Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 53

‫‪VOL 6 | DECEMBER 2017‬‬

‫‪ISSN : 1985-7454‬‬
‫‪E-ISSN : 2590-4396‬‬
‫‪www.mjsl.usim.edu.my‬‬

‫____________________________________________________‬

‫شرعيّة‪:‬‬
‫والسياسيّة ال ّ‬
‫شريعة اإلسالميّة ّ‬
‫مقاصد ال ّ‬
‫كل منهما يف اآلخر (‬
‫طور وبُعد ّ‬
‫) املفهوم والنّشأة والتّ ّ‬
‫‪The Objectives of Islamic Sharia and Islamic Political Thought:‬‬
‫‪The "Concept, Historical Development and Their Dimensional‬‬
‫"‪Interrelationships‬‬
‫‪iDoucoure‬‬ ‫‪Abdou Samad, iiMuneer Ali Abdul Rab Al- Qubaty‬‬
‫‪i‬‬
‫‪(Corresponding Author) Assoc. Prof. Dr. In Qada' and Siyasah Shar‘iyyah. at Al-‬‬
‫)‪Madinah International University. (MEDIU‬‬
‫‪Samad.douc@gmail.com‬‬
‫‪ii‬‬
‫‪Senior Lecturer, Faculty of Sharia and Law, at UNIVERSITI SAINS ISLAM‬‬
‫)‪MALAYSIA (USIM‬‬
‫‪muneerali@usim.edu.my‬‬

‫ملخص‬
‫لب الفقه وأصوله‪،‬‬
‫الشرعيّة ّ‬
‫السياسة ّ‬
‫أتيت هذه ال ّدراسة لبيان أ ّن علم ّ‬
‫الشريعة على مستوى التّفعيل‬
‫الرحب إلبراز حقيقة علم مقاصد ّ‬ ‫وامليدان ّ‬
‫األول على‬
‫والتّطبيق‪ ،‬ذلك أنّه إذا كان علم أصول الفقه‪ ،‬املساعد ّ‬
‫األول ملا عرف بعد بعلم مقاصد‬
‫استنباط أحكام النّوازل‪ ،‬واحلاضن ّ‬
‫الشرعيّة سابق عليهما على مستوى‬
‫السياسة ّ‬
‫الشريعة‪ ،‬فإ ّن ميدان علم ّ‬
‫ّ‬
‫تطبيق تلك املستنبطات يف أرض الواقع‪ ،‬وقد عقد الباحثان هذا البحث‬
‫السياسة‬
‫الشريعة يف قضااي ّ‬
‫لدراسة مشكلة سوء استخدام مقاصد ّ‬
‫الشرعيّة بدعوى املقاصد‪ ،‬وتقدمي‬
‫الشرعيّة‪ ،‬ممّا نتج عنه إمهال النّصوص ّ‬
‫ّ‬

‫‪233‬‬
‫‪MJSL | DECEMBER 2017 | VOL 6‬‬
‫‪ISSN : 1985-7454 | E-ISSN : 2590-4396‬‬
‫‪www.mjsl.usim.edu.my‬‬

‫ص‪ .‬واستهدف البحث بيان مفهوم ونشأة وتطور علم‬ ‫املصلحة على النّ ّ‬
‫الساسة واحل ّكام ومن يف حكمهم‪،‬‬ ‫الشرعيّة للقضاة و ّ‬
‫السياسة ّ‬‫املقاصد و ّ‬
‫الشريعة اإلسالميّة‪ ،‬مع عرض دراسة حتليليّة‬
‫وعالقة ذلك بعلم مقاصد ّ‬
‫الشرعيّة‪ ،‬مستخدمني يف ذلك‬ ‫السياسة ّ‬
‫تطبيقيّة على عيّنات من قضااي ّ‬
‫املنهج الوصفي والتّحليلي؛ لوصف هذين العِلمني‪ ،‬واملقارنة بينهما‪،‬‬
‫وحتليل النّصوص املتعلّقة هبما‪ ،‬ثّ استنباط العالقة املناسبة بينهما‪.‬‬
‫وتوصل الباحثان من هذه ال ّدراسة إىل نتائج كثرية‪ ،‬أمهّها ما أييت‪ :‬أ ّن‬
‫ّ‬
‫السياسة ال ميكن اعتبارها شرعيّة إذا خلت من مراعاة مقاصد‬
‫قضااي ّ‬
‫الشرعيّة هو لب الفقه اإلسالمي من حيث‬‫السياسة ّ‬
‫الشارع فيها‪ .‬وعلم ّ‬
‫ّ‬
‫اخلاصة على‬
‫العامة و ّ‬
‫الشرعيّة ّ‬
‫العامة‪ ،‬وتنزيل املقاصد ّ‬
‫تطبيق قواعد الفقه ّ‬
‫املتأخرة اليت قضاايها حباجة إىل نظر‬
‫أرض الواقع‪ .‬وال سيّما يف العصور ّ‬
‫الشرعيّة‬
‫السياسة ّ‬
‫الشريعة‪ .‬وأ ّن دور ّ‬
‫دقيق‪ ،‬وفكر سليم ومعرفة مبقاصد ّ‬
‫للرعيّة ودرء‬
‫الساسة جللب املصاحل ّ‬
‫ينجلي بشكل كبري عندما يسعى ّ‬
‫حت‬
‫الشارع ّ‬‫املفاسد عنهم‪ ،‬وذلك حيتاج إىل من له فطنة وإدراك مبقاصد ّ‬
‫ابلشرع ماليس منه ‪.‬‬
‫ال يلحق ّ‬

‫الكلمات املفتاحيّة‪:‬‬
‫السياسة‪ .‬النّشأة‪ .‬املستج ّدات‪ .‬البعد‪.‬‬
‫املقاصد‪ّ .‬‬
‫‪ABSTRACT‬‬

‫‪This study is intended to demonstrate that the science of Islamic‬‬


‫‪politics is the basis of the principles of Islamic jurisprudence. It‬‬

‫‪234‬‬
MJSL | DECEMBER 2017 | VOL 6
ISSN : 1985-7454 | E-ISSN : 2590-4396
www.mjsl.usim.edu.my

is also a vast field to highlight the reality of Maqasid on the level


of activation and application. For if the fundamentals of fiqh, is
the primary source to derive the rulings of calamities and the
first custodian of what is known later by the knowledge of
Maqasid, The study of Shari'ah policy was preceded by the level
of application derived in reality. This research is conducted to
study the problem of misusing the Maqasid in Shariah policy
issues, which resulted in neglecting shar'i texts. The study aimed
to explain the concept, origin and development of Maqasid and
Islamic policies for judges, politicians, rulers and the like, and
the relationship with the knowledge of Maqasid, with the
presentation of an analytical study applied to samples of Islamic
policy issues, using descriptive and analytical approach; And
analyze the texts related to them, and then develop the
appropriate relationship between them. The study achieved many
results, the most important of which are: that political issues
cannot be considered legitimate if they fail to observe the
Maqasid in them. The science of Islamic politics is the core of
Islamic jurisprudence in terms of the application of the rules of
jurisprudence. Especially in later eras whose issues need careful
consideration, sound thought and knowledge of the purposes of
the law. And that the role of the policy of legitimacy is greatly
improved when politicians seek to bring interests to the parish
and to prevent the evils of more studies and awareness of
Maqasid.

Keywords: Maqasid. Politics. Creation. Innovation. The


dimension

َّ
‫املقدمة‬
‫ وعلى آله‬،‫السالم على أشرف املرسلني‬ ّ ‫الصالة و‬
ّ ‫ و‬،‫رب العاملني‬
ّ ‫احلمد هلل‬
‫ ّأما بعد؛‬.‫ ومن تبعهم إبحسان إىل يوم ال ّدين‬،‫وأصحابه أمجعني‬

235
‫‪MJSL | DECEMBER 2017 | VOL 6‬‬
‫‪ISSN : 1985-7454 | E-ISSN : 2590-4396‬‬
‫‪www.mjsl.usim.edu.my‬‬

‫الرساالت ّإال أل ّن هللا أودعها من‬


‫الشريعة اإلسالميّة مل تكن خامتة ّ‬
‫فإ ّن ّ‬
‫معيارا‬
‫كل زمان ومكان ً‬ ‫العلوم واملعارف ما يكون االعتناء مبعرفتها يف ّ‬
‫قول على هللا مبا ال يدخل‬ ‫الساسة والقضاة عن التّ ّ‬
‫وآلة تبعد احل ّكام و ّ‬
‫الشاملة ملصاحل العباد يف املعاش واملعاد‪ ،‬على‬‫العامة ّ‬
‫حتت مقاصده ّ‬
‫اختالف األمصار واألعصار‪ .‬يف مق ّدمة تلك العلوم ما عرف بعد عند‬
‫الشريعة"‪ ،‬الّذي ركيزته‬
‫املنظّرين من علماء الفقه وأصوله بـ ـ ــ"علم مقاصد ّ‬
‫لكل زمان ومكان‪ .‬ولقد أدرك‬
‫األساسيّة هو بيان سعة اإلسالم ومشوليّته ّ‬
‫فوجهوا إليه‬
‫علماؤان األفاضل منذ عهد بعيد ضرورة االعتناء هبذا العلم‪ّ ،‬‬
‫كل اهتمامهم دراسة وأتلي ًفا‪ .‬وعلم الفقه اإلسالمي مبفهومه الواسع‬ ‫ّ‬
‫الغراء‪ ،‬قد وجد من هذا االعتناء‬‫للشريعة اإلسالميّة ّ‬
‫الّذي يعترب لبًّا ّ‬
‫الشرعيّة الّذي‬
‫السياسة ّ‬
‫يسا‪ ،‬وإن كان ابب ّ‬ ‫موفورا‪ ،‬أتلي ًفا وتدر ً‬
‫نصيبًا ً‬
‫يعترب أحد أركان الفقه اإلسالمي‪ ،‬حباجة إىل مزيد من االعتناء مقارنة‬
‫الشريعة‪ ،‬واحتواؤها على كافّة‬
‫ابألبواب األخرى‪ ،‬حيث تتجلّى فيه مرونة ّ‬
‫احتياجات اجملتمع اإلسالمي‪ ،‬فهو ال يزال حباجة إىل زايدة اعتناء‪،‬‬
‫الشرح والبيان‪ ،‬على مستوييه‪ :‬التّأصيلي والتّطبيقي‪ ،‬اللّذين‬
‫وفيض من ّ‬
‫السليمة‬
‫يتوصل هبما والة أمور املسلمني إىل معرفة الطّرائق ّ‬
‫يع ّدان أداة ّ‬
‫الصحيحة عند تنزيلها على الوقائع‪.‬‬ ‫الستنباط األحكام‪ ،‬ومعرفة املناهج ّ‬
‫أهم ما يكون حباجة إليه عند ذلك‪ :‬االعتناء جبانب العالقة‬ ‫لعل من ّ‬‫و ّ‬
‫الشرعيّة‪ ،‬أو النّظام‬
‫السياسة ّ‬‫الشريعة و ّ‬
‫كل من مقاصد ّ‬ ‫الوطيدة بني ٍ‬
‫السياسي اإلسالمي‪ ،‬ممّا يكون مسامهًا يف دحض ما لوحظ يف هذا‬
‫ّ‬

‫‪236‬‬
‫‪MJSL | DECEMBER 2017 | VOL 6‬‬
‫‪ISSN : 1985-7454 | E-ISSN : 2590-4396‬‬
‫‪www.mjsl.usim.edu.my‬‬

‫العصر‪ ،‬لدى بعض أبناء جلدتنا‪ ،‬من ذوي األقالم املستأجرة‪،‬‬


‫الشريعة اإلسالميّة بعيدة عن‬
‫والعلمانيّني‪ ،‬الّذين حياولون غرس فكرة‪ :‬أ ّن ّ‬
‫السياسة‪ ،‬وبناء على ذلك ‪-‬كما يزعمون‪ -‬ينبغي أن تكون قضااي ال ّدين‬ ‫ّ‬
‫السياسة جبوانبها كافّة‪ .‬وما ترتّب عن ذلك من دعوى فصل‬ ‫بعيدة عن ّ‬
‫السياسة‪ ،‬حيث كان ذلك سببًا يف جعل كثري من النّاس‬
‫ال ّدين عن ّ‬
‫جهال منهم ابلكنوز املوجودة يف‬
‫السياسات الوضعيّة؛ ً‬
‫يلجأون إىل ّ‬
‫الشريعة اإلسالميّة‪.‬‬
‫ّ‬

‫وقد رأى الباحثان أن يسامها يف اجملال الّذي يساعد على األخذ بيد‬
‫وتناغما مع الواقع اإلسالمي‬
‫ً‬ ‫جتانسا‬
‫ً‬ ‫األمة إىل مناهج علميّة أكثر‬
‫ّ‬
‫الشرعيّة على قضااي‬
‫وخاصة فيما يتعلق بتنزيل املقاصد ّ‬
‫ّ‬ ‫املعاصر‪،‬‬
‫شريعة اإلسالميّة‬ ‫السياسة‪ ،‬فعنوان لذلك اإلسهام بـ ــ‪ :‬مقاصد ال ّ‬ ‫ّ‬
‫كل منهما يف‬‫طور وبُعد ّ‬‫شرعيّة‪ ( :‬املفهوم والنّشأة والتّ ّ‬
‫سياسيّة ال ّ‬
‫وال ّ‬
‫الشرعيّة من‬
‫السياسة ّ‬ ‫اآلخر)‪ .‬والّذي يهدف لبيان مقاصد ّ‬
‫الشريعة و ّ‬
‫كل منهما ابآلخر‪،‬‬‫حيث مفهومهما ونشأهتما والتّآليف فيهما‪ ،‬وعالقة ّ‬
‫الشرعيّة‪ ،‬وبيان‬
‫السياسة ّ‬‫الشارع املنظّمة جملاالت ّ‬
‫وذلك بتوضيح مقاصد ّ‬
‫العامة‬
‫الشؤون ّ‬ ‫يتم تدبري وتنظيم ّ‬ ‫حت ّ‬ ‫ضرورة االهتمام هبذا اجلانب ّ‬
‫لألمة اإلسالميّة مهما اختلفت أمصارهم وأعصارهم‪ .‬والباحثان‬
‫اخلاصة ّ‬
‫و ّ‬
‫إذا ما تص ّداي لكتابة هذا املوضوع‪ ،‬فأملهما أن يسهما يف تبيني معامل‬
‫وآخرا‪.‬‬
‫كل رجائهما يف هللا ّأوًال ً‬
‫ال ّدرب‪ ،‬و ّ‬

‫‪237‬‬
‫‪MJSL | DECEMBER 2017 | VOL 6‬‬
‫‪ISSN : 1985-7454 | E-ISSN : 2590-4396‬‬
‫‪www.mjsl.usim.edu.my‬‬

‫قسم الباحثان هذه ال ّدراسة إىل ثالثة مباحث‪:‬‬


‫وقد ّ‬

‫مفهوما ونشأة وأبرز الكتب‬


‫ً‬ ‫شريعة‬
‫املبحث األول‪ :‬علم مقاصد ال ّ‬
‫املؤلّفة فيه‬
‫مستهل هذه النّبذة التّعريفيّة‪ ،‬جتدر ابلباحثني اإلشارة إىل أ ّن إمهال‬
‫ّ‬ ‫يف‬
‫الشارع احلكيم يف أوامره ونواهيه‪ ،‬موقِع يف عواقب‬ ‫األمة ملعرفة مقاصد ّ‬
‫ّ‬
‫وخيمة‪ ،‬ومفاسد وأضرا ٍر ال تساعد ّإال يف ختريب معامل درب التّشريع‬ ‫ٍ‬
‫الشرعيّة وعلم‬
‫السياسة ّ‬
‫كال من علم ّ‬ ‫الرّابين‪ ،‬كما جتدر اإلشارة إىل أ ّن ًّ‬
‫ّ‬
‫سرمداين للفقيه املسلم؛ لتك ّفلهما إبجياد‬
‫ّ‬ ‫الشريعة‪ ،‬مرجعان‬
‫مقاصد ّ‬
‫لكل ما يستج ّد من مسائل ليس هلا دليل جزئي‪ ،‬يتناوله‬ ‫حلول شرعيّة ّ‬
‫أبي طريقة أخرى من طرائق االستالل‪ ،‬ومها بذلك خيربان‬ ‫مباشرة أو ّ‬
‫الشرعيّة‬
‫السياسة ّ‬‫الشريعة و ّ‬
‫صراحة بسرمديّة ال ّدين اإلسالمي‪ ،‬فمقاصد ّ‬
‫جنب بعض كالعلّة مع احلكم يف دوراهنما معاً‪ ،‬وجوداً وعدماً‪ ،‬يعين أنّه‬
‫السياسة إذا مل تراع يف مسائلها وقضاايها مقاصد‬ ‫ال وجود لشرعيّة ّ‬
‫الشارع احلكيم‪.‬‬
‫ّ‬

‫األول والثّاين للتّعريف ٍ‬


‫بكل من‬ ‫والباحثان يف هذه ال ّدراسة عقدا املبحث ّ‬
‫الشريعة قبل حتديد مكامن أمهّيّة بعضهما‬ ‫الشرعيّة ومقاصد ّ‬
‫السياسة ّ‬
‫ّ‬
‫جنب بعض‪ ،‬لعلّهما بذلك يسامهان يف تبيني معامل درب ما يرنوان إليه‪،‬‬
‫ويصالن إىل حتقيق هدفهما فيه‪.‬‬

‫‪238‬‬
‫‪MJSL | DECEMBER 2017 | VOL 6‬‬
‫‪ISSN : 1985-7454 | E-ISSN : 2590-4396‬‬
‫‪www.mjsl.usim.edu.my‬‬

‫واصطالحا‬
‫ً‬ ‫شريعة لغةً‬
‫األول‪ :‬مفهوم علم مقاصد ال ّ‬
‫املطلب ّ‬
‫ينقسم هذا املطلب إىل فرعني‪:‬‬
‫األول‪ّ :‬أوًال‪ :‬مفهوم كلمة "مقاصد" يف اللّغة‪ :‬املقاصد مجع‬
‫الفرع ّ‬
‫الصاد مصدر ميمي‪ ،‬وبكسرها ظرف ميمي‪،‬‬ ‫مقصد‪ ،‬ومقصد بفتح ّ‬
‫كسرا‬
‫الشريعة‪ .‬ومقصد‪ً ،‬‬ ‫ولكال الوجهني زايدة معىن يف بيان مرونة وسعة ّ‬
‫يقصد قصداً‪ ،‬فالقصد له أكثر من معىن‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫وفتحا من قصد ِ‬
‫ً‬
‫وسط بني األشياء دون‬
‫االجتاه‪ ،‬والتّ ّ‬
‫االعتماد‪ ،‬واألم‪ ،‬والطّريق املستقيم‪ ،‬و ّ‬
‫إفراط وتفريط‪)Ibn manzurun, 2005( .‬‬

