Professional Documents
Culture Documents
الامن النفسي قرآن اردن 2016
الامن النفسي قرآن اردن 2016
DOI: 10.12816/0033173
املراسالت اخلاصة هبذا البحث توجه إىل إنرشاح أمحد توفيق اليربودي yinsherah@yahoo.com
163
املجلة العربية للدراسات األمنية ـ املجلد 32ـ العدد ( 163 )٦٧ـ 194الرياض (2016م) (143٨هـ)
إن احلديث عن إنســان اليوم يفرض علينا عوملة اخلطاب لنتحدث عن إنســان ال ّ
حتده حدود املكان وال الفكر وال حتى العقيدة التي ينتمي إليها والثقافة التي كانت يو ًما
ألن هذا الزمان الذي نعيش ما ترســم مالمح شخصه فينظر إليه من اجتاه معني؛ وذلك ّ
فيه زمن يصعب فيه ترســيم احلدود ووضع الضوابط التي تتميز من خالهلا األفكار أو
األشخاص أو األشــياء واملصالح .وعليه فإن احلديث عن إنسان هذا العرص يكتسب
صفــة عامة أو هو قريب منها وفق ما أريد لــه يف معايري «القرية الكونية» أو «العامل عىل
سطح املكتب أو نمذجة العامل يف نموذج واحد».
وبعض البرش يف هذا العامل وفق إيديولوجيته املفروضة مريض يعاين أشــد أنواع
رضرا
ً األمراض اإلنسانية التي تصيب كيانه من الداخل والتي يعد الفناء اجلسدي أقل
منها...إنســان ال يعرف معنى االستقرار النفيس والطمأنينة ،يتلمس سبيلها يف غري واد
وال يعود إال كالالهث وراء الرساب يريد الراحة ،ويبحث عنها يف مستشفيات األمراض
النفســية أو النوادي الليلية أو املقاهي أو ملء اجليوب ،ثم إذا خلد إىل نفسه امتدت يده
إىل جيبه ليلتقم بضع حبيبات هتدئ أعصابه وتريح فكره عىل حدّ زعمه!
جل جالله هو الطريق الشائك اليوم ،وتكاد جتتمع العوارض إن االتصال الوثيق باهلل ّ
ّ
ً
ســبيل غريه تتحقق به لتصــد عنه ،غري أن العاقل الفطن مل تندرس عنده املعامل ،وال جيد
السعادة وحيصل من خالله عىل األمن النفيس لإلنسان بكل صوره ويف مجيع مراحل وجوده.
ٍ
عقيدة صافية تؤمن بوجود لقد كفل منهج اإلســام الطمأنينة لإلنسان بام فيه من
اهلل ّ
جــل جالله ،وتعتقد بربوبيته املطلقة يف هذا الكون ،وال تشــك يف عبوديته فتتوجه
وأنسا وأمنًا
إليه بإخالص وصدق ملا يتصف به من صفات الكامل التي تفيض عليه ح ًبا ً
واستقرارا ،فتكون هذه احلال باعثة عىل اهلم والسعي بانسجام تام بني مكونات الذات.
ً
وملا كانت حاجة اإلنسان ماسة إىل هذا النبع األصيل يزيح به ضنك العيش وضيق
الصدر ،ويزيل عنه املخاوف واألوهام واالضطرابات النفســية ،ويرد النفس إىل وحدة
كياهنا ،وحيقق انســجام فطرهتا وعقلها مع منهج من خلقها ،جاءت هذه الدراسة هبذا
العنوان :األمن النفــي يف العالقة مع اهلل كام يصورها القرآن الكريم؛ حيث إن القرآن
مصدر هذا املنهج والسيام فيام يتعلق بعالقة العبد بخالقه.
164
األمـن النفسـي يف العالقة مع اهلل كام يصورها القرآن الكريم ...د .إنرشاح أمحد توفيق اليربودي
165
املجلة العربية للدراسات األمنية ـ املجلد 32ـ العدد ( 163 )٦٧ـ 194الرياض (2016م) (143٨هـ)
وقد بدأت تظهر حدي ًثا اجتاهات بعض علامء النفس يف العرص احلديث تنادي بأمهية
الدين يف عالج األمراض النفسية ،وترى أن يف اإليامن باهلل قوة خارقة متد اإلنسان بطاقة
روحية تعينه عىل حتمل مشاق احلياة ،وجتنبه القلق الذي يتعرض له كثري من الناس الذين
يعيشون يف هذا العرص الذي تغلب عليه احلياة املادية .ومن هذه االجتاهات:
ـ وليم جيمس (عامل النفس األمريكي) يقول :إن أعظم عالج للقلق هو اإليامن.
نفسيا. ـ بريل (املحلل النفيس) يقول :إن املرء املتدين ال يعاين قط ً
مرضا ًّ
ـ ذكر هنري لينك (العامل األمريكي) يف كتابه( :العودة إىل اإليامن) :أن الذين يرتددون عىل
دور العبادة يتمتعون بشخصية أقوى وأفضل ممن ال دين هلم ،وال يقومون بالعبادة.
ـ الطبيــب توماس هايســلون يقول :إن الصالة أهــم أداة عرفت حتى اآلن لبث
الطمأنينة يف النفوس وبث اهلدوء يف األعصاب.
وتأسيسا عىل ما سبق من أمهية املوضوع ،جاءت الدراسة احلالية جتيب عن التساؤل
ً
الرئيس اآليت :ما األمــن النفيس يف العالقة مع اهلل كام يصورها القرآن الكريم؟ ويتفرع
منه األسئلة التالية:
١ـ ما مفهوم العالقة مع اهلل؟ وما مفهوم األمن النفيس يف اللغة ويف القرآن الكريم؟
ومــا التعريف اإلجرائي ملفهوم األمن النفيس يف العالقة مع اهلل؟ وما املفاهيم
ذات العالقة؟
٢ـ ما أنواع األمن النفيس وصوره يف القرآن الكريم؟
٣ـ ما أبعاد األمن النفيس يف العالقة مع اهلل؟
166
األمـن النفسـي يف العالقة مع اهلل كام يصورها القرآن الكريم ...د .إنرشاح أمحد توفيق اليربودي
أهـداف الدراسـة
وانطال ًقا من مشــكلة الدراسة وأسئلتها فإن هدفها الرئيس هو بيان األمن النفيس
يف العالقة مع اهلل كام يصورها القرآن الكريم .ويتفرع منه األهداف التالية:
١ـ بيان مفاهيم الدراســة وهي :مفهوم العالقة مع اهلل ،ومفهوم األمن النفيس يف
اللغة ويف القرآن الكريم والتعريف اإلجرائي ملفهوم األمن النفيس يف العالقة
مع اهلل ،واملفاهيم ذات العالقة.
٢ـ بيان أنواع األمن النفيس وصوره يف القرآن الكريم.
٣ـ بيان أبعاد األمن النفيس يف العالقة مع اهلل.
أمهية الدراسة
تكمن أمهية الدراسة يف جانبني مهمني مها:
167
املجلة العربية للدراسات األمنية ـ املجلد 32ـ العدد ( 163 )٦٧ـ 194الرياض (2016م) (143٨هـ)
٢ـ مراكز ومؤسســات الصحة النفسية والعالج النفيس التي هتتم برد املريض إىل
حالة الصحة النفسية املطمئنة.
٣ـ املرشدون والرتبويون الربانيون يف ميدان التوجيه واإلرشاد.
٤ـ الباحثون يف جمال التخصص الرتبوي والنفيس الصادر عن الرتبية اإلسالمية.
منهج الدراسة
تقوم هذه الدراسة عىل املنهج الوصفي بشقيه االستقرائي والتحلييل ،حيث عمدت
الباحثة إىل استقراء النصوص القرآنية ذات العالقة بمفردات الدراسة ،وتشخيصها وحتليلها
والربط بينها يف ضوء أقوال املفرسين وبعض تطبيقات السنة الرشيفة ،واستخالص القيم
واملبادئ التي تشكل معايري األمن النفيس القادرة عىل حتقيق سعادة اإلنسان مطل ًقا.
مصطلحات الدراسة:
١ـ اإليامن« :اإليامن قول باللســان وعمل باألركان واعتقاد بالقلب يزيد بالطاعة
وينقص باملعصية ويقوى بالعلم ويضعف باجلهل وبالتوفيق يقع .كام أن اإليامن
اسم يتناول مسميات كثرية من أفعال وأقوال» (ابن حنبل)117/ 1 :1408 ،
ً
وعمل. وبتعبري آخر اإليامن :التزام رشع اهلل اعتقا ًدا
٢ـ العبودية :تعني العبادة ،وهي اســم جامع لكل ما حيبه اهلل ويرضاه من األقوال
واألعامل الباطنة والظاهرة .فالصالة والزكاة والصيام واحلج وصدق احلديث
وبر الوالدين وصلــة األرحام والوفاء بالعهود واألمر باملعروفوأداء األمانة ّ
والنهي عن املنكر واجلهاد للكفار واملنافقني واإلحسان للجار واليتيم واملسكني
وابن السبيل واململوك من اآلدميني والبهائم والدعاء والذكر والقراءة وأمثال
ذلك من العبادة.
وكذلك حب اهلل ورســوله وخشــية اهلل واإلنابة إليه وإخالص الدين له والصرب
حلكمه والشكر لنعمه والرضا بقضائه والتوكل عليه والرجاء لرمحته واخلوف من عذابه
وأمثال ذلك هي من العبادة هلل.
