��يوم عاشوراء فضائل وحكم وعبر�

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 22

‫ُ‬ ‫ُ‬

‫ُاعشُوُرُاءُُ‬ ‫ُُ‬
‫ُيومُُ ُ ُ‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌُ‬ ‫ُ ُُ‬
‫فُضاُُئُِلُُوُ ُ ُ‬
‫أحاكمُُُوُعُِ بُ ُ‬

‫ُ‬
‫ُ‬

‫مجعُوتعليق‬

‫الشيخُمجيلُحليمُاألشعريُالشافيع‬
‫ُيفُالعقائدُُُوُالُ ِفُ ُرُقُ‬
‫دكتورُحماِضُُ ُُُُ ُ ُُُ‬
‫ُ ُ ُ ُ ُُ ُُ ُِ‬

‫غفر اهلل هل ولوادليه وملشاخيه‬


‫ُُ ُ‬
‫ُ‪ُ 2‬‬ ‫قدُُمةُُُ‬
‫المُ ُ ِ‬
‫اعشوراء‪ُُُُ:‬‬

‫ُُ ُ‬
‫قدُمةُُُ ُ‬
‫اُُلمُ ُ ِ‬

‫احلمد هلل الواحد األحد‪ ،‬الفرد الصمد‪ ،‬اّلي لم يِل ولم يودل‪ ،‬ولم يكن هل كفوا‬
‫أحد‪ ،‬تَنه سبحانه وتقدس عن الشبيه وانلظري‪ ،‬وعن المعني والظهري‪ ،‬ﱡﭐﱐﱑ‬

‫ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱠ‪.‬‬

‫نمده تعال لع أن ألمنا العمل بالسنة والكتاب‪ ،‬ووقانا أسباب الشك‬


‫واالرتياب‪ ،‬ونشهد أن ال هلإ إال اهلل وحده ال شيك هل‪ ،‬شهادة من يرجو بإخالصه‬
‫حسن العقب وانلجاة من العقاب‪ ،‬ونشهد أن سيدنا حممدا عبد اهلل ورسوهل اّلي‬
‫نهج سبل انلجاة لمن سلك طريق مرضاته‪ ،‬وأمر بالفكر يف خلق اهلل ونه عن‬
‫الفكر يف ذاته‪ ،‬صّل اهلل لع حممد ولع آهل وصحبه اّلين عال بهم منار اإليمان‬
‫وارتفع‪ ،‬وشيد اهلل بهم قواعد ادلين احلنيف ما شع‪ ،‬فأخد بهم كمة من حاد‬
‫عن احلق ومال إل الضاللة ورديء الدع‪.‬‬

‫وبعد‪ ،‬فقد جعل اهلل تعال ِلوم العاش من شهر المحرم شأنا وفضائل‪ ،‬ومن تعال‬
‫لع هذه األمة باستحباب صيام هذا اِلوم الفاضل‪ ،‬وذلك شكرا هل عز وجل لع‬
‫ما أنعم به لع العباد إمجاال‪ ،‬وشكرا هل تعال لع إجنائه نوحا عليه السالم وقومه‬
‫املؤمنني من الغرق‪ ،‬ولع إجنائه موس عليه السالم ومؤمِن بِن إرسائيل معه من‬
‫عدوهم فرعون‪ ،‬ولع ختليصه إبراهيم عليه السالم من انلار اليت رماها به امللك‬
‫الاكفر مريدا إحراقه‪ ،‬فلم ُترق إبراهيم وال ثيابه بل أحرقت الوثاق اّلي أوثقوه‬
‫به‪.‬‬
‫ُُ ُ‬
‫ُ‪ُ 3‬‬ ‫قدُُمةُُُ‬
‫المُ ُ ِ‬
‫اعشوراء‪ُُُُ:‬‬

‫وقد روي يف فضائل هذا اِلوم وتعظيمه آثار وأخبار‪ ،‬منها ما فيه احلث لع صيام‬
‫هذا اِلوم‪ ،‬ومنها فيه احلث لع اإلكثار من الطااعت فيه‪ ،‬فالصوم يف هذا اِلوم‬
‫مرشوع مستحب‪ ،‬والعمل فيه بالطااعت كها ذو أجر عظيم‪ ،‬فينبيغ للمرء أن‬
‫يغتنم مثل هذه املواسم الفاضلة ِلكسب األجر من اهلل عز وجل بما يقدم من‬
‫صالح األعمال‪ ،‬ﱡﭐ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ‬

‫ﱸﱠ ‪.‬‬

‫فلُك ما تقدم وزيادة‪ ،‬مجعت بعون اهلل رسالة ُمتَصة يف فضائل يوم اعشوراء‬
‫وأحاكمه والعَب اليت فيه‪ ،‬وقصدت منها اإلفادة مع االختصار‪ ،‬تارًك الطويل ملن‬
‫أراد أن يرجع إل كتابنا «االرتواء يف أخبار اعشوراء»‪.‬‬

‫وأسأل اهلل عز وجل أن يرحنا برحته العميمة‪ ،‬وأن ينجينا من أهوال يوم عظيمة‪،‬‬
‫وأن يمن علينا بسن اخلتام‪ ،‬واثلبات لع نهج خري األنام‪ ،‬حممد عليه الصالة‬
‫والسالم‪ ،‬ونتوسل إِله تعال بمحمد وبسائر انلبيني‪ ،‬واملالئكة المقربني‪ ،‬أن‬
‫يعل خري أعمانلا خواتيمها‪ ،‬إنه جواد كريم‪ ،‬رؤوف رحيم‪ ،‬واحلمد هلل رب‬
‫العالمني‪.‬‬

‫ُُ ُ ُ‬ ‫ُُ ُ‬
‫عناهاُ‬
‫"ُومُ ُُُ‬
‫وراءُُُ ُ‬
‫ُ"اعشُ ُ ُُ‬
‫مةُُُُِ ُ‬
‫أصلَُُُكُ ُ‬
‫ُُ ُ‬

‫اعشوراء لفظ غري منَصف أللف الأنيث املمدودة‪ .‬واألصل‪" :‬يوم مدته أو صفته‬
‫اعشوراء"‪ ،‬واعشوراء بالمد لع املشهور‪ ،‬وحَك أبو عمرو الشيباين قَصه "اعشورا"‪،‬‬
‫وأكث الفقهاء يف تعيينه لع أنه اِلوم العاش من المحرم‪.‬‬
‫ُُ ُ‬
‫ُ‪ُ 4‬‬ ‫قدُُمةُُُ‬
‫المُ ُ ِ‬
‫اعشوراء‪ُُُُ:‬‬

‫وأما أصل اللفظ فقال القرطب إنه معدول عن اعشة للمبالغة والعظيم‪ ،‬وهو يف‬
‫األصل صفة لليلة العاشة من الشهر ألنه مأخوذ من العرش اّلي هو اسم للعقد‬
‫عند األكثين‪ ،‬وأما اِلوم فمضاف إل "اعشوراء"‪ ،‬فإذا قيل‪" :‬يوم اعشوراء" كأنه‬
‫قيل‪" :‬يوم الليلة العاشة" إال أنهم لما عدلوا به عن الصفة غلبت عليه االسمية‬
‫فاستغنوا عن املوصوف فحذفوا لفظ "الليلة" فصار اللفظ علما لع اِلوم العاش‪.‬‬

‫وذكر الواِلق أنه لم يسمع وزن "فاعوالء" إال اعشوراء وضاروراء وساروراء‬
‫ودالوالء من الضار والسار وادلال‪ ،‬ولع هذا فيوم اعشوراء هو العاش من الشهر‪،‬‬
‫وهذا قول اخلليل وغريه من اللغويني‪.‬‬

‫وقال ابن المنري‪ :‬األكث لع أن اعشوراء هو اِلوم العاش من شهر اهلل المحرم(‪،)1‬‬
‫وهو مقتض االشتقاق والتسمية‪ ،‬وقيل‪ :‬هو اِلوم الاسع‪ ،‬ولع األول فاِلوم‬
‫مضاف إل ِللته املاضية‪ ،‬ولع اثلاين هو مضاف إل ِللته اآلتية(‪ ،)2‬وقيل‪ :‬إنما‬
‫سم يوم الاسع اعشوراء أخذا من ورود اإلبل‪ ،‬فقد اكنوا إذا رعوا اإلبل ثمانية‬

‫(‪ )1‬قال احلافظ السيويط‪" :‬سئلت لم خص المحرم بقولم "شهر اهلل" دون سائر الشهور مع‬
‫أن فيها ما يساويه يف الفضل أو يزيد عليه كرمضان ووجدت ما ياب به أن هذا االسم‬
‫إسالم دون سائر املشهور‪ ،‬فإن أسماءها كها لع ما اكنت عليه يف الاهلية وًكن اسم المحرم‬
‫يف الاهلية صفر األول واّلي بعده صفر اثلاين فلما جاء اإلسالم سماه اهلل المحرم فأضيف‬
‫إل اهلل تعال بهذا االعتبار"‪.‬‬

