نظريات الانخفاض الخصوبى والتحول الديموجرافى

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 32

‫أوالً‪ :‬نظريات االنخفاض الخصوبى‬

‫‪The New Malthusian‬‬ ‫المالتسية الجديدة‬ ‫‪-1‬‬

‫قدم مالتس أفكاره حول نظريته فى السكان فى مقالة تحت عنوان‪" :‬المبدأ العام للسكان‬
‫كما يؤثر فى تقدم المجتمع فى المستقبل مع مالحظات على تكهنات جدوين وكوندرسيه‬
‫وغيرهما من الكتاب"‪ .‬وحسب النظرية المالتسية فإن النمو السكانى يتـولد عن طريق‬
‫اإلنجاب‪ ،‬وأن النتائج الطبيعية للنمو السكانى هى البؤس والفقر‪ ،‬نظرا ً التجاه السكان نحو‬
‫النمو بدرجة أسرع من اإلمداد بالطعام‪ .‬ويعتقد مالتس أن البؤس ‪ Misery‬ربما يمكن تجنبه‬
‫إذا مارس األفراد قيد أخالقى على أنفسهم‪ ،‬وذلك عن طريق العفة قبل الزواج وتأخير الزواج‬
‫(‪ )Weeks.J,1993:39‬ومن الثا بت أن هذه النظرية تعرضت النتقادات‪ ،‬حيث لم تؤيد أحداث‬
‫التاريخ افتراضاتها األساسية‪ ،‬التى يعد من أهمها أن السكان يتزايدون حسب متوالية هندسية‪،‬‬
‫بينما يتزايد إنتاج األرض حسب متوالية عددية‪ .‬كما أن موقف المالتسيين الجدد من القضية‬
‫السكانية ال يبتعد كثيرا ً عن انتقاد ات النظرية ‪ ،‬حيث نبه العالم البيولوجى غاريت هاردن‬
‫‪ Garret Hardin‬من جامعة كاليفورنيا‪ ،‬أحد اتباع مالتس إلى مخاطر النمو السكانى‪ ،‬وهو ما‬
‫أشار إليه بول ارليخ ‪ Poul Ehrlich‬من جامعة ستانفورد فى كتابه عام ‪ ،1972‬حينما أشار‬
‫إلى ما يسمى بالقنبلة السكانية‪ ،‬كما أطلق على كوكب األرض الكوكب الذى يحتضر‪.‬‬
‫ويرى إرليخ أن البلدان المتخلفة البد وأن تواجه أزمة غذائية‪ ،‬ففى كل عام ينخفض إنتاج‬
‫الغذاء فى هذه البلدان‪ ،‬إلى جانب التدهور البيئى المستمر والضغوط المتزايدة فى تأمين‬
‫الموارد وتلبية احتياجات العيش‪ ،‬بحيث أصبح ما يقرب من ‪ %50‬من سكان العالم يعانون من‬
‫قلة الغذاء‪ ،‬كما يرى أن مالتس كان محقا ً جداً‪ ،‬إال أنه يرى أن صراع الموت أكثر تأكيدا ً مما‬
‫كان يراه مالتس وبالنسبة له فإن الفقراء يموتون جوعاً‪ ،‬فى حين أن األغنياء والفقراء‬
‫يموتون معا من النواتـج السلبية للتلوث وتدهور النظام الطبيعى فى العالقة بين البيئة‬
‫والكائنات الحية‪ ،‬ولذلك أدرك كل من ارليخ وهاردن أن الزيادة السكانية تتجاوز محدودية‬
‫الموارد وتعمل على تدمير البيئة‪ ،‬وأن االختالف األساسى عن مالتس‪ ،‬يتمثل فى رفضهما‬
‫لمبدأ الرادع األخالقى كوسيلة لتحديد وضبط النسل‪ ،‬إضافة على تأكيدهما على أهمية اللجوء‬
‫إلى ضبط النسل ولو بطريقة قسرية (‪. )Weeks.J,1993:29‬‬
‫ورغم أن المالتسيون الجدد لم يضيفوا كثيرا إلى الفكرة المالتسية القديمة إال أن أهم ما‬
‫أشار إليه هاردن وارليخ‪ ،‬هو التنبيه إلى العالقة بين النمو السكانى وتدهور البيئة‪ ،‬غير أن ما‬
‫اقترحه هذين المف كرين بشأن أسلوب معالجة النمو السكانى ولو بأسلوب القسر‪ ،‬يجعلنا‬
‫نرفض هذا االقتراح حيث يتعارض مع الفطرة التى خلق هللا بها اإلنسان‪ ،‬ومن ثم يصعب‬
‫التحكم فى غرائز الفرد كما نتحكم فى غرائز الحيوان‪.‬‬
‫ومن الواضح أن أفكار النظرية المالتسية القديمة‪ ،‬فض ً‬
‫ال عن أفكار تالميذ وأتباع‬
‫مالتس‪ ،‬حاولت تشخيص ظاهرة النمو السكانى وعالقة ذلك بسيادة المجاعات والفقر والبؤس‪،‬‬
‫فى حالة عدم ضبط التزايد فى السكان بدرجة أسرع من إنتـاج الغذاء‪ ،‬دون أن تقدم لنا‬
‫ولقد استدعى ذلك‬ ‫تصوراتها حول العوامل المؤثرة على الخصوبة بصورة شاملة ودقيقة‪.‬‬
‫إجراء التطوير النظرى لهذه األفكار المالتسية القديمة وبما يتناسب مع التغيرات التى طرأت‬
‫على سكان العالم‪ ،‬ومن أهمها‪ :‬انخفاض معدالت الخصوبة ودخول بعض البلدان مرحلة‬
‫التحول الديموجرافى‪ .‬األمر الذى أدى إلى ظهور النظرية المالتسية الجديدة‪ ،‬التى ركزت‬
‫بصورة أساسية ع لى العوامل التى ساهمت فى خفض الخصوبة فى المجتمع األوروبى‪.‬‬
‫وإذا كانت نظرية التحول الديموجرافى ركزت جهدها فى وصف مراحل التحول الديموجرافى‬
‫الذى ساد العالم‪ ،‬فى مراحل زمنية متباينة‪ ،‬وذلك باستعراض العالقة التاريخية والدينامية بين‬
‫معدالت المواليد والوفيات‪ ،‬فإ ن نظرية التحول المالتسى الجديدة‪ ،‬سعت إلى تفسير أسباب‬
‫التحول ذاته‪ ،‬باالعتماد على الخصوبة الزواجية‪ ،‬ولذا فإن هذه النظرية تعد أحد الروافد‬
‫الحديثة لنظرية التحول الديموجرافى‪ ،‬خاصة بعد أن تعرضت ادعاءاتها وتنبئواتها إلى النقد‪،‬‬
‫نظرا لعدم صدق بعض افتراضاتها بشأن انخفاض الخصوبة‪ ،‬خاصة فى المجتمعات األقل نمو‪.‬‬
‫وتشير النظرية إلى أنه عندما انخفضت الخصوبة فى أوروبا‪ ،‬كان هناك مكونان لهذا‬
‫االنخفـاض‪ ،‬األول‪ :‬تأخير الزواج أو االمتناع عنه ويطلق انسلى كول على هذا المكون تعبير‬
‫التحول المالتسى‪ ،‬نسبة إلى توماس مالتوس‪ ،‬الذى كان يأمل فى أن يعمل تأخير سن الزواج‬
‫كمانع إيجابى للنمو السكانى‪ .‬أما عن المكون الثانى فهو انخفاض مستويات إنجاب األزواج‪.‬‬
‫والذى يطلق عليه كول تعبير التحول المالتسى الجديد‪ .‬ولقد تباين توقيت حدوث كل من‬
‫المكون المالتسى والمالتسى الجديد فى عالقتهما من بلد أوروبى إلى بلد أخر‪ ،‬ففى أوروبا‬
‫الشرقية كان هناك عادة تداخل ما بين المكونين‪ ،‬حيث مال كالهما إلى الدفع بالخصوبة إلى‬
‫االنخفاض بسرعة فى بداية ق‪ ، 20‬أما فى أوروبا الغربية فقد بدأ التحول المالتسى مبكراً‪.‬‬
‫غير أن نمط الخصوبة األوروبى الغربى قبل دخوله مرحلة التحول المالتسى الجديد اتسم‬
‫بصفتين‪ :‬األولى‪ :‬أنه كان مرتفعا بالمعايير الحديثة‪ ،‬الثانية‪ :‬أنه كان متباينا بين الدول‬
‫وبعضها‪ ،‬بل وداخل الدولة الواحدة‪ .‬ولقد أرجع فريق جامعة برينستون اغلب هذه الفـروق‪،‬‬
‫إلى التباينات فى وقع وطول فترات ممارسة الرضاعة الطبيعية‪ ،‬وفترات االنفصال بين‬
‫الزوجين‪ ،‬نتيجة الهجرات الموسمية ألحد الزوجين‪ ،‬وتباينات وقع الجماع فترة ما بعد الوالدة‬
‫ومستويات تغذية السكان‪ ،‬فضالً عن الجهود اإلرادية المفروضة من قبل الزوجين للحد من‬
‫حجم األسرة‪(.‬محمد محى ‪.)284- 278:2002 ,‬‬
‫ولقد لخص كول ‪ Coale‬تعميمات نظرية التحول المالتسى فى ثالث جوانب تفسر‬
‫االنخفاض الخصوبى داخل الزواج وهى‪ :‬أن االختيـار الواعى ‪ Conscious choice‬لآلباء‬
‫يعد نموذجا مقبوالً حينما يصبح تفكيرهم وسلوكهم‪ ،‬يوازن بين المزايا والعيوب‪ ،‬قبل القرار‬
‫بإنجاب طفل أخر‪ .‬أن خفض الخصوبة ينطوى على مزايا للزوجين‪ .‬أن التقنيات المؤثرة على‬
‫خفض الخصوبة يجب أن تكون متوافرة (‪. )Teitelbaum M. S;1975:422‬‬
‫وتشير الدراسات الحديثة فى إطار الخط الفكرى لهذه النظرية‪ ،‬إلى أن البلدان األكثر تقدما‬
‫فى مجموعها‪ ،‬أنجزت عملية المرور عبر المكون المالتسى لتحول الخصوبة‪ ،‬مقارنة بالبلدان‬
‫األقل تقدم ا فى مجموعها‪ ،‬ففى هذه البلدان تتزوج النساء فى أعمار أكبر‪ ،‬كما أن أعداد‬
‫متزايدة منهن ال يتزوجن أبداً‪ ،‬إضافة إلى عوامل أخرى اجتماعية وثقافية ساعدت على تحقيق‬
‫هذا اإلنجاز وهى‪ :‬انخفاض وفيات الرضع واألطفال‪ ،‬تراجع الدور االقتصادى لألطفال‪ ،‬تغير‬
‫غير أن المكونات المالتسية‬ ‫أدوار المرأة‪ ،‬البعد السيكولوجى للتحديث‪ ،‬التكنولوجيا‪.‬‬
‫والمالتسية الجديدة قد تداخلت مع بعضها البعض فى حالة البلدان األقل تقدماً‪ ،‬بدرجة أكبر مما‬
‫كان عليه الحال فى أوروبا حـال دخولها مرحلة انتقال الخصوبة‪ ،‬وعلى الرغم من تغير أنماط‬
‫الزواج‪ ،‬إال أن المكون المالتسى الجديد كان الدافع الرئيسى نحو إحداث تحول خصوبى فى‬
‫البلدان األقل نموا‪ ،‬ويعزى ذلك إلى برامج تنظيم األسرة (محمد محى‪.)294-280 :2002,‬‬
‫وإذا كان المكون المالتسى (تأخير الزواج – العزوف عنه) يرتبط باإلرادة الشخصية فى‬
‫المجتمع األوروبى‪ ،‬وذلك من أجل االستمت اع بالحياة‪ ،‬خاصة مع إتاحة الحرية فى مجال‬
‫العالقة بين الجنسين‪ ،‬فإن تأخير الزواج والعزوف عنه فى المجتمعات األقل نموا ً مرتبط‬
‫بالظروف االقتصادية وعجز الشباب عن تكوين أسرة‪ ،‬خاصة فى ظل سيادة البطالة والتضخم‬
‫االقتصادى وضعف اإلمكانات المادية الالزمة للزواج‪.‬‬
‫‪ -2‬نظرية التطور الوبائى‪:‬‬
‫تستعرض هذه النظرية (عبد الرحيم عمران‪)56-54 :1994,‬التطور السكانى الذى مر به‬
‫سكان العالم‪ ،‬من خالل أربعة مراحل للتطور هى‪:‬‬
‫المرحلة األولى ‪ :‬فى بداية هذه المرحلة يحدث التغير السكانى‪ ،‬نتيجة لعاملين هما‬
‫الوفيات والخصوبة‪ ،‬غير أنه فى النهاية يح دث انخفاض فى معدل الوفيات‪ ،‬حتى يصل إلى‬
‫مستوى منخفض جداً‪ ،‬وعندئذ تصبح الخصوبة هى المحرك األول للنمو السكانى‪.‬‬
‫المرحلة الثانية ‪ :‬ويصاحب هذه المرحلة التغير الجذرى فى نمط األمراض والوفيات‬
‫والحالة الصحية‪ ،‬كما أن األوبئة والمجاعات التى تسود فى بداية هذه المرحلة‪ ،‬يحل محلها‬
‫تدريجيا ً األمراض االنتكاسية وأمراض من صنع اإلنسان‪ ،‬التى تمر بثالث مراحل للتطور هى‪:‬‬
‫مرحلة األوبئة والمجاعات‪ ،‬وسادت هذه المرحلة فترة العصور الوسطى وتسود اآلن فى بعض‬
‫البالد النامية واإلسالمية فيها‪ ،‬مرحلة انحسار األوبئة‪ ،‬وقد بدأت فى أوروبا فى أواخر ق ‪18‬‬
‫وأوائل ق ‪ 19‬وتأخر انحسار األوبئة حتى ق ‪ 20‬فى معظم البالد النامية‪ ،‬مرحلة األمراض‬
‫االنتكاسية مثل أمراض القلب والسرطان والضغط‪ ،‬وأمراض من صنع اإلنسان كاإلشعاع‬
‫وأمراض التحضر والشيخوخة‪ ،‬وقد دخلت أوروبا فى هذه المرحلة أثناء ق ‪ ، 19‬وقد بدأت‬
‫معدالت هذه األمراض فى الزيادة حديثا فى البالد النامية‪.‬‬
‫المرحلة الثالثة‪ :‬وهى المرحلة التى تشهد انخفاضا ً أكبر من وفيات األطفال عن‬
‫البالغين‪ ،‬وبين اإلناث أكثر من الذكور‪ ،‬ويرتفع بذلك توقع الحياة ‪ Expectation of life‬بين‬
‫اإلناث عن الذكور‪.‬‬
‫المرحلة الرابعة‪ :‬تشهد انخفاضا ً كبيرا ً فى معدل الوفيات‪ ،‬نتيجة للتغيرات‬
‫الديموجرافية واالجتماعية والتنموية والتقدم الصحى‪.‬‬
‫مما سبق يتضح أن نظرية التطور الوبائى تحاول أن تشرح أسباب النمو السكانى والتحول‬
‫الخصوبى‪ ،‬من خالل االعتماد على مراحل تطور معدالت الوفيـات‪ ،‬ويعتبر من أهم ما أشارت‬
‫إليه هذه الن ظرية‪ ،‬هو التأكيد على دور وفيات األطفال واألمهات‪ ،‬وكذلك التغيرات االجتماعية‬
‫والتنموية‪ ،‬فى خفض معدالت النمو السكانى‪ ،‬ولقد دفع ذلك منظرين آخرين نحو تفسير العالقة‬
‫بين االنتقال الديموجرافى والتنمية‪ ،‬وذلك كما يتضح فى النظرية التالية‪:‬‬
‫‪ -3‬نظرية التغير الديموجرافى والتنمية‪:‬‬
‫يعتبر من دعاة هذه النظرية فيليب هورس‪ ،‬الذى سعى إلى رصد التغير الديموجرافى‬
‫والتطـورات التاريخية الديموجرافية‪ ،‬التى مر بها سكان العالم‪ ،‬حيث قسم تاريخ التحول‬
‫السكانى إلى ثالث مراحل أساسية هى‪:‬‬
‫الدنيامية السكانية لمجتمع ما قبل الصناعة‬ ‫‪‬‬
‫وهنا تكون معدالت المواليد والوفيات مرتفعة‪ ،‬وبالتالى تنخفض نسبة الزيادة الطبيعية‬
‫ويتحقق التوازن السكانى بصورة جزئية‪ ،‬وترجع الخصوبة العالية فى نظر هورس إلى أن‬
‫الدافع النفسى ملح ودائم على حد قول مالتوس – أما سبب ارتفاع الوفيات‪ ،‬فتعود إلى انتشار‬
‫المجاعات وسوء التغذية وسيادة األمراض والحروب‪.‬‬
‫الدينامية السكانية خالل مرحلة االنتقال‬ ‫‪‬‬
‫وتتسـم هذه الدينامية بانخفاض معدل الوفيات مع استمرار معدل الخصوبة عالياً‪ ،‬مما يؤدى‬
‫إلى الفجوة الديموجرافية بين معدالت المواليد المستمرة ارتفاعـا‪ ،‬وبين معدالت الوفيات‬
‫األخذة فى ال تناقص‪ ،‬ولعل هذا ما يفسر الزيادة النسبية فى أعداد سكان أوربا وأمريكا خالل‬
‫القرون الثالثة الماضية‪ ،‬وهو أيضا ً ما يفسر أسباب تزايد معدالت النمو السكانى فى الدول‬
‫النامية‪.‬‬
‫الدينامية السكانية خالل المرحلة الصناعية‬ ‫‪‬‬
‫وتتسم هذه المرحلة بانخفاض معدالت المواليد وضبط الخصوبة إلى جانب استمرار‬
‫انخفاض معدالت الوفيات‪ ،‬وترجع هذه الظواهر إلى طبيعة التغيرات النظامية والقيمية‬
‫والدافعية لدى أبناء المجتمعات ذات الدرجات العالية من التصنيع والتحضر (نبيل‬
‫السمالوطى‪ ) 77-76 :1981,‬ويؤكد ذلك التصور بيرجيسترم حيث يقول‪" :‬إن كان انخفاض‬
‫معدل النمو السكانى ضئيال جداً‪ ،‬فأنا اعتقد أن االنخفاض المالحظ سوف يحدث أثناء العقدين‬
‫التاليين‪ ،‬نتيجة للتقدم التكنولوجى‪ ،‬وبالمثل التقدم فى التعليم العام والتطورات االقتصادية"‬
‫(‪.)Pichat J.B; 1985:248‬‬
‫وعلى أية حال فإن نظرية هورس تميل إلى التركيز على نفس مدخل نظرية االنتقال‬
‫الديموجرافى‪ ،‬حيث اعتمدت فى تفسير االنتقال على معدالت النمو السكانى عبر مراحل‬
‫اجتماعية‪ ،‬ارتبطت فيها الخصوبة واالنتقال الراهن بالتنمية وتداعياتها فى العالم‪.‬‬
‫‪ -4‬نظرية التغير الديموجرافى واالستجابة‬

