Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 8

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬

‫ضوابط ومنطلقات‬
‫لفهم المواقف السياسية لإلخوان‬
‫د‪ .‬محمد عبد الرحمن المرسي‪ -‬عضو مكتب اإلرشاد بجماعة اإلخوان المسلمين‬

‫يهاجم البعض سياسات جماعة اإلخوان ومواقفها‪ ،‬والبعض قد يضع لها تفسيرات وتأويالت من عنده‪ ،‬وآخرون‬
‫يسارعون في الوصول الستنتاجات بناء على إشاعات أو فهم ملتبس عندهم‪.‬‬
‫لهذا أحب أن أوضح في تلك النقاط‪ ،‬بعض القواعد العامة التي توضح تلك السياسات‪ ،‬وخطأ بعض التأويالت‬
‫واالتهامات‪ ،‬في محاولة ألن يفهمنا اآلخرون بميزان العدل واإلنصاف‪.‬‬
‫ال استهدف من هذا التوضيح أن يتفق اآلخرون أو يقتنعوا بصحة مواقفها‪ ،‬فلكل رؤيته وقناعاته الخاصة به‪ ،‬وال‬
‫مساحة من االختالف وتباين الرؤى‪ ،‬لكنني استهدف أن يضعوا هذه الضوابط في اعتبارهم عند التعامل مع مواقف‬
‫الجماعة أو محاولة فهمها‪:‬‬
‫‪ –1‬جماعة اإلخوان لها أسلوبها وضوابطها في مسألة المعارضة السياسية ومواجهة الخصوم ممن يختلف معها من‬
‫أبناء الوطن‪ ،‬حتى ولو كان صاحب سلطة فيها تجاوز وانحراف‪.‬‬
‫وهذه الضوابط هي األخالق اإلسالمية التي ال يمكن تجاوزها‪ ،‬وقد أكد اإلمام الشهيد على هذه الضوابط‪ ،‬بمراعاة‬
‫شرف الخصومة‪ ،‬والحرص على عدم تجريح األشخاص والهيئات‪ ،‬ومراعاة آداب الخطاب الموجه لصاحبه‪ ،‬والتعميم عند‬
‫النقد‪ ،‬والرد بالمثل على من تجاوز في حقها‪ ،‬أو االنصراف عنه مع االلتزام بآداب القول وأخالق اإلسالم‪.‬‬
‫وأال نبخس أحدا حقه حتى لو كان مختلفا معنا ومخاصما لنا‪.‬‬
‫نحن ال ندعي المثالية‪ ،‬أو أننا فوق الجميع‪ ،‬ولكننا نؤمن بهذه الضوابط‪ ،‬ونجاهد لاللتزام بها‪ ،‬ونتمنى أن تكون هي‬
‫المناخ السائد بين مختلف القوى الوطنية والسياسية‪.‬‬
‫وقد قال اإلمام الشهيد‪( :‬وصيتي لكم – أيها اإلخوان – أن تحرصوا على شرف الخصومة منصفين لخصومكم‪ ،‬ال‬
‫تدعوكم الخصومة – أيها اإلخوان – إلى إنكار فضل خصومكم‪ ،‬وال تدعوكم لتلمس العيب لهم) (من مقالة لإلمام الشهيد‬
‫عام ‪ 1946‬في مجلة االعتصام)‪.‬‬

