جهاد - ويكيبيديا

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 128

‫جهاد‬

‫مصطلح إسالمي يعني جميع األفعال أو األقوال التي‬


‫تتم لنشر اإلسالم أو لصد عدو يستهدف المسلمين أو‬
‫لتحرير أرض مسلمة‬

‫(مايو ‪)2016‬‬ ‫إن حيادية وصحة هذه المقالة محُّل خالٍف ‪.‬‬
‫معرفة المزيد‬

‫الجهاد أو الجهاد في سبيل اهلل هو مصطلح إسالمي‬


‫يعني جميع األفعال أو األقوال التي تتم لنشر اإلسالم‪،‬‬
‫أو لصِّد عدٍو يستهدف المسلمين‪ ،‬أو لتحرير أرٍض‬
‫مسلمة‪ ،‬أو لمساعدة مسلم ما والمسلمين عامة‪ .‬جاء‬
‫هذا المصطلح في بدء اإلسالم عندما ذكرت معركة بدر‬
‫الكبرى في القرآن الكريم ثم تم تعميم هذا المصطلح‬
‫ليشمل أي فعٍل أو قوٍل يصُّب في مصلحة اإلسالم لصد‬
‫عدٍو ما يستهدف اإلسالم والمسلمين فعًال أو قوًال أو‬
‫كالهما‪.‬‬

‫والجهاد مراتب منها ما هو واجب على كل مكلف‪،‬‬


‫ومنها هو فرض كفاية إذا قام به بعض المكلفين سقط‬
‫التكليف عن البقية‪ ،‬ومنها ما هو مستحب‪ ،‬فجهاد‬
‫النفس وجهاد الشيطان واجبان على كل مكلف‪ ،‬وجهاد‬
‫المنافقين والكفار وأرباب الظلم والبدع والمنكرات‬
‫فرض عيٍن ‪ ،‬وقد يتعين جهاد الكفار باليد على كل قادٍر‬
‫في حاالٍت معينة‪ .‬قال ابن القيم‪«:‬الجهاد أربع‬
‫مراتب ‪ :‬جهاد النفس‪ ،‬وجهاد الشيطان‪ ،‬وجهاد‬
‫الكفار‪ ،‬وجهاد المنافقين‪».‬‬

‫فالجهاد ينقسم إلى قسمين رئيسيين يتفرع تحتهما‬


‫أقسامه األخرى الكثيرة؛ هما جهاد فرض كفاية على‬
‫طبقة وفئة محددة من المسلمين وجهاد فرض َع يْن‬
‫على كل مؤمٍن باإلسالم‪ ،‬تحت القسم األول يندرج‬
‫جهاد الطلب لفتح أراضي جديدة ال تعرف شيء عن‬
‫اإلسالم ويندرج تحته جهاد الدعوة وجهاد التعليم‬
‫أيضًا‪ ،‬ويندرج تحت القسم الثاني كل من جهاد النفس‬
‫وجهاد الشيطان وجهاد الدفع؛ للدفاع عن أراضي‬
‫الوطن من عدو خارجي أو الدفاع عن المسلمين‪.‬‬

‫تحدد أهداف الجهاد إلى هدفين ال ثالث لهما وتنحصر‬


‫جميع أنواعه فيهما تقريبًا‪ ،‬وهما جهاد الدفع وجهاد‬
‫الطلب؛ أي يكون الجهاد إما جهاٌد في سبيل الدفاع عن‬
‫المسلمين واإلسالم والقرآن أو جهاٌد بغاية نشر تعاليم‬
‫اإلسالم وقوانينه على الحياة والمجتمع باعتباره ديٌن‬
‫صالٌح لكل الشعوب واللغات وباعتباره خالص األرض‬
‫من كل الظلمات‪.‬‬
‫لغوًي ا‬
‫الجهاد في اللغة ‪ :‬بذل الجهد والوسع والطاقة‪ ،‬من‬
‫الُج ْه د بمعنى الُو سع‪ ،‬أو من الَج ْه د بمعنى المشقة وكال‬
‫المعنيين في الجهاد‪ .‬وفي الشرع أو في اصطالح‬
‫القرآن والسنة‪ ،‬يأتي بمعنى أعم وأشمل‪ ،‬يشمل الدين‬
‫كله؛ وحينئذ تتسع مساحته فتشمل الحياة كلها بسائر‬
‫مجاالتها ولهذا يسمى حينئذ‪ :‬الجهاد األكبر‪ .‬وله معنى‬
‫خاص هو القتال إلعالء كلمة اهلل وهذا يشغل مساحة‬
‫أصغر من األولى ولهذا ُس ِّم َى الجهاد األصغر‪ ]1[.‬وكما‬
‫يقول الدكتور عبد العزيز القاري ‪:‬‬

‫«فإن الجهاد بمعناه العام يشمل حياة الفرد‬


‫والمجتمع كلها بجوانبها المختلفة الفكرية‬
‫واالجتماعية والسياسية واالقتصادية والصراع‬
‫فيه يشمل أعداء كثيرين يشمل النفس‬
‫وشهواتها والهوى ووساوس الشياطين؛‬
‫شياطين الجن واإلنس‪ ،‬ووساوس هؤالء‬
‫الشياطين على نوعين نوع هدفه زرع الشبهات‬
‫وآخر هدفه اتباع الشهوات؛ ومكافحة األول‬
‫بنشر العلم والعقيدة الصحيحة‪ ،‬ومقاومة الثانى‬
‫بنشر الفضائل واألخالق الحميدة وموعظة‬
‫الناس لتقوية إيمانهم‪ .‬وكل هذا وذاك من‬
‫الجهاد األكبر‪».‬‬

‫ولذلك فإن تسمية األول بـالجهاد األكبر صحيح المعنى‪،‬‬


‫تدل عليه نصوص الكتاب والسنة‪ ،‬وإن لم يصح‬
‫الحديث الوارد فيه بخصوصه‪ ]2[.‬ففي حصر مفهوم‬
‫الجهاد في القتال خطأ في فهم الكتاب والسنة‪ ،‬فإن‬
‫الجهاد فيهما جاء بمعنى القتال‪ ،‬وجاء بمعنى أكبر من‬
‫ذلك وأشمل‪ :‬قال تعالى‪َ :‬ف اَل ُت ِط ِع اْلَكاِف ِر يَن َو َج اِه ْد ُه ْم‬
‫قال ابن عباس رضى اهلل‬ ‫ِب ِه ِج َه اًد ا َكِب يًر ا‬
‫عنهما‪«:‬وجاهدهم به أي القرآن‪»]3[ .‬‬

‫فالجهاد الكبير هنا ليس هو القتال‪ ،‬وإنما هو الدعوة‬


‫والبيان بالحجة والبرهان‪ ،‬وأعظم حجة وبيان هو هذا‬
‫القرآن‪ ،‬إنه حجة اهلل على خلقه‪ ،‬ومعه تفسيره وبيانه‬
‫الذي هو السنة‪.‬‬

‫وقال تعالى‪َ :‬ي ا َأ ُّي َه ا الَّن ِب ُّي َج اِه ِد اْلُكَّف اَر َو اْل ُم َناِف ِق يَن‬
‫في‬ ‫َو اْغ ُلْظ َع َلْي ِه ْم َو َم ْأَو اُه ْم َج َه َّن ُم َو ِب ْئ َس اْل َم ِص يُر‬
‫هذه اآلية ليس المراد بجهاد المنافقين القتال‪ ،‬ألن‬
‫المنافقين يظهرون اإلسالم ويتخذونه ُج َّن ة والنبي‬

‫ﷺ لم يقاتلهم بل عاملهم بظواهرهم‪ ،‬وحتى من‬


‫انكشف كفره منهم كعبد اهلل بن أبى بن سلول لم يقتله‬

‫سياسة منه حيث قال ﷺ ‪«:‬ال يتحدث الناس أن‬


‫محمًد ا يقتل أصحابه‪ »]4[ .‬ولكن جهاد المنافقين‬
‫يكون بالوسائل األخرى‪ ،‬مثل كشف أسرارهم ودواخلهم‬
‫وأهدافهم الخبيثة‪ ،‬وتحذير المجتمع منهم‪ ،‬كما جاء في‬
‫القرآن‪.‬‬

‫وقال تعالى‪َ :‬و اَّلِذ يَن َج اَهُد وا ِف يَنا َلَن ْه ِد َي َّن ُه ْم ُس ُب َلَنا َو ِإ َّن‬
‫والشك أن المراد بالجهاد هنا‬ ‫اَهَّلل َلَم َع اْل ُم ْح ِس ِن يَن‬
‫مفهومه الشامل المتضمن نوعيه األكبر واألصغر‪ ،‬نقل‬
‫ابن كثير عن ابن أبي حاتم بإسناده عن ابن عباس‪ ،‬قال‬
‫في تفسير هذه اآلية‪«:‬الذين يعملون بما يعلمون‬
‫يهديهم اهلل لما ال يعلمون» فتفسير اآلية (الذين‬
‫جاهدوا فينا) أي جاهدوا في ذات اهلل أنفسهم‬
‫وشهواتهم وأهواءهم وجاهدوا العراقيل والعوائق‬
‫وجاهدوا الشياطين‪ ،‬وجاهدوا العدو من الكفار‬
‫المحاربين‪ ،‬فالمقصود‪ :‬الجهاد في معترك الحياة كلها‪،‬‬
‫الشامل‪]1[.‬‬ ‫وفي حلبة الصراع‬
‫وفي السنة النبوية بين النبي ﷺ أنواع الجهاد‬
‫بمفهومه الشامل فقال‪:‬‬

‫«ما من نبي بعثه اهلل في أمة قبلي إال كان له‬


‫من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته‬
‫ويقتدون بأمره‪ ،‬ثم إنه تخلف من بعدهم خلوف‬
‫يقولون ما ال يفعلون‪ ،‬ويفعلون ما ال يؤمرون‪،‬‬
‫فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن‪ ،‬ومن جاهدهم‬
‫بلسانه فهو مؤمن‪ ،‬ومن جاهدهم بقلبه فهو‬
‫مؤمن؛ وليس وراء ذلك من اإليمان حبة‬
‫خردل‪»]5[.‬‬

‫والمراد بجهاد القلب هنا هو بغضهم وبغض حالهم التي‬


‫هي عقيدة الوالء والبراء؛ بدونها ال يصير اإلنسان‬

‫مؤمنًا ؛ سمى النبي ﷺ فعل القلب هذا جهاًد ا‪ ،‬كما‬


‫سمى فعل اللسان جهاًد ا‪ ،‬ومن باب أولى أن يسمى فعل‬
‫اليد جهاًد ا؛ عن عبد اهلل بن عمرو قال‪«:‬جاء رجل‬

‫للنبي ﷺ فقال‪:‬أجاهد؟ قال ‪( :‬ألك أبوان) قال‪:‬‬


‫نعم‪ ،‬قال‪( :‬ففيهما فجاهد)‪ »]6[ .‬وأمثلة هذا من‬
‫السنة كثيرة يسمى فيها بعض األعمال الصالحة أو‬

‫يجعلها بمنزلة الجهاد؛ كقوله ﷺ ‪«:‬الساعي على‬


‫األرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل اهلل‪»]7[ .‬‬
‫وهكذا يتضح لنا مدى اتساع دائرة الجهاد مرتبطة‬
‫بمجاالت الحياة كلها‪ ،‬وهكذا حتى عندما يكون هناك‬
‫قتال صحيح مع العدو‪ ،‬فإن جهاد كل واحد بحسبه‬
‫الطبيب بخبرته الطبية‪ ،‬وأهل اإلغاثة بإغاثتهم‪ ،‬وأهل‬
‫اإلعالم بإعالمهم‪ ،‬وأهل األموال بأموالهم‪ ،‬ويبقى بقية‬
‫في البلد يقومون بشؤونها ويخلفون المجاهدين في‬
‫أهليهم بالخير والرعاية والحراسة‪ ،‬لتستمر عجلة‬
‫الدوران‪]1[.‬‬ ‫الحياة في‬

‫المفهوم العام للجهاد‬


‫قال ابن تيمية مبينًا المفهوم العام للجهاد ما‬
‫نصه‪«:‬فالجهاد تحقيق كون المؤمن مؤمنًا ‪ ،‬ولهذا‬
‫روى مسلم في صحيحه عن النبي صلى اهلل عليه‬
‫وسلم انه قال‪ :‬من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه‬
‫بالغزو مات على شعبة من نفاق‪ ،‬وذلك أن الجهاد‬
‫فرض على الكفاية‪ ،‬فيخاطب به جميع المؤمنين‬
‫عمومًا ‪ ،‬ثم إذا قام به بعضهم سقط عن الباقين‪.‬‬
‫والبد لكل مؤمن من أن يعتقد أنه مأمور به‪ ،‬وأن‬
‫يعتقد وجوبه‪ ،‬وأن يعزم عليه إذا احتيج اليه‪،‬‬
‫وهذا يتضمن تحديث نفسه بفعله‪ ،‬فمن مات ولم‬
‫يغز ولم يحدث نفسه بالغزو نقص من إيمانه‬
‫الواجب عليه بقدر ذلك‪ ،‬فمات على شعبة‬
‫نفاق‪»]8[ .‬‬

‫وأما بالنسبة للحكم في جهاد العدوين الظاهر والباطن‪،‬‬


‫فقد قال القاضي أبو بكر بن العربي‪«:‬قال علماؤنا‬
‫رضي اهلل عنهم‪ :‬جهاد العدو الظاهر فرض من‬
‫فروض الكفاية وهم الكفار‪ ،‬وجهاد العدو الباطن‬
‫فرض من فروض األعيان‪ ،‬وهوالشيطان‪ »]9[ .‬وقال‬
‫عبد اهلل بن عمر‪«:‬إن سبيل اهلل كل عمل‬
‫صالح‪ »]10[.‬وكذلك قال عباية بن رفاعة‪« :‬ادركني أبو‬
‫عبس وأنا ذاهب إلى الجمعة‪ ،‬فقال سمعت رسول‬
‫اهلل صلى اهلل عليه وسلم يقول‪ :‬من اغبرت قدماه‬
‫في سبيل اهلل حرمه اهلل على النار‪ »]12[]11[ .‬قال‬
‫بدر الدين أبو محمد العيني‪«:‬مطابقته للترجمة من‬
‫حيث أن الجمعة تدخل في قوله سبيل اهلل ألن‬
‫السبيل اسم جنس مضاف فيفيد العموم‪ ،‬وألن أبا‬
‫عبس جعل السعي إلى الجمعة حكم الجهاد‪».‬‬

‫وفي صحيح مسلم من حديث أبي مالك األشعري أن‬


‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال‪«:‬وانتظار الصالة‬
‫إلى الصالة فذلكم الرباط فذلكم الرباط» وعن أنس‬
‫بن مالك قال‪«:‬سمعت رسول اهلل صلى اهلل عليه‬
‫وسلم يقول‪ :‬أفضل الشهداء عند اهلل‬
‫المقسطون‪ »]14[]13[ .‬وفي السنن أن النبي صلى اهلل‬
‫عليه وسلم قال‪«:‬الساعي على الصدقة بالحق‬
‫كالمجاهد في سبيل اهلل‪ ».‬ولذلك قال عبد الرحمن‬
‫السعدي مبينًا هذا المعنى العام للجهاد‪:‬‬

‫«أليس التعلم والتعليم والصبر على ذلك من‬


‫أكبر الجهاد‪ ،‬أليس األمر بالمعروف والنهي عن‬
‫المنكر‪ ،‬والنصيحة للخلق من الجهاد؟ أليس‬
‫تنفيذ الحق ونصره‪ ،‬ورد الباطل وقمعه من‬
‫الجهاد؟ أليس تعليم الجاهلين‪ ،‬وتنبيه الغافلين‪،‬‬
‫وايقاظ المعرضين‪ ،‬ومعارضة المعارضين‪،‬‬
‫ومجادلتهم من الجهاد؟ هل تتم األمور بدون‬
‫الجهاد؟ وهل يستقيم الهدى واالهتداء ويحصل‬
‫الصعود واالرتقاء إال بالجهاد؟ طوبى ألهل العلم‪،‬‬
‫والدين والجهاد‪»]15[.‬‬

‫الجهاد بمعنى القتال‬

‫فضل الجهاد‬

‫في القرآن الكريم‬

‫ومن اآليات التي وردت في الحث على الجهاد‪:‬‬


‫' َو َق اِت ُلوا ِف ي َس ي اِهَّلل اَّلِذ يَن ُي َق اِت ُلوَن ُكْم َو اَل‬
‫ِب ِل‬
‫'‬ ‫َت ْع َت ُد وا ِإ َّن اَهَّلل اَل ُي ِح ُّب اْلُم ْع َت ِد يَن‬

‫عن ابن عباس وعمر بن عبد العزيز ومجاهد أن هذه‬


‫اآلية محكمة غير منسوخة‪ ،‬أي أن حكمها باق‬
‫ومستمر‪]16[.‬‬

‫يقول الشيخ محمد متولي الشعراوي في تفسيره‬


‫لهذه اآلية‪:‬‬
‫وعندما نتأمل قوله تعالى‪{ :‬وقاتلوا في سبيل‬
‫اهلل} [البقرة‪ ]190 :‬فإننا نجد أن الحق‬
‫سبحانه يؤكد على كلمة {في سبيل اهلل}‬
‫[البقرة‪ ]190 :‬ألنه يريد أن يضع حدًا‬
‫لجبروت البشر‪ ،‬والبد أن تكون نية القتال في‬
‫سبيل اهلل ال أن يكون القتال بنية االستعالء‬
‫والجبروت والطغيان فال قتال من أجل الجاه‪،‬‬
‫أو المال أو لضمان سوق اقتصادي‪ ،‬وإنما‬
‫القتال إلعالء كلمة اهلل‪ ،‬ونصرة دين اهلل‪ ،‬هذا‬
‫هو غرض القتال في اإلسالم‪.‬‬

‫{وقاتلوا في سبيل اهلل الذين يقاتلونكم وال‬


‫تعتدوا إن اهلل ال يحب المعتدين} [البقرة‪:‬‬
‫‪ ]190‬والحق ينهى عن االعتداء‪ ،‬أي ال يقاتل‬
‫مسلم َم ْن لم يقاتله وال يعتدي‪.‬‬
‫وهب أن قريشًا هي التي قاتلت‪ ،‬ولكن أناسًا‬
‫كالنساء والصبيان والعجزة لم يقاتلوا‬
‫المسلمين مع أنهم في جانب َم ْن قاتل‪ ،‬لذلك‬
‫ال يجوز قتالهم‪ ،‬نعم على قدر الفعل يكون رد‬
‫الفعل‪ .‬لماذا؟ ألن في قتال النساء والعجزة‬
‫اعتداء‪ ،‬وهو سبحانه ال يحب المعتدين‪ .‬لكن‬
‫قتال المؤمنين إنما يكون لرد العدوان‪ ،‬ال‬
‫بداية عدوان‪.‬‬

