SplitPDFFile 91 To 103

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 13

‫حقوؽ اإلنساف يف اإلسالـ‬

‫المحاضرة الثامنة‬

‫احلق لغة‪ :‬خالؼ الباطل‪.‬‬


‫احلق يف اًلصطالح‪ :‬لو تعريفات كثﱶة منها‪ :‬مصلحة ًّثبتة للشخص على سبل االختصاص واالستًثار‬
‫يقررىا الشارع اغبكيم‪.‬‬
‫ادلراد حبقوؽ اإلنساف‪:‬‬
‫اغبقوؽ الﱲ هتدؼ إىل ضماف وضباية معﱴ اإلنسانية يف ـبتلف اجملاالت السياسية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية والثقافية‪.‬‬

‫‪- ٜٕ -‬‬
‫حقوؽ اإلنساف يف اإلسالـ‬
‫المحاضرة الثامنة‬

‫اس‪ ،‬إِ َّف‬


‫حجة الوداع فقاؿ‪َ ( :‬اي أَيػُّ َها النَّ ُ‬ ‫عاؼبي غبقوؽ اإلنساف ِم ْن نبيِّنا ُؿبَ َّم ٍد ‪ ‬يف َّ‬ ‫ٍ‬
‫كاف َّأوؿ إعالف ٍّ‬
‫ِد َماءَ ُك ْم َوأَْم َوالَ ُك ْم َعلَْي ُك ْم َحَر ٌاـ إِ َىل أَ ْف تَػْل َق ْوا َربَّ ُك ْم َك ُحْرَم ِة يَػ ْوِم ُك ْم َى َذا ِيف بَػلَ ِد ُك ْم َى َذا ِيف َش ْه ِرُك ْم َى َذا‪ ،‬أََال‬
‫حﱱ‬ ‫وصححو األلباٍل]‪ ،‬فلم يبت ‪َّ ‬‬ ‫ت؟)[أخرجو أضبد يف مسنده‪َّ ،‬‬ ‫ت؟ قَالُوا‪ :‬نَػ َع ْم‪ .‬قَ َاؿ‪ :‬اللَّ ُه َّم َى ْل بَػلَّ ْغ ُ‬ ‫َى ْل بَػلَّ ْغ ُ‬
‫ﱡﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ‬ ‫أرسى قواعد حقوؽ اإلنساف كاملةً‪ ،‬وقد قاؿ تعاىل عن ذلك‪:‬‬
‫قررت الشريعة اإلسالمية لإلنساف‬
‫[اؼبائدة‪ ،]ٖ :‬فقد َّ‬ ‫ﱵﱠ‬
‫ﱶ‬ ‫ﱰﱱﱲﱳﱴ‬

‫حقوقًا كثَتة منها ما أييت‪:‬‬


‫حق احلياة‪:‬‬
‫اغبق يف اغبياة‪ ،‬وليس ٍ‬
‫ألحد أف يسلبو ىذا بغﱶ ٍ‬ ‫لكل ٍ‬
‫مشروع‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫وجو‬ ‫إنساف َّ‬ ‫فقد جعلت ِّ‬
‫وعرمت ذلك‪.‬‬
‫فحرمت قتل اإلنساف َّ‬
‫‪َّ ‬‬
‫ﱡﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ‬ ‫قاؿ تعاىل‪:‬‬
‫ﱏ ﱐ ﱑﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘﱠ [الفرقاف‪ ،]ٙٛ:‬وقاؿ رسوؿ هللا ‪( :‬لَ ْن‬
‫ِ‬ ‫ٍ ِ ِ ِِ‬ ‫ِ‬
‫يَػَز َاؿ ال ُػم ْؤم ُن ِيف فُ ْس َحة م ْن دينو‪َ ،‬ما َملْ يُص ْ‬
‫ب َد ًما َحَر ًاما) [أخرجو البخاري]‪.‬‬
‫‪ ‬وحرمت قتل النفس ابًلنتحار‪:‬‬
‫ﱡﱩ ﱪ ﱫﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ‬ ‫قاؿ تعاىل‪:‬‬
‫أف النﱯ ‪ ‬قاؿ‪َ ( :‬م ْن‬ ‫ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺﱻﱠ [النِّساء‪ ،]ٖٓ-ٕٜ :‬ويف اغبديث َّ‬
‫تَػَرَّدى ِم ْن َجبَ ٍل فَػ َقتَ َل نَػ ْف َسوُ‪ ،‬فَػ ُه َو ِيف َدا ِر َج َهنَّ َم يػَتَػَرَّدى فِ ِيو َخالِ ًدا ُـبَلَّ ًدا فِ َيها أَبَ ًدا‪َ ،‬وَم ْن َربَ َّسى ُظبِّا‬
‫يدةٍ‪،‬‬ ‫فَػ َقتَ َل نػَ ْف َسوُ‪ ،‬فَ ُس ُّموُ ِيف يَ ِدهِ يَػتَ َح َّساهُ ِيف َدا ِر َج َهنَّ َم َخالِ ًدا ُـبَلَّ ًدا فِ َيها أَبَ ًدا‪َ ،‬وَم ْن قَػتَ َل نػَ ْف َسوُ ِحبَ ِد َ‬
‫يدتُوُ ِيف يَ ِدهِ َهبَأُ ِهبَا ِيف بَطْنِ ِو ِيف َدا ِر َج َهنَّ َم َخالِ ًدا ُـبَلَّ ًدا فِ َيها أَبَ ًدا) [أخرجو البخاري ومسلم]‪.‬‬ ‫فَ َح ِد َ‬
‫حق الكرامة‪:‬‬
‫ﱡﱽﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ‬ ‫قاؿ تعاىل‪:‬‬
‫[اإلسراء‪ ،]ٚٓ :‬أي‪ :‬كرـ هللا النفس اإلنسانية‬ ‫ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏﱠ‬

‫بصفة عامة‪ ،‬ومل هبعل ىناؾ استثناءات بسبب اللوف أو اعبنس أو الدين فهو تكرَل عاـ وشامل‪.‬‬

