Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 46

‫المملكة العربية السعودية‬

‫الجامعة اإلسالمية‬
‫كلية األنظمة والدراسات القضائية‬
‫قسم األنظمة‬

‫ميحرلا نمحرلا هللا مسب‬

‫مذكرة‪ :‬المدخل لدراسة علم األنظمة‬

‫جمع وإعداد‪ :‬عبد الرحمن بن صالح العقيل‬

‫اس األول‬
‫الفصل الدر ي‬
‫‪1442‬ه‬
‫ن ر‬
‫المطلب التمهيدي‪ :‬بي الشيعة والقانون ‪-‬موضوع إثر ي‬
‫ائ‪-1‬‬

‫إن الشريعة اإلسالمية تنظم خمتلف شؤون اإلنسان وعالقاته‪ ،‬فاألحكام التكليفية اخلمسة (الوجوب‪،‬‬
‫واالستحباب‪ ،‬واإلابحة‪ ،‬والكراهة‪ ،‬والتحرمي) هي حاكمة على املكلف يف كل تصرفاته وأفعاله بل‬
‫حىت سكناته وهدوئه‪ ،‬وحني نسرب الشريعة اإلسالمية فإننا خنلص إىل أن الشريعة تنقسم إىل مخسة‬
‫أقسام سنبينها وسنبني يف كل واحدة منها عالقة األنظمة فيها‪:2‬‬

‫‪ -1‬اإلميان‪ :‬وهو يشمل ما يف القلب واللسان واجلوارح‪ ،‬فاإلسالم ال جيرب أحدا على أصل االعتناق‬
‫((ال إكراه يف الدين)) ولكن جيرب على عدم االنتقال‪ ،‬وعلى عدم الدعوة لدي ٍن غري اإلسالم‪ ،‬واألصل‬
‫أن جل األنظمة ال عالقة هلا ابإلميان‪.‬‬

‫‪ -2‬العبادات احملضة (الصالة والزكاة والصيام واحلج)‪ :‬وموقف األنظمة منها كموقفها من اإلميان‪.‬‬

‫‪ -3‬األخالق‪ :‬وكذلك فاألنظمة ال عالقة هلا ابألخالق‪.‬‬

‫‪ -4‬املعامالت (األسرية واملالية)‪:‬‬

‫أ‪ -‬األسرية‪ :‬وهي ما يسمى يف األنظمة ابألحوال الشخصية فقد وضع اإلسالم قواعد وضوابط هلا‬
‫واضحة صرحية مفصلة تفصيال دقيقا يف الكتاب وسنة رسول هللا حممد صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬ولغري‬
‫املسلمني أن يتحاكموا إىل دينهم‪ ،‬وغالبا ما تعطي األنظمة احلرية الكاملة لكل فرقة ملا يرجعون إليه‬
‫يف هذا الباب‪.‬‬

‫ويظهر من هذه األقسام السابقة بعد العالقة فيها بني الشريعة واألنظمة حىت الغربية منها‪" ،‬فإن نظم املنظم‬
‫املسلم هذه األحكام‪ ،‬فإن هذا القالب الذي ظهرت األحكام به هو جمرد وسيلة لبيان األحكام"‪ ،3‬وال‬
‫تعين أبهنا تشريع جديد خمالف للكتاب والسنة‪.‬‬

‫مطالبي به ن يف االختبار‪.‬‬
‫ن‬ ‫ائ غي‬ ‫‪1‬‬
‫( ) موضوع إثر ي‬
‫ن‬
‫محاضة للشيخ د‪ .‬إبراهيم بن محمد‪.‬‬ ‫(‪ )2‬هذه الجزئية مستقاة ومفرغة من‬
‫(‪ )3‬من مذكرة ن يف مبادئ القانون لألستاذ عبد الرحمن السعدون‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫وأما الباقي األقسام فهي مدار عمل األنظمة فيها وألن اإلسالم دين صاحل لكل زمان ومكان فقد وضع‬
‫أطرا عامة وحدودا واضحة ال ُتس وأابح ما سواها وقد قال الفقهاء أن النصوص تتناهى واحلوادث ال‬
‫تتناهى ولذا وجد يف اترخينا الفقهي والتشريعي أصول للفقه وقواعد فقهية ومقاصد للشريعة لتحكم هذه‬
‫احلوادث غري املتناهية وفق أصول اإلسالم ومبادئه ومقاصده‪:‬‬

‫ب‪ -‬املعامالت املالية‪ :‬فالشريعة جاءت مبحرمات حمددة (كالراب والغنب وامليسر) ومبحرمات ال جيوز‬
‫التعامل هبا (كاخلمر والدعارة) وأابحت الباقي وقال الفقهاء‪ :‬األصل ابملعامالت اإلابحة‪.‬‬

‫‪ -5‬نظام احلكم والقضاء "السياسة الشرعية"‪ :‬فالشريعة مل أتت بنصوص صرحية يف هذا الباب وإمنا‬
‫جاءت بضابط عام وهو‪" :‬حتقيق املصلحة" و"العدالة" و"اليسر"‪ ،‬وتركت كيفية تطبيقها للناس‪.‬‬

‫وقد قال اإلمام ابن القيم‪" :‬قال ابن عقيل يف «الفنون»‪ :‬جرى يف جواز العمل يف السلطنة ابلسياسة‬
‫الشرعية‪ :‬أنه هو احلزم‪ ،‬وال خيلو من القول به إمام‪ ،‬فقال شافعي‪ :‬ال سياسة إال ما وافق الشرع‪ .‬فقال ابن‬
‫عقيل‪ :‬السياسة ما كان فعال يكون معه الناس أقرب إل الصالح‪ ،‬وأبعد عن الفساد‪ ،‬وإن مل يضعه‬
‫الرسول – صلى هللا عليه وسلم‪ ،-‬وال نزل به وحي‪ .‬فإن أردت بقولك‪« :‬إال ما وافق الشرع» أي مل‬
‫خيالف ما نطق به الشرع‪ :‬فصحيح‪ .‬وإن أردت‪ :‬ال سياسة إال ما نطق به الشرع‪ ،‬فغلط‪ ،‬وتغليط للصحابة‪.‬‬
‫فقد جرى من اخللفاء الراشدين من القتل والتمثيل ما ال جيحده عامل ابلسنن‪ ،‬ولو مل يكن إال حتريق‬
‫املصاحف"‪ ،‬فإنه كان رأي اعتمدوا فيه على مصلحة األمة‪ ،‬وحتريق علي ‪ -‬رضي هللا عنه ـ الزاندقة" يف‬
‫األخاديد‪ ،‬ونفى عمر بن اخلطاب ‪-‬رضي هللا عنه‪ -‬نصر بن احلجاج‪ .‬ا‪.‬هـ‬

‫وهذا موضع مزلة أقدام ومضلة أفهام وهو مقام ضنك ومعرتك صعب فرط فيه طائفة فجعلوا الشريعة قاصرة‬
‫ال تقوم على مصاحل العباد‪ ،‬وسدوا على أنفسهم طرقا صحيحة من طرق معرفة احلق والتنفيذ له ظنا منهم‬
‫منافاهتا لقواعد الشرع‪ ،‬وأفرطت طائفة أخرى فسوغت من ذلك ما ينايف حكم هللا ورسوله؛ وكال الطائفتني‬
‫أتيت من تقصريها يف معرفة ما بعث هللا به‪ ،‬فإن هللا أرسل رسله وأنزل كتبه‪ :‬ليقوم الناس ابلقسط‪ ،‬وهو‬
‫العدل الذي قامت به األرض والسماوات فإذا ظهرت أمارات العدل وأسفر عن وجهه أبي طريق كان‪:‬‬
‫فثم شرع هللا ودينه‪ ،‬والسياسة اجلزئية حبسب املصلحة‪ ،‬خيتلف ابختالف األزمنة‪ ،‬فمن ظنها شرائع عامة‬
‫الزمة لألمة إىل القيامة‪ ،‬فله عذر وأجر‪ .‬ومن اجتهد يف طاعة هللا ورسوله فهو دائر ينب األجر واألجربن"‪.4‬‬

‫(‪ )4‬الطرق الحكمية نف السياسة ر‬


‫الشعية البن القيم ج‪ 1‬ص‪ 31 – 29‬و‪47‬‬ ‫ي‬
‫‪3‬‬
‫وكثري من األنظمة كائنة يف هذا الباب‪( 5‬كنظام املرور والقضاء واملرافعات والبلديت وأنظمة الوزارات‬
‫كاخلارجية والداخلية والتعليم وغريها من األنظمة) وهي قائمة على حتقيق املصلحة الراجع تطبيقها للناس‬
‫فال عالقة للمنصوص عليه يف الكتاب والسنة هبذا التطبيق ولذا فقد توجد أنظمة كثرية متميزة حتقق مصلحة‬
‫الناس بعدالة يف غري بالد املسلمني وسبب ُتيز أنظمتهم هو ما فهمه العالمة ابن خلدون قدميا فقال يف‬
‫أحوال الناس يف احلكم‪ -1" :‬امللك الطبيعي‪ :‬هو محل الكافة على الغرض والشهوة‪ ،‬وأكثر أحكامها‬
‫جائرة‪ -2 ،‬السياسي‪ :‬هو محل الكافة على مقتضى النظر العقلي يف جلب املصاحل الدنيوية ودفع املضار‪،‬‬
‫وتكون مفروضة من العقالء وأكابر الدول وبصرائها وتسمى سياسة عقلية‪ ،‬ويوجب انقياد الناس إليها ما‬
‫يتوقعونه من ثواب ذلك احلاكم بعد معرفته مبصاحلهم‪ -3 ،‬اخلالفة‪ :‬هي محل الكافة على مقتضى النظر‬
‫الشرعي يف مصاحلهم األخروية والدنيوية‪ ،‬وتكون مستندة إىل شرع منزل من عند هللا يوجب انقيادهم إليه‬
‫إمياهنم ابلثواب والعقاب الذي جاء به مبلغه؛ فالثانية حيصل هبا النفع يف الدنيا‪ ،‬واألخرية حيصل نفعها يف‬
‫الدنيا واآلخرة لعلم الشارع ابملصاحل يف العاقبة"‪ ،6‬فيظهر لنا من هذا كله أن كثري من األنظمة املرعية كامنة‬
‫يف هذا ابب السياسة الشرعية‪.‬‬

‫(‪ )5‬راجع كتاب المدخل لدراسة السياسة ر‬


‫الشيعة واألنظمة المرعية أ‪.‬د‪ .‬ناض الغامدي ص‪37- 35‬‬
‫(‪ )6‬مقدمة ابن خلدون ج‪ 2‬ص‪ 563‬و‪.724‬‬

‫‪4‬‬
‫المبحث األول‪ :‬مفهوم القانون (األنظمة) وأهميته‪:‬‬

‫قبل البدء‪ :‬ملاذا ندرس القانون؟‬

‫"االجتماع اإلنساين ضروري لإلنسان كما ذكر العالمة ابن خلدون يف مقدمته‪ ،‬وهر ما يعرب عنه البعض‬
‫بقوهلم‪ :‬االنسان مدين ابلطبع‪ ،‬أي ال بد له من العيش يف جمتمع‪ ،‬وهو ما يؤيده الواقع فاإلنسان يولد يف‬
‫اجملتمع ويعيش فيه وتصور إنسان خارج اجملتمع ضرب من ضروب الوهم واخليال ال حقيقة له‪.‬‬

‫ويف اجملتمع تنشأ عالقات متنوعة بني أفراده ألن من طبيعة ولوازم هذا العيش املشرتك بني البشر نشوء‬
‫عالقات وروابط فيما بنيهم‪ ،‬وما يرتتب عليها حقوق وواجبات ألطراف هذه العالقة‪.‬‬

‫واالنسان وهو يعيش يف اجملتمع ال يستطيع أن يتمتع حبرية مطلقة يف مزاولة نشاطه الذي يهواه ألنه إن أراد‬
‫ذلك أو فعله اصطدم حبريت اآلخرين الذين يريدون مثل ما يريد من ُتتع حبرية مطلقة يف مزاولة نشاطهم‬
‫وأعماهلم‪ ،‬ويف ذلك دوام الصدام واخلصام الذي ينتج عنه فناء اجملتمع‪.‬‬

‫وبناء على ما ذكرانه من نشوء العالقات والروابط فيما بني أفراد اجملتمع وما يرتتب عليها من حقوق‬
‫والتزامات واستحالة ُتتع األفراد حبرية مطلقة كما يتمتع هبا احليوان يف الغاابت‪ ،‬أقول‪ :‬ترتب على ذلك‬
‫اضطرار أفراد اجملتمع إىل اخلضوع إىل نوع من الضوابط والقواعد الت تنظم عالقاهتم وروابطهم فيما بينهم‬
‫وما يرتتب على تلك الروابط والعالقات‪ ،‬كما حتدد حريهتم الت ميكنهم التمتع هبا‪ ،‬وهبذا تتهيأ للمجتمع‬
‫فرصة العيش املشرتك بسالم‪ ،‬وهذه القواعد هي جوهر القانون‪ ،‬فالقانون ضروري للمجتمع‪ ،‬كما أن اجملتمع‬
‫ضروري لإلنسان‪ ،‬وال يتصور وجود جمتمع بدون قانون على أي حنو يكون عليه هذا القانون وبغض النظر‬
‫عن صالحه وفساده ومصدره"‪.7‬‬

‫الوضع الشيخ عبد الكريم زيدان ص‪.9 – 7‬‬ ‫بي ر‬


‫الشيعة اإلسالمية والقانون‬ ‫(‪ )7‬نظرات ن‬
‫ي‬
‫‪5‬‬
‫اثنيًا‪ :‬مفهوم القانون (النظام)‪:‬‬
‫اللؤلؤ أَي ََجعته ِيف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫السلْك‪،‬‬ ‫فالنظام لغة‪" :‬نَظَ َمه يـَْنظمه نَظْما ونظاما ونَظَّ َمه فانْـتَظَ َم وتَـنَظَّ َم‪ .‬ونَظَ ْمت ْ َ ْ َ ْ‬
‫ٍ‬
‫بعضه إِ َىل بـَ ْع ٍ‬
‫ض‪ ،‬فَـ َق ْد نَظَ ْمته"‪.8‬‬ ‫ت َ‬ ‫ض َم ْم َ‬ ‫والتَّـنْ ِظيم ِمثْـله‪ ،‬و ُّ‬
‫كل َش ْيء قَـَرنْـتَه ِِب َخَر أ َْو َ‬
‫النظام اصطالحا‪" :‬جمموعة القواعد املنظمة لسلوك األفراد والت تضمن الدولة تطبيقها" سواء كان مصدر‬
‫تلك القواعد الشريعة اإلسالمية مباشرة أو األنظمة الت أصدرهتا الدولة أو الت يكون أساسها العرف؛ وقد‬
‫يطلق لفظ النظام "القانون" مقروان بوصف حيصر املعىن فيه‪ ،‬فقد يضاف إىل موضوع مثل‪ :‬القانون‬
‫التجاري‪ ،‬والقانون اجلنائي ‪ ،...‬فيقصد به أنه جمموعة القواعد الت تنظم العالقات الناشئة يف نطاق ذلك‬
‫النشاط؛ وقد يضاف إىل جهة مثل‪ :‬القانون السعودي‪ ،‬والقانون األمريكية‪ ،‬فيقصد به أنه جمموعة القواعد‬
‫الت تنظم العالقات الناشئة يف نطاق تلك اجلهة"‪.9‬‬

‫اثلثًا‪ :‬أمهية علم األنظمة‪:10‬‬

‫تظهر أمهية وجود األنظمة يف احلياة أن هللا خلق اإلنسان وجعله اجتماعي بفطرته فهو حمتاج إىل غريه‬
‫مستأنس به وال يستطيع سد حاجاته كلها مبفرده على تنوع هذه احلاجات (أسرية‪ ،‬اقتصادية‪ ،‬صحية‪،‬‬
‫تعليمية‪ ،‬أمنية‪ ،)...‬وملا كان األمر كذلك وجدت اجملتمعات وتنوعت العالقات القائمة بني أفراد تلك‬
‫اجملتمعات على تنوع حاجة أطراف كل عالقة‪ ،‬وملا تعددت العالقات وتنوعت تعارضت املصاحل الشخصية‬
‫اخلاصة‪ ،‬األمر الذي حيتم وجود قواعد تضبط الناس وُتنعهم من تسلط بعضهم على بعض ومن مث فإن‬
‫وجود األنظمة من لوازم استقرار اجملتمعات‪ ،‬وملا كان اهلدف من وجود القانون هو ضبط احلقوق والواجبات‬
‫بني أفراد اجملتمع مبا حيقق املصلحة ويرسي العدل واملساواة وحيفظ األمن واالستقرار بتنظيمه لسلوك األفراد‬
‫يف اجملتمع كانت أحكامه عرضة للتغيري والتبديل بني فرتة وأخرى وذلك بتغري أحوال اجملتمع وظروفه‬
‫ومصاحله‪.‬‬