‫يقول الشيخ محمد رشيد رضا أيضا في تفسيره‬


‫تفسير المنار عن هذه اآلية‪:‬‬
‫{وقاتلوا في سبيل اهلل الذين يقاتلونكم}‬
‫يقول أيها المؤمنون الذين تخافون أن‬
‫يمنعكم مشركو مكة عن زيارة بيت اهلل‬
‫واإلعتمار فيه نكثًا منهم للعهد وفتنة لكم في‬
‫الدين‪ ،‬وتكرهون أن تدافعوا عن أنفسكم‬
‫بقتالهم في اإلحرام والشهر الحرام‪ ،‬إنني‬
‫أذنت لكم في القتال على إنه دفاع في سبيل‬
‫اهلل للتمّكن من عبادته في بيته‪ ،‬وتربية لمن‬
‫يفتنكم عن دينكم وينكث عهدكم‪ ،‬ال لحظوظ‬
‫النفس وأهوائها‪ ،‬والضراوة بحب التسافك‪،‬‬
‫فقاتلوا في هذه السبيل الشريفة من يقاتلكم‬
‫{وال تعتدوا} بالقتال فتبدأوهم‪ ،‬وال في القتل‬
‫فتقتلوا من ال يقاتل كالنساء والصبيان‬
‫والشيوخ والمرضى أو من ألقى إليكم السلم‬
‫وكف عن حربكم‪ ،‬وال بغير ذلك من أنواع‬
‫اإلعتداء كالتخريب وقطع األشجار‪ ،‬وقد قالوا‬
‫إن الفعل المنفي يفيد العموم‪.‬‬

‫علل اإلذن بأنه مدافعة في سبيل اهلل‪،‬‬


‫وسيأتي تفصيله في اآلية التالية‪ ،‬وعلل‬
‫النهي بقوله‪{ :‬إن اهلل ال يحب المعتدين} أي‬
‫إن اإلعتداء من السيئات المكروهة عند اهلل‬
‫تعالى لذاتها‪ ،‬فكيف إذا كان في حال اإلحرام‪،‬‬
‫وفي أرض الحرم والشهر الحرام؟‬

‫' ِإ َّن ِع َّد َة الُّش ُه وِر ِع ْنَد اِهَّلل اْث َن ا َع َش َر َش ْه ًر ا ِف ي‬


‫ِك َت اِب اِهَّلل َي ْو َم َخ َلَق الَّس َم اَو اِت َو اَأْلْر َض ِم ْنَه ا َأ ْر َبَع ٌة‬
‫ُح ُر ٌم َذ ِل َك الِّد يُن اْلَق ِّي ُم َف اَل َت ْظ ِل ُم وا ِف يِه َّن َأْنُف َس ُكْم‬
‫َو َق اِت ُلوا اْلُم ْش ِرِك يَن َكاَّف ًة َكَم ا ُي َق اِت ُلوَن ُكْم َكاَّف ًة‬
‫'‬ ‫َو اْع َلُم وا َأ َّن اَهَّلل َم َع اْلُم َّت ِق يَن‬
‫ويالحظ هنا أن األشهر الُح ُر م هي شهور السنة القمرية‬
‫اثنا عشر شهرًا‪ ،‬ومن هذه االثنى عشر شهرًا أربعة أشهر‬
‫حرم جمع حرام‪ ،‬وهي من الحرمة بمعنى التعظيم‪،‬‬
‫يحرم فيها القتال‪ ،‬وهي‪ :‬رجب وذو القعدة‪ ،‬وذو الحجة‬
‫والمحرم‪{ .‬فال تظلموا فيهن أنف َس كم} أي فال تظ ِل موا‬
‫أنف َس كم في هذه األشهر باستحالل القتال فيها‪ ،‬أو‬
‫امتناعكم عنه إذا هاجمكم األعداء‪ .‬وقاِت لوا كل من‬
‫يقاتلكم من المشركين جميعا‪ ،‬كما يقاتلونكم معادين‬
‫لكم جميعًا‪ ،‬ولو كان ذلك في األشهر الحرم‪]17[.‬‬

‫يقول الطبري في تفسيره جامع البيان‪:‬‬


‫وأما قوله‪{ :‬وقاتلوا المشركين كافة كما‬
‫يقاتلونكم كافة} فإنه يقول جّل ثناؤه‪ :‬وقاتلوا‬
‫المشركين باهلل أيها المؤمنون جميعًا غير‬
‫مختلفين‪ ،‬مؤتلفين غير مفترقين‪ ،‬كما‬
‫يقاتلكم المشركون جميعًا مجتمعين غير‬
‫متفرقين‪.‬‬

‫يقول الشيخ محمد رشيد رضا في تفسير المنار‬


‫بخصوص هذه اآلية‪:‬‬
‫{وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم‬
‫كافة}؟؟ أي قاتلوهم جميعا كما يقاتلونكم‬
‫جميعًا‪ ،‬بأن تكونوا في قتالهم إلبا واحدًا ال‬
‫يختلف فيه وال يتخلف عنه أحد‪ ،‬كما هو‬
‫شأنهم في قتالكم‪ ،‬وذلك أنهم يقاتلونكم‬
‫لدينكم ال انتقامًا وال عصبية وال للكسب‬
‫كدأبهم في قتال قويهم لضعيفهم‪ ،‬فأنتم‬
‫أولى بأن تقاتلوهم لشركهم {وهم بدءوكم أول‬
‫مرة} [التوبة‪.]13 :‬‬

‫من الحقائق التاريخية والدينية في اإلسالم؛ أن النبي‬


‫وأصحابه قضوا في مكة ثالثة عشر عاما يواجهون‬
‫الظلم‪ ،‬ويتحملون األذى بل العذاب من كفار قريش‪،‬‬
‫ورغم ذلك لم يقاتلوا الكفار ولم يشهروا سيوفهم في‬
‫وجوههم‪ .‬وكثيرا ما كانوا يذهبون إلى النبي يستأذنونه‬
‫في مقاتلة أعدائهم‪ ،‬ولكن لم يأذن لهم بالقتال‪ ،‬وإن أذن‬
‫لهم بمغادرة مكة والهجرة إلى دولة مسيحية وهي‬
‫الحبشة وملكها النجاشي‪ ،‬وقد هاجر إليه المسلمون‬
‫المستضعفون مرتين في العهد المكي واحتموا به‪،‬‬
‫وحماهم بالفعل وأمنهم من ظلم الوثنيين‪ .‬وظل األمر‬
‫كذلك إلى أن هاجر النبي والمسلمون إلى المدينة‪،‬‬
‫وهناك وفي السنة الثانية بعد الهجرة إلى المدينة نزل‬
‫القرآن باإلذن للمسلمين في قتال أعدائهم ومواجهتهم‪،‬‬
‫وأول ما نزل من القرآن في اإلذن بالقتال هو قول اهلل‬
‫تعالى‪]18[:‬‬
‫' ُأ ِذ َن ِل َّلِذ يَن ُي َق اَت ُلوَن ِب َأَّن ُه ْم ُظ ِل ُم وا َو ِإ َّن اَهَّلل َع َلى‬
‫ْي‬ ‫َغ‬ ‫ْم‬ ‫ِه‬ ‫ا‬ ‫َي‬ ‫ِد‬ ‫ْن‬ ‫ِم‬ ‫وا‬ ‫ُج‬ ‫ْخ‬ ‫ُأ‬ ‫يَن‬ ‫ِذ‬ ‫َّل‬ ‫ا‬ ‫يٌر‬ ‫ِد‬ ‫َق‬‫َل‬ ‫َن ْص ِرِه ْم‬
‫ِر ِب ِر‬ ‫ِر‬
‫َح ٍّق ِإ اَّل َأ ْن َي ُق وُلوا َر ُّب َن ا اُهَّلل َو َلْو اَل َد ْف ُع اِهَّلل الَّن اَس‬
‫َبْع َض ُه ْم ِب َب ْع ٍض َلُه ِّد َم ْت َص َو اِم ُع َو ِب َي ٌع َو َص َلَو اٌت‬
‫َو َم َس اِج ُد ُي ْذ َكُر ِف يَه ا اْس ُم اِهَّلل َكِث يًر ا َو َلَي ْن ُص َر َّن اُهَّلل‬
‫'‬ ‫َم ْن َي ْن ُص ُر ُه ِإ َّن اَهَّلل َلَق ِو ٌّي َع ِزيٌز‬

‫وهاتان اآليتان واضحتان تمام الوضوح في أن‬


‫مشروعية القتال في اإلسالم مرتبطة بنصرة‬
‫المظلومين ودفع الظلم عنهم‪ ،‬وتمكينهم من حقهم في‬
‫حياة آمنة مثل غيرهم‪ ،‬وهو حق ال يستطيع عقل‬
‫منصف أن يتنكر له أو يرتاب في مشروعيته في يوم‬
‫من األيام‪ .‬ولو دققنا النظر في هاتين اآليتين فسوف‬
‫نكتشف فيهما من عدل اإلسالم وإنصافه واحترامه‬
‫يلي‪]18[:‬‬ ‫لآلخرين ما‬

‫‪ .1‬أوال‪ :‬تقرر اآلية األولى أن المسلمين لم يبدأوا‬


‫الكفار بالقتال‪ ،‬بل العكس هو الصحيح‪ ،‬وأن‬
‫اإلذن للمسلمين جاء لرد االعتداء والقتال الواقع‬
‫عليهم بالفعل‪ ،‬وهذا ما يدل عليه الفعل‬
‫(يقاتلون)‪ ،‬المبني لما لم يسم فاعله‪ ،‬والذي يفيد‬
‫أن القتال واقع من غير المسلمين على‬
‫المسلمين‪.‬‬
‫‪ .2‬ثانيا‪ :‬يبين القرآن أن المسلمين قوتلوا ظلما‬
‫وعدوانا‪ ،‬وأنهم أخرجوا من ديارهم دون ذنب أو‬
‫جريمة توجب إخراجهم من أوطانهم‪ .‬وهكذا‬
‫شرع القتال للمسلمين دفاعا وليس عدوانا‪ ،‬وهذا‬
‫ما تقره كل الشرائع واألعراف والقوانين‪.‬‬
‫‪ .3‬ثالثا‪ :‬أن القتال المشروع في هذه اآلية هو قتال‬
‫للدفاع عن األديان السماوية بأسرها‪ ،‬وليس دين‬
‫اإلسالم فقط! وهذا ما يفيده قوله تعالى بعد‬
‫ذلك مباشرة‪{ :‬ولوال دفع اهلل الناس بعضهم‬
‫ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد‬
‫يذكر فيها اسم اهلل كثيرا} [الحج‪.]40 :‬‬

‫واآلية ال تقتصر في ذكر السبب على تأمين مساجد‬


‫المسلمين‪ ،‬بل ذكرت دور العبادة األخرى لليهود‬
‫والنصارى والمجوس‪ ،‬فهذا يعني أن المسلم كما يقاتل‬
‫من أجل تأمين المساجد‪ ،‬عليه كذلك أن يقاتل أيضا‬
‫لتأمين حرية العبادة في الكنائس والمعابد وغيرهما‪.‬‬
‫قال ابن عباس‪« :‬الصوامع‪ :‬التي تكون فيها الرهبان‪،‬‬
‫والِب َي ع‪ :‬مساجد اليهود‪ ،‬وصلوات‪ :‬كنائس النصارى‪،‬‬
‫والمساجد‪ :‬مساجد المسلمين» أخرجه عبد بن حميد‬
‫وابن أبي حاتم في التفسير‪ ]19[.‬وقد علل شيخ اإلسالم‬
‫فخر الدين الرازي إدراج الكنائس والمعابد مع المساجد‬
‫في خطة الدفاع اإلسالمي في القرآن بأن الصوامع‬
‫والبيع والصلوات مواضع يجري فيها ذكر اهلل تعالى‪،‬‬
‫فهي ليست بمنزلة المعابد الوثنية‪ .‬فاآلية الكريمة وهي‬
‫تأذن بالقتال دفاعا عن مواضع العبادة ال تأخذ في‬
‫حسبانها المساجد فقط‪ ،‬وإنما تنظر كذلك إلى أماكن‬
‫بغيرهم‪]18[.‬‬ ‫العبادة الخاصة‬

‫وبذلك جاءت السنة النبوية؛ فكتب رسول اهلل ألسقف‬


‫بني الحارث بن كعب وأساقفة نجران وكهنتهم ومن‬
‫تبعهم ورهبانهم‪« :‬أن لهم على ما تحت أيديهم من‬
‫قليل وكثير من بيعهم وصلواتهم ورهبانيتهم‪ ،‬وجوار‬
‫اهلل ورسوله صلى اهلل عليه وآله وسلم‪ ،‬أاّل ُي َغ َّي ر أسقف‬
‫عن أسقفيته‪ ،‬وال راهب عن رهبانيته‪ ،‬وال كاهن عن‬
‫كهانته‪ ،‬وال يغير حق من حقوقهم‪ ،‬وال سلطانهم‪ ،‬وال‬
‫شيء مما كانوا عليه؛ ما نصحوا وأصلحوا فيما عليهم‪،‬‬
‫ظالمين»‪]20[.‬‬ ‫غيَر ُم ثَق لين بظلم وال‬

‫وعلى ذلك سار المسلمون سلًف ا وخلًف ا عبر تاريخهم‬


‫ا‪]21[:‬‬
‫وحضارتهم؛ منذ عهود الخلفاء الراشدين وه لَّم جّر‬

‫فنص أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في عهده ألهل‬


‫القدس على حريتهم الدينية وأعطاهم األمان ألنفسهم‬
‫والسالمة لكنائسهم؛ وكتب لهم بذلك كتاًب ا جاء فيه‪:‬‬
‫«بسم اهلل الرحمن الرحيم‪ ،‬هذا ما أعطى عبد اهلل‬
‫عمر أمير المؤمنين أهل إيلياء من األمان؛ أعطاهم‬
‫أماًن ا ألنفسهم وأموالهم ولكنائسهم وصلبانهم‬
‫وسقيمها وبريئها وسائر ملتها‪ :‬أنه ال ُت سَكن‬
‫كنائُس هم وال ُت هَد م وال ُي نَت َق ُص منها وال من َح ِّي زها‬
‫وال من َص ِل يبهم وال من شيء من أموالهم‪ ،‬وال‬
‫ُي كَر هون على دينهم‪ ،‬وال ُي َض اَّر أحد منهم‪ ...‬وعلى‬
‫ما في هذا الكتاب عهد اهلل وذمة رسوله صلى اهلل‬
‫عليه وآله وسلم وذمة الخلفاء وذمة المؤمنين إذا‬
‫أعطوا الذي عليهم من الجزية‪ .‬شهد على ذلك‪:‬‬
‫خالد بن الوليد‪ ،‬وعمرو بن العاص‪ ،‬وعبد الرحمن بن‬
‫عوف‪ ،‬ومعاوية بن أبي سفيان وكتب وحضر سنة‬
‫خمس عشرة‪».‬‬

‫وكتب ألهل ُلد كتاًب ا مماثاًل جاء فيه‪« :‬بسم اهلل‬


‫الرحمن الرحيم‪ ،‬هذا ما أعطى عبد اهلل عمر أمير‬
‫المؤمنين أهل ُلد ومن دخل معهم من أهل فلسطين‬
‫أجمعين؛ أعطاهم أماًن ا ألنفسهم‪ ،‬وأموالهم‪،‬‬
‫ولكنائسهم‪ ،‬وُص ُلبهم‪ ،‬وسقيمهم‪ ،‬وبريئهم‪ ،‬وسائر‬
‫ملتهم‪ :‬أنه ال ُت سَكن كنائسهم وال ُت هَد م‪ ،‬وال ُي نَت َق ص‬
‫منها وال من حيزها وال مللها وال من ُص ُلبهم وال من‬
‫أموالهم‪ ،‬وال ُي كَر هون على دينهم‪ ،‬وال ُي َض ار أحد‬
‫منهم‪]22[».‬‬

‫ول ّم ا دخل بيت المقدس حان وقت الصالة وهو في‬


‫إحدى الكنائس‪ ،‬فقال ألسقفها‪ :‬أريد الصالة‪ ،‬فقال له‪:‬‬
‫صِّل موض َع ك‪ ،‬فامتنع وص ّلى على الدرجة التي على‬
‫باب الكنيسة منفرًد ا‪ ،‬فلما قضى صالته قال لألسقف‪:‬‬
‫«لو ص َّل ْي ت داخل الكنيسة أخذها المسلمون بعدي‬
‫وقالوا‪ :‬هنا ص َّلى عمر»‪ ]23[.‬ونقل المستشرقون هذه‬
‫الحادثة بإعجاب كما صنع إميل درمنغم في كتابه‬
‫«حياة محمد» فقال‪« :‬وفاض القرآن والحديث‬
‫بالتوجيهات إلى التسامح‪ ،‬ولقد طبق الفاتحون‬
‫المسلمون األولون هذه التوجيهات بدقة‪ ،‬عندما دخل‬
‫عمر القدس أصدر أمره للمسلمين أن ال يسببوا أي‬
‫إزعاج للمسيحيين أو لكنائسهم‪ ،‬وعندما دعاه البطريق‬
‫للصالة في كنيسة القيامة امتنع‪ ،‬وعلل امتناعه‬
‫بخشيته أن يتخذ المسلمون من صالته في الكنيسة‬
‫سابقة‪ ،‬فيغلبوا النصارى على الكنيسة»‪ ،‬ومثله فعل ب‪.‬‬
‫والمحمدية»‪]24[]21[.‬‬ ‫سميث في كتابه‪« :‬محمد‬

‫' َو َم ا َلُكْم اَل ُت َق اِت ُلوَن ِف ي َس ِب يِل اِهَّلل‬


‫ا‬ ‫َد‬ ‫َو اْلُم ْس َت ْض َع ِف يَن ِم َن الِّر َج ا َو الِّن َس اِء َو اْل ْل‬
‫ِو ِن‬ ‫ِل‬
‫اَّلِذ يَن َي ُق وُلوَن َر َّب َن ا َأ ْخ ِرْج َن ا ِم ْن َه ِذ ِه اْلَق ْر َي ِة الَّظ اِل ِم‬
‫َأ ْه ُلَه ا َو اْج َع ْل َلَن ا ِم ْن َلُد ْن َك َو ِل ًّي ا َو اْج َع ْل َلَن ا ِم ْن َلُد ْن َك‬
‫'‬ ‫َن ِص يًر ا‬

