Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 108

‫تعد السيميائية طرحا جديدا في ساحة الخطاب النقدي الجزائري المعاصر‪ ،‬والتي‬

‫مثلت فتحا جديدا في الدرس النقدي‪ ،‬وقد ب ّشر بها '' فرديناند دي سوسير '' في كتابه ‪:‬‬

‫محاضرات في اللسانيات العامة‪ ،‬واعتبرها علما عاما واللسانيات فرع منه‪ ،‬وأطلق عليها اسم‬

‫'' السيميولوجيا '' )‪ ، (Sémiologie‬كما نجد الفيلسوف األمريكي '' شارل ساندرس بيرس ''‬

‫أكمل شرح هذا العلم وأطلق عليه اسم السيميوطيقا )‪ ،(Sémiotique‬واللفظة األولى‬

‫‪ Sémiologie‬ينطقها األوروبيون بتتبعهم لتقاليد مدرسة جنيف التي يتزعمها دي سوسير‪،‬‬

‫واللفظة الثانية ‪ Sémiotique‬ينطقها المتحدثون باللغة اإلنجليزية‪ ،‬إتباعا لتقاليد العالم‬

‫األمريكي '' شارل ساندرس بيرس ''‪ ،‬ثم تفرع هذا العلم أو المنهج إلى فروع معرفية مختلفة‬

‫من بينها ‪ :‬سيمياء الفن‪ ،‬سيمياء الثقافة وسيمياء األدب وقد تفرعت هذه األخيرة إلى سيميائية‬

‫'' ألجرداس جوليان‬ ‫للشعر وسيميائية للسرد ومن أشهر رواد السيميائية السردية‬

‫غريماس '' متزعما مدرسة باريس التي من بين أعضائها ‪ :‬جوزيف كورتيس وجان كلود‬

‫كوكي ‪...‬وغيرهم‪ ،‬وقد كان لهذه المدرسة رواجا في المشهد النقدي الغربي الحديث‪ ،‬ومن هنا‬

‫أسهم النقاد العرب في تلقف أطروحات غريماس ومحاولة تمثيلها عن طريق الترجمة‪،‬‬

‫وتحويلها إلى أدوات إجرائية لمقاربة النصوص السردية فانتقلت السيميائية إلى الوطن العربي‬

‫في وقت متأخر نسبيا‪ ،‬وأُسست لها جمعيات كجمعية رابطة السيميائيين الجزائرييين ‪8991‬م‪.‬‬
‫ومن بين النقاد العرب المعاصرين الذين تبنوا هذا المنهج نجد ‪ :‬حميد لحميداني‬

‫محمد مفتاح‪ ،‬عبد الحميد بورايو‪ ،‬عبد الملك مرتاض‪ ،‬رشيد بن مالك‪ ،‬حسين خمري‪ ،‬عبد‬

‫القادر فيدوح والسعيد بوطاجين‪.‬‬

‫وهذا األخير يعتبر احد أقطاب الدرس السيميائي العربي‪ ،‬وأحد من أسهم في الترويج‬

‫للنظرية السيميائية السردية‪ ،‬امتدادا للتوجه الغريماسي لمدرسة باريس السيميائية في الخطاب‬

‫النقدي الجزائري المعاصر‪.‬‬

‫وهذا ما دفعني بهدف خدمة األدب والنقد الجزائري‪ ،‬إلى أن أختار بحثي بدراسة‬

‫المشروع النقدي السيميائي عند السعيد بوطاجين من خالل ما ألفه في هذا الموضوع‪ ،‬لذا فقد‬

‫اخترت بحثا بعنوان ‪ '' :‬المنهج السيميائي في كتاب االشتغال العاملي عند السعيد‬

‫بوطاجين ''‬

‫والسؤال الذي يطرح نفسه هو ‪ :‬هل التزم السعيد بوطاجين في تحليله لرواية '' غدا‬

‫يوم جديد '' بتطبيقه لسيميائية غريماس السردية ؟ أم أنه تعداه ؟‬

‫وبعد جمع المادة وتصنيفها‪ ،‬تبين لي أن أقسم البحث إلى مدخل وفصلين‪ ،‬يبدأ‬

‫بمقدمة وينتهي بخاتمة وأتبعت البحث بثبت لقائمة المصادر والمراجع‪ ،‬وكان المنهج المتبع‬

‫نقد النقد الذي يقوم على التساؤل عن البعد المعرفي في تحليل مؤلفه النقدي‪ ،‬مع استخدام‬
‫قراءة وصفية تحليلية للكتاب ومقارنته بمرجعيته النقدية‪ ،‬إذ اكتفيت بتتبع خطوات الناقد في‬

‫تحليله للرواية‪.‬‬

‫ففيما يخص المدخل‪ ،‬رأيت أنه يمكن أن يكون إطاللة على مسار حركة النقد األدبي‬

‫في الجزائر مع التطرق إلى تلقي النقد الجزائري للسيميائية ومكانة السعيد بوطاجين في النقد‬

‫الجزائري من خالل مؤلفاته النقدية‪.‬‬

‫أما الفصل األول الموسوم بـ ‪ :‬السيميائية السردية من بروب إلى غريماس فجاء فصال‬

‫نظريا‪ ،‬عمدت من خالله إلى الحديث عن ماهية السيميولوجيا والسيميائية السردية انطالقا‬

‫من جهود فالديمير بروب والشكالنية إلى منهج الجرداس جوليان غريماس من خالل مدرسة‬

‫باريس السيميائية‪.‬‬

‫والفصل الثاني ‪ :‬عبارة عن قراءة في كتاب االشتغال العاملي للسعيد بوطاجبن‬

‫تطرقت فيه أوال إلى المرجعية النقدية للسعيد بوطاجين '' غريماس '' وقراءة كتابه وفق تتبع‬

‫الناقد لخطوات مرجعيته‪.‬‬

‫و ختمت بالحديث عن أهم النتائج التي خرج بها هذا البحث‪ ،‬مرتبة حسب الخطة‬

‫التي ُكتب وفقها‪.‬‬

‫وبالنسبة للمصادر والمراجع التي استعنت بها في هذا البحث منها‪:‬‬

‫‪ -‬السعيد بوطاجين ‪ :‬االشتغال العاملي‪.‬‬

‫‪ -‬محمد ناصر العجيمي ‪ :‬في الخطاب السردي '' نظرية غريماس ''‪.‬‬
‫‪ -‬سليمة لوكام ‪ :‬تلقي السر ديات في النقد المغاربي‪.‬‬

‫‪ -‬السعيد بنكراد ‪ :‬مدخل إلى السيميائيات السردية‪.‬‬

‫‪ -‬جوزيف كورتيس ‪ :‬السيميائية من بروب إلى غريماس‬

‫ويبقى للبحث صعوباته‪ ،‬لعل أبرزها قلة المراجع المتصلة اتصاال مباش ار بالمؤلف‬

‫النقدي للسعيد بوطاجين مما جعل الوقت أكبر عائق أمامه‪.‬‬

‫وفي األخير‪ ،‬البد من كلمة شكر وعرفان وتقدير‪ ،‬لكل من ساهم من قريب أو بعيد‬

‫في تأليف هذا البحث‪ ،‬وأخص بالذكر األستاذة الفاضلة ‪ :‬آمنة أمقران التي أشرفت على هذا‬

‫البحث واعتنت به من البداية إلى النهاية‪.‬‬

‫واهلل من وراء القصد‬


‫المدخل ‪:‬‬

‫أوال‪ -‬مسار حركة النقد األدبي في الجزائر‪.‬‬

‫‪ -1‬نشأتها‬

‫‪ -2‬تطورها‪.‬‬

‫ثانيا‪ -‬تلقي النقد الجزائري للسيميائية‪.‬‬

‫ثالثا‪ -‬مكانة السعيد بوطاجين في النقد الجزائري من خالل مؤلفاته‬

‫النقدية‪.‬‬

‫‪ -1‬االشتغال العاملي‪.‬‬

‫‪ -2‬السرد ووهم المرجع‪.‬‬

‫‪ -3‬الترجمة والمصطلح‬

‫‪3‬‬
‫أوال ‪ :‬مسار حركة النقد األدبي في الجزائر‬

‫يعتبر اإلنتاج األدبي في حركته متالزم بالضرورة مع الحركة النقدية فقد شهد النقد‬

‫في‬ ‫طا لحالة النقد األدبي‬


‫تصور بسي ً‬
‫ًا‬ ‫يخيا طويالً‪ ،‬لذا نقدم‬
‫مسار تار ً‬
‫ًا‬ ‫األدبي في الجزائر‬

‫الجزائر قبل وبعد االستقالل‪.‬‬

‫‪ -1‬نشأة الحركة النقدية‪:‬‬

‫تميزت الحركة النقدية الجزائرية قبل االستقالل بالضعف والجمود والركود‪ ،‬فقد كانت‬

‫حركة محتشمة‪ ،‬لما عانته الجزائر من مخلفات االستعمار نتيجة تحطيم اللغة العربية‬

‫وتشجيع األباطيل والشعوذة والخرافات‪.‬‬

‫فالبحث في المصنفات األدبية النقدية يقودنا للحديث عن عبد الكريم النهشلي المسيلي‬

‫ناقدا‬
‫الذي " مثّل مرحلة التأسيس للنقد األدبي في المغرب عامة والجزائر خاصة‪ ،‬فال نعلم ً‬

‫ومعنى هذا أن عبد الكريم‬ ‫جزائرًيا أو مغار ًبيا سبقه إلى التأليف في هذا الحقل المعرفي "‬
‫(‪)1‬‬

‫النهشلي مثل الريادة النقدية لألدب في المغرب عامة والجزائر خاصة‪ ،‬ولم يسبقه إلى ذلك‬

‫أحد‪.‬‬

‫وقد كانت المحاوالت النقدية في هذه الفترة عبارة عن " مقاالت مقتضبة ينقصها‬

‫التصور النظري واإلطار المنهجي‪ ،‬وتقوم على تصحيح األخطاء اللغوية والعروضية إضافة‬

‫‪ -1‬مصطفى بشير القط‪ ،‬مجلة دفاتر‪ ،‬مخبر الشعرية الجزائرية‪ ،‬جامعة المسيلة‪ ،9002 ،‬ع‪ ،1‬ص‪121‬‬

‫‪4‬‬
‫غايتها تقديم النصح واإلرشاد فهي تتماشى مع‬ ‫(‪)1‬‬
‫إلى بعض التعاليق السطحية العامة‪" .‬‬

‫في‬ ‫المستوى المعيشي واالجتماعي‪ ،‬ومع مستوى الحركة النقدية وهذا ما جعلها تعيش‬

‫ضعف نقدي وفني‪.‬‬

‫وقد كان للصحافة دور في نشأة الحركة النقدية حيث مثلت مرآة تستعرض توجهات‬

‫الشعب السياسية واالجتماعية والعالمية‪.‬‬

‫وقد تأثر أدباء الحركة النقدية بالثورة الجزائرية وأحداثها السياسية والمشاكل االجتماعية‬

‫التي يعاني منها الشعب الجزائري إبان االستعمار‪ ،‬إذ يعبر عن ذلك الباحث عامر مخلوف‬

‫بقوله‪ " :‬إن الحركة األدبية بالجزائر مرتبطة بالخطاب السياسي منذ عشرينيات القرن‬

‫(‪)2‬‬
‫الماضي على األقل‪".‬‬

‫مر بها النقد الجزائري إلى أربعة مراحل‬


‫ونجد واسيني األعرج قد لخص المراحل التي ّ‬

‫وهي‪:‬‬

‫المرحلة األولى‪ " :‬وتمثلت في بعض الحمالت التي كان يقوم بها شيوخ الجزائر في أوائل‬

‫هذا القرن‪ ،‬وهي الدعوة إلى نبذ الجديد والتشكيك في قوته وصحته‪ ،‬وخلوده‪ .‬وهناك‬

‫مساهمات عديدة من طرف كل من أبي القاسم الحفناوي‪ ،‬عبد القادر المجاوي‪ ،‬والمولد بن‬

‫الموهوب‪ ،‬ومحمد كحول‪ ،‬وغير هؤالء كثير‪.‬‬

‫‪ -1‬يوسف وغليسي‪ ،‬النقد الجزائري المعاصر من الالنسونية إلى األلسنية‪ ،‬دار البشائر للنشر واالتصال‬
‫الرغاية‪ ،‬الجزائر‪ ،9009 ،‬ص‪.2‬‬
‫‪ -2‬محمد بلوافي‪ ،‬واقع النقد األدبي بالجزائر‪ ،‬مساراته واشكاالته‪www.dwinalarab.com ...‬‬

‫‪5‬‬
‫المرحلة الثانية ‪ :‬وقد تجسدت بشكل واضح فيما كان يدرسه الشيخ عبد الحميد بن باديس‬

‫لتالميذه‪ ،‬طرائق في األدب وأساليبه ودراسته‪ ،‬لكن بالمنظورات السياسية واإليديولوجية التي‬

‫وهذا بالنسبة للمرحلة األولى والثابتة أما‬ ‫(‪)1‬‬


‫كانت ترتكز عليها جمعية العلماء المسلمين‪".‬‬

‫المرحلة الثالثة ‪ " :‬وهي مرحلة الشيخ اإلبراهيمي الذي اتخذ من الصحافة (البصائر) مجاال‬

‫لممارسة النقد‪ ،‬وتقويم معظم ما ينشر من إبداعات بكلمات تقييمية صغيرة‪ ،‬ولم يتجاوز‬

‫كله فقد كان‬ ‫الشيخ اإلبراهيمي بذلك غيره من الذين تعاطوا النقد االنطباعي ومع هذا‬

‫والمرحلة الرابعة‬ ‫تجاوز لما طرح من محاوالت نقدية في المرحلتين السابقتين‬


‫ًا‬ ‫أكثرهم‬

‫‪ :‬تتلخص فيما بعد الحرب العالمية الثانية‪ ،‬والذي أفرزته مدرسة الشيخ ابن باديس ثم البشير‬

‫اإلبراهيمي‪ ،‬فقد توجه هذا الجيل إلى نقد الشعر‪ ،‬كما حاول أن يخلق بينه وبين الفن‬

‫نقديا‪ ،‬تتمثل في إجازات بوكوشة النقدية ولبعض محاوالت أحمد رضا‬


‫جسدا ً‬
‫ً‬ ‫القصصي‬

‫(‪)2‬‬
‫الطياب وغير هؤالء‪".‬‬
‫ْ‬ ‫حوحو‪ ،‬وابن منصور ومولود‬

‫أما الفترة التي قاربت االستقالل فيمكن الحديث عنها من خالل كتاب أبي القاسم سعد‬

‫اهلل ( محمد العيد آل خليفة رائد الشعر الجزائري الحديث )الذي صدر سنة ‪1291‬م " واآلية‬

‫على كل ذلك‪ ،‬أن بيبلوغرافيا النقد الجزائري ال تدلنا على أي كتاب نقدي قبل سنة ‪1291‬م‪،‬‬

‫‪ -1‬واسيني األعرج‪ ،‬اتجاهات الرواية العربية المعاصرة في الجزائر‪ ،‬المؤسسة الوطنية الجزائرية ‪،1299‬‬
‫ص ‪.99- 91‬‬
‫‪ -2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.99- 91‬‬

‫‪6‬‬
‫تاريخ صدور كتاب أبي القاسم سعد اهلل (محمد العيد آل خليفة رائد الشعر الجزائري الحديث‬

‫(‪)1‬‬
‫)‪".‬‬

‫وهذا التصريح بأولية هذا الكتاب ال ينفي ما نشره سعد اهلل قبل هذه السنة من دراسات‬

‫متفرقة جمعها في كتاب (دراسة في األدب الجزائري الحديث)‪.‬‬

‫‪ -9‬تطور الحركة النقدية ‪:‬‬

‫حاولت الحركة النقدية بعد االستقالل العمل على النهوض بالنقد ودراسة النص األدبي‬

‫بآليات نقدية حديثة‪ ،‬فكان النقد انطباعيا تأثرًيا يعبر فيه الناقد عن إحساساته وطغيان هذا‬

‫النقد راجع إلى الثقافة السائدة في هذه الفترة‪.‬‬

‫ومن بين النقاد الذين مارسوه نجد عبد المالك مرتاض من خالل أول كتبه (القصة في‬

‫األدب العربي القديم) وبعض فصول (نهضة األدب العربي المعاصر في الجزائر) باإلضافة‬

‫إلى أننا نجد عبد اهلل ركيبي ينحني في النقد منحى آخر‪ ،‬فقد طبق النقد المنهجي في قوله ‪:‬‬

‫تطبيقيا كانت‬
‫ً‬ ‫نقدا‬
‫" لعل محاوالتي سنة ‪ 1291‬وما بعدها لدراسة القصة القصيرة ونقدها ً‬
‫(‪)2‬‬
‫تعبير عن الفراغ الذي أحس به في مجال النقد الموضوعي التطبيقي "‬
‫ًا‬

‫لقد طبق عبد اهلل ركيبي دراسته الموسومة بالقصة القصيرة المنهج التاريخي بتتبع‬

‫ال ‪ :‬القصة‬
‫تطورات القصة الجزائرية‪ ،‬باعتبار أن هذا المنهج هو تتبع ظاهرة أدبية مث ً‬

‫والقصة القصيرة‪ ،‬كيف نشأت‪ ،‬تطورها‪...‬‬

‫‪ -1‬يوسف وغليسي‪ ،‬النقد الجزائري المعاصر من الالنسونية إلى األلسنية‪ ،‬ص‪.2‬‬


‫‪ -2‬عبد اهلل ركيبي‪ ،‬تطور النثر الجزائري الحديث والمعاصر‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،9002 ،‬ص‪.209‬‬

‫‪7‬‬
‫أكاديميا حول‬
‫ً‬ ‫ونجد عبد المالك مرتاض ممن تبنوا المنهج التاريخي‪ ،‬فقد قدم عمالً‬

‫القصة الجزائرية إذ " يعرض القصة الجزائرية على هذا االمتداد الزمني (‪)1299 -1299‬‬

‫جعل الفصل األول وقفة على نشأة القصة الجزائرية في سياقها التاريخي (الظروف‪،‬‬

‫المؤثرات‪ ،‬العوائق) ثم راح يتبع أشكالها وعناصرها‪ ،‬في ظل نتائج ذلك الفصل‪ ،‬مذيال كتابه‬

‫(‪)1‬‬
‫بملحق للنصوص القصصية والمراجع التي أخذت منها‪".‬‬

‫فقد أنتج هذا الكتاب سنة ‪1291‬م باإلضافة إلى كتابه (تطور النثر الجزائري‬

‫الحديث)‪ .‬باإلضافة إلى عودة " أبي القاسم سعد اهلل " بعد االستقالل ليجمع المقاالت‬

‫المتناثرة في المجالت في كتابه (دراسات في األدب الجزائري) واعتمد في ذلك على طريقتين‬

‫‪ " :‬األولى ‪ :‬هي مجرد العرض أي تلخيص النصوص للقراء للتنويه ببعض معانيها والثانية‬

‫(‪)2‬‬
‫‪ :‬العرض التاريخي لفكرة أو نص مترجم ِلقَي ِم ِه الفكرية الوطنية‪" .‬‬

‫ونشير كذلك إلى دراسة واسيني األعرج ( اتجاهات الرواية العربية في الجزائر) مع‬

‫مشاركة عمر بن قينه في كتابه ( دراسات في القصة الجزائرية ) الصادر سنة ‪1299‬م حيث‬

‫تطرق فيه إلى المسار النضالي للقصة الجزائرية من خالل بعض القصص كالصراع ألحمد‬

‫رضا حوحو‪ ،‬والمغترب لعبد الحميد بن هدوقة‪.‬‬

‫وفي مرحلة السبعينات ظهرت مناهج نقدية جديدة أعطت للنص أهمية بالغة‪ ،‬وذلك‬

‫إقتداءا بما عرفه النقد المعاصر من تطور في بعض الدول العربية مثل‪ :‬لبنان‪ ،‬سوريا‬
‫ً‬

‫‪ -1‬يوسف وغليسي‪ ،‬النقد الجزائري المعاصر من الالنسونية إلى األلسنية‪ ،‬ص‪.91‬‬


‫‪ -2‬عالل سنقوسة‪ ،‬مسارات في النقد الجزائري المعاصر‪www.élaphblog.com .‬‬

‫‪8‬‬
‫المغرب ومصر حيث نشطت الحركة النقدية بترجمة الكثير من المؤلفات الغربية التي تمثلت‬

‫في المناهج النسقية التي سادت النقد عندهم‪ ،‬وظهرت مناهج نقدية كالنقد البنيوي واألسلوبي‬

‫والسيميائي والتفكيكي التي أعطته أهمية بالغة للنص من حيث هو نظام داخلي فطبقها النقاد‬

‫الجزائريين على الدراسات األدبية مثل ‪ :‬عبد الحميد بورايو في كتابه (منطق السرد) الذي‬

‫يتراوح بين السيميائية والبنيوية‪.‬‬

‫وقد قاد هذا التحول في الجزائر أكاديميين مثل ‪ :‬عبد الحميد بورايو‪ ،‬عبد المالك‬

‫مرتاض‪ ،‬رشيد بن مالك‪ ،‬عبد القادر فيدوح‪ .....،‬والسعيد بوطاجين إلى التفكير والتجديد‬

‫باإلطالع على الحركة النقدية الغربية‪ ،‬على أيدي منظرين غربيين‪ ،‬فالسعيد بوطاجين وهو‬

‫موضوع البحث‪ ،‬أحد المهتمين بالمنهج السيميائي في الجزائر‪.‬‬

‫في‬ ‫ومن هنا يمكن القول إن الصورة الحقيقية للنقد الجزائري المعاصر ال توجد‬

‫الكتب المطبوعة بقدر ما هي موجودة في الرسائل األكاديمية‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫ثانيا ‪ :‬تلقي النقد الجزائري للسيميائية‪:‬‬
‫إذا كانت السيميائيات الحديثة قد بلغت درجة من النضج وتعددت اتجاهاتها‪ ،‬فإنها في‬

‫المشهد النقدي الجزائري ال زالت في بداية الطريق‪ ،‬فالسيميائية انتقلت إلى الوطن العربي في‬

‫وقت متأخر‪ ،‬وتأسست لها جمعيات‪ ،‬كرابطة السيميائيين الجزائريين ‪8991‬م ومجالت كمجلة‬

‫'' دراسات سيميائ ية ''‪ ،‬وكان رواد الرابطة السيميائية الجزائرية‪ ،‬مجموعة من النقاد الجزائريين‬

‫طالبا يترددون على حلقات غريماس في بداية الثمانينات‪ ،‬فهم حاولوا تمثيل‬
‫ً‬ ‫الذين كانوا‬

‫وتطويع هذا المنهج ليتالءم مع الثقافة الغربية‪ ،‬فقد '' بدأ الخطاب النقدي في الجزائر في‬

‫أواخر الثمانينات يعرف تحوالً في تعامله مع النص األدبي وذلك من أجل تجاوز تلك‬

‫التي بدأت تجتاح العالم العربي وخاصة‬ ‫المناهج النقدية السياقية إلى المناهج الحداثية‪''.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫المغرب العربي‪ ،‬ونتج عن ذلك ظهور ما أصبح يعرف بالنقد النسقي من بنيوية‪ ،‬أسلوبية‪،‬‬

‫سيميائية‪ ،‬تفكيكية‪ ،‬وقد تبنى هذا النقد نخبة من المثقفين الجامعيين من أمثال ‪ '':‬عبد المالك‬

‫مرتاض‪ ،‬عبد الحميد بورايو‪ ،‬رشيد بن مالك‪ ،‬يوسف أحمد‪ ،‬عبد القادر فيدوح والسعيد‬

‫بوطاجين''‪.‬‬

‫فالمطّلِ ْع على واقع النقد العربي المعاصر تستوقفه ظاهرة تزايد اهتمام النقاد العرب‬

‫بالجانب التطبيقي في أعمالهم النقدية ويمكن أن تعتبر '' العناية بالجانب اإلجرائي في النقد‬

‫‪ -1‬وذناني بوداود‪ ،‬خطاب التأسيس السيميائي في النقد الجزائري المعاصر‪ ،‬مجلة األثر‪ ،‬عدد خاص‬
‫بأشغال الملتقى الدولي الثالث حول تحليل الخطاب في النقد العربي المعاصر‪ ،‬ورقلة من ‪ 01‬إلى ‪01‬‬
‫فيفري‪ ،9001 ،‬ص‪.1‬‬

‫‪10‬‬
‫األدبي نقلة نوعية يجب تسجيلها والعمل على تثمينها‪ ،‬ألن تعامل النقد التطبيقي الواعي‬

‫المستند إلى المناهج الغربية مع النصوص العربية المنشأ‪ ،‬يساهم في بناء تصور نقدي عربي‬

‫(‪)1‬‬
‫جديد‪''.‬‬

‫فمقاومة النصوص العربية للمناهج الوافدة تسمح بوجود مسافة بين الناقد وموضوعه‬

‫لتتيح له إمكانية التحكم في أدواته اإلجرائية‪.‬‬

‫ويعتبر النقد السيميائي من بين أهم المناهج النقدية التي أخذ االهتمام بها يتزايد من‬

