Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 10

‫المسجد الحرام ‪1414/1/16:‬‬ ‫للشيخ‪ :‬د‪ .

‬صالح بن حميد‬ ‫الشائعات وأثرها السيئ على األمة‬

‫الشائعات وأثرها السيئ على األمة‬

‫ألقى فضيلة الشيخ صالح بن عبد اهلل بن حميد ‪ -‬حفظه اهلل ‪ -‬خطبة الجمعة بعنوان‪" :‬الشائعات وأثرها السيئ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ضد األمة اإلسالمية‪،‬‬
‫وخيمة في ع ُ‬ ‫تحدث فيها عن الشائعات وما تُسبِّبُه من آثا ٍر سيئة وعواق َ‬
‫ب‬ ‫على األمة"‪ ،‬والتي َّ‬
‫تيات‪َّ ،‬‬
‫وحذ َر من ِ‬
‫نقل‬ ‫اسالت بين ِف ٍ‬
‫تيان وفَ ٍ‬ ‫نتديات‪ ،‬ومر ٍ‬
‫ٍ‬ ‫وم‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫ُمتمثِّلة في مقاالت وتغريدات‪ ،‬في مواقع وشبكات ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األخبار دون توثُّ ٍق من مصد ِرها ومدى نفعها أو ضرِرها‪ ،‬ونبَّه على خطورة المساس بأصول الدين وثوابته َ‬
‫عبر هذه‬
‫التِّقنيَّات‪.‬‬

‫الخطبة األولى‬

‫وقدر‬ ‫عز مج ُده‪ ،‬وعال سلطانُه‪ِ ،‬‬


‫عل َم فستَر‪َّ ،‬‬ ‫العز ِ‬
‫القاهر‪ ،‬والسلطان الظاهر‪ ،‬سبحانه َّ‬ ‫الحمد هلل‪ ،‬الحمد هلل ذي ِّ‬
‫وأجزل المنَّة‪ ،‬وأشهد أن ال إله إال اهلل وحده ال شريك له‬
‫َ‬ ‫وأشكره‪ ،‬أسب َغ النعمة‪،‬‬
‫ُ‬ ‫فغ َفر‪ ،‬أحم ُده ‪ -‬سبحانه ‪-‬‬
‫أفضل خلق اهلل وأهداهم إليه‬
‫ُ‬ ‫تقود إلى ِرضوانه والجنَّة‪ ،‬وأشهد أن سي َدنا ونبيَّنا محم ًدا عب ُد اهلل ورسوله‬
‫شهاد ًة ُ‬
‫ُّ‬
‫وبارك عليه وعلى آله السادة األبرار‪ ،‬وأصحابه الميامين األخيار‪،‬‬ ‫سبيالً‪ ،‬وأدلهم عليه طري ًقا‪ ،‬صلَّى اهلل وسلَم َ‬
‫كثيرا‪.‬‬ ‫الليل والنهار‪ ،‬وسلَّم‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫تسليما ً‬
‫ً‬ ‫ب ُ‬ ‫والتابعين ومن تب َعهم بإحسان ما تعاقَ َ‬

‫أما بعد‪:‬‬

‫فأُوصيكم ‪ -‬أيها الناس ‪ -‬ونفسي بتقوى اهلل‪ ،‬فاتقوا اهلل ‪ -‬رحمكم اهلل ‪-‬؛ فالكيِّس من دا َن نفسه ِ‬
‫وعم َل لما بعد‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫نفسه هواها وتمنَّى على اهلل األماني‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الموت‪ ،‬والعاج ُز من أتبَ َع َ‬

‫ين (‪َ )29‬ع َّما َكانُوا‬ ‫ك لَنَسأَلَنَّهم أ ِ‬ ‫َ ِ‬


‫َج َمع َ‬
‫أسرع انقضاء الليالي واأليام‪ ،‬فَ َوَربِّ َ ْ ُ ْ ْ‬ ‫تصرم األعمار‪ ،‬فما‬
‫في ُمرور األعوام ُّ‬
‫وحس َن عملُه‪ ،‬وغُ ِفر ذنبُه‪ ،‬وث ُق َل ميزانُه‪.‬‬
‫مره‪ُ ،‬‬
‫طال ُع ُ‬
‫يَ ْع َملُو َن [الحجر‪ .]21 ،29 :‬جعلَنا اهلل وإياكم ممن َ‬

‫‪-1 -‬‬
‫‪www.alharamain.sa‬‬
‫المسجد الحرام ‪1414/1/16:‬‬ ‫للشيخ‪ :‬د‪ .‬صالح بن حميد‬ ‫الشائعات وأثرها السيئ على األمة‬

‫أيها المسلمون‪:‬‬

‫قول نبيِّنا ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬كما في‬


‫حاسبة الجادَّة‪ُ :‬‬ ‫ف ِ‬ ‫وإن من أعظم ما يستوقِ ُ‬
‫الم َ‬
‫ويبعث على ُ‬
‫ُ‬ ‫الناظر‪،‬‬
‫سمع»؛ رواه مسلم من حديث أبي هريرة ‪ -‬رضي اهلل‬ ‫بكل ما ِ‬
‫ِّث ِّ‬
‫إثما أن يُحد َ‬
‫الحديث الصحيح‪« :‬ك َفى بالمرء ً‬
‫لفحص الدقيق‪.‬‬
‫ُ‬ ‫المحاسبةُ َّ‬
‫الجادة‪ ،‬وا‬ ‫عنه ‪ .-‬إنها ُ‬

‫معاشر المسلمين‪:‬‬

‫ٍ‬
‫خطيب أو‬ ‫حاضرة أو تغريدةٍ‪ ،‬من‬
‫ٍ‬ ‫طبة أو ٍ‬
‫مقالة‪ ،‬أو ُم‬ ‫وسيلة‪ ،‬في ُخ ٍ‬
‫ٍ‬ ‫أثرها‪ ،‬وللصورة مفعولُها في أي‬
‫للكلمة ُ‬
‫والتواصل‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫وسيلة من وسائل اإلعالم‬ ‫كاتب أو ٍ‬
‫داعية‪ ،‬أو ُمعلِّ ٍق أو ُمتابِ ٍع‪ ،‬وفي أي‬ ‫ُمتحدِّث‪ ،‬أو ٍ‬
‫ُ‬

