Professional Documents
Culture Documents
2 5206281316655441723
2 5206281316655441723
2 5206281316655441723
العدد األول
بغداد2022/11/25-
email: modernliteratureclub@gmail.com
instagram:alnadi.iq
facebook:alnadi.iq
الزهاوي ونيتشه
ما بعد االنسان والقافية
٤
األبدي
ّ الناموس الدَّ وري والعود
يد ِه مستعمالً ضمير بخط ِ
ِّ ٍ
ترجمة كتبها هاوي يف
ُّ الز
يذكر َّ
َ
(اشتغل بالفلسفة الغرب َّية متو ِّغالً فيها) قبل الغائب أنَّه
إلى األستانة سنة .1896فكيف أمكن له التَّو ُّغل يف رحيلِ ِه
الفلسفة الغرب َّية ،وهو ال يعرف سوى بعض ال ُّلغات َّ
الشرق َّية؟
أن معلوماته عنها لم تك ْن تتجاوز بعض األفكار العا َّمة التي و َّفرهتا
ال ريب َّ
المطبوعات الشام َّية والمصر َّية ،ور َّبما بعض المصادر التُّرك َّية األخرى
فأتعر َ
َّ أن الهدف من رحلته إلى األستانة كان (أنويخربُنا َّ
فت بشاعر التُّرك توفيق فكرت ،وصفا فتعر ُ
َّ بكبار ُأدبائها،
بك ،وعصمت بك ،وسامح بك ،والدُّ كتور رضا توفيق(.
أهم كتّاب تركيا العثمان َّية الذين وهؤالء ُّ
الشعراء والكتّاب األتراك من بين ِّ
ا َّتصلوا بالفكر الغربي الحديث .وكان من المعروف َّ
أن أدب توفيق فكرت ِّ
القوة وفكرة البقاء لألقوى(.
يضج بـ(روح نيتشه يف تمجيد َّ
على الخصوص ُّ
كتاب عنوا ُن ُه
ٌ هاوي يف مصر
ِّ للز
السنة نفسها يصدر َّ
َّ ويف
ِ ِ
(الكائنات) ينتهي الفصل األخير منه بشرح نظر َّيته يف
النَّظر َّية؟ هذه هي فما األعظم)، وري
الدَّ ِّ (الناموس
٥
اح ُه من اإلسالم ِّيين ،يرى
وشر ُ
ّ خالفًا لما يراه أرسطو
الحركة ،بل هو السكون بعينِهِ.
ِ مقدار الزمان ليس
أن َّ هاوي َّ الز
َّ
ُّ َ ُّ
ِ
السكنات َّ تعاقب
َ الزمان يف األساس ب آنات َّ ويعني تعا ُق ُ
الزمان ك َّل ُه.
تضم َّ ٍ
لحظة فإن َّ
كل َّ واستناد ًا إلى ذلك
ُّ
الزمان من حيث يتكر ُر .وإذ ُيقاس َّ ٍ
تناه والزمان هو ال
َّ
َّ
ِ
بمقدار ِ
بمقدار الحركة عند أرسطو ،فإنَّه ُيقاس توقيت
ٌ هو
ت فال تخلو من هاويَّ :
(إن الحرك َة مهما اشتدَّ ْ الز الس َك ِ
نات عند َّ
ِّ َّ
بالسرعة الزمن ّ
يقل ُّ أن َّالس َكنات التي تتخ َّل ُلها ،وإذ قد شاهدنا ََّّ
الزمان(.
والسكون هو َُّّ السكون،
ُّ فالزمان هو
َّ ويكثر بالبطء،
ُ
القوة -
َّ القوة -أو بتعبير أكثر نيتشو َّية :إرادة
َّ وحيث َّ
إن
والزمان
َّ ال متناهية وحيث َّ
إن أشكال األجرام متناهيةٌ،
َّ ٍ
الزمان ال يتناهى ، َّ فإن تكرار األجرام يف متناه، غير
ُ
ِ
األرض هو الشكل الحاضر من(لما كان َّ هاويّ :
ُّ الز
يقول َّ
الزمان، هناية من حيث َّ ٍ يتكر ُر إلى ِ
غير أحد أشكالها ،فهو
َّ
كل جر ٍم فإن حجم ِّ
فاألمر كذلكَّ ،
ُ أ ّما من حيث الفضا ُء،
يتطو ُر إليها متناهي ٌة. ِ
متناهيان .فأشكا ُل ُه التي وأجزا َء ُه
َّ
٦
نقسم عد ُد ا أل جر ا ِم َ غير ُمتنا ٍه ،فا
لما كا ن عد ُد ا أل جر ا ِم َ و ّ
كل غير ا لمتنا هي على ا أل شكا ل ا لمتنا هية ،فيكو ن عد د ِّ
غير متنا ٍه .و ا أل ر ُض َ ل من هذ ه ا أل شكا ل ا لمتنا هية شك ٍ
غير ها ، ِ حكم فحكمها ِ
لحجم ، ِ
جز ٌء متنا هي ا أل جز ا ء و ا
ُ ُ
هية ا لعد دِ فينتج أ َّن يف ا لسما ء ا آل ن أ ر ضين غير متنا ِ
َ َّ
متفر قة ِّ ل من أ شكا لها ا لما ضية و ا آل تية ،و هي على شك ٍ
ٍ
شمس ض حو ل كل أ ر ٍ يف ا لفضا ء ،غير ا لمتنا هي ،تد و ر ُّ
مجر ٍة مثل َّ ل شمسنا يف نظا ٍم مثل نظا مِنا ،يسبح د ا َ
خل مث ِ
تقبل ا لخطأ( ُ ِ
مجر تنا با لتَّما م ،و هذ ه نتيج ٌة ر يا ض َّي ٌة ال َّ
أن نظر َّية ٍ
هاوي هنا على تطبيقات فلك َّية َّ الز
وال يعني اعتماد َّ
ِّ
وري ينحصر تأثيرها يف تكرار الموجودات الناموس الدَّ ِّ
ٍ
بسبب من طبيعتها تشمل الموجودات جميعًا ُ الكون َّية ،بل
يتكرر؛ ٍ
شيء ِّ
كل هنائي ،وكون ٍ
زمان ال المتناهية يف
ِّ ٍّ
وآخر ِ
ألرضنا إنسانًا مثلي، ٍ
مشاهبة ٍ
أرض ِّ
كل إن يف ) َّ
َ
مثلك ،وآخري َن مثل غيرنا ،قد ولدوا من آبائِهم كما يف
أرضنا ،وقد جرى آلبائِهم فيها ما جرى لهم يف هذه تمامًا(.
٧
ٍ
حينئذ. السخرية واالستهجان
لقد كان استقبال هذه النَّظر َّية مزيجًا من ُّ
هاوي؟ يؤكِّد هو َّ
أن الناموس ِّ للز
ولك ْن من أين جاءت هذه الفكرة َّ
الزمان
ب على القول بال تناهي َّوري نتيجة منطق َّية ال تقبل الخطأ ترت َّت ُ
الدَّ َّ
األبدي(
ِّ أن التَّماثل بينها وبين نظر َّية نيتشه عن (العود والحال َّ
) (recurrence eternalيصل إلى حدِّ التَّطابق ،وهذا ما انتبه له
ٍ
سياق ال يخلو من االستخفاف .يكتب مؤ ِّلف (هكذا تك َّلم الع ّقاد يف
قبل فما هو اعتقا ُد َك ٍ
موجود اآلن قد ُو ِجدَ من ُ زرادشت)( :إذا كان ُّ
كل
يف هذا الحين (اقرأ :اآلن أو ال َّلحظة) ..أفما ترى األشيا َء ك َّلها متداخلةً،
يجر نفسه أيضًا؟..
كل ما سيكون ،بل ُّ يجر ورا َء ُه َّ
وأن هذا الحين ُّ َّ
أفما لز َم علينا أن نعو َد تكرار ًا وأبد ًا؟ برغم عدم وضوح فكرة العودة
األساسي ،وهذه واقع ٌة ال يختلف فيها
ِّ األبد َّية للمثيل لدى نيتشه يف كتابه
اح ُه الغرب ُّيون ،فإنَّها تعتمد على المقدَّ مة النَّظر َّية نفسها التي تعتمد
شر ُ
ّ
الزمان .يقول أويغن فنك( :ينبغي هاوي ،وهي ال تناهي َّ ِّ الز
عليها نظر َّية َّ
مجرد ٍ
زمن خ ِّط ٍّي نتحرى إن كان نيتشه يقصد باألزل َّية َّ َ
نتساءل وأن َّ أن
أن معرف ًة أساس َّية للعالم تتج َّلى يف مفهومه لألزل َّية.
يمتدُّ إلى ما ال هناية ،أم َّ
٨
أن عودة المثيل األزل َّية ُّ
تظل ضعيفة التَّحديد يف كتاب زاراتوسرتا). ذلك َّ
ويجزم الفيلسوف األلماينُّ (مارتن هايدغر) يف كتابه (نيتشه(
أنَّه (حين يف ِّكر نيتشه بأصعب األفكار يف ذروة التَّأ ُّمل ،فإنَّه يف ِّكر
القوة بوصفها عود ًا أبد ّيًا .ماذا يعني
ويتأ َّمل يف (الوجود) ،أي إرادة َّ
ِ
وأكثرها جوهر َّية؟ األبد َّية ،ال بوصفها هذا ،إذا أخذناه بأوسع معانيه
تلتف حول ما ال يتناهى ،بل ُّ (آنًا) ساكنًا ،وال تتابعًا من اآلنات
الخفي
ِّ ينعطف على ذاتِ ِه ،وهل ذلك سوى الجوهر ُ (اآلن) الذي
القوة بوصفها عودة أبد َّية، (للزمان)؟ َّ
إن التَّفكير بالوجود ،أو إرادة َّ َّ
بوصف ِه زمانًا(.
