Professional Documents
Culture Documents
كتاب اللغة والتفكير - منصة الشامل الإلكترونية
كتاب اللغة والتفكير - منصة الشامل الإلكترونية
بينما أنا هنا مقيد في سجن مدينة برمنجهام اطلعت مصادفة على البيان األخير لكم والذي يدعي أن
نشاطي الحالي" غير حكيم وسيئ التوقيت" .نادرا ماأتوقف للرد على انتقاد أعمالي وأفكاري .لو أريد
أن أجاوب على جميع اإلنتقادات التي تعبر على طاولتي ،فأن السكرتارية لن تملك اال الوقت القليل
ألي عمل آخر سوى مثل هذه المراسالت خالل اليوم وسوف لن يصبح لدي الوقت ألي عمل بناء.
لكن بما أنني أشعر أنكم رجال ذوو نية حسنة وانتقادكم عبرتم عنه بإخالص ،أنني أريد المحاولة
لإلجابة على بيانكم فيما أتمنى أن يكون بصبر وعبارات معقولة.
أعتقد ينبغي أن أشير لماذا أنا هنا في برمنجهام ،بما أنكم متأثرون بوجهة النظر التي تجادل ضد"
الخوارج حضروا" أنني أحظى بشرف خدمتي في منصب رئيس مؤتمر القيادة المسيحية في
الجنوب ،المنظمة التي تعمل في كل الواليات الجنوبية ومكتبها الرئيسي في أتالنتا /جورجيا .لدينا
85منظمة تابعة في الجنوب وواحدة منهم "الحركة المسيحية في االباما لحقوق اإلنسان" .أحيانا
نتقاسم الموارد العمالية ،التعليمية والمالية مع فروعنا .منذ عدة شهور فرعنا هنا في برمنجهام طلب
منا أن نكون تحت الطلب لالشتراك في برنامج الفعل المباشر الالعنفي اذا أصبح ذلك ضروريا .نحن
فورا وافقنا ولما حانت الساعة كنا نعيش وعدنا .ولذلك أنا وعدد من الموظفين معي هنا ألننا تمت
دعوتنا الى هنا .أنا هنا ألن عندي روابط تنظيمية.
لكن ببساطة أكبر أنا في برمنجهام ألن الظلم يوجد هنا ،بالضبط كما األنبياء في القرن الثامن قبل
الميالد غادروا قراهم وحملوا معهم" هكذا قال الرب" أبعد من حدود محل مسقط رؤوسهم ،وتماما
مثل الحواري -بول -هاجر من قريته تورس وحمل معه إنجيل المسيح عيسى الى الزوايا البعيدة في
العالم الروماني -األغريقي ،ولهذا أنا مجبر أن أحمل انجيل الحرية بعيد جدا من بلدتي .كما بول البد
أن أستجيب دائما الى دعوة المقدونيين لألنقاذ.
من ناحية أخرى أنا مدرك للعالقة المتداخلة بين جميع المجتمعات والواليات .من غير الممكن أن
أجلس عاطال في أتالنتا غير مكترث بما يحدث في برمنجهام .الظلم في أي مكان هو تهديد للعدالة في
كل مكان .نحن عالقون في شبكة ال مفر فيها من التبادلية ،مربوطين في لباس مصيري واحد .ما يؤثر
على أحد مباشرة يؤثرعلى الجميع على نحو غير مباشر .ال يمكن نتحمل أن نعيش بالفكرة الضيقة
والمحلية" المحرضون الخوارج" .أي فرد يعيش داخل الواليات المتحدة اليمكن إعتباره خارجي في
اي مكان داخل هذه الحدود.
أنتم أستهجنتم المظاهرات التي جرت في برمنجهام ،غير أن البيان ،من المؤسف أن أقول فشل في
التعبير عن قلق مماثل للظروف التي أنتجت المظاهرات .أنا على يقين بأن ال أحد منكم يريد أن
يرتاح مقتنعا ً بالتحليل اإلجتماعي السطحي والذي يتعامل فقط بالتأثيرات وال يُمسك باألسباب
الجوهرية .من سوء الحظ أن تجري المظاهرات في برمنجهام ،ولكن األسوء مؤسسة السلطة البيضاء
للمدينة تركت المجتمع الزنجي بدون خيارات.
في أي حملة العنفية هنالك أربع خطوات رئيسة :جمع الحقائق للتأكد من وجود الظلم ،التفاوض،
تطهير النفس ،والعمل المباشر .نحن قمنا بكل هذه الخطوات في برمنجهام ،وال يمكن إنكار حقيقة
الظلم العنصري الذي يبتلع هذا المجتمع .برمنجهام من المحتمل ان تكون أعظم مدينة معزولة تماما
في الواليات المتحدة .وسجلها الوحشي الفظيع معروف على مستوى عريض .الزنوج جربوا التعامل
الظالم التام في المحاكم .التفجيرات التي ليس لها حل لبيوت وكنائس الزنوج في برمنجهام هي األكثر
من بين المدن في البالد .وهي تلك الحقائق الصعبة والمؤلمة للقضية .وانطالقا من هذه األوضاع،
القادة الزنوج أرادوا التفاوض مع اآلباء في هذه المدينة ،لكنهم أصروا على الرفض في الولوج في
مفاوضات حسن نية.
ومن ثم في سبتمر الفائت أتت الفرصة إلجراء محادثات مع قادة المجتمع االقتصادي في برمنجهام.
وفي مسار النقاشات ثمة وعود محددة حدثت من التجار ومثال ذلك إزالة اللوحات العنصرية والمهينة
على المتاجر .وبناء على تلك الوعود فإن القس فريد شتلزورث والقادة في الحركة المسيحية في
والية االباما لحقوق اإلنسان وافقت على تعليق كافة التظاهرات .ومع مرور األسابيع والشهور،
أدركنا أننا كنا ضحية الوعد المنقوض .لوحات قليلة أُزيلت لمدة قصيرة واُعيدت واألُخريات بقيت
مكانها.
كما في تجاربنا العديدة السابقة تبددت آمالنا واستوطنتنا ظالل من اإلحباط العميق .لم تكن لنا خيارات
باستثناء التحضير للعمل المباشر ،وتقديم أجسادنا كسبيل لطرح قضيتنا أمام ضمير المجتمع المحلي
والوطني .مدركين للمصاعب قررنا الشروع في عملية تطهير النفس .بدأنا سلسلة من ورش العمل
بخصوص الالعنف وكررنا السؤال على ذواتنا" هل بامكانكم قبول الهجوم من غير إنتقام؟ " و" هل
بامكانكم تحمل محنة السجن؟ " قررنا التخطيط لبرنامج العمل المباشر أثناء عيد الفصح ،مدركين
ماعدا أعياد الميالد ،فهذا وقت التسوق األساسي خالل العام .ومطلعين على أن برنامج انسحاب
اقتصادي قوي سيكون مصاحبا ً للعمل المباشر ،وشعرنا أن هذا أفضل وقت لمارسة الضغط على
التجار للتغيير المنشود.
وحدث أن انتخابات رئاسة بلدية برمنجهام قادمة في مارس ،واتخذنا قرارا على وجه العجالة بتأجيل
العمل حتى مابعد يوم اإلنتخاب .عندما أكتشفنا أن مفتش الشرطة للسالمة بول كونور جمع أصواتا
تكفي ليدخل الجولة الثانية .قررنا مرة أخرى تأجيل العمل الى مابعد الجولة الثانية حتى التُستخدم
المظاهرات في تضليل القضايا .مثل الكثيرين أنتظرنا لنرى هزيمة السيد كونور والى هنا تحملنا
تأجيل يتلوه تأجيل .لمساعدة هذا المجتمع شعرنا بأن برنامج العمل المباشر لم يعد قابال للتأجيل.
لربما يُطرح السؤال " :لماذا العمل المباشر؟ " لماذا اإلعتصامات ،المسيرات وهلم جرا؟ أليس
التفاوض طريقا أفضل؟ هذا صحيح جدا للدعوة للتفاوض .بالطبع هذه الغاية ذاتها للعمل المباشر.
العمل المباشر الالعنفي يبحث عن خلق أزمة وايجاد توتر إلجبار المجتمع الرافض باستمرار للحوار
بقبول ذلك ،وتبحث عن تهويل القضية حتى اليمكن تجاهلها مستقبال .استشهادي بخلق حالة توتر
كجزء من العمل المقاوم الالعنفي لربما يبدو صادما جدا .ولكن يجب أن أعترف أنني لست خائفا من
كلمة"توتر" .أنا عارضت جديا التوتر العنفي ولكن يوجد نوعا من التوتر البناء الالعنفي الضروري
لإلنتاج .بالضبط كما شعر سقراط بضرورة خلق توتر في العقول حتى يتمكن األفراد من النهوض
من اإلستعباد للخرافة وأنصاف الحقيقة الى فضاء التحرر من التحليل الخالق والتقييم الموضوعي،
ولذلك يجب علينا ان نرى الحاجة الى ذبابة الخيل الال عنفية إلحداث نوعية التوتر في المجتمع
ليساعد الرجال على النهوض من األعماق المظلمة في التعصب والعنصرية الى القمم الملكوتية من
التفهم واألخوة.
الغاية من برنامج العمل المباشر هو خلق حالة لضغط األزمة وحتما ً ستفتح بابا ً للتفاوض .ولذلك أنا
أتفق مع دعوتكم للحوار .لفترة طويلة أحباؤنا في الجنوب عالقون قي جهد تراجيدي للعيش منفردين
عوضا من الحوار الثنائي.
أحد أهم النقاط في بيانكم أنني وزمالئي في برمنجهام كان التوقيت لعملنا غير مناسبا " .لماذا ال
تعطون اإلدارة الجديدة للمدينة الوقت لتعمل؟ " الجواب الوحيد الذي بامكاني أقدمه لكم على هذا
التساؤل هو أن اإلدارة الجديدة لبرمنجهام يستوجب حثها كما االدارة السابقة قبل أن تعمل .نحن من
المحزن مخطئون اذا شعرنا أن إنتخاب السيد البرت بوتويل رئيسا للبلدية سيجلب األلفية الى
برمنجهام .بينما السيد بوتيل شخصا أكثر لطفا ً من السيد كونور ،كالهما عنصريان ،مخلصان
إلستمرار الوضع الراهن .عندي أمل أن السيد بوتيل عقالنيا بأن يبصر العقم من المقاومة الهائلة
إللغاء التمييز العنصري .ولن يعرف هذا دون الضغط من مناصري الحقوق المدنية.
أصدقائي يجب ان أقول أننا لم نحصل على مكسب واحد في الحقوق المدنية بدون ضغط سلمي
وقانوني بإصرار .من المحزن أن الحقيقة التاريخية هي أن الفئات صاحبة اإلمتيازات نادرا ما تنازل
عن إمتيازاتها طواعية .األفراد من المحتمل أن يروا النور األخالقي وطوعا يتخلوا عن موقفهم
الظالم ،ولكن كما يذكرنا رينهولد نيبهور ،المجموعات تميل الى انعدام األخالقية أكثر من األفراد.
