Professional Documents
Culture Documents
مسيرتي في البحث
مسيرتي في البحث
مسيرتي في البحث
يوسف بن ألِعازَر
مقدمة بقلم
د .سليم من ّير
مدير مؤسسة المصالحة
الترقيم الدولي
ISBN: 978-0-87486- 851-7
ويرتعشون بسبب ما يرونه ،كما يرتجون بأمل وأسى متسائلني" :من أين سيأتي
محتويات الكتاب
املقدمة 6 ...............................................................................
المقدمة
عرفت نفسها على أنها ابنة يوسف بن هذه حالة استثنائية .لقد ّ
أل َ
عازر وأخبرتني بجزء من قصة حياة والدها. ِ
عازر وهو يختبر إرهاب النازيين عند نشأ يوسف بن أل َ
ِ
صعودهم للسلطة .وقد هرب من أوروبا ليأتي إلى فلسطين وينضم
إلى الفرق اليهودية التي حاربت من أجل تأسيس دولة يهودية .وكان
هدفهم توفير ملجإ آمن لليهود املضطهدين في أوروبا .وكان ممتلئا
بالحيوية والحماسة ،فوجد يوسف نفسه يحارب في صفوف
ّ
القوات التي هزمت املدينة الفلسطينية اللد ،وهي مسقط رأس ي.
األحداث ندوبا كبيرة ،يجب أن يتم االعتراف بها وأن يتم فهمها
واحترامها ومعالجتها.
د .سليم ّ
منير
مدير مؤسسة املصالحة
Musalaha Ministry of Reconciliation
http://www.musalaha.org/ar.asp
11 مسريتي يف البحث
1
ذكريات الطفولة
حقيقا من املجتمع األملاني .أما نحن فلم نكن نشعر وكأننا في بلدنا
ولدت كان عمر أخي "ليو" أحد عشر وأختي "لينا" ُ هناك .وعندما
ُ
عشرة .فأصبحت الطفل املدلل في األسرة مدة سنة ونصف .وحتى
يودت" كان االهتمام ما زال ينصب ّ
علي بعد والدة أختي الصغيرة " ِ
والدي آنذاك منّ بسبب حالتي املرضية املستمرة .وقد تمكن
تأسيس حياة مريحة الى حد ما ،فلذلك تلقيت دالال مفرطا وأنا
طفل .وكان لدينا الكثير من أقارب والدتي يقاسموننا الدار ،وكنت
ألعب مع أبناء خوالي كثيرا.
ّ
السامية "Anti-Semitismكانت وأولى ذكرياتي عن "معاداة -
عد ُت مرة الى البيت ُوم ِرددا التعبير
حينما ارتعبت أمي عندما ّ
" "Dreckjudeالذي معناه "يهودي حقير" .فكنت على األرجح،
وكطفل بعمر 2سنوات ،قد تعلمته من أصدقائي في اللعب دون
علمي بمعناه .بعدئذ شاهدنا من نافذة منزلنا الشرطة النازية SA
حين كانت تمر من شارعنا منشدة" :عندما سيسيل الدم اليهودي
من سيوفنا...الخ "...فباإلضافة الى خوفي كنت أالحظ الرعب في
ّ
والدي كذلك. أعين
فلما جاء هتلر الى سدة الحكم في يناير 0122م ،كان أهلي
على اقتناع كامل بضرورة مغادرة أملانيا .وفي شهر أبريل ذهب أبي الى
فلسطين إليجاد منزل لنا هناك .وكنا نترقب منه جوابا بلهفة وقلق
بالغين؛ وانتظرنا مدة ثمانية أشهر .لكنه وفي نهاية املطاف لم
يتمكن من ضمان رخصة دخول لنا الى فلسطين من السلطات
البريطانية آنذاك .وأبلغنا بأننا يجب أن نلتقي معه في بولندا
إلحساسه بعدم وجود األمان له في أملانيا .وبعد جمع بهيج لشمل
أسرتنا في محطة القطار في ريزخوف Rzeshovتوجهنا الى مدينة
أمي األصلية روزفادوف Rozwadowحيث قضينا الست سنوات
التي تلت.
13 مسريتي يف البحث
ليو مع صديقه
ويوسف مع صديقه
خارج منزلهما
في روزفادوف
2
روزفادوف -الحياة في المدينة
والدسائس وغيرها من هذه األمور .ولم يكن لليهود كامل الحقوق في
بولندا غير أننا لم نكن مقيدين في عالقاتنا مع البولنديين .وبحكم
ّ
والدي ،فأنا على يقين من أنهما كانا قد تعامال غالبا مع عمل
بولنديين ،غير أنني كطفل لم يكن ّ
لدي أية عالقات .وبالحقيقة
فأني تعلمت اللغة البولندية أوال عندما باشرت في املدرسة .وقد
بدأنا نتجنب الكنيسة الكاثوليكية عندما سمعنا بأنها تعبد
األصنام .وكنا دائما متخوفين من املسيحيين والسيما في عيد
الفصح .ألنهم كانوا يعتادون -وبعد خروجهم من القداديس في
الكنيسة -على االعتداء علينا وعلى االنتهاك والذبح والفرهود
ومحاولة اقتحام املحالت التجارية .لذلك كنا نعتاد على إحكام غلق
محالتنا أثناء فترة عيد الفصح أو غيرها من األعياد املسيحية.
ُ
استفتحت بها أيامي في مدرسة ال "خيدر" وأنا في عمر 4سنوات.
وحاملا كان املعلم يترك الصف كان ّ
يعم الهرج واملرج بين ال - 05
31فتى .وحتى عندما كان في الصف ،كان بعض الفتيان يلعبون
الورق تحت الطاولة رغم تعريض أنفسهم لخطر القصاص
بالضرب .وأتذكر أيضا كيف كان أحد الفتيان األكبر سنا يجمع
النقود من الفتيان اآلخرين -بائعا شجرة لكل منهم في فلسطين .أما
أنا فلم َأر شجرتي قط ولكنني بالتأكيد تعلمت بعض الحيل
التجارية منه.
وعندما كنت في السابعة من عمري ترتب ّ
علي الدوام في
ّ
والدي وأخي وأختي كيفية مدرسة بولندية ،فلذلك علمني كل من
َّ
اإلجابة على بعض األسئلة البسيطة مثل :ما أسمك؟ أين ولدت؟ ما
أسم أباك وأمك؟ وما الى ذلك .وتعلمت ،في ذلك الوقت ،املبادئ
األولية للغة البولندية وكنت جيدا في درس الحساب إال أنني ال
أملك ذكريات سعيدة في تلك املدرسة .وبغض النظر عن صعوبات
اللغة فإن الطالب البولنديين بل وحتى املعلمين كانوا ينظرون نظرة
احتقار الى األطفال اليهود والتي بدورها جعلت من حياتنا حياة
بؤس.
ّ
نتجمع فيها وفي بيتنا لم يكن لنا على األغلب وجبات طعام
كلنا كأسرة .بل الذي كان يحصل هو أن أمي أو لينا كانت تسرع
ّ
لتحضر شيئا يأكله األوالد .غير إن الحال في املساء وتأتي من الدكان
ِ
كان يختلف ،فكان أكثر ّ
تجمعا نوعا ما .وكنا نغلق دكاننا أيام اآلحاد
لنذهب في نزهة .أما رجال األعمال فكانوا يذهبون الى النهر .وفي أيام
السبت لم يعتاد اليهود أداء أي عمل ولم نكن نتمش ى ملسافات
18 مسريتي يف البحث
طويلة ،ولكننا كنا نغتنم الفرصة لنقوم بمثل هذه األمور أيام
اآلحاد والعطل الرسمية .وأتذكر جيدا نزهات عائلية سعيدة عند
نهر "سان" باإلضافة الى السفرات.
