Professional Documents
Culture Documents
النظرية النسوية
النظرية النسوية
النسوية ""Feminism
تعترب الفرنسية هيوبرتني أوكلريت عام ،1882أول من استخدم مصطلح "النسوية" لإلشارة
إىل التزام إيديولوجي ابلعمل على حتقيق املساواة االجتماعية واالقتصادية والسياسية بني الرجال
والنساء ،سواء كان ذلك داخل البلد الواحد أم عرب العامل.
ورغم ذلك هناك العديد من اآلراء اليت ترى أن املصطلح يسبق ذلك التاريخ بكثري ،وصوالً إىل
أورواب القرن اخلامس عشر ،إال أن املالحظ على هذا املفهوم أنه ينقسم إىل اجتاهني:
-النسوية مبعناها اخلاص ،املتمثل يف كوهنا (نظرية).
-ومبعناها العام كوهنا (حركة).
ويتم تعريف االجتاه األول أبهنا نظرية سياسية قائمة على أساس املساواة ،وتطالب أبن حتوز
النسوة حقوقهن القانونية والسياسية واالجتماعية ،اليت ُحرمن منها على مدار التاريخ .أما املعىن
العام ،فيعين املناضلة من أجل املرأة ومحايتها ،وهذا الفعل ليس اختيارايً ،بل أمراً واقعاً .فاحلركة
ساعية إىل إعادة تنظيم العامل على أساس املساواة بني اجلنسني يف مجيع العالقات اإلنسانية.
مبعىن ..اإلدراك التام لعدم مالءمة تشويهات األيديولوجيات اليت أوجدها الذكور ،مث مواصلة
التفكري والعمل على أساس هذا اإلدراك .وهي بذلك تتعدى كوهنا حركة سياسية ،إىل حركة
اجتماعية نقدية وثورية.
األهداف الرئيسية للمدرسة النسوية
سعت هذه املدرسة منذ بدايتها إىل تضمني العنصر النسائي يف اجملال العام ،ومتكينه للعديد
من احلقوق .ومثلت املدرسة النسوية حتداي كبرياً للعديد من القواعد العامة اليت مت ترسيخها
وبنائها بواسطة املدارس الفكرية والثقافية املختلفة ،فبالرغم من تعدد املدارس واإلسهامات
الفكرية اليت عملت على حتليل العالقات بني اجلماعات املختلفة داخل اجملتمع والدولة ،إال
أن أي من هذه املدارس مل يتطرق من قبل للرتكيز على املرأة كعنصر رئيسي داخل هذه
اجلماعات ،فلم يلعب العنصر اجلندري أى دور يذكر ،ومل يتم الرتكيز على خصوصية املرأة
كعنصر منفصل له العديد من احلقوق واملساحات اليت مل يسبق للنساء احلصول عليها أو
ممارستها ،ولعل أهم األسباب يف ذلك يعود إىل الرؤية اجملتمعية والثقافية الكالسيكية للمرأة قبل
ظهور هذه املدرسة ،فكانت الرؤى الغالبة حتصر دور املرأة الرئيسي يف النطاق األسري ،دون
النظر يف املساحات األكرب من األسرة أو العائلة ،فعلى اختالف الثقافات اجملتمعية من مكان
إىل آخر إال أن أي منها مل يركز على األدوار اليت من املمكن أن متارسها املرأة خارج إطار
األسرة ،ابلرغم من وجود عدة مناذج للنساء عرب التاريخ جنحن يف مثل هذه األدوار على الساحة
السياسية واالقتصادية والعلمية .
مرت املدرسة النسوية بعدة مراحل وموجات ،وخالل هذه املراحل شهدت العديد من التطورات
الىت حتكم هيكل احلجج واملفاهيم الذى تعتمد عليه املدرسة من أجل متكني املرأة يف اجملاالت
املختلفة :السياسي واالجتماعي واالقتصادي ،ولكن على الرغم من ذلك ميكن القول أن
املدرسة النسوية بشكل عام قد أعتمدت على عدد من املفاهيم الرئيسية خالل مراحلها املختلفة
من أجل تفسري الواقع السياسي وأتثري العالقات يف اجملال اخلاص على نظريهتا يف اجملال العام.
وحتاول الباحثة من خالل هذه الورقة البحثية توضيح أهم املفاهيم واألهداف الرئيسية اليت
قامت عليها املدرسة النسوية يف الفكر ،مث عرض مراحل وموجات تطور الفكر النسوي والوقوف
على أهم األفكار واحلجج الرئيسية لكل مرحلة ونتائجها ،ومن مث التعرف على رؤية املدرسة
النسوية للدولة واجملتمع.
املفاهيم الرئيسية الىت قدمتها املدرسة النسوية
اجلندر (النوع االجتماعي) :
كلمة "اجلندر" أو "النوع القائم على اجلنس" لغواي تنحدر من أصل التني) ، (Genusومن
لفظة ) (Gendreالفرنسية القدمية .ويدل معناها على النمط ،واملقولة ،والصنف ،واجلنس،
والنوع ،والفصل بني الذكورة واألنوثة ،بيد أن املرادف احلقيقي لكلمة ) (Genderهو النوع
االجتماعي ،أو الدور االجتماعي.
