بعدؿ ،فالركح
يشبٌهوهنا بسائل ُب إانء ،فاذا كسر فبل بد أف يلقي السائل ُب إانء آخر لئبل يضيع .
كحقيقة العذاب عندىم ىو انتقاؿ الركح من درجات عالية إذل درجة دكهنا ُب ىبوط مستمر إذل أقل
الدرجات ،حيث يتم تعذيبها ُب كل دكر بعذاب الضمّب كالندـ على مافات .
إنكار القيامة :ال يؤمن الدركز بيوـ القيامة كال اب٢باساب كال اب١بزاء كالب الثواب كال -3
ابلعقاب ُب ا٢بياة اآلخرة ،كإ٭با يتم كل ذلك عن طريق التقمص ،كما تبلقيهالركح من
نعيم أك عذاب .
433
كيكوف ذلك إذا ظهرت عبلمات من أبرزىا تسلط اليهود كالنصارل على الببلد ،كتفشي الشركر ،
كعند ظهور ملك من مصر ٰبارب ا٤بصريْب كٰباربونو .
كمن عبلمات قرب ٦بيئو أيضا ىو أف يظهر ا٤بسيخ الدجاؿ كٱبرب حلب ٍب يظهر ا٤بسيح بن يوسف ُب
مصر ،436كٲبلكاليهود بيت النقدس كينتقموف من سكاف القدس ٍ ،ب يطردىم ا٤بسيح بن يوسف ،
كغّب ذلك من ا٣بزعببلت437إذل أف يظهر ا٢باكم لينتصر على ا١بميع ،ك٥بذا يفرحوف ابستيبلء اليهود
على القدس كتسلط النصارل ليظهر رهبم ا٢باكم .438
عداوهتم لألنبياء :حقد الدركز حقدا شديدا على األنبياء عليهم السيبلـ كينكركف كل -4
فضائلهم ،كنسبوىم إذل ا١بهل ألنو يدعوف إذل توحيد اإللو ا٤بعدكـ ٖببلفهم فهم يدعوف
إذل اإللو ا٤بوجود كىو ا٢باكم .
كأكجبو الرباءة من ٝبيع األدايف كسبٌوا الصحابة خصوصا من أطفأ منهم انر اجملوسية كعمر هنع هللا يضر،
كينكركف بدأ ا٣بلق كي ٌدعوف أف دـ كحواء من نسل بشر ،كأهنم دل ٱبلقوا من تراب ،ألف الَباب ٚبلق
منو ا٢بيات كالعقارب. 439
إنكار التكاليف :أنكر الدركز كل التكاليف الٍب جاء هبا الشرع ،كجلعوا للمكلف طريقة -5
يستطيع هبا التخلص من التكاليف ،كىي سبب التأكيبلت الباطنية على كل التكاليف
كالٍب تقتضي التخلص منها حٌب إهنم خالفوا سائر الباطنية كاٚبذكا ٥بم فركض أطلقوا عليها
435انظر :ا٢بركات الباطنية ص 236نقبل عن ٨بطوطة كجدىا ُب جبل لبناف ٤بؤلف ٦بهوؿ.
436زعمهم ُب ا٤بسيح أبنو ابن يوسف النجار تبعا ٤با كجدكه ُب تناقضات النصرانية احملرفة.
437انظر :طائفة الدركز ص 122-121
438انظر :الرسالة ا٤بوسومة ابإلعذار كاإلنذار – عقيدة الدركز ص 167
439انظر :ا٢بركات الباطنية ُب العادل اإلسبلمي ص302
162
الفرائض التوحيدية ،كىي معرفة البارم ٍب معرفة إماـ الزماف القائم كىو ٞبزة ٍب معرفة
ا٢بدكد،440أب٠بائهم كألقاهبم كمراتبهم ككجوبطاعتهم كهبذا يتم توحيد ا٤بوحد عندىم .441
أتكيل العبادات العبادات ٗبعاف ابطنية: -6
الصبلة كالزكاة كالصوـ كا٢بج كا١بهاد ٥با معاف أخرل ابطنية ليست كالٍب يعرفها ٝبيع ا٤بسلمْب
كذلك كما يلي. :
الصبلة عندىم ىي صلة قلوب الدركز بعبادة ا٢باكم ،أما الباطنية فمعناىا عندىم الدعاء أ-
إذل اإلماـ كمعرفة األئمة.
الزكاة عندىم تزكية قلوهبم كتطهّبىا من األدايف ،كأما الباطنية فالزكاة عندىم ٗبعُب أخذ ب-
العلم عن األئمة. 442
الصوـ عندىم معناه صيانة القلوب بتوحيد موالىم ا٢باكم ،كذكر بعضهم أهنم يصوموف ت-
تسعة أايـ األكؿ من شهرم ذم ا٢بجة ،كأما الصوـ عند الباطنية فهو كتماف أسرار
األئمة. 443
ا٢بج عندىم معناه توحيد ا٢باكم ال اجمليء إذل مكة كالطواؼ ،كأما ا٢بج عند الباطنية فهو ث-
طلب العلم عند مشائخهم .444
ا١بهاد معناه عندىم السعي إذل االجتهاد ُب توحيد ا٢باكم كمعرفتو ،كأما الباطنية فا١بهاد ج-
عندىم شتم أيب بكر كعمر كعثماف كغّبىم من الصحابة كإخفاء مذىبهم عن غّبىم. 445
440كبار دعاهتم.
441انظر :طائفة الدركز ص118
442انظر :بياف مذىب الباطنية كبطبلنو ص8
443انظر :طائفة الدركز ص120
444انظر :بياف مذىب الباطنية ص8
445انظر :الباكورة السليمانية ص 164نقبل عن ا٢بركات الباطنية ص 392
163
ادلبحث اخلامس:
يعد ىذا الشخص من كبار الدركز كمن أشد ا٤بتعصبْب ٤بذىبو الدرزم ،كقد ألٌف كتااب ٗبعاكنة عاطف
العجمي ٰباكياف فيو القرآف الكرًن ،كىو مؤلف من أفكار شٌب كمن حكم ا٥بند كمن كبلـ زعمائهم،
فأصبح خليطا مشوىا يدكر كلو حوؿ أتليو ا٢باكم .
كقد نيسب ىذا ا٤بصحف إذل ٞبزة إال اف الدكتور ا٣بطيب يرل أنو من صنع كماؿ جنببلط.
كقد أنكر ُب مصحفو القرآف كاعتربه فرية ،كىو مقسم إذل أربعة كأربعْب عرفا ،كيقع ُب 269مائتْب
كتسع كستْب صفحة ،ككتبت فيو ألفاظ عربية كىي غّب معركفة حيث يركف أهنا من األسرار الٍب ال تباح
ألحد. 446
كمن ضمن ماجاء ُب ىذا ا٤بصحف الدرزم " :أنتم كما تعبدكف مكبكوف على كجوىكم يوـ ينادم
منادم موالكم ا٢باكم من مكاف بعيد ىذا يومكم الذم فيو توعدكف تتلوىا أايـ العذاب أنكم خالدكف
كال ٧بيص 447" ...إذل آخر ماجاء فيو من الَبىات كالكبلـ ا٤بمجوج.
ادلبحث السادس:
يتفق النصّبيوف كالدركز ُب أمور كٱبتلفوف ُب أمور لتباينهم ُب دعول األلوىية لزعمائهم ،كيتضح من
خبلؿ الدراسة السابقة ما يلي :
165
أعبلـ اإل٠باعيلية :مصطفى غالب. -9
-10اإل٠باعيلية اتريخ كعقائد :إحساف إ٥بي.
-11بياف مذىب الباطنية كبطبلنو :الديلمي.
-12القرامطة٧ :بمود شاكر.
-13اإلمامة ُب االسبلـ :عارؼ اتمر.
مراجع فرقة النصّبية: ت-
طائفة النصّبية اترٱبها كعقائدىا :د .سليماف ا٢بليب. -1
ا٥بفت الشريف ٙبقيق د .مصطفى غالب. -2
سقوط ا١بوالف :خليل مصطفى. -3
ا١بيل التارل :دمحم حسْب. -4
العلويوف أك النصّبيوف :عبد ا٢بسْب مهدم العسكرم. -5
جـ -مراجع فرقة الدروز:
ا٤براجع السابقة. -1
األدايف كالفرؽ كا٤بذاىب ا٤بعاصرة :شيبة ا٢بمد. -2
عقيدة الدركز :دمحم أٞبد ا٣بطيب. -3
التآلف بْب الفرؽ اإلسبلمية :دمحم ٞبزة. -4
أضواء على العقيدة الدرزية :أٞبد الفوزاف. -5
الدركز :دمحم الزعيب. -6
طائفة الدركز :دمحم كامل حسْب. -7
كال يكاد كتاب فيو ٕبث عن الفرؽ ٱبلو من ذكر ىذه الفرؽ الباطنية.
166
الفصل السادس:
البابية
تعترب البابية ىي األساس الذم بنيت على أنقاضو البهائية ،كالبهائية إحدل الفرؽ الباطنية ا٣ببيثة الٍب
حاكلت ىدـ اإلسبلـ كأخراج أىلو منو أبساليب كطرؽ شٌب قدٲبا كحديثا .
كقبل ا٢بديث عن البهائية ٯبدر ا٢بديث عن البابية كالشيخية كالرشتية ألهنا حلقات متصلة مع البهائية ،
فالشيخية كالرشتية ىي النواة األكذل لظهور البابية ،كالبابية ىي الدرجة األكذل للبهائية .
كىي تنسب إذل الشيخ أٞبد اإلحسائسي ،من شيعة العراؽ ، 448كلد اب٤بطّب من قرل اإلحساء ،سنة
1166ق" كتوُب سنة 1241ىػ كدفن ابلبقيع. 449
لو أفكار خارجة عن اإلسبلـ ،كاالعتقاد اب٢بلوؿ كأف هللا يتجلى ُب علي كأكالده ،كأهنم مظاىر هللا ،
كأف االئمة ىم العلة ا٤بؤثرة ُب الكوف ،كينكر ا٤بعاد كالبعث ،كيظهر القوؿ ابلتناسخ كأف ركح ا٤بهدم
حلت فيو كغّبىا من اآلراء اال٢بادية .
كيزعم أف الرسوؿ ٨بلوؽ من نور هللا ،كأف ىذا النور عقل كاحد يظهر ُب دمحم ٍب ُب علي ٍب ُب ا٢بسن ٍب
ُب ا٢بسْب كأف" الزماف ال ٱبلو من انطق ،كيؤمن ابلرجعة كلكنها غّب الرجعة ا٤بعركؼ عن االثِب عشرية
،حيث يعتقد أف اإلماـ الثاين عشر قد مات ،كلكن ركحو ستنزؿ آخر الزماف ُب إنساف جديد تولد
كالدة حقيقية لغّب كالدم اإلماـ الثاين عشر ا٤بعركؼ. 450
كقد زاد على أقواؿ أستاذه أقواال كفرية كقاؿ ابلتناسخ كادعى أف ركح الباب حلت فيو ٍب قفز إذل التبشّب
بظهور ا٤بهدم نفسو ،كقد ركج أفكاره كصارت لو فرقة مستقلة. 452
زعيم البابية
ىو علي بن دمحم رضا الشّبازم كلد سنة 1235ىػ ُب شّباز جنويب إيراف ،كفلو خالو بعد موت أبيو ،
ٍب تتلمذ على يد الشيخ عابد كىو أحد تبلمذة الرشٍب ُ ،ب مدرستو الٍب ٠باىا قهوة األنبياء كاألكلياء ،
ٍب اتجر مع خالو ببيع األقمشة كعندما بلغ السابعة عشر اتصل بو جواد الكرببلئي الطبطبائي كىو أحد
دعاة الرشتية ،كبدأ يوٮبو أنو رٗبا يكوف ىو ا٤بهدم ا٤بنتظر لظهور عبلمات تدؿ عليو ،فماؿ إذل قراءة
كتب الصفوية الٍب زداتو ىوسا .
ٍب عمل بعض الرايضات الشاقة ،فأشفق عليو خالو فأرسلو إذل النجف ككرببلء ،فَبدد على ٦بالس
كاظم الرشٍب كقد رشحو الرشٍب أيضا أف يكوف ىو ا٤بهدم ا٤بنتظر ،فأعلن ُب سنة 1260ىػ أف
الشّبازم ىو الباب ا٤بوصل إذل اإلماـ الغائب ،كًب ىذا ابتفاؽ بْب مشايخ الرشتية كسفّب ركسيا آنذاؾ
.
ككاف عمره ٟبسا كعشرين سنة ،كاعترب ذلك اليوـ عيد ا٤ببعث لظهور الباب ،كأىم من آمن بو ٜبانية
عشر شخصا توزعوا ُب أقاليم إيراف كتركستاف كالعراؽ للدعوة إذل البابية .
سارع زعماء اإل٪بليز كالركس إذل ٞباية الشّبازم كأتباعو ،ككقفوا بكل قوة معو كمع دعوتو كمدىا
ابألسلحة ا٣بفيفة كالثقيلة كما ذكر ا٤بَبجم الركسي ُب السفارة الركسٓب آنذاؾ كنيازد ا١بوركي ُب مذكرتو
أهنم دفعوا ا٤بيززا علي دمحم إذل زعامة البابية كادعاء ا٤بهدكية.453
كقف حسْب خاف حاكم شّباز ضد الدعوة البابية للشّبازم موقفا حازما حيث استدرجو كأالف لو القوؿ
كأٮبو ابتباعو ٍ ،ب دعى العلماء ليوٮبو أبنو سوؼ يقيم عليهم ا٢بجة ُب صدؽ الباب ،فاجتمع ابلعلماء
كأظهر ٥بم كتابو البياف مدعيا أنو أفصح من القرآف ،كسجل كل ما يدعوا إليو كتابو بطلب من ا٢باكم ،
فأمر ا٢باكم ٔبلده جلدا شديدا ٍب طيف بو ُب األسواؽ ،إذل أف أعلن رجوعو عن مايدعوا إليو كرجوعو
إذل ا٤بذىب اإلثِب عشرم ٍب ألقي بو ُب السجن ،كلكن بقي لو أتباع ينشركف سرا دعوتو كٰبدثوف
فوضى كاغتياالت ٤بن عاداىم إذل أف أٝبع كبار فقهاء حكومة إيراف ككفركا الباب كأعلنوا مركقو من
اإلسبلـ ككجوب قتلو. 454
إألا أف حاكم كالية أصبهاف منوجهر خاف كاف ٩بن يتظاىر ابإلسبلـ فخبأ الشّبازم عنده معززا مكرما
يرسل إذل أتباعو من داخل ٨ببأه ُب القصر ،إذل أف توُب كخلفو جوجرجْب خاف فأخرب حكومة الشاه
ظهرات بوجود الشّبازم فألقي القبض عليو كاعتقل ُب قلعة ماه كو ٤بدة ثبلث سنوات.
ادلبحث الثاين:
قرر البابيوف إقامة مؤٛبر بعد أف أحسوا من أنفسهم القوة كقرركا تباحث أمرين ،كٮبا ٚبليص الباب من
السجن كلو ابلقوة ،ككيفية نسخ شريعة اإلسبلـ كإظهار شرائعهم .
فتم عقد ا٤بؤٛبر ُب صحراء بدشت حضره زعماء البابية ،ككاف من بينهم غانية البابيْب ا٣بليعة أـ سلمى
رزين اتج ،الٍب كانت تلقب بقرة العْب ،كتلقب ابلطاىرة ،كىي ذات ٝباؿ فائق كأنوثة اثئرة ،تستميل
ٔبما٥با أغمار الناس ،ك٥با أخبار يطوؿ ذكرىا .
كًب عقد ا٤بؤٛبر ابختبلط الرجاؿ ابلنساء كأبيحت فيو ا٣بمور ،كأيعلن الفرح كا٤برح كاألفعاؿ ا٤بشينة كالٍب
أقلها إابحة الزىن ،كقرركا فيو رسولية الباب كنسخ االسبلـ ،كانفتحت على حكومة طهراف مصائب
كثّبة من جراء البابيْب ،فقررت ا٢بكومة قتلو يوـ اإلثنْب 27شعباف سنة 1265ىػ 1849ـ ،فقتل
ادلبحث الثالث:
تدرج الشّبازم ُب ضبللو فادعى أنو الباب ا٤بهدم ٍب ادعى أنو ىو ا٤بهدم ٍب ادعى النبوة أ-
ٍب ادعى األلوىية.
كاف أتباعو ينادكنو ابلرب كابإللو.457 ب-
قررت البابية نسخ االسبلـ ،كإنكار القيامة كزعموا أف القيامة قيامة الورح اإل٥بية ُب مظهر ت-
بشرم.
أكلوا أخبار يوـ القيامة بتأكيبلت ابطنية ،فزعموا أف البعث ىو اإلٲباف أبلوىية ىذا ا٤بظهر، ث-
كأف القيامة ىي لقاء الباب ،كا١بنة ىي الفرح ابلباب ،كالنار ىي عدـ معرفة هللا ُب ٘بلياتو
البشرية .
زعم الشّبازم أنو ىو الربزخ ا٤بذكور ُب القرآف ،كالرجعة ُب مفهومو ىي رجوع الصفات ج-
اإل٥بية ك٘بليها ُب مظهر بشرم جديد.
الغى الصلوات ا٣بمس كصبلة ا١بمعة كمنع الطهر من ا١بنابة . ح-
القبلة عندىم ىي بشّباز ُب البيت الذم كلد فيو الشّبازم كا٢بج إليو ىو زايرة بيتو . خ-
الصوـ عندىم تسعة عشر يوما يصوـ فيها الشخص من شركؽ الشمس إذل غركهبا. د-
الزكاة عندىم ىي ٟبس العقار أتخذ ُب آخر العاـ من رأس ا٤باؿ حيث ٘بمع للمجلس ذ-
البايب ا٤بكوف من تسعة عشر عضوا .
الزكاج عندىم إجبارم بعد بلوغ ا٢بادية عشر كيكفي رضا الطرفْب . ر-
الطبلؽ عندىم تسع عشرة مرة كعدة ا٤بطلق تسعة عشر يوما كعدة ا٤بطلق ٟبسة كتسعوف ز-
يوما كإذا تزكجت األرملة فيجب دفع الدية كاملة على من يتزكجها.
456انظر:ا لبهائية حملب الدين ا٣بطيب ص 5كحقيقة البابية كالبهائية ص 30كالبهائية لعبد الرٞبن الوكيل ص 73
457انظر :البابية عرض كنقد ص 182فقد نقل نصوصا كثّبة ُب ىذا ٙبت عنواف دعواه األلوىية كالربوبية.
170
ليس ُب دين البابية ٪باسة كٯبب دفن ا٤بيت ُب قرب من البلور كا٤برمر كا٤بصقوؿ مع كضغع س-
خاًب ُب ٲبناه .
ا٤بّباث يكوف لسبعة أشخاص من القرابة ىم الولد كالزكج كالزكجة كاألب كاألـ كاألخ ش-
كاألخت كا٤بعلم .
ص -عيدىم الرئيسي ىو النّبكز كمدتو تسعة عشر يوما .
ض -يستقبل البابية الشمس ُب كل صباح ٝبعة كعبادة .
حرـ الباب على أتباعو قراءة القراف كأكجب إحراقو كالكتب ا٤بخالفة لعقائدىم.458 ط-
ادلطلب الثاين:
منزؿ
يعد كتاب ا٤بسمى ابلبياف كيطلقوف عليو كتاب البياف العريب ،الكتاب ا٤بقدس للبابية ،كزعم فيو أنو ٌ
من هللا كأنو انسخ للقرآف ،كأنو أفضل الكتب على اإلطبلؽ كٙبدل ا١بن كاإلنس أف أيتوا ٗبثلو. 459
كنذكر مثاال على ماجاء فيو من ترىات كخزعببلت ،مثل ماجاء ُب اللوح األكؿ من آايت الوحي "
شئوف ا٢بمراء" حيث يقوؿ " :تبارؾ هللا من مشخ مشمخ مشيخ تبارؾ هللا من بذخ مبذخ بذيخ تبارؾ هللا
من بدء مبتدأ بدمء تبارؾ هللا من فخر مفتخر فخّب تبارؾ هللا من قهر مقهر قهّب "..إذل آخر ماجاء
فيها من خرافات. 460
كعلى كل حاؿ ،فبعد أف قضى الشّبازم كانتهى أمره قاـ صراع حاد حوؿ تورل الزعامة البابية بْب
حسْب علي ا٤بازندراين كبْب زعماء البابية بزعامة أخيو صبح األزؿ ،كُب ىذا ا٣ببلؼ قصص حدثت
بينهما ليس ىنا داعي لذكرىا .
458توجد تعاليم البهائية مبنية ُب كثّب من الكتب ،انظر :البهائية للوكيل ص ،121 - 117كمنها ذكرت تلك ا٤بسائل
ا٤بختصرة ،كانظر :البابية عرض كنقد ا٤بقاؿ الثالث ص 187شريعة الباب كتعليماهتا.
459قاؿ الدكتور ٧بسن عبد ا٢بميد ُب كتابو حقيقة البهائية كالبابية ص :40إذا أردت تفصيل حياة ا٤بّبزا فراجع مطالع
األنوار ،كمفتاح ابب األبواب ،كالبابيوف كالبهائيوف ،كالكتاب األكؿ مؤلفو يسمى دمحم زرندم ،كالثاين مؤلفو مّبزا دمحم
مهدم خاف ،كالثالث مؤلفو عبد الرزاؽ ا٢بسِب ،كاسم الكتاب كامبلن البابيوف كالبهائيوف ماضيهم كحاضرىم.
460انظر :انظر :مفتاح ابب األبواب ص ،282نقبلن عن حقيقة البابية كالبهائية ص .99كاتريخ البابية للدكتور مّبزا
دمحم مهدم خاف ص ،309نقبلن عن البهائية للوكيل ص ،80كانظر :كتاب البياف للشّبازم منقوالن بكاملو ُب كتاب
خفااي البهائية.
171
ادلبحث الرابع:
أوال :ىزدية البابيُت :ىزمت البابية بقيادة صبح األزؿ على يد حسْب ا٤بازندراين ىزائم منكرة ٗبساعدة
كمساندة اليهودية العا٤بية كهتيئة الظركؼ النتشارىا.
كقد ىاجم ا٤بازندراين صبح األزؿ كأتباعو بكبلـ طويل يزعم أنو كحي من هللا ،كفسركا كصية الشّبازم
بتورل صبح األزؿ بعده أهنا خطة منو للفت األنظار عن ا٤بازندراين .
كقد نفي صبح األزؿ إذل فاما جوستا بقربص كظل يؤلف الكتب ُب الرد على البهائية إال أنو دل ٘بد نفعا
إذل أف توُب عاـ 1912ىػ عن اثنتْب كٜبانْب سنة بعد أف أكصلى البنو ا٤بّبزا دمحم ىادم.461
ك٤با كاف الغرض من ذكر ما سبق ىو الوصوؿ إذل البهائية فإننا نكتفي بذكر ما سبق بيانو من بياف
نشأة البهائية على أنقاض البابية كالٍب ىي قامت على أنقاض الرشتية كىي قد قامت على أكتاؼ
الشيخية الضالة .فمن ىي البهائية ككيف قامت ؟.
461انظر :قراءة ُب كاثئق البهائية ص .77 -69كانظر :البابية عرض كنقد ص .268 - 266
172
الفصل السابع :البهائية
البهائية ىي إحدل ا٢بركات ا٥بدامة الٍب احتضنتها الصهيونية العا٤بية ا٥بادمة لؤلدايف كخصوصا اإلسبلـ
،كقد تسربلت أبثواب براقة إذل أذىاف كثّب من الناس ،ككاف ٥با نشاط ابرز ُب مصر سنة 1972ـ
أقلقت الرأم العاـ ،ككتب عنها رجاؿ الفكر ُب ٨بتلف الصحف كٛبت ٧باكمة البهائيْب كاتضح أهنم فئة
خارجة عن اإلسبلـ كأف رهبم ىو هباء هللا كليس هللا ،كحولوا ا٢بج من مكة إذل ا٤بزارات البهائية ُب
اسرائيل .
ك٥بم شهور ٚبالف الشهور اإلسبلمية كعادات كخبلاي ك٧بافل تبث فيها ٠بومها كتدعوا إذل ٧باربة
اإلسبلـ .462
كقد حوربت ىذه الفرقة ُب كل من مصر كتركيا كإيراف بعد اطبلع علمائها على خطر ىذه الفرقة الكبّب
على اإلسبلـ .
مؤسس ىذه الطائفة يسمى حسْب علي كأبوه يسمى عباس بزرؾ النور ا٤بازندراين .
كلد حسْب علي ا٤بازندجراٌب ُب إيراف ُب قرية تسمة نور كقيل كلد ُب طهراف سنة 1233ىػ
كقد اعتنق البابية ىو ُب السبعة كالعشرين من عمره سنة 1260ىػ ،كدل يكن يكن لو ذكر ُب أايـ البابية
فتحْب الفرصة ُب مؤٛبر بدشت حيث
،كقد اغتاظ من عدـ اختيار الشّبازم لو من ضمن كبار البابية ى
كاف ىو كقرة العْب أبرز ا٤بؤٛبرين فيو كتقراب من بعضها ،كُب ذلك ا٤بؤٛبر اختلف ا٤بؤٛبركف حوؿ نسخ
الشريعة اإلسبلمية بشريعة البهاء كالٍب كانت تتزعم القوؿ هبذا قرة العْب ،فتدخل ا٤بازندراين للفصل بْب
الفريقْب كرجح كفة قرة العْب كقرأ سورة الواقعة كفسرىا تفسّبا ابطنيا يفضي إذل نسخ اإلسبلـ ،فأذعن
ا٤بؤٛبركف ٥با ابلقيادة كالٍب ىي بدكرىا أعطت قيادهتا للمازندراين. 463
462انظر :البهائية ص ،119نقبلن عن الكواكب الدرية ج ،1هباء هللا كالعصر ا١بديد ص 28للدكتور جوف اسلمنت
463انظر :حقيقة البابية كالبهائية ص 105الفصل األكؿ.
173
ثقافتو :تلقى ا٤بازندراين العلوـ الشيعية كالصوفية كىو صغّب ،كقد كاف شغوفا بقراءة ب-
كتب الباطنية كأفكار الرباٮبة كالبوذية كالباطنية كا٤بانوية ،كحينما أظهر إ٢باده زعم أنو أمي
464
كأف كل ما يعلمو ىو عن طريق الوحي
عمالتو وأسرتو ألعداء اإلسالم وادلسلمُت :كانت أسرة البهاء كفية للركس ،ككاف أخوه ح-
األكرب كاتبا فيب سفارة الركس كزكج أختو سكرتّبا للوزير الركسي ،ككانت أسرتو أيضا قريبة
من اليهود ،فقد بذؿ اليهود كل طريقة إلعبلء شأف البهائية ،كقد كاف اليهود يركف ُب
دعوة البهاء ما ٯبعلهم يدعوهنا خصوصا كأف دعوة البهاء تنسخا١بهاد ُب سبيل هللا ،كما
جاء على لساف ا٤بازندراين ُب الوحي ا٤بزعوـ ُب ذلك " :قل اتهلل ا٢بق اف الطور يطوؼ
حوؿ مطلع الظهور ..كصاح صهيوف قد أتى الوعد كظهر ماىو مكتوب ُب ألواح هللا
تعاذل" .
كىذا نداء ىاـ لليهود للعودة إذل أرض فلسطْب كإقامة دكلتهم ٍ ،ب جاء ابنو عباس عبد البهاء ككضح
ذلك أيضا ابلوحي ا٤بزعوـ حيث يقوؿ " سيجتمع بنو إسرائيل ُب األرض ا٤بقدسة كتكوف أمة اليهود الٍب
تفرقت ُب الشرؽ كالغرب كا١بنوب كالشماؿ ٦بتمعة".
كىذه األخبار جاءت عن مؤامرات كخططلعودة اليهود ك٘بمعهم ُب فلسطْب فقد كاف البهاء كابنو رسوال
اليهود بْب الناس يهيء ٦بيئهم كيتنىب أفكارىم كٲبزج معتقداهتم ،ك٪بد ذلك متمثبل ُب األمور التالية :
ادعى اليهود أف البشارات ا٤بوجودة ُب الكتاب ا٤بدس تنطبق على البهاء كليس على دمحم -1
بعد موسى كعيسى ،كأف اليهود أقركا حملمد ٛبلقا كخوفا من شره.
كىب اليهود للبهاء قصر البهجة ُب عكا الذم صار مهول أفئدة البهائيْب ككعبتهم . -2
اشتمل كتابو األقدس على بشارات لليهود ابلعودة إذل فلسطْب . -3
حرـ ا١بهاد كاآلت ا٢برب مطلقا. 465 -4
464انظر :البهائية نقد كٙبليل ص ،8نقبلن عن هباء هللا كالعصر ا١بديد ص .32كانظر :كبلمو ُب ا٤بصادر الٍب ٝبعها
إحساف إ٥بي رٞبو هللا ُب كتابو البهائية ص .13 - 10
465انظر :كتاب قراءة ُب كاثئق البهائية ص 89عنواف حلف الشيطاف.
174
كقد أابح ٢بم ا٣بنزير كأابح لبس ا٢برير للرجاؿ ،كخدـ اإل٪بليز خدمات جليلة كلذلك منح اإل٪بليز
عبد البهاء كساـ اإلمرباطورية الربيطانية ُب احتفاؿ أقامو ا٢باكم الربيطاين "اللنيب" ُب بيتو فكاف يدعو
٥بم ابلعز كالتمكْب .
كقد آتمر ا٤بازندرتِب مع الركس على ىدـ اإلسبلـ ككسر شوكة ا٤بسلمْب ككاف الركس ينفقوف عليو
بسخاء كٞبتو من بطش شاه إيراف حينما أراد الفتك بو حيث ٞبتو ُب سفاراهتا ٍ ،ب طلبت من
الدكلة العثمانية نقلو إذل تركيا ٍب انتقل إذل فلطسْب كلقي ترحيبا حارا من اليهود ا٤بتجمعْب ُب
فلسطْب بغية إقامة دكلة ٥بم فبدأيبشر أبنو خليفة الباب الشّبازم ٍب ادعى أنو الباب ٍب ادعى أنو
ىو ا٤بسيح ٍب ادعى األلوىية كأف هللا ظهر ُب صورتو ،ككاف إذا مشى ُب الطريق أسدؿ الستار على
كجهو برقعا لئبل يشاىد هباء هللا ا٤بتحلي ُب كجهو. 466
كال يبعد من ا٢بقيقة أف يكوف ىذا البهاء قد ظهر بعد ٚبطيط يهودم من يهود إيراف كيدؿ على
ذلك التفاؼ اليهود حولو كٞبياهتم لو كترحيبهم بو كأداة ٥بدـ اإلسبلـ من داخلو .
وفاة ادلازندراين :بعد أف بلغ ا٤بازندراين ا٣بامسة كالسبعْب من العمر أصابتو ا٢بمى كقيل خ-
إنو جن ُب آخر حياتو ،ككاف ا٢باجب لو ابنو عباس ،فاستأثر ابألمر كأغدؽ األمواؿ
على ا١بماعة ،إذل أف توُب سنة 1309ىػ.
يقوؿ ا١بلبائيجي أحد زعماء البهائية ُب ذكر موت ا٤بازندراين " :كصعد الرب إذل مقر عزه األقدس
األعلى كغابت حقيقتو ا٤بقفدسة ُب ىويتو ا٣بفية القصول ككانت ىذه ا٢بادثة ُب اثين شهر ذم
القعدة سنة 1309ىػ ".467
كدفن قرب منزلو ُب عكا ،كقيل ُب حيفا ،كقد زعم أف موتو ٢بكمة كأنو يؤيد أتباعو كيؤازرىم
كينصرىم كقد أكصى اب٣ببلفة البنو عباس ٍب البنو األصغر ا٤بّبزا دمحم علي ،لكن عباس استأثر
466انظر :البهائية نقد كٙبليل ص ،352 -309 ،26 -19كانظر :حقيقة البابية كالبهائية ص ،185 - 171
كانظر :البهائية كاترٱبها كعقيدهتا ص ،334 -323كلقد توسع غفر هللا لو ُب إبراز الصلة ا٣ببيثة بْب اليهود كبْب
ىذه الطائفة ابألدلة الدامغة ،كأبطل فيها مكر البهائية كتظاىرىم ابإلسبلـ ،كانظر :خفااي الطائفة البهائية ص ،110
.119 ،117
467انظر :ا٢بجج البهية ص ،13نقبلن عن ا٤بصدر السابق كالبهائية اترٱبها كعقيدهتا ص .144
175
ابألمر كدل ينفذ كصية كالده فنشبت خبلفات بْب األخوين مريرة انتصر فيها عباس ،كانقسم
البهائيوف نتيجة ذلك إذل فرقتْب :
الفرقة األكذل :ا٤بوالية لعباس كتسمى العباسية ،كالفرقة الثانية ا٤بوالية حملمد علي ا٤بازندراين كتسمى
ا٤بوحدكف ،كصار ٦بموع فرؽ البهائية ٟبس فرؽ نتيجة ذلك كىي :البابية ا٣بلص كاألزلية أتباع
صبح األزؿ ،كالبهائية كالعباسية كا٤بوحدكف .
كقد توذل زعماة البهائية بعد ذلك ٝبلة من أتباع البهاء منهم عباس أفتجي كا٤ببل دمحم ا٤ببل كإبراىيم
جورج خّب هللا الذم أسس مركز البهائية ُب شيكاغو كمنهم ٝبشيد ماين صاحب طائفة السماكية
كغّبىم .
ادلبحث الثاين:
دعاايت البهائيُت
البهائية التنتمي إذل اإلسبلـ كال تتفق مع كل الدايانت السماكية كألغت شرائع اإلسبلـ ،كقالت
أبلوىية ا٤بازندراين .
كيعود أتسيس ا٤بذىب البهائي إذل جهود أعداء اإلسبلـ من اليهود كغّبىم من الذين احتضنوه
ليطعنوا بو خاصرة العادل اإلسبلمي كليجعلوا منو شوكة تلهي ا٤بسلمْب عن ما ٱبطط لو اليهود .
كمن ىنا فإف تعاليم البهائية قائمة على نسخ اإلسبلـ مستبدلْب شريعة دمحم بشريعة ا٤بازندراين
كمستبدلْب القرآف بكتاب األقدس ،كقد اخَبعوا كثّبا من التعاليم كالعقائد بسبب إصرارىم على
نسخ ٝبيع األدايف كاستبدا٥با بشرائع جديدة ،كٲبكن ذكر أىم دعاايهتم الٍب ينادكف هبا ُب ما يلي:
وحدة مجيع األداين يف الدين البهائي ,كيتجلى ذلك فيما ادعاه ا٤بازندراين من أف ٝبيع -1
األنببياء جاؤكا للتبشّب ابلبهاء كأف هللا يتجلى فيو كأنو مظهر هلل ،فهو قد كاف متشبعا
ٗببادمء الصوفية اإل٢بادية ،كىو من كبار القائلْب بوحدة الوجود كا٢بلوؿ كاالٙباد التاـ .
كنتيجة لذلك فبل يعَبفوف ببلحبلؿ كال حراـ إال ما قرره البهائي ،ك٥بذا دعى إذل كحدة األدايف ،
ٕبيث ٘بتمع على ألوىية البهاء ككتابو األقدس كيتضح ذلك بقولو " :قل ال يرل ُب ىيكلي إال
176
ىيكل هللا كال ُب ٝبارل إال ٝبالو كال ُب كينونٍب إال كينونتو كال ُب ذاٌب إال ذاتو " 468كىو ماعمل
عليو أتباعو حينما قرر ابنو عباس أف ا٤بازندراين لو طبيعة الىوتية كطبيعة انسوتية كال تنفصل إحداٮبا
عن األخرل ،كغّبه من النصوص الكثّبة الٍب تدعوا إذل ذلك.469
وحدة األوطانٕ :بيث ٛبحى ا٤بفاىيم الوطنية سول الوطن الذم سيختاره ا٤بازندراين ، -2
كٯبب أف ٛبحى ا٢بدكد بْب البلداف دكف النظر إذل أم اعتبار ليتعايش الناس فيها ،يقوؿ
أحد زعمائهم كىو عباس أفندم " :كمنذ االبتداء دل تكن ىناؾ حدكد بْب البلداف
ا٤بختلفة فبل يوجد جزء ٩بلوؾ لقوـ دكف غّبىم".470
كىذه الدعول الرباقة دل يبذؿ البهائيوف أم جهد لتحقيقها سول إلقاء السبلح من أرض ا٣باء أم
أرض ا٣براب كيقصد هبا فلسطْب ،كينادم ابحَباـ أرض الطاء الٍب ىي طهراف كما جاء ُب كتابو
األقدس ،كىذا أكؿ تناقضات ا٤بازندراين ُب دعوتو "٢بب أرض الطاء كبغض أرض الطاء " ،فأين
دعواه كحدة األكطاف ،كلذلك يقوؿ عن أرض الطاء ُب كتابو األقدس " :اي أرض الطاء الٙبزين
من شيء قد جعلك مطلع فرح العا٤بْب" 471كمقصده األساسي من كحدة األكطاف ىو بذؿ أراضي
ا٤بسلمْب لئل٪بليز كالركس كاليهود الحتبلؿ ما أردكا دكف مقاكمة من شعوب ا٤بسلمْب .
كٛبم على ذلك ٗبحو ا١بهاد حيث يقوؿ ُب األقدس " :البشارة األكذل الٍب منحت من أـ الكتاب
472
ُب ىذا الظهور األعظم ٧بو حكم ا١بهاد من الكتاب"
وحدة اللغة :حبيث ال يتكلم الناس أي لغة سوى اليت يقررىا ادلازندراين ،حيث ٱبتار -3
لغة مشَبكة للتفاىم ،كىي ٧باكلة مكشوفة إلبعاد ا٤بسلمْب عن لغة كتاب رهبم .
كىذه الفكرة ىي ٦برد ضرب من ضركب ا٣بياؿ ،إذ دل يدع ٥با أحد من العقبلء فضبل عن األنبياء ،
فكل نيب يبعث بلغة قومو ليبْب ٥بم كدل أيمرىم بتغيّب لغتهم ،كىذا اقتضاء حكمة هللا ،كلو اٙبدت
القلوب على العقيدة الصحيحة لزالت فركؽ اللغات ،كأمثلة اإلسبلـ خّب شاىدة فقد ٝبع هللا بْب
سلماف الفارسي اللغة كصهيب الركمي اللغة كببلؿ ا٢ببشي اللغة أبيب بكر كعمر العريب اللغة ،فلم
يشعركا بينهم أبم فرؽ ألف دينهم كاحد كعقيدهتم كاحدة كىدفهم كاحد ،كما تغِب اللغة الواحدة إذا
كانت العقائد ٨بتلفة كالقلوب متباغضة ،فلبناف ُب كقتنا ا٢باضر يقتل بعضهم بعضا أبشد أنواع
الوحشية على اٙباد لغتهم ،فاللغة ٕبد ذاهتا ال تعلىم األخبلؽ كال الرٞبة كا٤بواالة كٝبع الكلمة .
السالم العادلي والتعايش بُت كل الشعوب ,ويكون ذلك بتطبيق البهائية ,حيث يظن -4
البهائيوف أهنم ىم الذين تزعموا الدعوة إذل السبلـ العا٤بي كإحبلؿ السبلـ بْب الشعوب
كٙبرًن ٞبل السبلح كمقدماتو من جداؿ كخصاـ ،كلو للدفاع عن النفس ،يقوؿ حسْب
ا٤بازندراين " :قد هنيبناكم عن النواع كا١بداؿ هنيا عظيما ُب كتاب ىذا أمر هللا ُب ىذا
الظهور األعظم" .
كقاؿ أيضا " :الٯبوز رفع السبلح كلو للدفاع عن النفس " .
كحقيقة دعوهتم إذل السبلـ ىو الدعوة إذل االرتواء من غسلْب البهائية كآرائها ا٤بتناقضة كحينئذ ٛبشي
البشرية آمنة مطمئنة ،إنو دعول فوؽ مستول عقوؿ البهائية ،فمن يقبل من الناس أف يركن إذل
البهائي كمزاعمو دكف أف يرل حلوال عملية لتلك ا٤بشكبلت الٍب يعج هبا العادل. 475
كمئات النصوص األخرل الٍب جاء هبا اإلسبلـ كالٍب ُب حلوؿ مباشرة يسلم هبا اإلنساف كيرل أتثّبىا
ٗبجرد أف ٲبتثل األمر كلو طبق الناس اإلسبلـ لرأكا كيف يصبح السبلـ كاقعا حقيقيا ال خداع فيو كال
٘برب كال مكائد كال دسائس .