3
الحياة الدينية
سخونة الدرجات األعلى .وبعد الساونا كنا نغمر أنفسنا بماء بارد،
ونترك الحمام نظيفين حقا -خارجيا وداخليا .وبعدئذ كنا نرتدي
أفضل مالبسنا ونعود الى البيت إليقاد شموع الشابت .وكانت
ممارسة هذه الطقوس قد أثرت فينا بعمق ،وغالبا كانت تغرورق
عينا أمي بالدموع وهي توقد الشموع.
وبعد إيقاد الشموع كنا نذهب أنا ووالدي وليو الى الكنيس
لتأدية صلوات املساء .وكانت األلحان العريقة التي كان الشماس
يؤديها تخرق فؤادي (الشماس هو خادم الكنيس .)Vorbeterوكنت
أفهم مجرد بعض من الكلمات العبرية إال أن ألحان ومشاعر تلك
الصلوات املنغمة كانت تعبر بكل وضوح عن االضطهاد واملعاناة التي
قاساها شعبنا ،وعن شوقه هلل وللخالص .وال أزال أعيش تلك
األمسيات التي كنا نقيمها أيام الجمع لحد اآلن عندما أسرق نفس ي
ألختلي وأستمع لتسجيالت يوسيل روزنبالت Yossele Rosenblatt
على أشرطتي املخشخشة.
الشابت فكنا ننام .وبعد وجبة فطور َ أما في صباح يوم
خفيفة -مثل كعكة القهوة -كانت األسرة كلها تذهب الى الكنيس.
ّ
صبحيات أيام وكانت أمسيات أيام الجمع تتميز بالرزانة ،أما
السبت فكان فيها طابعا أكبر من األجواء االجتماعية .وكم كنت
أحب رؤية القارئ ،في الكنيس ،يفتح الدوالب الخاص لحفظ
لفائف التوراة ،ومشيرا الى أورشليم .وكان يرفع الغطاء املخملي
بحسب األصول ويضعه على منبر الوعظ في وسط الكنيس .وكان
يتم دعوة أبي أو غيره من الرجال ملساندة القارئ والتي كانت تعتبر
دعوة شرف.
4
الجـــئــون
لم ُيسمح لنا باالجتماع في الكنيس ،أو بإجراء أي تجمع .ولكن ألنه
كان يوم الغفران Yom Kippurلذلك تجمعنا في أحد البيوت حيث
أقمنا الصالة .وال يسعني أبدا نسيان تلك الدعوات امللتهبة
والصارخة هلل من أجل تدخله ليسترنا .فلم يعلم أي أحد منا ما
كان بانتظارنا إال ان كل واحد فينا كان يتوقع حدوث األسوأ.
بعد مض ي شهر على وصول األملان ،تم إصدار أمر لكل اليهود
ليتجمعوا في ساحة السوق في غضون ساعة واحدة .لم يخبرنا أحد
عما كان سيجري ،إال أننا أحزمنا ما نستطيع حمله على ظهورنا من
أمتعة .فأمرنا الضباط األملان -من قوات ال SSعلى ما أفترضه
اآلن -على السير باتجاه نهر "سان" .فكانوا يصرخون ويسوقون تلك
الصفوف الطويلة من الرجال والنساء واألطفال وهم يحملون كل
ما أمكن حمله من أمتعة .وساق أحدهم دراجته البخارية باتجاه
الطوابير مضايقا الجميع ليسيروا أسرع .كما وضرب والدي بحربته.
وال أظن بأن والدي قد تأذى كثيرا ،إال أن املشهد أثر ّفي داخليا.
وعندما وصلنا أخيرا الى نهر سان كان هناك املزيد من
الجنود .وال أتذكر كيف عبرنا النهر ،ولكنني أتذكر كيف صار الجنود
يفتشوننا ويأخذون كل ما له قيمة منا .وكما إعتاد أبي أن يتنبأ بما
خيط نقودنا باملالبس الداخلية ألختي الصغيرة. كان قد يحدث فقد ّ
وقد صار الكثير من الناس فارغي اليدين ،ولكننا تمكنا ،والشكر هلل،
27 مسريتي يف البحث
أما الجانب الشرقي لنهر سان فكان وكأنه ال ينتمي الى أية
تبين بأن كل من هتلر وستالين كانا ال يزاالن يتجادالن دولة .فقد ّ
حول من سيأخذه .وقد تمكنا من إيجاد مأوى مؤقت في إحدى
القرى هناك .وملا كان مستقبل املنطقة مجهوال لم يرد أحد املكوث
هناك لوقت طويل ،ألننا لم نكن ندري فيما إذا ستكون املنطقة
تحت سيطرة األملان أم الروس.
ووقف الى جانبه أحد أبنائه والتقط حجرا .أما اللصوص فقد
أخذوا إحدى الدراجات الهوائية من العربة وتواروا وتركونا نمض ي
في طريقنا.
28 مسريتي يف البحث
ال أتذكر أننا ذهبنا الى الكنيس في مدينة لفوف؛ وفي الواقع،
فأنا ال أتذكر وجود أية حياة دينية هناك على اإلطالق .فأظن بأننا
جميعنا كنا منشغلين ومهتمين بالنجاة طوال تلك األشهر الستة.
لكن حتى نحن الصغار شعرنا بأن ذلك كان هراء؛ وصرنا حتى
نجادل املعلم سائليه" :من خلق العالم إذن؟" ولكن ،من ناحية
أخرى ،كان يتعين علينا أخذ الحذر ألن الكثير من الناس عانوا من
جراء النفي الى سيبيريا -إن لم يكن أسوأ -وذلك نتيجة ملعارضتهم
ستالين.
5
النفي الى سيبيريا
ض وقت طويل بعد تسجيلنا للعودة الى بولندا ،حتى حدث لم يم ِ
منع تجول في مدينة "لفوف" .فتحتم علينا االنتظار والبقاء في بيتنا.
أخيرا جاءنا بعض الجنود ومعهم ضابط من قوات األمن .فأمرونا
بالذهاب معهم في غضون عشر دقائق .وكان يوما من أيام الصيف
الحارة وحملنا كل ش يء مما تبقى لنا في عربة ِحمل كانت تنتظر
خارج الدار .ثم جلسنا مع حوالي أربعين شخصا آخرا على الحقائب
وأخذونا الى محطة القطار.
ربما تطنون بأنكم لن تبقوا هنا طويال .ولكنني أنا هنا منذ
35سنة خلت وأؤكد لكم بأنني لم َأر أحدا قد غادر هذا
املكان .فاألفضل لكم أن تتأقلموا معه .فإن فعلتم هذا
ستنجون؛ وإال سيقض ي نحبكم.
محجوزة لغيرنا من هم أكثر حظا .فانتهى األمر بنا في آخر دار في
الصف.
وكان يوجد دكان في ذلك املكان ،وكانت لنا الحرية لشراء ما
كان متوفرا .وكانت األجور بالحقيقة كافية ملعيشتنا -طاملا كان
37 مسريتي يف البحث
وفي أحد أيام ربيع 0140م عاد الوالد الى البيت من عمله
الروتيني الصباحي وهو يحس بوعكة صحية .وبدا عليه االرتباك.
فارتمى على السرير وإذا به غائب عن الوعي تماما ،ويسيل اللعاب
من فمه .واحتدمت أمي غيظا ولم تعلم ما كان بوسعها أن تفعله.
فنادت على الرجال الذين كانوا ينشرون الخشب قرب بيتنا
فأسرعوا في طلب النجدة .وكانت واحدة من الالجئين طبيبة والتي
كانت تساعد حتى الطبيب الروس ي الرسمي للمعسكر على أنه لم
يكن بالحقيقة طبيب بل كان له نوع بسيط من التدريب الطبي.
