Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 18

‫الكـابــوس‬

‫لم يسمع رمزي في حياته يمتلئ بمثل هذا الذعر والخوف‬


‫من قبل‪ ..‬كلمات صديقه حمدي كانت تصل إليه إلي أذنيه عبر‬
‫أسالك الهاتف مرتجفة‪ ..‬متقطعة‪ ..‬وكأنه في سباق مميت مع‬
‫الزمن‪..‬‬
‫* رمزي‪ !..‬يجب أن تأتي حاال إلي الفيلال!‬
‫كان هناك ضجيج ما‪ ..‬وأصوات غريبة تكاد تطغي علي‬
‫كلمات حمدي وتجعل سماعها صعبا للغاية‪..‬‬
‫= حمدي ماذا بك؟!‬
‫* أرجوك يا رمزي‪ ..‬إنني أحتاجك بشدة!‬
‫الوقت متأخر للغاية‪ ..‬باقي علي الفجر أقل من ساعتين ‪..‬‬
‫ورمزي يجاهد للهروب من حصار النوم و اإلرهاق‪..‬‬
‫= ولكن‪ ..‬إنها الثالثة صباحا‪ ..‬أال‪....‬‬
‫قاطعه بنفاذ صبر‪..‬‬
‫* ليس لدي وقت ألضيعه‪ ..‬إن ما يحدث هنا رهيب للغاية‬
‫‪ ..‬إنني ال أستطيع الهرب‪..‬‬
‫= أريد أن أفهم‪ ..‬ما‪..‬‬
‫ولكن قاطعته صرخة هائلة‪ ..‬جعلت عيناه بعد أن كانتا علي‬
‫حافة االستسالم للنوم مرة أخري تتسعان في ذعر ويده‬
‫تقبض علي سماعة الهاتف في قوة وكأنها ستحطمها‪..‬‬
‫* لقد جاء يا رمزي ‪ ..‬انه هنا أمامي‪..‬‬
‫= من الذي جاء ‪ ..‬ما الذي يحدث؟‬
‫ولكن لم يكن هناك من يجيب علي تساؤالته ‪ ..‬لقد سمع‬
‫ضجيج ما‪ ..‬ونفس األصوات الغريبة‪ ..‬مزيج من الضجيج‬
‫والصراخ والفحيح‪..‬مزيج غريب اقشعر له قلبه ‪ ,‬ثم انقطع‬
‫الخط تماما ولم يعد هناك سوي ذلك األزيز اإللكتروني‬
‫المتقطع‪.‬‬
‫لم يكن هناك أي حلول أو بدائل أخري ‪ ..‬قفز رمزي من‬
‫علي الفراش وارتدي مالبسه بأقصى سرعة يستطيعها ثم‬
‫التقط مفاتيح سيارته وأخذ يركض نحو الباب ‪.‬‬
‫********************‬
‫الفيلال المتوسطة الحجم كانت تربض أمامه هناك علي‬
‫مبعده‪ ..‬كتنين أسطوري جاء ليخيفه في تلك الليلة‬
‫الغامضة‪ ..‬صوت الرياح بدا كالصراخ أو كأنين شخص ما‬
‫يتعذب‪ ..‬بينما نعيق البوم ينتقل من شجرة ألخرى مختلطا‬
‫بحفيف أوراق الشجر‪.‬‬
‫المنطقة نفسها سوداوية وكئيبة ‪ ..‬ولم يكن يتخيل رمزي أن‬
‫أي شخص يتمتع بقدر ولو بسيط من الذكاء يختار الحياة في‬
‫ذلك المكان المنعزل والذي يبعد عن العمران بعشرات‬
‫األميال‪ ..‬ولكن حمدي فعلها واختار هذا المكان بإرادته ‪..‬‬
‫تلك الفيلال التي تقبع وسط دغل غريب الشكل أو ربما تكون‬
‫حديقة ما تحولت بسبب اإلهمال إلي تلك الشبكة المعقدة من‬
‫األشجار والنباتات التي ال يفقه في أنواعها أي شيء ‪ ..‬وهذا‬
‫االختيار الغريب مناسب لشخصية حمدي غريبة األطوار‬
‫التي تجنح دائما للوحدة واالنطوائية ‪..‬إال صداقته برمزي‪..‬‬
‫إنها الشيء الوحيد الذي يربطه بالعالم الخارجي ‪ ..‬الشعرة‬
‫التي تصله بدفء اآلدميين‪.‬‬
‫ولقد صارح رمزي صديقه أكثر من مرة أنه يخشى هذا‬
‫المكان‪ ..‬يخشاه بصمته‪ ..‬بكآبته‪ ..‬بذلك االنقباض والتوتر‬
‫الذي يسري في جسده بال رحمة كلما عبر بوابته‪.‬‬
‫ولكن حمدي سخر منه ولم يتزحزح عن قرار شراء الفيلال‬
‫وسط اعتراضات رمزي التي ذهبت أدراج الرياح أمام‬
‫عناد حمدي وإصراره علي الحياة فيها‪ .‬سيارة رمزي‬
‫تقترب في سرعة من الفيلال وذكريات ما تتدافع في عقله‬