أما الدعوة البهائية اذل السبلـ تقوـ على أساس أف الرب ىو ا٤بازندراين كأف األرض الٍب ٰبكمها كل
شخص ىي لو ال حق فيها لآلخرين فلئل٪بليز ما ٲبلكوف كللركس ما أيخذكف كإلمريكا ماتر يد كعلى
ا١بميع السمع كالطاعة ٤بن قوم ،على شريعة ا١باىلية األكذل من عز بز كمن غلب استلب كمن دل
ٰبَبؼ دل يعتلف .
إف كل ٘بمع على غّب ىدم ا٣بالق العظيم رب العا٤بْب ال يقدـ ا٢بلوؿ ا٤برضية ٤بشكبلت الناس مهما
كاف إخبلصهم ،كال نذىب بعيدا فهذا ٦بلس األمن العا٤بي أشبو ما يكوف ٔبسد ال ركح فيو ،مقر
ا٣بدع كا٤بؤامرات ألصحاب النفوذ كالقوة ال يهمو إال إرضاء الدكؿ الدائمة العضوية كما يسمونو ،
كأصبح الفيتو ُب أيديهم سيفا على رقاب بقية ا٣بلق ،الٯبوز ا٣بركج عن طاعتو ،فظلمو عدؿ كقتلو رٞبو
ككلمتو فصل .
أن ادلساواة بُت الرجل وادلرأة ضرورة وال فرق بينهما ,الكل عبيد البهاء: -5
فقد حرص البهائيوف على استخاـ النساء ُب الدعاية ٤بذىبهم ألهنن أكثر ا٬بداعا كا٪بذااب إذل ا٥بول
ٛبكن من ذلك .
كا٣بركج عن كل عرؼ إذا ى
كقد تزعمت ىذه العدكة قرة العْب ،الٍب دل يكبح ٝباحها دين كال خلق كال شرؼ كال احتشاـ .
لقد فرضت تعاليم البهائية على ا٤برأة أف ال ترد يد المس ،كالترد متعة لكل طامع بل ىي من ٯبب أف
تبادر لذلك ُ ،ب الوقت الذم أظهر زعماء البهائية نفاقا منقطع النظّب ُب ا٢برص على ا٤برأة كعلى
مكانتها كاحَبامها ،يقوؿ أسلمنت ":إف إحدل األنظمة االجتماعية الٍب جعل ٥با هباء هللا أٮبية
عظمى ىي مساكاة النساء ابلرجاؿ"
كقد كاف مدعي النبوة ا٤بتصايب هباء هللا كثّبا ما يتأكه ٤برأل الفتيات -كما يذكر ذلك الشيخ عبد الرٞبن
الوكيل – معلبل ذلك بوجوب مساكاهتا ابلرجل .
يقوؿ الشيخ عبد الرٞبن الوكيل معقلقا على ذلك " :إف جبلؿ النبوة ال تستهيجو أبدا امرأة تتحدل
قداسة الفضيلة بفتنتها العارية كال تستخفو عن كقاره شعور موجة قد تلهب اب٢بب عواطف الشعراء".
كال شك أهنم أرداكا من دعياهتم فقأ عْب ا٤برأة بيديها ٤بن ا٬بدعت هبن ككانت ىي ا٣باسرة لدينها كعفتها
كدينها كحيائها كزكجها كأكالدىا .
كأكؿ من ك ٌذب دعول ا٤بساكاة ىو ا٤بازندراين كابنو عباس ،حيث ميزكا بْب الرجل كا٤برأة إذ ككل الرجل
ابلقياـ بكل األعماؿ ،كجعل ا٤بّباث من نصيبو دكف األنثى حيث يقوؿ " :كجلعنا الدار ا٤بسكونة
كاأللبسة ا٤بخصوصة للذرية من الذكراف دكف اإلانث إنو ٥بو ا٤بعطي الفياض "
ككذلكأكجبوا ا٢بج إذل بيت الشّبازم أك البهاء على الرجل دكف ا٤برأة ،كأسقطوا حقها ُب تورل ا٤بناصب
العليا كجعلوىا قاصرا على الرجاؿ ،كأسقطوا عنها الصبلة كالصوـ ،كغّبىا من األمور الٍب انقضوا فيها
أنفسهم .
180
ادلبحث الثالث:
سبق ذكر بعض أىم العقائد الٍب ينادم هبا البهائيوف ،كإٛباما لذلك كلئبل يفوت القارئ الوقوؼ على
آراء ىذه الفرقة الشريرة ،كالٍب بقي كثّب منها سرا بينهم كبْب زعماء الصهيونية ،كما يقوؿ الدكتور دمحم
حسن األعظمي " :إف عقيدهتم ا٤بعلنة ُب كتب مطبوعة ليست ىي العقيدة الٍب يتبعوىها إف أسرار
478
عقيدهتم ُب كتب سرية ال يتداكلوهنا حٌب ال يثّبكا نقمة كل األدايف عليهم "
ككل ما يذكر ىنا إما أنو يكوف مأخوذا من كتاب األقدس للمازندراين أك من كتب كبار البهائيْب كذلك
كما يلي :
479
أ – أف ا٤بازندراين ىو رهبم كإ٥بهم حيا كميتا ،يقوؿ ا٤بازندراين من توجو إرل فقد تتوجو إذل ا٤بعبود "
ج -ال يؤمنوف ٗبا جاء ُب القرآف كالسنة ُب حق عيسى عليو السبلـ كيعتقدكف أنو قتل كصلب.
ىػ -ال يؤمنوف ابليوـ االخر حسب ماجاء ُب اإلسبلـ ،كال كل األدايف ،حيث يؤمنوف أبف القيامة
تعِب ٦بيء البهاء ُب مظهر هللا كانتهاء ا١بور احملمدم كأف سائر أخبار القيامة من حساب كجزاء تقع
عند ٦بي البهاء .
ك -يعتقدكف أف دمحم ليس ىو خاًب األنبياء كأف الوحي ال ينقطع عن البشر ك٥بذا فالبياف العريب للشّبازم
كاألقاس للمازندراين كحي من هللا حسب اعتقادىم .
ؿ – يقدسوف العدد تسعة عشر تقديسا عظيما كأكلوا كثّبا من األمور لتتوافق مع العدد تسعة عشر.
عددىا ثبلث مرات ُب اليوـ ،كىي تسع ركعات ُب البكور كالزكاؿ كاآلصاؿ ،كل صبلة -1
ثبلث ركعات.
تؤدل صبلهتم على انفراد كال يصح االجتماع إال ُب الصبلة على ا٤بيت.480 -2
القبلة ىي ا٤بكاف الذم يستقر فيو البهاء كقد استقرت ُب عكا . -3
الزكاة عن البهائية :ال يوجد أم ذكر أك تفصيل للزكاة عند البهائية ١بهل ا٤بازندراين هبا فلم يدرجها ُب
شريعتو.
الصوم عند البهائية :الصوـ عندىم من 1اذل 19يوما فقط ُب مارس يصوموف من الصباح اذل
الغركب ،كليس فيها قضاء على من دل يؤدىا ،كقد عفي عن ا٤بسافر كا٤بريض كا٢بامل كا٤برضع كا٥برـ
كالكسوؿ كا٢بائض كيوـ عيدا٤بولود أم يوـ كالدة الشّبازم ،ككذلك يوـ ا٤ببعث ،أم يوـ إعبلف
الشّبازم لدعوتو .
احلج عندىم :يتوجهوف فيو اذل عكا مدفن البهاء ،إذل الدار الٍب كلد فيها الشّبازم ،كإذل بغداد ُب
العراؽ ُ ،ب الدار الٍب عاش فيها ،كدل يبْب البهاء مٌب يتم ا٢بج كال كيفيتو كمناسكو .
ال يصح الزكاج إال بواحدة كإف كاف كال بد فبل يتجوز أكثر من اثنتْب ،كحد الزان بغّب -1
تراض تسعة مثاقيل من الذىب تسلم لبيت العدؿ البهائي كا٤بهر عندىم تسعة عشر مثقاال
من الذىب االبريز ُب القرل مثل ذلك من الفضة ،كمن زاد فبل يتجاكز ٟبسة كتسعْب
زعموا أف الرجاؿ كالنساء على السواء،كلكن تناقضو بعد ذلك فإذا هبم ٰبرموف ا٤برأة من -1
مّباثها كيقنصونو على الرجل.
ليس ىناؾ قانوف تقسيم للمواريث فللشخص أف يوصي أبم شي لصرؼ أموالو. -2
قرركا أف غّب البهائي ال يرث البهائي ٨ ،بالفْب قو٥بم بوحدة األدايف . -3
الغسل من ا١بنابة ليس كاجبا ،كاالغتساؿ كل أسبوع مرة كغسل األرض ُب الصيف مرة -1
كاحدة كُب الشتاء مرة كل ثبلثة أايـ .
ال ٯبوز ا٢بجاب على ا٤برأة. -2
سن الرشد 15عاما للذكر كاألنثى. -3
ألغوا ٝبيع العقوابت ُب اإلسبلـ. -4
ا١بهاد ٧برـ عندىم. -5
إابحة كل أنواع اللباس للرجاؿ كالنساء على السواء كا٢برير كالذىب كغّبه. -6
أكلت الباطنية نصوص القرآف على طريقتها الباطنية ا٤بلحدة ،كمن األمثلة على ذلك ما يلي:
إذل غّب ذلك من التأكيبلت الباطنية الشنيعة آلايت القراف الكرًن كالكذب على هللا تعاذل دكف مباالة أك
خوؼ ال من هللا كال من انتقاد العقبلء على ىذا الصنيع الفاحش .485
كما أكؿ البهائيوف نصوص القرآف اذل أتكيبلت ابطينة أكلوا كذلك اتلسنة النبوية ،حيث زعموا أف كل
األحاديث تدؿ على انتهاء الشريعة احملمدية بظهور البهاء ، 486على قلة ما التفتوا اذل السنة اللنبوية .
كالسنة عندىم ال ٯبوز الوقوؼ على ظاىرىا بل يعترب ىذال عتندىم كفر ابلرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص كما زعم البهائي
ا٢باقد الدكتور دمحم رشاد خليفة إماـ مسجد توساف بوالية أريزكان االمريكية سنة 1982ـ ،حيث زعم
أيضا أف الرجوع اذل القراف كليس اذل السنة كأف ا٤بسلمْب كثنيوف بتعظيمهم الرسوؿ دمحم علسيو السبلـ .
487
ليس ُب البهائية أم شيء يغرم العتناقها ،فهي أفكار ملفقة من شٌب ا٤بذاىب كالفلسفات كالدايانت
،كمع ذلك فقد انتشرت انتشارا عظيما ُب كثّب من البلداف ،إال أف أماكن كثّبة من بلداف العادل
اإلسبلمي تنبهت ٣ببث البهائية كفساد أنفسهم كمعتقداهتم ،فشنوا الغارات على زعهمائها كأتباعها
كتقربوا اذل هللا بسحقها ،إال أف البهائيْب عمدكا بكل كسيلة ظاىرة كخفية كعملوا ا٤بؤامرات كالدعاايت
كاإلغراءات كنفاؽ كدعاة ُب سبيل نشر دعوهتم ككل ىذا ٩با ٘بيزه شريعتهم .
486ال يؤمن البهائية ابلسنة النبوية ،كال أيخذكف من معجزات الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص إال ما يوافق ىواىم ٩با يتعلق ابلفضائل الٍب
يعتربكهنا من األدلة الثابتة على نبوة دمحم ملسو هيلع هللا ىلص ،كىي أحاديث موضوعة ال تثبت إذل النيب ملسو هيلع هللا ىلص ،كمع ذلك فإف البهائيْب
يتفننوف ُب نشرىا ،انظر :البهائية للخطيب ص .43 -41
487من كتب البهائية ُب ىذا ا٤بوضوع -1 :ا٢بجج البهية ،لفضل هللا ا١برفادقاين -2 ،كتاب التبياف كالربىاف ألٞبد
ٞبدم ،كُب كتاب قراءة ُب كاثئق البهائية للدكتورة عائشة عبد الرٞبن بنت الشاطئ -مناقشات كردكد جيدة على
مزاعم البهائية ،اقرأ العناكين اآلتية:
ص(( 324القرآف كا٢بديث ُب كاثئق البهائية)) .
ص(( 335القرآف كا٢بديث ُب العلمانية العصرية)) .
ص 341ذكرت دراسة عن أحد كتب البهائية كأابطيل دمحم رشاد خليفة.
انظر :القرآف كا٢بديث كاإلسبلـ ُب كتاب ((البهائية ا١بديدة)) ((الطلع ا٣ببيث للشجرة ا٤بلعونة
185
كىناؾ أسباب ساعدت ُب اانتشار ا٤بذىب البهائي من أبرزىا ما يلي :
ادلبحث اخلامس:
ادعى حسْب علي ا٤بازندرانٓب األلوىية ،كمن ىنا كاف لزاما أف ينزؿ كتبا مقدسة لعباده حسب ما يريد
ُب أكىامو .
ط كتاب كأرداه
فكاف أف جاء بكتابو األقدس ٗبا يستحي منو أم شخص أف ينسب إليو ،فكاف ٕبق أح ٌ
تنفر من معانيو النفوس كأتنف من ٠باعو األ٠باع كرغم ذلك زعم انو أفصح كأشرؼ كتاب على
اإلطبلؽ .
488كأقرب األمثلة على ىذا تبلعبهم ٗبعُب اآلية الكرٲبة؛ {كلى ًكن رس ى ً
ْب} ؛ حيث صاركاىم وؿ اَّلل ىك ىخ ىاًبى النبًيًٌ ى ي ى
كالقاداينيوف ُب طريق كاحد حوؿ أتكيل ىذه اآلية أبف ا٣باًب ٗبعُب ((أفضل)) ،أك أنو كا٤بهر ،أك أنو خاًب األنبياء
أصحاب الشرائع ا٤بستقلة ،غّب ذلك من أكاذيبهم على هللا كعلى رسولو ،كعلى اللغة أيضان؛ ألف اللغة ال تساعدىم
أبدان على تلك ا٤بعاين الباطلة الٍب اخَبعوىا.
186
احتول على ألفاظ ركيكة كأخطاء لغوية كتراكيب غامضة قراءتو ٩بلة ثقيلة على النفس مؤله ابالستكبار
كاإلستعبلء فكلو مدح لنفسو كلبهائو كجودة قرٰبتو كإحاطة علمو ٨باطبا عباده ا٤بلوؾ كالعامة ككل البشر
،كما ُب قولو " :اي أىل البهاء اي معشر العلماء اي مبلء االنشاء اي عبادم ،اي معشر ا٤بلوؾ قل رل
ايملك الربلْب ا٠بع النداء من ىذا ا٥بيكل ا٤ببْب اي معشر األمراء ا٠بعو ايشواطيء هنر الرين اي أرض الطاء
اي أرض ا٣باء اي ٕبر األعظم قل ايقوـ ايملك النمسا ايملوؾ أمريكا " كغّبىا من النداءات ا٤بتكرة ٤بلوؾ
أكراب كغّبىم ،يتكلم فيها على أنو ىو هللا .
ك٩با جاء ُب كتابو األ٪بس كليس األقدس عبلكة على ركاكتو كا٫بطاطو ما يلي :
زعمو أف قد أحاط بعلم ما ُب اللوح كقرأه كالناس غافلوف ،حيث يقوؿ " :اي مبلء البياف -1
إان دخلنا مكتب هللا إذ أنتم راقدكف كالحظنا اللوح إذ أنتم انئموف اتهلل قد قرأانه قبل نزكلو
489
"
رده كقدحو ُب ا٤بخالفْب لو((كمنها -أم من الناس -من يدعي الباطن كابطن الباطن ،قل: -2
أيها الكذاب اتهلل ما عندؾ أنو من القشور تركناىا لكم كما تَبؾ العظاـ للكبلب".490
يثِب على من قرأ كتاهبويقوؿ ُب تفضيل كبلمو(( :من يقرأ من آايٌب ٣بّب لو من أف يقرأ -3
كتب األكلْب كاآلخرين ،ىذا بياف الرٞبن -يعِب نفسو -إف أنتم من السامعْب".491
يندب حظ من أعرض عن كتابو. 492 -4
كقد تنبأ البهاء ٕبدكث أمور غيبية أخرب عنها كقد أخزاه هللا ككقع خبلؼ ماتنبأ ٛباما 493فمن ذلك ما
يلي :
تنبأ أف البهائية يكوف مستقبلها مشرؽ ُب العراؽ ،كىذا ما دل يتحقق . -1
489األقدس ص .182
490األقدس ص .147
491األقدس ص.141
492األقدس ص 176
493إلحساف إ٥بي رٞبو هللا ُب كتابو البهائية نقد كٙبليل مقاؿ بعنواف ((البهائية كتنبؤاهتا)) يبدأ من ص 249إذل ص
، 308توسع ُب ذكر تنبؤات ا٤بازندراين كبْب أكاذيبو كلها ،كمنو ما أشرت إليو ُب الفقرات الٍب ذكرهتا ،كمن أراد
التوسع فلّبجع إذل كتاب البهائية نقد كٙبليل -الصفحات ا٤بشار إليها.
187
تنبأ أبف طهراف ستكوف هبائية كٰبكمها هبائيوف ،كىذا كذب فلم يسمح للبهائيوف رفع -2
رؤكسهم أك إظهار دعوهتم .
تنبأ أبف داينتو ستغلب األدايف كلها كيعتنقها أكثر العادل ،كىذا من األماين الفارغة الٍب -3
من احملاؿ أف تتحقق.
كقد أخزاىم هللا ُب الدنيا فلم تتحقق نبوءاتو كدل تدخل تلك الدكؿ ُب ربقة البهائية بل حاربتها فطردت
البهائية من إيراف كالعراؽ كتركيا كمصر كليبيا كسوراي كقضي عليها ُب ابكستاف كأفغانستاف كدل أيبو ٥با
العادل الغريب .
ادلبحث السادس:
أماكن اليهائية
تنتشر األفكار كتتغلغل بْب الناس دكف أف يفظن ٥با اجملتمعو ال ٙبدىا ا٢بدكد السياسية كال ٛبسك
بزمامها سلطة ،تسرم ُب األمة سرايف النعاس ُب جسم اإلنساف .
كالبهائية من أسس عقائدىم التقية فحينما ٱبافوف يظهركف الوفاؽ كا٤بتابعة مع الناس كٙبت موافقتهم انر
اإل٢باد كالباطنية تَببص شرا كتضمر حقدا اب٤بسلمْب .
كقد انتشرت البهائية ُب أماكن كثّبة بعضها معلوـ كبعضها ُب ا٣بفاء إال أنوجودىم األكرب كمركزىم
الرئيسي بيم حلفائهم ُب أرض فلسطْب ٙبت ٞباية اليهود .
كيوجد ٥بم خبلاي كثّبة ُب إيراف كإمريكا كالعراؽ كمصر كإمارات ا٣بليج كالسوداف كليييا كتونس كا١بزائر
كا٤بغرب ك٧بافلهم كثّبة كأكربىا ُب شيكاغو كتنتشر كذلك ُب إسرائيل ككندا كبنما كأ٤بانيا كسويسرا كا٥بند
ركابكستاف كمشاؿ اإفريقيا كأكغندا كأسَباليا .
كقد قدر بعض زعمائهم أف عدد البهائيْب ُب العادل ستْب مليوان ،كلكن يصعب تصديقهم فهو رقم
دعائي ليس إال .
كقد ساعد انتشارىا أعداء االسبلاـ الذين مافتئوا ُب سبيل تقوية عودىم كمدىم أبنواع الدعم.
البهائية اترٱبها كعقيدهتا كصلتها ابلباطنية كالصهيونية .أتليف عبد الرٞبن الوكيل. -1
188
حقيقة البابية كالبهائية .أتليف الدكتور٧ /بسن عبد ا٢بميد. -2
البهائية .السيد ٧بب الدين ا٣بطيب. -3
البهائية نقد كٙبليل .إحساف إ٥بي ظهّب. -4
حقيقة البهائية كالقاداينية .الدكتور /دمحم حسن األعظمي. -5
البهائية الفكر كالعقيدة .صاحل عبد هللا كامل. -6
ا٢بكم على البهائية .علي رشدم. -7
قراءة ُب كاثئق البهائية .الدكتورة /عائشة عبد الرٞبن ((بنت الشاطئ)) . -8
خفااي الطائفة البهائية .الدكتور /أٞبد دمحم عوؼ. -9
-10البهائية رأس األفعى .أكؿ ٧باكمة شرعية للبهائيْب جملموعة من الكتاب.
-11ا٤بوسوعة ا٤بيسرة ُب األدايف كا٤بذاىب ا٤بعاصرة .الندكة العا٤بية للشباب اإلسبلمي.
-12دراسات عن البهائية كالبابية .أتليف٧ :بب الدين ا٣بطيب ،علي علي منصور ،دمحم كرد
علي ،دمحم فاضل.
كبعد ىذه الدراسة عن فرؽ البهائية عثرت على نسخة مصورة عن ىذه الفرقة تسمى موقع البهائيْب ُب
ا٢بركات ا٥بدامة ،ا٤بفسدكف ُب األرض كتبها ((دمحم علي كيوة)) -معاصر -فيها تفاصيل دقيقة كموسعة
عن البهائية ،كيظهر فيها أف لو اطبلعان كاسعان على خفااي ىذه الطائفة كمعرفة خاصة هبم فلَبجع إليها إف
شئت.
189
الفصل الثامن :
القاداينية
متهيد :التحذيَت من ظهور دجالُت يدعون النبوة بعد دمحم عليو الصالة والسالم :
لقد حذر النيب ملسو هيلع هللا ىلص غاية التحذير من ظهور دجالْب يزعموف أهنم أنبياء هللا بعد ختم الرساالت ٗببعث
دمحم ملسو هيلع هللا ىلص.
فقد كردت كثّب من النصوص الٍب تنص على ختم النبوة كٙبذر من ادعاء النبوة بعد ختمها ٗبحمد صلى
هللا عليو كسلم ،كمن ذلك قوؿ هللا تعاذل { :ما كاف دمحم أاب أحد من رجالكم كلكن رسوؿ هللا كخاًب
النبيْب}سورة األحزاب آية40
كقاؿ تعاذل { :اليوـ أكملت لكم دينكم كأٛبمت عليكم نعمٍب كرضيت لكم االسبلـ دينا}سورة ا٤بائدة
آية3
كجاء ُب السنة النبوية قوؿ النيب ملسو هيلع هللا ىلص ":كأًن هللا لقد تركتكم على مثل البيضاء ليلها كنهَبا سواء " قاؿ
494
أبو الدرداء " :صدؽ هللا كرسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص ،تركنا كهللا على مثل البيضاء ليلها كهنارىا سواء "
كمنها قوؿ النيب ملسو هيلع هللا ىلص " :إنو دل يكن نيب قبلي إال دؿ أمتو على ما يلعمو خّبا ٥باـ كٰبذرىم ما يعلمو شرا
495
٥بم "
فقد ٝبعت ىذه النصوص بياف ختم النبوة ٗبحمد ملسو هيلع هللا ىلص كبياف إكماؿ الدين من عند هللا عز كجل حيث
بْب كل ماٰبتاج إليو ُب أمور دينهم كدنياىم كدل يبق ألم متحذلق ٦باؿ للزايدة أك النقص.
كقد كردت أحاديث كثّبة تدؿ على ختم النبوة نذكر بعضها فيما يلي:
-1عن أيب ىريرة رضي هللا ععن النيب ملسو هيلع هللا ىلص أنو قاؿ " :كانت بنو إسائيل تسوسهم األنبياء كلما
496
ىلك نيب خلفو نيب كإنو ال نيب بعدم"
كتوجد أحاديث كثّبة ركاىا أصحاب ا٤بسانيد كالسنن كلها تكذب من ادعى النبوة بعد دمحم عليو الصبلة
كالسبلـ ،مهما زخرؼ صاحبها القوؿ كتفنن ُب خداع الناس .
كقد أٝبعت األمة كصار معلوما من الدين ابلضركرة أف دمحما ىو خاًب األنبياء كال نيب بعده فقد أكمل هللا
أجل نعم هللا على البشر
بو الدين كصار الدين صا٢با للبشرية إذل هناية ىذا الكوف ،كةىذه نعمة من ٌ
لتجتمع ٮبتهم على ىذا الدين القيم كتطمئن نفوسهم إليو ال تبديل لو كال ٙبويل .
كاتفق ا٤بسلموف على أف كل من يدعي النبوة بعد دمحم عليو السبلـ إما أف يكوف ملحدا كذااب أك ٦بنوان
مهوسا ،كقد ساعد أعداء اإلسبلـ من الصليبيْب كثّبا ٩بن ادعوا النبوة كسعوا إذل نشر دعوهتم
ادلبحث األول:
القاداينية ىي إحدل فرؽ الباطنية ا٣ببيثة ، 500ظهرت ُب آخر القرف التاسع عشر ا٤بسيحي ُ ،ب ببلد
ا٥بند ،كتسمى ُب ا٥بند كابكستاف ابلقاداينية ،كيسموف أنفسهم ُب إفريقيا كغّبىا من البلداف الٍب
غزكىا ابألٞبدية ٛبويها على ا٤بسلمْب ابنتسباىم إذل الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص ،كٲبكن إٯباز نشأهتا فيما يلي:
ادلبحث الثاين:
زعيم القاداينية
ترجم ا٤بّبزا لنفسو ُب أخر كتابو ضميمة الوحي كجاء ٖبلط عجيب كمن أبرز ما ذكره عن نفسو ما يلي
:
امسو :غبلـ أٞبد القادايين ،كاسم كالده غبلـ مرتضى كاسم أمو جراج يب يب. 503 أ-
ب -أسرتو :تضاربت أقوالو فمرة قاؿ إف أسرتو فارسية 504كمرة من ا٤بغوؿ كمرة أف أصولو صيبنية
األصل كمرة من بِب فاطمة بنت الرسوؿ كمرة من ٠برقند كمرة يرجع إذل بِب إسحاؽ ، 505ككل تلك
ا٤برار كانت بوحي هللا -كما يزعم . -506
501انظرٕ :بث بعنواف " القاداينية ُب إندكنيسيا" للشيخ مشفق أمر هللا بن مشس الدين.
502انظرٕ :بث بعنواف "القاداينية ُب غاان" للشيخ سحنوف اتج الدين.
503انظر :القاداينية دراسة كٙبليل ص 205نقبل عن يعقوب القادايين ،حياة النيب 142-141/1
504انظر :القادايين كالقاداينية ص20
192
والدتو :كلد عاـ 1256ىػ ُب قرية قادايف من قرل البنجاب ،حوارل سنة 1839ـ.507 ج-
ثقافتو :قرأ مبادمء العلوـ كا٤بنطق كالعلوـ ا١بينية على بعض األساتذة منهم فضل إ٥بي د-
كفضل أٞبد ككل علي شاه كقرأ الطب على كالده الذم كاف طبيبا ماىرا ، 508ككاف يكثر
القراءة إال أف كل معلوماتو كانت مشوشة عن الدين اإلسبلمي.509
ىـ -أعمالو :توظف ُب بداايتو ُب ٧بكمة حاكم ا٤بديرية ُب مدينة سيالكوث ُب ابكستا كبقي على ذلك
أربع سنوات من عاـ 1864ـ إذل عاـ 1868ـ ،كأقبل فيها على تعلم اإل٪بليزية ،كالتحق بدراسة
ا٢بقوؽ ٍ ،ب استقاؿ سنة 1868ـ .
كقد بدأ حياتو بتقشف كما يقوؿ ٍ ،ب اختاره هللا للنبوة حْب يقوؿ " :ما كنت من ا٤بعركفْب فأكحى إرل
ريب كقاؿ :اخَبتك"
فلما تبوأ الزعامة الدينية أقبلت عليو الدنيا كا٥بدااي الكثّبة من الناقمْب على اإلسبلـ كمن بعض ا١بهاؿ
زاعما أهنا من فضل هللا كدليبل على نبوتو حيث يقوؿ " :كاهنالت علي ا٥بدااي كأهنا ٕبر هتيج ُب كل آف
موجا ،ىذه آايت هللا "
كصار ينفقها ُب ا٤بأكل كالشرب كأنواع ا٤بسكرات كا٣بمور ككاف يغضب حينما يسأؿ عن كيفية إنفاؽ
أموالو.
كيذكر الغبلـ عن نفسو أف هللا قد عاجلو بكثّب من األمراض كالسكرم كالصداع ا٤بزمن كا٤براؽ كأكجاع
كثّبة ذكرىا أىل العلم نقبل عن أقواؿ الغبلـ أك عن أكابر أصحابو .
كأما خلفاء الغبلـ فقد ملئوا حياهتم ابلفسق كالفجور كا٣بمر كتصيد الفتيات كما يذكر ذلك عنهم
األستاذ عبد الرٞبن مصرم مدير كلية تعليم اإلسبلـ ُب قادايف الذم كاف من كبار علماء القادايية قبل
أف ينقلب عليهم كيبْب فجورىم كخفاايىم ا٤بعادية لئلسبلـ .
505ذكر تلك األخبار إحساف إ٥بي ظهّب ُب كتابو القاداينية ص 126-125نقبل عن كتب الغبلـ :كتاب الربية ص
134كحاشية األربعْب ص 17كضميمة الوحي ص 77كٙبفة كولرة ص29
506انر :حاشية األربعْب ص 27رقم( ، )2القاداينية ص 125
507انظر :القاداينية ص 15نقبل عن اجملدد األعظم ص 17-16
508انظر :ضميمة الوحي ص28
509انظر :كتاب الربية ص 149كالقاداينية ص128
193
و -صفاتو وأخالقو:
يذكر عنو أنو كاف قليل الفطنة تبدكا عليو البساطة كالغرارة كقيل إنو كاف ال ٰبسن ملء الساعة كعد
األرقاـ كال ٲبيز حذاءه اليمْب من الشماؿ.510
كُب رأيي أنو كاف يتطاىر هبذه الغفلة كالسذاجة ألشياء ُب نفسو منها أنو كاف ٲبهد لبلٰباء إذل الناس
أبنو كىو ُب قوتو ُب ا٤بناظرات كاالحتجاج كالتأليف ليبْب أنو ملهم من هللا .
كىذا من دىائو كمكره ،كإال فكيف كىو قد مدح اإل٪بليز ٗبا ٲبؤل 50خزانة كىو ال يعرؼ أرقاـ
الساعة كحذائو اليمْب من الشماؿ كال يستطيع أف يفرؽ بْب السكر كا٤بلح كما يذكر عنو .511
كقد كصف الغبلـ ابلبذاءة كسوء األخبلؽ كطوؿ اللساف كا٥بجاء القاذع ككاف مصداؽ ا٢بديث" كإذا
خاصم فجر " ككاف يسب ٨بالفيو ٗبثل :فبلف الغوم ا١باىل ا٣بليع الكلب األٞبق الضاؿ الكذاب
اللعْب ابن الزان كالبغي الشيطاف الغوم ،كأمثاؿ ىذه الكلمات .
ككثّبا ـ مايسب العلماء الذين ٱبالفونو أبهنم أ٪بس من ا٣بنازير حينما يكتشفوف بعض كذبو ُب تنبؤاتو
الٍب دل ٙبصل .
ككصف كل ٨بالفيو بقولو " :بعضهم كالكبلب كبعضهم كالذائب كبعضهم كا٣بنازير " كٱباطب الشيخ
512
ثناء هللا األمر تسرم بقولو " :اي كلب اي آكل ا١بيفة "
بل تعدل كل ا٢بدكد حينما ٘برأعلى أنبياء هللا األطهار فسبهم حيث يقوؿ عن عيسى عليو السبلـ " :
513
رجل ٟبار كسيء السّبة "
كحْب ٛبادل ُب إيذاء الناس رفعوا أمره إذل احملكمة كقد أخذ عليو تعهد ُب احملكمة ا١بنائية أف ال يستعمل
514
مرة أخرل تلك األلفاظ القبيحة كالسب كالشتم كالقذؼ ضد ٨بالفيو كما يذكر ىو ذلك عن نفسو
510انظر :القادايين كالقاداينية ص ،23نقبلن عن ترٝبة ا٤بّبز ا٤بعراج الدين عمر القادايين ،ملحقة بكتاب براىْب
أٞبدية.67 /1
511انظر :كتاب القاداينية كا٤بصادر الٍب أخذ عنها ص.19 - 16
512انظر :القاداينية إلحساف إ٥بي ص ،140نقبلن عن أ٪باـ آٍب للغبلـ ص.21
513ست ٔبن للغبلـ ص ،172القاداينية إلحساف إ٥بي ص.143
514مقدمة كتاب رب الربية ص 13للغبلـ ،القاداينية ص.144
194
،كلكنو دل يف بذلك .فهذا ىو يقوؿ ُب ضميمة الوحي ُب معرض تعداده للنعم الوافرة عليو -يقوؿ:
515
((كيطرد -أم هللا -أعداءه ا٤بؤذين كالكبلب كيؤتيو ما دل يؤت أحدان من ا٤بعاصرين"
كقد عرؼ عنو أيضا التناقض ُب القضية الواحدة كاالحتياؿ ألكل أمواؿ الناس كعدـ الوفاء ابلتزاماتو كما
ُب قصة ا٣بمسْب ٦بلدا الٍب زعم أنو سيؤلفها كأخذ ٜبنها مقدما ٍب دل يؤلف إال ٟبسة ككانت حجتو أف
الفرؽ بْب ا٣بمسة كا٣بمسْب سول الصفر. 516
جرت بريطانيا على ا٤بسلمْب مصائب كفتنا عظيمة ،كال يزاؿ ا٤بسلموف ٯبَبكف آاثرىا إذل اليوـ ُب
لقد ٌ
ببلد ا٥بند كُب ببلد العرب ،حيث فرقت ٝبعهم كشتت كلمتهم كأكىنت قواىم كأكجدت عمبلء ٥با ُب
كل مكاف من بلداف ا٤بسلمْب ،كنشرت الفساد كا٣ببلعة كمكنت للمنصرين .
كقد استعمرت ببلد ا٥بند كرأت العميل ا٤بناسب ٥با ىو القادايين خّب عميل فكاف من أبرز مظاىر ذلك
ما يلي :
أ -أظهر القادايين أفكارا ىدامة حارب هبا اإلسبلـ كا٤بسلمْب ،كخاف نفيها أمتو كأخرج كثّب
من ا٤بسلمْب عن دينهم .
ب -تعلق القادايين ابإل٪بليز كقدـ طاعتهم على طاعة ربو كدينو .
ت -مكن اإل٪بليز للقادايين كىيأت لو كألتباعو ا٤بناصب كأغدقت عليهم األمواؿ كدافعت عنهم
بضراكة .
ث -منع القايداين جهاد اإل٪بليز أايـ االستعمار حيث يقوؿ " :لقد قضيت معظم عمرم ُب
أتييد ا٢بكومة اإل٪بليزية كنصرهتا كقد ألفت ُب منع ا١بهاد ككجوب طاعة كرل – أم
اال٪بليز – من الكتب كاإلعانبلت مالو ٝبع بعضها إذل بعض ٤بؤل ٟبسْب خزانة".517كقاؿ
أيضان ُب رسالة قدمها إذل انئب حاكم ا٤بقاطعة(( :لقد ظللت منذ حداثة سِب-كقد انىزت
ادلبحث الرابع:
حاكؿ القادايين التبلعب بعقوؿ ا٤بسملْب كإيهامهم أبف نبوتو ال تتعارض مع القوؿ بنبوة دمحم صلى هللا
عليو كسلم مستعمبل ُب ٙبقيق ذلك شٌب أنواع التأكيبلت الباطلة للتموية كالتعمية على نبوتو ا١بديدة.
ٍب ادعى النبوة كزعم أف النبوة ال تنقطع بل تتنقل ُب أشخاص دكف انقطاع كاستدؿ على ذلك بعدة
أتكيبلت ابطلة منها حْب يقوؿ الغبلـ القادايين " :أف هللا تعاذل حْب يكرـ أحدا من أمة دمحم كيوصلو
إذل درجة الوحي كاإل٥باـ كالنبوة فإنو كمع تسميتو نبيا ال يتعارض ىذا ا٤بفهوـ مع مفهوـ ختم النبوة إذ أف
الشخص ال يزاؿ من أمة دمحم كمن أتباعو ،كلكن ينتقض ىذا ا٤بفعهوـ إذا أرجعناه إذل شخص من غّب
أمة دمحم فحينئذ يتعارض قولو ٛباما مع ختم النبوة ".520
ك٥بم كبلـ كثّب حوؿ ىذا ، 521كيظهر ا٤بغالطة ُب ىذا الكبلـ من عدة كجو منها ما يلي:
تعقيب :
حقا ،لقد كفر القاداينيوف كبكل جرأة ٗبا جاء عن هللا كعن رسولو ،من نصوص صرٰبة تنص على
ختم النبوة ٗبحمد ملسو هيلع هللا ىلص ،على الرغم من تسلط أىل التأكيبلت الباطنية عليها ٗبختلف التأكيل ،قاؿ
تعاذل { :ماكاف دمحمج أاب أحد من رجالكم كلكن رسوؿ هللا كخاًب النبْب }سورة األحزاب آية40
فاآلية صرٰبة ككاضحة ا٤بعُب ُب داللتها على انقطاع النبوة ٗبحمد ملسو هيلع هللا ىلص .
فجاء القادايين كأك٥با أتكيبلت ابطنية الٛبت إذل معانيها بصلة كقولو أف ا٣باًب ٗبعُب ا٣بتم الذم ٱبتم
على ا٤بعامبلت الر٠بية من كونة زينة ٥بم ك٫بو ذلك ،ك٤با رأل ضعف ىذا التأكيل فسرىا أبنو خاًب
النبيبْب أصحاب الشرائع ا٤بستقلة ،523كمن ا٤بعلوـ ُب اللغة أف خاًب الشيء معناه آخره كهنايتو.524
ادلبحث اخلامس:
تدرج الغبلـ أٞبد لدعواه النبوة كسلكك مسالك عديدة كمراحل متفاكتة بينها اختبلؼ كاضطراب كل
مرحلة مرحلة بنت كقتها،كيظهر ذلك فيما يلي:
كاف ا٤بّبزا ُب بدء حياتو خامل الذكرال ييعبأ بو كال يذكر ٖبّب كال شرٍ ،ب ا٘بو إذل التأليف كا٤بناظرات
الٍب كانت ملتهبة ُب شبة القارة ا٥بندية آنذاؾ ،كيظهر ذلك ُب النقاط التالية :
بدأ حياتو مناظرا جلد عن اإلسبلـ كا٤بسلمْب ،مع ٛبجيد نفسو كغلوه فيها بْب الفينة أ-
كاألخرل ،ككاف علمكاء ا٤بسلمينو منو ما بْب مستبشر كحذر من أف تكبجح بو ٝباح
فرسو .
بدأت األنظار تلتفت إليو بعد أف ذاع صيتو ،كأعجبتو مواىبو ،فطلب من الناس أف ب-
يبايعوه ،كلقب نفسو بػ " ا٤بأمور من هللا شبيو ا٤بسيح ُب دعوتو إذل هللا كأحوالو الشخصية
".
أعلن أف دأب ُب أتليف كتاب يضم ٟبسْب مدال ُب الذب عن اإلسبلـ كالرد على ٨بتلف ت-
ا٤بخالفْب من أصحاب الدايانتكالدايانت السائدة ُب ا٥بند كا٤بسيحية كاآلرية 525كالربٮبية
كالربٮبو٠باجية526كغّبىم ك٠باه :براىْب اٞبدية " كتكفل فيو أبف ٯبمعو ثبلٜبائة دليل على
صدؽ اإلسبلـ ُب ٟبسْب ٦بلد ،كلكنو دل يكتب اال ٟبسة ملئها بكشوفاتو كزغا٥باماتو
525فرقة من النهادؾ اسهها ((داينند سرسوٌب)) ُب القرف التاسع عشر ا٤بسيحيٛ ،بتاز اب٢بماسة الدينية كالنشاط ُب
الدعوة كا٤بناظرة كالرد على ا٤بسلمْب ،كتدعو إذل األخذ بتعاليم ((كيدا)) كنصوصو ،كرفض البدع كاحملداثت الداخلة ُب
الداينة الربٮبية ،كتقوؿ بقدـ العادل كقدـ الركح كا٤بادة ،انظر :القادايين كالقاداينية ص.35
526داينة ىندية جديدة ،ظهرت ُب القرف التاسع عشرٙ ،باكؿ ا١بمع بْب تعاليم اإلسبلـ كالربٮبية كتقر التوحيد كتنكر
النبوة كاإل٥باـ ،كمؤسسها ((راجو راـ موىن رام)) انظر :القادايين كالقاداينية ص.36
198
كتزكياتو لنفسو ،كُب ا١بزء الثالث كالرابع نص فيو على أف جهاد اإل٪بليز حراـ كأهنم من
نعم هللا .
