Professional Documents
Culture Documents
قانون السير ومشاكل السير
قانون السير ومشاكل السير
ال شك في ان قانون السير يهدف الى ضبط المخالفات وخفض عدد الحوادث ،وال سيما منها تلك التي تؤدي
.الى وفيات غالبا ً ما تحصد أرواح شباب وشابات وتسهم( في افقار مستقبل لبنان
ضبط السرعة الزائدة ،مخافة منع السير في اتجاهات معينة ،القيادة والهاتف في اليد ،اهمال ربط االحزمة،
.التخلف عن المعاينة ،اعتالء االرصفة الخ كلها أمور تستوجب الضبط واالنضباط
ويبدو( من عدد مواد القانون ان السائق العادي لن يستطيع مراجعة كل الشروط ،كما ان رجال االمن
المكلفين االشراف على حسن تطبيق القانون ،يحتاجون الى فترات دراسية واجراء امتحانات لتفحص
.معارفهم( بمستوجبات القانون
تطبيق( القانون ،إن توافرت وسائل التحقق من السرعة باألجهزة االلكترونية ،وتخصيص( عدد كبير من
رجال االمن لهذه المهمة بعد التأكد من معارفهم بالنسبة الى شروط القانون ،سيؤتى( منافع بالتأكيد( على
مستوى( حوادث السير المخيفة ،وسريان القانون على سائقي ومستعملي الدراجات النارية ،يوفر منفعة كبيرة
وخصوصاً( اذا واجه راكبو الدراجات النارية االلتزامات ذاتها من حيث السرعة ،والشوارع( القابلة
لالستعمال ،ومنع عنهم مخالفة اتجاهات السير من دون التعرض الي عقوبة ،بل القاء تبعة اي صدام مع
دراجة تسير عكس السير على سائق السيارة الملتزم اتجاه السير ،فهذا األمر يخالف المنطق ويسهم( في
.تضييق سبل السير ،وفي ضغط نفسي على سائقي السيارات
تطبيق( قانون السير من دون تسامح يفرض على وزارة االشغال العامة والنقل ،تأمين شبكات ضبط السير
الضوئية على كل المفارق الرئيسية ،كما ترميم الطرقات باستمرار كي ال تكون هنالك مطبات تضرّ
بالسيارات( وبسالمة الركاب ،واضافة الى ذلك ال بد من تأمين االضاءة للشوارع( والطرق بحيث يشعر(
.السائق باالطمئنان ويمارس دوره بعناية
مشاكل السير ،التي ضمنها( ما يتناوله القانون ،هي أوسع من القانون ،وضررها االقتصادي والبيئي( يتجاوز
.اضرار( المخالفات البسيطة ،وحتى اضرار تجاوز( السرعة شرط أال يكون التجاوز مفرطا ً
لقد اكدنا في مقاالت سابقة ان ازدحام السير في بيروت بصورة خاصة ،يعود الى العدد الهائل من السيارات
العاملة خالل ايام العمل من كل اسبوع .فتقارير الخبراء تفيد عن وجود مليون سيارة في العاصمة خالل
ساعات العمل ،واختبار( القيادة او االنتقال في شوارع رأس بيروت( واالشرفية والمصيطبة يوفر( البرهان
على خسارة الوقت في االنتقال وصعوبة ركن السيارات في مواقف آمنة ،وكثافة التلوث من السيارات،
والسيارات مسؤولة على صعيد لبنان ككل عن 70في المئة من التلوث في المناطق السكنية ،والكلفة
الصحية للمواطنين الناجمة عن هذا التلوث تبلغ نحو 1,02في المئة من الناتج المحلي او نحو 490مليون
دوالر( سنوياً ،ناهيك بالخسائر( األخرى التي يسببها ازدحام السير مثل انخفاض االنتاجية نتيجة الوقت
الضائع والضغط النفسي ،وزيادة تكاليف الصيانة والمحروقات ،والتي قدرتها( منظمة االمم المتحدة للتنمية
.الصناعية بنحو 1,5مليار دوالر سنويا ً
واذا اضفنا الى ازدحام( السير ،والتأخير( عن المواعيد وساعات العمل ،شح المياه في المنازل بسبب اهتراء
شبكة توزيع مياه بيروت ،على رغم توافر االموال في صندوق مصلحة مياه بيروت التي يعقد اعضاء
ادارتها اجتماعا ً شهرياً ،واخذنا في االعتبار نقص امدادت الكهرباء من الشبكة الرسمية واالعتماد على
المولدات الخاصة ،نجد ان السكن في بيروت والعمل في العاصمة من االمور التي تفقد تدريجا ً جاذبيتها،
وهذا األمر ال بد ان يتسبب في وقت غير بعيد بابتعاد( اللبنانيين عن العاصمة ،وتفرقهم بين المناطق ،التي
باتت تسمح بممارسة العمل في مكاتب الهندسة ،والمراكز( الرئيسية للمصارف ،وحتى( المدارس
والمستشفيات مع تحسن ظروف العمل .والحصيلة ان بيروت ستخسر( ربما 20في المئة من سكانها( في
السنين العشر المقبلة والرسوم البلدية ،ورسوم رخص البناء الجديدة ،وضريبة االمالك المبنية ،كل هذه
.المصادر( لدخل البلدية ووزارة المالية سوف تنخفض
مشاكل السير لن تحل قبل تحسين مداخل بيروت للقادمين من الشمال ،والبقاع ،والجنوب .واعداد السيارات
الوافدة والخارجة يوميا ً تزيد على 750الف سيارة وباص ،اضافة الى الشاحنات التي تقصد مرفأ( بيروت.
