Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 88

‫نابليون األمبراطور‬

‫المؤلف‬
‫حيدر جاسم محمد‬
‫المحتويات‬
‫المقدمة‬
‫‪ -1‬كورسيكا واألصول‬
‫‪ -2‬شاب له مستقبل‬
‫‪ -3‬اللمعان في ايطاليا‬
‫‪ -4‬حملة مصر‬
‫‪ -5‬برومير نحو القنصل‬
‫‪ -6‬قبل التتويج حرب أو سالم‬
‫‪ -7‬اإلمبراطور‬
‫‪ -8‬حرب الى الالنهاية‬
‫‪ -9‬أوسترليتز‬
‫‪ -11‬اإلمبراطورية‬
‫‪ -11‬الحصار‬
‫‪ -12‬شبه الجزيرة األيبيرية‬
‫‪ -13‬واجرام‬
‫‪ -14‬الطريق الى روسيا‬
‫‪ -15‬اليبزيغ‬
‫‪ -16‬أخير محاولة‬
‫المقدمة‬

‫األمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت شخصية‬


‫شهيرة ال يوجد األ القليل من هم يجهلونها ‪ ،‬هذا‬
‫ليس المهم ‪ ،‬ألن المهم ما هي الصورة التي أخذوها‬
‫عنه ‪ ،‬هل كان رجل الخير أم الشر ‪ ،‬كيف سيطر‬
‫على أوروبا ‪ ،‬سوف نتحدث عن جميع حمالته‬
‫العسكرية ‪ ،‬ومعاركه الكبيرة ‪ ،‬وكذلك سنتناول‬
‫حياته الشخصية المبكرة ‪ ،‬كيف تتدرج من مالزم‬
‫الى أمبراطور ‪ ،‬كل هذا في هذا الكتاب بكل‬
‫حيادية وموضوعية ‪ ،‬كيف صعد منتصرا وكيف‬
‫سقط خاسرا‪.‬‬
‫كورسيكا‬
‫ترجع أصول عائلة بونابرت حسب أقدم األشارات‬
‫‪ ،‬الى ضابط أسمه أوغو بونابرت ‪ ،‬سنة ‪1122‬‬
‫شارك بجانب فريدريك دوق شوابيا ذو العين‬
‫الواحدة في حروبه ‪ ،‬وكان أصل بونابرت يعود الى‬
‫توسكانا ‪ ،‬وكان بعض البونابرتيون من مالك‬
‫األراضي الذين يعيشون بين فلورنسا وليفورنو ‪،‬‬
‫قبل أن يستقر بعضهم في كورسيكا الجزيرة التي‬
‫تقع بين أيطاليا وفرنسا على البحر المتوسط ‪ ،‬هاجر‬
‫فرانشيسكو بونابرت إلى كورسيكا في عام ‪، 1529‬‬
‫وعائلة كارلو بونابرت أستقرت في أجاكسيو‬
‫بكورسيكا ‪ ،‬منذ عام ‪ ، 1682‬صباح يوم ‪ 2‬يونيو‬
‫‪ 1764‬بدأت األجراس البرونزية لكاتدرائية‬
‫أجاكسيو تدق ‪ ،‬أحتفاال بزواج كارلو بونابرت ‪،‬‬
‫وهو محام طويل ونحيف يبلغ من العمر ثمانية‬
‫عشر عاما ‪ ،‬من الجميلة ليتيزيا رامولينو ‪ ،‬أربعة‬
‫عشر سنة ‪ ،‬زواجهما كان عن طريق الحب ‪ ،‬فعادة‬
‫أهل كورسيكا وحتى العوائل النبيلة أنهم ال يضعون‬
‫عقبات أمام الزواج مثل المال والثروة أو النسب‬
‫النبيل ‪ ،‬عكس ما هو سائد في أغلب البلدان‬
‫األوروبية خاصة بريطانيا وفرنسا ‪ ،‬كورسيكا كانت‬
‫تحكم من قبل جمهورية جنوة ‪ ،‬التي فرضت‬
‫ضرائب كبيرة على الكورسيكيون كارلو بونابرت ‪،‬‬
‫مثل كل الكورسيكيون ‪ ،‬كره حكم جنوة ‪ ،‬التي‬
‫فرضت هذه الضرائب ‪ ،‬ظهر يوم الثالثاء ‪15‬‬
‫أغسطس ‪ 1769‬أصرت ليتيزيا رغم حملها على‬
‫الذهاب الى كاتدرائية أجاكسيو ‪ ،‬للمشاركة في عيد‬
‫األفتراض الخاص بالعذراء مريم ‪ ،‬وفي الكاتدرائية‬
‫شعرت بآالم المخاض ‪ ،‬وأنجبت طفلها نابليون ليس‬
‫على السرير ‪ ،‬ولكن على كومة من النسيج ‪ ،‬عاش‬
‫نابليون طفولة هادئة مع العائلة ‪ ،‬في أجاكسيو‬
‫الجميلة ‪ ،‬التي زارها المحامي األسكتلندي جيمس‬
‫بوسويل وقال "أجاكسيو هي أجمل مكان في‬
‫كورسيكا ‪ ،‬فيها الكثير من الكثير الشوارع الجميلة‬
‫‪ ،‬والحدائق الجميلة " ‪ ،‬كارلو بونابرت سعى‬
‫لألنفصال عن جنوة ‪ ،‬قبله الزعيم الكورسيكي‬
‫الكاريزمي باسكالي باولي أعلن أستقاللها سنة‬
‫‪ ، 1755‬ولكنها عادت لحكم جنوة ‪ ،‬فرنسا دخلت‬
‫على الخط لويس الخامس عشر فقد مينوركا مؤخرا‬
‫في حرب السنوات السبع ‪ ،‬وكان حريصا على أن‬
‫يوازن قوته في البحر األبيض المتوسط‪ .‬وقع صك‬
‫شراء كورسيكا من جنوة في فرساي يوم ‪ 15‬مايو‬
‫ً‬
‫خططا‬ ‫‪ 1768‬مقابل ‪ 41‬مليون فرنك ‪ ،‬ووضع‬
‫لالستحواذ عليها على الفور ‪ ،‬في أغسطس ‪1768‬‬
‫حاصرت السفن الحربية الفرنسية الجزيرة ‪ ،‬ونزل‬
‫فيها ‪ 11‬ألف مقاتل فرنسي ‪ ،‬الغالبية رحبوا بالحكم‬
‫الفرنسي الجديد ‪ ،‬وبعضهم أعتبره أحتالل ‪ ،‬المهم‬
‫كورسيكا لم تشهد أي أستقالل حتى اليوم ‪ ،‬نابليون‬
‫نفسه قال " لقد ولدت حتى عندما كان وطني‬
‫يموت" ‪ ،‬نابليون بونابرت كان فخور لكونه من‬
‫أصول أيطالية ‪ ،‬كان يقول أنه وريث الرومان‬
‫القدماء ‪" ،‬أنا من الساللة التي أسست‬
‫اإلمبراطوريات" ‪ ،‬باولي عارض الفرنسيون ‪،‬‬
‫كارلو تخلى عنه وعينته فرنسا لتمثيل طبقة النبالء‬
‫الكورسيكيون في باريس في عام ‪ ، 1777‬وأغرته‬
‫زياراته للملك الفرنسي لويس السادس عشر في‬
‫قصر فرساي الذي شاهده مرتين في حياته ‪ ،‬والد‬
‫زوجته كان محافظ أجاكسيو ‪ ،‬وبعد ذلك مفتش‬
‫كورسيكا للطرق والجسور ‪ ،‬نابليون عاش وسط‬
‫عائلة نبيلة من المستوى المتوسط ‪ ،‬تمكنت من‬
‫تعيين خدامة وطاهي ومساعد ‪ ،‬درس األبتدائية في‬
‫أجاكسيو كان طموح وال يحب الخسارة منذ صغر‬
‫سنه ‪ ،‬ذكر أخوه األكبر جوزيف الحقا كيف ‪ ،‬في‬
‫مدرستهم االبتدائية ‪ ،‬متى ما تم توجيه الطالب ألن‬
‫يجلسوا تحت العلم الروماني أو القرطاجي ‪ ،‬أصر‬
‫نابليون على ذلك تبادل األماكن ورفض االنضمام‬
‫إلى القرطاجيين ‪ ،‬والده أصر على أن يدخل نابليون‬
‫المدرسة العسكرية وأن يكون مكان دراسته فرنسا‪.‬‬
‫شاب له مستقبل‬
‫في أبريل ‪ ، 1779‬بعمر عشر سنوات ‪ ،‬تم قبول‬
‫نابليون في الجيش الملكي بمدرسة عسكرية فرنسية‬
‫هي برين "‪ ، "Brienne-le-Château‬وهي‬
‫من المدارس العسكرية الجيدة ‪ ،‬أسسها لويس‬
‫السادس عشر في عام ‪ ، 1776‬كانت تدار من‬
‫رجال الدين ‪ ،‬تعلم نابليون فيها الرياضيات ‪،‬‬
‫الالتينية ‪ ،‬التاريخ ‪ ،‬الفرنسية ‪ ،‬األلمانية ‪ ،‬الجغرافيا‬
‫‪ ،‬الفيزياء ‪ ،‬التحصينات واألسلحة والمبارزة‬
‫والرقص والموسيقى ‪ ،‬تنمر الطلبة على نابليون‬
‫ولقبوه قشة على األنف ‪ ،‬نابليون كان متفوق في‬
‫دراسته ‪ ،‬أمه رفضت أن يدخل قسم البحرية خوفا‬
‫عليه من الغرق ‪ ،‬لذا أدخلته قسم المدفعية ‪ ،‬في ‪19‬‬
‫أكتوبر ‪ ، 1784‬نابليون بونابرت البالغ من العمر‬
‫خمسة عشر عاما دخل أبواب المدرسة العسكرية‬
‫في باريس ‪ ،‬هناك فتحت له أفاق جديدة دراسته‬
‫تطورت ‪ ،‬وفقد والده حيث توفي كارلو بونابرت‬
‫في ‪ 24‬فبراير ‪ 1785‬بسبب سرطان المعدة ‪ ،‬تعليم‬
‫نابليون تمركز حول العظماء ‪ ،‬فهو أطلع على‬
‫كتاب جمهورية أفالطون ‪ ،‬ودرس عن دول‬
‫وممالك الفرس القدماء سواء األخمينيين أو‬
‫الساسانيين ‪ ،‬وحكومات اليونان القديمة مثل أثينا ‪.،‬‬
‫ثم توجه إلى مصر القديمة ‪ ،‬قرطاج ‪ ،‬وحتى آشور‬
‫‪ ،‬والتاريخ الفلسفي والسياسي األوروبي والتطورات‬
‫التجارية في الشرق وجزر الهند الغربية كان دائما‬
‫مفتون ببريطانيا لذا أطلع على تأريخها من خالل‬
‫كتاب مترجم للفرنسية من األنجليزية تحت عنوان‬
‫تاريخ إنجلترا ‪ ،‬من غزو يوليوس قيصر إلى‬
‫التوقيع على مقدمات السالم ‪ ، 1762‬لمؤلفه جون‬
‫بارو ‪ ،‬ولم ينسى األطالع على تأريخ العرب تحت‬
‫الخلفاء من خالل كتاب فرانسوا أوجيه دي ماريغني‬
‫تأريخ العرب ‪ ،‬وتأريخ تركيا تحت حكم السالطين‬
‫‪ ،‬لما تخرج أصبح مالزم ثاني خدم في فاالنس ‪،‬‬
‫على نهر الرون ‪ ،‬في أيام نابليون كانت مدينة‬
‫ممتعة فيها يعيش ‪ 5111‬نسمة ‪ ،‬فيها معالم مهمة‬
‫أبرزها العديد من األديرة والدروع الجميلة مثل‬
‫قلعة قوية بناها فرانسوا األول وتم تحديثها من قبل‬
‫فوبان ‪ ،‬في يناير ‪ 1786‬تولى نابليون مهامه‬
‫الكاملة كمالزم ثان راتبه لم يكن يكفي نفقاته ‪،‬‬
‫حتى لما أصبح مالزم أول لم يكن هذا هو طموحه‬
‫ربما غيره قبل بالواقع ‪ ،‬أما هو أراد يقلب الواقع ‪،‬‬
‫لحسن حظه عاش في فترة صعود الطبقة الوسطى‬
‫والثورة الفرنسية التي اندلعت في ‪ 14‬يوليو ‪1789‬‬
‫‪ ،‬عندما أقتحم الغوغاء الباستيل ‪ ،‬هذه األحداث‬
‫سمحت له بأن يصعد ويرتفع نجمه ‪ ،‬نابليون كان‬
‫مع سقوط الملكية ‪ ،‬حتى أنه شارك مع الحكومة‬
‫الثورية في قمع المتظاهرين الذين كانوا مؤيدين‬
‫للملك لويس السادس عشر ‪ ،‬كان نابليون برتبة مقدم‬
‫في باريس في ‪ 21‬يونيو ‪ 1792‬عندما هاجم‬
‫الغوغاء التويلري ‪ ،‬وقبضوا على لويس السادس‬
‫عشر وماري أنطوانيت ‪ 11‬أغسطس ‪ ،‬وذبحوا‬
‫حراسهم السويسريون ‪ ،‬في ‪ 21‬سبتمبر ‪1792‬‬
‫أعلنت فرنسا رسميا جمهورية ‪ ،‬وأعلنت الجمعية‬
‫أن لويس السادس عشر سيحاكم على التعاون مع‬
‫العدو والجرائم ضد الشعب الفرنسي ‪ ،‬قطع رأس‬
‫لويس السادس عشر في ‪ 21‬يناير ‪ ، 1793‬ماذا‬
