Professional Documents
Culture Documents
الأنظمة
الأنظمة
الجامعة اإلسالمية
كلية األنظمة والدراسات القضائية
قسم األنظمة
اس األول
الفصل الدر ي
1442ه
ن ر
المطلب التمهيدي :بي الشيعة والقانون -موضوع إثر ي
ائ-1
إن الشريعة اإلسالمية تنظم خمتلف شؤون اإلنسان وعالقاته ،فاألحكام التكليفية اخلمسة (الوجوب،
واالستحباب ،واإلابحة ،والكراهة ،والتحرمي) هي حاكمة على املكلف يف كل تصرفاته وأفعاله بل
حىت سكناته وهدوئه ،وحني نسرب الشريعة اإلسالمية فإننا خنلص إىل أن الشريعة تنقسم إىل مخسة
أقسام سنبينها وسنبني يف كل واحدة منها عالقة األنظمة فيها:2
-1اإلميان :وهو يشمل ما يف القلب واللسان واجلوارح ،فاإلسالم ال جيرب أحدا على أصل االعتناق
((ال إكراه يف الدين)) ولكن جيرب على عدم االنتقال ،وعلى عدم الدعوة لدي ٍن غري اإلسالم ،واألصل
أن جل األنظمة ال عالقة هلا ابإلميان.
-2العبادات احملضة (الصالة والزكاة والصيام واحلج) :وموقف األنظمة منها كموقفها من اإلميان.
أ -األسرية :وهي ما يسمى يف األنظمة ابألحوال الشخصية فقد وضع اإلسالم قواعد وضوابط هلا
واضحة صرحية مفصلة تفصيال دقيقا يف الكتاب وسنة رسول هللا حممد صلى هللا عليه وسلم ،ولغري
املسلمني أن يتحاكموا إىل دينهم ،وغالبا ما تعطي األنظمة احلرية الكاملة لكل فرقة ملا يرجعون إليه
يف هذا الباب.
ويظهر من هذه األقسام السابقة بعد العالقة فيها بني الشريعة واألنظمة حىت الغربية منها" ،فإن نظم املنظم
املسلم هذه األحكام ،فإن هذا القالب الذي ظهرت األحكام به هو جمرد وسيلة لبيان األحكام" ،3وال
تعين أبهنا تشريع جديد خمالف للكتاب والسنة.
مطالبي به ن يف االختبار.
ن ائ غي 1
( ) موضوع إثر ي
ن
محاضة للشيخ د .إبراهيم بن محمد. ( )2هذه الجزئية مستقاة ومفرغة من
( )3من مذكرة ن يف مبادئ القانون لألستاذ عبد الرحمن السعدون.
2
وأما الباقي األقسام فهي مدار عمل األنظمة فيها وألن اإلسالم دين صاحل لكل زمان ومكان فقد وضع
أطرا عامة وحدودا واضحة ال ُتس وأابح ما سواها وقد قال الفقهاء أن النصوص تتناهى واحلوادث ال
تتناهى ولذا وجد يف اترخينا الفقهي والتشريعي أصول للفقه وقواعد فقهية ومقاصد للشريعة لتحكم هذه
احلوادث غري املتناهية وفق أصول اإلسالم ومبادئه ومقاصده:
ب -املعامالت املالية :فالشريعة جاءت مبحرمات حمددة (كالراب والغنب وامليسر) ومبحرمات ال جيوز
التعامل هبا (كاخلمر والدعارة) وأابحت الباقي وقال الفقهاء :األصل ابملعامالت اإلابحة.
-5نظام احلكم والقضاء "السياسة الشرعية" :فالشريعة مل أتت بنصوص صرحية يف هذا الباب وإمنا
جاءت بضابط عام وهو" :حتقيق املصلحة" و"العدالة" و"اليسر" ،وتركت كيفية تطبيقها للناس.
وقد قال اإلمام ابن القيم" :قال ابن عقيل يف «الفنون» :جرى يف جواز العمل يف السلطنة ابلسياسة
الشرعية :أنه هو احلزم ،وال خيلو من القول به إمام ،فقال شافعي :ال سياسة إال ما وافق الشرع .فقال ابن
عقيل :السياسة ما كان فعال يكون معه الناس أقرب إل الصالح ،وأبعد عن الفساد ،وإن مل يضعه
الرسول – صلى هللا عليه وسلم ،-وال نزل به وحي .فإن أردت بقولك« :إال ما وافق الشرع» أي مل
خيالف ما نطق به الشرع :فصحيح .وإن أردت :ال سياسة إال ما نطق به الشرع ،فغلط ،وتغليط للصحابة.
فقد جرى من اخللفاء الراشدين من القتل والتمثيل ما ال جيحده عامل ابلسنن ،ولو مل يكن إال حتريق
املصاحف" ،فإنه كان رأي اعتمدوا فيه على مصلحة األمة ،وحتريق علي -رضي هللا عنه ـ الزاندقة" يف
األخاديد ،ونفى عمر بن اخلطاب -رضي هللا عنه -نصر بن احلجاج .ا.هـ
وهذا موضع مزلة أقدام ومضلة أفهام وهو مقام ضنك ومعرتك صعب فرط فيه طائفة فجعلوا الشريعة قاصرة
ال تقوم على مصاحل العباد ،وسدوا على أنفسهم طرقا صحيحة من طرق معرفة احلق والتنفيذ له ظنا منهم
منافاهتا لقواعد الشرع ،وأفرطت طائفة أخرى فسوغت من ذلك ما ينايف حكم هللا ورسوله؛ وكال الطائفتني
أتيت من تقصريها يف معرفة ما بعث هللا به ،فإن هللا أرسل رسله وأنزل كتبه :ليقوم الناس ابلقسط ،وهو
العدل الذي قامت به األرض والسماوات فإذا ظهرت أمارات العدل وأسفر عن وجهه أبي طريق كان:
فثم شرع هللا ودينه ،والسياسة اجلزئية حبسب املصلحة ،خيتلف ابختالف األزمنة ،فمن ظنها شرائع عامة
الزمة لألمة إىل القيامة ،فله عذر وأجر .ومن اجتهد يف طاعة هللا ورسوله فهو دائر ينب األجر واألجربن".4
4
المبحث األول :مفهوم القانون (األنظمة) وأهميته:
"االجتماع اإلنساين ضروري لإلنسان كما ذكر العالمة ابن خلدون يف مقدمته ،وهر ما يعرب عنه البعض
بقوهلم :االنسان مدين ابلطبع ،أي ال بد له من العيش يف جمتمع ،وهو ما يؤيده الواقع فاإلنسان يولد يف
اجملتمع ويعيش فيه وتصور إنسان خارج اجملتمع ضرب من ضروب الوهم واخليال ال حقيقة له.
ويف اجملتمع تنشأ عالقات متنوعة بني أفراده ألن من طبيعة ولوازم هذا العيش املشرتك بني البشر نشوء
عالقات وروابط فيما بنيهم ،وما يرتتب عليها حقوق وواجبات ألطراف هذه العالقة.
واالنسان وهو يعيش يف اجملتمع ال يستطيع أن يتمتع حبرية مطلقة يف مزاولة نشاطه الذي يهواه ألنه إن أراد
ذلك أو فعله اصطدم حبريت اآلخرين الذين يريدون مثل ما يريد من ُتتع حبرية مطلقة يف مزاولة نشاطهم
وأعماهلم ،ويف ذلك دوام الصدام واخلصام الذي ينتج عنه فناء اجملتمع.
وبناء على ما ذكرانه من نشوء العالقات والروابط فيما بني أفراد اجملتمع وما يرتتب عليها من حقوق
والتزامات واستحالة ُتتع األفراد حبرية مطلقة كما يتمتع هبا احليوان يف الغاابت ،أقول :ترتب على ذلك
اضطرار أفراد اجملتمع إىل اخلضوع إىل نوع من الضوابط والقواعد الت تنظم عالقاهتم وروابطهم فيما بينهم
وما يرتتب على تلك الروابط والعالقات ،كما حتدد حريهتم الت ميكنهم التمتع هبا ،وهبذا تتهيأ للمجتمع
فرصة العيش املشرتك بسالم ،وهذه القواعد هي جوهر القانون ،فالقانون ضروري للمجتمع ،كما أن اجملتمع
ضروري لإلنسان ،وال يتصور وجود جمتمع بدون قانون على أي حنو يكون عليه هذا القانون وبغض النظر
عن صالحه وفساده ومصدره".7
تظهر أمهية وجود األنظمة يف احلياة أن هللا خلق اإلنسان وجعله اجتماعي بفطرته فهو حمتاج إىل غريه
مستأنس به وال يستطيع سد حاجاته كلها مبفرده على تنوع هذه احلاجات (أسرية ،اقتصادية ،صحية،
تعليمية ،أمنية ،)...وملا كان األمر كذلك وجدت اجملتمعات وتنوعت العالقات القائمة بني أفراد تلك
اجملتمعات على تنوع حاجة أطراف كل عالقة ،وملا تعددت العالقات وتنوعت تعارضت املصاحل الشخصية
اخلاصة ،األمر الذي حيتم وجود قواعد تضبط الناس وُتنعهم من تسلط بعضهم على بعض ومن مث فإن
وجود األنظمة من لوازم استقرار اجملتمعات ،وملا كان اهلدف من وجود القانون هو ضبط احلقوق والواجبات
بني أفراد اجملتمع مبا حيقق املصلحة ويرسي العدل واملساواة وحيفظ األمن واالستقرار بتنظيمه لسلوك األفراد
يف اجملتمع كانت أحكامه عرضة للتغيري والتبديل بني فرتة وأخرى وذلك بتغري أحوال اجملتمع وظروفه
ومصاحله.
وإن أهم األغراض الت يستهدف القانون حتقيقها تتمثل يف حتقيق التوازن بني املصاحل املتعارضة من جهة،
ويف إقامة العدل يف اجملتمع مبا حيقق األمن والسالم فيه:
6
- 1التوفيق بني املصاح املتعارضة :ال شك أنه لو ترك العنان ألطماع اإلنسان وأهوائه اخلاصة ملا استقام
حال اجملتمع ،ولسادت الفوضى ،وعم االضطراب؛ ألن كل شخص يفضل مصلحته على مصاحل اآلخرين،
ويؤثرها على ما سواها ،سواء تعلق األمر مبصاحل غريه من األشخاص ،أو مبصاحل اجملتمع الت يعرب عنها
ابملصلحة العامة؛ فحيث ميلك الكل فعل ما يشاؤون ال ميلك أحد فعل ما يشاء ،ولذلك ال بد أن تضطلع
األنظمة إبقامة التوازن بني املصاحل املتعارضة.
إن وسيلة األنظمة -يف حتقيق هذا التوازن -تتم من خالل تقرير احلقوق والواجبات ،حبيث ميكن اعتبار
أحدها وجها لآلخر ،فالواجب املفروض على شخص يقصد به أتكيد حق من احلقوق ،سواء أكان هذا
الواجب عاما ،ومقتضاه فرض تكليف عام ابحرتام حق الغري ،أو واجبا خاصا يثبت يف ذمة شخص أو
أشخاص معينني.
وأما فيما خيص حتقيق التوازن بني املصاحل اخلاصة ،جند أن القانون يستهدف حتقيق العدالة ،ومنع سيطرة
القوي على الضعيف واستغالله ،فريسم قواعد اثبتة ضمن معايري موضوعية تكفل سري عالقات الناس على
وترية واحدة ،ومبا جينب اجملتمع الفوضى الناجتة عن سعي كل فرد إىل إشباع حاجاته بطريقة أاننية ،ودومنا
مراعاة العتبارات العدالة والتوازن ،وعدم جتنب التعسف والغلو يف مباشرة احلقوق .وهذا ما يفسر القيود
الواردة على مضمون احلقوق واحلريت الت يتمتع هبا األفراد مبا مينع إطالقها واإلساءة يف استعماهلا.
