Professional Documents
Culture Documents
بحث في السياسه الشرعيه
بحث في السياسه الشرعيه
إَّلل ََ َن َ َِسي ًَا إَّلل يَأْ ُم ُرُ ُْك َأ ْن تُ َؤ ُّدوإ ْ َإْل َماَنَ ِت إ ََل َأ ْه ِلهَا َوإ َذإ َح َ َْك ُ ُْت ب َ ْ َْي إلنَّ ِاس َأ ْن َ َْت ُ َُكوإ ِبلْ ََْْ ِِ إ َّن َّ َ
إَّلل ِ َِ ََّّا ي َ َِ ُُ ُ ُْ ِب ِِ إ َّن َّ َ ﴿ إ َّن َّ َ
ِ ِ ِ
إَّلل و َأ ِطي َُوإ ِ ِ
إَّلل َو َّإلر ُسوِِ إ ْن ُك ْن ُ ُْت ت ُْؤ ِمنُ َ
ون َش ٍء فَ ُردُّو ُه إ ََل َّ ِ ْ إلر ُسو َِ َو ُأ ِوِل ْ َإْل ْم ِر ِمنْ ُ ُْ فَا ْن تَنَ َازع ُ ُْْت ِِف َ
َّ َ ب َ ِص ًريإ * ََي َأُّيُّ َا َّ ِإَّل َين أ َمنُوإ َأ ِطي َُوإ َّ َ
ِ ِ ِ ِب َّ َِّلل َوإلْ َي ْو ِم ْإْل ِخ ِر َذ ِ َِل َخ ْ ٌري َو َأ ْح َس ُن تَأْ ِو ًيل ﴾(إلنساء)85 ،85 :
وبعد...
1
مقدمة
احلمد هلل رب العاملني والصالة والسالم على أشرف املرسلني سيدان دمحم سيد اخللق أمجعني ،وأشهد أن ال إله إالَّ
هللا امللك احلق املبني وأشهد أن دمحم عبده ورسوله األمني ،فاللهم صل وسلم وابرك على خري الربية ومعلم
البشرية وعلى آله وصحبه أمجعني وعلى من اهتدى هبديه واسنت بسنته إىل يوم الدين ،وبعد..
فإن السياسة الشرعية من املوضوعات اليت أثريت من القدمي ،فقد اهتم املسلمني ابحلديث عن السياسة مذ أن
وضح اإلسالم هذه املعامل والعلوم واملعارف الدنيوية ،فكان هلا من كتاابهتم نصيب فعلى سبيل املثال ال احلصر:
ٍ
شاملة الكتاب يف أصله رسالةٌ بدأها املؤلِّف بنصيحة يوسف األنصاري (ت 281ه) ،و ُ َ كتاب "اخلراج"؛ أليب
أيضا يف السياسة الشرعية كتاب" الرد على سري للخليفة هارون الرشيد يف شؤون السياسة وغريها،ومن مصنَّفاته ً
موضوع السياسة االقتصادية للدولة اإلسالمية ، َ وتناول
األوزاعي" ،حبث فيه مسائل احلرب ،واجلهاد ،والغنائمَ ،
الذمة،كتاب "اخلراج"؛ للفقيه حيىي بن آدم ال ُقرشي (ت 102ه) تناول فيه موارد الدولة املالية ،ومعاملة أهل ِّ
َ َ
بيد القاسم بن سالَّم (ت 112ه) وخصص الباب الرابع من الكتاب ملوضوع الزكاة ،كتاب "األموال"؛ أليب ع ٍ َّ
ُ
صنفت يف القانون الدويل ،كتاب "السري الكبري"؛ حملمد بن احلسن الشيبا ي (ت 281ه) وهو من الكتب اليت ُ
وقواعد احلرب ،كتاب "اخلراج"؛ لعبدامللك األصمعي (ت 122ه) ،وهو من املصنَّفات األُوىل يف موضوعات
القانون العام ،والقانون اخلاص للدولة اإلسالمية.
ألهم أبوابه ومن ذلك: عرض ِّ َّفات أخرى تتناول علم السياسة الشرعية وتَ ِّ ظهرت مصن ٌْ وإىل جانب هذه الكتب
يؤرخ للخالفة ،ومن أهم الكتب الدينَوِّر ِّي (ت 172ه) والكتاب ِّ كتاب "اإلمامة والسياسة"؛ البن قُتيبة ِّ
َ
وأشهرها ،واليت ظهرت يف هذه املرحلة أيضاً :كتاب "األحكام السلطانيَّة ،والوالايت الدينيَّة"؛ للقاضي الشافعي
موضوع اإلمامة وأحكامها وشروطها ،مث َ أيب احلسن علي امل َاوْرِّد ِّي (ت 250ه (ويبحث هذا الكتاب
َ
اإلدارية؛ ِّ
وعرض يف هناية الكتاب لشؤون َ املظامل، ة ووالي القضاء، ووالية وإمارة، ارة،زو نم مؤسسات الدولة
الدولة االقتصادية فيما يتعلق أبحكام ال َف ْيء والغنيمة واجلزية واخلراج وأحكام اجلرائم واحلِّ ْسبة وقد ألَّفه املاوردي
ِّ
لغرضني اثنني: بعد عام ( 225ه) للوزير أيب القاسم علي بن مسلمة ( 250 - 228ه)
أ -إعادة التأكيد على أمهية اخلالفة كأصل للشرعية بعد اهنيار السلطنة البويهية ،واشتداد الفوضى ،وظهور
ِّ
السالجقة.
األحكام املتعلِّقة أبمور السلطة (من النواحي االقتصادية واالجتماعية والسياسية( مباشرة يف صعيد ِّ ب -مجع
مكتواب للدولة ميكن للوزير أن يرجع إليه يف كل حني( ، )2إال أن الدكتور ً دستورا
ً واحد ،فيما يُشبه تقنينًا أو
رضوان السيد حمقق كتاب "تسهيل النظر ،وتعجيل الظفر" رتَّب كتب اإلمام املاوردي ترتيبًا زمنيًّا ،فكانت
2
كاآليت:كتاب "أدب الدنيا والدين" حوايل ( 210ه) ،كتاب "نصيحة امللوك" حوايل ( 215ه) ،كتاب "قوانني الوزارة
وسياسة امللك" حوايل ( 217ه) واملعروف أبدب الوزير ،كتاب "تسهيل النظر وتعجيل الظفر" حوايل ( 225ه) يف أخالق
امللك وسياسة امللك ،كتاب "األحكام السلطانية والوالايت الدينية" حوايل ( 225ه) (.)1
-مث يلي هذه الكتب كتاب عن) األحكام السلطانية( ،وهذه املرة أليب يعلى الفراء احلنبلي (ت 258ه -
2025م) وقد جاء هذا الكتاب متشاهبًا كل التشابه مع كتاب اإلمام املاوردي يف االسم واألبواب والفصول،
إال أن األول يورد األحكام على املذهب الشافعي خاصة ،والثا ي يذكرها على املذهب احلنبلي ،ومها ِّمن أوىف ما
ُكتِّب يف موضوع الدولة يف اإلسالم على مذهب أهل السنة (.)2
"غيَاب األمم ،يف الْتياث الظُّلَم"؛ إلمام احلرمني اجلويين (ت 278 -ومن املصنفات أيضاً يف هذا اجملال كتاب ِّ
ه) وهو يف موضوع اإلمامة ( ،)2مث كتاب "الترب املسبوك يف نصيحة امللوك"؛ أليب حامد الغزايل (ت 505ه)،
والذي يُ َع ُّد من مصادر الفكر الفلسفي السياسي اإلسالمي ،جاءت موضوعات الكتاب يف صورة مواعظ
وآداب أخالقية (، )5كتاب "سراج امللوك" للطرطوشي ت ( 510ه) (، )2كتاب "الشفا يف مواعظ امللوك
واخللفا"؛ البن اجلوزي (ت 517ه) ( ، )7ولشيخ اإلسالم ابن تيمية (ت 718ه) كتاب "السياسة الشرعية
يف إصالح الراعي والرعية" ،وهو دعوة إلصالح السياسة واإلدارة ،وقد بَىن رسالته هذه على آيتني من كتاب هللا،
ت إِّ َىل أ َْهلِّ َها َوإِّذَا َح َك ْمتُ ْم اان ِّ ومها :قوله تعاىل يف سورة النساء اآلايت 58و ﴿: 51إِّ َّن َّ
اَّللَ ََيْ ُم ُرُك ْم أَ ْن تُ َؤُّدوا ْاأل ََم َ
صريا * اي أَيُّها الَّ ِّذين آمنُوا أ ِّ ِّ ِّ اَّللَ نِّعِّ َّما يَعِّظُ ُك ْم بِِّّه إِّ َّن َّ
َّاس أَ ْن ََْت ُك ُموا ِّابلْ َع ْد ِّل إِّ َّن َّ
ني الن ِّ
اَّللَ
َطيعُوا َّ َ َ اَّللَ َكا َن ََ ًيعا بَ ً َ َ بَ ْ َ
الر ُسوِّل إِّ ْن ُكْن تُ ْم تُ ْؤِّمنُو َن ِّاب ََّّللِّ َوالْيَ ْوِّم ْاآل ِّخ ِّر ُويل ْاأل َْم ِّر ِّمْن ُك ْم فَِّإ ْن تَنَ َاز ْعتُ ْم ِّيف َش ْي ٍء فَ ُرُّدوهُ إِّ َىل َّ
اَّللِّ َو َّ ول َوأ ِّالر ُس َ وأ ِّ
َطيعُوا َّ َ
َح َس ُن ََتْ ِّو ًيال ﴾ [النساء.]51 ،58 : ِّ
ك َخْي ٌر َوأ ْ
َذل َ
-فقال بعد شرحه لآليتني :وإذا كانت اآلية قد أوجبت أداء األماانت إىل أهلها ،واحلكم ابلعدل ،فهذان ِّمجاع
احملتسب، السياسة العادلة ،والوالية الصاحلة ،والبن تيمية كتاب آخر عنوانه" احلِّسبة"َ ،تدَّث فيه عن وظيفة ِّ
ومنع االحتكار والتسعري ،وله كذلك كتاب" اجلهاد" ،ومن الكتب اليت تناولت موضوع اإلمامة والوزارة
والدواوين وأحكام أهل الذمة واحلرب :كتاب "َترير األحكام يف تدبري أهل اإلسالم"؛ لبدر الدين بن مجاعة (ت
ابن قيِِّّم اجلوزية (ت 752ه) كتابه" الطرق احلكمية يف السياسة ابن تيمية ُ 722ه) ،ووضع تلمي ُذ الشيخ ِّ
خاصا ابلبيِّنات ،والقرائن يف الدعاوى وطرق اإلثبات ،والبن القيم كذلك موضوعا ًّ ً الشرعية" ،عاجل من خالله
كتاب َاه" أحكام أهل الذمة" ،ابإلضافة إىل كتاب" املنهج املسلوك يف سياسة امللوك"؛ للشريازي (ت
772ه).
