أن يدرك المهمة التي خلقنا الله من أجلها ويعمل لها

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 11

‫‪1‬‬

‫اهلد ف العام ‪ :‬أن يدرك املهمة اليت خلقنا هللا من أجلها ويعمل هلا "وما خلقت اجلن واإلنس إال ليعبدون"‬
‫األهداف املرحلية‪:‬‬
‫‪ .1‬أن يوضح الغاية من اخللق "وما خلقت اجلن واإلنس إال ليعبدون" ‪.‬‬
‫‪ .2‬أن يوضح املفهوم الصحيح الشامل للعبادة وجوانبها ‪.‬‬
‫‪ .3‬أن يوضح شروط صحة العبادة ‪.‬‬
‫‪ .4‬أن يوضح أمهية العبادة ‪.‬‬
‫‪ .5‬أن يعمل لتحقيق العبادة الشاملة ‪.‬‬
‫******************************************************‬
‫اهلدف املرحلى األول ‪ :‬أن يوضح الغاية من اخللق ‪.‬‬
‫األهداف اإلجرائية السلوكية ‪:‬‬
‫أ‪ -‬أن يوضح الدارس الغاية من خلق اإلنسان ‪.‬‬
‫ب‪ -‬أن يوضح الدارس العالقة بني اإلنسان والكون من حوله ‪.‬‬
‫************‬
‫أ‪ .‬الغاية من خلق اإلنسان ‪ {:‬مل اذا خلق هللا اإلنسان ؟ وما الغاية من خلقه ؟ وما رسالته ىف هذه احلياة ؟‬
‫سؤال واجب على اإلنسان – كل إنسان – أن يسأله لنفسه ‪ ،‬وأن يفكر ملياً ىف جوابه ‪ .‬فإن كل جهل– مهما عظمت نتائجه – قد يغتفر ‪ ،‬إال أن جيهل‬
‫اإلنسان سر وجوده ‪ ،‬وغاية حياته ‪ ،‬ورسالة نوعه وشخصه ىف هذه األرض إن كل صانع يعرف سر صنعته ‪ ،‬وهللا تعاىل – هو صانع اإلنسان وخالقه ومدبر‬
‫أمره ‪ ،‬فلنسأله اي رب ملاذا خلقت هذا اإلنسان ؟ وسيد هللا على تساؤلنا مبا نبني لنا ىف كتابه العزيز – أنه خلقه ليكون خليفة ىف األرض – وهذا واضح ىف آدم‬
‫وما كان من متىن املالئكة ملنزلته يقول تبارك وتعاىل ‪ " :‬وإذ قال ربك للمالئكة إىن جاعل ىف األرض خليفة قالوا أجتعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء وحنن‬
‫نسبح حبمدك ونقدس لك قال إىن أعلم ماال تعلمون " البقرة (‪. )30‬وأول شىء ىف هذه اخلالفة أن يعرف اإلنسان ربه حق معرفته ويعبده حق عبادته قال تعاىل‬
‫‪ " :‬هللا الذى خلق سبع مساوات ومن األرض مثلهن يتنزل األمر بينهن لتعلموا أن هللا على كل شىء قدير وأن هللا قد أحاط بكل شىء علما " الطالق (‪} )12‬‬
‫العبادة ىف اإلسالم د‪ /‬يوسف القرضاوى ‪.‬‬
‫ويقول هللا تبارك وتعاىل ىف كتابه العزيز ‪ " :‬وما خلقت اجلن واإلنس إال ليعبدون " وهذا نص يتكون من أربع كلمات لكنه حيتوى على حقيقة هائلة عن‬
‫وجودان واهلدف من خلقنا لنعبد هللا وحده ‪ .‬فعن معاذ بن جبل قال ‪ " :‬كنت رديف النيب ‪ ‬فقال يل ‪ :‬اي معاذ أتدرى ما حق هللا على العباد؟ قلت ‪ :‬هللا‬
‫ورسوله أعلم ‪ ،‬قال‪ :‬أن يعبدوه وال يشركوا به شيئاً " رواه البخاري ومسلم ‪.‬‬
‫قصر فيها فقد أبطل غاية وجوده‬‫فالغاية من وجود اإلنسان واجلن تتمثل ىف هذه الوظيفة وهى العبادة فمن قام هبا وأداها فقد حقق الغاية من وجوده ومن ن‬
‫وأصبح بال وظيفة وابتت حياته فارغة من القصد ‪ ،‬خاوية من معناها األصيل الذي تستمد منه قيمتها األوىل واألساسية ‪ .‬و هبذه الوظيفة حيقق اإلنسان الغاية‬
‫من خلق هللا له وهى عبادته سبحانه وتعاىل ‪ ،‬وهبا يستحق أن يكون خليفة هلل على هذه األرض ‪ }.‬ىف ظالل القرآن للشهيد سيد قطب‬
‫{ وىف بعض اآلاثر القدسية يقول سبحانه ‪ " :‬اي عبادى … ما خلقتكم ألستأنس بكم من وحشة ‪ ،‬وال ألستكثر بكم من قلة ‪ ،‬وال ألستعني بكم من وحدة‬
‫على أمر عجزت عنه ‪ ،‬وال جللب منفعة وال لدفع مضرة ‪ ،‬وإمنا خلقتكم لتعبدوىن طويالً ‪ ،‬وتذكروىن كثياً ‪ ،‬وتسبحوىن بكرة وأصيال " ‪.‬‬
‫• النداء األول ىف كل رسالة " اعبدوا هللا ما لكم من إله غيه " ‪:‬‬
‫هذه العبادة هلل وحده ىف العهد القدمي الذى أخذه هللا على بىن اإلنسان ‪ ،‬وسجله بقلم القدرة ىف فطرهم البشرية يقول سبحانه ‪ " :‬أمل أعهد إليكم اي بىن آدم أن‬
‫ال تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبني ‪ .‬وأن اعبدوىن هذا صراط مستقيم " يس (‪ . )61-60‬هذا العهد القدمي بني هللا وعباده هو الذى صوره القرآن الكرمي‬
‫حني قال سبحانه ‪ " :‬وإذ أخذ ربك من بىن آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدان أن تقولوا يوم القيامة إان كنا عن هذا‬
‫غافلني ‪ .‬أو تقولوا إمنا أشرك آابؤان من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا مبا فعل املبطلون " األعراف (‪ )173-172‬فال عجب أن يكون النداء األول لكل‬
‫رسول أرسل إىل الناس ليذكرهم هبذا العهد القدمي هو قوله تعاىل ‪ " :‬اي قوم اعبدوا هللا ما لكم من إله غيه " األعراف (‪ ،)59‬ومصداقاً لذلك قوله تعاىل ‪:‬‬
‫" ولقد بعثنا ىف كل أمة رسوالً أن اعبدوا هللا واجتنبوا الطاغوت " النحل (‪ )36‬وقوله تعاىل ‪ " :‬وما أرسلنا من قبلك من رسول إال نوحى إليه أنه ال إله إال أان‬
‫فاعبدون " األنبياء (‪ . )25‬وقال تعاىل بعد أن ذكر قصص طائفة كبية من األنبياء ‪ " :‬إن هذه أمتكم أمة واحدة وأان ربكم فاعبدون " األنبياء (‪. )92‬‬
‫واجلميع مأمورون ابلعبادة فقد أمر هللا نبيه حممد صلى هللا عليه وسلم بقوله ‪ " :‬واعبد ربك حىت أيتيك اليقني " احلجر (‪ ، )99‬كما حيكى سبحانه على لسان‬