‫سوف يحدث بعد أعدام الملك كان هذا هو السؤال ‪،‬‬
‫الفيلسوف السياسي إدموند بورك ‪ ،‬الذي ألف كتابه‬
‫تأمالت في الثورة في فرنسا في وقت مبكر من عام‬
‫‪ 1791‬تنبأ بعهد اإلرهاب وصعود دكتاتور في‬
‫الالنهاية ‪ ،‬جائت فرصة مميزة لنابليون تم تعيينه‬
‫مسؤوال عن قسم المدفعية ‪ ،‬لحملة تحرير طولون‬
‫من الحصار البريطاني ‪ ،‬في ‪ 11‬يونيو ‪1793‬‬
‫غادر بونابرت كالفي الى طولون ‪ ،‬كان تحت أمر‬
‫الجنرال جان فرانسوا دوجومير الذي يعتبر مكتشف‬
‫موهبة نابليون وأول مقدر لها ‪ ،‬اعتمد مجلس‬
‫الحرب الرئيسي رسميا خطة نابليون أعطى‬
‫دوجومير إشارة للهجوم الشامل ‪ ،‬الذي تم إطالقه‬
‫في ‪ 17‬ديسمبر مع قصف مدفعي الساعة ‪9011‬‬
‫صباحا ‪ ،‬في ‪ 19‬ديسمبر ‪ ،‬الجيش الثوري للجنرال‬
‫دوجومير أخيرا أسترجع طولون ‪ ،‬والرائد بونابرت‬
‫تمت ترقيته في ‪ 18‬أكتوبر ‪ ،‬وفي ‪ 22‬ديسمبر‬
‫‪ ، 1793‬حصل على ترقية إضافية إلى عميد‬
‫جنرال ‪ ،‬بحلول يوليو ‪ ، 1794‬أمر أوغسطين‬
‫روبسبير نابليون بالتوجه الى أيطاليا ‪ ،‬بقى نابليون‬
‫في جنوة دون معرفة أن روبسبير تم أسقاطه‬
‫وأعدامه ‪ ،‬ولما عاد الى فرنسا كان حزينا عندما‬
‫سمع خبر سيء ‪ ،‬وهو أحتمالية أخذ مهمة إلى تركيا‬
‫لتنظيم وتحديث مدفعية اإلمبراطورية العثمانية ‪،‬‬
‫ولكنه أمر لم يحدث ألنه تزوج جوزوفين أمرأة لها‬
‫نفوذ داخل الدولة ‪ ،‬فهي أرملة ضابط سابق ولها‬
‫عالقات مع الضباط ‪ ،‬مثال أنتشر في باريس أنها‬
‫عشيقة بول باراس الذي قمع نابليون معه‬
‫المتظاهرين الملكيون ‪ ،‬عقد الزواج تم بسرعة‬
‫جوزفين أعطت تاريخ ميالدها عام ‪( 1767‬بدالً‬
‫من ‪ ، )1763‬ونابليون مثلها ‪( 1768‬بدالً من‬
‫‪ ، )1769‬مضيفا الى ذلك باريس مكان والدته‬
‫(وليس أجاكسيو) ‪ ،‬من هنا بدأ وأن هذا الجنرال‬
‫الشاب له مستقبل كبير ‪ ،‬سوف يتم تعيينه قائد على‬
‫الجيوش الفرنسية التي سوف تغزو أيطاليا‪.‬‬
‫اللمعان في ايطاليا‬
‫واجهت فرنسا األعداء المتبقون في الحلف األول‬
‫وهم إمبراطور النمسا ‪ ،‬وملك سردينيا ‪ ،‬فيكتور‬
‫أماديوس الثالث ‪ ،‬وبريطانيا العظمى ‪ ،‬كانت مهمة‬
‫نابليون أستعادة جزيرة كورسيكا من البريطانيون‬
‫في ‪ 7‬فبراير ‪ ، 1794‬تم تعيين نابليون قائد مدفعية‬
‫جيش تحرير الجزيرة ‪ ،‬و في ‪ 3‬مارس ‪1795‬‬
‫أبحر من مرسيليا مع ‪ 15‬سفينة ‪ ،‬و ‪ 1174‬مدفع و‬
‫‪ 17‬ألف مقاتل ‪ ،‬تم أستعادة الجزيرة وعاد نابليون‬
‫الى باريس يوم ‪ 8‬مايو وحاول التمتع بجمال المدينة‬
‫وقال"إن ذكرى اإلرهاب ليست أكثر من كابوس‬
‫هنا" ‪ ،‬نابليون شارك في قمع االنتفاضة الملكية ‪5‬‬
‫أكتوبر ‪ 1795‬المسماة "‪ "Vendémiaire‬التي‬
‫قتل فيها ‪ 311‬متظاهر ملكي ‪ ،‬وهذا جعل ثقة‬
‫الجمهوريون الفرنسيون به تزداد مع األعجاب‬
‫بقدراته ‪ ،‬بعدها قررت فرنسا السيطرة على شمال‬
‫أيطاليا ‪ ،‬لذا غادر بونابرت باريس الى أيطاليا في‬
‫‪ 11‬مارس ‪ ، 1796‬حقق نابليون أول نصر له في‬
‫معركة مونتينوت ‪ 12‬أبريل ‪ 1796‬في مملكة‬
‫سردينيا ‪ ،‬فقد النمساويون ‪ 2511‬رجل ‪ ،‬في هذه‬
‫المعركة وعدد كبير من األسرى ‪ ،‬نابليون أخذ‬
‫غنائم كبيرة في ايطاليا منها أثار وتماثيل كثيرة‬
‫وكنوز ومخطوطات ‪ ،‬أشارت الكاتبة والمترجمة‬
‫اإلنجليزية المؤيدة للبونابرتية آن بلومبتري الى أن‬
‫نابليون لم يرتكب جريمة عندما أخذها الى متاحف‬
‫فرنسا ألنها أساسا مأخوذة من أثينا وغيرها ‪،‬‬
‫نابليون واصل التقدم وربح معركة جسر لودي ‪11‬‬
‫مايو ‪ 1796‬مكنته من أحتالل كامل ميالن ‪ ،‬بعد‬
‫ذلك قال فيما بعد "لم أعد أعتبر نفسي جنراال‬
‫بسيطا" ‪ ،‬أتخذ نابليون من قصر باالزو سيربيلوني‬
‫مقرا له ‪ ،‬بدأ نابليون في علمنة أيطاليا وفصلها عن‬
‫الواليات البابوية خاصة روما ‪ ،‬وضغط نابليون‬
‫على البابا بيوس السادس وحاصره ألنه ندد بالثورة‬
‫الفرنسية ‪ ،‬وقبض بونابرت على تجار بريطانيين‬
‫وصادر أموالهم التي هي بقيمة ‪ 12‬مليون جنيه‬
‫إسترليني ‪ ،‬رد البريطانيون في ‪ 11‬يوليو‬
‫باالستيالء جزيرة إلبا قبالة سواحل ايطاليا ‪،‬‬
‫الصراع الفرنسي النمساوي على لومبارديا أستمر‬
‫وأصطدم جيشيان في معركة لوناتو ‪ 3‬أغسطس‬
‫‪ 1796‬حقق نابليون نصر أخر له في ايطاليا ‪،‬‬
‫لحقه نصر رابع في معركة روفيريتو ‪ 4‬سبتمبر‬
‫‪ ، 1796‬نابليون أعتبر نفسه محرر للشعوب التي‬
‫غزاها فقد قال إلى عالم الفلك اإليطالي البارز‬
‫بارنابا أورياني "رجال العلم في ميالن لم يتمتعوا‬
‫باحترام مناسب ‪ ،‬اختبأوا في مختبراتهم ويعتقدون‬
‫أنهم محظوظون إذا‪. . .‬تركهم الكهنة يعيشون‬
‫بسالم" ‪ ،‬بعد روفيريتو عاد نابليون إلى ميالن مع‬
‫جوزفين في ‪ 19‬سبتمبر ‪ ،‬وبقي هناك ما يقرب من‬
‫شهر نابليون وقع معاهدة سالم شاملة مع نابولي‬
‫التي تحكم من قبل آل بوربون ‪ ،‬النمسا واصلت‬
‫أرسال جيوشها الى أيطاليا ‪ ،‬و في خامس معركة‬
‫له في أيطاليا صد نابليون جيش نمساوي في معركة‬
‫باسانو ‪ 8‬سبتمبر ‪ ، 1796‬كانت أخبار أنتصارات‬
‫نابليون تصل الى فرنسا بحيث أصبح أسمه‬
‫معروف لدى عدد كبير جدا من الفرنسيون ‪ ،‬في‬
‫المدن والبلدات صدى أسم نابليون أنتشر ‪ ،‬وهو‬
‫واصل النجاحات المتتالية ‪ ،‬بونابرت في سادس‬
‫معركة له حقق أهم أنتصاراته بمعركة جسر أركول‬
‫بين ‪ 17 -15‬نوفمبر ‪ ، 1796‬شمال أيطاليا أصبح‬
‫تحت السيطرة الفرنسية بعد النصر السابع لبونابرت‬
‫في معركة ريفولي بين ‪ 15-14‬يناير ‪1797‬‬
‫الخميس ‪ 2‬فبراير ‪ 1797‬استسلمت مدينة مانتوا‬
‫لنابليون ‪ ،‬تم أذالل البابا بيوس السادس من قبل‬
‫نابليون الذي أجبره على توقيع معاهدة تولينتينو في‬
‫‪ 19‬فبراير ‪ ،‬التي وافق من خاللها البابا على عدم‬
‫دعم النمساويين ودفع تعويضات حرب يبلغ‬
‫مجموعها ثالثين مليون فرنك ‪ ،‬تصل الى باريس ‪،‬‬
‫في حملة ايطاليا لمع نابليون قبض على ‪ 151‬ألف‬
‫أسير ‪ ،‬ألف مدفع ‪ ،‬وعدد كبير من السفن ‪ ،‬فضال‬
‫عن أجبار النمسا على توقيع معاهدة سالم مذلة‬
‫الساعة ‪ 11011‬مساء في ‪ 17‬أكتوبر ‪، 1797‬‬
‫وقعت فرنسا والنمسا على مشروع معاهدة كامبو‬
‫فورميو ‪ ،‬التي جلبت أراضي هولندا النمساوية‬
‫وايطاليا النمساوية الى فرنسا ‪ ،‬هذا كان حلم بالنسبة‬
‫لفرنسا التي تمكنت بالفعل من تصدير ثورتها الى‬
‫الخارج بل والحصول على مقاطعتين جديدتين هما‬
‫لومبارديا في ايطاليا واألراضي المنخفضة في‬
‫هولندا ‪ ،‬الحلم الفرنسي تواصل وذهب بعيدا نحو‬
‫الشرق حيث المقاطعة العثمانية التركية مصر‪.‬‬
‫حملة مصر‬
‫لما عاد من أيطاليا عين نابليون قائد للجيوش التي‬
‫تواجه بريطانيا ‪ ،‬أقترح نابليون بشدة غزو مصر‬
‫لتدمير مصالح بريطانيا ‪ ،‬لم تكن فكرة جديدة‬
‫جوزيف الثاني أمبراطور النمسا ‪ ،‬قد اقترح على‬
‫صهره لويس السادس عشر أن لو فرنسا ضمت‬
‫مصر كجزء من خطة أوسع لتقسيم اإلمبراطورية‬
‫العثمانية وضرب بريطانيا ‪ ،‬نابليون خالل فبراير‬
‫‪ 1798‬ذهب إلى الشمال الغربي من فرنسا لتفتيش‬
‫القوات والسفن ‪ ،‬وصف نابليون مصر بأنها‬
‫"المفتاح الجغرافي للعالم" ‪ ،‬سيغزو مصر في وقت‬
‫مبكر من ‪ 16‬أغسطس ‪ 1797‬السبب كتبه للدولة‬
‫الفرنسية "من أجل تدمير بريطانيا تماما ‪ ،‬يجب أن‬
‫نمتلك مصر" ‪ ،‬كان الهدف األستراتيجي هو تدمير‬
‫التجارة البريطانية في المنطقة واستبدالها بالفرنسية‬
‫‪ ،‬و على األقل كان يأمل في تهديد البحرية الملكية‬
‫بإجبارها على تقليل سيطرتها على البحر األبيض‬
‫المتوسط والبحر األحمر وطرق التجارة الهند‬
‫وأمريكا ‪ ،‬ولكن أوال قرر السيطرة على مالطا‬
‫الجزيرة التي سوف تكون مركز لغزو مصر فهو‬
‫كتب لوزير الخارجية تاليران "لماذا ال نقوم‬
‫باالستيالء على جزيرة مالطا؟ " ‪ ،‬أخذ نابليون معه‬
‫‪ 125‬كتابا من التاريخ والجغرافيا والفلسفة و‬
‫األساطير اليونانية خصيصا للحملة ‪ ،‬كما أخذ ‪167‬‬
‫نفر من الجغرافيون ‪ ،‬علماء النبات ‪ ،‬الكيميائيون ‪،‬‬
‫علماء اآلثار ‪ ،‬المهندسون ‪ ،‬المؤرخون ‪ ،‬الطابعات‬
‫‪ ،‬علماء الفلك ‪ ،‬علماء الحيوان ‪ ،‬الرسامين ‪،‬‬
‫الموسيقيين ‪ ،‬النحاتين ‪ ،‬المهندسين المعماريين ‪،‬‬
‫المستشرقون ‪ ،‬علماء الرياضيات ‪ ،‬االقتصاديون ‪،‬‬