‫نظرية التغير الديموجرافى واالستجابة وضعت بواسطة كينزلى ديفيز ‪ Kingsey Davis‬فى‬
‫عام ‪ , 1963‬كإضافة وليست كبديل حقيقى لنظرية االنتقال الديموجرافى‪ ,‬حيث تهتم هذه‬
‫النظرية بأسباب النمو السكانى ‪,‬وتدور القضية الرئيسية لها حول كيفية انخفاض الخصوبة‬
‫بانخفاض الوفيات‪ ،‬كما قالت بهذه القضية نظرية التحول الديموجرافى‪ ,‬ولإلجابة على هذا‬
‫السؤال – طرح ديفنز سؤاال آخر حول ما يحدث لألفراد حينما تنخفض الوفيات‪ ،‬حيث وجد أن‬
‫أكثر األطفال يبقون على الحياة حتى مرحلة الشباب‪ ،‬ويزيدون من ضغوطهم على مصادر‬
‫األسرة‪ ،‬مما يدفع األفراد إلى محاولة البحث عن حل من أجل مواجهة هذا الضغط‪ ،‬ويكون ذلك‬
‫عن طريق االستجابة للتغير الديموجرافى‪ ،‬مع مالحظة أن استجابة هؤالء األفراد‪ ،‬تتأسس‬
‫بناء على أهدافهم الشخصية وليس القومية‪ .‬فاالستجابة األولى‪ :‬تعد غير ديموجرافية‪ ،‬حيث‬
‫تتضمن محاوالت األفراد لزيادة الدخل عن طريق العمل الجاد ولساعات طويلة‪ ،‬وربما الجمع‬
‫ب ين عملين فى آن واحد‪...‬الخ‪ .‬وإذا لم يكن ذلك كافيا فإن هجرة بعض أعضاء األسرة يكون‬
‫أفضل استجابة ديموجرافية‪ ،‬ويعتبر من االستجابات الواقعية التى حددها ديفيز أن سكان أهل‬
‫الريف‪ ،‬الذين لديهم عدد أكبر من األطفال يرسلونهم إلى المدينة لالستفادة من الفرص المتاحة‬
‫هناك‪ ،‬أما عن الجيل الثانى فيشهد فرص عديدة للترقى االجتماعى واالقتصادى‪ ،‬لذا يسعى‬
‫األفراد لالستفادة من هذه الفرص بتجنب األسرة كبيرة الحجم التى سببت مشكالت ألسرهم‪،‬‬
‫وتلك هى االستجابة الثانية‪.‬‬
‫ويرى ديفيز أن الدافع األكثر قوة فى تحديد حجم األسرة ليس الخوف والفقر كما قال‬
‫مالتس‪ ،‬وإنما التوقع برفع مستوى الرفاهية‪ ،‬التى غالبا ما تمثل دافع قوى نحو بحث األفراد‬
‫عن وسائل لتحديد عدد األطفال‪ ،‬فضال عن الرغبة فى تحقيق مكانتهم النسبية فى المجتمع‪،‬‬
‫التى ربما تقود إلى نشاط مفضل وهو االمتناع عن إنجاب األطفال ‪.‬‬
‫ويعتبر من أهم اإل ضافات التى قدمها ديفيز ولم تأتى به نظرية التحول الديموجرافى‪،‬‬
‫اإلشارة إلى أن االستجابة الديموجرافية تتأسس بناء على أهداف شخصية وليس قومية‪ ,‬ذلك‬
‫أن استجابات األفراد لعملية اإلنجاب‪ ،‬تأتى تحت مظلة من الظروف االجتماعية واالقتصادية‬
‫والثقافية والديموجرافية‪ ،‬التى ربما تدفع إلى اتخاذ القرار أما بتحديد اإلنجاب أو القرار‬
‫باإلنجاب‪ ،‬وبعبارة أخرى فأن تلك الفروق فى األهداف تخلق استجابات مختلفة لألفراد تجاه‬
‫مستوى الخصوبة‪ ,‬مما يساهم فى ظهور أنماطا ً متنوعة من اإلنجاب‪.‬‬
‫‪The wealth flows theory‬‬ ‫(‪ )5‬نظرية تدفق الثروة‬

‫إن مفهوم تدفق الثروة يستخدم لتفسير كل من ارتفاع الخصوبة والشروع فى انخفاض‬
‫الخصوبة‪ ،‬ويعرف تدفق الثروة على أنه كافة األموال والبضائع والخدمات والكفالة التى‬
‫يمنحها شخص ما إلى اآلخرين‪ ،‬ولذا يعد تحليل تدفق الثروة أساس لفهم طبيعة العالقات‬
‫األسرية‪ ،‬ف ى كافة األزمنة والمناطق ‪ ،‬كما أنه ذو قيمة فى تحليل اقتصاديات اإلنتاج العائلى‬
‫واالنخفاض الخصوبى الذى يعد نتاج للتغيرات فى البناء الداخلى العائلى‪ ،‬ومن الممكن أن‬
‫يوظف تحليل تدفق الثروة إللقاء الضوء على الوفيات والهجرة‪ ،‬وغيرها من الظواهر‬
‫الديموجرافية(‪.)Caldwell J. C;1982:333‬‬
‫وتؤكد النظرية أن ارتفاع أو انخفاض الخصوبة‪ ،‬يعد نتيجة للمنفعة االقتصادية لألفراد‬
‫واألزواج أو العائالت‪ ،‬التى تتحدد بواسطة الظروف االجتماعية‪ ،‬وباتجاه تدفق الثروة عبر‬
‫األجيال‪ ،‬هذا التدفق يحدث من األجيال الصغيرة إلى الكبيرة فى كافة المجتمعات التقليدية‪،‬‬
‫والقض ية الرئيسية إذن فى اتجاه وحجم تدفق الثروة عبر األجيال‪ ،‬والتوازن الخالص لنمطى‬
‫التدفق (من اآلباء إلى األطفال) واآلخر (من األطفال إلى اآلباء) وبتحديد أكثر حينما يتجه‬
‫التدفق الصافى للثروة تجاه اآلباء‪ ،‬فإن الرشد االقتصادى يشير إلى إنجاب مرتفع غير محدد‪،‬‬
‫ولكن حين ما يصبح اقتصاد األسرة النووية منفصل بشكل كبير عن األسرة الممتدة يتجه الرشد‬
‫االقتصادى نحو خفض اإلنجاب (‪ . )JRTomas. E,1994:25‬ومعنى ذلك أن كالدويل يعتبر‬
‫التحول من نظام األسرة الممتدة إلى النووية‪ ،‬وما يصاحبه من تغير اتجاه تدفق الثروة‪ ،‬كان‬
‫سببا فى انخفاض الخصوبة‪ ،‬اتساقا ً مع فكرة المنفعة االقتصادية‪.‬‬
‫ويرى كالدويل أن استمرار الخصوبة العالية داخل األسرة الممتدة‪ ،‬يعود إلى استمـرار‬
‫المكاسب التى يحصل عليها الرجال "من خالل السيطرة على المرأة وعمالة األطفال‪ ،‬ففى‬
‫معظم المناطق الريفية عن العالم النامى يمثل األطفـال قيمة اقتصادية‪ ،‬وهناك تفضيل كبير‬
‫للذكر لتحقيق تلك القيمة‪ ،‬وفى ظل ارتفاع وفيات الرضع فى تلك المناطق‪ ،‬فإن اآلباء ربما‬
‫يريدون ذكرين على األقل لتحقيق األمان االقتصادى‪ .‬غير أن عمل هؤالء األطفال وإنتاجهم ال‬
‫يعـوض االستهالك التراكمى لهم‪ ،‬إال عند بلوغ سن معينة‪ ،‬حيث وجد كالدويل من خالل دراسة‬
‫إحدى القرى بنجالديش‪ ،‬وبحساب متوسط ساعات العمل اإلنتاجى حسب العمر مقابل استهالك‬
‫الغذاء‪ ،‬أن الذكور ال يصبحون منتجون خالصون إال بالوصول إلى عمر ‪ 12‬سنة‪ ،‬وال‬
‫يعوضون استهالكهم إال عند عمر ‪ 15‬سنة (‪.)Cain. M; 1982:164‬‬
‫ومن الالفت للنظر أ ن كالدويل حصر ارتفاع الخصوبة باألسرة الممتدة غير أن الشواهد‬
‫الواقعية تشير إلى أن القيمة االقتصادية لألطفال‪ ،‬تمثل احد العوامل المؤدية إلى زيادة اإلنجاب‬
‫داخل األسرة النووية أيضاً‪ ،‬على اعتبار أن تلك القيمة‪ ،‬تمثل أحد وسائل تكيف الفقراء مع‬
‫الفقر سواء كانت هذه ا ألسرة تنتمى إلى الريف أو الحضر‪ ،‬فالقضية أذن ليس فى نمط األسرة‬
‫كما ذهب كالدويل‪ ،‬وإنما فى االنتماء الطبقى لألسرة والحاجة إلى عمل األطفال‪.‬‬
‫فقد أظهرت دراسة أنماط عمالة األطفال فى مدينة القاهرة أن إنجاب األطفال داخل الشريحة‬
‫الدنيا يمثل هدفا ً هاماً‪ ،‬ذلك أن وجود طفل جديد داخل األسرة ال يمثل سوى عبء محدود لبضع‬
‫سنوات وبعدها يبدأ حياة العمل ويصبح عضوا ً فى دائرة المساهمين اقتصاديا ً فى دخل األسرة‬
‫طالما أن الطفل ينطوى على قيمة اقتصادية‪(.‬محمد عبد الرحمن‪ .)221-220 :1999,‬ولذا‬
‫يوجه كالدويل (‪ )1976‬نقد إلى األفكار الكالسيك ية "نظرية االنتقال الديموجرافى" بتأكيده على‬
‫أهمية انتقـال األفكار‪ ،‬خاصة المتصلة باألسرة النووية ‪ ،Nuclear Family‬بدال من التركيز‬
‫على التغير االقتصادى فى حد ذاته‪ ،‬ولم تسلم آراء كالدويل من النقد‪ ،‬إذ يرى سميث (‪)1982‬‬
‫أن األسرة النووية ترسخت فى أوروبا الغربية بع دة قرون قبل حدوث االنتقال الديموجرافى‪،‬‬
‫كما أوضح سن وزمالؤه (‪ )1978‬أن العائلة الممتدة ‪ Extended Family‬ظلت باقية دون‬
‫مساس بها‪ ،‬على الرغم من حدوث انخفاض حاد فى الخصوبة‪ ،‬واطراد فى التنمية االقتصادية‪.‬‬
‫(روالن بريسا‪)85:2004 ,‬‬
‫كذلك انتقد هاندوركر ‪ )1986( Handwerker‬هذه النظرية من ثالثة جوانب هى‪:‬‬
‫‪ ‬الدليل اإلمبريقى الذى قدمه كالدويل ضعيف‪ ،‬نظرا لتجاهله أسبقية القوى االقتصادية‬
‫على القوى االجتماعية‪.‬‬
‫‪ ‬لم يأخذ فى اعتباره غياب ارتفاع الخصوبة الحاد قبل انتقال غرب أوروبا‪ ،‬وبقائه‬
‫معتدال مقارنة بالخصوبة الطفيفة فى الغرب ألجيال متعددة بعد االنتقال‪.‬‬
‫‪ ‬عكس االتجاه السببى بين التغير األسرى والتنمية االقتصادى‪Hand ( .‬‬
‫‪)Werker,1986:13‬‬
‫ومع ذلك فإن من أهم الجوانب التى أكد عليها كالدويل‪ ،‬العالقة بين الخصوبة والمنفعة‬
‫االقتصادية‪ .‬وبمعنى آخر فإن القيمة االقتصادية لألطفال أو انعدامها‪ ،‬تعد الدافع وراء انخفاض‬
‫أو زيادة اإلنجاب فضال عن العالقة بين الخصوبة ونمط األسرة‪ ،‬واتجاه تدفق الثروة فى حالة‬
‫األسرة الممتدة على وجه الخصوص‪.‬‬
‫‪ -6‬نظرية العرض والطلب‬