3
َّ -أما عن املصنَّفات األُوىل للكتب اليت نظَّرت للسياسة الشرعية وقعَّدت هلا ،ال يكتمل دون اإلحالة إىل مصدر
انلت شهرة كبرية يف السياسة الشرعية ،وهو "مقدمة ابن خلدون"؛ لعبدالرمحن بن يُ َع ُّد من أهم املصادر اليت ْ
خلدون (ت 808ه) وهو عمل موسوعي ،مجع فيه صاحبه بني علم االجتماع والتاريخ والسياسة الشرعية.
تطور نظام كتااب عنوانه" مآثر اإلانفة يف معامل اخلالفة" ،ذكر فيه ُّ
-وقد كتب أيضاً القلقشندي (ت 812ه) ً
اخلالفة يف التاريخ اإلسالمي ،ووظيفة الكتابة ومتطلباهتا ،والتنظيم املكتيب ،مث كتاب" بدائع السلك يف طبائع
امللك"؛ البن األزرق (ت 812ه) ،وهو كتاب يبحث يف نظام امللك وموجباته ،وأركانه وقواعده ،وواجبات
ُ
امللك.
دوهنا القدامى يف جمال السياسة الشرعية ،وهي كما يقال غيض من فيض ،أورد ُهتا هذه إ ًذا بعض الكتب اليت َّ
تبني مدى ِّغىن املكتبة اإلسالمية وثرائها يف هذا اجملال ،فقد عد للتمثيل ال للحصر أو االستقراء ،واليت ِّ
الدكتور نصر عارف ما يزيد عن ثالمثائة مؤلف يف املوضوع ما بني مطبوع وخمطوط ،مع العلم أن هذه
الدراسة اليت قام هبا الدكتور نصر عارف ختص ما كتب ابللغة العربية فقط ،أما ما كتب ابللغات األخرى،
كدا" :إنه ال ميكن
ففي حاجة إىل دراسة يقوم هبا من يتقنها ،يقول الدكتور نصر عارف يف ختام دراسته مؤ ً
كد أن هناك مصادر أخرى" )8(. اعتبارها دراسة جامعة حاوية لكل الرتاث السياسي واإلسالمي ،وإمنا من املؤ
وأما من املعاصرين فقد كتب الشهيد حسن البنا َتت عنوان " مشكالتنا يف ضوء النظام اإلسالمي" ،وكذلك
كتب الشهيد عبد القادر عوده " املال واحلكم يف اإلسالم" و "اإلسالم وأوضاعنا السياسية" ،وكتب الشيخ دمحم
الغزايل " اإلسالم واالستبداد السياسي" ،وما كتبه الشهيد سيد قطب يف "السالم العاملي واإلسالم" و عن
سياسة املال يف كتاب "العدالة االجتماعية يف اإلسالم" و كتابه "معركة اإلسالم والرأَالية" ،وكتب الدكتور علي
جريشة عن "املشروعية العليا يف اإلسالم" و "القرآن فوق الدستور" ،وغريهم الكثري(.)1
(" )2تسهيل النظر وتعجيل الظفر" للماوردي َ ،تقيق ودراسة رضوان السيد ص .82
(" )1يف مصادر الرتاث السياسي اإلسالمي" لنصر عارف ص .228 ،227
(" )2يف مصادر الرتاث السياسي اإلسالمي" ص .220
( )2نفسه ص .222
( )5نفسه ص .225 ،222
( )2نفسه ص .227
(" )7يف مصادر الرتاث السياسي اإلسالمي" ص .251
(" )8يف مصادر الرتاث السياسي اإلسالمي" للدكتور نصر دمحم عارف ص .125
( )1السياسة الشرعية يف ضوء نصوص الشريعة ومقاصدها للدكتور يوسف القرضاوي ص 21
4
-وقبل الدخول يف موضوع هذ البحث نود اإلشارة إىل أن الشريعة اخلامتة اليت أنزهلا هللا تعاىل على رسوله دمحم
ملسو هيلع هللا ىلص وجاءت أحكامها يف الكتاب والسنة بصور متعددة ما بني التصريح والتنبيه واإلشارة واإلمياء وغري ذلك من
طرق داللة األدلة على األحكام من خالل األمر أو النهي أو التوجيه واإلرشاد أو التقرير أو من خالل القصص
وأخبار السابقني وحنو ذلك.
وسوف تدور خطة البحث َتت عنوان القضاء يف احلدود واحلقوق يف ظل السياسة الشرعية ،نفرد هلا ابابً متهيدايً َتت عنوان
السياسة لغة وفقهاً ،مث ابابً اثنياً يف احلدود ،وأخرياً ابابً اثلثاً يف احلقوق.
تعريف السياسة:
السياسة لغة :القيام على الشيء مبا يصلحه ،ولفظ 'السياسة' يف لغة العرب حممل بكثري من الدالالت
واإلرشادات واملضامني ،فهي إصالح واستصالح ،بوسائل متعددة من اإلرشاد والتوجيه والتأديب والتهذيب
واألمر والنهي ،تنطلق من خالل قدرة تعتمد على الوالية أو الرائسة .وما جاء يف معاجم اللغة يدل على ما
تقدم ،فقد جاء يف اتج العروس يف مادة سوس' :سست الرعية سياسة' أمرهتا وهنيتها ،والسياسة القيام على
الشيء مبا يصلحه' ،ويف لسان العرب يف املادة نفسها' :السوس :الرايسة ،وإذا رأسوه قيل سوسوه ،وأساسوه،
وس ِّوس الرجل على ما مل يسم فاعله :إذ ملك أمرهم ،وساس األمر وسوس أمر بين فالن :أي كلف سياستهمُ ،
سياسة :قام به ،والسياسة :القيام على الشيء مبا يصلحه ،والسياسة :فعل السائس يقال :هو يسوس الدواب إذا
قام عليها وراضها ،والوايل يسوس رعتيه'" ،1والسياسة كما عرفها النسفي يف طلبة الطلبة بقوله "السياسة حياطة
الرعية مبا يصلحها لطفا وعنفا".
وقد عرفت السياسة الشرعية بتعاريف عدة ،والفقهاء هلم اجتاهان يف بيان ذلك ،االجتاه األول :ميثله قول أيب
الوفاء بن عقيل احلنبلي" :السياسة ما كان من األفعال؛ حبيث يكون الناس أقرب إىل الصالح وأبعد عن الفساد،
وإن مل يشرعه الرسول ملسو هيلع هللا ىلص وال نزل به وحي' ،وقد قيده بقوله' :ما مل خيالف ما نطق به الوحي' وعلى هذا النحو
حيمل كالم ابن جنيم احلنفي ،حيث يقول يف ابب حد الزان' :وظاهر كالمهم هاهنا أن السياسة هي فعل شيء
من احلاكم ملصلحة يراها ،وإن مل يرد بذلك الفعل دليل جزئي' ،وكالم ابن عقيل أدق منه وأسد؛ ألنه قيد َتقيق
املصاحل ودرء املفاسد بعدم خمالفة الشريعة ومل يربطها برؤية احلاكم ،بعكس كالم ابن جنيم فلم يقيدها بعدم خمالفة
الشريعة وربطها برؤية احلاكم ،وقد يكون مراد ابن جنيم كمراد ابن عقيل ،لكن عبارته قصرت عن ذلك ،وهذا
التعريف يوسع جمال السياسة الشرعية.
1جملة البيان عدد 217مقال السياسة الشرعية تعريف وَتصيل دمحم بن شاكر الشريف
5
اان
واالجت اه الث ا ي :اجت اه يض يق جم ال السياس ة وحيص رها يف ابب اجلن اايت أو العق وابت املغلظ ة ،وق د جتع ل أحي ً
مرادف ة للتعزي ر ،وه ذا االجت اه غال ب عل ى الفق ه احلنف ي يف نظرت ه للسياس ة ،ق ال ع الء ال دين الطرابلس ي احلنف ي:
'السياسة شرع مغلظ'.
وق د 'نق ل العالم ة اب ن عاب دين احلنف ي ع ن كت ب امل ذهب :أن السياس ة جت وز يف ك ل جناي ة وال رأي فيه ا إىل
اإلم ام ،كقت ل مبت دع يت وهم من ه انتش ار بدعت ه وإن مل حيك م بكف ره ..ول ذا عرفه ا بعض هم أبهن ا تغل يط جناي ة هل ا
حسما ملادة الفساد ،وقوله :هلا حكم شرعي معناه أهنا داخلة َتت قاعدة الشرع وإن مل ينص عليها
حكم شرعي ً
خبصوصه ..ولذا قال يف البحر :ظاهر كالمهم أن السياسة هي فعل ش يء م ن احل اكم ملص لحة يراه ا ،وإن مل ي رد
بذلك الفعل دليل جزئي'.