‫طرف النقاد العرب والمغاربة خاصة‪ .‬وأهم ملمح يبديه النقد السيميائي هو طابعه اإلجرائي‬

‫التطبيقي‪.‬‬

‫ومنهجا يحتذى به في‬


‫ً‬ ‫فأصبحت السيميائية مادة ت َد َّرس في أقسام اللغة العربية‪،‬‬

‫الدراسات األكاديمية‪ ،‬ومظاهر التلقي الجزائري للنظرية السيميائية متعددة من بينها الدراسة‬

‫السيميائية للناقد الجزائري ''السعيد بوطاجين''‪ ،‬من خالل كتابه ‪'' :‬االشتغال العاملي''‪.‬‬

‫وقد أردت قراءة وعرض دراسة الناقد بوطاجين‪ ،‬وهذا ألجل أن يتحدد مجال الدراسة‬

‫في حدود الجزائر‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬مكانة السعيد بوطاجين في النقد الجزائري من خالل مؤلفاته النقدية ‪:‬‬

‫‪ -1‬حسان راشدي‪ ،‬النقد العربي المعاصر – المرجع والتلقي‪ -‬كتاب ملتقى الخطاب النقدي العربي‬
‫المعاصر قضاياه واتجاهاته المنعقد بالمركز الجامعي خنشلة يومي ‪ 92 -99‬مارس ‪ ،9002‬ص‪.129‬‬

‫‪11‬‬
‫يعد السعيد بوطاجين َعلَ ًما من أعالم الكتابة السيميائية النقدية في النقد الجزائري‬

‫احدا من رواد الحركة السيميائية في الجزائر‪ ،‬حيث ظهرت ثمار جهوده من خالل العمل‬
‫وو ً‬

‫على ترقية مستويات استقبال (المصطلح) أنواع الخطابات اللسانية وغير اللسانية باستغالل‬

‫المناهج الجديدة‪ ،‬وضبط المدونات المصطلحية المتواترة في الحقول النقدية ومحاولة ربطها‬

‫باإلرث اللغوي العربي ويتجلى ذلك في مؤلفاته المختلفة (اإلبداعية النقدية‪ ،‬الترجمات‪،‬‬

‫المقاالت العلمية‪ ،‬البحوث الجامعية‪.)...‬‬

‫ونذكر من إبداعاته في مجال القصة والرواية ما يلي ‪:‬‬

‫غدا‪ ،‬منشورات االختالف‪ ،‬الجزائر‪( 2002 ،‬ترجمت إلى الفرنسية)‬


‫أ‪ -‬ما حدث لي ً‬

‫وتترجمها حاليا إلى اإليطالية يولندا غواري‪.‬‬

‫ب‪ -‬اللعنة عليكم جميعا (قصص)‪ ،‬منشورات االختالف‪ ،‬الجزائر (ترجمت إلى الفرنسية)‪.‬‬

‫جـ‪ -‬أعوذ باهلل (رواية) ‪ ،‬دار األمل‪ ،‬تيزي وزو‪ ،‬الجزائر (قيد الترجمة إلى الفرنسية)‪.‬‬

‫نجد في عالم السعيد بوطاجين القصصي كل العناصر التي تؤهله ألن يكون في صدارة المبدعين‬

‫الجزائريين‪ ،‬سواء من حيث جمال اللغة أو من خالل بناء القصة‪ ،‬والقدرة الهائلة على رسم مالمح‬

‫مناَ‪.‬‬
‫الشخصيات بصورة تقربهم ّ‬

‫ومن محاوالته في الترجمة ‪:‬‬

‫أ‪ -‬ترجمة رواية االنطباع األخير ‪ La Dernière Impression‬لمالك حداد‬

‫منشورات االختالف‪ ،‬الجزائر‪ ،‬الدار العربية للعلوم ناشرون‪ ،‬بيروت (لبنان)‪.‬‬

‫ب‪ -‬ترجمة رواية نجمة ‪ Nedjma‬لكاتب ياسين‪ ،‬منشورات االختالف‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫وله مقاالت علمية نذكر منها ‪:‬‬

‫(‪)1‬‬
‫أ‪ -‬مستويات استقبال المصطلح‪ ،‬كتاب الملتقى الدولي للمناهج‪ ،‬خنشلة‪2002 ،‬م‪.‬‬

‫ب‪ -‬السعيد بوطاجين‪ ،‬شعرية السرد في رواية غدا يوم جديد لعبد الحميد بن هدوقة‪.‬‬

‫أما بالنسبة للمؤلفات النقدية صدرت له ثالثة كتب هي‪:‬‬

‫غدا يوم جديد البن هدوقة‪ ،‬منشورات‬


‫أ‪ -‬االشتغال العاملي‪ -‬دراسة سيميائية‪ً -‬‬

‫االختالف‪ ،‬الجزائر‪2000 ،‬م‪.‬‬

‫ب‪ -‬السرد ووهم المرجع‪ -‬مقاربات في النص السردي الجزائري الحديث‪ -‬منشورات‬

‫االختالف‪ ،‬الجزائر‪2002 ،‬م‪.‬‬

‫جـ‪ -‬الترجمة والمصطلح‪ -‬دراسة في إشكالية ترجمة المصطلح النقدي الجديد‪-‬‬

‫(‪)2‬‬
‫منشورات االختالف‪ ،‬الجزائر‪2001 ،‬م‪.‬‬

‫‪ -1‬االشتغال العاملي‪:‬‬

‫غدا يوم جديد في التعامل‬


‫اجتهد الناقد في مؤلفه هذا‪ ،‬وهو دراسة سيميائية لرواية ً‬

‫"‬ ‫مع نظرية غريماس السردية بما تحتبل به هذه النظرية من صعوبات في استيعابها‬

‫‪ -1‬مدونة‪Elmouatana.blogspot.com ،‬‬
‫‪ -2‬المرجع نفسه‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫فأفكار وطروحات ألجرداس جوليان غريماس منشورة في مؤلفات ودراسات عديدة ناهيك عن‬

‫(‪)1‬‬
‫المقاالت المدبجة في المجاالت ذات التخصص‪" .‬‬

‫فالظفر بالمرجعية الغريماسية ليس كافيا لتمهيد طريقه في تطبيق أفكار غريماس إذ‬

‫تبقى أمامه مهمة فهم وفك رموز كتابات غريماس التي لم تحدد معالمها بعد‪ ،‬فغريماس نفسه‬

‫اعتبر أن " ما قدمه في مجال السيميائية مجرد مشروع علمي قابل للتطور والتنقيح والتلقيح‪.‬‬

‫(‪)2‬‬
‫"‬

‫وتمهيدا وفصلين وتقفيلة (خاتمة) متبوعة‬


‫ً‬ ‫ويضم كتاب االشتغال العاملي‪ -‬مقدمة‬

‫بإحاالت (المصادر والمراجع) وتبت للمصطلحات (عربي‪ -‬فرنسي) و(فرنسي‪ -‬عربي)‪.‬‬

‫تناول الناقد في مقدمة كتابه موضوع إشكالية المنهج والمصطلح‪ ،‬وفي التمهيد‬

‫تطرق إلى إشكالية العامل‪ ،‬وفي الفصل األول وجد الناقد أن البرامج السردية خمس ترسيمات‬

‫عاملية وهي‪ -8:‬ترسيمة‪ :‬المدينة‪ -‬الموضوع‪ -2/8‬ترسيمة‪ :‬الكتابة‪ -‬الموضوع‪ -3/‬الزاوية‪-‬‬

‫الموضوع‪ -4/‬ترسيمة‪ :‬األرض‪ -‬الموضوع‪ -2/‬ترسيمة‪ :‬المدينة‪ -‬الموضوع‪.2‬‬

‫والفصل الثاني المعنون بـ ‪ :‬المثلثات العاملية التي تتجلى بها البنية العميقة‪.‬‬

‫أما التقفيلة فقد تحدث فيها الناقد عن البنية العاملية وكيفية إبرازها للتوزيع المعقد‬

‫لمجموع العوامل وكيفية انتظامها من خالل مجموعة من االستنتاجات‪.‬‬

‫‪ -1‬حسان راشدي‪ ،‬النقد العربي المعاصر‪ -‬المرجع والتلقي‪ ، -‬ص‪129‬‬


‫‪ -2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪. 122‬‬

‫‪14‬‬
‫من‬ ‫ولم أتطرق إلى التفصيل في هذا الكتاب ألنني سأتناوله في الجانب التطبيقي‬

‫هذا البحث‪.‬‬

‫‪ -2‬السرد ووهم المرجع‪:‬‬

‫في‬ ‫نقديا في مجال السرد وهو عبارة عن '' مقاربات‬


‫منجز ً‬
‫ًا‬ ‫قدم السعيد بوطاجين‬
‫ّ‬

‫النص السردي الجزائري الحديث'' ‪ ،‬ويعد من األعمال النقدية الهامة التي تناولت السرد‬

‫الجزائري من قصة ورواية وقد أشار بوطاجين في مقدمة كتابه بالقول ‪ّ " :‬إني أوليت في‬

‫(‪)1‬‬
‫خاصا لِ َما يكتب في الجزائر بدافع التعريف بمنتوجنا اإلبداعي‪''.‬‬
‫ً‬ ‫السنوات األخيرة اهتماما‬

‫مكونا بذلك‬
‫ً‬ ‫فشيئا عن المفاهيم الغيرية‬
‫شيئا ً‬
‫بعد أن تأ ّكد له '' أن السرد الجزائري بدأ يستقل ً‬

‫تميز النص السردي الجزائري في رأي‬


‫وهذه الخصوصية السردية ّ‬
‫(‪)2‬‬
‫عالمه الخاص‪''.‬‬

‫بوطاجين عن غيره من النصوص السردية العربية‪.‬‬

‫في‬ ‫بدأ الناقد في كتابه '' السرد ووهم المرجع '' مقاربات نقدية بقراءة االسردي‬

‫رواية '' االنطباع األخير '' لمالك حداد‪ ،‬فقد حلّل الناقد هذه الرواية من منطلق مكاسب‬

‫السيميائية السردية بالكشف عن البنية السطحية وحركة الذوات الفاعلة التي تتناسب كثي ار مع‬

‫بحوث غريماس السيميائية ونخلص إلى غياب السرد عند مالك حداد فقد أصبح االسرد عنده‬

‫‪ -1‬السعيد بوطاجين‪ ،‬السرد ووهم المرجع‪ ،‬منشورات االختالف‪ ،‬الجزائر‪ ،9001 ،‬ص‪.1‬‬
‫‪ -2‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.1‬‬

‫‪15‬‬
‫جوهر وعلى ما يذكر بوطاجين أن السارد سيلجأ إلى ملئ فراغه باالسرد من الوصف‪،‬‬
‫ًا‬

‫(‪)1‬‬
‫قصور من مالك حداد '' بل طريقة وغاية جمالية‪'' .‬‬
‫ًا‬ ‫التوقف‪ ،‬االنطباع والتأمل وهذا ال يراه‬

‫أما رواية '' تيميمون '' لرشيد بوجدرة‪ ،‬بحث فيها السعيد بوطاجين عن المستويات‬

‫السردية كالسرد اآلني والسرد التابع والتسريد‪.‬‬

‫وتعتمد رواية '' تيميمون '' على بنية السرد الحاضر الذي يحيل على موقع السارد أي الراوي‬

‫عن طريق‬ ‫وهو في الصحراء (صحراء تيميمون) ويستعيد سنوات الطفولة بقسنطينة‬

‫السرد التابع الذي يدين لمرجع هو الماضي '' يمثل الحاضر الصحراء التي تشمل آن السارد‬

‫(‪)2‬‬
‫الصبا‪''.‬‬
‫على ّ‬ ‫وقد بلغ األربعين‪ ،‬في حين يمثل الماضي هذا القبل الذي يحيل‬

‫''علي أن‬
‫ًّ‬ ‫قويا للسرد المكرر في هذه الرواية ومن أمثلته‪:‬‬
‫حضور ً‬
‫ًا‬ ‫وضح الناقد‬
‫كما ّ‬

‫كذلك مع وجود ظاهرة أسلوبية أخرى وهي‬ ‫اعيا أقود الحافلة‪''...‬‬


‫(‪)3‬‬
‫اعيا كما بقيت و ً‬
‫أبقى و ً‬

‫السرعة السردية المتمثلة في االعتماد على الجمل الطويلة والعمل على تغييب عالمات‬

‫الوقف‪ ،‬أو تركيب األفعال والحركات الدالة على سرعة السرد وأهمية الفعل داخل الحكاية‪.‬‬

‫وفي تجربة الحبيب السائح '' ذاك الحنين‪ ،‬اللغة المسرودة ''‪ ،‬وتماسخت‪ ،‬دم‬

‫النسيان‪ ،‬أو لغة اللغة ‪:‬‬

‫‪ -1‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.99‬‬


‫‪ -2‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.91‬‬
‫‪ -3‬رشيد بوجدرة‪ ،‬تيميمون‪ ،‬دار االجتهاد‪ ،‬الجزائر‪ ،1222 ،‬ص‪.9‬‬

‫‪16‬‬
‫فقد توقف السعيد بوطاجين عند هذه التجربة الحتفائها بالعنصر اللغوي كعنصر‬

‫أساسي ومهم في روايات '' ذاك الحنين '' و '' تماسخت دم النسيان '' والتي تتميز بازدواجية‬

‫انتمائها‪ '' ،‬انتماء للواقع ألنه مادة السرد وانتماء للغة ألنها تقوم بفعل إبالغي له مرجعية‬

‫(‪)1‬‬
‫واقعية أو شبه واقعية‪''.‬‬

‫وتتميز رواية '' ذاك الحنين '' بمكونات ثقافية وفكرية استمدت مرجعيتها من القرآن‬

‫الكريم والحديث النبوي‪ ،‬والكتاب المقدس‪ ،‬والشعر العربي القديم واألسطورة الخرافة والشعر‬

‫الشعبي‪ ،‬البالغة العربية‪ ،‬المقامة واألدب األجنبي‪ ،‬فالحبيب السائح ولج عالم البالغة في‬

‫رواية '' ذاك الحنين '' دون اإلشارة إليه بصريح العبارة‪.‬‬

‫وفي رواية '' تماسخت ‪ -‬دم النسيان – أو لغة اللغة‪ ،‬تبدو اللغة نواة الخطاب‬

‫ومنتهاه‪ ،‬لقد تحدث بوطاجين عن اللفظة والحكاية حيث ال يمكن أن '' تق أر رواية تماسخت‬

‫والمالحظ في هذه الرواية هو التنويع اللفظي‬ ‫دون أن تش ّدك لغتها بسننها ونواميسها‪''.‬‬
‫(‪)2‬‬

‫ومسألة الحكاية والعامية التي تعتبر من اإلشكاليات في النص الجزائري الحديث وهي ‪:‬‬

‫الفصحى والعامية والنص‪.‬‬

‫أما في رواية – غدا يوم جديد – لعبد الحميد بن هدوقة فقد حاول بوطاجين البحث‬

‫عن خصائص شعرية السرد‪ ،‬الذي كان دشنه بإصداره لكتاب نقدي سماه '' االشتغال العاملي‬

‫'' – دراسة سيميائية – لغدا يوم جديد '' استثمر فيه بعض مكاسب النظرية السيميائية‬

‫‪ -1‬السعيد بوطاجين‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.22‬‬


‫‪ -2‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.91‬‬

‫‪17‬‬
‫على غرار‬ ‫السردية التي اقترحها غريماس وشكلت ما يشبه الهوية النقدية لنقاد آخرين‬

‫جوزيف كورتيس )‪ (J-Courtés‬وجون كلود كوكي )‪ (Jean Claude Coquet‬وكلود‬

‫بريمون )‪ ، (Claude Bremond‬استفادوا من اإلرث الغريماسي في حقل السيميائيات‬

‫السردية ‪.‬‬

‫ومحددا في ذلك أهم مستويات‬


‫ً‬ ‫لقد اهتم بوطاجين في هذه الرواية بشعرية السرد وهو أدبيته‬

‫السرد كالسرد المتقدم‪ ،‬والسرد المكرر‪ ،‬والمؤلف والتابع باالعتماد على بعض مفاهيم '' جيرارد‬

‫جينيت '' )‪ (Gérard Genette‬في علم السرد كما يعرف السرد المتقدم بقوله ‪ '' :‬إنه سرد‬

‫وتناول‬ ‫تنبؤي يأتي غالبا بصيغة المستقبل‪ ،‬لكن ال شيء يمنعه من التوجه نحو الحاضر‪''.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫السعيد بوطاجين تجربة عمار بلحسن القصصية عبر مجاميعه الثالث '' حرائق البحر‬

‫‪ ،1219‬األصوات ‪ ،1291‬فوانيس ‪ '' 1221‬ويالحظ الناقد اختالفا بين المجموعات‬

‫على سرد ''‬ ‫القصصية الثالث من حيث البناء السردي‪ ،‬ففي حرائق البحر اعتمدت‬

‫ظا‬
‫تمثيلي يتميز بغلبة الحوار الناقل لألحداث اللفظية‪ ،‬واستحضار بعض أجزاء الخطاب لف ً‬

‫على التفاوت اللفظي‬ ‫ومعنى بإتباع الحرفية أو بتحيين األصول عن طريق اإلسناد والتأكيد‬

‫واألسلوبي بين الشخصيات لتجسيد وهم الواقعية (‪ )2‬أو ما يسمى وهم المراجع كما يطلق عليه‬

‫‪Philippe Hamon. Pour statut‬‬ ‫‪ -1‬نقال عن السعيد بوطاجين المصدر السابق ص‪112‬‬
‫‪sémiologique du personnage in poétique du récit coll. points Seuil- Paris- 1977-‬‬
‫‪P- 159.‬‬
‫‪ -2‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.122‬‬

‫‪18‬‬
‫كثير بإبداعية عمار بلحسن من جوانب أخرى مثل ‪ '' :‬المقاطع‬
‫بوطاجين‪ ،‬والناقد يشيد ًا‬

‫(‪)1‬‬
‫المعتمدة على الوصف أكثر من اعتمادها على الفعل نتيجة طابعها المشهدي الخافت‪''.‬‬

‫باإلضافة إلى تطرق الناقد إلى المجموعة الثانية لعمار بلحسن '' األصوات '' التي‬

‫زاوجت بين السرد اآلني والسرد التابع‪ .‬وكما يرى بوطاجين فإن هناك اختالفا بين‬

‫المجموعتين القصصيتين ومجموعة القاص األخيرة '' فوانيس '' بالرغم من أن النقطة‬

‫فتبين للناقد '' ّأنها تتعمق أكثر وغالبا ما يكون ضمير‬


‫المشتركة بينهم هي السرد الشاعري ّ‬
‫(‪)2‬‬
‫األنا النقطة البؤرية التي تنسج حولها الملفوظات‪''.‬‬

‫وهكذا يرصد بوطاجين تجلّي مفهوم القصة القصيرة في '' فوانيس '' ‪.‬‬

‫غدا '' تتجلى مسألة '' وهم المرجع '' ألن الناقد يرّكز على نقد‬
‫وفي مقاربة '' الرواية ً‬

‫مرجعيات الكتابة الروائية‪ ،‬والنقد المرجعي هو فرع من فروع النقد الثقافي‪ ،‬إذن مقاربته هذه‬

‫هي أقرب إلى النقد الثقافي أكثر من النقد األدبي للنصوص ويشير إلى مستويات '' التعامل‬

‫ثقافيا‪ ،‬اجتماعيا‪ ،‬واذا قلنا '' تعامل '' فمعنى ذلك ّأننا‬
‫دينيا‪ً ،‬‬
‫مع اإلرث‪ .‬أي إرث مهما كان ً‬

‫أدخلنا نصيب الذات في النظر إلى هذا اإلرث‪ .‬لذا نصبح أمام مؤسسة تأويلية معقّدة‪ ،‬هنالك‬

‫الواقع الفرضي واالستقبال الفرضي ثم الكتابة فالقراءة الفرضية وهكذا‪''...‬‬


‫(‪)3‬‬

‫‪ -1‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.112‬‬


‫‪ -2‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.119‬‬
‫‪ -3‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.191‬‬

‫‪19‬‬
‫وهذا ما أدى بالسعيد بوطاجين إلى التساؤل في مقدمة هذه المقاربة عما قدمته‬

‫الرواية الجزائرية من زيادات نوعية للسرديات العربية‪.‬‬

‫إن هدف السعيد بوطاجين هو االنتصار لرؤيته النقدية وقناعاته في الكتابة واإلبداع‬

‫كتابا في النقد‬ ‫ونقد كافة المرجعيات ًّأيا كان شكلها‪ ،‬وي ُّ‬
‫عد كتاب '' السرد وهم المرجع '' ً‬

‫السرد‬
‫متنوعا من النصوص السردية من زاوية علم ّ‬
‫ً‬ ‫عددا‬
‫األدبي للنصوص تناول فيه الناقد ً‬

‫السرديات‪.‬‬
‫أو ّ‬

‫‪ -3‬الترجمة والمصطلح‪:‬‬

‫قدم أيضا السعيد بوطاجين كتاب '' الترجمة والمصطلح '' فمن المعروف أن مسألة‬
‫ّ‬

‫ترجمة المصطلح من أهم المسائل التي تواجه المترجم إلى اللغة العربية‪ ،‬ويضم الكتاب أربعة‬

‫أقسام رئيسية وهي ‪:‬‬

‫'' المجامع والهيئات ومسألة المصطلح '' و '' المفاهيم‪ ،‬المناهج ومسألة المصطلح ''‬

‫و'' ترجمة المصطلح ومسألة التفاوت '' و'' الهيئات واألفراد ومسألة المصطلح ''‪.‬‬

‫وهذه األقسام تنقسم بدورها إلى أقسام فرعية أخرى‪ ،‬حيث تناول السعيد بوطاجين في‬

‫كتابه دراسة إشكالية ترجمة المصطلح النقدي الجديد '' بالتحليل والنقد خمسة مجامع لغوية‬

‫وهي ‪ :‬المجمع العراقي‪ ،‬المصري والسوري واألردني والجزائري‪ )1(''.‬إذ عرض لظروف '' نشأة‬

‫معتبر ما قام به هذا المجتمع مقبول ًّ‬


‫جدا إذا ما قورن‬ ‫ًا‬ ‫المجتمع العراقي ومنهجيته في العمل‬

‫‪ -1‬السعيد بوطاجين‪ ،‬الترجمة والمصطلح‪ -‬دراسة في إشكالية ترجمة المصطلح النقدي الجديد منشورات‬
‫االختالف‪ ،‬الجزائر‪ ، 9009،‬ص ‪.19-11‬‬

‫‪20‬‬
‫بغيره من المجامع وكذا بنوعية اإلمكانات المتاحة‪ ،‬إال أنه أعاب على المجمع بعض الثغرات‬

‫المنهجية واإلجرائية في التعامل مع المصطلح والمراجع والمجالت المتخصصة‪''.‬‬


‫(‪)1‬‬

‫وانتقد بوطاجين في كتابه مجمع القاهرة بشدة‪ ،‬خاصة ما تعلّق بطريقة عمله‬

‫المتشعبة بالروح القطرية أكثر من تشبعها بالروح القومية‪ ،‬وكذا عالقة المجتمع بالتراث إذ ''‬

‫اتخذ المجمع ق اررات كثيرة تعني بالترجمة‪ ،‬ومن المدهش أنه لم يلتفت إلى القرن العاشر‬

‫الميالدي وما بعده‪ ،‬ال إلى طروحات جابر بن حيان وال إلى الكندي والخوارزمي وابن سينا‬

‫أو ابن حامد الغزالي‪ ،‬وال إلى مرحلة استقرار المصطلح الفلسفي الذي سيؤثث علوما لغوية‬

‫(‪)2‬‬
‫متشبعة لم تستطع البحوث الجديدة تجاوز الحدود التي وصلت إليها‪''.‬‬

‫أما مجمع دمشق فقد ذكر فيه '' بمبادئ إنشائه وحيثيات عمله وأنكر عليه اإلفراط‬
‫ّ‬

‫وهي المؤاخذات نفسها التي‬ ‫(‪)3‬‬


‫في التنظير وسوفينية اللغة وعدم االنضباط في اإلجراء‪''.‬‬

‫طالت مجمع األردن مع اشتراك جميع المجامع في نقد بوطاجين المتعلق بهذه '' المجامع‬

‫على المصطلحات التقنية واهمالها لمصطلحات العلوم اإلنسانية واالجتماعية التي تكتسي‬

‫أهمية بالغة في التأسيس لمرجعية ترجمية صلبة إضافة إلى سوء التنسيق والضبط وااللتفاف‬

‫إلى المباحث التراثية‪''.‬‬


‫(‪)4‬‬

‫‪ -1‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.12 -19‬‬


‫‪ -2‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.99‬‬
‫‪ -3‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.29‬‬
‫‪ -4‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.29‬‬

‫‪21‬‬
‫لقد عرض بوطاجين مجمع اللغة العربية في الجزائر من خالل بيانه التأسيسي الذي‬