‫‪1‬‬
‫‪2‬‬

‫سيدان عيسى فيقول ىف أدب العبودية رداً على ما نسبوه إليه وافرتوه عليه ‪ " :‬ما قلت هلم إال ما أمرتىن به أن اعبدوا هللا رىب وربكم وكنت عليهم شهيداً ما دمت‬
‫فيهم فلما توفيتىن كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شىء شهيد " املائدة (‪. )117‬‬
‫فاأل داين كلها دعوة إىل عبادة هللا وحده ‪ .‬واألنبياء كلهم أول العابدين هلل ‪ .‬وعبادة هللا وحده هى – إذن – مهمة اإلنسان األوىل ىف الوجود كما بيننت ذلك كل‬
‫الرساالت ‪ }.‬العبادة ىف اإلسالم د‪ /‬يوسف القرضاوى‬
‫ب‪ .‬أن يوضح الدارس العالقة بني اإلنسان والكون من حوله ‪ :‬إن هللا تعاىل قد خلق هذا الكون البديع اجلميل لإلنسان وكذلك بعث الرسل واألنبياء مجيعا‬
‫هلدايته ‪ .‬يقول هللا عز وجل ىف احلديث القدسي " اي بىن آدم خلقت األشياء كلها لك وخلقتك من أجلى فال تشتغل مبا هو لك عما أنت له "‪ .‬ولقد‬
‫أخربان احلق ىف كتابه عن فضله تعاىل على اإلنسان مث موقف اإلنسان العجيب جتاه هذه النعم أبنه ظلوم كفار فقال‪ " :‬هللا الذى خلق السماوات واألرض‬
‫وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم وسخر لكم الفلك لتجرى ىف البحر أبمره وسخر لكم األهنار وسخر لكم الشمس والقمر دائبني‬
‫وسخر لكم الليل والنهار وآاتكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمة هللا ال حتصوها إن اإلنسان لظلوم كفار " ابراهيم (‪)34-32‬‬
‫كرم اإلنسان هو هللا ‪ ،‬فهل يعرتف هبذا كله ‪.‬‬
‫إن الذي خلق هو هللا والذي رزق هو هللا والذي علنم هو هللا والذي ن‬
‫وىف احلديث القدسى " إىن واألنس واجلن ىف نبأ عظيم أخلق ويعبد غيى وأرزق ويشكر سواى" رواه السيوطى عن أىب الدرداء ‪ .‬ويقول هللا تبارك وتعاىل " كال‬
‫إن اإلنسان ليطغى‪ .‬أن رآه استغىن ‪ .‬إن إىل ربك الرجعى " سورة العلق (‪) 8-6‬‬
‫التقومي‬
‫‪ -1‬وضح الغاية من خلق اإلنسان ‪.‬‬
‫‪ -2‬وضح العالقة بني اإلنسان والكون من حوله ‪.‬‬
‫اهلدف املرحلى الثاىن ‪ :‬أن يوضح املفهوم الصحيح الشامل للعبادة‬
‫األهداف اإلجرائية السلوكية ‪:‬‬
‫أ‪ -‬أن يوضح الدارس املفهوم الصحيح الشامل للعبادة ‪.‬‬
‫ب‪ -‬أن يوضح الدارس اجلوانب املختلفة للعبادة ‪.‬‬
‫****************‬
‫أ‪ -‬ب‪ -‬املفهوم الصحيح الشامل للعبادة وجوانبها ‪:‬إن هللا خلقنا لنعبده عبادة مصحوبة أبقصى اخلضوع املمزوج بغاية احلب‬
‫ففي أى شئ تكون هذه الطاعة ؟‬
‫وىف أى جمال جيب أن تكون ؟‬
‫إن اجلواب عن هذه التساؤالت يبني لنا مفهوم العبادة وسعة آفاقها ‪.‬‬
‫مشول العبادة للدين كله ‪ :‬لقد سئل بن تيميه عن قوله عز وجل ‪" :‬اي أيها الناس اعبدوا ربكم " ما العبادة ؟ وما فروعها ؟ فأجاب رمحه هللا " العبادة ‪ :‬هى‬ ‫•‬
‫اسم جامع لكل ما حيبه هللا ويرضاه من األقوال واألفعال ‪ ،‬الباطنة والظاهرة ‪ ،‬فالصالة والزكاة والصيام واحلج ‪ ،‬وصدق احلديث وأداء األمانة ‪ ،‬وبر الوالدين وصلة‬
‫األرحام ‪ ،‬والوفاء ابلعهود واألمر ابملعروف والنهى عن املنكر ‪ ،‬واجلهاد للكفار واملنافقني ‪ ،‬واإلحسان للجار واليتيم واملسكني وابن السبيل واململوك من اآلدميني‬
‫والبهائم ‪ ،‬والدعاء والذكر والقراءة وأمثال ذلك من العبادة ‪ ..‬وكذلك حب هللا ورسوله ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم وخشية هللا واإلانبة إليه وإخالص الدين له ‪،‬‬
‫والصرب حلكمه والشكر لنعمه ‪ ،‬والرضا بقضائه والتوكل عليه ‪ ،‬والرجاء لرمحته واخلوف من عذابه ‪ ،‬وأمثال ذلك هى من العبادة هلل "وهكذا جند أن للعبادة ‪ -‬كما‬
‫شرحها بن تيمية ‪ -‬أفقاً َر ْحبا ودائرة واسعة ‪ .‬فهى ليست ـ أى العبادة ـ قاصرة على الشعائر التعبدية ولكنها أمشل فالشعائر ( الصالة ـ الصوم ـ الزكاة ـ احلج‬
‫…‪.‬إخل ) جزء من العبادة وليست كل العبادة ‪ ،‬فهى ت شمل ما زاد على الفرائض من ألوان التعبد التطوعى من ذكر وتالوة ودعاء واستغفار ‪ ،‬وتسبيح وهتليل‬
‫وتكبي وحتميد ‪ .‬وهى تشمل حسن املعاملة والوفاء حبقوق العباد ‪ ،‬كرب الوالدين وصلة األرحام ‪ ،‬واإلحسان لليتيم واملسكني وابن السبيل ‪ ،‬والرمحة ابلضعفاء‬
‫والرفق ابحليوان ‪ .‬وهى تشمل األخالق والفضائل اإلنسانية كلها ‪ ،‬من صدق احلديث وأداء األمانة ‪ ،‬والوفاء ابلعهد وغي ذلك من مكارم األخالق ‪ .‬كما تشمل‬
‫ما نسميه " ابألخالق الرابنية " من حب هللا ورسوله – صلى هللا عليه وسلم – وخشية هللا واإلانبة إليه ‪ ،‬وإخالص الدين له ‪ ،‬والصرب حلكمه والشكر لنعمه‬
‫والرضا بقضائه ‪ ،‬والتوكل عليه والرجاء لرمحته ‪ ،‬كما تشمل العبادة الفري ضتني الكبيتني اللتني مها سياج الدين ومالكه ومها ‪ :‬األمر ابملعروف والنهى عن املنكر ‪،‬‬
‫وجهاد الكفار واملنافقني ىف سبيل هللا ‪ ( .‬العبادة ىف اإلسالم د‪ /‬يوسف القرضاوى )‬
‫بل تشمل أمراً له أمهيته وخطره ىف احلياة املا دية للناس ذكره ابن تيميه ىف موضع آخر من رسالته " العبودية " وهو األخذ ابألسباب ‪ ،‬ومراعاة السنن الىت‬
‫أقام هللا عليها الكون ‪ ،‬حيث يقول ‪ " :‬فكل ما أمر هللا به عباده من األسباب فهو عبادة " ‪ .‬وأكثر من ذلك ما ذكره شيخ اإلسالم ابن تيمية رمحه هللا ‪ " :‬أن‬

‫‪2‬‬
‫‪3‬‬

‫الدين كله داخل ىف العبادة ‪ .‬إذ الدين يتضمن معىن اخلضوع والذل يقال ‪ :‬دنته فدان ‪ ،‬أى أذللته فذل ‪ .‬ويقال ‪ :‬يدين هلل ‪ ،‬أى يعبد هللا ويطيعه وخيضع له ‪.‬‬
‫فدين هللا ‪ :‬عبادته وطاعته واخلضوع له ‪ .‬والعبادة أصل معناها الذل أيضاً " ‪ .‬وهبذا يلتقى معىن الدين أبصل معىن العبادة لغة وشرعاً ‪.‬‬
‫العبادة تسع احلياة كلها ‪:‬‬ ‫•‬
‫كما أن العبادة تسع احلياة كلها وتنتظم أمورها قاطبة ‪ :‬من أدب األكل والشرب وقضاء احلاجة ‪ ،‬إىل بناء الدولة وسياسة احلكم وسياسة املال ‪ ،‬وشئون‬
‫املعامالت والعقوابت ‪ ،‬وأصول العالقات الدولية ىف السلم واحلرب ‪.‬‬
‫هلذا جند كت اب هللا الكرمي خياطب عباده املؤمنني أبوامر تكليفية وأحكام شرعية ‪ ،‬تتناول جوانب شىت من احلياة ‪ ،‬وىف سورة واحدة – هى سورة البقرة –‬
‫جن د جمموعة من التكاليف كلها جاءت بصيغة واحدة " كتب عليكم " يقول سبحانه وتعاىل ‪ " :‬اي أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص ىف القتلى " البقرة‬
‫(‪" . )178‬كتب عليكم إذا حضر أحدكم املوت إن ترك خياً الوصية للوالدين واألقربني ابملعروف " البقرة (‪ " . )180‬اي أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام‬
‫كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون " البقرة (‪ " . )183‬كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خي لكم " البقرة (‪)216‬‬
‫‪.‬فهذه األمور كلها من القصاص ‪ ،‬والوصية ‪ ،‬والصيام ‪ ،‬والقتال ‪ ،‬مكتوبة من هللا على عباده ‪ ،‬أى مفروضة عليهم ‪ ،‬فعليهم أن يعبدوا هللا ابلتزامها واالنقياد هلا ‪.‬‬
‫ويتسع اجملال ألكثر من ذلك قال تعاىل ‪ " :‬قل إن صاليت ونسكي وحمياي وممايت هلل رب العاملني ال شريك له وبذلك أمرت وأان أول املسلمني " األنعام (‪)162‬‬
‫وتت سع العبادة حىت تشمل سائر أمور احلياة العادية ‪ .‬خرج اإلمام أمحد من حديث أىب أمامة عن النيب ‪ ‬قال ‪ " :‬قال هللا عز وجل ‪:‬أحب ما تعبدىن به‬
‫عبدى النصح ىل " ‪ .‬وعن أىب هريرة رضي هللا عنه قال ‪ :‬قال رسول هللا ‪ " ‬إن هللا تعاىل طيب ال يقبل إال طيباً وإن هللا تعاىل أمر املؤمنني مبا أمر به املرسلني‬
‫فقال تعاىل " اي أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صاحلا " وقال تعاىل " اي أيها الذين أمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا هلل إن كنتم إايه تعبدون " مث‬
‫ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغرب ميد يديه إىل السماء اي رب اي رب ومطعمه حرام ومشربه حرام و ملبسه حرام وغذى ابحلرام فأىن يستجاب له " رواه مسلم‬
‫‪ .‬وهذا احلديث حيث العبد على أن يتحرى احلالل ىف أعماله وأقواله واعتقاداته فان هللا ال يقبل إال ما كان طيبا طاهرا من املفسدات كلها كالرايء والعجب ‪ ،‬وال‬
‫من األموال إال ما كان طيبا حالال ‪ .‬وعن أىب هريرة رضي هللا عنه قال ‪ :‬قال رسول هللا ‪ " ‬كل سالمي من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس‬
‫تعدل بني اثنني صدقة‪ ،‬وتعني الرجل ىف دابته فتحمله عليها أو تدفع له عليها متاعه صدقة‪ ،‬ومتيط األذى عن الطريق صدقة " رواه البخاري ومسلم ‪ .‬وىف حديث‬
‫أىب ذر رضي هللا عنه أيضا قال رسول هللا ‪ …… " ‬وىف بضع أحدكم صدقة قالوا ‪ :‬اي رسول هللا أأييت أحدان شهوته ويكون له فيها أجر ؟ قال ‪ :‬أرأيتم لو‬
‫وضعها ىف حرام أكان عليه وزر ؟ كذلك إذا وضعها ىف احلالل كان له أجر " رواه مسلم ‪.‬‬
‫{ فا ملسلم بوسعه أن جيعل حياته وأوقاته كلها عبادة هلل ما دام يبتغى بذلك وجه هللا عز وجل ‪ .‬فالرجل ميسى كاالً من عمل يده يكون عابداً هلل ‪،‬‬
‫والطالب ميسى متعباً من مراجعة دروسه يكون عابداً هلل‪ ،‬والباحث يعيش مع خمترباته وأجهزته هبذا التوجه يكون عابداً هلل‪ ،‬واملرأة تبيت ساهرة على راحة‬
‫أطفاهلا وزوجها تكون عابدةً هلل‪ .‬والعبادة بذلك تكون منتهى اخلضوع هلل والذل واالنقياد واإلذعان واالستسالم مع احلب والرضا ‪ ،‬واحلب والرضا مها‬
‫يولدان العمل بكل ما ىف الوسع والقدرة لنصر الدين وتعمالن على استمرارية العطاء‪ .‬حىت أن احلركة والسكن والعاطفة واملشاعر املتولدة كل ذلك يسخرها‬
‫اإلنسان لنصرة احلق والعدل والدين يقول هللا تعاىل ‪ " :‬اي أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا اخلي لعلكم تفلحون وجاهدوا ىف هللا حق‬
‫جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم ىف الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو مساكم املسلمني من قبل وىف هذا ليكون الرسول شهيداً عليكم وتكونوا‬
‫شهداء على الناس فأقيموا الصالة وآتوا الزكاة واعتصموا ابهلل هو موالكم فنعم املوىل ونعم النصي " سورة احلج (‪ . )78-77‬إنه يبدأ ابألمر ابلركوع‬
‫والسجود وينتهى ابألمر العام ابلعبادة وهى أمشل من الصالة ‪ ،‬فعبادة هللا تشمل الفرائض كلها وتزيد مع ذلك حىت تصل إىل احلركات والسكنات واملشاعر‬
‫واألحاسيس فكل نشاط اإلنسان ىف احلياة ميكن أن يتحول إىل عبادة مىت توجه القلب به إىل هللا تعاىل حىت اللذائذ الىت يناهلا من طيبات احلياة بلفتة‬
‫صغية تصبح عبادة يكسب هبا العبد احلسنات ‪ }.‬العبادة جوهرها وآفاقها – الشيخ حممد عبد هللا اخلطيب ( بتصرف )‬
‫وآداب اليوم والليلة حتث اإلنسان على أن يعيش ىف معية هللا معية كاملة ‪ .‬ابتداءً من استيقاظه وحىت منامه ‪ .‬مثالً عندما يقوم من نومه يذكر هللا ويعيش ىف معيته‬
‫سبحانه وتعاىل ويقول ‪ " :‬احلمد هلل الذى أحياان بعد ما أماتنا وإليه النشور " وىف أحواله املختلفة ‪ :‬عندما يلبس ثوبه ‪ ،‬وعندما ينظر ىف املرآة ‪ ،‬وعندما خيرج من‬
‫بيته وعندما يدخل السوق وخيرج منه ‪ ،‬وهكذا حىت إذا عاد إىل نومه مرة أخرى وهو ىف حاله مع هللا سبحانه وتعاىل ‪ ..‬ويرجع ىف ذلك إىل كتاب آداب اليوم‬
‫والليلة للنووى وكتاب منهاج املسلم للشيخ أىب بكر اجلزائرى ‪.‬‬
‫أى العبادات أفضل ؟‬ ‫•‬
‫وإذ ا كانت العبادة ىف اإلسالم هلا ذلك الشمول الذى وضحناه ‪ .‬فأى أنواع العبادات وصورها أفضل ‪ ،‬وأحب إىل هللا تعاىل ‪ ،‬وأعظم منزلة لديه ‪ ،‬وزلفى‬
‫ونذهب إىل ما رجحه ابن القيم ىف كتابه مدارج السالكني ‪ :‬إىل القول أبن لكل وقت عبادته ‪ .‬يقول ابن القيم ‪ " :‬إن أفضل العبادة العمل على‬ ‫إليه ؟‬
‫مرضاة الرب ىف كل وقت مبا هو مقتضى ذلك الوقت ووظيفته ‪ .‬فأفضل العبادات ىف وقت اجلهاد ‪ :‬اجلهاد ‪ ،‬وإن آل إىل ترك األوراد ‪ ،‬من صالة الليل وصيام‬