‫وإن أهم األغراض الت يستهدف القانون حتقيقها تتمثل يف حتقيق التوازن بني املصاحل املتعارضة من جهة‪،‬‬
‫ويف إقامة العدل يف اجملتمع مبا حيقق األمن والسالم فيه‪:‬‬

‫(‪ )8‬لسان العرب البن منظور ج‪ 12‬ص‪578‬‬


‫(‪ (9‬المدخل لدراسة العلوم القانونية د‪ .‬خالد الرويس ود‪ .‬رزق الريس ص‪8‬‬
‫(‪ )10‬المدخل لدراسة القانون د‪ .‬محمد البديرات ص‪10 - 6‬‬

‫‪6‬‬
‫‪ - 1‬التوفيق بني املصاح املتعارضة‪ :‬ال شك أنه لو ترك العنان ألطماع اإلنسان وأهوائه اخلاصة ملا استقام‬
‫حال اجملتمع‪ ،‬ولسادت الفوضى‪ ،‬وعم االضطراب؛ ألن كل شخص يفضل مصلحته على مصاحل اآلخرين‪،‬‬
‫ويؤثرها على ما سواها‪ ،‬سواء تعلق األمر مبصاحل غريه من األشخاص‪ ،‬أو مبصاحل اجملتمع الت يعرب عنها‬
‫ابملصلحة العامة؛ فحيث ميلك الكل فعل ما يشاؤون ال ميلك أحد فعل ما يشاء‪ ،‬ولذلك ال بد أن تضطلع‬
‫األنظمة إبقامة التوازن بني املصاحل املتعارضة‪.‬‬

‫إن وسيلة األنظمة‪ -‬يف حتقيق هذا التوازن‪ -‬تتم من خالل تقرير احلقوق والواجبات‪ ،‬حبيث ميكن اعتبار‬
‫أحدها وجها لآلخر‪ ،‬فالواجب املفروض على شخص يقصد به أتكيد حق من احلقوق‪ ،‬سواء أكان هذا‬
‫الواجب عاما‪ ،‬ومقتضاه فرض تكليف عام ابحرتام حق الغري‪ ،‬أو واجبا خاصا يثبت يف ذمة شخص أو‬
‫أشخاص معينني‪.‬‬

‫وأما فيما خيص حتقيق التوازن بني املصاحل اخلاصة‪ ،‬جند أن القانون يستهدف حتقيق العدالة‪ ،‬ومنع سيطرة‬
‫القوي على الضعيف واستغالله‪ ،‬فريسم قواعد اثبتة ضمن معايري موضوعية تكفل سري عالقات الناس على‬
‫وترية واحدة‪ ،‬ومبا جينب اجملتمع الفوضى الناجتة عن سعي كل فرد إىل إشباع حاجاته بطريقة أاننية‪ ،‬ودومنا‬
‫مراعاة العتبارات العدالة والتوازن‪ ،‬وعدم جتنب التعسف والغلو يف مباشرة احلقوق‪ .‬وهذا ما يفسر القيود‬
‫الواردة على مضمون احلقوق واحلريت الت يتمتع هبا األفراد مبا مينع إطالقها واإلساءة يف استعماهلا‪.‬‬

‫ومن قبيل هذه القيود أن النظام يعطي املالك وحده حق استعمال ملكه‪ ،‬واستغالله‪ ،‬والتصرف فيه‪ .‬بيد‬
‫أن مباشرته هلذا احلق جيب أن تكون يف حدود القانون‪ .‬والنظام ال جييز له املغاالة يف استعمال ملكه إىل‬
‫احلد الذي يلحق ضررا فاحشا جباره‪ ،‬وإال منع من ذلك وألزم ابلتعويض‪ ،‬كذلك فإن احلق يف التقاضي‬
‫الذي شرع للمطالبة ابحلق أو الذود عنه ليس مطلقا‪ ،‬وإمنا هو منوط بوجود مصلحة جدية ومشروعة له‬
‫وخبالف ذلك فإن مباشرة هذا احلق تكون غري مشروعة‪ .‬والواقع أن هذه القيود تفرض على حنو تبادل‬
‫على كل أصحاب احلقوق واحلريت‪ .‬ومن مث فإن فائدهتا ال تقتصر على من فرضت له‪ ،‬وإمنا كذلك ملن‬
‫فرضت عليه‪ ،‬ذلك أن احرتام مصاحل اآلخرين وحقوقهم هو السبيل الحرتام الغري للمصلحة املقابلة‪ .‬وفرض‬
‫الضوابط والقيود على ممارسة احلريت هو السبيل لتمتع اجلميع بنصيب مماثل ومتكافئ منها مبا حيقق‬
‫املساواة والعدالة‪.‬‬

‫وإذا وقع التعارض بني املصلحة العامة واملصاحل اخلاصة فيتوجب تغليب املصلحة العامة‪ ،‬إعماال لقاعدة‪:‬‬
‫(يتحمل الضرر اخلاص ألجل دفع الضرر العام)‪ .‬ومن تطبيقات تغليب املصلحة العامة قواعد التجرمي‬

‫‪7‬‬
‫والعقاب‪ ،‬مع ما فيها من إيالم صوان للقيم األساسية يف اجملتمع‪ .‬ومنها قواعد التسعري اجلربي للسلع‬
‫األساسية عند تعدي التجار ببيعها أبسعار فاحشة‪ ،‬وجواز هدم البيت الذي يكون أمام احلريق؛ منعا‬
‫لسراية النار‪ ،‬وجواز السكوت على املنكر إذا كان يرتتب على إنكاره ضرر أعظم‪ ،‬ومنع املالك من بيع‬
‫عقاره الكائن يف منطقة معينة ملن يشاء‪ .‬ولكن هذا التغليب جيب أن ال يفضي إىل إهدار املصلحة اخلاصة‪،‬‬
‫وذلك حفاظا على كرامته وحقوقه‪ .‬وهلذا فإن نزع امللكية اخلاصة للمنفعة العامة جيب أن يكون يف مقابل‬
‫تعويض عادل‪.‬‬

‫‪ - ٢‬حتقيق العدل‪ :‬القانون هو أداة ووسيلة حتقيق العدل بني األشخاص يف اجملتمع؛ بل إنه علم وفن‬
‫حتقيق العدل‪ .‬والعدل لغة من َع َد َل‪ ،‬وهو ما قام يف النفوس من استقامة ضد اجلور‪ ،‬وهو احلق ابحلكم‪.‬‬
‫أما معناه االصطالحي فقد استعصى حتديده على الفقهاء‪ ،‬وذلك لفرط عمومه وإطالقه‪ .‬ولكنهم متفقون‬
‫على أن جوهر‪ .‬والعدل كفكرة جمردة ال تراعي الظروف واملالبسات الواقعية اخلاصة بكل حالة على حدة‪.‬‬
‫فال بد من تفيف شدة القواعد النظامية وقسوهتا من خالل اعتدادها ابلظروف واملالبسات الت تتلف‬
‫من حالة إىل أخرى‪.‬‬

‫وهكذا فإن العدل قيمة عليا تستهدف خري الفرد واجلماعة‪ .‬وهو دعامة يعتمد عليها النظام يف الوصول‬
‫إىل جمتمع منظم يسوده األمن واالستقرار‪ ،‬ذلك أن قوة النظام وما يكتسبه من رهبة واحرتام يف نفوس‬
‫املخاطبني يتوقف إىل حد بعيد على حتقيقه للعدل‪ ،‬فاجلميع سواسية أمام النظام "القانون"‪ .‬والنظام الذي‬
‫ال يطبق على اجلميع ليس مدعاة لالحرتام‪.‬‬

‫إن القواعد النظامية ال تلو من نزوع إىل حتقيق العدل‪ ،‬ولكنها ال تتوخى حتقيق العدالة الكاملة وإن سعت‬
‫إىل ذلك‪ ،‬فذاك مبتغى بعيد املنال‪ .‬وليست كل األنظمة تقوم على العدل‪ ،‬ونظام التقادم املسقط خري‬
‫مثال على التباعد بني األنظمة والعدل‪ ،‬ومع ذلك فإن هذه األنظمة تبقى واجبة التطبيق وملزمة للكافة؛‬
‫ألن النظام ال يهدف إىل حتقيق العدل فقط‪ ،‬وإمنا يهدف أيضا إىل احملافظة على كيان اجلماعة‪ ،‬والعمل‬
‫على استتباب األمن‪ ،‬واستقرار املعامالت؛ ‪-‬وهذا هو الرأي الراجح لدى القانونيني‪ -‬فلذا ال بد أن تكون‬
‫الشريعة اإلسالمية حاكمة على هذه األنظمة والقوانني‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫ن‬
‫الثائ‪ :‬خصائص القاعدة القانونية‪:11‬‬
‫المبحث ي‬

‫تتكون القاعدة القانونية من ثالث خصائص البد من وجودها يف القاعدة حىت ُتيز عن غريها من‬
‫القواعد وتوصف أبهنا قاعدة قانونية أي كان مصدرها سواء كان مصدرها الشريعة اإلسالمية أو ما‬
‫تضعها الدولة من األنظمة أو العرف أو ‪ 12...‬وهذه اخلصائص هي‪:‬‬

‫ـ قاعدة سلوك اجتماعي‪.‬‬

‫ـ قاعدة عامة جمردة يف خطاهبا‪.‬‬

‫ـ قاعدة ملزمة مقرتنة جبزاء‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬القاعدة القانونية قاعدة سلوك اجتماعي‪:‬‬


‫ـ ملا كان االنسان اجتماعيا بطبعه كانت احلاجة لتنظيم سلوك األفراد يف اجملتمعات ماسة ومن مث وجد‬
‫القانون لذلك‪ .‬فالقاعدة القانونية هتتم بسلوك اإلنسان ال مبا يعتقد وما يفكر به يف وجدانه‪ ،‬فمجرد‬
‫النيات ال اعتبار له يف القانون إال إن خرج على السطح وأصبح قوال أو عمال له أتثري مادي‪.‬‬

‫ـ فمجرد مراودة اإلنسان لنفسه ابإلتيان بفعل جمرم ال يوقعه يف العقوبة الدنيوية إال إن ابشر هذا الفعل‬
‫فيعتد حينها هبذه النية حيث احلد األعلى أو األدىن‪ ،‬فاجلرمية مع سبق اإلصرار والرتصد ليست كاجلرمية‬
‫االرجتالية‪ ،‬كما أن حلسن النية أثر ابلغ يف تقرير العقوبة أيضا مثل القتل عمد أو شبه عمد أو خطأ‪.‬‬

‫كما أن للنية اعتبار وأثر يف القوانني األخرى غري القانون اجلنائي كما يف املعامالت املالية مثال سواء‬
‫يف القانون املدين أو غريه‪ ،‬فالعقد حىت ينعقد البد فيه من تالقي اإلجياب والقبول بني الطرفني فإن‬
‫كان أحدمها يقصد سلعة معينة واألخر يقصد سلعة أخرى واتفقوا على الثمن مل يصح العقد بينهم‬
‫الختالف اإلرادة بينهما وهي راجعة إىل نية ٍ‬
‫كل من مها‪.‬‬

‫ُ‬
‫(‪ )11‬لخصت من كتاب المدخل لدراسة العلوم القانونية ص‪41- 23‬‬
‫تشي ع جديد؛ ألن‬ ‫ر‬
‫المباش من هذا المصدر فيكون النظام قالبا له‪ ،‬ال أنه مصدر ر‬ ‫(‪ )12‬المقصد‪ :‬هو االستقاء‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ً‬ ‫ر‬
‫ه‪ :‬عدم مخالفتها للشيعة اإلسالمية‪ ،‬وسيأتينا الحقا محاضة يف مصادر القاعدة النظامية‪.‬‬‫الضابط لألنظمة ي‬
‫‪9‬‬
‫* اخلالصة أن القاعدة القانونية كوهنا قاعدة سلوك فهي ترج جمرد األفكار واألحاسيس والنيات وال‬
‫تعتربه مامل يظهر يف سلوك مادي فإن ظهر هذا السلوك فللنية أثر خيتلف ابختالف هذا السلوك‪.‬‬

‫اثنياً القاعدة القانونية عامة جمردة‪:‬‬


‫ملا كانت القاعدة القانونية تاطب اجملتمع وتسعى لتنظيم سلوك األفراد فيه فلن يقتصر احلكم الوارد‬
‫فيها على شخص بذاته أو واقعة معينة‪.‬‬

‫ـ فصفة العمومية تستلزم أن تكون القاعدة عامة تنطبق على كل أفرادها قادرة على استيعاب كل ما‬
‫ستواجهه من وقائع وفروض وحاالت‪ ،‬ويكون ذلك ببيان شروط وصفات من تطبق عليهم القاعدة‬
‫القانونية وما هي الوقائع املشمولة حبكمها دون حتديد أشخاص معينني أو وقائع معينة ابلذات‪.‬‬

‫ـ وصفة التجريد تقتضي أن تسمو القاعدة القانونية حبكمها عن التفصيالت والفروق الثانوية وإمنا تبني‬
‫االعتبارات الرئيسية املشرتكة حىت تطبق على كل األشخاص والوقائع املقصودة حبكمها‪.‬‬

‫ـ والعمومية والتجريد يف القاعدة القانونية وصفان متالزمان إذ إنه ال ميكن أن تتصف القاعدة القانونية‬
‫بصفة العموم إال وأن تكون صياغتها جمردة عن التفصيالت والفروق الثانوية‪.‬‬

‫* وال يعين كون القاعدة القانونية عامة جمردة أهنا جيب أن تطبق على َجيع الناس‪ ،‬بل قد تكون‬
‫القاعدة القانونية موجهه إىل فئة أو طائفة من الناس بل وإىل شخص واحد وتتصف ابلعموم والتجريد‬
‫فال تعني أشخاصهم وإمنا صفاهتم ومراكزهم القانونية‪ ،‬مثل نظام احملاماة‪ ،‬نظام أتديب املوظفني‪ ،‬نظام‬
‫العمل‪ ،‬حقوق رئيس جملس الوزراء ووجباته ‪...‬إخل‪.‬‬

‫* ال خيل بصفة العمومية والتجريد كون القاعدة القانونية مؤقتة بزمن معني‪ ،‬مثل‪ :‬حاالت الطوارئ‪،‬‬
‫واحلالت االستثنائية‪.‬‬

‫* كما أن صفة العمومية والتجريد ال تعين أن تكون القاعدة القانونية مطبقة يف كل جزء من إقليم‬
‫الدولة بل جيوز أن تكون بعض أقاليم الدولة هلا أحكام خاصة‪ ،‬فقد تتص املناطق احلدودية بقوانني‬
‫خاصة‪ ،‬وكذلك قد تتص بعض األقاليم الغنية ابلثروات بقوانني خاصة‪ ،‬كما جيوز يف الدول االحتادية‬
‫أن يكون لكل إقليم من هذا االحتاد نظام خاص ينظم بعض املسائل‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫ـ صفة العموم والتجريد حتتم أن أيخذ اخلطاب فيها ابملعيار املوضوعي (ببيان األحكام املوضوعية الت‬
‫جاء القانون بتنظيمها) دون حتديد أشخاص أو وقائع معينة‪.‬‬

‫ـ أثر العموم والتجريد يف القاعدة القانونية هو أن يضمن للقاعدة دوامها واطرادها وتطبيقها يف كل‬
‫حالة تنطبق عليها شروط انطباقها‪.‬‬

‫ـ صفة العموم والتجريد تعد وسيلة ألن تكون القواعد القانونية مبنية على أساس املساواة بني املراكز‬
‫القانونية‪ ،‬مبا حيقق العدل واألخذ ابلوضع الغالب‪ ،‬دون النظر إىل الظروف اخلاصة بكل حالة حمل‬
‫اعتبار (فهو دور القاضي) واحلكم القضائي ال يتصف ابلعمومية والتجريد ألنه خياطب أفرادا معينني‬
‫فما يتضمنه احلكم القضائي‪ ،‬فهو خاص أبطراف القضية وال يتعداهم إىل غريهم‪.‬‬

