Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 148

‫أبحاث ودراسات (‪)4‬‬

‫النظام القانوني لوسائل التواصل االجتماعي‬


‫(واتس أب‪ ،‬فيسبوك‪ ،‬تويتر)‬
‫دراسة قانونية مقارنة حول الخصوصية‬
‫والحرية الشخصية والمسؤولية واالختصاص‬

‫تأليف القاضي الدكتور وسيم شفيق الحجار‬

‫المركز العربي للبحوث القانونية والقضائية‬


‫مجلس وزراء العدل العرب‬
‫جامعة الدول العربية‬

‫الطبعة األولى‬
‫بيروت ‪ -‬لبنان‬
‫‪2017‬‬
‫جدول املحتويات‬

‫‪8‬‬ ‫} مقدمة {‬

‫} �أوال {‬
‫‪14‬‬ ‫ماهية و�سائل التوا�صل االجتماع ي‬
‫‪19‬‬ ‫ •في�سبوك ‪Facebook‬‬
‫‪20‬‬ ‫ •توتري ‪Tweeter‬‬
‫‪21‬‬ ‫ •وات�س �أب ‪Whatsapp‬‬
‫‪22‬‬ ‫ •لينكد �إن ‪LinkedIn‬‬
‫‪23‬‬ ‫ •املفاهيم اجلديدة لو�سائل التوا�صل االجتماع ‬
‫ي‬
‫‪23‬‬ ‫ •ال�سمعة الرقمية مل�ستخدم و�سائل التوا�صل االجتماعي‬
‫‪25‬‬ ‫ •و�سائل التوا�صل االجتماعي والإعالنات‬
‫‪27‬‬ ‫ •و�سائل التوا�صل االجتماعي والبث احلي و�أفالم الفيديو‬
‫‪28‬‬ ‫ •خماطر و�سائل التوا�صل االجتماعي‬
‫‪31‬‬ ‫ •خماطر و�سائل التوا�صل االجتماعي على القا�رصين‬
‫‪32‬‬ ‫ •و�سائل التوا�صل االجتماعي و�إ�شكالية �أ�سماء احل�سابات عليها وملكيتها‬
‫ •و�سائل التوا�صل االجتماعي وجتميع البيانات عن امل�ستخدمني وتتبعهم و�إجراء‬
‫‪33‬‬ ‫التحليالت حولهم‬

‫} ثانياً {‬
‫‪37‬‬ ‫و�سائل التوا�صل االجتماعي واحلق يف اخل�صو�صية‬
‫‪38‬‬ ‫ •نظرة قانونية للحق باخل�صو�صية على و�سائل التوا�صل االجتماع ‬
‫ي‬
‫‪45‬‬ ‫ •اخل�صو�صية من خالل التحكم بالإعدادات على و�سيلة التوا�صل االجتماعي‬
‫‪48‬‬ ‫ •طرق التعر�ض للخ�صو�صية على و�سائل التوا�صل االجتماعي‬
‫‪52‬‬ ‫ •الأفعال التي تتعر�ض للخ�صو�صية على و�سائل التوا�صل االجتماعي‬
‫‪53‬‬ ‫ •�سيا�سات و�سائل التوا�صل االجتماعي واخل�صو�صي ة‬
‫ي ‪56‬‬
‫ •توجيهات للم�ستخدم للحفاظ على خ�صو�صيته على و�سائل التوا�صل االجتماع ‬

‫} ثالثاً {‬
‫‪59‬‬ ‫و�سائل التوا�صل االجتماعي وحماية البيانات ذات الطابع ال�شخ�ص ي‬
‫‪60‬‬ ‫ •ماهية البيانات ال�شخ�صي ة‬
‫ •�إ�شكالية تطبيق القواعد القانونية املتعلقة بالبيانات ال�شخ�صية على و�سائل التوا�صل‬
‫‪64‬‬ ‫االجتماعي‬
‫‪65‬‬ ‫ •ملكية البيانات ال�شخ�صية على و�سائل التوا�صل االجتماعي وا�ستثمارها‬
‫ي ‪69‬‬‫ •مدىاحلمايةالتيت�ؤمنهاقواننيالبياناتال�شخ�صيةعلىو�سائلالتوا�صلاالجتماع ‬

‫} رابعاً {‬
‫‪75‬‬ ‫و�سائل التوا�صل االجتماعي وحرية التعبري عن الر�أي‬
‫‪75‬‬ ‫ •و�سائل التوا�صل االجتماعي وتطبيق مبد�أ حرية التعبري عن الر�أي عليها‬
‫‪79‬‬ ‫ •و�سائل التوا�صل االجتماعي والقيود على حرية التعبري‬
‫‪85‬‬ ‫ •و�سائل التوا�صل االجتماعي وحرية التعبري وامللكية الفكرية‬
‫‪87‬‬ ‫ •حالة خا�صة‪ :‬حرية التعبري للموظفني على و�سائل التوا�صل االجتماعي‬

‫} خام�ساً {‬
‫‪91‬‬ ‫و�سائل التوا�صل االجتماعي واحلق يف الن�سيان‬

‫} �ساد�ساً {‬
‫‪95‬‬ ‫امل�س�ؤولية القانونية على و�سائل التوا�صل االجتماع ي‬
‫‪95‬‬ ‫ •التمييز بني النا�رش والو�سي ‬
‫ط‬
‫ •مدى رقابة و�سيلة التوا�صل االجتماعي على املحتوى املن�شور من امل�ستخدمني ‪101‬‬
‫ •مقارنة م�س�ؤولية و�سيلة التوا�صل االجتماعي بتلك العائدة مل�ست�ضيف البيانات ‪103‬‬
‫‪110‬‬ ‫ •امل�س�ؤولية عن اجلرائم املُرتكبة على و�سائل التوا�صل االجتماعي‬
‫} �سابعاً {‬
‫‪112‬‬ ‫القانون املطبق واملحاكم املخت�صة يف النزاعات املتعلقة بو�سائل التوا�صل االجتماع ي‬
‫‪112‬‬ ‫ •القانون املطبق على النزاعات املتعلقة بو�سائل التوا�صل االجتماع ‬
‫ي‬
‫‪120‬‬ ‫ •املحكمة املخت�صة يف النزاعات املتعلقة بو�سائل التوا�صل االجتماعي‬

‫} ثامناً {‬
‫اال�ستخدامات امل�رشوعة لو�سائل التوا�صل االجتماعي يف جمال التحقيق واحلرية ال�شخ�صية‬
‫‪126‬‬ ‫‬
‫‪126‬‬ ‫ •ا�ستخدام و�سائل التوا�صل االجتماعي يف التحقيقات الق�ضائي ة‬
‫‪130‬‬ ‫ني‬
‫ •ا�ستخدام و�سائل التوا�صل االجتماعي يف التحقيق عن املتقدمني لوظيفة �أو عن املوظف ‬

‫‪134‬‬ ‫} خامتة {‬

‫} ملحق {‬
‫‪138‬‬ ‫توجيهات للم�ستخدم عند ا�ستعمال و�سائل التوا�صل االجتماعي حلماية نف�سه‬

‫‪140‬‬ ‫} املراجع {‬


‫‪140‬‬ ‫ •املراجع باللغة العربي ة‬
‫‪141‬‬ ‫ •املراجع باللغة الفرن�سية‬
‫‪143‬‬ ‫ •املراجع باللغة الإنكليزية‬
‫�صفحة رقم ‪8‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫} مقدمة {‬
‫ت�سمح الإنرتنت للأفراد ب�إي�صال ر�سائل لأ�شخا�ص �آخرين عديدين يف ذات الوقت؛‬
‫ومبوارد حمدودة ي�ستطيع ال�شخ�ص الو�صول �إىل العامل ب�أجمعه‪ ،‬ولكن ت�أتي مع هذه‬
‫القدرة م�س�ؤولية كربى عما يتم ن�رشه و�رضورة �إيجاد توازن بني حقوق النا�رش وحقوق‬
‫باقي العامل‪ .‬وميكن ن�رش �صور و�أخبار و�أرقام هاتف وعناوين بريد �إلكرتوين وعناوين‬
‫�سكن على و�سائل التوا�صل االجتماعي‪ .‬وتعطي و�سائل التوا�صل االجتماعي النا�س‬
‫القدرة على ارتكاب �أ�شياء فظيعة‪� ،‬إذ ميكنهم االختباء وراء �شا�شة الكمبيوتر وخلق عامل‬
‫خرايف يكون له �أثر حقيقي على الغري‪ .‬ويف حاالت معينة‪ ،‬على املحاكم املوازنة بني‬
‫[[[‬
‫حرية التعبري للم�ستخدمني على الإنرتنت وبني احلق يف اخل�صو�صية للأفراد‪.‬‬
‫تت�ضمن كلمة و�سائل التوا�صل االجتماعي تطبيقات خمتلفة على الإنرتنت ت�سمح‬
‫للم�ستخدم[[[ (�أي ‪ )User‬ب�إنتاج املحتوى وحتميله وبتبادل املعلومات يف عدة اجتاهات‪.‬‬
‫وهي ت�شمل في�سبوك وتويرت ووات�س �آب وغريها‪.‬‬
‫ال عرب �شبكات التوا�صل االجتماعي‪ .‬و�أ�صبح‬ ‫بالفعل‪ ،‬لقد �أ�صبح العامل ب�أجمعه مت�ص ً‬
‫لغالبية الأ�شخا�ص ح�سابات على و�سائل التوا�صل االجتماعي‪ .‬ولكن مع ال�سلطات‬
‫الكبرية للم�ستخدمني ت�أتي م�س�ؤوليات على عاتقهم‪ ،‬وهم لي�سوا يف �أغلب الأحيان‬
‫واعني لها‪ .‬وال ميكن لوم م�شغلي و�سائل التوا�صل االجتماعي بل امل�ستخدمني �أنف�سهم‪،‬‬
‫فه�ؤالء امل�شغلون يبغون الربح املادي وقد و�ضعوا قواعد و�سيا�سات حلماية امل�ستخدمني‬
‫من �أنف�سهم عرب منع بع�ض الأفعال �أو الن�صو�ص‪ .‬وقد �أ�صبح لو�سائل التوا�صل االجتماعي‬
‫[[[‬
‫ت�أثري كبري على احلياة اليومية للب�رش‪.‬‬
‫لقد تعاظم ا�ستخدام الأفراد لو�سائل التوا�صل االجتماعي بحيث �أ�صبحت جزء من‬
‫حياتهم اليومية‪ ،‬و�إحدى الطرق الأ�سا�سية لتبادل الر�سائل واملعلومات وال�صور و�أفالم‬
‫الفيديو‪.‬‬
‫وقد �أثبتت و�سائل التوا�صل االجتماعي �أنها كانت حمرك �أ�سا�سي وراء الأحداث التي‬
‫‪[1] Steven Venezia, THE INTERACTION OF SOCIAL MEDIA AND THE LAW AND HOW TO SURVIVE THE‬‬
‫‪SOCIAL MEDIA REVOLUTION, New Hampshire Bar Journal, Winter 2012, p 27.‬‬
‫[[[ ‪ -‬كلمة «مستخدم»‪ ،‬أي ‪ ،User‬تعني الشخص الذي يستعمل وسائل التواصل االجتامعي أو اإلنرتنت أو غريها من الربامج املعلوماتية‪.‬‬
‫‪[3] Richard Steppe, The freedom of speech on social networking services, Do we need protection against our own‬‬
‫‪expressions?, https://www.law.kuleuven.be/jura/art/50n3/steppe.pdf, p. 560, 561.‬‬
‫�صفحة رقم ‪9‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫ح�صلت يف العامل العربي يف ال�سنوات الأخرية‪ ،‬و�ساهمت يف تفعيل احلوار بني خمتلف‬
‫ال�شعوب والثقافات‪ .‬كما �أنها و�سيلة مهمة لنقل الأخبار بال�صور وبالفيديوهات ب�صورة‬
‫�آنية ملا قد يحدث يف العامل من كوارث طبيعية �أو �أمور �سيا�سية �أو حوادث �أمنية �أو منا�سبات‬
‫املحملة على و�سائل التوا�صل االجتماعي هو‬ ‫ّ‬ ‫اجتماعية �أو ريا�ضية و�إن حجم البيانات‬
‫هائل والتغريدات عليها تزيد على مئات املاليني يومي ًا والزيارات لهذه املواقع تتجاوز‬
‫املليار يف اليوم بالن�سبة ملوقع واحد منها فقط وامل�ستخدمون عليها يتجاوزون املليار على‬
‫موقع واحد منها‪.‬‬
‫ويظهر ت�أثري و�سائل التوا�صل االجتماعي لي�س فقط من خالل عدد امل�ستخدمني الكبري‬
‫واملتزايد عليها بل �أي�ض ًا من خالل الدور الذي ت�ؤديه يف حياتهم‪.‬‬
‫وت�ستوعب و�سائل التوا�صل االجتماعي ‪ 22%‬من الوقت الذي يق�ضيه امل�ستخدمون‬
‫على الإنرتنت[[[‪ ،‬وقد �أ�صبحت من �صميم احلياة اليومية للإن�سان �إىل درجة �أن ن�سبة‬
‫‪ 25%‬من الأ�شخا�ص امل�سنني (فوق اخلام�س وال�ستني من العمر)‪ ،‬والذين يعتربون‬
‫بعيدين ن�سبي ًا عن التكنولوجيا‪� ،‬أ�صبحوا ي�ستخدمون و�سائل التوا�صل االجتماعي[[[‪.‬‬
‫ويف الواليات املتحدة الأمريكية‪ 10% ،‬من الوقت الذي يق�ضيه امل�ستخدمون يكون على‬
‫في�سبوك لوحدها‪ ،‬كما �أظهرت درا�سات �أن ‪ 30%‬من الأمريكيني ي�ستعملون في�سبوك‬
‫كو�سيلة للح�صول على �أخبار‪ [[[.‬ويف درا�سة جُمراة من قبل امل�شغل الربيطاين ‪ O2‬يف العام‬
‫‪ ،2012‬تبني �أن م�ستخدمي الهواتف الذكية يق�ضون قرابة ‪ 25‬دقيقة يف اليوم بالت�صفح‬
‫على �شبكة الإنرتنت و‪ 17‬دقيقة على مواقع التوا�صل االجتماعي وفقط ‪ 12‬دقيقة من‬
‫[[[‬
‫�أجل االت�صال بالهاتف‪.‬‬
‫وميكن القول �أن و�سائل التوا�صل االجتماعي ت�ستعمل فع ً‬
‫ال للتعبري عن الآراء وامل�شاعر‬
‫والأفكار‪ .‬وهي حترر الإن�سان ومتنحه �سلطة وت�شكل �إمتداداً له‪ .‬وهي متتاز بوجوديتها‬
‫يف كل زمان ومكان‪ ،‬ما ُيعرف بكلية الوجود ‪.Ubiquity‬‬

‫‪[4] http://blog.nielsen.com/nielsenwire/global/social-media-accounts-for-22-percent-of-time-online/.‬‬ ‫‪- Protecting‬‬


‫‪Freedom of Expression in an Age of Social Media, Statements on Government’s Social Media Sites, http://www.ciddd.‬‬
‫‪ca/documents/phasetwo/RNC_Statements_on_Government%27s_Social_Media_Sites.pdf, p 1.‬‬
‫‪[5] See www.cbsnews.com/stories/2010/11/15/national/main7055992.shtml. - Protecting Freedom of Expression in an‬‬
‫_‪Age of Social Media, Statements on Government’s Social Media Sites, http://www.ciddd.ca/documents/phasetwo/RNC‬‬
‫‪Statements_on_Government%27s_Social_Media_Sites.pdf, p 1.‬‬
‫‪[6] Marly Didizian, Richard Cumbley, Social media and the law: A handbook for UK companies, January 2014, http://‬‬
‫‪www.linklaters.com/pdfs/mkt/london/TMT-Social-Media-Report.pdf, p 2.‬‬
‫‪[7] Rémaond A., L’avenir du telephone, La Croix, 24/7/2012.‬‬
‫�صفحة رقم ‪10‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫وبالتايل‪ ،‬مل تعد و�سائل الإعالم التقليدية حتتكر جتميع الأخبار والآراء ون�رشها وا�ستقبالها‬
‫يف �ضوء �صعود و�سائل التوا�صل االجتماعي وازدهارها‪.‬‬
‫باملقابل‪ ،‬قد تف�سد ال�سلطة املمنوحة للم�ستخدمني عرب و�سائل التوا�صل االجتماعي‬
‫ه�ؤالء‪ ،‬والذين هم غري م�ستعدين للم�س�ؤولية التي ت�أتي مع هذه ال�سلطة‪ ،‬وقد ي�ؤدي ذلك‬
‫بهم �إىل نتائج وخيمة‪ ،‬ال�سيما جلهة �إدانتهم بجرائم �أو تعر�ضهم لتدابري ت�أديبية �أو لل�رصف‬
‫من عملهم‪ .‬كما �أن ا�ستفادة امل�ستخدمني من و�سائل التوا�صل االجتماعي تعني تقدميهم‬
‫معلومات عن �أنف�سهم ون�رش �أمور قد تكون غري م�رشوعة‪ .‬و�إن احلقوق القانونية املتعلقة‬
‫باحلرية ال�شخ�صية التي ميكن �أن تتعر�ض لها و�سائل التوا�صل االجتماعي هي اخل�صو�صية‬
‫وحرية التعبري عن الر�أي وحماية البيانات ال�شخ�صية وحقوق امللكية الفكرية‪.‬‬
‫هكذا‪ ،‬تظهر �أهمية هذه الدرا�سة املتعلقة بو�سائل التوا�صل االجتماعي واحلرية ال�شخ�صية‪،‬‬
‫يف �ضوء تعاظم �أعداد م�ستخدميها وتنامي دورها واخلدمات التي تقدمها والإ�شكاليات‬
‫القانونية التي تثريها‪.‬‬
‫تاريخي ًا‪� ،‬إن و�سائل التوا�صل االجتماعي كانت موجودة بطريقة �أو ب�أخرى منذ �آالف‬
‫ال�سنوات‪ .‬ولكن ظهرت فر�ص جديدة وخماطر وت�سا�ؤالت مع ال�صعود ال�رسيع للمن�صات‬
‫التكنولوجية ‪ technology platform‬التي �سمحت للنا�س عرب العامل من التوا�صل‬
‫واالت�صال بطرق جديدة‪ .‬وهكذا‪ ،‬ف�إن املبتكرين و�أوائل امل�ستخدمني والليرباليني‬
‫نظمة‪ ،‬وال يجب �أن ّ‬
‫تنظم متام ًا‬ ‫ورجال الأعمال ي�ؤكدون �أن و�سائل التوا�صل لي�س ُم ّ‬
‫كالف�ضاء ال�سيرباين والعامل االفرتا�ضي‪ .‬باملقابل‪ ،‬ف�إن ال�سيا�سيني املعنيني يزعمون �أن‬
‫[[[‬
‫و�سائل التوا�صل هي جديدة وخطرة وبحاجة لتنظيم‪.‬‬
‫وتطرح و�سائل التوا�صل االجتماعي حتديات جلهة ت�أثريها على احلرية ال�شخ�صية‬
‫للم�ستخدم‪ .‬فهي من جهة �أتاحت له جمال �أو�سع للتعبري عن ر�أيه والو�صول �إىل �أو�سع‬
‫�رشيحة من النا�س ودون �أي كلفة‪� ،‬إال �أنها باملقابل �أ�صبحت تعر�ضه ملخاطر انتهاك‬
‫خ�صو�صيته من خالل و�صول الغري �إىل ما ين�رشه‪ ،‬كما ترتب عليه م�س�ؤولية قانونية عما‬
‫ين�رشه‪.‬‬
‫ولقد �أقبل الأ�شخا�ص على ا�ستخدام و�سائل التوا�صل االجتماعي مع االنت�شار الوا�سع‬
‫‪[8] Lothar Determann, Social Media Privacy: A Dozen Myths and Facts, 2012 STANFORD TECHNOLOGY LAW‬‬
‫‪REVIEW. 7, http://stlr.stanford.edu/pdf/determann-socialmediaprivacy.pdf, p 1.‬‬
‫�صفحة رقم ‪11‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫للهواتف الذكية والتطبيقات عليها ومع جمانية هذه الو�سائل �أو �شبه جمانيتها وفعاليتها‬
‫جلهة �إمكانية نقل الن�صو�ص وال�صوت وال�صور والفيديو وتتبع و�صول الر�سائل‪� ...‬إال �أن‬
‫يطلعون على �رشوط ا�ستخدام هذه الو�سائل والنظام القانوين‬ ‫العديد من امل�ستخدمني ال ّ‬
‫الذي تخ�ضع له‪ .‬ي�ضاف �إىل ذلك �أن البع�ض قد وجد يف و�سائل التوا�صل االجتماعي‬
‫بيئة مالئمة جلمع معلومات عن الغري ومنها ال�شخ�صية والتعر�ض بالتايل خل�صو�صيته‪.‬‬
‫ولقد �أظهرت درا�سة جُمراة من قبل طالب جامعة �أم �أي تي ‪ MIT‬يف بو�سطن �أن ‪90%‬‬
‫من م�ستخدمي الفي�سبوك ال يقر�أون البنود وال�رشوط اخلا�صة باملوقع‪ ،‬كما متكن ه�ؤالء‬
‫الطالب من تنزيل ‪� 70‬ألف �سرية ذاتية لأ�شخا�ص من خالل برنامج معلوماتي �أن�ش�أوه‬
‫[[[‬
‫لإثبات ه�شا�شة اخل�صو�صية على في�سبوك‪.‬‬
‫ولكن‪ ،‬بالرغم من كل ذلك‪ ،‬تبقى و�سائل التوا�صل االجتماعي قبلة الأ�شخا�ص؛ فهي‬
‫متتاز عن غريها من الو�سائل التقليدية للتوا�صل ب�سهولتها وجمانيتها وقدرتها على �إخرتاق‬
‫احلدود وو�صولها �إىل جمهور ال حمدود وباخلدمات الغنية التي توفرها للمتوا�صلني من‬
‫امل�ستخدمني‪.‬‬
‫وهذه الو�سائل‪ ،‬و�إن كانت ذات منفعة كبرية للتوا�صل بني الأ�صدقاء والزمالء‪� ،‬أو‬
‫ال�ستخدامها للتوا�صل �ضمن بيئة العمل‪� ،‬إال �أن خماطرها كبرية على الأ�شخا�ص‬
‫واملجتمع‪ .‬فمن ال�سهل الإ�رضار ب�سمعة �رشكة �أو �شخ�ص من خالل و�سائل التوا�صل‬
‫االجتماعي عرب ن�رش �أخبار كاذبة عنه‪ .‬كذلك ت�شكل و�سائل التوا�صل االجتماعي مكان ًا‬
‫للم�ضايقة والإحراج‪ ،‬حيث ميكن ن�رش ال�صور الهجومية �أو �إطالق الأخبار �أو حماولة‬
‫ا�ستبعاد �أ�شخا�ص من جمتمع معني‪.‬‬
‫وتطرح �أي�ض ًا �إ�شكالية ال�صورة �أو الهوية �أو ال�سمعة التي ّ‬
‫يكونها ال�شخ�ص من خالل‬
‫ا�ستعماله و�سائل التوا�صل االجتماعي‪ ،‬فيمكن مث ً‬
‫ال معرفة ميول ال�شخ�ص وهواياته‬
‫وثقافته وتكوينه العلمي من خالل في�سبوك‪.‬‬
‫و�إن بع�ض مواقع الإنرتنت التي تريد جذب وحماية اخلطابات دون رقابة والآراء‬
‫الراديكالية واملعار�ضة ال�سيا�سية �ست�سمح للم�ستخدمني باختيار �أ�سماء وهمية عند‬
‫الت�سجيل عليها‪ .‬لكن م�شغلو و�سائل التوا�صل االجتماعي لديهم حق م�رشوع وم�صلحة‬

‫‪[9] The Global Covenant Network, The Shocking Truth of Facebook, I-Newswire, 2 August 2008.‬‬
‫�صفحة رقم ‪12‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫لطلب معلومات �صادقة حول هوية امل�ستخدم املُ�سجل لديهم و�أن امل�ستخدمني ي�ستعملون‬
‫�أ�سماءهم احلقيقة للت�سجيل على املوقع‪ .‬و�إن و�سائل التوا�صل االجتماعي تطلب ذلك‬
‫كون الأ�شخا�ص الذين ي�ستخدمون ا�سمهم احلقيقي على الإنرتنت يت�رصفون بحكمة‬
‫�أكرب‪ ،‬وذلك من �أجل تفادي النزاعات مع امل�ستخدمني �أو مع الأ�شخا�ص الثالثني‪ .‬لكن‬
‫يف حاالت كثرية‪ ،‬يقدم امل�ستخدم عند الت�سجيل ا�سم وهمي ويخل من ثم ب�رشوط العقد‬
‫[‪[[1‬‬
‫ويخرتق احلوا�سب ويخالف القوانني‪.‬‬
‫وميكن القول �أن و�سائل التوا�صل االجتماعي تثري �إ�شكاليات قانونية عديدة‪ ،‬منها ما‬
‫يتعلق بخ�صو�صية الفرد ومدى التعر�ض لها‪ ،‬وما يت�أتى عن ذلك جلهة جتميع بيانات‬
‫�شخ�صية عنه وكيفية ا�ستعمالها‪ ،‬و�صو ًال �إىل حرية التعبري عن الر�أي عرب هذه الو�سائل‪،‬‬
‫والقيود التي ميكن �أن تفر�ض عليها‪ ،‬وامل�س�ؤولية النا�شئة عما ُين�رش على هذه الو�سائل‪،‬‬
‫وحتديد القانون الواجب التطبيق عليها واملحكمة املخت�صة للنظر بالنزاعات النا�شئة‬
‫عنها‪.‬‬
‫ويثور الت�سا�ؤل حول ماهية التنظيم القانوين املمكن تطبيقه على و�سائل التوا�صل‬
‫االجتماعي‪ ،‬ال�سيما جلهة الإ�شكاليات القانونية التي جرى طرحها‪.‬‬
‫وقد رغب البع�ض‪ ،‬عندما خلقت التكنولوجيا هذا العامل االفرتا�ضي اجلديد‪� ،‬أي‬
‫الإنرتنت وو�سائل التوا�صل االجتماعي‪ ،‬يف بقائه خارج �إطار �أي تنظيم‪ ،‬يف حني �أراد‬
‫البع�ض الآخر و�ضع تنظيم جديد خا�ص له‪ .‬لكن خالف ًا لهذا اجلدال‪ ،‬ف�إن القوانني النافذة‬
‫واملوجودة تطبق على ما تخلقه التكنولوجيا من تطور مع بع�ض الإ�ضافات الت�رشيعية �أو‬
‫التعديالت‪.‬‬
‫ويحتاج القانون عاد ًة وقت ًا طوي ً‬
‫ال للحاق بالتكنولوجيا احلديثة‪ .‬لكن التو�سع ال�رسيع‬
‫ل�شبكات التوا�صل االجتماعي ولعدد امل�ستخدمني عليها يجعل عامل الوقت حا�سم ًا‪.‬‬
‫وتواجه بع�ض املحاكم �صعوبات يف فهم الوظائف والإمكانات واخل�صائ�ص التقنية‬
‫لو�سائل التوا�صل االجتماعي عند الف�صل يف النزاعات املرتبطة باخل�صو�صية وحرية‬
‫الر�أي على مواقع التوا�صل االجتماعي‪.‬‬
‫كخال�صة‪� ،‬سنتوىل يف هذه الدرا�سة معاجلة الإ�شكاليات القانونية املطروحة �أعاله‬
‫‪[10] Lothar Determann, Social Media Privacy: A Dozen Myths and Facts, 2012 STANFORD TECHNOLOGY LAW‬‬
‫‪REVIEW. 7, http://stlr.stanford.edu/pdf/determann-socialmediaprivacy.pdf, p 11.‬‬
‫�صفحة رقم ‪13‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫وا�ستعرا�ض التنظيم القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي وعالقته باحلرية ال�شخ�صية‬


‫للأفراد‪ .‬وهذه ت�شمل كما �أ�سلفنا اخل�صو�صية وحماية البيانات ال�شخ�صية وحرية التعبري‬
‫عن الر�أي وما ت�ستتبعه من م�س�ؤولية عن املحتوى املن�شور ومن حتديد للقانون املطبق‬
‫وللمحكمة املخت�صة ومن قيود على هذه احلرية ال�شخ�صية بفعل اال�ستعماالت امل�رشوعة‬
‫لهذه الو�سائل‪ .‬و�سنتناول هذه الأمور‪ ،‬بعد �رشح ماهية و�سائل التوا�صل االجتماعي يف‬
‫ق�سم �أول‪� ،‬ضمن الأق�سام التالية‪:‬‬
‫ •�أو ًال‪ -‬ماهية و�سائل التوا�صل االجتماعي‬
‫ •ثاني ًا‪ -‬و�سائل التوا�صل االجتماعي واحلق يف اخل�صو�صية‬
‫ •ثالث ًا‪ -‬و�سائل التوا�صل االجتماعي وحرية التعبري عن الر�أي‬
‫ •رابع ًا‪ -‬و�سائل التوا�صل االجتماعي وحماية البيانات ذات الطابع ال�شخ�صي‬
‫ •خام�س ًا‪ -‬و�سائل التوا�صل االجتماعي واحلق يف الن�سيان‬
‫ •�ساد�س ًا‪ -‬امل�س�ؤولية القانونية على و�سائل التوا�صل االجتماعي‬
‫ •�سابع ًا‪ -‬القانون املطبق واملحاكم املخت�صة يف النزاعات املتعلقة بو�سائل التوا�صل‬
‫االجتماعي‬
‫ •ثامن ًا‪ -‬اال�ستخدامات امل�رشوعة لو�سائل التوا�صل االجتماعي يف جمال التحقيق‬
‫واحلرية ال�شخ�صية‬
‫�صفحة رقم ‪14‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫} �أوال {‬
‫ماهية و�سائل التوا�صل االجتماعي‬
‫�إن و�سائل التوا�صل االجتماعي هي �إحدى تطبيقات الويب ‪ ،2,0‬والذي ي�سمح لكل‬
‫�شخ�ص لي�س فقط بالو�صول �إىل املحتوى على الإنرتنت‪ ،‬بل بتحرير املحتوى وبتحميله‬
‫والتعليق عليه وتعديله‪ .‬ونذكر �أي�ض ًا مواقع تبادل املحتوى كيوتيوب "‪"Youtube‬‬
‫ومواقع الويكي "‪ "wiki‬التي ت�سمح بالتحرير امل�شرتك للمحتوى كعمل جماعي مثل‬
‫مو�سوعة ويكيبيديا "‪."Wikipedia‬‬
‫مكونة من كيانات‬ ‫ّ‬ ‫ميكن القول �أن و�سيلة التوا�صل االجتماعي هي هيكلية خا�صة‬
‫ؤ�س�سات مرتبطة‬
‫ٍ‬ ‫وعالقات ترابط بينها‪ .‬وهذه املكونات هي مبثابة ال ُعقَد ومتثل �أفراداً �أو م�‬
‫بني بع�ضها البع�ض بوا�سطة عالقات �أو عمليات تفاعل‪ .‬والعالقات قد تكون عالقات‬
‫مالية �أو �صداقة �أو خ�صام �أو عالقات حميمة �أو غريها‪ .‬وهناك حتدي اخليار بني حتقيق‬
‫�رسية وخ�صو�صية املعلومات الناجتة عن و�سائل التوا�صل االجتماعي وبني املنافع الناجتة‬
‫عن حتليل هذه املعلومات‪ .‬وقد �أ�صبحت و�سائل التوا�صل االجتماعي مو�ضع �أهمية‬
‫جلهة حتليل البيانات ال�ضخمة ‪ data mining‬بفعل التطور التقني الذي ي�سمح بتجميع‬
‫[‪[[1‬‬
‫البيانات العائدة للأ�شخا�ص وامل�ؤ�س�سات‪.‬‬
‫تعرف اللجنة االقت�صادية واالجتماعية الأوروبية و�سائل التوا�صل االجتماعي ب�أنها‬
‫كما ّ‬
‫خدمات على اخلط (على الإنرتنت) تهدف �إىل �إن�شاء جمموعات من الأ�شخا�ص و�إىل‬
‫الربط بينها حيث يت�شارك ه�ؤالء الأ�شخا�ص ن�شاطات �أو اهتمامات م�شرتكة �أو يرغبون‬
‫بب�ساطة معرفة الأ�شياء املف�ضلة �أو ن�شاطات الأ�شخا�ص الآخرين؛ وت�ضع هذه اخلدمات‬
‫[‪[[1‬‬
‫بت�رصف ه�ؤالء جمموعة من الوظائف ت�سمح بالتفاعل بينهم‪.‬‬
‫وميكن تعريف و�سيلة توا�صل اجتماعي ب�أنها ّ‬
‫متكن امل�ستخدمني من �إن�شاء �أو �إيجاد‬
‫‪[11] Lian Liu, Jie Wang, Jinze Liu, Jun Zhang, Privacy Preserving in Social Networks Against Sensitive Edge Disclosure,‬‬
‫‪Laboratory for High Performance Scientific Computing and Computer Simulation, Department of Computer Science,‬‬
‫‪University of Kentucky, - https://pdfs.semanticscholar.org/8fa9/3f0388e0806c498513696fdea49def2fabcc.pdf, p1.‬‬
‫‪[12] Avis du CESE sur « L’impact des réseaux de socialisation et leur interaction dans le domaine du citoyen/‬‬
‫‪consommateur » JO 18 mai 2010 n° C 128 p. 69. - Le Comité économique et social européen définit les réseaux sociaux‬‬
‫‪comme « des services en ligne qui ont pour but de créer et de relier entre eux des groupes de personnes partageant‬‬
‫‪des activités ou des intérêts communs ou souhaitant simplement connaître les préférences et les activités d’autres‬‬
‫‪personnes, et qui mettent à leur disposition un ensemble de fonctionnalités permettant une interaction entre les‬‬
‫» ‪utilisateurs‬‬
‫�صفحة رقم ‪15‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫الت�سجل على الو�سيلة‬


‫ّ‬ ‫التوا�صل بينهم لأهداف متعددة؛ ولهذا على كل م�ستخدم‬
‫و�أحيان ًا خلق �صفحته اخلا�صة‪ ،‬والتي تكون ظاهرة لعدد من الأ�شخا�ص الآخرين؛ وعلى‬
‫هذه ال�صفحة‪ ،‬ميكن للم�ستخدم ن�رش معلومات و�صور وي�ستطيع االت�صال بال�صفحات‬
‫العائدة ملعارفه [‪contacts.[[1‬‬

‫وتعرف �أي�ض ًا و�سائل التوا�صل االجتماعي ب�أنها ديناميكية دائمة التطور لتلبية حاجات‬
‫ّ‬
‫امل�ستخدمني و�أهداف مالكيها وللتناف�س مع بع�ضها‪ .‬وقد �أ�صبحت الأداة التي ينظم‬
‫النا�س من خاللها حياتهم‪ ،‬والتي غيرّ ت الطريقة التي يتوا�صل من خاللها النا�س‪ ،‬و�أدت‬
‫�إىل �إن�شاء ثقافة جديدة‪ ،‬هي ثقافة امل�شاركة والتفاعل على امل�ستوى الفردي واملجتمعي‪.‬‬
‫وو�سائل التوا�صل االجتماعي هي جمموعة من التطبيقات املعلوماتية على الإنرتنت التي‬
‫ترتكز على �أيدولوجيات ومبادئ الويب ‪ 2,0‬والتي ت�سمح ب�إن�شاء وم�شاركة املحتوى‬
‫[‪[[1‬‬
‫من قبل امل�ستخدمني‪.‬‬
‫وو�سائل التوا�صل االجتماعية هي تعاقدية باملبد�أ‪ ،‬فامل�ستخدم حتى يفتح ح�ساب عليها‬
‫�أو يت�سجل عليها‪ ،‬عليه الإذعان لل�رشوط العامة ال�ستعمال و�سيلة التوا�صل االجتماعي‪.‬‬
‫وتت�ضمن و�سائل التوا�صل االجتماعي جمموعة من ال ُعقَد والروابط بينها‪ .‬وتختلف‬
‫�أنواع و�سائل التوا�صل االجتماعي وغاياتها‪ ،‬فبع�ضها يهدف �إىل �إن�شاء عالقات مهنية‬
‫بني الزمالء �أو الزبائن �أو املوردين‪ ،‬وبع�ضها الآخر يهدف �إىل متكني امل�ستخدم من �إيجاد‬
‫�صديق قدمي �أو زميل قدمي يف املدر�سة‪ ،‬وبع�ضها غايته عالقات ال�صداقة فقط وبع�ضها‬
‫ت�أمني التالقي والتعارف‪ ،‬وبع�ضها الآخر كفي�سبوك هو بهدف عام ي�سمح بكل �أنواع‬
‫العالقات‪ ،‬ويتيح للم�ستخدم عند �إن�شاء ح�ساب عليه حتديد �أنواع العالقة التي يبحث‬
‫عنها‪ .‬وقد توجد بع�ض و�سائل التوا�صل االجتماعي املغلقة �أو اخلا�صة ب�أ�شخا�ص معينني‬
‫مثل تلك اخلا�صة بطالب جامعة معينة‪.‬‬
‫ويرتكز تعريف و�سائل التوا�صل االجتماعي على ثالثة عنا�رص‪� :‬إن�شاء �سرية ذاتية من قبل‬
‫امل�ستخدم ‪ ،user‬وجود �أدوات ت�سمح ب�إن�شاء الئحة باملعارف والتفاعل معهم‪ ،‬متكني‬

‫‪[13] Marine de Montecler, Le droit à l’heure des réseaux sociaux, HEC Paris – 2011, https://www.lepetitjuriste.fr/wp-‬‬
‫‪content/uploads/2011/10/droit%20@%20l%20heure%20des%20r%c3%a9seaux%20sociaux%20-%20Marine%20de%20‬‬
‫‪Montecler.pdf, p 28.‬‬
‫‪[14] Peter Coe, The social media paradox: an intersection with freedom of expression and the criminal law, http://www.‬‬
‫‪tandfonline.com/doi/abs/10.1080/13600834.2015.1004242?journalCode=cict20, p 2.‬‬
‫�صفحة رقم ‪16‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫[‪[[1‬‬
‫امل�ستخدم من و�ضع املحتوى اخلا�ص به على ال�شبكة‪.‬‬
‫لدى �أغلبية و�سائل التوا�صل االجتماعي نظام للرتا�سل �أو الربيد ال�شخ�صي ي�سمح‬
‫للم�ستخدم بالتوا�صل مع معارفه ب�شكل مغلق و�رسي‪ .‬وتتيح بع�ض و�سائل التوا�صل‬
‫االجتماعي مثل في�سبوك �إر�سال ر�سالة �إىل ال�صفحة اخلا�صة بامل�ستخدم تكون ظاهرة‬
‫لكل �أ�صدقائه‪ .‬كما ت�سمح بع�ضها مثل في�سبوك ب�إن�شاء جمموعات افرتا�ضية مق�سمة من‬
‫خالل اهتماماتهم‪ .‬وتقدم �أي�ض ًا (في�سبوك) �ألعاب على اخلط فردية �أو جماعية‪ .‬وتتيح‬
‫(في�سبوك) للم�ستخدمني عليها كتابة مقاالت ومالحظات ون�رشها على املوقع‪ .‬ويف‬
‫حال �أراد م�ستخدم التوا�صل مع �شخ�ص غري م�سجل على و�سيلة التوا�صل االجتماعي‪،‬‬
‫فمن املمكن �أن ير�سل �إليه ر�سالة لدعوته للت�سجل على الو�سيلة‪ .‬وال�شخ�ص الذي يت�سجل‬
‫يجلب الئحة معارفه معه‪ ،‬وبالتايل تكرب ال�شبكة �أي و�سيلة التوا�صل االجتماعي‪.‬‬
‫وتختلف اخلدمات املقدمة على و�سائل التوا�صل االجتماعي‪ ،‬فبع�ضها يوفّر حمرك بحث‬
‫للتوا�صل مع الآخرين‪ ،‬وبع�ضها ي�سمح بو�ضع حمتوى وبن�رش تعليقات �أو ب�إن�شاء مدونة‬
‫‪.blogue‬‬
‫بالنظر �إىل طريقة عملها‪ ،‬حيث يقوم امل�ستخدم بالت�سجيل امل�سبق ويت�شارك بالتايل بع�ض‬
‫بياناته ال�شخ�صية مع باقي امل�ستخدمني‪ ،‬ف�إن و�سائل التوا�صل االجتماعي تعالج ب�شكل‬
‫[‪[[1‬‬
‫م�ستمر بيانات �شخ�صية وتخ�ضع بالتايل للقوانني التي تطبق على البيانات ال�شخ�صية‪.‬‬
‫وهذا ما �سنتناوله يف ق�سم خا�ص الحق ب�شكل مف�صل‪.‬‬
‫وي�ستعمل الأفراد و�سائل التوا�صل االجتماعي كفي�سبوك وتوتري وغريها لالت�صال‬
‫ب�أ�صدقائهم وعائلتهم و�إن�شاء روابط مهنية وللتعبري عن نف�سهم ولإي�صال �آرائهم‬
‫ال�شخ�صية وال�سيا�سية والدينية وغريها‪� .‬أما امل�ؤ�س�سات‪ ،‬فهي ت�ستعمل و�سائل التوا�صل‬
‫االجتماعي للت�سويق لعالماتها ولتوظيف املواهب ولبيع منتجاتهم ولإي�صال ر�سائلها‪.‬‬
‫وقد تلج�أ جمموعات من الأ�شخا�ص لو�سائل التوا�صل االجتماعي لتنظيم اعرتا�ضات‬
‫�سيا�سية �أو حمالت‪ .‬وتلج�أ ال�سلطات العامة لو�سائل التوا�صل االجتماعي يف �سياق‬
‫التحقيقات‪ .‬كما قد يبحث املخرتقون �أو املحتلون �أو الهاكرز على البيانات ال�شخ�صية‬

‫‪[15] L. Pailler, Les réseux sociaux sur internet et le droit au respect de la vie privée, Larcier, Bruxelles, 2012, p 17.‬‬
‫‪[16] Marine de Montecler, Le droit à l’heure des réseaux sociaux, HEC Paris – 2011, https://www.lepetitjuriste.fr/wp-‬‬
‫‪content/uploads/2011/10/droit%20@%20l%20heure%20des%20r%c3%a9seaux%20sociaux%20-%20Marine%20de%20‬‬
‫‪Montecler.pdf, p 25.‬‬
‫�صفحة رقم ‪17‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫[‪[[1‬‬
‫للم�ستخدمني لتنفيذ خمططاتهم‪.‬‬
‫بالتايل‪ ،‬تعترب من قبيل و�سائل التوا�صل االجتماعي املن�صات الرقمية املُن�ش�أة من قبل‬
‫�أ�شخا�ص من القانون العام �أو اخلا�ص على �شبكة الإنرتنت �أو على �شبكة خا�صة؛ وهذه‬
‫املن�صات ت�سمح للم�ستخدم ب�إن�شاء �سرية ذاتية وحمتوى خا�ص به وبتحديثه (ن�صو�ص‪،‬‬
‫ر�سوم‪� ،‬صور‪� ،‬صوت‪� ،‬أغاين‪� ،‬أفالم‪ ،)...‬والتي يتم بثها يف الوقت احلقيقي للتحميل‬
‫�أو يف وقت الحق؛ وما ُين�رش قد يكون مفتوح للعموم‪� ،‬أو خا�ص �أو خمتلط‪ ،‬وقد يكون‬
‫مفتوح لفئات خمتلفة‪ :‬املعارف املُعتمدة من قبل امل�ستخدم‪ ،‬معارف معارفه‪ ،‬اجلمهور‬
‫ب�شكل عام (م�ش ِرتك �أو غري م�شرتك)‪ ،‬مع متكني امل�ستخدم من تعديل من ي�ستطيع ر�ؤية‬
‫املحتوى‪ .‬ويكون التفاعل بني امل�ستخدمني هو مكون ال غنى عنه لو�سيلة التوا�صل‬
‫االجتماعي‪ ،‬ومن خالل نظام للرتا�سل اخلا�ص يف وقت الإر�سال احلقيقي �أو يف وقت‬
‫الحق‪ ،‬وكذلك من خالل �إن�شاء "حائط افرتا�ضي" ين�رش عليه امل�ستخدم حمتواه اخلا�ص �أو‬
‫ي�سمح ملعارفه بالن�رش عليه‪ .‬وميكن الو�صول �إىل و�سائل التوا�صل االجتماعي من خالل‬
‫عدة �أجهزة �إلكرتونية‪ :‬الكمبيوترات‪ ،‬الهواتف الذكية‪ ،‬اللوحات‪ ،‬التلفزيونات‪� ،‬أجهزة‬
‫اللعب الإلكرتونية كما ميكن �أن تكون و�سائل التوا�صل االجتماعي خا�صة ب�إقليم معني‬
‫[‪[[1‬‬
‫�أو بدولة معينة‪.‬‬
‫وهكذا ف�إن و�سائل التوا�صل االجتماعي هي �أية خدمة �إلكرتونية �أو موقع �إلكرتوين‬
‫على اخلط �أو على �شبكة معلوماتية �أو على الإنرتنت يتيح �إن�شاء عالقات اجتماعية �أو‬
‫جتمعات بني �أ�شخا�ص يت�شاركون اهتمامات معنية ويتبادلون معلومات خمتلفة ومتنوعة‪.‬‬
‫وهي ت�سمح للأ�شخا�ص بت�شارك �أفكار �أو ن�شاطات �أو �أحداث �أو تعليقات �أو ن�صو�ص‬
‫�أو �صور �أو فيديو �أو غريها من الأ�شياء ذات االهتمام‪.‬‬
‫ويالحظ ازدياد ا�ستخدام الدول لو�سائل التوا�صل االجتماعي‪ ،‬ف ‪ 83%‬من الدول‬
‫املن�ضمة للأمم املتحدة كانت موجودة يف العام ‪ 2014‬على توتري‪ ،‬وذلك للتعبري عن‬
‫[‪[[1‬‬
‫مواقف �أو للإجابة على ت�سا�ؤالت �أو لإبداء مالحظات �أو لن�رش �أفكار‪.‬‬
‫بالعودة بالزمن �إىل امل�سار التاريخي لظهور و�سائل التوا�صل االجتماعي‪ ،‬فقد ح�صلت‬
‫‪[17] Christopher Escobedo Hart, Social Media Law: Significant Developments, The business Lawyer, Vol 72, Winter‬‬
‫‪2016-2017, p 235.‬‬
‫‪[18] Valérie Ndior, Le réseau social: essai d’identification et de qualification, Droit et réseaux sociaux, Laboratoire‬‬
‫‪d’études juridiques et politiques, Lextenso éditions, octobre 2015, p 16, 18.‬‬
‫‪[19] Twiplomacy Study 2014, Executive summary, http://twiplomacy.com/blog/twiplomacy-study-2014-udate/.‬‬
‫�صفحة رقم ‪18‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫�أمور كثرية من �أول ر�سالة �إلكرتونية �أُر�سلت عام ‪ ،1971‬حلني ت�أ�سي�س عام ‪� 1994‬أول‬
‫و�سيلة توا�صل اجتماعي م�سماة ‪ .Geocities‬يف العام ‪� 1995‬سمح موقع ‪TheGlobe‬‬
‫للم�ستخدمني بن�رش جتاربهم ال�شخ�صية على اخلط ‪ online‬ومب�شاركة املحتوى مع‬
‫م�ستخدمني �آخرين ذوي اهتمامات م�شرتكة‪ .‬يف العام ‪ ،1997‬مت �إطالق خدمة‬
‫الرتا�سل الآين ‪ AOL Instant Messenger‬على الإنرتنت كذلك مت �إطالق موقع‬
‫‪ Sixdegrees.com‬الذي يتيح �إن�شاء �سري ذاتية على اخلط وو�ضع الئحة بالأ�صدقاء‪.‬‬
‫ويف العام ‪ ،2003‬مت �إطالق موقع ‪ MySpace‬معلن ًا الثورة اجلديدة يف و�سائل التوا�صل‬
‫االجتماعي الع�رصية‪ .‬ثم تبعت ذلك و�سائل التوا�صل االجتماعي ‪ LinkedIn‬و‬
‫[‪[[2‬‬
‫‪ Classmates.com‬و‪ Facebook‬و‪ Twitter‬وغريها‪.‬‬
‫وقد انت�رش ا�ستعمال و�سائل التوا�صل االجتماعي ب�شكل خميف بني النا�س‪ ،‬و�أ�صبح حاجة‬
‫يومية ال ميكن اال�ستغناء عنها‪ ،‬ترتجم طبيعة الإن�سان كمخلوق اجتماعي غري قادر على‬
‫العي�ش لوحده‪ ،‬وبحاجة للتوا�صل الدائم مع �أقرانه‪ .‬ومل يعد الأفراد قادرين عن اال�ستغناء‬
‫عن و�سائل التوا�صل االجتماعي‪ ،‬التي �أ�صبحت تلبي �إحدى احلاجات الأ�سا�سية‬
‫للإن�سان‪ .‬وامتد ذلك �إىل قطاع امل�ؤ�س�سات والأعمال والأ�شخا�ص املعنويني‪ ،‬و�أ�صبحت‬
‫امل�ؤ�س�سات وال�رشكات التجارية ترى �أن وجودها على و�سائل التوا�صل االجتماعي هو‬
‫مهم جداً يف عامل اليوم الرقمي لأغرا�ض الدعاية والرتويج و�إ�ستقطاب الزبائن وللتوا�صل‬
‫معهم وا�ستقراء ميولهم جلهة ماهية الب�ضائع واخلدمات التي يرغبون باحل�صول عليها‪.‬‬
‫‪Tablets‬‬ ‫لقد �ساهمت الهواتف الذكية ‪ Smart mobile phones‬واللوائح الذكية‬
‫بتعزيز قدرة امل�ستخدمني على ا�ستعمال و�سائل التوا�صل االجتماعي ب�شكل �آين ‪� 24‬ساعة‬
‫يف النهار �سبعة �أيام يف الأ�سبوع‪ ،‬وذلك بالنظر ل�سهولة حملها وحيازتها امل�ستمرة من‬
‫قبل امل�ستخدم‪ .‬وقد �ساهمت يف �إن�شاء عالقات بني امل�ستخدمني يف وقت الإر�سال‬
‫احلقيقي دون وجود التقاء مادي ويف ت�سهيل التعبري عن الر�أي غري اخلا�ضع للت�صفية و�إىل‬
‫ن�شوء طبقة جديدة من املنتجني وامل�ستمعني‪ .‬وه�ؤالء ال يخ�ضعون لنظام الرقابة والت�صفية‬
‫على ما ين�رش وللتوجهات ال�سيا�سية لو�سيلة الإعالم �أو م�صاحلها التجارية‪.‬‬
‫ولقد تعاظم دور و�سائل التوا�صل االجتماعي بفعل ازياد عدد امل�شرتكني يف �شبكة الإنرتنت‬
‫وانت�شار الهواتف الذكية على �صعيد وا�سع ومناذج الأعمال التجارية واملمولة من الإعالنات‪.‬‬
‫‪[20] Steven Venezia, THE INTERACTION OF SOCIAL MEDIA AND THE LAW AND HOW TO SURVIVE THE‬‬
‫‪SOCIAL MEDIA REVOLUTION, New Hampshire Bar Journal, Winter 2012, p 24.‬‬
‫�صفحة رقم ‪19‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫ويتزايد ب�إطراد وب�شكل م�ستمر عدد امل�ستخدمني على و�سائل التوا�صل االجتماعي منذ‬
‫ن�ش�أتها‪ .‬وتوجد عدة �أ�سباب حتفّز ا�ستعمال و�سائل التوا�صل االجتماعي‪ ،‬منها جمانية‬
‫اخلدمات املقدمة و�سهولة ا�ستعمالها والتوا�صل مع الغري يف كل حني ومكان تبع ًا لت�شغيلها‬
‫على هاتف ذكي نقال بحوزة امل�ستخدم دائم ًا والقدرة على ت�سويق الب�ضائع واخلدمات‬
‫والإعالنات املجانية و�سهولة االت�صاالت مع العامل بفعل تو�سع �شبكة الإنرتنت و�إلغاء‬
‫احلدود اجلغرافية بني الدول‪.‬‬
‫�إال �أن الرتويج التجاري على و�سائل التوا�صل االجتماعي قد يخالف القواعد القانونية‬
‫ال�سيما تلك املتعلقة بحماية امل�ستهلك وكذلك قواعد ال�سلوك الأخالقية املتبعة بالن�سبة‬
‫للت�سويق‪ ،‬ويجب التنبه لذلك‪.‬‬
‫ومن �أهم و�سائل التوا�صل االجتماعي‪ :‬في�سبوك وتوتري وووات�س �أب ولينكد �إن‪.‬‬

‫في�سبوك ‪Facebook‬‬
‫‪2004‬‬ ‫من �أهم و�سائل التوا�صل االجتماعي هي في�سبوك ‪ .Facebook‬ففي �شباط‬
‫�أطلق مارك زوكربورغ ‪ Mark Zuckerberg‬مب�ساعدة �أندرو ماكولوم ‪Andrew‬‬
‫‪ McCollum‬و�إدواردو �سفارين ‪ Eduardo Saverin‬موقع �إلكرتوين جديد يف‬
‫جامعة هارفرد‪ ،‬حيث كان الثالثة من طالبها‪ .‬ثم ب�رسعة ان�ضم �إىل املوقع طالب من‬
‫جامعتي �ستانفورد ويال‪ .‬وبعد ت�أمني التمويل الالزم للتو�سع‪ ،‬مت فتح في�سبوك للعموم‬
‫يف �آب ‪ ،2005‬و�أ�صبح لكل �شخ�ص له بريد �إلكرتوين مرتبط مب�ؤ�س�سة (�أكرث من ‪30‬‬
‫�ألف) من كل �أنحاء العامل احلق بالع�ضوية يف في�سبوك‪ ،‬وه�ؤالء كانوا يت�ضمنون طالب‬
‫ثانويات وموظفني حكوميني وموظفي �رشكات‪ .‬ثم يف �أيلول ‪ ،2006‬مت فتح في�سبوك‬
‫لكل م�ستخدم له �أي عنوان بريد �إلكرتوين �صحيح‪ .‬ويف �أيار ‪� ،2007‬أعلن زوكربرغ �أن‬
‫في�سبوك �سي�صبح النظام الت�شغيلي االجتماعي للإنرتنت‪ ،‬و�أ�صبح ب�إمكان امل�ستخدمني‬
‫دمج ن�شاطاتهم على الإنرتنت عرب �سريتهم على في�سبوك‪ ،‬ومل تعد املن�صة التقنية‬
‫قدم في�سبوك للمعلنني و�صول مبا�رش للم�ستهلكني‬ ‫لفي�سبوك له وحده‪ .‬يف �آب ‪ّ ،2007‬‬
‫[‪[[2‬‬
‫امل�ستهدفني‪.‬‬

‫‪[21] Charlene Croft, A Brief History of the Facebook, 18 December 2007, - https://charlenegagnon.files.wordpress.‬‬
‫‪com/2008/02/a-brief-history-of-the-facebook.pdf.‬‬
‫�صفحة رقم ‪20‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫ويتطلب في�سبوك من امل�ستخدمني و�ضع هوياتهم احلقيقية ومعلوماتهم ال�شخ�صية‬


‫ال�صحيحة وعدم �إن�شاء ح�سابات وهمية‪ ،‬وهو ما يعرف مببد�أ التعريف ‪ .Identity‬ويبقى‬
‫املحتوى املو�ضوع من امل�ستخدم على في�سبوك موجود �إىل حني �إزالته من قبل امل�ستخدم‬
‫نف�سه �أم من قبل امل�س�ؤول على في�سبوك‪ ،‬وهو ما يعرف مببد�أ الدوام ‪.Permanence‬‬
‫ويل ّزم في�سبوك �إىل �رشكة خا�صة (هي ‪ )oDesk‬مهمة �إدارة ‪" moderate‬املحتوى"‬
‫املن�شور عليه‪ .‬وتقوم ال�رشكة املذكورة عرب العاملني ‪ moderator‬لديها مبراجعة يومية‬
‫للمحتوى على في�سبوك وللت�أكد من عدم وجود انتهاك ل�سيا�سات وملعايري املوقع‪ .‬ويتبني‬
‫�أن هناك قواعد مف�صلة للعاملني على �إدارة املحتوى "‪Operation Manual For‬‬
‫‪ ."Live Content Moderators‬وقد متت �إزالة املحتوى عدة مرات من قبل في�سبوك‬
‫لأ�سباب خمتلفة (ر�سومات حول �رسطان الثدي اعتربت �إباحية‪ ،‬منع �صور قبالت بني‬
‫مثلي اجلن�س‪ .)...‬ولقد غيرّ ت في�سبوك �سيا�سات اخل�صو�صية لديها‪ ،‬حيث كان لأكرثية‬
‫املقرتعني (على الأقل ‪ 30%‬من م�ستخدمني في�سبوك) �أن ي�صوتوا على التغيريات املتعلقة‬
‫باخل�صو�صية واملقرتحة من قبل في�سبوك‪ ،‬ب�أن �أنهت هذه املمار�سة‪ ،‬وذلك مراعا ًة للحفاظ‬
‫[‪[[2‬‬
‫على قيمتها التجارية‪.‬‬
‫لكن‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬من جهة �أخرى‪ ،‬يعلن مل�ستخدميه �أنه ال حتكم لديه على �أفعال الغري الذين‬
‫ي�ستخدمون موقعه الإلكرتوين‪� ،‬إال �أنه يجب �أن يكون هناك بع�ض التدابري التي متنع الغري‬
‫من ا�ستخدام املوقع لأغرا�ض �إجرامية‪ .‬كما �أنه ي�صعب عليه التحكم مب�ستخدميه الذين‬
‫قد يتباهون بت�رسيب بع�ض املعلومات ال�شخ�صية مل�ستخدمني �آخرين ون�شاطاتهم‪.‬‬

‫توتري ‪Tweeter‬‬
‫مت ت�أ�سي�س توتري يف �آذار ‪ 2006‬من قبل جاك دور�سي ‪ Jack Dorsey‬و�إيفان ويليام�س‬
‫‪ Evan Williams‬وبز �ستون ‪ .Biz Stone‬والبنية الأ�سا�سية لتوتري هي ماكرو بلوغينغ‬
‫‪ ،Micro-blogging‬وهو يجيب على �س�ؤال "ماذا تفعل؟" لكل م�ستخدم‪ ،‬والذي‬
‫[‪[[2‬‬
‫يت�شارك الر�سائل مع الآخرين‪ ،‬ويقر�أ ر�سائلهم وير�سل ر�سائله‪.‬‬
‫و�سيلة التوا�صل االجتماعي توتري هي �أداة للرتا�سل االجتماعي ت�سمح للم�ستخدمني‬
‫‪[22] Richard Steppe, The freedom of speech on social networking services, Do we need protection against our own‬‬
‫‪expressions?, https://www.law.kuleuven.be/jura/art/50n3/steppe.pdf, p. 563.‬‬
‫‪[23] Julie‬‬ ‫‪M Kerr, The History of Twitter, 18 February 2010, http://ezinearticles.com/?The-History-of-‬‬
‫‪Twitter&id=3789420.‬‬
‫�صفحة رقم ‪21‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫بالتوا�صل عرب الر�سائل الن�صية الق�صرية املتوا�صلة (كل ر�سالة لغاية ‪ 140‬حرف كحجم)‬
‫�أو الو�سائط ال�صغرية احلجم كال�صور �أو ال�صوت �أو الفيديو‪ ،‬وذلك بن�رش �أفكار �أو‬
‫مالحظات‪ .‬ويعلن توتري �أن مهمته هو متكني كل م�ستخدم من �إن�شاء وم�شاركة �أفكار‬
‫ومعلومات ب�شكل �آين دون قيود‪ .‬وميكن للم�ستخدم �إ�ستعمال املوقع با�سم م�ستعار‬
‫‪� Pseudonymity‬أو حتى �إبقاء هويته مغفلة ‪ .Anonymously‬وتبقى �أحدث‬
‫التغريدات لغاية ‪ 3200‬تغريدة ‪ tweet‬مرئية من اجلمهور فيما يحفظ الباقي �ضمن‬
‫الأر�شيف املرئي فقط من قبل �صاحب احل�ساب نف�سه فقط‪.‬‬
‫ويتم ا�ستعمال توتري من قبل ال�صحفيني ب�شكل كثيف‪ .‬وميكن من خالل توتري مراقبة‬
‫الأخبار الطارئة وحتديد امل�شاكل يف وقتها احلقيقي وحماولة الت�أثري يف الطريقة التي يتم‬
‫فيها تقدمي الأخبار‪.‬‬

‫وات�س �أب ‪Whatsapp‬‬


‫ي�ستخدم �أكرث من مليار �شخ�ص يف �أكرث من ‪ 180‬دولة و�سيلة التوا�صل االجتماعي‬
‫وات�س �أب للإت�صال بالعائلة والأ�صدقاء يف �أي وقت ويف �أي مكان وللتوا�صل دون‬
‫حواجز‪ .‬وكلمة "‪ "WhatsApp‬هي تالعب لفظي للعبارة "‪� ،"What’s Up‬أي ما‬
‫يعني "ما اخلرب اجلديد؟"‪ .‬ووات�س �أب هي جمانية وتقدم خدمة �سهلة و�آمنة عرب �شبكة‬
‫الإنرتنت لالت�صال ال�صوتي والرتا�سل و�إر�سال وا�ستقبال الن�صو�ص وال�صور وافالم‬
‫الفيديو وال�صوت وامل�ستندات و�إحداثيات املواقع ‪ .location‬ووات�س �أب هي �آمنة‬
‫كونها م�شفرة فال ي�ستطيع �أي طرف ثالث وال حتى م�شغل وات�س �أب قراءة الر�سائل‬
‫�أو اال�ستماع �إىل االت�صاالت املُجراة‪ [[2[.‬وهي جمانية كونها ت�ستعمل الإنرتنت ما عدا‬
‫كلفة خدمة الإنرتنت ذاتها‪ ،‬وبالتايل ت�ساهم ب�شكل كبري يف تخفي�ض فاتورة الهاتف‬
‫العائدة للم�ستخدم‪ .‬وهي تطبيق معلوماتي ميكن تنزيله على الهواتف الذكية (‪iPhones‬‬
‫‪Blackberries, Windows Phone devices, Android phones and certain‬‬
‫‪ )Nokia phones using Symbian‬يف جميع �أنحاء العامل‪.‬‬
‫وت�ضم وات�س �أب �أكرب عدد للم�ستخدمني يف ال�سوق باملقارنة مع غريها من تطبيقات‬
‫التوا�صل على الإنرتنت‪ .‬كما ت�سمح ب�إن�شاء جمموعات مغلقة من امل�ستخدمني للتوا�صل‬
‫‪[24] About WhatsApp, https://www.whatsapp.com/about/.‬‬
‫�صفحة رقم ‪22‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫بني بع�ضهم البع�ض‪ ،‬مما يتيح �إر�سال ر�سالة للمجموعة كلها دفعة واحدة‪ .‬وال�ستعمال‬
‫وات�س �أب‪ ،‬فامل�ستخدم بحاجة لهاتف خليوي ذكي ‪� smartphone‬أو لوحة ‪tablet‬‬
‫مع �رشيحة خط ‪ simcard‬وخط �إنرتنت‪ .‬وي�ستخدم تطبيق وات�س �أب رقم هاتف‬
‫امل�ستخدم كا�سم تعريفي له ‪ User name‬وح�سابه يكون مرتبط بهاتفه فقط‪ .‬وتن�ص‬
‫�رشوط ا�ستخدام وات�س اب على �أن يكون عمر امل�ستخدم على الأقل ‪� 16‬سنة ال�ستخدام‬
‫[‪[[2‬‬
‫التطبيق‪.‬‬
‫مت �إن�شاء وات�س �أب يف العام ‪ 2009‬من قبل يان كوم ‪ Jan Koum‬وبريان �أكتون ‪Brian‬‬
‫[‪ Acton،[[2‬واللذين ق�ضيا �سابق ًا حوايل ع�رشين �سنة لدى ياهو ‪ .Yahoo‬وب�رسعة‪� ،‬إزداد‬
‫عدد امل�ستخدمني �إىل ‪� 250‬ألف م�ستخدم يف ب�ضعة �أ�شهر‪ .‬وقد كانت وات�س �أب يف‬
‫بدايتها خدمة مدفوعة تفادي ًا الرتفاع عدد امل�ستخدمني ب�شكل كبري قد ال يتحمله حينها‬
‫التطبيق‪ .‬وقد ا�ستحوذت في�سبوك على وات�س �أب يف العام ‪� ،2014‬إال �أن الأخرية ال تزال‬
‫تعمل كتطبيق معلوماتي م�ستقل‪ .‬و�إن كلفة ا�ستعمال وات�س �أب هي ‪ 0,99‬دوالر يف‬
‫ال�سنة‪ ،‬كلفة التطبيق املعلوماتي‪ ،‬مع كون ال�سنة الأوىل جمانية‪ .‬ويف عام ‪� 2015‬أدخلت‬
‫وات�س اب تطبيق معلوماتي على غوغل كروم لل�سماح للم�ستخدمني بالو�صول �إىل‬
‫ر�سائلهم من خالل حوا�سبهم‪ [[2[.‬وهذا التطبيق "‪ "WhatsApp Web‬ي�سمح بالو�صول‬
‫�إىل الر�سائل والتي تبقى على هاتف امل�ستخدم الذكي �أي�ض ًا‪.‬‬
‫‪0,99‬‬ ‫ويف كانون الثاين ‪� ،2016‬أعلن يان كوم �أن وات�س �أب لن يلزم امل�ستخدم بدفع‬
‫دوالر كا�شرتاك �سنوي من �أجل مراعاة و�ضع الأ�شخا�ص الذين ال ميلكون بطاقة م�رصفية‬
‫لدفع كلفة اال�شرتاك؛ كما �أعلن �أن وات�س �أب لن تن�رش �أي �إعالنات لأ�شخا�ص ثالثني‬
‫[‪[[2‬‬
‫و�ستطلق وظائف جديدة مثل �إمكانية التوا�صل مع امل�ؤ�س�سات املهنية‪.‬‬

‫لينكد �إن ‪LinkedIn‬‬


‫يعترب لينكد �إن ‪ LinkedIn‬و�سيلة توا�صل اجتماعي للمحرتفني‪ .‬وميكن لكل �شخ�ص‬
‫البحث عن �سرية ذاتية مل�ستخدم على هذا املوقع؛ وال حاجة لأي كلمة �رس ملبا�رشة البحث‬
‫عن عمل منا�سب �أو �شخ�ص منا�سب له �أو احتماالت لتحقيق الربح‪.‬‬
‫‪[25] Explainer: What is WhatsApp?, https://www.webwise.ie/parents/explainer-whatsapp/.‬‬
‫‪[26] About WhatsApp, https://www.whatsapp.com/about/.‬‬
‫‪[27] Explainer: What is WhatsApp?, https://www.webwise.ie/parents/explainer-whatsapp/.‬‬
‫‪[28] WhatsApp Messenger, https://en.wikipedia.org/wiki/WhatsApp.‬‬
‫�صفحة رقم ‪23‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫لقد خلقت و�سائل التوا�صل االجتماعي املذكورة �أعاله‪ ،‬في�سبوك وتوتري وغريها‪،‬‬
‫مفاهيم جديدة للتوا�صل بني النا�س و�ساهمت ب�إن�شاء ما ُيعرف بال�سمعة الرقمية �أو‬
‫ال�شخ�صية الرقمية للم�ستخدم‪ ،‬وكذلك يف تعزيز الإعالنات التجارية والرتويج للب�ضائع‬
‫واخلدمات‪ ،‬كما وفّرت بع�ضها كيوتيوب وفي�سبوك خدمات البث احلي ون�رش �أفالم‬
‫تعر�ض امل�ستخدم ملخاطر كبرية وجديدة مل يعهدها‪ ،‬وتتعاظم‬ ‫الفيديو‪� ،‬إال �أنها باملقابل ّ‬
‫هذه املخاطر بالن�سبة للقا�رصين‪ ،‬كما تفتح �إ�شكاليات جلهة ملكية احل�سابات عليها‬
‫وجلهة جتميع البيانات عن امل�ستخدمني وتتبعهم و�إجراء الإح�صاءات حولهم‪.‬‬

‫املفاهيم اجلديدة لو�سائل التوا�صل االجتماعي‬


‫باملقارنة مع العامل املادي‪ ،‬جاءت و�سائل التوا�صل االجتماعي مبفاهيم جديدة للتوا�صل‬
‫مل تكن معروفة قبل تطور االت�صاالت وتكنولوجيا املعلومات وانت�شارها بني النا�س‪.‬‬
‫�إذ تختلف و�سائل التوا�صل االجتماعية عن الأ�شكال التقليدية من التفاعل االجتماعي‬
‫جلهة العفوية والقدرة على الو�صول ودميومة االت�صال‪� .‬إذ ميكن للم�ستخدمني ب�شكل �آين‬
‫التوا�صل �أو حتميل معلومات �أو �إر�سالها دون قيود من �أي مكان‪ .‬ويكون اجلمهور هو‬
‫عاملي غري حم�صور وقد يبلغ املاليني ويرتبط ب�شهرة امل�ستخدم ومتابعيه‪ .‬كما ميكن حفظ‬
‫الر�سائل املتبادلة على و�سائل التوا�صل االجتماعي ب�شكل �شبه دائم‪ .‬و�أ�صبحت و�سائل‬
‫التوا�صل االجتماعي �أداة مهمة يف نظر امل�ؤ�س�سات التي �أ�صبحت ت�ستعملها لإعالم‬
‫[‪[[2‬‬
‫اجلمهور وللت�أثري عليه‪.‬‬
‫وجتدر الإ�شارة �إىل �أن كل من و�سائل التوا�صل االجتماعي قد و�ضعت �رشوط عامة‬
‫ال�ستعمالها مبثابة نظام لها‪ .‬كما ميكن لبع�ض فئات امل�ستخدمني‪ ،‬ال�سيما املمتهنني يف‬
‫قطاع معني‪ ،‬و�ضع قواعد خا�صة بهم ال�ستعمال و�سائل التوا�صل االجتماعي‪.‬‬