نحن نعرف من خالل الخبرات المؤلمة أن الحرية ال توهب طواعية من قبل المستبد ،يجب أن تُنتزع
بواسطة المقموعين .حقا ً يجب أن أنخرط في حملة برنامج العمل المباشر " التوقيت الجيد" في نظر
هؤالء الذين لم يعانون بإفراط من مرض العزل العنصري .لسنوات اآلن أستمعت الى كلمة" انتظر"
انها تقرع أُذن كل زنجي مع معرفة ثاقبة .هذا " اإلنتظار" دائما تقريبا يعني " كال" .يجب أن نرى
من أحد قضاتنا المتميزين أن " عدالة متأخرة طويال يعني إنكار العدالة".
إننا إنتظرنا أكثر من ثالثمائة وأربعون عاما لنيل حقوقنا الدستورية والموهوبة لنا من هللا .دول آسيا
وأفريقيا يتحركون بسرعة الطائرة الى األمام يحققون االستقالل السياسي ،لكن نحن نزحف بثبات
بخطى عربة الحصان لنحصل على فنجان قهوة على منضدة غداء .من السهولة المحتملة ألولئك
الذين اطالقا لم يشعروا بالنبال الالذعة للعزل العنصري أن يقولوا" انتظروا" .لكن عندما تشاهد
الغوغاء الخبثاء يقتلون عمدا األمهات واآلباء بالشهوة ويغرقون أخواتك وأخوانك بسبب النزوة،
عندما ترى الكراهية مألت شتائم رجال الشرطة ،يركلون وحتى يقتلون اخوانك وأخواتك ،لما تعاين
األغلبية الساحقة من ال 20مليون من إخوانك الزنوج يختنقون في قفص محكم من الفقر في وسط
مجتمع ثري ،حينما فجأة تكتشف لسانك ملويا ً وخطابك متتلعثما ً عندما تبحث أن تشرح ألبنتك ذات
الست سنوات لماذا هي التستطيع الذهاب الى منتزه ترفيهي عام والذي لتوه يروج له على التلفزيون
وترى الدموع تتدفق في عيونها عندما تعلم أن القرية الترفيهية مغلقة على األطفال الملونين ،وتشاهد
غيوم الشؤم من اإلزدراء تبدأ في تشكيل سماء عقلها ،وتراها تبدأ في تشويش شخصيتها إثر القسوة
الغير واعية تجاه البيض ،عندما يجب عليك تلفيق جوابا إلبنك صاحب الخمس سنوات الذي يسأل"
أبي لماذا المواطنين البيض يعاملون المواطنين السود باحتقار؟ " ،عندما تجوب أمريكا بسيارتك
وتكتشف ان عليك النوم ليلة بعد ليلة مضطرا ً في زوايا غير مريحة من سيارتك ألن الفنادق ترفضك،
ولما تتعرض لإلهانة في كل يوم باليافطات "األبيض" و"الملون" ،وعندما يُصبح إسمك األول "
زنجي" وإسمك األوسط "ولد" «حتى وأنت ُمسن» واسمك األخير"جون" ،وزوجتك وأمك التعطى
إطالقا لقب محترم " سيدة" ،ولما تغزى نهارا ً وتُصطاد ليالً بالحقيقة أنك زنجي تعيش باستمرار على
رؤوس أصابع قدمك ،التعلم ماذا تتوقع بعد ،ومصاب بالخوف من الداخل واإلستياء من الخارج،
ولما دوما ً تصارع شعور انحطاطي ب"النكرة" ،سوف تفهم لماذا نحن نجد من الصعوبة اإلنتظار.
إنه يأتي وقت عنده يفيض فنجان الصبر ،والرجال اليريدون أن ينغمسوا في هاوية اليأس .أنني أتمنى
ياسادة أن يكون باستطاعتكم فهم تململنا الحتمي والشرعي.
أنكم عبرتم عن قدر كبير من القلق تجاه رغبتنا في خرق القوانين .وهذا بالتأكيد قلق مشروع .وبما
أننا نطالب الناس بجد أن ينصاعوا لقرار المحكمة العليا لعام 1954بتجريم العزل العنصري في
المدارس العامة ،بنظرة أولية من الممكن يبدو لنا تناقض أننا نخالف القانون قصداً .من المحتمل ان
يسأل الواحد " كيف لكم أن تساندوا مخالفة قوانين وإلمتثال لقوانين أخرى؟ " والجواب يكمن في
الحقيقة بوجود نوعان من القوانين :عادلة وظالمة .سأكون أول شخص بدعم اإلمتثال للقوانين العادلة.
الشخص ليس لديه فقط مسئولية قانونية ولكن مسئولية أخالقية ان يطيع القوانين العادلة .وعلى
النقيض لدية مسئولية أخالقية أن يرفض القوانين الجائرة .ينبغي أن أتفق مع القديس أوغسطين أن "
القانون الجائر ليس قانونا أبدا".
واآلن ماهو الفرق بين اإلثنين؟ كيف يستطيع المرء أن يقرر ماإذا كان القانون عادالً أم جائراً؟
القانون العادل نظام من صناعة اإلنسان يتوافق مع القانون األخالقي أو القانون اإللهي .القانون
الجائر نظام ال ينسجم مع القانون األخالقي .بتعبير القديس توماس األكويني :القانون الجائر قانون
انساني غير متجذر في القانون األبدي والقانون الطبيعي .أي قانون يرفع من قيمة شخصية اإلنسان
عادل .أي قانون ي ُحط من شخصية اإلنسان جائر .كل تشريعات الفصل العنصري هي ظالمة ألن
العزل العنصري يُشوش الروح ويُدمر الشخصية .إنه يعطي الممارس للتميز شعور وهمي بالفوقية
وللضحية المعزول شعور كاذب بالدونية .الفصل العنصري ،باستخدام تعبير الفيلسوف اليهودي
مارتن بوبر ،تبديل عالقة " أنا /هذا «لغير العاقل» مكان أنا /أنت «للعاقل» " وينتهي الى تنزيل
درجة األشخاص الى حالة األشياء .ولذلك العزل العنصري ليس مضرا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا
فحسب وإنما خطأ ً أخالقيا مشيناً .بول تلخ قال الحرام هو العزل .اليس العزل العنصري تعبير
وجودي عن فصل انساني مأساوي ،وجفاء فظيع وأثم رهيب؟ ولذلك أنا أحث الرجال ان يمتثلوا قرار
1954للمحكمة العليا ،ألنه أخالقيا عادال .ويمكنني أستحثهم لعصيان أوامر العزل العنصري ألنها
أخالقيا جائرة.
دعونا نأخذ مثاال صلبا للقوانين العادلة والجائرة .القانون الجائر هو تشريع بواسطته األكثرية العددية
أو القوية تُجبر مجموعة األقلية لإلمتثال ولكن األكثرية ال تلتزم .هذا التمايز يصبح قانونيا .وبنفس
المنطق ،القانون العادل هو تشريع بواسطة األكثرية تُجبراألقلية لإلمتثال واألكثرية تلتزم بالطاعة.
هذه الشبهية تجعله قانونيا.
دعوني أعطي شرحا آخر .القانون جائر إذا طبق على أقلية وبالنتيجة تُحرم من حقها في التصويت،
وليس لها دور في تشريع القانون .من يستطيع القول أن المجلس التشريعي لوالية االباما الذي وضع
قوانين العزل العنصري كان منتخبا بطريقة ديموقراطية؟ في كامل والية االباما كل أصناف
األساليب الخداعية أستعملت لمنع الزنوج من القيد االنتخابي وفي كثير من المقاطعات والتي يشكل
الزنوج فيها األكثرية من السكان لم يسجل زنجيا واحدا .هل أي قانون يُشرع تحت مثل هذه الحاالت
يمكن إعتباره ديموقراطياً؟
أحيانا القانون عادالً في ظاهره وجائرا في تطبيقه .مثال ذلك أنني أُعتقلت بتهمة المشاركة في
المظاهرة بدون ترخيص .اآلن اليوجد خطأ في وجود أمر يستدعي التصريح للمظاهرة .لكن مثل هذا
األمر يصبح غير عادال عند استعماله إلستمرار العزل العنصري وحرمان المواطنين من امتياز
التعديل األول للتجمع والتظاهر السلمي.
أنني آمل انكم قادرون على رؤية الفرق الذي أحاول اإلشارة له .أحاول أن أوضح تحت أي حالة أنا
ال أؤيد التحايل أو تحدي القانون كما يفعل الممارس المسعور للعزل العنصري .ألن ذلك يقود الى
الفوضوية .الشخص الذي يخالف القانون الظالم يجب أن يفعل ذلك في العلن وبحب وبقبول العقاب.
أنا أقر أن الفرد المخالف للقانون والذي يملي عليه ضميره الظلم والذي بإرادته يقبل عقوبة السجن
لكي يرفع مستوى الوعي في المجتمع بخصوص الظلم هو في الواقع تعبير عن أسمى إحترام للقانون.
وبالتأكيد اليوجد أي جديد من هذا النوع من العصيان المدني .كان واضحا جدا في رفض شارداش،
ميشيل ،وابدنيغو لإلمتثال لقوانين نيبوشاندزار على أرضية أن القانون األخالقي الرفيع في خطر.
كان يمارس بامتياز من قبل المسيحين القدامى الذين كانوا على استعداد لمواجهة األسود الجائعة
واأللم الموجع من قطع الحجارة وال الخضوع لقوانين معينة مجحفة لإلمبراطورية الرومانية .الى
درجة الحرية االكاديمية هي اليوم حقيقة ألن سقراط مارس العصيان المدني .في رأينا حزب الشاي
في بوسطن مثل عمال كبيرا للعصيان المدني.
ينبغي أن الننسى إطالقا أن كل شئ فعله أدولف هتلر في المانيا كان "قانونيا" وكل شئ المحاربون
الهنجاريون للحرية فعلوه كان" غير قانونيا" .لم يكن قانونيا أن تساعد وتحتضن اليهودي في المانيا
هتلر .ورغم ذلك أنا واثقا لو كنت أعيش في المانيا في ذلك الوقت ،لقمت بمساعدة وايواء أخواني
اليهود .لو كنت اليوم أعيش في دولة شيوعية والتي تقمع بعض المبادئ العزيزة عند األيمان
المسيحي فسوف أدعم علنا عصيان قوانين الدولة التي ضد الدين.