ِ أي التَّفكير بأصعب أفكار الفلسفة يعني التَّفكير بالوجود
مما أرى) َّ
أن أفكاره هاوي يف َّأول صفحة من كتابه (المجمل ّ
ُّ الز
يخربُنا َّ
يذكر ُه من هذه األفكار هو الناموسُ وأول ما التي انفر َد هبا كثيرةَّ ،
األبدي
ِّ وري والعود
أن المماثلة بين الناموس الدَّ ِّ وري .وقد رأينا َّ
الدَّ ُّ
عند نيتشه تصل إلى حدود التَّطابق .إذ يعتمد كِال الفيلسوفين يف إثبات
ت المزاوجة بين الفكرتين ،على أبد َّية (الناموس -األبدي) ،إذا صح ِ
َّ ِّ
ف هو نواة زمن مك َّث ٍ
فتتحول ال َّلحظة إلى ٍ الزمان وتناهي الموجودات. َّ
َّ
يتكر ُر. ٍ كل ما كان وما سيكون هو كائ ٌن اآلن .ولذلك ُّ
األبد َّية؛ ُّ
فكل شيء َّ
٩
السبب الذي فال َّلحظة هنا هي ع ِّينة من األبد َّية ُ
تدور حول ذاهتا .وهذا هو َّ
بوصف ِه زمانًا.
ِ سيدعو هايدغر إلى االحتفال بنيتشه فيلسوفًا للوجود
ِ
األستاذ هاوي قائالً( :ما ُ
بال الز ولقد انتبه الع ّقاد إلى هذه المشاهبةَ ،
فنبز َّ
َّ
يدفع عن (نظر َّية الدَّ ور والتَّسلسل) كأنَّها نظر َّي ُت ُه التي استنب َطها ولم ُي ْس َب ْق
ُ
مذهب من مذاهب الهند األقدمين؟ بل أال
ٌ الرجعة إليها؟ أال يعلم َّ
أن َّ
ف هو ،فانتظر تطر َف فيها كما َّ وتطر َ
َّ أن نيتشه َ
قال هبا يف هذا العصر، يعلم َّ
ٍ
موجود. وكل حي ُّ
وكل يؤوب إلى األرض هومر والمسيح ونيتشهُّ ، أن
ٍّ َ
ودوالب الوجود أبد ًا شيء يعود، ٍ ُّ
وكل شيء يذهب، ٍ ُّ
فكل
ُ
حاجة إلى كبير عق ٍل ٍ يدور يف تكرير ...ولم يكن نيتشه يف ُ
ليهتدي إلى نظر َّية الدَّ ور والتَّسلسل ،فاألستاذ يعلم أ نَّه َ
ملتاث الفكر ،ور بما علم أ نَّه كان على وشكِ َ كان عبقر ّيًا،
َ َّ
ُ
العقول!( تسرتيح إليها
ُ الجنون يوم اهتدى إلى النَّظر َّية التي ال
هاوي على اعرتاض الع ّقاد ِّ الز
كان بإمكاننا أن نعرف ر َّد َّ
لوال صم ُت ُه بسبب نربة الع ّقاد الساخرة.
١٠
هاوي
ِّ الز
يلمح إلى سطو َّ وإلى حوارهما سنة ،1928ولذلك ِّ
عالمي، ٍ
نطاق على نيتشه ،بعد أن صار اسم نيتشه معروفًا على
ٍّ
يشر إلىوأن الع ّقاد كان يقرأ باإلنكليز َّية .لكنَّه لم ْ
َّ خصوصًا
هاوي الذي صدر يف حياة نيتشه سنة ،1896 ِّ للز
كتاب (الكائنات) َّ
هاوي قرأ الز شك يف َّ
أن َّ ٍ
وفاة نيتشه بأربع سنوات .ال َّ ِ أي قبل
َّ
َ
فأخذ عنه كما سنرى فكرة نيتشه بالعرب َّية أو التُّرك َّية ،وتأ َّثر به،
(السوبرمان) التي لن تظهر يف شعره ّإل عام ،1924ويف نثره ّإل
ُّ
وري)َّ ،
فإن يف حواره مع الع ّقاد .أ ّما بخصوص فكرة (الناموس الدَّ ِّ
نيتشه أصدر كتابه (هكذا تك َّلم زرادشت) باأللمان َّية يف أربعة أجزاء،
األو ل منها سنة ،1883والجزء األخير يف طبعة َّ صدر الجزء
ْ
يكتمل يف طبعة شعب َّية عا َّمة ّ
إل محدودة جدّ ًا سنة .1885لكنَّه لم
هاوي .وهذه ِّ الز
سنة ،1892أي قبل أربع سنوات فقط من كتاب َّ
األقل ،لكي يرتجم ِّ ٍ
حينئذ يف مدَّ ة ر َّبما ال تكفي لل َّثقافة العرب َّية
الكتاب ،أو فصول منه ،أو حتّى تعريف به إلى العرب َّية أو التُّرك َّية،
هاوي فيقتبس منها ما يتأ َّثر به ويؤ ِّلف منه
ُّ ثم ي َّطلع عليها َّ
الز َّ
كتابًا يرس ُل ُه إلى المطابع المصر َّية.
١١
جوهر ِه إلى تماثل مشروعين مختلفين
ِ يبقى إذ ًا َّ
أن التَّماثل يعود يف
الز مان .بل َّ
إن الرباهين التي يقدِّ ُمها يقو ُم كالهما على فكرة ال هنائ َّية َّ
هاوي براهين كون َّية
ِّ الز
نيتشه براهين تأ ُّمل َّية ،فيما نجد مثيالهتا عند َّ
تغذ ي كال المشروعين.ِ القو ة هي التي ِّ
وفلك َّية يف األغلب .وإرادة َّ
١٢
الجاذب َّية وال ُّروح الثَّقيل
يحب أن ُيدعى فيلسوفًا ،ال عالمًا .وبرغم ذلك َّ
فإن ُّ هاوي
ُّ الز
كان َّ
َّ
ولعل نظر َّيته يف الدَّ فع الفكري يناقش قضايا علم َّية. ِّ أكثر إنتاجه
صغير
ٌ ظهر له ٌ
مقال ف هبا .فقد َ العا ِّم هي أشهر هذه القضايا التي ُع ِر َ
صغير
ٌ وكتاب
ٌ (السنة،)1913 ،489 :2 ، يف مج َّلة (لغة العرب) َّ
ٌ
طويل بعنوان ٌ
ومقال بعنوان (الجاذب َّية وتعليلها) (بغداد،)1910 ،
(الدَّ فع العا ّم وال َّظواهر ال َّطبيع َّية والفلك َّية) ن ُِش َر يف المقتطف (الجزء
آخر من المقاالت. ٍ
السنة .)1912فضالً عن عدد َ ،2 ،1المجلد َّ ،41
هاوي يف هذه المقاالت َّ
أن الدَّ قائق الما ِّد َّية ال ِّ الز
وخالصة رأي َّ
تتجاذب ،كما يذهب إلى ذلك علماء النَّواميس ،بل (مذه ُب ُه هو
دفع الما َّدة للما َّدة إلى ما َّدة ،ونزيد َّ
أن هذا الدَّ فع هو كهربائ َّيتُها،
وهذه الكهربائ َّية هي حركتُها .وهذه الحركة إذا صاد َف ْت
َّ
ألن المماثلة أخرى مماثل ًة تدافعتا ،أو مخالف ًة لها تجاذبتا،
تستلز ُم المخالفة يف الملتقى ،والمخالفة تقتضي المماثلة فيه(.
١٣
شديدة من معاصريه .فكتب ٍ ٍ
انتقادات تعرضت هذه األفكار إلى وقد َّ
والهذيان منها إلى كتابةِ
ِ (أقرب إلى األحال ِم لويس شيخو ،مثالً ،أنَّها
ُ
هاوي ْ
وإن يكن (عبقر ّيًا.. َّ الز رج ٍل عاقلٍ) .بينما رأى سالمة موسى َّ
أن َّ
ولكنَّه كان لجهلِ ِه بالعلوم الما ِّد َّية يلجأ إلى المنطق ويعتمد عليه
ٍ
أسباب اجتماع َّية الوردي ذيوع هذه اآلراء إلى ُّ وحده) .وير ُّد د .علي
بأسلوب ال يختلفٍ هاوي نظر َّية نيوتن يف الجاذب َّية
ُّ الز
فيقول( :انتقد َّ
المنطقي عن أسلوب أغا رضا األصفهاينِّ يف انتقاد نظر َّية ِّ يف أساسه
دارون ،ولك َّن األفند َّية اعتربوه عبقر ّيًا ،ألنَّه استطاع أن ينتقدَ نظر َّي ًة
يكون له إلما ٌم سوى ما قرأهَ العلم الحديث ،دون أن كربى من نظريات ِ
ّ
ٍ
مقبول يف أ ّيامنا هذه، أمر غير عنها يف مج َّلة المقتطف وأمثالهاَّ .
إن هذا ٌ
الذكاء الخارق والعبقر َّية(. ِ
عالمات َّ ولكنَّه كان يف تلك األ ّيام ُي َعدُّ من
ال يكفي القول بخطأ هذه الفرض َّية اجتماع ّيًا أو علم ّيًا للقول بخطئها
هاوي انجذاب األشياء إلى األرض مثالً ،لكنَّه ُّ الز
فلسف ّيًا .وال ينفي َّ
ِ
األرض لألشياء ،يع ِّل ُل ُه بدفع ِ
بجذب السقوطال من أن يع ِّل َل هذا ُّ
بد ً
أن ما ينفيه هو الجذب .وليس الجذب سوى عودةٍ السماء إ ّياها ،أي َّ
َّ
تمشيًا مع هاويِّ ، ُّ الز إلى مركز َّية األرض أو نواة َّ
الذ َّرة .ما يريده َّ
ٍ
عالم الفلسفي ،هو االنعتاق من المركز وال َّط َيران يف روح مشروعه
ِّ
١٤
مفتوحٍ ال حدود لالنطالق فيه .وهناَّ ،
مر ًة أخرى ،يتماثل مشرو ُع ُه
(الروح ال َّثقيل) باعتباره جذبًا.