وهو املعىن الذي قامت املدرسة النسوية بتطويره وفرضه على اجملال العلمي والبحثي والسياسي
على حد سواء ،ومتثلت األمهية العلمية هلذا املصطلح يف كونه حل حمل العديد من التعبريات
يف اللغة الىت كان يتم اللجوء إليها للتعبري عن ذات املعين واملتمثل يف "األدوار االجتماعية الىت
يفرتض لكل نوع (رجل أو أمرأة) ،القيام هبا داخل اجملتمع" ،ويرتبط ابلعالقات االجتماعية
الىت تربط األنواع املختلفة وحتدد منط العالقات بينهم.
وكانت احلركة النسوية هي احملرك األساسي للدراسات اجلندرية ،فقد أاتح مفهوم اجلندر دراسة
وحتليل البىن االجتماعية اليت تشكل اهلوية اجلندرية وتصنع الفوارق اجلندرية والالمساواة بني
الرجال والنساء .وذلك هبدف التحرر من اجلربية البيولوجية اليت كانت ترد الالمساواة بني
الرجال والنساء إىل الفوارق الطبيعية؛ فلقد أصبحت السلطوية اليت تقيد وختضع املرأة ال تنبع
من اخلصائص البيولوجية بل من عوامل اجتماعية وثقافية وسياسية واقتصادية ،تسعى احلركة
النسوية مبختلف اجتاهاهتا إىل حتليلها وإعادة بنائها مبا ميَُ ّكن املرأة من استعادة حقها الطبيعي.
فأكدت املدرسة النسوية أن النوع االجتماعي يفرتض به القيام بدورين رئيسيني:
أ -األدوار املرتبطة ابجملال اخلاص (الدور اإلجنايب-اخلدمي-اجملتمعي) :هذه األدوار مرتبطة
ابجملال اخلاص ،أو اجملال الذى ال يتم ممارسة السياسة هبا ،وهو مرتبط إبستمرار التناسل،
وتوطيد العالقات االجتماعية ،وقد أكدت املدرسة النسوية مبختلف موجاهتا أن القمع
الذى تعاين منه املرأة مرتبط ابألساس حبصر دورها على هذا اجملال ،ابإلضافة لتحميلها
مجيع األعباء املرتبطة به ،والتقليل من أمهيته.
ب -األدوار املرتبطة ابجملال العام (التمثيل السياسي-الدور اإلنتاجي) :وهي األدوار الىت
ترتكز هبا عملية صنع القرار ،والسيطرة على مصادر القوة داخل اجملتمع ،والتأثري على
العالقات واألمناط األجتماعية الىت تربط األفراد داخل اجملتمع ،وترى املدرسة النسوية
أن أستبعاد املرأة من هذا اجملال أدى لغياب األصوات النسائية الىت متتلك القدرة يف
نقل احتياجات املرأة يف اجملتمع ،وهو ما انعكس ابلسلب على وضع املرأة يف اجملال
اخلاص ،حيث أن اجملال العام اصبح يصدر قرارات وعدد من األفعال الىت ال تراعي
النوع اآلخر املكون للمجتمع ،بل أن األمر مل يقتصر على عدم مراعاة اخلصوصية الىت
تتمتع هبا املرأة ،بل تطور وحتول اجملال العام إىل أداة لقمع املرأة وإخضاعها لسلطة
الرجل يف ظل األنظمة األبوية.
وكنتيجة للقمع الذى تتعرض له املرأة يف اجملال اخلاص وغياهبا عن اجملال العام سعت احلركة
النسوية للخروج ابملرأة من هذا الوضع من خالل العمل على تدعيمها لتتمتع بذات احلقوق
الىت متتع هبا أقرانئها من الذكور يف ذات اجملتمع ،وقد عربت املفكرة النسوية كيت ميليت عن
هذا األمر من خالل قوهلا " النظرية النسوية هي النظرية الىت تسعى للكشف عن اآللية الىت تتم
هبا هيمنة الرجال على النساء ،وميكن أعتبار النظام األبوي األيدولوجية األكثر تغلغال يف
حضارتنا الىت تركز على مفهوم القوة ،وهي ذات اإليدولوجية الىت ميكن اعتبارها املصدر األول
للسيطرة على النساء وقمعهن".
ومن هنا ظهر مفهوم آخر قامت املدرسة النسوية أيضا بسكه وتطويره وهو متكني املرأة.
البناء النظري للنظرية النسوية
تعترب النظرية النسوية اجتاها جديدا يف العالقات الدولية ،وقد تركزت أساسا اهتمامها حول
اجلنس (مذكرات ،مونت) ورفض هتميش دور املرأة يف العالقات الدولية .وبذلك ميكن تعريف
النظرية على أساس اجلنس(gender).
كما تعد النظرية النسوية مساحة واسعة وممتدة للنقاشات والستمرار البحاثيني يف البحث عن
زواايها املختلفة ويف حتليل طبيعتها ومع استمرار ذلك سيستمر ادخال اجتاهات فكرية جديدة
حتلل النظرية النسوية خصوصا مع انتشارها يف اآلونة احلديثة ودخوهلا للمجتمعات العربية
واإلسالمية وظهور النسوايت بشكل واضح يف وسائل التواصل االجتماعي مما منح النظرية
النسوية منصة انطالق أوسع يف الوصول للنساء ويف مواجهة اجملتمعات ويف توجيه رسائلهن
ويف كشف الصعوابت واالنتهاكات اليت متارس حبق النسوايت من قبل اجملتمعات الرافضة هلا.
