Professional Documents
Culture Documents
النظرية الليبيرالية
النظرية الليبيرالية
النظرية الليبيرالية
راجت الليربالية بصفتها التيار اإليديولوجي الذي يطالب ابلتقدم عن طريق احلرية انسجاماً مع
شعارها املركزي "دعه مير ،دعه يعمل" .األمر الذي جعل العديد من الفالسفة واملؤرخني جيزمون
أبن حقوق اإلنسان ،ابملفهوم املتداول به اليوم عاملياً ،ولد وترعرع يف أحضان النظام الليربايل.
وابلنظر إىل املراحل اليت قطعتها الليربالية يف منوها التارخيي فإن نظرهتا حلقوق اإلنسان تغريت
بتغري تلك املراحل .وذلك ما يتضح من خالل ما يلي:
.1مرحلة فلسفة النهضة اليت أعلت من قيمة الفرد :اندى رواد النهضة األوروبية حبرية
الفرد يف كل شيء ابعتبار أن الفرد أسبق من اجملتمع وأمسى منه .واعتبار الفرد قيمة
قائمة بذاهتا له جذور اترخيية تتجه حنو ما يعرف بـ"القانون الطبيعي" الذي منه استلهم
فالسفة النهضة فكرة اإلنسان الفرد اليت نظر هلا الفيلسوف كانط (عمانويل) جاعال
بذلك "اإلنسان غاية بذاته وليس وسيلة" ،لذا جيب معاملته أخالقيا هبذه الصفة وذلك
ما أثبته يف كتابه الشهري " :مشروع من أجل السلم الدائم".
وهكذا مضى مفكرو الليربالية بعيدا بنظرية القانون الطبيعي حيث اختذوها وسيلة للحد
من السلطة املطلقة للملوك احلاكمني.
.2مرحلة اعتبار مشروعية السلطة ال تكون إال عرب العقد االجتماعي وحكم القانون :إىل
جانب اعتماد فالسفة الليربالية على القانون الطبيعي لوضع قيود على سلطة وسيادة
الدولة لصاحل حرية اإلنسان الفرد ،وجدوا يف "العقد االجتماعي" وسيلة للمزيد من
احلد من تلك السلطة من خالل أتكيدهم على املبادئ الثالثة التالية:
أ -إن الشعب هو مصدر السلطات مجيعها.
ب -إن السيادة حق للشعب وحده ،وأن احلاكم ميارس حقوق السيادة ومظاهرها
فقط.
ت -إن الدولة هي جهاز ذو أساس تعاقدي.
وهبذه املبادئ وصل مفكرو الليربالية إىل حقيقة هامة ،مفادها أن مقياس احلرايت
واحلقوق داخل الدولة هو يف مدى خضوع املشرع حلكم القانون.
.3مرحلة إجياد التوازن الصعب بني الغاية الفردية والوسيلة اجلماعية :من الطبيعي أن
يتصادم االجتاه الفردي املعتمد على نظرية احلقوق الطبيعية والقانون الطبيعي مع االجتاه
الشعيب الدميقراطي الذي متثله نظرية "العقد االجتماعي" ،وقد ظهر هذا التصادم جلياً
يف نتائج الثورة الفرنسية .ولكن كيف؟
فإذا كان العمال قد حتالفوا مع البورجوازية وفرضوا سن دستور للبالد ،فإنه "ما إن سن
الدستور حىت سن وفق إرادة الطرف األقوى يف التوازن االجتماعي اجلديد ،وبدل احلرية
واإلخاء واملساواة ،حفر على نصب الثورة :املال والسلطة والتنافس .يف التاريخ كما يف
امليثولوجيا كثريا ما يولد األقزام من عشق العمالقة".