‫الصحفيون ‪ ،‬المهندسون المدنيون ‪ ،‬وغيرها من‬
‫التخصصات ‪ ،‬تحملهم ‪ 281‬سفينة ‪ ،‬من الذين قبلوا‬
‫الذهاب معه إتيان جوفروي سانت هيلير عالم‬
‫طبيعي ‪ ،‬نيكوالس كونتي مخترع قلم الرصاص ‪،‬‬
‫و العالم المعدني ديودات دي دولوميو ‪ ،‬وعالم‬
‫رياضيات شاب هو جان بابتيست فورييه ‪ ،‬الرسام‬
‫دومينيك فيفانت دينون ‪ ،‬والشاعر جاك دليلي ‪،‬‬
‫والكيميائي كلود لوي برتوليه ‪ ،‬عالم الحيوان‬
‫جيفروا سانت هيلير ‪ ،‬قام نابليون بتجميع ‪ 31‬ألف‬
‫مقاتل ‪ ،‬و ‪ 13‬ألف بحار ‪ 711 ،‬حصان مع‬
‫أسطبالت مرتجلة كاملة بالقش والتبن ‪ ،‬في ‪11‬‬
‫يونيو ‪ 1798‬وصل األسطول إلى مالطا ‪ ،‬يوم‬
‫األحد ‪ 1 ،‬يوليو ‪ ، 1798‬وصل األسطول قبالة‬
‫اإلسكندرية الساعة الثانية والنصف صباحا ‪،‬‬
‫خاطب جنوده "أيها الجنود! جئت إلى هذا البلد‬
‫إلنقاذ السكان من الهمجية ‪ ،‬وجلب الحضارة إلى‬
‫الشرق وطرح هذا الجزء الجميل من العالم من‬
‫هيمنة بريطانيا ‪ ،‬من أعلى تلك األهرامات أربعين‬
‫قرة يفكر فيك" ‪ ،‬بعد معركة إمبابة ‪ 21‬يوليو‬
‫‪ 1798‬في اليوم التالي للمعركة دخل نابليون‬
‫القاهرة ‪ ،‬وهي مدينة يقطنها ‪ 611‬ألف نسمة من‬
‫السكان ‪ ،‬كان أهم ثالثة شهود عرب على االحتالل‬
‫الفرنسي المؤرخون عبد الرحمن الجبرتي وحسن‬
‫العطار ونيقوال ترك ‪ ،‬شعر الجبرتي أن الغزو كان‬
‫عقاب هللا على مصر لتجاهله المبادئ اإلسالمية ‪،‬‬
‫رأى الفرنسيين على أنهم صليبيون جدد ‪ ،‬لكنه لم‬
‫ينكر اعجابه باالسلحة الفرنسية والتكتيكات‬
‫العسكرية والطبية التقدم واإلنجازات العلمية‬
‫واالهتمام بالتاريخ المصري والجغرافيا والثقافة ‪،‬‬
‫في ‪ 21‬أكتوبر علم نابليون أن الجيش التركي كان‬
‫يتجمع في سوريا لمهاجمته ‪ ،‬القاهرة خرجت إلى‬
‫انتفاضة عامة ضد الحكم الفرنسي ‪،‬وفي صباح‬
‫اليوم التالي كانت ثورة كبيرة ‪ ،‬قمع الفرنسيون‬
‫الثورة بقسوة كبيرة ‪ ،‬قتل أكثر من ‪ 2511‬متمرد ‪،‬‬
‫في ‪ 27‬أكتوبر نابليون أعترف بنفسه‪" 0‬كل ليلة‬
‫نقطع ثالثين رأسا" ‪ ،‬وبحلول ‪ 31‬نوفمبر ‪ ،‬كانت‬
‫القاهرة قد عادت إلى طبيعتها بما يكفي للسماح‬
‫بذلك لنابليون للتعرف على عشيقة وصفها "شابة‬
‫جميلة وحيوية للغاية" تسمى بولين فوريس ‪ ،‬زوجة‬
‫مالزم عشريني وهي كانت في العشرين من عمرها‬
‫‪ ،‬الحملة كلفت فرنسا ‪ 531‬ألف فرنك لنفقات‬
‫الموانئ المختلفة ‪ ،‬مليون فرنك للفترة المستقبلية من‬
‫رواتب بحرية غير مدفوعة ‪ ،‬و مليون ونصف‬
‫المليون فرنك للتسلح البحري ‪ ،‬واإلصالحات ما هو‬
‫مجموعه يمكن أن يصل الى أكثر من ثالثة مليون‬
‫فرنك ‪ ،‬وهو مبلغ صغير جدا لو قارناه بغنائم‬
‫أيطاليا ‪ ،‬وكذلك لو قارناه بالفائدة العامة فهو ال‬
‫شيء ‪ ،‬ونابليون أدرك ذلك عندما أخبر جنوده "أنتم‬
‫على وشك القيام بغزو سيكون له كمية ال تحصى‬
‫من التأثير على حضارات العالم ‪ ...‬سننجح ‪ ،‬ألن‬
‫القدر إلى جانبنا " ‪ ،‬وذلك يوم ‪ 22‬يونيو ‪، 1798‬‬
‫أحالم نابليون في مصر أصبحت سراب ‪ ،‬بعد‬
‫تشكل تحالف بقيادة بريطانيا وروسيا والنمسا‬
‫وتركيا ‪ ،‬هدفه طرد فرنسا من مصر وتأديب‬
‫الجنرال الشاب نابليون بونابرت ‪ ،‬حقيقة على‬
‫المستوى البحري األسطول الفرنسي خسر بشكل‬
‫مذل أمام بريطانيا ‪ ،‬في معركة النيل بين ‪2-1‬‬
‫أغسطس ‪ ، 1798‬أمام هوراشيو نيلسون األميرال‬
‫البريطاني ‪ ،‬ثم حقق نصر خجول في معركة أبي‬
‫قير األولى ضد البحرية التركية الضعيفة ‪ 25‬يوليو‬
‫‪ ، 1799‬ليخسر في معركة أبي قير الثانية ‪8‬‬
‫مارس ‪ 1811‬ضد بريطانيا تحت قيادة األميرال‬
‫رالف أبركرمبي ‪ ،‬على األرض أيضا عانى‬
‫الفرنسيون في عكا ‪ ،‬ويافا ‪ ،‬وغزة ‪ ،‬وأورشليم‬
‫(القدس) األمراض وخاصة الطاعون فتكت بالجيش‬
‫الفرنسي ‪ ،‬وال ننسى الجيش التركي الذي أصلحه‬
‫السلطان سليم الثالث ساهم في هزائم فرنسا ‪،‬‬
‫األسطول الفرنسي عانى من المجاعة نابليون عجز‬
‫عن أيصال شحنة غذائية ‪ 275‬طن أرز ‪331 ،‬‬
‫طن خشب (ألفران السفن) ‪ 81 ،‬رأس الماشية ‪ ،‬و‬
‫‪ 151‬من األغنام ‪ ،‬كان السؤال ليس كم يكلف هذا‬
‫بل كيف سوف يتم أيصاله واألسطول البريطاني‬
‫يحاصره ‪ ،‬غادر نابليون القاهرة يوم األحد ‪11‬‬
‫فبراير ‪ 1799‬ووصل في ‪ 25‬فبراير الى غزة ثم‬
‫يافا التي غادرها إلى عكا في ‪ 14‬مارس ‪ ،‬نابليون‬
‫خاض معركة جبل طابور ‪ 16‬أبريل ‪ ، 1799‬كان‬
‫الناس يموتون من الطاعون في عكا ‪ ،‬لم يكن‬
‫نابليون يود الحصول على مدينة موبوئة ‪ ،‬كان‬
‫السبب الوحيد ألخذ عكا هو متابعة حلمه مهاجمة‬
‫الهند عبر حلب ‪ ،‬وإقامة إمبراطورية فرنسية في‬
‫آسيا تمتد إلى الغانج ‪ ،‬أو ربما اللتقاط القسطنطينية‬
‫ولكن ‪ ،‬كما رأينا ‪ ،‬هذه كانت خياالت وليست‬
‫نهايات يمكن تحقيقها ‪ ،‬رغم أنه كان يقول "سوف‬
‫أقوم بإنشاء إمبراطورية جديدة رائعة في الشرق‬
‫والتي ستجعلني حقا في مكان خالد عند األجيال‬
‫القادمة " ‪ ،‬ولكن هذا كان صعب المنال في‬
‫أغسطس ‪ ، 1811‬توفي حوالي ‪ 9111‬جندي و‬
‫‪ 4511‬بحار فرنسي خالل الحملة ‪ ،‬ما عدا ‪4111‬‬
‫في سوريا ‪ ،‬أنتهى حلم نابليون في مصر وغادرها‬
‫منحني الرأس ‪ ،‬ولكن فشله لم يكن فشال مطلق كان‬
‫هنالك عدة جوانب أيجابية في الحملة وأهمها أتصال‬
‫الغرب بالشرق والعكس هو صحيح‪.‬‬
‫برومير نحو القنصل‬
‫وصل نابليون إلى باريس في السادسة صباحا يوم‬
‫‪ 16‬أكتوبر ‪ ، 1799‬كانت األوضاع مضطربة فيها‬
‫والجماهير ضد الحكومة ‪ ،‬فوضى الحكم التي‬
‫عاشها الفرنسيون جعلتهم يطلبون حاكم واحد‬
‫يحكمهم ‪ ،‬ونابليون كان أهم رجل في الساحة‬
‫الفرنسية ‪ ،‬نفسه قال "الرجال الذين غيروا مسار‬
‫العالم لم ينجحوا في الفوز أبداً بالقوة ‪ ،‬ولكن دائما‬
‫عن طريق تحريك الجماهير" ‪ ،‬أوضاع فرنسا لدى‬
‫عودة نابليون كانت مجهولة تسائل الفرنسيون من‬
‫الذي يحكمنا ‪ ،‬حتى أنهم شعروا بفراغ كبير ‪،‬‬
‫أجيالهم السابقة حكمها ملوك عظماء من طينة‬
‫شارلمان ‪ ،‬و لويس الرابع عشر ‪ ،‬كانوا بحاجة لمن‬
‫يوحدهم ‪ ،‬ولمن يطفئ نيران فوضى الثورة ‪ ،‬وهذا‬
‫ما أدركه نابليون عندما قال "عدت إلى فرنسا في‬
‫لحظة محظوظة ‪ ،‬عندما كانت الحكومة الحالية‬
‫كذلك سيئة و ال يمكن أن تستمر" ‪ ،‬عندما وصل‬
‫إلى ليون قدمت مسرحية على شرفه بعنوان عودة‬
‫البطل ‪ ،‬أحتشد الناس في الشوارع مع صرخات‬
‫"مرحى لبونابرت! سينقذ البالد! " ‪ ،‬الرجال الذين‬
‫زاروا نابليون خالل األيام التالية كانوا جميعهم‬
‫تقريبا من المتآمرين الرئيسيين لالنقالب القادم‬
‫برومير ‪ ،‬كان أولهم وأهمهم على األطالق تاليران‬
‫‪ ،‬بيير لويس روديرير ‪ ،‬و ميشيل ريجنو دي سان‬
‫جان دانيلي ‪ ،‬و أوستاش برويكس ‪ ،‬و جاكوبين‬
‫بيير فرانسوا ‪ ،‬األنقالب كان المقصود أصال أن‬
‫يكون الخميس ‪ 7‬نوفمبر (‪ 16‬برومير) ‪1799 ،‬‬
‫‪،‬سيحضر نابليون جلسة خاصة تسمى مجلس‬
‫الشيوخ أو الحكماء ‪ ،‬حيث جلسوا في التويلري ‪،‬‬
‫إلبالغهم أنه بسبب المؤامرات المدعومة من‬
‫بريطانيا ‪ ،‬كانت الجمهورية في خطر في اليوم‬
‫الثاني ‪ ،‬سيذهب نابليون إلى سانت كالود ويقنع‬
‫الهيئة التشريعية أنه في ضوء حالة الطوارئ‬
‫الوطنية ‪ ،‬يجب إلغاء دستور العام الثالث وإنشاء‬
‫دستور جديد ‪ ،‬صباح ‪ 18‬برومير ‪ -‬السبت ‪9‬‬
‫نوفمبر ‪ 1799‬وقع األنقالب ‪ ،‬نابليون أصبح‬
‫الرجل األول في فرنسا ‪ ،‬وشكل حكومة قنصلية‬
‫ثالثية جديدة ‪ ،‬يكون فيها هو القنصل األول ‪،‬‬
‫والقنصل الثاني هو إيمانويل جوزيف سييس ‪،‬‬
‫والقنصل الثالث هو روجر دوكوس ‪ ،‬القنصل‬
‫األول يتمتع بصالحيات ملك ‪ ،‬حيث يترأس السلطة‬
‫التنفيذية ‪ ،‬ويقود الجيش ‪ ،‬ويعلن الحرب والسلم ‪،‬‬
‫ويعقد المعاهدات ‪ ،‬واألتفاقيات ‪ ،‬ويعزل ويعين‬
‫كيف ما يحلوا له ‪ ،‬ويكون راتبه ‪ 51‬ألف فرنك‬
‫خمسون ضعف راتب السفير ‪ ،‬بينما تلقى القنصل‬
‫الثاني والثالث ‪ 151‬ألف سنويا ‪ ،‬بونابرت ليجعل‬
‫كل شي سليم أمر بأنتخابات ‪ ،‬شارك فيها أكثر من‬
‫‪ 7‬مليون فرنسي ‪ 99‬بالمائة صوتوا نعم لنابليون ‪،‬‬
‫وأسس السلك التشريعي نواب بعدد (‪ 311‬عضو)‬
‫ومجلس الشيوخ مكون من (‪ 81‬عضوا) ‪ ،‬و ليحكم‬
‫قبضته على أوضاع فرنسا الداخلية عين بونابرت‬
