Professional Documents
Culture Documents
نظريات الانخفاض الخصوبى والتحول الديموجرافى
نظريات الانخفاض الخصوبى والتحول الديموجرافى
نظريات الانخفاض الخصوبى والتحول الديموجرافى
قدم مالتس أفكاره حول نظريته فى السكان فى مقالة تحت عنوان" :المبدأ العام للسكان
كما يؤثر فى تقدم المجتمع فى المستقبل مع مالحظات على تكهنات جدوين وكوندرسيه
وغيرهما من الكتاب" .وحسب النظرية المالتسية فإن النمو السكانى يتـولد عن طريق
اإلنجاب ،وأن النتائج الطبيعية للنمو السكانى هى البؤس والفقر ،نظرا ً التجاه السكان نحو
النمو بدرجة أسرع من اإلمداد بالطعام .ويعتقد مالتس أن البؤس Miseryربما يمكن تجنبه
إذا مارس األفراد قيد أخالقى على أنفسهم ،وذلك عن طريق العفة قبل الزواج وتأخير الزواج
( )Weeks.J,1993:39ومن الثا بت أن هذه النظرية تعرضت النتقادات ،حيث لم تؤيد أحداث
التاريخ افتراضاتها األساسية ،التى يعد من أهمها أن السكان يتزايدون حسب متوالية هندسية،
بينما يتزايد إنتاج األرض حسب متوالية عددية .كما أن موقف المالتسيين الجدد من القضية
السكانية ال يبتعد كثيرا ً عن انتقاد ات النظرية ،حيث نبه العالم البيولوجى غاريت هاردن
Garret Hardinمن جامعة كاليفورنيا ،أحد اتباع مالتس إلى مخاطر النمو السكانى ،وهو ما
أشار إليه بول ارليخ Poul Ehrlichمن جامعة ستانفورد فى كتابه عام ،1972حينما أشار
إلى ما يسمى بالقنبلة السكانية ،كما أطلق على كوكب األرض الكوكب الذى يحتضر.
ويرى إرليخ أن البلدان المتخلفة البد وأن تواجه أزمة غذائية ،ففى كل عام ينخفض إنتاج
الغذاء فى هذه البلدان ،إلى جانب التدهور البيئى المستمر والضغوط المتزايدة فى تأمين
الموارد وتلبية احتياجات العيش ،بحيث أصبح ما يقرب من %50من سكان العالم يعانون من
قلة الغذاء ،كما يرى أن مالتس كان محقا ً جداً ،إال أنه يرى أن صراع الموت أكثر تأكيدا ً مما
كان يراه مالتس وبالنسبة له فإن الفقراء يموتون جوعاً ،فى حين أن األغنياء والفقراء
يموتون معا من النواتـج السلبية للتلوث وتدهور النظام الطبيعى فى العالقة بين البيئة
والكائنات الحية ،ولذلك أدرك كل من ارليخ وهاردن أن الزيادة السكانية تتجاوز محدودية
الموارد وتعمل على تدمير البيئة ،وأن االختالف األساسى عن مالتس ،يتمثل فى رفضهما
لمبدأ الرادع األخالقى كوسيلة لتحديد وضبط النسل ،إضافة على تأكيدهما على أهمية اللجوء
إلى ضبط النسل ولو بطريقة قسرية (. )Weeks.J,1993:29
ورغم أن المالتسيون الجدد لم يضيفوا كثيرا إلى الفكرة المالتسية القديمة إال أن أهم ما
أشار إليه هاردن وارليخ ،هو التنبيه إلى العالقة بين النمو السكانى وتدهور البيئة ،غير أن ما
اقترحه هذين المف كرين بشأن أسلوب معالجة النمو السكانى ولو بأسلوب القسر ،يجعلنا
نرفض هذا االقتراح حيث يتعارض مع الفطرة التى خلق هللا بها اإلنسان ،ومن ثم يصعب
التحكم فى غرائز الفرد كما نتحكم فى غرائز الحيوان.
ومن الواضح أن أفكار النظرية المالتسية القديمة ،فض ً
ال عن أفكار تالميذ وأتباع
مالتس ،حاولت تشخيص ظاهرة النمو السكانى وعالقة ذلك بسيادة المجاعات والفقر والبؤس،
فى حالة عدم ضبط التزايد فى السكان بدرجة أسرع من إنتـاج الغذاء ،دون أن تقدم لنا
ولقد استدعى ذلك تصوراتها حول العوامل المؤثرة على الخصوبة بصورة شاملة ودقيقة.
إجراء التطوير النظرى لهذه األفكار المالتسية القديمة وبما يتناسب مع التغيرات التى طرأت
على سكان العالم ،ومن أهمها :انخفاض معدالت الخصوبة ودخول بعض البلدان مرحلة
التحول الديموجرافى .األمر الذى أدى إلى ظهور النظرية المالتسية الجديدة ،التى ركزت
بصورة أساسية ع لى العوامل التى ساهمت فى خفض الخصوبة فى المجتمع األوروبى.
وإذا كانت نظرية التحول الديموجرافى ركزت جهدها فى وصف مراحل التحول الديموجرافى
الذى ساد العالم ،فى مراحل زمنية متباينة ،وذلك باستعراض العالقة التاريخية والدينامية بين
معدالت المواليد والوفيات ،فإ ن نظرية التحول المالتسى الجديدة ،سعت إلى تفسير أسباب
التحول ذاته ،باالعتماد على الخصوبة الزواجية ،ولذا فإن هذه النظرية تعد أحد الروافد
الحديثة لنظرية التحول الديموجرافى ،خاصة بعد أن تعرضت ادعاءاتها وتنبئواتها إلى النقد،
نظرا لعدم صدق بعض افتراضاتها بشأن انخفاض الخصوبة ،خاصة فى المجتمعات األقل نمو.
وتشير النظرية إلى أنه عندما انخفضت الخصوبة فى أوروبا ،كان هناك مكونان لهذا
االنخفـاض ،األول :تأخير الزواج أو االمتناع عنه ويطلق انسلى كول على هذا المكون تعبير
التحول المالتسى ،نسبة إلى توماس مالتوس ،الذى كان يأمل فى أن يعمل تأخير سن الزواج
كمانع إيجابى للنمو السكانى .أما عن المكون الثانى فهو انخفاض مستويات إنجاب األزواج.
والذى يطلق عليه كول تعبير التحول المالتسى الجديد .ولقد تباين توقيت حدوث كل من
المكون المالتسى والمالتسى الجديد فى عالقتهما من بلد أوروبى إلى بلد أخر ،ففى أوروبا
الشرقية كان هناك عادة تداخل ما بين المكونين ،حيث مال كالهما إلى الدفع بالخصوبة إلى
االنخفاض بسرعة فى بداية ق ، 20أما فى أوروبا الغربية فقد بدأ التحول المالتسى مبكراً.
غير أن نمط الخصوبة األوروبى الغربى قبل دخوله مرحلة التحول المالتسى الجديد اتسم
بصفتين :األولى :أنه كان مرتفعا بالمعايير الحديثة ،الثانية :أنه كان متباينا بين الدول
وبعضها ،بل وداخل الدولة الواحدة .ولقد أرجع فريق جامعة برينستون اغلب هذه الفـروق،
إلى التباينات فى وقع وطول فترات ممارسة الرضاعة الطبيعية ،وفترات االنفصال بين
الزوجين ،نتيجة الهجرات الموسمية ألحد الزوجين ،وتباينات وقع الجماع فترة ما بعد الوالدة
ومستويات تغذية السكان ،فضالً عن الجهود اإلرادية المفروضة من قبل الزوجين للحد من
حجم األسرة(.محمد محى .)284- 278:2002 ,
ولقد لخص كول Coaleتعميمات نظرية التحول المالتسى فى ثالث جوانب تفسر
االنخفاض الخصوبى داخل الزواج وهى :أن االختيـار الواعى Conscious choiceلآلباء
يعد نموذجا مقبوالً حينما يصبح تفكيرهم وسلوكهم ،يوازن بين المزايا والعيوب ،قبل القرار
بإنجاب طفل أخر .أن خفض الخصوبة ينطوى على مزايا للزوجين .أن التقنيات المؤثرة على
خفض الخصوبة يجب أن تكون متوافرة (. )Teitelbaum M. S;1975:422
وتشير الدراسات الحديثة فى إطار الخط الفكرى لهذه النظرية ،إلى أن البلدان األكثر تقدما
فى مجموعها ،أنجزت عملية المرور عبر المكون المالتسى لتحول الخصوبة ،مقارنة بالبلدان
األقل تقدم ا فى مجموعها ،ففى هذه البلدان تتزوج النساء فى أعمار أكبر ،كما أن أعداد
متزايدة منهن ال يتزوجن أبداً ،إضافة إلى عوامل أخرى اجتماعية وثقافية ساعدت على تحقيق
هذا اإلنجاز وهى :انخفاض وفيات الرضع واألطفال ،تراجع الدور االقتصادى لألطفال ،تغير
غير أن المكونات المالتسية أدوار المرأة ،البعد السيكولوجى للتحديث ،التكنولوجيا.
