Professional Documents
Culture Documents
Mem Finalp
Mem Finalp
مثلت فتحا جديدا في الدرس النقدي ،وقد ب ّشر بها '' فرديناند دي سوسير '' في كتابه :
محاضرات في اللسانيات العامة ،واعتبرها علما عاما واللسانيات فرع منه ،وأطلق عليها اسم
'' السيميولوجيا '' ) ، (Sémiologieكما نجد الفيلسوف األمريكي '' شارل ساندرس بيرس ''
أكمل شرح هذا العلم وأطلق عليه اسم السيميوطيقا ) ،(Sémiotiqueواللفظة األولى
األمريكي '' شارل ساندرس بيرس '' ،ثم تفرع هذا العلم أو المنهج إلى فروع معرفية مختلفة
من بينها :سيمياء الفن ،سيمياء الثقافة وسيمياء األدب وقد تفرعت هذه األخيرة إلى سيميائية
'' ألجرداس جوليان للشعر وسيميائية للسرد ومن أشهر رواد السيميائية السردية
غريماس '' متزعما مدرسة باريس التي من بين أعضائها :جوزيف كورتيس وجان كلود
كوكي ...وغيرهم ،وقد كان لهذه المدرسة رواجا في المشهد النقدي الغربي الحديث ،ومن هنا
أسهم النقاد العرب في تلقف أطروحات غريماس ومحاولة تمثيلها عن طريق الترجمة،
وتحويلها إلى أدوات إجرائية لمقاربة النصوص السردية فانتقلت السيميائية إلى الوطن العربي
في وقت متأخر نسبيا ،وأُسست لها جمعيات كجمعية رابطة السيميائيين الجزائرييين 8991م.
ومن بين النقاد العرب المعاصرين الذين تبنوا هذا المنهج نجد :حميد لحميداني
محمد مفتاح ،عبد الحميد بورايو ،عبد الملك مرتاض ،رشيد بن مالك ،حسين خمري ،عبد
وهذا األخير يعتبر احد أقطاب الدرس السيميائي العربي ،وأحد من أسهم في الترويج
للنظرية السيميائية السردية ،امتدادا للتوجه الغريماسي لمدرسة باريس السيميائية في الخطاب
وهذا ما دفعني بهدف خدمة األدب والنقد الجزائري ،إلى أن أختار بحثي بدراسة
المشروع النقدي السيميائي عند السعيد بوطاجين من خالل ما ألفه في هذا الموضوع ،لذا فقد
اخترت بحثا بعنوان '' :المنهج السيميائي في كتاب االشتغال العاملي عند السعيد
بوطاجين ''
والسؤال الذي يطرح نفسه هو :هل التزم السعيد بوطاجين في تحليله لرواية '' غدا
وبعد جمع المادة وتصنيفها ،تبين لي أن أقسم البحث إلى مدخل وفصلين ،يبدأ
بمقدمة وينتهي بخاتمة وأتبعت البحث بثبت لقائمة المصادر والمراجع ،وكان المنهج المتبع
نقد النقد الذي يقوم على التساؤل عن البعد المعرفي في تحليل مؤلفه النقدي ،مع استخدام
قراءة وصفية تحليلية للكتاب ومقارنته بمرجعيته النقدية ،إذ اكتفيت بتتبع خطوات الناقد في
تحليله للرواية.
ففيما يخص المدخل ،رأيت أنه يمكن أن يكون إطاللة على مسار حركة النقد األدبي
في الجزائر مع التطرق إلى تلقي النقد الجزائري للسيميائية ومكانة السعيد بوطاجين في النقد
أما الفصل األول الموسوم بـ :السيميائية السردية من بروب إلى غريماس فجاء فصال
نظريا ،عمدت من خالله إلى الحديث عن ماهية السيميولوجيا والسيميائية السردية انطالقا
من جهود فالديمير بروب والشكالنية إلى منهج الجرداس جوليان غريماس من خالل مدرسة
باريس السيميائية.
تطرقت فيه أوال إلى المرجعية النقدية للسعيد بوطاجين '' غريماس '' وقراءة كتابه وفق تتبع
و ختمت بالحديث عن أهم النتائج التي خرج بها هذا البحث ،مرتبة حسب الخطة
-محمد ناصر العجيمي :في الخطاب السردي '' نظرية غريماس ''.
-سليمة لوكام :تلقي السر ديات في النقد المغاربي.
ويبقى للبحث صعوباته ،لعل أبرزها قلة المراجع المتصلة اتصاال مباش ار بالمؤلف
وفي األخير ،البد من كلمة شكر وعرفان وتقدير ،لكل من ساهم من قريب أو بعيد
في تأليف هذا البحث ،وأخص بالذكر األستاذة الفاضلة :آمنة أمقران التي أشرفت على هذا
-1نشأتها
-2تطورها.
النقدية.
-1االشتغال العاملي.
-3الترجمة والمصطلح
3
أوال :مسار حركة النقد األدبي في الجزائر
يعتبر اإلنتاج األدبي في حركته متالزم بالضرورة مع الحركة النقدية فقد شهد النقد
تميزت الحركة النقدية الجزائرية قبل االستقالل بالضعف والجمود والركود ،فقد كانت
حركة محتشمة ،لما عانته الجزائر من مخلفات االستعمار نتيجة تحطيم اللغة العربية
فالبحث في المصنفات األدبية النقدية يقودنا للحديث عن عبد الكريم النهشلي المسيلي
ناقدا
الذي " مثّل مرحلة التأسيس للنقد األدبي في المغرب عامة والجزائر خاصة ،فال نعلم ً
ومعنى هذا أن عبد الكريم جزائرًيا أو مغار ًبيا سبقه إلى التأليف في هذا الحقل المعرفي "
()1
النهشلي مثل الريادة النقدية لألدب في المغرب عامة والجزائر خاصة ،ولم يسبقه إلى ذلك
أحد.
وقد كانت المحاوالت النقدية في هذه الفترة عبارة عن " مقاالت مقتضبة ينقصها
التصور النظري واإلطار المنهجي ،وتقوم على تصحيح األخطاء اللغوية والعروضية إضافة
-1مصطفى بشير القط ،مجلة دفاتر ،مخبر الشعرية الجزائرية ،جامعة المسيلة ،9002 ،ع ،1ص121
4
غايتها تقديم النصح واإلرشاد فهي تتماشى مع ()1
إلى بعض التعاليق السطحية العامة" .
في المستوى المعيشي واالجتماعي ،ومع مستوى الحركة النقدية وهذا ما جعلها تعيش
وقد كان للصحافة دور في نشأة الحركة النقدية حيث مثلت مرآة تستعرض توجهات
وقد تأثر أدباء الحركة النقدية بالثورة الجزائرية وأحداثها السياسية والمشاكل االجتماعية
التي يعاني منها الشعب الجزائري إبان االستعمار ،إذ يعبر عن ذلك الباحث عامر مخلوف
بقوله " :إن الحركة األدبية بالجزائر مرتبطة بالخطاب السياسي منذ عشرينيات القرن
()2
الماضي على األقل".
وهي:
المرحلة األولى " :وتمثلت في بعض الحمالت التي كان يقوم بها شيوخ الجزائر في أوائل
هذا القرن ،وهي الدعوة إلى نبذ الجديد والتشكيك في قوته وصحته ،وخلوده .وهناك
مساهمات عديدة من طرف كل من أبي القاسم الحفناوي ،عبد القادر المجاوي ،والمولد بن
-1يوسف وغليسي ،النقد الجزائري المعاصر من الالنسونية إلى األلسنية ،دار البشائر للنشر واالتصال
الرغاية ،الجزائر ،9009 ،ص.2
-2محمد بلوافي ،واقع النقد األدبي بالجزائر ،مساراته واشكاالتهwww.dwinalarab.com ...
5
المرحلة الثانية :وقد تجسدت بشكل واضح فيما كان يدرسه الشيخ عبد الحميد بن باديس
لتالميذه ،طرائق في األدب وأساليبه ودراسته ،لكن بالمنظورات السياسية واإليديولوجية التي
المرحلة الثالثة " :وهي مرحلة الشيخ اإلبراهيمي الذي اتخذ من الصحافة (البصائر) مجاال
لممارسة النقد ،وتقويم معظم ما ينشر من إبداعات بكلمات تقييمية صغيرة ،ولم يتجاوز
كله فقد كان الشيخ اإلبراهيمي بذلك غيره من الذين تعاطوا النقد االنطباعي ومع هذا
:تتلخص فيما بعد الحرب العالمية الثانية ،والذي أفرزته مدرسة الشيخ ابن باديس ثم البشير
اإلبراهيمي ،فقد توجه هذا الجيل إلى نقد الشعر ،كما حاول أن يخلق بينه وبين الفن
()2
الطياب وغير هؤالء".
ْ حوحو ،وابن منصور ومولود
أما الفترة التي قاربت االستقالل فيمكن الحديث عنها من خالل كتاب أبي القاسم سعد
اهلل ( محمد العيد آل خليفة رائد الشعر الجزائري الحديث )الذي صدر سنة 1291م " واآلية
على كل ذلك ،أن بيبلوغرافيا النقد الجزائري ال تدلنا على أي كتاب نقدي قبل سنة 1291م،
-1واسيني األعرج ،اتجاهات الرواية العربية المعاصرة في الجزائر ،المؤسسة الوطنية الجزائرية ،1299
ص .99- 91
-2المرجع نفسه ،ص .99- 91
6
تاريخ صدور كتاب أبي القاسم سعد اهلل (محمد العيد آل خليفة رائد الشعر الجزائري الحديث
()1
)".
وهذا التصريح بأولية هذا الكتاب ال ينفي ما نشره سعد اهلل قبل هذه السنة من دراسات
حاولت الحركة النقدية بعد االستقالل العمل على النهوض بالنقد ودراسة النص األدبي
بآليات نقدية حديثة ،فكان النقد انطباعيا تأثرًيا يعبر فيه الناقد عن إحساساته وطغيان هذا
ومن بين النقاد الذين مارسوه نجد عبد المالك مرتاض من خالل أول كتبه (القصة في
األدب العربي القديم) وبعض فصول (نهضة األدب العربي المعاصر في الجزائر) باإلضافة
إلى أننا نجد عبد اهلل ركيبي ينحني في النقد منحى آخر ،فقد طبق النقد المنهجي في قوله :
تطبيقيا كانت
ً نقدا
" لعل محاوالتي سنة 1291وما بعدها لدراسة القصة القصيرة ونقدها ً
()2
تعبير عن الفراغ الذي أحس به في مجال النقد الموضوعي التطبيقي "
ًا
لقد طبق عبد اهلل ركيبي دراسته الموسومة بالقصة القصيرة المنهج التاريخي بتتبع
ال :القصة
تطورات القصة الجزائرية ،باعتبار أن هذا المنهج هو تتبع ظاهرة أدبية مث ً
7
أكاديميا حول
ً ونجد عبد المالك مرتاض ممن تبنوا المنهج التاريخي ،فقد قدم عمالً
القصة الجزائرية إذ " يعرض القصة الجزائرية على هذا االمتداد الزمني ()1299 -1299
جعل الفصل األول وقفة على نشأة القصة الجزائرية في سياقها التاريخي (الظروف،
المؤثرات ،العوائق) ثم راح يتبع أشكالها وعناصرها ،في ظل نتائج ذلك الفصل ،مذيال كتابه
()1
بملحق للنصوص القصصية والمراجع التي أخذت منها".
فقد أنتج هذا الكتاب سنة 1291م باإلضافة إلى كتابه (تطور النثر الجزائري
الحديث) .باإلضافة إلى عودة " أبي القاسم سعد اهلل " بعد االستقالل ليجمع المقاالت
المتناثرة في المجالت في كتابه (دراسات في األدب الجزائري) واعتمد في ذلك على طريقتين
" :األولى :هي مجرد العرض أي تلخيص النصوص للقراء للتنويه ببعض معانيها والثانية
()2
:العرض التاريخي لفكرة أو نص مترجم ِلقَي ِم ِه الفكرية الوطنية" .
ونشير كذلك إلى دراسة واسيني األعرج ( اتجاهات الرواية العربية في الجزائر) مع
مشاركة عمر بن قينه في كتابه ( دراسات في القصة الجزائرية ) الصادر سنة 1299م حيث
تطرق فيه إلى المسار النضالي للقصة الجزائرية من خالل بعض القصص كالصراع ألحمد
وفي مرحلة السبعينات ظهرت مناهج نقدية جديدة أعطت للنص أهمية بالغة ،وذلك
إقتداءا بما عرفه النقد المعاصر من تطور في بعض الدول العربية مثل :لبنان ،سوريا
ً
8
المغرب ومصر حيث نشطت الحركة النقدية بترجمة الكثير من المؤلفات الغربية التي تمثلت
في المناهج النسقية التي سادت النقد عندهم ،وظهرت مناهج نقدية كالنقد البنيوي واألسلوبي
والسيميائي والتفكيكي التي أعطته أهمية بالغة للنص من حيث هو نظام داخلي فطبقها النقاد
الجزائريين على الدراسات األدبية مثل :عبد الحميد بورايو في كتابه (منطق السرد) الذي
وقد قاد هذا التحول في الجزائر أكاديميين مثل :عبد الحميد بورايو ،عبد المالك
مرتاض ،رشيد بن مالك ،عبد القادر فيدوح .....،والسعيد بوطاجين إلى التفكير والتجديد
باإلطالع على الحركة النقدية الغربية ،على أيدي منظرين غربيين ،فالسعيد بوطاجين وهو
في ومن هنا يمكن القول إن الصورة الحقيقية للنقد الجزائري المعاصر ال توجد
9
ثانيا :تلقي النقد الجزائري للسيميائية:
إذا كانت السيميائيات الحديثة قد بلغت درجة من النضج وتعددت اتجاهاتها ،فإنها في
المشهد النقدي الجزائري ال زالت في بداية الطريق ،فالسيميائية انتقلت إلى الوطن العربي في
وقت متأخر ،وتأسست لها جمعيات ،كرابطة السيميائيين الجزائريين 8991م ومجالت كمجلة
'' دراسات سيميائ ية '' ،وكان رواد الرابطة السيميائية الجزائرية ،مجموعة من النقاد الجزائريين
طالبا يترددون على حلقات غريماس في بداية الثمانينات ،فهم حاولوا تمثيل
ً الذين كانوا
وتطويع هذا المنهج ليتالءم مع الثقافة الغربية ،فقد '' بدأ الخطاب النقدي في الجزائر في
أواخر الثمانينات يعرف تحوالً في تعامله مع النص األدبي وذلك من أجل تجاوز تلك
التي بدأت تجتاح العالم العربي وخاصة المناهج النقدية السياقية إلى المناهج الحداثية''.
