مبدأ الإستوبل وفقا للتشريع و القضاء المغربي

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 14

‫مقدمة‬

‫ائ عيب أو ظاهرة سلوكية تصيب الدعوى أو الخصومة القضائية داخل ساحات المحاكم‬ ‫التناقض اإلجر ي‬
‫والتناقض يف علم المنطق هو أحد أقسام التقابل والمتناقضان يف هذا العلم ما ال يجتمعان‪ .‬وال يرتفعان يف‬
‫يقتض لذاته أن‬‫ي‬ ‫شء واحد وحال واحدة وعن التناقض يف االصطالح فيقصد به اختالف يف القضيتي‬ ‫ي‬
‫تكون إحداهما صادقة واألخرى كاذبة بمعن تحتمل الصدق والكذب‪ .‬هكذا يمكن تحديد مصطلح‬
‫ائ بأنه تضاد مباش يف ذات اإلجراء أو بينه وبي إجراء آخر‪ .‬فإذا كان الحكم يعد‬ ‫التناقض يف القانون اإلجر ي‬
‫عنوان الحقيقة‪ ،‬فالحكم ذاته يعتمد عىل مجموعة من اإلجراءات السابقة عىل إصداره‪ .‬فإذا شاب أي‬
‫إجراء عيب كان ذلك عيبا يف الحكم ذاته‪ ،‬فالدعوى و الدليل و التسبيب تعد أعماال إجرائية يعتمد الحكم‬
‫يف تقريره عىل مدى مصداقيتها وعدم تناقضها والتناقض يف هذه األعمال يعيها و يؤدي إىل إهدارها‪. ¹‬‬
‫ائ عيب أو ظاهرة سلوكية تصيب الدعوى أو الخصومة القضائية داخل ساحات المحاكم‬ ‫التناقض اإلجر ي‬
‫والتناقض يف علم المنطق هو أحد أقسام التقابل والمتناقضان يف هذا العلم ما ال يجتمعان‪ .‬وال يرتفعان يف‬
‫يقتض لذاته أن‬ ‫ي‬ ‫شء واحد وحال واحدة وعن التناقض يف االصطالح فيقصد به اختالف يف القضيتي‬ ‫ي‬
‫تكون إحداهما صادقة واألخرى كاذبة بمعن تحتمل الصدق والكذب‪ .‬هكذا يمكن تحديد مصطلح‬
‫ائ بأنه تضاد مباش يف ذات اإلجراء أو بينه وبي إجراء آخر‪ .‬فإذا كان الحكم يعد‬ ‫التناقض يف القانون اإلجر ي‬
‫عنوان الحقيقة‪ ،‬فالحكم ذاته يعتمد عىل مجموعة من اإلجراءات السابقة عىل إصداره‪ .‬فإذا شاب أي‬
‫إجراء عيب كان ذلك عيبا يف الحكم ذاته‪ ،‬فالدعوى و الدليل و التسبيب تعد أعماال إجرائية يعتمد الحكم‬
‫يف تقريره عىل مدى مصداقيتها وعدم تناقضها والتناقض يف هذه األعمال يعيها و يؤدي إىل إهدارها ‪.‬‬
‫ائ كالتناقض يف تقرير الخبي أو التناقض يف سلوك الشاهد‪،‬‬ ‫هذه الدراسة ال تشمل كل صور التناقض اإلجر ي‬
‫القاض يف حكمه سواء أكان التناقض عىل صعيد األسباب أم عىل صعيد‬ ‫ي‬ ‫كما ال تشمل تناقضات‬
‫المنطوق‪ .‬وسواء أكان التناقض يف منطوق الحكم ذاته أم بي حكمي مكتسبي لحجية األحكام وإنما فقط‬
‫ائ يف حدود فكرة القضية‪ ،‬ويتصور أن يقع يف ذات اإلجراءات يف مواجهة‬ ‫تناقض الخصم يف سلوكه اإلجر ي‬
‫ذات الخصم‪ .‬وتتجسد ممارسته من أحد الخصوم أو وكالئهم بأية صورة أو مظهر ويكون بخروج صاحبه‬
‫احيام واجب االستقامة أو األمانة اإلجرائية يف الدعوى من خالل مباغتة الخصم المقابل بادعاءات‬ ‫عن ر‬
‫ودفوع وتعديلها لتصبح متناقضة مع سابقتها والواقع أن هذا األخي من حقه أن يتمتع بحماية القانون‬
‫تحقيقا لألمان واالطمئنان يف السيطرة عىل زمام اإلجراءات‪ .²‬وتوفي نوع من الثقة يف العالقة بي‬
‫الخصوم‪ ،‬فبغي األمان ال يتصور قيام عدالة أو تحقيق تقدم‪ .‬والتناقض يؤدي إىل االعتداء عىل هذا الحق‬
‫بما ينتقصه انتقاصا أضىح حقيقة ماثلة يف ربوع واسعة لدول العالم‪ .‬ولقد حظيت فكرة عدم التناقض‬
‫ر‬
‫الن‬
‫القانوئ بحيث تم اعتمادها رصاحة يف النظم القانونية المقارنة واآللية ي‬ ‫ي‬ ‫ائ باهتمام الفكر‬ ‫اإلجر ي‬
‫وتعتي‬
‫ر‬ ‫األنجلوسكسوئ‬
‫ي‬ ‫ائ تعرف باسم اإلستويل )‪ (Estoppel‬يف النظام‬ ‫لتالف التناقض اإلجر ي‬ ‫ي‬ ‫رصدتها‬
‫القضائ السالف الذكر ويطرح تكريسها إشكالية التوفيق‬ ‫أكي القواعد القانونية مرونة و قوة يف النظام‬ ‫من ر‬
‫ي‬
‫بي أمرين حتمية معالجة التناقضات يف الخصومة من جهة ومن جهة تفادي الثمن المتوقع لحلول‬
‫التقاض ومبدأ الخصومة ملك للخصوم يف ممارسة حقوقهم‬ ‫ي‬ ‫منصفة وهو عدم االعتداء عىل حق‬
‫وبالتاىل تبدو الحاجة ملحة لتحديد‬
‫ي‬ ‫الدفاعية أو الهجومية أو تعديلها بحسب معطيات الياع وتطوره‪.‬‬
‫ائ‬‫الفاصل بي هذين االعتبارين‪ ،‬وتعود أهمية الدراسة يف التصدي لموضوع التناقض عىل الصعيد اإلجر ي‬
‫وه قاعدة اإلستوبل وبحث جدوى استقبالها يف قانون المرافعات‬ ‫ر‬
‫الن رصدت له ي‬ ‫باستعمال الوسيلة ي‬
‫كالية منافسة للمبادئ اإلجرائية الموجهة أو المهيمنة عىل إجراءات الدعوى المدنية بصفة عامة للوصول‬
‫الن صدرت‪.‬‬‫ر‬ ‫ر‬
‫الن اتخذت واألحكام ي‬ ‫إىل صحة اإلجراءات ي‬
‫إن االعتداد بقاعدة عدم التناقض لم يأت من منطلق فكرة أو مجرد تصور نظري ال أساس له يف الواقع‪،‬‬
‫مثاىل‬
‫ه حقيقة قانونية تفرضها قيمة اجتماعية ومقتضيات مرتبطة بالمصلحة العامة انعكاس لما هو ي‬ ‫بل ي‬
‫أخالف يف مجتمع سيطرت عليه النظرة المادية النفعية‪ ،‬وهو أمر يجذب أي باحث للتعرف عىل أصول‬ ‫ر‬ ‫أو‬
‫ي‬
‫ر‬
‫تلق والبحث يف مقاربة تأثيه‬
‫هذه الفكرة وضوابط إعمالها‪ ،‬وإذ يقودنا تناول الموضوع باعتباره سيورة ي‬
‫الداخىل وتأثيه أيضا عىل الثقافة القانونية‪.‬‬
‫ي‬ ‫عىل القانون‬
‫و من خالل ما سبق سنطرح اإلشكالية التالية ‪:‬‬
‫المغرئ و المقارن ؟‬
‫ري‬ ‫ما المقصود بمبدأ اإلستوبل وفقا للتشي ع و القضاء‬
‫التاىل ‪:‬‬
‫و سنجيب يف هذا العرض المتواضع عىل اإلشكالية التالية و فقا لتصميم ي‬

‫الجبائ‬
‫ي‬ ‫‪ ‬المبحث األول‪ :‬تأصيل فكرة األستوبل وأحكام الدفع به يف القانون‬
‫القانوئ وشوط الدفع بهذا المبدأ‬
‫ي‬ ‫‪ ‬المطلب األول‪ :‬مفهوم قاعدة األستوبل وأساسها‬
‫الثائ‪ :‬طبيعة الدفع باالستوبل ونطاق تطبيقه ومفاعيل وأجزاء الدفع بهذا المبدأ‬‫‪ ‬المطلب ي‬
‫الثائ‪ :‬شوط إعمال األستوبل وموانع التطبيق‬‫‪ ‬المبحث ي‬
‫‪ ‬المطلب األول‪ :‬شوط إعمال اإلستوبيل‬
‫اإلسالم‬
‫ي‬ ‫‪ ‬المطلب ي‬
‫الثائ‪ :‬موانع اعمال اإلستوبل يف القانون والفقه‬