‫ال�سمعة الرقمية مل�ستخدم و�سائل التوا�صل االجتماعي‬


‫لقد خلقت و�سائل التوا�صل االجتماعي كافة هوية �إلكرتونية �أو �شخ�صية �إلكرتونية‬
‫للم�ستخدم من خالل ما يظهر به على هذه الو�سائل ومن خالل ما ين�رشه الغري عنه‬
‫عليها‪ .‬وقد يعرفه النا�س �إفرتا�ضي ًا من خاللها وال يعرفونه يف العامل احلقيقي‪ ،‬وقد تختلف‬
‫‪[29] Marly Didizian, Richard Cumbley, Social media and the law: A handbook for UK companies, January 2014, http://‬‬
‫‪www.linklaters.com/pdfs/mkt/london/TMT-Social-Media-Report.pdf, p 1.‬‬
‫�صفحة رقم ‪24‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫�شخ�صيته احلقيقة عن تلك التي يظهر بها على و�سائل التوا�صل االجتماعي‪.‬‬
‫فال�سمعة الرقمية ‪ E-reputation‬للم�ستخدم هي ال�صورة التي تنتج عن جميع‬
‫املعلومات التي توجد عنه على و�سائل التوا�صل االجتماعي �أو على الإنرتنت‪ :‬ال�صور‪،‬‬
‫التغريدات‪ ،‬املقاالت املن�شورة من قبل امل�ستخدم ذاته �أو من قبل الغري عنه‪ .‬وهي تت�ضمن‬
‫ماذا يحب امل�ستخدم واملجموعات التي ان�ضم �إليها وكذلك معلومات خمتلفة عنه قد‬
‫�صوت لهم �أو‬ ‫تتعلق بالأهداف التي ي�سعى �إليها �أو �آرائه ال�سيا�سية والأ�شخا�ص الذين ّ‬
‫تربع ل�صاحلهم‪ ...‬ويجب على امل�ستخدم التنبه من ر�سم �صورة عن نف�سه على و�سائل‬
‫التوا�صل االجتماعي ال تعرب حقيق ًة عنه �أو ال يرغب بر�ؤيتها من قبل النا�س‪ .‬ويجب على‬
‫امل�ستخدم التنبه اي�ض ًا �أن ما ي�شاركه مع م�ستخدمني �آخرين‪ ،‬ولو كانوا مو�ضع ثقة‪ ،‬قد‬
‫ي�شاركوه ه�ؤالء مع �أ�شخا�ص �آخرين‪ .‬وقد يغفل الكثري من امل�ستخدمني ذلك‪ ،‬ويعتربون‬
‫�أن جعل الن�رش غري عمومي من قبلهم عرب �إعدادات اخل�صو�صية يكفي‪� ،‬إال �أنه باملقابل‬
‫ال حتكم لديهم على الطريقة التي ي�شارك بها "�أ�صدقا�ؤهم" املعلومات التي �شاركوهم‬
‫ال‪ ،‬قد يت�صادق �شخ�ص مع زميل له يف العمل‪ ،‬ويتيح له كم�ستخدم على‬ ‫هم بها‪ [[3[.‬مث ً‬
‫و�سائل التوا�صل االجتماعي ر�ؤية �صور �أو فيلم فيدو غري الئق بحق مديرهم يف العمل‪،‬‬
‫وبعد فرتة‪ ،‬قد يطمح الزميل �إىل �أخذ من�صب امل�ستخدم يف العمل‪ ،‬ويعمد �إىل �إف�شاء‬
‫ال�صور �أو الفيديو �إىل املدير للإ�ساءة �إىل الأخري‪.‬‬
‫وحلماية �أنف�سهم‪ ،‬ي�ستعمل ‪ 16%‬من امل�ستخدمني على و�سائل التوا�صل االجتماعي‬
‫�أ�سماء م�ستعارة و‪ 47%‬منهم يعطون معلومات خاطئة عن �أنف�سهم‪ ،‬وذلك وفق م�ؤ�رش‬
‫[‪[[3‬‬
‫‪ ACSEL 2013‬املتعلق بالثقة الرقمية‪.‬‬
‫وتورد الهيئة الوطنية للمعلوماتية واحلريات يف فرن�سا يف تقريرها لعام ‪� 2016‬أن التحكم‬
‫بال�سمعة على الإنرتنت �أ�صبح حمل اهتمام متزايد لدى الفرن�سيني‪ ،‬وهي تن�صح مبخاطبة‬
‫املوقع الإلكرتوين مبا�رش ًة ملمار�سة حق االعرتا�ض لديه وطلب عدم توثيق البيانات من‬
‫قبل حمرك البحث عرب �إلغاء روابط معينة من قائمة الأجوبة املعرو�ضة منه‪ .‬وقد تلقت‬
‫الهيئة خالل العام ‪ 2016‬وحده �أكرث من ‪� 400‬شكوى مو�ضوعها رف�ض حمرك بحث‬

‫‪[30] Social media and online video privacy, Seminar lesson plan and class activities, A Consumer Action Publication,‬‬
‫‪www.consumer-action.org, p 5.‬‬
‫‪[31] Fabrice Mattatia, Internet et les réseaux sociaux, que dit la loi? Eyrolles, 2ème édition, 2016, p 105.‬‬
‫�صفحة رقم ‪25‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫[‪[[3‬‬
‫عدم توثيق بيانات خا�صة مب�ستخدم‪.‬‬
‫ويف هذا ال�سياق‪ ،‬ق�ضت املحكمة العليا يف لندن ب�إلزام �شخ�ص بدفع تعوي�ضات بقيمة‬
‫‪ 22‬الف جنيه �إ�سرتليني لإقدامه على �إن�شاء ح�ساب غري �صحيح ل�ضحيته على في�سبوك‪،‬‬
‫[‪[[3‬‬
‫يت�ضمن معلومات مهينة حول حياتها اخلا�صة ونزاهتها‪.‬‬
‫بحق كل �شخ�ص بعدم توثيق‬ ‫‪2014‬‬ ‫كما �إعرتفت حمكمة العدل الأوروبية يف �أيار‬
‫[‪[[3‬‬
‫معلومات عنه من قبل حمرك بحث‪.‬‬
‫وميكن لكل �شخ�ص اللجوء �أي�ض ًا �إىل م�ؤ�س�سات متخ�ص�صة يف "تنظيف" �سمعته الرقمية‪،‬‬
‫والتي تعمد �إىل "تذويب" املعلومات ال�سيئة عن ال�شخ�ص �ضمن كميات �ضخمة من‬
‫املعلومات اجليدة عنه والتي تقوم بتحميلها عنه‪ .‬وال يتم حمو املعلومات ال�سيئة ولكن‬
‫[‪[[3‬‬
‫�إبراز ما يناق�ضها والتغطية عليها من حيث الكمية واحلداثة‪.‬‬
‫ومن الأفكار اجليدة معرفة ما ين�رشه الغري حول امل�ستخدم على و�سائل التوا�صل‬
‫االجتماعي وعلى الإنرتنت‪ ،‬الأمر الذي ي�ساهم يف تكوين �صورته الرقمية‪ .‬وميكن‬
‫ال ا�سمه على و�سائل التوا�صل االجتماعي‪.‬‬ ‫للم�ستخدم بالتايل �أن يجري بحث م�ستعم ً‬
‫و�إذا وجد �شيء يجب �إزالته‪ ،‬ميكنه االت�صال باملوقع الإلكرتوين لتقدمي طلب بهذا ال�صدد‪.‬‬
‫ولكن �إذا مل يكن ثمة خمالفة للقانون‪ ،‬فقد ال تتم اال�ستجابة لهذا الطلب‪ ،‬ومبطلق احلال‪،‬‬
‫ف�إن املحاولة ال ت�رض‪ .‬و�إن لو�سائل التوا�صل االجتماعي �آليات ميكن من خاللها تقدمي‬
‫طلبات لإزالة املحتوى‪ .‬لكن هذا الطلب يجب �أن يلبي ال�رشوط املطلوبة من قبل و�سيلة‬
‫ال‪ ،‬في�سبوك تتيح ال�شكوى من انتهاك اخل�صو�صية بعد قيام‬ ‫التوا�صل لإزالة املحتوى‪ .‬مث ً‬
‫[‪[[3‬‬
‫�أحد امل�ستخدمني بعر�ض �صوره‪.‬‬

‫و�سائل التوا�صل االجتماعي والإعالنات‬


‫يتم ا�ستعمال و�سائل التوا�صل االجتماعي يف الإعالنات ب�شكل مكثف من قبل ال�رشكات‬
‫على الإنرتنت‪ ،‬وذلك للرتويج ملنتجاتهم و�سلعهم‪.‬‬
‫_‪[32] CNIL, Rapport d’activité 2016 et des enjeux 2017, https://www.cnil.fr/sites/default/files/atoms/files/cnil-37e‬‬
‫‪rapport_annuel_2016.pdf, p 2.‬‬
‫‪[33] High Court London, 24/7/2008, cité dans: Fabrice Mattatia, Internet et les réseaux sociaux, que dit la loi? Eyrolles,‬‬
‫‪2ème édition, 2016, p 110‬‬
‫‪[34] Cour de justice de l’Union européenne, 13/5/2014, affaire C-131/12, Google Spain SL, Google Inc.‬‬
‫‪[35] Fabrice Mattatia, Internet et les réseaux sociaux, que dit la loi? Eyrolles, 2ème édition, 2016, p 99.‬‬
‫‪[36] Social media and online video privacy, Seminar lesson plan and class activities, A Consumer Action Publication,‬‬
‫‪www.consumer-action.org, p 7.‬‬
‫�صفحة رقم ‪26‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫وقد �أ�صدرت جلنة التجارة الفدرالية يف الواليات املتحدة الأمريكية يف كانون الأول‬
‫عام ‪� 2015‬سيا�سات تتعلق بالإعالن على و�سائل التوا�صل االجتماعي‪ .‬ومن مهام هذه‬
‫اللجنة منع الأعمال واملمار�سات اخلادعة �أو غري العادلة امل�ؤثرة على التجارة‪ .‬وقد �أخذت‬
‫اللجنة �إجراءات جلهة الإعالنات الأ�صيلة “‪ ”native advertising‬واملحتوى املمول‬
‫“‪ ،”sponsored content‬والتي وفق اللجنة‪ ،‬ال ميكن متييزها عن الأخبار وخ�صائ�ص‬
‫املواد ومراجعات املنتجات وغريه من املحتوى املعتاد‪ .‬ويف ق�ضية متعلقة ب�رشكة ‪In‬‬
‫‪ ،.re Machinima Inc‬اعتربت اللجنة �أن ال�رشكة املذكورة تدفع مل�ستخدمني لن�رش‬
‫�أفالم فيديو على يوتيوب لتبني �ألعاب فيديو ‪Microsoft’s Xbox One system and‬‬
‫[‪[[3‬‬
‫‪ ،several games‬وال يعلن ه�ؤالء �أنه يتم الدفع لهم مقابل �آرائهم‪.‬‬
‫بالن�سبة للم�ؤ�س�سات التجارية‪ ،‬ف�إن و�سيلة التوا�صل االجتماعي هي طريقة مهمة‬
‫لالت�صال والتوا�صل مع الزبائن وامل�ستخدمني‪ ،‬وكذلك ملراقبة الن�شاطات املرتبطة‬
‫مبو�ضوع امل�ؤ�س�سة‪ .‬وال يكون كل التفاعل مع اجلمهور يف و�سيلة التوا�صل �إيجابي‬
‫بالن�سبة للم�ؤ�س�سة ويجب توقع ن�رش انتقادات بحق امل�ؤ�س�سة‪.‬‬
‫وحتى لو مل يكن للم�ؤ�س�سة �صفحة �أو ح�ساب على و�سائل التوا�صل االجتماعي‪ ،‬ف�إن‬
‫ارتباطها بالأخرية ال ميكن تفاديه‪� ،‬إذ �سيتناولها العاملون لديها وزبائنها وجمموعات‬
‫ال�ضغط بتعليقاتهم على مواقع التوا�صل االجتماعي وعلى �صفحات خا�صة به�ؤالء وغري‬
‫ر�سمية �أي غري عائدة للم�ؤ�س�سة ذاتها‪ .‬وبالتايل باختيار ا�ستبعاد التوا�صل عرب و�سائل‬
‫التوا�صل االجتماعي‪ ،‬ف�إن �أي م�ؤ�س�سة ت�ضع نف�سها يف موقف �سلبي‪ .‬وميكن للم�ؤ�س�سة‬
‫التفاعل بوا�سطة و�سائل التوا�صل االجتماعي مع الزبائن وتلقي مالحظاتهم‪ ،‬وت�صبح‬
‫هذه الو�سائل مبثابة �أداة ت�أثري وت�سويق‪ ،‬مما ي�سمح بتو�سيع �أ�سواق امل�ؤ�س�سة وجذب زبائن‬
‫[‪[[3‬‬
‫جدد‪.‬‬
‫و�إذا مت ا�ستعمال و�سيلة توا�صل اجتماعي من قبل م�ؤ�س�سة‪ ،‬فيجب تعيني مدير لل�صفحة‬
‫ليتوىل تطوير املحتوى عليها ولإدارة املواد املعرو�ضة عليها ولت�أمني انطباقها على‬
‫�سيا�سات امل�ؤ�س�سة وللإجابة على التعليقات غري ال�صحيحة �أو ال�سلبية‪ .‬وعلى التعليقات‬
‫على ال�صفحة �أن تكون مقت�ضبة ومبا�رشة وذات قيمة ومهنية وتتجنب امل�سائل اخلالفية‬
‫‪[37] Christopher Escobedo Hart, Social Media Law: Significant Developments, The business Lawyer, Vol 72, Winter‬‬
‫‪2016-2017, p 237.‬‬
‫‪[38] Richard Cumbley, Social media and the law: A handbook for UK companies, January 2014, http://www.linklaters.‬‬
‫‪com/pdfs/mkt/london/TMT-Social-Media-Report.pdf, p 4.‬‬
‫�صفحة رقم ‪27‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫احلادة والهجوم ال�شخ�صي وحترتم اجلمهور‪.‬‬


‫ويجب و�ضع‪� ،‬ضمن �سيا�سة امل�ؤ�س�سة املو�ضوعة ال�ستخدام و�سيلة التوا�صل االجتماعي‪،‬‬
‫تنبيهات لعدم �إف�شاء املعلومات ال�رسية واحرتام اخل�صو�صية‪ ،‬و�رضورة احرتام حقوق‬
‫امللكية الفكرية والعالمات التجارية والأعراف التجارية والقواعد املهنية املتعلقة‬
‫بالإعالنات‪ .‬كما يقت�ضي و�ضع بنود لنفي امل�س�ؤولية عما ين�رشه امل�ستخدمون على‬
‫�صفحة املوقع الإلكرتوين‪ .‬ويجب و�ضع معلومات على و�سيلة التوا�صل االجتماعي‬
‫حول �إعدادات اخل�صو�صية و�أجوبة للأ�سئلة املتكررة‪.‬‬

‫و�سائل التوا�صل االجتماعي والبث احلي و�أفالم الفيديو‬


‫ميكن لأي �شخ�ص مزود بهاتف ذكي وتطبيق مثل ‪� Meerkat‬أو ‪� Periscope‬أن يقوم‬
‫ببث حي لأحداث �أو ن�شاطات بوا�سطة و�سائل التوا�صل االجتماعي‪ .‬والبث احلي‬
‫‪ Livestreaming‬يعني �إذاعة �أو م�شاركة فيديو ب�شكل حي كما يجري احلدث �أو‬
‫نظمة للخ�صو�صية‪ ،‬فهي ال تطبق بالن�سبة‬ ‫�صور‪ .‬ويف ما يتعلق بالقوانني املُ ّ‬
‫الن�شاط املُ ّ‬
‫م�صور‬
‫ّ‬ ‫للأماكن العامة املفتوحة للجمهور‪ .‬ولكنه‪ ،‬من غري القانوين ا�ستعمال فيديو‬
‫ل�شخ�ص يف مكان عام لغايات جتارية دون موافقته اخلطية‪� .‬أما يف الأماكن اخلا�صة‬
‫كاملنزل‪ ،‬ف�إنه من غري امل�رشوع ت�صوير �شخ�ص دون �إذنه‪ .‬وميكن طلب �إزالة فيلم الفيديو‬
‫من �صاحبه‪ ،‬والذي قام بتحميله على و�سيلة التوا�صل االجتماعي‪ ،‬كما ميكن طلب ذلك‬
‫من و�سيلة التوا�صل االجتماعي يف �ضوء ال�سيا�سيات التي تتبعها وتقدير كل حالة على‬
‫[‪[[3‬‬
‫حدة‪.‬‬
‫لقد �أتاح التقدم التقني للم�ستخدم م�شاهدة �أفالم الفيديو �أو اال�ستماع �إىل الأغاين‬
‫عرب تقنية التدفق ‪ .Streaming‬وميكن للم�ستخدم م�شاهدة �أفالم على موقع يوتيوب‬
‫‪ ،YouTube‬حني ي�شاء وما ي�شاء‪ ،‬وعلى �أية �شا�شة مربوطة بالإنرتنت مثل جهاز‬
‫كمبيوتر �أو هاتف ذكي �أو تلفزيون ذكي �أو غريها‪ .‬وميكن للغري جتميع معلومات‬
‫وبيانات �شخ�صية حول امل�ستخدمني من خالل �أفالم الفيديو وكذلك حول الأفالم‬
‫ال�سابقة التي �شاهدوها ‪ .Viewing history‬وميكن م�شاركة �أفالم الفيديو على و�سائل‬
‫التوا�صل االجتماعي‪ ،‬كما ميكن بث حمتوى نقل حي بالفيديو ‪Livestreaming‬‬
‫‪[39] Social media and online video privacy, Seminar lesson plan and class activities, A Consumer Action Publication,‬‬
‫‪www.consumer-action.org, p 15.‬‬
‫�صفحة رقم ‪28‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫حتى من خالل هاتف امل�ستخدم الذكي‪ .‬ويفر�ض القانون املُ�سمى حماية اخل�صو�صية‬
‫بالن�سبة لأفالم الفيديو (‪ )Video Privacy Protection Act VPPA‬يف الواليات‬
‫املتحدة الأمريكية على مقدمي �أفالم الفيديو على و�سائل التوا�صل االجتماعي احل�صول‬
‫على موافقة امل�ستخدمني قبل م�شاركة معلومات مع الغري حول ما يف�ضلونه من‬
‫م�شاهدات‪ .‬ولتجنب م�شاركة �أ�سبقياته جلهة م�شاهداته لأفالم الفيديو‪ ،‬على امل�ستخدم‬
‫جتنب ا�ستخدام بع�ض الوظائف �أو اخل�صائ�ص على مواقع التوا�صل االجتماعي‪ ،‬مثل‬
‫‪ like‬و‪ share‬وما ي�شابهها‪ .‬وعليه �أي�ض ًا عدم ا�ستعمال ح�سابه على في�سبوك �أو غوغل‬
‫للت�سجيل يف خدمات امل�شاركة ‪� sharing services‬إذا مل يكن يريد �أن يربط تاريخه‬
‫جلهة امل�شاهدات �أو البحث بهذين احل�سابني‪ .‬وعلى موقع يوتيوب‪ ،‬تكون �أفالم الفيديو‬
‫حملة ‪ upload‬عليه مفتوحة للعموم ‪� ،public‬إال �إذا اختار امل�ستخدم جعلها �أثناء‬‫املُ ّ‬
‫التحميل �أو بعده خا�صة ‪� private‬أو غري مدرجة على الالئحة ‪ ،unlisted‬وبالتايل‬
‫لن تكون مرئية من قبل اجلمهور ولن تظهر يف نتائج البحث‪ ،‬بل فقط مرئية من قبل‬
‫ال�شخ�ص الذي حم ّلها ومن قبل الأ�شخا�ص الذين اختارهم‪ .‬والفيديو غري املدرج على‬
‫الالئحة ‪ unlisted‬ميكن م�شاهدته من قبل الأ�شخا�ص الذي ميلكون الرابط ‪� link‬إليه‬
‫وميكنهم و�ضع تعليقات عليه‪ .‬وميكن لأي �شخ�ص طلب �إزالة فيلم فيديو من يوتيوب‬
‫عرب تقدمي طلب و�رشح �أ�سباب ذلك‪ ،‬وب�شكل عام يتم �إزالة املحتوى عن يوتيوب �إذا‬
‫كان خمالف للتوجيهات ‪ .Community Guidelines‬و�إذا و�ضع �شخ�ص تعليقات‬
‫على فيديو محُ ّمل من قبل م�ستخدم معني‪ ،‬ي�ستطيع الأخري حمو هذه التعليقات و�صد‬
‫املحملة من‬
‫ّ‬ ‫ال�شخ�ص الآخر‪ ،‬والذي ال يكون با�ستطاعته عندها م�شاهدة �أفالم الفيديو‬
‫قبل امل�ستخدم �أو و�ضع تعليقات‪ .‬كما ميكن للم�ستخدم عدم �إباحة التعليقات على فيديو‬
‫[‪[[4‬‬
‫حممل ‪� turn comments off‬أو ا�شرتاط موافقته عليها قبل ن�رشها‪.‬‬
‫ّ‬

‫خماطر و�سائل التوا�صل االجتماعي‬


‫يف مقابل املنافع التي ت�ؤمنها و�سائل التوا�صل االجتماعي‪ ،‬تن� أش� عنها خماطر يتعر�ض لها‬
‫امل�ستخدمون؛ وهذه املخاطر �أكرث فتك ًا من تلك يف العامل املادي بالنظر لطبيعة �شبكة‬
‫الإنرتنت املفتوحة وطابعها الدويل العابر للحدود بني الدول و�إمكانية التعامل عن بعد‬

‫‪[40] Social media and online video privacy, Seminar lesson plan and class activities, A Consumer Action Publication,‬‬
‫‪www.consumer-action.org, p 12, 13, 15.‬‬
‫�صفحة رقم ‪29‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫مع �أ�شخا�ص جمهولني �أو يخفون هويتهم احلقيقة و�صعوبة تتبعهم �أو مقا�ضاتهم يف بع�ض‬
‫الأحيان‪.‬‬
‫فالنا�شطون واملنظمون والأكادميون غري را�ضني عن تقنيات التتبع و�إعداد ال�سريات‬
‫ومراقبة الت�رصفات بهدف الإعالن‪ .‬ولكن كل ما يريده املعلنون هو ن�رش �إعالنات تلبي‬
‫حاجات كل م�ستخدم‪ .‬فاملعلنون يرغبون مبعلومات للتبع بهدف ح�سن توجيه �إعالناتهم‬
‫واختيار الزبائن املحتملني‪ .‬باملقابل‪ ،‬و�سائل التوا�صل االجتماعي حتتاج للتمويل من‬
‫املعلنني بهدف تقدمي خدمات جمانية للم�ستهلكني وامل�ستخدمني‪ ،‬وكذلك �رشكات‬
‫الإنرتنت الأخرى التي تقدم خدمات جمانية كالبحث على الإنرتنت �أو اخلرائط �أو‬
‫الربيد الإلكرتوين �أو غريها‪ ...‬فاحلكومات لن متول هذه املواقع بالطبع من خالل �أموال‬
‫دافعي ال�رضائب‪ .‬ومعظم امل�ستخدمني ال يعون هذا النوع من التبادل و�أنهم يدفعون‬
‫مقابل اخلدمات املجانية لهم عرب بياناتهم والرغبة لتحمل الإعالنات وتقنيات التتبع‪.‬‬
‫ال ي�سمح امل�شرتون لل�رشكات بتحليل عاداتهم يف اال�ستهالك مقابل تخفي�ض ب�سيط‬ ‫مث ً‬
‫يف �سعر ال�سلع‪ .‬كما يوجد خماوف لدى امل�ستخدمني حول �إ�ساءة ا�ستعمال بياناتهم‬
‫[‪[[4‬‬
‫ال�شخ�صية من قبل املجرمني �أو احلكومات‪.‬‬
‫ومما يفاقم املخاطر على و�سائل التوا�صل االجتماعي هو الثقة الزائدة للم�ستخدمني وعدم‬
‫فهمهم لطبيعة و�سائل التوا�صل االجتماعي وخ�صائ�صها وملا هو مقبول ن�رشه �أم ال‪ ،‬وملا‬
‫ي�شكل �إفراط ًا يف امل�شاركة مع باقي امل�ستخدمني‪ ،‬ولإمكانية ا�ستخدام ما ين�رشونه من‬
‫معلومات �ضدهم‪ ،‬و�أخرياً للنتائج اخلطرية التي قد ترتتب على �أفعالهم‪ .‬وقد �أ�صبحت‬
‫املحادثات على و�سائل التوا�صل االجتماعي �شائعة ويطمئن �إليها امل�ستخدمون لدرجة‬
‫�أنهم يظنون �أنهم يجرون حمادثات حميمة مع �أع�ضاء عائلتهم وا�صدقائهم املقربني‪.‬‬
‫كما تعترب من املخاطر امل�شاركة يف ا�ستعمال جهاز كمبيوتر واحد من قبل العائلة‬
‫�أجمع‪ ،‬حيث يكون لأفرادها كلهم الو�صول �إىل كلمات ال�رس واملحتوى على هذا‬
‫الكمبيوتر‪ ،‬وال�سيما �إىل ح�سابات و�سائل التوا�صل االجتماعي وما هو من�شور عليها‬
‫من �صور و�أخبار‪ .‬و�أحيان ًا‪ ،‬ف�إن حمو املعلومات على الإنرتنت ال يعني �أن هذه املعلومات‬
‫قد اختفت‪ .‬و�إن ما ين�رش على الإنرتنت حتى لو كان حم�صور بالأ�صدقاء ال يعني �أنها‬
‫معلومات خا�صة ولن تت�رسب �إىل اجلمهور‪.‬‬
‫‪[41] Lothar Determann, Social Media Privacy: A Dozen Myths and Facts, 2012 STANFORD TECHNOLOGY LAW‬‬
‫‪REVIEW. 7, http://stlr.stanford.edu/pdf/determann-socialmediaprivacy.pdf, p 7,8.‬‬
‫�صفحة رقم ‪30‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫ك�أمثلة على الإفراط يف امل�شاركة على و�سائل التوا�صل االجتماعي وال�رضر الذي قد‬
‫ينجم عن ذلك‪ ،‬ن�رش مواعيد عطلة امل�ستخدم مما قد يتيح ل�شخ�ص �آخر فر�صة �رسقة منزل‬
‫امل�ستخدم يف الأوقات املذكورة؛ وكذلك ن�رش �صور عن مت�ضية وقت للت�سلية يف اليوم‬
‫الذي �أخذه امل�ستخدم عطلة من عمله لتذرعه باملر�ض‪ ،‬وقد ت�صل ال�صورة ل�صاحب‬
‫العمل مما ي�ؤدي �إىل م�ساءلة امل�ستخدم‪ .‬و�إن الإعالن عن مكان وجود امل�ستخدم قد يتيح‬
‫ل�شخ�ص �آخر مبطاردة الأخري‪ ،‬وكذلك ف�إن ن�رش �صورة عن ممار�سة الريا�ضة قد يجعل‬
‫[‪[[4‬‬
‫مطالبة امل�ستخدم �رشكة الت�أمني ال�صحي بتعوي�ضات مو�ضع �شك‪.‬‬
‫ولي�س الكل على و�سائل التوا�صل االجتماعي هو �صديق للم�ستخدم‪ .‬ومن املخاطر التي‬
‫قد يتعر�ض لها امل�ستخدمون على و�سائل التوا�صل االجتماعي هي ر�سائل الربيد غري‬
‫امل�ستدرج �أو غري املرغوب به والإعالنات الدعائية املفرطة ‪ ،Spam‬و�رضوب االحتيال‬
‫‪ Scams‬وال�سيما �إيقاع امل�ستخدم يف الغلط ب�أنه يتعامل مع م�صدر موثوق كم�رصفه مث ً‬
‫ال‬
‫لتقدمي بياناته ال�شخ�صية �أو املالية ما ُيعرف ‪ ،Phishing‬ول�رسقة هويته ‪Identity theft‬‬
‫الرتكاب جرائم بوا�سطتها �أو للو�صول �إىل ح�ساباته امل�رصفية‪� ،‬أو مل�ضايقة امل�ستخدم‬
‫�أو لتخويفه �أو لإحراجه ‪ Stalking/Cyberbullying‬عرب املرا�سالت الإلكرتونية‬
‫[‪[[4‬‬
‫وو�سائل التوا�صل االجتماعي‪.‬‬
‫وتتجلى املخاطر على امل�ؤ�س�سات التجارية الناجتة عن ا�ستعمالها لو�سائل التوا�صل‬
‫االجتماعي ك�أداة مهمة للدعاية‪ ،‬باالرتباط الزائد بهذه الو�سائل وفتح املجال‬
‫للم�ستخدمني للتعبري عن �آراءهم ال�سلبية املحق منها وغري املحق ب�شكل مكثف بحق‬
‫امل�ؤ�س�سة دون �أي رادع‪ .‬ويكون لكل حماولة للم�ؤ�س�سة لقمع هذه الآراء نتائج عك�سية‪،‬‬
‫وبالتايل احلل الوحيد �أمام امل�ؤ�س�سة يكون بالتحاور مع امل�ستخدمني والإجابة على‬
‫مالحظاتهم‪.‬‬
‫ويجب �أن يعي امل�ستخدم على و�سائل التوا�صل االجتماعي �أنه على �شبكات االت�صال �أو‬
‫الإنرتنت ال يفكر الآخرون �إال مب�صاحلهم‪ ،‬و�أن الكثري من املعلومات التي يف�شيها ميكن‬
‫ا�ستخدامها �ضده عند ن�رشها‪ ،‬و�أنه ال ميكن التحكم بكيفية ا�ستعمال الغري للمعلومات‬
‫العائدة له‪ ،‬و�أنه قبل م�شاركة �شيء‪ ،‬يجب عليه التفكري بالآثار املحتملة لتلك املعلومات‬
‫‪[42] Social media and online video privacy, Seminar lesson plan and class activities, A Consumer Action Publication,‬‬
‫‪www.consumer-action.org, p 5.‬‬
‫‪[43] Social media and online video privacy, Seminar lesson plan and class activities, A Consumer Action Publication,‬‬
‫‪www.consumer-action.org, p 3, 4, 5.‬‬
‫�صفحة رقم ‪31‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫�إذا �أ�صبحت علنية‪.‬‬


‫كما يت�ضمن التعر�ض على �شبكات التوا�صل االجتماعي االعتداء على الكوبريايت‬
‫‪ Copyright‬وامللكية الفكرية و�سوء ا�ستخدام املعلومات اخلا�صة وجرائم امل�ضايقة على‬
‫اخلط ‪ online harassment‬والتهديد والقدح والذم والقذف‪.‬‬
‫وقد ت�شكل و�سائل التوا�صل االجتماعي خطراً غري قابل للتحكم به على املجتمع‪ ،‬مثل‬
‫�إ�ساءة ا�ستعمال و�سائل التوا�صل االجتماعي لأغرا�ض جرمية وارتكاب جرائم ومثل‬
‫حالة الدعوة �إىل تظاهرات و�أعمال �شغب‪ ،‬كما ح�صل يف لندن عام ‪ 2011‬بعد �إطالق‬
‫النار من قبل ال�رشطة على �أحد الأ�شخا�ص‪ .‬باملقابل‪ ،‬قد يتم �إ�ستعمال و�سائل التوا�صل‬
‫االجتماعي �أثناء الأزمات لالطمئنان على الأ�صدقاء والأحباء ولتوجيههم للأمان‪ ،‬ومن‬
‫قبل ال�رشطة �أي�ض ًا لتنظيم ردها على �أعمال ال�شغب‪ [[4[.‬فال يكون من املالئم وقف و�سائل‬
‫[‪[[4‬‬
‫التوا�صل االجتماعي �أثناء هذه الأزمات‪.‬‬

‫خماطر و�سائل التوا�صل االجتماعي على القا�رصين‬


‫�إن املخاطر التي يتعر�ض لها القا�رصون على و�سائل التوا�صل االجتماعي هي �أكرب من‬
‫تلك التي يتعر�ض لها الرا�شدون و�أحيان ًا خمتلفة بطبيعتها‪ .‬كما �أن الأ�رضار التي قد تت�أتى‬
‫عن هذه املخاطر قد تكون �أكرب بالنظر لوقوعها على �شخ�صية يف طور التكوين �أو‬
‫غري ذات دراية وخربة يف احلياة و�سهلة التالعب �أو اال�ستغالل‪ ،‬وذلك بالنظر لطبيعة‬
‫القا�رص املنفتحة والآيلة �إىل الثقة بالغري‪ .‬ولهذا ي�أتي دور الأهل حلماية القا�رص على و�سائل‬
‫التوا�صل االجتماعي‪.‬‬
‫وال ميكن منع القا�رص من ا�ستخدام و�سائل التوا�صل االجتماعي‪ ،‬لكن ميكن تنبيههم �إىل‬
‫املخاطر‪ ،‬ال�سيما الإفراط يف م�شاركة املعلومات والتحادث مع الغرباء‪ ،‬وعدم مقابلة‬
‫�شخ�ص لوحده مت التعرف عليه على الإنرتنت‪ ،‬والتنبه �إىل و�سائل امل�ضايقة والتبليغ عنها‬
‫وحفظ الدليل عليها‪ ،‬ومعرفة ما هو مقبول وما هو غري مقبول‪ ،‬و�إعطاء �أمثلة للقا�رصين‬
‫حول ال�صور وكلمات ال�رس وغريها‪ ،‬وو�ضع قواعد وا�ضحة لهم‪ ،‬ومراقبتهم ب�صورة‬
‫م�ستمرة والتوا�صل امل�ستمر معهم‪ ،‬وا�ستعمال و�سائل التحكم املمنوحة للأهل ‪Parental‬‬
‫‪[44] - Peter Coe, The social media paradox: an intersection with freedom of expression and the criminal law, http://‬‬
‫‪www.tandfonline.com/doi/abs/10.1080/13600834.2015.1004242?journalCode=cict20, p 21.‬‬
‫‪[45] - Policing Large Scale Disorder: Lessons from the Disturbances of August 2011, Sixteenth Report of Session 2010-‬‬
‫‪2012, HC 1456-I, 27-30, 30.‬‬
‫�صفحة رقم ‪32‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫‪ ،control‬والتحقق من املواقع الإلكرتونية قبل ال�سماح للقا�رص با�ستخدامها‪ .‬ويجب‬


‫منع الأوالد ال�صغار من ا�ستعمال و�سائل التوا�صل االجتماعي التي يتطلب معظمها �أن‬
‫[‪[[4‬‬
‫يبلغ القا�رص �سن الثالثة ع�رشة حتى ي�ستطيع فتح ح�ساب عليها‪.‬‬
‫وقد ن�رشت يف العام ‪ 2014‬اجلمعية الوطنية حلماية الأطفال من الأعمال القا�سية يف‬
‫اململكة املتحدة تقريراً حول جتارب القا�رصين بني ‪ 11‬و‪� 16‬سنة على مواقع التوا�صل‬
‫االجتماعي‪ .‬وتبني من التقرير �أن ‪ 28%‬من الأطفال واجهوا �شيء �أزعجهم يف ال�سنة‬
‫املا�ضية‪ ،‬منها التعليقات ال�سلبية �أو التهكمية �أو ال�شائعات (‪ )trolling 37%‬واملطاردة‬
‫ال�سيربانية (‪ )cyber-stalking 12%‬والتعر�ض لكالم هجومي ‪ 18%‬وتلقي �صور‬
‫[‪[[4‬‬
‫�إباحية ‪ 12%‬والطلب منهم تقدمي معلومات �شخ�صية �أو خا�صة ‪.8%‬‬

‫و�سائل التوا�صل االجتماعي و�إ�شكالية �أ�سماء احل�سابات عليها وملكيتها‬


‫بالن�سبة مللكية احل�سابات على مواقع التوا�صل االجتماعي‪ ،‬فقد تثور نزاعات حول‬
‫�أ�سماء هذه احل�سابات بالن�سبة لل�رشكات متام ًا كالنزاعات احلا�صلة حول �أ�سماء املواقع‬
‫الإلكرتونية على الإنرتنت‪ .‬ومتلك مواقع التوا�صل االجتماعي �سيا�سات بالن�سبة لهذه‬
‫النزاعات �إال �أنها ال ت�ساعد عندما يكون هناك نزاع جدي على ا�ستعمال اال�سم‪ .‬ومن‬
‫ال�صعب القول �أن ال�رشكة متلك ح�سابات موظفيها على و�سائل التوا�صل االجتماعي كون‬
‫املحتوى واالت�صاالت والتفاعالت هي �شخ�صية بطبيعتها بالن�سبة ل�صاحب احل�ساب‪.‬‬
‫على �سبيل املثال‪ ،‬انتقلت ال�صحافية التلفزيونية لورا كوين�سربغ ‪Laura Kuenssberg‬‬
‫يف متوز العام ‪ 2011‬من البي بي �سي ‪� BBC‬إىل �أي تي يف ‪ ،ITV‬وكان لها ح�ساب على‬
‫تويرت له حوايل ‪� 60‬ألف متابع‪ ،‬وبانتقالها غريت بياناتها من @‪� BBCLauraK‬إىل @‬
‫‪ .ITVLauraK‬ومل تعرت�ض �رشكة بي بي �سي لأن اجلمهور يتابع لورا ولي�س �أي موظف‬
‫[‪[[4‬‬
‫يف ال�رشكة‪.‬‬
‫ومن �أجل تفادي خماطر تفرد �شخ�ص واحد بالتحكم بح�ساب ال�رشكة �أو �إر�سال ر�سائل‬
‫‪[46] Social media and online video privacy, Seminar lesson plan and class activities, A Consumer Action Publication,‬‬
‫‪www.consumer-action.org, p 8, 9.‬‬
‫‪[47] C. Lilley, R. Ball, H. Vernon, The experiences of 11-16 year old on social networking sites, NSPCC, 2014‬‬
‫_‪available via http://www.nspcc.org.uk/Inform/resourcesforprofessionals/onlinesafety/11-16-social-networking-report‬‬
‫‪wdf101574.pdf . This follows previous research by the Society on younger children’s use of social media: C. Lilley and‬‬
‫‪R. Ball, Younger children and social networking sites: a blind spot, NSPCC, 2013 available via - http://www.nspcc.org.‬‬
‫‪uk/Inform/resourcesforprofessionals/onlinesafety/younger-childrenreport_wdf99929.pdf.‬‬
‫‪[48] Nicola Rabson, Social media and the law: A handbook for UK companies, January 2014, http://www.linklaters.‬‬
‫‪com/pdfs/mkt/london/TMT-Social-Media-Report.pdf, p 12.‬‬
‫�صفحة رقم ‪33‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫غري م�رشوعة‪ ،‬ميكن �إعطاء كلمات ال�رس للدخول �إىل احل�ساب �إىل �أكرث من �شخ�ص‪.‬‬

‫و�سائل التوا�صل االجتماعي وجتميع البيانات عن امل�ستخدمني وتتبعهم و�إجراء‬


‫التحليالت حولهم‬
‫ت�ستخدم و�سائل التوا�صل االجتماعي للح�صول على البيانات ال�ضخمة ‪.Big Data‬‬
‫وهي تعني الأحجام الهائلة للبيانات حول امل�ستهلكني التي يتم جمعها وتلخي�صها‬
‫لأغرا�ض مثل التحليل الإح�صاءات‪ .‬وت�ساعد البيانات ال�ضخمة يف اكت�شاف االحتيال‬
‫وتلبية حاجات امل�ستخدم‪ ،‬والأهم هو توجيه الإعالنات ‪.Targeted advertising‬‬
‫ويرى بع�ض امل�ستهلكني �أن ال�رشكات ت�ستعمل هذه البيانات �ضدهم من خالل رفع‬
‫�أ�سعار ال�سلع املطلوبة‪ .‬وهناك خماوف �أي�ض ًا �أن بع�ض املعلومات حول امل�ستخدمني التي‬
‫مت جعلها مغفلة (�أي دون حتديد ا�سم �صاحبها) ميكن �إعادة تعريف �صاحبها من خالل‬
‫[‪[[4‬‬
‫حقول خمفية‪.‬‬
‫لقد �أ�صبحت �رشكات عديدة ُمبتكرة ت�أ�س�س �أعمالها على ا�ستثمار البيانات ال�شخ�صية‪،‬‬
‫مما يحمل على القول بالن�سبة للبع�ض �أن هذه البيانات هي الذهب الأ�سود للقرن الواحد‬
‫والع�رشين‪ .‬وتظهر �أدوات جديدة ُمنتجة �أو ُم�ستهلكة للبيانات ال�شخ�صية كل يوم‬
‫(ال�سيما بالن�سبة للأ�شياء املت�صلة على ال�شبكة)‪ .‬وقد �أ�صبح الع�رص احلايل هو للبيانات‬
‫املفتوحة (‪ )Open Data‬وكذلك للمعاجلات ال�ضخمة للبيانات (‪ )Big Data‬با�ستعمال‬
‫[‪[[5‬‬
‫�ألغورمتيات معقدة وو�سائط حفظ �ضخمة‪.‬‬
‫ومل تكتفي و�سائل التوا�صل االجتماعي بتجميع بيانات عن م�ستخدميها بل تعدت ذلك‬
‫�إىل الأ�شخا�ص الآخرين‪ .‬فهي تدعو م�ستخدميها �إىل نقل الئحة معارفهم اخلا�صة بهم‬
‫�إليها من �أجل البحث عن معارف جدد موجودين عليها �أو لدعوة �آخرين لال�شرتاك‬
‫عليها‪.‬‬
‫وميكن للم�ستخدم تفعيل خا�صية �أو وظيفة عدم التتبع من قبل الغري “‪”Do not track‬‬
‫على برامج الت�صفح ‪ Browser‬العائدة له‪ .‬ولكن احرتام هذه اخلا�صية هو اختياري‬
‫‪[49] Social media and online video privacy, Seminar lesson plan and class activities, A Consumer Action Publication,‬‬
‫‪www.consumer-action.org, p 10.‬‬
‫‪[50] Garance Mathias, Données personnelles: votre conformité, Janvier 2017, http://www.avocats-mathias.com/wp-‬‬
‫‪content/uploads/2013/09/Mathias-Avocats-Protection-des-donn%C3%A9es-%C3%A0-caract%C3%A8re-personnel-‬‬
‫‪Janvier-2017.pdf, p. 4.‬‬
‫�صفحة رقم ‪34‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫ومعظم ال�رشكات ال تلتزم بذلك‪ .‬كما ميكن للم�ستخدم تفعيل خا�صية �أو وظيفة‬
‫"الت�صفح اخلا�ص" ‪ .Private browsing‬ويعني ذلك �أن برنامج الت�صفح ال يحفظ يف‬
‫هذه احلالة "الكعكات" (وهي ملفات تتبع خا�صة يتم تنزيلها على كمبيوتر امل�ستخدم‬
‫من قبل املواقع الإلكرتونية التي يزورها)‪ ،‬وال املواقع الإلكرتونية التي متت زيارتها‬
‫‪ ،Browsing history‬وال الأبحاث املُجراة ‪ ،Online searches‬وال كلمات ال�رس‬
‫التي ا�ستعملت‪ ،‬وامللفات التي مت تنزيلها‪ .‬ويعني ذلك �أن املواقع الإلكرتونية التي زارها‬
‫امل�ستخدم لن تتذكره‪ .‬ولكن هذه اخلا�صية ال متنع الأ�شخا�ص الثالثني من تتبع امل�ستخدم‬
‫�أثناء عملية الت�صحف على الإنرتنت‪ .‬وملزيد من اخل�صو�صية ولإخفاء امل�ستخدم عنوانه‬
‫الرقمي ‪ ،IP‬ميكنه ا�ستعمال �شبكة افرتا�ضية خا�صة )‪Virtual private network‬‬
‫‪ ،)VPN‬وهي تخدم كو�سيط بني كمبيوتر امل�ستخدم وبني الإنرتنت‪ .‬مع هذه ال�شبكة‪ ،‬ال‬
‫يكون ن�شاط امل�ستخدم على الإنرتنت مرتبط بعنوانه الرقمي ال�شخ�صي بل يكون م�شفر‬
‫‪ Encrypted‬ومرتبط بالعنوان الرقمي للحا�سب اخلادم لل�شبكة الإفرتا�ضية ‪VPN‬‬
‫[‪server’s IP address.[[5‬‬

‫كما يجب على امل�ستخدم �إدارة الكعكات ‪ .Cookies‬والكعكات هي ملفات يتم تنزيلها‬
‫من قبل م�شغلي مواقع �إلكرتونية على احلوا�سب اخلا�صة للم�ستخدمني‪ ،‬لتبقى بعد �إنهاء‬
‫االت�صال باملوقع عرب �شبكة الإنرتنت‪ ،‬ولت�سجل بيانات حول اخل�صائ�ص التقنية حلوا�سب‬
‫امل�ستخدمني والربامج امل�ستخدمة عليها واملواقع وال�صفحات التي يتم ت�صفحها؛ ويتم‪،‬‬
‫املجمعة �إىل املوقع الإلكرتوين م�صدر‬
‫ّ‬ ‫عند االت�صال التايل بالإنرتنت‪� ،‬إر�سال البيانات‬
‫ال من �أجل‬‫الكعكات ال�ستثمارها‪ .‬وميكن �أن تكون الكعكات �أداة م�رشوعة ومفيدة‪ ،‬مث ً‬
‫تقييم فعالية املوقع والإعالنات عليه �أو من �أجل مراقبة هويات الأ�شخا�ص الذين يجرون‬
‫[‪[[5‬‬
‫معامالت على الإنرتنت‪.‬‬
‫والكعكات على نوعني‪ :‬النوع الأول ‪ First-party cookies‬تو�ضع على حا�سب‬
‫امل�ستخدم ال�شخ�صي من قبل املواقع الإلكرتونية التي يزورها لتذكر �أمور كالأ�شياء‬
‫املف�ضلة لديه (حتديد اللغة‪ ،‬عدم �إعادة �إدخال كلمة ال�رس) �أو ما لديه يف الئحة م�شرتياته‪.‬‬
‫�أما النوع الثاين ‪ Third-party cookies‬فتو�ضع من قبل �شخ�ص ثالث‪ .‬وب�إمكان هذه‬
‫‪[51] Social media and online video privacy, Seminar lesson plan and class activities, A Consumer Action Publication,‬‬
‫‪www.consumer-action.org, p 11.‬‬
‫‪[52] Céline Castets -Renard, Droit de l’Internet: Droit français et européen, 2ème edition, Montchrestien, Lextenso‬‬
‫‪éditions, 2012, p .76.‬‬
‫�صفحة رقم ‪35‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫الكعكات تتبع امل�ستخدم وو�ضع �إعالنات حتى عند زيارة مواقع �إلكرتونية �أخرى‪.‬‬
‫وملختلف برامج الت�صفح و�سائل ملحو الكعكات �أو للحد منها‪ .‬و�إذا قام امل�ستخدم ب�صد‬
‫�أو باعرتا�ض ‪ Block‬ب�شكل كامل الكعكات‪ ،‬ميكن �أن يخ�رس بع�ض الوظائف‪ ،‬لذلك‬
‫عليه �صد كعكات الأ�شخا�ص الثالثني فقط‪ .‬وجتدر الإ�شارة �إىل �أن هناك تقنيات �أخرى‬
‫مثل "ب�صمة اجلهاز"‪ ،‬التي حتدد امل�ستخدم من خالل �إعدادات برنامج الت�صفح العائد له‪،‬‬
‫ميكنها �أن تتبع ن�شاط امل�ستخدم دون ا�ستعمال كعكات‪ .‬كما على امل�ستخدم �صد �أو �إعاقة‬
‫الإعالنات‪� ،‬إال �أن بع�ض املواقع تربط بني الإعالنات واملحتوى املجاين عليها‪ ،‬بحيث �أن‬
‫وقف الإعالنات ي�ؤدي �إىل تقلي�ص املحتوى املجاين املعرو�ض‪ .‬وعلى امل�ستخدم جتنب‬
‫الدرا�سات املُجراة على الإنرتنت كالإ�ستفتاءات والألعاب وامل�سابقات فهي جمرد �أدوات‬
‫[‪[[5‬‬
‫لتجميع معلومات حول امل�ستهلكني‪.‬‬
‫�إال �أن ال�رشكات �أ�صبحت ت�ستعمل الكعكات لأهداف خا�صة بها لإن�شاء �سري ذاتية‬
‫للم�ستخدمني ولتح�سني وظائف من�صاتها التقنية ول�شخ�صنة جتربة امل�ستخدم عليها‪.‬‬
‫كما يعمد في�سبوك �إىل تنزيل كعكات على حوا�سب الأ�شخا�ص غري امل�شرتكني فيه عند‬
‫زيارتهم لبع�ض ال�صفحات املت�ضمنة خ�صو�ص ًا كب�سة "�أحب" "‪ "Like‬العائدة له‪ ،‬وذلك‬
‫[‪[[5‬‬
‫لتجميع معلومات عنهم‪.‬‬
‫وما قد ترغب فيه امل�ؤ�س�سات هو اال�ستماع �إىل املحادثات على و�سائل التوا�صل االجتماعي‬
‫وما يقوله امل�ستخدمون عنها‪ .‬وهناك �أدوات معلوماتية جاهزة ميكن ا�ستخدامها لهذا‬
‫الغر�ض‪ .‬وهذه ت�سمح لي�س فقط مبراقبة املحادثات الفردية بل بتحليل الر�سائل مبجملها‬
‫على �شبكة التوا�صل لتحديد وترية ذكر مو�ضوع معني والطريقة التي يتم ذكره فيها‬
‫من قبل امل�ستخدمني‪ .‬وميكن بالتايل‪ ،‬من خالل هذا التحليل ملجمل الر�سائل املتبادلة‪،‬‬
‫حتديد ما هي الق�ص�ص والأخبار التي تت�صدر بالن�سبة الهتمامات الر�أي العام‪ .‬كما تعتمد‬
‫و�سائل التوا�صل االجتماعي يف جمال �صناعة الأفالم �إن لتحديد ال�شعبية والرتابية ولتنبوء‬
‫[‪[[5‬‬
‫الأفالم القادمة‪.‬‬

‫‪[53] Social media and online video privacy, Seminar lesson plan and class activities, A Consumer Action Publication,‬‬
‫‪www.consumer-action.org, p 11.‬‬
‫‪[54] Elodie Weil, L’exploitation et le protection des données à caractère personnel des utilisateurs sur les réseaux‬‬
‫‪sociaux, Droit et réseaux sociaux, Laboratoire d’études juridiques et politiques, Lextenso éditions, octobre 2015, p 118,‬‬
‫‪121.‬‬
‫‪[55] Richard Cumbley, Social media and the law: A handbook for UK companies, January 2014, - http://www.linklaters.‬‬
‫‪com/pdfs/mkt/london/TMT-Social-Media-Report.pdf, p 5.‬‬
‫�صفحة رقم ‪36‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫ونحن نرى �أن و�سائل التوا�صل االجتماعي‪ ،‬ك�أي �رشكة جتارية‪ ،‬ال ميكن �أن تقدم‬
‫خدماتها ب�شكل جماين‪ ،‬دون �أن حتقق منفعة ما باملقابل من خالل اال�ستفادة من بيانات‬
‫حمل من قبلهم وحتليل توجهاتهم‪ .‬ويثبت هذا الأمر من خالل‬ ‫امل�ستخدمني واملحتوى املُ ّ‬
‫القيمة املالية التي حققتها �رشكات التوا�صل االجتماعي يف الأ�سواق املالية وكذلك من‬
‫خالل دور و�سائل التوا�صل االجتماعي كفي�سبوك كو�سيط بني امل�ستخدمني واملعلنني‪.‬‬
‫كخال�صة لهذا الق�سم‪ ،‬ميكن القول �أن و�سائل التوا�صل االجتماعي تنتج ب�شكل‬
‫افرتا�ضي �إ�شكاليات قانونية ذات �أبعاد جديدة يف جميع حقول القانون من القانون‬
‫اجلزائي �إىل قوانني املحاكمات وحتديد املحكمة املخت�صة والقانون املطبق �إىل قانون‬
‫العمل �إىل احلقوق املدنية وحقوق العائلة والأحوال ال�شخ�صية �إىل قانون امللكية الفكرية‬
‫و�إىل القوانني املحددة للم�س�ؤولية وحتى �أخالقيات ممار�سة املهنة القانونية بذاتها‪.‬‬
‫وال تزال القوانني حتاول مواكبة ثورة و�سائل التوا�صل االجتماعي‪ .‬ومن املهم على‬
‫الأفراد اكت�ساب املعرفة عن كيفية ا�ستعمال و�سائل التوا�صل االجتماعي وال�سحابة‬
‫احل�سابية ‪ Cloud computing‬لأن التطور م�ستمر ولن ينتظرهم‪ ،‬وم�صاحلهم �ستت�أثر‬
‫�إذا تخلفوا عن مواكبة التطور‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪37‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫} ثانياً {‬
‫و�سائل التوا�صل االجتماعي واحلق يف اخل�صو�صية‬
‫�إن مفهوم اخل�صو�صية واحلياة اخلا�صة هو حديث ن�سبي ًا‪ .‬وقد ورد تعبري "احلق‬
‫باخل�صو�صية" "‪ "the right to privacy‬لأول مرة يف مقال ُن�رش عام ‪ 1890‬لربندي�س‬
‫ووارن ‪ Brandeis/Warren‬يف جملة هارفرد احلقوقية يف الواليات املتحدة الأمريكية‪.‬‬
‫ويرتبط مفهوم اخل�صو�صية بكيان الإن�سان �أو بحيزه اخلا�ص الذي ي�سعى من خالله‬
‫�إىل حماية م�شاعره و�أفكاره و�أ�رساره اخلا�صة جت�سيداً لكينونته الفردية وميكن تعريف‬
‫حيز خا�ص ي�سمح للفرد ب�أن يتفاعل �أو ال يتفاعل مع الآخرين‪،‬‬ ‫اخل�صو�صية على �أنها ّ‬
‫دون تدخل �أو تطفل �أي �شخ�ص غري مرغوب به‪ .‬كما يعطي للفرد حرية حتديد ملا يريد‪،‬‬
‫ومع من يريد‪� ،‬أن ي�شارك معلوماته التف�صيلية �أو الثانوية �أو حتى الإجازة ال�ستثمارها‬
‫لغايات جتارية �أو غري جتارية‪ ...‬ون�ستنتج �أن لكل فرد من �أفراد املجتمع حيز عام يت�شارك‬
‫به مع الآخرين وحيز خا�ص يحتفظ به لنف�سه و‪�/‬أو يت�شارك به مع من يريد وفق �أهوائه‬
‫ورغباته؛ يتمثل احليز العام يف ن�شاطات الفرد العامة وحرفته ومهنته التي قد تكون ذات‬
‫طابع وظيفي �إداري �أو �سيا�سي �أو ثقايف �أو فني؛ �أما احليز اخلا�ص فيتمثل يف الدائرة‬
‫ال�ضيقة �أو ما ي�سمى باحلياة اخلا�صة كاحلالة ال�صحية �أو اجل�سدية �أو املالية �أو العاطفية او‬
‫الزوجية �أو العائلية‪ [[5[.‬ويرتبط مفهوم اخل�صو�صية �أي�ض ًا ب�شهرة ال�شخ�ص املعني ومكان‬
‫[‪[[5‬‬
‫ح�صول الوقائع و�إرادة ال�شخ�ص املعني بحماية املعلومات املتعلقة به‪.‬‬
‫وقد اعتربت املحكمة الأوروبية حلقوق الإن�سان يف قرارها تاريخ ‪ 16/12/1992‬ب�أن‬
‫مفهوم احلياة اخلا�صة ال يقت�رص على حتديد دائرة حميمة ميكن لكل �إن�سان مت�ضية حياته‬
‫ال�شخ�صية كما ي�شاء فيها وا�ستبعاد العامل اخلارجي كلي ًا‪ ،‬بل يجب �أن يت�ضمن هذا املفهوم‬
‫[‪[[5‬‬
‫حق الفرد بتطوير عالقات مع �أقرانه‪.‬‬
‫وتتجلى اخل�صو�صية باحلق بال�رسية (�أي عدم �إف�شاء البيانات ال�شخ�صية للغري) وباحلق‬
‫بالغفلية (عدم م�شاهدته من قبل الغري والتعرف عليه يف و�ضع معني) واحلق بالوحدة (�أي‬

‫[‪ [[5‬سارة عيل رمال‪ ،‬الحق يف الخصوصية يف العرص الرقمي‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بريوت‪ ،2017 ،‬ص ‪.75 14- 12-‬‬
‫‪[57] Fabrice Mattatia, Internet et les réseaux sociaux, que dit la loi? Eyrolles, 2ème édition, 2016, p 55.‬‬
‫‪[58] Cour européenne des droits de l’homme, 16/12/1992, Niemietz/ Allemagne, n 13710/88.‬‬
‫�صفحة رقم ‪38‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫اختيار �صحبته)‪ .‬وي�شمل احلق باخل�صو�صية احلق باحلميمية بني �شخ�صني واحلق ب�رسية‬
‫املرا�سالت اخلا�صة املكتوبة والإلكرتونية واحلق بحماية �صورة ال�شخ�ص اخلا�صة‪...‬‬
‫كما ت�شمل اخل�صو�صية العالقات العائلية واحلياة العاطفية واجلن�سية وال�صحة‪...‬‬
‫ولقد �أقرت مواقع التوا�صل االجتماعي بحاجة امل�ستخدمني لديها باخل�صو�صية وو�ضعت‬
‫�آليات لها‪ ،‬ت�سمح لكل م�ستخدم بو�صف م�ستخدمني معينني �آخرين ك"�أ�صدقاء"‪،‬‬
‫وبالتايل �إعطائهم امتياز ر�ؤية معلومات معنية دون باقي امل�ستخدمني‪ ،‬والتحكم مبن‬
‫منهم يرى ماذا من املعلومات املن�شورة‪.‬‬
‫وين�ص الإعالن عن احلقوق وامل�س�ؤوليات املعتمد من قبل في�سبوك �أن احرتام احلياة‬
‫املجمعة‬
‫ّ‬ ‫اخلا�صة للم�ستخدم هي مهمة لفي�سبوك و�أنه �سيتم �إعالم امل�ستخدم بالبيانات‬
‫وكيفية ا�ستعمالها‪ ...‬و�أن املحتوى واملعلومات املن�شورة من قبل امل�ستخدم على في�سبوك‬
‫[‪[[5‬‬
‫تعود له وميكنه التحكم يف كيفية م�شاركتها مع الغري‪.‬‬
‫وللتخفيف من اخلوف من انتهاك اخل�صو�صية‪ ،‬توفر و�سائل التوا�صل االجتماعي‬
‫للم�ستخدمني �إعدادات للتحكم بالو�صول �إىل البيانات ‪access control settings‬‬
‫لو�ضع قيود على من ي�ستطيع ر�ؤية بياناتهم ال�شخ�صية‪.‬‬
‫وجتدر الإ�شارة �إىل �أن امل�ستخدمني يرون �سريتهم وبياناتهم ال�شخ�صية ك�شكل من التعبري‬
‫عن الذات‪ ،‬لكن لهذه البيانات �أي�ض ًا قيمة جتارية‪.‬‬
‫و�سنتناول احلق باخل�صو�صية على و�سائل التوا�صل االجتماعية من زاوية قانونية‪ ،‬وكذلك‬
‫فنية من خالل التحكم بالإعدادات على و�سيلة التوا�صل االجتماعي‪ ،‬وطرق التعر�ض‬
‫للخ�صو�صية على و�سائل التوا�صل االجتماعي والأفعال التي تتم بها‪ ،‬و�سيا�سات و�سائل‬
‫التوا�صل االجتماعي يف مو�ضوع اخل�صو�صية و�أخرياً التوجيهات للم�ستخدم للحفاظ‬
‫على خ�صو�صيته على و�سائل التوا�صل االجتماعي‪.‬‬

‫نظرة قانونية للحق باخل�صو�صية على و�سائل التوا�صل االجتماعي‬


‫لقد مت االعرتاف باخل�صو�صية ك�أحد احلقوق الأ�سا�سية للإن�سان يف عدة اتفاقيات‬
‫ومعاهدات دولية‪ .‬بدايةً‪ ،‬كان الإعالن العاملي حلقوق الإن�سان يف العام ‪� 1948‬أول من‬
‫‪[59] Emmanuel Derieux, Agnès Granchet, Réseaux sociaux en ligne, Aspects juridiques et déontologiques, Lamy, 2013,‬‬
‫‪p 88.‬‬
‫�صفحة رقم ‪39‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫لتدخل‬
‫تعري�ض �أحد ُّ‬
‫ُ‬ ‫يكر�س احلق يف اخل�صو�صية‪ .‬وتن�ص املادة ‪ 12‬منه على �أنه ال يجوز‬
‫مت�س‬
‫تع�سفي يف حياته اخلا�صة �أو يف �ش�ؤون �أ�رسته �أو م�سكنه �أو مرا�سالته‪ ،‬وال حلمالت ُّ‬
‫ُّ‬
‫التدخل �أو تلك‬
‫ُّ‬ ‫حق يف �أن يحميه القانونُ من مثل ذلك‬ ‫ولكل �شخ�ص ٌّ‬‫ِّ‬ ‫�رشفه و�سمعته‪.‬‬
‫احلمالت‪.‬‬
‫ثم تبعه العهدان الدوليان اخلا�صان بحقوق الإن�سان يف العام ‪ 1966‬وغريها من املعاهدات‬
‫واملواثيق الإقليمية والدولية‪ .‬وتن�ص املادة ‪ 17‬من العهد الدويل اخلا�ص باحلقوق املدنية‬
‫وال�سيا�سية على �أنه ال يجوز تعري�ض �أي �شخ�ص‪ ،‬على نحو تع�سفي �أو غري قانوين‪،‬‬
‫لتدخل يف خ�صو�صياته �أو �ش�ؤون �أ�رسته �أو بيته �أو مرا�سالته‪ ،‬وال لأي حمالت غري‬
‫قانونية مت�س �رشفه �أو �سمعته‪ .‬و�أنه من حق كل �شخ�ص �أن يحميه القانون من مثل هذا‬
‫التدخل �أو امل�سا�س‪.‬‬
‫ويف هذا ال�سياق �أي�ض ًا‪ ،‬تن�ص املادة الثامنة من االتفاقية الأوروبية حلقوق الإن�سان لعام‬
‫‪ 1950‬على �أنه لكل �شخ�ص احلق باحرتام حياته اخلا�صة والعائلية وبيته ومرا�سالته؛‬
‫وال يجوز التعر�ض ملمار�سة هذا احلق �إال وفق ن�ص القانون وب�رشط �أن يكون �رضوري ًا‬
‫يف جمتمع دميقراطي مل�صلحة الأمن العام �أو ال�سالمة العامة �أو الرخاء االقت�صادي �أو ملنع‬
‫اجلرائم وحفظ النظام �أو حلماية ال�صحة العامة والآداب �أو حلماية حقوق الآخرين‬
‫وحرياتهم‪ .‬ثم جاء ميثاق احلقوق الأ�سا�سية لالحتاد الأوروبي يف العام ‪ 2000‬لي�ؤكد‬
‫يف املادة ال�سابعة منه على احرتام احلياة اخلا�صة والعائلية لل�شخ�ص وم�سكنه وات�صاالته‪.‬‬
‫كما تن�ص املادة ‪ 11‬من االتفاقية الأمريكية حلقوق الإن�سان على احلق يف اخل�صو�صية‬
‫وعلى منع �أي تعر�ض تع�سفي �أو غري م�رشوع لهذا احلق‪.‬‬
‫على ال�صعيد العربي‪ ،‬اعتمدت القمة العربية يف تون�س لعام ‪ 2004‬الن�سخة الأحدث‬
‫من امليثاق العربي حلقوق الإن�سان‪ ،‬علم ًا �أن الن�سخة الأوىل جرى اعتمادها عام ‪.1994‬‬
‫وتن�ص املادة ‪ 21‬من هذا الن�سخة احلديثة من امليثاق على �أنه ال يجوز تعري�ض �أي �شخ�ص‪،‬‬
‫على نحو تع�سفي �أو غري قانوين‪ ،‬للتدخل يف خ�صو�صياته �أو �ش�ؤون �أ�رسته �أو بيته �أو‬
‫مرا�سلته �أو لت�شهري مي�س �رشفه �أو �سمعته؛ و�أنه من حق كل �شخ�ص �أن يحميه القانون من‬
‫مثل هذا التدخل �أو امل�سا�س‪.‬‬
‫ويف ‪ 18/12/2013‬اعتمدت اجلمعية العامة للأمم املتحدة م�رشوع قرار حول احلق يف‬
‫�صفحة رقم ‪40‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫مقدم من قبل دولتي �أملانيا والربازيل‪.‬‬


‫اخل�صو�صية يف الع�رص الرقمي حتت رقم [‪ّ 167/68[[6‬‬
‫ويف ‪ 18/12/2014‬عادت اجلمعية العامة للأمم املتحدة واعتمدت م�رشوع قرار جديد‬
‫ال مل�ضمون القرار‬ ‫ومكم ً‬
‫ّ‬ ‫باملو�ضوع والعنوان ذاته حتت رقم ‪ ،69/166‬وقد جاء مكرراً‬
‫ال�سابق‪ ،‬وقد تناول قيام ال�رشكات بتعزيز قدرة ال�سلطات الر�سمية على مراقبة خ�صو�صية‬
‫الأفراد‪.‬‬
‫قانون ًا‪ ،‬ال تعترب قرارات اجلمعية العامة للأمم املتحدة ملزمة للدول و�إمنا تتمتع بالقيمة‬
‫املعنوية املُعبرّ ة عن �إرادة املجتمع الدويل يف الق�ضايا ذات االهتمام امل�شرتك والتي هي‬
‫بحاجة جلهود م�شرتكة ملعاجلة خماطرها و�آثارها‪.‬‬
‫ويرى البع�ض �أن التوقعات بالن�سبة خل�صو�صية البيانات واحلق باخل�صو�صية هي مبالغ‬
‫بها هذه الأيام‪ .‬احلقيقة �أن معظم الد�ساتري واتفاقيات حقوق الإن�سان الدولية ال تعرتف‬
‫ب�شكل �رصيح ومف�صل باحلقوق املتعلقة باخل�صو�صية‪ .‬حتى لو ن�ص الد�ستور على احلق‬
‫باخل�صو�صية‪ ،‬ب�شكل �رصيح �أو �ضمني‪ ،‬فاحلقوق يف الد�ستور حتمي فقط جتاه احلكومات‬
‫و�أ�شخا�ص القطاع العام‪ ،‬ولكن لي�س ب�شكل نوعي بوجه ال�رشكات �أو الأفراد م�ستخدمي‬
‫و�سائل التوا�صل االجتماعي‪ .‬وتعمد املحاكم �إىل موازنة احلقوق املتعلقة باخل�صو�صية‬
‫باحلقوق املدنية‪ ،‬وال�سيما تلك املتعلقة باحلق بالتعبري احلر وباملعلومات‪ .‬ويتفوق احلق‬
‫بحرية التعبري وباملعلومات‪ ،‬املعرتف بها �رصاح ًة يف الد�ساتري واتفاقيات حقوق الإن�سان‪،‬‬