‫‪ –2‬نرى بعض اللذين يتكلمون عن الجماعة ومواقفها‪ ،‬يريدون منها أن تجاري اآلخرين في أسلوبهم وهجومهم‬
‫وانتقادهم‪ .‬هناك فرق بين االلتزام بأدب الخطاب‪ ،‬وبين الموقف العملي المعارض للنظام‪ ،‬فهو موقف واضح محدد تتحمل‬
‫الجماعة فيه تبعاته بصبر وثبات‪.‬‬
‫واإلخوان في طبعهم‪ ،‬وكما رباهم اإلمام الشهيد ليسوا بوق خطابة‪ ،‬وإلقاء حديث صباحا ومساء‪ ،‬إال إذا اقتضى األمر‪،‬‬
‫ولكنهم قوم عمليون‪ ،‬ينهجون النهج العملي المثمر‪.‬‬
‫وأذكر موقفا تاريخيا – كمثال – أنه في أواخر عام ‪1951‬م‪ ،‬عندما ألغيت معاهدة ‪1936‬م‪ ،‬وتعالت أصوات الجهاد‬
‫موجز مختصرا‪ ،‬فهاجموا اإلخوان‬
‫ا‬ ‫من كل األحزاب والقوى السياسية‪ ،‬كان حديث فضيلة المرشد العام حسن الهضيبي‬
‫وأنهم متأخرون‪ ،‬في حين كان اإلعداد والتنظيم يجري على قدم وساق لترتيب معارك القناة‪ ،‬والتي كان عمودها األساسي‬
‫هم اإلخوان المسلمون‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫يقول اإلمام الشهيد (في مذكرات الدعوة والداعية ص‪( :)264‬وستسمعون أن هيئة من الهيئات تتحدث عنكم‪ ،‬فإن‬
‫خير فاشكروا لها في أنفسكم‪ ،‬وال يخدعنكم ذلك عن حقيقتكم‪ ،‬وإن كان غير ذلك فالتمسوا لها المعاذير‪،‬‬
‫كان الحديث ا‬
‫وانتظروا حتى يكشف الزمن الحقائق‪ ،‬وال تقابلوا هذا الذنب بذنب مثله‪ ،‬وال يشغلنكم الرد عليه عن الجد فيما أخذتم أنفسكم‬
‫بسبيله)‪.‬‬
‫‪ –3‬يصدر اإلخوان في تحديد نهجهم ومواقفهم السياسية عن عمل وموقف مؤسسي‪ ،‬أي بالرجوع لمؤسساتهم‪ ،‬واستعمال‬
‫الشورى في كل أمورهم‪ ،‬وليس بموقف أو قرار فردي‪ ،‬وهذا يأخذ وقته وله ضوابطه‪ ،‬فهي ليست متحفظة أو بطيئة في‬
‫اتخاذ القرار‪ ،‬وإنما هي لها مؤسسات ترجع إليها‪ ،‬وتدرس ما يترتب على ذلك‪ ،‬وهي تراعي رؤية أفراد صفها على مستوى‬
‫القاعدة أيضا‪.‬‬
‫كما أنه ليس معنى السكوت عن أمر لم يحن بعد وقت إعالنه أو التأكد من كافة جوانبه‪ ،‬أن ذلك رضى وموافقة على‬
‫الخطأ‪ ،‬فليس كل ما يعرف يُقال‪ ،‬وليس كل ما يُقال جاء أوان قوله‪.‬‬
‫واإلخوان تزن كل كلمة تقولها ألنها تعبر عن جماعة كبيرة‪ ،‬ومشروع كبير‪ ،‬وليس عن مجرد تجمع صغير‪ ،‬وما يسع‬
‫الفرد قد ال يسع الجماعة‪ ،‬لكن المبادئ والثوابت والقضايا الرئيسية الهامة ال يجوز للجماعة السكوت فيها حتى ولو‬
‫ضرر وأذى في ذلك‪.‬‬
‫ا‬ ‫تحملت‬

‫‪ –4‬وهم يتحركون ويعملون وفق استراتيجية ثابتة واضحة‪ ،‬مع مرونة في تقدير المستجدات والتعامل معها‪.‬‬
‫وهذه االستراتيجية مبنية على معرفة الواقع والموازين التي تحكمه‪ ،‬وعلى أهدافهم الواضحة والمحددة‪ ،‬وهي غير قاصرة‬
‫على مجال واحد‪ ،‬أو لمدى قصير‪ ،‬فالجماعة تحمل مشروعا إسالميا متكامال لألمة كلها‪ ،‬تسير فيه بخطى حثيثة وثبات‪،‬‬
‫إلى أن يتحقق وتنهض أمتنا بإذن هللا‪ ،‬فهي تزن األمور بهذا الميزان‪ ،‬والذين ال يدركون ذلك يحاولون أن يقارنوا بين‬
‫مواقف الجماعة ومواقف غيرها ممن ال يحمل نفس األهداف وعمق المشروع‪.‬‬
‫نحن ال نسوق تبريرات لتأخر أو تخلف الجماعة‪ ،‬فالواقع والتاريخ يشير بوضوح إلى مواقفها القوية الثابتة‪ ،‬وأنها بصفة‬
‫عامة لم تتأخر في يوم من األيام عن قضايا الوطن الهامة‪ ،‬أما الطريقة أو األسلوب الذي تُعبر به عن موقفها فقد ال‬
‫يعجب البعض وهو ال يدرك تلك الموازين‪.‬‬