‫هز الناقد عرش هذا المجمع عندما عرض‬


‫شرح فيه أهداف تأسيسه وقانونه األساسي‪ ،‬وقد ّ‬

‫لألخطاء اللغوية والمفاهيمية في قانونه األساسي ولغته الصامتة‪ '' ،‬فإذا كانت أخطاء من‬

‫يعد مقدمة لعمل احترافي يسهم فيه متضلعون في‬


‫هذا النوع ترد في القانون األساسي الذي ّ‬

‫اللغة العربية يتقنون لغة أجنبية أو أكثر‪ ،‬فال ندري كيف ستكون نتائج ترجمة مصطلحات‬

‫(‪)1‬‬
‫حقل معرفي أو أكثر‪ ،‬على ثرائها وتعقيدها وتباين سياقاتها ومرجعياتها‪''.‬‬

‫فوجود مثل هذه المجامع العربية محمود في تفعيله النشغال المعرفة العربية بمسألة‬

‫في التعامل‬ ‫المصطلح باإلضافة إلى إسهامها في البحث عن مناهج مغايرة وآليات جديدة‬

‫كثير من التراث النقدي العربي والمصطلح كلمة‬


‫مع المصطلح الوافد واألصيل غير المتداول ًا‬

‫تستخدم في سياق متخصص وتشير إلى مفهوم دقيق ومحدد في هذا السياق‪ '' ،‬للمصطلح‬

‫هوية تالزمه‪ ،‬إذ ينشأ في وضع ما وينتقل من بلد إلى بلد ومن علم إلى آخر ومن ثقافة إلى‬

‫(‪)2‬‬
‫أخرى ومن عصر إلى آخر‪''.‬‬

‫كما أشار الناقد في مقدمة كتابه إلى قصور المنهج الواحد أمام الدرس النقدي‬

‫ال‪ ،‬أو التاريخي وبخاصة عندما يتعلق األمر‬


‫المتفرع كاعتماد ناقد على المنهج الوصفي مث ً‬

‫أبدا الحديث عن استقاللية منهج ما‪،‬‬


‫أفقيا '' والحال أنه ال يمكن ً‬
‫عموديا أو ً‬
‫ً‬ ‫بدراسة المصطلح‬

‫إما في تناغم أو في انكسارات أو انقطاعات لكنه‬


‫امتدادا للماضي في الحاضر‪ّ ،‬‬
‫ً‬ ‫دائما‬
‫هناك ً‬

‫‪ -1‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.92‬‬


‫‪ -2‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.111‬‬

‫‪22‬‬
‫قائم‪ ،‬لذا ال يمكن الحديث عن السيمياء دون استحضار اللسانيات والمنطق‪ ،‬وال يمكن دراسة‬

‫التداولية بمعزل عن البالغة‪ ،‬وال األسلوبية بمعزل عن اللسانيات والبالغة والبنيويات ثمة‬

‫دائما حضور صريح أو ضمني ألفكار ومصطلحات سابقة‪ ،‬أما االجتهادات األخرى فليست‬
‫ً‬

‫منهجا مستقالً بذاته وبمدونة مصطلحية ال‬


‫ً‬ ‫سوى إضافة على إضافة‪ ،‬إذ ال يعقل أن نتصور‬

‫(‪)1‬‬
‫تتقاطع مع المدونات األخرى‪''.‬‬

‫وفي مقاربة قدمها السعيد بوطاجين لمصطلح الحداثة أثار قضية المصطلح والعقيدة‬

‫حيث أشار إلى أن لفظة الحداثة مثالً تعبر عن التوجه الجديد في الفكر الكاثوليكي الساعي‬

‫تأول تعاليم الكنيسة‪ ،‬وأن إخراج المصطلح عن سياقه الديني يضعنا أمام مفهوم آخر‬
‫إلى ّ‬

‫قلما يتواتر في الطروحات العربية و'' بهذا المعنى يتم إلغاء الحدود الزمانية بين القديم‬

‫والحديث‪ ،‬الن الجانبين الشاعري والخالد هما الفاصالن األساسيان بين هذا وذاك ما يقودنا‬

‫بالضرورة إلى االحتكام إلى التحديدات وفق المنظور‪ ،‬أي وفق المنطلق لتفادي التعريفات‬

‫(‪)2‬‬
‫ومفهوميا‪''.‬‬
‫ً‬ ‫دالليا‬
‫العامة التي ال تأخذ في الحسبان مختلف االستعماالت المتباعدة ً‬

‫يصاغ المصطلح النقدي وفق مجموعة من السبل والطرائق وأهمها هي '' الترجمة ''‬

‫وقد حدد أبو عثمان الجاحظ معالم ثالث لفعل الترجمة في قوله ‪ '' :‬ال بد للترجمان من أن‬

‫‪ -1‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪.12 -19‬‬


‫‪ -2‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.111‬‬

‫‪23‬‬
‫يكون بيانه في نفس الترجمة‪ ،‬في وزن علمه في نفس المعرفة وينبغي أن يكون أعلم الناس‬

‫(‪)1‬‬
‫باللغة المنقولة والمنقول إليها حتى يكون فيها سواء وغاية‪''.‬‬

‫قديما‪ ،‬وقد أشار السعيد بوطاجين في‬


‫ومنهجا ً‬
‫ً‬ ‫تعد الترجمة إلى العربية نشاطًا فكرًيا‬

‫كتابه '' الترجمة والمصطلح '' إلى الجهود العربية المبذولة في مجال الترجمة‪ ،‬وقد عرض‬

‫إلى الجهود الترجمية في مصر والشام والعراق‪ ،‬وهي جهود مكفول لها االحترام إال أن الذي‬

‫وصل إليه الباحث في قراءاته لهذه المبادرات أنها لم تصل إلى الهدف المنشود منها إذ '' أن‬

‫أهم ما يمكن استنباطه من االجتهادات الكثيرة التي اهتمت بالمصطلح وطرائق التعامل معه‬

‫هو غلبة الغموض والتردد الناتجين عن عدم وضع خطة صارمة يمكن مراجعة جزئياتها عند‬

‫الضرورة‪ ،‬مع ذلك فقد قدم األفراد في بحوثهم المعزولة وفي بعض المجاالت آراء وبدائل‬

‫(‪)2‬‬
‫غاية في األهمية من حيث التنقيب والتأصيل والمراجعة واقتراح مصطلحات بديلة ووافية‪''.‬‬

‫ولكي يرقى النقاد والمترجمين العرب بالمصطلح النقدي العربي‪ ،‬ويكون فيه اتفاق‬

‫من قبل المجامع اللغوية والهيئات الترجمية‪ ،‬البد عليهم االبتعاد عن فكرة '' األنا '' واسناد أي‬

‫فعل إلى النفس دون االهتمام بما قد يجيء به اآلخر‪.‬‬

‫‪ -1‬الجاحظ‪ ،‬الحيوان‪ ،‬تح‪ ،‬عبد السالم هارون‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪.992‬‬


‫‪ -2‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.102‬‬

‫‪24‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬السيميائية السردية من '' بروب '' إلى '' غريماس ''‬

‫أوال ‪ :‬ماهية السيميولوجيا‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬السيميائية السردية‪.‬‬

‫‪ -1‬جهود فالديمير بروب والشكالنية‪.‬‬

‫ا‪ -‬أصول منهج فالديمير بروب‪.‬‬

‫ب‪ -‬فالديمير بروب من الحافز إلى الوظيفة‪.‬‬

‫‪ -2‬منهج ألجرداس جوليان غريماس من خالل مدرسة باريس‬

‫السيميائية‪.‬‬

‫ا ‪ -‬منهج ألجرداس جوليان غريماس‪.‬‬

‫ب ‪ -‬البرنامج السردي والسرديات والسردية‪.‬‬

‫جـ ‪ -‬األنموذج العاملي‪.‬‬

‫د ‪ -‬العوامل والممثلون‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫السيمياء أو السيميولوجيا كما عرفها فرديناند دي سوسير هي '' عبارة عن علم‬

‫(‪)1‬‬
‫يدرس اإلشارات أو العالمات داخل الحياة االجتماعية‪''.‬‬

‫قائما بذاته إال بالعمل الذي قام به الفيلسوف‬


‫علما ً‬
‫والواقع أن السيمياء لم تصبح ً‬

‫تبعا لرؤيته‬
‫األمريكي تشارلز سندرس بيرس )‪ ، (Ch.S.Peirce‬فالسيمياء أو السيميولوجيا ً‬

‫هي علم اإلشارات‪ ،‬وهو يضم جميع العلوم اإلنسانية والطبيعية‪ ،‬حيث يقول ‪ '' :‬ليس‬

‫باستطاعتي أن أدرس أي شيء في هذا الكون كالرياضيات‪ ،‬واألخالق‪...‬وعلم النفس وعلم‬

‫(‪)2‬‬
‫الصوتيات وعلم االقتصاد‪...‬إال أنه نظام سيميولوجي‪''.‬‬

‫والمصطلحان سيميولوجيا )‪ (Sémiologie‬وسيميوطيقا )‪ (Sémiotique‬يغطيان‬

‫اليوم نظاما واحدا متكامال‪ ،‬والفرق الوحيد بين هاتين اللفظتين أن ‪ Sémiologie‬مفضلة عند‬

‫األوروبيين تقدي ار لصياغة سوسير لهذه اللفظة‪ ،‬بينما يبدو أن الناطقين باإلنجليزية يميلون‬

‫إلى تفضيل ‪ Sémiotique‬احتراما للعالم األمريكي بيرس‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬ماهية السيميولوجيا ‪:‬‬

‫السيميولوجيا هي ‪ '' :‬علم العالمات سواء أكانت هذه العالمة لسانية أم غير لسانية‬

‫(‪)3‬‬
‫يهتم برصد العالمات المختلفة‪ ،‬وبتصنيفها‪ ،‬وببيان داللتها وبكشف القوانين التي تحكمها‪''.‬‬

‫‪ -1‬بلقاسم دقة‪ ،‬علم السيمياء في التراث العربي‪،‬اتحاد العرب‪ ،9002 ،‬ص‪.10‬‬


‫‪ -2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.10‬‬
‫‪ -3‬أمينة فزاري‪ ،‬أسئلة وأجوبة في السيميائية السردية‪ ،‬دار الكتاب الحديث‪ ،‬ط‪ ،9011 ،1‬ص‪.92‬‬

‫‪27‬‬
‫ورائدا هذا العلم هما ‪ :‬الفيلسوف األمريكي تشارل سندرس بيرس (‪)1212 -1922‬‬

‫الذي أطلق عليها اسم السيميوطيقا )‪ (Sémiotique‬والعالم األلسني فرديناند دي سوسير‬

‫(‪ )1212 -1911‬الذي أطلق عليها اسم السيميولوجيا )‪ (Sémiologie‬فاألول تناول‬

‫السيميولوجيا من وجهة نظر فلسفية والثاني تناولها من وجهة نظر لغوية فقال ‪ '':‬إن اللغة‬

‫نظام من اإلشارات التي يعبر بها عن األفكار ولذا فإنها تشبه نظام الكتابة وأبجدية الصم‬

‫والبكم والطقوس الرمزية ومظاهر األدب والشارات العسكرية‪...‬إن علما يدرس حركة اإلشارات‬

‫في المجتمع لهو علم قابل للتصور وسيكون هذا العلم جزًءا من علم النفس االجتماعي‬

‫في ِ‬
‫ص ُّر دي سوسير على أن السيميولوجيا أصل‬ ‫(‪)1‬‬
‫وبالتالي من علم النفس العام‪'' .‬‬

‫على‬ ‫واللسانيات فرع منه‪ ،‬والقوانين التي تكشفها السيويولوجيا قابلة للتطبيق‬

‫األلسنية‪.‬‬

‫أما العرب فقد دعوا إلى ترجمتها بالسيمياء وقد عبر الباحث ( ليتش ) عن حيرته‬

‫في تبني مصطلح للسيميولوجيا بعد أن رأى اضطرابه عند المترجمين العرب بين (علم‬

‫المسدي في كتابه (األسلوب واألسلوبية) و(السيمياء) عند نصرت عبد‬


‫ّ‬ ‫العالمات) عند‬

‫الرحمن في كتابه (النقد الحديث)‪ ،‬كما يعترف '' بما يخامر هذا العلم من ضبابية بسبب‬

‫(‪)2‬‬
‫اتساعه وشموله‪ ،‬مما جعله يتداخل مع علوم كثيرة أهمها األلسنية‪''.‬‬

‫‪ -1‬محمد غرام‪ ،‬تحليل الخطاب األدبي على ضوء المناهج النقدية الحداثية‪ -‬دراسة في نقد النقد‬
‫منشورات اتحاد الكتاب العرب‪ -‬دمشق‪ ،9002 -‬ص‪.192‬‬
‫‪ -2‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.192‬‬

‫‪28‬‬
‫فالسيميولوجيا هي علم العالمات أو اإلشارات سواء كانت طبيعية أي موجودة بشكل‬

‫فطري ال دخل لإلنسان فيها ‪ :‬كأصوات الحيوانات والرياح‪...‬أو اصطناعية من صنع‬

‫اإلنسان يخترعها مثل ‪ :‬لغة إشارات المرور‪ ،‬اإلشارات العسكرية‪ .‬ونجد '' روالن بارت''‬

‫يناقض المتراجحة السويسرية التي تفترض '' أن ما هو سيميولوجي يتجاوز األلسنية عن‬

‫قناعة منه‪ ،‬بأن العالمات غير اللغوية ال تكتمل هويتها ما لم يتحدث عنها لغويا أي قبل أن‬

‫(‪)1‬‬
‫تصبح عالمات لفظية‪''.‬‬

‫فإذا كان دي سوسير يرى أن السيميولوجيا كل واللسانيات فرع فإن روالن بارت يرى‬

‫أن السيميولوجيا فرع واللسانيات كل‪ ،‬فالسيميولوجيا في دراستها لألنظمة غير اللغوية تعتمد‬

‫على عناصر اللسانيات ومن أهم هذه الثنائيات ‪( :‬الدال والمدلول)‪( ،‬اللغة والكالم) (التقرير‬

‫واإليحاء) (التعاقب والتزامن)‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬السيميائية السردية ‪:‬‬

‫انطلق '' غريماس '' من ميراث فالديمير بروب الذي تنطلق منه كل التحليالت التي‬

‫تنخرط ضمن السيميائيات أو السرديات‪ ،‬وفي هذا اإلطار يعيد '' غريماس '' طروحات ''‬

‫‪ -1‬يوسف وغليسي‪ ،‬مناهج النقد األدبي ( مفاهيمها‪ ،‬أسسها‪ ،‬تاريخها‪ ،‬وروادها‪ ،‬وتطبيقاتها العربية)‬
‫جسور للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،9‬المحمدية‪ ،‬الجزائر‪ ،9002 ،‬ص‪.119‬‬

‫‪29‬‬
‫مقترحا ما يراه أكثر مالئمة للتحليل‬
‫ً‬ ‫بروب '' من حيث المقوالت واإلجراءات واللغة الواصفة‬

‫من أفكاره صالحة‬ ‫السيميائي للنص السردي‪ ،‬فرغم إشادته بجهد '' بروب '' وبقاء الكثير‬

‫لالستثمار‪ ،‬إال أنه يقترح تنظيما أكثر شكالنية وصورية لمفاهيمه فاختيار '' غريماس ''‬

‫لالتجاه السيميائي‪ ،‬يرجع إلى دوره الهام في مدرسة باريس السيميائية‪ ،‬كما أنه شكل قطب‬

‫الرحى بالنسبة لهذه المدرسة‪ ،)1(''.‬فعلى الرغم من وجود مجموعة من الباحثين ‪ :‬ميشيل‬

‫إيريفي‪ ،‬كلود شابرول‪ ،‬جان كلود كوكي‪...‬فإن'' غريماس'' قد عمل بشكل مباشر بحيث شكل‬

‫كتابه المعروف – الداللة البنيوية – اللبنة األساسية لهذه المدرسة السيميائية‪ ،‬كما أصدر‬

‫مجموعة من األعمال‪ ،‬شكلت في مجملها أهم الدعائم المعتمدة في مقاربة النصوص السردية‬

‫واألسس المعرفية لهذه المدرسة‪ .‬وانصرفت السردية إلى االهتمام بمكونات الخطاب السردي‬

‫وأبنيته ومستوياته الداللية من خالل تيارين ‪ :‬تيار السردية اللسانية وتيار السردية الداللية؛‬

‫وتيار السردية الداللية تجلى في جهود بروب وغريماس وهو تيار '' يعنى بالبنى العميقة‬

‫(‪)2‬‬
‫ال إلى تحديد قواعد وظائفية للسرد ''‬
‫التي تتحكم بمظاهر الخطاب وصو ً‬

‫‪ -1‬جهود فالديمير بروب والشكالنية ‪:‬‬

‫''‬ ‫كانت نقطة االنطالق الجوهرية في دراسة النصوص الحكائية بعامة وهي دراسة‬

‫فالديمير بروب '' )‪ (Vladimir Propp‬حول القصص العجيبة‪ ،‬كما تأثر علم السرد‬

‫‪ -1‬سعيد بوعيطة‪ ،‬المرجعية المعرفية للسيميائيات السردية‪ -‬غريماس نموذجا‪ -‬ماي‪ ،9012 -‬ص‪.21‬‬
‫‪ -2‬عبد اهلل إبراهيم‪ ،‬من وهم الرؤية إلى وهم المنهج‪ ،‬مجلة الفكر العربي المعاصر‪ ،‬ع ‪1222 ،9199‬‬
‫ص‪.192‬‬

‫‪30‬‬
‫المعاصر وبخاصة التحليل البنيوي للحكايات بأبحاث '' فالديمير بروب '' حول الحكاية‬

‫''‬ ‫الغرائبية التي تقع بين األسطورة والشعر الملحمي‪ ،‬والمشروع الشكالني لكتاب‬

‫مورفولوجيا الحكاية '' '' ال يتعارض مع المنظورات التاريخية بل على العكس ففي هذه ''‬

‫الحكاية الطويلة '' يسمح التحليل البنيوي بتقسيمه للحكايات بحسب أجزائها المكونة‪ ،‬بعقد‬

‫و''‬ ‫مقارنات مبررة‪ .‬وخالفا للتقليد الفولكلوري ال يخلط بروب بين موضوعات الدراسة‬

‫(‪)1‬‬
‫المضامين '' أي المعطيات السردية المدروسة‪''.‬‬

‫وأراء '' فالديمير بروب '' تعتبر ركيزة أساسية انبثقت بعدها جل الدراسات المتعلقة‬

‫بالسرد القصصي عامة لطرحه كتاب '' مورفولوجيا الحكاية العجيبة الروسية‬

‫‪ ''Morphologie Du Conte Merveilleux Russe‬وكلمة مورفولوجيا تعني '' دراسة‬

‫والدراسة التي قام بها بروب ال تقف عند حد الشكل الخارجي وانما هي دراسة‬ ‫(‪)2‬‬
‫األشكال ''‬

‫بكر بسبب‬
‫التركيبة الداخلية لمائة حكاية شعبية روسية‪ ،‬دراسة قد عدت إلى وقت غير بعيد ًا‬

‫أمرين ‪:‬‬

‫‪ -1‬ظلت الحكاية العجيبة ‪ Le Conte Merveilleux‬إلى الزمن الذي وطئ فيه‬

‫بروب هذه األرض الجديدة مجاال غير مطروق‪.‬‬

‫‪ -1‬مجموعة من الكتاب‪ :‬مدخل إلى مناهج النقد األدبي‪ ،‬تر‪ .‬رضوان ظاظا‪ ،‬مراجعة‪ .‬المنصف الشنوفي‪،‬‬
‫سلسلة كتب ثقافية شهرية‪ ،‬يصدرها المجلس الوطني للثقافة واآلداب‪ ،‬الكويت علم المعرفة ص‪.112‬‬
‫‪ Vladimir Propp. Morphologie Du Conte, Editions Seuil, Paris, 1970, p06. -2‬نقال‬
‫عن سليمة لوكام ‪ :‬تلقي السرديات في النقد المغاربي‪،‬ص‪.20‬‬

‫‪31‬‬
‫‪ -9‬إن منهج بروب المعتمد في مقاربة هذه الحكايات الشعبية لم يعتمد من قبل بهذه‬

‫الدقة التي وصلت إلى حد الصرامة‪.‬‬

‫(‪)1‬‬
‫ولقد تمكن بروب من الخروج بجملة من المالحظات هي ‪:‬‬

‫‪ ‬وجود قيم متغيرة وهي أسماء الشخصيات وقيم ثابتة وهي أفعال هذه الشخصيات‬

‫أو ما يسميه بالوظائف ( وهي التي تعوض الحوافز عند توما شفسكي أو العناصر ‪les‬‬

‫‪ motifs‬عند بيديه ‪.) Bédier‬‬

‫‪ ‬تمثل هذه الوظائف األجزاء األساسية للحكاية والعناصر الثابتة والدائمة مهما كانت‬

‫الشخصيات وهما كانت الطريقة التي أنجزت بها هذه الوظائف‪.‬‬

‫‪ ‬إن عدد هذه الوظائف متشابه في كل الحكايات‪.‬‬

‫‪ ‬إن كل الحكايات الشعبية تنتهي إلى النوع نفسه فيما يتعلق ببنيتها‪.‬‬

‫أ‪ -‬أصول منهج فالديمير بروب ‪:‬‬

‫اعتمد '' بروب '' في منهجه على خلفيات ومرجعيات‪ ،‬فقد أخذ (الحوافز) التي‬

‫استنبطها الشكالني الروسي '' توماشفسكي ‪ '' Tomasheveski‬و'' شكلوفسكي‬

‫‪ ،'' Chekloveski‬فسماها (الوظائف) في كتابه '' مورفولوجيا الحكاية '' وكان توماشفسكي‪،‬‬

‫‪ -1‬سليمة لوكام ‪ :‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.21‬‬

‫‪32‬‬
‫قد أطلق على أصغر وحدة من '' الحبكة '' اسم الحافز ‪ '' Motif‬وهو قد يكون عبارة مفردة‬

‫(‪)1‬‬
‫مفردا في الحبكة‪''.‬‬
‫أو فعال ً‬

‫ميز '' توماشفسكي '' بين نوعين من الحوافز ‪:‬‬


‫وقد ّ‬

‫الحافز المفيد ‪ Bound Motif‬والحافز الحر ‪. Free Motif‬‬

‫يقول '' بروب '' ‪ '' :‬إننا ملزمون بالقول إن الحافز ليس شيئا بسيطًا وليس غير قابل‬

‫(‪)2‬‬
‫جماليا‪''.‬‬
‫ً‬ ‫للتجزئة‪ ،‬فالوحدة األولية التي ال تقبل االنقسام ال يمكن أن تكون كال منطقيا أو‬

‫وقد قدم بروب '' نمودجه (الوظيفي) المقترح الذي يختلف عن نموذج (الحوافز)‪ ،‬ألنه‬

‫يحتوي على عناصر ثابتة وأخرى متغيرة‪ ،‬فالذي يتغير هو أسماء الشخصيات وأوصافها‬

‫ووضح '' بروب ''‬ ‫(‪)3‬‬


‫والثابت الذي ال يتغير هو أفعال الشخصيات ووظائفها التي تقوم بها‪''.‬‬

‫(‪)4‬‬
‫هذا من خالل المثال التالي ‪:‬‬

‫نسرا‪ ،‬يحمل النسر الشجاع إلى مملكة أخرى‪.‬‬


‫‪ -1‬الملك يعطي أحد الشجعان ً‬

‫حصانا‪ ،‬يحمل الحصان (سوتشينكو) إلى مملكة أخرى‪.‬‬


‫ً‬ ‫‪ -9‬الجد يعطي (سوتشينكو)‬

‫‪ -1‬وائل سيد عبد الرحيم‪ ،‬تلقي البنيوية في النقد العربي‪ -‬نقد السرد أنموذجا‪ -‬دار العلم واإليمان للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،9002 ،1‬ص‪.101‬‬
‫‪ -2‬فالديمير بروب‪ ،‬مورفولوجيا الخرافة‪ ،‬تر‪ ،‬إبراهيم الخطيب‪ ،‬الشركة المغربية للناشرين المتحدين‬
‫المغرب‪ ،‬ط‪ ،1299 ،1‬ص‪.91‬‬
‫‪ -3‬محمد عزام‪ ،‬شعرية الخطاب السردي – دراسة –منشورات اتحاد الكتاب العرب‪،‬دمشق‪،‬ص‪.12‬‬
‫‪ -4‬فالديمير بروب‪ ،‬مورفولوجيا القصة‪ ،‬تر‪ ،‬عبد الكريم حسن‪ ،‬سميرة بن عمو‪ ،‬شراع للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫دمشق‪ ،1229 ،‬ص‪.11‬‬

‫‪33‬‬
‫خاتما‪ ،‬يخرج من الخاتم رجال أشداء يحملون (إيفان)‬
‫‪ -2‬أحد السحرة يعطي (إيفان) ً‬