168
األمـن النفسـي يف العالقة مع اهلل كام يصورها القرآن الكريم ...د .إنرشاح أمحد توفيق اليربودي
وذلــك أن العبادة هلل هي الغاية املحبوبة له واملرضية التي َخلق اخللق هلا ،والعبادة
أصل معناها الذل ،لكن العبادة املأمور هبا تتضمن معنى الذل ومعنى احلب ،فهي تتضمن
غاية الذل هلل بغاية املحبة له (ابن تيمية.)2005 ،
والتزكية :تطهري النفس ،وهي مشتقة من الزكاة ،وهي النامء ،وذلك ألن يف أصل
تعرتضها أرجاس ناشئة عن ضالل أو تضليل ،فتهذيبُ ٍ
وطهارات ٍ
كامالت خلقة النفوس
النفوس وتقويمها يزيدها من ذلك اخلري املودع فيها (ابن عاشور .)1997 ،وال تقترص
التزكية عىل النفوس ،بل هي «عملية تطهري وتنمية شــاملني هدفها اســتبعاد العنارص
املوهنة إلنسانية اإلنســان وما ينتج عن هذا الوهن من فساد وختلف وخرسان ،وتنمية
كاملة للعنارص املحققة إلنســانية اإلنســان وما ينتج عن هذه التنمية من صالح وتقدم
وفالح يف حياة األفراد واجلامعات» (الكيالين.)2005 ،
الدراسات السابقة
يف حدود اطالع الباحثة ال يوجد دراســة علمية متخصصة بنفس عنوان الدراسة
احلالية ومضموهنا ،غري أن هناك بعض الدراســات ذات العالقة بموضوعها من بعض
اجلوانب منها:
ـ دراسة :جان ،نادية رساج ( ،)2008بعنوان« :الشعور بالسعادة وعالقته بالتدين
والدعم االجتامعي والتوافق الزواجي واملستوى االقتصادي واحلالة الصحية».
ومن بني أهداف هذه الدراسة املتعلقة بموضوع البحث :الكشف عن العالقة بني
الشعور بالسعادة ومستوى التدين .وكان من النتائج املتعلقة هبذا اهلدف :توجد
ارتباطات دالة موجبة بني الســعادة ومســتوى التدين .وهذا ما بحثته الدراسة
احلالية بتعمق ،يف حني كان أحد املحاور يف الدراسة املذكورة.
ـ دراسة اجليويس (1430هـ) ،بعنوان« :األمن النفيس يف القرآن الكريم وأثره عىل
فكر اإلنسان» .وتناولت الدراســة مفهوم األمن النفيس ومظاهره ومرتكزاته،
معززة دور اإليامن يف حتقيقه ،وتركز الدراســة عىل مــا قدمه القرآن الكريم من
نــاذج برشية عرب القصة القرآنية كان األمن مطلبهــا ،وأخرى فقدت مقومات
169
املجلة العربية للدراسات األمنية ـ املجلد 32ـ العدد ( 163 )٦٧ـ 194الرياض (2016م) (143٨هـ)
األمن فانقلبت حياهتا .كام عرضت الدراسة مقومات األمن النفيس التي تكمن
يف الترشيعات التي فصلها القرآن الكريم .وتركز عىل العقيدة الصحيحة يف حتقيق
عمليا هلذا االستقرار من خالل اجليل
نموذجا ًّ ً االستقرار النفيس ،وتقدم الدراسة
الذي أوجده القرآن الكريم .ويالحظ من خالل مفردات هذه الدراسة أهنا بحثت
يف األمن النفيس عامة يف القرآن الكريم مربز ًة أثره يف الناحية الفكرية ،بينام اختصت
الدراســة احلالية بإبراز األمن النفيس من حيث اإليامن باهلل سبحانه ،أي جانب
عقيدة التوحيد ،وإن كانت دراسة اجليويس قد أبرزت اجلانب االعتقادي عامة،
وهو ما فصلته الدراسة احلالية.
ومــن هنا كانت الطاعة هلل ســبحانه دليل صدق اإليامن ،يقول ســبحانه وتعاىل:
﴿ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ
ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ﴾ (النســاء ،)59 :وقال
170
األمـن النفسـي يف العالقة مع اهلل كام يصورها القرآن الكريم ...د .إنرشاح أمحد توفيق اليربودي
تعــاىل﴿ :ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ
وس ُه ْم ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ﴾ [النســاء .]65 :أي « ُت ْذ ِع ُن ُن ُف ُ
اض ِم ْن َق ُبولِ ِه يق َو َل ا ْمتِ َع ٌ ون ِف َيها ِض ٌ ــج َر َب ْين َُه ْم بِ َح ْي ُث َل َي ُك ُ لِ َق َضائِ َك َو ُح ْك ِم َك ِف َيم َش َ
س ْت احل َر ُج إِ َذا َخ ِ َ ــبقَ إليها األ ُمل َو َ ــان َل َي ْم ِل ُك َن ْف َس ُه َأ ْن َي ْس ِ إلن َْس ُ ان ا ِ الع َملِ بِ ِهَ ،و َلَّا َك َ
َو َ
احل َر ِج اهلل تعاىل َع ِن َ يهَ ،ع َفــا ُ احلقِّ ا ُمل ْخت ََص ِم ِف ِاحل ْك ِم َ َلا بِ َ ــو ِزَ ،و ُ َمــا َكا َن ْت َت ْر ُجو ِم َن ال َف ْ
اخي َف َع َط َف ُه بِـ ُث َّم الت ِالش َط َع َل َّ َ ول َو َج َع َل َه َذا َّ ْ األ َ الصدْ َم ِة ُــس ِع ْندَ َّ الذي ُي َف ِ ِ
اج ُئ ال َّن ْف َ
احل ُّق،ــول ِم ْــن َأ َّو ِل َو ْه َل ٍة لِ ِع ْل ِم ِه َأ َّن ُه َ
الر ُس ِ ل ْك ِم َّ ش ُح َصدْ ُر ُه ِ ُ إل َيم ِن َي ْن َ ِ
ام ُل ا ِ الك ِ
َوا ُمل ْؤ ِم ُن َ
اق َصدْ ُر ُه ان ِف إِ َيمنِ ِه َض ْع ٌف َما َض َ ــإ َذا َك َان َل ُهَ ،ف ِ إل ْذ َع ِ الس َــعا َد َة ِف ا ِ يهَ ،و َّ ــر َل ُه ِف ِ َو َأ َّن َ
اخل ْ َ
الذ ْك َرى َو َي ْن َحى َع َل ْي َها بِال َّل ْو ِم َح َّتى َ ْت َش َــع ــه بِ ِّ ود َع َل َن ْف ِس ِولُ ،ث َّم َي ُع ُ الصدْ َم ِة ُ
األ َ ِع ْنــدَ َّ
ــول ﷺ َع َل ا َهل َوى .و َق ْو ُل ُه تعاىل: الر ُس ُ الذي َح َك َم بِ ِه َّ احلقِّ ِ
إل َيم ِن َوإِي َثا ِر َ ش َح بِنُو ِر ا ِ َو َت ْن َ ِ
الف ْعلِ (احلسيني.)193 ،1990 ، يم ُهنَا :االن ِْق َي ُاد بِ ِ ﴿و ُي َس ِّل ُموا َت ْس ِل ًيم ﴾ ال َّت ْس ِل ُ
َ
وعــى هذا اإليامن تنبني وترتقي عالقة (العبودية) اخلالصة بني اخلالق واملخلوق،
﴿ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤﮦ ﮧ
ﮨ﴾ (البينة )5:والعبودية هلل أساســها وحقيقتها صدق التوجه إىل اهلل ســبحانه يف
مجيع أقواله وأفعاله ،مع إيامنه اجلازم بأن اهلل غني عن العاملني ،وأن هذه العبودية إنام هي
لتحقيق أمن اإلنسان وسعادته .يقول سبحانه وتعاىل﴿ :ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ
ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﴾ (إبراهيم .)8 :وقال تعاىل﴿ :ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ
ﯺﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ﴾ (العنكبوت.)6 :
موضعا يف كتاب
ً وقد وردت مشتقات (اإليامن) فيام يزيد عىل ثامين مئة وأحد عرش
اهلل إشــار ًة إىل مصدرية اإليامن يف حتقيق األمن النفيس عند اإلنســان يف عالقة واضحة
بينهــا كام يرصح قوله تعــاىل ﴿ :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ
ﭚ ﭛ ﴾ (األنعام.)82 :
171
املجلة العربية للدراسات األمنية ـ املجلد 32ـ العدد ( 163 )٦٧ـ 194الرياض (2016م) (143٨هـ)
الك ْف ِر.يامن :ضدُّ ُ إل ُ اخليانة .وا ِ مانة :ضدُّ ِ واأل ُ فَ . اخل ْو ِ
واأل ْم ُن :ضدُّ َ واألمانَ . األ ْمن َ ِم َن َ
قومَ ،فأما آ َم ْن ُته وكذب بِ ِه ٌ قوم َّ يبُ .ي َقال :آ َم َن بِ ِه ٌ يق ،ضدُّ ه ال َّت ْك ِذ ُ إليامن :بِ َم ْعنَى ال َّت ْص ِد ِ وا ِ
يح،ول املَ ِس ِ يث ُن ُز ِ ف َو ِف َح ِد ِ ا ُملت ََعدِّ ي َف ُه َو ضدُّ َأ َخ ْف ُتهَ .و ِف ال َّت ْن ِزيلِ َ
الع ِزي ِزَ :وآ َمن َُه ْم ِم ْن َخ ْو ٍ
األرض َ ْتت َِل ُئ األ ْم ُنُ ،ي ِريدُ َأن َ األرض َأي َ األ َم ُنة ِف َ الص َل ُة َوالس َل ُمَ :و َت َق ُع َ َع َل َنبِ ِّينَا َو َع َل ْي ِه َّ
َّ
ان (ابن منظور1414 ،هـ .)21 :وقال تعاىل ــاس َو َ
احل َي َو ِ اف َأحدٌ ِم َن ال َّن ِ باأل ْمن َف َل َ َي ُ َ
آم ٍن أي ي وأنت يف ِ ﴿ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﴾ (الدخــان ،)51 :أي قد َأ ِمنُوا فيه ِ
الغ َ َ
أحد وقيل :يأمنه الناس وال خيافون وأ َمن ٌَة أي يأ َم ُن ُك َّل ٍ يف َأ ْم ٍن اسم كال َفالج ورجل ُأ َمن ٌَة َ
ل َّن ُه (آ َم َن)الل َت َعاىل (ا ُمل ْؤ ِم ُن) ِ َ
أيضا موثوق به (املريس١٤٢١ ،هـ َ .)492 :و َّ ُ وأ َمن ٌَة ًغائلته ُ
الذي َيثِ ُق بِ ُك ِّل َأ َح ٍد (الرازي١٤٢٠ ،هـ.)22 : ِعبا َد ُه ِم ْن َأ ْن َي ْظ ِل َم ُهمَ .