‫شقيقه لوسيان وزير للداخلية ‪ ،‬وزاد عدد الشرطة‬
‫من ‪ 11‬ألف الى ‪ 17‬ألف ‪ ،‬وأضاف للشرطة‬
‫المزيد من الخيول ‪ ،‬وحسن رواتبهم وقضى على‬
‫الفساد في هذه المؤسسة ‪ ،‬نابليون بدأ في مغازلة‬
‫الملكيون ‪ ،‬في أكتوبر‪ 1811‬قام بإزالة ‪ 48‬ألف‬
‫أسم من المهاجرين من قائمة ‪ 111‬ألف محظور ‪،‬‬
‫وأعاد لهم أمالكهم وطلب منهم العودة لفرنسا ‪،‬‬
‫القنصل حاول السيطرة على الصحافة في ‪ 17‬يناير‬
‫‪ ، 1811‬أغلق نابليون ما ال يقل عن ستين الى‬
‫ثالثة وسبعون جريدة ‪ ،‬في ‪ 19‬فبراير ‪، 1811‬‬
‫غادر نابليون قصر لوكسمبورغ وتولى منصبه و‬
‫اإلقامة في التويلري ‪ ،‬كان أول حاكم يعيش هناك‬
‫منذ لويس السادس عشر ‪ ،‬أخذت جوزفين جناح‬
‫ماري أنطوانيت في الطابق األرضي ‪" ،‬أستطيع أن‬
‫أشعر بشبح الملكة ‪ ،‬تسأل عما أفعله في سريرها" ‪،‬‬
‫جوزفين قالت ‪ ،‬كان موقف بريطانيا من هذه‬
‫األحداث واضح هو العداء ‪ ،‬رئيس الوزراء‬
‫البريطاني وليام بيت قاد بالفعل هجوما شخصيا‬
‫على القنصل األول في مجلس العموم في ‪1811‬‬
‫يوم ‪ 3‬فبراير أدان بونابرت والثورة الفرنسية و‬
‫الجمهورية الفرنسية ‪ ،‬و أصر على أن بريطانيا ال‬
‫يمكن أن تصنع السالم مع فرنسا إال إذا تم استعادة‬
‫ملكية بوربون ‪ ،‬بينما تقدمت القوات النمساوية‬
‫والروسية الى أيطاليا ‪ ،‬بينما بروسيا كانت نائمة‬
‫على أمجاد فريدريك العظيم ولم تتخذ أي قرار‬
‫واضح ‪ ،‬عندما أصبح القنصل األول ‪ ،‬وجد نابليون‬
‫في الخزانة بالضبط ‪ 167‬ألف فرنك نقدا وديون‬
‫‪ 474‬مليون ‪ ،‬أراد أن يواجه هذه المشكلة بأعادة‬
‫بناء فرنسا من جديد ‪ ،‬قال لفيليكس جوليان جان‬
‫بيجوت ‪ ،‬و لفرانسوا دينيس ترونشت بأنه يريد‬
‫دستور جديد خالل ستة أشهر ‪ ،‬وضع بونابرت‬
‫قوانين جديدة لفرنسا ‪ ،‬وافق نابليون مع المبدأ‬
‫الثوري بأن الزواج كان مدنيا ويمكن أن يتم دون‬
‫الرجوع الى الكنيسة ‪ ،‬كذلك صمم على قانون‬
‫الطالق الذي ترفضه الكاثوليكية ‪ ،‬قبل الثورة قام‬
‫الكهنة بتعليم األطفال الفرنسيين على أساس دفع‬
‫الرسوم ‪ ،‬أخذت الثورة المدارس من الكهنة ‪،‬‬
‫وأعلنت حق جميع األطفال في التعليم العلماني ‪،‬‬
‫لكن العملية أفتقرت إلى المال والموظفين ليدركوا‬
‫هذه الفكرة ‪ ،‬عندما أصبح نابليون القنصل األول ‪،‬‬
‫لم يجد عمليا المدارس االبتدائية ‪ ،‬بل عدد قليل من‬
‫المدارس الثانوية الحكومية الجيدة ‪ ،‬تسمى المدارس‬
‫المركزية ‪ ،‬وعدد من المدارس الخاصة ‪ ،‬أما‬
‫الجامعات فقد أغلقت ‪ ،‬أعاد نابليون فتح المدارس‬
‫االبتدائية ‪ ،‬مع الكهنة كمعلمين ‪ ،‬لكنه أعطى‬
‫اهتمامه الرئيسي بالمدارس الثانوية ‪ ،‬من بين هذه‬
‫المدارس فتح أكثر من ‪ ، 311‬وغير منهجها‬
‫الدراسي للسماح بالتخصص المبكر في سن الخمسة‬
‫عشر صبيا يختار إما دراسة الرياضيات وتاريخ‬
‫العلوم أو الكالسيكية والفلسفة ‪ ،‬في السابعة عشرة‬
‫جلس في امتحان البكالوريا ‪ ،‬إذا نجح ‪ ،‬أصبح‬
‫مؤهال للتعليم العالي في باريس في السوربون ‪،‬‬
‫كطالب سابق في برين ‪ ،‬أهتم نابليون اهتمامًا وثيقا‬
‫بالليسيه خاصة العسكرية ‪ ،‬نابليون أراد توحيد‬
‫مكونات الدولة ومن ثم ‪ ،‬على سبيل المثال ‪ ،‬قام‬
‫بتوحيد األوزان والمقاييس ‪ ،‬في جميع مناطق‬
‫فرنسا ‪ ،‬أهتم بالطرق والجسور والبنية التحتية عامة‬
‫‪ ،‬فقد أنفق داخل فرنسا بين عامي ‪ 1814‬و ‪1813‬‬
‫حوالي ‪ 277‬مليون فرنك على الطرق ‪ ،‬هذا كان قد‬
‫ساهم في ربط المدن الفرنسية ببعضها البعض ‪،‬‬
‫كما أهتم بالصناعة صدرت فرنسا عام ‪1789‬‬
‫منسوجات حرير بقيمة ‪ 26‬مليون فرنك ‪ ،‬بحلول‬
‫عام ‪ 1812‬ارتفع الرقم الى ‪ 64‬مليون ‪ ،‬في عام‬
‫‪ 1789‬استوردت أقطان بقيمة ‪ 24‬مليون ‪ ،‬في عام‬
‫‪ 1812‬صدرت ‪ 17‬مليون ‪ ،‬الميزانية أنتعشت ‪،‬‬
‫حيث أرتفعت الصادرات من ‪ 365‬مليون في عام‬
‫‪ 1788‬إلى ‪ 383‬مليون في عام ‪ ، 1812‬و‬
‫أنخفضت الواردات من ‪ 291‬مليون إلى ‪257‬‬
‫مليون ‪ ،‬وفي الوقت نفسه ‪ ،‬أرتفع عدد سكان فرنسا‬
‫في نهر السين على سبيل المثال ‪ ،‬من ‪ 611‬ألف‬
‫الى ‪ 631‬ألف نسمة ‪ ،‬الثوريون المعتدلون كانوا‬
‫راضينن عن إصالح الكنيسة واالحتفاظ بها خارج‬
‫السياسة ‪ ،‬لكن المتطرفين أرادوا استئصالها بالكامل‬
‫‪ ،‬حوالي ‪ 16‬ألف رجل دين أما قتلوا أو هجروا في‬
‫أحداث الثورة ‪ ،‬نابليون أصلح الكنيسة ولم يلغيها ‪،‬‬
‫اعتبر نابليون الدين مفيدا لإلنسان فقد قال "أنا ال‬
‫أرى في الدين سر التجسد ولكن سر النظام في‬
‫المجتمع" ‪ ،‬وقال "عندما يموت رجل من الجوع‬
‫بجانب آخر ببطن مليئة بالطعام ‪ ،‬يمكنه أن يقبل‬
‫الفرق فقط إذا أخبرته يشاء هللا ‪ ،‬في هذا العالم هنا‬
‫أن تكون فقيرا وغنيا ‪ ،‬ولكن في العالم اآلخر ‪ ،‬وفي‬
‫األبدية ‪ ،‬األمر مختلف سيتم التقسيم بعدالة " ‪،‬‬
‫أدرك نابليون أن غالبية الفرنسيين يريدون مرة‬
‫أخرى ممارسة اإليمان الكاثوليكي ‪ ،‬لذا شجع على‬
‫الرجوع الى صلوات يوم األحد ‪ ،‬أخبر نابليون‬
‫بيوس السابع أنه مستعد إلعادة فتح كنائس فرنسا ‪،‬‬
‫بدأت المناقشات في باريس في نوفمبر ‪ 1811‬وكان‬
‫مبعوث بيوس الكاردينال سبينا ‪ ،‬وفي ‪ 15‬يوليو‬
‫‪ 1811‬في التويلري ‪ ،‬وقع نابليون وثيقة بمقدمة‬
‫تصف ‪ ،‬الكاثوليكية الرومانية بأنها "دين األغلبية‬
‫العظمى من الفرنسيين" ‪ ،‬شجع نابليون أيضا‬
‫الراهبات ‪ ،‬لتعليم الفتيات ‪ ،‬بكل بساطة نابليون‬
‫حاول جلب فرنسا الى السالم ‪ ،‬و أنهى على فوضى‬
‫الثورة وأسس دولة جمهورية يحكمها بقبضة حديدية‬
‫بنفسه ‪ ،‬فهو قال "أنا ال أشن الحرب كمهنة ‪ ،‬ال أحد‬
‫في الواقع أكثر سالما مني" ‪ ،‬كان نابليون الرجل‬
‫الفوالذي الذي أحتاجته فرنسا كما قال جان بابتيست‬
‫نومبيري دي شامباني في مرة "نحتاج الى رجل‬
‫من الفوالذ" ‪ ،‬تم افتتاح المسارح وقاعات الموسيقى‬
‫في جميع أنحاء باريس ‪ ،‬ألول مرة في خالل أحد‬
‫عشر عاما سابقا يمكن للشعب الفرنسي الغناء‬
‫والرقص بحرية ‪ ،‬حتى عسكريا تأكد أنقالب‬
‫برومير بطرد بريطانيا من طولون ‪ ،‬والنصر المذل‬
‫للنمسا في معركة هوهينليندن في ‪ 3‬ديسمبر ‪1811‬‬
‫‪ ،‬تالها نصر مارينغو ‪ 14‬يونيو ‪ ، 1811‬مما أجبر‬
‫أخيرا اإلمبراطور النمساوي ليعترف بالهزيمة‬
‫ويوقع على سالم لونفيل ‪ 9‬فبراير ‪ ، 1811‬كان‬
‫لونفيل حقا انتصارا ‪ ،‬مؤكدا لشروط معاهدة كامبو‬
‫فورميو ‪ ،‬على الجانب اآلخر تراجعت المعنويات‬
‫في مصر ‪ ،‬مما أدى الى استسالم لويس تشارلز‬
‫أنطوان ديساي إلى العميد البحري السير ويليام‬
‫سيدني سميث في معاهدة العريش في ‪ 28‬يناير‬
‫‪ ، 1811‬حقق كليبر فوزا حاسما بقواته القليلة التي‬
‫تبلغ حوالي ‪11‬ألف رجال ضد جيش تركي من ‪75‬‬
‫ألف في مصر الجديدة في ‪ 21‬مارس ‪ ،‬مع وفاة‬
‫كليبر في ‪ 14‬يونيو ‪ ، 1811‬القاهرة سقطت‬
‫لألتراك بعد ثالثة عشر يوما ‪ ،‬في ‪ 5‬فبراير ‪ ،‬قدم‬
‫رئيس الوزراء البريطاني وليام بيت أستقالته ‪،‬‬
‫ليحل محله أدينغتون أكثر مرونة ‪ ،‬أدينغتون ‪ ،‬الذي‬
‫عارض منذ فترة طويلة سياسة الحرب التي أتبعها‬
‫بيت ‪ ،‬وفتح على الفور مفاوضات في أميان مع‬
‫حكومة نابليون ‪ ،‬المؤدية الى سالم أميان ‪ ،‬وقعت‬
‫في ‪ 25‬مارس ‪ ، 1812‬الموقعة في قاعة مدينة‬
‫أميان "‪ ، "Hôtel de ville d'Amiens‬فرنسا‬
‫وبريطانيا وهولندا وإسبانيا ‪ ،‬كان على البريطانيين‬
‫إعادة مالطا الى فرسان القديس جون يوحنا ‪ ،‬وكان‬
‫من المقرر إعادة مصر إلى السلطان العثماني ‪ ،‬و‬
‫كان من المقرر عودة الجزر المختلفة التي استولت‬
‫عليها البحرية البريطانية على مر السنين الى‬
‫إسبانيا وهولندا وفرنسا ‪ ،‬باستثناء سيالن‬
‫(الهولندية) وترينيداد (األسبانية) ‪ ،‬رأس الرجاء‬
‫الصالح يجب إعادته إلى الهولنديين ‪ ،‬الموانئ‬
‫مفتوحة لجميع البلدان ‪ ،‬كان على القوات الفرنسية‬
‫إخالء روما ومملكة نابولي ‪ ،‬والبريطانيون يخلون‬
‫إلبا وسائر جزر البحر األبيض المتوسط و الموانئ‬
‫والجزر األدرياتيكية التي يشغلونها ‪ ،‬معاهدة صلح‬
‫أميان التي جرت في أميان تم توقيعه مع بريطانيا و‬
‫النمسا كانت مدينة أميان ‪ ،‬عاصمة المقاطعة التي‬
‫يبلغ عدد سكانها حوالي ‪ 41‬ألف نسمة اختيرت‬