‫إلى مملكة أخرى‪.‬‬

‫قيما ثابتة وأخرى متغيرة‪ ،‬وما يتغير هو أسماء‬


‫ففي هذه الحاالت الثالث نجد ً‬

‫الشخصيات وصفاتها في الوقت نفسه وما ال يتغير هو أفعالها أو وظائفها‪.‬‬

‫كما استفاد بروب من علوم أخرى ‪ :‬كعلم النبات يقول ‪ '' :‬تعني كلمة '' مورفولوجيا ''‬

‫دراسة األشكال‪ ،‬وفي علم النبات‪ ،‬فإنها تنطوي على دراسة األجزاء المكونة للبنية وعالقة هذه‬

‫األخيرة بعضها ببعض‪ ،‬وعالمة كل جزء منها بالمجموع‪ ،‬وبشكل آخر‪ ،‬فإنها تعني دراسة‬

‫(‪)1‬‬
‫بنية النبتة‪''.‬‬

‫و'' بروب '' يريد أن ينقل هذا المفهوم من ''علم النبات'' إلى مجال ''القصة''‪ ،‬فيقوم‬

‫بدراسة األجزاء المكونة لبنية القصة وعالقة هذه األجزاء ببعضها‪.‬‬

‫ب‪ -‬فالديمير بروب ‪ :‬من الحافز إلى الوظيفة ‪:‬‬

‫يعرف '' بروب '' بقوله ‪ '' :‬ونعني بالوظيفة ما تقوم به الشخصية من فعل محدد من‬

‫منظور داللته في سير الحبكة‪ )2(''.‬والوظيفة عنده كذلك هي ‪ '' :‬عمل الشخصية‪''.‬‬
‫(‪)3‬‬

‫وقد استنبط بروب من مائة حكاية شعبية روسية إحدى وثالثين (‪ )21‬وظيفة‪.‬‬

‫‪ -1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.21‬‬


‫‪ -2‬وائل سيد عبد الرحيم‪ ،‬تلقي البنيوية في النقد العربي‪ ،‬نقد السرديات نموذجا‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫‪ -3‬محمد غرام‪ ،‬شعرية الخطاب السردي – دراسة – منشورات اتحاد الكتاب العرب‪ ،‬دمشق‪ ،‬ص‪.12‬‬

‫‪34‬‬
‫منهجا للدارسين من بعده‪ ،‬وهذه الوظائف ليست كلها حاضرة على الدوام في‬
‫ً‬ ‫أصبحت‬

‫عددا منها مر ًتبا حسب ورودها‪ .‬والوظيفة‬


‫كل قصة؛ ولكن آية قصة ال بد أن تحوي ً‬

‫''ثابتة دائمة‪ ،‬على الرغم من تعدد هويات األشخاص الذين يقومون بها فاألشخاص تتغير‬

‫(‪)1‬‬
‫تعبر عن (وظيفة) واحدة‪''.‬‬
‫ولكن األعمال ّ‬
‫(‪)2‬‬
‫وقد صاغ '' بروب '' وظائفه اإلحدى والثالثين على النحو التالي نذكرها باختصار ‪:‬‬

‫‪ -1‬الغياب‪ -9 ،‬المنع‪ -2 ،‬خرق المنع‪ -2 ،‬االستطالع‪ -1 ،‬االستسالم‪ -9 ،‬الخداع ‪-1‬‬

‫‪-19‬‬ ‫التواطؤ‪ -9 ،‬الجريمة‪ -2 ،‬الوساطة‪ -10 ،‬بداية الفعل المضاد‪ -11 ،‬الرحيل‬

‫‪-11‬‬ ‫الوظيفة األولى للواهب‪ -12 ،‬رد فعل البطل‪ -12 ،‬إمداد أو استالم أداة سحرية‬

‫‪-19‬‬ ‫انتقال مكاني بين مملكتين‪ -19 ،‬الصراع‪ -11 ،‬البطل وضع عالمة‬

‫االنتصار‪ -12 ،‬حدوث النكبة أو االفتقار‪ -90 ،‬العودة‪ -91 ،‬مطاردة أو تعقب ‪-99‬‬

‫اإلنقاذ‪ -92 ،‬الوصول غير المعروف‪ -92 ،‬مزاعم كاذبة‪ -91 ،‬مهمة صعبة ‪ -99‬المهمة‬

‫تنجز (الحل)‪ -91 ،‬البطل يعرف‪ -99 ،‬الفضح (يفتضح أمر البطل الزائف)‪ -92 ،‬تغيير‬

‫الهيئة‪ -20 ،‬العقاب (الشرير يعاقب)‪ -21 ،‬الزواج‪ ،‬يتزوج البطل ويعتلي العرش‪.‬‬

‫يصوغ '' بروب '' الحكايات بعد ما يحدد وظائفها في نمط معادالت رياضية‪ ،‬وذلك‬

‫معا‪ .‬فمثال عند‬


‫بهدف الحصول على صيغة تمكن من مقارنة أكبر كم ممكن من الحكايات ً‬

‫افتراض أن هناك حكاية تحتوي على الوظائف ذات األرقام التالية ‪:‬‬

‫‪ -1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.119‬‬


‫‪ -2‬وائل سيد عبد الرحيم‪ ،‬تلقي البنيوية في النقد العربي‪ ،‬ص‪.29‬‬

‫‪35‬‬
‫(‪-28-20-89-81-87-82-82-84-83-82-88-80-9-1-7-2-2-4-3-2-8‬‬

‫‪ ) 38-30-29-21-27-22-22-24-23-22‬فإنه يتم تمثيلها بالمعادلة التالية من‬

‫(‪)1‬‬
‫اليسار إلى اليمين‪.‬‬

‫بحيث ترمز كل عالمة إلى الوظيفة الخاصة بها‪ ،‬ويرمز الرقم الموجود أعالها‬

‫(األس بلغة الرياضيين) إلى تكرار الوظيفة للحكاية‪ ،‬إذ يمكن للوظيفة أن تتكرر في المتن‬

‫الحكائي خاصة عندما تكون القصة من النوع الذي يحدث فيها استئناف لألحداث مرة ثانية‪.‬‬

‫كأن يكون فيها شوط ٍ‬


‫ثان من األحداث والمغامرات بين البطل والشرير‪.‬‬

‫وتحتوي الحكاية العجيبة على عدة متتاليات بحسب الوظائف والوحدات الموجودة‬

‫داخلها‪ ،‬وهذه المتتاليات تكون بسيطة أو مركبة ومثالها ما يلي ‪:‬‬

‫(‪)2‬‬
‫‪W0‬‬ ‫‪A‬‬ ‫أ‬

‫‪W2‬‬ ‫‪A‬‬ ‫ب‬


‫فسر '' بروب '' هذه الرموز كما يلي ‪:‬‬
‫ّ‬

‫أ‪ :‬المتتالية األولى‪.‬‬

‫ب‪ :‬المتتالية الثانية‪.‬‬

‫‪ -1‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.22‬‬


‫‪ -2‬جمال الحضري‪ ،‬السيميائية من '' بروب '' إلى '' غريماس ''‪ ،‬المكتسبات والمشاريع‪ ،‬مجلة اآلداب‬
‫األجنبية‪ ،‬ع‪ ،121‬اتحاد العرب‪ ،‬سوريا‪ ،9001 ،‬ص‪.21‬‬

‫‪36‬‬
‫‪ : A‬اإلساءة‪.‬‬

‫‪ : W0‬الزواج‪.‬‬

‫‪ : W2‬إعادة إقامة الزواج‪.‬‬

‫وقد تبدأ داخل الحكاية الواحدة متتالية جديدة قبل أن تنتهي المتتالية األولى وبعد‬

‫نهاية هذه تستأنف المتتالية الجديدة‪.‬‬

‫‪W0‬‬ ‫‪K……..G‬‬ ‫‪A‬‬ ‫أ‬

‫(‪)1‬‬
‫‪. K‬‬ ‫‪a‬‬ ‫ب‬

‫‪ : G‬االنتقال الذي يقوم به البطل بين مملكتين أو السفر بواسطة مرشد‪.‬‬

‫‪ : a‬الشعور بالنقص‪.‬‬

‫‪ : K‬إصالح اإلساءة أو بطالن الشعور بالنقص‪.‬‬

‫نستنتج من المثالين أنه يتم وضع اكبر عدد ممكن من المتتاليات المكونة للوظائف‬

‫التي تكون الحكاية‪.‬‬

‫فالوظائف عند '' بروب '' يتم ترتيبها في تسلسل محدد وصارم يقتضي عدم تغيير‬

‫الترتيب‪ ،‬وان كان الظهور أو االختفاء ليس شرطاً‪ ،‬لكن على '' الوظائف '' أال تخالف‬

‫الترتيب المحدد لها‪.‬‬

‫‪-2‬منهج ألجرداس جوليان غريماس من خالل مدرسة باريس السيميائية‪:‬‬

‫‪ -1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.21‬‬

‫‪37‬‬
‫يرجع الفضل في ظهور السيميائيات السردية وتطورها إلى مدرسة باريس السيميائية‪،‬‬

‫تأسست على يد رائدها '' ألجرداس جوليان غريماس )‪ ، '' (Gremas‬سميت كذلك لما صدر‬

‫عن أصحابها من كتب تعتمد تسمية المدرسة ‪Sémiotique de l’école de paris‬‬

‫فغريماس من خالل مؤلفاته '' الداللة البنيوية ‪ ''8922‬و'' في المعنى ‪ '' 8970‬و '' في‬

‫المعنى‪ ، '' 8912. 2‬والمعجمين السيميائيين اللذين أنجزهما باالشتراك مع تلميذه '' جوزيف‬

‫كورتيس '' كما أن أشهر أعضاء هذه المدرسة هم ‪ :‬جوزيف كورتيس ‪(J-‬‬

‫)‪ Courtés‬وميشال أريفي)‪ (M.Arrivie‬وجان كلود كوكي )‪ (J.Claude Cocquet‬وكلود‬

‫شابرول ‪.Chabrol‬‬

‫و'' رواد هذه المدرسة كانوا يهتمون بتحليل الخطابات واألجناس األدبية قصد‬

‫(‪)1‬‬
‫اكتشاف القوانين الثابتة المولدة لتمظهرات النصوص العديدة‪''.‬‬

‫استطاع '' غريماس '' إن يتوصل إلى رصد نظرية شاملة لألنواع السردية والفضل‬

‫في ذلك يعود إلى الجهود التي قام بها '' فالديمير بروب '' وهي بمثابة نور أضاء درب‬

‫غريماس واحتذى به فقد قام '' بإضافة تصحيحات الزمة‪ ،‬وصل من خاللها إلى اختزال‬

‫‪ -1‬رابح بومعزة‪ ،‬من مظاهر إسهام مدرستي باريس والشكالنيين الروس في تطور السيميائيات السردية‪،‬‬
‫محاضرات الملقتى الوطني الثاني‪ ،‬السيمياء والنص األدبي‪ ،‬دار الهدى‪ ،‬الجزائر‪ ،‬جامعة محمد خيضر‬
‫بسكرة‪ ،9009 ،‬ص‪.992‬‬

‫‪38‬‬
‫في تعريف‬ ‫وظائفه من إحدى وثالثين وظيفة إلى ستة عوامل كونه يرى وجود خلل‬

‫(‪)1‬‬
‫الوظيفة عند '' بروب ''‬

‫والتعريف الذي يعطيه للوظيفة قائم على وجود فعل ما تتحدد من خالله شخصية‬

‫ما‪ .‬وتتحدد الوظيفة تبعا لذلك من خالل انتمائها إلى إحدى دوائر الفعل التي تشتمل عليها‬

‫(‪)2‬‬
‫الحكاية ''‬

‫واذا كان '' الفعل أساس تعريف الوظيفة ''(‪ )3‬حسب – فالديمير بروب – فإن غريماس أدرك‬

‫عد فعالً أو‬


‫تناقضاً في مفهومه هذا للوظيفة حسبه برحيل البطل '' فإذا كان رحيل البطل ي ّ‬

‫وظيفة فالنقض لن يكون كذلك حيث ال يمكن التعامل معه كوظيفة‪ ،‬باعتباره حالة ت ْستَ ْد َعى‬

‫(‪)4‬‬
‫فعالً ''‬

‫عن‬ ‫ليخرج غريماس بنتيجة هي '' أنه عوض الحديث عن الوظيفة‪ ،‬يجب الحديث‬

‫الملفوظ السردي ''‬


‫(‪)5‬‬

‫ففي هذه المدرسة كان لرائدها '' غريماس '' الفضل في تطوير السيميائيات السردية حيث أكد‬

‫على أنه '' وجب بعد القيام في مرحلة أولى بعملية استقراء نؤسس بمقتضاها المقومات‬

‫(‪)1‬‬
‫العامة التي تبنى عليها ظاهرة السرد ''‬

‫‪ -1‬سامي الوافي‪ ،‬مدرسة باريس السيميائية (دراسة في المنهج)‪ ،‬الثالثاء ‪ 99‬يونيو ‪. 9290 ،9010‬‬
‫‪ -2‬سعيد بنكراد‪ ،‬مدخل إلى السيميائيات السردية‪ ،‬منشورات االختالف‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ط‪ ،9002 ،9‬ص‪.91‬‬
‫‪ -3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.91‬‬
‫‪ -4‬سامي الوافي‪ ،‬مدرسة باريس السيميائية (دراسة في المنهج)‪.‬‬
‫‪ -5‬سعيد بنكراد‪ ،‬مدخل إلى السيميائيات السردية ‪ ،‬ص‪.99‬‬

‫‪39‬‬
‫أ‪ -‬منهج ألجرداس جوليان غريماس )‪: (A-J-Gremas‬‬

‫تتأسس أبحاث غريماس )‪ (Gremas‬حول السرد من االستفادة النقدية ألعمال بروب‬

‫حصرا‪ ،‬ضمن منظور سيميائي وبنيوي '' فالنص معطى تجريبي ويدرس‬
‫ً‬ ‫)‪ (Propp‬ووضعها‬

‫محلالً – '' التنظيم التركيبي للمعاني '' أي التقطيع والتنظيم‬


‫الباحث السيميائي‪ -‬باعتباره َ‬

‫السرديين ''‬
‫(‪)2‬‬

‫ولقد أنشأ غريماس لدراسة '' الخطابات السردية ''‪ '' ،‬علم داللة أساسي وعلم نحو‬

‫(‪)3‬‬
‫أساسي ''‬

‫كما اهتم بالعالقات المكونة للنص السردي وأطلق عليها اسم العامل بعدما أطلق‬

‫عليها '' بروب '' و '' سوريو '' )‪ (Saurou‬مصطلح الوظيفة وهامون )‪'' (Hamon‬‬

‫من‬ ‫الشخصية '' مستمدا نظريته من أعمال سابقية ألنها جاءت مكملة لما اقترحه كل‬

‫'' بروب '' و'' سوريو'' فهما سبقاه في مسألة األنظمة العاملية‪ ،‬وكذلك كلود ليفي شتراوس‬

‫)‪ (Levi-Strous‬وتنير )‪... (Tesriene‬وغيرهم‪.‬‬

‫غير أن '' غريماس '' قام بتنقيح وتقعيد الدراسات التي سبقته‪ ،‬ولذا جاءت دراسته‬

‫''‬
‫(‪)2‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫شبه منتهية‪ ،‬رغم ما يشوبها من نقائص بسيطة كما يبدو في كتابه '' الداللة البنيوية‬

‫‪ -1‬محمد ناصر العجيمي‪ ،‬في الخطاب السردي‪ -‬نظرية غريماس – الدار العربية للكتاب‪ ،‬د ط ‪،1221‬‬
‫ص‪.92‬‬
‫‪ -2‬مجموعة من الكتاب‪ ،‬مدخل إلى مناهج النقد األدبي‪ ،‬تر‪ ،‬رضوان ظاظا‪ ،‬مراجعة‪ ،‬المنصف الشنوفي‬
‫سلسلة كتب ثقافية شهرية‪ ،‬يصدرها المجلس الوطني للثقافة واآلداب‪ -‬الكويت‪ ،‬علم المعرفة ص‪.111‬‬
‫‪ -3‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.111‬‬

‫‪40‬‬
‫ويركز غريماس على جانبين '' جانب وظيفي وجانب وصفي‪ ،‬الجانب الوظيفي يشمل‬

‫األفعال التي يقوم بها اإلله‪ ،‬والجانب الوصفي يشمل األلقاب واألسماء المتعددة التي تحدد‬

‫(‪)3‬‬
‫صفاته ''‬

‫وهكذا '' ال تتم اللعبة السردية عند مستويين وانما عند ثالث مستويات متميزة‬

‫في‬ ‫فاألدوار‪ ،‬وهي الوحدات العاملية األولية وتقابل حقوال وظيفية متماسكة – تدخل‬

‫في‬ ‫تركيب نوعين من الوحدات األوسع ‪ :‬الفاعلون )‪ (Les acteurs‬وهم وحدات‬

‫الخطاب (النص المادي) والعاملون )‪ (Les actants‬وهم وحدات في القص (الحكاية‬

‫فغريماس حدد كيفية ضبط العوامل داخليا وخارجيا‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬


‫المروية) ''‬

‫وقد قدم غريماس صياغة جديدة لنموذج بروب الوظائفي فقد اهتم باإلضافة‬

‫عن‬ ‫إلى الوظيفة‪ ،‬بالعامل )‪ (L’actant‬فبدل الحديث عن دوائر الفعل يجب الحديث‬

‫العوامل كونها المحرك األساسي للنصوص السردية‪.‬‬

‫‪ -1‬الداللة الب نيوية ‪ '' :‬مؤلف يضم جملة من الدراسات المتصلة خاصة بالتحليل الداللي في المستوى‬
‫العميق وان حوى قسما من صفحة (‪ 119‬إلى ‪ 991‬ص) أفرد إلعادة النظر في بعض مفاهيم بروب‬
‫الوظيفية وصياغتها صياغة جديدة موسومة باالختزال والتجريد الرياضيين '' ينظر ‪ :‬محمد ناصر‬
‫العجيمي‪ ،‬في الخطاب السردي‪ ،‬نظرية غريماس‪ ،‬ص ‪.9 -1‬‬
‫‪ -2‬السعيد بوطاجين‪ ،‬االشتغال العاملي‪ - ،‬دراسة سيميائية – غدا يوم جديد لعبد الحميد بن هدوقة‬
‫منشورات االختالف‪ ،‬ط‪ ،9000 ،1‬ص‪.12‬‬
‫‪ -3‬حميد لحميداني‪ ،‬بنية النص السردي من منظور النقد األدبي‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‬
‫ط‪ ،1220 ،2‬ص‪.29‬‬
‫‪ -4‬مجموعة من الكتاب‪ ،‬مدخل إلى مناهج النقد األدبي‪ ،‬ص‪.111‬‬
‫‪41‬‬
‫وخالصة القول إن نظرية غريماس '' تستمد أصولها المعرفية من الداللية التي تهتم‬

‫في ذلك‬ ‫في المقام األول باستقراء الداللة انطالقا من الظروف الحافة بإنتاجها ووسيلتها‬

‫تفجير الخطاب وتفكيك الوحدات المكونة له ثم إعادة بنائها وفق جهاز نظري منسق التأليف‬

‫فخلص غريماس إلى وضع األنموذج العالمي‪ ،‬العوامل والممثلون والبرامج السردية‪.‬‬ ‫''‬
‫(‪)1‬‬

‫ب‪ -‬البرنامج السردي والسرديات والسردية ‪:‬‬

‫يعتبر موضوع '' السرد '' من أهم إنجازات البحث في العلوم اإلنسانية في القرن‬

‫العشرين وهو مصطلح وضعه '' غريماس '' ويقصد به فكرة عامة تشكل البنية السردية وهنا‬

‫نفرق بين البرنامج السردي وعلم السرد أو السرديات والسردية‪.‬‬

‫وتطلق عبارة البرنامج السردي عند غريماس ‪ Greimas‬على '' تتابع الحاالت‬

‫والتحوالت التي تترابط انطالقا من عالقة بين ذات معينة وموضوع محدد وما يط أر عليها من‬

‫عددا من التحوالت المترابطة التي تندرج في السلم تراتيبي‬


‫فالبرنامج السردي يضم ً‬
‫(‪)2‬‬
‫تحول ''‬

‫‪.‬‬

‫أما السرديات (‪ ) narratologi‬حسب تعريف بول ريكور )‪ )Paul Ricœur‬في‬

‫قوله ‪ '' :‬إذا أردنا أن ندقق في كالمنا فينبغي علينا أن نعد السرديات علم البنيات السردية‬

‫دون أن نضيع في التمييز بين المحكى التاريخي‪ ،‬المحكى التخييلي‪ ،‬بيدا أن السرديات‬

‫وبحسب اإلستعمال المعاصر للمصطلح تركز على محكى التخيل ‪ ،‬دون إقصاء‬

‫‪ -1‬محمد ناصر العجيمي‪ ،‬في الخطاب السردي‪ ،‬نظرية غريماس‪ ،‬ص‪.92‬‬


‫‪ -2‬محمد القاضي ‪ ،‬معجم السرديات ‪ ،‬الرابطة الدولية للناشرين المستقبلين ‪ ،‬ط ‪ ، 9010 ، 1‬ص ‪. 10‬‬

‫‪42‬‬
‫(‪.)1‬‬
‫لبعض االقتحامات في مجال التاريخيات ( ‪'' ) l’historiographie‬‬

‫ويمكن القول أن السرديات '' فرع معرفي يحلل مكونات وميكانيزمات المحكي‬

‫ولكل محكي موضوع ‪ ،‬إنه يجب أن يحكي عن شيء ما ‪ .‬هذا الموضوع هو الحكاية‪ ،‬هذه‬

‫األخيرة يجب أن تنقل إلى (المتلقي) بواسطة فعل سردي هو السرد‪ .‬السرد والحكي مكونان‬

‫(‪.)2‬‬
‫ضروريان لكل محكي''‬

‫بينما السردية (‪ )narrativité‬يعرفها '' غريماس'' في معظم مؤلفاته ويؤكد على أنها‬

‫هي '' تحويل أو مجموعة تحويالت ‪ ،‬تحقق صلة الفاعل بموضوع القيمة ‪ ،‬وتدخل في هذه‬

‫العملية برامج ال حصر لها وصور وتجسيدات ‪ ،‬تعد بتحليل متأن للسردية ولنظرية السرد‬

‫(‪.)3‬‬
‫التي تسعى إلى االهتمام بالشكل السيميوطيقي للمحتوى''‬

‫وقد خلص ''غريماس'' في نظرية '' السيميائية السردية'' إلى تحديده بنيتين للسرد هما‬

‫‪ :‬البنية السردية والبنية الخطابية ‪.‬‬

‫وتنقسم البنية السردية إلى بنية عميقة ‪ :‬وقد أرسى ''غريماس'' دعائم '' البنية األولية‬

‫في‬ ‫للداللة ‪ structure élémentaire de la signification‬التي تجد تجليها‬

‫‪ Paul Ricœur , temps et recit , 11,éditions des seuil, paris,1984,p13 -1‬نقال عن ‪:‬‬
‫سليمة لوكام ‪ ،‬تلقي السرديات في النقد المغاربي ‪ ،‬دار سحر للنشر‪ ،‬تونس‪ ،‬ديسمبر‪ ، 9002 ،‬ص‪121‬‬
‫‪ -2‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص‪. 111‬‬
‫‪ -3‬نادية بوشفرة ‪ ،‬مباحث في السيميائيات السردية ‪ ،‬دار األمل ‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬د ط ‪ ، 9009 ،‬ص‪.191‬‬

‫‪43‬‬
‫التركيب العميق الذي يتجسد في '' المربع السيميائي'' بوصفه تمثيال بصريا للتمفصل‬

‫(‪.)1‬‬
‫المنطقي ألية مقولة داللية ''‬

‫وبنية سطحية ‪ ،‬أما البنية الخطابية فيرى غريماس '' أن نظرية الخطاب التي يؤكد‬

‫عل ى ضرورتها الملحة يكون من مهامها فحص األشكال الخطابية ومختلف صيغ تمفصلها''‬

‫(‪.)2‬‬

‫ويشير غريماس إلى أن الداللة مجردة وغير ملموسة والبنيات العاملية ''تشكل‬

‫مستوى توسطيا بين المحائية والتجلي ألنها هي البؤرة األساسية والتي من خاللها يتم االنتقال‬

‫(‪.)3‬‬
‫من المستوى العميق إلى المستوى السطحي ''‬

‫ومن هنا نستخلص أن اللبنة األساسية المكون للبنية السطحية كونها األنموذج العاملي‪.‬‬

‫جـ‪ -‬األنموذج العاملي‪:‬‬

‫األنموذج العاملي‪ :‬أراد غريماس أن يكون أنموذجه العاملي '' عاما وشامال‪ ،‬قاد ار على‬

‫احتواء مختلف أشكال النشاط اإلنساني ‪ ،‬بدءا من النصوص األدبية وانتهاءا بأبسط شكل‬

‫ونجد محمد ناصر العجيمي يعرفه بأنه '' نظام خاضع‬ ‫(‪.)4‬‬
‫من أشكال النشاط اإلنساني ''‬