‫‪- ٜٖ -‬‬
‫حقوؽ اإلنساف يف اإلسالـ‬
‫المحاضرة الثامنة‬

‫ِ‬
‫وم َن ادلظاىر الدالة على التكرمي اإلذلي لإلنساف‪:‬‬
‫ﱡﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫﱠ‬ ‫خلق اإلنساف يف أحسن تقوَل‪ ،‬قاؿ تعاىل‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫ﱡﲻ ﲼ ﲽ‬ ‫[التِّﱷ‪ ،]ٗ :‬وقد أمر هللا اؼبالئكة ُّ‬


‫ابلسجود ألبينا آدـ تكريبًا لو‪ ،‬قاؿ تعاىل‪:‬‬
‫ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄﱠ [اغبجر‪.]ٕٜ :‬‬
‫‪ ‬سبييزه ابلعقل والنُّطق واالستعدادات اؼبتع ِّددة الﱲ جعلتو ً‬
‫أىال غبمل األمانة‪ ،‬كما قاؿ‬
‫ﱡﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ‬ ‫سبحانو‪:‬‬
‫ﲺ ﲻﲼﱠ [األحزاب‪.]ٕٚ :‬‬
‫ﱡﱁ ﱂ ﱃ‬ ‫دبهمة اػبالفة يف األرض وإعمارىا ابلعبودية‪ ،‬قاؿ تعاىل‪:‬‬
‫‪ ‬تكليفو َّ‬
‫ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉﱊﱠ [البقرة‪.]ٖٓ :‬‬
‫ٍ‬
‫اجتماعية‪ ،‬مثل‪:‬‬ ‫‪ ‬جعل كرامة اإلنساف فبُْتَ َّدةً لو عند موتو؛ وذلك بتكليف األحياء بو ٍ‬
‫اجبات‬
‫اَّللِ ﷺ‪َ ( :‬ح ُّق الْ ُم ْسلِِم َعلَى‬ ‫وؿ َّ‬ ‫غسل اؼبيت ودفنو وحرمة جسده‪َ .‬ع ْن أَِيب ُىَريْػَرَة ‪ ،‬قَ َاؿ َر ُس ُ‬
‫ِ‬ ‫ت‪ :‬إِ َذا لَِقيتو فَسلِّم علَي ِو‪ ،‬وإِ َذا دع َ ِ‬ ‫الْ ُم ْسلِِم ِس ّّ‬
‫س‬
‫ص ْحوُ‪ ،‬وإ َذا َعطَ َ‬ ‫ك فَانْ َ‬‫ص َح َ‬ ‫اؾ فَأَجْبوُ‪ ،‬وإِ َذا ْ‬
‫استَػْن َ‬ ‫ََ‬ ‫َُ َ ْ َ ْ‬
‫ات فَاتْػبَػ ْعوُ‪َ ).‬رَواهُ ُم ْسلِ ٌم‪.‬‬
‫ض فَػعُ ْدهُ‪ ،‬وإِذَا َم َ‬
‫فَح ِم َد َّ ِ‬
‫اَّللَ فَ َس ّمْتوُ‪ ،‬وإِذَا َم ِر َ‬ ‫َ‬
‫حق ِّ‬
‫احلريَّة‪:‬‬
‫متدر ًجا إلزالتو‪ ،‬فكثر‬ ‫نظاما ِّ‬ ‫وسائدا‪ ،‬فوضع اإلسالـ ً‬ ‫ً‬ ‫موجودا‬
‫ً‬ ‫الرِّؽ‬
‫جاء اإلسالـ وكاف نظاـ ِّ‬
‫األايـ‬ ‫الكفارات‪ ،‬ورتَّب األجر العظيم على فعلو‪ ،‬وجعل َّ‬
‫للرقيق حقوقًا‪ ،‬ومع َّ‬ ‫اغبث على العتق يف َّ‬ ‫ُّ‬
‫الرِّؽ وتالشى يف نظاـ َّ‬
‫األمة اإلسالمية‪.‬‬ ‫اكبسر نظاـ ِّ‬
‫صبلة ِم َن ِّ‬
‫احلرَّايت‪ ،‬جعلها ُم َق حبفظ كرامتو وإنسانيتو‪ ،‬ال‬ ‫أف للفرد حقا يف شلارسة ٍ‬ ‫كما َّ‬
‫تنزؿ بو إىل درؾ البهائم أو دوّنا‪ ،‬منها‪:‬‬
‫ِّ‬
‫حريَّة التفكَت‪:‬‬
‫ﱡﱁ ﱂ ﱃ ﱄ‬ ‫فقد اعتبت الشريعة اإلسالمية االختالؼ ِم ْن طبيعة البشر‪ ،‬قاؿ تعاىل‪:‬‬
‫ﱐ ﱒ ﱓﱔﱠ [ىود‪.]ٜٔٔ -ٔٔٛ :‬‬
‫ﱑ‬ ‫ﱅ ﱆ ﱇﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ‬

