Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 610

‫مَجَلَّةٌ عِ ْلمِيَّةٌ دَوْرِيَّةٌ مُحَ َّكمَةٌ‬

‫‪- 57‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪- 206‬‬


‫‪A‬‬

‫النسخة الورقيَّة ‪:‬‬


‫رقم اإليداع يف مكتبة امللك فهد الوطنيَّة ‪:‬‬
‫‪-‬‬

‫الرقم التسلسلي الدولي للدوريَّات (ردمد)‬


‫‪-‬‬

‫النسخة اإللكرتونيَّة ‪:‬‬


‫رقم اإليداع يف مكتبة امللك فهد الوطنيَّة ‪:‬‬
‫‪-‬‬

‫الرقم التسلسلي الدولي للدوريَّات (ردمد)‬


‫‪-‬‬
: ‫ترسل البحوث باسم رئيس حترير اجمللة إىل الربيد اإللكرتوني‬
es.journalils@iu.edu.sa

http://journals.iu.edu.sa/ILS/index.html
‫اهليئة االستشاريَّة‬

‫مسو األمري د‪ /‬سعود بن سلمان بن حممد آل سعود‬ ‫أ ‪ .‬د‪ /‬سعد بن تركي اخلثالن‬
‫أستاذ العقيدة املشارك جبامعة امللك سعود‬ ‫عضو هيئة كبار العلماء (ساب ًقا)‬

‫أ ‪ .‬د‪ /‬عياض بن نامي السلمي‬ ‫معالي أ ‪ .‬د‪ /‬يوسف بن حممد بن سعيد‬


‫رئيس حترير جملة البحوث اإلسالمية‬ ‫عضو هيئة كبار العلماء‬

‫أ ‪ .‬د‪ /‬مساعد بن سليمان الطيار‬ ‫أ ‪ .‬د‪ /‬عبد اهلادي بن عبد اهلل محيتو‬
‫أستاذ التفسري جبامعة امللك سعود‬ ‫أستاذ التعليم العايل يف املغرب‬

‫أ ‪ .‬د‪ /‬مبارك بن سيف اهلاجري‬ ‫أ ‪ .‬د‪ /‬غامن قدوري احلمد‬


‫عميد كلية الشريعة جبامعة الكويت (ساب ًقا)‬ ‫األستاذ بكلية الرتبية جبامعة تكريت‬

‫أ ‪ .‬د‪ /‬فاحل بن حممد الصغري‬ ‫أ ‪ .‬د‪ /‬زين العابدين بال فريج‬


‫أستاذ احلديث جبامعة اإلمام حممد بن سعود اإلسالمية‬ ‫أستاذ التعليم العايل جبامعة احلسن الثاين‬

‫أ ‪ .‬د‪ /‬محد بن عبد احملسن التوجيري‬


‫أستاذ العقيدة جبامعة اإلمام حممد بن سعود اإلسالمية‬
‫هيئة التحرير‬

‫أ ‪ .‬د‪ /‬عبد العزيز بن جليدان الظفريي‬


‫أستاذ العقيدة ابجلامعة اإلسالمية‬

‫أ ‪ .‬د‪ /‬أمحد بن باكر الباكري‬


‫أستاذ أصول الفقه ابجلامعة اإلسالمية‬

‫أ ‪ .‬د‪ /‬عبد القادر بن حممد عطا صويف‬ ‫أ ‪ .‬د‪ /‬رمضان حممد أمحد الروبي‬
‫أستاذ العقيدة ابجلامعة اإلسالمية‬ ‫أستاذ االقتصاد واملالية العامة جبامعة األزهر ابلقاهرة‬

‫أ ‪ .‬د‪ /‬عبداهلل بن إبراهيم اللحيدان‬


‫أ ‪ .‬د‪ /‬عمر بن مصلح احلسيين‬
‫أستاذ الدعوة جبامعة اإلمام حممد بن سعود‬
‫أستاذ فقه السنة ومصادرها ابجلامعة اإلسالمية‬
‫اإلسالمية‬

‫أ ‪ .‬د‪ /‬محد بن حممد اهلاجري‬


‫أ ‪ .‬د‪ /‬أمحد بن حممد الرفاعي‬
‫أستاذ الفقه املقارن والسياسة الشرعية جبامعة‬
‫أستاذ الفقه ابجلامعة اإلسالمية‬
‫الكويت‬

‫أ ‪ .‬د‪ /‬حممد بن أمحد برهجي‬ ‫أ ‪ .‬د‪ /‬عبد اهلل بن عبد العزيز الفاحل‬
‫أستاذ القراءات جبامعة طيبة‬ ‫أستاذ فقه السنة ومصادرها ابجلامعة اإلسالمية‬

‫أ ‪ .‬د‪ /‬أمني بن عايش املزيين‬ ‫أ ‪ .‬د‪ /‬باسم بن محدي السيد‬


‫أستاذ التفسري وعلوم القرآن ابجلامعة اإلسالمية‬ ‫أستاذ القراءات ابجلامعة اإلسالمية‬

‫د‪ /‬محدان بن اليف العنزي‬


‫د‪ /‬إبراهيم بن سامل احلبيشي‬
‫أستاذ التفسري وعلوم القرآن املشارك جبامعة احلدود‬
‫أستاذ األنظمة املشارك ابجلامعة اإلسالمية‬
‫الشمالية‬
‫د‪ /‬علي بن حممد البدراني‬

‫د‪ /‬عمر بن حسن العبدلي‬


‫(‪)‬‬
‫قواعد النشر يف اجمللة‬
‫جديدا مل يسبق نشره‪.‬‬
‫‪ -1‬أن يكون البحث ً‬
‫‪ -2‬أن يتسم ابألصالة واجلدة واالبتكار واإلضافة للمعرفة‪.‬‬
‫حبوث سبق نشرها للباحث‪.‬‬ ‫مستال من ٍ‬ ‫‪ -3‬أن ال يكون ً‬
‫‪ -4‬أن تراعى فيه قواعد البحث العلمي األصيل‪ ،‬ومنهجيته‪.‬‬
‫‪ -5‬أال يتجاوز البحث عن (‪ )12.000‬ألف كلمة‪ ،‬وكذلك ال يتجاوز (‪ )00‬صفحة‪.‬‬
‫‪ -6‬يلتزم الباحث مبراجعة حبثه وسالمته من األخطاء اللغوية والطباعية‪.‬‬
‫‪ -0‬يف حال نشر البحث ورقيًا مينح الباحث (‪ )10‬مستالت من حبثه‪.‬‬
‫‪ -8‬فـي حال اعتماد نشر البحث تؤول حقوق نشره كافة للمجلة‪ ،‬وهلا إعادة نشره ورقيًا‬
‫أو إلكرتونيًا‪ ،‬وحيق هلا إدراجه يف قواعد البياانت احمللية والعاملية ‪ -‬مبقابل أو بدون مقابل ‪ -‬وذلك‬
‫دون حاجة إلذن الباحث‪.‬‬
‫ٍ‬
‫‪ -9‬ال حيق للباحث إعادة نشر حبثه املقبول للنشر يف اجمللة ‪ -‬يف أي وعاء من أوعية‬
‫النشر ‪ -‬إال بعد إذن كتايب من رئيس هيئة حترير اجمللة‪.‬‬
‫‪ -10‬منط التوثيق املعتمد يف اجمللة هو منط (شيكاغو) (‪.)Chicago‬‬
‫مشتمال على‬
‫ً‬ ‫‪ -11‬أن يكون البحث يف ملف واحد ويكون‬
‫‪ -‬صفحة العنوان مشتملة على بياانت الباحث ابللغة العربية واإلجنليزية‪.‬‬
‫‪ -‬مستخلص البحث ابللغة العربية‪ ،‬واللغة اإلجنليزية‪.‬‬
‫‪ -‬مقدِّمة؛ مع ضرورة تضمنها لبيان الدراسات السابقة‪ ،‬واإلضافة العلمية يف البحث‪.‬‬
‫‪ -‬صلب البحث‪.‬‬
‫‪ -‬خامتة؛ تتضمن النتائج والتوصيات‪.‬‬
‫‪ -‬ثبت املصادر واملراجع ابللغة العربية‪.‬‬
‫‪ -‬رومنة املصادر العربية ابحلروف الالتينية يف قائمة مستقلة‪.‬‬
‫‪ -‬املالحق الالزمة (إن وجدت)‪.‬‬
‫‪ -‬يُرسل الباحث على بريد اجمللة املرفقات اآلتية‬
‫البحث بصيغة )‪ (WORD‬و )‪ ،(PDF‬منوذج التعهد‪ ،‬سرية ذاتية خمتصرة‪ ،‬خطاب‬
‫طلب النشر ابسم رئيس التحرير‪.‬‬

‫(‪ )‬يرجع يف تفصيل هذه القواعد العامة إىل املوقع اإللكرتوين للمجلة‬
‫‪http://journals.iu.edu.sa/ILS/index.html‬‬
‫اآلراء الواردة فـي البحوث املنشورة تعرب عن وجهة نظر‬
‫الباحثني فقط‪ ،‬وال تعرب بالضرورة عن رأي اجمللة‬
‫حمتويات العدد‬

‫الصفحة‬ ‫البحث‬ ‫م‬


‫اصطالح الفتوحي يف كتابه (خمتصر التحرير)‪« :‬يف وجهٍ»‪ ،‬أو «يف قولٍ»‪ ،‬أو‬
‫«على قولٍ»‬
‫‪11‬‬ ‫‪ -‬دراسة أصوليَّة استقرائيَّة حتليليَّة ‪-‬‬ ‫‪-1‬‬
‫د ‪ /‬إبراهيم غنيم احليص‬
‫تقسيمات دالالت األلفاظ عند احلنفيَّة‬
‫‪09‬‬ ‫‪ -‬دراسة حتليليَّة استقرائيَّة ‪-‬‬ ‫‪-2‬‬
‫د ‪ /‬عبد الرمحن حممد مننكاين‬
‫اعرتاضات أبي بكر اجلَصَّاص على مصطلح البيان عند اإلمام الشافعي‬
‫‪159‬‬ ‫‪ -‬دراسة نقدية ‪-‬‬ ‫‪-3‬‬
‫د ‪ /‬حممد بن قينان بن عبد الرمحن النتيفات‬
‫الشرط املصلحي بني اجلويين والغزالي‬
‫‪211‬‬ ‫‪ -‬قراءة حتليليَّة ‪-‬‬ ‫‪-4‬‬
‫أ ‪ .‬د ‪ /‬سليمان بن حممد النجران‬
‫مقاصد االستهالك وأثرها يف توجيه السلوك االستهالكي يف االقتصاد‬
‫‪203‬‬ ‫اإلسالمي وتطبيقاتها املعاصرة‬ ‫‪-5‬‬
‫د ‪ /‬حممد أمحد عمر اببكر‬
‫سريان االتفاقيات التجاريَّة الدوليَّة يف النظام السعودي وأثرها يف مصادر‬
‫‪331‬‬ ‫القضاء التجاري‬ ‫‪-6‬‬
‫د ‪ /‬حممد بن علي بن حممد القرين‬
‫الوضع حتت املراقبة اإللكرتونيَّة كعقوبة بديلة عن السجن يف اململكة‬
‫‪390‬‬ ‫العربيَّة السعوديَّة‬ ‫‪-0‬‬
‫شريفة بنت محد بن معيوض احلارثي‬
‫قيمة التحفيز بني التطبيقات النبويَّة يف الشريعة اإلسالميَّة والثقافة الغربيَّة‬
‫‪439‬‬ ‫‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬ ‫‪-8‬‬
‫د ‪ /‬محد عبد هللا بن محد الصقعيب‬
‫القيم اإلسالميَّة املتضمَّنة يف أحاديث السَّفر يف‪« :‬صحيح مسلم»‬
‫‪493‬‬ ‫د ‪ /‬يعقوب بن يوسف العنقري‬ ‫‪-9‬‬
‫فقه إنكار املنكر يف تفسري الشيخ حممد بن صاحل العثيمني‬
‫‪555‬‬ ‫‪-10‬‬
‫د ‪ /‬أماين بنت حممد بن سيف العتييب‬
:)‫اصطالح الفتوحي يف كتابه (خمتصر التحرير‬
»ٍ‫ أو «على قول‬،»ٍ‫ أو «يف قول‬،»ٍ‫«يف وجه‬
- ‫ دراسة أصوليَّة استقرائيَّة حتليليَّة‬-

The Terminology of Al-Futuhi in his book


(Mukhtasar Al-Tahreer): "in a way" or "in a saying"
or "on a saying"
- Analytical Fundamentalist Study -

‫األستاذ املساعد بقسم الفقه وأصوله بكليَّة الشريعة جبامعة الكويت‬

Prepared by :
Dr. Ibrahim Ghonaim Al-Hees
An assistant professor in the department of
jurisprudence and its fundamentals in Kuwait University
Email: dr. alhees@gmail. com

‫اعتماد البحث‬ ‫استالم البحث‬


A Research Approving A Research Receiving
2023/05/11 2022/12/06
‫نشر البحث‬
A Research publication
2023/09/30
DOI : 10.36046/2323-056-206-021
‫اصطالح الفتوحي يف كتابه خمتصر التحرير ‪« :‬يف وج ٍه»‪ ،‬أو «يف قولٍ »‪ ،‬أو «على قولٍ» ‪ -‬دراسة أصوليَّة استقرائيَّة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪31‬‬

‫ملخص البحث‬

‫تناول هذا البحث يف مباحثه األربعة دراسة استقرائية حتليلية ملنهج الفتوحي يف كتابه‬
‫"خمتصر التحرير يف أصول الفقه" ومصطلحاته اليت سار عليه‪ ،‬وقد تبني أن املؤلف اقتصر‬
‫يف خمتصره على ثالثة مصطلحات‪ :‬أوهلا‪« :‬يف وجه»؛ وقصد به أن القول املقدم غريه‪ ،‬وقد‬
‫ذكر هذا املصطلح يف مخسة مواضع فقط‪ .‬وأما الثاين والثالث‪ :‬فهما «يف قول»‪ ،‬أو «على‬
‫قول»؛ وقد ذكر األول منهما (‪ ) 42‬مرة‪ ،‬وذكر اآلخر يف موضع واحد فقط‪ ،‬وقصد هبما‪:‬‬
‫قوة اخلالف يف املسألة‪ ،‬أو اختلف الرتجيح بني األصحاب‪ ،‬أو مل يطلع على قول مصرح‬
‫ابلتصحيح ألحد القولني أو األقوال‪ .‬وقد توص البحث ل ى تتائج؛ منها‪:‬‬
‫أوًل‪ :‬من خالل دراسة مجيع املسائ اليت قال عنها يف املنت‪« :‬ييف َو ْجه»‪ ،‬أو «يف‬ ‫ا‬
‫قول»‪ ،‬أو «على قول»‪ ،‬يظهر جليًّا‪ :‬أن املؤلف التزم مبنهجه الذي رمسه لنفسه يف مقدمة‬
‫كتابه‪ ،‬ومل خيالفه لًل يف مسألة واحدة‪.‬‬
‫اثتياا‪ :‬سلك املؤلف يف اختيار القول الصحيح يف املذهب طريقني‪ :‬األول‪ :‬أته اتتقى‬
‫ما قَد َمهُ املرداوي يف كتابه «حترير املنقول» من األقوال اليت يف املسألة‪ .‬والثاتية‪ :‬أن يكون‬
‫القول عليه األكثر من احلنابلة‪.‬‬
‫اثلثاا‪ :‬أن هذا املنهج الذي سار عليه املؤلف يعد من زايداته وتصرفاته اليت متيز هبا‬
‫يف خمتصره عن أصله «حترير املنقول»‪ً ،‬ل سيما يف قوله «يف وجه»؛ ألته ترجيح منه ألحد‬
‫األقوال يف املسألة مع وجود اخلالف فيها بني األصحاب‪.‬‬
‫ابعا‪ :‬أن مجلة من املسائ اليت قال فيها «يف قول»‪ ،‬أو «على قول» ولن مل يصرح‬ ‫را‬
‫املؤلف فيها ابلرتجيح لًل أته ميكن اخللوص ل ى معرفة املذهب من هذه األقوال يف املسألة؛‬
‫لتصرحيهم أبته قول أكثر األصحاب أو أته القول األظهر يف املسألة‪.‬‬
‫الكلمات املفتاحيَّة‪( :‬أصول الفقه ‪ -‬خمتصر التحرير ‪ -‬الفتوحي ‪ -‬منهج الفتوحي‬
‫يف خمتصر التحرير ‪ -‬أصول الفقه عند احلنابلة)‪.‬‬
31

Abstract

This research dealt in its four chapters with an inductive and analytical
study of Al-Futuhi’s approach in his book "Mukhtasar Al-Tahreer fi Usoul
Al-Fiqh" and his terminologies that he used it. It became clear that the author
only used three terminologies in his Mukhtasar: The first: "in a way" ،and he
meant the opinion that takes precedence over the others ،this term was only
mentioned in only five places. As for the second and third: they are "in a
saying" or "according to a saying": the first of them was mentioned (24)
times ،and the other was mentioned in one place only ،and by them he
meant: the strength of disagreement in the matter ،or the preference differed
among the companions ،or he did not see a saying permission to correct one
of the two sayings or sayings. The research reached results ،the most
important of which are :
First: By examining all the issues about which he said in the text: "on the
face" or "on a saying" or "on a saying" ،it becomes clear that the author
adhered to his approach that he drew for himself in the introduction to his
book and did not deviate from it except on one matter .
Second: The author followed two paths in choosing the correct saying in
the madhhab: The first: He selected what Al-Merdawi presented in his book
"Tahrir al-Manqoul" from among the sayings on the issue. And the second:
that the opinion of him is more than that of the Hanbalis .
Third: This approach that the author followed is one of his additions and
actions that distinguished him in his summary from his original "Tahreer al-
Manqoul" ،especially in his saying "in the face" ; Because he preferred one
of the sayings in the matter ،despite the existence of disagreement among the
companions .
Fourth: A number of issues in which he said "in a saying" or "according
to a saying ،" even if the author did not explicitly state the weighting ،but it
is possible to conclude the knowledge of the doctrine from these sayings in
the issue; For their statement that it is the saying of most of the companions ،
or that it is the most apparent saying in the matter .
Keywords: (Fundamentals of jurisprudence - Mukhtasar al-Tahrir - al-
Futuhi - the approach of al-Futuhi in Mukhtasar al-Tahrir - the principles of
jurisprudence according to the Hanbalis).
‫اصطالح الفتوحي يف كتابه خمتصر التحرير ‪« :‬يف وج ٍه»‪ ،‬أو «يف قولٍ »‪ ،‬أو «على قولٍ» ‪ -‬دراسة أصوليَّة استقرائيَّة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪31‬‬

‫املدقِّمة‬

‫احلمد هلل رب العاملني‪ ،‬والصالة والسالم على أشرف األتبياء واملرسلني‪ ،‬تبينا‬
‫حممد‪ ،‬وعلى آله وصحبه والتابعني‪ .‬أما بعد‪:‬‬
‫فإن من أشهر كتب أصول الفقه املعتمدة عند متأخري احلنابلة كتاب «خمتصر‬
‫التحرير يف أصول الفقه» للعالمة حممد بن أمحد الفتوحي (ت‪274‬هـ)؛ وذلك إلمامة‬
‫مؤلفه يف املذهب‪ ،‬وقصره على قول واحد هو املعتمدة يف املذهب ‪ -‬حبسب ما أدى‬
‫لليه اجتهاد مؤلفه ‪ ،-‬وألته خمتصر من كتاب «حترير املنقول وهتذيب علم األصول»‬
‫للشيخ عالء الدين املرداوي‪ ،‬املعروف مبصحح املذهب ومنقحه‪.‬‬
‫وقد أ َْوَدع الفتوحي يف مقدمة خمتصره هذا معامل منهجه الذي سار عليه يف‬
‫تصنيفه له‪ ،‬فبني طريقة اتتقائه للقول الراجح يف املسائ اخلالفية‪ ،‬ووضع مصطلحات‬
‫يشري هبا ل ى القول الراجح يف املسألة أو قوة اخلالف فيها أو اختالف الرتجيح بني‬
‫األصحاب‪ ،‬أو مل يطلع على مصرح ابلتصحيح‪ ،‬وهذه املصطلحات هي قوله‪« :‬يف‬
‫َو ْجه»‪ ،‬أو «يف قول»‪ ،‬أو «على قول»‪.‬‬
‫وقد رغبت يف مجع هذه املسائ اليت قال فيها‪« :‬يف َو ْجه»‪ ،‬أو «يف قول»‪ ،‬أو‬
‫«على قول»‪ ،‬مث دراسة منهج املؤلف يف كتابه من خالل هذه املسائ ‪ ،‬مبييناا مدى‬
‫التزامه مبنهجه الذي رمسه‪ ،‬وه خالف فيها أصله؟ أو أضاف عليه؟ وهل ميكن معرفة‬
‫‪31‬‬

‫املذهب يف هذه املسائل أم ال؟ ل ى غري ذلك‪.‬‬


‫أوالً‪ :‬مشكلة البحث‪:‬‬
‫تكمن مشكلة البحث يف عدد من التساؤًلت‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ -‬ه سار املؤلف على املنهج الذي رمسه لنفسه يف مقدمة كتابه من خالل‬
‫املصطلحات اليت ذكرها أم ًل؟‬
‫‪-‬وما مدى اإلضافة يف هذه املسائ ؟‬
‫لف املردواي فيها؟‬
‫‪-‬وه خالف املؤ ُ‬
‫‪-‬وه اخلالف فيها قوي أم هو اختالف ترجيح؟‬
‫‪-‬وه ميكن معرفة املذهب يف هذه املسائ اخلالفية؟‬
‫ثانيًا‪ :‬أهّاف البحث وغاياته‪.‬‬
‫هلذا البحث عدة أهداف من أمهها‪:‬‬
‫‪-1‬املسامهة يف لثراء علم أصول الفقه عامة‪ ،‬واملكتبة األصولية احلنبلية خاصة‪.‬‬
‫‪-2‬معرفة مذهب احلنابلة يف املسائ األصولية اليت أطلق فيها الفتوحي اخلالف‬
‫دون ترجيح‪.‬‬
‫‪-3‬خدمة أحد أشهر كتب احلنابلة يف أصول الفقه عند املتأخرين بتتبع مسائله‬
‫وبيان منهجه‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬الّراسات السابدقة‪.‬‬
‫من خالل البحث والسؤال مل أقف لًل على دراسة واحدة يف هذا املوضوع‪،‬‬
‫وهي بعنوان‪( :‬اصطالح ابن النجار يف اإلشارة ل ى اخلالف يف كتابه «خمتصر التحرير»‬
‫اصطالح الفتوحي يف كتابه خمتصر التحرير ‪« :‬يف وج ٍه»‪ ،‬أو «يف قولٍ »‪ ،‬أو «على قولٍ» ‪ -‬دراسة أصوليَّة استقرائيَّة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪31‬‬
‫مجعا وتوثي اقا‪ ،‬د‪ .‬اثمر بن عبد الرمحن بن عمر تصيف)(‪ ،)1‬وقد تناول البحث مجع‬
‫ا‬
‫هذه املسائ وتوثيقها‪ ،‬لكنه مل يقصد فيما يظهر يل حترير املذهب فيها؛ ولذلك مل‬
‫يبني وجه املذهب يف أغلب املسائ ‪ ،‬ومل يبني توع اخلالف فيها ه هو اختالف‬
‫ترجيح أم لطالق األقوال يف املسألة دون ترجيح؟ وغري ذلك‪ .‬بينما قصدت يف هذا‬
‫دراسيت حبث هذه األمور وغريها‪.‬‬
‫رابعًا‪ :‬منهج البحث‪.‬‬
‫سرت يف هذا البحث على املنهج اًلستقرائي الوصفي التحليلي‪ ،‬فجمعت‬
‫ابستقراء اتم مجيع هذه املسائ اليت قال فيها‪« :‬يف َو ْجه»‪ ،‬أو «يف قول»‪ ،‬أو «على‬
‫قول»‪ ،‬مث بينت صورهتا واخلالف الوارد فيها‪ ،‬مث اجتهدت يف حتديد القول األقرب‬
‫للمذهب قدر اإلمكان‪ ،‬مع بيان سبب ليراد املؤلف للخالف غالباا‪.‬‬
‫خامسًا‪ :‬إجراءات البحث‪.‬‬
‫سرت يف هذا البحث وفق منهج حمدد بياته فيما أييت‪:‬‬
‫‪-1‬تقلت تص املسألة اليت قال فيها املؤلف يف خمتصر التحرير‪« :‬يف َو ْجه» أو‬
‫«يف قول»‪ ،‬أو «على قول»‪ ،‬مع رقم الصفحة يف املنت‪ ،‬مرتباا مجيع املسائ يف ك‬
‫مباحث حبسب ورودها يف خمتصر التحرير‪.‬‬
‫‪-2‬بينت املسألة اليت وقع فيها اخلالف ابختصار‪.‬‬
‫‪-3‬ذكرت اخلالف يف املسألة كما أورده املؤلف يف شرح خمتصر التحرير‪ ،‬مع‬

‫(‪ )1‬وهو منشور للكرتوتياا‪ ،‬بدون اسم ال ناشر‪ ،‬وللعلم‪ :‬مل أعلم عن هذا البحث لًل بعد حتكيم‬
‫حبثي‪ ،‬وذلك إبشارة كرمية من أحد احملكني‪.‬‬
‫‪31‬‬

‫مراجعة أصول ابن مفلح‪ ،‬والتحرير وشرحه التحبري للمرداوي‪ ،‬والذخر احلرير للبعلي‪،‬‬
‫وغريها من كتب األصول عند احلاجة لذلك‪.‬‬
‫‪-4‬ذكرت تسبة األقوال يف املسألة كما أوردها املؤلف يف شرحه مع عزوها ل ى‬
‫مقتصرا يف الغالب على أقوال احلنابلة فقط دون غريهم؛ ألن‬‫ا‬ ‫مصادرها األصلية‪،‬‬
‫املقصود حترير مذهب احلنابلة أو معرفة ي‬
‫قول أكثرهم‪ ،‬مضي افا عليها قول بقية احلنابلة‬
‫ممن وقفت على قول هلم يف هذه املسألة ومل يشر املؤلف لقوهلم؛ لما لعدم اطالعه على‬
‫قوهلم أو لتأخر عصرهم عنه‪.‬‬
‫‪-5‬أورد املؤلف أقوال األصوليني يف بعض هذه املسائ اخلالفية دون أن يذكر‬
‫قول أحد من احلنابلة‪ ،‬فاجتهدت يف بيان القول األقرب للمذهب‪.‬‬
‫فيها َ‬
‫‪-6‬مل أقصد يف هذا البحث الرتجيح يف هذه املسائ اخلالفية ملعرفة الصحيح‬
‫أهال لذلك‪ً ،‬ل سيما وقد ترك الرتجيح فيها األكابر يف معرفة‬
‫يف املذهب؛ ألين لست ا‬
‫املذهب كابن مفلح واملرداوي والفتوحي والبعلي‪ ،‬ومث هذه املسائ حتتاج ل ى ي‬
‫عامل‬
‫أمضى عمره يف دراسة أصول املذهب وفروعه‪ ،‬ولمنا قصدت األخذ من أقواهلم ومن‬
‫أقوال غريهم من احملققني يف املذهب ملعرفة القول األقرب ل ى أصول املذهب وقواعده‬
‫قدر اإلمكان‪.‬‬
‫سادسًا‪ :‬خمطط البحث‪.‬‬
‫وقد قسمت البحث على مقدمة‪ ،‬وأربعة مباحث‪ ،‬وخامتة‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫املقدمة‪.‬‬
‫املبحث األول‪ :‬ترمجة خمتصرة عن املؤلف‪ ،‬وبيان منهجه ومصطلحاته يف‬
‫كتابه «خمتصر التحرير»‪.‬‬
‫اصطالح الفتوحي يف كتابه خمتصر التحرير ‪« :‬يف وج ٍه»‪ ،‬أو «يف قولٍ »‪ ،‬أو «على قولٍ» ‪ -‬دراسة أصوليَّة استقرائيَّة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪31‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬املسائل اليت قال فيها املؤلف‪« :‬يف َو ْجه»‪.‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬املسائل اليت قال فيها املؤلف‪« :‬يف قول»‪.‬‬
‫املبحث الرابع‪ :‬املسائل اليت قال فيها املؤلف‪« :‬على قول»‪.‬‬
‫اخلامتة‪:‬‬
‫وفيها أهم النتائج والتوصيات‪.‬‬
‫‪02‬‬
‫املبحث األوَّل‪ :‬ترمجة خمتصرة عن املؤلف‪ ،‬وبيان منهجه ومصطلحاته يف‬
‫كتابه «خمتصر التحرير»‬
‫وفيه مطلبان‪:‬‬
‫املطلب األوَّل‪ :‬ترمجة خمتصرة عن املؤلف‬
‫هو‪ :‬حممد بن أمحد بن عبد العزيز ال ُفتوحي‪ ،‬تقي الدين‪ ،‬القاضي أبو بكر بن‬
‫شهاب الدين الشهري بـ ـ ـ «ابن النجار»‪.‬‬
‫ولد ابلقاهرة سنة (‪828‬هـ)‪ ،‬وتشأ هبا يف أسرة عرفت ابلعلم‪ ،‬فأخذ الفقه‬
‫واألصول وغريه عن مجلة من أه العلم‪ ،‬أبرزهم‪ :‬والده‪ .‬وقد اتتهى لليه ‪ -‬بعد والده‬
‫‪ ،‬والرائسة فيه‪ .‬وأخذ عنه مجلة من أه العلم‪ ،‬من‬ ‫‪ -‬معرفة فقه اإلمام أمحد‬
‫أشهر مصنفاته‪« :‬منتهى اإلرادات» وشرحه‪ ،‬و«خمتصر التحرير» وشرحه‪ .‬وقد تويف‬
‫ابلقاهرة سنة (‪274‬ه)(‪.)1‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬بيان منهج املؤلف ومصطلحاته يف كتابه «خمتصر التحرير»‬
‫لن معرفة منهج مؤلف ما يف كتاب له‪ ،‬لما ابلرجوع ل ى تصريح مؤلفه ابملنهج‬
‫اتما‬
‫الذي سار عليه فيه وهو الغاية‪ ،‬ولما ابًلستقراء لكالمه‪ ،‬واًلستقراء قد يكون ًّ‬
‫انقصا‪ ،‬والكتاب حم البحث ‪ -‬وهو خمتصر التحرير ‪ -‬من الكتب اليت‬
‫وقد يكون ا‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬عبد القادر اجلزيري‪ ،‬الدرر الفرائد املنظمة‪ ،‬ت‪ :‬اجلاسر (ن‪ :‬دار اليمامة‪ ،‬الرايض‪ ،‬ط‪:‬‬
‫ُ‬
‫‪1281 ،1‬م)‪ .)1882-1884/4( ،‬ابن محيد‪ ،‬السحب الوابلة‪ ،‬ت‪ :‬بكر أبو زيد وعبد‬
‫الرمحن العثيمني (ن‪ :‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬ط‪4117 ،1 :‬م)‪ .)888 - 882/4( ،‬خري الدين‬
‫الزركلي‪ ،‬األعالم (ن‪ :‬دار العلم للماليني‪ ،‬ط‪4114 ،8 :‬م)‪.)6/6( ،‬‬
‫اصطالح الفتوحي يف كتابه خمتصر التحرير ‪« :‬يف وج ٍه»‪ ،‬أو «يف قولٍ »‪ ،‬أو «على قولٍ» ‪ -‬دراسة أصوليَّة استقرائيَّة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪03‬‬
‫صرح مؤلفه مبنهجه يف أتليفه‪ ،‬فقد تص الفتوحي يف مقدمة خمتصره بقوله‪( :‬فَـ َه َذا‬
‫ول ي‬
‫الف ْق يه‪،‬‬ ‫ول» ييف أُص ي‬ ‫يب يعْل يم األُص ي‬‫ول‪ ،‬وَهتْ يذ ي‬‫ي‬ ‫ي‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫صٌر ُْحمتَو َعلَى َم َسائ ي ‪َ « :‬حت يري ير الْ َمْنـقُ َ‬‫خمُْتَ َ‬
‫احلْنـبلي يي تَـغَم َده هللا تَـع َ ي ي‬ ‫ي ي ي‬
‫َس َكنَهُ‬ ‫ا ى بيَر ْمحَته‪َ ،‬وأ ْ‬ ‫ُ ُ َ‬ ‫مجَْ يع الشْي يخ الْ َعال َمة َع َالء الدي ين الْ َمْرَدا يو يي َْ َ‬
‫َقو يال‪َ ،‬خال يم ْن‬ ‫فَ يسيح جنتي يه‪ :‬يمما قَدمهُ‪ ،‬أو َكا َن َعلَْي يه ْاألَ ْكثَـر يمن أ ْ ي‬
‫َص َحابنَا‪ُ ،‬دو َن األ َ‬ ‫ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ف‪َ ،‬ويم ْن َعْزيو َم َقال‪َ ،‬ل ى َم ْن لايهُ قَ َ‬‫يد علَى مع يرفَ ية اخليَال ي‬ ‫ي ي‬
‫ال‪َ .‬وَم ََت‬ ‫قَول َاثن لًل ل َفائ َدة تَ يز ُ َ َ ْ‬
‫ف أَ يو‬ ‫اخليَال ُ‬
‫ي ْ‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ت‪« :‬يف َو ْجه»؛ فَالْ ُم َقد ُم َغ ْريُهُ‪َ .‬و«يف»‪ ،‬أ َْو « َعلَى قَول»‪ ،‬فَإذَا قَ يو َ‬
‫قُـْل ُ ي‬
‫ص يرح‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الرتيجيح‪ ،‬أَو َم َع لطْ َال يق ال َقولَ ْ ي‬
‫ني‪ ،‬أَ يو األَْقـ َوال‪ ،‬ل ْذ َملْ أَطل ْع َعلَى ُم َ‬ ‫ف ْ ُ‬ ‫اختَـلَ َ‬
‫ْ‬
‫يح)(‪.)1‬‬ ‫ص يح ي‬‫يابلت ْ‬
‫وحم البحث هنا هو معرفة منهجه يف حترير املذهب وطرق ترجيحه بني‬
‫األقوال‪ ،‬ومصطلحاته فيها‪ ،‬وبيان الراجح من األقوال يف املسائ اليت أطلق اخلالف‬
‫فيها دون ترجيح‪.‬‬
‫فأما منهجه يف الرتجيح‪ ،‬فقد بينه املؤلف يف أمرين‪:‬‬
‫‪-1‬أته منت اقى يمما قَد َمهُ املرداوي من األقوال اليت يف املسألة‪.‬‬
‫مؤخرا‬
‫‪-2‬أن يكون القول عليه األكثر من أَصحابنا‪ .‬وظاهره‪ :‬ولو كان القول ا‬
‫يف كتاب (حترير املنقول للمرداوي)(‪.)4‬‬
‫(وَم ََت قـُْلت‪« :‬ييف‬
‫وأما مصطلحاته فيه؛ فقد ذكرها مع بيان قصده فيها بقوله‪َ :‬‬
‫ف‪ ،‬أَ يو اختـلَف ي‬ ‫اخليَال ُ‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫يح‪،‬‬
‫الرتج ُ‬
‫َْ َ ْ‬ ‫ي ْ‬ ‫َو ْجه»‪ :‬فَالْ ُم َقد ُم َغ ْريُهُ‪َ .‬و«يف أ َْو َعلَى قَـ ْول»‪ ،‬فَإ َذا قَ يو َ‬