والمالتسية الجديدة قد تداخلت مع بعضها البعض فى حالة البلدان األقل تقدماً ،بدرجة أكبر مما
كان عليه الحال فى أوروبا حـال دخولها مرحلة انتقال الخصوبة ،وعلى الرغم من تغير أنماط
الزواج ،إال أن المكون المالتسى الجديد كان الدافع الرئيسى نحو إحداث تحول خصوبى فى
البلدان األقل نموا ،ويعزى ذلك إلى برامج تنظيم األسرة (محمد محى.)294-280 :2002,
وإذا كان المكون المالتسى (تأخير الزواج – العزوف عنه) يرتبط باإلرادة الشخصية فى
المجتمع األوروبى ،وذلك من أجل االستمت اع بالحياة ،خاصة مع إتاحة الحرية فى مجال
العالقة بين الجنسين ،فإن تأخير الزواج والعزوف عنه فى المجتمعات األقل نموا ً مرتبط
بالظروف االقتصادية وعجز الشباب عن تكوين أسرة ،خاصة فى ظل سيادة البطالة والتضخم
االقتصادى وضعف اإلمكانات المادية الالزمة للزواج.
-2نظرية التطور الوبائى:
تستعرض هذه النظرية (عبد الرحيم عمران)56-54 :1994,التطور السكانى الذى مر به
سكان العالم ،من خالل أربعة مراحل للتطور هى:
المرحلة األولى :فى بداية هذه المرحلة يحدث التغير السكانى ،نتيجة لعاملين هما
الوفيات والخصوبة ،غير أنه فى النهاية يح دث انخفاض فى معدل الوفيات ،حتى يصل إلى
مستوى منخفض جداً ،وعندئذ تصبح الخصوبة هى المحرك األول للنمو السكانى.
المرحلة الثانية :ويصاحب هذه المرحلة التغير الجذرى فى نمط األمراض والوفيات
والحالة الصحية ،كما أن األوبئة والمجاعات التى تسود فى بداية هذه المرحلة ،يحل محلها
تدريجيا ً األمراض االنتكاسية وأمراض من صنع اإلنسان ،التى تمر بثالث مراحل للتطور هى:
مرحلة األوبئة والمجاعات ،وسادت هذه المرحلة فترة العصور الوسطى وتسود اآلن فى بعض
البالد النامية واإلسالمية فيها ،مرحلة انحسار األوبئة ،وقد بدأت فى أوروبا فى أواخر ق 18
وأوائل ق 19وتأخر انحسار األوبئة حتى ق 20فى معظم البالد النامية ،مرحلة األمراض
االنتكاسية مثل أمراض القلب والسرطان والضغط ،وأمراض من صنع اإلنسان كاإلشعاع
وأمراض التحضر والشيخوخة ،وقد دخلت أوروبا فى هذه المرحلة أثناء ق ، 19وقد بدأت
معدالت هذه األمراض فى الزيادة حديثا فى البالد النامية.
المرحلة الثالثة :وهى المرحلة التى تشهد انخفاضا ً أكبر من وفيات األطفال عن
البالغين ،وبين اإلناث أكثر من الذكور ،ويرتفع بذلك توقع الحياة Expectation of lifeبين
اإلناث عن الذكور.
المرحلة الرابعة :تشهد انخفاضا ً كبيرا ً فى معدل الوفيات ،نتيجة للتغيرات
الديموجرافية واالجتماعية والتنموية والتقدم الصحى.
مما سبق يتضح أن نظرية التطور الوبائى تحاول أن تشرح أسباب النمو السكانى والتحول
الخصوبى ،من خالل االعتماد على مراحل تطور معدالت الوفيـات ،ويعتبر من أهم ما أشارت
إليه هذه الن ظرية ،هو التأكيد على دور وفيات األطفال واألمهات ،وكذلك التغيرات االجتماعية
والتنموية ،فى خفض معدالت النمو السكانى ،ولقد دفع ذلك منظرين آخرين نحو تفسير العالقة
بين االنتقال الديموجرافى والتنمية ،وذلك كما يتضح فى النظرية التالية:
-3نظرية التغير الديموجرافى والتنمية:
يعتبر من دعاة هذه النظرية فيليب هورس ،الذى سعى إلى رصد التغير الديموجرافى
والتطـورات التاريخية الديموجرافية ،التى مر بها سكان العالم ،حيث قسم تاريخ التحول
السكانى إلى ثالث مراحل أساسية هى:
الدنيامية السكانية لمجتمع ما قبل الصناعة
وهنا تكون معدالت المواليد والوفيات مرتفعة ،وبالتالى تنخفض نسبة الزيادة الطبيعية
ويتحقق التوازن السكانى بصورة جزئية ،وترجع الخصوبة العالية فى نظر هورس إلى أن
الدافع النفسى ملح ودائم على حد قول مالتوس – أما سبب ارتفاع الوفيات ،فتعود إلى انتشار
المجاعات وسوء التغذية وسيادة األمراض والحروب.
الدينامية السكانية خالل مرحلة االنتقال
وتتسـم هذه الدينامية بانخفاض معدل الوفيات مع استمرار معدل الخصوبة عالياً ،مما يؤدى
إلى الفجوة الديموجرافية بين معدالت المواليد المستمرة ارتفاعـا ،وبين معدالت الوفيات
األخذة فى ال تناقص ،ولعل هذا ما يفسر الزيادة النسبية فى أعداد سكان أوربا وأمريكا خالل
القرون الثالثة الماضية ،وهو أيضا ً ما يفسر أسباب تزايد معدالت النمو السكانى فى الدول
النامية.
الدينامية السكانية خالل المرحلة الصناعية
وتتسم هذه المرحلة بانخفاض معدالت المواليد وضبط الخصوبة إلى جانب استمرار
انخفاض معدالت الوفيات ،وترجع هذه الظواهر إلى طبيعة التغيرات النظامية والقيمية
والدافعية لدى أبناء المجتمعات ذات الدرجات العالية من التصنيع والتحضر (نبيل
السمالوطى ) 77-76 :1981,ويؤكد ذلك التصور بيرجيسترم حيث يقول" :إن كان انخفاض
معدل النمو السكانى ضئيال جداً ،فأنا اعتقد أن االنخفاض المالحظ سوف يحدث أثناء العقدين
التاليين ،نتيجة للتقدم التكنولوجى ،وبالمثل التقدم فى التعليم العام والتطورات االقتصادية"
(.)Pichat J.B; 1985:248
وعلى أية حال فإن نظرية هورس تميل إلى التركيز على نفس مدخل نظرية االنتقال
الديموجرافى ،حيث اعتمدت فى تفسير االنتقال على معدالت النمو السكانى عبر مراحل
اجتماعية ،ارتبطت فيها الخصوبة واالنتقال الراهن بالتنمية وتداعياتها فى العالم.
-4نظرية التغير الديموجرافى واالستجابة
نظرية التغير الديموجرافى واالستجابة وضعت بواسطة كينزلى ديفيز Kingsey Davisفى
عام , 1963كإضافة وليست كبديل حقيقى لنظرية االنتقال الديموجرافى ,حيث تهتم هذه
النظرية بأسباب النمو السكانى ,وتدور القضية الرئيسية لها حول كيفية انخفاض الخصوبة
بانخفاض الوفيات ،كما قالت بهذه القضية نظرية التحول الديموجرافى ,ولإلجابة على هذا
السؤال – طرح ديفنز سؤاال آخر حول ما يحدث لألفراد حينما تنخفض الوفيات ،حيث وجد أن
أكثر األطفال يبقون على الحياة حتى مرحلة الشباب ،ويزيدون من ضغوطهم على مصادر
األسرة ،مما يدفع األفراد إلى محاولة البحث عن حل من أجل مواجهة هذا الضغط ،ويكون ذلك
عن طريق االستجابة للتغير الديموجرافى ،مع مالحظة أن استجابة هؤالء األفراد ،تتأسس
بناء على أهدافهم الشخصية وليس القومية .فاالستجابة األولى :تعد غير ديموجرافية ،حيث
تتضمن محاوالت األفراد لزيادة الدخل عن طريق العمل الجاد ولساعات طويلة ،وربما الجمع
ب ين عملين فى آن واحد...الخ .وإذا لم يكن ذلك كافيا فإن هجرة بعض أعضاء األسرة يكون
أفضل استجابة ديموجرافية ،ويعتبر من االستجابات الواقعية التى حددها ديفيز أن سكان أهل
الريف ،الذين لديهم عدد أكبر من األطفال يرسلونهم إلى المدينة لالستفادة من الفرص المتاحة
هناك ،أما عن الجيل الثانى فيشهد فرص عديدة للترقى االجتماعى واالقتصادى ،لذا يسعى
األفراد لالستفادة من هذه الفرص بتجنب األسرة كبيرة الحجم التى سببت مشكالت ألسرهم،
وتلك هى االستجابة الثانية.
ويرى ديفيز أن الدافع األكثر قوة فى تحديد حجم األسرة ليس الخوف والفقر كما قال
مالتس ،وإنما التوقع برفع مستوى الرفاهية ،التى غالبا ما تمثل دافع قوى نحو بحث األفراد
عن وسائل لتحديد عدد األطفال ،فضال عن الرغبة فى تحقيق مكانتهم النسبية فى المجتمع،
التى ربما تقود إلى نشاط مفضل وهو االمتناع عن إنجاب األطفال .