‫‪ –5‬تدرس الجماعة المحيط الخارجي الذي تواجهه‪ ،‬والموازين التي تحكم هذا الواقع‪ ،‬وتدرك حجم المعوقات‪ ،‬وأن‬
‫المشروع الصهيوني – األمريكي‪ ،‬هو خط العداء الرئيسي لمشروعها اإلسالمي‪.‬‬
‫جائز أو مسكوتا عنه في تعامل تلك القوى مع أفراد واتجاهات أخرى‪ ،‬ال يُسمح به في حق الجماعة‪.‬‬
‫ا‬ ‫وبالتالي ما يكون‬
‫فهناك اختالف في الموازين والقواعد التي تحكم سياسة وتصرفات الجهات الحاكمة (السلطة) مع اإلخوان عن غيرهم‪.‬‬
‫فالجماعة تراعي الحكمة في خطواتها‪ ،‬والتدرج في منهجها وعملها‪ ،‬وال تخدعها المظاهر عن معايير القوة الحقيقية‪،‬‬
‫وتضبط الحماس بأشعة العقول‪ ،‬وتأخذ بالنفس الطويل حرصا على استمرار مشروعها‪ ،‬وال يقعدها ذلك عن تقديم‬
‫التضحيات الالزمة‪ ،‬فكانت أكثر فصيل وطني قدم مختلف أنواع التضحيات عبر تاريخها كله‪.‬‬
‫‪ –6‬الجماعة دائما تجعل الحفاظ على الوطن‪ ،‬ونشر الخير فيه‪ ،‬وتحريره من كل سلطان أجنبي‪ ،‬من أهدافها الرئيسية‬
‫– راجع المرتبة الثانية والثالثة والرابعة من مراتب العمل في رسالة التعاليم – وهي في سبيل ذلك تجعل مصلحة الوطن‬
‫واألمة فوق مصلحة الجماعة‪ ،‬ما لم يتعارض األمر مع هذه األهداف العليا‪ .‬وهذه بعض األمثلة من التاريخ‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫*لقد كان في مصلحة الجماعة حسب رؤية البعض عام ‪1948‬م عدم خوض القتال في فلسطين‪ ،‬وإرسال المتطوعين‬
‫ضد الصهاينة‪ ،‬ألن هذا لفت ألنظار القوى الكبرى إليها‪ ،‬وألن الجماعة لم تكن بلغت درجة المواجهة‪ ،‬لكن مصلحة‬
‫الوطن واألمة العربية واألهداف العليا التي تعمل لها كانت تقتضي هذا الموقف الحاسم‪ ،‬والجماعة تعلم جيدا ما سيترتب‬
‫عليه من توجيه ضربة شديدة لها‪ .‬لكنها المبادئ وتقديم مصلحة الوطن‪ ،‬فتم قتل مرشدها‪ ،‬والزج بالمئات من أفرادها‬
‫بالسجون‪.‬‬
‫*وكذلك موقفها من معاهدة الجالء ‪1954‬م‪ ،‬والتي قضت بفصل مصر عن السودان نهائيا‪ ،‬وإمكان عودة القوات‬
‫اإلنجليزية لقواعدها في مصر‪ ،‬فكان البد أن تعلن الموقف الذي يعبر عن المبادئ‪ ،‬وقد تصاعد بسبب ذلك غضب‬
‫مجلس الثورة عليها‪.‬‬
‫*وكذلك موقفها الرافض لكامب ديفيد‪ ،‬وكان مطلوبا منها أن تسكت فقط ليستمر التعامل الهادئ معها‪ ،‬لكن الجماعة‬
‫رفضت التنازل عن المبدأ أو األخذ بالرخصة‪.‬‬
‫‪ –7‬هناك فرق كبير بين مبدأ الحوار غير المشروط‪ ،‬وبين مبدأ التفاوض‪ .‬إننا على استعداد للتحاور والتواصل مع‬
‫أي طرف‪ ،‬أو أي جهة تنتمي ألوطاننا مهما كانت مساحة التباعد في الرؤى بيننا وبينها‪ ،‬مادام األمر في شأن من شئون‬
‫الوطن‪ ،‬ويساعد على تحقيق نهضته وحريته‪.‬‬
‫أما التفاوض فال يجوز ألحد أن ينوب عن الشعب‪ ،‬أو عن تياراته وقواه الوطنية‪ ،‬ليتحدث ويفاوض ويقرر باسمها‪،‬‬
‫ألن هذا أمر يتطلب التوافق الوطني على األهداف والمطالب‪ ،‬وعلى التمثيل الحقيقي الشامل لكل قوى المجتمع‪ ،‬ثم تبقى‬
‫المرجعية لعموم الشعب في هذا الشأن‪.‬‬
‫وليس معنى رغبة أحد أن يتصل باإلخوان وأن يسمع منهم وأن يوضحوا له موقفهم ويرفعوا طلباتهم – حتى مع من‬
‫يخاصمهم – ال يعني هذا أن ذلك تفاوضا وبداية عمل صفقة‪ ،‬فالحوار مبدأ إسالمي حتى مع المخالفين‪.‬‬