‫‪3‬‬
‫‪4‬‬

‫النهار ‪ ،‬بل ومن ترك إمتام صالة الفرض كما ىف حالة األمن ‪ .‬واألفضل وقت حضور الضيف مثالً ‪ :‬القيام حبقه ‪ ،‬واالشتغال به عن الورد املستحب ‪ .‬وكذلك ىف‬
‫أداء حق الزوجة واألهل ‪ .‬واألفضل ىف وقت السحر ‪ :‬االشتغال ابلصالة والقرآن والدعاء والذكر واالستغفار ‪ .‬واألفضل ىف وقت اسرتشاد الطالب ‪ ،‬وتعليم‬
‫اجلاهل ‪ :‬اإلقبال على تعليمه واالشتغال به ‪ .‬واألفضل ىف أوقات األذان ‪ :‬ترك ما هو فيه من ورده ‪ ،‬واالشتغال إبجابة املؤذن ‪ .‬واألفضل ىف أوقات الصلوات‬
‫اخلمس ‪ :‬اجلد والنصح ىف إيقاعها على أكمل الوجوه ‪ ،‬واملبادرة إليها ىف أول الوقت ‪ ،‬واخلروج إىل اجلامع وإن بعد كان أفضل ‪ .‬واألفضل ىف أوقات ضرورة‬
‫احملتاج إىل املساعدة ابجلاه أو البدن أو املال ‪ :‬االشتغال مبساعدته ‪ ،‬وإغاثة هلفته ‪ ،‬وإيثار ذلك على أورادك وخلوتك ‪ .‬واألفضل ىف وقت قراءة القرآن ‪ :‬مجعية‬
‫القلب واهلمة على تدبره وتفهمه ‪ ،‬حىت كأن هللا تعاىل خياطبك به ‪ ،‬فتجمع قلبك على فهمه وتدبره ‪ ،‬والعزم على تنفيذ أوامره ‪ .‬واألفضل ىف وقت الوقوف بعرفة‬
‫‪ :‬االجتهاد ىف التضرع والدعاء والذكر دون الصوم املضعف عن ذلك ‪ .‬واألفضل ىف أايم عشر ذى احلجة ‪ :‬اإلكثار من التعبد ‪ ،‬والسيما التكبي والتهليل و‬
‫التحميد ‪ .‬واألفضل ىف العشر األخي من رمضان ‪ :‬لزوم املسجد واخللوة واالعتكاف فيه دون التصدى ملخالطة الناس واالشتغال هبم ‪ .‬واألفضل ىف وقت مرض‬
‫أخيك املسلم أو موته ‪ :‬عيادته ‪ ،‬أوحضور جنازته وتشييعه ‪.‬‬
‫واألفضل ىف كل وقت وحال ‪ :‬إيثار مرضاة هللا ىف ذلك الوقت واحلال ‪ ،‬واالشتغال بواجب ذلك الوقت ووظيفته ومقتضاه ‪ " .‬ومسى اإلمام ابن القيم هذا النوع‬
‫من التعبد ابلتعبد املطلق وقال عن صاحبه ‪ " :‬وصاحب التعبد املطلق غرضه تتبع مرضاة هللا تعاىل أين كانت ‪ ،‬فمدار تعبده عليها ‪ .‬فهو ال يزال متنقالً ىف منازل‬
‫العبودية ‪ ،‬كلما رفعت له منزلة عمل على سيه إليها واشتغل هب ا حىت تلوح له منزلة أخرى ‪ .‬فهذا دأبه ىف السي حىت ينتهى سيه ‪ .‬فإذا رأيت العلماء رأيته معهم ‪،‬‬
‫وإن رأيت العباد رأيته معهم ‪ ،‬وإن رأيت اجملاهدين رأيته معهم ‪ ،‬وإن رأيت الذاكرين رأيته معهم ‪ ،‬وإن رأيت املتصدقني احملسنني رأيته معهم ‪ .‬فهذا هو العبد‬
‫املطلق الذى مل متلكه الرسوم ‪ ،‬ومل تقيده القيود ‪ ،‬ومل يكن عمله على مراد نفسه بل هو على مراد ربه ولو كانت راحة نفسه ولذاهتا ىف سواه ‪ .‬فهذا هو املتحقق بـ‬
‫أىن توجهت ركائبه ‪ .‬ويدور معه حيث استقلت مضاربه ‪.‬‬ ‫" إايك نعبد وإايك نستعني " حقاً ‪ ،‬القائم هبما صدقاً ‪ .‬دائر مع األمر حيث دار ‪ ،‬يدين بدين اآلمر ى‬
‫أينس بكل حمق ‪ .‬ويستوحش منه كل مبطل ‪ .‬كالغيث حيث وقع نفع ‪ .‬وكالنخلة ال يسقط ورقها وكلها منفعة حىت شوكها ‪ ،‬وهو موضع الغلظة منه على‬
‫املخالفني ألمر هللا ‪ ،‬والغضب إذا انتهكت حمارم هللا ‪ ".‬مدارج السالكني البن القيم ج‪. 1‬‬
‫التقومي‬
‫‪ -1‬وضح املفهوم الصحيح الشامل للعبادة ‪.‬‬
‫سئل ابن تيمية عن العبادة فقال ‪ :‬العبادة ……… أكمل ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫العبادة تسع احلياة كلها – وضح ذلك ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫وضح اجلوانب املختلفة للعبادة ‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫وإذا كان ت العبادة ىف اإلسالم هلا ذلك الشمول الذى وضحناه ‪ .‬فأى أنواع العبادات وصورها أفضل ‪ ،‬وأحب إىل هللا تعاىل ‪ ،‬وأعظم منزلة لديه ‪،‬‬ ‫‪-5‬‬
‫وزلفى إليه ؟‬
‫اهلدف املرحلى الثالث ‪ :‬شروط صحة العبادة ‪.‬‬
‫األهداف اإلجرائية السلوكية ‪:‬‬
‫أن يوضح الدارس شروط صحة العبادة ‪.‬‬ ‫•‬
‫****************‬
‫اشرتط الشارع احلكيم للعبادة املقبولة شرطني ال اثلث هلما ‪ :‬أن يكون العمل خالصاً لوجهه الكرمي ‪ ،‬وأن يكون موافقاً لشرعه سبحانه وتعاىل ‪.‬‬
‫فعن األول ‪ :‬قال رسول هللا ‪ " : ‬إمنا األعمال ابلنيات ‪ ،‬وإمنا لكل امرئ ما نوى ‪ ،‬فمن كان هجرته إىل هللا ورسوله ‪ ،‬فهجرته إىل هللا ورسوله ‪ ،‬ومن كان هجرته‬
‫لدنيا يصيبها ‪ ،‬أو امرأة ينكحها ‪ ،‬فهجرته إىل ما هاجر إليه " فهذا احلديث ميزان األعمال ىف ابطنها فكل عمل ال يراد به وجه هللا تعاىل فليس لعامله فيه ثواب‬
‫ف‬
‫ت عليها حىت اللقمة جتعلها ىف ن‬ ‫مردود عليه‪ ،‬وىف الصحيحني عن سعد بن أىب وقاص عن النيب ‪ ‬قال ‪ " :‬إنك لن تنفق نفقة تبتغى هبا وجه هللا إال أثبْ َ‬
‫امرأتك " ‪.‬‬
‫وعن الثاىن ‪ :‬قال رسول هللا ‪ " ‬من أحدث ىف أمران هذا ما ليس منه فهو رد " رواه البخاري ومسلم ‪ ،‬وهذا احلديث هو ميزان األعمال الظاهرة ‪ .‬فمن تقرب‬
‫إىل هللا بعمل مل جيعله هللا ورسوله قربة إىل هللا ‪ ،‬فعمله ابطل مردود عليه ‪ ،‬كمن تقرب هلل ابلرقص أو مساع اللهو ‪.‬‬
‫ولنا ىف سلفنا الصاحل القدوة ىف التطبيق العملي فهذا زيد الشامي قال‪ " :‬إىن ألحب أن تكون ىل نية ىف كل شئ حىت ىف الطعام والشراب" وعن داوود الطائي‬
‫قال ‪ " :‬رأيت اخلي كله إمنا جيمعه حسن النية "‪.‬‬
‫وكان من دعاء عمر بن اخلطاب رضي هللا عنه قوله " اللهم اجعل عملى كله صاحلاً ولوجهك خالصاً "‬

