Professional Documents
Culture Documents
التكليف السادس
التكليف السادس
ظهر هنا الشيطان وقد يأس من الحياة بعدما قُ ضي على معظم عمره فيها ،وأزهقت روح الشر التي كانت بداخله .وقد كان قد سئم من
االتهامات بالشر التي تالحقه ،مع أنه قد اقلع عن إغواء الشر منذ قرون عديدة ،وقرر االنعزال في إحدى األماكن النائية البعيدة عن البشر
.وشرورهم
سئم من العار الذي ألصقه به البشر ويالحقه في كل مكان يذهب إليه ،ومن الصاق خطايا البشر به ،فقط به ال يلوم نفسه ،هم فقط يلومون
.الشيطان ،مطلق الشر ،ذو القوة الهائلة
وفي مشه ٍد اخير ،ذهب الشيطان قار ًعا لباب الفيلسوف ،حاماًل يأسه كصخرة "سيزيف" على ظهره ،وقد انتصف الليل .فتح الفيلسوف،
فإذا به يجد الشيطان الحزين ،وقال في فزع" :هل أنت آبيس ملك الخطايا وعدو اإلنسان األول؟" استاء الشيطان ورد في حزن" :هل أنت
.اآلخر تصدق هذا الكالم؟ كنت أعتقد أن الفالسفة يفكرون عن بقيتهم
سأله الفيلسوف عن سبب قدومه ،وإذ به إبليس يروي عليه القصة ،ويخبره عن سبب القدوم إليه في هذه الساعة من الليل ،قائالً" :أتعلم ما
سبب قدومي إليك؟
رد الفيلسوف :لماذا ال تخبرني أنت؟
قال له :قد سئمت من هذه الحياة ومن شر البشر وغرورهم وعشقهم ألهوائهم وعدم تحملهم مسؤولية ذلك ونسبها دائمًا لي ،لي أنا وحدي
دونهم .سئمت من العار وتحمل الذنب والمسؤولية عن أشياء ال تمت لي بصلة .أتمنى لو كان بمقدوري أن أموت ببساطة ،ولكن موتي
مرتبط بموت البشر ،فهل من طريقة إلشعال نيران الحرب حتى أرتاح من الحياة البائسة تلك؟
.فسكت الفيلسوف مفكرً ا لبعض الوقت ،ثم قال انت ال تزال كما كنت لم تتغير ابدا