‫اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪،‬‬

‫ّ‬ ‫د‪ .‬محمد حس ين عب د العليم‪ ،‬إثب ات العق د اإلداري اإللك تروني‪ ،‬دار الجامع ة الجدي دة‪،‬‬
‫‪ 2019‬م‪ ،‬ص ‪.188-185‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬موقف نظم اإلثبات من حجية التوقيع اإللكتروني‬

‫وال ش ك في أن التح ول من التوقي ع في ص ورته التقليدي ة إلى التوقي ع اإللك تروني لم يتم بين عش ية‬
‫وض حاها‪ ،‬وإ نم ا اس تغرقت المس ألة ج دالً في الفق ه والقض اء‪ ،‬إلى أن ت دخل المش رع الحق اً بتق نين ه ذه‬
‫بحجية التوقيع في اإلثبات(‪.)1()1‬‬
‫ّ‬ ‫المستجدات‪ ،‬واعترف‬

‫ثم نختم باإلقرار‬

‫والقضائية المبذولة من أجل االعتراف بالتوقيعات اإللكترونية‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ونعرض للجهود الفقهية‬
‫التشريعي للتوقيع اإللكتروني على النحو التالي‪:‬‬

‫حجية التوقيع اإللكتروني‪:‬‬

‫أوالً‪ -‬موقف القضاء من ّ‬

‫القضائية الصادرة منه‪ ،‬قبل إصدار‬

‫ّ‬ ‫بحجية التوقيع اإللكتروني في بعض األحكام‬
‫ّ‬ ‫اعترف القضاء الفرنسي‬
‫تش ريع ينظم التوقي ع اإللك تروني‪ ،‬ويعت بر حكم محكم ة اس تئناف مونبيلي ة ‪ Montpellier‬الص ادر في ‪9‬‬
‫إبري ل ‪ 1987‬م ه و أول حكم قض ائي فرنس ي يع ترف بص حة وحجي ة التوقي ع اإللك تروني‪ ،‬من خالل‬
‫االعتراف بحجية العمليات المصرفية التي تتم عبر بطاقة الصراف اآللي‪ ،‬حيث قررت أن تسجيالت اآللة‬
‫تعتبر دليالً كافي اً إلثبات صحة دعوى المؤسسة المالية المدعية‪ ،‬وأشار الحكم إلى أنه طالما أن صاحب‬
‫البطاقة هو الذي قام باستخدامها‪ ،‬وهو الذي قام أيضاً بإدخال الرقم السري في نفس الوقت‪ ،‬فإنه يكون قد‬
‫وبناء عليه فإن المؤسسة المالية تستطيع أن تقيم الدليل‬
‫ً‬ ‫عبر عن رضائه وقبوله سحب هذا المبلغ المسجل‪،‬‬
‫الكافي على ديونها المستحقة من واقع تسجيالت اآللة التي كان يتعذر قبولها لو لم يكن استخدام البطاقة‬
‫متزامن اً م ع إدخ ال ال رقم الس ري‪ ،‬ه ذا فض الً عن أن ه لم يوج د ادع اء بح دوث أي خل ل في النظ ام‬
‫المعلوماتي‪ ،‬وال عن فقد المدين لرقمه السري‪.‬‬

‫(‪)1()1‬‬
‫عبد الفتاح بيومي حجازي‪ ،‬التوقيع اإللكتروني في النظم القانونية المقارنة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫ويتبين من هذا الحكم‪ ،‬أن القضاء قد بدأ يتخلى تدريجياً عن المفهوم التقليدي للتوقيع القائم على استخدام‬
‫حركة اليد في التوقيع‪ ،‬وتبني نهج اً أكثر مرونة يعتمد على أداء الوسيلة المستخدمة في التوقيع لوظائفه‬
‫األساسية‪ ،‬مما يعني أن الطبيعة اإللكترونية للدليل لم تعد حائالً دون قبوله في اإلثبات(‪.)1()1‬‬