‫ِج‬ ‫ا‬ ‫َر‬ ‫ْخ‬ ‫ِإ‬ ‫ِب‬ ‫وا‬ ‫ُّم‬ ‫َه‬ ‫َو‬ ‫ْم‬ ‫ُه‬ ‫َق ْو ًم ا َن َكُث وا َأ ْي َم اَن‬ ‫' َأ اَل ُت َق اِت ُلوَن‬
‫َب َد ُء وُكْم َأ َّو َل َم َّر ٍة َأَت ْخ َش ْو َن ُه ْم َف اُهَّلل‬ ‫الَّر ُس وِل َو ُه ْم‬
‫'‬ ‫َت ْخ َش ْو ُه ِإ ْن ُكْنُت ْم ُم ْؤ ِم ِن يَن‬ ‫َأ َح ُّق َأ ْن‬
‫' َو اَّلِذ يَن ِإ َذ ا َأ َص اَب ُه ُم اْلَب ْغ ُي ُه ْم َي ْنَت ِص ُر وَن‬
‫َو َج َز اُء َس ِّي َئ ٍة َس ِّي َئ ٌة ِم ْث ُلَه ا َف َم ْن َع َف ا َو َأ ْص َلَح َف َأ ْج ُر ُه‬
‫َع َلى اِهَّلل ِإ َّن ُه اَل ُي ِح ُّب الَّظ اِلِم يَن َو َلَم ِن اْن َت َص َر َبْع َد‬
‫ِإ َّن َم ا الَّس يُل‬ ‫ي‬ ‫َس‬ ‫ْن‬ ‫ِم‬ ‫ْم‬ ‫ْي‬‫ُظ ْلِم ِه َف ُأ وَلِئ َك َم ا َع َل‬
‫ِب‬ ‫ٍل‬ ‫ِب‬ ‫ِه‬
‫َع َلى اَّلِذ يَن َي ْظ ِل ُم وَن الَّن اَس َو َي ْب ُغ وَن ِف ي اَأْلْر ِض‬
‫َو َلَم ْن َص َب َر‬ ‫ِب َغ ْي ِر اْلَح ِّق ُأ وَلِئ َك َلُه ْم َع َذ اٌب َأ ِل يٌم‬
‫'‬ ‫ِر‬‫و‬ ‫ُم‬ ‫ُأْل‬ ‫ا‬ ‫ِم‬ ‫ْز‬ ‫َع‬ ‫ْن‬ ‫ِم‬‫َل‬ ‫َك‬ ‫ِل‬ ‫َذ‬ ‫َو َغ َف َر ِإ َّن‬

‫' َو َأ ِع ُّد وا َلُه ْم َم ا اْس َت َط ْع ُت ْم ِم ْن ُق َّو ٍة َو ِم ْن ِر َب اِط‬


‫اْلَخ ْي ِل ُت ْر ِه ُب وَن ِب ِه َع ُد َّو اِهَّلل َو َع ُد َّو ُكْم َو آَخ ِريَن ِم ْن‬
‫ُد وِن ِه ْم اَل َت ْع َلُم وَن ُه ُم اُهَّلل َيْع َلُم ُه ْم َو َم ا ُت ْن ِف ُق وا ِم ْن‬
‫َش ْي ٍء ِف ي َس ِب يِل اِهَّلل ُي َو َّف ِإ َلْي ُكْم َو َأْن ُت ْم اَل ُت ْظ َلُم وَن‬
‫َو ِإ ْن َج َن ُح وا ِل لَّس ْلِم َف اْج َن ْح َلَه ا َو َت َو َّكْل َع َلى اِهَّلل‬
‫'‬ ‫ِإ َّن ُه ُه َو الَّس ِم يُع اْلَع ِل يُم‬
‫ِإ َّن اَهَّلل‬ ‫ومن اآليات التي تحث على الجهاد أيضًا‪:‬‬
‫َلُه ُم اْل َج َّن َة‬ ‫اْش َت َر ى ِم َن اْل ُم ْؤ ِم ِن يَن َأ ْن ُف َس ُه ْم َو َأ ْم َو اَلُه ْم ِب َأ َّن‬
‫ُي َق اِت ُلوَن ِف ي َس ِب يِل اِهَّلل َف َي ْق ُت ُلوَن َو ُي ْق َت ُلوَن َو ْع ًد ا َع َلْي ِه‬
‫َح ًّق ا ِف ي الَّت ْو َر اِة َو اِإْل ْن ِج يِل َو اْل ُق ْر آِن َو َم ْن َأ ْو َف ى ِب َع ْه ِد ِه ِم َن‬
‫اِهَّلل َف اْس َت ْب ِش ُر وا ِب َبْي ِع ُكُم اَّلِذ ي َب اَي ْع ُت ْم ِب ِه َو َذ ِلَك ُه َو اْل َف ْو ُز‬
‫وفي هذه اآلية ترغيب في الجهاد وقد قال‬ ‫اْل َع ِظ يُم‬
‫ابن القيم فيها‪:‬‬

‫يقول في كتابه حادي األرواح ص‪:.80 ،79‬‬


‫فجعل اهلل سبحان ها هنا الجنة ثمًنا لنفوس‬
‫المؤمنين وأموالهم‪ .‬إذا بذلوها فيه استحقوا‬
‫الثمن‪ .‬وعقد معهم هذا العقد وأكده بأنواع‬
‫من التأكيدات‪:‬‬

‫أوًال إخبارهم بصيغة الخبر بأداة إن‪.‬‬

‫ثانًي ا اإلخبار بذلك بصيغة الماضي الذي وقع‪.‬‬

‫ثالًث ا إضافة هذا العقد إلى نفسه سبحانه‪.‬‬


‫وإنه هو الذي اشترى من المبيع‪.‬‬

‫رابًع ا أنه أخبر بأنه وعد بتسليم هذا الثمن‬


‫وعًد ا ال يخلفه وال يتركه‪.‬‬

‫خامًس ا أنه أتى بصيغة (على) التي للوجوب‪.‬‬


‫إعالًم ا لعباده بأن ذلك حق عليه‪ .‬أحقه على‬
‫نفسه‪.‬‬
‫سادًس ا أنه أكد ذلك بكونه حًق ا عليه‪.‬‬

‫سابًع ا أنه أخبر عن محل هذا الوعد وأنه في‬


‫أفضل كتبه المنزلة من السماء وهي التوراة‬
‫واإلنجيل والقرآن‪.‬‬

‫ثامًن ا إعالمه لعباده بصيغة استفهام اإلنكار‬


‫وأنه ال أحد أوفى بعهده منه سبحانه‪.‬‬

‫تاسًع ا أنه سبحانه وتعالى أمرهم أن‬


‫يستبشروا بهذا العقد ويبشر به بعضهم‬
‫بعًض ا‪ .‬بشارة من قد تم له العقد ولزم بحيث‬
‫ال يثبت فيه خيار وال يعرض له ما يفسخه‪.‬‬

‫عاشًر ا أنه أخبرهم إخباًر ا مؤكًد ا بأن ذلك‬


‫البيع الذي بايعوه به هو الفوز العظيم‪ .‬والبيع‬
‫هذا ها هنا بمعنى المبلغ الذي أخذوه بهذا‬
‫الثمن وهو الجنة‪ .‬وقوله {َب اَي ْع ُت ْم ِب ِه } عاوضتم‬
‫وثامنتم به‪ .‬ثم ذكر سبحانه أهل هذا العقد‬
‫الذي وقع العقد وتم لهم دون غيرهم وهم‬
‫التائبون‪.‬‬

‫في الحديث النبوي‬

‫جاء في صحيح مسلم‪ ،‬وجامع الترمذي‪ ،‬وسنن أبي‬


‫داود‪ ،‬وسنن ابن ماجه عن سليمان بن بريدة أن رسول‬
‫اهلل كان إذا أمر أميرا على جيش أو سرية أوصاه في‬
‫خاصته بتقوى اهلل تعالى ومن معه من المسلمين خيرا‪،‬‬
‫ثم يقول‪:‬‬

‫” اغزوا باسم اهلل‪ ،‬في سبيل اهلل‪ ،‬قاتلوا من‬


‫كفر باهلل‪ ،‬اغزوا وال تغلوا‪ ،‬وال تغدروا‪ ،‬وال‬
‫“‬ ‫تمثلوا‪ ،‬وال تقتلوا وليدا‪.‬‬
‫جاء في السنن الكبرى للبيهقي‪ ،‬وسنن أبي داود أن‬
‫رسول اهلل قال‪:‬‬

‫” انطلقوا باسم اهلل‪ ،‬وباهلل‪ ،‬وعلى ملة‬


‫رسول اهلل‪ ،‬ال تقتلوا شيخا فانيا‪ ،‬وال‬
‫طفال‪ ،‬وال صغيرا‪ ،‬وال امرأة‪ ،‬وال تغلوا‪،‬‬
‫وضموا غنائمكم‪ ،‬وأصلحوا‪ ،‬وأحسنوا إن‬
‫“‬ ‫اهلل يحب المحسنين [البقرة‪.]195 :‬‬

‫جاء في جامع الترمذي‪ ،‬وسنن أبي داود‪ ،‬وسنن ابن‬


‫ماجه‪ ،‬ومكارم األخالق للطبراني‪ ،‬والرسالة القشيرية‬
‫للقشيري عن أبي سعيد الخدري‪ ،‬أن النبي قال‪:‬‬

‫” إن من أعظم الجهاد كلمة عدل عند‬


‫“‬ ‫جائر‪]25[.‬‬ ‫سلطان‬
‫عن ابن عباس قال‪ :‬سمعت رسول اهلل صلى اهلل عليه‬
‫وسلم يقول‪:‬‬

‫” "عينان ال تمسهما النار عين بكت من‬


‫خشية اهلل وعين باتت تحرس في سبيل‬
‫“‬ ‫اهلل"‪ .‬رواه الترمذي‪.‬‬

‫جعل الشرع المحافظة على الواجبات والفرائض من‬


‫أفضل الجهاد؛ فعن أم أنس األنصارية‪ ،‬أنها قالت‪ :‬يا‬
‫رسول اهلل‪ ،‬أوصني‪ .‬قال‪:‬‬
‫” "اهجري المعاصي؛ فإنها أفضل الهجرة‪،‬‬
‫وحافظي على الفرائض؛ فإنها أفضل‬
‫الجهاد‪ ،‬وأكثري من ذكر اهلل؛ فإنك ال‬
‫تأتين اهلل غدا بشيء أحب إليه من كثرة‬
‫ذكره"‪ .‬رواه ابن شاهين في الترغيب في‬
‫فضائل األعمال‪ ،‬والطبراني في المعجم‬
‫“‬ ‫الكبير واألوسط‪.‬‬

‫أخبر النبي أن سالمة النية وصفاء القلب عن قصد‬


‫إيذاء الخلق وظلمهم من أفضل الجهاد؛ فقال‪:‬‬

‫” "أفضل الجهاد من أصبح ال يهم بظلم‬


‫أحد"‪ .‬رواه الَّد ْي َلمي في الفردوس عن‬
‫“‬ ‫علي بن أبي طالب‪.‬‬

‫عن عبد اهلل بن مسعود‪ ،‬أن النبي قال‪:‬‬


‫” "ما كان من نبي إال كان له حواريون‬
‫يهدون بهديه‪ ،‬ويستنون بسنته‪ ،‬ثم يكون‬
‫من بعدهم خلوف يقولون ما ال يفعلون‪،‬‬
‫ويعملون ما تنكرون‪ ،‬من جاهدهم بيده‬
‫فهو مؤمن‪ ،‬ومن جاهدهم بلسانه فهو‬
‫مؤمن‪ ،‬ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن‪،‬‬
‫ليس وراء ذلك من اإليمان حبة خردل"‪.‬‬
‫“‬ ‫حديث صحيح رواه مسلم‪.‬‬

‫روي عن أبي هريرة في‬


‫صحيح البخاري (‪،)26‬‬
‫صحيح مسلم (‪:)83‬‬
‫سئل رسول اهلل‬
‫أي العمل‬
‫أفضل؟ قال‪:‬‬
‫إيمان باهلل‬
‫ورسوله‪ .‬قيل‪:‬‬
‫ثم ماذا؟ قال‪:‬‬
‫الجهاد في‬
‫سبيل اهلل‪ .‬قيل‪:‬‬
‫ثم ماذا؟ قال‪:‬‬
‫حج مبرور‪،.‬‬
‫حديث صحيح‬

‫روي عن ابن مسعود في‬


‫صحيح البخاري (‪)527‬‬
‫صحيح مسلم (‪:.)84‬‬
‫قال‪ :‬قلت يا‬
‫رسول اهلل أي‬
‫العمل أحب إلى‬
‫اهلل؟ قال‪:‬‬
‫الصالة على‬
‫وقتها‪ .‬قلت‪ :‬ثم‬
‫أي؟ قال‪ :‬بر‬
‫الوالدين‪ .‬قلت‪:‬‬
‫ثم أي؟ قال‪:‬‬
‫الجهاد في‬
‫سبيل اهلل‪،.‬‬
‫حديث صحيح‬

‫روي عن أبي ذر في صحيح‬


‫البخاري (‪ )2518‬صحيح‬
‫قال‪ :‬قلت‪:‬‬ ‫مسلم (‪:)136‬‬
‫يارسول اهلل أي‬
‫األعمال أفضل؟‬
‫قال‪ :‬اإليمان‬
‫باهلل والجهاد‬
‫في سبيله‪،.‬‬
‫حديث صحيح‬

‫روي عن أنس بن مالك في‬


‫صحيح البخاري (‪)2796‬‬
‫صحيح مسلم (‪:)1889‬‬
‫قال‪ :‬قال‬
‫رسول اهلل ‪:‬‬
‫لغزوة في‬
‫سبيل اهلل أو‬
‫روحة خير من‬
‫الدنيا وما‬
‫فيها‪ ،.‬حديث‬
‫صحيح‬

‫روي عن أبي سعيد‬


‫الخدري في صحيح البخاري‬
‫(‪ )2786‬صحيح مسلم‬
‫(‪:)1888‬‬
‫قال‪ :‬أتى رجل‬
‫رسول اهلل‬
‫فقال‪ :‬أي‬
‫الناس أفضل؟‬
‫قال‪ :‬مؤمن‬
‫يجاهد بنفسه‬
‫وماله في‬
‫سبيل اهلل‪.‬‬
‫قال‪ :‬ثم من؟‬
‫قال‪ :‬مؤمن‬
‫في شعب من‬
‫الشعاب يعبد‬
‫اهلل‪ .‬ويدع‬
‫الناس من‬
‫شره‪ ،.‬حديث‬
‫صحيح‬
‫روي عن سهل بن سعد في‬
‫أن رسول اهلل‬
‫صحيح البخاري (‪)2892‬‬
‫قال‪ :‬رباط يوم‬
‫صحيح مسلم (‪:)1881‬‬
‫في سبيل اهلل‬
‫خير من الدنيا‬
‫وما عليها‪.‬‬
‫والروحة‬
‫يروحها العبد‬
‫في سبيل اهلل‪.‬‬
‫أو الغدوة خير‬
‫من الدنيا وما‬
‫عليها‪ ،.‬حديث‬
‫صحيح‬

‫روي عن سلمان الفارسي في‬


‫صحيح مسلم (‪)1913‬‬
‫قال‪ :‬سمعت‬ ‫والنسائي (‪:)39/6‬‬
‫رسول اهلل‬
‫يقول‪ :‬رباط‬
‫يوم وليلة‪ .‬خير‬
‫من صيام شهر‬
‫وقيامه‪ .‬وإن‬
‫مات فيه جرى‬
‫عليه عمله الذي‬
‫كان يعمل‬
‫وأجرى عليه‬
‫رزقه وأمن‬
‫الفتان‪ ،.‬حديث‬
‫صحيح‬
‫نشأة الجهاد‬

‫فرض الجهاد في السنة الثانية من الهجرة ونادى لنشر‬


‫العدل والمساواة بين البشر في الحقوق والواجبات بين‬
‫الغني والفقير الحاكم والمحكوم القوي والضعيف‬
‫الشريف والوضيع العالم والجاهل الحبر والراهب العابد‬
‫والزاهد تحت شعار واضح وحديث‪«:‬يا أيها الناس إن‬
‫ربكم واحد أال ال فضل لعربي على عجمي وال‬
‫لعجمي على عربي وال ألحمر على أسود وال ألسود‬
‫على أحمر إال بالتقوى إن أكرمكم عند اهلل‬
‫أتقاكم‪ »]26[ .‬فال عنصرية بغيضة وال طبقية مقيتة‬
‫وعبر القرآن عن ذلك في سورة المائدة‪َ :‬ي ا َأ ُّي َه ا اَّلِذ يَن‬
‫آَم ُنوا ُكوُن وا َق َّو اِم يَن ِهَّلِل ُش َه َد اَء ِب اْل ِق ْس ِط َو اَل َي ْج ِر َم َّن ُكْم‬
‫َش َنآُن َق ْو ٍم َع َلى َأ اَّل َت ْع ِد ُلوا اْع ِد ُلوا ُه َو َأ ْق َر ُب ِل لَّت ْق َو ى‬
‫أي يا أيها‬ ‫َو اَّتُق وا اَهَّلل ِإ َّن اَهَّلل َخ ِب يٌر ِب َم ا َت ْع َم ُلوَن‬
‫الذين آمنوا باهلل ورسوله محمد كونوا قوامين بالحق‪،‬‬
‫ابتغاء وجه اهلل‪ ،‬شهداء بالعدل‪ ،‬وال يحملنكم بغض قوم‬
‫على أال تعدلوا‪ ،‬اعِد لوا بين األعداء واألحباب على درجة‬
‫سواء‪ ،‬فذلك العدل أقرب لخشية اهلل‪ ،‬واحذروا أن‬
‫تجوروا‪.‬‬

‫كما يفرض اإلسالم على األغنياء دفع جزء من أموالهم ‪-‬‬


‫الزكاة على المسلمين أو الجزية على غير المسلمين ‪-‬‬
‫ليتم توزيعه على فقراء الناس وضعفائهم وحرم أكل‬
‫أموال الناس بالباطل من النهب والسلب أو من الربا أو‬
‫من الغش أو الخداع‪ ،‬وكل هذه التعاليم والمبادئ‬
‫تتعارض تمامًا مع مصالح بعض الطغاة والجبابرة الذين‬
‫استذلوا الناس واستعبدوهم‪ ،‬فأعلنوا عداوتهم لإلسالم‬
‫والمسلمين فكانت وصية للمسلمين من إعداد العدة‬
‫لمواجهة تلك المخاطر فأمرهم الرب بذلك في سورة‬
‫األنفال‪َ :‬و َأ ِع ُّد وا َلُه ْم َم ا اْس َت َط ْع ُت ْم ِم ْن ُق َّو ٍة َو ِم ْن ِر َب اِط‬
‫اْل َخ ْي ِل ُت ْر ِه ُب وَن ِب ِه َع ُد َّو اِهَّلل َو َع ُد َّو ُكْم َو آَخ ِر يَن ِم ْن ُد وِن ِه ْم‬
‫ي‬ ‫ِب‬ ‫َس‬ ‫ي‬ ‫ِف‬ ‫ٍء‬ ‫َش‬ ‫ْن‬ ‫ِم‬ ‫وا‬ ‫ُق‬ ‫ِف‬ ‫ْن‬ ‫ُت‬ ‫ا‬ ‫َم‬ ‫َو‬ ‫ْم‬ ‫ُه‬ ‫ُم‬ ‫اَل َت ْع َلُم وَن ُه ُم اُهَّلل َي ْع َل‬
‫ِل‬ ‫ْي‬
‫اِهَّلل ُي َو َّف ِإ َلْي ُكْم َو َأ ْن ُت ْم اَل ُتْظ َلُم وَن‬