‫يرى أصحاب هذه النظرية(‪ )World Bank,1994: 37-38‬أن معدالت الخصوبة العالية‬
‫المنتشرة فى بعض بلدان العالم الثالث‪ ،‬تعكس المعايير الثقافية واالجتماعية التى تدعم األسر‬
‫الكبيرة‪ ،‬نتيجة لسيادة مستويات عالية من وفيات األطفال والرضع‪ ،‬مما يزيد الطلب على‬
‫إنجاب األطفال‪.‬‬
‫ويذهب أصحاب هذه النظرية إلى القول بأن الدول التى مرت بتحوالت سريعة فى الخصوبة‪،‬‬
‫قد أوضحت أن الطلب على وسائل تحديد النسل يزيد بسرعة عند حدوث تغير فى الظروف‬
‫االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬ويقبل األفراد على استعمال وسائل منع الحمل‪ ،‬عندما تتوفر هذه‬
‫وفى‬ ‫الوسائل فى السوق‪ ،‬أو عندما تقدم الحكومات برامج لتنظيم األسرة على مستوى جيد‪.‬‬
‫ضوء هذه النظرية فإن انخفاض الخصوبة يعود باألساس إلى أن التحول الخصوبى غالبا ما‬
‫يصاحب التنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬التى تؤدى بدورها إلى إحداث تغييرات فى معدل‬
‫التكلفة والعائد لألطفال‪.‬‬
‫ولقد أثارت تلك النظرية الكثير من النقاش حول األهمية النسبية لتوفير وسائـل تحديد‬
‫النسل‪ ،‬منذ السبعينيات وحتى تاريخه‪ ،‬حيث كان هناك شك فى مدى جدوى الجهود المبذولة‬
‫فى مجال نشر خدمات تنظيم األسرة فى الدول النامية‪ ،‬ومدى قدرتها فى إحداث تغيرات‬
‫جوهرية فى السلوك اإلنجابى‪ ،‬خاصة بعد سيادة الشعار الذى أطلقه مؤتمر السكان الدولى‪،‬‬
‫الذى عقد فى بوخارست برومانيا‪ ،‬ومؤداه‪" :‬التنمية احسن وسيلة لمنع الحمل"‬
‫وبنا ًء على ذلك لكى يحدث تحـول فى‬ ‫‪. Development is the best contraceptives‬‬
‫الخصوبة‪ ،‬فالبد من إحدا ث تغيرات بنائية‪ ،‬هدفها تحسين مستوى التعليم‪ ،‬تحسين أوضاع‬
‫المرأة االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬زيادة درجة التحضر‪ ،‬وتدعيم انتشار وسائل االتصال‬
‫الجماهيرى‪ ،‬ذلك أن مجرد توفير وسائل تحديد النسل فى مجتمع ما‪ ،‬ال يعنى بالضرورة إقبال‬
‫األفراد على استخدامها‪ ،‬دون أن يكون هناك جهوداً تبذل للتأثير على اتجاهات هؤالء األفراد‪،‬‬
‫وخلق الطلب على استخدامها ومدى قبولها فى البيئة الثقافية لهؤالء األفراد‪.‬‬
‫ويبدو أن ما ذهب إليه أصحاب نظرية العرض والطلب‪ ،‬وما تبنوه من فكر لمواجهة النمو‬
‫السكانى المتسارع‪ ،‬فكر يتناقض مع أوضاع سكان العالم الثالث‪ ،‬وقيمه الثقافية المتباينة‪،‬‬
‫ويبتعد كثيرا ً عن حقيقة المشكالت االجتماعية واالقتصادية التى يعانى منها سكانه‪ ،‬تلك تمثل‬
‫ضغوطا ً مباشرة قد تدفع لزيادة اإلنجاب‪ ،‬بدال من الحد منه‪.‬‬
‫ً‪ :‬نظرية التحول الديموجرافى‬
‫ثانيا‬
‫يمكن تقسيم نظرية التحول الديموجرافى (روالن بريسا‪ )84:2004 ,‬إلى ثالثة اتجاهات‬
‫أساسية هى ‪:‬وصف التغيرات الزمنية فى الخصوبة والوفيات‪ -‬بناء نماذج نظرية سببية تفسر‬
‫هذه التغيرات‪ -‬التنبؤ بالتغيرات المستقبلية خاصة فى العالم النامى‪.‬‬
‫وحتى يمكن التعرف على طبيعة هذه النظرية‪ ،‬فإن هذا يفرض مناقشة الجوانب التالية‪:‬‬
‫(نظرية التحول الديموجرافى بين الرؤى الكالسيكية والمعاصرة‪ -‬مراحل التحول الديموجرافى‪-‬‬
‫نقد نظرية التحول الديموجرافى‪ -‬معوقات تطبيق النظرية على العالم الثالث‪ ،‬ويمكن ان نتناول‬
‫كل من هذه الجوانب كاآلتى‪:‬‬
‫الكالسيكية‬ ‫الرؤى‬ ‫بين‬ ‫الديموجرافى‬ ‫التحول‬ ‫‪ -1‬نظرية‬
‫والمعاصرة‪:‬‬
‫اشتق مدخل التحول الديموجرافى من الخبرة الواقعية للمجتمعات األوربية‪ ،‬فهذه النظرية‬
‫تصف ما حدث لهذه المجتمعات‪ ،‬خالل مراحل التطور االقتصادى والديموجرافى‪Heer (.‬‬
‫‪ ) D,1968:104‬فاالنتقال الديموجرافى من معدالت مواليد ووفيات مرتفعة إلى منخفضة حدثا‬
‫معا ً من خالل‪ :‬تحو ل المجتمع األوروبى من النظام الزراعى إلى الصناعى – االنتقال من‬
‫الوحدات العائلية الممتدة المركبة‪ ،‬التى حددها شورتر (‪ )shorter 1975‬على أنها آليات‬
‫النتقال الملكية والمكانة للوحدات المتباينة األصغر‪ ،‬المعتمدة على التماسك العاطفى بين الزوج‬
‫والزوجة‪ ،‬هذه التحوالت االجتماعية والدينية والسياسية واالقتصادية‪ ،‬كانت محور لعمل‬
‫علماء االجتماع األوائل مثل كونت ودوركايم على وجه العموم ونظرية التحول الديموجرافى‬
‫على وجه الخصوص(‪.)Hand Werker,1986:3-4‬‬
‫حيث كان االهتمام من جانب علماء االجتماع منصبا على دراسة تأثير نظام الصناعة على‬
‫البناء االجتماعى وما يحدث فيه من تحوالت‪ ،‬خاصة فى طبيعة العالقات االجتماعية‪ ،‬أما من‬
‫جانب أصحاب نظرية االنتقال الديموجرافى‪ ،‬فقد انصب اهتمامهم على دراسة العالقة بين‬
‫التغير االجتماعى واالنتقال الديموجرافى سواء فى معدالت المواليد أو الوفيات‪.‬‬
‫وتدين نظرية التحول الديموجرافى الكالسيكية‪ ،‬إلى أعمال األنصار األوائل للنظرية وهم‪:‬‬
‫تومسون (‪ )1929‬وديفيز (‪ )1945‬ونوتشتين (‪ ) 1945‬بصفة خاصة‪ ،‬وتعتبر الفكرة الرئيسية‬
‫‪ basic tenet‬لنظرية االنتقال الديموجرافى هى أن التنمية والتحسينات المصاحبة فى نوعية‬
‫الحياة ‪ quality of life‬جلبت تغيرات فى عنصرين ديموجرافيين هما‪ :‬الخصوبة والوفيات‪،‬‬
‫ولذا فإن العالقة القوية بين التغير االجتماعى والديموجرافى‪ ،‬تعتبر االفتراض الرئيسى لنظرية‬
‫االنتقال الديموجرافى (‪.)Raslan. Y,1986:123‬‬
‫وحين بدأت الخصوبة فى االنخفاض فى العديد من المجتمعات الغربية مع نهاية ق‪،19‬‬
‫على افتراض أن معدالت المواليد سوف تستقر عند مستويات منخفضة‪ ،‬صيغت محاولة‬
‫بواسطة وارن تومسون ‪ Warren Thompson‬فى عام ‪ 1929‬قسم فيها أنماط النمو‬
‫السكانى إلى ثالث مراحل‪ ،‬بينما ميز بالكر ‪ Blacker‬بين خمس أنماط‪ ،‬ومع ذلك فإن الوالدة‬
‫الناضجة لنظرية التحول الديموجرافى ترتبط باسم نوتشتين ‪ ،Notestein‬الذى يذهب إلى أن‬
‫الخصوبة فى مجتمعات ما قبل التحديث‪ ،‬كانت عالية نتيجة لسلسلة من العوامل وهى‪:‬‬
‫المذاهب الدينية ‪ religious doctrines‬والشرائع األخالقية ‪ ،moral coades‬والقوانين‬
‫والتعليم وعادات المجتمع المحلى وعادات الزواج والتنظيم العائلى ‪(Caldwell.I.c‬‬
‫وتضيف النظرية أن هناك العديد من األسباب االجتماعية والثقافية‪،‬‬ ‫)‪. 1982:117.‬‬
‫التى أدت إلى التحول الخصوبى الراهن‪ ،‬يعد من أهمها‪ :‬انخفاض وفيات الرضع واألطفال‪،‬‬
‫تراجع الدور االقتصادى لألطفال‪ ،‬تغير أدوار المرأة‪ ،‬البعد السيكولوجى للتحديث وتأثيره على‬
‫وداخل اإلطار العام للنظرية أُجريت‬ ‫طريقة التفكير (محمد محى ‪.) 296- 294 :2002 ,‬‬
‫بعض المناقشات حول أسباب انخفاض الخصوبة‪ ،‬فالجميع يتفق على أن السبب كان اجتماعيا‬
‫أكثر منه طبيعيا‪ ،‬حيث يعتقد سوندرس ‪ Saunders‬وفيرشيلد ‪ Fairchild‬وآخرون أن وسائل‬
‫تنظيـم األسرة مسئولة عن الجزء األكبر عن االنخفاض فى معدل المواليد ‪Heer (.‬‬
‫‪ ) D,1968:165‬بينما يعتقد البعض اآلخر أن التحول يعود إلى بعض التغيرات البنائية‬
‫‪ . Structural changes‬ويعلق دعاة هذه النظرية على أن خفض الخصوبة‪ ،‬كان نتيجة‬
‫لخفض معدل الوفيات‪ ،‬وتح سين الظروف االجتماعية االقتصادية وزيادة درجة التحضر‬
‫لالنتقال‬ ‫ضرورية‬ ‫ديموجرافية‬ ‫عمليات‬ ‫باعتبارها‬ ‫التعليم‪،‬‬ ‫ومستوى‬ ‫والتصنع‬
‫الديموجرافى‪. )KADER F,1989:1(.‬‬
‫وقد القت هذه األفكار ذيوعا ً لوقت قريب دون إدخال أى تعديالت عليها‪ ،‬وفى رأى ديمنى‬
‫(‪" ) 1972‬أن النظرية أصبحت الشغل الشاغل لعلماء السكان المعاصرين نظرا ً ألنها سلطت‬
‫األضواء على النمو السكانى السريع‪ ،‬الذى تشهده الدول النامية حالياً"‪ .‬ومع ذلك فقد ساعدت‬
‫غزارة البيانات وجودتها فى المجتمعات التاريخية والمعاصرة‪ ،‬فى الكشف عن مثالب عديدة‬
‫فى النظرية الكالسيكية‪ ،‬كما أتضح ذلك من الدراسات التى أُجريت فى السنوات الحديثة(روالن‬
‫بريسا‪) 85:2004 ,‬وبما يرتبط ذلك باختالف أوضاع التحول الديموجرافى بين الواقع األوروبى‬
‫وواقع العالم النامى‪ ،‬فقد دخلت العديد من المجتمعات األوروبية مرحلة االنتقال‪ ،‬بل وصل‬
‫البعض منها إلى مرحلة النمو السكانى الصغرى ‪ Zero population growths‬بينما الزال‬
‫العديد من المجتمعات النامية فى المراحل المبكرة‪ ،‬نتيجة للعقبات المتنوعة التى تعترض‬
‫‪.‬‬
‫ولذا ينظر الديموجرافيون إلى النمو السكانى فى المجتمعات‬ ‫السكانى‬
‫خفض معدالت النمو السكانى‬
‫غير الصناعية"‪ ،‬كعائـق ‪ Impediment‬للتحديث‪ ،‬ويسلمون بأن انتظار حدوث التحول‬
‫الديموجرافى ربما يؤدى إلى كارثة ‪ Catastrophic‬على مستوى المعيشة فى المجتمعات‬
‫النامية‪ ،‬ويمثل ذلك الرؤية التقليدية للتحول الديموجرافى‪ ،‬حيث كان االعتقاد السابق أن‬
‫التحول الديموجرافى‪ ،‬ماهو إال نتيجة للتغير االجتماعي واالقتصادى‪ ،‬غير أن التحول فى‬
‫التركيز على المعدالت العالية للخصوبة التى تعد سببا ً للتخلف‪ ،‬بدأ يتخذ أهمية كبيرة أثناء‬
‫الحرب الباردة‪ ،‬من خالل التركيز على الضبـط السكانى فى العالم غير الصناعى‪ ،‬والتأكيد على‬
‫تنظيم األسرة كعنصر دائم فى جهود التنمية الواسعة للوكاالت الدولية خالل الفترة ‪- 80‬‬
‫‪ ، 1990‬كما أن المؤسسات الدولية جددت اهتمامها بالجانب األمن من النمو السكانى‪ ،‬مع‬
‫‪Violent‬‬ ‫التنبيه على أن الزيادة السكانية اليوم تعد مسئولة عن الصراعات العنيفة‬
‫‪ conflicts‬التى تحدث فى إنحاء متفرقة حول العالم مثل رواندا وهايتى والمكسيك ( ‪All‬‬
‫‪ .) K.Asder,2002,29:30‬تلك تمثل أهم األفكار األساسية لنظرية التحول الديموجرافى‪ ،‬التى‬
‫تعد فى األصل نظرية وصفية ألنماط التحول الديموجرافى األوروبى‪ ،‬التى سعى أنصارها إلى‬
‫تعميمها وتصديرها إلى بلدان العالم النامى‪ ،‬فضالً عن تفسير النظرية من خالل مراحل محددة‪،‬‬
‫تصف العالقة الدينامية ب ين معدالت المواليد ومعدالت الوفيات‪ ،‬يمكن التعرف عليها من خالل‬
‫الفقرة التالية‪.‬‬