واأل َمن َُة َأ ْي ًضا ِ ْ َ
وقد يشــار إىل مجاع اخلري باألمن ،وإىل انعدامه بجامع الرش ،كام جاء يف لسان العرب
وأنا َأ َم ٌنة وعدَ ، النجوم َأتى السام َء َما ُت َ ُ الس َم َءَ ،فإِ َذا َذ َه َب ِ
ت جوم أ َم ُنة َّ
يث« :ال ُّن ُ َ احل ِد ِ «و ِف َ قالَ :
ذهب َأ ْص َح ِاب وأصحايب َأ َم ٌنة ُأل َّمتي َفإِ َذا َ وعدونَ ، ذهبت َأتى َأصحايب َما ُي َ ُ َألصحــايب َفإِ َذا
الس َم ِء َ َأتى ُ
األ َّم َة َما ُت َ
وعد» (ابن حبان ،باب ،2حديث 7249صححه األلباين) ،أراد بِ َو ْعد َّ
وأراد َبو ْعد دامهاَ ، وإع ُ دارها ْ وانك ُوذهاب ال ُّن ُجو ِم :تك ِو ُيرها ِ ُ الق َيا َم ِة.
وذهابا َي ْو َم ِ انشقا َقها
َ
يءم ِ اجل ْم َل ِة إىل َ ِ إلشــار ُة ِف ُ األ ّمة ،وا ِ بوعد ُ الفتَنَ ،و َك َذلِ َك أراد ْ َأصحابه َما َو َق َع َب ْين َُه ْم ِم َن ِ
وف ون ِف ِيهَ ،ف َل َّم ُت ِّ
ان ُي َب ِّي َ ُل ْم َما َ ْيت َِل ُف َ
اس َك َي ال َّن ِ يَ ،فإِ َّن ُه َلَّا َك َ
ان َب ْ َ ذهاب َأهــل َ
اخل ْ ِ ِ الش ِع ْندَ
َّ ِّ
ول ِف َق ْو ٍل َأو ِف ْعلٍ الر ُس ِ حابة ُيسنِ َ َ األ ْهواءَ ،ف َك َ ت َ اآلراء َواخْ َت َل َف ِ َج ِ
مر إىل َّ دون األ َ الص ُ ْ ان َّ ُ الت
الس َم ِء ِع ْندَ َذ َه ِ لة َحالَ ،ف َل َّم ُف ِقدَ َق َّلت َ َأو َد َل ِ
اب ال ُّن ُجو ِم؛ الظ َل ُمَ ،و َك َذلِ َك حال َّ نوار و َقو َيت ُّ األ ُ
احل ِاف ُظ (ابن منظور1414 ،هـ.)21 : ني َو ُه َو َج ُع َأم ٍ يث َ ْاحل ِد ِ واأل َم ُنة ِف َه َذا َ األثريَ : َقال ا ْب ُن َ
يالحظ من التفصيل اللغوي ملفهوم األمن ما ييل:
١ـ التالزم بني داللة األمن واإليامن.
٢ـ النقيض املبارش لألمن هو اخلوف.
٣ـ مجاع اخلري هي صور لألمن ،وصور الرش دالئل انعدامه.
٤ـ التالزم بني األمن ومسبباته؛ فهو حيتاج إىل حراسة حتى يدوم.
172
األمـن النفسـي يف العالقة مع اهلل كام يصورها القرآن الكريم ...د .إنرشاح أمحد توفيق اليربودي
173
املجلة العربية للدراسات األمنية ـ املجلد 32ـ العدد ( 163 )٦٧ـ 194الرياض (2016م) (143٨هـ)
174
األمـن النفسـي يف العالقة مع اهلل كام يصورها القرآن الكريم ...د .إنرشاح أمحد توفيق اليربودي
بالسعادة واالطمئنان بجميع صورها ،التي تشكل معايري الصحة النفسية ،وانتفاء الشعور
النفيس باملخاوف والشقاوة بجميع صورها ،التي تشكل معايري املرض النفيس .وإن هذا
الشــعور هو الزم اإليامن اجلازم باهلل معبو ًدا ،ور ًّبا ،وبأســائه وصفاته ،كام يصور ذلك
القرآن الكريم والسنة».
ويرتبط بمفهوم األمن مفردات أخرى تدل عليه بوجه من الوجوه مثل :الطمأنينة،
واملحبــة ،والرضا ،والود ،والتثبيت ،والربط عىل القلب ،والوعد ،والفرح ،والتمكني،
واملعية ...كام أن هناك مفردات تنايف مفهوم األمن وردت يف القرآن الكريم ،مثل :اخلوف،
والفزع ،واحلزن ،وضنك العيش ،والضيق واحلرج ،وقارعة ،ومرض القلب ،والتذبذب،
والضالل ،والوعيد ...وسوف يفصل احلديث عن هذه املفردات يف حملها من هذا البحث.
املبحث الثاين :أنواع األمن النفيس وصوره يف ضوء مراحل حياة اإلنسان
متر حياة اإلنسان بثالث مراحل :مرحلة احلياة الدنيا ومرحلة القرب ،ثم مرحلة احلياة
مرحلة من هذه املراحل صورٍ اآلخرة ،وهي مرحلة االستقرار النهائي لإلنسان ،ويف كل
من األمن النفيس بينها القرآن الكريم ،عىل التفصيل اآليت:
املطلب األول :األمن النفيس يف احلياة الدنيا وصوره
خلق اهلل آدم عليه الســام وأسكنه وزوجه اجلنة ،ثم شاء اهلل سبحانه أن خيتربمها
جل شأنه ،وملا حصل العصيان ،أمر ّ
جل اختبارا تتحقق فيه غاية اإلجياد بعبودية الطاعة له ّ
ً
جالله باهلبوط إىل دائرة أخرى من دوائر االبتالء املقنن بســنن ال تغيري فيها وال تبديل،
يقول سبحانه وتعاىل﴿ :ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ
ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮﯯ
ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ
ﰂ ﰃ ﰄﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ
ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ﴾ (البقرة35 :ـ .)38فسنة اهلل إذن أن تكون
تبعا هلدي اهلل ورسوله حيث ال خوف وال حزن ،وإذا انتفى اخلوف واحلزن حتققت كل ً
معاين األمن وصوره ،كام توضح وتفصل آيات القرآن.
175
املجلة العربية للدراسات األمنية ـ املجلد 32ـ العدد ( 163 )٦٧ـ 194الرياض (2016م) (143٨هـ)
واالطمئنان :وهو صورة من صور األمن النفيس يكون باستقرار اإليامن يف القلب؛
قال تعــاىل﴿ :ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ﴾
(الرعد.)28 :
وخصوصية الطمأنينة التي يثمرها اإليامن أهنا دائمة ومتجددة ،قال األلويس« :والعدول
إىل صيغة املضارع إلفادة دوام االطمئنان وجتدده حسب جتدد املنزل من الذكر أال بِ ِذ ْك ِر َّ
اللِ
وب هلل دون غريه من األمور التي متيل إليها النفوس .وفيه إشعار بأن الكفرة وحده َت ْط َمئِ ُّن ُ
الق ُل ُ
ال قلوب هلم وأفئدهتم هواء ،حيث مل يطمئنوا به ،واملراد بذكر اهلل دالئله سبحانه الدالة عىل
وجل واالطمئنان عن قلق الشك والرتدد» (األلويس1415 ،هـ.)142/7 ، عز ّ وحدانيته ّ
ومن أهم البواعث عىل الطمأنينة:
1ـ حتديد غاية الوجود اإلنساين وأنشطته يف (العبودية) هلل سبحانه.