‫ولما كانت رسالة محمد للناس كافة فكان لزامًا عليه‬


‫السعي لرفع هذا الظلم عن الناس كافة ومواجهة هؤالء‬
‫الطغاة في أي مكان ومهما كلف الثمن فكان فرض‬
‫الجهاد على المسلمين لتحقيق مقاصد الدين السامية‪،‬‬
‫ليوصل اإلسالم ألهل البلد التي رفض حكامها على‬
‫الدعوة إلى اإلسالم في بالدهم وأعلنوا الحرب على‬
‫اإلسالم‪ ،‬فكان الجهاد على من حارب اإلسالم‪ ،‬ال يهم أن‬
‫يدخل الناس في دين اإلسالم ولكن المهم أن ينعموا‬
‫بالعدل واألمن تحت حكمه‪َ :‬ي ا َأ ُّي َه ا اَّلِذ يَن آَم ُنوا َق اِت ُلوا‬
‫اَّلِذ يَن َي ُلوَنُكْم ِم َن اْلُكَّف اِر َو ْل َي ِج ُد وا ِف يُكْم ِغ ْلَظ ًة َو اْع َلُم وا‬
‫َأ َّن اَهَّلل َم َع اْل ُم َّت ِق يَن‬
‫الهدف من الجهاد‬

‫غاية الجهاد هو أن يكون في سبيل اهلل ال في سبيل‬


‫الهيمنة على الناس‪ ،‬وال في سبيل إكراههم أن يخرجوا‬
‫من أديانهم أو ثقافتهم أو حضارتهم‪ ،‬وال في سبيل‬
‫اإلفساد في األرض ابتغاء الحكم والسلطة أو أي شيء‬
‫آخر‪ ،‬بل هو في سبيل اهلل كما قال اهلل تعالى‪َ :‬و َم ا َلُكْم‬
‫ا‬ ‫َج‬ ‫ِّر‬ ‫ال‬ ‫َن‬ ‫ِم‬ ‫َن‬‫ي‬ ‫ِف‬ ‫َع‬ ‫ْض‬ ‫َت‬ ‫ْس‬ ‫ُم‬ ‫اَل ُتَق اِت ُلوَن ِف ي َس ِب ي اِهَّلل َو اْل‬
‫ِل‬ ‫ِل‬
‫َو الِّن َس اِء َو اْلِو ْلَد اِن اَّلِذ يَن َي ُق وُلوَن َر َّب َنا َأ ْخ ِر ْج َنا ِم ْن َه ِذ ِه‬
‫اْل َق ْر َي ِة الَّظ اِلِم َأ ْه ُل َه ا َو اْج َع ْل َلَنا ِم ْن َلُد ْن َك َو ِل ًّي ا َو اْج َع ْل َلَنا‬
‫‪ ،‬وسبيل اهلل هي التي وضحها‬ ‫ِم ْن َلُد ْن َك َن ِص يًر ا‬
‫الرسول فيما رواه البخاري عن أبي موسى األشعري‬
‫قال‪« :‬جاء رجل إلى النبي صلى اهلل عليه وسلم‬
‫فقال‪ :‬الرجل يقاتل للمغنم‪ ،‬والرجل يقاتل للذكر‪،‬‬
‫والرجل يقاتل ليرى مكانه‪ ،‬فمن في سبيل اهلل؟‬
‫قال‪" :‬من قاتل لتكون كلمة اهلل هي العليا فهو في‬
‫سبيل اهلل"‪ ».‬وكلمة اهلل هي اإلسالم والدعوة إليه‪،‬‬
‫ونشر الحق والعدل‪ ،‬ودفع الظلم‪ ،‬ورد العدوان‪ ،‬قال اهلل‬
‫تعالى‪ُ :‬أ ِذ َن ِل َّلِذ يَن ُي َق اَت ُلوَن ِب َأ َّن ُه ْم ُظ ِلُم وا َو ِإ َّن اَهَّلل َع َلى‬
‫َن ْص ِه ْم َلَق ِد يٌر اَّلِذ يَن ُأ ْخ ُج وا ِم ْن ِد َي ا ِه ْم ِب َغ ْي َح ٍّق ِإ اَّل‬
‫ِر‬ ‫ِر‬ ‫ِر‬ ‫ِر‬
‫َأ ْن َي ُق وُلوا َر ُّب َنا اُهَّلل َو َلْو اَل َد ْف ُع اِهَّلل الَّناَس َبْع َض ُه ْم ِب َب ْع ٍض‬
‫َلُه ِّد َم ْت َص َو اِم ُع َو ِب َي ٌع َو َص َلَو اٌت َو َم َس اِج ُد ُي ْذ َكُر ِف ي َه ا اْس ُم‬
‫اِهَّلل َكِث يًر ا َو َلَي ْن ُص َر َّن اُهَّلل َم ْن َي ْن ُص ُر ُه ِإ َّن اَهَّلل َلَق ِو ٌّي َع ِز يٌز‬
‫‪ ،‬فهذه اآلية صريحة في القتال ألجل دفع الظلم‬
‫وألجل أن ال تهدم دور العبادة التي أقامها صاحبوا كل‬
‫دين حتى ال تكون فتنة ويكون الدين كله هلل‪ ،‬قال‬
‫تعالى‪َ :‬و َق اِت ُلوُه ْم َح َّت ى اَل َتُكوَن ِف ْت َن ٌة َو َي ُكوَن الِّد يُن ِهَّلِل‬
‫‪ ،‬وغاية‬ ‫َف ِإ ِن اْن َت َه ْو ا َف اَل ُع ْد َو اَن ِإ اَّل َع َلى الَّظ اِلِم يَن‬
‫ي‬ ‫َس‬ ‫ي‬ ‫ِف‬ ‫وا‬ ‫ُل‬ ‫الجهاد أيًض ا رد العدوان‪ ،‬قال تعالى‪َ :‬و َق اِت‬
‫ِب ِل‬
‫اِهَّلل اَّلِذ يَن ُي َق اِت ُلوَنُكْم َو اَل َت ْع َت ُد وا ِإ َّن اَهَّلل اَل ُي ِح ُّب‬
‫اْل ُم ْع َت ِد يَن َو اْق ُت ُلوُه ْم َح ْي ُث َث ِق ْف ُت ُم وُه ْم َو َأ ْخ ِر ُج وُه ْم ِم ْن‬
‫َح ْي ُث َأ ْخ َر ُج وُكْم َو اْل ِف ْت َن ُة َأ َش ُّد ِم َن اْل َق ْت ِل َو اَل ُتَق اِت ُلوُه ْم‬
‫ِع ْنَد اْل َم ْس ِج ِد اْل َح َر اِم َح َّت ى ُي َق اِت ُلوُكْم ِف يِه َف ِإ ْن َق اَت ُلوُكْم‬
‫َف اْق ُت ُلوُه ْم َكَذ ِلَك َج َز اُء اْلَكاِف ِر يَن َف ِإ ِن اْن َت َه ْو ا َف ِإ َّن اَهَّلل‬
‫ْه‬ ‫َّش‬ ‫ال‬ ‫ِب‬ ‫ُم‬‫ا‬ ‫َر‬ ‫َح‬ ‫‪ ،‬ويقول تعالى‪ :‬ال َّش ْه ُر اْل‬ ‫َغ ُف وٌر َرِح يٌم‬
‫ِر‬
‫اْل َح َر اِم َو اْل ُح ُر َم اُت ِق َص اٌص َف َم ِن اْع َت َد ى َع َلْي ُكْم َف اْع َت ُد وا‬
‫َع َلْي ِه ِب ِم ْث ِل َم ا اْع َت َد ى َع َلْي ُكْم َو اَّتُق وا اَهَّلل َو اْع َلُم وا َأ َّن اَهَّلل‬
‫َم َع اْل ُم َّت ِق يَن َو َأ ْن ِف ُق وا ِف ي َس ِب يِل اِهَّلل َو اَل ُت ْل ُق وا ِب َأ ْي ِد يُكْم‬
‫‪،‬‬ ‫ِإ َلى الَّت ْه ُلَكِة َو َأ ْح ِس ُنوا ِإ َّن اَهَّلل ُي ِح ُّب اْل ُم ْح ِس ِن يَن‬
‫ويقول أيضا‪َ :‬و ِإ ْن َن َكُث وا َأ ْي َم اَن ُه ْم ِم ْن َبْع ِد َع ْه ِد ِه ْم‬
‫َو َط َع ُنوا ِف ي ِد يِن ُكْم َف َق اِت ُلوا َأ ِئَّم َة اْلُكْف ِر ِإ َّن ُه ْم اَل َأ ْي َم اَن َلُه ْم‬
‫َلَع َّل ُه ْم َي ْن َت ُه وَن َأ اَل ُتَق اِت ُلوَن َق ْو ًم ا َن َكُث وا َأ ْي َم اَن ُه ْم َو َه ُّم وا‬
‫ِب ِإ ْخ َر اِج الَّر ُس وِل َو ُه ْم َب َد ُء وُكْم َأ َّو َل َم َّر ٍة َأ َت ْخ َش ْو َن ُه ْم َف اُهَّلل‬
‫‪]27[.‬‬
‫َأ َح ُّق َأ ْن َت ْخ َش ْو ُه ِإ ْن ُكْن ُت ْم ُم ْؤ ِم ِن يَن‬

‫التالية‪]28[:‬‬ ‫فاآليات التي مرت تحدد النقاط‬


‫‪ُ .1‬ش رع القتال لدفع األعداء‪ ،‬ال لذاته‪ ،‬وال لحمل‬
‫الناس على اإلسالم‪.‬‬
‫‪ .2‬النهي عن االعتداء فال ُي قتل من ال يحمل سالحا‬
‫وال من استسلم‪ ،‬وال تخَّر ب الدور على أهلها‪ ،‬وال‬
‫تهّد م المدن‪.‬‬
‫‪ .3‬مالحظة الفضيلة التي دل عليها االمر بالتقوى‪،‬‬
‫فال ُت نتهك االعراض‪ ،‬وال يمّث ل بقتيل‪.‬‬
‫‪ .4‬أن القتال ينتهي إذا انتهى المشركون عن فتنة‬
‫المؤمنين في دينهم‪.‬‬
‫‪ .5‬ال قتال في األشهر الحرم‪ ،‬فاذا اعتدى المشركون‬
‫وقاتلوا وجب قتالهم‪.‬‬
‫‪ .6‬إن ترك األعداء يقتلون بعضنا من غير ان نقاتلهم‬
‫لهو هالٌك لنا‪ .‬فاذا دققنا النظر في هذه المبادئ‬
‫نجد أن حرب اإلسالم فاضلة في بواعثها‪ ،‬وعادلة‬
‫في سيرها ومراميها‪.‬‬
‫يقول الشيخ محمود شلتوت‪:‬‬

‫"إن آيات القتال تدل على أن سببه ينحصر‬


‫في رد العدوان وحماية الدعوة وحرية الدين‪،‬‬
‫وفي هذه الدائرة وحدها شرع اهلل‬
‫القتال"‪]29[.‬‬

‫و‬

‫يقول الشيخ محمد أبو زهرة‪:‬‬


‫"الباعث على الحرب في اإلسالم أمران‪ :‬دفع‬
‫االعتداء وتأمين الدعوة اإلسالمية ألنها دعوة‬
‫الحق‪ ،‬وكل مبدأ سام يتجه إلى الدفاع عن‬
‫الحرية الشخصية‪ ،‬يهم الداعي إليه أن تخلو‬
‫له وجوه الناس‪ ،‬وأن يكون كل امرئ حًر ا فيما‬
‫يعتقد‪ ،‬يختار من المذاهب ما يراه بحرية‬
‫كاملة‪ ،‬ويختار ما يراه أصلح وأقرب إلى‬
‫عقله‪ ،‬وقد قاتل النبي صلى اهلل عليه وسلم‬
‫األمرين"‪]30[.‬‬ ‫لهذين‬

‫وأما عن حكمة مشروعية الجهاد فهي إلرساء مبادئ‬


‫الخير والعدل والرحمة والتوحيد في العقيدة‪،‬‬
‫والمتأمل يجد أن (سبيل اهلل) في القرآن والسنة‬
‫يتبلور ويتمركز في التوحيد في مجال العقيدة‪،‬‬
‫والرحمة في المجال األخالقي‪ ،‬والعدل في مجال‬
‫التشريع‪ ،‬يقول سبحانه وتعالى في العقيدة‪﴿ :‬وما‬
‫أرسلنا من قبلك من رسول إال نوحي إليه أنه ال إله إال‬
‫أنا فاعبدون﴾ (األنبياء‪ ،)25 :‬ويقول في مجال‬
‫التشريع‪﴿ :‬إن اهلل يأمر بالعدل واإلحسان وإيتاء ذي‬
‫القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم‬
‫لعلكم تذكرون﴾ (النحل‪ ،)90 :‬وحينما يتحدث عن‬
‫السمة العامة للرسالة اإلسالمية يقول سبحانه‪﴿ :‬وما‬
‫أرسلناك إال رحمة للعالمين﴾ (األنبياء‪ ،)107 :‬ويحدد‬
‫النبي هدف رسالته في قوله‪« :‬إنما بعثت ألتمم مكارم‬
‫األخالق» رواه اإلمام أحمد والبزار‪ ،‬فهذه اآليات‬
‫القرآنية واألحاديث النبوية هي التي تظهر لنا غاية‬
‫مشروعيته‪]27[.‬‬ ‫الجهاد‪ ،‬وحكمة‬

‫ويتضح من هذه اآليات واألحاديث أن هدف الحرب‬


‫اآلتي‪]31[:‬‬ ‫في اإلسالم يتمثل في‬
‫‪ .1‬رد العدوان والدفاع عن النفس‪.‬‬
‫‪ .2‬تأمين الدعوة إلى اهلل وإتاحة الفرصة للضعفاء‬
‫الذين يريدون اعتناقها‪.‬‬
‫‪ .3‬المطالبة بالحقوق المسلوبة‪.‬‬
‫‪ .4‬نصرة الحق والعدل‪.‬‬
‫الحرب‪]32[:‬‬ ‫ومن شروط وضوابط‬

‫‪ .1‬النبل والوضوح في الوسيلة والهدف‪.‬‬


‫‪ .2‬ال قتال إال مع المقاتلين وال عدوان على‬
‫المدنيين‪.‬‬
‫‪ .3‬إذا جنحوا للسلم وانتهوا عن القتال فال عداون‬
‫إال على الظالمين‪.‬‬
‫‪ .4‬المحافظة على األسرى ومعاملتهم المعاملة‬
‫الحسنة التي تليق باإلنسان‪.‬‬
‫‪ .5‬المحافظة على البيئة ويدخل في ذلك النهي عن‬
‫قتل الحيوان لغير مصحلة وتحريق األشجار‪،‬‬
‫وإفساد الزروع والثمار‪ ،‬والمياه‪ ،‬وتلويث اآلبار‪،‬‬
‫وهدم البيوت‪.‬‬
‫‪ .6‬المحافظة على الحرية الدينية ألصحاب‬
‫الصوامع والرهبان وعدم التعرض لهم‪.‬‬
‫يلي‪]33[:‬‬ ‫وأسباب القتال في اإلسالم تتلخص فيما‬

‫‪ .1‬أوًال في دفع العدوان‪ :‬فمن قاتلنا وبدأ العدوان‬


‫علينا قاتلناه ورددنا عدوانه‪ ،‬يقول اهلل تعالى‪:‬‬
‫«وقاتلوا في سبيل اهلل الذين يقاتلونكم وال‬
‫تعتدوا إن اهلل ال يحب المعتدين» (سورة البقرة‪:‬‬
‫‪.)190‬‬
‫‪ .2‬ثانيًا درء الفتنة عن المسلمين‪ :‬فدين اإلسالم‬
‫يكفل حرية االعتقاد‪ ،‬لقوله تعالى‪« :‬ال إكراه في‬
‫الدين قد تبين الرشد من الغي» (سورة البقرة‪:‬‬
‫‪ ،)256‬لكن هناك من ال يؤمن ـ من غير المسلمين‬
‫قطعا ـ بهذه الحرية‪ ،‬ويعطي لنفسه الحق في‬
‫إجبار الناس على التزام دين معين ـ في الغالب‬
‫هو دين اآلباء واألسالف ـ وبالتالي يقوم بتعذيب‬
‫المسلمين ـ كما حصل من قريش في مكة ـ‬
‫لصدهم عن اإلسالم‪ ،‬وهذا نفهمه من قوله تعالى‪:‬‬
‫«وقاتلوهم حتى ال تكون فتنة ويكون الدين هلل‬
‫فإن انتهوا فال عدوان إال على الظالمين» (سورة‬
‫البقرة‪ .)193 :‬والمقصود بالفتنة‪ :‬تعذيب‬
‫المسلمين وإيذاؤهم حتى يرجعوا عن دينهم‪.‬‬
‫كما حصل من أهل مكة‪ ،‬ومعنى قوله سبحانه‪:‬‬
‫«ويكون الدين هلل»‪ :‬أي يكون الناس أحرارا في‬
‫اختيار الدين‪ ،‬فال يكره أحد على ترك دينه‬
‫إكراها‪ ،‬وال يؤذى ويعذب ألجل دينه‪.‬‬
‫‪ .3‬ثالثًا تأمين حدود الدولة‪ :‬إذ هناك من يتربص‬
‫بالضعيف فيعتدي على أرضه وماله‪ ،‬وال أدل على‬
‫ذلك من حال الجزيرة العربية إبان بعثة النبي‬