‫الشريعة‪ :‬فعيلة‪ ،‬من شرع يشرع‬ ‫اثنيًا‪ :‬مفهوم كلمة ّ‬


‫"الشريعة" يف اللّغة‪ّ ،‬‬
‫شر ًعا‬
‫عت ال ّدواب يف املاء تشرع ْ‬
‫روعا‪ :‬تناول املاء بفيه‪ ،‬وشر ْ‬
‫شر ًعا وش ً‬
‫ْ‬
‫الشريعة و ِ‬
‫الشراع واملشرعة‪ :‬املواضع الّيت ينحدر‬ ‫وشروعا‪ :‬أي دخلت‪ .‬و ّ‬
‫ً‬
‫اواي عن اللّيث قوله‪" :‬وهبا مسّي ما شرع‬
‫إىل املاء منها‪ .‬قال ابن منظور ر ً‬
‫الشرعة‬
‫احلج والنّكاح وغريه"‪ .‬و ّ‬
‫الصالة و ّ‬
‫الصوم و ّ‬
‫هللا للعباد شريعة‪ ،‬من ّ‬
‫الشاربة الّيت يشرعها‬
‫الشريعة يف كالم العرب‪ :‬مشرعة املاء‪ ،‬وهي مورد ّ‬
‫و ّ‬
‫الشريعة‬
‫النّاس فيشربون منها (‪ )Ibn manzurun, 2005‬ومن معاين ّ‬
‫سن‪ ،‬واببه قطع – يقصد أن يكون مضارعه مفتوح العني‪ :‬يس ّن‬‫أيضا‪َّ :‬‬‫ّ‬
‫‪ -‬و الشَّا ِرع‪ :‬الطّريق األعظم‪ .‬وشرع يف األمر‪ :‬أي خاض‪ ،‬واببه خضع‪.‬‬
‫(‪) Alrrazi 1995‬‬

‫‪239‬‬
‫‪MJSL | DECEMBER 2017 | VOL 6‬‬
‫‪ISSN : 1985-7454 | E-ISSN : 2590-4396‬‬
‫‪www.mjsl.usim.edu.my‬‬

‫الفرع الثّاين‪ :‬مفهوم علم مقاصد ّ‬


‫الشريعة‪:‬‬
‫ممّا أثبته الباحثون أ ّن املنظّرين املقاصديّني األوائل‪ ،‬الغائصني يف نصوص‬
‫الشريعة اإلسالميّة إلدراك أسرارها‪ ،‬واستخراج كنوزها ومساهتا الّيت تصبغ‬
‫ّ‬
‫السرمديّة وال ّدميومة‪ ،‬وكذلك وسطيّتها‪،‬‬
‫التّشريع اإلسالمي بصبغة العامليّة و ّ‬
‫الشريعة َّ‬
‫حمط نظرهم‪ ،‬وال‬ ‫الشريعة كعلم من علوم ّ‬ ‫مل يكن تعريف مقاصد ّ‬
‫الشريعة كعلم ح ّداً‪ ،‬وذكروا‬
‫حمل اهتمامهم‪ ،‬أي أ ّهنم مل يضعوا ملقاصد ّ‬
‫َّ‬
‫لعل أمهّها‪ :‬اختالف منهجهم يف التّأليف يف علم مقاصد‬‫أسبااب‪ّ .‬‬
‫لذلك ً‬
‫الشريعة‪ ،‬حيث كان اهتمام بعضهم مبقاصد األحكام‪ ،‬ويربز ذلك جبالء‬ ‫ّ‬
‫السالم‪ .‬واهتم آخرون ببيان مقاصد‬ ‫عند سلطان العلماء ِّ‬
‫العز بن عبد ّ‬
‫حمل اهتمام اإلمام أيب إسحاق‬ ‫الشارع‪ ،‬اللّذين كاان ّ‬‫املكلّفني‪ ،‬ومقاصد ّ‬
‫الشاطيب‪ .‬والّذي جتدر اإلشارة إليه يف هذا اجملال‪ :‬أ ّن هذه اجلوانب كلّها‬
‫ّ‬
‫يف غاية األمهّيّة عند إرادة الوصول إىل دراسة جامعة عن علم مقاصد‬
‫قوايً ال تلبث ال ّدراسات‬
‫كل واحد منها يع ّد ركناً وجناابً ّ‬
‫الشريعة؛ أل ّن َّ‬
‫ّ‬
‫املقاصديّة أن تنهار إذا خلت منه‪.‬‬

‫عربوا عن املقاصد‬‫أيضا‪ :‬أ ّهنم ‪ -‬أي القدامى ‪ّ -‬‬


‫وكما أ ّن من األسباب ً‬
‫املتأخرين‪ ،‬هذا من‬
‫بعبارات أخرى ليست فقط العبارة املشهورة لدى ّ‬
‫انحية‪ ،‬ومن انحية أخرى‪ :‬أنّه راجع إىل املنهج الّذي اتبعه املؤلّف يف‬
‫الشاطيب‪ ،‬الّذي مل يتقيّد ابحلدود يف‬ ‫كتابه‪ ،‬كما هو احلال عند اإلمام ّ‬
‫املباحث األصوليّة‪ ،)Jghim 2002( .‬أو أ ّهنا مل تكن يف غاية األمهّيّة أن‬

‫‪240‬‬
‫‪MJSL | DECEMBER 2017 | VOL 6‬‬
‫‪ISSN : 1985-7454 | E-ISSN : 2590-4396‬‬
‫‪www.mjsl.usim.edu.my‬‬

‫خاصة ابلعلماء اجلهابذة‪.‬‬


‫ّ‬ ‫خاصا؛ لكوهنا عندهم‬
‫ًّ‬ ‫يضعوا هلا تعري ًفا‬
‫(‪)Alriysuni 1995‬‬

‫الشاطيب يف املق ّدمة التّاسعة من كتابه املشهور‬


‫وقد نبّه على ذلك اإلمام ّ‬
‫املخصص للمقاصد‪ ،‬حيث قال‪... " :‬ومن‬ ‫ّ‬ ‫الشريعة‪ ،‬ويف اجلزء‬
‫يف أصول ّ‬
‫هنا ال يسمح للنّاظر يف هذا الكتاب أن ينظر فيه نظر مفيد أو مستفيد؛‬
‫الشريعة‪ ،‬أصوهلا وفروعها‪ ،‬منقوهلا ومعقوهلا‪،‬‬
‫حت يكون رّاين من علم ّ‬ ‫ّ‬
‫عصب للمذهب‪ ،‬فإنّه إن كان هكذا؛ خيف‬ ‫غري خملّد إىل التّقليد والتّ ّ‬
‫عليه أن ينقلب عليه ما أودع فيه فتنة ابلعرض‪ ،‬وإن كان حكمة‬
‫للصواب"‪.)Alshshatibi 1997( .‬‬
‫ابل ّذات‪ ،‬وهللا املوفّق ّ‬

‫الركن واجلانب‬
‫العالمة ابن عاشور الّذي يع ّد ّ‬
‫نعرج إىل كتاب ّ‬‫ثّ عندما ّ‬
‫تصوًرا‬
‫املتأخرين يف ال ّدراسات املقاصديّة‪ ،‬جند أنّه قد أعطى ّ‬
‫األقوى من ّ‬
‫فبني أ ّهنا حتتاج إىل ثنائيّة عند حتديد قضاايها‪،‬‬
‫دقي ًقا ملقاصد التّشريع‪ّ ،‬‬
‫عرف‬ ‫وخاصة‪ ،‬ثّ ّ‬
‫ّ‬ ‫عامة‬
‫الشارع بعد استقراء لقضاايها‪ّ :‬‬
‫فأخرب أ ّن مقاصد ّ‬
‫كال منهما بتعريف خاص‪.‬‬ ‫ًّ‬

‫للشارع يف‬
‫عرفها بقوله‪" :‬هي املعاين واحلكم امللحوظة ّ‬
‫العامة فقد ّ‬
‫ّأما ّ‬
‫مجيع أحوال التّشريع أو معظمها"‪).Ibn Eashwr 2004( .‬‬

‫‪241‬‬
‫‪MJSL | DECEMBER 2017 | VOL 6‬‬
‫‪ISSN : 1985-7454 | E-ISSN : 2590-4396‬‬
‫‪www.mjsl.usim.edu.my‬‬

‫للشارع لتحقيق‬
‫اخلاصة فعين هبا بقوله‪ " :‬هي الكيفيّات املقصودة ّ‬
‫ّ‬ ‫وأما‬
‫اخلاصة‪،‬‬
‫تصرفاهتم ّ‬ ‫العامة يف ّ‬
‫مقاصد النّاس النّافعة‪ ،‬أو حلفظ مصاحلهم ّ‬
‫أسس هلم من‬ ‫ِ‬
‫اخلاصة إببطال ما ّ‬
‫ّ‬ ‫كي ال يعود سعيهم يف مصاحلهم‬
‫الل هوى ِ‬
‫وابطل‬ ‫إبطاال عن غفلة أو عن استز ِ‬
‫العامة‪ً ،‬‬
‫حتصيل مصاحلهم ّ‬
‫(‪).Ibn Eashwr. 2004‬‬ ‫شهوة‪"..‬‬

‫ثّ من جمموع هذه املسالك استفاد الباحثون الّذين تص ّدوا للتّعريف‬


‫الشريعة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ملقاصد‬ ‫املانع‬ ‫اجلامع‬
‫(‪http://fiqh.islammessage.com/NewsDetails.aspx?id=3424‬‬
‫خاصة‪،‬‬
‫الشريعة آتليف ّ‬‫بتاريخ ‪ ).3402/40/40‬من الّذين أفردوا ملقاصد ّ‬
‫الشيخ يوسف‬‫الريسوين‪ ،‬و ّ‬
‫الشيخ أمحد ّ‬‫عالل الفاسي‪ ،‬و ّ‬ ‫كالشيخ ّ‬
‫ّ‬
‫وجل تعريفاهتم تلخيص ملا‬
‫الزحيلي‪ ،‬وغريهم‪ّ ،‬‬ ‫الشيخ وهبة ّ‬
‫القرضاوي‪ ،‬و ّ‬
‫أورده الطّاهر ابن عاشور يف كتابه‪ .‬وطلبًا لالختصار يورد الباحثان ح ّدين‬
‫الشيخ‬
‫الشريعة‪ّ :‬أوهلما‪ :‬تعريف ّ‬‫يرايهنما صاحلني كتعريف لعلم مقاصد ّ‬
‫الشريعة‪ :‬الغاية منها واألسرار الّيت وضعها‬
‫عالل الفاسي‪" :‬املراد مبقاصد ّ‬‫ّ‬
‫أحكامها" (‪)Alfasi,1993‬‬ ‫كل حكم من‬
‫الشارع عند ّ‬
‫ّ‬

‫الشريعة هي الغاايت‬
‫الريسوين‪ " :‬مقاصد ّ‬ ‫آخرمها‪ :‬تعريف ّ‬
‫الشيخ أمحد ّ‬ ‫َ‬
‫الشريعة ألجل حتقيقها‪ ،‬ملصلحة العباد" ( ‪Alriysuni‬‬
‫الّيت وضعت ّ‬
‫‪)1995‬‬

‫‪242‬‬
‫‪MJSL | DECEMBER 2017 | VOL 6‬‬
‫‪ISSN : 1985-7454 | E-ISSN : 2590-4396‬‬
‫‪www.mjsl.usim.edu.my‬‬

‫فهذان التّعريفان يتّصفان ابإلجياز واجلامعيّة املانعة‪ ،‬إضافة إىل‬


‫وضوحهما‪ ،‬حيث إنّه إبدراك تلك الغاايت وتلك األسرار يتح ّقق جلب‬
‫املضرة عنهم‪ ،‬مهما اختلفت أماكنهم وأزماهنم‬
‫املصلحة للعباد‪ ،‬ودفع ّ‬
‫وأحواهلم‪.‬‬

‫الركيزتني‪ ،‬ركيزة جلب املصاحل‪ ،‬وركيزة‬


‫فالشارع احلكيم قصد حتقيق هاتني ّ‬
‫ّ‬
‫الشريعة‪،‬‬
‫الركيزتني‪ ،‬يعرف املراد من مقاصد ّ‬
‫الضرر‪ ،‬فبموجب تينك ّ‬
‫دفع ّ‬
‫وما قام به العلماء من تعريف هلذا العلم‪ ،‬يف ح ّد ذاته‪ ،‬خيرب عن ضرورة‬
‫وخاصة يف هذا العصر الّذي تكثر فيه املستج ّدات والنّوازل‪.‬‬
‫ّ‬ ‫االعتناء به‪،‬‬

‫شريعة‬
‫املطلب الثّاين‪ :‬نشأة علم مقاصد ال ّ‬
‫الشريعة شأنه شأن مجيع العلوم املوضوعة خلدمة القرآن‬
‫علم مقاصد ّ‬
‫الكرمي‪ ،‬إال أنّه من حيث استقراء العلل والغاايت من أحكام القرآن‬
‫يسهم بشكل أوسع يف جتديد الفقه اإلسالمي‪ ،‬ويدعو إىل ضرورة‬
‫كل حياة بشريّة أتت بعد العهد‬ ‫مراجعة أسسها وقواعدها‪ ،‬ملواكبة ّ‬
‫الصحابة الكرام ‪-‬رضوان هللا عليهم‪،-‬‬ ‫النّبوي‪ ،‬كما كانت احلال عند ّ‬
‫والّذين اتّبعوهم إبحسان‪ ،‬وهكذا احلال يف الّذين بعدهم إىل يومنا هذا‪.‬‬
‫األايم يدرك أنّه كلما تق ّدمت األفكار‬
‫بل والّذي ميعن النّظر يف تقلّبات ّ‬
‫الشارع الستخراج‬ ‫احتياجا إىل معرفة مقاصد ّ‬
‫ً‬ ‫طوارت‪ ،‬ازداد النّاس‬
‫حنو التّ ّ‬
‫املتأخرة‪ ،‬لذا كان هذا العلم الركيزة‬
‫خباايها الّيت تفي مبستج ّدات العصور ّ‬

‫‪243‬‬
‫‪MJSL | DECEMBER 2017 | VOL 6‬‬
‫‪ISSN : 1985-7454 | E-ISSN : 2590-4396‬‬
‫‪www.mjsl.usim.edu.my‬‬

‫ينفك عن‬
‫األول خلدمة احلياة البشريّة‪ ،‬مع العلم أنّه ال ّ‬
‫األوىل واألساس ّ‬
‫لكل واحد من هذه‬
‫الفقه اإلسالمي العام وأصوله‪ ،‬بل اجلدير ابل ّذكر أ ّن ّ‬
‫اخلاص به‪،‬‬
‫ّ‬ ‫الشريعة جماله‬
‫العلوم الثّالثة‪ :‬الفقه‪ ،‬وأصول الفقه‪ ،‬ومقاصد ّ‬
‫كل من الفقه واألصول‪،‬‬
‫لعل ابإلعراب عن مقصود ّ‬ ‫ونقطة وصل بينها‪ ،‬و ّ‬
‫الشريعة املشار إليه قبل قليل يدرك ذلك‪.‬‬
‫جبانب تعريف مقاصد ّ‬

‫فعلم الفقه كما جاء يف كتاب أنيس الفقهاء‪ :‬هو العلم ابألحكام‬
‫الشرعيّة العمليّة املكتسبة من أدلّتها التّفصيليّة‪ .‬وبوجه آخر‪ :‬الفقه علم‬
‫ّ‬
‫اخلفي‬
‫ّ‬ ‫مستنبط يعرف منه أحكام ال ّدين‪ ،‬أو هو الوقوف على املعىن‬
‫الّذي حيتاج يف حكمه إىل النّظر واالستدالل‪.)Alqwnwi 2004( .‬‬
‫وكتب الفقه مبختلف املذاهب الفقهيّة مستفيضة ببيان معىن "علم‬
‫الشرعيّة‬
‫الفقه"‪ ،‬واخلط العريض بينها مج ًيعا أ ّن الفقه‪ :‬علم ابألحكام ّ‬
‫العمليّة املكتسبة من أدلّتها التّفصيليّة‪.‬‬

‫الرازي يف احملصول بقوله‪ " :‬عبارة عن‬‫عرفه ّ‬‫ّأما علم أصول الفقه‪ :‬فقد ّ‬
‫جمموع طرق الفقه على سبيل اإلمجال‪ ،‬وكيفية االستدالل هبا‪ ،‬وكيفية‬
‫املستدل هبا" (‪ .)Alrrazi,.1999‬وعّرف بتعاريف أخرى‪ ،‬منها‪:‬‬‫ّ‬ ‫حال‬
‫يتوصل هبا إىل استنباط األحكام الشرعيّة الفرعيّة من‬
‫"العلم ابلقواعد الّيت ّ‬
‫(‪)Al'asfahaniu, 1986‬‬ ‫أدلّتها التّفصيليّة"‪.‬‬

‫‪244‬‬
‫‪MJSL | DECEMBER 2017 | VOL 6‬‬
‫‪ISSN : 1985-7454 | E-ISSN : 2590-4396‬‬
‫‪www.mjsl.usim.edu.my‬‬

‫وقد سبق تعريف علم املقاصد‪ ،‬واخلطوط العريضة بني هذه العلوم الثّالثة‬
‫الشرعيّة يدور‬
‫السياسة ّ‬‫الشرعيّة‪ :‬أ ّن املتكلّم يف ّ‬
‫السياسة ّ‬ ‫جبانب علم ّ‬
‫كالمه يف بيان عالقة اإلنسان مبجتمعه؛ أل ّن جماالهتا ‪-‬كما هي واضحة‬
‫عامة أفراد جمتمعه‪،‬‬‫يف قضاايها‪ -‬كلّيّة مجاعيّة؛ مشرتكة بني الفرد وبني ّ‬
‫الصيام‬
‫كالصالة والّزكاة و ّ‬
‫خبالف الفقه فإنّه يف غالب قضاايه فرديّة‪ّ ،‬‬
‫احلج‪ ،‬وغري ذلك‪ .‬هذا إذا تعلّقت قضاايه بعالقة الفرد بربّه‪ ،‬ومت ما‬
‫و ّ‬
‫أيضا يف قضاايه جانب اجلماعة‪ ،‬أي إذا تع ّدت حدود الفرد بربّه‪،‬‬
‫روعي ً‬
‫الشرعيّة ملا سبق بيانه‪.‬‬
‫السياسة ّ‬ ‫انتهى األمر فيها إىل إحلاقها بقضااي ّ‬
‫خصصت جماالته بدراسة األدلّة الكلّيّة‬
‫خبالف علم أصول الفقه الّذي ّ‬
‫السياسة‪ ،‬فينزل كلٌّ منهما‬ ‫كل من فقيه الفقه وفقيه ّ‬‫الّيت يستعني هبا ّ‬
‫اجتهاده على الوقائع انطالقًا من تلك القواعد الّيت ثبتت يف علم أصول‬
‫مجيعا تتّضح إذا ما تعلّقت مبعرفة علم مقاصد‬
‫الفقه‪ .‬وإطار التعامل بينها ً‬
‫السياسة‬
‫الشريعة من حيث بعده التّشريعي؛ لكثرة ما يطرأ على قضااي ّ‬ ‫ّ‬
‫كل واحدة من هذه‬
‫تغري من حني آلخر‪ .‬فأنت هبذا ترى أ ّن ّ‬
‫لشرعيّة من ّ‬‫ا ّ‬
‫العلوم حباجة إىل غريها؛ لكشف ما سرت‪ ،‬أو توضيح ما استبهم‪.‬‬

‫الشريعة بعد هذه العالقة الثّنائيّة بني الفقه‬


‫وما يتعلق بنشأة علم مقاصد ّ‬
‫حمل خالف بني العلماء‪ ،‬ومفاد هذا اخلالف هو‪ :‬هل التّأليف‬ ‫وأصوله‪ّ ،‬‬
‫تفعيال لعلم‬
‫سائرا به حنو االستقالل‪ ،‬أو ً‬
‫الشريعة يكون ً‬
‫يف علم مقاصد ّ‬
‫السؤال جند أ ّن آراء الباحثني‬
‫أصول الفقه؟ للجواب على هذا ّ‬

‫‪245‬‬
‫‪MJSL | DECEMBER 2017 | VOL 6‬‬
‫‪ISSN : 1985-7454 | E-ISSN : 2590-4396‬‬
‫‪www.mjsl.usim.edu.my‬‬