‫‪4‬‬
‫‪5‬‬

‫ويقول الفضيل بن عياض " إن هللا ال يقبل من العمل إال أخلصه وأصوبه‪ .‬قالوا‪ :‬اي أاب على ما أخلصه وأصوبه؟ قال ‪ :‬أخلصه أن يكون خالصاً هلل وأصوبه أن‬
‫يكون موافقاً لشريعة هللا ‪"..‬‬
‫التقومي‬
‫‪ -1‬وضح شروط صحة العبادة ‪.‬‬
‫اهلدف املرحلى الرابع ‪ :‬أن يوضح أمهية العبادة ‪.‬‬
‫األهداف اإلجرائية السلوكية ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يوضح الدارس أمهية العبادة ابلنسبة للفرد ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يوضح الدارس أمهية العبادة ابلنسبة لألسرة ‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يوضح الدارس أمهية العبادة ابلنسبة للمجتمع ‪.‬‬
‫*****************‬
‫عرفنا أن العبادة هى رسالة اإلنسان ىف الوجود وأهنا تشمل الدين كله وتسع احلياة مبختلف جوانبها ‪.‬لكن ملاذا نعبد هللا ؟ و ملاذا فرضها هللا علينا وهو الغىن‬
‫عنا وعن عبادتنا ؟ هل يعود عليه سبحانه نفع من عبادتنا له وخشوعنا لوجهه وانقيادان ألمره وهنيه ؟أم يعود النفع علينا حنن املخلوقني ؟ وما هو هذا النفع ؟‬
‫‪.‬واجل واب ‪ :‬أنه تبارك وتعاىل ال تنفعه عبادة من عبده وال يضره إعراض من صد عنه ال يزيد ىف ملكه محد احلامدين وال ينقصه جحود اجلاحدين فهو الغين وحنن‬
‫الفقراء " اي أيها الناس أنتم الفقراء إىل هللا وهللا هو الغين احلميد " فاطر (‪ ، )15‬فهو ال يكلفنا إال مبا ينفعنا حنن ويصلحنا حنن احملتاجني إليه ىف كل نفس من‬
‫أنفاس حياتنا‪ ،‬إذ كيف حيتاج اخلالق إىل من خلق؟!‬
‫قال عز وجل ىف احلديث القدسي ‪ " :‬اي عبادى إنكم مل تبلغوا ضري فتضروىن ‪ ،‬ولن تبلغوا نفعى فتنفعوىن ‪ ،‬اي عبادى لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم‬
‫كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك ىف ملكى شيئاً ‪ ،‬اي عبادى لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما‬
‫نقص ذلك ىف ملكى شيئاً " رواه مسلم ‪ ( .‬العبادة ىف اإلسالم د‪ /‬يوسف القرضاوى )‬
‫أ‪ -‬أمهية العبادة ابلنسبة للفرد ‪:‬فالعبادة هلل تعاىل عِز الدنيا وفالح اآلخرة وتكمن أمهيتها ىف األمور التالية ‪:‬‬
‫‪-1‬الع بادة أتكيد على شرف االصطفاء واالختيار من هللا تعاىل لإلنسان هلذه املهمة ‪:‬‬
‫هذه املهمة الىت أبت السماوات واألرض واجلبال أن حيملنها وأشفقن منها ‪ " :‬إان عرضنا األمانة على السماوات واألرض واجلبال فأبني أن حيملنها وأشفقن منها‬
‫ومحلها اإلنسان " األحزاب (‪)72‬‬
‫هذه املهمة الىت خلق هللا اإلنسان من أجلها خلقه بيده ونفخ فيه من روحه وأسجد له مالئكته حيث قال سبحانه ‪ " :‬فإذا سويته ونفخت فيه من روحى فقعوا‬
‫له ساجدين " احلجر (‪ )29‬ويقول أيضاً ىف كتابه العزيز ىف سورة البقرة ‪ " :‬وإذ قال ربك للمالئكة إىن جاعل ىف األرض خليفة قالوا أجتعل فيها من يفسد فيها‬
‫ويسفك الدماء وحنن نسبح حبمدك ونقدس لك قال إىن أعلم ماال تعلمون " البقرة (‪ ) 30‬ويقول تعاىل ‪ " :‬وإذ قلنا للمالئكة اسجدوا آلدم فسجدوا إال إبليس‬
‫أىب واستكرب وكان من الكافرين " البقرة (‪. )34‬‬
‫‪ -2‬العبادة غذاء الروح وراحة القلب وسعادته اإلن سان ليس هذا الغالف املادي الذى حنسه ونراه ( البدن ) والذى يطلب حظه من الطعام والشراب ‪ ،‬ولكن‬
‫حقيقة اإلنسان ىف ذلك اجلوهر النفيس الذى به صار إنساانً مكرماً سيداً على ما فوق األرض من كائنات ‪ ،‬ذلك اجلوهر هو الروح ( نفخه من روح هللا ) ‪ .‬وكما‬
‫أن البدن ىف حاجة للطعام والشراب لكى حييا وينمو ‪ ،‬فالروح ىف حاجة إىل الغذاء لكى حتيا وتزكو ‪ ،‬وحياهتا وزكاهتا ىف مناجاة هللا عز وجل والتقرب إليه ‪.‬‬
‫ـ العبادة هى الىت توفر هلذا الروح غذاءه ومتده مبدد يومي ال ينفد وال يغيض ‪.‬‬
‫ـ والقلب دائم الشعور ابحلاجة إىل اخلالق ‪ ،‬وهو شعور أصيل صادق ال ميأل فراغاً إ ال حسن الصلة ابهلل رب الوجود ‪ ،‬وهذا هو دور العبادة إذا أديت على وجهها‬
‫‪ .‬يقول ابن تيميه رمحه هللا ‪ " :‬القلب فقي ابلذات إىل هللا من جهتني ‪ ،‬من جهة العبادة ومن جهة االستعانة " إايك نعبد وإايك نستعني " فالقلب ال يصلح وال‬
‫يفلح وال ينعم وال يسر وال يلتذ وال يطيب وال يسكن وال يطمئن إال بعبادة ربه وحده وحبه واإلانبة إليه ‪ ،‬ولو حصل له كل ما يلتذ به من املخلوقات ‪ ،‬مل يطمئن‬
‫ومل يسكن ‪ ،‬إذ فيه فقر ذاتى إىل ربه ابلفطرة من ح يث هو معبوده وحمبوبه ومطلوبه ‪ ،‬وبذلك حيصل له الفرح والسرور واللذة والنعمه والسكون والطمأنينة ‪ .‬وهذا‬
‫ال حيصل له إال إبعانة هللا له‪ ،‬وال يقدر على حتصيل ذلك له إال هللا ‪ ،‬فهو دائماً مفتقر إىل حقيقة " إايك نعبد وإايك نستعني " وقد أخرب بعض الصاحلني عن‬
‫حاله بقوله‪ " :‬إنه ليمر ابلقلب أوقات أقول فيها إن كان اهل اجلنة ىف مثل هذا إهنم لفى عيش طيب" يعىن هبا أوقات قربه من هللا تعاىل ‪ .‬وقال آخر ‪:‬‬
‫"مساكني أهل الغفلة خرجوا من الدنيا وما ذاقوا أطيب ما فيها ‪ ،‬قيل له ‪:‬وما هو ؟ قال حمبة هللا واألنس به" ‪ .‬وقال اثلث ‪ " :‬لو علم امللوك وأبناء امللوك ما حنن‬
‫فيه ‪ ،‬جلالدوان عليه ابلسيوف "( يعىن من سعادة وراحة ) وهذا هو طعم اإلميان الذى يتحدثون عنه ‪ ،‬إذا ما وجد ىف القلب فال يرى صاحبه أن العبادة هى‬