‫ﷺ‪ ،‬فلقد كانت أرض العرب مسلوبة من‬


‫الفرس من ناحية ومن الروم من ناحية أخرى‪،‬‬
‫وبعد البعثة وتأسيس الدولة اإلسالمية‬
‫وعاصمتها المدينة‪ ،‬لم يكن الرومان أو الفرس‬
‫ليسلموا بهذا الوضع الجديد‪ ،‬فكان البد من‬
‫االستعداد لمجابهة أي عدوان وصد أي اعتداء‪،‬‬
‫وتأمين حدود الدولة اإلسالمية‪ ،‬وهذا ما يفسر‬
‫وقوع الفتوحات اإلسالمية‪ ،‬التي لم يكن الغرض‬
‫منها على اإلطالق إكراه أحد على تغيير دينه‪،‬‬
‫ولكن الغرض منها هو تأمين الدولة وضمان حرية‬
‫االعتقاد للناس جميعا ليختاروا بعقولهم الدين‬
‫الذي يقتنعون به دون تدخل من أحد‪.‬‬
‫فاألصل في فقه الفتوحات اإلسالمية هو تبليغ دين اهلل‬
‫للناس بالحكمة والموعظة الحسنة وتعريفهم كذلك‬
‫بتعاليمه ورسالته العالمية دون حرب أو اعتداء‪ ،‬ولكن‬
‫حين يمنع المسلمون قهرًا من القيام بواجب التعريف‬
‫بدينهم‪ ،‬ويوم يحال بينهم وبين التعريف بتعاليمه وبعد‬
‫رفض األسلوب السلمي في توصيل أمور الدين إلى‬
‫غير المسلمين في هذه البلد‪ ،‬فإن اإلسالم قد رسم‬
‫للمسلمين منهجًا واضحًا في التعامل مع حاالت المنع‬
‫التي تواجههم في سبيل تبليغ رسالة اإلسالم كما يلي‪:‬‬

‫إن جاء المنع مقرونًا بإعالن حالة الحرب على‬


‫المسلمين ومباشرة القتال معهم‪ ،‬فالحكم في مثل‬
‫هذه المسألة‪« :‬وقاتلوا في سبيل اهلل الذين‬
‫يقاتلونكم وال تعتدوا» ومع مثل هذه الحالة تطبق‬
‫كل القواعد واألعراف‪ ،‬وكل الجزاءات والضوابط‬
‫واآلداب المتعلقة بحالة الحرب‪ ،‬وفق القاعدة‬
‫القرآنية‪:‬‬

‫َم‬ ‫ال َّش ْه ُر اْل َح َر اُم ِب ال َّش ْه ِر اْل َح َر اِم َو اْل ُح ُر َم اُت ِق َص اٌص َف‬
‫ِن‬
‫اْع َت َد ى َع َلْي ُكْم َف اْع َت ُد وا َع َلْي ِه ِب ِم ْث ِل َم ا اْع َت َد ى َع َلْي ُكْم‬
‫َو اَّتُق وا اَهَّلل َو اْع َلُم وا َأ َّن اَهَّلل َم َع اْل ُم َّت ِق يَن‬

‫وإن وقف األمر عند حالة المنع وعدم السماح‬


‫للمسلمين باالتصال بالناس بدون قتال أو اعتداء‬
‫على المسلمين‪ ،‬فالحكم يكون باستخدام الحوار‪،‬‬
‫والمجادلة معهم بالتي هي أحسن‪ ،‬مع الصبر‬
‫والمصابرة‪ ،‬واستخدام كل الوسائل السلمية الممكنة‬
‫مع الجهة الممانعة‪ ،‬حتى يفتح اهلل بينهم وبين‬
‫المسلمين بالحق‪:‬‬
‫َو اْس َت ِقْم َكَم ا ُأ ِم ْر َت َو اَل َت َّت ِب ْع َأ ْه َو اَء ُه ْم َو ُق ْل‬ ‫َف ِل َذ ِلَك َف اْد ُع‬
‫اُهَّلل ِم ْن ِك َت اٍب َو ُأ ِم ْر ُت َأِلْع ِد َل َب ْي َن ُكُم اُهَّلل‬ ‫آَم ْن ُت ِب َم ا َأ ْن َز َل‬
‫َر ُّب َنا َو َر ُّب ُكْم َلَنا َأ ْع َم اُلَنا َو َلُكْم َأ ْع َم اُلُكْم اَل ُح َّج َة َب ْي َنَنا‬
‫﴿َو اَل ُت َج اِد ُلوا‬ ‫َو َب ْي َن ُكُم اُهَّلل َي ْج َم ُع َب ْي َنَنا َو ِإ َلْي ِه اْل َم ِص يُر‬
‫َأ ْه َل اْلِك َت اِب ِإ اَّل ِب اَّل ِت ي ِه َي َأ ْح َس ُن ِإ اَّل اَّلِذ يَن َظ َلُم وا ِم ْن ُه ْم‬
‫َو ُق وُلوا آَم َّنا ِب اَّلِذ ي ُأ ْن ِزَل ِإ َلْي َنا َو ُأ ْن ِزَل ِإ َلْي ُكْم َو ِإ َلُه َنا َو ِإ َلُه ُكْم‬
‫َو اِح ٌد َو َن ْح ُن َلُه ُم ْس ِلُم وَن ۝﴾ [العنكبوت‪]46:‬‬

‫وإن أتيح للمسلمين تبليغ دعوتهم والتعريف‬


‫بدينهم فالحكم مع هذه الحالة هو السلم والمودة‪:‬‬

‫اَل َي ْن َه اُكُم اُهَّلل َع ِن اَّلِذ يَن َلْم ُي َق اِت ُلوُكْم ِف ي الِّد يِن َو َلْم‬
‫ُي ْخ ِر ُج وُكْم ِم ْن ِد َي اِر ُكْم َأ ْن َت َب ُّر وُه ْم َو ُتْق ِس ُط وا ِإ َلْي ِه ْم ِإ َّن‬
‫اَهَّلل ُي ِح ُّب اْل ُم ْق ِس ِط يَن ِإ َّن َم ا َي ْن َه اُكُم اُهَّلل َع ِن اَّلِذ يَن‬
‫َق اَت ُلوُكْم ِف ي الِّد يِن َو َأ ْخ َر ُج وُكْم ِم ْن ِد َي اِر ُكْم َو َظ اَه ُر وا َع َلى‬
‫ِإ ْخ َر اِج ُكْم َأ ْن َت َو َّلْو ُه ْم َو َم ْن َي َت َو َّل ُه ْم َف ُأ وَلِئَك ُه ُم الَّظ اِلُم وَن‬
‫أقسام الجهاد‬

‫جهاد الطلب وهو أن تكون الدولة اإلسالمية دولة‬


‫مستقرة ثابتة‪ ،‬ثم تسعى إلزالة األنظمة التي تمنع‬
‫الناس من قبول الحق‪ ،‬وتجعل قبول الحق ممكنًا‬
‫بالنسبة للشعوب‪ ،‬فهذا جهاد يسمى جهاد الطلب‪،‬‬
‫يعني‪ :‬طلب العدو في عقر داره‪.‬‬
‫جهاد الدفع هو قتال العدو وصده عن بالد اإلسالم‬
‫إن دخلها أو هّم بدخولها‪ .‬يجب على أهل بلد‬
‫هاجمهم العدو ان يدفعوه (يقاتلوه)‪ ،‬فإن لم‬
‫يستطيعوا دفعه‪ ،‬وجب على من بجوارهم أن‬
‫ينصرهم‪ ،‬فإن لم يقدروا وجب على باقي األمة شيئا‬
‫فشيئا فجهاد الدفع أوسع من جهاد الطلب وأعم‬
‫وجوبا ولهذا يجب على كل مسلم أن يقف مع‬
‫إخوانه المسلمين وال يشترط في جهاد الدفع اإلذن‬
‫فالغالم يجاهد بدون إذن سيده والولد بدون إذن‬
‫أبويه والغريم بغير إذن غريمه وبدون إذن الوالي أو‬
‫الحاكم‪.‬‬

‫أساس العالقة مع غير المسلمين‬

‫اإلسالم مستمد من السالم؛ فاهلل هو السالم‪ ،‬والجنة‬


‫هي دار السالم‪ ،‬وتحية اإلسالم السالم‪ ،‬وتحية اهلل‬
‫والمالئكة ألهل الجنة هي السالم‪ .‬والمسلمون مطالبون‬
‫بتعميم السالم‪ ،‬ومحاربة اإلرهاب غير المشروع‪.‬‬
‫واألصل في عالقات المسلمين بغيرهم هو السلم ال‬
‫الحرب‪ ،‬والباعث على القتال هو الحرب والعدوان‪،‬‬
‫وإقرار الحرب ـ مع النهي عن االعتداء ـ إنما هو‬
‫للضرورة ودفع العدوان ومقاومة الغاصبين والمحتلين‬
‫وطردهم من ديار المسلمين‪ .‬فاألساس في التعامل هو‬
‫البر والقسط مع الناس جميعًا‪ ،‬ولو كانوا غير مسلمين‪،‬‬
‫إال إذا قاتلوا وحاربوا واضطهدوا‪ ،‬فهنا يشرع القتال‪،‬‬
‫ضدهم‪]33[.‬‬ ‫والحرب والجهاد‬
‫وقد ذكر ذكر اإلمام شهاب الدين القرافي معنى البر‬
‫الذي أمر اهلل به المسلمين مع غيرهم فقال‪« :‬وأما ما‬
‫أمر به من برهم ومن غير مودة باطنية‪ ،‬فالرفق‬
‫بضعيفهم‪ ،‬وسد خلة فقيرهم‪ ،‬وإطعام جائعهم وإكساء‬
‫عاريهم‪ ،‬ولين القول لهم على سبيل اللطف لهم‬
‫والرحمة‪ ،‬ال على سبيل الخوف والذلة واحتمال إذايتهم‬
‫في الجوار مع القدرة على إزالته‪ ،‬لطفا منا بهم ال خوفا‬
‫وتعظيما والدعاء لهم بالهداية‪ ،‬وأن يجعلوا من أهل‬
‫السعادة‪ ،‬ونصيحتهم في جميع أمورهم في دينهم‬
‫ودنياهم‪ ،‬وحفظ غيبتهم إذا تعرض أحد ألذيتهم‪،‬‬
‫وصون أموالهم وعيالهم وأعراضهم وجميع حقوقهم‬
‫ومصالحهم‪ ،‬وأن يعانوا على دفع الظلم عنهم‪ ،‬وإيصالهم‬
‫لجميع حقوقهم وكل خير يحسن من األعلى مع‬
‫األسفل أن يفعله ومن العدو أن يفعله مع عدوه فإن‬
‫األخالق»‪]34[.‬‬ ‫ذلك من مكارم‬
‫الفرق بين الجهاد واإلرهاب‬

‫اإلرهاب يختلف عن الجهاد اختالفا جوهريا في كل‬


‫شيء‪ ،‬في حقيقته ومفهومه‪ ،‬وأسبابه‪ ،‬وأقسامه‪،‬‬
‫وثمراته ومقاصده‪ ،‬وحكمه شرعا‪ .‬اإلرهاب بمعنى‬
‫العدوان‪ ،‬هو ترويع اآلمنين وتدمير مصالحهم‪،‬‬
‫ومقومات حياتهم واالعتداء على أموالهم وأعراضهم‪،‬‬
‫وحرياتهم وكرامتهم اإلنسانية بغيا وإفسادا في األرض‪.‬‬
‫أما «الجهاد» فهو يهدف إلى الدفاع عن حرمات‬
‫اآلمنين‪ ،‬أنفسهم وأموالهم‪ ،‬وأعراضهم وإلى توفير‬
‫وتأمين الحياة الحرة الكريمة لهم‪ ،‬وإنقاذ المضطهدين‬
‫االحتالل‪]33[.‬‬ ‫وتحرير أوطانهم وبلدانهم من براثن قوى‬

‫قال الشيخ محمد سيد طنطاوي إن الفرق بين الجهاد‬


‫في الشريعة اإلسالمية وبين اإلرهاب واضح كالفرق‬
‫بين السماء واألرض‪ ،‬موضحا أن الشريعة اإلسالمية‬
‫تحض على الجهاد وتدعو إليه ألنه ُش رع ألمرين‬
‫هما‪]35[:‬‬

‫‪ .1‬أوال‪ :‬الدفاع عن الدين والمقدسات والنفس‬


‫والوطن والعرض والمال وكل ما أمرنا اهلل تعالى‬
‫بالدفاع عنه‪.‬‬
‫‪ .2‬وثانيا‪ :‬لنصرة المظلوم‪.‬‬

‫أما اإلرهاب فهو ما ترفضه وتمنعه الشريعة اإلسالمية‬


‫ألنه يروع المدنيين األبرياء اآلمنين دون أي ذنب‪،‬‬
‫وبالطبع اإلسالم يرفض كل أشكال االعتداء على النفس‬
‫اآلمنة البريئة ويرى أن من يعتدي على نفس واحدة‬
‫ويقتلها فكأنما قتل الناس جميعا‪ .‬وقال أيضا‪ :‬ان‬
‫األديان والحضارات تتعاون وتتحاور فيما بينها عند‬
‫العقالء‪ ،‬وال تتصارع كما يقول األغبياء‪ ،‬فالمسلمون ال‬
‫يؤمنون مطلقًا بالنظرية الفاسدة التي ال تهدف إال‬
‫للخراب والتصادم والتدمير ونشر الشر‪ ،‬فالحوار بين‬
‫األديان والحضارات ال يأتي إال بالخير والنفع للبشرية‬
‫ألن التعايش والتحاور والتعارف بين األمم من حكم‬
‫َل‬
‫اهلل‪ ،‬كما قال تعالى‪َ :‬ي ا َأ ُّي َه ا الَّناُس ِإ َّن ا َخ ْق َناُكْم ِم ْن َذ َكٍر‬
‫َو ُأ ْن َث ى َو َج َع ْلَناُكْم ُش ُع وًب ا َو َق َب اِئ َل ِل َت َع اَر ُف وا ِإ َّن َأ ْكَر َم ُكْم ِع ْنَد‬
‫اِهَّلل َأ ْتَق اُكْم ِإ َّن اَهَّلل َع ِل يٌم َخ ِب يٌر‬

‫فاهلل لم يقل هنا يا أيها المؤمنون وإنما قال يا أيها‬


‫البشر‪]36[]35[.‬‬ ‫الناس فالنداء هنا عام لكل‬

‫يقول الدكتور مصطفى محمود في كتابه‬


‫(اإلسالم السياسي والمعركة القادمة) موضحا‬
‫الفرق بين الجهاد واإلرهاب‪:‬‬
‫"وال نخلط بين اإلسالم السياسي واإلرهاب‬
‫فاإلسالم يقوم كله على الحرية ويرفض‬
‫اإلكراه بجميع صوره والمناظر التي نراها من‬
‫خطف الرهائن إلى تفجير العربات إلى نسف‬
‫الطائرات إلى إطالق النار على مخفر شرطة‬
‫ليست إسالما وال أصولية بل جرائم يرتكبها‬
‫مجرمون قتلة واإلسالم اختبار واقتناع‬
‫وسيلته الدعوة بالحسنى وهو ال يرفع سالحا‬
‫إال ردا على عدوان وال يقاتل إال دفاعا عن‬
‫حق مغتصب وهو دين الرحمة والمودة‬
‫والسماحة والحلم والعفو والمحبة وهو سالم‬
‫السالم"‪]37[.‬‬ ‫كله تحيته السالم وروحه‬

‫ومبادئ اإلسالم ال تعرف اإلكراه‪ ،‬وال تقر العنف‪ ،‬ولذلك‬


‫لم يجبر أحدا على الدخول فيه‪ ،‬بل جعل ذلك باختيار‬
‫اإلنسان‪.‬‬

‫يقول الشيخ محمد الغزالي في كتابه (جهاد‬


‫الدعوة بين عجز الداخل وكيد الخارج)‪:‬‬

‫أحصيت أكثر من مائة آية تتضمن حرية‬


‫التدين وتقيم صروح اإليمان على اإلقناع‬
‫الذاتي‪ ،‬وتقصي اإلكراه عن طريق البالغ‬
‫المبين‪.‬‬

‫فالقرآن ينص بوضوح على حرية الدين واالعتقاد؛‬


‫كقوله تعالى‪ :‬اَل ِإ ْكَر اَه ِف ي الِّد يِن َق ْد َت َبَّي َن الُّر ْش ُد ِم َن‬
‫اْل َغ ِّي َف َم ْن َي ْكُف ْر ِب الَّط اُغ وِت َو ُي ْؤ ِم ْن ِب اِهَّلل َف َق ِد اْس َت ْم َس َك‬
‫ِب اْل ُع ْر َو ِة اْلُو ْث َق ى اَل اْن ِف َص اَم َلَه ا َو اُهَّلل َس ِم يٌع َع ِل يٌم‬
‫يقول الشيخ إبراهيم القطان قاضي قضاة األردن‬
‫ردًا على من قال أن اإلسالم ُن شر بالسيف‪:‬‬
‫وهذه اآلية من أكبر الحجج التي تبّي ن عظمة‬
‫اإلسالم‪ ،‬فهي نص صريح على ان مبدأه هو‬
‫حرية االعتقاد‪ .‬وفي هذا المبدأ يتجلى‬
‫تكريم اهلل لإلنسان واحترام ارادته ومشاعره‪.‬‬
‫لقد ترك أمره لنفسه فيما يختص في‬
‫االعتقاد‪ .‬وحرية االعتقاد هي أول حقوق‬
‫اإلنسان‪ .‬ومع حرية االعتقاد هذه تتمشى‬
‫الدعوة للعقيدة‪ .‬إن اإلسالم هو الدين الوحيد‬
‫الذي ينادي بأن ال إكراه في الدين‪ ،‬والذي‬
‫يبين ألصحابه قبل سواهم أنهم ممنوعون من‬
‫إكراه غيرهم على اعتناقه‪.‬‬

‫روى الطبري عن ابن عباس ان رجًال من‬


‫األنصار يقال له الحصيني كان له ابنان‬
‫نصرانيان‪ ،‬وكان هو مسلما‪ ،‬فقال للنبي‪ :‬أال‬
‫ُأ كرههما على اإلسالم؟ فأنزل اهلل تعالى هذه‬
‫اآلية‪.‬‬

‫أما الذين يقولون ان اإلسالم قد انتشر‬


‫بالسيف‪ ،‬فإنهم من المغرضين المفترين على‬
‫اهلل‪ .‬ذلك أن الجهاد في اإلسالم انما ُف رض‬
‫لرد االعتداء ولحماية العقيدة‪ ،‬ال ليك ه أحدًا‬
‫ِر‬
‫على اإلسالم‪]38[.‬‬

‫و‬

‫يقول الشيخ محمد متولي الشعراوي ردًا على‬


‫خصوم اإلسالم الذين قالوا كذبًا وافتراًء إن‬
‫اإلسالم انتشر بحد السيف‪:‬‬
‫من الذي قهر وأجبر أول حامل للسيف أن‬
‫يحمل السيف؟! والمسلمون ضعاف‬
‫ومغلوبون على أمرهم‪ ،‬ال يقدرون على أن‬
‫يحموا أنفسهم‪ ،‬إنكم تقعون في المتناقضات‬
‫عندما تقولون‪ :‬إن اإلسالم ُن ِش َر بالسيف‪.‬‬
‫ويتحدثون عن الجزية رفضًا لها‪ ،‬فنقول‪ :‬وما‬
‫هي الجزية التي يأخذها اإلسالم من غير‬
‫المسلمين كضريبة للدفاع عنهم؟ لقد كان‬
‫المسلمون يأخذون الجزية من البالد التي‬
‫دخلها الفتح اإلسالمي‪ ،‬أي أن هناك أناسًا بقوا‬
‫على دينهم‪ .‬وما دام هناك أناس باقون على‬
‫دينهم فهذا دليل على أن اإلسالم لم ُي كره‬
‫أحدًا ‪ .‬وقول اهلل‪{ :‬ال إكراه في الدين} [البقرة‪:‬‬
‫‪ ]256‬علته أن الرشد واضح والغّي واضح‪،‬‬
‫وما دام األمر واضحًا فال يأتي اإلكراه‪ .‬ألن‬
‫اإلكراه يأتي في وقت اللبس‪ ،‬وليس هناك‬
‫لبس‪ ،‬لذلك يقول الحق‪{ :‬قد تبين الرشد من‬
‫الغي} [البقرة‪ .]256 :‬وما دام الرشد بائنا من‬
‫إكراه‪]39[.‬‬ ‫الغّي فال‬