‫‪- ٜٗ -‬‬
‫حقوؽ اإلنساف يف اإلسالـ‬
‫المحاضرة الثامنة‬

‫ِّ‬
‫حريَّة اًلعتقاد‪:‬‬
‫ﳗﳙﳚﳛﳜﳝ‬
‫ﳘ‬ ‫ﱡﳎ ﳏ ﳐ ﳑﳒ ﳓ ﳔ ﳕ ﳖ‬ ‫قاؿ تعاىل‪:‬‬
‫ﳞ ﳟ ﳠ ﳡ ﳢ ﳣ ﳤﳥ ﳦ ﳧ ﳨ ﳩﱠ [البقرة‪ ،]ٕ٘ٙ :‬وأ َّما إقراره‬
‫تم ٍة‪ ،‬ال سيَّما إف‬ ‫حﱱ ال يدخل يف اإلسالـ َّإال عن ٍ‬
‫قناعة َّ‬ ‫غب ِّد ِّ‬
‫الرَّدة فهو أتكي ٌد على ِّ‬
‫حريَّة التديُّن؛ َّ‬
‫فكل األنظمة العاؼبية تعتب اػبروج عن نظامها ِّ‬
‫العاـ جريبةً كبى يُعاقب عليها‪.‬‬ ‫علم عقوبة ذلك‪ُّ ،‬‬
‫حق العيش الكرمي‪:‬‬
‫ٍ‬
‫ضعيف ال يستطيع القياـ أبمر نفسو‪ ،‬ففرض‬ ‫كفل اإلسالـ حقوؽ الفقﱶ واؼبسكﱷ و ِّ‬
‫كل‬
‫وحث على الصدقات واألوقاؼ‪.‬‬
‫الزكاة يف األمواؿ‪َّ ،‬‬
‫حق ادلساواة‪:‬‬
‫ين قَػْبػلَ ُك ْم‪ ،‬أَنػَّ ُه ْم َكانُوا‬ ‫كل مبادئ العنصريَّة قاؿ رسوؿ هللا ‪( :‬إَِّمبَا أَىلَ َّ ِ‬
‫ك الذ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ألغى اإلسالـ َّ‬
‫اَّللِ لَو أَ َّف فَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الش ِريف تػَرُكوه‪ ،‬وإِذَا سر َؽ فِ ِيهم َّ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫اط َمةَ‬ ‫يف أَقَ ُاموا َعلَْيو اغبَ َّد‪َ ،‬و ْاَلُ َّ ْ‬
‫الضع ُ‬ ‫ُ‬ ‫إذَا َسَر َؽ فيه ُم َّ ُ َ ُ َ َ َ‬
‫ٍ‬
‫ت يَ َد َىا) [أخرجو البخاري ومسلم]‪.‬‬
‫ت لََقطَ ْع ُ‬ ‫بِْن َ‬
‫ت ُؿبَ َّمد َسَرقَ ْ‬
‫حق األمن‪:‬‬
‫ﱡﱫ ﱬ ﱭ‬ ‫توعَّد هللا تعاىل َم ْن يسعى لإلخالؿ ابألمن َّ‬
‫أشد الوعيد‪ ،‬قاؿ تعاىل‪:‬‬
‫ﱮﱯﱰﱱﱲﱳﱴﱵﱶﱷﱸﱹﱺﱻ‬

‫ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈﲉ ﲊ ﲋ ﲌ‬

‫ﲍ ﲎ ﲏﱠ [اؼبائدة‪.]ٖٖ :‬‬
‫حق صيانة العرض‪:‬‬
‫الزدا ومق ِّدماتو‪ ،‬قاؿ تعاىل‪ :‬ﱡﱺ ﱻ ﱼﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃﱠ‬
‫حرـ ِّ‬
‫‪َّ ‬‬
‫[اإلسراء‪.]ٖٕ :‬‬
‫ﱡﲷ ﲸ ﲹ ﲺ‬ ‫كل ما يػُ َع ُّد عدو ًادا على عرض اإلنساف وشرفو وكرامتو‪ ،‬فقاؿ‪:‬‬
‫وحرـ َّ‬
‫‪َّ ‬‬
‫ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋ ﳌﳍ ﳎ ﳏ‬
‫ﳙ ﳛ ﳜ ﳝ ﳞ ﳟ ﳠ ﳡﱠ‬
‫ﳚ‬ ‫ﳐ ﳑ ﳒ ﳓﳔ ﳕ ﳖ ﳗ ﳘ‬
‫[اغبجرات‪.]ٔٔ :‬‬

‫‪- ٜ٘ -‬‬
‫حقوؽ اإلنساف يف اإلسالـ‬
‫المحاضرة الثامنة‬

‫حق التملك‪:‬‬
‫ﱡﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ‬ ‫سخر هللا تعاىل األرض لبﱵ اإلنساف‪ ،‬قاؿ تعاىل‪:‬‬
‫فقد َّ‬
‫ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑﱒﱠ [لقماف‪.]ٕٓ :‬‬
‫ﱡﱔ ﱕ ﱖ‬ ‫ابلسعي طلبًا ِّ‬
‫للرزؽ‪ ،‬قاؿ تعاىل‪:‬‬ ‫وسع ؽبم أسباب اؼبلك والرزؽ‪ ،‬وأمرىم َّ‬
‫ٍبَّ َّ‬
‫ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟﱠ ﱡ ﱢ ﱣﱠ [اؼبلك‪ ،]ٔ٘ :‬وجعل األصل‬
‫يف اؼبعامالت اإلابحة‪ ،‬وما حرـ يكوف استثناءً ِم ْن ىذا األصل‪.‬‬
‫حق التعليم‪:‬‬
‫جعل طلب العلم فريضة فقاؿ‪( :‬طلب العلم فريضة على كل مسلم) [أخرجو ابن ماجو‪ ،‬وضعَّفو البوصﱶي‬
‫يف مصباح الزجاجة]‪.‬‬
‫ﱡﳘ ﳙ ﳚ ﳛ ﳜ ﳝ ﳞ ﳟ ﳠﳡ‬ ‫رفع هللا منزلة العلم والعلماء‪ ،‬قاؿ تعاىل‪:‬‬
‫وحذر هللا تعاىل ِم ْن كتماف العلم فقاؿ‪ :‬ﱡﲐ ﲑ‬
‫ﳢ ﳣ ﳤ ﳥ ﳦﱠ [اجملادلة‪َّ ،]ٔٔ :‬‬
‫ﲒﲓﲔﲕﲖﲗﲘﲙﲚﲛﲜﲝﲞﲟﲠﲡ‬
‫ﲢ ﲣ ﲤﱠ [البقرة‪ ،]ٜٔ٘:‬والشاىد العملي ؼبكانة التعليم يف اإلسالـ َّ‬
‫أف النﱯ ‪ ‬جعل‬
‫فدية األسﱶ أبسرى بد ٍر تعليم عشرةٍ ِم ْن أبناء اؼبسلمﱷ‪.‬‬
‫حق الشورى‪:‬‬
‫إذ أمر هللا نبيَّو دبشاورة اؼبسلمﱷ يف أمورىم فقاؿ تعاىل‪ :‬ﱡﱝ ﱞ ﱟﱠﱠ [آؿ عمراف‪:‬‬
‫‪.]ٜٔ٘‬‬
‫حق التقاضي ووعوب العدؿ‪:‬‬
‫ﱡﲰ‬ ‫ضمن اإلسالـ حقوؽ األفراد يف القضاء‪ ،‬وأمر اغبكاـ أف وبكموا ابلعدؿ‪ ،‬قاؿ تعاىل‪:‬‬
‫ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶﲷﱠ [النِّساء‪.]٘ٛ :‬‬
‫حق الزواج‪:‬‬
‫ﱡﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ‬ ‫لقد َّ‬
‫رغبت الشريعة يف الزواج ودعت إليو قاؿ تعاىل‪:‬‬
‫[النُّور‪،]ٖٕ :‬‬ ‫ﱆ ﱇﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔﱠ‬
‫فالطريقة اؼبثلى لعفاؼ اعبنسﱷ اإلسراع يف زواجهم‪ ،‬وجعل الزواج سببًا ِّ‬
‫للرزؽ‪.‬‬