‫‪5‬‬
‫‪6‬‬

‫تنفيذ أوامر فحسب ‪ ،‬بل جيد فيها تلذذاً مبناجاة هللا وطاعته ‪ ،‬والسعى ىف مرضاته ‪ ،‬ويرى ىف ذلك سعادة ال تدانيها سعادة أصحاب القناطي املقنطرة من الذهب‬
‫والفضة ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ العبادة سبيل احلرية ‪ :‬العب ودية اخلالصة هلل هى عني احلرية وسبيل السيادة احلقيقية فهى وحدها الىت تعتق القلب من رق املخلوقني وحترره من ذل اخلضوع لكل‬
‫ما سوى هللا من أنواع اآلهلة والطواغيت الىت تستعبد الناس‪ .‬ذلك ألن ىف قلب اإلنسان حاجة ذاتية إىل رب ومعبود إىل اله يتعلق به ويسعى إليه ويعمل على‬
‫رضاه فإذا مل يكن هذا املعبود هو هللا وحده الواحد األحد فال بد أن يكون ذلك املعبود آهلة أخرى وأرابب أخرى وشتان بني احلالني " ضرب هللا مثالً رجالً فيه‬
‫شركاء متشاكسون ورجالً سلماً لرجل هل يستواين مثالً " الزمر (‪ )29‬العبد أمام طريقني إما أن يكون عبداً هلل وحده ال شريك له أو يكون عبداً للمال أو للجاه‬
‫أو للقبور واألضرحة ولن يتحرر القلب من العبودية للمخلوقات إال أبن يكون هللا هو مواله الذى ال يعبد إال إايه وال يستعني إال به وال يتوكل إال عليه وال يفرح‬
‫إال مبا حيبه ويرضاه وال يبغض إال ما يبغضه ويكرهه وال يواىل إال من وااله هللا وال يعادى إال من عاداه هللا وال حيب إال هلل وال يبغض إال هلل وال يعطى إال هلل وال‬
‫مينع إال هلل‪.‬‬
‫‪4‬ـ العبادة سبيل السعادة وحتقيق النعيم ىف اآلخرة ( حتقيق الغاية ) ‪:‬‬
‫فاحل ياة الدنيا طالت أم قصرت ليست الغاية وال إليها املنتهى بل هى حمطة انتقال إىل حياة أخرى حياة البقاء واخللود‪ .‬وما خلق اإلنسان للدنيا ولكن خلق‬
‫لآلخرة وإمنا حييا ىف الدنيا ليتأهل للحياة ىف اآلخرة‪ .‬ففى احلياة الدنيا إذا ما أراد املرء أن يتبوأ منزلة عالية فال يكون ذلك إال بعد جهد جهيد وابتالء واختبار‬
‫شديد ‪ .‬هذا شأن حياتنا ا لقصية فكيف حبياة اخللود ؟ أيريد اإلنسان أن حيظى بنعيمها ورضوان هللا فيها ويسعد ابلنظر إىل وجهه الكرمي دون جهد وال ابتالء‬
‫ودون أن يس عى هلا سعيها ؟ فهل يستوى اجملاهدون والقاعدون ؟ وهل يستوى الصاحلون والطاحلون ؟ كال إهنم ىف عدالة هللا ال يستوون ‪ .‬والفائز من زحزح عن‬
‫النار وأدخل اجلنة ‪ " :‬فمن زحزح عن النار وأدخل اجلنة فقد فاز وما احلياة الدنيا إال متاع الغرور" آل عمران ( ‪) 185‬‬
‫‪ 5‬ـ من آاثر العبادة هتذيب النفس وحسن اخللق ‪:‬‬
‫فصالح النفس وهتذيبها مثرة للعبادة وليس علة هلا ‪ ،‬فإظهار العبودية هلل رب العاملني وامتثال أمره سبحانه فيما تعبده به خلقه هو علة العبادات كلها من صالة‬
‫وصيام وزك اة وحج وتالوة وذكر ودعاء واستغفار واتباع للشريعة والتزام أبحكام احلالل واحلرام ‪ ،‬أما صالح النفس فهو مثرة الزمة للعبادة احلق ‪.‬‬
‫وهذا ما أجاب به النيب ‪ ‬أانساً حني وصفوا له قوماً يصلون ولكنهم يقومون أبمور ال تليق مبن يقيم الصالة فقال هلم " صالهتم ستنهاهم " ‪ .‬إذن مقصد العبادة‬
‫األصلي هو حتقيق اخلضوع هلل رب العاملني مع أمسى معاين احلب ‪ .‬ورحم هللا من قال " واألصل ىف العبادات التعبد دون االلتفات إىل املعاىن" ‪.‬‬
‫" قد أفلح املؤمنون ‪.‬الذين هم ىف صالهتم‬ ‫وصف ات املؤمنني كما وردت ىف القرآن الكرمي ترتواح بني العبادة واألخالق ففى سورة املؤمنون قال تعاىل ‪:‬‬
‫خاشعون ‪ .‬والذين هم عن اللغو معرضون ‪ .‬والذين هم للزكاة فاعلون ‪ .‬والذين هم لفروجهم حافظون ‪ .‬إال على أزواجهم أو ما ملكت أمياهنم فإهنم غي ملومني ‪.‬‬
‫فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ‪ .‬والذين هم ألماانهتم وعهدهم راعون ‪ .‬والذين هم على صالهتم حيافظون " جعل هللا عز وجل أول أوصافهم اخلشوع‬
‫ىف الصالة وآخرها احملافظة عليها وبني ذلك عبادات وفضائل خلقية أخرى ‪.‬‬
‫وىف سورة املعارج قال تعاىل ‪ " :‬إن اإلنسان خلق هلوعا ‪ .‬إذا مسه الشر جزوعا ‪ .‬وإذا مسه اخلي منوعا ‪ .‬إال املصلني ‪ .‬الذين هم على صالهتم دائمون ‪ .‬والذين‬
‫ىف أمواهلم حق معلوم ‪ .‬للسائل واحملروم ‪ .‬والذين يصدقون بيوم الدين ‪ .‬والذين هم من عذاب رهبم مشفقون ‪ .‬إن عذاب رهبم غي مأمون ‪ .‬والذين هم لفروجهم‬
‫حافظون ‪ .‬إال على أزواجهم أو ما ملكت أمياهنم فإهنم غي ملومني ‪ .‬فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ‪ .‬والذين هم ألماانهتم وعهدهم راعون ‪ .‬والذين‬
‫هم بشهاداهتم قائمون ‪ .‬والذين هم على صالهتم حيافظون " ‪ .‬أيضاً بدأ ابلصالة وختم هبا وبني البداية واخلتام ذكر التصديق بيوم الدين واإلشفاق من عذاب هللا‬
‫جبوار الصفات اخللقية األخرى ‪ .‬وقد يربز القرآن الكرمي جانب العبادة أحياانً وأخرى يربز جانب األخالق ففى سورة الذارايت يقول هللا تعاىل ‪ " :‬كانوا قليالً‬
‫من الليل ما يهجعون ‪ .‬وابألسحار هم يستغفرون ‪ .‬وىف أمواهلم حق للسائل واحملروم " وىف سورة الرعد يقول تعاىل ‪ " :‬إمنا يتذكر أولوا األلباب ‪ .‬الذين يوفون‬
‫بعهد هللا وال ينقضون امليثاق ‪ .‬والذين يصلون ما أمر هللا به أن يوصل وخيشون رهبم وخيافون سوء احلساب ‪ .‬والذين صربوا ابتغاء وجه رهبم وأقاموا الصالة أنفقوا‬
‫ومع أن معظم األوصاف املذكورة أخالقية فهى ليست أخالق ( مدنية ) وإمنا هى‬ ‫مما رزقناهم سراً وعالنية ويدرؤون ابحلسنة السيئة أولئك هلم عقب الدار"‬
‫فعبادة املؤمن لون من‬ ‫أخالق رابنية أخالق فيها معىن العبادة والتقوى فهم يوفون بعهد هللا ويصلون ما أمر هللا به أن يوصل ويصربون ابتغاء وجه رهبم ‪.‬‬
‫األخالق وأخالقه لون من العبادة ‪ ،‬عبادة املؤمن أخالق ألهنا من اب ب الوفاء هلل والشكر لنعمه واالعرتاف ابجلميل والتوقي ملن هو أهل التوقي وكلها من مكارم‬
‫األخالق عند الفضالء من الناس وهلذا يصف هللا عز وجل املؤمنني بصفات أخالقية ‪ ":‬أولئك الذين صدقوا " البقرة (‪ " )177‬أولئك هم الصادقون " احلجرات‬
‫(‪ )15‬وأخالق املؤمن لون من العبادة ألهنا أخالق رابنية ابعثها اإلميان ابهلل وحاديها الرجاء ىف اآلخرة وغرضها رضوان هللا ومثوبته فهو يصدق احلديث ويؤدى‬
‫األمانة ويفى ابلعهد ويصرب ىف البأساء والضراء وحني البأس ويغيث اللهفان ويعني الضعيف ويرحم الصغي ويوقر الكبي ويرعى الفضيلة ىف سلوكه كل ذلك ابتغاء‬

