‫التواضع والتسامح‬

‫التواضع والتسامح من الصفات الحميدة التي ُتشير إلى اتصاف صاحبها باألخالق‬
‫النبيلة‪ ،‬فالتواضع يُخلص اإلنسان من الكبر والغرور‪ ،‬ويزرع في نفسه حب الخير‬
‫أسس أخرى مثل‬ ‫ٍ‬ ‫والتعامل مع الناس على أساس إنسانيتهم‪ ،‬دون النظر إلى أي‬
‫العرق والدين واللون والجنس ومكان الوالدة‪ ،‬وهذا يُع ّد تنفيذاً ألوامر هللا سبحانه‬
‫وتعالى الذي جعل ميزان التفاضل الوحيد بين البشر قائم على التقوى‪ ،‬أما التسامح‬
‫فهو العفو والصفح عن اآلخرين والتجاوز عن أخطائهم وزالتهم‪ ،‬وهذا من أرقى‬
‫األخالق وأعالها منزل ُة إلى هللا تعالى‪ ،‬ألن الشخص المتسامح يُساعد في انتشار‬
‫الخير بين الناس‪ .‬من أهم فوائد التواضع والتسامح أنهما يُساعدان في تصفية قلوب‬
‫الناس ونبذ الحقد والتعصب وإزالة الغ ّل من النفوس‪ ،‬على عكس التكبر والحقد‬
‫اللذان يخلقان فجو ًة كبير ًة في المجتمع ويُساهمان في انتشار الكثير من السلبيات مثل‬
‫حصول المشاكل والفتن والتشجيع على االنتقام من اآلخرين باإلضافة إلى سيادة‬
‫النظرة غير السوية بين أفراد المجتمع‪ ،‬وهذا يُساهم في تفكك أفراده‪ ،‬وبعدهم عن‬
‫القيم واألخالق السليمة‪ .‬من الدالئل المهمة على أهمية التواضع والتسامح‪ ،‬كثرة‬
‫النصوص القرآنية واألحاديث النبوية الشريفة التي حثت عليهما وعظمت أجر‬
‫فاعلهما‪ ،‬فمن النصوص التي تدعو إلى التعامل مع اآلخرين بتواضع كبير قوله‬
‫طوالً {‬ ‫ك َلن َت ْخ ِر َق اَألرْ َ‬
‫ض َو َلن َت ْبلُ َغ ْال ِج َبا َل ُ‬ ‫ض َم َرحا ً ِإ َّن َ‬ ‫مْش فِي اَألرْ ِ‬
‫"والَ َت ِ‬
‫تعالى‪َ :‬‬
‫‪ "}37‬سورة لقمان‪ ،‬كما شددت جميع الديانات السماوية على االلتزام به‪ ،‬ألن من‬
‫ت‬‫خالصة هلل تعالى‪ ،‬رفعه هللا تعالى جزاء تواضعه هذا درجا ٍ‬ ‫ً‬ ‫يتواضع ونيته كانت‬
‫أهمية عن التواضع‪ ،‬بل هما صفتان مترابطتان معاً‪،‬‬ ‫ً‬ ‫كثيرة في الجنة‪ .‬ال يقل التسامح‬
‫ً‬
‫مكملة لبعضها‬ ‫بشكل طبيعي‪ ،‬ألن األخالق‬ ‫ٍ‬ ‫فمن يكن متواضعا ً يكون متسامحا ً‬
‫البعض‪ ،‬ولهذا من يحرص على أن يتصف بصف ٍة من هذه الصفات يالقي نفسه وقد‬
‫اتصف بها جميعا ً دون أن يشعر‪ ،‬وهذا كله يعود إلى أساس التربية السليمة التي‬
‫تنمي األخالق في نفوس األبناء‪ ،‬فالتسامح والتواضع ما هما إاّل غصنين من أغصان‬
‫شجرة األخالق المثمرة التي يجب تقليمها والعناية بها دائما ً لتكبر وتنمو أكثر فأكثر‪.‬‬
‫في نهاية المطاف ال يبقى مع اإلنسان إال دينه وخلقه‪ ،‬لذلك يجب أن يتمسك بهما إلى‬
‫أبعد حد حتى يظ ّل ذكره طيبا ً في الدنيا واآلخرة وحتى بعد موته‪ ،‬وعلينا جميعا ً أن‬
‫نربي أبناءنا على أن يكونوا متواضعين ومتسامحين ومقبلين إلى الخير ويحرصون‬
‫على أن يُعاملوا الناس بهذين الخلقين الرفيعين ألنهما يرفعان درجاتهم عند هللا‬
‫‪.‬سبحانه وتعالى‬