ونفس الشيء يراه "روجي غارودي إذ يقول" :إن دستور 1793وإن قرر مبدأ االقرتاع
العام إال أنه مل يطبق" .واألغرب من ذلك العملية اليت تبعته ،عملية قطع رؤوس
املعارضني ابسم إرادة األغلبية .وقد حصل الشيء نفسه يف ثورة االستقالل ابلوالايت
املتحدة األمريكية فيما بعد ،إذ أنه إذا كان صدور إعالن فرجينيا لعام 1776جاء
ليؤكد سيادة الشعب واملساواة يف احلقوق السياسية واحلرية الشخصية ،فإن اإلعالن
نفسه بقي ومها .فالثورة مل تتورع يف إابحة اسرتقاق السود وحرماهنم من حقوقهم املدنية
والسياسية .هلذه األسباب حاول مفكرو الليربالية إجياد الوسائل اليت حتول دون استبداد
األغلبية ابألقلية ،فوجدوا ضالتهم يف اعتبار القيمة القانونية إلعالانت احلقوق اليت ترد
عادة يف مقدمات الدساتري أمسى من النصوص الدستورية نفسها ألهنا سابقة عن
الدولة .ومعناه أن املشرع الدستوري ال ينشئ هذه احلقوق وإمنا يكشف عنها ألهنا
سابقة عنه وذلك ألهنا كمينة يف اإلنسان ذاته كطبيعة جوهرية.
.4مرحلة وضع الدساتري يف القرن التاسع عشر :إذا ما تتبعنا التطور التارخيي للحرايت
واحلقوق سنالحظ أهنا قد بدأت كفكرة يدعو هلا املفكرون مث صارت عقيدة وبرانجما
لكفاح الشعوب ضد احلكام الطغاة سعيا وراء التحرر .وقد تبلور كفاح الشعوب خالل
القرن 19أبورواب يف شكل واثئق قانونية (دساتري) تتضمن الشروط اليت أملتها الشعوب
املنتصرة على حكامها ،وتلك الشروط تتمثل يف حقوق وواجبات كل من احلكام
واحملكومني معا .وهبذا وصلت الليربالية يف القرن التاسع عشر إىل مرحلة النضج الذي
جتلى يف مظهرين:
أ -املظهر السياسي :أتسيس دولة القانون
ب -املظهر االجتماعي واالقتصادي :جعل حق امللكية مقدسا يعلو على مجيع
احلقوق.
.5مرحلة االنتقال اخلجول من الفردية إىل اجلماعية :مع القرن العشرين وابنتصار الثورة
االشرتاكية البلشفية عام 1917أحدثت األفكار االشرتاكية تطوراً هاماً يف الفكر
السياسي واالجتماعي اإلنساين .فبعد أن كانت فكرة احلقوق الفردية الطبيعية هي
الطاغية يف النظرة الليربالية ،حل حملها "فكرة التضامن" اليت كادت أن جتعل املصلحة
االجتماعية العامة تعلو على سيادة الفرد املزعومة .وهبذا املفهوم اجلديد صار الفكر
الليربايل مييز بني نوعني من الدميقراطية:
)1ـ الدميقراطية السياسية :وهدفها األساسي هو احلد من السلطة السياسية.
)2ـ الدميقراطية االجتماعية :وهدفها املركزي هو حتقيق العدالة االجتماعية ما
أمكن.
لكن بظهور األنظمة الديكتاتورية (هلرت ،فرانكو ،ساالزار )..وابندالع نريان احلرب العاملية
الثانية ،انتهكت حقوق اإلنسان أميا انتهاك بفعل عدم احرتام السلطات الوطنية ملنطوق الواثئق
اليت تنص على حقوق اإلنسان مما دفع ابألنظمة الليربالية الدميقراطية أن تتزعم املنتظم الدويل
إلصدار اإلعالن العاملي حلقوق اإلنسان يف عام .1948وقد كانت معامل الفلسفة الليربالية
واضحة يف مضامني جل مواده الثالثني الشيء الذي جعل وجيعل األنظمة الدميقراطية الليربالية
تدعي اليوم أن العامل مدين هلا بتقرير حقوق اإلنسان وأبهنا صاحبة الفضل يف إقرار تلك
احلقوق وتقنينها وإضفاء الشرعية عليها يف مواثيق وإعالانت دولية.
ومع ذلك هناك من يرى أن "حقوق اإلنسان ال ينبغي البحث عنها حقيقة يف نصوص املشرعني
أو يف صياغة الفقهاء أو يف أقوال الفالسفة واخللقيني ،أي ال ينبغي أن ينظر إليها من خالل
تلك القواعد النظرية واإلعالانت ..وإمنا ينبغي البحث عن حقوق اإلنسان يف املمارسات
والتطبيقات على أرض الواقع".