‫‪6‬‬
‫‪7‬‬

‫وجه ربه وطلباً ملا عند هللا " ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسياً إمنا نطعمكم لوجه هللا ال نريد منكم جزاءً وال شكوراً ‪ ،‬إان خناف من ربنا يوماً‬
‫عبوساً قمطريراً " اإلنسان ( ‪ 8‬ـ ‪)10‬‬
‫وكذلك أخالق املؤمن لون من العبادة حيث أن مقياس الفضيلة والرذيلة واحلسن والقبح واملرجع فيما أيخذ ويدع هو أمر هللا وهنجه فما أمر هللا به فهو فضيلة‬
‫وحسن وما هنى عنه فهو رذيلة وقبح فالضمي وحده ليس معص وم والعقل وحده ليس مبأمون والعرف الثبات له ‪ ،‬لذا التجأ املؤمن ىف أخالقه إىل املصدر املعصوم‬
‫املأمون الذي ال يضل وال يسئ وال يستأثر وال جيور وذلك هو حكم هللا ‪ " :‬ومن أحسن من هللا حكماً لقوم يوقنون " املائدة (‪)50‬‬
‫ب‪ .‬أمهية حتقيق العبودية هلل داخل األسرة ‪:‬‬
‫أوضح نا فيما سبق بعبادة هللا عز وجل تتحقق سعادة الفرد ىف الدنيا واآلخرة‪ ،‬واألسرة هى نواة اجملتمع وهى اليت تنتج الفرد وتربيه ومن مث فمن األمهية‬
‫مبكان أن تتحقق فيها العبودية هلل رب العاملني ‪ .‬وأمهية هذا األمر تكمن ىف أن ذلك جيعل لكل أفراد األسرة الزوج والزوجة واألبناء غاية واحدة هى طلب مرضاة‬
‫هللا عز وجل وحسن مثوبته ‪ ،‬يرفرف على اجلميع قول هللا عز وجل " اي أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم انراً وقودها الناس واحلجارة " التحرمي ( ‪ .) 6‬إذا‬
‫هم اجلميع مهاً واحداً فيعمل اجلميع من أجل هذه الغاية ويصي شعارهم " وعجلت إليك رىب لرتضى " طه (‪ . ) 84‬ومن‬ ‫ما توحدت الغاية داخل البيت صار ن‬
‫هنا يصبح اهلم واحد والشغل واحد والعمل واحد‪ ،‬فحسن تبعل املرأة لزوجها عبادة ‪ ،‬وطاعتها له ىف املعروف عبادة ‪ ،‬وحسن تزينها له لتكفه عن النظر إىل احلرام‬
‫عبادة ‪ ،‬وحسن تربيتها ألوالدها والسهر على خدمتهم وحاجتهم عبادة ‪ ،‬وكذلك الزوج حبسن معاشرته ألهله ‪ ،‬وحسن رعايته وتربيته ألوالده ‪ ،‬وغي ذلك من‬
‫األمور ال ىت اسرتعاه هللا عليها وسيحاسبه عليها ‪ ،‬وكذلك األبناء حبسن طاعتهم لوالديهم وبرهم هلم و السعى على خدمتهم والسهر على راحتهم وصلة أرحامهم‬
‫‪ ،‬وغي ذلك من ا ألمور الىت حث عليها الشرع ‪ ،‬كل ذلك عبادة وقربة إىل هللا إذا ما أحسن اجلميع القصد والنية من هذه األعمال والطاعات ‪ ،‬ولك أن تتخيل‬
‫بيت هذا حاله ‪ ،‬يتنافس أهله ىف طاعة هللا والقرب منه ‪ ،‬ماذا يكون من توفيق هللا له ورعايته إايه وبركة الطاعة الىت حتل به إن شاء هللا ىف الدنيا قبل اآلخرة ! ‪،‬‬
‫فإذا ما أذنن املؤذن للصالة أجاب اجلميع ‪ :‬الزوج واألوالد يسرعون إىل املسجد‪ ،‬واألم والبنات يسارعون للصالة ىف البيت‪ .‬يتناصح الزوجان فتقبل الزوجة نصحه‬
‫بصدر رحب ويقبل نصحها بتواضع وخفض جناح طاملا أن ىف ذلك رضا هللا عز وجل‪ .‬فطاملا أن الغاية واحدة واهلم واحد والعمل واحد فالبد للمشاعر أن‬
‫تتوحد فرتاهم يفرحون سوايً وحيزنون سوايً‪ ،‬حيبون سوايً ويبغضون سوايً‪ ،‬حكمهم على املواقف واألشياء حكم واحد وروابطهم مع البيوت واألفراد ختضع ملدى‬
‫قرهبم أو بعدهم عن هللا عز وجل ‪ ،‬إنفاقهم أو إمساكهم مرتبط مبا يرضى هللا وما يبغضه ‪ ،‬الزوج ينظر للبيت على انه مسئولية وأمانة وأنه سوف يقف بني يدي‬
‫هللا عز وجل يوم القيامة ي سأله عن زوجه وأوالده والزوجة واألوالد يتعاونون مع الزوج لتحقيق رضا هللا عز وجل فالبيت يعيش ىف طمأنينة وسكن ومودة ورمحة ‪.‬‬
‫" ومن آايته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورمحة إن ىف ذلك آلايت لقوم يتفكرون " الروم (‪ " .)21‬الذين آمنوا ومل يلبسوا‬
‫إمياهنم بظلم أولئك هلم األمن وهم مهتدون " األنعام (‪)82‬‬
‫أمهية حتقيق العبودية هلل داخل اجملتمع ‪:‬‬
‫ال ش ك أن اجملتمع الذي يتسم أفراده بتحقيق العبودية هلل عز وجل ىف أنفسهم وتتسم بيوته بتحقيق العبودية هلل عز وجل بداخلها هو جمتمع متعبد هلل عز‬
‫وجل‪ ,‬جمتمع فهم رسالته وهى تعبيد نفسه هلل عز وجل‪ ،‬جمتمع ينعم بثمار هذه الرسالة وكلها مثار طيبة‪ ،‬ومن الثمار الطيبة هلذه الرسالة الرابنية احلرية واملساواة‬
‫واإلخاء والسالم ‪:‬‬
‫احلرية‪ :‬ليست هناك حرية أعز من حرية املصلى ىف املسجد وهو طليق من كل عبودية إال هلل وحده ال شريك له‪ ،‬له يركع ويسجد ولوجهه وحده يذل‬
‫وخيشع ‪،‬أما البشرية مهما تعاظموا فهم عبيد مثله ال سلطان هلم عليه ‪ " :‬وأن املساجد هلل فال تدعوا مع هللا أحداً " اجلن ( ‪ .)18‬تلك هى حرية‬
‫الضمي اإلنساين أوىل احلرايت وأعمقها‪ .‬أما حرية التعبي عن الرأى والنقد البناء فحسبك أن اإلمام إذا أخطأ ىف قول أو فعل من أقوال الصالة‬
‫وأفعاهلا كان على من وراءه من املصلني أن يصححوا له اخلطأ وأن يردوه إىل ا لصواب يستوى ىف ذلك الكبي والصغي الرجل واملرأة واإلمام إذا صعد‬
‫املنرب فليس له أن يقول ما يشاء وعلى الناس أن تسمع وفقط ولكن إذا خالف أمر هللا فمن حق الناس بل من واجبهم أن يردوه ‪ ،‬إنظر إىل أمي‬
‫املؤمنني عمر رضى هللا عنه حني أراد أن يضع حداً أعلى للمهور فأعلن ذلك ىف املسجد فعارضته امرأة وقالت كيف هذا وقد قال هللا عز وجل " وإن‬
‫أردمت استبدال زوج مكان زوج و آتيتم إحداهن قنطاراً فال أتخذوا منه شيئاً أأتخذونه هبتاانً وإمثاً مبيناً " النساء (‪ ، ) 20‬فما كان من أمي املؤمنني إال‬
‫أن رجع عن رأيه وقال ىف صراحة ( أصابت امرأة وأخطأ عمر ) ‪.‬‬
‫املساواة ‪ :‬أما عن املساواة فحدث وال حرج فما ظنك بقوم توجهوا إىل اله واحد ال شريك له بقلوهبم ليس بينهم وبينه واسطة‪ .‬تراهم ىف املسجد ىف‬
‫صفوف ‪ :‬األمي جبوار اخلفي والغىن جبوار الفقي والسيد مالصق خلادمه والعامل عن ميينه عامل وعن يساره فالح‪ ،‬فليس هناك الئحة للمسجد جتعل‬
‫الصفوف األوىل لصنف معني من الناس بل هى ملن بكر من الناس أايًكان‪ .‬هذا املظهر الطيب حدا ابلفيلسوف الفرنسي ( رينان ) أن يقول‪ ( :‬إنىن‬
‫مل أدخل مسجداً من مساجد املسلمني من غي أن أهتز خاشعاً وأشعر بشيء من احلسرة على أىن لست مسلماً )‪.‬والصيام كذلك تذكي عملى جبوع‬