‫‪ -2‬مراحل التحول الديموجرافى‬


‫مرت نظرية التحول الديموجرافى بثالث مراحل من مستويات الخصوبة والوفيات‪ ،‬وتتصف‬
‫كل مرحلة منها ببعض الخصائص‪ ،‬وهى على النحو التالى‪:‬‬
‫المرحلة األولى ‪ :‬تميزت بتوازن حجم السكان على مدى كبير من الزمن‪ ،‬نتيجة الرتفاع‬
‫معدالت المواليد والوفيات‪ ،‬كما تميزت وفيات الرضع والخصوبة باالرتفاع‪ ،‬ولقد كان المعدل‬
‫العالى للوفيات حتميا‪ ،‬خاصة فى حالة غياب الصرف الصحى والزراعة والنقل والطب‪ ،‬كما‬
‫تميزت المجتمعات خالل هذه المرح لة‪ ،‬بأن لديها معايير قوية قبل الوالدة مدعمة بالقيم‬
‫المقدسة‪ ،‬والمتأثرة بقوة بمختلف الجزاءات االجتماعية الراسخة التى تبطئ التغير‪ ،‬ولكن ما‬
‫أن توفرت الوسائل الصحية انخفضت الوفيات‪ ،‬وأصبحت العوامل الدافعة للخصوبة العالية‬
‫غير متماثلة مع الوفيات المنخفضة‪ ،‬مما خلق عدم االستقرار فى مرحلة التوازن التى ميزت‬
‫المرحلة األولى‪.‬‬
‫المرحلة الثانية ‪ :‬تميزت هذه المرحلة بانخفاض الوفيات مع استمرار الخصوبة فى‬
‫معدالتها العالية على النحو السابق‪ ،‬تحت تأثير سيطرة المؤسسات االجتماعية التقليدية‪ ،‬ولقد‬
‫أطلق على هذه المرحلة االنفجار السكانى ‪ ،Population explosion‬الذى قاد إلى النمو‬
‫السكانى السريع ‪ Rapid population growth‬نتيجة لعـدم التوازن بين معدالت المواليد‬
‫والوفيات‪.‬‬
‫المرحلة الثالثة ‪ :‬تميزت باالنخفاض التدريجى لمعدل المواليد واتجاهه نحو التوازن‬
‫مع معدل الوفيات المنخفض‪ ،‬غير أن االنخفاض فى الخصوبة لم يحدث إال بعد أن انخفضت‬
‫الوفيات‪ ،‬وكان من غير الممكن أن يحدث ذلك حتى أظهرت المؤسسات االجتماعية‬
‫واالقتصادية تفضيل لخفض مستويـات المواليد‪ ،‬لكى تتطابق مع المستويات المنخفضة‬
‫للوفيات‪ ،‬ولقد فسر أصحاب نظرية االنتقال الديموجرافى تبنى نموذج األسرة الصغيرة‬
‫بالرجوع إلى التحوالت الصناعية والحضرية فى ق ‪ ، 19‬ذلك أن الحياة الحضرية والصناعية‬
‫قد عدلت من دور األسرة فى اإلنتاج واالستهالك والتعليم والتجديد‪ ،‬حيث أصبحت القيمة‬
‫االقتصادية لألطفال منخفضة من خالل نمو وانتشار التعليم اإللزامى‪ ،‬الذى أخرج األطفال من‬
‫قوة العمل (‪.)Teitelbaum M. 1975:421‬‬
‫وإذا كانت المراحل الثالثة السابقة‪ ،‬تمثل أساس نظرية التحول الديموجرافى التى تنطبق‬
‫على الخبـرة التاريخية للتطور الديموجرافى بين معدالت المواليد والوفيات فى المجتمع‬
‫األوروبى‪ ،‬فقد سعى نوتشتين وآخرون نحـو توسيع نطاق هذه المراحل‪ ،‬لكى تشمل الواقع‬
‫الديموجرافى فى العالم النامى أيضاً‪ ،‬حيث صنف نوتشتين مراحل التحول الديموجرافى‪ ،‬إلى‬
‫خمسة مراحل هى‪:‬‬
‫‪ ‬مرحلة االستقرار العالى ‪High stationary stage‬‬
‫هى المرحلة التى تسود لدى الجماعات التقليدية التى تمارس اقتصاد الكفاف فى‬
‫مرحلة ما قبل الصناعة‪ ،‬وتتميز تل ك المرحلة بتأرجح معدالت المواليد والوفيات ما بين ‪– 35‬‬
‫‪ 50‬فى األلف وغالبا ما تكون معدالت المواليد أكثر ثباتا‪ ،‬بينما تتذبذب معدالت الوفيات‪ ،‬وفقا ً‬
‫لحالة البيئة واألوبئة والحروب‪ ،‬وال يتجاوز أمد الحياة ‪ 25‬عاما – ويظل عدد السكان‬
‫مستقراً‪ ،‬ويعنى االستقرار هنا أن النمو السكانى يتحدد فى مستوى منخفض‪ ،‬نتيجة لسيادة‬
‫معدالت اإلنجاب والوفيات العالية‪ ،‬ولقد مرت البشرية جمعاء بهذه المرحلة‪.‬‬
‫‪Early Expanding stage‬‬ ‫‪ ‬مرحلة النمو المبكر‬

‫مع قدوم التحديث تنخفض معدالت الوفيات وتظل الخصوبة عالية‪ ،‬مما يحدث نموا سكانيا ً‬
‫سريعاً‪ ،‬خ اصة مع ارتقاء مستويات الخدمات الصحية والتغذية‪ ،‬ولقد تجاوزت أوروبا هذه‬
‫المرحلة فى منتصف ق‪ ، 19‬بينما دخلت الدول النامية هذه المرحلة فى ق‪ ،20‬التى صاحبها‬
‫ارتفاع فى معدالت اإلنجاب إلى ‪ 45‬فى األلف‪ ،‬مقابـل انخفاض الوفيات إلى ما بين ‪25 – 15‬‬
‫فى األلف‪ ،‬أى أن معدل النمو السنوى للسكان يتراوح ما بين ‪ ،%3- 2‬وربما أكثر من ذلك فى‬
‫مجتمعات مثل الخليج العربى وأفريقيا‪ ،‬األمر الذى أدى إلى وجود انفجار سكاني فى الدول‬
‫النامية‪ ،‬ساعد على تضاعف حجم السكان من ‪ 3‬مليار عام ‪ – 1960‬إلى ‪ 6‬مليار ‪.1999‬‬
‫‪Late Expanding stage‬‬ ‫‪ ‬مرحلة النمو المتأخر‬

‫مع استمرار التقدم الصناعى والحضارى وتحسن مستويات المعيشة‪ ،‬تتدنى معدالت‬
‫الخصوبة‪ ،‬ويرتفع متوسط العمر‪ ،‬وتمر بعض الدول النامية بهذه المرحلة مثل‪ :‬الهند والصين‬
‫وتايالند واألرجنتين وبيرو والمغرب ومصر وتونس وماليزيا وتركيا‪.‬‬
‫مرحلة االستقرار المنخفض‬ ‫‪‬‬
‫بزيادة حدة التغير االجتماعى االقتصادى‪ ،‬يهبط معدل كل من المواليد والوفيـات‪ ،‬ويتجاوز‬
‫متوسط العمر ‪ 70‬عاما‪ ،‬بينما يستقر معدل الوفيات‪ ،‬فى حين يأخذ معدل المواليد فى التذبذب‬
‫كما هو السائد فى اغلب الدول األوروبية واليابان وكندا والواليات المتحدة وأستراليا‪.‬‬

‫‪Zero Population Growth‬‬ ‫‪ ‬مرحلة النمو السكانى الصفرى‬

‫أضاف الديموجرافيون المحدثون هذه المرحلة إلى مراحل نوتشتين األربع‪ ،‬حيث أن‬
‫استمرار عمليات التغير الديموجرافى‪ ،‬تعنى تغير التركيب النوعى والعمرى للسكان‪ ،‬بحيث‬
‫يتركز هؤالء السكان فى فئات العمر الكبرى وتتضاءل قاعدة الهرم السكانى‪ ،‬وقد تقل‬
‫الخصوبة عن معدل اإلحالل الذى يمثل ‪ 2.1‬طفل لكل امرأة خالل فترة خصوبتها‪ ،‬مما يؤدى‬
‫فى النهاية إلى تناقص سكانى‪ ،‬خاصة وأن تعمر المجتمع ‪ Ageing population‬يؤدى إلى‬
‫ارتفاع معدالت الوفيات‪ ،‬وقد دخلت دول متقدمة فى هذه المرحلة مثل الدانمارك وألمانيا‬
‫والمجر‪ ،‬ومن المتوقع أن تنتقل إليها كل من بريطانيا وايرلندا وإيطاليا واليابان وبلجيكا بحلول‬
‫عام ‪( 2025‬عبد المنعم على‪)124:119,2000،‬‬
‫شكل (‪)1-1‬‬
‫مراحل التحول الديموجرافى‬
‫المصدر‪ (:‬عبد المنعم على‪) 121 :2000 ،‬‬