‫تشعبت إىل أقوال‪ ،‬جمملها ثالثة‪ .‬تناوهلا ال ّدكتور‬


‫املقاصديّني املعاصرين ّ‬
‫نعمان جغيم يف دراسته عن واقع وآفاق العالقة بني علم أصول الفقه‬
‫الشّريعة‪.‬‬ ‫مقاصد‬ ‫ومباحث‬
‫بتاريخ‪:‬‬ ‫(‪http://www.feqhweb.com/vb/t13698.html‬‬
‫‪).32:22 ،3402/40/00‬‬
‫الشريعة إحدى مباحث‬
‫األول‪ :‬يدعو أصحابه إىل جعل مقاصد ّ‬
‫املذهب ّ‬
‫علم أصول الفقه‪.‬‬

‫املذهب الثّاين‪ :‬يدعو إىل بناء علم أصول الفقه على املقاصد‪.‬‬
‫املذهب الثّالث‪ :‬يدعو إىل استقالله بعلم مستقل‪ ،‬هو‪ ( :‬علم مقاصد‬
‫الشريعة )‪.‬‬
‫ّ‬
‫الشريعة يتناول‬
‫أي حال‪ ،‬فاحلديث عن نشأة علم مقاصد ّ‬ ‫وعلى ّ‬
‫حيثيّتني‪:‬‬

‫األوىل‪ :‬من حيث وجوده‪ :‬ال شك أ ّن مقاصد ّ‬


‫الشريعة قدمية قدم‬
‫األول هلذا‬
‫اإلسالم‪ ،‬أي أ ّهنا وجدت منذ وضع اللّبنة األوىل واألساس ّ‬
‫حممد ‪-‬صلّى هللا عليه وآله وسلّم‪،-‬‬ ‫ال ّدين احلنيف على يد خري خلق هللا ّ‬
‫أتمل يف التّعليالت القرآنيّة ّأوًال‪ ،‬ثّ التّعليالت‬
‫ويظهر ذلك عند أدىن ّ‬
‫الصحابة الكرام‪ ،‬فعملوا مبقتضامها‪،‬‬ ‫النّبويّة اثنيًا‪ ،‬اللّتني استقى منهما ّ‬
‫عامة وكلّيّة ال ختتلف ابختالف‬‫للشريعة اإلسالميّة قواعد ّ‬
‫وعلموا أ ّن ّ‬
‫غري وفق األعراف والعادات‬
‫الزمان واملكان‪ ،‬وأخرى دون ذلك يصيبه التّ ّ‬
‫ّ‬
‫‪246‬‬
‫‪MJSL | DECEMBER 2017 | VOL 6‬‬
‫‪ISSN : 1985-7454 | E-ISSN : 2590-4396‬‬
‫‪www.mjsl.usim.edu.my‬‬

‫واختالف األماكن واألزمان‪ ،‬هذا ما استنبطه العلماء من أقضيتهم‬


‫املتمسكني بضئيل علم املقاصد أ ّن‬
‫ّ‬ ‫وفتاويهم‪ ،‬ال كما يظهر عند بعض‬
‫احلق أن‬
‫نصوصا قرآنيّة أو أحاديث نبويّة شريفة‪ ،‬و ّ‬
‫ً‬ ‫الصحابة خالفوا‬
‫بعض ّ‬
‫مفسرين هلا مبا يوافق‬
‫هللا يعلم أ ّهنم كانوا سائرين مع تلك النّصوص ّ‬
‫( ‪Alriysuni‬‬ ‫العامة اليت ينبغي مراعاهتا‪.‬‬
‫الشريعة‪ ،‬واملصاحل ّ‬
‫مقاصد ّ‬
‫‪.)1995‬‬

‫والثّانية‪ :‬من حيث وضعه وتدوينه‪ :‬والكالم يف هذه احليثيّة‪ ،‬طويل‬


‫الزمين للتّأليف يف هذا‬
‫ذيله‪ ،‬لكن يكفي أن يشري الباحثان إىل التّسلسل ّ‬
‫اجلانب العظيم يف الفقه اإلسالمي ابملفهوم العام؛ طلبًا لالختصار‪.‬‬
‫وسيكون ذلك على النّحو التايل‪:‬‬
‫لشريعة‪ ،‬سواء أكان ذلك‬ ‫يرى كثري من الّذين ألّفوا يف علم مقاصد ا ّ‬
‫حمل نظر ثلّة من‬
‫الشريعة كان ّ‬
‫ابالستقالل أم ابلتّبعيّة‪ ،‬أ ّن علم مقاصد ّ‬
‫العلماء‪ ،‬منهم‪:‬‬

‫الزاهد أبو‬
‫الرتمذي احلكيم الرتمذي هو اإلمام احلافظ العارف ّ‬ ‫احلكيم ّ‬
‫الرتمذي‪ ،‬طعن فيه‬
‫حممد بن علي بن احلسن بن بشر احلكيم ّ‬ ‫عبد هللا‪ّ ،‬‬
‫الشرعيّة الّيت ال يعقل معناها بعلل ما‬
‫أنّه علّل يف كتاابته مجيع األمور ّ‬
‫تويف سنة ‪ 023‬هـ‪.‬‬‫أضعفها وما أوهاها‪ .‬من تصانيفه‪ :‬معرفه األسرار‪ّ ،‬‬
‫(‪.)Aldhahabi 1982‬‬

‫‪247‬‬
‫‪MJSL | DECEMBER 2017 | VOL 6‬‬
‫‪ISSN : 1985-7454 | E-ISSN : 2590-4396‬‬
‫‪www.mjsl.usim.edu.my‬‬

‫الشاشي‪ ،‬الفقيه األصويل اللّغوي ‪ ،‬عامل خراسان‬


‫أيضا‪ :‬أبو بكر ّ‬
‫ومنهم ً‬
‫الشافعي الق ّفال الكبري ‪،‬‬
‫الشاشي ّ‬
‫حممد بن علي بن إمساعيل ّ‬
‫أبو بكر ‪ّ ،‬‬
‫إمام وقته‪ ،‬مبا وراء النّهر ‪ ،‬وصاحب التّصانيف‪ ،‬فمن تصانيفه‪ :‬حماسن‬
‫الشريعة‪ ،‬تويف سنة‪ 063‬هـ‪ .‬انظر (‪)Aldhahabi 1982‬‬
‫ّ‬

‫الشريعة‪،‬‬
‫وأ ّن الذي يع ّد منطل ًقا لوضع اللّبنة يف التّأليف يف علم مقاصد ّ‬
‫املتوّف سنة‪874 :‬ه‪،‬‬
‫هو إسهامات إمام احلرمني‪ ،‬أيب املعايل اجلويين‪ّ ،‬‬
‫وخاصة يف اجلزء الّذي‬
‫ّ‬ ‫وذلك من خالل كتابه الربهان يف أصول الفقه‪.‬‬
‫خصصه بعنوان‪ " :‬تقاسيم العلل واألصول الّيت هبا تظهر املقاصد‬ ‫ّ‬
‫ويكشف عن املصاحل"‪.‬‬

‫املتوّف سنة‪333 :‬هـ‪ ،‬ويظهر‬


‫ثّ تتابع املؤلّفون بعده بدءًا بتلميذه الغزايل ّ‬
‫وخاصة املستصفى من علم‬
‫ّ‬ ‫كل من له إملام بكتاابته‬
‫ذلك جليًّا عند ّ‬
‫املتوّف سنة‪:‬‬
‫الشافعي‪ّ ،‬‬
‫السالم ّ‬
‫العز بن عبد ّ‬ ‫األصول‪ ،‬ثّ سلطان العلماء‪ّ ،‬‬
‫وجل أقوله املتعلّقة هبذا اجلانب توجد يف كتابه قواعد األحكام‬
‫‪663‬ه‪،‬ـ ّ‬
‫يف مصاحل األانم‪ ،‬وانتهاءً إىل شيخ املقاصديّني أيب إسحاق ّ‬
‫الشاطيب‪،‬‬
‫املخصص للمقاصد‪،‬‬
‫ّ‬ ‫وخاصة يف اجلزء‬
‫ّ‬ ‫الّذي صاغ يف كتابه املوافقات‬
‫الشريعة اإلسالميّة أبسلوب جديد مبدع مل ينسج على‬
‫مسائل مقاصد ّ‬
‫يدل على مدى اهتمامه الكبري هبذا اجلانب‪،‬‬
‫منواله من قبل‪ ،‬الّذي ّ‬
‫الشريعة بعده‪.‬‬
‫لكل من يروم الكتابة يف مقاصد ّ‬
‫مرجعا ّ‬
‫فكان بذلك ً‬

‫‪248‬‬
‫‪MJSL | DECEMBER 2017 | VOL 6‬‬
‫‪ISSN : 1985-7454 | E-ISSN : 2590-4396‬‬
‫‪www.mjsl.usim.edu.my‬‬

‫املطلب الثّالث‪ :‬املراد ابلبعد املقاصدي وأبرز مؤلّفات علم املقاصد‬


‫قدمياً وحديثاً‬
‫كل‬
‫من اإلشكاالت الّيت يريد الباحثان حلّها يف هذا البحث‪ :‬دراسة بعد ّ‬
‫السياسة الشرعيّة يف اآلخر‪ ،‬وهذا يتطلّب سرد‬ ‫الشريعة و ّ‬
‫من مقاصد ّ‬
‫كل منهما‪ ،‬ولو بوجه خمتصر‪ ،‬مع ترمجة موجزة‬ ‫جمموعة من مؤلّفات ّ‬
‫ملؤلّفيها‪ ،‬قدامى كانوا أو معاصرين‪.‬من املعلوم أ ّن التّأليف يف علم أصول‬
‫الفقه قد هنج مناهج متع ّددة‪ ،‬ميكن إمجاهلا يف النّقاط التّالية‪:‬‬

‫منهج املتكلّمني الّذي سار عليه معظم علماء أصول الفقه من املالكيّة‪،‬‬
‫الشافعيّة‪ ،‬واحلنابلة‪.‬‬
‫و ّ‬

‫ومنهج الفقهاء الّذي سار عليه علماء املذهب احلنفي ومن سار على‬
‫منواهلم‪.‬‬

‫ثّ منهج اثلث‪ ،‬ويعرف مبنهج اجلمع بني الطّريقتني‪.‬‬


‫يهم الباحثني بشكل‬
‫لكن الّذي ّ‬ ‫ويذكر يف هذا اجملال طرق كثرية‪ ،‬و ّ‬
‫الصدد هو الطّريقة اآلتية‪ :‬طريقة استقراء القواعد األصوليّة‬
‫مباشر يف هذا ّ‬
‫الشريعة؛ ملا هلا من إسهامات يف استنباط‬ ‫عن طريق االستقراء ألحكام ّ‬

‫‪249‬‬
‫‪MJSL | DECEMBER 2017 | VOL 6‬‬
‫‪ISSN : 1985-7454 | E-ISSN : 2590-4396‬‬
‫‪www.mjsl.usim.edu.my‬‬

‫األحكام اجلزئيّة‪ ،‬وأكرب من ذلك صياغة القواعد األصوليّة واملقاصديّة‬


‫والفقهيّة‪.‬‬

‫خصصوا‬
‫والعلماء ‪-‬رمحهم هللا‪ -‬مع اختالف طرقهم يف التّأليف‪ ،‬قد ّ‬
‫الشريعة‪،‬‬
‫أبو ًااب تناولوا فيها مسائل عرفت فيما بعد مبسائل علم مقاصد ّ‬
‫مثال يف ابب القياس‪ ،‬واملناسب‬
‫كل منهما‪ً ،‬‬‫كالعلّة‪ ،‬واملناسبة‪ ،‬ومسالك ّ‬
‫املرسل أو املصاحل املرسلة‪ ،‬يف ابب األدلّة واملصادر‪ ،‬وتقسيم املصاحل إىل‬
‫ضروريّة وحاجيّة وحتسينيّة‪ .‬بيد أ ّن الطّريقة األخرية تناولت جزءًا أكرب من‬
‫بقيّة الطّرق؛ وذلك نتاج املنهج املتّبع يف التّأليف فيها‪ ،‬نذكر من ذلك ما‬
‫يلي يف الفرع التّايل‪:‬‬

‫ّأوًًل‪ :‬أبرز املؤلّفات املقاصديّة قدميًا‪:‬‬


‫أتيت على طليعة هذه الكتب كتب علم أصول الفقه‪ ،‬وهذا ابعتبار‬
‫الشريعة إحدى مباحث هذا العلم‪ ،‬كما هو مذهب فريق من‬
‫مقاصد ّ‬
‫العلماء‪ ،‬كماسبقت اإلشارة إىل ذلك‪.‬‬

‫حمل نظر ثلّة من العلماء‪،‬‬


‫وممّا جيدر اإلشارة إليه أ ّن علم املقاصد كان ّ‬
‫وأ ّن إمام احلرمني اجلويين يع ّد واضع اللّبنة األوىل هلذا العلم يف كتابه‬
‫الربهان‪ ،‬ثّ جاء من بعده مجع من العلماء قدميًا وحديثًا‪ ،‬فأفردوا ملقاصد‬
‫الشريعة مؤلّفات‪ ،‬وبناء على ذلك سيبدأ الباحثان بسرد هذه املؤلّفات‬ ‫ّ‬

‫‪250‬‬
‫‪MJSL | DECEMBER 2017 | VOL 6‬‬
‫‪ISSN : 1985-7454 | E-ISSN : 2590-4396‬‬
‫‪www.mjsl.usim.edu.my‬‬

‫الزمين هلا‪ ،‬وذلك على‬


‫الّيت أفردت ابملقاصد‪ ،‬متّبعني يف ذكرها التّسلسل ّ‬
‫النّحو التّايل‪:‬‬

‫السالم‬
‫للعز بن عبد ّ‬
‫الصغرى ) ّ‬
‫الفوائد يف اختصار املقاصد ( القواعد ّ‬
‫السالم‪( ،‬ولد‬
‫العز بن عبد ّ‬
‫العالمة سلطان العلماء‪ّ ،‬‬‫وهو اإلمام العامل ّ‬
‫وتويف سنة ‪ 663‬هـ ‪1262 /‬م‬
‫سنة ‪ 377‬هـ ‪1141 /‬م يف دمشق‪ّ /‬‬
‫الصغرى‪ ،‬وكتاب‬
‫يف مصر‪ ،‬له مصنّفات كثرية‪ ،‬منها‪ :‬القواعد الكربى و ّ‬
‫جماز القرآن‪ ... ،‬انظر‪ )Alsabki 1413( :‬وله كذلك قواعد األحكام‬
‫السالم‪ .‬والكتاب‬
‫للعز بن عبد ّ‬
‫يف مصاحل األانم ( القواعد الكربى ) ّ‬
‫أهم كتب مقاصد‬
‫األول‪ ،‬ومها من ّ‬
‫الثّاين بسط فيه ملا اختصره يف الكتاب ّ‬
‫الشريعة القدمية‪.‬‬
‫ّ‬

‫فالروابط ال تدرك بني األشباه والنّظائر‬


‫والعالقة بني الكتابني قويّة جدًّا؛ ّ‬
‫املنتشرة‪ ،‬وال ميكن اجلمع بينها يف سلك واحد ّإال إذا عرفت أسباهبا‬
‫كل منها‪ ،‬ذلك ال يدرك مبجرد حفظ القواعد الفقهيّة وال الفروع‬ ‫وأسرار ٍّ‬
‫املتخصص املدقّق‬
‫ّ‬ ‫مهمة‬
‫الفقهيّة‪ ،‬بل مبعرفة األبعاد التّشريعيّة منها‪ ،‬وتلك ّ‬
‫السالم بعمله هذا‪ ،‬يع ّد أحد‬
‫العز بن عبد ّ‬‫الشريعة‪ ،‬و ّ‬
‫يف علم مقاصد ّ‬
‫الشريعة‪ .‬رحم هللا اجلميع ورضي عنهم‪ -.‬املوافقات‬
‫واضعي علم مقاصد ّ‬
‫الشاطيب‪ ،‬ذلك الكتاب الّذي ع ّده‬ ‫يف أصول الشّريعة أليب إسحاق ّ‬
‫الشريعة‪ .‬للعالمة إبراهيم بن موسى‬
‫الباحثون منطل ًقا حقيقيًّا لعلم مقاصد ّ‬

‫‪251‬‬
‫‪MJSL | DECEMBER 2017 | VOL 6‬‬
‫‪ISSN : 1985-7454 | E-ISSN : 2590-4396‬‬
‫‪www.mjsl.usim.edu.my‬‬

‫أصويل‪ ،‬حافظ‪ ،‬من أهل‬


‫ّ‬ ‫ابلشاطي‪،‬‬
‫الشهري ّ‬
‫حممد اللّخمي الغرانطي ّ‬
‫بن ّ‬
‫تويف سنة‪793 :‬ه ‪1044 -‬م‪ ،‬من‬ ‫أئمة املالكيّة‪ّ ،‬‬
‫غرانطة‪ ،‬ومن ّ‬
‫مصنّفاته‪ :‬واالعتصام‪ ... ،‬انظر‪)Ibn mkhlwf 2003( :‬‬

‫واحلقيقة أ ّن كون كتاب الشاطيب املذكور ال يعين أ ّن سلفه مل يضعوا شيئًا‬


‫وضح ذلك‪ ،‬حيث ذكر أنّه استفاد من مجلة‬ ‫فالشاطيب نفسه ّ‬
‫هلذا العلم‪ّ ،‬‬
‫من العلماء الّذين سبق أن أشار الباحثان إليهم‪ ،‬سواء من الّذين‬
‫خصصوا املقاصد ابلتّأليف أم ممّن أدرجوه يف أصول الفقه‪ ،‬ويف ذلك‬ ‫ّ‬
‫الشاطيب‪ " :‬فإن عارضك دون هذا الكتاب عارض‬ ‫يقول اإلمام ّ‬
‫وغر الظّا ّن أنّه شيء‬
‫اإلنكار‪ ،‬وعمي عنك وجه االخرتاع فيه واالبتكار‪ّ ،‬‬
‫الشرعيّة األصليّة أو الفرعيّة ما نسج على‬
‫ما مسع مبثله وال ألّف يف العلوم ّ‬
‫كل بدع يف‬ ‫شر مساعه‪ ،‬ومن ّ‬ ‫منواله أو ش ّكل بشكله‪ ،‬وحسبك من ّ‬
‫الشريعة ابتداعه؛ فال تلتفت إىل اإلشكال دون اختبار‪ ،‬وال ْترِم مبظنّة‬ ‫ّ‬
‫الفائدة على غري اعتبار؛ فإنّه حبمد هللا أمر ّقررته اآلايت واألخبار‪ ،‬وش ّد‬
‫السلف األخيار‪ ،‬ورسم معامله العلماء األحبار‪ ،‬وشيّد أركانه‬
‫معاقده ّ‬
‫أنظار النّظّار" (‪.)Alshshatibi 1997‬‬

‫اثنيًا‪ :‬أبرز املؤلّفات املقاصديّة حديثًا‬


‫الشريعة‬
‫يف احلديث عن املؤلّفات احلديثة أو املعاصرة يف جمال مقاصد ّ‬
‫ألهنا فوق العدد واحلصر البشريّني‪ ،‬وما‬
‫يسلك طابع التّمثيل ال احلصر‪ّ ،‬‬

‫‪252‬‬
‫‪MJSL | DECEMBER 2017 | VOL 6‬‬
‫‪ISSN : 1985-7454 | E-ISSN : 2590-4396‬‬
‫‪www.mjsl.usim.edu.my‬‬