التطور التارخيي للنظرية النسوية
دخلت قضااي اجلنس (املذكر املؤنث) هي والفروع األخرى للعلوم االجتماعية واإلنسانية.
االجتاه السائد يف العالقات الدولية عرب النظرية النقدية وأحباث السالم والدراسات اإلمنائية
خالل سبعينيات والثمانينات القرن العشرين ،وبعد ذلك بدأت دراسة املرأة واحلرب والسالم
والتنمية تعتز واألجندة التقليدية وتتوج ذلك عام 1988حني نشرت اجمللة الربيطانية ميلنيوم
)(Melleniumعددا خاصا حول “املرأة والعالقات الدولية” وبعد ذلك الوقت احتلت
قضااي وأدب اجلنس (املذكر واملؤنث مكاان مرموقا ومكثفا يف الدراسة ال سيما يف النظرية
السياسية الدولية )(C.N Murphy 1996
وميكن تعريف اجلنس على أنه“ :االدراك واالعرتاف ابلفروق البيولوجية واالجتماعية بني اجلنس
فالفروق البيولوجية هي تلك الفروق املرتبطة ابجلنس ) (Féménin-Masculinأمام
الفروق االجتماعية ،وبذلك تعتمد النسوايت أن اخلصائص البيولوجية هي اثبتة وال ميكن
التحكم فيها على اعتبار أهنا معطى مسبق وال ميكن تغيريه بينما العالقات االجتماعية املؤسسة
والتنمية يف الثقافة اجملتمعة هي قابلة إلعادة التشكيل والتغيري ألهنا الصقت ابملعرفة اإلنسانية
عن طريق التقادم أي من خالل تطور فكرة السلطة األبوية ) (patriarchyعرب الفرتات
املختلفة للتطور اإلنساين يف خمتلف جوانب احلياة العامة وفيما بعد يف العالقات الدولية مبختلف
نظرايهتا (الذكورية).
وبعود ظهور احلركة النسوية إىل هناية القرن 19يف كل من فرنسا بريطانيتا واليت ثبت هنجا
دعائيا حنو الرجل .وتعود بداية ثورة النساء على وضعهن إىل عام “ 1892حيث عقد أول
مؤمتر يف ابريس هو مؤمتر النساء العاملي األول ،وبدأت ابملطالبة حبقها يف التعليم وحقوقها
القانونية وحق االنتخاب وتركت يف ها الصدد جهود كل من “هاربني اتيلر” “ميل ميلنست”
“سوزان أنتوين” وغريهن”.
جتاوزت بعد ذلك مطالبتهن ابكتشاف ذاهتن وتطويرها حسب ما يرونه مناسبا مع امكانياهتن
اعتقاداهتن .أي إظهار اجلانب االبداعي من شخصياهتن من خالل إبراز ذواهتن وأهنن قادرات
على خلق إطار جتديد خيتلف عما جاء به الرجال ،وبعدها مخدت احلركة النسوية بعد حصوهلن
على حق االنتخاب عام 1918يف بريطانيا وعام 1920يف الوالايت املتحدة األمريكية مث
عادت للظهور فرتة من الزمن ،حتديدا يف الستينيات من القرن إذ ظهر تياران فكراين نسواين
كقوة سياسية هامة يف العامل الغريب األول أتعلو أمريكي والثاين فرنسي .بعدها دخلت النسوية
حقل العالقات الدولية يف فرتة التسعينيات وسعت إلبراز دور املرأة يف هذا اجملال “ .وقد تتوج
ذلك عام 1996حني نشرت اجمللة الربيطانية ميلينيوم ) (Meleniumعددا خاصا حول
املرأة والعالقات الدولية” ومنذ ذلك الوقت أصبح احلديث عن نظرية النسوية يف العالقات
الدولية انطلقت اساسا من انتقاد النظرايت املهيمنة يف العالقات الدولية خاصة منها الواقعية
الكالسيكية .
وميكن تعريف النظرية النسوية كما يلي:
oتعرف معجم أوكسفورد “ :أهنا االعرتاف أبن للمرأة حقوق وفرص مساوية للرجل”
وذلك يف خمتلف مستوايت احلياة العلمية والعملية على اعتبار اقصاء املرأة منها.
oأما معجم ويبسرت فيعرفها “ :النسوية هي النظرية اليت تنادي مبساواة اجلنسيني سياسيا
واقتصاداي واجتماعيا ،وتسعى كحركة سياسية إىل حتقيق حقوق املرأة واهتماماهتا وإىل
إزالة التمييز اجلنسي الذي تعاين منه املرأة” .
املنطلقات الفكرية للنظرية النسوية:
)1تغيري األفكار السياسية السائدة من خالل إعادة بناء فهمنا للسياسة وإدخال املرأة
اجملال السياسي ،واعتبارها كطرف فاعل على مستوى العالقات الدولية مثلها مثل
الرجل.
)2السعي إىل حماولة تصحيح العقلة أو النسيان إبعادة اكتشاف كيف نفكر وال نفكر،
واالهتمام بتفسري وفهم أسباب وكيفية جتاهل النشاطات االجتماعية والسياسية لشرحية
كبرية من اجملتمع تسمى النساء.