‫(‪ )2‬هذا عند اللغويني وليس هو املعروف عند الفقهاء‪.‬‬


‫ُاعشوراءُُ‬ ‫ُُ‬
‫ُ‪ُ 5‬‬ ‫يامُيوُ ِمُُُ ُ ُ ُ ُُ‬
‫صُُُُ ُُُ‬
‫كمُُُ ِ‬
‫اعشوراء‪ُُ:‬حُ ُ‬

‫أيام ثم أوردوها يف الاسع قالوا‪ :‬وردنا عرشا ‪ -‬بكرس العني ‪ -‬وكذلك إل اثلالثة‪،‬‬
‫أفاده احلافظ العسقالين يف «الفتح»‪.‬‬

‫ُاعشوراءُ‬ ‫ُُ‬
‫يامُيوُ ِمُُُ ُ ُ ُ ُُُ‬
‫ُحُكمُُُُ ِصُُُُ ُُُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُُ‬ ‫ُ‬
‫ُصومُ‬ ‫لماءُُُِ ُُُ‬
‫ُىلعُأنُُ ُ ُ‬ ‫فاقُالعُ ُ ُُ‬
‫نقل احلافظ انلووي يف شحه لع «صحيح مسلم» ُُاتُ ُُ ُُُُ‬
‫ُ ُ ُُ ُ ٌُ‬
‫ُايلومُُُسُنُةُ ليس بواجب‪ ،‬واختلفوا يف حكمه يف أول اإلسالم حني شع‬ ‫اعشوراءُُُ ُ ُ‬
‫ُ ُ ُ ُ ُُ‬
‫صومه قبل صوم رمضان ما اكن‪:‬‬

‫‪ -‬فذهب أبو حنيفة إل أنه اكن واجبا‪.‬‬


‫‪ -‬واختلف أصحاب الشافع فيه لع وجهني مشهورين‪:‬‬
‫‪ o‬أشهرهما‪ :‬أنه لم يزل سنة من حني شع‪ ،‬وأنه لم يكن واجبا قط يف‬
‫هذه األمة‪ ،‬ولكنه اكن متأكد االستحباب‪ ،‬فلما نزل صوم رمضان صار‬
‫مستحبا دون ذلك االستحباب األول‪.‬‬
‫‪ o‬والوجه اثلاين‪ :‬أنه اكن واجبا ثم صار مستحبا‪ ،‬كقول أب حنيفة‪.‬‬

‫ُاعشوراءُ‬ ‫ُ‬
‫يامُيوُ ِمُُُ ُ ُ ُ ُُُ‬ ‫الُُ ُِ‬
‫ثُىلعُُ ِصُُُُ ُُُ‬ ‫ماُجاءُيفُُُ ُ‬

‫لقد جعل اهلل تعال للشهر احلرام المحرم فضائل ومزايا‪ ،‬وقد جاء يف صوم يوم‬
‫اعشوراء اّلي هو العاش من شهر اهلل المحرم خصوصا أحاديث تدل لع‬
‫استحبابه وعظيم األجر فيه‪ ،‬منها‪:‬‬
‫ُاعشوراُُءُُ‬ ‫ُ‬
‫ُ‪ُ 6‬‬ ‫يامُيوُ ِمُُُ ُ ُ ُ‬
‫صُُُُ ُُُ‬ ‫ماُجاءُيفُالُُ ُِ‬
‫ثُُُىلعُُُ ِ‬ ‫اعشوراء‪ُُُ ُُ ُُ ُُُ ُُ:‬‬

‫ما رواه الشيخان يف «الصحيحني» عن ابن عباس ريض اهلل عنهما قال‪ :‬قدم‬
‫رسول اهلل ﷺ المدينة(‪ )1‬فوجد اِلهود يصومون يوم اعشوراء(‪ ،)2‬فسئلوا عن ذلك؟‬
‫فقالوا‪ :‬هذا اِلوم اّلي أظهر اهلل فيه موس وبِن إرسائيل لع فرعون‪ ،‬فنحن‬
‫ُ‬ ‫ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُُ‬
‫ُمُنُكُمُ»‪ ،‬فأمر بصومه ‪،‬‬
‫(‪)3‬‬
‫وَسُُ ُِ‬
‫نصومه تعظيما هل‪ ،‬فقال انلب ﷺ‪َُ« :‬نُنُُُأُوَُلُُُبُُِمُ ُ‬
‫ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُُ‬
‫ُمُنُكُمُُ»‪.‬‬
‫ويف رواية‪ُ« :‬فُنُحُنُُُأُحُقُُُوُأُوَُلُُُبُُِمُ ُوَسُُ ُِ‬

‫وروى الخاري يف «صحيحه» عن جابر بن سمرة ريض اهلل عنه قال‪« :‬اكن رسول‬
‫اهلل ﷺ يأمرنا بصيام يوم اعشوراء وَيثنا عليه ويتعاهدنا عنده‪ ،‬فلما فرض‬
‫رمضان لم يأمرنا ولم ينهنا ولم يتعاهدنا عنده»‪.‬‬

‫ويف «صحيحه» أيضا عن الربيع بنت معوذ قالت‪ :‬أرسل انلب ﷺ غداة اعشوراء‬
‫ُ‬ ‫ُ ُ ُ ُُ‬ ‫ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ‬
‫ليُصُمُ»‪.‬‬‫مُهُُ‪ُُ،‬وُمُنُُُأُصُبُحُُصاُ ُِئُماُُُفُ ُ‬
‫إل قرى األنصار‪ُ« :‬مُنُُُأُصُبُحُُُمُفُ ِطُراُُُفُلُيُتُِمُُُبُ ِقُيُةُُُيُوُ ُِ ِ‬

‫وقد سبق قريبا اختالف السلف الصالح هل فرض لع انلاس صيام اعشوراء قبل‬
‫رمضان أو ال‪ ،‬فحمل بعضهم األمر يف احلديث هنا لع الوجوب حني اكن واجبا‬
‫صوم هذا اِلوم وأنه نسخ وجوبه بَنول احلكم يف شعبان السنة اثلانية من الهجرة‬

‫(‪ )1‬وذلك يف المحرم من السنة اثلانية من الهجرة‪.‬‬


‫وما جاء يف األخبار مما حصل يف يوم اعشوراء من أحداث كإجناء سيدنا موس وإبراهيم‬
‫ونوح عليهم السالم يه أمور موافقة للواقع والاريخ‪ ،‬وقد أقر الويح انلب ﷺ لع أمره‬
‫انلاس بصيام هذا اِلوم العظيم‪.‬‬
‫(‪ )2‬أي يصومونه عبادة لع زعمهم‪ ،‬والعبادة ال تصح منهم ألنهم كفار‪.‬‬
‫(‪ )3‬أي استحبابا‪.‬‬
‫ُاعشوراءُُ‬ ‫ُ‬
‫ُ‪ُ 7‬‬ ‫يامُيوُ ِمُُُ ُ ُ ُ ُُ‬
‫صُُُُ ُُُ‬ ‫ماُجاءُيفُالُُ ُِ‬
‫ثُُُىلعُُُ ِ‬ ‫اعشوراء‪ُُُ ُُ ُُ ُُُ ُُ:‬‬

‫بفرضية صوم شهر رمضان‪ ،‬وهو اّلي قال به الشافع ريض اهلل عنه أوال ثم رجع‬
‫ُ ُُ‬
‫فلُيُتُِمُُ» أي ِلمسك بقية يومه‪ ،‬وليس يف معن‬‫عنه‪ .‬وذهب المهور إل أن معن «ُ ُ‬
‫اإلمساك عن بعض انلهار صوم ُمزئ عن اِلوم كه‪ ،‬فإن الصوم ال يتجزأ‪ ،‬فالصوم‬
‫هنا هو اللغوي ومعناه اإلمساك‪ ،‬وإال فالصوم الرشيع ال يتصور بعد األكل عمدا‬
‫مع العلم بكون املأكول مفطرا‪.‬‬
‫ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ‬
‫وأما قوهل ﷺ‪ُ« :‬وُمُنُُُلُمُُُيُأُكُلُُُفَُلُُُيُأُكُلُ» فمعناه استحبابا‪ .‬قال أبو سليمان اخلطاب‬
‫رحه اهلل‪" :‬وإنما هو استحباب‪ ،‬ومعناه مرااعة حق الوقت اّلي لو أدركه لصامه‪،‬‬
‫والتشبه بأهل الطاعة" اه‬