ومن قبيل هذه القيود أن النظام يعطي املالك وحده حق استعمال ملكه ،واستغالله ،والتصرف فيه .بيد
أن مباشرته هلذا احلق جيب أن تكون يف حدود القانون .والنظام ال جييز له املغاالة يف استعمال ملكه إىل
احلد الذي يلحق ضررا فاحشا جباره ،وإال منع من ذلك وألزم ابلتعويض ،كذلك فإن احلق يف التقاضي
الذي شرع للمطالبة ابحلق أو الذود عنه ليس مطلقا ،وإمنا هو منوط بوجود مصلحة جدية ومشروعة له
وخبالف ذلك فإن مباشرة هذا احلق تكون غري مشروعة .والواقع أن هذه القيود تفرض على حنو تبادل
على كل أصحاب احلقوق واحلريت .ومن مث فإن فائدهتا ال تقتصر على من فرضت له ،وإمنا كذلك ملن
فرضت عليه ،ذلك أن احرتام مصاحل اآلخرين وحقوقهم هو السبيل الحرتام الغري للمصلحة املقابلة .وفرض
الضوابط والقيود على ممارسة احلريت هو السبيل لتمتع اجلميع بنصيب مماثل ومتكافئ منها مبا حيقق
املساواة والعدالة.
وإذا وقع التعارض بني املصلحة العامة واملصاحل اخلاصة فيتوجب تغليب املصلحة العامة ،إعماال لقاعدة:
(يتحمل الضرر اخلاص ألجل دفع الضرر العام) .ومن تطبيقات تغليب املصلحة العامة قواعد التجرمي
7
والعقاب ،مع ما فيها من إيالم صوان للقيم األساسية يف اجملتمع .ومنها قواعد التسعري اجلربي للسلع
األساسية عند تعدي التجار ببيعها أبسعار فاحشة ،وجواز هدم البيت الذي يكون أمام احلريق؛ منعا
لسراية النار ،وجواز السكوت على املنكر إذا كان يرتتب على إنكاره ضرر أعظم ،ومنع املالك من بيع
عقاره الكائن يف منطقة معينة ملن يشاء .ولكن هذا التغليب جيب أن ال يفضي إىل إهدار املصلحة اخلاصة،
وذلك حفاظا على كرامته وحقوقه .وهلذا فإن نزع امللكية اخلاصة للمنفعة العامة جيب أن يكون يف مقابل
تعويض عادل.
- ٢حتقيق العدل :القانون هو أداة ووسيلة حتقيق العدل بني األشخاص يف اجملتمع؛ بل إنه علم وفن
حتقيق العدل .والعدل لغة من َع َد َل ،وهو ما قام يف النفوس من استقامة ضد اجلور ،وهو احلق ابحلكم.
أما معناه االصطالحي فقد استعصى حتديده على الفقهاء ،وذلك لفرط عمومه وإطالقه .ولكنهم متفقون
على أن جوهر .والعدل كفكرة جمردة ال تراعي الظروف واملالبسات الواقعية اخلاصة بكل حالة على حدة.
فال بد من تفيف شدة القواعد النظامية وقسوهتا من خالل اعتدادها ابلظروف واملالبسات الت تتلف
من حالة إىل أخرى.
وهكذا فإن العدل قيمة عليا تستهدف خري الفرد واجلماعة .وهو دعامة يعتمد عليها النظام يف الوصول
إىل جمتمع منظم يسوده األمن واالستقرار ،ذلك أن قوة النظام وما يكتسبه من رهبة واحرتام يف نفوس
املخاطبني يتوقف إىل حد بعيد على حتقيقه للعدل ،فاجلميع سواسية أمام النظام "القانون" .والنظام الذي
ال يطبق على اجلميع ليس مدعاة لالحرتام.
إن القواعد النظامية ال تلو من نزوع إىل حتقيق العدل ،ولكنها ال تتوخى حتقيق العدالة الكاملة وإن سعت
إىل ذلك ،فذاك مبتغى بعيد املنال .وليست كل األنظمة تقوم على العدل ،ونظام التقادم املسقط خري
مثال على التباعد بني األنظمة والعدل ،ومع ذلك فإن هذه األنظمة تبقى واجبة التطبيق وملزمة للكافة؛
ألن النظام ال يهدف إىل حتقيق العدل فقط ،وإمنا يهدف أيضا إىل احملافظة على كيان اجلماعة ،والعمل
على استتباب األمن ،واستقرار املعامالت؛ -وهذا هو الرأي الراجح لدى القانونيني -فلذا ال بد أن تكون
الشريعة اإلسالمية حاكمة على هذه األنظمة والقوانني.
8
ن
الثائ :خصائص القاعدة القانونية:11
المبحث ي
تتكون القاعدة القانونية من ثالث خصائص البد من وجودها يف القاعدة حىت ُتيز عن غريها من
القواعد وتوصف أبهنا قاعدة قانونية أي كان مصدرها سواء كان مصدرها الشريعة اإلسالمية أو ما
تضعها الدولة من األنظمة أو العرف أو 12...وهذه اخلصائص هي:
ـ فمجرد مراودة اإلنسان لنفسه ابإلتيان بفعل جمرم ال يوقعه يف العقوبة الدنيوية إال إن ابشر هذا الفعل
فيعتد حينها هبذه النية حيث احلد األعلى أو األدىن ،فاجلرمية مع سبق اإلصرار والرتصد ليست كاجلرمية
االرجتالية ،كما أن حلسن النية أثر ابلغ يف تقرير العقوبة أيضا مثل القتل عمد أو شبه عمد أو خطأ.
كما أن للنية اعتبار وأثر يف القوانني األخرى غري القانون اجلنائي كما يف املعامالت املالية مثال سواء
يف القانون املدين أو غريه ،فالعقد حىت ينعقد البد فيه من تالقي اإلجياب والقبول بني الطرفني فإن
كان أحدمها يقصد سلعة معينة واألخر يقصد سلعة أخرى واتفقوا على الثمن مل يصح العقد بينهم
الختالف اإلرادة بينهما وهي راجعة إىل نية ٍ
كل من مها.
ُ
( )11لخصت من كتاب المدخل لدراسة العلوم القانونية ص41- 23
تشي ع جديد؛ ألن ر
المباش من هذا المصدر فيكون النظام قالبا له ،ال أنه مصدر ر ( )12المقصد :هو االستقاء
ن ن ً ر
ه :عدم مخالفتها للشيعة اإلسالمية ،وسيأتينا الحقا محاضة يف مصادر القاعدة النظامية.الضابط لألنظمة ي
9
* اخلالصة أن القاعدة القانونية كوهنا قاعدة سلوك فهي ترج جمرد األفكار واألحاسيس والنيات وال
تعتربه مامل يظهر يف سلوك مادي فإن ظهر هذا السلوك فللنية أثر خيتلف ابختالف هذا السلوك.
ـ فصفة العمومية تستلزم أن تكون القاعدة عامة تنطبق على كل أفرادها قادرة على استيعاب كل ما
ستواجهه من وقائع وفروض وحاالت ،ويكون ذلك ببيان شروط وصفات من تطبق عليهم القاعدة
القانونية وما هي الوقائع املشمولة حبكمها دون حتديد أشخاص معينني أو وقائع معينة ابلذات.
ـ وصفة التجريد تقتضي أن تسمو القاعدة القانونية حبكمها عن التفصيالت والفروق الثانوية وإمنا تبني
االعتبارات الرئيسية املشرتكة حىت تطبق على كل األشخاص والوقائع املقصودة حبكمها.
ـ والعمومية والتجريد يف القاعدة القانونية وصفان متالزمان إذ إنه ال ميكن أن تتصف القاعدة القانونية
بصفة العموم إال وأن تكون صياغتها جمردة عن التفصيالت والفروق الثانوية.
* وال يعين كون القاعدة القانونية عامة جمردة أهنا جيب أن تطبق على َجيع الناس ،بل قد تكون
القاعدة القانونية موجهه إىل فئة أو طائفة من الناس بل وإىل شخص واحد وتتصف ابلعموم والتجريد
فال تعني أشخاصهم وإمنا صفاهتم ومراكزهم القانونية ،مثل نظام احملاماة ،نظام أتديب املوظفني ،نظام
العمل ،حقوق رئيس جملس الوزراء ووجباته ...إخل.
* ال خيل بصفة العمومية والتجريد كون القاعدة القانونية مؤقتة بزمن معني ،مثل :حاالت الطوارئ،
واحلالت االستثنائية.
* كما أن صفة العمومية والتجريد ال تعين أن تكون القاعدة القانونية مطبقة يف كل جزء من إقليم
الدولة بل جيوز أن تكون بعض أقاليم الدولة هلا أحكام خاصة ،فقد تتص املناطق احلدودية بقوانني
خاصة ،وكذلك قد تتص بعض األقاليم الغنية ابلثروات بقوانني خاصة ،كما جيوز يف الدول االحتادية
أن يكون لكل إقليم من هذا االحتاد نظام خاص ينظم بعض املسائل.
10
ـ صفة العموم والتجريد حتتم أن أيخذ اخلطاب فيها ابملعيار املوضوعي (ببيان األحكام املوضوعية الت
جاء القانون بتنظيمها) دون حتديد أشخاص أو وقائع معينة.
ـ أثر العموم والتجريد يف القاعدة القانونية هو أن يضمن للقاعدة دوامها واطرادها وتطبيقها يف كل
حالة تنطبق عليها شروط انطباقها.
ـ صفة العموم والتجريد تعد وسيلة ألن تكون القواعد القانونية مبنية على أساس املساواة بني املراكز
القانونية ،مبا حيقق العدل واألخذ ابلوضع الغالب ،دون النظر إىل الظروف اخلاصة بكل حالة حمل
اعتبار (فهو دور القاضي) واحلكم القضائي ال يتصف ابلعمومية والتجريد ألنه خياطب أفرادا معينني
فما يتضمنه احلكم القضائي ،فهو خاص أبطراف القضية وال يتعداهم إىل غريهم.
ـ مثال على صفة العموم والتجريد يف القاعدة القانونية حتديد سن الرشد بسن معني مع اختالف الناس
يف النضوج العقلي يف هذا السن فقد يوجد من الناس من يصل إىل النضوج العقلي قبل هذا السن
وقد يوجد من الناس من ال يصل إىل النضوج العقلي إال بعد هذا السن .فتحديد سن الرشد بـ (18
سنة) هو أخذ ابلغالب العام الذي يغلب على حال الناس ،دون تقرير حكم خاص لكل حالة حفاظا
على صفة العموم ،ودون الدخول يف تفصيل وبيان الفروق الثانوية بني الناس يف حكم سن الرشد
حفاظا على صفة التجريد.
ـ ال يعين كون القاعدة القانونية مقرتنة جبزاء أن للفرد حرية االختيار بني االلتزام هبا أو التعرض جلزائها،
بل إن اجلزاء ما هو إال وسيلة لضمان االمتثال حبكم هذه القاعدة.
ـ اقرتان القاعدة القانونية جبزاء ذو طبيعة خاصة هو من أبرز الفروق الت ُتيز بني القاعدة القانونية
وغريها من القواعد املنظمة لسلوك األفراد.
11
* واجلزاء يف القاعدة القانونية يتخذ صورة مادية دون االقتصار على صورة اجلزاء املعنوي فقط
كما يف غريه من القواعد املنظمة لسلوك األفراد يف اجملتمع .فاجلزاء يف القاعدة القانونية إما أن يلحق
الشخص املخالف أو ماله أو إلزالة للمخالفة.
-صور اجلزاء :خيتلف اجلزاء املرتتب على خمالفة القاعدة القانونية ابختالف موضوع هذه القاعدة:
ويتمثل يف العقوابت الت توقع على املتهم مىت ثبتت عليه اجلرمية لتأديبه وردع غريه ،وهذا اجلزاء خيتلف
ابختالف اجلرمية.
ـ فمن اجلزاء ما ميس بدن اإلنسان كالقتل والقطع واجللد ،...ومن اجلزاء ما ميس مال اإلنسان
كالغرامات املالية وإتالف السلع ،ومن اجلزاء ما ميس عدالة اإلنسان بعدم قبول شهادته واحلكم
بفسقه ،ومن اجلزاء ما ميس اجلانب األديب لإلنسان بتوبيخه أو التشهري به ،ومن اجلزاء ما ميس حرية
اإلنسان حببسه وسجنه وتوقيفه.
اجلزاء املدين ال يستهدف الردع والزجر كما يف اجلزاء اجلنائي وإمنا سيكون مداره محاية احلقوق اخلاصة.
ـ اجلزاء املدين يسعى إىل إعادة احلالة إل ما كانت إليه كما يف اإلبطال أو الفسخ أو ،...وقد يسعى
لرفع اآلاثر املرتتبة على التصرف الذي وقع كالضرر وذلك ابلتعويض . ...
اجلزاء اإلداري يهدف إىل حفظ النظام العام فيما ميس التنظيم اإلداري واملرافق اإلدارية وأعمال املوظفني
احلكوميني ،واجلزاء اإلداري خيتلف ابختالف سببه ومن ذلك:
ـ فإن كان سببه خمالفة موظف فلها أنواع من العقوابت التأديبية مثل الفصل أو احلرمان من الرتقية أو
اخلصم من الراتب أو التوبيخ . ...