ٍب أعلن أنو ا٤بسيح ا٤بوعود ألنو أ٥بم بػ " إنك أنت ا٤بسيح ا٤بوعود".527 ث-
ُب سنة 1900ـ بدأ خواصو يلقبونو ابلنيب صراحة ككاف يعجبو ذلك كلكنو يظهر ٤بخالفيو ج-
528
شيء من التواضع كقولو " النيب ا١بزئي " أك " النيب احملدث " أك النيب الناقص"
ُب سنة 1901ـ أعلن أنو النيب الكامل. ح-
ُب سنة 1904ـ احتقر النبوة كادعى أنو كرشنا إلو ا٥بندكس. خ-
ادعى ا٤بّبزا أنو ملهم من هللا كأنو يوحى إليو عن طريق ذلك اإل٥باـ .
كدعول أم شخص أبنو أي٥بم من هللا كذا ككذا من األمور اليسّبة غّب أف ا٣بطر يكمن ُب النتائج ،كٲبكن
إٯباز ذلك فيما يلي:
ما ٰبصل للنفس من إ٥باـ لو موارد ،فإما أف يرد عليهمن هللا كىنا ال بد من أىلية صاحبو أ-
كتقواه كصدقو كإخبلصو لربو كصافاء توحيده ،كإما أف يرد عليو من كساكس الشيطاف إذا
كاف صاحبها الئقا بذلك بعيد عن هللا .
إ٥بامات القادايين كلها من النوع الثاين كقد ظهر كذبو ُب نواحي كثّبة . ب-
كثرت إ٥بامت القادايين الٍب زعم أهنا كحي من هللا ،كزعم أف الذم أيتيو ابلوحي ىو ت-
صورة شاب إ٪بليزم.
زعم أف الوحي ينزؿ إليو مرة ابلعربية كمرة ابلفارسية كمرة ابألردية كأحياان ابإل٪بليزية إٛباما ث-
للنعمة.
كل ما أتى بو الغبلـ القادايين زاعما أهنا كحي هللا ،ىو ُب حقيقتو ُب غاية الركاكة ج-
كالتهافت كاالقتباس الغّب منظم من القرآف الكرًن كقولو " :قل إين أمرت أف أكوف أكؿ
527نظر :القادايين كالقاداينية ص ،42-35كمن ،72 ،65 ،56 -50كمراجعو الٍب نقل عنها من كتب الغبلـ
ابألردية ،كانظر :القاداينية للحموم ص.17
528انظر :ا٤براجع السابقة.
199
ا٤بؤمنْب قل جاء ا٢بق كزىق الباطل إف الباطل كاف زىوقا كل بركة من دمحم فتبارؾ من علم
كتعلم .529"..
ككقولو ُب ٚبويف أصحاب مطابع الكتب لئبل يردكا طباعة كتبو حيث يقوؿ " :قيل ارجعوا إذل هللا
فبل ترجعوف كقيل استحوذكا فبل تستحوذكف كال ٱبفى على هللا خافية كال يصلح شيء قفبئلصبلحو
كمن رد من مطبعة (كذا ) فبل مرد لو ". 530
كتاب ضميمة الوحي الذم ألفو القادايين مليء ابلَبىات الٍب زعم أهنا كحي هللا كإ٥بامو . د-
ٙبدل الغبلـ القادايين أف أيٌب البؤر بصفحة من مثل كبلمو كرد على كل من قاؿ إنو سرؽ ذ-
من القرآف حيث يقوؿ " :أتقولوف سارؽ فأتوا بصفحات مسركقة كمثلها ُب التزاـ ا٢بق إف
كنتم تصدقوف ".531
ٍب ٙبدل الغبلـ أف أيٌب البشر ِبية من تلك اآلايت الٍب تلقاىا عن هللا بزعمو حيث يقوؿ ر-
" :كهللا لو اجتمع أك٥بم كآخرىم كخواصهم كعوامهم كرجا٥بم كنساؤىم ما استطاعوا أف أيتوا
ِبية كما نعطى من ربنا كلو كاف بعضهم لبعض ظهّبا " .532
بعد أف ادعى القادايين اإل٥باـ لو ،ادعى بعد ذلك أنو ىو ا٤بسيح ا٤بوعود حيث قاؿ ُب ضميمة الوحي
" :كأتى ا٤بسيح ا٤بوعود مهاجرا أبمر هللا العبلـ ليظهر هللا ضياءه التاـ على األانـ بعد الظبلـ ".533
كقد كاف كزر ادعائو ىذا يعود إذل صديقو ا٢بكيم نور الدين الذم اقَبح عليو أف يدعي أنو ا٤بسيح
ا٤بوعود فرد عليو برسالة يظهر ُب تواضعو عن ذلك.534
كإذل جانب صديقو نور الدين الذم بْب لو كيفية أتكيل النصوص لتوافق مبتغاه ،كاف لئل٪بليز أيضا دكر
ابرز ُب إضراـ ىذه الفكرة إلطفار نور اإلسبلـ من قلوب ا٤بسلمْب ،فاقتنع هبذه الفكرة كألف كتبو ُب
إثبات ادعائو ىذا .
كاف لصديقو نور الدين اليد العليا ُب ٛبهيد الصعاب لو كإبراز القضااي ا٣بطّب كحلها كتوجيهها ،من
ذلك أتكيل لفظ دمشق الوارد ُب صحيح مسلم أف ا٤بسيح يتنزؿ فيها ،حيث أك٥با أبهنا ليست دمشق
ا٤بعركفة كلكن ا٤براد هبا قرية يسكنها رجاؿ طبيعتهم يزيدية – أم قادايف -فاتفقت ُب الوصف مع
دمشق الشاـ حيث يقوؿ " :كإنو ٤با كانت قرية قادايف شبيهة بدمشق أنزلِب فيها ألمر عظيم أم قادايف
– بطرُب شرقي عند ا٤بنارة البيضاء من ا٤بسجد " 535أم مسجده ُب قادايف الذم بناه .
سار القادايين على نفس منهج الباطنية ُب أتكيل نصوص كثّبة بتأكيبلت ابطنية ،فمن ذلك أتكيلو
٢بديث نزكؿ ا٤بسحيوأنو ينزؿ كعليو رداءاف أصفراف ،فأك٥بما القادايين أبهنما ا٤برضاف اللذاف كاان يبلزمانو
كىو الصداع الشديد كالدكار الذم ُب مقدـ رأسو ،ككثرة البوؿ الناتج عن السكر الذم أصابو 536كمن
أبرز أتكيبلتو للنصوص الٍب أك٥با ُب ا٤بسيح ما يلي :
-1سخر من األحاديث الٍب تنص على نزكؿ ا٤بسيح كزعم أف ما ألقي على دمحم علما إٝباليا بشأف
ا٤بسيح.
-2قرر أف قرب ا٤بسيح موجود ُب كشمّب.
ادعى القادايين النبوة ُب مرحلتو األخّبة من مراحل تدرجو إذل مقاـ النبوة ،حيث صاؿ كجاؿ كراىن
على صدؽ نبوتو كصدؽ نفسو أف نيب ،آمبل ُب أف يتحوؿ ا٤بسلموف إذل القاداينية كتصبح قادايف
مهول أفئدهتم بدال من مكة ،كعندما ادعى النبوة زعم أف هللا أسند إليو مهمات منها ما يلي :
-1زعم أنو جاء ليجدد الدين كيكسر الصليب كيطفي انر النصرانية كأنو ىو ا٤بسيح حيث يقوؿ :
" أان على بصّبة من رب كىاب بعثِب هللا على رأس ا٤بائة ألجدد الدين كأنور كجو ا٤بلة كأكسر
الصليب كأطفيء انر النصرانية كأقيم سنة خّب الربية كألصلح ما فسد كأركج ماكسد كأان
ا٤بسيح ا٤بوعود كا٤بهدم ا٤بعهود من هللا علي ابلوحي كاإل٥باـ ككلمِب كما كلم رسلو الكراـ
".538
-2زعم أف النبوة جاءتو على كره منو حيث يقوؿ " :فأخرجِب هللا من حجرٌب كعرفِب ُب الناس
كأف أكره من شهرٌب كجعلِب خليفة آلخر الزماف " 539كىذا خبلؼ فرح األنبياء بتكليم هللا ٥بم
أك ابصطفائهم.
-3تدرج ُب دعواه النبوة من الكبلـ عن اإل٥باـ كالعلم الباطِب كالعلم اليقيِب كمنزلة طبيعية يصل
إليها اإلنساف بلزكـ متابعة متابعة النيب كاالضمحبلؿ فيو على طريقة الصوفية ،فتدرج إذل القوؿ
بنبوتو كقد كقع ىذا عاـ 1900ـ حيث ألقى إماـ مسجده كيسمى عبد الكرًن خطبة زعم
فيها نبوة القادايين فاندىش ا٤بصلوف الذين دل يكونوا يعلنموف عنو إال أنو منافح عن اإلسبلـ
ضد خصومو ،فعاد عبد الكرٲبوألقى خطبة اثنية قاؿ فيها بعد أف التفت إذل الغبلـ " :أان
أعتقد أنك نيب كرسوؿ فإف كنت ٨بطئا نبهِب على ذلك " .
-4بعد أف ادعى النبوة تدرج ُب التلطف مع ٨بالفيو إذل أف جاء ا٢بكم األخّب عليهم ابلكفر كالنار
حيث زعم أف الوحي نزؿ عليو يقوؿ " :كل رجل ال يتعبك كال يدخل ُب بيعتك كيبقى ٨بالفا
لك ىو عاص هلل كرسولو كىو من أصحاب النار ".541
ادلبحث السادس:
ظن الغبلـ أنو ٗبجرد إخباره اب٤بغيبات تثبت نبوتو ،كتناسى مصداؽ ما يقع ٩با ٱبرب بو النيب على كفق ما
أخرب ،كقد خانو ا٢بظ السعيد ُب أغلب أخباره ،فكانت نتائجو أتٌب سلبية كبعكس ماأخرب بو ٛباما
مرة بعد مرة ،كقد عاىن ٮبوما شديدة من ذلك .
كتنبؤاتو كثّبة كمتنوعة بعضها يعود إذل حياتو الشخصية كبعضها إذل غّبه من الناس ،كبعضها إذل
األحواؿ الطبيعية كالتغّبات ا٤بستمرة ُب الكوف،كقد قاؿ ىو ُب بيانو لكثرهتا " :كإهنا أنباء كثّبة منها ما
ذكران كمنها ما دل نذكر ككفى ىذا القدر لؤلتقياء".542
كمن األمثلة الكثّبة على كذب إ٥باماتو الٍب ادعى ٙبقيقها كتوعد من ٱبالف كل إ٥باـ بقولو " :إف دل
يتحقق ىذا النبأ فأكوف أخبث ا٣ببثاء أيها ا٢بمقى " 543كمن األمثلى على ذلك ما يلي:
٧ 540باضرة السيد سركر شاه القاداينية – صحيفة الفضل القاداينية عدد(٦ )51بلد 410يناير 1923ـ ،القادايين
كالقاداينية ص ، 67-66كاآلية من سورة ا٢بجرات ص2
541حجة هللا ٧ :باضرة للمّبزا ألقاىا ُب الىور ،منقولة من كتاب النبوة ُب اإلسبلـ حملمد علي البلىورم ص ،214
ماىي القاداينية؟.
542ضميمة الوحي ص5
203
-1قصة غرامو المرأة تسمة دمحمم بيكم ،حيث ادعى أف الوحيأخربه أ٭بو سوؼ يتزكجها كزعم
أهنبلبد من ٙبقيق ذلك ،كأف من يتزكجها البد كأف ٲبوت خبلؿ سنتْب ،فرفض كالدىا تزكٯبو
إايىا كتزكجت رجبل آخر كأ٪ببت أبناء كدل يتحقق ما ذكر.
-2كثّب ما يتنبأ الغبلـ ٗبوت ٨بالفيو حيث ٰبدد ا٤بدة بقوؿ سيموت بعد كذا ككذا ،فينعكس
ا٢باؿ ٛباما ،كمن األمثلة على ذلك ما يلي:
أ -تنبؤه ٗبوت رجل نصراين ا٠بو عبد هللا آٍب ،بعد فوز النصراين عليو بعد مناظرات جرت
بينهما ،حيث حدد مدة موتو بعد ٟبسة أشهر من 5مايو عاـ 1893ـ ،حيث قاؿ :
" كإف دل يتحقق ذلك فأكوف مستعدا لكل جزاء يسود كجهي كأذلل كٯبعل ُب جيدم
حبل كأشنق ،كأان أقسم ابهلل العظيم أنو يقع ما قلت كال بد لو أف يقع " ك٤با دل ٲبت
النصراين ادعى ىو أتباعو أف النصراين رجع كاتب. 544
تنبؤه عن رجل ا٠بو عبد ا٢بيكم من ا٤بسلمْب بعد مناظرة جرت بينهما حيث زعم أف ب-
عبد ا٢بكيم سيموت قريبا ، 545فلم ٲبت بل عاش حٌب بعد كفاة القادايين.
زعم موت الشيخ ثناء هللا األمر تسرم بعد كقوؼ الشيخ ضده ،فدعى على الكاذب ت-
أف ٲبوت ُب حياة الصادؽ ٗبوت الكولّبا فأمات هللا القادايين ُب زمن الشيخ رٞبو هللا.546
إخباره أبف زكجتو تلد كلدا ٝبيبل فتلد أنثى كحدث ىذا مرارا. ث-
ج -تنبأ أبف الطاعوف ال يدخل قادايان ماداـ ىو فيها ،كلكن دخل الطاعوف كفتك بو كمات
ىو ابلطاعوف. 547
ح -تنبؤه ألحد أتباعو كيسمى منظور دمحم أف زكجتو ستلد كلدا مباركا كالنتيجة كلدت بنتا ٍب دل
تلد حٌب ماتت. 548
كرغم كل ما يقع للقادايين من حرج نتيجة كذب تنبؤاتو كادعاءاتو إال أنو دل يتعض بل كاف يشفع الكذب
بكذبة أخرل كٯبمع ا٤بربرات تلو ا٤بربرات ُب حاؿ عدـ كقوع ما تنبأ بو ،ككاف أتباعو كالبهائم الٍب تساؽ
خلف الراعي حيث دل يراتبوا ُب تنبؤاتو الكثّبة الٍب كذب هللا فيها الغبلـ.
ادلطلب الثاين:
دل يقتصر ا٤بّبزا على التنبؤ بل ٞبلو غركره على ذكر أمور جعلها لب دعوتو الساقطة كىي كما يلي:
أنو فضل نفسو على أكثر األنبياء كا٤برسلْب ،كانو هٝبع لو ماتفرؽ ُب أنبياء كثّبين. أ-
يقوؿ القادايين " :لقد أرد هللا أف يتمثل ٝبيع األنبياء كا٤برسلْب ُب شخص رجل كاحد من العا٤بْب "،551
كزعم أنو ىو ذلك الشخص .
كلو نصوص كثّبة ُب تفضيلو نفسو على سائر البشر ،بل أفضل من أكرل العزـ من الرسل ،كقد نقل
ذلك أحد أتباعو كىو خليفتو الثاين ا٤بّبزا بشّب الدين ٧بمود حينما يقوؿ " :إف غبلـ أٞبد أفضل من
552
بعض أكرل العزـ من الرسل "
أنو فضل نفسو على ٝبيع أمة دمحم ملسو هيلع هللا ىلص ابتداء ابلصحابة الكراـ فمن بعدىم ،دل يستثن ب-
أحدان منهم ،فقد أداه الغركر إذل أف يقوؿ " :ال شك أنو كلد ُب أمة دمحم ملسو هيلع هللا ىلص آالؼ من
األكلياء كاألصفياء كلكن ما كاف أحد مثلي".
كىذه اإل٥بامات كالكشوؼ كالوحي الذم ادعاه ُب أقوالو السابقة إ٭با تدؿ على جهلو ا٤بطبق كجهل
أتباعو ،كعدـ معرفة الغبلـ قدر األنبياء العظيم الذم ال يصل إليو أحد غّبىم ،كتدؿ كذلك على عدـ
معرفتو بنفسو أيضان ،كتعاذل هللا عن ىذا ا٤بعتقد ا١باىلي فإف هللا تعاذل دل يلد كدل يولد كدل يكن لو كفوان
ات ىك ٍاأل ٍىر ًضًإال ًآٌب الر ٍٞبى ًن ىعٍبدان { }93لىىق ٍد أحد ،فهو منزه عن الصاحبة كالولد{ :إًف يكل من ًُب السماك ً
ىى ى
اى ٍم ىك ىعد يى ٍم ىع ٌدان { }94ىكيكل يه ٍم آتً ًيو يػى ٍوىـ الٍ ًقيى ىام ًة فىػ ٍردان}سورة مرًن آية 95-93بل ىو قوؿ عظيم صيىح ى
أٍ
اؿ ىى ٌدان أىف ىد ىع ٍوا لًلر ٍٞبى ًن ىكلىدان}سورة مرًن
ا١بًبى ي
ض ىكىًٚبر ٍ ات يػىتىػ ىفط ٍر ىف ًمٍنوي ىكتى ى
نشق ٍاأل ٍىر ي اد الس ىم ىاك ي
جدان{ :تى ىك ي
آية.9
كلقد أخرب هللا أف كل من نسب إذل الرٞبن كلدان فإنو كاذب ،كما قاؿ تعاذل{ :أىىال إًنػ يهم ًٌم ٍن إًفٍ ًك ًه ٍم
لىيىػ يقوليو ىف ىكلى ىد اَّللي ىكإًنػ يه ٍم لى ىك ًاذبيو ىف}سورة الصافات آية .51
لقد ٚببط القادايين كأتباعو ُب متاىات عديدة كجاءكا أبفكار شاذة غريبة ،كتناقضوا ُب أقوا٥بم كأفعا٥بم.
كمن األمور الٍب تظهر ُب معتقدات زعيمهم القادايين مبادئ كثّبة ننبو إذل أٮبها إبٯباز فيما يلي:
كمن ىنا قرر أف دمحم عليو الصبلة كالسبلـ ىو إبراىيم بعادتو كفطرتو ،كلد ُب بيت عبد هللا بن عبد
ا٤بطلب ،كمثل ىذه الوالدة حصلت لعيسى حينما ظهر ٗبظهر القادايين .
558انظر :مكتوب اإلماـ ابسم الغبلـ ،للطبيب دمحم حسْب القادايين ص 5كمقاؿ ٧بمود أٞبد ُب جريدة الفضل 19
يونيو سنة 1929ـ.
207
كقد قاؿ بتجلي ا٢بقيقة احملمدية "ُب مئات الناس ككانوا يسموف عند هللا بطريق الظل دمحما كأٞبد "
559
أحدٮبا :ىو بعده عن الدين كجهلو ٤بصّب الركح بعد ا٤بوت .
كلذلك أتثر بعقيدة التناسخ ،بل األدىى من ذلك حينما ادعى حلوؿ هللا فيو حيث قاؿ ":إف هللا
560
ُب كأان كاسطة بينو كبْب ا٤بخلوقات كلها"
أنزؿ ٌ
التشبيو : ب-
للقادايين أقواؿ كفرية ُب كصف هللا تعاذل ،فهو يزعم أف هللا " يصلي كيصوـ كيصحو كيناـ كأنو ٱبطي
كيصيب" .
يقوؿ القادايين " :قارل رل هللا :إنِب أصلي كأصوـ كأصحو كأانـ"561ككاف يزعم أنو يقدـ أكراقا إذل هللا
ليوقع عليها ،ككاف يوقع عليها بقلم أٞبر ،562ككاف يصف هللا مثل األخطبوط أبف لو أايد كأرجل كثّبة
كأعضاء بكثر ال تعد كال ٙبصى 563كغّبىا من أقوالو ُب الزيغ كالضبلؿ .
ابتعد القادايين عن اإلسبلـ كا٤بسلمْب كزاٞبت القاداينية اإلسبلـ ،كأرادت أف ٙبل ٧بلو ُب أ-
العقيدة كالفكر كالعاطفة.
ٯبعلوف القادايين كالرسوؿ دمحم كأصحاب الغبلـ كأصحاب دمحم ملسو هيلع هللا ىلص ،كيعقدكف بينهما ب-
ا٤بقارانت ،فقد جاء ُب صحيفة الفضل القاداينية " :دل يكن فرؽ بْب أصحاب النيب
ملسو هيلع هللا ىلص كتبلميذ ا٤بّبزا غبلمأٞبد".564
جعلوا ا٢بج األكرب زايرة قادايف كقرب القادايين. ت-
ا٤بسجد األقصى عندىم ىو قادايف . ث-
اخَبعوا أشهرا غّب األشهر اإلسبلمية كىي " :الصلح ،التبليغ ،األماف ،الشهادة ، ج-
ا٥بجرة ،اإلحساف ،الوفاء ،الظهور ،تبوؾ ،اإلخاء ،النبوءة ،الفتح" .
كنتيجة لذلك عاملوا ا٤بسلمْب على أسس قرركىا كىي كاآلٌب :
ك٩با يوضح ذلك ما حصل من دفاع رئيبس كزراء ا٥بند آنذاؾ جواىر الؿ هنرك ،فقد كقف مدافعا
عن القاداينية كقاؿ ٤ " :باذا يلح ا٤بسلموف على فصل القاداينية عن اإلسبلـ ،كىي طائفة من
طوائف ا٤بسلمْب الكثّبة ".
فأجابو الدكتور دمحم إقباؿ .. " :إهنا أشد خطرا على ا٢بياة اإلجتماعية اإلسبلمية ُب ا٥بند من
عقائد " أسفنورا" الفيلسوؼ الثائر على نظاـ اليهود " .
من ا١بدير ابلذكر أف لعلماء ا٥بند كابكستاف مواقف مشرفة ُب الدفاع عن اإلسبلـ من القاداينية
كبياف خططهم ك٧باكلة دحرىا ،كمن تلك ا١بهود ما قررتو ٧بكمة ابكستاف بشأف فرقة القاداينية ،
فقد صدر كتااب مَبٝبا من األردية إذل العربية ،بتعريب األستاذ دمحم بشّب ابسم :احملكمة الشرعية
الفيدرالية ٯبمهورية ابكستاف اإلسبلمية تقرر :القاداينية فئة كافرة "
ككانت ىذا احملكمة مؤلفة من سيادة القاضي فخر عادل ،رئيس القضاة ،كالقاضي شودرم دمحمج
صديق ،كالقاضي ملك غبلـ علي ،كالقاضي عبد القدكس القا٠بي ،كأصدرت قرارات تعاقب كل
من مس شعائر ا٤بسلمْب أبذل من فرقة القاداينية ،منها معاقبة ابلسجن سبع سنْب لكل من أظهر
طريقة النداء للعقائد القاداينية أبم طريقة ،كمنها السجن ثبلث سنوات ألم تعبّب يشعر بتدنيس
اسم من أ٠باء أزكاج النيب دمحم ملسو هيلع هللا ىلص ،كغّبىا من العقوابت كاألحكاـ ُب 188صفحة .
210
ادلبحث التاسع:
إف البشر ليسوا على درجة كاحدة من الفهم كالذكاء كال قوة اإلٲباف كضعفو ،ك٥بذا فكل صائح لو
صدل ،ككل داع ٯبد لو أتباعا .كالقاداينية كدعوهتا الشريرة كجدت لو من يتقبلها ،كٲبكن أف نوجز
أىم تلك األسباب الٍب أدت لقبوؿ دعوهتم فيما يلي :
ىي أىم األسباب كرٗبا توجد أسباب أخرل كثّبة ساعدت ُب نشر القاداينية ُب أماكن كثّبة من بلداف
ا٤بسلمْب.
على أنو قد كجد بعد ذلك نوع من اليقظة اإلسبلمية ككجد علماء أكقفوا القاداينية عند حدىا ُب بعض
بلداف ا٤بسلمْب .
كمع ذلك ،فقد فقد انتشرت القاداينية ُب ىذه األايـ كبدأت تستعيد أنفاسها ُب أماكن متفرقة من
العادل اإلسبلمي.
فقد انتشرت ُب أماكن متفرقة ُب إفريقيا كأكراب ،كقد عزل الشيخ إحساف ا٥بي ظهّب أىم تلك األسباب
الٍب أدت إذل انتشارىا ُب إفريقيا كما يلي :
211
oغفلة العادل اإلسبلمي عن إفريقيا.
oكجود مئات ا٤ببلغْب القاداينيْب الذين يتجولوف ُب أ٫باء إفريقيا.
oأقيمت ُب إفريقيا 47مدرسة ،كبنوا 260مسجدا قاداينيا. 565
oفتحوا كثّبا من ا٤بستشفيات كدكر الرعاية االجتماعية.566
كمن أبرز نشاط القاداينية ُب إفريقيا كغّبىا من الدكؿ ُب ٦باؿ الصحافة فقط ما يلي:
ابإلضافة إذل الكتب الكثّبة كا٤ببالغ الضخمة الٍب ترسلها دائما إذل بلداف كثّبة لنشر القاداينية.
كما بنوا 343مسجدا ُب أمريكا كىولندا كسويسرا كبورما كُب كثّب من بلداف العادل ،كجعلوا مساجدىم
مراكزا للتخطيط كحبك الدسائس على األمة اإلسبلمية .
565لقد زاد عدد ا٤بساجد القاداينية إذل أكثر من ىذا العدد كما ذكر النجرامي ُب كتابو أابطيل القاداينية ُب ا٤بيزاف ص
105
566انظر :القاداينية دراسة كٙبليل ص 15كلعل ىذه األرقاـ الٍب ذكرىا ىي ُب كقتو ،كرٗبا زادت ُب عصران ا٢باضر
زايدات ال يعلمها إال هللا كمنها ظاىر كمنها خفي.
212
ادلبحث العاشر:
كقعت عاـ 1907ـ بْب القادايين كبْب العبلمة ثناء األمر تسرم مناظرات خرج الغبلـ منها مدحورا ،
فدعا هللا تعاذل أف يقبض ا٤ببطل ُب حياة صاحبو كيسلط عليو داء مثل الطاعوف ،كُب شهر مايو
1908ـ أجيبت دعوتو فأصيب ابلكولّبا ُب الىور فمات ُب بيت ا٣ببلء ككاف جالسا لقضاء حاجتو
،كتقلت جثتو إذل قادايف حيث دفن ُب ا٤بقربة الٍب ٠باىا ٗبقربة ا١بنة هبشٍب مقربة ،567كعاش ثناء هللا
بعده أربعْب سنة ُب نضاؿ القاداينيْب كالرد عليهم .
برز كثّب من زعماء القاداينية ككربائهم متخذين من حيل القاداينية كضبلالتو منهجا ٥بم ،كطمع بعضهم
ُب مكانة النبوة الٍب ادعاه القادايين إال أف بريطانيا كقفت حائبل دكهنم ،كذلك خوفا من من ذىاب
أتثّب القادايين ُب نفوس أتباعو ٩با يستدعي فتور الناس عن التصديق كذلك أحجموا عن دعول النبوة .
ىذا الرجل ىو الشخصية البازرة بعد الغبلـ كصار ىو ا٣بليفة بعد موتو ،ككاف ٧ببا للعز كا١باه أبم
ٜبن ،فالتحق ابلغبلـ كصار من أكرب أتباعو .
كلد سنة 1258ـ ُب هبّبه من مديرية شاه بور ُب البنجاب غريب ابكستاف ،كأبوه غبلـ ركسل كاف
إماما ُب مسجد هبّبه .
عْب أستاذا للفارسية ُب مدرسة راك لبندم ا٢بومية عاـ 1858ـ ٍب عْب مديرا ٤بدرسة إبتدائية ٤بدة
أربع سنوات ٍب تركها كالزـ بعض ا٤بشايخ ٍب سافر إذل لكهنو كردس الطب ٍب سافر إلىبهوابؿ ٜبإاذل
ا٢بجاز ُب تلقي العلم ٍب عْب طبيبا خاصا ُب كالية ٝبوف كشمّب ا١بنوبية كفيها تعرؼ على ا٤بّبزا
غبلمأاٞبد ،ككاف من احملرضْب للمّبزا على ادعاء النبوة .
صفاتو :
كاف قلق النفس اثئر الفكر كما يصفو الندكم ،عقلي النوعة أتثر اب٤بدرسة الٍب تنزؿ العقيدة كالشريعة
للعلوـ الطبيعة كالٍب دخلت على يد اإلنلجيز اذل شبو القارة ا٥بندية. 568
كىو ابن ا٤بيزرزا غبلـ أٞبد ،كقد أعلن أنو خليفة ١بميع أىل األرض كقد ادعى أف لقماف ا٤بذكور ُب
القرآف ىو كالده كأنو ىو ابن لقماف ،كسّبتو ٩بلوءة فحشا كشناعة كفجورا ٩با جعل حٌب القاداينيْب
يتأ٤بوف منو ،كقد قاسى أنواع األمراض قبل موتو سنة 1965ـ .
ادعى لنفسو أنو مثل الغبلـ ُب اإلصبلح كالتجديد كقد انتهب كثّبا من األمواؿ كذىب إذل إ٪بلَب لتبليغ
القاداينية كسكن ُب كككنج مشن ،كماؿ إذل انتهاب اللذات كالبيوت الفاخرة .
ككاف إذا ٠بع أف شخصا أسلم ادعى فورا أنو أسلم على يديو على الطريقة القاداينية ،ككاف ال يتورع عن
أكل ا٣بنزير كعمل كثّب من ا٤بنكرات. 569
-4ىناك شخصيات أخرى قاداينية مثل دمحم أحسن أمر الذم كاف مصدر عوف للقادايين ،حيث
كاف يصلح مسودات كتب القادايين ٍب يرسلها إذل الغبلـ ،كمنهم دمحم صادؽ ،ككاف مفتيا
للقاداينية ،كعبد الكرًن السياكوٌب إماـ مسجد الغبلـ كخطيبو ،كمنهم ببار دمحم من مؤسسي
القاداينية كمنهم عبد هللا تيمابورم ادعى النبوة حسب بشارات الغبلـ ،كىناؾ الكثّب غّبىم
من الزعماء للقاداينية كقد خذ٥بم هللا ُب أماكن كثّبة كانربل ٥بم أتباع دمحم ملسو هيلع هللا ىلص يردكف عليهم
كيبينوف للناس خركجهم من اإلسبلـ كٰبذركف منهم .
568انظر :ترٝبة ىذا الشخص فيما كتبو الندكم ُب الفصل الثالث ص 28من كتابو القادايين كالقاداينية.
569انظر :جريدة الفصل /21أغسطس /سنة 1924ـ ك٦بلة حقيقة إسبلـ الىور يناير سنة 1934ـ ،انظر:
كتاب القادايين كالقاداينية للندكم ص 154فصل" دعاية كهتريج"
214
-5الفرع الالىوري القادايين :
كاف أمّب ىذا الفرع ىو دمحم علي ،من أكائل ا٤بنشئْب صرح القاداينية ،كمن أشد ا٤بخلصْب
للقادايين كلئل٪بليز ،كبعد كفاة الغبلـ استفحل ا٣ببلؼ بينو كبْب أسرة القادايين كذلك ٣ببلفهم حوؿ
اقتساـ األموااللٍب حصلوا عليها جراء شركة النبوة.
كيرل بعض العلماءء أف دمحم علي أختّب من قبل اإل٪بليز إلٛباـ ٨بطط القاداينية ٕبيث يتحاشى فيها
مصادمة طوائف ا٤بسلمْب فتظاىر بعدـ قبوؿ نبوة الغبلـ ليجتلب إليو اكرب عدد من ا٤بسلمْب. 570
بينما يرل بعض العلماء أيضا أف دمحم علي كطائفتو كانوا يركف أف ا٤بّبزا غبلـ أٞبددل يدع النبوة ،كىذا
دل يرض أتباع الغبلـ فسموىم اب٤بنافقْب .571
كلعل رأم من رأل من العلماء أنو كاف يتظاىر بعدـ قبولو دعول نبوة الغبلـ ىو األصح ،خصوصا كأف
دمحم علي كاف متقلبا ُب اعتقاده ُب الغبلـ حسب امبلءات اإل٪بليز ،كلذلك نرل دمحم علي يصرح بقولو
٫ " :بن نعتقد أف الغبلـ أٞبد مسيح موعود كمهدم معهود كىو رسوؿ هللا كنبيو " .
572
قاـ دمحم علي بنشاط كبّب ُب عرض القاداينية لعل من أٮبها ترٝبتو للقرآف الكرًن إذل اللغة اإل٪بليزية
حيث ملئو ابألفكار القاداينية ٩با جعل الكثّبين يقعوف ضحية تلك الَبٝبة ظنا منهم أهنا ترٝبة رجل
مسلم ،كقد تبلعب فيها ٗبعاين النصوص كأك٥با إذل أتكيبلت ابطنية كثّبة .
570انظر :ماكتبو إحساف إ٥بي ظهّب ُب كتابو القاداينية دراسة كٙبليل ص 242
571انظر :القاداينية كالقاداينية للندكم ص 144كجريدة الفصل 411ك٤باذا تركت القاداينية ص 31
572يذكر دمحم أخَب الذم كاف قاداينيا ٍب انفصل عنهم أف تلك الَبٝبة ليست من صنع دمحم علي كلها كإ٭با ىي
للحكيم نور الدين البيهّبكم كنسبها دمحم علي لنفسو ،انظر :كتابو ٤باذا تركت القاداينية ص 23ترٝبة دمحم كليم الدين.
215
معتقدات ا١بماعة األٞبدية اإلسبلمية /بشّب ٧بمود أٞبد. -5
٤باذا تركت القاداينية؟ /مّبزا دمحم سليم أخَب. -6
احملكمة الشرعية الفيدرالية ٔبمهورية ابكستاف اإلسبلمية تقرر(( :القاداينية فئة كافرة)) -7
تعريب األستاذ دمحم بشّب.
القاداينية ا٣بطر الذم يهدد اإلسبلـ /د .أٞبد دمحم عوؼ. -8
حب العرب إٲباف /للمّبزا غبلـ أٞبد-خطبة ٝبعة. -9
-10أابطيل القاداينية ُب ا٤بيزاف /د .دمحم يوسف النجرامي.
-11دعوة األمّب (معتقدات ا١بماعة األٞبدية اإلسبلمية) للمّبزا بشّب ٧بمود أٞبد.
-12ضميمة الوحي /للقادايين.
-13توجد ٕبوث عن القاداينية منها:
-14القاداينية ُب إندكنيسيا للشيخ شفيق أمر هللا مشس الدين.
-15القاداينية ُب غاان للشيخ سحنوف اتج الدين
كما أنِب قدمت أثناء الكتابة عن القاداينية ما ترٝبو ا٤بشائخ :أبو األعلى ا٤بودكدم ،كالشيخ الندكم،
كالشيخ إحساف إ٥بي ،على ما ترٝبو غّبىم؛ للثقة القوية بغزارة علم ىؤالء ،كإحاطتهم ٗبفاىيم القاداينية
كلها ،كعظيم شرفهم ُب ا٣بلق كالدين ،فاالعتماد على ترٝبة ىؤالء أكذل من غّبىم ُب نظرم ،خصوصان
٤بن دل يعرؼ اللغة األردية.
216
الفصل التاسع
الصوفية
نبحث ىنا عن الصوفية الٍب خرجت عن ا٢بق إذل الغلو متأثرة بشٌب األفكار ا٤بنحرفة ،كالٍب طرأت على
ا٤بسلمْب ُب غياب الوعي اإلسبلمي ،كبركز علماء السوء ا٤بغرمْب اب٣برافات كحب الزعامة .
لقد تنوعت مصادر ا٤بذىب الصوُب ُب تلفيق أفكاره من شٌب ا٤بذاىب فكذبوا على هللا كعلى رسولو
ملسو هيلع هللا ىلص لتقوية مبادئهم كأتييدىا .
كطرقوا كثّبا من ا٤بسائل الٍب ليست من االسبلـ ُب شيء كدل يقل هبا أحد من ا٤بسلمْب كأظهركىا
بزخرفهم على أهنا من اإلسبلـ ،كذلك ٗبا قدموه من قلب األدلة كإاثرة الشبو كالفًب ُب االستدالؿ
كا١بواب ،كقالوا بوحدة الوجود كاإلٙباد ككحدة الشهود كالكشف كالقطب كالغوث كغّب ذلك من
األمور الٍب طرقها كبار زعمائهم مثل ا٢ببلج كابن عريب كابن الفارض كالبسطامي كا١بيلي كغّبىم ٩بن
لبس عليهم إبليس من الذين اعتقدكا كجوب اتصاؼ ا٣بلق بصفات ا٣بالق. 573
كقد قامت ُب ىذا العصر الدعوة الصوفية على نطاؽ كاسع ،كذلك بسبب عدة عوامل أبرزىا مايلي:
جهل كثّب من ا٤بسلمْب ٕبقيقة دينهم من انحيةٍ ،ب ا١بهل ٕبقيقة الصوفية أيضا من انحية أ-
أخرل .
مساعدة أعداء اإلسبلـ على نشر الصوفية ألهنم يعرفوف مكاسبهم الٍب سيجنوف ٜبارىا إذا ب-
على سلطاف الصوفية ُب العادل اإلسبلمي ،كأعداء اإلسبلـ فريقاف :
فريق عداكتو ظاىرة ،كىم ا٤بستعمركف كمن يبيتوف النية ٥بدـ اإلسبلـ . -1
فريق آخر متلبس بلباس الدين كٰبكموف كثّبا من العادل اإلسبلمي كىؤالء يدعموف الصوفية -2
خوفا من عودة الوعي اإلسبلمي السلفي الذم يصطدـ مع ميوؿ كرغبات ىؤالء كشهواهتم
ألجل ىذه األمور كاف تنبيو طبلب العلم إذل خطر ىذا ا٤بذىب الردمء كاجبا ٰبتمو النصح لكل مسلم
ٰبب ٞباية نفسو كدينو من اإلنزالؽ ُب كحل الشبهات كاألفكار ا٤ببثوثة بْب صفوؼ ا٤بسلمْب .
اختلفت كلمة العلماء حوؿ التعريف ا٢بقيقي للصوفية كللتصوؼ اختبلفا كثّبا قلما يوجد لو مثيل ،حٌب
إف بعض العلماء قد ذكر أهنا تصل إذل األلفْب ،يقوؿ دمحم طاىر ا٢بامدم " :األقواؿ ا٤بأثورة ُب
التصوؼ قيل :إهنا زىاء ألفْب" 574كقد ذكر الشيح إحساف إ٥بي ظهّب ُب كتابو "التصوؼ ،ا٤بنشأ
كا٤بصدر" كثّبا من األقواؿ ُب تعريف الصفوية ، 575كفيما يلي نلقي الضوء على ذلك إبٯباز :
تعريف الصوفية يف اللغة :يطلق علماء اللغة ٙبت مادة " صوؼ" ُب معاٝبهم على عدة أ-
معاف :منها أهنا تطلق على الصوؼ ا٤بعركؼ من شعر ا٢بيواانت ،كمنها من صوفاف أك
صوفانة كىي بقلة قصّبة ،كتطلق ُب بعض داللتها على ا٤بيل فيقاؿ صاؼ السهم أم
ماؿ. 576
تعريف الصوفية يف االصطالح :مرت الصوفية ٗبراحل كتطورات كمفاىيم ٨بتلفة ،ك٥بذا ب-
كقع كثّب من ا١بدؿ بْب العلماء ُب تعريف الصوفية ،ككلها ال ٚبرج عن كصفها أبهنا بدعة
٧بدثة ُب الدين ،كفيما يلي ذكر أىم التعريفات من الصوفية أك من ٨بالفيهم :
منهم من عرفو أبنو ٘بريد العمل هلل كالزىد ُب الدينا كترؾ دكاعي الشهرة كا٤بيل إذل التواضع -1
كإماتة شهوة النفس ،كلكن ىذا ال يصدؽ إال على التصوؼ ُب عهد األكؿ الذم كاف
عبارة عن انقطاع للعبادة هلل كحده كالزىد دكف أف يلبسوه بسلوؾ مشْب .
نسب كثّب من العلماء ىذه التسمية إذل لبس الصوؼ ،كيورد عليها القشّبم أبف القوـ دل -2
ٱبتصوا بلبس الصوؼ.
يرل بعضهم أنو مأخوذ عن الصفاء ،أم صفاء أسرارىم أك صفاء قلوهبم أك صفاء -3
معامبلهتم مع هللا ،577إال أف القشّبم ُب الرسالة ضعف ىذه النسبة من انحية اللغة كقاؿ
" بعيد ُب مقتضى اللغة" حيث يقاؿ صفائي أك صفاكم.578
كا٢بقيقة فإنو ال أحد يرضى من ا٤بتصوفة أف ينسب إذل قبيلة جاىلية قبل اإلسبلـ ،ابإلضافة إذل أف
ىذه التسمية دل تعرؼ بْب الصحابة كال كانت ىذه القبيلة مشهورة.581
يرل بعضهم أهنا نسبة إذل الصفوة من خلق هللا ،كلكنها ضعيفة أيضا من انحية اللغة حيث -7
ال يقاؿ ُب نسبتها صوُب كإ٭با يقاؿ صفوم.