يجب أن اقوم باعترافيين أمينيين لكم ،أخواني المسيحيون واليهود .أوال يجب أن أعترف أنه خالل
السنوات القليلة الماضية كنت محبطا بشكل خطير من البيض المعتدلين .لقد بلغت تقريبا اإلستنتاج
المؤسف بان الحجرة العثرة الكبيرة للزنجي في تقدمه باتجاه الحرية ليس عضو المواطنين البيض أو
كوكو كالنير ولكن األبيض المعتدل ،المخلص األكثر "للنظام" من العدالة ،والذي يُفضل السالم
السلبي والذي يعني غياب التوتر عوضا عن السالم اإليجابي والذي يعني وجود العدالة ،الذي يردد
باستمرار" أنا أتفق معكم في هدفكم المنشود ولكن ال أستطيع الموافقة على أساليبكم في العمل
المباشر" ،والذي يؤمن بطريقة أبوية أنه يستطيع وضع جدوال زمنيا لحرية الرجل اآلخر ،الذي
يعيش بمفهوم أسطوري للوقت والذي دائما ينصح الزنجي باإلنتظار " لموسم أكثر مالءمة" .فهم
سطحي من أناس بنية طيبة يُحبط أكثر من فهم مطلق ألناس بنية مريضة .قبول فاتر أكثر إرباكا من
رفض تام.
كنت آمل من البيض المعتدلين أن يفهموا أن القانون والنظام يوجدان لغرض إقامة العدالة وعندما
يفشال في هذا الغرض يصبحا سدودا منظمة خطيرة ويعيقا تقدم التطور اإلجتماعي .لقد تمنيت على
البيض المعتدلين أن يعوا أن التوتر الجاري في الجنوب هو مرحلة ضرورية لإلنتقال من السالم
السلبي البغيض ،والذي يقبل فيه الزنجي بشكل سلبي بورطته الظالمة ،الى مرحلة سلم حقيقية
وإيجابية ،يحترم فيه الجميع كرامة وقيمة الشحصية البشرية .واقعا نحن الذين شاركنا في العمل
المباشر الالعنفي لسنا من أوجدنا التوتر .نحن فقط أبرزنا الى السطح التوتر الحي مسبقا والمستور.
ابرزناه للعلن لرؤيته والتعاطي معه .مثل الدملة التي اليمكن معاجتها إطالقا مادامت ال تُرى حتى
تبرز مع قبحها الى العالج الطبيعي تحت النور والهواء ،الظالم يجب إبرازه مع كامل التوتر
المصاحب الى نور الضمير اإلنساني والى هواء الرأي الوطني قبل التمكن من عالجه.
في البيان أكدتم بأن أفعالنا رغم سلميتها ،يستوجب شجبها ألنها تولد العنف .لكن هل هذا توكيد
منطقي؟ اليس ذلك كما شجب الرجل المسروق ألنه يحمل نقودا أنتجت الفعل الشيطاني للسرقة .أليس
ذلك كما إدانة سقراط اللتزامه الثابت بالحقيقة وتساؤالته الفلسفية التي عجلت الفعل للرعاع بأن
يشرب السم؟ اليس ذلك كما إدانة عيسى لوعيه الرباني المميز وعدم توقف أخالصه إلرادة هلل عجلت
العمل الشيطاني لصلبه؟ يجب ان نعلم كما أكدت دائما المحاكم الفدرالية ،إن من الخطأ الطلب من
الشخص وقف جهوده لنيل حقوقه الدستورية ألن الطلب قد ينتج عنفا .المجتمع يجب عليه أن يحمي
المسروق ويعاقب السارق.
أنا كذلك تمنيت أن البيض المعتدلين يرفضون الخرافة فيما يخص التوقيت بالعالقة الى النضال من
أجل الحرية .للتو استلمت رسالة من أخ أبيض من تكساس .لقد كتب :كافة المسيحين يعرفون أن
الملونين سوف يحصلون أخيرا على حقوق متساوية ،لكن من المحتمل أنك في استعجال ديني كبير.
المسيحية أخذت تقريبا الفين عام لتنجز ماأنجزت .تعاليم المسيح أخذت وقتا لتصل الى األرض .مثل
هذا الموقف ينشأ من سوء الفهم المأساوي للوقت ،من الفكرة العقلية الغريبة بأن هناك شيئا ما فى
مجرى الوقت ذاته سوف حتما سيعالج كل األمراض .في الواقع أن الوقت ذاته محايدا ،ويمكن
استعماله للهدم أو البناء .أكثر وأكثر أشعر ان الناس المرضى يستخدمون الوقت أكثر فاعلية كثيرا
من الناس ذوو النوايا الحسنة .نحن يستوجب علينا ان نندم في هذا الجيل ليس فقط ألجل كلمات
الكراهية وأعمال الناس السيئين ولكن للصمت الرهيب من قبل الناس الجيدين .التقدم البشري اليجري
على دواليب الحتمية ،انه يأتي من خالل الجهود الحثيثة لرجال يرغبون أن يكونوا خداما هلل وبدون
هذا العمل الشاق يصبح الوقت ذاته حليف لقوى الجمود اإلجتماعي .علينا أن نستغل الوقت بشكل
خالق ،بالمعرفة أن الوقت دائما مؤات للعمل السليم .حان الوقت لنصنع حقيقة الوعد الديموقراطي
ونحول المرثية الوطنية المعلقة الى نشيد خالق لألخوة .اآلن الوقت المناسب لنرفع سياستنا الوطنية
من الرمال المتحركة من الظلم العنصري الى الصخور الصلبة للكرامة اإلنسانية.
أنتم تتحدثون عن نشاطنا في برمنجهام كتطرف .في البداية كنت محبطا ً أن زمالئي رجال الدين
يعتبرون جهودي الالعنفية مشابهة ألعمال المتطرفين .وبدأت أفكر عن الحقيقة أنني أقف بين قوتين
متعاكستين في الوسسط الزنجي .واحدة من القوى هي الرضا ،وتتشكل جزئيا من الزنوج الذين
وبسبب السنين الطويلة من القمع أصبحوا مجففين من أحترام الذات واإلحساس ب " الشخصية"
ألنهم تأقلموا مع الفصل العنصري ،وقسما من الزنوج من الطبقة الوسطى لجهة األمن األكاديمي
واإلقتصادي الى درجة وبسبب أحيانا اإلستفادة من الفصل العنصري أصبحوا ال يشعرون بمشاكل
األغلبية .والقوة األخرى هي قوة المرارة والكراهية وقاربت تشجيع العنف بشكل بالغ الخطورة .ويتم
التعبير عنها في مختلف التجمعات الوطنية للسود وتنتشر عبر البالد ،األكبر واألكثر شهرة الحركة
اإلسالمية لالليجا محمد .مدعومة بإحباط الزنوج من وجود التمييز العنصري المستمر .هذه الحركة
تتكون من أناس فقدوا ثقتهم بأمريكا التي تنكرت للمسيحية ،والتي قررت أن الرجل األبيض
"شيطان" مريد.
لقد حاولت أن أقف بين هاتين القوتين قائال علينا ان النحاكي" افعل الشئ" للراضين وال الكراهية
للوطنيين السود اليائسين .ألجل وجود طريقة أكثر جودة من الحب واإلحتجاج السلمي .أشكر هللا ومن
خالل تأثير كنيسة الزنوج ،منهجية الالعنف أمست جزءا ً تاما ً من نضالنا.
ولو لم تبرز هذه الفلسفة فإنني على قناعة بأن الشوارع في الجنوب سالت بالدماء .وأنا على قناعة
أكبر لو أن أخواننا البيض تركوا امثال" مثيرون دهماء" و" محرضون خوارج" نحن من استخدمنا
العمل المباشر الالعنفي ،ولو أنهم رفضوا دعم جهودنا السلمية ،ماليين من الزنوج نتيجة اإلحباط
واليأس سوف يبحثون عن العزاء واألمن في ايدولوجيات الوطنيين السود ،وهو تطور حتما سيقود
الى كابوس عنصري فظيع.
الشعب المضطهد ال يمكن أن يبقى مضطهدا الى األبد .اللهفة للحرية تكشف في النهاية عن ذاتها،
وهذا ماحدث للزنوج االمريكيين .شيئا ما بداخله ذكره بحريته المكتسبة منذ الوالدة ،وشيئا اخر ذكره
بمقدوره نيل الحرية .شعوريا أو ال شعوريا لقد تعلق بروح العصر ،وبإخوانه السود من أفريقيا،
والسمر والصفر من آسيا ،جنوب أمريكا والكاريبي ،زنوج الواليات المتحدة يتقدمون بالشعور بعجلة
ملحة نحو األرض الموعودة بالعدالة العرقية .اذا المرء تفهم االلحاح الحيوي الذي ابتلع المجتمع
الزنجي ،يُفترض أن يفهم بسهولة لماذا حدوث المظاهرات العامة .الزنجي لديه إستياء مكبوت
واحباط مستتر ويجب تفريغها .ولذلك دعوه يتظاهر ويقوم بحج صلواتي الى مبنى البلدية .إتركوه
يذهب لسياحة حرة وحاولوا أن تفهموا لماذا هو يجب عليه فعل ذلك .اذا انفعاالته المكبوته لم تُفرغ
بوسائل سلمية سيتم التعبير عنها بوسائل العنف ،وهذا ليس تهديدا ولكن حقيقة تاريخية .ولذلك أنا لم
أخاطب جمهوري " تخلص من سخطك" بل بالعكس حاولت أن أقول ذلك االستياء الصحي والطبيعي
يستدعي توجيهه الى مصب خالق بفعل مباشر ال عنفي .واآلن هذه المقاربة تسمى تطرفا ً.
وعلى الرغم أني مبدئيا كنت محبطا بتصنيفي كمتطرف ،مع استمراري بالتفكير في القضية بالتدريج
حصلت على مقدار من الرضا من هذا التصنيف .ألم يكن عيسى متطرفا للحب :أحب أعدائك ،وبارك
لهم شتيمتك ،إعمل الخير لمن يكرهوك ،وادعوا لهم الذين يزدروك ويضطهدوك .الم يكن اموس
متطرفا ألجل العدالة" دع العدالة تتدحرج مثل الماء ،واإلنصاف كنهر دائم التدفق" .ألم يكن الحواري
بول متطرفا لالنجيل المسيحي" أنا أحمل في جسدي عالمات المسيح عيسى" .ألم يكن مارتن لوثر
متطرفا " :هنا أقف ال يمكن أفعل غير ذلك ،ساعدني ياهللا" وجون بونيون " :سوف أمكث في السجن
الى آخر أيامي قبل أن أذبح ضميري " .والى ابراهيم لينكولن " :هذا الوطن ال يمكن أن يستمر نصف
عبيد ونصف أحرار" .والى توماس جيفرسون " :نحن نمسك الحقائق لتكون دليال بديهيا على أن كل
الرجال ُخلقوا متساوون" " ....إذن السؤال ليس هل نحن متطرفون ،ولكن من أي نوع من المتطرفين
سنكون .هل متطرفون للكراهية أو للحب؟ هل متطرفون للحفاظ على الظلم أو لتوسيع العدالة؟ في
صلبوا .يجب أن ال تتسى بتاتا كلذلك المنظر الدرماتيكي على هضبة كالفري ثالثة من الرجال ُ
صلبوا لذات الجريمة -جريمة التطرف .إثنان متطرفان لسوء السلوك ولذلك سقطوا أدنى من الثالثة ُ
بيئتهم .واآلخر المسيح عيسى كان متطرف ألجل الحب ،الحقيقة والخير ،ولذلك إرتفع فوق بيئته .من
المحتمل الجنوب ،الوطن والعالم في حاجة ماسة للتطرف الخالق.