‫وروى أحد يف «مسنده» وابن حبان يف «صحيحه» عن أسماء بن حارثة أن‬


‫ُُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُُ ُ ُ ُ‬
‫واُهذُُاُ ُُُايلُُوُُُم»‪ ،‬قلت‪ :‬فإن‬
‫ومُ ُُُ‬
‫رسول اهلل ﷺ بعثه إل قومه قال‪ُ« :‬مُرُُُقُوُمُكُُُفُلُيُصُ ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ ُ ُُ ُ‬
‫واُآخُرُُُُيُُُوُُُِمُُُِهُم»‪.‬‬
‫وجدتهم قد طعموا؟ قال‪ُ« :‬فُلُيُتُِمُ ُُُُ ُِ‬

‫وروى أبو نعيم يف «المستخرج لع مسلم» عن اعئشة ريض اهلل عنها قالت‪« :‬اكن‬
‫اعشوراء يوم تصومه قريش يف الاهلية‪ ،‬فلما قدم رسول اهلل ﷺ المدينة صامه‬
‫وأمر انلاس بصيامه‪ ،‬فلما فرض رمضان اكن هو الفريضة وترك اعشوراء‪ ،‬فمن‬
‫شاء صامه ومن شاء تركه»‪.‬‬

‫وأما يف سبب صيام أهل الاهلية يوم اعشوراء فقد روي عن دلهم بن صالح قال‪:‬‬
‫قلت لعكرمة‪ :‬اعشوراء ما أمره؟ قال‪ :‬أذنبت قريش يف الاهلية ذنبا فتعاظم يف‬
‫صدورهم‪ ،‬فسألوا ما توبتهم؟ فقيل‪ :‬صوم اعشوراء‪.‬‬
‫وراءُُ‬ ‫ُُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ ُ ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‪8‬‬ ‫بُُُصُوُ ِمُُُُيُوُ ِمُُُ ُ‬
‫ُاعشُ ُ ُُ‬ ‫ُوثُ ُِ‬
‫ُُ‬
‫وا‬ ‫ضُُيلُةُُُِ ُ‬
‫ماُجاءُيفُفُ ُِ‬
‫اعشوراء‪ُُ ُُ ُُ ُُُ ُُ:‬‬

‫وروى الخاري يف «صحيحه» عن ابن عباس ريض اهلل عنهما قال‪« :‬ما رأيت‬
‫انلب ﷺ يتحرى صيام يوم فضله لع غريه إال هذا اِلوم‪ ،‬يوم اعشوراء‪ ،‬وهذا‬
‫الشهر يعِن شهر رمضان»‪.‬‬

‫وممن روي عنه اعتياد صيام يوم اعشوراء من الصحابة عمر بن اخلطاب ولع‬
‫ابن أب طالب وعبد الرحن بن عوف وأبو موس األشعري وقيس بن سعد بن‬
‫عبادة وعبد اهلل بن عباس وغريهم ريض اهلل عنهم‪ ،‬وممن بعدهم لع بن احلسني‬
‫زين العابدين وسعيد بن جبري وطاووس والزهري وأبو إسحاق السبيع وخلق‬
‫كثري من السلف الصالح‪.‬‬

‫وراءُُ‬ ‫ُُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ ُ ُ‬
‫اعشُ ُ ُُ‬‫بُُُصُوُ ِمُُُُيُوُ ِمُُُ ُ‬
‫ُوثُواُُ ُِ‬
‫ضُُيلُةُُُِ ُ‬
‫ماُجاءُيفُُفُ ُِ‬
‫ُُ ُ ُ ُ ُ‬
‫صُيُاُمُُُيُوُُ ِمُُُُعُرُُفُةُ‬ ‫روى مسلم يف «صحيحه» عن أب قتادة أن رسول اهلل ﷺ قال‪ِ ُ« :‬‬
‫ُُ ُ‬ ‫ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ‬ ‫ُ ُ ُ ُُ ُ ُ‬
‫السُنُةُ ُُالُ ُِِتُ ُقُبُلُهُ وُُُاُُلسُنُةُ ُُالُ ُِِتُ ُبُعُدُهُُُُ‪ُ ُ،‬وُُ ِصُيُاُُمُ ُيُوُُ ِمُُ‬
‫بُ ُىلعُ ُُاهللُُِ ُأُنُ ُيُكُ ِفُُرُ ُُُ‬ ‫ُأُحُتُ ِسُُ‬
‫ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُُ‬ ‫ُُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ‬
‫ُالُ ُِِتُُُقُبُلُهُ»‪.‬‬
‫ُالسُنُةُُُ‬
‫ُاهللُُُُِأُنُُُيُكُ ِفُُرُُُُ‬
‫بُُُىلعُُُ‬ ‫اعُشُورُُُُاُءُُُأُحُتُ ِسُُ‬

‫ُُ‬ ‫ُ‬
‫وراءُ ُ‬ ‫ماُجاءُيفُُ ِصُُُياُ ِمُُُُابلُُ ُُ ُِ‬
‫هائُِمُُُُِيفُُُيُوُ ِمُُُ ُ‬
‫ُاعشُ ُ ُُُ‬

‫جاءت بعض الروايات بصيام الطري والوحش يوم اعشوراء‪ ،‬من ذلك‪:‬‬

‫ما رواه عبد الرحن بن مهدي عن عبيد اهلل بن انلض عن أبيه عن قيس بن‬
‫عباد قال‪« :‬بلغِن أن الوحش اكنت تصوم يوم اعشوراء»‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُُ‬ ‫ُُ ُ ُ‬
‫ُ‪ُ 9‬‬ ‫اعُءُُُ ُُ ُُ ُِ ُُ ُ‬
‫ُوالادُيُعشُُ‬ ‫حبابُُُصُوُ ِمُُُُيُوُ ِمُُُُُ‬
‫ُتاسُوُ ُ‬ ‫استُِ ُُُ‬
‫اعشوراء‪ُ ُُُ:‬‬

‫وروى أبو موس المديِن أن رجال أت الادية يف يوم اعشوراء فرأى قوما يذبون‬
‫ذبائح‪ ،‬فسألهم عن ذلك فأخَبوه أن الوحوش صائمة‪ ،‬وقالوا‪ :‬اذهب بنا نرك‪،‬‬
‫فذهبوا به إل روضة فأوقفوه‪ ،‬قال‪ :‬فلما اكن بعد العَص جاءت الوحوش من ك‬
‫وجه فأحاطت بالروضة رافعة رؤوسها ليس شء منها يأكل حت إذا اغبت‬
‫الشمس أرسعت مجيعها فأكلت‪.‬‬

‫وروي عن فتح بن شخرف الصويف ريض اهلل عنه قال‪« :‬كنت أفت للنمل اخلب‬
‫ك يوم‪ ،‬فلما اكن يوم اعشوراء لم يأكلوه»‪.‬‬

‫وذكر أبو احلسن لع بن عمر بن حممد القزويِن الزاهد ريض اهلل عنه «أن يوم‬
‫اعشوراء تصومه انلمل»‪.‬‬

‫ُ‬ ‫ُُ‬ ‫ُُ ُ ُ‬


‫عشُ ُ‬ ‫واعءُُُ ُُ ُُ ُِ‬
‫ُوالادُيُُ ُ ُ‬ ‫حبابُُُصُوُ ِمُُُُيُوُ ِمُُُُُ‬
‫ُتاسُ ُ ُ‬ ‫استُِ ُُُ‬
‫ُُ ُ‬

‫يستحب أن يصام مع اعشوراء اِلوم اّلي قبله وهو تاسواعء‪ ،‬وممن قال بذلك‬
‫اإلمام الشافع ريض اهلل عنه وأصحابه واإلمام أحد بن حنبل وإسحاق بن‬
‫راهويه وآخرون‪.‬‬

‫ويف استحباب صيامهما تاسواعء مع اعشوراء فوائد‪:‬‬


‫ُُ ُُ‬
‫َلفُُ‪ :‬فإن اعشوراء عند ابن عباس والضحاك بن‬
‫اخلُ ُ ِ ُ‬
‫وجُُُُِمُُنُُ ُُ ُ ُِ‬
‫اخلرُ ُ ُ‬
‫‪ )1‬منها‪ُُ ُُ :‬‬
‫مزاحم وغريهما هو الاسع من املحرم‪ ،‬ويشهد ّللك قول ابن أب شيبة عقب‬
‫ُ‬ ‫ُ ُ ُُ ُ‬ ‫ُ ُ ُ ُُ ُ‬
‫ومُنُُُُ‬
‫ُالُُاُ ِسُعُ» "يعِن يوم اعشوراء"‪.‬‬ ‫ِئُُُبُ ِقُ ُيتُُُإَُِلُقُُُاُبُُِلُُُُألُصُ ُ‬
‫احلديث املرفوع‪ُ« :‬لُ ُِ‬
‫ُ‬ ‫ُُ‬ ‫ُُ ُ ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‪10‬‬ ‫واعءُُُ ُُ ُُ ُِ ُُ ُ‬
‫ُوالادُيُعشُُ‬ ‫حبابُُُصُوُ ِمُُُُيُوُ ِمُُُُُ‬
‫ُتاسُ ُ ُ‬ ‫استُِ ُُُ‬
‫اعشوراء‪ُ ُُُ:‬‬