()1
المغرب العربي ،ونتج عن ذلك ظهور ما أصبح يعرف بالنقد النسقي من بنيوية ،أسلوبية،
سيميائية ،تفكيكية ،وقد تبنى هذا النقد نخبة من المثقفين الجامعيين من أمثال '':عبد المالك
مرتاض ،عبد الحميد بورايو ،رشيد بن مالك ،يوسف أحمد ،عبد القادر فيدوح والسعيد
بوطاجين''.
فالمطّلِ ْع على واقع النقد العربي المعاصر تستوقفه ظاهرة تزايد اهتمام النقاد العرب
بالجانب التطبيقي في أعمالهم النقدية ويمكن أن تعتبر '' العناية بالجانب اإلجرائي في النقد
-1وذناني بوداود ،خطاب التأسيس السيميائي في النقد الجزائري المعاصر ،مجلة األثر ،عدد خاص
بأشغال الملتقى الدولي الثالث حول تحليل الخطاب في النقد العربي المعاصر ،ورقلة من 01إلى 01
فيفري ،9001 ،ص.1
10
األدبي نقلة نوعية يجب تسجيلها والعمل على تثمينها ،ألن تعامل النقد التطبيقي الواعي
المستند إلى المناهج الغربية مع النصوص العربية المنشأ ،يساهم في بناء تصور نقدي عربي
()1
جديد''.
فمقاومة النصوص العربية للمناهج الوافدة تسمح بوجود مسافة بين الناقد وموضوعه
ويعتبر النقد السيميائي من بين أهم المناهج النقدية التي أخذ االهتمام بها يتزايد من
طرف النقاد العرب والمغاربة خاصة .وأهم ملمح يبديه النقد السيميائي هو طابعه اإلجرائي
التطبيقي.
الدراسات األكاديمية ،ومظاهر التلقي الجزائري للنظرية السيميائية متعددة من بينها الدراسة
السيميائية للناقد الجزائري ''السعيد بوطاجين'' ،من خالل كتابه '' :االشتغال العاملي''.
وقد أردت قراءة وعرض دراسة الناقد بوطاجين ،وهذا ألجل أن يتحدد مجال الدراسة
ثالثا :مكانة السعيد بوطاجين في النقد الجزائري من خالل مؤلفاته النقدية :
-1حسان راشدي ،النقد العربي المعاصر – المرجع والتلقي -كتاب ملتقى الخطاب النقدي العربي
المعاصر قضاياه واتجاهاته المنعقد بالمركز الجامعي خنشلة يومي 92 -99مارس ،9002ص.129
11
يعد السعيد بوطاجين َعلَ ًما من أعالم الكتابة السيميائية النقدية في النقد الجزائري
احدا من رواد الحركة السيميائية في الجزائر ،حيث ظهرت ثمار جهوده من خالل العمل
وو ً
على ترقية مستويات استقبال (المصطلح) أنواع الخطابات اللسانية وغير اللسانية باستغالل
المناهج الجديدة ،وضبط المدونات المصطلحية المتواترة في الحقول النقدية ومحاولة ربطها
باإلرث اللغوي العربي ويتجلى ذلك في مؤلفاته المختلفة (اإلبداعية النقدية ،الترجمات،
ب -اللعنة عليكم جميعا (قصص) ،منشورات االختالف ،الجزائر (ترجمت إلى الفرنسية).
جـ -أعوذ باهلل (رواية) ،دار األمل ،تيزي وزو ،الجزائر (قيد الترجمة إلى الفرنسية).
نجد في عالم السعيد بوطاجين القصصي كل العناصر التي تؤهله ألن يكون في صدارة المبدعين
الجزائريين ،سواء من حيث جمال اللغة أو من خالل بناء القصة ،والقدرة الهائلة على رسم مالمح
مناَ.
الشخصيات بصورة تقربهم ّ
12
وله مقاالت علمية نذكر منها :
()1
أ -مستويات استقبال المصطلح ،كتاب الملتقى الدولي للمناهج ،خنشلة2002 ،م.
ب -السعيد بوطاجين ،شعرية السرد في رواية غدا يوم جديد لعبد الحميد بن هدوقة.
ب -السرد ووهم المرجع -مقاربات في النص السردي الجزائري الحديث -منشورات
()2
منشورات االختالف ،الجزائر2001 ،م.
-1االشتغال العاملي:
" مع نظرية غريماس السردية بما تحتبل به هذه النظرية من صعوبات في استيعابها
-1مدونةElmouatana.blogspot.com ،
-2المرجع نفسه.
13
فأفكار وطروحات ألجرداس جوليان غريماس منشورة في مؤلفات ودراسات عديدة ناهيك عن
()1
المقاالت المدبجة في المجاالت ذات التخصص" .
فالظفر بالمرجعية الغريماسية ليس كافيا لتمهيد طريقه في تطبيق أفكار غريماس إذ
تبقى أمامه مهمة فهم وفك رموز كتابات غريماس التي لم تحدد معالمها بعد ،فغريماس نفسه
اعتبر أن " ما قدمه في مجال السيميائية مجرد مشروع علمي قابل للتطور والتنقيح والتلقيح.
()2
"
تناول الناقد في مقدمة كتابه موضوع إشكالية المنهج والمصطلح ،وفي التمهيد
تطرق إلى إشكالية العامل ،وفي الفصل األول وجد الناقد أن البرامج السردية خمس ترسيمات
والفصل الثاني المعنون بـ :المثلثات العاملية التي تتجلى بها البنية العميقة.
أما التقفيلة فقد تحدث فيها الناقد عن البنية العاملية وكيفية إبرازها للتوزيع المعقد
14
من ولم أتطرق إلى التفصيل في هذا الكتاب ألنني سأتناوله في الجانب التطبيقي
هذا البحث.
النص السردي الجزائري الحديث'' ،ويعد من األعمال النقدية الهامة التي تناولت السرد
الجزائري من قصة ورواية وقد أشار بوطاجين في مقدمة كتابه بالقول ّ " :إني أوليت في
()1
خاصا لِ َما يكتب في الجزائر بدافع التعريف بمنتوجنا اإلبداعي''.
ً السنوات األخيرة اهتماما
مكونا بذلك
ً فشيئا عن المفاهيم الغيرية
شيئا ً
بعد أن تأ ّكد له '' أن السرد الجزائري بدأ يستقل ً
في بدأ الناقد في كتابه '' السرد ووهم المرجع '' مقاربات نقدية بقراءة االسردي
رواية '' االنطباع األخير '' لمالك حداد ،فقد حلّل الناقد هذه الرواية من منطلق مكاسب
السيميائية السردية بالكشف عن البنية السطحية وحركة الذوات الفاعلة التي تتناسب كثي ار مع
بحوث غريماس السيميائية ونخلص إلى غياب السرد عند مالك حداد فقد أصبح االسرد عنده
-1السعيد بوطاجين ،السرد ووهم المرجع ،منشورات االختالف ،الجزائر ،9001 ،ص.1
-2المصدر نفسه ،ص.1
15
جوهر وعلى ما يذكر بوطاجين أن السارد سيلجأ إلى ملئ فراغه باالسرد من الوصف،
ًا
()1
قصور من مالك حداد '' بل طريقة وغاية جمالية'' .
ًا التوقف ،االنطباع والتأمل وهذا ال يراه
أما رواية '' تيميمون '' لرشيد بوجدرة ،بحث فيها السعيد بوطاجين عن المستويات
وتعتمد رواية '' تيميمون '' على بنية السرد الحاضر الذي يحيل على موقع السارد أي الراوي
عن طريق وهو في الصحراء (صحراء تيميمون) ويستعيد سنوات الطفولة بقسنطينة
السرد التابع الذي يدين لمرجع هو الماضي '' يمثل الحاضر الصحراء التي تشمل آن السارد
()2
الصبا''.
على ّ وقد بلغ األربعين ،في حين يمثل الماضي هذا القبل الذي يحيل
''علي أن
ًّ قويا للسرد المكرر في هذه الرواية ومن أمثلته:
حضور ً
ًا وضح الناقد
كما ّ
السرعة السردية المتمثلة في االعتماد على الجمل الطويلة والعمل على تغييب عالمات
الوقف ،أو تركيب األفعال والحركات الدالة على سرعة السرد وأهمية الفعل داخل الحكاية.
وفي تجربة الحبيب السائح '' ذاك الحنين ،اللغة المسرودة '' ،وتماسخت ،دم
16
فقد توقف السعيد بوطاجين عند هذه التجربة الحتفائها بالعنصر اللغوي كعنصر
أساسي ومهم في روايات '' ذاك الحنين '' و '' تماسخت دم النسيان '' والتي تتميز بازدواجية
انتمائها '' ،انتماء للواقع ألنه مادة السرد وانتماء للغة ألنها تقوم بفعل إبالغي له مرجعية
()1
واقعية أو شبه واقعية''.
وتتميز رواية '' ذاك الحنين '' بمكونات ثقافية وفكرية استمدت مرجعيتها من القرآن
الكريم والحديث النبوي ،والكتاب المقدس ،والشعر العربي القديم واألسطورة الخرافة والشعر
الشعبي ،البالغة العربية ،المقامة واألدب األجنبي ،فالحبيب السائح ولج عالم البالغة في
رواية '' ذاك الحنين '' دون اإلشارة إليه بصريح العبارة.
وفي رواية '' تماسخت -دم النسيان – أو لغة اللغة ،تبدو اللغة نواة الخطاب
ومنتهاه ،لقد تحدث بوطاجين عن اللفظة والحكاية حيث ال يمكن أن '' تق أر رواية تماسخت
والمالحظ في هذه الرواية هو التنويع اللفظي دون أن تش ّدك لغتها بسننها ونواميسها''.
()2
ومسألة الحكاية والعامية التي تعتبر من اإلشكاليات في النص الجزائري الحديث وهي :
أما في رواية – غدا يوم جديد – لعبد الحميد بن هدوقة فقد حاول بوطاجين البحث
عن خصائص شعرية السرد ،الذي كان دشنه بإصداره لكتاب نقدي سماه '' االشتغال العاملي
'' – دراسة سيميائية – لغدا يوم جديد '' استثمر فيه بعض مكاسب النظرية السيميائية
17
على غرار السردية التي اقترحها غريماس وشكلت ما يشبه الهوية النقدية لنقاد آخرين
السردية .
السرد كالسرد المتقدم ،والسرد المكرر ،والمؤلف والتابع باالعتماد على بعض مفاهيم '' جيرارد
جينيت '' ) (Gérard Genetteفي علم السرد كما يعرف السرد المتقدم بقوله '' :إنه سرد
وتناول تنبؤي يأتي غالبا بصيغة المستقبل ،لكن ال شيء يمنعه من التوجه نحو الحاضر''.
()1
السعيد بوطاجين تجربة عمار بلحسن القصصية عبر مجاميعه الثالث '' حرائق البحر
على سرد '' القصصية الثالث من حيث البناء السردي ،ففي حرائق البحر اعتمدت
ظا
تمثيلي يتميز بغلبة الحوار الناقل لألحداث اللفظية ،واستحضار بعض أجزاء الخطاب لف ً
على التفاوت اللفظي ومعنى بإتباع الحرفية أو بتحيين األصول عن طريق اإلسناد والتأكيد
واألسلوبي بين الشخصيات لتجسيد وهم الواقعية ( )2أو ما يسمى وهم المراجع كما يطلق عليه
Philippe Hamon. Pour statut -1نقال عن السعيد بوطاجين المصدر السابق ص112
sémiologique du personnage in poétique du récit coll. points Seuil- Paris- 1977-
P- 159.
-2المصدر السابق ،ص.122
18
كثير بإبداعية عمار بلحسن من جوانب أخرى مثل '' :المقاطع
بوطاجين ،والناقد يشيد ًا
()1
المعتمدة على الوصف أكثر من اعتمادها على الفعل نتيجة طابعها المشهدي الخافت''.
باإلضافة إلى تطرق الناقد إلى المجموعة الثانية لعمار بلحسن '' األصوات '' التي
زاوجت بين السرد اآلني والسرد التابع .وكما يرى بوطاجين فإن هناك اختالفا بين
المجموعتين القصصيتين ومجموعة القاص األخيرة '' فوانيس '' بالرغم من أن النقطة
وهكذا يرصد بوطاجين تجلّي مفهوم القصة القصيرة في '' فوانيس '' .
غدا '' تتجلى مسألة '' وهم المرجع '' ألن الناقد يرّكز على نقد
وفي مقاربة '' الرواية ً
مرجعيات الكتابة الروائية ،والنقد المرجعي هو فرع من فروع النقد الثقافي ،إذن مقاربته هذه
هي أقرب إلى النقد الثقافي أكثر من النقد األدبي للنصوص ويشير إلى مستويات '' التعامل
ثقافيا ،اجتماعيا ،واذا قلنا '' تعامل '' فمعنى ذلك ّأننا
دينياً ،
مع اإلرث .أي إرث مهما كان ً
أدخلنا نصيب الذات في النظر إلى هذا اإلرث .لذا نصبح أمام مؤسسة تأويلية معقّدة ،هنالك
19
وهذا ما أدى بالسعيد بوطاجين إلى التساؤل في مقدمة هذه المقاربة عما قدمته
إن هدف السعيد بوطاجين هو االنتصار لرؤيته النقدية وقناعاته في الكتابة واإلبداع
كتابا في النقد ونقد كافة المرجعيات ًّأيا كان شكلها ،وي ُّ
عد كتاب '' السرد وهم المرجع '' ً
السرد
متنوعا من النصوص السردية من زاوية علم ّ
ً عددا
األدبي للنصوص تناول فيه الناقد ً
السرديات.
أو ّ
-3الترجمة والمصطلح:
قدم أيضا السعيد بوطاجين كتاب '' الترجمة والمصطلح '' فمن المعروف أن مسألة
ّ
ترجمة المصطلح من أهم المسائل التي تواجه المترجم إلى اللغة العربية ،ويضم الكتاب أربعة
'' المجامع والهيئات ومسألة المصطلح '' و '' المفاهيم ،المناهج ومسألة المصطلح ''
و'' ترجمة المصطلح ومسألة التفاوت '' و'' الهيئات واألفراد ومسألة المصطلح ''.
وهذه األقسام تنقسم بدورها إلى أقسام فرعية أخرى ،حيث تناول السعيد بوطاجين في
كتابه دراسة إشكالية ترجمة المصطلح النقدي الجديد '' بالتحليل والنقد خمسة مجامع لغوية
وهي :المجمع العراقي ،المصري والسوري واألردني والجزائري )1(''.إذ عرض لظروف '' نشأة
-1السعيد بوطاجين ،الترجمة والمصطلح -دراسة في إشكالية ترجمة المصطلح النقدي الجديد منشورات
االختالف ،الجزائر ، 9009،ص .19-11
20
بغيره من المجامع وكذا بنوعية اإلمكانات المتاحة ،إال أنه أعاب على المجمع بعض الثغرات
وانتقد بوطاجين في كتابه مجمع القاهرة بشدة ،خاصة ما تعلّق بطريقة عمله
المتشعبة بالروح القطرية أكثر من تشبعها بالروح القومية ،وكذا عالقة المجتمع بالتراث إذ ''
اتخذ المجمع ق اررات كثيرة تعني بالترجمة ،ومن المدهش أنه لم يلتفت إلى القرن العاشر
الميالدي وما بعده ،ال إلى طروحات جابر بن حيان وال إلى الكندي والخوارزمي وابن سينا
أو ابن حامد الغزالي ،وال إلى مرحلة استقرار المصطلح الفلسفي الذي سيؤثث علوما لغوية
()2
متشبعة لم تستطع البحوث الجديدة تجاوز الحدود التي وصلت إليها''.