‫‪ -1‬سليمة لوكام‪ ،‬تلقي السرديات في النقد المغاربي‪ ،‬ص ‪. 11‬‬


‫‪ -2‬أمينة فزاري‪ ،‬أسئلة وأجوبة في السيميائيات السردية ‪ ،‬ص ‪. 90‬‬
‫‪ -3‬سامي الوافي‪ ،‬مدرسة باريس السيميائية ( دراسة في المنهج ) ‪.‬‬
‫‪ -4‬سعيد بنكراد‪ ،‬مدخل إلى السيميائيات السردية ‪ ،‬ص ‪. 21‬‬

‫‪44‬‬
‫لعالقات قارة بين العوامل ومن حيث هو صيرورة قائمة على تحوالت متتالية ذلك أن السرد‬

‫(‪.)1‬‬
‫ينبني على التراوح بين االستقرار والحركة والثبات والتحول في آن ‪''.‬‬

‫العامل (‪ : ) actant‬حدد غريماس العامل على أنه '' وحدة تركيبية ذات طابع شكلي‬

‫والعامل هو '' جزء من الممثلين أي‬ ‫(‪.)2‬‬


‫بغض النظر عن أي استغالل داللي أو إيديولوجي ''‬

‫الشخصيات ‪ ،‬ويتم تحديده من خالل مجموعة من الوظائف الدائمة ومن المواصفات‬

‫(‪.)3‬‬
‫األصلية ‪ ،‬وبتوزعها على مجموع الحكاية ''‬

‫لقد استبدل غريماس مصطلح الشخصية بالعامل في السيميائيات السردية ألنه رأى‬

‫أن العامل ال ينطبق فقط على اإلنسان بل يتعداه إلى الحيوانات واألشياء عكس مفهوم‬

‫الشخصية الذي يلتبس مفهومه عند التطرق إلى قضية الجنس ( اإلنسان ‪ ،‬الحيوان ) ‪.‬‬

‫الممثل‪ :‬هو" تلك الصورة الناقلة لدور عاملي على األقل‪ ،‬يحدد وضعية داخل البرنامج‬

‫السردي ''‬
‫(‪.)4‬‬

‫‪ -1‬محمد ناصر العجيمي ‪ ،‬في الخطاب السردي – نظرية غريماس – ص ‪. 29‬‬


‫‪ -2‬السعيد بوطاجين ‪ ،‬االشتغال العاملي ‪ ،‬ص ‪. 12‬‬
‫‪ -3‬شريبط أحمد شريبط (سيميائية الشخصية الروائية ) ‪ ،‬السيميائية والنص األدبي ‪ 11-19-11‬ماي‬
‫‪ ، 1221‬جامعة باجي مختار ‪ ،‬عنابة ‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬ص ‪. 909‬‬
‫‪ -4‬رشيد بن مالك ‪ ،‬قاموس مصطلحات ‪ ،‬التحليل السيميائي للنصوص (عربي ‪ ،‬فرنسي ‪ ،‬إنجليزي )‬
‫دار الحكمة ‪ ، 9000 ،‬ص‪. 129‬‬

‫‪45‬‬
‫كما يعرف بأنه '' الشخصية التي تضطلع بدورها أو تنجز فعال أو حدثا ما كيفما‬

‫كان نوعه‪ ،‬أي الشخصية من جهة تحققها في النص ''‬


‫(‪. )1‬‬

‫قال جوزيف كورتيس ‪ '' :‬إن الممثلين مكلفون (‪ )...‬بمهمة مزدوجة ‪ :‬من جهة أولى‬

‫تبعا لمقطوعات‪ ،‬واللعبة الحكائية‬


‫يسندون البنية السردية‪ ،‬تتوزع عليهم الوظائف األساسية ً‬
‫(‪)2‬‬
‫ومن جهة أخرى يحملون العناصر الداللية‪''.‬‬

‫في النموذج العاملي لغريماس مصطلحين بارزين يمثالن مفهوم الشخصية وهما مصطلحا‬

‫العامل ‪ ACTANT‬والممثل ‪. ACTEUR‬‬

‫د‪ -‬العوامل والممثلون‪:‬‬

‫العامل هو الوظيفة حسب تعبير فالديمير بروب‪ ،‬وقد ميز غريماس '' بين ما‬

‫يصطلح على تسميته بالفواعل أو العوامل )‪ (Les actants‬والقائمين بالفعل أو الممثلين‬

‫)‪ (Les acteurs‬منطلقا من انقياد بروب الذي يرى أن الفعل ثابت والشخصية متغيرة‪''.‬‬
‫(‪)3‬‬

‫فرأى غريماس أنه يمكن أن يتجلى عامل واحد عن طريق عدة ممثلين ويمكن أن يتجلى‬

‫ممثل واحد عن طريق عدة عوامل حيث يقول‪ '' ،‬فإذا كان عامل (ع‪ )1‬يمكنه أن يتمظهر‬

‫‪ -1‬أمينة فزاري‪ ،‬أسئلة و أجوبة في السيميائيات السردية‪ ،‬ص‪.101‬‬


‫‪ -2‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص‪. 101‬‬
‫‪ -3‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.19‬‬

‫‪46‬‬
‫في الخطاب من خالل عدة ممثلين (م‪ ،1‬م‪ ،9‬م‪ )2‬فإن العكس ممكن أيضا فممثل واحد‬

‫(‪)1‬‬
‫(م‪ )1‬يمكن أن يكون تضايفا لعدة من العوامل (ع‪ ،1‬ع‪ ،9‬ع‪'' )2‬‬

‫ووضح ذلك بالتمثيل اآلتي ‪:‬‬

‫أ‪2‬‬ ‫أ‪9‬‬ ‫أ‪1‬‬ ‫أ‪1‬‬

‫‪8‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪ =8‬ممثل‬ ‫أ‪ =8‬عامل‬

‫(‪)2‬‬
‫عوامل وممثلون‪:‬‬

‫كما يوضح '' السعيد بوطاجين '' أن غريماس في كتابه '' السيمياء السردية والنصية‬

‫'' في مقاله الموسوم ‪ :‬العوامل‪ ،‬الممثلون‪ ،‬األدوار‪ ،‬ضبط كيفية اشتغال العوامل باإلضافة‬

‫إلى أنه تطرق إلى شرح عمل الذات وفق ما اقترحه غريماس من خالل الترسيمين التاليين ‪:‬‬

‫ذات‪3‬‬ ‫ذات‪2‬‬ ‫ذات‪8‬‬ ‫ذات‬

‫‪ -1‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.10 -92‬‬


‫‪ -2‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.11‬‬

‫‪47‬‬
‫عامل‬ ‫عامل‪3‬‬ ‫عامل‪ 8‬عامل‪2‬‬

‫ذوات وعوامل‪:‬‬

‫يشرح بوطاجين الترسيمتين بقوله ‪ '' :‬أن ذاتا واحدة بإمكانها أن تسهم في عدة‬

‫عوامل أو أن تسند لها وظائف مختلفة ( ذات‪ ،‬مرسل إليه‪ ،‬معارض) أو أن تؤدي أدوا ار‬

‫مختلفة من خانة المساندة إلى خانة المعارضة (ويحدث أن تساند وتعارض في الوقت ذاته)‪.‬‬

‫مثال‬ ‫وبالمقابل يمكن أن تشترك عدة ذوات في دور واحد ‪ :‬الذات الجماعية‬

‫المجموعة والكتلة التي تسعى إلى تحقيق موضوع مشترك ‪:‬الطائفة والقبيلة والحزب‪...‬الخ ''‬

‫(‪)1‬‬

‫‪ -1‬السعيد بوطاجين‪ ،‬االشتغال العاملي‪ ،‬ص‪.11‬‬

‫‪48‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬قراءة في كتاب االشتغال العاملي للسعيد بوطاجين‬

‫أوال ‪ :‬المرجعية النقدية لبوطاجين '' غريماس ''‬

‫‪ -1‬البنية العاملية‪.‬‬

‫‪ -2‬البرنامج السردي‬

‫ثانيا ‪ :‬قراءة في كتاب االشتغال العاملي للسعيد بوطاجين‪.‬‬

‫‪ -1‬مقدمة الكتاب‪.‬‬

‫‪ -2‬التمهيد‪.‬‬

‫‪-3‬البنية العاملية ( الترسيمات العاملية )‪.‬‬

‫‪ -4‬البرنامج السردي‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫معناه‬ ‫الرمز‬

‫الذات‬ ‫ذ‬

‫فاعل‬ ‫ف‬

‫موضوع‬ ‫م‬

‫الموضوع القيمي‬ ‫مق‬

‫موضوع السعي‬ ‫مس‬

‫انفصال‬ ‫‪V‬‬

‫اتصال‬

‫تحول‬

‫‪51‬‬
‫أوال ‪ -‬المرجعية النقدية لبوطاجين '' غريماس '' ‪:‬‬

‫لم ينطلق '' غريماس '' في تحديده للعوامل من فراغ فقد استفاد من جهود سابقيه جمع‬

‫بين أبحاث كل من '' بروب '' و'' ليفي شتراوس '' وبعض الدراسات الميثولوجية واللسانية‬

‫كما تأثر '' بتنير '' في مجال الحكاية الشعبية و'' سوريو '' في مجال المسرح‬

‫واعتبر توزيع '' بروب '' للوظائف بمثابة عوامل‪ ،‬ألن منهجه في تتالي الوظائف ال‬

‫يمكن أن يصلح لتحليل ملفوظات حكائية معقدة كالرواية ولهذا '' غريماس '' لم يبق أسير‬

‫النماذج السابقة فقد نجح في وضع نموذج يصلح تطبيقه على كل أنماط الخطاب السردي‬

‫واختزل وظائف بروب في ستة عوامل ‪:‬‬

‫ذات‪ /‬موضوع‪ ،‬مرسل‪ /‬مرسل إليه‪ ،‬مساعد‪ /‬معارض‪.‬‬

‫‪-1‬البنية العاملية ‪:‬‬

‫‪ ‬النموذج العاملي ‪:‬‬

‫''‬ ‫استفاد '' غريماس '' من أبحاث غيره‪ ،‬وذلك لبناء نموذجه القائم على ستة أدوار‬

‫تستند على ثالث أزواج من المقوالت الفاعلة‪ ،‬تكون كل واحدة منها ثنائية ضدية‪ ،‬حيث‬

‫توضع المقولة األولى الذات ضد الموضوع ويكمن أساسها التركيبي في صيغة (أ) يرغب في‬

‫(‪)1‬‬
‫(ب) ''‬

‫ط‪1‬‬ ‫‪ -1‬نعمان بوقرة ‪ :‬المصطلحات ‪ :‬األساسية في لسانيات النص وتحاليل الخطاب دراسة معجمية‪،‬‬
‫عالم الكتب – جدار للكتاب العالمي‪ ،‬عمان‪ ،9002 ،‬ص‪.191‬‬

‫‪52‬‬
‫فالنموذج العاملي الذي اصطنعه '' غريماس '' يكون وفق التقسيم التالي ‪ :‬الذات‪/‬‬

‫(‪)1‬‬
‫الموضوع‪ ،‬المرسل‪ /‬المرسل إليه‪ ،‬المساند‪ /‬المعارض‪.‬‬

‫وسيؤخذ كل ثنائي بعين االعتبار‪ ،‬باعتبار هذا النموذج بعالقاته الثالث '' يمثل‬

‫العالقات المشكلة ألي نشاط إنساني‪ ،‬كيفما كانت طبيعته‪ ،‬وألن التحليل العاملي مفيد‪ ،‬من‬

‫(‪)2‬‬
‫حيث قدرته على إبراز دور البنيات اللغوية في تنظيم العالم المتخيل المكاني ''‬

‫يمكن تقديم الصورة الكاملة للنموذج العاملي عند '' غريماس '' وفق مخطط يبين‬

‫صيرورة هذا النموذج‪.‬‬

‫المرسل إليه‬ ‫الموضوع‬ ‫المرسل‬

‫المعارض‬ ‫الذات‬ ‫المساند‬

‫حيث ينظر '' غريماس '' إلى هذا النموذج وفق ثالثة مزدوجات عاملية وهي ‪:‬‬

‫أ‪ -‬الذات ‪ /‬الموضوع ‪: Sujet / Objet .‬‬

‫في‬ ‫الذات لها أهمية متميزة عن بقية العوامل األخرى‪ ،‬وهي الشخصية الرئيسية‬

‫القصة‪ ،‬فالعالقة بين '' الذات '' و '' الموضوع '' تعتبر بؤرة النموذج العاملي‪ ،‬فكل واحد‬

‫‪ -1‬عبد المنعم زكريا القاضي ‪ :‬البنية السردية في الرواية‪ -‬دراسة في ثالثية خيري شلبي‪ -‬األمالي ألبي‬
‫علي حسن ولد خالي‪ ،‬ط‪ ،1‬عين الدراسات والبحوث اإلنسانية واالجتماعية‪ ،9002 ،‬ص‪.29‬‬
‫‪ -2‬برنار فاليط ‪ :‬النص الروائي‪ -‬تقنيات ومناهج‪ ،‬تر‪ ،‬رشيد بن حدو‪ ،‬د‪ ،‬ط‪ ،‬الهيئة العامة لشؤون‬
‫المطابع األميرية‪ ،1222 ،‬ص‪.29‬‬

‫‪53‬‬
‫منهما يستوجب وجود آخر ويؤكد غريماس هذا بقوله ‪ '' :‬الصلة بين العاملين تعالقية وهذا‬

‫من شأنه إتاحة النظر إليهما من حيث أن إحداهما موجود دالليا لآلخر وبه‪''.‬‬
‫(‪)1‬‬

‫والصنف العاملي الذات‪ /‬الموضوع تصل بينهما عالقة الرغبة وتكون بين من يرغب‬

‫وهي '' الذات '' بما يرغب فيه '' الموضوع '' ‪ ،‬وتحضر هذه العالقة على امتداد المسار‬

‫السردي‪ ،‬كما أن '' الموضوع '' ال يمكن تحديده إال ضمن عالقته '' بالذات '' فهو الهدف‬

‫المراد الذي تريد '' الذات '' تحقيقه وتكون هذه الذات إما في حالة اتصال ويرمز لها بالرمز‬

‫واما في حالة انفصال ويرمز لها بالرمز‬

‫صلة تعالقية‬

‫‪،‬م‬ ‫انفصال ‪ :‬ف‪،‬‬ ‫‪ ،‬موضوع (م)‬ ‫اتصال‪ :‬فاعل (ف)‬

‫‪: Destinateur/ destinataire‬‬ ‫ب‪ -‬المرسل‪ /‬المرسل إليه‪،‬‬

‫المزدوجة الثانية داخل النموذج العاملي المحددة من خالل محور اإلبالغ أو االتصال‬

‫تتكون من مرسل ومرسل إليه‪.‬‬

‫‪ -1‬محمد ناصر العجمي‪ :‬في الخطاب السردي‪ ،‬نظرية غريماس‪ ،‬ص‪.90‬‬

‫‪54‬‬
‫فرغبة الذات في االتصال بالموضوع البد أن يكون وراءها محرك أو دافع يسميه ''‬

‫غريماس '' مرسال وهو '' عامل ليس الزما بذاته البد أن يكون موجها إلى عامل آخر يسمى‬

‫(‪)1‬‬
‫مرسل إليه‪''.‬‬

‫فالعالقة التي تجمع بين '' المرسل والمرسل إليه '' عالقة التواصل تمر بالضرورة عبر‬

‫عالقة الرغبة أي عالقة الذات بالموضوع‪.‬‬

‫فالمرسل وهو '' فاعل التحفيز '' أي يحفز الذات بجعلها ترغب في موضوع ما‬

‫وتنطلق في البحث عنه‪ ،‬وعند تحقيق الذات لهذه الرغبة‪ ،‬يكون بالضرورة هناك مستفيد من‬

‫إنجاز الذات إما أن تكون الذات نفسها أو المرسل نفسه أو غيرهما‪ ،‬والمرسل إليه هو الذي‬

‫(‪)2‬‬
‫يعترف لذات اإلنجاز بأنها قامت بالمهمة أحسن قيام‪.‬‬

‫المرسل إليه‬ ‫المرسل‬

‫تواصل‬

‫الموضوع‬ ‫الذات‬

‫فالمرسل هو الذي يمارس تأثيره على اتجاه الحركة السردية‪ ،‬فقد يشتد الصراع‬

‫ويتطلب دخول المرسل من اجل الوصول إلى حل أما المرسل إليه فهو المستفيد األساسي‬

‫من مسار السرد‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد المجيد دقباني ‪ :‬دالالت السيميائية السردية في القصيدة الشعبية‪ ،‬حيزيه البن قيطون أنموذجا‬
‫الملتقى الدولي الخامس‪ ،‬منشورات الجامعة ‪ 11 -11‬نوفمبر‪ ،9009 ،‬ص‪.1‬‬
‫‪ -2‬حميد لحميداني ‪ :‬بنية النص السردي من منظور النقد األدبي‪ ،‬ص‪.51‬‬

‫‪55‬‬
‫جـ‪ -‬المساعد‪/‬المعارض‪adjoint us/opposant:‬‬

‫المزدوجة الثالثة للنموذج العالمي تتكون من مساعد‪ /‬معارض وذلك ضمن عالقة‬

‫يسميها '' غريماس '' عالقة الصراع‪ ،‬فالعالقة في تقابل هذا الثنائي تتأسس على وجود‬

‫مجموعتين من الوظائف‪ ،‬تقوم المجموعة األولى على تقديم المساعدة بالعمل في اتجاه‬

‫عالقة الرغبة ‪ ،‬أو تسهيل أمر التواصل فيما تعمل المجموعة الثانية على خلق العوائق لتحول‬

‫دون تحقيق الرغبة أو حصول التواصل‪.‬‬

‫‪ -2‬البرنامج السردي‪:‬‬

‫الذات عند رغبتها في تحقيق الموضوع قد تتحصل على ما تطمح إليه وقد تفشل في‬

‫سعيها في تحقيق مشروعها‪.‬‬

‫ويرى '' غريماس '' أن البرنامج السردي البسيط بإمكانه أن يتحول إلى برنامج سردي‬

‫معقد قابل للتوسع‪.‬‬

‫ففي حالة االتصال تمر الذات من حالة انفصالها عن الموضوع إلى حالة اتصالها به‬

‫فالتحويالت بالنسبة لنظرية '' غريماس '' شكلية إما انفصالية أو اتصالية‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫وهذا لكي ينطبق الوجود السيميائي للبرنامج السردي على مكون المسار السردي الذي‬

‫نفحصه‪ ،‬يجب أن ينجز فيه البرنامج السردي الفعل الممارس ينتهي إلى النتيجة المسجلة‬

‫(‪)1‬‬
‫داخل ملفوظ الحالة ( وصلة أو فصلة )‪.‬‬

‫والبرنامج السردي يتكون من أربعة عناصر هي‪:‬‬

‫أ‪ -‬اإليعاز (التحفيز) ‪ :‬يقوم فيه '' المرسل '' ببث رغبة القيام بالفعل عند '' الذات ''‬

‫فالذات تسعى إلى االتصال أو االنفصال عن الموضوع واإليعاز هو ‪ '' :‬المرحلة التي يصبح‬

‫فيها المرسل فاعل لفعل اإليعاز حيث يعمل على بث رغبة الفعل ورغبة التحرك لدى الفاعل‬

‫(‪)2‬‬
‫''‪.‬‬

‫ب‪ -‬الكفاءة ( القدرة ) ‪ :‬وهي المعرفة التي تؤدي إلى الفعل وهي وسيلة لتحقيق ذلك‬

‫الفعل ويجب على الفاعل أن يكسب مؤهالت وقدرات حتى يتمكن من إنجاز الفعل‪ ،‬كما‬

‫تفترض أن يكون عامل الذات مؤهال وله القدرة واإلرادة إلنجاز الفعل ألن وظيفة اإلقناع التي‬

‫يسعى إليها المرسل ال تكفي لتحقيق الرغبة‪.‬‬

‫جـ‪ -‬اإلنجاز ‪ :‬المرحلة التي تمر فيها الذات الفاعلة من حالة االنفصال عن الموضوع‬

‫الذي تهدف إليه إلى حالة االتصال به والعكس صحيح‪.‬‬

‫‪ -1‬جوزيف كورتيس ‪ :‬السيميائية من '' بروب '' إلى '' غريماس ''‪ ،‬تر‪ :‬جمال حضري المكتسبات‬
‫والمشاريع‪ ،‬مجلة اآلداب العالمية‪ ،‬ص‪.91‬‬
‫‪ -2‬حميد لحميداني ‪ :‬بنية النص السردي من منظور النقد األدبي‪ ،‬ص‪.51‬‬

‫‪57‬‬
‫د‪ -‬التقويم ( الجزاء ) ‪ :‬أي الحكم الصادر عن المرسل اعترافا منه لما قام به الفاعل‬

‫(الذات)‪ ،‬وقد يكون هذا التقويم بإظهار نجاح الذات في مهمتها أو إخفاقها في الحصول على‬

‫موضوع الرغبة المكلف بها من طرف المرسل‪.‬‬

‫فالتقويم هو ما آل إليه المسار السردي‪ ،‬وذلك بالحكم على الذات بالنجاح أو الفشل‬

‫في مهمتها‪.‬‬

‫ثانيا‪ -‬قراءة في كتاب االشتغال العاملي للسعيد بوطاجين ‪:‬‬

‫قدم لنا السعيد بوطاجين في مؤلفه ‪ :‬االشتغال العاملي دراسة سيميائية لرواية '' غدا‬

‫يوم جديد '' لعبد الحميد بن هدوقة ‪ :‬يحاول الباحث في مؤلفه‪ ،‬تفكيك جزء من البنية الروائية‬

‫الكبرى لرواية '' غدا يوم جديد '' ‪ ،‬وهو ال يخرج في ذلك عما أقرته السيميائيات السردية من‬

‫مفاهيم وما حددته من شروط وقد تضمن كتابه مقدمة وتمهيد وفصلين وتقفيلة (خاتمة)‪.‬‬

‫‪ -1‬مقدمة الكتاب ‪:‬‬

‫تناول الناقد في مقدمة كتابه موضوع إشكالية المنهج والمصطلح‪ ،‬فقد أثار الناقد حول‬

‫إشكالية المنهج حركية المناهج النقدية المعاصرة وتطورها المتزايد باإلضافة إلى المعيارية‬

‫الحالية التي يطمح إليها النقد اإلجرائي الجزائري خاصة‪.‬‬

‫'' فالتطبيقات المكررة ألدوات إجرائية تدفع إلى التساؤل عن ديمومتها ومآلها وعن‬

‫(‪)1‬‬
‫مدى قدراتها على اإللمام بإنتاجنا المعرفي وخصوصياته ''‪.‬‬

‫‪ -1‬السعيد بوطاجين‪ ،‬االشتغال العاملي‪ ،‬ص‪.2‬‬

‫‪58‬‬
‫أما بالنسبة للمصطلح فيسجل الناقد '' إشكالية مزدوجة '' تتمثل في االختالف‬

‫الموجود بين المناظرين الغربيين والترجمات العربية المختلفة والمتناقضة للمصطلحات‬

‫الغربية‪ .‬فاالختالف في المفاهيم التي تتضمنها المصطلحات لدى المنظرين الغربيين‬

‫وبخاصة '' في مجال نظرية غريماس كونها مشروعا سيميائيا معرفيا يمارس النقد الذاتي‬

‫(‪)1‬‬
‫باستمرار وهي بهذا نظرية قابلة للمراجعة النقدية والتاريخية ''‪.‬‬

‫وهذا ما يجعل الباحث العربي المقدم على السيميائية الغريماسية يجد نفسه وسط حشد‬

‫من المصطلحات والمفاهيم المختلفة‪ ،‬وعليه أن يكون فطنا حتى ال يقع في الخلط والغموض‪.‬‬

‫أما الترجمات فقد '' جاءت وفق تفاوت مستويات التلقي ولذلك اتسمت بالتشتت‬

‫(‪)2‬‬
‫والتناقض أحيانا ''‪.‬‬

‫وأمام هذه المشكلة اختار الناقد الترجمات التي في – رأيه – أقرب إلى الدقة ومنها‬

‫و ''‬ ‫على سبيل المثال ‪ :‬األعمال الرائعة لـ '' عبد السالم المسدي '' و '' جميل شاكر ''‬

‫سمير المرزوقي '' و'' ميشال شريم '' ‪...‬‬

‫‪ -2‬التمهيد‪:‬‬

‫تطرق الناقد في التمهيد إلى الحديث عن نظرية العامل باعتباره العنصر المحوري في‬

‫اللعبة السيميائية والذي يتقاطع مع الشخصية والممثل والوظيفة‪.‬‬

‫‪ -1‬حسان راشدي‪ ،‬النقد العربي المعاصر‪ ،‬ص‪.192‬‬


‫‪ -2‬السعيد بوطاجين‪ ،‬االشتغال العاملي‪ ،‬ص‪.2‬‬

‫‪59‬‬
‫في‬ ‫والوظائف أول ما ظهرت مع فالديمير بروب )‪(Vladimir Propp‬‬

‫مورفولوجيا الحكاية الشعبية تظهر وتختفي حسب خصوصية النص‪ ،‬وحول تينير‬

‫)‪ (Tesniere‬مصطلح الوظيفة إلى العامل معرفا إياه '' بالقائم بالفعل أو متلقيه بعيدا عن‬

