Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 12

Revue Langue, culture et société, Volume 5, n.

2, décembre 2019

‫مدح أقطاب التصوف في الشعر الملحون‬

‫عز الدين المعتصم‬


‫ القنيطرة‬-‫جامعة ابن طفيل‬

‫ة من‬8‫ل بجمل‬8‫بح يحف‬8‫ حيث أص‬،‫ون‬8‫عر الملح‬8‫بها الش‬8‫تي اكتس‬8‫ة ال‬8‫ة النوعي‬8‫د على القيم‬8‫ تهدف هذه الدراسة إلى التأكي‬:‫ملخص‬
‫ئلة‬88‫رح بعض األس‬8‫تدعى ط‬88‫ذي اس‬88‫ر ال‬88‫ األم‬.‫ أهمها ظاهرة التصوف‬،‫القضايا والمضامين األكثر تأثيرا في الوجدان المغربي‬
‫ل‬88ّ‫ات المتخي‬8‫ا هي تجلي‬8‫يح؟ م‬8‫امي والفص‬8‫ون بين الع‬8‫عراء الملح‬88‫ة ش‬8‫ركت مخيّل‬8‫ف تح‬88‫ كي‬:‫والقضايا للتأمل والدرس من قبيل‬
‫الجمعي المغربي في مجال التصوف من خالل الشعر الملحون؟ كيف تتجلى خصوصيات أدب العا ّمة الذي ينتمي إلى الثقافة‬
.‫الشفهية؟ هذه األسئلة تغري بالبحث في لغة الملحون التي تفصح عن الوجدان الجمعي للمغاربة‬
‫ أولياء التصوف في الشعر الملحون من خالل الدواوين الشعرية الصادرة عن‬/‫تسعى الدراسة إلى رصد تجليات مدح أقطاب‬
‫د‬88‫يخ عب‬88‫ الش‬:‫ال‬8‫ أمث‬8،‫يزين‬8‫عراء متم‬88‫د ش‬8‫ا عن‬88‫ بعدما تأ ّكدنا أن تجربة اإلبداع الصوفي بلغت ذروته‬،‫أكاديمية المملكة المغربية‬
.‫القادر العلمي والشيخ أحمد الگندوز والشيخ التهامي المدغري والشيخ ادريس السنّاني والسلطان موالي عبد الحفيظ‬

‫ أولياء التصوف‬/‫ ظاهرة التصوف؛ الشعر الملحون؛ أقطاب‬:‫ مفاتيح‬-‫كلمات‬

Titre : L’éloge des pôles mystiques soufistes de la poésie Almalhoun

Résumé : Cette étude a pour but d’insister sur la valeur spécifique de la poésie de
Almalhoun. Cette poésie regorge de sujets et contenus qui ont influencé l’existentiel
marocain, en particulier le phénomène du soufisme. Ce qui suggère certaines questions telles
que : Comment L’imagination des poètes a basculé du familier au classique ? Quelles sont les
manifestations de l’existentiel collectif des Marocains dans le soufisme par la poésie de
Almalhoun ? Comment se manifestent les particularités socioculturelles de la culture orale ?
Ces questions suscitent la recherche dans le langage de Almalhoun qui révèle l’existentiel
communautaire des Marocains.
Cette étude tend à déceler les manifestations de l’éloge des pôles soufis de la poésie de
Almalhoun à travers les œuvres poétiques publiées par l’Académie du Royaume du Maroc
après avoir confirmé que l’expérience de la créativité poétique soufis avait atteint son apogée
parmi les poètes les plus distingués comme : Cheikh Abdel Kader El Alami, Cheikh Ahmed
El Kandouz, Cheikh Touhami Lamdaghri, Cheikh Driss Snnani et le sultan Moulay Abdel
Hafid.

Mots- clés: le phénomène du soufisme ; la poésie de Almalhoun ; les pôles mystiques 

Title: The Praise of Sufi Poles in Al Malhoun Poetry

Abstract: The objective of this study is to highlight the typical value which Al-malhoun
poetry has obtained, as it addresses the cases and the contents that touch the Moroccans’ soul,
one of these topics is the mystical phenomenon. As a result, the following questions have
been asked: How Al-malhoun poets’ imaginations have switched from the vernacular
language to the eloquent one? What are the manifestations of the Moroccan collective
imaginary in the field of Almalhoun poetry? How do the socio-cultural specificities related to
oral culture manifest? These questions tempt us to search more in Al-malhoun language
which mirrors the collective soul of Moroccans.
‫‪Revue Langue, culture et société, Volume 5, n. 2, décembre 2019‬‬

‫‪This study tends to detect the manifestations of the eulogy of the Sufi poles of the Almalhoun‬‬
‫‪poetry through the poetic works that are published by the Moroccan Kingdom Academy after‬‬
‫‪having confirmed that the experience of the Sufi had reached its apex among the most‬‬
‫‪distinguished poets as: Sheikh Abdel Kader El Alami, Sheikh Ahmed El Kandouz, Sheikh‬‬
‫‪touhami Lamdaghri, Sheikh Driss Snnani and the Soult Moulay Abdel Hafid.‬‬

‫‪Keywords: Mystical phenomena; The poles of Sufi; Almalhoun Poetry‬‬

‫توطـــئــــة‬

‫يزخر الشعر الملحون بجملة من القضايا والمضامين األكثر تأثيرا في الوجدان المغربي‪ ،‬أهمها ظ‪8‬اهرة التص‪8‬وف‪ ،‬إذ تفاع‪8‬ل‬
‫شاعر الملحون في المجتمع المغربي مع أغراض شعرية شتى‪ ،‬وتجاوب معها وهالته عظمتها‪ ،‬فانساب مع جماليتها وس‪88‬بر‬
‫أغوارها‪ ،‬ليصل إلى ما تحمله من جمال وجالل وتفرد‪ .‬أسعفته في بلوغ هذا المرام العسير ق‪8‬درات إبداعي‪8‬ة متم‪88‬يزة و َملَ َك‪88‬ات‬
‫فنية هائلة‪ ،‬زيادة على رقة العاطفة وصفاء المشاعر والروح‪.‬‬

‫ومن هذا المنطلق تهدف هذه الدراسة إلى التأكيد على القيمة النوعية التي اكتسبها الشعر الملح‪88‬ون المغ‪88‬ربي من خالل رص‪88‬د‬
‫تجليات مدح أقطاب التصوف وفحص آليات الخطاب الصوفي‪ ،‬ال من منطلق التجاوز والتخطي‪ ،‬وإنما من مبدأ االمتص‪88‬اص‬
‫والتمثل لمفردات المتصوفة ومعجمهم الخاص‪ ،‬وذلك عن طريق الدواوين الشعرية الصادرة عن أكاديمية‪ 8‬المملك‪8‬ة المغربي‪8‬ة‪.‬‬
‫األمر الذي استدعى طرح بعض األسئلة والقضايا للتأمل والدرس من قبيل‪ :‬كيف يشتغل االص‪88‬طالح اللغ‪88‬وي الع‪88‬امي ض‪88‬من‬
‫مناخ التجربة الصوفية عند شعراء الملح‪88‬ون وأش‪88‬ياخه؟ م‪88‬ا هي تجلي‪88‬ات المتخي‪88‬ل الجمعي المغ‪88‬ربي في مج‪88‬ال التص‪88‬وف من‬
‫خالل الشعر الملحون؟ كيف تتجلى خصوص‪88‬يات أدب العام‪88‬ة ال‪88‬ذي ينتمي إلى الثقاف‪88‬ة الش‪88‬فهية ويختل‪88‬ف عن األدب بالعربي‪88‬ة‬
‫المعيار؟ وهي أسئلة تغري بالبحث في الشعر الملحون الذي يفصح عن الوجدان الجمعي للمغاربة‪.‬‬

‫‪ .1‬ظاهرة التصوف في الشعر الملحون‬

‫شكلت ظاهرة التصوف العمود الفقري للبنية الحضارية المغربية وجسدت إحدى مقوماتها الروحية والثقافية‪ ،‬وحس‪88‬بنا أن‪88‬ه ال‬
‫تكاد تخلو فترة زمنية من تاريخ المغرب دون أن تلم‪8‬ع أس‪8‬ماء شخص‪8‬يات وأعالم في ع‪8‬الم الص‪8‬الح والوالي‪8‬ة‪ ،‬ح‪8‬تى قي‪8‬ل إن‬
‫«أرض المغرب تنبث األولياء كما تنبث األرض الكأل‪ .»1‬وهو أمر ال تخفى حقيقته على ك‪88‬ل من س‪88‬بر غ‪88‬ور ت‪88‬اريخ المق‪88‬دس‬
‫بالمغرب‪ ،‬مما يسمح بالقول إن التصوف يعد مفتاحا ضروريا للقيام بحفري‪88‬ات في ت‪88‬راث ه‪88‬ذا البل‪88‬د بك‪88‬ل عناص‪88‬ره ومكونات‪88‬ه‬
‫المادية والمثالية وعاداته المتجذرة‪ ،‬وفهم كنه آليات العقل المغربي‪ ،‬واس‪8‬تيعاب ثقافت‪8‬ه ومجال‪8‬ه المع‪8‬رفي على اختالف ألوان‪8‬ه‬
‫وتشعب مناحيه‪.‬‬

‫يعد الملحون في المغرب إبداعا شعريا يعبر عن الذات والمجتمع؛ إذ يهدف إلى تفسير جوانب الحي‪88‬اة‪ ،‬وله‪88‬ذا فه‪88‬و ق‪88‬ادر على‬
‫اس‪88‬تغالل اللغ‪88‬ة في وظيفتيه‪88‬ا اإلبداعي‪8‬ة‪ 8‬والتفس‪88‬يرية‪ .‬فاإلب‪88‬داع بش‪88‬كل ع‪8‬ام يتط‪88‬ور ت‪88‬دريجيا بفع‪88‬ل ال‪8‬وعي المع‪88‬رفي والثق‪8‬افي‬
‫المتراكم‪ ،‬وبفعل الحركات اإلبداعية المتوالي‪88‬ة‪ .‬وه‪88‬ذا التط‪88‬ور الخ‪88‬اص باإلب‪88‬داع عموم‪88‬ا‪ ،‬ال ب‪88‬د أن يرافق‪88‬ه تط‪88‬ور في طريق‪88‬ة‬
‫التناول والدرس واالهتمام‪ ،‬وتتطور وفقا لذلك‪ ،‬اآلليات التي يس‪88‬تخدمها الب‪88‬احث لمقارب‪88‬ة ذل‪88‬ك التط‪88‬ور‪ .‬أم‪88‬ا ش‪88‬اعر الملح‪88‬ون‬
‫الصوفي فقد تأثر بالثقافة الديني‪88‬ة وبالوس‪88‬ط الش‪88‬عبي ال‪88‬ذي يعايش‪88‬ه‪ .‬وه‪88‬ذه الثقاف‪88‬ة تع‪88‬د زادا معرفي‪88‬ا متنوع‪88‬ا‪ ،‬تقدم‪88‬ه "الجامع‪88‬ة‬
‫الشعبية" التي كانت ممثلة في المساجد والزواي‪88‬ا‪ ،‬وفي المحاف‪88‬ل الش‪88‬عبية ال‪88‬تي ك‪88‬انت تنظم من حين آلخ‪88‬ر‪ ،‬بمناس‪88‬بة المواس‪88‬م‬
‫الدينية وغيرها‪.‬‬

