Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 21

‫ زين العابدين معو‬.

‫أ‬ ‫الثورات العربية بني حتمية التغيري السياسي و ديات الواقع‬

‫الثورات العربية بين حتمية التغيير السياسي وتحديات الواقع‬


)‫(قراءة في أسباب قيامها ومستقبلها‬

‫ زين العابدين معو‬/‫أ‬


‫ الجزائر‬،‫ ام البواقي‬،‫استاذ بقسم العلوم السياسية‬
________________________________________
:‫ملخص‬
‫ الذي انفجر يف‬،‫متيزت بدايات كل انتفاضات الربيع العريب بصفة الفعل ا ماهريي‬
‫ ومل يعد مثة‬،‫ بعد أن تأزمت األوضاع السياسية واالقتصادية واالجتماعية‬،‫مواجهة ال ظام السياسي‬
‫ لفك القيود ال كبلت حياة الفرد‬،‫رج أمام هذ ا ماهري سوى ا روج والتحدي والتضحية‬
‫ واتساع رقعة‬،‫ ومل يكن لردود فعل األنظمة الدموية دور يف إذكاء روح الفعل ا ماعي‬.‫وا ماعة‬
‫ وانسداد أفق ا ياة السياسية‬،‫ ولك ها كانت مثرة الكبت واليأس‬،‫زخم هذ االنتفاضات‬
‫ تدير قيادات هي ال اختارت ظة تفجري‬،‫ ومل يكن خلفها عمل طط وموجه‬،‫واالقتصادية‬
‫ وإمنا كانت‬،‫الفعل الثوري إلحالل رؤية سياسية واجتماعية بديلة عن الواقع الذي كان سائدا‬
.‫بسبب الرغبة يف التغيري و األفضل‬

Résumé:

Les débuts de tous les soulèvements du printemps arabe marqué comme un


acte de masse, qui a explosé en face du système politique, après que la
détérioration des conditions politiques, économiques et sociaux. Et Il n'y a
pas moyen de sortir devant cette public seulement de sortir, et de défie et de
sacrifice, pour décoder les restrictions qui menottés la vie de l'individu et du
groupe. Ce n'était pas les réactions des régimes sanguinaires qui a un rôle à
élever l’esprit de l’acte collectif et l'expansion de l'élan de ces soulèvements,
mais c'était le fruit de la frustration et le désespoir, et Le blocage de l'horizon
de la vie politique et économique. et ce n'était pas derrière elle une action
planifiée et orientée, exécuter par dirigeants qui choisir le moment de
l'attentat de l'action révolutionnaire pour parvenir à une vision politique et
sociale alternative la réalité qui a prévalu, mais a été causé un d ésir de
changement.

2014 ‫) جانفي‬6( ‫العدد السادس‬ 108 ‫اجمللة ا زائرية لألمن والت مية‬
‫أ‪ .‬زين العابدين معو‬ ‫الثورات العربية بني حتمية التغيري السياسي و ديات الواقع‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫شهد القرن العشرون ومطلع القرن ا ادي والعشرين موعة من الثورات السياسية‪ ،‬وقد‬
‫تفاوتت يف طبيعتها وصور تأثريها‪ ،‬واختلفت يف أمناط تعاملها مع األطوار االنتقالية ال تلتها‪ ،‬وما‬
‫ترتب ع ها من تداعيات‪ .‬وقد أحدثت بعض هذ الثورات تغيريا عميقا يف تمعاهتا‪ ،‬ويف ب ية‬
‫ال ظم الدولية واإلقليمية‪ ،‬بي ما اقتصر تأثري غريها يف حدود اجملتمعات واألقاليم ال وقعت فيها‪،‬‬
‫وفشل بعضها يف قيق أهدافها املتوخاة‪ .‬و مع املهتمون مبوضوع الثورات يف التاريخ على أمهية‬
‫املرحلة االنتقالية يف مسار الثورات‪ ،‬بوصفها تشكل ظة ول يف سياق استعادة االستقرار‪ ،‬إذ‬
‫يتجه العمل خالل هذ املرحلة و رفع حالة االضطراب ال دثها الفعل الثوري يف ب يات‬
‫اجملتمع عامة‪.‬‬
‫وقد شهدت امل طقة العربية م عطف سياسي عرف بالربيع العريب‪ ،‬وهو مصطلح أطلق على‬
‫األحداث ال أطاحت بالعديد من األنظمة السياسية العربية‪ .‬وجاءت إيديولوجيا التغيري يف‬
‫امل طقة العربية لعدة أسباب وعوامل داخلية سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية كان هلا دور‬
‫مهم وحاسم يف تغيري األحداث ‪ ،‬هذا انب عوامل خارجية ال ميكن إغفاهلا اختلف الباحثون‬
‫حول أمهيتها يف عملية التغيري‪ ،‬ألن البعض يرى أن الثورات العربية اندلعت من احمليط العريب‬
‫الداخلي ومل يكن ألي ع صر خارجي دور يف ذلك ‪.‬‬
‫اإلشكالية‪ :‬لقد قامت الثورات العربية نتيجة موعة من الصعوبات ال كانت عائقا أمام قدرة‬
‫الفرد على ممارسة حقوقه بشكل طبيعي يف ظل استبداد األنظمة السياسية ال كانت قائمة‪.‬‬
‫وتكمن إشكالية الدراسة يف أهنا تبحث يف موضوع الثورات العربية من حيث قدرهتا على قيق‬
‫تغيري سياسي فعلي يف ظل الصعوبات ال تواجهها ؟‬
‫فرضية الدراسة‪ :‬ت طلق الدراسة من افرتاض أساسي مفاد أن الثورات العربية قد سامهت بشكل‬
‫كبري يف قيق تغيري سياسي على مستوى األنظمة السياسية‪ ،‬إال أن ه اك بعض التحديات‬
‫االقتصادية والثقافية والسياسية ال تقف يف وجه عملية التغيري السياسي‪ ،‬وال تزال ه اك حاجة‬
‫إ املزيد من اإلصالحات ال تكفل اح عملية التغيري‪.‬‬
‫م هجية الدراسة‪ :‬اعتمدت الدراسة على استخدام امل هج الوصفي التحليلي وهذا من خالل‬
‫العمل على وصف املتغريات واألسباب ال أدت إ قيام الثورات العربية‪ ،‬ومن مث العمل على‬
‫ليلها يف سبيل معرفة مدى سيد عملية التغيري السياسي على أرض الواقع‪.‬‬
‫أوال‪ -‬اإلطـار ال ظري للدراسة‪:‬‬

‫العدد السادس (‪ )6‬جانفي ‪2014‬‬ ‫‪109‬‬ ‫اجمللة ا زائرية لألمن والت مية‬
‫أ‪ .‬زين العابدين معو‬ ‫الثورات العربية بني حتمية التغيري السياسي و ديات الواقع‬

‫‪-‬تعربف التغيري السياسي‪:‬‬


‫التغيري لغة يف املعجم الوسيط هو "جعل الشيء على غري ما كان عليه"‪ ،‬واصطالحا‬
‫يعرف يف العلوم االجتماعية على أنه "التحول امللحوظ يف املظهر أو املضمون إ األفضل"‪ ،‬كما‬
‫يعرف يف اإلطار اإلداري على كونه "عملية ليل املاضي الست باط التصرفات ا الية املطلوبة‬
‫للمستقبل"‪ ،‬وعلى كونه " ول من نقطة التوازن ا الية إ نقطة التوازن املستهدفة"‪) (.‬‬
‫ويعرف التغيري بأنه "انتقال اجملتمع بإرادته من حالة اجتماعية ددة إ حالة أخرى أكثر‬
‫تطورا"‪) (.‬‬
‫ويشري مفهوم التغيري السياسي إ مل التحوالت ال تتعرض هلا الب السياسية يف تمع ما‬
‫يث يعاد توزيع السلطة وال فوذ داخل الدولة نفسها أو دول عدة ‪ ،‬كما يقصد به االنتقال من‬
‫وضع غري دميقراطي استبدادي إ وضع دميقراطي‪ )3(.‬ويتسم مفهوم التغيري السياسي ب وع من‬
‫الشمولية واالتساع ‪ ،‬ويشري لفظ التغري السياسي لغة إ التحول‪ ،‬أو ال قل من مكان إ آخر‬
‫ومن حالة إ أخرى‪ .‬التغري السياسي السلمي قد يطلق عليه مصطلح (إصالح) وميكن اعتبار‬
‫مرادفا للتغيري الدستوري يف القيادة أو إلعادة ب اء التأثري السياسي داخل اجملتمع ‪.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫ويأيت التغيري السياسي استجابة لعدة عوامل ‪:‬‬
‫‪ -‬الرأي العام أو مطالب األفراد من ال ظام السياسي ‪ ،‬هذ املطالبة تتحول يف كثري من‬
‫األحيان إ رجات إذا مل يتم تب يها من األحزاب ومجات املصا والضغط ‪.‬‬
‫‪ -‬تغيري يف نفوذ وقوة بعض ا ركات واألحزاب مبا يع يه ول األهداف ا زبية أو ا اصة‬
‫من إطار ا زب إ إطار الدولة‪.‬‬
‫‪ -‬تداول السلطات يف ا االت الدميقراطية أو إعادة توزيع األدوار يف حاالت أخرى‬
‫كال قابات‪.‬‬
‫‪ -‬ضغوط ومطالبة خارجية من قبل دول أو م ظمات وتكون هذ الضغوط بعدة أشكال‬
‫سياسية واقتصادية وعسكرية‪.‬‬
‫‪ -‬والت خارجية يف الوسط اإلقليمي أو يف طبيعة التوازنات الدولية قد تؤثر يف إعادة‬
‫صياغة السياسات الداخلية وا ارجية يف إطار التعامل مع املدخالت ا ديدة يف السياسة الدولية‪.‬‬
‫ويعترب ديد القادة والفاعلني االجتماعيني والسياسيني ل وع التغري ميثل األولوية األو يف العملية‬
‫التغريية‪ ،‬ويلي ذلك ديد املسار الذي ب أن يسلكه اجملتمع لتحقيق التغيري الشامل‪.‬‬