‫كان هذا شأنه‪ ،‬ال يع ّد وال حيصى‪ ،‬فسيكتفي الباحثان بذكر ٍ‬


‫بعض منها‬
‫على سبيل املثال ال احلصر‪ ،‬واجلدير ابل ّذكر أ ّن املؤلّفني بعد أيب إسحاق‬
‫عالمة تونس‪،‬‬‫الشاطيب مل يذع صيت أحد منهم مثل ما ذاع صيت ّ‬ ‫ّ‬
‫الطّاهر ابن عاشور ‪-‬رمحهم هللا أمجعني‪ ،-‬وجبانبه معاصره املغريب‪،‬‬
‫وإال فهناك من سبقهما ابلتّأليف القيّم يف هذا اجملال‪.‬‬ ‫عالل‪ّ ،‬‬‫الفاسي ّ‬
‫ومن أبرز املؤلّفات املقاصديّة حديثًا ما يلي‪:‬‬

‫لل ّدهلوي‪)Aldahluy 2005( .‬‬ ‫حجة هللا البالغة‬


‫‪ّ .1‬‬
‫(‪– 0302 ).Ibn Eashwr 2004‬‬ ‫الشريعة اإلسالميّة‬
‫‪ .2‬مقاصد ّ‬
‫هو نفس كتاب عالمة تونس‬ ‫‪0202‬هـ ‪0082 - 0780‬م‬
‫(‪)alzarkaluy, 2002‬‬ ‫املشهور املذكور ساب ًقا‪.‬‬
‫ومكارمها(‪- 0232 .)Alfasi,1993‬‬ ‫الشريعة اإلسالميّة‬
‫‪ .0‬مقاصد ّ‬
‫‪0200‬هـ‪0080 - 0047 .‬م‪)alzarkaluy, 2002( .‬‬
‫ولد سنة ‪ 1930‬م‬ ‫الريسوين املقاصديّة‪،‬‬
‫الشيخ أمحد ّ‬
‫‪ .8‬مجلة مؤلّفات ّ‬
‫حملمد سعيد رمضان‬
‫الشريعة اإلسالميّة ّ‬
‫‪ .3‬ضوابط املصلحة يف ّ‬
‫البوطي‪)Albuti, 1973( .‬‬

‫‪253‬‬
‫‪MJSL | DECEMBER 2017 | VOL 6‬‬
‫‪ISSN : 1985-7454 | E-ISSN : 2590-4396‬‬
‫‪www.mjsl.usim.edu.my‬‬

‫الراهن ‪-‬كما سبقت اإلشارة إليه‪-‬‬ ‫واملؤلّفات يف هذا اجملال يف العصر ّ‬


‫ال تع ّد وال حتصى؛ كمؤلّفات‪ :‬القرضاوي‪ ،‬واليويب‪ ،‬وعبد هللا بن بيه‪،‬‬
‫كل منهم ساهم يف بيان ما هلذا العلم‬
‫الربيعة‪ ،‬وغريهم كثري‪ّ ،‬‬
‫وعبد العزيز ّ‬
‫من فضل‪.‬‬

‫السبب هو‬‫الشريعة ‪ ،‬و ّ‬


‫وللمزيد من معرفة أمساء املؤلّفات يف علم مقاصد ّ‬
‫الشريعة اإلسالميّة‬
‫الشارع من أمهّيّة يف بيان مرونة ّ‬
‫ما ملعرفة مقاصد ّ‬
‫املتغرية وفق‬
‫لكل زمان ومكان‪ ،‬و ّ‬ ‫ومساحتها‪ ،‬ومشول قواعدها الثّابتة ّ‬
‫كل عصر ومصر‪ .‬تلك شريعة هللا احلكيم الّيت ال أيتيها‬ ‫أعراف وعادات ّ‬
‫أبدا‪.‬‬
‫الباطل ً‬

‫األول )‪ ،‬ث‬
‫األول ( املبحث ّ‬ ‫هبذا يكون الباحثان قد انتهيا من القسيم ّ‬
‫ينتقالن إىل القسيم الّذي يليه ( املبحث الثّاين ) والّذي يتح ّدث عن‬
‫مفهوما‪ ،‬ونشأة‪ ،‬وأبرز الكتب املؤلّفة فيها‪.‬‬
‫ً‬ ‫الشرعيّة‬
‫السياسة ّ‬
‫علم ّ‬

‫مفهوما ونشأة وأبرز الكتب‬


‫ً‬ ‫شرعيّة‬
‫السياسة ال ّ‬
‫املبحث الثّاين‪ :‬علم ّ‬
‫املؤلّفة فيها‬
‫يف هذا املبحث يتناول الباحثان انحية أخرى من النّواحي الّيت تساهم يف‬
‫بيان معامل درب هذا البحث‪ ،‬هي تلك النّواحي التّعريفيّة ملصطلحات‬
‫الشرعيّة‪ ،‬الّذي اعتىن به‬
‫السياسة ّ‬
‫البحث‪ ،‬وهذه النّاحية تتعلّق بعلم ّ‬

‫‪254‬‬
‫‪MJSL | DECEMBER 2017 | VOL 6‬‬
‫‪ISSN : 1985-7454 | E-ISSN : 2590-4396‬‬
‫‪www.mjsl.usim.edu.my‬‬

‫للسياسة معىن غري ما يتبادر إىل ال ّذهن‪،‬‬


‫العلماء‪ ،‬وبيّنوا من خالله أ ّن ّ‬
‫تشمئز من‬
‫ّ‬ ‫الساسة هلا‪ ،‬فجعل أنفس النّاس‬ ‫نتيجة سوء استخدام ّ‬
‫للسياسة يف األصل معىن‬ ‫ذرعا‪ ،‬مع أ ّن ّ‬
‫استماعها‪ ،‬وتضيق هبا قلوهبم ً‬
‫الشديد‪ .‬ولكن شاء هللا‬ ‫الساسة مع األسف ّ‬ ‫آخر غري الّذي يرى عليه ّ‬
‫لكل من‬
‫الصحيح ّ‬ ‫أ ّن علماءان قد بيّنوا صحيح القول من عليله‪ ،‬واملعىن ّ‬
‫ابلسياسة‪ ،‬وكيفيّة‬
‫املصطلحات الّيت سيء استخدامها‪ ،‬بل وضرورة العمل ّ‬
‫استخدامها يف تدوير عجالت اجملتمع الواحد على الطّريق املستقيمة‪،‬‬
‫العامة الّيت من خالهلا توضع املصطلحات يف‬ ‫وكذلك مراعاة املصاحل ّ‬
‫نصاهبا‪ .‬وأييت على غرار ذلك هذا املبحث الّذي يتح ّدث فيه الباحثان‬
‫الشرعيّة‪ ،‬ونشأهتا والعمل هبا‪ ،‬واملراد ابلبعد‬ ‫السياسة ّ‬
‫عن مفهوم ّ‬
‫الشرعيّة قدمياً وحديثاً‪.‬‬
‫السياسة ّ‬
‫السياسي‪ ،‬وأبرز مؤلّفات علم ّ‬
‫ّ‬

‫واصطالحا‬
‫ً‬ ‫شرعيّة لغة‬
‫السياسة ال ّ‬
‫األول‪ :‬مفهوم ّ‬
‫املطلب ّ‬
‫مكون من‬
‫سيتناول الباحثان هذا املطلب من جانبني‪ ،‬وذلك أ ّن العنوان ّ‬
‫الشرعيّة‪ ،‬فتأيت ال ّدراسة عنه ابعتبارين‪،‬‬
‫السياسة‪ ،‬وأخرامها ّ‬
‫كلمتني أوالمها ّ‬
‫كل كلمة على حدة‪ ،‬ث‬ ‫ابعتبار أ ّهنا مرّكبة من جزأين‪ ،‬فيلزم تعريف ّ‬
‫لفن من فنون الفقه اإلسالمي‪ .‬وحتته فرعان‪:‬‬ ‫عرف ابعتباره لقبًا ّ‬
‫يّ‬

‫الشرعيّة ابعتبارها مرّكبة من صفة‬ ‫الفرع األول‪ :‬تعريف ّ‬


‫السياسة ّ‬
‫وموصوف‬

‫‪255‬‬
‫‪MJSL | DECEMBER 2017 | VOL 6‬‬
‫‪ISSN : 1985-7454 | E-ISSN : 2590-4396‬‬
‫‪www.mjsl.usim.edu.my‬‬

‫اب‬
‫السياسة أصالً لرتويض ال ّدو ّ‬ ‫ّأوًًل‪ :‬تعريف ّ‬
‫السياسة‪ :‬وضعت كلمة ّ‬
‫وإحكامها وقيادهتا كما يشاؤه صاحبها‪ ،‬ثّ وضعت جمازاً يف سياسة‬
‫اإلنسان‪ ،‬وهي من ساس يسوس سياسة‪ :‬يقال‪ :‬ساس ال ّدابّة‪ :‬إذا قام‬
‫على أمرها من علف وسقي وترويض وغريها‪ .‬وهذا املعىن يفهم من‬
‫استقراء النّصوص التّالية‪:‬‬
‫جاء يف اتج العروس‪" :‬ومن اجملاز س ْست ّ‬
‫الرعيّة سياسة ابلكسر‪ :‬أمرهتا‬
‫جمرب‪ ،‬قد ساس‬ ‫وهنيتها‪ .‬وساس األمر سياسة‪ :‬قام به‪ .‬ويقال‪ :‬فالن ّ‬
‫السياسة‪ :‬القيام‬‫وسيس عليه‪ ،‬أي أ ّدب‪ ،‬وأ ّدب ‪ ...‬أي أمر وأمر عليه‪ .‬و ّ‬
‫الشيء مبا يصلحه‪ )Alzubidi, 2004( ".‬وقال يف لسان العرب‪:‬‬ ‫على ّ‬
‫سوسوه‬‫وسا‪ .‬وإذا رأسوه قيل‪ّ :‬‬ ‫الرايسة‪ ،‬يقال‪ :‬ساسوهم س ً‬‫السوس‪ّ :‬‬
‫"‪...‬و َّ‬
‫ساس ِم ْن قـ ْوٍم ساس ٍة‬
‫وأساسوه‪ .‬وساس األمر سياسة‪ :‬قام به‪ .‬ورج ٌل ٌ‬
‫سوس فالن أمر بين‬ ‫وسوسه القوم‪ :‬جعلوه يسوسهم‪ .‬ويقال‪ِّ :‬‬
‫وس َّواس‪َّ ...‬‬
‫الشيء مبا‬
‫السياسة‪ :‬القيام على ّ‬ ‫فالن‪ :‬أي كلّف سياستهم‪ ...‬و ّ‬
‫اب‪ :‬إذا قام‬‫السائس‪ ،‬يقال‪ :‬هو يسوس ال ّدو ّ‬‫السياسة‪ :‬فعل ّ‬ ‫يصلحه‪ ...‬و ّ‬
‫عليها وراضها‪ ،‬والوايل يسوس رعيّته‪)Ibn Manzurun, 2005( " ...‬‬

‫السياسة هي‪ :‬إحكام األمر كما‬ ‫فمن خالل هذه النّصوص نستنتج أ ّن ّ‬
‫ينبغي على الطّريقة احملمودة‪ ،‬أو املراعية ملصاحل النّاس‪ .‬وهذا املعىن ال‬
‫الشريعة اإلسالميّة‪.‬‬
‫خيتلف عن املعىن االصطالحي عند علماء ّ‬

‫‪256‬‬
‫‪MJSL | DECEMBER 2017 | VOL 6‬‬
‫‪ISSN : 1985-7454 | E-ISSN : 2590-4396‬‬
‫‪www.mjsl.usim.edu.my‬‬

‫السياسة مل يرد يف القرآن الكرمي‪ ،‬ولكن‬


‫وممّا هو جدير ابإلشارة أ ّن لفظ ّ‬
‫ثّت مصطلحات توافقها يف املعىن‪ :‬كاألمر ابملعروف والنّهي عن املنكر‪،‬‬
‫السنّة النّبويّة‪ ،‬فقد ورد يف أماكن‬
‫واحلكم‪ ،‬وإصالح ذات البني‪ّ .‬أما يف ّ‬
‫ع ّدة‪ ،‬منها‪ :‬مارواه البخاري يف صحيحه عن أيب هريرة ‪-‬رضي هللا عنه‪-‬‬
‫يب ‪-‬صلّى هللا عليه وسلّم‪ -‬قال‪ « :‬كانت بنو إسرائيل تسوسهم‬
‫عن النّ ّ‬
‫نيب بعدي وسيكون خلفاء‬ ‫نيب‪ ،‬إنّه ال ّ‬
‫نيب خلفه ّ‬
‫األنبياء كلّما هلك ّ‬
‫فاألول‪ ،‬أعطوهم ح ّقهم‪،‬‬
‫األول ّ‬
‫فيكثرون‪ ،‬قالوا فما أتمران؟ قال‪ :‬فوا ببيعة ّ‬
‫عما اسرتعاهم» (‪.)Albakhari, 1422‬‬ ‫فإ ّن هللا سائلهم ّ‬

‫الشرعيّة‪ :‬مادة‪( :‬ش ر ع) أتيت مبعان ع ّدة منها‪:‬‬ ‫اثنيًا‪ :‬تعريف ّ‬


‫الشرعيّة‪ّ :‬‬
‫"ورود املاء"‪ ،‬يقال‪ :‬شرع الوارد يشرع شرعاً وشروعاً‪ :‬تناوله بفيه‪،‬‬
‫"سن" يقال‪ :‬شرع ال ّدين‬ ‫اب املاء‪ :‬دخلت فيه‪ .‬ومنها‪ّ :‬‬ ‫وشرعت ال ّدو ّ‬
‫يشرعه شرعاً‪ ،‬أي سنّه‪ )Ibn Manzurun, 2005( .‬ومنه قوله تعاىل‪{ :‬‬
‫وحا والَّ ِذي أ ْوحْيـنا إِلْيك وما و َّ‬
‫صْيـنا بِِه‬ ‫شرع لكم ِمن ال ِّدي ِن ما و َّ ِِ‬
‫ص ى به ن ً‬ ‫ّ‬
‫إِبْـر ِاهيم وموسى وعيسى ۖ أ ْن أقيموا ال ّدين وال تـتـفَّرقوا فيه ۖ كبـر على‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اّلل ْجيتِيب إِلْي ِه من يشاء ويـ ْه ِدي إِلْي ِه من‬‫الْم ْش ِركِني ما ت ْدعوه ْم إِلْي ِه ۖ َّ‬
‫ينِيب} (‪).02 Surat Alshuwraa‬‬

‫كفن من الفنون‪:‬‬
‫الشرعيّة ّ‬ ‫الفرع الثّاين‪ :‬تعريف ّ‬
‫السياسة ّ‬

‫‪257‬‬
‫‪MJSL | DECEMBER 2017 | VOL 6‬‬
‫‪ISSN : 1985-7454 | E-ISSN : 2590-4396‬‬
‫‪www.mjsl.usim.edu.my‬‬

‫لقد أورد ابن قيّم اجلوزيّة يف إعالم املوقّعني تعريف أيب الوفاء ابن عقيل‬
‫الشرعيّة‪،‬‬
‫ابلسياسة ّ‬
‫شافعي عن العمل ّ‬ ‫ّ‬ ‫احلنبلي‪ ،‬يف مناظرة بينه وبني‬
‫الصالح‬
‫السياسة‪" :‬ما كان فعالً يكون معه النّاس أقرب إىل ّ‬ ‫وذلك قوله‪ّ :‬‬
‫الرسول ‪-‬صلّى هللا عليه وسلّم‪ -‬وال نزل‬
‫وأبعد عن الفساد‪ ،‬وإن مل يضعه ّ‬
‫(‪.)Abn Alqym, 1423‬‬ ‫به وحي"‬

‫احلنفي أبهنا‪ " :‬فعل شيء من احلاكم‪ ،‬ملصلحة يراها‪،‬‬


‫ّ‬ ‫وعرفها ابن جنيم‬
‫ّ‬
‫وإن مل يرد بذلك الفعل دليل جزئي" (‪ .)Abn Najim, 1997‬وغريمها‬
‫السياسة تعين‬
‫تبني أ ّن ّ‬
‫الشرعيّة‪ ،‬اليت ّ‬
‫للسياسة ّ‬
‫من تعريفات العلماء ّ‬
‫إصالح األمر ال إفساده‪.‬‬

‫الشرعيّة‬
‫السياسة ّ‬ ‫مدرس ّ‬
‫وخالصتها كما يقول ال ّدكتور العتييب‪ّ ،‬‬
‫ابلرايض يف اململكة العربيّة‬
‫والعالقات ال ّدوليّة ابملعهد العايل للقضاء ّ‬
‫الشرعيّة من خالل استقراء‬
‫السياسة ّ‬
‫السعوديّة‪" :.‬وميكن اخللوص مبدلول ّ‬ ‫ّ‬
‫الشرعيّة إىل معنيني‪ :‬معىن عام‪:‬‬‫السياسة ّ‬ ‫مضامني املؤلّفات الفقهيّة يف ّ‬
‫صرفات الّيت تدبّر هبا شؤون ال ّدولة اإلسالميّة‪ ،‬يف‬
‫وهو اسم لألحكام والتّ ّ‬
‫نصاً‬
‫الشريعة اإلسالميّة‪ ،‬سواء كان مستند ذلك ّ‬ ‫ال ّداخل واخلارج‪ ،‬وفق ّ‬
‫عامة‪ ،‬ومعىن‬
‫خاصاً‪ ،‬أو إمجاعاً أو قياساً‪ ،‬أو كان مستنده قاعدة شرعيّة ّ‬‫ّ‬
‫كل ما صدر عن أويل األمر‪ ،‬من أحكام وإجراءات‪ ،‬منوطة‬
‫خاص‪ :‬وهو ّ‬

‫‪258‬‬
‫‪MJSL | DECEMBER 2017 | VOL 6‬‬
‫‪ISSN : 1985-7454 | E-ISSN : 2590-4396‬‬
‫‪www.mjsl.usim.edu.my‬‬

‫للشريعة "‬
‫متعني‪ ،‬دون خمالفة ّ‬
‫خاص‪ّ ،‬‬
‫ابملصلحة‪ ،‬فيما مل يرد بشأنه دليل ّ‬
‫(‪.)aleatibi N. D‬‬

‫الشرعيّة‪،‬‬
‫ابلسياسة ّ‬
‫فبالتّ ّأمل يف هذه التّعريفات تدرك ضرورة العمل ّ‬
‫األمة من‬
‫كل ما فيه صالح ّ‬ ‫السعي وراء ّ‬
‫ابلشرعيّة ّ‬
‫وتدرك وراء وصفها ّ‬
‫األحكام الّيت تنظّم هبا شؤون دولة ما‪ ،‬كعالقة احلاكم ابحملكومني‪،‬‬
‫السلم واحلرب‪،‬‬
‫وعالقة ال ّدولة اإلسالميّة ابل ّدول األخرى‪ ،‬يف حاليت ّ‬
‫السنّة‪ ،‬أو إمجاعاً‪ ،‬إذا مل‬
‫نصاً من الكتاب و ّ‬‫شريطة أن يكون مستم ّدها ّ‬
‫الشارع احلكيم‪.‬‬
‫منصوصا عليه‪ ،‬وأن يكون مواف ًقا ملقاصد ّ‬
‫ً‬ ‫يكن‬