‫الجبائ‬
‫ي‬ ‫المبحث األول‪ :‬تأصيل فكرة األستوبل و أحكام الدفع به يف القانون‬
‫استعراض فكرة الدفع باإلستوبل يتطلب اإللمام بمفهوم قاعدة اإلستوبل وأساسها وكذا شوط إعمالها أو‬
‫عنارص تطبيقها يف قانون المرافعات وهو ما سيتم التعرض له يف المطلب األول و سنتناول يف هذا‬
‫الثائ طبيعة اإلستوبل من حيث اعتباره قاعدة إثبات أو قاعدة موضوعية‪ .‬وفيما إذا كان‬
‫المطلب ي‬
‫يستخدم كدفع أو أنه يتعدى استخدامه ليكون سببا للدعوى أيضا‪.³‬‬
‫القانوئ و شوط الدفع بهذا المبدأ‬
‫ي‬ ‫المطلب األول‪:‬مفهوم قاعدة االستوبل و أساسها‬
‫إن عبارة استوبل ‪Estoppel‬مستسقاة من الكلمة الالتينية ‪stuppa‬والمعروفة يونانيا ب ‪ stuppe‬و‬
‫والن استبدلت يف القرن‬ ‫ر‬
‫ألمانيا ب ‪ soppan‬والمقتبسة من المفردة الفرنسية ‪ Estoupe‬القديمة ي‬
‫ه‬ ‫التاسع عش بكلمة ‪Etoupe.‬وتعود جذورها إىل القانون االنجليي يف وقت كانت فيه لغة القانون ي‬
‫وه بعد هذا ال تخلو‬ ‫معائ منها صمام أو سدادة ‪ Bouchon‬ي‬ ‫ي‬ ‫اللغة النورماندية الفرنسية‪ .‬وتحمل عدة‬
‫القانوئ إىل أبعد من معانيه‬
‫ي‬ ‫من معن اإلغالق أو اإليقاف عن سي أو ترصف أو سلوك‪ ،‬ويذهب المعن‬
‫الحكم أو الحجة الموصدة‪ ،‬ألنها تغلق دون الشخص باب الرجوع‬ ‫ي‬ ‫اللغوية‪ ،‬حيث يمكن تفسيه باإلغالق‬
‫فيما قال أو فعل و تجعل قوله أو فعله حجة عليه‪ ،‬كما يمكن تفسيه بالحجة القارصة أو الحد المانع‪،‬‬
‫الثائ عش والثالث عش وتطورت يف القانون اإلنجليي‪ ،‬وانتقلت إىل بقية‬ ‫ونشأت القاعدة يف القرني ي‬
‫الدوىل وبشكل جد كبي يف‬ ‫اىل وقد أسهم التحكيم التجاري‬ ‫ر‬
‫ي‬ ‫األمريك واالسي ي‬
‫ي‬ ‫التشيعات المقاربة كالقانون‬
‫نس‪ ،‬وال تقترص اإلستوبل كمبدأ أو‬ ‫الالتين كالنظام الفر ي‬
‫ي‬ ‫سفر فكرة اإلستوبل واستقبالها من قبل النظام‬
‫نظام داخل القانون اإلنجليي عىل نوع واحد بل تشمل أنواعا عديدة‪ .‬وباعتبار أن الدراسة تنصب عىل‬
‫والن يحكمها‬‫ر‬
‫اإلستوبل الذي يواجه التناقض يف عالقات الخصوم الناشئة عن القضية أمام المحاكم ي‬
‫الموضوع فإنه يوجود صورتي رئيسيتي لإلستوبل يف‬ ‫ي‬ ‫ائ وليس العالقات الخاضعة للقانون‬ ‫القانون اإلجر ي‬
‫قضائ ‪estoppel by res judicatam.‬و هو يعادل الدفع بعدم‬ ‫ي‬ ‫ائ‪ ،‬وهما اإلستوبل بحكم‬ ‫القانون اإلجر ي‬
‫نس‪ ،‬واإلستوبل بالتصوير‬ ‫ر‬
‫الن تثبت لألحكام يف القانون الفر ي‬
‫المقض به ي‬ ‫ي‬ ‫السء‬
‫القبول المستند إىل حجية ي‬
‫‪ ،estopped by representation‬وهذا األخي يتصل بموضوع الدعوى اتصاال مباشا ولذا سيتم‬
‫بسء من التفصيل و يقصد بهذه الوسيلة أنه ال يجوز للشخص إثبات عكس ما يستظهر‬ ‫الحديث عنه ي‬
‫من سابق مسلكه ‪ ،‬وهذا الوجه من التطبيق هو من أهم أوجه تطبيقات اإلستوبل ويتفرع عنه الكثي من‬
‫الن يكون فيها مسلك األصيل مؤديا إىل االعتقاد بوجود النيابة‪،‬‬ ‫ر‬
‫األحكام ومنها النيابة الظاهرة يف األحوال ي‬
‫وعىل أية حال مهما تعددت أشكالها تفيد اإلستوبل يف مضامينها منع الخصم من المنازعة يف صحة‬
‫قضائ صدر ضده بالفعل‪ ،‬عن طريق االدعاء بما يتناقض مع هذه الوقائع‬ ‫الن كانت محال لقرار‬ ‫ر‬
‫ي‬ ‫الوقائع ي‬
‫هذا من ناحية‪ ،‬ومن ناحية أخرى منع الشخص الذي سبق و أن قرر شيئا رصاحة أو ضمنا من إنكار هذا‬
‫التقرير عن طريق المنازعة فيه مرة أخرى بادعاء يتناقض مع ما سبق وأن قرره وعليه توجد حالة‬
‫شء بالمناقضة لما سبق وأن قرره القضاء‬ ‫اإلستوبل عندما ال يقبل من الشخص رفع دعوى أو إثبات ي‬
‫ضده أو ما سبق و أن أثبته الشخص نفسه بغض النظر عن مطابقته للحقيقة من عدمه‪ ،‬وي هدف المبدأ‬
‫إىل التأكيد عىل حقيقة الوقائع‪.⁴‬‬
‫ر‬
‫المشيك لجميع‬ ‫القانوئ لهذا المبدأ نالحظ أنه ال يوجد تفسي واحد يبي األساس‬ ‫أما بالنسبة لألساس‬
‫ي‬
‫أنواع اإلستوبل فقسم منها يستند إىل مفاهيم مثل األمانة والصدق‪ ،‬أو الفطرة السليمة أو الخي العام‪ ،‬و‬
‫يرى رأي آخر أن األساس لقاعدة اإلستوبل هو العدل والضمي فهدفها منع التمسك باالدعاءات المنافية‬
‫والن لوال عدم التناقض لكان قد نفذها المتمسك بها"‪.⁵‬‬ ‫ر‬
‫للضمي أو وضعها موضع التنفيذ‪ ،‬ي‬
‫ائ يتماش مع قواعد العدالة‪ ،‬وي هدف إىل تهذيب قانون المرافعات وتهذيب‬ ‫اإلستوبل يف القانون اإلجر ي‬
‫القضية بحد ذاتها وهو قد يتضافر مع آليات أخرى إجرائية توجه الدعوى وتصلح لتأسيس اإلستوبل‬
‫ائ التعسف يف استعمال الحق‬ ‫ائ الوضع الظاهر اإلجر ي‬‫ائ الغش اإلجر ي‬ ‫عليها مثل مبدأ حسن النية اإلجر ي‬
‫القانوئ ونطاق تطبيق ال تتداخل به مع األخرى‪ .‬بيد أنها ال تواجه كل ما‬‫ي‬ ‫األمانة اإلجرائية‪ ،‬ولكل منها قالبه‬
‫ائ‪ ،‬مما يدفع إىل القول باعتبار اإلستوبل‬ ‫ر‬
‫يعيض الدعوى ويصيب القضية العادلة ومنها التناقض اإلجر ي‬
‫الن ال تحيد عن هدف واحد وهو منع التناقض‬ ‫ر‬
‫فيكق أنه اآللية الوحيدة ي‬
‫ي‬ ‫وسيلة أصيلة لتهذيب القضية‬
‫ائ لخصم غي أمي إرصارا بالخصم اآلخر‪ ،‬ويمنع أحد‬ ‫يف سلوك الخصم‪ ،‬فاإلستوبل يعاقب السلوك اإلجر ي‬
‫يجن ثمارا من تناقضاته وسلوكياته المتضاربة والمتعارضة فالهدف من المبدأ‬ ‫األطراف من أن يستفيد أو ي‬
‫هو توفي قدر من االتساق يف مواقف الخصوم وترصفاتهم عىل أساس أنه ال يجوز الجمع بي المتناقضي‬
‫تقن لتمتي الثبات يف األقوال والترصفات يستخدم بصفة أساسية‬ ‫قانوئ ي‬ ‫ي‬ ‫وعليه يبدو اإلستوبل كتعبي‬
‫لمواجهة ظاهرة التناقضات اإلجرائية أو كوسيلة‬
‫احتياطية بجانب اآلليات األخرى اإلجرائية الموجهة للدعوى يتخذ منها أحيانا أساسا أو تطبيقا‪. ⁶‬‬
‫يفيض وجود عالقة قانونية بي خصمي أحدهما المتناقض (الموجه إليه الدفع) و الطرف‬ ‫إن اإلستوبل ر‬
‫الثائ هو ضحية التناقض أي المتمسك باإلستوبل‪ ،‬هذه العالقة القانونية قد تكون موضوعية كأي‬ ‫ي‬
‫ترصف كالعقد مثال وقد تنشأ تلك العالقة عن أعمال إجرائية كالدعوى أو الخصومة أو القضية القانونية‪،‬‬
‫يشيط إلثارة الدفع باإلستوبل وإمكان التمسك به وجود تناقض بي سلوكي متتاليي وفائدة نتجت عن‬ ‫ر‬
‫التناقض يف السلوك‪ ،‬ومن جانب آخر أن يسبب التغيي يف السلوك إىل اإلرصار بالخصم اآلخر الذي اعتمد‬
‫ألصىل عىل الوجه المبي أدناه‪.‬‬ ‫ي‬ ‫عىل السلوك ا‬
‫الثائ ‪:‬طبيعة الدفع باالستوبل و نطاق تطبيقه و مفاعيل و أجزاء الدفع بهذا المبدأ‬
‫المطلب ي‬
‫الفقه‪ .‬حيث انقسم الفقه إىل أرب ع‬
‫ي‬ ‫شكل تحديد الطبيعة القانونية لمصطلح اإلستوبل مادة للتباين‬
‫اتجاهات اتجاه أول صنف اإلستوبل بموجب التصوير ‪Estoppel by representation‬بقاعدة إثبات‬
‫اعتيه اتجاه ثان دفعا بعدم قبول الدعوى‪ ،⁸‬يف حي حبذ اتجاه ثالث وصفه بقاعدة صدر منه‬ ‫‪ ،⁷‬بينما ر‬
‫وقد موضوعية‪ ،‬بينما قرر اتجاه رابع اعتباره مزيجا من قاعدتي موضوعية وإجرائية يف آن واحد ‪ .‬و يبدو‬
‫أن الفقه االنجليي حسم موقفه بإدراج اإلستوبل بموجب التصوير ضمن قانون اإلثبات سابغا إياه‬
‫الدفاع ‪ ،‬و هذا نابع من نشأة هذه القاعدة يف القانون االنجليي حيث ينظر إىل أن مكانها‬ ‫ي‬ ‫بالطابع‬
‫وه تأخذ أهميتها من أنها تمثل خطوة يف التقدم نحو إنصاف الطرف‬ ‫الطبيع هو بي قواعد اإلثبات ي‬ ‫ي‬
‫وه تمنع المتناقض منعا مطلقا‬ ‫قاله‬ ‫ما‬ ‫حقيقة‬ ‫إنكار‬ ‫من‬ ‫منع‬ ‫قد‬ ‫عليه‬ ‫المدع‬ ‫أن‬ ‫اض‬ ‫افي‬ ‫المظلوم عىل ر‬
‫ي‬
‫من أن يقدم أو يصدر أو يتخذ وضعا متناقضا بأي وسيلة كانت مع ما سبق وأن الفقه اإلنجليي بأن المبدأ‬
‫ال يخلق أسبابا جديدة للدعاوى و أن المبدأ يجب أن يستخدم كدرع واق و ليس سيفا للهجوم وهذه‬
‫ع االنتباه يجب أال يساء تفسيها كفكرة مؤداها أن المدع عليه فحسب هو الذي‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫الن تسي ي‬ ‫االستعارة ي‬
‫المدع من االعتماد عىل هذا المبدأ كسبب تقوم عليه‬ ‫ي‬ ‫يمكن أن يتمسك بها‪ .⁸‬إذ ليس ثمة ما يمنع‬
‫األمريك فيعد اإلستوبل وسيلة هجومية تؤسس عىل فكرة االعتماد‪ ،⁹‬وكذلك األمر‬ ‫ي‬ ‫الدعوى ‪ ،‬أما يف النظام‬
‫اىل مؤسسا عىل فكرة الترصف دون ذمة أو ضمي ‪ ،‬وما يرتبط بإضفاء الصفة الهجومية‬ ‫ر‬
‫يف النظام االسي ي‬
‫الميتب عىل تناقض الخصم يف سلوكه‪ ،‬بحيث يتجاوز عندئذ‬ ‫اشياط الرصر ر‬ ‫عىل اإلستوبل هو مدى ر‬
‫يجي الرصر الذي أصاب الخصم ضحية التناقض‪ ،‬لذلك إنه يمكن‬ ‫اإلستوبل حدوده الدفاعية ليعد جزاء ر‬
‫المبن عىل المسؤولية اإلجرائية أو التعسف يف استعمال الحق عالجا لإلستوبل دون‬ ‫ي‬ ‫أن يكون التعويض‬
‫يقيب اإلستوبل من الدفع بعدم القبول‪،‬‬ ‫الوقوف فقط عىل حد الحكم بعدم القبول وف التشي ع الفرنس ر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫حيث أن أثر الدفع بعدم القبول هو عدم قبول الطلب أو الدفع دون الفصل يف موضوعه‪ ،‬فهو ال يتعرض‬