‫ُُ ُ ُُ ُ ُُ‬
‫هود‪ :‬فإنهم يصومون اعشوراء فقط‪ ،‬وقد جاء اإلرشاد إل‬ ‫فة ُُُايلُُ ُ ُُ‬
‫مُُالُُ ُُ‬
‫‪ )2‬ومنها‪ُ ُ :‬‬
‫ُُ ُُ ُ ُ‬
‫واُيُوُُمُ‬
‫ومُ ُُُ‬
‫ذلك‪ ،‬فعن ابن عباس ريض اهلل عنهما قال‪ :‬قال رسول اهلل ﷺ‪ُ« :‬صُ ُ‬
‫ُ ُ ُُ ُ ُُ ُُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ‬ ‫ُُ ُ ُ ُُ‬
‫اُأُوُُُبُعُدُهُُُُُيُوُُماُ» رواه أحد‬
‫واُقُبُلُهُُُيُوُمُُُ‬
‫ومُ ُُُ‬
‫‪ُ،‬صُ ُ‬
‫ودُُُ‬
‫ُايلُهُ ُ‬
‫يهُُُُ‬
‫واُفُُُِ ِ‬
‫خاُ ُِلُفُ ُُُ‬
‫اعُشُورُُُُاُءُُُوُ ُ‬
‫والباء واليهق‪ .‬وقد روي عن ابن عباس موقوفا‪« :‬صوموا الاسع والعاش‬
‫وال تتشبهوا بيهود» رواه الشافع‪ ،‬ورواه الّتمذي عنه موقوفا بلفظ‪:‬‬
‫«صوموا الاسع والعاش وخالفوا اِلهود»‪.‬‬
‫ُُ‬ ‫ُ‬ ‫ُُ‬
‫فُعُلهُُُ‪ :‬فإنه قد ثبت عن ابن عباس ريض اهلل‬ ‫بُُﷺُُ ُِ‬ ‫الُُ ُِ ُ‬
‫ماُأرادُُُُ ُ‬
‫علُُ ُُُُ ُُ‬
‫فُ ُ ُ‬
‫‪ )3‬ومنها‪ُِ ُُ :‬‬
‫عنهما أن رسول اهلل ﷺ صام اعشوراء وأمر بصيامه‪ ،‬قالوا‪ :‬يا رسول اهلل‪،‬‬
‫ُ ُ ُُ‬ ‫ُ‬
‫عامُُ‬
‫اكنُُُُالُ ُُ‬
‫إنه يوم يعظمه اِلهود وانلصارى‪ ،‬فقال رسول اهلل ﷺ‪ُ« :‬فُإُِذاُُُُ ُ ُ‬
‫ُ ُُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُُ ُُ ُ ُ ُ‬
‫اسُعُ»‪ ،‬قال ابن عباس‪« :‬فلم يأت العام المقبل‬ ‫اّللُُصُمُناُُُُالُُ ِ‬ ‫شاءُُُ ُ‬
‫ُُالُمُقُبُِلُُُإُِنُُُ ُُُ‬
‫حت تويف رسول اهلل ﷺ» رواه الطَباين وأبو عوانة‪.‬‬
‫وقد جاءت رواية أن انلب ﷺ صام تاسواعء‪ ،‬فروى أبو داود يف «سننه» عن‬
‫احلكم بن األعرج قال‪ :‬أتيت ابن عباس وهو متوسد رداءه يف المسجد‬
‫احلرام فسأله عن صوم يوم اعشوراء فقال‪« :‬إذا رأيت هالل المحرم فاعدد‪،‬‬
‫فإذا اكن يوم الاسع فأصبح صائما»‪ ،‬فقلت‪ :‬كذا اكن حممد ﷺ يصوم؟‬
‫فقال‪« :‬كذلك اكن حممد ﷺ يصوم»‪.‬‬
‫وأوهل بعضهم بأن معن‪« :‬اكن يصوم» أي لو اعش ﷺ لصامه ألنه عزم لع‬
‫ذلك وأخَب به‪ ،‬وبهذا يكون المع بني حديث ابن عباس وبني قوهل ﷺ‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ُُ‬ ‫ُُ ُ ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‪11‬‬ ‫واعءُُُ ُُ ُُ ُِ ُُ ُ‬
‫ُوالادُيُعشُُ‬ ‫حبابُُُصُوُ ِمُُُُيُوُ ِمُُُُُ‬
‫ُتاسُ ُ ُ‬ ‫استُِ ُُُ‬
‫اعشوراء‪ُ ُُُ:‬‬

‫ُ‬ ‫ُ ُ ُُ ُ‬ ‫ُ ُ ُ ُُ ُ‬
‫ومُنُُُُ‬
‫ُالُُاُ ِسُعُ»‪ ،‬ويعضده ما رواه الطَباين من الكم‬ ‫ُُُاُبُُِلُُُُألُصُ ُ‬
‫ِئُُُبُ ِقُ ُيتُ ُُإَُِلُق‬
‫«ُلُ ُِ‬
‫ابن عباس‪« :‬فلم يأت العام المقبل حت تويف رسول اهلل ﷺ»‪.‬‬
‫وقال احلافظ العسقالين يف «الفتح»‪" :‬وقال بعض أهل العلم‪ :‬قوهل ﷺ يف‬
‫ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ‬
‫اسُُع» َيتمل أمرين‪:‬‬
‫الُُ ُِ‬
‫نُُُُ ُ‬
‫ومُ ُ‬
‫صُ ُ ُ‬
‫ألُ ُ‬
‫لُُُُ ُ‬
‫َلُُُُقُُُاب ُُِ ُ‬
‫تُُُإ ُِ ُ‬
‫شُ ُ‬
‫عُُ ُ‬
‫ِئُُُ ُِ‬
‫«صحيح مسلم»‪ُ« :‬لُ ُِ ُ‬
‫أحدهما أنه أراد نقل العاش إل الاسع‪ ،‬واثلاين أراد أن يضيفه إِله يف‬
‫الصوم‪ ،‬فلما تويف ﷺ قبل بيان ذلك اكن االحتياط صوم اِلومني‪ ،‬ولع هذا‬
‫فصيام اعشوراء لع ثالث مراتب‪ :‬أدناها أن يصام وحده‪ ،‬وفوقه أن يصام‬
‫الاسع معه‪ ،‬وفوقه أن يصام الاسع واحلادي عرش (‪ ")1‬اه‬
‫ُ‬ ‫ُُ‬
‫ومُه‪ :‬حذرا من الغلط يف األيام‪ ،‬ولعل هذا اكن‬
‫ياطُُُيفُُ ُصُُ ُُِ‬
‫االحتُُُُِ ُ‬
‫‪ )4‬ومنها‪ُ ُ ُُ :‬‬
‫السبب يف أن ابن عباس ريض اهلل عنهما يصوم الاسع والعاش واحلادي‬
‫عرش من املحرم خشية فوات يوم اعشوراء‪ ،‬وكذلك اكن أبو إسحاق السبيع‬
‫يصوم ويقول‪« :‬إنما فعلت ذلك خشية أن يفوتِن»‪.‬‬

‫وروى عبد اهلل بن أحد بن حنبل عن أبيه أن رأى عبد الرحن بن مهدي‬
‫بعد موته يف انلوم‪ ،‬فسأهل ما فعل اهلل به‪ ،‬فأخَبه بأنه غفر هل وجعله هل‬
‫المَنلة العاِلة‪ ،‬فقال أحد‪ :‬بماذا؟ قال‪ :‬بمواظبيت لع صوم يوم اعشوراء‬
‫ويوم قبله ويوم بعده‪.‬‬

‫(‪ )1‬أي مع العاش‪.‬‬


‫ُ‬ ‫ُ‪12‬‬ ‫ُيفُيوُ ِمُُُ ُ ُ ُ ُُُِ‬
‫ُاعشوراءُ‬ ‫عةُُُِ ُُُ‬ ‫ُالُُ ُُ ُِ ُُُُ ُُ ُِ‬
‫وادُثُالواقُ ُ‬ ‫ذُكرُُ ُبُ ُ ُِ‬
‫عضُُُ‬ ‫اعشوراء‪ُ ُ ُِ ُُ:‬‬

‫ُُ ُ ُِ ُ ُُ‬
‫هرُُُُمُشُُ ُُ‬
‫ف‪ :‬فاألعمال الصاحلة إذا وقع فعلها يف‬ ‫ُالصُوُمُُُيف ُُشُ ُ‬
‫وقوعُُُُ‬
‫‪ )5‬ومنها‪ُ ُ ُ ُ :‬‬
‫وقت شيف هل مزية تضاعف أجرها‪ ،‬ومن ذلك العمل الصالح يف شهر اهلل‬
‫المحرم‪ ،‬ومن أفضل األعمال الصوم‪ ،‬فقد أخرج مسلم يف «صحيحه» وأبو‬
‫داود والّتمذي والنسائ من حديث أب هريرة ريض اهلل عنه أن رسول اهلل‬
‫ُ ُُ ُ ُُ‬ ‫ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ‬
‫ُالُمُحُرُُُم»‪.‬‬ ‫ُُُُ ِصُُيُاُ ِمُُُُبُعُدُُُرُُمُضُُانُُُشُهُ ُرُُُُ‬
‫ُاهللُُُُِ‬ ‫ﷺ قال‪ُ« :‬أُفُضُلُال‬