ويعتبر من أهم اإل ضافات التى قدمها ديفيز ولم تأتى به نظرية التحول الديموجرافى،
اإلشارة إلى أن االستجابة الديموجرافية تتأسس بناء على أهداف شخصية وليس قومية ,ذلك
أن استجابات األفراد لعملية اإلنجاب ،تأتى تحت مظلة من الظروف االجتماعية واالقتصادية
والثقافية والديموجرافية ،التى ربما تدفع إلى اتخاذ القرار أما بتحديد اإلنجاب أو القرار
باإلنجاب ،وبعبارة أخرى فأن تلك الفروق فى األهداف تخلق استجابات مختلفة لألفراد تجاه
مستوى الخصوبة ,مما يساهم فى ظهور أنماطا ً متنوعة من اإلنجاب.
The wealth flows theory ( )5نظرية تدفق الثروة
إن مفهوم تدفق الثروة يستخدم لتفسير كل من ارتفاع الخصوبة والشروع فى انخفاض
الخصوبة ،ويعرف تدفق الثروة على أنه كافة األموال والبضائع والخدمات والكفالة التى
يمنحها شخص ما إلى اآلخرين ،ولذا يعد تحليل تدفق الثروة أساس لفهم طبيعة العالقات
األسرية ،ف ى كافة األزمنة والمناطق ،كما أنه ذو قيمة فى تحليل اقتصاديات اإلنتاج العائلى
واالنخفاض الخصوبى الذى يعد نتاج للتغيرات فى البناء الداخلى العائلى ،ومن الممكن أن
يوظف تحليل تدفق الثروة إللقاء الضوء على الوفيات والهجرة ،وغيرها من الظواهر
الديموجرافية(.)Caldwell J. C;1982:333
وتؤكد النظرية أن ارتفاع أو انخفاض الخصوبة ،يعد نتيجة للمنفعة االقتصادية لألفراد
واألزواج أو العائالت ،التى تتحدد بواسطة الظروف االجتماعية ،وباتجاه تدفق الثروة عبر
األجيال ،هذا التدفق يحدث من األجيال الصغيرة إلى الكبيرة فى كافة المجتمعات التقليدية،
والقض ية الرئيسية إذن فى اتجاه وحجم تدفق الثروة عبر األجيال ،والتوازن الخالص لنمطى
التدفق (من اآلباء إلى األطفال) واآلخر (من األطفال إلى اآلباء) وبتحديد أكثر حينما يتجه
التدفق الصافى للثروة تجاه اآلباء ،فإن الرشد االقتصادى يشير إلى إنجاب مرتفع غير محدد،
ولكن حين ما يصبح اقتصاد األسرة النووية منفصل بشكل كبير عن األسرة الممتدة يتجه الرشد
االقتصادى نحو خفض اإلنجاب ( . )JRTomas. E,1994:25ومعنى ذلك أن كالدويل يعتبر
التحول من نظام األسرة الممتدة إلى النووية ،وما يصاحبه من تغير اتجاه تدفق الثروة ،كان
سببا فى انخفاض الخصوبة ،اتساقا ً مع فكرة المنفعة االقتصادية.
ويرى كالدويل أن استمرار الخصوبة العالية داخل األسرة الممتدة ،يعود إلى استمـرار
المكاسب التى يحصل عليها الرجال "من خالل السيطرة على المرأة وعمالة األطفال ،ففى
معظم المناطق الريفية عن العالم النامى يمثل األطفـال قيمة اقتصادية ،وهناك تفضيل كبير
للذكر لتحقيق تلك القيمة ،وفى ظل ارتفاع وفيات الرضع فى تلك المناطق ،فإن اآلباء ربما
يريدون ذكرين على األقل لتحقيق األمان االقتصادى .غير أن عمل هؤالء األطفال وإنتاجهم ال
يعـوض االستهالك التراكمى لهم ،إال عند بلوغ سن معينة ،حيث وجد كالدويل من خالل دراسة
إحدى القرى بنجالديش ،وبحساب متوسط ساعات العمل اإلنتاجى حسب العمر مقابل استهالك
الغذاء ،أن الذكور ال يصبحون منتجون خالصون إال بالوصول إلى عمر 12سنة ،وال
يعوضون استهالكهم إال عند عمر 15سنة (.)Cain. M; 1982:164
ومن الالفت للنظر أ ن كالدويل حصر ارتفاع الخصوبة باألسرة الممتدة غير أن الشواهد
الواقعية تشير إلى أن القيمة االقتصادية لألطفال ،تمثل احد العوامل المؤدية إلى زيادة اإلنجاب
داخل األسرة النووية أيضاً ،على اعتبار أن تلك القيمة ،تمثل أحد وسائل تكيف الفقراء مع
الفقر سواء كانت هذه ا ألسرة تنتمى إلى الريف أو الحضر ،فالقضية أذن ليس فى نمط األسرة
كما ذهب كالدويل ،وإنما فى االنتماء الطبقى لألسرة والحاجة إلى عمل األطفال.
فقد أظهرت دراسة أنماط عمالة األطفال فى مدينة القاهرة أن إنجاب األطفال داخل الشريحة
الدنيا يمثل هدفا ً هاماً ،ذلك أن وجود طفل جديد داخل األسرة ال يمثل سوى عبء محدود لبضع
سنوات وبعدها يبدأ حياة العمل ويصبح عضوا ً فى دائرة المساهمين اقتصاديا ً فى دخل األسرة
طالما أن الطفل ينطوى على قيمة اقتصادية(.محمد عبد الرحمن .)221-220 :1999,ولذا
يوجه كالدويل ( )1976نقد إلى األفكار الكالسيك ية "نظرية االنتقال الديموجرافى" بتأكيده على
أهمية انتقـال األفكار ،خاصة المتصلة باألسرة النووية ،Nuclear Familyبدال من التركيز
على التغير االقتصادى فى حد ذاته ،ولم تسلم آراء كالدويل من النقد ،إذ يرى سميث ()1982
أن األسرة النووية ترسخت فى أوروبا الغربية بع دة قرون قبل حدوث االنتقال الديموجرافى،
كما أوضح سن وزمالؤه ( )1978أن العائلة الممتدة Extended Familyظلت باقية دون
مساس بها ،على الرغم من حدوث انخفاض حاد فى الخصوبة ،واطراد فى التنمية االقتصادية.
(روالن بريسا)85:2004 ,
كذلك انتقد هاندوركر )1986( Handwerkerهذه النظرية من ثالثة جوانب هى:
الدليل اإلمبريقى الذى قدمه كالدويل ضعيف ،نظرا لتجاهله أسبقية القوى االقتصادية
على القوى االجتماعية.
لم يأخذ فى اعتباره غياب ارتفاع الخصوبة الحاد قبل انتقال غرب أوروبا ،وبقائه
معتدال مقارنة بالخصوبة الطفيفة فى الغرب ألجيال متعددة بعد االنتقال.
عكس االتجاه السببى بين التغير األسرى والتنمية االقتصادىHand ( .
)Werker,1986:13
ومع ذلك فإن من أهم الجوانب التى أكد عليها كالدويل ،العالقة بين الخصوبة والمنفعة
االقتصادية .وبمعنى آخر فإن القيمة االقتصادية لألطفال أو انعدامها ،تعد الدافع وراء انخفاض
أو زيادة اإلنجاب فضال عن العالقة بين الخصوبة ونمط األسرة ،واتجاه تدفق الثروة فى حالة
األسرة الممتدة على وجه الخصوص.
-6نظرية العرض والطلب
يرى أصحاب هذه النظرية( )World Bank,1994: 37-38أن معدالت الخصوبة العالية
المنتشرة فى بعض بلدان العالم الثالث ،تعكس المعايير الثقافية واالجتماعية التى تدعم األسر
الكبيرة ،نتيجة لسيادة مستويات عالية من وفيات األطفال والرضع ،مما يزيد الطلب على
إنجاب األطفال.
ويذهب أصحاب هذه النظرية إلى القول بأن الدول التى مرت بتحوالت سريعة فى الخصوبة،
قد أوضحت أن الطلب على وسائل تحديد النسل يزيد بسرعة عند حدوث تغير فى الظروف
االقتصادية واالجتماعية ،ويقبل األفراد على استعمال وسائل منع الحمل ،عندما تتوفر هذه
وفى الوسائل فى السوق ،أو عندما تقدم الحكومات برامج لتنظيم األسرة على مستوى جيد.
ضوء هذه النظرية فإن انخفاض الخصوبة يعود باألساس إلى أن التحول الخصوبى غالبا ما
يصاحب التنمية االقتصادية واالجتماعية ،التى تؤدى بدورها إلى إحداث تغييرات فى معدل
التكلفة والعائد لألطفال.
ولقد أثارت تلك النظرية الكثير من النقاش حول األهمية النسبية لتوفير وسائـل تحديد
النسل ،منذ السبعينيات وحتى تاريخه ،حيث كان هناك شك فى مدى جدوى الجهود المبذولة
فى مجال نشر خدمات تنظيم األسرة فى الدول النامية ،ومدى قدرتها فى إحداث تغيرات
جوهرية فى السلوك اإلنجابى ،خاصة بعد سيادة الشعار الذى أطلقه مؤتمر السكان الدولى،
الذى عقد فى بوخارست برومانيا ،ومؤداه" :التنمية احسن وسيلة لمنع الحمل"
وبنا ًء على ذلك لكى يحدث تحـول فى . Development is the best contraceptives
الخصوبة ،فالبد من إحدا ث تغيرات بنائية ،هدفها تحسين مستوى التعليم ،تحسين أوضاع
المرأة االقتصادية واالجتماعية ،زيادة درجة التحضر ،وتدعيم انتشار وسائل االتصال
الجماهيرى ،ذلك أن مجرد توفير وسائل تحديد النسل فى مجتمع ما ،ال يعنى بالضرورة إقبال
األفراد على استخدامها ،دون أن يكون هناك جهوداً تبذل للتأثير على اتجاهات هؤالء األفراد،
وخلق الطلب على استخدامها ومدى قبولها فى البيئة الثقافية لهؤالء األفراد.