‫وفي هذا الزمن بتِقنِيَّاته واتصاالته‪ ،‬وتدويناته وتغريداته‪ ،‬ومواقعه وشبكاته‪ ،‬وإعالمه وقنواته‪ ،‬ومواقعه وتدويناته‬
‫والمتابِعين!‬
‫غردين ُ‬ ‫للمتها ِونين من ُ‬
‫الم ِّ‬ ‫فويل ُ‬ ‫ُّ‬
‫وسيلتُها كلها‪ :‬الكلمةُ والصورةُ؛ ٌ‬

‫والكثير من األن ُفس واألموال والجهود؟!‬ ‫الكثير‬ ‫ب التي تُكلِّ ُ‬


‫ف‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫كم هي العواق ُ‬
‫معاشر ِ‬
‫األحبَّة‪:‬‬

‫ِ‬
‫المجاميع التي يُنظِّ ُمونها‬ ‫إن تهاون الناس ‪ -‬وال سيَّما ِ‬
‫الفتيان وال َفتيات ‪ -‬مما ينعتُونَه بالثَّرثَرة الجماعيَّة من خالل‬ ‫ُ‬
‫تلقيها‪ ،‬بقطع‬ ‫الس ْبق في نشر المعلومات أو ِّ‬
‫قصب َّ‬ ‫ينتظمون فيها في هواتِفهم وأجهزتهم؛ بل‬‫أو ِ‬
‫يتسارعون إلحراز َ‬ ‫َ‬
‫تؤول إليها من نتائج خطيرة على الدين والعقيدة‪ ،‬وعلى‬ ‫الخطر فيما ُ‬ ‫ُ‬ ‫صحتِها أو دقَّتِها أو خط ِرها‪ ،‬بل‬
‫النَّظر عن َّ‬
‫واإلرهاب‪.‬‬ ‫اخوف‬ ‫ِ‬
‫واالضطراب‪ ،‬بل‬ ‫ينشر اإلرباك‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫البالد وأهلها‪ ،‬وعلى األمن واالستقرار‪،‬مما ُ‬

‫مصادر هذه األخبار واإلشاعات‪ ،‬وال أغراض نش ِرها‬


‫ُ‬ ‫والخوف وسوءُ العواقِب حين ال تُ ُ‬
‫عرف‬ ‫ُ‬ ‫الخطر‬
‫ُ‬ ‫ويزداد‬
‫ُ‬
‫بكل ما ِ‬
‫سمع»‪.‬‬ ‫ِّث ِّ‬
‫إثما أن يُحد َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وأهدافهم‪ ،‬فال مصداقيَّةَ وال موثوقيَّة‪« ،‬ك َفى بالمرء ً‬

‫‪-2 -‬‬
‫‪www.alharamain.sa‬‬
‫المسجد الحرام ‪1414/1/16:‬‬ ‫للشيخ‪ :‬د‪ .‬صالح بن حميد‬ ‫الشائعات وأثرها السيئ على األمة‬

‫والرَؤى غير‬
‫والمختلَ َقة واآلراء ُّ‬
‫المختلفة ُ‬ ‫خصب‪ ،‬وبيئةٌ لإلشاعات واألخبار ُ‬
‫ٌ‬ ‫ط‬
‫والمواقع وس ٌ‬
‫ُ‬ ‫الوسائل‬
‫ُ‬ ‫هذه‬
‫بنقل هذه الكلِمات ُّ‬
‫والصور واألخبار الخطيرة هم الفا ِرغون البطَّالون‬ ‫بأن كثيرا ممن ِ‬
‫يشتغ ُل ِ‬ ‫ِ‬
‫المسؤولة‪ ،‬ناهيكم َّ ً‬
‫الذين ليس لديهم ما يشغَلون به أوقاتَهم من الخير والنفع لهم ولدينهم وأمتهم وأوطانهم‪.‬‬

‫العير وال في النَّفير‪ ،‬الواح ُد منهم مت ِ‬


‫َّك ٌئ على أريكته‪،‬‬ ‫تخصص ‪ -‬أنهم ال في ِ‬
‫الم ِّ‬ ‫المتابِ ُع‬
‫ُ‬ ‫العاقل ‪ -‬فضالً عن ُ‬
‫ُ‬ ‫ويعلم ُ‬
‫ُ‬
‫لقي الكالم على ِ‬
‫عواهنه هنا وهناك‪.‬‬ ‫ف على ِجهازه‪ ،‬ي ِ‬
‫ومال ِزٌم للوحته‪ ،‬وعاكِ ٌ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫تدوينة تهوي بقائلِها في نار جهنَّم أبع َد ما بين المشرق والمغرب!‬


‫ٍ‬ ‫كلمة أو تغريدةٍ قالت لصاحبِها‪ :‬دعني! وكم‬
‫كم ٍ‬

‫األعداء‪ ،‬ويُ ِّ‬


‫مك ُن‬ ‫َ‬ ‫ئ‬
‫جر ُ‬
‫فس ُد بل َده‪ ،‬ويُ ِّ‬‫ُ‬ ‫نفسه‪ ،‬ويُهلِ ُ‬
‫ك أهلَه‪ ،‬وي ِ‬
‫يقتل بها َ‬
‫ِ‬
‫كالسهام من أفواه البنادق ُ‬ ‫تخرج ِّ‬
‫ُ‬ ‫كلمات‬
‫ٌ‬
‫ِ‬
‫والتصنيف‪،‬‬ ‫ِ‬
‫التعقيب‬ ‫لل ُخصوم‪ ،‬ويب ُذر بذور ال ُفرقة‪ ،‬وين َف ُخ في أبواق الفتنة‪ .‬زاحم البنا ُن عنده اللسان لي ِ‬
‫وغ َل في‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ ُ َ‬
‫ِ‬
‫والهدم واإلفساد‪.‬‬