على كل حال ،جاءت الطبيبة إلينا ،ونخست قدم أبي بإبرة ،ولكنه
لم يستجب ،فأكدت لنا بأن والدي جاءته جلطة ولم نعلم آنذاك
فيما إذا كان سيشفى أو ال .لكن األمر كان وقعه فظيعا على أمي.
أما ليو ولينا فقد عمال في معسكر آخر بعيد عنا ،فذهب
رجل يخبرهما عما جرى .فوجد أختي وأخبرها بأن الوالد ليس في
صحة جيدة ،ولكنها لم تدرك مدى خطورة ما كان يقوله ،في
أباك" .فأسرعت في الحال
البداية .لكنه قال لها أخيرا" :قد يموت ِ
إليجاد ليو وتركا مكان عملهما خلسة وركضا الى البيت مسافة - 01
عرضا نفسيهما الى خطر 03كيلومتر .ومما الشك فيه ،إنهما قد ّ
إرسالهما الى معسكرات العمل اإلجبارية حين غادرا من غير
استئذان.
6
سمرقند -الجوع والمرض
أقدمه لها .وكم تمنيت من يومها أن أعود ألعيش تلك األيام ثانية
ألخدمها مثلما كانت تخدمنا .لكننا استطعنا من تقديم خدمة
واحدة أخيرة لها .فقد ذهبنا كلنا ودفناها في املقبرة اليهودية .وحفر
أبي أسمها على حجر القبر.
يودت يتيمين (أي فاقدي أحد وبعد هذا صرنا أنا واختي ِ
الوالدين) واستطعنا الذهاب والدوام في امليتم البولندي .وارتأى
والدي أن نذهب هناك لنحصل على رعاية أفضل ،فذهبنا .وبالرغم
من أننا كنا بولنديي الجنسية ونتقن اللغة إال أننا لم نحس وكأننا
في بلدنا بين أولئك البولنديين الكاثوليك .فكانت صلواتهم تذكرنا
باملذابح التي أصابت األحياء اليهودية ملدينة روزفادوف .وبدا األمر
لنا بأنهم كانوا يصلون للتماثيل -والتي كانت تعتبر وثنية بالنسبة لنا
-فأبقينا أنفسنا على مسافة منهم ومتحذرين منهم.
7
أطفال طهران
عدم رؤيتي لكل واحد من أفراد أسرتي ثانية .على أنني أحسست
بعدئذ بتأنيب الضمير ألني تركت والدي.
الشاحنات تترنح على طرقات الجبال كان مرض ي يشتد ولم أقدر أن
وزاد األلم في معدتي .وكنت أصرخ من أمسك نفس ي عن التقيؤَ .
رمي نفس ي من الشاحنةشدة األلم .ودفعني سوء حالتي الى محاولة ّ
إال أن أحدهم أمسك بي والحمد هلل .وأعتقد بأن الطريق الى طهران
استغرق أكثر من يوم كامل ،ألننا توقفنا في طريقنا عند مكان ما
لنبيت الليل فيه .وكان يوجد معسكر للجيش البولندي قرب طهران
واحتوى قسما خاصا لأليتام اليهود .وجرى تصنيفنا وتوزيعنا الى
ُ
فسكنت مع 51 - 41ولدا في مجاميع بحسب العمر والجنس،
خيمة كبيرة ،حيث نمنا على الحصران .وكان في وسط تلك الخيم
اليهودية دكانا يبيع سلعا متنوعة ومطبخا لتحضير الطعام.
ثالثة عشر ،وال أعلم كيف كان سيكون لي النجاة من دونها .لذلك
سأبقى شاكرا لها ومن أعماقي على أسلوب معاضدتها لي.
ُ
فكنت دائما أطلب الهمبركر من الطعام من مطعم الجنود.
والبطاطا وسرعان ما أخذ وزني يزداد.
يمض وقت طويل حتى تمرضت ثانية وتم إرسالي ِ ولكن لم
الى املستشفى .وتم تشخيص مرض الجرب ّ
لدي ،الذي كان منتشرا
في املخيم ،فوضعوني في قسم َ
الح ْجر .وبينما أنا كنت هناك سمعنا
بخبر سفرنا كلنا الى فلسطين .فأصابني الهلع لخوفي من أن تسافر
ُ ُ
فتوسلت لكي يأذنوا لي بترك املجموعة من دوني واترك هناك.
املستشفى .وأخيرا تمكنت من الخروج ليس أكثر من يوم أو يومين
قبل موعد مغادرة املجموعة.
أما على ظهر البارجة فكنا ننام على األراجيح الشبكية ،عدة
أوالد معا .وأتذكر تذوقي ملربى البرتقال ألول مرة هناك ،وتعلمنا
53 مسريتي يف البحث
ال أذكر الش يء الكثير عن كراجي سوى أنها كانت حارة جدا.
فقد مكثنا هناك في مخيم يقع على حدود كراجي والبد أننا تعلمنا
املزيد من األغاني والرقصات من مرشدينا .وكنت قد استعدت
شهيتي لألكل آنذاك إال أن الطعام كان يوزع على شكل حصصا
ُ
فلذلك كنت دائما أشعر بالجوع .وبعد 2أو 4أسابيع ركبنا البحار
ثانية وأبحرنا بمحاذاة مدينة عدن ثم البحر األحمر ورسينا في
مدينة السويس .ثم سافرنا من هناك بواسطة قطار الى فلسطين.
54 مسريتي يف البحث
8
فلسطين
* كيبوتس هو عبارة عن مجمع سكني تعاوني يضم جماعة من املزارعين أو العمال اليهود الذين
يعيشون في بقعة جغرافية واحدة ويعملون معا ويتقاسمون تكاليف املعيشة األساسية.
57 مسريتي يف البحث
يودت .وكان يعقوب يعرف ويفهم العالم أكثر مني، املفضلة ألختي ِ
وكان يعرف كيف يستفاد كل االستفادة من أي موقف يصادفه .إال
أنه كان مثيرا للدهشة :فمن جهة كان يستغل اآلخرين بدهاء والى
درجة السخرية؛ ومن جهة ثانية كان صديقا وفيا جدا لي.
على أية حال ،كان الكثير منا غير سعيد في تلك املستوطنة
التعاونية .وقد أرسلنا وفدا الى أورشليم بعد مض ي ثمانية أشهر
لنعبر من خالله عن عدم ارتياحنا .فقرروا نقل األوالد األكبر سنا
من هناك وإبقاء الصغار .فذهبت مع األكبر سنا – ما بين َ 04و 05
61 مسريتي يف البحث
يعقوب ويوسف
9
في إعدادية الزراعة
وبستانا يحوي جميع أنواع األشجار .وحتى كانت لهم حديقة نباتية
تضم الكثير من النباتات الفريدة من نوعها.
أملانيا .وكان أولئك األوالد بعمرنا ،حتى يمكن أصغر ،غير أنهم كانوا
هزتيبدون كالعجزة ،من حيث أسلوب كالمهم وتصرفاتهم .وقد ّ
هذه األمور َبدننا كلنا.
باإلضافة الى ذلك ،كانت لهم فكرة مثالية عما كان يجري في روسيا،
بلد االشتراكيين.
صبي في الخامسة عشر من العمر ،أن ال ألتزم حتى بهذا .ولم تكن
هذه املناسبة شيئا صغيرا لدى املتدينين ،فكان ُيعد يوم الغفران
تجربة رائعة ومدهشة ،غير أنني قررت عدم الصوم في يوم الغفران
بل أضئت املصابيح وشربت ما شئته .فلم أرد أن يكون لي أية
عالقة به .فكنت أعتقد بضرورة تطبيق كل ما أراه صحيحا -وليس
التكلم عنه فقط – وكنت على استعداد لقبول عواقب األمور.