وإذا ما أخذان هبذا الرأي فإن املرء سيندهش ،ال حمالة ،إذا علم أن الوالايت املتحدة األمريكية
كأقوى دولة ليربالية وأكرب "حماضر" أمام العامل يف مادة حقوق اإلنسان ،مل تصادق على العهدين
الدوليني ،منذ عام 1966م .وقد يستغرب املرء أكثر إذا الحظ أن عشرات اإلعالانت واملواثيق
ال زالت خالية من توقيع عشرات الدول الكربى والصغرى على حد سواء ،وعلى سبيل املثال
نذكر:
❖ صادقت الوالايت املتحدة األمريكية على سبعة مواثيق فقط ووقعت على ستة أخرى
فقط من بني اخلمسة والعشرين ميثاقا أساسيا ،ومل تصادق كما قلنا على العهدين
الدوليني إال عام .1992
❖ صادقت فرنسا على سبعة عشر اتفاقا ووقعت على اثنني آخرين فقط.
❖ صادقت بريطانيا على سبعة عشر اتفاقا من بني مخسة وعشرين اتفاق دويل أساسي
يهم موضوع حقوق اإلنسان.
من خالل هذه األمثلة وغريها يتبني لنا أن الدول الليربالية اليت تدعي اليوم أبن العامل مدين هلا
إبخراج اإلعالانت الدولية حلقوق اإلنسان إىل الوجود وبدفاعها عن تطبيق بنودها عامليا،
تتعامل يف تطبيقات تلك البنود بشكل انتقائي وإيديولوجي داخل أوطاهنا ،فهي تسارع إىل
املصادقة على إعالانت احلقوق املدنية والسياسية بينما تتلكأ عن املصادقة على إعالانت
احلقوق االقتصادية واالجتماعية كما الحظنا ذلك سابقا .وهذه االنتقائية تبدو عادية إذا علمنا
أن األنظمة الليربالية يف جوهرها ومبادئها تعطي األمهية واألولوية للحقوق املدنية والسياسية اليت
ختدم الدميقراطية السياسية اليت تطالب هبا ،يف حني أهنا ال تعري نفس االهتمام لتطبيق احلقوق
االقتصادية واالجتماعية اليت تتالءم مع الدميقراطية االجتماعية اليت هي من صميم مبادئ
الفلسفة االشرتاكية أكثر من نظريهتا الليربالية.
قائمة أببرز املراجع اليت ميكن أن يستفيد منها الطالب
الكتب:
▪ قنصوه ،ايسر ( 2004م ) ،الليربالية إشكالية املفهوم ،القاهرة :دار مدبويل.
▪ مل ،جون ستيوارت ( 1996م ) ،أسس الليربالية السياسية ،القاهرة :مكتبة مدبويل
▪ فرج ،أنور حممد ( 2007م ) ،نظرية الواقعية يف العالقات الدولية – دراسة مقارنة يف ضوء
النظرايت املعاصرة ) السليمانية :كردستان للدراسات اإلسرتاتيجية
▪ جابر ،فايز صاحل ( 1985م ) ،الفكر السياسي احلديث ،عمان :مكتبة احملتسب.
▪ اهلياجنة ،حممد ( 2001م ) ،الفكر السياسي احلديث واملعاصر ( عمان.
▪ مصطفى ،عبد اجلبار ( 1982م ) ،الفكر السياسي الوسيط واحلديث) بغداد :وزارة التعليم
العايل.
▪ بوعزة ،الطيب ( 2009م ) ،نقد الليربالية ،ط ،1الرايض :مكتبة امللك فهد.
▪ البطوش ،بسام عبد السالم ( 2008م ) ،جذور الليربالية العربية – حالة مصر عمان :دار
الكنوز.
▪ غريفش ،مارتن و أوكاالهان ،تريي ( 2008م ) ،املفاهيم األساسية يف العالقات الدولية ،ترمجة
مركز اخلليج ،ديب :مركز اخلليج لألحباث.
▪ األصبحي ،أمحد ( 2000م) ،تطور الفكر السياسي،ج + 1ج ،3ط ،1عمان :دار البشري
▪ ابراهيم ،موسى ( 2011م ) ،الفكر السياسي احلديث واملعاصر( بريوت :دار املنهل اللبناين.
▪ حممود ،حممد عثمان )، ( 2014العدالة االجتماعية الدستورية يف الفكر الليربايل السياسي املعاصر،
ط (،1الدوحة :املركز العريب لالحباث ودراسة السياسات).