‫صورتَه أمام اآلخرين‪،‬‬ ‫كونات ُمجتمعه‪ ،‬وكأنَّه قد َّ‬ ‫كلمات وصوٍر ومقاطع تسته ِز ُ‬‫ٍ‬
‫سو َد ُ‬
‫ع يُ ِّ‬
‫تطو َ‬ ‫وتسخر من ُم ِّ‬
‫ُ‬ ‫ئ‬ ‫في‬
‫ويتنك َر لهويَّته‪.‬‬ ‫دمر نفسه‪ِ ،‬‬
‫ويهد َم بيتَه‪َّ ،‬‬ ‫ويُوثِّ َقها صوتًا وصورًة‪ ،‬وكأنه‬
‫مأجور ليُ ِّ َ َ‬
‫ٌ‬

‫الس ْب َق في نشره‪ ،‬والكلمةُ تبل ُغ اآلفاق ُمتخطِّيةً‬


‫حاز َّ‬ ‫ِ‬ ‫كل مطا ٍر‪ ،‬ين ُ‬ ‫ِ‬
‫ش ُره ويبُثُّه يُفاخ ُر بأنه َ‬ ‫طار به َّ‬
‫خبرا َ‬ ‫إذا سم َع ً‬
‫حاسب نفسه قبل أن ي ِ‬
‫طل َق‬ ‫حقه أن ي ِ‬‫حواجز الزمان والمكان في أجزاء من الثواني بلمسة بَنان أو غمزة أزرار‪ .‬بل ُّ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫غر َد تغريدتَه‪.‬‬
‫ط مقالَه‪ ،‬أو يُ ِّ‬ ‫لسانَه‪ ،‬أو ِ‬
‫يغم َز بنانَه‪ ،‬أو ي ُخ َّ‬

‫أين الحقيقة؟ وأين المصلحة؟ وأين الديانة؟ وأين األمانة؟‬

‫فرقون؟!‬
‫يجمعون أو يُ ِّ‬ ‫ِ‬
‫سعون اآلفاق أو يح ُفرون األنفاق؟! هل هم يَبنُون أو يهدمون؟! هل هم َ‬
‫يا تُرى هل هؤالء يُ ِّ‬
‫ويسحقون‬
‫َ‬ ‫يزرعون األمل أو ؤيقودون لليأس؟! هل يرفعون من مقام أهلِهم وأوطانهم أو يُ ِّ‬
‫حقرون ال ّذوات‬ ‫هل َ‬
‫النفوس؟!‬
‫َ‬

‫‪-3 -‬‬
‫‪www.alharamain.sa‬‬
‫المسجد الحرام ‪1414/1/16:‬‬ ‫للشيخ‪ :‬د‪ .‬صالح بن حميد‬ ‫الشائعات وأثرها السيئ على األمة‬

‫ونفوسا‪ ،‬وقد‬
‫ً‬ ‫ف أمواالً‬ ‫ٍ‬
‫سنوات‪ ،‬وقد يُكلِّ ُ‬ ‫عالجه في‬
‫مكن ُ‬
‫ٍ‬
‫المساكين األغرار في لحظات قد ال يُ ُ‬
‫ُ‬ ‫إنما يُف ِس ُده هؤالء‬
‫ِ‬
‫يستعصي على العالج‪ .‬فال حول وال قوة إال باهلل!‬

‫معاشر المسلمين‪:‬‬

‫كتب عند اهلل‬ ‫بكل ما ِ‬


‫ويتحرى الصد َق حتى يُ َ‬
‫َّ‬ ‫الرجل يص ُد ُق‬
‫ُ‬ ‫ال‬
‫سمع»‪« ،‬وال يز ُ‬ ‫ِّث ِّ‬
‫إثما أن يُحد َ‬
‫«ك َفى بالمرء ً‬
‫كتب عند اهلل َّ‬
‫كذابًا»‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ويتحرى الكذب حتى يُ َ‬
‫َّ‬ ‫ب‬
‫الرجل يكذ ُ‬
‫ُ‬ ‫ال‬
‫صدِّي ًقا‪ ،‬وال يز ُ‬

‫وقد أخبَ َرنا نبيُّنا محمد ‪ -‬صلى اهلل عليه وآله وسلم ‪ -‬كما في الحديث الصحيح فيما رآه من أحوال اآلخرة أنه‪:‬‬
‫ٍ‬
‫عذاب‪ ،‬وما أطولَه‬ ‫الكذبة فتبل ُغ اآلفاق‪ ،‬فينشر ِشدقُه ِ‬
‫ومن َخ ُره وعينُه إلى قَفاه»‪ .‬فما َّ‬
‫أشده من‬ ‫يكذب ِ‬‫«يرى الرجل ِ‬
‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫من ٍ‬
‫زمان!!‬

‫ِ‬
‫معاش َر األحبَّة‪:‬‬

‫أثرا من آثارها‪ ،‬أو هدفًا من أهدافها‪،‬‬


‫وأخطر؛ بل قد تكو ُن ً‬
‫ُ‬ ‫أكبر‬
‫ثمة قضيَّةٌ أخرى ُمرتبطةٌ بها‪ ،‬وهي ُ‬
‫هذه قضيةٌ‪ ،‬و َّ‬
‫وتماسكها‪.‬‬ ‫واألمن على األوطان ووحدتها‬ ‫وأصوله‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫األمن على الدين وثوابته ُ‬
‫أمن المعلومات؛ بل ُ‬
‫إنها‪ُ :‬‬