‫العدد السادس (‪ )6‬جانفي ‪2014‬‬ ‫‪110‬‬ ‫اجمللة ا زائرية لألمن والت مية‬
‫أ‪ .‬زين العابدين معو‬ ‫الثورات العربية بني حتمية التغيري السياسي و ديات الواقع‬

‫(‪)5‬‬
‫وه الك نوعني من التغيري‪:‬‬
‫*التغيير الشامل العميق‪ :‬يبدأ بتغيري القيادة الدكتاتورية وميتد ليشمل مجيع م احي ال ظم‬
‫األخرى االجتماعية واالقتصادية والرتبوية والتشريعية والقضائية والدي ية‪...‬ا ‪ ،‬ومن مث فإن تغيري‬
‫القيادة الديكتاتورية أو املتعسفة أو ال جاح يف تغيري أمناط تفكريها مبا يت اسب مع صا الدولة أو‬
‫املؤسسة ال ميثل اهلدف ال هائي للراغبني يف إحداث التغيريات‪ ،‬ولك ه ميثل ا طوة األو الفعالة‬
‫و التحوالت ال وعية الكربى ال تقفز بالدولة أو املؤسسات قفزة هائلة إ األمام‪ .‬فتغيري القيادة‬
‫هو خطوة و التغيري الشامل‪ ،‬ولي هو اهلدف ال هائي ‪.‬‬
‫*التغيير الجزئي‪ :‬ويت اول فقط جزئية من ا زئيات‪ ،‬كالتغيريات ال تت اول اإلصالح‬
‫االقتصادي أو الدستوري أو العسكري‪ ،‬أو غريها من التغيريات ال مت جانبا من الوضع العام‬
‫للمجتمع وترتك ا وانب األخرى إما لكون ا وانب األخرى ال تاج إ تعديل أو لعدم توفر‬
‫املشروع احمللي الذي ميلي على اجملتمع وقيادته التحرك يف ا ا دد‪.‬‬
‫‪-Ϯ‬التفسيرات ال ظرية لظاهرة الثورات العربية‪ :‬برزت موعة من الرؤى ال ظرية املختلفة حول‬
‫ظاهرة الثورات وهي كاآليت‪:‬‬
‫أوال‪ :‬ترى أن الثورات العربية متثل تطبيقا علميا ل ظرية الدومي و ‪Domino Theory‬‬
‫ال تقوم على افرتاض أن وقوع دولة ما يف يد قوة كبرية سوف يؤدي إ توا سقوط الدول‬
‫اجملاورة‪ )6(.‬ف ظرية الدومي و من ال ظريات السياسية املعروفة يف علم السياسة ‪.‬وهي مستوحاة من‬
‫تصفيط قطع الدومي و املصفوفة الواحدة بعد األخرى فإذا أسقطت إحدى هذ القطع ستحدث‬
‫تفاعالت تؤدي إ سقوط باقي القطع أي أن سقوط نظام سياسي معني يف م طقة ما من العامل‬
‫(‪)7‬‬
‫ميكن أن يؤدي إ حدوث والت سياسية عميقة يف بقية دول امل طقة‪.‬‬
‫تفرتض هذ ال ظرية وجود قوى خارجية قادرة على زعزعة حالة االستقرار القائمة بني‬
‫موعة متجاورة من الكيانات امل تظمة يف ترتيب معني‪ ،‬مشكلة نظاما ما‪ ،‬وتفرتض أنه مبجرد اح‬
‫تلك القوة يف زعزعة استقرار أي من تلك الكيانات‪ ،‬تبدأ موجة من عدم الالستقرار مت كل‬
‫ع صر من ع اصر ال ظام‪ ،‬وهلذ املوجه سرعة يف االنتشار تتأثر مبدى توفر قدرة ذاتية لدى الع اصر‬
‫ال تسقط أوال‪ ،‬على تعزيز انتشار أثر املوجه‪ .‬وتعلى نظرية الدومي و من أمهية العامل ا ارجي‬
‫إلحداث تغيري يف دولة ما‪ ،‬استخدمت هذ ال ظرية يف ال ال ظم السياسية املقارنة‪ ،‬وقد توصلت‬

‫العدد السادس (‪ )6‬جانفي ‪2014‬‬ ‫‪111‬‬ ‫اجمللة ا زائرية لألمن والت مية‬
‫أ‪ .‬زين العابدين معو‬ ‫الثورات العربية بني حتمية التغيري السياسي و ديات الواقع‬

‫الدراسات ال استخدمت ال ظرية إ أن درجة ارتفاع أو ا فاض درجة الدميقراطية يف دولة معي ة‬
‫) ‪(8‬‬
‫ي تشر ويعدي جرياهنا من الدول‪.‬‬
‫اشتهرت نظرية حجر الدومي و يف أعقاب ا رب العاملية الثانية وبالتحديد بعد ول الصني‬
‫إ دولة شيوعية واشتعال الثورات واالنقالبات الثورية يف العديد من دول العامل وميالهنا السياسي‬
‫يف ا ا املعسكر الشرقي ‪.‬ع دما برزت هذ ال ظرية كانت ه اك انتقادات حادة توجه هلا‪ ،‬خاصة‬
‫تلك ال رأت أهنا تتجاهل اختالف الطبيعة االجتماعية لكل دولة‪ ،‬ودرجة التطور ا ضاري‬
‫واالجتماعي والثقايف‪ ،‬وكان ذلك سببا كافيا ع د البعض لدحض ال ظرية‪ ،‬بل ونفيها من األساس‬
‫‪.‬ولكن يبدو أن ه اك بعض الصحة فيها جعل احملللني يلجأون إليها لتفسري األحداث العربية‬
‫( ‪)9‬‬
‫الراه ة‪ ،‬خاصة وأهنا تقدم تفسريا م طقيا وسهال‪ ،‬بصرف ال ظر عن مدى علميته‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬يقول أصحاب هذ الرؤية إن ثورات الربيع العريب إمنا متاثل التسونامي‪ ،‬فهي يف ذلك‬
‫مثل الزالزل والرباكني هلا توابعها‪ ،‬ال يكون بعضها أشد خطرا من ضربتها الرئيسية ‪.‬الزالزل‬
‫تكشف الغطاء عما يف باطن األرض من ت اقضات وتفاعالت طبيعية غري م ظورة‪ ،‬والثورات أيضا‬
‫تكشف الغطاء عما يف باطن اجملتمع من ت اقضات وصراعات وأفكار وأوهام اجتماعية غري م ظورة‬
‫أو تفية‪ .‬ويف هذا اإلطار وكما يرى أصحاب هذ الرؤية أن الثورات العربية كشفت الغطاء عما‬
‫يف باطن اجملتمع من ت اقضات ودفعت ببعضها على السطح‪ ،‬وسامهت املعضالت األساسية هلذ‬
‫الثورات يف بروز عدة ديات وتعقيدات وعثرات يف طريقها‪ ،‬قد هتددها بالتوقف عن استكمال‬
‫(‪)10‬‬
‫وعليه فموجة التسونامي ال تعصف باألنظمة السياسية‬ ‫مهامها أو قيق أهدافها املعل ة‪.‬‬
‫(‪)11‬‬
‫املهرتئة يف م طقت ا العربية مستمرة‪.‬‬
‫فما يشهد العامل العريب‪ ،‬ويف القلب م ه مصر‪ ،‬اآلن ما يشبه الزلزال الذي يعيد تشكيل امل طقة‬
‫العربية برمتها بعد ركود دام لعقود طويلة‪ ،‬يف جو يكت فه الكثري من الغموض ‪.‬فقد اندفع ما يشبه‬
‫طوفان من القوي الشعبية ال ركها جهات مؤسسية ددة‪ ،‬وال معها سوي هدف واحد‪ ،‬أال‬
‫(‪)12‬‬
‫وهو إسقاط ال ظام‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬ترى أن الثورات العربية تعرب عن موجه رابعة من موجات الدميقراطية‪ ،‬حيث تتفق‬
‫املراجع األكادميية على ثالث موجات متثل عملية االنتقال إ الدميقراطية‪ ،‬املوجه األو برزت يف‬
‫ج ويب أوروبا (الربتغال واليونان وٕاسبانيا)‪ ،‬واملوجة الثانية يف أمريكا الالتي ية يف بلدان‬
‫(‪)13‬‬
‫فقد أدى اهنيار الدولة التسلطية على‬ ‫كاإلكوادور والبريو والتشيلي واألرج تني واألورغواي‪،‬‬

‫العدد السادس (‪ )6‬جانفي ‪2014‬‬ ‫‪112‬‬ ‫اجمللة ا زائرية لألمن والت مية‬
‫أ‪ .‬زين العابدين معو‬ ‫الثورات العربية بني حتمية التغيري السياسي و ديات الواقع‬