‫بحجي ة الكتاب ة اإللكتروني ة والتوقي ع‬

‫ّ‬ ‫كم ا اع ترفت محكم ة النقض الفرنس ّية قب ل نجلس الدول ة الفرنس ي‬
‫اإللك تروني في اإلثب ات وذل ك في حكم له ا س نة ‪ 1989‬م‪ ،‬حينم ا اعت برت أن البطاق ة البنكي ة يتم التوقي ع‬
‫عليه ا بتوقي ع إلك تروني ص حيح‪ ،‬ألن ه يتك ون من عنص رين رقم س ري ال يعلم ه س وى الموق ع والبطاق ة‬
‫البنكي ة نفس ها ال تي ال توج د إال في حوزت ه‪ ،‬وبالت الي تتحق ق في ه عناص ر التوقي ع الالزم ة لالع تراف‬
‫ّ‬
‫بمضمون أي التزام قانوني(‪.)2()2‬‬

‫أم ا مجلس الدول ة الفرنس ي فق د ق دم تقري راً للحكوم ة الفرنس ّية‪ ،‬بخص وص اس تخدام المح ررات الموقع ة‬
‫الحجي ة للمح ررات‬
‫ّ‬ ‫إلكتروني اً في اإلثب ات‪ ،‬إذا توص ل االع تراف ب المحررات الموقع ة إلكتروني اً ب ذات‬
‫العرفية في اإلثبات شرط ال يشوبها شك في صحة التوقيع‪ ،‬ليعدل الحق اً هذا التقرير ويقر فيه بأن الثقة‬

‫واألمان حول هذه المحررات مضمون بتقديم شهادة من جهة متخصصة في هذا المجال تتضمن اعتماداً‬
‫لصحة التوقيع اإللكتروني ولصحة انتسابه إلى صاحبه(‪.)3()3‬‬

‫حجية التوقيع اإللكتروني‪:‬‬

‫ثانياً‪ -‬موقف الفقه من ّ‬

‫نادى الفقه الفرنسي بضرورة تدخل المشرع لالعتراف بالتوقيع اإللكتروني من حيث قبوله وحجيته في‬
‫اإلثبات‪ ،‬في ضوء عدم كفاية القواعد التقليدية في اإلثبات لتنظيم هذا النوع الجديد من التوقيع قبل صدور‬
‫تش ريع ينظم ه‪ ،‬وك انت االقتراح ات الفقهي ة لالعت داد ب التوقيع اإللك تروني في اإلثب ات تس ير في اتج اه‬
‫ض رورة إج راء تع ديل تش ريعي لقواع د اإلثب ات يق وم على نهج النظ ير ال وظيفي‪ ،‬ويكمن ه ذا النهج في‬
‫تفس ير مفه وم التوقي ع على أوس ع نط اق ممكن‪ ،‬بحيث يتس نى إدراج بعض أش كال التوقي ع الحديث ة في ه‪،‬‬
‫بالحجي ة في اإلثب ات ك ل توقي ع إلك تروني يس توفي بطريق ة موث وق به ا‬
‫ّ‬ ‫وبمع نى آخ ر يش كل توقيع اً يتمت ع‬

‫(‪)1()1‬‬
‫في عرض هذا الحكم تامر سليمان الدمياطي‪ ،‬إثبات التعاقد اإللكتروني عبر اإلنترنت‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.380‬‬
‫(‪)2()2‬‬
‫أيمن سعد سليم‪ ،‬التوقيع اإللكتروني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫(‪)3()3‬‬
‫رحيمة الصغير‪ ،‬العقد اإلداري اإللكتروني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 137‬وما بعدها‪.‬‬
‫ومؤك دة الوظ ائف التقليدي ة ال تي يؤديه ا التوقي ع بص فة عام ة وهم ا‪ :‬تحدي د هوي ة ص احبه‪ ،‬والتعب ير عن‬
‫رضائه عن اإلقرار بمضمون المحرر والتزامه به(‪.)1()1‬‬