لن تتحسن مشاكل السير ما لم يلجأ المواطنون القادمون الى استعمال كل ثالثة او اربعة قادمين معا ً سيارة
واحدة ،كما ان توافر( ساحات ومواقف للسيارات امر بالغ االهمية ،ويمكن ان يسهم في تحسين مشاكل السير
اذا اقترن بأهم تطوير( مطلوب اال وهو انجاز شبكة نقل كهربائي ،تماثل ما كان قائما ً في بيروت منذ زمن،
مع تحديث معدات النقل ووسائله ،وشبك بيروت بخطوط( من الشرق الى الغرب ،ومن الجنوب الى شمال
.العاصمة
جميع البلدان المتطورة وبعض البلدان الناشئة فرضت رسوماً( على السيارات الوافدة الى العاصمة تبلغ حدها
االعلى في حال اقتصار عدد مستعملي( السيارات على السائق ،وتنخفض الرسوم( مع زيادة عدد الركاب الى
اربعة .هكذا فعلت سنغافورة ولندن وماليزيا ...ويبقى ان الحل االكثر افادة هو اعتماد وسائل النقل الجماعي
الحديثة التي تسير على شبكات كهربائية ال تسهم في الضجيج وكثافة التلوث .وكح ّل سريع ومتاح من دون
تكاليف عالية يمكن اعتماد الباصات التي تعمل على الغاز المنخفض التلوث وتخصيص مسرب مخصص
فقط لوسائل النقل الجماعي مما يحفز المواطنين على استعمال النقل العام لتجنب التعرض الزدحام السير
.على المسارب االخرى
زيارة لمدينة سيدني االوسترالية واالنتقال في ارجائها( النظيفة والتي ال تعاني نسب تلوث مرتفعة تبين فوائد(
وسائل االنتقال هذه التي قواعدها فوق االرض ،وتمر في وسط سيدني على زوايا االبنية من غير ان يشعر
المقيمون او العاملون في االبنية باي ازعاج ،وجنيف توفر( مثالً آخر على منافع وسائل االنتقال الكهربائية
.الحديثة
دبي التي نجحت في استقطاب ماليين الزوار كما نجحت في استقطاب مئات الشركات العاملة على نطاق
اقليمي والتي عانت اختناقات السير ،عالجت الموضوع بتعميم استعمال اشارات المرور الكهربائية ،على
جميع مفاصل الطرق ،وارفقت ذلك باستعمال كاميرات تسجل المخالفات والسرعة ،وعقوبات قاسية ،ومع
ذلك بقيت تعاني ،وال تزال الى حد ما ،اختناق السير ،لذا قررت انجاز شبكة مترو حديثة ،وما يميزها عن
انفاق المترو في لندن وباريس وموسكو( انها انجزت فوق( االرض ،كما انجزت تصميما ً وتنفيذاً خالل خمس
.سنوات
بيروت ال تحتمل انجاز مترو تحت االرض نظراً الى وجود( اآلثار بكثرة ،وفي الوقت ذاته تكاليف شبكة
مترو فوق االرض أقل بكثير ،والوسيلة الوحيدة إلنجاز شبكة كهذه انشاء شركة يمتلك غالبية اسهمها تمتلك
من المواطنون الراغبون في تحسين ظروف العمل والمعيشة في عاصمتهم ،كما يفترض اسهام بلدية بيروت
في مشروع( كهذا يساعد من بدون شك في انقاذ العاصمة من التفكك وهجرة أهلها تدريجا ً مع تعاظم( مشاكل
.السير ،وامدادت المياه والكهرباء
االختصاصية بالنقل الحضري( وتنظيم شؤون السير في المدن انجزت دراسة لتأمين توافر Teamشركة
.النقل بالمترو أو القاطرات الكهربائية للتنفيذ في 2015
القرارات التنفيذية للمشاريع الحيوية ،سواء الغاز إلنتاج الكهرباء ،تحسين شبكات المياه ،اعتماد خطة
متكاملة للسير واطالق نشاطات التنقيب عن النفط والغاز ،كلها معلقة الن الحكومة تحتاج الى اتفاق
اجماعي ،وكل أمر له من يخالفه العتبارات فئوية ،وتالياً( طريق( التطور يسده المسؤولون عن حياة الناس
.وفرص معيشتهم
تمام سالم تميز كرئيس للوزراء ،فهو عريق في جذوره السياسية واالهلية ،وليست له منافع او مطالب في
.مجاالت االعمال ،لذا عليه تخطي االعتبارات الفئوية وتغليب المصلحة العامة ولن يخذله الرأي العام