مع مشروع نيتشه الذي تحدَّ ث عن ُّ
روح .
عادي َ
َ فكتب يف فص ٍل تحت هذا العنوان قائالً( :كفاين أن ُأ
العدو األوكدُ لروح الكثافة...
ُّ ِّ
كل ثقي ٍل ألكون شبيهًا بال ُّطيور ،فأنا
يتوس َل باألنان َّية
َّ يشعر من نفسه بخ َّفة ال َّطير فعليه أن
َ َم ْن يريد أن
لالنعتاق من كثافتِ ِه ...لقد بلغت الحقيقة ،حقيقتي بسلوكيُ ،طرقًا
جمة فيما ارتقيت المدارج من س ّلم واحدة، َ
وسائل َّ عديدة وا ِّتخاذي
القمة التي أتسن َُّمها اآلن وأرسل منها نظرايت إلى ما بعد(.
َّ َ
ألبلغ
شراح نيتشه يف العصر الحديث ذلك بقوله( :طريقة
ويشرح أفضل ّ
السماوات ،والذي
زاراتوسرتا طريقة العصافير ،فهو الذي ينهض يف َّ
الكل ،فهو إنسان ال َف َوران يقف خارجًا يف ِّ يفيض ،والذي ُ يطير ،والذي ُ ُ
الخلقّ ٍ
يبصر نيتشه عالقات جوهر َّية بين الخ َّفة وال َف َوران الك ِّل ِّي..
ُ
واألنان َّية والعالم :فروح ال َّثقالة نقيضتها ،ذلك أنَّها تث ِّب ُت اإلنسان يف وضع
أخالق ٍ
وإله متعاليين ،وتوث ُق ُه بما هو داخل العا َلم. ٍ وتحم ُل ُه عبء الضياع، ِّ
ِّ
ويصبح ال ِّثقل والجاذب َّية مجاز ًا يعني الحياة المنهارة والمض َّيق عليها،
١٥
تحم ُل نفسها، ٍ
شيء مأخذ ًا ثقيالً ،والتي تأخذ َّ
كل ُ الحياة التي
ِّ
وتسير
ُ كمثل الجمل ،باألخالق والعا َلم اآلخر والدِّ ين،
متثاقل ًة تحت عبئِها ،و ُتلقي على العالم نظر ًة حزين ًة وقاسي ًة(.
مجاز للتَّعبير عن الحياة المنهارة .تلك هي المسألة.
ٌ الجاذب َّية
ٍ
كل شيء يح ُّن إلى االندفاع ونقيضها هو الدَّ فع العامُّ ، ُ
الذ ّرات والكواكبواالنطالق ،ليس اإلنسان وحسب ،بل َّ
ك ُّل ُه. والعالم والمذنَّبات واألمواج والزالزل
َّ ُّ
والشموس
ٌ
أخالق الدَّ فع العا ّم ليس نظر َّي ًة علم َّيةً ،بقدر ما هي
الروح
هي ُّ ٌ
وقانون لحركتها المندفعة إلى أمام. لل َّطبيعة،
َ
ُص ُعد ًا.
لرتتقي تستفزهاُّ الكامنة يف الموجودات التي
َ
تشع سبب الجاذب َّية هو َّ
أن األجسام ُّ َ هاوي( :يدَّ عي إنشتاين َّ
أن ُّ الز
كتب َّ
المغناطيسي هو الذي يدفع الما َّدة
ُّ الجو
ُّ جو ًا مغناطيس ّيًا .وهذا
حولها ّ
تشع حولها األرض ُّ
َ ألن ِ
األرضَّ ، الحجر على
ُ يقع
إلى الما َّدة ،وإنَّما ُ
ّ
مستقل من ِ
األرض يدفع الحجر إلى
ُ الجو
ُّ جو ًا مغناطيس ّيًا ،وهذا
ّ
الجو الذي أحدث ْت ُه األرض
ُّ الحجر ،بل
َ تجذب
ُ األرض .فاألرض ال
كتبت
ُ أنكر الجاذب َّية وأقا َم مقا َمها الدَّ فع ،فقد
يدف ُع ُه ..وأنا َّأول َم ْن َ
األغر قبل 40سنة تقريبًا.. مقاالت نشرها لي المقتطفٍ يف ذلك عدَّ ة
ُّ
١٦
تتم ّإل َّ
بقوة أن الحركة ال ُّ وخالصة ما ارتأي ُت ُه يف هذا الباب هي َّ
ولما
والقوة هي األثير ،فالحركة هي نتيجة دفع األثيرّ . َّ الدَّ فع،
ٍ ٍ
كانت إلكرتونات الما َّدة يف حركة سريعة فإنَّها تستهلك األثير
ُّ
فتختل موازنة األثير يف داخل الما َّدة وخارجها، بنسبة كثافة الما َّدة،
ذرات الما َّدة سدّ ًا لهذا الخلل .وهوفيجري األثير من المحيط إلى ّ
كل ما َّد ٍة يف طريقه إلى المراكز الكربى .وك َّلمايف جريانِ ِه يدفع َّ
زادت كثافة الجرم َّ
فإن جريان األثير إليه ،وبعبارة أخرى الدَّ فع إليه،
ٌ
جريان من الجرم كان الدَّ فع أقوى(. يكون أقوى وأشدَّ ،وك َّلما َ
قرب
هاوي هنا ،مثلما كان يعرف يف (الجاذب َّية وتعليلها) أنَّه ال
ُّ الز
يعرف َّ
يتحدَّ ث يف داخل فيزياء نيوتن ،بل يف داخل فيزياء إنشتاين ،فيزياء
رياضي ال وجود له ّإل على الورق ويف االفرتاضات، ٍ
عالم تأ ُّمل َّية يف
ٍّ
وال َّطبيعة التي يحتكم إليها ليست ال َّطبيعة الموضوع َّية الجماد ،بل
حي ينموطبيعة من نوع آخر ،طبيعة لها أخالق وإرادة ،هي كائ ٌن ٌّ
ويتطور .ما َّد ُتها هي األثير ،الذي هو مطلق الحياة يف العالم .والفيزياء
َّ
هاوي فكتابة
ّ العلم َّية هي قوانين ال َّطبيعة الميتة ،أ ّما ما يريده َّ
الز
أخالق ال َّطبيعة الح َّية ،األخالق التي تفيض من إرادة الحياة فيها.
١٧
َّطور عند دارون عن موقفه من هذه،
وال يختلف موقفه من نظر َّية الت ُّ
الموضوعي.
ُّ مما هو تعليله
ُّمو أكثر ّ
يستعير ُه منها هو وازع الن ِّ
ُ وما
القوي يف رأيي هو مذهب دارون يف النُّشوء
ُّ مرةً( :المذهب
لقد كتب َّ
شاع
واالرتقاء ،وقد تبع ُت ُه ولم يتب ْع ُه أحدٌ يف العراق غيري قبلي ،وقد َ
هاوي ال تتجاوز التَّرجمات
ِّ الز
أن مصادر َّ فيه بسببي) .ومن المؤكَّد َّ
األولى لهيغل وبوخنز وسبنسر ،ومؤ َّلفات شبلي شميل .واآلن فإنَّنا
أهم ما َّطور كانت معروف ًة أيضًا قبل دارونَّ ،
وأن َّ نعرف َّ
أن نظر َّية الت ُّ
والصراع
ِّ جاء به دارون هو تصني ُف ُه لألحياء ،وقانو ُن ُه يف بقاء األصلح،
هاوي يأخذ من هذه النَّظر َّية
َّ الز
من أجل البقاء .وهنا أيضًا نجد َّ
مما يأخذ قوانينها الموضوع َّية .ولهذا فإنَّه
وجموحها أكثر ّ
َ تط ُّل َعها
ال يرت َّدد يف أن يستبدل األسطورة باألسطورة ،فيختلف مع دارون
ب الحمام القالّب ،مثالً، مثلما يختلف مع عا َّمة بغداد ،يف ع َّلة تق ُّل ِ
الوقوع يثب عليه ك َّلما أرا َد ٍ ٍ ٍ
َ مفرتس ُ صغير حيوان مفرتضًا (وجود
القلب على عادتِهِ وبقي ّ انقرض ذلك المفرتس، ثم
َ َ إلى األرض)َّ ،
يخرتع أمثول ًة لكي يحتفظ بالقانون بوصفه أخالقًا تلقائ َّية ُ وهكذا فهو
ٍ
تفسير محض َ تفسير ُه
ُ لل َّطبيعة ،وليس ُسنَّة موضوع َّية لها ،حتّى لو كان
شعري.
ٍّ
١٨
السوبرمـان
ُّ
َّطور عنده با ِّتجاه خ ِّط ٍّي
َّطور .ويجري الت ُّ
هاوي ثقة كبيرة يف الت ُّ
ِّ الز
لدى َّ
نحو األفضل دائمًا ،من الجماد إلى النَّبات ،إلى الحيوان إلى اإلنسان.