‫لتكون المدينة التي ستجري فيها المفاوضات‬
‫أجبرت بريطانيا على األعتراف بنابليون الذي‬
‫كانت هذه هي الثمرة التي أخذها من السلة ‪ ،‬و هذه‬
‫هي أهميته فقط ألنه حقق هدنة لمدة شهرين ونصف‬
‫‪ ،‬في حين أن الحرب سوف تستمر لمدة أثنتا عشرة‬
‫عاما ‪ ،‬كان سم لبريطانيا التي تلقت عام ‪1783‬‬
‫هزيمة كبيرة على يد المستعمرون األمريكيون‪.‬‬
‫قبل التتويج حرب أو سالم‬
‫عندما أصبح نابليون القنصل األول ‪ ،‬فازت فرنسا‬
‫بقوة السالح "بالحدود الطبيعية" ‪ ،‬الدول األخرى‬
‫منهكة وحذرة خاصة النمسا المهزومة من فرنسا‬
‫بمعركة بالقرب من قرية مارينغوالتي كانت القوى‬
‫فيها متساوية العدد كان هنالك ‪ 32‬ألف فرنسي‬
‫مقابل ‪ 34‬ألف نمساوي ‪ ،‬لم تكن هزيمة الجيش‬
‫النمساوي حاسمة ‪ ،‬على الرغم من أن العديد من‬
‫المؤرخون يميلون الى الكتابة بأن النمساويون ‪،‬‬
‫خسروا ‪ 5611‬رجل وتراجعوا ‪ ،‬لذا مع نصر غير‬
‫حاسم نابليون كان جدي بعدها بموضوع السالم ‪،‬‬
‫هو أرسل رسالة في أعياد الميالد إلى الملك‬
‫البريطاني جورج الثالث ‪ ،‬يقترح عليه السالم قائال‬
‫"لماذا ينبغي أن تستمر الدولتان األكثر استنارة في‬
‫أوروبا ‪ ...‬في التضحية بتجارتهما وازدهارهما‬
‫وسعادتهما الداخلية ألفكار العظمة الزائفة ؟" ‪،‬‬
‫نابليون قالها بنفسه العظمة ‪ ،‬لم يكن أن تسيطر‬
‫قوتان على عالم بدأ يصغر عام بعد عام بفضل‬
‫التقدم العام في كافة المجاالت األستعمارية لدى‬
‫دولتان بحجم بريطانيا وفرنسا ‪ ،‬في العالم قوة‬
‫عظمى واحدة تفرض نفسها ‪ ،‬وثبت ذلك عام‬
‫‪ 1812‬الذي كان عاما وفيرا ‪ ،‬حققت بريطانيا‬
‫فائضا بمقدار تصدير البضائع بقيمة ‪ 46‬مليون‬
‫جنيه استرليني مقارنة مع ‪ 32‬مليون جنيه استرليني‬
‫في ‪ ، 1788‬يعني أن الحروب مع فرنسا‬
‫والمستعمرون األمريكيون لم تؤثر على خزانة‬
‫بريطانيا بالمقدار الكبير ‪ ،‬كان صلح أميان فلتة‬
‫دبلوماسية وخطأ كبير في بريطانيا ‪ ،‬حيث صدق‬
‫البرلمان البريطاني معاهدة أميان في مجلس‬
‫اللوردات كان التصويت ‪ 122‬مقابل ‪ 16‬ضد ‪ ،‬في‬
‫مجلس العموم ‪ 276‬و ‪ ، 21‬البرلمان أجبر جورج‬
‫الثالث على ترك نابليون يتنفس ويصنع قوة جبارة‬
‫لفرنسا العدو التقليدي لبريطانيا ‪ ،‬اللورد ويليام‬
‫ويندهام أعلن في مجلس العموم أن الفرنسيين قد‬
‫ألغوا الزواج وحول البلد كله إلى "بيت دعارة‬
‫عالمي" ‪ ،‬هم اآلن سيستخدمون السالم لفعل الكثير‬
‫هنا" ‪ ،‬هكذا فأن رئيس الوزراء المستقبلي كان مع‬
‫شن الحرب ضد فرنسا بونابرت ‪ ،‬وتوقع من‬
‫نابليون تهديد في المستقبل ‪ ،‬في ‪ 21‬فبراير ‪1813‬‬
‫استدعى نابليون ويتوورث السفير البريطاني قال له‬
‫أنه كان يشعر بخيبة أمل النهائية "أن معاهدة أميان‬
‫‪ ،‬بدال من ذلك كونها متبوعة بالوفاق والصداقة ‪...‬‬
‫كانت مثمرة فقط من الغيرة وعدم الثقة المستمرة‬
‫والمتزايدة‪ .‬ولم يتم إخالء مالطا واإلسكندرية بعد" ‪،‬‬
‫في ‪ 8‬مارس جورج أمر جورج الثالث بالتحرك‬
‫العسكري في موانئ هولندا وفرنسا ‪ ،‬هذا شبه‬
‫أعالن حالة حرب ‪ ،‬في ‪ 13‬مارس ‪ ،‬دعا نابليون‬
‫ويتوورث وسفراء آخرين لالستقبال في التويلري‬
‫ألجراء المباحثات ‪ ،‬قدم ويتوورث هذه الشروط‬
‫يجب على فرنسا أن تسلم مالطا إلى بريطانيا لمدة‬
‫عشر سنوات ‪ ،‬وكذلك إخالء هولندا و سويسرا ‪،‬‬
‫في ‪ 11‬مايو في سانت كالود نابليون استدعى‬
‫أعضاء السبعة قسم الشئون الخارجية بمجلس الدولة‬
‫لمناقشة الشروط ‪ ،‬والجواب كان الرفض القاطع ‪،‬‬
‫في ‪ 16‬مايو ‪ ،‬عقد جورج الثالث مجلسا حيث‬
‫صدر أمر االنتقام من فرنسا ‪ ،‬يوم ‪ 18‬في أستولت‬
‫فرقاطتان بريطانيتان في خليج أوديرن على اثنين‬
‫من سفن التجار الفرنسيين ‪ ،‬نابليون سوف يرد‬
‫بأعالن أن كل العالم له وهو أمبراطور وند لجورج‬
‫الثالث ملك بريطانيا العظمى ‪ ،‬و قال إلى الجنرال‬
‫أوجيرو ‪ ،‬صيف ‪" 1813‬لدينا ستة قرون من‬
‫اإلهانات لالنتقام" كأشارة للعداوة التأريخية بين‬
‫فرنسا وبريطانيا التي هي في السابق أنجلترا ‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫اإلمبراطور‬
‫في مجلس الشيوخ ‪ 18‬مايو ‪ 1814‬مع استفتاء‬
‫وطني في ‪ 6‬نوفمبر ‪ ،‬أعلنت رسميا فرنسا بأنها‬
‫أمبراطورية ‪ ،‬وأن نابليون بونابرت أمبراطور‬
‫رسمي ‪ ،‬أعلن التصويت كان أكثر من ثالثة مليون‬
‫فرنسي نعم إلنشاء اإلمبراطورية ‪ ،‬بينما ‪2111‬‬
‫كانوا ضد أنشائها ‪ ،‬أجبر نابليون البابا بيوس السابع‬
‫ليقوم بتتويجه في كاتدرائية نوتردام ‪ ،‬كان بيوس‬
‫السابع ال يزال مترددا ‪ ،‬ولكنه قد رضخ في اللحظة‬
‫األخيرة وانطلق في رحلة شاقة فوق جبال األلب‬
‫المغطاة بالثلوج لهذا البلد بالذات حيث توفي سلفه‬
‫بيوس السادس مؤخرا أسيرا فرنسيا ‪ ،‬فتحت أبواب‬
‫كاتدرائية نوتردام الساعة السادسة صباحا ‪ ،‬حسبت‬
‫الشرطة أن ‪ 711‬عربة نقلت الضيوف إلى وجهتهم‬
‫غادر موكب بيوس السابع ‪ ،‬المكون من عشر‬
‫عربات ‪ ،‬التويلري في حوالي التاسعة في الصباح ‪،‬‬
‫و غادر الزوجان اإلمبراطوريان بونابرت جوزفين‬
‫التويلري بين الساعة العاشرة والحادية عشرة‬
‫ساروا عبر الشوارع إلى الكاتدرائية في موكب‬
‫مكون من خمسة وعشرون عربة ‪ ،‬مرسوم عليها‬
‫‪ 152‬حصانا خيالي يجرها ‪ ،‬مصحوبة بست أفواج‬
‫من الفرسان ‪ ،‬بالنسبة لنابليون ‪ ،‬كان هذا انقالبا‬
‫هائال ‪ ،‬وهذا األعتراف كان يرمي للحصول على‬
‫كامل دعم الفاتيكان له ‪ ،‬ورفع مكانته عبر‬
‫المتحضر العالم ‪ ،‬وإعطاء نظامه والتتويج الهيبة‬
‫والقبول ‪ ،‬في الساعة العاشرة صباحا ‪ ،‬أطلقت‬
‫مدافع المدفعية لرحيل نابليون نفسه من التويلري ‪،‬‬
‫يسبقه الحرس اإلمبراطوري ‪ ،‬وعازفوا البوق ‪ ،‬و‬
‫أصحاب الطبول ‪ ،‬كلهم يمنحون مظهرا رومانيا‬
‫إمبراطوريا لموكب التتويج الفرنسي ‪ ،‬كانت هذه‬
‫اإلجراءات وسط األحتياطات األمنية المشددة للغاية‬
‫‪ ،‬كان هنالك حفل تتويج حيث قدمت األوركسترا‬
‫العروض ‪ ،‬مع المغنين والراقصين ‪ ،‬كان هنالك‬
‫أحصنة خيالية مصنوعة من الخشب وخلفيات‬
‫أسطورية ‪ ،‬باع الباعة المتجولون المشروبات‬
‫والنقانق واللفات ‪ ،‬تم تسليم نابليون الخاتم‬
‫اإلمبراطوري ‪ ،‬الذي كره البابا بيوس نطقها ‪" ،‬‬
‫أنها عالمة اإليمان المقدس ‪ ،‬برهان عظمة وصالبة‬
‫إمبراطوريتك ‪ ،‬والتي لها قوة خارقة ‪ ،‬سوف تغزو‬
‫أعداءك وتدمر البدع هذا العرش االمبراطوري‬
‫الذي يؤكده يسوع المسيح ملك الملوك على أنه‬
‫جزء من مملكته األبدية ‪ ،‬وأنه معك" ‪ ،‬التتويج تم‬
‫بسرعة في كاتدرائية نوتردام البابا بيوس وضع‬
‫التاج الروماني المسيحي المقدس فوق رأس نابليون‬
‫بونابرت ‪ ،‬كلف نابليون رسام البالط اإلمبراطوري‬
‫الجديد ‪ ،‬جاك لويس ديفيد ‪ ،‬برسم أربعة لوحات‬
‫ضخمة من ‪ 19‬إلى ‪ 31‬قدما تصور هذه األحداث‬
‫المهمة في حياته ‪ ،‬ما أن أنتهى الحفل والتتويج‬
‫هرع اإلمبراطور المتوج الى الحرب ‪ ،‬أعلنت‬
‫بريطانيا الحرب رسميا على فرنسا منذ ‪ 18‬مايو‬
‫‪ ، 1813‬قبل يومين من اإلعالن ‪ ،‬استولى‬
‫البريطانيون على ‪ 1211‬سفينة تجارية فرنسية‬
‫وهولندية و بضائع بقيمة ‪ 211‬مليون جنيه‬
‫استرليني‪ .‬رد بونابرت في ‪ 22‬مايو يأمر باعتقال‬
‫جميع الرعايا البريطانيين ومصادرة جميع السفن‬
‫البريطانية البضائع في فرنسا والجمهورية اإليطالية‬
‫‪ .‬ادعى الفرنسيون أنه تم القبض على ‪7511‬‬
‫شخص ‪ ،‬ولكن ومن المرجح أنه تم أعتقل بين‬
‫‪ ، 811-711‬ومع صعود نابليون أمبراطورا‬
‫أصبحت الحرب أكثر حتمية‪.‬‬
‫حرب الى الالنهاية‬
‫نابليون تدخل في أيطاليا وشكل مجلس يضم ‪511‬‬
‫عضو أيطالي ‪ ،‬هذا أزعج النمسا وروسيا كثيرا ‪،‬‬
‫فضال عن العالقة المتوترة مع بريطانيا وبروسيا ‪،‬‬
‫عدد السكان والطبيعة والمواقع الجغرافية وكبر‬
‫حجم الدولة ‪ ،‬كلها أمور فاصلة في مسألة الحروب‬
‫‪ ،‬عشية الحروب النابليونية كان عدد سكان بريطانيا‬
‫‪ 16‬مليون نسمة ‪ ،‬و النمسا ‪ 27‬مليون نسمة ‪ ،‬و‬
‫بروسيا ‪ 9‬مليون نسمة ‪ ،‬و روسيا ‪ 38‬مليون نسمة‬
‫‪ ،‬كل هذا جعل نابليون يدرس ويحلل أسباب أنتكاسة‬
‫حرب السنوات السبع ‪ ،‬قرر بونابرت جعل إيطاليا‬
‫المنطقة الرئيسية للعمليات أنشأ مملكة إيطاليا ‪،‬‬
‫وتوج نفسه ملكا لها في ‪ 26‬مايو ‪ ، 1815 ،‬ضم‬