‫‪- ٜٙ -‬‬
‫حقوؽ اإلنساف يف اإلسالـ‬
‫المحاضرة الثامنة‬

‫(الشوا ِذّ)‪ ،‬فهو ُؿبََّرٌـ‪ ،‬وىو ِم َن‬


‫ابلرجل وىو ما يُعرؼ بزواج َّ‬
‫الرجل َّ‬
‫َّأما عن زواج اؼبرأة ابؼبرأة و َّ‬
‫لوط‪ ،‬الﱲ رتَّب هللا عليها عقوبتهم وىالكهم‪ ،‬قاؿ تعاىل‪ :‬ﱡﱎ‬ ‫الكبائر‪ ،‬وىي فاحشة قوـ ٍ‬
‫ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚﱠ [اغبجر‪- ٖٚ :‬‬
‫ذبرأ على هللا أبشنع اؼبعاصي عاقبو هللا أبشنع العقوابت‪.‬‬
‫ٗ‪ ،]ٚ‬فَ َم ْن َّ‬
‫احلقوؽ األسريَّة‪:‬‬
‫اعتﱴ اإلسالـ ابلعالقة الزوجية واغبقوؽ األسرية‪ ،،‬وحقوؽ األوالد‪ ،‬وحقوؽ الوالدين‪،‬‬
‫تتحدث يف األحكاـ واغبقوؽ‪.‬‬‫كبﱶا ِم ْن آايت هللا َّ‬
‫كما ً‬
‫وحقوؽ ذوي القرىب‪ ،‬وذبد ِّ‬
‫وععل ىذه احلقوؽ ملزمةً ألصحاهبا؛ أبف جعل االلتزاـ هبا ِم ْن فرائض الدين؛ بل ورتَّب‬
‫عليها اؼبسؤولية الدنيوية واعبزاء األخروي‪ ،‬فارتقى دبفهوـ حقوؽ اإلنساف إىل مقاـ العبادة الرفيع‪.‬‬
‫حقوؽ اإلنساف يف السعودية‪:‬‬
‫كفلت الدولة منذ توحيدىا على يد اؼبلك اؼبؤسسة اؼبلك عبد العزيز ‪ --‬لإلنساف‬
‫طفال ضباية حقوقو‪ .‬ففي نظاـ اغبكم اؼبادة (‪" )ٛ‬يقوـ اغبكم‬
‫مقيما‪ ،‬ابلغًا كاف أـ ً‬
‫مواطنًا كاف أـ ً‬
‫يف اؼبملكة العربية السعودية على أساس العدؿ‪ ،‬والشورى‪ ،‬واؼبساواة‪ ،‬وفق الشريعة اإلسالمية"‪،‬‬
‫واؼبادة (‪ )ٕٙ‬منو الﱲ نصت على أف‪" :‬ربمي الدولة حقوؽ اإلنساف‪ ،‬وفق الشريعة اإلسالمية"‪.‬‬
‫وضمن النظاـ األساسي للحكم مبادئ وأحكاـ أساسية‪ ،‬هتدؼ إىل ضباية وتعزيز حقوؽ‬
‫اإلنساف‪ ،‬وسبثل تلك اؼببادئ واألحكاـ يف ؾبملها اإلطار النظامي غبقوؽ اإلنساف‪ ،‬كما تضمنت‬
‫األنظمة األخرى كأنظمة العمل‪ ،‬والصحة‪ ،‬والتعليم‪ ،‬والتأمينات االجتماعية وغﱶىا من األنظمة‬
‫واللوائح أحكاماً تفصيلية للمبادئ الواردة يف النظاـ األساسي للحكم‪.‬‬