وقال بعض علماء احلنفية' :والظاهر أن السياسة والتعزيز مرتادفان ،ولذا عطفوا أحدمها عل ى اآلخ ر لبي ان التفس ري
كما وقع يف اهلداية والزيلعي وغريمها'".1
ومراد الفقهاء هنا ابلسياسة هو ما يطلق عليه السياسة الشرعية ،والسياس ة احلق ة ليس ت يف حاج ة إىل ه ذا القي د
ألن السياسة تعين اإلص الح واالستص الح وذل ك يك ون عل ى أقص ى درج ات الكم ال ح ني التقي د ابلش ريعة ،ف ال
َتتاج السياسة من املنظور اإلسالمي لذلك التقييد ،لكن ملا وجد من الوالة من ال يفهم ذلك ،وظن أن السياس ة
أن يفع ل م ا ي راه جالب ا ملص لحة أو ي درأ مفس دة م ن خ الل تق ديره الشخص ي للموق ف ،احت يج لتقيي د ذل ك
ابلشريعة دفعا لذلك التوهم الفاسد
ولعلنا نلحظ أن جانبا من هذه التعريفات ركز أو اقتصر على ج زء ا ا تعاجل ه السياس ة الش رعية ،س واء م ن حي ث
التص رف فق د حص رهتا يف األفع ال دون غريه ا ،أو م ن حي ث الق ائم هب ا فق د حص رته يف احل اكم دون غ ريه ،لك ن
ابلنظر إىل أن اإلنسان عضو يف جمتمع م ن اآلدمي ني أمثال ه وه و ال يس تطيع الع يد منف ردا ،وال ميكن ه القي ام بك ل
م ا حيت اج إلي ه م ن الش اون إال ابملس اعدة واملعون ة م ن اآلخ رين ،وه ذه عالق ات متش ابكة ومص احل متداخل ة ب ني
الناس مب ا َتتمل ه م ن تواف ق اآلراء والطب اع أو ختالفه ا ،وحينا ذ ف إن حي اهتم ال تس تقيم إال بوج ود نظ ام يش مل ك ل
العالقات املتشابكة واملصاحل املتداخلة يقيمها ويديرها على أساس من العدل.
2جملة البيان عدد 217مقال السياسة الشرعية تعريف وَتصيل دمحم بن شاكر الشريف
6
وإدارة العالقات املتشابكة بني الناس وجلب املصاحل ودفع املفاسد يف مجيع اجملاالت مبا ميكن أن حيقق تطلعات
اجلميع مع احملافظة على الصالح والعدالة هو ما ميكن أن يطلق عليه سياسة ،والسياسة هبذا الفهم جماهلا واسع
ميتد ليشمل جماالت احلياة كلها ،فهي ليست حمصورة يف أفعال يقوم هبا احلاكم كما سبق ذكره ،وإمنا تتعداها إىل
األنظمة والرتتيبات اليت يضعها أهل احلل والعقد حمققة لتلك األهداف ،وهي أيضا ليست مساوية لنظام احلكم
كما يعرفها القانونيون والكاتبون يف جمال السياسة الوضعية ،فنظام احلكم أو النظام السياسي ليس إال جزءا من
السياسة مبعناها الواسع الذي يشمل أمور احلياة كلها من سياسة (مبعناها الضيق) واقتصاد ومعامالت وقضاء،
وعالقات دولية وحنو ذلك ،وفيما نظن أنه تعريف أكثر مشوال للسياسة الشرعية نقول :إهنا قيادة وإدارة اجملتمع يف
مجيع النواحي الداخلية واخلارجية وأمور الدين والدنيا جللب املصاحل ودفع املفاسد املتعلقة ابلفرد أو اجملموع،
ابلعدل واحلق ،رغبا ورهبا ،لتحقيق الغاية اليت خلق اإلنسان من أجلها مبا يوافق كليات الشريعة وجزئياهتا وال
يتعارض معها ،إضافة إىل النظم والرتتيبات اليت ميكن هبا َتقيق ما تقدم ،ولعلنا نلحظ هذا الشمول يف تعريف
السياسة الشرعية من تعريف أيب البقاء الكفوي هلا يف كلياته ،حيث قال" :السياسة هي استصالح اخللق
إبرشادهم إىل الطريق املنجي يف العاجل واآلجل ،وهي من األنبياء على اخلاصة والعامة يف ظاهرهم وابطنهم،
ومن السالطني وامللوك على كل منهم يف ظاهرهم ال غري ،ومن العلماء ورثة األنبياء على اخلاصة يف ابطنهم ال
غري".2
والسياسة إذا كانت تنطلق من الشريعة وتتقيد بنصوصها وأحكامها كانت سياسة شرعية ،وإما إن كانت تنطلق
اا ترى العقول صوابه من خالل تصوراهتا وجتارهبا من غري تقيد ابلشرع فهذه سياسة عقلية أو مدنية ،وهي مباينة
للسياسة الشرعية.
والسياسة الشرعية ثالثة أقسام :قسم اثبت ابلقرآن فهو سياسة إهلية ،وقسم اثبت ابلسنة فهو سياسة نبوية،
وقسم اثبت ابالجتهاد وفق قواعد االجتهاد املعروفة يف أصول الفقه فهو سياسة اجتهادية ،وكل ذلك يطلق عليه
سياسة شرعية.
والسياسة الشرعية تواكب التطورات الداخلة على تصرفات الناس وأوضاعهم وال تقف عند حد السياسات
التفصيلية اجلزئية السابقة ،بل تتجاوزها إذا مل تكن حمققة ألحكام الشريعة ومقاصدها إىل سياسات مناسبة
للتطور الداخل على حياة األفراد واألمم يف ظل احملافظة على أحكام الشريعة ومقاصدها.
وإذا كانت هذه هي السياسة الشرعية بعمومها ومشوهلا فإننا نعاجلها يف مبحثني :أحدمها :على مستوى اإلسالم
نفسه يف داللة مصادره على السياسة وفيه رد على الفريق األول الذي يقول إن الشريعة مل تعنت ابلسياسة،
3الكليات أليب البقاء أيوب بن موسى احلسيين الكفوي808/2
7
والثا ي :على مستوى كتاابت العلماء وتواليفهم يف موضوعات السياسة ،وفيه رد على الفريق الثا ي الذي يقول:
إن العلماء أمهلوا العناية ابلسياسة.
8
املبحث األول :السياسة الشرعية على مستوى اإلسالم نفسه يف داللة مصادره عليها وفيها الرد على الفريق
األول:
إن املطلع على نصوص الوحي املعصوم من الكتاب والسنة جيد أهنا مل تقتصر على األمور املتعلقة ابآلخرة فقط،
كما يقول ذلك احملادون هلل ورسوله ،كما مل تقتصر على األمور املتعلقة بنظام احلكم وحده ،وإمنا أفردت مكاان
كبريا وعظيما للحديث عن كل املسائل اليت حيتاجها اإلنسان يف حياته يف مجيع مراحله ،انطالقا من كونه فردا،
ومن كونه عضوا يف مجاعته احملدودة أو يف مجاعته املتسعة ،ولو حاولنا إيراد وتقصي ما ورد من النصوص املتعلقة
بذلك الحتاج األمر إىل أسفار ،ولو أضفنا على ذلك شروح أهل العلم هلذه النصوص الحتاج كل سفر إىل
أسفار ،لكن لعلنا نورد هنا ما يكون مبثابة العناوين من غري تفصيل فهو الالئق مبثل هذه الدراسة.
9
َتدثت النصوص عن عالقة دولة اإلسالم بغريها من األنظمة القائمة ،وما واجبها جتاه رعااي الدول الكافرة اليت
تدين بغري دين اإلسالم ،وبيان أصل العالقة بني املسلمني وغريهم من الكافرين ،وأثر العلم بدين اإلسالم وعدمه
على تلك العالقة ،وَتدثت عن مسوغات احملاربة هلذه الدول وما احلد الذي ينتهي عنده القتال ،كما َتدثت
عن عقد املعاهدات واهلدنة واألمان معهم ،والوفاء مبا عاهد عليه املسلمون ،ومن الذي له حق إبرام املعاهدات
نيابة عن األمة ،واملدة الزمنية للمعاهدات ،ومىت جيوز نبذ العهد ،كما َتدثت عن التحالف مع الكفار وضوابط
ذلك ،والواجب حيال السفراء الذين ينقلون رسائل أقوامهم إىل ويل األمر املسلم ،وهل للسفري حصانة وما
ضوابطها ،وَتدثت عن أسرى العدو وما يفعل معه ،والتجارة مع أهل احلرب ،ومناصرة املسلمني يف خارج دولة
ويل األمر على عدوهم وأحوال ذلك
11
املبحث الثا ي :السياسة الشرعية على مستوى كتاابت العلماء وتواليفهم ،وفيه الرد على الفريق الثا ي:
وانطالقا من تلك اجملاالت املتعددة اليت عاجلتها مصادر الشريعة يف ابب السياسة الشرعية ،ظهرت الكتاابت
املتعددة اليت تعاجل هذه املسائل
ومن املعروف أن وجود العلم يسبق تدوينه مبدة قد تطول وقد تقصر ،فتدوين العلم الحق على وجوده ،وذلك
أمر موجود يف كل العلوم الدينية أو الدنيوية ،وال يعين عدم تدوين العلم يف الفرتة السابقة على التدوين عدم وجد
العلم فيها فذلك أمر مل يقل به أحد ،وموضوعنا ال خيرج عن تلك القاعدة.
الطور األول :كانت بداايت كالم العلماء يف ذلك الباب مرتبطة ابلرواية اليت كانت تعتمد يف أول األمر يف
أغلب أحياهنا على النقل الشفوي.