‫ُيفُيوُ ِمُُُ ُ ُ ُ ُُُِ‬


‫ُاعشوراءُ ُ‬ ‫عةُُُِ ُُُ‬‫ُالُُ ُُ ُِ ُُُُ ُُ ُِ‬
‫وادُثُالواقُ ُ‬ ‫ذُكرُُُُ ُ ُِ‬
‫ُبعضُُُ‬ ‫ُ ُِ ُ ُ‬

‫لقد اكن يف هذا اِلوم الرشيف حوادث كثرية مشهورة لع مر ادلهور‪:‬‬

‫‪ )1‬منها‪ :‬استواء سفينة نوح ﷺ لع جبل الودي وإجناء اهلل هل ولمن معه من‬
‫الغرق‪ ،‬قال اهلل تعال‪ :‬ﱡﭐ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ‬

‫ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅﱠ‪ ،‬ويف احلديث اّلي رواه أحد عن أب‬


‫ُ ُ ُُ ُ ُ ُُ‬ ‫ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُ‬
‫ودُيُُُ»‪.‬‬
‫اْلُُ ُ ُِِ‬
‫ىلعُُُ‬
‫السُ ِفُُُينُةُُُ ُ‬
‫يهُُُُُ‬ ‫هريرة مرفواع‪ُ« :‬وُُهُذاُُُيُوُُُمُُُاسُتُوُُ ُ‬
‫تُُفُُُِ ِ‬

‫‪ )2‬ومنها‪ :‬كونه يوم الزينة‪ ،‬وهو اِلوم اّلي كرس فيه موس عليه السالم سحر‬
‫سحرة فرعون وأظهر اهلل تعال لع يد موس معجزة العصا الاهرة اليت‬
‫انقلبت ثعبانا حقيقيا يسَع فيأكل ك حبال السحرة االثنتني والسبعني‪،‬‬
‫ﱡﭐﲕﲖﲗﲘﲙﲚﲛﲜﱠ‪ ،‬وإنما اكن ذلك من موس ﷺ‬
‫ُتديا لهم وتعجزيا ال أمرا بأن يأتوا السحر واألفعال المنكرة‪ ،‬بل هو ﷺ‬
‫شأنه كشأن سائر األنبياء يأمر باملعروف وينه عن المنكر‪ .‬وًكن مآل‬
‫ُ‬ ‫ُ‪13‬‬ ‫ُيفُيوُ ِمُُُ ُ ُ ُ ُُُِ‬
‫ُاعشوراءُ‬ ‫عةُُُِ ُُُ‬ ‫ُالُُ ُُ ُِ ُُُُ ُُ ُِ‬
‫وادُثُالواقُ ُ‬ ‫ذُكرُُُُ ُ ُِ‬
‫ُبعضُُُ‬ ‫اعشوراء‪ُ ُ ُِ ُُ:‬‬

‫السحرة أن آمنوا باهلل وبرسوهل موس ﷺ‪ ،‬فغضب عليهم فرعون فلم‬


‫يرجعوا عن إيمانهم باهلل ورسوهل فقتلهم فرعون‪ .‬قال ابن عباس ريض اهلل‬
‫عنهما‪" :‬اكنوا أول انلهار سحرة‪ ،‬وآخر انلهار شهداء"‪.‬‬

‫ومُنها‪ :‬أنه اِلوم اّلي نّج اهلل تعال فيه موس وبِن إرسائيل من فرعون‬
‫‪ُ ُُِ ُ ُ )3‬‬
‫وجنوده اّلين أهلكهم يف الحر‪ ،‬ﱡﭐﱁﱂﱃﱄﱅﱆﱇﱈ‬

‫ﱉﱊ ﱋﱌﱍ ﱎﱏﱐﱑﱒﱓﱔﱕ ﱖﱗﱘ‬

‫ﱙ ﱚﱛ ﱜﱠ ‪.‬‬

‫ومُنها‪ :‬أنه اِلوم اّلي نّج اهلل فيه إبراهيم عليه السالم من انلار اليت رماه‬
‫‪ُ ُُِ ُ ُ )4‬‬
‫بها الكفار بأمر امللك انلمرود‪ ،‬فلم ُترق انلار إبراهيم ولم تصبه بأذى وال‬
‫ثيابه‪ ،‬ألن انلار ال ختلق اإلحراق‪ ،‬إنما اهلل خيلق اإلحراق فيها إن شاء‪،‬‬
‫فقض اهلل أن ال ُترق هذه انلار إبراهيم ﷺ وال ثيابه‪ ،‬قال اهلل تعال‪ :‬ﱡﭐﲦ‬

‫ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﱠ‪.‬‬

‫ومُنها‪ :‬أنه اِلوم اّلي تاب اهلل فيه لع سيدنا آدم عليه السالم بعد أن اكن‬
‫‪ُ ُُِ ُ ُ )5‬‬
‫حصل منه من اّلنب الصغري ما ال خسة فيه ول دناءة كما أخَب اهلل عنه‬
‫يف القرآن بقوهل تعال‪ :‬ﱡﭐﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ‬

‫ﲫﱠ‪ ،‬فاكن ذلك من آدم عليه السالم قبل أن ينبأ‪ ،‬وتاب فتاب اهلل‬
‫عليه‪ ،‬ﱡﭐﱁﱂﱃﱄﱅﱆﱇﱈﱉﱊﱋﱌﱠ‪.‬‬

‫ومُنها‪ :‬أمور أخرى يروى أنها حصلت يف يوم اعشوراء مع بعض األنبياء‬
‫‪ُ ُُِ ُ ُ )6‬‬
‫كسيدنا سليمان وسيدنا يونس وسيدنا يوسف وسيدنا أيوب عليهم الصالة‬
‫ُ‬ ‫ُ‪14‬‬ ‫ُيفُيوُ ِمُُُ ُ ُ ُ ُُُِ‬
‫ُاعشوراءُ‬ ‫عةُُُِ ُُُ‬ ‫ُالُُ ُُ ُِ ُُُُ ُُ ُِ‬
‫وادُثُالواقُ ُ‬ ‫ذُكرُُُُ ُ ُِ‬
‫ُبعضُُُ‬ ‫اعشوراء‪ُ ُ ُِ ُُ:‬‬

‫والسالم‪ ،‬جاءت يف أحاديث وآثار متخلفة المراتب‪ ،‬فال نتعرض لا‬


‫اختصارا‪.‬‬

‫اعشوراءُُ‪ :‬مقتل سيدنا اإلمام احلسني بن اإلمام لع‬


‫ثُيفُيوُ ِمُُُ ُ ُ ُ ُُ‬
‫نُالوادُُ ُُ ُُُ‬
‫ومُُ ُُُ ُ ُُُِ‬
‫‪ُُِ ُ )7‬‬
‫ريض اهلل عنهما شهيدا‪ ،‬سبط رسول اهلل ﷺ من ابنته السيدة فاطمة ريض‬
‫اهلل عنها‪ ،‬وذلك يف يوم المعة العاش من املحرم بعد العَص سنة إحدى‬
‫وستني من الهجرة بكربالء من العراق وهو ابن ست وخسني سنة‪.‬‬
‫وُمتَص ما يف قصته أنه اكن قد اكتبه خلق من أهل الكوفة وبايعوه لع أن‬
‫يسري إِلهم وينَصوه‪ ،‬فلما فعل تفرقوا عنه وخذلوه‪ ،‬وتمكن منه الظلمة‬
‫فقتلوه وقتل معه مجاعة من إخوته ألبيه وأوالده وأقاربه عليهم السالم‪،‬‬
‫قيل‪ :‬عدتهم ثالثة وعرشون من اّلكور‪ ،‬وقتل مع هؤالء آخرون‪ ،‬فإنا هلل‬
‫واءُمُنُأخبارُُ‬
‫االرتُ ُُ ُُ ُِ ُُُ ُُُ ِ‬
‫وإنا إِله راجعون‪ ،‬وقد أفردنا لذه القضية كتابا أسميناه «ُُ ُ ُ ُِ‬
‫ُُ‬
‫ُُُ» فلينظر‪.‬‬
‫وراء‬‫اعشُ ُ‬‫ُ ُ‬
‫وقد تعدى حده وظلم حني تكلم يف هذه القضية بعض املؤلفني فقالوا‪:‬‬
‫"إن احلسني قتل بسيف جده" أو "بسيف الرشع" أو "بد جده"‪ ،‬فقائل ذلك‬
‫إما جاهل بقيقة ما حصل يف ذلك اِلوم حني اعتدى الظلمة الغاشمون‬
‫لع اإلمام احلسني وأهل بيته وهو ظالم لإلمام احلسني بكمه عليه بذلك‬
‫ظلما شديدا واهلل حسيبه‪ ،‬أو أن قائل ذلك عدو لإلمام احلسني فما أشد‬
‫خسارته وضالله عن احلق وأهله‪ ،‬فقد جاء يف رواه الّتمذي وحسنه وابن‬
‫ُ‬ ‫ُ‪15‬‬ ‫ُيفُيوُ ِمُُُ ُ ُ ُ ُُُِ‬
‫ُاعشوراءُ‬ ‫عةُُُِ ُُُ‬ ‫ُالُُ ُُ ُِ ُُُُ ُُ ُِ‬
‫وادُثُالواقُ ُ‬ ‫ذُكرُُُُ ُ ُِ‬
‫ُبعضُُُ‬ ‫اعشوراء‪ُ ُ ُِ ُُ:‬‬

