Professional Documents
Culture Documents
اصرف بصرك
اصرف بصرك
حرق شجرة اإليمان
رمادا.
يوقد نار الشهوة التي تحرق شجر اإليمان ،وال تتركه حتى تجعله ً
قال العالء بن زياد" :ال ُت ْتبِ ْع بصرك ِرداء المرأة ،فإن النظر يجعل شهوة في القلب" ،وقال ابن
مفلح وهو يفضح تزيينالشيطان للعورات أضعاف ما هي عليه من الجمال" :ليحذر العاقل إطالق
البصر ،فإن العين ترى غير المقدور عليه على غير ما هو عليه".
وأكثر قسوة القلوب اليوم هي من إطالق البصر.
وكيف يطمع في النظر إلى وجه اهلل الكريم من خالف أمره بالنظر الذي ََأمره به الشيطان
الرجيم!
الدنيا باختصار :موسم اختبار ،فيه تختار ،بين نعيم الجنة وجحيم النار.
النظر بريد الزنا..
والزنا ليس بالضرورة زنا الفرج ،بل يشمل كذلك زنا القلب بالعشق والغرام ،وزنا اليد باللمس
واالختالط ،وزنا القدم بالسعي إلى الحرام وأماكن الموبقات ،ومن أق َدم على هذه المقدِّمات
تجرأ بعدها والبد على الفواحش والمنكرات.
ِ
فالعينان زناهما الزنى مد ِر ٌك ذلِ َ
ك ال َمحالةَ ، من ِّ ب على اب ِن َ
آدم نصيبُهُ َ
ِ
في الحديثُ « :كت َ
نان زناهما االستماعُ» (صحيح مسلم ،)]2657[ فبدأ بزنا العين ألنه البوابة إلى النَّظر ،واألذُ ِ
ُ
زنا اليدين والرجلين والقلب والفرج.
وال تستبعد المسافة بين زنا العين وزنا الفرج ..رحلة قد تطول أو تقصر ،والشيطان ال يهمه ُب ْع ُد
ص بك ،وفي االنتظار.
المسافات ،فمشوار األلف ميل يبدأ بخطوات ،وهو متربِّ ٌ
اصرف بصرك!
قال جرير بن عبد اهلل" :سألت رسول اهلل ﷺ عن نظرة الفجأة؟" ،فقال« :اصرف
بصرك»( صحيح أبي داود ،)]2148[ وأنس بن مالك بن النَّضر وقد طالت صحبته للنبي ﷺ
فغمض عينيك حتى تمضي" .والنظرة ٍ
سنوات قال يوصيك" :إذا لقيت امرأ ًة ِّ حتى بلغت عشر
ذكرا أم أنثى ،وهي لك ،وما زاد
األولى هي لبيان الجنس ،أي التي تميِّز بها جنس من رأيتً :
عليها فهو عليك!
ين}[ النور من اآلية: ولم يقل سبحانه قل للناس يغضوا من أبصارهم؛ لكن قال{ قُل لِل ِ ِ
ْمْؤ من َ
ْ ُ
{ ،]30وقُل لِلْمْؤ ِمنَ ِ
ات}[ النور من اآلية ،]31:فال يستجيب ألمر اهلل إال المؤمنين والمؤمنات. َ ْ ُ
التوبة الفورية!
كلما كانت توبتك أسرع كان قبولها إليك اقرب!
وباب التوبة مفتوح ،وبوارق األمل تلوح ،لكن إياك والتأخُّر! فقد يأخذك الموت على حين
ِغ َّرة؛ فإنه اهلل على محارمه غيور ،وإن أقمت على معاصيه وأنت غار ٌق في نعمه فاحذر إمهال
الصبور ،وأبشر بعظيم مغفرته وسعة رحمته ..إنه غفور شكور.
المهلكة!
تفكر في عواقب النظرة ُ
في الحديث« :إن الشيطان قد أيس أن يعبد بأرضكم هذه ،ولكنه قد رضي منكم بما
تحقرون»( صحيح المسند.)]1384[ ِ
والتدرج حيلة إبليسية متكررة على مدار التاريخ .قيل لحذيفة بن اليمان" :أتركت بنو إسرائيل
بشيء تركوه ،وإذا نهوا عن ٍ
شيء ركِبوه، ٍ دينها في يوم؟" ،قال" :ال ،ولكنَّهم كانوا إذا ُِأمروا
حتى انسلخوا من دينهم كما ينسلخ الرجل من قميصه".
قديما :حبس اللحظات أيسر من دوام الحسرات.
وقد قيل ً
وهي حسرات كثيرة:
ٍ
أوقات توجب فوت الحسنات على حساب شراء السيئات. -حسرة ذهاب
-وحسرة إنفاق الدرهم والدينار في سبيل شراء النار.
-وحسرة ضياع المنزلة والمهابة عند األهل واألصحاب وأصحاب المكانة.
-وحسرة سلب ٍ
نعمة حالية وحرمان ٍ
رزق حاض ٍر دنيوي وإيماني.
-بل وحسرة فقدان ٍ
نعمة مقبلة ٍ
ورزق واسع مرتقب عقوبة على إساءتك.
المحرمة.
َّ وغم وحزن وخوف ال يداني أبدا لذة النظرة
هم ٍّ
-وحسرةٌ بحصول ٍّ
سم قاتل
الفراغ فيه ٌّ
ألن الشهوة إنما تشتعل في الفراغ ،وتخمد شعلتها بعواصف العمل ورياح االنشغال ،ومن ترك
قدم قلبه لقمة سائغة لشيطان يقلِّبه حيث يشاء ،ومن شغل وقت فراغه فقد
نفسه فارغا فقد َّ
انتزع السكين من يد إبليس قبل أن يذبحه به!
راقب الوساوس والخواطر
قديما قال بعض الصالحين" :من راقب اهلل في خواطره ،عصمه في حركات جوارحه".
والتفكير في حد ذاته ال يأثم عليه اإلنسان ،لكن االستغراق في التفكير في الحرام أخطر ما
يكون على الشاب والفتاة ،فإذا ألقى الشيطان في روعك الوساوس والخطرات فإياك أن
تسترسل معها ،وإال قادتك للغواية ،وهوت بك إلى شر غاية ،بل اقطعه في الحال ،واشغل
تفكرا في الخيرات تنزع عنه التفكير
فكرك بالخير تنطرد عنك فكرة الشر ،وامأل وعاء عقلك ً
في السيئات ،وخواطر السوء غالبًا ما تزورك عند االنفراد أو النوم ،فال تدع نفسك فارغا ،وال
تذهب إلى فراشك إال متعبا ،أو ذاكرا هلل بلسانك حتى حلول نعاسك.
العفة استعداد!
فالبداية من عندك ،وحبل االستقامة طرفه بيدك ،وقد أرشدك رسول اهلل ﷺ« :من يستعفف
ِيع َّفه اهلل ،ومن يست ْغ ِن يُغنِه اهلل ،ومن يتصبَّر يُصبِّره اهلل»( صحيح البخاري.)]1469[
فإمداد اهلل لك بطوق النجاة بحسب استعداد قلبك لتلقفه والتشبث به ،وهالكك قرار كما أن
النجاة قرار! وهو ما يشبه ما يسمى بقانون الجذب لكن بمنظو ٍر إيماني ،فالعفة تنجذب لطالب
العفة ،والصبر ينزل في قلب المتصبِّر أي طالب الصبر؛ الراغب فيه.
وفي حديث أبي هريرة :قال رسول اهلل ﷺ« :ثالثةٌ َح ٌّق على اهلل عونهم :المجاهد في سبيل
ب الذي يريد األداء ،والنَّاكِ ُح الَّذي يُري ُد العفاف»( سنن الترمذي،]1655[
والمكاتَ ُ
اهللُ ،
حسن).