‫معربة‪ .‬ويرى عبد العزيز‬


‫يمثل الشعر ال َملحون أح َد األشكال التي تفنن المغاربة في إبداعها ‪-‬وال يزالون‪ -‬متوسلين بلغة غير َ‬
‫اعمار أنه «ليس هن‪8‬اك مج‪8‬ال للمقارن‪88‬ة بين قواع‪8‬د اللغ‪88‬ة العربي‪88‬ة الفص‪88‬يحة والدارج‪8‬ة المغربي‪88‬ة‪ ،‬لتوص‪8‬ف ه‪88‬ذه األخ‪8‬يرة ب‬
‫"اللحن"؛ أي بالخروج عن قواعد اللغة وضوابطها‪ .»2‬زيادة على أن لغة الملحون تح‪8‬اول أن تبتع‪8‬د في معجمه‪8‬ا الع‪8‬امي عن‬

‫‪ 1‬ابراهيم القادري بوتشيش (‪ »،)2013‬ثقافة الوسطية في التصوف السني بالمغرب»‪ ،‬القادري بوتشيش (تنسيق)‪ ،‬التصوف‬
‫السني في تاريخ المغرب‪ -‬نسق نموذجي للوسطية واالعتدال‪ ،‬الرباط‪ ،‬منشورات الزمن‪ ،‬ص‪.16 .‬‬
‫‪ 2‬عبد العزيز اعمار (‪» 8،)2010‬معجم مصطلحات الملحون»‪ ،‬ضمن ليلى المسعودي‪ ،‬حفيظة العم‪8‬راني‪ ،‬اب‪8‬راهيم الكع‪88‬اك‪،‬‬
‫توفيق هللا أفكينيش (تنسيق)‪ ،‬حول القواميس‪ ،‬القنيطرة‪ ،‬منشورات مختبر اللغة والمجتمع‪ ،CNRST- URAC56 ،‬كلية‬
‫اآلداب والعلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة ابن طفيل‪ ،‬ص‪.13 .‬‬
‫‪Revue Langue, culture et société, Volume 5, n. 2, décembre 2019‬‬

‫اللسان الدارج المتداول‪ ،‬وأن تقتبس بعض ما يجعلها تق‪88‬ترب من اللغ‪88‬ة المعي‪88‬ار‪ ،‬م‪88‬ع التص‪88‬رف في الص‪88‬يغ واعتم‪88‬اد ج‪88‬وانب‬
‫بالغية‪ ،‬واالرتقاء بفنية األسلوب‪.‬‬

‫وسعيا وراء توثيق بعض المظاهر الدينية‪ 8‬ال‪88‬تي ال ي‪88‬زال البحث فيه‪88‬ا جاري‪88‬ا‪ ،‬وال ت‪88‬زال تأخ‪88‬ذ من الدارس‪88‬ين والمهتمين جانب‪88‬ا‬
‫كبيرا من الرعاية والعناية هناك مظاهر من التصوف قد اختفت من المجتمع المغربي‪ ،‬هذه المظاهر التي تغ‪88‬نى به‪88‬ا الش‪88‬يوخ‬
‫ورددها المريدون‪ .‬وقد ذكر عبد الرحمان الملحوني أن أحد شيوخ التصوف قال مشيرا إلى هذه المظاهر الروحية التي كانت‬
‫موجودة باألمس القريب‪:‬‬
‫‪3‬‬ ‫ي ْتبَ ْع ْ‬
‫ط ِري ْق ال َّسنِّة‪ ،‬يَا بَابَا‬ ‫اللِّي ْبغَى ِإ ْي َغنِّي و ْي ُك ْ‬
‫ون منَّا‬

‫ويقول أحد خ َّدام الطريقة العيساوية‪:‬‬


‫‪4‬‬
‫ص ْد مرگاحْ نَا‬ ‫ْ‬
‫فالليَالِي وال َحرْ ي ْق َ‬ ‫اللِّي ْت َشهانَا و ْبغَى ِخيرْ نَا‬

‫وإذا ارتبط الفكر المغربي بالزوايا التي لعبت دورا هاما في نشر ال‪8‬وعي ال‪88‬ديني والص‪8‬وفي‪ ،‬ف‪8‬إن ذل‪8‬ك أظه‪8‬ر بجالء العقلي‪8‬ة‬
‫المغربية التي تناسب الواقع االجتماعي‪ ،‬وتستجيب لمتطلباته الفكرية‪ ،‬حيث عمدت الزوايا إلى تقويم نفسية الف‪88‬رد‪ ،‬كم‪88‬ا لعبت‬
‫دور الوسيط بين الرعية والسلطة‪ ،‬لكونها اس‪8‬تطاعت كس‪8‬ب ثق‪88‬ة الن‪88‬اس وال‪8‬دفاع عن مص‪8‬الحهم‪ ،‬فض‪8‬ال عن تعمي‪88‬ق الش‪88‬عور‬
‫الديني ومحاربة التشاؤم والقلق‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬نستطيع القول إن االتجاه الصوفي ال ُّسنِّي هو الذي ميز التصوف المغ‪88‬ربي‪ ،‬فك‪88‬انت الحي‪88‬اة الص‪8‬وفية مبني‪88‬ة‬
‫على نوعين من التصوف‪ ،‬هما‪ :‬تصوف العلماء‪ ،‬ثم تصوف الزوايا أو الرباطات «ويندرج ضمن ه‪88‬ذا الن‪88‬وع الث‪88‬اني نم‪88‬وذج‬
‫آخر من العناصر الصوفية وهم المجاذيب والبهاليل‪ ،‬وهؤالء يتم األخذ عنهم بحكم أن الجذب ظاهرة ال إرادية‪ ،‬يفسرونه بأنه‬
‫يهبط من هللا ويستقر في قلوب هؤالء‪ ،‬وهذا يعني أنهم مخصوصون بالبركة‪.»5‬‬

‫هذه صورة عن البيئة الدينية‪ 8‬والعلمية التي كانت الظاهرة الصوفية أهم طابع يميزها‪ ،‬تلك البيئة التي رسمت شخصية شعراء‬
‫الملحون وطبعتها بروحانيتها التي انعكست على دواوينهم الش‪88‬عرية‪ ،‬وس‪8‬اهمت في تحدي‪88‬د الهوي‪8‬ة األدبي‪8‬ة للخط‪8‬اب الص‪88‬وفي‬
‫الذي يروم تمثل العناصر التي أفرزها التصوف المشرقي أو األندلسي على حد سواء‪.‬‬

‫‪ .2‬مدح أقطاب التصوف‬

‫يختلف المدح في الشعر الملحون عن االصطالح المعروف في القص‪88‬يدة العربي‪88‬ة‪ ،‬ويتض‪88‬من أش‪88‬عار المواع‪88‬ظ والتص‪88‬ليات‪،‬‬
‫والذكر والحكم والوص‪88‬ايا‪ ،‬والغ‪88‬زوات والمالحم‪ ،‬وقص‪88‬ص األنبي‪88‬اء‪ .‬وه‪88‬و من أك‪88‬ثر المج‪88‬االت إنتاج‪88‬ا وإب‪88‬داعا ل‪88‬دى ش‪88‬عراء‬
‫الملحون‪ .‬امتاز بصدق العاطفة‪ ،‬وفرط الوجد‪ ،‬وشدة التعلق برسول هللا صلى هللا عليه وسلم وآل بيته‪ ،‬كم‪88‬ا ك‪88‬ان وس‪88‬يلة لني‪88‬ل‬
‫القرب من هللا سبحانه وتعالى‪ ،‬وهو فن من فنون الشعر التي أذاعها التصوف‪ .‬ويعد مدح أقطاب التصوف ورجاالت‪88‬ه من بين‬
‫الموضوعات الشعرية التي استأثرت باهتمام شاعر الملحون في المغرب‪ ،‬فقد هاله جمال شخوص‪8‬هم وم‪8‬ا طبعه‪8‬ا من ص‪8‬الح‬
‫وطهر وجالل‪ ،‬باإلضافة إلى زعامتهم الصوفية كمربين وشيوخ‪ ،‬أط‪88‬روا المغارب‪88‬ة وقوم‪88‬وا س‪8‬لوكاتهم‪ ،‬وأس‪88‬هموا في رعاي‪88‬ة‬
‫العمل الفكري والنشاط المعرفي في زواياهم التي كانت منارات علمية فاعلة‪.‬‬

‫وهكذا أقبل الشعراء‪ ،‬بصدق‪ ،‬على مدح هذه الزمرة الطاهرة من الرجال الذين بصموا تاريخ المغرب وأثّروا في مساره مثل‬
‫الشيخ عبد السالم بن مشيش وإدريس األكبر وابنه األزهر وجد األشراف الوزانيين عبد هللا الشريف وحفيده م‪8‬والي الته‪8‬امي‬
‫وموالي الطيب وسيدي أبي العب‪8‬اس الس‪8‬بتي واإلم‪8‬ام الس‪8‬هيلي وغ‪8‬يرهم من أقط‪8‬اب الط‪8‬رق الص‪8‬وفية‪ .‬ذل‪8‬ك أن الش‪8‬يخ ‪-‬عن‪8‬د‬
‫المتصوفة‪ -‬تولى بالوراثة الروحية مقام الوالية الذي يأتي في الدرجة الموالية لمقام النبوة‪.‬‬

‫يمدح شاعر الملحون الولي الصالح مدحا خالصا‪ ،‬على اعتبار أن واليته تنحدر من األصل إلى الفرع‪ .‬فالحديث عن األصل‬
‫هو حديث يخص الرسول‪ ،‬صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬بكل دالالته وأبعاده الدينية‪ 8‬واإلنسانية لكونه قطب الوالية‪ ،‬وأما الحديث عن‬
‫الفرع فهو الذي غالبا ما ترتبط واليت‪88‬ه بانتمائ‪88‬ه إلى الدوح‪88‬ة النبوي‪88‬ة الش‪8‬ريفة‪ .‬وه‪88‬ذا م‪88‬ا حفَّز ش‪8‬اعر الملح‪88‬ون الص‪88‬وفي على‬
‫إضفاء صفات التعظيم وإعالء شأن الممدوح‪ .‬وبما أن األولياء هم أصفياء هللا س‪8‬بحانه من عب‪88‬اده وأتقي‪88‬اء الق‪88‬وم‪ ،‬ف‪8‬إن م‪8‬دحهم‬
‫‪ 3‬عبد الرحمان الملحوني (‪ ،)2003‬أضواء على التصوف بالمغرب ‪ ،‬الرباط‪ ،‬منشورات وزارة الثقافة‪ ،‬مطبعة دار المناهل‪،‬‬
‫ص‪.124 .‬‬
‫‪ 4‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.124 .‬‬
‫‪ 5‬ابراهيم القادري بوتشيش (‪ ،)2013‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.101 .‬‬
‫‪Revue Langue, culture et société, Volume 5, n. 2, décembre 2019‬‬

‫يغطي مساحة كبرى في ديوان الملحون‪ ،‬ألنهم ملكوا قلب الشاعر واستحوذوا على عقله‪ ،‬فأبدع في محبتهم وتغنى بش‪88‬مائلهم‪.‬‬
‫وهذا ما نستشعره من خالل العناصر التالية‪:‬‬

