الوقت ومكانته في الإسلام

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 2

‫ِ‬ ‫ض َّل لَو‪ ،‬ومن ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اْلم َد لِلَّ ِو‪ََْ ،‬نم ُده‪ ،‬ونَستعِينُو‪ ،‬ونَست ْغ ِفره‪ ،‬ونَعوذُ

ُده‪ ،‬ونَستعِينُو‪ ،‬ونَست ْغ ِفره‪ ،‬ونَعوذُ بِاهللِ ِمن ُشروِر أَنْ ُف ِسنَا وسيِّئا ِ‬
‫ي لَوُ‪َ ،‬وأَ ْش َه ُد أ ْن‬ ‫ت أ َْع َمالنَا‪َ ،‬م ْن يَ ْهد اهللُ فَالَ ُم ِ ُ َ َ ْ ُ ْ‬
‫ضل ْل فَالَ َىاد َ‬ ‫َََ‬ ‫ْ ُ‬ ‫َ ُ َ ْ َ ُ َ ْ َ ُُ َ ُ‬ ‫ِ‬
‫إ َّن َْ ْ‬
‫ان إِ ََل يَ ْوِم‬
‫أن ُُم َّم ًدا عب ُده ورسولُو‪ ،‬وخلِيلُو ‪ -‬صلَّى اهلل علَي ِو وعلَى آلِِو وصحبِ ِو‪ ،‬ومن تَبِعهم بِِإحس ٍ‬
‫َ َ ْ ََ ْ َُ ْ ْ َ‬ ‫يما ل َشأْنو‪َ ،‬وأَ ْش َه ُد َّ َ َْ ُ َ َ ُ ُ َ َ ُ َ ُ َ ْ َ‬
‫يك لَو‪ ،‬تَع ِظ ِ ِِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ََل إلَوَ إََّل اهللُ َو ْح َدهُ ََل َش ِر َ ُ ْ ً‬
‫ِ‬
‫كثريا‪.‬‬
‫يما ً‬ ‫الدِّي ِن‪َ ،‬و َسلِّ َم تَ ْسل ً‬
‫يقول الفقيو حيىي بن ىبرية‪:‬‬

‫والوقت أنفس ما عنيت حبفظو‬


‫وأراه أسهل ما عليك يضيع‬
‫ٍ‬
‫مفقود ميكن أن يسًتجع إَل الوقت‪ ،‬فهو إن‬ ‫أيها املسلمون‪ :‬إن الوقت الذي تعيشونو يف ىذه اْلياة الدنيا أنفس ما لإلنسان‪ ،‬وَل يقدر باألمثان‪ ،‬وكل‬
‫ضاع مل يتعلق بعودتو أمل‪ ،‬ولذلك كان على املسلم أن حيفظو فيما ينفعو يف آخرتو ودنياه‪ ،‬ويصونو عن الضياع باللهو والغفلة‪ ،‬ويستقبل أيامو استقبال‬
‫شديد الظمأ لقطرة املاء‪ ،‬واستقبال الضنني للثروة النفيسة‪َ ،‬ل يفرط يف قليلها فضالً عن كثريىا‪ ،‬وتجتهد أن يضع كل شءء مهما صعب موضعو الالئق بو‪.‬‬
‫يقول الشاعر ُممد حسن اهلاليل‪:‬‬
‫الياقوت و ِ‬
‫الذىب‬ ‫ِ‬ ‫الوقت أغلى من‬
‫ُ‬
‫وَنن ََنسرهُ ف ء الله ِو و ِ‬
‫اللعب‬
‫وسوف نُسأل عنو عند ِ‬
‫خالقنا‬
‫شب‬ ‫ِ‬
‫املوقف النّ ِ‬ ‫ِ‬
‫اْلساب بذاك‬ ‫يوم‬
‫األيام م ْدبِرةٌ‬
‫بو ُ‬ ‫نله و ونلع ُ‬
‫ذبري سراعاً ُِذب ُّد السري يف ِ‬
‫اهلرب‬ ‫َ‬ ‫ْ‬

‫أخء املسلم‪ :‬إن العمر الذي تعيشو ىو مزرعتك اليت ذبين مثارىا يف الدار اآلخرة‪ ،‬فإن زرعتو خب ٍري وعمل صاحل جنيت السعادة والفالح‪ ،‬وكنت مع الذين‬
‫اْلَالِيَ ِة [اْلاقة‪ ]42:‬وإن ضيعتو يف الغفالت‪ ،‬وزرعتو باملعاصء واحملرمات؛ ندمت على‬ ‫َسلَ ْفتُ ْم ِيف ْاألَيَّ ِام ْ‬ ‫ِ ِ‬
‫ينادى عليهم يف اآلخرة‪ُ ( :‬كلُوا َوا ْشَربُوا َىنيئاً دبَا أ ْ‬
‫ما قدمت يداك حيث َل ينفعك الندم‪ ،‬ومتنيت الرجوع إَل الدنيا لتعمل ولو حسنة واحدة ولكن ىيهات ىيهات‪ :‬أ ََوَملْ نُ َع ِّم ْرُك ْم َما يَتَ َذ َّكُر فِ ِيو َم ْن تَ َذ َّكَر‬
‫ص ٍري [فاطر‪.]73:‬‬ ‫َّذير فَ ُذوقُوا فَما لِلظَّالِ ِمني ِمن نَ ِ‬
‫ِ‬
‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َو َجاءَ ُك ُم الن ُ‬

‫أمة اإلسالم‪ :‬إن املسلم اْلق حيافظ على وقتو ُمافظة شديدة‪ ،‬ألن الوقت عمره‪ ،‬فإذا أضاع منو ولو شيئاً يسرياً يف غري ما شرعو اهلل كان عليو حسرةً وندامةً‬
‫متر على ابن آدم تقربو إَل اآلخرة وتبعده من الدنيا‪ ،‬قال أبو الدرداء رضء اهلل عنو‪[[ :‬ابن آدم! إمنا أنت أيام كلما مضى منك يوم‬
‫يوم القيامة‪ ،‬وكل ساعة ُّ‬
‫يف ٍ‬
‫بعمل صاحل‪ ،‬فإين‬ ‫يوم ينشق فجره إَل نادى‪ :‬يا بن آدم! أنا خلق جديد‪ ،‬وعلى عملك شهيد‪ ،‬فتزود َّ‬ ‫مضى بعضك ]] وقال اْلسن رمحو اهلل‪[[ :‬ما من ٍ‬

‫َل أعود إَل يوم القيامة ]] فغريب شأن ىؤَلء الناس كيف يلهون ويلعبون‪ ،‬ويركضون وراء شهواهتم واملوت يأيت بغتة‪ ،‬وينسون ويعرضون‪ ،‬وكل ذرة من‬
‫صاهُ اللَّوُ َونَ ُسوهُ َواللَّوُ َعلَى ُك ِّل َش ْء ٍء َش ِهي ٌد [اجملادلة‪.]6:‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫أعماهلم ُمسوبة يَ ْوَم يَْب َعثُ ُه ُم اللَّوُ ََجيعاً فَيُنَبِّئُ ُه ْم دبَا َعملُوا أ ْ‬
‫َح َ‬

‫دين جعل للوقت مكانتو‪ ،‬وحث على شغلو بالطاعات والقربات‪ ،‬وحذر أشد التحذير من إعمالو باملخالفات‪ ،‬وجعل من‬
‫إن اإلسالم ‪-‬يا عباد اهلل‪ٌ -‬‬
‫عالمات اإلميان وأمارات التقى أن يعء املسلم ىذه اْلقيقة‪ ،‬ويسري على ىداىا‪ ،‬واعترب الذاىبني عن غدىم‪ ،‬الغارقني يف حاضرىم‪ ،‬املسحورين بضيق الدار‬
‫ِ‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫العاجلة‪ ،‬قوماً خاسرين سفهاء‪( :‬إِ َّن الَّ ِذين َل ي رجو َن لَِقاءنَا ورضوا بِ ْ ِ‬
‫َّار ِدبَا َكانُوا‬ ‫ين ُى ْم َع ْن آيَاتِنَا َغافلُو َن * أُولَئِ َ‬
‫ك َمأْ َو ُاى ُم الن ُ‬ ‫اْلَيَاة الدُّنْيَا َواطْ َمأَنُّوا ِبَا َوالذ َ‬ ‫َ ََ ُ‬ ‫َ َْ ُ‬
‫عبد يوم القيامة حىت‬ ‫ْسبو َن [يونس‪ ]8-3:‬ويف اْلديث الصحيح عن أيب برزة رضء اهلل عنو قال‪ :‬قال رسول اهلل صلى عليو وسلم‪َ{ :‬ل تزول قدما ٍ‬ ‫ِ‬
‫يَك ُ‬
‫يسأل عن أربع‪ :‬عن عمره فيما أفناه‪ ،‬وعن شبابو فيما أباله‪ ،‬وعن مالو من أين اكتسبو وفيما أنفقو‪ ،‬وعن علمو ماذا عمل بو } وإنو ملن املؤسف حقاً أن‬
‫كثرياً من الناس اليوم ابتلوا بتضييع األوقات باحملرمات‪ ،‬واتباع الشهوات‪ ،‬والعكوف على املغريات وامللهيات‪ ،‬يف الوقت الذي نرى فيو أعداء اإلسالم يبذلون‬
‫قصارى جهدىم‪ ،‬ويُعملون كل الوسائل لصد املسلمني عن دينهم‪ ،‬فهل استعد كل مسلم منا للوقوف بني يدي اهلل‪ ،‬وأعد أجوبة لألسئلة العظيمة‪ :‬عن‬
‫عمره فيما أفناه؟ وعن شبابو فيما أباله؟‬