‫(‪( )1‬ص‪.)112-111‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬حممد ابن عثيمني‪« ،‬شرح خمتصر التحرير»‪( ،‬ط‪4111 ،1 :‬م)‪( ،‬ص‪.)18‬‬
‫‪00‬‬

‫ص يح ي‬
‫يح)(‪.)1‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ َْو َم َع لطْ َال يق الْ َقولَ ْ ي‬
‫ص يرح يابلت ْ‬
‫ني‪ ،‬أَ يو ْاألَْقـ َوال‪ ،‬ل ْذ َملْ أَطل ْع َعلَى ُم َ‬ ‫ْ‬
‫وعليه؛ فمَت قال‪« :‬ييف َو ْجه»‪ :‬فَالْ ُم َقد ُم غريه‪ ،‬أي املعتمد يف املذهب غري ما‬
‫قال‪ :‬لته كذا يف وجه‪ ،‬أي أن الراجح خالف القول الذي ذكره يف املسألة‪ ،‬فإذا قال‪:‬‬
‫حيد(‪.)4‬‬
‫حيد يف وجه‪ ،‬فمعناه‪ :‬أن الصحيح أته ُّ‬
‫العلم ًل ُّ‬
‫ولذا قال‪« :‬يف قول» أَو «على قول»‪ ،‬فمعناه أحد ثالثة أمور(‪:)1‬‬
‫األول‪ :‬أن اخلالف يف املسألة قوي(‪.)2‬‬
‫الثاين‪ :‬أته اختلف الرتجيح فيها بني األصحاب(‪.)8‬‬

‫(‪ )1‬خمتصر التحرير (ص‪.)112‬‬


‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬حممد بن أمحد الفتوحي‪« ،‬شرح الكوكب املنري» ‪ ،‬ت‪ :‬حممد الزحيلي وتزيه محاد‪( ،‬ن‪ :‬مكتبة‬
‫العبيكان‪ ،‬ط‪1227 ،4 :‬م)‪.)61-61 ،42 :1( ،‬‬
‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬الفتوحي‪ ،‬شرح الكوكب املنري (‪ .)42 :1‬أمحد بن عبد هللا البعلي‪« ،‬الذخر احلرير بشرح‬
‫خمتصر التحرير»‪ ،‬ت‪ :‬وائ الشنشوري‪( ،‬ن‪ :‬املكتبة العمرية ‪ -‬دار الذخائر‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪،1 :‬‬
‫‪4141‬م)‪( ،‬ص‪.)84-81‬‬
‫(‪ )2‬وقد استعم املؤلف هذا املصطلح يف كاتبه «منتهى اإلردات» وبني بقصوده به يف «شرح‬
‫املنتهى» (‪- )122/1‬وأان أتقله هنا لالستئناس به يف هذا املوضع ‪ -‬بقوله‪([ :‬أو قوي‬
‫اخلالف)‪ :‬أبن اختلف التصحيح ومل يبلغ من صحح الثاين رتبة من صحح األول يف الكثرة‬
‫أو التحقيق‪( ،‬فرمبا أشري لليه)؛ ليعلم قائ ذلك وما الناس واقعون فيه‪ ،‬ورتبة املشهور‪ ،‬وما‬
‫قوي اخلالف فيه]‪.‬‬
‫(‪ )8‬ميكن أن يستأتس ‪-‬يف فهم قصد املؤلف هبذا املصطلح ‪ -‬بقول املرداوي عند شرحه لعبارة‬
‫ابن مفلح يف فروعه [تصحيح الفروع (‪ .)11/1‬وينظر‪( :])12-18 ،1( :‬قوله‪" :‬فإن‬
‫أيضا يدل على‪ :‬قوة القول الثاين‪ ،‬ومساواته ملا‬
‫اختلف الرتجيح أطلقت اخلالف" ‪ ...‬هذا ا‬
‫=‬
‫اصطالح الفتوحي يف كتابه خمتصر التحرير ‪« :‬يف وج ٍه»‪ ،‬أو «يف قولٍ »‪ ،‬أو «على قولٍ» ‪ -‬دراسة أصوليَّة استقرائيَّة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪01‬‬
‫الثالث‪ :‬أن يطلق اخلالف يف املسألة على قولني‪ ،‬أو أقوال‪ ،‬فمعناه‪ :‬أته مل‬
‫يطلع على قول ُمصرح أو قائ ُم ي‬
‫صرح ابلتصحيح ألحد القولني أو األقوال‪ .‬وحيتم‬
‫أن قوله‪( :‬ل ْذ مل أطلع على مصرح ابلتصحيح)‪ ،‬يشم األمور الثالثة السابقة‪.‬‬
‫وهذه املصطلحات خاصة ابملؤلف يف كاتبه هذا ًل تتعداه ل ى غريه(‪ ،)1‬وقد‬
‫أحصيت مجيع مواضع هذه املصطلحات اليت ذكرها يف املنت‪ ،‬وهي على النحو اآليت‪:‬‬
‫سادسا ذكره يف بعض‬
‫ا‬ ‫وموضعا‬
‫ا‬ ‫‪«-1‬ييف وجه»‪ :‬ذكره يف (‪ )8‬مواضع فقط‪.‬‬
‫النسخ اخلطية املتقدمة‪ ،‬مث َع َد َل عنه ل ى (يف قول) يف النسخة اخلطية األخرية‪.‬‬
‫موضعا‪.‬‬
‫‪«-2‬يف قول»‪ :‬ذكره يف (‪ )42‬ا‬
‫‪«-3‬على قول»‪ :‬ذكره يف موضع واحد فقط(‪.)4‬‬
‫‪«-4‬لطالق القولني‪ ،‬أو األقوال»‪ :‬مل يرد ذكرمها يف املنت‪ ،‬ومها ليسا من‬
‫املصطلحات اليت التزمهما املصنف يف كتابه‪ ،‬ولمنا هو أحد معاين (يف قول) أو (على‬
‫قول)‪ ،‬وهو أته مل يطلع على قول مصرح ابلتصحيح ألحد القولني أو األقوال‪.‬‬

‫=‬
‫قاله األصحاب عند املصنف)‪.‬‬
‫(‪ )1‬استعمال هذه املصطلحات غري معهودة يف كتب األصول‪ ،‬بينما هي مشهورة يف كتب الفقه‪.‬‬
‫ينظر مثاًل لذلك‪ :‬ابن مفلح‪ ،‬الفروع ‪ .6/1‬املرداوي‪ ،‬اإلتصاف ‪.8/1‬‬
‫(‪ )4‬أقول لع ‪ :‬املؤلف عدل عن قوله «يف قول» ل ى «على قول» يف هذا املوضع؛ ألته أورده عند‬
‫الكالم على معىن حرف «يف»‪ ،‬فن اسب يف الصياغة أن يعدل عنها؛ لكي ًل يتكرر حرف‬
‫كثريا يف موضع واحد‪ ،‬أو قد يوهم ذلك‪ :‬أته يريد بيان املعىن ًل أته حيكي اخلالف‪.‬‬
‫«يف» ا‬
‫وهللا أعلم‪.‬‬
‫‪01‬‬
‫املبحث الثاني‪ :‬املسائل اليت قال فيها املؤلف‪« :‬فِي وَجْهٍ»‬
‫تقدم أن من مصطلحات املؤلف يف كتابه خمتصر التحرير قوله‪« :‬ييف َو ْجه»‪،‬‬
‫ويعين به‪ :‬أن امل َقدم غريه‪ ،‬أي املعتمد يف املذهب غري ما قال‪ :‬أته كذا يف وجه‪ ،‬أي‬
‫ُ‬
‫أن الراجح خالف القول الذي ذكره يف املسألة(‪ .)1‬ويف هذا املبحث حصر جلميع‬
‫املسائ اليت قال فيها يف خمتصره يف «ييف َو ْجه»‪ ،‬وهي مخس مسائ ‪ ،‬بياهنا فيما أييت‪:‬‬
‫املسألة األوىل‪ :‬حّ العلم‪.‬‬
‫قال الفتوحي يف خمتصره (ص‪( :)112‬الْعيْل ُم‪ً :‬ل ُحيَ ُّد «ييف َو ْجه»)‪.‬‬
‫املسألة‪ :‬ه العلم له حد مييز به أم ًل؟‬
‫حيد(‪ ،)4‬فقد قال يف‬
‫تص املؤلف يدل على‪ :‬أن الصحيح يف املذهب أته ُّ‬
‫شرحه‪ ...( :‬فالصحيح عند أصحابنا واألكثر‪ :‬أنه حيد‪ .‬وهلم يف حده عبارات‪.‬‬
‫جازما مطاب اقا")(‪.)1‬‬
‫متييزا ا‬
‫و"املختار منها أن يقال‪" :‬هو صفة مييز املتصف هبا‪ ...‬ا‬
‫املسألة الثانية‪ :‬حكم التكليف عدقلًا مبا ال يطاق‪.‬‬
‫وم بييه‪ :‬في ْع ٌ بي َشْر يط ْلم َكاتيهي‪.‬‬
‫قال الفتوحي يف خمتصره (ص‪َ ( :)172‬والْ َم ْح ُك ُ‬
‫ص ُّح يمبُ َحال ليغَْيريهي‪ً ،‬ل لي َذاتييه َو َع َادةا‪ ،‬لًل َع ْق اال «ييف َو ْجه»)‪.‬‬
‫فَـي ي‬
‫َ‬
‫عقال التكليف بفع حمال لذاته أو عادة؟‬ ‫املسألة‪ :‬ه يصح ا‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬الفتوحي‪ ،‬شرح الكوكب املنري (‪.)42 :1‬‬


‫(‪ )4‬وينظر‪ :‬أبو يعلى‪ ،‬العدة (‪ .)76 :1‬أبو اخلطاب‪ ،‬التمهيد (‪ .)16 :1‬ابن عقي ‪ ،‬الواضح (‪:1‬‬
‫‪ 11‬وما بعدها)‪ .‬املرداوي‪ ،‬التحبري (‪.)441 :1‬‬
‫(‪ )1‬املصدر السابق (‪.)61/1‬‬
‫اصطالح الفتوحي يف كتابه خمتصر التحرير ‪« :‬يف وج ٍه»‪ ،‬أو «يف قولٍ »‪ ،‬أو «على قولٍ» ‪ -‬دراسة أصوليَّة استقرائيَّة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪01‬‬
‫قلت‪ :‬كالم املؤلف حيتم ثالث صور من اخلالف‪:‬‬
‫عقال بفع حمال لذاته أو‬
‫‪-1‬أن اخلالف يف املذهب وقع يف حكم التكليف ا‬
‫عقال» عائد على القسمني‪ ،‬ويؤيد هذا قول ابن مفلح يف‬
‫عادة‪ .‬فيكون قوله «لًل ا‬
‫أصوله‪( :‬وأما املمتنع يف تفسه ‪ -‬كاجلمع بني الضدين ‪ -‬أو عادة كصعود السماء‪:‬‬
‫مسعا‪ ،‬ذكره ابن الزاغوين وصاحب احملرر من أصحابنا لي ا‬
‫مجاعا‪ .‬ويف جوازمها‬ ‫فممتنعان ا‬
‫عقالً أقوال‪ .‬قال بعض أصحابنا‪ :‬فاخلالف عند التحقيق يف اجلواز العقلي أو اًلسم‬
‫اللغوي‪ ،‬وأما الشرع فال خالف فيه)(‪ .)1‬وهذا خمتصر كالم اجملد يف املسودة(‪،)4‬‬
‫وقال حنو ابن تيمية(‪ .)1‬ويؤيد هذا ليراد الفتوحي لقول الطويف ‪ -‬وهو خالف قول‬
‫أكثر األصحاب ‪ ،-‬وتصه‪( :‬وقال أكثر األشعرية والطويف من أصحابنا‪ :‬بصحة‬
‫التكليف ابحملال مطل اقا)(‪.)2‬‬
‫عقال بفع حمال لذاته‪ ،‬أما‬
‫‪-2‬أن اخلالف يف املذهب وقع يف حكم التكليف ا‬
‫عقال» هو احملال لذاته؛ ألته هو‬
‫عادة فال خالف فيه يف الرتجيح‪ ،‬فيكون قوله «لًل ا‬

‫(‪ )1‬حممد بن مفلح‪« ،‬أصول الفقه»‪ ،‬ت‪ :‬فهد الس َد َحان‪( ،‬ن‪ :‬مكتبة العبيكان‪ ،‬ط‪1222 ،1 :‬م)‪،‬‬
‫(‪.)486 :1‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬آل تيمية‪« ،‬املسودة يف أصول الفقه» ‪ ،‬ت‪ :‬حممد حميي الدين عبد احلميد‪( ،‬ن‪ :‬مطبعة‬
‫املدين‪ ،‬وصورته دار الكتاب العريب)‪( ،‬ص‪.)72‬‬
‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬أمحد بن عبد احلليم ابن تيمية‪« ،‬جمموع الفتاوى» ‪ ،‬ت‪ :‬عبد الرمحن ابن قاسم‪( ،‬ن‪ :‬جممع‬
‫امللك فهد‪ ،‬املدينة النبوية‪ ،‬تشر‪1228 :‬م) (‪.)271-271 :8‬‬
‫(‪ )2‬الفتوحي‪ ،‬شرح الكوكب املنري (‪ .) 286 :1‬وينظر‪ :‬سليمان بن عبد القوي الطويف‪« ،‬شرح خمتصر‬
‫الروضة» ‪ ،‬ت‪ :‬عبد هللا الرتكي‪( ،‬ن‪ :‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬ط‪1287 ،1 :‬م)‪( ،‬ص‪.)26-28‬‬
‫‪01‬‬

‫املستحي العقلي‪ ،‬وهذا ما فسره به البعلي بقوله‪( :‬وًل يصح عند األكثر التكليف‬
‫عقال» يعين لذاته‪ ،‬فيجوز‬
‫مبحال لذاته ‪ ...‬وًل ابحملال عادة ‪« ...‬لًل» احملال « ا‬
‫التكليف به «يف وجه»‪ ،‬وعليه مل يصح عند األكثر)(‪ .)1‬ويقوي هذا املعىن‪ :‬أن‬
‫ص ُّح يمبُ َحال ليغَْيريهي‪ ،‬ال‬
‫املؤلف كتب العبارة خبطه يف النسخة الثاتية للمنت هكذا‪( :‬فَـي ي‬
‫َ‬
‫قال أو عاد ًة‪ ،‬وعلى القول به‪ ،‬مل يقع)‪ ،‬مث أعاد صياغتها يف النسخة األخرية‬ ‫لِ َذاتِِه ع ً‬
‫له ل ى ما هو مثبت‪.‬‬
‫عقال بفع حمال عادة‪.‬‬
‫‪-3‬أن اخلالف يف املذهب وقع يف حكم التكليف ا‬
‫عقال ابحملال لذاته‪ ،‬ويبقى اخلالف يف‬
‫فيكون اًلتفاق يف الرتجيح على عدم التكليف ا‬
‫احملال عادة عقالا‪ ،‬فأجازه اآلمدي ومجع‪ ،‬ومنعه األكثر‪ .‬وهذا قد يفهم من قول‬
‫الفتوحي‪( :‬وقال اآلمدي‪ ،‬ومجع من العلماء‪ :‬جيوز التكليف ابحملال عادة‪ ،‬ومل يستثنوا‬
‫عقال»‪ ،‬ول ى هذا القول أشري يف املنت بقوله «يف وجه»)(‪ .)4‬ويدل‬
‫«لًل» احملال « ا‬
‫كالزِم ِن العاجز عن املشي واألعمى‬
‫لذلك قول ابن تيمية‪( :‬وأما العاجز عن الفعل َّ‬
‫العاجز عن النظر وحنو ذلك‪ ،‬فهؤًلء مل يكلفوا مبا يعجزون عنه‪ ،‬ومث هذا التكليف‬
‫عقال‪:‬‬
‫اقعا يف الشريعة ابتفاق طوائف املسلمني ‪ ...‬وأما جواز هذا التكليف ا‬
‫مل يكن و ا‬
‫عقال طائفة من املثبتة للقدر من أصحاب أيب‬
‫فأكثر األمة تفت جوازه مطل اقا‪ ،‬وجوزه ا‬
‫احلسن األشعري‪ ،‬ومن وافقهم من أصحاب مالك والشافعي وأمحد؛ كابن عقيل‬

‫(‪ )1‬البعلي‪ ،‬الذخر احلرير (ص‪.)481‬‬


‫(‪ )4‬الفتوحي‪ ،‬شرح الكوكب املنري (‪.)286/1‬‬
‫اصطالح الفتوحي يف كتابه خمتصر التحرير ‪« :‬يف وج ٍه»‪ ،‬أو «يف قولٍ »‪ ،‬أو «على قولٍ» ‪ -‬دراسة أصوليَّة استقرائيَّة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪01‬‬
‫وابن اجلوزي وغريمها)(‪.)1‬‬
‫الرتجيح‪ :‬مهما كاتت صورة اخلالف يف املسألة فإن تص املؤلف حيتملها‬
‫عقال‬
‫مجيعا‪ ،‬وأن الصحيح يف املذهب – وهو قول األكثر ‪ -‬هو املنع مطل اقا ‪ -‬ا‬ ‫ا‬
‫وشرعا ‪ -‬يف احملال لذاته واحملال عادة‪ً ،‬ل احملال لغريه‪ .‬ويدل لذلك‪ :‬قول املرداوي يف‬
‫ا‬
‫التحبري (‪( :)1118/1‬احملال لذاته‪ :‬كجمع بني ضدين ‪ -‬وهو املستحي العقلي ‪-‬‬
‫أو عادة‪ :‬كالطريان وصعود السماء وحنومها‪ ،‬فاألكثر على منعه مطل ًقا)‪ .‬وقال‬
‫الفتوحي يف شرحه عند ليراده لألقوال‪( :‬وجه املذهب األول‪ :‬وهو املنع يف احملال لذاته‬
‫وعادة ‪ ،)4()...‬وتسب هذا القول لألكثر(‪ ،)1‬واتبعه البعلي يف تسبته لألكثر(‪.)2‬‬
‫بعّ البعثة‪.‬‬ ‫املسألة الثالثة‪ :‬مما عصم منه األنبياء‬
‫الْبَـ ْعثَية‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫(وًل متَْتَن ُع َع ْق اال َم ْعصيَةٌ قَـْب َ‬
‫قال الفتوحي يف خمتصره (ص‪َ :)188‬‬
‫ب‬ ‫ي‬ ‫ص ْدقي يه ‪َ ...‬وَما ًل ُيخي ُّ‪ :‬فَ يم ْن َكبي َرية‪َ .‬وَما‬
‫ومعصوم بـع َدها يمن تَـع ُّم يد ما ُيخي ُّ بي ي‬
‫يُوج ُ‬ ‫ََ ْ ُ ٌ َْ َ ْ َ َ‬
‫ي‬
‫لس َقا َط ُم ُروءَة َع ْم ادا‪َ .‬و«ييف َو ْجه»‪َ :‬‬
‫وس ْه اوا)‪.‬‬ ‫خسةا أ َْو ْ‬
‫سهوا فيما يوجب لسقاط‬
‫معصوم بعد البعثة من الوقوع ا‬ ‫املسألة‪ :‬ه النيب‬
‫مروءة وحنوها أم ًل؟‬
‫سهوا ًل‬
‫تص املؤلف يدل على‪ :‬أن الصحيح يف املذهب أته جيوز وقوعه منه ا‬

‫(‪ )1‬ابن تيمية‪ ،‬جمموع الفتاوى (‪.)271 :8‬‬


‫(‪ )4‬الفتوحي‪ ،‬شرح الكوكب املنري (‪.)282 :1‬‬
‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬الفتوحي‪ ،‬شرح الكوكب املنري (‪.)286 :1‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬البعلي‪ ،‬الذخر احلرير (ص‪.)481‬‬
‫‪01‬‬

‫عمدا‪ .‬وقال يف شرحه‪ ...( :‬ما ًل خي بصدقه فيما دلت عليه املعجزة فهو معصوم‬
‫ا‬
‫لمجاعا ‪ ...‬وكذا هو معصوم من فع ما يوجب خسة أو لسقاط‬
‫فيه من وقوع كبرية ا‬
‫سهوا؛ ففيه قوًلن‪ :‬أحدمها‪ :‬وهو قول‬
‫عمدا) مث قال‪( :‬وأما جواز وقوع ذلك ا‬
‫مروءة ا‬
‫القاضي من أصحابنا واألكثر أنه جيوز ذلك ‪ ...‬والقول الثاين‪ :‬وهو املشار لليه‬
‫سهوا‪ ،‬وهو قول ابن أيب موسى)(‪.)1‬‬
‫سهوا» أته ًل جيوز ذلك عليه ا‬
‫بقوله «ويف وجه‪ :‬ا‬
‫سهوا ‪ ...‬فيه قوًلن‪ :‬فعند القاضي‬
‫وقد سبقه املرداوي ل ى ذلك بقوله‪( :‬فعله ا‬
‫‪ -‬من أصحابنا ‪ -‬واألكثر جيوز ذلك ‪.)4()...‬‬
‫املسألة الرابعة‪ :‬من قال لرجعية «طَلَّدقْتُكِ»‪ ،‬وادعى اإلخبار عن الطالق‬
‫املاضي‪ ،‬فهل تطلق أم ال؟‬
‫ت‪.‬‬ ‫ال ليرجعيية‪" :‬طَل ْقتُ ي‬
‫ك"‪ .‬طَلُ َق ْ‬ ‫(و ْلو قَ َ َ ْ‬ ‫قال الفتوحي يف خمتصره (ص‪َ :)412‬‬
‫و«ييف وجه»‪ :‬ولي ين ادعى م ي‬
‫اضياا)‪.‬‬ ‫َ َْ َ َ َ‬
‫ك"‪ ،‬وقصد اإلخبار بذلك‬ ‫املسألة‪ :‬من قال لزوجته املطلقة طالقاا رجعيًّا "طَل ْقتُ ي‬
‫ًل اإلتشاء‪ ،‬فه تطلق أم ًل؟‬
‫بني املؤلف يف شرحه(‪ :)1‬أن الصحيح يف املذهب أهنا تطلق؛ ألته لتشاء‪ ،‬ولو‬
‫قال أردت اإلخبار بذلك(‪ ،)2‬فقال‪«( :‬ولو قال لرجعية‪ :‬طلقتك‪ ،‬طلقت» على‬

‫(‪ )1‬الفتوحي‪ ،‬شرح الكوكب املنري (‪.)171-174/4‬‬


‫(‪ )4‬املرداوي‪ ،‬التحبري (‪ .)1227/1‬وينظر‪ :‬أصول ابن مفلح (‪.)141/1‬‬
‫(‪.)111/4( )1‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬ابن مفلح‪ ،‬الفروع (‪ .)48/2‬املرداوي‪ ،‬اإلتصاف (‪.)411/44‬‬
‫اصطالح الفتوحي يف كتابه خمتصر التحرير ‪« :‬يف وج ٍه»‪ ،‬أو «يف قولٍ »‪ ،‬أو «على قولٍ» ‪ -‬دراسة أصوليَّة استقرائيَّة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪01‬‬
‫الصحيح الذي عليه األكثر؛ ألته لتشاء للطالق‪ .‬فعلى هذا‪ً :‬ل يقب قوله‪ :‬أته أراد‬
‫اإلخبار‪ ،‬وهو املراد بقوله «ويف وجه‪ :‬ولن ادعى ماضياا» وقد تقدم يف خطبة الكتاب‬
‫«أين مَت قلت يف وجه‪ :‬كان املقدم خالفه» فعلم منها‪ :‬أن الصحيح أهنا تطلق‪ ،‬ولو‬
‫قال‪ :‬أردت اإلخبار)‪ .‬وسبقه ل ى ذلك املرداوي بقوله‪( :‬قوله‪« :‬طلقتك» حيتم ‪ :‬أته‬
‫لخبار عن الطالق املاضي الذي كان أوقعه‪ ،‬فلم يقع عليها غريه‪ ،‬لكن الظاهر‪ :‬أنه‬
‫إنشاء‪ ،‬وهو املتعارف بني الناس‪ ،‬وهذا املشهور يف املذهب)(‪.)1‬‬
‫بيد أن ظاهر عبارة الفتوحي (ويف وجه‪ :‬ولن ادعى ماضياا) يف املنت‪ :‬خمالف ملا‬
‫رمسه يف منهجه وما قرره يف شرحه‪ ،‬ولع سهو منه‪ ،‬وقد تبه على ذلك البعلي بقوله‪:‬‬
‫(لكن ظاهر صنيع املصنف خيالفه؛ ملا تقدم يف خطبته أته قال‪« :‬مَت قلت‪ :‬يف وجه؛‬
‫فاملقدم غريه»‪ ،‬فظاهره‪ :‬أن املعتمد أته لو قال هلا‪« :‬طلقتك»‪ ،‬وادعى طالقًا ماضيًا‪،‬‬
‫فال تطلق‪ ،‬فإن قوله‪« :‬طلقتك»‪ ،‬حيتم ‪ :‬أته لخبار عن الطالق املاضي الذي كان‬
‫أوقعه‪ ،‬فلم يقع عليها غريه‪ ،‬فليتأم )(‪.)4‬‬
‫لًل أن حيم كالم املؤلف على قبول القول من عدمه‪ ،‬فيكون معناه‪( :‬ويف‬
‫وجه‪ :‬و) يقب قوله (لن ادعى) طالقاا (ماضياا)‪ ،‬فيكون الصحيح‪ :‬أته ًل يقب قوله‪،‬‬
‫واحلم على هذا املعىن فيه تكلف ظاهر‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬

‫(‪ )1‬املرداوي‪ ،‬التحبري (‪.)1718/2‬‬


‫(‪ )4‬البعلي‪ ،‬الذخر احلرير (ص‪.)117‬‬
‫‪12‬‬

‫املسألة اخلامسة‪ :‬من أقسام عّم التأثري ‪ -‬يف قوادح العلة ‪ -‬عّمه‬
‫يف األصل‪.‬‬
‫َص ِل؛ َكـ‪َ « :‬مبي ٌ‬
‫يع َغ ْريُ‬ ‫قال الفتوحي يف خمتصره (ص‪َ ...( :)141‬و َع َد ُمهُ ِيف ْاأل ْ‬
‫َمْرئيي‪ ،‬فَـبَطَ َ َكالط ْيري ييف ا ْهلََو ياء»‪ .‬فَالْ َع ْج ُز َع ين الت ْسليي يم ُم ْستَ يق ‪َ .‬ويـُ ْقبَ ُ‪« :‬ييف َو ْجه»)‪.‬‬
‫املسألة‪ :‬ه يقب القدح يف العلة بعدم التأثري يف األص أم ًل؟‬
‫تص املؤلف يدل على‪ :‬أن الصحيح يف املذهب عدم قبول القدح يف العلة‬
‫بعدم التأثري يف األص ‪ ،‬قال يف الشرح(‪ ...( :)1‬والقسم الثاين من أقسام عدم التأثري‬
‫«عدمه يف األص »‪ :‬أبن يستغىن عنه بوصف آخر لثبوت حكمه بدوته) ل ى أن قال‪:‬‬
‫(ويقب القدح بعدم التأثري يف األص «ييف َو ْجه»‪ ،‬قال ابن مفلح وغريه‪ :‬وقبوله ورده‬
‫مبين على تعلي احلكم بعلتني(‪ .)4‬ومل يقبله أبو حممد الفخر لمساعي ‪ ،‬بناء على هذا‪.‬‬
‫وقبله املوفق يف الروضة وغريه)‪.‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬املسائل اليت قال فيها املؤلف‪« :‬يف قولٍ»‬
‫أورد الفتوحي يف كتابه خمتصر التحرير مصطلح «يف قول» (‪ )41‬مرة‪ ،‬وقد تص‬
‫يف مقدمة الكتاب أن هذا املصطلح يقصد به أحد ثالثة أمور(‪ :)1‬لما أن يكون‬
‫قواي‪ ،‬أو اختلف الرتجيح فيها بني األصحاب‪ ،‬أو عند لطالقه‬
‫اخلالف يف املسألة ًّ‬
‫اخلالف يف املسألة على قولني أو أقوال؛ ألته مل يطلع على قول مصرح ابلتصحيح‬

‫(‪ )1‬الفتوحي‪ ،‬شرح الكوكب املنري (‪.)467/4‬‬


‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬املسودة (ص‪ .)241‬أصول ابن مفلح (‪.)1161/1‬‬
‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬الفتوحي‪ ،‬شرح الكوكب املنري (‪ .)42 :1‬البعلي‪ ،‬الذخر احلرير (‪.)84-81‬‬
‫اصطالح الفتوحي يف كتابه خمتصر التحرير ‪« :‬يف وج ٍه»‪ ،‬أو «يف قولٍ »‪ ،‬أو «على قولٍ» ‪ -‬دراسة أصوليَّة استقرائيَّة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪13‬‬
‫ألحد القولني أو األقوال‪ .‬ويف هذا املبحث بيان مجيع هذه املسائ ‪ -‬مرتبة حبسب‬
‫ورودها يف الكتاب ‪ -‬على النحو اآليت‪:‬‬
‫املسألة األوىل‪ :‬االشتدقاق من اجملاز‪.‬‬
‫قال الفتوحي يف خمتصره عن اجملاز (ص‪( :)121‬و«ييف قَـ ْول»‪َ :‬وًل يُ ْشتَ ُّق يمْنهُ)‪.‬‬
‫املسألة‪ :‬ه يشتق من اجملاز أم اًلشتقاق ًل يكون لًل من حقيقة؟‬
‫اخلالف على قولني‪:‬‬
‫القول األول‪ :‬أته ًل يشتق من اجملاز‪ .‬وهو قول ابن عقي (‪ ،)1‬وابن قدامة(‪،)4‬‬
‫والطُّويف(‪ ،)1‬وابن ُمفليح(‪ ،)2‬وابن قاضي اجلب وغريهم(‪.)8‬‬
‫القول الثاين‪ :‬أته يشتق من اجملاز‪ .‬وهو قول أكثر العلماء(‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬ابن عقي ‪ ،‬الواضح (‪.)128/4‬‬


‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬ابن قدامة‪ ،‬موفق الدين عبد هللا بن أمحد‪« ،‬روضة الناظر وجنة املناظر»‪ ،‬ت‪ :‬شعبان حممد‬
‫لمساعي ‪( ،‬الناشر‪ :‬مؤسسة الراين‪ ،‬ط‪4114 ،4 :‬م) (‪.)812 :1‬‬
‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬الطويف‪ ،‬خمتصر الروضة (ص‪.)118‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬ابن مفلح‪ ،‬أصول الفقه (‪.)81 :1‬‬
‫(‪ )8‬ينظر‪ :‬علي بن سليمان املرداوي‪« ،‬التحبري شرح التحرير» ‪ ،‬ت‪ :‬عبد الرمحن اجلربين‪ ،‬وآخرين‪( ،‬ن‪:‬‬
‫مكتبة الرشد – السعودية‪ ،‬ط‪4111 ،1 :‬م) (‪ .) 218-212 :1‬الفتوحي‪ ،‬شرح الكوكب املنري‬
‫(‪.)181 :1‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬حممد بن عبد الدائم الربماوي‪« ،‬الفوائد السنية يف شرح األلفية»‪ ،‬ت‪ :‬عبد هللا رمضان‬
‫موسى‪( ،‬ن‪ :‬مكتبة التوعية اإلسالمية‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪4118 ،1 :‬م)‪ .)282 :4( ،‬واملصدرين‬
‫السابقني‪.‬‬
‫‪10‬‬

‫قلت‪ :‬اقتصر ابن مفلح على القول األول فقط(‪ ،)1‬وقدمه املرداوي يف‬
‫تبعا‬ ‫(‪)4‬‬
‫التحرير ‪ ،‬بينما أطلق الفتوحي اخلالف على قولني دون ترجيح لًل أته صرح ‪ -‬ا‬
‫للمرداوي ‪ -‬أبن القول الثاين هو قول األكثر(‪.)1‬‬
‫املسألة الثانية‪ :‬من معاني حرف (إذْ)‪.‬‬
‫اس ٌم لي َماض‪ .‬و«ييف قَـ ْول»‪:‬‬
‫قال الفتوحي يف خمتصره (ص‪"( :)181‬لي ْذ"‪ْ :‬‬
‫َوُم ْستَـ ْقبَ )‪.‬‬
‫املسألة‪ :‬ه من معاين «ل ْذ» أن تكون ظرفاا للزمان املستقب ؟‬
‫اخلالف على قولني‪:‬‬
‫القول األول‪ :‬قد أتيت ظرفاا للزمان املستقب ‪ .‬وهو قول ابن مالك وطائفة(‪.)2‬‬
‫القول الثاين‪ً :‬ل تقع ظرفاا للزمان املستقب ‪ .‬وهو قول األكثر(‪.)8‬‬
‫قلت‪ :‬ذكر املرداوي اخلالف يف املسألة دون ترجيح مث بني أن القول الثاين هو‬
‫اسم ملاض ظَْرفاا ‪ ،...‬وملستقب ومنعه األكثر)(‪ ،)6‬لكن‬ ‫ي‬
‫قول األكثر‪ ،‬وتصه‪"( :‬ل ْذ"‪ٌ :‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬ابن مفلح‪ ،‬أصول الفقه (‪.)81 :1‬‬


‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬املرداوي‪ ،‬التحرير (ص‪.)72‬‬
‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬املرداوي‪ ،‬التحبري (‪ .)218-212 :1‬الفتوحي‪ ،‬شرح الكوكب املنري (‪.)181 :1‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬املرداوي‪ ،‬التحرير (ص‪ .)21‬املرداوي‪ ،‬التحبري (‪ .)676 :4‬الفتوحي‪ ،‬شرح الكوكب املنري‬
‫(‪.)478 :1‬‬
‫(‪ )8‬ينظر‪ :‬املصادر السابقة‪ .‬والبعلي‪ ،‬الذخر احلرير (ص‪.)161‬‬
‫(‪ )6‬املرداوي‪ ،‬التحرير (ص‪.)21‬‬
‫اصطالح الفتوحي يف كتابه خمتصر التحرير ‪« :‬يف وج ٍه»‪ ،‬أو «يف قولٍ »‪ ،‬أو «على قولٍ» ‪ -‬دراسة أصوليَّة استقرائيَّة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪11‬‬
‫قدم فيه القول األول‪ ،‬فالظاهر أته ميي ل ى ترجيحه(‪ .)1‬بينما أطلق الفتوحي اخلالف‬
‫اسم ‪ ...‬لزمن ماض فقط‪ .‬ويف قول‪ :‬ولزمن‬ ‫دون ترجيح‪ ،‬وتصه‪( :‬إ ْذ‪ٌ ... :‬‬
‫ُمستقبَ )(‪ ،)4‬فلعله يشري ل ى قوة اخلالف يف املسألة‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫املسألة الثالثة‪ :‬الشكر واملعرفة عدقالً‪.‬‬
‫ا ى ‪َ -‬ويه َي‬
‫ْر الْ ُمْنعييم َوَم ْع يرفَـتُهُ تَـ َع َ‬
‫(و ُشك ُ‬
‫قال الفتوحي يف خمتصره (ص‪َ :)188‬‬
‫أَو ُل و ياجب لينَـ ْف يس يه ‪ :-‬و ياجب ي‬
‫ان َشْر اعا‪ .‬و«ييف قَـ ْول»‪ً :‬ل فَـْر َق بَـْيـنَـ ُه َما َع ْق اال)‪.‬‬‫َ َ‬ ‫َ‬
‫املسألة‪ :‬ه الشكر ومعرفة هللا ‪ ‬مبعىن واحد ا‬
‫عقال أم ًل؟‬
‫اخلالف على قولني‪:‬‬
‫عقال(‪.)1‬‬
‫القول األول‪ً :‬ل فرق بني الشكر ومعرفة هللا تعا ى ا‬
‫القول الثاين‪ :‬أن الشكر فرع املعرفة(‪.)2‬‬
‫قلت‪ :‬ذكر املرداوي والفتوحي القولني دون ترجيح ألحدمها‪ ،‬مع تقدمي املرداوي‬

‫(‪ً )1‬ل سيما أن هذه العبارة منقولة بنصها من تشنيف املسامع (‪ )222/1‬والغيث اهلامع‬
‫(ص‪ ،)128‬وقد صرحا فيهما أبن القول األول هو األصح‪.‬‬
‫(‪ )4‬الفتوحي‪ ،‬شرح الكوكب املنري (‪.)478/1‬‬
‫(‪ )1‬وهو قول الرازي وغريه‪ .‬ينظر‪ :‬الرازي‪ ،‬حممد بن عمر‪« ،‬احملصول يف علم األصول» ت‪ :‬طه‬
‫العلواين‪( ،‬ن‪ :‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬ط‪1227 ،1 :‬م)‪ .)181 :1( ،‬املرداوي‪ ،‬التحبري (‪.)721 :4‬‬
‫(‪ )2‬وهو قول املعتزلة ومن وافقهم‪ .‬ينظر‪ :‬علي بن حممد اآلمدي‪« ،‬اإلحكام يف أصول األحكام»‪،‬‬
‫ت‪ :‬عبد الرزاق عفيفي‪( ،‬ن‪ :‬املكتب اإلسالمي‪ ،‬دمشق ‪ -‬بريوت‪ ،‬ط‪1214 ،4 :‬هـ) (‪:1‬‬
‫‪ .)87‬املرداوي‪ ،‬التحبري (‪.)721 :4‬‬
‫‪11‬‬

‫للقول األول(‪ ،)1‬وًل أدري أقصد ترجيحه أم ًل‪ .‬ورجح الشيخ ابن عثيمني‪ :‬التفريق‬
‫بني الشكر واملعرفة(‪.)4‬‬
‫املسألة الرَّابعة‪ :‬أفعال اهلل ‪ ‬وأوامره‪.‬‬
‫ْمة «ييف‬ ‫يي ي‬ ‫(وفي ْعلُهُ تَـ َع َ‬
‫ا ى َوأ َْم ُرهُ‪ً :‬ل لعلة وحك َ‬ ‫قال الفتوحي يف خمتصره (ص‪َ :)186‬‬
‫قَـ ْول»)‪.‬‬
‫املسألة‪ :‬ه أفعال هللا ‪ ‬وأوامره لعلة وحكمة أم ًل؟‬
‫القول األول‪ :‬أهنما ًل لعلة وًل حلكمة‪ .‬وهو اختيار القاضي أيب يعلى(‪،)1‬‬
‫وابن الزاغوين‪ ،‬وحكي عن كثري من أصحابنا‪ ،‬وغريهم(‪.)2‬‬
‫القول الثاين‪ :‬أهنما لعلة وحكمة‪ .‬وهو اختيار ابن عقي (‪ ،)8‬وأيب‬
‫اخلطاب(‪................................................................ ،)6‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬املرداوي‪ ،‬التحرير (ص‪ .)22‬الفتوحي‪ ،‬شرح الكوكب املنري (‪.)111 :1‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬ابن عثيمني‪ ،‬شرح خمتصر التحرير (ص‪.)428‬‬
‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬أبو يعلى حممد بن احلسني الفراء‪« ،‬العدة يف أصول الفقه»‪ ،‬ت‪ :‬أمحد املباركي‪( ،‬بدون‬
‫انشر‪ ،‬ط‪1221 ،4 :‬م)‪ .)241 :4( ،‬أبو يعلى‪ ،‬املعتمد يف أصول الدين (ص‪.)117‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬ابن مفلح‪ ،‬أصول الفقه (‪ .)181-181 :1‬املرداوي‪ ،‬التحرير (ص‪ .)111‬الفتوحي‪ ،‬شرح‬
‫الكوكب املنري (‪.)114 :1‬‬
‫(‪ )8‬ينظر‪ :‬أمحد بن عبد احلليم ابن تيمية‪« ،‬منهاج السنة النبوية يف تقض كالم الشيعة القدرية»‪ ،‬ت‪:‬‬
‫حممد رشاد‪( ،‬ن‪ :‬جامعة اإلمام حممد بن سعود اإلسالمية‪ ،‬ط‪1286 ،1 :‬م)‪-124 :1( ،‬‬
‫‪ .)121‬املرداوي‪ ،‬التحبري (‪.)781-781 :4‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬املصدرين السابقني‪.‬‬
‫اصطالح الفتوحي يف كتابه خمتصر التحرير ‪« :‬يف وج ٍه»‪ ،‬أو «يف قولٍ »‪ ،‬أو «على قولٍ» ‪ -‬دراسة أصوليَّة استقرائيَّة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪11‬‬
‫وابن تيمية(‪ ،)1‬والطويف(‪ ،)4‬وابن القيم(‪ ،)1‬وابن قاضي اجلب ‪ ،‬وحكي عن لمجاع‬
‫السلف(‪.)2‬‬
‫قلت‪ :‬أطلق ابن مفلح واملرداوي والفتوحي القولني يف املسألة دون ترجيح(‪،)8‬‬
‫لكن الذي قدمه املرداوي(‪ )6‬هو القول األول‪ ،‬وًل أدري أقصد به الرتجيح أم ًل‪.‬‬
‫وتق البعلي يف شرحه(‪ )7‬القول األول فقط‪ .‬بينما وصف الشيخ ابن عثيمني القول‬
‫الثاين ‪ -‬يف شرحه ‪ -‬أبته الصواب املقطوع به(‪ ،)8‬ويرجح هذا القول ما تص عليه‬
‫ابن تيمية بقوله‪( :‬مجهور أه السنة‪ :‬يثبتون احلكمة يف أفعال هللا تعا ى‪ ،‬وأته يفع‬
‫لنفع عباده ومصلحتهم)(‪ ،)2‬وقال يف موضع آخر‪( :‬الذي عليه السلف واألمة‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬ابن تيمية‪ ،‬جمموع الفتاوى (‪.)12 :1‬‬


‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬الطويف‪ ،‬شرح خمتصر الروضة (‪.)122 :1‬‬
‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬حممد بن أيب بكر ابن قيم اجلوزية‪« ،‬مفتاح دار السعادة ومنشور وًلية العلم واإلرادة»‪،‬‬
‫حتقيق‪ :‬عبد الرمحن ابن قائد‪( ،‬ن‪ :‬دار عامل الفوائد‪ ،‬مكة املكرمة‪ ،‬ط‪1214 ،1 :‬هـ)‪:4( ،‬‬
‫‪.)211-214‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬ابن مفلح‪ ،‬أصول الفقه (‪ .)181-181 :1‬املرداوي‪ ،‬التحرير (ص‪ .)111‬املرداوي‪،‬‬
‫التحبري (‪ .)781-722 :4‬الفتوحي‪ ،‬شرح الكوكب املنري (‪.)114 :1‬‬
‫(‪ )8‬ينظر‪ :‬املصادر السابقة‪.‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬املرداوي‪ ،‬التحرير (ص‪.)111‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬البعلي‪ ،‬الذخر احلرير (ص‪.)176‬‬
‫(‪ )8‬ينظر‪ :‬ابن عثيمني‪ ،‬شرح خمتصر التحرير (ص‪.)422- 428‬‬
‫(‪ )2‬ابن تيمية‪ ،‬جمموع الفتاوى (‪.)12/1‬‬
‫‪11‬‬

‫)(‪.)1‬‬ ‫وأئمتها ومجهور املسلمني‪ :‬أن الرب خيلق وحيكم حبكمة‬


‫املسألة اخلامسة‪ :‬إثبات األحكام باإلهلام‪.‬‬
‫ب بيعيْلم‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ِ‬
‫قال الفتوحي يف خمتصر (ص‪( :)187‬إ ْْلَام‪َ ،‬و ُه َو‪َ :‬ما ُحيَرُك الْ َقْل َ‬
‫يق َشْرعيي)‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ي ي‬
‫ويَطْ َمئ ُّن بيه‪ ،‬يَ ْد ُعو َل ى الْ َع َم ي بيه‪َ .‬وُه َو «ييف قَـ ْول»‪ :‬طَ ير ٌ‬
‫املسألة‪ :‬ه اإلهلام طريق شرعي يف لثبات األحكام؟‬
‫اخلالف على قولني‪:‬‬
‫القول األول‪ :‬أته خيال‪ً ،‬ل جيوز العم به لًل عند فقد احلجج كلها يف ابب‬
‫ما أبيح عمله بغري علم‪ .‬وعليه ًل يعد طري اقا شرعيًّا يف لثبات األحكام‪ .‬وهذا قول‬
‫مجهور العلماء(‪.)4‬‬
‫‪ .‬وعليه فإته‬ ‫القول الثاين‪ :‬أته حجة‪ ،‬مبنزلة الوحي املسموع عن رسول هللا‬

‫(‪ )1‬ابن تيمية‪ ،‬رسالة له يف حقيقة احلكم الشرعي (ص‪.)41‬‬


‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬أبو زيد عبيد هللا الدبوسي‪« ،‬تقومي األدلة يف أصول الفقه»‪ ،‬ت‪ :‬خلي امليس‪( ،‬ن‪ :‬دار‬
‫الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪4111 ،1 :‬م)‪( ،‬ص‪ ، )124‬أبو املظفر منصور السمعاين‪« ،‬قواطع‬
‫األدلة يف األصول» ‪ ،‬ت‪ :‬حممد حسن الشافعي‪( ،‬الناشر‪ :‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪،1 :‬‬
‫‪1222‬م)‪ .)1417 :1( ،‬أبو يعلى‪ ،‬العدة (‪ .)1428 :2‬آل تيمية‪ ،‬املسودة (ص‪-277‬‬
‫‪ .)278‬عبد الوهاب بن علي السبكي‪ « ،‬مجع اجلوامع يف أصول الفقه»‪ ،‬ت‪ :‬عبد املنعم خلي ‪،‬‬
‫(ن‪ :‬دار الكتب العلمية‪4111 ،‬م)‪( ،‬ص‪ .)284‬عبد الرمحن بن شهاب الدين ابن رجب‪،‬‬
‫«جامع العلوم واحلكم يف شرح مخسني حديثاا من جوامع الكلم»‪ ،‬ت‪ :‬شعيب األرتؤوط ‪ -‬لبراهيم‬
‫ابجس‪( ،‬ن‪ :‬مؤسسة الرسالة – بريوت‪ ،‬ط‪1227 ،7 :‬م)‪ .)112 :4( ،‬املرداوي‪ ،‬التحبري (‪:4‬‬
‫‪ .)782‬الفتوحي‪ ،‬شرح الكوكب املنري (‪.)111-111 :1‬‬
‫اصطالح الفتوحي يف كتابه خمتصر التحرير ‪« :‬يف وج ٍه»‪ ،‬أو «يف قولٍ »‪ ،‬أو «على قولٍ» ‪ -‬دراسة أصوليَّة استقرائيَّة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪11‬‬
‫يعد طري اقا شرعيًّا يف لثبات األحكام‪ .‬وهو قول بعض الصوفية(‪.)1‬‬
‫قلت‪ :‬بعد ما أورد املرداوي يف شرحه أدلة القول الثاين‪ ،‬قال‪( :‬وًل حجة يف‬
‫شيء من ذلك؛ ألته ليس املراد اإليقاع يف القلب بال دلي ‪ ،‬ب اهلداية ل ى احلق‬
‫فهما يف كتابه")(‪ .)4‬وكذلك تقله‬
‫عبدا ا‬
‫‪" :‬لًل أن يؤيت هللا ا‬ ‫ابلدلي ‪ ،‬كما قال علي‬
‫الفتوحي يف شرحه(‪ ،)1‬وهذا النص هو عني ما قاله ويل الدين العراقي(‪ .)2‬وعليه‬
‫فالذي يظهر يل‪ :‬أن املرداوي والفتوحي مييالن ل ى ترجيح القول األول‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫املسألة السادسة‪ :‬الكالم يف األزل‪.‬‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫قال الفتوحي يف خمتصره (ص‪( :)188‬و" ِْ‬
‫اب"‪ :‬قَـ ْوٌل يَـ ْف َه ُم مْنهُ َم ْن َمس َعهُ‬
‫اخلطَ ُ‬ ‫َ‬
‫َشْيـئاا ُم يف ايدا ُمطْلَ اقا‪َ .‬ويُ َسمى بييه الْ َك َال ُم ييف األ ََزيل «ييف قَـ ْول»)‪.‬‬
‫املسألة‪ :‬ه يسمى الكالم يف األزل ا‬
‫خطااب؟‬
‫اخلالف على قولني‪:‬‬
‫خطااب(‪.)8‬‬
‫القول األول‪ :‬أته يسمى ا‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬املصادر السابقة‪.‬‬


‫(‪ )4‬املرداوي‪ ،‬التحبري (‪.)786/4‬‬
‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬الفتوحي‪ ،‬شرح الكوكب املنري (‪.)111/1‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬أمحد بن عبد الرحيم العراقي‪« ،‬الغيث اهلامع شرح مجع اجلوامع»‪ ،‬ت‪ :‬حممد اتمر‪( ،‬ن‪ :‬دار‬
‫الكتب العلمية‪ ،‬ط‪4112 ،1 :‬م)‪( ،‬ص‪.)686‬‬
‫(‪ )8‬وهو قول أيب احلسن األشعري‪ ،‬وأيب تصر ابن القشريي‪ .‬ينظر‪ :‬حممد ابن هبادر الزركشي‪« ،‬البحر‬
‫احمليط يف أصول الفقه»‪( ،‬ن‪ :‬دار الكتيب‪ ،‬ط‪1222 ،1 :‬م)‪.)168 :1( ،‬‬
‫‪11‬‬

‫خطااب(‪.)1‬‬
‫القول الثاين‪ :‬أن ًل يسمى ا‬
‫قلت‪ :‬هذا اخلالف يرد على من جع الكالم املعىن النفسي وهي طريقة‬
‫األشاعرة‪ ،‬وتص املرداوي على ذلك‪( :‬وهذا جار على رأي األشعرية يف الكالم)‪.‬‬
‫وجع شهاب الدين الكوراين اخلالف بينهم يف هذه املسألة لفظي‪ ،‬فقال‪( :‬اختلف‬
‫خطااب أم ًل؟‬
‫ا‬ ‫ه يسمى‬ ‫يف أن الكالم يف األزل‪ ،‬أي‪ :‬املعىن القدمي القائم بذاته‬
‫وهذا حبث لفظي‪ ،‬لذ هو مبين على تفسري اخلطاب‪ ،‬فمن فسر اخلطاب بتوجيه‬
‫خطااب‪ ،‬ومن فسره ابلكالم املوجه حنو املتهيئ‬
‫ا‬ ‫الكالم حنو الغري لإلفهام‪ ،‬يسميه‬
‫لإلفهام فال)(‪.)4‬‬
‫أما أه السنة فال يرد عليهم ذلك؛ ألن كالمه ‪ ‬أزيل من حيث اجلنس‪،‬‬
‫حادث من حيث اآلحاد‪ ،‬واخلطاب آحاد فال يستلزم ي‬
‫القدم‪ ،‬وعليه فال حمذور من‬
‫اإلطالقني عند أه السنة؛ ألن آحاد الكالم ليست قدمية(‪ .)1‬ولذلك قال ابن مفلح‬

‫(‪ )1‬وهو قول أيب بكر الباقالين‪ ،‬واآلمدي‪ ،‬وغريمها‪ .‬ينظر‪ :‬أبو بكر حممد بن الطيب الباقالين (ت‬
‫‪211‬هـ)‪« ،‬التقريب واإلرشاد (الصغري)»‪ ،‬ت‪ :‬عبد احلميد أبو زتيد‪( ،‬ن‪ :‬مؤسسة الرسالة‪،‬‬
‫بريوت‪ ،‬ط‪1228 ،4 :‬م) (‪ .)111-422 :4‬الزركشي‪ ،‬البحر احمليط (‪ .)168 :1‬اآلمدي‪،‬‬
‫اإلحكام (‪.)182-181 :1‬‬
‫(‪ )4‬أمحد بن لمساعي الكوراين (‪821‬هـ)‪« ،‬الدرر اللوامع يف شرح مجع اجلوامع»‪ ،‬ت‪ :‬سعيد اجمليدي‪،‬‬
‫(ن‪ :‬اجلامعة اإلسالمية‪ ،‬املدينة املنورة‪4118 ،‬م)‪ ) 111 :1( ،‬بتصرف يسري‪ .‬وذهب الزركشي‬
‫يف سالس الذهب (ص‪ )26‬ل ى أن اخلالف ليس لفظيًّا فقال‪( :‬وكنت أحسب أن اخلالف‬
‫وفرعا ‪ ،)...‬مث ذكر أصلها وفرعها‪.‬‬
‫أصال ا‬
‫لفظي لذلك‪ ،‬مث ظهر يل‪ :‬أن هلذه املسألة ا‬
‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬ابن عثيمني‪ ،‬شرح خمتصر التحرير (ص‪ .) 471 - 462‬أمحد احلازمي‪ ،‬شرح خمتصر‬
‫أيضا‪ :‬ابن تيمية‪ ،‬جمموع الفتاوى‬
‫التحرير‪ ،‬شرح صويت (مفرغ)‪( ،‬الشريط‪ :12 :‬ص‪ .)11‬وينظر ا‬
‫=‬
‫اصطالح الفتوحي يف كتابه خمتصر التحرير ‪« :‬يف وج ٍه»‪ ،‬أو «يف قولٍ »‪ ،‬أو «على قولٍ» ‪ -‬دراسة أصوليَّة استقرائيَّة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪11‬‬
‫بعدما أورد املسألة (ولقائ أن يقول‪ :‬لمنا يصح هذا [أي‪ :‬اخلالف يف الكالم ه‬
‫خطااب يف األزل؟] على قدم الكالم الذي هو القول) قال املرداوي‪( :‬وهذا‬
‫ا‬ ‫يسمى‬
‫الذي قاله يتوجه)‪ ،‬وعليه فال يرد ذلك على مذهب أه السنة كما تقدم‪ ،‬والذي‬
‫يظهر يل‪ :‬أن ابن مفلح واملرداوي والفتوحي أوردوا هذه املسألة تنزاًل على ما يذكر يف‬
‫كتب األصول(‪ ،)1‬ويشعر بذلك أهنم مل ينسبوا القولني ألحد من علماء احلنابلة‪.‬‬
‫املسألة السابعة‪ :‬ترك امتثال األمر الوارد على أشياء على جهة التخيري‪.‬‬
‫قال الفتوحي يف خمتصره (ص‪َ ...( :)162‬ك َما ًل َأيْ َمثُ لَ ْو تَـَرَك َها يس َوى بيَق ْد ير ‪-‬‬
‫س ‪ -‬يع َق ي‬
‫اب أ َْد َان َها «ييف قَـ ْول»)‪.‬‬ ‫ًل تَـ ْف ي‬
‫املسألة‪ :‬لذا أُمر بواحد من أشياء على جهة التخيري؛ كخصال الكفارة‪ ،‬فَََرت َك‬
‫لمجاعا‪ ،‬ولمنا أيمث على واحد منها فقط‪ ،‬لكن وقع اخلالف‬
‫ا‬ ‫الك ‪ً ،‬ل أيمث على الك‬
‫يف قدره على أقوال‪:‬‬
‫القول األول‪ :‬أيمث بقدر عقاب أدانها‪ً ،‬ل أته تفس عقاب أدانها‪ .‬وهو قول‬
‫القاضي أيب يعلى(‪.)4‬‬
‫القول الثاين‪ :‬يعاقب على تفس األدىن(‪.)1‬‬

‫=‬
‫(‪ )877 :14‬و(‪.)412 :18‬‬
‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬احلازمي‪ ،‬شرح خمتصر التحرير (الشريط‪ :12 :‬ص‪.)11‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬أبو يعلى‪ ،‬العدة (‪ .)116 :1‬آل تيمية‪ ،‬املسودة (ص‪.)48‬‬
‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬الزركشي‪ ،‬البحر احمليط (‪ .)488 :1‬الربماوي‪ ،‬الفوائد السنية (‪ .)482 :1‬املرداوي‪،‬‬
‫التحبري (‪ .)822 :4‬ومل ينسب املرداوي والفتوحي هذا القول ألحد‪ ،‬والذي تدل عليه عبارة‬
‫الزركشي والربماوي‪ :‬أته قول أكثر الشافعية على خالف بينهم‪ ،‬وعبارهتم‪( :‬يعاقب على األدىن)‪:‬‬
‫=‬
‫‪12‬‬