‫‪ .1.2‬حب الولي‬

‫يذكر شوقي ض‪88‬يف على لس‪8‬ان ابن المعطي في التعري‪88‬ف باألولي‪88‬اء «األولي‪8‬اء جم‪88‬ع ولي فعي‪88‬ل بمع‪88‬نى فاع‪88‬ل‪ ،‬ألن‪88‬ه والى هللا‬
‫ورسوله فلم يخرج عن أمرهما ونهيهما إلى ما يغضبهما‪ ،‬وضابط الولي أنه المداوم على فعل الطاعات واجتناب المعاص‪88‬ي‪،‬‬
‫المعرض عن االنهماك في اللذات [‪ ]...‬وأن أصل الوالية لمن وجدت فيه صفة العدالة الباطنية بالشروط المعبرة ثم الكرامة‪،‬‬
‫ظهور أمر خارق للعادة غير مقارب لدعوى النبوة‪ .»6‬والوالية ال يدركها من الن‪8‬اس إال من أراد هللا ب‪8‬ه خ‪8‬يرا واص‪8‬طفاه لم‪8‬ا‬
‫يحبه ويرضاه‪ .‬واألولياء لم يحظوا بالمراتب العليا في أذهان الن‪88‬اس‪ ،‬إال عن طري‪88‬ق مجاه‪88‬دة النفس‪ ،‬وتطه‪88‬ير القلب وص‪88‬فاء‬
‫السريرة‪ ،‬إلى جانب المواظبة على الصلوات ليال ونهارا والصيام أليام‪ ،‬وكذا اإلفطار على القليل كثمرة مثال‪.7‬‬

‫وقد بوأ المغاربة األولياء منزلة رفيعة وأطلقوا عليهم ألقابا عديدة «درج المغاربة على إطالق لف‪88‬ظ م‪88‬والي [‪ ]...‬وس‪88‬يدي‪...‬‬
‫على ك‪88‬ل من يرتب‪88‬ط نس‪88‬به ويتص‪88‬ل ب‪88‬آل ال‪88‬بيت وأتباع‪88‬ه‪ ،‬حيث يحظى نس‪88‬به بالش‪88‬رف ويلقب بالش‪88‬ريف‪ .‬ويص‪88‬بح "م‪88‬والي"‬
‫والص ‪8‬الح‪ ،‬ومن‬‫ُّ‬ ‫و"سيدي" دليال على هذا الشرف‪ ،‬كما تطلق على من عرفوا بالتقوى والصالح والزهد في عالقة باألولي‪88‬اء‬
‫يتصل بهم‪ .»8‬وقد ورد في المثل‪ْ " :‬‬
‫ط َعا ْم ال ُّشرْ فَا فِي ْه ال ْشفَا"؛ وهي دعوة الضيف لإلقبال على تناول طعام الشرفاء اعتقادا بما‬
‫يحمله هذا الطعام من شفاء ودواء‪ .‬وينبني حب شاعر الملحون للولي الصالح على التعلق بالمحب والفناء في محبت‪88‬ه‪ ،‬ويمثل‪88‬ه‬
‫الحقل المعجمي التالي الذي استقيناه من دواوين بعض أشياخ الملحون‪:‬‬

‫‪ -‬جاء عند عبد القادر العلمي‪ :‬مدح‪ ،‬عشق‪ ،‬مدح الهمام السلطان‪ ،‬مدح بشعارك اللطيفة‪ ،‬أنت مصباح‪ ،‬أنت مسراج‪ ،‬أنت قرة‬
‫‪9‬‬
‫بصري‪ ،‬نمدح ونمجد‪ ،‬مدح األولياء‪ ،‬شوق المحبة‪ ،‬اقبل مدحي‪ ،‬يا بدر‪ ،‬نسيم اهواه‪...‬‬
‫‪ -‬ورد عند الجياللي امتيرد‪ 8:‬رج‪88‬ال األفض‪88‬ال‪ ،‬س‪88‬يدي يوس‪88‬ف‪ ،‬ان‪88‬واره‪ ،‬من ازه‪8‬اره تقط‪88‬ف‪ ،‬من بح‪8‬ره ترش‪8‬ف‪ ،‬لي‪88‬ه خ‪88‬ير‬
‫‪10‬‬
‫كثير‪...‬‬
‫‪11‬‬
‫‪ -‬يذكر أحمد الگندوز‪ :‬نعم الهمام‪ ،‬نعم السلطان‪ ،‬هيبتي وأمالي‪ ،‬الشريف‪ ،‬موالي‪...‬‬

‫تبرز هذه المادة المعجمية هيمنة صفة الجمال التي يتصف بها الممدوح‪ /‬الولي الصالح‪ .‬وتوضح هذه الص‪88‬فة بجالء اس‪88‬تلهام‬
‫الخطاب الشعري الصوفي للمرجعية الدينية‪ ،‬ألن القرآن نبَّه إلى إحساس اإلنسان بالجمال في مظاهره الكثيرة التي ال حصر‬
‫لها وال حدود‪ .‬يقول عبد القادر العلمي في مدح المولى ادريس‪:‬‬
‫وال يَعْــ َرضْ لي مع اسْنا ْه ْ‬
‫اظال ْم ا ْغليسْ‬ ‫يا بَ ْدرْ االَّ إيغيبْ َعنِّي ُحس ْْن اضْ يا ْه‬
‫‪12‬‬ ‫ْ‬
‫دات لَيْلى ُم ْه َجة قيسْ‬ ‫كـيف ْ‬
‫اخ َرب حُبْ‬ ‫ْ‬ ‫ديوان ُمهْجْ تِــي بنسي ْم ا ْهـوا ْه‬
‫ْ‬ ‫اخ َرب‬ ‫ْ‬

‫يبدو أن المحب ‪-‬كما يظهر من خالل هذه اإلشارات– مسكون بحب الولي تتجاذبه األش‪88‬واق فال تزي‪88‬ده إال تعلق‪88‬ا ورغب‪88‬ة‬
‫في االتصال به‪ .‬إن الباحث في ديوان الملحون الصوفي‪ ،‬يجد قصائده معبرة أصدق تعبير عن وقفات تأملية أمام مرآة الحي‪88‬اة‬
‫والنفس‪ ،‬إلى جانب كونها وقفة ندامة واستغفار‪.‬‬

‫‪ 6‬شوقي ضيف (‪ ،)1999‬الحب العذري عند العرب‪ ،‬شبرا‪ ،‬مطبعة دار نوبار للطباعة‪ ،‬ص‪.12 .‬‬
‫‪ 7‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.13 .‬‬
‫‪ 8‬حنان بندحمان (‪" ،)2010‬قاموس الشعر المغربي المعاصر‪ -‬مقاربة أولي‪88‬ة"‪ ،‬ض‪88‬من ليلى المس‪88‬عودي‪ ،‬حفيظ‪88‬ة العم‪88‬راني‪،‬‬
‫ابراهيم الكعاك‪ ،‬توفيق هللا أفكينيش (تنسيق)‪ ،‬حول القواميس‪ ،‬القنيطرة‪ ،‬منشورات مختبر اللغة والمجتمع‪CNRST- ،‬‬
‫‪ ،URAC56‬كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة ابن طفيل‪ ،‬ص‪.26 -25 .‬‬
‫‪ 9‬عبد القادر العلمي (‪ 8،)2009‬الديوان‪ ،‬الرباط‪ ،‬جمع وإعداد لجنة الملحون التابعة ألكاديمية المملكة المغربية‪ ،‬إشراف‬
‫وتقديم عباس الجراري‪ ،‬الرباط‪ ،‬مطبوعات أكاديمية‪ 8‬المملكة المغربية‪ ،‬س‪ .‬التراث‪ ،‬موسوعة الملحون‪ ،‬ص‪.138 .‬‬
‫‪ 10‬الجياللي امتيرد (‪ 8،)2008‬الديوان‪ ،‬الرباط‪ ،‬جمع وإعداد لجنة الملحون التابعة ألكاديمية المملكة المغربية‪ ،‬إشراف‬
‫وتقديم عباس الجراري‪ ،‬الرباط‪ ،‬مطبوعات أكاديمية‪ 8‬المملكة المغربية‪ ،‬س‪ .‬التراث‪ ،‬موسوعة الملحون‪ ،‬ص‪.45 .‬‬
‫‪ 11‬أحمد الگندوز (‪ 8،)2011‬الديوان‪ ،‬الرباط‪ ،‬جمع وإعداد لجنة الملحون التابعة ألكاديمية المملكة المغربية‪ ،‬إشراف وتقديم‬
‫عباس الجراري‪ ،‬الرباط‪ ،‬مطبوعات أكاديمية‪ 8‬المملكة المغربية‪ 8،‬س‪ .‬التراث‪ ،‬موسوعة الملحون‪ ،‬ص‪.72 .‬‬
‫‪ 12‬عبد القادر العلمي (‪ ،)2009‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.88.‬‬
‫‪Revue Langue, culture et société, Volume 5, n. 2, décembre 2019‬‬

‫يعرف المغرب باحتضانه للزوايا واألضرحة والمزارات‪ ،‬حيث تكاد ال تخلو قرية أو مدينة من ضريح أو مزار‪ ،‬حتى س‪88‬مي‬
‫ببلد األلف ولي‪ .‬ونجد الشاعر عبد القادر العلمي يخاطب المتلقي ويحثه على زيارة "السبعة رجال" حص‪88‬ون بهج‪88‬ة م‪88‬راكش‬
‫قائال‪:‬‬

‫ُوسف ْ‬
‫بن علِي‬ ‫ْ‬ ‫ال َوالِي ِسي ِدي ي‬ ‫طُ ْ‬
‫وف ع َْن َس ْب َعة رْ َجالْ‬
‫الك‬ ‫ْ‬
‫ان قبَ ْ‬
‫بن سلِي َم ْ‬
‫ضي عيّاضْ هَا ال ّس ْبتِي هَا ْ‬ ‫حْ دَا ْه القَا ِ‬
‫بن احْ َمد هَا َعبْد هللا‬ ‫َرا التبَّا ْع هَا ْ‬
‫‪13‬‬
‫هَا السهيلي‬

‫وزائ‪88‬ر الض‪88‬ريح يجب علي‪88‬ه االمتث‪88‬ال آلداب الزي‪88‬ارة من ت‪88‬أدب وخفض الص‪88‬وت لم‪88‬ا تقتض‪88‬يه زي‪88‬ارة األولي‪88‬اء‪ ،‬في المعتق‪88‬د‬
‫الجمعي‪ ،‬من ضرورة احترامهم وعدم المساس بحرمة فضائهم‪ .‬وفي هذا المعنى يقول موالي عب‪88‬د الحفي‪88‬ظ في م‪88‬دح م‪88‬والي‬
‫علي الشريف‪:‬‬

‫من ال ّزي‬
‫ُك ْ‬ ‫بخفِيضْ قولَ ْك وا ْتر ْ‬ ‫بِي ْنهُم أ ْتَأدّبْ ْ‬
‫ض ْخ للرّي‬‫وارْ َ‬ ‫ِغيرْ زيي زَاي ْد ت ْن َسا ِمي‬
‫اَل ت َحا ِشي نَاجــ ْم هُو ا ْش ِهيرْ م ْنسُـوبْ لـ ْقصي‬
‫ْ ‪14‬‬ ‫ْ‬
‫ولد النبِي‬ ‫عي ْنهُ ْم ا ْت َشاهد لل َحا ِمي‬

‫يضعنا الشاعر في هذه األبيات أمام صفات ومزايا يتحلى بها الولي كونه نجم‪ ،‬ومعروف بصالحه وورعه‪ ،‬مما يشهد بنسبه‬
‫للرسول صلى هللا عليه وسلم‪ .‬وفي هذا تحفيز للناس على زيارة الولي واإلقامة بضريحه طلبا للطمأنينة وراحة النفس‪ .‬ولهذا‬
‫دأب شعراء الملحون على تعظيم األولياء ومدحهم لما يحققه ذلك من طاقة للجسد وغذاء للروح‪ ،‬ومن ثمة نقف على م‪88‬ا ج‪88‬اء‬
‫عند عبد القادر العلمي في قوله‪:‬‬