‫ـ مثال على صفة العموم والتجريد يف القاعدة القانونية حتديد سن الرشد بسن معني مع اختالف الناس‬
‫يف النضوج العقلي يف هذا السن فقد يوجد من الناس من يصل إىل النضوج العقلي قبل هذا السن‬
‫وقد يوجد من الناس من ال يصل إىل النضوج العقلي إال بعد هذا السن‪ .‬فتحديد سن الرشد بـ (‪18‬‬
‫سنة) هو أخذ ابلغالب العام الذي يغلب على حال الناس‪ ،‬دون تقرير حكم خاص لكل حالة حفاظا‬
‫على صفة العموم‪ ،‬ودون الدخول يف تفصيل وبيان الفروق الثانوية بني الناس يف حكم سن الرشد‬
‫حفاظا على صفة التجريد‪.‬‬

‫اثلثاً‪ :‬القاعدة القانونية أهنا ملزمة ومقرتنة جبزاء‪:‬‬


‫القاعدة القانونية ملا كانت تنظم سلوك األفراد يف اجملتمع فهي لن تكون مقتصرة على إبداء النصح‬
‫واإلرشاد بل تتصف ابإللزام واإلجبار ملن ال يلتزم هبا طواعية‪ ،‬وملا كان من املتصور وقوع املخالفة هلذه‬
‫القواعد القانونية كان من الالزم أن تقرتن جبزاء يوقع على املخالف‪.‬‬

‫ـ ال يعين كون القاعدة القانونية مقرتنة جبزاء أن للفرد حرية االختيار بني االلتزام هبا أو التعرض جلزائها‪،‬‬
‫بل إن اجلزاء ما هو إال وسيلة لضمان االمتثال حبكم هذه القاعدة‪.‬‬

‫ـ اقرتان القاعدة القانونية جبزاء ذو طبيعة خاصة هو من أبرز الفروق الت ُتيز بني القاعدة القانونية‬
‫وغريها من القواعد املنظمة لسلوك األفراد‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫* واجلزاء يف القاعدة القانونية يتخذ صورة مادية دون االقتصار على صورة اجلزاء املعنوي فقط‬
‫كما يف غريه من القواعد املنظمة لسلوك األفراد يف اجملتمع‪ .‬فاجلزاء يف القاعدة القانونية إما أن يلحق‬
‫الشخص املخالف أو ماله أو إلزالة للمخالفة‪.‬‬

‫‪ -‬صور اجلزاء‪ :‬خيتلف اجلزاء املرتتب على خمالفة القاعدة القانونية ابختالف موضوع هذه القاعدة‪:‬‬

‫أوالً ‪ /‬اجلزاء اجلنائي‪:‬‬

‫ويتمثل يف العقوابت الت توقع على املتهم مىت ثبتت عليه اجلرمية لتأديبه وردع غريه‪ ،‬وهذا اجلزاء خيتلف‬
‫ابختالف اجلرمية‪.‬‬

‫ـ فمن اجلزاء ما ميس بدن اإلنسان كالقتل والقطع واجللد ‪ ،...‬ومن اجلزاء ما ميس مال اإلنسان‬
‫كالغرامات املالية وإتالف السلع‪ ،‬ومن اجلزاء ما ميس عدالة اإلنسان بعدم قبول شهادته واحلكم‬
‫بفسقه‪ ،‬ومن اجلزاء ما ميس اجلانب األديب لإلنسان بتوبيخه أو التشهري به‪ ،‬ومن اجلزاء ما ميس حرية‬
‫اإلنسان حببسه وسجنه وتوقيفه‪.‬‬

‫اثنياً ‪ /‬اجلزاء املدين‪:‬‬

‫اجلزاء املدين ال يستهدف الردع والزجر كما يف اجلزاء اجلنائي وإمنا سيكون مداره محاية احلقوق اخلاصة‪.‬‬
‫ـ اجلزاء املدين يسعى إىل إعادة احلالة إل ما كانت إليه كما يف اإلبطال أو الفسخ أو ‪ ،...‬وقد يسعى‬
‫لرفع اآلاثر املرتتبة على التصرف الذي وقع كالضرر وذلك ابلتعويض ‪. ...‬‬

‫اثلثاً ‪ /‬اجلزاء اإلداري‪:‬‬

‫اجلزاء اإلداري يهدف إىل حفظ النظام العام فيما ميس التنظيم اإلداري واملرافق اإلدارية وأعمال املوظفني‬
‫احلكوميني‪ ،‬واجلزاء اإلداري خيتلف ابختالف سببه ومن ذلك‪:‬‬

‫ـ فإن كان سببه خمالفة موظف فلها أنواع من العقوابت التأديبية مثل الفصل أو احلرمان من الرتقية أو‬
‫اخلصم من الراتب أو التوبيخ ‪. ...‬‬

‫‪12‬‬
‫ـ وإن كان سببه خمالفة شرط يف عقد إداري فلها أنواع من اجلزاء تناسب حاله املخالفة مثل إيقاع‬
‫الغرامة على التأخري أو سحب املشروع من املتعاقد مع جهة اإلدارة والتنفيذ على نفقته ‪. ...‬‬

‫ـ وإن كان سببه جتاوز وخمالفة جهة اإلدارة اختصاصاهتا فلها أنواع من اجلزاء فقد يكون اجلزاء ابلتعويض‬
‫وقد يكون إبلغاء القرارات اإلدارية ‪. ...‬‬

‫رابعاً ‪ /‬أنواع أخرى للجزاء‪:‬‬

‫هناك أنواع أخرى للجزاء فمنها اجلزاء اإلجرائي كاحلكم بعدم االختصاص عند خمالفة قواعد‬
‫االختصاص أو احلكم بشطب الدعوى عند عدم االلتزام ابملواعيد املقررة لنظر الدعوى أو عدم قبول‬
‫الدعوى وغري ذلك‪ ،‬وكذلك هناك اجلزاء الدويل ومن صوره‪ :‬املقاطعة الدبلوماسية واحلصار االقتصادي‬
‫والطرد من املنظمات الدولية والتدخل العسكري‪.‬‬

‫* تعدد صور اجلزاء ال يعين عدم جواز اجلمع بني أكثر من صورة يف واقعة واحدة‪ ،‬إذ أنه ميكن أن‬
‫تقع واقعة ويرتتب عليه أكثر من جزاء مثل لو أن موظفا حكوميا اعتدى على مديره يف مقر عمله‬
‫وكسر يده وجواله فإن اجلزاء الذي سيقع يف هذه احلالة جزاء جنائي وجزاء مدين وجزاء إداري‪.‬‬

‫‪ -‬وهناك قواعد تتشابه يف بعض خصائصها مع القواعد القانونية‪ ،‬فلذا كان لزاما أن نزيل اللبس بينهما‪:‬‬

‫أ ‪ /‬قواعد األخالق والقواعد القانونية‪:‬‬

‫األخالق هي يف حقيقتها قواعد تنظم سلوك األفراد يف اجملتمع فهي تتداخل مع القواعد القانونية يف‬
‫هذا اجملال‪ ،‬إال أن األخالق يف أمة من األمم تتشكل من جمموع املبادئ واألفكار واملعايري احملددة‬
‫ملعاين اخلري والشر واحلق والباطل والت تعرب عن ضمري اجلماعة يف عصر من العصور وتكون مستهدفة‬
‫السمو ابلنفس واألخذ هبا حنو مثل أعلى لسعادة اإلنسان وخري اجملتمع‪ ،‬ومن خالل ما تقدم يظهر‬
‫أبن القاعدة األخالقية تشرتك مع القاعدة القانونية يف كوهنما يهدفان إىل تنظيم احلياة يف اجلماعة عن‬
‫طريق قواعد عامة جمردة مقرتنة جبزاء يوقع على خمالفها‪ ،‬إال أهنما خيتلفان يف عدة أمور منها‪:‬‬

‫‪13‬‬
‫‪ /1‬الوضوح‪ :‬القواعد القانونية أكثر وضوحا وحتديدا بينما قواعد األخالق قد يشوهبا نوع من اإلهبام‬
‫والغموض فرمبا ينظر إىل تصرف معني أنه من الكرم وينظر إليه أخر أنه من االسراف‪.‬‬

‫‪ / 2‬نطاق التطبيق‪ :‬قواعد األخالق أوسع نطاقا من القانون من جهة تنظيم القواعد الت تنظم عالقة‬
‫اإلنسان بنفسه فاألخالق تعىن ابلبواعث وما تضمره النيات وإن مل يصحبها سلوك مادي‪ ،‬بينما‬
‫القانون ال يكرتث هلا إال إن ترتب عليها آاثر على األخرين‪ ،‬والقواعد القانونية أوسع نطاقا من‬
‫األخالق من جهة كونه ينظم بعض املسائل الت ال عالقة لألخالق هبا مثل إجراءات التقاضي وأحكام‬
‫االختصاص ومواعيد الطعن على األحكام واالعرتاض على القرارات‪.‬‬

‫‪ / 3‬اجلزاء‪ :‬فاجلزاء يف القانون مادي حمسوس ابلدرجة األوىل تقوم اجلهة املختصة إبيقاعه وإن تضمن‬
‫نوعا من اجلزاء املعنوي بينما هو يف األخالق معنوي سيتشكل يف صورة أتنيب الضمري واستقباح‬
‫النفس له‪.‬‬

‫‪ / 4‬اآلاثر الناَجة عن السهو والغلط‪ :‬لن حتاسب عليها األخالق بينما القواعد القانونية سوف ترتب‬
‫على السلوك آاثرا قانونية وإن كان وقوع السلوك خطأ أو سهوا أو حبسن نية فقد يلزم القانون ابلتعويض‬
‫إن وقع ضرر بسبب الفعل اخلطأ أو السهو‪.‬‬

‫ب ‪ /‬قواعد اجملامالت العادات االجتماعية والقواعد القانونية‪:‬‬

‫من القواعد الت تدخل يف تنظيم سلوك األفراد يف اجملتمع قواعد تعرف بقواعد اجملامالت والعادات‬
‫االجتماعية‪ ،‬وهي قواعد درج الناس على اتباعها يف عالقاهتم وصالهتم ومناسباهتم‪ ،‬ومن أمثلتهم‬
‫القواعد الت تنظم سلوك الناس يف اجللوس يف املناسبات وتقدمي اهلداي وطريقة تقدمي الطعام واملشروابت‬
‫وأنواع امللبوسات وهكذا ‪ ،...‬وهي تتلف من جمتمع إىل أخر ومن بيئة إىل أخرى‪.‬‬

‫* وهذه القواعد تشبه القانون يف كوهنا تنظم سلوك األفراد يف اجملتمع إال أهنا تتلف معه يف أمور منها‪:‬‬

‫‪ / 1‬اجلزاء املرتتب عند خمالفتها‪ :‬فاجلزاء عند خمالفة قواعد اجملامالت والعادات اجملتمعية يكون أديب‬
‫معنوي يتمثل يف استهجان الناس وانتقادهم هلذا الشخص بينما اجلزاء يف القانون كما سبق أن بينا‬
‫هو جزاء مادي حمسوس ابلدرجة األوىل‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫‪ / 2‬الغاية من هذه القواعد‪ :‬فقواعد اجملامالت والعادات االجتماعية غايتها احملافظة على عادات‬
‫اجملتمع فتأثريها على حفظ نظام اجملتمع وتنظيم احلياة ضعيف‪ ،‬بينما غاية القواعد القانونية حفظ أمن‬
‫اجملتمع وتقرير احلقوق والواجبات وتنظيم سلوك األفراد وحتقيق العدل واملساواة بني أفراد اجملتمع‪.‬‬

‫* ومع هذه الفروق إال أن قواعد اجملامالت والعادات االجتماعية قد تتطور إىل أن تصل لتكون قواعد‬
‫قانونية إن اعتقد اجملتمع ضرورة االلتزام هبا‪ ،‬وهذا ظاهر كما يف القواعد القانونية الت تقرر االلتزام بزي‬
‫معني يف بيئات معينة فإن مثل هذه القوانني هي يف األصل عادات حتولت إىل قوانني‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬تقسيم القواعد القانونية إىل آمرة ومكملة ‪:13‬‬

‫مع تطور القانون وتعدد الروابط القانونية واختالفها وتكاثرها ظهرت احلاجة لتصنيف القواعد القانونية‬
‫لتكون القواعد القانونية منظمة يف أبواب متخصصة‪ ،‬وملا كانت القواعد القانونية متنوعة ومتعددة‬
‫اجملاالت فإن تقسيمها سوف يتحدد طبقا لألساس الذي يبىن عليه ذلك التصنيف‪ ،‬واألسس الت‬
‫تصنف فروع القانون عليها متعددة منها‪:‬‬

‫أ ‪ /‬ابلنظر إىل النطاق اإلقليمي للقاعدة القانونية‪ :‬فإنه ميكن تصنيف القواعد القانونية إىل‪ :‬قانون‬
‫داخلي ال يتعدى حيز تطبيقه حدود إقليم الدولة الت أصدرته‪ ،‬وقانون خارجي يتجاوز تطبقه خارج‬
‫حدود إقليم الدولة فتكون خاضعة لقواعد القانون الدول‪.‬‬

‫ب ‪ /‬ابلنظر إىل الشكل الذي ترد فيه القاعدة القانونية‪ :‬فإنه ميكن تصنيف القواعد القانونية إىل‪:‬‬
‫قواعد مكتوبة (التنظيم) إذا كان هذه القواعد القانونية ُتت صياغتها يف نصوص مكتوبة‪ ،‬قواعد غري‬
‫مكتوبة العرف إذا كانت القواعد مستمدة من العرف وغري مكتوبة‪.‬‬

‫جـ ‪ /‬ابلنظر إىل مضمون القاعدة وما تتناوله من أحكام‪ :‬فإنه ميكن تصنيف القواعد القانونية إىل‪:‬‬
‫قواعد موضوعية تنظم أحكام موضوع معني فتبني احلقوق والواجبات وكيفية نشوئها ومباشرهتا‬
‫وانقضائها كقواعد القانون املدين وقواعد القانون التجاري وقواعد القانون اجلنائي وقواعد القانون‬
‫الدستوري وهكذا‪ ،‬وقواعد شكلية إجرائية تنظم إجراءات وأوضاع شكلية معينة يتعني اتباعها للوصول‬
‫إىل ضمان احرتام القواعد املوضوعية كقواعد نظام املرافعات الشرعية ونظام اإلجراءات اجلزائية ونظام‬
‫املرافعات أمام ديوان املظامل‪.‬‬

‫د ‪ /‬ابلنظر إىل قوهتا امللزمة‪ :‬فإنه ميكن تصنيف القواعد القانونية إىل‪ :‬قواعد آمرة ال جيوز اخلروج عن‬
‫أحكامها وال االتفاق على خالفها‪ ،‬وقواعد مكملة أو مفسرة جيوز اخلروج عن أحكامها واالتفاق‬
‫على خالفها‪.‬‬

‫هـ ‪ /‬ابلنظر إىل اختالف طبيعة األشخاص املخاطبني هبا‪ ،‬فإنه ميكن تصنيف القواعد القانونية إىل‪:‬‬
‫قواعد داخلة يف نطاق القانون العام‪ ،‬وقواعد داخلة يف نطاق القانون اخلاص‪.‬‬

‫ُ‬
‫(‪ )13‬لخصت من كتاب المدخل لدراسة العلوم القانونية ص‪.92-83‬‬

‫‪16‬‬
‫‪ -‬وسوف نتناول دراسة أنواع القواعد القانونية على التصنيفني األخريين‪:‬‬
‫‪ -‬تنقسم العالقات القانونية ابلنظر إىل قوهتا امللزمة إىل نوعني من العالقات‪:‬‬

‫أ ‪ /‬القواعد اآلمرة‪:‬‬

‫هي تلك القواعد الت جترب األفراد على اتباع سلوك أو حظره دون أن يكون هلم االتفاق على خمالفتها‬
‫واستبعاد حكمها بينهم‪ .‬وتكون وثيقة الصلة بكيان اجملتمع ومصاحله األساسية‪ ،‬ومن مث فإن أي اتفاق‬
‫خمالف ملضمون هذه القواعد يعد ابطال وغري منتج ألي أثر قانوين ويبقى احلكم الوارد يف القاعدة األمرة‬
‫هو الساري‪ ،‬فلو اتفق اثنني على عقد ربوي وهم راضني به فالعقد ابطل‪ ،‬ولو اتفق رجل على أن يزين مبرأة‬
‫وزان هبا فيقام عليهم احلد إن ثبت ألن كال املثالني فيه خمالفة لقاعدة آمرة ومن مث فال اعتبار أبي اتفاق‪.‬‬
‫وهذه القواعد تشكل قيودا على حرية األفراد اقتضتها املصاحل العامة وحفظ النظام يف اجملتمع إذ إهنا تتناول‬
‫ما خيص كيان اجملتمع ومصاحله ولذا فهي مل ترتك االنقياد حلكمها إلرادة األفراد واختياراهتم‪ ،‬وهذه القواعد‬
‫وإن مسيت ابآلمرة فهي ليست واردة يف صورة األمر فقط بل ترد على صورة النهي عن الفعل أيضا‪.‬‬