‫القيام بالوظائف اجملتمعية ت ضغط األزمات االجتماعية واالقتصادية إ فتح اجملال أمام‬
‫الشعوب يف القارة للتعبري عن التغيري واملشاركة السياسية‪ ،‬مما أدى إ ميالد تمع مد قوي‬
‫وفعال‪ ،‬ونتج عن ذلك أن شهدت أمريكا الالتي ية خروج العسكريني من ا كم‪ ،‬واالنتقال من منط‬
‫ا كم التسلطي إ ا كم الدميقراطي الليربا ‪ )14(.‬أما املوجة الثالثة فعادت إ أوروبا من جديد‪،‬‬
‫هذ املرة من وسطها وشرقها بعد اهنيار اال اد السوفي ‪ ،‬حيث أدخلت املفاهيم الدميقراطية إ‬
‫ا ياة السياسية يف بولونيا‪ ،‬ه غاريا وتشيكوسلوفاكيا ‪-‬قبل فراق الكيانني التشيكي والسلوفاكي‬
‫(‪)15‬‬
‫‪.‬‬ ‫بشكل سلمي عام‬
‫ثانيا‪-‬مساهمة الثورات العربية في إحداث التغيير السياسي‪.‬‬
‫شهد الوطن العريب يف العامني املاضيني ثورات شعبية عربية‪ ،‬هي األو يف التاريخ‬
‫العريب املعاصر الذي تشارك فيه ا ماهري العربية بثورة حقيقية ضد األنظمة العربية‪ .‬ولقد قامت‬
‫الثورات العربية نتيجة وعة من األسباب‪ ،‬ال كانت عائقا أمام قيق األفراد ألهدافهم‬
‫‪-ϭ‬الوضع السياسي في العالم العربي قبل قيام الثورات‪:‬‬
‫يقصد بالوضع السياسي للعامل العريب‪ ،‬هو مل األوضاع واألحداث السياسية العامة‪ ،‬وكل‬
‫ما يرتبط هبا من والت وما ي شأ ع ها من تفاعالت وظواهر سياسية واجتماعية واقتصادية‪ .‬ففي‬
‫العقود الثالثة املاضية‪ ،‬شهدت امل طقة أحداثا سياسية هامة‪ ،‬كان هلا بالغ األثر يف رسم املشهد‬
‫السياسي العريب القدمي‪ ،‬وال زال تأثري بعضها قائما ح اللحظة‪ .‬مل األحداث السياسية ال‬
‫حدثت يف امل طقة العربية خصوصا‪ ،‬ويف م طقة الشرق األوسط عموما‪ ،‬يف الثالثة عقود املاضية‪،‬‬
‫أي ما بني عام ‪ 1979‬م إ عام ‪ 2011‬م‪ ،‬أثرت سلبا على مشروعات الت مية واإلصالح‬
‫السياسي‪ ،‬كما م حت األنظمة السياسية الفرصة املالئمة لتعزيز قوهتا وتعطيل مشروعات‬
‫اإلصالح‪ ،‬وتغييب ا ريات العامة‪ ،‬ويف مقدمها حرية التعبري‪ ،‬وعدم الع اية الكافية بالعدالة‬
‫االجتماعية‪ ،‬وحقوق اإلنسان‪ ،‬مما ساهم يف زيادة مستويات الفقر والبطالة‪ ،‬وارتفاع معدالت‬
‫األمية‪ ،‬وتد الصحة العامة‪ ،‬وضعف الب االجتماعية‪ ،‬وشيوع الفساد املا واإلداري‪ ،‬وانسداد‬
‫فرص تصحيح األوضاع السياسية واالقتصادية‪ ،‬واالجتماعية‪ ،‬وفشل برامج اإلصالحات‬
‫(‪)16‬‬
‫االقتصادية‪ ،‬وزيادة تبعية اقتصاديات البلدان العربية االقتصادية للدول املتقدمة‪.‬‬
‫وفيما يتعلق بآفاق الت مية واإلصالحات السياسية واالجتماعية واالقتصادية‪ ،‬فإن معظم‬
‫األقطار العربية‪ ،‬خصوصا يف بلدان الربيع العريب‪ ،‬إ جانب البلدان ال عصفت هبا‬

‫العدد السادس (‪ )6‬جانفي ‪2014‬‬ ‫‪113‬‬ ‫اجمللة ا زائرية لألمن والت مية‬
‫أ‪ .‬زين العابدين معو‬ ‫الثورات العربية بني حتمية التغيري السياسي و ديات الواقع‬

‫االحتجاجات وال زالت مستمرة فيها‪ ،‬كانت وقت ذاك تعيش حالة من اإلحباط الشديد‪ ،‬وكان‬
‫املرجو وقت ذاك من األنظمة القائمة‪ ،‬يف إجراء إحداث تغيري اجتماعي واقتصادي وسياسي‪،‬‬
‫يسهم يف تعزيز ا قوق وا ريات وإشراك الشعوب يف ص اعة القرار السياسي‪ .‬لكن مل دث‬
‫شيئا من ذلك أبدا‪ .‬وكان االعتقاد السائد آنذاك‪ ،‬بأن الدعوات اإلصالحية‪ ،‬يف ظل تلك ال ظم‬
‫االستبدادية‪ ،‬مل تعد دية‪ .‬كما أن خيارات التغيري وفرص اإلصالح أصبحت دودة جدا‪ .‬يف‬
‫املقابل مل يكن يطرأ على بال أحد أن الثورة يف مثل تلك األجواء‪ ،‬خصوصا يف ظل استحكام‬
‫القبضة األم ية والقمع والرتهيب‪ ،‬هي أمر وشيك ا دوث‪ .‬لكن بعد اح الثورة يف تون ومصر‪،‬‬
‫على األقل‪ ،‬أصبح خيار الثورة يف نظر الشعوب العربية‪ ،‬هو ا يار األبرز لإلصالحات ا ذرية‪،‬‬
‫(‪)17‬‬
‫ورمبا األمل الوحيد إلحداث تغيريات عميقة‪ ،‬ميكن أن تفضي لتحول حقيقي و الدميقراطية‪.‬‬
‫‪-Ϯ‬أسباب قيام ثورات الربيع العربي ‪:‬‬
‫أطلق مصطلح الربيع العريب على الثورات العربية ال مثلت حركات احتجاجية سلمية‬
‫ضخمة انطلقت يف كل البلدان العربية خالل أواخر عام ‪ 2010‬ومطلع ‪ ،2011‬متأثرة بالثورة‬
‫التونسية ال اندلعت‪ ،‬و أطاحت كم زين العابدين بن علي يف تون و مد حس مبارك يف‬
‫مصر و العقيد معمر القذايف يف ليبيا‪ .‬وكذلك ت ازل الرئي اليم علي عبد هلل صا عن‬
‫صالحياته ل ائبه مبوجب املبادرة ا ليجية هي ت درج أيضا يف هذا اإلطار ‪ ،‬وكان من أسباهبا‬
‫السياسي‬
‫ّ‬ ‫االقتصادي وسوء األحوال املعيشية‪ ،‬إضافة إ التضييق‬
‫ّ‬ ‫األساسية انتشار الفساد والركود‬
‫(‪َ )18‬‬
‫واألم وعدم نزاهة االنتخابات يف معظم البالد العربية‪.‬‬
‫(‪)19‬‬
‫وه الك أسباب وعوامل داخلية وخارجية أدت إ قيام ثورات الربيع العريب تتمثل‪:‬‬
‫‪-‬األسباب الداخلية‪ :‬وهلا دور مفصل وحاسم يف تفجري األحداث واندالع الثورات‪ ،‬وهي‬
‫عديدة م ها أسباب اجتماعية واقتصادية وسياسية وتعليمية وثقافية‪.‬‬
‫‪-‬األسباب االجتماعية واالقتصادية ‪ :‬حيث يعيش معظم سكان م طقة الشرق األوسط‬
‫يف ظل نظام اجتماعي متخلف يعتمد على عالقات القرابة و نواهتا األساسية هي القبيلة والذي‬
‫يتحرك بدافع العرف و العادات و التقاليد القدمية‪ ،‬و للخرافات الدي ية أيضا دور وري يف‬
‫تأصيل هذا ال ظام املتخلف ‪.‬‬
‫(‪)20‬‬
‫وه الك عاملني وراء لف الدول العربية من ال واحي االقتصادية واالجتماعية مها‪:‬‬

‫العدد السادس (‪ )6‬جانفي ‪2014‬‬ ‫‪114‬‬ ‫اجمللة ا زائرية لألمن والت مية‬
‫أ‪ .‬زين العابدين معو‬ ‫الثورات العربية بني حتمية التغيري السياسي و ديات الواقع‬

‫‪-‬االقتصاد‪ :‬حيث تعا معظم دول الشرق األوسط من التخلف االقتصادي خاصة‬
‫الدول العربية ‪ ،‬فهي غالبا ما تعتمد على واردات ال فط أو السياحة واملعونات ا ارجية يف حني‬
‫تغيب الت مية ا قيقية بسبب صعوبات تتمثل يف ارتفاع معدل تزايد السكان يف الدول العربية ‪،‬‬
‫نقص الكوادر الوط ية ‪ ،‬التفاوت يف مستوى التطور االقتصادي واالجتماعي ‪ ،‬ا فاض مستوى‬
‫االدخار‪ .‬ويف ظل هذا الوضع املرتدي فأن دخل الفرد سيكون متد ‪.‬‬
‫مليون‬ ‫م و‬ ‫‪-‬التربية والتعليم‪ :‬حيث وصل عدد سكان العامل العريب عام‬
‫‪ ، %‬وارتفاع نسبة‬ ‫مليون نسمة من األميني وتبلغ نسبة األمية حوا‬ ‫نسمة بي هم‬
‫األمية يشكل فجوة عميقة تؤثر على تطور اجملتمع العريب ‪ ،‬وترتتب عليها نتائج سياسية‬
‫واجتماعية خطرية ‪.‬‬
‫كما أن السياسة التعليمية يف الشرق األوسط ماعدا إسرائيل تسري بشكل تقليدي يف التلقني‬
‫وعدم إعطاء الطالب فرصة للتفكري املفتوح‪ ،‬وه اك عدم االهتمام بالبحث العلمي يف ا امعات‬
‫مما يع أن أزمة البحث العلمي يف العامل العريب تع التخلف العريب عن ركب ا ضارة وال هضة‬
‫العلمية‪ ،‬واملالحظ أن نسبة اإلنفاق على البحث العلمي بال سبة إ ال اتج احمللي اإلمجا مل تتعد‬
‫‪ ،‬بي ما يف إسرائيل فأن اإلنفاق على البحث‬ ‫‪ % .‬يف األقطار العربية كافة لعام‬
‫(‪)21‬‬
‫‪ .‬مليارات "شيكل" يوازي ‪ % .‬من ال اتج القومي‪.‬‬ ‫العلمي عدا العسكري حوا‬
‫‪-‬األسباب السياسية‪ :‬معظم بلدان الشرق األوسط هي ذات نظم تسلطية واستبدادية يقع‬
‫بعضها يف جغرافية العامل العريب‪ ،‬وبالتا يف ظل هذ األنظمة ت عدم مظاهر التعددية السياسية‬
‫والتداول السلمي للسلطة وحرية التعبري واإلعالم‪ ،‬وبالتا كلها أسباب أدت إ اندالع ثورات‬
‫الربيع العريب ‪.‬‬
‫األسباب الخارجية‪ :‬انب األسباب والعوامل الداخلية ال أدت إ قيام الثورات العربية‬
‫ه الك عوامل مؤثرة خارج حدود الدول ال قامت هبا الثورات‪ ،‬وهذ العوامل ا ارجية هلا دور ال‬
‫ميكن إغفاله بصورة عامة يف إحداث التغيري يف الشرق األوسط ‪ ،‬ولك ها ال يظهر هلا تأثري فعال‬
‫يف حال الربيع العريب يف البلدان العربية ‪.‬‬
‫(‪)22‬‬
‫وحول مدى تأثري العوامل واألسباب ا ارجية ه الك ا اهان ‪:‬‬