زعم الكاتب النصراين جورجي زيداف أف كلمة التصوؼ ُب العربية تعاد٥با كلمة "سوفيا" ُب -8
اليواننية كالٍب معناىا ا٢بكمة ، 582كقد أبطل ىذا الزعم كثّب من العلماء رٗبا ألف التصوؼ
ظهر بعد اإلسبلـ ،كلكن ال ٲبنع أف تتأثر بو الصوفية بشيء من التأثّبات ،بل ىو
الصحيح ،كلكن ليس اب٤بفهوـ اليوانين الكامل .
كىناؾ غّب ىذه التعريفات583كالراجح كهللا أعلم أف النسبة إذل الصوؼ ىي األقرب اذل االشتقاؽ
اللغوم كما أنو أقرب إذل ذكؽ الصوفية كحا٥بم كٛبسكهم بلباس الصوؼ ،كقد رجحو شيخ اإلسبلـ
579ا٤بصدر نفسو.
580ا٤بصدر نفسو .
581انظر :الصوفية كالفقراء ،شيخ اإلسبلـ ابن تيمية ص14-13
582انظر :الصوفية معتقدا كمسلكا ص 23
583انظبل :الرسالة القشّبية 550/1كانظر :الصوفية معتقدا كمسلكا ص ، 36-19كالصوفية ا٤بنشأ كا٤بصدر ص
39-20
219
ابن تيمية 584كقد قاؿ بذلك السهركردم أيضا من الصوفية ٤بوافقتو ُب اللغة ك٤با كاف عليو حاؿ
الصوفية. 585
ادلبحث الثاين:
تعترب ىذه القضية من القضااي الٍب خاض غمارىا ا٤بتصوفة من جانب ،كغّب ا٤بتصوفة من ا١بانب
اآلخر حوؿ الصلة بْب الصوفية كأىل الصفة .
كا١بواب:
على الرغم ٩با بذلو ا٤بتصوفة من ربط العبلقة بْب أىل الصفة كالصوفية إال أف ذلك دل ٯبدىم شيئا،
فقد زعم بعض ا٤بتصوفة كا٤بنوُب كالسهركردم كغّبٮبا من كبار الصوفية بوجود صلة بْب أىل الصفة
كالصوفية ،كأف أىل الصفة سلف ا٤بتصوفة ،بل استدؿ بعضهم بفعل الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص كٙبنثو ُب غار
حراء .
فالسهركردم يرل اف أف العبلقة بينهما تتمثل ُب حب التفرد كالعزلة عن الناس كالشوؽ إذل هللا
تعاذل. 586
كأما ا٤بنوُب فّبل أف الرابط بينهم عدـ ركوهنم إذل العركض الفانية من الدنيا ،كصفاء أنفسهم من
األكدار كغلبة الفقر عليهم ،587كٲبكن بياف بطبلف ما ذىبوا إليو من خبلؿ اإلٯباز التارل :
أف السهركردم كغّبه من ا٤بتصوفة دل يستطيعوا أف يػأتوا برابط كاحد ،أك قا٠با مشَبكا أ-
صحيحا مقبوال بْب حاؿ أىل الصفة رضواف هللا عليو كبْب الصوفية.
ربط بعضهم بْب حاؿ الرسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص كحبو للخلوة كبْب حاؿ الصوفية. ب-
ج-ك٩با ينقضو أنو منذ أف اختار هللا نبيو لتبليغ رسالتو كاف ٧بط أنظار الناس ُب كل ٢بظة من
٢بظات عمره كإال فكيف انتشر اإلسبلـ كشرائعو ،فلم يفضل ا٣بلوة كاالنعزاؿ بل بذؿ كل حياتو
لنشر تعاليم اإلسبلـ.
د-أف استدال٥بم ٗبحبة الفقر كا٣برقة 588من أىل الصفة كاالنزكاء ُب الزكااي غّب صحيح ،فإف الثابت
أف أىل الصفة كانوا ُب ٦بملهم يشتكوف حا٥بم إذل رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص على أمل أف يساعدىم ُب حياة
طيبة ،كقد أخرب هللا عنهم أهنم يتولوا كأعينهم تفيض من الدمع حزان أال ٯبدكا ما ينفقوف.
ىػ-أنو قد ٙبقق ٤بعظمهم ماؿ كفّب بعد الفتوحات اإلسبلمية عمبل بقوؿ هللا{ :كال تنس نصيبك من
الدنيا} كاجتمعت لبعضهم ألواف من األطعمة لعلمهم أف ىذا ال يناُب الزىد كقد قاؿ عليو الصبلة
كالسبل ":اليد العليا خّب من اليد السفلى". 589
ك-أف استدال٥بم ٗبحبة أىل الصفة للفقر كما زعم السهركردم كا٤بنوُب فهي ٧بض خياؿ ،فأىل
الصفة ما كانوا ٰببوف الفقر كال ٰببوف االنفراد كالعزلة عن الناس كيف كىم ُب أكثر مكاف يتجمع
فيو الناس ،كدل تكن ٗبحض إرادهتم كإ٭با ىي حالة طارئة ،كما كاف أحد منهم ٰبمل الزنبيل على
ظهره كيطوؼ ابلبيوت ُب طلب رزقو متكاسبل عن العلم متكبل على ما ُب أيدم الناس. 590
ز-أف زعم ا٤بنوُب أف هللا اختار أىل الصفة ليكونوا فقراء كأف أىل الصفة اختاركا الفقر ،فهو زعم
ابطل يكذبو القرآف كالسنة ،فقد كاف منهم من توذل اإلمارة كمنهم من أصبح غنيا كمنهم من أصبح
قائد ا١بيوش كىم ُب قمة الزىد كالورع .
588ذكر السهركردم للبس ا٣برقة حقوقا ال ٰبتملها إال من كاف موفقا غاية التوفيق ،انظر :عوارؼ ا٤بعارؼ ص 52
589أخرجو البخارم 377/5
590كما كصفهم بذلك السهركردم ُب عوارؼ ا٤بعارؼ ص 49
221
ادلبحث الثالث:
من أشهر األ٠باء ٥بذه الطائفة اسم "الصوفية" ك٥بم أ٠باء أخرل أطلقت عليهم أك أطلقوىا ىم على
أنفسهم كىي كما يلي:
الصوفية :كىو االسم ا٤بشهور الذم يشمل كل طرقهم كىم يفرحوف ابالنتساب إذل ىذا أ-
االسم.
أرابب ا٢بقائق :لزعمهم أهنم كصلوا إذل حقائق األمور كخفاايىا.591 ب-
الفقراء :كقد زعم السهركردم أف هللا ٠باىم هبذا االسم 592كاستدؿ بقولو تعاذل{ :للفقراء ت-
الذين أحصركا ُب سبيل هللا}. 593
شكفتية :كيطلق عليهم ىذا االسم ُب خراساف ،كىو نسبة إذل الغار ألف منهم طائفة ث-
يؤككف إذل الكهوؼ كا٤بلغارات كما يذكر السهركردم. 594
جوعية :كيطلقها عليهم أىل الشاـ. 595 ج-
ا٤ببلمية أك ا٤ببلمتية :كىي من األ٠باء الٍب تطلق عليهم كما يذكر زعماؤىم ،كىي أف أيٌب ح-
الصوُب ٗبا يبلـ عليو ألجل أغراض سامية فيما يزعموف. 596
كقد عرفو السهركردم بقولو :ىو الذم ال يظهر خّبا كال يضمر شرا " 597كيعللوف ٥بذا أبنو مع الناس
ُب االظاىر كمع هللا ُب الباطن ،مهما كانت أفعاؿ الشخص ُب الظاىر .
كىذا من التبلعب بعقوؿ الناس كالَبكيج للباطل أببطل منو كقلب للحقائق ،كمٌب كانت دعوة الصا٢بْب
تقوـ على مراءاة الناس كمداىنتهم؟ .
كيرل ابن عريب ُب فتوحاتو ا٤بكية أف ىذا االسم أطلق عليهم ألهنم أخفوا مكانتهم الشريفة ُب العامة ،
كقد شبههم ا٤بنوُب ُب كتابو ٝبهرة األكلياء أبىل الكهف. 598
مبلمية :يفعلوف ما ٰببو هللا كرسولو كال ٱبافوف لومة الئم . -1
مبلمية :يفعلوف ما يبغضو هللا كرسولو كيصركف على ا٤ببلـ ُب ذلك كىم أىل ا٤ببلـ ا٤بذموـ -2
.599كقد أشار ابن ا١بوزم إذل مسلك من مسالك ا٤ببلمية كىو ارتكاب ا٤بعاصي ٕبجة
عدـ لفت األنظار إذل صبلحهم ،كىذا كلو من الباطل الذم لبس عليهم كلبسوا بو على
الناس.600
ادلبحث الرابع:
كالواقع أنو ال يعرؼ ابلتحديد الدقيق مٌب بدأ التصوؼ ُب ا٤بسلمْب كال من ىو أكؿ متصوؼ ،كفيما يلي
عرض موجز ألىم آراء العلماء ُب ٙبديد نشأة الصوفية :
أف ىذه التسمية عرفت قبل اإلسبلـ كيريدكف هبا أصحاب الفضل. أ-
أنو ظهر سنة 150ق . ب-
598
فالعلماء متضافركف على أف التصوؼ ليس لو كجود ُب زمن النيب ملسو هيلع هللا ىلص على الصحيح من أقوا٥بم فمن
احملاؿ أف يتشرؼ أحد من الصحابة ابالنتساب إذل غّب الصحبة ،كقد نص السهركردم على أف
التصوؼ عرؼ بعد ا٤بائتْب من ا٥بجرة ،كنص ا٤بنوُب على أنو عرؼ ُب القرف الثاين 602أما ابن تيمية فقد
نص على أف التصوؼ دل يعرؼ ُب القركف الثبلثة األكذل.603
كالذم يظهر أف التصوؼ ظهر بعد اإلسبلـ ُب شكل زىد كرغبة ُب الدار اآلخرة ،ككبح ٝباح النفس
ُب حب الدنيا.
ٍب ٢بق ىذا ا٤بفهوـ حب التطوير كإدخاؿ مفاىيم بقصد هتذيب الفكرة بغض النظر عن مطابقتها للحق
،كدل يبعد أقطاب التصوؼ عن شٌب التيارات كاألفكار ا٤بخالفة لئلسبلـ كالتأثر هبا فظهرت جلية ُب
معتقداهتم كسائر سلوكهم .
601انظر :كشف احملجوب للهجويرم ص 772ةالتصوؼ اإلسبلمي كاترٱبو ،أتليف نيكلسوف ترٝبة (أبو العبلء
العفيفي) ص 3كدائرة ا٤بعارؼ اإلسبلمية 266/5كاللمع للطوسي ص 42كالرسالة القشّبية 3/1كعوارؼ ا٤بعارؼ
للسهركردم ص 63كالصوفية كالفقراء ص 5كانظر :الفكر اإلسبلمي ص36-33كالتصوؼ ا٤بنشأ كا٤بصادر ص -40
48كالصوفية معتقدا كمسلكا ص . 53
602انظر :عوارؼ ا٤بعارؼ ص 48كٝبهرة األكلياء 269/1
603انظر٦ :بموع الفتاكل 5/11
224
كقد تصدل علماء اإلسبلـ للتصوؼ كبينوا بطبلف معتقداتو كشيخ االسبلـ ابن تيمية ُب القرف الثامن
للهجرة كتبلميذه ابن القيم كابن كثّب كا٢بافظ الذىيب كا٢بافظ ا٤بزم كغّبىم من العماء ك٩بن جاء بعدىم
كالشيخ دمحم بن عبد الوىاب ُب القرف الثاين عشر ،حيث بينوا
ادلبحث اخلامس:
حقيقة التصوف
مضى زمن رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص كزمن الصحابة كزمن التابعْب ٥بم إبحساف كدل يعرؼ عنهم أم سلوؾ يتميزكف
بو غّب اتباع الكتاب كالسنة كالنسبة إليهما.
ٍب أحدث أانس ُب الدين بدعة التصوؼ منحرفْب عن ا٤بنهج السليم ،كأخذ كل فريق يعرب ٗبا يراه عن
التصوؼ من أقطابو ،كا١بريرم كا١بنيد كعمرك بن عثماف ا٤بكي كدمحم علي القصاب كمعركؼ الكرخي
كالسهركردم كالشبلي كالشاذرل كالتيجاين كالبسطامي كابن عريب كابن الفارض كغّبىم .
كٲبكن إٯباز حقيقة التصوؼ عند الصفوية ٍب عند غّب الصوفية فيما يلي:
سبق القوؿ أبف أقواؿ زعماء التصوؼ دل تتفق على مفهوـ ٧بدد للتصوؼ بل اختلفوا ُب اطبلقات كثّبة
حسب ذكؽ كل فريق كحاصل عامة أقوا٥بم تلتقي حوؿ فكرة معينة ،كىي :
القرب من هللا كترؾ االكتساب كالتمسك اب٣بلق الرفيع كا١بود كرفع التكاليف عن بعض فضبلئهم حْب
يتصلوف ابهلل كيصلوف إذل درجة اليقْب .
كقد أكرد القشّبم ُب رسالتو كثرة كاثرة من األقواؿ الٍب نقلها ُب تعدد مفهوـ التصوؼ كمن أبرزىا ما
يلي:
من يعُب بباطنو فقط ،كىو تعريف ا١بنيد حيث يقوؿ " :إذا رأيت الصوُب يعُب بظاىره -1
فاعلم أف ابطنو خراب" .
من كاف فقّبا ٦بردا من األسباب ككاف مع هللا ببل مكاف ،كىذا تعريف ابن ا١ببلء. -2
من كنس هللا أركاحهم اب٤بزابل ،كىذا تعريف أبو علي الدقاؽ. -3
225
ىو اإلعراض عن االعَباض ،كىذا تعريف أيب سهل الصعلوكي. -4
أف أساس التصوؼ ىو الفقر ،كىذا تعريف السهركدم كالشبلي .إذل غّب ذلك من األقواؿ -5
الكثّبة.604
اختلفت كجهات نظر العلماء ُب بياف حقيقة التصوؼ عند الصوفية ،كأبرز ما قيل عنو ما يلي:
أف أساس التصوؼ مستمد من الكتاب كالسنة ،كىذا القوؿ قريب من أقواؿ ا٤بتصوفة. -1
أنو ليس إسبلمي النشأة ،كإ٭با كفد على البيئة اإلسبلمية عقب الفتوحات اإلسبلمية،605 -2
كيرجعوف نشأة التصوؼ إذل أنو فارسي أك ىندم أك يوانين أك مسيحي أك أنو مزيج من
ىذا كلو.
كُب ا٢بقيقة :إف طريقة ا٤بتصوفة قد أتثرت كثّبا ابآلراء كاألفكار ا٤بخالفة لئلسبلـ حيث تظهر بوضوح
األفكار ا٥بندية كالفارسية كاليواننية كا٤بسيحية.
كقد كاف التصوؼ ُب بدء أمره عند بعض ا٤بسلمْب زىد ُب الدنيا كرغبة ُب اآلخرة كقتل ىول النفس إذل
أنو تطور ُب اإل٫بدار كبعد عن حقيقة اإلسبلـ ُب كثّب من األمور الٍب طرقها التصوؼ فأصبح مذموما
ينفر عنو أىل ا٢بق.
الصوفيوف طرائق عديدة كأىواء متباينة شأف سائر أصحاب البدع ،كقد اختلف العلماء ُب ع ٌد
أقسامهم فبعضهم يقسمهم إذل قسمْب كبعضهم يعدىا إذل ثبلثة أقساـ كبعضهم يوصلها إذل ستة
أقساـ.
فبعض الصوفية اتبعوف للمذىب اإلشراقي الذم يدعي أف ا٤بعرفة كالعلم تهقذؼ ُب النفس -1
بسبب طوؿ اجملاىدة الركحية ،فيحصل ٥با فيض كإشراؽ ،كىذا يشبو ا٤بذىب البوذم ،
كىو قسم من الصفوية .
كقسم آخر يزعموف أهنم صفوا من الكدر كامتلئوا من الفكر على طريقة الفلسفة ا٥بندية . -2
كقسم اثلث قائلوف اب٢بلوؿ كأف هللا حل ُب ٨بلوقاتو كأف أركاحهم الىوتية كأجسامهم -3
انسوتية ،كمن أكابر ىذا ا٤بذىب الردمء ا٢ببلج .
القائلوف بوحدة الوجود كأبف ا٤بوجودات كلها ٛبثل البارم عز كجل كمن أكابر ىذا ا٤بذىب -4
ابن عريب.
كقد قسمهم شيخ اإلسبلـ ابن تيمية إذل ثبلثة أقساـ كىي :
يصعب ا٢بكم على الصوفية ٕبكم يشمل ٝبيع فرقهم ا٤بتشعبة ،فقد تعددت طرقهم كالٍب ىي عبارة
عن التزاـ ٦بموعة من األتباع أك ا٤بريدين بشيخ ٯبعلونو قائدا ٥بم كين ٌفذكف ما يوجبو عليهم من أذكار
كسلوؾ .
كقد عد الشيخ أبو علي العجيمي ا٢بنفي أربعْب طريقا للصوفية ،كبعضهم عدىا أكثر من ذلك،
كعدىا ا٤بنوُب اثناف كٟبسوف طريقا ُب ٝبهرة األكلياء كأكصلها الدكتور صابر طعيمة إذل ست كستوف
طريقا ،كيقوؿ الدكتور علي الدخيل " :كا٢بق أف الطرؽ الصوفية كثّبة جدا ٕبيث يصعب
حصرىا" 607كقد ذكر ا٤بنوُب 52طريقة ُب كتابو ٝبهرة األكلياء 608كعدىا الدكتور صابر طعيمة ما
٦بموعو 66طريقة ،كقد ذكر أنو ُب النصف الثاين من القرف الرابع عشر ا٥بجرم بلغ عدد الطرؽ ُب
بلد كاحد أكثر من مائة طريق.609
كمعظم تلك الطرؽ ان٘بة عن ا٥بول كانبعة منو كمبنية على الرغبة ُب الزعامة كالعلو ُب األرض
كاستعباد الناس .
انتشرت ىذه الطريقة كأتباعها ُب كثّب من أقطار ببلد إفريقيا ٖبصوصها ،كىي نسبة إذل شخص يسمى
أٞبد بن دمحم بن ٨بتار التجاين كلد سنة 1150ىػ بقرية عْب ماضي كينسب إذل بلدة بِب ٘بْب من قرل
الرببر. 610
كقد أكثر التجاين من دعاكاه الباطلة ٩با يطوؿ سرده ،كفيما يلي نوجز أىم تلك االدعاءات :
ادعى أنو خاًب األكلياء حيث زعم أف الوالية ٚبتم كالنبوة . -1
ككما ترل ،كل ىذه ا٤بزاعم ىي ٧بض افَباءات استحسنها ىول التجاين كأتباعو كقالوىا بغّب علم كال
عقل ،فملئوا أذىاهنم ابلشركيات كجنوا على عقائد ا٤بسلمْب اب٣برافات ا١باىلية .
نستعرض فيما يلي أبرز آراء التجانية من خبلؿ أىم كتبهم كجواىر ا٤بعاين لعلي حرازـ كرماح حزب
الرحيم للفوٌب كا٥بداية الرابنية ُب فقو الطريقة التجانية كذلك كما يلي:
-نسب التجاين :ذكر علي حرازـ ُب كتابو جواىر ا٤بعاين أف الرسوؿ قاؿ للتجاين يقضة أنت
كلدم حقا ،كررىا ثبلاث. 612
كقد قسموا مراتب النظر إذل هللا حيث ذيكر أف " أكلو مطالعة ا٢بقائق من كراء سَب كثيفٍ ،ب
مكاشفة ،كىو مطالعة ا٢بقائق من كراء سَب رقيقٍ ،ب مشاىدة ،كىو ٘بلي ا٢بقائق ببل حجاب
كىذا ا٤بقاـ األخّب فيو سَب حاؿ الورل ،فلو فعل الورل الفواحش ىنا ىو من ابب ٚبيل الناظر ،
حيث نص علي حرازـ أف الورل قد يفعل الفواحش لسَب حالو من الناس " من الزان كالكذب
الفاحش ،كا٣بمر ،كقتل النفس ،كغّب ذلك من الدكاىي" كىو من ابب ٚبيل الناظر ليسَب
حالو. 618
-دعاء التجاين يف طلب االتصاف ابأللوىية :حيث كاف من أدعيتو " :اللهم حققِب بك
619
ٙبقيقا يسقط النسب كالَبب كالتعينات كالتعقبلت كاالعتبارات "..
-إىانة القرآن الكرمي :حيث نص علي حرازـ أف الصبلة على النيب بكيفية معينة أفضل من
تبلكة القرآف الكرًن. 620
-أن الرسول ىو السر يف وجود ىذا الكون ومصدره :حيث نقل حرازـ عن التجاين أف هللا
خلق لنفسو دمحما ككل ا٣بلوؽ ٨بلوقوف ألجل دمحم.621
-تالعب مبعاين النصوص ,حيث أكلوا نصوصا كثّبة حسب ٧بض ىواىم .
-احللول واالحتاد :يقوؿ التجاين :فهو تعاذل مع كل شيء بذاتو كأقرب إذل كل شيء بذاتو من
كجو ال يدركو العقل" .622
-الوالية واأللوىية وأنو ال يوجد فرق بينهما :يقوؿ حرازـ :حقيقة الورل أف يسلب من ٝبيع
الصفات البشرية كيتجلى ابألخبلؽ اإل٥بية ظاىرا كابطنا". 623
-متلك أقطاب الصوفية بتفويض من هللا :نقل حرازـ عن التجاين " :أف هللا ملكهم ا٣ببلفة
العظمى كاستخلفهم على ٩بلكتو تفويضا عاما " .
618نفس ا٤برجع
619انظرٝ :برة األةلياء ،علي حرازـ ص 146
620نفس ا٤برجع 154/1
621انظرٝ :برة األةلياء ،علي حرازـ ص173
622انظرٝ :برة األةلياء ،علي حرازـ ص 215كص350
623انظرٝ :برة األةلياء ،علي حرازـ 67/2
231
-صالحيات الويل أعلى من صالحيات النيب :حيث نص حرزـ عن شيخو أف دائرة الورل أكسع
من دائرة النيب " كنص على أف " ا٣بليفة الورل أك سع دائرة ُب األمر كالنهي كا٢بكم من الرسوؿ"
.
-رغبة الصوفية يف جتهيل اخللق برهبم :حيث نقل التجاين عن الشبلي كالبسطامي أقواال تفيد
برغبتهم اقتصارىم معرفة هللا عليهم دكف ا٣بلق.
-التوحيد عند التجاين :ىو شعور الشخص أنو ىو هللا كأف ينسى جسمية نفسو ،فقد نقل
حرازـ عن التجاين أف التوحيد ىو " توحيده لنفسو بنفسو عن نفسو ".624
-كلمات غامضة كثَتة للصوفية :مثل التجلي األكؿ كىو هللا ،كالتجلي الثاين ىو ظهور دمحم قبل
ا٣بلق ،كالتجلي األخّب :ىو ظهور آدـ.625
-نزول الوحي على الويل :كذلك يكوف بواسطة ا٢بقيقة احملمدية كما ذكر ذلك علي حرازـ ،
كلذلك نص التجاين فيما نقل عنو حرازـ أنو لوال علماء الظاىر ألتى األكلياء ٗبا أتت بو
األنبياء.626
-اعتبارىم أن التوحيد إحلادا :كقد أقر التجاين قوؿ ابن عريب من كحد فقد أ٢بد ،أم من كحد
بتوحيد العامة ،كما نص على ذلك .
-أن اجلنة ال قيمة ذلا يف نظر الصويف :حيث نقل حرازـ عن التجاين أف أىل التجلي األكرب "
الحظ ٥بم ُب ا١بنة فهم عنده تعاذل مقيدكف ُب حضرة قربو " 627كالبديل عندىم ىو النظر إذل
ا٤بشايخ حيث نص التجاين أف " ا١بلوس بْب يدم كرل أفضل من عبادة ألف سنة". 628
-كيفية خلق الكون عند الصوفية بواسطة روح سيدان دمحم :حيث ذكركا أف أكؿ موجود أكجده
هللا ىو ركح سينا دمحم ٍب خلق نسل أركاح العادل من ركحو كمنو خلقت األجساـ النورانية
كا٤ببلئكة كغّبىم ككذلك ا١بنة كىي النسبة األكذل من ركحو.
-التثليث الصويف وىو الشيخ وهللا والرسول – كما نص على ذلك الفوٌب. -
-أف أقطاب التصوؼ ٥بم القدرة على استنباط الواجبات كا٤بندكابت كاحملرمات كا٤بكركىات ،
كىذه نظّب االحكاـ الظاىرة . 636
-حجرىم على أتباعهم كهنيهم ٦بالستهم لغّبىم من ا٤بشايخ .
-أن عدم طاعة الويل تستلزم العقوبة كقد ذكركا قصصا كثّبة ُب ذلك .
-الوالد ادلعنوي ىو الشيخ عند التجانية كىو أرفع كأكذل ابلرب كالتوقّب من الوالد ا٢بسي كما
ذكر ذلك الفوٌب.637
-أن جزاء ادلشايخ ال يبلغو احد كلو كقف ا٤بريدكف على ا١بمر بْب يدم أشياخهم مذ خلق هللا
الدنيا إذل انقضائها.638
-أن ذكر هللا يسقط عند الصوفية :إذا صار ا٢بق مشهوده كذلك بعد كثرة الذكر حٌب ٰبصل
لو ا٢بضور ٍب يكثر الذكر مع ا٢بضور فيصبح ا٢بق مشهوده .
كُب ىذه ا٢باؿ ينمحي الذاكر كالذكر كيصرب حالو لو نطق فإنو سيقوؿ " :أان هللا ال إال أان
كحدم" الستهبلكو ُب ٕبار التوحيد كُب ىذا ا٢باؿ ا٤بعكوس يقوؿ أحدىم :
كتنطمس السرائر كالقلوب بذكر هللا تزداد الذنوب
639
كمشس الذات ليس ٥با غركب فَبؾ الذكر أفضل كل شيء
-مستند الصوفية يف وجدىم ورقصهم على بعض األفعال من الصحابة كفعل جعفر بن أيب
طالب حْب رقص ،كذكر الفوٌب أف ىذه القصة (أصل ُب ا١بملة ُب رقص الصوفية
640
ككجدىم)
أما لنفسو فقد زعم مزاعم كثّبة على لسانو منها قولو :أخربين سيدج الوجود أبين أان القطب ا٤بكتوـ ،
ككذلك قولو ال يشرب كرل كال يسقى إال من ٕبران ،ككقولو كذلك أف هللا ينادم أىل احملشر أف التجاين
إمامكم ،كمنهاة أف قرنو أفضل القركف سول القركف الثبلثة كمنا أف رجليو على رقبة كل كرل من لدف
آدـ إذل النفخ ُب الصور.643
كىي كثّبة جدا نقلها خليفتو الفوٌب منها أهنم ٱبفف عليهم سكرات ا٤بوت كال يركف ُب قبورىم إال
ما يسرىم ،كأف هللا يغفر كل ذنوهبم ،كأف هللا يظلهم بعرشو ،كأهنم يسقوف من ا٢بوض ا٤بوركد،
كيدخلوف ا١بنة بغّب حساب ،كأف أذيتهم تعترب أذية لرسوؿ هللا ،كأهنم ٲبركف كطرفة العْب على
كلذلك يتساءؿ الفوٌب بقوؿ " :ما الفائدة من االلتجاء إذل علم الشريعة أم علم الظاىر مع أف علم
العلم الباطِب أفضل؟ ٍب ٯبيب مبينا أنو " كسيلة إذل ا٤بقصود ابلذات الذم ىو علم ا٢بقيقة" .645
ادلبحث السابع:
اخللوات الصوفية
أكرد الفوٌب ُب رماحو ا٤بعوجة إيضاحات لكثّب من خلوات الصوفية كالٍب ساٮبت ُب تقهقر األمة
نكتفي بذكر أبرز ذلك فيما يلي:
يستدلوف ٗبا كرد ُب البخارم عن عائشة اهنع هللا يضر قالت " :أكؿ ما بدئ برسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص من الوحي الرؤاي
الصا٢بة ُب النوـ ،فكاف ال يرل رؤاي إال جاءت مثل فلق الصبح ٍب حبب إليو ا٣ببلء فكاف ٱبلو
646
بغار حراء فيتحنث فيو ،كىو التعبد "..
يقوؿ الفوٌب " :فهذا ا٢بديث ا٤بنبئ عن بدء رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص ىو األصل ُب إثبات ا٤بشائخ للخلوة
"647
أف ىذا ا٢بديث بينو كبْب خلوات الصوفية فراؽ ال لقاء معو ،فهو هتيئة هللا لو ٢بمل أ-
األمانة العظمى .
أهنا كانت قبل أف يؤمر بتبليغ الناس ابإلسبلـ. ب-
ذكر الفوٌب أف أكثرىا ال حد لو ،لكن السنة بزعمو تشّب إذل أربعْب يوما كمواعدة موسى.
ذكر الفوٌب ستة كعرين شرطا لصحة ا٣بلوة ،كىي ُب حقيقتها خليط من الوثنيات السابقة على اإلسبلـ
نذكر منها ما يلي:
إذل غّب ذلك من الشركط الٍب لفقها علماء التصوؼ مثل علي حرازـ كالسهركردم كالشيخ ٪بم الدين
البكرم كغّبىم من عتاة التصوؼ ،كالٍب استمدكىا من مبادئ خارجة عن اإلسبلـ كإال فأين مستندىم
من القرءاف كالسنة على تلك الرىبنة ،إهنا جناية على العقل كالدين أٲبا جناية .
أبرزىا ما يلي:
238
خلوة األربعْب يوما كقد تقدـ ذكرىا. -1
خلوة فاٙبة الكتاب كىي تكوف بعد صياـ أربعْب يوما مع ٘بنب أكل ا٢بيواف كما ٱبرج -2
منو ،إذل غّب ذلك من التشابو مع الوثنيات.
خلوة البسملة كمدهتا تسعة عشر يوما. -3
خلوة الفاٙبة كىي أف يبلزـ قراءهتا أربعْب يوما ُب ا٣بلوة. -4
خلوة الياقوتة الفريدة كمدهتا عشركف يوما تتلى كل يوـ ُب ا٣بلوة ألفي مرة.648 -5
خامسا :تثبيط الصوفية ألتباعهم عن اجلهاد يف سبيل هللا وتسميتو ابجلهاد األصغر:
كيسموف ٦باىدة النفس ُب ا٣بلوات كغّبىا اب١بهاد األكرب ،كقد علل الفوٌب لذلك بتعليبلت كثّبة من
أبرزىا :أف جهاد النفس فرض عْب كأهنا أعدل األعداء لصاحبها كألف ضرر الكفار مقصور ُب الدنيا
ٖببلؼ النفس ،إذل غّبىا من التعليبلت.
كلكن من الواضح أف كل تعليبلتو الٍب ذكرىا تردىا نصوص الكتاب كالسنة كما ُب سورة براءة
كاألحاديث من السنة الٍب تبْب فضل ا١بهاد ُب سبيل هللا كٛبِب الشهيد الرجوع ُب الدنيا ليقتل مرة أخرل
٤با رأل من النعيم ٍب إف جهاد الكفار ىو أعلى جهاد للنفس كأشرؼ جهاد ٥با ،كإال فكيف ترخص
النفس ُب سبيل هللا.
كلو اف ا٤بسلمْب أطاعو الصوفية كجلسوا ُب الزكااي كتركو القتاؿ النتهكت أعراض ا٤بسلمْب كأخذت
أموا٥بم كقتلوا على أيدم أعدائهم. 649
ادلبحث الثامن:
أخرجت ٝباعة الصوفية ُب مدينة ألورف ُب نيجّباي كتااب ا٠بو رفع الشبهات عما ُب االقبلدرية كالتحجانية
من الشطحات" كقد قاـ بَبتيبو كل من ا٢باج دمحم إبراىيم القادرم كا٢باج علي أبو بكر التجاين ،كقد
دافعا فيو عن التجانية بكل كسيلة كأكلوا كثّبا من األدلة على غّب معانيها الصحيحة.
من أبرزىا أهنم أكجبوا عدة أمور لقراءة صبلة الفاتح ،كإٯباهبم للوضوء لقراءهتا ككصفهم النيب ابألسقم
كأنو ٧باط ابلنور ا٤بطلسم كأنو ٰبضر بنفسو عن قراءة جوىرة الكماؿ كغّبىا من األمور الباطلة،
كالكلمات النابية الٍب دل ترد ُب الشرع كدعاكل ال تستند إذل أدلة شرعية كإ٭با ىي ٧بض ىول.650
ادلبحث التاسع:
تعددت طرؽ الصوفية كمسالكهم ا٣باصة ُب التربيية حسب منهجهم نوجزىا فيمبل يلي:
أف ٱبتار ا٤بريد أك ا٤بريدين شيخا ٥بم يسلك هبم رايضة خاصة للوصوؿ إذل معرفة هللا. أ-
أف يتبٌع الشيخ اتباعا مطلقا حٌب كإف كاف ُب ٙبليل ا٢براـ أك العكس. ب-
أف يردد ما يردده شيخو من األذكار. ت-
أف يكوف بْب يدم الشيخ كا٤بيت بْب يدم ا٤بغسل يقلبو كيف شاء. ث-
أف يعتقد أف ٝبيع ما يفعلو الشيخ ىو الصواب كإف رآه يشرب ا٣بمر أك يزين ،ألنو إ٭با ج-
يفعل ذلك بركحو ال بصورتو البشرية.
أف ٯبتاز ا٣بلوة ا٤بفركضة. ح-
أف يتصور صورة الشيخ ماثلة أمامو ُب كل حْب ،كأف يعلم أف الشيخ يعلم ما دؽ كخفي خ-
من شؤكنو.
أال يغّب شيخو بشيخ آخر. د-
أال يزكر أكلياء آخرين ماداـ ُب أكؿ امره. ذ-
أف ٲبشي ُب الطريقة منزلة منزلة حٌب يصل إذل القطبانية. ر-
650كىذا الكتاب يتكوف من 32صفحة مع مقدمة آدـ عبد هللا االلورم التجاين القادرم مدير ا٤بركز العريب ُب
نيجراي.
240
أال ٱبالط ا٤بقصرين كالبطالْب. ز-
أال يظن ٗبالو لو طلبو الشيخ. س-
أف يرضى ابلذؿ الدائم كحرماف النصيب كا١بوع الدائم كا٣بموؿ كذـ الناس لو ،قاذل ش-
ا١بيبلين " :فمن دل يرض هبذا كيوطن نفسو عليو فبل يكاد أف يفتح عليو كٯبيء منو
651
شيء"
أكؿ ا٤بنازؿ ُب الطريق الصوفية يسمى فيها الداخل مريد ،أم يريد السّب ُب الطريقة كتؤخذ عليو العهود
السابقة ،كيسمى بعد توجهو كإرادتو ا٤بذىب سالكا ،كبعد مواظبتو كسلوكو على األكراد الٍب يلقنها إايه
الشيخ ينتقل إذل مرتبة العبودية ،652كفيها يكثر التضرع كاإل٢باح إذل هللا.
ٍب ينتقل بعد ذلك إذل مقاـ العناية اإل٥بية كينتقل بقلبو إذل العشق هلل ،كفيها يكثر الرايضة كالعزلة كالندـ
كاألكراد الٍب توصلو إذل ربو حٌب يتملكو مقاـ يسمى مقاـ "الوجد 653كا٥بياـ" كىو أ٠بى من مقاـ العشق
كفيو تتوارد على قلب السالك النفحات الرابنية.
ٍب يَبقى السالك إذل مقاـ يسمى مقاـ ا٢بقيقة كيعرفها ا٤بنوُب أبهنا مشاىدة الربوبية ، 654كىي ُب
حقيقتها كصوؿ إذل أعماؽ الوثنية .
ٍب ييظل يرتقي إذل أف ٰبقق ثبلث منازؿ كىي الفناء كاللقاء كالبقاء ، 655كالفناء ىو أف يفُب العبد عن
كل شيء ُب هللا تعاذل ،كيصّب كما قاؿ ا٢ببلج " :ما ُب ا١ببة إال هللا" ،فالوجود عنده كلو ٲبثل هللا ،
كخصوصا النساء فإنو ٲبثل فيهم بصورة أكمل.
كأما اللقاء كالبقاء :فيقصدكف بو أف العبد من خبلؿ تلك ا٤بنازؿ تتجلى عظمة ا٣بالق على قلب السالك
فبل يرل أمامو إال هللا ،كٛبحى آاثر ا٤بوجودات من أماـ عينيو.
651ذكر ا١بيبلين ُب ابب ما ٯبب على ا٤ببتدمء ُب ىذه الطريقة أكال إذل آخر ص ، 169حيث ذكر اآلاداب الٍب
٘بب على ا٤بريد كاآلداب الٍب ٘بب على الشيخ.
652عرفها ا٤بنوُب بقولو":العبادة غاية التذلل للعامة ،كالعبودية صدؽ القصد للخاصة" ٝبهرة األكلياء 306/1
653يقوؿ ا٤بنوُب :الوجود :كجداف ا٢بق بذاتو ،ك٥بذا تسمى حضرة ا١بمع حضرة الوجود" ٝبهرة األكلياء 312/1
ٝ 654بهرة األكلياء302/1
655عرفو ا٤بنوُب أبنو قياـ األكصاؼ احملمودة ابهلل" ٝبهرة األكلياء 301/1
241
كقد فصل ُب تلك ا٤بقامات زعماء الصوفية كالسهركردم ُب كتابو عوارؼ ا٤بعارؼ كا٤بنوُب ُب ٝبهرة
األكلياء كغّبٮبا. 656
كقد أكصل منوُب الدرجات إذل سبعْب درجة يكاشف العبد ُب آخرىا إذا ترقى فيها مقاما مقاما 657كال
طائل من سردىا ىنا.
غّب أنو يقاؿ :إهنا أفكار دل تسَبشد اب الكتاب كال السنة كال أقواؿ علماء األمة أصحاب العقوؿ النّبة
الذين أعرضو عن تكلف ما ليس ٥بم بو علم من األمور الغيبية الٍب ال يصح ا٢بكم فيها إال هلل كلرسولو
ملسو هيلع هللا ىلص .
ادلبحث العاشر:
أصول الصوفية
يزعم ا٤بتصوفة كغّبىم أف ما ىم عليو من خرافات كأفكار ىو انبع من ٛبسكهم ابلكتاب كالسنة ،إذ
دعول التمسك ابلكتاب كالسنة سهلة لكن التطبيق يص ٌدؽ ذلك أك يكذبو.
يقوؿ ٧بمود أبو الفيض ا٤بنوُب كىو من أعبلمهم " :كالتصوؼ اإلسبلمي نبعو القرآف أكال كسنة الرسوؿ
اثنيا كالفقو ُب الدين فركعا كأصوال اثلثا"..
كىناؾ مستند اثف ٥بم بزعمهم كىو مشاىدة ا٤ببلئكة كأركاح األنبياء ،يقوؿ الغزارل فيما نقل عنو ا٤بنوُب:
" حٌب إهنم ُب يقظتهم يشاىدكف ا٤ببلئكة كأركاح األنبياء كيسمعوف منهم أصواات كيقتبسوف منهم فوائد".
كىذا الكبلـ بْب البطبلف إذا لو صح ذلك لكاف ىذا من تبلعب الشياطْب هبم .
كمن مستنداهتم أيضا ىو علم الباطن الذم أفضى بو الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص إذل علي بن أيب طالب – بزعمهم -
كعلي أفضى بو إذل األئمة ا٤بذكورين ُب كتبهم ،كىو علم ا٢بقيقة.
كالواقع أف اتصفوية جانبوا الصواب ،فبل يوجد ُب القرآف كالسنة نص كاح يدؿ على شرعية غلو التصوؼ
كشطحاهتم كترنيمتاىخم ككرقصاهتم كليس ُب علوـ الفقو اإلسبلمي كأصولو شيء من ىذا القبيل ،كىم دل
يذكركا أصبل أدلة من القرآف تؤيد دعاكاىم
656انظرٝ :بهرة األكلياء ُ 190/1ب عنواف " ا٤بقامات كاألحواؿ" كانظر :عوارؼ ا٤بعارؼ ص 338-330انظر:
ٝبهرة األكلياء ُ 190/1ب عنواف " ا٤بقامات كاألحواؿ" كانظر :عوارؼ ا٤بعارؼ ص 338-330
ٝ 657بهرة األكلياء 147/1
242
ادلبحث احلادي عشر:
هللا عز كجل ىو الواحد األحد الفرد الصمد خلق ا٤بخلوقات كأكجدىا كأمر الثقلْب أبكامر كهناىم عن
نواىي ،اتصف بصفات عليا كأ٠باء حسُب ليس كمثلو شيء كىو السميع البصّب مباين ٣بلقو قريب
منهم إبحاطتو كعلمو ،كأمران أف نصفو ٗبا كصف بو نفسو أك كصفو بو رسولو غّب معطلْب كال مكيفْب
كال ٧برفْب .