‫القول الثالث‪ :‬يثاب على واحد‪ ،‬وأيمث به‪ .‬وهو قول أيب اخلطاب(‪ ،)1‬وابن‬
‫عقي (‪ .)4‬ومثله هذا القول أو حنوه‪ :‬ما قي ‪ :‬أيمث على واحد ًل بعينه‪ ،‬كما هو‬
‫واجب عليه(‪.)1‬‬
‫قلت‪ :‬وقع اضطراب يف النسخ اخلطية لكتاب التحرير للمرداوي‪ ،‬فالنص يف‬
‫لمجاعا؛ بل‬
‫بعضها مشعر بتقدمي القول الثاين وتصها‪( :‬ولن ترك الك مل أيمث عليه ا‬
‫على أدانها‪ .‬وقال القاضي‪ ،‬وأبو الطيب‪ :‬بقدر عقاب أدانها‪ً ،‬ل أته تفسه ‪،)...‬‬
‫فقوله‪( :‬ب على أدانها)‪ :‬حيتم تفسه وحيتم قدره‪ ،‬لكن ملا أورد كالم القاضي‬
‫جبملة مستقلة أشعران أبته قول آخر يف املسألة‪ ،‬وهو الذي عليه أكثر النسخة اخلطية‬
‫للمنت‪ .‬ويف بعض النسخة اخلطية للمنت جاء النص فيها هكذا‪( :‬ولن ترك الك مل أيمث‬
‫لمجاعا؛ ب قال القاضي وغريه‪ :‬أيمث بقدر عقاب أدانها‪ً ،‬ل أته تفسه ‪،)...‬‬
‫عليه ا‬
‫=‬
‫فيحتم تفسه أو قدره‪.‬‬
‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬أبو اخلطاب حمفوظ الكلوذاين‪« ،‬التمهيد يف أصول الفقه» ‪ ،‬ت‪ :‬مفيد أبو عمشة وحممد بن‬
‫علي بن لبراهيم‪( ،‬ن‪ :‬مركز البحث العلمي ولحياء الرتاث اإلسالمي‪ -‬جامعة أم القرى‪ ،‬دار املدين‬
‫للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪1288 ،1 :‬م)‪ .)121-121 :1( ،‬ابن مفلح‪ ،‬أصول الفقه (‪:1‬‬
‫‪ .)414‬املرداوي‪ ،‬التحبري (‪.)822 :4‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬علي بن حممد بن عقي ‪« ،‬الواضح يف أصول الفقه»‪ ،‬ت‪ :‬د‪ .‬عبد هللا الرتكي‪( ،‬الناشر‪:‬‬
‫مؤسسة الرسالة‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪1222 ،1 :‬م)‪ .)84 ،72 :1( ،‬ابن مفلح‪ ،‬أصول الفقه (‪:1‬‬
‫‪ .)414‬املرداوي‪ ،‬التحبري (‪.)822 :4‬‬
‫(‪ )1‬ذكر هذا القول املرداوي يف املرداوي التحبري (‪ ،) 822 :4‬مث أرجعه ل ى عني القول الثالث‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫(قال أبو اخلطاب‪ ،‬وابن عقي ‪ :‬يثاب على واحد وأيمث به‪ .‬وقي ‪ :‬أيمث على واحد ًل بعينه كما هو‬
‫واجب عليه‪ ،‬ولعله قول أيب اخلطاب‪ ،‬وابن عقي )‪.‬‬
‫اصطالح الفتوحي يف كتابه خمتصر التحرير ‪« :‬يف وج ٍه»‪ ،‬أو «يف قولٍ »‪ ،‬أو «على قولٍ» ‪ -‬دراسة أصوليَّة استقرائيَّة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪13‬‬
‫وهذا يدل على ترجيح القول األول(‪ .)1‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫املسألة الثامنة‪ :‬حكم من أنكر حكمًا قطعيًّا‪.‬‬
‫قال الفتوحي يف خمتصره (ص‪( :)411‬و«ييف قَـ ْول»‪ :‬يَ ْك ُف ُر ُمْن يك ُر ُح ْكم‬
‫قَطْعيي)‪ .‬وقال يف شرحه‪"( :‬ويف قول" ابن حامد ومجع" يكفر منكر حكم "لمجاع"‬
‫قطعي")(‪.)4‬‬
‫املسألة‪ :‬جاحد حكم لمجاع قطعي‪ ،‬ه يكفر أم ًل؟‬
‫اختالف العلماء يف هذه املسألة على ثالثة أقوال‪:‬‬
‫القول األول‪ :‬أته يكفر‪ .‬وهو قول ابن حامد‪ ،‬ومجع من أصحابنا‪،‬‬
‫وغريهم(‪ ،)1‬وحكي عن أكثر العلماء(‪.)2‬‬
‫القول الثاين‪ :‬أته ًل يكفر لكن يفسق‪ .‬وهو قول القاضي أيب يعلى(‪ ،)8‬وأيب‬
‫اخلطاب(‪ ،)6‬ومجع من احلنابلة وغريهم(‪.)7‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬املرداوي‪ ،‬التحرير (ص‪ .)182‬املرداوي‪ ،‬التحبري (‪ :822 :4‬حاشية‪.)1 ،1 :‬‬
‫(‪ )4‬الفتوحي‪ ،‬شرح الكوكب املنري (‪.)464/4‬‬
‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬آل تيمية‪ ،‬املسودة (ص‪ .)122‬ابن مفلح‪ ،‬أصول الفقه (‪.)281 :4‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬ابن مفلح‪ ،‬أصول الفقه (‪ .)282 :4‬املرداوي‪ ،‬التحبري (‪.)1681-1672 :2‬‬
‫(‪ )8‬ينظر‪ :‬أبو يعلى‪ ،‬العدة (‪.)1111 :2‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬الكلوذاين‪ ،‬التمهيد (‪.)424 :1‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬آل تيمية‪ ،‬املسودة (ص‪ .)122‬املرداوي‪ ،‬التحبري (‪ .)1672 :2‬الطويف‪ ،‬شرح خمتصر‬
‫الروضة (‪.)117-116 :1‬‬
‫‪10‬‬

‫القول الثالث‪ :‬أته يكفر بنحو العبادات اخلمس‪ .‬وهو قول الطويف(‪،)1‬‬
‫والكناين(‪ ،)4‬وهو معىن كالم احلنابلة يف كتبهم الفقهية(‪.)1‬‬
‫قلت‪ :‬قال ابن مفلح‪( :‬وحكي األول عن أكثر العلماء‪ ،‬وًل أظن ا‬
‫أحدا ًل‬
‫يكفر من جحد هذا)(‪ .)2‬وهلذا رجح املرداوي القول بتكفري منكر احلكم القطعي‬
‫املشهور دون اخلفي‪ ،‬بقوله‪( :‬وهلذا وغريه قلنا‪ :‬واحلق أن منكر اجملمع عليه الضروري‪،‬‬
‫قطعا‪ ،‬وكذا املشهور فقط‪ً ،‬ل اخلفي يف األصح‬
‫واملشهور املنصوص عليه‪ :‬كافر ا‬
‫فيهما)(‪ .)8‬وقد اتبعه الفتوحي على هذا القول يف شرحه(‪ .)6‬وبناء عليه‪ ،‬فالذي‬
‫يظهر يل‪ :‬أن الفتوحي أورد اخلالف هنا لقوته ًل لعدم الرتجيح‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬الطويف‪ ،‬شرح خمتصر الروضة (‪ .) 117 :1‬وقصر كالمه على العامل‪ ،‬الذي يفرق بني أتواع‬
‫اإلمجاع‪ ،‬ويتصرف يف األدلة‪ .‬أما العامي فرجح‪ :‬أته يكفر مطل اقا‪.‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬أمحد بن لبراهيم بن تصر الكناين‪« ،‬بلغة الوصول ل ى علم األصول»‪ ،‬ت‪ :‬حممد الفوزان (ن‪:‬‬
‫دار البشائر اإلسالمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪4112 ،1 :‬م)‪( ،‬ص ‪.)112‬‬
‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬موفق الدين عبد هللا ابن قدامة‪« ،‬املغين»‪ ،‬ت‪ :‬عبد اَّلل الرتكي‪ ،‬عبد الفتاح احللو‪( ،‬ن‪ :‬دار‬
‫عامل الكتب‪ ،‬الرايض‪ ،‬ط‪1227 ،1 :‬م)‪ .)478 :14( ،‬ابن مفلح‪ ،‬أصول الفقه (‪.)282 :4‬‬
‫علي بن سليمان املرداوي‪« ،‬اإلتصاف يف معرفة الراجح من اخلالف»‪ ،‬ت‪ :‬عبد هللا الرتكي – عبد‬
‫الفتاح احللو‪( ،‬ن‪ :‬هجر للطباعة والنشر‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪1228 ،1 :‬م)‪ .)112 :47( ،‬حممد بن‬
‫أمحد الفتوحى (‪274‬هـ)‪« ،‬معوتة أويل النهى شرح املنتهى» ‪ ،‬ت‪ :‬عبد امللك الدهيش‪ ،‬توزيع‪:‬‬
‫مكتبة األسدي‪ ،‬مكة املكرمة‪( ،‬ط‪4118 ،8 :‬م)‪.)122 :1( ،‬‬
‫(‪ )2‬ابن مفلح‪ ،‬أصول الفقه (‪.)282 :4‬‬
‫(‪ )8‬املرداوي‪ ،‬التحبري (‪.)1681 :2‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬الفتوحي‪ ،‬شرح الكوكب املنري (‪.)461/4‬‬
‫اصطالح الفتوحي يف كتابه خمتصر التحرير ‪« :‬يف وج ٍه»‪ ،‬أو «يف قولٍ »‪ ،‬أو «على قولٍ» ‪ -‬دراسة أصوليَّة استقرائيَّة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪11‬‬
‫املسألة التاسعة‪ :‬هل خرب اآلحاد يفيّ العلم أم ال؟‬
‫يد‪ :‬يعْل اما تَظَ يرًّاي‪.‬‬‫(ويُيف ُ‬ ‫قال الفتوحي يف خمتصره عن خرب اآلحاد (ص‪َ :)411‬‬
‫اد ْاألَئيم ية الْ ُمتـ َف يق َعلَْي يه ْم‪ ،‬يم ْن‬ ‫يد الظن فَـ َق ْط َولَ ْو َم َع قَ يرينَة؛ لًل ل َذا تَـ َقلَهُ‪َ :‬‬
‫آح ُ‬ ‫َو َغ ْريُهُ‪ :‬يُيف ُ‬
‫ول‪ ،‬فَالْعيْل َم «ييف قَـ ْول»)‪.‬‬ ‫طُرق متَسا يوية‪ ،‬وتُـلُيقي يابلْ َقب ي‬
‫ُ ُ َ َ َ َ ُ‬
‫املسألة‪ :‬ه خرب اآلحاد يفيد العلم لذا تقله آحاد األئمة املتفق عليهم من‬
‫طرق متساوية وتلقي ابلقبول أم ًل يفيده؟‬
‫اخلالف على قولني‪:‬‬
‫القول األول‪ :‬أته يفيد العلم‪ .‬وهو قول القاضي(‪ ،)1‬وأيب اخلطاب(‪ ،)4‬وابن‬
‫الزاغوين(‪ ،)1‬وابن تيمية(‪ ،)2‬وغريهم(‪ ،)8‬وتسب ل ى أكثر األصوليني(‪.)6‬‬
‫القول الثاين‪ :‬أته ًل يفيد العلم‪ .‬وهو قول ابن عقي (‪.................... )7‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬أبو يعلى‪ ،‬العدة (‪ .)211-211 :1‬القاضي أبو يعلى حممد الفراء (ت‪288‬هـ)‪« ،‬لبطال‬
‫التأويالت ألخبار الصفات»‪ ،‬ت‪ :‬حممد احلمود النجدي‪( ،‬ن‪ :‬دار ليالف الدولية – الكويت‪،‬‬
‫ط‪1228 ،1 :‬م)‪( ،‬ص‪.)118 ،128‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬الكلوذاين‪ ،‬التمهيد (‪.)81 :1‬‬
‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬علي بن عبد هللا الزاغوين‪« ،‬اإليضاح يف أصول الدين»‪ ،‬ت‪ :‬عصام السيد حممود‪( ،‬ن‪:‬‬
‫مركز امللك فيص ‪ ،‬ط‪4111 ،1 :‬م)‪( ،‬ص‪.)177‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬ابن تيمية‪ ،‬جمموع الفتاوى (‪ )184-181 :11‬و(‪ .)487 :41‬آل تيمية‪ ،‬املسودة‬
‫(ص‪.)428‬‬
‫(‪ )8‬ينظر‪ :‬أبو يعلى‪ ،‬العدة (‪.)211-211 :1‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬ابن تيمية‪ ،‬جمموع الفتاوى (‪.)184-181 :11‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬ابن عقي ‪ ،‬الواضح (‪ )462-461 :1‬و(‪ .)184 :2‬ابن تيمية‪ ،‬جمموع الفتاوى (‪:11‬‬
‫=‬
‫‪11‬‬

‫وابن اجلوزي(‪ ،)1‬وغريمها(‪.)4‬‬


‫قلت‪ :‬الذي يظهر يل‪ :‬أن القول األول هو املذهب بدلي تصريح أيب يعلى‬
‫عن القول األول‪( :‬ذهب ل ى ظاهر هذا الكالم مجاعة من أصحابنا ‪ ...‬وهذا عندي‪:‬‬
‫‪ ،‬وأته يوجب العلم من طريق‬ ‫حممول على وجه صحيح من كالم أمحد‬
‫اًلستدًلل)(‪ ،)1‬وحكى ابن مفلح عن أيب يعلى أته يرى أن القول األول هو‬
‫املذهب(‪ .)2‬وقول أيب اخلطاب‪( :‬ظاهر كالم أصحابنا‪ :‬أته يقع به العلم)(‪ ،)8‬وقال‬
‫ابن مفلح تعلي اقا على كالم أيب اخلطاب‪( :‬ومل يذكر لنا خالفاا)(‪ .)6‬وقال ابن تيمية يف‬
‫املسودة‪( :‬مذهب أصحابنا‪ :‬أن أخبار اآلحاد املتلقاة ابلقبول تصلح إلثبات أصول‬
‫الدايانت‪ .‬قال القاضي يف مقدمة اجملرد‪ :‬وخرب الواحد يوجب العلم لذا صح‪ ،‬ومل‬
‫ختتلف الرواية فيه‪ ،‬وتلقته األمة ابلقبول‪ .‬وأصحابنا يطلقون القول به‪ ،‬وأته يوجب‬
‫العلم‪ ،‬ولن مل تتلقه ابلقبول‪ .‬واملذهب على ما حكيت ال غري)(‪ .)7‬وتسب ابن‬
‫=‬
‫‪.)181‬‬
‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬ابن تيمية‪ ،‬جمموع الفتاوى (‪.)181 :11‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬املصدر السابق‪ .‬واملرداوي‪ ،‬التحبري (‪.)1818 :2‬‬
‫(‪ )1‬أبو يعلى‪ ،‬العدة (‪.)211 :4‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬ابن مفلح‪ ،‬أصول الفقه (‪ .)282 :4‬ما قاله ابن مفلح هو مفهوم كالم أيب يعلى يف كتبه‬
‫املطبوعة لكن مل أقف على تصريح له بذلك فيها‪ ،‬ولعله تص على ذلك يف كتابه اجملرد وهو‬
‫مفقود‪.‬‬
‫(‪ )8‬الكلوذاين‪ ،‬التمهيد (‪.)81 :1‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬املصدر السابق (‪.)221 :4‬‬
‫(‪ )7‬آل تيمية‪ ،‬املسودة (ص‪.)428‬‬
‫اصطالح الفتوحي يف كتابه خمتصر التحرير ‪« :‬يف وج ٍه»‪ ،‬أو «يف قولٍ »‪ ،‬أو «على قولٍ» ‪ -‬دراسة أصوليَّة استقرائيَّة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪11‬‬
‫أيضا هذا القول ل ى عامة األصوليني من أصحاب أيب حنيفة‪ ،‬والشافعي‪،‬‬ ‫تيمية ا‬
‫َص َحابنَا وغريهم(‪ ،)4‬واقتصر البعلي يف‬ ‫(‪)1‬‬
‫وأمحد ‪ ،‬وعزاه املرداوي ل ى احملققني من أ ْ‬
‫شرحه على ليراد القول األول فقط(‪ .)1‬وبناء على ما تقدم‪ ،‬فلع ليراد الفتوحي‬
‫اخلالف هنا لقوته ًل لعدم الرتجيح‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫املسألة العاشرة‪ :‬اشرتاط االلتدقاء يف السنّ املعنعن‪.‬‬
‫قال الفتوحي يف خمتصره يف شرط قبول اخلرب املعنعن (ص‪( :)441‬ويك ي‬
‫ْفي‬ ‫ََ‬
‫ْلم َكا ُن لُيقي «ييف قَـ ْول»)‪.‬‬
‫املسألة‪ :‬ه يكفي لقبول اإلسناد املعنعن ‪ -‬من ثقة ‪ -‬لمكان ي‬
‫اللقي أم ًل بد‬
‫من العلم ابلتقائهما؟‬
‫اختلف العلماء فيها على أقوال أشهرها قوًلن‪:‬‬
‫القول األول‪ :‬يكفي لمكان اللقي‪ .‬وهو قول مسلم(‪.)2‬‬
‫القول الثاين‪ :‬العلم ابللقي‪ .‬وهو قول علي ابن املديين والبخاري(‪ ،)8‬ورجحه‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬ابن تيمية‪ ،‬جمموع الفتاوى (‪ )181 :11‬و(‪.)487 :41‬‬


‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬املرداوي‪ ،‬التحبري (‪.)1812- 1811 :2‬‬
‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬البعلي‪ ،‬الذخر احلرير (ص‪.)188‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬صحيح مسلم (‪ .)42 :1‬النووي‪ ،‬حيىي بن شرف (ت‪676‬هـ)‪ « ،‬املنهاج شرح صحيح‬
‫مسلم بن احلجاج»‪( ،‬ن‪ :‬دار لحياء الرتاث العريب – بريوت‪ ،‬ط‪1124 ،4 :‬هـ)‪-147 :1( ،‬‬
‫‪.)148‬‬
‫(‪ )8‬ينظر‪ :‬النووي‪ ،‬شرح مسلم (‪ .)148 :1‬السيوطي‪ ،‬تدريب الراوي (‪.)426 :1‬‬
‫‪11‬‬

‫ابن رجب(‪ ،)1‬واملرداوي(‪ ،)4‬وغريهم‪.‬‬


‫قلت‪ :‬قال ابن رجب ‪ -‬عن القول الثاين ‪( :-‬وما قاله ابن املديين والبخاري‬
‫هو مقتضى كالم أمحد وأيب زرعة وأيب حامت وغريهم من أعيان احلفاظ)(‪ .)1‬واستظهر‬
‫العلم‬ ‫ي‬
‫هذا القول املرداوي يف «التحرير» وتصه‪( :‬وشرط ابن املَديين‪ ،‬والبخاري‪ ،‬ومجع َ‬
‫ابللقي‪ ،‬وهو أظهر)(‪ ،)2‬ومل ينق الفتوحي يف شرحه ترجيح املرداوي هلذا القول‪،‬‬
‫وليس ذلك من عادته‪ ،‬فلعله سهو منه أو هناك سقط من النسخة اليت بني يديه أو‬
‫ظنها من قول ابن رجب يف شرحه لعل الرتمذي‪.‬‬
‫وأما القول األول فقد قال عنه ابن مفلح‪( :‬وهو معىن ما ذكره أصحابنا فيما‬
‫يرد به اخلرب وما ًل يرد)(‪ ،)8‬وتسبه ابن رجب ل ى كثري من العلماء املتأخرين(‪.)6‬‬
‫وعليه فالذي يظهر يل‪ :‬أن القول الثاين هو املقدم يف املذهب‪ ،‬وليراد اخلالف‬
‫لقوته ًل لعدم الرتجيح‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫املسألة احلادية عشر‪ :‬هل العموم من عوارض املعاني؟‬
‫وم مبعىن الش يرَكةي ييف الْ َم ْف ُه يوم‪ :‬يم ْن‬
‫الع ُم ُ‬
‫قال الفتوحي يف خمتصره (ص‪( :)412‬و ُ‬
‫اظ َح يقي َقةا‪َ .‬وَك َذا امل َع ياين‪« :‬ييف قَـ ْول»)‪.‬‬
‫ض األَل َف ي‬
‫َع َوا ير ي‬
‫َ‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬ابن رجب‪ ،‬شرح عل الرتمذي (‪.)826 :4‬‬


‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬املرداوي‪ ،‬التحرير (ص‪.)176‬‬
‫(‪ )1‬ابن رجب‪ ،‬شرح عل الرتمذي (‪.)821 :4‬‬
‫(‪ )2‬املرداوي‪ ،‬التحرير (ص‪ .)176‬وينظر‪ :‬املرداوي‪ ،‬التحبري (‪.)1272 :2‬‬
‫(‪ )8‬ابن مفلح‪ ،‬أصول الفقه (‪.)872 :4‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬ابن رجب‪ ،‬شرح عل الرتمذي (‪.)888 :4‬‬
‫اصطالح الفتوحي يف كتابه خمتصر التحرير ‪« :‬يف وج ٍه»‪ ،‬أو «يف قولٍ »‪ ،‬أو «على قولٍ» ‪ -‬دراسة أصوليَّة استقرائيَّة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪11‬‬
‫املسألة‪ :‬ه العموم من عوارض املعاين؟ ولذا كان من عوارضها فه على‬
‫جهة احلقيقة أم اجملاز؟‬
‫اخلالف فيها على أقوال‪ ،‬منها‪:‬‬
‫القول األول‪ :‬أته من عوارض املعاين حقيقة‪ .‬وهو قول القاضي أيب يعلى(‪،)1‬‬
‫وابن تيمية(‪ ،)4‬وغريهم(‪.)1‬‬
‫القول الثاين‪ :‬أته من عوارض املعاين ا‬
‫جمازا ًل حقيقة‪ .‬وهو قول املوفق ابن‬
‫قدامة(‪ ،)2‬وأيب حممد اجلوزي(‪ ،)8‬وتُسب ل ى أكثر العلماء(‪.)6‬‬
‫القول الثالث‪ :‬أن العموم ًل يكون يف املعاين ًل حقيقة وًل ا‬
‫جمازا‪ .‬وحكي عن‬
‫أيب اخلطاب(‪.)7‬‬
‫قلت‪ :‬قد أطلق ابن مفلح واملرداوي والفتوحي اخلالف دون ترجيح ألحد‬
‫األقوال‪ .‬أما شيخ اإلسالم ابن تيمية فقد حكى اخلالف بني األصحاب على ثالثة‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬أبو يعلى‪ ،‬العدة (‪ .)811 :4‬آل تيمية‪ ،‬املسودة (ص‪.)27‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬آل تيمية‪ ،‬املسودة (ص‪.)27‬‬
‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬املرداوي‪ ،‬التحبري (‪.)4141 :8‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬ابن قدامة‪ ،‬روضة الناظر (‪.)8 :4‬‬
‫(‪ )8‬ينظر‪ :‬يوسف ابن اجلوزي‪« ،‬اإليضاح لقواتني اًلصطالح يف اجلدل واملناظرة»‪ ،‬ت‪ :‬حممود الدغيم‪،‬‬
‫(مكتبة مدبويل‪( ،)1228 ،‬ص‪.)118‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬ابن مفلح‪ ،‬أصول الفقه (‪ .)722 :4‬الربماوي‪ ،‬الفوائد السنية (‪ .)117 :1‬املرداوي‪،‬‬
‫التحبري (‪.)4142 :8‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬آل تيمية‪ ،‬املسودة (ص‪ .)27‬ابن مفلح‪ ،‬أصول الفقه (‪.)781 :4‬‬
‫‪11‬‬

‫أوجه مث صحح القول األول(‪ ،)1‬وهو الذي قدمه املرداوي يف التحرير(‪ ،)4‬وًل أدري‬
‫أقصد ترجيحه أم ًل‪.‬‬
‫املسألة الثانية عشر‪ :‬اجلواب غري املستدقل‪.‬‬
‫اب‪ً :‬ل الْ ُم ْستَ يق ُّ‪َ :‬اتبي ٌع لي ُس َؤال يف‬ ‫قال الفتوحي يف خمتصره (ص‪َ ( :)421‬و ْ‬
‫اجلََو ُ‬
‫وص يه)‪.‬‬
‫ومهي‪ .‬و«ييف قَـول»‪ :‬وخص ي‬
‫ُ ُ‬ ‫ْ‬
‫عم ي‬
‫ُُ‬
‫املسألة‪ :‬ه اجلواب غري املستق يتبع السؤال يف خصوصه أم ًل؟‬
‫اخلالف على قولني‪:‬‬
‫القول األول‪ :‬أن اجلواب غري املستق يتبع السؤال يف خصوصه‪ .‬وهو قول‬
‫القاضي أيب يعلى(‪ ،)1‬وأيب اخلطاب(‪ ،)2‬وغريمها(‪.)8‬‬
‫القول الثاين‪ :‬أن اجلواب غري املستق ًل يتبع السؤال يف خصوصه‪ .‬وهو ظاهر‬
‫كالم الشافعي وأمحد‪ ،‬وحكاه اجملد وابن مفلح واملرداوي عن األصحاب(‪.)6‬‬
‫قلت‪ :‬الذي يظهر أن القول الثاين هو املقدم يف املذهب‪ ،‬وهو القول ابلتعميم‪،‬‬
‫؛‬ ‫يدل لذلك قول اجملد ابن تيمية عن هذا القول‪( :‬قلت‪ :‬وهذا ظاهر كالم أمحد‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬آل تيمية‪ ،‬املسودة (ص‪.)27‬‬


‫(‪( )4‬ص‪.)418‬‬
‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬أبو يعلى‪ ،‬العدة (‪.)826 :4‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬الكلوذاين‪ ،‬التمهيد (‪.)168 :4‬‬
‫(‪ )8‬ينظر‪ :‬املرداوي‪ ،‬التحبري (‪.)4187- 4188 :8‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬آل تيمية‪ ،‬املسودة (ص‪ .)112‬ابن مفلح‪ ،‬أصول الفقه (‪ .)811-811 :4‬املرداوي‪،‬‬
‫التحرير (ص‪.)411‬‬
‫اصطالح الفتوحي يف كتابه خمتصر التحرير ‪« :‬يف وج ٍه»‪ ،‬أو «يف قولٍ »‪ ،‬أو «على قولٍ» ‪ -‬دراسة أصوليَّة استقرائيَّة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪11‬‬
‫ألته احتج يف مواضع كثرية مبث ذلك‪ ،‬وكذلك أصحابنا)(‪ ،)1‬وقال ابن مفلح‪( :‬الذي‬
‫عند أصحابنا‪ :‬التعميم‪ ،‬قالوا‪ :‬لو اختص به ًل احتيج ل ى ختصيصه)(‪ ،)4‬وقال‬
‫املرداوي‪( :‬اجلواب غري املستق اتبع للسؤال يف عمومه اتفاقاا‪ ،‬وكذا يف خصوصه عند‬
‫أيب اخلطاب‪ ،‬وأيب املعايل‪ ،‬واآلمدي‪ ،‬وغريهم‪ .‬وقال األصحاب ابلتعميم‪ ،‬وهو ظاهر‬
‫كالم أمحد والشافعي)(‪ ،)1‬وكالم ابن مفلح واملرداوي السابقني مل يشر لليهما‬
‫كالما حنوه يف موضع بعده بيسري وتصه‪:‬‬
‫املصنف يف شرحه لًل أته تق عن ابن مفلح ا‬
‫(قال أصحابنا يف ذلك‪ :‬حكمه يف واحد حكمه يف مثله ليًل أن يرد ختصيصه‪ ،‬وهلذا‬
‫حكمه يف شهداء أحد حكم يف سائر الشهداء)(‪ ،)2‬وعليه فالذي يظهر يل‪ :‬أن‬
‫الفتوحي أورد اخلالف هنا لقوته ًل لعدم الرتجيح‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫املسألة الثالثة عشر‪ :‬ختصيص العموم بالدقياس‪.‬‬
‫صلِ َ َّ‬
‫ني‬ ‫‪« :‬ال يُ َ‬ ‫ال‬ ‫قال الفتوحي يف خمتصره (ص‪( :)487‬وفي ْع الْ َف يري َق ْ ي‬
‫ني لي ْذ قَ َ‬ ‫َ ُ‬
‫الْ ُع ُم يوم يابلْ يقيَ ي‬
‫اس‬ ‫ص ي‬
‫يص‬ ‫صر َّإال ِيف ب ِِن قُ ريظَةَ»(‪)8‬؛ يـريجع َل ى َختْ ي‬
‫َْ ُ‬ ‫َ َْ‬
‫أ ِ‬
‫َح ٌد مْن ُك ُم ال َْع ْ َ‬
‫َ‬
‫صيب‪ :‬الْمصليي ييف الْوْق ي‬
‫ت «ييف قَـ ْول»)‪.‬‬ ‫ي‬ ‫يي‬
‫َ‬ ‫َو َع َدمه‪َ .‬والْ ُم ُ ُ َ‬
‫‪ -‬ملا رجع من‬ ‫املسألة‪ :‬ما جاء عن ابن عمر ‪ ‬قال‪ :‬قال النيب لنا‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬آل تيمية‪ ،‬املسودة (ص‪.)112‬‬


‫(‪ )4‬ابن مفلح‪ ،‬أصول الفقه (‪.)811 :4‬‬
‫(‪ )1‬املرداوي‪ ،‬التحرير (ص‪.)411‬‬
‫(‪ )2‬ابن مفلح‪ ،‬أصول الفقه (‪ .)814 :4‬الفتوحي‪ ،‬شرح الكوكب املنري (‪.)172 :1‬‬
‫(‪ )8‬أخرجه‪ :‬البخاري يف صحيحه (‪ :18 :4‬ح‪ )226‬واللفظ له‪ .‬ومسلم يف صحيحه (‪:1121 :1‬‬
‫ح‪.)1771‬‬
‫‪12‬‬

‫يصلني أحد العصر إال يف بِن قريظة»‪ ،‬فأدرك بعضهم العصر يف‬
‫َّ‬ ‫األحزاب ‪« :-‬ال‬
‫الطريق‪ ،‬فقال بعضهم‪ً :‬ل تصلي حَت أنتيها‪ ،‬وقال بعضهم‪ :‬ب تصلي‪ ،‬مل يُرد منا‬
‫احدا منهم(‪.)1‬‬
‫ذلك‪ ،‬ف ُذكر للنيب ‪ ،‬فلم يعنف و ا‬
‫فاخلالف وقع بني الصحابة ‪ ‬يف فهم هذا النص‪ ،‬وك طائفة فعلت ما أدى‬
‫لليه اجتهادها‪ ،‬وفي ْع الفريقني يرجع ل ى ختصيص العموم ابلقياس وعدمه(‪ ،)4‬وقد‬
‫اختلف أه العلم بعدهم يف أيهما أصوب على قولني‪:‬‬
‫القول األول‪ :‬أن األصوب من صلى يف الطريق يف الوقت‪ .‬وهو ما ذهب لليه‬
‫ابن تيمية(‪ ،)1‬وابن رجب(‪.)2‬‬
‫والقول الثاين‪ :‬أن األصوب من صلى يف بين قريظة بعد الوقت(‪.)8‬‬
‫قلت‪ :‬قال شيخ اإلسالم ابن تيمية عن هذه املسألة‪( :‬وهي مسألة اختلف‬