)3احلياة اليومية للمرأة مشرتكة بني القوى االقتصادية العاملية وتفاعالت الدول ،ومع ذلك
فقيادة التجارة العاملية والسياسة اخلارجية تتجاوز املرأة ،وتقتصر على الرجال ،وهلذا
جيب إبراز دور املرأة على هذا املستوى.
)4النسوية ترى ان هناك افالس للحداثة االيديولوجيات والنظم واملؤسسات من خالل
تعاظم املشاكل العاملية ،فوجود احلروب راجع اىل العامل الذكري ووجود الرجل يف صنع
القرار.
)5انطلقت انتقادات النظرايت املهيمنة على العالقات الدولية خاصة منها الواقعية
الكالسيكية من خالل مصطلحاهتا فقد كان هلا أتثري جوهري يف كيفية تصور املفاهيم
األساسية هلذا الباب من أبواب املعرفة (الفوضى ،القوة ،السادة ،املصلحة القومية،
األمن ،األطراف الفاعلة من الدول حبيث أن الواقعية هي النظرية املسيطرة يف العالقات
الدولية ،وهي نظرية رجالية حبثة .كما اهنا اعتمدت مصطلحات فضفاضة وواسعة
حبيث مل تكن حمددة واتسمت ابلغموض مثل القوة املصلحة الوطنية.
التيارات الفكرية للنظرية النسوية
بتتبع اتريخ النظرية النسوية أمكن التمييز بني اجتاهات ثالث أساسية للنظرية النسوية :
)1اجتاه النسوية الليربالية (الفردية) Liberal/Individual Feminism:
يُعد هذا االجتاه أقدم اجتاهات النظرية النسوية اترخيياً ويرتكز على املعتقدات اليت جاء
هبا عصر التنوير وابإلميان ابلعقالنية وأبن مجيع الناس خلقوا متساويني وما دام أن
الرجال والنساء متماثالن من حيث طبيعة الوجود فال بد هلذا التماثل أن ميتد ليشمل
التماثل ابحلقوق كذلك .حقق هذا االجتاه تطوراً ملموساً يف نطاق احلقوق املدنية
والسياسية خالل القرن التاسع حيث أن املناداة ابحلقوق املدنية والسياسية للمرأة ميثل
اهلدف األساسي لالجتاه الليربايل للنظرية النسوية .
أكد جون لوك (- )1٧14–1632األب الروحي لليربالية -خضوع النساء ألزواجهن
ومطلق يف الطبيعة ال عالقة له ابملتغريات االجتماعية ،وأن مجهرة من كشيء أساسي ُ
رفاقه شاركوه يف هذا ،أدركنا أن الليربالية ليست يف حد ذاهتا فلسفة نسوية.
ولكن تبلور ونضج الليربالية يف القرن التاسع عشر عمل على فتح األبواب للحركة
النسوية .ومهما ارتفعت راية االنفصال بني األسرة والدولة ،فإن الليربالية حني َّقوضت
السلطة البطريركية يف حكم الدولة ألقت بظالل هذا على الطبيعة البطريركية للمجتمع.
هذا فضالً عن دفاع الليربالية عن احلرية وحق التعليم والتنافس وإطالق إمكانيات الذات
الفردية وتشارك أفراد اجملتمع يف احلقوق والواجبات .هكذا ابتت األجواء مواتية أكثر
لزعزعة احلتمية البيولوجية املفروضة على املرأة واملناداة أبن وضعها املتدين نتيجة حلرماهنا
من التعليم والتثقيف وفرص إثبات الذات ونشدان اهلوية.
األول
يف هذه الفرتة ظهر فيلسوف الليربالية ابمتياز وفيلسوف العلم واملنهج االستقرائي َّ
يف عصره ،وهو جون ستيوارت مل )18٧3–1806( J. S. Millليكون بال
جدال أبرز رائد فلسفي للنسوية يف موجتها األوىل املنطلقة آنذاك .أجل كانت مثة
كتاابت كثرية يف تلك اآلونة متهد للنسوية وتزكيها ،لعل أمهية كتاب وليم طومسون
العام " 1852استئناف نصف اجلنس البشري (أي النساء) ضد ِّّادعات النصف اآلخر
(أي الرجال)" ،وفيه يرد طومسون على دعاوى جيمس مل — والد جون ستيوارت
مل — املطروحة يف كتابه "مقال عن احلكم" ،حيث يُنكر جيمس مل حاجة النساء
حق التصويت االنتخايب؛ ألن مصاحلهن مدرجة مع مصاحل والطبقة العاملة إىل ِّّ
ٍّ
رد
أزواجهن ومصاحل الطبقة العاملة مدرجة مع مصاحل أصحاب العمل .وكان أسهل ّ
على هذا أن مصاحل العبيد أيضاً مدرجة مع مصاحل سادهتم .واحلق أن جيمس مل
وصديقة جريمي بنتام أستاذ جون ستيوارت مل -وثالثتهم ليرباليون -وأقراهنما النفعيني
كانوا مييلون إىل إعطاء املرأة حقوقاً معينة ،وكانت جريدة «وستمنسرت ريفيو» املتح ِّّدثة
ُ
ساعدها آنذاك .لكن اشتد ُ ِّ
بلسان املذهب النفعي منرباً للدفاع عن احلركة النسوية اليت َّ
جيمس مل وجريمي بنتام رأاي أن األجواء ليست مواتية بعد ملنح املرأة حق التصويت
ابلذات ،فكان رد وليم طومسون املذكور عليهما.
