Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 8

‫وقع التغيير السياسي الذي عرف بثورة الفاتح‪ ،‬في األول من س بتمبر‬

‫ع ام ‪ ،1969‬لينهي حكم المملك ة الليبي ة ويعلن نش وء الجمهوري ة‬


‫العربية الليبية‪ ،‬حيث تشكلت حركة الض باط الوح دويين األح رار في‬
‫الجيش الليبي بقيادة المالزم أول معمر القذافي وق امت ب الزحف على‬
‫مدين ة بنغ ازي لتحت ل مب نى اإلذاع ة وتحاص ر القص ر الملكي في‬
‫ط رابلس بقي ادة الض ابط الخويل دي محم د الحمي دي لتس تولي على‬
‫السلطة‪ ،‬وس ارع ولي العه د وممث ل المل ك بالتن ازل عن الحكم حيث‬
‫كان الملك إدريس السنوس ي خ ارج البالد في رحل ة لتلقي العالج في‬
‫تركيا‪.‬‬

‫في كتاب ه "قص ة الث ورة"‪ ‬يحكي مع ّم ر الق ذافي‪“ :‬أن ُه من المس تحيل‬
‫تحديد يوم بعي ِن ِه لبداي ِة الثورةِ‪ ،‬كما ه و الح ال في أيَّة ث ورة‪ ،‬ال يمكن‬
‫تحديد بداية له ا؛ عكس االنقالب‪ ،‬ال ذي ه و “خ اطِ رة طارئ ة‪ ،‬تط رأ‬
‫على خاطر القادة الكبار"‪.‬‬

‫في مدين ة س بها ب دأت االجتماع ات‪ ،‬والتخطي ط للث ورة على الحكم‬
‫السنوس ي في ليبي ا؛ فتك وَّ نت أول لجن ة قياديَّة في المدرس ة الثانوي ة‪،‬‬
‫حيث ازداد عدد المشاركين للقيام بـ(الثورة) داخل صفوف الشباب‪.‬‬
‫وفي المدين ة نفس ها جه زت وانطلقت أول مظ اهُرة وحدويَّة ي وم‪5‬‬
‫أكتوبر ‪ ،1961‬قادها الق ذافي‪ ،‬ومع ُه ع دد من العناص ر ال تي آمنت‬
‫بفكرة االنقالب على الملك السنوسي‪.‬‬

‫ك انت التظ اهرة عروبيَّة خالِص ة‪ ،‬تأسس ت على المطالب ة بالوح دة‬
‫العربية بعد انفصال سوريا عن الوحدة مع مصر‪.‬‬

‫ولكن ما أن التحمت معها الجم اهير وأرتق ع حماس ها‪ ،‬ح تى ارتفعت‬
‫المطالب فوق المناداة بالوحدة والتحرير إلى التنديد ب الحُكم ال رجعي‪،‬‬
‫وتصور الكث يرون أن م ا ح دث ه و انفع ال عف وي‪ ،‬لكن الحقيق ة أن‬
‫مظاهرة سبها كانت بداية االصطدام بالسُلطات القمعيَّة حينها‪.‬‬

‫‪   ‬وجراء هذه المظاهرة‪ ،‬تعرَّ ض القذافي للمساءلة من قب ل الس لطات‬


‫في والي ة ف زان‪ ،‬ثم ينق ل إلى مدين ة مص راته للدراس ة به ا‪ ،‬وهن اك‬
‫تسنى له توسيع مجموعت ه الثوريَّة‪ .‬الع ام ‪ 1963‬عم ل الق ذافي على‬
‫ض م مجموع ات أخ رى بالكليَّة العس كريَّة‪ ،‬تش كل منهم أف راد الخليَّة‬
‫األولى؛ وواصلت هذه المجموعة عملها من داخل الكلية العسكرية‪.‬‬

‫‪ ‬في الع ام ‪ 1964‬تط ورت األح داث‪ ،‬وتق رَّ ر إع ادة تنظيم الحرك ة‬
‫الثوري ة؛ فقُ ِّس مت الحرك ة إلى عس كريَّة وأخ رى مدنيَّة؛ وأص بحت‬
‫المجموعة العسكريَّة هي األهم‪ ،‬وق امت المجموع ة األخ يرة بتش كيل‬
‫تتكون من العسكريّين فقط‪.‬‬
‫لجنة مركزيَّة َّ‬

‫أما المجموعة المدنية؛ فقد َش ِّك َلت لجن ة ش عبيَّة‪ ،‬تعم ل بص فة مُس تقلَّة‬
‫بش كل ُكلِّي من الناحي ة التنظيميَّة عن اللجن ة المركزي ة للض باط‬
‫الوحدويّين األحرار‪.‬‬

‫لق د تع رَّ ض العم ل الش عبي من الناحي ة الش عبيَّة للعرقل ة‪ ،‬نتيج ة‬
‫للمط اردة ال ذي ك انت س ائدة في العه د الملكي؛ إال أن ُه س رعان م ا‬
‫اس تطاع أن يخل ق وس ًطا ل ه مناع ة ض د الحزبيَّة واالنقس ام؛ فتم َّكن‬
‫بذلك من أن َيحول بين الشباب والحركات اله ّدامة األخرى‪.‬‬