‫ُُ ُ ُ ٌُ ُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ‬
‫مُنُُحُسُيُ‪ُُ،‬‬
‫مُنُُوُأُناُُُ ُِ ُ‬
‫ماجه عن يعّل بن مرة أن رسول اهلل ﷺ قال‪ُ« :‬حُسُيُُُ ُِ ُُِ‬
‫ُُُ ُ‬ ‫ُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ٌ ُ ٌُ‬
‫مُنُُُُاألُسُباُُ ُ‬
‫طُِ»‪.‬‬ ‫يُُُُ ِسُبُطُُُ ُِ ُ‬‫اّللُُمُنُُُأُحُبُُُحُسُيُنُا‪ُُُ،‬حُسُ‬
‫ُأُحُبُُُُ ُ‬

‫وقد جاء يف احلديث اّلي رواه عبد بن حيد عن أم سلمة ريض اهلل عنه‬
‫قالت‪ :‬اكن انلب ﷺ نائما يف بييت فجاء حسني يدرج‪ ،‬قالت‪ :‬فقعدت لع‬
‫الاب فأمسكته ُمافة أن يدخل فيوقظه‪ ،‬قالت‪ :‬ثم غفلت يف شء فدب‬
‫فدخل فقعد لع بطنه‪ ،‬قالت‪ :‬فسمعت نيب رسول اَّلل ﷺ فجئت فقلت‪:‬‬
‫ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُ ُُ‬ ‫اُجُُُاءُ‬ ‫ُ‬
‫ُالسَُلُمُ‬ ‫بُُُيلُُُعُلُيُ ِهُُُُُ‬‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُج‬
‫ِ‬ ‫ُُ‬ ‫ِن‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُُُ‬ ‫يا رسول اهلل‪ ،‬واهلل ما علمت به‪ ،‬فقال‪ُ« :‬إ ُُُِنم‬
‫ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ٌُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُُ ُ ُُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُُ ُُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫‪ُ:‬إُِنُُُأُمُتُكُُُسُتُقُتُلُهُ‪ُ،‬‬ ‫‪ُ:‬نُعُمُ‪ُُ ،‬قُُالُُ ُ‬‫؟ُفُقُلُتُُُ‬ ‫ُِلُُُأُُتُُِبُهُ ُُ‬
‫اعُدُ‪ُُ ،‬فُقُُالُ ُ ُِ‬
‫ُوُهُوُُُىلعُُُبُطُ ُِنُُُقُُ ُِ‬
‫ُ ُُ‬ ‫ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ‬
‫اِنُ‬‫احُهُُُُفُأُتُ ُ ُِ‬
‫ِبُنُُ ُِ ِ‬
‫‪ُ:‬فَُضُبُُُ ُِ‬ ‫‪ُ:‬بُلُ‪ُُ،‬قُُالُُُ‬ ‫‪ُ:‬فُقُلُتُُُ‬ ‫ا؟ُقُُالُُُ‬
‫ُالُ ُِِتُُُيُقُتُلُُُبُُِهُُ ُُ‬
‫ُالُّتُبُةُُُ‬
‫ُأُالُُُأُ ِرُيُُكُُُُ‬
‫ُ ُُ ُ ُ‬ ‫ُ ُ ُ‬
‫ُشُعُ ِرُُيُُ‬ ‫اُيلُتُُ ِ‬ ‫ُالُّتُُبُُِةُ»‪ ،‬قالت‪ :‬فإذا يف يده تربة حراء وهو يبِك ويقول‪ُ« :‬يُُُ‬ ‫ذُه ُُُُُِ‬
‫ُبُُِهُ ُِ‬
‫ُ ُ ُ ُ ُُ ُُ ُ ُ ُ‬
‫دُيُ؟»‪ ،‬وقد روي هذا احلديث بنحو ذلك عند أحد وابن‬ ‫ُمُنُُُيُقُتُلُكُُُبُعُ ُِ‬
‫حبان والبار وأب يعّل والطَباين وغريهم‪.‬‬

‫قال جعفر بن سليمان‪ :‬حدثتِن أم سالم خاليت قالت‪ :‬لما قتل احلسني بن‬
‫لع ريض اهلل عنهما‪ ،‬مطرنا مطرا لع اليوت واحليطان اكدلم‪ ،‬فبلغِن أنه‬
‫اكن بالَصة والكوفة وبالشام وبراسان حت كنا ال نشك أنه سيَنل‬
‫عذاب‪.‬‬

‫وروى احلافظ أبو حممد عبد العزيز الكتاين احلافظ عن أسد بن القاسم‬
‫احللب قال‪ :‬رأى جدي صالح بن الشحام بلب ‪ -‬وًكن صاحلا دينا ‪ -‬يف‬
‫انلوم كبا أسود وهو يلهث عطشا ولسانه قد خرج لع صدره‪ ،‬فقلت‪ :‬هذا‬
‫ُ‬ ‫ُ‪16‬‬ ‫ُُُُ‬
‫تنبُِيه‬
‫اعشوراء‪ُُُُ:‬‬

‫كب عطشان‪ ،‬دعِن أسقه ماء أدخل به النة‪ ،‬وهممت ألفعل فإذا بهاتف‬
‫يهتف من ورائه وهو يقول‪ :‬يا صالح ال تسقه‪ ،‬هذا قاتل احلسني بن لع‬
‫يعذب بالعطش إل يوم القيامة‪.‬‬

‫وحَك أبو عبد اهلل طاهر بن حممد بن أحد احلدادي قال‪ :‬سمعت بعض‬
‫مشايخ َيِك أن رجال ممن قتل احلسني ريض اهلل عنه قال‪ :‬ما أكث ما‬
‫يكذب أهل العراق‪ ،‬إنهم يقولون‪ :‬إنه لم يشهد قتل احلسني أحد إال أصيب‬
‫ببالء‪ ،‬وإين شهدته فما أصابِن شء‪ ،‬وًكن ضيفا عند قوم‪ ،‬فقام ِلصلح‬
‫الرساج فتعلقت به شارة فاشتعل نارا ومات لع املاكن‪.‬‬

‫يه ُ‬
‫تنبُُُُِ‬
‫ُُُ‬

‫روي عن الشيخ اإلمام القطب شيخ اإلسالم ويل اهلل الصالح أب حممد عبد القادر‬
‫اليالين ريض اهلل عنه‪" :‬وقد طعن قوم لع من صام هذا اِلوم العظيم وما ورد‬
‫فيه من العظيم‪ ،‬وزعموا أنه ال يوز صيامه ألنه يوم قتل احلسني بن لع ريض‬
‫اهلل تعال عنهما فيه‪ ،‬وقالوا‪ :‬ينبيغ أن تكون المصيبة فيه اعمة لميع انلاس"‪.‬‬
‫ولو جاز أن يتخذ يوم موته يوم مصيبة لاكن يوم االثنني أول بذلك إذ قبض اهلل‬
‫عز وجل نبيه ﷺ فيه‪ ،‬وفقد رسول اهلل ﷺ أعظم من فقد غريه‪ ،‬وقد اتفق‬
‫المسلمون لع شف يوم االثنني وفضيلة صومه وأنه تعرض فيه ويف اخلميس‬
‫أعمال العباد"‪.‬‬
‫ُُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‪17‬‬ ‫ُاعشوراءُُ‬
‫ُيفُيوُ ِمُُُ ُ ُ ُ ُُ‬
‫عةُُُِ ُُُ‬ ‫ُالُُ ُ ِ‬
‫وسُ ُ‬ ‫حديثُُُ‬
‫اعشوراء‪ُُ ُ ُُ:‬‬