‫َق اَل َي ا َق ْو ِم َأ َر َأ ْي ُت ْم ِإ ْن ُكْن ُت َع َلى َب ِّي َن ٍة ِم ْن َر ِّب ي َو آَت اِن ي‬


‫َرْح َم ًة ِم ْن ِع ْن ِد ِه َف ُع ِّم َي ْت َع َلْي ُكْم َأ ُن ْل ِز ُم ُكُم وَه ا َو َأ ْن ُت ْم َلَه ا‬
‫َو َلْو َش اَء َر ُّبَك آَل َم َن َم ْن ِف ي اَأْلْر ِض ُكُّل ُه ْم‬ ‫َكاِرُه وَن‬
‫َج ِم ي ًع ا َأ َف َأ ْن َت ُت ْكِرُه الَّناَس َح َّت ى َي ُكوُن وا ُم ْؤ ِم ِن يَن َو َم ا‬
‫َكاَن ِل َن ْف ٍس َأ ْن ُت ْؤ ِم َن ِإ اَّل ِب ِإ ْذ ِن اِهَّلل َو َي ْج َع ُل الِّر ْج َس َع َلى‬
‫َو ُق ِل اْل َح ُّق ِم ْن َر ِّب ُكْم َف َم ْن َش اَء‬ ‫اَّلِذ يَن اَل َي ْع ِق ُلوَن‬
‫َف ْل ُي ْؤ ِم ْن َو َم ْن َش اَء َف ْل َي ْكُف ْر ِإ َّن ا َأ ْع َت ْد َن ا ِل لَّظ اِلِم يَن َن اًر ا َأ َح اَط‬
‫ِب ِه ْم ُس َر اِد ُق َه ا َو ِإ ْن َي ْس َت ِغ يُث وا ُي َغ اُث وا ِب َم اٍء َكاْل ُم ْه ِل َي ْش ِو ي‬
‫ُق ْل َي ا َأ ُّي َه ا‬ ‫اْلُو ُج وَه ِب ْئ َس ال َّش َر اُب َو َس اَء ْت ُم ْر َتَف ًق ا‬
‫اْلَكاِف ُر وَن اَل َأ ْع ُب ُد َم ا َت ْع ُب ُد وَن َو اَل َأ ْن ُت ْم َع اِب ُد وَن َم ا‬
‫َأ ْع ُب ُد َو اَل َأ َن ا َع اِب ٌد َم ا َع َب ْد ُت ْم َو اَل َأ ْن ُت ْم َع اِب ُد وَن َم ا‬
‫َن ْح ُن َأ ْع َلُم ِب َم ا َي ُق وُلوَن‬ ‫َل‬
‫ْع ُب ُد ُكْم ِد يُن ُكْم َو ِل َي ِد يِن‬
‫َأ‬
‫َو ِع يِد‬ ‫َو َم ا َأ ْن َت َع َلْي ْم ِب َج َّب ا َف َذ ِّكْر ِب اْل ُق ْر آ َم ْن َي َخ اُف‬
‫ِن‬ ‫ٍر‬ ‫ِه‬
‫ِإ اَّل‬ ‫َف َذ ِّكْر ِإ َّن َم ا َأ ْن َت ُم َذ ِّكٌر َلْس َت َع َلْي ِه ْم ِب ُم َس ْي ِط‬
‫ٍر‬
‫ِإ َّن ِإ َلْي َنا‬ ‫َم ْن َت َو َّلى َو َكَف َر َف ُي َع ِّذ ُب ُه اُهَّلل اْل َع َذ اَب اَأْلْكَب َر‬
‫َق ْد َج اَء ُكْم َبَص اِئُر ِم ْن‬ ‫ِإ َي اَب ُه ْم ُث َّم ِإ َّن َع َلْي َنا ِح َس اَب ُه ْم‬
‫َف َع َلْي َه ا َو َم ا َأ َن ا‬
‫َي‬ ‫ِم‬ ‫َع‬ ‫ْن‬ ‫َم‬ ‫َو‬ ‫ِه‬ ‫ِس‬ ‫ْف‬ ‫َن‬ ‫ِل‬ ‫َر ِّب ُكْم َف َم ْن َأ ْب َص َر َف‬
‫َع َلْي ُكْم ِب َح ِف يٍظ َو َكَذ ِلَك ُن َص ِّر ُف اآْل َي اِت َو ِل َي ُق وُلوا َد َر ْس َت‬
‫َو ِل ُن َب ِّي َن ُه ِل َق ْو ٍم َي ْع َلُم وَن اَّت ِب ْع َم ا ُأ وِح ِإ َلْي َك ِم ْن َر ِّب َك اَل‬
‫َي‬
‫َو َلْو َش اَء اُهَّلل َم ا‬ ‫ِإ َلَه ِإ اَّل ُه َو َو َأ ْع ِرْض َع ِن اْل ُم ْش ِر ِك يَن‬
‫ا َو َم ا َأ ْن َت َع َلْي ِه ْم‬ ‫َأ ْش َر ُكوا َو َم ا َج َع ْلَناَك َع َلْي ِه ْم َح ِف يًظ‬

‫ِب َو ِك يٍل‬

‫آية السيف والنسخ في القرآن‬

‫في حين لم ترد كلمة «السيف» في القرآن ولو لمرة‬


‫واحدة‪ ،‬أطلق بعض المفسرين «السيف» على اآلية‬
‫الخامسة من سورة التوبة‪ ،‬ناسخين بها كل آيات‬
‫الصفح والعفو والتسامح والسالم الواردة بالقرآن‬
‫الكريم‪ .‬قال ابن كثير‪ :‬وهذه اآلية الكريمة هي آية‬
‫السيف‪ ،‬ونزلت ناسخة لجميع اآليات التي فيها الصفح‬
‫والكف عن المشركين‪ ،‬آمرة بقتالهم‪.‬‬

‫يقول ابن الحصار علي بن محمد األنصاري‬


‫المتوفى سنة (‪611‬هـ)‪:‬‬
‫"إنما يرجع في النسخ إلى نقل صريح عن‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬أو عن‬
‫صحابي يقول آية كذا نسخت كذا‪ .‬قال‪ :‬وقد‬
‫يحكم به عند وجود التعارض المقطوع به مع‬
‫علم التاريخ ليعرف المتقدم والمتأخر‪ ،‬قال‪:‬‬
‫وال يعتمد في النسخ قول عوام المفسرين‪،‬‬
‫بل وال اجتهاد المجتهدين‪ ،‬من غير نقل‬
‫صحيح وال معارضة بّي نة‪ ،‬ألن النسخ يتضمن‬
‫رفع الحكم‪ ،‬وإثبات حكم تقرر في عهده صلى‬
‫اهلل عليه وسلم‪ ،‬والمعتمد فيه النقل‬
‫والتاريخ‪ ،‬دون الرأي واالجتهاد‪ .‬قال‪ :‬والناس‬
‫في هذا بين طرفي نقيض فمن قائل‪ :‬ال يقبل‬
‫في النسخ أخبار اآلحاد العدول‪ ،‬ومن‬
‫متساهل يكتفي فيه بقول مفسر أو مجتهد‪،‬‬
‫قولهما‪]40[.‬‬ ‫والصواب خالف‬
‫و‬

‫يقول اإلمام ابن حزم الظاهري المتوفى سنة‬


‫(‪556‬هـ)‪:‬‬
‫"ال يحل لمسلم يؤمن باهلل واليوم اآلخر أن‬
‫يقول في شيء من القرآن والسنة‪ :‬هذا‬
‫منسوخ إال بيقين‪ ،‬ألن اهلل عزوجل‪ ،‬يقول‪:‬‬
‫{وما أرسلنا من رسول إال ليطاع بإذن اهلل}‬
‫[النساء‪ .]64 :‬وقال تعالى‪{ :‬اتبعوا ما أنزل‬
‫إليكم من ربكم} [األعراف‪ .]3 :‬فكل ما أنزل‬
‫اهلل في القرآن‪ ،‬وعلى لسان نبيه صلى اهلل‬
‫عليه وسلم فرض اتباعه‪ .‬فمن قال في شيء‬
‫من ذلك إنه منسوخ‪ ،‬فقد أوجب أن ال يطاع‬
‫ذلك األمر وأسقط لزوم اتباعه‪ ،‬وهذه معصية‬
‫هلل تعالى مجردة‪ ،‬وخالف مكشوف إلى أن‬
‫يقوم برهان على صحة قوله‪ ،‬وإال فهو مفتر‬
‫مبطل…"‪]42[]41[.‬‬
‫الجهاد بمعاني أخرى‬
‫الجهاد له أربع مراتب‪ :‬جهاد النْف س‪ ،‬والشيطان‪ ،‬والكفار‬
‫والمنافقين‪ ،‬وأصحاب الُّظ ْلم وال َد ع والمنَكرات‪]43[:‬‬
‫ِب‬

‫جهاد النفس‬

‫تكلم العلماء في نوعي الجهاد‪ :‬الظاهر والباطن ألهمية‬


‫النوعين خصوصًا الباطن‪:‬‬

‫يقول الحافظ ابن رجب الحنبلي‪:‬‬


‫وهذا في جهاد العدو الظاهر وهو جهاد‬
‫الكفار‪ ،‬وكذلك جهاد العدو الباطن‪ ،‬وهو جهاد‬
‫النفس والهوى‪ ،‬فإن جهادهما من أعظم‬

‫الجهاد‪ ،‬كما قال النبي ﷺ المجاهد من‬


‫جاهد نفسه في اهلل‪.‬‬

‫وقال عبد اهلل بن عمر لمن سأله عن الجهاد‪«:‬ابدأ‬


‫بنفسك فجاهدها‪ ،‬وابدأ بنفسك فاغزها‪ ».‬وقال بقية‬
‫بن الوليد‪«:‬اخبرنا إبراهيم بن ادهم حدثنا الثقة عن‬
‫علي بن أبي طالب قال‪ :‬أول ما تنكرون من‬
‫جهادكم جهادكم أنفسكم‪ ».‬وروى سعد بن سنان عن‬

‫أنس عن النبي ﷺ «ليس عدوك الذي إذا قتلته‬


‫ادخلك الجنة‪ ،‬واذا قتلته كان لك نورًا ‪ ،‬اعدى عدوك‬
‫نفسك التي بين جنبيك‪ ».‬وقال أبو بكر الصديق لعمر‬
‫حين استخلف‪:‬‬

‫«إن أول ما أحذرك نفسك التي بين جنبيك‪.‬‬


‫فهذا الجهاد يحتاج أيضًا إلى صبر‪ ،‬من صبر‬
‫على مجاهدة نفسه وهواه وشيطانه غلبه‬
‫وحصل له النصر والظفر‪ ،‬وملك نفسه‪ ،‬فصار‬
‫عزيزًا ملكًا‪ ،‬ومن جزع ولم يصبر على مجاهدة‬
‫ذلك‪ ،‬غلب وقهر وأسر‪ ،‬وصار عبدًا ذليًال أسيرًا‬
‫في يدي شيطانه وهواه‪»]44[.‬‬

‫ويستشهد العلماء‪:‬‬

‫يقول أبو محمد عبد اهلل بن أبي مرة في بهجة‬


‫النفوس (‪:.)2/ 72 -71‬‬
‫الجهاد األصغر وهو جهاد العدو‪ ،‬وكذلك األمر‬
‫في الجهاد األكبر وهو جهاد النفس‪ ،‬وقد أشار‬
‫موالنا جل جالله لذلك بقوله (وإما ينزغنك‬
‫من الشيطان نزغ فاستعذ باهلل) فمهما كبر‬
‫األمر جعل الفرج فيه أكبر‪ ،‬ألن أمر الشيطان‬
‫والنفس أكبر‪ ،‬فجعل في الشيطان والظفر به‬
‫نفس الملجأ كما أخبر عز وجل‪ ،‬وجعل في‬
‫النصرة على النفس األخذ في مجاهدتها على‬
‫لسان العلم‪ ،‬فقال عز وجل (والذين جاهدوا‬
‫فينا لنهدينهم سبلنا) وجعل سبب العون على‬
‫مجاهدتها حقيقة االستعانة به عز وجل‬
‫بقوله تعالى (إياك نستعين)‪.‬‬

‫فجهاد النفس أربع مراتب أيضًا إحداها‪ :‬أن يجاهدها‬


‫على تعلم الدين الثانية‪ :‬أن يجاهدها على العمل به‬
‫بعد علمه الثالثة‪ :‬أن يجاهدها على الدعوة إليه‬
‫وتعليمه من ال يعلمه وإال كان من الذين يكتمون ما‬
‫أنزل اهلل البينات وال ينفعه علمه وال ينجيه من عذاب‬
‫اهلل‪ .‬الرابعة‪ :‬أن يجاهدها على الصبر على مشاق‬
‫الدعوة إلى اهلل وأذى الخلق ويتحمل ذلك كله هلل‪.‬‬
‫فإذا استكمل هذه المراتب األربع صار من الربانيين‪،‬‬
‫فإن السلف مجمعون على أن العالم ال يستحق أن‬
‫يسمى ربانيًا حتى يعرف الحق ويعمل به ويعلمه فمن‬
‫علم وعمل وعلم فذاك يدعى عظيمًا في ملكوت‬
‫السماوات‪]45[.‬‬

‫طليعة سرية خيالة لمجاهدين في حقبة صدر اإلسالم ‪.‬‬


‫مجاهدين أنصار الدين في مالي في فترة الراحة على ظهر دوشكا ‪.‬‬

‫جهاد الشيطان‬

‫أما جهاد الشيطان فمرتبتان إحداهما‪ :‬جهاده على دفع‬


‫ما يلقي إلى العبد من الشبهات والشك في اإليمان‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬جهاده على دفع ما يلقي إليه من اإلرادات‬
‫الفاسدة والشهوات‪ ،‬فالجهاد األول يكون بعده اليقين‬
‫والثاني يكون بعده الصبر قال تعالى‪َ :‬و َج َع ْلَنا ِم ْن ُه ْم‬
‫َأ ِئَّم ًة َي ْه ُد وَن ِب َأ ْم ِر َن ا َلَّم ا َص َب ُر وا َو َكاُن وا ِب آَي اِت َنا ُي وِق ُنوَن‬
‫فأخبر أن إمامة الدين إنما تنال بالصبر واليقين‪ ،‬فالصبر‬
‫يدفع الشهوات واإلرادات الفاسدة‪ ،‬واليقين يدفع‬
‫والشبهات‪]45[.‬‬ ‫الشكوك‬
‫جهاد الظالمين والمعتدين‬

‫وأما جهاد أرباب الظلم والبدع والمنكرات فثالث‬


‫مراتب األولى‪ :‬باليد إذا قدر‪ ،‬فإن عجز انتقل إلى‬
‫اللسان‪ ،‬فإن عجز جاهد بقلبه‪ .‬فهذه ثالثة عشر مرتبة‬
‫من الجهاد‪ ،‬ومن مات ولم يغز ولم يحدث نفسه‬
‫بالغزو مات على شعبة من النفاق‪ ]47[]46[.‬وقال الشيخ‬
‫عبد العزيز بن باز‪«:‬الجهاد أقسام ‪ :‬بالنفس‪ ،‬والمال‪،‬‬
‫والدعاء‪ ،‬والتوجيه واإلرشاد‪ ،‬واإلعانة على‬
‫الخير من أي طريق‪ ،‬وأعظم الجهاد ‪ :‬الجهاد‬
‫بالنفس‪ ،‬ثم الجهاد بالمال والجهاد بالرأي‬
‫والتوجيه‪ ،‬والدعوة كذلك من الجهاد‪ ،‬فالجهاد‬
‫بالنفس أعالها‪»]48[ .‬‬
‫الجهاد باعتبار اآللة‬

‫جهاد اليد‬

‫مر جهاد الكفار باليد في مراحل متنوعة بحسب الحال‬


‫الذي كانت عليه أمة اإلسالم‪:‬‬

‫يقول ابن القيم في زاد المعاد (‪:)3/159‬‬


‫أول ما أوحى إليه ربه تبارك وتعالى أن يقرأ‬
‫باسم ربه الذي خلق وذلك أول نبوته فأمره أن‬
‫يقرأ في نفسه ولم يأمره إذ ذاك بتبليغ‪ ،‬ثم‬
‫أنزل عليه (يا أيها المدثر قم فأنذر) فنبأه‬
‫بقوله {اقرأ} وأرسله بـ{يا أيها المدثر}‪ .‬ثم‬
‫أمره أن ينذر عشيرته األقربين‪ ،‬ثم أنذر‬
‫قومه‪ ،‬ثم أنذر من حولهم من العرب‪ ،‬ثم أنذر‬
‫العرب قاطبة‪ ،‬ثم أنذر العالمين‪ ،‬فأقام بضع‬
‫عشرة سنة بعد نبوته ينذر بالدعوة بغير قتال‬
‫وال جزية ويؤمر بالكف والصبر والصفح‪ .‬ثم‬
‫أذن له في الهجرة‪ ،‬وأذن له في القتال‪ .‬ثم‬
‫أمره أن يقاتل من قاتله ويكف عمن اعتزله‬
‫ولم يقاتله‪ .‬ثم أمره بقتال المشركين حتى‬
‫يكون الدين كله له‪ .‬ثم كان الكفار معه بعد‬
‫األمر بالجهاد ثالثة أقسام ‪ :‬أهل صلح وهدنة‪،‬‬
‫وأهل حرب‪ ،‬وأهل ذمة‪.‬‬