‫‪ –8‬دائما مع كل انتخابات أو مكاسب تحرزها الجماعة‪ ،‬تنطلق دعاوى الصفقات‪ ،‬الصفقة تعني ثمنا مدفوعا لمقابل‬
‫تأخذه به‪ ،‬فأين هذا الثمن الذي دفعته الجماعة‪ ،‬وخطوط دعوتها وأهدافها ومبادئها ثابتة لم تتغير‪ ،‬بل ودفعت تضحيات‬
‫واعتقاالت‪ ،‬وتحملت أذى كثيرا‪ ،‬فإذا أحرزت تقدما بجهدها وحسن تخطيطها‪ ،‬أليس هذا حقا لها في إطار الحقوق‪ ،‬متاح‬
‫لكل القوى العاملة على الساحة‪.‬‬
‫ادعاء الصفقات هذا مغالطة واضحة في رؤية حقائق األحداث‪ ،‬وقراءة معكوسة ومقلوبة للواقع وما يحدث فيه‪.‬‬
‫لألسف يقول ذلك من يدعون أنهم يفهمون في السياسة إال إذا كان إدعائهم هذا سياسة مقصودة للتشويه واالستعداء‪.‬‬
‫‪ –9‬وإذا قيل‪ :‬مادام هناك عداء بين مشروعين‪ :‬المشروع الصهيوني – الغربي‪ ،‬والمشروع اإلسالمي‪ ،‬وأن المشروع‬
‫الغربي وما يتبعه من أنظمة الحكم يملك من القوة والتأثير ما يستطيع سحق أصحاب المشروع اإلسالمي‪ ،‬فلماذا ال يفعل‬
‫ذلك‪ ،‬فهذه سذاجة‪ ،‬وصاحب هذا القول يجب أن يوجهه ألصحاب المشروع الغربي‪ ،‬حيث لهم موازينهم وحساباتهم‬
‫وخبرتهم التاريخية‪ ،‬في مواجهة اإلسالم‪ ،‬وهم يبذلون جهودا متنوعة في هذا الشأن‪..‬‬
‫والذين يعادون المشروع اإلسالمي يتخذون وسائال وخططا بأسلوب آخر لتحقيق أهدافهم أشد وأخطر‪ ،‬فهم يستهدفون‬
‫أساسا األمة اإلسالمية وتقدمها‪ ،‬هذا من ناحية‪ ،‬ومن ناحية أخرى ننسى أن هللا سبحانه وتعالى هو صاحب األمر‪،‬‬
‫وناصر دعوته ألنها دعوة اإلسالم وأمة اإلسالم‪ ،‬بصرف النظر عن األشخاص‪ ،‬فهم عليهم الثبات وبذل أقصى الجهد‬
‫البشري‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫‪ –10‬كذلك ليس معنى استفادة اإلخوان من القوانين والواقع الموجود حولها ومستجداته‪ ،‬أن هذا يعني مماألة أنظمة‬
‫الحكم أو رضاهم عنها‪ ،‬وسكوتهم عليها‪ ،‬فهذا حق لها لم يخصها به أحد ويمنعه عن اآلخرين‪ ،‬وليس األصل في العالقة‬
‫مع الحكام هو الصدام الساخن‪ ،‬وإنما النصيحة وإعالن الموقف الواضح‪ ،‬ونقول لمن أخطأ أخطأت‪ ،‬ونحن ال نستهدف‬
‫از أو استعداء ألحد‪.‬‬
‫استفز ا‬
‫فهذا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يستفيد من قانون اإلجارة‪ ،‬فيطلب جوار المطعم بن عدي – وهو كافر – عند‬
‫عودته من الطائف ليتمكن من دخول مكة‪ ،‬وواجه صلى هللا عليه وسلم في هذه السنين أشد أنواع األذى حينها‪.‬‬

‫‪ –11‬الجماعة في تعاملها مع الواقع تجمع بين الرؤية الكلية لإلصالح‪ ،‬وبين منهجية اإلصالح العملي المتدرج‪.‬‬
‫وليس أن ما تحققه وتتعاون فيه من مواقف أو وسائل وأنشطة في هذا اإلصالح المتدرج أن هذا رجوعا عن النظرة الكلية‬
‫والتخطيط لها‪ ،‬فاألمر متكامل يصب في النهاية في مسارات األهداف العليا‪.‬‬
‫والشرط أن هذه الخطوات الجزئية ال تعطل أو تؤثر سلبا على التخطيط االستراتيجي والمشروع الرئيسي‪.‬‬
‫لكن ال يطالبها أحد أن تركز جهدها أو تحصر نفسها في هذه األنشطة الجزئية على حساب مشروعها الكلي‪ ،‬فهناك‬
‫لديها توازن وتكامل في ذلك األمر‪.‬‬
‫‪ –12‬اإلخوان ترفض – كقاعدة حاكمة – إحداث الفوضى أو التخريب في المجتمع‪ ،‬ألن هذه ضد منهج اإلسالم في‬
‫اإلصالح‪ ،‬وضد أهدافها العليا من الحفاظ على الوطن والنهوض به‪.‬‬
‫لهذا فهي ترفض كل األنشطة والوسائل التي تؤدي لذلك‪ ،‬وإذا حدثت فوضى فلن تكون من صنع اإلخوان‪ ،‬ولن يشارك‬
‫فيها اإلخوان‪ ،‬لكن ال يمكن أن تُطالب الجماعة – وهي ال تملك صالحيات القرار في المجتمع – أن تمنع هذه الفوضى‪.‬‬
‫أما كل وسائل النضال السلمي والسياسي فتأخذ بها الجماعة‪ ،‬وبالمشاركة مع اآلخرين‪ ،‬إلعالن موقفها‪ ،‬والمطالبة بالحقوق‬
‫والحريات‪.‬‬
‫وهي تعتبر أن الحريات وإقرارها في المجتمع‪ ،‬واحترام إرادة األمة‪ ،‬محور أساسي في اإلصالح ال يمكن تجاوزه أو‬
‫تأخيره‪ .‬يقول اإلمام البنا‪( :‬ندعو إلى اإلسالم‪ ،‬والحكومة جزء منه‪ ،‬والحرية فريضة من فرائضه)‪.‬‬