‫العدد السادس (‪ )6‬جانفي ‪2014‬‬ ‫‪115‬‬ ‫اجمللة ا زائرية لألمن والت مية‬
‫أ‪ .‬زين العابدين معو‬ ‫الثورات العربية بني حتمية التغيري السياسي و ديات الواقع‬

‫*ا ا يرى أن الثورات العربية واالحتجاجات هي ص اعة داخلية خالصة مل يكن فيها أي‬
‫دور خارجي‪ ،‬ويذهب أنصار هذا اال ا إ أبعد من ذلك ويعتقدون بأن الغرب وخاصة‬
‫الواليات املتحدة ليست سعيدة بالثورات العربية وإمنا يتم التعامل معها كأمر واقع‪.‬‬
‫*ا ا يرى دور العامل ا ارجي له قوة مؤثرة يف ريك الشارع العريب وإحداث تغيريات‬
‫فيه‪ ،‬ويعتقد أصحاب هذا اال ا است ادا إ وثائق سرية كشفها موقع "ويكليك " أن الواليات‬
‫املتحدة دفعت ماليني الدوالرات إ م ظمات تدعم الدميقراطية يف مصر‪ ،‬والبعض يرى أن هذ‬
‫الوثائق واملوقع نفسه كان له دور فاعل مبا حدث يف العامل العريب ألن هذ الوثائق كشفت أمور‬
‫سرية عديدة حول ا كام وحاشيتهم وعن حجم الفساد املوجود يف هذ الدول‪.‬‬
‫‪-3‬آليات تحقيق التغيير السياسي‪:‬‬
‫رغم أمهية فكرة التغيري السياسي إال أن اآللية أو الوسيلة ال دث هبا التغيري ت ال‬
‫دوما قسطا رمبا أكرب من االهتمام والدراسة‪ ،‬فالتغيري السياسي فكرة مجيلة ومبدأ سياسي‬
‫جذاب‪ ،‬إال أن الطريقة ال صل هبا رمبا عل م ها عملية عبثية أو فكرة غري سديدة‪،‬‬
‫وذلك إذا ما خلف هذا التغيري حربا أهلية مثال‪ ،‬أو استبدادا جديدا‪ ،‬أو إذا مل ت جح الوسيلة‬
‫يف تغيري املضمون واكتفت فقط بتغيري الشكل والرتوش‪ .‬من ه ا تأيت أمهية اآللية أو الوسيلة‬
‫ال صل مبوجبها التغيري السياسي‪ ،‬يف علم السياسة والواقع السياسي املعاش يف العامل توجد‬
‫موعة من اآلليات أو الوسائل للتغيري السياسي‪ ،‬ال بد أن يسلك قادة التغيري أو ا ماهري‬
‫إحداها إذا أرادوا فعال إحداث تغيري سياسي على أرض الواقع‪ ،‬وهذ الوسائل تعتمد إما على‬
‫مقدرة قادة التغيري أو ا ماهري يف تب يها وترمجتها لواقع وحقيقة‪ ،‬وإما على ال ظام السياسي‬
‫(‪)23‬‬
‫القائم ومدى استجابته ملتطلبات التغيري السياسي‪.‬‬
‫وميكن تفصيل أهم هذ الوسائل إ ما يلي‪:‬‬
‫*التغيري السياسي الدستوري‪ ،‬املعروف بالتداول السلمي للسلطة‪ .‬هذ الوسيلة متب ا يف‬
‫الدول واجملتمعات الدميقراطية الراسخة‪ ،‬وتقوم على فكرة ومبدأ االنتخابات ا رة املباشرة‬
‫الدورية‪ ،‬يث يكون ال ظام السياسي يف الدولة نظاما مستقرا‪ ،‬والدستور ي ص صراحة على‬
‫التداول السلمي للسلطة عن طريق االنتخابات العامة املباشرة ا رة‪ ،‬وهو أفضل آليات التغيري‬
‫السياسي وأكثرها أم ا وضمانا للدولة واجملتمع والفرد‪ ،‬ولك ه ال يتوافر إال يف دول دميقراطية‬
‫(‪)24‬‬
‫تعددية حقيقية‪.‬‬

‫العدد السادس (‪ )6‬جانفي ‪2014‬‬ ‫‪116‬‬ ‫اجمللة ا زائرية لألمن والت مية‬
‫أ‪ .‬زين العابدين معو‬ ‫الثورات العربية بني حتمية التغيري السياسي و ديات الواقع‬

‫*التغيري الشعيب السلمي‪ ،‬وهو قائم على انتفاضة ا ماهري وثورهتا سلميا على نظام‬
‫ا كم القائم وعلى االستبداد وغياب ا رية وسوء الظروف واألوضاع املعيشية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬وهذ الوسيلة تتطلب تراكم الظروف الصعبة الدافعة دوث الثورة‪ ،‬كما تتطلب‬
‫حدث صاعق يفجر كل هذ الرتاكمات‪ ،‬وتتسم هذ الوسيلة بالسلمية يث ال مل‬
‫ا ماهري السالح وإمنا تطالب قوقها وبالتغيري السياسي سلميا بالتظاهر واالعتصام والعصيان‬
‫(‪)25‬‬
‫املد وغريها من الوسائل السلمية‪.‬‬
‫وح يكون التغيري السياسي ناجحا و قق اهلدف الذي قام من أجله وهو تغيري واقع‬
‫اآلتية‪:‬‬ ‫إ واقع آخر ال بد أن يست د إ الظروف واألس‬
‫*يتم التغيري عادة يف ظروف األزمة ‪ ،‬حيث تشكل األزمة ظرفا جيدا للقيام بالتغيري‬
‫السياسي‪ ،‬فوجود أزمة أو أزمات حقيقية يف الدولة أو اجملتمع هو ما يستدعي التغيري و عله‬
‫(‪)26‬‬
‫أمرا مقبوال وم طقيا‪.‬‬
‫*است اد التغيري عادة إ عقيدة فكرية أو إيديولوجية أو ب اء فكري‪ .‬فالدعوة للتغيري ال‬
‫نادى هبا ا يل األول من القوميني العرب أمثال‪ :‬الكواكيب ورشيد رضا ورفاعة الطهطاوي‬
‫وغريهم كانت نابعة من تأثرهم باألفكار الغربية وال سيما فكرة القومية‪ ،‬والتغيريات االقتصادية‬
‫(‪)27‬‬
‫ال تب اها الزعيم الراح ل مجال عبد ال اصر كانت نتاج تأثر بالعقيدة االشرتاكية‪.‬‬
‫*كلما اتسعت قاعدة املشاركة يف عملية التغيري زادت شرعية التغيريات‪ ،‬فالتغيري الذي‬
‫يتم من أجل حريات ال اس ومصا هم ومن أجل مستقبلهم‪ ،‬ال شك سوف يدفعهم إ‬
‫التمسك به ومحايته‪ ،‬وبالتا ال بد من أن يؤدي إ حراك اجتماعي وخلق إرادة تمعية‬
‫حوله‪ ،‬و الف ذلك فإن التغيريات تبقى تغيريات جزئية وغري مؤثرة يسهل الرتاجع ع ها‪،‬‬
‫(‪)28‬‬
‫وذلك لغياب ا ماهري ال ميكن أن تدافع ع ها وتتمسك هبا‪.‬‬
‫وتعد عملية الوصول إ التغيري السياسي امل شود أو قيقه عمل ية صعبة ومعقدة‬
‫ومليئة باأللغام يف اجملتمعات العربية‪ ،‬وذلك ألن من ال يرغبون يف التغيري أو يعملون على‬
‫تأجيله أو استبعاد أو ويله إ رد إصالحات رمزية وشكلية افظ على مصا هم‬
‫املختلفة موجودون وبقوة نتيجة ارتباطهم بال ظام ا اكم وأجهزته‪ ،‬ورغم رغبة الفئات الواسعة‬
‫العريضة بالتغيري‪ ،‬إال أن ه اك من يرفضون قيق واقع سياسي واقتصادي واجتماعي جديد‬

‫العدد السادس (‪ )6‬جانفي ‪2014‬‬ ‫‪117‬‬ ‫اجمللة ا زائرية لألمن والت مية‬
‫أ‪ .‬زين العابدين معو‬ ‫الثورات العربية بني حتمية التغيري السياسي و ديات الواقع‬