‫الموضوع‪ ،‬وال يطعن يف صحة اإلجراءات وإنما ينازع يف قبول الدعوى بإنكار حق الخصم يف‬ ‫ي‬ ‫للحق‬
‫ائ‪ ،‬فالخصم المواجه باإلستوبل ليس له الحق يف‬ ‫الموضوع والدفع اإلجر ي‬ ‫ي‬ ‫رفعها‪ ،‬فهو وسط بي الدفع‬
‫القاض للدفع والحكم بعدم قبول الدعوى‪ ،‬واستبعاد نظرها‬ ‫ي‬ ‫إبداء طلبه أو سماع دعواه لذا فإن استجابة‬
‫لعدم توافر شوطها قد يضع حدا نهائيا للدعوى ويحول دون العودة إليها لسبق الفصل‪.¹⁰‬‬
‫القانوئ و‬
‫ي‬ ‫أما بالنسبة لنطقاء تطبيق هذا المبدأ الحيلة إذا تخلف أحد شوط اإلستوبل فإنها ال تأخذ أثرها‬
‫القضائ ال يكون الحكم محال لتطبيق القاعدة إذا ثبت الحصول‬ ‫الميتبة عىل الحكم‬ ‫ف قاعدة اإلستوبل ر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ر‬
‫عليه عن طريق الغش و وال يستطيع الشخص الدفع بعدم التناقض الميتب عىل السكوت إذا كان الدافع‬
‫ائ قد يظهر‬ ‫اإلنسائ و التناقض اإلجر ي‬
‫ي‬ ‫األدئ أو‬
‫عليه هو الغش أو الحيلة أو عدم القيام بما يمليه الواجب ر ي‬
‫يف مجال قانون المرافعات إما بي قضيتي حيث قد يتناقض الخصم بي ادعاءاته ودفاعاته يف قضية أمام‬
‫اإلستعجاىل‪ ،‬كما يف مثال قضية ( ‪com.Multimedia(x‬‬ ‫ي‬ ‫القاض‬
‫ي‬ ‫قاض الموضوع مع أخرى أمام‬ ‫ي‬
‫والن رفعت فيها الشكة المدعية قضيتي مختلفتي‪.‬‬ ‫ر‬ ‫)‪Distral‬‬ ‫‪Société‬‬ ‫‪SEDEA‬‬ ‫‪éléctronique‬‬
‫ي‬
‫قاض الموضوع‬ ‫ي‬ ‫أمام‬ ‫واألخرى‬ ‫االستقبال‬ ‫أجهزة‬ ‫بتسليم‬ ‫قاض االستعجال تطالب فيها‬ ‫ي‬ ‫إحداهما أمام‬
‫بالمحكمة التجارية ملتمسة الحكم بالتعويض عن الرصر الناتج عن مخزون أجهزة االستقبال غي القابلة‬
‫قاض التنفيذ كالخصم‬ ‫قاض الموضوع و ي‬ ‫ي‬ ‫للبيع كما ريير إعمال اإلستوبل حالة التناقض بي قضية أمام‬
‫قاض الموضوع ويرفع إشكال يف تنفيذ الحكم الصادر ضده الحقا‬ ‫ي‬ ‫الذي يدفع بالمقاصة القضائية أمام‬
‫بتقديم دفع ببطالن سند المديونية‪ .‬أو بي قضية موضوعية وأخرى موضوعية حيث ال يقبل من الخصم‬
‫الذي كانت إرادته سببا يف انقضاء حق الدعوى بالتنازل عن دعواه أو تسليم المدع عليه بها أو باتفاق‬
‫األطراف صلحا‪ ،‬أن يرفع الخصم الدعوى مرة أخرى وتجديد الخصومة بالنسبة لذات الموضوع‪ ،‬كما‬
‫قض عمال باإلستوبل بي قضية تحكيم وقضية دعوى بطالن حكم التحكيم أمام قضاء الدولة وترتب‬ ‫ي‬
‫المدع أمام محكمة النقض عىل اختصاص قضاء الدولة لصالح التحكيم‪ ،‬بعد‬ ‫ر‬
‫عليها عدم قبول اعياض‬
‫ي‬
‫المدع بإعالن خصمه أمام قضاء الدولة للمنازعة يف اختصاص هيئة التحكيم يف دعوى‬ ‫ي‬ ‫أن قام ذات‬
‫وقض أيضا بأن الخصم الذي لجأ إىل غرفة التحكيم بباريس لطلب التحكيم ال يستطيع‬ ‫ي‬ ‫رفعت ضده‪،‬‬
‫يدع أن المحكمي فصلوا دون وجود اتفاق التحكيم وهو ما يعد تطبيقا لفكرة‬ ‫ي‬ ‫بوسيلة مناقضة أن‬
‫اإلستوبل وليس شطا أن يتم التناقض بي ادعاءين يف قضيتي مختلفتي‪ ،‬فيمكن أن يتم يف ذات القضية‬
‫من خالل مراحلها المختلفة فقد يتناقض الخصم يف ادعاءاته ووسائل دفاعه تارة فيما بي خصومتي‬
‫خصومة أول درجة وخصومة االستئناف‪ ،‬كما إذا تمسك الخصم بإجراء سبق وأن تنازل عنه أمام محكمة‬
‫فقض مثال بعدم‬‫ي‬ ‫الموضوع‪ ،‬وقد يجد كذلك رميرا إلعماله فيما بي خصومة الموضوع و خصومة النقض‬
‫االعياض عىل إعادة فتح باب المرافعة بعد أن طالب‬ ‫ر‬ ‫المبن عىل‬ ‫قبول وجه الطعن أمام محكمة النقض‬
‫ي‬
‫الطاعن نفسه رصاحة أمام محكمة الموضوع بأن يتم الفصل يف القضية مع االكتفاء بالمذكرات المقدمة‬
‫بعد األمر بقفل باب المرافعة وتارة أخرى يف نطاق الخصومة الواحدة بي دعوى وأخرى كالتناقض يف‬
‫المطالبة بفسخ العقد وبطالنه يف ذات الوقت يف دعوى أصلية أخرى أو فرعية أو يف الدعوى الواحدة‬
‫كالخصم الذي يتمسك ببطالن العقد والتعويض يف مذكرته الختامية بعد أن طالب بتنفيذ العقد‬
‫والتعويض يف صحيفة الدعوى‪.‬‬
‫أما يف ما يخص نطاق تطبيق هذا المبدأ و مفاعيل و أجزاء الدفع به ‪ .‬رييتب حالة اإلستوبل جزاءات‬
‫إجرائية أصلية ويمكن تصور االكتفاء بها دون الحكم بجزاءات أنه ليس هنالك أي مانع من توقيعها‪.‬‬
‫فيستتبع ذلك الحكم بجزاءات مالية كالتعويض‪¹¹‬‬
‫الجزاءات األصلية‪ :‬رييتب عىل التناقض يف الدعوى آثار عديدة فالدعوى المتناقضة ال تصلح أن تكون‬
‫القضائ إذ أنها يف األساس تؤدي إىل تجهيل ال تستطيع معه المحكمة تبي وجه الحق فيها‪،‬‬ ‫ي‬ ‫محال للعمل‬
‫عىل أن الدعوى المتناقضة تثي مسألة عدم القبول و إذا كان التناقض يف الدعوى يؤدي إىل عدم قبولها‬
‫فإنه يطبق بشأنه األحكام الخاصة بالدفع بعدم القبول ويستطيع صاحب المصلحة إبداء هذا الدفع حال‬
‫الفرنس يحمل صفة النظام العام ‪ ،‬بما يمكن‬ ‫ي‬ ‫توافر شوطه ‪ .‬كما أن الدفع بعدم القبول يف القانون‬
‫ه ما‬ ‫الفرنس و ي‬
‫ي‬ ‫القاض من إثارته من تلقاء نفسه و يف القانون اإلنجليي فكرة مشابهة للنظام العام‬ ‫ي‬
‫والن تنشأ أساسا من القانون أو من السلطة التقديرية‬ ‫ر‬
‫يعرف يف القانون االنجليي ب ‪ ،Public policy‬ي‬
‫للقاض‪. ¹²‬‬
‫ي‬
‫ائ‪ ،‬أيا كانت صوره و مجال تطبيقه‬ ‫ر‬
‫عىل الرغم من أن الجزاء الغالب والمشيك يف إعمال اإلستوبل اإلجر ي‬
‫هو عدم القبول ولكن مع ذلك قد يختلف ويتعدد سواء عىل مستوى القضية أو الخصومة أو الدعوى‪،‬‬
‫القضائ فقد يوجد بي‬
‫ي‬ ‫الموضوع أو عدم القبول تأسيسا عىل اإلستوبل‬
‫ي‬ ‫بحيث ال يخرج عن الرفض‬
‫القضائ‬ ‫المبن عىل انتفاء المصلحة‪ .‬أو اإلستويل‬ ‫الميتب يف هذه الحالة هو عدم القبول‬ ‫قضيتي والجزاء ر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ائ بي قضيتي مانعا للتناقض‬ ‫المقض ألنه يظهر يف مجال التناقض اإلجر ي‬‫ي‬ ‫الذي يشبه فكرة حجية األمر‬
‫بي مسلكي اتخذ كل مهما يف قضية مختلفة عن األخرى‪ ،‬حيث يمنع الخصم من التناقض يف سلوكه أمام‬
‫القاض وإن جزاء الدفع باإلستوبل‬ ‫ي‬ ‫المحكمة مع سابق سلوكه يف إجراءات أخرى الذي اعتمد عليه حكم‬
‫ائ عىل مستوى القضية الواحدة هو نفسه فيما بي القضايا‪ ،‬وهو الحكم بعدم قبول‬ ‫عىل التناقض اإلجر ي‬
‫الفرنس لم يحدد حاالت معينة حرصية له يف المادة ‪ 122‬من قانون‬ ‫ي‬ ‫الدعوى ويجد أساسه يف أن المشع‬
‫الفرنس‪ ،‬كما أنه يمكن تأسيسه عىل المصلحة غي المشوعة‪ ،‬وهو جزاء قاس بالنسبة للخصم‬ ‫ي‬ ‫اإلجراءات‬
‫الذي يتعرض له‪.¹³‬‬
‫ر‬
‫الن تكيف يف جهة‬ ‫الجزاءات التكميلية‪ :‬يتضمن قانون المرافعات وسيلتي تكميليتي لعالج آثار التناقض ي‬
‫ائ وتتمثل الوسيلة األوىل يف الغرامة و الثانية يف التعويض‪¹⁴‬‬ ‫التعسف يف استعمال الحق اإلجر ي‬
‫‪ -1‬الغرامة‬
‫الن تعد كجزاء لالستعمال‬ ‫ر‬
‫البد من مجازاة الخصم المتناقض عن نيته السيئة بغرامة إجرائية ي‬
‫التعسق للحقوق أو عدم مراعاة الواجبات اإلجرائية‪ ،‬وقد عرفت الغرامة قديما يف روما و القانون‬
‫ي‬
‫ر‬
‫الفرنس القديم كجزاء لردع روح المشاغبة لدى المتقاضي ومن أجل تحقيق االحيام الواجب‬ ‫ي‬
‫القانون المرافعات وقد اتجهت النظم القانونية الحديثة إىل مبدأ الحكم بالغرامة عىل من أساء‬
‫ماىل تقدم للخزينة العامة‬‫ه جزاء ي‬ ‫التقاض تحقيقا لنفس األهداف والغرامة ي‬
‫ي‬ ‫استعمال إجراءات‬
‫تعسق وقع بالفعل‪ ،‬فهو جزاء لردع االستعمال‬‫ي‬ ‫والحكم بالغرامة عىل أية حال يتعلق بسلوك‬
‫ائ بطريق ملتو أو معوج‪ ،‬لتحقيق أعىل قدر من الجدية عند طرح المنازعات‬ ‫التعسق للحق اإلجر ي‬
‫ي‬
‫عىل القضاء‪ ،‬و لهذا فإن فرض الغرامة يكون الغرض منه تحقيق المصلحة العامة ألن هذه‬
‫األعمال ترص بمصلحة الدولة يف إدارتها للعدالة وترصف القضاة عن القيام بوظيفتهم وقد اتجه‬
‫الفرنس يف قانون المرافعات الجديد إىل ربط الحكم بالغرامة بالتعسف يف استعمال‬‫ي‬ ‫المشع‬
‫الحقوق اإلجرائية ‪ ،‬لكنه جعل الحكم بالغرامة جوازيا يف أغلب األحوال و ترك أمر تقديرها‬
‫الحتم بالغرامة ‪¹⁵‬‬
‫ي‬ ‫للمحكمة ومع ذلك احتفظ يف بعض األحوال بالحكم‬
‫‪ -2‬التعويض‬
‫الن‬‫ر‬ ‫ر‬
‫جي األرصار ي‬ ‫ه ر‬ ‫الن تسع المسؤولية المدنية إىل إدراكها و ي‬
‫يحقق الحكم بالتعويض الغاية ي‬
‫ائ بعد جزاءا مناسبا‬ ‫أصابت الضحية والتعويض عىل أساس التعسف يف استعمال الحق اإلجر ي‬
‫ائ‪ ،‬ولكن تحقيق ذلك يتطلب توافر شوط المسؤولية وفقا للقواعد العامة خاصة‬ ‫للتناقض اإلجر ي‬
‫ركن الرصر و أن يكون الخصم قد أصيب برصر ماديا أو معنويا يتعي أن يكون ناشنا عن الفعل‬
‫أكي عندما يكون الحكم‬ ‫المؤاخذ عليه مباشة ويقع عبء إثباته عىل المرصور ويكتسب أهمية ر‬
‫بالمسؤولية متوقفا‪¹⁶‬‬

‫الثائ‪:‬شوط إعمال اإلستوبل وموانع التطبيق‬


‫المبحث ي‬
‫إلمكانية التمسك بقاعدة عدم التناقض أو اإلستوبل والتذرع بها ال بد من توافر شوط معينة‪ ،‬فإن قامت‬
‫هذه الشوط يمكن اإلحتجاج بها‪ ،‬فعىل الرغم من تعدد صور اإلستوبل إال أنها ر‬
‫تشيك يف نقاط معينة‬
‫تتفق عليها غالبية األنظمة القانونية المقارنة (المطلب األول)‪.‬‬
‫إال أنه يف حاالت أو وضعيات معينة يصبح من الصعب االحتجاج بها بسبب وجود موانع تحول دون‬
‫الثائ)‪.‬‬
‫الوضع أو يف الشيعة اإلسالمية (المطلب ي‬ ‫ي‬ ‫إثارتها يف القانون‬
‫المطلب األول‪ :‬شوط إعمال اإلستوبيل‬
‫ينبع توافر شوط معينة‪ ،‬ويمكن ردها إىل أربعة‬ ‫ر‬
‫عنارص فكرة اإلستوبل حن يمكن االحتجاج بها‪ ،‬ي‬
‫أساسية‪ ،‬فمن جانب ال بد من وجود تناقض يف سلوكي متتاليي وفائدة نتجت عن التناقض يف السلوك‪،‬‬
‫ومن جانب آخر البد من أن يؤدي التغيي ف السلوك إىل اإلرصار بالغي ويكون التفصيل فيها ر‬
‫كاآلئ‪:‬‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫أوىل قد يكون‬ ‫أوىل سابق للطرف األول واستمرار وجوده معناه قيام تقرير أو تصوير ي‬
‫‪ -‬وجود سلوك ي‬
‫ترصيحا أو ترصفا معينا ) واضح غي ملتبس صادر بحرية وبتبرص من شخص مؤهل قانونا‪ ،‬يتناول وقائع‬
‫راهنة أوسابقة‪ ،‬أوهو ادعاء يتصل بالواقع أو بحالة األشياء صادر من شخص بنية توصيله إىل شخص‬
‫أوسلن ويسم تصوير »‪ ،représentation‬فكما‬ ‫ري‬ ‫ايجائ‬
‫ري‬ ‫آخر‪ ،‬ويتم بمختلف وسائل التعبي إما بسلوك‬
‫يمكن أن يكون الموقف عبارة عن كالم وسلوك‪ ،‬فإنه يمكن أن يكون ضمنيا كمجرد السكوت أو السهو أو‬
‫ً‬ ‫ر‬
‫حقيق ومحددا‪ ،‬أي واضحا وجليا‪ ،‬ويجب صدوره يف ظروف تحمل اإلنسان‬ ‫ي‬ ‫اإلهمال‪ ،‬وأن يكون السلوك‬
‫العاقل عىل االعتقاد بأنه قد قصد منه أن يترصف عىل هديه‪ ،‬وعىل أن يكون الترصف قدتم فعال‪.¹⁷‬‬
‫يفض بالنتيجة إىل إيمان المقصود‬ ‫ي‬ ‫قض بعدم وجوده‪،‬‬ ‫ويتعي أن يظل قائما‪ ،‬أي لم يتنازل عنه الخصم أو ي‬
‫وف أية منازعة‬ ‫بالتصوير بصحة موضوع التصوير‪ ،‬فيعدل موقفه‪ ،‬عندها سيمنع الحقا صاحب التصوير‪ ،‬ي‬
‫األوىل يف حالة‬‫ي‬ ‫قد تنشأ بينه وبي المقصود بالتصوير من إقامة الدليل عىل عدم صحة معطيات التصوير‬
‫يشيط وجود عالقة عقدية بي الطرفي‬ ‫اعياض المقصود بالتصوير عىل ذلك ف الوقت المناسب‪ .‬وال ر‬ ‫ر‬
‫ي‬
‫اليامات وحقوق‬ ‫إلثارة قاعدة عدم التناقض بل يكق وجود عالقة قانونية سابقة تنس ف ظروف معينة ر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫للطرفي ‪ ،‬هذه العالقة قد تكون موضوعية‪ ،‬وقد تنشأ تلك العالقة عن أعمال إجرائية كالدعوى أو‬
‫ر‬
‫صاحبن‬ ‫المدع بي إحدى المحكمتي‬ ‫اإلنجائ نرصب مثال عندما يختار‬ ‫الخصومة‪ .‬و كتطبيق للتصوير‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ري‬
‫المحىل لتحصيل حقه يع رتي سلوكه بمثابة تصوير يمنع عليه مناقضته الحقا‪ ،‬كما حكم يف‬ ‫ي‬ ‫االختصاص‬
‫موظق جمعية خيية‪ ،‬فتقدم بمراجعة هذا القرار قضية ( ‪Rex.v‬‬ ‫ي‬ ‫وتتلخص وقائعها يف أنه جرى طرد أحد‬
‫)‪Evans‬لسنة ‪ 31854‬أمام هيئة التحكيم‪ ¹⁸‬وكان إجراء يسمح به نظام الجمعية يمنع عليه الحقا اللجوء‬
‫يف نفس القضية المحكمة أخرى‪ ،‬وكانت مختصة للنظر فيها وذلك بسبب اختياره مواجهة الهيئة‬
‫التحكيمية‪ .‬ومثاله أيضا ما جاء يف حكم محكمة النقض الفرنسية الذي أشار ألول مرة إىل اإلستوبل يف‬
‫ديسمي ‪ ،2011‬حيث قررت بأنه‪:‬‬ ‫ر‬ ‫منطوقه بتاري خ ‪15‬‬
‫سمي ‪ 2005‬للمطالبة بإبطال الحكم‪ ،‬فإنه ال‬ ‫" بينما طعنت شكة ( )‪gewiss‬بالحكم الصادر يف ‪ 15‬دي ر‬
‫يمكن لها دون أن تناقض نفسها بما يلحق رصرا بشكة ( )‪Nergeco‬أن تدفع أمام محكمة االستئناف أنها‬
‫اعتيت المحكمة‬ ‫ال تتمتع بالشخصية المعنوية‪ ،‬خالل اإلجراءات القانونية المؤدية إىل هذا الحكم" وقد ر‬
‫السالفة الذكر أن سلوك الشكة يف الحكم يخلق لدى الخصم اآلخر اعتقادا بأنها تتمتع بالشخصية‬
‫القانونية‪ ،‬ال يجوز لها فيما بعد أن تتناقض بادعاء عدم تمتعها بتلك الشخصيةالقانونية أمام محكمة‬
‫االستئناف ‪.‬‬
‫والتناقض جوهر اإلستوبل‪ ،‬وال يفيد عدم تنفيذ أو تقلب بل عدم تطابق أو تجانس بي سلوكي أو‬
‫موقفي أو ترصيحي صادرين من نفس الشخص ويتصالن بالموضوع ذاته‪ ،‬بحيث يستحيل البتة الجمع‬
‫الثائ أن ينفذ الطرف األول سلوكه األول‪ ،‬الذي وثق به‬ ‫فينبع لرفع الظلم والحيف عن الطرف ي‬ ‫ي‬ ‫بينهما‪،‬‬
‫من تبي أن هذا التصوير ليس صحيحا‪ ،‬ولكن قام ذلك اآلخر بالترصف طبقا‬ ‫الطرف الثائ‪ ،‬واعتمد عليه ر‬
‫ي‬
‫له إرصارا بمصالحه‪ ،‬فإنه ينتج عىل قدم هذا التصوير إنكار مطابقته للحقيقة فال يجوز أن يستفيد الطرف‬
‫يصطىل وحده بلهب النتائج‪ ،‬فمن غي العدل أن يرجع الطرف‬ ‫الثائ‬ ‫ر‬
‫ي‬ ‫األول من تناقضاته وييك الشخص ي‬
‫األول عما قام به أو قطعه من وعد إال إذا جاء هذا السلوك نتيجة إكراه أو ضغط غي مشوع فيكون من‬
‫حقه الرجوع عما صدر عنه سابقا‪.¹⁹‬‬
‫كما هو معلوم أن محكمة النقض الفرنسية يف أحد قراراتها الجريئة احتفظت رصاحة بحقها يف مراقبة‬
‫شوط تطبيق عدم القبول كجزاء يف حالة تطبيق قاعدة اإلستوبل‪ ،‬إذ قررت بأن لمجرد تناقض الشخص‬
‫يقتض بالرصورة الحكم بعدم القبول"‪ .‬وتوضح الغرفة المدنية األوىل يف سنة‬ ‫ي‬ ‫مع نفسه إرصارا بالغي ال‬
‫المتقاض من الناحية القانونية‪ ،‬من المرجح‬ ‫ي‬ ‫‪ 2010‬أن إعمال االستوبل يتطلب تغيي يف موقف (مسلك)‬
‫أن يضلل الخصم اآلخر بشأن نواياه‪ .‬وتضيف محكمة النقض الفرنسية يف سنة ‪ 2015‬بأن التناقض ال‬
‫الميافع قد اتخذ أمام قاض آخر‬ ‫يخضع للرقابة إال إذا حدث ف نفس اإلجراء‪ ،‬لذلك ال يهم أن يكون ر‬
‫ي‬
‫ائ‬ ‫موقفا مخالفا‪،²⁰‬وتتابعت القرارات بعد ذلك للحد تدريجيا من نطاق إعمال القاعدة يف القانون اإلجر ي‬
‫فمن ناحية‪ ،‬ال يمكن إثارة الدفع بعدم القبول يف كل حالة تناقض الشخص مع نفسه إرصارا بالغي لمجرد‬
‫أن الخصم يعدل أثناء الخصومة ما قدمه فيها من طلبات أو دفوع متعلقة باإلجراءات أو الموضوع قبل أن‬