أما مجمع دمشق فقد ذكر فيه '' بمبادئ إنشائه وحيثيات عمله وأنكر عليه اإلفراط
ّ
طالت مجمع األردن مع اشتراك جميع المجامع في نقد بوطاجين المتعلق بهذه '' المجامع
على المصطلحات التقنية واهمالها لمصطلحات العلوم اإلنسانية واالجتماعية التي تكتسي
أهمية بالغة في التأسيس لمرجعية ترجمية صلبة إضافة إلى سوء التنسيق والضبط وااللتفاف
21
لقد عرض بوطاجين مجمع اللغة العربية في الجزائر من خالل بيانه التأسيسي الذي
لألخطاء اللغوية والمفاهيمية في قانونه األساسي ولغته الصامتة '' ،فإذا كانت أخطاء من
اللغة العربية يتقنون لغة أجنبية أو أكثر ،فال ندري كيف ستكون نتائج ترجمة مصطلحات
()1
حقل معرفي أو أكثر ،على ثرائها وتعقيدها وتباين سياقاتها ومرجعياتها''.
فوجود مثل هذه المجامع العربية محمود في تفعيله النشغال المعرفة العربية بمسألة
في التعامل المصطلح باإلضافة إلى إسهامها في البحث عن مناهج مغايرة وآليات جديدة
تستخدم في سياق متخصص وتشير إلى مفهوم دقيق ومحدد في هذا السياق '' ،للمصطلح
هوية تالزمه ،إذ ينشأ في وضع ما وينتقل من بلد إلى بلد ومن علم إلى آخر ومن ثقافة إلى
()2
أخرى ومن عصر إلى آخر''.
كما أشار الناقد في مقدمة كتابه إلى قصور المنهج الواحد أمام الدرس النقدي
22
قائم ،لذا ال يمكن الحديث عن السيمياء دون استحضار اللسانيات والمنطق ،وال يمكن دراسة
التداولية بمعزل عن البالغة ،وال األسلوبية بمعزل عن اللسانيات والبالغة والبنيويات ثمة
دائما حضور صريح أو ضمني ألفكار ومصطلحات سابقة ،أما االجتهادات األخرى فليست
ً
()1
تتقاطع مع المدونات األخرى''.
وفي مقاربة قدمها السعيد بوطاجين لمصطلح الحداثة أثار قضية المصطلح والعقيدة
حيث أشار إلى أن لفظة الحداثة مثالً تعبر عن التوجه الجديد في الفكر الكاثوليكي الساعي
تأول تعاليم الكنيسة ،وأن إخراج المصطلح عن سياقه الديني يضعنا أمام مفهوم آخر
إلى ّ
قلما يتواتر في الطروحات العربية و'' بهذا المعنى يتم إلغاء الحدود الزمانية بين القديم
والحديث ،الن الجانبين الشاعري والخالد هما الفاصالن األساسيان بين هذا وذاك ما يقودنا
بالضرورة إلى االحتكام إلى التحديدات وفق المنظور ،أي وفق المنطلق لتفادي التعريفات
()2
ومفهوميا''.
ً دالليا
العامة التي ال تأخذ في الحسبان مختلف االستعماالت المتباعدة ً
يصاغ المصطلح النقدي وفق مجموعة من السبل والطرائق وأهمها هي '' الترجمة ''
وقد حدد أبو عثمان الجاحظ معالم ثالث لفعل الترجمة في قوله '' :ال بد للترجمان من أن
23
يكون بيانه في نفس الترجمة ،في وزن علمه في نفس المعرفة وينبغي أن يكون أعلم الناس
()1
باللغة المنقولة والمنقول إليها حتى يكون فيها سواء وغاية''.
كتابه '' الترجمة والمصطلح '' إلى الجهود العربية المبذولة في مجال الترجمة ،وقد عرض
إلى الجهود الترجمية في مصر والشام والعراق ،وهي جهود مكفول لها االحترام إال أن الذي
وصل إليه الباحث في قراءاته لهذه المبادرات أنها لم تصل إلى الهدف المنشود منها إذ '' أن
أهم ما يمكن استنباطه من االجتهادات الكثيرة التي اهتمت بالمصطلح وطرائق التعامل معه
هو غلبة الغموض والتردد الناتجين عن عدم وضع خطة صارمة يمكن مراجعة جزئياتها عند
الضرورة ،مع ذلك فقد قدم األفراد في بحوثهم المعزولة وفي بعض المجاالت آراء وبدائل
()2
غاية في األهمية من حيث التنقيب والتأصيل والمراجعة واقتراح مصطلحات بديلة ووافية''.
ولكي يرقى النقاد والمترجمين العرب بالمصطلح النقدي العربي ،ويكون فيه اتفاق
من قبل المجامع اللغوية والهيئات الترجمية ،البد عليهم االبتعاد عن فكرة '' األنا '' واسناد أي
24
الفصل األول :السيميائية السردية من '' بروب '' إلى '' غريماس ''
السيميائية.
د -العوامل والممثلون.
26
السيمياء أو السيميولوجيا كما عرفها فرديناند دي سوسير هي '' عبارة عن علم
()1
يدرس اإلشارات أو العالمات داخل الحياة االجتماعية''.
تبعا لرؤيته
األمريكي تشارلز سندرس بيرس ) ، (Ch.S.Peirceفالسيمياء أو السيميولوجيا ً
هي علم اإلشارات ،وهو يضم جميع العلوم اإلنسانية والطبيعية ،حيث يقول '' :ليس
()2
الصوتيات وعلم االقتصاد...إال أنه نظام سيميولوجي''.
اليوم نظاما واحدا متكامال ،والفرق الوحيد بين هاتين اللفظتين أن Sémiologieمفضلة عند
األوروبيين تقدي ار لصياغة سوسير لهذه اللفظة ،بينما يبدو أن الناطقين باإلنجليزية يميلون
السيميولوجيا هي '' :علم العالمات سواء أكانت هذه العالمة لسانية أم غير لسانية
()3
يهتم برصد العالمات المختلفة ،وبتصنيفها ،وببيان داللتها وبكشف القوانين التي تحكمها''.
27
ورائدا هذا العلم هما :الفيلسوف األمريكي تشارل سندرس بيرس ()1212 -1922
السيميولوجيا من وجهة نظر فلسفية والثاني تناولها من وجهة نظر لغوية فقال '':إن اللغة
نظام من اإلشارات التي يعبر بها عن األفكار ولذا فإنها تشبه نظام الكتابة وأبجدية الصم
والبكم والطقوس الرمزية ومظاهر األدب والشارات العسكرية...إن علما يدرس حركة اإلشارات
في المجتمع لهو علم قابل للتصور وسيكون هذا العلم جزًءا من علم النفس االجتماعي
في ِ
ص ُّر دي سوسير على أن السيميولوجيا أصل ()1
وبالتالي من علم النفس العام'' .
على واللسانيات فرع منه ،والقوانين التي تكشفها السيويولوجيا قابلة للتطبيق
األلسنية.
أما العرب فقد دعوا إلى ترجمتها بالسيمياء وقد عبر الباحث ( ليتش ) عن حيرته
في تبني مصطلح للسيميولوجيا بعد أن رأى اضطرابه عند المترجمين العرب بين (علم
الرحمن في كتابه (النقد الحديث) ،كما يعترف '' بما يخامر هذا العلم من ضبابية بسبب
()2
اتساعه وشموله ،مما جعله يتداخل مع علوم كثيرة أهمها األلسنية''.
-1محمد غرام ،تحليل الخطاب األدبي على ضوء المناهج النقدية الحداثية -دراسة في نقد النقد
منشورات اتحاد الكتاب العرب -دمشق ،9002 -ص.192
-2المرجع السابق ،ص.192
28
فالسيميولوجيا هي علم العالمات أو اإلشارات سواء كانت طبيعية أي موجودة بشكل
اإلنسان يخترعها مثل :لغة إشارات المرور ،اإلشارات العسكرية .ونجد '' روالن بارت''
يناقض المتراجحة السويسرية التي تفترض '' أن ما هو سيميولوجي يتجاوز األلسنية عن
قناعة منه ،بأن العالمات غير اللغوية ال تكتمل هويتها ما لم يتحدث عنها لغويا أي قبل أن
()1
تصبح عالمات لفظية''.
فإذا كان دي سوسير يرى أن السيميولوجيا كل واللسانيات فرع فإن روالن بارت يرى
أن السيميولوجيا فرع واللسانيات كل ،فالسيميولوجيا في دراستها لألنظمة غير اللغوية تعتمد
على عناصر اللسانيات ومن أهم هذه الثنائيات ( :الدال والمدلول)( ،اللغة والكالم) (التقرير
انطلق '' غريماس '' من ميراث فالديمير بروب الذي تنطلق منه كل التحليالت التي
تنخرط ضمن السيميائيات أو السرديات ،وفي هذا اإلطار يعيد '' غريماس '' طروحات ''
-1يوسف وغليسي ،مناهج النقد األدبي ( مفاهيمها ،أسسها ،تاريخها ،وروادها ،وتطبيقاتها العربية)
جسور للنشر والتوزيع ،ط ،9المحمدية ،الجزائر ،9002 ،ص.119
29
مقترحا ما يراه أكثر مالئمة للتحليل
ً بروب '' من حيث المقوالت واإلجراءات واللغة الواصفة
من أفكاره صالحة السيميائي للنص السردي ،فرغم إشادته بجهد '' بروب '' وبقاء الكثير
لالستثمار ،إال أنه يقترح تنظيما أكثر شكالنية وصورية لمفاهيمه فاختيار '' غريماس ''
لالتجاه السيميائي ،يرجع إلى دوره الهام في مدرسة باريس السيميائية ،كما أنه شكل قطب
الرحى بالنسبة لهذه المدرسة ،)1(''.فعلى الرغم من وجود مجموعة من الباحثين :ميشيل
إيريفي ،كلود شابرول ،جان كلود كوكي...فإن'' غريماس'' قد عمل بشكل مباشر بحيث شكل
كتابه المعروف – الداللة البنيوية – اللبنة األساسية لهذه المدرسة السيميائية ،كما أصدر
مجموعة من األعمال ،شكلت في مجملها أهم الدعائم المعتمدة في مقاربة النصوص السردية
واألسس المعرفية لهذه المدرسة .وانصرفت السردية إلى االهتمام بمكونات الخطاب السردي
وأبنيته ومستوياته الداللية من خالل تيارين :تيار السردية اللسانية وتيار السردية الداللية؛
وتيار السردية الداللية تجلى في جهود بروب وغريماس وهو تيار '' يعنى بالبنى العميقة
()2
ال إلى تحديد قواعد وظائفية للسرد ''
التي تتحكم بمظاهر الخطاب وصو ً
'' كانت نقطة االنطالق الجوهرية في دراسة النصوص الحكائية بعامة وهي دراسة
فالديمير بروب '' ) (Vladimir Proppحول القصص العجيبة ،كما تأثر علم السرد
-1سعيد بوعيطة ،المرجعية المعرفية للسيميائيات السردية -غريماس نموذجا -ماي ،9012 -ص.21
-2عبد اهلل إبراهيم ،من وهم الرؤية إلى وهم المنهج ،مجلة الفكر العربي المعاصر ،ع 1222 ،9199
ص.192
30
المعاصر وبخاصة التحليل البنيوي للحكايات بأبحاث '' فالديمير بروب '' حول الحكاية
'' الغرائبية التي تقع بين األسطورة والشعر الملحمي ،والمشروع الشكالني لكتاب
مورفولوجيا الحكاية '' '' ال يتعارض مع المنظورات التاريخية بل على العكس ففي هذه ''
الحكاية الطويلة '' يسمح التحليل البنيوي بتقسيمه للحكايات بحسب أجزائها المكونة ،بعقد
و'' مقارنات مبررة .وخالفا للتقليد الفولكلوري ال يخلط بروب بين موضوعات الدراسة
()1
المضامين '' أي المعطيات السردية المدروسة''.
وأراء '' فالديمير بروب '' تعتبر ركيزة أساسية انبثقت بعدها جل الدراسات المتعلقة
بالسرد القصصي عامة لطرحه كتاب '' مورفولوجيا الحكاية العجيبة الروسية
والدراسة التي قام بها بروب ال تقف عند حد الشكل الخارجي وانما هي دراسة ()2
األشكال ''
بكر بسبب
التركيبة الداخلية لمائة حكاية شعبية روسية ،دراسة قد عدت إلى وقت غير بعيد ًا
أمرين :
-1مجموعة من الكتاب :مدخل إلى مناهج النقد األدبي ،تر .رضوان ظاظا ،مراجعة .المنصف الشنوفي،
سلسلة كتب ثقافية شهرية ،يصدرها المجلس الوطني للثقافة واآلداب ،الكويت علم المعرفة ص.112
Vladimir Propp. Morphologie Du Conte, Editions Seuil, Paris, 1970, p06. -2نقال
عن سليمة لوكام :تلقي السرديات في النقد المغاربي،ص.20
31
-9إن منهج بروب المعتمد في مقاربة هذه الحكايات الشعبية لم يعتمد من قبل بهذه
()1
ولقد تمكن بروب من الخروج بجملة من المالحظات هي :
وجود قيم متغيرة وهي أسماء الشخصيات وقيم ثابتة وهي أفعال هذه الشخصيات
أو ما يسميه بالوظائف ( وهي التي تعوض الحوافز عند توما شفسكي أو العناصر les
تمثل هذه الوظائف األجزاء األساسية للحكاية والعناصر الثابتة والدائمة مهما كانت
إن كل الحكايات الشعبية تنتهي إلى النوع نفسه فيما يتعلق ببنيتها.
اعتمد '' بروب '' في منهجه على خلفيات ومرجعيات ،فقد أخذ (الحوافز) التي
،'' Chekloveskiفسماها (الوظائف) في كتابه '' مورفولوجيا الحكاية '' وكان توماشفسكي،
32
قد أطلق على أصغر وحدة من '' الحبكة '' اسم الحافز '' Motifوهو قد يكون عبارة مفردة
()1
مفردا في الحبكة''.
أو فعال ً
يقول '' بروب '' '' :إننا ملزمون بالقول إن الحافز ليس شيئا بسيطًا وليس غير قابل
()2
جماليا''.