ويبدو أن ما ذهب إليه أصحاب نظرية العرض والطلب ،وما تبنوه من فكر لمواجهة النمو
السكانى المتسارع ،فكر يتناقض مع أوضاع سكان العالم الثالث ،وقيمه الثقافية المتباينة،
ويبتعد كثيرا ً عن حقيقة المشكالت االجتماعية واالقتصادية التى يعانى منها سكانه ،تلك تمثل
ضغوطا ً مباشرة قد تدفع لزيادة اإلنجاب ،بدال من الحد منه.
ً :نظرية التحول الديموجرافى
ثانيا
يمكن تقسيم نظرية التحول الديموجرافى (روالن بريسا )84:2004 ,إلى ثالثة اتجاهات
أساسية هى :وصف التغيرات الزمنية فى الخصوبة والوفيات -بناء نماذج نظرية سببية تفسر
هذه التغيرات -التنبؤ بالتغيرات المستقبلية خاصة فى العالم النامى.
وحتى يمكن التعرف على طبيعة هذه النظرية ،فإن هذا يفرض مناقشة الجوانب التالية:
(نظرية التحول الديموجرافى بين الرؤى الكالسيكية والمعاصرة -مراحل التحول الديموجرافى-
نقد نظرية التحول الديموجرافى -معوقات تطبيق النظرية على العالم الثالث ،ويمكن ان نتناول
كل من هذه الجوانب كاآلتى:
الكالسيكية الرؤى بين الديموجرافى التحول -1نظرية
والمعاصرة:
اشتق مدخل التحول الديموجرافى من الخبرة الواقعية للمجتمعات األوربية ،فهذه النظرية
تصف ما حدث لهذه المجتمعات ،خالل مراحل التطور االقتصادى والديموجرافىHeer (.
) D,1968:104فاالنتقال الديموجرافى من معدالت مواليد ووفيات مرتفعة إلى منخفضة حدثا
معا ً من خالل :تحو ل المجتمع األوروبى من النظام الزراعى إلى الصناعى – االنتقال من
الوحدات العائلية الممتدة المركبة ،التى حددها شورتر ( )shorter 1975على أنها آليات
النتقال الملكية والمكانة للوحدات المتباينة األصغر ،المعتمدة على التماسك العاطفى بين الزوج
والزوجة ،هذه التحوالت االجتماعية والدينية والسياسية واالقتصادية ،كانت محور لعمل
علماء االجتماع األوائل مثل كونت ودوركايم على وجه العموم ونظرية التحول الديموجرافى
على وجه الخصوص(.)Hand Werker,1986:3-4
حيث كان االهتمام من جانب علماء االجتماع منصبا على دراسة تأثير نظام الصناعة على
البناء االجتماعى وما يحدث فيه من تحوالت ،خاصة فى طبيعة العالقات االجتماعية ،أما من
جانب أصحاب نظرية االنتقال الديموجرافى ،فقد انصب اهتمامهم على دراسة العالقة بين
التغير االجتماعى واالنتقال الديموجرافى سواء فى معدالت المواليد أو الوفيات.
وتدين نظرية التحول الديموجرافى الكالسيكية ،إلى أعمال األنصار األوائل للنظرية وهم:
تومسون ( )1929وديفيز ( )1945ونوتشتين ( ) 1945بصفة خاصة ،وتعتبر الفكرة الرئيسية
basic tenetلنظرية االنتقال الديموجرافى هى أن التنمية والتحسينات المصاحبة فى نوعية
الحياة quality of lifeجلبت تغيرات فى عنصرين ديموجرافيين هما :الخصوبة والوفيات،
ولذا فإن العالقة القوية بين التغير االجتماعى والديموجرافى ،تعتبر االفتراض الرئيسى لنظرية
االنتقال الديموجرافى (.)Raslan. Y,1986:123
وحين بدأت الخصوبة فى االنخفاض فى العديد من المجتمعات الغربية مع نهاية ق،19
على افتراض أن معدالت المواليد سوف تستقر عند مستويات منخفضة ،صيغت محاولة
بواسطة وارن تومسون Warren Thompsonفى عام 1929قسم فيها أنماط النمو
السكانى إلى ثالث مراحل ،بينما ميز بالكر Blackerبين خمس أنماط ،ومع ذلك فإن الوالدة
الناضجة لنظرية التحول الديموجرافى ترتبط باسم نوتشتين ،Notesteinالذى يذهب إلى أن
الخصوبة فى مجتمعات ما قبل التحديث ،كانت عالية نتيجة لسلسلة من العوامل وهى:
المذاهب الدينية religious doctrinesوالشرائع األخالقية ،moral coadesوالقوانين
والتعليم وعادات المجتمع المحلى وعادات الزواج والتنظيم العائلى (Caldwell.I.c
وتضيف النظرية أن هناك العديد من األسباب االجتماعية والثقافية، ). 1982:117.
التى أدت إلى التحول الخصوبى الراهن ،يعد من أهمها :انخفاض وفيات الرضع واألطفال،
تراجع الدور االقتصادى لألطفال ،تغير أدوار المرأة ،البعد السيكولوجى للتحديث وتأثيره على
وداخل اإلطار العام للنظرية أُجريت طريقة التفكير (محمد محى .) 296- 294 :2002 ,
بعض المناقشات حول أسباب انخفاض الخصوبة ،فالجميع يتفق على أن السبب كان اجتماعيا
أكثر منه طبيعيا ،حيث يعتقد سوندرس Saundersوفيرشيلد Fairchildوآخرون أن وسائل
تنظيـم األسرة مسئولة عن الجزء األكبر عن االنخفاض فى معدل المواليد Heer (.
) D,1968:165بينما يعتقد البعض اآلخر أن التحول يعود إلى بعض التغيرات البنائية
. Structural changesويعلق دعاة هذه النظرية على أن خفض الخصوبة ،كان نتيجة
لخفض معدل الوفيات ،وتح سين الظروف االجتماعية االقتصادية وزيادة درجة التحضر
لالنتقال ضرورية ديموجرافية عمليات باعتبارها التعليم، ومستوى والتصنع
الديموجرافى. )KADER F,1989:1(.
وقد القت هذه األفكار ذيوعا ً لوقت قريب دون إدخال أى تعديالت عليها ،وفى رأى ديمنى
(" ) 1972أن النظرية أصبحت الشغل الشاغل لعلماء السكان المعاصرين نظرا ً ألنها سلطت
األضواء على النمو السكانى السريع ،الذى تشهده الدول النامية حالياً" .ومع ذلك فقد ساعدت
غزارة البيانات وجودتها فى المجتمعات التاريخية والمعاصرة ،فى الكشف عن مثالب عديدة
فى النظرية الكالسيكية ،كما أتضح ذلك من الدراسات التى أُجريت فى السنوات الحديثة(روالن
بريسا) 85:2004 ,وبما يرتبط ذلك باختالف أوضاع التحول الديموجرافى بين الواقع األوروبى
وواقع العالم النامى ،فقد دخلت العديد من المجتمعات األوروبية مرحلة االنتقال ،بل وصل
البعض منها إلى مرحلة النمو السكانى الصغرى Zero population growthsبينما الزال
العديد من المجتمعات النامية فى المراحل المبكرة ،نتيجة للعقبات المتنوعة التى تعترض
.
ولذا ينظر الديموجرافيون إلى النمو السكانى فى المجتمعات السكانى
خفض معدالت النمو السكانى
غير الصناعية" ،كعائـق Impedimentللتحديث ،ويسلمون بأن انتظار حدوث التحول
الديموجرافى ربما يؤدى إلى كارثة Catastrophicعلى مستوى المعيشة فى المجتمعات
النامية ،ويمثل ذلك الرؤية التقليدية للتحول الديموجرافى ،حيث كان االعتقاد السابق أن
التحول الديموجرافى ،ماهو إال نتيجة للتغير االجتماعي واالقتصادى ،غير أن التحول فى
التركيز على المعدالت العالية للخصوبة التى تعد سببا ً للتخلف ،بدأ يتخذ أهمية كبيرة أثناء
الحرب الباردة ،من خالل التركيز على الضبـط السكانى فى العالم غير الصناعى ،والتأكيد على
تنظيم األسرة كعنصر دائم فى جهود التنمية الواسعة للوكاالت الدولية خالل الفترة - 80
، 1990كما أن المؤسسات الدولية جددت اهتمامها بالجانب األمن من النمو السكانى ،مع
Violent التنبيه على أن الزيادة السكانية اليوم تعد مسئولة عن الصراعات العنيفة
conflictsالتى تحدث فى إنحاء متفرقة حول العالم مثل رواندا وهايتى والمكسيك ( All
.) K.Asder,2002,29:30تلك تمثل أهم األفكار األساسية لنظرية التحول الديموجرافى ،التى
تعد فى األصل نظرية وصفية ألنماط التحول الديموجرافى األوروبى ،التى سعى أنصارها إلى
تعميمها وتصديرها إلى بلدان العالم النامى ،فضالً عن تفسير النظرية من خالل مراحل محددة،
تصف العالقة الدينامية ب ين معدالت المواليد ومعدالت الوفيات ،يمكن التعرف عليها من خالل
الفقرة التالية.