سيتطور عن اإلنسان
َّ هاوي َّ
أن كائنًا ُّ الز
ولك ْن ماذا بعد اإلنسان؟ يرى َّ
بـ(السربمان) ،ويتخ َّي ُل ما سيكون عليه حاله( :سوف يرقى العقل
ُّ يسميه
ِّ
(السربمان) ،كما تو َّلد يف الحيوان .وسوف يف اإلنسان ،فيتو َّلد منه ُّ
يعلم اإلنسان برؤيتِ ِه ،ويكتشف بعقلهُ (السربمان) ببديهتِ ِه ما
يعلم ُّ
أضعاف ما اكتشفه اإلنسان بعقله اإلنساينِّ ،كما َّ
أن اإلنسان َ (السربماينِّ)
ُّ
اكتشف بعقله اإلنساينِّ أضعاف ما اكتشفه الحيوان بعقله الحيواينِّ.
َ
(السربمان) على ال َّطبيعة بعقله الحاضر الممتاز،
ُّ وسوف يتس َّلط
نسميه ٍ ٍ
حروب دامية ،كما انقرض جدُّ ُه ،وهو ما ِّ وينقرض أمامه بعد
ُ
القوة المدَّ خرة
(السربمان) َّ
بالحلقة الوسطى ،أمامه .وسوف يستخدم ُّ
السماء
يف جواهر الما َّدة المفردة ،ويستخدم األش َّعة القصيرة اآلتية من َّ
يف أغراض حياته الفرد َّية واالجتماع َّية ...نعم ُّ
كل ذلك هو اليوم (خيال)
السربماينِّ(. ال قيم َة له ،ولكنَّه سوف يصبح ح ّقًا ال َ
ريب فيه بفضل العقل ُّ
١٩
تطور ًا ِّ
كم ّيًا لدى اإلنسان السربمان ليس ُّ
واالنتقال من اإلنسان إلى ُّ
تحول من نو ٍع إلى نوعٍ .ويف قصيدة (الحياة وال َّطبيعة)
نفسه ،بل ُّ
الالعضوي إلى
ِّ َّطور منالمكتوبة عام ،1930تبدأ سلسلة الت ُّ
أدق ،من الجماد إلى النَّبات إلى الحيوان ٍ
بعبارة ّ العضوي ،أو
ِّ
تنتهي باألبيات اآلتية: ِ ِ
تفر َد بدهائه ،لكي
َ إلى اإلنسان الذي َّ
أوس ُع وذلك يف الدِّ ِ
راية َ هذا رمان إذا تو َّلدَ َف ْهو مِن الس ْب ُ
َ ُّ
يدفع ِ ِ
ألذى ال َّطبيعة بال َّطبيعة الحكيم فإنَّه والس ْب ُ
رمان هو
ُ ُ ُّ
مفزع ُ فليس منها َ قاب
الر ُ
تعنو ِّ بقوى لها ً مجه ٌز
ّ والس ْب ُ
رمان ُّ
يخضع ِ ِ
رمان لغيره ال والس ْب ُ ِ ِ
رمان مو ّف ٌق يف أمره والس ْب ُ
ُ ُّ ُّ
هاوي قصيدته (سليل القرد) ويكفي
ُّ الز
وقبل وفاته بشهر يكتب َّ
نحذف منها بعض القوايف لنجد أنَّها مقال ،وفيها نقرأ: َ أن
اإلنسان قِ ْرد ًا كسو ً
ال ُ فيعود ُّشوء انقالبًا إنَّني أخشى للن ِ
٢٠
َّطور ،فإنَّه يقرتن أيضًا بالبشارة.
السربمان بنظر َّية الت ُّ
برغم اقرتان ُّ
تفيض
َّطور ،ويقف كبشارة ُ ٍ
سيتحول إلى غاية ينتهي عندها الت ُّ َّ فهو
ٍ
كل شيء .وبذلك ال يعود تجتاح أمامها َّ القوة التي عن إرادة
ُ َّ
َّطور وهد َف ُه .فلن
َّطور بقدر ما يكون غاي َة هذا الت ُّ
السوبرمان نتيج َة الت ُّ
ُّ
تجاوز ُه
ُ السوبرمان قوى ال َّطبيعة ّإل بال َّطبيعة نفسها .وال ُّ
يتم يخرتق ُّ
يخلص لقواها التي ا َّدخرهتا فيه. ُ وتفو ُق ُه عليها ّإل حين
ُّ لل َّطبيعة
ِ يتم بإرادة ال َّطبيعة نفسها.
وليست السوبرمان على ال َّطبيعة ُّ فتفوق ُّ
ُّ
حي ذو ٌ َّ
الطبيعة هي هذه الما َّدة الموضوع َّية الخام ،بل هي كيان ٌّ
هاوي يف دواوينه على تذكيرنا دائمًا ُّ الز
وأخالق .ويحرص َّ ٍ روحٍ
شكتموت) .وال َّ
ُ بأن ال َّطبيعة هي (األُ ُّم العطوف) ،وهي (التي ال
َّ
قوة إله َّية فيها .والواقع َّ
أن أن هذا اإلحياء لل َّطبيعة يفرتض وجود َّيف َّ
يصر ُح بوحدة الوجود يف قصيدة (المنظور والمستور)
هاوي نفسه ِّ
َّ الز
َّ
المتصوفة بين الظاهر والباطن -قائالً: ِّ -واإلشارة واضح ٌة إلى تفريق
َّأثير ِ
وسماء كاهلل يف الت ِ ٍ ٍ
أرض األثير يف ك ُِّل ولعلَّ
َ
والخ ْلف جا َء يف الت ِ
َّعبير ُ أص ِ
ل ْ ولعل الذا َت ِ
ين واحد ٌة يف الـ َّ
ِ
القدير ِ
القديم ِ غير اهلل ِ
ئ َن ُ َمذهبي (وحد ُة الوجود) فال كا
أجم َع ْت ث َّل ٌة على تكفيري
َ أنَا هذا فال ُأبالي إذا ما
أتيت ب ْعدَ ُعصور
ُ ح َّبذا لو َ
يفقهون َحديثي ُ
أهل َع ْصري ال
٢١
ٍ
صلة بمفهوم إرادة ال َّطبيعة يجع ُلنا السوبرمان ذات
وكون فكرة ُّ
ُ
تربط بين مفهوم ُ
نتساءل عن مدى تماثل عالقتها بالعالقة التي
المتصوفة بمبدأ (وحدة الوجود) .وقد
ِّ (اإلنسان الكامل) لدى
الس َّيد نعمان
هاوي ،فناقشها ِّ
ِّ كانت هذه األفكار شائع ًة يف عصر َّ
الز
والرصايفّ وغيرهما ،فهل هناك عالقة بين
ُّ اآللوسي،
ّ خير الدِّ ين
المتصوفة؟
ِّ السوبرمان ،وهو اإلنسان الخارق ،واإلنسان الكامل عند ُّ
هاوي كان يعرف فكرة (اإلنسان الكامل) عند َّ الز ال بدَّ َّ
أن َّ
سمع هبا يف مجالس أبيه ،مفتي بغداد َّ
الشيخ َ المتصوفة ،وال بدَّ أنَّه
ِّ
هاوي) .ومع َّ
أن هناك مشاهب ًة بين طبيعة اإلنسان ّ الز
(محمد فيضي ََّّ
فإن هناك فرقًا كبير ًا أيضًا ،وهو َّ
أن الكامل واإلنسان الخارقَّ ،
المتصوفة سببًا َّأول ّيًا لخلق العالم،
ِّ فكرة اإلنسان الكامل تأيت عند
العادي به فيما بعد يف محاولة الوصول إليه،
ِّ وتش ُّبهًا من اإلنسان
لرقي اإلنسان يف سلسلة ِّ بينما تأيت فكرة اإلنسان الخارق نتيج ًة
المتكررة إلى الوجود .اإلنسان الكامل بداي ُة العا َل ِم وع َّل ُةِّ رجعاتِ ِه
تطو ِر ِه؛ اإلنسان ُّ وهدف
ُ وجود ِه ،واإلنسان الخارق هناي ُة العا َل ِم
ِ
٢٢
هاوي؟
ِّ للز إذ ًا من أين جاءت هذه الكلمة ذات ِّ
الصياغة اإلنكليز َّية َّ
أفكار ِه ،ألنَّها لو كانت كذلك
ِ َ
تكون من بنات ال يعقل أن
لصا َغها بكلمة عرب َّية .وال ُيعقل أن تكون تعريبًا عن نيتشه،
ِّ
المتأخرة كلمتي ) .(Ubermenschوتستخدم التَّرجمات اإلنكليز َّية
) (man superiorأو ) (man higherلك َّن التَّرجمات االنكليزية
ٍ
واحدة هي ) .(sup erman ٍ
بكلمة ترتجمها يف بداية القرن كانت
ُ
(قصة الفلسفة) الذي صدرت
ترجمها (وبل ديورانت) مثالً يف كتابه َّ
َ هكذا
طبعته اإلنكليز َّية األولى عام .1926ومن هنا يأيت تعدُّ د التَّرجمات
المتفوق)
ِّ العرب َّية لهذه المفردة ،فهي (اإلنسان الخارق) و(اإلنسان
و(الفائق) و(المجاوز) .وكان فيلكس قد ترجمها بـ(اإلنسان الراقي).
هاوي يأخذ هذه الكلمة من التَّرجمات العرب َّية أو
َّ الز وأغلب ال َّظ ِّن َّ
أن َّ
التُّرك َّية عن اإلنكليز َّية وليس األلمان َّية .وكانت مج َّلة (العلم) يف بغداد
نشرت مناقش ًة لرسالة لسالمة موسى عنواهنا ُّ
(السربمان(. ْ عام ،1910قد
السوبرمان يف كتابات نيتشه يف الجزء الثالث من
تظهر َّأول إشارة إلى ُّ
المتفوق)
ِّ (هكذا تك َّل َم زرادشت)(:هنالك أيضًا ظفرت بكلمة (اإلنسان
يجتاز ُه .ليس
ُ وبالتَّعليم القائم على َّ
أن اإلنسان كائ ٌن يجب أن ينشأ عنه ما
السعادة يف ظهيرتِ ِه ومسائِ ِه(. اإلنسان هدفـًا وال غايةْ ،
إن هو ّإل ٌ
عابـر يدَّ عي َّ
٢٣
يتجاوز ُه ،فهو ليس هدف هذه
ُ ال بدَّ أن يتو َّلدَ من اإلنسان كائ ٌن
فمجرد
َّ السوبرمان .أ ّما اإلنسان
إن غايتَها هو ُّال َّطبيعة وغايتها .بل ّ
عابر سبي ٍل ينقل رسالة إرادة الحياة من الحيوان إلى ُّ
السوبرمان.