‫[‪ [[6‬وينص القرار عىل أن الجمعية العامة ‪ ...‬تؤكد من جديد الحق يف الخصوصية‪ ،‬الذي ال يسمح بتعريض أي شخص لتدخل تعسفي أو‬
‫غري قانوين يف خصوصياته أو يف شؤون أرسته أو بيته أو‪ ‬مراسالته‪ ،‬وحقه يف التمتع بحامية القانون من مثل هذا التدخل عىل النحو املبني يف‬
‫املادة‪ 12 ‬من اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان واملادة ‪ 17‬من العهد الدويل الخاص بالحقوق املدنية والسياسية؛‬
‫‪ - 2‬تسلم بالطبيعة العاملية واملفتوحة لإلنرتنت وبالتقدم الرسيع يف مجال‪ ‬تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت كقوة دافعة لترسيع خطى التقدم‬
‫عىل طريق التنمية مبختلف أشكالها؛‬
‫‪ - 3‬تؤكد أن الحقوق نفسها التي يتمتع بها األشخاص خارج اإلنرتنت يجب أن تحظى بالحامية أيضا عىل اإلنرتنت‪ ،‬مبا يف ذلك الحق يف‬
‫الخصوصية؛‬
‫‪ - 4‬تهيب بالدول كافة القيام مبا ييل‪:‬‬
‫(أ) أن تحرتم وتحمي الحق يف الخصوصية‪ ،‬مبا يف ذلك يف سياق االتصاالت الرقمية؛‬
‫(ب) أن تتخذ ما يلزم من تدابري لوضع حد النتهاكات تلك الحقوق‪ ،‬وأن تعمل عىل تهيئة الظروف الكفيلة بالحيلولة دون حدوث هذه‬
‫االنتهاكات‪ ،‬بطرق منها ضامن توافق ترشيعاتها الوطنية يف هذا الصدد مع التزاماتها مبوجب القانون الدويل لحقوق اإلنسان؛‬
‫(ج) أن تعيد النظر يف إجراءاتها ومامرساتها وترشيعاتها املتعلقة مبراقبة االتصاالت واعرتاضها وجمع البيانات الشخصية‪ ،‬مبا يف ذلك مراقبة‬
‫االتصاالت واعرتاضها وجمع البيانات عىل نطاق واسع‪ ،‬وذلك بهدف تأكيد الحق يف الخصوصية عن طريق ضامن تنفيذ جميع االلتزامات‬
‫املرتتبة عليها مبوجب القانون الدويل لحقوق اإلنسان تنفيذا كامال وفعليا؛‬
‫(د) أن تنشئ آليات رقابة محلية مستقلة فعالة قادرة عىل ضامن الشفافية‪ ،‬حسب االقتضاء‪ ،‬واملساءلة بشأن مراقبة الدولة لالتصاالت واعرتاضها‬
‫وجمع البيانات الشخصية‪ ،‬أو‪ ‬تقوم بتعهد آليات الرقابة القامئة؛‬
‫‪ 5-‬تطلب إىل مفوضة األمم املتحدة السامية لحقوق اإلنسان أن تقدم إىل مجلس حقوق اإلنسان يف دورته السابعة والعرشين وإىل الجمعية‬
‫العامة يف دورتها التاسعة والستني‪ ،‬تقريرا عن حامية الحق يف الخصوصية وتعزيزه يف سياق مراقبة االتصاالت الرقمية و‪/‬أو‪ ‬اعرتاضها وجمع‬
‫البيانات الشخصية‪ ،‬داخل إقليم الدولة وخارجه‪ ،‬مبا يف ذلك عىل نطاق واسع‪ ،‬يتضمن آراء وتوصيات ليك تنظر فيه الدول األعضاء؛‬
‫‪ - 6‬تقرر أن تنظر يف املسألة يف دورتها التاسعة والستني يف إطار البند الفرعي املعنون ”مسائل حقوق اإلنسان‪ ،‬مبا يف ذلك النهج البديلة لتحسني‬
‫التمتع الفعيل بحقوق اإلنسان والحريات األساسية“ من البند املعنون ”تعزيز حقوق اإلنسان وحاميتها“‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪41‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫[‪[[6‬‬
‫على احلق باخل�صو�صية‪.‬‬
‫وميكن القول �أن احلق باخل�صو�صية يتقاطع مع غريه من احلقوق واحلريات التي متار�س‬
‫على �شبكة الإنرتنت؛ لذلك‪� ،‬أ�شار قرار اجلمعية العامة للأمم املتحدة رقم ‪� 68/167‬إىل هذا‬
‫التقاطع و�شدد على عالقة احلق يف اخل�صو�صية مع ثالثة حقوق على وجه اخل�صو�ص‪،‬‬
‫وهي احلق يف حرية الر�أي والتعبري واحلق يف التجمع واحلق يف الو�صول �إىل املعلومات‬
‫[‪[[6‬‬
‫وتلقيها ونقلها‪.‬‬
‫يف الواقع‪ ،‬ال توجد حياة خا�صة وعائلية ب"الطبيعة"‪ ،‬فهذه تعتمد على تقدير الأفراد‬
‫وتطور ال�سلوكيات والأخالق يف كل جمتمع‪ ،‬و�إن حمايتها هي ن�سبية مرتبطة مبتطلبات‬
‫�أخرى للمجتمعات الدميقراطية مثل حرية التعبري عن الر�أي وحق الو�صول �إىل املعلومات‬
‫[‪[[6‬‬
‫والعمل �ضد الدعاية املروجة للجرمية والإرهاب‪.‬‬
‫ونحن نرى �أن احلق باخل�صو�صية يف ع�رص الإنرتنت وتكنولوجيا املعلومات �أ�صبح‬
‫من �أهم احلقوق بالنظر للإمكانيات التقنية الفعالة يف ت�سجيل احلدث �أو ال�صور عرب‬
‫كامريات الهواتف الذكية والقدرة على نقلها مبا�رش ًة �إىل جمهور غري حمدود عرب و�سائل‬
‫التوا�صل االجتماعي‪ .‬وال يكفي اعتماد هذا املبد�أ نظري ًا يف ت�رشيعات الدول بل يجب‬
‫تقنني تطبيقاته �ضمن الن�صو�ص القانونية‪ ،‬ال�سيما حماية احلياة اخلا�صة واحلق بال�صورة‬
‫امللتقطة يف مكان خا�ص وعدم اعرتا�ض حمتوى الر�سائل �أو االت�صاالت لأ�سباب غري‬
‫م�رشوعة وغري ذلك‪ ،‬وذلك بن�صو�ص جزائية رادعة‪.‬‬
‫و�إن االرتباط بني احلق يف اخل�صو�صية واحلق يف حرية الر�أي والتعبري يظهر من خالل‬
‫الآراء والتعليقات التي قد يطلقها امل�ستخدمون عن غريهم‪ ،‬عند ممار�ستهم حقهم بالتعبري‬
‫احلر‪ ،‬والتي قد تطال خ�صو�صية الغري �أو مت�س �سمعته �أو مركزه االجتماعي �أو تك�شف‬
‫هويته مما ي�سمح مبراقبته وتبع ًا لذلك يحجم هذا الغري عن التعبري �أو يحد منه‪.‬‬
‫يف هذا اخل�صو�ص‪ ،‬اعتربت حمكمة الدرجة الأوىل يف باري�س يف قرارها تاريخ‬
‫‪� 13/11/2013‬أن حق ال�شخ�ص باحرتام حياته اخلا�صة قد ينح�رص �أمام متطلبات حرية‬
‫التعبري عن الر�أي‪ ،‬ويتم تقدير ذلك يف �ضوء جمموعة من الظروف تتعلق بال�ضحية‬
‫‪[61] Lothar Determann, Social Media Privacy: A Dozen Myths and Facts, 2012 STANFORD TECHNOLOGY LAW‬‬
‫‪REVIEW. 7, http://stlr.stanford.edu/pdf/determann-socialmediaprivacy.pdf, p 2.‬‬
‫[‪ [[6‬سارة عيل رمال‪ ،‬الحق يف الخصوصية يف العرص الرقمي‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بريوت‪ ،2017 ،‬ص ‪.71‬‬
‫‪[63] Fatou Ba Sene, La protection constitutionnelle de la vie privée et familiale sur les réseaux sociaux en France, Droit‬‬
‫‪et réseaux sociaux, Laboratoire d’études juridiques et politiques, Lextenso éditions, octobre 2015, p 92.‬‬
‫�صفحة رقم ‪42‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫وب�صفتها وبت�رصفها ال�سابق ومبو�ضوع الن�رش ومبحتواه وب�شكله وكذلك يف �ضوء �سوء‬
‫[‪[[6‬‬
‫النية ومدى التعر�ض لكرامة ال�شخ�ص وامل�شاركة يف نقا�ش ذات اهتمام عام‪.‬‬
‫كما �أن االرتباط بني احلق يف اخل�صو�صية واحلق يف الو�صول �إىل املعلومات يت�ضح‬
‫من خالل حاجة املجتمع �إىل الإطالع على ن�شاطات امل�س�ؤولني واملوظفني العمومني‬
‫ملراقبتهم وتقييمهم‪ ،‬وكذلك من خالل حاجته �إىل املعلومات لأغرا�ض اال�ستفادة من‬
‫الأفكار الثقافية والإطالع على الأخبار وامل�ستجدات واال�ستمتاع باملهارات والفنون‬
‫والريا�ضة وملمار�سة املهن ال�صحافية وحق الت�أليف واالبتكار‪.‬‬
‫كما يتم موازنة حق ال�شخ�ص باخل�صو�صية مع مربرات حماية الأمن الوطني يف الدولة‬
‫جلهة ا�ستخدام املراقبة الرقمية على الأفراد لر�صد اجلرائم وتعقب مرتكبيها‪ ،‬وال�سيما‬
‫جلهة ما ين�رش على و�سائل التوا�صل االجتماعي �أو ال�ستعمالها للتوا�صل بني ال�شبكات‬
‫الإجرامية �أو الإرهابية واال�ستفادة من تقنيات الت�شفري �أو ح�رص املحتوى بنطاق �ضيق من‬
‫امل�ستخدمني‪ ،‬والتي جتعل م�ضمون االت�صال �رسي ًا‪.‬‬
‫وقد ق�ضت املحكمة الأوروبية حلقوق الإن�سان �أنه من املقبول �أن متنح الت�رشيعات الوطنية‬
‫�سلطات مراقبة على الربيد واالت�صاالت يف ظل ظروف ا�ستثنائية‪ ،‬ال�سيما منها حاالت‬
‫التج�س�س والإرهاب‪ ،‬وهذا �رضوري يف جمتمع دميقراطي من �أجل احلفاظ على الأمن‬
‫الوطني وملنع اجلرمية؛ و�أنه يجب �أن توجد �ضمانات فعالة ومالئمة �ضد التع�سف يف‬
‫[‪[[6‬‬
‫املراقبة‪.‬‬
‫يف املبد�أ‪ ،‬توجد يف معظم الدول قوانني تن�ص على خ�صو�صية الفرد جتاه باقي الأفراد‬
‫و�أي�ض ًا جتاه الدولة بالن�سبة للمعلومات اخلا�صة وال�رسية‪ ،‬وذلك يف ما يتعلق بالبيانات‬
‫ال�شخ�صية‪ ،‬وهذه القوانني تطبق على و�سائل التوا�صل االجتماعي‪.‬‬
‫وقد �أكدت املحكمة الأوروبية حلقوق الإن�سان على وجود التزام �سلبي على عاتق الدول‬
‫بعدم التدخل التع�سفي �أو غري امل�رشوع يف احلياة اخلا�صة للأ�شخا�ص ويف ر�سائلهم‪،‬‬
‫[‪[[6‬‬
‫وكذلك التزام �إيجابي يف ت�أمني احرتام احلياة اخلا�صة والعائلية‪.‬‬

‫‪[64] Fabrice Mattatia, Internet et les réseaux sociaux, que dit la loi? Eyrolles, 2ème édition, 2016, p 55.‬‬
‫‪[65]European Court of Human Rights, judgement dated 6/9/1978, Case of Klass and others v. Germany, application no‬‬
‫‪5029/71, http://hudoc.echr.coe.int/eng?i=001-57510.‬‬
‫‪[66] European Court of Human Rights, judgement dated 26/3/1985, case no 8978/80, X & Y v. the Netherlands, https://‬‬
‫‪www.crin.org/en/library/legal-database/x-and-y-v-netherlands.‬‬
‫�صفحة رقم ‪43‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫ال‪ ،‬ن�ش�أ احلق باحرتام احلياة اخلا�صة للمواطن عن قرار للمجل�س الد�ستوري‬ ‫ففي فرن�سا مث ً‬
‫الفرن�سي �صدر بتاريخ ‪ 12/1/1977‬حول تفتي�ش الآليات‪ [[6[.‬و�أ�صبحت احلياة اخلا�صة‬
‫كعن�رص من احلرية ال�شخ�صية مع قرار �آخر للمجل�س الد�ستوري الفرن�سي تاريخ‬
‫‪ 18/1/1995‬حول املراقبة بالفيديو‪ [[6[.‬ثم ّ‬
‫عدل املجل�س الد�ستوري الأ�سا�س القانوين‬
‫[‪[[6‬‬
‫للحق باحرتام احلياة اخلا�صة �إىل املادة الثانية من �إعالن حقوق الإن�سان لعام ‪.1789‬‬
‫وتن�ص املادة التا�سعة من القانون املدين الفرن�سي على �أنه لكل �شخ�ص احلق باحرتام‬
‫حياته اخلا�صة؛ وللق�ضاة‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل حق ال�شخ�ص بالتعوي�ض‪ ،‬اتخاذ جميع التدابري‬
‫مثل احلرا�سة الق�ضائية واحلجز �أو غريها ملنع �أو وقف كل تعر�ض للحياة اخلا�صة؛ وميكن‬
‫[‪[[7‬‬
‫اتخاذ هذه التدابري يف حالة العجلة ب�أمر على عري�ضة‪.‬‬
‫وقد ق�ضت حمكمة الدرجة الأوىل يف باري�س بتاريخ ‪ 6/11/2013‬ب�إلزام غوغل‪ ،‬باال�ستناد‬
‫[‪[[7‬‬
‫�إىل احلق باحلياة اخلا�صة‪ ،‬بوقف عر�ض �صور تك�شف احلياة اجلن�سية لأحد الأ�شخا�ص‪.‬‬
‫كما ق�ضت بتاريخ ‪ 31/1/2013‬ب�إدانة �شابني للقيام ب�أربعني �ساعة عمل ذات منفعة عامة‬
‫[‪[[7‬‬
‫وبغرامة ‪ 300‬يورو لرتويجهما على في�سبوك لفكرة املوت الرحيم ل�شخ�ص معاق‪.‬‬
‫و�إن بع�ض القوانني‪ ،‬مثل قانون والية �أوهايو يف الواليات املتحدة الأمريكية‪ ،‬خالف ًا‬
‫لقوانني واليات �أخرى‪ ،‬ين�ص على �أن م�شاركة �شخ�ص معلوماته مع بع�ض الأ�شخا�ص‬
‫ينزع توقعاته يف ال�رسية عن هذه املعلومات‪ .‬لكن الإ�شكالية تتمحور حول فكرة �أن‬
‫اعتبار حدث معني لي�س �رسي ًا ب�شكل كامل ال يعني �أن ال م�صلحة للفرد يف تقييد �إف�شاء‬
‫املعلومات‪ .‬ويعني ذلك حماية الأ�شخا�ص الذين ي�شاركون معلوماتهم ال�شخ�صية على‬
‫مواقع التوا�صل االجتماعي مع الغري من واقع ر�ؤية هذه املعلومات تُف�شى للجمهور‬
‫دون موافقتهم‪ .‬ويقرتح البع�ض حتديد توقعات ال�شخ�ص باخل�صو�صية من خالل احتمال‬
‫ن�رش املعلومات لعدد من الأ�شخا�ص يتجاوز حجم �شبكته االجتماعية‪� ،‬أي على موقع‬

‫‪[67] Conseil Constitutionnel, 12/1/1977, Fouille des véhicules, n 76-75 DC, Rec., p 23.‬‬
‫‪[68] Conseil Constitutionnel, 18/1/1995, Vidéosurveillance, déc, n 94-352 D, Rec., p 170.‬‬
‫‪[69] Conseil Constitutionnel, 21/12/1999, Loi de financement de la sécurité sociale pour 2000, DCC n 99-422, JORF‬‬
‫‪30/12/1999, p 19730.‬‬
‫‪[70] L’article 9 du code civil dispose que : « Chacun a droit au respect de sa vie privée. Les juges peuvent, sans préjudice‬‬
‫‪de la réparation du dommage subi, prescrire toutes mesures, telles que séquestre, saisie et autres, propres à empêcher‬‬
‫‪ou faire cesser une atteinte à l›intimité de la vie privée : ces mesures peuvent, s›il y a urgence, être ordonnées en‬‬
‫‪référé».‬‬
‫‪[71] TGI Paris, 6/11/2013, cité par: Fabrice Mattatia, Internet et les réseaux sociaux, que dit la loi? Eyrolles, 2ème‬‬
‫‪édition, 2016, p 14.‬‬
‫‪[72] TGI Paris, 31/1/2013, cité par: Fabrice Mattatia, Internet et les réseaux sociaux, que dit la loi? Eyrolles, 2ème‬‬
‫‪édition, 2016, p 24.‬‬
‫�صفحة رقم ‪44‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫كفي�سبوك عدد امل�ستخدمني الذين �أجاز لهم امل�ستخدم ر�ؤية بياناته ال�شخ�صية‪ .‬فعلى‬
‫�شبكات التوا�صل االجتماعي كفي�سبوك‪ ،‬ت�ستعمل �إعدادات ال�رسية من قبل امل�ستخدم‬
‫حل�رص الو�صول �إىل بياناته على جمموعة معنية من امل�ستخدمني‪ .‬وهذه ت�شكل تعبري‬
‫مالئم عمن يريد امل�ستخدم م�شاركة بياناته ال�شخ�صية معه‪ ،‬ولأي مدى يريد ن�رش بياناته‬
‫ال�شخ�صية‪ .‬و�أي و�صول غري م�رصح به من قبل الغري لتفادي �إعدادات اخل�صو�صية املعينة‬
‫من قبل امل�ستخدم ي�شكل خمالف ًة لتوقعاته املنطقية باخل�صو�صية‪ .‬ويعتقد ب�شكل خاطئ‬
‫الكثري من امل�ستخدمني على مواقع التوا�صل االجتماعي انه ي�صل لبياناته ال�شخ�صية‬
‫[‪[[7‬‬
‫�أع�ضاء العائلة والأ�صدقاء فقط‪.‬‬
‫وقد ق�ضي يف العام ‪ 2004‬بتغرمي عامل يف �إحدى الكنائ�س ال�سويدية لن�رش معلومات‬
‫[‪[[7‬‬
‫حول رعية الكنائ�س الأخرى على الإنرتنت دون �أخذ �إذنهم‪.‬‬
‫بالن�سبة للخ�صو�صية يف الواليات املتحدة الأمريكية‪ ،‬يقت�ضي التمييز بني احلق يف‬
‫اخل�صو�صية "‪ "the right of privacy‬الذي ي�شكل موجب �إيجابي على عاتق الدولة‬
‫وهو يدخل �ضمن القانون الد�ستوري ويحمي الأ�شخا�ص بوجه الأ�شخا�ص العامني‬
‫(القطاع العام)‪� .‬أما "احلق برتك ال�شخ�ص لوحده" "‪ "the right to be left alone‬هو‬
‫موجب �سلبي على عاتق الدولة بعدم التدخل يف حياة ال�شخ�ص اخلا�صة‪ ،‬وهو ي�شكل‬
‫[‪[[7‬‬
‫�أ�سا�س للم�س�ؤولية املدنية‪.‬‬
‫وتطبق املحكمة العليا التعديل الرابع للد�ستور الذي يحمي الأ�شخا�ص من التفت�شيات‬
‫واحلجوزات غري املعقولة‪ .‬وقد ف�سرّ ت املحكمة هذا التعديل منذ البداية ب�أن انتهاك‬
‫اخل�صو�صية يح�صل فقط بطريقة مادية �أو ملمو�سة‪ .‬لقد اعتربت املحكمة العليا يف‬
‫الواليات املتحدة الأمريكية �أن تركيب جهاز من قبل �رشكة الهاتف لتعقب املكاملات‬
‫الهاتفية ال�صادرة عن ال�شخ�ص ال ي�شكل "تفتي�ش" من �ش�أنه انتهاك توقعات املدعي‬
‫املعقولة باخل�صو�صية‪ .‬وهذا ما يعطي احلق لل�سلطات احلكومية بالبحث يف ت�سجيالت‬
‫الأ�شخا�ص الثالثني مثل في�سبوك وغريها‪� .‬إال �أن املحاكم يف الواليات مل تتقيد بهذه‬

‫‪[73] Christopher F. Spinelli, Social Media: No ‘Friend’ of Personal Privacy, The Elon Journal of Undergraduate‬‬
‫‪Research in Communications, Vol 1, No 2, Fall 2010, p 67.‬‬
‫‪[74] Marly Didizian, Social media and the law: A handbook for UK companies, January 2014, http://www.linklaters.‬‬
‫‪com/pdfs/mkt/london/TMT-Social-Media-Report.pdf, p 19.‬‬
‫‪[75] Guillaume Florimond, Droit et Internet, De la logique internationaliste à la logique réaliste, Bibliothèque des‬‬
‫‪thèses, Editions Mare & martin, 2016, p 331.‬‬
‫�صفحة رقم ‪45‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫[‪[[7‬‬
‫الوجهة يف ما يتعلق اخل�صو�صية �إ�ستناداً �إىل د�ستور الوالية ذاته‪.‬‬
‫ولي�س من املنطقي واملتوقع من املحاكم �أن تعيد تف�سري القوانني اخلا�صة باخل�صو�صية‪،‬‬
‫بل يتوجب على امل�رشع �أن يبتكر قوانني جديدة للخ�صو�صية على و�سائل التوا�صل‬
‫االجتماعي امل�ستجدة‪.‬‬
‫باملجمل‪ ،‬ال يتبني �أن القوانني الوطنية الأوروبية‪ ،‬التي حتاول تطبيقها بع�ض الدول‬
‫الأوروبية على و�سائل التوا�صل االجتماعي‪ ،‬حتمي م�سائل اخل�صو�صية على مواقع‬
‫التوا�صل االجتماعي �أكرث مما تفعله القوانني الأمريكية‪ .‬ولعل البيئة التنظيمية املعادية‬
‫جلهة املنع الوا�سع لتقنيات معاجلة البيانات ال�شخ�صية يف �أوروبا ي�شكل رادع ًا للمقاولني‬
‫[‪[[7‬‬
‫وللم�ستثمرين‪.‬‬

‫اخل�صو�صية من خالل التحكم بالإعدادات على و�سيلة التوا�صل االجتماعي‬


‫ميكن التحكم على و�سائل التوا�صل االجتماعي ب�إعدادات اخل�صو�صية‪ ،‬وهي مت�شابهة‬
‫عليها‪ .‬فهي ت�شمل من ي�ستطيع ر�ؤية ال�سرية الذاتية للم�ستخدم ومن ميكنه الإطالع على‬
‫ما ي�شاركه مع الغري ومن ي�ستطيع االت�صال به وما �إذا كان موقعه اجلغرايف يبقي �رسي ًا �أم‬
‫ال‪.‬‬
‫التالية‪”Who can see my stuff?“:‬‬ ‫على موقع في�سبوك ميكن �إجراء الإعدادات‬
‫اخليارات تت�ضمن (‪ .)Public, Friends, Only Me, and Custom‬وميكن �أي�ض ًا‬
‫اختيار من ميكنه االت�صال بك “?‪ .”Who can contact me‬وميكن على و�سائل‬
‫التوا�صل االجتماعي الأخرى البحث عن �إعدادات اخل�صو�صية مثل توتري حتت عنوان‬
‫“‪� ”Security and Privacy Settings‬أو غريها من العناوين امل�شابهة‪ .‬كما ميكن على‬
‫تويرت من خالل عدم اختيار خا�صية �أو وظيفة "‪� "Add a location to my Tweets‬إبقاء‬
‫موقعك اجلغرايف �رسي‪ .‬كما ميكن حمو املعلومات املتعلقة مبواقعك اجلغرافية ال�سابقة يف‬
‫ذات املنطقة‪ .‬وقد عمدت بع�ض اجلامعات �أو امل�ؤ�س�سات �إىل ن�رش تعليمات وتوجيهات‬
‫بخ�صو�ص �إعدادات اخل�صو�صية على مواقعها‪ ،‬نذكر منها جامعة تك�سا�س[‪ [[7‬بالن�سبة‬
‫‪[76] Christopher F. Spinelli, Social Media: No ‘Friend’ of Personal Privacy, The Elon Journal of Undergraduate‬‬
‫‪Research in Communications, Vol 1, No 2, Fall 2010, p 61.‬‬
‫‪[77] Lothar Determann, Social Media Privacy: A Dozen Myths and Facts, 2012 STANFORD TECHNOLOGY LAW‬‬
‫‪REVIEW. 7, http://stlr.stanford.edu/pdf/determann-socialmediaprivacy.pdf, p 6.‬‬
‫‪[78] https://identity.utexas.edu/everyone/how-to-manage-your-social-media-privacy-settings.‬‬
‫�صفحة رقم ‪46‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫لو�سائل التوا�صل االجتماعي في�سبوك وتوتري و�إن�ستاغرام ولينكد �إن وغريها‪.‬‬


‫�إن �إعدادات اخل�صو�صية تطبق بالن�سبة للم�ستقبل‪ ،‬ولي�س على �أية �صور �أو تغريدات‬
‫�سبق �أن ن�رشها امل�ستخدم يف املا�ضي‪ ،‬وقد يعطي ذلك �شعور بالأمان للم�ستخدم‪ ،‬لكنه‬
‫خاطئ‪� ،‬إذ يعود ملن �سبق �أن �شاركه امل�ستخدم معلوماته قبل تعديل �إعدادات اخل�صو�صية‬
‫�أن ي�ستغل هذه املعلومات ويعيد م�شاركتها مع الغري دون موافقة امل�ستخدم‪ .‬كما �أن‬
‫بع�ض املعلومات تبقى ظاهرة دوم ًا للجمهور ب�رصف النظر عن �إعدادات اخل�صو�صية‬
‫مثل على موقع في�سبوك‪ :‬اال�سم و�صورة الربوفايل ‪ profile photo‬و�صورة املجلد‬
‫‪ Cover photo‬واجلن�س وال�شبكات وا�سم امل�ستخدم‪� ...‬إن�ستغرام ي�سمح ب�إبقاء �صور‬
‫امل�ستخدم �رسية لكنه يتيح لأي م�ستخدم �آخر قراءة ال�سرية الذاتية للم�ستخدم الأول‬
‫[‪[[7‬‬
‫وب�إر�سال �صورة �أو فيديو له مبا�رش ًة‪.‬‬
‫على وات�س �أب‪ ،‬تكون �إعدادات اخل�صو�صية املقررة �سلف ًا و�آلي ًا ‪ by default‬لأي م�ستخدم‬
‫ت�سمح لأي م�ستخدم �آخر بر�ؤية �آخر دخول للم�ستخدم الأول ‪ last seen‬و�صورة �سريته‬
‫‪ profile photo‬وحالته ‪ .status‬وميكن للم�ستخدم تعديل هذه الإعدادات من خالل‬
‫‪ ،Menu Button > Settings > Account >Privacy‬بحيث يختار امل�ستخدم من‬
‫ميكنه ر�ؤية املعلومات املذكورة عنه‪� :‬أي م�ستخدم (اجلمهور) (‪،)Everyone Public‬‬
‫�أو الئحة معارفه فقط ‪� ،My contacts‬أو ال �أحد ‪ .)Nobody) Private‬كما ميكن‬
‫للم�ستخدم وقف ‪ block‬الر�سائل واالت�صاالت الواردة من م�ستخدم �آخر‪.‬‬
‫وميكن موقع في�سبوك امل�ستخدم من جتميع �أ�صدقائه �ضمن فئات وحتديد خ�صائ�ص‬ ‫ّ‬
‫خمتلفة و�إعدادات بالن�سبة للخ�صو�صية لكل من هذه الفئات‪ .‬ولكن هذا الأمر لي�س‬
‫بال�شيء ال�سهل‪ ،‬وقد يكون مهمة �شاقة‪ ،‬وال�سيما يف �ضوء كرب عدد الأ�صدقاء وحتديد‬
‫املعيار الذي على �أ�سا�سه يتم التجميع‪ ،‬و�إمكانية عدم و�ضع "�أ�صدقاء" معينني �ضمن �أي‬
‫من الفئات �أو ان�ضوائهم �ضمن عدة فئات‪ ،‬ويف �ضوء مدى جدوى التجميع بالن�سبة‬
‫لإعدادات اخل�صو�صية على املوقع‪ .‬يف الواقع‪ ،‬ي�صعب �ضبط من يرى املعلومات‬
‫املن�شورة على و�سائل التوا�صل االجتماعي بالنظر للعدد الهائل للم�ستخدمني على هذه‬
‫الو�سائل وازديادهم امل�ستمر والت�ساع مفهوم "الأ�صدقاء"‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل �أن العديد من‬

‫‪[79] Social media and online video privacy, Seminar lesson plan and class activities, A Consumer Action Publication,‬‬
‫‪www.consumer-action.org, p 6.‬‬
‫�صفحة رقم ‪47‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫[‪[[8‬‬
‫امل�ستخدمني يهملون و�ضع �إعدادات اخل�صو�صية بالنظر لتعقيداتها و�صعوبة �إجرائها‪.‬‬
‫ونرى �أن الكثري من امل�ستخدمني‪ ،‬و�إن كانوا يعلنون عن حر�صهم على خ�صو�صيتهم‪ ،‬ال‬
‫يقومون مبا هو مطلوب منهم جلهة �إعدادات اخل�صو�صية على مواقع التوا�صل االجتماعي‬
‫ل�ضمان هذه اخل�صو�صية‪ .‬بالإ�ضافة �إىل ذلك‪ ،‬قد يهمل م�ستخدمون كرث �إجراء هذه‬
‫الإعدادات �أو ال يهتمون �أ�ص ً‬
‫ال بها العتقادهم �أن ما ين�رشونه لي�س بذي �أهمية وال ي�شكل‬
‫خطراً عليهم �أو لرغبتهم يف ن�رش �صورهم وتعليقاتهم للجمهور ولأكرب عدد من النا�س‬
‫رغب ًة بالتباهي مبا ميلكونه �أو مبواهبهم �أو ب�شكلهم‪.‬‬
‫ويبدو �أن �أغلبية م�ستخدمي و�سائل التوا�صل االجتماعي ال يح�سنون �ضبط �إعدادات‬
‫اخل�صو�صية‪.‬‬
‫ويف هذا ال�سياق‪ ،‬تفح�ص في�سبوك يف كانون الأول من العام ‪� 2009‬إعدادات‬
‫اخل�صو�صية لكل م�ستخدم و�أعادها �إىل الإعدادات املعتادة �أو الأ�صلية ‪.Default‬‬
‫ووجد في�سبوك �أن فقط ‪ 35%‬من امل�ستخدمني قد قر�أوا الإعالن عن هذا التعديل وغريوا‬
‫�إعدادات اخل�صو�صية العائدة لهم‪ ،‬يف حني �أن ‪ 65%‬من امل�ستخدمني ال يعون ملن تذهب‬
‫[‪[[8‬‬
‫معلوماتهم‪.‬‬
‫ويف ت�رشين الثاين عام ‪ ،2011‬بعد مراجعات من قبل جمعيات الدفاع عن احلياة اخلا�صة‪،‬‬
‫مت �إبرام اتفاق بني في�سبوك وبني جلنة التجارة الفيدرالية‪ ،‬حيث التزم في�سبوك باحل�صول‬
‫على املوافقة ال�رصيحة والإيجابية للم�ستهلكني قبل ن�رش تعديالت تلغي �إعداداتهم‬
‫للخ�صو�صية‪ ،‬وعلى وقف الو�صول �إىل بيانات امل�ستخدم بعد انق�ضاء ‪ 30‬يوم على �إلغاء‬
‫[‪[[8‬‬
‫ح�سابه على في�سبوك‪.‬‬
‫وميكن القول �أن جعل �إعدادات احل�ساب على موقع التوا�صل االجتماعي‪ ،‬بكون‬
‫التعليقات وال�صور ال تظهر �إال للأ�صدقاء‪ ،‬حمدودة الآثار‪� ،‬إذ �أنه ميكن �إعادة توجيه‬
‫التعليقات وال�صور املن�شورة �إىل الغري كما ميكن ن�سخها‪ .‬كما ميكن �أن يكون عدد‬
‫الأ�صدقاء كبري جداً‪ ،‬باملئات‪ ،‬مما يجعل اخل�صو�صية معر�ضة لالنتهاك‪ .‬ويف مثال‪� ،‬أقدم‬
‫‪[80] Fabeah Adu-Oppong, Casey K. Gardiner, Apu Kapadia, Patrick P. Tsang, Social Circles: Tackling Privacy in Social‬‬
‫‪Networks, Department of Computer Science, Institute for Security Technology Studies, Dartmouth College, Hanover,‬‬
‫‪USA Hanover, https://www.cs.indiana.edu/~kapadia/papers/socialcircles_poster.pdf, p 1.‬‬
‫‪[81] Christopher F. Spinelli, Social Media: No ‘Friend’ of Personal Privacy, The Elon Journal of Undergraduate‬‬
‫‪Research in Communications, Vol 1, No 2, Fall 2010, p 62, 63.‬‬
‫‪[82] Céline Castets -Renard, Droit de l’Internet: Droit français et européen, 2ème edition, Montchrestien, Lextenso‬‬
‫‪éditions, 2012, p .81.‬‬
‫�صفحة رقم ‪48‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫موظف يف �إنكلرتا على �إر�سال ر�سالة بريد �إلكرتوين ذات حمتوى جن�سي وعن�رصي �إىل‬
‫�شخ�ص �آخر‪ ،‬والذي �أر�سله �إىل �شخ�ص ثالث ولكن �إىل الربيد الإلكرتوين للعمل‪ ،‬مما �سمح‬
‫ل�صاحب العمل بر�ؤيته و�رصف املوظف لهذا ال�سبب من العمل‪ .‬ويف معظم احلاالت‪،‬‬
‫يعلم �صاحب العمل باملحتوى غري امل�رشوع املن�شور على و�سائل التوا�صل االجتماعي‬
‫[‪[[8‬‬
‫من خالل "�أ�صدقاء" �صاحب احل�ساب املعني‪ ،‬والذين يرون كل �شيء عليه‪.‬‬
‫وقد يظن البع�ض �أن ما ين�رشه على في�سبوك هو خا�ص و�أنه �أح�سن �ضبط �إعدادات‬
‫اخل�صو�صية‪ ،‬لكنه يكت�شف الحق ًا من الغري �أنه عام ومرئي من قبل اجلمهور‪ .‬ويرى البع�ض‬
‫�أن �رشوط ا�ستخدام املوقع املحددة من قبل في�سبوك هي ملتب�سة وحتتمل عدة تف�سريات‬
‫و�أن املوقع لي�س دميقراطي ًا كما يوحي‪ ،‬وال يعطي القدرة على التحكم للم�ستخدمني‬
‫وهو ي�ستعمل تعابري قانونية تقنية غري مفهومة من قبل اجلمهور العادي‪ ،‬وتكون �سيا�سة‬
‫اخل�صو�صية محُ ا ًال �إليها ولي�ست مذكورة �ضمن امل�ستند ذاته لت�سهيل مراجعتها‪ .‬وي�ستغل‬
‫م�شغلو مواقع التوا�صل االجتماعي عدم وعي امل�ستخدمني حول �رشوط اخل�صو�صية‬
‫ومكان ال�ضعف فيها لتحقيق �أرباح مادية‪ ،‬فكلما كان عدد ال�سريات الذاتية املفتوحة‬
‫للجمهور �أكرب كلما �أقدم املعلنون �أكرث على ا�ستخدام املوقع‪ .‬و�إن �إعدادات اخل�صو�صية‬
‫الأ�صلية ت�سمح لل�رشكات بر�ؤية اهتمامات ال�شخ�ص وهواياته‪ ...‬وبالتايل ت�سويق �سلع‬
‫[‪[[8‬‬
‫معينة لأفراد حمددين‪.‬‬

‫طرق التعر�ض للخ�صو�صية على و�سائل التوا�صل االجتماعي‬


‫تتعدد طرق انتهاك اخل�صو�صية على و�سائل التوا�صل االجتماعي بدءاً من �سوء �سلوك‬
‫امل�ستخدم ذاته‪� ،‬إىل �سيا�سة هذه الو�سائل ذاتها التي تغ ّلب امل�صلحة التجارية‪� ،‬إىل طبيعة‬
‫هذه الو�سائل التي ت�سمح ب�إن�شاء �شبكات اجتماعية مرتابطة بحث يتم الن�رش �ضمن �شبكة‬
‫�أوىل و�إعادة الن�رش والإف�شاء على �شبكة ثانية‪� ،‬إىل قدرة الغري على التحايل على �إعدادات‬
‫اخل�صو�صية من خالل ا�ستعمال ح�ساب م�ستخدم �آخر ب�شكل غري م�رشوع للو�صول �إىل‬
‫املعلومات املن�شورة من قبل �أ�صدقاء الأخري واملفتوحة لهم فقط‪� ،‬إىل الو�سائل التقنية التي‬
‫يلج�أ �إليها الغري لالخرتاق‪.‬‬
‫‪[83] Nicola Rabson, Social media and the law: A handbook for UK companies, January 2014, http://www.linklaters.‬‬
‫‪com/pdfs/mkt/london/TMT-Social-Media-Report.pdf, p 10.‬‬
‫‪[84] Christopher F. Spinelli, Social Media: No ‘Friend’ of Personal Privacy, The Elon Journal of Undergraduate‬‬
‫‪Research in Communications, Vol 1, No 2, Fall 2010, p 62, 63.‬‬
‫�صفحة رقم ‪49‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫ومبا ي�شكل �أي�ض ًا تعر�ض للخ�صو�صية‪ ،‬تدمج و�سائل التوا�صل االجتماعي املحتوى العائد‬
‫لأ�شخا�ص ثالثني يف مواقع �إلكرتونية �أخرى وتعطي �أ�شخا�ص ثالثني �أي�ض ًا حق الو�صول‬
‫�إىل معلومات امل�ستخدمني‪.‬‬
‫وقد �أثبتت درا�سة حول ح�سابات طالب على موقع في�سبوك �أن ‪ 88,8%‬يف�شون كامل‬
‫تاريخ والدتهم وجن�سهم لو�سيلة التوا�صل االجتماعي‪ ،‬وين�رش �أي�ض ًا ‪ 45,8%‬منهم عنوان‬
‫�سكنهم‪ .‬وهذه املعلومات هي كافية لتحديد هوية ال�شخ�ص حتى يف حال �إزالة اال�سم‪.‬‬
‫و�إن التعر�ض للخ�صو�صية ي�ؤثر على امل�ستخدمني ولكنه ي�ؤثر �أي�ض ًا على م�شغلي مواقع‬
‫التوا�صل االجتماعي‪ ،‬ففي حال ا�ستطاع املعلنون ب�شكل م�ستقل حتديد امل�ستخدمني‬
‫[‪[[8‬‬
‫املرغوبني من قبلهم‪ ،‬ف�ست�ضعف �أهمية دور و�سيلة التوا�صل االجتماعي كو�سيط‪.‬‬
‫ويتبني بالفعل �أن مواقع التوا�صل االجتماعي عاد ًة تف�شي معلومات �شخ�صية من خالل‬
‫ال�سريات الذاتية وال�صور والأفالم والقدرة على �إر�سال ر�سائل للأ�صدقاء والعائلة‬
‫والزمالء واملعارف‪ .‬وهذه اخلدمات �أثارت خماوف كبرية حول خ�صو�صية امل�ستخدمني‬
‫على هذه املواقع‪.‬‬
‫يف هذا ال�سياق �أي�ض ًا‪ ،‬يبدو �أن النق�ص يف الأنظمة على مواقع التوا�صل االجتماعي مثل‬
‫في�سبوك �أدى �إىل نتائج �سلبية‪ .‬فقد �أظهرت هذه املواقع عدم قدرة على حفظ املعلومات‬
‫التي يعتقد �أنها �رسية وعدم و�صولها �إىل الغري‪ .‬وقد يلج�أ الغري �إىل و�سائل ال تبدو �رشعية‪،‬‬
‫مثل ا�ستعمال ح�سابات بع�ض امل�ستخدمني الآخرين والذين هم على عالقة "�صداقة" مع‬
‫ال�شخ�ص الذي يتم التحري عنه �أو �أنهم يف ذات ال�شبكة االجتماعية مع الأخري‪ .‬وبالتايل‬
‫يعمد الغري بهذه الطريقة لتخطي �إعدادات اخل�صو�صية للأ�شخا�ص على مواقع التوا�صل‬
‫االجتماعي‪ .‬بالإ�ضافة �إىل ذلك‪ ،‬يوجد طريقة �أخرى للو�صول �إىل �سريات امل�ستخدمني‬
‫الذاتية على موقع في�سبوك عرب اخرتاق قاعدة بياناته‪ .‬وقد متكن طالب يف جامعة �أم‬
‫�أي تي ‪ MIT‬من الو�صول �إىل ‪� 70‬ألف �سرية على موقع الفي�سبوك من خالل برنامج‬
‫معلوماتي ابتكروه‪ .‬وبالتايل‪ ،‬من املنطقي القول �أنه من غري ال�صعب على فنيني حمرتفني‬
‫[‪[[8‬‬
‫تفادي وجتاوز �إعدادات اخل�صو�صية ملوقع في�سبوك‪.‬‬

‫‪[85] Adrienne Felt, David Evans, Privacy Protection for Social Networking APIs, University of Virginia Charlottesville,‬‬
‫‪VA, http://www.cs.virginia.edu/~evans/pubs/proxy/privacybyproxy.pdf, p 1.‬‬
‫‪[86] Christopher F. Spinelli, Social Media: No ‘Friend’ of Personal Privacy, The Elon Journal of Undergraduate‬‬
‫‪Research in Communications, Vol 1, No 2, Fall 2010, p 66.‬‬
‫�صفحة رقم ‪50‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫ويقت�ضي الإ�شارة �إىل �أن العلنية هي عدو اخل�صو�صية مبعنى �أن ما يكون علني ًا على و�سائل‬
‫التوا�صل االجتماعي ال يحرتم بطبيعة احلال خ�صو�صية الفرد‪.‬‬
‫ويعترب‪ ،‬من قبيل الن�رش العلني‪ ،‬ن�رش املحتوى على حائط "‪ "Wall‬على في�سبوك املوجه‬
‫للأ�صدقاء وكذلك �أ�صدقاء الأ�صدقاء‪� .‬أما بالن�سبة للن�رش على �صفحة امل�ستخدم على‬
‫في�سبوك املوجه فقط للأ�صدقاء‪ ،‬فيقت�ضي التمييز وفق عدد الأ�صدقاء‪ ،‬ف�إذا كان هذا العدد‬
‫باملئات فيعد الن�رش علني ًا‪ ،‬لكن البع�ض انتقد ذلك‪ .‬وبالن�سبة لتويرت‪ ،‬الذي ي�سمح لغري‬
‫املنت�سبني �إليه بقراءة التغريدات عليه بعك�س في�سبوك الذي يحد و�صول غري املنت�سبني �إليه‬
‫لبع�ض املعلومات فقط حول منت�سبيه‪ .‬وميكن بالتايل اعتبار التغريدات على توتري علنية‪.‬‬
‫وقد اعتربت حمكمة اال�ستئناف يف باري�س �أن و�ضع عبارات قدح وذم على �شبكة‬
‫الإنرتنت موجهة لعدد غري حمدد من الأ�شخا�ص غري مرتبطني باهتمامات م�شرتكة‬
‫[‪[[8‬‬
‫ي�شكل فعل ن�رش علني‪.‬‬
‫و�إن ت�صنيف ح�ساب على و�سيلة توا�صل اجتماعي كعام (علني) �أو خا�ص يختلف‪،‬‬
‫وفق االجتهاد الفرن�سي‪ ،‬وفق �إعدادات الو�صول ملا هو من�شور وعدد املعارف ووجود‬
‫جتمع للم�ستخدمني ذات اهتمامات �أو انتماءات �أو �أهداف م�شرتكة (�أي �أن اجلمهور‬
‫[‪[[8‬‬
‫حمدد)‪.‬‬
‫و�إن امل�ستخدم ب�إطالق الت�رصيحات ب�شكل علني على موقع التوا�صل االجتماعي‬
‫في�سبوك‪ ،‬يكون قد تخلى عن �أي حق باعتبار هذه الت�رصيحات كخا�صة‪.‬‬
‫ومن مظاهر عدم اخل�صو�صية على توتري �أن تغريدة "‪� "tweet‬صادرة عن م�ستخدم معني‬
‫مل�ستخدم �آخر قد يعيد توجيهها "‪ "re-tweet‬الأخري �إىل متابعيه مما ي�سمح بر�ؤيتها من‬
‫قبلهم‪ ،‬وهكذا دواليك تر�سل من قبل املتابعني املذكورين لعدد كبري �آخر من امل�ستخدمني‪،‬‬
‫�إىل درجة �أن تغريدة لعدد �صغري من امل�ستخدمني قد تنتهي بكونها ظاهرة لعدد كبري‬
‫من النا�س‪ ،‬و�إىل �أن ت�صبح متكررة و�شائعة فيدرجها توتري يف الئحة "التوجهات" (�أي‬
‫[‪[[8‬‬
‫"‪ )"trending‬الظاهرة جلميع م�ستخدمي تويرت‪.‬‬
‫‪[87] Cour d’appel de Paris, 9/3/2011, cité dans: Emmanuel Derieux, Agnès Granchet, Réseaux sociaux en ligne, Aspects‬‬
‫‪juridiques et déontologiques, Lamy, 2013, p 20..‬‬
‫‪[88] Valérie Ndior, Le réseau social: essai d’identification et de qualification, Droit et réseaux sociaux, Laboratoire‬‬
‫‪d’études juridiques et politiques, Lextenso éditions, octobre 2015, p 22. - Cassation, 1ére chambre civile, 10/4/2013,‬‬
‫‪Mme Catherine/ Maria-Rosa n 11-19.530.‬‬
‫‪[89] Peter Coe, The social media paradox: an intersection with freedom of expression and the criminal law, http://www.‬‬
‫‪tandfonline.com/doi/abs/10.1080/13600834.2015.1004242?journalCode=cict20, p 15.‬‬
‫�صفحة رقم ‪51‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫وقد اعترب البع�ض �أن مفهوم امل�ساحة اخلا�صة على و�سائل التوا�صل االجتماعي‪،‬‬
‫كفي�سبوك‪ ،‬مل يعد لها معنى بالنظر لطبيعة هذه الو�سائل‪ .‬فهذه الو�سائل هي �أدوات‬
‫لالت�صال حيث ميكن لكل م�ستخدم �إعادة �إر�سال املحتوى �أو املعلومات التي يتلقاها‪.‬‬
‫فما نقوله لأ�صدقائنا عليها ميكن نقله �إىل �أ�صدقاء الأ�صدقاء وهكذا دواليك دون وجود‬
‫[‪[[9‬‬
‫طريقة فعالة للتحكم‪.‬‬
‫ومن خالل �إعدادات اخل�صو�صية على مواقع التوا�صل االجتماعي‪ ،‬ي�ستطيع امل�ستخدمون‬
‫�إن�شاء توقعات معقولة للخ�صو�صية‪ .‬توقعات امل�ستخدمني يف ما يتعلق باخل�صو�صية هي‬
‫مبنية على العالقات‪ ،‬وال�سيما عالقة ال�صداقة التي تعطي امتياز الو�صول �إىل البيانات‬
‫ال�شخ�صية‪.‬‬
‫وتتطلب عالقة ال�صداقة على مواقع التوا�صل االجتماعي القبول من قبل الطرفني‪،‬‬
‫وبع�ض املواقع الإلكرتونية قد تعطي امتياز الو�صول �إىل املعلومات �إىل امل�ستوى الثاين‬
‫�أو الثالث من العالقات‪ .‬وقد يرتبط حق الو�صول �إىل البيانات ال�شخ�صية يف مواقع‬
‫التوا�صل االجتماعي باالنت�ساب �إىل مدر�سة معينة �أو منطقة معينة‪ .‬وتوفر و�سائل‬
‫التوا�صل االجتماعي بع�ص عنا�رص البيانات ال�شخ�صية (كاال�سم وامل�ؤ�س�سة املنت�سب‬
‫�إليها‪ )...‬لتكون مرئية من قبل اجلمهور ب�صورة تلقائية‪ ،‬كما تتيح للم�ستخدم ب�أن يو�سع‬
‫�أو ي�ضيق تعريفه للبيانات املفتوحة للجمهور‪ .‬ويكون للم�ستخدمني توقعات عالية‬
‫للخ�صو�صية على و�سائل التوا�صل االجتماعي وب�أن على هذه الو�سائل م�س�ؤولية حلماية‬
‫[‪[[9‬‬
‫بياناتهم ال�شخ�صية‪.‬‬
‫ولتقدير مدى علنية ح�ساب على في�سبوك �أو خ�صو�صيته‪ ،‬ا�ستنبط �أي�ض ًا الق�ضاة يف‬
‫الواليات املتحدة الأمريكية مفهوم ‪ opt-in‬و‪ opt-out‬بالن�سبة لو�سائل التوا�صل‬
‫االجتماعي‪ ،‬وذلك من خالل حتديد مدى �سهولة قيام امل�ستخدم بتفعيل �إعدادات‬
‫[‪[[9‬‬
‫اخل�صو�صية العائدة حل�سابه ومدى �إمكانية ر�ؤية هذه الإعدادات من قبل امل�ستخدم‪.‬‬
‫ال وجود �إعدادات معينة للخ�صو�صية ب�شكل تلقائي عند‬ ‫فخا�صية ‪ Opt-out‬تعني مث ً‬

‫‪[90] Christiane Féral- Schuhl, cité par: Emmanuel Derieux, Agnès Granchet, Réseaux sociaux en ligne, Aspects‬‬
‫‪juridiques et déontologiques, Lamy, 2013, p 20.‬‬
‫‪[91] Adrienne Felt, David Evans, Privacy Protection for Social Networking APIs, University of Virginia Charlottesville,‬‬
‫‪VA, http://www.cs.virginia.edu/~evans/pubs/proxy/privacybyproxy.pdf, p 3.‬‬
‫‪[92] Valérie Ndior, Le réseau social: essai d’identification et de qualification, Droit et réseaux sociaux, Laboratoire‬‬
‫‪d’études juridiques et politiques, Lextenso éditions, octobre 2015, p 27. - Supreme Court USA, 4/11/2013, Megan Mark/‬‬
‫‪Sean Lane.‬‬
‫�صفحة رقم ‪52‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫فتح احل�ساب على و�سيلة التوا�صل االجتماعي‪ ،‬وعلى امل�ستخدم هو تغيريها و�إال تطبق‬
‫عليه‪.‬‬
‫من الناحية التقنية و�إمكانية االخرتاق‪ ،‬تعطي بع�ض التطبيقات املعلوماتية ‪applications‬‬
‫الأ�شخا�ص الثالثني �إمكانية الو�صول �إىل بيانات امل�ستخدمني التي ال تكون متوافرة من‬
‫خالل �شا�شة امل�ستخدم العادية‪ .‬وهذه الربجميات ت�سمح للأ�شخا�ص الثالثني بالو�صول �إىل‬
‫املعلومات اخلا�صة بامل�ستخدمني الذين يقومون بتنزيل برامج على حا�سوبهم ال�شخ�صي‪.‬‬
‫فامل�ستخدمني ال ي�ستطيعون �إ�ضافة تطبيق معلوماتي �إال عرب منحه الإذن بالو�صول �إىل‬
‫بياناتهم وبيانات �أ�صدقائهم �أي�ض ًا �أحيان ًا‪ .‬وهكذا ي�ستطيع مطورو الربجميات ر�ؤية‬
‫بيانات امل�ستخدمني التي ال ميكنهم الو�صول �إليها ب�صورة عادية كونهم لي�سوا �أ�صدقاء‬
‫للأ�شخا�ص املعنيني‪ .‬والعالقة هنا بخالف عالقة ال�صداقة لي�س �شفافة وال متوازنة‪ ،‬فال‬
‫يعرف امل�ستخدم هوية �صاحب التطبيق الذي ف ّعله‪ .‬وعلى و�سائل التوا�صل االجتماعي‬
‫�أن تنبه امل�ستخدم كل مرة يقوم بتنزيل تطبيق ما‪ .‬لكن‪ ،‬تقنية ت�أمني اخل�صو�صية عرب‬
‫الربوك�سي ‪ Privacy-by-proxy‬ال توفر �أي بيانات �شخ�صية ملطوري برجميات‬
‫الكمبيوتر‪ .‬فالتطبيقات املعلوماتية تعر�ض املعلومات للم�ستخدمني عرب ا�ستخدام �أثر �أو‬
‫معلم خا�ص ‪ .tag‬لغة الربجميات ‪ markup language‬تت�ضمن معامل �أو �آثار لتجهيل‬
‫[‪[[9‬‬
‫بيانات امل�ستخدمني ومعاجلة املدخالت دون تقدمي بيانات خا�صة للتطبيق‪.‬‬

‫الأفعال التي تتعر�ض للخ�صو�صية على و�سائل التوا�صل االجتماعي‬


‫�إن الأفعال التي تتعر�ض للخ�صو�صية على مواقع التوا�صل االجتماعي تت�ضمن امل�ضايقة‬
‫والتحر�ش وجمع املعلومات والقدح والذم والقذف والتهديد والإ�ساءة �إىل ال�سمعة‬
‫و�إف�شاء الأ�رسار والأمور احلميمة والعائلية واالحتيال‪.‬‬
‫بالن�سبة للم�ضايقة ال�سيربانية‪ ،‬فقد �أ�صبحت ظاهرة مهمة يف ال�سنوات املا�ضية‪ ،‬وهي ترمي‬
‫�إىل �إحداث ال�رضر ق�صداً وب�شكل متكرر من خالل ا�ستخدام الكمبيوترات والهواتف‬
‫اخلليوية وغريها من التجهيزات الإلكرتونية‪ .‬وهي ت�شكل انتهاك للحق باخل�صو�صية‬
‫الذي مينع �إف�شاء وقائع خا�صة خطرة بالن�سبة ل�شخ�ص عادي وو�ضعه يف ظالل م�شبوهة‪.‬‬
‫و�إن غياب الرقابة على مواقع التوا�صل االجتماعي و�أي رد قانوين ف ّعال �ساهما بت�سهيل‬
‫‪[93] Adrienne Felt, David Evans, Privacy Protection for Social Networking APIs, University of Virginia Charlottesville,‬‬
‫‪VA, http://www.cs.virginia.edu/~evans/pubs/proxy/privacybyproxy.pdf, p 3, 5.‬‬
‫�صفحة رقم ‪53‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫[‪[[9‬‬
‫هذا النوع من الت�رصفات‪.‬‬
‫ويف مثال عن الأفعال غري امل�رشوعة على و�سائل التوا�صل االجتماعي‪ ،‬تقدمت طالبة‬
‫بدعوى بوجه �أربعة طلبة زمالء لها يف املدر�سة وبوجه �أهلهم وفي�سبوك لإعالن‬
‫م�س�ؤوليتهم عن ن�رش ت�صاريح م�سيئة لها تت�ضمن قدح وذم بعد �إن�شاء الطلبة املذكورين‬
‫ملجموعة ‪ group‬على املوقع‪ .‬وقد �إدعت الطالبة �أن على في�سبوك �أن يعلم �أن الت�رصيحات‬
‫املن�شورة غري �صحيحة �أو كان عليه اتخاذ التدابري للتحقق من �صحتها‪ ،‬و�أن في�سبوك يدعي‬
‫ملكيته للمعلومات املن�شورة عليه‪� ،‬إال �أن املحكمة اعتربت موقع في�سبوك غري م�س�ؤول‬
‫باال�ستناد �إىل قواعد �أ�صول االت�صاالت‪ .‬كما تقدم �شخ�ص بدعوى بوجه موقع التوا�صل‬
‫االجتماعي ماي �سيبي�س ‪ MySpace‬يف �شباط ‪ 2007‬لأنه ال يتخذ تدابري حماية كافية‬
‫ملنع املتحر�شني جن�سي ًا من التوا�صل مع القا�رصين‪� ،‬إال �أن املحكمة يف الواليات املتحدة‬
‫الأمريكية ردت الدعوى لذات الأ�سباب �أن املوقع غري م�س�ؤول عما ُين�رش عليه‪ .‬ويتبني‬
‫من جهة �أن في�سبوك ي�ستفيد من �إدعاء ملكية املعلومات املن�شورة عليه �إال �أن يتهرب من‬
‫[‪[[9‬‬
‫امل�س�ؤولية عنها من خالل ادعائه بكونها من�شورة من قبل الغري‪.‬‬
‫ونرى �أن الأفعال التي تتعر�ض للخ�صو�صية على و�سائل التوا�صل االجتماعي هي‬
‫م�شابهة لتلك املرتبكة يف العامل املادي احلقيقي‪ ،‬وال تختلف عنها �إال بطريقة ح�صولها‬
‫عرب و�سائل التوا�صل االجتماعي واالت�صاالت وعن بعد مقارن ًة بالو�سائل ال�شفهية �أو‬
‫املادية املبا�رشة واحلا�صلة يف جمل�س واحد وبالتايل ميكن تطبيق القواعد القانونية ذاتها‬
‫على هذه الأفعال ال�سيما �إذا مل يحدد امل�رشع و�سيلة ارتكابها‪.‬‬

‫�سيا�سات و�سائل التوا�صل االجتماعي واخل�صو�صية‬


‫و�ضعت ال�سيا�سات املطبقة حلماية �صناعة و�سائل التوا�صل االجتماعي‬ ‫منذ البداية‪ِ ،‬‬
‫ولت�أمني ازدهارها وم�صاحلها املادية ولي�س خ�صو�صية الأفراد عليها‪ .‬باملبد�أ‪�ُ ،‬سمح‬
‫مل�شغلي و�سائل التوا�صل االجتماعي بتنظيم �أنف�سهم وبو�ضع �رشوط خا�صة بهم‬
‫ال�ستعمال خدماتهم‪ .‬ولكن هذا التنظيم مل ي�ؤمن خ�صو�صية الأفراد ب�سبب عدم وعيهم‬
‫لبنود اخل�صو�صية ومكان ال�ضعف يف هذه البنود‪ ،‬هذا بالإ�ضافة �إىل الأ�سباب الأخرى‬
‫‪[94] Christopher F. Spinelli, Social Media: No ‘Friend’ of Personal Privacy, The Elon Journal of Undergraduate‬‬
‫‪Research in Communications, Vol 1, No 2, Fall 2010, p 64, 65.‬‬
‫‪[95] Christopher F. Spinelli, Social Media: No ‘Friend’ of Personal Privacy, The Elon Journal of Undergraduate‬‬
‫‪Research in Communications, Vol 1, No 2, Fall 2010, p 64, 65.‬‬
‫�صفحة رقم ‪54‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫التي جرى عر�ضها �سابق ًا‪.‬‬


‫وعلى �سبيل املثال‪ ،‬تن�ص ال�رشوط العامة لفي�سبوك على �أن امل�ستخدم يرخ�ص لها با�ستعمال‬
‫ا�سمه و�صور �سريته الذاتية وحمتواه ومعلوماته يف �إطار حمتوى جتاري من�شور من قبلها‪.‬‬
‫بالإ�ضافة �إىل ذلك‪ ،‬ميكن �أن تلج�أ و�سائل التوا�صل االجتماعي �إىل تعديل ال�رشوط العامة‬
‫ال�ستخدامها دون �إعالم امل�ستخدمني بالتعديل ودون �أخذ موافقتهم امل�سبقة عليه‪ ،‬بل‬
‫تفرت�ض �أن عدم ان�سحابهم بعد �رسيان التعديل (كفي�سبوك) �أو بعد �إبالغهم مب�ضمونه‬
‫بوا�سطة الربيد الإلكرتوين (كتويرت) هو مبثابة موافقة �ضمنية منهم على هذا التعديل‪.‬‬
‫على �سبيل املثال‪� ،‬أعلنت وات�س �أب يف �آب ‪� 2016‬أنها �ستبد�أ مب�شاركة املعلومات حول‬
‫ح�سابات امل�ستخدمني جلهة رقم الهاتف العائد ل�صاحب احل�ساب ومعلومات �إجمالية‬
‫حتليلية فقط مع في�سبوك دون الئحة املعارف ‪ address book‬وغريها من املعلومات‬
‫حول امل�ستخدمني‪ .‬وقد ّبررت وات�س �أب ذلك ب�أنه لقيا�س كيفية ا�ستخدام النا�س خلدماتها‬
‫وملكافحة الر�سائل غري امل�ستدرجة ‪ Spam‬ولتمكني في�سبوك من اقرتاح عالقات �صداقة‬
‫�أف�ضل وللإظهار للم�ستخدم �إعالنات �أكرث مالئمة له‪ .‬لكن لن يتم م�شاركة املعلومات‬
‫حول امل�ستخدمني مع املعلنني‪ ،‬كذلك ُمنح امل�ستخدمون على وات�س �أب حق عدم تفعيل‬
‫[‪[[9‬‬
‫هذه اخلا�صية مب�شاركة بياناتهم مع في�سبوك لأغرا�ض دعائية‪.‬‬
‫�إن ال�سيا�سات احلالية لو�سائل التوا�صل االجتماعي تفر�ض �أن تطبق مواقع التوا�صل‬
‫االجتماعي تنظيم ذاتي‪ .‬ولكن هناك معار�ضة عامة للتنظيم الذاتي ملواقع التوا�صل‬
‫االجتماعي‪ ،‬وتربير ذلك ب�أن م�ستويات �أعلى من �إف�شاء املعلومات ت�ؤمن مداخل‬
‫�أكرب‪ .‬لذلك‪ ،‬ال يكون �إهتمام مواقع التوا�صل االجتماعي م�صالح امل�ستخدمني بالن�سبة‬
‫لإف�شاء بياناتهم ال�شخ�صية‪ .‬ويرى البع�ض �أنه من خالل االعرتاف بوجود ا�ستغالل‬
‫خمالف للخ�صو�صية على مواقع التوا�صل االجتماعي‪ ،‬على امل�شرتع يف الواليات‬
‫املتحدة الأمريكية �إقرار قوانني جديدة حلماية الأمريكيني من ال�رضر ولت�أمني حماية �أكرب‬
‫[‪[[9‬‬
‫خل�صو�صية الأفراد‪.‬‬
‫ومتيل و�سائل التوا�صل االجتماعي �إىل جعل فكرة كون الأفراد حتت رقابة م�ستمرة‬
‫حملة من قبل‬‫هي طبيعية‪ ،‬حتقيق ًا مل�صاحلها املادية با�ستثمار املعلومات والبيانات املُ ّ‬
‫‪[96] WhatsApp Messenger, https://en.wikipedia.org/wiki/WhatsApp.‬‬
‫‪[97] Christopher F. Spinelli, Social Media: No ‘Friend’ of Personal Privacy, The Elon Journal of Undergraduate‬‬
‫‪Research in Communications, Vol 1, No 2, Fall 2010, p 59-62.‬‬
‫�صفحة رقم ‪55‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫امل�ستخدمني‪ ،‬وذلك حتى يتقبلوا م�ستوى �أقل من اخل�صو�صية‪.‬‬


‫وي�صبح بالتايل ت�رصف معتاد من قبل م�ستخدمي و�سائل التوا�صل االجتماعي جعل ق�سم‬
‫من �سريتهم واملحتوى العائد لهم ظاهر للجمهور و�أنه ب�إمكانهم ر�ؤية ما يفعله الآخرون‬
‫�أو ما ين�رشونه‪ .‬فالإعالن هو جزء من جاذبية و�سائل التوا�صل االجتماعي‪ .‬ويتقبل الكثري‬
‫من امل�ستخدمني رقابة جتارية م�ستمرة وهي �رضورية لتوجيه الإعالنات نحوهم‪ .‬فالكثري‬
‫من ن�شاطات امل�ستخدمني اليومية خالل عملهم �أو �أوقات فراغهم ت�صبح قابلة للتبع‬
‫وللو�صول �إليها وللتحليل يف وقت احلقيقي للإر�سال من قبل م�ؤ�س�سات‪ ،‬قد ال تكون‬
‫حمل ثقة من قبل امل�ستخدمني �أنف�سهم‪ .‬ويرى البع�ض �أن ذلك ي�شكل مظهر من مظاهر‬
‫[‪[[9‬‬
‫الديكتاتورية‪.‬‬
‫ويت�ساءل البع�ض بالنظر لل�رشوط العامة لال�ستخدام املو�ضوعة من قبل و�سائل التوا�صل‬
‫االجتماعي‪ ،‬والتي يراها امل�ستخدمون كن�صو�ص تنظيمية وت�رشيعية‪ ،‬حول ظهور قانون‬
‫ُمنظم من قبل م�شغلي القطاع اخلا�ص‪ ،‬والذين تربر �رضورات اجتماعية واقت�صادية‬
‫[‪[[9‬‬
‫منحهم �سلطة التنظيم‪.‬‬
‫ونحن ن�ؤيد تعاون ال�سلطات العامة يف خمتلف الدول مع و�سائل التوا�صل االجتماعي‬
‫لإعادة النظر يف �سيا�سات الأخرية وال�رشوط العامة املو�ضوعة منها لفتح ح�سابات عليها‬
‫من قبل امل�ستخدمني‪ ،‬وذلك �ضمان ًا خل�صو�صية الأفراد مع الأخذ بالإعتبار امل�صالح‬
‫امل�رشوعة لها‪.‬‬
‫ومن الوا�ضح �أن ترك ال�سوق حرة والتعويل على التنظيم الذاتي لو�سائل التوا�صل‬
‫االجتماعي حترم الأفراد من احلماية جلهة اخل�صو�صية التي ي�ستحقونها‪ .‬وال يتوقع من‬
‫و�سائل التوا�صل االجتماعي حماية خ�صو�صية الأفراد لأن ذلك يتناق�ض مع �سعيها للربح‬
‫املادي من خالل املعلنني‪ .‬ويجب بعد �إقرار الت�رشيعات املالئمة حلماية اخل�صو�صية على‬
‫و�سائل التوا�صل االجتماعي‪� ،‬إن�شاء هيئة ناظمة ملراقبة �سوء ا�ستعمال هذه الو�سائل‪ .‬وتنظم‬
‫الت�رشيعات يف هذا ال�صدد عمليات جتميع املعلومات والبيانات ال�شخ�صية وا�ستعمالها‬
‫[‪[[10‬‬
‫و�إف�شاءها من قبل م�ؤ�س�سات القطاع العام والقطاع اخلا�ص‪.‬‬
‫‪[98] Christian Fuchs, Daniel Trottier, Social Media Surveillance & Society, Centre for Science, Society & Citizenship,‬‬
‫‪University of Westminster, United Kingdom, 29 November 2013, p 21.‬‬
‫‪[99] Vincent Fauchoux, Pierre Deprez, Jean-Michel Bruguière, Le droit de l’Internet, Lois contrats et usages,‬‬
‫‪LexisNexis, 2ème édition, 2013, p 15.‬‬
‫‪[100] Christopher F. Spinelli, Social Media: No ‘Friend’ of Personal Privacy, The Elon Journal of Undergraduate‬‬
‫‪Research in Communications, Vol 1, No 2, Fall 2010, p 68.‬‬
‫�صفحة رقم ‪56‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫ومع العلم �أن الرقابة على الإنرتنت ت�شمل‪ :‬الرقابة على املعلومات ال�شخ�صية لل�سرية‬
‫الذاتية‪ ،‬الرقابة على املحتوى املنتج‪ ،‬الرقابة على الت�صفح و�سلوكيات الدخول �إىل املواقع‬
‫[‪[[10‬‬
‫الإلكرتونية‪ ،‬الرقابة على العالقات وال�شبكات االجتماعية‪ ،‬الرقابة على االت�صاالت‪.‬‬
‫ويقت�ضي الت�سا�ؤل بالتايل حول ما �إذا كانت التكنولوجيا بحد ذاتها هي اخلطر على‬
‫اخل�صو�صية‪.‬‬
‫ونحن نرى �أن اجلواب هو بالطبع �أن التكنولوجيا ال تنتهك اخل�صو�صية بل الأ�شخا�ص‬
‫ي�ستعملون التكنولوجيا النتهاك اخل�صو�صية‪ ،‬و�أن ال�ضمانة الأكرب للخ�صو�صية هي ح�سن‬
‫ا�ستعمال امل�ستخدم للتكنولوجيا حلماية نف�سه‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل تدخل امل�شرتع ل�سن قواعد‬
‫قانونية تنظم التكنولوجيا وح�سن ا�ستخدامها وجترم �سوء ا�ستعمالها وتعاون ال�سلطات‬
‫العامة مع القطاع اخلا�ص وال�سيما و�سائل التوا�صل االجتماعي لو�ضع �سيا�سات و�رشوط‬
‫ال�ستخدام خدماتها تكون مو�ضوعية وعادلة وحمائية‪.‬‬

‫توجيهات للم�ستخدم للحفاظ على خ�صو�صيته على و�سائل التوا�صل االجتماعي‬


‫نرى �أن امل�ستخدم هو ال�ضامن الأول والأخري خل�صو�صيته على و�سائل التوا�صل‬
‫االجتماعي‪ ،‬فعليه �أو ًال الإطالع على الإمكانات التي توفرها هذه الو�سائل وعلى‬
‫التطبيقات املعلوماتية الأخرى التي ينزلها على هاتفه الذكي‪ ،‬ثم عليه اتخاذ التدابري‬
‫العملية والتقنية للحفاظ على خ�صو�صيته‪.‬‬
‫ومن الن�صائح للم�ستخدمني على و�سائل التوا�صل االجتماعي اتخاذ تدابري لت�ضييق‬
‫اجلمهور الذي يتوجه له وما يقوم بن�رشه عليها‪ ،‬والتنبه �إىل �أن الغري الذي ي�شاركه �صوره‬
‫ومعلوماته قد ي�شاركها مع الآخرين دون معرفته وال موافقته؛ و�أن ا�ستعمال التطبيقات‬
‫املعلوماتية يعني اتخاذ تدابري �إ�ضافية وخمتلفة حلماية اخل�صو�صية؛ و�أن الأهل ي�ستطيعون‬
‫حماية �أوالدهم من خالل النقا�ش معهم حول حمادثاتهم وبياناتهم املمكن القبول بها‬
‫على و�سائل التوا�صل االجتماعي ومن خالل مراقبة ن�شاطاتهم عليها وا�ستخدام و�سائل‬
‫التحكم العائدة للأهل ‪ .Parental control‬و�إذا كان امل�ستخدم ال ي�ستطيع التحكم‬
‫يف ما قد ي�شاركه به امل�ستخدمون الآخرون يف ح�ساباتهم اخلا�صة‪� ،‬إال �أنه ميكن ا�ستعمال‬