12
ـ وإن كان سببه خمالفة شرط يف عقد إداري فلها أنواع من اجلزاء تناسب حاله املخالفة مثل إيقاع
الغرامة على التأخري أو سحب املشروع من املتعاقد مع جهة اإلدارة والتنفيذ على نفقته . ...
ـ وإن كان سببه جتاوز وخمالفة جهة اإلدارة اختصاصاهتا فلها أنواع من اجلزاء فقد يكون اجلزاء ابلتعويض
وقد يكون إبلغاء القرارات اإلدارية . ...
هناك أنواع أخرى للجزاء فمنها اجلزاء اإلجرائي كاحلكم بعدم االختصاص عند خمالفة قواعد
االختصاص أو احلكم بشطب الدعوى عند عدم االلتزام ابملواعيد املقررة لنظر الدعوى أو عدم قبول
الدعوى وغري ذلك ،وكذلك هناك اجلزاء الدويل ومن صوره :املقاطعة الدبلوماسية واحلصار االقتصادي
والطرد من املنظمات الدولية والتدخل العسكري.
* تعدد صور اجلزاء ال يعين عدم جواز اجلمع بني أكثر من صورة يف واقعة واحدة ،إذ أنه ميكن أن
تقع واقعة ويرتتب عليه أكثر من جزاء مثل لو أن موظفا حكوميا اعتدى على مديره يف مقر عمله
وكسر يده وجواله فإن اجلزاء الذي سيقع يف هذه احلالة جزاء جنائي وجزاء مدين وجزاء إداري.
-وهناك قواعد تتشابه يف بعض خصائصها مع القواعد القانونية ،فلذا كان لزاما أن نزيل اللبس بينهما:
األخالق هي يف حقيقتها قواعد تنظم سلوك األفراد يف اجملتمع فهي تتداخل مع القواعد القانونية يف
هذا اجملال ،إال أن األخالق يف أمة من األمم تتشكل من جمموع املبادئ واألفكار واملعايري احملددة
ملعاين اخلري والشر واحلق والباطل والت تعرب عن ضمري اجلماعة يف عصر من العصور وتكون مستهدفة
السمو ابلنفس واألخذ هبا حنو مثل أعلى لسعادة اإلنسان وخري اجملتمع ،ومن خالل ما تقدم يظهر
أبن القاعدة األخالقية تشرتك مع القاعدة القانونية يف كوهنما يهدفان إىل تنظيم احلياة يف اجلماعة عن
طريق قواعد عامة جمردة مقرتنة جبزاء يوقع على خمالفها ،إال أهنما خيتلفان يف عدة أمور منها:
13
/1الوضوح :القواعد القانونية أكثر وضوحا وحتديدا بينما قواعد األخالق قد يشوهبا نوع من اإلهبام
والغموض فرمبا ينظر إىل تصرف معني أنه من الكرم وينظر إليه أخر أنه من االسراف.
/ 2نطاق التطبيق :قواعد األخالق أوسع نطاقا من القانون من جهة تنظيم القواعد الت تنظم عالقة
اإلنسان بنفسه فاألخالق تعىن ابلبواعث وما تضمره النيات وإن مل يصحبها سلوك مادي ،بينما
القانون ال يكرتث هلا إال إن ترتب عليها آاثر على األخرين ،والقواعد القانونية أوسع نطاقا من
األخالق من جهة كونه ينظم بعض املسائل الت ال عالقة لألخالق هبا مثل إجراءات التقاضي وأحكام
االختصاص ومواعيد الطعن على األحكام واالعرتاض على القرارات.
/ 3اجلزاء :فاجلزاء يف القانون مادي حمسوس ابلدرجة األوىل تقوم اجلهة املختصة إبيقاعه وإن تضمن
نوعا من اجلزاء املعنوي بينما هو يف األخالق معنوي سيتشكل يف صورة أتنيب الضمري واستقباح
النفس له.
/ 4اآلاثر الناَجة عن السهو والغلط :لن حتاسب عليها األخالق بينما القواعد القانونية سوف ترتب
على السلوك آاثرا قانونية وإن كان وقوع السلوك خطأ أو سهوا أو حبسن نية فقد يلزم القانون ابلتعويض
إن وقع ضرر بسبب الفعل اخلطأ أو السهو.
من القواعد الت تدخل يف تنظيم سلوك األفراد يف اجملتمع قواعد تعرف بقواعد اجملامالت والعادات
االجتماعية ،وهي قواعد درج الناس على اتباعها يف عالقاهتم وصالهتم ومناسباهتم ،ومن أمثلتهم
القواعد الت تنظم سلوك الناس يف اجللوس يف املناسبات وتقدمي اهلداي وطريقة تقدمي الطعام واملشروابت
وأنواع امللبوسات وهكذا ،...وهي تتلف من جمتمع إىل أخر ومن بيئة إىل أخرى.
* وهذه القواعد تشبه القانون يف كوهنا تنظم سلوك األفراد يف اجملتمع إال أهنا تتلف معه يف أمور منها:
/ 1اجلزاء املرتتب عند خمالفتها :فاجلزاء عند خمالفة قواعد اجملامالت والعادات اجملتمعية يكون أديب
معنوي يتمثل يف استهجان الناس وانتقادهم هلذا الشخص بينما اجلزاء يف القانون كما سبق أن بينا
هو جزاء مادي حمسوس ابلدرجة األوىل.
14
/ 2الغاية من هذه القواعد :فقواعد اجملامالت والعادات االجتماعية غايتها احملافظة على عادات
اجملتمع فتأثريها على حفظ نظام اجملتمع وتنظيم احلياة ضعيف ،بينما غاية القواعد القانونية حفظ أمن
اجملتمع وتقرير احلقوق والواجبات وتنظيم سلوك األفراد وحتقيق العدل واملساواة بني أفراد اجملتمع.
* ومع هذه الفروق إال أن قواعد اجملامالت والعادات االجتماعية قد تتطور إىل أن تصل لتكون قواعد
قانونية إن اعتقد اجملتمع ضرورة االلتزام هبا ،وهذا ظاهر كما يف القواعد القانونية الت تقرر االلتزام بزي
معني يف بيئات معينة فإن مثل هذه القوانني هي يف األصل عادات حتولت إىل قوانني.
15
المبحث الثالث :تقسيم القواعد القانونية إىل آمرة ومكملة :13
مع تطور القانون وتعدد الروابط القانونية واختالفها وتكاثرها ظهرت احلاجة لتصنيف القواعد القانونية
لتكون القواعد القانونية منظمة يف أبواب متخصصة ،وملا كانت القواعد القانونية متنوعة ومتعددة
اجملاالت فإن تقسيمها سوف يتحدد طبقا لألساس الذي يبىن عليه ذلك التصنيف ،واألسس الت
تصنف فروع القانون عليها متعددة منها:
أ /ابلنظر إىل النطاق اإلقليمي للقاعدة القانونية :فإنه ميكن تصنيف القواعد القانونية إىل :قانون
داخلي ال يتعدى حيز تطبيقه حدود إقليم الدولة الت أصدرته ،وقانون خارجي يتجاوز تطبقه خارج
حدود إقليم الدولة فتكون خاضعة لقواعد القانون الدول.
ب /ابلنظر إىل الشكل الذي ترد فيه القاعدة القانونية :فإنه ميكن تصنيف القواعد القانونية إىل:
قواعد مكتوبة (التنظيم) إذا كان هذه القواعد القانونية ُتت صياغتها يف نصوص مكتوبة ،قواعد غري
مكتوبة العرف إذا كانت القواعد مستمدة من العرف وغري مكتوبة.
جـ /ابلنظر إىل مضمون القاعدة وما تتناوله من أحكام :فإنه ميكن تصنيف القواعد القانونية إىل:
قواعد موضوعية تنظم أحكام موضوع معني فتبني احلقوق والواجبات وكيفية نشوئها ومباشرهتا
وانقضائها كقواعد القانون املدين وقواعد القانون التجاري وقواعد القانون اجلنائي وقواعد القانون
الدستوري وهكذا ،وقواعد شكلية إجرائية تنظم إجراءات وأوضاع شكلية معينة يتعني اتباعها للوصول
إىل ضمان احرتام القواعد املوضوعية كقواعد نظام املرافعات الشرعية ونظام اإلجراءات اجلزائية ونظام
املرافعات أمام ديوان املظامل.
د /ابلنظر إىل قوهتا امللزمة :فإنه ميكن تصنيف القواعد القانونية إىل :قواعد آمرة ال جيوز اخلروج عن
أحكامها وال االتفاق على خالفها ،وقواعد مكملة أو مفسرة جيوز اخلروج عن أحكامها واالتفاق
على خالفها.
هـ /ابلنظر إىل اختالف طبيعة األشخاص املخاطبني هبا ،فإنه ميكن تصنيف القواعد القانونية إىل:
قواعد داخلة يف نطاق القانون العام ،وقواعد داخلة يف نطاق القانون اخلاص.
ُ
( )13لخصت من كتاب المدخل لدراسة العلوم القانونية ص.92-83
16
-وسوف نتناول دراسة أنواع القواعد القانونية على التصنيفني األخريين:
-تنقسم العالقات القانونية ابلنظر إىل قوهتا امللزمة إىل نوعني من العالقات:
أ /القواعد اآلمرة:
هي تلك القواعد الت جترب األفراد على اتباع سلوك أو حظره دون أن يكون هلم االتفاق على خمالفتها
واستبعاد حكمها بينهم .وتكون وثيقة الصلة بكيان اجملتمع ومصاحله األساسية ،ومن مث فإن أي اتفاق
خمالف ملضمون هذه القواعد يعد ابطال وغري منتج ألي أثر قانوين ويبقى احلكم الوارد يف القاعدة األمرة
هو الساري ،فلو اتفق اثنني على عقد ربوي وهم راضني به فالعقد ابطل ،ولو اتفق رجل على أن يزين مبرأة
وزان هبا فيقام عليهم احلد إن ثبت ألن كال املثالني فيه خمالفة لقاعدة آمرة ومن مث فال اعتبار أبي اتفاق.
وهذه القواعد تشكل قيودا على حرية األفراد اقتضتها املصاحل العامة وحفظ النظام يف اجملتمع إذ إهنا تتناول
ما خيص كيان اجملتمع ومصاحله ولذا فهي مل ترتك االنقياد حلكمها إلرادة األفراد واختياراهتم ،وهذه القواعد
وإن مسيت ابآلمرة فهي ليست واردة يف صورة األمر فقط بل ترد على صورة النهي عن الفعل أيضا.
هي تلك القواعد الت تبيح لألفراد االختيار بني األخذ مبا جاء يف حكمها أو االتفاق على جتنب األخذ
حبكمها ،ومن مث فأي اتفاق على استبعاد حكمها وخمالفته يعد اتفاقا صحيحا يرتب أثره القانوين على
أطراف العالقة القانونية ،وهذه القواعد ال تشكل قيودا على حرية األفراد لعدم مساسها ابملصاحل العامة
للمجتمع وإمنا هي تتعلق ابلنشاط احلر لألفراد ومن مث فال ضرر على اجملتمع إذا كانت منظمة وفق إرادهتم،
وهذه القواعد هي تنظم العالقات بطريقة احتياطية فإذا اتفق اطراف العالقة على اتباع سلوك خمالف
ملضموهنا كان هلم ذلك ،وإن مل يتفقوا على وضع تنظيم خاص هبم فإهنا تتدخل لتحكم هذه العالقة .
ويكثر استخدام هذه القواعد يف جمال املعامالت املالية فالقواعد الت حتدد وقت تسليم املبيع ومكان التسليم
وطريقة الوفاء ابلثمن وقدر نصيب الشركاء يف الشركة وغريها هي من القواعد املكملة ألنه من املفرتض أن
أطراف العالقة اتفقوا على هذه املسائل فإن مل يتفقوا فإهنا ستطبق عليهم أحكام تلك القواعد املكملة.