‫أما عن المحاولة الثانية فى تحديد مراحل التحول الديموجرافى‪ ،‬فقد أتت من جانب بالكر‬
‫‪ ،)1947( Blacker‬حيث حدد خمسة مراحل هى‪:‬‬
‫األولى‪ :‬مرحلة الخصوبة والوفيات المرتفعة مع انخفاض معدل النمو السكانى‪.‬‬
‫الثانية ‪ :‬مرحلة الخصوبة والوفيات المرتفعة مع بداية انخفاض الوفيات‪ ،‬ولذلك يتزايد‬
‫معدل النمو السكانى‪.‬‬
‫الثالثة ‪ :‬مرحلة انخفاض الخصوبة بمساعدة خفض الوفيات‪ ،‬التى تنخفض بمعدل أسرع‬
‫من الخصوبة مما يسبب النمو السكانى السريع‪.‬‬
‫الرابعة ‪ :‬مرحلة التوازن الديموجرافى بين انخفاض الوفيات والخصوبة‪ ،‬مع انخفاض‬
‫معدل النمو السكانى‪.‬‬
‫الخامسة ‪ :‬مرحلة الخصوبة والوفيات المنخفضة مع استمرار األخيرة فى االنخفاض بدرجة‬
‫أعلى من معدل الخصوبة‪ ،‬وبذلك تقود إلى نمو طبيعى سلبى ‪Negative Natural growth‬‬
‫(‪)the united nations,20001:9‬‬
‫وتعتبر اإلضافة الجديدة فى هذه المحاولة‪ ،‬هى ربط بالكر بين التحول الخصوبى والنمو‬
‫السكانى‪ ،‬من خالل تفسير العالقة الدينامية بين معدالت الخصوبة والوفيات‪ ،‬وإذا كانت‬
‫المرحلة الرابعة والخامسة تمثل معظم الدول األوروبية‪ ،‬فإن المرحلة الثالثة قد يمثلها بعض‬
‫البلدان العربية واألسيوية ودول أمريكا الالتينية‪ ،‬كما يظهر من تنميط نوتشتين [انظر الشكل‬
‫رقم (‪ )1-1‬السابق]‪.‬‬
‫وفيما يتعلق بالمحاولة التى قدمها تومسون (‪ ) 1948‬فقد كانت مجرد اختزال للمراحل التى‬
‫قدمها بالكر‪ ،‬حيث حدد مراحل التحول الديموجرافى فى ثالث مراحل هى‪:‬‬
‫األولى ‪ :‬مرحلة التوازن المرتفع بين معدالت الوفيات والخصوبة المنضبطة مع انخفاض‬
‫معدل النمو السكانى‪.‬‬
‫الثانية ‪ :‬مرحلة خفض الخصوبة مع االنخفاض األكبر فى معدل الوفيات‪ ،‬الذى قاد إلى‬
‫النمو السكانى السريع‪.‬‬
‫الثالثة ‪ :‬مرحلة التوازن بين معدالت الخصوبة والوفيات‪ ،‬التى حققت مستويات منخفضة‬
‫ونمو سكانى صفرى تقريباً(‪.)the united nations,20001:10‬‬
‫ومع ثراء النظرية بخبرات التحول الديموجرافى‪ ،‬فى بعض المجتمعات األوروبية والنامية‪،‬‬
‫تم تنقيح المراحل السابقة للتحول الديموجرافى بواسطة زارنون ‪ Zarnoun‬وتبيوتن‬
‫‪ Tabutin‬خالل عام ‪ 1994‬فى نمط نموذجى على النحو التالى‪:‬‬
‫المرحلة األولى‪:‬مرحلة ما قبل التحول ‪ Pre-Transition stage‬التى تميزت بتقلب‬
‫مستويات معدالت المواليد والوفيات بدرجة عالية بلغت (‪)40/30‬فى األلف ونمو سكانى مرتفع‬
‫إلى حد ما‪.‬‬
‫المرحلة الثانية ‪ :‬بداية استقرار انخفاض الوفيات بينما ظلت معدالت المواليد مرتفعة‪،‬‬
‫نتيجة لالرتفاع فى النمو السكانى الطبيعى‪.‬‬
‫المرحلة الثالثة ‪ :‬بداية االنخفاض السريع فى معدل المواليد‪ ،‬ولكن بعد أن انخفضت‬
‫الوفيات فى نفس الوقت‪ ،‬حينما بدأ معدل النمو السكانى فى االنخفاض قليال‪.‬‬
‫المرحلة الرابعة‪ :‬مرحلة ما بعد التحول ‪ ،post – Transition‬حيث استقرت معدالت‬
‫المواليد والوفيات عند مستويات منخفضة‪ ،‬بلغت ‪ 10‬فى األلف‪ ،‬بينما ظلت معدالت المواليد‬
‫مرتفعة إلى حد ما مما خفض من النمو السكانى(‪.)the united nations,2001:12‬‬
‫والجديد فى هذا اإلسهام األخير عن اإلسهامات السابقة‪ ،‬فى مجال تنميط مراحل االنتقال‬
‫الديموجرافى فى العالم‪ ،‬هو التميز بين مرحلة ما قبل وما بعد التحول ‪ ،‬الذى يعد أحدث إسهام‬
‫فى مجال النظرية‪ ،‬التى تتعرض بين الحين واألخر إلى النقد واالختبار والمراجعة‪ ،‬بين‬
‫الديموجرافيين فى أقطار مختلفة من العا لم‪ ،‬وهذا ما سوف نتعرف عليه من خالل الجانب‬
‫التالى‪:‬‬
‫‪ -3‬نقد نظرية التحول الديموجرافى‬
‫مع توافر بيانات جديدة عن المجتمعات األوروبية‪ ،‬خاصة بيانات مشروع بحث الخصوبة‬
‫األوروبية‪ ،‬الذى أشرف عليه انسلى كول ‪ Ansely J. Coale‬فى جامعة برنستون‪ ،‬بدت‬
‫المراجعة للنظرية ضرورية (روالن بريسا‪ )85:2004 ,‬ولقد حاول هذا البحث أن يختبر‬
‫االنخفاض الخصوبى‪ ،‬فيما يزيد عن ‪ 700‬مقاطعة أوروبية‪ ،‬كأساس معيارى يسمح بالقدرة‬
‫على المقارنة والتوصل إلى التعميمات‪.‬‬
‫ويعد من أهم النتائج التى توصلت إليها دراسات برنستون عامة‪ ،‬أن كافة مستويات‬
‫الخصوبة م ن مرحلة ما قبل التحول الخصوبى كانت غير متشابه‪ ،‬كما أنها تعد متباينة من‬
‫مقاطعة ألخرى ومن بلد آلخر‪ ،‬ويعود ذلك إلى التباين فى أنماط الزواج‪ ،‬كذلك وجد أن بعض‬
‫أجزاء من فرنسا انخفضت الخصوبة بها قبل انتشار التصنيع والتحضر‪ ،‬بل تزامن مع‬
‫االنخفاض فى الوفيات‪ ،‬إضافة إل ى أن بعض التغيرات الديموجرافية فى بعض المجتمعات‬
‫ارتبطت بعوامل اجتماعية واقتصادية‪ ،‬ولكن فى مجتمعات أخرى لم تظهر على اإلطالق‪،‬‬
‫وتشير البيانات فى أغلب المجتمعات إلى أن التجمعات اإلقليمية القومية الفرعية‪ ،‬ارتبط‬
‫انخفاض الخصوبة بها بالجماعات الثقافية اللغوية‪ ،‬أكثر من المتغيرات االجتماعية االقتصادية‬
‫التى تعد أساس نظرية التحول الديموجرافى التى أكدت أن التنمية االجتماعية واالقتصادية تعد‬
‫شرط سابق‪ ،‬النخفاض الخصوبة‪ ،‬وهذا ما لم يحدث واقعيا فى بعض المجتمعات األوربية‬
‫وغير األوربية(‪)Teitelbaum M. S,1975:422‬‬
‫ويمكن أن نلخص أهم االنتقادات التى تعرضت لها نظرية التحول الديموجرافى فى‬
‫الجوانب التالية‪:‬‬
‫‪ ‬إن النظرية فشلت فى تفسير الظاهرة الرئيسية وخاصة التباينات فى مستويات‬
‫الخصوبة فيما قبل التحول‪.‬‬
‫‪ ‬ترى دراسة حديثة أن نظرية التحول يمكن أن تحقق مستوى مشابه من النجاح فى‬
‫أمريكا ال التينية‪ ،‬وبصفة خاصة حينما تم تعديل نظرية التحول بصورة جوهرية‪ ،‬من‬
‫خالل إضافة متغيرات سببية تضمنت العوامل الثقافية‪ ،‬كذلك فإن النظرية المعدلة على‬
‫هذا النحو حققت قدرة تنبؤية على مستوى عالى من التعميم‪ .‬فمجتمعات أمريكا‬
‫الالتينية مع المستويات العالية نسبيا من الت نمية تصبح أكثر احتماال أن تبدأ التحول‬
‫قبل المجتمعات األخرى‪.‬‬
‫‪ ‬إن اختالف الخصائص االجتماعية واالقتصادية والديموجرافية فى المجتمعات النامية‬
‫الحديثة تشير إلى أن أنماط االنخفاض الخصوبى فى هذه المجتمعات‪ ،‬سوف تختلف‬
‫إضافة‬ ‫بشكل ملحوظ عن المجتمعات األوربية (‪.)Teitelbaum M. S,1975:424‬‬
‫إلى ذلك فإن النظرية مؤلفة من سمات مترابطة بدون إعطاء تفسير لكيفية حدوث هذا‬
‫الترابط‪ ،‬كما ينقص النظرية المفاهيم التى تصف وتقيس العوامل المؤثرة على النمو‬
‫السكانى‪ ،‬كذلك أشار هاوزر ودونكان وبيفر إلى أن وحدات التحليل غير محددة بشكل‬
‫ظاهر فى النظرية‪ ،‬أما لوسكى ‪ Loscky‬وويلكس ‪ Wilcox‬أدعـو أن النظرية ال تمتلك‬
‫‪ Robinson‬يدعى أن النظرية لم تحدد كافة‬ ‫القوة التنبؤية‪ ،‬بينما روبنسون‬
‫التساؤالت المرتبطة بالنمو السكانى (‪ )Raslon. Y,1986:123‬التى يعد من بينها ما‬
‫أسباب النمو السكانى‪ ،‬وما أسباب تباينه من مجتمع آلخر؟ ما هى العوامل الضابطة‬
‫للخصوبة؟ وهل تعد التنمية االقتصادية سببا كافيا لحدوث االنتقال الديموجرافى؟‪.‬‬
‫ويعتبر هوفر ‪ Hoover‬من أهم من قدموا بعض االنتقادات إلى نظرية االنتقال‬
‫الديموجرافى وهى‪:‬‬
‫‪ ‬تؤكد النظرية أن معدالت المواليد تنخفض دائماً‪ ،‬بعد انخفاض معدالت الوفيات‪،‬‬
‫ولكن ال تدلنا على طول الفجوة الزمنية التى تفصل بين هاتين الظاهرتين‪.‬‬
‫‪ ‬ترى النظرية إن انخفاض معدالت الوفيات‪ ،‬يرتبط دائما ً بتحسين مستوى المعيشة‪،‬‬
‫غير أن المالحظ أن معدالت الوفيات انخفضت فى الدول النامية‪ ،‬ولم يصحب ذلك‬
‫ارتفاع فى مستوى المعيشة‪.‬‬
‫‪ ‬ال يوجد ما يؤكد أن األنماط السكانية التى مرت بها الدول المتقدمة سوف تتكرر فى‬
‫الدول النامية‪ ،‬بل أن هناك احتماال كبيرا ً أن الزيادة السكانية السريعة‪ ،‬التى تشهدها‬
‫الدول النامية فى الوقت الحالى تعوق التنمية االقتصادية‪ ،‬وبالتالى تعوق ظهور‬
‫العوامل التى تؤدى إلى هبوط معدل المواليد(وداد مرقص‪.)1983:84,‬‬
‫ولقد كان لنتائج مشروع دراسة اإلنجاب فى أوروبا أثرها على مراجعة نظرية التحول‬
‫الديموجرافى‪ ،‬وكان من أبرز النتائج فى هذا الخصوص‪ :‬أن انخفاض اإلنجاب تم فى أوروبا‬
‫فى مجتمعات متباينة من حيث الظروف االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬كما أن النمو االقتصادى هو‬
‫سبب كاف ولكنه غير ضرورى إلحداث االنخفاض فى اإلنجاب‪ ،‬إضافة إلى أن تأثير العوامل‬
‫الثقافي على مستوى اإلنجاب يفوق تأثير العوامل االقتصادية واالجتماعية (ماجد عثمان‪,‬‬
‫ومن خالل القراءة التحليلية لنظرية التحول الديموجرافى‪ ،‬يمكن أن نخرج‬ ‫‪.) 64:2002‬‬
‫ببعض االستنتاجات وهى‪:‬‬
‫‪ ‬إن النظرية بشكل عام وصفية أكثر منها تحليلية‪.‬‬
‫‪ ‬اشتقت هذه النظرية من الواقع الحضارى األوروبى‪ ،‬ومن ثم فإن تطبيقها على‬
‫الواقع العربى عامة ومصر خاصة‪ ،‬يتطلب إعادة اختبارها نظرا ً الختالف البيئة‬
‫الثقافية بين العالم الغربى والشرقى‪.‬‬
‫‪ ‬على الرغم من تركيز النظرية على األبعاد االقتصادية فى توصيف االنتقال‬
‫الديموجرافى‪ ،‬إال أنها تجاهلت العالقة بين الفقر والخصوبة‪ ،‬كما أهملت بعض األبعاد‬
‫االجتماعية والثقافية المؤثرة على الخصوبة‪.‬‬
‫غير أن هذا ال ينفى أهمية هذه النظرية‪ ،‬لكونها أثارت االهتمام بظاهرة التحول الديموجرافى‬
‫الذى حدث فى بعض مجتمعات العالم والسيما المتقدم‪ ،‬بينما الزالت مجتمعات أخرى خارج‬
‫نطاق التحول تضم الكثير من البلدان النامية‪ ،‬التى تعانى من صعوبات تعوق انتقالها أو على‬
‫األقل خفض معدالت الخصوبة‪.‬‬
‫‪ -4‬معوقات تطبيق النظرية على العالم الثالث‬
‫إن ضعف نظرية التحول فى تفسير الخبرة األوروبية‪ ،‬يعود إلى عدم كفاية البيانات حول‬
‫العوامل الكامنة لخفض الخصوبة‪ ،‬ولذلك فإن اإلعداد بالتقنيات الحديثة للقياس االجتماعى‬
‫االقتصادى والديموجرافى‪ ،‬على أساس نظرى فى العالم الثالث‪ ،‬ربما يعطى فرصة أفضل لنقد‬
‫العالقات االفتراضية بين الوفيات والخصوبة ومختلف المتغيرات االجتماعية واالقتصادية‪.‬‬
‫وتنطوى نظرية التحول المالئمة للمجتمعات النامية المعاصرة‪ ،‬على صعوبات جوهرية بسبب‬
‫التباين الكبير بين المجتمعات النامية وأوروبا خالل ق‪ ،19‬فى ظل متغيرات اجتماعية‬
‫واقتصادية معينة شكلت محور النظرية‪ ،‬والنظرية بذلك تعد خليـط فى قالب واحد ويرى‬
‫البعض أن اختالف الظروف فى المجتمعات النامية تخلق معوقات عديدة إلتمام التحول السريع‬
‫عن طريق وسائل االنخفاض الخصوبى الطبيعية مقارنة بالنمط األوروبى‪ ،‬بينما البعض اآلخر‬
‫يرى أن هذه االختالفات قد تكون سببا لتوقع التحول السريع فى هذه المجتمعات‪ ،‬وتكمن‬
‫االختالفات فى‪:‬‬
‫‪ ‬انخفاض الوفيات‬
‫إن انخفاض الخصوبة فى المجتمعات األوربية جاء تدريجيا‪ ،‬وارتبط بتنمية القوى‬
‫االجتماعية واالقتصادية‪ ،‬كما أن مستويات الوفيات فى المجتمعات النامية‪ ،‬أقل كثيرا ً عما‬
‫عرفته بداية أوروبا الصناعية‪.‬‬
‫‪ ‬مستويات الخصوبة قبل التحول‬
‫الخصوبة فى معظم المجتمعات النامية اليوم أسرع كثيرا ً عنها فى أوروبا قبل التحول‪،‬‬
‫فعلى سبيل المثال كان معدل المواليد فى بداية ق‪ 19‬فى بريطانيا يمثل أقل من ‪ 35‬فى األلف‬
‫على وجه العموم‪ ،‬بينما العديد من مجتمعات اليوم مثل تنزانيا وإيران يزيد عن ‪ 45‬فى األلف‪،‬‬
‫وفى بعض المجتمعات يصل إلى ‪ 50‬فى األلف مثل أفغانستان‪ ،‬ذلك االرتفاع فى معدالت‬
‫المواليد يعود إلى سيادة نظام الزواج المبكر فى المجتمعات النامية‪،‬عكس الحال فى أوروبا‬
‫خالل ق‪ ، 19‬التى تميزت بتأخير سن الزواج والعزوف عنه‪.‬‬

‫‪Population Growth Rate‬‬ ‫‪ ‬معدل النمو السكانى‬

‫إن النمو السكانى فى المجتمعات النامية فريد من نوعه جدا ً بالنسبة للخبرة اإلنسانية التى‬
‫مر بها التحول األوروبى‪ ،‬حيث نجد أن معدل النمو فى المجتمعات النامية اليوم يمثل ‪،%3.4‬‬
‫وبالنسبة للمعدل األول سوف يتضاعف فى الحجم خالل ‪ 20‬سنة فقط‪ ،‬وبالنسبة للمعدل الثانى‬
‫سوف يأخذ أقل من ‪ 30‬سنة‪ .‬وعلى العكس سوف يتضاعف حجم المجتمعات األوروبية التى‬
‫تدخل مرحلة التحول الديموجرافى خالل أقل من ‪ 50‬سنة والمتوسط حوالى ‪ 90‬سنة‪ ،‬ومن ثم‬
‫هناك اختالف بين االنتقال الديموجرافى الذى حدث فى هذه المجتمعات عن تلك التى تمر بها‬
‫المجتمعات النامية‪.‬‬
‫‪Momentum for further‬‬ ‫‪ ‬الزخم السكانى فى المستقبل‬