‫‪7‬‬
‫‪8‬‬

‫الصائمني وبؤس البائسني تذكي بغي خطبة بليغة وال لسان فصيح‪ ،‬تذكي يسمعه الصائم ىف صوت معدته ونداء أمعائه اي هلا من مساواة كاملة‪ :‬اجلوع‬
‫ضريبة عامة يؤديها أصحاب القناطي املقنطرة كما يؤديها من ال ميلكون ما يفطرون عليه والكل ىف ذلك يبتغى وجه هللا عز وجل‪ .‬وهكذا كان يوسف‬
‫عليه السالم عندما سئل عن كثرة صيامه وهو على خزائن األرض فقال‪ ( :‬أخاف أن أشبع فأنسى جوع الفقي )‪.‬وىف الزكاة جتد أن نظام اإلسالم ال‬
‫يدع الغىن يزهو مب اله وال الفقي يتحسر على حاله بل الدولة جتمع الزكاة من الغىن وتؤديها للفقي فهذا مواطن وهذا مواطن هذا تتعامل معه الدولة‬
‫ابألخذ منه لغناه وهذا تتعامل معه الدولة ابلعطاء الحتياجه واألول يؤدى وهو يطلب رضا هللا ومشفق على احملتاج والثاين أيخذ وحيمد هللا ويشكره‬
‫وحيمل ىف قلبه كل حب ألخيه الغىن‪ .‬وىف احلج حدث وال حرج اجلميع خرجوا من املالبس و األزايء املزخرفة الىت ختتلف ابختالف األقطار والطبقات‬
‫والقدرات واألذواق ولبسوا مجيعاً لباساً بسيطاً أشبه ما يكون بكفن امليت يلبسه امللك واألمي كما يلبسه املسكني والفقي يؤدون نفس املناسك ىف‬
‫نفس الوقت وذات األماكن ال فرق بني واحد وآخر وكأهنم ىف ساحة العرض الكبي يوم القيامة‪.‬‬
‫اإلخاء والوحدة العاملية ‪ :‬أما عن روح احلب واإلخاء فحسبك أن كل مسجد ىف كل بقعة جيتمع فيه أهل هذه البقعة مخس مرات ىف كل يوم‬
‫تتالصق األبدان وتتعارف الوجوه وتتصافح األيدي وتتناجى األلسن ‪ ،‬يلتقون على وحدة الغاية وهم يصلون خلف إمام واحد ‪ ،‬يناجون رابً واحداً‬
‫وهو هللا رب العاملني ‪ ،‬يقرأون كتاابً واحداً وهو القرآن الكرمي ‪ ،‬يتجهون إىل قبلة واحدة وهى الكعبة بيت هللا احلرام يؤدون نفس احلركات قيام وركوع‬
‫وسجود وقعود ‪ .‬يصدق فيهم قول هللا عز وجل " إمنا املؤمنون اخوة " احلجرات (‪ . )10‬وقول النيب ‪ " ‬مثل املؤمنني ىف توادهم وترامحهم وتعاطفهم‬
‫مثل اجلسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر اجلسد ابلسهر واحلمى" ( متفق عليه ) وىف الصيام ميسك اجلميع عن الطعام والشراب ىف وقت‬
‫واحد ويفطرون ىف وقت واحد ‪ ،‬حيس كل واحد مبا حيسه أخوه وبذلك ترى اجلود والكرم واإليثار ىف الصيام ‪.‬هذه العبودية هلل عز وجل وهذه‬
‫املشاعر خترج أبخوة املسلم وحبه من حيز البقعة الضيقة ىف بلده ‪ ،‬إىل حيز أوسع وأوسع ‪ ،‬فهى ليست قاصرة على بلد دون بلد وال قطر دون قطر‪،‬‬
‫بل هى وحدة عاملية تبدو وا ضحة ىف احلج ‪ ،‬فهو مؤمتر عاملى مل يدع إليه ملك أو رئيس بل دعى إليه رب العاملني عز وجل ‪ .‬هنالك جيد املسلم‬
‫إخواانً له من شىت بقاع األرض ‪ ،‬اختلفت أقاليمهم وألواهنم ولغاهتم ومجعتهم رابطة اإلميان واإلسالم ‪ ،‬ينشدون نشيداً واحداً ( لبيك اللهم لبيك ) ‪،‬‬
‫وهكذا ىف احل ج ترى وحدة املشاعر ووحدة الشعائر ووحدة اهلدف ووحدة العمل والقول‪ ،‬ال إقليمية وال عنصرية وال عصبية للون أو جنس أو لطبقة‬
‫‪ ،‬فقد مسعوا ووعوا قول احلبيب املصطفى ىف أواسط أايم التشريق ‪ " :‬اي أيها الناس إن ربكم واحد وإن أابكم واحد أال ال فضل لعريب على عجمي‬
‫وال لعجمي على عريب وال ألمحر على أسود وال ألسود على امحر إال ابلتقوى "‬
‫السالم ‪ :‬ىف احلج طريقة فذة لتدريب املسلم على السالم وإشرابه روح السالم فاحلج رحلة سالم إىل أرض السالم ىف زمن السالم ‪ ،‬فأرض احلج هى‬
‫مكة البلد احلرام الذى جعله هللا مثابة للناس وأمناً " ومن دخله كان آمناً " آل عمران (‪ . )97‬ويشمل أمان الطي ىف اجلو والصيد ىف الرب والنبات‬
‫على األرض فال يروع طيها وال حيواهنا وال يقطع شجرها وال حشائشها‪ .‬واحلج يكون ىف ذى احلجة وهو من الشهر احلرم الىت جعلها هللا هدنة‬
‫إجبارية تغمد فيها السيوف وحتقن فيها الدما ء ويوقف فيها القتال ‪ ،‬واملسلم حني حيرم يظل فرتة إحرامه ىف سالم حقيقى مع من حوله وما حوله فال‬
‫جيوز له أن يقطع شجراً وال نبااتًكما ال جيوز له أن يرمى صيداً وال أن يذبح ما صاده غيه‪ .‬قال تعاىل‪" :‬اي أيها الذين أمنوا ال تقتلوا الصيد وأنتم‬
‫حرم" املائدة (‪" )95‬وحرم عليكم صيد الرب ما دمتم حرماً" املائدة (‪ .)96‬بل ال جيوز له أن حيلق شعر نفسه أو يقص أظافره حىت يتحلل من إحرامه‬
‫فهل هناك ىف الدنيا تدريب عملي على السالم كهذا ‪.‬اجلانب األهم ىف هذا األمر أن ذلك خلق للمسلم كفرد وخلق للمجتمع مجيعه ‪ ،‬ليس خطة‬
‫وال تكتيكاً وال مدا هنة ‪ ،‬فهو يراقب ربه ىف ذلك يبتغى مرضاته يرجو رمحته وخياف عذابه ‪ .‬وإذا انتهكت حمارم هللا وطغى أعداء هللا وبغوا وجاسوا‬
‫خالل الداير فاملسلم جيود بروحه ىف سبيل هللا عمالً بقول هللا عز وجل ‪ " :‬إن هللا اشرتى من املؤمنني أنفسهم وأمواهلم أبن هلم اجلنة " التوبة (‪)110‬‬
‫‪.‬‬
‫التقومي‬
‫‪ -1‬وضح أمهية العبادة ابلنسبة للفرد ‪.‬‬
‫‪ -2‬وضح أمهية العبادة ابلنسبة لألسرة ‪.‬‬
‫‪ -3‬وضح أمهية العبادة ابلنسبة للمجتمع ‪.‬‬
‫اهلدف املرحلى اخلامس ‪ :‬أن يعمل لتحقيق العبادة الشاملة‬
‫األهداف اإلجرائية السلوكية ‪:‬‬
‫أ‪ .‬أن يوضح الدارس كيف حيقق العبادة الشاملة ‪.‬‬
‫ب‪ .‬أن ي نِ‬
‫قوم الدارس مدى حتقيق العبادة الشاملة لديه ‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫‪9‬‬