‫(‪ )1‬تقدم خترجه‪.‬‬


‫يصلني أحد العصر إال يف بِن قريظة»‪ ،‬فجعلوا‬
‫َّ‬ ‫(‪ )4‬فقد متسك قوم بعموم اخلطاب يف قوله ‪« :‬ال‬
‫صورة الفوات داخلة يف العموم‪ .‬وذهب آخرون ل ى ختصيصه ابلقياس ففسروه أبن املراد‪ :‬التأكيد‬
‫يف سرعة املسري لليه‪ً ،‬ل يف أتخري الصالة عن وقتها‪ .‬ينظر‪ :‬ابن تيمية‪ ،‬رفع املالم عن األئمة‬
‫األعالم (ص‪ .)12‬املرداوي‪ ،‬التحبري (‪ .) 4621 :6‬الفتوحي‪ ،‬شرح الكوكب املنري (‪.)181 :1‬‬
‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬املصادر السابقة‪.‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬ابن رجب‪ ،‬فتح الباري (‪.)211 :8‬‬
‫(‪ )8‬مل أقف على قائ به من احلنابلة‪ ،‬لكن هذا القول هو ما ذهب لليه ابن حزم‪ .‬ينظر‪ :‬ابن‬
‫حزم‪ ،‬اإلحكام (‪ ،) 48 :1‬قال فيه‪( :‬ولو أتنا حاضرون يوم بين قريظة ملا صلينا العصر لًل فيها‪،‬‬
‫ولو بعد تصف اللي )‪.‬‬
‫اصطالح الفتوحي يف كتابه خمتصر التحرير ‪« :‬يف وج ٍه»‪ ،‬أو «يف قولٍ »‪ ،‬أو «على قولٍ» ‪ -‬دراسة أصوليَّة استقرائيَّة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪13‬‬
‫مشهورا‪ :‬ه خيص العموم ابلقياس؟ ومع هذا فالذين صلوا يف‬
‫ا‬ ‫فيها الفقهاء اختالفاا‬
‫فعال)(‪ .)1‬وذكر ابن رجب القولني مث قال عن القول األول‪:‬‬
‫الطريق كاتوا أصوب ا‬
‫(وهذا هو األظهر)(‪ .)4‬وقد ذكر القاضي أبو يعلى يف مسألة ختصيص العموم‬
‫ابلقياس وجهني لألصحاب‪ ،‬وأن اإلمام أمحد أومأ ل ى الوجهني(‪ .)1‬وقد تص ابن‬
‫مفلح واملرداوي والفتوحي ‪ -‬وغريهم ‪ -‬على أن أكثر األصحاب على ختصيص‬
‫العموم ابلقياس سواء كان القياس قطعيًّا أم ظنيًّا(‪ .)2‬وعليه فالذي يظهر أن املذهب‬
‫هو القول األول‪ ،‬وأن حكاية اخلالف هنا لقوته ًل لعدم الرتجيح‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫املسألة الرابعة عشر‪ :‬حمل محل املطلق على املدقيّ‪.‬‬
‫قال الفتوحي يف خمتصره (ص‪( :)461‬فَيإ ين استَـْلزمه‪ُ :‬ي‬
‫مح َ الْ ُم َسمى ييف لثْـبَات‬ ‫ْ ََ ُ‬
‫يح(‪ً ،)8‬ل َعلَى ليطْ َالقي يه «ييف قَـ ْول»)(‪.)6‬‬
‫َعلَى الْ َك يام ي الص يح ي‬
‫املسألة‪ :‬لن حم مح املطلق على املقيد لذا مل يستلزم أتخري البيان عن وقت‬

‫(‪ )1‬ابن تيمية‪ ،‬رفع املالم (ص‪.)12‬‬


‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬ابن رجب‪ ،‬فتح الباري (‪.)211 :8‬‬
‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬أبو يعلى‪ ،‬العدة (‪ .)861 ،882 :4‬آل تيمية‪ ،‬املسودة (ص‪.)141‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬ابن مفلح‪ ،‬أصول الفقه (‪ .)281 :1‬املرداوي‪ ،‬التحبري (‪ .)4682-4682 :6‬الفتوحي‪،‬‬
‫شرح الكوكب املنري (‪.)178-177 :1‬‬
‫(‪ )8‬أي‪ :‬الكام من املسميات السامل من العيوب؛ كإطالق الرقبة واإلطعام يف الكفارة فإته‬
‫يقتضي الصحة‪ً ،‬ل على ما يقع عليه مطلق اًلسم ولو كان معيباا‪ .‬ينظر‪ :‬املغين (‪.)84/11‬‬
‫املسودة (ص‪ .)22‬التحبري (‪ .)4721-4724/6‬ينظر‪ :‬املغين (‪ .)84 :11‬املسودة‬
‫(ص‪ .)22‬التحبري (‪.)4721-4724 :6‬‬
‫(‪ )6‬خمتصر التحرير (ص‪.)461‬‬
‫‪10‬‬

‫احلاجة‪ ،‬فإن استلزم احلم أتخري بيان عن وقت احلاجة‪ ،‬فه ُحيم اللفظ املطلق يف‬
‫لثبات على الكام الصحيح أم على لطالقه؟‬
‫اخلالف على قولني‪:‬‬
‫القول األول‪ :‬أته حيم املسمى يف لثبات ‪ً -‬ل تفي ‪ -‬على الكام‬
‫الصحيح‪ً ،‬ل على لطالقه‪ .‬وهو قول بعض حمققي أصحابنا(‪.)1‬‬
‫والقول الثاين‪ :‬أن اللفظ املطلق حيم على لطالقه‪ .‬وهو قول بعض احملققني‬
‫من أصحابنا وغريهم(‪.)4‬‬
‫قلت‪ :‬قدم املرداوي يف كتابه التحرير القول الثاين(‪ ،)1‬وقد صرح البعلي بذلك‬
‫يف قوله‪( :‬وقدمه صاحب األص )(‪ ،)2‬يعين‪ :‬املرداوي‪ .‬بينما اقتصر ابن مفلح يف‬
‫أصوله(‪ )8‬على القول األول فقط‪ .‬وقد كتب الفتوحي يف تسختيه اخلطيتني ملنت‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬آل تيمية‪ ،‬املسودة (ص‪ .)22‬ابن تيمية‪ ،‬جمموع الفتاوى (‪ .)126-128 :41‬ابن مفلح‪،‬‬
‫أصول الفقه (‪ .)226 :1‬ابن اللحام‪ ،‬القواعد والفوائد األصولية (‪ .)1121 :4‬املرداوي‪ ،‬التحبري‬
‫(‪ .)4724 :6‬الفتوحي‪ ،‬شرح الكوكب املنري (‪[ .)212 :1‬من القائلني به‪ :‬اجملد ابن تيمية‪ .‬كما‬
‫يف املسودة]‪.‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬ابن اللحام‪ ،‬القواعد والفوائد (‪ .)1121 :4‬املرداوي‪ ،‬التحبري (‪ .)4724 :6‬الفتوحي‪،‬‬
‫شرح الكوكب املنري (‪[ .) 212 :1‬لع من القائلني به‪ :‬شيخ اإلسالم ابن تيمية‪ .‬ينظر‪ :‬جمموع‬
‫الفتاوى (‪.])126-128 :41‬‬
‫(‪( )1‬ص‪ .)418‬وينظر‪ :‬املرداوي‪ ،‬التحبري (‪.)4724 :6‬‬
‫(‪ )2‬البعلي‪ ،‬الذخر احلرير (ص‪.)881‬‬
‫(‪.)226 :1( )8‬‬
‫اصطالح الفتوحي يف كتابه خمتصر التحرير ‪« :‬يف وج ٍه»‪ ،‬أو «يف قولٍ »‪ ،‬أو «على قولٍ» ‪ -‬دراسة أصوليَّة استقرائيَّة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪11‬‬
‫خمتصر التحرير‪ً( :‬ل على لطالقي يه‪« :‬يف وجه») بدل (يف قول)(‪ ،)1‬وقد صرح يف‬
‫مقدمة خمتصره بقوله‪( :‬ومَت قلت‪« :‬يف وجه» فاملقدم غريه)(‪ .)4‬فعلم منه‪ :‬أته كان‬
‫يرجح القول الثاين‪ ،‬مث يف النسخة األخرية اليت فيها الشرح َع َد َل عن قوله (يف وجه)‬
‫ل ى (يف قول)‪ ،‬فيحتم ‪ :‬أته قصد لطالق اخلالف دون ترجيح‪ ،‬أو قصد قوة اخلالف‬
‫ًل عدم الرتجيح‪ ،‬ولع اًلحتمال الثاين ‪ -‬وهو قوة اخلالف ‪ -‬هو األقرب ملا سبق‬
‫من قرائن‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫املسألة اخلامسة عشر‪ :‬من شروط العلة‪.‬‬
‫(وأَ ْن‬
‫قال الفتوحي يف خمتصره (ص‪ - )426‬عند كالمه على شروط العلة ‪َ :-‬‬
‫صيص)‪.‬‬ ‫ًل تَـريجع علَي يه إبييبطَال‪ .‬و«ييف قَـول»‪ :‬وًَل بيتَخ ي‬
‫ْ َ ْ‬ ‫ْ َ َْ ْ‬
‫املسألة‪ :‬ه من شروط العلة‪ :‬أن ًل تعود على حكم األص الذي استنبطت‬
‫منه بتخصيص‪ ،‬أم ليس ذلك من شرطها؟ للعلماء يف ذلك قوًلن(‪.)1‬‬
‫قلت‪ :‬أطلق ابن مفلح واملرداوي والفتوحي اخلالف يف ذلك دون ترجيح أو‬
‫تقدمي ألحد القولني على اآلخر‪ ،‬ودون عزو لقائله(‪.)2‬‬
‫وقد تق املرداوي قول الربماوي(‪ )8‬يف هذه املسألة ما تصه‪( :‬وأما عودها‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬الفتوحي‪ ،‬خمتصر التحرير (ص‪ .)461‬أما النسخة اخلطية للشرح فهي (يف قول)‪.‬‬
‫(‪ )4‬املصدر السابق (ص‪.)112‬‬
‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬ابن مفلح‪ ،‬أصول الفقه (‪ .)1421 :1‬املرداوي‪ ،‬التحبري (‪ .)1466 :7‬الفتوحي‪ ،‬شرح‬
‫الكوكب املنري (‪.)84 :2‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬املصادر السابقة‪.‬‬
‫(‪ )8‬الربماوي‪ ،‬الفوائد السنية (‪.)261/2‬‬
‫‪11‬‬

‫بتخصيص النص‪ ،‬فللشافعي فيه قوًلن مستنبطان يمن اختالف قوله يف تقض الوضوء‬
‫‪ { :‬ﯤ ﯥ ﯦ}‬ ‫مبس احملارم‪ .‬ففي قول‪ :‬ينقض؛ متس اكا ابلعموم يف قوله‬
‫تظرا ل ى َك ْون امللموس مظنة‬
‫[سورة النساء‪ .]43:‬ويف قول وهو الراجح‪ً :‬ل ينقض؛ ا‬
‫لالستمتاع‪ً ،‬لسيما لذا فُسرت املالمسة يف اآلية ابجلماع؛ فعادت العلة على عموم‬
‫النساء ابلتخصيص بغري احملارم‪ .‬ومثله‪ :‬حديث «النهي عن بيع اللحم ابحليوان»(‪:)1‬‬
‫شام للمأكول وغريه‪ ،‬والعيلة فيه ‪ -‬وهو معىن الراب ‪ -‬تقتضي ختصيصه ابملأكول؛‬
‫ألته بيع يربَ يوي أبصله‪ ،‬فما ليس بي يربَ يوي ًل مدخ له يف النهي؛ فلذلك جرى‬
‫للشافعي قوالن يف بيع اللحم ابحليوان غري املأكول‪ ،‬مأخذمها ذلك)‪.‬‬
‫مث قال املرداوي بعد هذا النق ‪( :‬قلت‪ :‬وألصحابنا يف ك من املسألتني‬
‫قوًلن‪ ،‬والصحيح النقض مبس احملارم‪ ،‬وصحة البيع يف بيع اللحم ابحليوان‬
‫مطل اقا(‪.)1()4‬‬
‫ومفهوم كالم املرداوي يدل على عدم ترجيحه يف املسألة‪ ،‬وكذا تق هذا النص‬

‫(‪ )1‬أخرجه‪ :‬مالك بن أتس (‪172‬هـ)‪« ،‬موطأ اإلمام مالك»‪ ،‬رواية‪ :‬أيب مصعب الزهري املدين‪ ،‬ت‪:‬‬
‫بشار عواد ‪ -‬حممود حممد خلي ‪( ،‬ن‪ :‬مؤسسة الرسالة – بريوت‪ ،‬ط‪1221 ،1 :‬م)‪:4( ،‬‬
‫‪.)66-62 :688‬‬
‫مأكوًل كان أو ًل فال لشكال‪ .‬أما لذا قصد أته‬
‫ا‬ ‫(‪ )4‬قوله (مطل اقا)‪ :‬لذا مح على غري جنسه‬
‫يشم من جنسه ومن غري جنسه‪ ،‬فهذا خمالف ملا قرره يف «اإلتصاف» (‪)21-21 :14‬‬
‫و«التنقيح املشبع» (ص‪ ) 442‬وغريمها‪ :‬من أن املذهب أته ًل يصح بيع حلم حبيوان من‬
‫جنسه‪ ،‬ويصح بغري جنسه‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫(‪ )1‬املرداوي‪ ،‬التحبري (‪.)1466 :7‬‬
‫اصطالح الفتوحي يف كتابه خمتصر التحرير ‪« :‬يف وج ٍه»‪ ،‬أو «يف قولٍ »‪ ،‬أو «على قولٍ» ‪ -‬دراسة أصوليَّة استقرائيَّة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪11‬‬
‫خمتصرا ‪ -‬الفتوحي يف شرحه (‪ )81-84/2‬دون ترجيح‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫‪ -‬ا‬
‫املسألة السادسة عشر‪ :‬الدقول باملوجب يف اإلثبات‪.‬‬
‫السؤ ُال عن َزَكاةي‬ ‫ي‬ ‫قال الفتوحي يف خمتصره (ص‪( :)116‬فَـيج ي ي‬
‫اب‪ :‬ب َالم الْ َع ْهد‪َ ،‬و ُّ َ َ ْ‬
‫َُ ُ‬
‫السويم‪ ،‬وي ي‬
‫ص ُّح «ييف قَـ ْول»)‪.‬‬ ‫ْ ََ‬
‫وجب(‪ )1‬يف اإلثبات‪ ،‬فقال‪«( :‬اخلي‬ ‫املسألة‪ :‬ضرب املؤلف ا‬
‫مثاًل للقول ابلْ ُم َ‬
‫حيوان يسابق عليه ففيه الزكاة كإب »‪ .‬فيقال مبوجبه يف زكاة التجارة‪ ،‬أي مبوجب‬
‫وجوب الزكاة يف اخلي لذا كاتت للتجارة‪ .‬والنزاع‪ :‬يف زكاة العني‪ ،‬ودليلكم‪ :‬لمنا أوجب‬
‫قوًل ابملوجب‪ .‬فيجاب‪:‬‬
‫الزكاة يف اجلملة‪ ،‬فإن ادعى أته أراد زكاة العني‪ ،‬فليس هذا ا‬
‫بالم العهد؛ ألن العهد مقدم على اجلنس والعموم‪ ،‬والسؤال عن زكاة السوم‪ ،‬فالعلة‬
‫ليست مناسبة لزكاة التجارة لمنا املناسب املقتضي هو النماء احلاص )(‪.)4‬‬
‫فهذا املثال وقع فيه اخلالف على قولني‪:‬‬
‫القول األول‪ :‬أته ًل يصح‪ .‬وهو اختيار أيب اخلطاب(‪ ،)1‬وابن عقي (‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬القول ابملوجب وهو أحد قوادح العلة‪ :‬هو تسليم مقتضى الدلي مع بقاء النزاع‪[ .‬ينظر‪ :‬الفتوحي‪،‬‬
‫خمتصر التحرير (‪.])118‬‬
‫(‪ )4‬الفتوحي‪ ،‬شرح الكوكب املنري (‪.)122-128 :2‬‬
‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬الكلوذاين‪ ،‬التمهيد (‪ .)188- 187 :2‬املرداوي‪ ،‬التحبري (‪.)1681-1684 :7‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬ابن عقي ‪ ،‬الواضح (‪ .)467 :4‬ابن مفلح‪ ،‬أصول الفقه (‪ .)1217 :1‬املرداوي‪ ،‬التحبري‬
‫(‪.)1681-1684 :7‬‬
‫‪11‬‬

‫والقول الثاين‪ :‬أته يصح‪ .‬وهو اختيار املوفق ابن قدامة(‪ ،)1‬وغريه(‪.)4‬‬
‫قلت‪ :‬أطلق ابن مفلح واملرداوي والفتوحي اخلالف يف هذه املسألة دون ترجيح‬
‫ألحد القولني(‪ ،)1‬لكن الذي قدمه املرداوي هو القول األول(‪ ،)2‬وًل أدري أقصد‬
‫ترجيحه أم ًل؟‬
‫معنى تعبّه بشرع من قبله‪.‬‬ ‫املسألة‬
‫قال الفتوحي يف خمتصره (ص‪( :)128‬فَـ ُه َو‪َ :‬شْرعٌ لَنَا َما َملْ يـُْن َس ْخ‪َ .‬وَم ْعنَاهُ «ييف‬
‫قَـ ْول»‪ :‬أَتهُ ُم َوافي ٌق‪ً ،‬ل ُمتَابي ٌع‪َ .‬ويـُ ْعتََربُ «ييف قَـ ْول»‪ :‬ثـُبُوتُهُ قَطْ اعا)‪.‬‬
‫هذا النص فيه مسألتان‪:‬‬
‫املسألة األوىل‪ :‬أن الصحيح من املذهب أن النيب كان متعب ادا بشرع من‬
‫شرعا لنا ما مل يرد يف شرعنا ما‬
‫قبله قب البعثة وبعدها‪ ،‬فيكون شرع من قبلنا ا‬
‫ينسخه(‪ ،)8‬لكن وقع اخلالف يف معناه على قولني‪:‬‬
‫موافق لشرع من قبله ًل متابع له‪ ،‬أي يلزمنا أحكامه من‬ ‫القول األول‪ :‬أته‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬ابن قدامة‪ ،‬روضة الناظر (‪ .) 111-111 :4‬ابن مفلح‪ ،‬أصول فقه (‪.)1217 :1‬‬
‫املرداوي‪ ،‬التحبري (‪.)1681-1684 :7‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬الطويف‪ ،‬شرح خمتصر الروضة (‪.)864-861 ،-887 :1‬‬
‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬ابن مفلح‪ ،‬أصول فقه (‪ .)1217-1216 :1‬املرداوي‪ ،‬التحبري (‪.)1684-1681 :7‬‬
‫الفتوحي‪ ،‬شرح الكوكب املنري (‪.)122-128 :2‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬املرداوي‪ ،‬التحرير (ص‪.)111‬‬
‫(‪ )8‬ينظر‪ :‬ابن عقي ‪ ،‬الواضح (‪ .)182 :2‬املرداوي‪ ،‬التحبري (‪ .)1778 :8‬الفتوحي‪ ،‬شرح الكوكب‬
‫املنري (‪.)214 :2‬‬
‫اصطالح الفتوحي يف كتابه خمتصر التحرير ‪« :‬يف وج ٍه»‪ ،‬أو «يف قولٍ »‪ ،‬أو «على قولٍ» ‪ -‬دراسة أصوليَّة استقرائيَّة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪11‬‬
‫حيث لته صار شريعة لنبينا؛ ًل من حيث كان شريعة ملن قبله‪ .‬وهو رأي القاضي أيب‬
‫يعلى(‪ ،)1‬وغريه(‪.)4‬‬
‫والقول الثاين‪ :‬أته شرع مل ينسخ‪ ،‬فيعمنا لفظاا‪ .‬قال به القاضي أبو يعلى‬
‫أيضا(‪ ،)1‬وأبو حممد البغدادي(‪ .)2‬قال ابن تيمية‪( :‬على هذا يكون ثبوته يف حقنا‬
‫ا‬
‫لما لشمول احلكم لفظاا‪ ،‬ولما ابلعق بناء على أن األص تساوى األحكام)(‪.)8‬‬
‫قلت‪ :‬قال ابن تيمية عن القول الثاين‪( :‬هذه الطريقة فيها تظر)(‪ .)6‬وقد أورد‬
‫ابن مفلح واملرداوي والفتوحي والبعلي القولني يف املسألة دون ترجيح(‪.)7‬‬
‫‪‬املسألة الثانية‪ :‬ه يعترب يف حجية شرع من قبلنا ثبوته بدلي قطعي أم ًل؟‬
‫اخلالف على قولني(‪:)8‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬أبو يعلى‪ ،‬العدة (‪ .)781 :1‬ينظر‪ :‬الكلوذاين‪ ،‬التمهيد (‪.)216 ،211-211 :4‬‬
‫املرداوي‪ ،‬التحرير (ص‪.)148‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬الربماوي‪ ،‬الفوائد السنية (‪ .)168 :8‬املرداوي‪ ،‬التحبري (‪.)1778 :8‬‬
‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬أبو يعلى‪ ،‬العدة (‪ .)761- 761 :1‬آل تيمية‪ ،‬املسودة (ص‪ .)188‬ابن مفلح‪ ،‬أصول‬
‫الفقه (‪ .)1221 :2‬املرداوي‪ ،‬التحبري (‪.)1778 :8‬‬
‫(‪ )2‬يف جدله‪ .‬ينظر‪ :‬آل تيمية‪ ،‬املسودة (ص‪ .)186‬املرداوي‪ ،‬التحبري (‪.)1778 :8‬‬
‫(‪ )8‬ينظر‪ :‬آل تيمية‪ ،‬املسودة (ص‪ .)186‬ابن تيمية‪ ،‬املستدرك على جمموع الفتاوى (‪.)114 :4‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬آل تيمية‪ ،‬املسودة (ص‪ .)188‬ابن تيمية‪ ،‬املستدرك على جمموع الفتاوى (‪.)114 :4‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬ابن مفلح‪ ،‬أصول الفقه (‪ .)1221 :2‬املرداوي‪ ،‬التحبري (‪ .)177 :8‬الفتوحي‪ ،‬شرح‬
‫الكوكب املنري (‪ .)211 :2‬البعلي‪ ،‬الذخر احلرير (ص‪.)786‬‬
‫(‪ )8‬ينظر‪ :‬املرداوي‪ ،‬التحبري (‪ .)1772 :8‬الفتوحي‪ ،‬شرح الكوكب املنري (‪ .)211 :2‬البعلي‪،‬‬
‫الذخر احلرير (ص‪.)787-786‬‬
‫‪11‬‬

‫قطعا؛ لما بكتاب‪ ،‬أو خبرب الصادق‪،‬‬ ‫القول األول‪ :‬يعترب ثبوت كوته ا‬
‫شرعا هلم ا‬
‫أو بنق متواتر‪ ،‬فأما الرجوع لليهم‪ ،‬أو ل ى كتبهم فال‪ .‬وقد أومأ ل ى هذا اإلمام أمحد‪،‬‬
‫وهو قول القاضي أيب يعلى(‪ ،)1‬وابن عقي (‪ ،)4‬وغريمها(‪.)1‬‬
‫القول الثاين‪ :‬أته يثبت ا‬
‫أيضا أبخبار اآلحاد عن تبينا ‪ .‬وهو قول ابن تيمية‬
‫وغريه(‪.)2‬‬
‫)(‪.)8‬‬ ‫قلت‪ :‬قال ابن تيمية‪( :‬الصحيح أته يثبت أبخبار اآلحاد عن تبينا‬
‫وقد أطلق ابن مفلح واملرداوي والفتوحي اخلالف دون ترجيح ألحد القولني يف‬
‫املسألة(‪ ،)6‬واقتصر البعلي يف املسألة على ليراد القول األول فقط(‪ .)7‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫‪ :‬حكم املدقلّ؟ وإذا حكم حبكم خيالف مذهب إمامه؟‬ ‫املسألة‬
‫ْم ُم َقليد‪.‬‬ ‫ي ي‬
‫(ويَص ُّح «يف قَـ ْول»‪ُ :‬حك ُ‬ ‫قال الفتوحي يف خمتصره (ص‪َ :)182‬‬
‫ب َلم يام يه‪ .‬و«ييف قَـ ْول»‪ُ :‬خمَالََفةُ الْ ُم ْف ييت تَص‬ ‫ويـْنـ َقض «ييف قَـول»‪ :‬ما خالَ ي ي‬
‫ف فيه َم ْذ َه َ‬
‫ْ َ َ َ‬ ‫َُ ُ‬
‫َلم يامهي؛ َك ُم َخالََف ية تَ ي‬
‫ص الشا يريع)‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬أبو يعلى‪ ،‬العدة (‪.)781 :1‬‬


‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬ابن عقي ‪ ،‬الواضح (‪.)184 :2‬‬
‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬آل تيمية‪ ،‬املسودة (ص‪ .)186‬املرداوي‪ ،‬التحبري (‪.)1772 :8‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬املصدرين السابقني‪.‬‬
‫(‪ )8‬آل تيمية‪ ،‬املسودة (ص‪.)186‬‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬ابن مفلح‪ ،‬أصول الفقه (‪ .)1221 :2‬املرداوي‪ ،‬التحبري (‪ .)1772 :8‬الفتوحي‪ ،‬شرح‬
‫الكوكب املنري (‪.)211 :2‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬البعلي‪ ،‬الذخر احلرير (ص‪.)787-786‬‬
‫اصطالح الفتوحي يف كتابه خمتصر التحرير ‪« :‬يف وج ٍه»‪ ،‬أو «يف قولٍ »‪ ،‬أو «على قولٍ» ‪ -‬دراسة أصوليَّة استقرائيَّة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪11‬‬

‫املسألة‪ :‬لو كان احلاكم ا‬


‫مقلدا إلمام‪ ،‬وحكم حبكم خيالف مذهب لمامه‪ ،‬فإن‬
‫ض حكمه مبين على‬ ‫قضي بصحة حكم املقلد ضرورة لعدم اجملتهد يف زماته‪ ،‬فَـنَـ ْق ُ‬
‫اخلالف يف حكم تقليده لغري لمامه‪ ،‬فإن قي مبنعه تُقض حكمه‪ ،‬ولًل فال(‪.)1‬‬
‫فهذه العبارة تضمنت ثالث مسائل‪:‬‬
‫املسألة األوىل‪ :‬ه يصح حكم املقلد؟‬
‫اخلالف على قولني يف اجلملة‪:‬‬
‫القول األول‪ :‬أته ًل يصح حكمه‪ .‬ولع هذا ظاهر قول أكثر األصحاب؛‬
‫ألهنم قالوا بعدم جواز الفتوى ابلتقليد(‪ ،)4‬فيقاس عليه حكمه‪.‬‬
‫ولذلك قال الفتوحي‪( :‬وما جييب به املقلد عن حكم‪ ،‬فإخبار عن مذهب‬
‫لمامه‪ً ،‬ل فتيا)(‪.)1‬‬
‫القول الثاين‪ :‬أته يصح حكمه‪ .‬وهو قول ابن محدان‪ ،‬وأيب طالب احلنبلي‪،‬‬
‫ومحَ أكثرهم‬ ‫(‪)2‬‬
‫وغريهم؛ ألهنم قالوا جبواز اإلفتاء ابلتقليد ‪ ،‬فيقاس عليه حكمه‪َ .‬‬
‫اجلواز عند الضرورة أو احلاجة الداعية ل ى ذلك؛ بسبب عدم وجود العامل اجملتهد‪.‬‬
‫املسألة الثانية‪ :‬لذا قلنا بصحة حكم املقلد‪ :‬فه جيوز له أن حيكم خبالف‬

‫(‪ )1‬اآلمدي‪ ،‬اإلحكام (‪ .)412 :2‬وينظر‪ :‬الغزايل‪ ،‬املستصفى (ص‪ .)168‬ابن مفلح‪ ،‬أصول الفقه‬
‫(‪ .)1814 :2‬املرداوي‪ ،‬التحبري (‪.)1278 :8‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬آل تيمية‪ ،‬املسودة (ص‪ .)817‬ابن القيم‪ ،‬لعالم املوقعني (‪.)86 :4‬‬
‫(‪ )1‬الفتوحي‪ ،‬شرح الكوكب املنري (‪.)871/2‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬ابن القيم‪ ،‬لعالم املوقعني (‪ .)86 :4‬املرداوي‪ ،‬التحبري (‪ .)2172 :8‬الفتوحي‪ ،‬شرح‬
‫الكوكب املنري (‪ .)861 :2‬الفتوحي‪ ،‬معوتة أويل النهى (‪.)412 :7‬‬
‫‪12‬‬