كنت قد تمنيت على البيض المعتدلين أن يدركوا هذه الضرورة .لربما كنت مفرطا في التفاؤل ولربما
بالغت في التوقعات .أتصور كان ينبغي أن أًدرك أن األعضاء القليلين من العرق المستبد بإمكانه أن
يفهم اآلهات العميقة والحنين الملتهب للعرق المقموع ،وال يزال األقل يمتلك الرؤية ليفهم أن الظلم
البد أن يُقتلع بالعمل القوي والصامد والمصمم .أنني أشكر في كل األحوال بعض إخوتنا البيض في
الجنوب الذين أدركوا معنى الثورة اإلجتماعية وكرسوا أنفسهم من أجلها .لم يزالوا قليلون في العدد،
ولكنهم كبار في القيمة .البعض من أمثال -رالف مقيل ،ليليان سميث ،هاري جولدن ،جيمس مكبرايد
دابس ،آن برادن ،وسارة باتون بويل هؤالء كتبوا عن كفاحنا بتعبيرات بليغة وتنبؤية .وآخرون
تظاهروا معنا في شوارع الجنوب .لقد خارت قواهم في سجون قذرة ومجتاحة بالصراصير ،وعانوا
سوء المعاملة ووحشية رجال الشرطة الذين يرونهم " محبوا للزنوج القذرين" .وعلى العكس من
كثير من إخوانهم وأخواتهم البيض المعتدلين لقد أدركوا إلحاحية اللحظة وشعروا ضرورة الدواء
القوي " للعمل" على مكافحة مرض الفصل العنصري.
دعوني أستعرض أهم اإلحباطات األخرى .كنت محبط على درجة عالية من كنيسة البيض وقيادتها.
بالطبع يوجد استثناءات ،أنا أعرف الحقيقة أن كل واحد منكم إتخذ موقفا مهما من القضية .أنا شاكر
لذلك ،القس ستالنج لموقفك المسيحي في األحد الفائت في الترحيب بالزنوج في مراسيم العبادة على
قاعدة عدم الفصل العنصري .أشكر القيادة الكاثوليكية لهذه الوالية لجهة الدمج في كلية سبرينغ هيل
من عدة سنين.
ولكن على الرغم من هذه اإلستثناءات المهمة ،يجب أن أكرر بصدق أنني قد خاب أملي بالكنيسة .ال
أقول ذلك انطالقا من النقد السلبي الذي يستطيع دائما أن يعثر على خطأ في الكنيسة .أقول ذلك وأنا
واعظ في اإلنجيل ومحب للكنيسة من الذين ترعرعوا في كنفها والذي أستمر بفضل بركاتها الروحية
والذي سيبقى مخلصا لها طالما استمر حبل الحياة.
لما فجأة ُرميت في القيادة في أحتجاج األتوبيس في مونتغمري/االباما منذ سنوات شعرت أننا سنكون
مدعومون من كنيسة البيض .شعرت أن القساوسة البيض واألحبار في الجنوب سيكونون من أقوى
الحلفاء .وعلى النقيض البعض أصبح خصما تاما يرفض تفهم الحركة من أجل الحرية ويشوه قيادتها،
وكثير آخرون كانوا أكثر حذرا من شجعان وظلوا صامتون وراء أمنا اصطناعيا من نوافذ زجاجية
ملطخة.
على الرغم من أحالمي المبعثرة ،قدمت الى برمنجهام على أمل أن القيادة الدينية البيضاء لهذا
المجتمع سترى عدالة قضيتنا وباهتمام أخالقي عميق سوف تكون قناة من خاللها تصل ظالماتنا
المحقة الى مؤسسة السلطة .كنت أتمنى من كل واحد منكم أن يتفهم ،ولكن مرة أخرى أُصبت بخيبة
أمل.
لقد سمعت أن عددا من القادة الدينيين الجنوبيين ينصحوا المصلين لإللتزام بقرار الفصل العنصري
ألنه قانونياً .غير أني سمعت طويال القساوسة البيض يعلنون" إتبعوا هذا األمر ألن اإلندماج أخالقيا
صحيحا وألن الزنجي هو أخوك" .وفي خضم الجور السافر الذي يتعرض له الزنوج ،شاهدت رجال
الكنيسة البيض يقفون على الخط الجانبي ويتفوهون بتفاهات دينية نفاقية في غير محلها .وفي وسط
نضال عظيم لتخليص وطننا من الظلم العرقي واإلقتصادي ،سمعت كثير من القساوسة يتحدثون"
تلكم قضايا اجتماعية ،ليست من إهتمامات اإلنجيل الحقيقية" .وشاهدت عدة كنائس يكرسون أنفسهم
الى دين أُخروي تماما وليصنع تمييز غريب وغير إنجيلي بين الجسد والروح ،بين المقدس
والعلماني.
سافرت في طول وعرض االباما ،ميسيسبي ،وجميع الواليات الجنوبية .في أيام صيف قائضة وفي
صباحات خريف قاسية وشاهدت كنائس الجنوب الجميلة بقممها السامقة تشير نحو السماء .ولمحت
التخوم المثيرة لإلعجاب لمباني التعليم الديني الضخمة .تارة وتارة إكتشفت نفسي متسائال" مانوع
عبادة الناس هنا؟ من ربهم؟ أين كانت أصواتهم لما كانت شفتا الحاكم بارنت تقطر بكلمات التطفل
واإللغاء؟ أين أصواتهم المساندة عندما رجال ونساء الزنوج المنهكين والمسحوقين قرروا النهوض
من زنزانات الرضا المظلمة الى المرتفعات المضيئة من اإلحتجاجات الخالقة؟".
نعم ،كل هذه األسئلة لم تبرح عقلي .في عمق خيبة األمل بكيت إهمال الكنيسة .لكن تأكدوا أن دموعي
كانت دموع الحب .اليوجد خيبة عميقة اذا لم يوجد حب عميق .نعم أنا أحب الكنيسة .كيف أعمل غير
ذلك؟ أنا في موقع متميز لكوني إبن والحفيد والحفيد األعظم للوعاظ .نعم أنا أرى الكنيسة تجسيدا
للمسيح .لكن أوه! كيف نحن شوهنا وجرحنا الجسد من خالل التجاهل اإلجتماعي ومن خالل الخوف
من ان نكون منشقين.
كان هناك زمان لما كانت الكنيسة قوية جدا -في ذلك الزمان لما كان المسيحيون السابقون يبتهجون
لما يعتبرونه جديرا بالمعناة لما يعتقدوا .في تلك األيام الكنيسة لم تكن فقط ثرموميتر لتسجيل األفكار
ومبادئ الرأي الشعبي ،كانت ثرموستات لتغيير أعراف المجتمع .في كل مرة يدخل المسيحيون بلدا،
الماسكون بزمام السلطة ينزعجون وفورا يبحثون عن إتهام المسيحيين بأنهم" مشوشوا السالم" و"
محرضون خوارج" .ولكن أصر المسيحيون على قناعتهم بأنهم " جالية من السماء" نادت بطاعة هللا
وليس اإلنسان .قليلون في العدد ،كانوا كبار في اإللتزام .كانوا ثملين جدا باهلل ليكونوا " خائفون جدا"
بجهدهم ومثاليتهم أنهوا الشرور القديمة مثل قتل األطفال ومسابقات المصارعة.
األمور إختلفت اآلن .في أغلب األحيان الكنيسة المعاصرة ضعيفة ،وصوت غير فعال متشكك .وغالبا
مدافعة عن الوضع الراهن ،بعيدة جدا ان تكون منزعجة من وجود الكنيسة ،مؤسسة السلطة للمجتمع
المتوسط تواسى بصمت الكنسيسة ،وغالبا حتى بالحظر اللفظي لألشياء كما هي.
لكن قضاء هللا على الكنيسة ليس كما مامضى .اذا الكنيسة اليوم لم تعيد اإلمساك بالروح التضحوية
كما الكنيسة قديما ،سوف تخسر مصداقيتها وتفقد والء الماليين وستؤول كنادي اجتماعي تافه ال
معنى له في القرن العشرين .فى كل يوم التقي شبابا خيبتهم بالكنيسة تحولت الى إشمئزاز تام.
من المحتمل مرة أخرى أنني مفرط في التفاؤل .هل الدين المنظم المفرمتجه الى الوضع الراهن
لحماية وطننا والعالم؟ ربما يجب علي ان أحول إيماني نحو الكنيسة الروحية الجوانية ،الكنيسة داخل
الكنيسة ،مثل ايكليسيا الحقيقية وامل العالم .لكن مرة أخرى أشكر الرب بأن بعض األرواح النبيلة من
الصفوف الدينية المنظمة إنفلتت من سالسل اإللتزام المكبلة والتحقت بنا كشركاء فاعلين في النضال
من اجل الحرية .لقد تركوا تجمعهم اآلمن وتظاهروا معنا في شوارع الباني /جورجيا .ذهبوا الى
الطرق السريعة في الجنوب في طرق متعرجة ألجل الحرية .نعم لقد ذهبوا الى السجن معنا ،وتم
فصل بعضهم من الكنيسة وخسروا الدعم من زمالئهم المطران والقساوسة .ولكنهم تصرفوا بموجب
اإليمان أن الحق مهزوم أقوى من الشر منتصرا .كانت شهادتهم الملح الروحي التي حافظت على
المعنى الحقيقي لإلنجيل في تلك األوقات العصيبة .هم نحتوا نفقا ً من األمل في وسط جبل مظلم من
اإلحباط.
أتمنى على الكنيسة ككل أن تواجه التحديات في هذه الساعة الحاسمة .ولكن حتى لو أن الكنيسة لم
تلتحق بدعم العدالة ،فأنني لست يائسا ً من المستقبل .لست خائفا من نتائج نضالنا في برمنجهام حتى
وان كانت دوافعنا حاليا غير مفهومة .إننا سنبلغ هدف الحرية في برمنجهام وفي كامل الوطن ،لسبب
أن هدف أمريكا هي الحرية .لربما نحن مظلومون ومحتقرون ،لكن مصيرنا مرتبط بمصير أمريكا.
قبل هبوط المهاجرين في بلموث ،كنا هنا .قبل قلم جفرسون يحفر الكلمات الفخمة إلعالن اإلستقالل
في صفحات التاريخ ،نحن هنا .قبل أكثر من قرنين أسالفنا إشتغلوا في هذا البلد بدون أجور؛ صنعوا
القطن ،بنوا البيوت ألسيادهم في ظل ظلم كامل واحتقار معيب ومع ذلك إنطالقا من نشاط عظيم
واصلوا اإلزدهار والتنمية .اذا وحشية ال توصف من اإلستعباد لم تتمكن من إيقافنا ،المقاومة التي
نواجه حاليا ستفشل يقينا .سوف نظفر بحريتنا ألن الميراث المقدس لوطننا واإلرادة األبدية هلل مطوية
في مطالبنا المتكررة.