ً للتجزئة ،فالوحدة األولية التي ال تقبل االنقسام ال يمكن أن تكون كال منطقيا أو
وقد قدم بروب '' نمودجه (الوظيفي) المقترح الذي يختلف عن نموذج (الحوافز) ،ألنه
يحتوي على عناصر ثابتة وأخرى متغيرة ،فالذي يتغير هو أسماء الشخصيات وأوصافها
()4
هذا من خالل المثال التالي :
-1وائل سيد عبد الرحيم ،تلقي البنيوية في النقد العربي -نقد السرد أنموذجا -دار العلم واإليمان للنشر
والتوزيع ،ط ،9002 ،1ص.101
-2فالديمير بروب ،مورفولوجيا الخرافة ،تر ،إبراهيم الخطيب ،الشركة المغربية للناشرين المتحدين
المغرب ،ط ،1299 ،1ص.91
-3محمد عزام ،شعرية الخطاب السردي – دراسة –منشورات اتحاد الكتاب العرب،دمشق،ص.12
-4فالديمير بروب ،مورفولوجيا القصة ،تر ،عبد الكريم حسن ،سميرة بن عمو ،شراع للنشر والتوزيع،
دمشق ،1229 ،ص.11
33
خاتما ،يخرج من الخاتم رجال أشداء يحملون (إيفان)
-2أحد السحرة يعطي (إيفان) ً
كما استفاد بروب من علوم أخرى :كعلم النبات يقول '' :تعني كلمة '' مورفولوجيا ''
دراسة األشكال ،وفي علم النبات ،فإنها تنطوي على دراسة األجزاء المكونة للبنية وعالقة هذه
األخيرة بعضها ببعض ،وعالمة كل جزء منها بالمجموع ،وبشكل آخر ،فإنها تعني دراسة
()1
بنية النبتة''.
و'' بروب '' يريد أن ينقل هذا المفهوم من ''علم النبات'' إلى مجال ''القصة'' ،فيقوم
يعرف '' بروب '' بقوله '' :ونعني بالوظيفة ما تقوم به الشخصية من فعل محدد من
منظور داللته في سير الحبكة )2(''.والوظيفة عنده كذلك هي '' :عمل الشخصية''.
()3
وقد استنبط بروب من مائة حكاية شعبية روسية إحدى وثالثين ( )21وظيفة.
34
منهجا للدارسين من بعده ،وهذه الوظائف ليست كلها حاضرة على الدوام في
ً أصبحت
''ثابتة دائمة ،على الرغم من تعدد هويات األشخاص الذين يقومون بها فاألشخاص تتغير
()1
تعبر عن (وظيفة) واحدة''.
ولكن األعمال ّ
()2
وقد صاغ '' بروب '' وظائفه اإلحدى والثالثين على النحو التالي نذكرها باختصار :
-19 التواطؤ -9 ،الجريمة -2 ،الوساطة -10 ،بداية الفعل المضاد -11 ،الرحيل
-11 الوظيفة األولى للواهب -12 ،رد فعل البطل -12 ،إمداد أو استالم أداة سحرية
-19 انتقال مكاني بين مملكتين -19 ،الصراع -11 ،البطل وضع عالمة
االنتصار -12 ،حدوث النكبة أو االفتقار -90 ،العودة -91 ،مطاردة أو تعقب -99
اإلنقاذ -92 ،الوصول غير المعروف -92 ،مزاعم كاذبة -91 ،مهمة صعبة -99المهمة
تنجز (الحل) -91 ،البطل يعرف -99 ،الفضح (يفتضح أمر البطل الزائف) -92 ،تغيير
الهيئة -20 ،العقاب (الشرير يعاقب) -21 ،الزواج ،يتزوج البطل ويعتلي العرش.
يصوغ '' بروب '' الحكايات بعد ما يحدد وظائفها في نمط معادالت رياضية ،وذلك
افتراض أن هناك حكاية تحتوي على الوظائف ذات األرقام التالية :
35
(-28-20-89-81-87-82-82-84-83-82-88-80-9-1-7-2-2-4-3-2-8
()1
اليسار إلى اليمين.
بحيث ترمز كل عالمة إلى الوظيفة الخاصة بها ،ويرمز الرقم الموجود أعالها
(األس بلغة الرياضيين) إلى تكرار الوظيفة للحكاية ،إذ يمكن للوظيفة أن تتكرر في المتن
الحكائي خاصة عندما تكون القصة من النوع الذي يحدث فيها استئناف لألحداث مرة ثانية.
وتحتوي الحكاية العجيبة على عدة متتاليات بحسب الوظائف والوحدات الموجودة
()2
W0 A أ
36
: Aاإلساءة.
: W0الزواج.
وقد تبدأ داخل الحكاية الواحدة متتالية جديدة قبل أن تنتهي المتتالية األولى وبعد
()1
. K a ب
: aالشعور بالنقص.
نستنتج من المثالين أنه يتم وضع اكبر عدد ممكن من المتتاليات المكونة للوظائف
فالوظائف عند '' بروب '' يتم ترتيبها في تسلسل محدد وصارم يقتضي عدم تغيير
الترتيب ،وان كان الظهور أو االختفاء ليس شرطاً ،لكن على '' الوظائف '' أال تخالف
37
يرجع الفضل في ظهور السيميائيات السردية وتطورها إلى مدرسة باريس السيميائية،
تأسست على يد رائدها '' ألجرداس جوليان غريماس ) ، '' (Gremasسميت كذلك لما صدر
فغريماس من خالل مؤلفاته '' الداللة البنيوية ''8922و'' في المعنى '' 8970و '' في
المعنى ، '' 8912. 2والمعجمين السيميائيين اللذين أنجزهما باالشتراك مع تلميذه '' جوزيف
كورتيس '' كما أن أشهر أعضاء هذه المدرسة هم :جوزيف كورتيس (J-
شابرول .Chabrol
و'' رواد هذه المدرسة كانوا يهتمون بتحليل الخطابات واألجناس األدبية قصد
()1
اكتشاف القوانين الثابتة المولدة لتمظهرات النصوص العديدة''.
استطاع '' غريماس '' إن يتوصل إلى رصد نظرية شاملة لألنواع السردية والفضل
في ذلك يعود إلى الجهود التي قام بها '' فالديمير بروب '' وهي بمثابة نور أضاء درب
غريماس واحتذى به فقد قام '' بإضافة تصحيحات الزمة ،وصل من خاللها إلى اختزال
-1رابح بومعزة ،من مظاهر إسهام مدرستي باريس والشكالنيين الروس في تطور السيميائيات السردية،
محاضرات الملقتى الوطني الثاني ،السيمياء والنص األدبي ،دار الهدى ،الجزائر ،جامعة محمد خيضر
بسكرة ،9009 ،ص.992
38
في تعريف وظائفه من إحدى وثالثين وظيفة إلى ستة عوامل كونه يرى وجود خلل
()1
الوظيفة عند '' بروب ''
والتعريف الذي يعطيه للوظيفة قائم على وجود فعل ما تتحدد من خالله شخصية
ما .وتتحدد الوظيفة تبعا لذلك من خالل انتمائها إلى إحدى دوائر الفعل التي تشتمل عليها
()2
الحكاية ''
واذا كان '' الفعل أساس تعريف الوظيفة ''( )3حسب – فالديمير بروب – فإن غريماس أدرك
وظيفة فالنقض لن يكون كذلك حيث ال يمكن التعامل معه كوظيفة ،باعتباره حالة ت ْستَ ْد َعى
()4
فعالً ''
عن ليخرج غريماس بنتيجة هي '' أنه عوض الحديث عن الوظيفة ،يجب الحديث
ففي هذه المدرسة كان لرائدها '' غريماس '' الفضل في تطوير السيميائيات السردية حيث أكد
على أنه '' وجب بعد القيام في مرحلة أولى بعملية استقراء نؤسس بمقتضاها المقومات
()1
العامة التي تبنى عليها ظاهرة السرد ''
-1سامي الوافي ،مدرسة باريس السيميائية (دراسة في المنهج) ،الثالثاء 99يونيو . 9290 ،9010
-2سعيد بنكراد ،مدخل إلى السيميائيات السردية ،منشورات االختالف ،الجزائر ،ط ،9002 ،9ص.91
-3المرجع نفسه ،ص.91
-4سامي الوافي ،مدرسة باريس السيميائية (دراسة في المنهج).
-5سعيد بنكراد ،مدخل إلى السيميائيات السردية ،ص.99
39
أ -منهج ألجرداس جوليان غريماس ): (A-J-Gremas
حصرا ،ضمن منظور سيميائي وبنيوي '' فالنص معطى تجريبي ويدرس
ً ) (Proppووضعها
السرديين ''
()2
ولقد أنشأ غريماس لدراسة '' الخطابات السردية '' '' ،علم داللة أساسي وعلم نحو
()3
أساسي ''
كما اهتم بالعالقات المكونة للنص السردي وأطلق عليها اسم العامل بعدما أطلق
عليها '' بروب '' و '' سوريو '' ) (Saurouمصطلح الوظيفة وهامون )'' (Hamon
من الشخصية '' مستمدا نظريته من أعمال سابقية ألنها جاءت مكملة لما اقترحه كل
'' بروب '' و'' سوريو'' فهما سبقاه في مسألة األنظمة العاملية ،وكذلك كلود ليفي شتراوس
غير أن '' غريماس '' قام بتنقيح وتقعيد الدراسات التي سبقته ،ولذا جاءت دراسته
''
()2 ()1
شبه منتهية ،رغم ما يشوبها من نقائص بسيطة كما يبدو في كتابه '' الداللة البنيوية
-1محمد ناصر العجيمي ،في الخطاب السردي -نظرية غريماس – الدار العربية للكتاب ،د ط ،1221
ص.92
-2مجموعة من الكتاب ،مدخل إلى مناهج النقد األدبي ،تر ،رضوان ظاظا ،مراجعة ،المنصف الشنوفي
سلسلة كتب ثقافية شهرية ،يصدرها المجلس الوطني للثقافة واآلداب -الكويت ،علم المعرفة ص.111
-3المرجع السابق ،ص.111
40
ويركز غريماس على جانبين '' جانب وظيفي وجانب وصفي ،الجانب الوظيفي يشمل
األفعال التي يقوم بها اإلله ،والجانب الوصفي يشمل األلقاب واألسماء المتعددة التي تحدد
()3
صفاته ''
وهكذا '' ال تتم اللعبة السردية عند مستويين وانما عند ثالث مستويات متميزة
في فاألدوار ،وهي الوحدات العاملية األولية وتقابل حقوال وظيفية متماسكة – تدخل
وقد قدم غريماس صياغة جديدة لنموذج بروب الوظائفي فقد اهتم باإلضافة
عن إلى الوظيفة ،بالعامل ) (L’actantفبدل الحديث عن دوائر الفعل يجب الحديث
-1الداللة الب نيوية '' :مؤلف يضم جملة من الدراسات المتصلة خاصة بالتحليل الداللي في المستوى
العميق وان حوى قسما من صفحة ( 119إلى 991ص) أفرد إلعادة النظر في بعض مفاهيم بروب
الوظيفية وصياغتها صياغة جديدة موسومة باالختزال والتجريد الرياضيين '' ينظر :محمد ناصر
العجيمي ،في الخطاب السردي ،نظرية غريماس ،ص .9 -1
-2السعيد بوطاجين ،االشتغال العاملي - ،دراسة سيميائية – غدا يوم جديد لعبد الحميد بن هدوقة
منشورات االختالف ،ط ،9000 ،1ص.12
-3حميد لحميداني ،بنية النص السردي من منظور النقد األدبي ،المركز الثقافي العربي ،بيروت ،لبنان
ط ،1220 ،2ص.29
-4مجموعة من الكتاب ،مدخل إلى مناهج النقد األدبي ،ص.111
41
وخالصة القول إن نظرية غريماس '' تستمد أصولها المعرفية من الداللية التي تهتم
في ذلك في المقام األول باستقراء الداللة انطالقا من الظروف الحافة بإنتاجها ووسيلتها
تفجير الخطاب وتفكيك الوحدات المكونة له ثم إعادة بنائها وفق جهاز نظري منسق التأليف
فخلص غريماس إلى وضع األنموذج العالمي ،العوامل والممثلون والبرامج السردية. ''
()1
يعتبر موضوع '' السرد '' من أهم إنجازات البحث في العلوم اإلنسانية في القرن
العشرين وهو مصطلح وضعه '' غريماس '' ويقصد به فكرة عامة تشكل البنية السردية وهنا
وتطلق عبارة البرنامج السردي عند غريماس Greimasعلى '' تتابع الحاالت
والتحوالت التي تترابط انطالقا من عالقة بين ذات معينة وموضوع محدد وما يط أر عليها من
.
قوله '' :إذا أردنا أن ندقق في كالمنا فينبغي علينا أن نعد السرديات علم البنيات السردية
دون أن نضيع في التمييز بين المحكى التاريخي ،المحكى التخييلي ،بيدا أن السرديات
وبحسب اإلستعمال المعاصر للمصطلح تركز على محكى التخيل ،دون إقصاء
42
(.)1
لبعض االقتحامات في مجال التاريخيات ( '' ) l’historiographie
ويمكن القول أن السرديات '' فرع معرفي يحلل مكونات وميكانيزمات المحكي
ولكل محكي موضوع ،إنه يجب أن يحكي عن شيء ما .هذا الموضوع هو الحكاية ،هذه
األخيرة يجب أن تنقل إلى (المتلقي) بواسطة فعل سردي هو السرد .السرد والحكي مكونان
(.)2
ضروريان لكل محكي''
بينما السردية ( )narrativitéيعرفها '' غريماس'' في معظم مؤلفاته ويؤكد على أنها
هي '' تحويل أو مجموعة تحويالت ،تحقق صلة الفاعل بموضوع القيمة ،وتدخل في هذه
العملية برامج ال حصر لها وصور وتجسيدات ،تعد بتحليل متأن للسردية ولنظرية السرد
(.)3
التي تسعى إلى االهتمام بالشكل السيميوطيقي للمحتوى''
وقد خلص ''غريماس'' في نظرية '' السيميائية السردية'' إلى تحديده بنيتين للسرد هما
وتنقسم البنية السردية إلى بنية عميقة :وقد أرسى ''غريماس'' دعائم '' البنية األولية
Paul Ricœur , temps et recit , 11,éditions des seuil, paris,1984,p13 -1نقال عن :
سليمة لوكام ،تلقي السرديات في النقد المغاربي ،دار سحر للنشر ،تونس ،ديسمبر ، 9002 ،ص121
-2المرجع نفسه ،ص. 111
-3نادية بوشفرة ،مباحث في السيميائيات السردية ،دار األمل ،الجزائر ،د ط ، 9009 ،ص.191
43
التركيب العميق الذي يتجسد في '' المربع السيميائي'' بوصفه تمثيال بصريا للتمفصل
(.)1
المنطقي ألية مقولة داللية ''
وبنية سطحية ،أما البنية الخطابية فيرى غريماس '' أن نظرية الخطاب التي يؤكد
عل ى ضرورتها الملحة يكون من مهامها فحص األشكال الخطابية ومختلف صيغ تمفصلها''
(.)2
ويشير غريماس إلى أن الداللة مجردة وغير ملموسة والبنيات العاملية ''تشكل
مستوى توسطيا بين المحائية والتجلي ألنها هي البؤرة األساسية والتي من خاللها يتم االنتقال
(.)3
من المستوى العميق إلى المستوى السطحي ''
ومن هنا نستخلص أن اللبنة األساسية المكون للبنية السطحية كونها األنموذج العاملي.