ُ
يأخذها نيتشه من نظر َّية ويتساءل أويغن فنك( :هل تلك فكرة
َّحول الداروين َّية التي تتَّضح يف النِّهاية ها هنا؟ وهل ترتكز ميتافيزيقا
الت ُّ
إن نيتشه يقتصر ٍ ٍ
نيتشه على فرض َّية مستقاة من العلوم ال َّطبيع َّية؟ كالَّ .
على استعادة أفكار شائعة ليصو َغ هبا مشكلته .فاإلنسان كائ ٌن
ألن ال َّطبيعة الك ِّل َّية للحياة ،أي إرادة َّ
القوة ،تستبي ُن يتجاوز ذاتهَّ ،
ُ
َّطور ليع ِّب َر هبا عن
هاوي كالهما يستعير نظر َّية الت ُّ
ُّ والز
فيه) .نيتشه َّ
القوة الكامنة يف قلب ال َّطبيعة الح َّية. ٍ ٍ
مضمون جديد ،مضمون إرادة َّ
٢٤
ما وراء الشَّ كِّ واإلميان
بأكثر من عقد،
َ هاوي مجموعة شعر َّية كتبها قبل وفاتِ ِه ُّ الز
ترك َّ
يموت ،ولذلك س َّل َمها إلى سالمة َ وأراد لها أن ُت َ
نش َر بعد أن
هاوي مصر سنة ُّ الز
(لما جاء َّ
موسى .ويروي هذا األخير أ نَّه ّ
وأنشر ُه له إلي أن أطب َع ُه 1924زارين َّ َّ
َ ثم سل َمني كتابًا عهدَ َّ
يحب ْ
أن يرى األثر الذي يحدث له من هذا ُّ بعد وفاته ،أل نَّه ال
الكتاب يف حياته ،وهذا الكتاب هو (نزعات إبليس) ،ومن
هذا االسم يدرك القارىء المعنى الذي قصد إليه) .وفعالً لم
نش ِر الكتاب ،فقد ضاع ،حتّى اسرت َّد ُه هالل ناجي ونشره سنة
ُي َ
.1963تنتظم قصائد المجموعة يف ش َّقين هما َّ
الش ُّك واليقين.
ِ
صاحب هذا هاوي بمقدَّ مة وجيزة( :اختُلِ َ
ف يف ُّ الز
وقد قدَّ َم له َّ
علي
ّ كالر ئيس أبي
َّ ِّ
الشعر ،فمن قائ ٍل إ نَّه لجماعة من الفالسفة
شك ، ٍ
شعر ك ُّل ُه ٌّ كمونة ،فقال ما قال من بن سينا وابن رشد وابن ُّ
ٍ
شعر ك ُّل ُه يقي ٌن(. الحق ،فعاد روح ّيًا ،وقال ما قال من
ُّ ثم ظهر له َّ
٢٥
يمر َر شيئًا يف هذه المقدَّ مة،
هاوي يريد أن ِّ
َّ الز
أن َّيبدو يف الظاهر َّ
مجر د ناق ٍل
َّ فليس هو المسؤول عن كتابة هذا الدِّ يوان .بل هو
ٍ
بطريقة ما ،وأراد أن يذي َع ُه بين الناس. أو ناسخٍ عثر عليه
بكافر .قائل هذا الدِّ يوان هو أحد الفالسفةٍ وناقل الكفر ليس
كمونة .ولذلك َّ
فإن هذا المذكورين :ابن سينا ،ابن رشد ،ابن ُّ
سيقر ر منذ البداية ليس فقط تخ ِّليه عن مسؤول َّية هذا
ِّ الناقل
أن كات َب ُه بدأ متش ِّككًا وانتهى متي ِّقنًا.
يقر ر أيضًا َّ ِّ
الشعر ،بل ِّ
ِ
هناك إذ ًا تمويهان يف هذه المقدَّ مة ،كالهما خطأ .إذا خرج
بالضرورة.
َّ األو ل سقط يف التَّمويه الثاين
َّ القارئ من التَّمويه
ُ
هاوي ،بل أحد الفالسفة ّ الز
أن شاعر الدِّ يوان ليس َّ األو ل َّ
َّ
بالش ِّك وانتهىَّ أن شاعر الدِّ يوان بدأالمذكورين ،والثاين َّ
يقر ر الدِّ يوان منذ البداية سو َء تأويلِ ِه .ويبدو
باليقين .هكذا ِّ
الفخ ،حين جعلوا ِّ قر اء الدِّ يوان وقعوا بعد ذلك يف هذا َّ
أن ّ
ينتهي متي ِّقنًا.
َ هاوي نفسه يبدأ متش ِّككًا ويجب أن َّ الز
َّ
هاوي يف نشر الدِّ يوان يف حياته.
ُّ الز
صح هذا لما تر َّد د َّ
َّ ولو
٢٦
َّص إلى اليقين قض َّيةكان انتهاء الفيلسوف صاحب الن ِّ
ٍ
يقين مماثلٍ. هاوي نفسه إلى
ُّ الز َ
يصل َّ مس َّلمة تر َّت َ
ب عليها أن
َّص وصال إلى هذا
هاوي وال صاحب الن ِّ
ّ الز
والحقيقة أنَّه ال َّ
مجرد ناقل ،وصاحب التَّجربة يتساوى
َّ هاوي
ّ فالز
َّ اليقين.
َّ
والشيطان والش ُّك واليقين ،واهلل
َّ َّ
والش ُّر، عنده يف النِّهاية الخير
ِ
األحضان يا ُأ ُّم ُض ِّميني إلى ِ
لإلنسان أرض أن ِ
ْت األُ ُّم يا ُ
َّ
والشيطان وسئمت ذكر اهللِ ِ ِ
سئمت من الحياة وطولها إنِّي
َ ُ ُ
موضوعة المخطوطة إذ ًا ليست االبتداء َّ
بالش ِّك واالنتهاء باليقين،
الش ِّك
بل التَّوازي بينهما ،وبالتالي تجاوز هذا التَّوازي إلى ما وراء َّ
واليقين ،تمامًا كما دعا نيتشه إلى تجاوز األخالق االجتماع َّية
هاوي هو
ُّ الز َّ
والش ِّر .ما يريده َّ َّ
والش ِّر إلى ما وراء الخير يف الخير
الش َّك واليقين
حو لت الدِّ يانات َّ
الخروج من أسر األلفاظ .لقد َّ
الصنم َّية إلى األرض إلى أصنا مٍ ،وهو يريد أن يخرج من هذه َّ
تضم يف داخلها
ُّ -ا ألُ ِّم ،إلى ال َّطبيعة من حيث هي َّ
قو ة روح َّية
النَّقيضين معًا .فال َّطبيعة هي الوجود الواحد والموجود المتعدِّ د.
٢٧
ويف هذا اال ِّتجاه أيضًا تسير ملحم ُت ُه (ثورة يف الجحيم) ،حيث
َ
ويهاجمون زبانيتَها. السعير يخرتع س ّكان جهن ََّم آل ًة يطفئون هبا َّ
حر َّ ُ
لقد كان ُينظر دائمًا إلى هذه القصيدة باعتبار المؤ ِّثر والتَّأثير،
والمعر ِّي ،ولك ّن أحد ًا لم
ِّ فيتحدَّ ث ناقدوها عن تأ ُّثرها بدانتي
الفلسفي العا ِّم . يتساءل عن مدى انسجامها مع مذهبه ْ ينتب ْه ولم
ِّ
الشياطين) فـ(احتالل أهل الجحيم للجنَّة طائرين إليها على ظهور َّ
هاوي يف أحد عناوينها -إ نَّما يعني استواء الخير
ُّ الز
-كما يقول َّ
والش ّك واإليمان ،والجنان
َّ َّ
والشياطين، َّ
والش ِّر ،والمالئكة
والنِّيران ،والحلم بما يتجاوز هذه ك َّلها إلى ما ورا َءهاُ .يقال إ نَّه حين
فلما ك َّل َم ُه يف ذلك،
شر ها إلى الملكّ ، نظمها (فزع المتز ِّمتون من َِّ
ِ
األرض فأضرمتُها عجزت عن إضرا ِم ال َّثورة يف
ُ أصنع ؟
ُ قال :ماذا
واليقين هو الذيِ الش ِّك
السماء) .ولقد كان الحلم بتجاوز َّ يف َّ
ِ
قيود األديان ِ، ُ
َّجر د من(أحب ديان َة الت ُّ
ُّ يعتمل يف نفسه حين كتب
ديني(.