‫شرعيّة والعمل هبا‬


‫السياسة ال ّ‬
‫املطلب الثّاين‪ :‬نشأة علم ّ‬
‫خيصص هلا مؤلّف خاص يف‬
‫الشرعيّة وقضاايه مل َّ‬
‫السياسة ّ‬
‫مسائل علم ّ‬
‫تدون ضمن‬‫األول‪ ،‬ابتداء من عصر التّدوين‪ ،‬وإّنا كانت مسائله ّ‬
‫الصدر ّ‬
‫ّ‬
‫الشريعة يف تدوينه‬
‫كتب الفقه العام‪ ،‬شأنه يف ذلك شأن علم مقاصد ّ‬
‫أ ّول أمره بني مسائل علم أصول الفقه‪ ،‬ث استقلّت مسائله ابلتّأليف كما‬
‫الشرعيّة والفقه اإلسالمي‬
‫السياسة ّ‬ ‫سبق بيان ذلك‪ ،‬وهكذا احلال عن ّ‬
‫العام‪ ،‬حيث استقلّت مسائل هذا العلم ابلتّأليف ملا رأى العلماء ّأهنا‬
‫ّ‬
‫الشرح والبيان‪ ،‬وضبط ملوضوعاهتا وأحكامها‬ ‫حباجة إىل فيض من ّ‬
‫العويصة‪ ،‬لتعلّقها يف جمملها بعالقة احلاكم ابحملكومني‪ ،‬على املستوى‬
‫ال ّداخلي أو عالقة ال ّدولة اإلسالميّة ابل ّدول األخرى على املستوى‬

‫‪259‬‬
‫‪MJSL | DECEMBER 2017 | VOL 6‬‬
‫‪ISSN : 1985-7454 | E-ISSN : 2590-4396‬‬
‫‪www.mjsl.usim.edu.my‬‬

‫اخلارجي‪ ،‬فرأوا الفصل بني مسائلها ومسائل الفقه العام‪ ،‬حيث إ ّهنا‬
‫حتتاج إىل نوع من االجتهاد فوق اجتهاد من هدفه استنباط حكم مسألة‬
‫خاصة لباب من أبواب الفقه األخرى الّيت يظهر فيها‬
‫فقهيّة معيّنة أو ّ‬
‫السياسة‬‫جانب الفرد أكثر من جانب اجلماعة‪ .‬فقد سبق أ ّن علم ّ‬
‫لسن قوانني وأوامر تدبـّر هبا‬
‫الساسة ّ‬
‫تدخل ّ‬
‫الشرعيّة اخلاص يدعو إىل ّ‬ ‫ّ‬
‫شؤون ال ّدولة‪ ،‬ولو مل ينزل بذلك دليل‪ ،‬وهذا يف ظاهره حيتاج إىل كثري‬
‫الشريعة اإلسالميّة‪.‬‬
‫ضبط‪ ،‬ووضع قيود وشروط‪ ،‬حتفظ من خالهلا روح ّ‬

‫تشعبت آراء العلماء يف جواز العمل هبا بني جميز ومانع‪ ،‬وثرة‬
‫وقد ّ‬
‫حمق إن كان‬
‫الشريعة‪ ،‬وهو بذلك ّ‬
‫اخلالف أ ّن املانع يرى أنّه تالعب يف ّ‬
‫لكن حقيقة األمر كما‬
‫الساسة واخللفاء‪ّ ،‬‬
‫السياسة تستخدم يف مصاحل ّ‬ ‫ّ‬
‫ودب‪ ،‬بل‬
‫هب ّ‬ ‫كل من ّ‬ ‫هو رأي الفريق اآلخر‪ ،‬أ ّن العمل هبا ليس عمل ّ‬
‫عمل من له ضبط يف علمه وفكره‪ ،‬ووعي وإدراك مبآالت األمور‪ ،‬وفهم‬
‫الزلل يف ال ّدين‪ ،‬والنّفس‪ ،‬والعقل‪ ،‬واملال‪ ،‬والعرض‪.‬‬
‫سليم‪ ،‬حيفظه من ّ‬
‫وهذا من أصعب األمور وأوعر الطّرق‪ ،‬ومن يسلكه فهو بني شيئني‬
‫اثنني‪ :‬بني ثواب كبري‪ ،‬إن هو عمل مبقتضاه أو سعى قدر الطّاقة يف‬
‫الشارع‪ .‬أو إث عظيم إن هو ضيّعه وعمل‬ ‫العمل وراء حتقيق مقاصد ّ‬
‫لتحقيق شهواته‪ ،‬كما أشار إليه ابن قيّم اجلوزيّة عند حديثه عن العمل‬
‫الشرعيّة‪ ،‬حيث قال‪ .... " :‬قلت‪ :‬هذا موضع مزلّة أقدام‪،‬‬
‫لسياسة ّ‬ ‫اب ّ‬
‫ومضلّة أفهام‪ ،‬وهو مقام ضنك‪ ،‬ومعرتك صعب‪ّ ،‬فرط فيه طائفة فعطّلوا‬

‫‪260‬‬
‫‪MJSL | DECEMBER 2017 | VOL 6‬‬
‫‪ISSN : 1985-7454 | E-ISSN : 2590-4396‬‬
‫‪www.mjsl.usim.edu.my‬‬

‫وجرءوا أهل الفجور على الفساد‪ ،‬وجعلوا‬ ‫احلدود‪ ،‬وضيّعوا احلقوق‪ّ ،‬‬
‫الشريعة قاصرة ال تقوم مبصاحل العباد حمتاجة إىل غريها ‪Ibn ( "...‬‬‫ّ‬
‫املالكي يف كتابه تبصرة احل ّكام ّبني‬
‫ّ‬ ‫‪ )Alqym, 1423‬وكذلك ابن فرحون‬
‫الضرورة خطورهتا‬ ‫وبني جبانب هذه ّ‬ ‫الشرعيّة‪ّ ،‬‬
‫ابلسياسة ّ‬
‫ضرورة العمل ّ‬
‫وتزل فيه األقدام‪ ،‬وإمهاله‬
‫تضل فيه األفهام ّ‬
‫فقال‪ " :‬وهي ابب واسع ّ‬
‫وجيرئ أهل الفساد‪ ،‬ويعني أهل العناد‪،‬‬
‫يضيّع احلقوق‪ ،‬ويعطّل احلدود‪ّ ،‬‬
‫الشنيعة‪ ،‬ويوجب سفك ال ّدماء‪ ،‬وأخذ‬
‫وسع فيه يفتح أبواب املظامل ّ‬
‫والتّ ّ‬
‫الشريعة ‪ ...‬وهبذا سلكت فيه طائفة مسلك التّفريط‬ ‫األموال بغري ّ‬
‫قل‪ ،‬ظنًّا منهم أ ّن تعاطي‬
‫املذموم‪ ،‬فقطعوا النّظر عن هذا الباب ّإال فيما ّ‬
‫احلق سبيالً واضحةً‪،‬‬ ‫ذلك ٍ‬
‫الشرعيّة‪ ،‬فس ّدوا من طرق ّ‬ ‫مناف للقواعد ّ‬
‫الشرعيّة‬
‫السياسة ّ‬ ‫ِ‬
‫وعدلوا إىل طريق العناد فاضحةً‪ ،‬أل ّن يف إنكار ّ‬
‫الراشدين‪ ،‬وطائفة سلكت هذا الباب‬ ‫الشريفة تغليطًا للخلفاء ّ‬
‫والنّصوص ّ‬
‫الشرع‬
‫مسلك اإلفراط‪ ،‬فتع ّدوا حدود هللا ‪-‬تعاىل‪ ،-‬وخرجوا عن قانون ّ‬
‫الشرعيّة قاصرة‬
‫السياسة ّ‬
‫وتومهوا أ ّن ّ‬
‫السياسة‪ّ ،‬‬‫إىل أنواع من الظّلم والبدع و ّ‬
‫( ‪Ibn‬‬ ‫األمة‪ ،‬وهو جهل وغلط فاحش "‬
‫عن سياسة اخللق ومصلحة ّ‬
‫‪)Farihun 1995‬‬

‫يقصر العلماء سل ًفا وخل ًفا يف بيان قضاايها‪،‬‬


‫بناء على هذا البيان مل ّ‬
‫وطرائق التّعامل هبا‪ ،‬وشروط أهليّة اخلوض يف مسائلها؛ كي ال تكون‬
‫لكل ماضغ‪ ،‬وال عرضة للتّالشي والتّساهل هبا‪ ،‬فألّفوا فيها‬ ‫لقمة ّ‬
‫عرض له الباحثان يف املطلب التّايل‪.‬‬
‫ومطوالت‪ .‬ذلك ما يت ّ‬
‫خمتصرات ّ‬
‫‪261‬‬
‫‪MJSL | DECEMBER 2017 | VOL 6‬‬
‫‪ISSN : 1985-7454 | E-ISSN : 2590-4396‬‬
‫‪www.mjsl.usim.edu.my‬‬

‫السياسة‬
‫السياسي وأبرز مؤلّفات علم ّ‬
‫املطلب الثّالث‪ :‬املراد ابلبعد ّ‬
‫شرعيّة قدمياً وحديثاً‬
‫ال ّ‬
‫رعي إىل أنواع‪ ،‬نوع تناول فيه‬
‫الش ّ‬
‫ياسي ّ‬‫الس ّ‬ ‫تنوعت املؤلّفات يف اجملال ّ‬
‫ّ‬
‫ابلسياسة اإلداريّة لل ّدولة اإلسالميّة‪ ،‬وآخر تناولوا فيه‬
‫أراببه ما يتعلّق ّ‬
‫السياسة‬
‫السياسة املاليّة لل ّدولة اإلسالميّة‪ ،‬ونوع آخر تناولوا فيه ّ‬ ‫ّ‬
‫السياسي‬
‫املخصصة يف اجملال ّ‬
‫ّ‬ ‫القضائيّة‪ .‬وفيما يلي ذكر بعض املؤلّفات‬
‫ويتفرع هذا املطلب إىل فرعني‪:‬‬
‫الشرعي‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫الشرعيّة‬
‫السياسة ّ‬ ‫األول‪ :‬املراد ابلبعد ّ‬
‫السياسي وأبرز مؤلّفات علم ّ‬ ‫الفرع ّ‬
‫قدمياً وحديثاً ‪،‬‬
‫أوًل‪ :‬هناك حبث صغري احلجم عظيم النّفع يف سرد كتاابت يف ّ‬
‫السياسة‬ ‫ً‬
‫جل كتب‬‫الشرعيّة‪ ،‬وعنوانه أكرب دليل على ذلك‪ ،‬وملّا مل يسع سرد ّ‬‫ّ‬
‫لزما على الباحثني أن حييال األخ القارئ إىل هذا‬
‫الشرعيّة‪ ،‬كان ً‬
‫السياسة ّ‬
‫ّ‬
‫السياسة‬
‫البحث‪ ،‬وهو يف حدود ‪ 29‬صفحة‪ ،‬بعنوان‪ :‬قراءة يف كتب ّ‬
‫الشرعيّة بني القدمي واحلديث‪ ،‬وهو على صيغة ورد‪ .‬للمزيد من معرفة‬
‫ّ‬
‫الرجوع إليه‪.) alsharif N .D(.‬‬
‫الشرعيّة يرجى ّ‬
‫السياسة ّ‬
‫كتب ّ‬

‫السياسي اإلسالمي يكون اترة إدارًّاي وأخرى ماليًّا‪،‬‬


‫التّأليف يف اجملال ّ‬
‫وطورا قضائيًّا‪ ،‬هذا من حيث غلبة ما خيوض فيه املؤلّف‪ ،‬واحلال أ ّن ًّ‬
‫كال‬ ‫ً‬

‫‪262‬‬
‫‪MJSL | DECEMBER 2017 | VOL 6‬‬
‫‪ISSN : 1985-7454 | E-ISSN : 2590-4396‬‬
‫‪www.mjsl.usim.edu.my‬‬

‫من هؤالء املؤلّفني مع اختالف مناهجهم‪ ،‬جتد يف مؤلّفات اجملال‬


‫السياسي‪ ،‬والعكس كذلك‪.‬‬
‫اإلداري موضوعات اجملال املايل ّ‬

‫لعل من أوائل الّذين كتبوا يف‬ ‫ّأوًًل‪ّ :‬‬


‫السياسىة اإلداريّة لل ّدولة اإلسالميّة‪ّ :‬‬
‫الشافعي‪،‬‬
‫السياسة اإلدرايّة لل ّدولة اإلسالميّة‪ ،‬اإلمام أبو احلسن املاوردي ّ‬
‫ّ‬
‫وله يف هذا اجملال كتب مفيدة وكثرية‪ ،‬يذكر الباحثان منها ما يلي‪:‬‬

‫ال ّدينيّة‪.‬‬ ‫والوالايت‬ ‫السلطانيّة‬


‫ّ‬‫األحكام‬ ‫‪‬‬
‫(‪)Almawrdy 1989‬‬
‫‪Almawrdi‬‬ ‫السلوك يف سياسة امللوك‪(.‬‬
‫دور ّ‬ ‫‪‬‬
‫‪)1997‬‬
‫نصيحة امللوك‪)Almawrdy 1983( .‬‬ ‫‪‬‬
‫قوانني الوزارة وسياسة امللك (‪) Almawrdy 1979‬‬ ‫‪‬‬
‫تسهيل النّظر وتعجيل الظَّفر يف أخالق امللِك‬ ‫‪‬‬
‫وسياسة امللك‪ ،)Almawrdy 1981( .‬وغري هذه كثرية‪.‬‬
‫أيضا‪:‬‬
‫ومنها ً‬
‫األحكام السلطانيّة ( ‪Alhnbly‬‬ ‫‪‬‬
‫‪Abu Yaelaa‬‬
‫ّ‬
‫حممد بن‬ ‫‪ " .)2000‬اإلمام ّ‬
‫العالمة‪ ،‬شيخ احلنابلة‪ ،‬القاضي أبو يعلى‪ّ ،‬‬
‫الفراء‪،‬‬
‫حممد بن خلف بن أمحد البغدادي‪ ،‬احلنبلي‪ ،‬ابن ّ‬ ‫احلسني ابن ّ‬

‫‪263‬‬
‫‪MJSL | DECEMBER 2017 | VOL 6‬‬
‫‪ISSN : 1985-7454 | E-ISSN : 2590-4396‬‬
‫‪www.mjsl.usim.edu.my‬‬

‫صاحب التّعليقة الكربى‪ ،‬والتّصانيف املفيدة يف املذهب‪ .‬ولد سنة‪043‬‬


‫هـ‪).Aldhahabi 1982( .‬‬
‫غياث األمم يف التّياث الظّلم‪Aljuyni,. 1401 ( .‬‬ ‫‪‬‬
‫الشهرة‬
‫األصويل املتكلّم‪ ،‬صاحب ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ .)h‬هو اإلمام املدقّق احمل ّقق النّظّار‬
‫السراة واحلداة هبا شرقًا وغرًاب‪ ،‬له مؤلّفات كثرية‪ .‬ولد يف ‪14‬‬
‫الّيت سارت ّ‬
‫وتويف سنة ‪ 23‬ربيع اآلخر ‪874‬هـ‪ .‬رمحه هللا ‪1810‬هـ)‪،‬‬ ‫حمرم ‪819‬هـ‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫(‪).Aldhahabi 1982‬‬
‫‪Ibn‬‬ ‫الرعيّة (‬
‫الراعي و ّ‬
‫الشرعيّة يف إصالح ّ‬
‫السياسة ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪‬‬
‫املتبحر يف‬
‫‪ ،)Taymiat 1983‬شيخ اإلسالم ابن تيميّة اإلمام اجملتهد ّ‬
‫أتهل للتّدريس والفتوى دون العشرين‪ ،‬وله كتب أخرى يف‬ ‫شت‪ّ ،‬‬ ‫علوم ّ‬
‫جملال‪ ،‬لكن مل يقف عليها الباحثان‪ ،‬مثل‪ " :‬مراتب اإلدارة " و " رسالة‬
‫السياسيّة الّيت طفح هبا‬
‫يف اخلالفة واحلكم "‪ ،‬هذا انهيك عن فتاويه ّ‬
‫كتبه األخرى‪ .‬رمحه هللا ورضي عنه‪ .‬الوالدة والوفاة‪724 - 661 :‬هـ‪.‬‬
‫(‪).Aldhahabi 1982‬‬
‫الشرعيّة املاليّة‪،‬‬
‫السياسة ّ‬ ‫اثنيًا‪ّ :‬‬
‫السياسة املاليّة لل ّدولة اإلسالميّة‪ :‬و ّأما عن ّ‬
‫شأان عن سابقتها؛ لتعلّقها أبحد‬‫تقل ً‬‫فإ ّن املؤلّفات يف هذا اجملال ال ّ‬
‫تقل‬
‫الشريعة اإلسالميّة للحفاظ عليها‪ ،‬وإن كانت ّ‬ ‫األمور الّيت جاءت ّ‬
‫عنها ابلنّسبة إلفرادها ابلتّأليف فيها‪ .‬يذكر الباحثان منها ما يلي‪:‬‬
‫كتاب اخلراج (‪.)Alqadi 'Abu Yusif, 1979‬‬ ‫‪‬‬
‫العالمة فقيه العراقيّني يعقوب بن إبراهيم‬
‫القاضي أبو يوسف اإلمام ّ‬

‫‪264‬‬
‫‪MJSL | DECEMBER 2017 | VOL 6‬‬
‫‪ISSN : 1985-7454 | E-ISSN : 2590-4396‬‬
‫‪www.mjsl.usim.edu.my‬‬

‫األنصاري الكويف‪ ،‬صاحب أيب حنيفة ‪-‬رضي هللا عنهما‪ ،-‬ولد أبو‬
‫وتويف سنة ‪142‬م‪ .‬انظر (‪.)Alshiyarazi 1970‬‬‫يوسف سنة ‪110‬ه‪ّ ،‬‬
‫كتاب األموال‪ .)Ibn Salam 2007( .‬أبو عبيد‬ ‫‪‬‬
‫القاسم ب ن سالم‪ ،‬اإلمام اجملتهد البحر‪ ،‬القاسم بن سالم البغدادي‪ ،‬كان‬
‫أسا‬
‫متوسطة‪ ،‬عارفًا ابلفقه واالختالف‪ ،‬ر ً‬
‫حافظًا للحديث وعلله ومعرفته ّ‬
‫إماما يف القراءات‪ ،‬له فيها مصنّف‪ ،‬ويل قضاء الثّغور م ّدة‪.‬‬
‫يف اللّغة‪ً ،‬‬
‫سنة الوالدة والوفاة‪228 - 133 :‬هـ‪404-767 ،‬م ( ‪Aldhahabi‬‬
‫‪).1982‬‬
‫‪Abn Rajab‬‬ ‫كتاب االستخراج ألحكام اخلراج (‬ ‫‪‬‬
‫الرمحن بن أمحد بن‬
‫العالمة زين ال ّدين عبد ّ‬
‫‪ .)1985‬هو اإلمام احلافظ ّ‬
‫السالمي‬
‫حممد بن أيب الربكات مسعود ّ‬ ‫الرمحن بن احلسن بن ّ‬‫عبد ّ‬
‫الشهري اببن رجب‪ ،‬ولد سنة‬‫البغدادي ال ّدمشقي احلنبلي أبو الفرج ّ‬
‫(‪)Alsayuti 1983‬‬ ‫وتويف سنة ‪793‬هـ‪ ،‬له ع ّدة مصنّفات‪.‬‬
‫‪706‬هـ‪ّ ،‬‬