‫فالحر هو‬
‫ُّ‬ ‫أعظم‪ ،‬وجعلَت مفهوم الحرية َّ‬
‫أدق‪،‬‬ ‫َ‬ ‫والمواقع جعلَت المسؤوليَّةَ‬
‫ُ‬ ‫ط‬
‫واآلالت والوسائ ُ‬
‫ُ‬ ‫ات‬
‫هذه التِّقنيَّ ُ‬
‫ط لها بضوابط العقل والدين والعلم‪ .‬الحريةُ هي التخلُّص من قيود الشهوات‪ ،‬وسجون‬ ‫سيطر على نفسه‪ ،‬الضاب ُ‬ ‫الم ُ‬ ‫ُ‬
‫بانف ٍ‬ ‫بانض ٍ‬
‫باط ال ِ‬ ‫فكر ِ‬
‫الت‪.‬‬ ‫المسؤول الذي يُ ِّ ُ‬
‫ُ‬ ‫الرغَبات‪ .‬الح ُّر هو‬ ‫َّ‬

‫ِ‬
‫برقيب الدين والضمير واألخالق‬ ‫الرقيب‪ِ ،‬‬
‫ناهيكم‬ ‫بعض الذين يودُّون التفلُّ َ‬
‫ت من عيون َّ‬ ‫ض َحت َ‬
‫إن هذه التِّقنيَّات ف َ‬
‫ِ‬
‫والمبادئ‪.‬‬

‫وسير في‬ ‫المصالح العُليا ُّ‬ ‫اإليما ُن دين صحيح‪ ،‬والمواطَنةُ عقل ر ِ‬
‫والدنيا‪ٌ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫وسعي في‬
‫ٌ‬ ‫وثبات‬
‫ٌ‬ ‫اش ٌد‪ ،‬والمسؤوليَّةُ أمانةٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ ُ‬ ‫ٌ‬
‫والحث عليها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ُد ِ‬
‫روب الخير والرشاد‪،‬‬

‫‪-4 -‬‬
‫‪www.alharamain.sa‬‬
‫المسجد الحرام ‪1414/1/16:‬‬ ‫للشيخ‪ :‬د‪ .‬صالح بن حميد‬ ‫الشائعات وأثرها السيئ على األمة‬

‫أيها العُقالء‪:‬‬

‫بعض جيرانِنا الذي يُصبِحون على‬


‫تأملُوا في ِ‬ ‫ف ‪ -‬عيا ًذا باهلل ‪َّ ،-‬‬ ‫دار إلى الها ِوية ال يُكلِّ ُ‬ ‫ِ‬
‫سهل‪ ،‬واالنح ُ‬
‫الهدم ٌ‬
‫ُ‬
‫ب والطوائِف‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫دمرة ت ِ‬ ‫مسون على قذائِف ُم ِّ‬ ‫ِ‬
‫ف المنا ِز َل والمتاج َر والمعاب َد والمكات َ‬
‫ستهد ُ‬ ‫العبوات الناسفة‪ ،‬ويُ ُ‬
‫َّ‬

‫ب لبعض ال ُقوى اإلقليمية والدولية الذين يُحا ِولون أن يُذ ُكوا الصراعات الطائِفيَّة ال َقبَلِيَّة والمذهبيَّة‬ ‫ِ‬
‫المراق َ‬
‫إن ُ‬
‫الناس‪،‬‬ ‫الدول‪ ،‬ويُبعثِروا ُّ‬ ‫ِ‬
‫والمناطقيَّة في منطقتنا يُحا ِولون أن يُذ ُكوا الصراع‪ ،‬ثم يُوظُِّفوه ليُقطِّعوا‬
‫شردوا َ‬ ‫عوب‪ ،‬ويُ ِّ‬ ‫الش َ‬ ‫َ‬
‫تفرقُوا ِشيَ ًعا‪ ،‬أو‬
‫جوعا‪ ،‬أو َّ‬ ‫ليتوزَّعوا الغنائِ َم‪ ،‬وال يُِه ُّمهم البَتَّة وال يكت ِرثون لمصالح شعوب المنطقة وأهلِها أماتُوا ً‬
‫تناثَ ُروا طوائِ َ‬
‫ف‪ ،‬أو تقطَّعُوا أحزابًا؟‬

‫الحكيم من ُو ِع َ‬
‫ظ بغيره‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫والسعي ُد‬

‫معاشر اإلخوة ِ‬
‫واألحبَّة‪:‬‬

‫واسعا ُمتر ِام َي‬


‫ضا ً‬ ‫يما عري ً‬ ‫ِ‬
‫وح ًدا وآمنًا‪ ،‬بل ًدا كر ً‬
‫واألجداد وطنًا ُم َّ‬
‫ُ‬ ‫ترك لنا اآلباءُ‬
‫نحن في هذه البالد الطاهرة لقد َ‬
‫المحافَظة على هذه الوحدة وعلى هذه األمة تحت راية‪( :‬ال إله إال‬ ‫األطراف‪ ،‬عليه ُوالةُ أم ٍر جادُّون حا ِزمون في ُ‬
‫رسول اهلل) وخدمة الحرمين الشريفين ورعايتهما‪.‬‬
‫اهلل‪ ،‬محم ٌد ُ‬

‫ث لألبناء ثم األجيال من ِ‬
‫بعدهم ‪ -‬بإذن اهلل ‪-‬‬ ‫ور َ‬
‫ظ عليها وتُ َّ‬
‫قدر هذه النعمةُ ال ُكبرى‪ ،‬وأن يُحافَ َ‬ ‫فيجب أتن تُ َّ‬
‫ُ‬
‫ٍ‬
‫وفضل‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫وإيمان وخي ٍر‬ ‫ننع ُم به من أم ٍن‬
‫لينعموا بما َ‬
‫َ‬

‫السعاة إلى تأجيج الفتنة‬


‫يض‪ُ ،‬دعاة تمزيق األوطان‪ ،‬والعبَث بوحدتها‪ُّ ،‬‬ ‫الح َذر ثم الح َذر من ُخطباء ِ‬
‫الفتنة والتحر ِ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫يصفون أوطانَهم ِ‬
‫وأهليهم ورجالَهم بأقبَح‬ ‫كاذ ٍبة ِ‬
‫خاط ٍئة‪ِ ،‬‬ ‫وناصية ِ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ظالمة‪،‬‬ ‫ٍ‬
‫وطعون‬ ‫ٍ‬
‫باطلة‪،‬‬ ‫وإثارة ال ُفرقة‪ ،‬في تُ ٍ‬
‫هم‬
‫وسوء من ِ‬
‫القول‪.‬‬ ‫فج‪ٍ ،‬‬ ‫ٍ‬
‫أسلوب ٍّ‬ ‫ِ‬
‫األوصاف‪ ،‬في‬