ٍّ البشر إلى درجة أن ال يحتاج إلى إصالحٍ
ُ والمنتظر أن يرقى
٢٨
للش ِّك عند شوبنهور واليقين عند هيغل ،يكتب نيتشه ويف نقده َّ
َّ
والش ِّر )( :ما يزال هناك على ٍ
نحو مماث ٍل يف كتابه (ما وراء الخير
أن هناك يقينًا مباشر ًا ،مثالً، يعتقدون َّ
َ ممن ِ
راصدون ألنفسهم ّ
فيقول أحدُ هم (أعتقد) ،أو كما تع ّبر خرافة شوبنهور (أريد)،
ٍ
وعار ٍ
خالص ٍ
نحو ِ
بموضوعها على وكأن المعرفة هنا تمسك َّ
تزييف من لدن الذات أو الموضوع. ٍ بوصفه (شيئًا يف ذاته) دون
َّ
والشيء ُ
شأن المعرفة المطلقة غير َّ
أن هذا اليقين المباشر ،شأ ُن ُه
أكر ر ُّ
وسأظل ِّ الصفة والموصوف، يتضم ُن تناقضًا بين َِّّ يف ذاته،
ِ
نحر َر أنفسنا فعالً من إغراء الكلمات. ِ
المر ات أ نَّنا يجب أن ِّ
مئات ّ
٢٩
رصاع الفيلسوف والشاعر
هاوي ونيتشه كالهما كان شاعر ًا وفيلسوفًا .ولقد
ُّ الز
َّ
ٍ
أ ّد ى هذا االنقسام عند نيتشه إلى جملة من األسئلة
بقي يف فكر نيتشه .فهل نجد أخطر ما َ ُ المهمة ،هي تقريبًا
َّ
هاوي ،وقد كان ُيعاين هذا االنقسام نفسه؟ ِّ الز
مثيالهتا عند َّ
يف مقدَّ مة الحقة كت َبها نيتشه لل َّطبعة الثانية ( )1886من كتا بِ ِه
(مولد المأساة) ،بعنوان (محاولة يف النَّقد الذا يتِّ) يشير نيتشه
ثالر وح الجديدة ،ال أن يتحدَّ َ يجب أن يغن َِّي تلك ُّ ُ إلى أ نَّه (كان
تشف عن تر ُّد ده بين ُّ أن هذه الكلمة هبا) .ووجد ن ّقا ُد ُه فيها َّ
نزوع إلى الفلسفة ِّ
بكل ِ
نزوعان : يتقاسم ُه الفلسفة والف ِّن .فنيتشه
ٌ ُ
مجر د للبحث َّ نظري
ٍّ ٍ
دقيق ،وتأ ُّمل تحليلي ٍ
تفكير ما تتط َّل ُب ُه من
ٍّ
لألو ل يتَّجه نحو
َّ آخر مضا ٌّد ُ ونزوع
ٌ عن الحقيقة الموضوع َّية،
ٍ
وخيال .ومن ٍ
وكذب ٍ
أسطورة بكل ما يستند إليه الف ُّن من الف ِّن ِّ
هنا َّ
فإن يف صميم تفكير نيتشه صراعًا ضمن ّيًا بين الفيلسوف
والشاعر ،بين المعرفة العلم َّية واألسطورة الحالمة ،بين
الحقيقة والخيال .ويؤ ِّد ي التَّحليل المعر يفُّ للتَّناقض بين هذين
القطبين إلى تحليل األسطورة بوصفها أساس المعرفة البديه َّية،
٣٠
األسطوري.
ِّ وتحليل المعرفة الموضوع َّية بوصفها غاية التَّفكير
سماها
المرجو ة (األسطورة) كما ّ
َّ أسمينا هذه الكلمة
َّ (وسوا ُء
المتأخرةَّ ،
فإن ِّ سماها يف أعمالهنيتشه الشاب ،أو (الحياة) كما ّ
محتواها يبقى ماثالً يف سعيه إلى األسطورة ،أي َّ
أن منهجه يف
المعرفة الباحثة هو نفاذ البصر .وهدف المعرفة هي أسطورة
الرائي وطريق المعرفة هو نفاذ بصر المتش ِّكك) .ولقد ساق
للسؤال نفسه؛ (هل
هذا التَّناقض نيتشه إلى المساءلة المعرف َّية ُّ
ٍ
ومعيار ٍ
مجر د وسيلة مس َّلمات المنطق مناسبة للواقع ،أم أ نَّها
َّ
لنا لخلق الواقع ومفهوم الواقع؟ تأكيد الحالة األولى يعني َّ
أن
لدى المرء معرف ًة سابق ًة باألشياء ،وهذا ٌ
أمر غير صحيحٍ بالتَّأكيد.
تتضمن معيار ًا للحقيقة ،بل حاج ًة
َّ لذلك َّ
فإن القض َّية المنطق َّية ال
نسيت
ْ مجازات
ٌ الزم ًة لما يجب أن ُي َعدَّ حقيقة) .فالحقائق هي
مجاز َّيتَها ،والوقائع ليست موضوع َّية ،بل ا ِّتفاقات لغو َّية .فهي
إذ ًا لغة شعر َّية ،نس َي ْت شعر َّيتَها وتقنَّعت بقناع الحقائق .ولك ْن ال
بدَّ من فهم هذه ال ُّلغة ِّ
الشعر َّية فهمًا علم ّيًا ومنطق ّيًا دقيقًا ،فما
ب إن المعيار هو المنطق .إذا قبلنا هبذا القول تر َّت َ المعيار؟ س ُيقال َّ
معيار ِه.
ِ نقر بأ نَّنا نعرف الواقع معرف ًة قبل َّية سابق ًة على اختيار
عليه أن َّ
٣١
بأن يف المنطق نفسه ُبعد ًا
نقر َّ
ب علينا أن َّوإذا رفضنا ذلك تر َّت َ
أسطور ّيًا ال -منطق ّيًا ،وبالتالي سنصل إلى تحليل ال ُّلغة ،وإلى
رفع قانون التَّناقض عند أرسطو .والمعروف َّ
أن قانون التَّناقض
غير ُه .يف حين نجد نيتشه
يستدعي أن يكون (أ) هو (آ) وليس شيئًا َ
هنا بخالف ذلك؛ (آ) عنده يساوي (آ) وال يساويه أيضًا .من هنا
أهم َّية تفكيك ال ُّلغة بوصفها العنصر الثالث يف المث َّلث المعر يفِّ
تأيت ِّ
يضم :الوقائع ،واألفكار ،والتَّعبيرات .يقول بول دي مان:
ُّ الذي
ٍ
خطاب تفكيكي ،أي َّ
أن التَّفكيك (هذا التَّعقيد سمة الزمة ِّ
لكل
ٍّ
مفر من هذا. ٍ
بالضرورة .وال َّ
بطريقة مرجع َّية َّ يذكر مغالطة المرجع
َّص ُيجري أيضًا هذا التَّفكيك ليس أمر ًا ِّ
نقر ر فعله أو عد َم وكون الن ِّ
ٍ
استعمال ل ُّلغة ،وهذا االستعمال، فعلِ ِه برغبتنا .فهو مالز ٌم ِّ
لكل
فإن االنقالبقسري إلزامي .فضالً عن ذلكَّ ،
ٌّ كما يقول نيتشه،
ٌّ
َّفكيكي لن يصل
ِّ المتضمن يف الخطاب الت
َّ من النَّفي إلى اإلثبات
بحوث كثيرةٍ
ٍ أبد ًا إلى النَّظير المقابل لما ينفيه) .ويمضي نيتشه يف
مهمة مثل موقع ال ُّلغة ،وال َّلعب بوصفه قانونًا
لمساءلة موضوعات َّ
توص َل إليه نيتشه؟
َّ هاوي إلى ما
ُّ الز
توصل َّ
َّ كون ّيًا ...إلخ .فهل
٣٢
ٍ
حوار من أخصب الحوارات التي جرت يف بداية القرن بين يف
المجل ت المصر َّية ،نكاد نجد ّ هاوي والع ّقاد على صفحات ِّ الز
َّ
تكتمل .وكانت البداية حين نشر ْ أفكار ًا مشاهبة ،لوال أ نَّها لم
تونسي ٍ
قارئ هاوي بعد أن وصلته رسال ٌة منِّ الع ّقاد رأيه يف َّ
الز
ٍّ
هاوي شاعر ًا وفيلسوفًا .وكان رأي الع ّقاد (أ نَّه ِّ الز
أثنى فيها على َّ
صاحب َم َل َكة علم َّية تطرق الفلسفة وتنظم ِّ
الشعر بأداة العلم
هاوي المماثل
ِّ ووسائل ال ُع َلماء) .لقد تب ّين للع ّقاد انقسام َّ
الز
حشر ُه يف زمرة العلماء.
َ الشعر والفلسفة ،لكنَّه ارتأى بين ِّ
صاحب العصري هاوي َّ
بأن (الشاعر الز ٍ
وكان حينئذ أن ر َّد َّ
ُ َّ ُّ
ٍ
وعاطفة ال يبعد هبما عن الواقع المحسوس... ٍ
وخيال ٍ
حقيقة
وحسب ، يتحر ى هبا الحقيقة ٍ
بصيرة صاحب الفيلسوف
َ َّ
وأن
ُ َّ ُ
َ
شأن للبديهة فيه ّإل قليالً) .وتظهر يف هذا الحوار مراجعة وال
لمفاهيم كثيرة مثل الحقيقة والخيال والمنطق والعاطفة ،غير َّ
أن
والشعر ،أو بينِّ ظل غائبًا هو موقع ال ُّلغة بين الفلسفة
أهم ما َّ
َّ
هاوي من إثارة موضوع ال ُّلغة حين ُّ الز
المنطق والواقع .ويقرتب َّ
يقص علينا
ُّ يتحدَّ ث عن عمى العقل( :ال ُأ نكر َّ
أن الخيال كان
مر ًة وتكذب مرار ًا،
قصص ُه كانت وال تزال َت ْصدُ ُق َّ
َ قصصه ،ولك َّن
٣٣
كجزمِ ِه بتالقح اإلنسان والحيوان ،ووجود البعبع وأعراس الجان
الشعوب المنح َّطة أكثر وغير ذلك من الخرافات التي هي اليوم يف ُّ
بمعزل عن مثل هذه األوهام .وأ ّما عمى ٍ منها يف المتمدِّ نة .والفلسفة
الز من ال َّطويل فأل نَّه كان العقل عن نظر َّية النُّشوء واالرتقاء َّ
كل ذلك َّ
إن لم أقرب إلى الخيال ْ
َ يبني عق َل ُه على الحدس والتَّخمين .فكان
ِ
لحظتان يف تاريخ العقل :العمى والبصيرة ،وهذه ثنائ َّية ي ُكن َّ
ْه)ثمة
السبعينات مع أحد أحفاد نيتشه ستصل إليها الفلسفة الغرب َّية يف َّ
الفكر ِّيين وهو بول دي مان .العمى حين يدَّ عي وصف الواقع فال
ٌ
خيال ، يصدق ،والبصيرة حين يص ُف ُه فال يكذبُّ .