)2االجتاه النسوي املاركسي: Socialist Feminism
مل تتناقض النظرية النسوية االشرتاكية مع النظرية السابقة ولكنها اعرتضت على مفاهيم
القيمة واملكانة وركزت على االطار األكرب الذي يعيش بداخله الرجال والنساء معاً .
اعتربت أبن الفساد أييت من النظام اجملتمعي ككل الذي يعيش يف ظل صراعات
وتناقضات برجوازية .ويف منظومة الزواج الربجوازي داخل هذا اجملتمع مثلت املرأة
الطبقة املضطهدة أو العبيد ومثلت السلطة األبوية طبقة املالك وأصحاب األعمال
وويف ظل هذا النظام االستغاليل فإن كل من الرجل واملرأة مضطهدون فكيف للنظرية
النسوية أن تُطالب ابملساواة مع الرجال وهم مجاعة مضطهدة؟ ركزت هذه النظرية على
التناقضات الطبقية بشكل أساسي وسلمت أبن احلل األمثل يكمن يف جناح الثورات
االشرتاكية والقضاء على النظام الطبقي فالنظرية النسوية تسري مبحاذاة الثورات
االشرتاكية والنظام االشرتاكي يف اجملتمع .
كانت النسوية االشرتاكية أكثر مرونةً وقوةً؛ ألن الليربالية تسلم أبن األسرة مؤسسة
ضرورية ،وال تفكري يف قضية املرأة َّإال داخل األسرة ،إهنا مشكلة "املرأة ضمن األسرة"
َّأما التيارات االشرتاكية ،وخصوصاً الشيوعية ،فال تسلِّّم هبذا دائماً .رأى بعضها أن
األسرة مؤسسة ميكن القضاء عليها ،فكانت قضيتهم "املرأة واألسرة" .هذا فضالً عن
أن االشرتاكيني ال يعتربون ما هو طبيعي مثاليّاً أو يفرض نفسه ،فمهما بدا وضع املرأة
التقليدي طبيعيّاً ،فليس من الضروري فرضه وال بد من تغيريه.
ومنذ مطالع القرن التاسع عشر دافع َّرواد االشرتاكية األوائل يف إجنلرتا وفرنسا وأملانيا
عن احلقوق املتساوية للجنسني ،وعن أن االشرتاكية حترير لكليهما .كان االشرتاكي
الفرنسي الرائد شارل فورييه )183٧–1٧٧2( C. Fourierالذي اندى بتطبيق
االشرتاكية يف جمتمعات تعاونية صغرية تستغىن عن النقود ،هو أول من استخدم وضع
النساء يف اجملتمع كمقياس لدرجة تقدمه ،وهذا ابت شبه معتمد يف أايمنا هذه ،وأول
أساسي للتقدم االجتماعي ،وهذا ما طوره ماركس يف ٍّ
كسبب من قدم وضع املرأة
ٍّّ
خمطوطات عام ،1884حني أعلن أن تقومي مسألة تطور اإلنسان ككل يتأتى من
تقومي تطور عالقة املرأة ابلرجل.
ولئن كان ماركس مل يعترب النسوية يف ح ِّّد ذاهتا موضوعاً رئيسيّاً ،فإن رفيقه فردريك
إجنلز اعتربها هكذا إىل ح ٍّّد ما ،وأخرج يف العام نفسه 1884مؤلفه الثاقب« :أصل
األسرة وامللكية اخلاصة والدولة» ،حيث أوضح أن الوضع األدىن للمرأة يعود يف أصله
إىل امللكية اليت تبغي الشيوعية القضاء عليها .ويسري يف هذا التيار أوجست ببل A.
،)1913–1840( Bebelوهو من أبرز قادة احلزب الشيوعي الدميقراطي األملاين.
وبشكل عام يؤكد االشرتاكيون أن االشرتاكية هي اليت تُعطي املرأة حقوقها وحتمل
املساواة الكاملة بني اجلنسني ،وعمل املفكرون املاركسيون — نذكر منهم على وجه
اخلصوص الثورية املناضلة روزا لوكسمبورج )1919–18٧0( R. Luxemburg
يتحرر ابلتطور
على إبراز املاركسية كفلسفة للتحرير ،وأن الربوليتاراي والنساء كليهما َّ
االقتصادي احلتمي حنو الشيوعية ،وابملثل تتحرر البشرية أبسرها من نري االستعمار
واإلمربايلية اليت ربطت حتليالت روزا وسواها — بينهما وبني الرأمسالية.