األنموذج العاملي :أراد غريماس أن يكون أنموذجه العاملي '' عاما وشامال ،قاد ار على
احتواء مختلف أشكال النشاط اإلنساني ،بدءا من النصوص األدبية وانتهاءا بأبسط شكل
ونجد محمد ناصر العجيمي يعرفه بأنه '' نظام خاضع (.)4
من أشكال النشاط اإلنساني ''
44
لعالقات قارة بين العوامل ومن حيث هو صيرورة قائمة على تحوالت متتالية ذلك أن السرد
(.)1
ينبني على التراوح بين االستقرار والحركة والثبات والتحول في آن ''.
العامل ( : ) actantحدد غريماس العامل على أنه '' وحدة تركيبية ذات طابع شكلي
(.)3
األصلية ،وبتوزعها على مجموع الحكاية ''
لقد استبدل غريماس مصطلح الشخصية بالعامل في السيميائيات السردية ألنه رأى
أن العامل ال ينطبق فقط على اإلنسان بل يتعداه إلى الحيوانات واألشياء عكس مفهوم
الشخصية الذي يلتبس مفهومه عند التطرق إلى قضية الجنس ( اإلنسان ،الحيوان ) .
الممثل :هو" تلك الصورة الناقلة لدور عاملي على األقل ،يحدد وضعية داخل البرنامج
السردي ''
(.)4
45
كما يعرف بأنه '' الشخصية التي تضطلع بدورها أو تنجز فعال أو حدثا ما كيفما
قال جوزيف كورتيس '' :إن الممثلين مكلفون ( )...بمهمة مزدوجة :من جهة أولى
في النموذج العاملي لغريماس مصطلحين بارزين يمثالن مفهوم الشخصية وهما مصطلحا
العامل هو الوظيفة حسب تعبير فالديمير بروب ،وقد ميز غريماس '' بين ما
) (Les acteursمنطلقا من انقياد بروب الذي يرى أن الفعل ثابت والشخصية متغيرة''.
()3
فرأى غريماس أنه يمكن أن يتجلى عامل واحد عن طريق عدة ممثلين ويمكن أن يتجلى
ممثل واحد عن طريق عدة عوامل حيث يقول '' ،فإذا كان عامل (ع )1يمكنه أن يتمظهر
46
في الخطاب من خالل عدة ممثلين (م ،1م ،9م )2فإن العكس ممكن أيضا فممثل واحد
()1
(م )1يمكن أن يكون تضايفا لعدة من العوامل (ع ،1ع ،9ع'' )2
()2
عوامل وممثلون:
كما يوضح '' السعيد بوطاجين '' أن غريماس في كتابه '' السيمياء السردية والنصية
'' في مقاله الموسوم :العوامل ،الممثلون ،األدوار ،ضبط كيفية اشتغال العوامل باإلضافة
إلى أنه تطرق إلى شرح عمل الذات وفق ما اقترحه غريماس من خالل الترسيمين التاليين :
47
عامل عامل3 عامل 8عامل2
ذوات وعوامل:
يشرح بوطاجين الترسيمتين بقوله '' :أن ذاتا واحدة بإمكانها أن تسهم في عدة
عوامل أو أن تسند لها وظائف مختلفة ( ذات ،مرسل إليه ،معارض) أو أن تؤدي أدوا ار
مختلفة من خانة المساندة إلى خانة المعارضة (ويحدث أن تساند وتعارض في الوقت ذاته).
مثال وبالمقابل يمكن أن تشترك عدة ذوات في دور واحد :الذات الجماعية
المجموعة والكتلة التي تسعى إلى تحقيق موضوع مشترك :الطائفة والقبيلة والحزب...الخ ''
()1
48
الفصل الثاني :قراءة في كتاب االشتغال العاملي للسعيد بوطاجين
-1البنية العاملية.
-2البرنامج السردي
-1مقدمة الكتاب.
-2التمهيد.
-4البرنامج السردي.
50
معناه الرمز
الذات ذ
فاعل ف
موضوع م
انفصال V
اتصال
تحول
51
أوال -المرجعية النقدية لبوطاجين '' غريماس '' :
لم ينطلق '' غريماس '' في تحديده للعوامل من فراغ فقد استفاد من جهود سابقيه جمع
بين أبحاث كل من '' بروب '' و'' ليفي شتراوس '' وبعض الدراسات الميثولوجية واللسانية
كما تأثر '' بتنير '' في مجال الحكاية الشعبية و'' سوريو '' في مجال المسرح
واعتبر توزيع '' بروب '' للوظائف بمثابة عوامل ،ألن منهجه في تتالي الوظائف ال
يمكن أن يصلح لتحليل ملفوظات حكائية معقدة كالرواية ولهذا '' غريماس '' لم يبق أسير
النماذج السابقة فقد نجح في وضع نموذج يصلح تطبيقه على كل أنماط الخطاب السردي
'' استفاد '' غريماس '' من أبحاث غيره ،وذلك لبناء نموذجه القائم على ستة أدوار
تستند على ثالث أزواج من المقوالت الفاعلة ،تكون كل واحدة منها ثنائية ضدية ،حيث
توضع المقولة األولى الذات ضد الموضوع ويكمن أساسها التركيبي في صيغة (أ) يرغب في
()1
(ب) ''
ط1 -1نعمان بوقرة :المصطلحات :األساسية في لسانيات النص وتحاليل الخطاب دراسة معجمية،
عالم الكتب – جدار للكتاب العالمي ،عمان ،9002 ،ص.191
52
فالنموذج العاملي الذي اصطنعه '' غريماس '' يكون وفق التقسيم التالي :الذات/
()1
الموضوع ،المرسل /المرسل إليه ،المساند /المعارض.
وسيؤخذ كل ثنائي بعين االعتبار ،باعتبار هذا النموذج بعالقاته الثالث '' يمثل
العالقات المشكلة ألي نشاط إنساني ،كيفما كانت طبيعته ،وألن التحليل العاملي مفيد ،من
()2
حيث قدرته على إبراز دور البنيات اللغوية في تنظيم العالم المتخيل المكاني ''
يمكن تقديم الصورة الكاملة للنموذج العاملي عند '' غريماس '' وفق مخطط يبين
حيث ينظر '' غريماس '' إلى هذا النموذج وفق ثالثة مزدوجات عاملية وهي :
في الذات لها أهمية متميزة عن بقية العوامل األخرى ،وهي الشخصية الرئيسية
القصة ،فالعالقة بين '' الذات '' و '' الموضوع '' تعتبر بؤرة النموذج العاملي ،فكل واحد
-1عبد المنعم زكريا القاضي :البنية السردية في الرواية -دراسة في ثالثية خيري شلبي -األمالي ألبي
علي حسن ولد خالي ،ط ،1عين الدراسات والبحوث اإلنسانية واالجتماعية ،9002 ،ص.29
-2برنار فاليط :النص الروائي -تقنيات ومناهج ،تر ،رشيد بن حدو ،د ،ط ،الهيئة العامة لشؤون
المطابع األميرية ،1222 ،ص.29
53
منهما يستوجب وجود آخر ويؤكد غريماس هذا بقوله '' :الصلة بين العاملين تعالقية وهذا
من شأنه إتاحة النظر إليهما من حيث أن إحداهما موجود دالليا لآلخر وبه''.
()1
والصنف العاملي الذات /الموضوع تصل بينهما عالقة الرغبة وتكون بين من يرغب
وهي '' الذات '' بما يرغب فيه '' الموضوع '' ،وتحضر هذه العالقة على امتداد المسار
السردي ،كما أن '' الموضوع '' ال يمكن تحديده إال ضمن عالقته '' بالذات '' فهو الهدف
المراد الذي تريد '' الذات '' تحقيقه وتكون هذه الذات إما في حالة اتصال ويرمز لها بالرمز
صلة تعالقية
المزدوجة الثانية داخل النموذج العاملي المحددة من خالل محور اإلبالغ أو االتصال
54
فرغبة الذات في االتصال بالموضوع البد أن يكون وراءها محرك أو دافع يسميه ''
غريماس '' مرسال وهو '' عامل ليس الزما بذاته البد أن يكون موجها إلى عامل آخر يسمى
()1
مرسل إليه''.
فالعالقة التي تجمع بين '' المرسل والمرسل إليه '' عالقة التواصل تمر بالضرورة عبر
فالمرسل وهو '' فاعل التحفيز '' أي يحفز الذات بجعلها ترغب في موضوع ما
وتنطلق في البحث عنه ،وعند تحقيق الذات لهذه الرغبة ،يكون بالضرورة هناك مستفيد من
إنجاز الذات إما أن تكون الذات نفسها أو المرسل نفسه أو غيرهما ،والمرسل إليه هو الذي
()2
يعترف لذات اإلنجاز بأنها قامت بالمهمة أحسن قيام.
تواصل
الموضوع الذات
فالمرسل هو الذي يمارس تأثيره على اتجاه الحركة السردية ،فقد يشتد الصراع
ويتطلب دخول المرسل من اجل الوصول إلى حل أما المرسل إليه فهو المستفيد األساسي
-1عبد المجيد دقباني :دالالت السيميائية السردية في القصيدة الشعبية ،حيزيه البن قيطون أنموذجا
الملتقى الدولي الخامس ،منشورات الجامعة 11 -11نوفمبر ،9009 ،ص.1
-2حميد لحميداني :بنية النص السردي من منظور النقد األدبي ،ص.51
55
جـ -المساعد/المعارضadjoint us/opposant:
المزدوجة الثالثة للنموذج العالمي تتكون من مساعد /معارض وذلك ضمن عالقة
يسميها '' غريماس '' عالقة الصراع ،فالعالقة في تقابل هذا الثنائي تتأسس على وجود
مجموعتين من الوظائف ،تقوم المجموعة األولى على تقديم المساعدة بالعمل في اتجاه
عالقة الرغبة ،أو تسهيل أمر التواصل فيما تعمل المجموعة الثانية على خلق العوائق لتحول
-2البرنامج السردي:
الذات عند رغبتها في تحقيق الموضوع قد تتحصل على ما تطمح إليه وقد تفشل في
ويرى '' غريماس '' أن البرنامج السردي البسيط بإمكانه أن يتحول إلى برنامج سردي
ففي حالة االتصال تمر الذات من حالة انفصالها عن الموضوع إلى حالة اتصالها به
فالتحويالت بالنسبة لنظرية '' غريماس '' شكلية إما انفصالية أو اتصالية.
56
وهذا لكي ينطبق الوجود السيميائي للبرنامج السردي على مكون المسار السردي الذي
نفحصه ،يجب أن ينجز فيه البرنامج السردي الفعل الممارس ينتهي إلى النتيجة المسجلة
()1
داخل ملفوظ الحالة ( وصلة أو فصلة ).
أ -اإليعاز (التحفيز) :يقوم فيه '' المرسل '' ببث رغبة القيام بالفعل عند '' الذات ''
فالذات تسعى إلى االتصال أو االنفصال عن الموضوع واإليعاز هو '' :المرحلة التي يصبح
فيها المرسل فاعل لفعل اإليعاز حيث يعمل على بث رغبة الفعل ورغبة التحرك لدى الفاعل
()2
''.
ب -الكفاءة ( القدرة ) :وهي المعرفة التي تؤدي إلى الفعل وهي وسيلة لتحقيق ذلك
الفعل ويجب على الفاعل أن يكسب مؤهالت وقدرات حتى يتمكن من إنجاز الفعل ،كما
تفترض أن يكون عامل الذات مؤهال وله القدرة واإلرادة إلنجاز الفعل ألن وظيفة اإلقناع التي
جـ -اإلنجاز :المرحلة التي تمر فيها الذات الفاعلة من حالة االنفصال عن الموضوع
-1جوزيف كورتيس :السيميائية من '' بروب '' إلى '' غريماس '' ،تر :جمال حضري المكتسبات
والمشاريع ،مجلة اآلداب العالمية ،ص.91
-2حميد لحميداني :بنية النص السردي من منظور النقد األدبي ،ص.51
57
د -التقويم ( الجزاء ) :أي الحكم الصادر عن المرسل اعترافا منه لما قام به الفاعل
(الذات) ،وقد يكون هذا التقويم بإظهار نجاح الذات في مهمتها أو إخفاقها في الحصول على
فالتقويم هو ما آل إليه المسار السردي ،وذلك بالحكم على الذات بالنجاح أو الفشل
في مهمتها.
قدم لنا السعيد بوطاجين في مؤلفه :االشتغال العاملي دراسة سيميائية لرواية '' غدا
يوم جديد '' لعبد الحميد بن هدوقة :يحاول الباحث في مؤلفه ،تفكيك جزء من البنية الروائية
الكبرى لرواية '' غدا يوم جديد '' ،وهو ال يخرج في ذلك عما أقرته السيميائيات السردية من
مفاهيم وما حددته من شروط وقد تضمن كتابه مقدمة وتمهيد وفصلين وتقفيلة (خاتمة).
تناول الناقد في مقدمة كتابه موضوع إشكالية المنهج والمصطلح ،فقد أثار الناقد حول
إشكالية المنهج حركية المناهج النقدية المعاصرة وتطورها المتزايد باإلضافة إلى المعيارية
'' فالتطبيقات المكررة ألدوات إجرائية تدفع إلى التساؤل عن ديمومتها ومآلها وعن
()1
مدى قدراتها على اإللمام بإنتاجنا المعرفي وخصوصياته ''.
58
أما بالنسبة للمصطلح فيسجل الناقد '' إشكالية مزدوجة '' تتمثل في االختالف
وبخاصة '' في مجال نظرية غريماس كونها مشروعا سيميائيا معرفيا يمارس النقد الذاتي
()1
باستمرار وهي بهذا نظرية قابلة للمراجعة النقدية والتاريخية ''.
وهذا ما يجعل الباحث العربي المقدم على السيميائية الغريماسية يجد نفسه وسط حشد
من المصطلحات والمفاهيم المختلفة ،وعليه أن يكون فطنا حتى ال يقع في الخلط والغموض.
أما الترجمات فقد '' جاءت وفق تفاوت مستويات التلقي ولذلك اتسمت بالتشتت
()2
والتناقض أحيانا ''.