‫المتقاض الذي يقدم ادعاءات‬ ‫يصدر حكم قطع فيها‪ ،‬ولكن عدم القبول يجازي سلوك ر‬
‫الميافع أو‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫متناقضة‪ ،‬وأن هذا التناقض يؤدي إىل تضليل الطرف اآلخر بشأن نواياه ‪.‬‬
‫وف نفس السياق التقييدي إلعمال اإلستوبل‪ ،‬استقر القرار الصادر عن الغرفة المدنية الثانية يف ‪ 15‬مارس‬ ‫ي‬
‫الصىح يف هوت سافوا‪ ،‬حيث هذا الشخص‬ ‫ي‬ ‫التأمي‬ ‫وصندوق‬ ‫حدودي‬ ‫عامل‬ ‫بي‬ ‫جمع‬ ‫والذي‬ ‫‪،‬‬ ‫‪2018‬‬
‫اإلبتدائ‬
‫ي‬ ‫ىح السويشي والصندوق‬ ‫المقيم يف فرنسا ولكن يعمل يف سويشا ومنتسب إىل التأمي الص ي‬
‫اإلبتدائ يف هوت سافوا‬
‫ي‬ ‫الصىح بموت سافوا‪ ،‬قدم طلبا لشطب االنتساب من صندوق التأمي‬ ‫ي‬ ‫للتأمي‬
‫واعتيت المحكمة أن طلب‬ ‫الن استجابت له‬ ‫ر‬
‫ر‬ ‫االجتماع ي‬
‫ي‬ ‫وتم رفضه‪ ،‬ثم استأنف أمام محكمة الضمان‬
‫وبالتاىل فإن االنتماء الناتج له هو غي‬
‫ي‬ ‫الفرنس كان غي منتظم‬‫ي‬ ‫الصىح‬
‫ي‬ ‫انتساب المؤمن عليه إىل التأمي‬
‫منتظم كذلك‪.‬‬
‫الن استند عليها حول انتهاك المبدأ‬ ‫ر‬
‫وقدم صندوق التأمي طعنا بالنقض‪ ،‬ومايلفت االنتباه الوسيلة األوىل ي‬
‫القاض بأنه ليس ألحد أن يناقض نفسه عىل حساب الغي‪ ،‬وجادل الطاعن المطعون ضده بأنه ال يمكن‬ ‫ي‬
‫ألي طرف دون انتهاك المبدأ الطعن يف شعية الطلب الذي قدمه أو االختيار الذي اتخذه‪ ،‬وبعبارة أخرى‬
‫الفرنس عىل وجه‬
‫ي‬ ‫الصىح‬
‫ي‬ ‫ال يمكن التمسك يطلب شطب االنتساب الذي قدمه المؤمن عليه بالتأمي‬
‫المعن أن يجادل يف انتماء كان قد سع إليه هو نفسه يف‬ ‫ي‬ ‫غي مشوع‪ ،‬وبعبارة أخرى ال يمكن للشخص‬
‫السابق‪²¹.‬‬
‫غي أن الغرفة المدنية الثانية لمحكمة النقض الفرنسية رفضت الطعن معللة قرارها بأن جزاء عدم القبول‬
‫يقض بأنه ليس ألحد أن يناقض نفسه عىل حساب الغي يعاقب عىل الموقف‬ ‫ي‬ ‫عىل أساس المبدأ الذي‬
‫ائ المتمثل يف اتخاذ أحد األطراف أثناء نفس الخصومة مواقف تتعارض مع سلوك سابق يكون‬ ‫اإلجر ي‬
‫وف القضية المطروحة السلوك المتناقض للمؤمن‬ ‫القصد منه تضليل الخصم اآلخر فيما يتعلق بنواياه‪ ،‬ي‬
‫عليه والذي أثاره صندوق التأمي لم يثبت أثناء نظر الخصومة القضائية أمام مجلس القضاء وعليه كان‬
‫طلب المطعون ضده مؤسس قانونا‪²².‬‬
‫ه األخرى مبدأ عدم التناقض مع الذات عىل‬ ‫كما أن الغرفة االجتماعية لمحكمة النقض الفرنسية أثارت ي‬
‫حساب الغي دون القضاء بإعماله عىل سبيل المثال‪ ،‬يف القرار الصادر بتاري خ ‪ ،2015 22‬حيث نقضت‬
‫سبتمي المعروضة عىل مجلس منازعات‬ ‫ر‬ ‫قرار محكمة االستئناف‪ ،‬وأشارت محكمة النقض إىل أن الدعوى‬
‫نهائ صادر عن المحكمة‬ ‫ر‬
‫الن انتهت بحكم ي‬ ‫العمل )‪conseil de prud'homme‬منفصلة عن الدعوى ي‬
‫القاض بأنه ليس ألحد أن‬ ‫ي‬ ‫االبتدائية ( ‪tribunal d'instance).‬وهكذا انتهكت محكمة االستئناف المبدأ‬
‫يناقض نفسه عىل حساب الغي وكذا المادة ‪ 122‬من قانون اإلجراءات المدنية‪.‬‬
‫المتقاض الذي‬
‫ي‬ ‫ونقضت الغرفة اإلجتماعية القرار المطعون فيه الذي قض بعدم قبول الدعوى لمجازاة‬
‫يدع العكس أمام المحكمة االبتدائية بحكم أن الدعوى األوىل‬ ‫ي‬ ‫ينازع أمرا أمام مجلس منازعات العمل‪ ،‬ثم‬
‫الن صدر فيها الحكم‪.‬‬ ‫ر‬
‫تختلف عن الدعوى الثانية ي‬
‫هذا وإن منع التناقض مع النفس عىل حساب الغي ال يمكن أن يثار يف االستئناف‪ ،‬حينما تكون وسائل‬
‫ر‬ ‫ر‬
‫وف الواقع ليس هناك ما‬ ‫الن طورها أمام المحكمة االبتدائية‪ .‬ي‬ ‫الن أثارها طرف ما تتعارض مع تلك ي‬ ‫الدفاع ي‬
‫اسياتيجية دفاعه يف إطار قضيتي مختلفتي‪ ،‬السيما من‬ ‫يمنع المتقاض ف مثل هذه القضية من تغيي ر‬
‫ي ي‬
‫خالل‪ .‬موضوعهما‪ ،‬وإن التناقضات ال تستحق دائما جزاء عدم القبول فمن الرصوري التميي وفقا لما إذا‬
‫كانت تتعلق بالطلبات أو الوسائل‪ ،‬ومراعاة الخطة اإلجرائية للخصم (إن البعض من الفقه يرى بأن‬
‫سكوت الخصم عن قول الحقيقة ثم مفاجأة خصمه اآلخر بوسائل دفاع جديدة يكون رميرا يف بعض‬
‫اسياتيجية لعرض وسائله يف القانون أو‬ ‫األحيان‪ ،‬غي أن بعض السلوكيات تعكس حيلة الخصم باعتباره ر‬
‫للمتقاض‬
‫ي‬ ‫وف قرار آخر تؤكد محكمة النقض الفرنسية حال راسخا بأنه ال يمكن‬ ‫يف الطلب كما يف الدفاع‪ .‬ي‬
‫الدفع بعدم القبول إال إذا كان خصمه قد ناقض نفسه خالل نفس الخصومة القضائية‪ ،‬ومن ناحية أخرى‬
‫ال يمكن استخدام اإلستوبل لدفع التناقضات غي القضائية‪.‬‬
‫وف الدفاع جادلت‬ ‫وتتلخص وقائع القضية‪ ،‬يف أن شيكا يف الملكية طعن يف قرار إلغاء منصب بواب‪ ،‬ي‬
‫المشيكي بأن هذا الطلب غي مقبول مجرد أن يناقض صاحب اإلدعاء نفسه يف يوم‬ ‫ر‬ ‫نقابة المالكي‬
‫الرئيس بإزالة منصب البواب‪،‬‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫االجتماع العام للمالكي المشيكي ‪ .‬حيث ادع أنه اعيض عىل القرار‬
‫ي‬
‫واعتمد يف الوقت نفسه قرارا ذا صلة باستخدام شكة تنظيف خاصة‪ ،‬وبغض النظر عن هذه التناقضات‬
‫المحتملة خارج الخصومة القضائية‪ ،‬قضت الغرفة المدنية الثالثة لمحكمة النقض الفرنسية بأن اإلستوبل‬
‫المدع و باختصار‪ ،‬يبدو‬
‫ي‬ ‫ال يتدين إال التناقضات الذي تثبت امام المحكمة وتقرر االستجابة لطلب‬
‫حسب رأي أحد الفقهاء‪ ،‬إن الفائدة من وراء تكريس اإلستوبل أو عدم التناقض تكمن يف فاعليته يف‬
‫تهذيب القضية‪ ، ،‬وفيما يتعلق بكونه تقنية قانونية‪.‬‬
‫اإلسالم‬
‫ي‬ ‫الثائ ‪:‬موانع اعمال اإلستوبل يف القانون والفقه‬
‫المطلب ي‬
‫يصطدم إعمال اإلستوبل بموانع تحول دون إثارته من طرف صاحب المصلحة عندما يستعمل بشكل ال‬
‫الوضع وما يقابله من‬
‫ي‬ ‫يتفق مع الغاية منه‪ ،‬ويبدو من المناسب عرض وموانع اعمال اإلستوبل يف القانون‬
‫الوضع ال مجال‬
‫ي‬ ‫التاىل‪ :‬أوال‪ :‬موانع اعمال االستوبل يف القانون‬
‫اإلسالم وذلك عىل النحو ي‬
‫ي‬ ‫موانع يف الفقه‬
‫لتطبيق قاعدة عدم التناقض إذا تخلف شط من شوطها و كذلك إذا ثبت أن الدافع إليها يكمن يف الغش‬
‫أو الحيلة أو سوء نية ضحية التناقض وتدخل إرادته ف إعمالها‪ ،‬كما تتأثر قاعدة عدم التناقض ر‬
‫وتياجع‬ ‫ي‬
‫أمام فكرة النظام العام‪.‬‬