‫ب ‪ /‬القواعد املكملة أو املفسرة أو املتممة‪:‬‬

‫هي تلك القواعد الت تبيح لألفراد االختيار بني األخذ مبا جاء يف حكمها أو االتفاق على جتنب األخذ‬
‫حبكمها‪ ،‬ومن مث فأي اتفاق على استبعاد حكمها وخمالفته يعد اتفاقا صحيحا يرتب أثره القانوين على‬
‫أطراف العالقة القانونية‪ ،‬وهذه القواعد ال تشكل قيودا على حرية األفراد لعدم مساسها ابملصاحل العامة‬
‫للمجتمع وإمنا هي تتعلق ابلنشاط احلر لألفراد ومن مث فال ضرر على اجملتمع إذا كانت منظمة وفق إرادهتم‪،‬‬
‫وهذه القواعد هي تنظم العالقات بطريقة احتياطية فإذا اتفق اطراف العالقة على اتباع سلوك خمالف‬
‫ملضموهنا كان هلم ذلك‪ ،‬وإن مل يتفقوا على وضع تنظيم خاص هبم فإهنا تتدخل لتحكم هذه العالقة ‪.‬‬
‫ويكثر استخدام هذه القواعد يف جمال املعامالت املالية فالقواعد الت حتدد وقت تسليم املبيع ومكان التسليم‬
‫وطريقة الوفاء ابلثمن وقدر نصيب الشركاء يف الشركة وغريها هي من القواعد املكملة ألنه من املفرتض أن‬
‫أطراف العالقة اتفقوا على هذه املسائل فإن مل يتفقوا فإهنا ستطبق عليهم أحكام تلك القواعد املكملة‪.‬‬

‫* وقد اثرت الشكوك والتساؤالت حول ثبوت وصف القاعدة القانونية يف القاعدة املكملة ابلرغم من أن‬
‫االلزام فيها ال يكون إال عندما تسكت إرادة األطراف عن تقرير اتفاق خيالفها‪ ،‬فكأن االلزام فيها متوقف‬
‫على إرادة أطرافها‪ ،‬بينما االلزام يف القواعد اآلمرة ليس لألفراد فيه خيار فهم ملزمني به وال جيوز هلم االتفاق‬

‫‪17‬‬
‫على خالفها‪ ،‬وهلذا تردد بعض القانونيني يف وصفها أبهنا قواعد قانونية ورد البعض عليهم أبن قالوا إن‬
‫اإللزام الكامل يف القاعدة املكملة ال يكون موجها إال إىل أولئك الذين ال يتفقون على خالفها‪ ،‬وإمكانية‬
‫االتفاق على خالفها ال يقدح يف اعتبارها قواعد قانونية اتمة‪ ،‬فهي قواعد ملزمة مثلها مثل القواعد اآلمرة‬
‫غري أن شرط انطباقها هو عدم وجود اتفاق على خالفها فإن وجد ذلك االتفاق فإن أطرافه خيرجون من‬
‫حكم القاعدة اآلمر وإن مل يتفقوا على خالفها فإهنا تكون ملزمة ألطرف العالقة ويتعداهم ليشمل القاضي‪.‬‬

‫❖ معيار التفرقة بني القواعد األمرة والقواعد املكملة‪:‬‬

‫من املهم مبكان التمييز بني القواعد اآلمرة والقواعد املكملة نظرا للفرق الكبري يف األثر املرتتب على االتفاق‬
‫على خمالفة أي من تلك القواعد‪ ،‬فاالتفاق على خمالفة القواعد األمرة اتفاق ابطل واالتفاق على خمالفة‬
‫القواعد املكملة أو املفسرة أو املتممة اتفاق صحيح ملزم‪ ،‬وللتمييز بني القواعد اآلمرة واملكملة وسيلتني‪:‬‬

‫‪ / 1‬املعيار اللفظي‪:‬‬

‫ويكون التمييز بني القواعد اآلمرة والقواعد املكملة من خالل هذا املعيار ابلنظر إىل صياغة القاعدة القانونية‬
‫فداللة األلفاظ املستخدمة يف صياغتها تدل على طبيعتها‪.‬‬

‫ـ فإن كانت داللة العبارات املستخدمة تدل على االلزام حبكم القاعدة دون إاتحة إمكانية اخلروج عن‬
‫حكمها فهي قاعدة آمرة‪ ،‬ومن تلك األلفاظ‪ :‬جيب‪ ،‬مينع‪ ،‬حيظر‪ ،‬يعاقب‪ ،‬ال جيوز‪ ،‬يقع ابطال‪.‬‬

‫ـ وإن كانت داللة العبارات املستخدمة تدل على إاتحة إمكانية العدول عن حكم القاعدة فهي قاعدة‬
‫مكملة‪ ،‬ومن تلك األلفاظ‪ :‬جيوز‪ ،‬ال مينع‪ ،‬مامل يتفقوا على خالف ذلك‪ ،‬مامل يقض خبالف ذلك‪.‬‬

‫‪ / 2‬املعيار املعنوي‪:‬‬

‫قد أتيت النصوص القانونية خالية من األلفاظ الت تكشف عن طبيعتها فحني إذن حنتاج إىل النظر إىل‬
‫موضوع تلك القاعدة والبحث عن احلكمة الت من أجلها وضع هذا النص وهل هذا النص مينع االتفاق‬
‫على خالفه أو يتيحه‪.‬‬

‫ـ فعندما يتعلق حكم القاعدة ابلنظام العام واآلداب ومبصاحل أساسية وثيقة الصلة ابجلماعة أو تنظيمها‬
‫األساسي فيها فهي قاعدة آمرة‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫ـ وحينما ال يتعلق حكم القاعدة ابلنظام العام واآلداب واملصاحل العامة للمجتمع وإمنا هي متعلقة ابملصاحل‬
‫اخلاصة اعتربت القاعدة مكملة وصار ألطرافها االتفاق على ما يرونه يف مصلحتهم‪.‬‬

‫* ومفهوم النظام العام واآلداب يعين‪ :‬جمموعة املصاحل العليا للمجتمع والت ُتس كيان اجلماعة ويقوم عليها‬
‫بنياهنا االجتماعي والسياسي واالقتصادي واخللقي‪.‬‬

‫ومن مث فإن َجيع القواعد املتعلقة ابلقانون العام ‪-‬كما ستأيت‪ -‬هي قواعد آمرة لتعلقها ابلنظام العام‬
‫واآلداب‪ ،‬بينما قواعد القانون اخلاص ‪-‬كما ستأيت‪ -‬منها قواعد آمرة ملساسها النظام العام واآلداب‬
‫كالقواعد الت تبني أحكام األركان العامة للعقود واألحكام املتعلقة حبماية العامل يف عقود العمل وغريها‪،‬‬
‫ومن قواعد القانون اخلاص قواعد مكملة وهي األكثر لتنظيمها مصاحل خاصة ال ُتس النظام العام واآلداب‬
‫كاألحكام املتعلقة ابلشروط يف البيع ومواصفات املبيع والثمن ووقت التسليم واألحكام اإلجارة‪ ،‬وغريها‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬القانون العام والقانون الخاص‪:14‬‬

‫يعد تصنيف القواعد القانونية على أساس قواعد تنتمي إىل القانون العام وقواعد تنتمي إىل القانون اخلاص‬
‫من أهم التصنيفات الت ظهرت يف الفكر القانوين‪ ،‬وقد وأخذ هبذا التصنيف كثري من الباحثني وشراح‬
‫القانون‪ ،‬وأخذت به كثري من الدول ذات النزعة الالتينية به يف قوانينها‪ ،‬بينما الدول الت أخذت ابلنظام‬
‫األجنلوسكسوين ال تعرتف هبذا التقسيم فهي ال تفرق بني القواعد القانونية بناء على ما يدخل يف القانون‬
‫العام والقانون اخلاص وإمنا جتعل َجيع العالقات القانونية تضع لقانون واحد دون تفرقة بينها‪.‬‬

‫* أساس التفرقة بني القانون العام والقانون اخلاص‪:‬‬

‫سبق أن تقرر معنا أن وظيفة القانون هي تنظيم العالقات بني األشخاص يف اجملتمع‪ ،‬وهؤالء األشخاص‬
‫ليسوا كلهم على درجة واحدة‪ ،‬فمن األشخاص الذين يتوجه اخلاطب القانوين هلم أشخاصا طبيعيني وهم‬
‫البشر‪ ،‬وأشخاصا معنويني أو اعتباريني وهم على قسمني‪ :‬أشخاص اعتبارية عامة سواء كانت الدولة‬
‫نفسها أو التابعون هلا مثل الوزارات واملصاحل واهليئات واملؤسسات العامة واألجهزة احلكومية األخرى‪،‬‬
‫وأشخاص اعتبارية أو معنوية خاصة كالشركات واملؤسسات واجلمعيات الت ترعى املصاحل اخلاصة‪.‬‬

‫ـ ويتميز األشخاص االعتباريون العامون عن غريهم من األشخاص أبهنم أصحاب سلطة وسيادة يف حني‬
‫أن األشخاص الطبيعيني واألشخاص االعتباريني اخلاصني ليس هلم تلك السلطة والسيادة‪ ،‬وهذا هو‬
‫األساس الذي جعل معيارا للتفرقة بني القانون العام والقانون اخلاص‪ ،‬فمىت كان أحد األطراف يف العالقة‬
‫قانونية الدولة أو شخصا اعتباري أو معنوي عاما اتبعا للدولة ودخلت يف العالقة بوصفها صاحبت سلطة‬
‫وسيادة فإن القانون الذي ينظم أحكام هذه العالقة هو القانون العام‪.‬‬

‫ومىت كان أطراف العالقة القانونية أشخاصا طبيعيني أو اعتباريني خاصني أو كان أحد أطراف العالقة‬
‫الدولة أو شخصا اعتباري أو معنوي عاما اتبعا هلا ودخل يف عالقة قانونية ال بوصفه صاحب سلطة وسيادة‬
‫وإمنا بوصفه شخصا يسعى لالستثمار أو الكسب املادي أو كشخص عادي فإن القانون الذي ينظم‬
‫أحكام هذه العالقة هو القانون اخلاص‪.‬‬

‫ُ‬
‫(‪ )14‬لخصت من كتاب المدخل لدراسة العلوم القانونية ص‪82 - 61‬‬

‫‪20‬‬
‫وبناء على ما سبق فإن القانون العام سيكون متمثال يف‪ :‬جمموعة القواعد الت تنظم العالقة الت يكون أحد‬
‫األطراف فيها على األقل متمتعا ابلسيادة والسلطان (كالدولة أو األشخاص املعنويني التابعني هلا)‪.‬‬

‫وسيكون القانون اخلاص متمثال يف‪ :‬جمموعة القواعد الت تنظم العالقة الت تنشأ بني أشخاص ال يتمتعون‬
‫بسلطات السيادة سواء كان ذلك أصال كما هو حال األشخاص العاديني أو كان بعضهم كالدولة أو‬
‫األشخاص املعنويني التابعني هلا ممن ميتلك هذه السيادة ولكنه ال يتصرف يف هذه العالقة على أساس ُتتعه‬
‫بتلك الصفة‪.‬‬

‫* نتائج التفرقة بني قواعد القانون العام وقواعد القانون اخلاص‪:‬‬

‫إن للتفرقة بني قواعد القانون العام والقانون اخلاص آاثر ونتائج وذلك أن القانون العام يهدف لتحقيق‬
‫املصاحل العامة ومن مث فإن سيعطي الدولة مركزا أعلى عن غريها ومن هذه النتائج‪:‬‬

‫أ ‪ /‬تويل السلطة العامة قدرات وإمكاانت ووسائل ُتكنها من رعاية املصاحل العامة وحتقيق األمن‬
‫واالستقرار وذلك عن طريق تقرير قواعد القانون العام الت تنظم عالقاهتا القانونية مع غريها ما دامت‬
‫صاحبة سلطة وسيادة تتلف عن غريها من القواعد‪.‬‬

‫ب ‪ /‬إخضاع األموال العامة اململوكة للدولة إىل قواعد ونظام محائي خاص خيتلف عن النظام املتبع‬
‫يف القانون اخلاص‪ ،‬وذلك ألن القانون العام يهدف إىل رعاية النفع العام واملصلحة العامة‪ ،‬وبناء على‬
‫ذلك فلن يكون من اجلائز التصرف يف املمتلكات العامة أو احلجز عليها حفاظا على املنفعة العامة‬
‫الت رصدت هلا تلك األموال واملمتلكات‪ ،‬خبالف األموال اململوكة ألشخاص القانون اخلاص‪.‬‬

‫جـ ‪ /‬استقالل وُتيز القواعد الت تنظم الروابط الت تنشأ بني الدولة وموظفيها أبحكام تتلف عن تلك‬
‫القواعد الت تنظم العالقة الت تنشأ بني أصحاب العمل والعمال يف القطاع اخلاص‪ ،‬وذلك ألن موظفي‬
‫الدولة يقومون على تسيري أنشطة املرافق العامة الت هي خمصصة للنفع العام بينما العالقة العمالية‬
‫األخرى يف القطاع اخلاص هي هتدف إىل مصاحل خاصة بني أطرافها‪.‬‬

‫د ‪ /‬خضوع املنازعات الت تكون الدولة طرفا فيها إىل قضاء مستقل خيتلف عن القضاء العادي‪ ،‬ففي‬
‫اململكة العربية السعودية تضع املنازعات الت تكون الدولة طرفا فيها إىل احملاكم اإلدارية التابعة لديوان‬
‫املظامل‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫‪ -‬فروع القانون العام‪:‬‬
‫‪ /1‬القانون الدويل العام‪:‬‬

‫ويـَ َعرف أبنه‪ :‬جمموعة القواعد واملبادئ واألحكام املستمدة من العرف الدول واملعاهدات الدولية واملبادئ‬
‫القانونية العامة الت تنظم عالقات الدول بعضها ببعض يف حالت السلم واحلرب‪ ،‬وتنظم عالقاهتا ابملنظمات‬
‫الدولية واإلقليمية‪ ،‬وتنظم عالقات املنظمات‪.‬‬

‫ومن خالل التعريف يظهر لنا أن موضوع هذا القانون هو تنظيم العالقات الت تنشأ بني الدول يف حالت‪:‬‬

‫أ‪ -‬السلم (كبيان احلقوق والواجبات بني الدول‪ ،‬وطرق تبادل التمثيل الدبلوماسي‪ ،‬وحتديد وسائل فض‬
‫املنازعات الدولية ابلطرق السلمية كالتحكيم واملفاوضات‪ ،‬وغريها)‪ ،‬ب‪ -‬احلرب (كبيان إجراءات احلرب‬
‫ووسائلها املشروعة وغري املشروعة وكيفية معاملة األسرى واملصابني واملدنيني وعالقة الدول املتحاربة‬
‫واحملايدة)‪ .‬ومن جهة أخرى عالقة الدول ابملنظمات الدولية واإلقليمية‪ ،‬وعالقة املنظمات فيما بينها‪.‬‬

‫ـ واململكة العربية السعودية كغريها من الدول تربطها مع الدول األخرى عالقات دبلوماسية‪ ،‬كما ترتبط‬
‫اململكة العربية السعودية ابلعديد من املعاهدات واالتفاقيات الدولية مع الدول واهليئات الدولية‪ ،‬كما أهنا‬
‫عضو منضم لكثري من املنظمات الدولية واإلقليمية واملتخصصة كهيئة األمم املتحدة ومنظمة املؤُتر‬
‫اإلسالمي ومنظمة اليونسكو ومنظمة أوبك وغريها‪.‬‬

‫‪ /٢‬القانون الدستوري‪:‬‬

‫هو جمموعة القواعد القانونية الت توضح شكل الدولة ونظام احلكم فيها وحتدد السلطات العامة‬
‫واختصاصات كل منها‪ ،‬وعالقتها ببعض‪ ،‬وتبني احلقوق واحلريت العامة الت للفراد وواجبات الدولة‬
‫جتاههم؛ وللقانون الدستوري أمهية قصوى يف حياة الدول واألفراد‪.‬‬