‫جهاد الكفار فرض كفاية‬


‫يقول ابن قدامة في المغني (‪:.)163 / 9‬‬

‫والجهاد فرض على الكفاية‪ ،‬إذا قام به قوم‪،‬‬


‫سقط عن الباقين معنى فرض الكفاية الذي‬
‫إن لم يقم به من يكفي أثم الناس كلهم وإن‬
‫قام به من يكفي سقط عن سائر الناس‪.‬‬
‫فالخطاب في ابتدائه يتناول الجميع كفرض‬
‫األعيان‪ ،‬ثم يختلفان في أن فرض الكفاية‬
‫يسقط بفعل بعض الناس له‪ ،‬وفرض األعيان‬
‫ال يسقط عن أحد بفعل غيره والجهاد من‬
‫فروض الكفايات‪ ،‬في قول عامة أهل العلم‪.‬‬
‫يقول بن باز في فتاوى ابن باز (‪:)7/335‬‬
‫سبق أن بينا أكثر من مرة أن الجهاد فرض‬
‫كفاية ال فرض عين‪ ،‬وعلى جميع المسلمين‬
‫أن يجاهدوا في نصر إخوانهم بالنفس والمال‬
‫والسالح والدعوة والمشورة‪ ،‬فإذا خرج منهم‬
‫من يكفي ‪ :‬سلم الجميع من اإلثم‪ ،‬وإذا تركوه‬
‫كلهم أثموا جميعًا ‪ .‬فعلى المسلمين في‬
‫المملكة وإفريقيا والمغرب وغيرها أن يبذلوا‬
‫طاقتهم‪ ،‬واألقرب فاألقرب‪ ،‬فإذا حصلت‬
‫الكفاية من دولة أو دولتين أو ثالث أو أكثر‬
‫سقط عن الباقين‪ ،‬وهم مستحقون للنصر‬
‫والتأييد‪ ،‬والواجب مساعدتهم ضد عدوهم ؛‬
‫ألنهم مظلومون‪ ،‬واهلل أمر بالجهاد للجميع‪،‬‬
‫وعليهم أن يجاهدوا ضد أعداء اهلل حتى‬
‫ينصروا إخوانهم‪ ،‬وإذا تركوا ذلك أثموا‪ ،‬وإذا‬
‫قام به من يكفي ‪ :‬سقط اإلثم عن الباقين‪.‬‬
‫جهاد الكفار فرض عين‬

‫والجهاد العين على المسلم يكون في أربع حاالت‪:‬‬

‫‪ )1‬إذا حضر المسلم الصف‬


‫‪ )2‬إذا حضر العدو وحاصر البلدة‬
‫‪ )3‬إذا استنفر اإلمام الرعية‬
‫‪ )4‬إذا احتيج إلى ذلك الشخص‬

‫يقول ابن عثيمين في الشرح الممتع (‪:)8/10‬‬


‫يجب الجهاد ويكون فرض عين إذا حضر‬
‫اإلنسان القتال وهذا هو المواضع األول من‬
‫المواضيع التي يتعين فيها الجهاد ؛ لقول‬
‫اهلل تعالى ‪ { :‬يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم‬
‫الذين كفروا زحفًا فال تولوهم األدبار ومن‬
‫يولهم يومئذ دبره إال متحرفًا لقتال أو‬
‫متحيزًا إلى فئة فقد باء بغضب من اهلل‬
‫ومأواه جهنم وبئس المصير} األنفال‪،16/‬‬
‫وقد أخبر النبي صلى اهلل عليه وسلم ‪ :‬أن‬
‫التولي يوم الزحف من الموبقات حيث قال‪:‬‬
‫اجتنبوا السبع الموبقات‪ ،‬وذكر منها التولي‬
‫يوم الزحف‪ .‬متفق عليه إال أن اهلل تعالى‬
‫استثنى حالتين ‪ :‬األولى أن يكون متَح ّر فًا‬
‫لقتال بمعنى أن يذهب ألجل أن يأتي بقوة‬
‫أكثر‪ .‬الثانية أن يكون منحازًا إلى فئة بحيث‬
‫يذكر له أن فئة من المسلمين من الجانب‬
‫اآلخر تكاد تنهزم فيذهب من أجل أن يتحيز‬
‫إليها تقوية لها‪ ،‬وهذه الحالة يشترط فيها ‪:‬‬
‫أن ال يخاف على الفئة التي هو فيها‪ ،‬فإن‬
‫خيف على الفئة التي هو فيها فإنه ال يجوز‬
‫أن يذهب إلى الفئة األخرى‪ ،‬فيكون في هذا‬
‫الحالة فرض عين عليه ال يجوز له االنصراف‬
‫عنه‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬إذا حصر بلده العدو فيجب عليه‬


‫القتال دفاعًا عن البلد‪ ،‬وهذا يشبه من حضر‬
‫الصف في القتال ؛ ألن العدو إذا حصر البلد‬
‫فال بد من الدفاع ؛ إذ إن العدو سيمنع‬
‫الخروج من هذا البلد‪ ،‬والدخول إليه‪ ،‬وما‬
‫يأتي لهم من األرزاق‪ ،‬وغير ذلك مما هو‬
‫معروف‪ ،‬ففي هذا الحال يجب أن يقاتل أهل‬
‫البلد دفاعًا عن بلدهم‪ .‬الثالث ‪ :‬إذا قال اإلمام‬
‫انفروا واإلمام هو ولي األمر األعلى في‬
‫الدولة وال يشترط أن يكون إمامًا للمسلمين ؛‬
‫ألن اإلمامة العامة انقرضت من أزمنة‬
‫متطاولة‪ ،‬والنبي صلى اهلل عليه وسلم قال‪:‬‬
‫اسمعوا وأطيعوا ولو تأمر عليكم عبد حبشي‪،‬‬
‫فإذا تأمر إنسان على جهة ما صار بمنزلة‬
‫اإلمام العام‪ ،‬وصار قوله نافذًا‪ ،‬وأمره مطاعًا ‪.‬‬

‫جهاد اللسان‬

‫جهاد الدعوة‬

‫هو الذب عن السنة وحراسة العقيدة‪ ،‬ورد بدع‬


‫وضالالت أهل األهواء‪ ،‬ونفي انتحال الغالين وتأويل‬
‫الجاهلين أفضل أنواع الجهاد‪ ،‬والسر في ذلك أن الذب‬
‫عن السنة حفظ رأس مال اإلسالم‪ ،‬وهو مقدم على‬
‫قتال المشركين ألن فيه طلب ربح في اإلسالم‪ ،‬كما قال‬
‫الوزير ابن هبيرة‪ ]49[.‬وقال محمد بن يحيى‬
‫الذهلي‪«:‬سمعت يحيى بن معين يقول‪ :‬الذب عن‬
‫السنة أفضل من الجهاد في سبيل اهلل‪ ،‬فقلت‬
‫ليحيى‪ :‬الرجل ينفق ماله‪ ،‬ويتعب نفسه‪ ،‬ويجاهد‪،‬‬
‫فهذا أفضل منه؟! قال‪ :‬نعم‪ ،‬بكثير‪ »]50[ .‬وقال شيخ‬
‫اإلسالم ابن تيمية‪«:‬من الحكايات المشهورة التي‬
‫بلغتنا أن الشيخ أبا عمرو بن الصالح أمر بانتزاع‬
‫مدرسة معروفة من أبي الحسن األمدي‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫أخذها منه أفضل من أخذ عكا‪ »]51[ .‬قال الشيخ‬
‫حامد الفقي معلقًا «من االفرنج أيام احتاللهم لبعض‬
‫بالد الشام ومصر في المائة السادسة‪».‬‬

‫يقول ابن القيم في جالء االفهام ص ‪582‬‬


‫ـ‪:581.‬‬
‫فالدعوة إلى اهلل تعالى هي وظيفة المرسلين‬
‫واتباعهم‪ ،‬وهم خلفاء الرسل في أممهم‬
‫والناس تبع لهم‪ ،‬واهلل سبحانه قد أمر رسوله‬

‫ﷺ أن يبلغ ما أنزل اليه‪ ،‬وضمن له حفظه‬


‫وعصمته من الناس‪ ،‬وهكذا المبلغون عنه من‬
‫أمته لهم من حفظ اهلل وعصمته إياهم‬
‫بحسب قيامهم وتبليغ سنته إلى األمة أفضل‬
‫من تبليغ السهام إلى نحور العدو‪ ،‬ألن ذلك‬
‫التبليغ يفعله كثير من الناس‪ ،‬وأما تبليغ‬
‫السنن‪ ،‬فال يقوم به إال ورثة األنبياء‬
‫وخلفاؤهم في أممهم‪.‬‬

‫وفي تقرير هذا األصل‪:‬‬


‫يقول عبد الرحمن السعدي في وجوب التعاون‬
‫بين المسلمين ص ‪ 8‬ـ‪:7.‬‬

‫الجهاد نوعان‪ :‬جهاد يقصد به صالح‬


‫المسلمين‪ ،‬وإصالحهم في عقائدهم وأخالقهم‬
‫وجميع شؤونهم الدينية والدنيوية‪ ،‬وفي‬
‫تربيتهم العلمية والعملية وهذا النوع هو‬
‫أصل الجهاد وقوامه‪ ،‬وعليه يتأسس النوع‬
‫الثاني‪ ،‬وهو جهاد يقصد به دفع المعتدين‬
‫على اإلسالم والمسلمين‪ ،‬من الكفار‬
‫والمنافقين والملحدين وجميع أعداء الدين‬
‫ومقاومتهم‪.‬‬

‫أما المفاضلة بين أنواع الجهاد‪:‬‬


‫يقول ابن حزم في الفصل في الملل واألهواء‬
‫والنحل «‪ 211/4‬ـ ‪:.»212‬‬
‫الجهاد ينقسم اقساما ثالثة‪ :‬أحدها‪ :‬الدعاء‬
‫إلى اهلل تعالى باللسان والثاني‪ :‬الجهاد عند‬
‫الحرب بالرأي والتقدير والثالث‪ :‬الجهاد باليد‬
‫في الطعن والضرب‪ .‬فوجدنا الجهاد باللسان‬
‫ال يلحق فيه أحد بعد النبي صلى اهلل عليه‬
‫وسلم أبا بكر وال عمر‪ ،‬أما أبو بكر فان أكابر‬
‫الصحابة اسلموا على يديه‪ ،‬فهذا أفضل عمل‬
‫وليس لعلي من هذا كثير حظ‪ ،‬وأما عمر فانه‬
‫من يوم أسلم عز اإلسالم وعبد اهلل عالنية‪،‬‬
‫وهذا أعظم الجهاد‪ ،‬وقد أنفرد هذان الرجالن‬
‫بهذين الجهادين اللذين ال نظير لهما‪ ،‬وال حظ‬
‫لعلي في هذا‪.‬‬

‫وبقى القسم الثاني‪ ،‬وهو الرأي والمشورة‪،‬‬


‫فوجدناه خالصًا ألبي بكر ثم لعمر‪ .‬بقي‬
‫القسم الثالث وهو الطعن والضرب والمبارزة‬
‫فوجدناه أقل مراتب الجهاد‪ ،‬ببرهان ضروري‪،‬‬
‫وهو أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ال‬
‫شك عند كل مسلم في أنه المخصوص بكل‬
‫فضيلة فوجدنا جهاده صلى اهلل عليه وسلم‬
‫إنما كان في أكثر أعماله وأحواله بالقسمين‬
‫االولين من الدعاء إلى اهلل عز وجل والتدبير‬
‫واإلرادة وكان أقل عمله الطعن والضرب‬
‫والمبارزة العن جبن‪ ،‬بل كان أشجع أهل‬
‫األرض قاطبة نفسًا ويدًا‪ ،‬واتمهم نجدة‪ ،‬ولكنه‬
‫كان يؤثر األفضل فاألفضل من األعمال‪،‬‬
‫فيقدمه ويشتغل به‪ ،‬ووجدناه يوم بدر وغيره‬
‫كان أبو بكر ال يفارقه إيثارًا من النبي صلى‬
‫اهلل عليه وسلم له بذلك واستظهارًا برأيه في‬
‫الحرب‪ ،‬وأنسا بمكانه‪ ،‬ثم كان عمر ربما شورك‬
‫في ذلك‪ ،‬وقد انفرد بهذا الحل دون علي‬
‫ودون سائر الصحابة إال في الندرة‪.‬‬
‫ثم نظرنا مع ذلك في هذا القسم من الجهاد‪،‬‬
‫الذي هو الطعن والضرب والمبارزة‪ ،‬فوجدنا‬
‫عليا لم ينفرد بالسيوف فيه‪ ،‬بل قد شاركه‬
‫فيه غيره شركة العيان‪ ،‬كطلحة والزبير‬
‫وسعد‪ ،‬ومن قتل في صدر اإلسالم كحمزة‪،‬‬
‫وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب‪ ،‬ومصعب‬
‫بن عمير‪ ،‬ومن األنصار سعد بن معاذ‪ ،‬وسماك‬
‫بن خرشة‪ ،‬يعني أبا دجانه‪ ،‬وغيرهما‪ ،‬ووجدنا‬
‫أبا بكر قد شاركاه في ذلك بحظ حسن‪ ،‬وأن‬
‫لم يلحقا بحظوظ هؤالء وإنما ذلك لشغلهما‬
‫باألفضل من مالزمة رسول اهلل صلى اهلل‬
‫عليه وسلم ومؤازرته في حين الحرب‪ ،‬وقد‬
‫بعثهما على البعوث أكثر مما بعث عليا‪ ،‬وقد‬
‫بعث أبا بكر إلى بني فزارة وغيرهم‪ ،‬وبعث‬
‫عمر إلى بني فالن‪ ،‬وما نعلم لعلي بعثًا إال إلى‬
‫بعض حصون خيبر ففتحه‪ .‬فحصل أرفع‬
‫الجهاد ألبي بكر وعمر‪ ،‬وقد شاركا عليًا في‬
‫أقل أنواع الجهاد مع جماعة غيرهم‪.‬‬

‫جهاد التعليم‬

‫القيام بالعلم وتحصيله ونشره هي وظيفة المرسلين‬


‫وهو أفضل أنواع الجهاد‪ ،‬وال شيء يعدل هذه الوظيفة‪،‬‬
‫فضًال عن حالوتها التي يجدها القائمون بها‪ ،‬وكالم‬
‫السلف كثير في تقرير هذا األصل‪ ،‬قال أبو هريرة‬
‫«ألن أعلم بابًا من العلم في أمر ونهي أحب إلي من‬
‫سبعين غزوة في سبيل اهلل‪ »]52[ .‬وعن يحيى بن‬
‫عن‬ ‫أبي كثير األزدي قال‪«:‬سألت ابن عباس‬
‫الجهاد‪ ،‬فقال‪ :‬أال أدلك على خير من الجهاد؟ فقلت‪:‬‬
‫بلى‪ ،‬قال‪ :‬تبني مسجدًا ‪ ،‬وتعلم فيه الفرائض‬
‫والسنة والفقه في الدين‪»]53[ .‬‬
‫وقال الحسن البصري‪«:‬ما من شيء مما خلق اهلل‬
‫أعظم عند اهلل في عظيم الثواب من طلب علم‪ ،‬ال‬
‫حج‪ ،‬وال عمرة‪ ،‬وال جهاد‪ ،‬وال صدقة‪ ،‬وال عتق‪ ،‬ولو‬
‫كان العلم صورة لكانت صورته أحسن من صورة‬
‫الشمس والقمر والنجوم والسماء والعرش‪»]54[ .‬‬
‫وقال مسروق‪«:‬ألن أقضي يوما بحق أحب إلي من‬
‫أن أغزو سنة في سبيل اهلل عز وجل‪»]55[ .‬‬

‫‪.‬‬ ‫أطفال موريتانيون يتعلمون اللغة العربية اللغة التي نزل بها القرآن على محمد ﷺ‬

‫وقال اإلمام الشافعي‪«:‬ليس بعد الفرائض شيء‬


‫أفضل من طلب العلم‪ ،‬قيل له‪ :‬وال الجهاد في‬
‫سبيل اهلل؟ قال‪ :‬وال الجهاد في سبيل اهلل‪»]56[ .‬‬
‫وقال ابن المبارك ألصحابه وهو في الغزو «هل تعلمون‬
‫عمًال أفضل من هذا؟ قالوا‪ :‬ال نعلمه‪ ،‬قال‪ :‬بلى أنا‬
‫أعلمه‪ ،‬رجل متعفف محترف أبو عيال‪ ،‬قام من‬
‫الليل‪ ،‬فوجد صبيانه مكشفين فغطاهم‪ ،‬وثار إلى‬
‫صالته‪»]57[ .‬‬

‫وهذه النقوالت الكثيرة دالة على توافق أئمة السلف‬


‫في معرفة مقاصد الشريعة‪ ،‬ومن أعظم األدلة على‬
‫تفضيل العلماء على الشهداء قوله تعالى (ومن ُي طع‬
‫اهلل والرسول فأولئك مع الذين أنعم اهلل عليهم من‬
‫النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن‬
‫أولئك رفيقا) فقد جعل اهلل منزلة العلماء فوق منزلة‬
‫الشهداء في الجنة‪ ،‬والعالمة ابن بطال لما ساق قوله‬
‫عليه السالم في جوابه لما سئل‪ :‬أي الناس أفضل؟‬
‫فقال عليه السالم «مؤمن يجاهد في سبيل اهلل‬
‫علق بقوله‪ :‬ليس على عمومه‪ ،‬وال يريد أنه أفضل‬
‫الناس قاطبة‪ ،‬ألن أفضل منه من أوتي منازل‬
‫الصديقين‪ ،‬وحمل الناس على شرائع اهلل وسنن‬
‫نبيه‪ ،‬وقادهم إلى الخيرات‪ ،‬وسبب لهم أسباب‬
‫المنفعة في الدين والدنيا‪ ،‬لكن إنما أراد عليه السالم‬
‫أفضل عامة الناس‪ ،‬ألنه قد يكون في خاصتهم من‬
‫أهل الدين والعلم والفضل والضبط بالسنن من هو‬
‫أفضل منه‪»]58[ .‬‬

‫وقال ابن بطال مبينا فضل العلماء على المجاهدين‬


‫والشهداء‪:‬‬

‫«إن طلب العلم ينبغي ان يكون أفضل من‬


‫الجهاد وغيره‪ ،‬ألن الجهاد ال يكون إال بعلم‬
‫حدوده وما أحل اهلل منه وحرم‪ ،‬أال ترى أن‬
‫المجاهد متصرف بين أمر العالم ونهيه‪ ،‬ففضل‬
‫عمله كله في ميزان العالم اآلمر له بالمعروف‬
‫والناهي له عن المنكر والهادي له إلى السبيل‪،‬‬
‫فكما ان أجر المسلمين كلهم مذخور للنبي عليه‬
‫السالم من أجل تعليمه لهم وهدايته إياهم‬
‫سبيل العلم‪ ،‬فكذلك يجب ان يكون أجر العالم‬
‫فيه أجر من عمل بعلمه‪»]59[.‬‬

‫وقال أبو العباس القرافي في وجه تفضيل العلماء على‬


‫الشهداء‪«:‬بسبب طاعة العلماء هلل بضبط شرائعه‪،‬‬
‫وتعظيم شعائره التي من جملتها الجهاد‪ ،‬وهداية‬
‫الخلق إلى الحق‪ ،‬وتوصيل معالم األديان إلى يوم‬
‫الدين‪ ،‬ولوال سعيهم في ذلك من فضل اهلل تعالى‬
‫النقطع أمر الجهاد وغيره‪ ،‬ولم يبق على وجه‬
‫األرض من يقول‪ :‬اهلل‪ ،‬وكل ذلك من نعمة اهلل‬
‫تعالى عليهم‪»]60[ .‬‬