‫‪Growth‬‬
‫إن وقف النمو السكانى فى المجتمعات النامية سوف يكون أكثر صعوبة‪ ،‬عن خفض النمـو‬
‫فى المجتمعات األوربية التى حققت انتقاال‪ ،‬وذلك نتيجة لالرتفاع الحاد فى الخصوبة‪ ،‬كما أن‬
‫المجتمعات النامية الحديثة يحفل بناءها العمرى بصغار السن عن المجتمعات األوربية‪.‬‬
‫‪ ‬الفرص المهنية والهجرة الريفية الحضرية‬
‫‪Opportunities for occupational and rural to urban Mobility‬‬
‫فالحراك المهنى بعيدا ً عن الزراعة واتساع الهجرة من الريف إلى المناطق الحضرية‪ ،‬أعطى‬
‫فرصة بديلة لزيادة سكا ن الريف أثناء التحول األوروبى‪ ،‬غير أن الزيادة الطبيعية المتسارعة‬
‫فى المجتمعات النامية الحديثة جلبت صعوبات كبيرة على المستوى االقليمى‪ ،‬خاصة عند‬
‫المقارنة بين الفرص المهنية واتساع الحراك‪.‬‬
‫قلة فرص مساهمة اإلناث فى قوة العمل‬ ‫‪‬‬
‫‪Fewer opportunities for female participation in the labor force‬‬
‫هناك بعض الدالئل على أن زيادة دخول المرأة إلى العمل غير الزراعى فى أوروبا كان عامال‬
‫نحو خفض الخصوبة‪ ،‬وإذا كان هذا حقيقة‪ ،‬فإن ارتفاع معدل الزيادة الطبيعية فى المجتمعات‬
‫النامية اليوم‪ ،‬يعنى أن هناك زيادة مماثلة فى قوى العمل مما يؤدى إلى خفض الطلب على‬
‫عمالة اإلناث‪.‬‬
‫‪ ‬صعوبات اإلمداد بالتعليم الشامل‬
‫‪Difficulties of providing universal Education‬‬
‫مع تضاعف أجيال من هم فى سن التعليم على مدى عقدين أو ثالثة‪ ،‬فإن عديد من المجتمعات‬
‫النامية تواجه صعوبات لإلمداد بالفرص التعليمية‪ ،‬وذلك يعنى تأجيل اآلثار المفترضة للسلوك‬
‫الخصوبى على االنتقال الديموجرافى‪.‬‬
‫‪ ‬سرعة التنمية االجتماعية واالقتصادية‬
‫‪Pace of social and economic Development‬‬
‫التنمية االجتماعية واالقتصادية بالنسبة للعديد من المجتمعات النامية‪ ،‬تعد سريعة مقارنة‬
‫بالقرن ‪ 19‬فى أوروبا‪ ،‬وإلى حد ما ساعدت التنمية على خفض الخصوبة الزواجية ‪Marital‬‬
‫‪ Fertility‬وبالتالى اإلسراع من إتمام االنتقال الديموجرافى‪.‬‬
‫‪Methods of fertility control‬‬ ‫‪ ‬أساليب ضبط الخصوبة‬

‫ظهر االنخفاض الخصوبى األوروبى معتمدا على زيادة فاعلية استخدام وسائل ضبط الخصوبة‬
‫التقليدية واإلجهاض ‪ ، Abortion‬غير أن تحسن تقنيات وسائل تنظيم األسرة اآلن‬
‫واإلجهـاض األمن اصبح اكثر تطورا ً ‪ ،‬فضالً عن قبول العقم التطوعى الذى اصبح متاحا ألول‬
‫مرة فى التاريخ‪.‬‬
‫‪Greater‬‬ ‫‪ ‬االتساع األكبر لتأجيل الزواج والعزوف عنه‬

‫‪Latitude of deferment of marriage and nonmarriage‬‬


‫بدأ التحول الديموجرافى األوروبى فى سياق تأخر الزواج والعزوف عنه‪ ،‬بينما فى‬
‫المجتمعات النامية اليوم الزواج يكاد يكون مبكرا ً وشامالً على وجه العموم‪.‬‬
‫زيادة االهتمام وقدرة التخطيط الحكومى‬ ‫‪‬‬
‫‪Increased interest and planning capability of government‬‬
‫القادة المحدثون أصبحوا أكثر وعيا ً باألهمية األساسية للنمو السكانى كمتغير فى التنمية‬
‫على أسالفهم ‪ Predecessors‬خالل القرن ‪ . 19‬وعلى الرغم من أن النمو السكانى فى‬
‫المجتمعات األقل نموا ً لم يسبق له مثيل ‪ ،Unprecedented‬حيث يختلف الوضع‬
‫الديموجرافى فى هذه المجتمعات كيفيا‪ ،‬عن المجتمعات األكثر تقدماً‪ ،‬إال أن تطبيق نظرية‬
‫التحول الديموجرافى يعود الغرض منه إلى ثالث جوانب أساسية هى‪:‬‬
‫‪ -‬إن التنمية عملية كلية متعددة الوجوه ‪ ،Multi-faceted‬ومكونة من جوانب متداخلة‬
‫تمس وبعمق كافة جوانب الحياة‪.‬‬
‫الوفيات ونسبة المواليد تعد جزءا من عمليات التنمية‪ ،‬كما إنها تعتبر فى نفس الوقت‬ ‫‪-‬‬
‫مؤشرات على مستوى التنمية‪.‬‬
‫انخفاض الوفيات ظهر فى ا لمراحل المبكرة للتنمية‪ ،‬بينما انخفاض المواليد حدث فقط‬ ‫‪-‬‬
‫بعد تحقق مستوى معين من التنمية (‪.)Wm, Fronk and Kirk. D,1975,391:392‬‬
‫وأيا كانت العقبات النظرية المرتبطة بتطبيق النموذج األوروبى للتحول الديموجرافى على‬
‫العالم الثالث‪ ،‬فإن بعض الدراسات(‪ .)the united nations,2001:3‬أوردت فى نتائجها أن‬
‫أسباب تأخر االنتقال الديموجرافى فى هذا القطاع من العالم يعود إلى‪:‬‬
‫الزواج المبكر‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫االستخدام المحدود لوسائل تحديد النسل‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الطلب الزائد على األطفال نتيجة للتقليد والدين وارتفاع وفيات الرضع‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫البرامج المتضمنة فى العدد األكبر من المؤسسات فى مجال األنشطة السكانية بال‬ ‫‪-‬‬
‫فاعلية‪.‬‬
‫المعتقدات والمعايير المفضلة لألسرة كبيرة الحجم‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تعدد الزوجات‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الحاجة لمزيد من األطفال للمعاونة فى إنتاج الطعام‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ويتفق الباحث مع هذه الدراسات فى افتراضها ألسباب تأخر التحول الديموجرافى فى العالم‬
‫الثالث‪ ،‬بل ويزيد على هذا الجانب‪ ،‬االفتراض الذى طرحه أصحاب النظرية‪ ،‬على أن التنمية‬
‫هى المحور الرئيسى المؤدى لخفض الخصوبة‪ ،‬غير أن البـاحث يرى أن خفض الخصوبة فى‬
‫مصر على سبيل المثال‪ ،‬بل وفى معظم بلدان العالم الثالث‪ ،‬جاء لظروف مغايرة لتلك التى‬
‫مرت بها عمليات الخصوبة األوروبية‪ ،‬فإذا كان انخفاض معدالت المواليد فى هذه المجتمعات‬
‫األخيرة حدث بعد تحقق مستوى معين من التنمية‪ ،‬فإن انخفاض معدالت المواليد خالل عقدى‬
‫الثمانينيات والتسعينيات فى مصر بصفة خاصة‪ ،‬كان نتيجة لغياب التنمية وما يصاحبها من‬
‫(تدنى مستويات المعيشة وسيادة البطالة بين الشباب – انخفاض معدالت الزواج – العجز عن‬
‫تحقيق االستقرار المادى لألسرة بعد الزواج – تأخر سن الزواج)‪ ،‬فض ً‬
‫ال عن تحسن المستوى‬
‫التعليمى للمرأة وزيادة مشاركتها فى سوق العمل‪ ،‬أما عن الوضع فى العالم الثالث فيمثل‬
‫اختالفـات كبيرة بين دوله نظرا ً لتعدد البيئات الثقافية‪ ،‬التى تجمع بين دول أفريقيا وآسيا‬
‫وأمريكا الالتينية‪ ،‬فضال عن الظروف االقتصادية والسياسية التى تمر بها البلدان داخل هذه‬
‫القارات الثالثة‪ ،‬والتى يعتبر من أهمها‪ :‬سيادة الفقر والمرض وتدنى نوعية الحياة مع‬
‫الحروب األهلية الطاحنة التى تحصد العديد من األنفس‪.‬‬
‫وعلى الرغم من تباين الظروف التى دفعت نحو خفض الخصوبة بين بلدان العالم الثالث‪،‬‬
‫إال إنها تثبت عدم صحة االفتراض بإن التنمية هى أساس حدوث التحول الخصوبى‪ ،‬مما يؤكد‬
‫اتساع الفجوة بين القطاعات النامية فى العالم والقطاعات المتقدمة‪ ،‬حتى على مستوى‬
‫وإذا كان انخفاض الوفيات فى العالم األوروبى ناجم عن التقدم‬ ‫العمليات الديموجرافية‪.‬‬
‫الصحى الذى صاحب المراحل المبكرة للتنمية‪ ،‬فإن انخفاض الوفيات فى بعض دول العالم‬
‫الثالث (نظرا ً للوفيات الناجمة عن الحروب األهلية وظروف االحتالل فى البعض من هذه‬
‫الدول) جاء عن طريق استيراد هذا التقدم واالستفادة منه‪ ،‬من خالل حلقات التبادل والحوار‬
‫غير المتناغم بين التنمية والتخلف‪ ،‬وعلى ذلك فإن تعميمات نظرية التحول الديموجرافى‪،‬‬
‫يفرض عليها العديد من المحاذير التى تستدعى إعادة اختبارها فى الواقع‪.‬‬
‫‪ -5‬مالمح التحول الديموجرافى بين العالمية والمحلية‬
‫يشهد العالـم منذ بضعة عقود ماضية وحتى اآلن تحوالً فى الخصوبة‪ ،‬وقد حدث ذلك‬
‫التحول على فترات متباينة‪ ،‬وتحت ظروف مختلفة بين سكان العالم‪ ،‬ولذا تبدو سرعة التحول‬
‫الخصوبى كامنة فى قلب الخصوصية االجتماعية والثقافية واالقتصادية لهذه المجتمعات‪.‬‬
‫فمن المالحظ أن عدد الوالدات أخذ فى االنحدار فى جميع بلدان العالم على حد سواء ( ‪the‬‬
‫‪ .)united nations,1992:41‬ويالحظ أيضا ً أن التحول فى الدول المتقدمة كان أسرع من‬
‫نظيره فى الدول النامية‪ ،‬كما أن األخيرة متفاوتة فيما بينها من حيث مستوى االنتقال‪the (.‬‬
‫ويعد القـرن ‪ 19‬شاهدا على الهبوط التدريجى فى معدالت‬ ‫‪.)nations united,1995:14‬‬
‫الوفاة فى العالم الغربى‪ ،‬ولكن باإلضافة إلى هذا االنخفاض فى الوفاة‪ ،‬بدأت معدالت المواليد‬
‫فى االنخفاض أيضاً‪ ،‬وبصفة خاصة فى الجزء األخير من هذا القرن‪ ،‬وفى معظم المجتمعات‬
‫المتقدمة فى هذه اآلونة‪ ،‬انخفضت معدالت اإلنجاب‪ ،‬ولكنها أعلى نوعا ما عن معدالت الوفاة‪،‬‬
‫هذه الحركة من معدالت مواليد ووفيات مرتفعة‪ ،‬إلى معدالت مواليد ووفيات منخفضة تسمى‬
‫بالتحول الديموجرافى (‪) Genesis;1994:14‬كذلك تؤكد الدراسات والبيانات الديموجرافية‬
‫التى تقوم بإعدادها هيئة األمم المتحدة‪ ،‬إن هناك تحوالً خصوبيا ً يحدث بين سكان العالم‪ .‬حيث‬
‫تشير البيانـات فى هذا الصدد إلى اختالف الوالدات لكل امرأة بين مختلف دول العالم فى‬
‫الفترتين (‪ ،)1995 – 1990( – )1975 – 1970‬حيث لوحـظ انخفاضها من ‪ 2.3‬إلى ‪1.9‬‬
‫فى الدول المتقدمة‪ ،‬وهو أقل من معدل اإلحالل ‪ Replacement rate‬ويمكن تفسير أسباب‬
‫ذلك فى ضوء‪ :‬تقليص الفوارق بين الجنسين‪ ،‬نشاط المرأة خارج المنزل‪ ،‬تحكم المرأة فى‬
‫خصوبتها وقدرتها على اختيار حجم أسرتها (‪ . )United Nations,1995: 15‬وتعد هذه‬
‫العوامل من بين أهم الدوافع التى ساعدت على خفض الخصوبة‪ ،‬ليس فقط فى الدول المتقدمة‬
‫بل واألقل تقدما‪.‬‬
‫ويضيف جينيز عوامل أخرى أدت إلى خفض معدالت اإلنجاب فى المجتمعات الغربية‬
‫الحديثة‪ ،‬وهى‪ :‬التوسع فى التعليم وتحسين المدارس الرسمية‪ ،‬ارتفاع تكلفة رعاية وتربية‬
‫وتعليم األطفال فى البيئات الحضرية الحديثة‪ ،‬تحرير المرأة ‪ Emancipation of W.‬وزيادة‬
‫عملها فى مهن بأجر‪ ،‬توافر المعرفة الواسعة بوسائل تنظيم األسرة ومنع الحمل‬
‫(‪ )Genesis;1994:14‬أما عن الوضع فى البلدان النامية فيشير المالحظون أن اإلضافات‬
‫السنوية من السكان‪ ،‬سوف تبدأ فى االنخفاض بعد عام ‪ 2020‬نتيجة لبرامج تنظيم األسرة‬
‫السائدة فى العديد من المجتمعات النامية‪ ،‬فضالً عن انخفاض معدل وفيات الرضع واألطفال‬
‫وتحسين تعليم المرأة والتحضر (‪ . )Department of State,1994: 1‬أما عن الوضع‬
‫داخل المنطقة العربية فهناك دالئل تشير إلى انخفاض الخصوبة فى كل من مجتمعات المنطقة‬
‫وخاصة المجتمع المصرى بينما المجتمعات األخرى الزالت فى المراحل المبكرة للتحول‪،‬‬
‫ويظهر التباين الخصوبى بين المرأة الريفية والحضرية‪ ،‬وبين المرأة ذات التعليم العالى‬
‫والمنخفض‪ ،‬ولقد اتضح من الدراسات فى العالم النامى عموما أن انخفاض الخصوبة للسكان‬
‫تحدث بشكل أكبر فى المناطق الحضرية‪ ،‬حيث أصبحت المرأة أكثر تعليما داخل هذه المناطق‪.‬‬
‫هذا وتشير المسوح الحديثة التى أُجريت حول بلدان الشرق األوسط‪ ،‬أن دالئل تشير إلى‬
‫انخفاض معدل الخصوبة الكلية بين المرأة الريفية والحضرية فى عديد من مجتمعات الشرق‬
‫األوسط ‪ ، Middle East Population‬فعلى سبيل المثال بين المسح الديموجرافى الصحى‬
‫‪ ،Demographic Health Survey (DHS) – 1992‬أن معدل الخصوبة الكلية )‪(TFR‬‬
‫‪ total fertility rate‬يمثل فى مصر ‪ 2.9‬فى الحضر مقارنة بـ ‪ 4.9‬فى الريف ( ‪omran‬‬
‫‪.)A,1993:13‬‬
‫ويرجع االختالف بين دول العالم العربى على وجه الخصوص‪ ،‬حول معدل الخصوبة‬
‫إلى اختالف الطلب على اإلنجاب‪ ،‬ففى الوقت الذى تسعى فيه دولة نحو رفع معدالت‬
‫الخصوبة‪ ،‬تسعى أخرى إلى تبنى إستراتيجية تعمل على خفض الطلب على اإلنجاب‪ ،‬ومن ثم‬
‫فإن اتجاه التحول الخصوبى داخل هذه المجتمعات ربما يتخذ اتجاهين متضادين‪ ،‬أحدهما يعلو‬
‫من مستوى النمو السكانى واآلخر يؤكد على خفض معدالته‪ .‬ويمكن تصنيف الدول‬
‫العربية(صبحى عبد الحكيم‪ )33:,‬من حيث معدالت الخصوبة الكلية على النحو التالى‪:‬‬
‫‪ -‬دول يقل فيهـا معدل الخصوبة الكلية عن خمسة أطفال للمرآة ومنها‪ :‬لبنان‪ /‬تونس‪/‬‬
‫البحرين‪ /‬اإلمارات‪ /‬الكويت‪ /‬مصر‪ /‬المغرب‪.‬‬
‫دول يتراوح فيها معدل الخصوبة الكلية بين ‪ 7 – 5‬أطفال للمرآة ومنها‪ :‬قطر‬ ‫‪-‬‬
‫والجزائر وموريتانيا والسودان والصومال وجيبوتى وسوريا وليبيا‪.‬‬
‫دول يزيد فيها معدل الخصوبة الكلية على سبعة أطفال ومنها األردن والسعودية‬ ‫‪-‬‬
‫وسلطنة عمان‪ ،‬وإذا كانت معدالت المواليد قد شهدت انخفاضا ً محدودا ً فى العالم العربى‪،‬‬
‫فإن معدالت الخصوبة الكلية تسجل هى األخرى انخفاضا فى معظم األقطار العربية‪،‬‬
‫ومنها لبنان وتونس ومصر والمغرب والكويت والبحرين وقطر واإلمارات‪.‬‬
‫مما سبق يتضح أن التحول الخصوبى فى المجتمع األوروبى كان أبطأ كثيرا ً من‬
‫التحول السريع الذى حدث فى العالم النامى‪ ،‬ففى المجتمعات اآلسيوية على سبيل المثال‬
‫انخفضت الخصوبة من (‪ )6‬أطفال إلى ‪ 3-2‬أطفال‪ ،‬وحدث ذلك التحول خالل ‪ 30‬عام ( ‪O.‬‬
‫‪ ،) 1070:Kobus; 1997‬وكان التحول أسرع فى مجتمعات مثل كوستاريكا تايالند – الصين‬
‫‪ -‬كذلك اتضح مدى التباين فى الطلب على اإلنجاب بين بلدان العالم العربى الذى يقف وراءه‬
‫العديد من العوامل‪ ،‬وهذا ما سوف نتعرف عليه من خالل الفقرة التالية‪ :‬تعد ظاهرة‬
‫الخصوبة من أهم الظواهر التى حظيت باهتمام العلماء والكتاب قديما ً وحديثاً‪ ،‬وخاصة فى‬
‫الدول النامية التى حدث فيها انخفاض كبير فى معدالت الوفيات‪ ،‬فى حين أن معدالت‬
‫الخصوبة لم تنخفض إال بمقدار طفيف‪ ،‬مما أدى إلى ارتفـاع معدالت النمو السكانى فى هذه‬
‫الدول ارتفاعا كبيراً‪ ،‬ويبدو أن هناك العديد من العوامل التى تقف وراء التحول الراهن فى‬
‫خصوبة المرأة‪ ،‬ومنها التعليم والعمل والسن عند الزواج والتوسع فى استخدام وسائل تنظيم‬
‫األسرة واالهتمام الدولى بالصحة اإلنجابية للمرأة‪ ،‬إضافة لعوامل أخرى اجتماعية وثقافية‬
‫ورغم التقدم فى تعليم‬ ‫تكاد تشكل العو امل األكثر أهمية فى التأثير على سلوكها اإلنجابى‪.‬‬
‫المرأة فى كثير من مجتمعات العالم‪ ،‬الزال هناك فجوة بين اإلناث والذكور حول معدالت‬
‫االلتحاق بالتعليم واستكماله أو حتى التسرب منه‪ ،‬وتبدو أهمية تعليم المرأة فى أن المرأة‬
‫المتعلمة تتزوج بعد إتمام مراحل تعليمها‪ ،‬وتستخدم وسائل تنظيم األسرة وترعى النشئ‬
‫بصورة أفضل (‪ )M.F. Amal M; 1995:50‬ومن ثم يؤثر ذلك على معدل خصوبتها‪ ،‬إذ‬
‫يؤدى تأخر سن الزواج الناجم عن تعليم الفتاة افتقادها بضع سنوات من فترة خصوبتها‪،‬‬
‫وذلك عكس المرأة غير المتعلمة التى غالبا ما تتزوج وتنجب عدد أكبر من األطفال‪ ،‬وال‬
‫يعنى ذلك أنها دائما ً اكثر إنجابا‪ ،‬بل قد تؤثر عوامل أخرى تدفع بالخصوبة نحو التحول‪.‬‬
‫ويكـاد يجمع الديموجرافيون على أن التحول الخصوبى الذى يجرى‪ ،‬منذ نصف القـرن‬
‫السابق يعود إلى عاملين‪ :‬األول‪ :‬تبنى الحكومات سياسات تؤكد على أهمية خفض‬
‫الخصوبة‪ ،‬كجزء من استراتيجية كلية لتحسين مستويات المعيشة خاصة داخل بلدان العالم‬
‫فضال‬ ‫الثالث‪ ،‬والثانى اإلقبال المتزايد داخل هذه البلدان على استخدام وسائل تحديد النسل‪.‬‬
‫عن الزيادة السنوية ألعداد المقبلين عليها (‪ )Wafai Z.E; 1996:30‬ويؤكد ذلك‬
‫اإلحصاءات الرسمية الدولية التى تضيف كل يوم أعداد جديدة من نساء العالم‪ ،‬الالئى يقبلن‬
‫على استخدام وسائل تنظيم األسرة‪ .‬ويشير جـ (‪ )2-1‬أن نسبة استخدام وسائل تنظيم األسرة‬
‫على المستوى العالمى تبلغ ‪ %57‬بينما فى الدول المتقدمة وحدها فتمثل النسبة ‪ ،%72‬وفى‬
‫الدول األقل نموا ً ‪ ،%54‬وفى مصر ‪ %48‬وذلك حتى عام ‪ ،1996‬ونظرا ً للدور المحورى‬
‫الذى تؤديه هذه الوسائل فى خفض معدالت الخصوبة‪ ،‬فإن العديد من الهيئات الدولية تقدم‬
‫الدعم المالى الالزم للمجتمعات وخاصة تلك التى تعلو بها خصوبة المرأة‪ ،‬وذلك من أجل‬
‫توسيع دائرة االستخدام وتحقيق االنتشار ب ين الشرائح المختلفة من سكان هذه المجتمعات‪.‬‬
‫جـ (‪)2-1‬‬
‫نسبة استخدام وسائل تنظيم األسرة بين دول العالم ومصر‬