‫ويف اململكة العربية السعودية ليس لدينا دستور ولكن لدينا جمموعة من األنظمة ذات قيمة دستورية‬
‫وهي‪ :‬النظام األساسي للحكم وهو أقوى األنظمة وفيه بيان لشكل الدولة ونظام احلكم فيها‬
‫والسلطات العامة يف الدولة واحلقوق واحلريت العامة فيها وغري ذلك من املسائل‪ ،‬ونظام هيئة البيعة‪،‬‬
‫ونظام جملس الوزراء‪ ،‬ونظام جملس الشورى‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫‪ /3‬القانون اإلداري‪:‬‬

‫هو جمموعة القواعد القانونية الت حتكم السلطة التنفيذية عند أدائها لوظائفها املختلفة‪ :‬من دفاع‬
‫وصحة وتعليم وغريها ‪ ،....‬ويدخل يف موضوعات هذا القانون‪:‬‬

‫أ ‪ /‬بيان طرق استغالل األموال العامة يف الدولة وكيفية إدارة املرافق العامة فيها‪.‬‬

‫ب ‪ /‬بياهنا وسائل مباشرة اإلدارة لنشاطها سواء كان ذلك عن طريق اإلدارة املركزية أو غري املركزية‪.‬‬

‫ج ‪ /‬عالقة الدولة مبوظفيها‪.‬‬

‫د ‪ /‬بيان أسس الرقابة القضائية على أعمال اإلدارة وقراراهتا عند مزاولتها لنشاطاهتا وما قد يرتتب على‬
‫ذلك من نزاعات بينها وبني األفراد‪.‬‬

‫ـ والقانون اإلداري وثيق الصلة ابلقانون الدستوري إذ إن القانون الدستوري يتوىل بيان السلطات‬
‫وظيفتها ومنها السلطة التنفيذية بينما القانون اإلداري يبني كيفية سري السلطة التنفيذية يف أدائها‬
‫نشاطها وظيفتها‪.‬‬

‫‪ / 4‬القانون املايل‪:‬‬

‫هو ذلك القانون الذي تنظم قواعده مالية الدولة من جهة حتديد وجوه املصروفات واإلنفاقات على‬
‫مرافق الدولة وبيان مصادر اإليرادات وبيان كيفية إعداد ميزانية الدولة وتنفيذها وأسس الرقابة عليها‪.‬‬

‫ـ ومن مث فإن هذا القانون سوف يتناول تنظيم ميزانية الدولة ومواردها ومصاريفها ومدخراهتا‪ ،‬ومن‬
‫األنظمة الت ُتثل القانون املال يف اململكة نظام إيرادات الدولة وغريها من األنظمة‪.‬‬

‫‪ / 5‬القانون اجلنائي‪:‬‬

‫هو جمموعة القواعد القانونية الت حتدد األفعال اجملرمة ابختالفها والعقوابت املقررة هلا والقواعد الشكلية‬
‫لتطبيقها والت ترسم اإلجراءات الت تتبع من حلظة وقوع الفعل اإلجرامي حىت تنفيذ العقوبة ابجلاين‪.‬‬

‫وعلى هذا األساس فإن القانون اجلنائي حيتوي على فرعني من القواعد‪:‬‬

‫‪23‬‬
‫أوال ‪ /‬القواعد املوضوعية (قانون العقوابت)‪:‬‬

‫وهي القواعد الت تعني أنواع اجلرائم وحتدد اجلزاء املقرر لكل جرمية‪ ،‬وينقسم إىل قسمني‪:‬‬

‫* القسم العام‪:‬‬

‫يتناول القسم العام األحكام العامة الت تسري على كل اجلرائم‪ ،‬كقواعد املسؤولية اجلنائية‪ ،‬وأحكام‬
‫الظروف املشددة واملخففة‪ ،‬فهي أحكام عامة ال تص جرمية معينة‪ ،‬وأتخذ يف االعتبار جمموعة من‬
‫املبادئ الدستورية الت نص عليها النظام األساسي للحكم ومنها‪:‬‬

‫ـ أن العقوبة شخصية‪.‬‬

‫ـ ال جرمية وال عقوبة إال بنص شرعي أو نص نظامي‪.‬‬

‫ـ ال عقاب إال على األعمال الالحقة للعمل ابلنص النظامي‪ .‬وغريها من املبادئ‪.‬‬

‫* القسم اخلاص‪:‬‬

‫يتناول القسم اخلاص األحكام اخلاصة لكل جرمية على حدى كالقتل والسرقة والرشوة ‪ ،...‬ببيان‬
‫أركان اجلرمية وشروطها وصورها ومقدار العقوبة احملددة على مرتكبها وموانع استيفاء العقوبة ‪. ...‬‬

‫ـ ويف اململكة تشكل قواعد القسم اخلاص فيما يتعلق ابجلرائم والعقوابت املقررة هلا من شقني‪:‬‬

‫أ‪ /‬املنصوص عليه يف الشريعة اإلسالمية‪ :‬كاحلدود والقصاص وبعض التعازير‪ ،‬وهذه تستقى مباشرة‬
‫من مصادر الشريعة اإلسالمية‪.‬‬

‫ب‪ /‬جرائم التعزير املنظمة‪ :‬والت يصدرها ول األمر بناء على أحكام الوالية وسلطات ول األمر‬
‫املنصوص عليها الفقه اإلسالمي‪ ،‬مثل جرائم التزوير والرشوة واجلرائم املعلوماتية واملخدرات ‪. ...‬‬

‫‪24‬‬
‫اثنيا القواعد الشكلية (اإلجراءات اجلزائية ‪ /‬اجلنائية)‪:‬‬

‫وهي قواعد تتضمن اإلجراءات املتعلقة بضبط اجلرمية والتحقيق فيها وإجراءات احملاكمة اجلنائية ووسائل‬
‫تنفيذ العقوبة‪ ،‬ومن مث فإن اإلجراءات اجلزائية هي نظام شكلي يلزم وجوده لتنفيذ أحكام قانون‬
‫العقوابت املوضوعية‪.‬‬

‫ـ ويف اململكة العربية السعودية يتوىل نظام اإلجراءات اجلزائية ابلدرجة األوىل تقرير أحكام اإلجراءات‬
‫الت تتبع فيما يتعلق ابجلرائم‪ ،‬وهناك أنظمة أخرى كنظام األحداث واملختص ببيان اإلجراءات املتعلقة‬
‫ابألحداث‪ ،‬وكذلك نظام النيابة العامة والذي يبني اختصاصها يف التحقيق والنيابة العامة أمام القضاء‬
‫اجلنائي والرقابة على تنفيذ العقوابت‪ ،‬وغريها من األنظمة‪.‬‬

‫‪ -‬فروع القانون اخلاص‪:‬‬


‫يشكل القانون اخلاص تلك القواعد الت تنظم العالقات الت ال تكون الدولة طرفا فيها بصفته صاحب‬
‫سلطة وسيادة؛ وهذه العالقات الت يتناوهلا القانون اخلاص تكون على قدر من املساواة بني أطرافها‬
‫خبالف العالقات الت يتناوهلا القانون العام فإن الدولة تكون يف منزلة أرقى وأمسى من الطرف العادي‬
‫املتعاقد معها‪.‬‬

‫‪ /1‬القانون املدين‪:‬‬

‫القانون املدين هو أصل القوانني وأساس تنظيم العالقات بني األفراد وتفرعت منه فروع القانون اخلاص‬
‫األخرى‪ ،‬وأحكام القانون املدين هي القاعدة العامة الت ستطبق يف نطاق القوانني األخرى على الوقائع‬
‫الت مل تشملها القوانني األخرى ابلتنظيم‪ ،‬فإذا ما وجدت واقعة يف القانون التجاري مثال مل ينص‬
‫القانون التجاري على حكم هلا فإن قواعد القانون املدين هي الت سوف تطبق!‬

‫ـ ويع رف القانون املدين أبنه‪ :‬جمموعة القواعد القانونية الت تنظم العالقات الت بني أفراد اجملتمع يف‬
‫املسائل الت ال تدخل يف نفوذ قانون آخر‪ ،‬وحتتوي قواعد القانون املدين على قسمني من القواعد‪:‬‬

‫‪25‬‬
‫األول‪ /‬قواعد األحوال الشخصية ويتناول أحكام األسرة من أحكام النكاح والطالق واخللع والنفقة‬
‫وأحكام املواريث وغري ذلك‪.‬‬

‫الثاين ‪ /‬قواعد املعامالت املالية ويتناول بيان االلتزامات ومصادرها (عقد أو إرادة منفردة كالوصية أو‬
‫التعويض عن فعل ضار كالضرر الناشئ عن الفعل اخلطأ أو التعويض فعل انفع بغري سبب ‪ )...‬وأاثرها‬
‫وانتقاهلا وانقضائها وما تعلق أبحكام احلقوق وأنواعها وغري ذلك‪.‬‬

‫ـ ال يوجد يف اململكة العربية السعودية قانون مدين وإمنا مسائل القانون املدين يرجع فيها ألحكام‬
‫الشريعة اإلسالمية وهي الشريعة العامة لكل القوانني األخرى‪ ،‬فاملعتمد يف تقرير أحكام القانون املدين‬
‫هو فقه املعامالت على مذهب اإلمام أمحد بن حنبل رمحه هللا تعاىل‪.‬‬

‫‪ /٢‬القانون التجاري‪:‬‬

‫هو ذلك الفرع من القانون الذي تتناول أحكامه تنظيم الروابط الناشئة عن املعامالت التجارية بني‬
‫األفراد بسبب احرتافهم التجارة أو لتعلقها ابألعمال التجارية على وجه العموم‪ .‬ومن مث فإن قواعد‬
‫القانون التجاري ستعىن بتعريف التاجر وحتديد أهليته وبيان واجباته والتزاماته وستعىن بتحديد األعمال‬
‫التجارية ووسائل ممارسة النشاط التجاري وسيتناول بيان أحكام األوراق التجارية وبيان أحكام‬
‫الشركات وأشكاهلا والتزاماهتا وسيهتم أيضا مبسائل امللكية الفكرية والصناعية وغري ذلك من األمور‬
‫املتعلقة ابلنشاط التجاري‪.‬‬

‫ـ والقانون التجاري استقل عن القانون املدين خلصوصية النشاط التجاري عن غريه من املعامالت‬
‫فاملعامالت التجارية تتصف بصفت السرعة واالئتمان ما جعل تطبيق أحكام القانون املدين عليها‬
‫أمرا غري مستساغ األمر الذي جعلها تستقل عنه‪ ،‬ومع ذلك يبقى القانون املدين هو القاعدة العامة‬
‫واملرجع يف املسائل الت مل يتناوهلا القانون التجاري ابلتنظيم‪.‬‬

‫ـ والقانون التجاري يف اململكة العربية السعودية يتكون من أحكام الشريعة اإلسالمية ابإلضافة إىل‬
‫األنظمة الصادرة من قبل ول األمر والت حتكم النشاط التجاري‪ ،‬كنظام احملكمة التجارية الصادر يف‬
‫عام ‪ 1350‬هـ وهو من أقدم األنظمة الصادرة يف اململكة العربية السعودية‪ ،‬ومن األنظمة التجارية‬
‫كذلك نظام األوراق التجارية ونظام الشركات ونظام العالمات التجارية وغريها‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫‪ /3‬قانون العمل‪:‬‬

‫هو جمموعة القواعد القانونية الت ت نظم العالقات القانونية الت تنشأ بني العمال وأرابب العمل وذلك‬
‫يف نطاق العمل املأجور الذي يكون فيه ارتباط العامل بصاحب العمل مبنيا على أساس رابطة تبعية‪.‬‬

‫ـ وتتضمن قواعد القوانني العملية األحكام الناجتة عن عالقة العمل بطريقة مباشرة أو غري مباشرة‪،‬‬
‫وأبرز هذه املواضيع‪ :‬ـ عقد العمل وما يتضمنه من حقوق وواجبات ابلنسبة لطرفيه‪ ،‬ومسائل إصاابت‬
‫العمل والتعويض عنها ومستحقات العامل التأمينية عند توقفه عن العمل وغري ذلك من املسائل‪.‬‬

‫ـ يف اململكة العربية السعودية أهم األنظمة الت تنظم املسائل العمالية نظام العمل ونظام التأمينات‬
‫االجتماعية‪.‬‬

‫‪ /4‬قانون املرافعات التجارية واملدنية‪:‬‬

‫يتضمن هذا القانون أحكاما إجرائية شكلية ال أحكاما موضوعية‪ ،‬فهو يبني الوسائل الت تكفل محاية‬
‫احلقوق الت تقررها القواعد املوضوعية يف القوانني األخرى؛ ويتناول قانون املرافعات شقني‪:‬‬

‫‪ / 1‬جمموع ة القواعد املنظمة للسلطة القضائية من حيث بيان أنواع احملاكم وتشكيلها ونطاق‬
‫اختصاصها اإلقليمي والنوعي لكل منها وشروط تعيني القضاة وبيان حقوقهم وواجباهتم؛ وقد جاءت‬
‫هذه األحكام مفصلة يف نظام القضاء‪.‬‬

‫‪ / 2‬الشق الثاين جمموعة القواعد املبينة إلجراءات التقاضي واملتعلقة بكيفية رفع ومباشرة الدعوى‬
‫وحتقيقها وإثباهتا واحلكم فيها وطرق الطعن والتنفيذ ملا يصدر من أحكام قضائية؛ وجاءت أحكام‬
‫هذه املسائل متفرقة يف عدد من األنظمة منها نظام املرافعات الشرعية ونظام املرافعات أمام ديوان‬
‫املظامل ونظام التنفيذ والقواعد املبينة إلجراءات التقاضي أمام اللجان الشبه قضائية وغريه‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫‪ /5‬القانون الدويل اخلاص‪:‬‬

‫تتناول قواعد هذا القانون تنظيم العالقات اخلاصة الت حتتوي على عنصر أجنيب وعليه فإن القانون‬
‫الدول اخلاص سيتدخل يف عدد من احلاالت لبيان القانون الواجب التطبيق ولتحديد االختصاص‬
‫القضائي ومن هذه احلاالت منها‪:‬‬

‫‪ / 1‬أن يكون أحد أطراف العالقة عنصر أجنيب‪.‬‬

‫‪ / 2‬قيام العالقة بني أطراف من جنسية واحد يف بلد أجنيب‪.‬‬

‫‪ / 3‬وجود موضوع العالقة يف خارج الدولة‪.‬‬

‫ـ ويغلب على قواعد القانون الدول اخلاص أهنا قواعد شكلية ومعىن ذلك أي أهنا ال تفصل يف موضوع‬
‫النزاع وإمنا تبني االختصاص القضائي والقانون الواجب التطبيق‪ ،‬وهلذا فهي تسمى بقواعد اإلسناد أو‬
‫قواعد اإلحالة إذ أهنا حتيل أو تسند النزاع إىل قضاء حمدد أو قانون معني‪ ،‬ومن أمثلتها‪:‬‬

‫‪ / 1‬أن مسائل األحوال الشخصية تضع لقانون جنسية الشخص‪ ،‬حممد وغيداء من السعودية‬
‫وحصلت هلم مشكلة يف روسيا‪.‬‬

‫‪ / 2‬النزاع بشأن عقار خيضع لقانون البلد الذي يقع فيه العقار‪ :‬اشرتى علي عقارا يف الصني من‬
‫خالد وكالمها من السعودية‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫المبحث الخامس‪ :‬المصادر الرسمية وغي الرسمية للقانون‪:15‬‬

‫إن املقصود من مصادر القانون هو‪ :‬املصدر الشكلي أو الرمسي أو الرئيسي للقاعدة القانونية‪ ،‬وهو يتمثل‬
‫يف الشكل الذي يفرز القاعدة القانونية ويعطيها قوهتا امللزمة‪ ،‬فقد يكون شكل هذه القاعدة القانونية أيخذ‬
‫صورة قواعد من الدين‪ ،‬أو النظام والتقنني‪ ،‬أو العرف‪ ،‬أو غري ذلك‪ .‬فهذه املصادر الشكلية ُتثل الوسيلة‬
‫الت تظهر القاعدة القانونية يف شكل خطاب ملزم جيب تنفيذه من األشخاص املخاطبني به سواء الدولة‬
‫أو القاضي أو الناس العاديني‪.‬‬

‫ـ وهذه املصادر تتلف يف أمهيتها وترتيبها من جمتمع إىل أخر وذلك ابختالف طبيعة اجملتمعات واملؤثرات‬
‫الدينية والثقافية والسياسية و‪ ...‬يف كل جمتمع‪ :‬فقد يكون العرف هو املصدر الرئيس للقانون‪ ،‬وقد يكون‬
‫الدين هو املصدر الرئيسي للقانون وقد يكون التقنني هو املصدر الرئيسي للقانون كما يف أغلب الدول‪.‬‬

‫* وعادة ما تنص الدول يف قوانينها على الرتتيب الرمسي ملصادر القاعدة القانونية‪ ،‬وهو ترتيب يلزم اتباعه‬
‫وعدم خمالفته بتقدمي األدىن على األعلى أو خمالفة القاعدة األدىن للقاعدة األعلى‪.‬‬

‫* يف اململكة العربية السعودية تعد الشريعة اإلسالمية هي املصدر الرئيسي للقانون مث ما يصدره ول األمر‬
‫من األنظمة الت ال تتعارض معها‪ ،‬إذ نصت املادة السابعة من النظام األساسي للحكم على أن (يستمد‬
‫احلكم يف اململكة العربية السعودية سلطته من كتاب هللا وسنة رسوله ومها احلاكمان على هذا النظام وَجيع‬
‫أنظمة الدولة)‪ ،‬كما نصت املادة الثامنة واألربعون على أن‪( :‬تطبق احملاكم على القضاي املعروضة أمامها‬
‫أحكام الشريعة وفقا ملا دل عليه الكتاب والسنة وما يصدره ول األمر من أنظمة ال تتعارض مع الكتاب‬
‫والسنة)‪ ،‬ومن مث فإن مصادر القاعدة القانونية يف اململكة العربية السعودية سوف تكون على مراتب (أوال‬
‫مصادر الرمسية ‪ ،‬اثنيا مصادر غري رمسية)‪ ،‬وسندرسها كتال‪:‬‬

‫ُ‬
‫(‪ )15‬لخصت من كتاب المدخل لدراسة العلوم القانونية ص‪.112-92‬‬

‫‪29‬‬
‫أوالً ‪ /‬املصادر الرمسية‪:‬‬
‫وتنقسم املصادر الرمسية إىل قسمني وهي أحكام الشريعة اإلسالمية واألنظمة الت يصدرها ول األمر‪:‬‬

‫أ ‪ /‬أحكام الشريعة اإلسالمية‪:‬‬

‫تستمد الشريعة اإلسالمية أحكامها من القرآن الكرمي والسنة النبوية واإلَجاع والقياس وهذه األدلة هي‬
‫أدلة املتفق عليها بني العلماء‪ ،‬فأحكام الشريعة اإلسالمية هي املهيمنة على غريها من مصادر القانون‬
‫يف اململكة العربية السعودية على ما سبق بيانه يف نصوص النظام األساسي للحكم‪ ،‬ومن مث فال جيوز‬
‫أن تالف املصادر األخرى للقانون أحكام الشريعة اإلسالمية‪.‬‬

‫* وبناء على ما سبق فإن القاضي إن أراد أن حيكم يف قضية معروضة عليه فإنه أول ما ينظر إىل‪:‬‬

‫ـ القرآن والسنة واإلَجاع فإن وجد ما يسعفه فيحكم به‪ ،‬فإن مل جيد فإنه ينظر إىل األنظمة الت يصدرها‬
‫ول األمر الت ال تالف الشريعة اإلسالمية‪ ،‬فإن مل جيد فينظر إىل املصادر االحتياطية كالعرف املستقر‬
‫أبركانه وشرطه‪ ،‬فإن مل جيد فيجتهد ابلنظر إىل األدلة املختلف فيها بني العلماء كقول الصحايب‬
‫واالستحسان وينظر أيضا إىل مقاصد الشريعة واملتمثلة يف حفظ الضروريت اخلمس (الدين والنفس‬
‫والعرض والعقل واملال) وينظر أيضا إىل القواعد الفقهية كقاعدة ال ضرر وال ضرار وقاعدة الغرم ابلغنم‬
‫وقاعدة األمور مبقاصدها وقاعدة املشقة جتلب التيسري وقاعدة اليقني ال يزول ابلشك وغريها‪ ،‬كما‬
‫وينظر إىل املصادر غري الرمسية كاجتهادات الفقهاء وعلماء السلف والسوابق القضائية مث حيكم‪.‬‬

‫ب ‪ /‬األنظمة والقوانني (التشريعات عند الدول املقارنة)‪:‬‬

‫التقنني هو املصدر الثاين من املصادر الرمسية األصلية‪ ،‬ويعرف التقنني أبنه‪ :‬سن السلطة املختصة يف الدولة‬
‫لقواعد قانونية مكتوبة وإصدارها وفقا لإلجراءات الت يقررها الدستور‪ ،‬وحيتل التقنني يف وقتنا احلاضر‬
‫مكانة الصدارة بني مصادر القاعدة القانونية‪ ،‬وأكثر الدول تعترب التقنني هو املصدر الرمسي واألهم يف بنائها‬
‫القانوين‪ ،‬ملا يتصف به من خصائص منها‪:‬‬

‫‪ / 1‬أنه وسيلة فعالة يف يد السلطة لتنظيم العالقات يف اجملتمعات‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫‪ / 2‬جميئ القاعدة القانونية يف صورة مكتوبة يضفي عليها طابع الدقة والتحديد ما يكسبها وضوح‬
‫يؤدي للثقة واالستقرار يف التعامالت‪.‬‬

‫‪ / 3‬حتقق الوحدة القانونية الت تزيل التبيان الذي ينشأ بسبب األعراف احمللية‪.‬‬

‫* ولكن تقابل هذه املزاي عيوب وجهت إىل التقنني بصفته مصدر من مصادر القانون‪ ،‬منها‪:‬‬

‫‪ / 1‬اجلمود‪ ،‬ألن احلكم الذي جاء به النص القانوين سيكون مناسبا ملا هو عليه احلال يف وقت تقنينه‪.‬‬

‫‪ / 2‬قد يكون غري مناسب ألحوال اجملتمع‪ ،‬إذ إن كثريا ما تقتبس القواعد القانونية من أنظمة أخرى‪.‬‬

‫‪ / 3‬ال ميك ن للسلطة املختصة بوضع القوانني اإلحاطة بكل العالقات واألوضاع اجملتمعية‪ ،‬ما يتيح‬
‫لقواعد قانونية غري مقننة يف نصوص من تنظيم عالقات األفراد كالعرف الذي قد يكون أصدق يف‬
‫التعبري عن رغبة اجملتمع ملضمونه من نصوص القانون‪.‬‬

‫‪ / 4‬قد يالحظ يف احلاالت الت تستدعي إصدار قوانني عاجلة ملواجهة أحوال طارئة أن قواعد هذه‬
‫القوانني تتصف ابلقصور وعدم الوضوح أو التضاد‪ ،‬ما يوجب إجراء تعديالت على تلك القواعد أو‬
‫إلغاؤها‪ ،‬وعندما تتكرر التعديالت على نفس املوضوع فإنه سيتسرب الشعور بفقد الثقة ابلقانون‪.‬‬

‫اثنياً ‪ /‬املصادر غري الرمسية‪:‬‬


‫أ ‪ /‬العرف‪:‬‬

‫يعرف العرف أبنه‪ :‬جمموعة القواعد غري املكتوبة الناشئة عن اعتياد األفراد على اتباع سلوك معني على حنو‬
‫متواتر مع االعتقاد بقوته امللزمة والشعور بوجوب احرتامه‪ ،‬والعرف ال يتكون وأيخذ صورة القاعدة القانونية‬
‫إال عند توافر ركنني أساسيني يسندان وجوده‪ ،‬ومها الركن املادي والركن املعنوي‪.‬‬

‫‪ -1‬الركن املادي‪ :‬وهو ما يتحقق بتواتر االعتياد ابلقيام بسلوك معني بشأن مسألة معينة‪ ،‬فالعرف‬
‫إذن يتكون بدايته من عادة أو عمل يتم تطبيقه بشأن عالقة ما‪ ،‬مث يتكرر تطبيق ذلك السلوك ملالءمته‬
‫يف عالقة مماثلة حىت يشيع حكم ذلك العمل ويستمر األخذ به ليصبح طريقة متبعة من اجلميع ملواجهة‬
‫حل تلك العالقة فيما بني األفراد‪.‬‬

‫ـ ويستوجب لقيام العادة الت ترتقي إىل مرتبة العرف توافر أربعة شروط وهي‪:‬‬
‫‪31‬‬
‫أ ‪ /‬عموم العادة‪ :‬أبن ينتشر اتباع تلك العادة من كافة األشخاص يف الوسط الت نشأت فيه‪.‬‬

‫ب ‪ /‬اطراد العادة‪ :‬وهو ما يعين استقرار األفراد على اتباع مضموهنا على سبيل التكرار مىت ما توافرت‬
‫شروط تطبيقها‪.‬‬

‫ج ‪ /‬قدم العادة‪ :‬وهو مضي زمن كاف على اعتبار واطراد العمل هبا ملدة من الزمن على حنو تتأصل‬
‫معه يف نفوس األفراد فيتأكد معها عمومها واستقرارها‪.‬‬

‫د ‪ /‬عدم خمالفة العادة ألحكام الشريعة اإلسالمية واألنظمة الصادرة من ول األمر واآلداب‪.‬‬

‫‪ -2‬الركن املعنوي‪ :‬ال تصل العادة إىل مرتبة العرف مبجرد توافر العنصر املادي بل البد من أن يستقر‬
‫لدى األفراد شعور ابحرتام هذه القاعدة وإلزاميتها ووجوب اتباعها‪ ،‬ومن مث فإن الركن املعنوي هو ميثل‬
‫عنصرا داخليا لدى األفراد‪ ،‬وهذا الركن املعنوي هو الذي مييز العرف عن العادات االجتماعية وإن‬
‫كانت العادات يف بعض األحوال يكون فيها إلزام على أساس اعتبارات أدبية‪.‬‬

‫‪ -‬مزاي العرف‪:‬‬

‫‪ / 1‬يتشكل استجابة لرغبة األفراد يف تنظيم سلوكياهتم‪ ،‬ومن مث فإنه سيتواكب مع إرادة أفراد اجملتمع‪.‬‬

‫‪ / 2‬يتصف ابملرونة الت ُتكنه من تواكب التطور يف اجملتمع‪.‬‬

‫‪ / 3‬تتكون قواعده بشكل تلقائي عفوي ترتضيه إرادة اجلماعة ومن مث فإن خضوع األفراد له سيكون‬
‫أسهل من خضوعهم للقوانني الت حتتاج إىل تدخل إرادة السلطة املختصة لوضعه أو تعديله‪.‬‬

‫‪ / 4‬يسد العرف النقص الذي يكون يف القوانني عند تنظيمها لسلوكيات األفراد يف اجملتمع‪.‬‬

‫‪ -‬عيوب العرف‪:‬‬

‫‪ / 1‬يعد العرف وسيلة بطيئة خللق القاعدة القانونية‪ ،‬إذ إن من شروطه أن يكون قدميا‪.‬‬

‫‪ / 2‬غموضه وعدم وضوحه وصعوبة التعرف عليه وصعوبة إثباته لعدم وجوده يف قواعد مكتوبة‪.‬‬

‫‪ / 3‬اختالف األعراف يف البلد الواحد ومن فئة إىل أخرى ومن إقليم إىل آخر‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫‪ -‬دور العرف‪:‬‬

‫* خيتلف دور العرف ابختالف القاعدة النظامية الت حيكمها فال وجود له يف األنظمة اجلنائية إذ ال‬
‫جرمية وال عقوبة إال بنص خبالف قواعد القانون الدول فهو يستند يف وجوده إىل ما تعارفت عليه‬
‫الدول؛ ولكن دور العرف ينحصر يف وظيفتني‪:‬‬

‫أ ‪ /‬العرف املكمل للتقنني‪ :‬ويقصد به هو العرف الذي يلجأ القاضي إليه عند عدم النص الذي ينظم‬
‫هذه العالقة يف القضية املعروضة عليه‪ ،‬ومن مث فإن العرف يف هذه سيسد النقص الذي يواجه القانون‪.‬‬

‫ب ـ العرف املساعد أو املعاون للتقنني‪ :‬ويقصد به العرف الذي حتيل النصوص إليه لالستعانة حبكمه‪،‬‬
‫فهو ال أييت حبكم ملسألة مل تنظمها النصوص وإمنا هو يبني بعض التفاصيل الت أحال النص هلا‪ ،‬وهذا‬
‫العرف يستمد قوته امللزمة من اعرتاف النص به‪.‬‬

‫ب ‪ /‬الفقه‪:‬‬

‫إن من يريد تطبيق النصوص ال يستطيع أن يفهم دالالت النصوص ومقاصدها وكيفية تنزيلها على‬
‫الوقائع وبيان ما خيرج من حكمها وما ال خيرج وشروط تطبيقها وغري ذلك من املسائل إال بعد تناوهلا‬
‫ابلدراسة والبحث واالطالع على أقوال من سبقه من العلماء إذ تقوم املصنفات الفقهية ابلبحث يف‬
‫أحكام املسائل العملية واستخراج أحكامها من األدلة التفصيلية‪ ،‬ومن مث فإن القاضي أو غريه سوف‬
‫يكون حمتاجا لالطالع على هذه الكتب واملصنفات ملعرفة األحكام وأدلتها وحاجة القاضي لالستعانة‬
‫ابلفقه اإلسالمي تتلف ابختالف حال القاضي‪.‬‬

‫* وقد اهتم املنظم السعودي ابلفقه اإلسالمي ومؤلفاته كمصدر من مصادر القانون اهتماما ابلغا‬
‫وخصوصا مع ندرة اجملتهدين وكثرة احلاجة للقضاة ما دفع لكثرة تعيني املقلدين‪ ،‬إذ نص قرار اهليئة‬
‫القضائية رقم (‪ )3‬يف ‪ 1347/1/17‬هـ املقرتن ابلتصديق العال بتاريخ ‪ 1347/3/24‬هـ على أن‪:‬‬

‫" يكون اعتماد احملاكم يف سريها على مذهب اإلمام أمحد على الكتب اآلتية‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ (شرح املنتهى)‪ 2 .‬ـ (شرح اإلقناع)‪ ،‬فما اتفقا عليه أو انفرد به أحدمها فهو املتبع‪ ،‬وما اختلف‬
‫فيه فالعمل على ما يف (املنتهى)‪ ،‬وإذا مل يوجد ابحملكمة الشرحان املذكوران يكون احلكم مبا يف شرحي‬
‫(الزاد)‪ ،‬أو (الدليل) إىل أن حيصل هبا الشرحان ‪ ." ...‬واستقر العمل يف احملاكم على هذا‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫وأيضا مراجعة أراء ومؤلفات شراح القانون وجمال االستفادة من هذه الدراسات واألحباث كبري ومن‬
‫ذلك االستفادة من أراء شراح القانون يف مسائل العقود اإلدارية والعقود احلديثة كعقود نقل التكنولوجيا‬
‫والعقود اإللكرتونية ومسائل األدلة اجلنائية ومسائل املعاهدات واالتفاقيات الدولية وهكذا‪.‬‬

‫ج ‪ /‬السوابق القضائية‪:‬‬

‫كذلك السوابق القضائية هلا أمهية ابلغة ابلنسبة للمشتغلني يف جمال القانون والقضاء‪ ،‬إذ إن املقصود‬
‫ابلسوابق القضائية هي‪ :‬جمموعة املبادئ والقرارات الت استقرت األحكام القضائية على األخذ هبا عند‬
‫تطبيقها للقواعد القانونية‪.‬‬

‫ـ والدول تتلف يف درجة األخذ هبذه السوابق فقد جند بعض الدول تقدم السوابق على غريها من‬
‫املصادر كما هو احلال يف الدول الت تتبع النظام االجنلوسكسوين إذ سيكون هلذه السابقة حجية على‬
‫احملكمة الت أصدرهتا واحملاكم الت هي أدىن منها ومن مث فال جيوز أن تالف هذا احلكم يف القضاي‬
‫الت تعرض عليها مستقبال‪ ،‬بينما دول أخرى أتخر السوابق القضائية يف املرتبة كأكثر الدول الت تتبع‬
‫النظام الالتيين إذ سيكون هذا احلكم حجة على أطرافه ولن يكون ملزما لغريهم‪.‬‬

‫ـ تتمثل السوابق القضائية يف اململكة العربية السعودية يف املبادئ والقرارات الت تصدر من اهليئة‬
‫القضائية العليا واجمللس األعلى للقضاء ومن احملكمة العليا واحملكمة اإلدارية العليا‪ ،‬وكذلك األحكام‬
‫الصادر يف جمموعة األحكام القضائية املؤيدة من حماكم االستئناف الصادرة من وزارة العدل‪ ،‬ومدونة‬
‫األحكام القضائية املؤيدة من حماكم االستئناف اإلدارية الصادرة من ديوان املظامل‪ .‬وغري ذلك‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫ن‬
‫القواني‪ ،‬وكيفية إصدارها‪:16‬‬ ‫المبحث السادس‪ :‬أنواع‬