‫وتتقافز في مخيلته وأمام عينيه‪ ..‬ذكريات حدثت منذ فترة‬
‫قصيرة‪..‬‬
‫كان هذا منذ ستة أيام بالضبط‪..‬‬
‫*****************************‬
‫بداخل هذه الفيلال المشئومة يلعب الشطرنج في الصالون‬
‫الضخم مع حمدي ولكن حمدي لم يكن مندمجا في اللعب‬
‫كعادته ‪ ..‬نظراته كانت زائغة وتلك االرتجافة تداعب ذلك‬
‫العرق النافر في جبينه وهذا دائما ينبيء بأن هناك شيئا ما ‪..‬‬
‫شيئا ليس سليما علي اإلطالق‪..‬‬
‫توقف عن اللعبة فجأة‪ ..‬كان بصدد أن يحرك أحد القطع‬
‫ولكن يده تراجعت وبدال من ذلك أزاح الرقعة جانبا‪-:‬‬
‫* أسف يا رمزي لن أستطيع استكمال اللعب‪ ..‬ذهني‬
‫مرهق للغاية‪..‬‬
‫= هناك شيئا ما‪ ..‬أليس كذلك؟!‬
‫تنهد حمدي في بطء‪ ..‬قائال‬
‫* نعم ‪ ..‬هناك مشكلة صغيرة‪.‬‬
‫حاول رمزي أن يخمن‪ ..‬إنه من تلك الشخصيات التي تكره‬
‫انتظار اإلجابات‪..‬انه دائما يحاول استباق األحداث‬
‫والنتائج‪ ..‬نفسيته القلقة نافذة الصبر ال تتحمل االنتظار‪.‬‬
‫= أي نوع من المشكالت هل هي مشكلة في العمل؟!ـ‬
‫هز رأسه نافيا هذا التساؤل مجيبا‪..‬‬
‫* ال‪ ..‬ليست متاعب في العمل‪ ..‬إنها مشكلة تتعلق بتلك‬
‫الفيلال‪.‬‬
‫= وما هي المشكالت التي ممكن أن تسببها الفيلال لك؟!‬
‫صمت حمدي لثوان‪ ..‬وجهه كان يعكس صراعا ما ال يخفي‬
‫علي صديقه‪ ..‬كان يريد أن يتكلم ولكن شيئا ما كان يشجعه‬
‫علي الصمت‪ ..‬ثم قال فجأة وكأنه يلقي عبئا ثقيال يضني‬
‫صدره‪..‬‬
‫* أعتقد أنها مسكونة‪.‬‬
‫لم تكن مفاجأة قاسية لرمزي كما توقع حمدي‪ ..‬لقد كان شبه‬
‫متأكد أن هناك شيئا غريبا في هذه الفيلال‪ ..‬إن ذلك االنقباض‬
‫الذي يداهمه كلما أتي إلي هنا ال يأتي من فراغ‪ ..‬كان هناك‬
‫بالتأكيد سببا ما لخوفه من هذا المكان غير وحدته وانعزاله‪..‬‬
‫لقد كان هناك شيئا يحوم في الهواء‪ ..‬شيئا يمتزج بكل بقعة‬
‫في هذه الفيلال‪ ..‬شيء مقيت‪ ..‬ومخيف‪.‬‬
‫= هل جننت؟!‬
‫* أيعني هذا االتهام أنك ال تصدقني؟‬
‫نبرة صوت رمزي ترتفع في عصبية‪-:‬‬
‫= الكارثة أنني أصدقك‪ ..‬لو لم أعرفك جيدا لقلت أنك مجرد‬
‫مجنون غريب األطوار أثرت الوحدة على عقله‪ ..‬ولكننى‬
‫أعرف متي تكون صادقا أو كاذبا‪ ..‬ولكن المشكلة انك‬
‫جالس هنا في منتهي الهدوء وتخبرني أن المكان مسكون‬
‫وكأنك تلقي نكتة ‪ ..‬ما الذي تتوقعه مني بحق الجحيم‪ ..‬أن‬
‫أقع أرضا من فرط الضحك أو أسقط فاقدا للوعي من فرط‬
‫المفاجأة؟!‬
‫كلمات رمزي انطلقت سريعة غاضبة‪ ..‬بينما لم يحاول‬
‫حمدي أن يرد كانت نظراته تائهة‪ ..‬غامضة تهرب إلي أي‬
‫مكان حتى ال تلتقي بعيون رمزي التي تكاد تلتهمه‪.‬‬
‫استطرد رمزي في لهجة أهدأ قليال‪.‬‬
‫= ألم أحذرك منذ اللحظة األولي من غرابة الفيلال بل‬
‫وأحضرت لك عشرات األماكن غيرها‪ ..‬أماكن وسط‬
‫المدينة‪ ..‬وسط الحياة ولكنك أصررت علي هذا المكان‬
‫اللعين!‬
‫قال في تردد‪-:‬‬
‫* نعم‪ ..‬هذا صحيح‪ ..‬ولكن‪!..‬‬
‫قاطعة رمزي وذلك الهدوء في لهجة حمدي يزيد من حدة‬
‫الغضب‪-:‬‬
‫= هذا ليس وقت النقاش‪ ..‬الذي يغضبني هو هدوءك‬