‫‪%‬‬ ‫البيان‬
‫‪57‬‬ ‫‪World‬‬ ‫العالم‬
‫‪72‬‬ ‫‪More developed‬‬ ‫دول متقدمة‬
‫‪54‬‬ ‫‪less developed‬‬ ‫دول أقل نمو‬
‫‪48‬‬ ‫‪Egypt‬‬ ‫مصر‬

‫المصدر‪PRB,1996 :‬‬

‫ووفقا ً لتقديرات وزارة الصحة والسكان سوف تبلغ تكلفة هذه البرامج ‪ 25‬مليون دوالراً‬
‫فى عام ‪ ،1998‬سوف تصل إلى ‪ 30‬مليون دوالرا ً عام ‪ ،2003‬و‪ 47‬مليون دوالرا ً حتى عام‬
‫‪ ، 2013‬وتعتبر هيئة التنمية الدولية األمريكية (‪ )USAID‬أهم الجهات المانحة‪ ،‬إذ بلغت قيمة‬
‫مساهمتها فى برنامج صحة األم والطفل‪ ،‬وبرنامج تنظيم األسرة فى الفترة ‪،1993 – 1977‬‬
‫‪ 185‬مليون دوالراً‪ ،‬ويأتى صندوق األمم المتحدة لألنشطة السكانية ‪ UNFPA‬فى المرتبة‬
‫الثانية‪ ،‬حيث ساهم بمبلغ ‪ 65‬مليون دوالرا ً فى الفترة ‪ ،1997 – 1971‬ومن جهة أخرى‬
‫تجذب البحوث اإلحصائية لبرامج تنظيم األسرة موارد مالية من مؤسسات أجنبية إلجراء‬
‫المسموح الخاصة باألسرة (فيليب فارج‪ .)1995:152,‬ويمكن أن نضيف إلى قائمة العوامل‬
‫السابقة التى ساعدت على خفض الخصوبة‪ ،‬وخاصة داخل البلدان النامية‪ ،‬مجموعتين من‬
‫العوامل وهما‪:‬‬
‫المجموعة األولى‪ :‬تضم سن الزواج – أسلوب الزواج – مدة الحياة الزوجية – نسبة‬
‫النساء الالتى لم يسبق لهن الزواج – االنقطاع اإلرادى عن العالقة الجنسية بين الزوجين –‬
‫االنقطاع غير اإلرادى الناجم عن المرض ‪ -‬عدد مرات االتصال الجنسى – تناقص القدرة على‬
‫الحمل أثناء فترة الرضاعة – وفاة الجنين نتيجة لإلجهاض العفوى أو والدة الجنين ميتا ً أو‬
‫اإلجهاض المفتعل‪.‬‬
‫المجموعة الثانية ‪ :‬وتشمل األعراف والتقاليد والقيم السائدة فى المجتمع فيما يتعلق‬
‫بقضايا الزواج وتكوين األسرة والطالق وتعدد الزوجات واإلنجاب ومنع الحمل‪ -‬مستوى‬
‫التعليم والمهنة‪ -‬الهجرة ‪ -‬وفيات األطفال‪ -‬القوانين والتشريعات السكانية‪ -‬الحوادث والحروب‪:‬‬
‫إضافة لما سبق يرى العديد من الباحثين واالقتصاديين منهم‪ ،‬أن العوامل االقتصادية خاصة‬
‫العالقات اإلنتاجية السائدة مسئولة بشكل مباشر عن طريقة تكوين األسرة وعن الحجم‬
‫المفضل لها‪( .‬عبد الرحيم بوادقجى واخرون‪.)1984:90,‬‬
‫وعلى الرغم أن العوامل السابقة قد تكون ذات تأثير مباشرة على خصوبة المرأة‪ ،‬إال أنه ال‬
‫يمكن قبولها على النحو السالف الذكر‪ ،‬نظرا ً للخلط بين العوامل الشخصية واالجتماعية من‬
‫ناحية والخلط بين العوامل االجتماعية والديموجرافية من ناحية أخرى‪ ،‬فعلى سبيل المثال نجد‬
‫أن االنق طاع اإلرادى عن العالقة الجنسية بين الزوجين ال تمثل حالة أفراد المجتمع بصورة‬
‫جماعية‪ ،‬وإنما هى تمثل حـاالت فردية وتخضع لخصوصية أسرية‪ ،‬ومن ثم ال ينبغى أن‬
‫نعتبرها ضمن العوامل المؤثرة على خصوبة المرأة فى المجتمع‪ ،‬غير أن اإلشارة إلى دور‬
‫األعراف والتقاليد والقيم السائدة فى المجتمع‪ ،‬تعتبر أهم ما أشارت إليه العوامل السابقة‪،‬‬
‫حيث تقوم بتوجيه السلوك اإلنجابى‪ ،‬خاصة إذا ما أخذنا فى االعتبار‪ ،‬الدور المؤثر للتنشئة‬
‫أما عن أن السبب الرئيسى لإلسـراع بالنمو السكانى هو‬ ‫اإلنجابية للفتاة قبل وبعد الزواج‪.‬‬
‫االنخفاض القائم فى معد الت الوفيات‪ ،‬والتطورات التدريجية فى الظروف الصحية‪ ،‬التى‬
‫أصبحت أكبر بعد عام ‪ ، 1750‬ومع ذلك فإن سرعة النمو السكانى ال يجب أن تـرد إلى بعض‬
‫قوى التطور التى رفعت من معدل اإلنجاب واالنخفاض فى معدل الوفاة‪ ،‬فضال عن تحسن‬
‫الظروف الصحية التى أدت إلى ثالثة أشياء هى‪:‬‬
‫‪ -‬أن احتمال حمل المرأة يتجه نحو الزيادة‪.‬‬
‫أن نسبة األطفال الذين يعيشون أخذة فى التصاعد‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫أن احتمال الترمل أثناء فترة اإلنجاب تنخفض‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫وأن هذه االحتماالت السابقة تعلو من الخصوبة (‪ )Genesis;1994:8‬وخاصة داخل بلدان‬
‫الشرق األوسط‪ .‬إذ تؤكد الشواهد على أن هناك تضخم سكانى سريع سوف يقع فى الشرق‬
‫األوسط‪ ،‬خـالل ‪ 40 – 30‬سنة القادمة‪ ،‬حيث نجد أن مركزية األسرة والزواج فى سن مبكرة‬
‫وعالمية الزواج واإلنجاب المبكر والمستوى التعليمى المنخفض للمرأة‪ ،‬وانخفاض مستوى‬
‫مشاركة المرأة فى قوة العمل‪ ،‬جميعها تؤدى إلى استمرارية الخصوبة المرتفعة داخل منطقة‬
‫الشرق األوسط‪ ،‬باإلضافة إلى أن معدالت النمو السكانى للمنطقة‪ ،‬يعتبر من أعلى المعدالت فى‬
‫العالم بعد افريقيا‪ ،‬وطبقا ً السقاطات السكان التابعة لهيئة األمم المتحدة‪ ،‬فإن المجموع الكلى‬
‫لسكان المنطقة من المحتمل أن يتضاعف فى الحجم خالل ‪ 30‬سنة القادمة‪ ،‬وبالوصول إلى‬
‫عام ‪ 2025‬ما بين ‪ 560 – 490‬مليون‪ ،‬سوف يعيشون فى منطقة الشرق األوسط ‪ ،‬وربما‬
‫يمثل ذلك حجم الواليات المتحدة مرتين فى هذه األونة ‪ ،‬وتفترض هذه االسقاطات انخفاض‬
‫معدالت الخصوبة إلى النصف تقريبا عن المستويات السائدة اآلن [انظر الشكل رقم (‪ ])1‬وإذا‬
‫لم تهبط الخصوبة كما هو متوقع‪ ،‬فإن النمو السكانى سوف يكون كبيرا عن مؤشر هذه‬
‫االسقاطات (‪ .)Omran A. R,1993:34‬حيث تشير اإلحصـاءات الديموجرافية إلى أن هناك‬
‫تباين واضح فى نمو السكان بين مجتمعات العالم‪ ،‬فبالنظر إلى جـ (‪ )2-2‬يالحظ أن معدل‬
‫المواليد الخام يمثل ‪ 24‬فى األلف فى العالم‪ 12 ،‬فى األلف فى المجتمعات المتقدمة‪ 27 ،‬فى‬
‫ألف فى المجتمعات األقل نمواً‪ ،‬بينما فى مصر يمثل ‪ 30‬فى األلف حتى عـام ‪ ،1996‬غير أن‬
‫هناك تقارب واضح من حيث معدل الوفاة حيث يمثل ‪ 9‬فى األلف بالنسبة للعالـم‪ 10،‬فى األلف‬
‫للعالم المتقدم‪ 9 ،‬فى األلف فى ا لعالم األقل نمو‪ ،‬بينما فى مصر يبلغ ‪ 7‬فى ألف‪ ،‬وربما يعزى‬
‫ذلك إلى التقدم الطبى‪ ،‬وتدعيم مجاالت الصحة اإلنجابية للمرأة والطفل فى معظم أنحاء العالم‪،‬‬
‫والذى كان مصحوبا ً بزيادة طبيعية انحصرت بصورة أساسية داخل مجتمعات العالم األقل‬
‫نمواً‪ ،‬حيث بلغت الزيادة الطبيعية السنوية ‪ annual Natural Increase‬فى المجتمعات‬
‫األخيرة ‪ % 1.9‬مقارنة بالمجتمعات المتقدمة التى مثلت الزيادة فيها ‪ %0.1‬بينما تمثل فى‬
‫مصر ‪ ،% 2.2‬وهذا الوضع الذى يشير إلى ارتفـاع الخصوبة فى كل من العالم النامى ومصر‪،‬‬
‫حيث يوضح الجدول السابق أن معدل الخصوبة الكلية (‪ ،)Total fertility rate )TFR‬يمثل‬
‫‪ 3.4‬فى العالم النامى‪ 3.6 ،‬فى مصر‪ ،‬من ذلك يتضح أن هناك فروقا ً واضحة فى معدالت‬
‫المواليد والوفيات‪ ،‬بين الدول المتقدمة واألقل نموا ً ‪ ،Less developed‬وقد تبرز الصورة‬
‫بشكل أوضح بالرجوع إلى التطورات التى مر بها متوسط الزيادة السكانية فى العالم‪.‬‬
‫شكل رقم (‪)1‬‬
‫معدل الخصوبة فى المناطق الرئيسية من العالم خالل الفترة (‪)2000–1995‬‬