‫السياسة القضائيّة‪،‬‬ ‫اثلثًا‪ّ :‬‬


‫السياسة القضائيّة لل ّدولة اإلسالميّة‪ :‬و ّأما عن ّ‬
‫نظام القضاء يف ال ّدولة اإلسالميّة‪ ،‬فإ ّن املؤلّفات فيها فوق احلصر‪ ،‬وهذا‬
‫النّظام اعتىن العلماء ابلتّأليف فيه خلطورته‪ ،‬ولصعوبة اخلوض فيه‪،‬‬
‫فوضعوا قواعده وأركانه وشروطه‪ ،‬وبيّنوا صحيحه من عليله‪ ،‬حت الحت‬
‫جل مسائله كأسنان املشط يف االستواء‪ ،‬رجاء أن يكون القاضي على‬ ‫ّ‬
‫اتمة مبا هو مقبل إليه‪ ،‬والعلماء الّذين أفردوا هذا اجلانب الفقهي‬
‫دراية ّ‬
‫كل واحد‪،‬‬
‫ابلتّأليف غلب عليهم اتّباع قواعد املذهب الّذي ينتمي إليه ّ‬
‫‪265‬‬
‫‪MJSL | DECEMBER 2017 | VOL 6‬‬
‫‪ISSN : 1985-7454 | E-ISSN : 2590-4396‬‬
‫‪www.mjsl.usim.edu.my‬‬

‫اإلسالمي على اختالف املذاهب‬


‫ّ‬ ‫عما احتوته كتب الفقه‬
‫هذا انهيك ّ‬
‫من مسائل يف القضاء‪ .‬يذكر الباحثان من ذلك ما يلي‪:‬‬
‫يف املذهب احلنفي‪:‬‬

‫يرتدد بني اخلصمني من األحكام‪،‬‬


‫معني احل ّكام فيما ّ‬ ‫‪‬‬
‫مل يقف الباحثان على نسخة ورقيّة وال على يب دي إف من ذلك‬
‫الشاملة اإللكرتونيّة‪ ،‬وهي‬
‫الكتاب‪ ،‬وإّنا الّذي وقفا عليه نسخة املكتبة ّ‬
‫يف حدود ‪ 77‬صفحة‪ .‬واملؤلف هو علي بن خليل الطّرابلسي‪ ،‬أبو‬
‫تويف سنة‪488‬ه‬‫احلسن‪ ،‬عالء ال ّدين‪ ،‬فقيه حنفي‪.‬كان قاضيًا ابلقدس‪ّ .‬‬
‫(‪)Alzarkaluy, 2002‬‬
‫( ‪Mala Khasru‬‬ ‫درر احل ّكام يف شرح غرر األحكام‬ ‫‪‬‬
‫مبال ‪ -‬أو منال أو املوىل‬
‫حممد بن فرامرز بن علي‪ ،‬املعروف ّ‬ ‫‪ّ .)N. D‬‬
‫خسرو ‪ ،-‬عامل بفقه احلنفيّة واألصول‪ .‬رومي األصل‪ .‬أسلم أبوه‪ .‬ونشأ‬
‫وتوىل التّدريس يف زمان‬
‫فتبحر يف علوم املعقول واملنقول‪ّ ،‬‬
‫مسلما‪ّ ،‬‬
‫هو ً‬
‫وتويف‬
‫حممد بن مراد‪ ،‬مبدينة بروسة‪ .‬وويل قضاء القسطنطينيّة‪ّ ،‬‬‫السلطان ّ‬
‫ّ‬
‫هبا سنة ‪443‬هـ‪ ،‬ونقل إىل بروسة‪ .‬له مصنّفات ع ّدة‪Alzarkaluy, ( .‬‬
‫‪)2002‬‬
‫‪Alsharif,‬‬ ‫درر احل ّكام شرح جملّة األحكام (‬ ‫‪‬‬
‫‪ )2003‬مل يقف الباحثان على ترمجة وافية للمؤلّف ّإال ما وجداه يف‬
‫األول حملكمة التّمييز‪،‬‬
‫الرئيس ّ‬
‫الشاملة‪ " .‬فقيه حنفي‪ ،‬كان ّ‬
‫موقع املكتبة ّ‬
‫ومدرس جملّة األحكام‬
‫وأمني الفتيا‪ ،‬ووزير العدليّة يف ال ّدولة العثمانيّة‪ّ ،‬‬

‫‪266‬‬
‫‪MJSL | DECEMBER 2017 | VOL 6‬‬
‫‪ISSN : 1985-7454 | E-ISSN : 2590-4396‬‬
‫‪www.mjsl.usim.edu.my‬‬

‫تويف سنة ‪1030‬هـ"‬ ‫ّ‬ ‫العدليّة مبدرسة احلقوق ابألستانة‬


‫بتاريخ‪:‬‬ ‫‪http://shamela.ws/index.php/author/626‬‬
‫الزركلي بقوله‪ :‬علي حيدر " ابشا " ابن جابر‬
‫‪3402/04/30‬م‪ .‬وترجم له ّ‬
‫بن عبد املطّلب بن غالب احلسين‪ :‬من أشراف م ّكة‪ ،‬ولد وتعلّم‬
‫كيال ّأول‬
‫ابألستانة‪ ،‬وتق ّدم عند العثمانيّني فجعلوه وز ًيرا لألوقاف‪ ،‬ثّ و ً‬
‫لرايسة جملس األعيان‪)Alzarkaluy, 2002( .‬‬
‫يف املذهب املالكي‪:‬‬
‫تبصرة احل ّكام يف أصول األقضية ومناهج األحكام‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫حممد بن‬
‫(‪ )Ibn Farihun 1995‬هو إبراهيم بن علي بن أىب القاسم بن ّ‬
‫فرحون‪ .‬فقية مالكي‪ .‬ولد ابملدينة سنة ‪719‬ه‪ ،‬ونشأ هبا‪ ،‬وتف ّقه فيها‬
‫وويل قضاءها‪ .‬كان عاملا ابلفقه واألصول والفرائض وعلم القضاء‪ .‬من‬
‫ً‬
‫األمهات "‪ ،‬وهو شرح خمتصر‬ ‫ّ‬ ‫جامع‬ ‫ح‬‫شر‬ ‫يف‬ ‫ات‬ ‫املهم‬
‫تصانيفة " تسهيل ّ‬
‫املذهب يف معرفة أعيان علماء املذهب "‪.‬‬
‫ابن احلاجب‪ ،‬و" ال ّديباج ّ‬
‫(‪)Alzarkaluy, 2002‬‬
‫حتفة احل ّكام‪ ،‬منظومة يف القضاء على مذهب‬ ‫‪‬‬
‫حممد‪ ،‬أبو بكر‬
‫حممد بن ّ‬ ‫حملمد بن ّ‬‫اإلمام مالك بن أنس –رمحه هللا‪ّ ،-‬‬
‫ابن عاصم القيسي الغرانطي‪ ،‬قاض‪ ،‬من فقهاء املالكيّة ابألندلس‪.‬مولده‬
‫ووفاته ‪429 - 763‬ه‪1826 - 1039 ،‬م‪ ،‬بغرانطة‪ .‬كان جيلّد‬
‫حت ويل قضاء القضاة ببلده‪Alzarkaluy, ( .‬‬ ‫الكتب يف صباه‪ ،‬وتق ّدم ّ‬
‫‪)2002‬‬

‫‪267‬‬
‫‪MJSL | DECEMBER 2017 | VOL 6‬‬
‫‪ISSN : 1985-7454 | E-ISSN : 2590-4396‬‬
‫‪www.mjsl.usim.edu.my‬‬

‫مالحةة‪ :‬مل يقف الباحثان على نسخة ورقيّة وال علي يب دي إف‪ ،‬بل‬
‫مهمة‬
‫الشاملة‪ .‬وضعت عليها شروح عديدة‪ّ ،‬‬ ‫حصال على نسخة املكتبة ّ‬
‫الشروح‪ " :‬اإلتقان واإلحكام يف شرح حتفة‬ ‫يف ح ّد ذاهتا‪ .‬ومن هذه ّ‬
‫حممد‪ ،‬أبو عبد هللا‪ ،‬ميارة‪ :‬فقيه مالكي‪.‬‬
‫حملمد بن أمحد بن ّ‬
‫احل ّكام "‪ّ ،‬‬
‫من أهل فاس‪ .‬الوالدة والوفاة‪1372 - 999 :‬ه ‪- 1393 ،‬‬
‫الشروح أيضا‪ " :‬البهجة يف‬
‫‪1662‬م‪ )Alzarkaluy, 2002( .‬ومن ّ‬
‫السالم‬
‫شرح التّحفة " أليب احلسن التّسويل املالكي‪ ،‬وهو علي بن عبد ّ‬
‫التّسويل‪ ،‬أبو احلسن القاضي املالكي املعروف مبديدش‪ ،‬من أهل فاس‬
‫تويف سنة ‪1234‬م‪)Alzarkaluy, 2002( .‬‬ ‫ابملغرب‪ّ ،‬‬
‫الشافعي‪:‬‬
‫ويف املذهب ّ‬

‫‪.‬‬
‫أدب القاضي‪)Almawrdy 1971( .‬‬ ‫‪‬‬
‫الشهود‪.‬‬
‫جواهر العقود ومعني القضاة واملوقّعني و ّ‬ ‫‪‬‬
‫حممد بن أمحد بن علي بن عبد‬‫(‪ .)al'asyutiu 1996‬هو مشس ال ّدين ّ‬
‫الشافعي املنهاجي‪ ،‬فقيه وأديب‪ .‬ولد‬
‫اخلالق األسيوطي ثّ القاهري ّ‬
‫استقر ابلقاهرة‪ .‬من آاثره‪:‬‬
‫أبسيوط‪ ،‬ونشأ هبا‪ ،‬وجاور مب ّكة م ّدة‪ ،‬و ّ‬
‫السالك‬
‫الشهود يف جملّد ضخم‪ ،‬وهداية ّ‬
‫جواهر العقود ومعني القضاة و ّ‬
‫إىل أوضح املسالك‪)Almawrdy 1971( .‬‬

‫‪268‬‬
‫‪MJSL | DECEMBER 2017 | VOL 6‬‬
‫‪ISSN : 1985-7454 | E-ISSN : 2590-4396‬‬
‫‪www.mjsl.usim.edu.my‬‬

‫( ‪Ibn alqym‬‬ ‫الشرعيّة‬


‫السياسة ّ‬
‫ويف املذهب احلنبلي‪ :‬الطّرق احلكميّة يف ّ‬
‫حممد بن أيب بكر بن أيّوب بن‬
‫العالمة مشس ال ّدين أبو عبد هللا ّ‬
‫‪ّ )1428‬‬
‫الشهري اببن قيّم‬
‫الزرعي ثّ ال ّدمشقي الفقيه احلنبلي‪ّ ،‬‬
‫سعد ابن حريز ّ‬
‫تويف سنة ‪731‬ه‪Ibn ( .‬‬ ‫شت‪ ،‬وله تصانيف ع ّدة‪ّ ،‬‬
‫متبحر بعلوم ّ‬
‫اجلوزيّة‪ّ ،‬‬
‫‪)Aleimad Alhnbali 1986‬‬
‫واإلمام ابن القيّم حنبلي املذهب‪ ،‬و ّأما كتابه هذا فهو ليس فقط على‬
‫السنّة واجلماعة‪،‬‬
‫أئمة أهل ّ‬ ‫قواعد مذهبه‪ ،‬بل على قواعد مذهب ّ‬
‫ابألمة حنو حتقيق العدل واملساواة‪،‬‬
‫الشرعي الّيت تسري ّ‬
‫وأصوهلم يف القضاء ّ‬
‫كل ما يتعلّق ابلعمران البشري واالجتماع اإلنساين‪،‬‬
‫السياسة احل ّقة يف ّ‬
‫و ّ‬
‫الشريعة اإلسالميّة‪.‬‬
‫على ضوء مقاصد ّ‬

‫الشرعيّة حديثًا‪.‬‬ ‫الفرع الثاين‪ :‬أبرز مؤلّفات علم ّ‬


‫السياسة ّ‬
‫اإلسالمي املعاصر‪ - ،‬وإذا كان‬
‫ّ‬ ‫السياسي‬
‫ّأما عن التّأليف يف اجملال ّ‬
‫االهتمام به مل حيظ مبا حظيت به جوانب الفقه األخرى يف القدمي – فإ ّن‬
‫له اليوم حظوة قويّة لدى الباحثني املعاصرين‪ ،‬يف كافّة أحناء العامل‬
‫اإلسالمي‪ ،‬مشرقًا ومغرًاب‪ ،‬وقد أقاموا له مؤمترات وندوات؛ ليبيّنوا للنّاس‬
‫خطورة اخلوض يف جماالته‪ ،‬وضرورة العمل به يف نفس الوقت‪ .‬وأ ّن‬
‫الشريعة‪،‬‬
‫مسائله وقضاايه تساهم بشكل أوضح وأكثر يف بيان مرونة ّ‬
‫الشارع‬
‫لكل زمان ومكان‪ ،‬وإعمال مقاصد ّ‬ ‫وسعتها ومشوهلا وصالحيتها ّ‬
‫الضرر‪ ،‬أكثر من بقيّة جوانب‬
‫احلكيم‪ ،‬من حيث جلب النّفع‪ ،‬ودفع ّ‬
‫كثريا منها تتعلّق‬
‫الفقه اإلسالمي‪ ،‬على مستوى التّطبيق‪ ،‬وذلك أ ّن ً‬
‫‪269‬‬
‫‪MJSL | DECEMBER 2017 | VOL 6‬‬
‫‪ISSN : 1985-7454 | E-ISSN : 2590-4396‬‬
‫‪www.mjsl.usim.edu.my‬‬

‫الشارع ال ابإللغاء وال ابالعتبار‪ ،‬حبيث ما مل‬‫ابألشياء الّيت مل يتناوهلا ّ‬


‫اتمة مدركة‬ ‫الشارع له ال ابالعتبار وال ابإللغاء‪ :‬راجع إىل قرحية ّ‬
‫يشهد ّ‬
‫إجيااب أو سلبًا‪ ،‬وذلك‬‫الشريعة ومراميها عند احلكم عليه‪ ،‬إما ً‬ ‫ملقاصد ّ‬
‫عرب عنه العلماء بـ ـ‬
‫مهمة صعبة‪ ،‬ومسلك وعر‪ ،‬حتار فيه الفهوم‪ ،‬وهو ما ّ‬ ‫ّ‬
‫"املصاحل املرسلة" وأ ّهنا تدعو إىل التّوسعة على والة األمور يف أن حيكموا‬
‫نص‪ ،‬ال من‬‫مبا يرونه صاحلًا للمجتعات اإلسالميّة‪ ،‬ولو مل يرد بذلك ّ‬
‫الشريفة‪ .‬هذا‪ ،‬وقد سبق أن أشار‬ ‫السنّة النّيويّة ّ‬
‫القرآن الكرمي وال من ّ‬
‫الباحثان إىل بعد إدراك ٍّ‬
‫كل من ابن القيّم احلنبلي‪ ،‬وابن فرحون املالكي‪،‬‬
‫الشهرية‬
‫املبين على هذه املعاين العظيمة‪ ،‬الّيت تتمركز على مفاد مقولتهما ّ‬
‫الضرورة القصوى‬
‫الشرعيّة خطورة وضرورة‪ .‬وهلذه ّ‬ ‫ابلسياسة ّ‬ ‫يف العمل ّ‬
‫السامي‪ ،‬ألبس املعاصرون قضاايها حلّة من الكمال واجلمال‪،‬‬ ‫واهلدف ّ‬
‫ضخاما‪ ،‬وأقاموا فيها‬
‫ً‬ ‫وفرقوا بني خريها وشرها؛ حيث ألّفوا يف ذلك كتبًا‬
‫ّ‬
‫اإلسالمي دين‬
‫ّ‬ ‫كثارا‪ ،‬وبيّنوا من خالل ذلك أ ّن ال ّدين‬
‫ندوات ودورات ً‬
‫ودولة‪ ،‬وعقيدة وشريعة‪ ،‬وأ ّن تعاليمه اشتملت على مجيع أمور ال ّدنيا‪،‬‬
‫قرآان كانت أو سنّة‪.‬‬
‫متحرين يف ذلك كلّه منطوق النّصوص ومفهومها‪ً ،‬‬ ‫ّ‬
‫الشرعيّة‪ ،‬وطلبًا‬
‫السياسيّة ّ‬
‫وفيما يلي ذكر بعض أبرز تلك املؤلّفات ّ‬
‫لالختصار يكتفي الباحثان مبا يلي‪:‬‬

‫التّشريع اجلنائي اإلسالمي مقارًان ابلقانون الوضعي‪،‬‬ ‫‪‬‬


‫(‪ )Aabd Alqadir Eawdat. N. D‬عبد القادر عودة ولد ‪1936‬م‪-‬‬

‫‪270‬‬
‫‪MJSL | DECEMBER 2017 | VOL 6‬‬
‫‪ISSN : 1985-7454 | E-ISSN : 2590-4396‬‬
‫‪www.mjsl.usim.edu.my‬‬

‫وتويف ‪1938‬م‪ ،‬قاض وفقيه دستوري‪ ،‬ولد بقرية كفر احلاج شربيين من‬ ‫ّ‬
‫وخترج فيها عام‬
‫أعمال مركز شربني‪ ،‬التحق بكلّيّة احلقوق ابلقاهرة‪ّ ،‬‬
‫‪1903‬م‪ ،‬وكان من ّأول النّاجحني‪ .‬التحق بوظائف النّيابة‪ ،‬ثّ القضاء‪،‬‬
‫وكانت له مواقف مثاليّة‪ .‬له تصانيف كثرية‪ ،‬منها " اإلسالم وأوضاعنا‬
‫السياسيّة "‪ ،‬و" املال واحلكم يف‬
‫القانونيّة"‪ ،‬و" اإلسالم وأوضاعنا ّ‬
‫اإلسالم "‪ ،‬و" اإلسالم بني جهل أبنائه وعجز علمائه‪Alzirkluy ( .‬‬
‫‪.)2002‬‬
‫الشرعيّة يف ضوء نصوص الكتاب‬ ‫السياسة ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪‬‬
‫ومقاصدها‪.)alqirdawi 2011( .‬‬
‫الشريعة والتّاريخ اإلسالمي‪،‬‬
‫نظام احلكم يف ّ‬ ‫‪‬‬
‫(‪ ) alqasimi 1987‬مل يقف الباحثان على ترمجته‪.‬‬
‫حكم املشاركة يف الوزارة واجملالس النّيابيّة‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫(‪.)al'ashqur 2009‬‬
‫( ‪Adalan‬‬ ‫السياسيّة‪.‬‬
‫الشرعيّة للنّوازل ّ‬
‫األحكام ّ‬ ‫‪‬‬
‫‪)2011‬‬

‫السياسة‬
‫واحلقيقة أ ّن النّاظر يف هذه الكتب جيد أ ّن املؤلّفات يف قضااي ّ‬
‫كثرية‪ ،‬وإن كانت قليلة ابملقارنة ببقيّة جوانب تراث الفقه اإلسالمي‪،‬‬
‫احلق أ ّن سردها يف جمال واحد من املستحيل‪ ،‬لكن أشار الباحثان إىل‬‫و ّ‬
‫يدا من االطّالع‪.‬‬
‫مظا ّهنا؛ لريجع إليها من يريد مز ً‬

‫‪271‬‬
‫‪MJSL | DECEMBER 2017 | VOL 6‬‬
‫‪ISSN : 1985-7454 | E-ISSN : 2590-4396‬‬
‫‪www.mjsl.usim.edu.my‬‬

‫وبكل حال‪ ،‬فإ ّن الغرض من ضرورة مراجعة العلماء املنظّرين لعلم أصول‬ ‫ّ‬
‫وخاصة تلك اجلوانب الّيت يعتىن فيها‬‫ّ‬ ‫الشريعة‪،‬‬
‫الفقه‪ ،‬وعلم مقاصد ّ‬
‫الشرعيّة‪ ،‬ليس اهلدف سوى استكشاف أ ّن‬ ‫السياسة ّ‬ ‫بتأصيل مسائل ّ‬
‫الشريعة اإلسالميّة كفيلة بتنظيم حياة اجملتمع اإلسالمي‪ ،‬بكافّة جوانبه‪.‬‬
‫ّ‬

