Professional Documents
Culture Documents
��يوم عاشوراء فضائل وحكم وعبر�
��يوم عاشوراء فضائل وحكم وعبر�
��يوم عاشوراء فضائل وحكم وعبر�
ُاعشُوُرُاءُُ ُُ
ُيومُُ ُ ُ
ٌ ُ ُ ٌُ ُ ُُ
فُضاُُئُِلُُوُ ُ ُ
أحاكمُُُوُعُِ بُ ُ
ُ
ُ
مجعُوتعليق
الشيخُمجيلُحليمُاألشعريُالشافيع
ُيفُالعقائدُُُوُالُ ِفُ ُرُقُ
دكتورُحماِضُُ ُُُُ ُ ُُُ
ُ ُ ُ ُ ُُ ُُ ُِ
ُُ ُ
قدُمةُُُ ُ
اُُلمُ ُ ِ
احلمد هلل الواحد األحد ،الفرد الصمد ،اّلي لم يِل ولم يودل ،ولم يكن هل كفوا
أحد ،تَنه سبحانه وتقدس عن الشبيه وانلظري ،وعن المعني والظهري ،ﱡﭐﱐﱑ
ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱠ.
وبعد ،فقد جعل اهلل تعال ِلوم العاش من شهر المحرم شأنا وفضائل ،ومن تعال
لع هذه األمة باستحباب صيام هذا اِلوم الفاضل ،وذلك شكرا هل عز وجل لع
ما أنعم به لع العباد إمجاال ،وشكرا هل تعال لع إجنائه نوحا عليه السالم وقومه
املؤمنني من الغرق ،ولع إجنائه موس عليه السالم ومؤمِن بِن إرسائيل معه من
عدوهم فرعون ،ولع ختليصه إبراهيم عليه السالم من انلار اليت رماها به امللك
الاكفر مريدا إحراقه ،فلم ُترق إبراهيم وال ثيابه بل أحرقت الوثاق اّلي أوثقوه
به.
ُُ ُ
ُُ 3 قدُُمةُُُ
المُ ُ ِ
اعشوراءُُُُ:
وقد روي يف فضائل هذا اِلوم وتعظيمه آثار وأخبار ،منها ما فيه احلث لع صيام
هذا اِلوم ،ومنها فيه احلث لع اإلكثار من الطااعت فيه ،فالصوم يف هذا اِلوم
مرشوع مستحب ،والعمل فيه بالطااعت كها ذو أجر عظيم ،فينبيغ للمرء أن
يغتنم مثل هذه املواسم الفاضلة ِلكسب األجر من اهلل عز وجل بما يقدم من
صالح األعمال ،ﱡﭐ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ
ﱸﱠ .
فلُك ما تقدم وزيادة ،مجعت بعون اهلل رسالة ُمتَصة يف فضائل يوم اعشوراء
وأحاكمه والعَب اليت فيه ،وقصدت منها اإلفادة مع االختصار ،تارًك الطويل ملن
أراد أن يرجع إل كتابنا «االرتواء يف أخبار اعشوراء».
وأسأل اهلل عز وجل أن يرحنا برحته العميمة ،وأن ينجينا من أهوال يوم عظيمة،
وأن يمن علينا بسن اخلتام ،واثلبات لع نهج خري األنام ،حممد عليه الصالة
والسالم ،ونتوسل إِله تعال بمحمد وبسائر انلبيني ،واملالئكة المقربني ،أن
يعل خري أعمانلا خواتيمها ،إنه جواد كريم ،رؤوف رحيم ،واحلمد هلل رب
العالمني.
ُُ ُ ُ ُُ ُ
عناهاُ
"ُومُ ُُُ
وراءُُُ ُ
ُ"اعشُ ُ ُُ
مةُُُُِ ُ
أصلَُُُكُ ُ
ُُ ُ
اعشوراء لفظ غري منَصف أللف الأنيث املمدودة .واألصل" :يوم مدته أو صفته
اعشوراء" ،واعشوراء بالمد لع املشهور ،وحَك أبو عمرو الشيباين قَصه "اعشورا"،
وأكث الفقهاء يف تعيينه لع أنه اِلوم العاش من المحرم.
ُُ ُ
ُُ 4 قدُُمةُُُ
المُ ُ ِ
اعشوراءُُُُ:
وأما أصل اللفظ فقال القرطب إنه معدول عن اعشة للمبالغة والعظيم ،وهو يف
األصل صفة لليلة العاشة من الشهر ألنه مأخوذ من العرش اّلي هو اسم للعقد
عند األكثين ،وأما اِلوم فمضاف إل "اعشوراء" ،فإذا قيل" :يوم اعشوراء" كأنه
قيل" :يوم الليلة العاشة" إال أنهم لما عدلوا به عن الصفة غلبت عليه االسمية
فاستغنوا عن املوصوف فحذفوا لفظ "الليلة" فصار اللفظ علما لع اِلوم العاش.
وذكر الواِلق أنه لم يسمع وزن "فاعوالء" إال اعشوراء وضاروراء وساروراء
ودالوالء من الضار والسار وادلال ،ولع هذا فيوم اعشوراء هو العاش من الشهر،
وهذا قول اخلليل وغريه من اللغويني.