‫‪Source : The United Nations; 1995: 11‬‬

‫جـ (‪)2-2‬‬
‫بعض المؤشرات الديموجرافية فى العالم المتقدم والنامى ومصر‬

‫الطبيعية معدل‬ ‫الوفيات الزيادة‬ ‫المواليد معدل‬ ‫معدل‬ ‫البيـــان‬


‫الخصوبة‬ ‫السنوية‬ ‫الخام‬ ‫الخام‬
‫الكلية‬ ‫‪%‬‬ ‫‪Per 1000‬‬ ‫‪Per 1000‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪1.5‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪24‬‬ ‫العالم‬
‫‪1.6‬‬ ‫‪0.1‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪12‬‬ ‫الدول المتقدمة‬

‫‪3.4‬‬ ‫‪1.9‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪27‬‬ ‫الدول األقل نمو‬

‫‪3.6‬‬ ‫‪2.2‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪30‬‬ ‫مصر‬

‫(‪SOURCE:)PRB,1996‬‬
‫حيث يرى جينيز ‪ Genesis‬فى مؤلفه النمو السكانى ‪ Population Growth‬إلى‬
‫أن متوسط الزيادة السكانية فى العالم أخذه فى الزيادة منذ عام ‪ ،1950‬وبطرق متباينة بين‬
‫صعود وهبوط‪ ،‬فقد بلغ المتوسط ‪ %1.8‬فى الفترة من (‪ ،)1969 – 1950‬ارتفع إلى ‪ %2‬فى‬
‫عام ‪ ،1974‬ثم انخفض إلى ‪ %1.9‬فى عام ‪ ،1990‬وإلى ‪ %1.5‬فى عام ‪1996‬‬
‫(‪ ) Genesis;1994:14‬وربما يعود ذلك االنخفاض الراهن فى متوسط الزيـادة السكانية‪ ،‬إلى‬
‫االستخدام الواسع لوسائل تحديد النسل أو تنظيم األسرة‪ ،‬باعتباره أحد العوامل الديموجرافية‬
‫المؤثرة على خصوبة المرأة‪ ،‬ورغم ذلك فالزالت الزيادة فى معدالت النمو السكانى‪ ،‬تتخذ‬
‫موطنا من بلدان العالم الثالث (‪ )World Bank, 1993:38‬مما يخلق العديد من المشكالت‬
‫ففى غالبية الدول النامية‬ ‫االجتماعية واالقتصادية والسياسية لسكان هذا القطاع من العالم‪.‬‬
‫مثل مصر‪ ،‬حيث الدخل المنخفض للغالبية العظمى من األسر الحضرية‪ ،‬عالوة على ارتفاع‬
‫تكلفة األرض‪ ،‬جعل توفير المسكن القانونى والمالئم والقليل التكلفة صعب المنال‪ ،‬والنتيجة أن‬
‫نحو ‪ 600‬مليون نسمة من سكان العالم‪ ،‬يعيشون فى مأوى غير أمن وغير صحى‪ ،‬ومع‬
‫استمرار التحضر الذى يحدث فى العالم‪ ،‬أصبحت هذه المشاكل مشكلة اليوم العاجلة (أحمد‬
‫وإلى جانب مشكلة اإلسكان يمكن أن نضيف الزيادة المستمرة‬ ‫منير سليمان‪.) 15:1996،‬‬
‫فى جمهور العاطلين والسيما بين فئة الشباب‪ ،‬وتدنى المستويات الغذائية وانتشار أمراض‬
‫سوء التغذية‪ ،‬ويعنى ذلك كله أن النمو السكانى المستمر يساعد على تعميق حدة المشكالت‬
‫التى يعانى منها سكان العا لم الثالث‪ ،‬ويضع مزيد من العقبات أمام التحرر من قيد هذه‬
‫المشكالت المزمنة‪ .‬ويؤكد أحد المالحظين أن العامل السببى المؤثر على تدهور البيئة هو‬
‫النمو السكانى‪ ،‬حيث يقول إيرلتش "أن السلسلة السببية للتدهور البيئى تعود إلى مصدرها‪،‬‬
‫فهناك العديد من السيارات والمصانع وا لمنظفات‪ ،‬نقص معالجة الصرف الزراعى والمجارى‬
‫المائية‪ ،‬نقص المياه‪ ...‬كل ذلك ربما يرجع إلى زيادة عدد السكان ( ‪Commoner.‬‬
‫مما سبق يتضح أن ثمة انتقاالً ديموجرافيا ً يجرى فى بعض مجتمعات‬ ‫‪)B,1998:18‬‬
‫العالم‪ ،‬كما أن االنخفاض الخصوبى أصبح سمة تميز مجتمعات الشرق األوسط على وجه‬
‫الخصوص‪ ،‬مما يدفع إلى التنبؤ إلى دخول هذه المجتمعات بما فيها مصر إلى مرحلة االنتقال‪،‬‬
‫خاصة إذا ما استمر انخفاض معدالت الخصوبة عن وضعها الراهن‪.‬‬
‫ً‪ :‬القضايا النظرية المستخلصة‬
‫ثالثا‬
‫من خالل العرض السابق لمجمل األفكار النظرية الواردة فى الفصل الراهن‪,‬يمكن عرض‬
‫أهم القضايا النظرية المستخلصة منها على النحو التالى‪:‬‬
‫‪Demographic cultural‬‬ ‫‪ ‬نظرية الثقافة الديموجرافية‬

‫‪theory‬‬
‫أن األفراد هم الذين ينتجون النمط الديموجرافى‪ ،‬باعتبارهم أعضاء فى نظام اتصالى‪،‬‬
‫أن السلوك‬ ‫ويتعاملون مع هذا النمط وتحوله‪ ،‬وإن اختلف ه ذا التحول من شخص اآلخر‪.‬‬
‫الديموجرافى يعد جزءا ً من أنماط سلوكية عديدة ومركبة ويكتسب كجزء من السلوك العام فى‬
‫الجماعة االجتماعية‪.‬‬
‫‪ ‬نظرية التحول الديموجرافى ‪Demographic transition Theory‬‬
‫أن التنمية والتحسينات المصاحبة فى نوعية الحياة جلبت تغيرات فى الخصوبة والوفيات‪.‬‬
‫إن خفض الخصوبة جاء نتيجة لخفض معدل الوفيات وتحسين الظروف االجتماعية االقتصادية‬
‫وزيادة درجة التحضر والتصنيع ومستوى التعليم باعتبارها عمليات ضرورية لالنتقال‬
‫الديموجرافى‪ .‬إن هناك أبعادا ً اجتماعية وثقافية أدت إلى التحول الخصوبى يعد من أهمها‪:‬‬
‫انخفاض وفيات الرضع واألطفال‪ ،‬تراجع الدور االقتصادى لألطفال‪ ،‬تغير أدوار المرأة‪ ،‬البعد‬
‫السيكولوجى للتحديث وتأثيره على طريقة التفكير‪ .‬أن خفض الخصوبة فى المجتمعات الغربية‬
‫الحديثة حدث نتيجة للتوسع فى التعليم وتحسين المدارس الرسمية‪ ،‬ارتفاع تكلفة رعاية‬
‫و تربية وتعليم األطفال فى البيئات الحضرية الحديثة‪ ،‬تحرر المرأة ‪Emancipation of W.‬‬
‫‪ ،‬توافر المعرفة الواسعة بوسائل تنظيم األسرة ومنع الحمل‪ ،‬أما عن العالم الثالث فسوف‬
‫تنخفض الخصوبة فيه نتيجة لبرامج تنظيم األسرة فضال عن انخفاض معدالت وفيات الرضع‬
‫واألطفال وتحسين تعليم المرأة والتحضر‪.‬‬
‫‪The New Malthusion Theory‬‬ ‫‪ ‬نظرية المالتسية الجديدة‬

‫أنه عندما انخفضت الخصوبة فى أوروبا‪ ،‬كان هناك مكونات لهذا االنخفاض هما‪ :‬تأخير‬
‫الزواج أو العزوف عنه وانخفاض مستويات إنجاب األزواج‪ .‬أن االختيار الواعى لآلباء يعد‬
‫نموذجا مقبوالً‪ ،‬حينما يصبح تفكيرهم وسلوكهم يوازى بين المزايا والعيوب‪ ،‬قبل القرار‬
‫بإنجاب طفل أخر‪.‬‬
‫‪ ‬نظرية التغير الديموجرافى واالستجابة‪:‬‬
‫إن الدافع القوى فى تحديد حجم األسرة هو التوقع برفع مستوى الرفاهية‪ ،‬التى تدفع‬
‫األفراد نحو بحث ا ألفراد عن وسائل لتحديد عدد األطفال‪ ،‬من أجل الرغبة فى تحقيق مكانتهم‬
‫إن استجابة األفراد نحو خفض الخصوبة ترتبط بأهدافهم الشخصية‬ ‫النسبية فى المجتمع‪.‬‬
‫أكثر من القومية‪.‬‬
‫‪The wealth Flows Theory‬‬ ‫‪ ‬نظرية تدفق الثروة‬

‫إن ارتفاع أو انخفاض ا لخصوبة يعد نتيجة للمنفعة االقتصادية لألفراد واألزواج أو العائالت‪،‬‬
‫التى تتحدد وفق الظروف االجتماعية وباتجاه تدفق الثروة عبر األجيال (من اآلباء إلى‬
‫حينما يتجه التدفق الصافى للثروة تجاه اآلباء‪ ،‬فإن‬ ‫األطفال)‪( ،‬من األطفال إلى اآلباء)‪.‬‬
‫الرشد االقتصادى يشير إل ى إنجاب مرتفع وغير منضبط ولكن حينما يصبح اقتصاد األسرة‬
‫النووية منفصل بشكل كبير عن األسرة الممتدة يتجه الرشد االقتصادى نحو خفض اإلنجاب‪.‬‬
‫إن استمرار الخصوبة العالية داخل األسرة الممتدة ‪ ،‬يعود إلى استمرار المكـاسب التى يحصل‬
‫عليها الرجال‪ ،‬من خالل السيطرة على المرأة وعمالة األطفال‪.‬‬
‫‪Supply and Demand Theory‬‬ ‫‪ ‬نظرية العرض والطلب‬

‫إن الطلب على وسائل تحديد النسل فى المجتمعات التى مرت بتحوالت سريعة فى الخصوبة‪،‬‬
‫أن التحول الخصوبى‬ ‫يزيد بسرعة عند حدوث تغير فى الظروف االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬
‫يصاحب التنمي ة االجتماعية واالقتصادية‪ ،‬التى تؤدى إلى تغيرات فى معدل التكلفة والعائد‬
‫لألطفال‪.‬‬

You might also like