قال تعــاىل ﴿ :ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ
ﮤﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ﴾ (البينة .)5 :وهذه العبودية تستغرق كل أفعاله وأقواله
وإراداتــه ،قــال تعــاىل﴿ :ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ
ان ﯞ ﯟﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﴾ (األنعــام162 :ـ .)163قال يف املنار» َه َذا َب َي ٌ
الص َل ِة ان َأ ْصلِ ال َّت ْو ِح ِ
يد ا ُمل َج َّر ِد بِا ِ
إل َيم ِنَ ،وا ُمل َر ُاد بِ َّ يــد األهلِ َّي ِة بِ َ
الع َملِ َ ،ب ْعدَ َب َي ِ جا ٌّيل لِت َْو ِح ِ
إِ ْ َ
الع َبا َد ُة َأ ْو َغا َي ُت َها» (احلسيني، األ ْصلِ ِ وض َوا ُملست ََح ِّبَ ،وال ُّنس ُك ِف َ ام ُل لِ ْل َم ْف ُر ِ
الش ِ
ِج ْن ُس َها َّ
ُ ْ
1990م .)213 /8 ،وقــال تعــاىل﴿ :ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ
ﮒ ﮓ ﮔﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﴾ (ال َّن ْحلِ .)97 :
ي ا ُمل ْؤ ِمنِنيَ س ا ُمل َر ُاد ِم ْن َها َ
احل َيا َة ا ُملشْ َ َ
ــر َك َة َب ْ َ قــال ابن قيم اجلوزيــة (َ « :)184 ،1997ل ْي َ
ب َواملَ ْن َك ِحَ ،ب ْل ُر َّب َم َزا َد ش ِ يب املَ ْأ َكلِ َواملَ ْل َب ِــس َواملَ ْ َالف َّجا ِرِ ،م ْن ِط ِ الك َّفــا ِرَ ،و َ
األ ْب َرا ِر َو ُ َو ُ
ــب َحا َن ُه لِ ُك ِّل َم ْن َع ِم َل الل ُس ْ اع َف ًةَ ،و َقدْ َض ِم َن َّ ُ اللِ َع َل َأ ْولِ َيائِ ِه ِف َذلِ َك َأ ْض َعا ًفا ُم َض َ َأ ْعدَ ُاء َّ
اة َأ ْط َي ُب الذي َل ُ ْي ِل ُف َو ْعدَ ُهَ ،و َأ ُّي َح َي ٍ الو ْع ِد ِ احلــا َأ ْن ُ ْييِ َي ُه َح َيا ًة َط ِّي َب ًةَ ،ف ُه َو َص ِ
ــاد ُق َ َص ً
اللِ؟ َو َ ْل َيت ََش َّع ْب َق ْل ُب ُه،اة َّاحدً ا ِف َم ْر َض ِ ها َو ِ ار ْت َ ًّوم ُه ُك ُّل َها َو َص َ ه ُ اجت ََم َع ْت ُ ُاة َم ِن ْ ِم ْن َح َي ِ
اجت ََم َع ْت إِ َرا َد ُت ُه َو َأ ْف َك ُار ُه التِي َكا َن ْت ُم َت َق ِّس َم ًة بِ ُك ِّل َو ٍاد ِم ْن َها ُش ْع َب ٌة َع َل
اللَِ ،و ْ َب ْل َأ ْق َب َل َع َل َّ
176
األمـن النفسـي يف العالقة مع اهلل كام يصورها القرآن الكريم ...د .إنرشاح أمحد توفيق اليربودي
وإحسان العبد يف عبوديته هلل سبحانه يثمر مرتبة حب اهلل له ،قال تعاىل﴿ :ﮠ
ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨﮩ ﮪﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ﴾ (البقرة ،)195 :التي
ومعاص .قال
ٍ تعني رعاية اهلل لذلك العبد وحتصينه من مضادات األمن النفيس من كفر
تعــاىل﴿ :ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ
ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ
ﯟﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﴾ (املائدة .)54 :ومجاع األمر كله يف ثمرة العالقة مع اهلل ،فهي
حب اهلل عز وجل للعبــد ح ًبا حيفظه به ويقربه ويرقيه ويعطيه عطا ًء ممدو ًدا غري جمذوذ.
الل َقال َم ْن َعا َدى ِل َولِ ًّيا َف َقدْ ول اهللِ ﷺ« :إِ َّن َّ َ ويف الصحيح َع ْن َأ ِب ُه َر ْي َر َة َقالَ :قال َر ُس ُ
ت ْض ُت َع َل ْي ِه َو َما َيزَ ال َع ْب ِدي ش ٍء َأ َح َّب إ َّيل ِمَّــا ا ْف َ َب َو َما َت َق َّر َب ا َّيل َع ْب ِدي بِ َ ْ احل ْر ِــه بِ َآ َذ ْن ُت ُ
ص الذي ُي ْب ِ ُ ص ُه ِ
الذي َي ْس َم ُع بِ ِه َو َب َ َ َي َت َق َّر ُب ا َّيل بِال َّن َو ِافلِ َح َّتى ُأ ِح َّب ُه َفإِ َذا َأ ْح َب ْب ُت ُه ُك ْن ُت َس ْم َع ُه ِ
است ََعا َذ ِن ُأل ِع َ
يذ َّن ُه ش ِ َبا َو ِر ْج َل ُه التِي َي ْم ِش ِ َبا َوإِ ْن َسألنِي ُأل ْع ِط َي َّن ُه َو َلئِ ِن ْ بِ ِه َو َيدَ ُه التِي َي ْب ُط ُ
س ا ُمل ْؤ ِم ِن َي ْك َر ُه املَ ْو َت َو َأ َنا َأ ْك َر ُه َم َســا َء َت ُه» اع ُل ُه َت َر ُّد ِدي َع ْن َن ْف ِ ش ٍء َأ َنا َف ِ
َو َما َت َر َّد ْد ُت َع ْن َ ْ
(صحيح البخاري١٤٢٢ ،هـ ،كتاب الرقاق ،38 ،حديث )6501
٢ـ التوحد مع النفس من خالل تلبية حاجاهتا
«فحاجة العبد إىل أن يعبد اهلل وحده ال يرشك به شــيئًا يف حمبته وال يف خوفه ،وال
يف رجائه وال يف التوكل عليه ...وال يف اخلضوع له وال يف التذلل والتعظيم والســجود
177
املجلة العربية للدراسات األمنية ـ املجلد 32ـ العدد ( 163 )٦٧ـ 194الرياض (2016م) (143٨هـ)
والتقربَ ،أعظم من حاجة اجلسد إىل روحه والعني إىل نورها .بل ليس هلذه احلاجة نظري
تقاس به ،فإِن حقيقة العبد روحه وقلبه وال صالح هلا إال بإهلها الذي ال إله إال هو ،فال
كدحا فمالقيته ،وال بد هلا من لقائه ،وال
تطمئــن يف الدنيا إال بذكره ،وهى كادحــة إليه ً
صالح هلا إال بمحبتها وعبوديتها له ورضــاه وإِكرامه هلا ولو حصل للعبد من اللذات
والــرور بغري اهلل ما حصل مل يدم له ذلك» (ابن قيــم اجلوزية1394 ،هـ .)99 ،فهي
الفطرة التي فطــرت النفس عليها؛ قال تعاىل ﴿ :ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ
ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ
ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﮏ ﮐ ﮑ
ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﴾ (األعراف172 :ـ.)174
ثم إن اإلنســان بطبعه عاجز ضعيف وإحساسه باألمن من هذا الوجه إنام بإيامنه
بمصدر الكامل املطلق يف القوة والقدرة وامللك ،قال تعاىل﴿ :ﮔ ﮕ ﮖﮗ ﮘ
ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦﮧ ﮨﮩ ﮪ ﮫ
ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ
ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﴾ (البقرة115 :ـ .)117وإذا انحرف اإلنســان عن هذا املسري
وحتول عن مصدر األمن؛ أدى ذلك إىل انفصام عرى النفس وضياعها وتشتتها وحريهتا
وقلقها ،قال تعاىل ﴿ :ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑﮒ
ﮓ ﮔﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﴾ (البقرة.)137 :
٣ـ اإليامن باصطفاء منهج عالقة اإلنسان مع اهلل ّ
جل جالله
فهوأدعىإىلسكونالنفسوانرشاحالصدربه،قالتعاىل﴿:ﮦﮧﮨﮩﮪ
ﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗ﴾(البقرة،)132:وقالتعاىل:
﴿ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ
ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ
ﭯ ﴾ (األنعام.)125 :
178
األمـن النفسـي يف العالقة مع اهلل كام يصورها القرآن الكريم ...د .إنرشاح أمحد توفيق اليربودي
179
املجلة العربية للدراسات األمنية ـ املجلد 32ـ العدد ( 163 )٦٧ـ 194الرياض (2016م) (143٨هـ)
ﯲ ﯳﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ
ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﴾ (النحل127 :ـ .)128
٦ـ تثبيت املؤمن والربط عىل قلبه
قال تعاىل ﴿ :ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ
ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ
ﯳ ﴾ (الكهف13 :ـ .)14قال املــاوردي :قوله عز وجل( :وربطنا عىل قلوهبم) فيه
(و َر َب ْطنَا
ربا (املاوردي .)289/3 ،وعن قتادة َ
وجهان :أحدمها :ثبتناها .الثاين :أهلمناها ص ً
وبِ ْم) يقول :باإليامن (الطربي .)615/17 ،2000 ،فقد أنعم اهلل عليهم بسبب َع َل ُق ُل ِ
إيامهنم ويقينهم بالتثبيت والصرب.