األخيرة من حرب االستقالل .وقد جاء والده إلى إسرائيل بعد أن
نجا من معسكرات االعتقال فوجد ابنه مقتوال.
11
ويبدأ البحث
بعربته التي يجرها حصان .وملا كان على الناس بدء أعمالهم مبكرا
بسبب حرارة الجو ،اضطر املزارع الى توزيع الحليب في الفجر حين
كان الناس ما يزالون في بيوتهم .وكان ّ
علي النهوض مبكرا في الصيف
وفي الساعة الواحدة في منتصف الليل لحلب األبقار .وأما في
الشتاء فكانت في الساعة الثالثة .وقد أعطاني غرفة وطاولة وأجرا
صغيرا .فكان ذلك أول عمل لي وأصبحت سعيدا جدا لتمكني من
الوقوف على ّ
رجلي واالعتماد على نفس ي.
لقد عملت في تلك املزرعة ملدة أربعة أشهر تقريبا ،وفي بداية
األمر كانت األمور تسير على ما يرام .إال أني صرت على خالف مع
زوجة املزارع وكان ّ
علي املغادرة فجأة .فقد قلت لها أني ال أقدر أن
أعمل لها بعد ،فإذا بي تراني أبحث عن عمل مرة ثانية.
وقد صار بيت خالي حايم وعمتي ايلزا مثل بيتي الثاني .وكنت
أزورهم دائما ومتى سنحت لي الفرصة بذلك حينما كنت أداوم في
ميكفة أو في املزرعة التعاونية .فكنت أحس هناك كما لو كنت في
بيتي وقد عاملوني كابنهم تماما .وتميز حايم سيمحا بأنه كان باهرا
ويملك رؤية واسعة األفق عن العالم .وكان متدينا ،لكنه كان ُيعتبر
في أوساطه على أنه شخص متفتح -العقلية ومفكر عميق .وكان
رجال محترما جدا وإعتاد الناس على زيارته من أجل املشورة حول
أمورهم الشخصية أو حول املشاكل في القرية.
وأكثر من تأثير حايم سيمحا ّ
علي كان تأثير ابنه سامي ،فقد
أثر ّفي بصورة أكبر وأعمق .فقد كان سامي يكبرني بخمس سنوات،
ولكنه كان دائما يعاملني كصديق له ،ال فرق بيننا .وحين تركت
مزرعة األلبان التجأت الى سامي لطلب العون ،ألنني لم أفقد عملي
فقط بل غرفتي أيضا .كان لسامي سكنه الخاص في تل أبيب؛
وسمح لي بالسكن معه ومن ثم ساعدني على إيجاد سكن لي .فكان
يقاسمني في كل ش يء ولم يطبل كثيرا على فضله ّ
علي .فأعجبتني
هذه الروحية السخية للغاية.
11
القتال في سبيل البلد
حين أدلت كل دولة بصوتها .واستمر التصويت ملدة طويلة حتى انني
سكنت في منطقة تبعد حوالي ثالثةُ ذهبت للنوم أخيرا .وقد
كيلومترات عن مركز مدينة تل أبيب .إال أنني سمعت ضجيجا
فجائيا عاليا في منتصف الليل .فأدركت بأن تصويت األمم املتحدة
انتهى لصالحنا ،فنهضت من فراش ي واستأجرت سيارة أجرة متوجها
الى تل أبيب .فكانت املدينة في ّ
أجل اغتباط لها .وكانت اآلالف
ْ
وفتحت بعض املحالت أبوابها لتقديم املشروبات تجوب الشوارع.
مجانا؛ واصطف الناس يبتهجون .وكانوا يرقصون في كل مكان
وسط املدينة.
يعدون العدة للمغادرة ولم يهتموا ملا كان يجري من أحداث بل
غضوا الطرف عنها.
وكانوا يتدخلون أحيانا لصالح إحدى الجهات .وعلى ّ
مر عام
0148م كان القتال دائرا في كل أرجاء البلد بين اليهود والعرب
ملحاولة السيطرة على مختلف املدن أو مراكز الشرطة التي كانت
للبريطانيين سابقا.
في ذلك الوقت نفسه ،لم أكن على علم بعودة والدي الى
كنت ّ
أفضل أملانيا ساملا ،أي لم تكن لي أية أسرة .فلهذا السبب ُ
املوت في سبيل قضية كهذه بدال عن أي مواطن آخر له أهل أو
أسرة ،فلذلك كنت أحاول التطوع في الجيش ألية مهمة كانت تبدو
خطرة .فبهذا تدربت على زرع األلغام وما شابه ذلك .ولم أكن ذو
خبرة كبيرة في األمر بل مجرد لكوني كنت في وحدة املتفجرات في
سرية "اإلسكندروني "Alexandroniفي كتيبة رقم 22من الجيش.
فقبلوني وجئت للقتال جنبا الى جنب معهم .ولكن بعد بضعة أيام
من إعالن دولة إسرائيل ،طلبوا منا العودة الى وحداتنا العسكرية.
فقرر آمرنا أخذ جماعة صغيرة معه والرجوع الى كفر سابا
لطلب التعزيزات .فذهبت معهم إلرشادهم على الطريق الصحيح
الذي تخللته األلغام التي زرعتها أنا بنفس ي .وفي أثناء رجوعنا هجم
العرب على الجنود اإلسرائيليين املحاصرين من وحدتنا العسكرية؛
ُ ّ
وألقيت فقتلوا الجنود الجرحى ومثلوا بهم (أي شوهوا جثثهم).
باللوم على نفس ي لتركي إياهم هناك لوحدهم ،حتى لو لم يكن
هناك أي ش يء يمكن القيام به إلنقاذهم .فأصابتنا الصدمة
81 مسريتي يف البحث
طبعا ،لم يكن هناك وقتا كافيا للتفكير بعمق في أمور كهذه.
ففي ذلك الوقت ،لم أفكر بش يء إال بكيفية تقديم املزيد من
العطاء .وكان هناك شابا في وحدتي يدعى "شموئيل َجتر Schmuel
من كانوا يستعدون "Getterوكان ينتمي الى مجموعة من الشباب م ْ
ِ
لتأسيس كيبوتس ،فأراد االنضمام الى بقية تلك املجموعة والتي
كانت كلها جزء من قوات َبلماخ Palmachوهي بدورها كانت تعتبر
أفضل نخبة عسكرية في الجيش .فمن ناحيتي ،كنت آمل رؤية
أعمال وتحركات أكبر مع َبلماخ .فتركنا وحدتنا العسكرية معا
ووجدنا الوحدة األخرى التي كان أصدقائه يخدمون فيها .ولم أرد أن
82 مسريتي يف البحث
أقل لهم بأن اسمي كان يوسف ناخت لئال يكتشفوا حقيقة انتمائي
الى وحدة عسكرية مختلفة .لذا قلت لهم بأن اسمي كان يوسف بن
عازر "Ben-Eliezerهو ابن أل َ
عازر الذي عازر .ومعنى اسم "بن أل َ
أل َ
ِ ِ ِ
كان حقيقة صحيحة .وفعلتها ارتجاال في حينها من أجل تلك
اللحظة ،إال أن اسمي بقي بن أل َ
عازر منذ ذلك الحين. ِ
ُ
وتوسلت إلعادتي الى وحدتي السابقة - االشتراك بمعارك أقوى.
وحدة املتفجرات ،والتي كانت تحشد صفوفها في الوقت نفسه
لغرض القيام ببعض العمليات في صحراء النقب .وكان ذلك في
أواخر عام 0148م تقريبا .وكانت ،وحسبما أظن ،آخر معركة ضارية
للحرب.