)3االجتاه النسوي الراديكايلRadical Feminism:
هذا االجتاه ال يطالب ابملساواة فقط بل يرى أبن املرأة تسمو على الرجل وتطالب
إبذعان الرجل للمرأة قد يصل حد استعباد الرجال .جاءت هذه احلركة كحركة مضادة
ملناهضة السلطة االبوية ونتيجة لذلك فقد تولد يف نطاق هذا االجتاه اجتاهيني أخريني
فكريني:
أ -الجتاه األول يرى أبن السبب يف ضعف واضطهاد املرأة انتج عن السلطة
األبوية الذي جيعلها خمتصة بوالدة األطفال والعناية ابألسرة واملنزل وما دانت
مستمرة يف أداء هذه املهام فستستمر تبعيتها للرجل وضعف دورها اجملتمعي
وخلص هذا االجتاه أن احلل األمثل هو توقفها عن أداء هذه املهام واستغالل
الثورة التكنولوجية احلديثة اليت جاءت ابألرحام الصناعية وفصل والدة الطفل
عن جسم املرأة أو من خالل جتنب االتصال اجلنسي مع الرجل .
ب -أما االجتاه الثاين يف النظرية النسوية الراديكالية فقد اختذ من مقولة سيمون دى
بفوار" -Simone de Beauvoirإن املرأة ال تولد امرأة ،بل تصبح
امرأة" .فقد اعترب ان العيب ال يكمن يف التكوين البيولوجي للمرأة بل العيب
يكمن يف السلطة االبوية والتقاليد اجملتمعية اليت ترى أبن كل ما انثوي ابنه
متدن فعملية التلقيح مثالً تفوق عملية احلمل وحىت األعضاء التناسلية الذكرية
تفوق االنثوية وهذا جيعل املرأة كائناً متدنياً يف وجود الرجل.
تقييم النظرية النسوية
من خالل التحليل السابق ،ميكننا تقييم النظرية النسوية ،وذلكم من خالل مستويني أساسني
مها دورها يف العالقات الدولية واالسهامات املختلفة هلا ،ومن خالل تقدمي االنتقادات اليت
وجهت هلا على خمتلف املستوايت.
أ .دور النظرية النسوية يف العالقات الدولية:
املقصد واملطلب اجلوهري للنظرية النسوية هو إدخال النساء املعرتك السياسي برفع الظلم
واالستغالل عنهن من خالل ما يسمى ابلسلطة األبوية سواء كانت سلطة األب أو الزوج اليت
سارت معها والتصقت هبا عرب تطور الفكر اإلنساين يف خمتلف نواحيه ،فسعت النساء بذلك
إلجياد مكانة للنساء يف خمتلف الفروع وخاصة منها العالقات الدولية سواء كمنظرات أو حىت
كصانعات قرار وإعطاء بديل للسياسة الدولية اليت جنست لصاحل الرجال .فكان اسهامها
على املستوى األونطولوجي من خالل إدخال فاعل جديد يف العالقات الدولية متثل يف املرأة
والذي مهشته النظرايت املختلفة يف العالقات الدولية ،أمام من الناحية االبستيميولوجية فقد
أتت ببدائل من خالل إعادة صياغة فرضيات جديدة للعالقات الدولية خاصة من خالل
نقدها للنظرية الواقعية الكالسيكية واعتبارها نظرية جمنسة وغري واضحة وتعتمد على القوة على
عكس النظرية النسوية التب تعتمد على نظرة سلمية للعالقات الدولية واحالل الصيغة التعاونية
بدل الصراعية فيها والرتكيز على جمال حقوق املرأة وابلتايل حقوق االنسان ككل .وجند أن
النظرية النسوية قد حققت جزءا من تلك املطالب وذلك على مستوى واقعي ابلدرجة االوىل
وذلك من خالل احتالل بعض النساء وتقليدهن مناصب إدارية مرموقة ولكنها برغم ذلك
تبقى مناصب إدارية تنظيمية وليست سياسية حبثة .إذ ال ميكن للمرأة من خالهلا اختاذ القرار
مبفردها ،بل فقط تساعد يف صنعه (القرار) وبقدر حمدود حبيث يكون هلا أتثري وليس سلطة
فعليه جند مثالً( :كوندوليزارايس) كاتبة اخلارجية االمريكية ،وجند يف أملانيا (أجنيال ماركني)
كمستشارة أوىل للبالد ،كما جند يف السعودية عام 2002نصبت االمرية الدكتورة (اجلوهرة
بنت فهد بن حممد بن عبد الرمحان آل سعود) لوظيفة وكيل مساعد يف وزارة الرتبية وهو أعلى
منصب إداري يعهد فيه إىل امرأة اململكة السعودية .وصول رئيسة امرأة يف افريقيا للحكم ،كما
جند حنان عشراوي الناطقة البعثة الفلسطينية حملاداثت السام يف الشرق األوسط .كذلك هازل
أولريي وزيرة الطاقة يف الوالايت املتحدة االمريكية ،إدوارد أنريفادو وزيرة دولة يف الربتغال،
سوكورداير بالسيوس انئبة وزير الداخلية يف امليكسيك.
كما جند أن النظرية النسوية قد حققت كذلك على املستوى العملي واحدة من فرضياهتا
واملتمثلة يف التقليل من اإلنفاق العسكري واستثمار نفقاته يف جماالت التنمية املختلفة فمن
خالل حوار صحفي داخل ندوة للمنظرات النسوايت دار بني كل من (كاترين اني) وهي
صحفية من الوالايت املتحدة االمريكية و (كازل أولريي) وهي وزيرة الطاقة يف الوالايت املتحدة
عن تقليص ميزانية التسلح قالت أولريي “ :منذ فرتة وضعنا حدا لسياسة التسلح من أجل
االهتمام مبسألة محاية البيئة ومن أجل دعم سياسة الطاقة لقد حصل نقص يف ميزانية الطاقة
الذرية ومت استثمار هذه امليزانية يف مشاريع غري عسكرية وأكثر منها لقد مت حتويل وزارة الطاقة
اليت كانت قدميا مركزا عسكراي سراي إىل مكان أمام اجلميع ،وذلك ألن ما نقوم به يرتك آاثرا
يف بالدان.