‫بأي جو ٍ‬
‫اب سيجيب من أفنوا أعمارىم‪ ،‬وقتلوا أوقاهتم‪ ،‬وأبلوا شباِبم فيما يسخط اهلل من العقائد الفاسدة‪ ،‬والبدع املنكرة‪ ،‬واألفكار امللوثة‪ ،‬واألخالق‬
‫السيئة‪ ،‬واألعمال الرذيلة؟‬

‫بأي جو ٍ‬
‫اب سيجيب من َل يبايل دبالو؛ فيكتسبو بالوسائل احملرمة‪ ،‬واْليل املمنوعة‪ ،‬وينفقو يف غري الطرق املشروعة؟ما جواب ىؤَلء أمام اجلبار جل جاللو‬
‫حني يسأهلم؟‬

‫أيها املسلمون‪ :‬اتقوا اهلل وأعدوا هلذا األمر عدتو‪ ،‬واحذروا التسويف فإن املوت يأيت بغتة‪ ،‬وَل تغًتوا حبلم اهلل عز وجل‪ ،‬أعوذ باهلل من الشيطان الرجيم‪:‬‬
‫َّ ِ‬ ‫يا أَيُّها الَّ ِذين آمنوا اتَّ ُقوا اللَّو ولْت نْظُر نَ ْفس ما قَدَّم ِ ٍ‬
‫اى ْم أَنْ ُف َس ُه ْم أُولَئِ َ‬
‫ك ُى ُم‬ ‫ين نَ ُسوا اللَّوَ فَأَنْ َس ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ت لغَد َواتَّ ُقوا اللَّوَ إ َّن اللَّوَ َخب ٌري دبَا تَ ْع َملُو َن * َوَل تَ ُكونُوا َكالذ َ‬
‫َ ََ ْ ٌ َ َ ْ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ َ‬
‫اس ُقو َن [اْلشر‪.]81-88:‬‬ ‫الْ َف ِ‬

‫اللهم اجعل خري أعمالنا خوامتها‪ ،‬وخري أعمارنا أواخرىا‪ ،‬وخري أيامنا يوم لقائك‪ ،‬اللهم وفقنا لشغل أوقاتنا وأعمارنا بطاعتك‪.‬‬

‫وأختتم كلميت بقول الشاعر‪:‬‬

‫يا أيها الغافل جد يف الرح يل وأنت يف هل و وزاد ق ل يل‬


‫لو كنت تدري ما تالقء غ داً لذبت من فيض البكاء والعويل‬
‫فاخلص التوبة ربظ ى ب ه ا فما بقء يف العمر إَل القل يل‬
‫وَل تنم إن كن ت ذا غ ب طة فإن ق دام ك ن وم ط ويل‪.‬‬
‫أقول قويل ىذا‪ ،‬وأستغفر اهلل يل ولكم وجلميع املسلمني‪ ،‬فاستغفروه يغفر لكم‪ ،‬وتوبوا إليو يتب عليكم؛ إنو كان تواباً‪.‬‬

You might also like