* وقد اثرت الشكوك والتساؤالت حول ثبوت وصف القاعدة القانونية يف القاعدة املكملة ابلرغم من أن
االلزام فيها ال يكون إال عندما تسكت إرادة األطراف عن تقرير اتفاق خيالفها ،فكأن االلزام فيها متوقف
على إرادة أطرافها ،بينما االلزام يف القواعد اآلمرة ليس لألفراد فيه خيار فهم ملزمني به وال جيوز هلم االتفاق
17
على خالفها ،وهلذا تردد بعض القانونيني يف وصفها أبهنا قواعد قانونية ورد البعض عليهم أبن قالوا إن
اإللزام الكامل يف القاعدة املكملة ال يكون موجها إال إىل أولئك الذين ال يتفقون على خالفها ،وإمكانية
االتفاق على خالفها ال يقدح يف اعتبارها قواعد قانونية اتمة ،فهي قواعد ملزمة مثلها مثل القواعد اآلمرة
غري أن شرط انطباقها هو عدم وجود اتفاق على خالفها فإن وجد ذلك االتفاق فإن أطرافه خيرجون من
حكم القاعدة اآلمر وإن مل يتفقوا على خالفها فإهنا تكون ملزمة ألطرف العالقة ويتعداهم ليشمل القاضي.
من املهم مبكان التمييز بني القواعد اآلمرة والقواعد املكملة نظرا للفرق الكبري يف األثر املرتتب على االتفاق
على خمالفة أي من تلك القواعد ،فاالتفاق على خمالفة القواعد األمرة اتفاق ابطل واالتفاق على خمالفة
القواعد املكملة أو املفسرة أو املتممة اتفاق صحيح ملزم ،وللتمييز بني القواعد اآلمرة واملكملة وسيلتني:
/ 1املعيار اللفظي:
ويكون التمييز بني القواعد اآلمرة والقواعد املكملة من خالل هذا املعيار ابلنظر إىل صياغة القاعدة القانونية
فداللة األلفاظ املستخدمة يف صياغتها تدل على طبيعتها.
ـ فإن كانت داللة العبارات املستخدمة تدل على االلزام حبكم القاعدة دون إاتحة إمكانية اخلروج عن
حكمها فهي قاعدة آمرة ،ومن تلك األلفاظ :جيب ،مينع ،حيظر ،يعاقب ،ال جيوز ،يقع ابطال.
ـ وإن كانت داللة العبارات املستخدمة تدل على إاتحة إمكانية العدول عن حكم القاعدة فهي قاعدة
مكملة ،ومن تلك األلفاظ :جيوز ،ال مينع ،مامل يتفقوا على خالف ذلك ،مامل يقض خبالف ذلك.
/ 2املعيار املعنوي:
قد أتيت النصوص القانونية خالية من األلفاظ الت تكشف عن طبيعتها فحني إذن حنتاج إىل النظر إىل
موضوع تلك القاعدة والبحث عن احلكمة الت من أجلها وضع هذا النص وهل هذا النص مينع االتفاق
على خالفه أو يتيحه.
ـ فعندما يتعلق حكم القاعدة ابلنظام العام واآلداب ومبصاحل أساسية وثيقة الصلة ابجلماعة أو تنظيمها
األساسي فيها فهي قاعدة آمرة.
18
ـ وحينما ال يتعلق حكم القاعدة ابلنظام العام واآلداب واملصاحل العامة للمجتمع وإمنا هي متعلقة ابملصاحل
اخلاصة اعتربت القاعدة مكملة وصار ألطرافها االتفاق على ما يرونه يف مصلحتهم.
* ومفهوم النظام العام واآلداب يعين :جمموعة املصاحل العليا للمجتمع والت ُتس كيان اجلماعة ويقوم عليها
بنياهنا االجتماعي والسياسي واالقتصادي واخللقي.
ومن مث فإن َجيع القواعد املتعلقة ابلقانون العام -كما ستأيت -هي قواعد آمرة لتعلقها ابلنظام العام
واآلداب ،بينما قواعد القانون اخلاص -كما ستأيت -منها قواعد آمرة ملساسها النظام العام واآلداب
كالقواعد الت تبني أحكام األركان العامة للعقود واألحكام املتعلقة حبماية العامل يف عقود العمل وغريها،
ومن قواعد القانون اخلاص قواعد مكملة وهي األكثر لتنظيمها مصاحل خاصة ال ُتس النظام العام واآلداب
كاألحكام املتعلقة ابلشروط يف البيع ومواصفات املبيع والثمن ووقت التسليم واألحكام اإلجارة ،وغريها.
19
المبحث الرابع :القانون العام والقانون الخاص:14
يعد تصنيف القواعد القانونية على أساس قواعد تنتمي إىل القانون العام وقواعد تنتمي إىل القانون اخلاص
من أهم التصنيفات الت ظهرت يف الفكر القانوين ،وقد وأخذ هبذا التصنيف كثري من الباحثني وشراح
القانون ،وأخذت به كثري من الدول ذات النزعة الالتينية به يف قوانينها ،بينما الدول الت أخذت ابلنظام
األجنلوسكسوين ال تعرتف هبذا التقسيم فهي ال تفرق بني القواعد القانونية بناء على ما يدخل يف القانون
العام والقانون اخلاص وإمنا جتعل َجيع العالقات القانونية تضع لقانون واحد دون تفرقة بينها.
سبق أن تقرر معنا أن وظيفة القانون هي تنظيم العالقات بني األشخاص يف اجملتمع ،وهؤالء األشخاص
ليسوا كلهم على درجة واحدة ،فمن األشخاص الذين يتوجه اخلاطب القانوين هلم أشخاصا طبيعيني وهم
البشر ،وأشخاصا معنويني أو اعتباريني وهم على قسمني :أشخاص اعتبارية عامة سواء كانت الدولة
نفسها أو التابعون هلا مثل الوزارات واملصاحل واهليئات واملؤسسات العامة واألجهزة احلكومية األخرى،
وأشخاص اعتبارية أو معنوية خاصة كالشركات واملؤسسات واجلمعيات الت ترعى املصاحل اخلاصة.
ـ ويتميز األشخاص االعتباريون العامون عن غريهم من األشخاص أبهنم أصحاب سلطة وسيادة يف حني
أن األشخاص الطبيعيني واألشخاص االعتباريني اخلاصني ليس هلم تلك السلطة والسيادة ،وهذا هو
األساس الذي جعل معيارا للتفرقة بني القانون العام والقانون اخلاص ،فمىت كان أحد األطراف يف العالقة
قانونية الدولة أو شخصا اعتباري أو معنوي عاما اتبعا للدولة ودخلت يف العالقة بوصفها صاحبت سلطة
وسيادة فإن القانون الذي ينظم أحكام هذه العالقة هو القانون العام.
ومىت كان أطراف العالقة القانونية أشخاصا طبيعيني أو اعتباريني خاصني أو كان أحد أطراف العالقة
الدولة أو شخصا اعتباري أو معنوي عاما اتبعا هلا ودخل يف عالقة قانونية ال بوصفه صاحب سلطة وسيادة
وإمنا بوصفه شخصا يسعى لالستثمار أو الكسب املادي أو كشخص عادي فإن القانون الذي ينظم
أحكام هذه العالقة هو القانون اخلاص.
ُ
( )14لخصت من كتاب المدخل لدراسة العلوم القانونية ص82 - 61
20
وبناء على ما سبق فإن القانون العام سيكون متمثال يف :جمموعة القواعد الت تنظم العالقة الت يكون أحد
األطراف فيها على األقل متمتعا ابلسيادة والسلطان (كالدولة أو األشخاص املعنويني التابعني هلا).
وسيكون القانون اخلاص متمثال يف :جمموعة القواعد الت تنظم العالقة الت تنشأ بني أشخاص ال يتمتعون
بسلطات السيادة سواء كان ذلك أصال كما هو حال األشخاص العاديني أو كان بعضهم كالدولة أو
األشخاص املعنويني التابعني هلا ممن ميتلك هذه السيادة ولكنه ال يتصرف يف هذه العالقة على أساس ُتتعه
بتلك الصفة.
إن للتفرقة بني قواعد القانون العام والقانون اخلاص آاثر ونتائج وذلك أن القانون العام يهدف لتحقيق
املصاحل العامة ومن مث فإن سيعطي الدولة مركزا أعلى عن غريها ومن هذه النتائج:
أ /تويل السلطة العامة قدرات وإمكاانت ووسائل ُتكنها من رعاية املصاحل العامة وحتقيق األمن
واالستقرار وذلك عن طريق تقرير قواعد القانون العام الت تنظم عالقاهتا القانونية مع غريها ما دامت
صاحبة سلطة وسيادة تتلف عن غريها من القواعد.
ب /إخضاع األموال العامة اململوكة للدولة إىل قواعد ونظام محائي خاص خيتلف عن النظام املتبع
يف القانون اخلاص ،وذلك ألن القانون العام يهدف إىل رعاية النفع العام واملصلحة العامة ،وبناء على
ذلك فلن يكون من اجلائز التصرف يف املمتلكات العامة أو احلجز عليها حفاظا على املنفعة العامة
الت رصدت هلا تلك األموال واملمتلكات ،خبالف األموال اململوكة ألشخاص القانون اخلاص.
جـ /استقالل وُتيز القواعد الت تنظم الروابط الت تنشأ بني الدولة وموظفيها أبحكام تتلف عن تلك
القواعد الت تنظم العالقة الت تنشأ بني أصحاب العمل والعمال يف القطاع اخلاص ،وذلك ألن موظفي
الدولة يقومون على تسيري أنشطة املرافق العامة الت هي خمصصة للنفع العام بينما العالقة العمالية
األخرى يف القطاع اخلاص هي هتدف إىل مصاحل خاصة بني أطرافها.
د /خضوع املنازعات الت تكون الدولة طرفا فيها إىل قضاء مستقل خيتلف عن القضاء العادي ،ففي
اململكة العربية السعودية تضع املنازعات الت تكون الدولة طرفا فيها إىل احملاكم اإلدارية التابعة لديوان
املظامل.
21
-فروع القانون العام:
/1القانون الدويل العام:
ويـَ َعرف أبنه :جمموعة القواعد واملبادئ واألحكام املستمدة من العرف الدول واملعاهدات الدولية واملبادئ
القانونية العامة الت تنظم عالقات الدول بعضها ببعض يف حالت السلم واحلرب ،وتنظم عالقاهتا ابملنظمات
الدولية واإلقليمية ،وتنظم عالقات املنظمات.
ومن خالل التعريف يظهر لنا أن موضوع هذا القانون هو تنظيم العالقات الت تنشأ بني الدول يف حالت:
أ -السلم (كبيان احلقوق والواجبات بني الدول ،وطرق تبادل التمثيل الدبلوماسي ،وحتديد وسائل فض
املنازعات الدولية ابلطرق السلمية كالتحكيم واملفاوضات ،وغريها) ،ب -احلرب (كبيان إجراءات احلرب
ووسائلها املشروعة وغري املشروعة وكيفية معاملة األسرى واملصابني واملدنيني وعالقة الدول املتحاربة
واحملايدة) .ومن جهة أخرى عالقة الدول ابملنظمات الدولية واإلقليمية ،وعالقة املنظمات فيما بينها.
ـ واململكة العربية السعودية كغريها من الدول تربطها مع الدول األخرى عالقات دبلوماسية ،كما ترتبط
اململكة العربية السعودية ابلعديد من املعاهدات واالتفاقيات الدولية مع الدول واهليئات الدولية ،كما أهنا
عضو منضم لكثري من املنظمات الدولية واإلقليمية واملتخصصة كهيئة األمم املتحدة ومنظمة املؤُتر
اإلسالمي ومنظمة اليونسكو ومنظمة أوبك وغريها.
/٢القانون الدستوري:
هو جمموعة القواعد القانونية الت توضح شكل الدولة ونظام احلكم فيها وحتدد السلطات العامة
واختصاصات كل منها ،وعالقتها ببعض ،وتبني احلقوق واحلريت العامة الت للفراد وواجبات الدولة
جتاههم؛ وللقانون الدستوري أمهية قصوى يف حياة الدول واألفراد.
ويف اململكة العربية السعودية ليس لدينا دستور ولكن لدينا جمموعة من األنظمة ذات قيمة دستورية
وهي :النظام األساسي للحكم وهو أقوى األنظمة وفيه بيان لشكل الدولة ونظام احلكم فيها
والسلطات العامة يف الدولة واحلقوق واحلريت العامة فيها وغري ذلك من املسائل ،ونظام هيئة البيعة،
ونظام جملس الوزراء ،ونظام جملس الشورى.
22
/3القانون اإلداري:
هو جمموعة القواعد القانونية الت حتكم السلطة التنفيذية عند أدائها لوظائفها املختلفة :من دفاع
وصحة وتعليم وغريها ،....ويدخل يف موضوعات هذا القانون:
أ /بيان طرق استغالل األموال العامة يف الدولة وكيفية إدارة املرافق العامة فيها.