وأمام هذه المشكلة اختار الناقد الترجمات التي في – رأيه – أقرب إلى الدقة ومنها
و '' على سبيل المثال :األعمال الرائعة لـ '' عبد السالم المسدي '' و '' جميل شاكر ''
-2التمهيد:
تطرق الناقد في التمهيد إلى الحديث عن نظرية العامل باعتباره العنصر المحوري في
59
في والوظائف أول ما ظهرت مع فالديمير بروب )(Vladimir Propp
مورفولوجيا الحكاية الشعبية تظهر وتختفي حسب خصوصية النص ،وحول تينير
) (Tesniereمصطلح الوظيفة إلى العامل معرفا إياه '' بالقائم بالفعل أو متلقيه بعيدا عن
()1
أي تحديد آخر ''.
ثم جاءت نظرية '' غريماس'' وأحدثت تغيي ار حيث شهدت نظرية العامل على يده
تقليص العوامل إلى حدها األدنى ،فقد وضع ثنائيات ثالثة لعوامل السرد وهي :
وقد خلص غريماس رفقة كورتيس إلى إعطاء مدلول للذات فبعرفانها بقولهما '':إن
()2
الذات تبدو في الملفوظ األساسي كعامل تتحدد طبيعته وفق الوظيفة التي يحتلها ''.
فقد ركز بوطاجين في تحليله على المقطوعات ذات األهمية الكبرى أي ( البنى
العاملية الشاملة ) التي تتمحور حولها الرواية ،ثم القيام بعملية انتقاء لهذه المقطوعات
واختزالها في جمل رئيسية ،ومن ثم الحصول على الجمل – المفاتيح – التي تلخص مجمل
البنى العاملية المتميزة التي يتمحور حولها خطاب الرواية ،فتوصل بوطاجين إلى تحديد
خمس مقطوعات ضبط من خاللها خمس جمل أساسية ،تحددت على أساسها موضوعات
60
الموضوع الجملة
لقد فرضت الخطوات التحليلية على الناقد انتقاء '' الذوات الكبرى المهيمنة نصيا
()1
وربطها بالبرامج السردية الممكنة ''.
فقد حاول فيها الناقد الكشف عن العالقة القائمة بين '' الذات '' ممثلة في شخصية
مسعودة وموضوع القيمة المركزي لديها ممثال في رغبتها في الذهاب إلى العاصمة.
أ -1 -الذات الموضوع :تمثل الذات في هذه الترسيمة '' مسعودة '' عالقة فصلية
مع الموضوع (الذهاب إلى العاصمة) فهي تريد االنفصال عن الدشرة أي (القرية -القيمة).
لالتصال بالمدينة الحلم ،فالموضوع هو غاية من قبل الذات ،وهي فاقدة له.
61
وذلك لعدم تحقق رغبة الذات في االتصال بموضوعها '' سفر مسعودة مع زوجها
قدور إلى العاصمة ) وأسباب عدم تحقيق الرغبة تتمثل في عوامل ضديدة وهي تأخر
القطار ،ظهور رجل المحطة ،الدر كيان شاركت كلها في عرقلة مسعى الذات.
باإلضافة إلى قدور الذي تعارك مع رجل المحطة ،فبعراكه عطل مشروع الذات عن
غير قصد ،ورجل المحطة '' لم يكن معارضا للذات ولمشروعها من حيث أنه ليس على علم
التدهور.فمشهد الذهاب و اإلياب أمام منظر قدور و مسعودة هو الذي أثار غضب قدور
فاعتدى عليه ،و تدخل الدركيان فأقتدياهما إلى المركز .و بهذا انتهى كل شيء (المدينة
والحلم) وعودة مسعودة إلى الدشرة من جديد.و هذا يعطينا الصلة التعالقية التالية :
الذات في عالقة فصلية مع الموضوع (المدينة) وبالتالي استلزم عالقة وصلية بين
أ -2-المرسل -المرسل إليه :إن رغبة الذات في االتصال بالموضوع يكون
62
وراءها محرك أو دافع هو المرسل وتحقيق الرغبة يكون موجه إلى عامل آخر هو المرسل
إليه .فالدافع األساسي للذات (مسعودة) هو الدشرة ،الذي جعلها ترغب في االنفصال عنها.
ترغب في
الموضوع الذات
الذهاب إلى المدينة مسعودة
الدشرة تمثل عامل جماعي عكس ما تبدو عليه (عامل مفرد) ألنها تحتوي على
مجموعة من األفراد والقيم ،أما المرسل إليه أو التلقي فيتكون من ممثل واحد هو الذات نفسها
ألنها هي المستفيدة الوحيدة من الحركية المكانية المزدوجة ،فصل ،وصل أي االنفصال عن
أ -3-المساندة -المعارضة :إن الذات أثناء محاولتها تحقيق اتصالها بموضوع القيمة ،قد
تجد المساندة خالل سعيها إلى ذلك بفضل عامل المساعدة أو قد تتعرض إلى عوائق تمنع
فالذات في هذه الترسيمة تبدو وحيدة في مسعاها ،وذلك لخلو خانة المساندة من
الممثلين الذي يساهمون في تحقيق الرغبة ،إال إذا اعتبر أن قرار عزوز بتزويج مسعودة من
قدور بمثابة مساعد فهي رضيت بالزواج من اجل المدينة ،فسهم الرغبة يتجه نحو المدينة
وليس نحو قدور من حيث انه بال قيمة ،حيث يقول السارد '' :لو كان لها أن تقول للناس
بصراحة ،لماذا تزوجت برجل ال يعرف من حياة القرية إال الطريق الموصل إليها ،لقالت
63
بكلمات ملونة قدور ؟ من هو ؟ خافوا اهلل يا ناس ! أنا ال يهمني ،لم أتزوج به تزوجت
()1
بالمدينة ،بالحلم ! آخر رعاة القرية أقرب إلى قلبي منه ''.
أما خانة المعارضة فجاءت ثرية بعدد الممثلين الذين يسهمون بالقيام بدور عاملي واحد.
واقترح الناقد جدوال وضح فيه كيفية انتشار العوامل واشتغالها والوضعيات التي تحتلها
من منظور النحو السردي ،فعمد به إلى التبسيط ورفع أي نوع من الغموض وذلك بقوله '' :
نشير إلى أن الخانة الثالثة مشكلة من عناصر ضمنية ،ألن الدشرة – الحافز ليست مجرد
تجمعات سكنية ،إنها عالقات وقيم تجلت في ألفاظ مثل :الرتابة ،الخصاصة ضرة األم،
()2
العذاب ''.
كما تطرق الناقد إلى توضيح أهم القوانين المنظمة للعالم المحكي استنادا إلى
الفرضية والتحيين نوع الغائية ،ثم توزيع أهم العوامل المشكلة لهذا المقطع وفق الترسيمة
-1عبد الحميد بن هدوقة ،غدا يوم جديد ،منشورات األندلس ،الجزائر ،1229 ،ص.91
-2السعيد بوطاجين ،المصدر السابق ،ص.53
64
المعارض الذات المساند
قدور
من خالل تحليل الترسيمة األولى نالحظ أن الناقد في اعتماده على األدوار الستة
(ذات /موضوع ،مرسل /مرسل إليه ،مساند /معارض ) .وتطبيقه الكلي للمزدوجات الثالث
أنه طبق النموذج العاملي الذي وضعه غريماس ،وبهذا يكون قد انتهج المرجعية النقدية
كما أن تحليل بوطاجين للرواية يجعل القارئ أمام تمارين تطبيقية تبين المنهج
السيميائي لغريماسي ،وكأن المتصفح لهذا الكتاب يرى اشتغال هذا المنهج مرأى العين.
والناقد في تحليله لرواية '' غدا يوم جديد '' بين ما تحتويه هذه الرواية من ظواهر
اجتماعية وهذا ما تتميز به نظرية غريماس فهي صالحة لالقتراب من ظواهر نصية
كما ينصب اهتمام غريماس على خطابات ذات طابع تصويري (الرواية ،المسرح
65
-مسعودة تدوين قصة حياتها مسعودة
-أبناء األثرياء
المعارض الذات المساند
مسعودة
حاول الناقد عبر فعل الكتابة الذي تنوي البطلة القيام به من خالل طلبها من الكاتب
تدوين قصة حياتها '' توضيح أهم اإلنزالقات التي يمكن حدوثها على مستوى البنية ،من
خالل القيام بلعب استبدالي يهدف إلى تغيير البنى الجملية للكشف عن إمكانية تغيير
()1
األدوار العاملية من شكل بنائي إلى آخر''.
الموضوع األول المتمثل في كتابة قصة حياتها .فالذات في عالقة فصلية بثالث عوامل أي
بثالث موضوعات تنوي إنجازها وهذه المواضيع الفرضية هي (الذهاب إلى المدينة تدوين
'' ال قصة حياتها ،الذهاب إلى الحج ) فهذه رغبات كبرى تتخللها رغبات صغرى وهذا
يعني أ ن الرغبات الصغرى عديمة األهمية ،ألنه بإمكاننا أن نفرد لها ترسيمات عاملية أو
()2
برامج سردية في حالة تعاملنا مع البنى الجملية الصغرى ''
فقد اهتم الناقد بالوحدات الصغرى على الرغم من إعالنه عن تجنب الخوض فيها
لتعقيدها ولعل هذا راجع إلى وجود ما يطلق عليه '' االنزالقات العاملية '' فقد اهتمت كيفية
66
اشتغال النظام العاملي وتداخله أثناء ظهور بعض االنزالقات الوظيفية التي تحدث '' لحظة
فالكاتب وشخصية مسعودة ،إذا توقف األول عن السرد عوضه اآلخر هو الشيء
الذي أدى إلى تشابك األدوار العاملية وانزالقاتها المتكررة.فهما يتناوبان على القصة بلعبة
استبدالية ،و بهذا توصل الناقد إلى تحليل "المقطوعات التحتية" ،فالناقد يوضح مدى قدرة
الجملة على استيعاب عدد كبير من األدوار العاملية التي تتطلب عمال تجزيئيا غاية في
الدقة .ومثالها :ما قالته مسعودة للكاتب معلقة على طريقة الكتابة '' بهذه الجلسة أعدتني
إلى بدايات الحلم وبدايات الجرح ،لماذا لم تكمل القصة كما حكيتها لك ،قصة خديجة ال
()2
تقبل التجزئة ،هي كل بال أجزاء – قصتي أنا ،نعم تقبل التجزئة''.
تتكون هذه المقطوعة من عدة عوامل وزعها بوطاجين على الشكل التالي :
()3
-قصتي أنا ،نعم ،تقبل التجزئة.
67
تبين هذه الجمل إمكانية تقسيمها إلى وحدات صغرى تحتوي كل مجموعة من العوامل
التي تؤثر بشكل واضح في البنية الكبرى ،مثال :قصتي تقبل التجزئة :القصة /التجزئة
ذات /موضوع.
فهنا اطلعنا الناقد على مدى قدرة الجملة على استيعاب عدد كبير من األدوار العاملية
التي تتغير وتتشابك فتقتضي تحليال دقيقا وصعوبة االشتغال عليها في عمل روائي بحجم ''
غدا يوم جديد '' حتى وان كان غريماس قد تتبع هذه الطريقة في التحليل.
اعتمد الناقد في هذه الترسيمة على المزدوجات الثالث لقراءة األدوار العاملية كما
الزاوية ) وبروز رغبات جديدة ،فقد استخلص الباحث وحدات تركيبية ذات وظائف متميزة
على مستوى البنية العاملية وهي :الحياة المتكررة ،الوجوه المتكررة ،الصور المتكررة،
القراءة المتكررة .وهذه الوحدات تدفع بالذات للذهاب إلى الزاوية والتخلي عن القرية والوسيلة
68
هي سرقة مال الوالد المخصص للحج ،فنجد الحبيب يريد الذهاب إلى الزاوية وأبوه يعارضه
بعدم إعطائه من ماله وتوفيره لحجه .وهذا دليل على تصادم بين الذاتين في إصرار كل
منهما على تحقيق رغبتها ،وهذا التعارض بين الموضوعين ال يكتمل فيه الواحد إال بسقوط
كما نالحظ في الترسيمة خلو المساند من أي عامل مع معارضة األب واألم للذات
في تحقيق رغبتها ،مع أن معارضتهما في األصل لموضوع الذات .وعامل المرسل جاء
عامل جماعي ( القرية ورجل المحطة ) والقرية هنا تمثل مجموعة من القيم وبالتالي تصبح
قيمة مجردة تحفز الذات على االنفصال المكاني .ورجل المحطة يمثل زمانين متضادين :
زمان القرية ،زمان الزاوية وهذا يؤدي إلى تداخل بين المرسل والموضوع فغاية الذات هنا
غاية قيمة ( االلتحاق بالزاوية) وتموقع عامل القرية في خانة المرسل باإلضافة إلى تموقعه
والذات أدى وظيفتين ،وظيفة الذات والمرسل إليه ،ألنه بعد تحقيق عنصر الرغبة
يمتأل النص بتكتالت العاملية .وتظهر لنا انزالقات عاملية بسبب تغير رغبة الذات وعودتها
إلى القرية ويصبح التلقي جماعي ( الذات والقرية ) فالموضوع هنا ال يصبح مجرد قيمة
وانما قيمة نوعية فالموضوع األول سيصبح حاف از لالنفصال المكاني واعادة االتصال بالمكان
– األصل ،بعدما كان في البداية حاف از جعل الحبيب يمقت القرية وقيمها .وهنا تظهر لنا
69
كيفية المرور من شخصية إلى أخرى ومن موضوع إلى آخر ،ومن ثم تغيير األنظمة
وهنا نالحظ أن الناقد أهمل تقديم قراءة لمزدوجات األدوار العاملية كما فعل غريماس وكما
وأحد فظاءاتها '' الدشرة '' ،مبينا كيفية تحول األرض إلى موضوع قيمة؛ وجملتها المفتاحية :
عزوز يردي االستيالء على األراضي .فهذه المقطوعة وردت في قالب سردي من الرجة
األولى ،وقد أشار بوطاجين إلى أنه '' فضل التعامل مع البنى الشاملة في عالقاتها مع
70
بعض البنى المشمولة تفاديا لإلطالة في هدم وبناء مجموع التراكيب ،بحثا عن األدوار
()1
العاملية الصريحة منها والضمنية'' .
والترسيمة العاملية تبين كيفية تمفصل العوامل وانتظامها التي يلعب فيها عزوز وظيفة
الذات ،فنالحظ من خاللها أن خانة المساندة التي تتكون من '' فقر الناس ،غباؤهم ،كسلهم
إهمالهم '' مثلت عامل جماعي مجرد قامت فيه بدور عاملي أساسي هو مساندة عزوز وخانة
المعارضة بقيت فارغة لعدم وجود ذوات مضادة ومع أن المعارض الفرضي للذات هو نفسه
المساند الغير مباشر لها ،هو ما سهل على الذات تحقيق رغبتها في االستيالء على
األراضي ،وخانة المرسل إليه تتكون من عامل واحد هو الذات نفسها ،ألن تحقيق الموضوع
هو استفادة ذاتية شخصية لعزوز وحده .كون الذات ترغب لنفسها بموضوع السعي.