‫‪- ٜٚ -‬‬
‫الوسطية يف اإلسالـ‬
‫المحاضرة التاسعة‬

‫الوسطيَّة يف اإلسالـ‬
‫مفهوـ الوسطيَّة‪:‬‬
‫الشطط واالكبراؼ‪ ،‬وتعﱵ أعدؿ األحواؿ‪ ،‬بﱷ اإلفراط والتفريط‪.‬‬ ‫ىي البُعد عن َّ‬
‫تساؤؿ‪ :‬ىل يصح القوؿ َّ‬
‫أبف الوسطيَّة ىي ادلوقف الوسط بُت احل ِّق والباطل؟‬ ‫ٌ‬ ‫‪‬‬
‫ابطل‪،‬‬
‫وإما ٌ‬ ‫حق َّ‬ ‫ابطل‪ ،‬فال وسطيَّة بﱷ ِّ‬
‫اغبق والباطل مطل ًقا‪ ،‬فاألمور َّإما ّّ‬ ‫ىذا القوؿ ٌ‬
‫اغبق والباطل‪ ،‬بﱷ الكفر واإليباف‪ ،‬بﱷ اإلسالـ وغﱶه‬ ‫فالتوسط بﱷ االثنﱷ‪ ،‬وؿباولة التوفيق بﱷ ِّ‬
‫ُّ‬
‫ِ‬
‫حق اإلسالـ وابطل الكفر‪ ،‬ىذا أعظم ٍ‬
‫ابطل؛‬ ‫م َن األدايف‪ ،‬وأف يقف اإلنساف موق ًفا وسطًا بﱷ ِّ‬
‫ألف ىذا ىو حركة النِّفاؽ وموقفها الذي أشار إليو هللا ‪ ‬يف بقولو على لساّنم‪ :‬ﱡﱼ ﱽ ﱾ‬ ‫َّ‬
‫ﱿ ﲀ ﲁﱠ [النِّساء‪ ]ٕٙ:‬أي‪ :‬التوفيق بﱷ أىل اإلسالـ وأىل الكفر‪ ،‬وبﱷ السنَّة‬
‫والبدعة‪.‬‬
‫مشروعيَّة الوسطيَّة يف الكتاب والسنَّة‪:‬‬
‫مشتقاتو يف القرآف الكرَل يف طبس ٍ‬
‫آايت‪ ،‬تدور كلُّها حوؿ الشيء‬ ‫ورد لفظ "الوسط" و َّ‬
‫الواقع بﱷ طرفﱷ‪ ،‬البعيد عن الغُلُِّو والتقصﱶ؛ منها‪:‬‬
‫فسرىا النﱯ ‪‬‬
‫[البقرة‪ ،]ٖٔٗ :‬وقد َّ‬ ‫ﱡﱚ ﱛ ﱜ ﱝﱠ‬ ‫قولو تعاىل‪:‬‬
‫بقولو‪( :‬والوسط‪ :‬العدؿ) [أخرجو البخاري]‪.‬‬
‫الدين يسر‪ ،‬ولَن يش َّاد ِّ‬ ‫ِ‬
‫ين أَ َح ٌد إَِّال َغلَبَوُ‪،‬‬ ‫الد َ‬ ‫وقولو ‪ِ ‬م ْن حديث أيب ىريرة ‪( :‬إِ َّف ّ َ ُ ْ ٌ َ ْ ُ َ‬
‫الد ْعبَِة) [أخرجو البخاري]‪ ،‬قاؿ ابن‬ ‫الرْو َح ِة َو َش ْي ٍء ِم َن ُّ‬
‫استَعِينُوا ِابلْغَ ْد َوةِ َو َّ‬ ‫ِ‬ ‫فَس ِّد ُدوا وقَ ِ‬
‫اربُوا‪َ ،‬وأَبْش ُروا‪َ ،‬و ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫حج ٍر‪" :‬والْم ْع َﱴ َال يػتَػ َع َّم ُق أَح ٌد ِيف ْاأل َْعم ِاؿ ال ّدينيَّة ويػْتػرُؾ ِ ِ‬
‫الرفْ َق إَّال َع َجَز َوانْػ َقطَ َع فَػيُػ ْغلَ ُ‬
‫(ٔ)‬
‫ب" ‪.‬‬ ‫ََ ُ ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫أحواؿ الناس يف فهم اإلسالـ وتطبيقو‪:‬‬
‫افﱳؽ الناس يف فهم منهج اإلسالـ وتطبيقو يف حياهتم‪ ،‬إىل ثالثة ٍ‬
‫أقساـ‪:‬‬
‫ٔ‪ .‬ادلتساىل (التفريط)‪:‬‬
‫يسر‪،‬‬ ‫حبجة َّ‬
‫أف اإلسالـ ٌ‬ ‫ا﵀رمات والتنازؿ عن أحكاـ الدين الواجبة َّ‬
‫ىو اؼبتساىل يف ارتكاب َّ‬
‫فال يتَّبع أوامر هللا وال أيمر ابلواجب ويﱳؾ ا﵀ظور‪.‬‬

‫(ٔ) فتح الباري (ٔ‪.)ٜٗ/‬‬

‫‪- ٜٜ -‬‬
‫الوسطية يف اإلسالـ‬
‫المحاضرة التاسعة‬

‫ٕ‪ .‬ادلتش ِّدد (اإلفراط)‪:‬‬


‫اجب‪ ،‬وينهى الناس‬ ‫ِّ‬
‫ابؼبستحب وكأنَّو و ٌ‬ ‫الذي ىبلط بﱷ الزىد والرىبنة‪ ،‬وأيمر الناس ابلقياـ‬
‫عن فعل اؼبكروه واؼبباح كأنَّو ُؿبََّرٌـ‪.‬‬
‫فبزوجا ابعبهل يف‬ ‫ِ‬ ‫ـبطئ؛ َّإما ٍ‬
‫اؼبادية ً‬‫التصور العقلي أو اؼبصلحة ّ‬ ‫ػبلل يف الﱳبية أو ُّ‬ ‫وكالنبا ٌ‬
‫الدين وقلَّة العلم‪.‬‬
‫ادلتوسط على منهج أىل السنَّة واجلماعة‪:‬‬ ‫ٖ‪ِ .‬‬
‫ّ‬
‫الذي يطبِّق أحكاـ الدين بعلٍم وبصﱶةٍ‪ ،‬مع مراعاة اغبكمة واؼبصلحة الشرعية الﱲ تُرضي هللا ‪.‬‬
‫وإما‬
‫ط‪َّ ،‬‬ ‫قاؿ ابن القيِّم‪" :‬ما أمر هللا ‪ ‬أبم ٍر َّإال وللشيطاف فيو نزغتاف‪َّ :‬إما تقصﱶٌ وتفري ٌ‬
‫ط بﱷ اعبايف عنو‪ ،‬والغايل فيو‪ ،‬كالوادي بﱷ جبلﱷ‪ ،‬واؽبدى بﱷ‬ ‫وغلو‪ ،‬ودين هللا وس ٌ‬ ‫ط ّّ‬ ‫إفرا ٌ‬
‫ضيِّ ٌع ىذا‬
‫ضيٍّ ٌع لو‪ ،‬فالغايل فيو ُم َ‬‫ضاللتﱷ‪ ،‬والوسط بﱷ طرفﱷ ذميمﱷ‪ ،‬فكما أف اعبايف عن األمر ُم َ‬
‫بتقصﱶه عن اغب ِّد‪ ،‬وىذا بتجاوزه َّ‬
‫اغبد"(ٔ)‪.‬‬
‫ّناذج دلظاىر الوسطيَّة يف حياة ادلسلم‪:‬‬
‫‪ -‬الوسطيَّة يف العبادات‪:‬‬
‫الدين أَ َح ٌد إَِّال َغلَبَوُ‪ ،‬فَس ِّد ُدوا وقَ ِ‬
‫اربُوا)‪ ،‬وقد ّنى‬ ‫ِ‬ ‫قاؿ النﱯ ‪( :‬إِ َّف ِّ‬
‫َ َ‬ ‫ين يُ ْسٌر‪َ ،‬ولَ ْن يُ َش َّاد ّ َ‬
‫الد َ‬
‫تشددوا يف العبادة إىل درجة ىضم حقوؽ النفس والزوجة ودعاىم إىل‬ ‫النﱯ ‪ ‬الصحابة الذين َّ‬
‫حقو‪ ،‬أي ابالعتداؿ‪.‬‬ ‫حق َّ‬ ‫كل ذي ٍّ‬ ‫التزاـ سنتو اؼبتَّسمة إبعطاء ِّ‬
‫‪-‬الشريعة مبناىا على التيسَت والسماحة ومراعاة أحواؿ الناس‪:‬‬
‫جاءت النصوص الشرعية مبيِّنةً مقصد الشريعة يف إرادة التيسﱶ وقصده‪ ،‬قاؿ تعاىل‪ :‬ﱡﲥ‬