ب /بياهنا وسائل مباشرة اإلدارة لنشاطها سواء كان ذلك عن طريق اإلدارة املركزية أو غري املركزية.
د /بيان أسس الرقابة القضائية على أعمال اإلدارة وقراراهتا عند مزاولتها لنشاطاهتا وما قد يرتتب على
ذلك من نزاعات بينها وبني األفراد.
ـ والقانون اإلداري وثيق الصلة ابلقانون الدستوري إذ إن القانون الدستوري يتوىل بيان السلطات
وظيفتها ومنها السلطة التنفيذية بينما القانون اإلداري يبني كيفية سري السلطة التنفيذية يف أدائها
نشاطها وظيفتها.
/ 4القانون املايل:
هو ذلك القانون الذي تنظم قواعده مالية الدولة من جهة حتديد وجوه املصروفات واإلنفاقات على
مرافق الدولة وبيان مصادر اإليرادات وبيان كيفية إعداد ميزانية الدولة وتنفيذها وأسس الرقابة عليها.
ـ ومن مث فإن هذا القانون سوف يتناول تنظيم ميزانية الدولة ومواردها ومصاريفها ومدخراهتا ،ومن
األنظمة الت ُتثل القانون املال يف اململكة نظام إيرادات الدولة وغريها من األنظمة.
/ 5القانون اجلنائي:
هو جمموعة القواعد القانونية الت حتدد األفعال اجملرمة ابختالفها والعقوابت املقررة هلا والقواعد الشكلية
لتطبيقها والت ترسم اإلجراءات الت تتبع من حلظة وقوع الفعل اإلجرامي حىت تنفيذ العقوبة ابجلاين.
وعلى هذا األساس فإن القانون اجلنائي حيتوي على فرعني من القواعد:
23
أوال /القواعد املوضوعية (قانون العقوابت):
وهي القواعد الت تعني أنواع اجلرائم وحتدد اجلزاء املقرر لكل جرمية ،وينقسم إىل قسمني:
* القسم العام:
يتناول القسم العام األحكام العامة الت تسري على كل اجلرائم ،كقواعد املسؤولية اجلنائية ،وأحكام
الظروف املشددة واملخففة ،فهي أحكام عامة ال تص جرمية معينة ،وأتخذ يف االعتبار جمموعة من
املبادئ الدستورية الت نص عليها النظام األساسي للحكم ومنها:
ـ أن العقوبة شخصية.
ـ ال عقاب إال على األعمال الالحقة للعمل ابلنص النظامي .وغريها من املبادئ.
* القسم اخلاص:
يتناول القسم اخلاص األحكام اخلاصة لكل جرمية على حدى كالقتل والسرقة والرشوة ،...ببيان
أركان اجلرمية وشروطها وصورها ومقدار العقوبة احملددة على مرتكبها وموانع استيفاء العقوبة . ...
ـ ويف اململكة تشكل قواعد القسم اخلاص فيما يتعلق ابجلرائم والعقوابت املقررة هلا من شقني:
أ /املنصوص عليه يف الشريعة اإلسالمية :كاحلدود والقصاص وبعض التعازير ،وهذه تستقى مباشرة
من مصادر الشريعة اإلسالمية.
ب /جرائم التعزير املنظمة :والت يصدرها ول األمر بناء على أحكام الوالية وسلطات ول األمر
املنصوص عليها الفقه اإلسالمي ،مثل جرائم التزوير والرشوة واجلرائم املعلوماتية واملخدرات . ...
24
اثنيا القواعد الشكلية (اإلجراءات اجلزائية /اجلنائية):
وهي قواعد تتضمن اإلجراءات املتعلقة بضبط اجلرمية والتحقيق فيها وإجراءات احملاكمة اجلنائية ووسائل
تنفيذ العقوبة ،ومن مث فإن اإلجراءات اجلزائية هي نظام شكلي يلزم وجوده لتنفيذ أحكام قانون
العقوابت املوضوعية.
ـ ويف اململكة العربية السعودية يتوىل نظام اإلجراءات اجلزائية ابلدرجة األوىل تقرير أحكام اإلجراءات
الت تتبع فيما يتعلق ابجلرائم ،وهناك أنظمة أخرى كنظام األحداث واملختص ببيان اإلجراءات املتعلقة
ابألحداث ،وكذلك نظام النيابة العامة والذي يبني اختصاصها يف التحقيق والنيابة العامة أمام القضاء
اجلنائي والرقابة على تنفيذ العقوابت ،وغريها من األنظمة.
/1القانون املدين:
القانون املدين هو أصل القوانني وأساس تنظيم العالقات بني األفراد وتفرعت منه فروع القانون اخلاص
األخرى ،وأحكام القانون املدين هي القاعدة العامة الت ستطبق يف نطاق القوانني األخرى على الوقائع
الت مل تشملها القوانني األخرى ابلتنظيم ،فإذا ما وجدت واقعة يف القانون التجاري مثال مل ينص
القانون التجاري على حكم هلا فإن قواعد القانون املدين هي الت سوف تطبق!
ـ ويع رف القانون املدين أبنه :جمموعة القواعد القانونية الت تنظم العالقات الت بني أفراد اجملتمع يف
املسائل الت ال تدخل يف نفوذ قانون آخر ،وحتتوي قواعد القانون املدين على قسمني من القواعد:
25
األول /قواعد األحوال الشخصية ويتناول أحكام األسرة من أحكام النكاح والطالق واخللع والنفقة
وأحكام املواريث وغري ذلك.
الثاين /قواعد املعامالت املالية ويتناول بيان االلتزامات ومصادرها (عقد أو إرادة منفردة كالوصية أو
التعويض عن فعل ضار كالضرر الناشئ عن الفعل اخلطأ أو التعويض فعل انفع بغري سبب )...وأاثرها
وانتقاهلا وانقضائها وما تعلق أبحكام احلقوق وأنواعها وغري ذلك.
ـ ال يوجد يف اململكة العربية السعودية قانون مدين وإمنا مسائل القانون املدين يرجع فيها ألحكام
الشريعة اإلسالمية وهي الشريعة العامة لكل القوانني األخرى ،فاملعتمد يف تقرير أحكام القانون املدين
هو فقه املعامالت على مذهب اإلمام أمحد بن حنبل رمحه هللا تعاىل.
/٢القانون التجاري:
هو ذلك الفرع من القانون الذي تتناول أحكامه تنظيم الروابط الناشئة عن املعامالت التجارية بني
األفراد بسبب احرتافهم التجارة أو لتعلقها ابألعمال التجارية على وجه العموم .ومن مث فإن قواعد
القانون التجاري ستعىن بتعريف التاجر وحتديد أهليته وبيان واجباته والتزاماته وستعىن بتحديد األعمال
التجارية ووسائل ممارسة النشاط التجاري وسيتناول بيان أحكام األوراق التجارية وبيان أحكام
الشركات وأشكاهلا والتزاماهتا وسيهتم أيضا مبسائل امللكية الفكرية والصناعية وغري ذلك من األمور
املتعلقة ابلنشاط التجاري.
ـ والقانون التجاري استقل عن القانون املدين خلصوصية النشاط التجاري عن غريه من املعامالت
فاملعامالت التجارية تتصف بصفت السرعة واالئتمان ما جعل تطبيق أحكام القانون املدين عليها
أمرا غري مستساغ األمر الذي جعلها تستقل عنه ،ومع ذلك يبقى القانون املدين هو القاعدة العامة
واملرجع يف املسائل الت مل يتناوهلا القانون التجاري ابلتنظيم.
ـ والقانون التجاري يف اململكة العربية السعودية يتكون من أحكام الشريعة اإلسالمية ابإلضافة إىل
األنظمة الصادرة من قبل ول األمر والت حتكم النشاط التجاري ،كنظام احملكمة التجارية الصادر يف
عام 1350هـ وهو من أقدم األنظمة الصادرة يف اململكة العربية السعودية ،ومن األنظمة التجارية
كذلك نظام األوراق التجارية ونظام الشركات ونظام العالمات التجارية وغريها.
26
/3قانون العمل:
هو جمموعة القواعد القانونية الت ت نظم العالقات القانونية الت تنشأ بني العمال وأرابب العمل وذلك
يف نطاق العمل املأجور الذي يكون فيه ارتباط العامل بصاحب العمل مبنيا على أساس رابطة تبعية.
ـ وتتضمن قواعد القوانني العملية األحكام الناجتة عن عالقة العمل بطريقة مباشرة أو غري مباشرة،
وأبرز هذه املواضيع :ـ عقد العمل وما يتضمنه من حقوق وواجبات ابلنسبة لطرفيه ،ومسائل إصاابت
العمل والتعويض عنها ومستحقات العامل التأمينية عند توقفه عن العمل وغري ذلك من املسائل.
ـ يف اململكة العربية السعودية أهم األنظمة الت تنظم املسائل العمالية نظام العمل ونظام التأمينات
االجتماعية.
يتضمن هذا القانون أحكاما إجرائية شكلية ال أحكاما موضوعية ،فهو يبني الوسائل الت تكفل محاية
احلقوق الت تقررها القواعد املوضوعية يف القوانني األخرى؛ ويتناول قانون املرافعات شقني:
/ 1جمموع ة القواعد املنظمة للسلطة القضائية من حيث بيان أنواع احملاكم وتشكيلها ونطاق
اختصاصها اإلقليمي والنوعي لكل منها وشروط تعيني القضاة وبيان حقوقهم وواجباهتم؛ وقد جاءت
هذه األحكام مفصلة يف نظام القضاء.
/ 2الشق الثاين جمموعة القواعد املبينة إلجراءات التقاضي واملتعلقة بكيفية رفع ومباشرة الدعوى
وحتقيقها وإثباهتا واحلكم فيها وطرق الطعن والتنفيذ ملا يصدر من أحكام قضائية؛ وجاءت أحكام
هذه املسائل متفرقة يف عدد من األنظمة منها نظام املرافعات الشرعية ونظام املرافعات أمام ديوان
املظامل ونظام التنفيذ والقواعد املبينة إلجراءات التقاضي أمام اللجان الشبه قضائية وغريه.
27
/5القانون الدويل اخلاص:
تتناول قواعد هذا القانون تنظيم العالقات اخلاصة الت حتتوي على عنصر أجنيب وعليه فإن القانون
الدول اخلاص سيتدخل يف عدد من احلاالت لبيان القانون الواجب التطبيق ولتحديد االختصاص
القضائي ومن هذه احلاالت منها:
ـ ويغلب على قواعد القانون الدول اخلاص أهنا قواعد شكلية ومعىن ذلك أي أهنا ال تفصل يف موضوع
النزاع وإمنا تبني االختصاص القضائي والقانون الواجب التطبيق ،وهلذا فهي تسمى بقواعد اإلسناد أو
قواعد اإلحالة إذ أهنا حتيل أو تسند النزاع إىل قضاء حمدد أو قانون معني ،ومن أمثلتها:
/ 1أن مسائل األحوال الشخصية تضع لقانون جنسية الشخص ،حممد وغيداء من السعودية
وحصلت هلم مشكلة يف روسيا.
/ 2النزاع بشأن عقار خيضع لقانون البلد الذي يقع فيه العقار :اشرتى علي عقارا يف الصني من
خالد وكالمها من السعودية.
28
المبحث الخامس :المصادر الرسمية وغي الرسمية للقانون:15
إن املقصود من مصادر القانون هو :املصدر الشكلي أو الرمسي أو الرئيسي للقاعدة القانونية ،وهو يتمثل
يف الشكل الذي يفرز القاعدة القانونية ويعطيها قوهتا امللزمة ،فقد يكون شكل هذه القاعدة القانونية أيخذ
صورة قواعد من الدين ،أو النظام والتقنني ،أو العرف ،أو غري ذلك .فهذه املصادر الشكلية ُتثل الوسيلة
الت تظهر القاعدة القانونية يف شكل خطاب ملزم جيب تنفيذه من األشخاص املخاطبني به سواء الدولة
أو القاضي أو الناس العاديني.
ـ وهذه املصادر تتلف يف أمهيتها وترتيبها من جمتمع إىل أخر وذلك ابختالف طبيعة اجملتمعات واملؤثرات
الدينية والثقافية والسياسية و ...يف كل جمتمع :فقد يكون العرف هو املصدر الرئيس للقانون ،وقد يكون
الدين هو املصدر الرئيسي للقانون وقد يكون التقنني هو املصدر الرئيسي للقانون كما يف أغلب الدول.
