حذيفة بن اليمان

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 2

‫حذيفة بن اليمان‬

‫رضي هللا عنه‬


‫هو األمين كاتم سر رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬فارس األحزاب والجهاد‪،‬‬
‫أكثر الصحابة سؤاالً عن الشر خوفا ً من أن يدركه‪ ،‬صاحب علم وبديهة‪ ،‬نفع هللا‬
‫المسلمين بسيرته العطرة‪ ،‬صاحب رسول هللا صلى هللا عليه وسلم بالجنة‪.‬‬
‫َّللا ‪ ،‬نشأ حذيفة في بيت مسلم‪ ،‬رحل بصحبة‬ ‫حذيفة بن اليمان العبسي‪ ،‬أَبُو َ‬
‫عبْد ه ِ‬
‫والده إلى مكة وهنالك التقت يمين رسول هللا صلى هللا عليه وسلم بيمين حذيفة‬
‫رضي هللا عنه فخيره النبي صلى هللا عليه وسلم بين الهجرة والنصرة‪ ،‬فاختار‬
‫النصرة ثم عاد إلى المدينة‪ ،‬ولما أذن هللا لنبيه صلى هللا عليه وسلم بالهجرة فرح‬
‫حذيفة فرحا ً شديداً‪ ،‬الزم النبي صلى هللا عليه وسلم فنهل من أخالقه وصفاته‪،‬‬
‫ولما رأى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ذكاء حذيفة وسرعة بديهة أفضى إليه‬
‫بسر أسماء المنافقين لم يعلم بهم أحد إال حذيفة‪ ،‬ومن ذلك اليوم دُعي بصاحب سر‬
‫سله َم عن الشر ليتجنبه‪ ،‬وكان حذيفة‬
‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صلهى ه ُ‬
‫َّللا َ‬ ‫رسول هللا‪ ،‬وكان يسأل النهبِ ّ‬
‫ي َ‬
‫يخشى ربه في السر والعالنية‪ ،‬وكان يحب العزلة خوفا ً على نفسه وعلى دينه من‬
‫الفتن التي كان أعلم الناس بها بعد رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬
‫بدرا‪ ،‬ألن المشركين أخذوا عليه الميثاق ال يقاتلهم فسأل النبي صلى هللا‬ ‫ولم يشهد ً‬
‫عليه وسلم ماذا يصنع‪ ،‬فقال ‪ (( :‬نفي بعهدهم ونستعين باهلل عليهم‪)).‬‬
‫صلهى ه ُ‬
‫َّللا‬ ‫سله َم أحدًا‪ ،‬وقُتل أبوه بها‪ ،‬أرسله النهبِ ّ‬
‫ي َ‬ ‫علَ ْي ِه َو َ‬ ‫صلهى ه ُ‬
‫َّللا َ‬ ‫وشهد مع النهبِ ّ‬
‫ي َ‬
‫سله َم ليلة األحزاب سراً ليأتيه بخبر الكفار‪ ،‬فنظر إلى قريش‪ ،‬فجاءه بخبر‬ ‫علَ ْي ِه َو َ‬
‫َ‬
‫حيلهم إلى النبي صلى هللا عليه وسلم فدعا له‪.‬‬

‫ظل حذيفة مؤتمنا ً على أسرار المنافقين ما امتدت به الحياة‪ ،‬وظل الخلفاء‬
‫يرجعون إليه في أمرهم‪ ،‬استدل عمر برأيه و بصيرته في اختيار الرجال‬
‫ومعرفتهم‪.‬‬
‫عمالي أحد من المنافقين؟ قال حذيفة‪ :‬نعم‬
‫وقد سأله عمر ذات مرة فقال ‪ :‬أفي ُ‬
‫واحد‪ ،‬قال‪ :‬من هو؟ قال‪ :‬ال أذكره‪ ،‬قال حذيفة‪ :‬فعزله عمر‪ ،‬كأنما دل عليه‪،‬‬
‫وكان عمر إذا مات أحد المسلمين يسأل إذا حضر حذيفة للصالة عليه‪ ،‬فإن قالوا‬
‫نعم صلى عليه ‪ ،‬و إن قالوا ال أمسك عن الصالة عليه‪.‬‬
‫واله عمر بن الخطاب على المدائن‪ ،‬كان حذيفة يكره أن يدخل عليه رجل ليثني‬
‫عليه أو ليمدحه‪ ،‬بل كان يحب من يأتي إليه ويذكر له عيوبه ليصلح من نفسه‪،‬‬
‫فكان ال يكره شيئا ً أكثر من الكذب والنفاق‪.‬‬
‫شهد حذيفة فتوحات العراق كلها‪ ،‬ولشدة عبقريته على أرض القتال أيده هللا بفتح‬
‫همذان‪ ،‬والري‪ ،‬والدينور‪.‬‬
‫كان حريص على إتباع هدي النبي صلى هللا عليه وسلم فقد كان يقول‪ (( :‬والذي‬
‫نفسي بيده لتظهرن البدع حتى ال يرى من الحق إال قدر ما بين هذين الحجرين‬
‫من النور‪ ،‬وهللا لتفشون البدع حتى إذا تُرك منها شيء قالوا‪ :‬تُركت السنة‪)).‬‬
‫كان شديد االهتمام بالقرآن الكريم‪ ،‬فكان سببا ً في جمع المسلمين على مصحف‬
‫واحد‪ ،‬فقد الحظ االختالف والفرقة بين المسلمين حينما كان يغزو العراق‪ ،‬فسار‬
‫إلى عثمان بن عفان رضي هللا عنه بالمدينة‪ ،‬وعرض عليه كتابة المصحف حتى‬
‫ال يتطرق إلى التحريف واالختالف‪ ،‬فأرسل عثمان إلى حفصة بنت عمر فأخذ‬
‫منها المصحف فنسخوه وأرسل إلى كل أُفق بمصحف‪.‬‬
‫كثيرا‪ ،‬فقيل‪ :‬ما يبكيك؟‬
‫ً‬ ‫عا شديدًا‪ ،‬وبكى بكاء‬
‫ولما نزل بحذيفة الموت جزع جز ً‬
‫علَى الدنيا بل الموت أحب إلي‪ ،‬ولكني ال أدري عالم أقدم‪،‬‬
‫فقال‪ :‬ما أبكي أسفا َ‬
‫علَى سخط؟ وقيل‪ :‬لما حضره الموت قال‪ :‬هذه آخر ساعة من‬ ‫علَى رضا أم َ‬ ‫َ‬
‫الدنيا‪ ،‬اللهم إنك تعلم أني أحبك‪ ،‬فبارك لي في لقائك ثم مات‪.‬‬
‫كان واحد من فرسان الحكمة النابعة واألقوال العطرة‪ ،‬وبعد حياة مليئة بالزهد‬
‫والكفاح توفي صاحب النبي صلى هللا عليه وسلم في الجنة سنة ست وثالثين من‬
‫الهجرة‪.‬‬

You might also like