قبل الختام أشعر أنني مضطر لذكر نقطة أخرى في البيان طالما أرقتني عميقا .أنتم شكرتم بحرارة
قوة الشرطة في برمنجهام لمحافظتها على "النظام" و" منعها العنف" أنني مرتاب من أنكم ستمدحون
قوات الشرطة لو شاهدتم كالبهم تغرز أسنانها في زنوج عزل وسلميين .أنني أشك انكم بهذه العجالة
ستشكرون الشرطة لو رأيتم معاملتهم الفجة والالإنسانية للزنوج هنا في سجن المدينة ،لو عاينتموهم
يدفعون ويشتمون نساء الزنوج الكبار وبنات الزنوج الشابات؛ لو رأيتموهم يصفعون ويركلون رجال
الزنوج كبار السن والصبية الصغار؛ لو شاهدتم مافعلوا في مناسبتين ،رفضوا أن يعطونا طعاما ألننا
رغبنا أن نغني مجتمعين .ال يمكنني موافقتكم في الثناء على دائرة الشرطة في برمنجهام.
في الحقيقة أن الشرطة مارست درجة من اإلنضباط في التعامل مع المظاهرات .في هذا الجانب
مارسوا " عدم العنف" في العلن .لكن ماهو الغرض؟ إلبقاء النظام الشرير للفصل العنصري .خالل
السنوات المنصرمة كنت باستمرار أعظ بأن المطالب السلمية والوسائل التي نستعملها يجب أن تكون
نظيفة مثل النهايات التي نبحث عنها .حاولت أن أوضح بأنه من الخطأ أستعمال وسائل ال أخالقية
للحصول على نهايات أخالقية .ولكن حاليا أؤكد ان كذلك من الخطأ أو لربما أعظم استخدام وسائل
أخالقية لحماية نهايات الأخالقية .من المحتمل السيد كونور ورجاله من الشرطة كانوا سلميون في
العلن كما هو الرئيس برايتشيت في الباني/جورجيا ولكنهم استخدموا طرق أخالقية العنفية للحصول
على نهاية ال أخالقية من الظلم العنصري .مثل ماقال ت .س .اليوت " اإلغراء النهائي أعظم خيانة:
أن تفعل الصواب من أجل السبب الخطأ".
تمنيت لو أن مدحتم المعتصمين الزنوج والمتظاهرين في برمنجهام لشجاعتهم الرفيعة ،وارادتهم على
المعاناة وانضباطهم المدهش في وسط استفزاز هائل .يوما ما ،الجنوب سيتعرف على أبطاله
الحقيقيين .سيكون هناك جيمس ميريدث ،بشعور نبيل للغرض لكي يمكنهم من مواجهة الغوغاء
الساخرين والعدوانيين ،وبشعور الوحدة المؤذي الذي صاحب حياة الرواد .سيكون هناك المرأة
الزنجية المسنة والمقموعة والمعذبة ،مجسدة في المرأة ذات اإلثنين والسبعين عاما من العمر في
مونتجمري /االباما ،التي وقفت بشعور الكرامة وبالناس الذين قرروا ال يركبون الباصات التي
تمارس الفصل العنصري ،الذين استجابوا بتفكير كبير للمرأة التي تساءلت عن تعبها " قدماي متعبة،
لكن روحي في راحة" .سيتواجد طالب الثانوية الشباب وطلبة الجامعة ،القساوسة الشبان من الكنيسة
ومضيف لكبار السن ،بشجاعة وبدون عنف يجلسون على طاوالت الغداء وبإرادتهم يذهبون للسجن
من أجل الضمير .في يوم ما سيعرف الجنوب عندما هؤالء األطفال جلسوا على منضدة الغداء ،كانوا
في الحقيقة يدافعون عن ماهو أفضل في الحلم األمريكي وعن أقدس القيم في تراثنا اليهودي
المسيحي ،وبهذا يعيدوا وطننا الى تلك الينابيع العظيمة للديموقراطية والتي ُحفرت عميقا بواسطة
اآلباء المؤسسين عبر تأسيس الدستور وإعالن اإلستقالل.
لم أكتب من قبل رسالة بهذا الطول إطالقاً .أنني متوجس أنها طويلة جدا وتأخذ من وقتكم الثمين .أنني
أُؤكد لكم كانت ستكون أقصر كثيرا لو أنني أكتبها من على طاولة مريحة ،لكن ماذا يُمكن للمرء أن
يفعل عندما يكون وحيدا في خلية سجن ضيقة ،غير كتابة رسائل مطولة ،يفكر أفكارا طويلة ويصلي
صلوات طويلة؟
أن قلت أي شئ في هذه الرسالة يبالغ في الحقيقة ويؤشر على عدم صبر معقول ،فإنني أرجوكم أن
تسامحوني .اذا ذكرت أي شئ يبسط الحقيقة ويدل على صبري الذي يسمح لي لتوطيد اي شئ أقل
من األخوة ،أدعوا هللا أن يغفر لي.
أتمنى هذه الرسالة تجدكم أقوياء في إيمانكم .أيضا أتمنى تصبح الظروف مؤاتية قريبا لمقابلة كل
شخص ،ليس كموحد أو قائد حقوق مدنية بل كرجل دين زميل وأخ مسيحي .دعونا جميعا نتفاءل أن
السحابة السوداء للتفرقة العنصرية قريبا ستعبر بعيدا وان الضباب الكثيف لسوء الفهم سيرتفع من
مجتمعنا المملوء خوفا ،وفي غد قريب تشع نجوم المحبة واألخوة المضيئة على وطننا العظيم بكامل
جمالها المتألق.
ﻛﺎﺭﻝ ﻣﺎﺭﻛﺲ
ﺗﺮﲨﺔ
ﺩﻛﺘﻮﺭ ﺭﺍﺷﺪ ﺍﻟﱪﺍﻭﻱ
ﺇﻨﻲ ﺃﺒﺤﺙ ﻨﻅﺎﻡ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﺒﻭﺭﺠﻭﺍﺯﻱ ﻭﻓﻘﹰﺎ ﻟﻠﺘﺭﺘﻴﺏ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ :ﺭﺃﺱ ﺍﻟﻤﺎل ،ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﺍﻟﺯﺭﺍﻋﻴﺔ ،ﺍﻷﺠـﻭﺭ؛ ﺍﻟﺩﻭﻟـﺔ ﺍﻟﺘﺠـﺎﺭﺓ
ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻴﺔ ،ﺍﻟﺴﻭﻕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ .ﻭﺘﺤﺕ ﺍﻟﻌﻨﺎﻭﻴﻥ ﺍﻟﺜﻼﺜﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺃﺒﺤﺙ ﺍﻷﺤﻭﺍل ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻭﺠﺩ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻁﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﻜﺒـﺭﻯ ﺍﻟـﺜﻼﺙ
ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺸﻜل ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺒﻭﺭﺠﻭﺍﺯﻱ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ .ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻭﺭ ﻴﺘﺭﺍﺀﻯ ﺍﺭﺘﺒﺎﻁ ﺍﻟﺒﻨﻭﺩ ﺍﻟﺜﻼﺜﺔ ﺍﻷﺨﺭﻯ .ﻭﻴﺘﻀﻤﻥ ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻷﻭل ﻤﻥ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ
ﺍﻷﻭل ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻌﺎﻟﺞ ﻤﻭﻀﻭﻉ ﺭﺃﺱ ﺍﻟﻤﺎل ،ﺍﻟﻔﺼﻭل ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ (١) :ﺍﻟﺴﻠﻌﺔ؛ ) (٢ﺍﻟﻨﻘﻭﺩ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺩﺍﻭل ﺍﻟﺒﺴﻴﻁ؛ ) (٣ﺭﺃﺱ ﺍﻟﻤﺎل ﺒﻭﺠﻪ ﻋﺎﻡ.
ﻭﻤﻥ ﺍﻟﻔﺼﻠﻴﻥ ﺍﻷﻭﻟﻴﻥ ﺘﺘﻜﻭﻥ ﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﺠﻠﺩ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ .ﻭﻤﺠﻤﻭﻉ ﺍﻟﻤﻭﺍﺩ ﻤﻌﺩ ﺘﻤﺎﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺼﻭﺭﺓ ﻤﻘﺎﻻﺕ ﻜﺘﺒﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﻟﺤﻅﺎﺕ ﺠﺩ ﻤﺘﺒﺎﻋﺩﺓ
ﻋﻥ ﺒﻌﻀﻬﺎ ﺍﻟﺒﻌﺽ ،ﻟﻔﺎﺌﺩﺘﻲ ﺍﻟﺨﺎﺼﺔ ﻭﻟﻴﺱ ﺍﻟﻨﺸﺭ .ﻭﺴﻭﻑ ﺘﻘﺭﺭ ﺍﻟﻅﺭﻭﻑ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﺴﺄﻨﺸﺭﻫﺎ ﻴﻭﻤﺎ ﻭﻗﺩ ﺼﻨﻔﺕ ﺘﻤﺎﻤﺎ ﻭﻓﻕ ﺍﻟﺨﻁﺔ
ﺍﻟﺘﻲ ﺴﻠﻑ ﺒﻴﺎﻨﻬﺎ.
ﻭﺃﺤﺫﻑ ﻤﻘﺩﻤﺔ ﻋﺎﻤﺔ ﻜﻨﺕ ﻗﺩ ﺴﻁﺭﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻭﺭﻕ .ﻭﺇﺫ ﺭﺤﺕ ﺃﻓﻜﺭ ﻋﻥ ﻜﺜﺏ ﻓﺈﻥ ﻜل ﺍﺴﺘﺒﺎﻕ ﻟﻠﻨﺘﺎﺌﺞ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺭﺍﺩ ﺇﺜﺒﺎﺘﻬﺎ ﻟﻡ
ﻴﻜﻥ ﻟﻴﻌﻤل ﺇﻻ ﻋﻠﻰ ﻭﻀﻊ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻴل .ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﺇﻥ ﺃﺭﺍﺩ ﻤﺘﺎﺒﻌﺘﻲ .ﺃﻥ ﻴﻨﺘﻘل ﻤﻥ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺎﻡ .ﻭﻟﻜﻥ ﻓﻲ ﺇﻤﻜﺎﻨﻲ ﺃﻡ ﺃﻗـﺩﻡ
ﻫﻨﺎ ﺒﻀﻊ ﺩﻻﺌل ﻋﻥ ﺴﻴﺭ ﺩﺭﺍﺴﺎﺘﻲ ﻟﻼﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ.