‫وانـــا تَعْظي ْم ُكـ ْم هُـو َسلــْوانِـي‬ ‫ْ‬


‫اإليمان‬ ‫تعْظي ْم األوْ لِيَّا من اوْ ظايَ ْ‬
‫ف‬
‫‪15‬‬ ‫َكنِّي َم ْن ُك ْم من ُك ْث َر ْ‬
‫ت ما زَ هَّانِي‬ ‫وج ْد ْ‬
‫اخال ِكي فَرْ حـانْ‬ ‫َع ْن ْد ا ْد ُكر ُك ْم نُ َ‬

‫ويضيف الشيخ عبد العزيز المغراوي‪:‬‬


‫‪16‬‬
‫بال ْه َوى ن ْت َغ َّزلْ وفِي ُكلْ فَ ْن ل َّواجْ‬ ‫َما ْن ُزولْ علَى َع ْشقِي فِي اال ْسيَا ْد ن ْن َش ْد‬

‫وهذا الحب الذي يكنّه الشاعر للولي هو ما يسوغ له طلب عونه ومساعدته جرَّاء إحساسه بالض‪88‬عف واالنكس‪88‬ار‪ .‬كم‪88‬ا تمثل‪88‬ه‬
‫المادة المعجمية التالية‪:‬‬

‫‪ -‬جيتك اسقيم وعيان – نطلب العالج – في الضر‪...‬‬


‫‪17‬‬
‫‪18‬‬
‫‪ -‬جود لي يا موالي – حفظ جسمي من الهريس – تعتق روضي من اليبيس‪...‬‬
‫‪19‬‬
‫‪ -‬انت الطبيب‪ ،‬أنا الساقم المضرار‪ ،‬قلَّب داتي‪ ،‬المعالج يعطف بدواه‪...‬‬

‫يظهر‪ ،‬من خالل هذا المستوى المعجمي‪ ،‬أن الشاعر‪ /‬المحب ال يقدر على مجابهة األخطار التي تتربص به‪ ،‬فيج‪88‬د مالذه في‬
‫الولي المحبوب واالحتماء به‪ ،‬فيبث‪88‬ه آالم‪8‬ه وأحزان‪88‬ه‪ .‬ولنض‪8‬رب مث‪88‬اال على ذل‪8‬ك بق‪8‬ول الش‪88‬يخ أحمد الگن‪88‬دوز مادح‪8‬ا م‪88‬والي‬
‫إدريس‪:‬‬

‫‪ 13‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.230 .‬‬


‫‪ 14‬موالي عبد الحفيظ العلوي (‪ 8،)2014‬الديوان‪ ،‬الرباط‪ ،‬جمع وإعداد لجنة الملحون التابعة ألكاديمية المملكة المغربية‪،‬‬
‫إشراف وتقديم عباس الجراري‪ ،‬الرباط‪ ،‬مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية‪ ،‬س‪ .‬التراث‪ ،‬موسوعة الملحون‪ ،‬ص‪.121 .‬‬
‫‪ 15‬عبد القادر العلمي (‪ ،)2009‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.93 ،‬‬
‫‪ 16‬عبد العزيز المغراوي (‪ 8،)2008‬الديوان ‪ ،‬جمع وإعداد لجنة الملحون التابعة ألكاديمية المملكة المغربية‪ ،‬إشراف وتقديم‬
‫عباس الجراري‪ ،‬الرباط‪ ،‬مطبوعات أكاديمية‪ 8‬المملكة المغربية‪ 8،‬س‪ .‬التراث‪ ،‬موسوعة الملحون‪ ،‬ص‪.130 .‬‬
‫‪ 17‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.91 .‬‬
‫‪ 18‬أحمد الگندوز (‪ ، )2011‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪75.‬‬
‫‪ 19‬الجياللي امتيرد (‪ ،)2008‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪57.‬‬
‫‪Revue Langue, culture et société, Volume 5, n. 2, décembre 2019‬‬

‫اك و َو َّد ْك ن ْع َم الجْ لِيلْ‬‫من ا ْن َش ْ‬ ‫ان ْ‬ ‫َأ ُمواَل يَا ُسب َْح ْ‬
‫بال ْسرُورْ ا ْت َرقَّى َمجْ دَك‬ ‫ضل والرَّافَة َو َّد ْك‬ ‫ْ‬
‫بالحلم وال ْف َ‬
‫لل ْسبِيلْ الصَّافِي َر ْشد ْ‬
‫َك‬
‫ا ْتجُو ْد له بو َّد ْك‬ ‫لمن ِإيقَصْ ْ‬
‫دك‬ ‫ْ‬
‫َك َمالِي‬ ‫لن ْب َحر جُود ْ‬ ‫من ا ْس َرارْ ال َعالِي‬ ‫ْ‬
‫يظفَرْ بمنَا ْه ْ‬
‫يك ع ْ‬
‫َيط‬ ‫من ا ْعلِ ْ‬‫يت وا ْت َحا ِمي ْ‬ ‫ا ْت ِغيرْ وا ْت ِغ ْ‬
‫‪20‬‬ ‫َّ‬
‫و ْت َعالجْ علة اله ِْريسْ‬

‫يمثل األولياء القدوة الحسنة لدى المتصوفة‪ ،‬ألن هللا أنار بهم للعباد سبل الهداية وانتشلهم من س‪88‬بل الغي والفس‪88‬اد‪ ،‬فت‪88‬برك بهم‬
‫الن‪88‬اس‪ ،‬وقص‪88‬دوهم إب‪88‬ان الض‪88‬وائق طلب‪88‬ا للمخ‪88‬رج الس‪88‬ليم‪ ،‬ألنهم يعتق‪88‬دون أن دع‪88‬اء األولي‪88‬اء مس‪88‬تجاب لص‪88‬الحهم وورعهم‪،‬‬
‫فيتوسلون بهم‪ ،‬ومن هؤالء الشيخ أحمد الگندوز الذي يقول في مدح موالي ادريس‪:‬‬

‫َأ ُمواَل يَا ا ْك َسى ال ِّشيبْ دَاتِي و ْعلَ ْمنِي بالرْ ِحيلْ‬
‫طايلْ والحْ َمل ع َْن َك ْهلِي َمايلْ‬ ‫اَل زَ ا ْد اَل ا ْع َوانِي و َس ْف ِري َ‬
‫وال ْعثَل فِي ْ‬
‫اخطَايَا َجايلْ‬
‫يَا َسام ْع الوْ َسايلْ‬ ‫َس ْ‬
‫رت قَايلْ‬
‫الِّلي ا ْم َراقبْ َحالِي‬ ‫ض ْعفِي ِإاَل اوْ فَى ِمي َجالِي‬
‫تَرْ َح ْم َ‬
‫ْ‬ ‫لِ ْ‬
‫يك نـَت َوسَّلْ بِالهَا ِدي ِإيـــ َما ْم الــو َرى‬
‫‪21‬‬
‫من اليُبسْ‬‫ضي ْ‬ ‫ِ‬ ‫و‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ق‬‫ْ‬ ‫ْت‬
‫ع‬ ‫َ‬ ‫ت‬

‫نجد لمثل هذه الصرخة أصداء في دواوين شعرية أخرى تعبر بجالء عن الفساد المستش‪88‬ري في المجتم‪88‬ع وانهي‪88‬ار القيم‪ ،‬كم‪88‬ا‬
‫أنها تفصح عن الشعور باليأس‪ ،‬حيال وضع ساد فيه البغي والظلم‪ .‬وها هو السلطان موالي عب‪88‬د الحفي‪88‬ظ يتوج‪88‬ه إلى ض‪88‬ريح‬
‫الولي المولى إدريس‪ ،‬فيطلق صرخة متوسلة وزفرة مذهول في قصيدة عنوانها "في مدح موالي ادريس"‪:‬‬

‫من ا ْعدَايَا يَا البَدرْ ال َوقَّا ْد‬


‫ِغي ْتنِي واحْ ِمينِي ْ‬
‫و ْت َشاف ْع فِي ْعبِيد‪َ 8‬عاصْ يَة ت ْ‬
‫َاهت موؤدَة‬
‫‪22‬‬
‫أ ُمواَل ي ا ْد ِريسْ يَا ْهالَل ال َع ْز وال ْسعُو ْد‬

‫يطلب الش‪88‬اعر الحماي‪88‬ة من ال‪88‬ولي الم‪88‬ولى إدريس‪ ،‬ويتوس‪88‬ل إلي‪88‬ه به‪88‬دف إنق‪88‬اذه من الض‪88‬الل والبغي‪ ،‬وص‪88‬يانته من ال‪88‬وهن‬
‫واالنكسار‪ .‬وقد ورد عند الحسن شوقي «أنه عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة ألنهم عبيد هللا القائمون ب‪88‬أمره ونهي‪88‬ه ال‪88‬دالون‬
‫عليه‪ ،‬فالمقص‪8‬ود من تعظيمهم تعظيم هللا ومن الثن‪8‬اء عليهم الثن‪8‬اء على هللا‪ ،‬ف‪8‬ألحقوا ب‪8‬ه وحكم لهم بحكم‪8‬ه من ن‪8‬زول الرحم‪8‬ة‬
‫ق وتفيضُ الكرام‪8‬ات‪ ،‬فيس‪8‬طع ن‪8‬ورُه ليض‪8‬يء‬ ‫والسكينة عنده‪ .»23‬ومرد ذلك إلى أن جسد الولي الصالح «تصدر عن‪8‬ه الخ‪8‬وار ُ‬
‫أركان الكون‪ ،‬ويمتل‪8‬ك ق‪8‬درة خارق‪8‬ة تجعل‪8‬ه يقط‪8‬ع الفي‪8‬افي والبح‪8‬ا َر إلغاث‪8‬ة من ن‪8‬اداه والذ ب‪8‬ه من اإلنس والجن‪ .»24‬ومن ثمة‬
‫نستشف أن الخطاب الصوفي يتخذ نسقا متكامال بواسطة‪:‬‬

‫الولي الصالح‪ /‬الممدوح‬ ‫الشاعر‪ /‬المادح‬

‫‪ 20‬أحمد الگندوز (‪ ،)2011‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪69 .‬‬


‫‪ 21‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.75 .‬‬
‫‪ 22‬موالي عبد الحفيظ العلوي (‪ ،)2014‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.112 .‬‬
‫‪ 23‬الحسن شوقي (‪ 8،)2008‬سيدي رحال البدالي‪ ،‬مساهمة في تاريخ األولياء بالمغرب‪ ،‬مراكش‪ ،‬المطبعة والوراقة الوطنية‬
‫الداودية‪ ،‬ط‪ ،1.‬ص‪.13.‬‬
‫‪ 24‬عبد العزيز اعمار (‪" ،) 2011‬مساحات الجسد في ديوان الملحون"‪ ،‬ليلى المسعودي‪ ،‬عبد العزيز اعمار‪ ،‬حنان بندحمان‪،‬‬
‫زهرة البلغيثي (تنسيق)‪ ،‬اللغة والجسد والمتخيل‪ ،‬القنيطرة‪ ،‬منشورات مختبر اللغة والمجتمع‪،CNRST- URAC56 ،‬‬
‫كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة ابن طفيل‪ ،‬ص‪.22 .‬‬
‫‪Revue Langue, culture et société, Volume 5, n. 2, décembre 2019‬‬