‫‪-5 -‬‬
‫‪www.alharamain.sa‬‬
‫المسجد الحرام ‪1414/1/16:‬‬ ‫للشيخ‪ :‬د‪ .‬صالح بن حميد‬ ‫الشائعات وأثرها السيئ على األمة‬

‫ضعف القوة‪ِ ،‬‬


‫ويخدم‬ ‫واألشد على جماعة المسلمين ِ‬
‫ليهدم الشوكة‪ ،‬وي ِ‬ ‫ُّ‬ ‫األغش لألمة واألئمة‪،‬‬ ‫قائم مأفو ٌن هو‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫يقوم ٌ‬
‫ُ‬
‫يل الحقوق ب ُفحش القول‪ ،‬والتحريض‪ ،‬وامتِطاء مطيَّة العُنصريَّة‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫ب بحقوق‪ ،‬ولن يكون نَ ُ‬ ‫األعداء‪ ،‬يزعُ ُم أنه يُطال ُ‬
‫بالخارج‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ويتقوى‬
‫ويجر األغراب‪َّ ،‬‬
‫ثير الفتن‪ُّ ،‬‬‫بالسماعين والدول األجنبيَّة وأعداء األمة‪ ،‬يُ ُ‬
‫َّ‬ ‫والطائفيَّة‪ ،‬واالستِقواء‬
‫الحق وإلز ِامه‬
‫الحزم معه وأط ِره على ِّ‬‫ومثل هذا ال بُ َّد من َ‬
‫ِ‬
‫قدراتها وأهلها‪ُ ،‬‬ ‫وم َّ‬
‫ط بالبالد ُ‬ ‫وهذه خيانةٌ ظاهرةٌ‪ ،‬وتفري ٌ‬
‫ِّ‬
‫الصف والكلمة‪.‬‬ ‫وحفظ أمن البالد والعباد‪ ،‬ووحدة‬ ‫ِ‬ ‫جادَّة الصواب‪،‬‬

‫أيها المسلمون‪:‬‬

‫بيد من ٍ‬
‫إن من مسؤولية الدولة وواجبِها أن تض ِرب ٍ‬
‫ينال منها‪،‬‬ ‫يقترب من هذه الثوابِت ُ‬
‫ليه َّزها أو َ‬ ‫ُ‬ ‫حديد على كل من‬ ‫َ‬
‫ينال من الدين والوطن‪ .‬الدولة مسؤولةٌ عن أمن الناس وحمايتهم وصيانة حقوقِهم‬ ‫ٍ‬
‫مسؤول ُ‬ ‫غير‬
‫عبث ُ‬
‫إنه ٌ‬
‫وممتلكاتهم‪ ،‬وتنظيم شؤونهم في أسواقهم وبيوتهم ومر ِافقهم‪.‬‬
‫ُ‬

‫الدولةُ بأجهزتها القضائيَّة والتنظيميَّة والتنفيذيَّة مسؤولةٌ عن أمن الناس واستِقرارهم‪ ،‬وتحقيق العيش الكريم لهم‪،‬‬
‫مسؤولةٌ عن تحقيق العدل وتهيِ ٍئة أسباب الحياة الطيِّبة‪.‬‬

‫وبعد‪ ،‬عباد اهلل‪:‬‬

‫قوي هاد ٍئ‪ُ ،‬م ٍّ‬


‫ستقر آم ٍن‪،‬‬ ‫فالحقو ُق ُمتكافِئة‪ ،‬والحياةُ ُمنظَّمة‪ ،‬والمصالِ ُح ُمعتبَرة‪ ،‬وال َّ‬
‫يتحق ُق ذلك إال في وط ٍن ٍّ‬
‫هيمنةٌ بقضائِها وأجهزتها وعدالتها‪.‬‬ ‫تحكمها دولةٌ قويةٌ م ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫سلم أن يكون مطيَّةً لإلفساد ِّ‬
‫وبث روح ال ُفرقة‪ ،‬والخذالن لدينه‪ ،‬والخيانة لوطنه ولسائر أهله‪.‬‬ ‫الم ُ‬
‫وليح َذر ُ‬

‫وقودا أو حطَبًا ِ‬
‫لمثل هذه الدعوات الفئويَّة الضيِّقة‬ ‫الح َذر أن يكون اإلنسان من حيث يشعُر أو ال يشعُر ً‬
‫الح َذر ثم َ‬
‫َ‬
‫والنار ستُح ِر ُق الجميع‪ ،‬ومن‬ ‫سيلحق بالجميع‪،‬‬
‫ُ‬ ‫والضرر‬ ‫تأخ ُذ حسابا ألهلها ِ‬
‫وبلدها وأمنِها وسالمتها‪،‬‬ ‫التي ال ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬

‫‪-6 -‬‬
‫‪www.alharamain.sa‬‬
‫المسجد الحرام ‪1414/1/16:‬‬ ‫للشيخ‪ :‬د‪ .‬صالح بن حميد‬ ‫الشائعات وأثرها السيئ على األمة‬

‫سو ٍ‬ ‫ِ‬
‫غات أو ين ُقدهم‬ ‫إيجاد أعذا ٍر أو ُم ِّ‬
‫َ‬ ‫والمتط ِّرفين‪ ،‬أو يُحا ِو ُل‬ ‫الش َّذاذ ُ‬
‫والمرجفين ُ‬ ‫يتقاعس عن التصدِّي لهؤالء ُّ‬
‫ُ‬
‫وهز كِيانه‪.‬‬
‫شريك في إضعاف الوطن ِّ‬
‫ٌ‬ ‫بضعف أو استِ ٍ‬
‫حياء فهو‬ ‫ٍ‬