ﻜﺎﻥ ﻓﻘﺔ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻤﺎﺩﺓ ﺘﺨﺼﺼﻲ ،ﻭﻟﻜﻨﻲ ﻟﻡ ﺃﻀﻌﻪ ﺇﻻ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺭﺘﺒﺔ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ﺒﻌﺩ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻭﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ .ﻭﻓﻲ ٤٣ – ١٨٤٣ﻭﺒﻴﻨﻤﺎ
ﻜﻨﺕ ﺃﺤﺭﺭ ،Rheinische Zeitungﺃﻟﻔﻴﺘﻨﻲ ﻷﻭل ﻤﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟﻤﺤﻴﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺘﻁﻠﺏ ﻤﻨﻲ ﺇﺒﺩﺍﺀ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﺒﺼﺩﺩ ﻤﺎ ﻴﻁﻠﻕ ﻋﻠﻴﻪ
ﺃﺴﻡ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﻤﺎﺩﻴﺔ .ﻓﺎﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺩﺭﺍﺕ ﻓﻲ ﻻﻨﺩﺘﺎﺝ ﺍﻟﺭﺍﻴﻥ ﺤﻭل ﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺒﺎﻟﻐﺎﺒـﺎﺕ ﻭﺤـﻭل ﺘﺠﺯﺌـﺔ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴـﺔ
ﺍﻟﺯﺭﺍﻋﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﺠﺩل ﺍﻟﺭﺴﻤﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺜﺎﺭﻩ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﻓﻭﻥ ﺸﺎﺒﺭ ﻭﻜﺎﻥ ﺁﻨﺫﺍﻙ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﻹﻗﻠﻴﻡ ﺍﻟﺭﺍﻴﻥ ،ﻀﺩ ﺼـﺤﻴﻔﺔ Rheinische
– ١) Zeitungﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ( ﺤﻭل ﻤﻭﻗﻑ ﻓﻼﺤﻲ ﺍﻟﻤﻭﺯل ،ﻭﺃﺨﻴﺭﺍ ﺍﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺎﺕ ﺤﻭل ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﻭﺍﻟﺤﻤﺎﻴﺔ ﺍﻟﺠﻤﺭﻜﻴﺔ ،ﻫﺫﻩ ﻜﻠﻬـﺎ
ﺃﺘﺎﺤﺕ ﻟﻲ ﺍﻟﻔﺭﺹ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻟﻺﻫﺘﻤﺎﻡ ﺒﺎﻟﻤﺴﺎﺌل ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ .ﻭﻤﻥ ﺠﻬﺔ ﺃﺨﺭﻯ ،ﻓﻔﻲ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺤﻘﺒﺔ ﺤﻴﺙ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻁﻴﺒﺔ "ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺭ ﺇﻟـﻰ
ﺍﻷﻤﺎﻡ ،ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻌﻭﺽ ﻜﺜﻴﺭﺍ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ،ﺃﺴﻤﻌﺕ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﻴﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺼﻔﺤﺎﺕ ﺭﺍﻴﻨﻴﺵ ﺯﺍﻴﺘﻭﻨﺞ ،ﺼﺩﻯ ﺘﻠﻭﻨﻪ
ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺘﺎﻭﻴﻨﹰﺎ ﺨﻔﻴﻔﹰﺎ .ﻭﺍﻋﺘﺭﻀﺕ ﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﺨﺭﻴﺏ ﻭﻟﻜﻨﻲ ﻓﻲ ﻨﻔﺱ ﺍﻟﻭﻗﺕ ،ﻭﻓﻲ ﺠـﺩل ﻤـﻊ Allegemeine Augsburger
Zeitungﺃﻋﻠﻨﺕ ﺼﺭﺍﺤﺔ ﺃﻥ ﺩﺭﺍﺴﺎﺘﻲ ﻗﺒل ﺫﻟﻙ ﻟﻡ ﺘﺴﻤﺢ ﻟﻲ ﺒﺄﻥ ﺃﺨﺎﻁﺭ ﺃﻨﺎ ﻨﻔﺴﻲ ﺒﺈﺒﺩﺍﺀ ﺭﺃﺱ ﺤﻭل ﺍﻷﺴﺎﺱ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻘـﻭﻡ ﻋﻠﻴـﻪ
ﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻻﺘﺠﺎﻫﺎﺕ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻴﺔ .ﻭﺇﺫ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﺴﺌﻭﻟﻭﻥ ﻋﻥ ﺇﺩﺍﺭﺓ Reinische Zeitungﻏﺎﺭﻗﻴﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻫﻡ ﺍﻟﻠﻁﻴـﻑ ،ﻭﻋـﻥ ﻁﺭﻴـﻕ
ﻤﻭﻗﻑ ﺃﻜﺜﺭ ﺍﻋﺘﺩﺍﻻﹰ ،ﺒﺎﻟﻌﻤل ﻋﻠﻰ ﺇﺼﺩﺍﺭ ﺤﻜﻡ ﺍﻹﻋﺩﺍﻡ ﻋﻠﻴﻨﺎ ،ﻭﺍﺘﺨﺫﺕ ﻓﻲ ﻨﻬﻡ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺫﺭﻴﻌﺔ ﻟﻨﺒﺫ ﺍﻟﻤﺸﻬﺩ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻭﺍﻻﻨـﺴﺤﺎﺏ ﺇﻟـﻰ
ﻤﻜﺘﺒﻲ.
ﻭﻜﺎﻥ ﺃﻭل ﻋﻤل ﻗﻤﺕ ﺒﻪ ﻤﻥ ﺃﺠل ﻓﺽ ﺍﻟﺸﻜﻭﻙ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻬﺎﺠﻤﻨﻲ ،ﺇﺠﺭﺍﺀ ﻤﺭﺍﺠﻌﺔ ﻨﻘﺩﻴﺔ ﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻋﻨﺩ ﻫﻴﺠـل،
ﻭﻫﻭ ﻋﻤل ﻅﻬﺭﺕ ﻤﻘﺩﻤﺘﻪ ﻋﺎﻡ ١٨٤٤ﻓﻲ Deutsch – franzosische Jarbucherﺍﻟﻤﻨﺸﻭﺭ ﻓﻲ ﺒﺎﺭﻴﺱ .ﻭﻭﺼﻠﺕ ﺃﺒﺤﺎﺜﻲ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ :ﻻ ﺘﺴﺘﻁﻴﻊ ﺍﻷﺤﻭﺍل ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﻭﺍﻷﺸﻜﺎل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺃﻥ ﺘﻔﺴﺭ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﺒﻨﻔﺴﻬﺎ ﻭﻻ ﻋﻥ ﻁﺭﻴﻕ ﻤﺎ ﻴﺩﻋﻲ ﺍﻟﺘﻁـﻭﺭ ﺍﻟﻌـﺎﻡ
ﻟﻠﻌﻘل ﺍﻟﺒﺸﺭﻱ؛ ﺇﻥ ﺃﺴﺎﺴﻬﺎ ﺒﺎﻟﻌﻜﺱ ﻫﻭ ﻓﻲ ﻅﺭﻭﻑ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻤﺎﺩﻴﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻁﻠﻕ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻫﻴﺠل ﻭﻫﻭ ﻴﺠﺫﺭ ﺤﺫﻭ ﺍﻹﻨﺠﻠﻴﺯ ﻭﺍﻟﻔﺭﻨـﺴﻴﻴﻥ
ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﺜﺎﻤﻥ ﻋﺸﺭ ،ﺍﺴﻤﺎ ﻤﻥ ﻨﻭﻉ ﺨﺎﺹ ﻫﻭ "ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ"؛ ﻭﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﻨﺒﺤﺙ ﻓﻲ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻋﻥ ﺘﺸﺭﻴﺢ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ
ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ .ﻭﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺒﺩﺃﺕ ﻓﻲ ﺒﺎﺭﻴﺱ ﺩﺭﺍﺴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﺍﺼﻠﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺒﺭﻭﻜﺴل ﺤﻴﺙ ﺍﻟﺘﺠﺄﺕ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻨﺘﻴﺠﺔ ﻗﺭﺍﺭ ﺃﺘﺨﺫﻩ ﺍﻟﻤـﺴﻴﻭ
ﺠﻴﺯﻭ ﺒﻁﺭﺩﻱ .ﻭﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﺃﻟﺨﺹ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺤﻭل ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺼﻠﺕ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺃﻓﺎﺩﺘﻨﻲ ﻜﺨﻴﻁ ﻤﻭﺼل ﻓﻲ ﺩﺭﺍﺴﺎﺘﻲ:
ﻓﻲ ﺇﻨﺘﺎﺝ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻟﺤﻴﺎﺘﻬﻡ ﻴﺩﺨﻠﻭﻥ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﻤﺤﺩﺩﺓ ،ﻀﺭﻭﺭﻴﺔ ﻭﻤﺴﺘﻘﻠﺔ ﻋﻥ ﺇﺭﺍﺩﺘﻬﻡ ،ﻭﻫﻲ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺇﻨﺘـﺎﺝ ﺘﻁـﺎﺒﻕ
2
ﺩﺭﺠﺔ ﻤﻌﻴﻨﺔ ﻤﻥ ﺘﻁﻭﺭ ﻗﻭﺍﻫﻡ ﺍﻹﻨﺘﺎﺠﻴﺔ ﺍﻟﻤﺎﺩﻴﺔ .ﻭﻴﺸﻜل ﻤﺠﻤﻭﻉ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺍﻹﻨﺘﺎﺝ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺒﻨﻴﺎﻥ ﺍﻻﻗﺘـﺼﺎﺩﻱ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤـﻊ ،ﺃﻱ ﻴـﺸﻜل
ﺍﻷﺴﺎﺱ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻘﻭﻡ ﻓﻭﻗﻪ ﺼﺭﺡ ﻋﻠﻭﻱ ﻗﺎﻨﻭﻨﻲ ﻭﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﺘﺘﻤﺸﻰ ﻤﻌﻪ ﺃﺸﻜﺎل ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ .ﻓﺄﺴﻠﻭﺏ ﺇﻨﺘﺎﺝ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻤﺎﺩﻴﺔ ﻫـﻭ
ﺸﺭﻁ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ ﺒﻭﺠﻪ ﻋﺎﻡ .ﻟﻴﺱ ﻭﻋﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺒﺎﻟﺫﻱ ﻴﺤﺩﺩ ﻭﺠﻭﺩﻫﻡ ،ﻭﻟﻜﻥ ﻭﺠﻭﺩﻫﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ
ﻫﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺤﺩﺩ ﻭﻋﻴﻬﻡ .ﻓﻌﻨﺩﻤﺎ ﺘﺼل ﻗﻭﻯ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻹﻨﺘﺎﺠﻴﺔ ﺍﻟﻤﺎﺩﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺩﺭﺠﺔ ﻤﻌﻴﻨﺔ ﻤﻥ ﺘﻁﻭﺭﻫﺎ ﺘﺩﺨل ﻓﻲ ﺼﺭﺍﻉ ﻤـﻊ ﺃﺤـﻭﺍل