‫أوال‪ :‬أنواع القوانني وتدرجها‪:‬‬


‫ً‬
‫تتلف قوة التقنني ابختالف املسائل الت تنظمها ومستوى السلطة الت تضعها‪ ،‬وأعلى هذه املدوانت‬
‫القانونية هو‪ :‬التقنني األساسي أو الدستور‪ ،‬مث يتلوه التقنني العادي أو القانون‪ ،‬مث التقنني الفرعي أو‬
‫الالئحي‪ ،‬وسندرسها كالتال‪:‬‬

‫‪ / 1‬التقنني األساسي (الدستور)‪:‬‬

‫يعرف الدستور أبنه‪ :‬جمموعة القواعد األساسية الت تقوم بتحديد شكل الدولة وبيان نظام احلكم فيها‬
‫وحتدد السلطات العامة فيها واختصاصاهتا وتنظيم العالقات بينها‪ ،‬وتبني احلقوق والواجبات واحلريت‬
‫العامة لألفراد والدولة‪ ،‬والتقنني األساسي أو الدستور يعد هو أمسى القوانني وهو يف أعلى اهلرم القانوين‬
‫ومن مث فال جيوز أن خيالفه القانون أو الالئحة الدستور‪.‬‬

‫ـ وعادة ما تنشئ الدول هيئات قضائية عليا تتوىل الرقابة على ما يسمى بدستورية القوانني فإذا ما تبني‬
‫أن القانون األدىن خالف القانون األعلى فيحكم ببطالنه أو االمتناع عن تطبيقه‪.‬‬

‫* وتتلف طرق اصدار الدستور من دولة ألخرى‪ ،‬فقد يصدر‪:‬‬

‫ـ يف شكل منحة ممن يتوىل رائسة الدولة‪ ،‬أو يف شكل عهد بني احلاكم وشعبه‪.‬‬

‫ـ أو عن طريق َجعية أتسيس منتخبة أو معينة‪ ،‬أو يكون إقراره عن طريق استفتاء شعيب‪.‬‬

‫* ويف اململكة العربية السعودية ليس لدينا دستور ابملعىن املعروف عند القانونيني ولكن لدينا جمموعة‬
‫من األنظمة ذات قيمة دستورية وهي‪ :‬النظام األساسي للحكم وهو أقوى األنظمة وفيه بيان لشكل‬
‫الدولة ونظام احلكم فيها والسلطات العامة يف الدولة واحلقوق واحلريت العامة فيها وغري ذلك من‬
‫املسائل‪ ،‬ونظام هيئة البيعة‪ ،‬ونظام جملس الوزراء‪ ،‬ونظام جملس الشورى‪.‬‬

‫ُ‬
‫(‪ )16‬لخصت من كتاب المدخل لدراسة العلوم القانونية ص‪.112-99‬‬

‫‪35‬‬
‫‪ / ٢‬التقنني العادي (القانون أو النظام)‪:‬‬

‫القانون أو النظام أو التقنني العادي يعد اتليا للدستور من جهة التدرج والقوة ومن مث وجب أن ال‬
‫خيالف الدستور‪ ،‬والسلطة املختصة أصالة بوضع وسن القوانني هي السلطة التنظيمية (الت تسمى‬
‫ابلتشريعية يف بعض الدول)‪ ،‬وتتلف مسمياهتا يف الدول فقد تسمى ابلربملان أو اجلمعية الوطنية أو‬
‫جملس الشعب أو جملس األمة أو غري ذلك‪.‬‬

‫ـ قد حتل السلطة التنفيذية يف بعض احلاالت واستثناء من األصل حمل السلطة التنظيمية يف تقنني‬
‫القوانني وذلك يف أحوال معينة يبينها عادة الدستور كاحلاالت الطارئة‪ ،‬لكن األصل أن السلطة‬
‫التنفيذية ال عالقة هلا ابلتنظيم‪.‬‬

‫ـ تتمثل السلطة التنظيمية يف اململكة العربية السعودي يف جملسي الوزراء والشورى‪ ،‬وجملس الوزراء هو‬
‫صاحب االختصاص األصيل يف سن األنظمة واللوائح ورسم السياسة الداخلية واخلارجية واملالية‬
‫واالقتصادية والتعليمية والدفاعية وَجيع الشؤون العامة؛ وامللك هو من يتوىل رائسة جملس الوزراء وتعيني‬
‫الوزراء‪ ،‬وجملس الوزراء ميثل السلطة التنفيذية ابإلضافة إىل السلطة التنظيمية‪.‬‬

‫‪ / 3‬التقنني الفرعي أو الالئحي‪:‬‬

‫يتمثل هذا النوع من التقنني املكتوب يف‪ :‬جمموعة القواعد القانونية الت تصدر يف شكل قرارات من‬
‫قبل السلطة التنفيذية وذلك مبقتضى االختصاص املمنوح هلا يف الدستور‪ ،‬وتسمى هذه القواعد‬
‫ابللوائح‪ ،‬والبد أن ال تالف هذه اللوائح النص األعلى منها يف ترتيب القوة‪.‬‬

‫ـ وهذا النوع من القواعد ال حيتاج إىل أن مير ابملراحل الت مير فيها اصدار القانون أو النظام‪ ،‬إذ إن‬
‫املختص إبصداره السلطة التنفيذية‪.‬‬

‫ـ السبب يف تويل السلطة التنفيذية االختصاص بوضع اللوائح يرجع إىل عدم توافر املعرفة الكاملة للسلطة‬
‫التنظيمية بتفاصيل وجزئيات متابعة وتنفيذ األنظمة واآلاثر املرتتبة عليها يف الواقع ومن مث فإهنا توكل للسلطة‬
‫التنفيذية املختصة أصال بتنفيذ األنظمة والقوانني فهي أدرى ابلواقع‪ ،‬وللوائح عدة أشكال منها‪:‬‬

‫‪36‬‬
‫أوال ‪ /‬اللوائح التنفيذية‪:‬‬

‫هي قواعد عامة مصدرة من السلطة التنفيذية تتضمن وضع أحكام تفصيلية لتنفيذ وتطبيق القوانني واألنظمة‬
‫الت تسنها السلطة التنظيمية‪ ،‬ومن مث فإن دورها سينحصر يف تنفيذ القانون وال يتعداه إىل إنشاء أحكام‬
‫مل ينص عليها القانون وغالبا ما ينص النظام على اجلهة املختصة بوضع هذه اللوائح فيذكر أن الوزير هو‬
‫املختص إبعداد هذه الالئحة‪.‬‬

‫اثنيا ‪ /‬اللوائح التنظيمية‪:‬‬

‫هي قواعد تسنها السلطة التنفيذية لتنظيم وترتيب سري العمل يف املصاحل واملرافق العامة واإلدارات احلكومية‬
‫ولتنظيم عمل إداري معني‪ ،‬وقد تتضمن هذه اللوائح إنشاء هيئات وأجهزة جديدة مع حتديد اختصاصاهتا‬
‫حيث أن السلطة التنفيذية هي األقدر على اختيار ما يالئم ضمان حسن سري اجلهاز احلكومي‪.‬‬

‫اثنيًا‪ :‬كيف إصدار وسن القوانني‪:‬‬


‫ـ البد أن مير أي نظام أو قانون يرد سنه مبراحل وإجراءات تبينها القواعد الدستورية حىت يصري قانوان‬
‫انفذا‪ ،‬وهذه اإلجراءات يف اململكة العربية السعودية كما نص عليه النظام األساسي للحكم ونظام‬
‫جملس الوزراء تتمثل يف‪ :‬مرحلة االقرتاح‪ ،‬مث التصويت‪ ،‬مث املصادقة‪ ،‬مث اإلصدار‪ ،‬مث النشر‪.‬‬

‫أوالً ‪ /‬مرحلة االقرتاح‪ :‬وهذه املرحلة هي أول مراحل اصدار القوانني أو األنظمة‪ ،‬وتتمثل هذه املرحلة‬
‫يف وضع فكرة مشروع لنظام أو قانون يتم عرضه على السلطة املختصة بسن القوانني أو األنظمة‪،‬‬
‫وعادة ما ينص الدستور أو التقنني األساسية على األشخاص الذين هلم احلق يف اقرتاح مشروع القانون‬
‫وهم‪( :‬أعضاء السلطة التنظيمية وأعضاء السلطة التنفيذية)‪ .‬ويف اململكة العربية السعودية يكون حق‬
‫تقدمي اقرتاح مشروع النظام لـ‪ :‬جملس الشورى وأعضاء جملس الوزراء‪.‬‬

‫اثنياً‪ /‬مرحلة التصويت‪ :‬وهي اثين مراحل اصدار القوانني واألنظمة‪ ،‬وتتمثل يف عرض مشاريع‬
‫القوانني أو األنظمة املقرتحة على السلطة التنظيمية للموافقة على املشروع أو رفضه وذلك حبيازته على‬
‫قدر من األصوات حيددها القانون‪ ،‬ويكون فيها مناقشة هلذا املشروع ويف اململكة العربية السعودية تتم‬
‫املوافقة على مشروع النظام بعد عرضه على جملس الوزراء بصفته سلطة تنظيمية يف جلسه تكون‬
‫مداوالهتا سرية‪ ،‬جيري فيها عرض مشروع النظام والتصويت عليه مادة مادة مث التصويت على قبول‬

‫‪37‬‬
‫مشروع النظام أو رده‪ ،‬والبد أن يكون ذلك حبضور الوزير املعين الذي يدخل مشروع النظام يف‬
‫اختصاص جهته أو حضور من ينوب عنه إال يف حاالت الضرورة‪ ،‬والبد من حتقق النصاب القانوين‬
‫النعقاد جملس الوزراء حىت يكون انعقاده صحيحا‪.‬‬

‫اثلثاً ‪ /‬مرحلة املصادقة‪ :‬وهي تتمثل يف موافقة رئيس الدولة ابعتباره شريكا يف السلطة التنظيمية على‬
‫مشروع القانون أو النظام ليتحول من كونه مشروعا إىل قانون أو نظام ويف اململكة العربية السعودية‬
‫تكون موافقة امللك وإقراره هبذا املشروع من خالل توقيعه على قرار جملس الوزراء‪.‬‬

‫رابعاً ‪ /‬مرحلة اإلصدار‪ :‬وهبذه املرحلة يتم تثبيت القانون وتسجيله وضمه إىل القوانني السارية يف‬
‫البالد‪ ،‬إذ يقوم رئيس الدولة بصفته رئيس السلطة التنفيذية بتوجيه األمر إىل أعضاء السلطة التنفيذية‬
‫بتنفيذ مضمون هذا النظام أو القانون‪ ،‬ويف اململكة العربية السعودية األداة النظامية الت يستلزمها‬
‫إصدار األنظمة هي املرسوم امللكي‪ ،‬وهبذا املرسوم سيتخذ هذا النظام شرعيته وقوته امللزمة‪ ،‬وال بد من‬
‫لطلبة القانون أن يعلموا الفرق بني املرسوم امللكي واألمر امللكي واألمر السامي‪ :‬فاملرسوم امللكي هو‬
‫وثيقة رمسية تعرب عن إرادة امللك ابملوافقة على موضوع سبق أن عرض على جملس الوزراء‬
‫السعودي وجملس الشورى السعودي‪ ،‬واتذ كل منهما قرارا حيال ذلك املوضوع ‪ ،‬ويكون‬
‫توقيع امللك على املرسوم بوصفه "رئيسا جمللس الوزراء"‪ ،‬واألمر امللكي هو وثيقة رمسية مكتوبة تفصح‬
‫عن إرادة امللك املنفردة وتصدر بصيغة حمددة وحتمل توقيع امللك‪ ،‬كما تعد أقوى وأعلى أداة تنظيمية‬
‫يف السعودية‪ ،‬ويكون توقيع امللك على املرسوم بوصفه "ملكا"‪ ،‬وأما األمر السامي هو وثيقة رمسية هلا‬
‫صيغة حمددة تصدر من رئيس جملس الوزراء أو أحد نوابه بوصفه " رئيسا جمللس الوزراء"‪.‬‬

‫خامساً ‪ /‬مرحلة النشر‪ :‬ويقصد هبا إعالم كافة األشخاص يف اجملتمع بصدور هذا القانون أو النظام‪،‬‬
‫حىت يكلفوا اباللتزام به‪ ،‬فالقانون أو النظام مبجرد إصداره يصبح انفذا إال أن أثره ال يتعدى السلطة‬
‫التنفيذية‪ ،‬وال يكون ملزما لألفراد إال إذا نشر لكي تتحقق إمكانية العلم به فالوسيلة املعتربة للنشر‬
‫القوانني واألنظمة هي اجلريدة الرمسية‪ ،‬وهي يف اململكة العربية السعودية جريدة أم القرى‪ ،‬وال يعتد‬
‫بنشره يف أي وسيلة أخرى حىت وإن حصل العلم مبضمون القانون أو النظام‪ ،‬ومبجرد ُتام مرحلة النشر‬
‫فإن قرينة افرتاض العلم به تكون قد حتققت يف شأن َجيع املخاطبني مبضمونه‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫المبحث السابع‪ :‬أنواع وطرق تفسي األنظمة‪:17‬‬

‫قد نواجه عند تطبيق القانون حاالت ال ميكن معها معرفة حقيقة مضمون اخلطاب القانوين الذي‬
‫حيتويه النص لغموض فيه وإهبام‪ ،‬وهلذا حنن حباجة لتفسريه حىت نعرف معناه ومدلوله ومن مث تطبيقه‬
‫التطبيق الصحيح على الوقائع الداخلة يف حكمه‪.‬‬

‫أوال‪ /‬أنواع التفسري‪:‬‬


‫ً‬
‫تتعدد أنواع التفسري للقواعد القانونية ابختالف اجلهة مصدرة التفسري‪:‬‬

‫‪ / 1‬التفسري التنظيمي‪:‬‬

‫يقصد به‪ :‬هو ذلك التفسري الصادر عن السلطة واضعة القاعدة القانونية ويكون موضوعه بيان املقصود‬
‫من تلك القواعد القانونية؛ وهو هبذا متمم ومكمل للقواعد القانونية حمل التفسري وكاشف عن معناها‪.‬‬

‫ـ جيب يف كل األحوال مراعاة عدم خروج التفسري عن األحكام الواردة يف القاعدة حمل التفسري‪ ،‬ألن‬
‫مهمة التفسري تتمثل يف التوضيح وإزالة الغموض ال سن أحكام جديدة‪.‬‬

‫‪ /٢‬التفسري القضائي‪:‬‬

‫يقصد به‪ :‬ذلك التفسري الذي يقوم به القضاء عند تصديه ملا يعرض عليه من دعاوى‪ ،‬وهو وسيلة‬
‫يتوصل هبا القاضي للحكم يف النزاع املعروض عليه‪ ،‬وهذا التفسري مرتبط ابلواقع العملي‪ ،‬ونتيجة هذا‬
‫التفسري ستكون ملزمة لطريف القضية‪ ،‬وهذا يعين أنه لن يكون ملزما للمحكمة الت أصدرته وال لغريها‪.‬‬

‫‪ /3‬التفسري الفقهي‪:‬‬

‫يقصد به‪ :‬هو ذلك التفسري الذي تتضمنه كتاابت الفقهاء أو شراح القانون يف مؤلفاهتم كل يف‬
‫تصصه عند تصديهم الستخالص أحكام القانون والتعليق على مضمونه‪ ،‬وهذا النوع من التفسري‬
‫غري ملزم وهو ليس إال كمصدر اسرتشادي يستأنس به عند تطبيق القانون وتفسريه‪.‬‬

‫ً‬
‫ملخصا من كتاب المدخل لدراسة العلوم القانونية ص‪.194-177‬‬ ‫(‪)17‬‬

‫‪39‬‬
‫اثنيًا ‪ /‬طرق التفسري‪:‬‬
‫املقصود بطرق التفسري تلك الوسائل واألدوات الت يستهدي هبا املفسر الستجالء املعاين الت تدل‬
‫عليها النصوص‪ ،‬وطرق التفسري املستخدمة عند تفسري النصوص إما أن تكون وسائل تفسري داخليه‬
‫معتمدة على ذات النص املفسر‪ ،‬أو طرق تفسري خارجيه وهي من خارج نطاق النص املفسر‪.‬‬