12
جمع الشمل
وقد دعاني أبي للمجيء الى أملانيا .والوصول الى أملانيا كان
سهال في تلك األيام -وحتى الى أوروبا -ولم يعلم أحد بموعد
وصولي .وقد تمكنت من السفر جوا الى باريس ،ومن ثم وبطائرة
صغيرة ذات 31 - 05راكبا الى بلجيكا ،ومنها تابعت السفر الى
فرانكفورت .وكان هذا هو الطريق الوحيد الى فرانكفورت ألنه لم
ُ
تعجبت ،بعد سنين يكن بمقدورك الذهاب من خالل باريس .وقد
عديدة الحقة ،من مساحة مطار فرانكفورت الجسيمة؛ ألن مبنى
املطار كان مجرد كوخ صغير آنذاك .وعندما تركت إسرائيل لم أقدر
أن آخذ معي أكثر من 01جنيهات إسترلينيه ،حتى أني أنفقت أغلبها
في الطريق .فكنت وبكل بساطة أسأل الناس عن إرشادات الطريق،
ومتنكبا حقيبة الظهر وماشيا أبحث عن بيت أبي.
الثائرة .وفي لحظة وغمضة عين تطايرت كل هذه األمور ولم يكن
هناك حاجة للحديث عنها بعد .وكان مستعدا لعمل أي ش يء
ملساعدتي .وأتذكر كيف أخرج ،وبكل افتخار ،ساعة ذهبية ثمينة
أعدها خصيصا لي كهدية لترحيبي .وبمجرد أن رأيت أبي وأخيقد ّ
وأختي على قيد الحياة ساعدني ذلك على التغلب على مشاعر
الذنب ّ
لدي جراء تركي لهم في سمرقند.
ومجرد وجودي في أملانيا كان زمنا مهما بالنسبة لي .ألنني لم
ألتق بأي شخص أملاني منذ طفولتي وكانت لدي فكرة سيئة عنهم ِ
وأنهم كانوا مهووسين مرضيا أو أنهم حيوانات .وإال فكيف لهم أن
يرتكبوا فظائع مذابح اليهود؟ ...لكن العيش والعمل مع األملان بدأ
يلين ويخفف هذه النظرة .فكان أستاذ بناء القرميد الذي اشتغلت
عنده شخصا لطيفا ،وإنسانا عاديا تماما .لكن مجرد التفكير بأنه
كان يمكن أن يكون نازيا أو حتى في قوات ( SSأي القوات الخاصة
في الجيش النازي) كان يرتعش له البدن .ومما الشك فيه أن
أشخاصا مثل "أدولف هتلر َ "Adolf Hitlerو "هاينريش هيملر
91 مسريتي يف البحث
كان ّ
علي أن أتذكر ذينك الصبيين (الجنديين اإلسرائيليين) من
مدينة اللد.
ألنه في تلك الحاالت التي ينعدم فيها التقيد الخلقي ،نرى الناس
يتحولون فيها الى ما أشبه باملهووسين املرض ى.
وفي الوقت نفسه ،كنت أعلم بضرورة عدم نسياني ملا حدث
في مذابح اليهود .فقد مات اثنين من أوالد عمي في أحد معسكرات
االعتقال؛ وقد ماتت أمي ولقى العديد من الناس اآلخرين حتفهم
بسبب الجوع واملرض في روسيا .وقد اشتريت كتابا يحتوي على
صور من مشاهد مختلفة عن مذابح اليهود .وكنت أتصفحه
باستمرار ليس لش يء وإنما مجرد ألتذكر .واآلن ،فقد انحفرت هذه
الصور بذاكرتي.
اليهود في واشنطن ،إال أنني لم أقتدر على الذهاب إلى هناك .وقبل
عدة سنوات قمت بزيارة "متحف دياسبورة "Diaspora Museum
في تل أبيب -إسرائيل ،ولكنني لم أقتدر على البقاء هناك طويال؛
ّ
التحمل .هذا وأن الصور التي ألن الصور كانت أكبر من طاقتي في
في ذهني هي كذلك ش يء أكثر مما أتحمله أحيانا .وأنا ال أرتعد لحال
أولئك الذين تأملوا فقط بل أيضا لحال أولئك الذين فعلوا تلك
األعمال الرهيبة .وأرتعد لوجود قوة مقتدرة تعمل في العالم والتي
تجعل الناس يفعلون أشياء رهيبة كهذه.
92 مسريتي يف البحث
ويودت
يوسف ِ
13
ويستمر البحث
وكنت أحس أيضا بأنني وأيضا الشعب اليهودي بأسره ،كان لدينا
هدف ومصير نسعى لتحقيقه .أما هللا فلم يكن لدي أيمان به،
لكنني أردت العيش من أجل ش يء أكبر مني.
عندما رجعت الى إسرائيل ،بدأت أسأل نفس ي" :ملاذا أحاول
دائما أن أكون مختلفا عن أي شخص آخر؟" فقلت في نفس ي بأنني
ّ
والتكيف مع املجتمع العادي مثل يجب أن أحاول مجرد االنخراط
اآلخرين .فقمت بزيارة صديقي القديم يعقوب فنكلشتاين الذي كان
شخصا يعرف كيفية التأقلم مع الدنيا أكثر مني .فقررنا املباشرة
بمصلحة تجارية معا .وكان عندي شيئا من املال من أبي ،أما هو
فكان يعرف كيفية تسيير املصلحة .فاشترينا عددا من مكائن صنع
البوظة ،وأعدينا محال تجاريا لها .ولكوني كنت سابقا في الجيش
فكان بمقدوري الحصول على التصاريح املطلوبة للحصص
التموينية.
فصرت أفتش أكثر وأكثر بين املثل العليا وبين املثاليين .أما الحركة
الصهيونية االجتماعية فلم تجذبني .فقد رأيت أن األجواء قد تغيرت
باملقارنة مع حركة كيبوتس األولية حين كان على الصهيونيين
الشباب التغلب على جميع أنواع املخاطر والعقبات ليكسبوا قوتهم
اليومي .ففي املدة التي قضيتها في قوات َبلماخ رأيت جميع أولئك
95 مسريتي يف البحث
باستمرار ،أصواتا نبوية تدعو الناس إلى العودة الى هذه املهمة
ُ
وكنت ال أزال حينها مقتنعا باإللحاد ،إال أن شيئا ما من املتميزة.
ذاك القبيل بدأ يعمل في داخلي.
وربما كان يشير بذلك الى مثاليات أيام شبابه أو ربما الى ابن عمي
"اليبش ."Leibichففي العشرينيات ذهب اليبش الى فلسطين ،وقد
طرد من البلد العتناقه الشيوعية .فرجع الى بولندا ،لكنه ذهب في
نهاية املطاف للقتال في حرب إسبانيا األهلية ولم َي ْ
عد مطلقا .فربما
كانت توجد هناك خاصية وراثية وراء كل الباحثين والحاملين في
أسرتنا؛ أو لعلها هي في طبيعة الشعب اليهودي .فال أعتقد أنها
مجرد من قبيل املصادفة أن يكرس الكثير من اليهود أنفسهم
ملختلف حركات التحرر والعدالة في أرجاء العالم كله.
97 مسريتي يف البحث
14
جماعة باريس
فالتقينا أخيرا نحن اإلخوة األربعة مرة ثانية بعد كل تلك السلسلة
من رحالت السفر الطويلة واملشتتة في أوروبا وآسيا .وربما أمضيت
ستة أشهر في أملانيا ،إال أنني لم أعثر على عمل هناك وكنت ال أزال
أتشوق إلى العودة الى رفاقي في باريس.