السوبرمان مثالً ُ
هاوي
ّ الز
يوضح َّ ولكنَّه يتوافق مع قوانين ال َّطبيعة وأخالقها .وال ِّ
يفرق بين عمى العقل وبصيرته ،أل نَّه لم يعرف أصالً القيمة
كيف ِّ
المعرف َّية ل ُّلغة يف صناعة المفاهيم ،وأل نَّه يعتقد َّ
أن البصيرة ال
يمكن أن تنتاهبا ٌ
نقط من العمى .ويف ذلك الحوار ال بدَّ من عدم
ال شخص ّيًا بينهما أكثر أن الحوار كان سجا ً األو ل َّ
إغفال أمرينَّ :
اجتماعي ِ
مما كان حوار ًا .والثاين أ نَّهما معًا كانا ينطلقان من َه ٍّم
ٍّ ّ
ُيملي عليهما أن يكون استخدا ُمهما استخدامًا نفع ّيًا تداول ّيًا،
٣٤
ٍ
مقالة كت َبها الع ّقاد أن وليس معرف ّيًا خالصًا .وكان يف آخر
اهلل يف َ
وكتب(:بارك ُ ونو َه بجنون نيتشه
ّ هاوي ،
ِّ الز
سخر من َّ
ِ ِ
وأكثر من أمثاله ،وإن السوء، ِ عق ِل
َ وصرف عنه ُّ
َ األستاذ ،
أن أمثا َل ُه كثيرون يعدُّ ون بالماليين يف عالم هذا
يزعم َّ
ُ كان
يسخر
ْ ف الحوار .فالع ّقاد لم
الفضاء) .وعند هذه النُّقطة تو َّق َ
هم ُه بسرقة نيتشه .ولهذا سيتو َّقف هاوي فقط ،بل ا َّت َ ّ الز
من َّ
الر ِّد ،وسيدَّ عي النَّزاهة أمام نفسه قائالً إ نَّه لن هاوي عن َّ
ُّ الز
َّ
بسخرية .لكنَّه سينتقم من الع ّقاد بطريقةٍ ٍ ٍ
حوار ينتهي يستمر يف
َّ
ِ
أخرى .فحين ُيصد ُر الع ّقاد ديوا َن ُه سيتص َّيد هو أخطا َء ُه ال ُّلغو َّية
الشعر َّية بعقل َّية سوبرمان من القرون األولى. والنَّحو َّية وسرقاتِ ِه ِّ
٣٥
املرسل
سوبرمان الشِّ عر َ
ِ
واجهت كانت مشكلة المعيار من المشكالت األساس َّية التي
ٍ
معيار يكون توفير
ُ األدبي .كيف يمكن هاوي يف نقده
َّ الز
َّ
ِّ
يت يف الغالب، َّهضوي ذا ٌّ
ِّ موضوع ّيًا؟ المعيار يف األدب الن
جديد .ولكنَّه هبذه الذات َّية يخون ٍ يسعى إلى توطيد نموذجٍ
ٍ
ناقد ذراعًا أن ِّ
لكل الشرق َّ(:مما يأسف له األدب يف َّ معيار َّي َت ُه ّ
الش َعراءْ ،
فإن رآه مساويًا له يقيس به شعور ُّ
ُ (اقرأ :معيار ًا)
َ
يقول أليس للشاعر أن
َ َ
كان رديئًا. كان ج ِّيد ًا ،أو ناقصًا عنه
َ
ُ
يكون ذرا ُع َك مقياسًا وال يكون لمثل هذا الناقد :لماذا
وستكر ُر نازك المالئكة فيما بعد هذه َّ
الشكوى ِّ ذراعي؟).
الشعور هاوي ْ
أن يكون ُّ ُّ الز
يقرتح َّ
ُ ويف معركة التَّجديد والتَّقليد،
معيار التَّقليد:
َ والسمع
َّ معيار التَّجديد،
َ
ُ
وميزان هز النُّفوس وع َّب َر عن ُّ
الشعور، )وليكن ميزان الجديد هو ما َّ
مما ال عالقة له ُّ
بالشعور .هنا السمع ،وعاف ْت ُه النَّفس ّمج ُه َّ القديم َّ
كل ما َّ
يبدو أنَّه أغفل مالحظة ازدواج َّية المعيارّ ،
وإل فما هو ضابط ُّ
الشعور
الموضوعي؟ ومعيار ُهْ ،
إن لم تكن الذات َّية نفسها التي هي نقيض المعيار ُ
ِّ
٣٦
ُ
وميزان هز النُّفوس وع َّب َر عن ُّ
الشعور، )وليكن ميزان الجديد هو ما َّ
مما ال عالقة له ُّ
بالشعور .هنا السمع ،وعاف ْت ُه النَّفس ّ
مج ُه َّ القديم َّ
كل ما َّ
يبدو أنَّه أغفل مالحظة ازدواج َّية المعيارّ ،
وإل فما هو ضابط ُّ
الشعور
الموضوعي؟ ومعيار ُهْ ،
إن لم تكن الذات َّية نفسها التي هي نقيض المعيار ُ
ِّ
العصري
ّ ومع حرصه على تأكيد َّ
أن الحداثة (أي الجديد أو
بحسب ما كان يستعم ُل ُه من مصطلحات) ليست ظاهرة زمان َّية
الزمان،
بل رؤيو َّية( :إنِّي ال أنظر إلى القديم والجديد من حيث َّ
بل أنظر إليهما من حيث النَّزعة) ،ومع حرصه على التَّذكير َّ
بأن
الجديد موجو ٌد يف القديم ويف الحديث إذا لم يسب ْق ُه أحدٌ إليه(،
أهم العوائق يف مشروع الحداثة لديه .فالحداثة
الزمان َّية َّ
فقد كانت َّ
ٍكما يفهمها ليست زمان َّية ،بل هل نزعة رؤيو َّية ،وجنوح إلى
االبتكار الفن ِِّّي ،ولهذا فهي قد توجد يف شعر الجاهل َّية كما توجد يف
ٍ
حاضن، ٍ
زمان الرؤية بحاجة أيضًا إلى ِّ
العصري .ولك َّن هذه ُّ
ِّ الشعر
تمر َد الشاعر الكبير على المسوغات االجتماع َّية( :مهما َِّّ يو ِّف ُر لها
مر ًة واحد ًةيطفر َّ
َ َّصورات يف أ َّمتِ ِه ،فهو ال يستطيع ْ
أن األساليب والت ُّ
وإن كثير ًا من َّ تخالف ما أل َف ُه شع ُب ُه..
ُ وأساليب إلى تصو ٍ
رات
َ ُّ
وتطور أبناء ال ُّلغة(. ُّ تطور ال ُّلغة
َّطور داخل ُّ مضطرون إلى الت ُّ ُّ الش َعراء ُّ
٣٧
رؤيوي ،وليست ظاهر ًة زمان َّيةً ،ومع ذلك فهي
ٌّ نزوع
ٌ الحداثة
الز مان بوصفه الحاضنة التاريخ َّية لها .وهكذا فهي تحتاج إلى َّ ُ
زمان وقطيعةٌ، ٌ الز ما ينَّ .فالحداثة إذ ًا
َّطو ر َّ
تراعي الت ُّ يجب أن
َ
وانفصال يف الوقت نفسه .لقد ن َّظ َرٌ ف ،ا ِّت ٌ
صال استمرار وتو ُّق ٌٌ
ف للز مان فلسف ّيًا على أ نَّه يتخ َّلل الحركة ،أو أبدٌ مك َّث ٌ هاوي َّ
ُّ الز
َّ
ٍ
يف ال َّلحظة الحاضرة ،ولكنَّه علم ّيًا كان بحاجة إلى نظر َّية
الز مان بوصفه تتابعًا خ ِّط ّيًا .وهكذا ف فيها َّ َّ
يتكش ُ َّطو ر التيالت ُّ
ٍ
مشروع رؤية يتجاوز ِ
أيضًا يف نظرته إلى الحداثة ،فالحداثة ِ
ُ
الز من ،وقد يوجد يف القديم كما يف الجديد .ولكنَّه من ناحيةٍ َّ
بعصر ِه وزمن ِ ِه ،فال يستطيع أن يفار َق ُه .وما
ِ لصيق
ٌ مشروع
ٌ أخرى
هاوي يف ِّكر ،وهو ُيلقي
ُّ الز
بين حدَّ ي االستمرار واالنقطاع كان َّ
بإرضاء الحداثة والتاريخ معًا، ِ العراقي األولى، ِ
بذرات النَّقد
ِّ
ومشروع ِه اإلصالحي يف الوقت نفسه. ِ طموح ِه الفن ِِّّي
ِ بإرضاء
ِّ
هاوي عدد ًا من المقاالت النَّقد َّية عن ِّ
الشعر ُّ الز
ويف عام 1922كتب َّ
الشعر) ،وقد نشرهتا مج َّلة (اليقين) يف تسع حلقات،
منها( :نظرة يف ِّ
نشرها رفائيل ب ِّطي يف كتابه (سحر ِّ
الشعر(. و(محاضرة يف ِّ
الشعر) ،وقد َ
٣٨
هاوي إلى لغة شعر َّية مجنَّحة
ِّ الز
والمالحظ على هاتين الدِّ راستين لجوء َّ
أقرب إلى البالغة ٍ
تكثر من استعارات التَّحليق وال َّط َيران ،يف بالغة
َ
رسل) ،فتحدث زوبعة
الم َ النِّيتشو َّية .ويف عام 1925ينشر مقالة ِّ
(الشعر ُ
األثري،
ُّ ومحمد هبجت َّ الفضلي،
ُّ يف األوساط األدب َّية ،وير ُّد شكري
ٍ
حسون وآخرون يف سلسلة من المقاالت. ورفائيل ب ِّطي ،وسليم أفندي ُّ
ويجمع هو ردو َد ُه على اعرتاضاهتم جميعًا يف مقالة بعنوانِّ :
(الشعر
والر ُّد على ناقديه) .وخالصة رأيِ ِه يف هذا األمر َّ
أن القافية (قيدٌ المرسل َّ
َ
الرأي أيضًا نازك المالئكة ِ
من قيود ِّ
وستكر ُر هذا َّ
ِّ يرسف به).