‫للجماهري‪ ،‬وكلما ازداد تردي األوضاع وارتفعت أصوات املطالبني بالتغيري‪ ،‬يقف أعداء التغيري‬
‫(‪)29‬‬
‫موقف العداء للتغيري‪ ،‬ألهنم يرون فيه هتديدا ملكاسبهم وأوضاعهم‪.‬‬
‫وميكن ه ا اإلشارة بوضوح إ ال موذج املصري عرب ثورة ‪ 25‬كانون ثان ي‪/‬ي اير‪،‬‬
‫حيث برز موقف ودور هذ القوى الرافضة للتغيري بشكل واضح‪ ،‬مع استخدامها الع ف‬
‫املسلح بوجه ا ماهري املطالبة بالتغيري‪ ،‬حيث مل تكن قوى األمن وحدها من قمعت ا ماهري‬
‫ووقفت يف وجه عملية التغيري‪ ،‬بل فعلها أيضا عدد من رجال األعمال املرتبطني بال ظام ‪.‬‬
‫وبدال من ا ياز هذا القطاع االقتصادي اهلام لبقية القطاعات الشعبية واجملتمعية امل تفضة إنشد‬
‫يف معظمه إ امل ظومة األم ية ا اكمة‪ ،‬وذلك إما ألنه تربطه هبا أواصر متي ة من املصا‬
‫(‪)30‬‬
‫املتبادلة‪ ،‬أو لعجز االستقالل ع ها لتأثر بإغراءات االحتكار واالستثمار واملال‪.‬‬
‫ويرتبط مفهوم التغيري السياسي مبفهوم اإلصالح السياسي حيث أن فكرة اإلصالح فكرة‬
‫قدمية قدم اإلنسانية‪ ،‬حيث وجد يف كتابات قدماء املفكرين اليونان من أمثال أفالطون وأرسطو‬
‫الكثري من األفكار اإلصالحية مثل العدالة والقوانني وت ظيم اجملتمع والدولة واالستقرار السياسي‬
‫والتوزيع العادل للثروة وغريها‪ ،‬وميكن القول إن فكرة اإلصالح كانت ومازالت اهلدف األمسى‬
‫للعديد من الفالسفة والقادة وا ركات السياسية واالجتماعية يف تلف أرجاء العامل‪ ،‬فضال عن‬
‫كوهنا موضوعا رئيسيا يف ال ظريات السياسية للفالسفة واملفكرين م ذ أيام ميكافيلي يف العصور‬
‫الوسطى ح كارل مارك يف القرن العشرين‪ .‬أما يف العامل العريب فان فكرة اإلصالح بدأت يف‬
‫‪،‬‬ ‫الدولة العثمانية يف اجملال العسكري بعد اهلزمية ال تعرضت هلا أمام روسيا القيصرية عام‬
‫مث امتدت الحقا إ اجملاالت السياسية واإلدارية واالجتماعية‪ .‬واإلصالح هو التغيري والتعديل و‬
‫األفضل لوضع شاذ أو سيء‪ ،‬وال سيما يف ممارسات وسلوكيات مؤسسات فاسدة أو متسلطة أو‬
‫(‪)31‬‬
‫تمعات متخلفة أو إزالة ظلم أو تصحيح خطأ أو تصحيح اعوجاج‪.‬‬
‫واإلصالح السياسي هو خطوات فعالة وجدية تقوم هبا ا كومات واجملتمع املد و ا اد‬
‫نظم دميقراطية حقيقية تكون فيها ا رية القيمة العظمى واألساسية وأن كم الشعب نفسه‬
‫ب فسه من خالل التعددية السياسية ال تؤدي ا تداول السلطات‪ ،‬وتقوم على احرتام مجيع‬
‫ا قوق مع وجود مؤسسات سياسية فعالة على رأسها التشريعية امل تخبة‪ ،‬والقضاء املستقل‬
‫(‪)32‬‬
‫وا كومة ا اضعة للمساءلة الدستورية والشعبية واألحزاب السياسية بكل ت وعاهتا الفكرية‪.‬‬

‫العدد السادس (‪ )6‬جانفي ‪2014‬‬ ‫‪118‬‬ ‫اجمللة ا زائرية لألمن والت مية‬
‫أ‪ .‬زين العابدين معو‬ ‫الثورات العربية بني حتمية التغيري السياسي و ديات الواقع‬

‫وبالرغم من أن اإلصالح ضرورة ملحة من أجل إعادة ترتيب البيت العريب و صي ه ملواجهة‬
‫االستحقاقات املستقبلية إال انه ما زال مثار جدل للكثريين يف العامل العريب سواء قادة أو مفكرين‬
‫أو مجاهري‪ ،‬فأهدافه ودوافعه ال يزال يكت فها الغموض ويكثر حوهلا ا صام‪ ،‬األمر الذي يعطل‬
‫فرص قيق إصالح سياسي يف كثري من دول العامل العريب‪ ،‬فه الك من يعترب أن العامل حقيقة‬
‫متغرية ألن التغيري هو س ة الكون ‪ ،‬لذلك فان اإلصالح السياسي هو عملية حضارية وطبيعية‬
‫البد من الدخول فيها من أجل تغيري الوضع الراهن بواقع أفضل‪.‬‬
‫(‪)33‬‬
‫والبد من توفر بعض الشروط ح ميكن اعتبار أي تغيريات يف وضع ما إصالحا‪:‬‬
‫*أن يكون ه اك وضع شاذ تاج إ إصالح أو علة تاج إ دواء‪ ،‬إذ أنه يف ظل غياب‬
‫الوضع الشاذ فإنه ال مربر لإلصالح‪ ،‬ألنه يصبح أقرب إ الرتف‪ .‬فالعلة قد تكون غياب العدالة‬
‫أو ا رية أو انتشار الفقر أو املرض وعدم االستقرار‪ ،‬فالعلة تساعد يف ديد موطن ا لل لكي‬
‫يتم اختيار العالج الشايف‪.‬‬
‫*أن يكون التغيري و األفضل‪ ،‬مثال تسود ا رية ل االستبداد‪ ،‬أو العدالة ل الظلم‪.‬‬
‫*أن يكون التغيري له صفة االستمرارية وال يتم الرتاجع ع ه‪ ،‬فالتغريات املؤقتة ال ميكن‬
‫الرتاجع ع ها ال ميكن اعتبارها إصالحا باملع ا قيقي‪ ،‬فتحول نظام سلطوي إ نظام دميقراطي‬
‫هش ميكن زواله بسرعة ال يعترب إصالحا‪.‬‬
‫وميكن تلخيص أبرز التحديات ال ميكن أن د من اندفاع حركة اإلصالح خاصة يف‬
‫(‪)34‬‬
‫تمعات العامل الثالث ال تعا من أزمات متعددة تعيق حركة اإلصالح مبا يلي‪:‬‬
‫العوامل االقتصادية‪ :‬تعا معظم الدول والشعوب من األزمات االقتصادية مثل ضعف‬
‫املوارد واإلمكانيات وانتشار األمية والفقر والبطالة وتفاقم اهلوة بني األغ ياء والفقراء‪ ،‬وبالتا هذ‬
‫األزمات ول دون قيق اإلصالح السياسي الذي يصبح ا ديث ع ه أشبه بالرتف الفكري‪.‬‬
‫العوامل السياسية‪ :‬تتعدد العوامل السياسية ال تشكل عقبة يف طريق اإلصالح وم ها‪:‬‬
‫‪-‬ضعف اإلرادة السياسية لدى الفئة ا اكمة‪ ،‬فاإلصالح تاج إ إرادة سياسية لديها‬
‫الرغبة الصادقة والقدرة األكيدة على العمل ا اد وإحداث تغيريات سياسية هامة‪.‬‬
‫‪-‬غياب املؤسسات الدستورية أو ضعفها وفقداهنا سلطات التشريع واملراقبة أو ا اذ القرار‪،‬‬
‫وضعف وغياب مؤسسات اجملتمع املد من أحزاب ونقابات وا ادات ومجعيات ‪.‬‬
‫‪-‬العوامل الثقافية‪ :‬حيث تلعب العوامل الثقافية دورا بارزا ومؤثرا على اإلصالح السياسي‬
‫اما بدفع مسريته إ األمام أو العك بوقف وإعاقة عملية اإلصالح‪ ،‬ذلك أن تركيبة اجملتمع‬

‫العدد السادس (‪ )6‬جانفي ‪2014‬‬ ‫‪119‬‬ ‫اجمللة ا زائرية لألمن والت مية‬
‫أ‪ .‬زين العابدين معو‬ ‫الثورات العربية بني حتمية التغيري السياسي و ديات الواقع‬

‫ومؤسساته وقيمه وأمناط سلوكه ‪ ،‬هلا دور مباشر يف التأثري على اإلصالح سلبا أو إ ابا‪ .‬ويعترب‬
‫الدين يف اجملتمعات احملافظة من العوامل الثقافية ال تقف عقبة يف طريق اإلصالح‪ ،‬حيث أن‬
‫عدم دعم ومباركة رجال الدين للكثري من اإلصالحات والتغيريات يفقدها شرعيتها‪ ،‬وبالتا يتم‬
‫رفضها‪.‬‬
‫إن عملية اإلصالح السياسي واالقتصادي يف العامل العريب هي عملية ضرورية جدا وذلك‬
‫لي رد رغبة بل هي ضرورة‪ ،‬الن أمناط واألشكال السياسية ا الية السائدة يف العامل العريب مل‬
‫تعد ت اسب املرحلة املعاصرة‪ ،‬وهي بالتا قد انتفت ا اجة هلا‪ .‬والن السبب الذي كان يضمن‬
‫لل خب ا اكمة االستمرار يف ا كم ويف السلطة هبذا الشكل‪ ،‬مثل أن تكر السلطة ا كم‬
‫لثالثة عقود أو عقدين مل يعد مقبول يف مرحلة العوملة‪ ،‬وبعد اهنيار امل ظومة االشرتاكية وا كومات‬
‫الشمولية‪ ،‬وانتهاء ا رب الباردة‪ ،‬والن العامل بشكل أمجع مير مبرحلة انتقالية جديدة من ا ياة‪ ،‬اذا‬
‫أن التغيري السياسي واالقتصادي هو كالسيل ا ارف سيجرف معه كل أشكال السلطات‬
‫(‪)35‬‬
‫والتشكيالت ال ال تالئم نفسها مع معلم ا ياة ا ديدة‪.‬‬
‫ثالثا‪-‬انعكاسات الثورات العربية على التغيير السياسي‪.‬‬
‫لقد سامهت الثورات العربية يف قيق موعة من التحوالت اهلامة‪ ،‬ال أرست املبادئ‬
‫األساسية لعميلة التغيري والتحول السياسيني‪ .‬وقد أدت إ نتائج مسبوقة مل تكن متوقغة‪ ،‬ومن‬
‫األهم مبكان التطرق هلا بشيء من التفصيل‪.‬‬
‫‪-ϭ‬تداعيات الثورات العربية‪ :‬لقد سامهت الثورات العربية يف إحداث تغيريات جوهرية يف‬
‫امل طقة العربية بعد اإلطاحة ببعض األنظمة السياسية القدمية‪ ،‬كما شكلت ضغوطا متزايدة على‬
‫أنظمة أخرى اجتاحت بلداهنا االحتجاجات واالضطرابات الداخلية متأثرة بثورات الربيع العريب‪،‬‬
‫وسامهت إ حد كبري يف ريك عجلة اإلصالحات اجملمدة‪ ،‬ولو بشكل نسيب‪ ،‬يف بعض األقطار‬
‫العربية‪ ،‬وإن كانت مؤقتة أو بطيئة وطفيفة بعض الشيء‪.‬‬
‫ومن غري املستبعد أن تساهم تلك الثورات يف إعادة تشكيل املستقبل السياسي للم طقة‬
‫العربية برمتها‪ ،‬وبالتا سيكون هلا انعكاسات وتداعيات كبرية ومتواصلة على الوضع اإلقليمي‪،‬‬
‫خصوصا فيما يتعلق مبوازين القوى والتحالفات ونفوذ الدول الفاعلة واملؤثرة يف اإلقليم‪ ،‬مثل إيران‬
‫وتركيا وإسرائيل‪ .‬ومن الطبيعي أيضا أن يكون هلذا الزلزال‪ ،‬الذي حدث يف هذ امل طقة ا يوية‬
‫واإلسرتاتيجية‪ ،‬أصداؤ وتداعياته العاملية‪ .‬فالواليات املتحدة األمريكية مثال تتابع ما ري يف‬

‫العدد السادس (‪ )6‬جانفي ‪2014‬‬ ‫‪120‬‬ ‫اجمللة ا زائرية لألمن والت مية‬
‫أ‪ .‬زين العابدين معو‬ ‫الثورات العربية بني حتمية التغيري السياسي و ديات الواقع‬

‫امل طقة بدقة وحذر شديدين‪ ،‬وتعمل مع حلفائها ليال وهنارا سرا وعالنية على تأمني مصا ها‬
‫ا يوية وا فاظ على نفوذها‪ .‬واألمر ذاته ي طبق على دول أخرى كاال اد األورويب وروسيا‬
‫‪ ،‬مسألة تأثري الربيع‬ ‫والصني مثال‪ .‬وقد ت اول الرئي أوباما يف خطابه بوزارة ا ارجية يف‬
‫(‪)36‬‬
‫العريب على املصا األمريكية يف امل طقة‪.‬‬
‫ولقد بات جليا بأن تداعيات ثورات الربيع العريب مل تقتصر على الوضع السياسي يف العامل‬
‫العريب فحسب‪ ،‬وإمنا كانت ه اك تأثريات وانعكاسات كثرية على ال سق االقتصادي‪ ،‬الذي‬
‫سيلقي بظالله على ال سق الثقايف وأنساق أخرى أيضا‪ .‬فقد ألقت ثورات الربيع العريب بظالهلا‬
‫على الواقع االقتصادي املرتدي باألساس يف أغلب الدول العربية‪ ،‬فكانت يف آن واحد‪ ،‬سببا‬
‫لرتاجع األداء االقتصادي‪ ،‬كما كانت نتيجة ملرياث اقتصادي مليء باختالالت هيكلية مزم ة يف‬
‫كافة القطاعات االقتصادية‪ ،‬وتراكم يف الديون‪ ،‬وزيادة مفرطة يف عجز املوازنات‪ ،‬وانتشار البطالة‬
‫(‪)37‬‬
‫بني الشباب‪.‬‬
‫‪ %‬خالل شهر واحد‪ ،‬وكان‬ ‫حيث أنه يف مصر مثال ا فض عدد السياح ب حو‬
‫لتحويالت العاملني يف ا ارج نصيبها من تداعيات االضطرابات‪ ،‬إذ إن عودة أكثر من‬
‫ألف عامل مصري تقريبا من ليبيا‪ ،‬نتيجة األحداث الدائرة ه اك‪ ،‬من شأهنا أن هتوي بتحويالت‬
‫املصريني العاملني يف ا ارج‪ .‬كما عا ميزان املدفوعات املصري‪ ،‬وحقق عجزا يرتاوح بني‬
‫‪ )38( .‬ومن خالل ا طوات اإلصالحية ال‬ ‫‪/‬‬ ‫و مليار دوالر يف الس ة املالية‬
‫ا ذهتا بعض األنظمة يف امل طقة‪ ،‬خصوصا تلك ال اجتاحتها التظاهرات الشعبية‪ ،‬يتّضح بأ ّن‬
‫الثورات العربية قد لعبت دورا أساسيا يف دفعها و هذا اال ا ‪.‬‬
‫ولقد جاءت بعض ا طوات اإلصالحية السياسية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬كمحصلة‬
‫للجهد الرمسي‪ ،‬والبعض اآلخر كان صلة للتفاعالت الرمسية وغري الرمسية‪ ،‬ال تتم عادة بني‬
‫الفاعلني السياسيني يف إطار األيدلوجية والثقافة السياسية السائدة‪ ،‬ومن خالل موعة األب ية‬
‫واملؤسسات القائمة‪ .‬وقد متثلت تلك ا طوات يف صورة برامج عمل إصالحية طالت بعض‬
‫األنساق املهمة‪ ،‬ال يفرتض أ ْن تؤثر الحقا على معظم أنساق الب اء االجتماعي‪ .‬وإن ا مود‬
‫السياسي يف العامل العريب‪ ،‬الذي هو أحد األسباب الرئيسة للثورات العربية‪ ،‬هو كذلك أحد أبرز‬
‫أسباب التخلف والفساد واألمية والفقر والبطالة ونشوء العديد من األزمات ا ادة يف اجملتمع‪ ،‬بيد‬
‫أن مل عمليات اإلصالح السياسي‪ ،‬بوصفها آليات تغيري‪ ،‬متارس يف الدول الدميقراطية بصورة‬

‫العدد السادس (‪ )6‬جانفي ‪2014‬‬ ‫‪121‬‬ ‫اجمللة ا زائرية لألمن والت مية‬
‫أ‪ .‬زين العابدين معو‬ ‫الثورات العربية بني حتمية التغيري السياسي و ديات الواقع‬

‫تامة؛ ألهنا تستهدف يف املقام األول إشراك أكرب قدر من املواط ني يف العملية‬ ‫دائمة وبق اعة ّ‬
‫السياسي ليكون أكثر كفاءة وفاعلية‬‫السياسية ومعا ة مكامن الضعف وا لل ال تعرتي ال ظام ّ‬ ‫ّ‬
‫(‪)39‬‬
‫ومهامه األساسية‪.‬‬
‫للقيام بواجباته ّ‬
‫بي ما الدول ال كمها أنظمة دكتاتورية تتسم با مود السياسي‪ ،‬نظرا لتغييب اإلرادة‬
‫الشعبية‪ ،‬وهو أحد املوجبات الداخلية للثورات‪ .‬وال تعري أي اهتمام إ عمليات اإلصالح‬
‫املتأخرة جدا‪ ،‬و ت وطأة الضغوط الشعبية أو ا ارجية املهددة لل ظام‪.‬‬
‫السياسي إال يف األوقات ّ‬‫ّ‬
‫وال تيجة الطبيعية الة ا مود السياسي هو الشلل التام أو شبه التام يف كل األنساق االجتماعية‪.‬‬
‫السياسي‪ ،‬الذي يرتتب عليه غالبا خلق العديد من األزمات‬ ‫فحي ما تتالشى فاعلية ال ظام ّ‬
‫الداخلية‪ ،‬وعدم القدرة على حلها‪ ،‬ميكن وصف الدولة ال يديرها بالدول الفاشلة أو شبه‬
‫(‪)40‬‬
‫الفاشلة‪ .‬ولقد ص ف الباحث راجيف أرغوال‪ ،‬البلدان املع ية بالربيع العريب إ ثالثة أص اف‪:‬‬
‫األولى‪ :‬هي تلك ّ‬
‫الدول ال مت التخلص فيها من ال ظام ب جاح‪ ،‬كتون ومصر وليبيا‪.‬‬
‫والثانية‪ :‬ال زالت تدور فيها معارك طاح ة وغري سومة بعد‪ ،‬مثلما هو ا ال يف سورية‪.‬‬
‫والص ف الثالث‪ :‬هي البلدان ال دفع الربيع العريب ا كومات وا ّكام فيها إ تعديل‬
‫مسارهم‪.‬‬
‫إن الربيع العريب مل يساهم يف تعديل مسار األنظمة ال مل تسقط بعد‪ ،‬بسبب‬
‫االحتجاجات ال اجتاحتها‪ ،‬وإمنا دفع هبا ال اذ بعض ا طوات اإلصالحية والتدابري األم ية‪،‬‬
‫لتفادي أوال وأخريا شبح الثورات واالنتفاضات أو احتوائها‪ ،‬ولي لتحريك عجلة اإلصالح‬
‫وتفعيلها‪ .‬وإن أهم التأثريات الرئيسة ال حققتها الثورات العربية على الصعيد السياسي‪ ،‬يف الدول‬
‫ال طالتها االحتجاجات‪ ،‬متثل يف الدفع بال ظم السياسية للقيام ببعض اإلصالحات يف اجملتمع‪.‬‬
‫لكن من املؤكد أن تلك االصطالحات ال حدثت ال ميك ها بأي حال من األحوال إدارة عجلة‬
‫اإلصالح برمتها‪ ،‬يف الوقت الراهن على األقل‪ ،‬وال من شأهنا أن تفضي إ ول حقيقي و‬
‫الدميقراطية‪.‬‬
‫‪-Ϯ‬مستقبل التغيير السياسي في ظل األوضاع الراه ة‪:‬‬
‫حت ثورات الربيع العريب يف إسقاط أنظمة ا كم يف كل من تون ومصر وليبيا‪ ،‬هذا‬
‫الوضع س يؤدي إ خلق عالقات جديدة ستلقي بظالهلا على العالقات الدولية هلذ البلدان مع‬
‫دول أخرى يف اجملال اإلقليمي أو الدول الغربية فدول الربيع العريب كانت هلا عالقات خاصة مع‬