‫السياسيّة ( بُعد‬
‫شريعة يف القضااي ّ‬
‫املبحث الثّالث‪ :‬اعتبار مقاصد ال ّ‬
‫كل منهما يف اآلخر )‬
‫ّ‬
‫التّعامل مع مستج ّدات العصور واألمصار‪ ،‬أمر ذو خطورة‪ ،‬وخطورته من‬
‫كل عصر أبحد األحكام‬ ‫حيث النّتيجة الّيت هي إحلاق مستج ّدات ّ‬
‫بكل‬
‫حري ّ‬ ‫رب العاملني‪ ،‬وجب فيه التّ ّ‬
‫التّكليفيّة اخلمسة‪ ،‬وهذا توقيع عن ّ‬
‫معناه‪ ،‬فقد انقسم النّاس جتاه هذا إىل ثالث فرق‪ ،‬منهم من أفرط يف‬
‫توسط بني الفريقني‪،‬‬
‫العمل‪ ،‬ومنهم من ّفرط‪ ،‬والطّرف الثّالث هو الّذي ّ‬
‫الشرعيّة حنو املستج ّدات‪ ،‬وهذا‬
‫السياسة ّ‬
‫فعمل مبا تقتضيه قواعد وأسس ّ‬
‫الشارع‪ ،‬وال يلحق ابل ّدين ما ليس منه‪ ،‬بل عدم إعمال‬
‫ال خيالف مقصد ّ‬
‫الغراء‪ ،‬كوصفها‬
‫الشريعة ّ‬
‫متس ّ‬
‫املصاحل املرسلة قد ينتج عنه آاثر سيّئة ّ‬
‫ابجلمود والقصور يف مسايرة مستج ّدات هذا العصر املوصوف بعصر‬
‫يتخوفه اآلخرون‪ ،‬فقد تفطّن‬
‫املتطورة‪ .‬وأ ّما ما ّ‬
‫التّق ّدم أو عصر احلضارات ّ‬
‫الراشدة‪ ،‬حيث واجهوا‬ ‫وخاصة عهد اخلالفة ّ‬
‫ّ‬ ‫الزمان‪،‬‬
‫إليه من قدمي ّ‬
‫مشاكل حنو مستج ّداهتم‪ ،‬وذلك بعدما ارتسخ يف القلوب أ ّن ال ّدين قد‬
‫استنادا إىل قول هللا –تعاىل‪ -‬يف حمكم تنزيله‪ ﴿ :‬الْيـ ْوم أ ْكم ْلت‬
‫ً‬ ‫اكتمل‪،‬‬

‫‪272‬‬
‫‪MJSL | DECEMBER 2017 | VOL 6‬‬
‫‪ISSN : 1985-7454 | E-ISSN : 2590-4396‬‬
‫‪www.mjsl.usim.edu.my‬‬

‫( ‪Surat‬‬ ‫اإل ْسالم ِدينًا ﴾‬


‫لكم ِدينكم وأ ْمت ْمت علْيكم نِ ْعم ِيت ور ِضيت لكم ِْ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫‪) 3 Almayida‬‬
‫يتبني من خالهلا أ ّن مراعاة‬
‫والباحثان يذكران بعض األمثلة الّيت سوف ّ‬
‫هذه األبعاد ليست جديدة‪:‬‬

‫الصحابة ‪-‬رضوان هللا عليهم‪ -‬على مجع القرآن الكرمي‬


‫‪ -1‬اتّفاق ّ‬
‫ابألمة إن وقعت‪،‬‬
‫ضارة ّ‬‫وذلك أ ّهنم رضوان هللا عليهم انتبهوا ملشكلة ّ‬
‫الراشدة‪ ،‬يف معركة‬
‫تعرض ح ّفاظ كتاب هللا للقتل يف عهد اخلالفة ّ‬
‫فعندما ّ‬
‫مكتواب‬
‫ً‬ ‫اليمامة‪ ،‬وكان القرآن يومئذ كما نزل يف العهد النّبوي منطوقًا ال‬
‫لألمة اإلسالميّة الّذي يرجع إليه يف‬ ‫ّإال اليسري منه‪ ،‬وهو املرجع األساسي ّ‬
‫كل عصر ومصر‪ ،‬فهل هناك مصلحة أكرب من مجعه يف مصحف واحد‬ ‫ّ‬
‫الضياع من قلوب املسلمني؟ وقد يقول قائل‪ :‬إ ّن هللا تك ّفل‬ ‫حلفظه من ّ‬
‫كر وإِ َّان له حلافِظون﴾ ( ‪Surat‬‬
‫حبفظه‪ ،‬إذ يقول تعاىل‪﴿ :‬إِ َّان ْحنن نـَّزلْنا ال ِّذ ْ‬
‫‪)0 Alhajar‬‬

‫لكل شيء سببًا‪ ،‬فلم‬


‫صحيح أ ّن هللا قد تك ّفل حبفظ كتابه‪ ،‬ولكنّه جعل ّ‬
‫السبب الّذي‬ ‫الص ّديق ‪-‬رضي هللا عنه‪ّ -‬إال اتّباع ّ‬
‫يقنع اخلليفة أاب بكر ّ‬
‫يب ‪-‬‬ ‫فعال مل يفعله النّ ّ‬
‫لألمة‪ ،‬بعد ما كان حيسبه ً‬
‫هو‪ :‬مراعاة املصلحة ّ‬
‫لكن الفاروق عمر ‪-‬رضي هللا‬ ‫صلّى هللا عليه وآله وسلّم‪ ،-‬وال أمر به‪ّ ،‬‬
‫حت رأى مثل ما رأى عمر‪ ،‬وطريقة سرد‬ ‫عنه‪ -‬مل يزل يراوده عنه ّ‬
‫الصحابة ‪-‬‬
‫الرواية‪ .)Albakhari, 1422( ،‬دليل على أ ّن ّ‬
‫البخاري هلذه ّ‬

‫‪273‬‬
‫‪MJSL | DECEMBER 2017 | VOL 6‬‬
‫‪ISSN : 1985-7454 | E-ISSN : 2590-4396‬‬
‫‪www.mjsl.usim.edu.my‬‬

‫رضوان هللا عليهم‪ -‬كانوا يلتمسون املصلحة ويعملون هبا وإن مل يقم دليل‬
‫ئي منصوص عليها‪.‬‬ ‫جز ّ‬

‫الصحابة ‪-‬رضوان هللا عليهم‪ -‬يف عهد عمر ‪-‬رضي هللا‬


‫‪ -2‬إمجاع ّ‬
‫عنه‪ -‬على ح ّد شارب اخلمر مثانني‪.‬‬
‫ذلك أنّه ظهر استهانة النّاس ابخلمر بعد وفاة املصطفى ‪-‬صلّى هللا عليه‬
‫وسلّم‪ ،-‬ابتّساع ال ّدولة اإلسالميّة‪ .‬ووجه املصلحة أ ّن شارب اخلمر مل‬
‫العلماء‪Ibn hajar ( ،‬‬ ‫الصحيح من أقوال‬ ‫شرعا على ّ‬ ‫يثبت له ح ّد مق ّدر ً‬
‫يب ‪-‬صلى هللا عليه وآله وسلّم‪ ،-‬بل كان يضرب‬ ‫‪ ،)1379‬يف عهد النّ ّ‬
‫ابلنّعال واجلريد وغريها‪ ،‬وملا كان عهد أيب بكر ‪-‬رضي هللا عنه‪ ،-‬ح ّد‬
‫ّ‬
‫حت كان‬ ‫ّ‬ ‫ا‬
‫و‬ ‫تدع‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫مل‬ ‫اس‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ن‬‫ّ‬ ‫أ‬ ‫إال‬
‫ّ‬ ‫‪،‬‬‫دع‬‫الر‬
‫ّ‬ ‫و‬ ‫جر‬ ‫الز‬
‫أربعني جلدة‪ ،‬لقصد ّ‬
‫الرأي أن يتّخذوه‬ ‫الصحابة‪ ،‬وكان ّ‬ ‫وقت عمر ‪-‬رضي هللا عنه‪ ،-‬فجمع ّ‬
‫كأخف احلدود ثانني‪ ،‬فاتّفقوا على ذلك دون نكري‪ .‬فـع ْن أن ِ‬
‫س بْ ِن‬ ‫ّ‬
‫ِ‬
‫اخل ْم ِر ِاب ْجل ِريد‪،‬‬ ‫ِ‬
‫يب هللا ‪-‬صلَّى هللا علْيه وسلَّم‪ -‬جلد ِيف ْ‬ ‫ِ‬ ‫مالِ ٍ‬
‫ك‪« ،‬أ َّن نِ َّ‬
‫والنِّع ِال»‪ ،‬ثَّ جلد أبو ب ْك ٍر أ ْربعِني‪ ،‬فـل َّما كان عمر‪ ،‬ودان النَّاس ِمن‬
‫اخل ْم ِر؟» فـقال عْبد َّ‬
‫الر ْمح ِن بْن‬ ‫يف والْقرى‪ ،‬قال‪« :‬ما تـرْون ِيف ج ْل ِد ْ‬ ‫الر ِ‬
‫ِّ‬
‫ود‪ ،‬قال‪« :‬فجلد عمر ثانِني»‬ ‫احلد ِ‬ ‫ٍ‬
‫ف ْ‬ ‫ع ْوف‪ :‬أرى أ ْن ْجتعلها كأخ ِّ‬
‫احلجاج‪ .‬د‪.‬ت)‪ .‬وللعلماء كالم طويل يف هذا‪ ،‬وليس هنا‬ ‫(مسلم ابن ّ‬
‫مضماره‪)Albaji 1999( ،‬‬

‫‪274‬‬
‫‪MJSL | DECEMBER 2017 | VOL 6‬‬
‫‪ISSN : 1985-7454 | E-ISSN : 2590-4396‬‬
‫‪www.mjsl.usim.edu.my‬‬

‫شريفة)‪.‬‬
‫‪ -3‬مجع املصدر الثّاين للمسلمني ( األحاديث النّبويّة ال ّ‬
‫إ ّن القرآن مل يكن ليفهم دون تبيان من املصطفى ‪-‬صلّى هللا عليه وآله‬
‫السلف جبمع أحاديثه صلّى هللا‬
‫الضروري أن يقوم ّ‬
‫ّ‬ ‫وسلّم‪ ،-‬فكان من‬
‫الشهوات يف تفسري آايت‬ ‫حت ال تدخل األهواء و ّ‬‫عليه وآله وسلّم‪ّ ،‬‬
‫القرآن أبشياء ما أنزل هللا هبا من سلطان‪ ،‬واملصلحة تقتضي ذلك‪ .‬لذا‬
‫األموي عمر بن عبد العزيز ‪-‬رمحه هللا‪ -‬أبمر أهل العلم أن‬
‫ّ‬ ‫قام اخلليفة‬
‫الرسول ‪-‬صلّى هللا عليه وآله وسلّم‪ ،-‬ويف هذا جاءت‬ ‫جيمعوا أقوال ّ‬
‫نصها‪ " :‬وكتب عمر بن عبد العزيز‬‫الرواية التّالية يف صحيح البخاري ما ّ‬
‫ّ‬
‫إىل أيب بكر ابن حزم‪":‬انظر ما كان من حديث رسول هللا ‪-‬صلّى هللا‬
‫فإين خفت دروس العلم‪ ،‬وذهاب العلماء‪ ،‬وال تقبل‬
‫عليه وسلّم‪ -‬فاكتبه‪ّ ،‬‬
‫يب ‪-‬صلّى هللا عليه وسلّم‪ ،-‬ولتفشوا العلم‪ ،‬ولتجلسوا‬
‫إال حديث النّ ّ‬
‫سرا‪".‬‬
‫حت يكون ًّ‬
‫حت يعلم من ال يعلم‪ ،‬فإ ّن العلم ال يهلك ّ‬
‫ّ‬
‫(‪.)Albikhari 1422‬‬

‫األئمة ضياع‬
‫قال احلافظ ابن حجر‪ " :‬لكن ملّا قصرت اهلمم‪ ،‬وخشي ّ‬
‫الزهري على رأس املائه‬
‫دون احلديث ابن شهاب ّ‬ ‫دونوه‪ .‬وأول من ّ‬
‫العلم‪ّ ،‬‬
‫أبمر عمر بن عبد العزيز‪ ،‬ثّ كثر التّدوين‪ ،‬ثّ التّصنيف‪ ،‬وحصل بذلك‬
‫خري كثري‪ ،‬فللّه احلمد"‪)Ibn hajar 1379( .‬‬

‫ويعم نفعه‪ ،‬وهل هناك‬


‫هذا وإ ّن املصلحة ال تعترب ّإالفيما يكثر خريه‪ّ ،‬‬
‫أنفع وخري أكثر فائدة يف املرجعيّة من مجع أحاديث املصطفى ‪-‬صلّى‬
‫‪275‬‬
‫‪MJSL | DECEMBER 2017 | VOL 6‬‬
‫‪ISSN : 1985-7454 | E-ISSN : 2590-4396‬‬
‫‪www.mjsl.usim.edu.my‬‬

‫هللا عليه وآله وسلّم‪-‬؟ فما قام به اخلليفة عمر بن عبد العزيز ‪-‬رضي هللا‬
‫عنه‪ -‬ليس خمال ًفا حلديث النّهي الذي رواه اإلمام مسلم يف صحيحه ما‬
‫ي‪ ،‬أ َّن رسول هللاِ ‪-‬صلَّى هللا علْي ِه وسلَّم‪-‬‬ ‫نصه‪ۖ " :‬عن أِيب سعِ ٍ‬
‫اخل ْد ِر ِّ‬
‫يد ْ‬ ‫ّ ْ‬ ‫ّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قال‪ " :‬ال ت ْكتـبوا ع ِّين‪ ،‬وم ْن كتب ع ِّين غْيـر الْق ْرآن فـ ْلي ْمحه‪ ،‬وح ّدثوا‬
‫ع ِّين‪ ،‬وال حرج‪ ،‬وم ْن كذب عل َّي ‪ -‬قال مهَّ ٌام‪ :‬أ ْح ِسبه قال ‪ -‬متـع ِّم ًدا‬
‫ِ‬
‫الصحابة الكرام؛‬ ‫فـ ْليـتـبـ َّوأْ م ْقعده من النَّا ِر "‪ ")msilim N. D( .‬وال لفعل ّ‬
‫إذ إ ّهنم مل ميتنعوا إال خوف اختالطه ابلقرآن‪ ،‬فلما زال ذلك‪ ،‬تعيّنت‬
‫املصلحة‪ ،‬وأمر هبا اخلليفة‪.)Alnawawi 1392( .‬‬

‫الرائد الّذي نريد أن‬


‫هذا وكما أنّه يبدو بشكل أوسع‪ ،‬ضرورته يف العصر ّ‬
‫كل‬
‫لكل مستج ّداتنا‪ ،‬والقرآن الكرمي ليست فيه تفصيل ّ‬
‫حكما ّ‬
‫جند فيه ً‬
‫بياان جململ القرآن‪،‬‬
‫جل أحاديث املصطفى ً‬ ‫املسائل اجلزئيّة‪ ،‬لكن كانت ّ‬
‫للسري يف مسايرة‬
‫الّذي من خالهلا نعلم العلل الّيت ميكننا االنطالق منها ّ‬
‫كل عصر ومصر‪.‬‬ ‫مستج ّدات ّ‬

‫‪ -8‬هدم البنيان اجملاورة للمسجد النّبوي‪.‬‬


‫األموي عمر بن عبد العزيز على املدينة‪ ،‬يف خالفة ابن‬
‫ّ‬ ‫إابن إمارة اخلليفة‬
‫بوي لتوسعته‪،‬‬
‫عمه الوليد بن عبد امللك حصلت إعادة بناء املسجد النّ ّ‬ ‫ّ‬
‫يوما بعد يوم‪ ،‬فضاق ابملصلّني‪،‬‬
‫األمة اإلسالميّة كانت تربوا ً‬
‫إذ إ ّن ّ‬

‫‪276‬‬
‫‪MJSL | DECEMBER 2017 | VOL 6‬‬
‫‪ISSN : 1985-7454 | E-ISSN : 2590-4396‬‬
‫‪www.mjsl.usim.edu.my‬‬

‫واحتاجوا إىل مكان جيمعهم ألداء املكتوابت‪ ،‬ولكن هذا حيتاج حتقيقه‬
‫إىل واحد من شيئني‪:‬‬

‫ّأوًًل‪ّ :‬إما أن ال تكون جبانب املسجد دور‪ ،‬أو أبنية أخرى‪ ،‬فيكون األمر‬
‫تتعرض البيوت للهدم وحنوه‪.‬‬
‫السهل فعله‪ ،‬من حيث ال ّ‬‫عندئذ من ّ‬
‫وإما أن يكون العكس‪ ،‬أبن يكون حميطًا ببيوت النّاس‪ ،‬منهم‬‫اثنيًا‪ّ :‬‬
‫الفقراء واملساكني وبيوت أشراف النّاس وأعياهنم‪ ،‬وهكذا كان الوضع مع‬
‫املسجد النّبوي‪ ،‬فاحلاكم حينئذ بني شيئني‪ّ :‬إما أن يرتك املسجد على‬
‫الضرر مق ّدم‬
‫حاله‪ ،‬أو يهدم األبنية الّيت جبواره‪ ،‬أل ّن القاعدة تقول‪ :‬دفع ّ‬
‫للضرر املتوقّع أبرابب البيوت‪ ،‬وتوسعة‬
‫على جلب النّفع‪ ،‬فرتك اهلدم دفع ّ‬
‫املسجد نفع مطلوب جلبه‪ ،‬ولكن كان العمل هو اهلدم ال ابملقارنة بني‬
‫الشك أب ّن هذا‬
‫ّ‬ ‫اجلانبني فقط‪ ،‬بل ابلنّظر إىل جوانب أخرى‪ .‬إذ إنّه‬
‫اهلدم ضرر‪ ،‬ولكنّه خاص مبن سكن يف البيوت الّيت وقعت حتت اهلدم‪،‬‬
‫الضرر اصطدم مع ضرر أكرب منه‪ ،‬وهو ضيق املكان الّذي‬ ‫فرفع هذا ّ‬
‫لألمة مبن فيهم‬
‫جيتمع فيه املسلمون يف اجلمع واجلماعات‪ ،‬ونفعه عام ّ‬
‫أصحاب البيوت امله ّدمة‪ ،‬فلزم هدمها تطبيقاً ملنطوق القاعدة‪ :‬يتحمل‬
‫العامة مق ّدمة على‬
‫الضرر العام‪ ،‬أو املصلحة ّ‬ ‫الضرر اخلاص لدفع ّ‬ ‫ّ‬
‫الرواية يف ذلك على النّحو التّايل‪ :‬جاء يف كتاب‬
‫اخلاصة‪ .‬و ّ‬
‫ّ‬ ‫املصلحة‬
‫البداية والنّهاية‪ ..." :‬قدم كتاب الوليد إىل عمر بن عبد العزيز أيمره‬
‫بوي وإضافة حجر أزواج رسول هللا ‪-‬صلّى هللا عليه‬
‫هبدم املسجد النّ ّ‬

‫‪277‬‬
‫‪MJSL | DECEMBER 2017 | VOL 6‬‬
‫‪ISSN : 1985-7454 | E-ISSN : 2590-4396‬‬
‫‪www.mjsl.usim.edu.my‬‬