‫الشديد في معالجة األمر وكأن حياتك ال تعنيك في شيء‪..‬‬
‫المفروض اآلن أن تكون خارج هذه الفيلال ال أن تكون هنا‬
‫تلعب الشطرنج‪.‬‬
‫قالها ونهض‪..‬‬
‫= هيا اآلن‪ ..‬أجمع أغراضك ولنخرج من هذا المكان‪!..‬‬
‫ولكن حمدي أشاح بوجهه بعيدا قائال بنفس الهدوء القاتل‪-:‬‬
‫* أرجوك يا رمزي‪ ..‬اهدأ قليال‪..‬‬
‫بدا لثوان أن رمزي سوف ينفجر مرة أخري صارخا ولكن‬
‫نظرات الرجاء في عينا صديقه جعلته يصبر قليال فجلس‬
‫في عصبية منتظرا كلمات حمدي‪-:‬‬
‫* ترك تلك الفيلال ليس بالبساطة التي تتخيلها‪ ..‬المشكلة‬
‫أنني أصبحت جزءا منها‪ ..‬لقد صرت أنتمي إليها ‪..‬‬
‫= تنتمي إليها !!‬
‫قالها رمزى بعدم تصديق ‪.‬‬
‫* إن روحي ترتبط بذلك المكان‪ ..‬شيء في الفيلال يجذبني‬
‫إليها‪ ..‬شيء قوي‪ ..‬غامض وتأكد إنني لن أتخلي عنها‬
‫بسبب ذلك العبث الصبياني مثل تحطم بعض األشياء‬
‫التافهة وتغيير أماكن حاجاتي‪ ..‬إنني لست خائفا ولو‬
‫للحظة واحدة من هذه األشياء السخيفة‪.‬‬
‫ولكن رمزي تأكد أن حمدي كاذبا‪ ..‬ما يحدث في الفيلال ليس‬
‫مجرد تغيير أماكن األشياء أو تحطمها‪ ..‬إن ما يحدث فيها‬
‫رهيب‪..‬‬
‫وما رآه بعد ذلك كان أكبر دليل علي ذلك ‪...‬انه لن ينسي‬
‫ذلك المشهد قط‪.‬‬
‫مشهد زوجة حمدي " نادية " وهي تمر في الصالة بهدوء‬
‫قاتل‪ ..‬رأسها يلتفت لهما وتلقي عليهما تلك النظرة الغامضة‪.‬‬
‫في األحوال العادية لم يكن ذلك غريبا‪ ..‬ولكن‪ ..‬في تلك‬
‫الحالة كان ذلك سببا ليقشعر رمزي ويهتز من فرط الفزع‪.‬‬
‫ألن نادية توفت منذ أكثر من ثالث سنوات في حادث سيارة‬
‫مع ابنهم!!‬
‫انتفض رمزي من علي المقعد ناهضا وأدق شعرات جسده‬
‫ترتجف وكلماته متوترة‪ ..‬خائفة‪ ..‬وهو يشير نحو المكان‬
‫الذي دلفته نادية‪..‬‬
‫= منذ‪ ..‬منذ متي وذلك الجنون يحدث‪ ..‬؟‬
‫خفض حمدي عينيه‪ ..‬وهو يجيب بلهجة أقرب للخجل‪..‬‬
‫* منذ البداية‪..‬‬
‫صرخ رمزي‪..‬‬
‫= منذ البداية‪ !!..‬انني ال أصدق أذناي‪ ..‬هذا جنون‬
‫حقيقى‪ ..‬ولماذا تقول لي كل هذا إذا كنت ال تريد مغادرتها‪..‬‬
‫ولماذا تبدو متوترا قلقا هكذا ؟!‬
‫* لقد أردتك فقط أن تعرف‪ ..‬أردت أن أقول ذلك ألي‬
‫شخص‪ ..‬ولكن ثق إن كل هذا ال يبعث في نفسي ولو ذرة‬
‫واحدة من الخوف‪ ..‬إنني احتاج ما يحدث هنا‪ ..‬لقد كنت‬
‫أتعذب في الماضي‪ ..‬ولكنني اآلن أعرف أن ما يحدث حاليا‬
‫لى هو ما أبغيه‪ ..‬حياتي عادت لي أقرب لما كانت عليه قبل‬
‫موتهما ‪.‬‬
‫= هذا جنون‪ ..‬جنون‪ ..‬ومنطق غريب ال أحتمله ‪ ..‬هذه‬
‫ليست زوجتك التي تعبث معك‪ ..‬انها لعبة من قوي غامضة‬
‫لتربطك بالفيلال‬
‫صرخ حمدى والدموع تخنق كلماته ‪:‬‬
‫* أال تفهم ؟! لقد كان يجب أن أموت معهما فى ذلك‬
‫الحادث‪ ..‬لقد كنت أتساءل لماذا يعاقبنى هللا بالحياة من‬
‫دونهما ‪ ..‬حياتى بعدهما كانت الجحيم بعينه ‪..‬أنا بدونهما‬
‫ال شىء ‪..‬بدونهما ميت ‪..‬ميت !!‬
‫صمت رمزى‪...‬يحاول إستيعاب ما يحدث وما يقال ‪ ..‬بدا أن‬
‫محاولة إقناع صديقه شبه مستحيلة‬
‫* لقد وجدت حياتى مجددا هنا‪ ..‬لقد أعطانى هللا فرصة‬