أما الصوفية فيعتقدكف بوجود معبود ال حقيقة لو قائمة بذاتو ،معبود دل يرد ُب الشرع ،كدل يدؿ عليو
العقل ،كىو يظهر ُب صورة العابد الذم كصل إذل مرتبة النيابة عن هللا ُب تصريف أمور الكوف كالتحكم
فيو الرتفاع اإلنية بينو كبْب هللا ،كهللا ُب منظورىم يظهر أحياان ُب صورة شاب كأحياان ُب صورة اآلكل
كالشارب كغّب ذلك من الصور.658
احللول: -2
ىو من لوازـ الصوفية الغبلة كمن ا٤ببادئ األساسية عندىم ،كيعرفونو بعدة أقواؿ ،فمنهم من قاؿ :ىو
اٙباد جسمْب ٕبيث تكوف اإلشارة إذل أحدٮبا إشارة إذل اآلخر كحلوؿ ماء الورد ُب الورد.
كمنهم من قاؿ :ىو اختصاص شيء بشيء ٕبيث اإلشارة إذل أحدٮبا ىي عْب اإلشارة إذل اآلخر.
كاستعمل لفظ ا٢بلوؿ بعض الصوفية ليشّبكا بو إذل الصلة بْب الرب كالعبد أك البلىوت كالناسوت ٗبعُب
اف هللا ٰبل ُب األجساد ا٣باصة ،كىذا مبدأ نصراين كأكؿ من أعلنو من الصوفية ىو ا٢ببلج .
كمنهم من قاؿ اب٢بلوؿ ا٣باص ،أم اف هللا ٰبل ُب خصوص بعض األجساد ،كمنهم من قاؿ اب٢بلوؿ
العاـ أم أف هللا ٰبل ُب كل مكاف .
كمن أبرز من يقوؿ اب٢بوؿ العاـ من الصوفية أبو يزيد البسطامي حْب يتحدث عن رفع هللا لو كأقامو بْب
يديو فكاف ٩با قالو " :زيِب بوحدانيتك ..حٌب إذا رآين خلقك قالوا رأيناؾ"..
658انظر :عوارؼ ا٤بعارؼ ص 353كالفتوحات ا٤بكية 498/3ككتاب ابن عريب الصوُب ص 270نقبل عن العلم
الشامخ ص 550
243
كليس ىذا فقط بل ٱبتلط عليهم ا٢بابل ابلنابل فيصبح عْب ا٤بخلوقات ىو عْب ا٣بالق تعاذل يقوؿ
البسطامي :
كمن ىنا نشأ عند بن الفارض الفوضى الفكرية ُب تداخل ٝبيع األدايف حقها كابطلها حٌب صارت كلها
شكبل كاحدا ،ككلها على حق كاليهودية كالنصرانية كاجملوسية كالوثنية كاإلسبلـ كىذا يتضح جليا ُب
اتئيتو ا٤بشهورة الٍب منها قولو :
كما جاء ُب األخبار ُب ألف حجة كإف عبد النار اجملوس كما انطفت
فما عبدكا غّبم كإف كاف قصدىم سوام كإف دل يعقدكا عقد نيٍب
660
انرا فضلوا ُب ا٥بدل ابألشعة رأكا ضوء انرم مرة فتوٮبوه
كيرل ابن عريب أف النساء أعظم الشهود كأكملو كلذا أكجب هللا الغسل من ا١بنابة لكمل شهود ا٢بق
فيهن. 661
كمن ىذا ا٤بفهوـ الباطل ٘برأ على رسوؿ هللا ملسو هيلع هللا ىلص كأساء األدب ُب حقو كأنو ٲبيل إذل النساء لكماؿ
شهود ا٢بق فيهن ،كىذا دليل على جهلو ٕبق الرسوؿ كتعظيمو لربو كخشيتو كإانبتو كخوفو كرغبتو كرىبتو
لربو تعاذل .
كقد قرر زعماء االابحية كالزندقة كابن عريب كابن الفارض أف هللا يتجلى ُب كل صورة حسنة ُب صورة
الرجل كا٤برأة فيكوف فاعبل منفعبل 662تعاذل هللا عن قو٥بم.
الفريق األكؿ :يرل أف هللا تعاذل ركحا كأف العادل جسما لذلك الركح فإذا ٠با االنساف التصق ابلركح أم
ابهلل.
الفريق الثاين :يزعموف أف ٝبيع ا٤بوجودات ال حقيقة لوجودىا غّب كجود هللا ،فكل شيء ُب زعمهم ىو
هللا٘ ،بلى فيو .663
تعقيب:
إف اإلسبلـ برمء من ىذه األفكار ا٤بنحرفة ا٣برافية فاهلل تعاذل {ىو األكؿ كاآلخر كالظاىر كالباطن كىو
بكل شيء عليم}
كمنشأ الغلط عندىم ىو اعتقادىم أبف هللا ىو أصل الوجود ىو هللا فكأف ا٤بوجودات ُب حكم العدـ،
كالوجود ا٢بقيقي ىو هللا ٘بلى ُب أفعالو ك٨بلوقاتو ،كابلتارل فالعقائد كلها عندىم صحيحة .
ك٥بذا اىتم ا٤بستشرقوف بدراسة التصوؼ ٤با رأكا فيو ا٤ببلذ اآلمن لنشر الفرقة بْب ا٤بسلمْب كنشر اإل٢باد
كإنكار النبوات كنبذ التكاليف الشرعية كالدعوة إذل القوؿ بوحدة األدايف.
كحكم القوؿ اب٢بلوؿ أك االٙباد أك كحدة الوجود كفر كارتداد ،يقوؿ شيخ االسبلـ ابن تيمية " :إف كفر
ىؤالء أعظم من كفر اليهود كالنصارل كمشركي العرب"
ابن عريب :حيث صحح األدايف كلها حْب يقوؿ : أ-
كلو ُب كتابو فصوص ا٢بكم ككتابو الفتوحات ا٤بكية كثّب من األقواؿ ُب كحدة الوجود كنفي الفرؽ
بْب ا٣بالق كا٤بخلوؽ.
663انظر :الصوفية معتقدا كمسلكا ص 207-206نقبل عن التصوؽ اإلسبلمي كاإلماـ الشعراين لؤلستاذ طو عبد
الباقي سركر 89/1
245
كمنهم ابن الفارض كقد مؤل اتئيتو الشهّبة بذلك كأف هللا متحد اب٤بوجودات كأنو ىو نفسو ب-
٩بثل عن هللا ُب صفاتو كأفعالو ،يقوؿ عن معُب سجود ا٤ببلئكة آلدـ:
كمنهم ا١بيلي صاحب كتاب " اإلنساف الكامل" كقد أطاؿ الشعراين ُب ترٝبتو كقد ذكر ت-
من أقوالو الباطلة الشي الكثّب ُب نفي الفرؽ بْب ا٤بخلوقات كا٣بالق ،665كىو صاحب
قصيدة طويلة ملئها ابلندقة كالقوؿ بعد الفرؽ بْب ا٣بالق كا٤بخلوؽ منها قولو:
رل ا٤بلك كا٤بلكوت نسجي كصنعٍب ،،،رل الغيب كا١بربكت مِب منشاه.666
كمنهم أبو حامد الغزارل ،كإف كاف قد خفي أمره على معظم الناس كقد أتثر بو الناس أتثرا ث-
كبّب ألنو كاف يدارم أصحاب كل طائفة ٗبا يعتقدكنو – كما ذكر ذلك الشيخ عبد
الرٞبن الوكيل. -
كنذكر مثاال على ذلك من أقوالو ،كذلك قولو ُب ذكر مراتب التوحيد ُب كتابو إحياء علوـ الدين
حيث ذكر توحيد العواـ ٍب مقاـ ا٤بقربْب ٍب ذكر الثالثة كىي األعلى فقاؿ " :أالٌ يرل ُب الوجود إال
667
كاحدا كىي مشاىدة الصديقْب كتسميو الصوفية الفناء ُب التوحيد"..
كمنهم عامر بن عامر أبو الفضل عز الدين حيث حاكى اتئية ابن الفارض فيقوؿ ُب ج-
مقدمة قصيدتو :
نظرت فلم أبصر سول ٧بض كحدة ...بغّب شريك قد تغطت بكثرة
664
الغر على ىامش شرح الديواف 89/2نقبل عن ىذه ىي الصوفية ص 33
انظر :كشف الوجوه ٌ
665انظر :طبقات الشعراين ص 132-126
666انظر :اإلنساف الكامل ص 23-22نقبل عن ىذه ىي الصوفية ص 42
667إحياء علوـ الدين246-245/4
246
كمن أكلئك أيضا ٝبلة كبّبة من الذين سلكوا ىذا ا٤بسلك ذكرىم الشيخ عبد الرٞبن ذ-
الوكيل ُب كتابو منهم دمحم ابن إسحاؽ ا٤بشهور ابلقونوم 668كعبد الغِب بن ا٠باعيل
671
ا٤بشهور ابلنابلسي 669كعبد السبلـ بن بشيش الشاذرل 670كدمحم الدمرداش احملمدم
كأٞبد بن عجيبة االدريسي 672كحسن رضواف 673كغّبىم.
وحدة الشهود :وتسمى الفناء أيضا: -4
كىو بدأ األمر ُب مطالعة ا٢بقائق من كراء سَب رقيق ،كيَبقى ُب ىذه ا٤برحلة إذل أف يصل إذل درجة
ا٢بلوؿ كاالٙباد. 674
يقوؿ حرازـ ُب كصف ذلك ا٤بقاـ ":إذل أف ينتقل إذل ا٤بشاىدة كىي االستهبلؾ ُب التوحيد كغاية
ا٤بشاىدة ينمحق الغّب كالغّبية فليس إال ا٢بق اب٢بق للحق عن ا٢بق فبل علم كال رسم كال عقل كال كىم
675
كال خياؿ كال كيفية كال كمية كال نسبة انتفت الغّبية كلها"
أكال :يرل بعض العلماء أف ىناؾ فرقا كبّبا بينهما فوحدة الوجود ىي االعتقاد اب٢بلوؿ كاالٙباد ،بينما
كحدة الشهود ىي مراقبة هللا تعاذل ٕبيث يعبده كأنو يراه .
اثنيا :يرل بعض العلماء أف كحدة الشهود ىي الدرجة األكذل إذل كحدة الوجود .
كُب الواقع أف التفريق بينهما ليس لو أساس اثبت كال دليل عليو إال الذكؽ الصوُب ،كدل ينطق هبذه
ا٤بصطلحات خّب البشر كال استعملها ُب كبلمو ملسو هيلع هللا ىلص .
٥بم كثّب من االعتقادات الباطلة ُب الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص كذلك كما يلي:
يعتقدكف أف هللا كاف ُب السماء جدكف تعيْب .فأراد أف يتعْب ،فتعْب ُب صورة دمحم ،أم أف أ-
دمحما ىو هللا ذاات كصفة ،كقد قرر لك الكشخانلي كدمحم الدرماس كا١بيلي كالبيطار
كالقاشاين كالفوٌب كحرازـ كالشعراين.677
أف الذم ىاجر من مكة إذل ا٤بدينة ىو هللا متجليا ُب صورة دمحم كما نص على ابن ب-
عريب.678
أف الرسوؿ ٰبضر كل ٦بلس يريده ٔبسده كركحو ،كلو التصرؼ كيف يشاء ُب أقطار ت-
األرض.679
أف كل ا٤بوجودات كجدت من نور دمحم ٍب تفرقت ُب الكوف ، 680كقد قرر ذلك الفوٌب ث-
ككغّبه ،يقوؿ ابن عطاء هللا السكندرم ٝ " :بيع األنبياء خلقوا من الرٞبة كنبينا عْب
الرٞبة". 681
يعتقد ابن عريب أف الرسوؿ كاف يعرؼ القرآف قبل نزكلو بل إنو ىو الذم علم جربيل ٍب ج-
يوحيو إذل دمحم اثنية.682
كال ٱبفى أف ىذه األكاذيب كا٤بزاعم منزه عنها نبينا دمحم ملسو هيلع هللا ىلص كأنو عبد رسوؿ كسائر األنبياء اصطفاه هللا
ألداء الرسالة كٞبل األمانة .
تطلق كلمة كالية ُب اللغة العرية على عدة معاف ،منها التابع كاحملب كالصديق كالناصر.684
أما معناىا عند الصوفية فهي تنتهي أخّبا ُب مصب كحدة الوجود.
كقد عرفها الصوفية بعدة تعريفات نذكر بعضا منها فيما يلي:
تعريف ا٤بنوُب :ىي تورل ا٢بق سبحانو كتعاذل عبده بظهور أ٠بائو كصفاتو عليو علما ككعينا كحاال
كأثرا كلذة كتصرفا.
تعريف ا١برجاين :ىو العارؼ ابهلل كصفاتو ٕبسب ما ٲبكن ا٤بواضب على الطاعات ا٤بتجنب
للمعاصي ا٤بعرض عن اللذات كالشهوات.
كلو تعرؼ اثين كىو :قياـ العبد اب٢بق عند الفناء عن نفسو. 685
تعريف السهركردم :ىم الذين صلحوا ٢بضرتو بتحقيق الفناء عن خليقتو. 686
أما الوالية ُب القرآف الكرًن فقد كردت مرادا بو ا٤بدح كأحياان مرادا هبا الذـ كذلك حسب اطبلقها ،ألف
صاحبها إما اف يكوف كليا هلل أك كليا للشيطاف كبينهما من البعد ما ال ٱبفى على مسلم .
أما الصوفية فقد أخرجوىا عن حقيقتها كأطلقوىا على الرجل ا٤بتصوؼ أك من ينسب إذل آؿ البيت ٍب
ألبسوىا كبار أئمتهم ٍب أخرجوىا ُب مذاىب ا٢بلوؿ كاالٙباد ٍب أطلقوىا على العلم اللدين الذم أخذه
قسم الصوفية الوالية إذل أقساـ كثّبة ،688كنذكر ىنا تقسيم ا٤بنوُب حيث قسمهم إذل ما يلي:
ا٤ببلمتية :كىم الذين ال يظهركف للخلق أعماال كأسرارا بل ٱبفوف أسرارىم لكماؿ ذكقهم أ-
كقوة شهودىم لرهبم .
الغوث األكرب :ىو ذات ا٢بق ابعتبار ٘بريدىا من االسم كالصفة . ب-
األكاتد األربعة :كىم حفظة العادل كل كاح منهم ُب ركن من أركا العادل كىم أقل رتبة من ت-
األبداؿ.
األقطاب السبعة٢ :بفظ القارات السبعة كالقطب الواحد ىو موضع نظر هللا من العادل ُب ث-
كل زماف ،كالقطبانية الكربل ىي مرتبة قطب األقطاب كىو ابطن النبوة للرسوؿ.
النجباء :كىم األربعوف القائموف إبصبلح شؤكف السالكنب. ج-
األفراد :ىم ا٤بفردكف الغرابء ،لتفردىم عن ا٣بلق بشهود ا٢بق كغربتهم من أىل زماهنم غّب ح-
منحصرين ُب رتبة معينة ك٥بم كشف خاص كعلوـ إليهة غريبة على الناس.689
أخّبا كصلوا ابلوالية إذل رتبة النبوة ،فلها ختم كما للنبوة فختم األنبياء ىو دمحم كخاًب خ-
األكلياء ٦بموعة من الكذابْب حيث أكؿ من ادعاىا ا٢بكيم الَبمذم كا٠بو دمحم بن علي بن
ا٢بسْب ُب آخر القرف الثالث ا٥بجرم.
ٍب دعاىا ابن عريب ُب سنة 638ىػ ٍب ادعاىا دمحم عثماف ا٤بّبغِب السوداين ا٤بتوَب سنة
1268ىػ ٍب ادعاىا أٞبد التجاين ُب فاس ابلغرب سنة 1230ىػ ككل كاحد ادعى
كرامات كغّبىا لتثبيت دعول ختم الوالية بو .
كقد مؤل ا١بيلي كتابو اإلنساف الكامل بكثّب من ا٣برافات الٍب ٲبجها السمع كينفر عنها الذكؽ ،
كقد كانت دعول الكشف ىي ا٤بقدمة األكذل ُب نظرم إذل االدعاء بوحدة الوجود كا٢بلوؿ ،
فالكشف مبالغة فاحشة ،كلكنها مهدت ٤با ىو أفحش كىو ادعاء االتصاؼ ابهلل كاألخذ منو.
الشطحات الصوفية
كصل الصوفية ُب شطحاهتم إذل حد ال يقدـ عليو إال من تزندؽ كأ٢بد كخرج عن الدين ،فلما رأكا
ذلك أرادكا أف ٱبرجوا أنفسهم من تلك ا٤بوارد الوخيمة فلم ٯبدكا منها ٨برجا فادعوا أهنم إ٭با قالوا
تلك الكلمات الكفرية ُب حاؿ سكرىم ابهلل كغيبوبة عقو٥بم عن اإلحساس إال ابهلل .
كىذا العذر من أقبح األعذار كأ٠بجها ،فهل ىم أحب هلل من األنبياء كمن أتباعهم ا٣بلص ،كدل
يعثر على أحد منهم أف تلفظ ٗبا تلفظ بو ىؤالء الذين امتؤلت نفوسهم زندقة كحقدا على اإلسبلـ
.
قاؿ أبو يزيد البسطامي كا٠بو طيفور بن عيسى " :سبحاين سبحاين" كقاؿ مرة " :ضربن أ-
خيمٍب إبزاء العرش " كقاؿ ٱباطب هللا " :قد مكنت رل مرآة فصرت أان ا٤برآة " كقاؿ" :
ألف تراين مرة خّب لك من أف ترل ربك ألف مرة " كقاؿ " :ما ا١بنة.؟ لعبة صبياف"
قاؿ الشبلي ":لو التفت سرم إذل العرش كالكرسي الحَبؽ" كقاؿ " :لو خطر ببارل أف ب-
ا١بحيم ٙبرؽ مِب شعرة لكنت مشركا" كقاؿ مرة بعد أف ٠بع قارائ يقرأ{ قاؿ اخسئوا فيها
كال تتكلموف} قاؿ " :ليتِب كنت كاحدا منهم" كقاؿ " :إف هلل عبادا لو بزقوا على جهنم
ألطفئوىا "
قاؿ أبو ا٢بسن النورم بعد أف ٠بح مرة نباح كلب كمرة رغاء شاة " :لبيك كسعديك ت-
ايسيدم"
كىذه العبارات غيض من فيض ،فهناؾ اآلؼ الشطحاتُ 691ب حاؿ سكرىم ابهلل كما يزعموف،
كا٢بقيقة أهنا صادرة عن أانس يدعوف ا٢بلوؿ كاالٙباد كىم ُب كامل كعيهم كشيطنتهم ،كعندىم ٛباـ
ا١برأة على الكذب على هللا كىواهنم عليو .
691انظر لتلك الشطحات كغّبىا :كتاب شطحات الصوفية ص 32-28نقبل عن اللمع السراج ص 394-380
كعن ماسنيوف ُب ٦بموع نصوص ابتداء ص 27فما بعدىا ،كحلية األكلياء 41/1كقد نقل الدكتور عبد الرٞبن
بدكم ُب كتابو شطحات الصوفية ا١بزء األكؿ ،نقل أقواال كثّبة ُب شطحات الصوفية.
252
ادلبحث الرابع عشر:
يعتقد غبلة الصوفية أف الصبلة كالصوـ كالزكاة كا٢بج ىي عبادات العواـ ،كأما ىم فيسموف أنفسهم
ا٣باصة أك خاصة ا٣باصة .
كألجل ذلك اخَبعوا ٥بم عبادات خاصة كمناىج كطرائق خاصة كمفاىيم ٨بتلفة خصوصا بعد كصوؿ
أحدىم إذل درجة اليقْب كما يزعموف .
كىم يتفقوف فيما شرعوا ألنفسهم كٱبتلفوف إال أف كل صاحب طريقة ٯبعل على أتباعو أغبلال كحواجز
شديدة ٕبيث ال ٲبكن ألحدىم أف يغّب طريقتو كال ذكره إال إبذف الشيخ .
كأىل كحدة الوجود عندىم ال ٰبرموف شيئا فا٣بّب كالشر كا٢بسن كالقبح إ٭با ىي أفعاؿ ال فركؽ بينها
الحتواء الذات ٥با كلها ،فوقع كثّب منهم ُب الفواحش كاإل٢باد كالزان كاللواط كغّبىا ،كىم يعتقدكف ُب
ذلك كلو أف الفواحش تقع اب١بسم ال ابلركح ،كىي أجل من فعل ذلك .
كيعتقدكف كذلك أف شيخهم أيخذ مباشرة ابلتلقي عن هللا ،كلذا فليس عنده خوؼ من انر أك رغبة ُب
جنة كإ٭با يعبدكف هللا حبا كما تبجح بذلك بعض أساطينهم كالبسطامي كغّبه .
كقد قسم ا٤بنوُب مراتب الناس كقرهبم من هللا تعاذل إذل ثبلثة أقساـ كىي :
األكؿ :ىم ذك األمزجة الكثيفة كاألفهاـ الضعيفة الذين يعسر عليهم ٧باكلة التعلم من طريق التعليم،
فطريقهم يستقيم ابلقياـ ابلعبادات كالتنسك كالصبلة كالزكاة كالصوـ كا٢بج كا١بهاد كغّبىا حٌب يَبقوا
ألرفع ا٤بعارج كمواطن تنزالت ا٤بعارؼ.
الثاين :طريقة أىل ا٣بصوص من أىل األفهاـ اللوذعية كاألخبلؽ الرحبة كا٥بياكل النورانية كحا٥بم ُب
٦باىدة النزكات إذل أف ترجع فطرهتم السليمة.
الثالث :ىم ذكك النفوس الرضية كالعقوؿ الزكية كالفطرة الصديقية كطريقتهم طريقة ا٤بطلوبْب إذل هللا
كالطائرين إليو كىي طريقة احملبوبْب من رب العا٤بْب كمبلؾ السّب فيها صفاء القلب كصدؽ ا٢بب ظاىرا
كابطنا.
253
ٍب صرح أبف التصوؼ زبدة الدايانت فقاؿ " :كٗبا أف التصوؼ زبدة الدايانت كلبها كليس ٦برد تقاليد
كطقوس كقواعد ظاىرية كاف لكل داينة تصوفها".692
كىذا تصريح منو أبف التصوؼ ليس منبعو من اإلسبلـ ،بل من دايانت شٌب ،مع أنو من ا٤بعلوـ كماؿ
كمشولية اإلسبلـ.
كقد ىوف الصوفية من شأف العبادات أٲبا هتوين ،بل جعلوا الوصوؿ إذل درجات الكماؿ ليس عن طريق
العبادة ،يقوؿ أبو سليماف الداراين " :دل يبلغ األبداؿ ما بلغوا بصوـ كال صبلة كلكن ابلسخاء
693
كالشجاعة كذمهم أنفسيهم عند أنفسهم"
694
كقاؿ أيضا " :إف هللا يفتح للعارؼ على فراشو ما ال يفتح لغّبه كىو قائم يصلي"
كقد أكرد الشعراين ٝبلة كبّبة من قصص استخفاؼ األكلياء -بزعمهم – ابلعبادات كما ُب ترٝبتو
للشريف اجملذكب من أنو كاف أيكل ُب هنار رمضاف كيقوؿ" :أان معتوؽ أعتقِب ريب" ككذلك ما كاف من
بركات ا٣بياط الذم كاف ال يصلي ا١بمع كال ا١بماعات.695
كغّب ذلك من األمثلة الكثّبة الٍب تربىن على استخفاؼ ىؤالء الناس ٗبا افَبضو هللا عليهم.
األذكار الصوفية
اخَبع الصوفية أكرادا فر كىا على من سار على طريقتهم ما أنزؿ هللا هبا من سلطاف بل اشتملت على
الكفر كالزندقة كالكذب على هللا كعلى رسولو ككلمات سراينية كحركؼ مقطعة ال يعرؼ ا٤براد منها .
ككل صاحب طريقة يدعي أنو أيخذ تلك األذكار عن هللا أك عن نبيو يقظة ال مناما ُب أحياف كثّبة،
كرتبوا عليها األجور العظيمة بزعمهم .
كمدار أذكارىم على اإلثبات بزعمهم فهم يقتصركف على لفظة " هللا" بدال عن ال إلو إال هللا ،خوفا من
أف ٲبوت الشخص عند ذكر النفي ،كال ندرم كيف يقرؤكف قوؿ هللا {:فاعلم أنو ال إال هللا} كماذا
يفعل ا٤بؤذف ُب الشهادتْب كحاؿ الدخوؿ ُب اإلسبلـ ،كل ذلك ٩با يبطل كساكس الصوفية .
كمن أعاجيب أمرىم ما ذكره السكندرم ُب كصف أ٠باء هللا حيث رتب لكل اسم ذكرا خاصا بو ،
فمن ذلك مثبل اسم العفو يليق ابلعواـ كاسم الباعث يذكره أىل الغفلة كاسم الغافر لعواـ التبلميذ كاسم
ا٤بتْب يذكره أرابب ا٣بلوة كىكذا ُب كل اسم.
كفيما يلي نوجز ماذكره عبد الرٞبن الوكيل ُب بياف كيفية الذكر الصوُب كذلك كما يلي:
إذا جاء كقت ا٤بولد ٯبتمع الرجاؿ كالنساء أك الدراكيش كالدركيشات. -1
بعد األكل يصفق شيخهم الكبّب إيذاان ببدأ الذكر. -2
ٱبرج من شفتيو كمنخريو اسم هللا ملحدا ُب ا٢بركؼ كالنطق. -3
ٍب يتمايلوف ٲبنة كيسرة ُب حركات صاخبة مصحوبة ِبىات كزفرات كقبل مع إظهار -4
ا٢بماس.
كل كاحدج من ا٢باضرين يستحضر صورة شيخو أمامو إف دل يكن موجودا أك يستمد منو -5
العوف.
ينبغي لكل كاحد أف يلتزـ بطريقة الذكر كىي أف يبدأ بػ " ال" ٲبينا كيرجع بػ"إلو" فيتوسط ٍب -6
ٱبتم بػ " إال هللا " يسارا قبلة القلب ،كإذا ذكر اسم هللا مفردا فبل بد أف يضرب بذقنو على
صدره ،كٯبب أف ينتع الكلمة من سرتو إذل قلبو ُب حركات هبلوانية.
ال يبدأ ا٤بريد بدعاء أم اسم هلل إال إذا ٠بح لو الشيخ بذلك. -7
كمدار أدعيتهم ٙبوـ حوؿ الدعاء ابالٙباد ابللح كا٢بلوؿ كالتعدم ُب الدعاء فمن أمثلة ذلك قوؿ أيب
ا٢بسن الشاذرل " :اي عزيز اي رحيم ..أسقط البْب بيِب كبينك "..كقوؿ القطب أٞبد ا٤برسي " :اللهم
اىدين لنورؾ ...كىب رل علما يوافق علمك ...كارفع ا٢بجاب فيما بيِب كبينك".698
ككذلك مثاال التعدم ُب الدعاء قوؿ السكندرم ":كاتهلل لئن دل ترعِب بعينك كٙبفظِب بقدرتك ألىلكن
699
نفسي كألىلكن أمة من خلقك "..
كمثل األدعية الغّب معقولة كال مفهومة من أدعية الطريقة الشاذلية كىو " :سقفاطيس سقاطيم آموف
قاؼ آدـ حم ىأ آمْب كدكد كردد ده هبا هبيا هبيا هبيهات ٤بقفنجل اي أرض خذيهم ". 700
نعم اي أرض خذيهم إهنم مأساة حقيقة حْب استبدلوا األدعية ا٤بأثورة الكثّبة الٍب كردت عن نبينا صلى
هللا عليو كسلم كسبحاف هللا كا٢بمد هلل كال إلو إال هللا هبذه األدعية الٍب تقشعر منها األبداف كتشمئز منها
النفوس.
للغراـ كالرقص كالتمايل عند الصوفية مكانة اثبتة بل صار ىذا من أقول الشبكات الٍب يصطادكف هبا من
قلت معرفتهم ابلدين ا٢بنيف.
فعند الصوفية ُب أكقاهتم ا٣باصة ٦بالس ٯبتمعوف فيها رجاال كنساء على الرقص كالتصفيق كالصياح
أبصوات منكرة ٲبزقوف فيها ثياهبم كيتمايلوف ُب طرهبم ُب حركات ال يفهم منها أم إشارة إذل ا٣بوؼ من
النار أك الرغبة ُب ا١بنة.
697انظر :ما كتبو عبد الرٞبن الوكيل عفا هللا عنو ص 145-141كانظر :العهد القدًن – ا٤بزامّب ،مزمور .641
698لطائف ا٤بنن ص 354-343
699انظر :لطائف ا٤بنن ص 365-355
700انظر :الفكر الصوُب ص 292نقبل عن أيب ا٢بسن الشاذرل لعبد ا٢بليم ٧بمود ص .210
256
مكوف أساسي ُب احتفاالهتم ُب أية مناسبة ٕبيث
كأصبح الرقص الصوُب عند معظم الطرؽ الصوفية ٌ
ٯبتمع الرجاؿ كالنساء معا كٯبلس كبارىم على ا٤بوائد يشربوف الدخاف كيقرؤكف شيئا من ا٣برافات
ا٤بنسوبة إذل مقبوريهم ، 701كشيئا من القصائد الٍب تلتهب شوقا كغزال كغراما كحزان زعما أهنا ىي الطرؽ
الٍب توصلهم إذل رهبم ٨ ،بالفْب بذلك ىدم السنة كىدم الصحابة كمن تبعهم إبحساف .
حاكؿ الصوفية أف يوجدكا لتلك األفعاؿ أدلة مشركعة كىذه بعضها فيما يلي:
زعمهم أف سليماف ٤با ٠بع قوؿ هللا حينما نزلت اآلية {كإف جهنم ٤بوعدىم أٝبعْب}سورة أ-
ا٢بجر آية ،43صاح ككقع على رأسو ٍب خرج ىاراب ثبلثة أايـ.
احتجوا بقوؿ هللا أليوب {اركضربجلك} سورة ص آية .42 ب-
احتجوا بفعل بعض الصحابة ٤با قاؿ الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص لعلي" أنت مِب كأان منك" فحجل ، ت-
كقاؿ ١بعفر " أشبهت خلقي كخلقي" فحجل كقاؿ لسلماف " أنت أخوان موالان "
فحجل.
احتجوا ٕبديث ا١باريتْب اللتاف كانتا تغنياف ٕبضر النيب كىو مسجى فانتهرٮبا أاب بكر ث-
فقاؿ " :دعهما فإهنا أايـ عيد" .
ك٩با احتجوا بو أف ا٢ببشة زفنت كالنيب ينظر إليهم ُب ا٤بسجد. ج-
كمنها أف عمر كاف رٗبا يقرأ اآلية فتخنقو العربة كيسقط كيلزـ البيت يومْب مريضا. ح-
كمنها قوؿ النيب صلى هللا عليو كسلمؤليب موسى األشعرم " :أكٌب مزمارا من مزامّب آؿ خ-
داكد".
كمنها استحساف النيب لشعر النابغة حٌب قاؿ لو " :ال يفضض هللا فاؾ" د-
كمنها رؤية بعض الصا٢بْب للخضر كسؤالو عن السماع الصوُب فقاؿ":ىو ا٤باء الزالؿ" . ذ-
كمنها رؤية بعض أكليائهم للنيب ُب ا٤بناـ كدل ينكر عليهم السماع . ر-
كمنها أف ا٣بضر تواجد حٌب سقط على جبهتو كساؿ الدـ منو . ز-
ىذه أىم ا٢بجج الٍب يتمسك هبا الصوفية ُب مشركعية الرقص كالتواجد الصوُب.
ٲبكن أف نوجز الرد ابختصار على ىذه األدلة الواىية كاالستدالالت الغّب مقبولة فيما يلي:
أكال :أما احتجاجهم بفعل سلماف عندما حجل فقد ركيت ىذه القصة ببل سند ،كاآلية نزلت ٗبكة
ابتفاؽ ،كسلماف قد أسلم ُب ا٤بدينة .
كمن ا٤بعلوـ أف الصحابة كاف ٱبشوف هللا ٛباـ ا٣بشية كا٣بشوع فتذرؼ عيوهنم كٚباؼ قلوهبمو دل يصعق
أحد منهم كىم أعرؼ ابهلل كأنقى كأكثر اتقيادا ،كقد كاف الرسوؿ ينهى عن التأثر ُب غّب حدكد الشرع
فقاؿ لرجل ٠بع موعظة منو كصعق " :من ذا ا٤بلبس عليننا ديننا إف كاف صادقا فقد شهر نفسو كإف
كاف كاذاب فمحقو هللا".703
اثنيا :احتجاجهم بقوؿ هللا أليوب اركض برجلك ،فهو من ابب فعل السبب لشفائو كدل أيمر أبف
يضرب رجلو رقصا كطراب ،كدل يفعل ذلك ابتداء بل تنفيذا لؤلمر.
اثلثا :احجاجهم ٕبجل علي كجعفر كزيد ،فا٢بجل ىو نوع من ا٤بشي يفعل عند الفرح كارتياح النفس
ليعرب اإلنساف عن فرحو دكف قصد الرقص كالتمايل ،كىي حالة عارضة كال يقصد هبا التقرب إذل هللا
كالصوفية.
رابعا :احتجاجهم بزفن ا١ببشة ،فالزفن نوع من ا٤بشي مع الرقص يشّب إذل االعتداد ابلنفس كأكثر ما
يفعل عن اللقاء ُب ا٢بركب كإلظهار الشجاعة كعدـ ا٤بباالة ابلعدك ،كليس ا٤بقصد منو الطرب كالرقص
.
702انظر :عوارؼ ا٤بعارؼ ص 147-124كانظر :كتاب حزب الرحيم ( 179/1ىامش جواىر ا٤بعاين) كانظر:
الصوفية معتقدا كمسلكا ص 230كالرسالة القشّبية 253-246/1
703
258
خامسا :احتجاجهم بسماع الرسوؿ للجاريتْب ،فالرسوؿ كاف مسجى كالصوفية ال يتدثركف بثياهبم بل
ٲبزقوف ثياهبم ،كا١باريتْب كانتا تنشداف كبلما ليس فيو غزؿ كال تشبيب ابلنساء كىو أيضا يوـ عيد
كا٢باؿ يستدعي الَبكيح عن النفس .
سادسا :استدال٥بم بفعل عمر كمرضو من ٠باع آية فلم يرد عن الصحابة أهنم مرضوا من ٠باع اآلايت أك
كاف ٥بم أكراد يرددكهنا كالصوفية .
سابعا :استدال٥بم بقوؿ النيب ٤بوسى أكٌب مزمارا ،فهو إخبار من النيب بتلك النعمة الٍب أعطيها أبو
موسى كدل يكن يرقص أك ٲبزؽ ثيابو كغاية ما فعلو أف قرأ القرآف بصوت حسن .
اثمنا :استدال٥بم ابستحساف الرسوؿ لشعر حساف فهو من األمور الطبيعية ُب نفوس البشر من
استحساف كاستقباح .
اتسعا :أف استدال٥بم ابلرؤل ا٤بنامية أك ٗبقابلتهم للخضر أكغّبه فكلها ابطلة ،كلو اعتيقد أف الرائي ثقة
فإنو ال يتعبد برؤايه فما ابلك كالرؤل عن ٦بهولْب كمن ٦بهولْب ،كلو صحت لكاف ىذا من تبلعب
الشياطْب هبم .
عاشار :أف ما ذكر السهركرم من طّباف بعضهم اك ارتفاعو ُب حاؿ الوجد فهو يعزز القوؿ بتبلعب
الشياطْب هبم .
لؤلكلياء ا٢بقيقيْب كرامات ال تنكر كقد كاف للصحابة رضواف هللا عليهم من الكرامات ما ىو جدير هبم
،ككذلك ما كاف لغّبىم من األكلياء العباد كالعلماء من الكرامات .
كىدفنا ىنا ىو بياف الكرامات كا٣بوارؽ الٍب ٙبدث من أانس ليسو أكلياء هللا كليس ٥بم صبلح .
كبياف ذلك أف من مكائد الشيطاف كتلبيسو على الناس أبف يظهر لبعضهم أمورا غيبية تبدك كأهنا كرامات
للشخص فيتخيل أنو ٗبنزلة عالية كأنو ٲباثل األنبياء ُب كراماهتم .
كمن تبلعب الشياطْب هبم أف يسمع أحدىم مثبل صوات من حجر أك شجر أك صنم فيأمره أبمر ُب
بعضها شرؾ ابهلل فيظن ا٤بغركر أف هللا خاطبو أك ا٤ببلئكة أك أحد األنبياء أك ا٣بضر.
259
كمنها أف الشياطْب قد تتمثل بصورة ا٤بستغاث بو فيظن أنو ىو الشيخ الفبلين أك الورل الفبلين .
كمنها أف ٚباطب الشياطْب بعض العباد كا١بهاؿ كيوٮبونو أنو ىو ا٤بهدم ا٤بنتظر كصاحب الزماف ا٤ببشر
بو فيصدؽ نفسو كيدعي ا٤بهدية .
كمنهم من يرل الكعبة تطوؼ بو كيرل عرشا عظيما كعليو أنوار كصور عظيمة كأشخاص تصعد تنزؿ
فيظن أنو بْب يدايهلل.
ك٥بذا ينبغي على ا٤بؤمن العاقل التنبو إذل مثل ىذه ا٤بكائد الشيطانية بلجوئو إذل هللا تعاذل كاالىتداء
األمارة ابلسوء كأالٌ
هبدم نبيو كأف ينظر إذل نفسو من ابب الذؿ كا٢باجة إذل ربو كيكبح ٝباح نفسو ٌ
يصدؽ ما يَباءل لنفسو من كرامات تناُب اإلسبلـ .
أما الصوفية فقد صدقوا كل تلك الكرامات ك٫بن نذكر ىنا شيئا من تلك الكرامات ا٤بزعومة عندىم فيما
يلي:
إحياء ا٤بوتى ،مثل أبو عبيد اليسر الذم أحيا دابتو بعد ماتت ،كالدٮباين الذم أحيا أ-
لتلميذه كلده بعد ما مات.
القدرة على ا٤بشي على ا٤باء كطي األرض كٙبويل الَباب إذل خبز كإبراء األكمو كاألبرص. ب-
ٛبلكهم لكلمة التكوين أم إذا أراد شيئا قاؿ لو كن فيكوف :كما ذكر ذلك علي حرازـ ُب ت-
كتابو جواىر ا٤بعاين.
٠باع نطق ا١بمادات كما زعم ذلك ابن عريب. ث-
ضمانة ا١بنة ٤بن أطعم صوفيا :كما ضمن ذلك التجاين لكل من أحبو كأطعمو. 704 ج-
ككل تلك الكرامات ا٤بزعومة أشبو أبحبلـ الصبياف أك صراعات اجملانْب كتكذيبها كالسخرية منها ال
ٰبتاج إذل ضياع كقت ُب االشتغاؿ ابلردكد عليها كبياف سخافتها.
704انظر :إذل مزيد من قصص الكرامات ُب لطائف ا٤بنن ص 123ك146ك153كانظر :الرسالة القشّبية
712/2ك700ك685ك682ك678ك676كانظر :كتب الفتوحات ا٤بكية كجكهرة األكلياء كعوارؼ ا٤بعارؽ كطبقات
الشعراين كجواىر ا٤بعاين كرماح حزب الرحيم كغّبىا من كتب الصوفية .
260
كقد أطنبت كتب الصوفية ُب ذكر الكرامات ألكليائهم فشرقوا كغربوا ُب ٝبع تلك الكرامات ،فمن تلك
لنقوؿ لكثّبة ما ذكره القشّبم عن أيب ا٢بسْب النورم أنو جاء إذل البحر فقاؿ ٱباطب هللا كغزتك
ألغرقن نفسي إف دل ٚبرج رل ٠بكة فيها ثبلثة أرطاؿ ،فخرجت ٠بكة ذات ثبلثة أرطاؿ .
ككذلك ما حصل ليحي بن سعيد أنو كاف يطّب ُب ا٥بواء عندما كاف يتعبد ُب غرفة ليس فيها درج فإذا
أراد ا٣بركج كالعودة يقوؿ ال حوؿ كال قوة اال ابهلل فيطّب كيعود.