‫وعلى الرغم من أن النهج الوظيفي يعتبر أفضل معيار لتعريف التوقيع إال أن المالحظ من هذا النهج أنه‬
‫محصور في دوره‪ ،‬فهو يفيد فقط في قبول التوقيع اإللكتروني باعتباره وسيلة إثبات‪ ،‬تارك اً مسألة حجيته‬
‫في اإلثب ات جانب اً‪ ،‬ومن ثم يجب أال يقتص ر الت دخل التش ريعي على تق ديم مج رد تعري ف وظيفي للتوقي ع‪،‬‬
‫حيث ي ترتب على ذل ك خ روج التع ديل التش ريعي عن هدف ه الرئيس ي المتمث ل في وض ع ح د لحال ة ع دم‬
‫(‪)2‬‬
‫األم ان القانوني ة المترتب ة على تط بيق قواع د اإلثب ات القائم ة على المس ائل الخاص ة بال دليل اإللك تروني‬
‫(‪.)2‬‬

‫وبناء عليه فإن العبرة بالتوقيع تكمن في أداء دوره الوظيفي المتمثل في تحديد هوية الموقع‪ ،‬وتعبيره عن‬
‫ً‬
‫إق راره بنس بة المح رر إلي ه ول و لم يكن بخط ه‪ .‬وأن ه إذا ك ان التوقي ع التقلي دي معرض اً لمخ اطر التقلي د‬
‫والسرقة‪ ،‬فإن التوقيع اإللكتروني متى توافرت وتحققت فيه عناصر األمان‪ ،‬فإنه يصبح من الصعب تقليده‬
‫أو تزوي ره‪ ،‬على نح و يتض ح مع ه أداء التوقي ع اإللك تروني لوظيف ة التوقي ع بفاعلي ة أك بر من التوقي ع‬
‫التقليدي(‪.)3()3‬‬

‫ثالثاً – موقف التشريع من حجية التوقيع اإللكتروني‪:‬‬

‫تنص المادة (‪ )1-6‬من قانون األونسترال النموذجي بشأن التوقيعات اإللكترونية على أنه "حيثما يشترط‬
‫الق انون وج ود توقي ع من ش خص‪ ،‬يع د ذل ك االش تراط مس توفياً‪ ،‬فيم ا يتعل ق برس الة البيان ات‪ ،‬إذا اس تخدم‬
‫توقيع إلكتروني يعول عليه‪ ،‬بالقدر المناسب للغرض الذي أنشئت أو أبلغت من أجله رسالة البيانات ‪."...‬‬
‫)‪(1)(1‬‬
‫‪Didier Gobert, Etienne Montero (2000). La signature dans les contrats et les paiements‬‬
‫‪electroniques: l’approche fonctionnelle, Consult & Training: G O B E R T, Sit:‬‬
‫‪http://www.consultandtraining.com/signature_daor.pdf.p.5‬‬
‫)‪(2)(2‬‬
‫‪Zahi Younes (2002). L’incidence des nouvelle technologies sur le droit traditionnel, des‬‬
‫‪actes juridiques, These Paris I, p 291.‬‬
‫(‪)3()3‬‬
‫محم د محم د أب و زي د‪ ،‬تح ديث ق انون اإلثب ات "مكان ة المح ررات اإللكتروني ة بين األدل ة الكتابي ة‪ ،‬مرج ع س ابق‪ ،‬ص‬
‫‪.446‬‬
‫يتض ح من الس ابق أن ه س اوى بين التوقي ع الع ادي والتوقي ع اإللك تروني بش رط أن يخض ع األخ ير لنظ ام‬
‫التصديق اإللكتروني الذي يعد وسيلة لتوثيقه‪.‬‬