بعد قليل جاءني رجل وباشر الحديث معي .وكان هذا الرجل
أجنبيا أيضا وروى لي كيف قد أسيئت معاملته .وزاد تعاطفي معه
الى درجة الغباء املطلق .فأخبرته بأني كنت متواجدا هناك بصورة
غير شرعية .وسألني" :ألديك ما يكفيك من املال لتدبير حالك أثناء
سفرك؟" فأكدت له ذلك ،حتى أنني أريته محفظة نقودي .بعد
ُ
ذهبت ذلك بوقت قصير ،تمنى لي التوفيق ومض ى في طريقه .بعدئذ
لشراء قدح من القهوة فوجدت أن جميع نقودي قد سرقت.
مشكلة بالنسبة لي .فأخذت أتنقل من مكان الى مكان ،ولكن أخيرا
ساعدني أحد أعضاء جماعتنا في إيجاد سكن شبه دائمي .فكان هو
طالبا وسكن في منزل فيه امرأة تعمل عمل الناطور وتجلس قرب
الباب تشاهد الجميع في الذهاب واإلياب .وقال لها أنه مسافر الى
"كورسيكا ( "Corsicaوهي جزيرة فرنسية في البحر املتوسط) لفترة
معينة ويريدني السكن في غرفته .وكنت أدخل وأخرج يوميا وال
أجرؤ على قول ش يء أكثر من "صباح الخير يا سيدتي!" ،لكي ال
تحس بأني طالب غير فرنس ي .لكن الصعوبة الحقيقة الوحيدة
كانت عند دفع اإليجار .فكان يلزمني مراجعة سطوري باللغة
الفرنسية بعناية تامة من أجل تلك اللحظة.
ولحكومته غاية الكراهية .فاإلجابة الوحيدة التي كنت أجيبها بها هي
أنني كنت مستعدا لقتل الطغاة ومستعدا للقتال من أجل الثورة،
غير أن كراهية أي فرد هي أمر خاطئ -حتى مع هتلر .فالكراهية هي
وتنزل من قدر اإلنسان الى مستوى انحطاط لكرامة اإلنسان؛ ّ
الحيوان .إال أن بيرتا كانت تجيب:
بعد حوالي ثالثة أشهر شعرت بأنني يجب أن أترك الجماعة وأجد
طريقي .فلم أقطع عالقتي مع الجماعة ،إال أنني لم أجد بعد ذلك
الش يء الذي كنت أبحث عنه .فذهبت الى أملانيا .وأراد كل من أخي
وأختي أن أشاركهما في مصلحتهما ،لكنني لم أكن مهتما باملوضوع.
ووجدت عمال في مجال البناء في مدينة فرانكفورت -عمل بدني
شاق من التحميل والحفر .فكانت فترة عصيبة .ولم أجد من يتفهم
شوقي .والتوترات التي لم أجد لها حال كانت أكثر مما أحتمله .وكنت
أراجع املحللين النفسانيين بين الحين واآلخر ،وأحيانا كنت ألتفت
الى املشروبات الكحولية .فكانت تلك الفترة فترة مظلمة بالنسبة لي.
لقد كنت أطوف كافة أرجاء البلد إال أن اكتئابي زاد أكثر
وأكثر .وكنت على وشك االنضمام الى أحد مجتمعات كيبوتس؛
وحتى أني أجريت مقابلة هناك .وكنت ال أزال قلقا وغير مرتاح البال
ويائسا الى درجة كبيرة .فغادرت إسرائيل متوجها الى أملانيا بسبب
عامل اليأس وليس القناعة .وفي طريقي ،توقفت في روما .فكنت أود
رؤية سبب انجذاب الكثير من السواح الى تلك املناطق .بل أنني
ذهبت حتى الى الفاتيكان ،رغم أنني لم أكن مهتما وال قيد شعرة ال
ُ
بالكاثوليكية وال باملسيحية .وفي أثناء وجودي هناك اغلقت األبواب
ْ
العجب ،فقد دخلوا بالبابا محموال على كرس ي وشاه ْد
ِ علينا فجأة،
115 مسريتي يف البحث
ووصلت األمور إلى ذروتها التعيسة عندما ذهبت مرة للشرب في
إحدى الليالي وسرق أحدهم كل ما عندي من مال .فأصبحت معدم
الحال على جميع األصعدة .حتى أنني كتبت ملحوظة انتحارية
لسامي محاوال شرح سبب عدم استطاعتي مواجهة الحياة بعد اآلن.
إال أني لقيت بعض التشجيع من قبل طبيبة نفسانية ونصحتني
بإعطاء األمر مزيد من الوقت؛ حتى إنها أعطتني شيئا من النقود
لتسيير أموري قليال إلعطائي دفعة صغيرة إلى األمام .فقد
ُ
وأخذت أستبشر أكثر بعد استطاعت أن تعيد إيقاد ش يء في داخلي.
حصولي على شغل ومعاودتي على العمل مرة ثانية.
حمس الحاضرين في تلك ال أقدر أن أتذكر أقواله بالضبط إال أنه ّ
ّ
حوالي ورأيت الكثيرين من العاطلين عن العمل القاعة .فنظرت
والبائسين وتمكنت من رؤية الكيفية التي تجري فيها األمور .فقد
أعطاهم ذلك الرجل أمال ،وأعطاهم إحساسا باالنتماء .ويمكن ألي
إنسان ،وتحت الظروف نفسها ،أن َّ
ينجر الى "مجتمع" كهذا.
117 مسريتي يف البحث
15
انبثاق األمل
من بين الدورات الدراسية التي خضتها في ميونخ مللء وقتي كانت
دورة تعليم لغة "اإلسبرانتو ( "Esperantoوهي لغة دولية مبتكرة).
فصرت أقرأ صحفا متعددة بلغة اإلسبرانتو وتعرفت على جماعات
متعددة يهمها مواضيع السالم والعدل .وقد قرأت في إحدى
الصحف إعالنا من رجل يرغب باملراسلة مع أي شخص يهمه أن
يحيا حياة قائمة على تقديم ما باستطاعة الفرد وتلقي ما يحتاجه.
فراسلته وجاءني الرد ملراسلة شخص في إنكلترا اسمه "ديريك
118 مسريتي يف البحث
وقد تم امتحان ما عزمت عليه منذ أول مواجهة .فقد وصلت هناك
يوم األحد بعد الظهر ،وأول شخص لقيته كان رجال يمش ي ذهابا
وإيابا أمام املنزل وموازنا عصا على رأسه .فسألته" :هل هذه هي
برودرهوف؟" ،فأكد لي ذلك دون أن يرفع نظره عن العصا .أما هو
فداوم باملش ي ذهابا وإيابا ،ذهابا وإيابا .فبدا األمر لي أن هناك
مس من الجنون بعض بعض من غريبي الطباع هنا ،أو ربما لديهم ّ
الش يء .إال أنه رغم هذا فقد دعا هذا الرجل غيره ليضيفني
ولنشرب الشاي.
لم أستطع االتفاق مع أفكار هؤالء الناس ،إال أنهم أبدوا اهتماما ملا
كنت أبحث عنه وهم أنفسهم ،وحسبما كان يبدو واضحا ،كانوا
يبحثون عن ش يء ما.
فرجعت الى مدينة ميونخ ،لكنني كنت أتوق الى الرجوع ُ
ومعاودة زيارتي الى جماعة برودرهوف -ألنني كنت ال أزال أحاول
اكتشاف ذلك الش يء الذي يمنع الناس من العيش معا في سالم.
فكتبت في الرسالة التي طلبت فيها معاودة زيارتي لهم:
ُ
ظمئت إلى أن أتحسس في قلبي ،ولو مرة واحدة في لقد
حياتي ،ذلك الحل الشافي ألبلغ حاجات البشرية ،حتى وإن
كان ملجرد دقيقة واحدة ،فسيكون كاف لي.