كما ذكره القشّبم عن أيب عبيد اليسرم عن أبيو ٤با خرج ُب سرية فمات ا٤بهر الذم يركبو فقاؿ ايرب
أعرانه حٌب نرجع فقاـ ا٤بهر من ا٤بوت .
كمنها قوؿ الشيخ أبو العباس :جلت ُب ملكوت هللا فرأيت أاب مدين متعلقا أبسفل العرش كىو رجل
أشقر أزرؽ العينْب.
كُب كتب الصوُب ما ال ٲبكن حصر الكرامات ا٤بنسوبة إذل أكليائهم ككتاب لطائف ا٤بنن للسكنجرم
كطبقات الشعراين كالفتوحات ا٤بكية كٝبهرة األكلياء كعوارؼ ا٤بعارؼ كرماح حزب الرحيم كغّبىا من
كتب الصوفية .
للصوفية زعماء كثّبكف ليس من السهل حصرىم كذكر تراٝبهم كلعلنا ٫بيل من أراد التوسع ُب تراٝبهم
إذل كتب الصوفية أنفسهم .
كلكن ينبغي التنبيو إذل أف بعض علماء الصوفية ارتكبوا جرما ُب حق الصحابة رضواف هللا عليهم كغّبىم
من أسبلؼ ا٤بسلمْب كعلمائهم حْب حشركا تراٝبهم مع كبار غبلة الصوفية كفساقهم .
الرسالة القشّبية أليب القاسم عبد الكرًن بن ىوازف بن عبد ا٤بلك بن طلحة القشّبم -1
النيسابورم الشافعي 465-471ىػ كقد خصص جزء منها لَباجم مشائخ الصوفية حيث
261
ابتدأه بقولو ":فصل ُب ذكر مشائخ ىذه الطريقة كما بدؿ من سّبىم كأقوا٥بم على تعظيم
الشريعة"ٍ 705ب ذكر ترٝبة لثبلٜبائة كٜبانْب شخصا من كبار زعمائهم .
الطبقات الكربل ا٤بسماة بلواقح األنوار ُب طبقات األخيار ،أتليف عبد الوىاب بن أٞبد -2
بن علي األنصارم الشافعي ا٤بصرم ا٤بعركؼ ابلشعراين ،ظهر ُب القرف العاشر ا٥بجرم،
كقد ترجم ألربعمائة كأربع كعشرين شخصا ابإلضافة إذل مشائخو كعددىم 87شخصا ،
كقدا بدأ تراٝبو بذكر أيب بكر الصديق كختمهم بعلي بن شهاب جده األدىن ٍ ،ب ابتدأ
ٗبحمد ا٤بغريب الشاذرل كختمهم ابلشيخ علي العياشي.
ٝبهرة األكلياء ُب أعبلـ أىل التصوؼ ،أتليف ٧بمود أبو الفيض ا٤بنوُب ا٢بسيِب ،ترجم -3
ألعبلـ الصحابة كأىل الصفة ٍب لعدد من أعبلـ التصوؼ ٙبت عنواف " طبقة التابعْب
كاتبعيهم ذكر التابعْب من األكلياء" ٍب ترجم لسبعة كٜبانْب شخصا ،حصر معهم بعض
الفضبلء من أعبلـ اإلسبلـ مع كبار غبلة التصوؼ.706
عوارؼ ا٤بعارؼ أليب حفص عمر بن دمحم بن عبد هللا بن دمحم بن عمويو الصديقي القرشي -4
التميمي البكرم الشافعي ا٤بلقب بشهاب الدين السهركردرم 632 -539ىػ دل يربز
الَباجم إال أنو ذكر كثّبا من أعبلمهم ُب ثنااي الكتاب .
لطائف ا٤بنن أليب عطاء هللا السكندرم كطريقو مثل طريقة السهركردم. -5
جواىر ا٤بعاين كبلوغ األماين ُب فيض سيدم أيب العباس التجاين ،أتليف علي حرازـ ابن -6
العريب ا٤بغريب.
رماح حزب الرحيم على ٫بور حزب الرجيم ،أتليف عمر بن سعيد الفوٌب الطورم -7
الكدكم ،كاىتم ىو كالذم قبلو ببياف طريقة التجانية كزعماء التجانية .
ألٌف بعض العلماء مؤلفات خاصة عن بعض الشخصيات الصوفية مثل ابن عريب -8
البسطامي كالتجاين كالنقشبندم كابن سبعْب كالغزارل كابن الفارض كا٢ببلج كا١بيبلين .
اثنيا :من الكتب اليت ألفها علماء اإلسالم من غَت الصوفيُت ما يلي:
263
-10رسائل كفتاكل ُب ذـ ابن العريب الصوُبٝ .بع كٙبقيق موسى الدكيش.
-11النقشبندية عرض كٙبليل .عبد الرٞبن دمشقية.
-12كتاب ابن عريب الصوُب ُب ميزاف البحث كالتحقيق .عبد القادر حبيب هللا السندم.
-13ا٥بداية ا٥بادية إذل الطائفة التجانية .دمحم تقي الدين ا٥ببلرل.
-14الصوفية نشأهتا كنطورىا .دمحم العبدة ،طارؽ عبد ا٢بليم.
-15نظرات ُب معتقد ابن عريب .كماؿ دمحم عيسى.
-16الرفاعية .عبد الرٞبن دمشقية.
-17نظرية االتصاؿ عند الصوفية ُب ضوء اإلسبلـ .سارة عبد احملسن السعود.
264
الفصل العاشر:
ادلرجئة
متهيد:
ا٤برجئة ىي من أكائل الفرؽ الٍب تنتسب إذل اإلسبلـ ُب الظهور ،كقد اىتم العلماء أبخبارىم ،بْب
مدافع عنهم ك٧باج ٥بم ،كبْب معجب أبدلتهم كبْب داحض ٥با.
جرت إليها كثّب من العلماء ا٤بشهورين إذل الركوف إليها على تفاكت
كمن ىنا فقضية اإلرجاء فد ٌ
ككجد ٥با مؤيدين كقد اٚبذت تلك ا٣بصومات أشكاال من
بينهم ُب ا٤بوقف منها ،يفوجد ٥با مدافعْب ي
العنف كاللْب كأكقاات كثّبة من ا١بهود.
كاإلرجاء الذم ىو ٗبعُب ترؾ العمل كعدـ االىتماـ بو ال مكاف لو ُب الواقع إال عند ا٤بتأخرين الذين
يريدكف االنفبلت من القيم كا٤ببادئ.
أما الذين قرركا اإلرجاء ُب بدء عملهم كىم مرجئة الفقهاء فقد كانوا حريصْب على العلم كاغتناـ
الفرص فتجد الواحد منهم ٰبث على اإلرجاء بكبلـ قد حفظو لكنو ُب ابب العمل من ا٤بكثرين ُب
التقرب إذل هللا ، 707كلذلك ذكر عنهم شيخ اإلسبلـ أف السلف كانوا يصلوف خلفهم كيَبٞبوف
عليهم كإ٭با يشنعوف عليهم مسلكهم ا٣باطئ ُب أتخّب العمل عن حقيقة اإلٲباف
ادلبحث األول:
اإلرجاء يف اللغة :يطلق على عدة معاف منها :األمل كا٣بوؼ كالتأخّب كإعطاء الرجاء. أ-
أما األمل فقاؿ تعاذل {:كترجوف من هللا ما ال يرجوف}سورة النساء آية 104كا٣بوؼ قاؿ تعاذل :
{ ما لكم ال ترجوف هلل كقارا}سورة نوح آية 13كالتأخّب قاؿ تعاذل { :قالوا أرجو كأخاه}سورة
األعراؼ آية ،111كيذكر األزىرم أف أف االرجاء إ٭با يستعمل ٗبعُب ا٣بوؼ إذا كاف معو حرؼ
نفي.708
707انظر :ظاىرة اإلرجاء ُب الفكر اإلسبلمي ،كانظر :كبلـ عمر بن ذر ا٥بمداين ،حلية األكلياء 108/5
708انظر :هتذيب اللغة 181,183/11كانظر :معاجم اللغة مادة "رجا"
265
تعريف اإلرجاء يف االصطالح: ب-
اختلفت كلمة العلماء ُب تعريف ا٤بفهوـ ا٢بقيقي لئلرجاء نوجزىا فيما يلي:
أنو مأخوذ معناه من معناه اللغوم كىو ٗبعُب التأخّب كىو إرجاء العمل عن درجة اإلٲباف -1
كأنو ُب حقيقتو تصديق كأنو يتناكؿ األعماؿ على سبيل اجملاز ،فبل تضر معو معصية .
أف ا٤براد بو أتخّب ا٢بكم عن صاحب الكبّبة إذل يوـ القيامة.709 -2
ربط بعضهم اإلرجاء ٗبا جرل ُب شأف علي كعثماف كإرجاء أمرٮبا إذل هللا كال يشهدكف -3
عليهما إبٲباف كال كفر ،كخلص بعضهم من ىذا ا٤بفهوـ إذل اعتبار أف الصحابة الذين
اعتزلوا الفًب ىم نواة اإلرجاء .
كقد كقف ٝبلة من الصحابة ٩بتنعْب عن ا٣بوض فيما حدث من أحداث ُب عهدىم بْب علي كمعاكية
كغّبٮبا ،كمن ىؤالء سعد بن أيب كقاص كأبو بكرة كعبد هللا بن عمر كعمراف بن حصْب حيث توقفوا
كأرجئوا ا٢بكم ُب تلك الفًب كفوضوا أمر ا٤بختلفْب فيها إذل هللا تعاذل ،فلم ٰبكموا بتخطئة أحد كال
تصويب أحد .
كىم ُب توقفهم كانوا يستندكف إذل نص شرعي فقد كرد عن الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص بياف ا٤بخرج من تلك الفًب ُب
قولو " :إال إنو ستكوف فًب أال ٍب تكوف فتنة القاعد فيها خّب من ا٤باشي فيهاٍ "...ب قاؿ ُب آخر
ا٢بديث ":يعمد إذل سيفو فيدؽ على حده ٕبجر ٍب لينج إف استطاع النجاة" 710كىم أعرؼ ابلنصوص
كمفاٮبيها كىم من فضبلء الصحابة كأجبلئهم فهم يركف معا١بتها ابلصرب كالصلح بْب ا٤بتقاتلْب بدال من
التسرع ُب إراقة ا١بماء كىذا ىو عْب الصواب .
كإرجاء ىؤالء الصحابة ا٢بكم ُب علي كمعاكية ليس ىو أساس اإلرجاء البدعي ،فاإلرجاء البدعي قاـ
على القوؿ ابلتصديق ببل عمل كأنو ال يضر مع اإلٲباف ذنب كما ال تنفع مع الكفر طاعة .
األساس الذم قاـ عليو مذىب اإلرجاء ىو ا٣ببلؼ ُب حقيقة اإلٲباف كمم يتألف ،كما ىو ٙبديد معناه،
كما يتبع ذلك من إٔباث ،كىل اإلٲباف ُب القلب فقط أك فعل اللساف؟ أك ىو فعل القلب كاللساف معا؟
كالعمل غّب داخل ُب حقيقتو ،كابلتارل ال يزيد كال ينقص إذا التصديق كاحد ال ٱبتلف أىلو فيو.
ىذه أىم ميزات ٕبوث ىذه الطوائف ا٤برجئة كإذل كل قسم من تلك األقساـ ذىب فريق من ا٤برجئة.
ذىب أكثر فرؽ ا٤برجئة إذل أف اإلٲباف ىو ٦برد ما ُب القلب كال يضر ذلك أف يظهر من عملو ما ظهر،
حٌب كإف كاف كفرا كزندقة ،كىذا مذىب ا١بهم ،فبل عربة عنده ابإلقرار ابللساف كال األعماؿ أيضا.
كذىب الكرامية إذل أف اإلٲباف ىو قوؿ ابللساف كال يضر مع ذلك حٌب لو أبطن الكفر.
كذىب أبو حنيفة كفقهاء الكوفة إذل أف اإلٲباف ىو التصديق ابلقلب كاإلقرار ابللساف ال يغِب أحدٮبا
عن اآلخر كىو أقرب مذاىب ا٤برجئة إذل أىل السنة ٤بوافقتهم أىل السنة ُب أف ا٤بعاصي ٙبت ا٤بشيئة
كانو ال ٱبرج عن اإلٲباف كخالفوىم ُب عدـ إدخاؿ العمل ُب اإلٲباف كُب أف اإلٲباف يزيد كينقص فلم
يقولوا بذلك.
كُب نسبة اإلرجاء إذل أيب حنيفة خبلؼ كثّب بْب العلماء ،ففي نسبتو إليو من كتٌاب الفرؽ كا٤بقاالت
يقف ا٤بدافعوف عنو معتمدين على اىتمامو ابلفركع أماـ كبّبا كاىتمامو ابلعمل ٩با ٱبالف ا٤برجئة.
كقد شكك ا٤بدافعوف عنو ُب نسبة كتاب الفقو األكرب إليو كدافع عنو الشهرستاين ُب نسبة اإلرجاء كبْب
اف ذلك إ٭با كاف عن سوء فهم من ا٤بعتزلة كالقدرية الذم يركف أبف اإلٲباف ىو
267
التصديق ابلقلب كأنو ال يزيد كال ينقص ،فظنوا أنو يؤخر العمل عن اإلٲباف ،إضافة إذل أف ا٤بعتزلة
يسموف من خالفهم مرجئا.711
كالواقع أف النقوؿ عن أيب حنيفة كثّبة كىو الثابت كلكنو دل يكن من غبلة ا١بهمية ،كقد بذؿ كثّب من
العلماء جهدىم ليجعلوا ا٣ببلؼ بينهم كبْب أىل السنة ُب حقيقة اإلٲباف لفظيا ،كلكن دل يتم ٥بم ذلك
،كىم يعتمدكف ُب ذلك على اتفاقهم مع أىل السنة ُب مرتكب الكبّبة عند هللا ،إذ ال يسمى كافرا،
كأنو ٙبت ا٤بشيئة ،كاتفاقهم على أف األعماؿ البد منها كأف اترؾ العمل لو صدؽ بقلبو كأقر بلسانو
يستحق اللوـ كالعقوبة كأنو من العصاة.
كلكن ىذه ا٢بجج ال ٘بعل ا٣ببلؼ لفظيا ،كذلك ألف السلف ال يفرقوف بْب األعماؿ كاإلٲباف كال
ٱبرجوف العمل عن مسمى اإلٲباف ،كال يركف أف الناس على درجة كاحدة ُب اإلٲباف كالتوحيد ،كال
يوافقوف األحناؼ ُب حكم اإلٲباف الكامل للعصاة ،كال يوافقوهنم ُب القوؿ بعدـ زايدة اإلٲباف كنقصانو.
ادلبحث الثالث:
لقد بدأ اإلرجاء ككاف يراد بو ُب بعض إطبلقاتو أكلئك الذين أحبوا السبلمة كالبعد عن ا٣ببلفات كترؾ
ا٤بنازعات السياسية كالدينية كخصوصا فما يتعلق ابألحكاـ األخركية كما يتعلق أبمر ما حصل بْب
الصحابة.
ٍب بعد ذلك تطور تدرٯبيا بعد ظهور ا٣بوارج كالشيعة ،فظهر ا٣ببلؼ ُب حكم مرتكب الكبّبة كمنزلة
العمل من اإلٲباف.
ٍب تطور اإلرجاء على صفة مذىب حيث قرر أف مرتكب الكبّبة كامل اإلٲباف أانو ال تضر مع اإلٲباف
معصية كال تنفع مع الكفر طاعة كأنو ُب القلب ،كلو تلفظ ابلكفر كالزندقة.
كأصحاب ا٤برحلة األخّبة مذموموف ٩بقوتوف كمذىبهم يفضي إذل اإلابحية كالتكاسل كالتعويل على عفو
هللا دكف العلمل كىو ما اتابه الشريعة اإلسبلمية.
بينما أىل السنة يركف أف مرتكب الكبّبة مؤمن إبٲبانو فاسق بكبّبتو كأمره ٙبت ا٤بشيئة فتوسطوا بْب كل
تلك الفرؽ مهتدين بنصوص الشرع.
ادلبحث الرابع:
يذكر العلماء أف ا٢بسْب بن دمحم بن ا٢بنفية ىو أكؿ من ذكر اإلرجاء ُب األمة ٖبصوص علي كعثماف
كطلحة كالزبّب حينما خاض الناس فيهم كىو ساكت ٍب قاؿ " :قد ٠بعت مقالتكم كدل أر شيئا أمثل من
أف يرجأ علي كعثماف كطلحة كالزبّب فبل يتولوا كال يتربأ منهم" 712كلكنو ندـ بعد ذلك على كبلمو كٛبُب
أف لو مات قبل أف يقولو.
كقد بلغ أابه مقولتو فضربو حٌب شجو كقاؿ لو :أال تتوذل أابؾ عليا؟ كلكن أىل االرجاء دل يلتفتوا إذل ندـ
ا٢بسن بن دمحم.713
كلكن ينبغي مبلحظة أف قوؿ ا٢بسن يتعلق ابإلرجاء ُب ا٢بكم ابلصواب أك ا٣بطأ فيمن ذكرىم كليس ُب
اإلٲباف من عدمو كما ىو حاؿ ا٤برجئة بعد ذلك.
كقيل إف أكؿ من قاؿ ابإلرجاء اتبعي كا٠بو ذر ابن عبد هللا ا٥بمداين ،كقد ذمو علماء عصره بل كاف
سعيد ابن جبّب كإبراىيم النخعي ال يرداف عليو السبلـ إذا سلم.
كالفرؽ كاضح بْب ذر كبْب ا٢بسن ،فإرجاء ا٢بسن يتعلق ابلتصويب كالتخطئة كإرجاء ذر يتعلق ابلعمل
كاالٲباف كىذا ٝبع بْب القولْب.
كقيل أكؿ من دعا إذل االرجاء رجل ابلعراؽ يسمى قيس بن عمرك ا٤باضرم ،كقيل ٞباد بن أيب سليماف
شيخ أيب حنيفة ،714كقيل رجل ا٠بو سادل األفطس ،كيطلق على إرجاء ىؤالء إرجاء الفقهاء.
إال ما ذكر عن مقاتل من قولو :أف ا٤بعصية ال تضر صاحب التوحيد كأنو ال يدخل النار مؤمن.715
كمن كبار غبلة ا٤برجئة ا١بهم كالصا٢بي كيونس السمرم كأبو ثوابف كا٢بسْب بن دمحم النجار كغيبل كدمحم
بن سبيب كأبو معاذ التومِب كبشر ا٤بريسي كدمحم بن كراـ كمقاتل بن لسيماف كا١بواريب ا٤بشبو.716
ادلبحث اخلامس:
أصول ادلرجئة
كقد قسم الدكتور سفر ا٢بوارل أقساـ ا٘باىات الناس ُب حقيقة اإلٲباف كاآلٌب:
أف اإلٲباف يكوف ابلقلب كاللساف كا١بوارح :كىم أىل السنة كا٣بوارج كا٤بعتزلة ،أما ا٤بعتزلة -1
كا٣بوارج فقالوا أف االٲباف فعل كل كاجب كترؾ كل ٧برـ كمرتكب الكبّبة عندىم كافر عند
ا٣بوارج كُب منزلة بْب ا٤بنزلتْب عند ا٤بعتزلة كاتفقوا على أف مصّبه ُب اآلخرة إذل النار .
أنو ابلقلب كاللساف فقط :كىم مرجئة الفقهاء كابن كبلب ،كىؤالء يدخلوف أعماؿ القلوب -2
ُب حقيقة االٲباف ٍب تطور هبم األمر إذل إخراج قوؿ اللساف أيضا كجعلوه عبلمة فقط كىم
عامة ا٢بنفية ا٤باتريدية.
أنو ابللساف كا١بوارح فقط :كىم الغسانية. -3
أنو ابلقلب فقط :كىم ا١بهمية كا٤بريسية كالصا٢بية كاألشعرية كا٤باتريدية ،فالذين يدخلوف -4
فيو أعماؿ القلوب ٝبيعها ىم سائر فرؽ ا٤برجئة ،الذين يقولوف ىو عمل قليب كاحد أم
ا٤بعرفة ىم ا١بهمية ،كالذين يقولوف عمل قليب كاحد كىو التصديق ىم األشعرية
كا٤باتريدية.718
أنو ابللساف فقط :كىم الكرامية. -5
ادلبحث السادس:
انقسمت ا٤برجئة ُب اعتقاداهتا إذل فرؽ كثّبة يطوؿ ذكرىا كٲبكن اإلشارة إذل رؤكس تلك الفرؽ فيما يلي:
مرجئة السنة :كىم األحناؼ ،أبو حنيفة كشيخو ٞباد كمن اتبعهما من أىلى الكوفة كقد أ-
أخركا العمل عن حقيقة اإلٲباف.
مرجئة ا١بربية كا١بهم كأتباعو كاكتفوا اب٤بعرفة القلبية كأف ا٤بعاصي ال أثر ٥با ُب اإلٲباف. ب-
مرجئة القدرية :غيبلف كأتباعو. ت-
مرجئة خالصة :اختلف العلماء ُب عد فرقهم. ث-
مرجئة الكرامية :أصحاب دمحم بن كراـ ،كىم الذين يزعموف أف االٲباف ىو اإلقرار ج-
كالتصديق ابللساف دكف القلب .
مرجئة ا٣بوارج :الشبيبية كبعض فرؽ الصفرية الذين توقفوا ُب حكم مرتكب الكبّبة ،كع ٌد ح-
األشعرم ُب مقاالتو ا٤برجئة كأكصلهم إذل اثنٍب عشرة فرقة.719
ك٥بم فركع كثّبة كاختلف العلماء ُب عد فرقهم كطوائفهم نكتفي ابإلشارة منها ٗبا سبق.
ادلبحث السابع:
استدؿ ا٤برجئة على ما ذىبوا إليو من إخراج العمل عن اإلٲباف كمن فتح ابب الكسل كا٤بغرمْب ابألماين
دكف العمل على ما ذىبوا إليو أبدلة من القرآف كالسنة تدؿ بزعمهم على ما ذىبوا إليو كمن تلك األدلة
ما يلي:
استدلوا بقوؿ هللا تعاذل{ :إف هللا ال يغفر أف يشرؾ بو كيغفر ما دكف ذلك ٤بن يشاء}سورة -1
النساء آية .48
ُ 719ب كتابو مقاالت اإلسبلميْب كاختبلؼ ا٤بصلْب ص ،234-213كأكؿ فرقهم ا١بهمية كآخرىم الكرامية – الفرقة
الثانية عشرة منهم -كما ذكر األشعرم ،كذكر البغدادم أهنم ثبلثة أصناؼ قائلوف اب١برب كالقدر ،كمن خرج عن
القوؿ هبما صاركا ٟبس فرؽ .انظر :الفرؽ بْب الفرؽ للبغدادم ص 302كا٤بلل كالنحل للشهرستاين ،139/1كذكر
أهنم أربعة أصناؼ ٍب ذكر مقاالت ا٤برجئة ا٣بالصة كع ٌدىم ست فرؽ.
272
استدلوا بقوؿ هللا تعاذل{ :قل اي عبادم الذين أسرفوا على أنفسهم ال تقنطوا من رٞبة هللا -2
إف هللا يغفر الذنوب ٝبيعها إف ىو الغفور الرحيم} سورة الزمر آية 53
اىتمت ا١بهمية ٔبمع النصوص الٍب ٘بعل اإلٲباف أك الكفر ٧بلو القلب كقوؿ هللا تعاذل: -3
{أكلئك كتب ُب قلوهبم اإلٲباف} سورة اجملادلة آية 22كقولو تعاذل { :إال من أكره كقلبو
مطمئن ابإلٲباف}سورة النحل آية 106كقولو تعاذل {::ختم هللا على قلوهبم}سورة البقرة
آية ، 7إذل غّب ذلك من األدلة الذم يوحي ظاىرىا إذل ما ذىبوا إليو بزعمهم.
استدلوا أبدلة كآاثر يدؿ ظاىرىا على االكتفاء ابلبعد عن الشرؾ ككجود اإلٲباف ُب القلب للفوز برضى
هللا مثل ما يلي:
قولو ملسو هيلع هللا ىلص " :من مات يشرؾ ابهلل شيئا دخل النار" قاؿ ابن مسعود كقلت أان":من مات ال -1
يشرؾ ابهلل شيئا دخل ا١بنة".720
قولو ملسو هيلع هللا ىلص ُب ا٢بديث القدسي " :اي ابن آدـ إنك لو أتيتِب بقراب األرض خطااي ٍب لقيتِب -2
ال تشرؾ يب شيئا ألتيتك بقراهبا مغفرة".721
قولو ملسو هيلع هللا ىلص" :اللهم ثبت قليب على دينك".722 -3
قولو ملسو هيلع هللا ىلص للجارية ":أين هللا " قالت ُ":ب السماء" فقاؿ ٤بوالىا ":أعتقها فإهنا مؤمنة".723 -4
قولو ملسو هيلع هللا ىلص " :التقول ىاىنا" كيشّب إذل صدره ثبلاث.724 -5
استدلوا ٕبديث الشفاعة ُب أقواـ ٱبرجوف من النار حٌب ال يبقى من كاف ُب قلبو ذرة أك برة -6
أك شعّبة من إٲباف ،يقوؿ ملسو هيلع هللا ىلص ُب آخر ا٢بديث" :فيخرجوف كاللؤلؤ ُب رقاهبم ا٣بواًب يعرفهم
أىل ا١بنة ،ىؤالء عتقاء هللا الذين أدخلهم ا١بنة بغّب عمل عملوه كال خّب قدموه".725
كمن أدلة ا٤برجئة على أف العمل ليس من اإلٲباف قو٥بم :إف الكفر ضد اإلٲباف فحينما ثبت -7
الكفر انتفى اإلٲباف.
ككذلك استدلوا ابآلايت الٍب فيها عطف العمل على اإلٲباف كقولو تعاذل {:آمنوا كعملوا -8
الصا٢بات}.726
عللوا استدال٥بم أف اإلٲباف قوؿ كاعتقاد فقط ،أبف األعماؿ ليست داخلة فيو كإ٭با ىي -9
شرائع اإلسبلـ فعمل ا٤بعصية ينقص من شرائع اإلسبلـ كليس من التصديق كدللوا على
ذلك اب٤بعُب اللغوم لئلٲباف كأنو ىو التصديق ،كأيضا قالوا أبنو لو كانت األعماؿ من
اإلٲباف لوجب ا٢بكم بعدـ إٲباف من ضيٌع شيئا من األعماؿ.727
أف استدال٥بم بتلك النصوص ال يسلم ٥بم فهمهم ٥با ،كال ٚبرج العمل عن اإلٲباف ،فالقلب أ-
كإف كاف ىو األساس كعليو االعتماد ،لكنو ال ينفي أف أثر اإلٲباف يظهر على ا١بوارح بل
ىو ا٢بق.
أف النصوص تدؿ على أف تتضح دالالتو على األعماؿ الظاىرة. ب-
أف قوؿ ا٤برجئة كاستدال٥بم يفضي إذل ترؾ األعماؿ كعدـ تكفّب من يعمل ا٤بكفرات حٌب ت-
يتأكدكا من تصديق قلبو ،كىذ خبلؼ ما دلت عليو النصوص من أف العمل ا٤بكفر يكفر
صاحبو إذ لو دل يكفر قلبو دل تكفر جوارحو.728
كُب بعض الركاايت أف ا٤بؤمنْب يشفعوف فيمن عرفوه أبنو من أىل اإلٲباف كالعمل ُب الدنيا ،كال ٲبنع
أف يكوف لبعض الناس أعماال ال يعلم هبا إال هللا.
ٍب إف ىؤالء ٥بم من كعمل كإال كانوا كسائر الكفار كا٤بشركْب ا٤بخلدين ُب النار فبل مزية ٥بم.
أف ما استدلوا بو من كركد نصوص كثّبة فيها عطف العمل على اإلٲباف٤ ،بغايرهتما،فالواقع ذ-
أف النصوص كما يتضح منها ،مرة تذكر بلفظ اإلٲباف كحده كمرة بلفظ العمل كاإلٲباف
معا،ففي حاؿ إطبلؽ اإلٲباف كحده ،فإنو يدخل فيو األعماؿ ،كأما ُب حاؿ ذكر اإلٲباف
كالعمل معان فبل مغايرة بينهما ُب ا٢بكم الذم ذكر ٥بم ،بل يكوف ذلك من جنس عطف
ا٣باص على العاـ مثل قولو تعاذل{ :حافظوا على الصلوات كالصبلة الوسطى}سورة البقرة
آية .238
731
كا٤بقصود بذلك اإلظهار كالتوكيد
كأما ما استدؿ بو األحناؼ من أف اإلٲباف ُب اللغة ا٤بقصود بو التصديق ،كالعمل ال يسمى ر-
تصديقان فيقاؿ ٥بم :إنو دل يسم التصديق ابلقلب دكف التصديق ابللساف كالعمل إٲباانن ُب
اللغة ،كدل يعرؼ عن العرب أهنم ٰبكموف للشخص ابلتصديق كاإلٲباف بشيء صدقو بقلبو
ٍب أعلن التكذيب بو بلسانو ،كذلك دل يعرؼ ُب اللغة أف التصديق ابللساف فقط دكف
التصديق ابلقلب يعترب إٲباانن.
كيقاؿ ٥بم أيضان :لو كاف ما تقولوف صحيحان من أف اإلٲباف ىو التصديق فقط -لوجب أف
يطلق اسم اإلٲباف على كل من صدؽ بشيء ٍب كذب بلوازمو ،كإٲباف بعض الناس ببعض
الرسل ككفرىم ببعضهم.
أف ما ذىب إليو ا٤برجئة من أف اإلٲباف ال يزيد كال ينقص ،كما أف التصديق ال يزيد كال ز-
ينقص ،فهو قوؿ من أبطل األقواؿ كىو قياس على أمر غّب مسلم ،فالتصديق ال يصح ٥بم
ما زعموه فيو من أنو ال يتفاضل الناس فيو ،بل يتفاضلوف تفاضبلن ظاىران ُب التصديق
بقضااين ٛبر ابلناس يوميان ُب حياهتم ،فضبلن عن تصديق بقضااي ا٤بغيبات.
أف زايدة اإلٲباف كنقصانو فيكفي ُب ثبوتو إخبار هللا عز كجل بذلك ُب كتابو الكرًن كإخبار س-
نبيو دمحم ملسو هيلع هللا ىلص ُب سنتو الشريفة ٗبا ال ٱبفى.
مذىبهم ُب اإلٲباف أنو قوؿ ابللساف كاعتقاد ابلقلب كعمل اب١بوارح ،يزيد ابلطاعات كينقص
اب٤بعاصي كأف العمل داخل ُب حقيقة اإلٲباف كأنو ال إٲباف بدكف عمل ،كأف اإلٲباف يزيد ابلطاعة
كينقص اب٤بعصية حسب ما حل ابلقلب من ذلك.
كىذا ىو الواضح من النصوص الكثّبة ُب القرآف الكرًن كُب السنة النبوية ،إال أنو قد ٚبتلف تعبّبات
732
أىل السنة عن حقيقة اإلٲباف فيعرفونو بصيغ ٨بتلفة
أدلتهم: ت-
قاؿ تعاذل مبينان ا٣بصاؿ الٍب يكوف هبا الشخص مؤمنان إذا طبقها على نفسو كعمل ٗبا دلت عليو:
{قد أفلح ا٤بؤمنوف الذين ىم ُب صبلهتم خاشعوف كالذين ىم عن اللغو معرضوف كالذين ىم للزكاة
فاعلوف} سورة ا٤بؤمنوف أية .4-1كقاؿ تعاذل{:كبشر الذين آمنوا كعملوا الصا٢بات أف ٥بم جنات
٘برم من ٙبتها األهنار} سورة البقرة آية.25
كقاؿ تعاذل{ :كالعصر أف اإلنساف لفي خسر إال الذين آمنوا كعملوا الصا٢بات كتواصوا اب٢بق
كتواصوا ابلصرب}سورة العصر.
ك٩با يدؿ علي أنو ال فرؽ بْب العمل كاإلٲباف أك اإلٲباف كالعمل ُب إطبلؽ كل منها على اآلخر أيضان
قولو تعاذل{ :كمن يعمل من الصا٢بات كىو مؤمن فبل ٱباؼ ظلمان كال ىضمان} سورة طو
آية.112
فمن فرؽ بْب اإلٲباف كالعمل اب١بوارح فبل شك ُب ٨بالفتو الصرٰبة للقرآف كالسنة ،كأنو ينبغي عليو
التوبة كالرجوع فبل شك ُب ٨بالفتو الصرٰبة للقرآف كالسنة.
732مثل قو٥بم :ىو عمل كقوؿ كنية ،أك ىو قوؿ كعمل كاتباع سنة ،أك ىو قوؿ ابللساف كاعتقاد اب١بناف كعمل
اب١بوارح أك ىو إقرار كعمل أك تصديق كعمل .انظر٦ :بموع الفتاكل"170/7كا٤بقصود ىنا أف من قاؿ من السلف:
اإلٲباف قوؿ كعمل أراد قوؿ القلب كاللساف كعمل ا١بوارح كالقلب ،كمن أراد االعتقاد رأل أف لفظ القوؿ ال يفهم منو
إال القوؿ الظاىر ،أك خاؼ ذلك فزاد االعتقاد ابلقلب ،كمن قاؿ :قوؿ كعمل كنية .قاؿ :القوؿ يتناكؿ االعتقاد كقوؿ
اللساف ،كأما العمل فقد ال يفهم منو النية فزاد ذلك ،كمن زاد اتباع فبلف كلو ال يكوف ٧ببوابن هلل إال ابتباع السنة".
277
كاستدؿ أىل السنة من السنة أبحاديث كثّبة منها :قولو ملسو هيلع هللا ىلص " :اإلٲباف بضع كسبعوف أك بضع
كستوف شعبة ،فأفضلها قوؿ ال إلو إالهللا ،كأدانىا إماطة األذل عن الطريق ،كا٢بياء شعبة من
733
اإلٲباف"
كقولو ملسو هيلع هللا ىلص" :أكمل ا٤بؤمنْب إٲباانن أحسنهم خلقان كخيارىم خيارىم لنسائهم"734كأحاديث أخرل كثّبة
جعل فيها العمل من اإلٲباف.
ث -منهج السلف:
كعلى ىذا مضى السلف الصاحل من الصحابة فمن بعدىم ،كعليو أيضان مضى علماء اإلسبلـ،
كمنهم األئمة مالك كالشافعي كأٞبد ،حيث فسركا اإلٲباف أبنو التصديق كالقوؿ كالعمل ،كأنو يقبل
الزايدة كيقبل النقص ،كأف أىلو يتفاكتوف فيو.
ك٩با ينبغي فهمو أف السلف حينما يعرفوف اإلٲباف أبنو قوؿ كعمل؛ ال يقصدكف أف اإلٲباف قوؿ
ابللساف كعمل اب١بوارح دكف النظرإذل إٲباف القلب كتصديقو كعملو ٖببلؼ مذىب ا٤برجئة؛ فإف
٦برد التصديق ابلشيء يعترب إٲباانن بو ظاىران كابطنان ،بغض النظر عن العمل -على حسب
منهجهم ،-فإذا تلفظ الشخص عندىم بكلمة اإلخبلص -ال إلو إال هللا -أصبح ٗبجرد تلفظو،
فإذا امتنع عن قو٥با فحكمو عندىم أنو كافر ُب الظاىر ،كقد يكوف مؤمنان ُب ابطنو كما يزعموف،
كالسلف ٰبكموف بكفره ظاىران كابطنان إذا امتنع عن قو٥با مع القدرة.
فمن أقر ابإلسبلـ ٍب امتنع عن الصبلة كالزكاة كا٢بج كأصر على االمتناع ،فإف ا٤برجئة ال يتجاسركف على
ا٢بكم عليو ابلكفر ١بواز أف يكوف قلبو مطمئنان ابإلٲباف ،كفاهتم أف الذم يطمئن قلبو ابإلٲباف تكوف
شعائر اإلسبلـ أحب إليو من كل فعل ،ىذا كيدؿ على بعد فكر ا٤برجئة عن ا٢بق.
الفصل التاسع
منزلة مذىب ادلرجئة عند السلف
مذىب ا٤برجئة ا٤بتأخرين منهم مذىب ردمء كخطّب ،يهوف ا٤بعصية ،كيدعو إذل الكسل
كا٣بموؿ ،كلذا ٘بد السلف ٰبذركف منو كثّبان كيذمونو ٤با اشتمل عليو من فساد كإٟباؿ لشعلة
اإلٲباف ُب القلوب ،كٛبييع ٤بنزلة العمل ُب النفوس .كىذا ا٤بذىب كمذىب القدرية من ا٤بذاىب
735ركاه الطرباين ُب األكسط ،كفيو بقية بن الوليد كىو لْب ،قاؿ ا٥بيثمي ُب ٦بمع الزكائد :كيزيد بن حصْب دل أعرفو.
204/7
736ركاه الطرباين ُب األكسط ،قاؿ ا٥بيثمي :كرجالو رجاؿ الصحيح غّب ىاركف بن موسى الغركم كىو ثقة207/7 .
737انظر :لتلك النصوص ُب ٦ :بموع الفتاكل 395-394/7
279
شرح العقيدة الطحاكية /البن أيب العز. -8
اجلهمية
ٛبهيد:
ال تزاؿ آراء ىذه الطائفة ُب بعض اجملتمعات كال يزاؿ ا٣بصاـ بينهم كبْب أىل ا٢بق قائما على أشده،
كما كاف سابقا ُب الزمن القدًن حٌب كإف اختلفت ُب بعض األحياف ا٤بسميات خصوصا بعد ظهور
العصريْب ا١بدد ٗبفاىيمهم الباطلة .
لقد كافق العصريوف ا١بدد مفاىيم ا١بهمية من نواحي كثّبة منها االكتفاء ٗبعرفة كجود هللا عن العمل أك
االعتقاد بعدـ كجود ا١بنة كالنار اآلف ،أك قو٥بم أف هللا ال يوصف بوصف ،أك ليس ُب جهة ،كغّبىا من
اآلراء.
كقد تعددت طرقهم ُب االنفبلت من االلتزاـ ابلعقيدة الصحيحة ٙبت شعارات براقة ٙ ،بت شعار
التجديد كالتطوير كأحياان ُب صورة ٛبجيد العقل أك الَباث ،كلذا ٯبب التحذير كا٢بذر من دعاكاىم
الباطلة .
تعريفها :ا١بهمة ىي إحدل الفرؽ الكبلمية الٍب تنتسب إذل اإلسبلـ ،ك٥با آراء اعتقادية أ-
خاطئة ُب مفهوـ اإلٲباف ،كُب مفهوـ صفات هللا تعاذل كأ٠بائو كغّبىا من االعتقادات.
مؤسسها :ترجع نسبتها إذل ا١بهم بن صفواف الَبمذم ،كقد كانت للجهمية ُب فَبة معينة ب-
قوة كمنعة ُب الدكلة اإلسبلمية فعاثوا فسادا ٍب أداؿ هللا عليهم فلقو نفس مصّب غّبىم.
من ىو ا١بهم بن صفواف :ىو من أىل خراساف ،ظهر ُب ا٤بائة الثانية من ا٥بجرة سنة2ىػ، ت-
يكُب أبيب ٧برز كىو من ا١بربية ا٣بالصة ،كىو أك ؿ من قاؿ ٖبلق القرآف كبتعطيل
الصفات ،كىو موذل لبِب راسب إحدل قائل األزد قتل سنة 130ىػ كقيل سنة 132ىػ.
280
صفاتو :كاف كثّب ا٣بصومات كا٤بناظرات كدل يكن لو بصر بعلم ا٢بديث كدل يهتم بو ،اشتغل ث-
بعلم الكبلـ كقد شنع عليو العلماء مسلكو كفظحوا تظاىره إبقامة الدين حٌب قاؿ
االشعرم ":كاف ينتحل األمر اب٤بعركؼ كالنهي عن ا٤بنكر" ،738كقد ذكر الشيخ ٝباؿ
الدين القا٠بي أف قتلو كاف ألمر سياسي كليس ديِب كأنو كاف حريصا على إقامة الكتاب
كالسنة ،739كلكن ىذا القوؿ ٨بالف ١بمهور علماء األمة ،يقوؿ اإلماـ اٞبد ":ككذلك
ا١بهم كشيعتو دعوا الناس إذل ا٤بتشابو من القرآف كا٢بديث فضلوا كأضلوا بكبلمهم بشرا
كثّبا.740"..
أتثرت ا١بهمية بشٌب اال٘باىات الفكرية الباطلة ُب عقائدىا ،كقد انطلقت من بلدة ترمذ ٍب انتشرت ُب
بقية خراساف ٍب انتشرت بْب العامة كا٣باصة كظهرت ٥با مؤلفات كرجاؿ مدافعوف عنها .