* وعادة ما تنص الدول يف قوانينها على الرتتيب الرمسي ملصادر القاعدة القانونية ،وهو ترتيب يلزم اتباعه
وعدم خمالفته بتقدمي األدىن على األعلى أو خمالفة القاعدة األدىن للقاعدة األعلى.
* يف اململكة العربية السعودية تعد الشريعة اإلسالمية هي املصدر الرئيسي للقانون مث ما يصدره ول األمر
من األنظمة الت ال تتعارض معها ،إذ نصت املادة السابعة من النظام األساسي للحكم على أن (يستمد
احلكم يف اململكة العربية السعودية سلطته من كتاب هللا وسنة رسوله ومها احلاكمان على هذا النظام وَجيع
أنظمة الدولة) ،كما نصت املادة الثامنة واألربعون على أن( :تطبق احملاكم على القضاي املعروضة أمامها
أحكام الشريعة وفقا ملا دل عليه الكتاب والسنة وما يصدره ول األمر من أنظمة ال تتعارض مع الكتاب
والسنة) ،ومن مث فإن مصادر القاعدة القانونية يف اململكة العربية السعودية سوف تكون على مراتب (أوال
مصادر الرمسية ،اثنيا مصادر غري رمسية) ،وسندرسها كتال:
ُ
( )15لخصت من كتاب المدخل لدراسة العلوم القانونية ص.112-92
29
أوالً /املصادر الرمسية:
وتنقسم املصادر الرمسية إىل قسمني وهي أحكام الشريعة اإلسالمية واألنظمة الت يصدرها ول األمر:
تستمد الشريعة اإلسالمية أحكامها من القرآن الكرمي والسنة النبوية واإلَجاع والقياس وهذه األدلة هي
أدلة املتفق عليها بني العلماء ،فأحكام الشريعة اإلسالمية هي املهيمنة على غريها من مصادر القانون
يف اململكة العربية السعودية على ما سبق بيانه يف نصوص النظام األساسي للحكم ،ومن مث فال جيوز
أن تالف املصادر األخرى للقانون أحكام الشريعة اإلسالمية.
* وبناء على ما سبق فإن القاضي إن أراد أن حيكم يف قضية معروضة عليه فإنه أول ما ينظر إىل:
ـ القرآن والسنة واإلَجاع فإن وجد ما يسعفه فيحكم به ،فإن مل جيد فإنه ينظر إىل األنظمة الت يصدرها
ول األمر الت ال تالف الشريعة اإلسالمية ،فإن مل جيد فينظر إىل املصادر االحتياطية كالعرف املستقر
أبركانه وشرطه ،فإن مل جيد فيجتهد ابلنظر إىل األدلة املختلف فيها بني العلماء كقول الصحايب
واالستحسان وينظر أيضا إىل مقاصد الشريعة واملتمثلة يف حفظ الضروريت اخلمس (الدين والنفس
والعرض والعقل واملال) وينظر أيضا إىل القواعد الفقهية كقاعدة ال ضرر وال ضرار وقاعدة الغرم ابلغنم
وقاعدة األمور مبقاصدها وقاعدة املشقة جتلب التيسري وقاعدة اليقني ال يزول ابلشك وغريها ،كما
وينظر إىل املصادر غري الرمسية كاجتهادات الفقهاء وعلماء السلف والسوابق القضائية مث حيكم.
التقنني هو املصدر الثاين من املصادر الرمسية األصلية ،ويعرف التقنني أبنه :سن السلطة املختصة يف الدولة
لقواعد قانونية مكتوبة وإصدارها وفقا لإلجراءات الت يقررها الدستور ،وحيتل التقنني يف وقتنا احلاضر
مكانة الصدارة بني مصادر القاعدة القانونية ،وأكثر الدول تعترب التقنني هو املصدر الرمسي واألهم يف بنائها
القانوين ،ملا يتصف به من خصائص منها:
30
/ 2جميئ القاعدة القانونية يف صورة مكتوبة يضفي عليها طابع الدقة والتحديد ما يكسبها وضوح
يؤدي للثقة واالستقرار يف التعامالت.
/ 3حتقق الوحدة القانونية الت تزيل التبيان الذي ينشأ بسبب األعراف احمللية.
* ولكن تقابل هذه املزاي عيوب وجهت إىل التقنني بصفته مصدر من مصادر القانون ،منها:
/ 1اجلمود ،ألن احلكم الذي جاء به النص القانوين سيكون مناسبا ملا هو عليه احلال يف وقت تقنينه.
/ 2قد يكون غري مناسب ألحوال اجملتمع ،إذ إن كثريا ما تقتبس القواعد القانونية من أنظمة أخرى.
/ 3ال ميك ن للسلطة املختصة بوضع القوانني اإلحاطة بكل العالقات واألوضاع اجملتمعية ،ما يتيح
لقواعد قانونية غري مقننة يف نصوص من تنظيم عالقات األفراد كالعرف الذي قد يكون أصدق يف
التعبري عن رغبة اجملتمع ملضمونه من نصوص القانون.
/ 4قد يالحظ يف احلاالت الت تستدعي إصدار قوانني عاجلة ملواجهة أحوال طارئة أن قواعد هذه
القوانني تتصف ابلقصور وعدم الوضوح أو التضاد ،ما يوجب إجراء تعديالت على تلك القواعد أو
إلغاؤها ،وعندما تتكرر التعديالت على نفس املوضوع فإنه سيتسرب الشعور بفقد الثقة ابلقانون.
يعرف العرف أبنه :جمموعة القواعد غري املكتوبة الناشئة عن اعتياد األفراد على اتباع سلوك معني على حنو
متواتر مع االعتقاد بقوته امللزمة والشعور بوجوب احرتامه ،والعرف ال يتكون وأيخذ صورة القاعدة القانونية
إال عند توافر ركنني أساسيني يسندان وجوده ،ومها الركن املادي والركن املعنوي.
-1الركن املادي :وهو ما يتحقق بتواتر االعتياد ابلقيام بسلوك معني بشأن مسألة معينة ،فالعرف
إذن يتكون بدايته من عادة أو عمل يتم تطبيقه بشأن عالقة ما ،مث يتكرر تطبيق ذلك السلوك ملالءمته
يف عالقة مماثلة حىت يشيع حكم ذلك العمل ويستمر األخذ به ليصبح طريقة متبعة من اجلميع ملواجهة
حل تلك العالقة فيما بني األفراد.
ـ ويستوجب لقيام العادة الت ترتقي إىل مرتبة العرف توافر أربعة شروط وهي:
31
أ /عموم العادة :أبن ينتشر اتباع تلك العادة من كافة األشخاص يف الوسط الت نشأت فيه.
ب /اطراد العادة :وهو ما يعين استقرار األفراد على اتباع مضموهنا على سبيل التكرار مىت ما توافرت
شروط تطبيقها.
ج /قدم العادة :وهو مضي زمن كاف على اعتبار واطراد العمل هبا ملدة من الزمن على حنو تتأصل
معه يف نفوس األفراد فيتأكد معها عمومها واستقرارها.
د /عدم خمالفة العادة ألحكام الشريعة اإلسالمية واألنظمة الصادرة من ول األمر واآلداب.
-2الركن املعنوي :ال تصل العادة إىل مرتبة العرف مبجرد توافر العنصر املادي بل البد من أن يستقر
لدى األفراد شعور ابحرتام هذه القاعدة وإلزاميتها ووجوب اتباعها ،ومن مث فإن الركن املعنوي هو ميثل
عنصرا داخليا لدى األفراد ،وهذا الركن املعنوي هو الذي مييز العرف عن العادات االجتماعية وإن
كانت العادات يف بعض األحوال يكون فيها إلزام على أساس اعتبارات أدبية.
-مزاي العرف:
/ 1يتشكل استجابة لرغبة األفراد يف تنظيم سلوكياهتم ،ومن مث فإنه سيتواكب مع إرادة أفراد اجملتمع.
/ 3تتكون قواعده بشكل تلقائي عفوي ترتضيه إرادة اجلماعة ومن مث فإن خضوع األفراد له سيكون
أسهل من خضوعهم للقوانني الت حتتاج إىل تدخل إرادة السلطة املختصة لوضعه أو تعديله.
/ 4يسد العرف النقص الذي يكون يف القوانني عند تنظيمها لسلوكيات األفراد يف اجملتمع.
-عيوب العرف:
/ 1يعد العرف وسيلة بطيئة خللق القاعدة القانونية ،إذ إن من شروطه أن يكون قدميا.
/ 2غموضه وعدم وضوحه وصعوبة التعرف عليه وصعوبة إثباته لعدم وجوده يف قواعد مكتوبة.
/ 3اختالف األعراف يف البلد الواحد ومن فئة إىل أخرى ومن إقليم إىل آخر.
32
-دور العرف:
* خيتلف دور العرف ابختالف القاعدة النظامية الت حيكمها فال وجود له يف األنظمة اجلنائية إذ ال
جرمية وال عقوبة إال بنص خبالف قواعد القانون الدول فهو يستند يف وجوده إىل ما تعارفت عليه
الدول؛ ولكن دور العرف ينحصر يف وظيفتني:
أ /العرف املكمل للتقنني :ويقصد به هو العرف الذي يلجأ القاضي إليه عند عدم النص الذي ينظم
هذه العالقة يف القضية املعروضة عليه ،ومن مث فإن العرف يف هذه سيسد النقص الذي يواجه القانون.
ب ـ العرف املساعد أو املعاون للتقنني :ويقصد به العرف الذي حتيل النصوص إليه لالستعانة حبكمه،
فهو ال أييت حبكم ملسألة مل تنظمها النصوص وإمنا هو يبني بعض التفاصيل الت أحال النص هلا ،وهذا
العرف يستمد قوته امللزمة من اعرتاف النص به.
ب /الفقه:
إن من يريد تطبيق النصوص ال يستطيع أن يفهم دالالت النصوص ومقاصدها وكيفية تنزيلها على
الوقائع وبيان ما خيرج من حكمها وما ال خيرج وشروط تطبيقها وغري ذلك من املسائل إال بعد تناوهلا
ابلدراسة والبحث واالطالع على أقوال من سبقه من العلماء إذ تقوم املصنفات الفقهية ابلبحث يف
أحكام املسائل العملية واستخراج أحكامها من األدلة التفصيلية ،ومن مث فإن القاضي أو غريه سوف
يكون حمتاجا لالطالع على هذه الكتب واملصنفات ملعرفة األحكام وأدلتها وحاجة القاضي لالستعانة
ابلفقه اإلسالمي تتلف ابختالف حال القاضي.
* وقد اهتم املنظم السعودي ابلفقه اإلسالمي ومؤلفاته كمصدر من مصادر القانون اهتماما ابلغا
وخصوصا مع ندرة اجملتهدين وكثرة احلاجة للقضاة ما دفع لكثرة تعيني املقلدين ،إذ نص قرار اهليئة
القضائية رقم ( )3يف 1347/1/17هـ املقرتن ابلتصديق العال بتاريخ 1347/3/24هـ على أن:
" يكون اعتماد احملاكم يف سريها على مذهب اإلمام أمحد على الكتب اآلتية:
1ـ (شرح املنتهى) 2 .ـ (شرح اإلقناع) ،فما اتفقا عليه أو انفرد به أحدمها فهو املتبع ،وما اختلف
فيه فالعمل على ما يف (املنتهى) ،وإذا مل يوجد ابحملكمة الشرحان املذكوران يكون احلكم مبا يف شرحي
(الزاد) ،أو (الدليل) إىل أن حيصل هبا الشرحان ." ...واستقر العمل يف احملاكم على هذا.
33
وأيضا مراجعة أراء ومؤلفات شراح القانون وجمال االستفادة من هذه الدراسات واألحباث كبري ومن
ذلك االستفادة من أراء شراح القانون يف مسائل العقود اإلدارية والعقود احلديثة كعقود نقل التكنولوجيا
والعقود اإللكرتونية ومسائل األدلة اجلنائية ومسائل املعاهدات واالتفاقيات الدولية وهكذا.
ج /السوابق القضائية:
كذلك السوابق القضائية هلا أمهية ابلغة ابلنسبة للمشتغلني يف جمال القانون والقضاء ،إذ إن املقصود
ابلسوابق القضائية هي :جمموعة املبادئ والقرارات الت استقرت األحكام القضائية على األخذ هبا عند
تطبيقها للقواعد القانونية.