‫جنوة ‪ ،‬بيدمونت ‪ ،‬وسافوي كل هذا أثار النمساويين‬
‫‪ ،‬و قبل تتويجه في ميالن وقعت روسيا على‬
‫تحالف عسكري مع بريطانيا في أبريل ‪، 1815‬‬
‫دخلته النمسا أيضا ‪ ،‬نابليون كان واقعي ‪ ،‬تخلى‬
‫على مضض عن فكرة غزو بريطانيا ‪ ،‬أو روسيا ‪،‬‬
‫وركض الى النمسا الحلقة األضعف ‪ ،‬منذ شارلمان‬
‫و لويس الرابع عشر لم تكن فرنسا قوية كما في أيام‬
‫بونابرت ‪ ،‬تاليران قال عن نابليون "أقوى أمير في‬
‫أوروبا" ‪ ،‬كل أوروبا أرتجفت من فرنسا ‪ ،‬نابليون‬
‫حشد ‪ 211‬ألف مقاتل ‪ ،‬و ‪ 396‬مدفع في أيطاليا‬
‫وحدها ‪ ،‬هذا يعني أعالن حرب مباشرة على النمسا‬
‫و حلفائها ‪ ،‬أنطلقت معركة أولم بين فرنسا و النمسا‬
‫‪ ،‬أستمرت ما بين ‪ 15‬إلى‪ 21‬أكتوبر ‪، 1815‬‬
‫كانت معركة طاحنة أدت الى دخول القوات‬
‫الفرنسية إلى فيينا في ‪ 14‬نوفمبر ‪ ،‬نابليون كتب‬
‫الى جوزفين "لقد حققت ‪ 61‬ألف من األسرى ‪ ،‬و‬
‫أخذت ‪ 121‬قطعة مدفعية" ‪ ،‬بالطبع كان يبالغ ‪،‬‬
‫بعدها غزت القوات الفرنسية ألمانيا بعدها بقيادة‬
‫فيلق مارمونت لعبور نهر الراين في ماينز ‪ ،‬بينما‬
‫كان برنادوت األول قد سلك الطريق الذي يحتل‬
‫اآلن هانوفر البريطانية ‪ ،‬أستسلم جيش النمسا‬
‫بأكمله في أولم ‪ ،‬باستثناء ‪ 11‬ألف الذين تمكنوا من‬
‫ذلك الهروب تم عرض ‪ 27‬ألف جندي أسير‬
‫نمساوي لنابليون كانت معركة ‪ ،‬أدت الى أنكسار‬
‫فيينا ‪ ،‬بروسيا أخيرا تحركت بعد غزو ماينز و‬
‫هانوفر ‪ ،‬وقرر القيصر الروسي التحالف مع‬
‫البروسيين أيضا ‪ ،‬بقوة مكونة من ألف‪ 211‬رجل‬
‫نتيجة لمعاهدة الدفاع الجديدة التي كان القيصر‬
‫ألكسندر األول يتفاوض مع فريدريك فيلهلم الثالث‬
‫عليها في برلين في ‪ 25‬أكتوبر ‪ ،‬أتحدت الجيوش‬
‫النمساوية والروسية ضد فرنسا ‪ ،‬بجيوشها الضخمة‬
‫لتكون حرب الى الالنهاية ‪ 21 ،‬أكتوبر ‪1815‬‬
‫بمعركة الطرف األغر الفرنسيون وحلفائهم األسبان‬
‫خسروا الرهان ‪ ،‬وتأكد نابليون بأن بريطانيا قوة ال‬
‫تواجه في المياه‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫أوسترليتز‬
‫في صيف ‪ ، 1815‬شكل الجيش الفرنسي الذي‬
‫يسمى غراند أرمي على األرجح أفضل قوة قتالية‬
‫في العصر الثوري والنابليوني ‪ ،‬حوالي ‪ 181‬ألف‬
‫رجل أنتشروا على طول ساحل القناة من هولندا الى‬
‫بريست ‪ ،‬في معركة أوسترليتز وحدها شارك ‪123‬‬
‫ضابطا ‪ ،‬وبمختلف الرتب العسكرية ‪ ،‬أما الجيش‬
‫النمساوي فقد عانى من المشاكل العديدة التي‬
‫أوجدتها تخفيضات جذرية في اإلنفاق العسكري‬
‫التي أجريت في أعقاب الحملة كارثية عام ‪1811‬‬
‫في شمال إيطاليا وبافاريا ‪ ،‬األرشيدوق تشارلز ‪،‬‬
‫األخ األصغر لإلمبراطور فرانسيس وربما أفضل‬
‫قائد ميداني في اإلمبراطورية ساهم في أدخال‬
‫إصالحات واسعة النطاق بصفته وزير الحرب ‪،‬‬
‫بما في ذلك تغييرات كبيرة في إدارة الجيش ‪ ،‬بينما‬
‫تكون الجيش الروسي من الجنود المطيعين‬
‫المطيعين القادرين على الصمود بشكوى قليلة ‪،‬‬
‫والشجاعة والتدين الكبير واأليمان ‪ 85 ،‬ألف مقاتل‬
‫روسي تحت قيادة الجنرال كوتوزوف سيتابعون‬
‫طريقهم ‪ ،‬لاللتقاء مع حلفائهم النمساويين والمضي‬
‫قدما نحو نهر الراين من أولم في شمال إيطاليا ‪ ،‬في‬
‫الوقت نفسه ‪ ،‬اإلمبراطور فرانز الثاني مع ‪ 25‬ألف‬
‫مقاتل سيحتل التيرول ويمر عبر جبال األلب ‪ ،‬مع‬
‫توقع االنتقال شماال الى بافاريا أو الىى الجنوب نحو‬
‫إيطاليا حسب الحاجة ‪ ،‬عسكر الفرنسيون في بولون‬
‫في ‪ 27‬أغسطس ‪ ، 1815‬وصلوا الى نهر الراين‬
‫في ‪ 25‬سبتمبر ‪ ،‬نابليون خطط لنقل قواته من‬
‫ساحل القناة الى بافاريا بكل سرعة ممكنة ‪ ،‬بقصد‬
‫ضرب النمساويين ‪ ،‬أنطلقت معركة أوسترليتز ‪2‬‬
‫ديسمبر ‪ 61 ، 1815‬ألف فرنسي ضد أكثر من‬
‫‪ 111‬ألف مقاتل نمساوي روسي ‪ ،‬أنتصر‬
‫الفرنسيون بشكل مذهل ‪ ،‬وضعت مصادر حديثة‬
‫موثوق بها الخسائر النمساوية والروسية ‪ 16‬ألف‬
‫ً‬
‫ضابطا ‪،‬‬ ‫قتيل وجريح ‪ ،‬بينهم ‪ 9‬جنراالت و ‪293‬‬
‫باإلضافة إلى ‪ 186‬مدفع و ‪ 411‬عربة ذخيرة ‪،‬‬
‫بعد وقت قصير من المعركة ‪ ،‬أصدر نابليون‬
‫مرسوما يقضي بأعطاء أرملة كل جندي قتل في‬
‫أوسترليتز معاش سنوي قدره ‪ 211‬فرنك مدى‬
‫الحياة ‪ ،‬و أعطاء أرامل الجنراالت يتلقون ‪6111‬‬
‫فرنك ‪ ،‬تعهد أيضا أن يجد العمل ألبناء كل جندي‬
‫قتل في المعركة ‪ ،‬جر نابليون أعدائه الى سالم في‬
‫معاهدة برسبورغ ‪ 26‬ديسمبر ‪ 1815‬التي وقعها‬
‫تاليران ‪ ،‬لينهي نابليون على قصة الحلف الثالث‬
‫الذي تشكل ضده‪.‬‬
‫اإلمبراطورية‬
‫في السنوات الخمس التي تلت تتويجه أنشأ نابليون‬
‫إمبراطورية أوروبية أكثر اتساعا من أي منذ أيام‬
‫روما ‪ ،‬ولعل مقولته "قداسة البابا بيوس السابع هو‬
‫صاحب السيادة في روما ‪ ،‬لكنني أنا اإلمبراطور" ‪،‬‬
‫نصر أوسترليتز زاد ثقة نابليون بونابرت بنفسه ‪،‬‬
‫كانت النتائج مؤلمة بالفعل لإلمبراطور النمساوي‬
‫فرانز ‪ ،‬الذي اضطر إلى ذلك االعتراف باألراضي‬
‫التي فقدها لصالح فرنسا سابقا نتيجة المعاهدات‬
‫كامبو فورميو ولونفيل ‪ ،‬تضيف اآلن البندقية‬
‫وإستريا ودالماتيا عالوة على ذلك ‪ ،‬أجبر‬
‫هابسبورغ التعساء أيضا على االعتراف بنابليون‬
‫ملكا أليطاليا ‪ ،‬عند عودة نابليون من أوسترليتز الى‬
‫باريس في ‪ 26‬يناير ‪ 1816‬أستقبله ورحب السكان‬
‫به مثل البطل ‪ ،‬وتوجه ألبرام معاهدة في ‪15‬‬
‫فبراير ‪ ، 1816‬كانت معاهدة التعاون الفرنسية‬
‫البروسية التي وقعت في باريس ‪ ،‬كان نابليون قد‬
‫وسع أطرافه بفتوحات أيطاليا وألمانيا واألراضي‬
‫المنخفضة هولندا ‪ ،‬وتصرف بها كيفما يشاء ‪ ،‬في‬
‫‪ 14‬مارس ‪ ، 1816‬أعلن نابليون نيته في تسمية‬
‫شقيقه لويس ملكا لهولندا ‪،‬بينما وصل هو الى‬
‫وارسو في ‪ 18‬ديسمبر ‪ 1816‬أستقبله البولنديون‬
‫كمحرر من النمسا وروسيا وبروسيا التي قسمت‬
‫بلدهم ‪ ،‬رأى فريدريك فيلهلم الثالث أن نابليون قد‬
‫أهان بروسيا وأهانه شخصيا وأملى عليه شروط‬
‫مذلة ‪ ،‬حاول التخلص من الضغوط ولكن جنراله‬
‫فريدريش لودفيج أمير هوهنلوهي‪-‬إنغلفينغن خيب‬
‫أمله بخسارته الكارثية في معركة جينا ‪ 14‬أكتوبر‬
‫‪ ، 1816‬كانت هزيمة حاسمة أكدت أن مدافع‬
‫بونابرت لم توقض بروسيا من نومها على أمجاد‬
‫فريدريك العظيم ‪ ،‬تفاخر نابليون وكتب لجوزفين‬
‫الساعة الثالثة صباحا بعد المعركة ‪" ،‬لقد حققت‬
‫انتصارا كبيرا أمس ‪ ،‬ضد العدو ‪ 151‬ألف مقاتل ‪،‬‬
‫لقد حملت ‪ 21‬ألف أسير ‪ ،‬و ‪ 111‬قطعة مدفعية "‬
‫زار نابليون ساحة معركة روسباخ التي تم إذالل‬
‫فرنسا بها بواسطة فريدريك العظيم عام ‪1757‬‬
‫وعندما كان ينظر إلى قبر فريدريك مع طاقمه ‪،‬‬
‫كان متواضعا وقال ‪ " ،‬أرفعوا القبعات ‪ ،‬أيها السادة‬
‫لو كان هذا الرجل على قيد الحياة لما كنت واقفا هنا‬
‫األن" ‪ ،‬مد نابليون مجال إمبراطوريته الى أيطاليا‬
‫وألمانيا وهولندا وبولندا وأسبانيا والبرتغال ‪ ،‬حتى‬
‫أنه حمل خطط لغزو اليونان ‪ ،‬اإلمبراطورية‬
‫النابليونية أكتملت وأصبحت قوة تنافس بريطانيا‬
‫العظمى ‪ ،‬في ‪ 14‬يناير ‪ ، 1817‬أنشأ نابليون‬
‫أدارته في بولندا وضرب النمساويون والروس‬
‫والبروسيون عرض الحائط ‪ ،‬نابليون ثبت قدمه في‬
‫بولندا بعد األنتصار في معركة ايالو ‪ 8‬فبراير‬
‫‪ 1817‬ضد قوة روسية بروسية ‪ ،‬بريطانيا كان لها‬
‫ضلوع في هذه المعركة ‪ ،‬فهي تدفع لروسيا مليون‬
‫وربع جنيه استرليني مقابل كل ‪ 111‬ألف رجل‬
‫أرسلتهم ضد فرنسا ‪ ،‬وفق معاهدة سان بطرسبرج‬
‫في أبريل ‪ ، 1815‬بينما نابليون تسلل الى شبكة‬
‫جواسيس من أيرلندا الناقمة على بريطانيا ‪ ،‬حتى‬
‫بعد الطرف األغر نابليون كان خطر على بريطانيا‬
‫‪ ،‬وحول أهتمامه الى شبه الجزيرة األيبيرية (أسبانيا‬
‫والبرتغال) ‪ ،‬وحتى طلب من األتراك مهاجمة‬
‫روسيا حينما خاطب السلطان سليم الثالث "سليل‬
‫العثمانيين العظماء ‪ ،‬إمبراطور إحدى أعظم‬
‫الممالك في العالم هل توقفت عن الحكم؟ كيف‬
‫يمكنك أن تسمح للروس أن يملون عليك؟ ‪ ،‬أن‬
‫الجيش الروسي في كورفو ‪ ،‬بدعم يوناني ‪ ،‬سوف‬
‫يهاجمون ذات يوم عاصمتك‪ . . .‬ساللتكم ستنزل‬
‫في ليلة النسيان‪ ..‬ارفع نفسك يا سليم!" ‪ ،‬نابليون‬