‫ث به‪ ،‬بأي ٍ‬
‫حال وتحت أي‬ ‫ساس به أو العبَ ُ‬ ‫ظ على دينها وأمنِها ال ُ ِ‬
‫يجوز الم ُ‬ ‫ووحدةُ األوطان وسالمتُها والحفا ُ‬
‫سوغ‪.‬‬
‫ُم ِّ‬

‫اب‬‫َن اللَّهَ َش ِدي ُد ال ِْع َق ِ‬ ‫ين ظَلَ ُموا ِم ْن ُك ْم َخ َّ‬


‫اص ًة َوا ْعلَ ُموا أ َّ‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫أعوذ باهلل من الشيطان الرجيم‪َ :‬واتَّ ُقوا ف ْت نَةً َال تُصيبَ َّن الذ َ‬
‫ص ِرهِ َوَرَزقَ ُك ْم‬
‫آوا ُك ْم َوأَيَّ َد ُك ْم بِنَ ْ‬ ‫َّ‬
‫ض تَ َخافُو َن أَ ْن يَتَ َخط َف ُك ُم الن ُ‬
‫َّاس فَ َ‬ ‫ض َع ُفو َن فِي ْاأل َْر ِ‬ ‫يل ُم ْستَ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(‪َ )92‬واذْ ُك ُروا إ ْذ أَنْتُ ْم قَل ٌ‬
‫ات لَ َعلَّ ُك ْم تَ ْش ُك ُرو َن [األنفال‪.]96 ،92 :‬‬ ‫ِمن الطَّيِّب ِ‬
‫َ َ‬
‫ٍ‬
‫محمد ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ ،-‬وأقول قولي هذا‪ ،‬وأستغفر اهلل لي‬ ‫نفعني اهلل وإياكم بالقرآن العظيم‪ ،‬وبهدي‬
‫ٍ‬
‫وخطيئة‪ ،‬فاستغفروه‪ ،‬إنه هو الغفور الرحيم‪.‬‬ ‫ولكم ولسائر المسلمين من كل ٍ‬
‫ذنب‬

‫الخطبة الثانية‬

‫وع َد‬
‫وأشكره َ‬
‫ُ‬ ‫نقادة‪ ،‬أحم ُده ‪ -‬سبحانه ‪-‬‬
‫قلوب أهل السعادة‪ ،‬فأقبَ لَت على طاعة ربِّها ُم َ‬
‫أنار باإليمان َ‬
‫الحمد هلل‪َ ،‬‬
‫أعظم بها من شهادةٍ‪ ،‬وأشهد أن سي َدنا ونبيَّنا‬
‫الشكر بزيادة‪ ،‬وأشهد أن ال إله إال اهلل وحده ال شريك له ِ‬
‫على ُّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وبارك عليه وعلى آله‬‫المخصوص باالصطفاء واالجتباء والسيادة‪ ،‬صلَّى اهلل وسلَّم َ‬
‫ُ‬ ‫محم ًدا عب ُد اهلل ورسولُه‬
‫ٍ ِ‬
‫وأحسنوا العبادة‪ ،‬والتابعين ومن تبِ َعهم بإحسان ما بقيَت ُ‬
‫أعالم الدين مرفوعة وراياتُه‬ ‫َ‬ ‫وأصحابه ص َدقوا في اإليمان‬
‫كثيرا‪.‬‬
‫تسليما ً‬
‫ً‬ ‫شادة‪ ،‬وسلَّم‬
‫ُم َ‬

‫‪-7 -‬‬
‫‪www.alharamain.sa‬‬
‫المسجد الحرام ‪1414/1/16:‬‬ ‫للشيخ‪ :‬د‪ .‬صالح بن حميد‬ ‫الشائعات وأثرها السيئ على األمة‬

‫أما بعد‪ ،‬فيا أيها المسلمون‪:‬‬

‫يجب أن يُ َّ‬
‫سدد‪،‬‬ ‫والنقص ُ‬
‫ُ‬ ‫ع‪ ،‬وللناس حقوقُهم ومطالِبُهم‪،‬‬‫شر ٌ‬
‫وم َ‬
‫ع ُ‬‫التناصح مشرو ٌ‬
‫ُ‬ ‫وباب‬
‫المطالبةُ بالحقوق حقٌّ‪ُ ،‬‬ ‫ُ‬
‫والمطالبة باإلصالح حقو ٌق مشروعةٌ إذا ُس ِلك بها المسالِ ُ‬
‫ك الصحيحةُ‪.‬‬ ‫سم ُع‪ ،‬ومسالِ ُ‬
‫ك النقد ُ‬ ‫ب تُرفَ ُع وتُ َ‬
‫ِ‬
‫والمطال ُ‬

‫تاحا ما دام ُملت ِزًما بالثوابت من‬


‫وم ً‬‫ويجب أن يكون مبذوالً ُ‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫مكفول‪،‬‬ ‫كل ذلك مشروعٌ‬ ‫ُّ‬
‫حق النقد والتعبي والرأي ُّ‬
‫بمكوناتها‪.‬‬
‫المحافَظة على الدين بأُصوله‪ ،‬والوطن بوحدته‪ ،‬واألمة ُ‬
‫ُ‬

‫مكن أن يُقبَل االستِقواء‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫بعض القسوة في ألفاظه وعرضه‪ ،‬ولكن ال يُ ُ‬
‫والمصل ُح َ‬
‫يقسو الناق ُد ُ‬
‫من المقبول أن ُ‬
‫باألغراب‪ ،‬واستِعداء األعداء‪ ،‬وامتِطاء مطيَّة ِ‬
‫الكذب والتلبيس والتدليس‪.‬‬