‫‪[101] Christian Fuchs, Daniel Trottier, Social Media Surveillance & Society, Centre for Science, Society & Citizenship,‬‬
‫‪University of Westminster, United Kingdom, 29 November 2013, p 18.‬‬
‫�صفحة رقم ‪57‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫ال‪ ،‬في�سبوك يقدم خا�صية‬ ‫�أدوات ملنع هذه املعلومات من الظهور يف ح�سابه اخلا�ص‪ .‬مث ً‬
‫ملراجعة املعلومات املعرو�ضة ‪ posts‬املُع ّلمة ‪ tagged‬من قبله قبل ظهورها يف ح�سابه‬
‫لرياها الغري‪ .‬ولتجنب تغيري �إعدادات امل�ستخدم جلهة اخل�صو�صية‪ ،‬عليه التنبه �إىل كون‬
‫ح�سابه على و�سائل التوا�صل االجتماعي هو �آمن وال ميكن اخرتاقه و�أنه مل يف�شي كلمة‬
‫[‪[[10‬‬
‫ال�رس العائدة له للغري‪.‬‬
‫وعلى امل�ستخدم �إ�ستعمال كلمة �رس ‪ Password‬وا�سم م�ستخدم ‪� User name‬صعبة‬
‫ال ميكن توقعها‪ ،‬كما عليه تغيري كلمة ال�رس كل فرتة‪ .‬وقد تكون كلمة ال�رس عائدة لنظام‬
‫الت�شغيل ‪ Operating system‬على حا�سوبه ال�شخ�صي �أو لهاتفه اخلليوي‪ ،‬والذي‬
‫ي�ستعمله للو�صول �إىل التطبيق املتعلق بو�سيلة التوا�صل االجتماعي‪.‬‬
‫ويف حال اخرتاق ح�سابه على و�سيلة التوا�صل االجتماعي‪� ،‬أي اال�ستيالء عليه من قبل‬
‫الغري‪ ،‬على امل�ستخدم �إعالم و�سيلة التوا�صل االجتماعي فوراً والطلب منها �إقفال احل�ساب‬
‫�أو �إعادته �إليه‪ .‬وعليه �أن يزودها باملعلومات التي تطلبها والتي متكنها من التحقق من �أنه‬
‫ال �صاحب احل�ساب الأ�صلي‪ .‬وعليه بالتايل م�سبق ًا �أن يحتاط لهذه احلالة عرب حفظ‬ ‫هو فع ً‬
‫جميع املعلومات والبيانات التي قد يحتاج ال�ستعمالها ال�سرتداد ح�سابه‪.‬‬
‫ويجب على امل�ستخدم التنبه ب�شكل خا�ص �إىل التطبيقات املتعلقة بو�سائل التوا�صل‬
‫االجتماعي والتي يتم ت�شغيلها على الهواتف الذكية‪ ،‬فيجب احلر�ص على تنزيلها فقط‬
‫ال موقع ‪� Apple App Store‬أو موقع ‪Google Play Store‬‬ ‫من م�صادر موثوقة‪ ،‬مث ً‬
‫�أو املوقع الر�سمي للبنك بالن�سبة لتطبيق �إدارة ح�ساب م�رصيف‪.‬‬
‫كما يجب على امل�ستخدم قراءة تعليقات امل�ستخدمني الآخرين حول التطبيق املعلوماتي‪،‬‬
‫ف�إذا مل توجد �أو وجدت تعليقات �سلبية‪ ،‬ف�إنه يجب التنبه من التطبيق‪ .‬وميكن الو�صول‬
‫�إىل هذه التعليقات على مواقع تنزيل التطبيق �أو من خالل �إجراء بحث حول ا�سم التطبيق‬
‫من خالل حمركات البحث‪ .‬ويجب قراءة �سيا�سة التطبيق املعلوماتي حول اخل�صو�صية‪،‬‬
‫فكثري من التطبيقات ت�صل �إىل معظم معلومات امل�ستخدم على هاتفه الذكي‪ .‬فمث ً‬
‫ال‬
‫على في�سبوك‪ ،‬بالإ�ضافة على املعلومات املفتوحة للعامة املمكن الو�صول �إليها‪ ،‬ميكن‬
‫للتطبيقات املعلوماتية �أن تطلع على الئحة �أ�صدقاء امل�ستخدم‪ .‬ومعظم التطبيقات‬

‫‪[102] Social media and online video privacy, Seminar lesson plan and class activities, A Consumer Action Publication,‬‬
‫‪www.consumer-action.org, p 5, 6, 7.‬‬
‫�صفحة رقم ‪58‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫املعلوماتية عند تنزيلها وو�ضعها على هاتف امل�ستخدم الذكي تعلمه عن املعلومات على‬
‫هاتفه التي ت�ستطيع الو�صول �إليها وتطلب موافقته على ذلك‪ .‬وعلى امل�ستخدم‪ ،‬تقييم‬
‫ذلك وموازنة حاجته للخ�صو�صية وحاجته للتطبيق‪ ،‬ال�سيما �إذا كان الأخري ال يرتك له‬
‫خيار‪ ،‬وله �أن يزيل التطبيق عن هاتفه ويبحث عن تطبيق �آخر ي�ؤدي ذات الوظائف‬
‫�أو وظائف م�شابهة ولكن ي�سمح له ب�إعدادات خ�صو�صية �أكرث مالئمة‪ .‬ويجب على‬
‫امل�ستخدم �إجراء �إعدادات اخل�صو�صية ‪ Adjust privacy settings‬بالن�سبة لو�سائل‬
‫التوا�صل االجتماعي وكذلك لهاتفه �أو جهازه‪ .‬وجتنب حتديد موقعه اجلغرايف للتطبيق‬
‫�إال �إذا كان ذلك �رضوري ًا لت�شغيل التطبيق مثل تطبيق لطلب تاك�سي و�سيارة �أجرة �أو‬
‫تطبيق لتحديد االجتاهات ولتوجيه امل�ستخدم للو�صول �إىل املكان املق�صود منه �أو‬
‫لإعالمه عن الأمكنة القريبة منه‪ ...‬وين�صح امل�ستخدم باختيار خا�صية التعديالت‬
‫الأوتوماتيكية للربامج فهذه تت�ضمن غالب ًا تعديالت تتعلق بالأمان يف �ضوء تطور و�سائل‬
‫االخرتاق‪ .‬و�إذا تطلب تطبيق معلوماتي تعديل يدوي‪ ،‬فهذا لأنه يطلب الإذن للو�صول‬
‫[‪[[10‬‬
‫�إىل معلومات �إ�ضافية‪ ،‬ويف هذه احلال يجب التنبه عند �إعطاء مثل هذا الإذن‪.‬‬

‫‪[103] Social media and online video privacy, Seminar lesson plan and class activities, A Consumer Action Publication,‬‬
‫‪www.consumer-action.org, p 5, 6, 7.‬‬
‫�صفحة رقم ‪59‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫} ثالثاً {‬
‫و�سائل التوا�صل االجتماعي وحماية البيانات ذات الطابع‬
‫ال�شخ�صي‬
‫�إن قيام م�ستخدمني بالت�سجل على و�سائل التوا�صل االجتماعي وا�ستعمالها ي�ستلزم‬
‫بطبيعة احلال تزويد هذه الو�سائل ببيانات �شخ�صية عنهم‪ ،‬وبالتايل ميكن التعر�ض‬
‫خل�صو�صيتهم يف حال �إف�شاء هذه البيانات وكذلك املعلومات املحملة منهم من �صور‬
‫و�أفالم ون�صو�ص‪ ،‬وقد تكون خا�صة وحميمة وحم�صورة فقط بالعائلة �أو بعدد حمدود‬
‫من الأ�صدقاء‪ .‬وبالتايل‪ ،‬يف�شي عدد كبري من امل�ستخدمني كميات كبرية من بياناتهم‬
‫ال�شخ�صية على و�سائل التوا�صل االجتماعي‪� ،‬إذ �أن الغاية الأ�سا�سية من الأخرية وفق‬
‫نظرهم هو توفري تدفق م�ستمر من املعلومات عنهم‪.‬‬
‫والغريب �أن امل�ستخدمني �أنف�سهم يكونون هم م�صدر جتميع املعلومات ال�شخ�صية عنهم‪.‬‬
‫ويف هذا تتقاطع اخل�صو�صية مع م�س�ألة البيانات ال�شخ�صية‪ ،‬فحماية اخل�صو�صية هي يف‬
‫الواقع يف جزء كبري منها حماية للبيانات ال�شخ�صية على و�سائل التوا�صل االجتماعي‪.‬‬
‫�إال �أنه يقت�ضي الإ�شارة �إىل �أن جميع البيانات ال�شخ�صية ال تتعلق باحلياة اخلا�صة للفرد‪،‬‬
‫فالبيانات التي تتناول الن�شاطات العامة للفرد ت�شكل بيانات �شخ�صية‪ ،‬ولكنها ال تدخل‬
‫�ضمن مفهوم احلياة اخلا�صة له‪ [[10[.‬كما �أن حماية البيانات ال�شخ�صية ال حتل حمل حماية‬
‫الأ�رسار والطم�أنينة لدى الفرد وا�ستقالليته‪ ،‬لكنها تكملها وت�ؤمن تفعيلها يف وجه‬
‫[‪[[10‬‬
‫املخاطر النا�شئة عن التكنولوجيا احلديثة‪.‬‬
‫و�سنعرف املق�صود بالبيانات ال�شخ�صية‪ ،‬و�سنتناول �إ�شكالية تطبيق القواعد القانونية‬
‫املتعلقة بها و�إ�شكالية ملكيتها على و�سائل التوا�صل االجتماعي ومدى احلماية التي‬
‫ت�ؤمنها قوانني البيانات ال�شخ�صية على و�سائل التوا�صل االجتماعي‪.‬‬

‫‪[104] Fabrice Mattatia, Internet et les réseaux sociaux, que dit la loi? Eyrolles, 2ème édition, 2016, p 57.‬‬
‫‪[105] Guillaume Florimond, Droit et Internet, De la logique internationaliste à la logique réaliste, Bibliothèque des‬‬
‫‪thèses, Editions Mare & martin, 2016, p 347.‬‬
‫�صفحة رقم ‪60‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫ماهية البيانات ال�شخ�صية‬


‫البيانات ال�شخ�صية هي جميع �أنواع املعلومات املتعلقة ب�شخ�ص طبيعي والتي ّ‬
‫متكن من‬
‫التعريف به ب�شكل مبا�رش �أو غري مبا�رش‪ ،‬ومن هذه املعلومات �إ�سمه وتاريخ والدته ومهنته‬
‫و�صوره و�أفالمه والآثار املعلوماتية املتعلقة به كعنوانه الرقمي ‪.IP‬‬
‫ويقت�ضي الإ�شارة �إىل �أن البيانات ال�شخ�صية مل تعد تنتج فقط من قبل الأ�شخا�ص بل �أي�ض ًا‬
‫من قبل الآالت عرب لواقط �أو �أ�شياء مربوطة بال�شبكة وباال�ستناد �إىل تقنيات التنقيب عن‬
‫ال من خالل درا�سة طريقة قيادة �شخ�ص ل�سيارة مزودة‬ ‫البيانات ‪ ،data minimg‬مث ً‬
‫بنظام معلوماتي ذكي مت�صل بالإنرتنت‪ .‬وال تكون البيانات ُمنتجة �أحيان ًا ب�شكل �إرادي‬
‫�أو بوعي من �أ�صحابها‪ ،‬فالأبحاث ال�سابقة املُجراة على حمركات البحث وت�صفح املواقع‬
‫[‪[[10‬‬
‫وحتديد املوقع اجلغرايف ميكن �أن تُربط ب�شخ�ص طبيعي من خالل العنوان الرقمي‪.‬‬
‫وال جتمع البيانات ال�شخ�صية �إال لأهداف م�رشوعة وحمددة وب�أمانة‪ ،‬ويجب �أن تتالءم‬
‫مع الأهداف املتوخاة وال تتجاوزها‪ ،‬و�أن تكون �صحيحة وكاملة وميومة‪ .‬وال ميكن‬
‫ا�ستعمالها الحق ًا يف معاجلات ال تتوافق مع الغايات املعلنة �أ�سا�س ًا‪ .‬ويكون ل�صاحب‬
‫البيانات ال�شخ�صية احلق بالإطالع على البيانات املتعلقة به من امل�س�ؤول عن املعاجلة‬
‫وعلى غايات هذه املعاجلة وفئاتها وم�صدر البيانات والأ�شخا�ص الذين تُر�سل �إليهم‪.‬‬
‫كما يكون له احلق باالعرتا�ض على املعاجلات املتعلقة به لأ�سباب م�رشوعة‪ ،‬وكذلك احلق‬
‫بالطلب من امل�س�ؤول عن املعاجلة ت�صحيح البيانات ال�شخ�صية املتعلقة به �أو �إكمالها �أو‬
‫حتديثها �أو حموها عندما تكون هذه البيانات خاطئة �أو ناق�صة �أو قدمية �أو ممنوع معاجلتها‬
‫�أو خمالفة لغايات املعاجلة‪.‬‬
‫وما يربر حماية البيانات ال�شخ�صية �أي�ض ًا �أن حجم هذه البيانات املتداولة يومي ًا على‬
‫و�سائل التوا�صل االجتماعي هو هائل من معلومات عن الأحوال ال�شخ�صية للفرد �إىل‬
‫�صور عنه �إىل �أفالم فيديو عنه‪ ...‬وقد تتناول �أ�صغر تفا�صيل حياته اخلا�صة �أو احلميمة‪.‬‬
‫وتنتج و�سائل التوا�صل االجتماعي كميات كبرية من املعلومات‪ ،‬ففي�سبوك تنتج يومي ًا‬
‫‪ 500‬ترابايت مت�ضمنة ‪ 2,7‬مليار تعليق و‪ 300‬مليون �صورة جديدة‪ .‬وهذا هو نطاق‬
‫خ�صب لتحليل البيانات ال�ضخمة ‪ .Big Data‬وتخ�ضع هذه املعلومات لقوانني حماية‬
‫‪[106] Flora Fischer, CIGREF, Marie-Noelle Gibon, Jean-Luc Raffaelli, Christophe Boutonnet, Economie des données‬‬
‫‪personnelles, Les enjeux d’un business éthique, octobre 2015, CIGREF, Réseau de grandes entreprises, http://www.‬‬
‫‪cigref.fr/wp/wp-content/uploads/2015/11/CIGREF-Economie-donnees-perso-Enjeux-business-ethique-2015.pdf, p 4, 5.‬‬
‫�صفحة رقم ‪61‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫البيانات ال�شخ�صية‪ ،‬ال�سيما النموذج الأوروبي منها‪ .‬ويقت�ضي التفريق ما �إذا كانت‬
‫التحاليل لهذه املعلومات هو فقط الكت�شاف التوجهات العامة �أو التخاذ تدبري بحق‬
‫فرد معني‪ .‬ففي احلالة الأوىل‪ ،‬ال يكون هناك اعرتا�ض‪ ،‬اما يف احلالة الثانية‪ ،‬فيجب توافر‬
‫املوافقة ال�شخ�صية اخلا�صة غري امللتب�سة واملبنية على معلومات من قبل امل�ستخدم �صاحب‬
‫البيانات‪ ،‬ال�سيما يف حالة و�ضع ت�صنيفات للأفراد �أو �سريات لهم �أو الت�سويق املبا�رش‬
‫[‪[[10‬‬
‫لدى امل�ستخدم �أو الإعالن املوجه لكل �شخ�ص وفق ميوله �أو وفق مكانه اجلغرايف‪.‬‬
‫وت�شكل البيانات ال�شخ�صية املادة الأولية ال�رضورية يف خدمة تطور االقت�صاد الرقمي‪،‬‬
‫ولهذا ن�ش�أت �رشكات على منوذج تثمني �أو �إعطاء القيمة للبيانات ال�شخ�صية‪ ،‬وال تكون‬
‫لهذه القيمة من معنى �إال عرب تداول البيانات وتفاعلها مع �أنظمة �أخرى خارجية �أو‬
‫داخلية‪� .‬إال �أن ذلك ي�ؤدي �إىل طرح ا�ستف�سارات حول �إ�شكاليات الأخالقيات واملالءمة‬
‫وكيفية احلفاظ على ثقة الزبائن وابتكار القيمة يف ذات الوقت‪ .‬ومن زاوية ال�رشكات‪،‬‬
‫لهذه البيانات قيمة �إ�سرتاتيجية و�سوقية ت�سمح بتطوير مناذج خدمة الزبائن وب�إغناء‬
‫جتربتهم وب�إجراء حتاليل للم�ساعدة على اتخاذ القرارات‪ ،‬يف حني �أن هذه البيانات هي‬
‫[‪[[10‬‬
‫بالن�سبة للم�ستخدم تعبري عن حياته اخلا�صة‪.‬‬
‫املحملة على و�سائل التوا�صل االجتماعي‪ :‬الإ�سم‪ ،‬تاريخ‬‫ّ‬ ‫ومن البيانات ال�شخ�صية‬
‫الوالدة‪ ،‬اجلن�س‪ ،‬الآراء ال�سيا�سية والدينية‪ ،‬امليول‪ ،‬الو�ضع املهني‪ ،‬الو�ضع التعليمي‪،‬‬
‫الأخبار العائلية‪ ،‬ال�صور‪.‬‬
‫وال ت�سمح باملبد�أ ال�رشوط العامة ال�ستعمال و�سائل التوا�صل االجتماعي با�ستعمال‬
‫امل�ستخدم ال�سم م�ستعار �أو للقب دون هويته احلقيقة‪ .‬ال بل ف�إنها ت�سعى لزيادة فر�ص‬
‫�إف�شاء امل�ستخدم ملعلومات �أكرث عن نف�سه‪ ،‬من �أجل جمع معلومات �أكرث عنه وو�ضع‬
‫�سرية ذاتية له بهدف حتديد الرغبات امل�ستقبلية له‪ ،‬وذلك من خالل الإكثار من �شا�شات‬
‫�إدخال املعلومات والنماذج الواجب تعبئتها ومن خالل حتليل عادات الت�صفح‬
‫للم�ستخدم (تواريخها و�أوقاتها‪ ،‬ال�صفحات التي يتم زيارتها‪ ،‬املجموعات �أو ال�سريات‬

‫‪[107] Nemone Franks, Social media and the law: A handbook for UK companies, January 2014, http://www.linklaters.‬‬
‫‪com/pdfs/mkt/london/TMT-Social-Media-Report.pdf, p 18.‬‬
‫‪[108] Flora Fischer, CIGREF, Marie-Noelle Gibon, Jean-Luc Raffaelli, Christophe Boutonnet, Economie des données‬‬
‫‪personnelles, Les enjeux d’un business éthique, octobre 2015, CIGREF, Réseau de grandes entreprises, http://www.‬‬
‫‪cigref.fr/wp/wp-content/uploads/2015/11/CIGREF-Economie-donnees-perso-Enjeux-business-ethique-2015.pdf, p 1, 3,‬‬
‫‪8.‬‬
‫�صفحة رقم ‪62‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫[‪[[10‬‬
‫التي يتم البحث عنها‪ ،‬التعليقات وال�صور‪ ،‬املعلومات التي يتم حموها)‬
‫ومن �أهم البيانات ال�شخ�صية املن�شورة على و�سائل التوا�صل االجتماعي هي ال�صور‪.‬‬
‫فلل�شخ�ص احلق بحماية �صورته ال�شخ�صية وطابعها احل�رصي اخلا�ص به‪� ،‬أي مبنع و�ضع‬
‫�أو ت�سجيل �أو نقل �صورته اخلا�صة �أو امل�أخوذة يف مكان خا�ص دون موافقته‪ .‬وهذا‬
‫الأمر ي�شكل تعر�ض حلقوقه ال�شخ�صية العائدة له وحلياته اخلا�صة‪ .‬وتبنى هذه احلماية يف‬
‫فرن�سا على ن�ص املادة ‪ 226-1‬من قانون العقوبات‪ .‬كما ميكن �أن تُبنى ب�شكل عام على‬
‫قواعد امل�س�ؤولية التق�صريية القائمة على اخلط أ� ال�شخ�صي‪ .‬وللتفلت من هذه امل�س�ؤولية‪،‬‬
‫يجب احل�صول على ترخي�ص من �صاحب ال�صورة يت�ضمن ذكر نوع ركيزة الن�رش ومدته‬
‫ونطاقه اجلغرايف‪.‬‬
‫�إن اجتهاد حمكمة التمييز الفرن�سية م�ستقر على �أن ال�صور ذات الطابع اخلا�ص تتطلب‬
‫موافقة �صاحبها قبل ن�رشها للجمهور‪ .‬ويتم تقدير ما �إذا كانت املعلومات من�شورة‬
‫للجمهور من خالل ما �إذا كانت مفتوحة لكل �شخ�ص �أو ما �إذا كان عدد "�أ�صدقاء‬
‫ال�شخ�ص" مرتفع ًا و�أي�ض ًا بالنظر لو�سيلة التوا�صل االجتماعي املعنية‪ .‬فو�سيلة التويرت‬
‫ت�سمح لكل �شخ�ص‪ ،‬حتى غري املُ ّ‬
‫�سجل عليها كم�ستخدم‪ ،‬بالو�صول �إىل التغريدات؛ �أما‬
‫في�سبوك‪ ،‬فال ي�سمح لغري امل�ستخدمني املُ�سجلني عليه بالو�صول لبع�ض املعلومات حول‬
‫[‪[[11‬‬
‫م�ستخدميه‪.‬‬
‫طور في�سبوك برجميات للتعرف على الوجوه ت�سمح بتحديد ب�صمة للوجه‪ ،‬بحيث‬ ‫وقد ّ‬
‫�أنه يدعو امل�ستخدم عند حتميل �صورة له �إىل كتابة �أ�سماء الأ�شخا�ص الواردين فيها‪،‬‬
‫ثم يعمد في�سبوك �إىل البحث عن الوجوه الظاهرة يف ال�صورة يف قاعدة بياناته و�إن�شاء‬
‫[‪[[11‬‬
‫روابط جديدة بني امل�ستخدمني �إنطالق ًا منها‪.‬‬
‫�أما بالن�سبة لإف�شاء املحتوى املن�شور كخا�ص‪� ،‬أي للأ�صدقاء فقط‪ ،‬على و�سائل التوا�صل‬
‫االجتماعي من قبل م�ستخدمني �آخرين‪ ،‬فال توجد قواعد قانونية خا�صة بو�سائل التوا�صل‬
‫االجتماعي‪ ،‬فهذا يتوقف على مبادئ عامة قائمة على املنطق طاملا القانون ي�سمح بهذا‬
‫‪[109] Elodie Weil, L’exploitation et le protection des données à caractère personnel des utilisateurs sur les réseaux‬‬
‫‪sociaux, Droit et réseaux sociaux, Laboratoire d’études juridiques et politiques, Lextenso éditions, octobre 2015, p 114,‬‬
‫‪115, 117.‬‬
‫‪[110] Marine de Montecler, Le droit à l’heure des réseaux sociaux, HEC Paris – 2011, https://www.lepetitjuriste.fr/wp-‬‬
‫‪content/uploads/2011/10/droit%20@%20l%20heure%20des%20r%c3%a9seaux%20sociaux%20-%20Marine%20de%20‬‬
‫‪Montecler.pdf, p 35.‬‬
‫‪[111] Elodie Weil, L’exploitation et le protection des données à caractère personnel des utilisateurs sur les réseaux‬‬
‫‪sociaux, Droit et réseaux sociaux, Laboratoire d’études juridiques et politiques, Lextenso éditions, octobre 2015, p 116.‬‬
‫�صفحة رقم ‪63‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫الن�رش‪ ،‬مثل ن�رش �صور عن تعر�ض �شخ�ص لإ�صابات متنعه من �صيد ال�سمك‪.‬‬
‫[‪[[11‬‬

‫ولقد �أ�صبح من امللح حماية البيانات ال�شخ�صية على و�سائل التوا�صل االجتماعي‪ ،‬لي�س‬
‫فقط حلماية خ�صو�صية الفرد وحياته اخلا�صة من االنك�شاف‪ ،‬بل �أي�ض ًا حلمايته من طبقة‬
‫من املجرمني التي تبحث عن بيانات �شخ�صية الرتكاب �أفعال جرمية عرب انتحال الهوية‬
‫الإلكرتونية �أو ا�ستهداف الفرد لالحتيال عليه‪.‬‬
‫وقد �أ�صبحت الهجمات ال�سيربانية على امل�ؤ�س�سات �شائعة للح�صول على بيانات‬
‫�شخ�صية كونها قيمة للمجرمني ال�ستخدامها يف انتحال الهوية على الإنرتنت ولعمليات‬
‫االحتيال‪ .‬على �سبيل املثال‪ ،‬مت اخرتاق �شبكة �رشكة �سوين للألعاب الرقمية ‪Sony‬‬
‫‪ PlayStation Network‬يف العام ‪ 2011‬ومت ت�رسيب معلومات حول ‪ 77‬مليون‬
‫زبون‪ .‬وقد تكبدت ال�رشكة خ�سائر تقارب ‪ 1,25‬مليار دوالر من خ�سارة الأعمال‬
‫[‪[[11‬‬
‫وطلبات التعوي�ضات واال�ستثمارات اجلديدة‪.‬‬
‫وقد كانت ن�سبة ‪ 33%‬من ال�شكاوى التي تلقتها اللجنة الوطنية للمعلوماتية واحلريات‬
‫يف فرن�سا (�أي من ما جمموعه ‪� 7,703‬شكوى) تتعلق بن�رش بيانات �شخ�صية على الإنرتنت‬
‫على مواقع �إلكرتونية وعلى و�سائل التوا�صل االجتماعي‪ ،‬ومبحوها �أو بت�صحيحها‪،‬‬
‫ولعدم تلقي امل�شتكني جواب من قبل امل�ؤ�س�سة �أو ال�شخ�ص الذي ن�رش البيانات‪� ،‬أو لعدم‬
‫[‪[[11‬‬
‫وجود �آلية لالعرتا�ض �إلكرتوني ًا �أو حل�صولهم على رف�ض غري معلل‪.‬‬
‫ويجب االنتباه �أكرث �إىل البيانات ال�شخ�صية احل�سا�سة للم�ستخدمني‪ ،‬والتي تتعلق‬
‫ب�أ�صولهم الإتنية ومبعتقداتهم الدينية و�آرائهم ال�سيا�سية و�إنتماءاتهم النقابية ومبلفاتهم‬
‫ال�صحية وحياتهم اجلن�سية �أو �سجلهم الإجرامي‪ ...‬وال ميكن ا�ستخدام هذه البيانات يف‬
‫املبد�أ �إال بعد احل�صول على املوافقة ال�رصيحة لأ�صحابها‪ .‬وهذا النوع من البيانات يتمتع‬
‫بدرجة عالية من احلماية وفق املعايري والقوانني الوطنية الأوروبية والتوجيه الأوروبي‬
‫املتعلق مبعاجلة البيانات ال�شخ�صية‪.‬‬
‫ي�ضع بع�ض الأ�شخا�ص اللوم على م�شغلي و�سائل التوا�صل االجتماعي عندما يح�صل‬

‫‪[112] Christopher Escobedo Hart, Social Media Law: Significant Developments, The business Lawyer, Vol 72, Winter‬‬
‫‪2016-2017, p 241.‬‬
‫‪[113] Nemone Franks, Social media and the law: A handbook for UK companies, January 2014, http://www.linklaters.‬‬
‫‪com/pdfs/mkt/london/TMT-Social-Media-Report.pdf, p 18.‬‬
‫_‪[114] CNIL, Rapport d’activité 2016 et des enjeux 2017, https://www.cnil.fr/sites/default/files/atoms/files/cnil-37e‬‬
‫‪rapport_annuel_2016.pdf, p 1.‬‬
‫�صفحة رقم ‪64‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫�إف�شاء لبياناتهم ال�شخ�صية‪ .‬وقد مت رفع دعاوى عديدة من قبلهم بوجه و�سائل التوا�صل‬
‫االجتماعي بهذا ال�صدد‪ .‬وقد اعتربت املحاكم م�س�ؤولية و�سائل التوا�صل االجتماعي‬
‫قائمة بفعل مكامن ال�ضعف جلهة �أمان البيانات �أو عدم الو�ضوح الكايف للتعليمات‬
‫املُعطاة للم�ستخدم على املوقع عند طلب موافقته على تعديالت معينة‪ .‬وال يجب �أخذ‬
‫االنطباع �أن و�سائل التوا�صل االجتماعي ت�شكل خطر ممُ نهج على اخل�صو�صية‪ .‬ال بل‬
‫فهي لديها احلافز ملنع الإ�رضار بامل�ستخدمني احلاليني لديها �أو املحتملني‪ ،‬فهي تهدف‬
‫للربح وجلذب امل�ستخدمني وبالتايل اال�ستجابة حلاجاتهم‪ .‬يف الواقع‪ ،‬معظم املخاطر يف‬
‫و�سائل التوا�صل االجتماعي قد نتجت عن الطرق التي ي�ستخدم بها النا�س هذه الو�سائل‪.‬‬
‫فامل�ستخدمون يكونوا اجتماعيني �أكرث من الالزم ومييلون �إىل �إف�شاء بياناتهم ال�شخ�صية‬
‫يف حمادثاتهم املبا�رشة مع �أ�شخا�ص �آخرين �أو عرب الهاتف �أو املدونات ‪Internet blogs‬‬
‫[‪[[11‬‬
‫عرب الإنرتنت‪.‬‬

‫�إ�شكالية تطبيق القواعد القانونية املتعلقة بالبيانات ال�شخ�صية على و�سائل التوا�صل‬
‫االجتماعي‬
‫تُطرح �إ�شكالية تطبيق القواعد القانونية املتعلقة بحماية البيانات ذات الطابع ال�شخ�صي‬
‫على و�سائل التوا�صل االجتماعي حلماية امل�ستخدمني‪.‬‬
‫و�إن الغاية من القوانني التي تنظم معاجلة البيانات ال�شخ�صية هو حماية خ�صو�صية الأفراد‬
‫وجعلهم يف مو�ضع حتكم ببياناتهم ال�شخ�صية‪ .‬ويحق ل�صاحب البيانات ال�شخ�صية معرفة‬
‫ما يتم فعله ببياناته ال�شخ�صية‪ ،‬فال يجوز ا�ستعمالها من الغري دون هذا ال�ضابط‪ .‬كما ال‬
‫يجوز ا�ستعمالها من قبل الغري على و�سائل التوا�صل االجتماعي �إال لغايات م�رشوعة‪،‬‬
‫وذلك وفق قوانني حماية البيانات ال�شخ�صية‪ .‬ويجب �إعطاء امل�ستخدمني اخليار يف‬
‫كيفية ا�ستعمال بياناتهم ال�شخ�صية من قبل الغري‪ ،‬وبالتايل احل�صول على موافقتهم بهذا‬
‫اخل�صو�ص‪ ،‬وال�سيما بالن�سبة للن�شاطات الدعائية والت�سويقية‪ .‬خال�صة الأمر‪ ،‬يجب‬
‫�إتباع ال�شفافية والنزول عند توقعات امل�ستخدمني عند ا�ستعمال بياناتهم ال�شخ�صية على‬
‫و�سائل التوا�صل االجتماعي‪ ،‬وجعل م�سائل �أمان املعلومات �أولوية وا�ستعمال املعلومات‬

‫‪[115] Lothar Determann, Social Media Privacy: A Dozen Myths and Facts, 2012 STANFORD TECHNOLOGY LAW‬‬
‫‪REVIEW. 7, http://stlr.stanford.edu/pdf/determann-socialmediaprivacy.pdf, p 7.‬‬
‫�صفحة رقم ‪65‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫[‪[[11‬‬
‫بعد جتهيل �صاحبها ‪ anonymised information‬كلما �أمكن‪.‬‬
‫و�إن القوانني الأوروبية املتعلقة مبعاجلة البيانات ال�شخ�صية قد تطبق فقط على جتميع‬
‫البيانات ال�شخ�صية من قبل م�شغلي و�سائل التوا�صل االجتماعي لغاياتهم اخلا�صة عرب‬
‫الكعكات �أو تقنيات التتبع الأخرى �أو من خالل عمليات ت�سجيل احل�سابات‪ .‬ففي‬
‫هذه احلالة‪ ،‬يجب احل�صول على موافقة امل�ستخدمني ال�رصيحة وامل�سبقة‪ .‬فاملادة ال�سابعة‬
‫من التوجيه الأوروبي لعام ‪ 1995‬ت�سمح مبعاجلة البيانات ال�شخ�صية يف حال موافقة‬
‫ال�شخ�ص املعني بها‪ .‬ففي هذه احلالة‪ ،‬توفر القوانني الأوروبية �أو النموذج الأوروبي‬
‫الت�رشيعي حول البيانات ال�شخ�صية احلماية القانونية‪� .‬أما يف ما يتعلق بعملية �إدخال‬
‫البيانات ال�شخ�صية عند الت�سجيل على و�سيلة التوا�صل االجتماعي من قبل امل�ستخدم‬
‫ذاته فهي ُم�ستثناة من احلماية كونها تكون حلاجات امل�ستخدم ال�شخ�صية‪.‬‬
‫ومبوجب القوانني املتعلقة بحماية البيانات‪ ،‬على �رشكات و�سائل التوا�صل االجتماعي‬
‫�أخذ موافقة امل�ستخدمني بخ�صو�ص معاجلة بياناتهم وم�شاركتها مع الغري �أو ا�ستعمالها‬
‫يف الإعالنات‪ .‬ومتيل و�سائل التوا�صل االجتماعي لتكون �أقل تقييداً فيما يتعلق ب�رشوط‬
‫ك�شف البيانات اخلا�صة من املواقع الأخرى املفتوحة لأن و�سائل التوا�صل االجتماعي‬
‫تتطلب الت�سجيل عليها وكلمات �رس للدخول‪ .‬فعندما يت�سجل الفرد‪ ،‬ميكن مل�شغل موقع‬
‫التوا�صل االجتماعي �إبالغه بالتعليمات املتعلقة باخل�صو�صية واحل�صول على موافقاته‪.‬‬
‫�إال �أن معظم امل�ستخدمني يكب�سون على الف�أرة لإعطاء املوافقة على �رشوط اخل�صو�صية‬
‫دون حتى قراءتها �أو فهمها‪ .‬وتتعلق هذه ال�رشوط يف الأ�سا�س مبعاجلة البيانات التي‬
‫جتمعها و�سائل التوا�صل االجتماعي من امل�ستخدمني من خالل الت�سجيل عليها �أو‬
‫الكعكات‪ .‬وال تطبق هذه ال�رشوط على البيانات التي ينتجها امل�ستخدمون ويحملوها‬
‫على مواقع التوا�صل االجتماعي‪ .‬ويف الواقع‪ ،‬ف�إن البيانات التي ين�رشها ال�شخ�ص عن‬
‫[‪[[11‬‬
‫نف�سه وعن غريه هي التي ت�ؤثر يف اخل�صو�صية ب�شكل كبري‪.‬‬

‫ملكية البيانات ال�شخ�صية على و�سائل التوا�صل االجتماعي وا�ستثمارها‬


‫يرى البع�ض �أن البيانات ال�شخ�صية للم�ستخدمني على و�سائل التوا�صل االجتماعي‬
‫‪[116] Nemone Franks, Social media and the law: A handbook for UK companies, January 2014, http://www.linklaters.‬‬
‫‪com/pdfs/mkt/london/TMT-Social-Media-Report.pdf, p 17.‬‬
‫‪[117] Lothar Determann, Social Media Privacy: A Dozen Myths and Facts, CITE AS: 2012 STANFORD TECHNOLOGY‬‬
‫‪LAW REVIEW. 7, http://stlr.stanford.edu/pdf/determann-socialmediaprivacy.pdf, p 3.‬‬
‫�صفحة رقم ‪66‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫لي�ست مملوكة من قبل ه�ؤالء امل�ستخدمني‪ ،‬بل �أن لها قيمة جتارية اقت�صادية تعود ملن‬
‫جمعها وعاجلها وحللها‪ .‬وهذه املقاربة تقرتب �أكرث من مفهوم البيانات ال�شخ�صية يف‬
‫الواليات املتحدة الأمريكية �إال �أنها ال تن�سجم متام ًا مع املبادئ املعتمدة يف �أوروبا بالن�سبة‬
‫ملعاجلة البيانات ذات الطابع ال�شخ�صي‪.‬‬
‫فو�سائل التوا�صل االجتماعي تعر�ض خدمات مبتكرة‪ ،‬جمانية بالعموم‪ ،‬لكن غالب ًا ُمتاحة‬
‫مقابل اال�ستخدام التجاري للبيانات ال�شخ�صية للم�ستخدمني‪ [[11[.‬وقد اعتربت حمكمة‬
‫[‪[[11‬‬
‫التمييز الفرن�سية �أن جتميع البيانات ال�شخ�صية على الإنرتنت هو غري م�رشوع‪.‬‬
‫ويرى بالتايل البع�ض �أنه قد يظن امل�ستخدمون �أنهم ميلكون البيانات ال�شخ�صية العائدة‬
‫لهم‪ .‬يف احلقيقة ال �أحد ميلك احلقائق‪ .‬فحقائق املعلومات هي م�ستبعدة من نطاق‬
‫احلماية مبوجب قوانني امللكية الفكرية التي حتمي فقط االبتكار‪� .‬أما القوانني املتعلقة‬
‫ب�أ�رسار التجارة فهي حتمي املعلومات التي تبقيها ال�رشكات �رسية �إذا كانت ذات قيمة‬
‫اقت�صادية‪ .‬وال ت�شكل البيانات ال�شخ�صية على مواقع التوا�صل االجتماعي من هذا‬
‫القبيل من املعلومات‪ .‬وعندما جتمع �رشكات و�سائل التوا�صل االجتماعي معلومات‬
‫حول ميول امل�ستخدمني وا�ستخداماتهم للخدمات‪ ،‬لها وحدها حق املطالبة مبلكية هذه‬
‫الأ�رسار التجارية ولي�س امل�ستخدمني‪ .‬كذلك ميكن حماية قواعد البيانات وحمتواها من‬
‫البيانات ال�شخ�صية مبوجب القوانني الأوروبية املتعلقة بقواعد البيانات كونها عائدة‬
‫[‪[[12‬‬
‫ل�رشكات و�سائل التوا�صل االجتماعي ولكن لي�س كونها عائدة للم�ستخدمني‪.‬‬
‫يف الواقع‪ ،‬قد يتملك م�شغلو و�سائل التوا�صل االجتماعي البيانات ال�شخ�صية العائدة‬
‫للم�ستخدمني‪ .‬واملثال الأبرز هو توتري‪ ،‬حيث تن�ص ال�رشوط العامة املُطبقة منه على �أنه‬
‫يف حال دجمه �أو اال�ستحواذ عليه �أو �إعادة تنظيمه �أو بيع �أ�صوله‪ ،‬ميكن بيع املعلومات‬
‫[‪[[12‬‬
‫املجمعة �أو نقلها يف �إطار العملية املنفّذة‪.‬‬
‫ّ‬
‫وتن�ص ال�رشوط العامة ال�ستخدام في�سبوك على �أن هدف املوقع هو اقرتاح �إعالنات ذات‬
‫قيمة م�ضافة ل�صالح املعلنني وكذلك ل�صالح زبائن في�سبوك‪ .‬وله�ؤالء الزبائن ال�سماح‬
‫‪[118] Céline Castets -Renard, Droit de l’Internet: Droit français et européen, 2ème edition, Montchrestien, Lextenso‬‬
‫‪éditions, 2012, p .78.‬‬
‫‪[119] Cassation criminelle, 14/3/2006, n 05-83.423, JurisData n 2006-032892, note A. Lepage, Comm. Com. Électr., n‬‬
‫‪9 septembre 2006, comm. 131.‬‬
‫‪[120] Lothar Determann, Social Media Privacy: A Dozen Myths and Facts, 2012 STANFORD TECHNOLOGY LAW‬‬
‫‪REVIEW. 7, http://stlr.stanford.edu/pdf/determann-socialmediaprivacy.pdf, p 3.‬‬
‫‪[121] Vincent Fauchoux, Pierre Deprez, Jean-Michel Bruguière, Le droit de l’Internet, Lois contrats et usages,‬‬
‫‪LexisNexis, 2ème édition, 2013, p 17.‬‬
‫�صفحة رقم ‪67‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫با�ستخدام �أ�سمائهم و�صورهم مع املحتوى التجاري �أو منع ذلك من خالل �إعادة �ضبط‬
‫�إعدادات اخل�صو�صية؛ لكن يف الواقع‪ ،‬ف�إن الت�سجيل بحد ذاته على في�سبوك من قبل‬
‫امل�ستخدمني هو مبثابة ترخي�ص با�ستخدام البيانات ال�شخ�صية مع املحتوى التجاري‪.‬‬
‫ويتم ا�ستخدام هذه البيانات ون�رشها دون متكني امل�ستخدمني من ممار�سة حقوقهم‬
‫لهذه اجلهة‪ ،‬ويف الواقع ال يعرفون بهذا اال�ستخدام‪ .‬وال يتبني ب�شكل وا�ضح كيفية‬
‫ا�ستخال�ص في�سبوك �سرية ذاتية عن امل�ستخدم وال مدة االحتفاظ بالبيانات ال�شخ�صية‬
‫[‪[[12‬‬
‫حتى بعد االن�سحاب من في�سبوك‪.‬‬
‫و�إن فقدان حتكم امل�ستخدمني ببياناتهم ال�شخ�صية على و�سائل التوا�صل االجتماعي‬
‫ي�شكل خرق للمبادئ القانونية التي تنظم طرق حماية هذه البيانات‪.‬‬
‫وميكن ا�ستعمال البيانات حول ت�رصفات امل�ستخدمني من خالل متابعة ال�صفحات على‬
‫الإنرتنت التي يزورونها با�ستمرار وال�سلع التي ي�شرتونها عاد ًة‪ ،‬ل�صنع �سري ذاتية �أقرب �إىل‬
‫ال�صحة عنهم‪ ،‬وبالتايل التمكن من اقرتاح عرو�ض �أقرب �إىل حاجاتهم الفعلية‪ ،‬وكذلك‬
‫من �إجراء حتاليل تنبئية ت�ستبق نوع ال�سلع واخلدمات التي قد تتالءم مع طلباتهم �أو فئة‬
‫منهم �أو منطقة جغرافية معينة‪ .‬ف�شخ�صنة اخلدمات وال�سلع لأهداف ت�سويقية هو �أحد‬
‫[‪[[12‬‬
‫�أعمدة اقت�صاد البيانات ال�شخ�صية‪.‬‬
‫ومن خالل معرفة و�سيلة التوا�صل االجتماعي الوثيقة مب�ستخدمني معينني من خالل‬
‫البيانات �أو املعلومات التي وفروها عن �أنف�سهم خالل فرتة مهمة من الزمن �أو من خالل‬
‫ربطهم بح�سابات م�رصفية �أو خطوط هاتفية‪ ،‬ميكن لهذه الو�سيلة التعريف عنهم ملواقع‬
‫�إلكرتونية �أخرى تقدم خدمات �إلكرتونية‪ ،‬وذلك لقاء ربح مادي‪ .‬فخدمة التعريف‬
‫"‪ ،"Facebook Login‬بالرغم من �أنها تقدم م�صادقة �ضعيفة على هوية امل�ستخدم‬
‫(كونه ال يتم التحقق من �أن الأخري ي�شرتك ب�إ�سمه احلقيقي) هي مقبولة من قبل �أكرث من‬
‫[‪[[12‬‬
‫�سبعة ماليني موقع �إلكرتوين يف العامل‪.‬‬
‫فمن الوا�ضح �أن اخلدمات املقدمة من قبل و�سائل التوا�صل االجتماعي لي�ست جمانية‪.‬‬
‫مث ً‬
‫ال‪ ،‬ال�رشوط العامة ال�ستخدام توتري تن�ص على �أنه يف مقابل احل�صول على خدماته‪،‬‬
‫‪[122] - Céline Castets -Renard, Droit de l’Internet: Droit français et européen, 2ème edition, Montchrestien, Lextenso‬‬
‫‪éditions, 2012, p .79.‬‬
‫‪[123] - Flora Fischer, CIGREF, Marie-Noelle Gibon, Jean-Luc Raffaelli, Christophe Boutonnet, Economie des données‬‬
‫‪personnelles, Les enjeux d’un business éthique, octobre 2015, CIGREF, Réseau de grandes entreprises, http://www.‬‬
‫‪cigref.fr/wp/wp-content/uploads/2015/11/CIGREF-Economie-donnees-perso-Enjeux-business-ethique-2015.pdf, p 3, 10.‬‬
‫‪[124] - Fabrice Mattatia, Internet et les réseaux sociaux, que dit la loi? Eyrolles, 2ème édition, 2016, p 116.‬‬
‫�صفحة رقم ‪68‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫يقبل امل�ستخدم ب�أن ي�ضع توتري �أو مورديه �أو �رشكائه �إعالنات على هذه اخلدمات �أو‬
‫بعالقة على املحتوى املن�شور وفي�سبوك ال مينح م�ستخدميه خيار رف�ض ا�ستعمال بياناتهم‬
‫ال�شخ�صية لغايات جتارية‪� ،‬إال �أنه يلتزم بعدم منحها ملعلنني دون موافقة امل�ستخدمني‬
‫مع منح بيانات مغفلة دون �أ�سماء‪ .‬وت�سعى و�سائل التوا�صل االجتماعي بعدة طرق �إىل‬
‫ترجمة البيانات ال�شخ�صية يف حوزتها �إىل �أموال نقدية‪ ،‬وذلك من خالل االقرتاح على‬
‫املعلنني �سريات ذاتية لتوجيه �إعالناتهم بفعالية �أكرب �أو اقرتاح بيانات على م�ؤ�س�سات‬
‫لأجل تلبية ميول وحاجات امل�ستخدمني امل�ستقبلية عرب �شخ�صنة �سلعها �أو خدماتها �أو‬
‫[‪[[12‬‬
‫لو�ضع �إعالنات موجهة على مواقعها الإلكرتونية‪.‬‬
‫وميكن القول �أنه خالف ًا لل�شعور العام لدى امل�ستخدمني مبجانية و�سائل التوا�صل‬
‫االجتماعي‪ ،‬فالأخرية لي�ست من�ش�أة على وجه جماين‪ ،‬ولها هدف مادي هو الربح‪،‬‬
‫وتدخل �ضمن �إطار اقت�صاد الويب االجتماعي الذي ي�ستند على متويل اخلدمات‬
‫املقدمة من خالل الإعالنات املوجهة وبالتايل من خالل ا�ستثمار البيانات ال�شخ�صية‬
‫[‪[[12‬‬
‫للم�ستخدمني‪.‬‬
‫و�إن ا�ستثمار البيانات ال�شخ�صية للم�ستخدمني ي�سمح بتقدمي خدمات �أف�ضل لهم‬
‫وبتمويلها‪ .‬فعمالقة الإنرتنت املجانية‪ ،‬كفي�سبوك وغوغل‪ ،‬لي�ست جمانية �إال لأنها حتول‬
‫البيانات ال�شخ�صية مل�ستخدميها �إىل �أموال ال�سيما يف ما يتعلق بعاداتهم اال�ستهالكية‬
‫ومبحور اهتماماتهم وبنمط حياتهم‪ .‬وت�شكل القيمة الإجمالية للبيانات ال�شخ�صية‬
‫للمواطنني الأوروبيني ‪ 330‬مليار يورو يف ال�سنة من خالل الزيادة يف الإنتاج والو�صول‬
‫�إىل �أ�سواق جديدة‪ ،‬وذلك وفق ما ورد يف درا�سة بو�سطن كون�سلتينغ غروب ‪Boston‬‬
‫[‪[[12‬‬
‫‪ consulting Group‬لعام ‪.2012‬‬
‫قانون ًا‪ ،‬تن�ص املادة ‪ 21‬من النظام الأوروبي اجلديد حول البيانات ال�شخ�صية لعام ‪2016‬‬
‫على �أنه يعود لل�شخ�ص املعني بالبيانات �أن يعرت�ض على معاجلة بياناته ال�شخ�صية لأهداف‬
‫الرتويج التجاري‪ ،‬والتي تت�ضمن �إن�شاء �سرية حوله جلهة ميوله وحاجاته ‪،profiling‬‬
‫وي�ؤدي هذا االعرتا�ض �إىل وقف املعاجلة‪.‬‬

‫‪[125] Elodie Weil, L’exploitation et le protection des données à caractère personnel des utilisateurs sur les réseaux‬‬
‫‪sociaux, Droit et réseaux sociaux, Laboratoire d’études juridiques et politiques, Lextenso éditions, octobre 2015, p 122.‬‬
‫‪[126] Guillaume Florimond, Droit et Internet, De la logique internationaliste à la logique réaliste, Bibliothèque des‬‬
‫‪thèses, Editions Mare & martin, 2016, p 343.‬‬
‫‪[127] Fabrice Mattatia, Internet et les réseaux sociaux, que dit la loi? Eyrolles, 2ème édition, 2016, p 59, 60.‬‬
‫�صفحة رقم ‪69‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫وتعني كلمة ‪ profiling‬وفق املادة الرابعة من النظام الأوروبي حول البيانات ال�شخ�صية‬
‫لعام ‪� 2016‬أي �شكل من املعاجلة الآلية للبيانات ال�شخ�صية تت�ضمن ا�ستعمال البيانات‬
‫ال�شخ�صية لتقييم بع�ض مظاهر �أو جوانب ال�شخ�صية املتعلقة ب�شخ�ص طبيعي‪ ،‬ال�سيما‬
‫لتحليل �أو تنب�ؤ جوانب متعلقة ب�أداء ال�شخ�ص يف العمل �أو و�ضعه املايل �أو ال�صحي �أو‬
‫�أ�شيائه املف�ضلة �أو اهتماماته �أو �سلوكه �أو موقعه �أو تنقالته‪.‬‬
‫وتعطي املادة ‪ 22‬من ذات النظام احلق لل�شخ�ص ب�أن ال يكون مو�ضوع قرار ي�ستند فقط‬
‫�إىل معاجلة �آلية‪ ،‬ومن �ضمنها �إعداد �سرية حوله‪ ،‬والتي تنتج مفاعيل قانونية بوجهه �أو‬
‫ت�ؤثر عليه ب�شكل كبري‪� ،‬إال �إذا كان ذلك يتعلق ب�إن�شاء �أو تنفيذ عقد بني ال�شخ�ص وبني‬
‫امل�س�ؤول عن معاجلة البيانات �أو كان جماز بالقانون �أو ي�ستند �إىل موافقة ال�شخ�ص املعني‬
‫ال�رصيحة‪ .‬ويف هذه احلالة‪ ،‬يتم تدخل ب�رشي لإبداء وجهة نظره وللمنازعة يف القرار‪.‬‬
‫�إن �إن�شاء �سرية ذاتية لل�شخ�ص وت�صنيفه يف وقت معني ولفعل معني �ضمن فئة معينة معدة‬
‫م�سبق ًا لي�س �سيئ ًا دوم ًا بال�رضورة‪ ،‬مثل حالة توقع اهتماماته جلهة امل�شرتيات وعر�ض‬
‫يعمم ويتم �أخذ القرارات املهمة على‬ ‫ال�سلع عليه‪ .‬لكن الت�صنيف ي�صبح �إ�شكالي ًا عندما ّ‬
‫�أ�سا�سه‪ ،‬وذلك لأن هذا الت�صنيف ال يعك�س �إال جانب من �شخ�صية الفرد‪ ،‬وقد يكون‬
‫مبني ًا على معلومات �سيئة �أو غري �صحيحة �أو غري كاملة‪ .‬ويبدو �أن م�ستقبل الإنرتنت‬
‫هو مع تعميم ت�صنيف الأ�شخا�ص‪ ،‬فاملت�صفح مل يعد فرداً �إمنا عن�رص �ضمن فئة حمروم من‬
‫ا�ستقاللية قراره‪ ،‬ولهذا تكون حماية البيانات ال�شخ�صية من الت�صنيف املفرط للأ�شخا�ص‬
‫[‪[[12‬‬
‫هي �رشط ال غنى عنه للحفاظ على احلياة اخلا�صة‪.‬‬
‫ونحن ت�ؤيد حق امل�ستخدم ب�إعالمه بح�صول �أي حتليل لت�رصفاته على و�سائل التوا�صل‬
‫االجتماعي وباحل�صول على موافقته على ذلك ومتكينه من �إبداء مالحظاته ودفاعه بهذا‬
‫اخل�صو�ص‪.‬‬

‫مدى احلماية التي ت�ؤمنها قوانني البيانات ال�شخ�صية على و�سائل التوا�صل االجتماعي‬
‫يف الواقع‪ ،‬ال ت�ؤمن القوانني الأوروبية املتعلقة بالبيانات ال�شخ�صية �أي�ض ًا احلماية بالن�سبة‬
‫للخ�صو�صية على و�سائل التوا�صل االجتماعي‪ .‬فاملعلومات ال�شخ�صية عن ال�شخ�ص‬

‫‪[128] Guillaume Florimond, Droit et Internet, De la logique internationaliste à la logique réaliste, Bibliothèque des‬‬
‫‪thèses, Editions Mare & martin, 2016, p 340, 341.‬‬
‫�صفحة رقم ‪70‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫التي ي�شاركها مع �أ�شخا�ص �آخرين على مواقع التوا�صل االجتماعي لغايات �شخ�صية‬
‫حم�ض هي معفية من القيود مبوجب القوانني الأوروبية املتعلقة بالبيانات ال�شخ�صية‪.‬‬
‫فهذه القوانني هي معدة لتحمي الأفراد من خماطر معاجلة البيانات من قبل احلكومات‬
‫وال�رشكات التجارية ولي�س لتقلي�ص االت�صاالت بني الأفراد وجتميع املعلومات من قبلهم‪.‬‬
‫[‪[[12‬‬
‫وهذه القوانني ال حتمي الفرد من نف�سه وال من �أ�صدقائه‪.‬‬
‫وبالتايل فما ي�ضعه امل�ستخدم من معلومات حلاجاته ال�شخ�صية على �صفحته ال يكون حممي‬
‫مبوجب قوانني البيانات ال�شخ�صية الأوروبية‪� ،‬إال �إذا عمدت و�سيلة التوا�صل االجتماعي‬
‫�إىل معاجلة جمموع هذه البيانات العائدة للم�ستخدمني والت�رصف بها‪ .‬وتعطي القوانني‬
‫ال‪ ،‬لل�شخ�ص املعني‬ ‫املُنظمة ملعاجلة البيانات ال�شخ�صية الأوروبية‪ ،‬كالقانون الفرن�سي مث ً‬
‫حق االعرتا�ض لأ�سباب م�رشوعة على معاجلة البيانات ال�شخ�صية املتعلقة به �إال �إذا كان‬
‫قد وافق على ذلك �أو كان القانون يجيز ذلك‪ .‬كما تعطيه حق الإطالع على بياناته‬
‫ال�شخ�صية املُعاجلة وعلى غايات املعاجلة وم�صدر البيانات والأ�شخا�ص املُر�سلة �إليهم‪،‬‬
‫وله �أي�ض ًا طلب ت�صحيح بياناته ال�شخ�صية وحتديثها وحموها و�إكمالها يف حال كانت غري‬
‫[‪[[13‬‬
‫�صحيحة �أو ناق�صة �أو قدمية �أو غري متوافقة مع غايات املعاجلة‪.‬‬
‫�إن املقاربة الفرن�سية والأوروبية ب�شكل عام للبيانات ال�شخ�صية هي مقاربة اجتماعية‬
‫تربر حماية هذه البيانات باال�ستناد �إىل احلق بالكرامة واحلرية وامل�ساواة‪� .‬إذ �أن �إبقاء‬
‫ّ‬
‫بع�ض املعلومات ال�شخ�صية �رسية من قبل الفرد ي�سمح له باتخاذ قراراته دون التعر�ض‬
‫لنظرات الغري وبالتايل لت�أثريه‪ .‬وللفرد �أن يف�شي معلوماته للأ�شخا�ص اجلديرين بثقته‬
‫مما ي�شكل �ضمانة لكرامته‪� .‬أما مقاربة الواليات املتحدة الأمريكية ملفهوم البيانات‬
‫ال�شخ�صية وتنظيم م�س�ألة معاجلتها �أو كيفية حمايتها‪ ،‬فهي خمتلفة عن املقاربة الأوروبية‪.‬‬
‫فهذه املقاربة هي مقاربة ليربالية قائمة على تف�ضيل حرية التعبري عن الر�أي وال حتمي �إال‬
‫باحلد الأدنى ال�شحيح البيانات ال�شخ�صية‪ ،‬والتي تُعترب معلومات عامة �أو �أموال �ضمن‬
‫التجارة‪ .‬فاخل�صو�صية حممية بوجه الأ�شخا�ص العامني (القطاع العام) ولي�س بوجه‬
‫‪[129] Lothar Determann, Social Media Privacy: A Dozen Myths and Facts, 2012 STANFORD TECHNOLOGY LAW‬‬
‫‪REVIEW. 7, http://stlr.stanford.edu/pdf/determann-socialmediaprivacy.pdf, p 3.‬‬
‫‪[130] L’article 40 de la loi n°78-17 relative à l’informatique, aux fichiers et aux libertés du 6 janvier 1978 dite « loi‬‬
‫‪Informatique et Liberté » dispose que « toute personne physique justifiant de son identité peut exiger du responsable‬‬
‫‪d’un traitement que soient, selon les cas, rectifiées, complétées, mises à jour, verrouillées ou effacées les données‬‬
‫‪à caractère personnel la concernant, qui sont inexactes, incomplètes, équivoques, périmées, ou dont la collecte,‬‬
‫‪l’utilisation, la communication ou la conservation est interdite… » et l’article 38 de cette même loi ajoute « Toute‬‬
‫‪personne physique a le droit de s›opposer, pour des motifs légitimes, à ce que des données à caractère personnel la‬‬
‫‪concernant fassent l›objet d›un traitement… ».‬‬
‫�صفحة رقم ‪71‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫�أ�شخا�ص القطاع اخلا�ص �إال ب�شكل �ضعيف على �أ�سا�س امل�س�ؤولية التق�صريية املدنية‪،‬‬
‫ويرتك لل�سوق تنظيم ذاته‪ .‬وبالتايل على امل�ستخدم اختيار امل�شغل باال�ستناد �إىل التوازن‬
‫الذي يريد �إقامته بني اخلدمة املقدمة له والبيانات ال�شخ�صية املقدمة منه كمقابل لهذه‬
‫[‪[[13‬‬
‫اخلدمة‪.‬‬
‫وقد رف�ض الكونغر�س الأمريكي يف العام ‪ 1974‬اقرتاح قانون على النموذج الأوروبي‬
‫يف ما يتعلق بتنظيم معاجلة البيانات ال�شخ�صية‪ .‬والواليات املتحدة الأمريكية تقارب‬
‫مو�ضوع البيانات ال�شخ�صية فقط بالن�سبة لبع�ض املخاطر القاهرة اخلا�صة ومن خالل‬
‫قوانني حماية امل�ستهلك وبع�ض الن�صو�ص املتفرقة‪ ،‬ومنها القوانني املتعلقة بالإبالغ عن‬
‫خرق البيانات‪ .‬باملقابل‪ ،‬فقد و�ضع الإر�شاد الأوروبي حول البيانات ال�شخ�صية نظام‬
‫عام لها مع منع لبع�ض املعاجلات ووجوب الت�رصيح عن املعاجلات ب�شكل عام واحل�صول‬
‫على ترخي�ص من ال�سلطات للقيام ببع�ض املعاجلات املحددة‪ ،‬وال متيز القوانني الأوروبية‬
‫بالن�سبة ملعاجلة البيانات ال�شخ�صية بني املخاطر اخلا�صة وال�صناعات و�أنواع البيانات‪.‬‬
‫بالتايل الفوارق بني قوانني الواليات املتحدة بالن�سبة خل�صو�صية البيانات وبني تلك‬
‫[‪[[13‬‬
‫الأوروبية هي بالفعل هامة‪.‬‬
‫�سمي‬
‫وقد تو�صلت املفو�ضية الأوروبية عام ‪� 2016‬إىل اتفاق مع الإدارة الأمريكية ّ‬
‫"‪ "Privacy Shield‬ي�سمح باحرتام احلقوق الأ�سا�سية للمواطنني الأوروبيني عند معاجلة‬
‫بياناتهم ال�شخ�صية يف الواليات املتحدة الأمريكية‪ [[13[.‬وهذا االتفاق يعطي املواطنني‬
‫الأوروبيني احلقوق املن�صو�ص عنها يف التوجيه الرئا�سي حول احلياة اخلا�صة ال�صادر عام‬
‫‪ 2014‬وكذلك يف القانون الأمريكي لعام ‪ 1974‬حول اخل�صو�صية امل�سمى "‪Privacy‬‬
‫‪ ،"Act‬والذي ين�ص على حق الأمريكيني بالإطالع وبالطعن ما خال حالة الأمن الوطني‬
‫وذلك يف حال ا�ستعمال بياناتهم ب�صورة غري م�رشوعة‪ .‬مع العلم �أن البيانات ال�شخ�صية‬
‫املجمعة يف �أوروبا من قبل و�سائل التوا�صل االجتماعي الأمريكية كفي�سبوك يتم تخزينها‬
‫ّ‬
‫يف الواقع يف الواليات املتحدة الأمريكية‪ .‬كما �سبق للمفو�ضية الأوروبية �أن �أبرمت مع‬
‫ال�سلطات الأمريكية يف العام ‪ 2001‬اتفاق حول البيانات ال�شخ�صية �سمي ب"‪Safe‬‬
‫‪[131] Guillaume Florimond, Droit et Internet, De la logique internationaliste à la logique réaliste, Bibliothèque des‬‬
‫‪thèses, Editions Mare & martin, 2016, p 347, 348, 349, 361, 367.‬‬
‫‪[132] Lothar Determann, Social Media Privacy: A Dozen Myths and Facts, 2012 STANFORD TECHNOLOGY LAW‬‬
‫‪REVIEW. 7, http://stlr.stanford.edu/pdf/determann-socialmediaprivacy.pdf, p 4.‬‬
‫‪[133] Garance Mathias, Données personnelles: votre conformité, Janvier 2017, http://www.avocats-mathias.com/‬‬
‫‪wp-content/uploads/2013/09/Mathias-Avocats-Protection-des-donn%C3%A9es-%C3%A0-caract%C3%A8re-personnel-‬‬
‫‪Janvier-2017.pdf, p. 5.‬‬
‫�صفحة رقم ‪72‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫‪."Harbour‬‬
‫وقد اعتربت حمكمة العدل الأوروبية يف العام ‪� 2003‬أن منع ت�صدير البيانات ال�شخ�صية‬
‫ال يطبق على املواقع الإلكرتونية‪ ،‬و�أن و�ضع بيانات �شخ�صية على موقع �إلكرتوين‬
‫ُم�ست�ضاف �ضمن الإحتاد الأوروبي ال ي�شكل نق ً‬
‫ال لها‪ ،‬ولو كان ممكن الو�صول �إليها عرب‬
‫[‪[[13‬‬
‫الإنرتنت من قبل �أ�شخا�ص يف دول �أخرى‪.‬‬
‫الواقع �أنه على و�سائل التوا�صل االجتماعي‪ ،‬ف�إن امل�ستخدم ذاته هو من و�ضع معلومات‬
‫متعلقة بحياته اخلا�صة بت�رصف اجلمهور‪ .‬واالجتهاد م�ستقر على حرمان البيانات‬
‫ال�شخ�صية من احلماية يف حالتني‪ :‬الأوىل عندما تطغى م�صلحة �أجدر باحلماية على احلياة‬
‫اخلا�صة‪ ،‬والثانية عندما يف�شي ال�شخ�ص املعني ذاته بياناته ال�شخ�صية‪ .‬ونحن ن�ؤيد هذه‬
‫الوجهة‪ ،‬فمن جهة �أوىل‪ ،‬ف�إن امل�صلحة العامة للمجتمع تطغى على م�صلحة الفرد‪ ،‬ومن‬
‫جهة ثانية‪ ،‬ف�إن الفرد ذاته قد يتنازل عن حق �شخ�صي ممنوح له هو حقه باخل�صو�صية‪ .‬كما‬
‫يقت�ضي التمييز بني البيانات ال�شخ�صية املتعلقة مب�ستخدم احل�ساب على و�سيلة التوا�صل‬
‫االجتماعي والبيانات ال�شخ�صية املتعلقة بالغري‪ ،‬والتي ين�رشها �صاحب احل�ساب‪ ،‬فعلى‬
‫الأخري توخي احلذر واحليطة �أكرث بخ�صو�ص بيانات الغري ال�شخ�صية‪.‬‬
‫وقد ق�ضت املحكمة الأوروبية حلقوق الإن�سان يف قرارها تاريخ ‪ 23/7/2009‬ب�أن‬
‫املعلومات‪ ،‬يف حال �إي�صالها ملعارف اجلمهور من قبل ال�شخ�ص املعني ذاته‪ ،‬ف�إنها تتوقف‬
‫عن كونها �رسية وت�صبح متاحة بحرية‪ [[13[.‬وتقر املحكمة العليا يف الواليات املتحدة‬
‫الأمريكية ب�رضورة ت�شجيع النقا�ش يف الق�ضايا ذات االهتمام العام‪ ،‬وهو يعرف مببد�أ‬
‫"[‪ marketplace of ideas".[[13‬وبالتايل ف�إنه يف ظل هذه التوجهات الإجتهادية‪ ،‬ف�إن‬
‫ن�رش �شخ�ص بياناته على و�سيلة توا�صل اجتماعي "ي�ضعف" حقه بحماية حياته اخلا�صة‪.‬‬
‫ويرى البع�ض �أنه يجب تقدير مدى �إف�شاء امل�ستخدم لبياناته ال�شخ�صية يف �ضوء �إعدادات‬
‫اخل�صو�صية املطبقة منه على هذه البيانات على و�سيلة التوا�صل االجتماعي‪ ،‬ف�إذا كان‬
‫قد ّقيد حق الو�صول �إىل هذه البيانات على و�سيلة التوا�صل االجتماعي مبجموعة من‬
‫امل�ستخدمني فقط‪ ،‬فال ميكن اعتبار �أنه قد �أف�شاها للجمهور بحيث ميكن �إعادة ا�ستعمالها‬
‫‪[134] Cour de justice des communautés européennes, cité dans: Fabrice Mattatia, Internet et les réseaux sociaux, que‬‬
‫‪dit la loi? Eyrolles, 2ème édition, 2016, p 64.‬‬
‫‪[135] Cour Européenne des droits de l’homme, 23 juillet 2009 n° 12268/03, Hachette Filipacchi Associés (Ici Paris) c/‬‬
‫‪France.‬‬
‫‪[136] Philadelphia Newspapers/Hepps, 475 US 767, 106 S. Ct. 1558, 89 L.Ed.2d 783 (S. Ct. 12/4/1986).‬‬
‫�صفحة رقم ‪73‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫[‪[[13‬‬
‫دون �إذن منه‪ُ ( .‬يراجع)‬
‫ويف حماولة ملجاراة التوجه الأوروبي‪� ،‬أعلنت جلنة التجارة الفدرالية يف الواليات املتحدة‬
‫الأمريكية �أن و�سائل التوا�صل االجتماعي قد تعاملت مع بيانات امل�ستخدمني بطرق‬
‫�أحلقت �رضر بهم من خالل تهديد �صحتهم و�سالمتهم والك�شف عن �آرائهم ال�سيا�سية‬
‫وميولهم اجلن�سية وعالقاتهم التجارية وغريها من املعلومات احل�سا�سة و�إنتماءاتهم‬
‫لأ�شخا�ص ثالثني ومن دون �إذن‪ .‬وقد اعتذر مقدمو اخلدمات وجرت ت�سوية لل�شكاوى‬
‫دون تقدمي دفاع جدي‪ ،‬وهم ي�ستمرون يف الدفع نحو م�شاركة املعلومات واالبتكار‬
‫وتو�سيع �شبكات التوا�صل وت�سويق بيانات امل�ستخدمني‪� .‬إال �أنه بالرغم من هذا الأمر‪،‬‬
‫ف�إن عدد م�ستخدمي و�سائل التوا�صل االجتماعي ا�ستمر يف االرتفاع ب�شكل مطرد ومل‬
‫يت�أثر‪ .‬ويبدو �أن امل�ستخدمني قد تكلموا‪ ،‬فهم مل يت�أثروا‪ ،‬فالنا�س تهتم �أكرث باحل�صول‬
‫[‪[[13‬‬
‫على و�سائل توا�صل جمانية من �ضمان خ�صو�صيتهم‪.‬‬
‫‪/2002/58‬‬ ‫وجتد الإ�شارة �إىل �أنه يف العام ‪� ،2002‬أقر الإحتاد الأوروبي التوجيه رقم‬
‫‪ CE‬تاريخ ‪ 12/7/2002‬املتعلق مبعاجلة البيانات ال�شخ�صية وحماية احلياة اخلا�صة يف‬
‫قطاع االت�صاالت الإلكرتونية‪ ،‬والذي ي�سمح لل�رشكات بو�ضع الكعكات ‪cookies‬‬
‫على حوا�سب امل�ستخدمني لأهداف م�رشوعة‪ ،‬وبعد �إطالع امل�ستخدمني ب�شكل‬
‫وا�ضح وحمدد على هذه الأهداف وعلى ماهية املعلومات املُنزلة على حوا�سبهم؛ ويعود‬
‫للم�ستخدمني يف كل حال اختيار منع تنزيل الكعكات على حوا�سبيهم‪ .‬ثم ما لبث‬
‫الإحتاد الأوروبي �أن فر�ض على ال�رشكات مبوجب التعديل احلا�صل عام ‪ 2009‬للتوجيه‬
‫رقم ‪ CE/2002/58‬احل�صول على موافقة امل�ستخدمني امل�سبقة قبل تنزيل كعكات على‬
‫حوا�سبهم لغايات جتارية وت�سويقية‪� ،‬أي �أنه اعتمد نظام ‪.Opt-in‬‬
‫وتن�ص املادة اخلام�سة من التوجيه الأوروبي املذكور لعام ‪ ،2002‬واملتعلق مبعاجلة‬
‫البيانات ال�شخ�صية وبحماية احلياة اخلا�صة يف قطاع االت�صاالت الإلكرتونية‪ ،‬على �أن‬
‫ت�ضمن الدول الأع�ضاء من خالل الت�رشيعات الوطنية �رسية االت�صاالت ومعلومات حركة‬
‫البيانات ‪ Traffic data‬املُجراة من خالل �شبكة ات�صاالت عامة؛ ومينع على �أي �شخ�ص‬