الطور الثا ي :وانتقل كالم العلماء يف ذلك يف طور الحق إىل التدوين لكنه كان اتزجا مبا كتب من تفسري
القرآن الكرمي واحلديث النبوي الشريف ،قبل أن تظهر الكتاابت املتخصصة اليت تعاجل موضوعات خاصة من
موضوعات السياسة الشرعية ،واا ميثل كتب هذا الطور كتب احلديث املصنفة على األبواب كصحيح البخاري
ومسلم وأيب داود والرتمذي والنسائي وابن ماجه وموطأ مالك وسنن الدارمي وحنوها ،وكذلك كتب الفقه املصنفة
على األ بواب ككتاب األم للشافعي ،وسائر ما كتب من الكتب الفقهية يف سائر املذاهب ،فقد ضمنت هذه
الكتب يف داخلها فصوال متعددة عن كثري من مسائل السياسة الشرعية ففيها فصول عن اإلمارة والشورى
واجلهاد وأحكام البغاة ،واحلدود واجلزية والعهد واألمان واملوادعة والقضاء والبيوع واملزارعة واملساقاة وحنو ذلك،
وكتب السرية النبوية أيضا ،وكذلك كتب العقائد أو الكالم حيث ضمت يف ثناايها احلديث عن اإلمامة الكربى
(رايسة الدولة) وما دار حوهلا من اختالفات وما يتعلق هبا من أحكام ،وقد تداخل هذا الطور مع الطور الثالث
فما زالت تؤلف الكتب على هنجه حىت مع ظهور الكتاابت املتخصصة ،كتلك الكتب املصنفة يف بعض
املوضوعات الشرعية حيث تتعرض يف ثنااي ذلك ملسائل من السياسة الشرعية كفضائح الباطنية للغزايل حيث
خصص جزءا من كتابه للحديث عن اإلمامة ،وكمنهاج السنة النبوية يف الرد الشيعة القدرية البن تيمية حيث
ضمنه كثري من الكالم حول اإلمامة وطرق انعقادها ،كما َتدث عن إثبات خالفة الصديق كما ذكر الشروط
اليت ينبغي توافرها فيمن يعقد اإلمامة ملستحقها ،وكذلك كتاب اآلداب الشرعية البن مفلح حيث تعرض لكثري
12
من مسائلها كإنكار املنكر :حاالته وأحكامه وأنواع من ينكر عليهم واإلنكار على السلطان ،وَتدث عن
الشورى وعن االستعانة أبهل الذمة يف أمور املسلمني ،وغري ذلك من الكتب.
الطور الثالث :مث انتقلت الكتابة إىل الطور الالحق وهو إفراد مسائل السياسة الشرعية أو بعضها ابلتصنيف،
وإن كان هذا ال مينع من وجود كتاابت متخصصة يف مسائلها وجدت يف الطور الثا ي ،والكتاابت املتخصصة يف
جمال السياسة الشرعية وجدت على صورتني إحدامها :االقتصار على مسائل السياسية الشرعية ،والثانية :ذكر
مجلة كبرية من مسائلها مع وجود مسائل أخرى ال تنتمي هلا ،وإن كان هلا مبوضوع الكتاب تعلق.
ويف هذا الطور تكثر الكتاابت املتخصصة يف مسائل السياسة الشرعية ،وقد استغرق الوصول إىل هذا الطور إىل
قرابة ثالثة قرون من الزمان.
ويف دراسة د/نصر دمحم عارف الرائدة اليت توصل من خالهلا إىل وجود أكثر من ثالمثائة مؤلف يف مسائل
السياسة الشرعية واليت طبع منها أكثر من مائة مؤلف مع االعرتاف واإلقرار أن هذا العدد ال ميثل مجيع ما كتب،
وهو ما يعين أن حماولة استيعاب احلديث عنها خيرج عن حدود هذه املقالة ،ولذا فقد اقتصرت من أمثلة هذا
الطور على ما َتت يدي من الكتب (سواء كان يف صورة إلكرتونية أو صورة ورقية أو خمطوط) ،على أن
الباحث جيد صعوبة يف الفصل احلاد بني جماالت هذه املؤلفات ،فكثري منها مل خيلص لغرض واحد اا يُصعِّب
مسألة التصنيف ،الذي يرتتب عليه االختالف يف عد هذا الكتاب ضمن هذا النطاق أو غريه.
وال شك أن الصورة املتكاملة يف تغطية موضوع السياسة الشرعية يف والايته مجيعا اليت ظهر هبا مؤلف األحكام
السلطانية ،يرشد إىل أن هذا الكتاب يعد تطويرا وجتميعا جلهود سبقته يف اجملال نفسه ،على أساس وجود
كتاابت تقتصر على ذكر والية أو عدة والايت إىل أن جاء املاوردي فجمع الوالايت كلها يف كتاب واحد :
-2كتب األحكام السلطانية وهي الكتب اليت تتحدث عن اإلمامة العظمى وما يرتبط هبا من والايت عدة،
وإن كان بعضها يقتصر يف احلديث عليها:
هذه الكتب ظهرت متأخرة نسبيا ومنهجها منهج فقهي يعتمد األدلة من النصوص الشرعية يف بيان الوالايت
وشروطها وصالحياهتا وصفات من يتوالها ،فمن هذه الكتب كتاب تثبيت اإلمامة وترتيب اخلالفة للحافظ أيب
نعيم أمحد بن عبد هللا بن أمحد األصبها ي (ت220ه ) َتدث فيه عن تثبيت إمامة اخللفاء األربعة ،وذكر أدلة
ذلك ورد على من خالف فيه كالرافضة وغريهم ،وكتاب األحكام السلطانية والوالايت الدينية أليب احلسن علي
بن دمحم بن حبيب املاوردي الشافعي (ت 250ه ) [دار الكتب العلمية/بريون لبنان] تكلم فيه عن اإلمامة والوزارة
13
واإلمارة على البالد واإلمارة على اجلهاد والوالية على حروب املصاحل ووالية القضاء ووالية املظامل ووالية النقابة
على ذوي األنساب والوالية على إمامة الصالة والوالية على احلج والوالية على الصدقات وقسمة الفيء
والغنيمة وإحياء املوات واستخراج املياه وأحكام اجلرائم ووضع الديوان وذكر أحكامه واحلسبة ،فهو يكاد يتعرض
لكل والايت الدولة ومؤسساهتا ،وعلى املنوال نفسه َيه كتاب األحكام السلطانية والوالايت الدينية أليب يعلى
الفراء احلنبلي (ت258ه )[ ،دار الكتب العلمية/بريون لبنان] ،وكتاب غياث األمم يف التياث الظلم إلمام احلرمني أيب
املعايل اجلويين (ت278ه ) [مؤسسة الراين/بريوت ط2218 2ه ] ،وقد قسم كتابه إىل ثالثة أركان :أحدها عن اإلمامة
وما يتعلق هبا من أبواب ،والثا ي يف تقدير خلو الزمان من األئمة والوالة ،والثالث يف تقدير انقراض محلة
الشريعة ،وقد تفرد اجلويين مبنهج مل يسبقه إليه أحد حيث افرتض خلو الزمان من وجود ويل األمر الشرعي وبني
ما الذي ينبغي عمله يف هذه احلالة ،ورسالة اخلالفة وامللك لتقي الدين أيب العباس أمحد بن عبد احلليم بن عبد
السالم ابن تيمية احلرا ي ت(718ه ) [مكتبة املنار/األردن ط2222 1ه وهي موجودة ضمن جمموع الفتاوى]َ ،تدث فيها عن
اخلالفة وامللك والفرق بينهما وبني معىن اخلليفة وخطأ من قال إنه مبعىن النائب عن هللا،كما َتدث عن أحكام
قتال البغاة والفرق بينهم وبني اخلوارج ،وكتاب َترير األحكام يف تدبري أهل اإلسالم لبدر الدين دمحم بن إبراهيم
ابن مجاعة (ت722ه )[ ،دار الثقافة /قطر /الدوحة 2208 -ه 2188-ط ]2فتحدث عن اإلمامة والوزارة والديوان،
وأكثر من احلديث عن اجلهاد وما يتعلق به ،وقتال أهل البغي وعقد الذمة ،لكنه مل يستوعب ما استوعبه كتاب
األحكام السلطانية ،وكتاب حسن السلوك احلافظ دولة امللوك حملمد بن دمحم بن عبد الكرمي املوصلي،
(ت722ه ) [مدار الوطن/الرايض ط ،] 2222 2وكتاب مآثر اإلانفة يف معامل اخلالفة ألمحد بن علي بن أمحد
القلقشندي (ت 812ه ) [مطبعة حكومة الكويت/الكويت ط2185 1م] ،جوانب عديدة من هذا الكتاب تدخل َتت
كتب األحكام السلطانية حيث تتحدث عن معىن اخلالفة وطرق االنعقاد وواجب اخلليفة جتاه الرعية وحقه
عليهم كذلك احلديث عن والية العهد وعن الطوارئ اليت مبقتضاها يعزل اخلليفة أو ويل العهد ،لكن هناك
جوانب أخر تعد من قبيل التاريخ السياسي حيث يعرض لتاريخ اخلالفة من بدايتها إىل زمنه يف العديد من
اجلوانب،وكتاب الوالايت ألمحد بن حيىي الونشريسي املالكي (ت122ه )[ ،مكتبة الثقافة الدينية/بورسعيد/ط1002 2م]
الدولة ال بد أن يكون هلا مصادر مالية تنفق منها على املصاحل العامة لتحقيق الغاايت من وجود الدولة ،وَتتاج
إىل مسلك الرمحة واإلحسان يف مجع هذه املوارد ،ومسلك العدل يف توزيعها ،وأول ما يقابلنا من الكتاابت
املتخصصة يف اجلوانب املالية كتاب اخلراج للقاضي أيب يوسف (ت281ه ) [املكتبة األزهرية/القاهرة عام 2210ه ]
صاحب اإلمام أيب حنيفة ،وهو كتاب مطبوع متداول كتبه أبو يوسف أبمر اخلليفة هارون الرشيد ،تناول فيه
14
اجلانب املتعلق ابملوارد املالية للدولة كالغنيمة والفيء واخلراج والصدقات وكيفية اإلنفاق منه ،ورواتب القضاة
والعمال ،كما تناول بعض ما يتعلق ابلوالة واألمراء ،كما تناول احلدود وأنواعها وكيفية إقامتها ،وحكم املرتد عن