‫جديدة للحياة ولن أتركها بإرادتى !‬
‫قال رمزى بهدوء ‪:‬‬
‫= اذا كنت تريد البقاء هنا فأنا ال أستطيع منعك ولكن إعلم‬
‫أن ما يحدث اآلن سوف يتحول في وقت قريب لكارثة‪..‬‬
‫كارثة حقيقية‪.‬‬
‫ولكن حمدي لم يغير رأيه‪ ..‬حتى بعد ما حدث‪ ..‬عندما اتجه‬
‫رمزي نحو الباب حدث صوت أشبه بصرخة طفل‪ ..‬ورأي‬
‫" حازم " إبن حمدي الوحيد الذي مات في الحادثة مع‬
‫والدته‪ ..‬هناك يقف في ركن الصالة‪ ..‬وقبل أن يستوعب ما‬
‫يحدث وجد حازم ينظر في براءة لتلك الثريا الضخمة التي‬
‫تزين الصالة‪..‬‬
‫وفي أقل من ثانية اهتزت وتأرجحت في قوة ‪ ..‬ثم انقطعت‬
‫السالسل الحديدية التي تربطها بالسقف‪ ..‬وسقطت‪ ..‬كانت‬
‫تتجه نحو هدف محدد‪ ..‬جسد رمزي‪!..‬‬
‫حمدي تحرك‪ ..‬وكأنه كان يتوقع ذلك‪ ..‬إنهما يكرهان‬
‫رمزي‪ ..‬هذا طبيعي‪!..‬‬
‫وإحتضن جسد رمزي وقفز به بعيدا عن مكان سقوط الثريا‬
‫التي أحدثت دويا هائلا عند ارتطامها باألرض بينما قطع‬
‫الكريستال العتيقة تتناثر من جراء اصطدامها باألرض‬
‫كطلقات الرصاص‪.‬‬
‫نهض حمدي من علي األرض ومازالت تلك النظرة التائهة‬
‫والحائرة تمزق مقلتيه‪ ..‬بينما رمزي كان ينظر لموقع سقوط‬
‫الثريا في ذهول وكأنه ال يصدق أنه مازال حيا‪.‬‬
‫ولم يعد هناك ما يقال !‬
‫*************************‬
‫عبرت سيارته بوابة الفيلال‪ ..‬لم يسمع نباح كلبي الحراسة‬
‫المعتاد‪ ..‬هذا أفضل إنه يكرههما للغاية‪ ..‬حتى مع زياراته‬
‫المتكررة للفيلال لم يستطع أن يألفهما‪ ..‬ولكن اآلن ال يوجد‬
‫أثر لهما‪ ..‬كشك الحراسة الخشبي كان خاويا والسالسل‬
‫الحديدية التي تربطهما مكسورة‪ ..‬وهذا لم يريحه علي‬
‫اإلطالق ‪..‬ربما وجودهما األن فى مثل هذه الظروف كان‬
‫ليشعره باألمان ‪.‬‬
‫أوقف السيارة في هدوء وذلك الجزء بداخل عقله يتمني لو‬
‫يستطيع أن يدير المحرك مرة أخري ويعود بالسيارة إلي‬
‫حيث أتي‪.‬‬
‫فضل البقاء في السيارة لثوان وعينيه تدوران بين كشك‬
‫الكالب الخاوي والفيلال المظلمة تماما وأفكاره غارقة في‬
‫ذلك الصمت والسواد‪.‬‬
‫يحاول استجماع شجاعته‪ ..‬وقتل ذلك الخوف الذي بدأ في‬
‫الزحف علي جسده متحدا مع برودة الجو‪ ..‬ولكنه لم ينجح‬
‫في ذلك‪ ..‬دقات قلبه خانته‪ ..‬لقد بدأت في التسارع حتى‬
‫طغت علي ذلك الصمت بينما نبت عرقه البارد في جبهته‬
‫وتساقط حتى أغرق قميصه‪.‬‬
‫ربما مات صديقه بالفعل ولحظتها لن يكون هناك فائدة من‬
‫الدخول للفيلال سوي نتيجة واحدة سيئة وهي أن يلحق به!!‬
‫ولماذا لم يتصل بالشرطة‪ ..‬أو النجدة‪ ..‬كان ذلك س‪......‬‬
‫ولكن مهال‪ ..‬الفيلال ليست مظلمة بالكامل‪ ..‬هناك ضوء‬
‫خافت يبرز علي استحياء من الطابق الثاني‪ ..‬وبالتحديد من‬
‫غرفة نوم حمدي!‬
‫فتح الباب وخرج من السيارة‪ ..‬تقدم من باب الفيلال وهو‬
‫يتشبث بأطراف معطفه وسط موجات البرودة‪..‬‬
‫وعندما اقترب أكثر من باب الفيلال سمع ذلك النباح‬
‫المألوف‪ ..‬الكلبين الضخمين غير مقيدين وذلك يعني أنه‬
‫هدفهما القادم‪ ..‬إنهما أبدا لم يعتادا عليه‪..‬‬
‫أدار رأسه في سرعة‪ ..‬يسمع النباح يقترب منه‪ ..‬الرمال‬