‫يتجاوزون‬
‫َ‬ ‫وعقل ويُطالِبون‪ ،‬لكنَّهم ال‬
‫وقوةٍ ٍ‬‫بجر ٍأة َّ‬ ‫ِ‬ ‫وخطباء ونُ َّق ً‬
‫ادا يكتُبون وينتقدون ُ‬ ‫إن في أوطاننا وبُلداننا ُكتَّابًا ُ‬
‫والكمال عز ٌيز‪،‬‬
‫ُ‬ ‫صور وا ِرٌد‪،‬‬ ‫ومصالشح بُلدانهم‪ ،‬وال ُؤهم ألهلهم ال يُسا ِومون‪ ،‬وال يُ ُ‬
‫دارون‪ ،‬وال ُق ُ‬ ‫َ‬ ‫ت دينهم‬ ‫ثوابِ َ‬
‫صيب‪.‬‬
‫خطئ وتُ ُ‬ ‫واالجتِ ُ‬
‫هادات تُ ُ‬
‫واض ًحا بين حرية التعبير وحرية الرأي‪ ،‬وبين التحريض والتحريش ِّ‬
‫ودق معا ِول َ‬
‫الهدم‬ ‫يجب أن يكون الفر ُق ِ‬
‫ُ‬
‫والتفريق‪ .‬فر ٌق بين النقد البنَّاء والدعوة لإلصالح‪ ،‬وبين زرع بُذور الفتن الطائفيَّة وال َقبَليَّة والمناطقيَّة‪.‬‬

‫تخصصة الرسمية‬
‫الم ِّ‬
‫ؤسسات ُ‬ ‫الم َّ‬
‫كل ُ‬
‫ض ُّ‬ ‫ستنه َ‬
‫سمع لهم‪ ،‬وأن تُ َ‬ ‫أصحاب الحقوق والمطالِب المشروعة ٌّ‬
‫حق أن يُ َ‬ ‫ُ‬
‫حسب إمكانات‬
‫َ‬ ‫المسارعةُ إلى تحقيقه‬
‫فيجب ُ‬
‫ُ‬ ‫حق‬
‫ت من ٍّ‬‫ستمع إليهم‪ ،‬ويُنظَر في مطالبِهم‪ ،‬فما ثبَ َ‬
‫وغير الرسمية ليُ َ‬
‫المطالبة‪.‬‬ ‫ِ‬
‫الزمان والمكان وال ُقدرات‪ ،‬وما كان غير ذلك فيكو ُن ُّ‬
‫حق ُ‬‫بالحسنى‪ ،‬وتقدير ِّ‬
‫الرد ُ‬
‫أال فاتقوا اهلل ‪ -‬رحمكم اهلل ‪-‬؛ فالسعي ُد من و ِعظ بغيره‪ ،‬والحكيم من نظر في ِ‬
‫العواقب‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫‪-8 -‬‬
‫‪www.alharamain.sa‬‬
‫المسجد الحرام ‪1414/1/16:‬‬ ‫للشيخ‪ :‬د‪ .‬صالح بن حميد‬ ‫الشائعات وأثرها السيئ على األمة‬

‫ٍ‬
‫محمد رسول اهلل؛ فقد أمركم بذلك ربُّكم‪،‬‬ ‫المسداة‪ :‬نبيِّكم‬ ‫المهداة‪ ،‬والنعمة ُ‬ ‫هذا؛ وصلُّوا وسلِّموا على الرحمة ُ‬
‫صلُّوا‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫فقال في محكم تنزيله‪ ،‬وهو الصاد ُق في قِيلِه‪ :‬إِ َّن اللَّهَ َوَم َالئِ َكتَهُ يُ َ ُّ‬
‫آمنُوا َ‬ ‫صلو َن َعلَى النَّب ِّي يَا أَيُّ َها الذ َ‬
‫ين َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يما [األحزاب‪.]26 :‬‬ ‫َعلَْيه َو َسلِّ ُموا تَ ْسل ً‬

‫المجتبى‪ ،‬وعلى آله الطيبين‬ ‫صل وسلِّم وبا ِرك على عبدك ورسولك نبيِّنا محمد الحبيب ُ‬
‫المصطفى‪ ،‬والنبي ُ‬ ‫اللهم ِّ‬
‫وارض اللهم عن الخلفاء األربعة الراشدين‪ :‬أبي بكر‪ ،‬وعمر‪ ،‬وعثمان‪،‬‬
‫َ‬ ‫الطاهرين‪ ،‬وعلى أزواجه أمهات المؤمنين‪،‬‬
‫ٍ‬
‫وعلي‪ ،‬وعن الصحابة أجمعين‪ ،‬ومن تبِ َعهم بإحسان إلى يوم الدين‪ ،‬وعنَّا معهم بعفوك ُ‬
‫وجودك وإحسانك يا أكرم‬ ‫ٍّ‬
‫األكرمين‪.‬‬

‫اللهم ِ‬
‫أع َّز اإلسالم والمسلمين‪ِ ،‬‬
‫وأذ َّل الشرك والمشركين‪ ،‬واخ ُذل الطغاة والمالحدة وسائر أعداء الملَّة والدين‪.‬‬

‫أئمتنا ووالة أمورنا‪ ،‬واجعل اللهم واليتَنا فيمن خافك واتقاك‪ ،‬واتبع رضاك يا رب‬
‫وأصلح َّ‬ ‫اللهم ِ‬
‫آمنَّا في أوطاننا‪ِ ،‬‬

‫العالمين‪.‬‬

‫اللهم وفِّق إمامنا وولي أمرنا بتوفيقك‪ِ ،‬‬


‫وأع َّزه بطاعتك‪ِ ،‬‬
‫وأعل به كلمتَك‪ ،‬واجعله نُصرًة لإلسالم والمسلمين‪،‬‬ ‫َّ‬
‫والعافية‪ِ ،‬‬
‫وأم َّد في ُعمره على طاعتك‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الصحة‬ ‫لباس‬ ‫ِ‬
‫وألبسه َ‬