‫‪[137] Marine de Montecler, Le droit à l’heure des réseaux sociaux, HEC Paris – 2011, https://www.lepetitjuriste.fr/wp-‬‬
‫‪content/uploads/2011/10/droit%20@%20l%20heure%20des%20r%c3%a9seaux%20sociaux%20-%20Marine%20de%20‬‬
‫‪Montecler.pdf, p 33.‬‬
‫‪[138] Lothar Determann, Social Media Privacy: A Dozen Myths and Facts, 2012 STANFORD TECHNOLOGY LAW‬‬
‫‪REVIEW. 7, http://stlr.stanford.edu/pdf/determann-socialmediaprivacy.pdf, p 13.‬‬
‫�صفحة رقم ‪74‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫غري امل�ستخدم اال�ستماع �أو اعرتا�ض �أو تخزين االت�صاالت ومعلومات حركة البيانات‬
‫�أو مراقبتها دون موافقة امل�ستخدم‪� ،‬إال �إذا كان ال�شخ�ص املذكور جُماز له مبوجب القانون‬
‫ل�رضورات الأمن والدفاع الوطني �أو ملالحقة اجلرائم �أو لردعها‪ .‬ولكن ال يمُ نع التخزين‬
‫التقني ال�رضوري ل�سري االت�صال دون التعر�ض ل�رسية البيانات‪.‬‬
‫وقد تقوم امل�س�ؤولية باال�ستناد �إىل القوانني املتعلقة باخل�صو�صية وحماية البيانات ال�شخ�صية‪.‬‬
‫فالإر�شاد الأوروبي املتعلق بحماية البيانات ال�شخ�صية يفر�ض على الكيانات التي جتمع‬
‫البيانات ال�شخ�صية وتعاجلها �أن تتخذ تدابري ل�ضمان �أمانها وم�صداقيتها وامل�س�ؤولية عنها‬
‫و�أن ت�أخذ الإذن من ال�شخ�ص املعني قبل جعل البيانات ال�شخ�صية متاحة للجمهور‪.‬‬
‫ويطبق الإر�شاد الأوروبي على �أية �صور �أو �أفالم فيديو‪ ،‬وبالتايل ف�أي �شخ�ص ي�ست�ضيف‬
‫[‪[[13‬‬
‫�أو ين�رش �أعمال رقمية �أو حمتوى متعلق بالغري ميكن �أن يواجه م�س�ؤولية قانونية‪.‬‬
‫�إال �أنه يف الواقع ال حترتم املواقع الإلكرتونية التي جتمع بيانات �شخ�صية �إال باحلد الأدنى‬
‫موجباتها جلهة حتديد غايات معاجلتها للبيانات ال�شخ�صية وجلهة توفري الو�صول‬
‫تعرف‬
‫للم�ستخدمني �إىل بياناتهم وتعديلها وجلهة ت�أمني �أمان هذه البيانات‪ .‬فهذه املواقع ّ‬
‫غايات املعاجلة ب�شكل عام ووا�سع ومبهم مع حفظ حقها بهام�ش معني جلهة تعديل‬
‫غايات املعاجلة ولو �ضمن �إطار الغايات العامة املُعلن عنها �سابقا‪.‬‬
‫ً [‪[[14‬‬

‫‪[139] Cynthia Wong, James X. Dempsey, Mapping digital media, THE MEDIA AND LIABILITY FOR CONTENT ON‬‬
‫‪THE INTERNET, www.mappingdigitalmedia.org, www.soros.org/initiatives/media, May 2011, p 9.‬‬
‫‪[140] Guillaume Florimond, Droit et Internet, De la logique internationaliste à la logique réaliste, Bibliothèque des‬‬
‫‪thèses, Editions Mare & martin, 2016, p 356, 359.‬‬
‫�صفحة رقم ‪75‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫} رابعاً {‬
‫و�سائل التوا�صل االجتماعي وحرية التعبري عن الر�أي‬
‫ي�ستعمل امل�ستخدمون و�سائل التوا�صل االجتماعي للتعبري عن �آراءهم والرتويج لها يف‬
‫ال�سيا�سة والثقافة واالقت�صاد وحقوق الإن�سان واملر�أة والعمل واالجتماعيات والريا�ضة‬
‫وغريها من املوا�ضيع التي تهم الر�أي العام‪ .‬وتظهر و�سائل التوا�صل االجتماعي ك�إحدى‬
‫�أهم الأدوات احلديثة التي تو�صل ر�أي كل �شخ�ص �إىل جمهور غري حمدود على م�ستوى‬
‫العامل قاطب ًة ودون قيود متعلقة باحلدود اجلغرافية ودون تكلفة وب�شكل �آين و�رسيع‬
‫و�سهل‪� ،‬إال �أنه قد تثور �إ�شكاليات قانونية حول املحتوى الذي ين�رشه امل�ستخدم على‬
‫و�سيلة التوا�صل االجتماعي ومدى تعار�ضه �أحيان ًا مع القوانني �أو حقوق الغري‪.‬‬
‫ويقت�ضي الإ�شارة �إىل �أن الإنرتنت ت�شكل مفهوم واحد عاملي‪ ،‬فهي نظام عاملي غري‬
‫[‪[[14‬‬
‫مركزي يف حني �أن القيم والقوانني واملعايري لي�ست عاملية بل هي خا�صة بكل بلد‪.‬‬
‫وبالتايل قد تت�شعب الإ�شكاليات القانونية وتختلف وفق كل بلد‪.‬‬
‫للم�ستخدم حرية التعبري على و�سائل التوا�صل االجتماعي‪� ،‬إال �أنه يتوجب عليه عند‬
‫ن�رش املحتوى على و�سائل التوا�صل االجتماعي احرتام النظام العام يف الدولة و�سالمتها‬
‫وحقوق امللكية الفكرية والعالمات التجارية وحقوق امل�ؤلف واحرتام القيود امل�رشوعة‬
‫على حريته بالتعبري عن ر�أيه وحقوق الغري‪ .‬وهذا ما �سنتناوله بالتف�صيل الحق ًا مع معاجلة‬
‫حالة خا�صة هي حرية التعبري للموظفني على و�سائل التوا�صل االجتماعي‪.‬‬

‫و�سائل التوا�صل االجتماعي وتطبيق مبد�أ حرية التعبري عن الر�أي عليها‬


‫لقد تطور مفهوم حرية التعبري عن الر�أي بدءاً من فل�سفة �سقراط يف العام ‪ 399‬قبل‬
‫امليالد �إىل املانغا كارتا يف بريطانيا العام ‪� 1215‬إىل وثيقة احلقوق املانحة حلرية الر�أي‬
‫يف الربملان العام ‪� 1689‬إىل �إعالن حقوق الإن�سان واملواطن يف العام ‪ 1789‬يف فرن�سا‬
‫(منها حرية التعبري) �إىل التعديل الأول للد�ستور يف الواليات املتحدة الأمريكية العام‬
‫‪ 1791‬املت�ضمن حرية التعبري �إىل الإعالن العاملي حلقوق الإن�سان (الأمم املتحدة) يف العام‬
‫‪[141] Richard Steppe, The freedom of speech on social networking services, Do we need protection against our own‬‬
‫‪expressions?, https://www.law.kuleuven.be/jura/art/50n3/steppe.pdf, p. 580.‬‬
‫�صفحة رقم ‪76‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫‪ 1948‬الذي ن�ص �أي�ض ًا على حرية التعبري يف املادة ‪ 19‬منه[‪ ،[[14‬حيث تن�ص على �أنه ِ ّ‬
‫لكل‬
‫حريته يف اعتناق الآراء دون‬ ‫احلق ِ ّ‬
‫بحرية الر�أي والتعبري‪ ،‬وي�شمل هذا ُّ‬ ‫حق التم ُّتع ِ ّ‬
‫�شخ�ص ُّ‬
‫وتلقّيها ونقلها �إىل الآخرين‪ ،‬ب�أ َّية و�سيلة ودومنا‬
‫م�ضايقة‪ ،‬ويف التما�س الأنباء والأفكار ِ‬
‫اعتبار للحدود‪� .‬إىل االتفاقية الأوروبية حلماية حقوق الإن�سان واحلريات الأ�سا�سية‬
‫والتي ت�ضمنت حرية التعبري والر�أي يف املادة العا�رشة منها[‪� ،[[14‬إىل العهد الدويل اخلا�ص‬
‫باحلقوق املدنية وال�سيا�سية لعام ‪ 1966‬الذي ين�ص يف املادة ‪ 18‬منه على لكل �إن�سان حق‬
‫يف اعتناق �آراء دون م�ضايقة‪ ،‬و�أنه لكل �إن�سان حق يف حرية التعبري؛ وي�شمل هذا احلق‬
‫حريته يف التما�س خمتلف �رضوب املعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها �إىل �آخرين دومنا‬
‫اعتبار للحدود؛ �سواء على �شكل مكتوب �أو مطبوع �أو يف قالب فني �أو ب�أية و�سيلة‬
‫�أخرى يختارها؛ و�أنه ت�ستتبع ممار�سة احلقوق املن�صو�ص عليها يف الفقرة ‪ 2‬من هذه املادة‬
‫واجبات وم�س�ؤوليات خا�صة؛ وعلى ذلك يجوز �إخ�ضاعها لبع�ض القيود ولكن �رشيطة‬
‫�أن تكون حمددة بن�ص القانون و�أن تكون �رضورية الحرتام حقوق الآخرين �أو �سمعتهم‪،‬‬
‫وحلماية الأمن القومي �أو النظام العام �أو ال�صحة العامة �أو الآداب العامة‪.‬‬
‫وقد ت�ضمن التقرير ال�صادر عن مقرر جلنة الأمم املتحدة حول حقوق الإن�سان حول‬
‫حماية احلق يف حرية الر�أي والتعبري �أن املادة ‪ 19‬يف الإعالن العاملي حلقوق الإن�سان‬
‫تطبق على الإنرتنت التي �أ�صبحت الو�سيلة التي ميار�س من خاللها الأفراد احلق بحرية‬
‫الر�أي والتعبري‪ ،‬و�أن املادة ‪ 19‬قد �صيغت بر�ؤية لتغطية التطورات يف التكنولوجيا التي‬
‫قد يتم من خاللها التعبري‪ .‬لكن التقرير يعرتف ب�أن بع�ض ا�شكال التعبري تخ�ضع للقيود‬
‫املن�صو�ص عنها يف الفقرة الثالثة من املادة ‪ 19‬املنوه عنها‪ [[14[.‬وهي بالتايل تطبق على‬
‫و�سائل التوا�صل االجتماعي بالن�سبة حلرية الر�أي والتعبري وكذلك بالن�سبة للقيود على‬
‫هذه احلرية‪.‬‬
‫وميكن القول �أن مبد�أ حرية التعبري على الإنرتنت يطبق يف العامل االفرتا�ضي كما يف‬
‫العامل احلقيقي‪ .‬و�إن الإعالن العاملي حلقوق الإن�سان واالتفاقية الأوروبية حلماية حقوق‬
‫‪[142] Article 19(2) of the ICCPR states: ‘Everyone shall have the right to freedom of expression; this right shall include‬‬
‫‪freedom to seek, receive and impart information and ideas of all kinds, regardless of frontiers, either orally, in writing‬‬
‫‪or in print, in the form of art, or through any other media of his choice’.‬‬
‫‪[143] Article 10(1) of the European Convention on Human Rights (ECHR) provides:‘Everyone has the right to freedom‬‬
‫‪of expression. This right shall include freedom to hold opinions and to receive and impart information and ideas‬‬
‫‪without interference by public authority and regardless of frontiers’.‬‬
‫‪[144] F. La Rue, Report of the Human Rights Council’s Special Rapporteur on the promotion and protection of the right‬‬
‫‪to freedom of opinion and expression, A/HRC/17/27, 16th May 2011.‬‬
‫�صفحة رقم ‪77‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫الإن�سان واحلريات الأ�سا�سية هي من الأدوات الأ�سا�سية املمكن تطبيقها يف جمال حرية‬


‫التعبري على الإنرتنت ويف و�سائل التوا�صل االجتماعي بالنظر لطابعها الدويل والعابر‬
‫[‪[[14‬‬
‫للحدود‪.‬‬
‫كما حتمي املادة العا�رشة من االتفاقية الأوروبية حلماية حقوق الإن�سان واحلريات الأ�سا�سية‬
‫كل طريقة للتعبري �أو للن�رش �أو جلعل معلومات �أو مفاهيم معروفة‪ ،‬وذلك ب�رصف النظر‬
‫عن الو�سيطة ‪� medium‬أو قناة التوزيع ‪ .Channel of distribution‬وهناك توافق‬
‫عام على �أن املادة العا�رشة املذكورة تطبق بطريقة م�ستقلة �أو حيادية عن التكنولوجيا‪،‬‬
‫مما يجعلها قابلة للتطبيق على �شبكات االت�صاالت احلديثة و�أنظمة املعلومات على‬
‫[‪[[14‬‬
‫الإنرتنت‪.‬‬
‫وعلى ال�صعيد العربي‪ ،‬تن�ص املادة ‪ 32‬من امليثاق العربي حلقوق الإن�سان على �أن ي�ضمن‬
‫هذا امليثاق احلق يف االعالم وحرية الر�أي والتعبري‪ ،‬وكذلك احلق يف �إ�ستقاء االنباء‬
‫واالفكار‪ ،‬وتلقيها ونقلها اىل االخرين ب�أي و�سيلة ودومنا اعتبار للحدود اجلغرافية؛‬
‫وعلى ان متار�س هذه احلقوق واحلريات يف اطار املقومات الأ�سا�سية للمجتمع وال‬
‫تخ�ضع �إال للقيود التي يفر�ضها احرتام حقوق الآخرين �أو �سمعتهم �أو حماية الأمن‬
‫الوطني �أو النظام العام �أو ال�صحة العامة �أو الآداب العامة‪ .‬وكذلك احلق يف ا�ستقاء الأنباء‬
‫والأفكار‪.‬‬
‫ولقد �أعلنت جلنة وزراء جمل�س �أوروبا يف العام ‪� 2005‬أن حرية التعبري واملعلومات‬
‫واالت�صاالت يجب �أن حترتم يف بيئة رقمية كما يف بيئة غري رقمية وال يجب �أن تكون‬
‫مو�ضوع تقييدات غري تلك املن�صو�ص عنها يف املادة العا�رشة من االتفاقية الأوروبية‬
‫حلماية حقوق الإن�سان واحلريات الأ�سا�سية‪ ،‬وذلك ملجرد �أن االت�صال يتم ب�شكل رقمي‪.‬‬
‫ويف الواليات املتحدة الأمريكية‪ ،‬ف�إن التعديل الأول للد�ستور عام ‪ 1791‬ي�ؤكد �أنه ال‬
‫ميكن للكونغر�س و�ضع قانون يحرم من حرية التعبري‪ .‬بالرغم من �أن �صياغة هذا التعديل‬
‫[‪[[14‬‬
‫هي كمنع مطلق لكن يف احلقيقة ال يعامل هذا املنع ب�أنه مطلق‪.‬‬
‫‪[145] D. CUCEREANU, Aspects of Regulating Freedom of Expression on the Internet, Antwerp –Oxford, Intersentia,‬‬
‫‪2008, 216.‬‬
‫‪[146] Richard Steppe, The freedom of speech on social networking services, Do we need protection against our own‬‬
‫‪expressions?, https://www.law.kuleuven.be/jura/art/50n3/steppe.pdf, p. 577.‬‬
‫‪- E. LIEVENS, P. VALCKE and D. STEVENS, Praktijkboek Recht en Internet, Bruges, Vanden Broele, 2005, 13.‬‬
‫‪[147] Rick Levy, Social Media and the Free Speech Right of Public Employees, May 29-30, 2014, University of Kansas‬‬
‫‪School of Law, p 6.‬‬
‫�صفحة رقم ‪78‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫ويف كندا‪ ،‬حرية التعبري عن الر�أي املحمية مبوجب وثيقة احلقوق واحلريات هي عن�رص‬
‫مهم يف جمتمع دميقراطي فعال ويبقى حق حممي يف ع�رص و�سائل التوا�صل االجتماعي‪،‬‬
‫[‪[[14‬‬
‫ولكنه يخ�ضع لبع�ض القيود املعقولة‪.‬‬
‫ويظهر تويرت كو�سيلة توا�صل اجتماعي تر�سخ مبد�أ حرية التعبري وكمدافعة �رش�سة عن‬
‫هذا املبد�أ‪ .‬وقد طالبت بع�ض الدول مبراقبة املحتوى على توتري �أو بوقفها عن العمل‬
‫�أو بحجبها �ضمن نطاقها الوطني‪ .‬وقد �أ�رض ذلك بالقيمة التجارية لتوتري مما حملها يف‬
‫كانون الثاين ‪ 2012‬على تغيري �سيا�ستها جلهة منع املحتوى عن امل�ستخدمني يف بلد معني‬
‫مع �إبقائه متاح ًا لباقي العامل‪ ،‬وذلك مراعا ًة لبع�ض الدول التي لها مفهوم خا�ص حلرية‬
‫التعبري عن الر�أي‪.‬‬
‫وهكذا‪� ،‬أ�صبحت و�سائل التوا�صل االجتماعي ت�شكل نوع من رقابة من قبل جمهور‬
‫العامة على الت�رصفات التع�سفية لل�سلطة‪ ،‬فك�أنها �أعني و�آذان اجلمهور التي تنقل هذه‬
‫الت�رصفات �إىل العلن‪ .‬بعك�س الن�رش يف اجلرائد واملجالت وو�سائل الإعالن التقليدية‬
‫اخلا�ضعة للجنة رقابة داخلية تتحقق مما ين�رش‪ ،‬والتي قد يكون لها توجه جلهة الر�أي‬
‫ال�سيا�سي �أو م�صالح جتارية‪ ،‬ف�إن و�سائل التوا�صل االجتماعي قد غريت فهمنا حلدود‬
‫[‪[[14‬‬
‫التوا�صل‪ ،‬فلم يعد لها حدود جلهة املكان والوقت وامل�ساحة والثقافة‪.‬‬
‫(‪European‬‬ ‫يف هذا ال�سياق‪ ،‬ووفق اجتهاد املحكمة الأوروبية حلقوق الإن�سان‬
‫‪ ،)Court of Human Rights ECtHR‬ف�إن التعبري عن الآراء ال�سيا�سية ُيعطى‬
‫احلماية الأقوى‪ [[15[ ،‬ثم التعبري الفني[‪ [[15‬ثم التجاري[‪ ،[[15‬و�أن هناك حق بالتعبري قد‬
‫يكون هجومي �صادم �أو منزعج[‪.[[15‬‬
‫كما اعتربت حمكمة اال�ستئناف يف الواليات املتحدة الأمريكية �أن كب�س زر "‪ "like‬من‬
‫‪[148] Protecting Freedom of Expression in an Age of Social Media, Statements on Government’s Social Media Sites,‬‬
‫‪http://www.ciddd.ca/documents/phasetwo/RNC_Statements_on_Government%27s_Social_Media_Sites.pdf, p 2.‬‬
‫‪[149] Peter Coe, The social media paradox: an intersection with freedom of expression and the criminal law, http://‬‬
‫‪www.tandfonline.com/doi/abs/10.1080/13600834.2015.1004242?journalCode=cict20, p 8.‬‬
‫‪[150] TV Vest As & Rogaland Pensjonistparti v Norway [2008] ECHR 21132/05, [59]; Lingens v Austria (1986) 8‬‬
‫‪E.H.R.R. 407, [42]; Wingrove v United Kingdom (1997) 24 E.H.R.R. 1, [58]; United Communist Party of Turkey v‬‬
‫‪Turkey (1998) 26 E.H.R.R. 121, [45]; Nilsen v Norway (2000) 30 E.H.R.R. 878, [46]; Vgt Verein gegen Tierfabriken‬‬
‫]‪(2002) 34 .H.R.R. 4, [66]; Murphy v Ireland (2004) 38 E.H.R.R. 13, [67‬‬
‫‪[151] Muller v Switzerland (1991) 13 E.H.R.R. 212; Otto Preminger v Austria (1995) 19 E.H.R.R. 34; IA v Turkey‬‬
‫‪(2007) E.H.R.R. 30.‬‬
‫‪[152] Markt Intern v Germany (1989) 12 E.H.R.R. 161, [33].‬‬
‫‪[153] Handyside (n 22); EHRR 737 [49]; Ross v Canada 18 October 2000, Communication No. 736/1997; UN Human‬‬
‫‪Rights Committee, General Comment 34: Freedoms of Opinion and Expression, CCPR/C/GC/34 (GC 34) 12th‬‬
‫]‪September 2011, [11‬‬
‫�صفحة رقم ‪79‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫قبل امل�ستخدم ي�ؤدي �إىل ن�رش بيان بان امل�ستخدم يعجب ب�شيء والذي هو بيان مبدئي‪،‬‬
‫وهو بهذه الطريقة على الإنرتنت ما يوازي ن�رش ر�أي �سيا�سي‪ [[15[.‬ويف قرار �آخر اعتربت‬
‫�أن امل�ستخدمني الذين يعجبون "‪ "like‬ب�صفحة على في�سبوك لإظهار دعمهم ملر�شح‬
‫�سيا�سي يعربون عن ر�أي حممي قانون ًا‪ [[15[.‬ويكون التعديل الأول الد�ستوري يف الواليات‬
‫املتحدة الأمريكية هو مطبق على اخلطابات على الإنرتنت‪.‬‬
‫ميكن القول �أنه بف�ضل �شبكة الإنرتنت وو�سائل التوا�صل االجتماعي‪� ،‬أ�صبح نطاق‬
‫احلرية املمنوحة لكل فرد ن�سبي ًا غري حمدود‪ .‬وميكن للفرد على و�سائل التوا�صل انتقاد‬
‫الت�رصفات الديكتاتورية �أو �إعالم العامل بالأعمال الوح�شية �أو التمرد على الت�رشيعات‬
‫اجلديدة من خالل �إطالق تعليقاتهم على الإنرتنت‪ .‬و�أ�صبح ا�ستخدام و�سائل التوا�صل‬
‫االجتماعي بهذه ال�صفة من الأهمية للمواطنني وللنا�شطني ومل�ؤ�س�سات املجتمع املدين‬
‫ولل�رشكات وللحكومات‪ [[15[.‬كما ميكن القول �أن امل�شاركة يف نقا�ش ذات اهتمام عام‪،‬‬
‫ال�سيما �إذا تناول �أ�شخا�ص عامني �أو �سيا�سيني‪ ،‬و�إذا كانت توجد م�ؤ�رشات جدية على‬
‫[‪[[15‬‬
‫املزاعم املُ�ساقة �ضدهم‪ ،‬يدخل �ضمن املمار�سة الطبيعية يف جمتمع دميقراطي‪.‬‬
‫كخال�صة‪� ،‬إن مبد�أ حرية التعبري على و�سائل التوا�صل االجتماعي هو �أمر حم�سوم تطبيق ًا‬
‫للن�صو�ص واالتفاقيات الدولية التي جرى عر�ضها‪� ،‬إال �أنه يخ�ضع لبع�ض القيود‪.‬‬

‫و�سائل التوا�صل االجتماعي والقيود على حرية التعبري‬


‫�إن احلق بحرية التعبري لي�س مطلق ًا فهو يخ�ضع لقيود‪ .‬فهو مقيد بعدم التع�سف با�ستعماله‪،‬‬
‫ال�سيما عند التعر�ض للنظام العام يف الدولة �أو حلقوق الغري �أو عند ن�رش عبارات جارحة‬
‫او مهينة �أو قدح وذم وقذف �أو التعر�ض للملكية الفكرية �أو العالمات التجارية على‬
‫و�سائل التوا�صل االجتماعي‪.‬‬
‫وين�ص الإعالن العاملي حلقوق الإن�سان على �إمكانية التع�سف با�ستعمال هذا احلق‬
‫النتهاك حقوق الآخرين‪ ،‬مما ي�سمح بتقييد املادة ‪ 19‬منه لأ�سباب متعددة وب�شكل مربر‬
‫‪[154] Richmond 4th U.S. Circuit Court of Appeals, USA, 18/9/2013, Bland et al v. Roberts, no. 12-1671, http://www.ca4.‬‬
‫‪uscourts.gov/Opinions/Published/121671.P.pdf, 39.‬‬
‫‪[155] J. STEMPEL, “Facebook ‹like› deserves free speech protection: U.S. court”, Reuters, 18 September 2013, http://‬‬
‫‪reut.rs/1dipEFg (last consulted: 09/12/2013).‬‬
‫‪[156] Richard Steppe, The freedom of speech on social networking services, Do we need protection against our own‬‬
‫‪expressions?, https://www.law.kuleuven.be/jura/art/50n3/steppe.pdf, p. 578.‬‬
‫‪[157] Emmanuel Netter, La liberté d’expression sur les réseaux sociaux en droit français, Droit et réseaux sociaux,‬‬
‫‪Laboratoire d’études juridiques et politiques, Lextenso éditions, octobre 2015, p 52.‬‬
‫�صفحة رقم ‪80‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫(منها ت�أكيد حقوق الغري و�سمعتهم وحلماية الأمن الوطني والنظام العام)[‪ .[[15‬كذلك‬
‫تن�ص االتفاقية الأوروبية حلماية حقوق الإن�سان واحلريات الأ�سا�سية يف املادة العا�رشة‬
‫البند الثاين منها على �أن ممار�سة حرية التعبري ميكن �أن يخ�ضع ل�شكليات �أو �رشوط �أو‬
‫قيود �أو عقوبات كما هي من�صو�ص عنها يف القانون و�رضورية يف جمتمع دميقراطي[‪.[[15‬‬
‫و�إن الأ�شكال الأخرى من التعبري التي قد تكون مو�ضوع تقييد م�رشوع وفق املادة ‪19‬‬
‫فقرة (‪ )3‬منها تت�ضمن خطابات الكراهية والقدح والذم والقذف والتمييز على �أ�سا�س‬
‫عن�رصي �أو ديني والعدائية والعنف‪.‬‬
‫وقد ت�ضمن التقرير ال�صادر عن مقرر جلنة الأمم املتحدة حول حقوق الإن�سان حول‬
‫حماية احلق يف حرية الر�أي والتعبري �أن بع�ض ا�شكال التعبري تخ�ضع للقيود املن�صو�ص‬
‫عنها يف الفقرة الثالثة من املادة ‪ 19‬املنوه عنها‪ ،‬والتي تطبق على الإنرتنت‪ [[16[.‬وهي‬
‫بالتايل تطبق على و�سائل التوا�صل االجتماعي بالن�سبة حلرية الر�أي والتعبري وكذلك‬
‫بالن�سبة للقيود عليها‪.‬‬
‫عندما يتعلق الأمر بتنظيم حرية التعبري على و�سائل التوا�صل االجتماعي‪ ،‬هناك عدة‬
‫رهانات من قبل �أ�صحاب امل�صلحة املتعددين ‪ .Stakeholders‬فو�سائل التوا�صل‬
‫االجتماعي ال ت�شعر �أنها بحاجة ملحة لإدخال كم كبري من التدابري التنظيمية �إال �إذا‬
‫كانت تلبي م�صاحلها اخلا�صة‪ .‬يف حني �أن احلكومات على نطاق العامل ترغب يف معاجلة‬
‫هذا الدفق اجلديد من املعلومات ب�شكل �سل�س كلما �أمكن مع القدرة على تطبيق القوانني‬
‫الوطنية‪ .‬يف حني �أن املواطن يرغب يف احرتام حقه يف التعبري ويف املعلومة ولكن تنظيم‬
‫[‪[[16‬‬
‫حريات الآخرين عندما تعمل �ضده‪.‬‬
‫وميكن القول �أن حرية التعبري على و�سائل التوا�صل االجتماعي جتد حدودها خ�صو�ص ًا‬
‫‪[158] Article 19(3) provides: ‘The exercise of the rights provided for in paragraph 2 of this Article carries with it special‬‬
‫‪duties and responsibilities. It may therefore be subject to certain restrictions, but these shall only be such as are‬‬
‫‪provided by law and are necessary:‬‬
‫;‪(a) For respect of the rights or reputations of others‬‬
‫‪(b) For the protection of national security or of public order (ordre public), or of public health or morals’.‬‬
‫‪[159] - Article 10(1) is qualified by Article 10(2), which states: ‘The exercise of these freedoms, since it carries with it‬‬
‫‪duties and responsibilities, may be subject to such formalities, conditions, restrictions or penalties as are prescribed by‬‬
‫‪law and are necessary in a democratic society, in the interests of national security, territorial integrity or public safety,‬‬
‫‪for the prevention of disorder or crime, for the protection of health or morals, for the protection of the reputation or‬‬
‫‪rights of others, for preventing the disclosure of information received in confidence, or for maintaining the authority‬‬
‫‪and impartiality of the judiciary’.‬‬
‫‪[160] F. La Rue, Report of the Human Rights Council’s Special Rapporteur on the promotion and protection of the right‬‬
‫‪to freedom of opinion and expression, A/HRC/17/27, 16th May 2011.‬‬
‫‪[161] Richard Steppe, The freedom of speech on social networking services, Do we need protection against our own‬‬
‫‪expressions?, https://www.law.kuleuven.be/jura/art/50n3/steppe.pdf, p. 581.‬‬
‫�صفحة رقم ‪81‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫يف الأحكام اجلزائية الوطنية يف كل دولة‪ ،‬عندما يكون هذا التعبري جُم ّرم وي�شكل جرم ًا‬
‫جزائي ًا يعاقب عليه القانون‪.‬‬
‫بالتايل‪ ،‬ف�إن الت�رصفات التي ت�ستخدم و�سائل التوا�صل االجتماعي جلهة ن�رش ال�صور �أو‬
‫�إطالق �أقوال ت�ضايق الآخرين �أو حذف التعليقات على و�سائل التوا�صل االجتماعي يتم‬
‫[‪[[16‬‬
‫تقديرها يف �ضوء املبادئ القانونية التقليدية‪.‬‬
‫على �أن البع�ض ينازع يف �إمكانية تطبيق قواعد قانونية على ما ين�رش على و�سائل التوا�صل‬
‫االجتماعي‪ ،‬وهي مل تو�ضع �أ�ص ً‬
‫ال حلكم هذه الو�سائل‪.‬‬
‫ويرى البع�ض �أن تطبيق قوانني و�ضعت حلقبة ما قبل و�سائل التوا�صل االجتماعي غري‬
‫مالئم وال يتوافق مع احلق بحرية التعبري‪� .‬إال �أن التو�سع املت�سارع لو�سائل التوا�صل‬
‫[‪[[16‬‬
‫االجتماعي و�رسعة وتريته جعل من امل�ستحيل على القانون التكيف وفق ًا لذلك‪.‬‬
‫�إال �أننا نرى �أنه ميكن تطبيق ما ميكن �إعادة تف�سريه �أو تكييفه من قواعد قانونية نافذة‬
‫على و�سائل التوا�صل االجتماعي‪ ،‬ال�سيما �إذا كانت هذه القواعد ال حتدد طريقة ن�رش‬
‫املعلومات �أو االت�صال‪ ،‬ما خال ما ال ين�سجم مطلق ًا من هذه القواعد مع و�سائل التوا�صل‬
‫االجتماعي بالنظر لطبيعتها �أو التقنيات امل�ستعملة‪.‬‬
‫كما يقت�ضي الت�سا�ؤل حول دور و�سائل التوا�صل االجتماعي يف تقييد الآراء املن�شورة‬
‫لديها‪ ،‬و�صالحياتها لهذه اجلهة‪.‬‬
‫ففي حال �إن�شاء �صفحة على موقع في�سبوك وقيام متويل �إدارة ال�صفحة ب�إزالة تعليقات‬
‫مو�ضوعة من قبل م�ستخدم ومبنعه من و�ضع �أية تعليقات �إ�ضافية �أخرى‪ ،‬فهل يعترب ذلك‬
‫من قبيل التعدي على حق هذا امل�ستخدم يف حرية التعبري؟ كما قد يدعي البع�ض �أن ما‬
‫ن�رش عنه على ح�سابات م�ستخدمني �آخرين على مواقع توا�صل اجتماعي قد ي�شكل قدح‬
‫�أو ذم �أو حتقري �أو قذف؟‬
‫�إذا كان املبد�أ �أن الر�أي هو حممي مبوجب القانون‪� ،‬إال �أن هناك ر�أي ال يكون حممي ًا‬
‫مكمل لن�شاط جرمي �أو كلمات‬ ‫�إذا ت�ضمن فح�ش �أو قذارة �أو قدح �أو ذم �أو خطاب ّ‬
‫هجومية �أو مواد �إباحية خا�صة بالأطفال �أو احتيال �أو خماطر حقيقية‪ .‬وبالتايل ميكن‬
‫‪[162] Christopher Escobedo Hart, Social Media Law: Significant Developments, The business Lawyer, Vol 72, Winter‬‬
‫‪2016-2017, p 240.‬‬
‫‪[163] Peter Coe, The social media paradox: an intersection with freedom of expression and the criminal law, http://‬‬
‫‪www.tandfonline.com/doi/abs/10.1080/13600834.2015.1004242?journalCode=cict20, p 22.‬‬
‫�صفحة رقم ‪82‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫منعها من خالل �سيا�سة ا�ستعمال و�سيلة التوا�صل االجتماعي �ضمن امل�ؤ�س�سة‪ ،‬وذلك‬
‫[‪[[16‬‬
‫دون الإخالل مببد�أ حرية الر�أي‪.‬‬
‫ونحن نرى �أنه يقت�ضي احلفاظ على حرية الفرد على و�سيلة التوا�صل االجتماعي‪ ،‬لكن‬
‫يجب �أن تكون مقيدة باحرتام حقوق الغري وحقوق املجتمع والدولة‪ ،‬فحرية الفرد‬
‫تنتهي عند حرية الآخرين‪ .‬ويعود لو�سيلة التوا�صل االجتماعي �إدارة املحتوى يف حال‬
‫كان غري م�رشوع ال�سيما �أنها �ست�صبح م�س�ؤولة بعد �إبالغها وعدم �إزالته من قبلها‪.‬‬
‫ويف بع�ض الأنظمة ال�صادرة عن االحتادات �أو النوادي الريا�ضية‪ ،‬هناك قيود على و�سائل‬
‫ال‪ ،‬متنع التعليقات ال�شخ�صية حول م�صداقية احلكام وحول‬ ‫التوا�صل االجتماعي‪ .‬مث ً‬
‫تكتيك كل فريق قبل ح�صول مباريات كرة القدم‪.‬‬
‫وقد يتم و�ضع تعليقات على �سبيل املزاح على و�سائل التوا�صل االجتماعي مثل في�سبوك‬
‫�أو توتري �إال �أنه قد ُيعاد �إر�سالها �إىل عدد غري حمدود من امل�ستخدمني الذين قد ي�سيئون‬
‫فهمها ويعتربونها من قبيل التهديد �أو الإ�ساءة‪ .‬مثل قيام امل�ستخدم بول �شامربز بو�ضع‬
‫تعليق على �سبيل املزحة على تويرت‬
‫‘‪Crap! Robin Hood airport is closed. You’ve got a week and a bit to‬‬
‫‪’!!get your s**t together otherwise I’m blowing the airport sky high‬‬

‫حيث متت �إدانته بالنظر للطابع التهديدي للتعليق املمكن �أن يت�أثر به كل �شخ�ص‬
‫[‪[[16‬‬
‫عادي‪.‬‬
‫بالتايل‪ ،‬ميكن القول �أن هناك بع�ض املعلومات الغري م�سموح ن�رشها لأنها م�ؤذية‬
‫للمجتمع �أو للأفراد �أو ملجموعات مثل تلك املتعلقة بالأمن الوطني ووحدة �أرا�ضي‬
‫الدولة �أو ال�سالمة العامة وحماية ال�صحة �أو الأخالق (كما وردت يف املادة ‪ 10‬من‬
‫االتفاقية الأوروبية) واملواد الإباحية اخلا�صة بالأطفال (كما وردت يف �إتفاقية بوداب�ست‬
‫حول اجلرائم ال�سيربانية)‪ ،‬وكذلك تلك املتعلقة باخلطابات املثرية للكراهية �أو ذات‬
‫التمييز الإتني �أو العن�رصي �أو النافية للجرائم �ضد الإن�سانية (كما وردت يف الربوتوكول‬
‫امللحق باتفاقية بوداب�ست)‪ .‬كما ي�ضاف �إىل ذلك املواد التي ت�شكل اعتداء على حقوق‬
‫‪[164] Rick Levy, Social Media and the Free Speech Right of Public Employees, May 29-30, 2014, University of Kansas‬‬
‫‪School of Law, p 9.‬‬
‫‪[165] Peter Coe, The social media paradox: an intersection with freedom of expression and the criminal law, http://‬‬
‫‪www.tandfonline.com/doi/abs/10.1080/13600834.2015.1004242?journalCode=cict20, p 27.‬‬
‫�صفحة رقم ‪83‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫امللكية الفكرية �أو حقوق امللكية ال�صناعية �أو العالمات التجارية �أو اال�سم التجاري �أو‬
‫على �شخ�ص الإن�سان (القدح والذم �أو القذف �أو التهديد �أو االبتزاز‪� )...‬أو حقوقه‬
‫املالية (االحتيال‪� )...‬أو على االقت�صاد الوطني �أو تلك التي ت�ؤدي �إىل التالعب يف‬
‫الأ�سواق املالية �أو البور�صة �أو تلك املتعلقة بالتحقيقات الق�ضائية ال�رسية �أو املتعلقة بن�رش‬
‫ا�ستطالعات للر�أي حول نتائج االنتخابات يف �أوقات معينة‪.‬‬
‫على �سبيل املثال‪ ،‬ق�ضت حمكمة التجارة يف باري�س بتاريخ ‪ 26/7/2011‬ب�إلزام مدير‬
‫�رشكة بدفع مبلغ ‪ 10,000‬يورو كتعوي�ض لتعابريه املعيبة بحق مقدم خدمات كان مغتاظ ًا‬
‫[‪[[16‬‬
‫منه‪.‬‬
‫وحتاول بع�ض الدول ا�ستعمال القوانني النافذة حالي ًا �أو قوانني جديدة لتقييد ا�ستعمال‬
‫الأفراد للإنرتنت للو�صول �إىل املعلومات وملبا�رشة ن�شاطات للتعبري عن �آرائهم‪ .‬ولكن‬
‫�أعمال الدول �ضد التعبري على الإنرتنت قد يجابه بالبنود املتعلقة بحرية التعبري يف‬
‫االتفاقيات الدولية والإقليمية‪ ،‬والتي تطبق على الإنرتنت‪ .‬وقد جرى تف�سري هذه‬
‫االتفاقيات والد�ساتري الوطنية للحد من �سلطة احلكومات يف ترتيب امل�س�ؤولية عن‬
‫املحتوى‪ .‬لكن‪ ،‬جميع الن�صو�ص املتعلقة بحقوق الإن�سان ت�سمح بقيام م�س�ؤولة قانونية‬
‫عن بع�ض �أ�شكال املحتوى‪ .‬وكذلك قد تفعل القوانني الوطنية‪ ،‬ولكن ذلك قد يتعلق‬
‫[‪[[16‬‬
‫باملفاهيم الثقافية ال�سائدة يف كل بلد‪.‬‬
‫ال �أ�صدرت العام ‪ 2007‬القانون رقم ‪ 5651‬كرد فعل على املحتوى غري‬ ‫فرتكيا مث ً‬
‫امل�رشوع واملن�شور (الفيديوهات) على يوتيوب‪ ،‬ومل يجرم القانون �أفعال جرمية جديدة‬
‫متعلقة بالتعبري عن الر�أي‪ ،‬لكنه يفر�ض موجبات جديدة على مقدمي املحتوى ومقدمي‬
‫اخلدمات التقنية وم�ست�ضيفي املواقع‪ ،‬ويعطي ال�سلطات الإدارية �صالحيات حلجب‬
‫مواقع �إلكرتونية‪ .‬ويبدو �أن الهدف من القانون رقم ‪ 5651‬هو منع ال�رضر النا�شئ عن‬
‫املحتوى غري امل�رشوع املن�شور على الإنرتنت ولت�سهيل عملية مالحقة امل�س�ؤولني عنه‬
‫والتحقيق فيه ق�ضائي ًا‪ .‬وكمثل �آخر قانون تايلند املتعلق بجرائم الكمبيوتر �أو احلا�سوب‪،‬‬
‫يعرف جرائم معلوماتية جديدة وم�صادر للم�س�ؤولية املدنية ومينح امل�س�ؤولني‬ ‫فهو ّ‬

‫‪[166] Tribunal de commerce de Paris, 26/7/2011, cite par: Fabrice Mattatia, Internet et les réseaux sociaux, que dit la‬‬
‫‪loi? Eyrolles, 2ème édition, 2016, p 22.‬‬
‫‪[167] Cynthia Wong, James X. Dempsey, Mapping digital media, THE MEDIA AND LIABILITY FOR CONTENT ON‬‬
‫‪THE INTERNET, www.mappingdigitalmedia.org, www.soros.org/initiatives/media, May 2011, p 7.‬‬
‫�صفحة رقم ‪84‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫[‪[[16‬‬
‫الر�سميني �صالحية وا�سعة للتفتي�ش وال�ضبط‪.‬‬
‫وميكن تلخي�ص الإ�شكاليات القانونية الناجتة عن حرية التعبري وبالتايل القيود املحتملة‬
‫على هذه احلرية‪ ،‬والتي يف جمملها �إما تتعلق بالأمن الوطني وال�سالمة العامة واجلرائم‬
‫�ضد الإن�سانية‪ ،‬و�إما بحقوق عائدة لأفراد �آخرين‪.‬‬
‫يف ما خ�ص حقوق الأفراد‪ ،‬فالإ�شكالية الأوىل تتمثل يف �إف�شاء املعلومات ال�رسية‪،‬‬
‫ال�سيما تلك املتعلقة بالأ�رسار التجارية‪ ،‬من قبل املوظفني �أو الغري على و�سائل التوا�صل‬
‫االجتماعي‪ .‬وتتجلى الإ�شكالية الثانية يف اال�ستخدام غري املُرخ�ص به للعالمات التجارية‬
‫على و�سائل التوا�صل االجتماعي مما قد يرتب م�س�ؤولية قانونية ب�سبب التعدي على‬
‫العالمة التجارية �أو املناف�سة غري امل�رشوعة‪ .‬ولدى مواقع التوا�صل االجتماعي �سيا�سات‬
‫للتبليغ عن التعدي على امللكية الفكرية من قبل �صاحبها بوجه من قد يعتمدها ك�إ�سم‬
‫م�ستخدم �أو ما مياثل ذلك‪ .‬الإ�شكالية الثالثة هي قيام م�ستخدمني با�ستعمال مواد حممية‬
‫مبوجب قوانني امللكية الفكرية �أو الكوبريايت‪ ،‬كالن�صو�ص �أو املو�سيقى �أو ال�صور �أو‬
‫الفيديو �أو الربامج امل�صدرية ‪ ،source code‬والتي يتم ن�سخها من مواقع �أخرى‪ .‬و�إن‬
‫املحتويات املفتوحة للجمهور‪ ،‬كالربامج امل�صدرية املفتوحة ‪ ،Open source code‬قد‬
‫تكون مقيدة ب�رشوط ويجب الرجوع ب�ش�أنها �إىل �صاحبها‪ .‬الإ�شكالية الرابعة هي �إطالق‬
‫التعليقات والت�صاريح على و�سائل التوا�صل االجتماعي واملت�ضمنة قدحا ً �أو ذم ًا بحق‬
‫�شخ�ص ما‪ ،‬والتي ترتب م�س�ؤولية قانونية جزائية على ُم�صدر التعابري امل�سيئة‪ ،‬وال ت�شكل‬
‫غفلية اال�سم مانع ًا دون املالحقة �إذ ميكن تتبع ال�شخ�ص املُرتكب من خالل العناوين‬
‫الرقمية ‪ .IP‬ويقت�ضي الإ�شارة �إىل �أن التعليقات والر�سائل والت�صاريح على و�سائل‬
‫التوا�صل االجتماعي هي �أق�رص يف عبارتها وبالتايل تفتح املجال ل�سوء التف�سري �أكرث من‬
‫ر�سائل الربيد الإلكرتوين والن�صو�ص املكتوبة‪ .‬الإ�شكالية اخلام�سة هي انتهاك خ�صو�صية‬
‫الغري من خالل ال�صور والأفالم والتعليقات املن�شورة على مواقع التوا�صل االجتماعي‪،‬‬
‫وكذلك خرق املوظفني يف ال�رشكات ال�سيما يف القطاع ال�صحي لقواعد اخل�صو�صية‪،‬‬
‫ك�إف�شاء معلومات حول و�ضع املري�ض ال�صحي على و�سائل التوا�صل االجتماعي‪.‬‬
‫الإ�شكالية ال�ساد�سة هي يف دفع مقابل مادي للم�ستخدمني الذين ين�رشون تعليقات على‬
‫و�سائل التوا�صل االجتماعي حول بع�ض ال�سلع �أو اخلدمات‪ ،‬حيث يفرت�ض بهم �أن‬
‫‪[168] Cynthia Wong, James X. Dempsey, Mapping digital media, THE MEDIA AND LIABILITY FOR CONTENT ON‬‬
‫‪THE INTERNET, www.mappingdigitalmedia.org, www.soros.org/initiatives/media, May 2011, p 8.‬‬
‫�صفحة رقم ‪85‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫يذكروا �أنهم تلقوا مبلغ مايل مقابل تعليقاتهم املن�شورة‪ُ ( .‬يراجع)[‪ [[16‬وقد يعترب ت�رصفهم‬
‫هذا من قبيل املمار�سات امل�رضة بامل�ستهلك �أو املمار�سات االحتيالية‪.‬‬
‫ويقت�ضي الإ�شارة �أخرياً �أنه قد ُيعطى ال�شخ�ص الذي يتم التعر�ض له على و�سيلة توا�صل‬
‫اجتماعي حق الرد‪ ،‬وهذا ما تن�ص عليه الفقرة الرابعة من املادة ال�ساد�سة من القانون‬
‫الفرن�سي رقم ‪ 575/2004‬تاريخ ‪ 21/6/2004‬املتعلق بالثقة يف االقت�صاد الرقمي‪.‬‬

‫و�سائل التوا�صل االجتماعي وحرية التعبري وامللكية الفكرية‬


‫قد ي�شكل حتميل بع�ض املحتويات املن�سوخة عن بع�ض الأعمال الرقمية املحمية مبوجب‬
‫حق امل�ؤلف‪ ،‬ك�أفالم الفيديو �أو ال�صور �أو الن�صو�ص �أو غريها‪ ،‬على و�سائل التوا�صل‬
‫االجتماعي وا�ستعمالها‪ ،‬من قبيل التعدي على حقوق امل�ؤلف‪ ،‬ال�سيما يف حال عدم‬
‫التقيد بالقواعد القانونية يف هذا ال�صدد جلهة الإ�شارة �إىل م�صدر العمل املن�شور و�إىل‬
‫واجب عدم ن�رش العمل بكامله‪.‬‬
‫يف املبد�أ‪ ،‬ل�صاحب حق امل�ؤلف حقوق مادية وحقوق معنوية‪ .‬واحلقوق املعنوية هي‪:‬‬
‫احلق ب�أن ُين�سب العمل �إليه‪ ،‬حق �إ�شهار العمل (�أي �إف�شائه للجمهور)‪ ،‬حق �سحب‬
‫العمل بعد ن�رشه‪ ،‬حق احرتام عمله ومنع �أي حتوير فيه‪� .‬أما احلقوق املادية‪ ،‬فهي‪ :‬احلق‬
‫يف ا�ستغالل العمل مادي ًا واحلق بن�سخه وتوزيعه ونقله �إىل اجلمهور و�أدائه وت�سجيله‪...‬‬
‫بالتايل يحق ل�صاحب حق امل�ؤلف وحده حق �إ�شهار م�ؤلفه الفكري عرب ن�رشه على �إحدى‬
‫و�سائل التوا�صل االجتماعي‪ ،‬وال يعود لغريه بطبيعة احلال �إعادة ن�رشه على �صفحته‬
‫اخلا�صة �أو على و�سيلة توا�صل اجتماعي �أخرى‪ .‬ويقت�ضي الت�سا�ؤل ما �إذا كان �إي�صال‬
‫املحتوى الفكري لعدد حمدود من الأ�شخا�ص �أو من الأ�صدقاء ي�شكل باملفهوم القانوين‬
‫�إ�شهار للعمل‪ .‬ويبدو ذلك يرتبط وفق االجتهاد الفرن�سي ب�إعدادات اخل�صو�صية العائدة‬
‫املحمل‬
‫ّ‬ ‫لل�شخ�ص على و�سيلة التوا�صل االجتماعي ومن يحق له م�شاهدة املحتوى‬
‫وكذلك بنية امل�ستخدم؛ وغالب ًا (‪ 90%‬من احلاالت) ما ي�ؤدي حتميل املحتوى الفكري‬
‫[‪[[17‬‬
‫على و�سيلة توا�صل اجتماعي �إىل �إ�شهاره‪ُ ( .‬يراجع)‬
‫‪[169] Rick Biagi, Dan Schaeffer, Jeremy Roe, Ten top legal issues in social media, 2010,- http://www.nealmcdevitt.com/‬‬
‫‪assets/news/Top_10_Social_Media_Legal_Issues_FINAL.PDF, p 1 till 4.‬‬
‫‪[170] TGI Paris 17 février 1999.- CA Paris 1er septembre 2001 - Cité dans Marine de Montecler, Le droit à l’heure‬‬
‫‪des réseaux sociaux, HEC Paris – 2011, https://www.lepetitjuriste.fr/wp-content/uploads/2011/10/droit%20@%20l%20‬‬
‫‪heure%20des%20r%c3%a9seaux%20sociaux%20-%20Marine%20de%20Montecler.pdf, p 42, 43.‬‬
‫�صفحة رقم ‪86‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫وال يعترب �صاحب حق امل�ؤلف قد تخلى عن احلماية القانونية وال عن حقه احل�رصي‬
‫بامللكية الفكرية القائم بوجه الكافة من خالل ن�رشه عمله الفكري على و�سيلة توا�صل‬
‫اجتماعي‪ .‬وال يعترب ن�رشه عمله الفكري على و�سيلة التوا�صل االجتماعي من قبيل‬
‫التنازل عن حقوقه املادية املتعلقة با�ستغالل العمل ل�صالح الو�سيلة املذكورة‪.‬‬
‫وتن�ص �رشوط ا�ستخدام موقع في�سبوك‪ ،‬على �سبيل املثال‪ ،‬على �أنه بالن�سبة للمحتوى‬
‫املن�شور واملحمي مبوجب امللكية الفكرية‪ ،‬ف�إن امل�ستخدم يعطي في�سبوك رخ�صة غري‬
‫ح�رصية قابلة للنقل دون مقابل وعاملية ال�ستخدام املحتوى املن�شور‪ .‬وهذه الرخ�صة‬
‫تنتهي عندما يقوم امل�ستخدم مبحو املحتوى الفكري �أو �إلغاء ح�سابه‪ .‬ولكن ذلك ال يعني‬
‫املحمل من م�ستخدم‬
‫ّ‬ ‫�أن �أي م�ستخدم ملوقع في�سبوك ي�ستطيع ا�ستغالل العمل الفكري‬
‫�آخر دون موافقة الأخري‪ .‬وتت�ضمن �رشوط ا�ستخدام توتري ن�صو�ص مماثلة‪.‬‬
‫لكن الرخ�صة املنوه عنها حول املحتوى املن�شور‪ ،‬واملحمي مبوجب قوانني امللكية‬
‫الفكرية‪ ،‬يثري �إ�شكاليات قانونية عديدة‪ .‬فمن جهة �أوىل‪ ،‬ال يتبني �أن هذه الرخ�صة‬
‫حمددة يف الزمان واملكان‪ .‬ومن جهة ثانية‪ ،‬ال تت�ضمن الرخ�صة وجود مقابل مادي يعود‬
‫ل�صاحب املحتوى من ا�ستثمار هذا املحتوى‪ .‬ومن جهة ثالثة‪ ،‬تتعر�ض الرخ�صة للحق‬
‫[‪[[17‬‬
‫املعنوي للم�ؤلف ب�إعطاء و�سيلة التوا�صل االجتماعي احلق بتعديل املحتوى‪.‬‬
‫بالتايل ال ي�ستطيع امل�ستخدم �إعادة ا�ستغالل حمتوى فكري غري عائد له و�إعادة �إنتاجه‬
‫ون�رشه وال كذلك و�ضع رابط نحو هكذا حمتوى من�شور مقلد‪ُ ( .‬يراجع حكم �صادر عن‬
‫حمكمة الدرجة الأوىل يف فرن�سا بخ�صو�ص موقع �إلكرتوين ت�ضمن روابط نحو ملفات‬
‫�أغاين و�أفالم معلوماتية مقلدة)[‪.[[17‬‬
‫كخال�صة ملا تقدم‪ ،‬يتبني �أن و�سائل التوا�صل االجتماعي هي بني خيارين‪� ،‬إما املحافظة‬
‫على حرية الر�أي ب�أي ثمن‪ ،‬و�إما تنظيم املحتوى لل�سماح بن�رش �آراء اجلمهور ولالنخراط‬
‫يف الأ�سواق االقت�صادية‪ .‬ويبدو في�سبوك يلتزم ب�سيا�سة تنظيم للمحتوى قوية يف حني �أن‬
‫[‪[[17‬‬
‫توتري املُ�ساند حلرية التعبري بد�أ مييل �أي�ض ًا بع�ض ال�شيء نحو التنظيم‪.‬‬

‫‪[171] Emmanuel Derieux, Agnès Granchet, Réseaux sociaux en ligne, Aspects juridiques et déontologiques, Lamy,‬‬
‫‪2013, p 171, 172.‬‬
‫‪[172] TGI Epinal 24 octobre 2000, n° jurisdata : 2000-126285.‬‬
‫‪[173] Richard Steppe, The freedom of speech on social networking services, Do we need protection against our own‬‬
‫‪expressions?, https://www.law.kuleuven.be/jura/art/50n3/steppe.pdf, p. 569.‬‬
‫�صفحة رقم ‪87‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫حالة خا�صة‪ :‬حرية التعبري للموظفني على و�سائل التوا�صل االجتماعي‬


‫�إن ت�أثري و�سائل التوا�صل االجتماعي على قانون العمل هو هائل‪ ،‬و�إن ت�رصفات �أ�صحاب‬
‫العمل وكذلك العمال على و�سائل التوا�صل االجتماعي قد �أدت �إىل نزاعات كثرية‬
‫متعلقة بحرية الر�أي والقيود عليها‪.‬‬
‫وعلى املحاكم حتديد ما �إذا كانت تعليقات امل�ستخدم على و�سائل التوا�صل االجتماعي‬
‫هي تعليقات �شخ�صية كمواطن عادي �أم �أنها ب�صفته موظف يف م�ؤ�س�سة معنية‪ ،‬وكذلك‬
‫حتديد ما �إذا كانت هذه التعليقات تتعلق باهتمامات اجلمهور العامة‪ ،‬وحتديد ما �إذا‬
‫كانت م�صالح �صاحب العمل بت�أمني مكان عمل فعال تتفوق على حقوق املوظف‬
‫بحرية التعبري‪ .‬وقد مت توقيف معلمة يف نيو جر�سي عن العمل لإطالقها عبارات حول‬
‫مثليي اجلن�س على �صفحتها على في�سبوك‪ ،‬والتربير �أن ذلك �سي�ؤدي �إىل �إعاقة العمل يف‬
‫املدر�سة كون �سيكون لآرائها معار�ضني وداعمني من قبل التالميذ و�أهلهم واجلمهور‬
‫[‪[[17‬‬
‫عامةً‪.‬‬
‫ويعترب املجل�س الوطني لعالقات العمل يف الواليات املتحدة الأمريكية �أن انتقاد �صاحب‬
‫العمل من قبل العامل على و�سائل التوا�صل االجتماعي هو م�رشوع‪ .‬كما ت�ؤكد املحكمة‬
‫الأوروبية حلقوق الإن�سان على حقوق العاملني بانتقاد �صاحب العمل‪ .‬لكن‪ ،‬يعمل‬
‫�أ�صحاب العمل على تنظيم ن�شاطات العمال على مواقع التوا�صل االجتماعي متام ًا كما‬
‫ينظمون ت�رصفاتهم الأخرى‪.‬‬
‫وللموظفني �أي�ض ًا احلق بحرية التعبري حول �رشوط ممار�سة العمل وتنظيمه ولكن �ضمن‬
‫مكان العمل و�أثنائه‪ ،‬و�رشط عدم التع�سف با�ستعمال هذا احلق‪ ،‬مثل توجيه اتهامات‬
‫باالحتيال �أو بعدم النزاهة للمدير‪ ،‬وميكن �أن يتعر�ض يف هذه احلالة املوظف لتدابري‬
‫عقابية من قبل �صاحب العمل‪.‬‬
‫ويعترب االجتهاد الفرن�سي �أن القيود على حرية التعبري يتم تربيرها من خالل طبيعة املهمة‬
‫املك ّلف بها كل موظف و�أن تكون متنا�سبة مع الهدف املتوخى[‪ ،[[17‬و�أن حرية التعبري‬
‫للموظف هي مقيدة �أي�ض ًا بواجب عدم �إف�شاء معلومات مهمة متعلقة بالعمل وبواجب‬
‫الوالء نحو �صاحب العمل‪ ،‬مثل تقييد حق املوظف بانتقاد �صاحب العمل علن ًا‪.‬‬
‫‪[174] Steven Venezia, THE INTERACTION OF SOCIAL MEDIA AND THE LAW AND HOW TO SURVIVE THE‬‬
‫‪SOCIAL MEDIA REVOLUTION, New Hampshire Bar Journal, Winter 2012, p 28.‬‬
‫‪[175] Cass. Soc. 22 juin 2004 n°02-42.446 ; Cass. Soc. 21 février 2007, n°04-48.760.‬‬
‫�صفحة رقم ‪88‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫كما �أن ملوظفي م�ؤ�س�سة احلق يف التكلم كمواطنني يف م�سائل ذات اهتمام عام‪ ،‬ولكن‬
‫يجب موازنة هذا احلق مع م�صالح امل�ؤ�س�سة امل�رشوعة‪ ،‬ك�صاحب عمل‪ ،‬يف املحافظة‬
‫على عمالة فعالة ومن�سجمة وملنع التمرد وحلماية ال�رسية وللحفاظ على الزبائن ول�ضمان‬
‫[‪[[17‬‬
‫�أداء فعال‪.‬‬
‫يف احلقيقة‪� ،‬أن �أنظمة العمل يف امل�ؤ�س�سات تنظم الكثري من امل�سائل ذاتها املُثارة بالن�سبة‬
‫لو�سائل التوا�صل االجتماعي (�إف�شاء الأ�رسار التجارية‪ ،‬فقدان الإنتاجية‪ ،‬خمالفة قوانني‬
‫الربيد غري امل�ستدرج ‪ ،Spam‬م�ضايقة الزمالء يف العمل‪ ،‬انتهاك امللكية الفكرية للغري‪،‬‬
‫م�صادقة غري م�رشوعة‪ .)...‬وميكن لأ�صحاب العمل تطبيق ذات القواعد املطبقة يف‬
‫العامل املادي على املوظفني بالن�سبة و�سائل التوا�صل االجتماعي مع بع�ض التكييف‬
‫�أو التعديل‪ .‬كما ميكن لأ�صحاب العمل �أن ي�ستخدموا بحذر املعلومات على مواقع‬
‫التوا�صل االجتماعي للتدقيق يف �سرية طالب التوظيف لديهم �أو للتحقيق يف �سوء‬
‫ت�رصفات امل�ستخدمني لديهم‪ .‬بالتايل‪ ،‬حقيقةً‪ ،‬ف�إن ا�ستخدام املوظفني لو�سائل التوا�صل‬
‫[‪[[17‬‬
‫االجتماعي ميكن ويجب �أن يكون منظم ًا من قبل �أ�صحاب العمل‪.‬‬
‫ومن �ضمن مبادئ حماية حرية التعبري‪ ،‬يجب �إطالع العاملني يف ال�رشكة من قبل رب‬
‫العمل �إذا كان ينوي مراقبة ا�ستخدامهم لو�سائل التوا�صل االجتماعي وللمعلومات‬
‫املن�شورة من قبلهم عليها‪ .‬وميكن لرب العمل تنظيم ا�ستخدام العاملني لديه لو�سائل‬
‫[‪[[17‬‬
‫التوا�صل االجتماعي من خالل نظام العمل يف امل�ؤ�س�سة �أو التعليمات فيها‪.‬‬
‫فال يعترب من قبيل امل�ضايقة قيام موظف على في�سبوك بالتعليق بكونه �أحب ‪ Like‬العبارة‬
‫التالية‬
‫“‪ ,”as much use as a chocolate teapot‬حول مديره وب�أن ال�سنة احلالية كانت‬
‫[‪[[17‬‬
‫الأ�سو�أ يف ال�رشكة و�أنه �سعيد �أن زميله قد ترك العمل فيها‪.‬‬
‫ويف ق�ضية متعلقة بقانون العمل‪ ،‬اعتربت حمكمة �أمريكية �أن �رصف موظفني ب�سبب تعليق‬

‫‪[176] Rick Levy, Social Media and the Free Speech Right of Public Employees, May 29-30, 2014, University of Kansas‬‬
‫‪School of Law, p 9.‬‬
‫‪[177] Lothar Determann, Social Media Privacy: A Dozen Myths and Facts, 2012 STANFORD TECHNOLOGY LAW‬‬
‫‪REVIEW. 7, http://stlr.stanford.edu/pdf/determann-socialmediaprivacy.pdf, p 12.‬‬
‫‪[178] Vanessa Havard-Williams, Social media and the law: A handbook for UK companies, January 2014, http://www.‬‬
‫‪linklaters.com/pdfs/mkt/london/TMT-Social-Media-Report.pdf, p 8.‬‬
‫‪[179] Nicola Rabson, Social media and the law: A handbook for UK companies, January 2014, http://www.linklaters.‬‬
‫‪com/pdfs/mkt/london/TMT-Social-Media-Report.pdf, p 10.‬‬
‫�صفحة رقم ‪89‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫الأول “‪ ”like‬على ما ن�رشه موظف �آخر على في�سبوك من انتقاد بحق ال�رشكة مب�س�ألة‬
‫كانت مو�ضوع نقا�ش يف العمل وتعبري املوظف الثاين مبوافقته على هذا االنتقاد‪ .‬وقد‬
‫اعتربت املحكمة �أن الن�شاط على في�سبوك هو حممي ومتفق عليه وينطبق على القانون‬
‫الوطني للعالقات العمالية (‪ ،)"National Labor Relations Act" NLRA‬و�أن‬
‫ن�شاط املوظفني لي�س من قبيل الذم �أو القدح وال �إخال ًال بالإخال�ص والأمانة لل�رشكة‪،‬‬
‫وال يربر بالتايل رفع احلماية املذكورة‪ ،‬و�أن �سيا�سات ال�رشكة جلهة منع املوظفني لديها من‬
‫مبا�رشة مناق�شات غري مالئمة ميكن اعتبارها مانعة لن�شاط حممي وبالتايل خمالفة لقانون‬
‫العمل املذكور‪ .‬وي�ستفاد من القرار املذكور �أنه يف حني يعود ل�صاحب العمل �أن ي�ضع‬
‫�سيا�سات معقولة حلماية منتجاته وخدماته وعالماته التجارية و�سمعته من الأذى‪� ،‬إال‬
‫[‪[[18‬‬
‫�أنه للمحكمة �أن توجد توازن ل�صالح حقوق املوظفني لالنتقاد �ضمن حدود معينة‪.‬‬
‫وميكن بالتايل �أن يتذرع املوظف يف كل حني ب�أن ما ين�رشه من تعليق على و�سائل التوا�صل‬
‫االجتماعي هو من قبيل حرية الر�أي‪� ،‬إال �أنه كما �أ�رشنا �سابق ًا‪ ،‬ف�إن هذا احلق مقيد بعدم‬
‫التع�سف وبعدم الإ�رضار غري امل�رشوع ب�صاحب العمل‪.‬‬
‫ويف ق�ضية �أخرى‪ ،‬مت �رصف موظف من �رشكة لن�رشه تعليق على في�سبوك بكونه �ضد‬
‫ت�رشيع زواج مثليي اجلن�س يف بريطانيا‪ ،‬وقد لفت نظر �صاحب العمل �أحد �أ�صدقاء‬
‫املوظف‪ ،‬فتم اتخاذ تدبري م�سلكي بحق الأخري باال�ستناد ملخالفته مدونة ال�سلوك ‪code‬‬
‫‪ ،of conduct‬بالنظر لكون بع�ض زبائن ال�رشكة هم من مثليي اجلن�س‪ ،‬وكون مدونة‬
‫ال�سلوك متنع على املوظفني الرتويج لآرائهم ال�سيا�سية والدينية‪ .‬لكن املحكمة العليا‬
‫اعتربت �أن ذلك يتعلق فقط بالر�سائل املتعلقة بالعمل و�أن الإجراء املتخذ بحق املوظف‬
‫[‪[[18‬‬
‫غري م�رشوع‪.‬‬
‫كما ميكن �أن يتم �رصف موظف من قبل �صاحب العمل يف حال ن�رش املوظف تعليقات‬
‫�سلبية حول العمل �أو مدرائه على و�سائل التوا�صل االجتماعي‪ .‬و�إن ت�رصف املوظف‬
‫خارج �ساعات العمل ميكن �أن يكون له ت�أثري على عمله يف حال خرقه لأحد بنود عقد‬
‫العمل املربم‪ .‬فالتعليقات املن�شورة خارج �ساعات العمل ال تزول بل تبقى حلني �إزالتها‪،‬‬
‫وميكن ر�ؤيتها من قبل كل �شخ�ص خمول بذلك �أو من قبل العموم‪ .‬ولكن ميكن �أن تعترب‬
‫‪[180] Christopher Escobedo Hart, Social Media Law: Significant Developments, The business Lawyer, Vol 72, Winter‬‬
‫‪2016-2017, p 240, 241.‬‬
‫‪[181] Nicola Rabson, Social media and the law: A handbook for UK companies, January 2014, http://www.linklaters.‬‬
‫‪com/pdfs/mkt/london/TMT-Social-Media-Report.pdf, p 11.‬‬
‫�صفحة رقم ‪90‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫املحكمة �أن �رصف موظف ب�سبب تعليقاته على و�سيلة توا�صل اجتماعي هو �رصف‬
‫تع�سفي‪ ،‬وذلك يف �ضوء م�ضمون هذه التعليقات ومدى �إ�رضارها ب�سمعة �صاحب‬
‫[‪[[18‬‬
‫العمل التجارية �أو التعر�ض لأحد الزمالء يف العمل ب�شكل غري قانوين‪.‬‬
‫على �أن اال�ستعمال املفرط لو�سائل التوا�صل االجتماعي �أثناء العمل ي�ؤدي �إىل التقليل من‬
‫الإنتاجية‪ ،‬باعتبار �أن ذلك يتم لأغرا�ض الت�سلية �أو لأغرا�ض �شخ�صية‪ ،‬وبالتايل ي�ؤخذ يف‬
‫االعتبار هنا ا�ستعمال الكمبيوتر املخ�ص�ص للعمل وح�صول ذلك �أثناء دوام العمل ويف‬
‫مكان العمل‪.‬‬
‫ولذلك يلج�أ بع�ض �أ�صحاب العمل �إىل حجب مواقع التوا�صل االجتماعي عن حوا�سب‬
‫ال�رشكة‪ ،‬و�إن كان ذلك ال يعترب عم ً‬
‫ال م�ستحب ًا من قبل املوظفني‪ ،‬وقد ال مينعهم من‬
‫ا�ستعمال هواتفهم الذكية للدخول �إىل و�سائل التوا�صل االجتماعي‪ .‬وقد يتذرع‬
‫املوظفون باحلق باخل�صو�صية وحرية التعبري على مواقع التوا�صل االجتماعي‪ ،‬الأمر‬
‫املن�صو�ص عنه يف االتفاقية الأوروبية حول حقوق الإن�سان ووثيقة احلقوق الأ�سا�سية‬
‫[‪[[18‬‬
‫يف الإحتاد الأوروبي‪.‬‬