‫(‪)1‬‬
‫أي تحديد آخر ''‪.‬‬

‫ثم جاءت نظرية '' غريماس'' وأحدثت تغيي ار حيث شهدت نظرية العامل على يده‬

‫تقليص العوامل إلى حدها األدنى‪ ،‬فقد وضع ثنائيات ثالثة لعوامل السرد وهي ‪:‬‬

‫‪ -1‬ذات موضوع ‪ -9‬مرسل مرسل إليه ‪ -5‬مساعد معارض‪.‬‬

‫وقد خلص غريماس رفقة كورتيس إلى إعطاء مدلول للذات فبعرفانها بقولهما ‪ '':‬إن‬

‫(‪)2‬‬
‫الذات تبدو في الملفوظ األساسي كعامل تتحدد طبيعته وفق الوظيفة التي يحتلها ''‪.‬‬

‫فقد ركز بوطاجين في تحليله على المقطوعات ذات األهمية الكبرى أي ( البنى‬

‫العاملية الشاملة ) التي تتمحور حولها الرواية‪ ،‬ثم القيام بعملية انتقاء لهذه المقطوعات‬

‫واختزالها في جمل رئيسية‪ ،‬ومن ثم الحصول على الجمل – المفاتيح – التي تلخص مجمل‬

‫البنى العاملية المتميزة التي يتمحور حولها خطاب الرواية‪ ،‬فتوصل بوطاجين إلى تحديد‬

‫خمس مقطوعات ضبط من خاللها خمس جمل أساسية‪ ،‬تحددت على أساسها موضوعات‬

‫خمس كما في الجدول اآلتي ‪:‬‬

‫‪ -1‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.19‬‬


‫‪ -2‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.90‬‬

‫‪60‬‬
‫الموضوع‬ ‫الجملة‬

‫‪ -‬المدينة‪ -‬الموضوع ‪.1‬‬ ‫‪ -‬مسعودة تريد الذهاب إلى العاصمة‪.‬‬

‫‪ -‬الكتابة‪ -‬الموضوع‪.‬‬ ‫‪ -‬مسعودة تريد تدوين قصة حياتها‪.‬‬

‫‪ -‬الزاوية‪ -‬الموضوع‪.‬‬ ‫‪ -‬الحبيب يريد الذهاب إلى الزاوية‪.‬‬

‫‪ -‬األرض‪ -‬الموضوع‪.‬‬ ‫‪ -‬عزوز يريد الحصول على األراضي‪.‬‬

‫‪ -‬المدينة – الموضوع ‪.9‬‬ ‫‪ -‬العمة حليمة تريد تزويج خديجة بقدور‪.‬‬

‫لقد فرضت الخطوات التحليلية على الناقد انتقاء '' الذوات الكبرى المهيمنة نصيا‬

‫(‪)1‬‬
‫وربطها بالبرامج السردية الممكنة ''‪.‬‬

‫‪ -3‬البنية العاملية ‪:‬‬

‫يمكننا أن نوضح العوامل الممكنة للبنية العاملية كما يلي ‪:‬‬

‫أ‪ -‬الترسيمة العاملية األولى ‪ :‬المدينة – الموضوع‪1‬‬

‫فقد حاول فيها الناقد الكشف عن العالقة القائمة بين '' الذات '' ممثلة في شخصية‬

‫مسعودة وموضوع القيمة المركزي لديها ممثال في رغبتها في الذهاب إلى العاصمة‪.‬‬

‫أ‪ -1 -‬الذات الموضوع ‪ :‬تمثل الذات في هذه الترسيمة '' مسعودة '' عالقة فصلية‬

‫مع الموضوع (الذهاب إلى العاصمة) فهي تريد االنفصال عن الدشرة أي (القرية‪ -‬القيمة)‪.‬‬

‫لالتصال بالمدينة الحلم‪ ،‬فالموضوع هو غاية من قبل الذات‪ ،‬وهي فاقدة له‪.‬‬

‫‪ -1‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.12‬‬

‫‪61‬‬
‫وذلك لعدم تحقق رغبة الذات في االتصال بموضوعها '' سفر مسعودة مع زوجها‬

‫قدور إلى العاصمة ) وأسباب عدم تحقيق الرغبة تتمثل في عوامل ضديدة وهي تأخر‬

‫القطار‪ ،‬ظهور رجل المحطة‪ ،‬الدر كيان شاركت كلها في عرقلة مسعى الذات‪.‬‬

‫باإلضافة إلى قدور الذي تعارك مع رجل المحطة‪ ،‬فبعراكه عطل مشروع الذات عن‬

‫غير قصد‪ ،‬ورجل المحطة '' لم يكن معارضا للذات ولمشروعها من حيث أنه ليس على علم‬

‫لو جلس و انتظر القطار لما حصل‬ ‫(‪)1‬‬


‫بعنصر الرغبة وليست له عالقة بالذات‪.‬‬

‫التدهور‪.‬فمشهد الذهاب و اإلياب أمام منظر قدور و مسعودة هو الذي أثار غضب قدور‬

‫فاعتدى عليه‪ ،‬و تدخل الدركيان فأقتدياهما إلى المركز‪ .‬و بهذا انتهى كل شيء (المدينة‬

‫والحلم) وعودة مسعودة إلى الدشرة من جديد‪.‬و هذا يعطينا الصلة التعالقية التالية ‪:‬‬

‫الذات في عالقة فصلية مع الموضوع (المدينة) وبالتالي استلزم عالقة وصلية بين‬

‫الذات والدشرة من جديد‪.‬‬

‫أ‪ -2-‬المرسل‪ -‬المرسل إليه ‪ :‬إن رغبة الذات في االتصال بالموضوع يكون‬

‫‪ -1‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.50‬‬

‫‪62‬‬
‫وراءها محرك أو دافع هو المرسل وتحقيق الرغبة يكون موجه إلى عامل آخر هو المرسل‬

‫إليه‪ .‬فالدافع األساسي للذات (مسعودة) هو الدشرة‪ ،‬الذي جعلها ترغب في االنفصال عنها‪.‬‬

‫المرسل إليه (مسعودة)‬ ‫المرسل (الدشرة)‬

‫ترغب في‬
‫الموضوع‬ ‫الذات‬
‫الذهاب إلى المدينة‬ ‫مسعودة‬

‫الدشرة تمثل عامل جماعي عكس ما تبدو عليه (عامل مفرد) ألنها تحتوي على‬

‫مجموعة من األفراد والقيم‪ ،‬أما المرسل إليه أو التلقي فيتكون من ممثل واحد هو الذات نفسها‬

‫ألنها هي المستفيدة الوحيدة من الحركية المكانية المزدوجة‪ ،‬فصل‪ ،‬وصل أي االنفصال عن‬

‫الدشرة واالتصال بالمدينة‪.‬‬

‫أ‪ -3-‬المساندة ‪ -‬المعارضة ‪ :‬إن الذات أثناء محاولتها تحقيق اتصالها بموضوع القيمة‪ ،‬قد‬

‫تجد المساندة خالل سعيها إلى ذلك بفضل عامل المساعدة أو قد تتعرض إلى عوائق تمنع‬

‫حصولها على رغبتها بتدخل من العامل المعارض‪.‬‬

‫فالذات في هذه الترسيمة تبدو وحيدة في مسعاها‪ ،‬وذلك لخلو خانة المساندة من‬

‫الممثلين الذي يساهمون في تحقيق الرغبة‪ ،‬إال إذا اعتبر أن قرار عزوز بتزويج مسعودة من‬

‫قدور بمثابة مساعد فهي رضيت بالزواج من اجل المدينة‪ ،‬فسهم الرغبة يتجه نحو المدينة‬

‫وليس نحو قدور من حيث انه بال قيمة‪ ،‬حيث يقول السارد ‪ '' :‬لو كان لها أن تقول للناس‬

‫بصراحة‪ ،‬لماذا تزوجت برجل ال يعرف من حياة القرية إال الطريق الموصل إليها‪ ،‬لقالت‬

‫‪63‬‬
‫بكلمات ملونة قدور ؟ من هو ؟ خافوا اهلل يا ناس ! أنا ال يهمني‪ ،‬لم أتزوج به تزوجت‬

‫(‪)1‬‬
‫بالمدينة‪ ،‬بالحلم ! آخر رعاة القرية أقرب إلى قلبي منه ''‪.‬‬

‫أما خانة المعارضة فجاءت ثرية بعدد الممثلين الذين يسهمون بالقيام بدور عاملي واحد‪.‬‬

‫واقترح الناقد جدوال وضح فيه كيفية انتشار العوامل واشتغالها والوضعيات التي تحتلها‬

‫من منظور النحو السردي‪ ،‬فعمد به إلى التبسيط ورفع أي نوع من الغموض وذلك بقوله ‪'' :‬‬

‫نشير إلى أن الخانة الثالثة مشكلة من عناصر ضمنية‪ ،‬ألن الدشرة – الحافز ليست مجرد‬

‫تجمعات سكنية‪ ،‬إنها عالقات وقيم تجلت في ألفاظ مثل ‪ :‬الرتابة‪ ،‬الخصاصة ضرة األم‪،‬‬

‫(‪)2‬‬
‫العذاب ''‪.‬‬

‫كما تطرق الناقد إلى توضيح أهم القوانين المنظمة للعالم المحكي استنادا إلى‬

‫الفرضية والتحيين نوع الغائية‪ ،‬ثم توزيع أهم العوامل المشكلة لهذا المقطع وفق الترسيمة‬

‫العاملية‪ ،‬كما صاغها غريماس كاألتي ‪:‬‬

‫المرسل إليه‬ ‫الموضوع‬ ‫المرسل‬


‫مسعودة‬ ‫الذهاب إلى المدينة‬ ‫الدشرة‬

‫‪ -1‬عبد الحميد بن هدوقة‪ ،‬غدا يوم جديد‪ ،‬منشورات األندلس‪ ،‬الجزائر‪ ،1229 ،‬ص‪.91‬‬
‫‪ -2‬السعيد بوطاجين‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.53‬‬

‫‪64‬‬
‫المعارض‬ ‫الذات‬ ‫المساند‬

‫الدركيان‪ ،‬رجل المحطة‬ ‫مسعودة‬ ‫القطار‬

‫قدور‬

‫من خالل تحليل الترسيمة األولى نالحظ أن الناقد في اعتماده على األدوار الستة‬

‫(ذات‪ /‬موضوع‪ ،‬مرسل‪ /‬مرسل إليه‪ ،‬مساند‪ /‬معارض )‪ .‬وتطبيقه الكلي للمزدوجات الثالث‬

‫أنه طبق النموذج العاملي الذي وضعه غريماس‪ ،‬وبهذا يكون قد انتهج المرجعية النقدية‬

‫لغريماس في التحليل العاملي‪.‬‬

‫كما أن تحليل بوطاجين للرواية يجعل القارئ أمام تمارين تطبيقية تبين المنهج‬

‫السيميائي لغريماسي‪ ،‬وكأن المتصفح لهذا الكتاب يرى اشتغال هذا المنهج مرأى العين‪.‬‬

‫والناقد في تحليله لرواية '' غدا يوم جديد '' بين ما تحتويه هذه الرواية من ظواهر‬

‫اجتماعية وهذا ما تتميز به نظرية غريماس فهي صالحة لالقتراب من ظواهر نصية‬

‫كالنصوص القانونية والظواهر االجتماعية‪...‬رغم أن المنطلق الرئيسي في مسيرة غريماس‬

‫هو الحكايات الشعبية‪.‬‬

‫كما ينصب اهتمام غريماس على خطابات ذات طابع تصويري (الرواية‪ ،‬المسرح‬

‫الحكاية الشعبية) وهذا ما تبناه بوطاجين في دراسته هذه بتحليله للرواية‪.‬‬

‫ب‪ -‬الترسيمة العاملية الثانية ‪ :‬الكتابة‪ -‬الموضوع ‪:‬‬

‫المرسل إليه‬ ‫الموضوع‬ ‫المرسل‬

‫‪65‬‬
‫‪ -‬مسعودة‬ ‫تدوين قصة حياتها‬ ‫مسعودة‬
‫‪ -‬أبناء األثرياء‬
‫المعارض‬ ‫الذات‬ ‫المساند‬
‫مسعودة‬

‫حاول الناقد عبر فعل الكتابة الذي تنوي البطلة القيام به من خالل طلبها من الكاتب‬

‫تدوين قصة حياتها '' توضيح أهم اإلنزالقات التي يمكن حدوثها على مستوى البنية‪ ،‬من‬

‫خالل القيام بلعب استبدالي يهدف إلى تغيير البنى الجملية للكشف عن إمكانية تغيير‬

‫(‪)1‬‬
‫األدوار العاملية من شكل بنائي إلى آخر‪''.‬‬

‫غدت الذات '' مسعودة ''‪ ،‬ذاتا ترغب في موضوع ٍ‬


‫ثان هو الذهاب إلى الحج بعد‬

‫الموضوع األول المتمثل في كتابة قصة حياتها‪ .‬فالذات في عالقة فصلية بثالث عوامل أي‬

‫بثالث موضوعات تنوي إنجازها وهذه المواضيع الفرضية هي (الذهاب إلى المدينة تدوين‬

‫'' ال‬ ‫قصة حياتها‪ ،‬الذهاب إلى الحج ) فهذه رغبات كبرى تتخللها رغبات صغرى وهذا‬

‫يعني أ ن الرغبات الصغرى عديمة األهمية‪ ،‬ألنه بإمكاننا أن نفرد لها ترسيمات عاملية أو‬

‫(‪)2‬‬
‫برامج سردية في حالة تعاملنا مع البنى الجملية الصغرى ''‬

‫فقد اهتم الناقد بالوحدات الصغرى على الرغم من إعالنه عن تجنب الخوض فيها‬

‫لتعقيدها ولعل هذا راجع إلى وجود ما يطلق عليه '' االنزالقات العاملية '' فقد اهتمت كيفية‬

‫‪ -1‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.11 -10‬‬


‫‪ -2‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.95‬‬

‫‪66‬‬
‫اشتغال النظام العاملي وتداخله أثناء ظهور بعض االنزالقات الوظيفية التي تحدث '' لحظة‬

‫تجلي االستبداالت السردية وقيام السارد مقام اآلخر‪''.‬‬


‫(‪)1‬‬

‫فالكاتب وشخصية مسعودة‪ ،‬إذا توقف األول عن السرد عوضه اآلخر هو الشيء‬

‫الذي أدى إلى تشابك األدوار العاملية وانزالقاتها المتكررة‪.‬فهما يتناوبان على القصة بلعبة‬

‫استبدالية‪ ،‬و بهذا توصل الناقد إلى تحليل "المقطوعات التحتية"‪ ،‬فالناقد يوضح مدى قدرة‬

‫الجملة على استيعاب عدد كبير من األدوار العاملية التي تتطلب عمال تجزيئيا غاية في‬

‫الدقة ‪ .‬ومثالها ‪ :‬ما قالته مسعودة للكاتب معلقة على طريقة الكتابة '' بهذه الجلسة أعدتني‬

‫إلى بدايات الحلم وبدايات الجرح‪ ،‬لماذا لم تكمل القصة كما حكيتها لك‪ ،‬قصة خديجة ال‬

‫(‪)2‬‬
‫تقبل التجزئة‪ ،‬هي كل بال أجزاء – قصتي أنا‪ ،‬نعم تقبل التجزئة‪''.‬‬

‫تتكون هذه المقطوعة من عدة عوامل وزعها بوطاجين على الشكل التالي ‪:‬‬

‫‪ -‬أعدتني إلى بدايات الحلم وبدايات الجرح‪.‬‬

‫‪ -‬لماذا لم تكتمل القصة‪.‬‬

‫‪ -‬كما حكيتها لك‪.‬‬

‫‪ -‬قصة خديجة ال تقبل التجزئة‪.‬‬

‫(‪)3‬‬
‫‪ -‬قصتي أنا‪ ،‬نعم‪ ،‬تقبل التجزئة‪.‬‬

‫‪ -1‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.11‬‬


‫‪ -2‬عبد الحميد بن هدوقة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.53‬‬
‫‪ -3‬السعيد بوطاجين‪ ،‬االشتغال العاملي‪ ،‬ص‪.10‬‬

‫‪67‬‬
‫تبين هذه الجمل إمكانية تقسيمها إلى وحدات صغرى تحتوي كل مجموعة من العوامل‬

‫التي تؤثر بشكل واضح في البنية الكبرى‪ ،‬مثال ‪ :‬قصتي تقبل التجزئة ‪ :‬القصة ‪ /‬التجزئة‬

‫ذات ‪ /‬موضوع‪.‬‬

‫فهنا اطلعنا الناقد على مدى قدرة الجملة على استيعاب عدد كبير من األدوار العاملية‬

‫التي تتغير وتتشابك فتقتضي تحليال دقيقا وصعوبة االشتغال عليها في عمل روائي بحجم ''‬

‫غدا يوم جديد '' حتى وان كان غريماس قد تتبع هذه الطريقة في التحليل‪.‬‬

‫اعتمد الناقد في هذه الترسيمة على المزدوجات الثالث لقراءة األدوار العاملية كما‬

‫فعل في الترسيمة األولى وكما فعل غريماس‪.‬‬

‫جـ‪ -‬الترسيمة العاملية الثالثة ‪ :‬الزاوية‪ -‬الموضوع‬

‫المرسل إليه‬ ‫الموضوع‬ ‫المرسل‬


‫‪ -‬الحبيب‬ ‫الذهاب إلى الزاوية‬ ‫‪ -‬رجل المحطة‬
‫‪ -‬القرية‬ ‫‪ -‬القرية‬
‫المعارض‬ ‫الذات‬ ‫المساند‬
‫‪ -‬األب‬ ‫الحبيب‬
‫‪ -‬األم‬
‫نالحظ في هذه الترسيمة تغير عامال الذات ( الحبيب ) والموضوع (الذهاب إلى‬

‫الزاوية ) وبروز رغبات جديدة‪ ،‬فقد استخلص الباحث وحدات تركيبية ذات وظائف متميزة‬

‫على مستوى البنية العاملية وهي ‪ :‬الحياة المتكررة‪ ،‬الوجوه المتكررة‪ ،‬الصور المتكررة‪،‬‬

‫القراءة المتكررة‪ .‬وهذه الوحدات تدفع بالذات للذهاب إلى الزاوية والتخلي عن القرية والوسيلة‬

‫‪68‬‬
‫هي سرقة مال الوالد المخصص للحج‪ ،‬فنجد الحبيب يريد الذهاب إلى الزاوية وأبوه يعارضه‬

‫بعدم إعطائه من ماله وتوفيره لحجه‪ .‬وهذا دليل على تصادم بين الذاتين في إصرار كل‬

‫منهما على تحقيق رغبتها‪ ،‬وهذا التعارض بين الموضوعين ال يكتمل فيه الواحد إال بسقوط‬

‫اآلخر والمال هو الطريقة التحيينية المشتركة بين الذاتين المتضادتين‪.‬‬

‫كما نالحظ في الترسيمة خلو المساند من أي عامل مع معارضة األب واألم للذات‬

‫في تحقيق رغبتها‪ ،‬مع أن معارضتهما في األصل لموضوع الذات‪ .‬وعامل المرسل جاء‬

‫عامل جماعي ( القرية ورجل المحطة ) والقرية هنا تمثل مجموعة من القيم وبالتالي تصبح‬

‫قيمة مجردة تحفز الذات على االنفصال المكاني‪ .‬ورجل المحطة يمثل زمانين متضادين ‪:‬‬

‫زمان القرية‪ ،‬زمان الزاوية وهذا يؤدي إلى تداخل بين المرسل والموضوع فغاية الذات هنا‬

‫غاية قيمة ( االلتحاق بالزاوية) وتموقع عامل القرية في خانة المرسل باإلضافة إلى تموقعه‬

‫في خانة المرسل إليه‪.‬‬

‫والذات أدى وظيفتين‪ ،‬وظيفة الذات والمرسل إليه‪ ،‬ألنه بعد تحقيق عنصر الرغبة‬

‫يمتأل النص بتكتالت العاملية‪ .‬وتظهر لنا انزالقات عاملية بسبب تغير رغبة الذات وعودتها‬

‫إلى القرية ويصبح التلقي جماعي ( الذات والقرية ) فالموضوع هنا ال يصبح مجرد قيمة‬

‫وانما قيمة نوعية فالموضوع األول سيصبح حاف از لالنفصال المكاني واعادة االتصال بالمكان‬

‫– األصل‪ ،‬بعدما كان في البداية حاف از جعل الحبيب يمقت القرية وقيمها‪ .‬وهنا تظهر لنا‬

‫‪69‬‬
‫كيفية المرور من شخصية إلى أخرى ومن موضوع إلى آخر‪ ،‬ومن ثم تغيير األنظمة‬

‫واألدوار العاملية والعوامل‪.‬‬

‫وهنا نالحظ أن الناقد أهمل تقديم قراءة لمزدوجات األدوار العاملية كما فعل غريماس وكما‬

‫فعل هو نفسه في الترسيمة األولى والثانية‪.‬‬

‫د‪ -‬الترسيمة العاملية الرابعة‪ :‬األرض‪ -‬الموضوع ‪:‬‬

‫المرسل إليه‬ ‫الموضوع‬ ‫المرسل‬


‫عزوز‬ ‫االستيالء على األراضي و الناس‬ ‫حب األرض‬
‫(الطمع)‬
‫(الجشع)‬
‫المعارض‬ ‫الذات‬ ‫المساند‬
‫عزوز‬ ‫( فقر الناس)‬
‫(غباؤهم)‬
‫(كسلهم)‬
‫(إهمالهم)‬
‫اهتم الناقد بالعالقة القائمة بين أحد شخوص الرواية '' عزوز '' وهو هنا يمثل الذات‬

‫وأحد فظاءاتها '' الدشرة ''‪ ،‬مبينا كيفية تحول األرض إلى موضوع قيمة؛ وجملتها المفتاحية ‪:‬‬

‫عزوز يردي االستيالء على األراضي‪ .‬فهذه المقطوعة وردت في قالب سردي من الرجة‬

‫األولى‪ ،‬وقد أشار بوطاجين إلى أنه '' فضل التعامل مع البنى الشاملة في عالقاتها مع‬

‫‪70‬‬
‫بعض البنى المشمولة تفاديا لإلطالة في هدم وبناء مجموع التراكيب‪ ،‬بحثا عن األدوار‬

‫(‪)1‬‬
‫العاملية الصريحة منها والضمنية‪'' .‬‬

‫والترسيمة العاملية تبين كيفية تمفصل العوامل وانتظامها التي يلعب فيها عزوز وظيفة‬

‫الذات‪ ،‬فنالحظ من خاللها أن خانة المساندة التي تتكون من '' فقر الناس‪ ،‬غباؤهم‪ ،‬كسلهم‬

‫إهمالهم '' مثلت عامل جماعي مجرد قامت فيه بدور عاملي أساسي هو مساندة عزوز وخانة‬

‫المعارضة بقيت فارغة لعدم وجود ذوات مضادة ومع أن المعارض الفرضي للذات هو نفسه‬

‫المساند الغير مباشر لها‪ ،‬هو ما سهل على الذات تحقيق رغبتها في االستيالء على‬

‫األراضي‪ ،‬وخانة المرسل إليه تتكون من عامل واحد هو الذات نفسها‪ ،‬ألن تحقيق الموضوع‬

‫هو استفادة ذاتية شخصية لعزوز وحده‪ .‬كون الذات ترغب لنفسها بموضوع السعي‪.‬‬

‫وهنا نجد أن الناقد اعتمد نفس الشيء الذي اعتمده في الترسيمة الثالثة بإهماله تقديم‬

‫قراءة لمزدوجات األدوار العاملية عكس ما قدمه في الترسيمتين األولى والثانية وعكس ما‬

‫حلل به غريماس نفسه األنموذج العاملي‪.‬‬

‫هـ‪ -‬الترسيمة العاملية الخامسة ‪ :‬المدينة‪ -‬الموضوع ‪: 9‬‬

‫‪ -1‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.53‬‬

‫‪71‬‬
‫المرسل إليه‬ ‫الموضوع‬ ‫المرسل‬
‫‪ -‬العمة‬ ‫تزويج خديجة بقدور‬ ‫‪ -‬طيبة خديجة‬
‫‪ -‬قدور‬ ‫‪ -‬المدينة‬
‫المعارض‬ ‫الذات‬ ‫المساند‬
‫‪ -‬الوشم‬ ‫العمة‬ ‫المدينة‬
‫‪ -‬األغنية‬
‫تمثل شخصية العمة في هذه الترسيمة الذات الوحيدة التي لها رغبة واضحة تريد من‬

‫خاللها تحقيق الموضوع المتمثل في تزويج خديجة بقدور فنجد في مزدوجة المرسل والمرسل‬

‫إليه أن السبب الذي جعل العمة تفكر في تزويج خديجة بقدور هو طيبتها‪ ،‬مع رغبتها في‬