مع قدوم التحديث تنخفض معدالت الوفيات وتظل الخصوبة عالية ،مما يحدث نموا سكانيا ً
سريعاً ،خ اصة مع ارتقاء مستويات الخدمات الصحية والتغذية ،ولقد تجاوزت أوروبا هذه
المرحلة فى منتصف ق ، 19بينما دخلت الدول النامية هذه المرحلة فى ق ،20التى صاحبها
ارتفاع فى معدالت اإلنجاب إلى 45فى األلف ،مقابـل انخفاض الوفيات إلى ما بين 25 – 15
فى األلف ،أى أن معدل النمو السنوى للسكان يتراوح ما بين ،%3- 2وربما أكثر من ذلك فى
مجتمعات مثل الخليج العربى وأفريقيا ،األمر الذى أدى إلى وجود انفجار سكاني فى الدول
النامية ،ساعد على تضاعف حجم السكان من 3مليار عام – 1960إلى 6مليار .1999
Late Expanding stage مرحلة النمو المتأخر
مع استمرار التقدم الصناعى والحضارى وتحسن مستويات المعيشة ،تتدنى معدالت
الخصوبة ،ويرتفع متوسط العمر ،وتمر بعض الدول النامية بهذه المرحلة مثل :الهند والصين
وتايالند واألرجنتين وبيرو والمغرب ومصر وتونس وماليزيا وتركيا.
مرحلة االستقرار المنخفض
بزيادة حدة التغير االجتماعى االقتصادى ،يهبط معدل كل من المواليد والوفيـات ،ويتجاوز
متوسط العمر 70عاما ،بينما يستقر معدل الوفيات ،فى حين يأخذ معدل المواليد فى التذبذب
كما هو السائد فى اغلب الدول األوروبية واليابان وكندا والواليات المتحدة وأستراليا.
أضاف الديموجرافيون المحدثون هذه المرحلة إلى مراحل نوتشتين األربع ،حيث أن
استمرار عمليات التغير الديموجرافى ،تعنى تغير التركيب النوعى والعمرى للسكان ،بحيث
يتركز هؤالء السكان فى فئات العمر الكبرى وتتضاءل قاعدة الهرم السكانى ،وقد تقل
الخصوبة عن معدل اإلحالل الذى يمثل 2.1طفل لكل امرأة خالل فترة خصوبتها ،مما يؤدى
فى النهاية إلى تناقص سكانى ،خاصة وأن تعمر المجتمع Ageing populationيؤدى إلى
ارتفاع معدالت الوفيات ،وقد دخلت دول متقدمة فى هذه المرحلة مثل الدانمارك وألمانيا
والمجر ،ومن المتوقع أن تنتقل إليها كل من بريطانيا وايرلندا وإيطاليا واليابان وبلجيكا بحلول
عام ( 2025عبد المنعم على)124:119,2000،
شكل ()1-1
مراحل التحول الديموجرافى
المصدر (:عبد المنعم على) 121 :2000 ،
أما عن المحاولة الثانية فى تحديد مراحل التحول الديموجرافى ،فقد أتت من جانب بالكر
،)1947( Blackerحيث حدد خمسة مراحل هى:
األولى :مرحلة الخصوبة والوفيات المرتفعة مع انخفاض معدل النمو السكانى.
الثانية :مرحلة الخصوبة والوفيات المرتفعة مع بداية انخفاض الوفيات ،ولذلك يتزايد
معدل النمو السكانى.
الثالثة :مرحلة انخفاض الخصوبة بمساعدة خفض الوفيات ،التى تنخفض بمعدل أسرع
من الخصوبة مما يسبب النمو السكانى السريع.
الرابعة :مرحلة التوازن الديموجرافى بين انخفاض الوفيات والخصوبة ،مع انخفاض
معدل النمو السكانى.
الخامسة :مرحلة الخصوبة والوفيات المنخفضة مع استمرار األخيرة فى االنخفاض بدرجة
أعلى من معدل الخصوبة ،وبذلك تقود إلى نمو طبيعى سلبى Negative Natural growth
()the united nations,20001:9
وتعتبر اإلضافة الجديدة فى هذه المحاولة ،هى ربط بالكر بين التحول الخصوبى والنمو
السكانى ،من خالل تفسير العالقة الدينامية بين معدالت الخصوبة والوفيات ،وإذا كانت
المرحلة الرابعة والخامسة تمثل معظم الدول األوروبية ،فإن المرحلة الثالثة قد يمثلها بعض
البلدان العربية واألسيوية ودول أمريكا الالتينية ،كما يظهر من تنميط نوتشتين [انظر الشكل
رقم ( )1-1السابق].
وفيما يتعلق بالمحاولة التى قدمها تومسون ( ) 1948فقد كانت مجرد اختزال للمراحل التى
قدمها بالكر ،حيث حدد مراحل التحول الديموجرافى فى ثالث مراحل هى:
األولى :مرحلة التوازن المرتفع بين معدالت الوفيات والخصوبة المنضبطة مع انخفاض
معدل النمو السكانى.
الثانية :مرحلة خفض الخصوبة مع االنخفاض األكبر فى معدل الوفيات ،الذى قاد إلى
النمو السكانى السريع.
الثالثة :مرحلة التوازن بين معدالت الخصوبة والوفيات ،التى حققت مستويات منخفضة
ونمو سكانى صفرى تقريباً(.)the united nations,20001:10
ومع ثراء النظرية بخبرات التحول الديموجرافى ،فى بعض المجتمعات األوروبية والنامية،
تم تنقيح المراحل السابقة للتحول الديموجرافى بواسطة زارنون Zarnounوتبيوتن
Tabutinخالل عام 1994فى نمط نموذجى على النحو التالى:
المرحلة األولى:مرحلة ما قبل التحول Pre-Transition stageالتى تميزت بتقلب
مستويات معدالت المواليد والوفيات بدرجة عالية بلغت ()40/30فى األلف ونمو سكانى مرتفع
إلى حد ما.
المرحلة الثانية :بداية استقرار انخفاض الوفيات بينما ظلت معدالت المواليد مرتفعة،
نتيجة لالرتفاع فى النمو السكانى الطبيعى.
المرحلة الثالثة :بداية االنخفاض السريع فى معدل المواليد ،ولكن بعد أن انخفضت
الوفيات فى نفس الوقت ،حينما بدأ معدل النمو السكانى فى االنخفاض قليال.
المرحلة الرابعة :مرحلة ما بعد التحول ،post – Transitionحيث استقرت معدالت
المواليد والوفيات عند مستويات منخفضة ،بلغت 10فى األلف ،بينما ظلت معدالت المواليد
مرتفعة إلى حد ما مما خفض من النمو السكانى(.)the united nations,2001:12
والجديد فى هذا اإلسهام األخير عن اإلسهامات السابقة ،فى مجال تنميط مراحل االنتقال
الديموجرافى فى العالم ،هو التميز بين مرحلة ما قبل وما بعد التحول ،الذى يعد أحدث إسهام
فى مجال النظرية ،التى تتعرض بين الحين واألخر إلى النقد واالختبار والمراجعة ،بين
الديموجرافيين فى أقطار مختلفة من العا لم ،وهذا ما سوف نتعرف عليه من خالل الجانب
التالى:
-3نقد نظرية التحول الديموجرافى
مع توافر بيانات جديدة عن المجتمعات األوروبية ،خاصة بيانات مشروع بحث الخصوبة
األوروبية ،الذى أشرف عليه انسلى كول Ansely J. Coaleفى جامعة برنستون ،بدت
المراجعة للنظرية ضرورية (روالن بريسا )85:2004 ,ولقد حاول هذا البحث أن يختبر
االنخفاض الخصوبى ،فيما يزيد عن 700مقاطعة أوروبية ،كأساس معيارى يسمح بالقدرة
على المقارنة والتوصل إلى التعميمات.
ويعد من أهم النتائج التى توصلت إليها دراسات برنستون عامة ،أن كافة مستويات
الخصوبة م ن مرحلة ما قبل التحول الخصوبى كانت غير متشابه ،كما أنها تعد متباينة من
مقاطعة ألخرى ومن بلد آلخر ،ويعود ذلك إلى التباين فى أنماط الزواج ،كذلك وجد أن بعض
أجزاء من فرنسا انخفضت الخصوبة بها قبل انتشار التصنيع والتحضر ،بل تزامن مع
االنخفاض فى الوفيات ،إضافة إل ى أن بعض التغيرات الديموجرافية فى بعض المجتمعات
ارتبطت بعوامل اجتماعية واقتصادية ،ولكن فى مجتمعات أخرى لم تظهر على اإلطالق،
وتشير البيانات فى أغلب المجتمعات إلى أن التجمعات اإلقليمية القومية الفرعية ،ارتبط
انخفاض الخصوبة بها بالجماعات الثقافية اللغوية ،أكثر من المتغيرات االجتماعية االقتصادية
التى تعد أساس نظرية التحول الديموجرافى التى أكدت أن التنمية االجتماعية واالقتصادية تعد
شرط سابق ،النخفاض الخصوبة ،وهذا ما لم يحدث واقعيا فى بعض المجتمعات األوربية
وغير األوربية()Teitelbaum M. S,1975:422
ويمكن أن نلخص أهم االنتقادات التى تعرضت لها نظرية التحول الديموجرافى فى
الجوانب التالية:
إن النظرية فشلت فى تفسير الظاهرة الرئيسية وخاصة التباينات فى مستويات
الخصوبة فيما قبل التحول.