‫شكل قوة عظمى وحاول خنق بريطانيا أقوى أعدائه‬
‫بالحصار القاري ‪ ،‬حاول نابليون اللحاق بقوة‬
‫بريطانيا بحريا لكنه فشل ‪ ،‬في أبريل ‪ ، 1814‬كان‬
‫لدى فرنسا ‪ 225‬سفينة بحرية ‪ ،‬في حين بريطانيا ‪،‬‬
‫في البحار األوروبية وحدها ‪ ،‬كان لديها ‪412‬‬
‫سفينة بحرية‪.‬‬

‫‪.‬‬
‫الحصار‬
‫الجمعة ‪ 21‬نوفمبر ‪ ، 1816‬وقع نابليون على‬
‫مراسيم برلين ‪ ،‬الذي فرض فيه حصار قاري على‬
‫بريطانيا ‪ ،‬ما أسماه نابليون "االنتقام" ‪ ،‬ونصت أهم‬
‫موادها على ‪0‬‬
‫‪ -1‬الجزر البريطانية في حالة حصار‪.‬‬
‫‪ -2‬التجارة وجميع أنواع األتصال مع الجزر‬
‫البريطانية ممنوعة‪.‬‬
‫‪ -3‬كل بريطاني مهما كانت وظيفته أو حالته‬
‫يمكن ‪ . . .‬أن يصبح أسير حرب‪.‬‬
‫‪ -4‬جميع المستودعات والبضائع والممتلكات أيا‬
‫كان نوعها يستولى عليها‪. . .‬‬
‫‪ -5‬ال يسمح للسفن بالحركة سواء قادمة من‬
‫بريطانيا أو ذاهبة أليها ويشمل هذا المستعمرات‬
‫أيضا‪.‬‬
‫منذ الطرف األغر لم يتمكن بونابرت أن يلحق‬
‫الضرر ببريطانيا األ عن طريق تجارتها ‪ ،‬كان‬
‫حصار قوي لكنه غير فعال على المدى البعيد ‪،‬‬
‫على سبيل المثال سمح نابليون بتصدير الحبوب إلى‬
‫البريطانيين بسعر مرتفع عندما كان حصادهم‬
‫ضعيفا ‪ ،‬جاء حوالي ‪ 74‬في المائة من القمح‬
‫المستورد في بريطانيا من فرنسا ‪ ،‬أي نفسه‬
‫بونابرت لم يلتزم بالحصار ‪ ،‬دول مثل أسبانيا و‬
‫البرتغال هربت البضائع الى بريطانيا بالسر ‪ ،‬على‬
‫الرغم من أن نابليون لم يكن ساذجا لدرجة االعتقاد‬
‫بأن التهريب يمكن أن يكون سهال تماما ‪ ،‬فقد ذهب‬
‫إلى أبعد مدى لقمعه ‪ ،‬ونشر ‪ 311‬ضباط الجمارك‬
‫على طول نهر إلبه عام ‪ ، 1816‬أهتم نابليون‬
‫بتجارة بولندا كانت تجارة إيجابية رحب البولنديين‬
‫المتحمسين في إبعاد البلدان الثالثة (النمسا ‪ ،‬روسيا‬
‫‪ ،‬بروسيا) التي قسمت بلدهم في مناسبات سابقة ‪،‬‬
‫أعتمد نابليون على األطباء األكفاء وقال "عدم خبرة‬
‫الجراحون تؤذي الجيش أكثر من أسلحة العدو" ‪،‬‬
‫عدد الجرحى و المرضى في الحملة البولندية بين‬
‫أكتوبر ‪ 1816‬وفي أكتوبر ‪ ، 1818‬الذين عالجتهم‬
‫المستشفيات العسكرية الفرنسية حوالي ‪ 42‬ألف‬
‫مقاتل ‪ ،‬بونابرت أراد التقليل من عدد النبالء الذي‬
‫تراوح عددهم في أيام الملكية بين ‪ 411‬ألف و ‪81‬‬
‫ألف ‪ ،‬في ‪ 1818‬خفضهم الى ‪ 744‬فقط ‪ ،‬و في‬
‫‪ 1819‬الى ‪ ، 512‬وفي ‪ 1811‬الى ‪ ، 1185‬وفي‬
‫‪ 1811‬الى ‪ ، 428‬وفي ‪ 1812‬الى ‪ ، 131‬وفي‬
‫‪ 1813‬الى ‪ ، 318‬وفي ‪ 1814‬الى ‪ ، 54‬نابليون‬
‫كان يشك بالبرتغاليون في ‪ 19‬يوليو ‪ 1817‬كان قد‬
‫طالب البرتغال بإغالق موانئها أمام الشحن‬
‫البريطاني ‪ ،‬وهذا سرع من غزو شبه الجزيرة‬
‫األيبيرية ‪ ،‬خاصة بعد نصر كبير على روسيا في‬
‫بروسيا المحتلة بمعركة فريدالند ‪ 14‬يونيو ‪،1817‬‬
‫‪ ،‬وجر الروس الى صلح معاهدة تيليست التي وقعها‬
‫مع القيصر الروسي ألكسندر األول شخصيا‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫شبه الجزيرة األيبيرية‬
‫كانت البرتغال أقدم وأهم حليف لبريطانيا ‪،‬‬
‫وتحكمها أسرة براغانزا ‪ ،‬التي تعود الى كاثرين‬
‫براغانزا ‪ ،‬حكمها جواو السادس ملك بدين وكسول‬
‫‪ ،‬الذي حاولت زوجته اإلسبانية كارلوتا أن تطيح‬
‫به ‪ ،‬غزا الفرنسيون إتروريا في ‪ 29‬أغسطس‬
‫‪ ، 1817‬نابليون قال "قبل كل شيء يجب انتزاع‬
‫البرتغال من نفوذ بريطانيا" ‪ ،‬أعتبر نابليون أن‬
‫وجود القوات الفرنسية في البرتغال كأول إسفين‬
‫للجيش الفرنسي ألحتالل كامل شبه الجزيرة‬
‫األيبيرية ‪ ،‬وصل الفرنسيون الى لشبونة في ‪31‬‬
‫نوفمبر ‪ ، 1817‬والعائلة المالكة هربت الى‬
‫البرازيل ‪ ،‬بينما كان بونابرت قد حرك ثالثة فيالق‬
‫فرنسية صغيرة الىى شمال إسبانيا ‪ ،‬أستغل صراع‬
‫الملك األسباني كارلوس الرابع وأبنه فرناندو ‪،‬‬
‫بحلول ‪ 16‬فبراير ‪ 1818‬أحتلت فرنسا الحدود‬
‫األسبانية ‪ ،‬و مدن بامبلونا وبرشلونة وسان‬
‫سيباستيان وفيجويراس ‪ ،‬في نفس اليوم الذي تخلّى‬
‫فيه األمير فرناندو عن أدعاءاته العرش ‪ 6 ،‬مايو‬
‫‪ ، 1818‬أعلن نابليون جوزيف شقيقه ملكا جديدا‬
‫إلسبانيا ‪ ،‬قشتالة ‪ ،‬أراغون ‪ ،‬الصقليتين ‪ ،‬من‬
‫القدس ‪ ،‬نافار ‪ ،‬غرناطة ‪ ،‬توليدو ‪ ،‬فالنسيا ‪،‬‬
‫غاليسيا ‪ ،‬مايوركا ‪ ،‬مينوركا ‪ ،‬إشبيلية أعترفت به‬
‫ملك على عرش أسبانيا ‪ ،‬بينما ثارت مدريد ضده‬
‫ورفضت األعتراف به طيلة مايو ‪ ،‬تم قمع أهالي‬
‫مدريد بقسوة ‪ ،‬لم يكن األحتالل سهال بل أسبانيا‬
‫أصبحت قرحة لنابليون ‪ ،‬معركة بايلين بين ‪- 18‬‬
‫‪ 22‬يوليو ‪ 1818‬كبدت فرنسا هزيمة وخسارة أكثر‬
‫من ‪ 2111‬مقاتل ‪ ،‬بقيادة األسباني فرانسيسكو‬
‫خافيير كاستانيوس دون بايلين ‪ ،‬شقيقه جوزيف لم‬
‫يكن كفوء في أدارة أسبانيا ‪ ،‬وأعترف نابليون بأن‬
‫أشقائه لويس و جوزيف خذلوه ‪ ،‬الجزيرة األيبيرية‬
‫خضعت بصعوبة لفرنسا التي يجب أن تقاتل على‬
‫عدة جبهات لكن السؤال كم سوف تصمد ؟ ‪،‬‬
‫نابليون قال لجوزيف شقيقه ‪" ،‬إسبانيا ليست نابولي‬
‫‪ ،‬فيها ‪ 11‬مليون شخص ‪ ،‬وإيرادات اكثر من ‪151‬‬
‫مليون فرنك بدون عد اإليرادات االستعمارية الهائلة‬
‫‪" ،‬القرحة اإلسبانية" أجبرت نابليون على وضع‬
‫‪ 311‬ألف مقاتل في شبه الجزيرة األيبيرية في شتاء‬
‫عام ‪ 1818‬ارتفع العدد إلى ‪ 371‬ألف وفي عام‬
‫‪ 1811‬الى ‪ 416‬ألف ‪ ،‬وفي عام ‪ 1811‬أنخفض‬
‫إلى ‪ 291‬ألف مقاتل ‪ ،‬و عام ‪ 1812‬الى ‪ 224‬ألف‬
‫في عام ‪ 1813‬أنخفض أكثر فأكثر ‪ ،‬دون نسيان‬
‫الهزائم في معركتين هما ‪ ،‬معركة فوينتيس دي‬
‫أونورو بين ‪ 5 - 3‬مايو ‪ 1811‬ضد جيوش آرثر‬
‫ويزلي ويلينغتون ‪ ،‬و معركة ارابيلز يوليو ‪، 22‬‬
‫عام ‪ ، 1812‬ضد ويلينغتون أيضا‪.‬‬
‫واجرام‬
‫السيطرة على أيطاليا وأسبانيا وهولندا وألمانيا‬
‫وبولندا ‪ ،‬والسالم مع روسيا في تيليست ‪ ،‬و أجبار‬
‫بروسيا على خفض جيشها الى ‪ 41‬ألف مقاتل فقط‬
‫‪ ،‬وحصار قاري على بريطانيا ‪ ،‬هذا ما فعله‬
‫نابليون ‪ ،‬و مع كل هذا النمسا لم ترفع الراية‬
‫البيضاء بعد ‪ ،‬أرادت أستعادة بافاريا ونفوذ أيطاليا‬
‫‪ ،‬وواصلت السباق ضد فرنسا ‪ ،‬في معركة إكمول‬
‫‪ 21‬أبريل ‪ 1819‬أنتهى هذا الحلم ‪ ،‬األرشيدوق‬
‫كارل هزم أمام نابليون ‪ ،‬وأصبح يدافع عن فيينا‬
‫وحقق نصر تكتيكي في معركة إسلينج بين ‪- 21‬‬
‫‪ 22‬مايو ‪ 1819‬بعد األنسحاب من إكمول ‪،‬‬
‫وعوض خسارته ‪ 5111‬مقاتل و ‪ 8‬مدافع في‬
‫إكمول ‪ ،‬بينما بقى نابليون في قصر شونبرون بعد‬
‫دخول فيينا ‪ ،‬و غادر على أن يواجه جيوش كارل‬
‫المتراجعة الى شمال فيينا ‪ ،‬أصطدم الفرنسيون‬
‫بالنمساويون بمعركة المدافع واجرام ‪ ،‬التي كانت‬
‫واحدة من أكبر المعارك البرية شارك فيها ‪311‬‬
‫ألف مقاتل ‪ ،‬على طول جبهة عشرين كيلومترا ‪،‬‬
‫الخسائر كانت كبيرة من كال الطرفين ‪ ،‬فرنسا‬
‫أنتصرت وواصل نابليون تمزيق األمبراطورية‬
‫النمساوية ‪ ،‬طلق نابليون جوزفين في ‪ 31‬نوفمبر‬
‫‪ ، 1819‬في التويلري ‪ ،‬أخبر نابليون جوزفين أنه‬
‫كان سيبطل زواجهما قال "ال زلت أحبك ‪ ،‬ولكن‬
‫في السياسة ال يوجد قلب ‪ ،‬فقط العقل " ‪ ،‬جوزفين‬
‫أغمي عليها ‪ ،‬ثم بكت والتمست التراجع منه ‪،‬‬
‫ولكن دون جدوى ‪ ،‬منحت المحكمة الكنسية أبرشية‬
‫باريس إلغاء زواجهم الديني المتسرع عشية التتويج‬
‫‪ ،‬نابليون كان يحبها فقد قال عنها "أنا ال أفوز بأي‬
‫شيء سوى المعارك ‪ ،‬وجوزفين ‪ ،‬تفوز بكل‬
‫القلوب" ‪ ،‬ولكنه تزوج بعدها زواج سياسي من‬
‫األميرة النمساوية ماري لويس بنت األمبراطور‬
‫المقدس واألرشيدوق فرانسيس الثاني هابسبيرغ‬
‫ليضع النمسا تحت تصرفه‪.‬‬
‫الطريق الى روسيا‬
‫نابليون قال لتاليران وزير خارجيته عن ألكسندر‬
‫األول القيصر الروسي "ال يمكنني تحقيق تقدم معه"‬
‫‪ ،‬في أبريل ‪ ، 1819‬كما توقع نابليون ‪ ،‬شنت‬
‫النمسا حربًا على فرنسا ‪ ،‬القيصر الروسي رفض‬
‫مساعدة فرنسا ‪ ،‬لذا فقد بونابرت الثقة بالقيصر‬
‫الروسي المتخاذل مع قضيته ‪ ،‬وقرر التحالف مع‬
‫النمسا وزواجه من ماري لويز ابنة فرانسيس‬
‫البالغة من العمر ثمانية عشر عاما كان ثمن الحلف‬