‫‪ –13‬اإلخوان تدعو للتعاون والتوافق والوحدة‪ ،‬ما كان إلى ذلك من سبيل‪ ،‬ألن ذلك يصب في مصلحة الوطن‪،‬‬
‫وتحقيق نهضته وتقدمه‪ ،‬لكن يرفض اإلخوان أن ِّ‬
‫يحول أحد هذا المبدأ الجميل إلى طلب تنازل اإلخوان عن ثوابتهم‬
‫وأصول دعوتهم‪ ،‬أو العمل لها‪ ،‬فاإلخوان تحترم الخصوصية‪ ،‬ورسالة كل طرف يتعامل أو يتعاون معها‪ ،‬وليس بيننا‬
‫وبينهم إال الحوار والتفاهم والنشاط الذي نتوافق عليه‪ ،‬نتفق فيه على مظهره وصبغته العامة الشاملة للجميع‪.‬‬
‫لكن ليس معنى ذلك أن تقبل الجماعة أن يهمشها أحد‪ ،‬أو يتجاوز على حقوقها ووزنها‪ ،‬وال يكون معناه أيضا أننا‬
‫نحب السيطرة أو االستعالء‪ ،‬فهذا ليس من العدل واإلنصاف‪ ،‬كما أنه ليس من شيمتنا االستعالء والتباهي‪ ،‬وإننا نقابل‬
‫الجميع بكل احترام‪ ،‬ونحسن االستماع‪ ،‬ونمد يد العون‪ ،‬وال نمن على أحد بشيء‪ .‬فالبد أن يلتزم الجميع بآداب التعاون‬
‫والتواصل بين القوى الوطنية‪ ،‬وهي أمور ليست غامضة‪ ،‬وقبل أن أهاجم أو أتهم طرف بالسماع عنه البد أن اتصل به‬
‫وأستوضح وأسمع منه‪ ،‬وهذه قواعد أساسية‪.‬‬
‫أما اللجوء إلى أسلوب الشتائم والهجوم والتخوين‪ ،‬فهو أمر مرفوض مهما كانت مساحة االختالف في الرأي‪ .‬وليس‬
‫من المعقول أن يستمر التعاون مع فصيل وهو في نفس الوقت يخرج بالشتائم واالتهامات والتسفيه لفصيل آخر‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫ولألسف نجد هذا يحدث مع اإلخوان‪ ،‬وإذا كان اإلخوان يصفحون مرة أو مرات‪ ،‬لكن ال يمكن أن يستمر هذا التجاوز‬
‫في حق الجماعة وتسكت عنه‪.‬‬
‫يقول لنا اإلمام الشهيد‪( :‬وهذا الصنف من الهيئات واألفراد إن تجاوزوا معنا في الحوار‪ ،‬فإن سبيلنا معهم أن ندعوهم‬
‫إن قبلوا النداء‪ ،‬ونحاورهم دون الجدال‪ ،‬وال نتهم إخالصهم‪ ،‬وال نرد على خصومتهم‪ ،‬وال نترك منهج دعوتنا وندعو هللا‬
‫لنا ولهم بالهداية)‪.‬‬
‫(ونحن ال نهاجمهم‪ ،‬ألننا في حاجة إلى الجهد الذي يُبذل في الخصومة والكفاح السلبي‪ ،‬لننفقه في عمل نافع وكفاح‬
‫إيجابي‪ ،‬وندع حسابهم للزمن معتقدين أن البقاء دائما لألصلح)‪.‬‬
‫هذا مع قيامنا بتوضيح الحقائق إذا لزم األمر‪.‬‬