‫ُُ‬
‫ُاعشوراءُ ُ‬
‫ُيفُيوُ ِمُُُ ُ ُ ُ ُُُ‬
‫عةُُُِ ُُُ‬ ‫ُالُُ ُِ‬
‫وسُ ُ‬ ‫حديثُُُ‬
‫ُ ُ ُُ‬
‫ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ‬ ‫ُُ‬ ‫ُ ُ ُُ‬ ‫ُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ‬
‫السُنُةَُُُكُهاُ» فقد‬ ‫عُيُاُ ِلُُُُُِ ُِيفُُُيُوُُ ِمُُُاعُشُ ُ‬
‫ورُُُاءُُُُوُُسُعُُاهللُُعُلُيُ ِهُُُُُ‬ ‫ىلعُُ ُِ‬
‫وأما حديث‪ُ« :‬مُنُُُوُسُعُُُ ُ‬
‫اختلف يف إسناده‪ ،‬واخلالصة ما قاهل احلافظ السخاوي يف «املقاصد احلسنة»‬
‫ونصه‪" :‬إن أسانيده كها ضعيفة‪ ،‬ولكن إذا ضم بعضها إل بعض أفاد قوة‪ ،‬بل‬
‫قال العرايق يف «أماِله»‪ :‬حلديث أب هريرة طرق صحح بعضها ابن ناص احلافظ"‪.‬‬

‫وأورده السيويط يف «ادلرر المنتثة» وقال‪" :‬هو ثابت صحيح"‪.‬‬

‫وقال احلافظ اليهق يف «الشعب»‪" :‬هذه األسانيد وإن اكنت ضعيفة فيه إذا ضم‬
‫بعضها إل بعض أخذت قوة"‪.‬‬

‫وقال الفتِن يف «الذكرة»‪" :‬وقد ذكره ابن حبان يف «اثلقات» فاحلديث حسن لع‬
‫رأيه‪ ،‬وهل طريق أخرى لع شط مسلم وهو أصح طرقه‪ ،‬وروي بسند جيد عن‬
‫عمر موقوفا"‪.‬‬

‫والعجب من الوهاب حممد ناص األلاين المجسم المتمحدث كيف يتجرأ فيقول‬
‫يف كتابه المسَّم «تمام المنة»(‪" :)1‬هذا رأي السخاوي وال نراه صوابا‪ ،‬ألن شط‬
‫تقوي احلديث بكثة الطرق ‪ -‬وهو خلوها من مّتوك أو متهم ‪ -‬لم يتحقق يف‬
‫هذا احلديث" اه‪ .‬فاأللاين يزعم بهذا أنه وقع هل من حال الرواة ما خف لع‬
‫احلفاظ األربعة اليهق وابن ناص ادلمشق والشمس السخاوي والسيويط‪ ،‬فهو‬

‫(‪ )1‬املسَّم «تمام المنة»‪ ،‬حممد ناص األلاين املجسم‪( ،‬ص‪.)410/‬‬


‫ُُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‪18‬‬ ‫ُاعشوراءُُ‬
‫ُيفُيوُ ِمُُُ ُ ُ ُ ُُ‬
‫عةُُُِ ُُُ‬ ‫ُالُُ ُ ِ‬
‫وسُ ُ‬ ‫حديثُُُ‬
‫اعشوراء‪ُُ ُ ُُ:‬‬

‫بتطاوهل لع هؤالء احلفاظ األربعة اكلعوضة اليت تريد أن تنتفخ فّتى نفسها‬
‫أكَب من البل‪.‬‬

‫فإن قيل‪ :‬قد صححه احلافظ ابن ناص من بعض الطرق لع انفراد ال نظرا إل‬
‫ُمموع الطرق‪.‬‬

‫قلنا‪ :‬بل اّلين ضعفوه اكن ذلك منهم نظرا إل بعض الطرق‪ ،‬وإن اكن قد ثبت‬
‫تصحيح ابن ناص هل نظرا إل بعض طرقه فقد عونلا لع من صححه نظرا إل‬
‫ُمموع الطرق‪.‬‬

‫أما من ضعفه اكلعقييل وابن حبان وابن عدي وأمثالم ممن خرجوا بعض طرقه‬
‫يف الضعفاء فإنهم لم َيكموا عليه إال من تلك الطرق الضعيفة ولم يتعرضوا‬
‫لغريها من الطرق اليت لم تقع لهم ويه اليت لع شط الصحيح أو احلسن كما‬
‫ذكره من أسلفنا أقوالهم من احلفاظ‪.‬‬

‫وأما من حكم بوضعه وهو ابن الوزي احلافظ فلم يورد هل إال طريقا واحدا من‬
‫حديث ابن مسعود وآخر من حديث أب هريرة‪ ،‬لكنه ترك الطريق اآلخر من‬
‫حديث أب هريرة وحديث أب سعيد اخلدري وحديث ابن عمر وغريها من‬
‫املراسيل واملوقوفات‪ ،‬ولعله لو وقف عليها لم َيكم بوضعه ال سيما أن متنه ال‬
‫خيالف األصول‪.‬‬

‫ثم إن احلافظ ابن الوزي نفسه رغب بالزيادة يف أعمال الَب يف يوم اعشوراء فقال‬
‫يف كتابه «بستان الواعظني»‪" :‬فيوم اعشوراء يوم يتقبل اهلل فيه احلسنات‪ ،‬وترفع‬
‫وراءُُ‬ ‫ُُ‬ ‫ُ ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‪19‬‬ ‫ُاعشُ ُ ُُ‬
‫ثُُ ُ‬ ‫عُلاُاعيلُُُُ ُ ُُُ ُُ‬
‫اُمنُأحاديُُ ُِ‬ ‫اُوقُ ُُ ُُُ ُ‬
‫اعشوراء‪ُ:‬مُمُُُ ُ‬

‫فيه ادلرجات المرتفعات‪ ،‬وختلف فيه انلفقات‪ ،‬وتكث فيه الَبًكت‪ ،‬ويفرح فيه‬
‫ُُ ُ ُُ‬
‫ويُ ُوسُعُُُفيهُُُىلعُ‬
‫أهل الفاقة واحلاجات‪ .‬يوم اعشوراء يوم تظهر فيه األعمال‪ُ ُ ،‬‬
‫ُُُ ِلُ‪ ،‬وتزكو فيه األفعال واألقوال‪ ،‬ويرحم فيه عبيده ذو اإلكرام والالل‪ ،‬يوم‬
‫العُيا‬
‫ُُُ ِ‬
‫اعشوراء يوم توصل فيه األرحام‪ ،‬وتربح فيه الكرام‪ ،‬وخترس فيه اللئام لمخالفتهم‬
‫القرآن واألحاكم‪ ،‬وعصيانهم الملك العالم‪ ،‬يوم اعشوراء تفرح فيه األرامل‬
‫واأليتام‪ ،‬ويرحم فيه ذو الود واإلنعام‪ ،‬ويغفر فيه السيئات واإلجرام" اه‪.‬‬

‫ُ‬ ‫ُُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬


‫وراء ُ‬
‫ُاعشُ ُ ُُُ‬
‫ثُُ ُ‬
‫اُمنُأحاديُُ ُِ‬
‫عُلاُاعيلُُُ ُ ُُُ ُُ‬
‫اُوقُ ُُ ُُُ ُ‬
‫ممُُُ ُُ‬
‫ُ ُُ‬

‫أقول وأنا مجيل‪ :‬قرأت لع املسند السيد الشيخ عبد الرحن بن السيد عبد اليح‬
‫الكتاين حفظه اهلل [‪ ]1‬وهو عن وادله السيد حممد عبد اليح الكتاين [‪ ]2‬عن وادله‬
‫املسند الشيخ عبد الكبري الكتاين [‪ ]3‬عن الشيخ عبد الغِن املجددي ادلهلوي‬
‫املدين [‪ ]4‬عن املحدث الشيخ إسماعيل بن عبد اهلل الروم [‪ ]5‬عن الشيخ‬
‫العارف عبد الغِن ابن إسماعيل بن عبد الغِن انلابليس [‪ ]6‬عن الشيخ الفقيه‬
‫جنم ادلين حممد الغزي ادلمشق [‪ ]7‬عن وادله احلافظ حممد بدر ادلين الغزي‬
‫ادلمشق [‪ ]8‬عن احلافظ جالل ادلين السيويط [‪ ]9‬عن مسند ادلنيا يف عَصه‬
‫احلافظ حممد بن مقبل احللب الصرييف [‪ ]10‬عن الصالح حممد بن أحد المقديس‬
‫[‪ ]11‬عن الفخر لع بن أحد بن الخاري [‪ ]12‬عن أب مكتوم عيىس ابن أب ذر‬
‫الروي [‪ ]13‬عن أبيه أب ذر عبد بن أحد بن حممد الروي األشعري [‪ ]14‬عن‬
‫أب حممد عبد اهلل ابن أحد بن حويه الرسخيس [‪ ]15‬عن أب عبد اهلل حممد بن‬
‫وراءُُ‬ ‫ُُ‬ ‫ُُ ُُ ُ ُُ ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‪20‬‬ ‫لسلُُُبُُِيُوُ ِمُُُ ُ‬
‫ُاعشُ ُ ُُ‬ ‫ُالمُسُ ُ ُ‬
‫الديثُُُُ‬
‫اعشوراء‪ُُ ُ ُُُ:‬‬