ﺍﻹﻨﺘﺎﺝ ﺍﻟﻘﺎﺌﻤﺔ ﺃﻭ ﺒﺎﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻲ ﻤﻊ ﺃﺤﻭﺍل ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻌﻤل ﻓﻲ ﻅﻠﻬﺎ ﺤﺘﻰ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻭﻗﺕ .ﻭﺘﺘﻐﻴﺭ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﺤﻭﺍل ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ
ﻗﻴﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺸﻜﺎل ﺍﻟﺘﻁﻭﺭﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﻭﻯ ﺍﻹﻨﺘﺎﺠﻴﺔ .ﻭﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻠﺤﻅﺔ ﺘﺤل ﺤﻘﺒﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺜﻭﺭﺓ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ .ﻓﺘﻌﺩﻴل ﺍﻟﻘﺎﻋﺩﺓ ﺍﻻﻗﺘـﺼﺎﺩﻴﺔ
ﻴﺠﺭ ﻓﻲ ﺃﺫﻴﺎﻟﻪ ﻗﻠﺒﺎ ﺴﺭﻴﻌﺎ ﺒﺩﺭﺠﺔ ﺃﻜﺜﺭ ﺃﻭ ﺃﻗل ،ﻟﻜل ﺍﻟﺼﺭﺡ ﺍﻟﻌﻠﻭﻱ ﺍﻟﻬﺎﺌل .ﻭﻋﻨﺩ ﺩﺭﺍﺴﺔ ﺍﻻﻨﻘﻼﺒﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻨـﻭﻉ ﻴﺠـﺏ
ﺩﺍﺌﻤﺎ ﺃﻥ ﻨﻔﺭﻕ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻘﻠﺏ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺤﺩﺙ ﻓﻲ ﺃﺤﻭﺍل ﺍﻹﻨﺘﺎﺝ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻴﻤﻜﻥ ﺘﻘﺭﻴﺭﻫﺎ ﺒﺩﻗﺔ ﻋﻠﻴـﺔ ،ﻭﺒـﻴﻥ ﺍﻷﺸـﻜﺎل
ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﺩﻴﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ ﺃﻭ ﺒﻜﻠﻤﺔ ﻭﺍﺤﺩﺓ ﺍﻷﺸﻜﺎل ﺍﻷﻴﺩﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺩﺭﻙ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ ﻅﻠﻬـﺎ ﻫـﺫﺍ ﺍﻟـﺼﺭﺍﻉ
ﻭﻴﺠﺎﻫﺩﻭﻥ ﻓﻲ ﺴﺒﻴل ﻓﻀﻪ .ﺇﺫﺍ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻓﻲ ﺍﻹﻤﻜﺎﻥ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﻋﻠﻰ ﻓﺭﺩ ﻁﺒﻘﹰﺎ ﻟﻤﺎ ﻴﺭﺍﻩ ﻫﻭ ﻋﻥ ﻨﻔﺴﻪ ،ﻓﻠﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻹﻤﻜﺎﻥ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﻋﻠﻰ
ﺤﻘﺒﺔ ﻤﺸﺎﺒﻬﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺜﻭﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺃﺴﺎﺱ ﻭﻋﻴﻬﺎ ﺒﻨﻔﺴﻬﺎ؛ ﻭﺇﻨﻤﺎ ﺒﺎﻟﻌﻜﺱ ﻴﺠﺏ ﺘﻔﺴﻴﺭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻭﻋﻲ ﺒﻤﺘﻨﺎﻗﻀﺎﺕ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻤﺎﺩﻴﺔ ﻓﻲ ﺃﺤـﺸﺎﺀ
ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻘﺩﻴﻡ .ﻭﻫﺫﺍ ﻫﻭ ﺍﻟﺴﺒﺏ ﺍﻟﺫﻱ ﻤﻥ ﺃﺠﻠﻪ ﻻ ﺘﻜﻠﻑ ﺍﻟﺒﺸﺭﻴﺔ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺒﻤﻬﺎﻡ ﺘﺴﺘﻁﻴﻊ ﺘﺤﻘﻴﻘﻬﺎ .ﻭﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ،ﻟﻭ ﻨﻅﺭﻨﺎ ﻋﻥ ﻜﺜـﺏ
ﻻﻜﺘﺸﻔﻨﺎ ﺩﺍﺌﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻬﻤﺔ ﻻ ﺘﻅﻬﺭ ﺇﻟﻰ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﻅﺭﻭﻑ ﺍﻟﻤﺎﺩﻴﺔ ﺍﻟﻼﺯﻤﺔ ﻟﺘﺤﻘﻴﻘﻬﺎ ﻗﺎﺌﻤﺔ ﺃﻭ ﻓﻲ ﺴﺒﻴل ﺍﻟﺘﻜﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗـل .ﻤـﻥ
ﻨﺎﺤﻴﺔ ﺍﻟﺨﻁﻭﻁ ﺍﻟﻌﺭﻴﻀﺔ ﻨﺴﺘﻁﻴﻊ ﺃﻥ ﻨﻌﺘﺒﺭ ﺃﺴﺎﻟﻴﺏ ﺍﻹﻨﺘﺎﺝ ﺍﻷﺴﻴﻭﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﺩﻴﻤﺔ ﻭﺍﻹﻗﻁﺎﻋﻴﺔ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺒﻭﺭﺠـﻭﺍﺯﻱ ﺍﻟﺤـﺩﻴﺙ
ﻜﺄﻨﻬﺎ ﺤﻘﺏ ﻤﺘﺩﺭﺠﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻜﻭﻴﻥ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ .ﻭﺘﺸﻜل ﺃﺤﻭﺍل ﺍﻹﻨﺘﺎﺝ ﺍﻟﺒﻭﺭﺠﻭﺍﺯﻴﺔ ﺍﻟﺸﻜل ﺍﻟﻤﺘﻨﺎﻗﺽ ﺍﻷﺨﻴﺭ ﻤـﻥ ﻋﻤﻠﻴـﺔ
ﺍﻹﻨﺘﺎﺝ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ .ﻭﻟﻜﻥ ﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺽ ﻟﻴﺱ ﻓﺭﺩﻴﺎ ،ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻴﻨﺒﻌﺙ ﻤﻥ ﺍﻷﺤﻭﺍل ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻌﻴﺵ ﻓﻴﻬـﺎ ﺍﻷﻓـﺭﺍﺩ .ﺃﻭ ﺃﻥ ﺍﻟﻘـﻭﻯ
ﺍﻹﻨﺘﺎﺠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻨﺸﺄ ﻓﻲ ﺃﺤﺸﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺒﻭﺭﺠﻭﺍﺯﻱ ﺘﺨﻠﻕ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﻨﻔﺴﻪ ﺍﻷﺤﻭﺍل ﺍﻟﻤﺎﺩﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺴﻤﺢ ﺒﻔﺽ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺽ ،ﻭﻤﻥ
ﺜﻡ ﻓﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﺘﻜﻭﻴﻥ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻴﻨﺘﻬﻲ ﻋﺼﺭ ﻤﺎ ﻗﺒل ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺒﺸﺭﻱ.
ﻭﻜﺎﻥ ﻓﺭﺩﺭﻴﻙ ﺇﻨﺠﻠﺯ ﺍﻟﺫﻱ ﻟﻡ ﺃﺘﻭﻗﻑ ﻋﻥ ﺘﺒﺎﺩل ﺍﻟﺭﺴﺎﺌل ﻤﻌﻪ ﻤﻨﺫ ﺃﻥ ﻨﺸﺭ ﻤﺸﺭﻭﻋﻪ ﺍﻟﻌﺒﻘﺭﻱ ﻋﻥ ﻨﻘﺩ ﺍﻟﻔﺌﺎﺕ ﺍﻻﻗﺘـﺼﺎﺩﻴﺔ
ﻓﻲ ،Deutsch – franzosische jahrbucherﻭﻗﺩ ﻭﺼل ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﻭﻟﻜﻥ ﺒﻁﺭﻴﻕ ﻤﺨﺘﻠﻑ )ﺃﻨﻅﺭ ﻤﺅﻟﻔﻪ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻁﺒﻘﺎﺕ
ﺍﻟﻌﺎﻤﻠﺔ ﻓﻲ ﺇﻨﺠﻠﺘﺭﺍ( .ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﻭﻓﺩ ﻓﻲ ﺭﺒﻴﻊ ﻋﺎﻡ ١٨٤٥ﻟﻴﺴﺘﻘﺭ ﺒﺎﻟﻤﺜل ﻓﻲ ﺒﺭﻭﻜﺴل ،ﻗﺭﺭﻨﺎ ﺃﻥ ﻨﺼﻨﻑ ﺒﺎﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﺒﻴﻨﻨﺎ ﺍﻻﺨﺘﻼﻓـﺎﺕ
ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﺒﻴﻥ ﺃﻓﻜﺎﺭﻨﺎ ﻭﺘﺼﻭﺭ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺍﻷﻟﻤﺎﻨﻴﺔ ﺍﻷﻴﺩﻴﻭﻟﻭﺠﻲ .ﺃﺭﺩﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺘﺼﻔﻴﺔ ﻨﻅﺭﻴﺎﺘﻨﺎ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ ﺍﻟﻘﺩﻴﻤﺔ .ﻭﺤﻘﻘﻨﺎ ﻤﺸﺭﻭﻋﻨﺎ
ﺒﺄﻥ ﻜﺘﺒﻨﺎ ﺩﺭﺍﺴﺔ ﻨﻘﺩﻴﺔ ﻟﻠﻔﻠﺴﻔﺔ ﺒﻌﺩ ﻋﺼﺭ ﻫﻴﺠل .ﻭﻭﺼل ﺍﻟﻤﺨﻁﻭﻁ ﻭﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﻤﺠﻠﺩﻴﻥ ،ﺇﻟﻰ ﻨﺎﺸﺭ ﻓﻲ ﻭﺴﺘﻔﺎﻟﻴﺎ ﻋﻨـﺩﻤﺎ ﺃﺒﻠﻐﻨـﺎ ﺃﻥ
ﺘﻐﻴﻴﺭﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﻅﺭﻭﻑ ﻟﻡ ﺘﺴﻤﺢ ﺒﻨﺸﺭﻩ .ﻭﺘﺨﻠﻴﻨﺎ ﺒﻘﺩﺭ ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﺫﻟﻙ ﻤﺘﻔﻘﹰﺎ ﻤﻊ ﺇﺭﺍﺩﺘﻨﺎ ،ﻋﻥ ﺍﻟﻤﺨﻁﻭﻁ ﻟﺘﻘﺭﻀﻪ ﺍﻟﺠﺭﺫﺍﻥ ،ﺇﺫ ﻜﻨﺎ ﻗﺩ ﺒﻠﻐﻨﺎ
ﻫﺩﻓﻨﺎ ﺍﻟﺭﺌﻴﺴﻲ؛ ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﺍﻟﺭﺅﻴﺔ ﻭﻀﺤﺕ ﺃﻤﺎﻤﻨﺎ .ﻭﻤﻥ ﺒﻴﻥ ﻤﺨﺘﻠﻑ ﺍﻷﻋﻤﺎل ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺩﻤﻨﺎ ﺒﻬﺎ ﻓﻲ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺤﻘﺒﺔ ﺃﻓﻜﺎﺭﻨﺎ ﻟﻠﺠﻤﻬـﻭﺭ ﻟـﻥ
ﺃﺫﻜﺭ ﺴﻭﻯ "ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﺸﻴﻭﻋﻲ" ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻌﺎﻭﻨﺎ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺒﺘﻪ ،ﻭﻜﺫﻟﻙ "ﺤﺩﻴﺙ ﻋﻥ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ "ﻭﻜﺘﺒﺘﻪ ﺃﻨـﺎ ﻭﺤـﺩﻱ .ﻭﻭﺠـﺩﺕ ﺍﻟﻨﻘـﺎﻁ
ﺍﻟﺤﺎﺴﻤﺔ ﻤﻥ ﻨﻅﺭﻴﺘﻨﺎ ﺃﻭ ﺘﻌﺒﻴﺭ ﻋﻠﻤﻲ ﻋﻨﻬﺎ ﻭﺇﻥ ﺤﺩﺙ ﻫﺫﺍ ﻋﻠﻰ ﺼﻭﺭﺓ ﺠﺩل ،ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺭﺍﺴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻨﺸﺭﺘﻬﺎ ﻓـﻲ ﻋـﺎﻡ ١٨٤٧ﻀـﺩ
ﺒﺭﻭﺩﻭﻥ ﺒﻌﻨﻭﺍﻥ "ﻓﻘﺭ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﺦ" ) (1ﻭﻫﺫﻩ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ﺍﻟﻤﻜﺘﻭﺒﺔ ﺒﺎﻷﻟﻤﺎﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻋﺎﻟﺠﺕ ﻓﻴﻬﺎ ﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻷﺠﻭﺭ ﻭﺠﻤﻌﺕ ﻓﻴﻬﺎ ﻤﺤﺎﻀﺭﺍﺕ
ﻜﻨﺕ ﻗﺩ ﺃﻟﻘﻴﺘﻬﺎ ﺤﻭل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﺍﺌﺭﺓ ﺍﻟﻌﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻷﻟﻤﺎﻨﻴﺔ ﺒﻴﺭﻭﻜﺴل ،ﻜﺎﻨﺕ ﻓﻲ ﻁﺭﻴﻘﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻁﺒﻌﺔ ﻋﻨـﺩﻤﺎ ﺃﻭﻗﻔﺘﻬـﺎ ﺜـﻭﺭﺓ
ﻓﺒﺭﺍﻴﺭ ﺤﻴﺙ ﺍﻀﻁﺭﺭﺕ ﺇﻟﻰ ﻤﻐﺎﺩﺭﺓ ﺒﺭﻭﻜﺴل.