اإلسالم ،مث اختتم كتابه ابحلديث عن قتال أهل الشرك واألمان واملوادعة وهو اا يدخل يف القانون الدويل
والعالقات الدولية ،ومن الكتب اليت حنت هذا املنحى االقتصادي كتاب اخلراج ليحىي بن آدم (ت102ه ) [دار
الشروق/مصر ط2187 2م] ،وكتاب األموال أليب عبيد القاسم بن سالم (ت112ه ) [دار اهلدي النبوى مبصر/دار الفضيلة
ابلسعودية ط2218 2ه ] ،وكتاب األموال حلميد بن زجنوية (ت152ه ) [مركز امللك فيصل للبحوث والدراسات/الرايض]
وكتاب األموال أليب جعفر أمحد بن نصر الداوودي (ت201ه )[ ،دار السالم/مصر/ط2217 1ه ] ،وكتاب االستخراج
ألحكام اخلراج البن رجب احلنبلي [دار الكتب العلمية/بريوت ط2205 2ه ] ،ورسالة قاعدة يف األموال السلطانية لشيخ
اإلسالم ابن تيمية (ت718ه )[ ،سلسلة حبوث وَتقيقات خمتارة من جملة احلكمة (2211 )11ه ] ،على أن هذه الكتب
كلها مل تقتصر على اجلانب املايل ،وإمنا َتدثت عن أمور أخرى اا هو من مسائل السياسة ،كاحلكم ابلعدل
ووجوب السمع والطاعة ألئمة املسلمني وترك منازعتهم وحنو ذلك ،وال شك أن هناك جوانب من املوارد املالية
للدولة املذكورة يف هذه الكتب غري موجودة اآلن ،لكن الذي يهمنا بيان اشتغال علماء املسلمني يف زمنهم
وعنايتهم به
هناك أحكام شرعية َتكم العالقة بني الدولة اإلسالمية وبني الدول الكافرة ،كاألحكام املتعلقة ابملغازي والسري
والعهد واألمان والصلح واملوادعة واجلزية وحنو ذلك ،ومن الكتب املبكرة جدا يف ذلك ما كنبه أبو عمر عبد
الرمحن بن عمرو األوزاعي (ت257ه ) ،يف كتابه السري وقد رواه اإلمام الشافعي بسنده يف كتاب األم ،وكتاب
السري أليب إسحق إبراهيم بن دمحم الفزاري (ت282ه ) [مؤسسة الرسالة/بريوت ط2187 2م ،والكتاب بعضه مفقود]،
وكتاب السري الكبري حملمد بن احلسن الشيبا ي0ت281ه ) تلميذ أيب حنيفة ،وقد شرحه مشس األئمة السرخسي
(ت210ه ) [دار الكتب العلمية بريوت ط2227 2ه ] ،وكان الشيبا ي صنف قبله كتاب السري الصغري ،وأليب يوسف
مشاركة يف ذلك حيث ألف كتااب اَه الرد على سري األوزاعي ،واا ميكن إضافته إىل ذلك الواثئق السياسية
اليت متثل العقود والعهود اليت أعطاها النيب ملسو هيلع هللا ىلص وقادة الفتح للبلدان املفتوحة ،وقد مجع أغلب هذه الواثئق يف
2
كتاب بعنوان"جمموعة الواثئق السياسية يف العهد النبوي واخلالفة الراشدة"
-2الوزارة:
4جمموعة الواثئق السياسية مجعها د/دمحم محيد هللا احليدر آابدي مكتبة الثقافة الدينية /القاهرة
15
الوزارة من الوالايت السياسية اهلامة اليت ظهرت يف نظامنا السياسي ،وهي تشمل جانبني :وزارة التفويض يقوم
فيها الوزير مقام اخلليفة أو الرئيس يف كل فعله فهو مفوض من قبله يف ذلك ،لذا يشرتط له من الشروط ما
يشرتط للخليفة خال شرط النسب ،واحلرية على الصحيح ،ووزارة التقييد (كذا َاها الثعاليب وهي اليت َاها
املاوردي وزارة التنفيذ) يكون فيها الوزير مبثابة السفري بني اخلليفة والرعية فليست متثل والية على احلقيقة ،وقد
وجدت الكتب املتخصصة اليت اعتنت بذلك ،فمن الكتب ذات االهتمام التارخيي كتاب الوزراء والكتاب أليب
عبد هللا دمحم بن عبدروس اجلهشياري (ت222ه ) [مكتبة مصطفى البايب احلليب/القاهرة ط2202 2ه ] ،ومن الكتب ذات
االهتمام الفقهي كتاب َتفة الوزراء أليب منصور عبد امللك بن دمحم بن إَاعيل الثعاليب (ت211ه ) [دار
البشري/عمان ط2222 2ه ] ،حيث رتب املؤلف كتابه على مخسة أبواب حبث فيها أصل الوزارة واشتقاقها وصفات
الوزير الصاحل ،واحلقوق املتبادلة بني الوزير وامللك ،وأقسام الوزارة والفرق بني وزارة التفويض ووزارة التقييد،
واحلديث عن الشورى وبيان من يستشار ومن ال يستشار وكتمان األسرار ،ومنها كتاب قوانني الوزارة أل ي
احلسن علي بن دمحم بن حبيب املاوردي (ت250ه )[ ،مركز اإلسكندرية للكتاب/اإلسكندرية ط ،] 2وكتاب َتفة األمراء
يف اتريخ الوزراء أليب احلسن اهلالل بن احملسن الصايب (ت288ه ) [مطبعة اآلابء اليسوعيني/بريوت] ،وهو كتاب
اترخيي كما يظهر من اَه.
-2القضاء:
يعد القضاء من الوالايت السياسية املهمة يف الدولة إذ تنتظم به أحوال الراعي والرعية واجملتمع وَيمن الناس على
دمائهم وأعراضهم وأمواهلم ،وَيخذ كل صاحب حق حقه ،ويف هذا الفرع تذكر أحكام احلدود والتعزير والشهود
والدعاوى والبينات واحلكم ابلقرائن واألمارات والفراسة ،وعقوبة املتهم ،وشهادة الفسقة من املسلمني وشهادة
غريهم من الكفرة وحنو ذلك ،فمن الكتب اليت َتدثت عن أخبار القضاة واترخيهم كتاب أخبار القضاة للقاضي
أيب بكر دمحم بن خلف بن حيَّا َن بن صدقة الضَِّّيب الب ْغ َد ِّ
ادي ،امللَقَّب بِّ"وكِّيع" (املتوىف سنة 202ه ) [املكتبة التجارية
َ ُ َ َ
الكربى/القاهرة ط2222 2ه ]
ومن الكتب اليت َتدثت عن مسائل القضاء نفسها كتاب أدب القاضي للخصاف (ت122ه ) الذي
شرحه عمر بن عبد العزيز بن مازة البخاري املعروف ابلصدر الشهيد (ت522ه ) [مطبعة اإلرشاد بغداد
ط2217/2ه 2177-م] وقد رتبه على مائة وعشرين اباب تناول فيه كل ما يتعلق ابلقضاء ،وكتاب الطرق احلكمية يف
16
السياسة الشرعية (الفراسة) أليب عبد هللا دمحم بن أيب بكر بن قيم اجلوزية (اشتهر اببن القيم ت 752ه )،
[املؤيد/الطائف ط2220 2ه ] ،وكتاب تبصرة احلكام يف أصول األقضية ومناهج األحكام لربهان الدين أيب الوفاء
إبراهيم بن علي بن دمحم بن فرحون املالكي (ت711ه ) [دار عامل الكتب/الرايض 2212ه ] ،وهو كتاب حافل يف اببه،
وكتاب معني احلكام فيما يرتدد بني اخلصمني من األحكام لعالء الدين علي بن خليل الطرابلسي احلنفي
(ت822ه ) [دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع] وكتاب جواهر العقود ومعني احلكام واملوقعني والشهود لشمس الدين
دمحم بن أمحد املنهاجي األسيوطي (ت 880ه ) [ مصورة عن الطبعة األوىل املطبوعة على نفقة األديب الكبري دمحم سرور الصبان]،
وكتاب املقدمة السلطانية يف السياسة الشرعية لطوغان شيخ احملمدي احلنفي (ت882ه ) ،وكتاب لسان احلكام
يف معرفة األحكام أليب الوليد إبراهيم بن دمحم ،املعروف اببن الشحنة احلنفي (ت 881ه )[ ،دار الفكر للطباعة والنشر
5
والتوزيع] ،وكتاب السياسة الشرعية لدده أفندي (ت 2222ه )
ويف هذا اجلانب من جوانب السياسة الشرعية تطالعنا الكتب املوسومة بكتب احلسبة ،واليت تعنيت ابحلفاظ على
أخالق اجملتمع وآدابه وتصونه ان حياول اخلروج عليها ،من حيث إنكار املنكرات كلها واألمر ابملعروف يف كل
األمور اجملتمعية ،ويف هذا الباب جند الكثري من الكتب منها كتاب السوق ليحىي بن عمر الكنا ي (ت181ه )
[مكتبة الثقافة الدينية/بور سعيد ط2212 2ه ] ،الذي يتحدث عن تنظيم األسواق ومراقبتها وعن املنكرات اليت ميكن
[دار وقوعها يف السوق ويبني كيفية العمل معها ،وكتاب الرتبة يف طلب احلسبة للماوردي (ت250ه )
وكتاب هناية الرتبة الظريفة يف طلب احلسبة الشريفة لعبد الرمحن بن نصر بن عبد هللا الرسالة/القاهرة ط2211 2ه ]
الشيزري (ت581ه ) يبني شرائط احملتسب وصفته ويتكلم عن األمر ابملعروف والنهي عن املنكر ،ويبني كيفية
االحتساب على كثري من أصحاب املهن يف اجملتمع كاألطباء والصيادلة والصاغة والفصادين والعطارين واخلياطني
والنجارين واخلبازين والطباخني وغريهم كثري ،وعلى املنهج نفسه كتاب معامل ال ُقربة يف أحكام احلسبة حملمد بن
دمحم بن أمحد املعروف اببن اإلخوة القرشي (ت711ه )[دار الكتب العلمية/لبنان/ط2212 2ه ] ،وكتاب احلسبة البن
تيمية (ت718ه ) حيث يبني أن األصل يف الوالايت أن تكون والايت شرعية مث يبني بعض واجبات احملتسب
واالحتساب يف املعامالت احملرمة ويتحدث عن التعزير ابلعقوابت املالية وأخريا عن استخدام اليد يف إنكار
5يف املخطوطة اليت وقفت عليها مل تذكر من اسم املؤلف سوى :دده افندي وابلبحث يف األعالم للزركلي عن دده أفندي وجدت ما يلي-..( :