‫خادم الحرمين‬ ‫ِ‬


‫ولي أمرنا‪ ،‬وراعي َّأمتنا‪ ،‬وال ُدنا ُ‬
‫مننت به عليه من الشفاء والعافية‪ ،‬فهو ُّ‬ ‫وإننا نحم ُدك اللهم على ما َ‬
‫ِ‬
‫الصحة‬ ‫فنسأل اهلل أن يُتِ َّم عليه نعم َة‬
‫ُ‬ ‫وبره وإحسانه‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بفضله ِّ‬ ‫المؤمن بربِّه‪ ،‬الواثِ ُق‬ ‫الصالح‪،‬‬ ‫الملك‬
‫ُ‬ ‫الشريفين‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫الثبات على التقوى‬
‫َ‬ ‫يرزقنا‬‫بالدنا في أمنِها وإيمانها‪ ،‬وأن ُ‬
‫ظ َ‬ ‫يمد في ُعمره‪ ،‬ويُبا ِر َك في عمله‪ ،‬وأن يحف َ‬ ‫ِ‬
‫والعافية‪ ،‬وأن َّ‬
‫باركة‪.‬‬
‫الم َ‬
‫ظل هذه القيادة ُ‬
‫في ِّ‬

‫المحبِّين‪ ،‬نابِعةً ‪ -‬بعد‬


‫كل ُ‬‫تغم ُر َّ‬
‫أتم اهلل علينا نعمةَ الفرح والسرور‪ ،‬وبُشرى الصحة والبَهجة‪ ،‬فرحةٌ وبهجةٌ ُ‬
‫لقد َّ‬
‫مسلكه‪ .‬ذلكم هو‬‫ِ‬ ‫الصادقة‪ِ ،‬‬
‫وأياديه البيضاء‪ ،‬وصفاء قلبِه‪ ،‬وشفافية‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الثابتة‬ ‫فضل اهلل ومنَّته ‪ -‬من مواقِف ِ‬
‫قائدنا‬

‫‪-9 -‬‬
‫‪www.alharamain.sa‬‬
‫المسجد الحرام ‪1414/1/16:‬‬ ‫للشيخ‪ :‬د‪ .‬صالح بن حميد‬ ‫الشائعات وأثرها السيئ على األمة‬

‫النهج الذي ينت ِه ُجه ويُ ِّ‬


‫وجهُ إليه‬ ‫ُ‬ ‫والعقل واالتِّزا ُن هي‬
‫ُ‬ ‫فالحقائق والشفافيَةُ‬
‫ُ‬ ‫جسر العالقة بينَه وبين أبناء شعبِه َّ‬
‫وأمته‪،‬‬ ‫ُ‬
‫‪ -‬حفظه اهلل ‪.-‬‬

‫ٍ‬
‫تتاليات‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫سنوات ُم‬ ‫تأثيرا في‬
‫يتبوأ مكانة أكثر الشخصيات اإلسالمية ً‬
‫عجب أن َّ‬
‫َ‬ ‫فال‬

‫تقولين‪.‬‬
‫الم ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫نامت أعيُن ُ‬
‫ألسرى الشائعات‪ ،‬وال َ‬
‫اء َ‬ ‫فالحم ُد هلل على فضله ونعمائه‪ ،‬وال عز َ‬

‫للبر‬ ‫ِ‬
‫بنواصيهم ِّ‬ ‫وخذ‬ ‫اللهم ِأدم عليه نعمةَ الصحة والعافية‪ ،‬ووفِّقه ونائِبَه وإخوانَه وأعوانَه لما تُ ُّ‬
‫حب وترضى‪ُ ،‬‬
‫والتقوى‪.‬‬

‫ٍ‬
‫محمد ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ ،-‬واجعلهم رحمةً‬ ‫اللهم وفِّق وال َة أمور المسلمين للعمل بكتابك وبسنَّة نبيك‬
‫لعبادك المؤمنين‪ ،‬واجمع كلمتَهم على الحق والهدى يا رب العالمين‪.‬‬

‫ؤم ُر فيه بالمعروف‪ ،‬ويُ َنهى فيه‬ ‫ألمة اإلسالم أمر ر ٍ‬


‫اللهم وأب ِرم ِ‬
‫أهل المعصية‪ ،‬ويُ َ‬
‫أهل الطاعة‪ ،‬ويُه َدى فيه ُ‬
‫عز فيه ُ‬
‫شد يُ ُّ‬ ‫َ ُ‬
‫قدير‪.‬‬ ‫ٍ‬
‫عن المنكر‪ ،‬إنك على كل شيء ٌ‬

‫دماءهم‪،‬‬ ‫ِ‬
‫اللهم احفظ إخواننا في سوريا‪ ،‬اللهم احفظ إخواننا في سوريا‪ ،‬وفي بورما‪ ،‬اللهم اجمع كلمتَهم‪ ،‬واحقن َ‬
‫ضهم‪ ،‬وارحم ميِّتَهم‪ ،‬وآ ِوي شري َدهم‪ ،‬اللهم واجمع كلمتَهم‪ ،‬وأصلِح أحوالَهم‪ ،‬واجعل لهم من كل‬ ‫اللهم ِ‬
‫اشف مري َ‬
‫بالء عافيةً‪ ،‬اللهم انصرهم على عدوك وعدوهم‪.‬‬ ‫ضيق مخرجا‪ ،‬ومن كل ٍ‬ ‫فرجا‪ ،‬ومن كل ٍ‬
‫ً‬ ‫هم ً‬
‫ٍّ‬

‫وأسرفوا في‬
‫وأفسدوا َ‬‫اللهم عليك اللهم بالطغاة الظلمة في سوريا وفي بورما‪ ،‬اللهم إنهم قد طغَوا وبغَوا وآذَوا َ‬
‫جمعهم‪ ،‬وشتِّت شملَهم‪ ،‬واجعل الدائرَة عليهم يا قوي يا‬ ‫الطغيان‪ ،‬اللهم عليك بهم فإنهم ال ي ِ‬
‫فرق َ‬ ‫عجزونك‪ ،‬اهلل ِّ‬‫ُ‬
‫عزيز‪.‬‬

‫المرسلين‪ ،‬والحم ُد هلل رب العالمين‪.‬‬ ‫سبحان ربك رب ِ‬


‫الع َّزة عما ِ‬
‫وسالم على ُ‬
‫ٌ‬ ‫يصفون‪،‬‬

‫‪-10 -‬‬
‫‪www.alharamain.sa‬‬

You might also like