‫يوسف بن مطر الفربري [‪ ]16‬عن إمام احلفاظ أب عبد اهلل حممد بن إسماعيل‬
‫ابن إبراهيم الخاري ريض اهلل عنه قال‪ :‬حدثنا أبو اعصم عن يزيد بن أب عبيد‬
‫عن سلمة ابن األكوع ريض اهلل عنه‪ :‬أن انلب ﷺ بعث رجال ينادي يف انلاس‬
‫ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ‬
‫‪ُ،‬وُمُنُُُلُمُُُيُأُكُلُُُفَُلُُُيُأُكُلُ»‪.‬‬
‫يوم اعشوراء‪ُ« :‬إُِنُُُمُنُُُأُكُلُُُفُلُيُتُِمُُُأُوُُُفُلُيُصُمُُُ‬

‫هذا احلديث من ألع ما وقع لإلمام الخاري ريض اهلل عنه سندا‪ ،‬إذ هو معدود‬
‫األحاديث اثلالثية اإلسناد اليت يفصل يف إسنادها بني الخاري وبني انلب ﷺ‬
‫ثالثة من الرواية‪ ،‬وقد من اهلل لع أن وقع يل هذا احلديث اعِلا أيضا‪ ،‬واإلسناد‬
‫العايل أول من انلازل ألن العلو يبعد اإلسناد من اخللل‪ ،‬وألن قرب اإلسناد قربة‬
‫إل اهلل عز وجل‪ ،‬وّللك استحبت الرحلة فيه حت قال اإلمام أحد بن حنبل‪:‬‬
‫"طلب اإلسناد العايل سنة عمن سلف" اه‪ .‬نعم إذا اكن يف اإلسناد انلازل مزية ال‬
‫توجد يف العايل كأن يكون رجاهل أوثق من رجاهل أو أحفظ أو أفقه أو اكن‬
‫االتصال فيه أظهر فإن انلازل حينئذ أول‪.‬‬

‫ُُ‬ ‫ُُ ُُ ُ ُُ ُ‬
‫وراءُُ ُ‬ ‫لسلُُُبُُِيُوُ ِمُُُ ُ‬
‫ُاعشُ ُ ُُ‬ ‫ُالمُسُ ُ ُ‬
‫الديثُُُُ‬
‫ُُ ُ ُُ‬

‫أقول وأنا مجيل‪ :‬سمعته من السيد حممد احلبيش يف يوم اعشوراء‪ ،‬وهو عن أبيه‬
‫الفقيه قايض مكة أب بكر بن أحد بن حسني بن حممد بن حسني احلبيش‬
‫العلوي احلسيِن األشعري الشافع يف يوم اعشوراء‪ ،‬قال‪ :‬حدثِن به شيخنا الشيخ‬
‫حممد عبد الايق األنصاري باملدينة الرشيفة سنة ‪ 1350‬ـه يف يوم اعشوراء‪ ،‬قال‪:‬‬
‫وراءُُ‬ ‫ُُ‬ ‫ُُ ُُ ُ ُُ ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‪21‬‬ ‫لسلُُُبُُِيُوُ ِمُُُ ُ‬
‫ُاعشُ ُ ُُ‬ ‫ُالمُسُ ُ ُ‬
‫الديثُُُُ‬
‫اعشوراء‪ُُ ُ ُُُ:‬‬

‫أخَبين العالمة السيد أمني بن رضوان املدين يف يوم اعشوراء‪ ،‬قال‪ :‬أخَبين‬
‫العالمة حسن العدوي احلمزاوي يف يوم اعشوراء‪ ،‬قال‪ :‬أخَبين حممد األمري‬
‫الصغري يف يوم اعشوراء‪ ،‬قال‪ :‬أخَبين حممد األمري الكبري يف يوم اعشوراء‪ ،‬قال‪:‬‬
‫أخَبين الشهاب أحد الوهري الكبري يف يوم اعشوراء‪ ،‬قال‪ :‬أخَبين عبد اهلل بن‬
‫سالم الَصي يف يوم اعشوراء‪ ،‬أخَبنا الشمس حممد الابيل يف يوم اعشوراء‪،‬‬
‫أخَبنا سالم بن حممد السنهوري يف يوم اعشوراء‪ ،‬قال‪ :‬سمعت انلجم حممد بن‬
‫أحد الغيطي يف يوم اعشوراء‪ ،‬أخَبنا أمني ادلين أبو الود حممد بن أحد بن‬
‫عيىس بن انلجار إمام جامع الغمري(‪ )1‬يف يوم اعشوراء‪ ،‬أخَبنا الفخر حممد بن‬
‫حممد السيويط بقراءة احلافظ عثمان ادليم يف يوم اعشوراء‪ ،‬أخَبنا أبو الفرج‬
‫ابن الشحنة(‪ )2‬يف يوم اعشوراء‪ ،‬أخَبنا أبو احلسن لع بن إسماعيل بن قريش يف‬
‫يوم اعشوراء‪ ،‬أخَبنا احلافظ زيك ادلين عبد العظيم المنذري يف يوم اعشوراء‪،‬‬
‫أخَبنا أبو حفص عمر بن طَبزد يف يوم اعشوراء‪ ،‬أخَبنا أبو بكر حممد ابن عبد‬
‫الايق بن حممد األنصاري يف يوم اعشوراء‪ ،‬أخَبنا أبو حممد احلسن بن لع‬
‫الوهري الغد ادي يف يوم اعشوراء‪ ،‬أخَبنا أبو احلسن لع بن حممد بن أحد بن‬
‫كيسان يف يوم اعشوراء‪ ،‬أخَبنا أبو يوسف القايض يف يوم اعشوراء‪ ،‬حدثنا أبو‬
‫الربيع سليمان الزهراين يف يوم اعشوراء‪ ،‬حدثنا حاد بن زيد يف يوم اعشوراء‪،‬‬
‫حدثنا غيالن ابن جرير يف يوم اعشوراء‪ ،‬حدثِن أبو قتادة ريض اهلل عنه قال‪ :‬قال‬

‫(‪ )1‬هو جامع أب عبد اهلل الغمري بفتح الغني نسبة إل منية غمر‪.‬‬
‫(‪ )2‬بكرس الشني وسكون احلاء‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‪22‬‬ ‫اعشوراء‪ُ ُُ:‬دُُ ُ ٌ‬
‫اعءُُ‬

‫ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ‬ ‫ُُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ‬
‫ُالُ ُِِتُ‬
‫ُالسُنُةُُُ‬
‫ُاهللُُُُِأُنُُُيُكُ ِفُرُُُُ‬
‫وراءُ ُُإُِ ُِِنُُُأُحُتُ ِسُُبُُُىلعُُُ‬ ‫يامُُُيُوُ ِمُُُ ُ‬
‫ُاعشُ ُ ُُ‬ ‫صُُُُ‬
‫رسول اهلل ﷺ‪ِ ُ« :‬‬
‫ُُ ُ‬
‫ُقُبُلهُُ»‪ .‬وهذا احلديث أخرجه مسلم يف «صحيحه» والّتمذي وابن ماجه عن‬
‫مشاخيهم يف «السَن» عن حاد بن زيد بسنده املذكور وهو حديث صحيح‪.‬‬

‫ُُ‬
‫اعءُ ُ‬
‫ُدُ ٌُُ‬

‫امهلل اقسم نلا من خشيتك ما ُتول به بيننا وبني معاصيك‪ ،‬ومن‬


‫طاعتك ما تبلغنا به جنتك‪ ،‬ومن اِلقني ما تهون به علينا مصيبات‬
‫ادلنيا‪ ،‬ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا‪ ،‬واجعله الوارث منا‪،‬‬
‫واجعل ثأرنا لع من ظلمنا‪ ،‬وانَصنا لع من اعدانا‪ ،‬وال تعل مصيبتنا‬
‫يف ديننا‪ ،‬وال تعل ادلنيا أكَب همنا وال مبلغ علمنا‪ ،‬وال تسلط علينا‬
‫من ال يرحنا‪ ،‬امهلل إنا نعوذ بك من عذاب جهنم‪ ،‬ومن عذاب القَب‪،‬‬
‫ونعوذ بك من فتنة المسيح ادلجال‪ ،‬ونعوذ بك من فتنة المحيا والممات‪،‬‬
‫امهلل اغفر نلا وللمؤمنني والمؤمنات‪ ،‬سبحان ربك رب العزة عما‬
‫يصفون‪ ،‬وسالم لع المرسلني‪ ،‬واحلمد هلل رب العالمني‪.‬‬

You might also like