‫العدد السادس (‪ )6‬جانفي ‪2014‬‬ ‫‪122‬‬ ‫اجمللة ا زائرية لألمن والت مية‬
‫أ‪ .‬زين العابدين معو‬ ‫الثورات العربية بني حتمية التغيري السياسي و ديات الواقع‬

‫الغرب خاصة الواليات املتحدة ‪ ،‬إضافة إ عالقة كل من مصر وتون بإسرائيل ‪ ،‬فمصر كانت‬
‫هلا عالق ات دبلوماسية ودية مع تل أبيب بسبب إتفاقية كامب ديفيد املوقعة عام‬
‫‪ ،‬كما أن تون أيضا قامت بتطبيع‬ ‫ومعاهدة السالم املصرية اإلسرائيلية املوقعة يف مارس‬
‫عالقاهتا مع إسرائيل وإقامة عالقات دبلوماسية على مستوى فتح مكاتب اتصال بني البلدين‪.‬‬
‫ووفقا هلذ التغريات ال أحدثتها ثورات الربيع العريب على املستوى الداخلي‪ ،‬سوف يكون ه الك‬
‫تغيري للعالقات الدولية ال تربط دول الربيع العريب‪ ،‬وبالتا يكون ه الك سياسات خارجية‬
‫جديدة تتماشي وتتوافق مع املصلحة الوط ية‪ )41( .‬وإن مستقبل األنظمة السياسية يف دول الربيع‬
‫العريب غري واضح املعامل ومل يتشكل بصورة هنائية‪.‬‬
‫أما فيما ص مستقبل األوضاع االقتصادية يف امل طقة العربية خالل الس وات العشر املقبلة‪،‬‬
‫ال ميكن أن يكون م طقيا دون الوقوف على حقيقة التغيريات اإلسرتاتيجية ال ستحدثها الثورات‬
‫العربية يف التوجهات والسياسات االقتصادية لدول امل طقة‪ .‬وذلك ألن هذ الثورات قامت يف‬
‫األساس بسبب ال تائج غري املرضية واملتدنية واملخيبة آلمال وتطلعات الشعوب ال حققتها‬
‫التوجهات والسياسات االقتصادية‪ ،‬ال تب تها هذ الدول ألكثر من أربعة عقود من الزمن‪ .‬ومن مث‬
‫فإن هذ الثورات حتما ستحدث تغيريات يف توجهات وسياسات دول امل طقة يف ا وانب‬
‫االقتصادية والسياسية واالجتماعية والثقافية‪ ،‬وكلها جوانب ستتأثر وتؤثر بعضها يف بعض يف‬
‫األجل الطويل‪ .‬ويف ضوء قراءة أسباب هذ الثورات وما أفرزته من نتائج يف األجل القصري‪ ،‬وما‬
‫يتوقع أن تفرز يف األجل الطويل ميكن التأكيد على أن عوامل عدة ستحدد مالمح السياسات‬
‫(‪)42‬‬
‫والتوجهات االقتصادية لدول امل طقة خال الس وات املقبلة‪ ،‬وأمهها ما يلي‪:‬‬
‫*تراجع تب ا كومات لسياسات االقتصاد ا ر وآليات السوق بشكلها املطلق‪ ،‬والرتكيز‬
‫على البعد االجتماعي يف السياسات االقتصادية‪ ،‬وهو ما يع تباطؤ برامج التخصيص أو‬
‫ميدها‪ ،‬وتوسيع فرص التوظيف يف القطاعات‬
‫ا كومية بعد أن مت وقف التوظيف فيها ملدة طويلة‪.‬‬
‫*اتساع برامج املظلة االجتماعية ال تركز على اربة الفقر والبطالة واألمية‪ ،‬وتوسيع برامج‬
‫الدعم للفئات غري القادرة‪ ،‬والبحث عن آليات جديدة لتوصيل الدعم ملستحقيه‪ ،‬والعمل على‬
‫قيق العدالة يف توزيع عوائد الت مية‪.‬‬
‫*حدوث تغري يف طبيعة العالقة بني ا كومات والقطاع ا اص‪ ،‬وذلك من خالل ممارسة‬
‫ضغوط على القطاع ا اص لرياعي ا وانب االجتماعية يف قراراته‪ ،‬وذلك لتوفري مزيد من فرص‬

‫العدد السادس (‪ )6‬جانفي ‪2014‬‬ ‫‪123‬‬ ‫اجمللة ا زائرية لألمن والت مية‬
‫أ‪ .‬زين العابدين معو‬ ‫الثورات العربية بني حتمية التغيري السياسي و ديات الواقع‬

‫العمل للشباب‪ ،‬وا د من ارتفاع األسعار من خالل تقليل هوامش الربح‪ ،‬والعودة لتوسيع الدور‬
‫الرقايب للدولة على نشاطات القطاع ا اص‪ ،‬وربط السياسات احملفزة للقطاع ا اص مبدى مسامهته‬
‫يف قيق األهداف االقتصادية واالجتماعية للحكومات‪ ،‬واللجوء إ العقوبات ضد سياسات‬
‫القطاع ا اص ال تثري حفيظة املواطن‪.‬‬
‫*تغري العوامل ال كم األبعاد االقتصادية للسياسات ا ارجية لدول امل طقة‪ ،‬حيث‬
‫ستكون األولوية للشركاء االقتصاديني الذين يساعدون هذ الدول على قيق األمن الغذائي‪،‬‬
‫ويدعمون برامج الت مية االجتماعية و اربة الفقر يف دول امل طقة‪.‬‬
‫*تغري سياسات دول امل طقة ا امل ظمات االقتصادية الدولية املتخصصة‪ ،‬مثل الص دوق‬
‫والب ك الدوليني‪ ،‬وم ظمة التجارة العاملية‪ ،‬وذلك بعد أن تراجعت ثقة شعوب امل طقة وحكوماهتا‬
‫بشكل كبري ب جاعة سياسات هذ امل ظمات لتحسني األوضاع االقتصادية لشعوب امل طقة‪.‬‬
‫*تغري توجهات وسياسات امل ظمات االقتصادية الدولية ا دول امل طقة‪ ،‬وذلك يف ظل‬
‫تركيزها على مراعاة ا وانب االجتماعية يف مسرية الت مية‪ ،‬خاصة ما يتعلق بعدالة توزيع عوائد‬
‫الت مية‪ ،‬وجودة ال مو‪ ،‬و اربة البطالة والفقر‪ ،‬والرتكيز على االستثمار يف التعليم‪.‬‬
‫*اتساع مساحة الشفافية واملساءلة يف بيئة األعمال االقتصادية‪ ،‬وذلك مبا د من حجم‬
‫الفساد االقتصادي‪ ،‬ويرسي آليات جديدة غري حكومية حملاربة الفساد‪ ،‬وتقليل تأثري يف األداء‬
‫االقتصادي ومستويات املعيشة‪.‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫لقد قامت ثورات الربيع العريب ك تيجة جملموعة من العوامل الداخلية السياسية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬والعوامل ا ارجية ال كان هلا دور دود‪ ،‬وبالتا أصبحت الثورات العربية هلا‬
‫الدور املزعزع لب ية الدولة التسلطية يف العامل العريب‪ ،‬مما ساعد يف سقوط بعض األنظمة العربية‪،‬‬
‫لذلك كان لثورات الربيع العريب دور فاعل يف إحداث التغيري السياسي يف امل طقة العربية‪ .‬كما أن‬
‫ثورات الربيع العريب غريت الرؤية السياسية للدول الغربية حول امل طقة العربية ومستقبلها السياسي‪،‬‬
‫وبالتا ستفرز هذ الثورات عالقات دولية جديدة مع الغرب تعمل على تغيري شكل التحالفات‬
‫ال كانت موجودة بامل طقة‪ .‬ولقد أفرزت الثورات العربية هيم ة للقوى اإلسالمية على السلطة‬
‫وذلك بعد نتائج االنتخابات ال أعقبت التغيري السياسي لألنظمة العربية ال سقطت‪ ،‬ما كان له‬
‫األثر الكبري يف ت شيط التيارات اإلسالمية مبختلف أنواعها‪.‬‬

‫العدد السادس (‪ )6‬جانفي ‪2014‬‬ ‫‪124‬‬ ‫اجمللة ا زائرية لألمن والت مية‬
‫أ‪ .‬زين العابدين معو‬ ‫الثورات العربية بني حتمية التغيري السياسي و ديات الواقع‬