‫تتناثر هناك بالقرب منه‪ ..‬الكالب تقترب ولكنه اليراهما‪..‬‬
‫هذا غريب‪ ..‬النباح علي بعد خطوات منه‪ ..‬والرمال‪..‬‬
‫اللعنة‪ ..‬ذلك ال يعني سوي تفسير واحد‪!..‬‬
‫عيناه تتسعان فى ذهول ‪..‬ال يرى أى شىء ‪..‬ولكن النباح‬
‫يقترب ‪..‬الرمال تتفرق ‪..‬ما الذى يحدث بحق الجحيم؟!‬
‫وقبل أن يستوعب الفكرة شعر بجسد الكلب الضخم يرتمي‬
‫بثقله عليه وسقط أرضا وذهول المفاجأة ال يترك أي أثر‬
‫للفزع‪.‬‬
‫حاول إن يدفع بيديه شيئا ال يراه‪ ..‬يديه لمستا مخالب كلب‬
‫وطبق علي ما اعتقده فكيه ‪..‬وإزداد الصراع شراسة فجأة‪..‬‬
‫جسد الكلب األخر انضم لزميله‪ ..‬ركل بساقيه أحدهما‪..‬‬
‫قبض راحة يده ولكم فك األخر بقوة لم يكن يعتقد أنه‬
‫يمتلكها‪ ..‬ارتكز علي راحتيه وأجبر جسده علي النهوض‪. .‬‬
‫واصل الركض نحو الفيلال ولكنه تعثر في الدرج المؤدي‬
‫للباب وسقط‪ ..‬مال جسده لألمام بقوة واصطدمت رأسه‬
‫بأحد األعمدة ودارت الرؤية أمامه ‪ ..‬دوامه سوداء هجمت‬
‫علي وعيه لتغرقه تماما‪ ..‬قاوم تلك الدوامة ولكن تلك‬
‫األنياب التي اخترقت جانبه جعلت مقاومته تنهار لثوان‪.‬‬
‫النباح‪ ..‬الدوار ‪..‬واأللم يتحالفون ضده بال رحمة وأغمض‬
‫عينيه لثوان‪ ..‬ويديه تحاوالن الدفاع عن نفسه بإستماتة‪..‬‬
‫قاوم في يأس‪ ..‬نهض مترنحا ويديه تمسكان بجانبه‬
‫وتحاوالن الضغط علي ذلك الجرح المؤلم‪ ..‬وصرخ‪..‬‬
‫صرخ باسم صديقه والدوامة تتسع في عقله وجسده يرتمي‬
‫علي باب الفيلال الذي انفتح في غرابة‪ ..‬سقط بالداخل أرضا‬
‫ولكنه استند علي مقبض الباب ليرفع جسده ويغلق الباب‬
‫خلفه في سرعة‪ ..‬لمح الظالم يغرق المكان بالداخل بينما‬
‫نباح الكلبين علي الجانب األخر‪ ..‬مازاال يحاوالن الوصول‬
‫اليه وينبشان في الباب بمخالبهما‪ ..‬يده تمتد في حركه تلقائية‬
‫ملتهبة لتبحث عن مفاتيح االضاءة‪ ..‬ولكنه لم يجدها‪ ..‬الدماء‬
‫تندفع من جانبه‪ ..‬والكالب اللعينة‪ ..‬يداه تهتزان في ألم‪..‬‬
‫لزجتان من أثر الدماء التي تغطيهما‪ ..‬يبحث في الجانب‬
‫األيسر بيديه اليمني بينما اليسري تدق علي الباب من فرط‬
‫قسوة جرحه‪..‬‬
‫حمدا هلل‪ ..‬ها هي‪ ..‬وضغط علي األزرار‪ ..‬وأضيئت أضواء‬
‫البهو دفعة واحدة لتبهر بصرة لثانية‪ ..‬بعدها‪ ..‬رأي ما كان‬
‫يواجهه‪ ..‬وبدأ الكابوس الحقيقي‪0‬‬
‫******************‬
‫اإلثنان كانا هناك‪! ..‬‬
‫نسي األلم الذي يجتاح جسده ولم يستطع منع تلك القشعريرة‬
‫وهي تخترق عظامه وترجه‪..‬‬
‫" نادية " هناك‪ ..‬تجلس علي األريكة الضخمة المواجهة‬
‫لباب الردهة‪ ..‬بينما حازم يجلس علي األرض‪ ..‬يلعب بذلك‬
‫العقرب‪0‬‬
‫اآلن يعلموا جيدا كيف يخيفونه‪ ..‬أكثر شيء ممكن أن يخيفه‬
‫في هذه الدنيا هي العقارب‪.‬‬
‫* ما الذي تريده؟!‬
‫نادية تكلمت ولكنه يقسم أنه لم ير شفتاها تتحركان علي‬
‫األطالق‪ ..‬بينما عينيه تتابعان العقرب فى تحفز ‪.‬‬
‫= ما الذي فعلتوه له؟!‬
‫خرجت كلماته متقطعة‪ ..‬ال تعبر بأي حال من األحوال عن‬
‫الجرأة التي يحاول أن يزيفها‪ ..‬اآلن يندم فعال علي مجيئه‪.‬‬