‫ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬﱠ [البقرة‪ ،]ٔٛ٘ :‬ويف اغبديث أنَّو ‪ ‬قاؿ‪( :‬إِ َّف‬


‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫وصححو األلباٍل]‪ ،‬واليسر اؼبقصود ىنا‬ ‫س ُرهُ) [أخرجو أضبد يف مسنده‪َّ ،‬‬ ‫َخْيػَر دين ُك ْم أَيْ َس ُرهُ‪ ،‬إ َّف َخْيػَر دين ُك ْم أَيْ َ‬
‫الذي نُِق َل لنا التزامو وتطبيقو يف سﱶة النﱯ ‪ ‬وسنَّتو‪.‬‬
‫ف‬ ‫ت َوَراءَ إِ َم ٍاـ قَ ُّ‬
‫ط أَ َخ َّ‬ ‫صلَّْي ُ‬
‫وقد أمر النﱯ ابلتسهيل والتيسﱶ فعن أنس ‪ ‬قاؿ‪َ ( :‬ما َ‬
‫ﱰ أُُّموُ) [أخرجو‬ ‫ِ‬ ‫الصِ ِّ‬ ‫ﱯ ‪َ ‬وإِ ْف َك َ‬ ‫صالَةً‪َ ،‬والَ أًََبَّ ِم َن النَِّ ِّ‬
‫ف َـبَافَةَ أَ ْف تُػ ْف ََ‬
‫ﱯ‪ ،‬فَػيُ َخ ّف ُ‬ ‫اف لَيَ ْس َم ُع بُ َكاءَ َّ‬ ‫َ‬
‫البخاري ومسلم]‪.‬‬