ﻭﺒﺴﺒﺏ ﺼﺩﻭﺭ Neue Reinsche Zeitungﻓﻲ ،١٨٤٩ ،١٨٤٨ﻭﺍﻷﺤﺩﺍﺙ ﺍﻟﺘـﻲ ﺘﻠـﺕ ﺫﻟـﻙ ،ﺘﻭﻗﻔـﺕ ﺩﺭﺍﺴـﺎﺘﻲ
ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻡ ﺃﺘﻤﻜﻥ ﻤﻥ ﺍﺴﺘﺌﻨﺎﻓﻬﺎ ﻓﻲ ﻟﻨﺩﻥ ﻋﻠﻰ ﻓﻲ ﻋﺎﻡ .١٨٥٠ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺤﺸﺩ ﺍﻟﻬﺎﺌل ﻤﻥ ﺍﻟﻭﺜﺎﺌﻕ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺒﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻻﻗﺘـﺼﺎﺩ
ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﺍﻟﻤﻜﺩﺴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺘﺤﻑ ﺍﻟﺒﺭﻴﻁﺎﻨﻲ ،ﻭﻤﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﺸﺎﻫﺩﺓ ﺍﻟﻤﻤﺘﺎﺯ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻬﻴﺅﻩ ﻟﻨـﺩﻥ ﻟﻤـﻥ ﻴﺭﻏـﺏ ﻓـﻲ ﻤﺭﺍﻗﺒـﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤـﻊ
3
ﺍﻟﺒﺭﺠﻭﺍﺯﻱ ،ﻭﺃﺨﻴﺭﺍ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻁﻭﺭ ﺤﻴﺙ ﺒﺩﺃ ﺃﻥ ﺍﻜﺘﺸﺎﻑ ﻤﻨﺎﺠﻡ ﺍﻟﺫﻫﺏ ﻓﻲ ﻜﺎﻟﻴﻔﻭﺭﻨﻴﺎ ﻭﺃﺴـﺘﺭﺍﻟﻴﺎ ﺠﻌـل ﻫـﺫﺍ
ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻴﺩﺨﻠﻬﺎ ،ﻜل ﻫﺫﺍ ﺠﻌﻠﻨﻲ ﺃﻗﺭﺭ ﺃﻥ ﺃﺒﺩﺃ ﻤﻥ ﺠﺩﻴﺩ ﻭﻤﻨﺫ ﺍﻟﺒﺩﺍﻴﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ،ﻭﺃﻥ ﺃﻗﻭﻡ ﺒﺩﺭﺍﺴﺔ ﻨﻘﺩﻴﺔ ﻟﻜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤـﻭﺍﺩ ﺍﻟﺠﺩﻴـﺩﺓ.
ﻭﻫﺫﻩ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺴﺎﻗﺘﻨﻲ ﻓﻲ ﺤﺩ ﺫﺍﺘﻬﺎ ﻭﺇﻟﻰ ﺤﺩ ﻤﻌﻴﻥ ،ﻨﺤﻭ ﻗﻭﺍﻨﻴﻥ ﻭﻨﻅﻡ ﺠﺩ ﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻅﺎﻫﺭ ﺘﻁﻠﺒﺕ ﻤﻨﻲ ﺃﻥ ﺃﻋﻨﻲ ﺒﻬﺎ ﻟﻭﻗـﺕ
ﻁﻭﻴل ﺒﺩﺭﺠﺔ ﺃﻜﺒﺭ ﺃﻭ ﺃﻗل .ﻭﻟﻜﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﻗﻠل ﺒﺩﺭﺠﺔ ﺒﺎﻟﻐﺔ ﻤﻥ ﻭﻗﺕ ﺍﻟﻔﺭﺍﻍ ﺍﻟﻤﺘﺎﺡ ﻟﻲ ،ﻜﺎﻥ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﻱ ﺍﻟﻤﻠﺤﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﻀـﻴﺔ ﺒﻜـﺴﺏ
ﺍﻟﻌﻴﺵ .ﺇﻥ ﻤﺴﺎﻫﻤﺘﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺒﺩﺃﺕ ﻤﻨﺫ ﺜﻤﺎﻨﻲ ﺴﻨﻭﺍﺕ ﺒﺎﻟﻜﺘﺎﺒﺔ ﻓﻲ "ﻨﻴﻭﻴﻭﺭﻙ ﺘﺭﺒﻴـﻭﻥ" ﻭﻫـﻲ ﺃﻭل ﺼـﺤﻴﻔﺔ ﺃﻨﺠﻠـﻭ – ﺃﻤﺭﻴﻜﻴـﺔ،
ﺍﻀﻁﺭﺘﻨﻲ ﺇﻟﻰ ﺘﻭﺯﻴﻊ ﺩﺭﺍﺴﺎﺘﻲ ﺒﺼﻭﺭﺓ ﻏﻴﺭ ﻋﺎﺩﻴﺔ ،ﻷﻨﻲ ﻻ ﺃﺯﺍﻭل ﺍﻷﻨﺸﻁﺔ ﺍﻟﺼﺤﻔﻴﺔ ﺇﻻ ﺒﺼﻔﺔ ﺍﺴﺘﺜﻨﺎﺌﻴﺔ ،ﻭﻟﻜﻥ ﻤﻘﺎﻻﺕ ﻤﻌﻴﻨـﺔ
ﺠﻌﻠﺘﻨﻲ ﺍﻟﺼﺤﻴﻔﺔ ﺃﻜﺘﺒﻬﺎ ﻋﻥ ﺤﻘﺎﺌﻕ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻟﻬﺎ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﺒﻭﺠﻪ ﺨﺎﺹ ﻭﺤﺩﺜﺕ ﺴﻭﺍﺀ ﻓﻲ ﺍﻨﺠﻠﺘﺭﺍ ﺃﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺎﺭﺓ ،ﺸﻜﻠﺕ ﺠﺯﺀﺍ ﺒـﺎﻟﻎ
ﺍﻟﻘﺩﺭ ﻤﻥ ﻜﺘﺎﺒﺎﺘﻲ ﻭﺠﻌﻠﺘﻨﻲ ﻤﻀﻁﺭﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﻁﻼﻉ ﻭﺍﻟﺘﻌﺭﻑ ﻋﻠﻰ ﺘﻔﺎﺼﻴل ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻻ ﺘﺩﺨل ﻓﻲ ﺇﻁﺎﺭ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ.
ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻌﺭﺽ ﺍﻟﻤﻭﺠﺯ ﻟﻠﻁﺭﻴﻘﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺴﺎﺭﺕ ﺒﻬﺎ ﺩﺭﺍﺴﺎﺘﻲ ﻓﻲ ﻤﻴﺩﺍﻥ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ،ﻟﻡ ﺃﻗﺩﻤﻪ ﺇﻻ ﻟﻜـﻲ ﺃﺒـﺭﻫﻥ ﻋﻠـﻰ
ﺍﻵﺘﻲ :ﺇﻥ ﺃﻓﻜﺎﺭﻱ ﻭﺇﻥ ﻜﺎﻨﺕ ﻻ ﺘﺘﻔﻕ ﻜﺜﻴﺭﺍ ﻤﻊ ﺃﻫﻭﺍﺀ ﺍﻟﻁﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﺤﺎﻜﻤﺔ ،ﻫﻲ ﻨﺘﻴﺠﺔ ﺴﻨﻭﺍﺕ ﻁﻭﻴﻠﺔ ﻤﻥ ﺍﻷﺒﺤﺎﺙ .ﻭﻟﻜـﻥ ﺍﻟـﺸﺭﻁ
ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺘﻁﻠﺒﻪ ﺍﻟﺩﺨﻭل ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻠﻡ ،ﺸﺄﻨﻪ ﺸﺄﻥ ﺍﻟﺩﺨﻭل ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺤﻴﻡ ،ﻫﻭ:
ﻴﺤﺴﻥ ﺃﻥ ﻨﺘﺭﻙ ﻫﻨﺎ ﻜل ﻓﻜﺭ ﻤﺴﺒﻕ ،ﻭﻜل ﺠﺒﻥ ،ﻭﻴﺤﺴﻥ ﻫﻨﺎ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻤﻴﺘﹰﺎ )ﺩﺍﻨﺘﻲ :ﺍﻟﺠﺤﻴﻡ(
ﻛﺎﺭﻝ ﻣﺎﺭﻛﺲ
4