‫‪ ‬الغش اإلجر ي‬
‫ائ‬
‫مبعية تعالج مسألة‬ ‫إن معالجة موضوع الغش لم ترق إىل نظرية متكاملة وهذا ال ينق أن هناك نصوص ر‬
‫ي‬
‫تكق لسد كل صور الغش المستحدثة والمتجددة‪ ،‬وحيث أن عدم مشوعية الغش تعود إىل‬ ‫ر‬
‫الن ال ي‬‫الغش ي‬
‫القانوئ‪ ،‬فإن‬ ‫قانوئ يحظره‪ ،‬ولسد هذا النقص‬ ‫فحن يف غياب نص‬‫افتقاره إىل أساس قانوئ يقوم عليه‪ .‬ر‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫القضاء مستقر عىل منعه من خالل أحكام المحاكم المتواترة‪ ،‬حيث تولد عرفا قضائيا اكتملت عنارصه‬
‫واستقرت عىل مبدأ أو قاعدة معينة‪ ،‬فأصبحت هذه القاعدة أو ذلك المبدأ عرفا ملزما يف إطار ما أصبح‬
‫وه قاعدة قانونية‬ ‫شء (أوما يعرف بقاعدة الغش يبطل كل الترصفات)‪ ،‬ي‬ ‫يعرف بفكرة الغش يفسد كل ي‬
‫ائ وينطبق عىل‬ ‫ر‬
‫سليمة ولو لم يجر بهما نص خاص وهذه القاعدة تجد تطبيقا لها حن يف المجال اإلجر ي‬
‫ائ هو‬ ‫ر‬
‫اإلستوبل بحد ذاتها فيشل إعمالها يف القضية من كانت تنطوي عىل غش مقصود‪ ،‬والغش اإلجر ي‬
‫عبارة عن إيهام الغي بواقعة غي صحيحة بقصد اإلرصار بالغي‪ ،‬فهو اإلخالل بواجب الصدق والياهة يف‬
‫يعتي عيبا‬
‫يناف العدالة والحقيقة أن الغش يف قانون المرافعات ر‬ ‫الخصومة لتضليل المحكمة وصدور حكم ي‬
‫ائ وذلك باستعمال الحيل التدليسية بقصد التوصل إىل حصول عىل منفعة ال‬ ‫مستقال يف العمل اإلجر ي‬
‫يلتق بالقواعد األخالقية‪ ،‬وإن‬ ‫ر‬
‫يقررها القانون بالشكل الذي تمت به‪ ،‬فالقانون يف الكثي من نصوصه ي‬
‫شء رييز انتصار القيم األخالقية عىل الشكلية المنطوية عىل سوء نية‬ ‫تطبيق قاعدة الغش يفسد كل ي‬
‫بقصد اإلرصار بالغي‪.²³‬‬
‫وقد يكون الغش مانعا للطرف المتمسك بتطبيق اإلستوبل أو قاعدة عدم التناقض عن التذرع به‪ ،‬وذلك‬
‫المبن عليه حالة اإلستوبل‪ ،‬ليس سوى نتيجة لتصوير سابق‬ ‫ي‬ ‫يف حال ما إذا أثبت أحد األطراف أن تصويره‬
‫صدر عن الطرف المتمسك باإلستوبل »‪ ،cross estoppel‬والواقع أن اإلستويل عىل اإلستوبل غي جائز‬
‫‪estoppel sur estopped ne vaut » .‬‬
‫القضائ‪ ،‬ال يكون‬ ‫ر‬
‫وف قاعدة عدم التناقض الميتبة عىل الحكم‬
‫ي‬ ‫ويشمل الغش جميع أنواع اإلستوبل‪ ،‬ي‬
‫القضائ محال لتطبيق هذه القاعدة‪ ،‬إال إذا ثبت الحصول عليه عن طريق الغش والتحايل كما يف‬
‫ي‬ ‫الحكم‬
‫مثال قضية الدوقة (‪kingston)²⁴.‬‬

‫‪ ‬سوء النية اإلجر ي‬


‫ائ‬
‫القانوئ‬ ‫اشياط سوء النية يف الخصم المواجه باإلستوبل مسألة كانت محل خالف بي النظام‬ ‫إن ر‬
‫ي‬
‫فق النظام اإلنجليي يعد شط‬ ‫ر‬
‫ائ ي‬ ‫الالتين‪ ،‬فاألول ال يشيط سوء النية اإلجر ي‬‫ي‬ ‫األنجلوسكسوئ ونظيه‬
‫ي‬
‫فيكق إلعمال اإلستوبل وقوع الرصر نتيجة‬ ‫ي‬ ‫واحدة‬ ‫لعملة‬ ‫وجهان‬ ‫بالغي‬ ‫ار‬ ‫اإلرص‬ ‫ط‬‫وش‬ ‫الخصم‬ ‫سوء نية‬
‫األمريك سوء نية الخصم‬ ‫ر‬
‫للتناقض دونما النظر يف حسن نية الخصم أو سوء نيته‪ .‬بينما يشيط النظام‬
‫ي‬
‫وبالتاىل ال يواجه باإلستوبل‬ ‫القضائ‪،‬‬ ‫الميتبة عىل الحكم‬ ‫المواجه باإلستوبل كما ف صورة اإلستوبل ر‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫الخصم الذي تناقض يف سلوكه خطأ أو جهال منه‪.²⁵‬‬
‫أما النظام الالتين وال سيما القانون الفرنس فكان موقف الفقه والقضاء متباينا ف ر‬
‫اشياط سوء نية‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫اعتيه البعض شطا جوهريا للتمسك باإلستوبل‪ ،‬فإن البعض اآلخر ذهب‬ ‫ر‬ ‫فبينما‬ ‫المتناقض‪،‬‬ ‫الخصم‬
‫مذهبا أكي بأن اشيط حسن النية يف الخصم ضحية التناقض‪ ،‬وأن مجرد سوء التمسك بقاعدة عدم‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫ر‬
‫الن من أجلها احتفظت محكمة النقض الفرنسية رصاحة‬ ‫التناقض‪ .‬نيته يمنعه من وهو أحد األسباب ي‬
‫بموجب قرار الغرف المجتمعة الصادر يف ‪ 27‬رفياير ‪ ،2009‬بحقها يف مراقبة شوط تطبيق عدم القبول‬
‫كجزاء يف حالة تطبيق قاعدة اإلستوبل‪ ،‬إذ قررت أن مجرد ظرف تناقض الخصم مع نفسه إرصارا بالغي ال‬
‫ر‬
‫الن رفعت دعوى للمطالبة‬ ‫يقتض بالرصورة الحكم بعدم القبول‪ .‬وكان ذلك بمناسبة قضية الشكة ( )‪ S‬ي‬ ‫ي‬
‫بتسليم كمية من بضاعة تعلم جيدا أنها غي مرخصة‪ ،‬ثم رفعت نفس الشكة دعوى أخرى للمطالبة‬
‫بالفسخ أو بطالن عقد التسليم لكون البضاعة المعنية غي مرخصة‪ ،‬إال أنه وبالرغم من تناقض المدعية‬
‫سالفة الذكر يف سلوكها فإنه لم يثبت أن هذا التعديل يف موقفها أدى إىل اإلرصار بالمدع عليها الشكة‬
‫( )‪X‬أو المساس بالثقة المشوعة‪ ،‬وحيث ثبت أن المدع عليها كانت غي أمينة عندما أقنعت المدعية‬
‫بأن البضاعة مرخصة وصالحة للبيع وكان من الواضح أنها بتمسكها باإلستوبل لم تكن حسنة النيةإطالقا‪.‬‬

‫ائ‪:‬‬
‫‪ ‬النظام العام اإلجر ي‬
‫ائ مانعا من تطبيق اإلستوبل‪ ،‬وقد قضت محكمة النقض الفرنسية يف حكمها‬ ‫يعد النظام العام اإلجر ي‬
‫نوفمي ‪ 2013‬برفض تطبيق مبدأ عدم جواز التناقض إرصارا بالغي عند إبداء الدفع‬ ‫ر‬ ‫الصادر بتاري خ ‪14‬‬
‫الفرنس‬
‫ي‬ ‫بعدم القبول النتفاء الصفة لمخالفته مقتضيات نص المادة (‪ )123‬من قانون اإلجراءات المدنية‬
‫كون الدفع بعدم القبول يمكن إثارته يف أي حالة كانت عليها الدعوى‪ .‬كما أنه يستنتج من المادة (‪ )21‬من‬
‫قانون المرافعات المرصي‪ ،‬الفقرة الثانية منها‪ ،‬نفس الحكم المتعلق بالنظام العام كمانع من تطبيق‬
‫اإلستوبل‪ ،‬ووفقا لمقتضيات هذه المادة ال يجوز التمسك بالبطالن من الخصم الذي تسبب فيه‪ ،‬وذلك‬
‫الن يتعلق فيها بالنظام العام‪.‬‬‫ر‬
‫كله فيما عدا الحاالت ي‬
‫من تسبب يف بطالن إجراء ال يجوز له أن يعود ويتمسك به‪ ،‬وإال عد‬ ‫حيث يفهم من ذلك أن الخصم ر‬
‫ائ يتوجب مواجهته باإلستوبل‪ ،‬غي أن ذلك لن يكون ممكنا إذا تعلق تمسك‬ ‫متناقضا يف سلوكه اإلجر ي‬
‫الخصم باإلجراء بالنظام العام‪.²⁶‬‬