وهنا نجد أن الناقد اعتمد نفس الشيء الذي اعتمده في الترسيمة الثالثة بإهماله تقديم
قراءة لمزدوجات األدوار العاملية عكس ما قدمه في الترسيمتين األولى والثانية وعكس ما
71
المرسل إليه الموضوع المرسل
-العمة تزويج خديجة بقدور -طيبة خديجة
-قدور -المدينة
المعارض الذات المساند
-الوشم العمة المدينة
-األغنية
تمثل شخصية العمة في هذه الترسيمة الذات الوحيدة التي لها رغبة واضحة تريد من
خاللها تحقيق الموضوع المتمثل في تزويج خديجة بقدور فنجد في مزدوجة المرسل والمرسل
إليه أن السبب الذي جعل العمة تفكر في تزويج خديجة بقدور هو طيبتها ،مع رغبتها في
الذهاب إلى المدينة معهما ،والعمة هي المتلقية األولى ألن هذا الزواج يخلصها من القرية.
وفي مزدوجة المساندة – المعارضة ،نجد المدينة في خانة المساندة ألنه موضوع
السعي هنا قيمة ،فالمدينة هي طرف مساعد للذات على تحقيق حلمها ،وظهور المعارضة
أما مزدوجة الذات – الموضوع فنجد الذات الوحيدة شخصية العمة والشخصيات
األخرى بقيت عائمة تتلقى فقط ،وشخصية خديجة وقدور جزء من الموضوع ألن الجزء
اآلخر هو فكرة الذهاب إلى المدينة بالنسبة للعمة هي الموضوع األساسي المجسد في رغبة
مضمرة غير صريحة ،واظهار رغبة تزويج خديجة بقدور .فالزواج هنا مثل '' برنامج سردي
72
استعمالي '' اعتمدته العمة لتحقيق غايتها وهذا '' األمر الذي يؤدي بالضرورة إلى قراءات
()1
متأنية لضبط العوامل الصريحة والعوامل المضمرة ''
كما بين الناقد '' االنزالقات العاملية '' المتمثلة في الوشم من حيث هو قيمة االنفصال
عن الذات الكبرى – العمة – فوشم خديجة أدى إلى تدهور العالقة مع خطيبها قدور ألنه
يرى فيه ارتباطا بالقرية ،وماضيها وأصولها وهذا ما ال يحبه ،أما هي فترى فيه عنص ار
جماليا ،فقد عبر الوشم على داللتان متباينتان ،وأدى إلى الصراع باستقالل الشخصيتين-
الموضوعين عن القرية والعمة ،أصبح الوشم معارضا لموضوع الزواج باإلضافة إلى األغنية
التي سمعها قدور قامت هي األخرى بدور معارض فهي تحيل على العالقة القديمة بين
خديجة ومحمد بن سعدون ،وقد أسهمت في '' تفجير البنى العاملية إذ أنه بإدراك مضمونها
الموضوع المركزي (الزواج) وانما من الموضوع المركزي إلى موضوعات جديدة .كما في
()3
المخطط التالي :
73
الذات ( أ )
العمة األغنية
الموضوع ( أ ) قبل
زواج الوشم
خديجة قدور
وهنا نالحظ أن الناقد عاد الستعمال المزدوجات الثالث وقراءة األدوار العاملية كما
كما يستعين الناقد بالمثلثات العاملية فخصصها لبعض الشخصيات التي أرجأ
الحديث عنها لكونها تعد ثانوية مقارنة بسابقاتها ،غير أنها يمكن أن '' تقوم بأدوار تسهم في
()1
تحويل مجرى الحكاية وتعقيد األنظمة العاملية ''
فتطرق إلى '' التمييز المزدوج :اإليديولوجي والنفساني بعالقة الذات بالموضوع ''
()1
مع أنها تفتقر إلى عنصر الصراع واختفاء خانتي المساندة والمعارضة واكتفاء الناقد بثالث
74
عوامل :الذات ،الموضوع ،المتلقي .فقد بنى العوامل في نماذج ثالثية يستعيض بها عن
الترسيمات العاملية وتحدث لنا السعيد بوطاجين عن شخصية محمد بن سعدون شخصية
قدور باعتبارها شخصية عائمة وعنيفة ينتج عنفها عن تصارع الرغبات عنده ويمكن وضع
هذه الرغبات في مثلثات عاملية يغلب عليها الطابع النفساني كما يوضح المثلث العاملي
األفعال اآلنية التي قامت بها الشخصية '' قدور '' كلها لها دالالت واحدة هي االنتقام
من القرية وأفرادها وموضوع اعتدائه على محمد له تبرير نفسي واجتماعي عكس المواضيع
األربعة فليس لها أي تفسير نفسي أو إيديولوجي ،فالشخصية هنا مثلت ردود أفعال آنية
ناتجة عن رغبات ظرفية '' وهذا الطابع الذي يميز ردود األفعال أدى إلى إمحاء خانتي
المساندة والمعارضة نتيجة المسافة الزمنية القصيرة بين الرغبة والفعل الشيء الذي جعلنا
75
نلجأ إلى المثلثات العاملية عوض الترسيمات العاملية المعروفة وقد افترضنا مثلثا واحدا ألن
()1
مجموع األفعال تتساوى دالليا''.
وباإلضافة إلى شخصية قدور تحدث الناقد عن شخصيات أخرى ومثل لها عن طريق
المثلثات العاملية وبين كيفية انتظام األفراد و العوامل و اعتماده على ثالث عناصر في كل
كما يبين األفعال الواردة في البرنامج السردي لشخصية الحاج أحمد وفق المثلث
()2
اإليديولوجي:
-مساعدة قدور
-مساعدة مسعودة
ونجد كذلك شخصية المعلم الفرنسي ( معلم األطفال في القرية وهو من الغزاة )
فمجرى السرد في قصة هذه الشخصية أدى إلى اقتراح مثلثين عامليين :األول نفساني
()1
والثاني إيديولوجي.
76
المرسل إليه الذات المعلم المرسل
التفريق بين العرب والقبائل الموضوع الموضوع التفريق بين العرب والقبائل
ففي المثلث األول الموضوع كان نتيجة سخرية األطفال من المعلم ما أدى به إلى
االنتقام عن طريق التفريق وهنا يأتي التلقي ذاتيا '' ليس له بعد آخر خارج التجلي اللفظي
غير أن السياق يخرج التجلي اللفظي من وضعيته الحيادية ليمنحه معنا وقيمة ،وهذا يؤدي
إلى استبدال المتلقي الصريح بمرسل إليه ضمني ،ومن ثم انزالق المثلث العاملي وانتقاله من
وقد ينزلق المثلث العاملي في بعض األحيان إذا تحول فيه عامل أو مجموعة من
العوامل فتتغير األدوار ويختلف المنظور ،وهذا ما نالحظه في المثلث العاملي الذي يمثل
فيه ابن القائد ذاتا والمعلم يصبح مرسال بعد أن كان ذاتا أما الموضوع فلم يعد التفريق بين
العرب و القبائل إنما أصبح الشعب بأكمله و قد يؤدي هذا إلى بناء المثلثات العاملية وفق
منظورات جديدة فقد سعى الناقد على تأكيد وظيفة '' المثلث العاملي '' باالتكاء على ما
انتهت إليه صاحبة كتاب '' قراءة المسرح '' '' آن أبر سفلد '' التي رفض اقتراحها القاضي
77
بإعادة ترسيمة غريماس وفق تصور آخر تصير مقروئيته ممكنة وهنا نالحظ أن الناقد قد
تعدى النموذج العاملي الذي وضعه غريماس باقتصاده الواضح في العوامل وبنينتها في
نماذج ثالثية ،فقد أورد رأيها في الفائدة التي يمكن أن تجنى من استعمال المثلث العاملي
،فهو يقول '' :تكمن فائدة المثلث العاملي في التمييز المزدوج...،أو بصورة أدق كيف أن
()1
التمييز النفساني للعالقة بين الذات والموضوع له ارتباط مباشر باإليديولوجي''.
-4البرنامج السردي:
البرنامج السردي تقف وراءه ذات فاعلة تسخر كل ما في وسعها من طاقات وكفاءات
من اجل إنجازه ،ولكي توضح المسار السردي لكل ذات وفق الترسيمات العاملية ،نقترح
أ -اإليعاز :وفيه يقوم المرسل ببث رغبة القيام بالفعل عند الذات ،فالذات تسعى إلى
االتصال بالموضوع .في الترسيمة األولى نجد أن الذات (مسعودة) ترغب في الذهاب إلى
المدينة والدشرة تمثل اإليعاز الذي كان دافعا للذات حتى تبذل كل ما في وسعها لتحقيق
االتصال بالموضوع القيمي (المدينة) وقبل االتصال بالمدينة يجب أن تتصل بقدور–
الموضوع .وهذا الوضع يحيل على فصل مزدوج :قدور Vالذات Vالمدينة.
فالبرنامج السردي هنا بدأ بوضعية فصلية وانتهى إليها ،وهذا يعطينا ملفوظ الحالة
78
وفي الترسيمة الثانية تظهر فيها مسعودة هي الذات ولها رغبة تنوي إنجازها هي
(تدوين قصة حياتها) بإيعاز من أكتوبر حيث تقول البطلة '' :أكتوبر – أنطقني ،أكتوبر
الجزائر...كنت أراه قبل أن يصل األطفال الذين ولدوا بالرغم من آبائهم ،ال يمكن أن يسكتوا
إلى ما ال نهاية ،األطفال الذين ولدوا في األكواخ القصديرية التي بنتها لهم قصور
وليس أكتوبر اإليعاز الوحيد إنما هناك االستقالل ،ال يمكن أن يسكتوا إلى ما ال نهاية ''
()1
الماضي الذي يعد جزءا من حياة الذات .وهناك الحاضر بقيمه المتعارضة مع القيم الماضية
وفي الترسيمة الثالثة جاء فيها اإليعاز فيها جماعيا (رجل المحطة ،القرية) فتمثل
القرية بالنسبة للذات (الحبيب) مجموعة من القيم وبالتالي تصبح قيمة مجردة تحفز الذات
على االنفصال المكاني وهنا تعطينا هذه العالقة ملفوظ الحالة التالي :ف Vم أي الذات
في انفصال عن القرية ،ورجل المحطة يمثل زمانين متضادين وهذا يؤدي إلى تداخل بين
المرسل والموضوع.
أما الترسيمة الرابعة فنالحظ فيها أن الذات في رغبتها ( االستيالء على األراضي
والناس) مثلت هي نفسها إيعا از حقيقيا دفعها إلى تحقيق موضوعها بحيث ال توجد في النص
عالمات صريحة وثابتة تحدد العناصر التي تدفع عزوز إلى تحقيق رغبته.
79
وفي الترسيمة الخامسة نجد الذات المتمثلة في شخصية العمة تسعى إلى تحقيق
رغبتها المضمرة بالذهاب إلى المدينة عن طريق الرغبة الصريحة المتمثلة في الموضوع وهي
تزويج خديجة بقدور ،واإليعاز الذي كان دافعا لها هو طيبة قلب خديجة باإلضافة إلى
المدينة.
ب -الكفاءة :وهي المعرفة التي تؤدي إلى الفعل؛ في الترسيمة األولى نجد الكفاءة مجسدة
في شخصية قدور ألنه ال يمكن اعتبار شخصية قدور سوى أحد عناصر الكفاءة بالنسبة
لمسعودة أي (الذات) .فهو يدخل في إطار برامجها السردية اإلستعمالية التي تمهد التصالها
بالموضوع المركزي .فقدور هنا ال يمثل سوى وسيلة تتخذها الذات لتحقيق رغبتها فسهم
الرغبة متجه نحو المدينة .وفي الترسيمة الثانية يعتبر السارد عنص ار من عناصر كفاءة
الذات (مسعودة) وهذا عندما يصبح موضوعا في جملة ما وليس ذاتا فالذات تهدف إلى
تدوين قصة حياتها وهذه هي رغبتها الكبرى التي تريد تحقيقها وذلك عن طريق السارد الذي
تريد منه كتابة قصتها ،بعد سماعه لها وسردها عليها مرة أخرى فكلماتها ال ترقى إلى
مستوى التدوين كما تتخيل وهذا يعني أنها تمثل كفاءة القول ،في حين أن السارد (الكاتب)
يملك كفاءة تجميل القول؛ لذا يمكن اعتبار الكاتب طرفا من أطراف الكفاءة الضرورية لبلوغ
الهدف المنشود.
وفي الترسيمة الثالثة نجد المال المخصص لحج األب هو عنصر الكفاءة بالنسبة
للذات (الحبيب) ألنه الوسيلة المؤدية إلى مساعدة الذات في تحقيق مسعاها ،ويعتبر عنصر
80
كفاءة بالنسبة لألب أيضا ألنه ال يريد التنازل عنه حتى ال يحدث إنجاز انفصالي ،وبهذا
والترسيمة الرابعة نجد فيها عنصر الكفاءة جاء مشتركا أي أن عزوز (الذات) كانت
باية تمثل له عنصر الكفاءة وذلك بالزواج بها للحصول على الوكالة على مسعودة ابنتها
وهو بدوره مثل كفاءة بالنسبة لباية ألنها لو تزوجت برجل آخر الضطرت إلى مفارقة ابنتها،
فعزوز هو الذات الفاعلة الوحيدة التي تسعى إلى تحقيق غاية محددة وهي االستيالء على
األراضي وعقول الناس وطريقته في ذلك هي استغالل القائد الفرنسي فهو اآلخر أحد
عناصر كفاءته ألنه يستعمله بشكل غير مباشر للوصول إلى معرفة الفعل وقد ساعد معرفة
عزوز لشؤون القرية على اكتساب عناصر الكفاءة المؤدية إلى الحالة الوصلية فهو يعطي
المال للناس عند الحاجة ويرهن األرض ،ويساعدهم على تحقيق مشاريعهم ويستولي على
عقولهم.
أما الترسيمة الخامسة فعنصر الكفاءة يتمثل في شخصية قدور الذي يعتبر عنص ار
من عناصر كفاءة الذات (العمة) لتصل عن طريقه إلى موضوعها (الذهاب إلى المدينة)
عن طريق تزويجه بخديجة وهنا يصبح الزواج برنامجا سرديا إستعماليا تعتمده العمة لتحقيق
غايتها.