وقال ابن المنري :األكث لع أن اعشوراء هو اِلوم العاش من شهر اهلل المحرم(،)1
وهو مقتض االشتقاق والتسمية ،وقيل :هو اِلوم الاسع ،ولع األول فاِلوم
مضاف إل ِللته املاضية ،ولع اثلاين هو مضاف إل ِللته اآلتية( ،)2وقيل :إنما
سم يوم الاسع اعشوراء أخذا من ورود اإلبل ،فقد اكنوا إذا رعوا اإلبل ثمانية
( )1قال احلافظ السيويط" :سئلت لم خص المحرم بقولم "شهر اهلل" دون سائر الشهور مع
أن فيها ما يساويه يف الفضل أو يزيد عليه كرمضان ووجدت ما ياب به أن هذا االسم
إسالم دون سائر املشهور ،فإن أسماءها كها لع ما اكنت عليه يف الاهلية وًكن اسم المحرم
يف الاهلية صفر األول واّلي بعده صفر اثلاين فلما جاء اإلسالم سماه اهلل المحرم فأضيف
إل اهلل تعال بهذا االعتبار".
أيام ثم أوردوها يف الاسع قالوا :وردنا عرشا -بكرس العني -وكذلك إل اثلالثة،
أفاده احلافظ العسقالين يف «الفتح».
ُاعشوراءُ ُُ
يامُيوُ ِمُُُ ُ ُ ُ ُُُ
ُحُكمُُُُ ِصُُُُ ُُُ
ُ ُ ُُ ُ
ُصومُ لماءُُُِ ُُُ
ُىلعُأنُُ ُ ُ فاقُالعُ ُ ُُ
نقل احلافظ انلووي يف شحه لع «صحيح مسلم» ُُاتُ ُُ ُُُُ
ُ ُ ُُ ُ ٌُ
ُايلومُُُسُنُةُ ليس بواجب ،واختلفوا يف حكمه يف أول اإلسالم حني شع اعشوراءُُُ ُ ُ
ُ ُ ُ ُ ُُ
صومه قبل صوم رمضان ما اكن:
ُاعشوراءُ ُ
يامُيوُ ِمُُُ ُ ُ ُ ُُُ الُُ ُِ
ثُىلعُُ ِصُُُُ ُُُ ماُجاءُيفُُُ ُ
لقد جعل اهلل تعال للشهر احلرام المحرم فضائل ومزايا ،وقد جاء يف صوم يوم
اعشوراء اّلي هو العاش من شهر اهلل المحرم خصوصا أحاديث تدل لع
استحبابه وعظيم األجر فيه ،منها:
ُاعشوراُُءُُ ُ
ُُ 6 يامُيوُ ِمُُُ ُ ُ ُ
صُُُُ ُُُ ماُجاءُيفُالُُ ُِ
ثُُُىلعُُُ ِ اعشوراءُُُ ُُ ُُ ُُُ ُُ:
ما رواه الشيخان يف «الصحيحني» عن ابن عباس ريض اهلل عنهما قال :قدم
رسول اهلل ﷺ المدينة( )1فوجد اِلهود يصومون يوم اعشوراء( ،)2فسئلوا عن ذلك؟
فقالوا :هذا اِلوم اّلي أظهر اهلل فيه موس وبِن إرسائيل لع فرعون ،فنحن
ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُُ
ُمُنُكُمُ» ،فأمر بصومه ،
()3
وَسُُ ُِ
نصومه تعظيما هل ،فقال انلب ﷺَُ« :نُنُُُأُوَُلُُُبُُِمُ ُ
ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُُ
ُمُنُكُمُُ».
ويف روايةُ« :فُنُحُنُُُأُحُقُُُوُأُوَُلُُُبُُِمُ ُوَسُُ ُِ
وروى الخاري يف «صحيحه» عن جابر بن سمرة ريض اهلل عنه قال« :اكن رسول
اهلل ﷺ يأمرنا بصيام يوم اعشوراء وَيثنا عليه ويتعاهدنا عنده ،فلما فرض
رمضان لم يأمرنا ولم ينهنا ولم يتعاهدنا عنده».
ويف «صحيحه» أيضا عن الربيع بنت معوذ قالت :أرسل انلب ﷺ غداة اعشوراء
ُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ
ليُصُمُ».مُهُُُُ،وُمُنُُُأُصُبُحُُصاُ ُِئُماُُُفُ ُ
إل قرى األنصارُ« :مُنُُُأُصُبُحُُُمُفُ ِطُراُُُفُلُيُتُِمُُُبُ ِقُيُةُُُيُوُ ُِ ِ
وقد سبق قريبا اختالف السلف الصالح هل فرض لع انلاس صيام اعشوراء قبل
رمضان أو ال ،فحمل بعضهم األمر يف احلديث هنا لع الوجوب حني اكن واجبا
صوم هذا اِلوم وأنه نسخ وجوبه بَنول احلكم يف شعبان السنة اثلانية من الهجرة
بفرضية صوم شهر رمضان ،وهو اّلي قال به الشافع ريض اهلل عنه أوال ثم رجع
ُ ُُ
فلُيُتُِمُُ» أي ِلمسك بقية يومه ،وليس يف معنعنه .وذهب المهور إل أن معن «ُ ُ
اإلمساك عن بعض انلهار صوم ُمزئ عن اِلوم كه ،فإن الصوم ال يتجزأ ،فالصوم
هنا هو اللغوي ومعناه اإلمساك ،وإال فالصوم الرشيع ال يتصور بعد األكل عمدا
مع العلم بكون املأكول مفطرا.
ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ
وأما قوهل ﷺُ« :وُمُنُُُلُمُُُيُأُكُلُُُفَُلُُُيُأُكُلُ» فمعناه استحبابا .قال أبو سليمان اخلطاب
رحه اهلل" :وإنما هو استحباب ،ومعناه مرااعة حق الوقت اّلي لو أدركه لصامه،
والتشبه بأهل الطاعة" اه
وروى أبو نعيم يف «المستخرج لع مسلم» عن اعئشة ريض اهلل عنها قالت« :اكن
اعشوراء يوم تصومه قريش يف الاهلية ،فلما قدم رسول اهلل ﷺ المدينة صامه
وأمر انلاس بصيامه ،فلما فرض رمضان اكن هو الفريضة وترك اعشوراء ،فمن
شاء صامه ومن شاء تركه».