‫‪[182] Law Society of NSW Legal Technology Committee, Guidelines on Social Media Policies, https://www.lawsociety.‬‬
‫‪com.au/cs/groups/public/documents/internetcontent/587803.pdf, p 3,4.‬‬
‫‪[183] Nicola Rabson, Social media and the law: A handbook for UK companies, January 2014, http://www.linklaters.‬‬
‫‪com/pdfs/mkt/london/TMT-Social-Media-Report.pdf, p 10.‬‬
‫�صفحة رقم ‪91‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫} خام�ساً {‬
‫و�سائل التوا�صل االجتماعي واحلق يف الن�سيان‬
‫يظهر احلق بالن�سيان "‪ "Right to be forgetten‬العائد لل�شخ�ص ب�إزالة املعلومات‬
‫ال�شخ�صية عنه التي مت تداولها على و�سائل التوا�صل االجتماعي‪ ،‬والتي �أ�ضحت غري‬
‫�صحيحة �أو منتهية �أو مر عليها الزمن‪ .‬وهذا احلق بالن�سيان يتفوق على امل�صالح التجارية‬
‫لو�سائل التوا�صل االجتماعي وعلى احلق بحرية املعلومة وحق الو�صول �إليها يف بع�ض‬
‫الأحيان‪ ،‬وذلك ما مل يتعار�ض هذا احلق بالن�سيان مع امل�صلحة العامة‪.‬‬
‫وميكن تعريف احلق بالن�سيان ب�أنه احلق "لكل �شخ�ص ارتبط بحدث عام‪ ،‬حتى لو كان هو‬
‫[‪[[18‬‬
‫حموره‪� ،‬أن يطالب بحق ن�سيان هذا احلدث وباالعرتا�ض على تذكار حقبة من حياته"‪.‬‬
‫وقد حكمت حمكمة العدل يف الإحتاد الأوروبي لأول مرة بتاريخ ‪ 13/5/2014‬بتطبيق‬
‫"احلق بالن�سيان" من خالل االعرتاف بحق امل�ستخدم بعدم توثيق املعلومات العائدة له‬
‫"‪ "déréférencement‬من قبل حمرك البحث غوغل‪ ،‬وب�إلزام غوغل ب�إتخاذ التدابري‬
‫الالزمة لي�سحب من ملفاته وفهار�سه بيانات �شخ�صية عائدة ملت�صفح �إ�سباين طالب‬
‫ب�سحب روابط‪ ،‬تنتج عن بحث حول ا�سم عائلته‪ ،‬وحتيل �إىل مقاالت �صحافية قدمية‬
‫[‪[[18‬‬
‫تعلن ح�صول حجوزات على �أمالكه لت�سديد ديونه‪.‬‬
‫وين�ص النظام الأوروبي اجلديد رقم ‪ 679/2016‬تاريخ ‪ 27/4/2016‬ال�صادر عن الربملان‬
‫الأوروبي حول البيانات ال�شخ�صية‪ ،‬والذي �ألغى التوجيه احلايل لعام ‪ 1995‬حول‬
‫البيانات ال�شخ�صية‪ ،‬والذي �سي�صبح مطبق ًا بتاريخ ‪ ،25/5/2018‬على "احلق بالن�سيان"‬
‫‪� ،right to be forgotten‬أي �إعطاء احلق لكل �شخ�ص بطلب حمو بيانات �شخ�صية‬
‫قدمية عنه‪ .‬وتن�ص املادة ‪ 17‬منه على �إعطاء احلق ل�صاحب البيانات ال�شخ�صية بطلب حمو‬
‫بياناته يف حال كانت مل تعد �رضورية يف �ضوء �أهداف املعاجلة �أو يف حال �سحبه موافقته‬
‫على هذه املعاجلة �أو اعرتا�ضه على املعاجلة غري القانونية‪ .‬لكن املادة ‪ 17‬ذاتها و�ضعت‬
‫قيود على ممار�سة هذا احلق بالن�سيان �أو بطلب حمو البيانات ال�شخ�صية‪ ،‬وهي تكون عند‬

‫‪[184] TGI Paris, 25 mars 1987 : D. 1988, somm. p. 198.‬‬


‫‪[185] Cour de justice de l’Union européenne, 13/5/2014, Google Spain c. AEPD/ Mario Costeja Gonzalez, affaire‬‬
‫‪C-131/12, D.2014.1092.‬‬
‫�صفحة رقم ‪92‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫ممار�سة احلق بحرية التعبري وباملعلومات �أو لتنفيذ موجب قانوين �أو بهدف امل�صلحة‬
‫العامة �أو من قبل �سلطة عامة �أو لأغرا�ض الأر�شيف لأهداف امل�صلحة العامة �أو البحث‬
‫العلمي �أو التاريخي �أو لأهداف �إح�صائية �أو ملمار�سة حق الدفاع القانوين‪.‬‬
‫لكن هذا احلق بالن�سيان قد يتعار�ض مع حق �شخ�ص �آخر بحرية التعبري‪ .‬وبالتايل ي�صعب‬
‫تطبيقه على �أر�ض الواقع‪ .‬ف�إن قيام ال�شخ�ص ب�سحب معلومات عن نف�سه �أمر �سهل‪،‬‬
‫لكن �إجبار الغري على ذلك �أ�صعب بالنظر ملبد�أ حرية التعبري‪.‬‬
‫وقد تكون املعلومات املن�شورة تتعلق ب�شخ�ص غري م�شرتك على و�سيلة التوا�صل‬
‫االجتماعي‪ ،‬وال يعرف بالتايل بهذه املعلومات وال ميلك الو�سائل الفعالة لطلب حموها‬
‫من و�سيلة التوا�صل االجتماعي‪.‬‬
‫كما تخ�ضع البيانات ال�شخ�صية على و�سائل التوا�صل االجتماعي للتوجيه املنوه عنه‪،‬‬
‫والذي مينع ب�شكل خا�ص ت�صنيف الأ�شخا�ص �أو و�ضع �سرية لهم ‪.profiling‬‬
‫بالتايل‪ ،‬تعتمد املبادئ القانونية الأوروبية مبد�أ "احلق يف الن�سيان" خالف ًا ملا هو معمول‬
‫به يف الواليات املتحدة الأمريكية‪ .‬لكن ال�شخ�ص ال ميلك املعلومة عن نف�سه‪ ،‬وبالتايل‬
‫ال يحق له الطلب من الغري حمو املعلومات التي لدى الأخري عنه‪ .‬فالأ�شخا�ص الآخرين‬
‫لديهم حقوق لال�ستعالم حول ما يدور يف العامل‪ ،‬ومنها ما يتعلق ب�شخ�ص ما‪ .‬فاحلق‬
‫بحرية التعبري وباملعلومة هو حممي بوجه تدخل احلكومات يف معظم الد�ساتري حول‬
‫العامل‪ .‬وترغب مفو�ضيه الإحتاد الأوروبي �إعطاء احلق لكل �شخ�ص بطلب حمو معلومات‬
‫�شخ�صية عنه‪ ،‬مثل الن�صو�ص �أو ال�صور املن�ش�أة من قبل الأ�صدقاء �أو العائلة �أو امل�ستخدمني‬
‫ال كبرياً يف حقوق الأ�شخا�ص‬ ‫الآخرين يف ح�ساباتهم امل�ستقلة‪ .‬وهذا ما �سي�شكل تدخ ً‬
‫الآخرين‪ .‬كما �سيخلق هذا الأمر عبء �إداري كبري جلهة كلفة البحث عن املعلومات‬
‫املطلوب حموها وكلفة املحو بذاته‪ .‬وقد تكلف و�سائل التوا�صل االجتماعي �صاحب‬
‫[‪[[18‬‬
‫املعلومة بدفع هذه الكلفة �أو جميع امل�ستخدمني‪.‬‬
‫ويعترب �أي�ض ًا احلق بالن�سيان "‪ "Droit à l’oubli‬يف بع�ض الدول الأوروبية‪ ،‬وال�سيما يف‬
‫فرن�سا‪ ،‬من بني احلقوق املال�صقة لل�شخ�صية‪ ،‬و�إن كان البع�ض حتى يف هذه الدول ينازع‬
‫يف هذا احلق‪ .‬ومعنى ذلك وتربيره �أن البيانات املتعلقة باحلياة اخلا�صة لفرد‪ ،‬ا�شرتك‬
‫‪[186] Lothar Determann, Social Media Privacy: A Dozen Myths and Facts, 2012 STANFORD TECHNOLOGY LAW‬‬
‫‪REVIEW. 7, http://stlr.stanford.edu/pdf/determann-socialmediaprivacy.pdf, p 9, 10.‬‬
‫�صفحة رقم ‪93‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫بحدث عام‪ ،‬ميكن �أن ت�صبح عامة تطبيق ًا ملبد�أ احلق بالو�صول �إىل املعلومات‪ .‬وتربير‬
‫ن�رش هذه البيانات اخلا�صة بالفرد حينها هو حداثتها‪ ،‬ولكن بعد عدة �سنوات‪ ،‬ميكن‬
‫لل�شخ�ص �أن يتذرع ب"حقه بالن�سيان" يف ما خ�ص بياناته اخلا�صة‪ .‬وقد �أ�صبح هذا الأمر‬
‫�أكرث �إ�شكالي ًة بعد �شيوع الإنرتنت و�سهولة الو�صول �إىل املعلومات عليها واحتوائها‬
‫ملعلومات قد تبقى من�شور ًة ل�سنوات طويلة‪.‬‬
‫وهذا احلق بالن�سيان هو من احلقوق املتعلقة بال�شخ�صية‪ ،‬ويرمي �إىل حماية احلياة اخلا�صة‬
‫للفرد‪ ،‬والذي يف وقت معني وجد متدخ ً‬
‫ال يف حدث جرى تداوله �إعالمي ًا‪ .‬و�أ�سا�س هذا‬
‫احلق وفق االجتهاد الفرن�سي‪ ،‬الذي �أن� أش� هذا احلق‪� ،‬أنه وقت ح�صول الأفعال "املطلوب‬
‫ن�سيانها"‪ ،‬ميكن �إف�شاء عنا�رص من احلياة اخلا�صة للفرد تطبيق ًا للحق باملعلومة‪ ،‬كما يف‬
‫ال‪ ،‬لكن بعد �سنوات عديدة‪ ،‬ميكن لهذا الفرد �أن ميانع ن�رش هذه‬ ‫حالة دعوى ق�ضائية مث ً‬
‫[‪[[18‬‬
‫العنا�رص تطبيق ًا ل"احلق الن�سيان"‪.‬‬
‫وقد �أ�صبحت هذه الإ�شكالية �أكرث �أهمي ًة بالنظر ل�سهولة ن�رش معلومات �شخ�صية عن‬
‫كل فرد على الإنرتنت و�إمكانية القيام بذلك من قبل كل �شخ�ص على و�سائل التوا�صل‬
‫االجتماعي‪ ،‬وبقاء هذه املعلومات لفرتات طويلة حلني �إزالتها‪.‬‬
‫يف هذا الإطار‪ ،‬يلتزم تويرت يف حال �إلغاء ح�ساب م�ستخدم لديه بوقف الو�صول �إىل‬
‫بيانات امل�ستخدم فوراً ومبحوها خالل ثالثني يوم ًا‪ ،‬والتي ميكن خاللها �إعادة تفعيل‬
‫احل�ساب‪ .‬ويلتزم في�سبوك مبحو جميع املعلومات العائدة للح�ساب امللغي لديه خالل‬
‫مهلة ‪ 90‬يوم ًا‪� .‬إال �أنه تبقى بع�ض املعلومات عن امل�ستخدم‪ ،‬الذي �ألغى ح�سابه‪ ،‬وهي‬
‫تلك املن�سوخة �أو الظاهرة على ح�سابات �أخرى وكذلك البيانات املجمعة عنه خارج‬
‫�إطار ح�سابه‪ .‬وجتدر الإ�شارة �إىل �أن الأ�شخا�ص غري امل�شرتكني على و�سيلة التوا�صل‬
‫االجتماعي ال ميلكون الطرق املنا�سبة لطلب حمو البيانات املُجمعة عنهم من قبل هذه‬
‫[‪[[18‬‬
‫الو�سيلة‪.‬‬
‫ويقت�ضي الإ�شارة �إىل �أن حمو التعليقات التي و�ضعها امل�ستخدم على ح�سابات الغري على‬
‫و�سائل التوا�صل االجتماعي ال ميكن �أن يتم �آلي ًا‪ ،‬بل يجب على امل�ستخدم القيام به‬
‫‪[187] Marine de Montecler, Le droit à l’heure des réseaux sociaux, HEC Paris – 2011, https://www.lepetitjuriste.fr/wp-‬‬
‫‪content/uploads/2011/10/droit%20@%20l%20heure%20des%20r%c3%a9seaux%20sociaux%20-%20Marine%20de%20‬‬
‫‪Montecler.pdf, p 37‬‬
‫‪[188] Elodie Weil, L’exploitation et le protection des données à caractère personnel des utilisateurs sur les réseaux‬‬
‫‪sociaux, Droit et réseaux sociaux, Laboratoire d’études juridiques et politiques, Lextenso éditions, octobre 2015, p 132.‬‬
‫�صفحة رقم ‪94‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫يدوي ًا‪ ،‬ما ي�شكل ا�ستحالة بالنظر لعدد التعليقات و�صعوبة ح�رصها‪.‬‬
‫[‪[[18‬‬

‫ونحن ن�ؤيد اعتماد "احلق بالن�سيان" من بني احلقوق املُعطاة للمواطن يف �أي بلد عربي‪،‬‬
‫لإعطائه فر�صة وانطالقة جديدة يف احلياة وت�شجيعه على �إ�صالح ذاته‪ ،‬ال�سيما �أن‬
‫القوانني اجلزائية يف الدول العربية تن�ص على مبد�أ مرور الزمن على اجلرم وعلى العقوبة‬
‫املحكوم بها وعلى حق ال�شخ�ص با�ستعادة اعتباره بعد م�ضي مدة على تنفيذ عقوبته‬
‫املحكوم بها وبالتايل �شطب العقوبة عن �سجله العديل‪.‬‬
‫تطبيق ًا لهذا احلق بالن�سيان‪ ،‬ت�صدر املحاكم عاد ًة �أمراً ب�إزالة ا�سم �شخ�ص �أُبقي ا�سمه �رسي ًا‬
‫يف حتقيقات ق�ضائية‪ ،‬وذلك من مواقع التوا�صل االجتماعي‪.‬‬
‫ال يف فرن�سا‪� ،‬أو غريها من الدول التي‬ ‫ومن �أجل حماية "احلق بالن�سيان"‪ ،‬ميكن تطبيق مث ً‬
‫لديها قانون بحماية البيانات ال�شخ�صية‪ ،‬هذا القانون؛ فاملادتني ‪ 38‬و‪ 40‬من القانون‬
‫الفرن�سي املُ�سمى "معلوماتية وحريات" تلحظ حق امل�ستخدم باالعرتا�ض على معاجلة‬
‫بياناته ال�شخ�صية وحقه بطلب ت�صحيحها �أو حموها‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل �أن املادة ال�ساد�سة من‬
‫ذات القانون ت�سمح بحفظ البيانات ال�شخ�صية ملدة ال تتجاوز تلك ال�رضورية لتحقيق‬
‫�أهداف املعاجلة التي من �أجلها جرى جمع البيانات ومعاجلتها؛ وهذا "احلق بالن�سيان"‬
‫يذهب يف اجتاه احرتام احلياة اخلا�صة وت�أمني راحة بال كل �شخ�ص‪ ،‬فمن ال�رضوري �أن‬
‫يتحكم كل �شخ�ص ببياناته ال�شخ�صية‪ .‬لكن باملقابل‪ ،‬يجب الأخذ بعني االعتبار حق‬
‫ال�رشكات مبعاجلة البيانات ال�شخ�صية لتحقيق غاياتها‪ ،‬وال�سيما عرب �إر�سال الإعالنات‬
‫املُوجهة وفق حاجات كل �شخ�ص‪ .‬وميكن يف هذا املجال التعويل لت�أمني حلول فعالة‬
‫على �إبرام اتفاقيات دولية �أو و�ضع معايري دولية تعتمدها الدول يف ت�رشيعاتها الوطنية‬
‫�أو عرب قيام و�سائل التوا�صل االجتماعي بالتنظيم الذاتي من خالل مدونات ال�سلوك �أو‬
‫[‪[[19‬‬
‫املمار�سات الفُ�ضلى‪.‬‬
‫لكن تطبيق هذا احلق بالن�سيان يثري �إ�شكاليات يف ظل ف�ضاء �سيرباين حتكمه قوانني متعددة‬
‫ال تن�ص معظمها على هذا احلق‪� ،‬إال �أنه باملقابل‪ ،‬ف�إن حتديد مدة ق�صوى حلفظ البيانات‬
‫ال�شخ�صية هو تطبيق غري مبا�رش لهذا احلق بالن�سيان‪.‬‬

‫‪[189] Fabrice Mattatia, Internet et les réseaux sociaux, que dit la loi? Eyrolles, 2ème édition, 2016, p 92.‬‬
‫‪[190]Marine de Montecler, Le droit à l’heure des réseaux sociaux, HEC Paris – 2011, https://www.lepetitjuriste.fr/wp-‬‬
‫‪content/uploads/2011/10/droit%20@%20l%20heure%20des%20r%c3%a9seaux%20sociaux%20-%20Marine%20de%20‬‬
‫‪Montecler.pdf, p 39-40.‬‬
‫�صفحة رقم ‪95‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫} �ساد�ساً {‬
‫امل�س�ؤولية القانونية على و�سائل التوا�صل االجتماعي‬
‫يخ�ضع ن�رش املعلومات على مواقع التوا�صل االجتماعي يف املبد�أ لذات القواعد القانونية‬
‫املطبقة على ن�رشها بطرق �أخرى تقليدية‪ .‬ففي بع�ض احلاالت‪ ،‬تكون و�سيلة التوا�صل‬
‫واملحمل من قبل امل�ستخدم‪ ،‬ويف �أحيان �أخرى‬
‫ّ‬ ‫االجتماعي م�س�ؤول ًة عن املحتوى املُنتج‬
‫يكون الأخري هو امل�س�ؤول‪.‬‬
‫املحمل يجب �أو ًال درا�سة‬
‫ّ‬ ‫ولتحديد م�س�ؤولية و�سيلة التوا�صل االجتماعي عن املحتوى‬
‫الفارق بني النا�رش والو�سيط‪ ،‬وثاني ًا مدى رقابة و�سيلة التوا�صل االجتماعي على املحتوى‬
‫املن�شور من قبل امل�ستخدمني‪ ،‬وثالث ًا مقارنة م�س�ؤولية و�سيلة التوا�صل االجتماعي بتلك‬
‫العائدة مل�ست�ضيف البيانات‪.‬‬
‫فم�س�ؤولية امل�ؤ�س�سة �صاحبة املوقع الإلكرتوين ال ت�أتي فقط عن املعلومات التي تن�رشها‬
‫بنف�سها بل �أي�ض ًا �أحيان ًا عن املعلومات التي ين�رشها امل�ستخدمون‪ .‬وقد تعتمد امل�ؤ�س�سة‬
‫املعلومات املن�شورة من قبل امل�ستخدمني �إما من خالل و�ضع رابط ي�ؤدي �إىل �صفحة‬
‫امل�ستخدم اخلا�صة �أو من خالل ن�سخ املحتوى العائد للم�ستخدم و�إ�ستعادته‪ .‬كما قد‬
‫تعترب امل�ؤ�س�سة مبثابة مراقب البيانات ال�شخ�صية بالن�سبة لتلك املن�شورة على موقعها‪ ،‬كما‬
‫قد تعترب كنا�رش ملعلومات قد تت�ضمن قدح وذم بحق �آخرين ال�سيما �إذا مت �إعالمها بطبيعة‬
‫[‪[[19‬‬
‫املواد املن�شورة‪.‬‬

‫التمييز بني النا�رش والو�سيط‬


‫يقت�ضي التمييز بني �أنواع ثالثة من املواقع‪ :‬املواقع حيث املحتوى موافق عليه كلي ًا �أو‬
‫ُمنتج من قبل امل�شغل �أو �صاحب املوقع‪ ،‬املواقع التي يتم حتميل املحتوى عليها من قبل‬
‫�أ�شخا�ص ثالثني ولو جزئي ًا‪ ،‬واملواقع التي ت�ست�ضيف حمتوى يقع حتت ال�سيطرة التامة‬
‫للم�ستخدمني‪.‬‬
‫بالن�سبة للنا�رش‪ ،‬ويف عامل الن�رش الورقي‪ ،‬ف�إن ال�شخ�ص الذي ميار�س �سلطة القرار (�سلطة‬
‫‪[191] Vanessa Havard-Williams, Social media and the law: A handbook for UK companies, January 2014, http://www.‬‬
‫‪linklaters.com/pdfs/mkt/london/TMT-Social-Media-Report.pdf, p 7.‬‬
‫�صفحة رقم ‪96‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫التحرير �أو املحرر) ُي�س�أل عما هو من�شور‪ .‬ذات التحليل يطبق على الإنرتنت طاملا �أن‬
‫الن�رش ينتج عن قرار بالرقابة على الن�رش ُم�شابه لذاك املُتبع يف املن�شورات على ركيزة‬
‫[‪[[19‬‬
‫ورقية‪.‬‬
‫بالت�أكيد‪ ،‬النا�رشون هم م�س�ؤولون عن املحتوى املن�شور على الإنرتنت بذات الطريقة‬
‫املتبعة يف العامل املادي‪ ،‬ولكن قد تطبق عليهم قواعد قانونية �إ�ضافية‪ .‬وامل�س�ؤولية قد‬
‫ً [‪[[19‬‬
‫تكون جزائية �أو مدنية �أو االثنتني معا‪.‬‬
‫ومييز القانون الفرن�سي رقم ‪ 575/2004‬املتعلق بالثقة يف االقت�صاد الرقمي بني‬
‫م�ست�ضيفي البيانات ‪ Hébergeurs‬وبني النا�رشين ‪ .Editeurs‬فم�ست�ضيفو البيانات‬
‫وفق املادة ال�ساد�سة من القانون هم الأ�شخا�ص الطبيعيون واملعنويون الذين ي�ؤمنون‪ ،‬ولو‬
‫دون مقابل‪ ،‬من �أجل الو�ضع بت�رصف اجلمهور‪ ،‬بوا�سطة خدمات االت�صاالت‪ ،‬تخزين‬
‫الن�صو�ص وال�صور وال�صوت �أو �أي ر�سالة من �أية طبيعة مقدمة من قبل امل�ستخدمني‪.‬‬
‫بينما ميكن تعريف النا�رش ب�أنه املقدم �أو املورد الذي له �سلطة حتديد املحتوى املو�ضوع‬
‫بت�رصف اجلمهور‪.‬‬
‫بالتايل يتم التفريق بني النا�رش وبني امل�ست�ضيف تبع ًا لقدرته على الت�رصف بخ�صو�ص‬
‫[‪[[19‬‬
‫املحتوى املو�ضوع على الإنرتنت‪.‬‬
‫وقد ت�ضاربت اجتهادات املحاكم يف البداية حول م�س�ؤولية هذه املواقع‪ ،‬وال�سيما‬
‫الو�سيطة ‪� ،Intermédiaire/Intermediate‬أي التي ال تقرر املحتوى عليها‪ .‬ويف‬
‫حال املبالغة يف م�س�ؤولية ه�ؤالء الو�سطاء‪ ،‬ف�إنهم �سريف�ضون املحتوى الذي قد يت�ضمن‬
‫خماطر عليهم‪ ،‬مما قد ي�ؤدي �إىل �إعاقة نقل املعلومات‪ ،‬يف حني �أنه يف حال �إعفائهم من‬
‫امل�س�ؤولية فلن يكون لديهم �أي دافع لأخذ تدابري معقولة من �أجل وقف الن�شاطات غري‬
‫امل�رشوعة اجلارية على �أنظمتهم املعلوماتية‪ .‬ويكمن التحدي يف �إيجاد توازن حلماية‬
‫ً [‪[[19‬‬
‫حقوق الأ�شخا�ص والو�سطاء يف �آن معا‪.‬‬

‫‪[192] Pierre TRUDEL, La responsabilité des médias en ligne, Faculté de droit, Université de Montréal, Avril 2010, p‬‬
‫‪18.‬‬
‫‪[193] Cynthia Wong, James X. Dempsey, Mapping digital media, THE MEDIA AND LIABILITY FOR CONTENT ON‬‬
‫‪THE INTERNET, www.mappingdigitalmedia.org, www.soros.org/initiatives/media, May 2011, p 2, 6.‬‬
‫‪[194] Marine de Montecler, Le droit à l’heure des réseaux sociaux, HEC Paris – 2011, https://www.lepetitjuriste.fr/wp-‬‬
‫‪content/uploads/2011/10/droit%20@%20l%20heure%20des%20r%c3%a9seaux%20sociaux%20-%20Marine%20de%20‬‬
‫‪Montecler.pdf, p 9.‬‬
‫‪[195] Pierre TRUDEL, La responsabilité des médias en ligne, Faculté de droit, Université de Montréal, Avril 2010, p 5.‬‬
‫�صفحة رقم ‪97‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫يف عامل الإنرتنت االفرتا�ضي‪ ،‬كما يف العامل املادي احلقيقي‪ ،‬م�ؤلف ومن�شئ املحتوى غري‬
‫امل�رشوع هو دائم ًا م�س�ؤول‪ .‬لكن يف بع�ض القوانني الوطنية‪ ،‬ف�إنه بالن�سبة لبع�ض �أنواع‬
‫املحتوى‪ ،‬ف�إن الأ�شخا�ص الذين يوزعون �أو يحوزون املحتوى غري امل�رشوع‪ ،‬والغري‬
‫ُمن� أش� من قبلهم‪ ،‬ميكن اعتبارهم �أي�ض ًا م�س�ؤولني‪ .‬على �سبيل املثال‪ ،‬فمن غري القانوين يف‬
‫كثري من الدول حيازة مواد �إباحية للأطفال‪ .‬ويف و�سائل الإعالم التقليدية‪ ،‬ك�صحيفة �أو‬
‫ال من م�ؤلف املحتوى والنا�رش يعتربان م�س�ؤولني لأن النا�رش ميار�س‬ ‫قناة تلفزيون‪ ،‬ف�إن ك ً‬
‫رقابة حتريرية على املحتوى‪ .‬وتطبق هذه املبادئ ب�شكل ما على الإنرتنت‪ .‬وهي تطبق‬
‫على الو�سطاء على الإنرتنت ‪( Internet intermediaries‬مقدمي خدمات االت�صال‬
‫بالإنرتنت ‪ ،internet service providers‬م�ست�ضيفي البيانات ‪،Web hosting‬‬
‫[‪[[19‬‬
‫حمركات البحث ‪ ،search engines‬مبا فيهم مواقع التوا�صل االجتماعي)‪.‬‬
‫يف املبد�أ‪ ،‬ف�إن ال�شخ�ص الذي يقرر و�ضع معلومات على الإنرتنت هو الذي يتحمل‬
‫امل�س�ؤولية‪ .‬ويجب لتحميل �صاحب املوقع �أو الو�سيلة امل�س�ؤولية �إثبات �أن لديه التحكم‬
‫بخ�صو�ص املحتوى غري امل�رشوع املن�شور على املوقع على الإنرتنت‪� ،‬أي القدرة على‬
‫اختيار ما قد ين�رش وملن‪ .‬ومن هذه ال�سلطة على مراقبة املحتوى قبل ن�رشه‪ ،‬تنتج م�س�ؤولية‬
‫الو�سيط‪ .‬وقد تتم �إدارة املحتوى ومراقبته قبل ن�رشه وقد تتم بعد ن�رشه‪� ،‬أي �أن يتم ن�رشه‬
‫ب�شكل �آين ومبا�رش مع القدرة من قبل الو�سيط على �سحبه �إذا تبني �أن هذا املحتوى غري‬
‫[‪[[19‬‬
‫م�رشوع‪ .‬ويطبق ذات املبد�أ على التعليقات الواردة على املحتوى املن�شور‪.‬‬
‫لكن يف بع�ض الدول‪ ،‬ميكن اعتبار الو�سطاء على الإنرتنت‪ ،‬مبا فيهم مقدمي اخلدمات‬
‫التقنية �أو م�شغلي املن�صات للتعبري على الإنرتنت‪ ،‬م�س�ؤولني عن �آراء الآخرين‪ ،‬مما قد‬
‫ي�ؤدي �إىل تطبيق مبد�أ احلماية الذاتية والرقابة اخلا�صة من قبلهم‪ .‬ومبا �أن معظم املغردين‬
‫على الإنرتنت يعتمدون على الو�سطاء لن�رش املحتوى ال�صادر عنهم �أو لنقله‪ ،‬ف�إن القول‬
‫[‪[[19‬‬
‫مب�س�ؤولية الو�سطاء قد تعيق قدرة املغردين للتكلم على الإنرتنت‪.‬‬
‫لكن دور الو�سيط على الإنرتنت خمتلف عن دور النا�رش يف العامل املادي‪ ،‬فهو يكتفي‬
‫بنقل �أو ن�رش �أو �إ�ست�ضافة حمتوى‪ ،‬مت خلقه وحتميله من قبل م�ستخدم‪ ،‬لقاء مبلغ ب�سيط �أو‬
‫‪[196] Cynthia Wong, James X. Dempsey, Mapping digital media, THE MEDIA AND LIABILITY FOR CONTENT ON‬‬
‫‪THE INTERNET, www.mappingdigitalmedia.org, www.soros.org/initiatives/media, p 12-16.‬‬
‫‪[197] Pierre TRUDEL, La responsabilité des médias en ligne, Faculté de droit, Université de Montréal, Avril 2010, p‬‬
‫‪9- 11.‬‬
‫‪[198] Cynthia Wong, James X. Dempsey, Mapping digital media, THE MEDIA AND LIABILITY FOR CONTENT ON‬‬
‫‪THE INTERNET, www.mappingdigitalmedia.org, www.soros.org/initiatives/media, May 2011, p 2.‬‬
‫�صفحة رقم ‪98‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫جمان ًا‪ ،‬ودون مراجعة م�سبقة منه‪ ،‬وذلك ب�سبب حجم املعلومات الهائل للمحتوى �أو‬
‫الكلفة املالية املطلوبة للرقابة عليه‪.‬‬
‫ويرى الربوف�سور مي�شال فيفان ‪� Michel Vivant‬أن م�س�ؤولية الو�سطاء تقدر وفق‬
‫القانون العام حيث تطبق القاعدة ذات الأبعاد الثالثة (القدرة‪ ،‬املعرفة‪ ،‬عدم الت�رصف)‬
‫والتي ت�شكل �أ�سا�س هذه امل�س�ؤولية‪� [[19[.‬أي القدرة على التدخل ل�سحب املحتوى‪،‬‬
‫ومعرفة طبيعة هذا املحتوى غري امل�رشوعة‪ ،‬وعدم الت�رصف بخ�صو�صه‪.‬‬
‫ويف املبد�أ‪ ،‬ال يكون الو�سيط م�س�ؤو ًال بالن�سبة للمحتوى ال�صادر عن الغري‪ ،‬متام ًا كم�س�ؤولية‬
‫[‪[[20‬‬
‫م�ست�ضيف البيانات‪� ،‬إال يف حال معرفته بالطابع غري امل�رشوع للمحتوى �أو الر�سالة‪.‬‬
‫وميكن القول �أن م�س�ؤولية الو�سيط ترتكز على الدور ال�سلبي �أو الفاعل الذي يلعبه يف‬
‫�إي�صال املحتوى �إىل اجلمهور‪ .‬وبالتايل ت�ستند هذه امل�س�ؤولية على النظرية العامة القائمة‬
‫على اخلط�أ‪ .‬وهذا اخلط�أ يتمثل بعدم �سحب املحتوى ال�ضار بعد املعرفة بطبيعته‪.‬‬
‫باملقابل‪ ،‬لقد اعتمدت بع�ض الدول نظام �صارم لتحديد م�س�ؤولية الو�سطاء على الإنرتنت‬
‫وللرقابة وللتحكم يف ت�رصفات امل�ستخدمني على الإنرتنت‪ .‬ويف ال�صني مث ً‬
‫ال‪ ،‬يكون‬
‫[‪[[20‬‬
‫الو�سطاء م�س�ؤولني عن املحتوى املنقول �أو املُ�ست�ضاف والعائد الغري‪.‬‬
‫ميكن القول �أن الو�سيط‪ ،‬هو يف و�ضع م�ست�ضيف البيانات ‪ ،Host/Hébergeur‬حتى‬
‫لو كانت لديه القدرة على مراقبة املحتوى‪ ،‬فقد ال يعرف بطبيعة هذا املحتوى حتى‬
‫يتمكن من مراقبته‪� ،‬إال �أن م�س�ؤوليته تقوم يف حال معرفته ب�أن املحتوى املو�ضوع من‬
‫قبل الغري يحقق ن�شاط غري م�رشوع �أو �إذا كان لديه معرفة بالظروف التي جتعل الطابع‬
‫[‪[[20‬‬
‫غري امل�رشوع ظاهراً �أو يف حال �إبالغه بذلك‪ ،‬وال يت�رصف ل�سحب املحتوى‪.‬‬
‫وعلى املحاكم التحقق يف كل حالة‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل الدور التقني ملقدم اخلدمة‪ ،‬ما �إذا‬
‫كانت �رشوط احليادية وال�سلبية جتاه املحتوى املن�شور هي متوافرة فيه‪ ،‬وذلك قبل و�صفه‬

‫‪[199] Michel Vivant, La responsabilité des intermédiaires de l’Internet, JCP, 10 Novembre 1999, Doctrine, p. 2021-‬‬
‫‪2025.‬‬
‫‪[200] Pierre TRUDEL, La responsabilité des médias en ligne, Faculté de droit, Université de Montréal, Avril 2010, p‬‬
‫‪6, 7.‬‬
‫‪[201] Cynthia Wong, James X. Dempsey, Mapping digital media, THE MEDIA AND LIABILITY FOR CONTENT ON‬‬
‫‪THE INTERNET, www.mappingdigitalmedia.org, www.soros.org/initiatives/media, p 18.‬‬
‫‪[202] Pierre TRUDEL, La responsabilité des médias en ligne, Faculté de droit, Université de Montréal, Avril 2010, p‬‬
‫‪15.‬‬
‫�صفحة رقم ‪99‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫[‪[[20‬‬
‫كم�ست�ضيف بيانات‪.‬‬
‫وتزداد املخاطر على عاتق الو�سيط يف حال �إغفال ذكر ا�سم امل�ستخدم (�أي حالة الغفلية)‪،‬‬
‫يحمل املعلومات على املوقع الإلكرتوين‬‫مبعنى عدم تعريف امل�ستخدم عن نف�سه‪ ،‬والذي ّ‬
‫للو�سيط‪ ،‬وذلك ال�سيما يف حال وجود رقابة من قبل الو�سيط (�أي م�شغل املوقع) على‬
‫املحتوى‪ ،‬ويكون بالتايل م�س�ؤو ًال عن املحتوى املن�شور‪.‬‬
‫معرف عنهم‪.‬‬ ‫ولهذا‪ ،‬مينع بع�ض الو�سطاء التعليقات �أو املحتوى ال�صادر عن �أ�شخا�ص غري ّ‬
‫يعرفوا عن �أنف�سهم‪ .‬لكن بالن�سبة‬
‫ويجب على الأ�شخا�ص حتى ي�ستخدموا املوقع �أن ّ‬
‫لل�شخ�ص الذي ي�ضع املحتوى‪ ،‬والذي يحجب هويته‪ ،‬ف�إن الغفلية ‪ Anonymat‬هي‬
‫و�سيلة لتخفيف املخاطر الناجتة عن ن�رش املحتوى‪ .‬وبالتايل ت�شكل الغفلية نوع من نقل‬
‫امل�س�ؤولية عن املحتوى من امل�ستخدم �إىل م�شغل �أو �صاحب املوقع الذي يقبل بن�رش هذا‬
‫املحتوى‪ ،‬وذلك يف حال وجود رقابة من قبله على الن�رش‪ .‬ويف حال عدم وجود رقابة‬
‫على املحتوى العائد للم�ستخدمني املغفلني من قبل �صاحب املوقع‪ ،‬ف�إنه يكون م�س�ؤو ًال‬
‫[‪[[20‬‬
‫فور معرفته بالطابع غري امل�رشوع للمحتوى‪.‬‬
‫لذلك‪ ،‬ين�ص التوجيه الأوروبي حول التجارة الإلكرتونية يف املادة ‪ 15‬منه والقانون‬
‫الفرن�سي رقم ‪ 575-2004‬املتعلق بالثقة يف االقت�صاد الرقمي والكثري من القوانني‬
‫الوطنية الأخرى على واجب مقدمي اخلدمات التقنية على الإنرتنت باحل�صول على‬
‫تعرف عن ال�شخ�ص غري املحرتف الذي ي�ستعمل خدماتهم‬ ‫البيانات ال�شخ�صية التي ّ‬
‫لن�رش املحتوى على الإنرتنت‪ ،‬والذي يحق له �إبقاء ا�سمه مغف ً‬
‫ال‪� .‬أما النا�رش املحرتف‪،‬‬
‫فعليه التعريف عن نف�سه مبا�رش ًة على الإنرتنت من خالل ما ين�رشه‪.‬‬
‫يف الواليات املتحدة الأمريكية‪ ،‬ت�ستفيد مواقع التوا�صل االجتماعي من احلماية مبوجب‬
‫�سيا�سة حكومية �أقرت يف الت�سعينات‪ .‬فالق�سم ‪ 230‬امل�سمى "‪"Good Samaritan‬‬
‫من قانون �أ�صول االت�صاالت الفيديرايل "‪ "Communications Decency Act‬لعام‬
‫‪ 1996‬يحمي مواقع التوا�صل االجتماعي كفي�سبوك‪ .‬فهو ين�ص على �أنه ال ميكن معاملة‬
‫مقدمة من‬
‫مقدم �أو م�ستخدم خلدمة كمبيوتر تفاعلية كنا�رش �أو كم�ؤلف لأية معلومات ّ‬‫ّ‬

‫‪[203] Céline Castets -Renard, Droit de l’Internet: Droit français et européen, 2ème edition, Montchrestien, Lextenso‬‬
‫‪éditions, 2012, p . 306-307.‬‬
‫‪[204] Pierre TRUDEL, La responsabilité des médias en ligne, Faculté de droit, Université de Montréal, Avril 2010, p‬‬
‫‪11.‬‬
‫�صفحة رقم ‪100‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫مقدم �آخر للمحتوى‪ ،‬وبالتايل ترتيب امل�س�ؤولية عليهما‪ .‬وي�ستهدف هذا القانون‬ ‫قبل ّ‬
‫ب�شكل خا�ص املحتوى املن�شور الذي يو�صف ب�أنه "فاح�ش" �أو "بذيء" �أو "غري الئق"‪.‬‬
‫كما ين�ص قانون الكوبريات الرقمي الفيديرايل "‪Digital Millennium Copyright‬‬
‫‪ "Act‬على انتفاء م�س�ؤولية م�ست�ضيف البيانات ب�ش�أن االنتهاكات املتعلقة بامللكية الفكرية‬
‫ب�رشط‪:‬‬
‫ •قيامه بو�ضع تعهد يف عقده مع امل�ستخدم بعدم قيام الأخري بن�رش حمتوى غري م�رشوع؛‬
‫ •تعيني �شخ�ص من قبله لإبالغه عن املحتوى غري امل�رشوع؛‬
‫ •و�ضع �آلية للإبالغ عن املحتوى غري امل�رشوع؛‬
‫ •عدم معرفته بطبيعة املحتوى غري امل�رشوع قبل �إبالغه بذلك؛‬
‫ •عدم احل�صول على منفعة مالية مبا�رشة من ن�رش املحتوى غري امل�رشوع وعدم ممار�سة‬
‫رقابة عليه؛‬
‫ •القيام ب�رسعة ب�سحب املحتوى غري امل�رشوع �أو منع الو�صول �إليه بعد �إعالمه بذلك‪.‬‬
‫[‪[[20‬‬
‫والقانون الأخري يطبق فقط على امللكية الفكرية‪ُ ( .‬يراجع)‬
‫يف الواقع‪ ،‬يطبق قانون �أ�صول االت�صاالت الفيدرايل الأمريكي مبد�أ ا�ستثناء الف�ضاء‬
‫نظم‬‫ال�سيرباين من القواعد التقليدية كونه خا�ص وفريد وخمتلف‪ ،‬ويجب بالتايل �أن ُي ّ‬
‫ب�شكل خمتلف‪ .‬بالتايل‪ ،‬ف�إن الن�رش على الإنرتنت يختلف عن الن�رش التقليدي‪ ،‬بحيث �أن‬
‫الأول قد ال ي�ؤدي �إىل م�س�ؤولية بعك�س الثاين‪ [[20[.‬كما تن�ص املادة ‪ 27‬من القانون املتعلق‬
‫بالإطار القانوين لتكنولوجيا املعلومات على ا�ستبعاد واجب مراقبة املعلومات من قبل‬
‫الو�سطاء التقنيني‪.‬‬
‫يف لبنان‪ ،‬مل يعترب االجتهاد الراجح الن�رش على و�سائل التوا�صل االجتماعي من قبيل‬
‫الن�رش بوا�سطة مطبوعة ورقية‪� ،‬أي مل يعتربه من قبيل العمل ال�صحايف‪.‬‬
‫فقد �صدر حكم عن القا�ضي املنفرد اجلزائي يف ك�رسوان يف لبنان اعترب فيه �أن موقع‬
‫في�سبوك ال يعد مطبوعة باملفهوم املن�صو�ص عليه يف قانون املطبوعات‪� ،‬إذ �أنه جمرد و�سيلة‬
‫تخاطب �إلكرتوين خا�صة ب�صاحبها‪ ،‬وال حتتوي على الهيكلية اخلا�صة باملطبوعات‬

‫‪[205] Guillaume Florimond, Droit et Internet, De la logique internationaliste à la logique réaliste, Bibliothèque des‬‬
‫‪thèses, Editions Mare & martin, 2016, page 550 à la page 558.‬‬
‫‪[206] Christopher F. Spinelli, Social Media: No ‘Friend’ of Personal Privacy, The Elon Journal of Undergraduate‬‬
‫‪Research in Communications, Vol 1, No 2, Fall 2010, p 60.‬‬
‫�صفحة رقم ‪101‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫ك�إ�سم امل�ؤلف والنا�رش و�سواهما‪ ،‬وهي غري خم�ص�صة للقراء واجلمهور‪.‬‬


‫[‪[[20‬‬

‫ثم عادت حمكمة التمييز اجلزائية اللبنانية‪ ،‬واعتربت يف قرارها ال�صادر عام ‪� 2015‬أن‬
‫مواقع التفاعل االجتماعي ومنها موقع في�سبوك‪ ،‬تتيح للمنت�سبني �إليها ن�رش �أخبارهم‬
‫و�صورهم و�آرائهم �ضمن ح�ساباتهم اخلا�صة‪� ،‬سواء �أكانت ح�سابات مفتوحة للكافة �أو‬
‫حم�صورة ب�أ�صدقائهم املختارين فقط؛ و�أن الن�رش‪ ،‬و�إن مت باحلروف والأ�شكال والكلمات‬
‫وال�صور‪� ،‬إال �أنه ن�رش خا�ص لي�س معداً للتوزيع ب�صورة م�ستمرة وبا�سم معني وب�أجزاء‬
‫معدة للتوزيع على اجلمهور‪ ،‬وهو بالإ�ضافة �إىل ذلك غري خا�ضع لل�ضوابط‬ ‫متتابعة ّ‬
‫[‪[[20‬‬
‫املتعلقة باملطبوعة ال�صحافية املن�صو�ص عنها يف القانون امل�شار �إليه‪.‬‬
‫وقد ع ّللت حمكمة التمييز النتيجة التي تو�صلت �إليها ب�شكل مف�صل مو�ضح ًة الفارق‬
‫بني و�سيلة توا�صل اجتماعي ومطبوعة �صحافية‪� .‬إال �أنه يقت�ضي الإ�شارة �إىل �أن و�ضع‬
‫امل�ؤ�س�سات ال�صحافية‪� ،‬أي التي متتهن العمل ال�صحايف‪ ،‬يختلف عن و�ضع امل�ستخدمني‬
‫الذي ي�ستعملون و�سائل التوا�صل االجتماعي لغاياتهم ال�شخ�صية‪ ،‬وذلك حني تقوم‬
‫هذه امل�ؤ�س�سات با�ستخدام ح�سابات لها على و�سائل التوا�صل االجتماعي لن�رش �أخبار‬
‫ومقاالت �صحافية‪.‬‬
‫وبالتايل طاملا �أن و�سيلة التوا�صل االجتماعي ال ت�ص ّنف كمطبوعة �صحافية �أو كنا�رش يف‬
‫لبنان لعدم متتعها مبوا�صفات املطبوعة �أو النا�رش‪ ،‬فال تخ�ضع للنظام القانوين العائد لهما‪،‬‬
‫فيكون هذا التو�صيف القانوين لها ل�صاحلها‪ ،‬مما يجعل امل�ستخدم امل�س�ؤول الأول عن‬
‫املحمل منه‪ .‬وال تقوم م�س�ؤولية و�سائل التوا�صل االجتماعي �إال يف‬‫ّ‬ ‫�أعماله واملحتوى‬
‫حال مراقبتها للمحتوى �أو معرفتها الفعلية بطابعه غري امل�رشوع‪.‬‬

‫مدى رقابة و�سيلة التوا�صل االجتماعي على املحتوى املن�شور من امل�ستخدمني‬


‫يعتقد الكثري من امل�ستخدمني �أنه‪ ،‬يف ظل انتفاء القدرة على الرقابة على الإنرتنت بالنظر‬
‫لطابعها غري املركزي والعاملي‪ ،‬يتوجب على و�سائل التوا�صل االجتماعي ومقدمي‬
‫اخلدمات على الإنرتنت (‪ )ISP‬القيام بالرقابة وتعيني فريق من املحاورين ل�ضمان �سالمة‬
‫�شبكاتهم االجتماعية‪ .‬وبالفعل يتبني �أن لدى في�سبوك وتوتري فريق من املراقبني‪� ،‬إال �أنه‬

‫[‪ [[20‬القايض املنفرد الجزايئ يف كرسوان يف لبنان‪ ،‬حكم تاريخ ‪ ،2012/9/19‬مجلة العدل ‪ ،2013‬عدد ‪ ،1‬ص ‪.512‬‬
‫[‪ [[20‬محكمة التمييز الجزائية اللبنانية‪ ،‬قرار رقم ‪ 22‬تاريخ ‪ ،2015/5/5‬مجلة العدل‪ ،2015 ،‬عدد ‪ ،4‬ص ‪.2336‬‬
‫�صفحة رقم ‪102‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫من الوا�ضح �أن و�سائل التوا�صل االجتماعي لي�ست متحم�سة جداً للتعامل مع الرقابة‬
‫على حمتوى �ضخم ومتنوع‪ ،‬ب�سبب خوفها من خلق �شعور لدى امل�ستخدمني بكونهم‬
‫مقيدين‪ ،‬وكذلك ب�سبب ا�ضطرارها للقيام بجهد �إ�ضايف مع كل متطلباته االقت�صادية‬
‫و�آثاره‪.‬‬
‫�أما اخليار الآخر جلهة الرقابة‪ ،‬فهو قيام احلكومات بتنظيم الرقابة وب�إعالم و�سائل‬
‫التوا�صل االجتماعي وامل�ستخدمني مبا هو م�سموح ومبا هو ممنوع‪� .‬إال �أن ذلك يبدو غري‬
‫فعال بالنظر للطابع الدويل للإنرتنت ولكون �صالحية كل دولة بالنظر للأفعال اجلرمية‬
‫ال ت�شمل �سوى تلك املرتكبة على �إقليميها (ال�صالحية الإقليمية) �أو من قبل مواطنيها‬
‫(ال�صالحية ال�شخ�صية) �أو التي تلحق �رضر بالدولة (ال�صالحية الذاتية)‪ .‬كما يعرت�ض‬
‫البع�ض على تدخل الدول لو�ضع قيود على حرية التعبري على الإنرتنت �إحرتام ًا ملبادئ‬
‫الدميقراطية‪ .‬هذا بالإ�ضافة �إىل �أن البنية التقنية للإنرتنت ال ت�سمح مبراقبة تقنية فعالة‪.‬‬
‫اخليار الثالث يكمن يف ت�أمني التنا�سق ملجموعة من املعايري على ال�صعيد الإقليمي‪� ،‬إال �أن‬
‫تطبيقات ذلك تبقى حمدودة جداً‪ ،‬فعلى ال�صعيد الأوروبي �شملت فقط املواد الإباحية‬
‫املتعلقة بالأطفال‪ .‬اخليار الرابع ميكن يف التنظيم الدويل بالنظر للطابع الدويل للإنرتنت‪.‬‬
‫واخليار اخلام�س هو التنظيم الذاتي من قبل امل�ستخدمني �أنف�سهم عرب رف�ض امل�ستخدمني‬
‫الآخرين الذين ال يلتزمون مبدونات ال�سلوك على الإنرتنت‪ ،‬وكذلك عرب حجب �أو‬
‫[‪[[20‬‬
‫تقييد الو�صول لهم ولأوالدهم لبع�ض املحتوى عرب الربامج املعلوماتية للت�صفية‪.‬‬
‫ويبدو �أن احلكومات �أ�صبحت تواقة �أكرث للتحكم باملحتوى املن�شور مبا �أن الإنرتنت‬
‫�أ�صبحت حيوية �أكرث حلياة الأفراد وامل�ؤ�س�سات وعملهم‪ .‬فالإنرتنت لديها قدرة غري‬
‫حمدودة لتمكني م�شاركة امل�ستخدمني وتفاعلهم وعدم وجود حدود لها يناق�ض احلدود‬
‫اجلغرافية للأقاليم‪.‬‬
‫وقد عمدت بع�ض الدول �إىل تطوير �أدوات معلوماتية للت�صفية والرقابة على و�سائل‬
‫التوا�صل االجتماعي‪ .‬ومن التقنيات امل�ستعملة‪ :‬ا�ستعمال الربامج التج�س�سية لن�سخ‬
‫حمتوى القر�ص ال�صلب ‪� Hard disk‬أو كلمات ال�رس‪ ،‬قر�صنة العناوين الرقمية ‪،IP‬‬
‫الت�صيد ‪� ،Phishing‬إن�شاء مواقع مر�آة حلجب الو�صول �إىل بع�ض املحتوى‪ .‬كما تقوم‬
‫الدول‪ ،‬باال�ستناد �إىل ن�صو�ص قانونية وطنية‪ ،‬بتقييد الو�صول �إىل بع�ض املواقع �أو مبنع‬
‫‪[209] Richard Steppe, The freedom of speech on social networking services, Do we need protection against our own‬‬
‫‪expressions?, https://www.law.kuleuven.be/jura/art/50n3/steppe.pdf, p. 581-584.‬‬
‫�صفحة رقم ‪103‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫بع�ض املحتوى عليها �أو بحجب املن�صات الإلكرتونية‪.‬‬


‫وبع�ض هذه احلكومات ترى �أي�ض ًا الو�سطاء على الإنرتنت كنقطة مالئمة ملمار�سة‬
‫الرقابة‪ ،‬فمن خالل حتميل امل�س�ؤولية عن املحتوى غري امل�رشوع له�ؤالء الو�سطاء يف حال‬
‫عدم �إزالته �أو عدم حجبه‪ ،‬ميكن �إلزامهم مبراقبة املحتوى‪.‬‬
‫باملقابل‪ ،‬مل يفر�ض التوجيه الأوروبي حول التجارة الإلكرتونية يف املادة اخلام�سة‬
‫ع�رشة منه موجب رقابة على املعلومات املنقولة �أو املخ ّزنة على عاتق مقدمي اخلدمات‬
‫على الإنرتنت‪ ،‬ومنهم م�ست�ضيفي البيانات‪ ،‬وال موجب عام بالبحث ب�شكل حثيث‬
‫عن الأفعال �أو الظروف املُ ّ‬
‫�شكلة لن�شاطات غري م�رشوعة‪ .‬لكنه �أتاح للدول الأوروبية‬
‫�إن�شاء موجب على عاتق مقدمي اخلدمات ب�إعالم ال�سلطات الر�سمية فوراً بالن�شاطات‬
‫�أو املعلومات غري امل�رشوعة املُتذرع بها وال�صادرة عن امل�ستخدمني �أو امل�ستفيدين‬
‫متكن من التعريف‬ ‫من خدماتهم وكذلك �إعطاء ال�سلطات الر�سمية املعلومات التي ّ‬
‫بامل�ستخدمني �أو امل�ستفيدين من خدماتهم‪.‬‬
‫كخال�صة‪ ،‬نرى �أنه ميكن اجلمع بني اخليارات كلها وتطبيقها للو�صول �إىل تنظيم ما‬
‫و�إىل توازن بني الرقابة وحرية الر�أي‪ ،‬وال�سيما عرب لي�س فقط الرقابة الذاتية من قبل‬
‫امل�ستخدمني والتنظيم الذاتي من قبل و�سائل التوا�صل االجتماعي ‪selfregulation‬‬
‫بل عرب الرقابة التعاونية ‪ coregulation‬حيث ت�ضع الدولة معايري قانونية للرقابة الذاتية‬
‫وت�شارك فيها‪ ،‬كما تتعاون مع غريها من الدول لو�ضع معايري دولية باحلد الأدنى يف‬
‫�شكل معاهدات دولية‪.‬‬

‫مقارنة م�س�ؤولية و�سيلة التوا�صل االجتماعي بتلك العائدة مل�ست�ضيف البيانات‬


‫ميكن القول �أن و�سيلة التوا�صل االجتماعي تو�صف قانوني ًا يف املبد�أ كو�سيط ولي�س‬
‫كنا�رش‪ ،‬وهي متاثل �أي�ض ًا و�ضع م�ست�ضيف البيانات‪ ،‬وتخ�ضع بالتايل لذات القواعد‬
‫املحمل من قبل امل�ستخدمني‪.‬‬‫ّ‬ ‫القانونية املُ ّ‬
‫طبقة عليهما جلهة امل�س�ؤولية عن املحتوى‬
‫يف البداية‪ ،‬حاول البع�ض تطبيق القوانني املتعلقة بالبث �أو الإعالم املرئي وامل�سموع على‬
‫املحمل على و�سائل التوا�صل االجتماعي‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫املحتوى‬
‫ليطبق‬
‫فلقد متت مراجعة التوجيه الأوروبي املتعلق بالبث �أو الإعالم املرئي وامل�سموع ّ‬
‫�صفحة رقم ‪104‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫على املحتوى املتوافر على الإنرتنت من خالل خدمات البث املرئي وامل�سموع بنا ًء‬
‫للطلب‪ .‬ومل يت�ضح ما �إذا كانت الدول الأوروبية �ستف�رس هذا التوجيه لي�شمل املحتوى‬
‫حمل من قبل امل�ستخدم‪ .‬و�إن بع�ض الدول تو�سع نطاق‬ ‫الكناية عن الفيديو املنتج واملُ ّ‬
‫تطبيق ت�رشيعاتها املُطبقة على البث �أو الإعالم املرئي وامل�سموع (الراديو والتلفزيون)‬
‫على الإنرتنت‪ ،‬بالرغم من �أن هذه القوانني غري مالئمة للإنرتنت بالنظر لطابعها الوفري‬
‫باملعلومات وغري اخلا�ضع حلدود �أو ملراقبة واملمكن التحكم به من قبل كل م�ستخدم‬
‫بالن�سبة ملا ي�صله �أو يحمله‪ ،‬وبالنظر للقيود املفرو�ضة تاريخي ًا على ت�رشيعات البث‬
‫املرئي وامل�سموع‪ .‬فهذا الأخري ال يعرف املن�صات ‪ Platforms‬التي ت�سمح للم�ستخدم‬
‫بتحميل املحتوى وبن�رشه دون مقابل‪ ،‬والتي تتيح حق الرد الفوري‪ .‬و�إن تطبيق قوانني‬
‫البث املرئي وامل�سموع التي تتطلب الرتخي�ص ملحطات الإذاعة والتلفزيون على هذه‬
‫املن�صات من �ش�أنه �أن يعيق االبتكار والنمو وتنوع املعلومات‪ ،‬والتي مل ت�صبح ممكنة دون‬
‫[‪[[21‬‬
‫الإنرتنت‪.‬‬
‫و�إعرتاف ًا باالختالف بني و�سائل الإعالم املرئي وامل�سموع واملكتوب التقليدية وبني‬
‫الإنرتنت‪ ،‬ف�إن عدد من الدول الأوروبية وكذلك الواليات املتحدة الأمريكية‪ ،‬قد‬
‫�أ�صدرت قوانني حلماية الو�سطاء على الإنرتنت من امل�س�ؤولية‪ .‬والقانون يف الواليات‬
‫املتحدة الأمريكية ال يرتب م�س�ؤولية على الو�سطاء عن املحتوى العائد للغري �إال يف حالة‬
‫التعدي على امللكية الفكرية‪ ،‬ولو كانوا يديرون احلوار �أو يقيدون الو�صول �إىل تعليقات‬
‫امل�ستخدم املمكن االعرتا�ض عليها‪ .‬باملقابل‪ ،‬حتمي دول �أخرى الو�سطاء من امل�س�ؤولية‬
‫[‪[[21‬‬
‫�إذا �أزالوا املحتوى غري امل�رشوع عند معرفتهم بوجوده‪.‬‬
‫ومع ا�ستبعاد تطبيق ت�رشيعات الإعالم املرئي وامل�سموع على و�سائل التوا�صل‬
‫االجتماعي‪ ،‬يقت�ضي الت�سا�ؤل حول التو�صيف القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي‪،‬‬
‫فهل تُعترب كمورد معلومات ‪� Fournisseur d’information‬أو كمقدم خدمات‬
‫‪Prestataire de service‬؟‬

‫فمورد املعلومات يتوىل ن�رش معلومات من جتميعه �أو ت�أليفه على الإنرتنت لو�ضعها‬
‫بت�رصف اجلمهور جمان ًا �أو لقاء مبلغ مايل‪ ،‬وهو يتوىل حتميل هذه املعلومات والرقابة‬
‫‪[210] Cynthia Wong, James X. Dempsey, Mapping digital media, THE MEDIA AND LIABILITY FOR CONTENT ON‬‬
‫‪THE INTERNET, www.mappingdigitalmedia.org, www.soros.org/initiatives/media, May 2011, p 11, 12.‬‬
‫‪[211] Cynthia Wong, James X. Dempsey, Mapping digital media, THE MEDIA AND LIABILITY FOR CONTENT ON‬‬
‫‪THE INTERNET, www.mappingdigitalmedia.org, www.soros.org/initiatives/media, p 12-16.‬‬
‫�صفحة رقم ‪105‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫عليها وعلى املحتوى والتحكم يف ذلك‪ .‬وقد يكون مورد املعلومات ُمنتج لها �أو‬
‫�صاحب حق بن�رشها ومبثابة حمرر ال�صفحة �أو املوقع‪.‬‬
‫�أما مقدم اخلدمة‪ ،‬فقد يكون م�ست�ضيف بيانات وفق ما تن�ص عليه املادة ‪ 14‬من التوجيه‬
‫الأوروبي حول التجارة الإلكرتونية‪.‬‬
‫ويبدو �أن االجتهاد الفرن�سي مييل �إىل و�صف و�سائل التوا�صل االجتماعي كم�ست�ضيفي‬
‫بيانات وتطبيق القواعد القانونية اخلا�صة مب�ست�ضيفي البيانات عليهم‪.‬‬
‫وال يبدو �أنه منازع فيه �أن و�سائل التوا�صل االجتماعي هي مبثابة م�ست�ضيفي البيانات‬
‫[‪[[21‬‬
‫بكل ب�ساطة وال يتوجب عليهم موجب عام بالرقابة على املحتوى الذي ين�رشونه‪.‬‬
‫[‪[[21‬‬
‫و�أنها تعترب يف معظم احلاالت كم�ست�ضيفي بيانات‪.‬‬
‫ت�صنف و�سيلة التوا�صل االجتماعي يف فرن�سا ويف دول الإحتاد الأوروبي كم�ست�ضيف‬
‫بيانات‪ ،‬كما مت ت�أكيدها من قبل االجتهاد �شبه امل�ستقر‪ ،‬طاملا �أن م�شغل و�سيلة التوا�صل‬
‫[‪[[21‬‬
‫االجتماعي ال يت�رصف هو باملحتوى �إال لغايات حم�ض تقنية‪.‬‬
‫فقد اعتمدت حمكمة التمييز الفرن�سية‪ -‬الغرفة الأوىل عام ‪ 2012‬و�صف م�ست�ضيف بيانات‬
‫لن�شاطات غوغل‪-‬فيديو ‪ Google video‬وغوغل‪�-‬صور [‪ Google images.[[21‬وقد‬
‫�سبق لها �أن اعتربت يف العام ‪� 2011‬أنه يعترب م�ست�ضيف بيانات الو�سيط التقني الذي يوفر‬
‫للجمهور خدمات على الإنرتنت دون لعب دور فاعل يف حتديد املحتوى �أو التحقق‬
‫[‪[[21‬‬
‫منه‪ ،‬وذلك ب�رصف النظر عن قيامه بن�رش �إعالنات جتارية �أم ال‪.‬‬
‫و�أعطت حمكمة الدرجة الأوىل يف باري�س في�سبوك �صفة مقدم خدمات تقنية على‬
‫الإنرتنت متام ًا كم�ست�ضيف البيانات[‪ .[[21‬كما اعتربت حمكمة اال�ستئناف يف باري�س‬
‫يوتيوب كم�ست�ضيف بيانات‪ [[21[.‬وميكن �إعطاء هذا الو�صف كم�ست�ضيفي بيانات‬
‫جلميع و�سائل التوا�صل االجتماعي مع العلم �أن اجتهاد املحاكم الفرن�سية مل ي�ستقر‬
‫‪[212] Vincent Fauchoux, Pierre Deprez, Jean-Michel Bruguière, Le droit de l’Internet, Lois contrats et usages,‬‬
‫‪LexisNexis, 2ème édition, 2013, p 404.‬‬
‫‪[213] Emmanuel Derieux, Agnès Granchet, Réseaux sociaux en ligne, Aspects juridiques et déontologiques, Lamy,‬‬
‫‪2013, p 114.‬‬
‫‪[214] - Valérie Ndior, Le réseau social: essai d’identification et de qualification, Droit et réseaux sociaux, Laboratoire‬‬
‫‪d’études juridiques et politiques, Lextenso éditions, octobre 2015, p 20.‬‬
‫‪[215] Cassation Commerciale, 12/7/2012, 3 arrêts, Société Google/ A Rau et autres, http://www.legalis.net.‬‬
‫‪[216] Cassation, 1ére chamber civile, 17/2/2011, 3 arrêts, M.O.X./Sté Bloobox.net n 09-13.202, sté Nord-Ouest/ c. Daily‬‬
‫‪motion n 09-67.896, Société Agence des médias numériques/ M. K. X. n 09-15.857.‬‬
‫‪[217] TGI Paris 20 avril 2010, RLDI 2010/61 n°2019.‬‬
‫‪[218] CA Paris 16 septembre 2009 Jurisdata n°2009-016552.‬‬
‫�صفحة رقم ‪106‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫ب�شكل نهائي على هذا الو�صف‪.‬‬


‫[‪[[21‬‬

‫ويكون املكان املخ�ص�ص للم�ستخدم على و�سيلة التوا�صل االجتماعي على م�س�ؤوليته يف‬
‫ما ين�رشه‪ ،‬باملقابل يكون م�شغل و�سيلة التوا�صل االجتماعي يف املبد�أ يف و�ضع م�ست�ضيف‬
‫[‪[[22‬‬
‫البيانات‪� ،‬إال �إذا لعب دور يف �إعدادات الن�رش‪ ،‬فقد يعترب كنا�رش‪.‬‬
‫ويعترب امل�ستخدم �صاحب �صفحة على في�سبوك كمحرر للمحتوى الذي ين�رشه وم�س�ؤول‬
‫عن طابعه غري امل�رشوع‪ .‬كما يكون م�س�ؤول عن تغريداته وتعليقاته التي يطلقها على‬
‫و�سائل التوا�صل االجتماعي‪ .‬ويكون يف حكم م�ست�ضيف البيانات بالن�سبة للتعليقات‬
‫[‪[[22‬‬
‫التي يتلقاها على �صفحته على في�سبوك‪.‬‬
‫ولقد ق�ضت حمكمة العدل يف الإحتاد الأوروبي يف ق�ضية ‪ Google Adwords‬ب�أن‬
‫م�شغلي الويب ‪ 2,0‬ومن �ضمنهم و�سائل التوا�صل االجتماعي‪ ،‬ي�ستفيدون من نظام‬
‫املطبق على م�ست�ضيفي البيانات بالنظر النعدام دورهم الفاعل يف اختيار‬
‫امل�س�ؤولية ّ‬
‫[‪[[22‬‬
‫املحتوى‪.‬‬
‫ونحن ن�ؤيد هذه الوجهة بالنظر النتفاء دور و�سائل التوا�صل االجتماعي يف انتقاء‬
‫املحمل من قبل امل�ستخدمني‪ ،‬ول�صعوبة مراقبة هذا املحتوى بعد حتميله بالنظر‬
‫ّ‬ ‫املحتوى‬
‫ل�ضخامته ولعدم و�ضوح عدم امل�رشوعية �أو التعدي على حقوق الغري يف �أغلب الأحيان‪.‬‬
‫فال تقوم م�س�ؤولية و�سائل التوا�صل االجتماعي �إال بعد متنعها عن �إزالة املحتوى غري‬
‫امل�رشوع �سوا ًء بعد �إعالمها بعدم امل�رشوعية �أو كانت عدم امل�رشوعية ظاهرة ب�شكل جلي‬
‫وا�ضح ال يحتمل التبا�س‪.‬‬
‫عاد ًة‪ ،‬يتم ترتيب امل�س�ؤولية على عاتق و�سائل التوا�صل االجتماعي يف حال امتناعها‬
‫عن �سحب �أو حجب املحتوى ال�ضار بعد �إبالغها ب�صورة ر�سمية طلب ًا بهذا اخل�صو�ص‪.‬‬
‫وقد �صدرت عدة �أحكام يف هذا ال�صدد عن املحاكم الفرن�سية‪ ،‬منها حكم عن حمكمة‬
‫الدرجة الأوىل يف تولوز اعترب موقع التوا�صل االجتماعي م�س�ؤول لعدم �سحبه املحتوى‬