‫(ٔ) مدارج السالكﱷ (ٕ‪.)ٜٗٙ/‬‬

‫‪- ٔٓٓ -‬‬


‫الوسطية يف اإلسالـ‬
‫المحاضرة التاسعة‬

‫صالَةِ الغَ َداةِ ِم ْن‬ ‫مسعود ‪( :‬أَ َّف رج ًال‪ ،‬قَ َاؿ‪ :‬و َّاَّللِ اي رس َ ِ‬ ‫ٍ‬
‫وؿ َّاَّلل إٍِِّل َألََأتَ َّخُر َع ْن َ‬ ‫َ َ َُ‬ ‫َُ‬ ‫ويف حديث أيب‬
‫ضبًا ِمْنوُ يَػ ْوَمًِ ٍذ‪ٍُ ،‬بَّ قَ َاؿ‪« :‬إِ َّف ِمْن ُك ْم‬ ‫ِ ٍ‬ ‫أَج ِل فُالَ ٍف ِفبَّا ي ِطيل بِنَا‪ ،‬فَما رأَيت رس َ ِ‬
‫وؿ َّاَّلل ‪ِ ‬يف َم ْوعظَة أَ َش َّد َغ َ‬ ‫َ َْ ُ َ ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ْ‬
‫اج ِة) [أخرجو البخاري]‪.‬‬ ‫اس فَػْليػتَج َّوْز‪ ،‬فَإِ َّف فِ ِيهم َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫الكبِ َﱶ َوَذا اغبَ َ‬
‫يف َو َ‬
‫الضع َ‬ ‫ُ‬ ‫صلَّى ِابلنَّ ِ َ َ‬ ‫ُمَنػّف ِر َ‬
‫ين‪ ،‬فَأَيُّ ُك ْم َما َ‬
‫ِّ‬
‫وادلستحب‪،‬‬ ‫‪ -‬احلث على ضرورة اًللتزاـ ابلواعبات الشرعية‪ ،‬والًتغيب يف القياـ ابلنفل‬
‫احلد ادلشروع‪:‬‬ ‫بشرط عدـ ذباوز ِّ‬
‫فا﵁ ‪ ‬شرع لإلنساف ما يُصلحو‪ ،‬ويصلح لو‪ ،‬وجعل شرائعو مناسبةً لطاقة اإلنساف‪ ،‬قاؿ‬
‫منهي عنو‬ ‫ِ‬
‫ﲫ ﲭﱠ [البقرة‪ ،]ٕٛٙ :‬والزايدة عن اغب ّد اؼبشروع ّّ‬ ‫ﲬ‬ ‫تعاىل‪ :‬ﱡﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ‬
‫ﱷ‪،‬‬‫اريَػتَػ ْ ِ‬
‫ﱷ َس ِ‬ ‫ِ‬ ‫أنس ‪ ‬قاؿ‪ :‬دخل رس ُ ِ‬ ‫ففي اغبديث عن ٍ‬
‫ود بَػ ْ َ‬
‫وؿ هللا ‪ ‬الْ َم ْسج َد‪َ ،‬و َحْب ٌل فبَْ ُد ٌ‬ ‫ََ َ َُ‬
‫ت بِِو‪ ،‬فَػ َق َاؿ‪ُ « :‬حلُّوهُ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫فَػ َق َاؿ‪« :‬ما ى َذا؟» قَالُوا‪ :‬لِزيػنب تُ ِ‬
‫ت أَْم َس َك ْ‬ ‫ت‪ ،‬أَْو فَػتَػَر ْ‬‫صلّي‪ ،‬فَِإ َذا َكسلَ ْ‬ ‫َْ َ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫يث ُزَى ٍْﱶ‪ :‬فَػ ْليَػ ْقعُ ْد) [أخرجو مسلم]‪.‬‬ ‫لِيص ِل أَح ُد ُكم نَ َشاطَو‪ ،‬فَِإ َذا َك ِسل‪ ،‬أَو فَػتَػر قَػع َد»‪ .‬وِيف ح ِد ِ‬
‫َ ْ َ َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َُّ َ ْ‬
‫‪ -‬التوسط بُت الصلة بُت الدنيا واآلخرة‪:‬‬
‫ط بﱷ الرىبانية اؼبنقطعة عن الدنيا والشهوانية الغافلة عن اآلخرة‪ ،‬قاؿ تعاىل‪:‬‬
‫فهو وس ٌ‬
‫ﱡﲷ ﲸ ﲹ‬ ‫ﱡﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉﱠ [اغبديد‪ ،]ٕٚ :‬وقاؿ تعاىل‪:‬‬
‫ﳈﱠ [القصص‪.]ٚٚ :‬‬ ‫ﳉ‬ ‫ﲺ ﲻ ﲼﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂﳃ ﳄ ﳅ ﳆ ﳇ‬
‫مطلوب‪ ،‬لكن ال يتجاوز إىل أف يصل‬ ‫ٌ‬ ‫شك فيو َّ‬
‫أف الزىد يف الدنيا والتخفيف منها‬ ‫وفبَّا ال َّ‬
‫ابؼبرء إىل ربرَل بعض اؼبباحات أو ربميل النفس ما ال تُطيق ِم ْن زب ٍّل عن حاجاهتا الفطرية‪ِ ،‬م ْن‬
‫ﱝﱠ‬
‫ﱞ‬ ‫ﱡﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ‬ ‫اب وكبوه‪ ،‬قاؿ تعاىل‪:‬‬ ‫طعاـ وشر ٍ‬ ‫ٍ‬
‫دليل على ذلك فعن‬ ‫السِّر خﱶ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫وقصة الثالثة نفر الذين سألوا عن عبادة النﱯ يف ّ‬ ‫[األعراؼ‪َّ ،]ٖٕ :‬‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫ﱯ ‪ ،‬يَ ْسأَلُ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ ِ ٍِ‬
‫ﱯ‬‫وف َع ْن عبَ َادة النَّ ِّ‬ ‫أَنَس بْن َمالك ‪ ‬قاؿ‪َ ( :‬جاءَ ثَالَثَةُ َرْىط إ َىل بػُيُوت أَْزَو ِاج النَّ ِّ‬
‫ﱯ ‪‬؟ قَ ْد غُ ِفَر لَوُ َما تَػ َق َّد َـ ِم ْن ذَنْبِ ِو‬ ‫وىا‪ ،‬فَػ َقالُوا‪َ :‬وأَيْ َن َْكب ُن ِم َن النَِّ ِّ‬
‫‪ ،‬فَػلَ َّما أُ ْخِبُوا َكأَنػَّ ُه ْم تَػ َقالُّ َ‬
‫الد ْىَر َوالَ أُفْ ِط ُر‪َ ،‬وقَ َاؿ‬ ‫وما َأتَ َّخر‪ ،‬قَ َاؿ أَح ُدىم‪ :‬أََّما أَ َدا فَِإٍِل أُ ِ‬
‫وـ َّ‬ ‫صُ‬‫آخ ُر‪ :‬أَ َدا أَ ُ‬‫صلّي اللَّْي َل أَبَ ًدا‪َ ،‬وقَ َاؿ َ‬ ‫ّ َ‬ ‫َ ُْ‬ ‫ََ َ‬
‫َّ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫وؿ َِّ‬ ‫آخ ُر‪ :‬أَ َدا أَ ْعتَ ِزُؿ النِّ َساءَ فَالَ أَتَػَزَّو ُج أَبَ ًدا‪ ،‬فَ َجاءَ َر ُس ُ‬
‫اَّلل ‪ ‬إلَْيه ْم‪ ،‬فَػ َق َاؿ‪« :‬أَنْػتُ ُم الذ َ‬
‫ين قُػ ْلتُ ْم َك َذا‬ ‫َ‬
‫ج النِّ َساءَ‪،‬‬ ‫اكم لَو‪ ،‬لَ ِك ِﱵ أَصوـ وأُفْ ِطر‪ ،‬وأُ ِ‬ ‫اَّللِ إٍِِل َألَخش ُ ِ ِ‬
‫صلّي َوأَْرقُ ُد‪َ ،‬وأَتَػَزَّو ُ‬
‫اك ْم ََّّلل َوأَتْػ َق ُ ْ ُ ّ ُ ُ َ ُ َ َ‬ ‫َوَك َذا‪ ،‬أََما َو َّ ّ ْ َ‬
‫س ِم ِّﱵ) [أخرجو البخاري ومسلم]‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ي‬
‫ْ‬‫َ‬‫ل‬‫ػ‬‫ف‬
‫َ‬ ‫ﱲ‬ ‫ب َع ْن ُسنَِّ‬
‫َ‬
‫فَمن ر ِ‬
‫غ‬ ‫َْ َ‬

‫‪- ٔٓٔ -‬‬


‫الوسطية يف اإلسالـ‬
‫المحاضرة التاسعة‬

‫العاـ‪ِ ،‬‬
‫وم ْن ذلك‪:‬‬ ‫‪ -‬التوسط يف اذليئة والسلوؾ ِّ‬
‫‪ o‬التوسط يف ادلشي واحلديث‪:‬‬
‫فقد أمردا هللا ‪ ‬ابالعتداؿ والتوسط ابؼبشي والكالـ على لساف لقماف البنو؛ ويف ىذا أمر‬
‫ﱡﳘ ﳙ ﳚ ﳛ‬ ‫إؽبي أخالقي ىاـ هبب أف ينتبو إليو صبيع اآلابء‪ ،‬حيث قاؿ تعاىل‪:‬‬
‫ﳝ ﳟ ﳠ ﳡ ﳢ ﳣ ﳤﱠ [لقماف‪.]ٜٔ:‬‬
‫ﳞ‬ ‫ﳜ‬
‫‪ o‬التوسط يف الطعاـ والشراب‪:‬‬
‫مثاال يف االعتداؿ والوسطيَّة يف الطعاـ والشراب‪ ،‬حينما قاؿ النﱯ‬ ‫وقد كاف منهج اإلسالـ ً‬
‫ص ْلبَوُ‪ ،‬فَِإ ْف َك َ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫‪( :‬ما م َألَ ِ‬
‫اف َال‬ ‫ث أَ َك َالت يُق ْم َن ُ‬
‫آد َـ ثََال ُ‬ ‫آدم ّّي ِو َعاءً َشِّرا م ْن بَطْنو َح ْس ُ‬
‫ب ابْ ِن َ‬ ‫َ َ َ‬
‫ث لِنَػ ْف ِس ِو) [أخرجو البيهقي يف شعب اإليباف‪ ،‬واغباكم يف اؼبستدرؾ على‬ ‫اب َوثػُلُ ٌ‬
‫ث َشَر ٌ‬ ‫ث طَ َع ٌاـ َوثػُلُ ٌ‬
‫َؿبَالَةَ فَػثُػلُ ٌ‬
‫الصحيحﱷ وقاؿ‪" :‬ىذا حديث صحيح اإلسناد ومل ىبرجاه"]‪ ،‬كما جاء النهي يف السنَّة عن إدخاؿ الطعاـ على‬
‫الطعاـ‪.‬‬
‫‪ o‬التوسط بُت العمل والراحة والنوـ‪:‬‬
‫التوسط واالعتداؿ بﱷ حالﱲ العمل‬‫وىنا أيٌب األمر اإلؽبي ِم ْن خالؿ تعاقب اللَّيل والنَّهار و ُّ‬
‫والراحة‪ ،‬وحالﱲ النوـ واليقظة‪ ،‬قاؿ تعاىل‪ :‬ﱡﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ‬