كقد ذكر شيخ االسبلـ ابن تيمية ثبلث درجات للتجهم كىي :
الدرجة األكذل :ا١بهمية الغالية كىم ينفوف أ٠باء هللا كصفاتو ،كإف ٠بوه فيقولوف على سبيل -1
اجملاز.
الدرجة الثانية :كىم ا٤بعتزلة ك٫بوىم ،كيقركف أب٠باء هللا ُب ا١بملة كينفوف الصفات. -2
الدرجة الثالثة :قسم من الصفاتية ا٤بثبتوف ا٤بخالفوف للجهمية ،كقد اختلفوا إذل ا٘باىات -3
كما يلي:
منهم من يقوؿ أب٠باء هللا كصفاتو ُب ا١بملة لكنمو يردكف طائفة من األ٠باء كالصفات أ-
ا٣بربية كغّب ا٣بربية كيؤكلوهنا.
كمنهم من يقر بصفاتو ا٣بربية الواردة ُب القرآف دكف ا٢بديث كما عليو كثّب من أىل ب-
الكبلـ كالفقو كطائفة من أىل ا٢بديث.
ادلبحث الثالث:
يذكر شيخ اإلسبلـ أف أصل مقالة التعطيل ترجع إذل اليهود كالصابئْب كا٤بشركْب كالفبلسفة الضالْب ،
كقد قيل إف ا١بهم أخذ ىذه ا٤بقالة عن ا١بعد بن درىم كأظهرىا فنسبت إليو .
كقيل إف ا١بعد أخذ مقالتو عن أابف ابن ٠بعاف ،كقد أخذىا أابف عن طالوت ابن أخت لبيد بن
االعصم ،كأخذىا طالوت من لبيد األعصم الساحر الذم سحر النيب ملسو هيلع هللا ىلص.742
فقد كاف التجسيم كالتشبيو أظهر ٠بات اليهودية ا٤بخرفة الٍب ملئت هبا التوراة من كصف هللا بصفات
البشر من الندـ كا٢بزف كعدـ العلم اب٤بغيبات كغّب ذلك من ا٤بعتقدات الباطلة .
للجهمية آراء اعتقادية كثّبة نذكر أبرزىا إٝباال ٍب نفصلها إبٯباز فيما يلي:
التوحيد عند ا١بهمية :ىو إنكار ٝبيع األ٠باء كالصفات ،كٯبعلوف أ٠باء هللا من ابب -1
اجملاز.
القوؿ اب١برب ُب اإلرجاء. -2
إنكار أمور اآلخرة :كالصراط كا٤بيزاف كرؤية هللا كعذاب القرب كالقوؿ بفناء ا١بنة كالنار. -3
نفي كبلـ هللا كالقوؿ ٖبلق القرآف. -4
القوؿ أبف اإلٲباف ىو ا٤بعرفة . -5
نفي أف يكوف هللا ُب جهة العلو. -6
كقد استفاض العلماء ُب نقل آراء جهم كالرد عليها كإبطا٥با كقولو إف علم هللا ٧بدث كمنو نفيو أف يكوف
هللا شيء كغّبىا. 743
كلكن ما ال يدرؾ كلو ال يَبؾ كلو كلذا سوؼ نقتصر على إيضاح أىم ا١بوانب التالية :
تنكر ا١بهمية ٝبيع األ٠باء كالصفات بتأكيبلت ابطلة كحجج كاىية كفيما يلي أىم شبههم :
الرد عليهم:
من ا٤بعلوـ أف هللا كصف نفسو ككصفو رسولو بصفات نعرؼ معانيها كال ندرؾ كيفياهتا،
كاعتقاد السلف فيها اإلٲباف هبا من غّب ٙبريف كال تعطيل كال ٛبثيل كال تكييف .
أف صفات هللا معلومة ا٤بعاين ٦بهوؿ الكيفيات كالسؤاؿ عنها بدعة كدل يتنطع السلف تنطع
ا٤بشبهة كا٤بعطلة ،كدل يسأؿ السلف عن كيفيتها ألهنم يعلموف أف الكبلـ ُب الصفات فرع عن
الكبلـ ُب الذات ،فبل يصفوف ذاات غّب مدركة ا٤باىية بصفات تكيفها ،ألنو قوؿ على هللا ببل
743كقد رد عليهم اإلماـ اٞبد ُب كتابو الرد على الزاندقة ص 25فيقوؿ":كقلنا :ىو شيء ،فقالوا :ىو شيء ال
كاألشياء ،فقلنا :إف الشيء الذم ال كاألشياء قد عرؼ أىل العقل أنو ال شيء ،فعند ذلك تبْب للناس أهنم ال
يؤمنوف بشيء كلكن يدفعوف عن أنفسهم الشنعة ٗبا يقركف ُب العبلنية.
283
علم ،كألهنم يعرفوف أف االشَباؾ ُب التسمية ال يوجب االشَباؾ كا٤بماثلة ُب الذات فرأس ا١بمل
ٱبتلف عن رأس الذرة كىكذا .
أف ا١بهم كأتباعو عارضوا الكتاب كالسنة كقدموا آرائهم عليها .
أف دعواىم التعطيل تنزيو هلل قوؿ ابطل إذ إثبات الصفات ُب كما٥با ا٤بطلق كماؿ مطلق ال
يوصف بو غّبه تعاذل ،كأما سلب الصفات فنقص ،تنتج أنو ال معبود كإ٭با معدكـ .
أف كلمة ا١بسمية هلل نفيا كإثباات ىي من األلفاظ ا٤بخَبعة الٍب دل ترد ُب الشرع ،كالصحيح أنو
ال يطلق على هللا ما ثبت ُب الشرع إطبلقو عليو ،كلفظ ا١بسم لفظ عاـ ٰبتاج إذل بياف
كتوضيح فيجب على القائل تفصيل ما يريد .
أف ىناؾ من ينفي ا١بسمية من ا١بهمية لينفي ما أثبتو هللا لنفسو ،كمنهم من يثبت ا١بسمية
من ا٤بشبهة ليثبت ما نفاه هللا عن نفسو.
أف ٤بعُب ا١بسمية كغّبه من ا٤بعاين اجململة كثّب من ا٤بعاين ،فيستفصل عن قصد القائل ،كينفى
كل ما يلحق النقص بو هلالج لج ،كإثبات ا٤بعُب الصحيح ،إذا كاف قصد القائل من ا١بسمية أنو
ما يتميز بو عن غّبه ،موصوؼ بصفات الكماؿ ٝبيعا ،كأنو فوؽ عباده مستواي على عرشو،
فيقبل ىذا ا٤بعُب ،كأما إذا كاف ا٤بقصود بو تعطيل صفاتو أك غّب من ا٤بعاين الباطلة فهذا
مردكد.744
يظهر االرجاء عند ا١بهمية ُب تلك اآلراء الٍب جاء هبا جهم كمن أٮبها عدـ اعتبار العمل من اإلٲباف ،
كاإلٲباف ُب نظرىم ىو ٦برد االقرار ابلقلب كال قيمة للعمل ك٥بذا سارع أصحاب الفسق كاالستهتار ابلقيم
إذل التمسك هبذا ا٤بذىب ألنو يساير رغباهتم كٰبقق نزكاهتم .
فاإلٲباف عندىم ىو ا٤بعرفة فقط كال يزيد كال ينقص كأف العمل ال صلة لو ابإلٲباف كأف الذنوب ال تعلق
٥با ابالعتقاد ،كإ٭با ىي اتبعة لؤلعماؿ ،كابلتارل فبل أثر ٥با على اإلٲباف ،فإٲباف أم كاحد منهم كإٲباف
جربيل كدمحم عليهما السبلـ.
فا١بهمية قرركا أف العبد مسلوب اإلرادة كاالختيار ألفعالو ،كمثلو مثل حركة ا٤برتعد كىبوب الريح كحركة
النائم كحركة األشجار كٛبايلها بفعل الرايح.
ٍب زعموا أف هللا ىو الذم جرب اإلنساف على فعلو رغما عنو ،كمع ذلك فاهلل يعذبو بنار جهنم ،مع أف
الفعل ىو نفسو فعل هللا ،كقالوا :إف ىذا ليس بظلم ،ألف اإلنساف ملك هلل ألف الظلم ُب مفهومهم ىو
احملاؿ لذاتو غّب ا٤بتصور كقوعو.746
كىذا ٤بفهوـ ال شك أنو ٨بالف ٤با ُب النصوص الشريفة ُب الكتاب كالسنة من أف هللا ٯبازم اإلنساف
على فعلو إبرادتو ،فقاؿٍ{ :ب توَب كل نفس ما كسبت كىم ال يظلموف }سوةر البقرة آية 281كغّب
ذلك من اآلايت .
الصراط من األمور الغيبية الٍب أعدىا هللا لعباده يوـ القيامة كقد ثبت ُب نصوص الشرع ثبوات يقينيا فقاؿ
تعاذل{ :كإف منكم إال كاردىا كاف على ربك حتما مقضيا}سورة مرًن آية 71كغّب ذلك من النصوص.
كالصراط ىو :جسر ٩بدكد على مًب جهنم أدؽ من الشعرة كأحد من السيف ،يعرب ا٣ببلئق بقدر
أعما٥بم إذل ا١بنة ،فمنهم من ٯبتازه كمنهم من يقع ،قاؿ ملسو هيلع هللا ىلص ُب ا٢بديث :كيضرب جسر على جهنم ..
فأكوف أكؿ من ٯبيز. 747".
كمن أكصاؼ الصراط أنو أحد من السيف كأدؽ من الشعرة كعليو كبلليب تتخطف الناس حسب
أعما٥بم فمنهم الناجي كمنهم ا٥بالك .
ا٤بيزاف من األمور الغيبية الٍب نصت عليها النصوص ،كقد أنكرتو ا١بهمية .
كيراد اب٤بيزاف ُب االصطبلح الشرعي :ىو ميزاف حقيقي لو لساف ككفتاف توكزف بو أعماؿ العباد خّبىا
كشرىا ،يظهره هللا يوـ القيامة لوزف مقادير أعماؿ ا٣بلق.
كقد أخرب هللا عنو ُب القراف الكرًن إخبارا ٦بمبل كجاءت السنة مبينة لو كشارحة ،كقد أٝبع ا٤بسلموف
على القوؿ بو كاعتقاده .كقد ثبت أف العمل يوزف ككذلك العامل كتوزف صحائف األعماؿ.
قاؿ تعاذل{:كنضع ا٤بوازين القسط ليوـ القيامة}سورة األنبياء آية 47كيقوؿ النيب ملسو هيلع هللا ىلص ":كلمتاف
748
حبيبتاف إذل الرٞبن ثقيلتاف ُب ا٤بيزاف سبحاف هللا كٕبمده سبحاف هللا العظيم"
كقد أنكرتو ا١بهمية ببل أم دليل سول ٧بض استبعاد عقو٥بم معرضْب عن النصوص الثابتة ُب ذلك.
ا١بنة كالنار أعدٮبا هللا لتكوف ا١بنة دارا ألكليائو كالنار دارا ألعدائو ،خلقهما هللا ككتب ٥بما البقاء
األبدم ،كىو الثابت ُب الشريعة اإلسبلمية .
أما ا١بهمية فقد قالوا بفناء ا١بنة كالنار 749كذلك اعتمادا على أصلهم الفاسد كىو االعتقاد ابمتناع
كجود ما ال يتناىى من ا٢بوادث كالذم استدلوا بو على حدكث األجساـ كجعلوا ذلك عمدهتم ُب
حدكث العادل ،فرأل جهم ما ٲبنع من حوادث ال أكؿ ٥با ُب ا٤باضي ٲبنعو ُب ا٤بستقبل .
كقد زعم أف ا١بنة كالنار ستفُب ٕبجة أف ما الهناية لو من األمور ا٢بادثة بعد أف دل تكن مستحيل حسب
زعمو أف تبقى إذل ما ال هناية .
كقد أنكر علماء السنة على ا١بهم كأتباعو غاية اإلنكار ككفركه كبينوا أف قولو ٨بالف لنصوص الشرع الٍب
تثبت أف هللا يعلم ما أراد بقاءه كما أراد عليو الفناء ،كقد أراد هللا بقاء ا١بنة كالنار ،كالقوؿ بضد ذلك
تكذيب لنصوص الشرع قاؿ تعاذل {:كأما الذين سعدكا ففي ا١بنة خالدين فيها مادامت السموات
كاألرض إال ما شاء ربك عطاء غّب ٦بذكذ}سورة ىود آية 108أم غّب منقطع إال إذا شاء كقد أخرب
أنو دل يشأ أف ينقطع أبدا فيجب تصديق ذلك { كمن أصدؽ من هللا قيبل} كقاؿ تعاذل عن أىل النار :
{ كما ىم منها ٗبخرجْب}سورة ا٢بجر آية 48كقاؿ {:ال يذكقوف فيها ا٤بوت إال ا٤بوتة األكذل }سورة
الدخاف آية 56كقالعن أصحاب النار{ ىم فيها خالدكف}.
يصحو فبل يسقموا أبدا كيشبوا فبل يهرموا أيبدا كٰبيوا فبل ٲبوتوا أبدا ،ككرد
كُب ا٢بديث":أف أىل ا١بنة ٌ
أيضا قوؿ النيب ملسو هيلع هللا ىلص " اي أىل ا١بنة خلود فبل موت كاي أىل النار خلود فبل موت" 750ككرد أف ا٤بوت
يذبح بْب ا١بنة كالنار ،كا٤بذبوح ىنا ىو ا٤بوت نفسو كليس ملك ا٤بوت .
كقد انزع ا١بهمية أيضا ُب كجود ا١بنة كالنار اآلف حيث نفوا ذلك كأصركا على عدـ كجودٮبا كاستدلوا
ابألحاديث الٍب تنص على غرس شجر ُب ا١بنة جزاء بعض األعماؿ الصا٢بة كنسوا أف البيت ا١بميل
ا٤بتكامل البناء كا٢بسن ال ٲبنع أف يزاد فيو ما يزيده حسنا.
كقد أخرب هللا ُب مواضع كثّبة على كجودٮبا اآلف ،فقاؿ عن ا١بنة {أعدتللمتقْب} سورة آؿ عمراف
ص .133كقاؿ عن النار {أعدتللكافرين} سورة آؿ عمراف آية 131كغّبىا من النصوص.
ادلبحث اخلمس:
يتورع السلف عن تكفّب أم ٝباعة أك شخص أك إطبلؽ التكفّب ،كال يتسرعوف فيو ك٥بم ضوابط قوية
كدرجات ُب التكفّب ،كمن دل يفطن ٥با سيقع ُب ا٣بطأ الشرعي أك ا٣بطأ ُب مفهوـ السلف للتكفّب،
كقد ذىب كثّب من علماء السلف إذل تكفّب ا١بهمية كإخراجهم من أىل القبلة ،كمن ىؤالء اإلماـ أبو
سعيد عثماف بن سعيد الدرامي ،فقد ٌبوب اباب ُب كتابو الرد على ا١بهمي751ة ٠باه ابب االحتجاج ُب
إكفار ا١بهمية ،كابب آخر ٠باه ابب قتل الزاندقة كا١بهمية كاستتابتهم من كفرىم ،كقد أكرد ٙبت
ىذين البابْب أدلة كثّبة تربىن على كفر ا١بهمية حاصلها ما يلي:
بداللة القرآف ،حيث أخرب عن قريش أهنم قالوا عن القرآف {:إف ىذا إال قوؿ البشر}سورة -1
ا٤بدثر آية .25أم ٨بلوؽ كىو نفس قوؿ ا١بهم .
من األثر ما كرد عن علي كابن عباس ُب قتل الزاندقة لقوؿ الرسوؿ ملسو هيلع هللا ىلص " :من بدؿ دينو -2
فاقلتوه" 752كا١بهمية أفحش كفرا منهم .
كفرىم الدارمي بقو٥بم ٖبلق القراف كنفي كبلـ هللا كعدـ إثباهتم الصفات كالوجو كالسمع -3
كالبصر كالعلم كبقو٥بم ال يدركف أين هللا .
كقد أكرد الدارمي أ٠باء الذين كفركا ا١بهمية حيث ذكر منهم سبلـ بن أيب مطيع كٞباد بن
زيد كيزيد بن ىاركف كابن ا٤ببارؾ كككيع كٞباد بن أيب سليماف كٰبي بن ٰبي كأبو توبة الربيع
ابن انفع كمالك بن أنس.
الفصل الثالث عشر:
ادلعتزلة
ا٤بعتزلة اسم يطلق على فرقة ظهرت ُب اإلسبلـ ُب القرف الثاين ا٥بجرم ما بْب سنة 105ىػ كسنة
110ىػ بزعامة رجل يسمى كاصل بن عطاء الغزاؿ.
كىذه الفرقة قد تفرعت عن ا١بهمية كانتشرت ُب كثّب من بلداف ا٤بسلمْب ،فشيعة العراؽ على اإلطبلؽ
معتزلة ،كشيعة األقطار ا٥بندية ،كشيعة فارس ،كمثلهم بعض فرؽ الزيدية ُب اليمن فهم ليسوا قلة فضبل
عن أف يقاؿ أهنم انقرضوا كىؤالء يعدكف ُب ا٤بسلمْب اب٤ببليْب.753
يرل بعضهم أف أصل االعتزاؿ كاف ُب زمن ا٣بليفة الراشد علي هنع هللا يضر ،حينما اعتزؿ السياسة أ-
ىو أصحابو كتركوا ا٣بوض ُب ا٣ببلفات الٍب نشأت بْب الصحابة ،كىذا القوؿ ابطل ال
صحة لو.754
يرل كثّب من العلماء أف بدأ االعتزاؿ ىو ما كقع بْب ا٢بسن البصرم ككاصل بن عطاء من ب-
خبلؼ ُب حكم أىل الذنوب ،حيث بدأ من البصرة مسكن ا٢بسن البصرم ٍب انتشر ُب
الكوفة كمنو إذل أقطار األرض.
ك٩با يذكر للمعتزؿ أهنم كانوا شوكة ُب حلوؽ الزاندقة ،كقد قاموا ٔبهود كثيفة لنشر اإلسبلـ ،كلكنهم دل
ٰبسنوا االعتقاد ُب اعتقادىم ٖبلق القراف كغّبه من ا٤ببادم ،كقد انقسوا إذل اثنتْب كعشرين فرقة ذكرىا
علماء الفرؽ.755
كٯبمعهم االعتقاد على األصوؿ ا٣بمسة كىي :التوحيد على طريقة ا١بهمية ،كالعدؿ على طريقة
القدرية ،كالوعد كالوعيد كا٤بنزلة بْب ا٤بنزلتْب كاألمر اب٤بعركؼ كالنهي عن ا٤بنكر على طريقة ا٣بوارج.
ادلبحث الثاين:
دل يتفق العماء على تسمية ا٤بعتزلة ابسم كاحد كمن أقواؿ العماء ُب ا٠بائهم ما يلي:
ا٤بعتزلة :نسب االعتزاؿ إذل زعيم ٥بم كا٠بو كاصل بن عطاء عندمنا اعتزؿ حلقة ا٢بسن -1
البصرم ٤با يسئل ا٢بسن عن مرتكب الذنب فبادر كاصل ابإلجابة بقولو :أبنو ُب منزلة بْب
ا٤بنزلتْب كأنو ملخد ُب التار ُب اآلخرة ،كاعتزؿ حلقة ا٢بسن فسموا معتزلة على سبيل الذـ
٥بم.756
ا٤بعتزلة ،كقد سبق أنو ذـ إال أف ا٤بعتزلة أخذكا يدللوف على مدحو كأهنم ىجركا الفًب -1
كاعتزلوىا.
أىل التوحيد كالعدؿ أك العدلية :كالعدؿ عندىم نفي القدر عن هللا ،كالتوحيد نفي -2
الصفات .
أىل ا٢بق :ألهنم يعتربكف أنفسهم على ا٢بق. -3
الفرقة الناجية :لينطبق عليهم ما كرد ُب فضائلها. -4
ا٤بنزىوف هلل :لزعمهم اف نفي الصفات تنزيو هلل ،كأطلقوا على أىل السنة أ٠باء مثل -5
القدرية كا١بربية كا٤بشبهة كا٢بشوية كالنابتة.
قويت شوكة ا٤بعتزلة حٌب استطاعوا جلب ا٣بليفة ا٤بأموف إذل عقائدىم على يد أٞبد بن أيب دؤاد ،كلقي
ا٤بسلموف عنتا شديدا جراء ذلك ككقعت ُب عهده فتنة خلق القرآف فأكذم كثّب من العلماء على رأسهم
اإلماـ أٞبد بن حنبل ،إذل أف جاء ا٤بتوكل فأٟبد ىذه الفتنة. 759
اتفقت مفاىيم ا٤بتزلة مع القدرية ُب مسألة القدر فذىبوا إذل أف هللا غّب خالق ألفعاؿ الناس بل الناس ىم
من ٱبلقوف أفعاؿ أنفسهم كال قدرة هلل كال مشيئة كال قضاء كىذا تكذيب هلل كرسولو .
فاهلل يقوؿ { :كهللا خلقكم كما تعملوف} كيقوؿ عن نفاذ مشيئتو{:كما تشاءكف إال أف يشاء هللا}
فمشيئة اإلنساف ليست مستقلة عن مشيئة هللا كالعبد مأمور ابالمتثاؿ كغّب مسؤكؿ عن معرفة ما ُب
القدر من الغيب ،كإثبات علم هللا ال يناُب األمر ابالمتثاؿ ،كعلمو ابلعصاة ال يناُب خلقو ٥بم كأمرىم
بطاعتو،كعلمو ٕباؿ إبليس.
ادلبحث الثالث:
ظهر كثّب من الرجاؿ كاف ٥بم دكر ابرز ُب نشر االعتزاؿ حٌب كصلوا إذل السلطة كاستجبلب ا٣بلفاء
كغّب ذلك كمن أبرزىم ما يلي:
ابإلضافة إذل قو٥بم ُب القدر فقد حدث ٥بم خبط ُب أىم مسألة كىي مسألة تعطيل صفات هللا ،حيث
تقرر ُب مذىبهم نفي الصفات هلل كاستبدلوىا بصفا ت ال تليق ابهلل كتؤدم إذل إنكار كجود هللا ملؤىا
ابلتناقضات كا٤بستحيبلت الٍب ال توجد خارج الذىن.761
ادلبحث الرابع:
اختلفوا ُب ا٤بكاف هلل :فذىب بعضهم إذل أف هللا ُب كل مكاف بتدبّبه ،كىو قوؿ أيب -1
ا٥بذيل كا١بعفرين كاإلسكاُب كدمحم بن عبد الوىاب ا١ببائي.
كذىب آخركف إذل أف هللا ال ُب مكاف بل ىو دل يزؿ على ما ىو عليو ،كىو قوؿ أيب زفر كالفوطي.
ذىبوا إذل أف االستواء ٗبعُب االستيبلء ُب قولو تعاذل {:الرٞبن على العرش استول} -2
أٝبعوا على أف هللا ال يرل ابألبصار. -3
اختلفوا ُب صفة الكبلـ هلل :فذىب بعضهم إذل إثبات الكبلـ هلل ،كذىب بعضهم إذل -4
إنكار ذلك ،ك٥بم اختبلفات دقيقة ُب مسائل أخرل ال يتسع ا٤بقاـ لذكرىا.762
ادلبحث اخلامس:
للمعتزلة ٟبسة أصوؿ يقوـ عليها أسا معتقداهتم نذكرىا إٝباال ٍب نتبعها ابلفصيل فيما يلي :األصوؿ
االٟبسة إٝباال ىي:
التوحيد. -1
العدؿ. -2
الوعد كالوعيد. -3
القوؿ اب٤بنزلة بْب ا٤بنزلتْب. -4
األمر اب٤بعركؼ كالنهية عن ا٤بنكر . -5
كال يسمى الشخص معتزليا حٌب ٰبقق ىذه األصوؿ ا٣بمسة ،كتفصيلها فيما يلي:
762انظر :مقاالت اإلسبلميْب ،ا١بزء األكؿ ،كالفرؽ بينالفرؽ للبغدادم كا٤بلل كالنحل للشهرستاين ،ا١بزء األكؿ.
293
كيقصدكف بو البحث حوؿ صفات هللا كما ٯبب لو كما ال ٯبب ،فقد أنكر ا٤بعتزلة الصفات لزعمهم أف
إثباهتا يستلزـ تعدد القدماء كلذلك أرجعوا الصفات إذل الذات ،فيقولوف عادل بذاتو قادر بذاتو .
من ا٤بعلوـ أف السلف يثبتوف صفات هللا كما جاءت ُب الكتاب كالسنة دكف ٙبريف أك أتكيل ،مع
معرفتهم ٗبعانيها كتوقفهم ُب بياف كيفياهتا ،ألف الكبلـ ُب صفة شيء ىو فرع عن تصور ذاتو ،كال أحد
يعلم ذات هللا تعاذل كال كيفياهتا على ضوء ما قاؿ تعاذل { :ليس كمثلو شيء كىو السميع
البصّب}سورة الشورل آية ،11كقوؿ النيب ملسو هيلع هللا ىلص " :أربعوا على أنفسكم فإنكم ال تدعوف أصما كال
غائبا ،إ٭با تدعوف ٠بيعا بصّبا قريبا" 763كغّب ذلك من النصوص ،فصفاه ىز كجل قدٲبة بذاتو زائدة
على الذات على التفصيل الصحيح عند السلف.764
فهم يريدكف ابلعدؿ ما يتعلق أبفعاؿ هللا ،حيث نفوا عن هللا صفات كأثبتوا لو أخرل من ابب نفي القبح
عنو ،كمن ىذا الباب نفوا أعماؿ العباد أف تكوف من فعل هللا ،كقرركا أف العباد خالقوف ألفعا٥بم كأف
هللا ىو الذم أعطى العباد ىذه القدرة كىو عادل هبم كيعتقدكف أف " من قاؿ إف هللا سبحانو خالقها
ك٧بدثها فقد عظم خطؤه". 766
كقد استدلوا على ذلك بعدة شبو تؤيد ما ذىبوا إليو بزعهم ،من أبرزىا ما يلي:
أف إثبات خلق هللا ألفعاؿ العباد فيو نسبة الظلم إليو تعاذل كىو منزه عن ذلك. أ-
الرد عليهم:
٩با ال شك فيو أف أفعاؿ هللا كلها حسنة ال قبيح فيها ،إال أف ا٤بعتزلة ارتكبوا مغالطات كاضحة ُب فهم
النصوص كذلك كما يلي:
أف الظلم الذم نفاه هللا عن نفسو ىو كضع الشيء ُب غّب موضعو أك كضع سيئات أ-
شخص على أخر ،أك أف ينقص من حسنات احملسن ،كىذا ظلم ببل شك كهللا منزه عنو.
أف هللا أخرب أنو خلق كل األشياء ككل األفعاؿ ،كأهنا ال ٚبرج عن خلق هللا كإرادتو ٥با ،قاؿ ب-
تعارل( :كهللا خالق كل شيء} سورة الرعد آية ، 16كقاؿ تعاذل( :كهللا خلقكم كما
تعملوف}سورة الصافات آية ، 96كىؤالء يقولوف :اإلنساف ىو الذم ٱبلق فعلو .
كدل ينظركا إذل أف هللا عز كجل ىو ا٣بالق للعباد كأعما٥بموال ينسب إذل هللا تعاذل إال ابعتبار أقدار
هللا تعاذل للعبد كمشوؿ مشيئة ٥با ال أف هللا ىو الفاعل ا٢بقيقي.768
كأما ابلنسبة الستدال٥بم ابآلية الكرٲبة( :ما ترل ُب خلق الرٞبن من تفاكت}سورة ا٤بلك ت-
آية ،3فقد فسركا التفاكت ىنا اب٢بكمة ،بينما الصحيح أف التفاكت ا٤بنفي ىنا ىو التفاكت
ُب ا٣بلقة ،أم ال يوجد ُب خلق السموات كاألرض من تفاكت ،أم من عيب أك خلل.
فا٤بعتزلة تؤكد أف هللا تعاذل ال يفعل بعبادة إال الصبلح كما فيو نفعهم كجواب عليو جبل كعبل ،ألنو إذا دل
يفعل ذلك كاف ظلما ٥بم كنقصا ٩با فيو صبلحهم ،بل كخبلؼ ا٢بكمة ُب إٯباده ٥بم .
767انظر :شرح األصوؿ ا٣بمسة ص 355كىناؾ آايت أخرل استدؿ هبا القاضي عبد ا١ببار.
768انظر :شرح الطحاكية ص94
295
-الرد عليهم:
أف هللا أمر كأرشد عبادة إذل أف يفعلوا كل ما فيو صبلحهم ،كأف مرد ذلك يعود إليهم ىم، -1
كأف هللا تعاذل ال تضره معصية العاصي كال تنفعو طاعة ا٤بطيع ،كقد كتب هللا على نفسو
الرٞبة تفضبل منو ،كحرـ الظلم عدال منو.
-أف هللا تعاذل يفعل بعباده األصلح ٥بم ،كلكن ال ٯبوز القوؿ ابلوجوب عليو جل كعبل على
سبيل ا٤بعاكضة كما ىو ا٢باؿ بْب ا٤بخلوقْب.
-أف العباد ال يوجبوف عليو شيئا كإ٭با ىو الذم أكجب على نفسو تفضبل منو ككرما ،ال أنو ٯبب
عليو فعل الصبلح كاألصلح ٗبفهوـ ا٤بعتزلة الذم فيو إقامة ا٢بجة عليو إف دل يفعل هبم ذلكُ ،ب
طلب الكافر دخوؿ ا١بنة أك رفع منزلتو ُب ا١بنة
مسألة اللطف من هللا تعاذل ىي من األمور الثابتة ،لكن ليس على سبيل اإلٯباب على هللا تعاذل كما
ترل ا٤بعتزلة.
بل اللطف من هللا ٗبحض تفضلو جل كعبل ككرمو كمنو عليو ابلتوفيق إذل فعل ا٣بّبات كترؾ احملذكرات،
كال ٯبوز القوؿ بوجوب فعل اللطف على هللا تعاذل ،قاؿ تعاذل( :كلوال فضل هللا عليكم كرٞبتو التبعتم
الشيطاف إال قليبل} سورة النساء آية 83
فقد لطف هللا بعباده إذ دل يتبعوا الشيطاف ٝبلة ،حيث بصرىم بعواقب طاعة الشياطْب كبْب ٥بم أضرار
ذلكٍ ،ب لطف هبم كقول عزٲبتهم على عصياف الشيطاف تفضبل منو تعاذل كليس إبٯباب أحد عليو.
األصل الثالث :الوعد والوعيد :
أكال :الوعد :عرفو القاضي عبد ا١ببار ا٤بعتزرل بقولو " :كل خرب يتضمن إيصاؿ نفع إذل الغّب أك
دفع ضرر عنو ُب ا٤بستقبل كال فرؽ بْب أف يكوف حسنا مستحقا كبْب أال يكوف كذلك". 769
كمذىب ا٤بعتزلة أف هللا ٯبب عليو أف يفعل ما كعد بو ا٤بطيعْب كتوعد بو العصاة ال ٧بالة كإ٭با يعطى
العبد ذلك استحقاقا منو على هللا مقابل كعد هللا كال ٯبوز عليو ا٣بلف كالكذب.770
كاستدلوا أبدلة عقلية منها أف هللا ماداـ كلف عبده ابألعماؿ الشاقة فبل بد أف يكوف ٥با مقابل من
األجر كإال لكاف ذلك ظلما كهللا منزه عن الظلم.
الرد عليهم:
بُب ا٤بعتزلة استدالالهتم على مسألة كجوب دخوؿ ا١بنة ابلعمل كىي من ا٤بسائل ا٥بامة ،فقد كرد
أنو ال يدخل أحد ا١بنة بعملو لقوؿ النيب صلى هللا عليو كيلم ":ال يدخل ا١بنة أحد بعملو"ككرد ُب
القراف أف العمل سبب لدخوؿ ا١بنة فقاؿ تعاذل {:ادخلوا ا١بنة ٗبا كنتم تعملوف} كبْب اآلايت الٍب
تفيد تفضل هللا إبدخاؿ ا٣بلق ا١بنة فقاؿ تعاذل{ :الذم أحلنا دار ا٤بقامة من فضلو} .
فهل دخوؿ ا١بنة استحاقا قبل العمل كما ىو رأم ا٤بعتزلة أـ بفضل هللا مضافا إليو العمل؟ .
كا٢بق أف دخوؿ ا١بنة بفضل هللا أكال كأخّبا ،كهللا أكجب على نفسو أنو ال يظلم عمل عامل،
فجعل العمل سبب لدخوؿ ا١بنة كاألعماؿ نفسها إ٭با ىي تفضل من هللا .
فتبْب خطأ استدالؿ ا٤بعتزلة ،كهللا متفضل على عبيده كال يستطيعوف شكر نعمة من نعمو كمع ذلك
فالعبد يعطى ٗبا يكعد بو تفضبل منو ككرما – هلالج لج. -
اثنيا :الوعيد :عرفو القاضي عبد ا١ببار أبف هللا " ٯبب فعل ما كعد بو كأعد عليو ال ٧بالة كال ٰبوز
عليو ا٣بلف كالكذب"
كا٤بقصود ابلوعيد ىو ما يتعلق أبحكاـ ا٤بذنبْب من عصاة ا٤بؤمنْب إذا ماتوا من غّب توبة ،كىم ُب
رأم ا٤بعتزلة مستحقوف للنار خالدين فيها إال أف عقاهبم يكوف أخف من عقاب الكفار.
شبههم:
استدؿ ا٤بعتزلة على كجوب إنفاذ الوعد كالوعيد من القرآف الكرًن بكل آية فيها عقاب للعصاة
ابلنار كا٣بلود فيها ،كىي آايت كثّبة منها قولو تعاذل {:إف األبرار لفي نعيم كإف الفجار لفي
جحيم يصلوهنا يوـ الدين كماىم عنها بغائبْب} كقولو تعاذل {:إف اجملرمْب ُب عذاب جهنم
خالدكف} كغّبىا من اآلايت .
297
الرد عليهم :
ُب الواقع ىذه ا٤بسألة من ا٤بسائل الٍب طاؿ فيها الكبلـ بْب ا٤بعتزلة كبْب أىل السنة كٲبكن إٯباز
النتيجة فيما يلي:
أف قوؿ استدالؿ ا٤بعتزلة على ما استدلوا بو خطأ ُب فهم النصوص فاآلايت ال تدؿ على خلود
أصحاب ا٤بعاصي من ا٤بؤمنْب ،ألف هللا قد يعفوا عنهم ابتداء ،كقد يعذهبم بقدر ذنوهبمٍ ،ب ٱبرجهم
بتوحيدىم كال ٱبلدكف ُب النار إال من مات على الشرؾ الذم ال يغفر لصاحبو .
ٍب إف إخبلؼ الوعيد من فعل الكراـ كىي صفة مدح ٖببلؼ خلف الوعد فإهنا صفة ذـ كهللا منزه
عنها ،كىذا ىو مذىب السلف.
أما ا٤بعتزلة فبل ترل الشفاعة ألحد ُب اآلخرة إال للمؤمنْب فقط دكف الفساؽ من أىل القبلة فبل
شفاعة ألىل الكبائر ألنو يؤدم إذل خلف الوعيد .
جر
كال شك أف ا٢بق جانب ا٤بعتزلة ُب نفي الشفاعة ،فالقوؿ هبا اثبت ُب الكتاب كالسنة كالذم ٌ
ا٤بعتزلة إذل القوؿ هبذا ىو أف من عقائدىم أف السيئات يذىنب ا٢بسنات فالسيئة عندىم ٙببط ٝبيع
العمل ،كمذىب السلف ٌأال شيء يبطل ا٢بسنات كلها إال الردة عن اإلسبلـ كالرجوع إذل الكفر .
فقد أٝبعت ا٤بعتزلة على القوؿ اب٤بنزلة بْب ا٤بنزلتْب كاعتربكىا أصبل من األصوؿ الثابتة ،كقد تلقب ىذه
ا٤بسألة ٗبسألة األ٠باء كاالحكاـ كما ذكر القاضي عبدا١ببار.
كمعُب ىذا األصل كما ذكر القاضي عبدا١ببار أنو " العلم أبف لصاحب الكبّبة ا٠با بْب اال٠بْب
كحكما بْب ا٢بكمْب على ما ٯبيء من بعد" .771
772
ٍب شرحو فقاؿ " :أم ال يكوف ا٠بعو الكافر كال ا٠بو ا٤بؤمن كإ٭با يسمى فاسقا "
كٰبكموف ٖبلوده ُب النار ُب اآلخرة فاختلف ا٠بو كحكمو فاستحق أف يكوف ُب منزلة بْب ا٤بنزلتْب.
كأما استدال٥بم ابآلايت كاألحاديث الٍب تذكر كفر من عمل بعض األعماؿ كٰبكموف أبنو كافر كقوؿ
النيب ملسو هيلع هللا ىلص " سباب ا٤بؤمن فسوؽ كقتالو كفر" 774ىذا خبلؼ معتقد أىل السنة ،فمن ا٤بعلوـ أف السارؽ
كالزاين كغّبٮبا ال يقتل بل ٰب ٌد كلو كاف كافرا ٢بل قتلو كأخذ مالو ،فهو كفر دكف كفر ،كال ٱبرج من
ا٤بلة.775
األصل ا٣بامس :األمر اب٤بعركؼ كالنهي عن ا٤بنكر :كقد بْب القاضي عبد ا١ببار حقيقة -3
ىذا األصل فذكر أف ا٤بعركؼ ىو كل فعل عرؼ فاعلو حسنو ،أك دؿ عليو ،كا٤بنكر كل
فعل عرؼ فاعلو قبحو أك دؿ عليو.
كمعُب تعريف األمر اب٤بعركؼ كالنهي عن ا٤بنكر عندىم أف يتضح أمرٮبا عند الشخص أبف يرل
حسن ا٤بعركؼ كيدلل عليو ،كيرل قبح ا٤بنكر كيستطيع أف يدلل عليو ،كىذا ٖببلؼ ما لو كقع
من هللا – افَباضا فعل القبيح ،فإنو ال يستطيع أف يدلل عليو ك٥بذا ال يوصف اب٤بنكر.
كاألمر اب٤بعركؼ النهي عن ا٤بنكر عندىم من فركض الكفاايت ،كقد استدلوا على كجوهبا ابلكتاب
كالسنة كاإلٝباع ،كقولو تعاذل { :كننتم خّب أمة أخرجت للناس أتمركف اب٤بعركؼ كتنهوف عن
ا٤بنكر} كغّبىا من األدلة.
إال أنو كقع خبلؼ بْب أىل السنة كا٤بعتزلة فيما يلي:
كعندىم أف تغيّب ا٤بنكر يبدأ اب٢بسُب ٍب ابللساف ٍب ابليد ٍب ابلسيف كىم ُب ذلك ٨بالفوف للسنة ،فقد
كرد أف تغيّب ا٤بنكر يبدأ بفعل اليد ال ابلسيف إذا دل يَبب عليو مفاسد أك فتح ابب للفتنة ،فاذا دل
كاما ٞبل السبلح ُب كجوه ا٤بخالفْب من أىل القبلة فبل دليل ٥بم على فعل ذلك ،كال ٯبوز أف يستحل
دـ ا٤بسلم إال ٗبا حدده الشرع كصاحب الكبّبة ليبس بكافر فبل يستحل دمو.
تنسب إذل أيب ا٢بسن األشعرم حينما ظهر ابلبصرة كقد كاف أكؿ أمره على مذىب ا٤بعتزلة ٍب تركو
كاستقل عنو ٍ ،ب انتشر مذىبو ُب البلداف اإلسبلمية مع معرفة بعضهم ٗبذىبو الصحيح الذم استقر عليو
أخّبا كبعضهم على جهل اتـ بذلك .
كىذه ا٤برحلة ىي ا٤برحلة الثانية من ا٤براحل الٍب مرهبا ألشعرم كدل يدـ فيها إذ رجع إذل مذىب السلف
ُب مرحلتو الثالثة ،كفيما يلي نبذة موجزة عنو :
ىو علي بن إ٠باعيل األشعرم ينسب إذل أيب موسى األشعرم ،كىو أحد علماء القرف الثالث ،كلد ُب
البصرة سنة 250ق كتوُب سنة 330ىػ على أرجح األقواؿ.
تعمق ُب مذىب ا٤بعتزلة أكال كتتلمذ على أيب علي ا١ببائيٍ ،ب خرج عن مذىبهم حٌب استقر على
مذىب أىل السنة ،كصنف كتاب اإلابنة عن أصوؿ الداينة .