‫‪[219] Marine de Montecler, Le droit à l’heure des réseaux sociaux, HEC Paris – 2011, https://www.lepetitjuriste.fr/wp-‬‬
‫‪content/uploads/2011/10/droit%20@%20l%20heure%20des%20r%c3%a9seaux%20sociaux%20-%20Marine%20de%20‬‬
‫‪Montecler.pdf, p 11.‬‬
‫‪[220] Pierre Trudel, La responsabilité sur Internet en droit civil Québécois, collogue de droit civil de l’Institut national‬‬
‫‪de la magistrature, 2008, http://www.pierretrudel.net/files/sites/6/2015/01/TRUDEL_resp_internet.pdf, p 15.‬‬
‫‪[221] Fabrice Mattatia, Internet et les réseaux sociaux, que dit la loi? Eyrolles, 2ème édition, 2016, p 43, 44.‬‬
‫‪[222] Cour de justice de l’Union européenne (CJUE), 23 mars 2012, c-236/08, aff. Google Adwors.‬‬
‫�صفحة رقم ‪107‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫ال�ضار خالل مهلة ‪� 24‬ساعة من تاريخ تبلغه مباهية هذا املحتوى‪ [[22[.‬كما اعتربت‬
‫حمكمة الدرجة الأوىل التجارية يف باري�س �أن مقدم اخلدمة هو معفى من �أي م�س�ؤولية‬
‫حلني �إعالمه باملحتوى ال�ضار‪ [[22[.‬كما �ألزمت حمكمة الدرجة الأوىل يف باري�س في�سبوك‬
‫ب�صفته م�ست�ضيف بيانات‪ ،‬ومبوجب �أمر على عري�ضة‪ ،‬ب�إزالة ال�صورة املعرت�ض عليها‬
‫وكذلك املحتوى التحري�ضي على الكراهية والعنف وعلى تقدمي البيانات التي ت�سمح‬
‫[‪[[22‬‬
‫بالتعريف عن ُمن�شئ ال�صفحة‪.‬‬
‫وبالن�سبة للمهلة املعطاة ل�سحب املحتوى ال�ضار‪ ،‬اعتربت حمكمة الدرجة الأوىل يف‬
‫باري�س �أن �سحب �أفالم الفيديو املُنازع بها مل يح�صل �إال بعد خم�سة �أيام‪ ،‬والتي ال ميكن‬
‫اعتبارها كمهلة معقولة‪ ،‬لأنه يتوجب على يوتيوب العمل لإخفاء املحتوى املُنازع به‬
‫[‪[[22‬‬
‫ب�أق�صى �رسعة ممكنة بعد التبليغ عنه‪.‬‬
‫وتن�ص املادة ‪ 14‬من التوجيه الأوروبي حول التجارة الإلكرتونية على �أن م�ست�ضيف‬
‫البيانات ال يكون م�س�ؤو ًال عن املعلومات املخزنة بناء لطلب امل�ستخدم �رشط �أن ال يكون‬
‫على علم فعلي بالن�شاط �أو املعلومة غري امل�رشوعة؛ ويف ما يتعلق بطلبات التعوي�ض‪،‬‬
‫�أن ال يكون على علم بالوقائع �أو الظروف التي من خاللها يكون الن�شاط �أو املعلومة‬
‫غري امل�رشوعة ظاهرة؛ �أو �رشط �أن يقوم م�ست�ضيف البيانات فور علمه باملعلومات غري‬
‫امل�رشوعة ب�سحب هذه املعلومات فوراً �أو �أن يجعل الو�صول �إليها م�ستحي ً‬
‫ال‪.‬‬
‫بالتايل‪ ،‬ميكن مل�ست�ضيف البيانات‪ ،‬وفق التوجيه الأوروبي املنوه عنه‪ ،‬وال�صادر قبل‬
‫ازدهار مواقع التوا�صل االجتماع‪ ،‬التفلت من امل�س�ؤولية عن املحتوى العائد للغري �إذا مل‬
‫يكن له معرفة فعلية بالن�شاط غري امل�رشوع و�إذا �أزال املحتوى غري امل�رشوع حني �إعالمه‬
‫به‪.‬‬
‫ويرى البع�ض �أن الإعالم عن املحتوى غري امل�رشوع يكون بقرار من املحكمة كما يف‬
‫بع�ض القوانني مثل يف الهند‪� .‬إال �أنه ميكن �إ�ساءة ا�ستعمال هذا الأ�سلوب‪ ،‬فامل�ستخدم‬
‫املحمل من قبله لي�س له القدرة او املوارد ملجابهة القرار املُتخذ‪ ،‬كما‬
‫ّ‬ ‫الذي ُيزال املحتوى‬
‫[‪[[22‬‬
‫�أن الو�سطاء لي�س لديهم احلافز ملجابهة طلب �إزالة حمتوى لعدم م�رشوعيته‪.‬‬
‫‪[223] TGI Toulouse, 13 mars 2008, Krim K c/Pierre G.‬‬
‫‪[224] T. Com Paris, 8ème Chambre, 20 février, Flach Film c/Google.‬‬
‫‪[225] TGI Paris, ordonnance de référé, 13/4/2010, Facebook/Hervé G., http://www.legalis.net.‬‬
‫‪[226] TGI Paris, 3ême Ch., section 1, 29 mai 2012.‬‬
‫‪[227] Cynthia Wong, James X. Dempsey, Mapping digital media, THE MEDIA AND LIABILITY FOR CONTENT ON‬‬
‫‪THE INTERNET, www.mappingdigitalmedia.org, www.soros.org/initiatives/media, p 12-16.‬‬
‫�صفحة رقم ‪108‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫وبالتايل‪ُ ،‬يفرت�ض بو�سيلة التوا�صل االجتماعي �إزالة املحتوى غري امل�رشوع‪ ،‬ولكن ال‬
‫تكفي ال�شكوى املقدمة من قبل الغري �إىل �صاحب الو�سيلة حلذف املحتوى امل�شكو منه‪،‬‬
‫بل يجب �إثبات الطابع غري امل�رشوع للمحتوى ب�شكل جلي ووا�ضح‪ .‬ف�إذا كان الطابع‬
‫غري امل�رشوع غري ظاهر‪ ،‬فهل ميكن للو�سيط �أن يت�رصف كقا�ضي و�أن يقدر م�رشوعية‬
‫املحتوى و�أن يقرر �إزالته؟ وقد يثبت الحق ًا �أن املحتوى م�رشوع ويتعر�ض الو�سيط للوم‬
‫من قبل �صاحب املحتوى‪.‬‬
‫يف الواقع‪ ،‬يتوجب على الو�سيط الت�رصف بحكمة وحر�ص واتخاذ التدابري باحلد الأدنى‬
‫التي قد يتخذها �شخ�ص موزون‪ .‬وبالتايل قد يخل الو�سيط بحرية التعبري على املوقع يف‬
‫حال �إذعانه لأية �شكوى قد ترده دون التحقق منها‪ ،‬وقد يلحق �رضر مادي �أو معنوي‬
‫ب�صاحب املحتوى املحذوف‪ ،‬وقد ُيرتكب خط�أ بحقه‪ .‬ولهذا على الو�سيط يف حالة‬
‫ال�شك يف الطابع غري امل�رشوع احل�صول على ت�أكيد من �شخ�ص ثالث‪ ،‬غالب ًا ما يكون‬
‫ال‪ .‬وال تكون معرفة الو�سيط مفرت�ضة �إال من الوقت الذي تكون ال�شكوى‬ ‫خبرياً م�ستق ً‬
‫موثقة مب�ستندات لإبعاد �أي �شك حول جديتها‪ ،‬ويجري حتقق جدي من املزاعم‪ .‬وهذه‬
‫املقاربة حترتم حق التعبري وحق اجلمهور باملعلومة‪ .‬وفور معرفة الو�سيط بواقعة تورط‬
‫امل�ستخدم يف ن�شاط غري م�رشوع‪ ،‬على مقدم اخلدمة على الإنرتنت (حمرك بحث) �أن‬
‫يوقف فوراً تقدمي خدماته و�أن يجعل الو�صول �إىل املحتوى م�ستحيل �أو مينع موا�صلة‬
‫الن�شاط غري امل�رشوع (م�ست�ضيف بيانات)‪ .‬ويتم تقدير مدى �رسعة ا�ستجابة الو�سيط يف‬
‫[‪[[22‬‬
‫�ضوء الظروف والو�سائل واجلهود واملوارد املطلوبة‪ُ ( .‬يراجع)‬
‫لعل احلل املتعارف عليه �أنه بالن�سبة مل�ست�ضيف البيانات‪ ،‬على املحتوى �أن يكون ب�صورة‬
‫وا�ضحة غري م�رشوع "‪� ."manifestement illicite‬أما يف حالة ال�شك يف م�رشوعية‬
‫املحتوى‪ ،‬فال ترتتب �أي م�س�ؤولية على م�ست�ضيف البيانات‪.‬‬
‫بالتايل‪ ،‬ترتتب على م�ستخدم و�سيلة التوا�صل االجتماعي امل�س�ؤولية القانونية من الناحية‬
‫املدنية جلهة دفع التعوي�ض و�إزالة ال�رضر‪ ،‬وكذلك امل�س�ؤولية اجلزائية �إذا كان فعله ي�ؤلف‬
‫يحمل املعلومات على الو�سيلة وميلك كل الو�سائل الفنية‬ ‫جرم جزائي‪ ،‬كونه هو من ّ‬
‫لل�سيطرة عليها جلهة تعديلها ‪� Edit‬أو حموها ‪ .Delete‬ويكون امل�ستخدم م�س�ؤو ًال عن‬
‫املحتوى الذي ي�شكل تعر�ض ًا للحياة اخلا�صة للغري �أو خل�صو�صيته �أو ي�شكل ت�شهرياً �أو‬
‫‪[228] Pierre TRUDEL, La responsabilité des médias en ligne, Faculté de droit, Université de Montréal, Avril 2010, p‬‬
‫‪17-19.‬‬
‫�صفحة رقم ‪109‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫قذف ًا به �أو تهديداً له �أو احتيا ًال عليه �أو ابتزازاً له �أو ي�شكل اعتداء على امللكية الفكرية �أو‬
‫العالمات التجارية �أو �إخال ًال بالنظام العام يف الدولة‪ .‬وميكن للمت�رضر يف حال كون فعل‬
‫امل�ستخدم م�ؤلف ًا جلرم جزائي �أن يطالب على �أ�سا�س امل�س�ؤولية التق�صريية بالتعوي�ضات‬
‫ال�شخ�صية عن الأ�رضار الالحقة به والنا�شئة عن اجلرم‪ .‬كما له �أن يطالب على �أ�سا�س‬
‫امل�س�ؤولية املدنية التق�صريية القائمة على اخلط�أ ال�شخ�صي بالتعوي�ضات عن ال�رضر وب�إزالة‬
‫املحتوى ال�ضار وبن�رش اعتذار �أو تكذيب‪ ،‬وذلك يف حال كان الفعل ال ي�ؤلف جرم‬
‫جزائي‪ .‬كما للمت�رضر �أن ي�سند طلباته �إىل امل�س�ؤولية التعاقدية �إذا كان مرتبط ًا بعقد مع‬
‫امل�ستخدم �صاحب املحتوى ال�ضار‪ ،‬وكان العقد يتعلق بهذا املحتوى ال�ضار‪.‬‬
‫وقد ق�ضت حمكمة الدرجة الأوىل يف باري�س بتاريخ ‪ 13/4/2010‬مبوجب �أمر على‬
‫عري�ضة ب�إلزام في�سبوك ب�سحب �صورة وتعليقات عليها‪ ،‬والتي تتناول امل�ستدعي‪ ،‬وبعدم‬
‫ً [‪[[22‬‬
‫توثيق ال�صفحة مع منع ن�رشها الحقا‪.‬‬
‫وقد يكون املحتوى ال�ضار من ابتكار امل�ستخدم �أو ت�أليفه‪ ،‬كما قد يكون دوره مقت�رصاً‬
‫على جتميع هذا املحتوى وحتميله‪ ،‬فيكون عمله كو�سيط بني م�ؤلف املحتوى وبني‬
‫اجلمهور‪.‬‬
‫و�إذا نقل امل�ستخدم املحتوى ال�ضار عن الغري ك�إعادة �صياغته �أو �إعادة �إنتاجه ون�سخه‬
‫‪ ،share/retweet‬ف�إنه يكون م�س�ؤو ًال �أي�ض ًا مدني ًا وجزائي ًا لأن الن�رش احلا�صل منه هو‬
‫الحق وم�ستقل عن عملية الن�رش الأوىل‪ [[23[.‬فامل�ستخدم بالواقع قد و�ضع املحتوى املنقول‬
‫من الغري حتت �أعني الئحة معارفه �أو �أ�صدقائه‪ ،‬ما ي�شكل ن�رش‪ [[23[.‬وقد يتذرع امل�ستخدم‬
‫بانه مل يق�صد من خالل �إعادة الن�رش الإ�ساءة بل نقل املحتوى املن�شور �إىل �أ�صدقائه بهدف‬
‫حتذيرهم �أو انتقاده‪ ،‬ويجب عليه الإعالن عن ذلك بو�ضع عبارة ولو ق�صرية تفيد حتفظه‬
‫�أو معار�ضته للمحتوى ال�ضار‪.‬‬
‫حمل منه مب�ستخدمني حمددين‬ ‫ويقت�ضي الإ�شارة �إىل �أنه �إذا ح�رص امل�ستخدم املحتوى املُ ّ‬
‫ال‪ ،‬فال تكون حمركات البحث قادرة على توثيق هذا املحتوى‪ ،‬فال يظهر‬ ‫ك"�أ�صدقائه" مث ً‬
‫لأي باحث عند ا�ستعمال هذه املحركات للبحث على الإنرتنت‪.‬‬
‫‪[229] TGI Paris, 13/4/2010, n 10/53340, H. Giraud c./ Facebook, Légipresse 2010, n 272, RLDI 2010/61, n 2019.‬‬
‫‪[230] Feral-Schuhl Christiane, cite par Laurence Neuer, Denigrement et insultes sur Tweeter et Facebook: que dit le‬‬
‫‪droit?, 7/1/2013, http://www.lepoint.fr/chroniqueurs-du-point/laurence-neuer/denigrement-et-insultes-sur-twitter-et-‬‬
‫‪facebook-que-dit-le-droit-07-01-2013-1609294_56.php, p 1.‬‬
‫‪[231] Emmanuel Netter, La liberté d’expression sur les réseaux sociaux en droit français, Droit et réseaux sociaux,‬‬
‫‪Laboratoire d’études juridiques et politiques, Lextenso éditions, octobre 2015, p 50, 51.‬‬
‫�صفحة رقم ‪110‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫امل�س�ؤولية عن اجلرائم املُرتكبة على و�سائل التوا�صل االجتماعي‬


‫تفتح و�سائل التوا�صل االجتماعي عامل جديد للمجرمني �سوا ًء كانوا من املتحر�شني‬
‫جن�سي ًا �أو منتحلي الهوية الإلكرتونية �أو املحتالني‪ .‬وي�ستفيد املجرمون من امتياز جتهيل‬
‫�أنف�سهم وعدم ذكر �أ�سمائهم يف تعامالتهم على الإنرتنت وانتحال هوية �إلكرتونية غري‬
‫حقيقة ومن القدرة على الو�صول لأي �شخ�ص عن بعد دون �أي احرتام للحدود اجلغرافية‬
‫بني الدول ودون التعر�ض ملخاطر االنتقال �إىل م�رسح اجلرمية‪ .‬و�إن انتحال الهوية على‬
‫و�سائل التوا�صل االجتماعي ي�شكل مناورة يف �سبيل حتقيق منفعة مالية �أو لإحلاق ال�رضر‬
‫املعنوي �أو املادي بالغري‪.‬‬
‫ونحن ندعو الأفراد �إىل التنبه �إىل واقعة قيام �آخرين بانتحال هويتهم على و�سائل‬
‫التوا�صل االجتماعي والإبالغ عن ذلك‪ ،‬منع ًا لأي �رضر قد يرتد عليهم‪ .‬وميكنهم القيام‬
‫بالبحث ب�شكل دوري عن ا�سمهم على و�سائل التوا�صل االجتماعي �إذا �أمكنهم ذلك‬
‫�أو اال�ستعالم من �أ�صحاب العالقة‪.‬‬
‫تعرف �أحد الأ�شخا�ص الرا�شدين على بنت بعمر ‪� 13‬سنة‬ ‫كمثال‪ ،‬يف العام ‪ّ ،2007‬‬
‫على موقع التوا�صل االجتماعي في�سبوك‪ ،‬وكان ير�سل لها ر�سائل ذات طابع جن�سي‪،‬‬
‫وطلب يف �إحدى املرات مواعدتها‪� .‬إال �أن الفتاة �أبلغت �شخ�ص را�شد مبا ح�صل‪ ،‬ف�أقدم‬
‫هذا ال�شخ�ص على التوا�صل هو مع املتحر�ش عرب انتحال هوية الفتاة الإلكرتونية‪ .‬وقد‬
‫متت �إدانة املتحر�ش من قبل �إحدى املحاكم الأمريكية بجرم �إ�ساءة ا�ستعمال خدمات‬
‫الكمبيوتر باال�ستناد �إىل الأدلة املتمثلة ب�سجالت املحادثة ‪Instant messages‬‬
‫‪ logs‬مع الفتاة والأخبار املن�شورة على �صفحة في�سبوك ‪ Facebook Posts‬وحماولته‬
‫ا�ستدراجها‪ .‬وكمثال �آخر‪ ،‬انتحلت �إحدى الن�ساء هوية �صديقها على موقع في�سبوك‬
‫بهدف الت�شهري به عرب �إن�شاء �صفحة خا�صة به على في�سبوك ون�رش معلومات عليها ب�أنه‬
‫م�صاب مبر�ض جلدي وب�أنه يعا�رش �أ�صحاب ال�سوء‪ .‬ويبدو �أنه من ال�سهل على مواقع‬
‫التوا�صل االجتماعي انتحال هوية �أ�شخا�ص �آخرين‪ ،‬ومن املمكن �أي�ض ًا اال�ستيالء على‬
‫[‪[[23‬‬
‫ا�سم امل�ستخدم وكلمة ال�رس لل�سيطرة على ح�سابه على و�سائل التوا�صل االجتماعي‪.‬‬
‫كما قد يتعر�ض املحتوى ال�ضار لأمن الدولة �أو ل�سالمة �أرا�ضيها �أو نظامها ال�سيا�سي‪،‬‬

‫‪[232] Steven Venezia, THE INTERACTION OF SOCIAL MEDIA AND THE LAW AND HOW TO SURVIVE THE‬‬
‫‪SOCIAL MEDIA REVOLUTION, New Hampshire Bar Journal, Winter 2012, p 29.‬‬
‫�صفحة رقم ‪111‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫كالتحري�ض على االنقالب على احلكم �أو تخريب املمتلكات احلكومية �أو ن�رش الفرقة بني‬
‫املواطنني‪ ،‬كما قد يو�صف املحتوى من �ضمن الأعمال الإرهابية جلهة جتنيد الأ�شخا�ص‬
‫�أو طلب التمويل �أو ن�رش الأفكار‪ ،‬وهذه الأفعال بطبيعة احلال ت�ؤلف جرائم معاقب‬
‫عليها يف القوانني الوطنية‪.‬‬
‫وميكن �أن ي�شكل املحتوى ال�ضار تعر�ض ًا للحقوق املتعلقة بال�شخ�صية‪ ،‬والتي تت�ضمن‬
‫احلق باحلياة وبال�سالمة اجل�سدية و�سالمة ال�سمعة وباحرتام احلياة اخلا�صة‪ .‬وتوجد يف‬
‫جترم هذه الأفعال‪.‬‬
‫القوانني الوطنية ن�صو�ص عقابية جزائية ّ‬
‫وقد يعترب من قبيل القدح والذم‪� ،‬إن�شاء ح�ساب وهمي لل�شخ�ص املق�صود من قبل �شخ�ص‬
‫�آخر على و�سيلة توا�صل اجتماعي ون�رش مواد غري �صحيحة حتط من قدر هذا ال�شخ�ص‪.‬‬
‫وقد تكون العلنية من �ضمن �رشوط التجرمي‪ ،‬فال تعترب متوافرة �إذا كان الو�صول �إىل‬
‫املحتوى املن�شور على ح�ساب على و�سيلة التوا�صل االجتماعي كفي�سبوك يقت�رص على‬
‫[‪[[23‬‬
‫جمموعة حمددة من الأ�شخا�ص ُمنتقاة من امل�ستخدم نف�سه‪.‬‬
‫ومن الن�شاطات الإجرامية التي تظهر ب�صورة م�ستمرة على مواقع التوا�صل االجتماعي‬
‫يف �أمريكا ال�شمالية‪� :‬إغواء الأطفال‪ ،‬االجتار بالب�رش‪ ،‬االحتيال‪ ،‬جتارة املخدرات‪ ،‬االبتزاز‬
‫[‪[[23‬‬
‫والتهديد‪.‬‬
‫ومن املمار�سات ما يعرف ب ‪� ،revenge porn‬أي ن�رش �صور حميمة وخا�صة لل�رشيك‬
‫على و�سائل التوا�صل االجتماعي ذات طابع جن�سي بهدف االنتقام منه‪.‬‬
‫كما ميكن للمحتوى ال�ضار �أن ي�شكل تعر�ض ًا للملكية الفكرية وللعالمات التجارية �أو‬
‫يعترب من قبيل املزاحمة غري امل�رشوعة‪ ،‬وهي معاقب عليها كجرائم يف القوانني الوطنية‪.‬‬
‫كخال�صة‪ ،‬يكون امل�ستخدم يف الأ�سا�س م�س�ؤو ًال جزائي ًا عن هذه اجلرائم‪ ،‬وال ُي�س�أل‬
‫م�شغل و�سيلة التوا�صل االجتماعي ك�شخ�ص معنوي وك�أ�شخا�ص طبيعيني �إال يف حال‬
‫عرفوا بهذه الأفعال و�ساهموا بها �أو �سهلوها‪.‬‬

‫‪[233] Vincent Fauchoux, Pierre Deprez, Jean-Michel Bruguière, Le droit de l’Internet, Lois contrats et usages,‬‬
‫‪LexisNexis, 2ème édition, 2013, p 104.‬‬
‫‪[234] Protecting Freedom of Expression in an Age of Social Media, Statements on Government’s Social Media Sites,‬‬
‫‪http://www.ciddd.ca/documents/phasetwo/RNC_Statements_on_Government%27s_Social_Media_Sites.pdf, p 2,3.‬‬
‫�صفحة رقم ‪112‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫} �سابعاً {‬
‫القانون املطبق واملحاكم املخت�صة يف النزاعات املتعلقة‬
‫بو�سائل التوا�صل االجتماعي‬
‫تت�ضمن ال�رشوط العامة ال�ستخدام و�سائل التوا�صل االجتماعي‪ ،‬كفي�سبوك وتوتري‪ ،‬بند‬
‫يحدد القانون الواجب التطبيق واملحكمة املخت�صة‪ .‬مث ً‬
‫ال‪ ،‬تن�ص ال�رشوط العامة لتوتري �أنها‬
‫تخ�ضع وكل دعوى متعلقة بها لقوانني والية كاليفورنيا دون اعتبار حل�صول اختالف‬
‫مع القواعد القانونية لبلد امل�ستخدم �أو حمل �إقامته‪ ،‬كما تكون حماكم �سان فرن�سي�سكو‬
‫يف كاليفورنيا هي املخت�صة‪ ،‬وتت�ضمن هذه ال�رشوط �أي�ض ًا �أن امل�ستخدم يوافق على ذلك‬
‫مبجرد الت�سجيل على توتري ويتنازل عن كل اعرتا�ض لهذه اجلهة‪.‬‬
‫ولكن‪ ،‬هل البند املذكور هو �صحيح وي�رسي على امل�ستخدمني؟‬

‫القانون املطبق على النزاعات املتعلقة بو�سائل التوا�صل االجتماعي‬


‫جتدر الإ�شارة بداي ًة �أنه يوجد قانون حلكم ال�شبكات املعلوماتية كالإنرتنت‪ ،‬و�إن‬
‫ت�أكيدات البع�ض بوجود فراغ قانوين هي جمردة من �أي �أ�سا�س وامل�شكلة هنا لي�ست يف‬
‫[‪[[23‬‬
‫غياب القانون بل بوفرة القوانني التي تتزاحم‪.‬‬
‫املطبق على و�سائل التوا�صل االجتماعي هو مزيج من القانون‬ ‫ميكن القول �أن القانون ّ‬
‫الد�ستوري والقانون املدين والقانون التجاري وقانون العمل والقانون اجلزائي‬
‫والقانون الإداري وقانون امللكية الفكرية والقوانني املتعلقة بحماية البيانات ال�شخ�صية‬
‫واخل�صو�صية‪.‬‬
‫لعل الأبرز يف جمال تطبيق القانون �أن و�سائل التوا�صل االجتماعي‪ ،‬ك�أمكنة افرتا�ضية‪،‬‬
‫وهي حديثة الوجود وفريدة من الناحية التقنية‪ ،‬تعامل ب�شكل �شبيه لغريها من الأماكن‬
‫احلقيقة يف العامل‪ .‬ومل تبتكر املحاكم قواعد جديدة للتكيف مع الطابع املعقد والوجودية‬
‫يف كل مكان وزمان (‪ )Ubiquity Omnipresence‬لو�سائل التوا�صل االجتماعي‪،‬‬
‫تطبق ب�شكل م�ستمر عليها مبادئ قانونية قائمة‪ .‬وهذا التطبيق للمبادئ القانونية‬
‫لكن ّ‬
‫‪[235] Michel Vivant, Cybermonde: Droit et droits des réseaux, JCP, 1996 II, n 43, p 407.‬‬
‫�صفحة رقم ‪113‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫املعروفة يفرت�ض �أنه يف عامل القانون هناك فارق ب�سيط بني الت�رصف على اخلط (‪)online‬‬
‫(�أي على �شبكة التوا�صل �أو الإنرتنت) وخارج الإنرتنت [‪)offline).[[23‬‬

‫وجتدر الإ�شارة �إىل �أن الدول حتاول ب�شكل متزايد تو�سيع نطاق �صالحية قوانينها الوطنية‬
‫لت�شمل املحتوى ال�صادر خارج الإقليم الوطني‪ ،‬مع العلم �أن ما قد يعترب قانوين يف دولة‬
‫[‪[[23‬‬
‫قد يعترب غري قانوين يف دولة �أخرى‪.‬‬
‫وخالف ًا ملا ين�ص عليه البند الوارد يف �رشوط ا�ستخدام و�سائل التوا�صل االجتماعي‪ ،‬ميكن‬
‫تطبيق القانون الوطني على و�سائل التوا�صل االجتماعي‪ ،‬ال�سيما �إذا �أقيمت الدعوى‬
‫�أمام الق�ضاء الوطني‪ ،‬فيلج�أ القا�ضي �إىل ن�صو�ص بالده القانونية‪ ،‬ال�سيما يف ما يتعلق‬
‫بقواعد �آمرة‪ ،‬كالن�صو�ص اجلزائية وتلك املتعلقة بحرية الر�أي �أو امل�ستهلك �أو بقانون‬
‫العمل‪ ...‬وبالتايل بالن�سبة للجرائم املرتكبة على و�سائل التوا�صل االجتماعي‪� ،‬سيعمد‬
‫القا�ضي لتطبيق القانون الوطني يف حال اعترب نف�سه خمت�ص ًا‪.‬‬
‫ف�إذا ُن�رش حمتوى ُيحث على الكراهية على �أ�سا�س عرقي على الإنرتنت‪ ،‬ف�إن حتقق االنتهاك‬
‫على الأر�ض الوطنية من خالل ا�ستقبال الر�سالة عليها ي�ؤدي �إىل ح�صول �أحد العنا�رص‬
‫[‪[[23‬‬
‫املُكونة للجرم على هذه الأر�ض‪.‬‬
‫و�إن ال�سيا�سة الت�رشيعية ذات االجتاه الدويل تطلق قواعد تطبيق مبا�رش قد تكون من �إعداد‬
‫وطني مو�ضوعة حلكم عالقات دولية خا�صة؛ فهي تفر�ض نف�سها على الق�ضاء ملجرد‬
‫تعر�ضه لها فال يكون �أمامه �إال تطبيق هذه القواعد‪ ،‬ولي�س عليه �أن يبحث فيما �إذا كانت‬
‫هذه العالقة يحكمها القانون الوطني �أو قانون �أجنبي مثل قوانني حماية امل�ستهلك �أو‬
‫[‪[[23‬‬
‫قانون العمل‪.‬‬
‫وتن�ص �إتفاقية روما الأوروبية لعام ‪ 1980‬والنظام الأوروبي لعام ‪ ،2008‬واملتعلقني‬
‫املطبق على املوجبات التعاقدية‪ ،‬على تفوق �أو �سمو القوانني البولي�سية �أو ذات‬
‫بالقانون ّ‬
‫وتعرف املادة التا�سعة من النظام الأوروبي لعام ‪2008‬‬
‫التطبيق املبا�رش ‪ّ .Lois de police‬‬
‫املذكور قانون البولي�س ب�أنه كل قاعدة �آمرة يكون احرتامها حا�سم ًا يف بلد من �أجل‬
‫‪[236] Christopher Escobedo Hart, Social Media Law: Significant Developments, The business Lawyer, Vol 72, Winter‬‬
‫‪2016-2017, p 235, 236.‬‬
‫‪[237] Cynthia Wong, James X. Dempsey, Mapping digital media, THE MEDIA AND LIABILITY FOR CONTENT ON‬‬
‫‪THE INTERNET, www.mappingdigitalmedia.org, www.soros.org/initiatives/media, May 2011, p 6.‬‬
‫‪[238] Michel Vivant, Cybermonde: Droit et droits des réseaux, JCP, 1996 II, n 43, p 406.‬‬
‫[‪ [[23‬سامي منصور‪ ،‬عكاشة عبد العال‪ ،‬القانون الدويل الخاص‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬ص ‪.38‬‬
‫�صفحة رقم ‪114‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫حماية م�صاحله العامة مثل التنظيم ال�سيا�سي �أو االجتماعي �أو االقت�صادي‪ ،‬لدرجة الإلزام‬
‫بتطبيقها على كل حالة تدخل �ضمن تطاق تطبيقها‪� ،‬أي ًا كان القانون املطبق على العقد‬
‫وفق النظام احلايل‪.‬‬
‫يف فرن�سا‪� ،‬ص ّنف االجتهاد بع�ض القواعد القانونية كقوانني بولي�سية‪ ،‬و�ألزم بتطبيقها على‬
‫حالة معينة �أي ًا كانت ن�صو�ص القانون التعاقدي املُطبق؛ وهذه القوانني البولي�سية هي‪:‬‬
‫قوانني حماية امل�ستهلك‪ ،‬القوانني املتعلقة باملناف�سة‪ ،‬القوانني التي حتمي احلق املعنوي‬
‫للم�ؤلف‪ ،‬القانون املُ�سمى "معلوماتية وحريات" واملتعلق بحماية البيانات ال�شخ�صية‪،‬‬
‫[‪[[24‬‬
‫القوانني متعلقة بحماية اللغة الفرن�سية وتلك املتعلقة بعرو�ض العمل‪.‬‬
‫بالنتيجة‪ ،‬تُطرح الإ�شكالية القانونية جلهة الدعاوى املدنية وال�سيما دعاوى امل�س�ؤولية‬
‫املدنية عن املحتوى على و�سائل التوا�صل االجتماعي والدعاوى املتعلقة بعقد ا�ستعمال‬
‫و�سيلة التوا�صل االجتماعي‪.‬‬
‫بالفعل‪ ،‬ميكن يف �أوروبا اعتبار البند الوارد يف ال�رشوط العامة لو�سائل التوا�صل‬
‫االجتماعي من قبيل البند التع�سفي‪ ،‬وتطبيق التوجيه الأوروبي رقم ‪ CEE/93/13‬تاريخ‬
‫‪ 5/4/1993‬املتعلق بحماية امل�ستهلك‪ ،‬ال�سيما عندما ُيحرم امل�ستهلك وفق ًا للمادة ‪ 6‬من‬
‫التوجيه من احلماية جراء تطبيق قانون بلد ثالث على العقد‪ ،‬وعندما يرتبط العقد املربم‬
‫ب�شكل وثيق ب�إقليم الدول الأوروبية الأع�ضاء‪ .‬وبالتايل‪ ،‬عندما ال توفر قوانني كاليفورنيا‬
‫احلماية الكافية للم�ستخدم الأوروبي‪ ،‬ميكن تطبيق القوانني الأوروبية‪.‬‬
‫حددة للقانون املطبق على و�سائل التوا�صل االجتماعي‬ ‫فتكون بالنتيجة البنود املُ ّ‬
‫[‪[[24‬‬
‫وللمحكمة املخت�صة غري فعالة‪.‬‬
‫حددة لل�صالحية يف ال�رشوط العامة ال�ستعمال و�سائل التوا�صل‬ ‫وميكن القول �أن البنود املُ ّ‬
‫االجتماعي تعترب بالتايل بنود تع�سفية‪ ،‬ال�سيما عند تطبيقها على م�ستخدمني مقيمني‬
‫خارج الواليات املتحدة الأمريكية‪.‬‬
‫كما ت�ضمن الإر�شاد الأوروبي حول التجارة الإلكرتونية �أن مقدمي اخلدمات يخ�ضعون‬

‫‪[240] Vincent Fauchoux, Pierre Deprez, Jean-Michel Bruguière, Le droit de l’Internet, Lois contrats et usages,‬‬
‫‪LexisNexis, 2ème édition, 2013, p 50.‬‬
‫‪[241] Marine de Montecler, Le droit à l’heure des réseaux sociaux, HEC Paris – 2011, https://www.lepetitjuriste.fr/wp-‬‬
‫‪content/uploads/2011/10/droit%20@%20l%20heure%20des%20r%c3%a9seaux%20sociaux%20-%20Marine%20de%20‬‬
‫‪Montecler.pdf, p 58-59.‬‬
‫�صفحة رقم ‪115‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫لقوانني بالدهم‪ .‬وهذا مبد�أ قانوين ميكن التو�سع يف تطبيقه على م�س�ؤولية الو�سطاء حلماية‬
‫امل�ستخدمني والو�سطاء �أنف�سهم‪ ،‬حتى ال يفاج�أوا بتطبيق قانون �أجنبي عليهم غري معلوم‬
‫من قبلهم‪ ،‬مما يحد من حريتهم بالتعبري على الإنرتنت خوف ًا من التعر�ض للم�س�ؤولية‪.‬‬
‫فالو�سطاء هم ممكنون �أ�سا�سيون حلرية الر�أي على الإنرتنت لأنهم يوفرون املن�صات التقنية‬
‫لتحميل ون�رش حمتوى متنوع على الإنرتنت‪ .‬وال تطبق القوانني املتعلق بالبث �أو الإعالم‬
‫[‪[[24‬‬
‫املرئي �أو امل�سموع على الإنرتنت بالنظر لطبيعتهما املختلفة‪ُ (.‬يراجع)‬
‫�إن وجود رابط ما للنزاع مع و�سيلة توا�صل اجتماعي ال يحدد هو بذاته القانون املطبق‬
‫واملحكمة املخت�صة‪ .‬و�إذا كان يداخل النزاع عن�رص �أجنبي‪ ،‬يعطيه طابع دويل‪ ،‬فتطبق‬
‫عندها قواعد النزاع العائدة للقانون العام وتلك املحددة الخت�صا�ص املحكمة‪ .‬و�إن‬
‫[‪[[24‬‬
‫ح�صول ال�رضر على و�سيلة توا�صل اجتماعي ال ي�ؤثر على تطبيق هذه القواعد‪.‬‬
‫�أما بالن�سبة للعالقة التعاقدية بني امل�ستخدم وو�سيلة التوا�صل االجتماعي جلهة ا�ستفادة‬
‫الأول من اخلدمات املقدمة من قبل الثانية‪ ،‬فتتحدد وفق �إرادة طريف العقد‪ .‬وميكن‬
‫القول �أن القانون املطبق على العقد املربم بني امل�ستخدم وبني م�شغل و�سيلة التوا�صل‬
‫االجتماعي لال�ستفادة من خدماتها هو القانون الذي يتفق عليه فرقا العقد‪( ،‬ما ُيعرف‬
‫بقانون الإرادة) �أي القانون الذي ورد يف �رشوط اال�ستخدام العامة لو�سيلة التوا�صل‬
‫االجتماعي‪ ،‬والتي وافق عليها امل�ستخدم عند الت�سجيل على هذه الو�سيلة‪.‬‬
‫وتن�ص �إتفاقية روما تاريخ ‪ 19‬حزيران ‪ ،1980‬املُ ّ‬
‫طبقة من قبل الدول الأوروبية‪ ،‬واملتعلقة‬
‫بالقانون املطبق على املوجبات التعاقدية‪ ،‬على حرية الفرقاء باختيار القانون الواجب‬
‫التطبيق على العالقة التعاقدية و�إال تطبيق قانون الدولة ذات ال�صلة �ألأوثق بهذه العالقة‪،‬‬
‫ال الدولة التي يوجد فيها مقام ال�شخ�ص الذي يقدم اخلدمة‪ .‬وتت�ضمن االتفاقية‬ ‫مث ً‬
‫ن�صو�ص حتدد القانون املطبق على عقود امل�ستهلكني وعلى عقود العمل‪ .‬ثم �صدر بتاريخ‬
‫‪ 17/6/2008‬عن الربملان الأوروبي النظام الأوروبي رقم ‪ 593/2008‬املتعلق بالقانون‬
‫طبق على املوجبات التعاقدية (روما ‪ ،)1‬والذي حل حمل �إتفاقية روما لعام ‪.1980‬‬ ‫املُ ّ‬
‫ويطبق نظام روما واحد على الق�ضايا املت�ضمنة تنازع قوانني بالن�سبة للموجبات التعاقدية‬

‫‪[242] Cynthia Wong, James X. Dempsey, Mapping digital media, THE MEDIA AND LIABILITY FOR CONTENT ON‬‬
‫‪THE INTERNET, www.mappingdigitalmedia.org, www.soros.org/initiatives/media, May 2011, p 22.‬‬
‫‪[243] Marine de Montecler, Le droit à l’heure des réseaux sociaux, HEC Paris – 2011, https://www.lepetitjuriste.fr/wp-‬‬
‫‪content/uploads/2011/10/droit%20@%20l%20heure%20des%20r%c3%a9seaux%20sociaux%20-%20Marine%20de%20‬‬
‫‪Montecler.pdf, p 59.‬‬
‫�صفحة رقم ‪116‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫يف املواد املدنية والتجارية‪ ،‬وال يطبق على الق�ضايا ال�رضيبية واجلمركية والإدارية وحالة‬
‫ال�شخ�ص و�أهليته القانونية وال تلك الناجتة عن العالقات العائلية والأوراق التجارية‬
‫واتفاقيات التحكيم والأ�شخا�ص املعنويني وبع�ض عقود ال�ضمان وغريها‪ .‬وين�ص نظام‬
‫روما رقم واحد كقاعدة عامة على تطبيق القانون الذي مت اختياره من قبل الفرقاء ب�شكل‬
‫�رصيح �أو �ضمني كما ُي�ستفاد من بنود العقد �أو ظروف الق�ضية‪ .‬وهو ين�ص على حتديد‬
‫القانون املطبق على العقد بالنظر �إىل طبيعته (بيع‪ ،‬تقدمي خدمة‪ ،‬توزيع‪ ،‬مو�ضوعه حق‬
‫عيني على عقار)‪ ،‬وذلك عند عدم حتديده من قبل الفرقاء‪ ،‬فيكون القانون املطبق هو‬
‫قانون دولة مقام البائع �أو مقدم اخلدمة �أو املوزع �أو قانون دولة حمل وجود العقار؛ لكن‪،‬‬
‫عندما يكون للعقد روابط �أوثق ببلد �آخر غري البلد حمل �إقامة ال�شخ�ص مقدم اخلدمة‪،‬‬
‫فيطبق قانون البلد الآخر‪ ،‬و�إال عند عدم �إمكانية حتديد القانون املطبق بالنظر للمبادئ‬
‫املعرو�ضة فيطبق قانون البلد الذي يكون للعقد �أوثق الروابط به‪ .‬و�أخرياً‪ ،‬يطبق على‬
‫عقد امل�ستهلك قانون بلد حمل �إقامته املعتاد‪ .‬كما ت�ضمن نظام روما ‪ 1‬قواعد �إ�ضافية‬
‫خا�صة بعقود نقل الركاب �أو الب�ضائع وعقود ال�ضمان وعقود العمل الفردية‪.‬‬
‫وعند وجود �إرادة وا�ضحة‪ ،‬يعتمد بتلك الإرادة لكن ك�ضابط للإ�سناد و�إعمال تلك‬
‫الإرادة على �أ�سا�س �أن القانون الذي مت اختياره هو قانون مركز العالقة التعاقدية‪� .‬أما عند‬
‫عدم وجود �إرادة وا�ضحة‪ ،‬ف�إما �أن يتوىل امل�شرتع حتديد القانون‪ ،‬و�إما �أن يتوىل الق�ضاء‬
‫حتديده من خالل درا�سة طبيعة العقد وعنا�رصه واقت�صادياته وظروفه‪� ،‬أي من خالل‬
‫م�ؤ�رشات من داخل العقد (مكان �إبرام العقد‪ ،‬مكان تنفيذه‪ ،‬عملة الدفع‪ ،‬موقع العقار‬
‫[‪[[24‬‬
‫�أو امل�ؤ�س�سة‪ ،‬بنود ال�صالحية‪ ،‬جن�سية �أطراف العقد‪ ،‬لغة العقد) �أو من خارجه‪.‬‬
‫عند عدم اختيار الفرقاء القانون املطبق على العقد املربم على الإنرتنت‪ ،‬يتم حتديده‬
‫بالرجوع �إىل االتفاقيات والأنظمة بالن�سبة لبع�ض �أنواع العقود‪ ،‬و�إال يكون قانون البلد‬
‫[‪[[24‬‬
‫الذي يكون للعقد معه �أوثق الروابط‪.‬‬
‫كما ال ي�رسي البند الوارد يف ال�رشوط العامة لو�سيلة التوا�صل االجتماعي على الغري‬
‫باعتباره مل يكن طرف ًا يف العقد املربم بني امل�ستخدم وو�سيلة التوا�صل االجتماعي لفتح‬
‫احل�ساب عليها‪ ،‬وبالتايل ال يطبق عليه القانون املعني يف البند املذكور‪ ،‬بل القانون املعني‬
‫سامي منصور‪ ،‬عكاشة عبد العال‪ ،‬القانون الدويل الخاص‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬ص ‪.393-384‬‬
‫[‪[[24‬‬
‫‪[245] Vincent Fauchoux, Pierre Deprez, Jean-Michel Bruguière, Le droit de l’Internet, Lois contrats et usages,‬‬
‫‪LexisNexis, 2ème édition, 2013, p 46.‬‬
‫�صفحة رقم ‪117‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫من قبل قاعدة النزاع الوطنية يف امل�سائل املدنية والقانون الوطني يف امل�سائل اجلزائية‪.‬‬
‫�أما بالن�سبة للأعمال غري امل�رشوعة �أو ال�ضارة خارج �إطار العقد‪ ،‬فالقانون املطبق هو‬
‫قانون مكان وقوع الفعل ال�ضار �أو قانون مكان ح�صول ال�رضر‪ُ ( .‬يراجع)[‪ [[24‬وقد‬
‫املطبق هو قانون حمل وقوع‬ ‫اعتربت حمكمة التمييز الفرن�سية منذ البداية �أن القانون ّ‬
‫الأفعال املرتكبة‪ [[24[.‬ثم اعتربت �أن القانون املطبق هو على امل�س�ؤولية التق�صريية هو‬
‫[‪[[24‬‬
‫قانون دولة مكان ح�صول الفعل ال�ضار �أو مكان ح�صول ال�رضر‪.‬‬
‫ومن الأعمال غري القانونية املرتبة للم�س�ؤولية التق�صريية على و�سائل التوا�صل االجتماعي‬
‫االعتداء على احلياة اخلا�صة وعلى اخل�صو�صية وعلى امللكية الفكرية و�أعمال املناف�سة‬
‫غري امل�رشوعة �أو الت�شهري‪.‬‬
‫وميكن‪ ،‬بالن�سبة للموجبات غري التعاقدية‪ ،‬تطبيق نظام روما[‪ [[24‬رقم ‪ 2‬ال�صادر بتاريخ‬
‫‪ 11/7/2007‬عن الربملان الأوروبي واملتعلق بالقانون املطبق على املوجبات غري التعاقدية‬
‫يف املواد املدنية والتجارية‪ .‬وين�ص هذا النظام كقاعدة عامة على �أن القانون املطبق هو‬
‫قانون البلد حيث يقع ال�رضر �أو ممكن وقوعه �أي ًا كان البلد الذي وقع فيه الفعل املُ�سبب‬
‫لل�رضر �أو البلدان التي حتدث فيها �آثار غري مبا�رشة لل�رضر‪ .‬ويكون القانون املطبق هو‬
‫قانون مكان �إقامة املت�رضر و ُم�سبب ال�رضر يف حال �إقامتهما يف ذات الدولة‪ .‬ويف حال‬
‫امل�سبب لل�رضر يظهر روابط �أكرث ارتباط ًا ب�شكل جلي مع دولة‬
‫تبني من الظروف �أن الفعل ّ‬
‫غري تلك املذكورة �أعاله فيطبق قانون هذه الدولة‪� .‬إال �أن امل�سائل ال�رضيبية واجلمركية‬
‫والإدارية واملتعلقة مب�س�ؤولية الدولة عند ممار�ستها ال�سلطة العامة وكذلك انتهاكات‬
‫احلياة اخلا�صة وحقوق ال�شخ�صية وتلك الناجتة عن العالقات العائلية واحلقوق الزوجية‬
‫وال�شيكات والأ�شخا�ص املعنويني هي م�ستثناة من نطاق تطبيق نظام روما رقم ‪ .2‬وقد‬
‫ت�ضمن هذا النظام قواعد خا�صة �إ�ضافية حول القانون املطبق على ال�رضر امل�سبب من‬
‫قبل ُمن َتج واملناف�سة غري امل�رشوعة وال�رضر البيئي وامللكية الفكرية والإثراء غري امل�رشوع‬
‫والإ�رضاب والف�ضول‪.‬‬
‫بالن�سبة لق�ضايا امللكية الأدبية والفنية‪ ،‬فال تطبق عليها قواعد النزاع‪ ،‬بل قواعد مادية‬
‫سامي منصور‪ ،‬عكاشة عبد العال‪ ،‬القانون الدويل الخاص‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬ص ‪.356-344‬‬
‫[‪[[24‬‬
‫‪[247] Cassation, 25/5/1948, Lautour/ Vve Guiraut, Rev. crit. DIP 1949, p. 89.‬‬
‫‪[248] Cassation, 1 ère chambre civile, 14/1/1997, n 94- 16861, Bull. Civ I, n 14.‬‬
‫‪[249] Règlement (CE) n° 864/2007 du 11 juillet 2007 sur la loi applicable aux obligations non contractuelles (dit «Rome‬‬
‫‪II»).‬‬
‫�صفحة رقم ‪118‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫‪1886‬‬ ‫من�صو�ص عليها يف �إتفاقية برن من �أجل حماية الأعمال الأدبية والفنية لعام‬
‫واتفاقية جنيف لعام ‪ 1952‬حول حق امل�ؤلف‪ ،‬وغريها من االتفاقيات الدولية‪ .‬فوجود‬
‫احلق بامللكية الفكرية و�أ�صحاب حقوق الت�أليف ين�ش�أون من قانون بلد �أول ن�رش للعمل‬
‫الفكري �أو بلد امل�صدر‪ ،‬و�إن معاقبة التعر�ض للحق بامللكية الفكرية يخ�ضع لقانون البلد‬
‫الذي تتم فيه املطالبة بهذه املعاقبة‪.‬‬
‫وقد طبقت املحاكم الفرن�سية‪ ،‬بالن�سبة للأخطاء املرتبكة على الإنرتنت‪ ،‬قانون البلد‬
‫الذي مت فيه الإطالع على املعلومة املُنازع بها ولي�س قانون البلد الذي مت فيه و�ضع‬
‫املعلومة على الإنرتنت‪ .‬وقد بحثت املحاكم الفرن�سية عن العنا�رص التي ت�سمح بتحديد‬
‫مع �أي بلد يكون للنزاع االرتباط الأوثق �أو ال�صالت الأ�ضيق �أو اجلوهرية �أو ذات‬
‫[‪[[25‬‬
‫املغذى‪.‬‬
‫وقد ق�ضت حمكمة ا�ستئناف باري�س ب�ش�أن حمرك البحث‪ ،‬ممكن الو�صول �إليه يف فرن�سا‬
‫وباللغة الفرن�سية‪� ،‬أن بلد اال�ستقبال ي�شكل رابط قرب �أكرث مالئمة ب�شكل جلي �أكرث‬
‫من البلد الذي متت فيه الأفعال وذلك من �أجل تقدير النزاع[‪ ،[[25‬و�أن مكان املق�صد‬
‫وا�ستقبال خدمات غوغل‪-‬ال�صور تظهر �صلة ارتباط �أ�سا�سية مع فرن�سا لتطبيق القانون‬
‫الفرن�سي‪ [[25[.‬ويبدو �أن االجتهاد الفرن�سي يفر�ض �أي�ض ًا لربط اخت�صا�صه �أن يكون‬
‫[‪[[25‬‬
‫املحتوى ال�ضار يتوجه �إىل اجلمهور الفرن�سي وحتديد مظاهر ذلك‪.‬‬
‫بالن�سبة مل�س�ألة حماية البيانات ال�شخ�صية على و�سائل التوا�صل االجتماعي‪ ،‬تن�ص املادة‬
‫الرابعة من التوجيه الأوروبي لعام ‪ 1995‬حول معاجلة البيانات ال�شخ�صية �أنه يطبق‬
‫القانون الوطني الأوروبي يف حال كان مركز امل�س�ؤول عن املعاجلة‪� ،‬أي ال�شخ�ص الذي‬
‫يحدد �أهدافها وو�سائلها‪ ،‬موجوداً على �أرا�ضي الدولة‪� ،‬أو بفعل تطبيق القانون الدويل‬
‫العام‪� ،‬أو يف حال ا�ستعمال جتهيزات لإجراء املعاجلة (با�ستثناء عملية نقل البيانات) تكون‬
‫موجودة على �أرا�ضي الدولة‪.‬‬
‫ثم جاء النظام الأوروبي اجلديد لعام ‪ 2016‬حول البيانات ال�شخ�صية‪ ،‬الذي �سيطبق بدءاً‬
‫من تاريخ ‪ ،25/5/2018‬والذي �ألغى التوجيه الأوروبي لعام ‪ ،1995‬لين�ص يف املادة‬
‫‪[250] Vincent Fauchoux, Pierre Deprez, Jean-Michel Bruguière, Le droit de l’Internet, Lois contrats et usages,‬‬
‫‪LexisNexis, 2ème édition, 2013, p 54.‬‬
‫‪[251] Cour d’appel de Paris, 26/1/2011, n 08/13423.‬‬
‫‪[252] Cour d’appel de Paris, 4/2/2011, n 09/21941.‬‬
‫‪[253] J. Huet, E. Dreyer, Droit de la communication numérique, LGDJ, Paris, 2011, n 186.‬‬
‫�صفحة رقم ‪119‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫الثالثة منه على تطبيقه على معاجلة بيانات �شخ�صية من قبل م�س�ؤول عنها يكون مركزه‬
‫يف الإحتاد الأوروبي‪� ،‬أو تطبيق ًا للقانون الدويل العام‪� ،‬أو يف حال تعلقها بتقدمي �سلع �أو‬
‫خدمات لأ�شخا�ص يف الإحتاد الأوروبي‪� ،‬أو �إذا تعلقت مبراقبة �سلوكهم احلا�صل �ضمن‬
‫الإحتاد الأوروبي‪.‬‬
‫ولقد ر�أى جتمع الهيئات الوطنية الناظمة للبيانات ال�شخ�صية يف �أوروبا‪ ،‬والبالغ عددها‬
‫ت�سعة وع�رشين هيئة‪ ،‬يف ر�أي تاريخ ‪ ،12/6/2009‬تطبيق القانون الأوروبي على البيانات‬
‫ال�شخ�صية‪ ،‬حتى لو كان مركز و�سيلة التوا�صل االجتماعي خارج �أوروبا‪ ،‬وذلك بالرغم‬
‫من عدم موافقة و�سائل التوا�صل االجتماعي على هذا التوجه‪� .‬إال �أنه طاملا �أن الدول مل‬
‫تتعاون لو�ضع نظام موحد‪ ،‬تبقى لو�سائل التوا�صل االجتماعي اليد العليا يف هذا املجال‬
‫وتتم�سك بتطبيق البند املحدد للقانون املطبق يف �رشوط اال�ستخدام العامة املو�ضوعة‬
‫منها‪ .‬ويبدو �أن ما تخ�شاه هذه الو�سائل هو الإعالم الذي قد يتناول كيفية ا�ستخدامها‬
‫للبيانات ال�شخ�صية مل�ستخدميها‪ .‬وبالتايل مت توقيع �رشائع ‪� Chartes‬أو ‪declarations‬‬
‫�إعالنات بح�سن النوايا‪ ،‬ولكنها ال تلزم �إال موقعيها‪ ،‬وهي تعرف بالقانون اللني "‪soft‬‬
‫‪ ."law‬ويف الواقع‪ ،‬مل تتبنى كربى و�سائل التوا�صل االجتماعي كفي�سبوك وتويرت‬
‫[‪[[25‬‬
‫ذلك‪.‬‬
‫ويف اجتهاد حديث‪ ،‬اعتربت حمكمة العدل الأوروبية بتاريخ ‪ 13/5/2014‬القانون‬
‫الوطني الفرن�سي واجب التطبيق باال�ستناد �إىل تنزيل غوغل كعكات ‪ cookies‬على‬
‫حوا�سب امل�ستخدمني‪� ،‬أي �أن غوغل يقوم مبعاجلة بيانات �شخ�صية على �أر�ض �أوروبية‪.‬‬
‫[‪[[25‬‬
‫كما ميكن اعتبار غوغل مقيم على الأر�ض الأوروبية من خالل فروعه فيها‪.‬‬
‫ويقت�ضي الإ�شارة �إىل �أنه ميكن للقا�ضي يف �سياق التحقيقات الق�ضائية الطلب من و�سيلة‬
‫التوا�صل االجتماعي جميع عنا�رص الإثبات التي حتوزها وال�سيما عنا�رص التعريف‬
‫ال�شخ�صية عن امل�ستخدم‪.‬‬

‫‪[254] Marine de Montecler, Le droit à l’heure des réseaux sociaux, HEC Paris – 2011, https://www.lepetitjuriste.fr/wp-‬‬
‫‪content/uploads/2011/10/droit%20@%20l%20heure%20des%20r%c3%a9seaux%20sociaux%20-%20Marine%20de%20‬‬
‫‪Montecler.pdf, p 60-61.‬‬
‫‪[255] Cour de justice de l’Union européenne, 13/5/2014, cité dans: Fabrice Mattatia, Internet et les réseaux sociaux, que‬‬
‫‪dit la loi? Eyrolles, 2ème édition, 2016, p 70.‬‬
‫�صفحة رقم ‪120‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫املحكمة املخت�صة يف النزاعات املتعلقة بو�سائل التوا�صل االجتماعي‬


‫حدد للمحكمة املخت�صة يف �رشوط اال�ستخدام العامة لو�سيلة‬ ‫ميكن القول �أن البند املُ ّ‬
‫التوا�صل االجتماعي يطبق على النزاعات بني امل�ستخدم والو�سيلة املذكورة والتي يكون‬
‫مو�ضوعها عقد ا�ستخدام الو�سيلة ذاته‪� ،‬أي عقد ا�ستفادة امل�ستخدم من خدمات الو�سيلة‪.‬‬
‫ولكن هذا البند ال ي�رسي على الغري كما �أ�سلفنا‪ ،‬وال يطبق يف املواد املتعلقة بالنظام العام‬
‫يف الدولة‪ ،‬مثل امل�سائل اجلزائية �أو املتعلقة بحماية امل�ستهلك‪.‬‬
‫ويف الدعاوى املدنية‪ ،‬ويف ما يتعلق بالعقود‪ ،‬ين�ص نظام بروك�سل رقم ‪ 1‬ال�صادر عام‬
‫‪ 2001‬برقم ‪ 44‬عن جمل�س �أوروبا‪ ،‬واملتعلق بال�صالحية الق�ضائية وباالعرتاف وبتنفيذ‬
‫الأحكام يف الق�ضايا املدنية والتجارية على اخت�صا�ص حمكمة حمل �إقامة املدعى عليه‬
‫يف املبد�أ �أو حمكمة حمل تنفيذ املوجب‪ .‬وميكن و�ضع بند يحدد ال�صالحية ما خال‬
‫حالة امل�ستهلكني‪ .‬وين�ص نظام بروك�سل على قواعد خا�صة بالن�سبة للأموال املباعة �أو‬
‫اخلدمات املقدمة للم�ستهلكني‪ .‬وميكن للم�ستهلك مراجعة حمكمة بلد حمل �إقامته �أو‬
‫حمكمة بلد حمل �إقامة املدعى عليه‪� ،‬إال �أن املحرتف �أو املمتهن ال ي�ستطيع املداعاة �إال �أمام‬
‫حمكمة بلد حمل �إقامة امل�ستهلك‪.‬‬
‫وميكن للم�ستخدم عند طلب خدمة �أو �سلعة على الإنرتنت االدعاء �أمام حمكمة حمل‬
‫ت�سليم ال�سلعة �أو تقدمي اخلدمة و�إن الو�صول �إىل موقع �إلكرتوين �أجنبي ال يكفي لتربير‬
‫اخت�صا�ص حمكمة بلد حمل �إقامة امل�ستهلك‪ ،‬بل يجب التثبت من كون ن�شاط املمتهن‬
‫موجه نحو بلد حمل �إقامة امل�ستهلك‪ ،‬عندها ي�ستفيد امل�ستهلك من قواعد الإخت�صا�ص‬
‫[‪[[25‬‬
‫اخلا�صة بعقود امل�ستهلكني‪.‬‬
‫ويف قرار ل�صالح امل�ستخدم‪ ،‬اعتربت حمكمة اال�ستئناف يف بو يف فرن�سا بتاريخ‬
‫‪� 23/3/2012‬أن بند ال�صالحية الوارد يف �رشوط اال�ستخدام العامة لفي�سبوك ال يحتج‬
‫به �إال بوجه الطرف الذي علم به وقبل به‪ .‬ومبا �أن البند كان م�ستغرق ًا �ضمن بنود كثرية‬
‫مكتوبة بخط �صغري وباللغة الإنكليزية‪ ،‬فهو يعترب بحكم غري املكتوب‪ .‬فيكون ال�رضر‬
‫املزعوم الالحق لإغالق ح�ساب املدعي امل�ستخدم قد ح�صل على الإقليم الفرن�سي‬

‫‪[256] Vincent Fauchoux, Pierre Deprez, Jean-Michel Bruguière, Le droit de l’Internet, Lois contrats et usages,‬‬
‫‪LexisNexis, 2ème édition, 2013, p 61.‬‬
‫�صفحة رقم ‪121‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫[‪[[25‬‬
‫والق�ضاء الفرن�سي خمت�ص للنظر يف الدعوى‪.‬‬
‫وقد يعني القانون الوطني م�سائل معينة يحفظ فيها اخت�صا�ص الق�ضاء الوطني ب�شكل‬
‫�إلزامي‪ ،‬بحيث تقام الدعاوى املتعلقة بها لزام ًا �أمام الق�ضاء الوطني مثل دعاوى �ضمان‬
‫احلوادث �أو دعاوى الإفال�س �أو التمثيل التجاري �أو الأحوال ال�شخ�صية واملتعلقة بالتدابري‬
‫[‪[[25‬‬
‫االحتياطية وامل�ؤقتة على الأر�ض الوطنية �أو االمتيازات املمنوحة من الدولة ( ُيراجع)‬
‫ويف ما يتعلق بالأعمال املدنية غري امل�رشوعة خارج �إطار العقود‪ ،‬ين�ص نظام بروك�سل‬
‫رقم ‪ 1‬على �أنه ميكن االدعاء على ال�شخ�ص �أمام حمكمة بلد حمل �إقامته �أو بلد حمل حدوث‬
‫العمل غري امل�رشوع �أو املمكن حدوثه فيه‪.‬‬
‫ويرى االجتهاد �أن لل�شخ�ص اخليار بني ثالثة حماكم‪ :‬حمكمة حمل �إقامة املدعى عليه (وهي‬
‫القاعدة)‪ ،‬حمكمة حمل احلدث الذي �سبب ال�رضر‪ ،‬حمكمة حمل حدوث ال�رضر‪ .‬وتن�ص‬
‫�إتفاقية لوغانو اجلديدة املوقعة بتاريخ ‪ 30/10/2007‬على قواعد مماثلة وبعد �أن حفظت‬
‫املحاكم الفرن�سية اخت�صا�صها مبجرد �إمكانية الو�صول يف فرن�سا للمعلومات املنازع‬
‫بها‪� ،‬إال �أنها بعد ذلك �أكملت عن�رص الربط املذكور بعنا�رص �أخرى كالوجهة املتوخاة‬
‫للمعلومات والت�أثري االقت�صادي على اجلمهور الفرن�سي والطابع الفاعل �أم ال للموقع‬
‫الإلكرتوين والتي ت�سمح ب�إن�شاء رابط �أ�سا�سي وم�ؤثر يف املعلومات وال�رضر‪ .‬وعلى‬
‫امل�ستوى الأوروبي‪� ،‬أكدت حمكمة العدل الأوروبية على عدم كفاية معيار الو�صول �إىل‬
‫[‪[[25‬‬
‫املعلومات وعلى �رضورة البحث عن عنا�رص �أخرى لتحديد املحاكم املخت�صة‪.‬‬
‫ويكون ل�ضحية‪ ،‬مت التعر�ض حلقوقها ال�شخ�صية‪ ،‬بال�شتم مث ً‬
‫ال‪ ،‬االدعاء �إما �أمام حمكمة‬
‫[‪[[26‬‬
‫حمل �إقامة النا�رش �أو �أمام حمكمة حمل مركز م�صاحلها‪.‬‬
‫وقد �أكدت حمكمة التمييز الفرن�سية الغرفة التجارية على اخت�صا�ص املحاكم الفرن�سية‬
‫للنظر بالتعر�ض لعالمات ُم�ستعملة من قبل موقع �إلكرتوين كمفاتيح‪ ،‬باعتبار �أن �إدخال‬
‫املفاتيح مع العالمات توجه امل�ستخدمني �إىل من�صات جتارية على الإنرتنت‪ ،‬والتي‬

‫‪[257] Cour d’appel de Pau, 1ère chambre, 23/3/2012, Sébatien R./Facebook, Légipresse 2012, n 294-03, p 280; Bérad F.,‬‬
‫;‪Facebook: quand la Cour d’appel de Pau crée le buzz.., Gaz. Pal., 17/5/2012, p 11‬‬
‫مروان كركبي‪ ،‬أصول املحاكامت املدنية والتحكيم‪ ،‬املنشورات الحقوقية صادر‪ ،‬بريوت‪ ،‬املجلد األول‪ ،‬ص ‪ 155‬وما يليها‪.‬‬
‫[‪[[25‬‬
‫‪[259] Vincent Fauchoux, Pierre Deprez, Jean-Michel Bruguière, Le droit de l’Internet, Lois contrats et usages,‬‬
‫‪LexisNexis, 2ème édition, 2013, p 63, 64, 66.‬‬
‫‪[260] Céline Castets -Renard, Droit de l’Internet: Droit français et européen, 2ème edition, Montchrestien, Lextenso‬‬
‫‪éditions, 2012, p .391.‬‬
‫�صفحة رقم ‪122‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫ت�ستهدف الفرن�سيني بالإ�ضافة �إىل �أن ال�سلع املقرتحة قابلة للت�سليم يف فرن�سا‪ [[26[.‬كما‬
‫�أكدت يف قرار �آخر �أن جمرد �إمكانية الو�صول �إىل املوقع الإلكرتوين من الإقليم الفرن�سي‬
‫ال يكفي لربط اخت�صا�ص املحاكم الفرن�سية بل يجب البحث ما �إذا كانت الإعالنات‬
‫املُنازع بها كانت موجهة للجمهور يف فرن�سا‪ [[26[.‬وقد �أعلنت حمكمة ا�ستئناف باري�س‬
‫عدم اخت�صا�صها لعدم توافر رابط كايف و�أ�سا�سي وذي مغذى بني الأفعال غري امل�رشوعة‬
‫وال�رضر املزعوم على الأرا�ضي الفرن�سية‪ [[26[.‬وا�شرتطت حمكمة ا�ستئناف باري�س يف‬
‫قرار �آخر لها وجود ت�أثري اقت�صادي �إرادي �أو غري �إرادي على اجلمهور الفرن�سي من قبل‬
‫املوقع الإلكرتوين[‪ .[[26‬كما ا�شرتطت حمكمة الدرجة الأوىل يف باري�س وجود رابط ذي‬
‫[‪[[26‬‬
‫مغذى بني املوقع الإلكرتوين والإقليم الفرن�سي لربط اخت�صا�صها‪.‬‬
‫ويف الدعاوى اجلزائية‪ ،‬يكون الق�ضاء الوطني خمت�ص ًا على �أ�سا�س ال�صالحية الإقليمية‬
‫(وقوع اجلرمية على الإقليم الوطني) وال�صالحية ال�شخ�صية (ارتكاب اجلرمية من قبل‬
‫مواطن) وال�صالحية الذاتية (اجلرائم املا�سة مب�صالح الدولة اجلوهرية واملرتكبة يف‬
‫اخلارج)‪.‬‬
‫ويكفي لتطبيق ال�صالحية الإقليمية‪ ،‬حتقق عن�رص من عنا�رص الركن املادي (ال�سلوك‬
‫اجلرمي‪ ،‬النتيجة اجلرمية‪ ،‬ال�صلة ال�سببية) ليتوافر بذلك �رشط وقوع اجلرمية داخل النطاق‬
‫[‪[[26‬‬
‫الإقليمي لقانون العقوبات‪.‬‬
‫و�إذا حتقق يف �إقليم دولة جزء من الركن املادي بينما حتققت �أجزا�ؤه الأخرى يف �إقليم‬
‫دولة ثانية‪ ،‬فاجلرمية تعد مرتكبة يف الإقليمني‪ ،‬ول�سلطات كل �إقليم �أن تطبق عليها قانونها‬
‫وتعد اجلرمية مرتكبة يف مكان الفعل ومكان النتيجة وكل مكان تتحقق فيه الآثار املبا�رشة‬
‫للفعل وهذا التعدد غري ذي �رضر‪ ،‬لأن �أغلب الت�رشيعات تقرر عدم مالحقة �شخ�ص من‬
‫[‪[[26‬‬
‫�أجل فعل �إذا كانت دولة �أخرى قد وقعت عليه العقاب من �أجله‪.‬‬
‫ويكفي بالتايل وقوع النتيجة اجلرمية على الإقليم الوطني لربط اخت�صا�ص املحاكم‬
‫‪[261] Cassation Commerciale, 7/12/2010, n 09-16.811.‬‬
‫‪[262] Cassation Commerciale, 29/3/2011, n 10-12.272, RLDI 2011/71, n 2356.‬‬
‫‪[263] Cour d’appel de Paris, 4ème chambre, 9/11/2007, M. X/Ebay Inc., JurisData n 2007-350066.‬‬
‫‪[264] Cour d’appel de Paris, 4ème Chambre, 6/6/2007, Google Inc. et Google France/ SA Axa et autres, JurisData n‬‬
‫‪2007-338708.‬‬
‫‪[265] TGI Paris, 11/7/2007, Hamon/Abel Quality Products, inédit.‬‬
‫[‪ [[26‬سمري عاليه‪ ،‬أصول قانون العقوبات‪ ،‬القسم العام‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬املؤسسة الجامعية للدراسات والنرش والتوزيع‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة الثانية‪،‬‬
‫‪ ،1996‬ص ‪.123‬‬
‫[‪ [[26‬محمود نجيب حسني‪ ،‬رشح قانون العقوبات‪ ،‬القسم العام‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬املجلد األول‪ ،‬ص‬
‫‪.184-183‬‬
‫�صفحة رقم ‪123‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫الوطنية‪ ،‬وطاملا �أن ما ُين�رش على و�سائل التوا�صل االجتماعي ميكن الو�صول �إليه من‬
‫الإقليم الوطني‪ ،‬فتكون حماكم الدولة خمت�صة‪ .‬و�إن كان ذلك‪ ،‬قد ي�ؤدي �إىل تنازع‬
‫اخت�صا�ص حماكم عدة دول من الناحية الإيجابية‪ ،‬حيث تكون كل من هذه املحاكم‬
‫خمت�صة لأنه ميكن الو�صول للمحتوى املن�شور من الإقليم الوطني لأي منها‪.‬‬
‫فاجلرم ُيعترب ُمرتكب يف كل مكان مت ن�رش املحتوى فيه‪ ،‬وتكون املحكمة املخت�صة هي‬
‫حمكمة كل مكان مت ا�ستقبال هذا املحتوى فيه؛ لكن على الإنرتنت‪ ،‬يكون املحتوى‬
‫مرئي ًا يف جميع �أنحاء العامل‪ ،‬فتكون بالتايل جميع حماكم العامل خمت�صة‪ ،‬مما يطرح �إ�شكالية‬
‫"الوجودية يف كل مكان" [‪ "Ubiquité"[[26‬بالن�سبة للجرائم املرتكبة على و�سائل‬
‫التوا�صل االجتماعي‪.‬‬
‫وحتى تعترب اجلرمية املرتبكة بوا�سطة �شبكة الإنرتنت حا�صلة على الإقليم الوطني‪ ،‬يكفي‬
‫�أن تكون املعلومة غري امل�رشوعة قد �أُعدت �أو �أُدخلت �أو ُن�سخت فيه �أو بب�ساطة ممكن‬
‫[‪[[26‬‬
‫الو�صول �إليها من الإقليم الوطني‪.‬‬
‫و�إن الق�ضاء الفرن�سي م�ستقر على اعتماد مفهوم وا�سع للنطاق اجلغرايف الفرن�سي وملكان‬
‫اقرتاف اجلرم عند النظر يف اخت�صا�صه بالن�سبة للجرائم املُرتبكة على الإنرتنت‪ ،‬وذلك‬
‫عرب اال�ستناد �إىل معيار مدى �إمكانية الو�صول �إىل املحتوى ال�ضار املوجه �إىل اجلمهور‬
‫[‪[[27‬‬
‫الفرن�سي على الأرا�ضي الفرن�سية‪.‬‬
‫و�إن �إمكانية الو�صول �إىل املوقع الإلكرتوين ال تكفي العتماد القانون اجلزائي الوطني‬
‫الفرن�سي‪ ،‬وبالتايل اخت�صا�ص املحاكم الفرن�سية‪ .‬ويتطلب القا�ضي اجلزائي الفرن�سي‬
‫�إثبات ارتكاب �أحد الأفعال امل�ؤلفة للجرمية على الأرا�ضي الفرن�سية‪ ،‬وكذلك �إثبات �أن‬
‫[‪[[27‬‬
‫املدعى عليه بت�رصفه ا�ستهدف اجلمهور الفرن�سي‪.‬‬
‫وقد ا�شرتطت حمكمة التمييز الفرن�سية‪ ،‬لربط اخت�صا�ص املحاكم الفرن�سية‪ ،‬لي�س فقط‬
‫�إمكانية الولوج �إىل املوقع الإلكرتوين على الإنرتنت من الأرا�ضي الفرن�سية‪ ،‬بل �أي�ض ًا‬

‫‪[268] Céline Castets -Renard, Droit de l’Internet: Droit français et européen, 2ème edition, Montchrestien, Lextenso‬‬
‫‪éditions, 2012, p. 391.‬‬
‫‪[269] Vincent Fauchoux, Pierre Deprez, Jean-Michel Bruguière, Le droit de l’Internet, Lois contrats et usages,‬‬
‫‪LexisNexis, 2ème édition, 2013, p 74.‬‬
‫‪[270] Huet A., Le droit penal international et Internet, LPA, 10 Novembre 1999, n 224, p 39.‬‬
‫‪[271] Ch. De Haas, L’Omnipotence du juge français de la propriété intellectuelle face à l’Internet ou l’histoire d’une‬‬
‫‪incompetence largement ignorée, LPA, 13/11/2001. - J PH Hugot, La compétence universelle des juridictions françaises‬‬
‫‪en matière délictuelle: vers des enfers numériques, Légipresse 2001, n 185, II, p12.‬‬
‫�صفحة رقم ‪124‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫[‪[[27‬‬
‫�إثبات �أن املحتوى ال�ضار موجه �إىل اجلمهور الفرن�سي‪.‬‬
‫ونحن ن�ؤيد هذه الوجهة باعتماد عنا�رص �إ�ضافية مثل توجيه املحتوى ال�ضار نحو جمهور‬
‫البلد لربط اخت�صا�ص حماكمه بالإ�ضافة �إىل �إمكانية الو�صول لهذا املحتوى من البلد‪ ،‬و�إال‬
‫لأ�صبحت جميع الدعاوى املتعلقة مبحتوى من�شور على الإنرتنت من �صالحية حماكم‬
‫البلد لإمكانية الو�صول �إىل جميع حمتوى الإنرتنت من البلد‪.‬‬
‫يف الواليات املتحدة الأمريكية‪ ،‬وعند حتديد املحكمة �صاحبة ال�صالحية‪ ،‬وعلى م�ستوى‬
‫الواليات املختلفة‪ ،‬ف�إنه يتم النظر �إىل ما �إذا كان ال�شخ�ص املُن�شئ للمحتوى قد ّ‬
‫وجه‬
‫ن�شاطاته نحو والية حمددة‪ .‬وبالنتيجة‪ ،‬لقد امتد االخت�صا�ص الق�ضائي يف دول �أخرى‬
‫ليطبق القوانني الوطنية بالنظر ل�سبب وحيد‪ ،‬وهو �إمكانية الو�صول �إىل املحتوى على‬
‫[‪[[27‬‬
‫الإنرتنت من الإقليم الوطني‪.‬‬
‫كمثال على ما تقدم‪ ،‬ويف الق�ضية املتعلقة ببيع تذكرات "نازية" على موقع ياهو‪� ،‬صدر‬
‫حكم عن الق�ضاء الفرن�سي بحفظ اخت�صا�ص الق�ضاء الفرن�سي حل�صول ال�رضر يف‬
‫فرن�سا‪ ،‬وباعتبار املوقع كمقدم خدمة م�س�ؤول عن عدم م�رشوعية الإعالنات والأعمال‬
‫املتعلقة ببيع �أ�شياء خا�صة بالنازية باملزاد العلني‪ ،‬وب�إلزام ياهو بجعل و�صول امل�ستخدمني‬
‫الفرن�سيني لهذا املحتوى م�ستحي ً‬
‫ال‪ .‬وباملقابل‪ ،‬تذرع موقع ياهو بعدم اخت�صا�ص الق�ضاء‬
‫الفرن�سي لأن حوا�سبه اخلادمة ‪ servers‬امل�ست�ضيفة للموقع هي موجودة يف الواليات‬
‫[‪[[27‬‬
‫املتحدة الأمريكية ولأن التذكرات موجهة للجمهور الأمريكي‪.‬‬
‫بالن�سبة لبند حفظ االخت�صا�ص ملحاكم �سان فرن�سي�سكو الوارد يف �رشوط ا�ستخدام‬
‫تويرت‪ ،‬فقد اعتربت حمكمة العدل يف الإحتاد الأوروبي بتاريخ ‪ 27‬حزيران ‪ 2000‬يف‬
‫ق�ضية م�شابهة �أن البند املحدد ل�صالحية حمكمة مقر عمل البائع بوجه امل�ستهلك هو غري‬
‫عادل لأنه ي�ؤدي‪ ،‬خالف ًا ملبادئ ح�سن النية‪� ،‬إىل انتفاء التوازن بني املوجبات واحلقوق‬
‫العائدة لطريف العقد؛ و�أن هذا البند املعطي لل�صالحية احل�رصية ملحكمة قد تكون بعيدة‬