‫مذهب أمامه أم ًل؟‬


‫اخلالف على قولني‪:‬‬
‫القول األول‪ :‬أته ليس له أن حيكم خبالف مذهب لمامه‪ ،‬كما أن اجملتهد‬
‫ليس له أن حيكم بغري اجتهاده سواء‪ .‬وهو ظاهر كالم ابن محدان‪ ،‬واملرداوي‪،‬‬
‫وغريمها(‪.)1‬‬
‫القول الثاين‪ :‬أته يعم بقول األكثر‪ .‬وهو قول ابن هبرية(‪.)4‬‬
‫املسألة الثالثة‪ :‬لذا حكم املقلد خبالف مذهب لمامه‪ :‬فه ينقض حكمه‬
‫أم ًل؟‬
‫اخلالف على قولني‪:‬‬
‫أحدمها‪ :‬أته ينقض حكمه‪.‬‬
‫واآلخر‪ :‬أته ًل ينقض حكمه‪ .‬وهذه املسألة مبنية على املسألة السابقة‪ ،‬فمن‬
‫منع املقلد أن حيكم خبالف مذهب لمامه قال بنقض حكمه‪ ،‬ومن جوزه قال بعدم‬
‫تقضه(‪ .)1‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫قلت‪ :‬يستفاد من املسائ الثالث السابقة؛ أن قول أكثر األصحاب هو عدم‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬أمحد بن محدان احلراين‪« ،‬صفة املفيت واملستفيت»‪ ،‬ت‪ :‬أبو جنة احلنبلي‪( ،‬ن‪ :‬دار‬
‫الصميعي‪ ،‬الرايض‪ ،‬ط‪4118 ،1 :‬م) (ص‪ .)178-172‬املرداوي‪ ،‬التحبري (‪- 1278 :8‬‬
‫‪.)1272‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬ابن مفلح‪ ،‬أصول الفقه (‪ .)1811 :2‬املرداوي‪ ،‬التحبري (‪.)1278 :8‬‬
‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬الغزايل‪ ،‬املستصفى (ص‪ .)168‬اآلمدي‪ ،‬اإلحكام (‪ .)412 :2‬ابن مفلح‪ ،‬أصول الفقه‬
‫(‪ .)1814 :2‬املرداوي‪ ،‬التحبري (‪.)1278 :8‬‬
‫اصطالح الفتوحي يف كتابه خمتصر التحرير ‪« :‬يف وج ٍه»‪ ،‬أو «يف قولٍ »‪ ،‬أو «على قولٍ» ‪ -‬دراسة أصوليَّة استقرائيَّة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪13‬‬
‫صحة حكم املقلد‪ ،‬ولذا حكم فهو من ابب اإلخبار ًل الفتوى‪ ،‬فإذا خالف حكمه‬
‫قول لمامه فينقض حكمه‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫املسألة الثانية والعشرون‪ :‬هل يدقال لنيب وجمتهّ ‪ -‬وعامي‬
‫ٍّ عدقالً ‪-‬‬
‫«أخرب فإنك ال خترب إال بصواب»؟‬
‫(جيوز أَ ْن يـ َق َ ي‬
‫ال لنَييب َوُْجمتَ يهد‪ْ « :‬‬
‫اح ُك ْم‬ ‫قال يف الفتوحي يف خمتصره (ص‪ُ ُ َُ :)186‬‬
‫ك ًل ُختْيربُ ليًل‬ ‫ي ي‬ ‫ي ي‬
‫َخي ْرب‪ ،‬فَيإت َ‬
‫اب» ‪َ ،...‬ول َعامي َع ْق اال‪ ،‬و«ييف قَـ ْول»‪َ « :‬وأ ْ‬
‫ص َو ٌ‬
‫ت فَـ ُه َو َ‬
‫مبَا شْئ َ‬
‫ص َواب»)‪.‬‬ ‫ي‬
‫بَ‬
‫املسألة‪ :‬جيوز أن يقال لنيب وجمتهد «احكم مبا شئت فهو صواب»‪ ،‬وكذا‬
‫عقال‪:-‬‬
‫شرعا‪ ،-‬لكن ه جيوز أن يقال لنيب‪ ،‬وجمتهد‪ ،‬وعامي ‪ -‬ا‬
‫لعامي عقالا ‪ً-‬ل ا‬
‫«أخرب فإتك ًل خترب لًل بصواب»؟(‪.)1‬‬
‫اخلالف على قولني‪:‬‬
‫القول األول‪ :‬جيوز أن يقال له ذلك‪ .‬وهو قول القاضي أيب يعلى(‪ ،)4‬وابن‬
‫عقي (‪.)1‬‬
‫القول الثاين‪ً :‬ل جيوز أن يقال له ذلك‪ .‬وهو قول أيب اخلطاب الكلوذاين(‪.)2‬‬
‫قلت‪ :‬ظاهر كالم ابن مفلح ترجيح القول األول؛ ألته تعقب قول أيب اخلطاب‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬اآلمدي‪ ،‬اإلحكام (‪ .)412 ،412 :2‬ابن مفلح‪ ،‬أصول الفقه (‪ .)1842 :2‬املرداوي‪،‬‬
‫التحبري (‪ .)2111 :8‬البعلي‪ ،‬الذخر احلرير (ص‪.)846‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬أبو يعلى‪ ،‬العدة (‪.)1888- 1887 :8‬‬
‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬ابن عقي ‪ ،‬الواضح (‪.)218 :8‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬الكلوذاين‪ ،‬التمهيد (‪.)177- 176 :2‬‬
‫‪10‬‬
‫املرداوي(‪)1‬‬ ‫ومل يتعقب القول األول(‪ .)1‬وقدم املرداوي القول األول(‪ ،)4‬وتق‬
‫(‪)2‬‬
‫ب ابن مفلح دون التعليق عليه‪ ،‬فدل ظاهر صنيعهما‪ :‬أهنما‬ ‫والفتوحي تَـ َع ُّق َ‬
‫يرجحان هذا القول‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫املسألة الثالثة والعشرون‪ :‬أيهما يدقّم عنّ التعارض التنبيه أم النص؟‬
‫(وتَـْنبييهٌ(‪َ :)8‬كنَص «ييف قَـ ْول»)‪.‬‬
‫قال الفتوحي يف خمتصره (ص‪َ :)172‬‬
‫املسألة‪ :‬أيهما يقدم عند التعارض يف املنت التنبيه أم النص؟ على قولني(‪:)6‬‬
‫القول األول‪ :‬التنبيه مث النص أو أقوى منه‪ .‬وهو قول ابن تيمية(‪.)7‬‬
‫القول الثاين‪ :‬يقدم النص على التنبيه‪ .‬وهو قول أيب اخلطاب(‪.)8‬‬
‫قلت‪ :‬والقول األول هو الذي اقتصر عليه املرداوي يف «التحرير»(‪ )2‬ومل يشر‬
‫أيضا‪ :‬البعلي يف‬
‫فيه ل ى القول الثاين‪ ،‬مما يدل على ترجيحه له‪ .‬واقتصر عليه ا‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬ابن مفلح‪ ،‬أصول الفقه (‪.)1842 :2‬‬


‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬املرداوي‪ ،‬التحرير (ص‪.)117‬‬
‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬املرداوي‪ ،‬التحبري (‪.)2111/8‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬الفتوحي‪ ،‬شرح الكوكب املنري (‪.)841/2‬‬
‫(‪ )8‬أي‪ :‬دًللة التنبيه‪ .‬وقد عرف املؤلف «دًللة التنبيه واإلمياء» يف شرحه (‪ )277/1‬و(‪)148/2‬‬
‫تظريه ‪ -‬للتعلي ؛ لكان ذلك اًل ْقيرتا ُن‬
‫الوصف ‪ -‬أو ُ‬
‫ُ‬ ‫بقوله‪( :‬هو اقْيرتا ُن الوصف حبكم لو مل يكن‬
‫بعيدا‪.)...‬‬
‫ا‬
‫(‪ )6‬ينظر‪ :‬ابن مفلح‪ ،‬أصول الفقه (‪ .)1828 :2‬املرداوي‪ ،‬التحبري (‪.)2178-2172 :8‬‬
‫(‪ )7‬ينظر‪ :‬ابن تيمية‪ ،‬جمموع الفتاوى (‪ .)126 :11‬آل تيمية‪ ،‬املسودة (ص‪.)181‬‬
‫(‪ )8‬ينظر‪ :‬الكلوذاين‪ ،‬التمهيد (‪.)448 :2‬‬
‫(‪( )2‬ص‪.)181‬‬
‫اصطالح الفتوحي يف كتابه خمتصر التحرير ‪« :‬يف وج ٍه»‪ ،‬أو «يف قولٍ »‪ ،‬أو «على قولٍ» ‪ -‬دراسة أصوليَّة استقرائيَّة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪11‬‬
‫شرحه(‪.)1‬‬
‫املسألة الرابعة والعشرون‪ :‬الرتجيح بني الدقياسني املتعارضني بدقوة دليل‬
‫حكم األصل‪.‬‬
‫قال الفتوحي يف خمتصره (ص‪( :)178‬وبي َدليي َخاص بيتَـ ْعلييلي يه‪َ .‬وييف قَـ ْول‪ :‬تَص‪،‬‬
‫فَيإ ْمجَاع)‪.‬‬
‫املسألة‪ :‬ه يرجح األص الذي ثبتت عليته ابلنص أم الذي ثبتت عليته‬
‫ابإلمجاع؟‬
‫اخلالف على قولني‪:‬‬
‫القول األول‪ :‬أته يرجح ما ثبتت عليته ابلنص(‪.)4‬‬
‫والقول الثاين‪ :‬أته يرجح ما ثبتت عليته ابإلمجاع(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬البعلي‪ ،‬الذخر احلرير (ص‪.)866‬‬


‫احتماًل‪ .‬وقد عللوا ذلك‪:‬‬
‫ا‬ ‫(‪ )4‬وهو قول اتج الدين األرموي‪ ،‬والبيضاوي‪ ،‬وغريهم‪ ،‬وذكره الرازي‬
‫أن النص أص لإلمجاع‪ ،‬والثابت ابألص أقوى من الثابت ابلفرع‪ .‬ينظر‪ :‬الرازي‪ ،‬احملصول‬
‫(‪ .)264 :8‬األرموي‪ ،‬اتج الدين حممد بن احلسني (ت‪681‬هـ)‪« ،‬احلاص من احملصول» حتقيق‪:‬‬
‫عبد السالم هارون‪( ،‬الناشر‪ :‬جامعة قاريوتس‪ ،‬بنغازي‪1222 ،‬م)‪ .)226 :1( ،‬عبد هللا بن‬
‫عمر البيضاوي‪« ،‬منهاج الوصول ل ى علم األصول» ‪ ،‬حتقيق‪ :‬شعبان حممد لمساعي ‪( ،‬ط‪ ،1 :‬سنة‬
‫النشر‪( ،)4118 – 1242 :‬ص‪.)426‬‬
‫(‪ )1‬وهو قول الرازي والزركشي وغريمها‪1‬؛ وقد عل ‪ :‬أبن النص يقب التخصيص والتأوي خبالف‬
‫اإلمجاع‪ .‬ينظر‪ :‬الرازي‪ ،‬احملصول (‪ .)264 :8‬الزركشي‪ ،‬البحر احمليط (‪ .)441 :8‬املرداوي‪،‬‬
‫التحبري (‪.)2442 :8‬‬
‫‪11‬‬

‫قلت‪ :‬والقول األول هو الذي اقتصر عليه ابن مفلح يف أصوله(‪ ،)1‬واملرداوي‬
‫يف «التحرير»(‪ ،)4‬فلم ينقال القول الثاين‪.‬‬
‫وقدم املرداوي يف شرحه(‪ )1‬القول الثاين ‪ -‬عند الكالم على أوجه ترجيح أحد‬
‫األصلني على اآلخر يف القياس ‪ -‬وتقدميه له هو املوافق ملا ذهب لليه ‪ -‬يف أول ابب‬
‫الرتجيح والتعارض‪ -‬يف التحرير وشرحه(‪ )2‬عند كالمه على األدلة‪ :‬أته يقدم دلي‬
‫اإلمجاع على الكتاب والسنة وغريمها؛ لوجهني‪:‬‬
‫معصوما من اخلطأ‪.‬‬
‫ا‬ ‫قاطعا‬
‫األول‪ :‬كوته ا‬
‫والثاين‪ :‬كوته آمناا من النسخ والتأوي ‪ ،‬خبالف ابقي األدلة فإن النسخ يلحقها‬
‫والتأوي يتجه عليها‪.‬‬
‫أيضا‪ :‬حكى اخلالف يف املسألة هنا دون ترجيح ألحد القولني‪ ،‬مع‬
‫والفتوحي ا‬
‫تصرحيه يف مقدمة ابب التعارض والرتجيح ‪ -‬عند الكالم على ترتيب األدلة ‪ -‬يف‬
‫خمتصر التحرير وشرحه بنص ما قاله املرداوي‪ :‬من تقدمي اإلمجاع مث الكتاب والسنة‪،‬‬
‫وسبب تقدميه عليهما(‪.)8‬‬

‫(‪.)1616 :2( )1‬‬


‫(‪( )4‬ص‪.)182‬‬
‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬املرداوي‪ ،‬التحبري (‪.)2442 :8‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬املصدر السابق (‪)2144-2141 :8‬‬
‫(‪ )8‬ينظر‪ :‬الفتوحي‪ ،‬شرح الكوكب املنري (‪.)611-611 :2‬‬
‫اصطالح الفتوحي يف كتابه خمتصر التحرير ‪« :‬يف وج ٍه»‪ ،‬أو «يف قولٍ »‪ ،‬أو «على قولٍ» ‪ -‬دراسة أصوليَّة استقرائيَّة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪11‬‬
‫وقد رجح القول الثاين‪ :‬الطويف(‪ ،)1‬وابن اللحام(‪ ،)4‬وابن املربد(‪،)1‬‬
‫واجلراعي(‪ ،)2‬وغريهم‪ .‬وهو ظاهر كالم ابن قدامة(‪ .)8‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫املبحث الرَّابع‪ :‬املسائل اليت قال فيها املؤلف‪« :‬على قولٍ»‬
‫من املصطلحات اليت تص عليها املؤلف يف مقدمته قوله‪« :‬على قول»‪ ،‬وبني‬
‫أن معناها مث قوله‪« :‬يف قول»‪ ،‬أي‪ :‬يشري هبما ل ى قوة اخلالف يف املسألة أو‬
‫اختلف الرتجيح أو مع لطالق القولني أو األقوال دون ترجيح‪ .‬وهذا املصطلح مل‬
‫يستعمله املؤلف يف خمتصره لًل يف مسألة واحدة‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫مسألة‪ :‬من معاني حرف «فِي»‪.‬‬
‫قال الفتوحي يف خمتصره (ص‪«( :)128‬يف»‪ :‬ليظَْرف‪َ .‬ويه َي يمبَْعنَاهُ َعلَى قَ ْول‪،‬‬
‫ييف‪ { :‬ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ} [سورة طه‪.]11:‬‬
‫‪ { :‬ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ} ه هي‬ ‫املسألة‪ :‬معىن «يف» يف قوله‬
‫للظرفية أم لالستعالء؟‬
‫وقع اخلالف فيها على قولني‪:‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬الطويف‪ ،‬خمتصر الروضة وشرحه (‪.)711 :1‬‬


‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬ابن اللحام‪ ،‬املختصر يف أصول الفقه (ص‪.)467‬‬
‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬يوسف ابن عبد اهلادي (ت ‪212‬هـ)‪« ،‬غاية السول ل ى علم األصول»‪ ،‬ت‪ :‬بدر السبيعي‪،‬‬
‫(ن‪ :‬غراس للنشر‪ ،‬الكويت‪ ،‬ط‪4114 ،1 :‬م)‪( ،‬ص‪.)161‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬اجلراعي‪ ،‬شرح خمتصر أصول الفقه ًلبن اللحام (‪.)811-222 :1‬‬
‫(‪ )8‬ينظر‪ :‬ابن قدامة‪ ،‬روضة الناظر (‪.)182 :4‬‬
‫‪11‬‬

‫القول األول‪ :‬هي مبعىن «الظرفية»‪ .‬وهو قول أكثر البصريني وغريهم‪ ،‬وقال به‪:‬‬
‫أبو البقاء العكربي(‪.)1‬‬
‫القول الثاين‪ :‬هي مبعىن «على»‪ .‬وهو قول الكوفيني وابن مالك‪ ،‬وقال به‪:‬‬
‫القاضي(‪ ،)4‬وأبو اخلطاب(‪ ،)1‬وابن عقي (‪ ،)2‬وأكثر األصحاب(‪.)8‬‬
‫قلت‪ :‬الظاهر‪ :‬أن املقدم يف املذهب هو القول الثاين؛ ألته قول أكثر‬
‫األصحاب؛ ألن املصنف ذكر يف مقدمة خمتصره طرق ترجيح القول عند اًلختالف‪،‬‬
‫َص َحابينَا)(‪ ،)6‬فلع ليراد اخلالف هنا من‬ ‫ي‬ ‫أحدها‪ :‬أن يكون القول‪ :‬ي‬
‫(علَْيه األَ ْكثَـ ُر م ْن أ ْ‬
‫َ‬
‫ابب قوة اخلالف ًل عدم الرتجيح‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬

‫‪h‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬التبيان يف لعراب القرآن (‪ .)827/4‬ابن مفلح‪ ،‬أصول الفقه (‪.)124- 121 :1‬‬
‫املرداوي‪ ،‬التحبري (‪.)627-626 :4‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬العدة (‪.)418/1‬‬
‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬التمهيد (‪.)117/1‬‬
‫(‪ )2‬ينظر‪ :‬الواضح (‪.)141/1‬‬
‫(‪ )8‬ينظر‪ :‬ابن مفلح‪ ،‬أصول الفقه (‪ .)124-121 :1‬املرداوي‪ ،‬التحبري (‪.)627-626 :4‬‬
‫(‪ )6‬الفتوحي‪ ،‬خمتصر التحرير (ص‪.)111‬‬
‫اصطالح الفتوحي يف كتابه خمتصر التحرير ‪« :‬يف وج ٍه»‪ ،‬أو «يف قولٍ »‪ ،‬أو «على قولٍ» ‪ -‬دراسة أصوليَّة استقرائيَّة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪11‬‬

‫اخلامتة‬

‫احلمد هلل الذي بنعمته تتم الصاحلات‪ ،‬وأختم فيما أييت أبهم النتائج‬
‫والتوصيات‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬أهم النتائج‪:‬‬
‫‪-1‬سلك املؤلف يف اختيار القول الصحيح يف املذهب طريقني‪:‬‬
‫األول‪ :‬أته اتتقاه مما قَد َمهُ املرداوي يف كتابه «حترير املنقول» من األقوال اليت يف‬
‫املسألة‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬أن يكون القول عليه األكثر من احلنابلة‪ .‬وظاهره‪ :‬ولو كان القول‬
‫مؤخرا يف كتاب «حترير املنقول» للمرداوي‪.‬‬
‫ا‬
‫‪-2‬ذكر املؤلف يف خمتصره ثالثة مصطلحات فقط‪ ،‬هي‪:‬‬
‫سادسا ذكره يف‬
‫ا‬ ‫وموضعا‬
‫ا‬ ‫األول‪« :‬يف وجه»‪ :‬وقد ذكره يف (‪ )8‬مواضع فقط‪.‬‬
‫بعض النسخ اخلطية املتقدمة‪ ،‬مث عدل عنه ل ى «يف قول» يف النسخة اخلطية األخرية‪.‬‬
‫موضعا‪.‬‬
‫والثاين‪« :‬يف قول»‪ :‬وقد ذكره يف (‪ )42‬ا‬
‫والثالث‪« :‬على قول»‪ :‬وقد ذكره يف موضع واحد فقط‪.‬‬
‫‪-3‬قصد املؤلف بقوله‪« :‬ييف َو ْجه»‪ :‬أن القول امل َقدم غريه‪ ،‬أي املعتمد يف‬
‫ُ‬
‫املذهب غري ما قال‪ :‬لته كذا «ييف َو ْجه»‪ ،‬أي أن الراجح خالف القول الذي ذكره يف‬
‫‪11‬‬

‫حيد يف وجه‪ ،‬فمعناه‪ :‬أن الصحيح أته ُّ‬


‫حيد‪.‬‬ ‫املسألة‪ ،‬فإذا قال‪ :‬العلم ًل ُّ‬
‫‪-4‬قصد املؤلف بقوله‪« :‬يف قول» أَو «على قول» أحد ثالثة أمور‪:‬‬
‫األول‪ :‬أن اخلالف يف املسألة قوي؛ مثاله‪ :‬مسألة‪ :‬جاحد حكم لمجاع قطعي‪،‬‬
‫ه يكفر أم ًل؟ ومسألة‪ :‬اشرتاط اللقي يف السند املعنعن‪ .‬ومسألة‪ :‬ختصيص العموم‬
‫ابلقياس‪ .‬وغريها‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬أته اختلف الرتجيح فيها بني األصحاب‪ .‬ومثاله‪ :‬مسألة‪ :‬القول‬
‫ابملوجب يف اإلثبات‪ .‬ومسألة‪ :‬حم مح املطلق على املقيد‪ .‬وغريها‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أن يطلق اخلالف يف املسألة على قولني‪ ،‬أو أقوال‪ ،‬فمعناه‪ :‬أته مل‬
‫يطلع على قول مصرح ابلتصحيح ألحد القولني أو األقوال‪ .‬وحيتم أن قوله‪( :‬ل ْذ مل‬
‫أطلع على مصرح ابلتصحيح)‪ ،‬يشم األمور الثالثة السابقة‪ .‬ومثاله‪ :‬مسألة‪ :‬ه من‬
‫شروط العلة أن ًل تعود على حكم األص الذي استنبطت منه بتخصيص‪ ،‬أم ليس‬
‫ذلك من شرطها؟ وغريها‪.‬‬
‫‪-5‬من خالل دراسة مجيع املسائ اليت قال عنها يف املنت‪« :‬ييف َو ْجه» أو«يف‬
‫قول» أَو «على قول»‪ ،‬يظهر جليًّا‪ :‬أن املؤلف التزم مبنهجه الذي رمسه لنفسه يف‬
‫مقدمة كتابه ومل خيالفه‪ ،‬لًل يف مسألة واحدة وهي قوله‪َ ( :‬و«ييف َو ْجه»‪َ :‬ولي ين اد َعى‬
‫م ي‬
‫اضياا)‪.‬‬ ‫َ‬
‫‪-6‬أن هذا املنهج الذي سار عليه املؤلف يعد من زايداته وتصرفاته اليت متيز‬
‫هبا يف خمتصره عن أصله «حترير املنقول»‪ً ،‬ل سيما يف قوله «يف وجه»؛ ألته ترجيح منه‬
‫ألحد األقوال يف املسألة مع وجود اخلالف فيها بني األصحاب‪.‬‬
‫‪-1‬أن مجلة من املسائ اليت «يف قول» أو «على قول» ولن مل يصرح املؤلف‬
‫اصطالح الفتوحي يف كتابه خمتصر التحرير ‪« :‬يف وج ٍه»‪ ،‬أو «يف قولٍ »‪ ،‬أو «على قولٍ» ‪ -‬دراسة أصوليَّة استقرائيَّة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪11‬‬
‫فيها ابلرتجيح لًل أته ميكن اخللوص ل ى معرفة املذهب من هذه األقوال يف املسألة؛‬
‫لتصرحيهم أبته قول أكثر األصحاب‪ ،‬أو أته األظهر‪ .‬مثاله‪ :‬تصريح املرداوي ابشرتاط‬
‫اًللتقاء يف السند املعنعن أبته القول األظهر‪ ،‬وهي لحدى املسائ اليت خالف فيها‬
‫الفتوحي املرداوي‪.‬‬
‫ُّ‬
‫ثانيًا‪ :‬أهم التوصيات‪:‬‬
‫‪-1‬أوصي بعم موسوعة أصولية حنبلية‪ ،‬جيع أص مادهتا مسائ خمتصر‬
‫التحرير‪ ،‬مث ينق أقوال علماء احلنابلة يف ك مسألة منها‪ ،‬على غرار ما صنعه املرداوي‬
‫يف كتابه اإلتصاف‪.‬‬
‫‪-2‬وأوصي مبراجعة مسائ أصول الفقه ‪ -‬ومنه‪ :‬خمتصر التحرير ‪ -‬من أص‬
‫كثريا من اخلل يقع يف تصور املسألة عند األصوليني وتسبة األقوال فيها‬
‫تشأهتا؛ ألن ا‬
‫سببه ومرجعه هو اإلخالل ابلنق ‪.‬‬

‫‪h‬‬
‫‪12‬‬

‫فهرس املصادر واملراجع‬

‫ابن اجلوزي‪ ،‬يوسف بن عبد الرمحن‪« ،‬اإليضاح لقواتني اًلصطالح يف اجلدل‬ ‫‪-1‬‬
‫واملناظرة»‪ ،‬ت‪ :‬حممود حممد السيد الدغيم‪( ،‬مكتبة مدبويل‪.)1228 ،‬‬
‫ابن اللحام‪ ،‬عالء الدين بن حممد بن عباس البعلي (ت ‪ 811‬هـ)‪« ،‬القواعد‬ ‫‪-4‬‬
‫والفوائد األصولية وما يتبعها من األحكام الفرعية»‪ ،‬ت‪ :‬عايض الشهراين‪،‬‬
‫وانصر الغامدي‪( ،‬ن‪ :‬دار البلد‪-‬مصر‪ ،‬دار الفضيلة‪-‬السعودية‪ ،‬ط‪،1 :‬‬
‫‪4117‬م)‪.‬‬
‫ابن اللحام‪ ،‬عالء الدين بن حممد بن عباس البعلي‪« ،‬املختصر يف أصول الفقه»‪،‬‬ ‫‪-1‬‬
‫ت‪ :‬حممد مظهر بقا‪( ،‬ن‪ :‬جامعة امللك عبد العزيز ‪ -‬مكة املكرمة)‪.‬‬
‫ابن تيمية‪ ،‬تقي الدين أمحد بن عبد احلليم (ت ‪748‬هـ)‪« ،‬جمموع الفتاوى»‪،‬‬ ‫‪-2‬‬
‫ت‪ :‬عبد الرمحن ابن قاسم‪( ،‬ن‪ :‬جممع امللك فهد‪ ،‬املدينة النبوية‪1228 ،‬م)‪.‬‬
‫ابن تيمية‪ ،‬تقي الدين أمحد بن عبد احلليم‪« ،‬املستدرك على جمموع فتاوى شيخ‬ ‫‪-8‬‬
‫اإلسالم» ‪ ،‬ت‪ :‬حممد بن عبد الرمحن بن قاسم‪( ،‬بدون انشر‪ ،‬ط‪،1 :‬‬
‫‪1218‬هـ)‪.‬‬
‫ابن تيمية‪ ،‬تقي الدين أمحد بن عبد احلليم‪« ،‬رفع املالم عن األئمة األعالم»‪،‬‬ ‫‪-6‬‬
‫(طبع وتشر‪ :‬الرائسة العامة إلدارات البحوث العلمية واإلفتاء والدعوة واإلرشاد‪،‬‬
‫الرايض‪1281 ،‬م)‪.‬‬
‫ابن تيمية‪ ،‬تقي الدين أمحد بن عبد احلليم‪« ،‬منهاج السنة النبوية يف تقض كالم‬ ‫‪-7‬‬
‫الشيعة القدرية» ‪ ،‬ت‪ :‬حممد رشاد سامل‪( ،‬ن‪ :‬جامعة اإلمام حممد بن سعود‬
‫اإلسالمية‪ ،‬ط‪1286 ،1 :‬م)‪.‬‬
‫ابن حزم‪ ،‬أبو حممد علي بن أمحد (ت‪286‬هـ)‪« ،‬اإلحكام يف أصول األحكام»‪،‬‬ ‫‪-8‬‬
‫قوبلت على الطبعة اليت حققها‪ :‬الشيخ أمحد حممد شاكر‪( ،‬ن‪ :‬دار اآلفاق‬
‫اجلديدة‪ ،‬بريوت)‪.‬‬
‫ابن محدان‪ ،‬أمحد بن محدان احلراين (‪628‬هـ)‪« ،‬صفة املفيت واملستفيت»‪ ،‬ت‪ :‬أبو‬ ‫‪-2‬‬
‫اصطالح الفتوحي يف كتابه خمتصر التحرير ‪« :‬يف وج ٍه»‪ ،‬أو «يف قولٍ »‪ ،‬أو «على قولٍ» ‪ -‬دراسة أصوليَّة استقرائيَّة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪13‬‬
‫جنة احلنبلي مصطفى‪( ،‬ن‪ :‬دار الصميعي‪ ،‬الرايض‪ ،‬ط‪4118 ،1 :‬م)‪.‬‬
‫ابن رجب‪ ،‬عبد الرمحن بن أمحد (‪728‬هـ)‪« ،‬جامع العلوم واحلكم يف شرح‬ ‫‪-11‬‬
‫مخسني حديثا من جوامع الكلم»‪ ،‬ت‪ :‬شعيب األرانؤوط ‪ -‬لبراهيم ابجس‪( ،‬ن‪:‬‬
‫مؤسسة الرسالة‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪1227 7 :‬م)‪.‬‬
‫ابن رجب‪ ،‬عبد الرمحن بن أمحد (ت ‪728‬هـ)‪« ،‬شرح عل الرتمذي»‪ ،‬ت‪ :‬مهام‬ ‫‪-11‬‬
‫عبد الرحيم سعيد‪( ،‬ن‪ :‬مكتبة املنار‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪1287 ،1 :‬م)‪.‬‬
‫ابن رجب‪ ،‬عبد الرمحن بن أمحد‪« ،‬فتح الباري شرح صحيح البخاري»‪ ،‬ت‪:‬‬ ‫‪-14‬‬
‫حممود بن شعبان‪ ،‬وآخرين‪( ،‬ن‪ :‬مكتبة الغرابء األثرية ‪ -‬املدينة النبوية‪ ،‬ط‪،1 :‬‬
‫‪1226‬م)‪.‬‬
‫ابن عثيمني‪ ،‬حممد بن صاحل‪« ،‬شرح خمتصر التحرير»‪( ،‬ط‪4111 ،1 :‬م)‪.‬‬ ‫‪-11‬‬
‫ابن عقي ‪ ،‬أبو الوفاء علي بن حممد (ت ‪ 811‬هـ)‪« ،‬الواضح يف أصول الفقه»‪،‬‬ ‫‪-12‬‬
‫ت‪ :‬عبد هللا الرتكي‪( ،‬الناشر‪ :‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪1222 ،1 :‬م)‬
‫ابن قدامة‪ ،‬موفق الدين عبد هللا بن أمحد (‪641‬هـ)‪« ،‬املغين»‪ ،‬ت‪ :‬عبد اَّلل‬ ‫‪-18‬‬
‫الرتكي‪ ،‬عبد الفتاح احللو‪( ،‬ن‪ :‬دار عامل الكتب‪ ،‬الرايض‪ ،‬ط‪1227 ،1 :‬م)‪.‬‬
‫ابن قدامة‪ ،‬موفق الدين عبد هللا بن أمحد‪« ،‬روضة الناظر وجنة املناظر»‪ ،‬ت‪ :‬د‪.‬‬ ‫‪-16‬‬
‫شعبان حممد لمساعي ‪( ،‬ن‪ :‬مؤسسة الراين‪ ،‬ط‪4114 ،4 :‬م)‪.‬‬
‫ابن قيم اجلوزية‪ ،‬حممد بن أيب بكر (ت‪781‬هـ)‪« ،‬لعالم املوقعني عن رب‬ ‫‪-17‬‬
‫العاملني» ‪ ،‬ت‪ :‬مشهور بن حسن‪ ،‬شارك يف التخريج‪ :‬أمحد عبد هللا أمحد‪( ،‬ن‪:‬‬
‫دار ابن اجلوزي‪ ،‬السعودية‪ ،‬ط‪ 1241 ،1 :‬هـ)‪.‬‬
‫ابن قيم اجلوزية‪ ،‬حممد بن أيب بكر‪« ،‬مفتاح دار السعادة ومنشور وًلية العلم‬ ‫‪-18‬‬
‫واإلرادة» ‪ ،‬ت‪ :‬عبد الرمحن ابن قائد‪( ،‬ن‪ :‬دار عامل الفوائد‪ ،‬مكة املكرمة‪ ،‬ط‪:‬‬
‫‪1214 ،1‬هـ)‪.‬‬
‫ابن مفلح‪ ،‬مشس الدين حممد املقدسي (ت‪761‬هـ)‪« ،‬أصول الفقه»‪ ،‬ت‪ :‬فهد‬ ‫‪-12‬‬
‫الس َد َحان‪( ،‬ن‪ :‬مكتبة العبيكان‪ ،‬ط‪1222 ،1 :‬م)‪.‬‬
‫أبو يعلى‪ ،‬حممد بن احلسني الفراء (‪ 288‬هـ)‪« ،‬العدة يف أصول الفقه»‪ ،‬ت‪:‬‬ ‫‪-41‬‬
‫أمحد بن علي املباركي‪( ،‬ط‪1221 ،4 :‬م)‪.‬‬
‫‪10‬‬
‫األرموي‪ ،‬اتج الدين حممد بن احلسني (ت‪681‬هـ)‪« ،‬احلاص من احملصول»‬ ‫‪-41‬‬
‫ت‪ :‬عبد السالم هارون‪( ،‬ن‪ :‬جامعة قاريوتس‪ ،‬بنغازي‪1222 ،‬م)‪.‬‬
‫آل تيمية‪« ،‬املسودة يف أصول الفقه»‪ ،‬مجعها وبيضها‪ :‬أمحد بن حممد بن أمحد‬ ‫‪-44‬‬
‫بن عبد الغين احلراين الدمشقي (ت ‪ 728‬هـ)‪ ،‬ت‪ :‬حممد حميي الدين عبد‬
‫احلميد‪( ،‬ن‪ :‬مطبعة املدين‪ ،‬وصورته دار الكتاب العريب)‪.‬‬
‫اآلمدي‪ ،‬علي بن حممد‪« ،‬اإلحكام يف أصول األحكام»‪ ،‬علق عليه‪ :‬عبد الرزاق‬ ‫‪-41‬‬
‫عفيفي‪( ،‬الناشر‪ :‬املكتب اإلسالمي‪( ،‬دمشق ‪ -‬بريوت)‪ ،‬ط‪1214 ،4 :‬هـ)‪.‬‬
‫البخاري‪ ،‬حممد بن لمساعي ‪« ،‬صحيح البخاري»‪ ،‬ت‪ :‬مجاعة من العلماء‪،‬‬ ‫‪-42‬‬
‫صورها بعنايته‪ :‬د‪ .‬حممد زهري الناصر‪ ،‬ط‪1244 ،1 :‬‬ ‫(الطبعة‪ :‬السلطاتية‪ ،‬مث َ‬
‫هـ لدى دار طوق النجاة ‪ -‬بريوت)‪.‬‬
‫الربماوي‪ ،‬مشس الدين حممد بن عبد الدائم (‪811‬هـ)‪« ،‬الفوائد السنية يف شرح‬ ‫‪-48‬‬
‫األلفية» ‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد هللا رمضان موسى‪( ،‬الناشر‪ :‬مكتبة التوعية اإلسالمية‪،‬‬
‫مصر‪ ،‬ط‪4118 ،1 :‬م)‪.‬‬
‫البعلي‪ ،‬أمحد بن عبد هللا بن أمحد (ت ‪1182‬هـ)‪« ،‬الذخر احلرير بشرح خمتصر‬ ‫‪-46‬‬
‫التحرير» ‪ ،‬ت‪ :‬وائ الشنشوري‪( ،‬الناشر‪ :‬املكتبة العمرية ‪ -‬دار الذخائر‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬ط‪4141 ،1 :‬م)‪.‬‬
‫البيضاوي؛ عبد هللا بن عمر بن حممد‪« ،‬منهاج الوصول ل ى علم األصول»‪ ،‬ت‪:‬‬ ‫‪-47‬‬
‫شعبان حممد لمساعي ‪( ،‬ط‪.)4118 ،1 :‬‬
‫اجلراعي‪ ،‬أبو بكر بن زايد (‪ 881‬هـ)‪« ،‬شرح خمتصر أصول الفقه ًلبن اللحام»‪،‬‬ ‫‪-48‬‬
‫ت‪ :‬عبد العزيز القايدي‪ ،‬وآخرين‪( ،‬ن‪ :‬لطائف للنشر‪ ،‬الكويت‪ ،‬ط‪،1 :‬‬
‫‪4114‬م)‪.‬‬
‫الدبوسي‪ ،‬أبو زيد عبيد هللا بن عمر (ت‪211‬هـ)‪« ،‬تقومي األدلة يف أصول‬ ‫‪-42‬‬
‫الفقه»‪ ،‬ت‪ :‬خلي امليس‪( ،‬ن‪ :‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪4111 ،1 :‬م)‪.‬‬
‫الرازي‪ ،‬فخر الدين حممد بن عمر (ت‪616‬هـ)‪« ،‬احملصول يف علم األصول» ت‪:‬‬ ‫‪-11‬‬
‫طه جابر العلواين‪( ،‬ن‪ :‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬ط‪1227 ،1 :‬م)‪.‬‬
‫الزاغوين‪ ،‬أبو احلسن علي بن عبد هللا‪« ،‬اإليضاح يف أصول الدين»‪ ،‬حتقيق‪:‬‬ ‫‪-11‬‬
‫اصطالح الفتوحي يف كتابه خمتصر التحرير ‪« :‬يف وج ٍه»‪ ،‬أو «يف قولٍ »‪ ،‬أو «على قولٍ» ‪ -‬دراسة أصوليَّة استقرائيَّة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪11‬‬
‫عصام السيد حممود‪( ،‬تشر‪ :‬مركز امللك فيص ‪ ،‬ط‪4111 ،1 :‬م)‪.‬‬
‫الزركشي‪ ،‬حممد بن عبد هللا بن هبادر (ت ‪722‬هـ)‪« ،‬البحر احمليط يف أصول‬ ‫‪-14‬‬
‫الفقه»‪( ،‬ن‪ :‬دار الكتيب‪ ،‬ط‪1222 ،1 :‬م)‪.‬‬
‫السبكي؛ عبد الوهاب بن علي‪« ،‬مجع اجلوامع يف أصول الفقه»‪ ،‬ت‪ :‬عبد املنعم‬ ‫‪-11‬‬
‫خلي لبراهيم‪( ،‬ن‪ :‬دار الكتب العلمية‪4111 ،‬م)‪.‬‬
‫السمعاين‪ ،‬منصور بن حممد (ت ‪282‬هـ)‪« ،‬قواطع األدلة يف األصول»‪ ،‬ت‪:‬‬ ‫‪-12‬‬
‫حممد حسن الشافعي‪( ،‬ن‪ :‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪ ،‬ط‪1222 ،1 :‬م)‪.‬‬
‫السيوطي‪ ،‬جالل الدين عبد الرمحن بن أيب بكر (ت ‪211‬هـ)‪« ،‬تدريب الراوي‬ ‫‪-18‬‬
‫يف شرح تقريب النواوي»‪ ،‬ت‪ :‬تظر حممد الفاراييب‪( ،‬ن‪ :‬دار طيبة)‪.‬‬
‫الطويف‪ ،‬سليمان بن عبد القوي (ت‪716 :‬هـ)‪« ،‬شرح خمتصر الروضة»‪ ،‬ت‪:‬‬ ‫‪-16‬‬
‫عبد هللا الرتكي‪( ،‬ن‪ :‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬ط‪1287 ،1 :‬م)‪.‬‬
‫العراقي‪ ،‬ويل الدين أمحد بن عبد الرحيم (ت ‪ 846‬هـ)‪« ،‬الغيث اهلامع شرح‬ ‫‪-17‬‬
‫مجع اجلوامع»‪ ،‬ت‪ :‬حممد اتمر‪( ،‬ن‪ :‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪ 4112 ،1 :‬م)‪.‬‬
‫الغزايل‪ ،‬أبو حامد حممد بن حممد (ت ‪818‬هـ)‪« ،‬املستصفى»‪ ،‬ت‪ :‬حممد عبد‬ ‫‪-18‬‬
‫السالم عبد الشايف‪( ،‬ن‪ :‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ط‪1221 ،1 :‬م)‪.‬‬
‫الفتوحي‪ ،‬حممد بن أمحد بن عبد العزيز (ت‪274‬هـ)‪« ،‬شرح الكوكب املنري =‬ ‫‪-12‬‬
‫املخترب املبتكر شرح املختصر» ‪ ،‬ت‪ :‬حممد الزحيلي وتزيه محاد‪( ،‬ن‪ :‬مكتبة‬
‫العبيكان‪ ،‬ط‪1227 ،4 :‬م)‪.‬‬
‫الفتوحي‪ ،‬حممد بن أمحد بن عبد العزيز‪« ،‬خمتصر التحرير يف أصول الفقه»‪ ،‬ت‪:‬‬ ‫‪-21‬‬
‫لبراهيم غنيم احليص‪( ،‬ن‪ :‬دار ركائز‪ ،‬الكويت‪ ،‬ط‪4144 ،1 :‬م)‪.‬‬
‫الفتوحي‪ ،‬حممد بن أمحد بن عبد العزيز‪« ،‬معوتة أويل النهى شرح املنتهى»‪ ،‬ت‪:‬‬ ‫‪-21‬‬
‫عبد امللك الدهيش‪ ،‬توزيع‪ :‬مكتبة األسدي‪ ،‬مكة املكرمة‪( ،‬ط‪4118 ،8 :‬م)‪.‬‬
‫القشريي‪ ،‬مسلم بن احلجاج (ت‪461 :‬هـ)‪« ،‬صحيح مسلم»‪ ،‬ت‪ :‬حممد فؤاد‬ ‫‪-24‬‬
‫عبد الباقي‪( ،‬ن‪ :‬مطبعة عيسى البايب احلليب وشركاه‪ ،‬القاهرة‪1288 ،‬م)‪.‬‬
‫الكلوذاين‪ ،‬أبو اخلطاب حمفوظ بن أمحد (ت‪811‬هـ)‪« ،‬التمهيد يف أصول‬ ‫‪-21‬‬
‫الفقه» ‪ ،‬ت‪ :‬مفيد حممد أبو عمشة‪ ،‬وحممد بن علي بن لبراهيم‪( ،‬ن‪ :‬مركز‬
‫‪11‬‬
‫البحث العلمي ولحياء الرتاث اإلسالمي‪ -‬جامعة أم القرى‪ ،‬دار املدين‪ ،‬ط‪،1 :‬‬
‫‪1288‬م)‪.‬‬
‫‪ -22‬املرداوي‪ ،‬عالء الدين علي بن سليمان (ت‪ 888‬هـ)‪« ،‬اإلتصاف يف معرفة‬
‫الراجح من اخلالف» ‪( ،‬املطبوع مع املقنع والشرح الكبري)‪ ،‬حتت‪ :‬عبد هللا الرتكي‬
‫– عبد الفتاح احللو‪( ،‬الناشر‪ :‬هجر للطباعة والنشر‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط‪،1 :‬‬
‫‪1228‬م)‪.‬‬
‫‪ -28‬املرداوي‪ ،‬عالء الدين علي بن سليمان‪« ،‬التحبري شرح التحرير يف أصول الفقه»‪،‬‬
‫ت‪ :‬د‪ .‬عبد الرمحن اجلربين‪ ،‬وآخرين‪( ،‬ن‪ :‬مكتبة الرشد‪ ،‬الرايض‪ ،‬ط‪،1 :‬‬
‫‪4111‬م)‪.‬‬
‫‪ -26‬املرداوي‪ ،‬عالء الدين علي بن سليمان‪« ،‬حترير املنقول وهتذيب علم األصول»‪،‬‬
‫ت‪ :‬عبد هللا هاشم وهشام العريب‪( ،‬ن‪ :‬وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية‪ ،‬قطر‪،‬‬
‫ط‪4111 ،1 :‬م)‪.‬‬
- ‫ دراسة أصوليَّة استقرائيَّة حتليليَّة‬- »ٍ‫ أو «على قول‬،» ٍ‫ أو «يف قول‬،»‫ «يف وج ٍه‬: ‫اصطالح الفتوحي يف كتابه خمتصر التحرير‬
11