وال أريد نسيان تلك الجملة أبدا ،ألن ذلك كان شغفي في حينها،
ومنذ ذلك الوقت اختبرت أشياء أكثر من ذلك.
وع ْ
ش ّ
أتبحث عن األخوة؟ فإذا كنت تبحث عنها ،فتعال ِ
معنا وفقا لها .وال تتكلم فقط عنها.
أما أنا فقد تعجبت من قوله لي ذلك ،ألني كنت داخليا ما أزال
بعيدا كل البعد عن قبول األساس املبني عليه حياة جماعة
برودرهوف .فكنت ما أزال ملحدا الى درجة كبيرة؛ ولم أكن مستعدا
لقبول أي شكل من االعتقادات الدينية التي لم أستطع إثباتها
منطقيا.
ُ
العنصرة هناك تأكدت من أن اختباري ليوم عيد ُ وقد
عندهم في عام 0151م كان نقطة االنقالب في حياتي .فقد جاء
الكثير من الناس إليهم ،وأغلبهم طلبة ،الى مؤتمر عطلة نهاية
األسبوع والذي دعت إليه جماعة برودرهوف .وكان "هاينز فون
هومير - "Heinz von Homeyerالكاتب األملاني املعروف لكتاب
ُ
العنصرة "الجبل املشع" -هو املتكلم الرئيس ي .وطبعا كان عيد
احتفاال دينيا (وهو ذكرى يوم حلول الروح القدس على جماعة
114 مسريتي يف البحث
ثم جلس .وفجأة حدث تغير في أجواء تلك الغرفة .فأصبح الناس
قادرين على التواصل فيما بينهم ،وفتح الناس قلوبهم وصار بعضهم
يتكلم بصراحة وأمانة مع بعض .وانهارت تلك الجدران التي كانت
بين الناس مجرد قبل ثوان خلت.
سبر
فكان هناك شيئا ما يحدث في تلك الغرفة لم أقدر على ِ
ّ
غوره .فأثر ذلك الش يء ّفي آنذاك واستوقفني .وال أعلم سبب حدوثه
ّ في تلك اللحظة ،إال أن شيئا ما قد ّ
حرك قلبي وأثر فيه.
ُ
شعرت بواقعية قوة السيد املسيح وفي تلك اللحظة ذاتها
مر العصور ،أن ُي ّ
جمع شعبا في وحدة الذي كان يريد ،على ّ
وفي حياة أخوية.
115 مسريتي يف البحث
كان ذلك تماما عكس الكاريكاتير املسيحي الذي رأيته في املذابح في
بولندا ،وفي القداديس املسعورة في روما ،ولدى أولئك املسيحيين
الراضين عن أنفسهم في مناطق كثيرة من العالم ،والذين يسعون
الى خالصهم الذاتي فقط والذين اضطهدوا شعبي .لم تكن تجربة
دينية شخصية لطيفة؛ فقد وجدت الجواب الشافي والحل الشافي
لحاجات البشرية الجوهرية والضرورية – ووجدت املفتاح للسالم
الحقيقي والعدل الحقيقي والذي يتشوق إليه جميع الناس .فكان
أي جانب روحي منطقي املتصلب ،ولغاية تلك اللحظة ،يستبعد ّ
لدي أي شك .فقد كهذا .لكن منذ ذلك الوقت فصاعدا ،لم يكن ّ
وجدت ما كنت أبحث عنه.
به مليا .لكن خصمك في بعض األحيان يقوم بنقلة معينة لم تكن
قد حسبت حسابها مطلقا؛ نقلة تسير بعكس منطقك بأكمله.
وستدرك حينها أن كل ما أنجزته كان مبنيا على منطق باطل.
فعليك أن تبدأ من نقطة الصفر ،كما لو أنها مباراة جديدة تماما.
ُ
ظمئت إلى أن أتحسس في قلبي ،ولو مرة واحدة في لقد
حياتي ،ذلك الحل الشافي ألبلغ حاجات البشرية ،حتى وإن
كان ملجرد دقيقة واحدة ،فسيكون كاف لي.
ُ
شهدت واختبرت بأنه من املمكن للرجال والنساء واألوالد نعم ،لقد
واليهود والعرب واألملانيين واألفريقيين واألمريكيين واآلسيويين أن
يعيشوا معا في سالم وإخاء .وكذلك يمكن التغلب على قوى الشر
َ
التي تشتت الناس .وال أزال أحب أن أ َه َب حياتي كلها لهذا االشتياق
وإلتمامه.
117 مسريتي يف البحث
ملحق
َ َ ْ َ َ ْ ُ َ َ ُ َّ َ َ ْ ُ ُ ُ
الر ّب( ".إشعيا )5 :3دعونا نتبع
ور َّ
"يا بيت يعقوب هلم فنسلك ِفي ن ِ
النور اإللهي بكل ما أوتينا من قوة ،بارتعاش وخشوع ،لكن بكامل
الحزم .فلو فعلنا ذلك فربما سنكون مثاال صالحا ،ورمزا لآلخرين،
وهروبا من الظلمة الى النور .فلنطرح عنا تباهينا وتباهي غيرنا
الفارغ أال وهو أننا شعب هللا املختار .دعونا نظهر اختيارنا هذا عن
طريق األعمال الصالحة في الحياة اليومية ،واضعين في حيز
التطبيق الدعوة التي قد دعانا إليها أبانا السماوي؛ وهي أن نكون
قدوة ورونقا لجميع األمم ،ولجميع الناس.
قول من
ناتان هوفش ي Natan Hofshi
ناشط سالم إسرائيلي (0181 - 0881م)
لقد رمى يوسف نفسه وبكل ثقله الى هذه الحياة الجديدة،
الحياة في ظل السيد املسيح حين أصبح فردا في "مجتمعات
118 مسريتي يف البحث
لكنه ،الحقا ،وفي عام 0117م ،أي خمسين عاما بعد تلك
األحداث ،اتصل بأحد العرب اإلسرائيليين من سكان اللد ،واسمه
كان يعقوب منير .فبعد ش يء من املراسلة سافر يوسف الى اللد
وقابل يعقوب .وتمكن يوسف من طلب املغفرة والعفو من يعقوب
ّ
أحس بمحبة يعقوب له .وقض ى كل منهما على ما جرى ،وحتى أنه
وقته مع اآلخر يسردان تجاربهما عن تلك األيام التعيسة في عام
0148م ،وقد تصالحا مصالحة شخصية تامة .فمن ناحية ،كانت
هذه خطوة صغيرة ،ومجرد قصة واحدة أمام السيل الطافح من
التفجيرات االنتحارية وغارات االنتقام من قبل طرفي النزاع
اإلسرائيلي – الفلسطيني ،لكن وكما قال يوسف عن خطوة املغفرة
وطلب العفو:
وشوالمت وحايم
ِ ولدى يوسف وزوجته روت سبعة أوالد :خانا
وايلداد وتيكفا وإفرايم ومينا .وكلهم يسكنون حاليا في مجتمعات
برودرهوف املنتشرة في كافة أرجاء العالم .ويوسف ضليع جدا في
ترويج املغفرة واملصالحة بين الناس .واألهم من كل ش يء ،فهو
يعمل على إبقاء تلك الرؤية حية عن وجود طريق آخر للحياة ،وهو
أن الناس من رجال ونساء يمكنهم العيش معا بسالم.