ـ والدول تتلف يف درجة األخذ هبذه السوابق فقد جند بعض الدول تقدم السوابق على غريها من
املصادر كما هو احلال يف الدول الت تتبع النظام االجنلوسكسوين إذ سيكون هلذه السابقة حجية على
احملكمة الت أصدرهتا واحملاكم الت هي أدىن منها ومن مث فال جيوز أن تالف هذا احلكم يف القضاي
الت تعرض عليها مستقبال ،بينما دول أخرى أتخر السوابق القضائية يف املرتبة كأكثر الدول الت تتبع
النظام الالتيين إذ سيكون هذا احلكم حجة على أطرافه ولن يكون ملزما لغريهم.
ـ تتمثل السوابق القضائية يف اململكة العربية السعودية يف املبادئ والقرارات الت تصدر من اهليئة
القضائية العليا واجمللس األعلى للقضاء ومن احملكمة العليا واحملكمة اإلدارية العليا ،وكذلك األحكام
الصادر يف جمموعة األحكام القضائية املؤيدة من حماكم االستئناف الصادرة من وزارة العدل ،ومدونة
األحكام القضائية املؤيدة من حماكم االستئناف اإلدارية الصادرة من ديوان املظامل .وغري ذلك.
34
ن
القواني ،وكيفية إصدارها:16 المبحث السادس :أنواع
يعرف الدستور أبنه :جمموعة القواعد األساسية الت تقوم بتحديد شكل الدولة وبيان نظام احلكم فيها
وحتدد السلطات العامة فيها واختصاصاهتا وتنظيم العالقات بينها ،وتبني احلقوق والواجبات واحلريت
العامة لألفراد والدولة ،والتقنني األساسي أو الدستور يعد هو أمسى القوانني وهو يف أعلى اهلرم القانوين
ومن مث فال جيوز أن خيالفه القانون أو الالئحة الدستور.
ـ وعادة ما تنشئ الدول هيئات قضائية عليا تتوىل الرقابة على ما يسمى بدستورية القوانني فإذا ما تبني
أن القانون األدىن خالف القانون األعلى فيحكم ببطالنه أو االمتناع عن تطبيقه.
ـ يف شكل منحة ممن يتوىل رائسة الدولة ،أو يف شكل عهد بني احلاكم وشعبه.
ـ أو عن طريق َجعية أتسيس منتخبة أو معينة ،أو يكون إقراره عن طريق استفتاء شعيب.
* ويف اململكة العربية السعودية ليس لدينا دستور ابملعىن املعروف عند القانونيني ولكن لدينا جمموعة
من األنظمة ذات قيمة دستورية وهي :النظام األساسي للحكم وهو أقوى األنظمة وفيه بيان لشكل
الدولة ونظام احلكم فيها والسلطات العامة يف الدولة واحلقوق واحلريت العامة فيها وغري ذلك من
املسائل ،ونظام هيئة البيعة ،ونظام جملس الوزراء ،ونظام جملس الشورى.
ُ
( )16لخصت من كتاب المدخل لدراسة العلوم القانونية ص.112-99
35
/ ٢التقنني العادي (القانون أو النظام):
القانون أو النظام أو التقنني العادي يعد اتليا للدستور من جهة التدرج والقوة ومن مث وجب أن ال
خيالف الدستور ،والسلطة املختصة أصالة بوضع وسن القوانني هي السلطة التنظيمية (الت تسمى
ابلتشريعية يف بعض الدول) ،وتتلف مسمياهتا يف الدول فقد تسمى ابلربملان أو اجلمعية الوطنية أو
جملس الشعب أو جملس األمة أو غري ذلك.
ـ قد حتل السلطة التنفيذية يف بعض احلاالت واستثناء من األصل حمل السلطة التنظيمية يف تقنني
القوانني وذلك يف أحوال معينة يبينها عادة الدستور كاحلاالت الطارئة ،لكن األصل أن السلطة
التنفيذية ال عالقة هلا ابلتنظيم.
ـ تتمثل السلطة التنظيمية يف اململكة العربية السعودي يف جملسي الوزراء والشورى ،وجملس الوزراء هو
صاحب االختصاص األصيل يف سن األنظمة واللوائح ورسم السياسة الداخلية واخلارجية واملالية
واالقتصادية والتعليمية والدفاعية وَجيع الشؤون العامة؛ وامللك هو من يتوىل رائسة جملس الوزراء وتعيني
الوزراء ،وجملس الوزراء ميثل السلطة التنفيذية ابإلضافة إىل السلطة التنظيمية.
يتمثل هذا النوع من التقنني املكتوب يف :جمموعة القواعد القانونية الت تصدر يف شكل قرارات من
قبل السلطة التنفيذية وذلك مبقتضى االختصاص املمنوح هلا يف الدستور ،وتسمى هذه القواعد
ابللوائح ،والبد أن ال تالف هذه اللوائح النص األعلى منها يف ترتيب القوة.
ـ وهذا النوع من القواعد ال حيتاج إىل أن مير ابملراحل الت مير فيها اصدار القانون أو النظام ،إذ إن
املختص إبصداره السلطة التنفيذية.
ـ السبب يف تويل السلطة التنفيذية االختصاص بوضع اللوائح يرجع إىل عدم توافر املعرفة الكاملة للسلطة
التنظيمية بتفاصيل وجزئيات متابعة وتنفيذ األنظمة واآلاثر املرتتبة عليها يف الواقع ومن مث فإهنا توكل للسلطة
التنفيذية املختصة أصال بتنفيذ األنظمة والقوانني فهي أدرى ابلواقع ،وللوائح عدة أشكال منها:
36
أوال /اللوائح التنفيذية:
هي قواعد عامة مصدرة من السلطة التنفيذية تتضمن وضع أحكام تفصيلية لتنفيذ وتطبيق القوانني واألنظمة
الت تسنها السلطة التنظيمية ،ومن مث فإن دورها سينحصر يف تنفيذ القانون وال يتعداه إىل إنشاء أحكام
مل ينص عليها القانون وغالبا ما ينص النظام على اجلهة املختصة بوضع هذه اللوائح فيذكر أن الوزير هو
املختص إبعداد هذه الالئحة.
هي قواعد تسنها السلطة التنفيذية لتنظيم وترتيب سري العمل يف املصاحل واملرافق العامة واإلدارات احلكومية
ولتنظيم عمل إداري معني ،وقد تتضمن هذه اللوائح إنشاء هيئات وأجهزة جديدة مع حتديد اختصاصاهتا
حيث أن السلطة التنفيذية هي األقدر على اختيار ما يالئم ضمان حسن سري اجلهاز احلكومي.
أوالً /مرحلة االقرتاح :وهذه املرحلة هي أول مراحل اصدار القوانني أو األنظمة ،وتتمثل هذه املرحلة
يف وضع فكرة مشروع لنظام أو قانون يتم عرضه على السلطة املختصة بسن القوانني أو األنظمة،
وعادة ما ينص الدستور أو التقنني األساسية على األشخاص الذين هلم احلق يف اقرتاح مشروع القانون
وهم( :أعضاء السلطة التنظيمية وأعضاء السلطة التنفيذية) .ويف اململكة العربية السعودية يكون حق
تقدمي اقرتاح مشروع النظام لـ :جملس الشورى وأعضاء جملس الوزراء.
اثنياً /مرحلة التصويت :وهي اثين مراحل اصدار القوانني واألنظمة ،وتتمثل يف عرض مشاريع
القوانني أو األنظمة املقرتحة على السلطة التنظيمية للموافقة على املشروع أو رفضه وذلك حبيازته على
قدر من األصوات حيددها القانون ،ويكون فيها مناقشة هلذا املشروع ويف اململكة العربية السعودية تتم
املوافقة على مشروع النظام بعد عرضه على جملس الوزراء بصفته سلطة تنظيمية يف جلسه تكون
مداوالهتا سرية ،جيري فيها عرض مشروع النظام والتصويت عليه مادة مادة مث التصويت على قبول
37
مشروع النظام أو رده ،والبد أن يكون ذلك حبضور الوزير املعين الذي يدخل مشروع النظام يف
اختصاص جهته أو حضور من ينوب عنه إال يف حاالت الضرورة ،والبد من حتقق النصاب القانوين
النعقاد جملس الوزراء حىت يكون انعقاده صحيحا.
اثلثاً /مرحلة املصادقة :وهي تتمثل يف موافقة رئيس الدولة ابعتباره شريكا يف السلطة التنظيمية على
مشروع القانون أو النظام ليتحول من كونه مشروعا إىل قانون أو نظام ويف اململكة العربية السعودية
تكون موافقة امللك وإقراره هبذا املشروع من خالل توقيعه على قرار جملس الوزراء.
رابعاً /مرحلة اإلصدار :وهبذه املرحلة يتم تثبيت القانون وتسجيله وضمه إىل القوانني السارية يف
البالد ،إذ يقوم رئيس الدولة بصفته رئيس السلطة التنفيذية بتوجيه األمر إىل أعضاء السلطة التنفيذية
بتنفيذ مضمون هذا النظام أو القانون ،ويف اململكة العربية السعودية األداة النظامية الت يستلزمها
إصدار األنظمة هي املرسوم امللكي ،وهبذا املرسوم سيتخذ هذا النظام شرعيته وقوته امللزمة ،وال بد من
لطلبة القانون أن يعلموا الفرق بني املرسوم امللكي واألمر امللكي واألمر السامي :فاملرسوم امللكي هو
وثيقة رمسية تعرب عن إرادة امللك ابملوافقة على موضوع سبق أن عرض على جملس الوزراء
السعودي وجملس الشورى السعودي ،واتذ كل منهما قرارا حيال ذلك املوضوع ،ويكون
توقيع امللك على املرسوم بوصفه "رئيسا جمللس الوزراء" ،واألمر امللكي هو وثيقة رمسية مكتوبة تفصح
عن إرادة امللك املنفردة وتصدر بصيغة حمددة وحتمل توقيع امللك ،كما تعد أقوى وأعلى أداة تنظيمية
يف السعودية ،ويكون توقيع امللك على املرسوم بوصفه "ملكا" ،وأما األمر السامي هو وثيقة رمسية هلا
صيغة حمددة تصدر من رئيس جملس الوزراء أو أحد نوابه بوصفه " رئيسا جمللس الوزراء".
خامساً /مرحلة النشر :ويقصد هبا إعالم كافة األشخاص يف اجملتمع بصدور هذا القانون أو النظام،
حىت يكلفوا اباللتزام به ،فالقانون أو النظام مبجرد إصداره يصبح انفذا إال أن أثره ال يتعدى السلطة
التنفيذية ،وال يكون ملزما لألفراد إال إذا نشر لكي تتحقق إمكانية العلم به فالوسيلة املعتربة للنشر
القوانني واألنظمة هي اجلريدة الرمسية ،وهي يف اململكة العربية السعودية جريدة أم القرى ،وال يعتد
بنشره يف أي وسيلة أخرى حىت وإن حصل العلم مبضمون القانون أو النظام ،ومبجرد ُتام مرحلة النشر
فإن قرينة افرتاض العلم به تكون قد حتققت يف شأن َجيع املخاطبني مبضمونه.
38
المبحث السابع :أنواع وطرق تفسي األنظمة:17
قد نواجه عند تطبيق القانون حاالت ال ميكن معها معرفة حقيقة مضمون اخلطاب القانوين الذي
حيتويه النص لغموض فيه وإهبام ،وهلذا حنن حباجة لتفسريه حىت نعرف معناه ومدلوله ومن مث تطبيقه
التطبيق الصحيح على الوقائع الداخلة يف حكمه.
/ 1التفسري التنظيمي:
يقصد به :هو ذلك التفسري الصادر عن السلطة واضعة القاعدة القانونية ويكون موضوعه بيان املقصود
من تلك القواعد القانونية؛ وهو هبذا متمم ومكمل للقواعد القانونية حمل التفسري وكاشف عن معناها.
ـ جيب يف كل األحوال مراعاة عدم خروج التفسري عن األحكام الواردة يف القاعدة حمل التفسري ،ألن
مهمة التفسري تتمثل يف التوضيح وإزالة الغموض ال سن أحكام جديدة.
/٢التفسري القضائي:
يقصد به :ذلك التفسري الذي يقوم به القضاء عند تصديه ملا يعرض عليه من دعاوى ،وهو وسيلة
يتوصل هبا القاضي للحكم يف النزاع املعروض عليه ،وهذا التفسري مرتبط ابلواقع العملي ،ونتيجة هذا
التفسري ستكون ملزمة لطريف القضية ،وهذا يعين أنه لن يكون ملزما للمحكمة الت أصدرته وال لغريها.