ترى دراسة حديثة أن نظرية التحول يمكن أن تحقق مستوى مشابه من النجاح فى
أمريكا ال التينية ،وبصفة خاصة حينما تم تعديل نظرية التحول بصورة جوهرية ،من
خالل إضافة متغيرات سببية تضمنت العوامل الثقافية ،كذلك فإن النظرية المعدلة على
هذا النحو حققت قدرة تنبؤية على مستوى عالى من التعميم .فمجتمعات أمريكا
الالتينية مع المستويات العالية نسبيا من الت نمية تصبح أكثر احتماال أن تبدأ التحول
قبل المجتمعات األخرى.
إن اختالف الخصائص االجتماعية واالقتصادية والديموجرافية فى المجتمعات النامية
الحديثة تشير إلى أن أنماط االنخفاض الخصوبى فى هذه المجتمعات ،سوف تختلف
إضافة بشكل ملحوظ عن المجتمعات األوربية (.)Teitelbaum M. S,1975:424
إلى ذلك فإن النظرية مؤلفة من سمات مترابطة بدون إعطاء تفسير لكيفية حدوث هذا
الترابط ،كما ينقص النظرية المفاهيم التى تصف وتقيس العوامل المؤثرة على النمو
السكانى ،كذلك أشار هاوزر ودونكان وبيفر إلى أن وحدات التحليل غير محددة بشكل
ظاهر فى النظرية ،أما لوسكى Losckyوويلكس Wilcoxأدعـو أن النظرية ال تمتلك
Robinsonيدعى أن النظرية لم تحدد كافة القوة التنبؤية ،بينما روبنسون
التساؤالت المرتبطة بالنمو السكانى ( )Raslon. Y,1986:123التى يعد من بينها ما
أسباب النمو السكانى ،وما أسباب تباينه من مجتمع آلخر؟ ما هى العوامل الضابطة
للخصوبة؟ وهل تعد التنمية االقتصادية سببا كافيا لحدوث االنتقال الديموجرافى؟.
ويعتبر هوفر Hooverمن أهم من قدموا بعض االنتقادات إلى نظرية االنتقال
الديموجرافى وهى:
تؤكد النظرية أن معدالت المواليد تنخفض دائماً ،بعد انخفاض معدالت الوفيات،
ولكن ال تدلنا على طول الفجوة الزمنية التى تفصل بين هاتين الظاهرتين.
ترى النظرية إن انخفاض معدالت الوفيات ،يرتبط دائما ً بتحسين مستوى المعيشة،
غير أن المالحظ أن معدالت الوفيات انخفضت فى الدول النامية ،ولم يصحب ذلك
ارتفاع فى مستوى المعيشة.
ال يوجد ما يؤكد أن األنماط السكانية التى مرت بها الدول المتقدمة سوف تتكرر فى
الدول النامية ،بل أن هناك احتماال كبيرا ً أن الزيادة السكانية السريعة ،التى تشهدها
الدول النامية فى الوقت الحالى تعوق التنمية االقتصادية ،وبالتالى تعوق ظهور
العوامل التى تؤدى إلى هبوط معدل المواليد(وداد مرقص.)1983:84,
ولقد كان لنتائج مشروع دراسة اإلنجاب فى أوروبا أثرها على مراجعة نظرية التحول
الديموجرافى ،وكان من أبرز النتائج فى هذا الخصوص :أن انخفاض اإلنجاب تم فى أوروبا
فى مجتمعات متباينة من حيث الظروف االقتصادية واالجتماعية ،كما أن النمو االقتصادى هو
سبب كاف ولكنه غير ضرورى إلحداث االنخفاض فى اإلنجاب ،إضافة إلى أن تأثير العوامل
الثقافي على مستوى اإلنجاب يفوق تأثير العوامل االقتصادية واالجتماعية (ماجد عثمان,
ومن خالل القراءة التحليلية لنظرية التحول الديموجرافى ،يمكن أن نخرج .) 64:2002
ببعض االستنتاجات وهى:
إن النظرية بشكل عام وصفية أكثر منها تحليلية.
اشتقت هذه النظرية من الواقع الحضارى األوروبى ،ومن ثم فإن تطبيقها على
الواقع العربى عامة ومصر خاصة ،يتطلب إعادة اختبارها نظرا ً الختالف البيئة
الثقافية بين العالم الغربى والشرقى.
على الرغم من تركيز النظرية على األبعاد االقتصادية فى توصيف االنتقال
الديموجرافى ،إال أنها تجاهلت العالقة بين الفقر والخصوبة ،كما أهملت بعض األبعاد
االجتماعية والثقافية المؤثرة على الخصوبة.
غير أن هذا ال ينفى أهمية هذه النظرية ،لكونها أثارت االهتمام بظاهرة التحول الديموجرافى
الذى حدث فى بعض مجتمعات العالم والسيما المتقدم ،بينما الزالت مجتمعات أخرى خارج
نطاق التحول تضم الكثير من البلدان النامية ،التى تعانى من صعوبات تعوق انتقالها أو على
األقل خفض معدالت الخصوبة.
-4معوقات تطبيق النظرية على العالم الثالث
إن ضعف نظرية التحول فى تفسير الخبرة األوروبية ،يعود إلى عدم كفاية البيانات حول
العوامل الكامنة لخفض الخصوبة ،ولذلك فإن اإلعداد بالتقنيات الحديثة للقياس االجتماعى
االقتصادى والديموجرافى ،على أساس نظرى فى العالم الثالث ،ربما يعطى فرصة أفضل لنقد
العالقات االفتراضية بين الوفيات والخصوبة ومختلف المتغيرات االجتماعية واالقتصادية.
وتنطوى نظرية التحول المالئمة للمجتمعات النامية المعاصرة ،على صعوبات جوهرية بسبب
التباين الكبير بين المجتمعات النامية وأوروبا خالل ق ،19فى ظل متغيرات اجتماعية
واقتصادية معينة شكلت محور النظرية ،والنظرية بذلك تعد خليـط فى قالب واحد ويرى
البعض أن اختالف الظروف فى المجتمعات النامية تخلق معوقات عديدة إلتمام التحول السريع
عن طريق وسائل االنخفاض الخصوبى الطبيعية مقارنة بالنمط األوروبى ،بينما البعض اآلخر
يرى أن هذه االختالفات قد تكون سببا لتوقع التحول السريع فى هذه المجتمعات ،وتكمن
االختالفات فى:
انخفاض الوفيات
إن انخفاض الخصوبة فى المجتمعات األوربية جاء تدريجيا ،وارتبط بتنمية القوى
االجتماعية واالقتصادية ،كما أن مستويات الوفيات فى المجتمعات النامية ،أقل كثيرا ً عما
عرفته بداية أوروبا الصناعية.
مستويات الخصوبة قبل التحول
الخصوبة فى معظم المجتمعات النامية اليوم أسرع كثيرا ً عنها فى أوروبا قبل التحول،
فعلى سبيل المثال كان معدل المواليد فى بداية ق 19فى بريطانيا يمثل أقل من 35فى األلف
على وجه العموم ،بينما العديد من مجتمعات اليوم مثل تنزانيا وإيران يزيد عن 45فى األلف،
وفى بعض المجتمعات يصل إلى 50فى األلف مثل أفغانستان ،ذلك االرتفاع فى معدالت
المواليد يعود إلى سيادة نظام الزواج المبكر فى المجتمعات النامية،عكس الحال فى أوروبا
خالل ق ، 19التى تميزت بتأخير سن الزواج والعزوف عنه.
إن النمو السكانى فى المجتمعات النامية فريد من نوعه جدا ً بالنسبة للخبرة اإلنسانية التى
مر بها التحول األوروبى ،حيث نجد أن معدل النمو فى المجتمعات النامية اليوم يمثل ،%3.4
وبالنسبة للمعدل األول سوف يتضاعف فى الحجم خالل 20سنة فقط ،وبالنسبة للمعدل الثانى
سوف يأخذ أقل من 30سنة .وعلى العكس سوف يتضاعف حجم المجتمعات األوروبية التى
تدخل مرحلة التحول الديموجرافى خالل أقل من 50سنة والمتوسط حوالى 90سنة ،ومن ثم
هناك اختالف بين االنتقال الديموجرافى الذى حدث فى هذه المجتمعات عن تلك التى تمر بها
المجتمعات النامية.
Momentum for further الزخم السكانى فى المستقبل
Growth
إن وقف النمو السكانى فى المجتمعات النامية سوف يكون أكثر صعوبة ،عن خفض النمـو
فى المجتمعات األوربية التى حققت انتقاال ،وذلك نتيجة لالرتفاع الحاد فى الخصوبة ،كما أن
المجتمعات النامية الحديثة يحفل بناءها العمرى بصغار السن عن المجتمعات األوربية.