وتثبيــت املؤمن يقابله إلقاء الرعب يف قلب الكافر ،قال تعاىل﴿ :ﭦ ﭧ ﭨ
ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳﭴ ﭵ ﭶﭷ
ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﴾ (آل عمران .)151 :أي سيلقى اهلل يف قلوب الذين
كفــروا «برهبم ،وجحدوا نبوة حممد ﷺ اجلزع واهللع برشكهم باهلل وعبادهتم األصنام،
وطاعتهم الشيطان» (الطربي.)247 /2000،17 ،
٧ـ وعد اهلل للمؤمنني باالستخالف يف األرض والتمكني واألمن من األعداء
قال تعــاىل﴿ :ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ
ﭶﭷ ﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾ ﭿﮀ ﮁﮂﮃ
ﮄ ﮅﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ
ﮔ ﴾ (النور .)55 :واالستخالف يف األرض قدرة عىل العامرة واإلصالح ،وقدرة عىل
حتقيق العدل والطمأنينة ،وعده اهلل الذيــن آمنوا وعملوا الصاحلات ...وعدهم اهلل أن
يســتخلفهم يف األرض ـ كام استخلف املؤمنني الصاحلني قبلهم ـ ليحققوا النهج الذي
أراده اهلل ،وبذا يتحقق متكني الدين ـ بعد متكينه يف القلوب ـ يف ترصيف احلياة وتدبريها...
مع التوجه بكل نشاط فيها إىل اهلل (قطب1412 ،هـ.)2529/17،
ومن صور التمكني اجلالبة لألمن حب أهل اإليامن ووضع القبول هلم يف األرض ،قال
تعاىل ﴿ :ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗ ﭘﭙﭚ﴾ (مريم.)96 :
180
األمـن النفسـي يف العالقة مع اهلل كام يصورها القرآن الكريم ...د .إنرشاح أمحد توفيق اليربودي
منهجا ،فهم
أما أولئك الذين طمســوا حقائق اإليامن من فطرهم ،ورضوا الكفر ً
بمنأى عن األمن والطمأنينة؛ قال تعاىل﴿ :ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ
ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ﴾ (الرعد.)31 :
٨ـ األمن عىل األجل والرزق
إيامن املؤمن بأن اهلل جل جالله بيده وحده اإلحياء واإلماتة ،يبعث يف نفسه األمن
واالطمئنان ،فال خيــاف أحدً ا ،وال يتحرس عىل فقد أحد ،ألنه يوقن بأن أحدً ا ال يملك
أن يقدم أو يؤخر شيئًا يف أجله ،قال تعاىل﴿ :ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ
ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖﯗ ﯘ ﯙ ﯚ
ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ﴾
(األعــراف .)158 :وهذا خالف الكافر الذي ال يؤمن بمــن بيده املوت واحلياة فيبقى يف احلرسة
181
املجلة العربية للدراسات األمنية ـ املجلد 32ـ العدد ( 163 )٦٧ـ 194الرياض (2016م) (143٨هـ)
ش ِع ِهَ ،وبِ ُم ْقت ََض ُسنَنِ ِه ِف نِ َظا ِم َخ ْل ِق ِهَ ،ي َْع ْل َل ُك ْم بِ ُم ْقت ََض ي ُب َأ ْن ُي َّت َقى بِ ُم ْقت ََض ِدينِ ِه َو َ ْ َما َ ِ
ي َّ
الض ِّار اطلِ َ ،و َت ْف ِص ُل َ
ون َب ْ َ احلقِّ َوال َب ِ ي َ احل ْك َم ِة ُت َف ِّر ُق َ
ون ِ َبا َب ْ َ الع ْل ِم َو َِه ِذ ِه ال َّت ْق َوى َم َل َك ًة ِم َن ِ
ض الش ْب َه ِةَ .و َقدْ ُر ِو َي َع ْن َب ْع ِ
احل َّج ِة َو ُّ ي ُ ون َب ْ َالظ ْل َم ِةَ ،و ُت ِزي ُل َ
ي ال ُّنو ِر َو ُّ َوال َّن ِاف ِعَ ،و ُ َت ِّي ُز َ
ون َب ْ َ
اطلِ (احلسيني، احلقِّ َوال َب ِ
ي َ الذي ُي َف ِّر ُق َب ْ َري ِة ِ ان ُهنَا بِنُو ِر ال َب ِص َ الف ْر َق ِ ف َت ْف ِس ُ
ري ُ الس َل ِ سي َّ ُم َف ِّ ِ
.)539/9 ،1990وال خيفى عىل ذي لب أثر هذه البصرية يف استقرار النفس وسعادهتا
وأمنها من شقاء الرتدد واحلرية والقلق يف السبيل إىل الصواب يف العلم أو العمل.
١٠ـ الوعد باجلزاء والنعيم املقيم يوم القيامة
قال تعاىل ﴿ :ﭑ ﭒ ﭓﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ
ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰﭱ ﭲ
ﭳﭴﭵ ﭶﭷﭸﭹﭺ ﭻﭼﭽﭾﭿ ﮀ
ﮁﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ﴾ (الفتح.)29 :
وقال تعاىل ﴿ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲﯳ ﯴ ﯵﯶ
ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ﴾ (الزمر .)20 :ويبدأ حتقق صور النعيم اجلالبة للسعادة واألمن
للمؤمن عند أول منزل من منازل اآلخرة وهو القرب لقوله تعاىل﴿ :ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ
ﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﴾ (آل عمران)169 :؛ َو َقال َص َّل َّ ُ
الل
س ِم ْن ُهَ ،وإِ ْن َ ب َأ َّو ُل َم ْن ِز ٍل ِم ْن َمنَا ِز ِل ِ
اآلخ َر ِةَ ،فإِ ْن َن َجا ِم ْن ُه َف َم َب ْعدَ ُه أ ْي َ ُ َع َل ْي ِه َو َس َّل َم« :إِ َّن ال َق ْ َ
َ ْل َي ْن ُج ِم ْن ُه َف َم َب ْعدَ ُه َأ َشدُّ ِم ْن ُه» (الرتمذي١٩٩٨ ،م ،اجلامع الكبري ،كتاب الزهد ،5 ،حيث
.2308حسنه األلباين) .وهو ما يفصل يف املراحل التالية للحياة الدنيا.
املطلب الثاين :األمن النفيس يف العالقة مع اهلل يف املرحلة الثانية من حياة اإلنسان
عند املوت ويف القرب
يطلق عىل املرحلة التي يمر هبا اإلنسان بعد هذه احلياة الدنيا عدة أسامء ،منها :القيامة
الصغرى ،والربزخ ،واملوت« .واملوت معاد وبعث أول فإن اهلل سبحانه وتعاىل جعل البن
آدم معادين وبعثني جيزى فيهام الذين أساءوا بام عملوا وجيزى الذين أحسنوا باحلسنى.
فالبعــث األول مفارقة الروح للبدن ومصريها إىل دار اجلزاء األول ،والبعث الثاين يوم
182
األمـن النفسـي يف العالقة مع اهلل كام يصورها القرآن الكريم ...د .إنرشاح أمحد توفيق اليربودي
يرد اهلل األرواح إىل أجسادها ويبعثها من قبورها إىل اجلنة أو النار ...واملوت ليس بعدم
حمض ،وإنام هو انتقال من حال إىل حال» (ابن قيم اجلوزية ،1975 ،ص.)74 ،36
يف هذه املرحلة يتحقق وعد اهلل ســبحانه للمؤمن بالثواب واجلزاء والنعيم .ومن
أبرز صور األمن يف هذه املرحلة التثبيت والبرشى والنعيم ،وضده اإلضالل والعذاب
ويستدل عىل هذا بقوله تعاىل ﴿ :ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ
ﭫ ﭬﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﴾ (يونــس ،)64 :وقد ورد يف البرشى يف
احلياة الدنيا ثالثة ٍ
معان :البشارة عند املوت بأن يعلم أين هو من قبل أن يموت ،والرؤيا
الصاحلة يراها الرجل الصالح أو ُترى له ،والثناء الصالح (املارودي.)422/3 ،
ويســتدل عىل التثبيت بقوله تعــاىل ﴿ :ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ
ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭸ ﭹ ﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﴾
ب ِه ُأ ِتَُ ،ث َّم َش ِــهدَ َأ ْن (إبراهيــم .)27 :ويفرس ﷺ التثبيت بقوله« :إِ َذا ُأ ْق ِعدَ ا ُمل ْؤ ِم ُن ِف َق ْ ِ
ت) ين آ َمنُوا بِال َق ْو ِل الثَّابِ ِ الل ِ
الذ َ اللَِ ،ف َذلِ َك َق ْو ُل ُهُ ( :ي َث ِّب ُت َّ ُ الل َو َأ َّن ُم ََّمدً ا َر ُس ُ
ــول َّ ال ال َه اال َّ ُ
َ
الب ِاء
(البخاري1422،هـ ،حديث رقم .)1369وتتسع صور األمن النفيس يف حديث َ َ
ان ِف ان ِْق َطا ٍع ِم َن الدُّ ْن َيا َوإِ ْق َبال ِم َن الع ْبدَ ا ُمل ْؤ ِم َن إِ َذا َك َ
ب الطويل ،الذي جاء فيه «إِ َّن َ ْب ِن َعا ِز ٍ
س( ».....ابن وه ُه ُم َّ
الش ْم ُ وهَ ،ك َأ َّن ُو ُج َ الو ُج ِ يض ُ الس َــا ِء بِ ُ
الئِ َك ٌة ِم َن َّ
اآلخ َر ِةَ ،نزَ َل إليه َم َ
ِ
حنبل ،حديث .18534صححه األلباين) .ومن هذه الصور:
١ـ مجال الصورة للمالئكة التي تستقبل املؤمن عند موته.