‫مخاطَب‬ ‫مخا ِطب‬

‫منــــــادَى‬ ‫مــــنــــــا ٍد‬

‫متَمـــنَّــى‬ ‫مــت َمـــنٍّ‬

‫مــدعُــــو‬ ‫داع‬

‫مطلوب‬ ‫طــالب‬

‫يمثل شاعر الملحون الصوفي في هذه الثنائية‪ ،‬جانب الضعف‪ ،‬فهو الطالب‪ ،‬بينما يشكل ال‪88‬ولي الص‪88‬الح ج‪88‬انب الق‪88‬وة‪ ،‬وه‪88‬و‬
‫المطلوب‪ ،‬ولهذا يلجأ الطرف الضعيف إلى الطرف القوي‪ ،‬ويتوسل به إلى هللا إلزالة غمه وعالج سقمه‪ .‬ويثبت هذا المع‪88‬نى‬
‫ضل والرَّافَ‪88‬ة َو َّد ْك ‪َ -‬أ ُم‪ 8‬واَل ي ا ْد ِريسْ يَ‪88‬ا ْهالَل ال َع‪ْ 8‬‬
‫‪8‬ز‬ ‫ْ‬
‫(بالحلم وال ْف َ‬ ‫سياق حضور صفات الولي الصالح الجليلة في خطاب المدح‬
‫من ا ْعدَايَا‬ ‫ْ‬
‫من اليُبسْ ‪ِ -‬غيتنِي واحْ ِمينِي ْ‬ ‫ضي ْ‬ ‫ض ْعفِي ِإاَل اوْ فَى ِمي َجالِي ‪ -‬تَعْت ْق َرو ِ‬
‫وال ْسعُو ْد ‪ ،) ...‬أو عن طريق األفعال (تَرْ َح ْم َ‬
‫‪ ،)...‬بينم‪8‬ا يس‪8‬تعمل الش‪8‬اعر ض‪8‬مير المتكلم للدالل‪8‬ة على ض‪88‬عفه وانكس‪8‬اره‪ ،‬مب‪8‬ديا عج‪8‬زه وتوس‪8‬له‪ ،‬طالب‪88‬ا الرض‪8‬ا والمغف‪8‬رة‬
‫ض ْعفِي؛ َحالِي ‪.)...‬‬ ‫والشفاعة (دَاتِي؛ َك ْهلِي؛ ْ‬
‫اخطَايَا؛ َ‬

‫إن ظاهرة التقرب إلى األولياء وجد فيها الخيال الشعبي ارتياحا كبيرا‪ ،‬وكانت تعتقد فيه العامة اعتقادا راس‪88‬خا‪ ،‬ف‪88‬ترتب عنه‪88‬ا‬
‫التوسل بهؤالء األولياء الصلحاء إلى هللا‪ .‬وهكذا‪ ،‬يسعى ه‪88‬ذا الخط‪88‬اب الش‪88‬عري إلى معانق‪88‬ة نم‪88‬وذج غ‪88‬ائب متمث‪88‬ل في ش‪88‬عر‬
‫النبويات والتوسالت‪ .‬والمتأمل في هذين البيتين‪ ،‬يقف على اتصال األصل بالفرع‪ ،‬حيث يقول التهامي المدغري‪:‬‬

‫طابْ ا ْن َجا ْبهَا اوْ تَا ْد والبدَالِي‬‫اث وال ْق َ‬


‫هُ َما بَ ْه َجة الجْ َراسْ وال ْغ َو ْ‬
‫‪25‬‬ ‫ُ‬
‫وهَلْ ال َحضْ َرة بُو دْاَل لَة نَالوا ُكلْ ا ْمنَالْ‬

‫إن "القطب" هو أعلى مراتب األولياء ويحيط ب‪88‬ه النقب‪88‬اء واألوت‪88‬اد واألب‪88‬رار واألب‪88‬دال واألولي‪88‬اء المحققين‪ .‬وفي ه‪88‬ذا الس‪88‬ياق‬
‫ينبغي استحض‪88‬ار الص‪88‬ورة الص‪88‬وفية للش‪88‬يخ بك‪88‬ل الخصوص‪88‬يات ال‪88‬تي تنص عليه‪88‬ا األدبي‪88‬ات في كتب الق‪88‬وم‪ .‬ومنه‪88‬ا أن‬
‫الشيخ‪/‬المربي وهو على قيد الحياة‪ ،‬يعتبر "الطبيب المداوي" لعالج المريد الذي يعاني‪ ،‬والولي‪/‬الغائب (في ضريحه) يت‪88‬نزل‬
‫منزلة الطبيب بكراماته‪ ،‬مما يدخل في قضاء الحاجات‪ .‬ومن باب قضاء الحاجة أن ينزل الولي الصالح‪ ،‬والذي وقع اإلجماع‬
‫على قطبانيته‪ 8،‬بمنزلة الطبيب المعالج ألدواء الحيرة وأمراض النفس‪.‬‬

‫لقد كان شاعر الملحون الصوفي يؤمن بأن الشخصية السوية عن‪88‬د أف‪88‬راد جماعت‪88‬ه العريض‪88‬ة‪ ،‬هي تل‪88‬ك الشخص‪88‬ية ال‪88‬تي تثبت‬
‫على عقيدتها‪ 8،‬وتناهض غيرها دوما من أجل هذه العقي‪88‬دة وترس‪88‬يخها‪ .‬وثب‪88‬ات العقي‪88‬دة ‪-‬في رأي ش‪88‬اعر الملح‪88‬ون الص‪88‬وفي –‬
‫يحتاج إلى كثير من الرياضة الروحية ال‪88‬تي ال تت‪8‬وفر له‪8‬ذه الجماع‪8‬ة إال بواس‪8‬طة النص‪8‬وص ذات الط‪8‬ابع ال‪88‬ديني واألخالقي‪.‬‬
‫ومفتاح هذه المعالجة‪ ،‬يراه شاعر الملحون في رجوع الفرد إلى ضميره‪ ،‬وإلى محاربة نفسه األمارة بالسوء‪ .‬هذه النفس ال‪88‬تي‬
‫يحاورها‪ ،‬بين الفينة واألخرى‪ ،‬لتستعد استعدادا صادقا إلى التوبة والغفران الخالص الدائم ال‪88‬ذي ي‪88‬أتي بع‪88‬د التوب‪88‬ة النص‪88‬وح‪.‬‬
‫فبالتوبة واإلخالص تسمو نفس الفرد‪ ،‬سالكة في ذلك مسالك العارفين الواصلين من رج‪88‬ال هللا ال‪88‬ذين يعيش‪88‬ون بنفس راض‪88‬ية‬
‫مطمئنة‪ .‬وفي هذا المعنى نجد أحمد الغرابلي يقول‪:‬‬

‫اري‬‫عن ا ْدنُوبِي ووْ َز ِ‬‫هللا يجُو ْد وي ْس َمح ْ‬


‫اوز ب َع ْفوه وي ْغفَرْ‬
‫وي َج ْ‬
‫‪26‬‬ ‫ُ‬ ‫والِّلي قَا ِسيت فِي الغ َرا ْم َ‬
‫يج ْعله كفا َرة‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬

‫وباإلضافة إلى هذا كله‪ ،‬فإن الشعراء المادحين لشيوخ الطريقة الصوفية إنما كانوا يبدعون أشعارهم‪ ،‬وهم يتمثلون المرجعية‬
‫السابقة عليهم‪ ،‬والمتمثلة باألساس في الوراثة العرفانية لمقام النبوة‪.‬‬

‫‪ 25‬التهامي المدغري (‪ ،)2010‬الديوان‪ ،‬جمع وإعداد لجنة الملحون التابعة ألكاديمية المملكة المغربية‪ ،‬إشراف وتقديم عباس‬
‫الجراري‪ ،‬الرباط‪ ،‬مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية‪ ،‬س‪ .‬التراث‪ ،‬موسوعة الملحون‪ ،‬ص‪.71 .‬‬
‫‪ 26‬أحمد الغرابلي (‪ 8،)2012‬الديوان‪ ،‬جمع وإعداد لجنة الملحون التابعة ألكاديمية المملكة المغربية‪ ،‬إشراف وتقديم عباس‬
‫الجراري‪ ،‬الرباط‪ ،‬مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية‪ ،‬س‪ .‬التراث‪ ،‬موسوعة الملحون‪ ،‬ص‪.616 .‬‬
‫‪Revue Langue, culture et société, Volume 5, n. 2, décembre 2019‬‬

‫وعموما اشتهر مدح األولياء في حظيرة أهل الملحون ب"الجمهور"‪ ،‬حيث تتناول القص‪88‬يدة ع‪88‬ددا من األولي‪88‬اء ال‪88‬ذين توج‪88‬د‬
‫أضرحتهم في المنطقة التي يقيم بها الشاعر أو تلك التي يقيم بها شيخه‪ ،‬وقد تمتد إلى باقي المناطق المغربية‪ ،‬كم‪88‬ا ه‪8‬و الح‪8‬ال‬
‫عند عبد القادر العلمي في جمه‪8‬وره المش‪8‬هور‪ .27‬وفي ه‪8‬ذا الل‪8‬ون من الش‪8‬عر يرتب‪8‬ط ش‪8‬اعر الملح‪8‬ون بع‪8‬الم التص‪8‬وف وع‪8‬الم‬
‫األولياء والصالحين‪ .‬وفيه يستعرض معارفه ومعلوماته عن الخريطة الصوفية لمجموعة من األولياء والص‪88‬الحين‪ .‬مم‪88‬ا ي‪88‬دل‬
‫على أن شاعر الملحون الصوفي قد تأثر بالمناخ الديني واالجتماعي والثقافي السائد في بيئته‪.‬‬

‫‪ .2 .2‬مناقب وكرامات األولياء‬

‫اهتم شاعر الملحون الصوفي ب‪8‬ذكر من‪8‬اقب األولي‪8‬اء وكرام‪8‬اتهم‪ ،‬ورج‪8‬ال التص‪8‬وف وإش‪8‬راقاتهم‪ ،‬ف‪8‬أفرد لهم قص‪8‬ائد كامل‪8‬ة‪،‬‬
‫تعرف بقصائد الجمهور‪ ،‬ذاكرا أسماء األولياء والصلحاء‪ ،‬مبرزا ألقابهم وكراماتهم ومناقبهم‪ ،‬وأحيان‪88‬ا أم‪88‬اكن دفنهم‪ .‬ويتجلى‬
‫الخطاب الص‪88‬وفي –من خالل ه‪88‬ذا المس‪88‬توى‪ -‬في ع‪88‬رض القيم الص‪88‬وفية ال‪88‬تي يجس‪88‬دها ال‪88‬ولي‪ ،‬كاتص‪88‬اله ب‪88‬النبوة‪ ،‬وإحاطت‪88‬ه‬
‫باألسرار‪ ،‬وتحكمه في النفس وغيرها من القيم الصوفية‪ .‬إذ يمتح شاعر الملح‪88‬ون من معين أه‪88‬ل التص‪88‬وف ويس‪88‬تلهم ط‪88‬رقهم‬
‫السنية‪ ،‬مما يدل على أنه قد تبحر في معرفة األولياء والصالحين‪ ،‬حيث ذكرهم بأسمائهم (ابن مرزوق؛ الغزالي؛ الش‪88‬عراني؛‬
‫السيد الغزواني؛ الشاذلي؛ ابن سليمان الجزولي؛ سيدي قدور؛ سيدي بُوزَ ْكـري؛ م‪8‬والي ادريس؛ س‪8‬بعة رج‪8‬ال؛ عب‪8‬د هللا ابن‬
‫احسين‪ )...‬وح َّدد صفاتهم (فياض؛ مولى الخلوات؛ القطاب؛ الش‪8‬يخ؛ م‪8‬ولى البرك‪88‬ة؛ الص‪8‬الحين؛ غربته‪88‬ا االح‪8‬وال؛ مخم‪88‬ورة‬
‫غايبة؛ مع السكر اهبيلة؛ ارجال معتكفة‪ )...‬وأبرز مناهجهم المستمدة من تع‪88‬اليم الش‪88‬ريعة اإلس‪88‬المية والس‪88‬لف الص‪88‬الح‪ .‬ومن‬
‫هؤالء سيدي قدور العلمي الذي قال‪:‬‬
‫وانَا َجافِي ْ‬
‫اط ِري ْقهُ ْم يَا ليتَانِي‬ ‫قَ ْلبِي يب ِْغي ا ْهل ال ْف َرايضْ وال ْسن ْ‬
‫َان‬
‫‪28‬‬
‫وانَا م ْنهُ ْم ليس نَ ْن ُكر ج ْهاَل نِي‬ ‫ون َملْ ْ‬
‫اط ِري ْق هَلْ الب ْدعَة والبُهت ْ‬
‫َان‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن الزاوية لم تكن مج‪88‬رد مؤسس‪88‬ة ص‪8‬وفية ديني‪88‬ة معزول‪88‬ة عن الع‪88‬الم‪ ،‬ب‪88‬ل ك‪88‬انت مؤسس‪88‬ة ديني‪88‬ة ص‪88‬وفية‬
‫تأطيرية‪ ،‬تجمع بين المقدس والعبادة والتصوف‪ ،‬وبين التقشف والتفلسف أحيانا‪ ،‬والتش‪88‬وف الغي‪88‬بي ع‪88‬بر البرك‪88‬ة والكرام‪88‬ات‬
‫والخدمات وقراءة األحزاب واألوراد ودليل الخيرات لإلمام الجزولي‪ .‬يقول عبد القادر العلمي في وصف الزاوية الصوفية‪:‬‬

‫مـــــن الَّ لِيـــها ا ْن ِظيرْ في بَرْ العُرْ ْ‬


‫بــان‬ ‫ْ‬ ‫ص ْ‬
‫يـن‬ ‫تَسْـــتــــاهَلْ اللــــــة ال َّزاوْ يــــات التَّحْ ِ‬
‫ناف البُ ْن ْ‬
‫يــان‬ ‫مـــن َشيَّ ْد أ ِميرْ نا مـن اصْ ْ‬ ‫نُـــــــورْ على نُورْ زا ْد َحضْ َر ْة ُمحْ يِي الدِّين‬
‫ْ‬
‫مـــالها تَ ْبهَر اال ْد ْ‬
‫هان‬ ‫والح ْ‬
‫ُـــل َي على اجْ‬ ‫وكـــــذاك ذات البْها شـــ ِميل التُّـوبْ ال ِّز ْ‬
‫يـن‬
‫‪29‬‬
‫قُـــول هللا يَرْ َحم جا ْه الهْمـــا ْم الس ُّْل ْ‬
‫طان‬ ‫ْ‬
‫ـــــان‬ ‫ْـــن الفضَّـــة ونُـورْ ابْهيـجْ ال َّش‬
‫حُــــس ْ‬

‫ولذلك يعد‪ 8‬التوسل باألولياء والصالحين ظاهرة مصاحبة للتصوف في صورته الطرقية؛ باعتبار الزوايا الصوفية قائمة على‬
‫أعمدة من فكرة الوالية وما ينتظمها من تصورات ال تنفصل عن قانون هو المنظم لمدين‪88‬ة األولي‪88‬اء‪ .‬وق‪88‬د س‪88‬اد ه‪88‬ذا الل‪88‬ون من‬
‫الشعر التطهيري في المغرب والمشرق وأرجاء أخرى بفعل عوامل ثقافية‪ ،‬وبفعل جدليتها م‪88‬ع واق‪88‬ع يتطلب التغي‪88‬ير‪ .‬وهك‪88‬ذا‬
‫فإن الطريق الصوفي محفوف بالمخاطر‪ ،‬ومن ثم ال بد للسالك المبتدئ‪ 30‬من مرشد يهديه‪ 8‬سواء الس‪8‬بيل‪ .‬وي‪8‬برر الش‪8‬يخ أحم‪8‬د‬
‫الگندوز هذا االختيار الذي ال مناص منه لكل سالك مسترشد في األبيات التالية التي يخاطب فيها موالي ادريس‪:‬‬

‫لك فِي سبِيلْ‬ ‫من راَ ْم م ْنهُ ْم حُر َم ْك سا َ ْ‬‫َأ ُمواَل يَا ْ‬
‫ات ا ْتهَلّلْ تَ ْهلِيلْ‬ ‫ا ْس َواي ْع ال ْف َجرْ واصْ َحابْ الدلِيلْ واالصْ َو ْ‬
‫ان ا ْغفِيلْ‬ ‫َكي َس ْلبُوا ْ‬
‫من َك ْ‬
‫صاحبْ خلِيلْ‬ ‫َاك َ‬‫و َكد ْ‬ ‫د ْ‬
‫ُون تَ ْع ِطيلْ‬
‫ْ‬
‫الح ِديث َكيزهَى لِي‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ِإي ْد َرسْ فِي االوْ َرا ْق َعقله َسالِي فِي َ‬
‫ُكلْ طَالبْ ي ْسبِي ْ‬
‫بالغَا ْه ِإاَل ِإيَ ْد َرسْ‬
‫‪31‬‬
‫االحْ زَابْ فِي غَايَة تَ ْد ِريسْ‬
‫‪ 27‬عبد الرحمان الملحوني (‪ 8،)2014‬المغرب من خالل قصيدة‪ :‬منازه رياض التوبة‪ ،‬الرباط‪ ،‬دار أبي رقراق للطباعة‬
‫والنشر‪ ،‬ص‪.126.‬‬
‫‪ 28‬عبد القادر العلمي‪ ،)2009(،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.97 .‬‬
‫‪ 29‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.147 .‬‬
‫‪ 30‬السالك المبتدئ هو الذي يبتدئ بقوة العزم من سلوك طرقات المنقطعين إلى هللا‪ ،‬انظر‪:‬‬
‫أبو نصر السراج الطوسي (‪ 8،)1960‬اللمع في التصوف ‪ ،‬ت‪ .‬عبد الحليم محمود وطه عبد الباقي سرور‪ ،‬مصر‪ ،‬طبعة‬
‫القاهرة‪ ،‬ص‪.417.‬‬
‫‪ 31‬أحمد الگندوز (‪ ،)2011‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.73 .‬‬
‫‪Revue Langue, culture et société, Volume 5, n. 2, décembre 2019‬‬

‫ال يخل‪88‬و دي‪88‬وان الملح‪88‬ون الص‪88‬وفي من الم‪88‬دح المغ‪88‬دق على األولي‪88‬اء والص‪88‬الحين‪ ،‬والتض‪88‬رع على عتب‪88‬اتهم وأب‪88‬وابهم‪ ،‬حيث‬
‫يستعير الشاعر من معجم الخمرة األزلية صورا وألفاظا تضفي على الولي الصالح صفات التأثير والفاعلي‪88‬ة غ‪88‬ير المباش‪88‬رة‪.‬‬
‫ذلك أن الواقف بباب الصالحين‪ ،‬يأتي وقد أنهكه العطش الروحي وهو يكابد لواعج األدواء والعل‪88‬ل‪ ،‬ليج‪88‬د دواءه في المناج‪88‬اة‬
‫والتضرع‪.‬‬

‫يتحدث الشاعر عن الخمرة الصوفية والنشوة التي تثيرها في نفسية المريد‪ ،‬فيغيب عن العالم المادي لينجلي له النور اإللهي‪،‬‬
‫وهذه هي أحوال المتصوفة التي قال عنها الشاعر سيدي قدور العلمي‪:‬‬

‫َم ْخ ُمو َرة غَا ْيبَة ْم َع ال ّس ْكر ا ْهبِيلَة‬ ‫وارْ َجالْ َجا ْدبَة غَرْ بَ ْتهَا االحْ ــــــــ َوالْ‬
‫‪32‬‬
‫وارْ َجالْ َم ْعتَ ْكفَة ْم َع ال ّد ْكر أ ْش ِغيلَة‬ ‫وارْ َجـــالْ َس ْال َكــة فِي غَايَة اال ْعتِ َدالْ‬

‫وتدل عبارة "ارْ َجالْ َجا ْدبَة" على معنى "الجذبة" التي يقصد بها عند المتصوفة كل ما يب‪8‬دو على القل‪8‬وب من أن‪8‬وار الهداي‪8‬ة‪،‬‬
‫وص‪8‬دقه وص‪8‬فائه من وج‪8‬ده‪ ،‬وهي عب‪8‬ارة عن ممارس‪8‬ات وم‪8‬راتب ديني‪8‬ة‪ 8‬وطق‪8‬وس ص‪8‬وفية‪،‬‬ ‫على مقدار قرب الرجل وبع‪8‬ده ِ‬
‫يجاه‪88‬د من خالله‪88‬ا المتص‪88‬وفة للوص‪8‬ول إلى المعرف‪88‬ة الص‪8‬وفية والمحب‪88‬ة اإللهية ‪ .‬وله‪88‬ذا اختلى المتص‪88‬وفة لل‪88‬ذكر والعب‪88‬ادة‪،‬‬
‫‪33‬‬

‫وامتثلوا ألوامر هللا عز وجل‪ ،‬وتجنبوا نواهيه‪ ،‬وراقبوه في السر والعلن‪ ،‬وفي القول والفعل‪ ،‬ألسنتهم ذاكرة‪ ،‬وقلوبهم شاكرة‪،‬‬
‫وأجسامهم صابرة‪ .34‬ومن ثم‪8‬ة فمحب‪8‬ة األولي‪8‬اء ليس‪8‬ت مج‪8‬رد س‪8‬لوك وج‪8‬داني توجه‪8‬ه المي‪8‬ول واأله‪8‬واء‪ ،‬لكنه‪8‬ا واجب دي‪8‬ني‬
‫تفرضه آداب الطريق‪ ،‬وتقتضيه قواعد صحبة الشيوخ‪ .‬وفي هذا السياق يقول الشيخ محمد بن علي ولد أرزين‪:‬‬

‫وه َُو يَا ِسي ِدي َأ ْز َكى ال ْساَل ْم ع َْن نَاسْ ال ِع ْلم ال َعارْ فِ ْ‬
‫ين‬
‫ات ال َمو ُز ْ‬
‫ون‬ ‫ُون باال ْدكَارْ قَ ْد َو ْ‬ ‫ين الَمحْ س ْ‬ ‫ين نَهْج ال ّد ْ‬‫ال َحا ْف ِظ ْ‬
‫در ْكــــت ا ْفـــنُ ْ‬
‫ـــون‬ ‫َ‬ ‫ُون‬‫اوت اصْ َحابْ ال َم ْلح ْ‬ ‫مـن ا ْسقَ ْ‬‫ْ‬
‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬
‫الح ِديث و َجلْ التخبَارْ‬ ‫ْ‬
‫فِي انهَايت َ‬‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ِدي َوا ْنـــهُــــ ْم َمشحُون‬
‫ْ‬
‫‪35‬‬
‫ُون الجْ حُو ْد نَهْج الجْ َحا ْد ا ْسيَا َرة‬ ‫د ْ‬ ‫بن ْعلِي َرا ْه فِي َج ْمعهُ ْم َم ْد ُكورْ‬ ‫ْ‬