bibliography

1- Āl Taymīyah, « almswdh fī uṣūl al-fiqh ». jamaʻahā wbyḍhā :


Aḥmad ibn Muḥammad ibn Aḥmad ibn ʻAbd al-Ghanī al-
Ḥarrānī al-Dimashqī, t:Muḥammad Muḥyī al-Dīn ʻAbd al-
Ḥamīd. (Maṭbaʻat al-madanī, wa-ṣūratuhu Dār al-Kitāb al-
ʻArabī).
2- al-Āmidī, ʻAlī ibn Muḥammad, «al-Iḥkām fī uṣūl al-aḥkām».
ʻallaqa ʻalayhi: ʻAbd al-Razzāq ʻAfīfī. (ṭ2, Dimashq wa-Bayrūt
: al-Maktab al-Islāmī, 1402h).
3- al-Urmawī, Tāj al-Dīn Muḥammad ibn al-Ḥusayn, «al-Ḥāṣil
min al-Maḥṣūl». t : ʻAbd al-Salām Hārūn. (Banghāzī : Jāmiʻat
Qāryūnis, 1994m).
4- al-Bukhārī, Muḥammad ibn Ismāʻīl, «Ṣaḥīḥ al-Bukhārī». t :
Jamāʻat min al-ʻulamāʼ, al-Ṭabʻah : al-sulṭānīyah, thumma
ṣawwrhā bʻnāyth: D.Muḥammad Zuhayr al-Nāṣir. (Ṭ: 1, Bayrūt
: Dār Ṭawq al-najāh, 1422h).
5- al-Barmāwī, Shams al-Dīn Muḥammad ibn ʻAbd al-Dāʼim, «al-
Fawāʼid al-sanīyah fī sharḥ al-alfīyah». t: ʻAbd Allāh Ramaḍān
Mūsá, (al-Nāshir: Maktabat al-tawʻiyah al-Islāmīyah, Miṣr, Ṭ :
1, 2015m).
6- al-Baʻlī, Aḥmad ibn ʻAbd Allāh ibn Aḥmad, «al-Dhukhur al-
Ḥarīr bi-sharḥ Mukhtaṣar al-Taḥrīr». t: Wāʼil al-Shinshawrī.
(Ṭ1, al-Qāhirah : al-Maktabah al-ʻUmarīyah-Dār al-Dhakhāʼir,
2020m).
7- al-Bayḍāwī ; ʻAbd Allāh ibn ʻUmar, « Minhāj al-wuṣūl ilá ʻilm
al-uṣūl ». t: Shaʻbān Muḥammad Ismāʻīl. (Ṭ1, Bayrūt : Dār Ibn
Ḥazm, 2008M).
8- Ibn Taymīyah, Aḥmad ibn ʻAbd al-Ḥalīm, «Majmūʻ al-
Fatāwá». t: ʻAbd al-Raḥmān Ibn Qāsim, (al-Madīnah al-
Nabawīyah: Majmaʻ al-Malik Fahd, 1995m).
9- Ibn Taymīyah, Taqī al-Dīn Aḥmad ibn ʻAbd al-Ḥalīm, «al-
Mustadrak ʻalá Majmūʻ Fatāwá Shaykh al-Islām». t:
Muḥammad ibn ʻAbd al-Raḥmān ibn Qāsim. (Ṭ1, bi-dūn
Nāshir, 1418h).
10- Ibn Taymīyah, Taqī al-Dīn Aḥmad ibn ʻAbd al-Ḥalīm, «al-
Mustadrak ʻalá Majmūʻ Fatāwá Shaykh al-Islām». t:
Muḥammad ibn ʻAbd al-Raḥmān ibn Qāsim. (Ṭ1, bi-dūn
Nāshir, 1418h).
11- Ibn Taymīyah, Aḥmad ibn ʻAbd al-Ḥalīm, « Minhāj al-Sunnah
11
al-Nabawīyah fī naqḍ kalām al-Shīʻah al-qadarīyah ». t:
Muḥammad Rashād Sālim. (Ṭ1, al-Riyāḍ : Jāmiʻat al-Imām
Muḥammad ibn Saʻūd al-Islāmīyah, Ṭ: 1, 1986m).
12- al-Jirāʻī, Abū Bakr ibn Zāyid, «sharḥ Mukhtaṣar uṣūl al-fiqh li-
Ibn al-Laḥḥām». t: ʻAbd al-ʻAzīz al-Qāyidī, wa-ākharīn. (Ṭ1,
al-Kuwayt: Laṭāʼif lil-Nashr, 2012m).
13- Ibn al-Jawzī, Yūsuf ibn ʻAbd al-Raḥmān, « al-Īḍāḥ li-qawānīn
al-iṣṭilāḥ fī al-jadal wa-al-munāẓarah ». t: Maḥmūd Muḥammad
al-Sayyid al-Dughaym. (Maktabat Madbūlī, 1995m).
14- Ibn Ḥazm, Abū Muḥammad ʻAlī ibn Aḥmad, «al-Iḥkām fī uṣūl
al-aḥkām». Qūbilat ʻalá al-Ṭabʻah allatī ḥaqqaqahā: al-Shaykh
Aḥmad Muḥammad Shākir. (Bayrūt : Dār al-Āfāq al-Jadīdah).
15- Ibn Ḥamdān, Aḥmad ibn Ḥamdān al-Ḥarrānī, «Ṣifat al-Muftī
wa-al-mustaftī». t: Abū Jannat al-Ḥanbalī Muṣṭafá, (Ṭ1, al-
Riyāḍ : Dār al-Ṣumayʻī, 2015m).
16- al-Dabūsī, Abū Zayd ʻUbayd Allāh ibn ʻUmar, «Taqwīm al-
adillah fī uṣūl al-fiqh». t: Khalīl al-Mays. (Ṭ1, Bayrūt: Dār al-
Kutub al-ʻIlmīyah, 2001m).
17- al-Rāzī, Fakhr al-Dīn Muḥammad ibn ʻUmar, «al-Maḥṣūl fī
ʻilm al-uṣūl». t: Ṭāhā Jābir al-ʻAlwānī. (ṭ3, Bayrūt :
Muʼassasat al-Risālah, 1997m).
18- Ibn Rajab, ʻAbd al-Raḥmān ibn Aḥmad, «Jāmiʻ al-ʻUlūm wa-
al-Ḥikam fī sharḥ khamsīn ḥadīthan min Jawāmiʻ al-Kalim». t:
Shuʻayb al-Arnāʼūṭ wa-Ibrāhīm Bājis. (ṭ7, Bayrūt: Muʼassasat
al-Risālah, 1997m).
19- Ibn Rajab, ʻAbd al-Raḥmān ibn Aḥmad (t 795h), «sharḥ ʻIlal
al-Tirmidhī». t: Hammām ʻAbd al-Raḥīm Saʻīd. (Ṭ1, al-Urdun
: Maktabat al-Manār, al-Urdun, 1987m).
20- Ibn Rajab, ʻAbd al-Raḥmān ibn Aḥmad, «Fatḥ al-Bārī sharḥ
Ṣaḥīḥ al-Bukhārī». t: Maḥmūd ibn Shaʻbān, wa-ākharīn. (Ṭ1,
al-Madīnah al-Nabawīyah: Maktabat al-Ghurabāʼ al-Atharīyah,
1996m).
21- Alzāghwny, Abū al-Ḥasan ʻAlī ibn ʻAbd Allāh, «al-Īḍāḥ fī uṣūl
al-Dīn». t: ʻIṣām al-Sayyid Maḥmūd. (Ṭ1, al-Riyāḍ : Markaz
al-Malik Fayṣal, 2003m).
22- al-Zarkashī, Muḥammad ibn ʻAbd Allāh ibn Bahādur, «al-Baḥr
al-muḥīṭ fī uṣūl al-fiqh», (Ṭ1, N : Dār al-Kutubī, 1994).
23- al-Subkī ; ʻAbd al-Wahhāb ibn ʻAlī, « jamʻ al-jawāmiʻ fī uṣūl
al-fiqh ». t:ʻAqīlah Ḥasan. (Ṭ1, Bayrūt : Dār Ibn Ḥazm,
2011M).
24- al-Samʻānī, Manṣūr ibn Muḥammad (t 489h), «qawāṭiʻ al-
adillah fī al-uṣūl». t : Muḥammad Ḥasan al-Shāfiʻī. (Ṭ1, Bayrūt
- ‫ دراسة أصوليَّة استقرائيَّة حتليليَّة‬- »ٍ‫ أو «على قول‬،» ٍ‫ أو «يف قول‬،»‫ «يف وج ٍه‬: ‫اصطالح الفتوحي يف كتابه خمتصر التحرير‬
11
: Dār al-Kutub al-ʻIlmīyah, 1999m).
25- al-Suyūṭī, ʻAbd al-Raḥmān ibn Abī Bakr, « Tadrīb al-Rāwī fī
sharḥ Taqrīb al-Nawāwī ». t : naẓar Muḥammad al-Fāryābī. (N
: Dār Ṭaybah).
26- al-Ṭūfī, Sulaymān ibn ʻAbd al-Qawī, «sharḥ Mukhtaṣar al-
Rawḍah». t:ʻAbd Allāh al-Turkī, (Ṭ1, Bayrūt : Muʼassasat al-
Risālah, 1987m).
27- Ibn ʻUthaymīn, Muḥammad ibn Ṣāliḥ, «sharḥ Mukhtaṣar al-
Taḥrīr». (Ṭ: 1, al-Saʻūdīyah: Muʼassasat al-Shaykh Muḥammad
ibn Ṣāliḥ al-ʻUthaymīn al-Khayrīyah, 2013m).
28- al-ʻIrāqī, Walī al-Dīn Aḥmad ibn ʻAbd al-Raḥīm, «al-Ghayth
al-hāmiʻ sharḥ jamʻ al-jawāmiʻ». t: Muḥammad Tāmir. (Ṭ1,
Bayrūt : Dār al-Kutub al-ʻIlmīyah, 2004M).
29- Ibn ʻAqīl, Abū al-Wafāʼ ʻAlī ibn Muḥammad, «al-Wāḍiḥ fī
uṣūl al-fiqh». t: ʻAbd Allāh al-Turkī. (Ṭ1, Bayrūt : Muʼassasat
al-Risālah, 1999m).
30- al-Ghazālī, Abū Ḥāmid Muḥammad ibn Muḥammad, «al-
Mustaṣfá». t: Muḥammad ʻAbd al-Salām ʻAbd al-Shāfī. (Ṭ1,
Bayrūt : Dār al-Kutub al-ʻIlmīyah, 1993m).
31- al-Futūḥī, Muḥammad ibn Aḥmad ibn ʻAbd al-ʻAzīz, «sharḥ al-
Kawkab al-munīr = al-Mukhtabar al-mubtakar sharḥ al-
Mukhtaṣar». t: Muḥammad al-Zuḥaylī wa-Nazīh Ḥammād.
(Ṭ1, al-Riyāḍ : Maktabat al-ʻUbaykān, 1997m).
32- al-Futūḥī, Muḥammad ibn Aḥmad ibn ʻAbd al-ʻAzīz,
«Mukhtaṣar al-Taḥrīr fī uṣūl al-fiqh». t: Ibrāhīm Ghunaym
alḥīṣ. (Ṭ1, al-Kuwayt : Dār rakāʼiz, 2022m).
33- al-Futūḥī, Muḥammad ibn Aḥmad ibn ʻAbd al-ʻAzīz, «mʻwnh
ūlī al-nuhá sharḥ al-Muntahá». t: ʻAbd al-Malik aldhysh. (ṭ5,
Makkah al-Mukarramah : Maktabat al-Asadī, 2008m).
34- Ibn Qudāmah, Muwaffaq al-Dīn ʻAbd Allāh ibn Aḥmad, «al-
Mughnī». t: ʻAbd alllah al-Turkī, ʻAbd al-Fattāḥ al-Ḥulw. (ṭ3,
al-Riyāḍ: Dār ʻĀlam al-Kutub, 1997m).
35- Ibn Qudāmah, Muwaffaq al-Dīn ʻAbd Allāh ibn Aḥmad,
«Rawḍat al-nāẓir wa-jannat al-munāẓir», t: D. Shaʻbān
Muḥammad Ismāʻīl, (ṭ2, Muʼassasat al-Rayyān, 2002m).
36- al-Qushayrī, Muslim ibn al-Ḥajjāj, «Ṣaḥīḥ Muslim». t:
Muḥammad Fuʼād ʻAbd al-Bāqī. (al-Qāhirah: Maṭbaʻat ʻĪsá al-
Bābī al-Ḥalabī wa-Shurakāh, 1955m).
37- Ibn Qayyim al-Jawzīyah, Muḥammad ibn Abī Bakr, «Iʻlām al-
muwaqqiʻīn ʻan Rabb al-ʻālamīn». t: Mashhūr ibn Ḥasan,
shāraka fī al-Takhrīj : Aḥmad ʻAbd Allāh Aḥmad. (Ṭ, al-
Saʻūdīyah : Dār Ibn al-Jawzī, 1423h).
11
38- Ibn Qayyim al-Jawzīyah, Muḥammad ibn Abī Bakr, «Miftāḥ
Dār al-Saʻādah wa-manshūr Wilāyat al-ʻIlm wa-al-irādah». t :
ʻAbd al-Raḥmān Ibn Qāʼid. (Ṭ1, Makkah al-Mukarramah: Dār
ʻĀlam al-Fawāʼid, 1432h).
39- al-Kalwadhānī, Abū al-khiṭāb Maḥfūẓ ibn Aḥmad, «al-Tamhīd
fī uṣūl al-fiqh». t: Mufīd Muḥammad Abū ʻAmshah wa-
Muḥammad ibn ʻAlī ibn Ibrāhīm. (Ṭ1, Makkah al-
Mukarramah: Markaz al-Baḥth al-ʻIlmī wa-Iḥyāʼ al-Turāth
alʼslāmy-Jāmiʻat Umm al-Qurá, Dār al-madanī, 1985m).
40- Ibn al-Laḥḥām al-Baʻlī, ʻAlāʼ al-Dīn ibn Muḥammad ibn
ʻAbbās, «al-qawāʻid wa-al-fawāʼid al-uṣūlīyah wa-mā
yatbaʻuhā min al-aḥkām al-farʻīyah». t: ʻĀyiḍ al-Shahrānī
wnāṣr al-Ghāmidī. (Ṭ1, Miṣr : Dār al-Balad, wa-al-Saʻūdīyah:
Dār al-Faḍīlah, 2017m).
41- Ibn al-Laḥḥām al-Baʻlī, ʻAlāʼ al-Dīn ibn Muḥammad ibn
ʻAbbās, «al-Mukhtaṣar fī uṣūl al-fiqh». t : Muḥammad
mẓhrbqā. (Makkah al-Mukarramah: Jāmiʻat al-Malik ʻAbd al-
ʻAzīz).
42- Mardāwī, ʻAlāʼ al-Dīn ʻAlī ibn Sulaymān, «al-Inṣāf fī maʻrifat
al-rājiḥ min al-khilāf», (al-maṭbūʻ maʻa al-Muqniʻ wa-al-sharḥ
al-kabīr). t: ʻAbdAllāh al-Turkī wa-ʻAbd al-Fattāḥ al-Ḥulw.
(Ṭ1, al-Qāhirah: Hajar lil-Ṭibāʻah wa-al-Nashr, 1995m).
43- Mardāwī, ʻAlāʼ al-Dīn ʻAlī ibn Sulaymān, «taḥrīr al-manqūl
wa-tahdhīb ʻilm al-uṣūl». t: ʻAbd Allāh Hāshim wa-Hishām al-
ʻArabī. (Ṭ1, Qaṭar: Wizārat al-Awqāf wa-al-Shuʼūn al-
Islāmīyah, 2013m).
44- Mardāwī, ʻAlāʼ al-Dīn ʻAlī ibn Sulaymān, «al-Taḥbīr sharḥ al-
Taḥrīr fī uṣūl al-fiqh». t: D. ʻAbd al-Raḥmān al-Jibrīn, wa-
ākharīn. (Ṭ1, al-Riyāḍ: Maktabat al-Rushd, 2000m).
45- Ibn Mufliḥ, Shams al-Dīn Muḥammad al-Maqdisī, «uṣūl al-
fiqh». t: Fahd alssadaḥān. (Ṭ1, al-Riyāḍ : Maktabat al-
ʻUbaykān, 1999m).
46- Abū Yaʻlá, Muḥammad ibn al-Ḥusayn al-Farrāʼ, «al-ʻUddah fī
uṣūl al-fiqh». t: Aḥmad ibn ʻAlī al-Mubārakī. (Ṭ: 2, 1990m).
‫تدقسيمات دالالت األلفاظ عنّ احلنفيَّة‬
- ‫ دراسة حتليليَّة استقرائيَّة‬-

The Divisions of Words Connotations According to


the Hanafiyyah
- An Analytical Inductive Study -

‫األستاذ املساعد بقسم أصول الفقه بكليَّة الشريعة باجلامعة اإلسالميَّة‬


‫باملدينة املنورة‬

Prepared by :
Dr. Abdur Rahmaan Muhammad Namankani
Assistant Professor at the Department of Fundamentals
of Jurisprudence at the Faculty of Sharī'ah, Islamic
University of Madinah
Email: dr.a.namankani@gmail.com

‫اعتماد البحث‬ ‫استالم البحث‬


A Research Approving A Research Receiving
2023/03/01 2022/12/26
‫نشر البحث‬
A Research publication
2023/09/30
DOI : 10.36046/2323-056-206-022
‫تقسيمات دالالت األلفاظ عند احلنفيَّة ‪ -‬دراسة حتليليَّة استقرائيَّة ‪-‬‬
‫‪13‬‬

‫ملخص البحث‬

‫هتدف الدراسة ل ى الرغبة يف التعمق يف منهج احلنفية فيما يتعلق ابلدًلًلت؛‬


‫ًلستخراج املعاين اخلفية اليت قصدوها يف ذكر تلك التقسيمات‪ ،‬واستقراء الكتب‬
‫واملصنفات املؤلفة يف ذلك؛ ليظهر الفرق بني طريقة املتقدمني واملتأخرين‪ ،‬وتوصيف أسباب‬
‫اًلختالف بينهم يف التقسيمات‪ ،‬وأعدادها‪ ،‬وترتيبها‪ ،‬ووجه الضبط فيها‪.‬‬
‫واتبع الباحث املنهج التحليلي اًلستقرائي يف البحث‪.‬‬
‫وقد توص الباحث ل ى تتائج وتوصيات من خالل البحث‪ ،‬ومن أبرزها‪:‬‬
‫‪-1‬تبني يل من خالل البحث أن تقسيمات دًلًلت األلفاظ كاتت موجودة يف‬
‫لما ابلعبارة أو اإلشارة‪ ،‬حَت استقر التقسيم الرابعي عند‬ ‫كتب املتقدمني كاجلصاص‬
‫الدبوسي ‪.‬‬
‫‪-4‬اتضح يل أن هذه التقسيمات تشأت من استقراء اتم للكتاب والسنة‪ ،‬فكاتت‬
‫شاملة لك طريق ميكن أن يتوص به ل ى احلكم الشرعي‪.‬‬
‫‪-1‬أن اخلالف بني احلنفية يف عدد‪ ،‬وترتيب األقسام ووجه الضبط فيها يرجع ل ى‬
‫اختالفهم يف اًلعتبارات‪ ،‬أو األحكام‪ ،‬أو ما سوى ذلك من وجوه اًلختالف املعتربة‪.‬‬
‫‪-2‬أن احلنفية قد اتفقوا لمجاًل على التقسيمات اليت ابتكرها وبسطها الدبوسي‬
‫ابختالف اًلعتبارات األربعة‪ ،‬وهي‪ :‬وجوه النظم‪ ،‬ووجوه البيان‪ ،‬ووجوه اًلستعمال‪ ،‬ووجوه‬
‫اًلستدًلل‪ ،‬وما يندرج حتتها من أقسام وتطبيقات‪.‬‬
‫وأوصى الباحث ابلتأم يف التقسيمات اليت ذكرها الدبوسي يف الدًلًلت وغريها‪،‬‬
‫والسعي ل ى لدراك أبعادها‪ ،‬وأسرارها‪ ،‬والفروق بينها‪ ،‬وما يرتتب على ذلك من مثرات‬
‫وتتائج‪.‬‬
‫الكلمات املفتاحيَّة‪( :‬دًلًلت األلفاظ ‪ -‬احلنفية ‪ -‬التقسيمات ‪ -‬اجلصاص ‪-‬‬
‫الدبوسي)‪.‬‬
10