الفرص المهنية والهجرة الريفية الحضرية
Opportunities for occupational and rural to urban Mobility
فالحراك المهنى بعيدا ً عن الزراعة واتساع الهجرة من الريف إلى المناطق الحضرية ،أعطى
فرصة بديلة لزيادة سكا ن الريف أثناء التحول األوروبى ،غير أن الزيادة الطبيعية المتسارعة
فى المجتمعات النامية الحديثة جلبت صعوبات كبيرة على المستوى االقليمى ،خاصة عند
المقارنة بين الفرص المهنية واتساع الحراك.
قلة فرص مساهمة اإلناث فى قوة العمل
Fewer opportunities for female participation in the labor force
هناك بعض الدالئل على أن زيادة دخول المرأة إلى العمل غير الزراعى فى أوروبا كان عامال
نحو خفض الخصوبة ،وإذا كان هذا حقيقة ،فإن ارتفاع معدل الزيادة الطبيعية فى المجتمعات
النامية اليوم ،يعنى أن هناك زيادة مماثلة فى قوى العمل مما يؤدى إلى خفض الطلب على
عمالة اإلناث.
صعوبات اإلمداد بالتعليم الشامل
Difficulties of providing universal Education
مع تضاعف أجيال من هم فى سن التعليم على مدى عقدين أو ثالثة ،فإن عديد من المجتمعات
النامية تواجه صعوبات لإلمداد بالفرص التعليمية ،وذلك يعنى تأجيل اآلثار المفترضة للسلوك
الخصوبى على االنتقال الديموجرافى.
سرعة التنمية االجتماعية واالقتصادية
Pace of social and economic Development
التنمية االجتماعية واالقتصادية بالنسبة للعديد من المجتمعات النامية ،تعد سريعة مقارنة
بالقرن 19فى أوروبا ،وإلى حد ما ساعدت التنمية على خفض الخصوبة الزواجية Marital
Fertilityوبالتالى اإلسراع من إتمام االنتقال الديموجرافى.
Methods of fertility control أساليب ضبط الخصوبة
ظهر االنخفاض الخصوبى األوروبى معتمدا على زيادة فاعلية استخدام وسائل ضبط الخصوبة
التقليدية واإلجهاض ، Abortionغير أن تحسن تقنيات وسائل تنظيم األسرة اآلن
واإلجهـاض األمن اصبح اكثر تطورا ً ،فضالً عن قبول العقم التطوعى الذى اصبح متاحا ألول
مرة فى التاريخ.
Greater االتساع األكبر لتأجيل الزواج والعزوف عنه
% البيان
57 World العالم
72 More developed دول متقدمة
54 less developed دول أقل نمو
48 Egypt مصر
المصدرPRB,1996 :
ووفقا ً لتقديرات وزارة الصحة والسكان سوف تبلغ تكلفة هذه البرامج 25مليون دوالراً
فى عام ،1998سوف تصل إلى 30مليون دوالرا ً عام ،2003و 47مليون دوالرا ً حتى عام
، 2013وتعتبر هيئة التنمية الدولية األمريكية ( )USAIDأهم الجهات المانحة ،إذ بلغت قيمة
مساهمتها فى برنامج صحة األم والطفل ،وبرنامج تنظيم األسرة فى الفترة ،1993 – 1977
185مليون دوالراً ،ويأتى صندوق األمم المتحدة لألنشطة السكانية UNFPAفى المرتبة
الثانية ،حيث ساهم بمبلغ 65مليون دوالرا ً فى الفترة ،1997 – 1971ومن جهة أخرى
تجذب البحوث اإلحصائية لبرامج تنظيم األسرة موارد مالية من مؤسسات أجنبية إلجراء
المسموح الخاصة باألسرة (فيليب فارج .)1995:152,ويمكن أن نضيف إلى قائمة العوامل
السابقة التى ساعدت على خفض الخصوبة ،وخاصة داخل البلدان النامية ،مجموعتين من
العوامل وهما:
المجموعة األولى :تضم سن الزواج – أسلوب الزواج – مدة الحياة الزوجية – نسبة
النساء الالتى لم يسبق لهن الزواج – االنقطاع اإلرادى عن العالقة الجنسية بين الزوجين –
االنقطاع غير اإلرادى الناجم عن المرض -عدد مرات االتصال الجنسى – تناقص القدرة على
الحمل أثناء فترة الرضاعة – وفاة الجنين نتيجة لإلجهاض العفوى أو والدة الجنين ميتا ً أو
اإلجهاض المفتعل.
المجموعة الثانية :وتشمل األعراف والتقاليد والقيم السائدة فى المجتمع فيما يتعلق
بقضايا الزواج وتكوين األسرة والطالق وتعدد الزوجات واإلنجاب ومنع الحمل -مستوى
التعليم والمهنة -الهجرة -وفيات األطفال -القوانين والتشريعات السكانية -الحوادث والحروب:
إضافة لما سبق يرى العديد من الباحثين واالقتصاديين منهم ،أن العوامل االقتصادية خاصة
العالقات اإلنتاجية السائدة مسئولة بشكل مباشر عن طريقة تكوين األسرة وعن الحجم
المفضل لها( .عبد الرحيم بوادقجى واخرون.)1984:90,
وعلى الرغم أن العوامل السابقة قد تكون ذات تأثير مباشرة على خصوبة المرأة ،إال أنه ال
يمكن قبولها على النحو السالف الذكر ،نظرا ً للخلط بين العوامل الشخصية واالجتماعية من
ناحية والخلط بين العوامل االجتماعية والديموجرافية من ناحية أخرى ،فعلى سبيل المثال نجد
أن االنق طاع اإلرادى عن العالقة الجنسية بين الزوجين ال تمثل حالة أفراد المجتمع بصورة
جماعية ،وإنما هى تمثل حـاالت فردية وتخضع لخصوصية أسرية ،ومن ثم ال ينبغى أن
نعتبرها ضمن العوامل المؤثرة على خصوبة المرأة فى المجتمع ،غير أن اإلشارة إلى دور
األعراف والتقاليد والقيم السائدة فى المجتمع ،تعتبر أهم ما أشارت إليه العوامل السابقة،
حيث تقوم بتوجيه السلوك اإلنجابى ،خاصة إذا ما أخذنا فى االعتبار ،الدور المؤثر للتنشئة
أما عن أن السبب الرئيسى لإلسـراع بالنمو السكانى هو اإلنجابية للفتاة قبل وبعد الزواج.
االنخفاض القائم فى معد الت الوفيات ،والتطورات التدريجية فى الظروف الصحية ،التى
أصبحت أكبر بعد عام ، 1750ومع ذلك فإن سرعة النمو السكانى ال يجب أن تـرد إلى بعض
قوى التطور التى رفعت من معدل اإلنجاب واالنخفاض فى معدل الوفاة ،فضال عن تحسن
الظروف الصحية التى أدت إلى ثالثة أشياء هى:
-أن احتمال حمل المرأة يتجه نحو الزيادة.
أن نسبة األطفال الذين يعيشون أخذة فى التصاعد. -
أن احتمال الترمل أثناء فترة اإلنجاب تنخفض. -
وأن هذه االحتماالت السابقة تعلو من الخصوبة ( )Genesis;1994:8وخاصة داخل بلدان
الشرق األوسط .إذ تؤكد الشواهد على أن هناك تضخم سكانى سريع سوف يقع فى الشرق
األوسط ،خـالل 40 – 30سنة القادمة ،حيث نجد أن مركزية األسرة والزواج فى سن مبكرة
وعالمية الزواج واإلنجاب المبكر والمستوى التعليمى المنخفض للمرأة ،وانخفاض مستوى
مشاركة المرأة فى قوة العمل ،جميعها تؤدى إلى استمرارية الخصوبة المرتفعة داخل منطقة
الشرق األوسط ،باإلضافة إلى أن معدالت النمو السكانى للمنطقة ،يعتبر من أعلى المعدالت فى
العالم بعد افريقيا ،وطبقا ً السقاطات السكان التابعة لهيئة األمم المتحدة ،فإن المجموع الكلى
لسكان المنطقة من المحتمل أن يتضاعف فى الحجم خالل 30سنة القادمة ،وبالوصول إلى
عام 2025ما بين 560 – 490مليون ،سوف يعيشون فى منطقة الشرق األوسط ،وربما
يمثل ذلك حجم الواليات المتحدة مرتين فى هذه األونة ،وتفترض هذه االسقاطات انخفاض
معدالت الخصوبة إلى النصف تقريبا عن المستويات السائدة اآلن [انظر الشكل رقم ( ])1وإذا
لم تهبط الخصوبة كما هو متوقع ،فإن النمو السكانى سوف يكون كبيرا عن مؤشر هذه
االسقاطات ( .)Omran A. R,1993:34حيث تشير اإلحصـاءات الديموجرافية إلى أن هناك
تباين واضح فى نمو السكان بين مجتمعات العالم ،فبالنظر إلى جـ ( )2-2يالحظ أن معدل
المواليد الخام يمثل 24فى األلف فى العالم 12 ،فى األلف فى المجتمعات المتقدمة 27 ،فى
ألف فى المجتمعات األقل نمواً ،بينما فى مصر يمثل 30فى األلف حتى عـام ،1996غير أن
هناك تقارب واضح من حيث معدل الوفاة حيث يمثل 9فى األلف بالنسبة للعالـم 10،فى األلف
للعالم المتقدم 9 ،فى األلف فى ا لعالم األقل نمو ،بينما فى مصر يبلغ 7فى ألف ،وربما يعزى
ذلك إلى التقدم الطبى ،وتدعيم مجاالت الصحة اإلنجابية للمرأة والطفل فى معظم أنحاء العالم،
والذى كان مصحوبا ً بزيادة طبيعية انحصرت بصورة أساسية داخل مجتمعات العالم األقل
نمواً ،حيث بلغت الزيادة الطبيعية السنوية annual Natural Increaseفى المجتمعات
األخيرة % 1.9مقارنة بالمجتمعات المتقدمة التى مثلت الزيادة فيها %0.1بينما تمثل فى
مصر ،% 2.2وهذا الوضع الذى يشير إلى ارتفـاع الخصوبة فى كل من العالم النامى ومصر،
حيث يوضح الجدول السابق أن معدل الخصوبة الكلية ( ،)Total fertility rate )TFRيمثل
3.4فى العالم النامى 3.6 ،فى مصر ،من ذلك يتضح أن هناك فروقا ً واضحة فى معدالت
المواليد والوفيات ،بين الدول المتقدمة واألقل نموا ً ،Less developedوقد تبرز الصورة
بشكل أوضح بالرجوع إلى التطورات التى مر بها متوسط الزيادة السكانية فى العالم.