‫إن محبة األولياء ‪ -‬كما يتصور معظم المتصوفة– تفضي بصاحبها إلى نصيب مما يناله األولياء من هللا تعالى «فإن قلوبهم‬
‫تشبه المرآة‪ ،‬ومن أحبهم يظهر اسمه في تلك القلوب المحبوبة‪ ،‬وهللا تعالى ينظر إلى قلوب أوليائه كل يوم نظرة رحم‪88‬ة‪ ،‬فمن‬
‫كان اسمه مرقونا في قلوبهم ينال نص‪8‬يبه من الرحم‪8‬ة ال‪8‬تي يص‪8‬رفها إليهم بق‪8‬در محبت‪8‬ه إليهم‪ .‬وقل‪8‬وب األولي‪8‬اء م‪8‬ع هللا‪ ،‬ومن‬
‫أحبهم فهو مرافق لهم‪ ،‬وإن لم يستطع الوصول إلى رتبتهم‪ ،‬فإن المرء مع من أحب‪ ،‬واألصل في محبتهم المحبة هلل‪ ،‬ف‪88‬إن في‬
‫محبتهم رضوان هللا‪ ،‬وصار المحب لهم كأنه لم يحب إال هللا‪ ،‬ومن أهانهم فقد تعرض لسخط هللا‪.»36‬‬

‫ومن هنا‪ ،‬ينهض الخطاب الصوفي على حب الولي واإلش‪88‬ادة بمناقب‪88‬ه‪ .‬وإذا ك‪88‬ان البالغي‪88‬ون ق‪88‬د جعل‪88‬وا أرك‪88‬ان الم‪88‬دح أربع‪88‬ة‬
‫وهي‪ :‬العقل والعفة والع‪8‬دل والش‪8‬جاعة‪ ،‬بحيث من أل َّم به‪88‬ا في قص‪88‬يدة م‪8‬دح متجنب‪88‬ا عي‪88‬وب الكالم‪ ،‬يك‪88‬ون ق‪88‬د أص‪8‬اب ال‪88‬ذروة‬
‫والتوفيق‪ ،37‬فإن شاعر الملحون قد زاد على هذه الص‪8‬فات جمل‪88‬ة من المن‪8‬اقب المحم‪8‬ودة ال‪88‬تي يتحلى به‪88‬ا ال‪88‬ولي‪ ،‬فه‪88‬و م‪8‬أوى‬
‫المساكين وملجأ المحرومين ومالذ العاجزين‪ .‬يقول عبد القادر العلمي في مدح سيدي بوزكري‪:‬‬

‫َّف عن فَ ْق ِري‬
‫وتأس ْ‬ ‫ِسي ِدي في الصُّ الَّحْ من َوصَّلْ لي َمعْطا ْه‬
‫اللِّي ثَ ْمرُه يَحْ لى لي‬ ‫نَرْ َح ْم ْ‬
‫دات الغرَّاسْ‬
‫‪38‬‬
‫وا ْقبَــلْ لــــي ُع ِدري‬ ‫ونمجَّــد من جا ْد وغَطَّانِي تُوبْ ارْ ضـا ْه‬

‫خلع شعراء الملحون على الشيخ الصوفي‪/‬الممدوح‪ ،‬جملة من الصفات الحمي‪88‬دة‪ ،‬باعتب‪88‬اره قرب‪88‬ه من المق‪88‬ام النب‪88‬وي‪ ،‬ومن ثم‬
‫فإن أهم ما يميز أولياء هللا الصالحين عن غيرهم من الناس – في المتخيل الشعبي للمغاربة‪ -‬هو اتصافهم بالصالح والبرك‪88‬ة‪،‬‬

‫‪ 32‬عبد القادر العلمي (‪ ،)2009‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.111 ،‬‬


‫‪ 33‬عبد الرزاق الكاشاني(‪ ،)1992‬معجم اصطالحات الصوفية‪ ،‬ت‪ .‬عبد العالي شاهين‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار المنار‪ ،‬ص‪.50 ،‬‬
‫‪ 34‬الحسن شوقي (‪ ،)2008‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.21 .‬‬
‫‪ 35‬محمد بن علي ولد أرزين(‪ ،)2009‬الديوان‪ ،‬جمع وإعداد لجنة الملحون التابعة ألكاديمية المملكة المغربية‪ ،‬إشراف وتقديم‬
‫عباس الجراري‪ ،‬الرباط‪ ،‬مطبوعات أكاديمية‪ 8‬المملكة المغربية‪ 8،‬س‪ .‬التراث‪ ،‬موسوعة الملحون‪ ،‬ص‪.70 .‬‬
‫‪ 36‬محمد الظريف (د‪ .‬ت)‪ ،‬الحركة الصوفية وأثرها في أدب الصحراء المغربية ‪ ،‬المحمدية‪ ،‬منشورات كلية اآلداب والعلوم‬
‫اإلنسانية‪ ،‬ص‪.313 ،‬‬
‫‪ 37‬قدامة بن جعفر(د‪ .‬ت)‪ ،‬نقد الشعر‪ ،‬ت‪ .‬كمال مصطفى‪ ،‬الرباط‪ ،‬دار األمان‪ ،‬ط ‪ ،3 .‬ص‪.194 .‬‬
‫‪ 38‬عبد القادر العلمي (‪ ،)2009‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.95 ،‬‬
‫‪Revue Langue, culture et société, Volume 5, n. 2, décembre 2019‬‬

‫ويعرف المعجم العربي األساسي‪ 39‬لفظة البركة بالخير والنماء واألمن والسالم‪ .‬ويقال بارك هللا فيك؛ أي أحفك باليمن‪،‬‬
‫وتبرك بالشيء؛ أي التمس بركته‪ ،‬وتبارك أي تقدس‪ ،‬واستبرك بالشيء أي تفاءل به خ‪8‬يرا‪ .‬وي‪8‬رى إدريس كم‪8‬ون أن البرك‪8‬ة‬
‫« تعني سر هللا والرسول واألولياء في األشياء‪ .‬وهي بذلك ميزة لدنية من عند هللا‪ ،‬يلهمها من يشاء من مخلوقاته أك‪88‬انت نعم‪88‬ا‬
‫(الماء والمأكوالت وباقي األرزاق) أو بشرا (الرسل وباقي األولياء) واألماكن (البق‪88‬اع المقدس‪88‬ة) واألزمن‪88‬ة والش‪88‬هور (كليل‪88‬ة‬
‫القدر واألشهر الحرم وبعض س‪8‬اعات وأط‪8‬راف النه‪8‬ار)‪ .»40‬وتتص‪8‬ل البرك‪8‬ة في اللغ‪8‬ة العامي‪8‬ة المغربي‪8‬ة بالع‪8‬ادات والتقالي‪8‬د‬
‫واالعتقاد من جهة‪ ،‬وبجاذبية الشخصية أو القدرة الخارقة على اإلقناع والشرف وك‪88‬ذا التمي‪88‬يز االجتم‪88‬اعي من جه‪88‬ة أخ‪88‬رى‪.‬‬
‫ويتميز مفهوم البركة بقوته النافذة في تشكيل االعتقاد في المغرب بكافة أنواعه‪.‬‬

‫لقد تواتر في القصائد الصوفية وفي تصورات شعرائها‪ ،‬بأن "الشيخ" تولى بالوراثة الروحي‪88‬ة مق‪88‬ام "الوالي‪88‬ة" وال‪88‬ذي ه‪88‬و‬
‫مق‪88‬ام ي‪88‬أتي في الدرج‪88‬ة الموالي‪88‬ة لمق‪88‬ام النب‪88‬وة‪ .‬والكرام‪88‬ات ال‪88‬تي تق‪88‬ع للص‪88‬وفي‪ ،‬تج‪88‬د م‪88‬دلولها في المب‪88‬دأ القائ‪88‬ل‪« :‬اآلي‪88‬ات هلل‬
‫والمعجزات لألنبياء‪ ،‬والكرامات لألولياء ولخيار المسلمين‪ .»41‬ويرى المتص‪8‬وفة أن ه‪88‬ذه الكرام‪8‬ات نت‪88‬اج االس‪88‬تعانة باهلل في‬
‫جميع األشياء‪ ،‬وهي بذلك تشبع كل الطموحات‪ ،‬وطريق تحقيق كل الغايات‪ ،‬لع َّل أهمها التصرف في األشياء والتأثير عليه‪88‬ا‪.‬‬
‫وقد تمظهرت الكرامة في البداية كسلوك عبر به المتصوفة عن مدى والئهم هلل قوال وعمال‪ ،‬ثم تحولت إلى نصوص إبداعي‪88‬ة‬
‫تكتسي طاقات تخييلية ورمزية‪ ،‬قد ال تتوفر في بعض النماذج التي ألفت خصيصا لهذا النوع من المتعة‪.‬‬

‫إن دواوين الملحون ‪-‬موضوع هذه الدراسة‪ -‬تفند الفرضية التي مفاده‪8‬ا أن موض‪8‬وعات الش‪8‬عر الص‪8‬وفي في أدبن‪8‬ا المغ‪8‬ربي‬
‫قليلة وشحيحة‪ ،‬بالقياس إلى األدب المشرقي الذي احتضن الحالج والسهروردي وابن الفارض وغ‪88‬يرهم‪ ،‬كم‪88‬ا ع‪88‬رف األدب‬
‫األندلسي ابن العربي الحاتمي‪ ،‬وكلهم شعراء لهم نزوع صوفي يتسم باالستقاللية عن االتجاهات الشعرية التي عرفه‪88‬ا األدب‬
‫العربي‪.‬‬

‫على سبيل الختم‬

‫على ضوء ما تقدم ذكره‪ ،‬نستخلص أن الشعر الملحون الصوفي بالمغرب قابل ألن يجد في‪88‬ه المتلقي من االنج‪88‬ذاب والتفاع‪88‬ل‬
‫ما يجده في األنماط الشعرية األخرى‪ .‬وذلك الرتباط هذا الشعر ب‪88‬القيم الجمالي‪88‬ة ولم‪88‬ا ينض‪88‬ح ب‪88‬ه من ش‪88‬فافية الرؤي‪88‬ة وص‪88‬دق‬
‫الموقف‪ ،‬واالرتباط الحميم بواقع التجربة‪ ،‬ولما فيه‪ ،‬أيضا‪ ،‬من عفوية الخطاب واستقاللية ال‪8‬روح وانعت‪8‬اق من فلس‪8‬فة العق‪8‬ل‬
‫وتحكمه‪.‬‬

‫كما نستنتج أن العبقرية الشعبية استطاعت أن تسمو بالشعر الملحون الصوفي إلى أعلى مراتب اإلبداع على الرغم من كون‪88‬ه‬
‫يمثل تجربة إبداعية انبثقت من وسط شعبي‪ ،‬يشكل الحرفيون قاعدت‪88‬ه الواس‪88‬عة‪ ،‬إنتاج‪88‬ا وتلقي‪88‬ا‪ .‬إن الش‪88‬عر الملح‪88‬ون ي‪88‬دور في‬
‫معظمه حول الموضوعات التي عرفها الشعر الصوفي في عصوره المختلفة‪ .‬ومن ثمة ينبغي االرتقاء بهذا الشعر‪ ،‬باعتب‪88‬اره‬
‫ذاكرة المغاربة كما يعيشونها بتلقائيتهم اليومية‪ .‬فهو أقرب من نبض العامة وألصق بواقعهم وتاريخهم‪.‬‬