املحررون
121 مسريتي يف البحث
نبذة عن
هويتنا
إنّ حركة برودرهوف ( Bruderhofحيث تعني الكلمة باألملانية
مكان اإلخوة) هي حركة دولية للحياة املسيحية املشتركة املساملة
والتي يتألف قوامها من كل من األسر والعزاب على حد سواء الذين
يسعون لوضع وصايا يسوع املسيح في حيز التطبيق من محبة هللا
فت حياة املسيحيين األوائل في سفرومحبة القريب .ومثلما قد ُوص ْ
ِ
ً ُ
أعمال الرسل في الفصل الثاني والرابع ،فقد دعينا نحن أيضا إلى
تلك الحياة التي فيها الكل قلب واحد وروح واحدة ،فال يملك أحد
121 مسريتي يف البحث
إيـمـانـنــا
نؤمن بجميع تعاليم السيد المسيح وبالثالوث األقدس وبقانون
ً
اإليمان الرسولي .ونؤمن بنعمة الخالص التي قدمها لنا مجانا الرب
يسوع املسيح بموته على الصليب مسترخص دمه الثمين املسفوك
كفارة لخطايانا ولخطايا العالم كله .ونقول مع القديس بولس
الرسول:
وهذا يشمل حتى عدم إدانة الخطأة سواء كانوا مسيحيين أو غير
ّ مسيحيين ،فاهلل تعالى هو ّ
الديان .كما ال نؤمن بأننا سنحظى
بملكوت هللا إن كنا مهملين لوصايا يسوع املسيح عن َع ْمد وتنقصنا
الرب وملوثين باآلثام وال نتوب بعدما ّبين لنا
نار الحماسة لقضية ّ
الرب الطريق الصحيح .فقد قال السيد املسيح:
لـمـحـة تـاريـخـيـة
بدأت حركة برودرهوف المسيحية في عام 0131م في أملانيا عندما
أخذت مجاميع من املسيحيين تبحث عن أجوبة ملا قد ّ
حل من
دمار في املجتمع بعد الحرب العاملية األولى ،فأسسوا مجتمعات
مسيحية متشاركة تسترشد الهدى في حياتها اليومية من وصايا
وتعاليم يسوع املسيح.
123 مسريتي يف البحث
األســرة
إ َّننا نؤمن بأن األسرة هي األساس الصائب ألي مجتمع كان،
ً
وننظر للزواج على أنه مديد الحياة وأيضا التزام مقدس.
ّ
فيتحمل األهل املسؤولية الرئيسية فيها، أما تربية األوالد
بالرغم من أن املجتمع يوفر لهم حضانة ومدارس من أعمار مبكرة.
127 مسريتي يف البحث
الـ ّتـعـلـيـم
ً
تدير مدارس المجتمعات المسيحية للكنيسة عددا من رياض
األطفال واملدارس االبتدائية وحتى الثانوية ،وتقدم دراسات
متشددة وتعليم واسع في الفن واملوسيقى والتأكيد علىّ أكاديمية
ّ
التحلي بالروح الرياضية ،باإلضافة إلى الكثير من الحرف اليدوية
املاهرة .ومن األولويات املركزية ملدارسنا هو أن نلهم األوالد على
128 مسريتي يف البحث
الـعـمــل
إنَّ جميع جوانب الحياة اليومية لدينا هي بمثابة إعالن ّ
حي
إليماننا ،والعمل ليس مستثنى من ذلك .ويساهم كل فرد في دعم
وإعالة املجتمع ورسالته.
ً
وال يستلم أي فرد أجورا على ما يقوم به من خدمات ،سواء
كان يعمل ّ
كسباك أو طباخ أو مهندس أو طبيب أو معلم .وعملنا
املشترك هو تعبير عن التزامنا بخدمة بعضنا لبعض .وال يركض
األعضاء ال وراء ممارسة مهنهم الشخصية وال وراء مركزهم
االجتماعي في أو خارج املجتمع املسيحي وال حتى القيام بأنشطة
لغرض الترقية الشخصية.
مجتمعاتنا وجميع
املسيحية املوجودة في أرجاء
العالم لها صندوق مالي
مشترك واحد.
129 مسريتي يف البحث
ً
وباإلضافة إلى التواصل بشتى أنواعه الذي نجريه محليا من
زيارة السجون ومن مشاريع التطوير العمراني في املدينة على سبيل
أن املؤسسة الخيرية العامة التابعة ملجتمع كنيستنا املثال ،إال َّ
Church Communities Foundationتعمل سوية مع منظمات
إنسانية عديدة مثل منظمة أوكسفام لإلغاثة ،Oxfamومنظمة
أنقذوا األطفال ،Save the childrenومنظمة أطباء بال حدود
،Doctors without Bordersوالهيئة املركزية لجماعة املينونايت
،Mennonite Central Committeeومنظمة الرؤية العاملية World
رس ّلي ماري كنول الي Mary knoll Lay ،Visionومنظمة ُم َ
Missionersملساعدة ضحايا الفقر واملرض والكوارث الطبيعية.
www.plough.com
131 مسريتي يف البحث
االتـصـال بـنـا
إذا أحببتم االتصال بنا فيمكنكم الكتابة إلى أحد العناوين البريدية
:التالية
Danthonia Community
Glen Innes Road
Inverell NSW 2360
Australia أستراليا
tel: 0061(0) 2.6723.2213
info@bruderhof.com أوinfo@plough.com
132 مسريتي يف البحث
تـنـسـيـق زيـارة
ً ً
إذا أحببتَ زيارتنا للتعرف على طبيعة حياتنا فأهال وسهال بك في
جميع مجتمعاتنا املسيحية ،املوجودة في عدد من الدول ،مهما
َّ
كانت خلفيتك العرقية أو الدينية أو الطبقية .وما عليك إال أن
تتصل بذلك املجتمع املسيحي الذي تود زيارته إما بالهاتف أو
بالبريد العادي أو بالبريد اإللكتروني.
والزيارات التي نتلقاها من بلدان كثيرة مفيدة لكال الطرفين
حيث نتبادل فيها الخبرات عندما ينفتح بعضنا على بعض ،ونتعلم
ً
نحن شخصيا من الزوار الش يء الكثير ،باإلضافة إلى العالقات
ّ
الودية التي نقيمها معهم.
وإنك كزائر ستعيش حياتنا اليومية ،بدء من املساهمة في
العمل وإلى املشاركة في االجتماعات الروحية .فنحن لسنا بمركز
روحيا ّ
للتهرب من الواقع. ّ ملمارسة الرياضات الروحية أو سبيال
وسوف ال تتلقى أجورا مقابل عملك معنا ،ولكنك من ناحية أخرى
لن تحتاج إلى دفع تكاليف الطعام أو السكن عندنا.
وإذا كنت تريد اصطحاب أسرتك وأوالدك معك ،فيسعدنا
ترتيب الغرف الالزمة وإدراج أوالدك ضمن مجاميع األوالد في
مدارسنا الخاصة.
أما عن موضوع مدة الزيارة فيجري تحديدها بالتنسيق مع
ذلك املجتمع املسيحي الذي تحب زيارته.
وللتعرف على مواقع جميع مجتمعاتنا المسيحية ،وكيفية
االتصال بها ،فيمكنكم زيارة موقع دليلنا الدولي على هذا الرابط:
www.bruderhof.com
133 مسريتي يف البحث
المسـيحيـون األوائـل
كتاب ّ
أعده العالمة الالهوتي ايبرهارد آرنولد Eberhard Arnoldحول حياة
املسيحيين األوائل التي ّ
تعري فتور وعوملة حياتنا املعاصرة وتضعنا أمام
الرهان.
الصحـوة
قصة حقيقية ملعركة القسيس األملاني بلومهارت Blumhardtمع الشياطين
التي كانت تسكن امرأة من أهالي مدينته.
ثورة اهلل
وهو مجموعة من كتابات الالهوتي ايبرهارد آرنولد Eberhard Arnoldالذي
يشهد عن اإليمان املسيحي األصيل ،ويتطابق مع ضمير كل إنسان على األرض
مهما كان معتقده .ألنه وبكل بساطة يشهد عن ملكوت هللا وعدله الذي ينشده
جميع الناس.