٢ـ طريقة خروج روح املؤمن بلطف ورمحة ،كام خترج القطرة من يف السقاء ،وتطييبها
واستقباهلا بأحسن الكالم وأحاله.
٣ـ ترحيب أهل السامء به ،ومناداته بأحب األسامء إليه ،ثم التكريم اإلهلي له ،وأمره
بأن تكتب روحه يف عليني.
٤ـ تثبيته عند السؤال عن إيامنه ومعتقداته.
٥ـ النعيم الذي يراه يف قربه ،واملعد له يف اجلنة.
٦ـ الفرح الذي يغمر قلبه ،فيقول من شدة فرحه رب أقم الساعة.
183
املجلة العربية للدراسات األمنية ـ املجلد 32ـ العدد ( 163 )٦٧ـ 194الرياض (2016م) (143٨هـ)
ومما يزيــد املؤمن إيام ًنا وأمنًا ،أنه إن مل يكن كذلك ـ كاملرشك ،أو الكافر ـ فإن كل
نقائض األمن تنتظره عند املوت ،وهي عكس ما ذكر من الصور السابقة.
184
األمـن النفسـي يف العالقة مع اهلل كام يصورها القرآن الكريم ...د .إنرشاح أمحد توفيق اليربودي
ون مقربون وأبرار َأ ْص َحاب َي ِمني» (ابن تيمية« .)701/10 ،فاألبرار أصحاب اليمني َسابِ ُق َ
هم املتقربون إليه بالفرائض ،يفعلون ما أوجب اهلل عليهم ،ويرتكون ما حرم اهلل عليهم ،وال
يكلفون أنفسهم باملندوبات ،وال الكف عن فضول املباحات .وأما السابقون املقربون فتقربوا
إليه بالنوافل بعد الفرائض ،ففعلوا الواجبات واملستحبات ،وتركوا املحرمات ،واملكروهات،
فلام تقربوا إليه بجميع ما يقدرون عليه من حمبوباهتم أحبهم الرب ح ًبا تا ًما ...فهؤالء املقربون
صارت املباحات يف حقهم طاعات يتقربون هبا إىل اهلل عز وجل ،فكانت أعامهلم كلها عبادات
هلل ،فرشبوا رص ًفا ،كام عملوا له رص ًفا .واملقتصدون كان يف أعامهلم ما فعلوه لنفوســهم ،فال
يعاقبون عليه ،وال يثابون عليه ،فلم يرشبوا رص ًفا ،بل مزج هلم من رشاب املقربني بحســب
مــا مزجوه يف الدنيا» (ابن تيمية1985 ،م .)35/1:قــال تعاىل ﴿ :ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ
ﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕ ﮖ ﮗﮘ ﮙ ﮚﮛﮜﮝﮞﮟ
ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﴾ (الواقعــة:
88ـ .)94
يضا به سبحانه وتعاىل :برؤيته وسامع كالمه وقربه و«كامل النعيم يف الدار اآلخرة َأ ً
املأكول واملرشوب ورضوانه ال كام يزعم من يزعم َأنه ال لذة يف اآلخرة إال باملخلوق من ْ
وامللبوس واملنكوح ،بل ال ّلذة والنعيم التام يف حظهم من اخلالق تعاىل أعظم وأعظم مما
إلمام َأمحد يف مسنده وابن دعاء النبي ﷺ الذي رواه ا ِ خيطر بالبال َأو يدور يف اخليال ،ويف ِ
الش ْو ِق إىل لِ َقائِ َك ،يف
ــألك َل َّذ َة ال َّن َظ ِر إىل َو ْج ِه َكَ ،و َّ
«أ ْس َ حبان واحلاكم يف صحيحيهامَ :
ــة» (احلنفي1414 ،هـ) ،وهلذا قال تعاىل يف حق الكفار: ض ٍةَ ،و ِف ْتن ٍَة ُم ِض َّل ٍ َغ ْ ِ
ي َ َّ
ضا َء ُم ِ َّ
﴿ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﴾ (املطففــن 15 :ـ ،)16
فعذاب احلجاب مــن َأعظم َأنواع العذاب الذي يعذب به َأعدا َءه ،ولذة النظر إىل وجه
اهلل الكريم َأعظــم َأنواع اللذات التي ينعم هبا َأولياؤه ،وال تقوم حظوظهم من ســائر
املخلوقات مقام حظهم من رؤيته وسامع كالمه والدنو منه وقربه (اجلوزية1394 ،هـ،
.)58قــال تعاىل ﴿ :ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ
ﭨ ﭩ ﴾ (القيامة 22 :ـ .)25
185
املجلة العربية للدراسات األمنية ـ املجلد 32ـ العدد ( 163 )٦٧ـ 194الرياض (2016م) (143٨هـ)
ٍ
بيشء فوق الوسع الذي أودعه فيه» (الكيالين،2009 ، لآلية هو :أن اهلل مل يكلف اإلنسان
.)242وحني يستعمل املؤمن هذا الوسع فإن إنجازه يصبح عرشة أضعاف إنجاز غري
املؤمــن؛ ذلك أن املؤمنني تزداد قوهتم نتيجة االتصال بمصدر القوة وهو اهلل ســبحانه
وتعاىل ،أما الكافرون فهم (ال يفقهون) ســنن استثامر الوسع اإلنساين وهم مقطوعون
عن اهلل مصدر القوة مجيعها ،وإذا أصاب الضعف املؤمن نزلت درجة إنجازه إىل ِضعف
غري املؤمن (الكيالين)252 ،2009 ،؛ قال تعاىل﴿ :ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ
ﮄﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ
ﮔ ﮕﮖ ﮗ ﮘﮙﮚﮛﮜﮝ ﮞﮟﮠﮡﮢ
ﮣﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ
ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﴾ (األنفال 65 :ـ .)66
املطلب الثالث :ضبط مشاعر احلزن واحلرسة ،واخلوف ومجيع املعاين املضادة
لألمن واالستقرار
موضعا يف أغلبها داللة واضحةً ورد يف كتاب اهلل عز وجل ما يزيد عىل ســبعة عرش
عىل نفي اجتامع اخلوف واحلزن مطل ًقا يف نفوس املؤمنني الذين حتول إيامهنم إىل إجيابية يف
اتباعا وإنفا ًقا وجها ًدا ،وقلوهبم قد استقرت عىل الوالء هلل عز
السلوك (العمل الصالح)ً :
وجــل واالنتامء إليه ،قال تعــاىل ﴿ :ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ
ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﴾ (البقــرة:
اب ينَ ،و َل ِم ْن َع َذ ِ اح ِد َ اجل ِ
الذي َي ْن ِز ُل بِ َ اب الدُّ ْن َيا ِ ــا َخ ْو ٌف َع َل ْي ِه ْم ِم ْن َع َذ ِ .)277أي « َف َ
اتم؛ ِ َ ون َي ْو َم لِ َق ِ الذي َأ َعدَّ ُه ُ
اهلل لِ ْل َك ِاف ِر َ اآلخ َر ِة ِ ِ
ل َّن ش ٍء َف َ ُ ْ اء اهللِ تعاىل َع َل َ ْ ينَ ،و َل ُه ْم َيْزَ ُن َ
ون ِف الدُّ ْن َيا َأ ْي ًضا ول :إِ َّن َهؤُ َل ِء َ
الك َم َل َة َل َيْزَ ُن َ اهلل تعــاىل َي ِقي ِه ْم ِم ْن ُك ِّل َفزَ ٍعَ .و َل َك َأ ْن َت ُق َ َ
ون ُح ْز ُ ُن ْم َك ُح ْز ِنِ ْم ات الدُّ ْن َيا َو َل َّذ ِاتَاَ ،أ ْو َل َي ُك ُات َش َه َو ِ اق َك َف َو ِ الف َّس ُالك َّف ُار َو ُ ِمَّا َيْزَ ُن ِم ْن ُه ُ
يب، الو َل ِدَ ،وال َق ِر ِ ت َ يح َك َم ْو ِص ٍ ب َ ِ احل ْز ُن لِ َس َب ٍ
ض َ ُل ُم ُ ول َأ َم ِد ِهَ ،فإِ َّ ُن ْم إِ َذا َع َر َ
ِف ِشدَّ تِ ِه َو ُط ِ
ب َو ُح ْس ِن ب ًةَ ،م ْق ُرو ًنا بِ َّ
الص ْ ِ ح ًة َو ِع ْ َ
ون ُح ْز ُ ُن ْم َر ْ َ ري ـ َي ُك ُيقَ ،أ ْو َف ْق ِد املَالَ ،و ِق َّل ِة ال َّن ِص ِ الص ِد َِو َّ
187
املجلة العربية للدراسات األمنية ـ املجلد 32ـ العدد ( 163 )٦٧ـ 194الرياض (2016م) (143٨هـ)
إل َيم ُني َش ْيئًا ِم ْن َعا َد ِاتِ ْم َو َأ ْع َمهلِ ْمَ ،فا ِ ض ُه ْم ِف َأن ُْف ِس ِه ْم َو َل َأ ْبدَ ِانِ ْمَ ،و َل ُي َغ ِّ ُ ُ
األ ْس َو ِةَ ،ل َي ُ ُّ
الس ِاء َوال َّن ْع َم ِءَ ،ع َم ًل بِ َق ْولِ ِه َع َّز
الض ِاءَ ،و ِم ْن َب َط ِر َّ َّ ــاء َو َّ َّ اق ال َب ْأ َس ِبِاهللِ َي ْع ِص ُم ُه ْم ِم ْن إِ ْر َه ِ
َو َج َّل﴿ :ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﯠ
ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯﯰ ﯱ
ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﴾ (احلديد 22:ـ ( )23احلسيني. )350/7 ،1990 ،
واملؤمن يعلم أن «مجيع ما يف عامل الكون والفساد ،غري ثابت وال باق فال يطمع يف
املحال وال يطلبه ،وإذا مل يطمع فيه مل حيزن لفقده ما هيواه وال لفوت ما يتمناه يف هذا العامل
ورصف سعيه إىل املطلوبات الضافية ،واقترص هبمته عىل طلب املحبوبات الباقية وأعرض
عــا ليس يف طبعه أن يثبت ويبقى ،وإذا حصل لــه منه يشء بادر إىل وضعه يف موضعه
وأخذ منه مقدار احلاجة إىل دفع اآلالم التي أحصيناها من اجلوع والعرى والرضورات
التي تشبهها ،وترك االدخار واالستكثار والتامس املباهات واالفتخار ،ومل حيدث نفسه
باملكاثرة هبا والتمني هلا .وإذا فارقته مل يأسف عليها ومل يبال هبا .فإن من فعل ذلك أمن
فلم جيزع وفرح فلم حيزن وســعد فلم يشــق .ومن مل يقبل هذه الوصية وملا يعالج نفسه
هبذا العالج مل يزل يف جزع دائم وحزن غري منتقص» (ابن مسكويه.)80 ،
ً
ساخطا، جزوعا
ً وكام ال يتحرس املؤمن عىل املايض باك ًيا حزينًا ،وال يلقى احلارض
وجل ،وال يعيش يف فزع منه ،ورهبة من غموضه ،وتوجس ال يواجه املســتقبل خائ ًفا ً
مــن جربوته ،كأنه عدو رشير مرتبص ،بــل يعيش آمن النفس كأنه يف اجلنة ...إن إيامنه
كان مصدر أمنه ،واألمن من ثمرات الطمأنينة والســكينة ،بل هو نوع منها ،إنه طمأنينة
تتعلق باملســتقبل ،بكل ما يتوقعه اإلنسان وخياف منه ،أو خياف عليه ،وال سعادة بدون
هذا األمن النفيس ...وقد قيل حلكيم :ما الرسور؟ فقال :األمن ...فإين وجدت اخلائف
ال عيش له (القرضاوي.)2001 ،
اخلامتــــة
توصلت الدراسة إىل النتائج اآلتية:
ً
أول :أن مفهــوم األمن لغة ويف ضوء القرآن يرتبط أشــد ارتبــاط بمفهوم اإليامن باهلل
188
األمـن النفسـي يف العالقة مع اهلل كام يصورها القرآن الكريم ...د .إنرشاح أمحد توفيق اليربودي
ســبحانه ،ويف ضــوء حقائق اإليامن ودرجــة حتققها يف قلب املؤمــن ،يكون أمنه
واستقراره وطمأنينته.
ثان ًيا :أن أنواع األمن النفيس وصوره تتعدد وتتسع لتشمل مجيع مراحل احلياة ،وتستوعب
مجيع معاين األمن النفيس وصوره بتداخالهتا العميقة.
ثال ًثا :اإليامن واألمن متالزمان يف حتقيق إجيابية املؤمن بأبعادها وصورها التي جتعل منه
إنسا ًنا دائب احلركة واإلعامر.
رابعا :الوحي بمصدريه ميلء بالرباهني والشــواهد الدالة عىل اقرتان األمن باإليامن ،ما
ً
يؤكد سالمة العالقة وتأثريها يف األفراد واألمم.
التوصيات واالقرتاحات
يف ضوء نتائج الدراسة تويص الباحثة بام ييل:
١ـ تأسيس الفرد املسلم عىل العالقة الصحيحة مع اهلل سبحانه وتعاىل ،منذ نعومة
أظفاره ،فتنمو هذه العالقة وتتكامل لتصبح جز ًءا من كيانه النفيس.
٢ـ اهتامم مؤسســات التعليم كاف ًة (األرسة ورياض األطفال واملدرسة واملجتمع
واجلامعة ،)...بتنمية عالقة أفرادها مع اهلل ســبحانه ،بطريقة ممنهجة فيها من
اجلدة واالبتكار ما يتالءم وحتديات الزمن الذي نعيش فيه ،والتي تضاد األمن
النفيس.
٣ـ إعادة النظر يف مناهج الرتبية اإلســامية وإعطاء أولوية هلذا اجلانب اإليامين يف
وعمليا.
ًّ العالقة مع اهلل نظر ًّيا
٤ـ إعادة النظر يف مناهــج التعليم كاف ًة ويف خمتلف التخصصات وربطها باإليامن
باهلل عز وجل؛ إلنشاء جيل ال تفصله علوم الدنيا عن حقائق اإليامن وثامرها.
٥ـ مواجهة حتدي اإلعالم وذلك باجتاهني :األول يتمثل بحضور موضوع الدراسة
عىل الســاحة اإلعالمية بقوة ووضوح .والثاين الســعي ملحاربة كل ما يضاد
العالقة مع اهلل وجير األفراد واملجتمعات إىل اهلالك يف الدنيا واآلخرة.
189
املجلة العربية للدراسات األمنية ـ املجلد 32ـ العدد ( 163 )٦٧ـ 194الرياض (2016م) (143٨هـ)
٦ـ رضورة وجود املريب القدوة بشــخصيته اآلمنة املطمئنة واملتميزة بعالقتها مع
اهلل عز وجل.
ريا تقرتح الباحثة أن تتبع هذه الدراســة بدراسة الحقة تتضمن خصائص ٧ـ وأخ ً
األمــن النفيس يف العالقة مع اهلل ومهدداته ،وبيان النامذج التطبيقية من خالل
القرآن الكريم .كام تقرتح إجراء املزيد من البحوث املتعمقة يف جوانب العقيدة
األخرىً ،
مثل :األمن النفيس يف اإليامن يف القضاء والقدر ،ويف اليوم اآلخر.
ويف اإليامن باألسامء والصفات .كام يمكن تقديم دراسات مقرتحة ملناهج يف
الرتبية اإلسالمية ملختلف املراحل التعليمية تعمق اجلانب اإليامين يف العالقة
مع اهلل ،وتتضمن أنشط ًة عملي ًة ترتقي باملتعلم وحتقق أهداف املنهج.
190
األمـن النفسـي يف العالقة مع اهلل كام يصورها القرآن الكريم ...د .إنرشاح أمحد توفيق اليربودي
املراجـــع
املراجع باللغة العربية
األلويس ،شهاب الدين حممود١٤١٥( .هـ) .روح املعاين يف تفسري القرآن العظيم والسبع
املثاين (ط ،1ج .)7حتقيق عيل عبد الباري عطية ،بريوت :دار الكتب العلمية.
البخاري ،حممد بن إسامعيل .)1987( .اجلامع الصحيح (ج ،)8القاهرة :دار الشعب.
ـــــــــــــــــــ1422( .هـ) .اجلامع املســند الصحيح املخترص من أمور رســول
اهلل ﷺ وســننه وأيامه (ط،1ج ،)4حتقيق حممــد زهري بن نارص النارص ،دار
طوق النجاة.
ـــــــــــــــــــ1422( .هـ) .صحيح البخاري (ج ،)2حتقيق حممد زهري بن نارص
النارص ،دار طوق النجاة.
البلخي ،أبو احلســن مقاتل بن ســليامن1423( .هـ) .تفسري مقاتل بن سليامن (ج،)1
حتقيق عبد اهلل حممود شحاته ،بريوت :دار إحياء الرتاث.
الرتمذي ،أبو عيســى حممد بن عيسى .)1998( .اجلامع الكبري ،سنن الرتمذي (ج)4
حتقيق أمحد شاكر وآخرون ،دار إحياء الرتاث العريب.
ـــــــــــــــــــ .)1998( .سنن الرتمذي (ج )4حتقيق بشار عواد معروف ،بريوت:
دار الغرب اإلسالمي.
ابن تيمية ،أمحد بن عبد احلليم1422( .هـ) .اإليامن األوسط (ج ،)1حتقيق حممود أبوسن،
الرياض :دار طيبة للنرش.
ـــــــــــــــــــــ .)2005( .جمموع الفتــاوى .حتقيق :أنور البــاز ،عامر اجلزار،
(ط،3ج ،)10دار الوفاء ،ص.701
ـــــــــــــــــــ .)1404 ( .دقائق التفسري( .ط ،3ج ،)2دمشق :مؤسسة علوم القرآن.
ـــــــــــــــــــ1399( .هـ) .أمراض القلب وشفاؤها (ط،2ج ،)1القاهرة :املطبعة
السلفية.
ـــــــــــــــــــ .)1985( .الفرقان بني أولياء الرمحن وأولياء الشيطان (ج )1حتقيق:
عبد القادر األرناؤوط ،دمشق :مكتبة دار البيان.