/3التفسري الفقهي:
يقصد به :هو ذلك التفسري الذي تتضمنه كتاابت الفقهاء أو شراح القانون يف مؤلفاهتم كل يف
تصصه عند تصديهم الستخالص أحكام القانون والتعليق على مضمونه ،وهذا النوع من التفسري
غري ملزم وهو ليس إال كمصدر اسرتشادي يستأنس به عند تطبيق القانون وتفسريه.
ً
ملخصا من كتاب المدخل لدراسة العلوم القانونية ص.194-177 ()17
39
اثنيًا /طرق التفسري:
املقصود بطرق التفسري تلك الوسائل واألدوات الت يستهدي هبا املفسر الستجالء املعاين الت تدل
عليها النصوص ،وطرق التفسري املستخدمة عند تفسري النصوص إما أن تكون وسائل تفسري داخليه
معتمدة على ذات النص املفسر ،أو طرق تفسري خارجيه وهي من خارج نطاق النص املفسر.
عند إرادة تفسري أي نص فالبد أوال من الوقوف على معىن ذلك النص من خالل ما يستفاد من
عباراته وألفاظه ،وعند عدم القدرة للوصول إىل ذلك املعىن املباشر من خالل ألفاظه فإنه يصار إىل
فهم النص من خالل روحه وفحواه:
أ /التفسري عن طريق عبارة النص وألفاظه :املراد بعبارة النص :صيغته املكونة من مفرداته وَجله،
واملراد مبا يفهم من عبارة النص :املعىن الذي يتبادر فهمه من صيغته ويكون مقصودا من سياقه.
ـ هذه الطريقة يف التفسري تستلزم معرفة أبساليب اللغة وتراكيبها وأوجه داللة العبارات ،واألصل يف
التفسري محل الكالم على معناه الدارج املتعارف عليه ،إال أنه جيوز صرف معىن الكالم إىل املعىن
االصطالحي إن كان هو املقصود أو املعىن اللغوي إن كان هو املقصود.
ب /تفسري النص عن طريق مفهوم روحه وفحواه :ويقصد به هو ذلك املعىن املستفاد ،الذي ال
يستخرج من عبارة النص ذاته بل يستفاد منه ابعتباره الزما ملعىن متبادر إىل الذهن أو مستنتج منه
بطريق القياس.
عندما يتعذر حتديد املعىن املقصود من النص لغموضه الت ورد فيها فإنه يلجأ للوسائل اخلارجية:
أ /التقريب بني النصوص :ويقصد بذلك مقارنة النص املراد تفسريه وتطبيقه مع غريه من النصوص
األخرى لتحديد املعىن املراد من قبل واضعه؛ ألن النصوص القانونية يف جمملها تكمل بعضها البعض.
40
ب /حكمة التنظيم أو التقنني :واملقصود هبا معرفة الغاية واهلدف ملا ابتغى املنظم حتقيقه من جراء
إصدار ذلك القانون ،سواء كانت املصلحة من سنه اجتماعية أو اقتصادية أو أخالقية.
ج /األعمال التحضريية :وهي الواثئق الرمسية املتعلقة مبراحل سن التشريع من مذكرات معدة أو
حماضر للجان أو تقارير ملناقشات ُتت منذ وقت التفكري يف وضعه وحىت دخوله حيز النفاذ ،وتعد
من الوسائل املهمة لتف سري النصوص ملا هلا من فائدة ودور يف الكشف عن مقصود املنظم ومعىن
العبارات املستخدمة يف صياغة النصوص.
د /املصادر التارخيية :ويقصد هبا االستعانة ابألصل التارخيي الذي استقى منه املنظم مادة النص،
وذلك للكشف عن ما قد يعرتي النص من غموض وإهبام أو سد للنقص أو رفع للتعارض بني
النصوص ،مثا ل :التنظيم املوحد لألوراق التجارية الذي خلص إليه مؤُتر جنيف يف عامي , 1930
1931م يعد مثال املصدر التارخيي لنظام األوراق التجارية يف اململكة العربية السعودية.
41
ن
القواني:18 المبحث الثامن :تطبيق
الكالم عن تطبيق القاعدة القانونية يتناول الكالم عن ثالثة أمور وهي :نطاق تطبيق القاعدة القانونية
من حيث األشخاص ،والنطاق املكاين لتطبيق القانون ،ومن مث النطاق الزماين النطباق القانون.
يقصد هبذا املبدأ هو :عدم قبول احتجاج الشخص جبهله حبكم القاعدة القانونية ليكون مبنأى عن
تطبيق أحكامها يف حقه ،ومن أسباب األخذ هبذا املبدأ:
/ 1أن املنظم جعل وسيلة إلمكانية العلم ابلقانون وهي نشره يف اجلريدة الرمسية ،وهذه الوسيلة متاحة
جلميع املخاطبني مبضمون تلك القاعدة القانونية ،ومن مث فإن املفرتض علم اجلميع هبا.
/ 2إن قبول العذر ابجلهل ابلقانون سيؤدي إىل زعزعة الثقة يف القوانني ويف املعامالت؛ ألنه سيدعي
كثري من األشخاص اجلهل يف القانون للتملص من أحكامه.
من احلاالت االستثنائية على مبدأ عدم جواز العذر ابجلهل ابلقانون :حالة العذر العام الناتج عن
ظروف وقوة قاهرة لن يتحقق معها وصول اجلريدة الرمسية إىل منطقة ما بسبب وقوع كوارث طبيعية
مثل الفيضاانت أو الزالزل أو ...أو يف حالة احلرب أو االحتالل لإلقليم من قبل دولة أخرى ،وهذه
ال تشمل األعذار الشخصية املتعلقة حبالة الشخص وأوضاعه من مرض أو سفر ،فال يقبل العذر
ابجلهل يف القانون هبذه األسباب.
ُ
( )18لخصت من كتاب المدخل لدراسة العلوم القانونية ص166-136
42
اثنياً /النطاق املكاين لتطبيق القانون:
أ /املبدأ األصل :مبدأ إقليمية القوانني:
يقصد هبذا املبدأ أن :القوانني الت تصدرها الدولة ستطبق يف كل حدود إقليمها ،وعلى كل من يف
اإلقليم من املواطنني واألجانب سواء كانت إقامتهم بصفة مؤقته أو دائمة ،وعلى كل ما يقع يف اإلقليم
من األشياء واألموال ،كما أن هذا املبدأ يقرر عدم تعدي قانون تلك الدولة على إقليم دولة أخرى،
ما مينع معه سرين ذلك القانون على رعاي الدولة املقيمني يف دولة أخرى.
ـ يقوم هذا املبدأ على فكرة سيادة الدولة على إقليمها وتقرير السلطان املطلق لقانون كل دولة داخل
نطاق إقليمها ،إذ إن أساس مبدأ إقليمية القوانني يكمن يف استقالل وسيادة كل دولة بتنظيم كل ما
يقع داخل إقليمها.
يقصد هبذا املبدأ أن :سرين قانون الدولة ليس على املوطنني املقيمني على إقليمها فقط بل ميتد
ليشمل املواطنني املوجودين خارج إقليمها ،كما أنه يرتتب عليه عدم سرين قانون الدولة على األجانب
الذين يقيمون يف إقليمها.
ويكون هذا املبدأ استثناء من مبدأ إقليمية القوانني يف احلاالت الت ال تشكل مساس لسيادة الدولة
األخرى على إقليمها (أي الت يقيمون فيها) ،ومن األمثلة على هذه االستثناءات:
/1تعترب السفارات واملمثليات األجنبية املعرتف هبا جزء من إقليم الدولة الت ُتثلها ،ومن مث فلن يطبق
عليها قانون الدولة املستضيفة.
/2بعض قواعد القانون العام تاطب املواطنني فقط ،كبعض القواعد الت تكلف املواطنني ببعض
الواجبات (كالتجنيد االجباري ،واالنتخاابت) ،وكبعض الوظائف العامة اخلاصة ابملواطنني.
43
/1إلغاء القانون:
إن القواعد القانونية وبسبب اتصاهلا ابجملتمعات فهي عرضة لتغيري أو على األقل قابلة للتغيري ،فهي
أشبه ما تكون ابلكائن احلي إذ يتصور والدهتا مث حياهتا مبا فيها نشأهتا وتطبيقها مث فناؤها إبلغائها
ونسخها ،وهلذا سندرس إلغاء القاعدة القانونية كالتال:
أ /معىن اإللغاء والسلطة القادرة على القيام به :املقصود إبلغاء القانون أو نسخه :هو إهناء سرينه
وإزالة سلطانه عن األشخاص املخاطبني أبحكامه وذلك عن طريق جتريده من قوته امللزمة ،وقد يقع
اإللغاء على قاعدة واحدة من جممل القانون كما قد يقع اإللغاء ليشمل كل القانون ،وال ميكن أن تتم
عملية إال من نفس السلطة الت قامت بوضعه أو أعلى منها درجة.
ب /طرق اإللغاء :إما إلغاء صريح :وهو الذي يتحقق بصدور نص قانوين يفصح عن إرادة واضع
القانون إبهناء العمل حبكم القانون السابق ،ويعترب هذا النوع من اإللغاء أكثر أنواع اإللغاء شيوعا وهو
من أبسط الطرق وأبرزها وضوحا ،وإما إلغاء ضمين :وهو الذي ال يتم بنص صريح وإمنا يستنتج من
استحالة اجلمع بني قواعد القانونيني لتعارضهما ،أو عندما يصدر تنظيم جديد متكامل شامل لنفس
املوضوع الذي عاجله القانون السابق.
يقصد به أي :انعدام سرين أحكام قواعد القانون اجلديد على املاضي ،إذ لن يكون للقانون أثر
رجعي فلن يرتد بقواعد حلكم عالقات ووقائع ومراكز ونتائج قانونية ترتبت يف شىت مراحلها يف ظل
القانون القدمي ،وهذا يعين أن أحكام القانون السابق هي الت ستكون مطبقة على ما مت من أفاعل
وتصرفات قبل نفاذ القانون اجلديد.
ـ وعدم رجعية القوانني على الوقائع واألحداث الت ُتت يف املاضي السابقة لسريهنا أمر حتتمه اعتبارات
عدة تستوجبها أسس املنطق القانوين يف العالقات الت تتم بني األفراد ،ومن تلك االعتبارات:
44
/1املنطق القانوين الذي ينظر إىل القاعدة القانونية ابعتبارها خطااب تكليفيا لألفراد ال ميكن أن يتصور
أن يكون ذلك اخلطاب إال ابلنسبة للمستقبل ،والقول خبالف ذلك ال يقبل عقال.
/ 2أن العدالة تقتضي عدم رجعية القوانني إذ من غري املستساغ أن يكلف الشخص أبن خيضع
ألحكام قانون جديد مستقبلي مل يعلم عنه ،فليس من املقبول أن يعاقب الشخص على اتيانه فعال
مباحا يف زمن اتيانه على أساس قانون جديد يرجع حكمه ليسري يف املاضي.
-إال أنه جيب أن يعلم أن األخذ مببدأ عدم الرجعية مل يؤخذ على إطالقه بل له استثناءات ،وهي:
/ 1االستثناء الوارد بنص صريح على رجعية القوانني :للمنظم حق اخلروج عن هذه القاعدة عند سنه
للقوانني ابلنص على سرين هذا القانون اجلديد على الوقائع السابقة لنفاذه إال النصوص اجلنائية الت
جترم أفعاال كانت مباحه أو تزيد يف عقوابت بعض اجلرائم فهي تبقى على األصل وهو عدم رجعية
القوانني ألنه من املقرر يف القانون اجلنائي أنه ال جرمية وال عقوبة إال بنص.
/ 2استثناء القوانني اجلنائية األصلح للمتهم من مبدأ عدم رجعية القوانني :يشكل مبدأ عدم رجعية
القوانني مرتكزا أساسيا لصيانة حرية وحقوق األفراد ،إال أنه يف حالة سرين القوانني اجلديدة على
الوقائع السابقة لنفاذ تلك القوانني إن كانت توفر مصلحة للمتهم لن تشكل إخالل ابملصاحل املقصودة
من تقرير مبدأ عدم رجعية القوانني ،إذ إن املتهم سيستفيد من ذلك الوضع اجلديد الذي جعل ذلك
الفعل اجملرم مباح أو أنه خفف من العقوبة املقررة عليه.
45
ف ه رس ال م ذك رة
الصفحة العنوان
2 بي ر
الشيعة والقانون. مطلب تمهيدي :ن
46