‫‪ –14‬وإذا كانت الجماعة من سياستها التعاون والمشاركة مع القوى األخرى في الحراك السياسي الذي يستهدف‬
‫مصلحة الوطن‪ ،‬فإن هذا المبدأ يحكمه من وجهة نظرها هذه القواعد األساسية‪:‬‬
‫(أ) أنه تعاون في الجزء المشترك – وهو كثير – فيما بين األطراف‪( ،‬نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا‬
‫فيما اختلفنا فيه)‪.‬‬
‫(ب) أنه إذا طلب منى المشاركة‪ ،‬فالبد أوال أن أكون شريكا في اتخاذ القرار قبل إعالنه وإال أصبح األمر أنه مطلوب‬
‫منى أن أسير وراء كل صاحب نداء مهما كان وضعه ومهما كانت ظروفي‪ ،‬وهذا ال يصح في حق جماعة لها مشروعها‬
‫ومؤسساتها ولها خطتها‪ .‬فإذا تجاوز أحد هذه القاعدة في المشاركة‪ ،‬أصبح من حق الجماعة أن تدرس وأن تقرر المشاركة‬
‫من عدمها وال يلومها أحد على ذلك بل يلوم من لم يشركها فى اتخاذ القرار ابتداء‪.‬‬
‫(ج) أن اتخاذ القرار بالتشاور بين األطراف يكون بالتوافق وليس بمعنى التصويت ألن لكل طرف مؤسساته واستقالليته‪،‬‬
‫وال يوجد إرغام أو تخوين ألحد إذا لم يحدث هذا التوافق‪.‬‬
‫(د) أن الجماعة مسئولة عن أفرادها في إنفاذ ما اتفق عليه‪ ،‬واتباع الضوابط‪ ،‬وليست مسئولة عن غيرها‪ .‬وهى تلتزم‬
‫بما تقرره في حين أن غيرها – في مواقف متعددة – كان يخرج عن ذلك االلتزام‪.‬‬
‫(هـ) أنها ما دامت شريكة في اتخاذ القرار‪ ،‬وفى الفعل الميداني فيجب أن تكون موجودة في المشهد وليست متوارية‬
‫فيه‪ ،‬وشانها مثل شأن اآلخرين المشاركين فال يصح أن يكون حجم الفعل والحشد النسبة الكبيرة فيه للجماعة والذي يتكلم‬
‫ويتحدث فقط هو من اآلخرين أو يتم تهميشها وإقصائها‪ ،‬أو يعلن اآلخرون عن هويتهم وال تعلن هي عن هويتها‪.‬‬
‫والجماعة ليست متعهد توريد أنفار ألوعية اآلخرين مع كامل االحترام لهم‪ ،‬وإنما هي تتحرك وتحشد للوطن وللمجتمع‬
‫صر أن يكون لكل المشاركين دور وظهور‬‫وقضاياه‪ ،‬وبالتالي ترفض استغالل تلك الروح الوطنية لحسابات أخرى‪ .‬ولهذا ن ِّ‬
‫ُ‬
‫في المشهد حسبما تسمح به الظروف أو على األقل للنسبة المؤثرة منهم‪.‬‬
‫(و) إن تعاون أو تحالف اإلخوان مع بعض فصائل الحراك الوطني دون أخرى ال يعنى الوقوف ضد فريق آخر‪ ،‬أو‬
‫أن طرفا معينا سوف يستخدمنا لصالحه ضد طرف آخر‪ ،‬فنحن نقف على مساحة متساوية من الجميع‪.‬‬
‫يقول اإلمام البنا‪( :‬وأما موقفنا من األحزاب السياسية فلسنا نفاضل بينها وال ننحاز إلى واحد منها)‪.‬‬
‫ويرد على اتهامات بعض األحزاب – في رسالة المؤتمر الخامس – فيقول‪« :‬يظن رجال بعض األحزاب أننا نقصد‬
‫بهذه التعاليم هدم حزبهم‪ ،‬وخدمة لغيره من األحزاب‪ ،‬وجريا وراء منفعة خاصة‪ ،‬وليس أدل على خطأ هذه النظرة من أن‬
‫هذا الوهم قد سرى إلى نفوس األحزاب جميعا‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫أحب أن أقول إلخواننا من دعاةة األحزاب ورجالها‪ :‬أن اليوم الذي يُستخدم فيه اإلخوان المسلمون لغير فكرتهم‬
‫اإلسالمية البحتة لم يجئ بعد ولن يجئ أبدا‪ ،‬وإن اإلخوان ال يضمرون لحزب من األحزاب – أيا كان – خصومة خاصة‬
‫به»‪.‬‬
‫(ز) هناك ضوابط عامة وأخالقيات‪ ،‬الخروج عليها ال نوافق عليه في أي مشاركة مثل الفوضى – التخريب – الشتائم‬
‫والتجريح‪ ..‬الخ‪ ،‬وهذا يضطرنا إلى التوقف واتخاذ إجراءات ألنه يخالف عقيدتنا وأخالقياتنا‪.‬‬
‫‪ –15‬واإلخوان تزن خطواتها بميزان الواقع وليس بالعواطف والحماس‪ ،‬وتفرق بين الممكن والمتاح وبين المستحيل أو‬
‫الذي يترتب عليه ضرر أكبر من نفعه وتنظر لمآالت األمور‪ ،‬ال يدفعها إلى ذلك التردد والخوف من التضحية‪ ،‬فالتضحية‬
‫عندها أحد أركان البيعة – وقد ترجمت ذلك عمليا عبر تاريخها كله حتى اليوم – لكنه النظرة المتزنة والتقدير الشامل‬
‫الواقعي‪.‬‬
‫وهى إذا كانت تحسن استقبال النصيحة من اآلخرين وتهتم بها‪ ،‬لكن ليس على شرط االستجابة لها – فآليات اتخاذ‬
‫القرار وتقدير األمور من مؤسساتها ال يمكن تجاوزها‪ ،‬وقديما قال اإلمام ابن حزم‪( :‬ال تنصح على شرط اإلجابة‪ ،‬وال‬
‫تهب على شرط اإلثابة)‪ ،‬وليس معنى االختالف في الرأي والمواقف هو القطيعة والخصام‪.‬‬