2222ه = 2722 -..م) دمحم (بري دمحم دده) بن مصطفى ابن حبيب االرضرومي مث القسطنطيين ،زين الدين ،املعروف بدده أفندي :من علماء
الدولة العثمانية ،فقيه حنفي" وذكر أن له من الكتب "السياسة واألحكام" وكذلك جاء يف إيضاح املكنون 202/1إلَاعيل ابشا البغدادي
17
املنكر ،وكتاب بغية اإلربة يف أحكام احلسبة لوجيه الدين عبد الرمحن بن علي الشيبا ي املعروف اببن الديبع
[جامعة أم القرى/مكة ط2212 2ه ] (ت122ه )
-2كتب تعىن ابستقرار األحوال وانتظامها وإصالحها عن طريق النصائح واملواعظ املتعلقة ابلسياسة:
األمراء والوزراء يف تعاملهم مع شعوهبم ويف قيادهتم لألمة يف حاجة إىل التحلي بفضائل خلقية تعد من قبيل
الصفات الذاتية كالشجاعة والصدق والكرم ،والوفاء والشكر ،واإلحسان واهليبة واملظهر املالئم ،والبعد عن
أضدادها ،من اجلنب واخلور والكذب والبخل والغدر وإخالف الوعد ،كما حيتاجون يف قيادهتم لألمة جبانب
الصفات السابقة إىل صفات كالعدل بني الناس ،والتمسك ابحلق وطيب املعشر ودوام األلفة بينهم وبني الرعية
واحلرص على املشاورة وعدم االستبداد ابلرأي ،لذلك وجدت الكتب اليت َتض على تلك الفضائل وتنهي عن
ذميمها وتبني ما يرتتب على األخالق احلسنة من اخلري ،وما يرتتب على السياة من شرور ،كما هتدف تلك
الكتب إىل تقدمي النصيحة ملتويل األمور ،وبيان الطريق الذي ينبغي سلوكه سواء يف تولية الوالايت أو يف َتصيل
األموال وإنفاقها ،واحلكم بني الناس ابحلق وإقامة احلدود وترك احملاابة ،وسريته مع خمتلف فاات الدولة ،وحنو
ذلك ،لكن من هذه الكتب ما يغلب احلديث عن الفضائل الذاتية ،ومنها ما يغلب احلديث عما يصلح به أمر
الراعي والرعية.
[عامل فمن هذه الكتب كتاب آداب امللوك أليب منصور عبد امللك بن دمحم بن إَاعيل الثعاليب (ت211ه )
الكتب/القاهرة ط2218 2ه ] ،يقول يف مقدمته" :قد جعلت له مقدمة وسياقة ،وبنيته على أن يتضمن الغُرر والنكت
واللمع والعهد ،اا يصلح للملوك وأصحاهبم وذكر ما هلم وعليهم ،ورتبته يف عشرة أبواب يشتمل كل ابب منها
على عدة فصول" ،وكتاب تسهيل النظر وتعجيل الظفر يف أخالق امللك أليب احلسن املاوردي (ت250ه ) [دار
النهضة/بريوت عام 2182م] ،حيث رتبه على اببني وكل ابب فيه عدة فصول فالباب األول يف أخالق امللك ،والباب
الثا ي يف سياسة امللك ،وكتاب نصيحة امللوك املنسوب للماوردي[ 2مكتبة الفالح/الكويت ط2202 2ه ] ،يقول يف
مقدمته":فكتبنا كتابنا هذا نصيحة للملوك وإظهارا حملبتهم ،وإشفاقا هلم على أنفسهم ورعاايهم ،ورجوان أن من
وقع له كتابنا هذا مبا فيه من صادق النصيحة وبليغ املوعظة ،وأعطاه من عناية حظه ابلنظر فيه والتدبر له
واإلصغاء إليه ،علم أان من أعظم أوليائه له نصيحة ،وأبلغ خدمه وأعوانه له معونة" ،وكتاب الترب املسبوك يف
6ذكر الدكتور فؤاد عبد املنعم يف مقدمة َتقيقه لكتاب قوانني الوزارة أن كتاب نصيحة امللوك ليس من َتليف املاوردي
18
نصيحة امللوك أليب حامد دمحم بن دمحم بن دمحم الغزايل (ت505ه ) ،وكتاب درر السلوك يف سياسة امللوك أليب
احلسن املاوردي (ت250ه ) [دار الوطن /الرايض 2227ه ] وقد قسمه إىل اببني :الباب األول :يف أخالق امللك،
والباب الثا ي :يف سياسة امللكَ ،تدث يف الباب األول عن اخلالق احملمودة وما يقابلها من اخلالق املذمومة،
وَتدث يف الباب الثا ي عن الرجوع إىل احلق وحماسبة النفس ،وبني أن أصل ما تبىن عليه السياسة العادلة يف
سريه الرغبة والرهبة واإلنصاف ،كما َتدث عن سياسة امللك حلاشيته وأعوانه ،مث َتدث عن القضاة واحلكام
وعمال اخلراج ،وأمهية حسم مواد الفساد ،وتفقد أحوال الرعية والعناية أبمن السبل واملسالك ورعاية العلم
والعلماء ومكافأة احملسن على إحسانه واملسيء على إساءته ،وختم كتابه بدعوة امللك إىل أن يكون دأبه فعل
اخلريات إما ابتداء من نفسه أو اقتداء ابألخيار من سلفه.
وكتاب سراج امللوك أليب بكر دمحم بن الوليد الفهري الطرطوشي املالكي (ت510ه )[ ،الدار املصرية اللبنانية/القاهرة ط2
1002م] ،حيث رتبه على أربعة وستني اباب بدأها ابحلديث عن موعظة السلطان مث َتدث عن اخلصال اليت
يستمر هبا نظام امللك ،واخلصال اليت يكون هبا زواله ،وَتدث عن خصال احللم واجلود والسخاء والصرب
وأضدادها ،وَتدث عن الوزراء وصفاهتم واملشورة والنصيحة ،كما َتدث عن اخلصال اليت تصلح هبا الرعية
واخلصال املوجبة لذم السلطان ،وَتدث عن سرية السلطان مع اجلند ويف جباية اخلراج وسريته يف بيت املال
وتدوين الدواوين وفرض األعطيات ،كما َتدث عن أحكام أهل الذمة وتقدير اجلزية والصفات املعتربة يف الوالة
والشروط اليت تؤخذ عليهم ،وحذر من أخالق مردية كالظلم والغيبة والنميمة ،وَتدث عن احلروب وتدبريها
وحيلها وأحكامها ،مث ختم كتابه أبخبار ملوك العجم وحكاايهتم والعديد من احلكم املنثورة ،وكتاب املنهج
املسلوك يف سياسة امللوك ،لعبد الرمحن بن نصر بن عبد هللا الشيزري (ت581ه ) [ ،دار املنار/األردن 2207ه ]،
وكتاب هتذيب الرايسة وترتيب السياسة حملمد بن علي بن احلسن القلعي (ت220ه )[ ،مكتبة املنار/األردن ط،]2
يقول يف مقدمة كتابه" :فهذا الكتاب مجعته يف هتذيب الرايسة وترتيب السياسة وجعلته قسمني
القسم األول منه يشتمل على أنواع أبواب حيتوي على غرر من كالم احلكماء ودرر الفصحاء ..يتضمن حماسن
األوصاف احملمودة من ذوي األمر وذم أضدادها وما جيب استعماله أو تركه من األمور اليت حيمد متبعها عاقبة
إصدارها وإيرادها
والقسم الثا ي حبكاايت من اخللفاء ووزرائهم وعماهلم وأمرائهم اا يدل على نبلهم وغزارة فضلهم وحسن سريهتم
وكمال مروءهتم وما اشتملت عليه طرائقهم وحوتة خالئفهم من العدل واإلنصاف والبذل واإلسعاف والعفو عند
االقتدار ومعرفة حقوق ذوي األقدار وقبول النصح من الناصحني وَاع املوعظة من الصاحلني مع ما اتصفوا به
من علم وأدب ووقار وحلم وفصاحة وبراعة وَاحة وشجاعة فمن اختذ ذلك إماما ارتفع وانتفع ومن عمل مبا
19
شاكله رشد ومحد ،مث يقول :وقد ابتدأت ذلك بذكر وجوب اإلمامة وعدم االستغناء عن الوالة وما جيب هلم
على الكافة من الطاعة واملواالة" وكتاب الشهب الالمعة يف السياسة النافعة أليب القاسم عبد هللا بن يوسف بن
رضوان املالقي (ت782ه ) [دار الثقافة/الدار البيضاء/املغرب ط2202 2ه ] ،وقد رتبه على مخسة وعشرين اباب حيث ذكر
فضل العدل واحللم وكظم الغيظ والصرب والتأ ي واجلود والسخاء ورعاية العهود ،والتواضع مع احلزم والقوة ،والتدبري
واملشاورة وعمارة األرض وإصالح اململكة ،كما َتدث عن تولية اخلطط الدينية وبيت املال وسياسة احلروب
وتدبريها وكتاب السياسة الشرعية ألمحد بن عبد احلليم ابن عبد السالم ابن تيمية (ت718ه ) ،وكتاب َتفة
الرتك فيما جيب أن يعمل يف امللك لنجم الدين إبراهيم بن علي احلنفي الطرسوسي (ت758ه ) [دار الطليعة/بريوت
َ
ط2212 2ه ] ،يقول يف مفتتح كتابه" :فإن هللا تعاىل ،جعل حفظ نظام األانم ابلسلطان ،وأدام له األايم ،ابلعدل
يف الشريعة واإلحسان ،ورأيت الواجب يف هذا الزمان ،بذل النصيحة له بقدر اإلمكان بتأليف كتاب يشتمل
على فصول ،جيتمع فيها أنواع مصاحل امللك ،اا تعتمد عليه امللوك ،وبيان طريق يدوم هلم هبا امللك أبحسن
السلوك ،ومل أقصد بذلك سوى القيام هبذا الواجب ،وحفظ نظام امللك ملن هو يف اتباع الشرع من امللوك
راغب" ،7وكتاب َترير السلوك يف تدبري امللوك أليب الفضل دمحم بن عبد الوهاب السنباطي امللقب ابألعرج (ت
بعد 111ه ) فتحدث عن أمهية ابتعاد امللك عن الرذائل ،ومجع أمهاهتا يف مخس فأوهلا الكرب واثنيها العجب
واثلثها الغرور ورابعها الشح وخامسها الكذب ،مث شرع يف الكالم على الشروط اليت ينبغي توافرها يف الناظر يف
املظامل.