شكل رقم ()1
معدل الخصوبة فى المناطق الرئيسية من العالم خالل الفترة ()2000–1995
جـ ()2-2
بعض المؤشرات الديموجرافية فى العالم المتقدم والنامى ومصر
(SOURCE:)PRB,1996
حيث يرى جينيز Genesisفى مؤلفه النمو السكانى Population Growthإلى
أن متوسط الزيادة السكانية فى العالم أخذه فى الزيادة منذ عام ،1950وبطرق متباينة بين
صعود وهبوط ،فقد بلغ المتوسط %1.8فى الفترة من ( ،)1969 – 1950ارتفع إلى %2فى
عام ،1974ثم انخفض إلى %1.9فى عام ،1990وإلى %1.5فى عام 1996
( ) Genesis;1994:14وربما يعود ذلك االنخفاض الراهن فى متوسط الزيـادة السكانية ،إلى
االستخدام الواسع لوسائل تحديد النسل أو تنظيم األسرة ،باعتباره أحد العوامل الديموجرافية
المؤثرة على خصوبة المرأة ،ورغم ذلك فالزالت الزيادة فى معدالت النمو السكانى ،تتخذ
موطنا من بلدان العالم الثالث ( )World Bank, 1993:38مما يخلق العديد من المشكالت
ففى غالبية الدول النامية االجتماعية واالقتصادية والسياسية لسكان هذا القطاع من العالم.
مثل مصر ،حيث الدخل المنخفض للغالبية العظمى من األسر الحضرية ،عالوة على ارتفاع
تكلفة األرض ،جعل توفير المسكن القانونى والمالئم والقليل التكلفة صعب المنال ،والنتيجة أن
نحو 600مليون نسمة من سكان العالم ،يعيشون فى مأوى غير أمن وغير صحى ،ومع
استمرار التحضر الذى يحدث فى العالم ،أصبحت هذه المشاكل مشكلة اليوم العاجلة (أحمد
وإلى جانب مشكلة اإلسكان يمكن أن نضيف الزيادة المستمرة منير سليمان.) 15:1996،
فى جمهور العاطلين والسيما بين فئة الشباب ،وتدنى المستويات الغذائية وانتشار أمراض
سوء التغذية ،ويعنى ذلك كله أن النمو السكانى المستمر يساعد على تعميق حدة المشكالت
التى يعانى منها سكان العا لم الثالث ،ويضع مزيد من العقبات أمام التحرر من قيد هذه
المشكالت المزمنة .ويؤكد أحد المالحظين أن العامل السببى المؤثر على تدهور البيئة هو
النمو السكانى ،حيث يقول إيرلتش "أن السلسلة السببية للتدهور البيئى تعود إلى مصدرها،
فهناك العديد من السيارات والمصانع وا لمنظفات ،نقص معالجة الصرف الزراعى والمجارى
المائية ،نقص المياه ...كل ذلك ربما يرجع إلى زيادة عدد السكان ( Commoner.
مما سبق يتضح أن ثمة انتقاالً ديموجرافيا ً يجرى فى بعض مجتمعات )B,1998:18
العالم ،كما أن االنخفاض الخصوبى أصبح سمة تميز مجتمعات الشرق األوسط على وجه
الخصوص ،مما يدفع إلى التنبؤ إلى دخول هذه المجتمعات بما فيها مصر إلى مرحلة االنتقال،
خاصة إذا ما استمر انخفاض معدالت الخصوبة عن وضعها الراهن.
ً :القضايا النظرية المستخلصة
ثالثا
من خالل العرض السابق لمجمل األفكار النظرية الواردة فى الفصل الراهن,يمكن عرض
أهم القضايا النظرية المستخلصة منها على النحو التالى:
Demographic cultural نظرية الثقافة الديموجرافية
theory
أن األفراد هم الذين ينتجون النمط الديموجرافى ،باعتبارهم أعضاء فى نظام اتصالى،
أن السلوك ويتعاملون مع هذا النمط وتحوله ،وإن اختلف ه ذا التحول من شخص اآلخر.
الديموجرافى يعد جزءا ً من أنماط سلوكية عديدة ومركبة ويكتسب كجزء من السلوك العام فى
الجماعة االجتماعية.
نظرية التحول الديموجرافى Demographic transition Theory
أن التنمية والتحسينات المصاحبة فى نوعية الحياة جلبت تغيرات فى الخصوبة والوفيات.
إن خفض الخصوبة جاء نتيجة لخفض معدل الوفيات وتحسين الظروف االجتماعية االقتصادية
وزيادة درجة التحضر والتصنيع ومستوى التعليم باعتبارها عمليات ضرورية لالنتقال
الديموجرافى .إن هناك أبعادا ً اجتماعية وثقافية أدت إلى التحول الخصوبى يعد من أهمها:
انخفاض وفيات الرضع واألطفال ،تراجع الدور االقتصادى لألطفال ،تغير أدوار المرأة ،البعد
السيكولوجى للتحديث وتأثيره على طريقة التفكير .أن خفض الخصوبة فى المجتمعات الغربية
الحديثة حدث نتيجة للتوسع فى التعليم وتحسين المدارس الرسمية ،ارتفاع تكلفة رعاية
و تربية وتعليم األطفال فى البيئات الحضرية الحديثة ،تحرر المرأة Emancipation of W.
،توافر المعرفة الواسعة بوسائل تنظيم األسرة ومنع الحمل ،أما عن العالم الثالث فسوف
تنخفض الخصوبة فيه نتيجة لبرامج تنظيم األسرة فضال عن انخفاض معدالت وفيات الرضع
واألطفال وتحسين تعليم المرأة والتحضر.
The New Malthusion Theory نظرية المالتسية الجديدة
أنه عندما انخفضت الخصوبة فى أوروبا ،كان هناك مكونات لهذا االنخفاض هما :تأخير
الزواج أو العزوف عنه وانخفاض مستويات إنجاب األزواج .أن االختيار الواعى لآلباء يعد
نموذجا مقبوالً ،حينما يصبح تفكيرهم وسلوكهم يوازى بين المزايا والعيوب ،قبل القرار
بإنجاب طفل أخر.
نظرية التغير الديموجرافى واالستجابة:
إن الدافع القوى فى تحديد حجم األسرة هو التوقع برفع مستوى الرفاهية ،التى تدفع
األفراد نحو بحث ا ألفراد عن وسائل لتحديد عدد األطفال ،من أجل الرغبة فى تحقيق مكانتهم
إن استجابة األفراد نحو خفض الخصوبة ترتبط بأهدافهم الشخصية النسبية فى المجتمع.
أكثر من القومية.
The wealth Flows Theory نظرية تدفق الثروة
إن ارتفاع أو انخفاض ا لخصوبة يعد نتيجة للمنفعة االقتصادية لألفراد واألزواج أو العائالت،
التى تتحدد وفق الظروف االجتماعية وباتجاه تدفق الثروة عبر األجيال (من اآلباء إلى
حينما يتجه التدفق الصافى للثروة تجاه اآلباء ،فإن األطفال)( ،من األطفال إلى اآلباء).
الرشد االقتصادى يشير إل ى إنجاب مرتفع وغير منضبط ولكن حينما يصبح اقتصاد األسرة
النووية منفصل بشكل كبير عن األسرة الممتدة يتجه الرشد االقتصادى نحو خفض اإلنجاب.
إن استمرار الخصوبة العالية داخل األسرة الممتدة ،يعود إلى استمرار المكـاسب التى يحصل
عليها الرجال ،من خالل السيطرة على المرأة وعمالة األطفال.
Supply and Demand Theory نظرية العرض والطلب
إن الطلب على وسائل تحديد النسل فى المجتمعات التى مرت بتحوالت سريعة فى الخصوبة،
أن التحول الخصوبى يزيد بسرعة عند حدوث تغير فى الظروف االقتصادية واالجتماعية.
يصاحب التنمي ة االجتماعية واالقتصادية ،التى تؤدى إلى تغيرات فى معدل التكلفة والعائد
لألطفال.