ُ الشعر
الشعر المرسل ِّ
بالشعر المنثور بعد ثالثة عقود تقريبًا .ولكي ال يختلط ِّ
هاوي أنَّه لم يدْ ُع إلى هجر الوزن،
ّ الز الذي دعا إليه رفائيل ب ِّطي ِّ
يوضح َّ
وسبب التَّكرار .وإذا كان الوزن
ُ بل إلى نز ِع القافية فقط ،ألنَّها ُ
نتاج العادة
يرسف به هذا القوا ُم.
ُ الشعر أو قوا َم ُهَّ ،
فإن القافية هي القيد الذي عمو َد ِّ
ٍ
حيوان عضوي أو ٍ
كائن يتحول ِّ
الشعر إلى ٍ
بسيط ٍ
مماثلة وبقياس
ٍّ َّ
أنزع من ِّ
الشعر ما َ ٌ
وذيل وأعضاء( :ال أريد أن له سلسل ٌة فقار َّية
ِ
بحكم لصق به
َ أنزع ما
َ يكون به شعر ًا ،وهو الوزن ،بل غايتي أن
يرسف به.
ُ ٍ
كقيد ثقي ٍل يجر ُه ورا َء ُه ،أو ٍ
كذنب ِ
العادة من القافية
ُّ
٣٩
نزع سلسلتِ ِه الفقار َّية ،ونزعي للقيد ال ونزعي َّ
للذنب ال يستلزم َ
الرجل نفسها منه) .ومثلما انقرض ذنب اإلنسان يف يوجب ْنز َع ِّ
ُ
َّطور ،سينقرض ذيل القصيدة ،الذي هو القافية ويصير إلى ِ
سلسلة الت ُّ
األول استمرار َّية يحافظ فيها ِ
هاويَّ .
ِّ الز
الزوال .هنا يتَّضح أمران يف نقد َّ
َّ
فاهي. للشعر ِّ
الش ِّ استمرار ِّ
ٌ المرسل ،مثالً،
َ الالحق على السابقِّ .
الشعر
متدرج .ولكي يكون ِّ
الشعر تطور ِّ
َّطور َّية ،فاالستمرار يأيت يف ُّ
والثاين الت ُّ
الشفاهي ينبغي أن يتخ َّلى عن القيود ُّ
والذيول للشعر ِّ المرسل استمرار ًا ِّ
ِّ
اقتلع
َ ويحافظ على قوامِ ِه .أ ّما شعر رفائيل ب ِّطي المنثور فقد
َ التي تعو ُق ُه
أنواقتطع قوا َم ُه ،وهو الوزن .ومن الواضح ََّ سلسلة ِّ
الشعر الفقار َّية
هاوي هنا يف ِّكر من داخل نظر َّية الت ُّ
َّطور الداروين َّية يف حق ٍل ٍّ
أدبي. َّ الز
َّ
متدرجة ،يعدّ ل فيها الماضي
ِّ َّطور لمتوالية
فينبغي أن يخضع هذا الت ُّ
هاوي يستطيع
ّ الز الحاضر ويك ِّي ُف ُه ،دون أن يتقاطع معه .صحيح ّ
أن َّ َ
الشعر سيتخ َّلى السوبرماينِّ ،فيرى َّ
أن ِّ أن يستشرف المستقبل ،بعقله ُّ
عن القافية ويحتفظ بالوزن ،وهذا ما تح َّق َق فعالً يف حركة ِّ
الشعر
بقي الوزن). ً تذهب القافية ويبقى ِّ
الشعر شعرا ما َ ُ الحر( :سوف ِّ
مما
يذهب إلى أبعدَ ّ
َ الشعر المرسل ال ُيريد ْ
أن لك َّن سوبرمان ِّ
المحيطون به.
َ التاريخي وبيئته المح ِّل َّية واألفند َّية
ُّ يحتاج ُه ظر ُف ُه
ُ
٤٠
سرية الكاتب
سعيد الغانمي
_كاتب وباحث عراقي يقيم يف أسرتاليا
_له أكثر من سبعين عمالً مطبوعًا ما بين مرتجم ومؤلف ومحقق
_نشر مئات المقاالت والرتجمات يف عدد كبير من المجالت والجرائد العربية
_راجع عدد ًا من الكتب المرتجمة إلى العربية
_درس اللغة العربية لألجانب واللغة اإلنكليزية للعرب َّ
_ساهم يف عدد كبير من الملتقيات والندوات األدبية
ساهم يف إلقاء محاضرات أدبية يف عدد من الجامعات العالمية ،مثل جامعة كيرتن
يف غرب أسرتاليا ،وجامعة جورج تاون يف واشنطن وغيرهما
حصل على جائزة الشيخ زايد يف حقل الفنون والدراسات النقدية 2017 ،عن كتابه (فاعلية الخيال
األدبي(.
٤١
األعامل املرتجمة
_اللغة علمًا ،دار الشؤون الثقافية ،بغداد1986 ،
_كتاب الرمل ،لبورخس( ،ترجمة) ،دار منارات ،األردن1990 ،
_فلسفة البالغة ،لريتشاردز (ترجمة باالشرتاك مع المرحوم د .ناصر حالوي(
_المغرب2002 ،
_اللغة والخطاب األدبي ،المركز الثقايف العربي ،بيروت1991 ،
_السيمياء والتأويل ،لشولز (ترجمة) ،المؤسسة العربية للدراسات والنشر ،بيروت1993 ،
_العمى والبصيرة ،لبول دي مان( ،ترجمة) ،المجمع الثقايف ،اإلمارات1994 ،
_الصانع ،لبورخس( ،ترجمة) ،المؤسسة العربية للدراسات والنشر ،بيروت1995 ،
_النظرية األدبية المعاصرة ،لسلدن( ،ترجمة) ،المؤسسة العربية للدراسات والنشر ،بيروت1995 ،
_شعرية التأليف ،ألوسبنسكي( ،ترجمة باالشرتاك مع د .ناصر حالوي(
_الوجود والزمان والسرد ،فلسفة بول ريكور ،المركز الثقايف العربي ،بيروت1998 ،
_العمى والبصيرة ،بول دي مان( ،ترجمة ،ط ،2مزيدة) ،المجلس األعلى للثقافة ،القاهرة2000 ،
_الممارسة النقدية ،بيلسي( ،ترجمة) ،دار المدى ،دمشق2000 ،
_نظرية التأويل ،بول ريكور( ،ترجمة) ،المركز الثقايف العربي ،بيروت2002 ،
_العرب والغصن الذهبي ،ستيتكيفتش( ،ترجمة) .المركز الثقايف العربي ،بيروت2005 ،
_سفر التكوين البابلي ،دار الجمل2007 ،
_الزمان والسرد ،بول ريكور ،ج( ،1ترجمة باالشرتاك مع فالح رحيم(
_الزمان والسرد ،بول ريكور ،ج( ،3ترجمة) .دار الكتاب الجديد ،بيروت2006 ،
_العقل واللغة والمجتمع :الفلسفة يف العالم الواقعي( ،ترجمة) لجون سيرل
٤٢
األعامل املرتجمة
_الغابة النرويجية (ترجمة) رواية لهاروكي موراكامي ،المركز الثقايف العربي ،بيروت2006 ،
_بواعث اإليمان (ترجمة) لبول تيليتش ،دار الجمل ،ألمانيا2007 ،
_أساسيات اللغة (ترجمة) لجاكوبسن وهاله (ترجمة) ،المركز الثقايف العربي وكلمة ،اإلمارات
_ البصرة وحلم الجمهورية الخليجية( ،ترجمة) ،لريدر فسر ،يصدر عن دار الجمل ،ألمانيا
_التقويم يف النقوش العربية الجنوبية ،بيستون (ترجمة) ،اإلمارات ،أبو ظبي
_المقدس واألدب (ترجمة) لنورثروب فراي ،اإلمارات ،كلمة ودار الجمل2009 ،
_نقد ملكة الحكم (ترجمة) لكانط ،كلمة ودار الجمل ،بيروت2009 ،
_الحضارات األولى (ترجمة) لغلين دانيال ،اإلمارات ،دبي الثقافية2009 ،
_البابليون (ترجمة) لساكز ،دار الكتاب الجديد المتحدة2009 ،
_اللغة واألسطورة لكاسيرر (ترجمة) ،أبو ظبي ،كلمة ،اإلمارات2009 ،
_ تأمالت يف اسم الوردة ،إيكو( ،ترجمة) ،دار الكتاب الجديد المتحدة
_ مفاتيح اصطالحية جديدة (ترجمة) ،المنظمة العربية للرتجمة
٤٤