‫وتفريعا عىل ذلك قضت محكمة النقض المرصية برصي ح القول بأن عدم جواز التمسك ببطالن اإلجراء‬
‫من الخصم الذي تسبب فيه وفقا لنص المادة (‪ )21‬من قانون المرافعات قارص عىل حالة بطالن اإلجراء‬
‫غي المتعلق بالنظام العام أما إذا كان بطالن اإلجراء متعلقا بالنظام العام أو كان اإلجراء معدوما فإنه ال‬
‫يرتب أثرا ويجوز لهذا الخصم التمسك بانعدام آثاره يف جميع األحوال‪.‬‬
‫‪ ‬تدخل إرادة الخصم المتمسك بقاعدة اإلستوبل‪:‬‬
‫إن تدخل إرادة الخصم ضحية التناقض يف وقوع الخصم اآلخر يف التناقض‪ ،‬يعد هو مانعا من تطبيق‬
‫نس‪ ،‬وقد كان محل تأكيد يف القرار الصادر عن محكمة‬ ‫اإلستوبل وهو ما استقر عليه موقف القضاء الفر ي‬
‫الفرنس أن مجرد حالة‬
‫ي‬ ‫استئناف ‪Dijon‬بتاري خ ‪ 11/02/2014‬الذي قض بأنه‪" :‬من المقرر يف القضاء‬
‫التناقض إرصارا بالغي ال يؤدي بالرصورة إىل عدم القبول‪ .‬كما أنه لما كان المؤمن قام بإعالن المؤمن له‬
‫االليام عمال بمقتضيات المادة (‪ )1315‬من القانون‬ ‫لمطالبته بدفع األقساط فكان لزاما عليه إثبات هذا ر‬
‫الن تستوجب إثبات وجود عقد‪.‬‬ ‫ر‬
‫الفرنس ويقع عىل عاتقه رتيير ترصيحاته ي‬
‫ي‬ ‫المدئ‬
‫ي‬

‫الن قدمها المؤمن بناء عىل حكم تمهيدي الصادر بناء عىل طلب من‬ ‫ر‬
‫ولما كانت المستندات التعاقدية ي‬
‫المؤمن له‪ ،‬لم يتضمن توقيع هذا األخي‪ ،‬ولهذه األسباب فال يجوز للمؤمن أن يتمسك بمبدأ اإلستوبل‪،‬‬
‫حيث كان الدفاع وراء إبداء خصمه المؤمن له أمام محكمة الدرجة األوىل‪ ،‬حجة انتفاء ثمة عالقة تعاقدية‬
‫المدع أمام‬
‫ي‬ ‫ائ للمؤمن‬
‫سبتمي ‪ ،2006‬هو تناقض يف السلوك اإلجر ي‬
‫ر‬ ‫بينهما ثم تمسكه بإنهاء عقد قدم يف‬
‫محكمة الدرجة األوىل حيث لوال تدخل إرادة المؤمن المتمسك بإعمال اإلستوبل باالحتجاج بعقد أبرم يف‬
‫سبتمي ‪ 2006‬أمام محكمة أول درجة ما كان حث ودفع المؤمن له عىل الوقوع يف التناقض بي إدعائه‬ ‫ر‬
‫أمام محكمة أول درجة بانتفاء أي عالقة تعاقدية‪.‬‬
‫سبتمي ‪ ،2006‬ولذلك يمكن القول بأنه ال يجوز التمسك‬‫ر‬ ‫ثم إدعائه أمام محكمة االستئناف بإنهاء عقد‬
‫باإلستوبل ممن كان سببا فيه"‪.‬‬

‫اإلسالم‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪ ‬موانع قاعدة عدم التناقض يف الفقه‬
‫المدع العذر يف تناقضه يف دعواه‪ ،‬فال يمنع التناقض يف مثل هذه‬‫ي‬ ‫هناك بعض الحاالت يجد فيها‬
‫المسائل صحة الدعوى‪ ،‬الذي يمكن إجماله يف مجموعة مسائل تعرف بما يستثن من التناقض‪ - :‬دعوى‬
‫ما يخق سببه كالنسب والطالق والخلع فالتناقض يف مثل هذه المواضع تسمع فيه الدعوى‪ ،‬كما لو‬
‫وه‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫أقامت المرأة بينة عىل الطالق ثالثا بعدما خلعت نفسها‪ ،‬فإن لها أن تسيد بدل الخلع حن ي‬
‫متناقضة‪ ،‬وأيضا الزوج الذي قاسم أخ زوجته مياثها وأقر األخ أنه وارث لها‪ ،‬ثم أقام بينة فيما بعد أن‬
‫الزوج كان قد طلقها ثالثا‪ ،‬قبلت بينته‪ ،‬ويرجع عىل الزوج بما أخذ من المياث‪ .‬وعن التناقض يف غي‬
‫موضع خفاء‪ ،‬فينظر إن لم يكن قابال للتوفيق فهو باطل ال تسمع فيه الدعوى‪ ،‬كمثال إدعاء شخص سيئا‬
‫باإلرث عن أبيه ثم إدعائه شاء منه‪ ،‬ال تسمع دعواه لتعذر التوفيق ذلك أن الموروث من األب ال ر‬
‫يتأئ‬
‫يدع شاءه ثم يقول عجزته عن إثباته فورثته أخرا‪.‬‬ ‫شاؤه منه‪ ،‬بخالف العكس بأن ي‬

‫وال ينحرص موضع الخفاء يف النسب والطالق والخلع بل إن ذلك عىل سبيل التمثيل ال الحرص‪ ،‬فلو‬
‫استأجر شخص دارا ثم برهن عىل المؤجر أنها ملكه ألن أباه ر‬
‫اشياه له يف صغره‪ ،‬فدعواه يف هذه الحالة‬
‫تسمع وال يمنع هذا التناقض لما فيه من الخفاء‪ ،‬فإن األب يستقل بالشاء للصغي ومن الصغي لنفسه‬
‫واالبن ال علم له بذلك‪ - .‬إذا كان يف العقد مساس بحق قارص أو وقف‪ ،‬فيجوز لمن تم من جهته نقضه‪،‬‬
‫غي فاحش فيه فإن دعواه‬ ‫المتوىل مال القارص أو الوقف‪ ،‬ثم ادع وقوع ر‬
‫ي‬ ‫الوض أو‬
‫ي‬ ‫كما إذا باع األب أو‬
‫شء‬ ‫ر‬
‫عىل حيدر باعتبار ذلك من باب خيار الفسخ للمشيي وليس من التناقض يف ي‬ ‫تسمع‪ ،‬وذهب العالمة ي‬
‫اشيي شخص أرضا ثم ادع أن بائعها كان‬ ‫االعياف بوجود العقد‪ .‬لو ر‬
‫ر‬ ‫ألن طالب الفسخ ليس معرضا عن‬
‫مقية أو مسجدا‪ ،‬فإن إدعاءه يقبل وتسمع دعواه صيانة لحقوق الجماعة‪ ،‬وإذا ثبت ذلك ينقض‬ ‫جعلها ر‬
‫ر‬
‫العقد‪ .‬إذا اشيى الشخص العي المأجورة أو العي المرهونة بدون إذن المستأجر أو المرتمن عالما بأنها‬
‫يبق عىل خياره إن شاء فسخ البيع إن شاء انتظر انتهاء مدة اإلجارة أو فكاك‬‫مأجورة أو مرهونة فإنه ر‬
‫الرهن‪ ،‬فهو يف صورة اختياره فسخ البيع ساع يف نقض ما تم من جهته‪ ،‬ولم يرد عليه سعيه‪ .‬الرجوع عن‬
‫الن تسقط بشبهة‪ ،‬بخالف الرجوع عن اإلقرار فيما يتعلق بحقوق العباد‬ ‫ر‬
‫اإلقرار فيما يتعلق بحقوق هللا ي‬
‫ألنه حق ثبت لغيه فلم يملك إسقاطه بغي رضاه‪ ،‬وحق العبد ما ثبت ال يحتمل السقوط بالرجوع‪ .‬بعض‬
‫ه مثاله حق الفسخ االستحقاق يف الوقف‪ ،‬وحق خيار الرؤيا‪،‬‬ ‫ر‬
‫الحقوق غي قابلة للسقوط أصال تبق كما ي‬
‫وحق تحليف اليمي المتوجهة عىل أحد المتداعي‪ .‬وإن ما يستثن من قاعدة الساقط ال يعود يمكن إن‬
‫ويعتي بمثابة استثناء‪ .‬للعقد الفاسد‪ ،‬وحق من قاعدة‪ .‬من سع يف نقض ما تم من جهته‬ ‫ر‬ ‫يقاس عليه‪،‬‬
‫فسعيه مردود عليه‪ .‬للواهب أن يرجع يف هبته وقد تم الترصف من جهته إذا تعلق برضا الموهوب له أو‬
‫تحقق سبب مقبول‪.‬‬
‫خاتمة ‪:‬‬
‫إن الخوض يف هكذا موضوع لم يكن بيسي وكذلك خاتمته لن تكون سهلة‪ ،‬وبعد أعوام من البحث‬
‫القانوئ لمعالجة التناقض يف السلوك قوال أو فعال‬ ‫ر‬
‫الن يفرضها الواقع‬
‫ي‬ ‫والتحليل يف عمق اإلشكالية ي‬
‫لتالف التناقض‬ ‫الن رصدت‬‫ر‬ ‫ر‬
‫ي‬ ‫والمكابرة والتقلب يف المواقف أو يف السلوك إزاء اإلليامات‪ ،‬من خالل اآللية ي‬
‫والمعروفة باإلستوبل‪ ،‬والخوف من ارتدادات استخدامها شططا أن ومن تصبح خارج السيطرة‪²⁷.‬‬
‫صحيح أن مبدأ عدم التناقض مع الذات عىل حساب الغي هو ثمرة التجاذب بي قواعد القانون وقواعد‬
‫حن يتأمن‬ ‫األخالق‪ ،‬تعكس تصور المجتمع لما يجب أن يكون عليه ترصف اإلنسان ف أوضاعه القانونية ر‬
‫ي‬
‫قدر ممكن من العدالة والتعامل بشف ونزاهة وإخالص وصدق‪ ،‬وفكرة األخالق ليست إال فكرة موسعة‬
‫عن العدالة والمجتمع دائما يف حاجة إىل قواعد قانونية تتالئم وحاجاته ومتطلباته المتجددة‪ ،‬كما وأن‬
‫احيام حقوق‬ ‫مبدأ عدم التناقض الذات عىل حساب الغي يساهم ف تطبيق غايات القانون وينطوي عىل ر‬
‫ي‬
‫اإلنسان وعىل األخص حقه يف محاكمة مع عادلة‪.‬‬
‫وبالتاىل دخول قاعدة عدم التناقض أوما يعرف باإلستوبل كفكرة أخالقية إىل القواعد القانونية المتعلقة‬
‫ي‬
‫باإلثبات وغيها من شأنه أن يضيف أثرا تهذيبيا لهذه القواعد‪ ،‬يساهم يف إقرار العدالة ورفع الظلم‪ ،‬وال‬
‫يبدو أن االتساق واالنسجام يف ترصفات األفراد يعد بمثابة عائق لتنمية العالقات االجتماعية و تجازي‬
‫التقاض‪ .‬وقد تطور العمل بها يف جميع‬
‫ي‬ ‫ائ أو عدم الياهة يف‬
‫قاعدة االستوبل يف الحقيقة سوء النية اإلجر ي‬
‫الدعاوى المدنية ف القانون اإلجرائ الفرنس و ليس ف نطاق قانون التحكيم فحسب غي ر‬
‫االعياف‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ينق الحذر من ارتدادات استخدامها شططا‪ ،‬كما أن تفسيها ال سيما لناحية مخالفة حقوق‬ ‫باإلستوبل ال ي‬
‫المدع من حق القضاء أو محارصة مبادرة الطرف المواجه‬ ‫ي‬ ‫الدفاع‪ ،‬ال يجب أن يؤدي إىل حرمان‬
‫باإلستويل يف ممارسة حقوقه الدفاعية بحسب تطور معطيات الياع صونا لحقوقه ‪ ،‬فالخصم له أن‬
‫يعدل يف موقفه ويغيه عىل حسب موقفه يف القضية ولعل هذا ما يفش القلق من مسألة اتساع تقنينها‬
‫والتخوف من أن تصبح خارج نطاق السيطرة‪ .‬بشكل موسع‪.‬‬
‫‪ -1‬رمضان ابراهیم عالم تعارض اإلجراءات يف قانون المرافعات حاالته وآثاره قواعده وأحكامه الطبعة األوىل‬
‫مكتبة الوفاء القانونية اإلسكندرية‪ ،‬مرص ‪ ،2015‬ص ‪.11‬‬
‫ائ يف قانون المرافعات ‪ .‬بدون ذكر الطبعة در‬ ‫ائ مبدأ عدم التناقض اإلجر ي‬ ‫‪ -2‬أحمد محمود االستوبل اإلجر ي‬
‫النهضة العربية‪ .‬أحمد سيد ‪.‬القاهرة مرص ‪،2016‬‬
‫ر‬
‫المغرئ االستوبل يف علم التحكيم نعم‪ .‬و لكن مجلة التحكيم العالمية العدد الثامن تشين‬ ‫‪ -3‬محمود محمود‬
‫ي‬
‫األول السنة الثانيةأكتوبر ‪ ،2010‬ص ‪125‬‬
‫الدوىل‪ .‬دار الفكر‬
‫ي‬ ‫العلوائ تنفيذ االلتامات الدولية ومبدأ حسن النية يف القانون‬ ‫ي‬ ‫‪ -4‬طالب عبد هللا فيد‬
‫الجامع اإلسكندرية مرص ‪ ،2015‬ص ‪119‬‬ ‫ي‬
‫ر‬
‫عرئ ‪ ،‬طبعة ‪ 05‬مكتبة لبنان ناشون لبنان ‪ ،2008‬ص‬ ‫‪-‬‬ ‫ي‬‫انكلت‬ ‫القانوئ‬ ‫المعجم‬ ‫‪،‬‬ ‫القانوئ‬ ‫سليمان‬ ‫‪ -5‬حارث‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫‪285‬‬
‫‪ -6‬رمضان ابراهیم عالم‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪95‬‬
‫‪ -7‬و الذي قبلت به محكمة النقض الفرنسية ضمنا يف حكمها الصادر يف ‪ 11‬مارس ‪ 1997‬قاضية أنه بالنظر إىل‬
‫المدئ ال يجوز ألحد أن يتناقض مع نفسه إضارا بالغت ويخون بالنتيجة‬ ‫ي‬ ‫المادة ‪ 1134‬فقرة ‪ 3‬من القانون‬
‫المشوعة للمتعاقد معه‪.‬‬ ‫الثقة ر‬
‫يع‬ ‫ر‬
‫القضائ والتش ي‬
‫ي‬ ‫المغرئ ما الذي يجري يف فرنسا حول االستويل اتعليقا عىل المنىح‬ ‫ي‬ ‫‪ -8‬محمود محمد‬
‫ر‬
‫المستجد من اإلستويل)‪ ،‬مجلة التحكيم العالمية ‪ -‬العدد الحادي عش تموز (يوليو) ‪ ،2011‬ص ‪.140‬‬
‫وتبن اإلستويل ضاحة‪ ،‬بل أعطت تعريفا واضحا‬ ‫ي‬ ‫‪ -9‬ولم يقترص قضاء محكمة النقض الفرنسية عىل تكريس‬
‫لإلستويل من جهة وأكدت عىل استقالليته عن العدول من جهة ثانية يف حكم لها يف ‪ 3‬فتاير ‪.2010‬‬
‫عىل الوجت يف القواعد الكلية الفقيبة‪ ،‬دار النهضة العربية القاهرة ‪ ،2001‬ص ‪213‬‬ ‫‪ -10‬ربیع دردير محمد ي‬
‫العلوائ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪119‬‬ ‫ي‬ ‫‪ -11‬طالب عبد هللا فيد‬
‫ر‬
‫الميقائ‪ ،‬منع التناقض إضارا بالغت يف الشيعة اإلسالمية‪ ،‬مجلة التحكيم العالمية‬ ‫‪ -12‬رافت محمد رشيد‬
‫ي‬
‫الثائ يناير ‪ ،2010‬ص ‪169‬‬ ‫ي‬ ‫العدد الخامس‪ ،‬السنة الثانية كانون‬
‫ً‬
‫اللبنائ الصادر يف آذار عام ‪ 1932‬المعمول به اعتبارا‬ ‫ي‬ ‫‪ -13‬ورد يف نفس المادة ‪ 1106‬قانون الموجبات والعقود‬
‫الن تخالف‬ ‫ر‬
‫من تشين األول سنة ‪ 1934‬الغيت و تبق أحكام المجلة وغتها من النصوص اإلشتاعية ي‬
‫ائ رقم ‪ 5‬لعام ‪ 1965‬يف‬ ‫قانون الموجبات والعقود أو ال تتفق مع أحكامه"‪ .‬قانون المعامالت المدنية اإلمار ي‬
‫اآلئ‪ :‬ملغاة جميع‬ ‫مادته ‪ 70‬عىل ي‬
‫من سع يف نقض ما تم من جيته فسعيه مردود عليه "‬
‫اآلئ‪ :‬من‬ ‫‪ -14‬نص الفصل ‪ 547‬من مجلة االلتامات و العقود التونسية الصادرة يف سنة ‪ 1906‬وتعديالتها عىل ي‬
‫سع يف نقض ما تم من جهته فسعيه مردود عليه إال إذا أجاز القانون ذلك بوجه ضي ح‪.‬‬
‫‪ -15‬انظر المادة ‪ 338‬من األمر ‪ 75/58‬المؤرخ يف ‪ 20‬رمضان عام ‪ 1395‬الموافق ‪ 26‬سبتمت سنة ‪1975‬‬
‫المدئ المعدل و المعدل‪.‬‬ ‫ي‬ ‫والمتضمن القانون‬
‫‪.‬‬
‫‪ -16‬انظر المادة ‪ 341‬من قانون رقم ‪ 01/09‬مؤرخ يف ‪ 23‬فيفري ‪ 2008‬يتضمن قانون اإلجراءات المدنية‬
‫واإلدارية ‪ .‬ج وعدد ‪ 2 1‬لسنة ‪2006‬‬
‫ر‬
‫مرس صالح شاج البيئة المردودة بي القانون والشيعة اإلسالمية دراسة مقارنة‪ ،‬رسالة ماجستت يف‬ ‫أمائ‬
‫ي‬ ‫‪ -17‬ي‬
‫الغنيم بعض االتجاهات الحديثة يف‬ ‫ي‬ ‫الحكم محمد طلعت‬ ‫ي‬ ‫القانون الخاص‪ ،‬كلية انظر‪ :‬يف تعريف اإلغالق‬
‫سام عبد الحميد أصول‬ ‫ي‬ ‫الدوىل العام‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية ‪ ، 1974‬ص ‪ 111‬محمد‬ ‫ي‬ ‫القانون‬
‫الثائ‪ ،‬الطبعة السادسة‪ ،‬الدار الجامعية القانون جامعة الخرطوم ‪ ،2005‬ص‬ ‫ي‬ ‫الدوىل العام الجزء‬ ‫ي‬ ‫القانون‬
‫‪45‬و‪46‬‬
‫قضائ تحكيم تجاري القاهرة‬ ‫ي‬ ‫‪ -18‬اإلسكندرية ‪ ، 1984‬ص ‪ 286‬يف الدعاوى رقم ‪ 35.41.44.45‬لسنة ‪129‬‬
‫الدائرة السابعة التجارية‪ .‬جلسة ‪ 5‬فتاير ‪ ،2013‬حكم غت منشور ‪ ،‬أشار إليه أحمد سيد أحمد محمود‬
‫المرجع السابق ص ‪196‬‬
‫المغرئ‪ ،‬األستويل يف قانون التحكيم المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪100-99‬‬ ‫ي‬ ‫‪ -19‬أشار إليهم محمود‬
‫عىل طريخهم‪ ،‬قاعدة عدم‬ ‫‪ -20‬أحمد سيد أحمد محمود المرجع السابق ص‪ 72-71‬صادق عبد ي‬
‫التناقض(اإلغالق) و تطبيقاتها القانونية‪.‬المرجع السابق‪.‬ص ‪40‬‬
‫مغرئ‪ ،‬األستويل يف قانون التحكيم المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪94‬‬‫ي‬ ‫‪ -21‬محمود محمود ال‬
‫عىل طريخم المرجع السابق‪ ،‬ص ‪223‬‬ ‫‪ -22‬صادق عبد ي‬
‫‪ -23‬أما ما عدا ذلك من تصوير يؤدي إىل قيام شك لدى الموجه إليه التصوير أو إغفال أو إهمال من جانبه كليا‬
‫حاالت خارجة عن اإلستوبل‬
‫‪ -24‬أحمد سيد أحمد محمود المرجع السابق ص ‪26‬‬
‫يع‬ ‫ر‬
‫القضائ والتش ي‬
‫ي‬ ‫مغرئ ما الذي يجري يف فرنسا حول االستويل تعليقا عىل المنح‬
‫ي‬ ‫‪ -25‬محمود محمود‬
‫المستجد حول االستويل ‪.‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪144‬‬
‫‪ -26‬هدف منع إثبات بعض الوقائع"‬
‫‪ -27‬مجلة دورية علمية محكمة متخصصة يف مجال العلوم القانونية والسياسية تصدر عن كلية الحقوق‬
‫تليىح باألغواط‬
‫ي‬ ‫والعلوم السياسية جامعة عمار‬

You might also like