191
املجلة العربية للدراسات األمنية ـ املجلد 32ـ العدد ( 163 )٦٧ـ 194الرياض (2016م) (143٨هـ)
192
األمـن النفسـي يف العالقة مع اهلل كام يصورها القرآن الكريم ...د .إنرشاح أمحد توفيق اليربودي
اخلــرايش ،ناهد عبد العال ،األمن النفيس يف القرآن الكريم ،عــى املوقع اإللكرتوينhttp:// :
select_page&763=m.com/firas/arabicold/?page=show_det&id- www.quran
الــرازي ،زين الدين أبو عبد اهلل1420( .هـ) .خمتار الصحاح (ط ،)5حتقيق يوســف
الشيخ حممد ،بريوت :املكتبة العرصية ـ الدار النموذجية.
الشيباين ،أبو عبد اهلل أمحد بن حنبل .)1998( .مسند أمحد بن حنبل (ج ،)4حتقيق السيد
أبو املعاطي النوري ،بريوت :عامل الكتب.
الطربي ،حممد بن جرير .)2000( .جامع البيان يف تأويل القرآن (ج ،)17حتقيق :أمحد
حممد شاكر ،مؤسسة الرسالة.
ابن عاشور ،حممد الطاهر(.)1997التحرير والتنوير(.دط ،ج ،)2دار سحنون.
عقل ،وفاء عيل .)2009( .األمن النفيس وعالقته بمفهوم الذات لدى املعاقني برص ًّيا،
رسالة دكتوراه غري منشورة ،غزة :اجلامعة اإلسالمية.
القريش ،أبو حممد عبد اهلل بن وهب .)1995( .اجلامع يف احلديث البن وهب (ط،1ج،)1
حتقيق د .مصطفى حسن حسني حممد أبو اخلري ،الرياض :دار ابن اجلوزي.
القرضاوي ،يوسف2001( .م) .الرشيعة واحلياة ،عىل املوقعhttp://www.qaradawi. :
html.2656/54/net/library
القرطبي ،أبو عبد اهلل حممد بن أمحد1964( .م) .اجلامع ألحكام القرآن (ط،2ج،)15
حتقيق أمحد الربدوين وإبراهيم أطفيش ،القاهرة :دار الكتب املرصية.
قطب ،سيد1412( .هـ) .يف ظالل القرآن (ط .)17بريوت :دار الرشوق.
ـــــــــــــــــــ1412( .هـ) .يف ظالل القرآن (ط،17ج .)3بريوت :دار الرشوق.
ـــــــــــــــــــ1412( .هـ) .يف ظالل القرآن (ط،17ج .)4بريوت :دار الرشوق.
ابن قيم اجلوزيــة ،حممد بن أيب بكر ( .)1975الروح يف الــكالم عىل أرواح األموات
واألحياء بالدالئل من الكتاب والسنة ،دار الكتب العلمية :بريوت.
ـــــــــــــــــــ1394( .هـ) .طريق اهلجرتني وباب السعادتني( ،ط،2ج ،)1القاهرة:
دار السلفية.
ـــــــــــــــــــ .)1996( .مدارج الســالكني بني منازل إياك نعبد وإياك نســتعني
(ط،3ج ،)2حتقيق حممد املعتصم باهلل البغدادي ،بريوت :دار الكتاب العريب.
193
املجلة العربية للدراسات األمنية ـ املجلد 32ـ العدد ( 163 )٦٧ـ 194الرياض (2016م) (143٨هـ)
ـــــــــــــــــــ .)1997( .اجلواب الكايف ملن سأل عن الدواء الشايف أو الداء والدواء
(ط،1ج ،)1املغرب :دار املعرفة.
الكيالين ،ماجد عرسان.)2005( .مناهج الرتبية اإلسالمية (ط :)1ديب .دار القلم.
ـــــــــــــــــــ .)2009( .فلســفة الرتبية اإلســامية (ط ،)1عــان :دار الفتح
للدراسات والنرش.
املاوردي ،أبو احلســن عيل بن حممد( .د.ت) تفسري املاوردي (ج ،)3حتقيق :السيد بن
عبد املقصود بن عبد الرحيم ،بريوت :دار الكتب العلمية.
ـــــــــــــــــــ( .د.ت) تفســر املاوردي (ج ،)2حتقيق السيد ابن عبد املقصود بن
عبد الرحيم ،بريوت :دار الكتب العلمية.
املريس ،أبو احلســن عيل بن إســاعيل1421( .هـ) .املحكم واملحيط األعظم ،حتقيق
عبد احلميد هنداوي ،بريوت :دار الكتب العلمية.
ابن مســكويه ،حممد بن يعقوب( .د.ت) .هتذيب األخــاق وتطهري األعراق ،مكتبة
الثقافة الدينية.
مســلم ،مسلم بن احلجاج( .د.ت) .املســند الصحيح املخترص بنقل العدل عن العدل
إىل رســول اهلل ﷺ (ج ،)4حتقيق حممد فؤاد عبد الباقي ،بريوت :دار إحياء
الرتاث العريب.
منجود ،مصطفى حممود .)1996( ،األبعاد اإلسالمية ملفهوم األمن النفيس يف اإلسالم،
(ط ،)1القاهرة :املعهد العاملي للفكر اإلسالمي.
ابن منظور ،حممد بن مكرم1414( .هـ) .لســان العــرب (ط ،)3بريوت :دار صادر،
باب فصل األلف.
النيســابوري ،أبو احلسن عيل بن أمحد( .د.ت) .أسباب النزول (ج ،)1مؤسسة احللبي
ورشكاه للنرش والتوزيع.
194
Arab Journal for Security Studies Volume 32. No. 67. 18 - 19 Riyadh 2016.
1.What is the concept of relationship with Allah? What is the concept of psychological
security in linguistic terms and in the Quran? What is the operational definition
of the concept of psychological security in relationship with Allah? What are the
related concepts?
2.What are the types and forms of psychological security in Quran?
3.What are the dimensions of psychological security in the relationship with Allah?
4.What are the characteristics of psychological security in the relationship with Allah?
5. Who threaten the psychological security in the relationship with Allah?
6.What are some models applied in the psychological security in the relationship with
Allah?
Research Methodology
This research is based on a descriptive approach with its two parts: the inductive
and analytical. The researcher resorts to study the Quranic verses associated with the
research vocabularies. Then, she has classified and analyzed such vocabularies, linking
them according to statements of the exegetes and some of the Sunnah applications.
In addition, it stresses on the values and principles that constitute the psychological
security standards. The latter can achieve the eternal happiness for human being.
Findings of the Research
The main findings of the research are in order:
1.The concept of security in linguistic context and Quran is closely associated with
the concept of belief in Allah Almighty. The truths of faith and their relative
realization by the heart of Believer shall provide Believers peace, stability and
tranquility;
2.The numerous types and forms of psychological security are comprehensive. It
includes all stages of life. It comprehends all meanings of psychological security
and its enormously complicated forms;
3.Belief goes hand-in-hand with security in achieving the believers positivity with its
various forms. The latter shall make him a diligent and active;
4.According to the Divine perception of Quran, the psychological security in the
relationship with Allah is characterized by comprehensiveness and the ability
to development and improvement. Therefore, such characteristics make the
psychological security able to take precedence and efficiency in the harmonious
development of balanced personality in all aspects;
5.Psychological security of human is contradictory to everything that conflicts with
his pure nature and innate mind. Such conflict brings him into instability and
trouble; and
6. The two sources of revelation are full of proofs and evidences that security is
associated with belief. The latter confirms the integrity of such relationship and its
impact on individuals and nations.
19
Psychological Security Inherent in the Relationship with
Allah as Depicted in the Holy Quran
DOI: 10.12816/0033173
Insherah Ahmed Tawfiq Yabroudi(*)
Yarmouk University, Jordan
Recieved 23 Mar. 2014;.... Available Online 24 Jun. 2014.
Abstract
Islamic approach has ensured a pure faith that believes in the existence of Allah
Almighty, the Lord of the worlds. Allah is unambiguously and undoubtedly worthy to
be sincerely worshipped in Islam. To Him we aspect the attributes of perfection that
let Believers get the feel of love, intimacy, security and stability. The latter status is
conducive to pursue the perfect harmony among the components of the self.
Man always has an urgent need for a reliable source of relieving his miserable
existence, sadness, fears and psychological disorders. In doing so, he shall recover
himself and achieve harmony between the instinct and mind by reposing his
confidence upon Allah. The present research is entitled Psychological Security
in the Relationship with Allah as Depicted in the Holy Quran. for Quran is the main
source of this approach, particularly with respect to the relationship between slave
and his Creator.
Research Problem
Recently there have been trends among psychologists, saying that religion is
significant in the mental health treatment. Also, they consider the belief in Allah is
superpower that provide man with spiritual power. The latter shall support man in
withstanding the rigors of life and avoiding the tribulation of material life experienced
by many people in this age. Most important trends are as under:
- Belief is the greatest treatment of anxiety, William James (American psychologist);
- Religious person shall never suffer from psychiatric illness, Brill (psychoanalyst);
- People who frequently go to the places of worship have stronger and better character
than the agnostics and they don’t practice worship, said Nihari link, American
Scientist, in his book “Return to Faith”; and
- Prayer is so far the significant tool known that keeps people calm and impassible,
said the physician Thomas Heisselon.
Based on the preceding discourse highlighting the importance of the present
research, the author addresses the following main questions: What is the psychological
security inherent in the relationship with Allah as projected in the Holy Quran? Based
on this main question, the other peripheral questions addressed are as under :
(*) yinsherah@yahoo.com
18