‫انظر أيًض ا‬
‫الخليفة‬
‫األحكام السلطانية‬
‫السلفية الجهادية‬
‫فقه عسكري إسالمي‬
‫خوارج‬
‫حرورية‬
‫الحشاشون‬

‫المصادر‬
‫‪ .1‬ما هو الجهاد ? (‪http://www.saaid.net/ahdath/‬‬
‫‪ )68.htm‬بقلم حمدي شفيق‪ .‬نسخة محفوظة (‪http‬‬
‫‪s://web.archive.org/web/2016030501185‬‬
‫‪05 )1/http://www.saaid.net/ahdath/68.htm‬‬
‫مارس ‪ 2016‬على موقع واي باك مشين‪.‬‬

‫‪ .2‬انظر (األسرار المرفوعة) للمال على القارى‪/‬الحديث رقم‬


‫‪ / 481 ،480‬طبعة دار الكتب العلمية ببيروت ‪1405‬‬
‫هـ‪ .‬وانظر في معنى الجهاد ‪ :‬الدكتور عبد الحليم‬
‫محمود شيخ األزهر األسبق ‪ -‬الجهاد ط دار المعارف‬
‫المصرية‪.‬‬

‫‪ .3‬تفسير ابن كثير (‪.)3/337‬‬

‫‪ .4‬تفسير ابن كثير (‪.)4/393‬‬

‫‪ .5‬مسلم (في اإليمان ‪ /‬ص ‪ - )70‬وقد عدد اإلمام ابن‬


‫القيم ‪ 14‬مرتبة من مراتب الجهاد‪ -‬انظر ‪ :‬زاد المعاد‪.‬‬

‫‪ .6‬متفق عيه ‪ :‬البخارى (‪ )10/403‬ومسلم (‪.)4/1975‬‬

‫‪ .7‬البخارى في النفقات (‪ )7/80‬الحلبى بمصر‪.‬‬

‫‪ .8‬جامع المسائل (‪)361/9‬‬

‫‪ .9‬القبس في شرح موطأ مالك بن أنس(‪.)579/2‬‬


‫‪ .10‬رواه البخاري في االدب المفرد ‪ 192/1‬واسناده حسن‪.‬‬

‫‪ .11‬رواه البخاري كتاب الجمعة باب المشي إلى صالة‬


‫الجمعة ‪453/2‬‬

‫‪ .12‬وكذلك رواه في كتاب الجهاد باب من غبرت قدماه في‬


‫سبيل اهلل ‪6./29‬‬

‫‪ .13‬رواه أبو نعيم في فضيلة العادلين من الوالة ص‪130‬‬

‫‪ .14‬وقال السخاوي‪ :‬رجاله ثقات اال سعيد بن بشير فهو‬


‫صدوق‬
‫‪ .15‬الرياض الناضرة والحدائق النيرة الزاهرة ص ‪183‬‬
‫ـ‪2.182.‬‬

‫‪ .16‬تفسير التحرير والتنوير‪ /‬تأليف‪ :‬شيخ اإلسالم محمد‬


‫الطاهر بن عاشور‪[ ،‬سورة البقرة‪ :‬اآلية ‪.]190‬‬

‫‪ .17‬تفسير المنتخب‪ /‬تأليف‪ :‬لجنة من علماء األزهر‪[ ،‬سورة‬


‫التوبة‪ :‬اآلية ‪.]36‬‬
‫‪ .18‬أحمد الطيب‪" .‬مفهوم الجهاد في اإلسالم ‪https://( "2‬‬
‫‪web.archive.org/web/20170308044923/htt‬‬
‫‪p://www.zanayan.org/arabic/articles.php?i‬‬
‫‪ . )d=1390&eid=264‬إتحاد علماء الدين اإلسالمي‬
‫في كوردستان‪ .‬مؤرشف من األصل (‪http://www.za‬‬
‫‪nayan.org/arabic/articles.php?id=1390&eid‬‬
‫‪ )=264‬في ‪.08-03-2017‬‬

‫‪ .19‬تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور‪ /‬تأليف‪:‬‬


‫السيوطي‪[ ،‬سورة الحج‪ :‬اآلية ‪.]40‬‬
‫‪ .20‬أخرجه أبو عبيد القاسم بن سالم في كتاب "األموال"‬
‫(ص‪ ،244 :‬ط‪ .‬دار الفكر)‪ ،‬وأبو عمر بن شبة الُّن َم ْي ري‬
‫في "تاريخ المدينة المنورة" (‪ ،586-2/584‬ط‪ .‬دار‬
‫الفكر)‪ ،‬وابن زنجويه في "األموال" (‪ ،2/449‬ط‪ .‬مركز‬
‫فيصل للبحوث)‪ ،‬وابن سعد في "الطبقات الكبرى"‬
‫(‪ ،1/266‬ط‪ .‬دار صادر)‪ ،‬والحافظ البيهقي في "دالئل‬
‫النبوة" (‪ ،5/389‬ط‪ .‬دار الكتب العلمية)‪ ،‬وذكره اإلمام‬
‫محمد بن الحسن الشيباني في كتاب "السير" (‪،1/266‬‬
‫ط‪ .‬الدار المتحدة للنشر)‪.‬‬

‫‪" .21‬تحريم االعتداء على الكنائس" (‪https://web.archiv‬‬


‫‪e.org/web/20170308045615/http://dar-alif‬‬
‫‪ta.org/ar/ViewResearch.aspx?ID=268&Lan‬‬
‫‪ . )gID=1‬دار اإلفتاء المصرية‪ .‬مؤرشف من األصل (‪ht‬‬
‫‪tp://dar-alifta.org/ar/ViewResearch.aspx?ID‬‬
‫‪ )=268&LangID=1‬في ‪.08-03-2017‬‬
‫‪ .22‬رواهما اإلمام الطبري في "تاريخه" (‪ ،2/449‬ط‪ .‬دار‬
‫الكتب العلمية)‪https://library.islamweb.net/h( .‬‬
‫‪adith/display_hbook.php?bk_no=334&pid=1‬‬
‫‪ )56877‬نسخة محفوظة (‪https://web.archive.o‬‬
‫‪rg/web/20170308044410/https://library.isl‬‬
‫‪amweb.net/hadith/display_hbook.php?bk_n‬‬
‫‪ 08 )o=334&pid=156877‬مارس ‪ 2017‬على‬
‫موقع واي باك مشين‪.‬‬

‫‪ .23‬ذكره ابن خلدون في "تاريخه" (‪ ،2/225‬ط‪ .‬دار إحياء‬


‫التراث العربي)‪.‬‬

‫‪ .24‬نقًال عن التسامح والعدوانية‪ ،‬صالح الحصين‪ ،‬ص‬


‫(‪.)121-120‬‬
https://library.islamweb.net/h( ‫ تخريج الحديث‬.25
adith/hadithServices.php?type=1&cid=1588
https://web.arch( ‫&) نسخة محفوظة‬sid=3260
ive.org/web/20160305070948/https://libra
ry.islamweb.net/hadith/hadithServices.ph
‫ مارس‬05 )p?type=1&cid=1588&sid=3260
.‫ على موقع واي باك مشين‬2016

:‫ الصفحة أو الرقم‬- ‫ غاية المرام‬:‫ المصدر‬- ‫ األلباني‬.26


.361 :‫ الصفحة أو الرقم‬- ‫شرح الطحاوية‬,313

https://web.( "‫ "الغاية من الجهاد وحكمة مشروعيته‬.27


archive.org/web/20191216132853/http://
www.dar-alifta.org/AR/ViewFatwa.aspx?ID
.‫ دار اإلفتاء المصرية‬. )=12788&LangID=1
http://www.dar-alifta.org/A( ‫مؤرشف من األصل‬
)R/ViewFatwa.aspx?ID=12788&LangID=1
.16-12-2019 ‫في‬
‫‪ .28‬تفسير تيسير التفسير‪ /‬تأليف‪ :‬إبراهيم القطان‪[ ،‬سورة‬
‫البقرة‪ :‬اآلية ‪.]195‬‬

‫‪ .29‬القرآن والقتال ص‪ ،89‬ط‪ .‬دار الفتح‪.‬‬

‫‪ .30‬العالقات الدولية في اإلسالم‪ ،‬ص‪ ،98‬ط‪ .‬دار الفكر‬


‫العربي‪.‬‬

‫‪ .31‬شبهات وإجابات حول الجهاد في اإلسالم‪ ،‬تأليف‪ :‬أ‪ .‬د‪.‬‬


‫علي جمعة‪ ،‬الناشر‪ :‬جمهورية مصر العربية‪ ،‬وزارة‬
‫األوقاف‪ ،‬المجلس األعلى للشئون اإلسالمية‪ ،‬نشر سنة‬
‫‪2002‬م‪ ،‬سلسلة دراسات إسالمية‪ ،‬تصدر في منتصف‬
‫كل شهر عربي‪ ،‬العدد ‪ ،83‬ص‪.19 :‬‬

‫‪ .32‬شبهات وإجابات حول الجهاد في اإلسالم‪ ،‬تأليف‪ :‬أ‪ .‬د‪.‬‬


‫علي جمعة‪ ،‬الناشر‪ :‬جمهورية مصر العربية‪ ،‬وزارة‬
‫األوقاف‪ ،‬المجلس األعلى للشئون اإلسالمية‪ ،‬نشر سنة‬
‫‪2002‬م‪ ،‬سلسلة دراسات إسالمية‪ ،‬تصدر في منتصف‬
‫كل شهر عربي‪ ،‬العدد ‪ ،83‬ص‪.20 :‬‬
‫ "القتال عندنا لمن قاتلنا وليس لمن‬.‫ سالم عبد الجليل‬.‫ د‬.33
https://web.archive.org/web/201703( "‫خالفنا‬
07123655/http://www.almostshar.com/Su
bject_Desc.php?Subject_Id=2236&Cat_Subj
‫ عبد‬- ‫ موقع المستشار‬. )ect_Id=35&Cat_Id=3
https://www.al( ‫ مؤرشف من األصل‬.‫الرحمن هاشم‬
mostshar.com/Subject_Desc.php?Subject_I
‫) في‬d=2236&Cat_Subject_Id=35&Cat_Id=3
.07-03-2017
‫ شهاب الدين‬:‫ تأليف‬/‫ أنوار البروق في أنواع الفروق‬.34
https://islamweb.net/ar/library/ind( .‫القرافي‬
ex.php?page=bookcontents&ID=204&idfro
m=639&idto=640&flag=0&bk_no=37&ayano
h( ‫=) نسخة محفوظة‬0&surano=0&bookhad=0
ttps://web.archive.org/web/201603050302
14/http://library.islamweb.net/newlibrary/di
splay_book.php?idfrom=639&idto=640&bk_
‫ على موقع واي‬2016 ‫ مارس‬05 )no=37&ID=204
.‫باك مشين‬
‫الفرق بين‬:‫ "طنطاوي‬.‫ الدكتور محمد سيد طنطاوي‬.35
https://web.archive.or( "‫اإلرهاب والجهاد واضح‬
g/web/20200517172715/https://www.yah
‫ مؤرشف‬.»‫ شبكة اإلعالم العربية «محيط‬. )/oo.com
http://www.moheet.com/2007/0( ‫من األصل‬
9/20/1470128/%D8%B7%D9%86%D8%B7%
D8%A7%D9%88%D9%8A-%D8%A7%D9%8
4%D9%81%D8%B1%D9%82-%D8%A8%D9%
8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D
8%B1%D9%87%D8%A7%D8%A8-%D9%88%
D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%87%D8%A
‫) في‬7%D8%AF-%D9%88%D8%A7.html
.16-12-2019
‫‪ .36‬الدكتور محمد سيد طنطاوي‪" .‬شيخ األزهر‪ :‬الفرق بين‬
‫التطرف والجهاد كالفرق بين السماء واألرض" (‪http‬‬
‫‪s://web.archive.org/web/2015111710560‬‬
‫‪3/http://archive.aawsat.com/details.asp?se‬‬
‫‪. )ction=4&article=181359&issueno=8992‬‬
‫صحيفة الشرق األوسط‪ .‬مؤرشف من األصل (‪http://a‬‬
‫&‪rchive.aawsat.com/details.asp?section=4‬‬
‫‪ )article=181359&issueno=8992‬في ‪-2015‬‬
‫‪.17-11‬‬

‫‪ .37‬اإلسالم السياسي والمعركة القادمة‪ /‬تأليف‪ :‬د‪ .‬مصطفى‬


‫محمود‪ ،‬الناشر‪ :‬دار أخبار اليوم‪ ،‬ص‪.22-21 :‬‬

‫‪ .38‬تفسير تيسير التفسير‪ /‬تأليف‪ :‬إبراهيم القطان‪[ ،‬سورة‬


‫البقرة‪ :‬اآلية ‪.]256‬‬

‫‪ .39‬تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي‪[ ،‬سورة البقرة‪:‬‬


‫اآلية ‪.]256‬‬
.‫ جالل الدين السيوطي‬:‫ تأليف‬/‫ اإلتقان في علوم القرآن‬.40
https://islamweb.net/ar/library/index.php?(
page=bookcontents&ID=286&idfrom=0&idt
o=0&flag=1&bk_no=68&ayano=0&surano=0
https://web.ar( ‫&) نسخة محفوظة‬bookhad=0
chive.org/web/20170102124045/http://libr
ary.islamweb.net/newlibrary/display_book.
‫ يناير‬02 )php?flag=1&bk_no=68&ID=286
.‫ على موقع واي باك مشين‬2017

‫ ابن‬:‫ تأليف‬/‫ نواسخ القرآن = ناسخ القرآن ومنسوخه‬.41


https://shamela.ws/browse.php/bo( .‫الجوزي‬
htt( ‫) نسخة محفوظة‬ok-2176/page-9#page-8
ps://web.archive.org/web/2015112009184
7/http://shamela.ws/browse.php/book-217
‫ على موقع واي باك‬2015 ‫ نوفمبر‬20 )6/page-9
]‫[وصلة مكسورة‬.‫مشين‬

.458 /4 ‫ اإلحكام في أصول األحكام البن حزم‬:‫ انظر‬.42


‫‪ .43‬أحمد الطيب‪" .‬مفهوم الجهاد في اإلسالم ‪https://( "1‬‬
‫‪web.archive.org/web/20170308045059/htt‬‬
‫‪p://www.zanayan.org/articles.php?id=1389‬‬
‫‪ . )&eid=264‬إتحاد علماء الدين اإلسالمي في‬
‫كوردستان‪ .‬مؤرشف من األصل (‪http://www.zanay‬‬
‫‪ )an.org/articles.php?id=1389&eid=264‬في‬
‫‪.08-03-2017‬‬

‫‪ .44‬جامع العلوم والحكم (‪ 460‬ـ‪ )489/1‬باختصار‪.‬‬


‫‪ .45‬حكم الجهاد وأنواعه (‪https://islamqa.info/ar/an‬‬
‫‪swers/20214/%D8%AD%D9%83%D9%85-%‬‬
‫‪D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%87%D8%A‬‬
‫‪7%D8%AF-%D9%88%D8%A7%D9%86%D9%‬‬
‫‪ )88%D8%A7%D8%B9%D9%87‬بقلم الشيخ‬
‫محمد صالح المنجد‪" .‬نسخة مؤرشفة" (‪https://web.‬‬
‫‪archive.org/web/20131005162226/http://‬‬
‫‪ . )www.islamqa.info/ar/ref/20214‬مؤرشف‬
‫من األصل (‪https://www.islamqa.info/ar/ref/2‬‬
‫‪ )0214‬في ‪ .05-10-2013‬اطلع عليه بتاريخ‬
‫‪.05-09-2019‬‬

‫‪ .46‬رواه مسلم (‪)1910‬‬

‫‪ .47‬انتهى من زاد المعاد (‪.)11 – 9 / 3‬‬

‫‪ .48‬فتاوى الشيخ ابن باز (‪.)335 ،334 / 7‬‬

‫‪ .49‬االفصاح عن معاني الصحاح «‪.»280/1‬‬

‫‪ .50‬سير اعالم النبالء «‪.»518/10‬‬


‫‪ .51‬قض المنطق ص ‪156‬‬

‫‪ .52‬الفقيه والمتفقة (‪)16/1‬‬

‫‪ .53‬جامع بيان العلم وفضله ص‪ ،60‬ص‪105.‬‬

‫‪ .54‬مجموع رسائل ابن رجب (‪.)36/1‬‬

‫‪ .55‬مصنف ابن ابي شيبة (‪.)540/4‬‬

‫‪ .56‬المدخل إلى السنن ص‪310.‬‬

‫‪ .57‬شرح حديث جبريل لشيخ اإلسالم ابن تيمية ص‪610.‬‬

‫‪ .58‬شرح صحيح البخاري (‪ 8‬ـ‪.)7/5‬‬

‫‪ .59‬شرح صحيح البخاري (‪ 50‬ـ‪.)49/5‬‬

‫‪ .60‬الفروق (‪.)375/2‬‬

‫وصالت خارجية‬
‫تسمية «الغزوات» في السيرة النبوية ال ينفي‬
‫أهدافها الدفاعية (‪https://web.archive.org/w‬‬
‫‪eb/20160415202554/http://aliftaa.jo/Qu‬‬
‫‪ - )estion.aspx?QuestionId=2706‬دائرة‬
‫اإلفتاء العام األردنية‪.‬‬
‫الجهاد أنواعه وضوابطه (‪http://www.saadalbr‬‬
‫‪eik.com/Sad/news.php?action=show&id‬‬
‫‪ )=468‬مقال بقلم الشيخ سعد البريك‪.‬‬

‫جهاد في المشاريع الشقيقة‪:‬‬


‫صور وملفات صوتية من كومنز‪.‬‬
‫اقتباسات من ويكي االقتباس‪.‬‬

‫بوابة الفقه اإلسالمي‬


‫بوابة اإلسالم‬
‫بوابة العلم في عصر الحضارة اإلسالمية‬
‫بوابة التاريخ اإلسالمي‬
‫بوابة محمد‬
‫بوابة صحابة‬
‫بوابة السياسة‬
‫بوابة األديان‬

‫مجلوبة من «?‪https://ar.wikipedia.org/w/index.php‬‬
‫‪&oldid=61978769‬جهاد=‪»title‬‬

‫آخر تعديل لهذه الصفحة كان يوم ‪ 27‬مارس ‪ ،2023‬الساعة‬


‫‪• .15:17‬‬
‫المحتوى متاح وفق ‪ CC BY-SA 3.0‬إن لم يرد خالف ذلك‪.‬‬

You might also like