-7كتب التاريخ السياسي :تعتين بذكر الوقائع واألحداث املرتبطة ابلدول واخللفاء والسالطني وامللوك ،وقد
تكون هذه خاصة بزمان أو مكان وقد تكون عامة ،فمن ذلك كتاب اإلمامة والسياسة املنسوب أليب دمحم عبد
هللا بن مسلم بن قتيبة الدينوري( ،ت172ه ) [دار الكتب العلمية/بريوت ط1002 2م] والذي يؤرخ فيه لإلمامة من
بدايتها وما جرى من فتنة وقتال بني املسلمني بسببها إىل بداية الدولة العباسية ،وكتاب والة مصر أليب عمر دمحم
بن يوسف الكندي (ت250ه ) [دار صادر/بريوت] وكتاب الفخري يف اآلداب السلطانية والدول اإلسالمية حملمد
بن علي بن طباطبا املعروف اببن الطقطقى (ت 701ه )[ ،دار صادر/بريوت] ،يؤرخ فيه للدول اإلسالمية من
خالفة الراشدين إىل زمن انقضاء الدولة العباسية سنة252ه ،يقول يف كتابه" :وهذا كتاب تكلمت فيه على
أحوال الدول وأمور امللك وذكرت فيه ما استظرفته من أحوال امللوك الفضالء واستقريته من سري اخللفاء والوزراء
وبنيته على فصلني:
21
فالفصل األول تكلمت فيه على األمور السلطانية والسياسات امللكية وخواص امللك اليت يتميز هبا على السوقة
واليت جيب أن تكون موجودة أو معدومة فيه وما جيب له على رعيته وما جيب هلم عليه..والفصل الثا ي تكلمت
فيه على دولة دولة من مشاهري الدول" (والفصل األول ال يبلغ من الكتاب ما نسبته ،)%25وهو يشرح حال
الوزارة مع كل خليفة يذكره وكتاب سرية السلطان الناصر صالح الدين األيويب لبهاء الدين ابن شداد أيب احملاسن
يوسف بن رافع بن متيم بن عتبة األسدي املوصلي نشأ عند أخواله بين شداد فنسب إليهم (ت221ه )[ ،دار
األوائل/دمشق ط1002 2م] ،وكتاب السلوك ملعرفة دول امللوك ألمحد بن علي بن عبد القادر ،أبو العباس احلسيين
العبيدي ،تقي الدين املقريزي (ت825ه ) يتكلم فيه عن ملوك مصر يف حقبة زمنية معينة ،يقول املقريزي" :ملا
يسر هللا وله احلمد ،إبكمال كتاب عقد جواهر األسفاط من أخبار مدينة الفسطاط ،وكتاب اتعاظ احلنفاء
أبخبار اخللفاء ،ومها يشتمالن على ذكر من ملك مصر من األمراء واخللفاء ،وما كان يف أايمهم من احلوادث
واألنباء ،منذ فحت إىل أن زالت الدولة الفاطمية وانقرضت ،أحببت أن أصل ذلك بذكر من ملك مصر بعدهم
من امللوك األكراد األيوبية ،والسالطني املماليك الرتكية واجلركسية ،يف كتاب حيصر أخبارهم الشائعة ،ويستقصي
أعماهلم الذائعة ،وحيوى أكثر ما يف أايمهم من احلوادث واملاجرايت" ،فهي كتب تركز على اجلانب التارخيي فيما
يتعلق ابلوالايت السياسية.
-8كتب الفكر السياسي:
وهي الكتب اليت تعين ببحث العالقة بني الظواهر اإلنسانية والسياسة والتأثري املتبادل بينهما ،من خالل التدبر
والتأمل يف الطبائع اإلنسانية وتتبع واستقراء الوقائع واألحداث ،واخلروج من ذلك بقواعد عامة َتكم العالقة بني
الظواهر اإلنسانية والسياسة ،فمن ذلك كتاب مقدمة ابن خلدون لويل الدين عبد الرمحن بن دمحم بن أيب بكر
ابن خلدون (ت808ه ) [دار الفجر/القاهرة ط2215 2ه ] ،أفرد ابن خلدون يف كتابه هذا قدرا كبريا للحديث عن
السياسة سواء من حيث احلديث عن القواعد اليت َتكم السلوك اإلنسا ي أو من حيث احلديث عن األحكام
الشرعية اليت ترتبط هبا ،ففي اجلانب األول َتدث عن عالقة العصبية ابلرائسة وعن عوائق امللك ،وعن ولع
املغلوب ابالقتداء ابلغالب ،وأن األمة إذا غلبت وصارت يف ملك غريها أسرع إليها الفناء ،وَتدث عن أطوار
الدولة وعن عمرها وعن َتثري الرتف على بقائها وَتثري كثرة القبائل واألوطان على االستقرار كما َتدث يف
اجلانب الثا ي عن معىن اخلالفة واإلمامة والبيعة وانقالب اخلالفة إىل امللك ،كما َتدث عن والية العهد والوزارة
واحلجابة والشرطة واخلطط الدينية كالعدالة واحلسبة والسكة ،والدواوين كديوان األعمال واجلباايت وديوان
الرسائل والكتابة ومن ذلك كتاب بدائع السلك يف طبائع امللك أليب عبد هللا دمحم بن علي بن دمحم األصبحي
الغرانطي ويعرف اببن األزرق (ت812ه ) [الدار العربية للموسوعات/بريوت ط2217 2ه ] ،يقول عنه د/علي سامي
21
النشار يف مقدمة َتقيقة" :فإ ي أقدم للمكتبة العربية وألول مرة أعظم كتاب يف علم االجتماع السياسي لدى
املسلمني" ،وقد رتب ابن األزرق كتابه على مقدمتني وأربعة كتب وخامتة ،تكلم يف املقدمة األوىل عما ميكن
تسميته بطبائع األقوام وأثرها يف امللك ،ذكر فيها عشرين مسألة وهم مأخوذة من مقدمة ابن خلدون ،وَتدث يف
املقدمة الثانية عن املأخذ الشرعي يف تولية الوالة ونصب األئمة وأمهية ذلك ،وسقوط بعض شروط الوالية لعدم
توفرها وإمكان االستعاضة عنها ويف هنايتها بني أن صالح الرعية بصالح السلطان وفسادها بفساده ،وأما
الكتاب األول فقد خصصه للحديث عن حقيقة اخلالفة وامللك وسائر أنواع الرايسات وسبب وجود ذلك
وشرطه وقد جعل ذلك يف اببني ،والكتاب الثا ي بني فيه أركان امللك وقواعد مبناه ضرورة وكماال وجعله يف اببني
أيضا فتحدث عن نصب الوزير ،وإقامة الشريعة ،وإعداد اجلند ،وحفظ املال ،وإقامة العدل ،وتولية اخلطط
الدينية كالفتيا والقضاء واحلسبة والسكة ،وترتيب املراتب السلطانية كاحلجابة والكتابة واجلباية والشرطة،ورعاية
السياسة وتقدمي مشورة ذوي الرأي وبذل النصيحة وإحكام التدبري كما َتدث عن الفضائل الذاتية كالعقل والعلم
والشجاعة والعفة والسخاء واحللم وكظم الغيظ ،والكتاب الثالث َتدث فيه عما يتمكن به السلطان من تشييد
أركان امللك وَتسيس قواعده ،والكتاب الرابع يف عوائق امللك وعوارضه املانعة من دوامه أو الالحقة لطبيعة
وجوده ،وأما اخلامتة فقد ذكر فيها أن سرية الرسول ملسو هيلع هللا ىلص يف سياسة الدين والدنيا هي السرية اجلامعة حملاسن الشيم
ومكارم األخالق ،واملطالع لكتاب بدائع السلك يلحظ بدون تكلف مدى َتثر ابن األزرق اببن خلدون يف
مقدمته وأيب بكر الطرطوشي يف سراج امللوك.