‫وشاركت اللجنة المركزيَّة لتنظيم الضباط الوح دويّين األح رار بكاف ة‬
‫األنشطة في سريَّة تامة؛ حيث كانت السرية بالغة الضرورة‪ ،‬وك انت‬
‫اللجنة المركزيَّة مسئولة عن المسائل التنظيميَّة كافة‪.‬‬

‫‪  ‬عقدت اللجن ة المركزيَّة أول اجتم اع له ا‪ ،‬بع د إع ادة تنظيمه ا‪ ،‬في‬


‫بلدة طلميثة التي تق ع على س احل البح ر المتوس ط‪ ،‬وتبع د ش رقا عن‬
‫مدينة بنغازي بـ(‪ )110‬كيلو متر تقريبًا‪ ،‬وبعد ذلك توالت اجتماع ات‬
‫اللجنة المركزيَّة للضباط الوحدويّين األحرار‪ ،‬التي كانت تتم بالس رِّ ية‬
‫التام ة‪ ،‬وك انت ه ذه االجتماع ات تعق د بص فة دوريَّة في اجتماع ات‬
‫مطولة مرهقة خارج المدن الرئيسية‪ ،‬كما كانت هذه االجتماع ات تتم‬
‫أيام العطالت الرسمية واألعياد رغبة في عدم إثارة االنتباه إلى تغيب‬
‫أعضاء اللجنة المركزيَّة في األيام العادية‪.‬‬

‫كم ا فرض ت اللجن ة المركزيَّة على أعض ائها قي وداً ح ادة‪ ،‬حيث‬
‫فرضت على أعضائها الضباط الوح دويّين األح رار ش روطا ً م ِ‬
‫ُلزم ة‬
‫تجاه االلتزام األخالقي والديني‪ ،‬إضافة إلى ان ه ض من خط ط اللجن ة‬
‫ليتخص ص ك ل منهم في علم‬
‫َّ‬ ‫المركزيَّة انتساب أعضائها إلى الجامعة‬
‫معين‪ ،‬حيث شهدت كليات الجامعة الليبية في ذلك ال وقت إقب االً غ ير‬
‫معهود النتساب العسكريّين إليها‪.‬‬

‫‪  ‬في االجتم اع الث اني ال ذي عقدت ه اللجن ة المركزيَّة بمنطق ة س يدي‬


‫خليف ة‪ ،‬ال تي تق ع على بع د ‪ 20‬كيل و م تراً إلى الش رق من مدين ة‬
‫بنغازي‪ ،‬تق رَّ ر إنش اء ص ندوق توف ير للص رف على نش اط الحرك ة‬
‫وانتق االت أعض اء اللجن ة المركزي ة‪ ،‬وق د تم االتف اق على أن يؤجَّ ل‬
‫إقرار هذا األمر إلى اجتماع آخر‪.‬‬
‫وعقب االجتم اع الث اني ق ام أعض اء اللجن ة بجس نبض التش كيالت‬
‫فوج دوا اس تعدادها للب ذل دون حس اب‪ ،‬تق رر في اجتم اع آخ ر عق د‬
‫بنفس المك ان أن تك ون رواتب جمي ع الض باط الوح دويين األح رار‪،‬‬
‫وفى مقدمتها رواتب أعضاء اللجنة المركزية رصي ًدا للحرك ة‪ ،‬تؤخ ذ‬
‫في أي وقت وبدون تحدي د للمق دار‪ ،‬وذل ك لإلنف اق منه ا على ت ذاكر‬
‫سفر الضباط وعائالت أعضاء التنظيم في النواحي المختلفة‪.‬‬

‫‪ ‬في االجتم اع الث الث ال ذي عق د بأح د الفن ادق الص غيرة في مدين ة‬
‫بنغ ازي‪ ،‬تق رَّ ر أن يق دم ك ل عض و من أعض اء اللجن ة المركزيَّة‬
‫للض باط الوح دويّين األح رار تقري رً ا ش هريًا‪ ،‬عن الض باط غ ير‬
‫المنض مين للحرك ة خاص ة من ذوى ال رتب الكب يرة‪ ،‬وذل ك لمعرف ة‬
‫اس تعدادهم لالنض مام للحرك ة‪ ،‬ح تى ال يش عروا ب الظلم عن د الحكم‬
‫عليهم بالتق اعس أو الخيان ة بع د‪ ‬تنفي ذ االنقالب‪ ،‬ولق د ك ان معظم‬
‫الضباط من ذوى الرتب الكبيرة متر ِّددين على الرغم من حالة الي أس‬
‫والتذمر‪.‬‬