ك٩با يذكر عنو أنو كاف يتململ من اختبلؼ الفرؽ ُب كقتو كقوة ذكائو كإفحامو ٣بصومو ،ككاف كثّب
التأليف٧ ،بببا للناس ،ك٥بذا ٘بد أف كل طائفة من الطوائف الفقهية تنسبو إليها"فا٤بالكي يدعي أنو
مالكي كالشافعي يدعي أنو شافعي كا٢بنفي كذلك" .
776بعض العلماء يطلق عليهم السبعية ألهنم أثبتوا هلل تعاذل سبع صفات فقط كيؤكلوف ما عداىا.
300
كاف االشعرم على مذىب االعتزاؿ كمن العا٤بْب بو ،حيث أقاـ عليو أربعْب سنة ،ك٩با يذكره العلماء ُب
سّبتو كقصة رجوعو إذل ا٢بق أنو مكث ُب بيتو ٟبسة عشر يوما ال ٱبرج إذل الناس ،كُب هنايتها خرج يوـ
ا١بمعة كبعد أف انتهى من الصبلة صعد ا٤بنرب كقاؿ ٨باطبا الناس " :أيها الناس من عرفِب فقد عرين ..
كنت أقوؿ ٖبلق القراف كأف هللا ال يرل ابألبصار كأف أفعاؿ الشر أان أفعلها كأان اتئب مقلع متصد للرد
777
على ا٤بعتزلة ٨برج لفضائحهم"...
كحينما انضم إذل أىل السنة فرحوا بو فرحا شديدا كاحَبموه كعرفوا قدره كإخبلصو ،كصارت أقوالو حجة
كآراؤه متبعة ،كينبغي التحذير من بعض ا٤بغرضْب الذين يزعموف أف االشعرم دل يتب من االعتزاؿ كأف
778
مر بثبلث
اإلابنة مدسوس عليو كىذا كذب ال سند لو كما صرح بذلك ُب اإلابنة كغّبه فاألشعرم ٌ
مراحل كىي كما يلي :
اثنيها :إثبات الصفات السبع العقلية كىي ا٢بياة كالعلم كالقدرة كاإلرادة كالسمع كالبصر كالكبلـ كأتكيل
الصفات ا٣بربية كالوجو كاليدين غّبىا .
اثلثها :إثبات ذلك كلو من غّب تكييف كال تشبيو جراي على منواؿ السلف كما ُب اإلابنة.
انتسب إذل األشعرم ٝبلة من ا٤بشاىّب الذم كاف ٥بم ابع طويل ُب ٙبرير ا٤بذىب إال أهنم دل يكونوا على
طريقة أيب ا٢بسن كا٤بتقدمْب من أصحابو ُب إثبات الصفات ،كمن كبارىم :
أبو بكر الباقبلين توُب سنة 403كالبيضاكم توُب سنة 701كالشريف ا١برجاين توُب سنة 816
كاإلماـ ا١بويِب األب توُب سنة 438كابنو إماـ ا٢برمْب ا١بويِب أبو ا٤بعارل توُب سنة 478كالغزارل أبو
حامد توُب سنة 505ىػ كالشهرستاين توُب سنة . 548كغّبىم .
كلكن من جاء بعدىم ٩بن ينتسب إذل أيب ا٢بسن االشعرم قد ٌأكلوا الصفات كخالفوه كمنهم من رجع
إذل مذىب السلف .
ادلبحث اخلامس:
كقف األشاعرة ُب االٲباف بصفات هللا موقفا مضطراب فبل ىم كافقوا ا٤بعتزلة كال ىم كافقوا أىل السنة
فألزموىم أىل السنة ابلزامات كألزمهم كذلك ا٤بعتزلة كشنعوا عليهم ،كدل يوافق األشاعرة ُب كل االحواؿ
ما ذىب اليو أبو ا٢بسن األشعرم الذم ينتسبوف إليو .
كحصل مذىب األشاعرة ُب ابب الصفات أهنم يقسموف الصفات اإل٥بية إذل قسمْب :
كىي صفات نفسية راجعة إذل الذات أم إذل كجود هللا .
كصفات سلبية ،كىي ٟبسة أقساـ :الوحدانية كالبقاء كالقدـ ك٨بالفتو للحوادث كقيامو بنفسو ،ك٠بوىا
سلبية ألف كل صفة تسلب ُب إثباهتا كل ماال يليق ابهلل – ُب نظرىم . -
كيقسموف كذلك الصفات إذل سبعة أقساـ كيسموهنا صفات ا٤بعاين كىي :العلم كا٢بياة كالقدرة كاالرادة
كالكبلـ كالسمع كالبصر ،كىي صفات ذاتية ال تنفك عن الذات ،كىم يؤمنوف هبا كما يليق بو تعاذل.
كفيما يلي نوجز القوؿ على أقساـ الصفات الثابتة هلل ،كىي كما يلي:
أقساـ الصفات الثابتة هلل تعاذل :يقسموهنا إذل صفات ذاتية كفعلية كما يلي:
صفات ذاتية :كىي الٍب ال تنفك عن ذات هللا كالعلم كا٢بياة كالقدرة كالسمع كالبصر -1
..كغّبىا.
صفات فعلية :كىي الٍب تتعلق اب٤بشيئة كالقدرة كاالستواء كالنزكؿ كاجمليء كغّبىا. -2
كبعض الصفات ٘بمع األمرين فتكوف ذاتية ابعتبار كفعلية ابعتبار آخر مثل صفة الكبلـ.
صفا عقلية :تثبت ابلنص كالعقل أيضا كالعلم كالكبلـ كالسمع كالبصر كاإلرادة كالبقاء -1
كا٢بياة كالقدرة كالوجود كالواحدنية .
صفات خربية :كىي الٍب تثبت اب٣برب أم السمع ،دكف النظر إذل ثبوهتا ابلعقل ،كالنزكؿ -2
كاالستواء كالوجو كاليدين.
كىذه الصفات تسمى الصفات الفعلية كاالختيارية ا٤بتعلقة اب٤بشيئة كالنزكؿ كاالستواء كالرضى كالغضب
كاالتياف كاجمليء كالفرح كالسخط ،كىذه الصفات يقاؿ ٥با قدٲبة النوع حادثة اآلحاد ،ابعتبار أف هللا دل
يزؿ متصف هبا ،متجدد كقوعها.
أف الكبلبية كتبعتهم األشاعرة فيعتقدكف نفي الصفات الفعلية عن هللا كيؤكلوف معانيها ث-
العتقادىم أهنا ال تليق ابهلل ألهنا تشعر أهنا أعراض ،كاألعراض ال تقوـ إال اب١بسم ،فهم
يثبتوف الصفات الذاتية البلزمة كينفوف الصفات الفعلية االختيارية ،كأكٮبوا الناس أف
مقصدىم ىو التنزيو .
أما االشاعرة القدماء كالباقبلين كالباىلي كغّبىم يثبتوف الصفات ا٣بربية على ظاىرىا كال يؤكلوهنا
تبعا أليب ا٢بسن على مذىب اإلماـ أٞبد بن حنبل.
كلكن ا٤بتأخرين كالغزارل كا١بويِب كالرازم كالتفتازاين كا١برجاين كغّبىم يذىبوف إذل أتكيل الصفات
ا٣بربية كنفي معانيها ا٢بقيقية كيعتقدكف أهنا ٦بازات ،فاالستواء ٗبعُب االستيبلء كاليد ٗبعُب القدرة
كغّبىا من التأكيبلت .
ىناؾ الزامات تبطل ما ذىب إليو األشاعرة ا٤بتأخركف من نفي الصفات ،ٲبكن أف توجز ج-
فيما يلي:
أف االشاعرة حينما يثبتوف الصفات السبع كيؤلوف بقية الصفات ا٣بربية كالرٞبة كالغضب
كغّبٮبا فيلزمهم أف يقولو فيما أكلوه كما أثبتوه فكلها اثبتة ابلكتاب كالسنة.
أف قو٥بم أف الصفات السبع دؿ عليها العقل خبلؼ ما عداىا فهو قوؿ غّب صحيح كىو
ُب مقابلة النصوص كتقدًن للعقل على النقل .
303
أنو كقعوا ُب التناقضات فيثبتوف سبع صفات كينفوف ما عداىا مع أف القوؿ فيما نفوىا ىي
صفات كما أثبتوىا ، 780كنفوا ا٤بماثلة مع أف كجود القدر ا٤بشَبؾ بْب هللا كبْب خلقو ال
يوجب ا٤بماثلة .
كقد يىدل هللا السلف فآمنوا بكل ما جاء عن هللا كعن رسولو فنفوا ما نفاه عن نفيو كأثبتوا ما
أثبتو ال بتنطع كال أتكيبلت ابطلة مع االعتقاد أف كل صفة صحت ىي صفة كماؿ ،فهم
يعلموف ا٤بعاين كٯبهلوف الكيفيات كيعقلوف أف السؤاؿ عنها بدعة .
ادلاتريدية
تنسب ىذه الطائفة إذل أيب منصور ا٤باتريدم كىو دمحم بن دمحم بن ٧بمود كلد ُب ماتريد من بلداف ٠برقند
كال تعرؼ سنة مولده كتوُب سنة 333ىػ على أرجح األقواؿ.781
تلقى علوـ الفقو ا٢بنفي على يد كبار علماء ذلك العصر كنصر بن ٰبي البلخي توُب سنة 368ىػ كأبو
نصر العياض ،كأبو بكر ا٢بمد ا١بوزجاين كغّبىم.
لو ٦بادالت كثّبة مع ا٤بعتزلة كقد ألٌف ُب ٨بتلف الفنوف منها بياف كىم ا٤بعتزلة كأتكيبلت أىل السنة
كالدرر ُب أصوؿ الدين ككتاب التوحيد كإثبات الصفات كغّبىا.
ككاف يلقب فيما كراء النهر إبماـ السنة كإماـ ا٥بدل ،782ككاف يرل اعتبار العقل لكن يقدـ النقل على
العقل عند ا٣ببلؼ بينهما 783ألنو يعترب معرفة هللا كاجبة ابلعقل قبل كركد السمع كأف هللا يعاقب على
عدـ ا٤بعرفة.
ال يرل التقليد بل ذمو كأركد عدة أدلة على فساده. -1
يذىب ُب نظرية ا٤بعرفة إذل كجوب النظر كاالستدالؿ كأنو ال سبيل إذل العلم إال ابلنظر، -2
كىو قريب من قوؿ الفبلسفة كا٤بعتزلة.
يرل أف أ٠باء هللا توقيفية ككافق ىنا السلف إال أنو دل يفرؽ بْب ابب اإلخبار عن هللا كبْب -3
ابب التسمية فأدخل فيها ما ليس منها كلفظ الصانع .
يرل أف ا٤بؤمنْب يركف رهبم خبلؼ الكفار كىذا القوؿ ٖببلؼ األشاعرة ،كلكنو ال يرل -4
ا١بهة كلذلك نفوا علو هللا ،كىذا تناقض .
أقَبب عقيدة السلف ُب سائر الصفات العقلية ،كىي الٍب أثبتوىا ابلعقل لكنو يؤكؿ ما -5
عداىا ،كيعتقد أف الصفات ال ىي ىو كال غّبه كىذا تناقض.
كسط بْب ا١برب كاالختيار فاإلنساف فاعل ٨بتار ٤با يفعلو كمكتسب لو كىو خلق هللا، -6
حيث ٱبلق لئلنساف قدرة عندما يريد الفعل كلذلك اإلنساف ىو الذم يذـ كٲبدح.
يقوؿ ٖبلق أفعاؿ العباد ،كىو يفرؽ بْب بْب تقدير ا٤بعاصي كالشركر كالقضاء هبا كبْب فعل -7
ىذه ا٤بعاصي ،فاألكؿ من هللا كالثاين من العبد بقدرتو كاختياره ،كٲبنع من إضافة الشر اذل
هللا ،فاهلل ال ٱبلق فعل العبد عندىم اال بعد أف يريده العبد كٱبتاره فيصبح كسب العبد.
يرل أف اإلٲباف ىو التصديق ابلقلب ،دكف اإلقرار ابللساف كال ٯبوز االستثناء ُب اإلٲباف -8
ألنو شك كالشك كفر .
أىم ادلسائل ادلتفق عليها وادلختلف فيها بُت ادلاتريدية واألشاعرة وادلعتزلة وأىل السنة ح-
:
305
أوال :ادلسائل ادلتفق عليها بُت األشاعرة وادلاتريدية: 784
اختلفوا ُب مسألة القضاء كالقدر ،فالقدر عند ا٤باتريدية ىو ٙبديد هللا أزال كل شيء ٕبده -1
الذم سيوجد بو من نفع ،كالقضاء الفعل عند التنفيذ.
كأما األشاعرة فّبكف أف القضاء ىو اإلرادة األكلية ا٤بقتضية لنظاـ ا٤بوجودات على ترتيب خاص ،كالقدر
تعلق تلك اإلرادة ابألشياء ُب أكقاهتا ا٤بخصوصة .
أم أف األشاعرة يركف أف احملبة كالرضى كاإلرادة ٗبعُب كاحد ،كيرل ا٤باتريدية أف اإلرادة ال تستلزـ الرضى
كاحملبة .
اختلفوا ُب أصل االٲباف ،فّبل ا٤باتريدية أنو ٯبب على الناس ابلعقل معرفة رهبم كلو دل -2
يبعث رسوال بينما يرل األشاعرة ا٤بعرفة ابلشرع .
اختلفوا ُب صفة الكبلـ ،فّبل ا٤باتريدية أف كبلـ هللا ال يسمع كإ٭با يسمع عبارة عنو ،بينما -3
يرل األشاعرة جواز ٠باع كبلـ هللا.
اختلفوا ُب زايدة اإلٲباف كنقصانو . -4
اختلفوا ُب ا٤بتشاهبات كما سبق. -5
اختلفوا ُب النبوة ،ىل يشَبط فيها الذكورة فاشَبطتو ا٤باتريدية كمنعتو األشاعرة ،كقد -6
اختلف العلماء من أىل السنة فيها ،كا٢بق أهنا ٨بتصة ابلرجاؿ.
اختلفوا ُب التكليف ٗبا ال يطاؽ ،فمنتعتو ا٤باتريدية كجوزتو األشاعرة . -7
اختلفوا ُب ا٢بكمة كالتعليل ،فأثبتتو ا٤باتريدية كنفتو األشاعرة . -8
اختلفوا ُب التحسْب كالتقبيح فقاؿ بو ا٤باتريدية كرأكا أف العقل يدركهما كمنعتو األشاعرة ، -9
كقالوا يتم ابلشرع ال ابلعقل.
-10اختلفوا ُب إٲباف ا٤بقلد فيجوز عند ا٤باتريدية كمنعتو األشاعرة.785
784دل يكن بْب ا٤باتريدم كاألشعرم أم تقارب بل كحٌب ٦برد معرفة ،كقد أرجح بعض الباحثْب تقارب ا٤بذىب
األشعرم مع ا٤باتريدم إذل أخذ ا١بميع عن ابن كبلب ألف األشعرم كاف كبلبيا قبل أف يدخل مذىب السلف.
785انظر :عقيدة التوحيد ُب فتح البارم شرح صحيح البخارم ص 101-98كانظر :ا٤بَبيدية دراسة كتقوٲبا ص
501-498
306
-11اختلفوا ُب معُب كسب العباد ألفعا٥بم ،بعد أف اتفقوا على أهنا ٨بلوقة ،فّبل ا٤باتريدية
كجوب التفريق بْب ا٤بؤثر ُب أصل الفعل كىو قدرة هللا ،كا٤بؤثر ُب صفة الفعل كىو كسب
العبد.
كأما األشاعرة فّبكف أف أفعاؿ العبد اختيارية كاقعة بقدرة هللا كليس للعبد أتثّب فيها فالفعل ٨بلوؽ
كالعبد مكتسب لو.
ُب مصدر التلقي فذىب ا٤بعتزلة إذل أنو العقل كا٤باتريدية قالوا ابلعقل فيما يتعلق ابإل٥بيات -1
كالنبوات كالسمع فيما يتعلق ابليوـ اآلخر ك٠بوىا ابلسمعيات .
ُب األ٠باء أثبتتها ا٤بعتزلة كلكن ال داللة عليها على الصفات ،كأثبتتو ا٤باتريدية كدالهتا على -2
ٜبانية صفات .
ُب الصفات نفتو ا٤بعتزلة كأثبتت ا٤باتريدية ٜبانية صفات . -3
ُب القراف يعتقد ا٤بعتزلة أنو كبلـ هللا ٧بدث ٨بلوؽ ،كا٤باتريدية يعتقدكف أنو كبلـ هللا -4
النفسي كأنو قدًن أزرل غّب ٨بلوؽ.
ُب أفعاؿ العباد نفت ا٤بعتزلة خلق هللا ٥با كإرادتو ٥با كإ٭با ىي من العباد ،كقالت ا٤باتريدية -5
خلق هللا ككسب العباد.
االستطاعة ،أثبتتها ا٤بعتزلة قبل الفعل كنفتها معو ،كأثبتتو ا٤باتريدية قبل الفعل كمع الفعل. -6
الرؤية نفتها ا٤بعتزلة كأثبتها ا٤باتريدية . -7
ا١بنة كالنار غّب ٨بلوقتْب االف عند ا٤بعتزلة كا٤باتريدية تقوؿ ٖبلقهما. -8
نعيم القرب كعذابو كا٤بيزاف كالصراط كا٢بوض كالشفاعة ألىل الكبائر حيث نفتها ا٤بعتزلة -9
كأثبتتها ا٤باتريدية ٔببللة السمع .
-10كرامات األكلياء :حيث نفت ا٤بعتزلة كرامات األكلياء كأثبتها ا٤باتريدية .
-11تعريف االٲباف عند ا٤بعتزلة ىو قوؿ كاعتقاد كعمل كعند ا٤باتريدية ىو التصديق ابلقلب كمن
من زاد إقرار اللساف .
307
-12مرتكب الكبّبة ُب منزلة بْب ا٤بنزلتْب ُب الدنيا كىو ُب النار ُب االخرة أـ ا٤باتريدية فيعتربكف
أنو مؤمن كامل االٲباف كىو ٙبت ا٤بشيئة
-13إٲباف ا٤بقلد ،ال يصح اٲبانو عند ا٤بعتزلة كيصححو ا٤باتريدية
-14زايدة االٲباف كنقصانو ،فا٤بعتزلة يدخلوف األعماؿ ُب مسمى اإلٲباف كىو يزيد كينقص،
كأما ا٤باتريدية فبل يدخلوف األعماؿ كىو ال يزيد كال ينقص عنجهم
كُب ا٢بقيقة دل تنهج ا٤باتريدية منهج السلف الكر اـ فيما يتعلق ابألمور االعتقادية كمن كصفهم أبىل
السنة فقد جانب ا٢بق كالصواب.
ك٘بد اإلشارة قبل ذكر تلك ا٤بسائل إذل ذكر أىم األسس كالقواعد الٍب بِب عليها مذىب ا٤باتريدية كىي:
786انظر :ا٤باتريدية دراسة كتقوٲبا ص 508-503ك٤بزيد من التفصب انظر :كتاب عداء ا٤باتريدية للعقيدة السلفية
أتليف مشس الدين األفغاين.
308
مصدرىم ُب تلقي اإل٥بيات كالنبوات ىو العقل. -1
معرفة هللا كاجبة ابلعقل قبل كركد السمع. -2
القوؿ ابلتحسْب كالتقبيح العقليْب. -3
التأكيل كالتفويض. -4
القوؿ بعد حجية خّب الواحد ُب العقائد. -5
مفهوـ توحيد األلوىية ،كىو عندىم أف هللا كاحد ُب ذاتو ال قسيم لو ككاحد ُب صفاتو ال -1
شبيو لو ككاحد ُب أفعالو ال شريك ،كأىل السنة ٱبالفوهنم ُب ىذا التعريف لعدـ امشالو
على توحيد األلوىية.
إثبات كجود هللا ،استدؿ ا٤باتريدية بدليل حدكث األعراض كاألجساـ ،كىي طريقة -2
خطٌأىم عليها السلف.
االستدالؿ على كحدانية هللا ،حيث يستدؿ عليها ا٤باتريدية بدليل التمانع كىو قولو تعاذل -3
{:لو كاف فيهما آ٥بة اال هللا لفسدات} كقد خطأىم السلف ُب استدال٥بم كبينو أف ىذا
الدليل ٲبنع صدكر العادل عن إ٥بْب لكن ال يدؿ على الوحدانية .
ثبوت األ٠باء ا٢بسُب ،حيث أثبتت ا٤باتريدية ٝبيع األ٠باء لداللة السمع عليها كلكنهم دل -4
يفرقوا بْب ما جاء ُب ابب التسمية كما جاء ُب ابب األخبار عن هللا.
ابب الصفات ،فأثبتا ا٤باتريدية بعض الصفات دكف البعض لداللة العقل عليها ،كالقدرة -5
كالعلم كا٢بياة كاإلرادة كالسمع كالبصر كالكبلـ كالتكوين ،كقد ألزمهم السلف ابلقوؿ فيما
نفوه كما أثبتوه .
الصفات ا٣بربية ،حيث نفت ا٤باتريدية ٝبيع الصفات ا٣بربية ألف إثباهتا بزعمهم ٨بالف -6
للعقل كيدعو إذل التجسيم ،كقد أثبت السلف ٝبيع الصفات .
ُب كبلـ هللا ،يرل ا٤باتريدية أف كبلمو قدًن أزرل معُب كاحد ال يتعلق اب٤بشيئة كالقدرة كليس -7
ٕبرؼ كال صوت بل ىو كبلـ نفسي ال يسمع كا٤بسموع ىو عبارة عنو ،كىو ما ٱبالفو فيو
أىل السنة .
309
ُب دليل صدؽ األنبياء ،حيث حصرىا ا٤باتريدية ُب ا٤بعجزات ،كالسلف يضيفوف عليها -8
دالئل أخرل .
ا٤بسائل ا٤بتعلقة ابليوـ اآلخر ،فّبل ا٤باتريدية أف كل ا٤بسائل ا٤بتعلقة ابليوـ االخر ال تعلم -9
إال ابلسمع ،كالسلف يقولوف علمت ابلسمع كدؿ عليها العقل.
ُ -10ب رؤية هللا ،فأثبت ا٤باتريدية الرؤية لكنهم نفوا ا١بهة كخالفوا السلف فأثبتوا الرؤية كأثبتوا
صفة العلو .
ُ -11ب خلق أفعاؿ العباد ،فّبل ا٤باتريدية أف للعباد إرادة مستقلة عن مشيئة هللا كأف هللا ٱبلق
أفعا٥بم تبعا إلرادهتم ،كالسلف يعتقدكف أف هلل كحده لو اإلرادة كأف للعباد مشيئة ال ٚبرج
عن مشيئة هللا .
ُ -12ب تعريف االٲباف ،ذىب ا٤باتريدم أنو التصديق كمنعوا زايدتو كنقصانو كحرموا االستثناء
فيو ،كخالفهم السلف فاإلٲباف عندىم قوؿ كاعتقاد كعمل كيزيد كينقص كٯبوز االستثناء
فيو لعدـ جواز تزكية النفس.
ُ -13ب ا٢بكم على الفاسق ،فّبل ا٤باتريدية أنو مؤمن كامل اإلٲباف بينما يرل السلف أنو مؤمن
إبٲبانو فاسق بكبّبتو.787
787لقد اىتمت كتب العقيدة ببياف تفاصيل كل تلك ا٤بسائل ،كىي مسائل طويلة ٙبتاج إذل دراسة مطولة كما أثبتو ىنا
يكفي ،إذا الغرض ىو اإلشارة كاإلٯباز .انظر :ا٤باتريدية دراسة كتقوٲبا ،ص 517 -514كتفصيل ذلك ُب ىذا
الكتاب الذم ٚبصص ُب دراسة ا٤باتريدية ابإلضافة إذل ا٤براجع الٍب ذكرانىا سابقا.
310
الفصل السادس عشر:
دراسة اىم ادلسائل اليت اتفق عليها أىل اكالم من االشعرية وادلاتريدية وادلعتزلة واجلهمية
من ا٤بساكئ الٍب ابتلي هبا بعض ا٤بنتسبْب إذل اإلسبلـ تقديس العقل كتقدٲبو على النقل ،كظنوا ابلفعل
أف ىناؾ تعارضا بْب النقل كالعقل ،كىذا عند ٝبهور ا١بهمية كا٤بعتزلة كٝبهور األشاعرة ا٤بتأخرين ك٥بم
ُب ذلك شبو ال تسلم ٥بم منها ما يلي:
أنو ال يوجد تعارض بْب العقل كالنقل ،فإف النقل إذا صح من كتاب هللا أك سنة نبيو ال أ-
ٲبكن أف يعارضها العقل السليم ا٣بارل من الشهوات كالبدع.
أما إذا كاف الدليبلف ظنياف فإنو يقدـ الراجح منهما سواء كاف عقليا أك نقليا ،كإذا كاف أحدٮبا ظنيا
كاآلخر قطعيا ،فإنو يقدـ القطعي بغض النظر عن كونو نقليا أك عقليا ،فالعربة ٗبا كونو قطعي كليس
ٗبا كونو عقلي.
311
أف إسقاطهم أخبار اآلحاد ُب العقائد كزعمهم أف ا٤بتواتر حٌب كإف كاف قطعي اإلسناد فهو ب-
غّب قطعي الداللة ،ألف الداللة اللفظية بزعمهم ال تفيد اليقْب حسب مفهومهم ،788فهذا
من ٝبلة أقوا٥بم البدعية العادية عن اآلجلة الشرعية ال من الكتاب كال من السنة كال من
أقواؿ سلف األمة ،فا٢بق ىو قبوؿ خرب الواحد ُب ابب االعتقادات ماداـ اثبتا ، 789قاؿ
تعاذل { :اي أيها الذين آمنوا إف جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا } فلوال أف خرب الواحد مقبوال ٤با
توجو األمر ابلتثبت فيما ٱبرب لو ٩با ٰبتاج إذل تثبت ،خصوصا إذا جاء من الفاسق ،
كمعناه إذا كاف من غّب فاسق فإنو يقبل.
أف النيب كاف يكتفي ٖبرب الواحد كيرسل رسوال من شخص كاحد إذل ٦بموعة من الناس ت-
كأيمرىم ابلتبليغ فقد ثبت أنو أرسل معاذا إذل اليمن كغّب ذلك من اآلاثر الٍب ركيت ُب
ذلك .
أف السلف كانوا ال يشَبطوف لقبوؿ األحاديث سول عدالة الراكم كثقتو كتقواه. ث-
أف السلف كانوا يقدركف دكر العقل ُب ا٤بعرفة كاالىتداء إذل ا٢بق ،لكنهم ال يوصلونو إذل ج-
درجة التقديس التاـ كتقدٲبو على كبلـ هللا ككبلـ نبيو .
أف ا٥بداية ال أتٌب إال عن طريق الوحي كعلى أيدم الرسل الكراـ ،فبأم مسوغ تَبؾ طرؽ ح-
ا٥بداية كنرجع إذل تقدًن العقل؟
فلو كاف العقل يكفي للوصوؿ إذل ا٢بق ٦بردا عن النقل ٤با عاش ا٤بعَبضوف عن هللا ُب متاىات
الكفر كالضبلؿ ك٤با احتجنا إذل األنبياء.
أف من قدموا على العقوؿ على النقوؿ متناقضوف ُب أقوا٥بم كاعتقاداهتم فنرل منهم من ىداه خ-
عقلو إذل تشبيو هللا ٖبلقو ٛباما ككصفوه كإنساف ،كقابلهم من رأكا عقو٥بم دلتهم على
تعطيل صفات هللا كالٍب تؤكؿ إذل نفي كجود هللا إذ ال يتخيل ذات بدكف أم صفة .
أف السلف كانوا يعلموف أف النقل حينما جاء ٨باطبا العقل مبينا لو الطريق الصحيح ، د-
ككانوا يعلموف أف بينهما توافقا اتما فا٣بطاب إ٭با جاء ألىل العقوؿ كليس للمجانْب
يع ٌد التأكيل اآلفة العظمى الٍب دخل من خبل٥با ا٤ببطلوف لتحريف نصوص الشرع ،فأخرجت
الكثّبين عقيدهتم السليمة إذل عقائد ما أنزؿ هللا هبا من سلطا.
يقوؿ ابن أيب العز ا٢بنفي ُب شأف التأكيل الباطل" :كىو الذم أفسد الدنيا كالدين كىكذا فعلت
اليهود كالنصارل ُب نصوص التوراة كاإل٪بيل كحذران هللا أف نفعل مثلهم كأىب ا٤ببلطوف إال سلوؾ
سبيلهم ...فهل قتل عثماف هنع هللا يضر إال ابلتأكيل الفاسد؟ ككذا ما جرل ُب يوـ ا١بمل كصفْب كمقتل
ا٢بسْب ا٢برة ،كىل خرجت ا٣بوارج كاعتزلت ا٤بعتزلة كرفض الركافض كافَبقت ا٤بلة على ثبلث
791
كسبعْب فرقة إال ابلتأكيل الفاسد"
يطلق التأكيل ُب حقيقتو على أمرين :كٮبا -1ما تؤكؿ إليو حقيقة الشيء كمصّبه-2 .تفسّب الشيء
كبيانو.
790كبلـ اإلٯبي ُب ا٤بواقف صُ 40ب مقارنتو بْب قبوؿ األدلة العقلية كالنقلية ،كتقدًن األدلة العقلية على األدلة
النقلية ىو ا٤بشهور ُب اعتقادات أىل الكبلـ كالبدع.
791شرح العقيدة الطحاكية ص144
313
كقد كردت كلمة التأكيل ُب عدة آايت ُب القراف الكرًن منها قولو تعاذل{ :كأحسن أتكيبل}سورة النساء
آية 59كقولو{ :ىل ينظركف إال أتكيلو}سورة األعراؼ آية 53ككرد ُب السنة قوؿ النيب البن عباس
"":اللهم فقهو ُب الدين كعلمو التأكيل" كىذه ىي ا٤بعاين ا٤بعركفة عند السلف قبل ظهور الكبلـ
كفلسفاتو العقيمة.
أنواع التأويل الباطل :للتأويل الباطل عدة أنواع كما يلي: ب-
-ما دل ٰبتملو اللفظ بوضعو كتأكيل قولو ملسو هيلع هللا ىلص" :حٌب يضع رب العزة عليها رجل" أبف معُب الرجل
ٝباعة من الناس.
-ما دل ٰبتملو اللفظ ببنيتو ا٣باصة من تثنية أك ٝبع كإف احتملو مفردا كتأكيل٤{ :با خلقت
بيدم} ففسركا اليد ابلقدرة.
-ما دل ٰبتملو سياقو كتركيبو ،كإف احتملو ُب سياؽ آخر ،كتأكيل قولو تعاذل{ :أك أيٌب بعض
آايت ربك} أبف ا٤براد أمره .
-مادل يؤلف استعمالو ُب ذلك ا٤بعُب ُب لغة ا٤بخاطب ،كإف أيلف ُب اصطبلح ا٢بادث ،كذكر أف
ىذا النوع دل يؤلف استعمالو ُب لغة العرب كإف كاف معهودا ُب اصطبلح ا٤بتأخرين ،كتأكيل
االستواء ُب قولو تعاذل ٍ {:ب استول على العرش} أبنو أقبل على العرش .
-ما ألف استعمالو ُب ذلك ا٤بعُب لكن ُب غّب الَبكيب الذم كرد بو النص كتأكيل اليد ابلنعمة.
-كل أتكيل يعود على أصل النص ابإلبطاؿ فهو ابطل ،كتأكيل قولو ملسو هيلع هللا ىلص " أٲبا امرأة نكحت
نفسها بغّب إذف كليها فنكاحها ابطل" ٕبملو على األمة .
كقد كاف السلف رٞبهم هللا يدركوف الفرؽ بْب التأكيل ٗبعُب التفسّب كفهم ا٤براد ،كبْب التأكيل ٗبعُب معرفة
ما يؤكؿ إليو ا٤براد من الكبلـ كأخبار ا٤بغيبات كمعرفة صفات هللا على كيفياهتا فلم يعملوا فيها عقو٥بم
ُب معرفة كيفيتها على حقيقتها.
كما ينبغي مبلحظتو أف التأكيل ا٤بذموـ إ٭با كجد حْب ظهرت الفرؽ من خوارج كمعتزلة كشيعة كجهمية
كابطنية كصوفية ،حيث أرادكا أف يوجدكا ألفكارىم غطاء مقبوال فلم ٯبدكا أفضل من التسَب ابلتأكيل
كإظهار أنو علم غزير توصلوا إليو ،كىو ُب حقيقتو غش كخداع للمسلمْب كتعطيل ٤بعاين نصوص
الشريعة ٗبا أدخلوه من مصطلحات جوفاء كمعاين ابطلة. 794
جهل أىل الكالم من اجلهمية وادلعتزلة واألشعرية وادلاتريدية مبعٌت توحيد األلوىية: -3
ينقسم التوحيد إذل ثبلثة أقساـ كىي توحيد األلوىية كتوحيد الربوبية كتوحيد األ٠باء كالصفات .
كىي كانت معركفة ابلبداىة عند السلف الصاحل من الصحابة كمن تبعهم إبحساف حٌب كلو دل يصلوا
إذل ىذا التفصيل ُب كقتهم.
فقد كانوا يعرفوف أف توحيد األلوىية ىو ما يتعلق إبفراد هللا ابلعبادة كا٣بضوع كاالانبة إليو.
كيعلموف أف توحيد الربوبية ىو االعتقاد أبف هللا رب كل شيء كمليكو كىو خالق ا٣بلق كأف ىذا
التوحيد داخل ُب مضموف توحيد األلوىية إال عند ا٣بلف ا٤بتكلمْب.
كيعلموف أف توحيد األ٠باء كالصفات ىو االعتقاد ٗبا أخرب هللا بو عن نفسو من صفات كأ٠باء أك
أخرب عنو رسولو ملسو هيلع هللا ىلص كأف لو ذاات التشبو ذكات ا٤بخلوقْب كال صفاتو تشبو صفاهتم.
كا٤بتكلموف حينما يقرركف الكبلـ ُب التوحيد يقسمونو إذل ثبلثة أقساـ ،فيقولوف ىو كاحد ُب ذاتو ال
قسيم لو ،ككاحد ُب صفاتو ال شبيو لو ككاحد ُب أفعالو ال شريك لو،795
كيفسركف معُب ال إلو إال هللا معناىا القدرة على االخَباع ،كىذا التفسّب ابطل من كجهْب :
أ -أف ىذا قوؿ مبتدع ال يعرؼ أحد قالو من العلماء كال من أئمة الغة .
ب-على تقدير تسليمو فهو تفسّب ابلبلزـ لئللو ا٢بق ،فإف البلزـ لو أف يكوف خالقا قادرا على
االخَباع ،كمٌب دل يكن كذلك فهو ليس إبلو حق.
كىكذا ٯبعلوف توحيد الربوبية الذم دل يقع ا٣ببلؼ فيو أصبل بْب األنبياء كأ٩بهم ىو أساس التوحيد،
كقد أخرب القرآف عن إٲباف كفار قريش بتوحيد الربوبية كمع ذلك دل ينفعهم .
فدعوة الرسل كلهم كنت إذل توحيد األلوىية {كإ٥بكم إلو كاحد ال إلو إال ىو الرٞبن الرحيم} كقاؿ
تعاذل { :كما أرسلنا من رسوؿ إال نوحي إليو أنو ال إلو إال أان فاعبدكف}سورة األنبياء آية 25
فاإللو ىو الذم يستحق العبادة كا٣بضوع لو ،كىذا ىو التفسّب ا٢بق ،كأما تفسّب اإللو ابلقادر على
االخَباع فهو تفسّب ابطل. 796
دل تلتزـ الطوائف ا٤بخالفة ألىل السنة اب٤بفاىيم الواضحة للنصوص بل كاف حا٥بم حاؿ من يفسر
الواضح حٌب ٯبعلو غامضا ،فقد جاؤكا ٗبعاف دل يهتد إليها الصحابة كال حٌب الرسوؿ صلى هللا عليو
كسلم كإف دل يصرحوا بذلك فتسَبكا ٗبصطلحات لدس أفكارىم الضالة ،ككانوا أذكياء ٕبق ُب
عرض شبهاهتم كأتكيبلهتم فا٬بدع كثّب من عواـ ا٤بسلمْب كطبلب العلم .
ٍب إهنم ٠بٌوا أىل السنة أب٠باء منفرة ك٠بوا أنفسهم أبحسن األ٠باء كما يلي:
فقد ٠بٌوا أىل السنة نوابت كعبدة أكاثف لقو٥بم إف هللا فوؽ عرشو بذاتو ،كالركافض ٠بٌوا أىل السنة
نواصب ،كا٤بعطلة ٠بوا أىل السنة مشبهة ك٦بسمة.
فهذه األ٠باء كغّبىا كلها على إطبلقها ظلم ككذب كزكر فهي أ٠باء ألىل الباطل ،فأىل السنة يثبتوف ما
أثبتو هللا لنفسو كأف لو كل الصفات الواردة ُب القرآف كأف هلل ا٤بثل األعلى كىم يؤمنوف بكل ما جاء من
صفات هللا على التفصيل كيتوقفوف عن ا٣بوض ُب كيفياهتا.
317
-11مقاالت اإلسبلميْب كاختبلؼ ا٤بصليْب أليب ا٢بسن األشعرم.
-12الفرؽ بْب الفرؽ للبغدادم
-13الفصل ُب ا٤بلل كاألىواء كالنحل البن حزـ.
-14اإلابنة أليب ا٢بسن األشعرم.
-15ا٤بلل كالنحل للشهرستاين.
-16كتاب اإلٲباف البن منده ٙبقيق الدكتور علي بن انصر.
-17ا٤بعتزلة عواد بن عبد هللا ا٤بعتق.
-18اتريخ ا٤بذاىب اإلسبلمية أليب زىرة.
-19فتح اجمليد للشيخ عبد الرٞبن بن حسن آؿ الشيخ.
-20تيسّب العزيز ا٢بميد للشيخ سليماف بن عبد هللا بن دمحم بن عبد الوىاب.
-21الصفات اإل٥بية للدكتور دمحم أماف ا١بامي.
-22أبو ا٢بسن األشعرم للشيخ ٞباد األنصارم.
-23عقيدة التوحيد ُب فتح البارم شرح صحيح البخارم للشيخ أٞبد عصاـ الكاتب.
-24اتريخ ا١بهمية كا٤بعتزلة للشيخ ٝباؿ الدين القا٠بي.
-25العصريوف معتزلة اليوـ يوسف كماؿ.
-26ا٤بعتزلة بْب الفكر كالعمل علي الشايب /أبو لبابة حسْب /عبد اجمليد النجار.
-27خلق أفعاؿ العباد لئلماـ البخارم دمحم بن إ٠باعيل.
-28ا٤بواقف للعضد اإلٯبي.
-29الفتول ا٢بموية الكربل لشيخ اإلسبلـ ابن تيمية.
-30التحفة ا٤بهدية شرح الرسالة التدمرية للشيخ فاحل بن مهدم آؿ مهدم.
-31درء تعارض العقل كالنقل لشيخ اإلسبلـ ابن تيمية.
-32الصفات ا٣بربية بْب اإلثبات كالتأكيل للشيخ عثماف بن عبد هللا آدـ.
كمئات ا٤براجع الٍب كتبها العلماء ُب دراستهم ٥بذه الفرؽ ٩با ال ٱبفي على طبلب العلم ،كقد ذكرت فيما
تقدـ مراجع قدٲبة كمراجع عصرية.
كأرغب ُب هناية دراسة ىذه الفرؽ أف أتقدـ بنصيحة إذل كل ٧بب من طبلب العلم أال يزىد عن كتابة
ا٤بتأخرين ،فإف فيها صفوة كثّب من ا٤بعلومات إلطبلع ىؤالء على ما كتبو السابقوف كاستخبلص زبدة
318
أفكارىم ٍب تدكينها ُب كتاابهتم.
كليس من اإلنصاؼ اإلعراض عنها ٕبجة أهنم عالة على ما كتبو القدامى فهذا خطأ يفوتك فوائد قد
٘بتنيها بدكف عناء مع أنو ال يبعد عن الصدؽ ُب أف علماء ىذا العصر عالة ُب كثّب من األمور على ما
كتبو القدامى ٤بعايشتهم األحداث كصفاء عقو٥بم كإخبلصهم ُب نفع الناس.
كلكن ىذا ال ٲبنع أف توجد فوائد قد ال ٪بدىا ُب بعض كتاابت القدامى ،كمن قاؿ ٖبطأ ىذا فقد زعم
ا٫بصار فضل هللا عز كجل على عباده ،فإف هللا تعاذل ىو الوىاب كىو الفتاح العليم .غفر هللا لعلمائنا
من تقدـ منهم كمن أتخر ،كنسألو عز كجل أف يلحقنا هبم صا٢بْب غّب خزااي كال مفتونْب
319