‫ابتسمت وعيناها تلمعان‪..‬‬
‫* أنت خائف!‬
‫انها مخطئه بالتأكيد‪ ..‬انه مرعوب!‬
‫قالتها واختفت من علي األريكة‪ ..‬وانتفض أكثر وازداد‬
‫جسده التصاقا بباب الفيلال ‪..‬ولكن صوتها إخترق أذنيه‬
‫وشفتيها تكاد تلمسهما مع زفير أنفاسها الساخنة الذي ألهب‬
‫عنقه‪..‬‬
‫* إنها نهايتك !!‬
‫إلتفت في سرعة متوقعا أن يصطدم بوجهها‪ ..‬ولكنها ليست‬
‫هناك‪!..‬‬
‫نظر الي حازم الهاديء تماما بينما مازال يلعب بالعقرب‪.‬‬
‫" رمـــزي "‪!..‬‬
‫صرخة مروعة تنادي بإسمه وتأتي من الطابق الثاني‪..‬‬
‫اآلن عقربان يعبثان في يدي حازم‪..‬‬
‫نظر الي الدرج‪ ..‬يفكر في الركض نحو الطابق الثاني ولكنه‬
‫يخشى ما يمكن أن يراه بأعلي‪..‬‬
‫تقدم خطوة لألمام في حذر‪ ..‬وعيناه تبحثان عن نادية التي‬
‫اختفت تماما‪0‬‬
‫" رمــــزي" ‪!!..‬‬
‫مازال الصراخ يتردد‪ ..‬صراخ رجل يتعذب‪ ..‬ينادي في‬
‫يأس‪0‬‬
‫اآلن يري حلقة من العقارب تعبث حول الفتي‪ ..‬خطوة‬
‫أخري نحو الدرج ولكنه تراجع فجأة مجددا‪ ..‬نادية هناك‬
‫ظهرت علي الدرج وحلقة أخري من العقارب تعبث‬
‫حولها‪..‬‬
‫اآلن حلقة العقارب حول الفتي تتركه وتتجه نحو رمزي‪..‬‬
‫عشرات تتكاثر لمئات‪ ..‬وفيضان من العقارب يخرج من‬
‫كفي نادية الممدودتان‪..‬‬
‫تراجع أكثر في فزع ويداه تلمسان مقبض الباب بلهفة ولكن‬
‫ذلك الملمس الغريب في يده جعله ينتفض في تقزز‪ ..‬لقد كان‬
‫أحد العقارب‪ ..‬إنها هناك تزحف في كل مكان‪ ..‬علي الباب‪..‬‬
‫علي الجدران‪ ..‬علي السقف‪..‬‬
‫* هل تخاف من العقارب يا رمزي‪ ..‬؟!‬
‫قالتها بنفس الهدوء الساخر‪ ..‬بينما جسده ينتفض في هلع‬
‫ورأسه تدور في كل مكان بحثا عن مخرج‪..‬‬
‫الهرب اآلن بات مستحيال لقد وقع حتى أذنيه في ذلك الفخ‬
‫المميت‪..‬وال يوجد حل سوي محاولة إنقاذ صديقه في‬
‫الطابق الثاني مهما كانت النتائج‪..‬‬
‫أخذ قراره في ثانية‪ ..‬أخذ يركض نحو الطابق الثاني‪..‬‬
‫ذراعيه تنفضان العقارب التي سقطت عليه من السقف‪..‬‬
‫وساقيه تركالن أكبر قدر ممكن من العقارب في طريقه‪..‬‬
‫كان علي بعد خطوات من نادية‪ ..‬عندما شعر بذلك األلم‬
‫المباغت في ساقيه‪ ..‬ثم ذلك الخدر في جانبه‪ ..‬إنه اآلن‬
‫ينهار‪ ..‬الدوار يهاجمه بنفس القوة‪.‬‬
‫وشعر لحظتها بتلك الرياح‪ ..‬هواء ساخن ينبعث من كل‬
‫مكان‪ ..‬وارتفع ذلك المقعد الضخم في الهواء وانقض عليه‬
‫كالسهم‪ ..‬لم يستطع اتخاذ قرار ما في هذا الجزء من الثانية‪..‬‬
‫ارتطم المقعد بوجهه في قوة ليطرحه أرضا والدماء تغطي‬
‫وجهه‪0‬‬
‫وإتجهت نحوه العقارب ‪ ..‬زحفت على جسده حتى غطته!‬
‫إنها نهايته‪ ..‬الرياح الساخنة تدور في الفيلال‪ ..‬العقارب‬
‫تغطيه بينما بقيتها تدور حوله في الهواء‪ ..‬شعر أن الغرفة‬
‫كلها تطير حوله بكل ما فيها أو هو الذي يطير في الغرفة‬
‫ووسط ذلك الكابوس رأي نادية تقفز من علي الدرج ويطير‬
‫جسدها في الهواء وحازم يتبعها‪..‬‬
‫مالمحهما تتغيران وصرخاتهما تمأل المكان ‪0:‬‬
‫* ماذا بك يا رمزي‪ ..‬هل مازلت تريد إنقاذ صديقك؟‬
‫وجهها يقترب منه‪ ..‬رهيبا‪ ..‬بعينان اختفي سوادهما ووجه‬