‫مراجع‬

‫اعمار‪ ،‬عبد العزيز (‪" ،)2011‬مس‪8‬احات الجس‪88‬د في دي‪8‬وان الملح‪8‬ون"‪،‬ض‪88‬من ليلى المس‪88‬عودي‪ ،‬عب‪88‬د العزي‪88‬ز اعم‪8‬ار‪ ،‬حن‪8‬ان‬
‫بندحمان‪ ،‬زهرة البلغيثي (تنسيق)‪ ،‬اللغة والجسد والمتخيل‪ ،‬القنيطرة‪ ،‬منشورات مختبر اللغة والمجتمع‪CNRST- ،‬‬
‫‪ ،URAC56‬كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة ابن طفيل‪.‬‬
‫]»‪]AMAR, Abdelaziz (2011), « Misahatu ljasadi fi diwani lmalhuni ‬‬
‫اعمار‪ ،‬عبد العزيز ( ‪" ،)2010‬معجم مصطلحات الملحون"‪ ،‬ضمن ليلى المس‪88‬عودي‪ ،‬حفيظ‪88‬ة العم‪88‬راني‪ ،‬اب‪88‬راهيم الكع‪88‬اك‪،‬‬
‫توفيق هللا أفكينيش (تنسيق) حول القواميس‪ ،‬القنيطرة‪ ،‬منشورات مختبر اللغة والمجتمع‪ ،CNRST- URAC56 ،‬كلية‬
‫اآلداب والعلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة ابن طفيل‪.‬‬
‫]»‪]AMAR, Abdelaziz (2010), «Muajamu mustalahati lmalhuni ‬‬
‫بندحمان‪ ،‬حنان (‪" ،)2010‬قاموس الشعر المغربي المعاص‪88‬ر‪ ،‬مقارب‪88‬ة أولي‪88‬ة"‪ ،‬ض‪88‬من ليلى المس‪88‬عودي‪ ،‬حفيظ‪88‬ة العم‪88‬راني‪،‬‬
‫ابراهيم الكعاك‪ ،‬توفيق هللا أفكينيش (تنسيق)‪ ،‬حول القواميس‪ ،‬القنيطرة منشورات مختبر اللغة والمجتمع‪CNRST- ،‬‬
‫‪ ،URAC56‬كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة ابن طفيل‪.‬‬

‫‪ 39‬المعجم العربي األساسي‪ ،‬الروس (‪ ،)1991‬بيروت‪ ،‬ورد عند إدريس كمون (‪" ،)2015‬مفهوم البركة في الثقافة الشعبية‬
‫المغربية عند إدوارد فستر مارك"‪ ،‬الثقافة الشعبية‪ ،‬البحرين‪ ،‬المنظمة الدولية للفن الشعبي‪ ،‬ع‪ ،28 .‬ص‪.126 ،‬‬
‫‪ 40‬إدريس كمون (‪ ،)2015‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.126 .‬‬
‫‪ 41‬أبو نصر السراج الطوسي (‪ ،)1960‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.390 .‬‬
‫‪Revue Langue, culture et société, Volume 5, n. 2, décembre 2019‬‬

‫‪[BENDAHMANE, Hanane (2010), « Qamousu chiiri lmaghribiyyi lmuasiri- muqarabatun‬‬


‫]»‪awwaliyyatun ‬‬
‫ابن جعفر‪ ،‬قدامة (د‪ .‬ت)‪ ،‬نقد الشعر‪ ،‬ت‪ .‬كمال مصطفى‪ ،‬الرباط‪ ،‬دار األمان‪ ،‬ط ‪.3.‬‬
‫]‪[BNU JAAFER, Qudama (s.d), Naqdu Chiiri‬‬
‫شوقي‪ ،‬الحسن (‪ 8،)2008‬سيدي رحال البدالي‪ ،‬مساهمة في تاريخ األولياء بالمغرب‪ ،‬مراكش‪ ،‬المطبعة والوراقة الوطنية‬
‫الداودية‪.‬‬
‫]‪[CHAWQI, Lahsan (2008), Sidi rahhal lbdali, musahamatun fi tarikhi lawliyai bilmaghribi‬‬
‫ضيف‪ ،‬شوقي (‪ ،)1999‬الحب العذري عند العرب‪ ،‬شبرا‪ ،‬مطبعة دار نوبار للطباعة‪.‬‬
‫]‪[DAYF, Chawqi (1999), Alhubbu ludri inda larabi‬‬
‫الطوسي‪ ،‬أبو نصر السراج (‪ 8،)1960‬اللمع في التصوف‪ ،‬ت‪ .‬عبد الحليم محمود وطه عبد الباقي سرور‪ ،‬مصر‪ ،‬طبعة‬
‫القاهرة‪.‬‬
‫]‪[TOUSSI, Abu nasr sarraj (1960), Allumau fi tassawwufi‬‬
‫الظريف‪ ،‬محمد (د‪ .‬ت)‪ ،‬الحركة الصوفية وأثرها في أدب الصحراء المغربية ‪ ،‬المحمدية‪ ،‬منشورات كلية اآلداب والعلوم‬
‫اإلنسانية‪.‬‬
‫]‪[DRIF, Mohamad (S.d.), Alharakatu ssufiyyatu wa atharuha fi adabi ssahrai lmaghribiyyati‬‬
‫العلمي‪ ،‬عبد القادر (‪ 8،)2009‬الديوان‪ ،‬جمع وإعداد لجنة الملحون التابعة ألكاديمية المملكة المغربية‪ ،‬إشراف وتقديم عباس‬
‫الجراري‪ ،‬الرباط‪ ،‬مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية‪ ،‬س‪ .‬التراث‪ ،‬موسوعة الملحون‪.‬‬
‫]‪[ALAMI, Abdekader (2009), Diwan‬‬
‫العلوي‪ ،‬موالي عبد الحفيظ (‪ 8،)2014‬الديوان ‪ ،‬جمع وإعداد لجنة الملحون التابعة ألكاديمية المملكة المغربية‪ ،‬إشراف‬
‫وتقديم عباس الجراري‪ ،‬الرباط‪ ،‬مطبوعات أكاديمية‪ 8‬المملكة المغربية‪ ،‬س‪ .‬التراث‪ ،‬موسوعة الملحون‪.‬‬
‫]‪[ALAWI, Moulay abdelhafid (2014), Diwan‬‬
‫الغرابلي‪ ،‬أحمد (‪ 8،)2012‬الديوان ‪ ،‬جمع وإعداد لجنة الملحون التابعة ألكاديمية المملكة المغربية‪ ،‬إشراف وتقديم عباس‬
‫الجراري‪ ،‬الرباط‪ ،‬مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية‪ ،‬س‪ .‬التراث‪ ،‬موسوعة الملحون‪.‬‬
‫]‪[LAGHRABLI, Ahmad (2012), Diwan‬‬
‫ابن فارس‪ ،‬أحمد (‪ ،)1979‬معجم مقاييس اللغة‪ ،‬ت‪ .‬عبد السالم هارون‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫]‪[BNU FARES, Ahmad (1979), Muajamu maqayisi llughati‬‬
‫القادري بوتشيش‪ ،‬ابراهيم (‪" 8،)2013‬ثقافة الوسطية في التصوف الس‪88‬ني ب‪88‬المغرب"‪ ،‬ض‪88‬من الق‪88‬ادري بوتش‪88‬يش (تنس‪88‬يق)‪،‬‬
‫التصوف السني في تاريخ المغرب‪ -‬نسق نموذجي للوسطية واالعتدال‪ ،‬الرباط‪ ،‬منشورات الزمن‪.‬‬
‫]»‪[KADIRI BOUTCHICH, Brahim (2013), « Thaqafatu lwasattiyyati wa liitidali ‬‬
‫الكاشاني‪ ،‬عبد الرزاق (‪ ،)1992‬معجم اصطالحات الصوفية‪ ،‬ت‪ .‬عبد العالي شاهين‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار المنار‪.‬‬
‫]‪[KACHANI, Abdelrazzak (1992), Muajamu sttilahati ssoufiyyati‬‬
‫كمون‪ ،‬إدريس (‪" ،)2015‬مفهوم البركة في الثقافة الشعبية المغربية عند إدوارد فستر مارك"‪ ،‬الثقافة الشعبية‪ ،‬البحرين‪،‬‬
‫المنظمة الدولية للفن الشعبي‪ ،‬ع‪.28 .‬‬
‫‪[KAMOUN, Driss (2015), « Mafhoumu lbarakati fi thaqafati chaabiyyati lmaghribiyyati inda‬‬
‫]»‪Edward Mark ‬‬
‫الگندوز‪ ،‬أحمد (‪ 8،)2011‬الديوان ‪ ،‬جمع وإعداد لجنة الملحون التابعة ألكاديمية المملكة المغربية‪ ،‬إشراف وتقديم عباس‬
‫الجراري‪ ،‬الرباط‪ ،‬مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية‪ ،‬س‪ .‬التراث‪ ،‬موسوعة الملحون‪.‬‬
‫]‪[LGHANDOUZ, Ahmad (2011), Diwan‬‬
‫امتيرد‪ ،‬الجياللي (‪ 8،)2008‬الديوان‪ ،‬جمع وإعداد لجنة الملحون التابعة ألكاديمية‪ 8‬المملكة المغربية‪ ،‬إشراف وتقديم عباس‬
‫الجراري‪ ،‬الرباط‪ ،‬مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية‪ ،‬س‪ .‬التراث‪ ،‬موسوعة الملحون‪.‬‬
‫]‪[MTIRED, Jilali (2008), Diwan‬‬
‫المدغري‪ ،‬التهامي (‪ 8،)2010‬الديوان ‪ ،‬جمع وإعداد لجنة الملحون التابعة ألكاديمية المملكة المغربية‪ ،‬إشراف وتقديم عباس‬
‫الجراري‪ ،‬الرباط‪ ،‬مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية‪ ،‬س‪ .‬التراث‪ ،‬موسوعة الملحون‪.‬‬
‫]‪[LAMDAGHRI, Thami (2010), Diwan‬‬
‫‪Revue Langue, culture et société, Volume 5, n. 2, décembre 2019‬‬

‫المغراوي‪ ،‬عبد العزيز (‪ 8،)2008‬الديوان ‪ ،‬جمع وإعداد لجنة الملحون التابعة ألكاديمية المملكة المغربية‪ ،‬إشراف وتقديم‬
‫عباس الجراري‪ ،‬الرباط‪ ،‬مطبوعات أكاديمية‪ 8‬المملكة المغربية‪ 8،‬س‪ .‬التراث‪ ،‬موسوعة الملحون‪.‬‬
‫]‪[MAGHRAWI, Abdelaziz (2008), Diwan‬‬
‫الملحوني‪ ،‬عبد الرحمان (‪ 8،)2014‬المغرب من خالل قصيدة‪ :‬منازه رياض التوبة‪ ،‬الرباط‪ ،‬دار أبي رقراق للطباعة‬
‫والنشر‪.‬‬
‫‪[LMALHOUNI, Abderrahmane (2014), Almaghribu min khilali qassidati : manazihu riyadi‬‬
‫]‪tawbati‬‬
‫الملحوني‪ ،‬عبد الرحمان (‪ ،)2003‬أضواء على التصوف بالمغرب ‪ ،‬الرباط‪ ،‬منشورات وزارة الثقافة‪ ،‬مطبعة دار المناهل‪.‬‬
‫]‪[LMALHOUNI, Abderrahmane (2003), Adwaun ala attassawufi bilmaghribi‬‬
‫ولد أرزين‪ ،‬محمد بن علي (‪ 8،)2009‬الديوان‪ ،‬جمع وإعداد لجنة الملحون التابعة ألكاديمية المملكة المغربية‪ ،‬إشراف وتقديم‬
‫عباس الجراري‪ ،‬الرباط‪ ،‬مطبوعات أكاديمية‪ 8‬المملكة المغربية‪ 8،‬س‪ .‬التراث‪ ،‬موسوعة الملحون‪.‬‬
‫]‪[WALD ARZINE, Mohamad bnu Ali (2009), Diwan‬‬

You might also like