‫الذهاب إلى المدينة معهما‪ ،‬والعمة هي المتلقية األولى ألن هذا الزواج يخلصها من القرية‪.‬‬

‫وفي مزدوجة المساندة – المعارضة‪ ،‬نجد المدينة في خانة المساندة ألنه موضوع‬

‫السعي هنا قيمة‪ ،‬فالمدينة هي طرف مساعد للذات على تحقيق حلمها‪ ،‬وظهور المعارضة‬

‫المتمثلة في الوشم واألغنية لم يشكل أي صدام نتيجة الطابع التجريدي للمساندة‪.‬‬

‫أما مزدوجة الذات – الموضوع فنجد الذات الوحيدة شخصية العمة والشخصيات‬

‫األخرى بقيت عائمة تتلقى فقط‪ ،‬وشخصية خديجة وقدور جزء من الموضوع ألن الجزء‬

‫اآلخر هو فكرة الذهاب إلى المدينة بالنسبة للعمة هي الموضوع األساسي المجسد في رغبة‬

‫مضمرة غير صريحة‪ ،‬واظهار رغبة تزويج خديجة بقدور‪ .‬فالزواج هنا مثل '' برنامج سردي‬

‫‪72‬‬
‫استعمالي '' اعتمدته العمة لتحقيق غايتها وهذا '' األمر الذي يؤدي بالضرورة إلى قراءات‬

‫(‪)1‬‬
‫متأنية لضبط العوامل الصريحة والعوامل المضمرة ''‬

‫كما بين الناقد '' االنزالقات العاملية '' المتمثلة في الوشم من حيث هو قيمة االنفصال‬

‫عن الذات الكبرى – العمة – فوشم خديجة أدى إلى تدهور العالقة مع خطيبها قدور ألنه‬

‫يرى فيه ارتباطا بالقرية‪ ،‬وماضيها وأصولها وهذا ما ال يحبه‪ ،‬أما هي فترى فيه عنص ار‬

‫جماليا‪ ،‬فقد عبر الوشم على داللتان متباينتان‪ ،‬وأدى إلى الصراع باستقالل الشخصيتين‪-‬‬

‫الموضوعين عن القرية والعمة‪ ،‬أصبح الوشم معارضا لموضوع الزواج باإلضافة إلى األغنية‬

‫التي سمعها قدور قامت هي األخرى بدور معارض فهي تحيل على العالقة القديمة بين‬

‫خديجة ومحمد بن سعدون‪ ،‬وقد أسهمت في '' تفجير البنى العاملية إذ أنه بإدراك مضمونها‬

‫فلم يعد سهم الرغبة متجها من الذات (العمة) إلى‬ ‫(‪)2‬‬


‫تغيرت المواقف والرؤى والموضوعات ''‬

‫الموضوع المركزي (الزواج) وانما من الموضوع المركزي إلى موضوعات جديدة‪ .‬كما في‬

‫(‪)3‬‬
‫المخطط التالي ‪:‬‬

‫‪ -1‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.100‬‬


‫‪ -2‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.105‬‬
‫‪ -3‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.105‬‬

‫‪73‬‬
‫الذات ( أ )‬
‫العمة‬ ‫األغنية‬

‫الموضوع ( أ )‬ ‫قبل‬

‫زواج‬ ‫الوشم‬
‫خديجة‬ ‫قدور‬

‫الذات (جـ)‬ ‫الذات (ب)‬ ‫األغنية‬

‫الموضوع (جـ)‬ ‫الموضوع (ب)‬ ‫بعد‬


‫‪ -‬فسخ الخطوبة‬ ‫‪ -‬فسخ الخطوبة‬
‫‪ -‬الزواج بمحمد‬ ‫‪ -‬االعتداء على محمد‬ ‫الوشم‬

‫وهنا نالحظ أن الناقد عاد الستعمال المزدوجات الثالث وقراءة األدوار العاملية كما‬

‫فعل في الترسيمة األولى والثانية‪.‬‬

‫‪ ‬كما يستعين الناقد بالمثلثات العاملية فخصصها لبعض الشخصيات التي أرجأ‬

‫الحديث عنها لكونها تعد ثانوية مقارنة بسابقاتها‪ ،‬غير أنها يمكن أن '' تقوم بأدوار تسهم في‬

‫(‪)1‬‬
‫تحويل مجرى الحكاية وتعقيد األنظمة العاملية ''‬

‫فتطرق إلى '' التمييز المزدوج ‪ :‬اإليديولوجي والنفساني بعالقة الذات بالموضوع ''‬
‫(‪)1‬‬

‫مع أنها تفتقر إلى عنصر الصراع واختفاء خانتي المساندة والمعارضة واكتفاء الناقد بثالث‬

‫‪ -1‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.19‬‬

‫‪74‬‬
‫عوامل ‪ :‬الذات‪ ،‬الموضوع‪ ،‬المتلقي‪ .‬فقد بنى العوامل في نماذج ثالثية يستعيض بها عن‬

‫الترسيمات العاملية وتحدث لنا السعيد بوطاجين عن شخصية محمد بن سعدون شخصية‬

‫قدور باعتبارها شخصية عائمة وعنيفة ينتج عنفها عن تصارع الرغبات عنده ويمكن وضع‬

‫هذه الرغبات في مثلثات عاملية يغلب عليها الطابع النفساني كما يوضح المثلث العاملي‬

‫اآلتي نتيجة تماثل دالالت األفعال المسندة لقدور ‪:‬‬

‫الذات ‪ :‬قدور‬ ‫المرسل‬


‫(‪)2‬‬
‫‪ -1‬الذهاب واإلياب‬
‫‪ -9‬األسئلة‬
‫‪ -5‬السلوك‬
‫‪ -9‬األغنية‬
‫الموضوع ‪ -1‬االعتداء على رجل المحطة‬ ‫‪ -1‬التجوال أمام العمارة‬
‫‪ -9‬االعتداء على الدركي‬
‫‪ -5‬االعتداء على رجل المجبد‬
‫‪ -9‬االعتداء على محمد بن سعدون‬
‫‪ -1‬االعتداء على شاب وقتله‬

‫األفعال اآلنية التي قامت بها الشخصية '' قدور '' كلها لها دالالت واحدة هي االنتقام‬

‫من القرية وأفرادها وموضوع اعتدائه على محمد له تبرير نفسي واجتماعي عكس المواضيع‬

‫األربعة فليس لها أي تفسير نفسي أو إيديولوجي‪ ،‬فالشخصية هنا مثلت ردود أفعال آنية‬

‫ناتجة عن رغبات ظرفية '' وهذا الطابع الذي يميز ردود األفعال أدى إلى إمحاء خانتي‬

‫المساندة والمعارضة نتيجة المسافة الزمنية القصيرة بين الرغبة والفعل الشيء الذي جعلنا‬

‫‪ -1‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.105‬‬


‫‪ -2‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.115‬‬

‫‪75‬‬
‫نلجأ إلى المثلثات العاملية عوض الترسيمات العاملية المعروفة وقد افترضنا مثلثا واحدا ألن‬

‫(‪)1‬‬
‫مجموع األفعال تتساوى دالليا‪''.‬‬

‫وباإلضافة إلى شخصية قدور تحدث الناقد عن شخصيات أخرى ومثل لها عن طريق‬

‫المثلثات العاملية وبين كيفية انتظام األفراد و العوامل و اعتماده على ثالث عناصر في كل‬

‫المثلثات مع تمييزه لنوعين من المثلثات العاملية هما‪ :‬اإليديولوجي و النفساني‪.‬‬

‫كما يبين األفعال الواردة في البرنامج السردي لشخصية الحاج أحمد وفق المثلث‬

‫(‪)2‬‬
‫اإليديولوجي‪:‬‬

‫المرسل إليه‬ ‫الذات‬


‫‪ -‬قدور‬
‫‪ -‬مسعودة‬ ‫الحاج‬
‫‪ -‬المجتمع‬
‫الموضوع‬

‫‪ -‬مساعدة قدور‬
‫‪ -‬مساعدة مسعودة‬

‫ونجد كذلك شخصية المعلم الفرنسي ( معلم األطفال في القرية وهو من الغزاة )‬

‫فمجرى السرد في قصة هذه الشخصية أدى إلى اقتراح مثلثين عامليين ‪ :‬األول نفساني‬

‫(‪)1‬‬
‫والثاني إيديولوجي‪.‬‬

‫‪ -1‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.111‬‬


‫‪ -2‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.112‬‬

‫‪76‬‬
‫المرسل إليه‬ ‫الذات‬ ‫المعلم‬ ‫المرسل‬

‫المستعمر‬ ‫المعلم‬ ‫سخرية التالميذ‬

‫التفريق بين العرب والقبائل‬ ‫الموضوع‬ ‫الموضوع‬ ‫التفريق بين العرب والقبائل‬

‫‪ -9‬المثلث اإليديولوجي‬ ‫‪ -1‬المثلث النفساني‬

‫ففي المثلث األول الموضوع كان نتيجة سخرية األطفال من المعلم ما أدى به إلى‬

‫االنتقام عن طريق التفريق وهنا يأتي التلقي ذاتيا '' ليس له بعد آخر خارج التجلي اللفظي‬

‫غير أن السياق يخرج التجلي اللفظي من وضعيته الحيادية ليمنحه معنا وقيمة‪ ،‬وهذا يؤدي‬

‫إلى استبدال المتلقي الصريح بمرسل إليه ضمني‪ ،‬ومن ثم انزالق المثلث العاملي وانتقاله من‬

‫الطابع النفساني إلى الطابع اإليديولوجي ''‬


‫(‪)2‬‬

‫وقد ينزلق المثلث العاملي في بعض األحيان إذا تحول فيه عامل أو مجموعة من‬

‫العوامل فتتغير األدوار ويختلف المنظور‪ ،‬وهذا ما نالحظه في المثلث العاملي الذي يمثل‬

‫فيه ابن القائد ذاتا والمعلم يصبح مرسال بعد أن كان ذاتا أما الموضوع فلم يعد التفريق بين‬

‫العرب و القبائل إنما أصبح الشعب بأكمله و قد يؤدي هذا إلى بناء المثلثات العاملية وفق‬

‫منظورات جديدة فقد سعى الناقد على تأكيد وظيفة '' المثلث العاملي '' باالتكاء على ما‬

‫انتهت إليه صاحبة كتاب '' قراءة المسرح '' '' آن أبر سفلد '' التي رفض اقتراحها القاضي‬

‫‪ -1‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.195 -199‬‬


‫‪ -2‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪.195‬‬

‫‪77‬‬
‫بإعادة ترسيمة غريماس وفق تصور آخر تصير مقروئيته ممكنة وهنا نالحظ أن الناقد قد‬

‫تعدى النموذج العاملي الذي وضعه غريماس باقتصاده الواضح في العوامل وبنينتها في‬

‫نماذج ثالثية‪ ،‬فقد أورد رأيها في الفائدة التي يمكن أن تجنى من استعمال المثلث العاملي‬

‫‪ ،‬فهو يقول ‪ '' :‬تكمن فائدة المثلث العاملي في التمييز المزدوج‪...،‬أو بصورة أدق كيف أن‬

‫(‪)1‬‬
‫التمييز النفساني للعالقة بين الذات والموضوع له ارتباط مباشر باإليديولوجي‪''.‬‬

‫‪ -4‬البرنامج السردي‪:‬‬

‫البرنامج السردي تقف وراءه ذات فاعلة تسخر كل ما في وسعها من طاقات وكفاءات‬

‫من اجل إنجازه‪ ،‬ولكي توضح المسار السردي لكل ذات وفق الترسيمات العاملية‪ ،‬نقترح‬

‫الخطوات التالية ‪:‬‬

‫أ‪ -‬اإليعاز ‪ :‬وفيه يقوم المرسل ببث رغبة القيام بالفعل عند الذات‪ ،‬فالذات تسعى إلى‬

‫االتصال بالموضوع‪ .‬في الترسيمة األولى نجد أن الذات (مسعودة) ترغب في الذهاب إلى‬

‫المدينة والدشرة تمثل اإليعاز الذي كان دافعا للذات حتى تبذل كل ما في وسعها لتحقيق‬

‫االتصال بالموضوع القيمي (المدينة) وقبل االتصال بالمدينة يجب أن تتصل بقدور–‬

‫الموضوع‪ .‬وهذا الوضع يحيل على فصل مزدوج ‪ :‬قدور ‪ V‬الذات ‪ V‬المدينة‪.‬‬

‫فالبرنامج السردي هنا بدأ بوضعية فصلية وانتهى إليها‪ ،‬وهذا يعطينا ملفوظ الحالة‬

‫التالي ‪ :‬ف ‪ V‬م‪ .‬أي الذات في عالقة فصلية مع الموضوع المركزي‪.‬‬

‫‪ -1‬المصدر السابق‪ ،‬ص‪.119‬‬

‫‪78‬‬
‫وفي الترسيمة الثانية تظهر فيها مسعودة هي الذات ولها رغبة تنوي إنجازها هي‬

‫(تدوين قصة حياتها) بإيعاز من أكتوبر حيث تقول البطلة ‪ '' :‬أكتوبر – أنطقني‪ ،‬أكتوبر‬

‫الجزائر‪...‬كنت أراه قبل أن يصل األطفال الذين ولدوا بالرغم من آبائهم‪ ،‬ال يمكن أن يسكتوا‬

‫إلى ما ال نهاية‪ ،‬األطفال الذين ولدوا في األكواخ القصديرية التي بنتها لهم قصور‬

‫وليس أكتوبر اإليعاز الوحيد إنما هناك‬ ‫االستقالل‪ ،‬ال يمكن أن يسكتوا إلى ما ال نهاية ''‬
‫(‪)1‬‬

‫الماضي الذي يعد جزءا من حياة الذات‪ .‬وهناك الحاضر بقيمه المتعارضة مع القيم الماضية‬

‫من منظورات الشخصية‪.‬‬

‫وفي الترسيمة الثالثة جاء فيها اإليعاز فيها جماعيا (رجل المحطة‪ ،‬القرية) فتمثل‬

‫القرية بالنسبة للذات (الحبيب) مجموعة من القيم وبالتالي تصبح قيمة مجردة تحفز الذات‬

‫على االنفصال المكاني وهنا تعطينا هذه العالقة ملفوظ الحالة التالي ‪ :‬ف ‪ V‬م أي الذات‬

‫في انفصال عن القرية‪ ،‬ورجل المحطة يمثل زمانين متضادين وهذا يؤدي إلى تداخل بين‬

‫المرسل والموضوع‪.‬‬

‫أما الترسيمة الرابعة فنالحظ فيها أن الذات في رغبتها ( االستيالء على األراضي‬

‫والناس) مثلت هي نفسها إيعا از حقيقيا دفعها إلى تحقيق موضوعها بحيث ال توجد في النص‬

‫عالمات صريحة وثابتة تحدد العناصر التي تدفع عزوز إلى تحقيق رغبته‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد الحميد بن هدوقة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.19‬‬

‫‪79‬‬
‫وفي الترسيمة الخامسة نجد الذات المتمثلة في شخصية العمة تسعى إلى تحقيق‬

‫رغبتها المضمرة بالذهاب إلى المدينة عن طريق الرغبة الصريحة المتمثلة في الموضوع وهي‬

‫تزويج خديجة بقدور‪ ،‬واإليعاز الذي كان دافعا لها هو طيبة قلب خديجة باإلضافة إلى‬

‫المدينة‪.‬‬

‫ب‪ -‬الكفاءة ‪ :‬وهي المعرفة التي تؤدي إلى الفعل؛ في الترسيمة األولى نجد الكفاءة مجسدة‬

‫في شخصية قدور ألنه ال يمكن اعتبار شخصية قدور سوى أحد عناصر الكفاءة بالنسبة‬

‫لمسعودة أي (الذات)‪ .‬فهو يدخل في إطار برامجها السردية اإلستعمالية التي تمهد التصالها‬

‫بالموضوع المركزي‪ .‬فقدور هنا ال يمثل سوى وسيلة تتخذها الذات لتحقيق رغبتها فسهم‬

‫الرغبة متجه نحو المدينة‪ .‬وفي الترسيمة الثانية يعتبر السارد عنص ار من عناصر كفاءة‬

‫الذات (مسعودة) وهذا عندما يصبح موضوعا في جملة ما وليس ذاتا فالذات تهدف إلى‬

‫تدوين قصة حياتها وهذه هي رغبتها الكبرى التي تريد تحقيقها وذلك عن طريق السارد الذي‬

‫تريد منه كتابة قصتها‪ ،‬بعد سماعه لها وسردها عليها مرة أخرى فكلماتها ال ترقى إلى‬

‫مستوى التدوين كما تتخيل وهذا يعني أنها تمثل كفاءة القول‪ ،‬في حين أن السارد (الكاتب)‬

‫يملك كفاءة تجميل القول؛ لذا يمكن اعتبار الكاتب طرفا من أطراف الكفاءة الضرورية لبلوغ‬

‫الهدف المنشود‪.‬‬

‫وفي الترسيمة الثالثة نجد المال المخصص لحج األب هو عنصر الكفاءة بالنسبة‬

‫للذات (الحبيب) ألنه الوسيلة المؤدية إلى مساعدة الذات في تحقيق مسعاها‪ ،‬ويعتبر عنصر‬

‫‪80‬‬
‫كفاءة بالنسبة لألب أيضا ألنه ال يريد التنازل عنه حتى ال يحدث إنجاز انفصالي‪ ،‬وبهذا‬

‫يكون معارضا لالبن (الذات) في مشروعها‪.‬‬

‫والترسيمة الرابعة نجد فيها عنصر الكفاءة جاء مشتركا أي أن عزوز (الذات) كانت‬

‫باية تمثل له عنصر الكفاءة وذلك بالزواج بها للحصول على الوكالة على مسعودة ابنتها‬

‫وهو بدوره مثل كفاءة بالنسبة لباية ألنها لو تزوجت برجل آخر الضطرت إلى مفارقة ابنتها‪،‬‬

‫فعزوز هو الذات الفاعلة الوحيدة التي تسعى إلى تحقيق غاية محددة وهي االستيالء على‬

‫األراضي وعقول الناس وطريقته في ذلك هي استغالل القائد الفرنسي فهو اآلخر أحد‬

‫عناصر كفاءته ألنه يستعمله بشكل غير مباشر للوصول إلى معرفة الفعل وقد ساعد معرفة‬

‫عزوز لشؤون القرية على اكتساب عناصر الكفاءة المؤدية إلى الحالة الوصلية فهو يعطي‬

‫المال للناس عند الحاجة ويرهن األرض‪ ،‬ويساعدهم على تحقيق مشاريعهم ويستولي على‬

‫عقولهم‪.‬‬

‫أما الترسيمة الخامسة فعنصر الكفاءة يتمثل في شخصية قدور الذي يعتبر عنص ار‬

‫من عناصر كفاءة الذات (العمة) لتصل عن طريقه إلى موضوعها (الذهاب إلى المدينة)‬

‫عن طريق تزويجه بخديجة وهنا يصبح الزواج برنامجا سرديا إستعماليا تعتمده العمة لتحقيق‬

‫غايتها‪.‬‬

‫جـ‪ -‬اإلنجاز‪:‬‬

‫‪81‬‬
‫في الترسيمة األولى نالحظ أن الذات الفاعلة تحولت من حالة االنفصال عن‬

‫الموضوع (الدشرة) إلى حالة االتصال بالموضوع الفرضي (الذهاب إلى المدينة )؛ ثم تحولت‬

‫مرة أخرى من حالة اتصالها بالموضوع الفرضي إلى حالة انفصالها عنه‪ ،‬ألنها لم تحقق‬

‫رغبتها و تعطل مشروعها أدى بها للعودة إلى الدشرة من جديد‪.‬‬

‫و البرنامج السردي هنا يحقق لنا حالة ملفوظ الفعل التالي‪:‬‬

‫ف‪V‬م‪.‬‬ ‫م‬ ‫م ثم ف‬ ‫ف‬ ‫ف‪V‬م‬

‫وبالتالي البرنامج السردي بدأ بعالقة فصلية وانتهى بها‪.‬‬

‫وفي الترسيمة الثانية نجد الذات (مسعودة) تحولت من حالة االنفصال عن القرية إلى‬

‫حالة االتصال بالمدينة (الموضوع الصيغي) ‪ ،‬واستمر الموضوع الصيغي الذي أدى بالذات‬

‫إلى االتصال بالموضوع الفرضي (تدوين قصة الحياة)‪.‬‬

‫أما الترسيمة الثالثة‪ ،‬تعتبر فيها القرية قيمة مجردة نحفز الذات على االنفصال‬

‫المكاني واالتصال بالموضوع القيمي (الزاوية) ثم يتحول الموضوع القيمي ويصبح حاف از‬

‫للذات حيث يؤدي لالنفصال المكاني واعادة االتصال بالمكان األصل (القرية)‪ .‬والبرنامج‬

‫السردي هنا يعطينا كذلك ملفوظ الفعل التالي ‪:‬‬

‫(م ق)‬ ‫ف‬ ‫(م س) ثم ف ‪( V‬م س)‬ ‫ف‬ ‫ف ‪( V‬م ق)‬

‫‪82‬‬
‫الذات (الحبيب) تحولت من عالقة فصلية مع الموضوع القيمة إلى حالة اتصال‬

‫بالموضوع السعي ثم تحولت من حالة انفصال عن الموضوع السعي إلى حالة اتصال‬

‫بالموضوع القيمة من جديد‪ .‬فبدأ البرنامج السردي بعالقة فصلية وانتهي بعالقة وصلية‪.‬‬

‫كما تبين لنا الترسيمة الرابعة كيفية تحول الذات (عزوز) من عالقة انفصالية مع الموضوع‬

‫القيمة (األرض) إلى عالقة اتصالية به عن طريق االستيالء على األراضي وهنا نتحصل‬

‫(م ق)‪.‬‬ ‫ف‬ ‫على ملفوظ الفعل التالي ‪ :‬ف ‪( V‬م ق)‬

‫وفي الترسيمة الخامسة يتبين لنا انفصال الموضوعين (قدور‪ ،‬خديجة) عن الذات‬

‫الكبرى (العمة) والموضوع المركزي (الزواج)‪ ،‬حيث أصبح كل منهما يمثل ذاتا تسعى‬

‫لالتصال بموضوع جديد‪.‬‬

‫فالذات األولى (قدور) تحولت من حالة االنفصال عن الموضوع المركزي إلى حالة‬

‫االتصال بالموضوع الجديد (فسخ الخطوبة‪ ،‬االعتداء على محمد )‪.‬‬

‫والذات الثانية (خديجة) تحولت هي األخرى من حالة االنفصال عن الموضوع‬

‫المركزي إلى حالة االتصال بالموضوع الجديد (فسخ الخطوبة‪ ،‬الزواج بمحمد) ألن معارضة‬

‫كل من الوشم واألغنية أدى إلى تغيير الموضوعات‪.‬‬

‫د‪ -‬التقويم ‪ :‬التقويم في الترسيمة األولى انتهى بالفشل لعدم تحقيق الذات (مسعودة)‬

‫لرغبتها‪ ،‬ألن عامل المعارضة احتوى عددا من الممثلين كلهم ساهموا في تعطيل المشروع‬

‫(الذهاب إلى المدينة) وعرقلة مسعى الذات‪ .‬وفي الترسيمة الثالثة نالحظ أن الذات (الحبيب)‬

‫‪83‬‬
‫نجحت في مسعاها حيث أنها حققت هدفها بالذهاب إلى الزاوية؛ ألن '' الرغبة في تجاوز‬

‫اآلن والهنا هي الحافز المركزي الذي حث الذات على االنفصال عن القرية وااللتحاق‬

‫فقد حققت موضوع السعي‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬


‫بالزاوية ''‬

‫أما الترسيمة الرابعة نجد فيها الذات (عزوز) نجحت هي األخرى بتحقيق رغبتها في‬

‫ظل عدم وجود رغبات معارضة‪ .‬وفي الترسيمة الخامسة يظهر لنا فشل الذات المركزية‬

‫(العمة) جليا في تحقيق مشروعها ألن تدهور العالقة بين (قدور وخديجة) انقلب إلى‬

‫معارض حققي عرقل مسعى الذات‪.‬‬

‫من خالل هذه المحاولة لقراءة كتاب االشتغال العاملي –دراسة سيميائية‪ -‬لرواية"غدا‬

‫يوم جديد"‪،‬الذي يعد من بين النماذج النقدية الجزائرية التي حاولت تجاوز الحواجز‪ ،‬و‬

‫تجريب مفاهيم السيميائيات السردية على النص الروائي‬

‫و قد طبق المنهج السيميائي بالياته اإلجرائية وبين كيفية اشتغال العوامل في النص السردي‬
‫استند الناقد إلى مرجعيته السيميائية وتتبع خطواتها في التحليل‪ ،‬وهذا ظاهر في‬
‫الفصل األول من دراسته الموسوم ب الترسيمات العاملية‪ ،‬أين طبق النموذج العاملي‬
‫لغريماس بعوامله الستة‬
‫و انحرف الناقد عن مرجعيته في الفصل الثاني الموسوم ب المثلثات العاملية‪ ،‬عندما قلص‬