‫الهوامش‪:‬‬
‫‪ ‬طالب دكتورا جامعة الحاج لخضر كلية الحقوق – بات ة‪-‬‬
‫‪ -‬مصطفى ا شاب‪ ،‬المدخل إلى علم االجتماع‪ ،‬مكتبة األ لو املصرية‪ ،‬القاهرة‪،1992 ،‬‬
‫ص‪.65‬‬
‫‪ -‬أمحد عبد الكرمي‪ ،‬هشام مرسي‪ ،‬حرب الالع ف‪ ،‬أكادميية التغيري‪ ،‬ال سخة االلكرتونية‪،‬‬
‫‪.2007‬‬
‫‪ -‬إمساعيل صربي‪ ،‬مد مود ربيع‪ ،‬موسوعة العلوم السياسية‪ ،‬جامعة الكويت‪ ،‬الكويت‪،‬‬
‫‪ ،1994‬ص ‪.47‬‬
‫‪ -‬بالل مود مد الشوبكي‪ ،‬التغيير السياسي من م ظور حركات اإلسالم السياسي في‬
‫الضفة الغربية وقطاع غزة "حماس نموذجا"‪ ،‬ث ل يل درجة املاجستري يف التخطيط والت مية‬
‫السياسية‪ ،‬جامعة ال جاح الوط ية ب ابل ‪ ،2007 ،‬ص ‪. 36‬‬
‫‪ -‬أمحد عبد الكرمي‪ ،‬هشام مرسي‪ .‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ -‬حسني عبد العزيز‪ ،‬الربيع العربي ‪..‬إلى أين؟‪ ،‬على الرابط التا ‪:‬‬
‫‪http://www.aljazeera.net/books/pages/9872bc4d-dce3-4482-af16-‬‬
‫‪795691edd893‬‬
‫‪7- Ham de Blij, Changing Geographies: the Domino "Theory" and‬‬
‫"‪the Arab Spring‬‬
‫على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪. pdf.http://deblij.net/documents/opinion-july 2011‬‬
‫‪8 - Peter T. Leeson and Andrea M. Dean, "The Democratic Domino‬‬
‫‪Theory: An Empirical Investigation", American Journal of Political‬‬
‫‪Science, Vol. 53, No. 3 (Jul., 2009).P.2-5.‬‬
‫‪ -‬وفاء لطفي‪ ،‬الثورات العربية رؤية نظرية معاصرة‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬ن‪ .‬ص ‪.4‬‬
‫‪ -10‬خالد السرجا ‪ ،‬هل هي نظرية الدومي و‪ ،‬جريدة البيان‪ ،‬على الرابط التا ‪:‬‬
‫‪http://www.albayan.ae/opinions/articles/2011-03-01-1.1393957‬‬
‫‪ - 11‬مد فرج‪ ،‬الثورة والصراع بين القديم والجديد‪ ،‬لة الدميقراطية‪ ،‬العدد ‪ ، 44‬أكتوبر‬
‫‪ ، 2011‬ص ‪.55‬‬
‫‪ -‬أمرية الرببري‪ ،‬عرض لكتاب طارق البشري بع وان‪ :‬مصر بين العصيان والتفكك‪ ،‬لة‬
‫السياسة الدولية‪ ،‬العدد ‪ ، 184‬ابريل ‪ ، 2011‬اجمللد ‪ ، 46‬ص ‪.184‬‬

‫العدد السادس (‪ )6‬جانفي ‪2014‬‬ ‫‪125‬‬ ‫اجمللة ا زائرية لألمن والت مية‬
‫أ‪ .‬زين العابدين معو‬ ‫الثورات العربية بني حتمية التغيري السياسي و ديات الواقع‬

‫‪ -‬بول سامل‪ ،‬الربيع العربي من م ظور عالمي‪ :‬است تاجات من تحوالت ديمقراطية في‬
‫أنحاء أخرى من العالم‪ ،‬مركز كارنيغي للشرق األوسط‪ ،‬على الرابط التا ‪:‬‬
‫‪http://carnegie-mec.org/publications/?fa=45980‬‬
‫‪ -‬مد صفار‪ ،‬إدارة مرحلة ما بعد الثورة‪...‬حالة مصر‪ ،‬لة السياسة الدولية‪ ،‬العدد ‪184‬‬
‫‪ ،‬ابريل ‪ ، 2011‬اجمللد ‪.46‬‬
‫‪ -‬وفاء لطفي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.6‬‬
‫السياسي في الوطن‬
‫‪ -16‬مد عبد الغفور الشيوخ‪ ،‬تأثير الثورات على ظاهرة اإلسالم ّ‬
‫العربي‪ :‬دراسة استشرافية للتأثريات العامة للثورات العربية على التيارات الدي ية واإلصالحية يف‬
‫اململكة العربية السعودية (‪ ،)2013-2011‬ليبيا‪ :‬ب غازي‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬ن‪ ،‬ص ‪.81‬‬
‫‪ -17‬مد عبد الغفور الشيوخ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.84‬‬
‫‪ -‬رمي مد موسى‪ ،‬الثورات العربية ومستقبل التغيير السياسي‪ ،‬جامعة ري‪ ،‬السودان‪،‬‬
‫د‪.‬ت‪.‬ن‪ ،‬ص ‪.4‬‬
‫‪ -‬مهدي أبوبكر رمحة‪ ،‬الشرق األوسط والربيع العربي ' آفاق ومستقبل'‪ ،‬ا وار املتمدن ‪،‬‬
‫العدد ‪ ،615‬ي اير ‪. 2012‬‬
‫‪ -‬رمي مد موسى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.5‬‬
‫‪ -‬مهدي أبوبكر رمحة‪ ،‬نف املرجع السابق‪.‬‬
‫‪ -‬رمي مد موسى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.6‬‬
‫‪ -‬هانت غنت صامويل‪ ،‬الموجة الثالثة التحول الديمقراطي في أواخر القرن العشرين‪،‬‬
‫ترمجة عبد الوهاب علوب‪ ،‬دار سعاد الصباح‪ ،‬الكويت‪ ، 1993،‬ص‪. 5‬‬
‫‪ -24‬جارتون آش تيموثي‪ ،‬الثورة المخملية ‪..‬هل ه اك تغيير بال ع ف ؟‪ ،‬القاهرة‪ ،‬لة‬
‫وجهات نظر‪ ،‬العدد ‪، 135‬‬
‫‪ ،2010‬ص ص‪. 8-7‬‬
‫‪ -25‬أبراش إبراهيم‪ ،‬الثورة في العالم العربي ك تاج لفشل الديمقراطية األبوية والموجهة‪،‬‬
‫ص‪ .10‬موقع املركز الفلسطي للتوثيق واملعلومات‪.‬‬
‫‪http://www.malaf.info/?page=show_details&Id=105&table=studies‬‬
‫‪ -26‬السيد مد مود‪ ،‬مفهوم اإلصالح‪ ،‬موقع ا وار املتمدن‪.‬‬
‫‪http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=284594‬‬

‫العدد السادس (‪ )6‬جانفي ‪2014‬‬ ‫‪126‬‬ ‫اجمللة ا زائرية لألمن والت مية‬
‫أ‪ .‬زين العابدين معو‬ ‫الثورات العربية بني حتمية التغيري السياسي و ديات الواقع‬

‫‪ -27‬العريان مود‪ ،‬اإلصالح في الوطن العربي‪ :‬بحث في داللة المفهوم‪.‬‬


‫على الرابط التا ‪:‬‬

‫‪http://www.voltairenet.org/article119712.html‬‬
‫‪-28‬املوند جربائيل‪ ،‬السياسات المقارنة في وقت ا الحاضر نظرة عالمية‪ ،‬ترمجة هشام عبد‬
‫اهلل‪ ،‬الدار األهلية لل شر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ، 1993 ،‬ص ص‪.234-232‬‬
‫‪ -29‬ب سالمة مد تركي‪ ،‬اإلصالح السياسي دراسة نظرية‪ ،‬جامعة الريموك‪ ،‬إربد‪،‬‬
‫‪ ،2010‬ص‪.19‬‬
‫‪ -30‬طرابلسي فواز‪ ،‬الثورات تسقط األفكار كذلك‪ ،‬من كتاب" الثورات وعامل ا العريب"‪،‬‬
‫مؤسسة هاي ريش بول‪ ،‬بريوت‪ ، 2011،‬ص‪.51‬‬
‫‪-‬عبد اهلل بلقزيز‪ ،‬أسئلة الفكر العربي المعاصر‪ ،‬مطبعة ال جاح األيوبية‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫‪ ،1998‬ص ‪. 13‬‬
‫على الرابط التا ‪:‬‬ ‫‪ -‬مد تركي ب سالمة‪ ،‬اإلصالح السياسي دراسة نظرية‪.‬‬
‫‪www.dash.com‬‬
‫‪ -33‬رمي مد موسى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.7‬‬
‫‪ -34‬أمني مشاقبة‪ ،‬معوقات اإلصالح السياسي في الوطن العربي‪ ،‬ورقة غري م شورة مقدمة‬
‫إ ورشة عمل اإلصالح السياسي‪ ،‬مركز الرأي للدراسات‪ ،‬عمان‪ ،‬سبتمرب ‪.2005‬‬
‫‪ -35‬جاسم الصغري‪ ،‬األنظمة العربية واإلصالح السياسي‪ ،‬ا وار املتمدن ‪ ،‬العدد ‪7 ،1221‬‬
‫يونيو ‪.2005‬‬
‫‪ -36‬مد عبد الغفور الشيوخ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.119‬‬
‫‪ -‬عبد اللطيف حلمي‪ ،‬اقتصاديات دول الربيع العربي‪..‬الواقع واآلفاق‪ ،‬اجمللة ‪. 2012‬‬
‫‪ -‬نف املرجع السابق‪.‬‬
‫‪ -‬مد عبد الغفور الشيوخ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.120‬‬
‫‪ -‬الربيع العريب طموحات سدت أم أحالم مل تتحقق‪ ،‬موقع العرب أونالين‪. 2012 ،‬‬
‫‪ -‬رمي مد موسى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.10‬‬

‫العدد السادس (‪ )6‬جانفي ‪2014‬‬ ‫‪127‬‬ ‫اجمللة ا زائرية لألمن والت مية‬
‫أ‪ .‬زين العابدين معو‬ ‫الثورات العربية بني حتمية التغيري السياسي و ديات الواقع‬

‫‪ -‬حبيب الشمري‪ ،‬اقتصاد الثورات‪ "...‬نموذج السوق فقط"‪ ،‬م تدى األعمال‬
‫الفلسطي ‪ ،‬قسم البحوث والدراسات االقتصادية‪ ،2011 ،‬ص‪-‬ص ‪.16-15‬‬

‫العدد السادس (‪ )6‬جانفي ‪2014‬‬ ‫‪128‬‬ ‫اجمللة ا زائرية لألمن والت مية‬

You might also like