‫شاحب بال نقطة دماء‪0‬‬
‫* هل أعجبك الخوف‪..‬؟ لماذا عدت أيها اللعين‪!!..‬‬
‫لدغات العقارب تنقض بال رحمة علي كل جزء في جسده‪0‬‬
‫الموت اآلن قريبا‪ ..‬يراه أقرب إليه من نبضات قلبه التي‬
‫يشعر بها تدوي كالطبول من جراحه‪0‬‬
‫حسنا لم يعد يتحمل‪..‬إنه اآلن يستسلم‪ ..‬يبدو أنه لم يعد هناك‬
‫جدوى من المقاومة‪0‬‬
‫و‪ ..‬إنه هناك‪ ..‬حمدي يخترق كل ذلك‪ ..‬يبزغ فجأة من‬
‫الالمكان‪ ..‬يمد نحوه يديه مستنجدا ‪..‬و ‪..‬مهال ‪..‬إنه ليس‬
‫حمدي الذي يعرفه‪ ..‬إنها مالمح حمدي بالفعل ولكن‪ ..‬عيناه‬
‫بيضاء كالثلج مثل نادية وحازم‪ ..‬وتلك العروق الزرقاء‬
‫النافرة تغطى جسده كله‪.‬‬
‫وصوته‪ ..‬يخرج كما لم يسمعه من قبل‪0‬‬
‫* لقد اختارك المنزل لإلنضمام إليه!‬
‫ودوت الضحكات أكثر‪ ..‬صاخبة في البداية‪ ..‬ثم بدأت‬
‫تبتعد‪ ..‬وتبتعد ‪.‬‬
‫*************************‬
‫* رمزي‪ ..‬رمزي !‬
‫الكلمات تقترب اآلن ‪ ..‬تأتي من مكان بعيد ولكنها تجاهد‬
‫لالقتراب‪ ..‬كشخص يحاول اختراق الزحام بصعوبة‪ ..‬تدفع‬
‫أمامها كل الصراخ والضحكات الغريبة ودقات الطبول‪0‬‬
‫الكلمات كانت صعبة الفهم‪ ..‬فقط كان يتردد صداها بال‬
‫نهاية ولكن بعد ثوان كانت تقترب وتعلو نبرتها حتى‬
‫امتلكت حواسه كلها وأيقظته‪ ..‬نعم‪ ..‬أيقظته‪.‬‬
‫فتح رمزي عينيه‪ ..‬هز رأسه في قوة ليقتل أخر لمسات‬
‫الخمول يحاول استعادة حيويته المفقودة‪ ..‬بدا حائرا للحظات‬
‫يحاول أن يخمن الوقت و المكان بصعوبة بالغة‪ ..‬وأول‬
‫نظراته وقعت علي وجه حمدي‪ ..‬كاد أن يصرخ في فزع‬
‫ولكن عقله سرعان ما أسعفه وأعاد اليه ذاكرة افتقدها‬
‫للحظات‪ ..‬فقال وهو يعصر جبهته براحة يده‪-:‬‬
‫= آه إنه أنت يا حمدي‪..‬‬
‫حمدي كان مائال بوجهه عليه ويداه تستعدان لضربه أخري‬
‫علي صدغيه لتساعده علي االستيقاظ ‪.‬‬
‫* نعم‪ ..‬لقد سمعت صوت الكالب تنبح في جنون فوجدتك‬
‫هنا فاقد الوعي علي درج الفيلال والكالب تحيط بك‪0‬‬
‫= أه‪ ..‬تلك الكالب اللعينة! لقد عقرتنى !‬
‫وتذكرالكالب‪ ..‬هل كانت خفيه بالفعل‪ ..‬أم أنه ذلك الظالم‬
‫والخوف؟؟ وتحسس مكان الجرح ولكنه لم يجده ‪..‬كل ذلك‬
‫كان كابوسا ما ‪..‬هل كل ذلك من جراء إصطدامه بالعامود‬
‫الخشبى ؟؟‬
‫* أسف جدا يا رمزي‪ ..‬ال أعلم كيف حطمت الكالب‬
‫السالسل‪ ..‬انه خطأي بالتأكيد‪!..‬‬
‫وماذا عن ذلك الكابوس الذي رآه‪ ..‬إنه يبدو أقرب للحقيقة‬
‫منه إلي‪.....‬‬
‫أنهضه حمدي من علي األرض وبقايا الدوار تجعل سيقانه‬
‫تقفان بالكاد ‪..‬وترنح لثوان‪..‬‬
‫* ماذا‪ ..‬ماذا بك؟‬
‫هز رأسه في قوة ليحاول التركيز ويقف ثابتا‪0‬‬
‫= ال أعلم ربما الدوار الذي أصابني من جراء االرتطام‬
‫بذلك العامود‪ ..‬ولكنه‪ "..‬قال فجأة وكأنه تذكر شيئا ما"‪..‬‬
‫لماذا اتصلت بي‪ ..‬ما الذي حدث‪..‬؟‬
‫* هناك‪ ..‬إنه بداخل الفيلال‪ ..‬إنه الكابوس الحقيقي يا رجل‬
‫‪0‬‬
‫= ولكن لماذا لم تتصل بالشرطة أو‪..‬‬
‫قاطعه حمدي بانفعال غريب وعصبية لم يراها في حياته‪..‬‬
‫* إنهم لن يفهموا‪ ..‬إنهم مجموعة من الحمقى‬
‫واألغبياء‪..‬الذين‪....‬‬