وهناك العديد من الكتب اليت قد يصعب تصنيفها َتت قسم من األقسام السابقة وذلك الحتوائها على أكثر
من غرض من األغراض من ذلك فبينما يدخل جزء منه َتت قسم حلديثه املفصل عنه ،فإن جزءه الثا ي يتعلق
بقسم آخر ولعل أوضح كتاب على ذلك هو كتاب ختريج الدالالت السمعية على ما كان يف عهد رسول هللا
صلى هللا عليه وسلم من احلرف والصنائع والعماالت الشرعية أليب احلسن (أو أيب السعود) علي بن دمحم بن أمحد
اخلزاعي (ت 781ه ) [دار الغرب اإلسالمي/بريوت ط2185 2م] ،حيث قسمه إىل عشرة أجزاء :فاجلزء األول يف
اخلالفة والوزارة وما ينضاف إىل ذلك وفيه سبعة أبواب ،واجلزء الثا ي يف العماالت الفقهية ،وأعمال العبادات وما
ينضاف إليها من عماالت املسجد ،وعماالت آالت الطهارة وما يقارب منها ،ويف اإلمارة على احلج وما يتصل
هبا وفيه مخسة وعشرون ابابً ،واجلزء الثالث يف العماالت الكتابية وما يشبهها وما ينضاف إليها وفيه ثالثة عشر
22
ابابً ،واجلزء الرابع يف ذكر العماالت األحكامية (كاإلمارة على النواحي والقضاء واملظامل واحلسبة) وما ينضاف
إليها وفيه سبعة عشر ابابً ،واجلزء اخلامس يف ذكر العماالت اجلهادية وما يتشعب منها وما يتصل هبا وفيه مخسة
وأربعون ابابً ،اجلزء السادس يف املعامالت اجلبائية (كالزكاة واجلزية واخلراج والعشور والصدقات) وفيه اثنا عشر
ابابً ،اجلزء السابع يف العماالت االختزانية (كاخلازن والوازن والكيال وصاحب السكة وصاحب الضرب وأَاء
األوزان واألكيال يف عهد الرسول ملسو هيلع هللا ىلص) وفيه أحد عشر ابابًن واجلزء الثامن يف سائر العماالت وفيه عشر أبواب،
واجلزء التاسع يف ذكر حرف وصناعات كانت يف عهد رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وذكر من عملها من
الصحابة رضوان هللا عليهم وفيه أربعة وثالثون ابابً ،واجلزء العاشر ،وبه كمال التأليف ،يف ذكر أمور متفرقة اا
يرجع إىل معىن الكتاب وفيه أربع أبواب:
فاألول :يف معىن احلرفة والعمالة والصناعة
والثا ي :يف النهي عن استعمال غري املسلمني من الكفار من أهل الكتاب وغريهم ،وعن االستعانة هبم.
الثالث :فيما جاء يف أرزاق العمال
الرابع :يف ذكر الكتب اليت استخرج منها مجيع ما تضمنه هذا الكتاب
ومن ذلك كتاب الدرة الغراء يف نصيحة السالطني والقضاة واألمراء حملمود بن إَاعيل بن إبراهيم اخلري بييت (أو
اخلري مييت) (ت بعد 822ه ) [مكتبة نزار الباز/الرايض 2227ه ] ،حيث رتبه على عشرة أبواب فتحدث عن اإلمامة
وشروطها وعن الوزارة وعن قواعد األجناد وآداهبا ،كما َتدث عن أمور متعلقة ابلقضاء والفتوى واحليل الشرعية،
ومتفرقات أخرى ال تعلق هلا ابلسياسة العامة
ومن ذلك أيضا كتاب سياست انمه أو سري امللوك للوزير السلجوقي أيب علي احلسن بن علي بن إسحاق
الطوسي ،لقب بنظام امللك (ت285ه ) [دار الثقافة/قطر ط 12207ه ] ،يعد من األمثلة الواضحة على ذلك ،فقد
رتبه مؤلفه على مخسني فصال ،يقول يف مقدمة كتابه" :عمدت إىل درج وشرح كل ما كنت أعرفه أو رأيته أو
خربته من جتارب يف حيايت أو تعلمته من أساتذيت يف املوضوع يف هذا الكتاب يف مخسني فصال مث يقول :ليس
ألي ملك أو حاكم مندوحة من اقتناء هذا الكتاب ومعرفة ما فيه خاصة يف هذه األايم فكلما قرؤوه أكثر
ازدادت درايتهم أبمور الدين والدنيا واتسعت رؤيتهم يف معرفة أحوال الصديق والعدو وانفتحت أمامهم سبل
تصريف األمور وإدارهتا واتضحت هلم قواعد تدبري شاون البالط والقصر والديوان واجمللس وامليدان واألموال
واملعامالت والعسكر والرعية حبيث ال يظل يف أرجاء اململكة شيء خافيا صغريا كان أم كبريا قريبا أم بعيدا إن
شاء هللا تعاىل" .
وبوقوع البالد اإلسالمية َتت هيمنة اآلخر الكافر حدث التغري املتوقع يف كل جوانب احلياة الفكرية والعملية،
ومن ذلك جانب السياسة الشرعية ،قد ال ميكننا يف هذه املقالة املوجزة التعرض لكل أو لكثري اا كتب حديثا،
ولكن من خالل املتابعة لعشرات من الكتب اليت كتبت يف هذا الباب جند أهنا متثل ثالثة أقسام:
القسم األول :قسم أهل الغلو والتطرف يف متابعة هيمنة اآلخر ،فقد رفضوا كل ما لديهم يف هذا الباب وعدوا ما
جاءهم من اآلخر الكافر املتغلب هو احلق الذي ليس وراءه حق ،وميثل هذا االجتاه كتاب اإلسالم وأصول
احلكم لعلي عبد الرازق ،والكتاب الذي أعد من قبل الكماليني يف تركيا وترمجه عبد العين سين للعربية وعنوانه
اخلالفة وسلطة األمة وكتاب من هنا نبدأ خلالد دمحم خالد قبل أن يرتاجع عنه بعد مضي ما يقارب ربع قرن من
الزمن ،وقريب منه من مل يبلغ هذا املبلغ ولكنه َتثر كثريا مبا عند اآلخر فحاول أن يبني أن ديننا قد دل على ما
عند اآلخر ويتصيد لذلك الدالالت ولو ابإلكراه ،وهذا فيه خطورة إذ يقدم ما عند اآلخرين وكأنه بضاعة
إسالمية ،ولسان حاهلم يقول :هذه بضاعتنا ردت إلينا ،فحاصله تصويب ما عند اآلخر املخالف ،وميثل هذا
24
االجتاه د /عبد احلميد متويل يف كتابه مبادئ نظام احلكم يف اإلسالم وخالد دمحم خالد يف طوره اجلديد يف كتابه
دفاع عن الدميقراطية،
والقسم الثا ي :هو من وقف يف كتابته عند حد كتاب اإلمامة يف كتب األحكام السلطانية ووقف عند املدون يف
ذلك من غري التفات إىل الواقع وإىل العوامل اجلديدة الداخلة املؤثرة يف الواقع ،وكل ما قام به يف هذا الصدد هو
حماولة التعبري عن القدمي بلغة معاصرة تكون سهلة الفهم على املتلقي ،وهؤالء قد أحسنوا ابحلفاظ على
خصوصياتنا ،وإن مل خيل بعضها من التأثر ابلفكر السياسي الوضعي،
والقسم الثالث :الذي يعتمد الكتاب والسنة املرجع األساس ،ويؤسس بناء عليهما نظاما إسالميا يف حلمته
وسداه مستفيدا من اترخينا السياسي ،ويقف من اآلخرين موقف العزة والعلو ،فينتقي انتقاء اا عند اآلخرين من
الوسائل ما ال يتعارض مع ديننا ،ويقدم صورة معاصرة لنظام سياسي ينطلق من شريعتنا قابال للتحقيق يف أرض
الواقع ،مل يظهر بصورة كاملة وإن كانت تباشريه تلوح يف األفق
ولعل من الكتاابت املعتزة بنظامها غري املهزومة أمام الفكر الدميقراطي ما كتبه د/دمحم رأفت عثمان يف كتابه رايسة
الدولة يف الفقه اإلسالمي[ ،دار الكتاب اجلامعي/القاهرة] ،وما كتبه د /عبد هللا بن عمر الدميجي يف كتابه اإلمامة
العظمى [دار طيبة/الرايض ط ،]2وما تقدم ذكره يف هذه األقسام هو جمرد أمثلة ال متثل كل املوجود
وأخريا لقد تبني من دراسة د/نصر دمحم عارف أن هناك قدرا كبريا من خمطوطات كتب السياسة الشرعية تعد
ابلعشرات ما زالت حبيسة مل تر بعد نور الطباعة ،ولعلي أوجه من هذا املنرب دعوة إىل مراكز األحباث ودور
النشر اباللتفات إىل ذلك والعناية به ،وحماولة إخراج ما ميكن إخراجه من هذه املخطوطات مطبوعا تقديرا جلهود
علماء األمة على ما بذلوه من جهد يف ذلك ،وحىت يتيسر وصوله واإلطالع عليه من قبل الدارسني والراغبني
لالستفادة منه يف إجياد بنية فكرية وهيكلية لنظام سياسي إسالمي يف وقتنا احلاضر.
25