‫والصداقة مع النمساويون ‪ ،‬وصلت لويز ‪27‬‬
‫مارس ‪ 1811‬الى باريس ‪ ،‬أبريل ‪ 1812‬ألكسندر‬
‫أصدار إنذار نهائي قال فيه يجب على نابليون‬
‫إخالء قواته من بروسيا والدوقية الكبرى بولندا‬
‫ليتوانيا ‪ ،‬كان نابليون مترد ًدا في شن حرب على‬
‫روسيا ‪ ،‬وقال في عام ‪" ، 1818‬ال يوجد مثال في‬
‫التاريخ عن غزو شعوب الجنوب لشعوب الشمال ‪،‬‬
‫إن شعوب الشمال قد اجتاحت الجنوب " ‪ ،‬سافر‬
‫نابليون الى روسيا في عربة خضراء ‪ ،‬أخذ معه‬
‫الكتب والخرائط لدراستها ‪ ،‬كان معه ‪ 411‬ألف‬
‫مقاتل شكل الحرس اإلمبراطوري لنابليون نخبة‬
‫قائمة بذاتها تضم ‪ 45‬ألف مقاتل ‪ ،‬والفرسان ‪151‬‬
‫ألف ‪ ،‬و حوالي ‪ 31‬ألف عربة ‪ ،‬وألف مدفع ‪،‬‬
‫كانت فكرة نابليون األولى هي السير الى سان‬
‫بطرسبرج ‪ ،‬أرماند أوجستين لويس ماركيز دي‬
‫كاولينكورت السفير الفرنسي في روسيا عارض‬
‫غزو نابليون لروسيا ‪ ،‬أنطلق نابليون من باريس‬
‫في ‪ 9‬مايو ‪ ، 1812‬كان نابليون قد حصل بالفعل‬
‫على أجنحته الدبلوماسية من خالل إبرام سلسلة من‬
‫المواثيق وااللتزامات الدفاعية لتوفير القوات ‪ ،‬بما‬
‫في ذلك واحدة مع الملك فريدريك فيلهلم الثالث من‬
‫بروسيا في ‪ 24‬فبراير ‪ ، 1812‬و آخرى مع والد‬
‫زوجته ‪ ،‬اإلمبراطور فرانسيس (فرانز) الثاني من‬
‫النمسا ‪ ،‬في ‪ 14‬مارس ‪ ، 1812‬بشكل سريع وقع‬
‫الروس على سالم بوخارست مع األتراك في مايو‬
‫‪ ، 1812‬الجيش الذي سار الى روسيا ضم قوات‬
‫بولندية ‪ ،‬سويسرية ‪ ،‬نمساوية ‪ ،‬ساكسونية ‪،‬‬
‫رومانية ‪ ،‬هولندية ‪ ،‬كرواتية ‪ ،‬أسبانية ‪ ،‬برتغالية ‪،‬‬
‫القيصر الروسي لم يستفاد من حصار قاري على‬
‫بريطانيا بل تأثر به وبسببه حصل عجز في‬
‫الميزانية ‪ 126 ،‬مليون روبل في ‪157 ، 1818‬‬
‫مليون في عام ‪ ، 1819‬و ‪ 77‬مليون في عام‬
‫‪ 1812 ، 1811‬في ‪ 21‬يناير ‪ ،‬في عمل آخر ‪،‬‬
‫ضمت فرنسا بوميرانيا السويدية لمحاصرة الروس‬
‫من البلطيق وخنقهم ‪ ،‬فشل نابليون في أقناع‬
‫األتراك لمهاجمة روسيا ‪ ،‬وقال "األتراك سيدفعون‬
‫ثمنا باهظا لهذا الخطأ!" ‪ ،‬يوم ‪ 7‬سبتمبر ‪1812‬‬
‫شهد العالم معركة قوية جدا أولى في الحملة‬
‫الروسية ‪ ،‬هي معركة بورودينو ‪ ،‬القائد الروسي‬
‫ميخائيل كوتوزوف خسرها تكتيكا وفقد عدد كبير‬
‫من رجاله ‪ ،‬دخل الفرنسيون موسكو بعد أن هرب‬
‫سكانها ‪ ،‬من أصل ‪ 251‬ألف بقى فقط ‪ 15‬ألف ‪،‬‬
‫رجل روسي كتب الفتة للفرنسيين "أنا أشعل النار‬
‫في قصري أفضل من السماح بتلويثه بحضوركم"‬
‫‪ ،‬يواكيم مورات خيب أمل نابليون بمعركة تاروتينو‬
‫جنوب موسكو ‪ 18‬أكتوبر ‪ ،‬بينما حقق قائده األخر‬
‫يوجين دي بوهارنيس نصر صعب بمعركة‬
‫مالوياروسلفتس ‪ ،‬لحد هذه المعركة مات ‪5111‬‬
‫حصان عند الجيش الفرنسي في جبهة روسيا‬
‫الكبيرة والواسعة جدا ‪ ،‬القائد الروسي ميخائيل‬
‫كوتوزوف أكد أنه رجل كفوء وردع نابليون خالل‬
‫معركة كراسنوي بين ‪ 18 - 15‬نوفمبر ‪، 1812‬‬
‫وقع الطرفين بعد جحيم الشتاء أتفاقية تاوروغين‬
‫عدم األعتداء ‪ 31‬ديسمبر ‪ ، 1812‬فقد نابليون‬
‫‪ 211‬ألف مقاتل من ضمن ‪ 411‬ألف ‪ ،‬بينما بلغت‬
‫حجم الخسائر الروسية ‪ 311‬ألف مقاتل ‪ ،‬نابليون‬
‫سمع خبر أخر مزعج هزيمة أخيه جوزيف بمعركة‬
‫فيتوريا ‪ 21‬يونيو ‪ 1813‬ضد آرثر ويزلي‬
‫ويلينغتون ‪ ،‬أي أن جبهة أسبانيا مثل جبهة روسيا‬
‫أنهارت ولم تبقى سوى جبهة بروسيا‪.‬‬
‫اليبزيغ‬
‫بدأ نابليون في الزيادة بالوزن ‪ ،‬أثر التغيير الحاصل‬
‫لديه في اللياقة البدنية على شخصيته ‪ ،‬و قضى‬
‫صيف ‪ 1813‬في دريسدن كان يتوقع عمليات هناك‬
‫ويراقب التحضيرات لها ‪ ،‬كان فعال وألول مرة‬
‫خائفا وقلقا على مستقبل أمبراطوريته ‪ ،‬وهو قال‬
‫ذات مرة "الخوف وعدم اليقين يسرعان من سقوط‬
‫اإلمبراطوريات"‪ ،‬قبل اليبزيغ أنتصر نابليون نصر‬
‫خجول على قوة بروسية روسية يقودها جيبهارد‬
‫فون بلوخر معركة لوتسن ‪ 2‬مايو ‪ ، 1813‬الى‬
‫الغرب من خارج اليبزيغ ‪ ،‬دخل على أثرها‬
‫درسدن في ساكسونيا ‪ ،‬قوة نابليون بدأت تنهار ‪،‬‬
‫بونابرت الذي كان يكره دائما الحرب الدفاعية‬
‫أصبح مجبورا عليها ‪ ،‬النمسا تخلت عنه بعد‬
‫توقيعها معاهدة رايشنباخ مع بريطانيا وروسيا‬
‫وبروسيا ‪ 3‬يونيو ‪ ، 1813‬بين ‪ 19 - 15‬أكتوبر‬
‫‪ 1813‬خاض نابليون أهم معاركه معركة اليبزيغ ‪،‬‬
‫خسرها وأنهارت جبهة بروسيا ‪ ،‬مثل جبهة روسيا‬
‫و أسبانيا ‪ ،‬كلفت اليبزيغ الفرنسيون ‪ 73‬ألف قتيل‬
‫وجريح ‪ ،‬والحلفاء ‪ 54‬ألف مقاتل ‪ ،‬في يناير‬
‫‪ 1814‬نابليون واجه ما مجموعه ‪ 957‬ألف مقاتل‬
‫من الحلفاء ‪ ،‬دفاعات فرنسا القرن السابع عشر من‬
‫قبل المهندس العسكري سيباستيان دي فوبان ‪ ،‬لم‬
‫تتمكن من الصمود ضد الحلفاء ‪ ،‬حزن نابليون زاد‬
‫في ظهيرة يوم األحد ‪ 29‬مايو ‪ ، 1814‬توفت‬
‫جوزفين بسبب االلتهاب الرئوي في مالميسون‬
‫كانت تبلغ من العمر خمسة وخمسين ‪ ،‬دخل الحلفاء‬
‫باريس ونفوه الى جزيرة ألبا ‪ ،‬نابليون كان أول‬
‫ملك فرنسي يخسر العاصمة منذ االحتالل‬
‫اإلنجليزي سنة ‪ ، 1421‬نابليون قال الى مجلس‬
‫الشيوخ الفرنسي ‪ 14 ،‬نوفمبر ‪1813‬‬
‫"اإلمبراطورية الكبرى لم تعد موجودة ‪ ،‬يجب أن‬
‫تكون فرنسا هي نفسها اآلن" ‪،‬‬
‫أخير محاولة‬
‫بعد هروبه من ألبا شكل نابليون الثالثاء ‪ 21‬مارس‬
‫‪ 1815‬حكومته ‪ ،‬في ‪ 15‬مايو أعلن الحلفاء رسميا‬
‫الحرب على فرنسا في ‪ 9‬يونيو ‪ ، 1815‬وقع‬
‫الحلفاء معاهدة فيينا ‪ ،‬أعلنوا رسميا بأنهم لم ينزعوا‬
‫السالم األ بتنحي نابليون وأستسالمه وأعادة فرنسا‬
‫الى حدودها قبل ‪ ، 1789‬فون بلوخر هزم مرة‬
‫أخرى من نابليون ب معركة ليجني ‪ 16‬يونيو‬
‫‪ ، 1815‬بينما عانى ميشيل ني أهم قادة نابليون من‬
‫هزيمة تكتيكية في معركة األذرع األربعة ‪ 16‬يونيو‬
‫‪ ، 1815‬تحت تصرف نابليون بقى أقل من ‪151‬‬
‫ألف مقاتل ‪ ،‬وجائت ساعة الحسم أخير محاولة له‬
‫في واترلو ‪ 18‬يونيو ‪ 1815‬هزم نابليون هزيمة‬
‫نهائية بال رجعة ‪ ،‬ونفي الى سانت هيلين على‬
‫األطلسي حيث توفي فيها يوم ‪ 5‬مايو ‪، 1821‬‬
‫األمراض التي نسبها المؤرخون إلى نابليون على‬
‫مر السنين ‪ ،‬السيالن ‪ ،‬حصى المرارة ‪ ،‬الصرع ‪،‬‬
‫الصداع النصفي ‪ ،‬القرحة الهضمية ‪ ،‬المالريا ‪ ،‬داء‬
‫البروسيالت ‪ ،‬التهاب الكبد األميبي ‪ ،‬الزحار ‪،‬‬
‫االسقربوط ‪ ،‬النقرس ‪ ،‬الغدة النخامية المفرطة‬
‫النشاط ‪ ،‬البلهارسيا ‪ ،‬والغاز ‪ ،‬وعسر الهضم ‪،‬‬
‫ومشاكل الكلى ‪ ،‬وقصور الغدد التناسلية ‪ ،‬وفشل‬
‫القلب ‪ ،‬التهاب المثانة ‪ ،‬واالكتئاب الهوسي‬
‫ومتالزمات مختلفة مثل متالزمة كالينفيلتر ‪،‬‬
‫سرطان المعدة ‪ ،‬بينما أكدت مصادر أن نابليون تم‬
‫تسميمه بالزرنيخ السبت ‪ 5‬مايو ‪ ، 1821‬بعد‬
‫صباح عاصف ‪ ،‬اإلمبراطور السابق البالغ من‬
‫العمر ‪ 51‬عامًا أعطى ثالث تنهدات على فترات‬
‫طويلة وتوفي في ‪ 5449‬مساء ‪ ،‬بعد إطالق بندقية‬
‫الغروب بالجزيرة مباشرة وصف شاتوبريان "أعظم‬
‫أنفاس الحياة التي حركت اإلنسان على اإلطالق قد‬
‫توقفت‪.‬‬
‫كتب للقراءة أيضا‬
Napoleon A Life by Andrew Roberts
Napoleon Bonaparte A Life by
Schom Alan
André Castelot Napoléon
Bonaparte
Philip Dwyer Citizen Emperor
Napoleon in Power
Vincent Cronin Napoleon
‫معرض الصور‬

‫أنطوان جان جروس نابليون معركة جسر إركول‬


‫جان أوغست دومينيك إنجرس نابليون القنصل‬
‫بول ديالروتشي بونابرت يعبر جبال األلب‬
‫نابليون أمام أبو الهول جيان ليون جيروم‬
‫أنطوان جان جروس نابليون يزور يافا‬
‫فرانسوا جيرار نابليون األول في زي التتويج‬
‫جان أوغست دومينيك إنجرس التتويج‬
‫جاك لويس ديفيد تتويج نابليون‬
‫معركة مارينغو‪ .‬اللوحة بواسطة لويس ليجون ‪.‬‬
‫نابليون معركة أوسترليتز من قبل فرانسوا جيرارد‬
‫في معركة فريدالند‪ ،‬من قبل هوراس فرنيه ‪.‬‬
‫فرانسوا جيرار جوزيفين في زي التتويج‪.‬‬
‫ماري لويز مع ابنها‪ .‬فرانسوا جيرار‪.‬‬
‫القيصر الروسي ألكسندر األول‪.‬‬
‫فرانسيس الثاني أمبراطور النمسا‪.‬‬
‫معركة اليبزيغ فالديمير موشكوف‪.‬‬
‫وليام سادلير معركة واترلو‪.‬‬
‫قبر نابليون بونابرت‪.‬‬

You might also like