وأما يف سبب صيام أهل الاهلية يوم اعشوراء فقد روي عن دلهم بن صالح قال:
قلت لعكرمة :اعشوراء ما أمره؟ قال :أذنبت قريش يف الاهلية ذنبا فتعاظم يف
صدورهم ،فسألوا ما توبتهم؟ فقيل :صوم اعشوراء.
وراءُُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُ
ُ ُ8 بُُُصُوُ ِمُُُُيُوُ ِمُُُ ُ
ُاعشُ ُ ُُ ُوثُ ُِ
ُُ
وا ضُُيلُةُُُِ ُ
ماُجاءُيفُفُ ُِ
اعشوراءُُ ُُ ُُ ُُُ ُُ:
وروى الخاري يف «صحيحه» عن ابن عباس ريض اهلل عنهما قال« :ما رأيت
انلب ﷺ يتحرى صيام يوم فضله لع غريه إال هذا اِلوم ،يوم اعشوراء ،وهذا
الشهر يعِن شهر رمضان».
وممن روي عنه اعتياد صيام يوم اعشوراء من الصحابة عمر بن اخلطاب ولع
ابن أب طالب وعبد الرحن بن عوف وأبو موس األشعري وقيس بن سعد بن
عبادة وعبد اهلل بن عباس وغريهم ريض اهلل عنهم ،وممن بعدهم لع بن احلسني
زين العابدين وسعيد بن جبري وطاووس والزهري وأبو إسحاق السبيع وخلق
كثري من السلف الصالح.
وراءُُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُ
اعشُ ُ ُُبُُُصُوُ ِمُُُُيُوُ ِمُُُ ُ
ُوثُواُُ ُِ
ضُُيلُةُُُِ ُ
ماُجاءُيفُُفُ ُِ
ُُ ُ ُ ُ ُ
صُيُاُمُُُيُوُُ ِمُُُُعُرُُفُةُ روى مسلم يف «صحيحه» عن أب قتادة أن رسول اهلل ﷺ قالِ ُ« :
ُُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ
السُنُةُ ُُالُ ُِِتُ ُقُبُلُهُ وُُُاُُلسُنُةُ ُُالُ ُِِتُ ُبُعُدُهُُُُُ ُ،وُُ ِصُيُاُُمُ ُيُوُُ ِمُُ
بُ ُىلعُ ُُاهللُُِ ُأُنُ ُيُكُ ِفُُرُ ُُُ ُأُحُتُ ِسُُ
ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ
ُالُ ُِِتُُُقُبُلُهُ».
ُالسُنُةُُُ
ُاهللُُُُِأُنُُُيُكُ ِفُُرُُُُ
بُُُىلعُُُ اعُشُورُُُُاُءُُُأُحُتُ ِسُُ
ُُ ُ
وراءُ ُ ماُجاءُيفُُ ِصُُُياُ ِمُُُُابلُُ ُُ ُِ
هائُِمُُُُِيفُُُيُوُ ِمُُُ ُ
ُاعشُ ُ ُُُ
جاءت بعض الروايات بصيام الطري والوحش يوم اعشوراء ،من ذلك:
ما رواه عبد الرحن بن مهدي عن عبيد اهلل بن انلض عن أبيه عن قيس بن
عباد قال« :بلغِن أن الوحش اكنت تصوم يوم اعشوراء».
ُ ُُ ُُ ُ ُ
ُُ 9 اعُءُُُ ُُ ُُ ُِ ُُ ُ
ُوالادُيُعشُُ حبابُُُصُوُ ِمُُُُيُوُ ِمُُُُُ
ُتاسُوُ ُ استُِ ُُُ
اعشوراءُ ُُُ:
وروى أبو موس المديِن أن رجال أت الادية يف يوم اعشوراء فرأى قوما يذبون
ذبائح ،فسألهم عن ذلك فأخَبوه أن الوحوش صائمة ،وقالوا :اذهب بنا نرك،
فذهبوا به إل روضة فأوقفوه ،قال :فلما اكن بعد العَص جاءت الوحوش من ك
وجه فأحاطت بالروضة رافعة رؤوسها ليس شء منها يأكل حت إذا اغبت
الشمس أرسعت مجيعها فأكلت.
وروي عن فتح بن شخرف الصويف ريض اهلل عنه قال« :كنت أفت للنمل اخلب
ك يوم ،فلما اكن يوم اعشوراء لم يأكلوه».
وذكر أبو احلسن لع بن عمر بن حممد القزويِن الزاهد ريض اهلل عنه «أن يوم
اعشوراء تصومه انلمل».
يستحب أن يصام مع اعشوراء اِلوم اّلي قبله وهو تاسواعء ،وممن قال بذلك
اإلمام الشافع ريض اهلل عنه وأصحابه واإلمام أحد بن حنبل وإسحاق بن
راهويه وآخرون.
ُُ ُ ُُ ُ ُُ
هود :فإنهم يصومون اعشوراء فقط ،وقد جاء اإلرشاد إل فة ُُُايلُُ ُ ُُ
مُُالُُ ُُ
)2ومنهاُ ُ :
ُُ ُُ ُ ُ
واُيُوُُمُ
ومُ ُُُ
ذلك ،فعن ابن عباس ريض اهلل عنهما قال :قال رسول اهلل ﷺُ« :صُ ُ
ُ ُ ُُ ُ ُُ ُُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُُ
اُأُوُُُبُعُدُهُُُُُيُوُُماُ» رواه أحد
واُقُبُلُهُُُيُوُمُُُ
ومُ ُُُ
ُ،صُ ُ
ودُُُ
ُايلُهُ ُ
يهُُُُ
واُفُُُِ ِ
خاُ ُِلُفُ ُُُ
اعُشُورُُُُاُءُُُوُ ُ
والباء واليهق .وقد روي عن ابن عباس موقوفا« :صوموا الاسع والعاش
وال تتشبهوا بيهود» رواه الشافع ،ورواه الّتمذي عنه موقوفا بلفظ:
«صوموا الاسع والعاش وخالفوا اِلهود».
ُُ ُ ُُ
فُعُلهُُُ :فإنه قد ثبت عن ابن عباس ريض اهلل بُُﷺُُ ُِ الُُ ُِ ُ
ماُأرادُُُُ ُ
علُُ ُُُُ ُُ
فُ ُ ُ
)3ومنهاُِ ُُ :
عنهما أن رسول اهلل ﷺ صام اعشوراء وأمر بصيامه ،قالوا :يا رسول اهلل،
ُ ُ ُُ ُ
عامُُ
اكنُُُُالُ ُُ
إنه يوم يعظمه اِلهود وانلصارى ،فقال رسول اهلل ﷺُ« :فُإُِذاُُُُ ُ ُ
ُ ُُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُُ ُُ ُ ُ ُ
اسُعُ» ،قال ابن عباس« :فلم يأت العام المقبل اّللُُصُمُناُُُُالُُ ِ شاءُُُ ُ
ُُالُمُقُبُِلُُُإُِنُُُ ُُُ
حت تويف رسول اهلل ﷺ» رواه الطَباين وأبو عوانة.
وقد جاءت رواية أن انلب ﷺ صام تاسواعء ،فروى أبو داود يف «سننه» عن
احلكم بن األعرج قال :أتيت ابن عباس وهو متوسد رداءه يف المسجد
احلرام فسأله عن صوم يوم اعشوراء فقال« :إذا رأيت هالل المحرم فاعدد،
فإذا اكن يوم الاسع فأصبح صائما» ،فقلت :كذا اكن حممد ﷺ يصوم؟
فقال« :كذلك اكن حممد ﷺ يصوم».
وأوهل بعضهم بأن معن« :اكن يصوم» أي لو اعش ﷺ لصامه ألنه عزم لع
ذلك وأخَب به ،وبهذا يكون المع بني حديث ابن عباس وبني قوهل ﷺ:
ُ ُُ ُُ ُ ُ
ُ ُ11 واعءُُُ ُُ ُُ ُِ ُُ ُ
ُوالادُيُعشُُ حبابُُُصُوُ ِمُُُُيُوُ ِمُُُُُ
ُتاسُ ُ ُ استُِ ُُُ
اعشوراءُ ُُُ:
ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ
ومُنُُُُ
ُالُُاُ ِسُعُ» ،ويعضده ما رواه الطَباين من الكم ُُُاُبُُِلُُُُألُصُ ُ
ِئُُُبُ ِقُ ُيتُ ُُإَُِلُق
«ُلُ ُِ
ابن عباس« :فلم يأت العام المقبل حت تويف رسول اهلل ﷺ».
وقال احلافظ العسقالين يف «الفتح»" :وقال بعض أهل العلم :قوهل ﷺ يف
ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ
اسُُع» َيتمل أمرين:
الُُ ُِ
نُُُُ ُ
ومُ ُ
صُ ُ ُ
ألُ ُ
لُُُُ ُ
َلُُُُقُُُاب ُُِ ُ
تُُُإ ُِ ُ
شُ ُ
عُُ ُ
ِئُُُ ُِ
«صحيح مسلم»ُ« :لُ ُِ ُ
أحدهما أنه أراد نقل العاش إل الاسع ،واثلاين أراد أن يضيفه إِله يف
الصوم ،فلما تويف ﷺ قبل بيان ذلك اكن االحتياط صوم اِلومني ،ولع هذا
فصيام اعشوراء لع ثالث مراتب :أدناها أن يصام وحده ،وفوقه أن يصام
الاسع معه ،وفوقه أن يصام الاسع واحلادي عرش ( ")1اه
ُ ُُ
ومُه :حذرا من الغلط يف األيام ،ولعل هذا اكن
ياطُُُيفُُ ُصُُ ُُِ
االحتُُُُِ ُ
)4ومنهاُ ُ ُُ :
السبب يف أن ابن عباس ريض اهلل عنهما يصوم الاسع والعاش واحلادي
عرش من املحرم خشية فوات يوم اعشوراء ،وكذلك اكن أبو إسحاق السبيع
يصوم ويقول« :إنما فعلت ذلك خشية أن يفوتِن».
وروى عبد اهلل بن أحد بن حنبل عن أبيه أن رأى عبد الرحن بن مهدي
بعد موته يف انلوم ،فسأهل ما فعل اهلل به ،فأخَبه بأنه غفر هل وجعله هل
المَنلة العاِلة ،فقال أحد :بماذا؟ قال :بمواظبيت لع صوم يوم اعشوراء
ويوم قبله ويوم بعده.
ُُ ُ ُِ ُ ُُ
هرُُُُمُشُُ ُُ
ف :فاألعمال الصاحلة إذا وقع فعلها يف ُالصُوُمُُُيف ُُشُ ُ
وقوعُُُُ
)5ومنهاُ ُ ُ ُ :
وقت شيف هل مزية تضاعف أجرها ،ومن ذلك العمل الصالح يف شهر اهلل
المحرم ،ومن أفضل األعمال الصوم ،فقد أخرج مسلم يف «صحيحه» وأبو
داود والّتمذي والنسائ من حديث أب هريرة ريض اهلل عنه أن رسول اهلل
ُ ُُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ
ُالُمُحُرُُُم». ُُُُ ِصُُيُاُ ِمُُُُبُعُدُُُرُُمُضُُانُُُشُهُ ُرُُُُ
ُاهللُُُُِ ﷺ قالُ« :أُفُضُلُال
)1منها :استواء سفينة نوح ﷺ لع جبل الودي وإجناء اهلل هل ولمن معه من
الغرق ،قال اهلل تعال :ﱡﭐ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ
)2ومنها :كونه يوم الزينة ،وهو اِلوم اّلي كرس فيه موس عليه السالم سحر
سحرة فرعون وأظهر اهلل تعال لع يد موس معجزة العصا الاهرة اليت
انقلبت ثعبانا حقيقيا يسَع فيأكل ك حبال السحرة االثنتني والسبعني،
ﱡﭐﲕﲖﲗﲘﲙﲚﲛﲜﱠ ،وإنما اكن ذلك من موس ﷺ
ُتديا لهم وتعجزيا ال أمرا بأن يأتوا السحر واألفعال المنكرة ،بل هو ﷺ
شأنه كشأن سائر األنبياء يأمر باملعروف وينه عن المنكر .وًكن مآل
ُ ُ13 ُيفُيوُ ِمُُُ ُ ُ ُ ُُُِ
ُاعشوراءُ عةُُُِ ُُُ ُالُُ ُُ ُِ ُُُُ ُُ ُِ
وادُثُالواقُ ُ ذُكرُُُُ ُ ُِ
ُبعضُُُ اعشوراءُ ُ ُِ ُُ:
ومُنها :أنه اِلوم اّلي نّج اهلل تعال فيه موس وبِن إرسائيل من فرعون
ُ ُُِ ُ ُ )3
وجنوده اّلين أهلكهم يف الحر ،ﱡﭐﱁﱂﱃﱄﱅﱆﱇﱈ
ﱙ ﱚﱛ ﱜﱠ .
ومُنها :أنه اِلوم اّلي نّج اهلل فيه إبراهيم عليه السالم من انلار اليت رماه
ُ ُُِ ُ ُ )4
بها الكفار بأمر امللك انلمرود ،فلم ُترق انلار إبراهيم ولم تصبه بأذى وال
ثيابه ،ألن انلار ال ختلق اإلحراق ،إنما اهلل خيلق اإلحراق فيها إن شاء،
فقض اهلل أن ال ُترق هذه انلار إبراهيم ﷺ وال ثيابه ،قال اهلل تعال :ﱡﭐﲦ
ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﱠ.
ومُنها :أنه اِلوم اّلي تاب اهلل فيه لع سيدنا آدم عليه السالم بعد أن اكن
ُ ُُِ ُ ُ )5
حصل منه من اّلنب الصغري ما ال خسة فيه ول دناءة كما أخَب اهلل عنه
يف القرآن بقوهل تعال :ﱡﭐﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ
ﲫﱠ ،فاكن ذلك من آدم عليه السالم قبل أن ينبأ ،وتاب فتاب اهلل
عليه ،ﱡﭐﱁﱂﱃﱄﱅﱆﱇﱈﱉﱊﱋﱌﱠ.
ومُنها :أمور أخرى يروى أنها حصلت يف يوم اعشوراء مع بعض األنبياء
ُ ُُِ ُ ُ )6
كسيدنا سليمان وسيدنا يونس وسيدنا يوسف وسيدنا أيوب عليهم الصالة
ُ ُ14 ُيفُيوُ ِمُُُ ُ ُ ُ ُُُِ
ُاعشوراءُ عةُُُِ ُُُ ُالُُ ُُ ُِ ُُُُ ُُ ُِ
وادُثُالواقُ ُ ذُكرُُُُ ُ ُِ
ُبعضُُُ اعشوراءُ ُ ُِ ُُ:
ُُ ُ ُ ٌُ ُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ
مُنُُحُسُيُُُ،
مُنُُوُأُناُُُ ُِ ُ
ماجه عن يعّل بن مرة أن رسول اهلل ﷺ قالُ« :حُسُيُُُ ُِ ُُِ
ُُُ ُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ٌ ُ ٌُ
مُنُُُُاألُسُباُُ ُ
طُِ». يُُُُ ِسُبُطُُُ ُِ ُاّللُُمُنُُُأُحُبُُُحُسُيُنُاُُُ،حُسُ
ُأُحُبُُُُ ُ
وقد جاء يف احلديث اّلي رواه عبد بن حيد عن أم سلمة ريض اهلل عنه
قالت :اكن انلب ﷺ نائما يف بييت فجاء حسني يدرج ،قالت :فقعدت لع
الاب فأمسكته ُمافة أن يدخل فيوقظه ،قالت :ثم غفلت يف شء فدب
فدخل فقعد لع بطنه ،قالت :فسمعت نيب رسول اَّلل ﷺ فجئت فقلت:
ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُ ُُ اُجُُُاءُ ُ
ُالسَُلُمُ بُُُيلُُُعُلُيُ ِهُُُُُِ ُ ُج
ِ ُُ ِن
ُ ِ ُ ُُُ يا رسول اهلل ،واهلل ما علمت به ،فقالُ« :إ ُُُِنم
ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ٌُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُُ ُ ُُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُُ ُُ
ُ ُ
ُ:إُِنُُُأُمُتُكُُُسُتُقُتُلُهُُ، ُ:نُعُمُُُ ،قُُالُُ ُ؟ُفُقُلُتُُُ ُِلُُُأُُتُُِبُهُ ُُ
اعُدُُُ ،فُقُُالُ ُ ُِ
ُوُهُوُُُىلعُُُبُطُ ُِنُُُقُُ ُِ
ُ ُُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ
اِنُاحُهُُُُفُأُتُ ُ ُِ
ِبُنُُ ُِ ِ
ُ:فَُضُبُُُ ُِ ُ:بُلُُُ،قُُالُُُ ُ:فُقُلُتُُُ ا؟ُقُُالُُُ
ُالُ ُِِتُُُيُقُتُلُُُبُُِهُُ ُُ
ُالُّتُبُةُُُ
ُأُالُُُأُ ِرُيُُكُُُُ
ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُ
ُشُعُ ِرُُيُُ اُيلُتُُ ِ ُالُّتُُبُُِةُ» ،قالت :فإذا يف يده تربة حراء وهو يبِك ويقولُ« :يُُُ ذُه ُُُُُِ
ُبُُِهُ ُِ
ُ ُ ُ ُ ُُ ُُ ُ ُ ُ
دُيُ؟» ،وقد روي هذا احلديث بنحو ذلك عند أحد وابن ُمُنُُُيُقُتُلُكُُُبُعُ ُِ
حبان والبار وأب يعّل والطَباين وغريهم.
قال جعفر بن سليمان :حدثتِن أم سالم خاليت قالت :لما قتل احلسني بن
لع ريض اهلل عنهما ،مطرنا مطرا لع اليوت واحليطان اكدلم ،فبلغِن أنه
اكن بالَصة والكوفة وبالشام وبراسان حت كنا ال نشك أنه سيَنل
عذاب.
وروى احلافظ أبو حممد عبد العزيز الكتاين احلافظ عن أسد بن القاسم
احللب قال :رأى جدي صالح بن الشحام بلب -وًكن صاحلا دينا -يف
انلوم كبا أسود وهو يلهث عطشا ولسانه قد خرج لع صدره ،فقلت :هذا
ُ ُ16 ُُُُ
تنبُِيه
اعشوراءُُُُ:
كب عطشان ،دعِن أسقه ماء أدخل به النة ،وهممت ألفعل فإذا بهاتف
يهتف من ورائه وهو يقول :يا صالح ال تسقه ،هذا قاتل احلسني بن لع
يعذب بالعطش إل يوم القيامة.
وحَك أبو عبد اهلل طاهر بن حممد بن أحد احلدادي قال :سمعت بعض
مشايخ َيِك أن رجال ممن قتل احلسني ريض اهلل عنه قال :ما أكث ما
يكذب أهل العراق ،إنهم يقولون :إنه لم يشهد قتل احلسني أحد إال أصيب
ببالء ،وإين شهدته فما أصابِن شء ،وًكن ضيفا عند قوم ،فقام ِلصلح
الرساج فتعلقت به شارة فاشتعل نارا ومات لع املاكن.
يه ُ
تنبُُُُِ
ُُُ
روي عن الشيخ اإلمام القطب شيخ اإلسالم ويل اهلل الصالح أب حممد عبد القادر
اليالين ريض اهلل عنه" :وقد طعن قوم لع من صام هذا اِلوم العظيم وما ورد
فيه من العظيم ،وزعموا أنه ال يوز صيامه ألنه يوم قتل احلسني بن لع ريض
اهلل تعال عنهما فيه ،وقالوا :ينبيغ أن تكون المصيبة فيه اعمة لميع انلاس".
ولو جاز أن يتخذ يوم موته يوم مصيبة لاكن يوم االثنني أول بذلك إذ قبض اهلل
عز وجل نبيه ﷺ فيه ،وفقد رسول اهلل ﷺ أعظم من فقد غريه ،وقد اتفق
المسلمون لع شف يوم االثنني وفضيلة صومه وأنه تعرض فيه ويف اخلميس
أعمال العباد".
ُُ
ُ ُ17 ُاعشوراءُُ
ُيفُيوُ ِمُُُ ُ ُ ُ ُُ
عةُُُِ ُُُ ُالُُ ُ ِ
وسُ ُ حديثُُُ
اعشوراءُُ ُ ُُ:
ُُ
ُاعشوراءُ ُ
ُيفُيوُ ِمُُُ ُ ُ ُ ُُُ
عةُُُِ ُُُ ُالُُ ُِ
وسُ ُ حديثُُُ
ُ ُ ُُ
ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ
السُنُةَُُُكُهاُ» فقد عُيُاُ ِلُُُُُِ ُِيفُُُيُوُُ ِمُُُاعُشُ ُ
ورُُُاءُُُُوُُسُعُُاهللُُعُلُيُ ِهُُُُُ ىلعُُ ُِ
وأما حديثُ« :مُنُُُوُسُعُُُ ُ
اختلف يف إسناده ،واخلالصة ما قاهل احلافظ السخاوي يف «املقاصد احلسنة»
ونصه" :إن أسانيده كها ضعيفة ،ولكن إذا ضم بعضها إل بعض أفاد قوة ،بل
قال العرايق يف «أماِله» :حلديث أب هريرة طرق صحح بعضها ابن ناص احلافظ".
وقال احلافظ اليهق يف «الشعب»" :هذه األسانيد وإن اكنت ضعيفة فيه إذا ضم
بعضها إل بعض أخذت قوة".
وقال الفتِن يف «الذكرة»" :وقد ذكره ابن حبان يف «اثلقات» فاحلديث حسن لع
رأيه ،وهل طريق أخرى لع شط مسلم وهو أصح طرقه ،وروي بسند جيد عن
عمر موقوفا".
والعجب من الوهاب حممد ناص األلاين المجسم المتمحدث كيف يتجرأ فيقول
يف كتابه المسَّم «تمام المنة»(" :)1هذا رأي السخاوي وال نراه صوابا ،ألن شط
تقوي احلديث بكثة الطرق -وهو خلوها من مّتوك أو متهم -لم يتحقق يف
هذا احلديث" اه .فاأللاين يزعم بهذا أنه وقع هل من حال الرواة ما خف لع
احلفاظ األربعة اليهق وابن ناص ادلمشق والشمس السخاوي والسيويط ،فهو
بتطاوهل لع هؤالء احلفاظ األربعة اكلعوضة اليت تريد أن تنتفخ فّتى نفسها
أكَب من البل.
فإن قيل :قد صححه احلافظ ابن ناص من بعض الطرق لع انفراد ال نظرا إل
ُمموع الطرق.
قلنا :بل اّلين ضعفوه اكن ذلك منهم نظرا إل بعض الطرق ،وإن اكن قد ثبت
تصحيح ابن ناص هل نظرا إل بعض طرقه فقد عونلا لع من صححه نظرا إل
ُمموع الطرق.
أما من ضعفه اكلعقييل وابن حبان وابن عدي وأمثالم ممن خرجوا بعض طرقه
يف الضعفاء فإنهم لم َيكموا عليه إال من تلك الطرق الضعيفة ولم يتعرضوا
لغريها من الطرق اليت لم تقع لهم ويه اليت لع شط الصحيح أو احلسن كما
ذكره من أسلفنا أقوالهم من احلفاظ.
وأما من حكم بوضعه وهو ابن الوزي احلافظ فلم يورد هل إال طريقا واحدا من
حديث ابن مسعود وآخر من حديث أب هريرة ،لكنه ترك الطريق اآلخر من
حديث أب هريرة وحديث أب سعيد اخلدري وحديث ابن عمر وغريها من
املراسيل واملوقوفات ،ولعله لو وقف عليها لم َيكم بوضعه ال سيما أن متنه ال
خيالف األصول.
ثم إن احلافظ ابن الوزي نفسه رغب بالزيادة يف أعمال الَب يف يوم اعشوراء فقال
يف كتابه «بستان الواعظني»" :فيوم اعشوراء يوم يتقبل اهلل فيه احلسنات ،وترفع
وراءُُ ُُ ُ ُ
ُ ُ19 ُاعشُ ُ ُُ
ثُُ ُ عُلاُاعيلُُُُ ُ ُُُ ُُ
اُمنُأحاديُُ ُِ اُوقُ ُُ ُُُ ُ
اعشوراءُ:مُمُُُ ُ
فيه ادلرجات المرتفعات ،وختلف فيه انلفقات ،وتكث فيه الَبًكت ،ويفرح فيه
ُُ ُ ُُ
ويُ ُوسُعُُُفيهُُُىلعُ
أهل الفاقة واحلاجات .يوم اعشوراء يوم تظهر فيه األعمالُ ُ ،
ُُُ ِلُ ،وتزكو فيه األفعال واألقوال ،ويرحم فيه عبيده ذو اإلكرام والالل ،يوم
العُيا
ُُُ ِ
اعشوراء يوم توصل فيه األرحام ،وتربح فيه الكرام ،وخترس فيه اللئام لمخالفتهم
القرآن واألحاكم ،وعصيانهم الملك العالم ،يوم اعشوراء تفرح فيه األرامل
واأليتام ،ويرحم فيه ذو الود واإلنعام ،ويغفر فيه السيئات واإلجرام" اه.
أقول وأنا مجيل :قرأت لع املسند السيد الشيخ عبد الرحن بن السيد عبد اليح
الكتاين حفظه اهلل [ ]1وهو عن وادله السيد حممد عبد اليح الكتاين [ ]2عن وادله
املسند الشيخ عبد الكبري الكتاين [ ]3عن الشيخ عبد الغِن املجددي ادلهلوي
املدين [ ]4عن املحدث الشيخ إسماعيل بن عبد اهلل الروم [ ]5عن الشيخ
العارف عبد الغِن ابن إسماعيل بن عبد الغِن انلابليس [ ]6عن الشيخ الفقيه
جنم ادلين حممد الغزي ادلمشق [ ]7عن وادله احلافظ حممد بدر ادلين الغزي
ادلمشق [ ]8عن احلافظ جالل ادلين السيويط [ ]9عن مسند ادلنيا يف عَصه
احلافظ حممد بن مقبل احللب الصرييف [ ]10عن الصالح حممد بن أحد المقديس
[ ]11عن الفخر لع بن أحد بن الخاري [ ]12عن أب مكتوم عيىس ابن أب ذر
الروي [ ]13عن أبيه أب ذر عبد بن أحد بن حممد الروي األشعري [ ]14عن
أب حممد عبد اهلل ابن أحد بن حويه الرسخيس [ ]15عن أب عبد اهلل حممد بن
وراءُُ ُُ ُُ ُُ ُ ُُ ُ
ُ ُ20 لسلُُُبُُِيُوُ ِمُُُ ُ
ُاعشُ ُ ُُ ُالمُسُ ُ ُ
الديثُُُُ
اعشوراءُُ ُ ُُُ:
يوسف بن مطر الفربري [ ]16عن إمام احلفاظ أب عبد اهلل حممد بن إسماعيل
ابن إبراهيم الخاري ريض اهلل عنه قال :حدثنا أبو اعصم عن يزيد بن أب عبيد
عن سلمة ابن األكوع ريض اهلل عنه :أن انلب ﷺ بعث رجال ينادي يف انلاس
ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ
ُ،وُمُنُُُلُمُُُيُأُكُلُُُفَُلُُُيُأُكُلُ».
يوم اعشوراءُ« :إُِنُُُمُنُُُأُكُلُُُفُلُيُتُِمُُُأُوُُُفُلُيُصُمُُُ
هذا احلديث من ألع ما وقع لإلمام الخاري ريض اهلل عنه سندا ،إذ هو معدود
األحاديث اثلالثية اإلسناد اليت يفصل يف إسنادها بني الخاري وبني انلب ﷺ
ثالثة من الرواية ،وقد من اهلل لع أن وقع يل هذا احلديث اعِلا أيضا ،واإلسناد
العايل أول من انلازل ألن العلو يبعد اإلسناد من اخللل ،وألن قرب اإلسناد قربة
إل اهلل عز وجل ،وّللك استحبت الرحلة فيه حت قال اإلمام أحد بن حنبل:
"طلب اإلسناد العايل سنة عمن سلف" اه .نعم إذا اكن يف اإلسناد انلازل مزية ال
توجد يف العايل كأن يكون رجاهل أوثق من رجاهل أو أحفظ أو أفقه أو اكن
االتصال فيه أظهر فإن انلازل حينئذ أول.
ُُ ُُ ُُ ُ ُُ ُ
وراءُُ ُ لسلُُُبُُِيُوُ ِمُُُ ُ
ُاعشُ ُ ُُ ُالمُسُ ُ ُ
الديثُُُُ
ُُ ُ ُُ
أقول وأنا مجيل :سمعته من السيد حممد احلبيش يف يوم اعشوراء ،وهو عن أبيه
الفقيه قايض مكة أب بكر بن أحد بن حسني بن حممد بن حسني احلبيش
العلوي احلسيِن األشعري الشافع يف يوم اعشوراء ،قال :حدثِن به شيخنا الشيخ
حممد عبد الايق األنصاري باملدينة الرشيفة سنة 1350ـه يف يوم اعشوراء ،قال:
وراءُُ ُُ ُُ ُُ ُ ُُ ُ
ُ ُ21 لسلُُُبُُِيُوُ ِمُُُ ُ
ُاعشُ ُ ُُ ُالمُسُ ُ ُ
الديثُُُُ
اعشوراءُُ ُ ُُُ:
أخَبين العالمة السيد أمني بن رضوان املدين يف يوم اعشوراء ،قال :أخَبين
العالمة حسن العدوي احلمزاوي يف يوم اعشوراء ،قال :أخَبين حممد األمري
الصغري يف يوم اعشوراء ،قال :أخَبين حممد األمري الكبري يف يوم اعشوراء ،قال:
أخَبين الشهاب أحد الوهري الكبري يف يوم اعشوراء ،قال :أخَبين عبد اهلل بن
سالم الَصي يف يوم اعشوراء ،أخَبنا الشمس حممد الابيل يف يوم اعشوراء،
أخَبنا سالم بن حممد السنهوري يف يوم اعشوراء ،قال :سمعت انلجم حممد بن
أحد الغيطي يف يوم اعشوراء ،أخَبنا أمني ادلين أبو الود حممد بن أحد بن
عيىس بن انلجار إمام جامع الغمري( )1يف يوم اعشوراء ،أخَبنا الفخر حممد بن
حممد السيويط بقراءة احلافظ عثمان ادليم يف يوم اعشوراء ،أخَبنا أبو الفرج
ابن الشحنة( )2يف يوم اعشوراء ،أخَبنا أبو احلسن لع بن إسماعيل بن قريش يف
يوم اعشوراء ،أخَبنا احلافظ زيك ادلين عبد العظيم المنذري يف يوم اعشوراء،
أخَبنا أبو حفص عمر بن طَبزد يف يوم اعشوراء ،أخَبنا أبو بكر حممد ابن عبد
الايق بن حممد األنصاري يف يوم اعشوراء ،أخَبنا أبو حممد احلسن بن لع
الوهري الغد ادي يف يوم اعشوراء ،أخَبنا أبو احلسن لع بن حممد بن أحد بن
كيسان يف يوم اعشوراء ،أخَبنا أبو يوسف القايض يف يوم اعشوراء ،حدثنا أبو
الربيع سليمان الزهراين يف يوم اعشوراء ،حدثنا حاد بن زيد يف يوم اعشوراء،
حدثنا غيالن ابن جرير يف يوم اعشوراء ،حدثِن أبو قتادة ريض اهلل عنه قال :قال
( )1هو جامع أب عبد اهلل الغمري بفتح الغني نسبة إل منية غمر.
( )2بكرس الشني وسكون احلاء.
ُ ُ22 اعشوراءُ ُُ:دُُ ُ ٌ
اعءُُ
ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُُ ُ ُ ُ ُ ُ ُُ ُ ُ
ُالُ ُِِتُ
ُالسُنُةُُُ
ُاهللُُُُِأُنُُُيُكُ ِفُرُُُُ
وراءُ ُُإُِ ُِِنُُُأُحُتُ ِسُُبُُُىلعُُُ يامُُُيُوُ ِمُُُ ُ
ُاعشُ ُ ُُ صُُُُ
رسول اهلل ﷺِ ُ« :
ُُ ُ
ُقُبُلهُُ» .وهذا احلديث أخرجه مسلم يف «صحيحه» والّتمذي وابن ماجه عن
مشاخيهم يف «السَن» عن حاد بن زيد بسنده املذكور وهو حديث صحيح.
ُُ
اعءُ ُ
ُدُ ٌُُ