‫ﲲﲳﱠ [النَّمل‪ ،]ٛٙ :‬فاللَّيل والنَّهار ِم ْن آايت ربِّنا العظيمة‪ ،‬فقد جعل اللَّيل بظلمتو ليسكنوا فيو‬
‫وتصرفاهتم(ٔ)‪.‬‬
‫ويستعدوا للعمل‪ ،‬والنهار بضيائو لينتشروا فيو يف معاشهم ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ويسﱳوبوا ِم َن التعب‬
‫‪ o‬التوسط يف اإلنفاؽ بُت اإلسراؼ والتقتَت‪:‬‬
‫حدا معينِّا يف إنفاقو على أمور دنياه‪ ،‬فاإلسراؼ يف الدين مكروهٌ‪ ،‬قاؿ‬ ‫إف اؼبسلم ال يتجاوز ِّ‬ ‫َّ‬
‫تعاىل‪ :‬ﱡﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋ ﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐ ﳑ ﳒﱠ [الفرقاف‪،]ٙٚ :‬‬
‫تدؿ على نقطة الوسط بﱷ طرفﱷ‪ ،‬وذلك ىو‬ ‫ونالحظ ورود لفظ ﱡﲉﱠ يف وصف اإلنفاؽ وىي ُّ‬
‫أمرا َىيِّنًا؛ َّ‬
‫ألف‬ ‫َّ ِ‬
‫االعتداؿ نتعلمو م َن األوامر والنواىي الشرعية‪ ،‬فلزوـ االعتداؿ يف ىذا اجملاؿ ليس ً‬
‫اؼباؿ يغري النفوس ابغب ِّدين االسراؼ والتقتﱶ‪.‬‬

‫(ٔ) السعدي = تيسﱶ الكرَل الرضبن (ص‪.)ٙٔٓ :‬‬

‫‪- ٕٔٓ -‬‬


‫الوسطية يف اإلسالـ‬
‫المحاضرة التاسعة‬

‫‪ -‬التوسط يف العالقة بُت اجلنسُت‪:‬‬


‫يتلخص يف أنَّو مل يكبت الشهوة‪ ،‬ومل يُطلِق‬
‫تعامال وسطًا‪َّ ،‬‬
‫تعامل اإلسالـ مع الغريزة اعبنسية ً‬
‫وعدؿ مسارىا‪ ،‬فقد أوجد صبلةً ِم َن التشريعات الﱲ‬ ‫وإمبا َّ‬
‫ىذهبا َّ‬ ‫وهبردىا ِمن أيَّة ٍ‬
‫قيود؛ َّ‬ ‫ؽبا العناف ِّ‬
‫ْ‬
‫تُبعد عن الفتنة وربمي منها‪:‬‬
‫ﱡﱮ‬ ‫الرجل واؼبرأة كالنبا سواءً بغض البصر وحفظ الفرج‪ ،‬قاؿ تعاىل‪:‬‬
‫‪ o‬أمرت الشريعة َّ‬
‫ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴﱵ ﱶ ﱷ ﱸﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ‬
‫ﲀﲁﲂﲃﲄﲅﲆﲇﲈﲉﲊﲋﲌ‬
‫ﲍﱠ [النِّساء‪.]ٖٖٓٔ :‬‬
‫ﲎ‬

‫ﱡﲍ ﲎ ﲏ‬ ‫الرجاؿ‪ ،‬قاؿ تعاىل‪:‬‬


‫‪ o‬أمر هللا اؼبرأة ابلسﱳ واغبجاب‪ ،‬والبعد عن أنظار َّ‬
‫ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ‬
‫ﲞﲟﱠ [األحزاب‪.]ٜ٘ :‬‬
‫حث على الزواج ورغَّب فيو‪ ،‬ؼبا فيو ِم ْن إرو ٍاء للغريزة الفطرية ابلطريق اؼبشروع‪ ،‬وما عدا‬ ‫‪َّ o‬‬
‫اع البَاءَةَ‬ ‫اب‪َ ،‬م ِن ْ‬
‫استَطَ َ‬ ‫الشب ِ‬
‫شرعا‪ ،‬ففي اغبديث أنَّو ‪ ‬قاؿ‪َ ( :‬اي َم ْع َشَر َّ َ‬ ‫السبل فممنوعٌ ً‬ ‫ىذا ِم َن ُّ‬
‫صن لِْل َفرِج‪ ،‬ومن َملْ يستَ ِط ْع فَػ َعلَْي ِو ِاب َّ ِ ِ‬ ‫فَػ ْليػتػزَّوج‪ ،‬فَِإنَّو أَ َغ ُّ ِ‬
‫جاءٌ) [أخرجو‬ ‫لص ْوـ فَإنَّوُ لَوُ ِو َ‬ ‫ص ِر َوأَ ْح َ ُ ْ َ َ ْ َ ْ‬ ‫ض ل ْلبَ َ‬ ‫ََ َ ْ ُ‬
‫ألف الغالب وجود َّقوة الداعي فيهم إىل النكاح‪،‬‬ ‫خص الشباب ابػبطاب؛ َّ‬ ‫البخاري ومسلم]‪ ،‬فقد َّ‬
‫واؼبراد ابلباءة‪ :‬القدرة على مؤف النكاح‪.‬‬

‫‪- ٖٔٓ -‬‬

You might also like