‫***************‬
‫أ‪ -‬أن يوضح الدارس كيف حيقق العبادة الشاملة ‪:‬‬
‫عرفن ا أن رسالة اإلنسان ىف هذه األرض أن يعبد هللا الذى خلقه فسواه وأس بغ عليه نعمه ظاهرة وابطنة ‪ .‬وعرفنا معىن العبادة ومشوهلا لكل حركة وسكنة ‪.‬‬
‫فكيف حيققها اإلنسان ىف حياته كلها ؟ وكيف جيعل حياته كلها عبادة هلل وطاعة له سبحانه وتعاىل ؟[ إن مقت ضى عبادة اإلنسان هلل وحده أن خيضع أموره ملا‬
‫حرم عليه‬‫أحل له أو ن‬
‫حيبه تعاىل ويرضاه من االعتقادات واألقوال واألعمال ‪ ،‬وأن يكيف حياته وسلوكه وفقاً هلداية هللا وشرعه ‪ ،‬فإذا ما أمره هللا تعاىل أو هناه أو ن‬
‫كان موقفه من ذلك كله ‪ " :‬مسعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك املصي " البقرة ‪. 285‬فكما رأينا أن اإلسالم قد فسح جمال العبادة ووسع دائرهتا حبيث مشلت‬
‫أعماالً كثرية مل خيطر ببال اإلنسان أن جيعلها الدين عبادة وقربة إىل هللا فمثالً ‪:‬‬
‫* األعمال اإلجتماعية النافعة عبادة ‪ :‬إن كل عمل اجتماعى انفع تقوم به يعده اإلسالم عبادة من أفضل العبادات مادام قصدك اخلي ال تصيد الثناء‬
‫واكتساب السمعة الزائفة عند الناس ‪ ،‬فكل ما تعمله عبادة كتخفيف كربة مكروب أو أن متسح دمعة حمزون ‪ ،‬أو تتصدق لتسد رمق جوعان ‪ ،‬أو تساند مظلوم‬
‫‪ ،‬أو تقضى دين غارم مثقل ‪ ،‬أو أتخذ بيد فقي متعفف ذى عيال ‪ ،‬أو هتدى حائراً أو غريباً ‪ ،‬أو تقرى ضيفاً ‪ ،‬أو تعني رجالً على دابته ‪ ،‬أو تساعد طالباً ىف‬
‫مذاكرته ‪ ،‬أو أتخذ بيد مكفوف ‪ ،‬أو تعود مريضاً ‪ ،‬أو تصلح بني متخاصمني ‪ ،‬أو تصل رمحك ‪،‬أو تزور أخاً لك ىف هللا ‪ ،‬أو متيط األذى عن الطريق ‪ ،‬أو‬
‫متسك أذاك عن الناس ‪ .‬كل ذلك جعله اإلسالم من عبادة الرمحن وشعب اإلميان وموجبات املثوبة عند هللا إذا صحت النية ‪.‬‬
‫إن األعمال الدنيوية الىت تقوم هبا ملعيشتك والسعى على نفسك وأهلك من أبواب العبادات و القرابت إىل هللا إذا‬ ‫* عمل اإلنسان ىف معاشه عبادة ‪:‬‬
‫التزمت فيها ابلشروط اآلتية ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يكون العمل مشروعاً ىف نظر اإلسالم ‪ .‬أما األعمال الىت ينكرها الدين كالعمل ىف الراب واحلاانت ‪ ،‬واملراقص وحنوها ‪ ،‬فال تكون ولن تكون عبادة أبداً ‪..‬‬
‫إن هللا طيب ال يقبل إال طيباً ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن تصحبه النية الصاحلة ‪ :‬نية املسلم إعفاف نفسه ‪ ،‬وإغناء أسرته ‪ ،‬ونفع أمته ‪ ،‬وعمارة األرض كما أمر هللا‬
‫‪ -3‬أن تؤدى العمل إبتقان وإحسان ففى احلديث ‪ " :‬إن هللا كتب اإلحسان على كل شىء " رواه مسلم " إن هللا حيب إذا عمل أحدكم عمالً أن يتقنه " رواه‬
‫البيهقى ‪.‬‬
‫‪ -4‬أن تلتزم فيه حدود هللا فال تظلم وال ختون وال تغش وال جتور على حق غيك ‪.‬‬
‫‪ -5‬أال يشغلك عملك الدنيوى عن واجباتك الدينية كما قال تعاىل ‪ " :‬اي أيها الذين آمنوا ال تلهكم أموالكم وال أوالدكم عن ذكر هللا ومن يفعل ذلك فأولئك‬
‫هم اخلاسرون " املنافقون (‪ " )9‬رجا ل ال تلهيهم جتارة وال بيع عن ذكر هللا وإقام الصالة وإيتاء الزكاة " النور (‪. )37‬‬
‫إذا راعيت هذه األمور ىف عملك كنت ىف سعيك عابداً وإن مل تكن ىف حمراب ‪ ،‬مبتهالً إىل هللا وإن مل تكن ىف صومعة ‪ ،‬ألنه ال جيوز للمسلم ‪ -‬وال‬
‫يتصور منه ‪ -‬أن يكون عالة على غيه ‪ ،‬أو عبئاً على اجملتمع ‪ ،‬بل يندفع إىل كل ميادين احلياة منتجاً متقناً متفوقاً ‪ ،‬وهو يوقن أنه ىف صالة وجهاد ‪.‬‬
‫* حىت أعمال الغريزة وقضاء الشهوة ‪ :‬كما تشمل العبادة احلاجات الضرورية الىت تؤديها استجابة لدافع الغريزة البشرية ‪ .‬كاألكل والشرب والنوم ومباشرة الزوجة‬
‫‪ ،‬وما كان من هذا القبيل يدخله اإلسالم ىف دائرة العبادة الفسيحة بشرط واحد هو " النية " فالنية هى املادة السحرية العجيبة الىت تضاف إىل املباحات‬
‫والعادات فتصنع منها طاعات و قرابت ‪ .‬وأوضح شاهد على ذلك ما قاله النب صلى هللا عليه وسلم ألصحابه ‪ " :‬وىف بضع أحدكم صدقة قالوا ‪ :‬أأيتى أحدان‬
‫شهوته ويكون له فيها أجر ؟! قال ‪ :‬أرأيتم لو وضعها ىف احلرام أكان عليه وزر ؟قالوا ‪ :‬نعم ‪ .‬قال ‪ :‬كذلك إذا وضعها ىف احلالل كان له أجر " رواه مسلم‬
‫والرتمذى ‪.‬قال العلماء ‪ :‬وهذا من متام رمحة هللا على عباده ‪ ،‬يثيبهم على ما فيه قضاء شهواهتم إذا نووا أداء حق الزوجة وإحصان الفرج وهلل احلمد ‪.‬‬
‫* صحح وجهتك تكن كل حياتك عبادة ‪:‬‬
‫حبس بك أيها املسلم أن تنظر إىل نفسك على أنك خليفة هلل ىف األرض ‪ ،‬مهمتك أن تنفذ أمره وتقيم حدوده وتعلى كلمته ‪ ،‬وتقوم بواجب العبودية له تعاىل ‪،‬‬
‫لتصطبغ أعمالك كلها بصبغة رابنية ‪ ،‬وليكون ما يصدر عنك من أقوال وأفعال وحركات و سكنات عبادة هلل رب العاملني ‪ .‬وما أمجل ما قاله الشيخ ‪ /‬حممد‬
‫الغزاىل ىف كتابه هذا ديننا ‪ ( :‬إن اإلسالم ليس أفعاالً تعد على األصابع دون زايدة أو نقص ‪ .‬كال ‪ ..‬إنه صالحية اإلنسان للمسي ىف احلياة وهو يؤدى رسالة‬
‫حمددة ‪ .‬إن اإلسالم يريد من اإلنسان أن تستقيم أجهزته النفسية أوالً ‪ .‬فإذا توفرت هلا صالحيتها املنشودة ‪ ،‬بصدق اليقني ‪ ،‬وسالمة الوجهة ‪ ،‬فكل عمل‬
‫تتعرض له ىف احلياة يتحول من تلقاء نفسه إىل طاعة هللا ‪ ،‬إن آلة سك النقود يدخلها املعدن الغفل – اخلام – فيخرج عملة مالية غالية الثمن ‪ ،‬حتمل من األلوان‬
‫واألختام والشارات ما جيعلها شيئاً آخر ‪ ،‬كذلك املسلم يعاجل ما يعاجل من شئون الدنيا ‪ ،‬فيضفى عليه من طبيعة إميانه وسناء وجهته ما جيعل أى عمل يقبل عليه‬
‫يتحول ىف يده إىل عبادة غالية القدر ‪ .‬ففى شئون احلياة ليس لألعمال الصاحلة حصر تنتهى عنده وال رسم خترج فيه ‪ .‬إمنا هو إسالم الوجه هلل وإصالح العمل‬
‫والبلوغ به إىل حد الكمال املطلوب ) ] العبادة ىف اإلسالم د‪ /‬يوسف القرضاوى‬

‫‪9‬‬
‫‪10‬‬

‫ب‪ -‬أن نِ‬


‫يقوم الدارس مدى حتقيق العبادة الشاملة لديه ‪:‬‬
‫بعد أن عرفنا املعىن الشامل للعبادة وبيننا أ ن العبادة تشمل الدين كله ‪ ،‬كما ميكن أن تسع احلياة كلها ‪ ،‬كما أن األعمال االجتماعية النافعة عبادة ‪ ،‬وأن‬
‫عمل اإلنسان ملعاشه عبادة بشروط ‪ ،‬حىت أعمال الغريزة وقضاء الشهوة تعد عبادة إذا توفر فيها النية ‪ .‬فعلى الدارس أن يراجع نفسه ىف التزامه بتحقيق العبادة‬
‫الشاملة ىف كل جانب من اجلوانب الىت أشران إليها آنفاً ‪ ،‬ومن املمكن االستعانة ابالستبانة التالية لقياس ذلك ‪ ،‬وقد آثران أن تكون ىف اجلوانب الىت قد يغفل‬
‫عنها من ألوان العبادات وميكن تكرار مثلها ىف اجلوانب األخرى ‪.‬‬
‫* نِ‬
‫قوم نفسك ىف األعمال االجتماعية ‪:‬‬
‫اندراً‬ ‫أحياانً‬ ‫دائماً‬ ‫السلوك‬ ‫اندراً‬ ‫أحياانً‬ ‫دائماً‬ ‫السلوك‬
‫‪ -12‬أساند املظلوم ‪.‬‬ ‫‪ -1‬أقصد وجه هللا بعملى ‪.‬‬
‫‪ -13‬أسعى لرد الظامل عن‬ ‫‪ -2‬ال أتصيد الثناء و السمعة‬
‫ظلمه ‪.‬‬ ‫الزائفة عند الناس ‪.‬‬
‫‪ -14‬أقضى دين غارم مثقل‬ ‫‪ -3‬أسعى لتخفيف كربة كل مكروب‬
‫‪-15‬أسعى أن أساعد كل فقي‬ ‫أعرفه ‪.‬‬
‫متعفف ذى عيال ‪.‬‬ ‫‪ -4‬أسعى ألن أمسح دمعة احملزون ‪.‬‬
‫‪ -16‬أرشد كل حائر‬ ‫‪ -5‬أتصدق ألسد رمق اجلوعان‬
‫‪ -17‬أكرم من حل ىب ضيفاً‬ ‫‪-6‬أعني كل من حيتاج إىل عوىن‬
‫‪.‬‬ ‫‪-7‬إذا رأيت مكفوفاً أبلغه مأمنه‬
‫‪ -18‬أحرص على أن أزور‬ ‫‪ -8‬أحرص على عيادة املريض ‪.‬‬
‫أخى ىف هللا ‪.‬‬ ‫‪ -9‬أسعى لإلصالح بني املتخاصمني‬
‫‪ -19‬أميط األذى عن الطريق‬ ‫‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪ -10‬أحرص على بر الوالدين ‪.‬‬
‫‪ -20‬أمسك أذاى عن الناس‬ ‫‪ -11‬أحرص على أن أصل رمحى‬
‫‪.‬‬

‫* نِ‬
‫قوم نفسك ىف عملك ملعاشك ‪:‬‬
‫اندراً‬ ‫أحياانً‬ ‫دائماً‬ ‫السلوك‬ ‫اندراً‬ ‫أحياانً‬ ‫دائماً‬ ‫السلوك‬
‫‪ -6‬أحرص على إتقان عملى‬ ‫‪-1‬أحرص على أن يكون مطعمى‬
‫وإحسانه ‪.‬‬ ‫حالال ‪.‬‬
‫‪ -7‬ألتزم فيه حدود هللا ‪.‬‬ ‫‪ -2‬أنوى من عملى إعفاف نفسى‬
‫‪ -8‬ال أظلم وال أخون وال‬ ‫عن ‪.‬‬
‫أغش ‪.‬‬ ‫‪ -3‬أنوى من عملى إغناء أسرتى ‪.‬‬
‫‪ -9‬ال أجور على حق غيى ‪.‬‬ ‫‪ -4‬أنوى من عملى نفع أمىت ‪.‬‬
‫‪ -5‬أنوى من عملى عمارة األرض‬
‫كما أمر هللا ‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫‪11‬‬

‫التقومي‬

‫وضح كيف حتقق العبادة الشاملة ىف نفسك ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬


‫اشرح كيف جتعل كل يومك عبادة ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫حدد العبادات الىت مل حتققها ىف نفسك بعد ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫ضع خطة لنفسك تستطيع من خالهلا حتقيق بعض العبادات الىت مل حتققها ىف نفسك بعد‬ ‫‪-4‬‬

‫املراجع‬
‫د‪ .‬يوسف القرضاوى‬ ‫‪ -1‬الع بادة ىف االسالم‬
‫د‪ .‬على جريشة‬ ‫‪ -2‬االميان احلق‬
‫ابن رجب احلنبلى‬ ‫‪ -3‬جامع العلوم واحلكم‬
‫الشيخ عبدهللا اخلطيب‬ ‫‪ -4‬الع بادة جوهرها وآفاقها‬
‫أ‪.‬عبد الكرمي زيدان‬ ‫‪ -5‬أصول الدعوة‬
‫الشيخ أبو بكر اجلزائرى‬ ‫‪ -6‬منهاج املسلم‬
‫للنووى‬ ‫‪ -7‬آداب اليوم والليلة‬
‫ابن القيم‬ ‫‪ -8‬مدارج السالكني‬

‫‪11‬‬

You might also like