‫حت يكون مائيت ذراع يف‬


‫يوسعه من قبلته وسائر نواحيه‪ّ ،‬‬
‫وسلّم‪ ،-‬وأن ّ‬
‫ِ‬
‫فقومه له قيمة عدل‪ ،‬ثّ‬
‫وإال ّ‬
‫مائيت ذراع‪ ،‬فمن ابعك ملكه فاشرته منه‪ّ ،‬‬
‫اهدمه وادفع إليهم أثان بيوهتم‪ ،‬فإ ّن لك يف ذلك سلف صدق عمر‬
‫وعثمان ‪.)Ibn kthyr 1997( "...‬‬

‫والعِدل‪ ،‬ابلكسر‪ :‬املثل‪ ،‬تقول منه‪ :‬عندي عدل غالمك‪ ،‬وعدل‬


‫أردت‬
‫غالما‪ ،‬أو شاة تعدل شاة‪ ،‬فإذا ّ‬
‫غالما يعدل ً‬
‫شاتك‪ ،‬إذا كان ً‬
‫قيمته من غري جنسه‪ :‬نصبت العني‪)Alzubidi, 2004( .‬‬

‫السياق‪ ،‬نعلم أ ّن هدم تلك البيوت كان أبمر من الوليد‪ ،‬فهو‬


‫ففي هذا ّ‬
‫شق على‬
‫يف هذا اتبع للوليد‪ ،‬لرجحان املصلحة يف ذلك‪ ،‬وإن كان قد ّ‬
‫الرمزيّة‪ ،‬بعد ما أعلمهم اخلليفة به‪ ،‬ألنّه شاور‬‫أهل املدينة هدم بيوهتم ّ‬
‫كل صغري‬ ‫وجوه املدينة من الفقهاء العشرة الّذين كان يرجع إليهم يف ّ‬
‫الرواية يف البداية والنّهاية‪:‬‬
‫الرّد واملنع‪ ،‬ويف ذلك أتيت ّ‬
‫وكبري‪ ،‬فكان جواهبم ّ‬
‫" فجمع عمر بن عبد العزيز وجهاء النّاس والفقهاء العشرة وأهل املدينة‪،‬‬
‫فشق عليهم ذلك‪ ،‬وقالوا‪ :‬هذه‬ ‫وقرأ عليهم كتاب أمري املؤمنني الوليد‪ّ ،‬‬
‫السقوف‪ ،‬وسقوفها من جريد النّخل‪ ،‬وحيطاهنا من اللّنب‪،‬‬ ‫حجر قصرية ّ‬
‫الزّوار‬
‫احلجاج و ّ‬
‫وعلى أبواهبا املسوح‪ ،‬وتركها على حاهلا أوىل لينظر إليها ّ‬
‫يب ‪-‬صلّى هللا عليه وسلّم‪ -‬فينتفعوا بذلك‬
‫واملسافرون‪ ،‬وإىل بيوت النّ ّ‬
‫الزهد يف ال ّدنيا‪Iibn ("...،‬‬
‫ويعتربوا به‪ ،‬ويكون ذلك أدعى هلم إىل ّ‬

‫‪278‬‬
‫‪MJSL | DECEMBER 2017 | VOL 6‬‬
‫‪ISSN : 1985-7454 | E-ISSN : 2590-4396‬‬
‫‪www.mjsl.usim.edu.my‬‬

‫‪ .)Kthyr 1997‬كان هذا جواب أهل املدينة‪ّ ،‬إال أ ّن الواقع يربهن‬


‫مصلحة قول الوليد‪ ،‬لذا كان جوابه بعد أن أرسل اخلليفة عمر بن عبد‬
‫العزيز جواب أهل املدينة إليه أن قال‪ ... " :‬فعند ذلك كتب عمر بن‬
‫عبد العزيز إىل الوليد مبا أمجع عليه الفقهاء العشرة‪ ،‬فأرسل إليه أيمره‬
‫( ‪Iibn Kthyr‬‬ ‫ابخلراب وبناء املسجد على ما ذكر‪ ،‬وأن يعلي سقوفه"‬
‫‪.)1997‬‬

‫هذا وإ ّن اخلليفة مل جيد ممّا سئل عنه ًّ‬


‫بدا‪ ،‬فشرع فيه متّبعاً ألمر اخلليفة‬
‫بوي كما‬
‫املتومهة عندئذ‪ ،‬أل ّن املسجد النّ ّ‬
‫ومرج ًحا املصلحة على املفسدة ّ‬ ‫ّ‬
‫تعرض لتوسعات بعده‪ ،‬وما‬ ‫هو مشاهد مل يبق على تلك احلالة‪ ،‬بل ّ‬
‫ذلك كلّه ّإال لتيسري سبيل العبادة‪ ،‬فيجتمع النّاس يف بيت من بيوت هللا‬
‫الرعيّة‬
‫تصرف اإلمام على ّ‬
‫يسعهم‪ ،‬واليضيق هبم‪ .‬وهذا منطوق قاعدة‪ّ :‬‬
‫تصرف هو كأمري وذي سلطان لتحقيق تلك‬ ‫منوط ابملصلحة‪ .‬إذ ّ‬
‫وإال مل يكن األمر‬
‫املصلحة‪ ،‬الّيت ال يزال ينتفع هبا املسلمون إىل اليوم‪ّ .‬‬
‫الصحابة‪ ،‬وكبار التّابعني‪ .‬السيّما وأ ّن البيوت‬
‫سهال مع وجود بقيّة ّ‬
‫ّ‬
‫يتمىن رؤيتها‬
‫كل واحد ّ‬ ‫شك أ ّن ّ‬
‫املطلوب هدمها بيوت خري البشر‪ ،‬وال ّ‬
‫اليوم لو كانت موجودة‪ ،‬لكن ما قام به اخلليفة عمر بن عبد العزيز‬
‫العامة‪.‬‬
‫يصب يف املصلحة ّ‬
‫ّ‬

‫‪279‬‬
‫‪MJSL | DECEMBER 2017 | VOL 6‬‬
‫‪ISSN : 1985-7454 | E-ISSN : 2590-4396‬‬
‫‪www.mjsl.usim.edu.my‬‬

‫لتقصيها‪ ،‬وهي تثبت‬


‫واألمثلة يف هذا اجملال كثرية ال يسع هذا البحث ّ‬
‫كل العصور‬
‫اإلسالمي قادر على مسايرة مستج ّدات ّ‬
‫ّ‬ ‫تبني أ ّن الفقه‬
‫وّ‬
‫تصرفات‬
‫كل ّ‬ ‫اتماً‪ .‬وعليه ينبغي أن يكون ّ‬
‫واألمصار‪ ،‬ويفي هبا وفاءً ّ‬
‫القادة اإلسالميّني وفق حتقيق مصاحل العباد‪ ،‬ووفق ضوابط وقواعد تربز‬
‫من خالهلا أ ّن املصلحة حيثما كانت وجب جلبها‪ ،‬وأ ّن املفسده مت‬
‫وجدت لزم دفعها‪.‬‬

‫اخلامتة‬
‫الشرعيّة هو لب‬
‫السياسة ّ‬
‫تبني لدى الباحثني أ ّن علم ّ‬
‫وبعد هذه ال ّدراسة ّ‬
‫العامة‪ ،‬وتنزيل املقاصد‬
‫الفقه اإلسالمي من حيث تطبيق قواعد الفقه ّ‬
‫املتأخرة‬
‫اخلاصة على أرض الواقع‪ .‬وال سيّما يف العصور ّ‬
‫العامة و ّ‬
‫الشرعيّة ّ‬
‫ّ‬
‫الشريعة؛‬
‫اليت قضاايها حباجة إىل نظر دقيق‪ ،‬وفكر سليم ومعرفة مبقاصد ّ‬
‫كل ما‬
‫استقر عليه مجهور العلماء‪ :‬أ ّن ّ‬
‫ألنّه ال توجد لكثري منها أدلّة‪ ،‬وما ّ‬
‫وقعدوا لذلك‬
‫األمة اإلسالميّة وجب جلبه‪ ،‬ودرء ما سواه‪ّ .‬‬
‫فيه صالح ّ‬
‫قواعد كلّيّة حتمل يف طيّها أحكام مجيع املستجدات‪ ،‬يف خمتلف العصور‬
‫واألمصار‪ ،‬منها على سبيل املثال ال احلصر‪ :‬قاعدة‪ :‬ال ضر وال ضرار‪،‬‬
‫الضرورات تبيح احملظورات‪ ،‬وقاعدة‪ :‬املش ّقة جتلب التيّسري‪،‬‬
‫وقاعدة‪ّ :‬‬
‫الرعيّة منوط ابملصلحة‪ .‬وقاعدة‪ :‬درء املفاسد‬
‫صرف على ّ‬ ‫وقاعدة‪ :‬التّ ّ‬
‫الضرر العام‪،‬‬
‫الضرر اخلاص لدفع ّ‬
‫حتمل ّ‬ ‫أوىل من جلب املصاحل‪ ،‬وقاعدة‪ّ :‬‬
‫وغريها من القواعد‪ ،‬كلّيّة كانت أو جزئيّة ‪.‬‬

‫‪280‬‬
‫‪MJSL | DECEMBER 2017 | VOL 6‬‬
‫‪ISSN : 1985-7454 | E-ISSN : 2590-4396‬‬
‫‪www.mjsl.usim.edu.my‬‬

‫السياسة ال ميكن اعتبارها شرعيّة إذا خلت من مراعاة‬


‫هذا؛ وأ ّن قضااي ّ‬
‫الشرعيّة ينجلي بشكل كبري‬
‫السياسة ّ‬ ‫الشارع فيها‪ ،‬وإ ّن دور ّ‬
‫مقاصد ّ‬
‫الساسة جللب املصاحل للّرعيّة ودرء املفاسد عنهم‪ ،‬وذلك‬
‫عندما يسعى ّ‬
‫ابلشرع‬
‫حت ال يلحق ّ‬ ‫الشارع ّ‬‫حيتاج إىل من له فطنة وإدراك مبقاصد ّ‬
‫ماليس منه ‪.‬‬

‫الصحابة الكرام‪،‬‬‫األول‪ ،‬من لدن ّ‬


‫وقد كان ملثل هذا العمل منذ العهد ّ‬
‫إىل من بعدهم من التّابعني‪ ،‬مع قرب عهدهم ابلعهد النّبوي صلّى هللا‬
‫عليه وآله وسلّم‪ ،‬حيث عملوا مبا فيه مصاحل جمتمعاهتم‪ ،‬ومل تكن لكثري‬
‫الرعيّة‪ ،‬فإذا كانوا‬
‫من أعماهلم أدلّة صرحية‪ ،‬فقط من ابب مراعاة مصاحل ّ‬
‫هم مع قرب عهدهم ابلعهد النّبوي أعملوا ذلك البعد املقاصدي‬
‫ماسة‬
‫الشرعي‪ ،‬فمن ابب أوىل عصران هذا الّذي حنن حباجة ّ‬ ‫السياسي ّ‬‫و ّ‬
‫الشريعة اإلسالميّة‪.‬‬
‫فيه إىل بيان مرونة ّ‬

‫األمة‪ ،‬فهو نعم املوىل ونعم النّصري‪.‬‬


‫فاهلل نسأل أن ينفع هبذا البحث ّ‬

‫‪281‬‬
MJSL | DECEMBER 2017 | VOL 6
ISSN : 1985-7454 | E-ISSN : 2590-4396
www.mjsl.usim.edu.my

REFERENCES (‫)المراجع‬

Ibn manzur, 'abu alfadl, muhamad bin mukrim )3440( lisan


alearab. Birut: dar sadr, beirut, lebanon
Alrrazi, mhmmd bin 'abi bikr bin eabd alqadir ) 1995( mukhtar
alsahah thqiq: mahmud khatir. Byrwt: maktabat
lebanon.
Jghym, naeiman . (2002). Turuq alkashf ean maqasid alshare,
dar alnafayis lilnashr waltawzie. Alordn.
Alriysuni, 'ahmud. (1995). Nazariat almuqasid eind al'imam
alshaatibi. Taqdim jabir aleulwani / almaehad alealamii
lilfikr al'iislami.
Alshaatibi, 'iibrahim bin musaa (1997) almuafaqat fi 'usul
alshrye. Tahqiq 'abu eabidat dar abn eafan.
Ibn eashur, mhmmd alttahr bin mhmmd. (2004).
Muqasid alshryet al'iislamiat. Tahqiq: muhamad alhabib
abn alkhawjati. Qutar: wizarat al'awqaf walshuwuwn
al'iislamiat.
http://fiqh.islammessage.com/newsdetails.aspx?id=3424
Alfasi, ealal. (1993). Muqasid alshryet al'iislamiat
wamakarimha dar algharb al'iislamiu.
Alqawnwi alruwmiu, qasim bin eabd allh. ( 2004). Anis
alfuqaha' fi taerifat al'alfaz almutadawalat bayn alfqha'.
Tahqiq: yahyaa muradi. Biruta: dar alkutub aleilmiat.
Mahmud eabd alrrhmn eabd almanem. N. D. Maejam
almustalahat wal'alfaz alfqhy. Alqahirat: dar alfadilat.
Alrrazy, fakhar alddyn muhamad bin eamir. ( 1999). Almahsul fi
eilm al'asul. Thqyq: eadil 'ahmad eabd almawjuid,
waealia 'ahmad mueawd. Almuktabat alesry, beirut,
lebanon.
Al'asfhani, shams alddyn, 'abu alththna', mahmud bin eabd
alrrhmn. (1986). Bayan almukhtasir sharah mukhtasir
abn alhajib. Tahqiq: mhmmd mazhar bqa. Saudi. Dar
almadanii. .
http://www.feqhweb.com/vb/t13698.html
Alrryswny, 'ahmud( 2010). Madkhal 'iilaa muqasid alshshrye.
Dar alsslam.
Aldhdhhby, mhmmd bin 'ahmad bin eithman(1982). Sayr aelam
alnnbla. Tahqiqa: shueayb al'arnawuwt. Mwssst alrrsal.

282
MJSL | DECEMBER 2017 | VOL 6
ISSN : 1985-7454 | E-ISSN : 2590-4396
www.mjsl.usim.edu.my

Aleisqulani, ibn hajar , 'abu alfadl, 'ahmad abn eali. ( 1986).


Lisan almyzan. Thqyq: dayirat almaerif alnnzamyt -
mwssst al'aelamii lilmatbueat. Beirut, lebanon.
Aleawazi, fars. Madkhal 'iilaa eilm almaqasud.
Http://www.alukah.net/sharia/0/6155/.
Alssbky, taj alddyn bin ealia bin eabd alkafi. (1413). Tabaqat
alshshafeyt alkubraa. Tahqiq: mahmud mhmmd
alttnahy, waeabd alfttah mhmmd alhulu. Hajar llttbaet
walnnshr walttwzye.
Ibn makhluf, mhmmd bin mhmmd abn eamr. ( 2003). Shajarat
alnnwr alzzkyt fi tabaqat almalky. Dar alkutub alelmy.
Beirut, lebanon.
Alzzrkly, khayr alddyn. (2002). Al'aelam qamus tarajam
li'ashhur alrrjal w alnnsa' min alearab w almustaerabin
w almustashraqina. Dar aleilm lilmalayin. Beirut,
lebanon.
Http://ar.wikipedia.org/wiki.
Http://ar.wikipedia.org/wiki
Http://www.fanzar.net/vb/t21863.html
http://kallali.arabblogs.com/archive/2010/1/1004286.htm
l
Alzzbydy, murtadaa, 'abu alfaydi, mhmmd bin mhmmd. (2004).
Taj aleurus min jawahir alqamws, tahqiq: mahmud
mhmmd alttnahy. Tibeat almajlis alwatanii llththqaft
walfunun waladabi, dar alhday.
Albkhary, 'abu abd allah, mhmmd bin 'iismaeil. (1422). Sahih
albikhari. Tahqiq: mhmmd zahir bin nasir alnnasr. Dar
tuq alnnja.
Ibn alqym, mhmmd bin 'abi bakur. (1423).'iielam almwqqeyn
ean rb alealamin. Tahqiq: mashhur hasan bin al salman
'abu eabid. Dar abn aljuzi.
Ibn najim, zayn alddyn bin 'iibrahim. ( 1997). Albahr alrrayq
sharah kanz alddqayq. Dar alkutub alelmy. Beirut,
lebanon.
Ibn farhoun, burhan al-din al-yamari al-maliki. (1995). Tabsirat
alhkkam fi 'usul al'aqdiat wamunahij al'ahkam. Dar
alkutub alelmy. Beirut, lebanon.

283
MJSL | DECEMBER 2017 | VOL 6
ISSN : 1985-7454 | E-ISSN : 2590-4396
www.mjsl.usim.edu.my

Ibn abi ya`li, abu al-husayn muhammad ibn muhammad. N. D.


Tabaqat alhanabilat. Tahqiqa: mhmmd hamid alfuqi.
Dar almuerifat. Beirut, lebanon.
Ibn aleimad alhanbali, 'abu alfalah, eabd alhay abn
'ahmud.(1986). Shadharat aldhdhhb fi 'akhbar man
dhahb. Tahqiq: mahmud al'arinawuwut, wkhrrj
'ahadithh: eabd alqadir al'arnawuwt. Dar abn kathir.
Beirut, lebanon.
Alshshyrazy, 'abu 'iishaq, 'iibrahim bin eali. (1970). Tabaqat
alfqha'. Tahqyq: 'iihsan ebbas, tahdhib: abn manzur
mhmmd bin jalal alddyn almakram. Dar alrrayd alearabi.
Beirut, lebanon.
Aldhdhhby, 'abu eabd allah, mhmmd bin 'ahmad. ( 1998).
Tadhkirat alhffaz. Dar alkutub alelmy. Beirut, lebanon.
Ibn rujbi, abu alfarj eabd alrrhmn bin 'ahmad alhanbali. (1985).
Alaistikhraj li'ahkam alkharaji. Dar alkutub alelmy.
Beirut, lebanon.
Alssywty, jalal alddyn eabd alrhhmn bin 'abi bkr. (1983).
Tabaqat alhffaz. Murajaeatan: lajnatan min aleulama'
bi'iishraf alnnashr. Dar alkutub alelmy beirut, lebanon.
http://shamela.ws/index.php/author/626.
Umar rida kihalat. N. D. Mujam almwllfyn tarajam msnnfy
alkutub alerbyat. Da.ma: mwssst alrrsal
ar.islamway.com/scholar/161.
Aleusqilaniu, ibn hajr, 'abu alfadl 'ahmad bin eali alshshafey.
(1379). Fath albari sharah sahih albikhari. Dar
almaerifat. Beirut, lebanon.
Muslim, 'abu alhsn, muslim abn alhjjaj. N. D. Sahih muslim,
thqyq: mhmmd fuad eabd albaqy. Dar 'iihya' alttrath
alearabii. Beirut, lebanon.
Albaji, 'abu alwalid sulayman bin khalf bin saed bin aywb. (
1999). Almuntaqaa sharah mwtta malk. Tahqiqa:
mhmmd eabd alqadir 'ahmad eata. Dar alkutub alelmyat.
Beirut, lebanon.
Al-nawawi, abu zakaria muhieddin yahya bin sharaf. (1392)
almenhaj sharah sahih muslim bin alhjjaj. Dar 'iihya'
alttrath alearabi beirut, lebanon.
Ibn katheer, abu al-fida 'isma'il ibn' umar al-qurashi al-basri and
then al-dimashqi. (1997) albidayat walnnhayt, tahqiq:

284
MJSL | DECEMBER 2017 | VOL 6
ISSN : 1985-7454 | E-ISSN : 2590-4396
www.mjsl.usim.edu.my

abdullah bin abdul mohsen turki. Dar hajr llttbaet


walnnshr walttwzye wal'iielan.

285

You might also like