جـ -اإلنجاز:
81
في الترسيمة األولى نالحظ أن الذات الفاعلة تحولت من حالة االنفصال عن
الموضوع (الدشرة) إلى حالة االتصال بالموضوع الفرضي (الذهاب إلى المدينة )؛ ثم تحولت
مرة أخرى من حالة اتصالها بالموضوع الفرضي إلى حالة انفصالها عنه ،ألنها لم تحقق
وفي الترسيمة الثانية نجد الذات (مسعودة) تحولت من حالة االنفصال عن القرية إلى
حالة االتصال بالمدينة (الموضوع الصيغي) ،واستمر الموضوع الصيغي الذي أدى بالذات
أما الترسيمة الثالثة ،تعتبر فيها القرية قيمة مجردة نحفز الذات على االنفصال
المكاني واالتصال بالموضوع القيمي (الزاوية) ثم يتحول الموضوع القيمي ويصبح حاف از
للذات حيث يؤدي لالنفصال المكاني واعادة االتصال بالمكان األصل (القرية) .والبرنامج
82
الذات (الحبيب) تحولت من عالقة فصلية مع الموضوع القيمة إلى حالة اتصال
بالموضوع السعي ثم تحولت من حالة انفصال عن الموضوع السعي إلى حالة اتصال
بالموضوع القيمة من جديد .فبدأ البرنامج السردي بعالقة فصلية وانتهي بعالقة وصلية.
كما تبين لنا الترسيمة الرابعة كيفية تحول الذات (عزوز) من عالقة انفصالية مع الموضوع
القيمة (األرض) إلى عالقة اتصالية به عن طريق االستيالء على األراضي وهنا نتحصل
(م ق). ف على ملفوظ الفعل التالي :ف ( Vم ق)
وفي الترسيمة الخامسة يتبين لنا انفصال الموضوعين (قدور ،خديجة) عن الذات
الكبرى (العمة) والموضوع المركزي (الزواج) ،حيث أصبح كل منهما يمثل ذاتا تسعى
فالذات األولى (قدور) تحولت من حالة االنفصال عن الموضوع المركزي إلى حالة
المركزي إلى حالة االتصال بالموضوع الجديد (فسخ الخطوبة ،الزواج بمحمد) ألن معارضة
د -التقويم :التقويم في الترسيمة األولى انتهى بالفشل لعدم تحقيق الذات (مسعودة)
لرغبتها ،ألن عامل المعارضة احتوى عددا من الممثلين كلهم ساهموا في تعطيل المشروع
(الذهاب إلى المدينة) وعرقلة مسعى الذات .وفي الترسيمة الثالثة نالحظ أن الذات (الحبيب)
83
نجحت في مسعاها حيث أنها حققت هدفها بالذهاب إلى الزاوية؛ ألن '' الرغبة في تجاوز
اآلن والهنا هي الحافز المركزي الذي حث الذات على االنفصال عن القرية وااللتحاق
أما الترسيمة الرابعة نجد فيها الذات (عزوز) نجحت هي األخرى بتحقيق رغبتها في
ظل عدم وجود رغبات معارضة .وفي الترسيمة الخامسة يظهر لنا فشل الذات المركزية
(العمة) جليا في تحقيق مشروعها ألن تدهور العالقة بين (قدور وخديجة) انقلب إلى
من خالل هذه المحاولة لقراءة كتاب االشتغال العاملي –دراسة سيميائية -لرواية"غدا
يوم جديد"،الذي يعد من بين النماذج النقدية الجزائرية التي حاولت تجاوز الحواجز ،و
و قد طبق المنهج السيميائي بالياته اإلجرائية وبين كيفية اشتغال العوامل في النص السردي
استند الناقد إلى مرجعيته السيميائية وتتبع خطواتها في التحليل ،وهذا ظاهر في
الفصل األول من دراسته الموسوم ب الترسيمات العاملية ،أين طبق النموذج العاملي
لغريماس بعوامله الستة
و انحرف الناقد عن مرجعيته في الفصل الثاني الموسوم ب المثلثات العاملية ،عندما قلص
الجزائر والسيميائية السردية ،والقراءة في كتاب االشتغال العاملي للسعيد بوطاجين ،قد
-كانت حركة النقد في الجزائر قبل االستقالل حركة محتشمة تميزت بالضعف
والركود ،وا ن وجدت بعض المحاوالت فقد اعتبرها الدارسون مجرد انطباعات شخصية وهذا
راجع إلى المستوى الذي تعيشه الحركة من ضعف نقدي وفني ،والى األوضاع السياسية
واالجتماعية السائدة ،ويعد أول كتاب نقدي أُسس في هذه الفترة هو كتاب أبي القاسم سعد
اهلل.
-وبعد االستقالل تطورت الحركة النقدية على أيدي جملة من النقاد الجزائريين وبدأ
-كان تلقي النقد الجزائري للسيميائية من خالل إطالع الباحثين الجزائريين على
-يعد السعيد بوطاجين من رواد الحركة السيميائية في الجزائر ،وتظهر مكانته في
النقد الجزائري من خالل مؤلفاته :ففي المجال السيميائي نجد "االشتغال العاملي" وفي مجال
السرد الجزائري الحديث '' السرد ووهم المرجع '' وفي ترجمة المصطلح واختالفاته نجد ''
85
الفصل األول :السيميائية السردية من '' بروب '' إلى '' غريماس ''.
-المنهج السيميائي القى اهتمام واسع عند العرب والغرب فقد تظافرت المجهودات
المبذولة في هذا المجال ،وتم االتفاق على أن السيميائيات هي العلم الذي يدرس العالمات
وهي علم حديث النشأة ،مقارنة مع غيره من العلوم ،ولم تظهر مالمحها المنهجية إال مع
بداية القرن العشرين ،وكانت لها والدة مزدوجة مع كل من '' دي سوسير '' و'' شارل
-تعتبر نقطة االنطالق الجوهرية في دراسة النصوص السردية بصفة عامة ،هي
دراسة '' فالديمير بروب '' لمورفولوجيا الحكاية الخرافية ،وقد اعتمد على مرجعيات فأخذ
(الحوافز) التي استنبطها الشكالني الروسي '' توما شفسكي '' و'' شكلوفيسكي '' وسماها
'' الوظائف ،وجاء بعده جملة من النقاد الذين طوروا مفهوم الوظيفة إلى العامل من بينهم
غريماس ''.
-وقد ميز غريماس بين العامل والممثل وهو بهذا يقدم فهما جديدا للشخصية في الحكي
'' -غريماس '' في بناء نموذجه العاملي لم ينطلق من الفراغ وانما استفاد من جهود
سابقيه '' بروب '' و'' ليفي شتراوس'' .فالنموذج العاملي عنده يتكون من ستة عوامل :
المرسل الذي يولد رغبة القيام بالفعل لدى الذات ،وهذه الرغبة تكون موجهة إلى المرسل إليه،
86
وهناك المساعد الذي ساعد الذات في تحقيق رغبتها المنشودة ،ومعارض يقف حائال دون
السيميائيات السردية ،كما انه طبق منهجه في تحليل رواية '' غدا يوم جديد '' في كتابه
وتمثل هذا في إجراءات تطببيقية تأخذ بيد القارئ خطوة بخطوة نحو التماس هذا المنهج.
-اعتماد الناقد على الرسومات واألشكال والجداول اإليضاحية وهي تقنية معاصرة
-يهدف الناقد من وراء هذه الدراسة إلى ترسيخ الدرس اللساني السيميائي في
87
التعريف بـ السعيد بوطاجين ،فالديمير بروب وغريماس :
السعيد بوطاجين من مواليد 0591-60-60تاكسانة بالشرق الجزائري ،تحصل على شهادة الليسانس
في األدب قسم اللغة العربية جامعة الجزائر ،0510دبلوم الدراسات المعمقة جامعة
السربون (سيمياء) ،باريس ،فرنسا ،0511دبلوم تعليمية اللغات جامعة غرو نوبول،
فرنسا ، 0551وتحصل على ماجيستير نقد أدبي (سيمياء) ،جامعة الجزائر 0551م،
ودكتوراه الدولة ،النقد الجديد (المصطلح النقدي والترجمة) جامعة الجزائر 1661م،
( )0516 -0159باحث روسي ،نشر كتاب الجذور التاريخية الفرنسية 0510كان فالديمير بروب
أحد األعضاء البارزين في جماعة الشكالنيين الروس ،الذي ظهروا في العشرينات Vladimir
propp
من هذا القرن ،وقد احتفى النقد المعاصر وخاصة منه التيارات البنيوية والعالمية
بأرائهم وبنى على أساسها مجموعة من النظريات المتعلقة بالسرد والشعرية ،لبروب
كتب أخرى هي '' :الشعر الملحمي الروسي ''0599و'' األعياد الزراعية الروسية
ينظر :عبد الحميد بورايو ،الحكايات الخرافية بالمغرب العربي ،دراسة تحليلية في ''
معنى المعنى '' لمجموعة من الحكايات ،سحب الطباعة الشعبية للجيش الجزائر،
88
الجرداس جوليان ( ، )0501 -0551ولد في تولة (روسيا) من أبوين ليتوانيين ،وتوفي في باريس
درس الحقوق في لتوانيا ،من مؤلفاته :الداللة البنيوية ،في المعنى المجلد األول غريماس A.J.
ينظر :هيام كريديه ،معجم األلسنية (في الغرب) ،منشورات الجامعة اللبنانية لبنان،
89
أوال :المصادر :
-1السعيد بوطاجين ،االشتغال العاملي -دراسة سيميائية'' -غدا يوم جديد '' لعبد
-3ـ ـ ــ ،الترجمة والمصطلح ،دراسة في إشكالية ترجمة المصطلح النقدي الجديد،
ط1 -2أمينة فزاري ،أسئلة وأجوبة في السيميائيات السردية ،دار الكتاب الحديث،
.0211
-7حميد لحميداني ،بنية النص السردي من منظور النقد األدبي ،المركز الثقافي
.0213
90
سليمة لوكام ،تلقي السرديات في النقد المغاربي ،دار سحر للنشر ،تونس -12
ديسمبر .0229
سعيد بنكراد ،مدخل إلى السيميائيات السردية ،منشورات االختالف الجزائر، -11
ط.0223 0
عبد الحميد بن هدوقة '' ،غدا يوم جديد '' ،منشورات األندلس ،الجزائر -10
.1990
عبد الحميد بورايو ،الحكايات الخرافية للمغرب العربي ،دراسة تحليلية في '' -13
معنى المعنى '' لمجموعة من الحكايات ،سحب الطباعة الشعبية للجيش ،الجزائر دط
.0227
عبد المنعم زكريا القاضي ،البنية السردية في الرواية -دراسة في ثالثية خيري -14
شلبي -األمالي علي حسن ولد خالي ،عين الدراسات والبحوث اإلنسانية
عبد اهلل ركيبي ،تطور النثر الجزائري الحديث والمعاصر ،دار ال ُكتاب العرب -12
.0229
محمد عزام ،تحليل الخطاب األدبي على ضوء المناهج النقدية الحداثية- -16
دراسة -في نقد النقد ،منشورات اتحاد ال ُكتاب العرب ،دمشق.0223 ،
ـ ــ ،شعرية الخطاب السردي -دراسة – منشورات اتحاد ال ُكتاب العرب دمشق. -17
91
نادية بوشفرة ،مباحث في الدراسات السردية ،دار األمل ،الجزائر ،دط .0222 -12
دراسة معجمية -عالم الكتب ،جدار الكتاب العالمي ،عمان ،ط.0229 ،1
وائل سيد عبد الرحيم -تلقي البنيوية في النقد العربي -نقد السرديات نموذجا- -01
يوسف وغليسي ،النقد الجزائري المعاصر من الالنسونية إلى األلسنية ،دار -00
ـ ـ ــ ،مناهج النقد األدبي (مفاهيمها ،أسسها ،تاريخها ،روافدها وتطبيقاتها -03
برنار فاليط ،النص الروائي ،تقنيات ومناهج ،تر ،رشيد بن حدو ،الهيئة العامة -04
جوزيف كورتيس ،السيميائية من بروب إلى غريماس ،تر ،جمال حضري -02
92
فالديمير بروب ،مورفولوجيا الخرافة ،تر ،إبراهيم الخطيب ،الشركة المغربية -06
ـ ـ ــ ،مورفولوجيا القصة ،تر ،عبد الكريم حسن ،سميرة بن عمو شراع للنشر -07
مجموعة من الكتاب ،مدخل إلى مناهج النقد األدبي ،تر ،رضوان ظاظا -02
مراجعة المنصف الشنوفي ،سلسلة كتب ثقافية شهرية ،يصدرها المجلس الوطني
حسان راشدي ،النقد العربي المعاصر( ،المرجع والتلقي) ،ملتقى الخطاب -31
النقدي العربي المعاصر ،قضاياه واتجاهاته ،المركز الجامعي خنشلة ،يومي 03 -00
مارس.0224
93
رابح بومعزة ،من مظاهر إسهام مدرستي باريس والشكالنيين الروس في تطور -30
السيميائيات السردية ،محاضرات الملتقى الوطني الثاني ،السيمياء والنص األدبي دار
شريبط أحمد شريبط (سيميائية الشخصية الروائية) ،السيميائية والنص األدبي -33
عبد اهلل إبراهيم ،من وهم الرؤية إلى وهم المنهج ،مدجلة الفكر العربي المعاصر -34
ع1 مصطفى بشير القط ،مجلة دفاتر ،مخبر الشعرية الجزائرية ،جامعة المسيلة -32
.0229
وذناني بوداود ،خطاب التأسيس السيميائي في النقد الجزائري المعاصر ،مجلة -36
األثر عدد خاص بأشغال الملتقى الثالث حول تحليل الخطاب في النقد العربي
المعاصر ورقلة 2 ،إلى 7فيفري.0227 ،
94
مقدمة.................................................................................................أ -ب -ت
المدخل :مسار حركة النقد األدبي في الجزائر 4........................................................
ثالثا :مكانة السعيد بوطاجين في النقد الجزائري من خالل مؤلفاته النقدية 11 -12 ........:
95
ثانيا :قراءة في كتاب االشتغال العاملي للسعيد بوطاجين 13.......................................
-1مقدمة الكتاب19 -13 ............................................................................
-2التمهيد 51 -51 ...................................................................................
-1البنية العاملية (الترسيمات العاملية) 73 -51 ...............................................
-4البرنامج السردي 34 -73 .......................................................................
خاتمة 37 -31 ...............................................................................................
فهرس األعالم39 -33 .....................................................................................
قائمة المصادر والمراجع94 -91 ........................................................................
96
ملخص:
يسعى هذا البحث إلى الكشف عن مدى حضور السيميائية السردية في المدونة
النقدية الجزائرية،من خالل التلقي والتحليل في أعمال الناقد الجزائري السعيد
بوطاجين،الذي يعد احد الذين أسهموا في الترويج للنظرية السيميائية السردية
امتدادا للتوجه الغريماسي لمدرسة باريس السيميائية في النقد الجزائري المعاصر.