‫العوامل إلى ثالثة وظائف‬

‫‪ -1‬السعيد بوطاجين‪ ،‬االشتغال العاملي‪ ،‬ص‪.39‬‬


‫‪84‬‬
‫إن الرحلة العلمية التي خاضها البحث في التنقل بين مسار حركة النقد األدبي في‬

‫الجزائر والسيميائية السردية‪ ،‬والقراءة في كتاب االشتغال العاملي للسعيد بوطاجين‪ ،‬قد‬

‫خلصت إلى جملة من النتائج منها ‪:‬‬

‫المدخل ‪ :‬مسار حركة النقد األدبي في الجزائر‪.‬‬

‫‪ -‬كانت حركة النقد في الجزائر قبل االستقالل حركة محتشمة تميزت بالضعف‬

‫والركود‪ ،‬وا ن وجدت بعض المحاوالت فقد اعتبرها الدارسون مجرد انطباعات شخصية وهذا‬

‫راجع إلى المستوى الذي تعيشه الحركة من ضعف نقدي وفني‪ ،‬والى األوضاع السياسية‬

‫واالجتماعية السائدة‪ ،‬ويعد أول كتاب نقدي أُسس في هذه الفترة هو كتاب أبي القاسم سعد‬

‫اهلل‪.‬‬

‫‪ -‬وبعد االستقالل تطورت الحركة النقدية على أيدي جملة من النقاد الجزائريين وبدأ‬

‫الدارسون باإلطالع على المناهج النقدية الغربية وتمثيلها في دراساتهم‪.‬‬

‫‪ -‬كان تلقي النقد الجزائري للسيميائية من خالل إطالع الباحثين الجزائريين على‬

‫أبجدية الدرس السيميائي الغربي وآلياته‪.‬‬

‫‪ -‬يعد السعيد بوطاجين من رواد الحركة السيميائية في الجزائر‪ ،‬وتظهر مكانته في‬

‫النقد الجزائري من خالل مؤلفاته ‪ :‬ففي المجال السيميائي نجد "االشتغال العاملي" وفي مجال‬

‫السرد الجزائري الحديث '' السرد ووهم المرجع '' وفي ترجمة المصطلح واختالفاته نجد ''‬

‫الترجمة والمصطلح ''‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬السيميائية السردية من '' بروب '' إلى '' غريماس ''‪.‬‬

‫‪ -‬المنهج السيميائي القى اهتمام واسع عند العرب والغرب فقد تظافرت المجهودات‬

‫المبذولة في هذا المجال‪ ،‬وتم االتفاق على أن السيميائيات هي العلم الذي يدرس العالمات‬

‫وهي علم حديث النشأة ‪ ،‬مقارنة مع غيره من العلوم‪ ،‬ولم تظهر مالمحها المنهجية إال مع‬

‫بداية القرن العشرين‪ ،‬وكانت لها والدة مزدوجة مع كل من '' دي سوسير '' و'' شارل‬

‫ساندرس بيرس '' ‪.‬‬

‫‪ -‬تعتبر نقطة االنطالق الجوهرية في دراسة النصوص السردية بصفة عامة‪ ،‬هي‬

‫دراسة '' فالديمير بروب '' لمورفولوجيا الحكاية الخرافية‪ ،‬وقد اعتمد على مرجعيات فأخذ‬

‫(الحوافز) التي استنبطها الشكالني الروسي '' توما شفسكي '' و'' شكلوفيسكي '' وسماها‬

‫''‬ ‫الوظائف‪ ،‬وجاء بعده جملة من النقاد الذين طوروا مفهوم الوظيفة إلى العامل من بينهم‬

‫غريماس ''‪.‬‬

‫‪ -‬وقد ميز غريماس بين العامل والممثل وهو بهذا يقدم فهما جديدا للشخصية في الحكي‬

‫الفصل الثاني ‪ :‬قراءة في كتاب االشتغال العاملي للسعيد بوطاجين‪.‬‬

‫‪ '' -‬غريماس '' في بناء نموذجه العاملي لم ينطلق من الفراغ وانما استفاد من جهود‬

‫سابقيه '' بروب '' و'' ليفي شتراوس'' ‪ .‬فالنموذج العاملي عنده يتكون من ستة عوامل ‪:‬‬

‫المرسل الذي يولد رغبة القيام بالفعل لدى الذات‪ ،‬وهذه الرغبة تكون موجهة إلى المرسل إليه‪،‬‬

‫‪86‬‬
‫وهناك المساعد الذي ساعد الذات في تحقيق رغبتها المنشودة‪ ،‬ومعارض يقف حائال دون‬

‫تحقيق الذات للموضوع الذي تطمح إليه‪.‬‬

‫‪ -‬والسعيد بوطاجين يعد من النقاد الجزائريين المتأثرين بأعمال غريماس في حقل‬

‫السيميائيات السردية‪ ،‬كما انه طبق منهجه في تحليل رواية '' غدا يوم جديد '' في كتابه‬

‫وتمثل هذا في إجراءات تطببيقية تأخذ بيد القارئ خطوة بخطوة نحو التماس هذا المنهج‪.‬‬

‫‪ -‬تفاعل الناقد مع المصطلحات الغريماسية الوافدة وتحكمه في تطبيقها بما يثري‬

‫الدراسة السيميائية الجزائرية‪.‬‬

‫‪ -‬اعتماد الناقد على الرسومات واألشكال والجداول اإليضاحية وهي تقنية معاصرة‬

‫أكسبت البساطة لفهم منجزه النقدي '' االشتغال العاملي ''‪.‬‬

‫‪ -‬يهدف الناقد من وراء هذه الدراسة إلى ترسيخ الدرس اللساني السيميائي في‬

‫التجربة النقدية الجزائرية مع محافظته على خصوصية النص الجزائري‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫التعريف بـ السعيد بوطاجين‪ ،‬فالديمير بروب وغريماس ‪:‬‬

‫التعريف به‬ ‫العلم‬

‫السعيد بوطاجين من مواليد ‪ 0591-60-60‬تاكسانة بالشرق الجزائري‪ ،‬تحصل على شهادة الليسانس‬

‫في األدب قسم اللغة العربية جامعة الجزائر ‪ ،0510‬دبلوم الدراسات المعمقة جامعة‬

‫السربون (سيمياء)‪ ،‬باريس‪ ،‬فرنسا ‪ ،0511‬دبلوم تعليمية اللغات جامعة غرو نوبول‪،‬‬

‫فرنسا ‪ ، 0551‬وتحصل على ماجيستير نقد أدبي (سيمياء)‪ ،‬جامعة الجزائر ‪0551‬م‪،‬‬

‫ودكتوراه الدولة‪ ،‬النقد الجديد (المصطلح النقدي والترجمة) جامعة الجزائر ‪1661‬م‪،‬‬

‫حاليا أستاذ مادة السيمياء وتحليل الخطاب بجامعة تيزي وزو‪.‬‬

‫(‪ )0516 -0159‬باحث روسي‪ ،‬نشر كتاب الجذور التاريخية الفرنسية ‪ 0510‬كان‬ ‫فالديمير بروب‬

‫أحد األعضاء البارزين في جماعة الشكالنيين الروس‪ ،‬الذي ظهروا في العشرينات‬ ‫‪Vladimir‬‬
‫‪propp‬‬
‫من هذا القرن‪ ،‬وقد احتفى النقد المعاصر وخاصة منه التيارات البنيوية والعالمية‬

‫بأرائهم وبنى على أساسها مجموعة من النظريات المتعلقة بالسرد والشعرية‪ ،‬لبروب‬

‫كتب أخرى هي ‪ '' :‬الشعر الملحمي الروسي ‪ ''0599‬و'' األعياد الزراعية الروسية‬

‫‪ '' 0501‬و'' أوديب في ضوء الفولكلور ''‬

‫ينظر ‪ :‬عبد الحميد بورايو‪ ،‬الحكايات الخرافية بالمغرب العربي‪ ،‬دراسة تحليلية في ''‬

‫معنى المعنى '' لمجموعة من الحكايات‪ ،‬سحب الطباعة الشعبية للجيش الجزائر‪،‬‬

‫دط‪ ،1661 ،‬ص‪.0‬‬

‫‪88‬‬
‫الجرداس جوليان (‪ ، )0501 -0551‬ولد في تولة (روسيا) من أبوين ليتوانيين‪ ،‬وتوفي في باريس‬

‫درس الحقوق في لتوانيا‪ ،‬من مؤلفاته ‪ :‬الداللة البنيوية‪ ،‬في المعنى المجلد األول‬ ‫غريماس ‪A.J.‬‬

‫‪ 0516‬والمجلد الثاني ‪ ،0511‬السيميائية والعلوم االجتماعية ‪ ،0510‬قاموس‬ ‫‪Greimas‬‬

‫الفرنسية القديمة ‪ ،0510‬السيميائية القاموس المنطقي لنظرية اللغة مجلدان (‪)0510‬‬

‫بالمشاركة مع جوزيف كورتيس‪.‬‬

‫ينظر ‪ :‬هيام كريديه‪ ،‬معجم األلسنية (في الغرب)‪ ،‬منشورات الجامعة اللبنانية لبنان‪،‬‬

‫ط‪ ،1600 ،0‬ص‪.056 -015‬‬

‫‪89‬‬
‫أوال ‪ :‬المصادر ‪:‬‬

‫‪ -1‬السعيد بوطاجين‪ ،‬االشتغال العاملي‪ -‬دراسة سيميائية‪'' -‬غدا يوم جديد '' لعبد‬

‫الحميد بن هدوقة‪ ،‬منشورات االختالف‪ ،‬ط‪0222 ،1‬‬

‫‪ -0‬ـ ـ ــ‪ ،‬السرد ووهم المرجع‪ ،‬منشورات االختالف‪ ،‬الجزائر‪.0222 ،‬‬

‫‪ -3‬ـ ـ ــ‪ ،‬الترجمة والمصطلح‪ ،‬دراسة في إشكالية ترجمة المصطلح النقدي الجديد‪،‬‬

‫منشورات االختالف‪ ،‬الجزائر‪.0222 ،‬‬

‫ثانيا ‪ :‬المراجع العربية والمترجمة ‪:‬‬

‫أ‪ -‬المراجع العربية ‪:‬‬

‫ج‪2‬‬ ‫‪ -4‬الجاحظ‪ ،‬الحيوان‪ ،‬تح‪ ،‬عبد السالم هارون‪،‬‬

‫ط‪1‬‬ ‫‪ -2‬أمينة فزاري‪ ،‬أسئلة وأجوبة في السيميائيات السردية‪ ،‬دار الكتاب الحديث‪،‬‬

‫‪.0211‬‬

‫‪ -6‬بلقاسم دقة‪ ،‬علم السيمياء في التراث العربي‪ ،‬اتحاد العرب‪.0223،‬‬

‫‪ -7‬حميد لحميداني‪ ،‬بنية النص السردي من منظور النقد األدبي‪ ،‬المركز الثقافي‬

‫العربي‪ -‬بيروت‪ -‬لبنان‪ ،‬ط‪.1992 ،3‬‬

‫‪ -2‬رشيد بوجدرة‪ ،‬تيميمون‪ ،‬دار االجتهاد‪ ،‬الجزائر‪.1994 ،‬‬

‫‪ -9‬سعيد بوعطية‪ ،‬المرجعية المعرفية للسيميائيات السردية‪ -‬غريماس نموذجا‪ -‬ماي‬

‫‪.0213‬‬

‫‪90‬‬
‫سليمة لوكام‪ ،‬تلقي السرديات في النقد المغاربي‪ ،‬دار سحر للنشر‪ ،‬تونس‬ ‫‪-12‬‬

‫ديسمبر ‪.0229‬‬

‫سعيد بنكراد‪ ،‬مدخل إلى السيميائيات السردية‪ ،‬منشورات االختالف الجزائر‪،‬‬ ‫‪-11‬‬

‫ط‪.0223 0‬‬

‫عبد الحميد بن هدوقة‪ '' ،‬غدا يوم جديد '' ‪ ،‬منشورات األندلس‪ ،‬الجزائر‬ ‫‪-10‬‬

‫‪.1990‬‬

‫عبد الحميد بورايو‪ ،‬الحكايات الخرافية للمغرب العربي‪ ،‬دراسة تحليلية في ''‬ ‫‪-13‬‬

‫معنى المعنى '' لمجموعة من الحكايات‪ ،‬سحب الطباعة الشعبية للجيش‪ ،‬الجزائر دط‬

‫‪.0227‬‬

‫عبد المنعم زكريا القاضي‪ ،‬البنية السردية في الرواية‪ -‬دراسة في ثالثية خيري‬ ‫‪-14‬‬

‫شلبي‪ -‬األمالي علي حسن ولد خالي‪ ،‬عين الدراسات والبحوث اإلنسانية‬

‫واالجتماعية‪ ،‬ط‪.0229 ،1‬‬

‫عبد اهلل ركيبي‪ ،‬تطور النثر الجزائري الحديث والمعاصر‪ ،‬دار ال ُكتاب العرب‬ ‫‪-12‬‬

‫‪.0229‬‬

‫محمد عزام‪ ،‬تحليل الخطاب األدبي على ضوء المناهج النقدية الحداثية‪-‬‬ ‫‪-16‬‬

‫دراسة‪ -‬في نقد النقد‪ ،‬منشورات اتحاد ال ُكتاب العرب‪ ،‬دمشق‪.0223 ،‬‬

‫ـ ــ‪ ،‬شعرية الخطاب السردي‪ -‬دراسة – منشورات اتحاد ال ُكتاب العرب دمشق‪.‬‬ ‫‪-17‬‬

‫‪91‬‬
‫نادية بوشفرة‪ ،‬مباحث في الدراسات السردية‪ ،‬دار األمل‪ ،‬الجزائر‪ ،‬دط ‪.0222‬‬ ‫‪-12‬‬

‫نعمان بوقرة‪ ،‬المصطلحات األساسية في لسانيات النص وتحليل الخطاب‪-‬‬ ‫‪-19‬‬

‫دراسة معجمية‪ -‬عالم الكتب‪ ،‬جدار الكتاب العالمي‪ ،‬عمان‪ ،‬ط‪.0229 ،1‬‬

‫واسيني األعرج‪ ،‬اتجاهات الرواية العربية المعاصرة في الجزائر‪ ،‬المؤسسة‬ ‫‪-02‬‬

‫الوطنية الجزائرية‪.1926 ،‬‬

‫وائل سيد عبد الرحيم‪ -‬تلقي البنيوية في النقد العربي‪ -‬نقد السرديات نموذجا‪-‬‬ ‫‪-01‬‬

‫دار العلم واإليمان للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪.0229 ،1‬‬

‫يوسف وغليسي‪ ،‬النقد الجزائري المعاصر من الالنسونية إلى األلسنية‪ ،‬دار‬ ‫‪-00‬‬

‫البشائر للنشر واالتصال‪ ،‬الرغاية‪ ،‬الجزائر‪.0220 ،‬‬

‫ـ ـ ــ‪ ،‬مناهج النقد األدبي (مفاهيمها‪ ،‬أسسها‪ ،‬تاريخها‪ ،‬روافدها وتطبيقاتها‬ ‫‪-03‬‬

‫العربية)‪ ،‬جسور للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،0‬المحمدية‪ ،‬الجزائر‪.0229 ،‬‬

‫ب‪ -‬المراجع المترجمة ‪:‬‬

‫برنار فاليط‪ ،‬النص الروائي‪ ،‬تقنيات ومناهج‪ ،‬تر‪ ،‬رشيد بن حدو‪ ،‬الهيئة العامة‬ ‫‪-04‬‬

‫لشؤون المطابع األميرية‪ ،‬دط‪.1999 ،‬‬

‫جوزيف كورتيس‪ ،‬السيميائية من بروب إلى غريماس‪ ،‬تر‪ ،‬جمال حضري‬ ‫‪-02‬‬

‫المكتسبات والمشاريع‪ ،‬مجلة اآلداب العالمية‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫فالديمير بروب‪ ،‬مورفولوجيا الخرافة‪ ،‬تر‪ ،‬إبراهيم الخطيب‪ ،‬الشركة المغربية‬ ‫‪-06‬‬

‫للناشرين المتحدين‪ ،‬المغرب‪ ،‬ط‪.1926 ،1‬‬

‫ـ ـ ــ‪ ،‬مورفولوجيا القصة‪ ،‬تر‪ ،‬عبد الكريم حسن‪ ،‬سميرة بن عمو شراع للنشر‬ ‫‪-07‬‬

‫والتوزيع‪ ،‬دمشق‪.1996 ،‬‬

‫مجموعة من الكتاب‪ ،‬مدخل إلى مناهج النقد األدبي‪ ،‬تر‪ ،‬رضوان ظاظا‬ ‫‪-02‬‬

‫مراجعة المنصف الشنوفي‪ ،‬سلسلة كتب ثقافية شهرية‪ ،‬يصدرها المجلس الوطني‬

‫للثقافة واآلداب‪ -‬الكويت‪ -‬علم المعرفة‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬المعاجم والقواميس‬

‫رشيد بن مالك‪ ،‬قاموس مصطلحات التحليل السيميائي للنصوص (عربي‬ ‫‪-09‬‬

‫فرنسي إنجليزي)‪ ،‬دار الحكمة‪.0222 ،‬‬

‫رابعا ‪ :‬المجالت والدوريات‬

‫جمال الحضري‪ ،‬السيميائية من بروب إلى غريماس‪ ،‬المكتسبات والمشاريع‬ ‫‪-32‬‬

‫مجلة اآلداب العالمية‪ ،‬إتحاد العرب‪ ،‬ع‪ ،131‬سوريا‪.0227 ،‬‬

‫حسان راشدي‪ ،‬النقد العربي المعاصر‪( ،‬المرجع والتلقي)‪ ،‬ملتقى الخطاب‬ ‫‪-31‬‬

‫النقدي العربي المعاصر‪ ،‬قضاياه واتجاهاته‪ ،‬المركز الجامعي خنشلة‪ ،‬يومي ‪03 -00‬‬

‫مارس‪.0224‬‬

‫‪93‬‬
‫رابح بومعزة‪ ،‬من مظاهر إسهام مدرستي باريس والشكالنيين الروس في تطور‬ ‫‪-30‬‬

‫السيميائيات السردية‪ ،‬محاضرات الملتقى الوطني الثاني‪ ،‬السيمياء والنص األدبي دار‬

‫الهدي‪ ،‬الجزائر‪ ،‬جامعة محمد خيضر بسكرة‪.0220 ،‬‬

‫شريبط أحمد شريبط (سيميائية الشخصية الروائية)‪ ،‬السيميائية والنص األدبي‬ ‫‪-33‬‬

‫‪ 17 -16 -12‬ماي ‪ ،1992‬جامعة باجي مختار عنابة‪ ،‬الجزائر‪.‬‬

‫عبد اهلل إبراهيم‪ ،‬من وهم الرؤية إلى وهم المنهج‪ ،‬مدجلة الفكر العربي المعاصر‬ ‫‪-34‬‬

‫عدد ع‪.1993 ،67 -62‬‬

‫ع‪1‬‬ ‫مصطفى بشير القط‪ ،‬مجلة دفاتر‪ ،‬مخبر الشعرية الجزائرية‪ ،‬جامعة المسيلة‬ ‫‪-32‬‬

‫‪.0229‬‬

‫وذناني بوداود‪ ،‬خطاب التأسيس السيميائي في النقد الجزائري المعاصر‪ ،‬مجلة‬ ‫‪-36‬‬
‫األثر عدد خاص بأشغال الملتقى الثالث حول تحليل الخطاب في النقد العربي‬
‫المعاصر ورقلة‪ 2 ،‬إلى ‪ 7‬فيفري‪.0227 ،‬‬

‫خامسا ‪ :‬مواقع اإلنترنيت‬


‫‪37-‬‬ ‫‪http://www.dwina l’arab.com.‬‬
‫‪38-‬‬ ‫‪http://www.elaphblog.com.‬‬
‫‪39-‬‬ ‫‪http://Elmouatana.blogspot.com.‬‬

‫‪94‬‬
‫مقدمة‪.................................................................................................‬أ‪ -‬ب‪ -‬ت‬
‫المدخل‪ :‬مسار حركة النقد األدبي في الجزائر ‪4........................................................‬‬

‫أوال ‪ :‬مسار حركة النقد األدبي في الجزائر‪4...........................................................‬‬

‫‪ -1‬نشأتها ‪7 -4 ....................................................................................... .‬‬


‫‪ -2‬تطورها‪9 -7 ....................................................................................... .‬‬

‫ثانيا ‪ :‬تلقي النقد الجزائري للسيميائية ‪11 -11 .......................................................‬‬

‫ثالثا ‪ :‬مكانة السعيد بوطاجين في النقد الجزائري من خالل مؤلفاته النقدية ‪11 -12 ........:‬‬

‫‪ -1‬االشتغال العاملي ‪11 -11 .........................................................................‬‬


‫‪ -2‬السرد ووهم المرجع‪21 -11 ................................................................... .‬‬
‫‪ -1‬الترجمة والمصطلح‪21 -21 .................................................................... .‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬السيميائية السردية من بروب إلى غريماس‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬ماهية السيميولوجيا‪29 -27 ......................................................................‬‬
‫ثانيا ‪ :‬السيميائية السردية ‪11 -11 ......................................................................‬‬
‫‪ -1‬جهود فالديمير بروب والشكالنية ‪12 -11 .....................................................‬‬
‫أ‪ -‬أصول منهج فالديمير بروب ‪14 -11 ........................................................‬‬
‫ب‪ -‬فالديمير بروب من الحافز إلى الوظيفة ‪13 -11 ..........................................‬‬
‫‪ -2‬منهج ألجرداس جوليان غريماس من خالل مدرسة باريس السيميائية ‪41 -13 ..... :‬‬
‫أ‪ -‬منهج ألجرداس جوليان غريماس‪41 -41 ...................................................‬‬
‫ب‪ -‬البرنامج السردي ‪41 -41 .......................................................................‬‬
‫جـ‪ -‬األنموذج العاملي ‪47 -41 .......................................................................‬‬
‫د‪ -‬العوامل والممثلون‪49 -47 .......................................................................‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬قراءة في كتاب االشتغال العاملي للسعيد بوطاجين‬
‫أوال ‪ :‬المرجعية النقدية للسعيد بوطاجين '' غريماس '' ‪12........................................‬‬
‫‪ -1‬البنية العاملية ‪15 -12 ..........................................................................‬‬
‫‪ -2‬البرنامج السردي ‪13 -15 ......................................................................‬‬

‫‪95‬‬
‫ثانيا ‪ :‬قراءة في كتاب االشتغال العاملي للسعيد بوطاجين ‪13.......................................‬‬
‫‪ -1‬مقدمة الكتاب‪19 -13 ............................................................................‬‬
‫‪ -2‬التمهيد ‪51 -51 ...................................................................................‬‬
‫‪ -1‬البنية العاملية (الترسيمات العاملية) ‪73 -51 ...............................................‬‬
‫‪ -4‬البرنامج السردي ‪34 -73 .......................................................................‬‬
‫خاتمة ‪37 -31 ...............................................................................................‬‬
‫فهرس األعالم‪39 -33 .....................................................................................‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‪94 -91 ........................................................................‬‬

‫‪96‬‬
‫ملخص‪:‬‬
‫يسعى هذا البحث إلى الكشف عن مدى حضور السيميائية السردية في المدونة‬
‫النقدية الجزائرية‪،‬من خالل التلقي والتحليل في أعمال الناقد الجزائري السعيد‬
‫بوطاجين‪،‬الذي يعد احد الذين أسهموا في الترويج للنظرية السيميائية السردية‬
‫امتدادا للتوجه الغريماسي لمدرسة باريس السيميائية في النقد الجزائري المعاصر‪.‬‬

‫فجاء البحث في موضوع‪":‬المنهج السيميائي في كتاب االشتغال العاملي عند‬


‫السعيد بوطاجين"‪.‬‬

‫و قد قسم البحث بعد جمع المادة و تصنيفها وفق البناء التالي‪:‬‬


‫مقدمة و مدخل و فصلين ثم الخاتمة‪ ،‬واتبع بثبت لقائمة المصادر و المراجع وكان‬
‫المنهج المعتمد في تقديم مادته‪،‬منهج نقد النقد‪.‬‬

‫المقدمة ماهي إال واجهة تعريفية بالموضوع المدروس في هذا البحث‪.‬‬


‫كما عرض فيه مسار حركة النقد األدبي في الجزائر و تلقي النقد الجزائري‬
‫للسيميائية ثم مكانة السعيد بوطاجين في النقد الجزائري من خالل مؤلفاته‬
‫النقدية باإلضافة إلى السيميائية السردية من بروب إلى غريماس ثم عمد إلى قراءة‬
‫في كتاب االشتغال العاملي للسعيد بوطاجين‪.‬‬
‫الكلمات المفتاحية‪ :‬السيميائية‪ ،‬السيميائية السردية‪ ،‬النقد األدبي‪ ،‬اإلشتغال العاملي‪،‬‬
‫بوطاجين‪.‬‬

You might also like