أما على املستوى النظري فهي على الرغم مما أضافته للعالقات الدولية ،فهي مل تستطيع الوصول
إىل هدف التنظري األساسي يف العالقات الدولية وهو الوصول واجياد نظرية عامة وشاملة فقد
قدمت وبصفة متواضعة أفكار مشتتة خمتلفة حاولت خالهلا لفت االنتباه إىل العنصر النسوي
الذي كان مهمشا لفرتات طويلة.
االنتقادات املوجهة للنظرية النسوية:
ميكن مما سبق استنتاج النقائص أو االنتقادات يف النظرية النسوية كما يلي:
.1هي بداايت نظرية فقط ،بل هناك من ال يعتربها نظرية بل اجتاها فقط يف العالقات
الدولية على اعتبار أن مبادئها كانت جمرد انتقادات للنظرايت الرجالية املهيمنة خاصة
منها الواقعية.
.2تفتقر النظرية النسوية لآلليات والوسائل املنهجية لتفسري العالقات الدولية ،فإذا كانت
أتت ابلبديل على املستويني األنطولوجي واألبستمولوجيا فهي على مستوزى املنهج مل
حتدد منهجا لتحليل العالقات الدولية ،حبيث هي ال تشرح الواقع وال حتلله بل تنطلق
من نظرة ثورية للواقع الذي مهشت فيه النساء فحسب.
.3تعترب النسوية حركة اجتماعية أكثر منها اجتاها أو نظرية يف العالقات الدولية ،ألهنا
ركزت خاصة يف بداية ظهورها على املطالبة ابحلقوق االجتماعية خاصة هتميشها يف
اجملتمع.
.4النسوية كنظرية تعترب أقرب للمثالية منها للواقعية حبيث تطرح بديال ولكن ليست هلا
القدرة على التنبؤ.
.5املرأة بطبيعتها ضعيفة وأقل قدرة على املكافحة ومحاية األسرة من الرجل فما ابلك
بقرارات على املستوى الدويل كما أن املرأة بطبيعتها الفيزيولوجية أقل قدرة على التحمل
من الرجل لذلك منعت النساء من استعمال عقوهلن ابستمرار.
.6هناك من النقاد غري املتعاطفني من جيادل أبن توسعة األجندة السياسية ال تقتضي
تصحيح النظرايت القائمة للسلوك الدويل أي أن البحث عن املرأة ال يغري يف جوهر
املفاهيم التقليدية للعالقات الدولية ،وذلك يعود بشكل رئيسي إىل نظرايت الرتابط
اللربالية اجلديدة للتعاون يف الفوضى فقد تكون دراسات اجلنس (املذكر واملؤنث)
أحدث هذا التحول يف النموذج لكنها مل تكن هي اليت بدأته.
احلركة النسوية العربية
تسربت األفكار والنظرايت النسوية الغربية إىل العامل العريب بشكل متفاوت وعلى دفعات ،عن
طريق عدة قنوات ،أمهها:
)1أتثر بعض أعضاء البعثات العلمية إىل الدول الغربية أبفكار الغرب فيما خيص املرأة
ودورها يف احلياة السياسية.
)2املؤلفات واألعمال الذي قدمها بعض املثقفني العرب كرفاعة الطهطاوي وقاسم أمني.
)3موجة تقليد الشرائح االجتماعية شبه االرستقراطية (املنفتحة) للثقافة الغربية
ومسالكها.
تشكلت احلركة النسوية العربية على ثالث مراحل ،حىت وصلت إىل ما وصلت إليه اآلن،
وذلك على النحو التايل:
املرحلة األوىل: أ-
تسمى هذه املرحلة “بعصر النهضة” ،اليت ترافقت مع وصول احلملة الفرنسية إىل
مصر سنة 1٧98م .وكانت أبرز مالمح النسوية يف هذه املرحلة تتمثل يف:
oاالهتمام مبسألة املرأة يف هذه املرحلة بشكل اثنوي ،وملحق بقضية النهضة ،لذلك ال تكاد
خترج املطالب على حق املرأة يف التعليم.
oاحلديث عن حق املرأة يف العمل ،لكنه مل يكن شامالً كما هو يف املراحل التالية ،وأيضاً
دعوا إىل االختالط بني اجلنسني؛ ألن ذلك من مقتضيات التعلم والعمل -حسب رأيهم،
وليس من منطلق املساواة بني اجلنسني.
oمل تُطرح فيه قضااي مباشرة مناقضة لثوابت الدين ومسلماته ،أو معارضة ألعراف اجملتمع ،ومل
يتم نسبة التخلف الذي كان عليه حال املرأة إىل الدين.
oيف هذه املرحلة الدعاة حلقوق املرأة كانواً رجاالً ،وغاب العنصر النسائي.