‫‪ /1‬طرق التفسري الداخلية‪:‬‬

‫عند إرادة تفسري أي نص فالبد أوال من الوقوف على معىن ذلك النص من خالل ما يستفاد من‬
‫عباراته وألفاظه‪ ،‬وعند عدم القدرة للوصول إىل ذلك املعىن املباشر من خالل ألفاظه فإنه يصار إىل‬
‫فهم النص من خالل روحه وفحواه‪:‬‬

‫أ‪ /‬التفسري عن طريق عبارة النص وألفاظه‪ :‬املراد بعبارة النص‪ :‬صيغته املكونة من مفرداته وَجله‪،‬‬
‫واملراد مبا يفهم من عبارة النص‪ :‬املعىن الذي يتبادر فهمه من صيغته ويكون مقصودا من سياقه‪.‬‬

‫ـ هذه الطريقة يف التفسري تستلزم معرفة أبساليب اللغة وتراكيبها وأوجه داللة العبارات‪ ،‬واألصل يف‬
‫التفسري محل الكالم على معناه الدارج املتعارف عليه‪ ،‬إال أنه جيوز صرف معىن الكالم إىل املعىن‬
‫االصطالحي إن كان هو املقصود أو املعىن اللغوي إن كان هو املقصود‪.‬‬

‫ب‪ /‬تفسري النص عن طريق مفهوم روحه وفحواه‪ :‬ويقصد به هو ذلك املعىن املستفاد‪ ،‬الذي ال‬
‫يستخرج من عبارة النص ذاته بل يستفاد منه ابعتباره الزما ملعىن متبادر إىل الذهن أو مستنتج منه‬
‫بطريق القياس‪.‬‬

‫‪ /٢‬طرق التفسري اخلارجية‪:‬‬

‫عندما يتعذر حتديد املعىن املقصود من النص لغموضه الت ورد فيها فإنه يلجأ للوسائل اخلارجية‪:‬‬

‫أ ‪ /‬التقريب بني النصوص‪ :‬ويقصد بذلك مقارنة النص املراد تفسريه وتطبيقه مع غريه من النصوص‬
‫األخرى لتحديد املعىن املراد من قبل واضعه؛ ألن النصوص القانونية يف جمملها تكمل بعضها البعض‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫ب ‪ /‬حكمة التنظيم أو التقنني‪ :‬واملقصود هبا معرفة الغاية واهلدف ملا ابتغى املنظم حتقيقه من جراء‬
‫إصدار ذلك القانون‪ ،‬سواء كانت املصلحة من سنه اجتماعية أو اقتصادية أو أخالقية‪.‬‬

‫ج ‪ /‬األعمال التحضريية‪ :‬وهي الواثئق الرمسية املتعلقة مبراحل سن التشريع من مذكرات معدة أو‬
‫حماضر للجان أو تقارير ملناقشات ُتت منذ وقت التفكري يف وضعه وحىت دخوله حيز النفاذ‪ ،‬وتعد‬
‫من الوسائل املهمة لتف سري النصوص ملا هلا من فائدة ودور يف الكشف عن مقصود املنظم ومعىن‬
‫العبارات املستخدمة يف صياغة النصوص‪.‬‬

‫د ‪ /‬املصادر التارخيية‪ :‬ويقصد هبا االستعانة ابألصل التارخيي الذي استقى منه املنظم مادة النص‪،‬‬
‫وذلك للكشف عن ما قد يعرتي النص من غموض وإهبام أو سد للنقص أو رفع للتعارض بني‬
‫النصوص‪ ،‬مثا ل‪ :‬التنظيم املوحد لألوراق التجارية الذي خلص إليه مؤُتر جنيف يف عامي ‪, 1930‬‬
‫‪ 1931‬م يعد مثال املصدر التارخيي لنظام األوراق التجارية يف اململكة العربية السعودية‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫ن‬
‫القواني‪:18‬‬ ‫المبحث الثامن‪ :‬تطبيق‬

‫الكالم عن تطبيق القاعدة القانونية يتناول الكالم عن ثالثة أمور وهي‪ :‬نطاق تطبيق القاعدة القانونية‬
‫من حيث األشخاص‪ ،‬والنطاق املكاين لتطبيق القانون‪ ،‬ومن مث النطاق الزماين النطباق القانون‪.‬‬

‫أوالً ‪ /‬نطاق تطبيق القاعدة القانونية من حيث األشخاص‪:‬‬


‫سبق أن تقرر معنا أن القاعدة القانونية مبجرد سريهنا فإهنا تكون ملزمة للمخاطبني مبضموهنا وال جيوز‬
‫ألحدهم االعتذار ابجلهل هبا إال يف حاالت استثنائية‪ ،‬ومن مث فإن نطاق تطبيق القانون من حيث‬
‫األشخاص سيشتمل على مبدأ أساسي وهو األصل يف حتديد ذلك النطاق ويتمثل يف مبدأ عدم جواز‬
‫العذر جبهل القانون‪ ،‬وسريد عليه استثناء يقرر جواز االعتداد بعدم معرفة القانون يف حاالت خاصة‪.‬‬

‫أ ‪ /‬املبدأ األصل‪ :‬عدم جواز االعتذار جبهل القانون‪:‬‬

‫يقصد هبذا املبدأ هو‪ :‬عدم قبول احتجاج الشخص جبهله حبكم القاعدة القانونية ليكون مبنأى عن‬
‫تطبيق أحكامها يف حقه‪ ،‬ومن أسباب األخذ هبذا املبدأ‪:‬‬

‫‪ / 1‬أن املنظم جعل وسيلة إلمكانية العلم ابلقانون وهي نشره يف اجلريدة الرمسية‪ ،‬وهذه الوسيلة متاحة‬
‫جلميع املخاطبني مبضمون تلك القاعدة القانونية‪ ،‬ومن مث فإن املفرتض علم اجلميع هبا‪.‬‬

‫‪ / 2‬إن قبول العذر ابجلهل ابلقانون سيؤدي إىل زعزعة الثقة يف القوانني ويف املعامالت؛ ألنه سيدعي‬
‫كثري من األشخاص اجلهل يف القانون للتملص من أحكامه‪.‬‬

‫من احلاالت االستثنائية على مبدأ عدم جواز العذر ابجلهل ابلقانون‪ :‬حالة العذر العام الناتج عن‬
‫ظروف وقوة قاهرة لن يتحقق معها وصول اجلريدة الرمسية إىل منطقة ما بسبب وقوع كوارث طبيعية‬
‫مثل الفيضاانت أو الزالزل أو ‪ ...‬أو يف حالة احلرب أو االحتالل لإلقليم من قبل دولة أخرى‪ ،‬وهذه‬
‫ال تشمل األعذار الشخصية املتعلقة حبالة الشخص وأوضاعه من مرض أو سفر‪ ،‬فال يقبل العذر‬
‫ابجلهل يف القانون هبذه األسباب‪.‬‬

‫ُ‬
‫(‪ )18‬لخصت من كتاب المدخل لدراسة العلوم القانونية ص‪166-136‬‬

‫‪42‬‬
‫اثنياً ‪ /‬النطاق املكاين لتطبيق القانون‪:‬‬
‫أ ‪ /‬املبدأ األصل‪ :‬مبدأ إقليمية القوانني‪:‬‬

‫يقصد هبذا املبدأ أن‪ :‬القوانني الت تصدرها الدولة ستطبق يف كل حدود إقليمها‪ ،‬وعلى كل من يف‬
‫اإلقليم من املواطنني واألجانب سواء كانت إقامتهم بصفة مؤقته أو دائمة‪ ،‬وعلى كل ما يقع يف اإلقليم‬
‫من األشياء واألموال‪ ،‬كما أن هذا املبدأ يقرر عدم تعدي قانون تلك الدولة على إقليم دولة أخرى‪،‬‬
‫ما مينع معه سرين ذلك القانون على رعاي الدولة املقيمني يف دولة أخرى‪.‬‬

‫ـ يقوم هذا املبدأ على فكرة سيادة الدولة على إقليمها وتقرير السلطان املطلق لقانون كل دولة داخل‬
‫نطاق إقليمها‪ ،‬إذ إن أساس مبدأ إقليمية القوانني يكمن يف استقالل وسيادة كل دولة بتنظيم كل ما‬
‫يقع داخل إقليمها‪.‬‬

‫ب ‪ /‬املبدأ االستثناء‪ :‬مبدأ شخصية القوانني‪:‬‬

‫يقصد هبذا املبدأ أن‪ :‬سرين قانون الدولة ليس على املوطنني املقيمني على إقليمها فقط بل ميتد‬
‫ليشمل املواطنني املوجودين خارج إقليمها‪ ،‬كما أنه يرتتب عليه عدم سرين قانون الدولة على األجانب‬
‫الذين يقيمون يف إقليمها‪.‬‬

‫ويكون هذا املبدأ استثناء من مبدأ إقليمية القوانني يف احلاالت الت ال تشكل مساس لسيادة الدولة‬
‫األخرى على إقليمها (أي الت يقيمون فيها)‪ ،‬ومن األمثلة على هذه االستثناءات‪:‬‬

‫‪ /1‬تعترب السفارات واملمثليات األجنبية املعرتف هبا جزء من إقليم الدولة الت ُتثلها‪ ،‬ومن مث فلن يطبق‬
‫عليها قانون الدولة املستضيفة‪.‬‬

‫‪ /2‬بعض قواعد القانون العام تاطب املواطنني فقط‪ ،‬كبعض القواعد الت تكلف املواطنني ببعض‬
‫الواجبات (كالتجنيد االجباري‪ ،‬واالنتخاابت)‪ ،‬وكبعض الوظائف العامة اخلاصة ابملواطنني‪.‬‬

‫اثلثاً ‪ /‬النطاق الزماين النطباق القانون‪:‬‬


‫سنتحدث عن النطاق الزمين من جهتني‪ :‬األوىل الكيفية الت يلغى هبا القانون‪ ،‬الثانية تنازع القواعد‬
‫القانونية من حيث الزمان‪:‬‬

‫‪43‬‬
‫‪ /1‬إلغاء القانون‪:‬‬
‫إن القواعد القانونية وبسبب اتصاهلا ابجملتمعات فهي عرضة لتغيري أو على األقل قابلة للتغيري‪ ،‬فهي‬
‫أشبه ما تكون ابلكائن احلي إذ يتصور والدهتا مث حياهتا مبا فيها نشأهتا وتطبيقها مث فناؤها إبلغائها‬
‫ونسخها‪ ،‬وهلذا سندرس إلغاء القاعدة القانونية كالتال‪:‬‬

‫أ‪ /‬معىن اإللغاء والسلطة القادرة على القيام به‪ :‬املقصود إبلغاء القانون أو نسخه‪ :‬هو إهناء سرينه‬
‫وإزالة سلطانه عن األشخاص املخاطبني أبحكامه وذلك عن طريق جتريده من قوته امللزمة‪ ،‬وقد يقع‬
‫اإللغاء على قاعدة واحدة من جممل القانون كما قد يقع اإللغاء ليشمل كل القانون‪ ،‬وال ميكن أن تتم‬
‫عملية إال من نفس السلطة الت قامت بوضعه أو أعلى منها درجة‪.‬‬

‫ب ‪ /‬طرق اإللغاء‪ :‬إما إلغاء صريح‪ :‬وهو الذي يتحقق بصدور نص قانوين يفصح عن إرادة واضع‬
‫القانون إبهناء العمل حبكم القانون السابق‪ ،‬ويعترب هذا النوع من اإللغاء أكثر أنواع اإللغاء شيوعا وهو‬
‫من أبسط الطرق وأبرزها وضوحا‪ ،‬وإما إلغاء ضمين‪ :‬وهو الذي ال يتم بنص صريح وإمنا يستنتج من‬
‫استحالة اجلمع بني قواعد القانونيني لتعارضهما‪ ،‬أو عندما يصدر تنظيم جديد متكامل شامل لنفس‬
‫املوضوع الذي عاجله القانون السابق‪.‬‬

‫‪ / ٢‬تنازع القانون من حيث الزمان‪:‬‬


‫مبدأ عدم رجعية القوانني‪:‬‬

‫يقصد به أي‪ :‬انعدام سرين أحكام قواعد القانون اجلديد على املاضي‪ ،‬إذ لن يكون للقانون أثر‬
‫رجعي فلن يرتد بقواعد حلكم عالقات ووقائع ومراكز ونتائج قانونية ترتبت يف شىت مراحلها يف ظل‬
‫القانون القدمي‪ ،‬وهذا يعين أن أحكام القانون السابق هي الت ستكون مطبقة على ما مت من أفاعل‬
‫وتصرفات قبل نفاذ القانون اجلديد‪.‬‬

‫ـ وعدم رجعية القوانني على الوقائع واألحداث الت ُتت يف املاضي السابقة لسريهنا أمر حتتمه اعتبارات‬
‫عدة تستوجبها أسس املنطق القانوين يف العالقات الت تتم بني األفراد‪ ،‬ومن تلك االعتبارات‪:‬‬

‫‪44‬‬
‫‪ /1‬املنطق القانوين الذي ينظر إىل القاعدة القانونية ابعتبارها خطااب تكليفيا لألفراد ال ميكن أن يتصور‬
‫أن يكون ذلك اخلطاب إال ابلنسبة للمستقبل‪ ،‬والقول خبالف ذلك ال يقبل عقال‪.‬‬

‫‪ / 2‬أن العدالة تقتضي عدم رجعية القوانني إذ من غري املستساغ أن يكلف الشخص أبن خيضع‬
‫ألحكام قانون جديد مستقبلي مل يعلم عنه‪ ،‬فليس من املقبول أن يعاقب الشخص على اتيانه فعال‬
‫مباحا يف زمن اتيانه على أساس قانون جديد يرجع حكمه ليسري يف املاضي‪.‬‬

‫‪ -‬إال أنه جيب أن يعلم أن األخذ مببدأ عدم الرجعية مل يؤخذ على إطالقه بل له استثناءات‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫‪ / 1‬االستثناء الوارد بنص صريح على رجعية القوانني‪ :‬للمنظم حق اخلروج عن هذه القاعدة عند سنه‬
‫للقوانني ابلنص على سرين هذا القانون اجلديد على الوقائع السابقة لنفاذه إال النصوص اجلنائية الت‬
‫جترم أفعاال كانت مباحه أو تزيد يف عقوابت بعض اجلرائم فهي تبقى على األصل وهو عدم رجعية‬
‫القوانني ألنه من املقرر يف القانون اجلنائي أنه ال جرمية وال عقوبة إال بنص‪.‬‬

‫‪ / 2‬استثناء القوانني اجلنائية األصلح للمتهم من مبدأ عدم رجعية القوانني‪ :‬يشكل مبدأ عدم رجعية‬
‫القوانني مرتكزا أساسيا لصيانة حرية وحقوق األفراد‪ ،‬إال أنه يف حالة سرين القوانني اجلديدة على‬
‫الوقائع السابقة لنفاذ تلك القوانني إن كانت توفر مصلحة للمتهم لن تشكل إخالل ابملصاحل املقصودة‬
‫من تقرير مبدأ عدم رجعية القوانني‪ ،‬إذ إن املتهم سيستفيد من ذلك الوضع اجلديد الذي جعل ذلك‬
‫الفعل اجملرم مباح أو أنه خفف من العقوبة املقررة عليه‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫ف ه رس ال م ذك رة‬

‫الصفحة‬ ‫العنوان‬
‫‪2‬‬ ‫بي ر‬
‫الشيعة والقانون‪.‬‬ ‫مطلب تمهيدي‪ :‬ن‬

‫‪5‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬مفهوم األنظمة وأهميته‪.‬‬


‫‪9‬‬ ‫الثائ‪ :‬خصائص القاعدة النظامية‪.‬‬‫ن‬
‫المبحث ي‬
‫‪16‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬تقسيم القواعد النظامية إىل آمرة ومكملة‪.‬‬
‫‪20‬‬ ‫المبحث الرابع‪ :‬القانون العام والقانون الخاص‪.‬‬
‫‪29‬‬ ‫ن‬
‫قواني‪.‬‬‫المبحث الخامس‪ :‬المصادر الرسمية وغي الرسمية لل‬
‫‪35‬‬ ‫ن‬
‫القواني وتدرجها‪ ،‬وكيفية إصدارها‪.‬‬ ‫المبحث السادس‪ :‬أنواع‬
‫‪39‬‬ ‫المبحث السابع‪ :‬أنواع وطرق تفسي األنظمة‪.‬‬
‫‪42‬‬ ‫المبحث الثامن‪ :‬تطبيق القانون‪.‬‬
‫‪46‬‬ ‫الفهرس‪.‬‬

‫‪46‬‬

You might also like