▪ زهره ،عطا ( 2013م ) ،النظرايت املعاصرة يف العالقات الدولية ،ط ، 1عمان :مطابع الدستور.
*املراجع االجنبية:
– Fukuyama, Francis ( 1992) ,The Of History and The Last Man,( New
York: Maxwell Macmillan International).
– Fukuyama, Francis ( 1989) ,End Of History? ,( New York: National
Interest, Summer).
– Karen A, Mingst( 2003),Essentials Of International Relations,
Second,W.W.Norton&Company, New York.
– David A, Baldwin Editor (1993), ,Neorealism And
Neoliberalism,(Columbia University Press: New York).
– Mill.Juhn Stuart ( 1963). Callected Works Of John Stuart
Mill.J.m.Robson University Of Turonto Press.
– Juson Brennon ( 2012) , Liberalism: What Every One Needs To
know. Oxford.
– Skinner ( 1978) The Foundation Of Modern Political Though 2 vol
Cambridge Press.
*الدورايت واالحباث:
• البدوي ،مجال ابراهيم ( 2008م ) ،الليربالية :دراسة الجتاه العالقة بني الشق السياسي
واالقتصادي ،جملة مصر املعاصرة ،مصر ،مج ( ، )100ع )( 489
• العراقي ،سهام ( 1990م ) ،الرتبية الليربالية دراسة فلسفية لتطوير املفهوم واحملتوى ع (،)10
جملة كلية الرتبية جامعة طنطا ،مصر.
• شقري ،صاحل ( 1999م) ،مالمح الليربالية يف فلسفة لوك السياسية ،جملد ( ،)20ع ()96
،جملة الفكر العريب ،معهد االمناء العريب ،لبنان.
• غباش ،منويب( 2011م) ،الليربالية :فلسفة أم ايديولوجيا ،جملد ،31عدد ،157 – 156
جملة الفكر العريب املعاصر ،لبنان.
• مجال الدين ،جبار ( 2011م) ،الليربالية وافاقها املستقبلية ،عدد ، 15جملة مركز الكوفة
،العراق.
• نقرش ،عبد هللا و مصطفى ،حممد خري ( 2003م ) ،الفلسفة الليربالية والدستور األردين
لعام 1952م ،جملد ، 30عدد ، 1جملة دراسات :العلوم اإلنسانية واالجتماعية ،عمان ،
اجلامعة االردنية.
• عقيل ،وصفي حممد ( 2015م ) ،التحوالت املعرفية للواقعية والليربالية يف نظرية العالقات
الدولية املعاصرة ،جملد ، 42عدد ، 3جملة دراسات :العلوم اإلنسانية واالجتماعية ،عمان ،
اجلامعة االردنية.
• زيداين ،سعيد ( 1997م ) ،الليربالية ومفهوم الدولة احملايدة ،ع ، 179جملة املستقبل العريب،
بريوت
• السليمي ،عبد الرحيم بن صمايل ،الليربالية نشأهتا وجماالهتا ،منشور على االنرتنت.
• جملة الفكر العريب ،شقري ،صاحل ،مالمح الليربالية يف فلسفة لوك السياسية ،جملد ( ،)20ع
(1999 ( ، )96م) ،معهد االمناء العريب ،لبنان.
• جملة مصر املعاصرة ،البدوي ،مجال ابراهيم ،الليربالية :دراسة الجتاه العالقة بني الشق
السياسي واالقتصادي،مصر،مج(،)100ع(2008(،)489م)
• ربيع ،حممد حممود ( 1994م ) ،االفكر السياسي الغريب ،فلسفته ومناهجه من افالطون إل
ماركس ،ط ( ، 1الكويت :مطبوعات جامعة الكويت ) ،ص 402
• جملة املستقبل العريب ،زيداين ،سعيد ،الليربالية ومفهوم الدولة احملايدة ،ع 1999 ( ،179م)،
بريوت.
• الغذامي ،عبد هللا ( 2013م ) ،الليربالية اجلديدة ،ط ( ، 1الدار البيضاء :املركز الثقايف
العريب)،
• مل ،جون ستيوارت ( 1996م ) ،أسس الليربالية السياسية ،ترمجة :امام عبد الفتاح و
ميشيل متياس ( ،القاهرة :مكتبة مدبويل ).
• عطا ( 2013م ) ،النظريات المعاصرة في العالقات الدولية ،ط ( ،1عمان :مطابع الدستور )،