‫استمر في السباب بعصبية والتلويح بيده ورمزي يالحظ أنه‬
‫هناك شيئا غريبا في عنقه‪ ..‬شيئا ال يراه بصورة جيدة بسبب‬
‫الظالم‪0‬‬
‫* رمزي أنت الوحيد الذي ستفهم‪.‬‬
‫قالها وهو يفتح باب الفيلال‪ ..‬ودخل مسرعا بينما تردد‬
‫رمزي لثوان‪ ..‬ومضات سريعة من رؤيا سوداء هاجمت‬
‫عقله بشراسة‪ ..‬إنه يتذكر الخوف‪ ..‬والعقارب‪ ..‬وتلك‬
‫األشباح‪..‬‬
‫* لماذا تقف هكذا؟! هل أنت خائف ؟‬
‫أجاب مترددا ‪:‬‬
‫= ربما لن تكون تلك فكرة جيدة علي اإلطالق‪..‬‬
‫* ما الذي تعنيه‪..‬؟!‬
‫= أعني أنني جئت لالطمئنان عليك وأنت هنا بأفضل حال‬
‫علي ما أعتقد‪!..‬‬
‫اآلن بدأ حمدى يتكلم مجددا بنفس العصبية ‪:‬‬
‫* هل نسيت الصراخ في الهاتف‪ ..‬أال تريد أن تعلم ما الذي‬
‫أواجهه هنا بمفردي‪ ..‬إنني أحتاجك يا رمزي‪0‬‬
‫إنه يشعر انه يكرر غلطة ما‪..‬أفضل شىء ممكن أن يفعله‬
‫حاليا هو أن يذهب‪..‬‬
‫* لماذا التردد يا رمزى ؟ أال تريد مساعدتى ‪.‬‬
‫إنه األن يضرب على الوتر الحساس ‪..‬‬
‫* يجب أن تثق بى ! ألست صديقك ؟‬
‫نظر له رمزى فى حيرة ‪..‬ال يعرف ما الذى يفعله ‪..‬‬
‫ولكنه قاوم رغبته في المغادرة ‪ ..‬نفض كل تلك المخاوف‬
‫السوداء عن عقله ودخل الفيلال‪.‬‬
‫عيناه كانتا تتفحصان البهو وكأنه ينتظر هجوما خفيا بينما‬
‫تقدم حمدي نحو احدي الغرف الجانبية‪0‬‬
‫* هناك‪ ..‬في هذه الغرفة‪0‬‬
‫هز رمزي رأسه في حيرة‪-:‬‬
‫= ما الذي يوجد هناك؟‬
‫* ستفهم كل شيء حاال ولكن إسرع أرجوك‪0‬‬
‫قالها حمدي في انفعال وهو يفتح باب الغرفة وخلفه رمزي‪..‬‬
‫أضاء الغرفة وأشار نحو صوان به العديد من األدراج‪..‬‬
‫* افتح الدرج العلوي وسوف تجد مفاجأة‪0‬‬
‫=حسنا‪ ..‬لن أسأل المزيد من األسئلة‪ ..‬سوف أسير معك‬
‫حتى النهاية لنري ما تريده ثم أرحل من هنا‪0‬‬
‫لن يعترض مجددا حتى ال يكرر حمدى شريطه المبتذل عن‬
‫الثقة والصداقة ‪.‬‬
‫إتجه نحو الدرج وفتحه في قوة حتى يقضي علي تردده‪..‬‬
‫وفجأة انقبضت عضالت جسده كلها وارتعدت‪ ..‬وشعر بقلبه‬
‫يقفز نحو حلقه‪0‬‬
‫بداخل الدرج‪ ..‬يعبث‪ ..‬ويتلوى‪ ..‬شيء ما‪ ..‬من رؤية ليست‬
‫ببعيدة يخترق جدار خوفه‪0‬‬
‫إنه ‪..‬عقرب !!‬
‫* ماذا‪ ..‬هل يذكرك بشيء ما‪..‬‬
‫التفت في سرعة نحو مصدر الصوت‪ ..‬كانت " نادية "‪..‬‬
‫علي احد المقاعد بنفس االبتسامة الساخرة التي رآها من‬
‫قبل‪..‬‬
‫ركض نحو باب الغرفة كالمجنون‪ ..‬ولكن الباب انغلق بقوة‬
‫هناك وبجانبه يقف حمدى ‪.‬‬
‫اآلن يعرف ما الذي كان يوجد في عنق حمدى‪ ..‬إنه عروق‬
‫زرقاء تعدو بسرعة لتنتشر كشبكة العنكبوت وتغطي عنقه‬
‫ووجهه‪0‬‬
‫وجاءت تلك الكلمات لتنهي كل شيء‬
‫* لقد اختارك المنزل لتنضم إليه‪!..‬‬
‫أدرك في لحظات أشبه بالغيبوبة أن ما رأه لم يكن كابوسا‪..‬‬
‫العقارب كانت تندفع من كل مكان ‪..‬وحازم يضحك فى‬
‫جنون ‪..‬‬
‫لم يكن كابوسا بل كان أشبه بالنبوءة‪ ..‬نبوءة رهيبة ولكنه لم‬
‫يفهم‪..‬‬
‫وخنقه الصمت‪ ..‬وغمره ظالم الموت‪0‬‬

‫تمت‪ ƒ‬بحمد هللا‬


‫‪Ahmed Arafa‬‬
‫‪LycanLomy@gmail.com‬‬

You might also like