‫‪[272]Cour de cassation, Chambre criminelle, arrêt 14/12/2010, N 10-80088, www.legifrance.gouv.fr.‬‬


‫‪[273] Cynthia Wong, James X. Dempsey, Mapping digital media, THE MEDIA AND LIABILITY FOR CONTENT ON‬‬
‫‪THE INTERNET, www.mappingdigitalmedia.org, www.soros.org/initiatives/media, p 19.‬‬
‫‪[274] TGI Paris, 22 Mai 2000, mentioned in: Marc H. Greenberg, A Return to Lilliput: The LICRA v. Yahoo - Case‬‬
‫‪and the Regulation of Online Content in the World Market, Berkeley Technology Law Journal, September 2003,‬‬
‫‪Available at: http://scholarship.law.berkeley.edu/btlj/vol18/iss4/6. http://scholarship.law.berkeley.edu/cgi/viewcontent.‬‬
‫‪cgi?article=1435&context=btlj. Cassation pénale, 22 mai 2000.‬‬
‫�صفحة رقم ‪125‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫[‪[[27‬‬
‫عن حمل �إقامة املتقا�ضي‪ ،‬هو بند تع�سفي‪� ،‬إذا قد يجعل مثوله �أمام الق�ضاء �أكرث �صعوبة‪.‬‬
‫وجتدر الإ�شارة �إىل �أنه ميكن �أن يلج�أ البع�ض �إىل حماكم دول �أخرى حيث ت�سهل الإجراءات‬
‫الق�ضائية‪ ،‬وذلك ملالحقة �شخ�ص �آخر عن م�سائل متعلقة بالر�أي مثل جرائم القدح والذم‬
‫والقذف‪ .‬وتدارك ًا للمخاطر على حرية الر�أي الناجتة عن تذرع دول �أخرى مب�صاحلها‬
‫العامة الوطنية‪� ،‬أقرت الواليات املتحدة الأمريكية قانون ًا يجعل الأحكام ال�صادرة يف‬
‫[‪[[27‬‬
‫دول �أخرى‪ ،‬تقر حماية �ضعيفة للر�أي‪ ،‬غري قابلة للتنفيذ فيها‪.‬‬

‫‪[275] European Court of Justice, 27 June 2000, Arrêt Océano Grupo, In Joined Cases C-240/98 to C-244/98, http://‬‬
‫‪curia.europa.eu/juris/showPdf.jsf;jsessionid=9ea7d0f130d51be0171cfc1e48ce8ad1a197252b724b.e34KaxiLc3eQc40La‬‬
‫‪xqMbN4PaN0Ke0?text=&docid=45388&pageIndex=0&doclang=EN&mode=lst&dir=&occ=first&part=1&cid=700173.‬‬
‫‪[276] Cynthia Wong, James X. Dempsey, Mapping digital media, THE MEDIA AND LIABILITY FOR CONTENT ON‬‬
‫‪THE INTERNET, www.mappingdigitalmedia.org, www.soros.org/initiatives/media, p 20.‬‬
‫�صفحة رقم ‪126‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫} ثامناً {‬
‫اال�ستخدامات امل�رشوعة لو�سائل التوا�صل االجتماعي يف‬
‫جمال التحقيق واحلرية ال�شخ�صية‬

‫ا�ستخدام و�سائل التوا�صل االجتماعي يف التحقيقات الق�ضائية‬


‫لقد ازدادت ا�ستخدامات و�سائل التوا�صل االجتماعي يف جمال مكافحة اجلرائم والتحقيق‬
‫فيها‪ .‬و�أ�صبحت ال�رشطة يف خمتلف الدول تعتمد ب�شكل متزايد على التكنولوجيا وو�سائل‬
‫التوا�صل االجتماعي‪ ،‬للتقريب بينها وبني املواطنني وللقيام مبهامها جلهة ت�أمني ال�سالمة‬
‫العامة والوقاية وتفادي حدوث اجلرائم وللتحقيق فيها بعد وقوعها ولنقل معلومات‬
‫للجمهور حول الأحداث الطارئة واجلرائم ال�شائعة لتنبيههم ولتمكينهم من جتنبها �أو‬
‫لطلب معلومات �أو �شهود �أو لتمكني اجلمهور من الإعالم ب�رسعة عن م�شتبه بهم �أو عن‬
‫حوادث‪.‬‬
‫ومن املعلوم �أن ال�سلطات الر�سمية ت�ستخدم و�سائل التوا�صل االجتماعي للتحقيق يف‬
‫اجلرائم‪ ،‬وهذه التحقيقات تتدخل يف خ�صو�صية الأفراد‪ .‬وتتذمر �رشكات و�سائل‬
‫التوا�صل االجتماعي و�رشكات االت�صاالت و�رشكات مقدمي خدمات الإنرتنت من �أن‬
‫حتقيقات ال�سلطات ت�ستهدف �أكرث من املطلوب يف كثري من الدعاوى‪ .‬لكن باملقابل‪،‬‬
‫ف�إن ال�سلطات تالحق املجرمني ال�سيربانيني واملحتالني الذين يخرتقون احل�سابات على‬
‫[‪[[27‬‬
‫الإنرتنت وي�رسقون الهويات وينتهكون اخل�صو�صية‪.‬‬
‫ويزداد جلوء ال�سلطات الر�سمية يف الدول �إىل م�شغلي و�سائل التوا�صل االجتماعي لطلب‬
‫بيانات �أو معلومات معنية عن �أفراد �أو وقائع حمددة �أو لطلب حفظ بيانات خا�صة بغية‬
‫معاجلتها �أو حتليلها الحق ًا لأهداف التحقيقات الق�ضائية �أو املراقبة الرقمية‪.‬‬
‫وميلك م�شغلو و�سائل التوا�صل االجتماعي ثالثة �أنواع من املعلومات حول امل�ستخدمني‬
‫(معلومات التعريف عن امل�ستخدمني املقدمة من قبلهم‪ ،‬معلومات حركة البيانات‪،‬‬

‫‪[277] Lothar Determann, Social Media Privacy: A Dozen Myths and Facts, 2012 STANFORD TECHNOLOGY LAW‬‬
‫‪REVIEW. 7, http://stlr.stanford.edu/pdf/determann-socialmediaprivacy.pdf, p 8.‬‬
‫�صفحة رقم ‪127‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫املعلومات املتعلقة باملحتوى العائد للم�ستخدمني وم�ضمون ر�سائلهم)‪ .‬ويجب‪ ،‬يف‬


‫جميع الأحوال‪ ،‬احرتام الآليات القانونية واحل�صول على الأذونات الق�ضائية للح�صول‬
‫على بيانات امل�ستخدمني �أو اللجوء �إىل طرق التعاون الق�ضائي الدويل �إذا كان مركز‬
‫[‪[[27‬‬
‫و�سيلة التوا�صل االجتماعي خارج النطاق الوطني‪.‬‬
‫ويف بع�ض الأحيان �إزاء عدم تعاون م�شغلي و�سائل التوا�صل االجتماعي‪� ،‬صدرت‬
‫قرارات �إدارية �أو ق�ضائية بتقييد و�سائل التوا�صل االجتماعي �أو وقف خدماتهم‪ .‬على‬
‫�سبيل املثال يف الربازيل‪� ،‬صدر قرار ق�ضائي بتاريخ ‪� 17/12/2015‬ألزم م�شغلي الهاتف‬
‫اخللوي بوقف وات�س �أب ملدة ‪� 48‬ساعة لعدم تعاون الأخرية مع حتقيقات ق�ضائية‪� ،‬إال �أن‬
‫[‪[[27‬‬
‫حمكمة اال�ستئناف ف�سخت القرار لأنه تدبري غري منطقي وق�ضت با�ستبداله بغرامة‪.‬‬
‫يف الواقع‪ ،‬يجب تعاون القطاع اخلا�ص‪ ،‬مبا فيهم و�سائل التوا�صل االجتماعي‪ ،‬وكذلك‬
‫املجتمع املدين مع ال�سلطات الر�سمية يف ق�ضايا التحقيقات الق�ضائية من جهة �أوىل‪،‬‬
‫ولكن من جهة ثانية �أي�ض ًا ل�ضمان ممار�سة احلق بالتوا�صل واحلق باخل�صو�صية واحلق‬
‫بحرية التعبري‪.‬‬
‫كما ي�ستعمل املحامون ب�شكل �شائع و�سائل التوا�صل االجتماعي للح�صول على‬
‫معلومات خا�صة حول الفرقاء يف الدعوى‪ ،‬ال�ستعمالها قبل قبول التوكل عنهم �أو يف‬
‫�سياق التحقيقات اخلا�صة التي يجرونها عنهم‪.‬‬
‫و�أظهرت درا�سة ُمنفّذة من قبل لوك�س نيك�س�س العام ‪� 2014‬أن ال�رشطة ت�ستخدم و�سائل‬
‫التوا�صل االجتماعي‪ ،‬ال�سيما في�سبوك (‪ )93%‬ويوتيوب (‪ )67%‬يف حتقيقاتها؛ و�أن‬
‫‪ 25%‬من عنا�رص ال�رشطة يف الواليات املتحدة الأمريكية ي�ستعملونها ب�شكل يومي‪.‬‬
‫ويرى ‪ 67%‬من عنا�رص ال�رشطة �أن مراقبة و�سائل التوا�صل االجتماعي هو �آلية قيمة يف‬
‫ترقب اجلرائم مثل الدعوة للإ�رضاب والتجمع‪ ،‬و‪ 73%‬يرون �أنها ت�ساعد يف حل الق�ضايا‬
‫ب�شكل �أ�رسع (مثل حاالت ن�رش �صورة امل�شتبه به يف و�سائل التوا�صل االجتماعي‪ ،‬تتبع‬
‫الت�سجيل يف مواقع التوا�صل االجتماعي لإيجاد الأ�شخا�ص املطلوبني �أو املختفني‬
‫وال�ستدراجهم‪ ،‬درا�سة ال�صور املن�شورة وال�سيما الأ�شياء املميزة فيها‪ ،‬حتليل ال�شائعات‬
‫والأقوال املن�شورة‪ ،‬درا�سة عالقات الأ�صدقاء على مواقع التوا�صل االجتماعي‪ ،‬جمع‬
‫‪[278] Jonathan Bourguignon, Les réseaux sociaux, outils ou acteurs de l’enquête pénale? Droit et réseaux sociaux,‬‬
‫‪Laboratoire d’études juridiques et politiques, Lextenso éditions, octobre 2015, p 156, 157.‬‬
‫‪[279] WhatsApp Messenger, https://en.wikipedia.org/wiki/WhatsApp.‬‬
‫�صفحة رقم ‪128‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫[‪[[28‬‬
‫الأدلة)‪.‬‬
‫وعلى �سبيل املثال‪ ،‬تلقت في�سبوك خالل الف�صل الثاين للعام ‪ 2012‬بني ت�سعة وع�رشة‬
‫�آالف طلب معلومات من ال�سلطات الأمريكية حول ‪� 18000‬إىل ‪ 19000‬ح�ساب‬
‫[‪[[28‬‬
‫م�ستخدم‪.‬‬
‫ويف هذا الإطار‪ ،‬يجب توافر �ضمانات �إجرائية ورقابية على عمليات الرقابة الرقمية‬
‫على امل�ستخدمني‪ ،‬كاحل�صول على �إذن م�ستقل عن طريق �أمر ق�ضائي و‪�/‬أو طلب‬
‫ا�ستدعاء �إداري للو�صول �إىل املعلومات التي حتتفظ بها �أطراف ثالثة (�رشكات الإنرتنت‬
‫�أو االت�صاالت �أو امل�صارف وغريها) وعندها تتحقق فر�صة تقييم مدى �إحرتام املراقبة‬
‫الرقمية ملبد�أي القانونية وعدم التع�سف‪ .‬وتتطلب �أف�ضل املمار�سات م�شاركة ال�سلطات‬
‫الثالثة يف الدولة (الت�رشيعية والتنفيذية والق�ضائية) لر�صد عمليات املراقبة وحتليل مدى‬
‫ان�سجامها مع املعايري الدولية والقانون الدويل حلقوق الإن�سان‪ ،‬بالإ�ضافة على الرقابة‬
‫املدنية امل�ستقلة‪ ،‬ويجب �أن يكون هناك �إ�رشاف ق�ضائي حيادي وم�ستقل وقادر على‬
‫[‪[[28‬‬
‫ر�صد املمار�سات الرقابية ال�سيئة‪.‬‬
‫ونرى �أن ا�ستعمال و�سائل التوا�صل االجتماعي يف التحقيقات الق�ضائية لإ�ستق�صاء اجلرائم‬
‫وتعقب مرتكبيها وجمع الأدلة حولها من �ش�أنه امل�ساهمة يف تعزيز هذه التحقيقات‪،‬‬
‫ولكن �رشط احرتام ال�ضمانات القانونية والإجراءات التي ين�ص عليها القانون‪ ،‬ال�سيما‬
‫جلهة احرتام احلق باخل�صو�صية واحلق بالوجاهية وحقوق الدفاع ب�شكل عام‪.‬‬
‫يف كندا على �سبيل املثال‪� ،‬أ�صبحت ال�رشطة ت�ستعمل و�سائل التوا�صل االجتماعي‬
‫لن�رش معلومات للجمهور‪ ،‬وكذلك لتجميع معلومات �إ�سرتاتيجية �إ�ستخباراتية حول‬
‫املخاطر والعنف واالحتجاجات �أو الن�شاطات الإجرامية‪ ،‬ولتحديد ال�شهود وال�ضحايا‬
‫املحتملني الذين قد ين�رشون بعد ح�صول اجلرمية �صور �أو �أفالم ت�سمح بالتعرف �إليهم‬
‫وبتجميع �أدلة حولها‪ .‬وي�ؤيد معظم م�ستخدمي و�سائل التوا�صل االجتماعي يف كندا‬
‫رقابة ال�رشطة على هذه الو�سائل باعتبار �أن املخاطر املحتملة على حرية التعبري هي �ضئيلة‬
‫مقارن ًة باحلاجة �إىل الأمن‪ .‬ومن الأف�ضل للحكومات �ضمن �سيا�سة االنفتاح وال�شفافية‬
‫‪[280] LexisNexis® Risk Solutions, Survey of Law Enforcement Personnel and Their Use of Social Media, 2014, www.‬‬
‫‪lexisnexis.com/investigations.‬‬
‫‪[281] Elodie Weil, L’exploitation et le protection des données à caractère personnel des utilisateurs sur les réseaux‬‬
‫‪sociaux, Droit et réseaux sociaux, Laboratoire d’études juridiques et politiques, Lextenso éditions, octobre 2015, p 125.‬‬
‫[‪ [[28‬سارة عيل رمال‪ ،‬الحق يف الخصوصية يف العرص الرقمي‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بريوت‪ ،2017 ،‬ص ‪.103‬‬
‫�صفحة رقم ‪129‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫[‪[[28‬‬
‫و�ضع بيان على و�سائل التوا�صل االجتماعي ب�أنها مراقبة للن�شاطات الإجرامية‪.‬‬
‫كما تتيح و�سائل التوا�صل االجتماعي �إجراء حتقيقات حول من يتم اختياره ليكون ع�ضواً‬
‫يف جلنة حملفني وكذلك مراقبة ما ين�رشه �أثناء قيامه بعمله يف اللجنة‪ .‬وقد مت ا�ستبعاد �أحد‬
‫�أع�ضاء جلنة حملفني بعد ن�رشه على موقع في�سبوك عبارة‪gonna be fun to tell the“ :‬‬
‫[‪[[28‬‬
‫‪ ،”defendant they’re GUILTY‬كما مت تغرميه مببلغ ‪ 250‬دوالر‪.‬‬
‫و�ضمن نطاق قانون العائلة‪� ،‬أ�صبحت املعلومات املن�شورة على و�سائل التوا�صل‬
‫االجتماعي من �أهم املواد التي ت�ستعمل يف املحاكمات‪ ،‬ال�سيما �ضمن دعاوى الطالق‬
‫حيث ت�ستخرج �أدلة ت�ستعمل من قبل اخل�صم يف الدعوى‪ ،‬كال�صور والأفالم والن�صو�ص‪.‬‬
‫وقد اعتربت حمكمة التمييز الفرن�سية بتاريخ ‪� 30/4/2014‬أن زيارة مواقع التعارف‬
‫الإلكرتونية ب�شكل مكثف من �أجل �إن�شاء عالقات جديدة ي�شكل �إخال ًال خطرياً‬
‫[‪[[28‬‬
‫مبوجبات الزواج ويربر الطالق على م�س�ؤولية الزوج املُخطئ‪.‬‬
‫تعر�ض الق�ضاة واملحامني للم�ساءلة‬
‫وجتدر الإ�شارة �إىل �أن و�سائل التوا�صل االجتماعي ّ‬
‫يف حال �إ�ساءة ا�ستعمالها‪ ،‬وذلك من خالل �إف�شاء وقائع الدعوى �أو معلومات عنها‬
‫�أو عن �إجراءاتها ب�شكل غري م�رشوع‪� ،‬أو يف حال �إن�شاء عالقات توا�صل قد تتنافى مع‬
‫موجب التحفظ لدى القا�ضي‪.‬‬
‫�إذ مييل املحامون �إىل ن�رش كل �شيء على املواقع الإلكرتونية واملدونات‪ .‬وقد خ�رس وكيل‬
‫دفاع م�ساعد عن احلق العام وظيفته لن�رش تفا�صيل دعوى كان يعمل عليها ولإف�شاء‬
‫معلومات �رسية حول املتقا�ضي‪ ،‬كما مت تغرميه‪ .‬وقد مت توجيه ت�أنيب لأحد الق�ضاة يف‬
‫كاليفورنيا لأنه �أ�صبح �صديق على و�سيلة التوا�صل االجتماعي في�سبوك ملحامي يرتافع‬
‫يف دعوى �أمامه‪ ،‬وقد تبادل الرجالن تعليقات على ال�شبكة حول �إجراءات الدعوى‪.‬‬
‫وتنق�سم املحاكم يف الر�أي حول ما �إذا كان مبقدور املحامني م�صادقة الق�ضاة على‬
‫في�سبوك‪ .‬وتعترب اللجنة اال�ست�شارية للأخالقيات الق�ضائية يف فلوريدا �أنه من غري‬
‫الأخالقي م�صادقة حمامي لقا�ضي على و�سائل التوا�صل االجتماعي �إذا كانت هناك‬

‫‪[283] Protecting Freedom of Expression in an Age of Social Media, Statements on Government’s Social Media Sites,‬‬
‫‪http://www.ciddd.ca/documents/phasetwo/RNC_Statements_on_Government%27s_Social_Media_Sites.pdf, p 2,3.‬‬
‫‪[284] Steven Venezia, THE INTERACTION OF SOCIAL MEDIA AND THE LAW AND HOW TO SURVIVE THE‬‬
‫‪SOCIAL MEDIA REVOLUTION, New Hampshire Bar Journal, Winter 2012, p 26.‬‬
‫‪[285] Cour de cassation, 30/4/2014, cité dans: Fabrice Mattatia, Internet et les réseaux sociaux, que dit la loi? Eyrolles,‬‬
‫‪2ème édition, 2016, p 101.‬‬
‫�صفحة رقم ‪130‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫�إمكانية �أن يرتافع هذا املحامي �أمام القا�ضي يف املحكمة‪ .‬باملقابل واليات كنتاكي‬
‫ونيويورك وكارولينا اجلنوبية ال تعترب ذلك انتهاك ًا للقيم والأخالقيات ما دامت ال توجد‬
‫[‪[[28‬‬
‫عالقة اجتماعية قريبة بني املعنيني خارج �إطار و�سيلة التوا�صل االجتماعي‪.‬‬

‫ا�ستخدام و�سائل التوا�صل االجتماعي يف التحقيق عن املتقدمني لوظيفة �أو عن املوظفني‬


‫لقد �أ�صبح �أ�صحاب العمل ي�ستخدمون ب�شكل كثيف مواقع التوا�صل االجتماعي ملراقبة‬
‫املوظفني لديهم �أو للتحري عن املتقدمني �إىل الوظائف لديهم‪ ،‬وذلك من خالل التدقيق‬
‫يف �سرياتهم الذاتية وعالقاتهم ويف ما ين�رشونه‪.‬‬
‫وتعمد ال�رشكات �إىل ا�ستعمال و�سائل التوا�صل االجتماعي لتق�صي و�ضع طالبي‬
‫الوظائف لديها �أو حتى العاملني لديها‪ .‬و�إن ذلك مفيد يف اتخاذ القرارات قبل توظيف‬
‫�أ�شخا�ص �إال �أنه ال يفرت�ض ا�ستعمال املعلومات املُ ّ‬
‫جمعة من �أجل التمييز بني املر�شحني‪.‬‬
‫وقد ت�سمح بع�ض و�سائل التوا�صل االجتماعي املوجهة للمهنيني كلينكد �إن للم�ستخدم‬
‫[‪[[28‬‬
‫بكتابة تو�صيات مهنية حول م�ستخدم �آخر على املوقع‪.‬‬
‫ويف درا�سة جُمراة من قبل باحثني يف جامعة دايتون‪ ،‬تبني‪ ،‬بعد درا�سة عينة من خم�سة‬
‫�آالف �صاحب عمل‪� ،‬أن ‪ 40‬باملئة منهم ي�ستخدمون ال�سرية الذاتية ملتقدم �إىل وظيفة‬
‫[‪[[28‬‬
‫لديهم على موقع التوا�صل االجتماعي في�سبوك عند اتخاذ قرار بتوظيفه �أم ال‪.‬‬
‫ومن املقدر �أنه خالل العام ‪ 60% 2015‬من �أ�صحاب العمل �سرياقبون �صفحات و�سائل‬
‫التوا�صل االجتماعي العائدة للموظفني لديهم‪ ،‬وذلك لوجود خماوف لديهم حول‬
‫[‪[[28‬‬
‫ت�رسيب املعلومات من قبل ه�ؤالء املوظفني �أو تناولهم العمل ب�شكل �سلبي‪.‬‬
‫يف املبد�أ‪ ،‬يتعر�ض املوظف لعقوبات م�سلكية �إذا كانت تعليقاته على و�سيلة توا�صل‬
‫اجتماعي م�رضة ب�سمعة ال�رشكة‪ .‬على �سبيل املثال‪� ،‬أطلق �أحد املوظفني على �إحدى‬
‫و�سائل التوا�صل االجتماعي التعليق التايل‪:‬‬

‫‪[286] Steven Venezia, THE INTERACTION OF SOCIAL MEDIA AND THE LAW AND HOW TO SURVIVE THE‬‬
‫‪SOCIAL MEDIA REVOLUTION, New Hampshire Bar Journal, Winter 2012, p 25.‬‬
‫‪[287] Rick Biagi, Dan Schaeffer, Jeremy Roe, Ten top legal issues in social media, 2010, http://www.nealmcdevitt.com/‬‬
‫‪assets/news/Top_10_Social_Media_Legal_Issues_FINAL.PDF, p 1 till 4.‬‬
‫‪[288] Christopher F. Spinelli, Social Media: No ‘Friend’ of Personal Privacy, The Elon Journal of Undergraduate‬‬
‫‪Research in Communications, Vol 1, No 2, Fall 2010, p 66.‬‬
‫‪[289] Christian Fuchs, Daniel Trottier, Social Media Surveillance & Society, Centre for Science, Society & Citizenship,‬‬
‫‪University of Westminster, United Kingdom, 29 November 2013, p 2.‬‬
‫�صفحة رقم ‪131‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫“‪”I think I work in a nursery and I do not mean working with plants‬‬

‫وقد اعترب ذلك غري م�سيء لل�رشكة �صاحبة العمل وال يربر �رصف الأجري‪ .‬بينما اعترب‬
‫تعليق �آخر “‪ ”Dante’s inferno‬ب�أنه ُم�سيء لل�رشكة‪ .‬ويجب الأخذ باالعتبار ما �إذا‬
‫كان املوظف قد ندم و�أقدم على �سحب التعليقات‪ ،‬لكن ال يهم تاريخ ح�صول التعليقات‬
‫وطريقتها‪ ،‬وما �إذا كانت �أثناء دوام العمل �أو با�ستخدام احلا�سوب املخ�ص�ص للعمل‪،‬‬
‫[‪[[29‬‬
‫فاملهم هو �أن التعليقات تتعلق بالعمل‪.‬‬
‫ويطلب �أ�صحاب العمل من املتقدم �إىل الوظيفة لديهم تزويدهم بكلمة ال�رس وا�سم‬
‫امل�ستخدم العائدة حل�سابه عل موقع في�سبوك �أو يطلبون منه الدخول �إىل ح�سابه يف املقابلة‬
‫املُجراة معه‪ ،‬ويقومون حينها بالإطالع على �صورهم وتعليقاتهم املن�شورة منهم‪� ،‬أو‬
‫قد يعمدون �إىل ذلك من خالل ح�ساب �شخ�ص �آخر هو على عالقة �صداقة باملر�شح‪،‬‬
‫وي�ستطيع الو�صول �إىل املعلومات‪.‬‬
‫ويلج�أ �أ�صحاب العمل �إىل هذا النوع من التحقيقات باعتبار �أن املر�شحني للوظائف‬
‫غالب ًا ما يلج�أون �إىل �صنع �سريات ذاتية عن خربات عمل �سابقة غري �صحيحة �أو مبالغ‬
‫بها‪ ،‬ولأن معظم امل�ؤ�س�سات التي ا�ستخدمت املر�شح �سابق ًا ال تقدم �إفادات دقيقة ومعربة‬
‫عن عمله لديها خوف ًا من املالحقة القانونية بتهم القدح والذم‪ ،‬وبالتايل ال متلك امل�ؤ�س�سة‬
‫اجلديدة �سوى معلومات ب�سيطة عن �أداء املر�شح املهني ال�سابق‪ .‬كما تخاف امل�ؤ�س�سات‬
‫من �إعطاء �إفادة مف�صلة عن عمل امل�ستخدم لديها لعدم قدرتها �أحيان ًا على �إجراء حتقيق‬
‫كامل و�شامل عن عمل الأخري لديها وتبيان بع�ض ت�رصفاته ال�سيئة‪ ،‬والتي من املمكن �أن‬
‫تتكرر لدى امل�ؤ�س�سة اجلديدة‪ ،‬فتتحمل امل�س�ؤولية ب�سبب �إغفال ذكر هذه الت�رصفات‬
‫ال�سيئة‪ .‬وهناك �آثار قانونية عديدة قد ترتب على �إطالع �صاحب العمل على البيانات‬
‫ال�شخ�صية لطالب الوظيفة على و�سائل التوا�صل االجتماعي؛ �إذ ي�ستعلم عن الو�ضع‬
‫العائلي للمر�شح �أو عن دينه �أو �أ�صوله الإتنية �أو كون املر�شحة حامل‪ ،‬مما يتيح للمر�شح‬
‫[‪[[29‬‬
‫بالإدعاء بح�صول متييز �ضده يف حال عدم توظيفه‪.‬‬
‫ك�ضوابط لهذه التحقيقات حول املوظفني‪ ،‬ف�إنه يجب �إطالع املتقدمني للوظائف عن‬
‫‪[290] Nicola Rabson, Social media and the law: A handbook for UK companies, January 2014, http://www.linklaters.‬‬
‫‪com/pdfs/mkt/london/TMT-Social-Media-Report.pdf, p 9.‬‬
‫‪[291] Stephen J. Hirschfeld, Kristin L. Oliveira, Can employers demand to see employees’ and applicants’ Facebook‬‬
‫‪pages, http://www.employmentlawalliance.com/Templates/media/files/Power%20Point%20Documents/July12-2012-‬‬
‫‪Employer-Access-to-Facebook.pdf, p 1 and 2.‬‬
‫�صفحة رقم ‪132‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫�أي حتقيق يجري حولهم با�ستعمال و�سائل التوا�صل االجتماعي‪ ،‬ويجب �أن يكون‬
‫هذا الإجراء متنا�سب ًا وال مييز بني املتقدمني‪ .‬كما يجب الت�أكد من �صحة نتائج التحقيق‪،‬‬
‫[‪[[29‬‬
‫فمعظم املتقدمني ال يكونون على معرفة بهذا التحقيق وال يوافقون عليه‪.‬‬
‫ونرى �أنه يجب على �صاحب العمل‪ ،‬حفاظ ًا على اخل�صو�صية‪� ،‬إعالم طالب الوظيفة‬
‫عن �إجراء حتقيق عنه على و�سائل التوا�صل االجتماعي‪ ،‬وذلك حتى يعمد �إما �إىل حمو‬
‫بع�ض البيانات غري املنا�سبة �أو احلميمة �أو تعديلها �أو تغيري �إعدادات اخل�صو�صية‪ .‬كما‬
‫يجب �إعطاء طالب الوظيفة احلق بالوجاهية وبالدفاع عن نف�سه‪ ،‬جلهة التعليق على ما‬
‫يتم �إيجاده عنه على و�سائل التوا�صل االجتماعي‪ ،‬فقد تكون بع�ض املعلومات خاطئة‬
‫�أو غري حمدثة �أو قد ُي�ساء فهمها �أو تكون عائدة ل�شخ�ص �آخر با�سم م�شابه‪ .‬ويجب �أن‬
‫يتم التحقيق على و�سائل التوا�صل االجتماعي عن طالب الوظيفة بعد الت�صفية الأولية‬
‫و�إ�ستبعاد معظم املر�شحني وبعد �إعداد الالئحة الأخرية لهم‪.‬‬
‫وال ميكن الو�صول �إىل البيانات ال�شخ�صية على و�سائل التوا�صل االجتماعي بطريقة‬
‫اخلداع عن طريق انتحال ا�سم "�صديق" لل�شخ�ص املعني �أو الطلب من املوظف تقدمي ا�سم‬
‫امل�ستخدم وكلمة ال�رس املطلوبتني للدخول �إىل ح�سابه على و�سيلة التوا�صل االجتماعي؛‬
‫[‪[[29‬‬
‫وقد �صدرت ت�رشيعات يف بع�ض الواليات يف الواليات املتحدة الأمريكية ملنع ذلك‪.‬‬
‫ويت�ضمن د�ستور بع�ض الواليات‪ ،‬ككاليفورنيا‪ ،‬يف الواليات املتحدة الأمريكية حق‬
‫د�ستوري باخل�صو�صية ي�ستفيد منه الأفراد‪ .‬وبالتايل يحق للمر�شح التذرع بهذا احلق‬
‫لعدم �إعطاء �صاحب العمل كلمة ال�رس وا�سم امل�ستخدم العائدين حل�سابه على موقع‬
‫توا�صل اجتماعي‪ .‬وقد يعمد �أ�صحاب العمل �إىل ت�ضمني �إعالناتهم لطلب موظفني‬
‫�أن �إمكانية الو�صول �إىل البيانات ال�شخ�صية لطالبي الوظائف لديهم هو �رشط من �رشوط‬
‫قبول طلب التوظيف لديهم‪ .‬وميكن عندها �أن يحتاط طالب الوظيفة عرب املوازنة بينها‬
‫وبني حقه باخل�صو�صية وتقدير توقعاته باخل�صو�صية يف �ضوء ذلك‪ .‬وقد كانت والية‬
‫مريالند ‪� Meryland‬أول والية ت�صدر قانون حلماية ا�سم امل�ستخدم وكلمة ال�رس والذي‬
‫مينع �صاحب العمل من الطلب من طالب الوظيفة لديه كلمة �رس �أو ا�سم امل�ستخدم �أو �أي‬
‫و�سيلة �أخرى لدخول ح�ساب �شخ�صي �أو خدمة من خالل و�سيلة ات�صال‪ .‬وقد عمدت‬
‫‪[292] Vanessa Havard-Williams, Social media and the law: A handbook for UK companies, January 2014, http://www.‬‬
‫‪linklaters.com/pdfs/mkt/london/TMT-Social-Media-Report.pdf, p 8‬‬
‫‪[293] Nicola Rabson, Social media and the law: A handbook for UK companies, January 2014, http://www.linklaters.‬‬
‫‪com/pdfs/mkt/london/TMT-Social-Media-Report.pdf, p 9.‬‬
‫�صفحة رقم ‪133‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫واليات �أخرى يف الواليات املتحدة الأمريكية �إىل �سن ت�رشيعات بهذا املو�ضوع‪ .‬كما‬
‫يعترب البع�ض �أن هذا الأمر ي�شكل خمالفة يف مطلق الأحول للقانون الفيدرايل الأمريكي‬
‫املتعلق بحفظ املرا�سالت �أو االت�صاالت والذي مينع الو�صول �إىل املعلومات الإلكرتونية‬
‫[‪[[29‬‬
‫دون ترخي�ص‪.‬‬
‫وقد يكون هناك حدود للخ�صو�صية‪ ،‬فقد اعتربت املحكمة الأوروبية حلقوق الإن�سان‪،‬‬
‫يف معر�ض ا�ستئناف حكم يتعلق ب�رصف م�ستخدم عامل يف جمال معاجلة املعتدين جن�سي ًا‬
‫ب�سبب اكت�شاف �صور عنه على الإنرتنت ب�أنه متورط يف م�سائل عبودية وت�سلط‪� ،‬أن‬
‫[‪[[29‬‬
‫انتهاك اخل�صو�صية هنا مربر بالنظر لتعار�ض ما مت اكت�شافه عنه مع دوره الوظيفي‪.‬‬
‫وجتدر الإ�شارة �أخرياً �أنه ُي�سمح بالتوا�صل االجتماعي ب�شكل اختياري �ضمن امل�ؤ�س�سة‬
‫بني املوظفني فيها �ضمن ال�سيا�سات املو�ضوعة منها‪ ،‬ويكون املوظفون م�س�ؤولني عن‬
‫�إف�شاء معلومات امل�ؤ�س�سة للغري وعدم الإ�ساءة لبع�ضهم البع�ض‪.‬‬

‫‪[294] Stephen J. Hirschfeld, Kristin L. Oliveira, Can employers demand to see employees’ and applicants’ Facebook‬‬
‫‪pages, http://www.employmentlawalliance.com/Templates/media/files/Power%20Point%20Documents/July12-2012-‬‬
‫‪Employer-Access-to-Facebook.pdf, p 3 and 4.‬‬
‫‪[295] Nicola Rabson, Social media and the law: A handbook for UK companies, January 2014, http://www.linklaters.‬‬
‫‪com/pdfs/mkt/london/TMT-Social-Media-Report.pdf, p 11.‬‬
‫�صفحة رقم ‪134‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫} خامتة {‬
‫حولت و�سائل التوا�صل االجتماعي املجتمعات‪ .‬ف�صحيح �أن الإن�سان هو كائن‬ ‫لقد ّ‬
‫طورت قدراته على التوا�صل مع غريه‪.‬‬
‫اجتماعي‪� ،‬إال �أن التكنولوجيا احلديثة قد ّ‬
‫ويرى البع�ض �أنه‪ ،‬و�إن كانت هذه الو�سائل تو�صف كاجتماعية‪ ،‬ف�إنها يف الواقع‬
‫م�صطنعة وخمتلقة‪ ،‬فهي لي�ست "احلياة احلقيقة" مع "�أ�شخا�ص حقيقيني"‪ ،‬وامل�ستخدمون‬
‫[‪[[29‬‬
‫ي�ستعملون هذه الو�سائل على ح�ساب ن�شاطات وعالقات �أخرى‪.‬‬
‫و�إن هذا التقاطع بني االت�صاالت والتكنولوجيا والرغبة يف التوا�صل بني النا�س يخلق‬
‫حتديات و�إ�شكاليات بالن�سبة للقانون‪.‬‬
‫وتتجلى هذه الإ�شكاليات القانونية يف �رضورة احرتام خ�صو�صية الأفراد على و�سائل‬
‫التوا�صل االجتماعي وحريتهم يف التعبري عن الر�أي وحماية بياناتهم ال�شخ�صية مع‬
‫الت�سليم بوجود قيود م�رشوعة على حرية الر�أي وكذلك تعر�ض م�رشوع خل�صو�صية‬
‫الأفراد من خالل التحقيقات الق�ضائية وحتقيقات �أ�صحاب العمل حول املوظفني لديهم‬
‫�أو املتقدمني لوظائف لديهم‪ .‬و�إن �ضمان حرية التعبري عن الر�أي �ضمن قيود قانونية‬
‫م�رشوعة هي مهمة يف عملية البحث عن احلقيقة ويف ممار�سة دميقراطية �سليمة‪.‬‬
‫وتعترب حرية الر�أي والتعبري من �أهم حقوق الإن�سان‪ .‬ويكون هناك فا�صل رفيع بني ما‬
‫قد يعد تنظيم على و�سائل التوا�صل االجتماعي وبني ما هو من قبيل الرقابة والتقييد‪.‬‬
‫فحرية التعبري على و�سائل التوا�صل االجتماعي يجب تنظيمها حلماية امل�ستخدمني من‬
‫[‪[[29‬‬
‫�أنف�سهم‪.‬‬
‫بالنتيجة‪ ،‬يقت�ضي �إيجاد توازن بني احلق يف حرية التعبري والتوا�صل واحلق يف اخل�صو�صية‬
‫على و�سائل التوا�صل االجتماعي وبني متطلبات احلفاظ على الأمن وال�سالمة العامة‬
‫وم�صالح املجتمع العليا‪ .‬ويجد هذا التوازن �أ�سا�سه يف قواعد القانون الدويل‪ ،‬والتي‬
‫تتلخ�ص يف توافر �رشطني‪ :‬القانونية وعدم التع�سف‪� .‬أي �أن يكون التعر�ض حلقوق الفرد‬
‫على و�سائل التوا�صل االجتماعي من�صو�ص عليه يف القانون ومتنا�سب ًا مع ج�سامة اخلطر‬
‫‪[296] Emmanuel Derieux, Agnès Granchet, Réseaux sociaux en ligne, Aspects juridiques et déontologiques, Lamy,‬‬
‫‪2013, p 189.‬‬
‫‪[297] Richard Steppe, The freedom of speech on social networking services, Do we need protection against our own‬‬
‫‪expressions?, https://www.law.kuleuven.be/jura/art/50n3/steppe.pdf, p. 560, 561.‬‬
‫�صفحة رقم ‪135‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫وواجب ًا يف جمتمع دميقراطي لتحقيق �أهداف م�رشوعة مت�صلة مب�صالح املجتمع العليا‪.‬‬
‫ويواجه احلق يف اخل�صو�صية واحلق يف حرية التعبري حتديات كبرية‪ ،‬ال�سيما مع قدرات‬
‫ال�رشكات وال�سلطات العامة على جمع معلومات �ضخمة عن م�ستخدمي و�سائل التوا�صل‬
‫االجتماعي وحتليلها وعلى مراقبة ت�رصفات امل�ستخدمني‪ .‬وتتجلى هذه التحديات �أي�ض ًا‬
‫يف �أعمال الرقابة الرقمية وانتهاك اخل�صو�صية عند التع�سف يف ا�ستعمال ال�سلطات العامة‬
‫حقها امل�رشوع يف مكافحة الإرهاب واجلرمية املنظمة‪ .‬ويجب يف هذا الإطار اعتماد‬
‫مبد�أ التنا�سب‪� ،‬أي الو�سيلة الأقل تعر�ض ًا خل�صو�صية الفرد وحلريته ال�شخ�صية‪.‬‬
‫وت�شكل البيانات ال�شخ�صية حمور الإ�شكالية القانونية على و�سائل التوا�صل االجتماعي‪.‬‬
‫فاملبد�أ الأ�سا�سي �أو النموذج التجاري لو�سائل التوا�صل االجتماعي يقوم على م�شاركة‬
‫البيانات ال�شخ�صية بني امل�ستخدمني‪ ،‬والذين يظنون �أنهم ي�ستفيدون من خدمات‬
‫جمانية‪ ،‬لكنهم يف الواقع يدفعون‪ ،‬لقاء اخلدمات التي يح�صلون عليها‪ ،‬لو�سيلة التوا�صل‬
‫االجتماعي‪ ،‬وذلك من خالل �إعطائها احلق يف الو�صول �إىل بياناتهم ال�شخ�صية‪ ،‬والتي‬
‫ميكن لو�سيلة التوا�صل ا�ستعمالها لأغرا�ضها‪.‬‬
‫كما ميكن للم�ؤ�س�سات ا�ستعمال و�سائل التوا�صل االجتماعي للو�صول �إىل ال�سريات‬
‫الذاتية للأفراد وبياناتهم ال�شخ�صية‪ ،‬وذلك عند توظيف موظفني جدد لديها‪ .‬وميكنها‬
‫البحث على هذه الو�سائل للعثور على معلومات منا�سبة حول مر�شح ما لوظيفة‪،‬‬
‫ولكن يجب عدم ا�ستعمال املعلومات التي يتم �إيجادها للتمييز ب�شكل غري م�رشوع بني‬
‫املر�شحني‪.‬‬
‫وبالن�سبة للم�س�ؤولية القانونية عما ُين�رش على و�سائل التوا�صل االجتماعي‪ ،‬ف�إنها ترتتب‬
‫�أ�سا�س ًا على امل�ستخدم‪ ،‬ال على الو�سيلة ذاتها �إال �ضمن �رشوط �ضيقة‪ .‬ويبدو �أن املقاربة‬
‫باملبالغة برتتيب م�س�ؤولية على عاتق الو�سطاء على الإنرتنت ‪�-‬أي و�سائل التوا�صل‬
‫االجتماعي‪ -‬من �ش�أنه الت�أثري على حرية التعبري والو�صول �إىل املعلومات وتقلي�ص‬
‫االبتكار وخلق املحتوى‪ ،‬وذلك تبع ًا لت�شدد هذه الو�سائل عندها يف ن�رش �أي حمتوى‪.‬‬
‫كذلك‪ ،‬ت�أخذ الإ�شكاليات القانونية مظهر �إجرائي ومو�ضوعي عرب الطابع الدويل العابر‬
‫للحدود لو�سائل التوا�صل االجتماعي‪ ،‬وذلك جلهة حتديد القانون املطبق على النزاعات‬
‫القانونية املتعلقة بهذه الو�سائل وكذلك حتديد املحكمة املخت�صة‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪136‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫وميكن القول �أن و�سائل التوا�صل االجتماعي �أ�صبحت ظاهرة عاملية ال ميكن �إنكارها‪،‬‬
‫ويجب تكييف القانون لتطبيقه عليها‪ .‬و�إن الإ�شكالية الأ�سا�سية املتعلقة بو�سائل التوا�صل‬
‫االجتماعي �أنها مبعظمها �أمريكية املن� أش� �إال �أن لها م�ستخدمني على نطاق دول العامل‬
‫كله �أجمع‪ .‬وبالتايل‪ ،‬ال ميكن لو�سائل التوا�صل االجتماعي �أن حترتم جميع ت�رشيعات‬
‫دول املنت�سبني �إليها دفعة واحدة‪ .‬وبالتايل تكون الت�رشيعات الوطنية الداخلية غري فعالة‪.‬‬
‫ويبدو الأجدى هو دفع و�سائل التوا�صل االجتماعي �إىل التنظيم الذاتي من خالل �رشائع‪.‬‬
‫ولكن و�سائل التوا�صل االجتماعي الكربى كفي�سبوك تعار�ض توقيع مثل هكذا �رشائع‪.‬‬
‫وبالتايل احلل الأكرث فعالية لتنظيم و�سائل التوا�صل االجتماعي يبدو من خالل و�ضع‬
‫اتفاق على ال�صعيد الدويل يحدد املعايري باحلد الأدنى التي يجب على و�سائل التوا�صل‬
‫[‪[[29‬‬
‫االجتماعي احرتامها‪.‬‬
‫وتظهر الغاية من ال�سيا�سة املو�ضوعة من قبل و�سيلة التوا�صل االجتماعي من خالل‬
‫توجيه امل�ستخدمني حول كيفية ا�ستعمال هذه الو�سيلة يف البيت �أو يف العمل‪ .‬وهذه‬
‫ال�سيا�سة يجب �أن تكون عامة لت�شمل �أو�ضاع خمتلفة‪ .‬ويجب �أن ت�أخذ بعني االعتبار‬
‫الت�رشيعات وقواعد ال�سلوك و�أنظمة العمل يف امل�ؤ�س�سات‪ .‬ويجب ت�شجيع تطبيق قواعد‬
‫ال�سلوك املهنية والت�رصيح ال�صحيح عن الهوية على و�سائل التوا�صل االجتماعي‪ ،‬وذلك‬
‫[‪[[29‬‬
‫لتعزيز الثقة‪.‬‬
‫�إال �أن ت�رصف امل�ستخدم على و�سائل التو�صل االجتماعي هو ال�ضمانة الأهم حلماية‬
‫خ�صو�صيته وبياناته ال�شخ�صية وممار�سة حريته ال�شخ�صية حتت �سقف القانون‪� .‬إذ �أن‬
‫توخي ال�سالمة والأمان على و�سائل التوا�صل االجتماعي ال يعني التخلي عن الأ�شياء‬
‫التي متتع امل�ستخدم‪ ،‬وال�سيما ن�شاطاته على هذه الو�سائل‪ .‬لكن عليه �إتخاذ خيارات‬
‫مدرو�سة مبنية على فهم لطبيعة عمل هذه الو�سائل‪ ،‬وال�سيما فهم ما ميكن التحكم به وما‬
‫ال ميكن التحكم به‪ .‬وعليه �أن ال يتقبل الإعدادات امل�سبقة ‪ Default settings‬املُجراة‪،‬‬
‫بل عليه تغيريها‪ .‬وعليه فهم �أن ما يفتحه للجمهور على و�سائل التوا�صل االجتماعي‬
‫ي�شبه الوقوف يف و�سط �شارع مزدحم بالنا�س و�إعالنه على امللء‪ .‬وبالتايل حينها‪،‬‬
‫ميكنه تقدير التدابري املالئمة ملوازنة حاجته باخل�صو�صية مع رغباته بامل�شاركة‪ .‬لذلك‪،‬‬
‫‪[298] Marine de Montecler, Le droit à l’heure des réseaux sociaux, HEC Paris – 2011, https://www.lepetitjuriste.fr/wp-‬‬
‫‪content/uploads/2011/10/droit%20@%20l%20heure%20des%20r%c3%a9seaux%20sociaux%20-%20Marine%20de%20‬‬
‫‪Montecler.pdf, p 63.‬‬
‫‪[299] Law Society of NSW Legal Technology Committee, Guidelines on Social Media Policies, https://www.lawsociety.‬‬
‫‪com.au/cs/groups/public/documents/internetcontent/587803.pdf, p 1,2.‬‬
‫�صفحة رقم ‪137‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫تظهر �رضورة توعية امل�ستخدمني وتثقيفهم حول �إيجابيات و�سلبيات و�سائل التوا�صل‬
‫االجتماعي و�إ�شكالياتها‪.‬‬
‫�أما بالن�سبة للم�ؤ�س�سات وال�رشكات‪ ،‬فعليها و�ضع �سيا�سة ال�ستعمال و�سائل التوا�صل‬
‫االجتماعي‪ .‬وفيها‪ ،‬حتدد ماذا يحق لها وللموظفني لديها فعله وما ال يحق لهم‪ .‬ويجب‬
‫عدم منع ن�شاطات م�رشوعة وال ال�سماح بن�شاطات غري م�رشوعة‪ .‬كما عليها التوا�صل مع‬
‫الزبائن ب�شكل فعال‪ ،‬والطلب من الزبون حتديد م�صدر املعلومة التي يتذرع بها‪ .‬و�أخرياً‬
‫عليها الت�أكد من �أن عقود ال�ضمان املربمة منها تغطي املخاطر على و�سائل التوا�صل‬
‫[‪[[30‬‬
‫االجتماعي‪.‬‬
‫كخال�صة‪ ،‬نختم ب�أن و�سائل التوا�صل االجتماعي ال حتدث ثورة يف القانون‪ ،‬بل هي‬
‫من �ضمن التطور امل�ستمر والبطيء للقانون‪ [[30[.‬وهي تعترب اقرتاح خطري با�ستعمال‬
‫التكنولوجيا‪ ،‬ولكن عدم ا�ستخدامها يجعلنا متخلفني عن مواكبة التطور‪ ،‬وال�سيما‬
‫لناحية الإمكانات التي توفرها جلهة التوا�صل مع الغري والت�سويق‪.‬‬

‫‪[300] Social media and online video privacy, Seminar lesson plan and class activities, A Consumer Action Publication,‬‬
‫‪www.consumer-action.org, p 9.‬‬
‫‪[301] Christopher Escobedo Hart, Social Media Law: Significant Developments, The business Lawyer, Vol 72, Winter‬‬
‫‪2016-2017, p 241.‬‬
‫�صفحة رقم ‪138‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫} ملحق {‬
‫توجيهات للم�ستخدم عند ا�ستعمال و�سائل التوا�صل‬
‫االجتماعي حلماية نف�سه‬
‫ونقرتح عدد من التو�صيات والتوجيهات للفرد عند ا�ستخدام و�سائل التوا�صل‬
‫[‪[[30‬‬
‫االجتماعي والإنرتنت‪ ،‬وذلك حلماية نف�سه‪ُ ( :‬يراجع)‬
‫حماية ح�سابه على و�سائل التوا�صل االجتماعي عرب اعتماد كلمات �رس للدخول �إىل‬
‫ح�سابه‪ ،‬تكون قوية وعدم م�شاركتها مع �أحد‪.‬‬
‫مراجعة �سيا�سة و�سيلة التوا�صل االجتماعي حول اخل�صو�صية قبل فتح ح�ساب �أو تنزيل‬
‫تطبيق‪.‬‬
‫�ضبط �إعدادات اخل�صو�صية حل�سابه وكذلك �إعدادات اخل�صو�صية جلهازه‪ ،‬ومتابعة �أي‬
‫تغيري يف �سيا�سة و�سيلة التوا�صل االجتماعي �أو يف �إعداداتها والتي قد تتطلب �إتخاذ‬
‫تدابري �إ�ضافية جلهة �إعدادات اخل�صو�صية‪.‬‬
‫عدم الإفراط يف م�شاركة الغري يف معلوماته‪ ،‬والتفكري ملي ًا حول كيفية ا�ستخدامها من قبل‬
‫الغري ومباذا توحي للغري عند ر�ؤيتها‪ ،‬وعدم م�شاركة معلومات ح�سا�سة بتات ًا (كالعنوان‬
‫وتاريخ امليالد وا�سم العائلة للأم ورقم ال�ضمان ال�صحي)‪ ،‬و�إتباع �سيا�سة �صاحب العمل‬
‫حول و�سائل التوا�صل االجتماعي وينبغي عليه احلذر دوم ًا جلهة ما ين�رشه على الإنرتنت‪.‬‬
‫فبمجرد ن�رش اخلرب على و�سيلة التوا�صل االجتماعي‪� ،‬سيبقى للأبد يف مكان ما على‬
‫الإنرتنت وميكن الو�صول �إليه من كل �شخ�ص مهتم بذلك‪ .‬وعلى امل�ستخدم مراجعة ما‬
‫هو من�شور ب�شكل دوري‪ ،‬فقد يتم العثور على قدح وذم �أو معلومات خاطئة من�شورة‬
‫عنه‪.‬‬
‫جتاهل االت�صاالت والطلبات والدعوات ال�صادرة عن غرباء‪ ،‬وعدم الإجابة على الربيد‬
‫غري امل�ستدرج ‪ Spam‬وحتى على كب�سة عدم تلقي الر�سائل للم�ستقبل ‪،Unsubscribe‬‬
‫‪[302] Steven Venezia, THE INTERACTION OF SOCIAL MEDIA AND THE LAW AND HOW TO SURVIVE THE‬‬
‫‪SOCIAL MEDIA REVOLUTION, New Hampshire Bar Journal, Winter 2012, p 30. - Social media and online video‬‬
‫‪privacy, Seminar lesson plan and class activities, A Consumer Action Publication, www.consumer-action.org, p 9.‬‬
‫�صفحة رقم ‪139‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫وب�شكل عام عدم الكب�س على �أي رباط ‪ link‬غري معروف‪ ،‬وعدم الإجابة على الألعاب‬
‫والأ�سئلة املتفرقة‪.‬‬
‫�صفحة رقم ‪140‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

‫} املراجع {‬

‫املراجع باللغة العربية‬


‫‪ -‬م�صطفى العوجي‪ ،‬القانون املدين‪ ،‬العقد‪ ،‬دار اخللود‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة الثانية‪.1999 ،‬‬
‫‪ -‬م�صطفى العوجي‪ ،‬القانون املدين‪ ،‬امل�س�ؤولية املدنية‪ ،‬م�ؤ�س�سة بح�سون‪ ،‬بريوت‪،‬‬
‫الطبعة الأوىل‪.1996 ،‬‬
‫‪ -‬م�صطفى العوجي‪ ،‬القانون اجلنائي العام‪ ،‬النظرية العامة للجرمية‪ ،‬م�ؤ�س�سة نوفل‪،‬‬
‫بريوت‪ ،‬الطبعة الثانية‪.1988 ،‬‬
‫‪ -‬م�صطفى العوجي‪ ،‬القانون اجلنائي العام‪ ،‬امل�س�ؤولية اجلنائية‪ ،‬م�ؤ�س�سة نوفل‪ ،‬بريوت‪،‬‬
‫الطبعة الثانية‪.1992 ،‬‬
‫‪ -‬حممود جنيب ح�سني‪� ،‬رشح قانون العقوبات‪ ،‬الق�سم العام‪ ،‬من�شورات احللبي احلقوقية‪،‬‬
‫بريوت‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬املجلد الأول‪.‬‬
‫‪� -‬سامي من�صور‪ ،‬عكا�شة عبد العال‪ ،‬القانون الدويل اخلا�ص‪ ،‬الدار اجلامعية‪ ،‬بريوت‪.‬‬
‫‪ -‬مروان كركبي‪� ،‬أ�صول املحاكمات املدنية والتحكيم‪ ،‬املن�شورات احلقوقية �صادر‪،‬‬
‫بريوت‪ ،‬املجلد الأول‪.‬‬
‫‪� -‬سمري عاليه‪� ،‬أ�صول قانون العقوبات‪ ،‬الق�سم العام‪ ،‬درا�سة مقارنة‪ ،‬امل�ؤ�س�سة اجلامعية‬
‫للدرا�سات والن�رش والتوزيع‪ ،‬بريوت‪ ،‬الطبعة الثانية‪.1996 ،‬‬
‫‪� -‬سارة علي رمال‪ ،‬احلق يف اخل�صو�صية يف الع�رص الرقمي‪ ،‬من�شورات احللبي احلقوقية‪،‬‬
‫بريوت‪.2017 ،‬‬
141 ‫�صفحة رقم‬
)4( ‫ تويرت) | درا�سات و�أبحاث‬،‫ في�سبوك‬،‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‬

‫املراجع باللغة الفرن�سية‬


- Céline Castets -Renard, Droit de l’Internet: Droit français et européen,
2ème edition, Montchrestien, Lextenso éditions, 2012.
- Avis du CESE sur « L’impact des réseaux de socialisation et leur
interaction dans le domaine du citoyen/consommateur » JO 18 mai 2010
n° C 128.
- Jonathan Bourguignon, Les réseaux sociaux, outils ou acteurs de
l’enquête pénale? Droit et réseaux sociaux, Laboratoire d’études
juridiques et politiques, Lextenso éditions, octobre 2015.
- CNIL, Rapport d’activité 2016 et des enjeux 2017, https://www.cnil.fr/
sites/default/files/atoms/files/cnil-37e_rapport_annuel_2016.pdf.
- Emmanuel Derieux, Agnès Granchet, Réseaux sociaux en ligne,
Aspects juridiques et déontologiques, Lamy, 2013.
- Vincent Fauchoux, Pierre Deprez, Jean-Michel Bruguière, Le droit de
l’Internet, Lois contrats et usages, LexisNexis, 2ème édition, 2013.
- Feral-Schuhl Christiane, cité par Laurence Neuer, Denigrement et insultes
sur Tweeter et Facebook: que dit le droit?, 7/1/2013, http://www.lepoint.
fr/chroniqueurs-du-point/laurence-neuer/denigrement-et-insultes-sur-
twitter-et-facebook-que-dit-le-droit-07-01-2013-1609294_56.php.
- Flora Fischer, CIGREF, Marie-Noelle Gibon, Jean-Luc Raffaelli,
Christophe Boutonnet, Economie des données personnelles, Les enjeux
d’un business éthique, octobre 2015, CIGREF, Réseau de grandes
entreprises, http://www.cigref.fr/wp/wp-content/uploads/2015/11/
CIGREF-Economie-donnees-perso-Enjeux-business-ethique-2015.pdf.
- Guillaume Florimond, Droit et Internet, De la logique internationaliste
à la logique réaliste, Bibliothèque des thèses, Editions Mare & martin,
2016.
- Ch. De Haas, L’Omnipotence du juge français de la propriété
intellectuelle face à l’Internet ou l’histoire d’une incompetence largement
ignorée, LPA, 13/11/2001.
- Huet A., Le droit pénal international et internet, LPA, 10 Novembre
1999, n 224.
- J. Huet, E. Dreyer, Droit de la communication numérique, LGDJ,
Paris, 2011.
- Marine de Montecler, Le droit à l’heure des réseaux sociaux, HEC
Paris – 2011, https://www.lepetitjuriste.fr/wp-content/uploads/2011/10/
142 ‫�صفحة رقم‬
)4( ‫ تويرت) | درا�سات و�أبحاث‬،‫ في�سبوك‬،‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‬

droit%20@%20l%20heure%20des%20r%c3%a9seaux%20sociaux%20
-%20Marine%20de%20Montecler.pdf.
- J.-PH. Hugot, La compétence universelle des juridictions françaises
en matière délictuelle: vers des enfers numériques, Légipresse 2001, n
185, II.
- Fabrice Mattatia, Internet et les réseaux sociaux, que dit la loi?
Eyrolles, 2ème édition, 2016.
- Garance Mathias, Données personnelles: votre conformité, Janvier 2017,
http://www.avocats-mathias.com/wp-content/uploads/2013/09/Mathias-
Avocats-Protection-des-donn%C3%A9es-%C3%A0-caract%C3%A8re-
personnel-Janvier-2017.pdf.
- Valérie Ndior, Le réseau social: essai d’identification et de qualification,
Droit et réseaux sociaux, Laboratoire d’études juridiques et politiques,
Lextenso éditions, octobre 2015.
- Emmanuel Netter, La liberté d’expression sur les réseaux sociaux en
droit français, Droit et réseaux sociaux, Laboratoire d’études juridiques
et politiques, Lextenso éditions, octobre 2015.
- L. Pailler, Les réseux sociaux sur internet et le droit au respect de la
vie privée, Larcier, Bruxelles, 2012.
- Fatou Ba Sene, La protection constitutionnelle de la vie privée et
familiale sur les réseaux sociaux en France, Droit et réseaux sociaux,
Laboratoire d’études juridiques et politiques, Lextenso éditions, octobre
2015.
- Pierre TRUDEL, La responsabilité des médias en ligne, Faculté de
droit, Université de Montréal, Avril 2010.
- Michel Vivant, La responsabilité des intermédiaires de l’Internet, JCP,
10 Novembre 1999, Doctrine, p. 2021-2025.
- Michel Vivant, Cybermonde: Droit et droits des réseaux, JCP, 1996 II,
n 43, p 407.
- Elodie Weil, L’exploitation et le protection des données à caractère
personnel des utilisateurs sur les réseaux sociaux, Droit et réseaux
sociaux, Laboratoire d’études juridiques et politiques, Lextenso éditions,
octobre 2015.
143 ‫�صفحة رقم‬
)4( ‫ تويرت) | درا�سات و�أبحاث‬،‫ في�سبوك‬،‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‬

‫املراجع باللغة الإنكليزية‬


- Fabeah Adu-Oppong, Casey K. Gardiner, Apu Kapadia, Patrick P.
Tsang, Social Circles: Tackling Privacy in Social Networks, Department
of Computer Science, Institute for Security Technology Studies,
Dartmouth College, Hanover, USA Hanover, https://www.cs.indiana.
edu/~kapadia/papers/socialcircles_poster.pdf.
- Rick Biagi, Dan Schaeffer, Jeremy Roe, Ten top legal issues in social
media, 2010,
http://www.nealmcdevitt.com/assets/news/Top_10_Social_Media_
Legal_Issues_FINAL.PDF.
- Peter Coe, The social media paradox: an intersection with freedom of
expression and the criminal law, http://www.tandfonline.com/doi/abs/10
.1080/13600834.2015.1004242?journalCode=cict20.
-Charlene Croft, A Brief History of the Facebook, 18 December 2007,
https://charlenegagnon.files.wordpress.com/2008/02/a-brief-history-of-
the-facebook.pdf.
- D. CUCEREANU, Aspects of Regulating Freedom of Expression on the
Internet, Antwerp –Oxford, Intersentia, 2008, 216.
- Richard Cumbley, Social media and the law: A handbook for UK
companies, January 2014, http://www.linklaters.com/pdfs/mkt/london/
TMT-Social-Media-Report.pdf.
- Lothar Determann, Social Media Privacy: A Dozen Myths and Facts,
2012 STANFORD TECHNOLOGY LAW REVIEW. 7, http://stlr.
stanford.edu/pdf/determann-socialmediaprivacy.pdf.
- Marly Didizian, Richard Cumbley, Social media and the law: A
handbook for UK companies, January 2014, http://www.linklaters.com/
pdfs/mkt/london/TMT-Social-Media-Report.pdf.
- Christopher Escobedo Hart, Social Media Law: Significant
Developments, The business Lawyer, Vol 72, Winter 2016-2017.
- Adrienne Felt, David Evans, Privacy Protection for Social Networking
APIs, University of Virginia Charlottesville, VA, http://www.cs.virginia.
edu/~evans/pubs/proxy/privacybyproxy.pdf.
- Nemone Franks, Social media and the law: A handbook for UK
companies, January 2014, http://www.linklaters.com/pdfs/mkt/london/
TMT-Social-Media-Report.pdf.
- Christian Fuchs, Daniel Trottier, Social Media Surveillance & Society,
144 ‫�صفحة رقم‬
)4( ‫ تويرت) | درا�سات و�أبحاث‬،‫ في�سبوك‬،‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‬

Centre for Science, Society & Citizenship, University of Westminster,


United Kingdom, 29 November 2013.
- Marc H. Greenberg, A Return to Lilliput: The LICRA v. Yahoo - Case
and the Regulation of Online Content in the World Market, Berkeley
Technology Law Journal, September 2003, Available at: http://
scholarship.law.berkeley.edu/btlj/vol18/iss4/6. http://scholarship.law.
berkeley.edu/cgi/viewcontent.cgi?article=1435&context=btlj.
- Vanessa Havard-Williams, Social media and the law: A handbook
for UK companies, January 2014, http://www.linklaters.com/pdfs/mkt/
london/TMT-Social-Media-Report.pdf.
- Stephen J. Hirschfeld, Kristin L. Oliveira, Can employers demand
to see employees’ and applicants’ Facebook pages, http://www.
employmentlawalliance.com/Templates/media/files/Power%20
Point%20Documents/July12-2012-Employer-Access-to-Facebook.pdf.
-Julie M Kerr, The History of Twitter, 18 February 2010, http://
ezinearticles.com/?The-History-of-Twitter&id=3789420.
- Rick Levy, Social Media and the Free Speech Right of Public Employees,
May 29-30, 2014, University of Kansas School of Law.
- LexisNexis® Risk Solutions, Survey of Law Enforcement Personnel and
Their Use of Social Media, 2014, www.lexisnexis.com/investigations.
- C. Lilley, R. Ball, H. Vernon, The experiences of 11-16 year olds on
social networking sites, NSPCC, 2014 available via
http://www.nspcc.org.uk/Inform/resourcesforprofessionals/
onlinesafety/11-16-social-networking-report_wdf101574.pdf . This
follows previous research by the Society on younger children’s use
of social media: C. Lilley and R. Ball, Younger children and social
networking sites: a blind spot, NSPCC, 2013 available via
http://www.nspcc.org.uk/Inform/resourcesforprofessionals/onlinesafety/
younger-childrenreport_wdf99929.pdf.
- Lian Liu, Jie Wang, Jinze Liu, Jun Zhang, Privacy Preserving in
Social Networks Against Sensitive Edge Disclosure, Laboratory for
High Performance Scientific Computing and Computer Simulation,
Department of Computer Science, University of Kentucky,
https://pdfs.semanticscholar.org/8fa9/3f0388e0806c498513696fdea49de
f2fabcc.pdf.
- Nicola Rabson, Social media and the law: A handbook for UK companies,
145 ‫�صفحة رقم‬
)4( ‫ تويرت) | درا�سات و�أبحاث‬،‫ في�سبوك‬،‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‬

January 2014, http://www.linklaters.com/pdfs/mkt/london/TMT-Social-


Media-Report.pdf.
- F. La Rue, Report of the Human Rights Council’s Special Rapporteur
on the promotion and protection of the right to freedom of opinion and
expression, A/HRC/17/27, 16th May 2011.
- Christopher F. Spinelli, Social Media: No ‘Friend’ of Personal Privacy,
The Elon Journal of Undergraduate Research in Communications, Vol
1, No 2, Fall 2010.
-J. STEMPEL, “Facebook 'like' deserves free speech protection: U.S.
court”, Reuters, 18 September 2013, http://reut.rs/1dipEFg (last
consulted: 09/12/2013).
-Richard Steppe, The freedom of speech on social networking services,
Do we need protection against our own expressions?. https://www.law.
kuleuven.be/jura/art/50n3/steppe.pdf.
- Twiplomacy Study 2014, Executive summary, http://twiplomacy.com/
blog/twiplomacy-study-2014-udate/.
-Steven Venezia, THE INTERACTION OF SOCIAL MEDIA AND THE
LAW AND HOW TO SURVIVE THE SOCIAL MEDIA REVOLUTION,
New Hampshire Bar Journal, Winter 2012.
- Cynthia Wong, James X. Dempsey, Mapping digital media, THE
MEDIA AND LIABILITY FOR CONTENT ON THE INTERNET, www.
mappingdigitalmedia.org, www.soros.org/initiatives/media, May 2011.
- The Global Covenant Network, The Shocking Truth of Facebook,
I-Newswire, 2 August 2008.
- Law Society of NSW Legal Technology Committee, Guidelines on
Social Media Policies, https://www.lawsociety.com.au/cs/groups/public/
documents/internetcontent/587803.pdf.
- Policing Large Scale Disorder: Lessons from the Disturbances of August
2011, Sixteenth Report of Session 2010-2012, HC 1456-I, 27-30, 30.
- Protecting Freedom of Expression in an Age of Social Media, Statements
on Government’s Social Media Sites, http://www.ciddd.ca/documents/
phasetwo/RNC_Statements_on_Government%27s_Social_Media_Sites.
pdf .
- Social media and online video privacy, Seminar lesson plan and class
activities, A Consumer Action Publication, www.consumer-action.org.
- About WhatsApp, https://www.whatsapp.com/about/.
146 ‫�صفحة رقم‬
)4( ‫ تويرت) | درا�سات و�أبحاث‬،‫ في�سبوك‬،‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‬

- Explainer: What is WhatsApp?, https://www.webwise.ie/parents/


explainer-whatsapp/.
- WhatsApp Messenger, https://en.wikipedia.org/wiki/WhatsApp.
-http://blog.nielsen.com/nielsenwire/global/social-media-accounts-for-
22-percent-of-time-online/.
- See www.cbsnews.com/stories/2010/11/15/national/main7055992.
shtml.
‫�صفحة رقم ‪147‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬
‫�صفحة رقم ‪148‬‬
‫النظام القانوين لو�سائل التوا�صل االجتماعي (وات�س �أب‪ ،‬في�سبوك‪ ،‬تويرت) | درا�سات و�أبحاث (‪)4‬‬

You might also like