‫‪ –16‬لسنا معصومين‪ ،‬وال ندعى ذلك‪ ،‬وأخطاء األفراد وعدم انضباطهم بهذه الضوابط أمر وارد‪ ،‬وتتم المراجعة‬
‫والتصحيح داخل الصف وخارجه أوال بأول‪ ،‬والذي يعبر عن الجماعة ومؤسساتها ومواقفها ليس جهة غامضة‪ ،‬أو على‬
‫المشاع‪ ،‬وتلك الجهة المحددة هي المرجعية المعتمدة في التعرف على رأى الجماعة وموقفها‪.‬‬
‫‪ –17‬إذا كان ألحد – وهذا حق للجميع – أن يكون له رؤيته الخاصة عن الجماعة ومواقفها‪ ،‬فنحن نريد لمن يتكلم‬
‫عن ذلك أن يسأل أوال ويستفسر منهم ويستمع لهم ال أن يسمع فقط عنهم من غيرهم‪ .‬وهذا هو المنهج العلمي في التعامل‬
‫مع األمور والتثبت من األخبار‪.‬‬
‫ومع سعة الصدر عند الجماعة لكل نصيحة أو نقد أو تعليق‪ ،‬إال أن البحث التاريخي لمسار الجماعة ومواقفها يشهد‬
‫بنجاحها في المحافظة على مسار الدعوة وعدم وقوعها في الفخاخ أو استطاعة أحد أن يستدرجها وفى نفس الوقت نراها‬
‫تملك السرعة والقدرة على االستفادة من المتغيرات واألخذ بالفرص المتاحة وهذا كله بفضل هللا وتوفيقه فله وحده الحمد‬
‫والمنة‪.‬‬

‫‪ –18‬الجماعة في رؤيتها وحركتها تميز بين المبادئ واألهداف وبين التطبيق العملي‪ ،‬أي بين ذلك وبين االجتهاد‬
‫البشرى لتطبيق وتحقيق تلك األهداف‪.‬‬
‫وتعتقد أن مبادئ الدعوة وأهدافها التي جاء بها اإلسالم‪ ،‬يتفق معنا الغالبية حولها وان مبادئ وقواعد اإلسالم قادرة‬
‫على تنظيم أمور الحياة‪ ،‬وأن هوية أمتنا وطبيعتها اإلسالمية جزء أصيل من حضارتها ونهضتها ال يمكن أن تتقدم‬
‫بدونه‪.‬‬
‫أما ما تقدمه الجماعة من برامج ووسائل لتحقيق ذلك فهو رؤية خاصة بالجماعة يختلف معها اآلخرون‪ ،‬بل والجماعة‬
‫نفسها تقوم بالمراجعة والتطوير لهذه الوسائل وتلك البرامج‪ ،‬وبالتالي فإن هذا الجزء الذي يمثل االجتهاد البشرى ال نلقى‬
‫عليه قداسة أو عصمة‪ ،‬فهو قابل للخطأ والمراجعة‪ ،‬وآليات حراكها السياسي والمجتمعي تعتبرها حق لها ولآلخرين الذين‬
‫يختلفون معها أيضا‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫ومثال ذلك االنتخابات النقابية والبرلمانية‪ ..‬الخ‪ ،‬فهي وسائل للممارسة السياسية والمجتمعية الستطالع رأى األمة أو‬
‫شريحة منها لحسن تمثيلها‪.‬‬
‫فهو حراك وطني وليس ديني أو له أي صبغة دينية‪ ،‬وتبقى نية اإلنسان الداخلية في هدفه من تلك المشاركة ال دخل‬
‫لنا بها‪ ،‬وال نتهم النوايا‪.‬‬
‫ومن أراد أن يصبغ ذلك الحراك بصبغة دينية وصراع ديني بين الحق والباطل فقد أخطأ ألن معناه أن تتوزع األمة‬
‫والمجتمع إلى صنفين في هذا الحراك المجتمعي أهل الباطل وأهل الحق‪ ،‬رغم حب الجميع لإلسالم وحرصهم عليه‪.‬‬
‫أما مبدأ اإليجابية كقيمة وسلوك وأن أشارك كمواطن فى إبداء الرأي في أمور الوطن‪ ،‬فإن هذا يحث عليه اإلسالم‬
‫ويدعو إليه الوطن‪ ،‬فتذكيرهم بهذا الواجب الديني والوطني أن أكون إيجابيا وأعبر عن رأيي بكل حرية واقتناع‪ ،‬ال غبار‬
‫عليه لكن دون أن يمتد إلى وصف آليات االنتخابات بأي صفات دينية أو تؤدى إلى صراع ديني‪.‬‬
‫والذين خلطوا بين األمرين لم يفهموا الفرق فأساءوا التعبير‪.‬‬
‫ويحق لكل إنسان أو تيار أو تجمع أن يطرح مشروعا للنهضة والتقدم من وجهة نظره وأن يعتمد في تفاصيل مشروعه‬
‫مرجعية معينة – هي جهد بشرى – وال مشاحة في ذلك‪ ،‬وأن يتخذ لها أي تسمية يريدها ما دامت لم تخرج على ثوابت‬
‫وقواعد اإلسالم التي ال خالف عليها (سواء كانت اشتراكية – رأسمالية – ليبرالية‪ ..‬الخ) وال عبرة باألسماء وإنما بالمسميات‬
‫والمضمون‪.‬‬
‫ونفس الحق يكون أيضا لمن يطرحون لمشروعهم مرجعية إسالمية أى يقدمون فهمهم ورؤيتهم للقواعد والمبادئ الكلية‬
‫في اإلسالم‪ ،‬وكيف يضعون على هذا األساس برامجهم وهو جهد بشري يجوز االختالف معه وانتقاده‪ ،‬وبالتالي يكون‬
‫الحراك الوطني والسياسي بين كل تلك التيارات هو تفعيل آلراء األمة واجتهادات أفرادها المختلفة وفى النهاية يحتكم‬
‫الجميع إلى الشعب لينحاز إلى أي مشروع‪ ،‬دون اتهامات التخوين أو إدعاء العصمة والقداسة أو اإلقصاء أو وضع قيود‬
‫عليه أو منع أي تيار من طرح مرجعيته بوضوح كامل سواء كانت مرجعية إسالمية أم غير ذلك‪.‬‬
‫‪ -19‬الجماعة تعتبر كل من ينتمي لإلسالم – أي المواطنين – إسالميين وتحسن الظن بهم جميعا‪ ،‬وال يقدح هذا‬
‫الظن إال دليل ثابت ال خالف عليه‪ ،‬ولهذا فهي تعترض على وصف شريحة من المجتمع أنهم إسالميون وغيرهم غير‬
‫إسالمي‪ ،‬والجماعة ترفض أسلوب اإلعالم الذي عندما يتكلم عن االنتخابات يقول اكتساح اإلسالميين‪ ..‬فوز اإلسالميين‪..‬‬
‫الخ‪.‬‬