‫أما قوات األمن فقد كانت هناك تشكيالت منها داخل الحرك ة‪ ،‬فك انوا‬
‫مغلوبين على أمرهم‪.‬‬
‫وت والت بع د ذل ك اجتماع ات اللجن ة المركزيَّة لحرك ة الض باط‬
‫الوحدويّين األحرار‪ ،‬ال تي ك انت تنعق د في أم اكن متفرق ة من أنح اء‬
‫ليبيا‪ ،‬وكلما سمحت الظروف في أوقات األعياد والعطالت‪.‬‬

‫ص در المنش ور الس ري األول لالنقالب على المل ك السنوس ي‪ ،‬في‬


‫يناير من العام ‪ ،1969‬وقد كتبه القذافي في معسكر قاريونس بمدين ة‬
‫بنغازي‪ ،‬لمعرفة ما إذا كان الضباط الوحدويّون األح رار يس تطيعون‬
‫الس يطرة على جمي ع وح دات الق وات المس لَّحة والقي ام بعملي ة مس ح‬
‫للقوات واألفراد والذخيرة الواجب توافرها لتنفيذ االنقالب‪.‬‬

‫وعقد االتفاق على أن يكون يوم ‪ 24‬مارس في العام ‪ ،1969‬موع ًدا‬


‫للتنفيذ‪ ،‬لكن قرار سفر الملك المفاجئ إلى مقر إقامته في ط برق دف ع‬
‫خططهم‪ ،‬على ال رغم من أن بعض‬ ‫الض باط الوح دويّين إلى تغي ير َّ‬
‫الوحدات بدأت تستعد للتحرُّ ك‪ .‬وهنا تم تأجيل الموع د إلى أج ل غ ير‬
‫مُسمّى‪.‬‬

‫فى ‪ 13‬أغس طس ع ام ‪ 1969‬ق رَّ رت قي ادة الجيش عق د اجتم اع‬


‫عسكري تحضره كل القيادات الكبيرة‪ ،‬ومعظم ضباط وحدات الجيش‬
‫في منطق ة بنغ ازي‪ ،‬ليش رح م دير الت دريب آن ذاك له ؤالء الض باط‬
‫أهمية نظام الدفاع الجوي ال ذي ص مَّمه اإلنجل يز‪ ،‬وال ذي واف ق ق ادة‬
‫الجيش الليبي على شرائه‪.‬‬

‫وكان هذا االجتماع في مسرح الكليَّة العسكريَّة في بنغ ازي‪ ،‬وعق دت‬
‫اللجنة المركزيَّة لحركة الضباط الوحدويّين اجتماعًا قرَّ رت في ه تنفي ذ‬
‫االنقالب يوم ‪ 13‬أغسطس‪ ،‬بأن يتم اعتقال كافة الضباط ذوي الرتب‬
‫الكبيرة‪.‬‬

‫ونظ رً ا ألن بعض أعض اء التنظيم‪ ،‬وخاص ة مجموع ة ط رابلس لم‬


‫يتم َّكنوا في هذا الوقت القصير من تبين صورة الوض ع ال ذي هم في ه‬
‫من حيث السيطرة وعدمها على وح دات ط رابلس؛ ل ذا تق رَّ ر تأجي ل‬
‫الحرك ة إلى موع د آخ ر في الس اعات األخ يرة‪ ،‬وق د ح َّددت اللجن ة‬
‫المركزيَّة موع د آخ ر للتنفي ذ‪ ،‬ه و الف اتح من س بتمبر ‪1969‬م‪ ،‬ألن‬
‫قيادة الجيش كانت على وشك إرسال دفع ات أخ رى من الض باط من‬
‫بينهم ضباط وحدويّين أحرار للتدريب في الخارج‪.‬‬

‫‪ ‬تم وض ع الخط ة على أس اس االس تيالء على اإلذاع ة‪ ،‬وعلى‬


‫معس كرات الجيش‪ ،‬والق وة المتحرِّ ك ة‪ ،‬ومحاص رة القواع د األجنبي ة‬
‫الجاثمة فوق األرض الليبية‪ ،‬والقبض على كب ار المس ئولين الس ابقين‬
‫من العهد الملكي‪ ،‬والسيطرة على بقية المدن المهمة‪.‬‬

‫وكانت كلمة الس ر لتنفي ذ االنقالب هي “الق دس”؛ م ا ل ه ب الغ الدالل ة‬


‫على اعتب ار قائ د االنقالب‪ ،‬وك ل الض باط الوح دويّين القض ية‬
‫الفلسطينية هي محض تركيزهم واهتمامهم ووالئهم‪.‬‬

‫‪  ‬في الي وم األول من س بتمبر ع ام ‪ 1969‬تم الس يطرة التام ة على‬


‫كاف ة ش ؤون البالد‪ ،‬ونجح االنقالب‪ ،‬وأذاع معم ر الق ذافي البي ان‬
‫األول‪ ،‬لتنتق ل البالد إلى مرحل ة سياس ية أخ رى‪ ،‬مليئ ة باألح داث‬
‫والتغيرات‪ ،‬التي أثرت على طبيعة المجتمع الليبي‪.‬‬

You might also like