ب -املرحلة الثانية:
اختلف الباحثون يف حتديد بداية هذه املرحلة ،فمنهم من أرجعها إىل هناية القرن التاسع عشر
امليالدي ،الذي أصدر فيه العلماين القبطي مرقص فهمي كتابه “املرأة يف الشرق” عام
1894م ،والذي أحدث هزة كبرية يف اجملتمع املصري؛ ألنه نقل موضوع حقوق املرأة إىل ميدان
املواجهة مع املعتقدات والثوابت اإلسالمية ،ومنهم يرجع بدايتها لكتاب قاسم أمني عام
1900م ،والذي دعا فيه املرأة العربية إىل اقتفاء أثر املرأة الغربية ،وسلك املسلك العلماين
الليربايل التحرري -حىت من الدين -عند طرحه لقضااي املرأة.
كذلك نشطت هذه املرحلة يف مصر بتأسيس االحتاد النسائي املصري عام 1923وحضرت
رئيسة االحتاد الدويل للحركة النسوية يف العامل إىل مصر ملساعدة املصرايت يف بناء التنظيم
ودعمه ،ومن أبرز نسوايت هذه الفرتة هدى شعراوي وصفية زغلول.
وكانت أبرز املالمح النسوية يف هذه املرحلة:
▪ أصبحت الكتاابت تتجه حنو املناداة اباللتحاق بركب احلضارة الغربية ،وجعل املرأة
الغربية منوذجاً حيتذى به ،وتناولت موضوعات مل تُطرح من قبل ،مثل :املساواة بني
اجلنسني يف مرافق التعليم.
▪ ظهرت املرأة يف ميدان التأليف للدفاع عن حقوق املرأة ،ومل يَعُ ْد مقتصراً على الرجال
فحسب كما كان يف املرحلة األوىل ،وبرزت أمساء جديدة كدرية شفيق ،واليت أصدرت
جملة “بنت النيل”.
▪ نظمت املرأة نفسها يف سبيل نيل حقوقها يف االحتادات النسائية اليت ظهرت يف تلك
املرحلة ،وشاركت من خالهلا يف املؤمترات العاملية اليت تدرس وضع املرأة.
▪ حماولة توظيف الدين وحرف نصوصه أحياانً ،لتصبح صاحلة لالستدالل عليها يف
كتاابهتم ودعواهتم.
✓ انتقلت الدعوات النسوية يف هذه املرحلة من مرحلة التأثر بنمط احلياة الظاهري والعملي
للمرأة الغربية إىل مرحلة استلهام الرؤى الفلسفية الغربية ،وجعلها عقيدة للمرأة يف
حركتها ووضعها.
✓ انتشر يف بعض األدبيات الربط بني حتسني وضع املرأة أو تغيريه ،وبني التغيري الشامل
واجلذري يف قيم اجملتمع.
✓ زاد االهتمام بدراسة النوع “اجلندر” ،حسب أطروحات الدراسات الغربية ،وتبدى
ذلك يف الكم الكبري من املؤلفات ضمن هذا اجملال ،انهيك عن توظيف السينما
واملسرح والتلفاز وغريها لتحقيق هذه الغاية.
وقد واجهت هذه األفكار العديد من االنتقادات واهلجوم نظراً لكوهنا خترج عن اإلطار اجملتمعي
والثقايف ،كما تتعارض بشكل صريح مع النصوص والقيم الدينية احلنيفة يف الكتاب والسنة،
واليت تتبناها اجملتمعات العربية واإلسالمية كمنهج حياة ،لذا ظهرت بعض التوجهات اجلديدة
اليت حاولت املوازنة واملواءمة بني اعتبارات الفكر النسوي واملطالبات حبقوق املرأة ،وبني اإلطار
الشرعي للدين اإلسالمي ،وظهرت اجتاه فرعي جديد للنسوية ،حتت مسمى " االجتاه النسوي
اإلسالمي".
االجتاه النسوي اإلسالمي: -4
وهو اجتاه نسوي فرعي لالجتاه العريب ،ظهر كرد فعل النتشار أفكار املدرسة النسوية
الغربية ،وانطالقاً من ضرورة احرتام اخلصوصية الثقافية والدينية للمجتمعات العربية ،وبدأ
مصطلح النسوية اإلسالمية ابلظهور يف تسعينيات القرن املاضي ،وتعترب الناشطة اإليرانية زيبا
مري حسيين أول من استخدمه.
جتسيدا لفكرة النسوية اإلسالمية فهي “حركة مساواة” ،وهي ً أما أبرز احلركات اليت نشأت
حركة عاملية انطلقت يف مؤمتر عقد يف ماليزاي عام 2009وحضره أكثر من 250امرأة من
حنو 50دولة حول العامل ،وكانت الناشطة اإليرانية زيبا مري حسيين إحدى املؤسسات إىل
جانب 12شخصية أخرى .وانل املصطلح شهرته على يد األمريكية آمنة ودود ،أستاذة
التفسري يف جامعة فرجينيا ،وتعترب مؤسسة املرأة والذاكرة اليت أسسها عدد من النساء أبرزهن
أميمة أبو بكر وهدى الصدة.
وميكن توضيح أهم خصائص املعرفة النسوية اإلسالمية يف النقاط التالية: