Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 2

‫للميداني بن صالح قرط أمه ولي أنا خاتم امي‬

‫‪.‬قرط أمي"‪( ،‬شعر)‬

‫معين‪.‬‬ ‫يجف له‬


‫نبع حنان ال ينضب ورم ُز عطاء ال ّ‬
‫الجمعي‪ُ ،‬‬
‫ّ‬ ‫األ ّم‪ ،‬في األدب كما في وعينا‬
‫والدفء والحماية والتّضحية‬‫تتجمع معاني األمان ّ‬
‫ّ‬ ‫‪.‬فيها‬
‫جدت صورتُها سواءٌ كانت فردا ً أو‬
‫هدي وفيه ُم ّ‬ ‫الديوان وإليها ُأ‬
‫فاأل ّم تطالعنا منذ عنوان ّ‬
‫َ‬
‫جمعا ً‬
‫يقول الميداني بن صالح‪:‬‬

‫تذكرت قرط ام ألميداني بن صالح وانا ابحث عما ساقوله وارو يه من ذكر يات عن أمي في الذكرى‬
‫الثالثة والعشرين لوفاتها وكنت قد نذرت لنفسي ان أكتب في كل ذكرى عن جانب من شحصيتها‬
‫وعن صورة من صور كفاحها وتضحيتها في الحياة من أجل تربية أطفالها الستة خمسة وابناء‬
‫وبنت واسعادهم ومساعدة الوالد بما استطاعت اليه سبيلا في توفير مستلزمات العيش الكريم لهم‬
‫رغم ضيق ذات اليدوهي التي لم تكن تشتغل سوى بشؤون المنزل‪.‬‬
‫والمشترك بين قرط الميداني بن صالح وخاتم أمي هو استعمال هذه القطعة او تلك من حلي المرأة‬
‫التي لا تتردد في التفر يط فيها وقتيا بالر ّهن أو نهائيا بالبيع مقابل مبلغ مادي بحسب قيمتها ذهبا‬
‫لصرفه في قضاء شأن من شؤون المنزل او اقتناء بضاعة او اسداء خدمة لفائدة فرد من افراد‬
‫العائلة اجتماعية كانت او صحية او تعليمية‪.‬‬
‫والمشترك ايضا هو ما يحمله هذا التصرف الواعي والتلقائي من الُأ مّ من معاني الكرم الذي لا‬
‫ينضب والعطاء الذي لا يجف له معين والتضحية بالغالي والنفيس بلا حساب ودون انتظار‬
‫مقابل‪.‬‬
‫وإن كان الميداني بن صالح يقول على لسان أمّه‪: ‬‬
‫"ورن َْت لي ‪ ,‬ودموع العين تجري‬
‫خذه يابني‬
‫إنه ذخري الأخير‬
‫‪1‬‬
‫لك ‪ ,‬يا كنزي الكبير"‬

‫‪1‬‬
‫أمي ‪ ،‬من ديوان يحمل نفس العنوان ‪ ،‬الدار التونسيّة للنشر‪ ،‬تونس‪ ،‬الطبعة األولى ‪1969‬‬
‫مقتطف من قصيدة قرط ّ‬
‫فقد ارتبط خاتم أم ّي بإحدى الذكر يات التي بقيت عالقة في مخيلتي والتي كلما استعرض شر يطها‬
‫إلا ّ وتطالعني صورة أم ّي وقد تجمعت فيها معاني الأمان والحنان والحماية والتضحية وهي تنزع خاتمها‬
‫من بنصرها لتسلّمني إ ي ّاه قائلة بكل لطف‪ : ‬إذهب وخذ لك به دواء من الصيدلية يقاوم ما تعانيه‬
‫من إسهال‬
‫كنت اصبت وقتها بإسهال شديد ولم يكن يتوفر في البيت ما يكفي لاقتناء دواء وكانت أم ّي قد‬
‫تعودت على رهن خاتمها لدى الصيدلية الوحيدة في مدينة الضاحية الجنوبية التي كنا نسكن فيها‬
‫كلما مرض احد من افراد العائلة على ان تسترجع خاتمها بعد سداد قيمة المقتنيات من الادو ية‬
‫نقدا‪.‬‬
‫كما كانت ترهن ان لزم الامر كل ما تملك من حلي على قلّته لدى القباضة المالية كلما كان المبلغ‬
‫الذي كانت تحتاجه أكبر‪ ,‬وهذا الإجراء كان شائعا في زمن مضى وتلجأ اليه العديد من ربات‬
‫البيوت كل ّما انعدمت السيولة النقدية لديها وهو يساوي الاقتراض البنكي الذي نعرفه اليوم‪.‬‬

You might also like