‫ومع هذا اإلطار الواضح في نظرة الجماعة‪ ،‬فإن هناك إطا ار واضحا مكمال له وهو أن هناك مشروعا للنهضة تتبناه‬
‫الجماعة ويتخذ من مبادئ اإلسالم مرجعية له ويقدم كجهد بشرى رؤيته الفكرية والعملية بتفاصيل وبرامج ووسائل في‬
‫هذا المشروع‪ ،‬وقد يقدم غيرهم مشروعا إسالميا آخر (أي يتخذ من المبادئ اإلسالمية أيضا مرجعية له) ويختلف معهم‬
‫في الرؤية والبرامج ألن كل هذه اجتهادات بشرية جائزة ما لم تخرج على أصول وثوابت اإلسالم‪.‬‬
‫لهذا قد نطلق عليه التيار اإلسالمي أو المشروع اإلسالمي أو الحزب ذو المرجعية اإلسالمية من هذا اإلطار في‬
‫التعبير حتى نميز بين المشاريع المختلفة والتي تتخذ أيضا مرجعيات أخرى يرى أصحابها أنها صحيحة وال تعارض‬
‫أصول ومبادئ اإلسالم‪.‬‬
‫فلكل فهمه واجتهاده وله نفس الحق في أن يتبنى أو يطرح ما يشاء من مشاريع ما دام داخل اإلطار الذي توافقت‬
‫عليه األمة‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫وليس معنى المشروع اإلسالمي أن أصحابه يحتكرون مبادئ اإلسالم أو أنها تنزع صفة اإلسالم عن اآلخرين أو أن‬
‫مشاريعهم تخلو من المبادئ اإلسالمية‪.‬‬
‫فمن حقهم مثل اآلخرين‪ ،‬تحديد الهوية والمرجعية للمشروع الذي تقدمه‪ ،‬وللتوجه الذي ينتمي إليه أفرادها وتيارها‪،‬‬
‫وبهذا التوضيح يجوز االختالف معها في هذا االجتهاد البشرى والمنافسة ضدها في أي انتخابات‪ ،‬وفى النهاية يحتكم‬
‫الجميع لرؤية الشعب وإرادته‪ ،‬لكن ال يجوز أن يطالب أحد بمنع هذه المرجعية اإلسالمية أو تلك التسمية لهذا المشروع‬
‫أو ذاك‪ ،‬فهذا اعتداء على الحرية والديمقراطية والميزان يجب أن يكون واحدا‪ ،‬هناك أحزاب تسمى نفسها الحزب الوطني‬
‫أو الديمقراطي‪ ،‬أو الليبرالي أو الوطني‪ ..‬الخ‪ ،‬فهل معنى ذلك أنه احتكر لنفسه صفة الحرية أو الديمقراطية أو الوطنية‪،‬‬
‫ونزعها عن اآلخرين أو أنه تبنى صفات يحبها ويتبناها الجميع ولها مكانها في النفوس‪ ،‬فهل يجب منعه للمساواة بين‬
‫الجميع فيمن لم يتخذ هذا االسم أو تلك المرجعية‪ ،‬بل إن أوربا نفسها فيها أحزاب مسيحية وتستخدم هذا االسم كعنوان‬
‫لها ولم يطالبها أحد بمنع استخدام ذلك‪.‬‬
‫أقصد بهذا التوضيح إزالة بعض اللبس وأن نخرج من إطار الشكليات في االختالف والكيل بمكيالين‪ ،‬وأن نلتفت إلى‬
‫المضمون ونتحاور حوله‪ ،‬وتتسع صدورنا للجميع‪ ،‬ونحن نرحب أن يرفع كل حزب إعالنه وتمسكه بمبادئ وقواعد الشريعة‬
‫طَل َقهُ أيضا مع هوية برنامجه ومرجعيته ومشروعه المقترح للنهضة‪.‬‬
‫من َ‬
‫اإلسالمية وأنها ْ‬
‫وهللا الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل‬

‫‪8‬‬

You might also like