Abstract

This study aims at delving deep into the methodology of the


Hanafis regarding the connotations ،in order to dig out the hidden
meanings meant by them in mentioning those divisions ،and to
conduct an all-encompassing reading of the books authored in this
regard ،in order to reveal the difference between the methods of the
past scholars and the later ones ،and the highlight of the reasons for
the difference of opinions between them on the divisions ،and its
numbers ،and its arrangement ،the factor for its correctness .
The researcher followed the analytical inductive method .
And the researcher concluded with some findings and
recommendations ،the most significant of which include :
1-Based on this research ،we found that the divisions of semantics
were present in the books of earlier scholars ،such as Al-Jassas ،may
Allah have mercy on him ،either by phrase or reference ،until the
quadrilateral division was established by Al-Dabousi ،may Allah have
mercy on him .
2-It became clear to us that these divisions arose from a complete
all-encompassing reading of the Qur’an and the Sunnah ،including all
ways in which one could reach the legitimate judgement .
3- The discrepancy between the Hanafis in the numbe ،arrangement
of the sections and the way of setting them is due to differences in
considerations ،judgements ،or other significant differences .
4-The Hanafis generally agreed on the divisions that Dabousi ،may
Allah have mercy on him ،created and simplified ،according to the
four considerations: the aspects of systems ،the aspects of statement ،
the aspects of use ،the aspects of inference ،and the divisions and
applications underlying them .
It was recommended to reflect on and expand the divisions
mentioned by Al-Dabousi in semantics and others ،and to endeavor to
comprehend the dimensions ،secrets ،the differences between them ،
and the resulting outcomes and consequences .
Keywords: (Connotations of words - the Hanafis – diviosns - Al-
Jassasa - Al-Dabousi).
‫تقسيمات دالالت األلفاظ عند احلنفيَّة ‪ -‬دراسة حتليليَّة استقرائيَّة ‪-‬‬
‫‪11‬‬

‫املدقِّمة‬

‫احلمد هلل الذي دلنا على طريقه املستقيم‪ ،‬وجع ديننا دين اإلسالم ملة أبينا‬
‫لبراهيم‪ ،‬وشرع لنا الشرائع‪ ،‬وبني لنا األحكام بسنة سيدان حممد ذي اخللق العظيم‪،‬‬
‫صلى هللا عليه وعلى آله وصحبه‪ ،‬ومن سار على هنجهم من اجملتهدين يف الشرع‬
‫القومي‪.‬‬
‫وبعد‪:‬‬
‫فإن ألفاظ اللغة العربية ذات دًلًلت متنوعة‪ ،‬فمنها‪ :‬ما يدل على فرد واحد‪،‬‬
‫أو أفراد كثرية حمصورة‪ ،‬أو غري حمصورة‪ ،‬ومنها ما يدل حبقيقته أو جمازه‪ ،‬دًللة صرحية‬
‫أو كنائية‪ ،‬ومنها ما يدل بعبارته أو لشارته‪ ،‬ومنها ما يدل دًللة ظاهرة‪ ،‬أو خفية‪.‬‬
‫والقرآن الكرمي الذي هو مصدر األحكام الشرعية تزل ابللغة العربية‪ ،‬واستعم‬
‫‪{ :‬ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ‬ ‫ألفاظها مبختلف أتواعها‪ ،‬قال هللا‬
‫ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ} [سورة الشعراء‪ ،]195-193:‬وكذلك ك ما صدر‬
‫من قول فهو‪ :‬عريب مبني؛ ألته أفصح من تطق ابلضاد‪ ،‬وكما ورد‪:‬‬ ‫عن الرسول‬
‫"ًل حييط ابللغة لًل تيب"(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬الشافعي‪" ،‬الرسالة"‪ ،‬حتقيق‪ :‬أمحد شاكر (بلد الطبعة‪ ،‬مكتبة احلليب‪:1 )1188 ،‬‬
‫=‬
‫‪11‬‬

‫هلذا كله كان بدهيا أن يُعىن علماء األصول ‪ -‬وهم املختصون بوضع املناهج‬
‫لفهم كتاب هللا ‪ ،‬وسنة رسوله ‪ ،‬واستنباط األحكام منهما ‪ -‬بدراسة األلفاظ‬
‫العربية من هذه النواحي املختلفة‪ ،‬ويضعوا القواعد والضوابط اليت حتدد املسار الذي‬
‫يسلكه ك من أراد معرفة األحكام الشرعية من الكتاب والسنة‪ ،‬وقد فعلوا ذلك بك‬
‫جترد‪ ،‬ولخالص‪ ،‬ومبعايري بلغت الغاية يف الدقة‪.‬‬
‫وكان من الضروري أن يقع بينهم بعض اًلختالف يف تلك القواعد والضوابط‬
‫الكلية؛ ًلختالف املدارس يف العصر األول‪ ،‬وتنوع اًلجتهادات واألتظار واألفهام‪،‬‬
‫وًل سيما ما يتعلق منها مبباحث" دًلًلت األلفاظ "اليت دارت حوهلا أقوال علماء‬
‫األصول‪.‬‬
‫وًل ميكن أن تدرك أحكام الشرع الثابتة ابلقرآن والسنة لًل مبعرفة أقسام" النظم‬
‫واملعىن "‪ ،‬فيجب معرفة أقسامهما؛ لتحص معرفة أحكام الشرع؛ لذ تصوص الكتاب‬
‫والسنة حبر عميق ًل تنقضي عجائبه‪ ،‬وًل تنتهي غرائبه(‪.)1‬‬
‫ومن املناهج اليت ينبغي ضبطها واًلعتناء هبا منهج‪" :‬مدرسة احلنفية" اليت‬
‫متيزت مبناهجها املتعددة‪ ،‬وأصوهلا املتشعبة‪ ،‬وقواعدها املختلفة يف استنباط األحكام‬
‫الشرعية من األدلة املرعية‪.‬‬

‫=‬
‫‪ ،12‬السيوطي‪ ،‬جالل الدين "اإلتقان يف علوم القرآ "‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد أبو الفض لبراهيم‪،‬‬
‫(بلد الطبعة‪ ،‬دار اهليئة املصرية‪ .146 :4 ،)1122 ،‬من قول الشافعي‪.‬‬
‫(‪ )1‬البخاري‪ ،‬عالء الدين‪" ،‬كشف األسرار"‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد هللا بن حممود بن عمر (ط ‪،1‬‬
‫بريوت‪ ،‬دار الكتب العلمية‪1218 ،‬ه ــ)‪.11 :1 ،‬‬
‫تقسيمات دالالت األلفاظ عند احلنفيَّة ‪ -‬دراسة حتليليَّة استقرائيَّة ‪-‬‬
‫‪11‬‬
‫ومن األمور اليت متيزت هبا مدرسة احلنفية‪ :‬التقسيمات اإلمجالية لدًلًلت‬
‫األلفاظ يف الكتاب والسنة‪ ،‬وما يتعلق بذلك من أحكام ومثرات‪ ،‬مما يوجب على‬
‫الباحثني النظر والتأم يف تلك التقسيمات‪ ،‬وما حييط هبا من خفااي يف الزوااي‪ ،‬يمن‬
‫تظر يف‪ :‬أتواع التقسيمات عندهم‪ ،‬وأعدادها‪ ،‬وترتيبها‪ ،‬واملسائ املتعلقة هبا‪.‬‬
‫هلذا كله‪ :‬أحببت أن أشارك يف اًلطالع على ما كتبوا يف هذا الباب‪ ،‬حماواًل‬
‫أن أص ل ى شيء يبدي عن القشر اللباب‪ ،‬وقد مسيت البحث‪:‬‬
‫تقسيمات دالالت األلفاظ عند احلنفيَّة‬
‫‪ -‬دراسة حتليليَّة استقرائيَّة ‪-‬‬

‫‪ ‬أسباب اختيار املوضوع‪:‬‬


‫‪-1‬الرغبة يف التعمق يف منهج احلنفية فيما يتعلق ابلدًلًلت؛ ًلستخراج املعاين‬
‫اخلفية اليت قصدوها يف ذكر تلك التقسيمات‪.‬‬
‫‪-4‬لخراج علم األصول من حيز التنظري ل ى حيز التطبيق‪ ،‬وذلك يكون مبعرفة‬
‫التقسيمات يف دًلًلت األلفاظ‪ ،‬وما يرتتب عليها من مثرات وتطبيقات‪.‬‬
‫‪-1‬الرغبة يف اًلستقراء لتلك التقسيمات ابعتبار‪ :‬الكتب واملصنفات املؤلفة يف‬
‫ذلك؛ ليظهر يل الفرق بني طريقة املتقدمني واملتأخرين عندهم‪ ،‬وأبرز ما يرتتب على‬
‫ذلك من تتائج وآاثر‪.‬‬
‫‪-2‬الرغبة يف توصيف أسباب اًلختالف بينهم يف التقسيمات‪ ،‬وأعدادها‪،‬‬
‫وترتيبها‪ ،‬ووجه الضبط فيها‪.‬‬
‫‪11‬‬

‫‪ ‬أهّاف البحث‪:‬‬
‫هتدف الدراسة ل ى الرغبة يف التعمق يف منهج احلنفية فيما يتعلق ابلدًلًلت؛‬
‫ًلستخراج املعاين اخلفية اليت قصدوها يف ذكر تلك التقسيمات‪ ،‬واستقراء الكتب‬
‫واملصنفات املؤلفة يف ذلك؛ ليظهر الفرق بني طريقة املتقدمني واملتأخرين‪ ،‬وتوصيف‬
‫أسباب اًلختالف بينهم يف التقسيمات‪ ،‬وأعدادها‪ ،‬وترتيبها‪ ،‬ووجه الضبط فيها‪.‬‬
‫‪ ‬منهج البحث‪:‬‬
‫يتبع هذا البحث املنهج التحليلي اًلستقرائي؛ لذ تطرقت فيه للحديث عن‬
‫مراتب دًلًلت األلفاظ عند احلنفية ابًلعتبارات األربعة املختلفة عندهم‪ ،‬وأبرزت‬
‫الفرق لمجاًل بني التقسيمات‪ ،‬وأسباب اختالفهم فيها‪ ،‬ومراتبها عند التعارض‪ ،‬من‬
‫خالل مدوانت احلنفية األصولية‪ ،‬املتقدمة واملتأخرة على قدر الطاقة والوسع‪.‬‬
‫‪ ‬الّراسات السابدقة‪:‬‬
‫مل أقف على دراسة تتعلق بتحلي واستقراء أقسام دًلًلت األلفاظ عند احلنفية‬
‫وًل سيما فيما يتعلق ابملقارتة بني مناهجهم والتطرق ًلختالفهم يف التقسيمات ولبراز‬
‫أسباب اًلختالف بينهم مع ذكر وجه الضبط فيه‪.‬‬
‫وك هذه األمور اليت ذكرهتا تعترب لضافة يف حبث هذه التقسيمات من حيث‬
‫هي بغض النظر عن تعريفات املصطلحات وأحكامها فهذا ًل يتعلق به حبثي‪.‬‬
‫‪ ‬حّود البحث وجماله‪:‬‬
‫يعد هذا البحث حبث ا حتليلي ا استقرائيا؛ لذ تطرقت فيه للحديث عن مراتب‬
‫دًلًلت األلفاظ عند احلنفية ابًلعتبارات األربعة املختلفة عندهم‪ ،‬وأبرزت الفرق‬
‫لمجاًل بني التقسيمات‪ ،‬وأسباب اختالفهم فيها‪ ،‬وما يرتتب على ذلك من مثرات‬
‫تقسيمات دالالت األلفاظ عند احلنفيَّة ‪ -‬دراسة حتليليَّة استقرائيَّة ‪-‬‬
‫‪11‬‬
‫وتتائج‪ ،‬من خالل مدوانت احلنفية األصولية‪ ،‬املتقدم واملتأخرة على قدر الطاقة‬
‫والوسع‪.‬‬
‫‪ ‬خطة البحث‪:‬‬
‫يشتم البحث على مقدمة‪ ،‬ومتهيد‪ ،‬ومبحثني‪ ،‬وخامتة‪ .‬رمسها كالتايل‪:‬‬
‫أما املقدمة فقد اشتملت على استهالل‪ ،‬وعلى أسباب اختيار املوضوع‪،‬‬
‫وحدوده‪ ،‬وخطة البحث‪ ،‬واملنهج املسلوك فيه‪.‬‬
‫وأما التمهيد‪ ،‬ففيه مطلب واحد‪ :‬وهو‪ :‬التعريف مبفردات العنوان لغة‬
‫واصطالحا‪.‬‬
‫وأما املبحثان فيشتمالن على مطالب وفروع‪ ،‬هاك ذكرها‪:‬‬
‫إمجاال‪.‬‬
‫املبحث األول‪ :‬مناهج احلنفية يف حبث دالالت األلفاظ ً‬
‫وفيه مطلبان‪:‬‬
‫منوذجا)‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬طريقة املتقدمني قب الدبوسي ‪( æ‬اجلصاص ا‬
‫ومن بعده من أصحاب املتون املعتمدة‬ ‫املطلب الثاين‪ :‬طريقة الدبوسي‬
‫والشروح واحلواشي‪.‬‬
‫وفيه فرعان‪:‬‬
‫لمجاًل‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬اختالفهم يف تقسيمات الدًلًلت ا‬
‫الفرع الثاين‪ :‬اختالفهم يف ترتيب الدًلًلت‪ ،‬وتعدادها‪ ،‬ووجه الضبط فيها‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬تظرات منهجية حتليلية يف التقسيمات‪.‬‬
‫تفصيال‪.‬‬
‫ً‬ ‫املبحث الثاين‪ :‬مناهج احلنفية يف حبث دالالت األلفاظ‬
‫وفيه أربعة مطالب‪.‬‬
‫‪11‬‬

‫املطلب األول‪ :‬يف وجوه النظم "الوضع" يف الكتاب والسنة عند احلنفية‪.‬‬
‫وفيه فرعان‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تقسيمات احلنفية لوجوه النظم يف الكتاب والسنة‪ ،‬ووجه الضبط‬
‫فيها‪.‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬أحكام هذه التقسيمات عند التعارض‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬يف وجوه البيان يف الكتاب والسنة عند احلنفية‪.‬‬
‫وفيه فرعان‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تقسيمات احلنفية لوجوه البيان يف الكتاب والسنة‪ ،‬ووجه الضبط‬
‫فيها‪.‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬أحكام هذه التقسيمات عند التعارض‪.‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬يف وجوه اًلستعمال وجرايته يف الكتاب والسنة عند احلنفية‪.‬‬
‫وفيه فرعان‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تقسيمات احلنفية لوجوه اًلستعمال وجرايته يف الكتاب والسنة‪،‬‬
‫ووجه الضبط فيها‪.‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬أحكام هذه التقسيمات عند التعارض‪.‬‬
‫املطلب الرابع‪ :‬يف وجوه اًلستدًلل‪ ،‬ومعرفة املراد يف الكتاب والسنة عند‬
‫احلنفية‪.‬‬
‫وفيه فرعان‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تقسيمات احلنفية لوجوه اًلستدًلل‪ ،‬ومعرفة املراد يف الكتاب‬
‫والسنة‪ ،‬ووجه الضبط فيها‪.‬‬
‫تقسيمات دالالت األلفاظ عند احلنفيَّة ‪ -‬دراسة حتليليَّة استقرائيَّة ‪-‬‬
‫‪11‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬أحكام هذه التقسيمات عند التعارض‪.‬‬
‫اخلامتة‪:‬‬
‫وفيها أهم تتائج البحث وتوصياته‪.‬‬
‫فهرس املصادر واملراجع‪.‬‬
‫‪ ‬منهج البحث‪:‬‬
‫ويتضمن أمرين‪:‬‬
‫األول‪ :‬منهج الكتابة يف املوضوع ذاته‪.‬‬
‫َّ‬
‫ويتمث يف النقاط التالية‪:‬‬
‫أ‪-‬اًلعتماد يف حبث املسائ على املصادر األصيلة يف ك مبحث حبسبه‪ ،‬مع‬
‫اًلستفادة من كتب املعاصرين فيما له عالقة بذلك املبحث‪.‬‬
‫ب‪-‬ذكر اخلالفات األصولية عند احلنفية‪ ،‬وتقريرها‪ ،‬والتنبيه على ما يرتتب‬
‫عليها من مثرات وتتائج‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬منهج التعليق والتهميش‪.‬‬
‫ويكون على ضوء النقاط التالية‪:‬‬
‫‪-1‬عزو اآلايت ل ى سورها‪ ،‬مع ذكر رقم اآلية‪ ،‬واسم السورة‪ ،‬وكتابتها ابلرسم‬
‫العثماين‪.‬‬
‫‪-2‬عزو األحاديث ل ى مظاهنا من كتب احلديث‪ ،‬فإن كان يف الصحيحني أو‬
‫أحدمها أكتفي ابإلحالة‪ ،‬ولن كان يف غريها ذكرت حكم أه الشأن فيها‪.‬‬
‫‪-3‬أبني معاين األلفاظ الغريبة‪ ،‬وأوثقها من معاجم اللغة املعتمدة‪ ،‬أو من كتب‬
‫أه الفن الذي يتبعه معىن هذا اللفظ‪.‬‬
‫‪12‬‬

‫‪-4‬أترجم لألعالم ‪ -‬غري املشهورين ‪ -‬الوارد أمساؤهم يف صلب البحث‪.‬‬


‫‪-8‬أخدم املوضوع بفهارس متنوعة‪ ،‬كما هو مبني يف اخلطة‪.‬‬
‫على ما يسر‬ ‫على ما أو ى وأتعم‪ ،‬وأشكره‬ ‫ويف اخلتام‪ :‬أمحد هللا‬
‫و ْأعظَم‪ ،‬فله احلمد أوًلا وآخرا‪ ،‬ظاهرا وابطن ا‪.‬‬
‫مث أقدم شكري وعرفاين ل ى ك من كان له سهم وتصيب وجهد يف بروز هذا‬
‫العم ‪ ،‬ابتداءا بوالدي الكرميني اللذين أكرماين ابلنصح واإلرشاد‪ ،‬ومل يقصرا يف‬
‫التضرع والدعاء‪ ،‬أسأل هللا أن يطي يف عمرمها يف صحة وعافية‪ ،‬وطاعة هلل ‪.‬‬
‫وأخريا‪ ،‬فهذا جهد املق املتعرض للخطأ والزل ‪ ،‬الغارق يف سنة الغفلة‬
‫واخلط ‪ ،‬وكما يقول الراجز‪:‬‬
‫ج ـ ـ م ـ ــن ًل عي ـ ــب في ـ ــه وخ ـ ــال(‪)1‬‬ ‫لن جت ـ ـ ـ ـ ـ ــد عيبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـا فس ـ ـ ـ ـ ـ ــد اخلل ـ ـ ـ ـ ـ ــال‬
‫وصلى هللا على سيدان وحبيبنا حممد‪ ،‬وعلى آله وأصحابه أمجعني‪ ،‬واحلمد هلل‬
‫رب العاملني‪.‬‬

‫(‪ )1‬طباطبا‪ ،‬حممد بن أمحد بن حممد بن أمحد بن لبراهيم‪" ،‬عيار الشعر"‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد العزيز بن‬
‫انصر املاتع (القاهرة‪ ،‬مكتبة اخلاجني)‪ .‬ص‪.412 :‬‬
‫تقسيمات دالالت األلفاظ عند احلنفيَّة ‪ -‬دراسة حتليليَّة استقرائيَّة ‪-‬‬
‫‪13‬‬
‫التمهيّ‪ :‬التعريف مبفردات العنوان لغةً واصطالحًا‬
‫يشتم عنوان البحث على مصطلحني أصوليني‪ ،‬ومها‪" :‬دًلًلت األلفاظ"‪،‬‬
‫فنحتاج ل ى تعريف ك منهما على يح َدة‪:‬‬
‫فالدالالت‪ :‬مجع دًللة‪.‬‬
‫والداللة لغة‪ :‬مصدر دل يدل دًللة ‪ -‬بفتح الدال وهو أفصح‪ ،‬وروي بكسر‬
‫الدال‪ ،‬وروي بضمها ‪ .-‬واجلمع‪ :‬يأدلة‪ ،‬و يأدًلء‪ ،‬واًلسم‪ :‬الدًللة ‪ -‬ابلكسر‪ ،‬والفتح‬
‫الدلييلي‪ :‬علمه ابلدًللة ورسوخه فيها‬
‫الدلُولة‪ ،‬و ي‬
‫‪ ،-‬و ُّ‬
‫وهلا معان منها‪ :‬اإلابتة‪ ،‬واهلداية واإلرشاد(‪.)1‬‬
‫والداللة يف االصطالح‪ :‬هي كون الشيء حبالة يلزم من العلم به العلم بشيء‬
‫آخر(‪.)4‬‬
‫وهذا التعريف من أشهر التعريفات؛ وهو أخص من املعىن اللغوي؛ ألته يدل‬
‫على أن هناك تالزما بني الدال واملدلول‪ ،‬حبيث لذا فهم الدال فهم املدلول‪.‬‬
‫فالشيء األول هو‪ :‬الدال‪ ،‬والشيء الثاين هو‪ :‬املدلول‪ ،‬سواء كان هذا اللزوم‪:‬‬
‫عقليا أو عرفيا‪ ،‬وسواء كان كليا أو جزئيا‪.‬‬
‫والدال‪ :‬لما أن يكون لفظا أو غري لفظ‪ ،‬فتنقسم الدًللة ‪ -‬هبذا اًلعتبار ‪ -‬ل ى‬

‫(‪ )1‬اإلفريقي‪ ،‬ابن منظور‪" ،‬لسان العرب"‪( ،‬ط ‪ ،1‬بريوت‪ ،‬دار صادر‪1212 ،‬هــ)‪،422 :11 ،‬‬
‫الزبيدي‪ ،‬مرتضى‪" ،‬اتج العروس من جواهر القاموس"‪( ،‬ط ‪ ،1‬بريوت‪ ،‬دار الفكر‪،‬‬
‫‪1212‬هـ)‪.228 :48 ،‬‬
‫(‪ )4‬تكري‪ ،‬القاضي عبد النيب بن عبد الرسول األمحد‪" ،‬دستور العلماء"‪ ،‬ترمجة‪ :‬حسن بن هاين‬
‫(ط ‪ ،1‬بريوت‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪1241‬هـ)‪.76 :4 ،‬‬
‫‪10‬‬

‫قسمني مها‪:‬‬
‫القسم األول‪ :‬الدًللة اللفظية‪.‬‬
‫القسم الثاين‪ :‬الدًللة غري اللفظية‪.‬‬
‫وك من هذين القسمني ينقسم ابعتبار لضافته ل ى العق والطبع والوضع ل ى‬
‫ثالثة أقسام هي كما يلي‪:‬‬
‫القسم األول‪ :‬دًللة عقلية‪ ،‬تسبة ل ى العق ‪ ،‬ومسيت هبا؛ ألته ليس للوضع‬
‫والطبع مدخ فيها‪.‬‬
‫القسم الثاين‪ :‬دًللة طبيعية‪ ،‬تسبة ل ى الطبيعة‪ ،‬ومسيت بذلك؛ لدخول الطبع‬
‫فيه دون العق والوضع‪.‬‬
‫القسم الثالث‪ :‬دًللة وضعية‪ ،‬تسبةا ل ى الوضع‪ ،‬ومسيت بذلك؛ ألن للوضع‬
‫دخالا اتما يف الدًللة جبع اجلاع (‪.)1‬‬
‫مث الداللة اللفظية الوضعية تنقسم ل ى ثالثة أقسام‪ :‬مطابقة‪ ،‬وتضمن‪ ،‬والتزام‪.‬‬
‫ألهنا لن كاتت دًللة اللفظ املوضوع على متام ما وضع له‪ :‬فمطابقة‪ ،‬كدًللة‬
‫اإلتسان على احليوان الناطق‪ .‬ولًل‪ :‬فإن كاتت دًللة اللفظ املوضوع على جزء ما‬
‫وضع له‪ ،‬أو على خارج ًلزم ملا وضع له لزوما ذهنيا بينا ابملعىن األخص‪ :‬فاألول‪:‬‬
‫تضمن‪ ،‬كدًللة اإلتسان على احليوان أو الناطق‪ ،‬والثاين‪ :‬التزام‪ ،‬كدًللة العمى على‬
‫البصر‪.‬‬

‫(‪ )1‬احلنفي‪ ،‬أبو البقاء‪" ،‬الكليات‪ ،‬معجم يف املصطلحات والفروق اللغوية"‪ ،‬حتقيق‪ :‬عدانن‬
‫درويش ‪ -‬حممد املصري (بريوت‪ ،‬مؤسسة الرسالة)‪.212 :1 ،‬‬
‫تقسيمات دالالت األلفاظ عند احلنفيَّة ‪ -‬دراسة حتليليَّة استقرائيَّة ‪-‬‬
‫‪11‬‬
‫ومدار اإلفادة واًلستفادة على‪ :‬الدًللة اللفظية الوضعية‪.‬‬
‫وعرفوا الدًللة اللفظية الوضعية ‪ -‬وهي املقصودة يف علم األصول ‪ -‬أبهنا‪ :‬فهم‬
‫املعىن من اللفظ(‪.)1‬‬
‫واعرتض عليه‪ :‬أبن الفهم لن كان مصدرا مبنيا للفاع – أعين‪ :‬الفامهية ‪-‬‬
‫فهو صفة السامع‪ ،‬ولن كان مبنيا للمفعول ‪ -‬أعين املفهومية ‪ -‬فهو صفة للمعىن‪ ،‬فال‬
‫يصح محله على الدًللة اليت هي صفة اللفظ‪.‬‬
‫(‪ :)4‬أبان ًل تسلم أن الفهم ليس صفة‬ ‫وأجاب عنه احملقق التفتازاين‬
‫اللفظ؛ فإن الفهم وحده ولن كان صفة الفاهم‪ ،‬وكذا اًلتفهام وحده صفة املعىن؛ لًل‬
‫أن فهم املعىن من اللفظ صفة اللفظ؛ فإن معىن فهم املعىن من اللفظ‪ ،‬أو اتفهام املعىن‬
‫منه هو معىن كون اللفظ حبيث يفهم منه أو ينفهم منه املعىن‪.‬‬
‫غاية ما يف اجلواب‪ :‬أن الدًللة مفرد يصح أن يشتق منه صفة حتم على‬
‫اللفظ‪ ،‬وفهم املعىن واتفهامه مركب ًل ميكن اشتقاقها منه لًل بواسطة‪ ،‬مث أن يقال‪:‬‬
‫اللفظ منفهم منه املعىن(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬التفتازي‪ ،‬سعد الدين‪" ،‬التلويح"‪ ،‬حتقيق‪ :‬زكراي عمريات (ط ‪ ،1‬بريوت‪ ،‬دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫‪1216‬ه ــ)‪.481 :1 ،‬‬
‫(‪ )4‬سعد الدين مسعود بن عمر بن عبد هللا التفتازاين‪ ،‬العالمة الكبري‪ ،‬أحد أئمة العربية والبيان‬
‫واملنطق‪ ،‬صاحب "شرح الشمسية يف املنطق" و"التلويح يف أصول الفقه"‪ ،‬وله غري ذلك من‬
‫التصاتيف‪ ،‬ولد سنة‪714( :‬هـ)‪ ،‬ومات سنة‪724( :‬هـ)‪ .‬اتظر‪ :‬ابن حجر‪" :‬الدرر الكامنة"‬
‫‪ ،114 :6‬وخملوف‪" ،‬شجرة النور الزكية يف طبقات املالكية" ‪.678 :1‬‬
‫(‪ )1‬التفتازي‪ ،‬سعد الدين‪" ،‬التلويح"‪ ،‬حتقيق‪ :‬زكراي عمريات (ط ‪ ،1‬بريوت‪ ،‬دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫=‬
‫‪11‬‬

‫وأما األلفاظ‪ :‬فجمع لفظ‪.‬‬


‫واللفظ يف اللغة‪ :‬الرمي مطلقا‪ ،‬ورمي شيء من الفم سواء كان املرمي حرفا‪،‬‬
‫أو غريه‪.‬‬
‫ويف االصطالح‪ :‬ما يتلفظ به اإلتسان‪ ،‬حقيقة أو حكما‪ ،‬مهمال كان أو‬
‫مفردا كان أو مركباا(‪.)1‬‬
‫موضوعا‪ ،‬ا‬
‫لكن خص يف عرف اللغة مبا صدر من الفم من الصوت املعتمد على املخرج‬
‫حرفا واحدا أو أكثر‪ ،‬مهمال أو مستعمال(‪.)4‬‬
‫وقد ذكر احلنفية أن اللفظ مبعىن‪ :‬النظم‪ ،‬وأرادوا ابلنظم‪ :‬العبارات‪ ،‬وابملعىن‪:‬‬
‫مدلوًلهتا‪.‬‬
‫مث عدلوا عن ذكر اللفظ ‪ -‬الذي معناه يف اللغة‪ :‬الرمي‪ ،‬يقال‪ :‬لفظ النوى‪،‬‬
‫أي‪ :‬رماه ‪ -‬ل ى ذكر النظم ‪ -‬الذي يدل على حسن الرتتيب يف أتفس اجلواهر ‪-‬؛ يف‬
‫تقسيمات الكتاب؛ رعايةا لألدب وتعظيم ا لعبارات القرآن‪.‬‬
‫ويف تعريف اخلاص‪ ،‬وغريه ذكروا‪ :‬اللفظ؛ ألن ذلك تعريف له من حيث هو‬
‫خاص ًل من حيث لته خاص القرآن‪ ،‬فال جيب فيه رعاية األدب(‪.)1‬‬
‫اضا على ذلك‪ :‬لن معىن النظم على ما فسره احملققون هو‪:‬‬
‫وقد يقال اعرت ً‬
‫=‬
‫‪1216‬هـ ـ)‪ .481 :1 ،‬تكري‪ ،‬القاضي عبد النيب بن عبد الرسول األمحد "دستور العلماء"‬
‫‪.76 :4‬‬
‫(‪ )1‬تكري‪ ،‬القاضي عبد النيب بن عبد الرسول األمحد "دستور العلماء" ‪.142 :1‬‬
‫(‪ )4‬احلنفي‪ ،‬أبو البقاء‪" ،‬الكليات" ‪.728 :1‬‬
‫(‪ )1‬البخاري‪ ،‬عالء الدين‪" ،‬كشف األسرار" ‪.42 :1‬‬
‫تقسيمات دالالت األلفاظ عند احلنفيَّة ‪ -‬دراسة حتليليَّة استقرائيَّة ‪-‬‬
‫‪11‬‬
‫ترتيب األلفاظ مرتتبة املعاين متناسقة الدًلًلت على وفق ما يقتضيه العق ؛ ًل تواليها‬
‫يف النطق‪ ،‬وضم بعضها ل ى بعض كيفما اتفق‪ ،‬أو هو األلفاظ املرتتبة هبذا اًلعتبار‬
‫حَت لو قي يف‪ :‬قفا تبك من ذكرى حبيب(‪ ،)1‬بدله‪ :‬تبك قفا من حبيب ذكرى‪:‬‬
‫تظما؟‬
‫كان لفظاا ًل ا‬
‫وأجابوا عنه‪ :‬أبته يطلق النظم يف هذا املقام على املفرد حيث ينقسم ل ى‪:‬‬
‫اخلاص والعام واملشرتك‪ ،‬وحنو ذلك‪ ،‬فاملراد به اللفظ ًل غري(‪.)4‬‬
‫وقد مسى اإلمام الكرماسيت(‪ )1‬هذه الدًلًلت ابملباحث اليت تتعلق ابلعربية‪،‬‬
‫مث قال‪" :‬ولمنا كان هذا الفص يف هذه املباحث اللغوية؛ لتوقف اًلستدًلل ابلكتاب‬
‫والسنة؛ لكوهنما عربيني على معرفتهما"(‪)2‬‬

‫(‪ )1‬جزء من بيت يف الكندي‪ ،‬امرؤ القيس بن حجر بن احلارث‪" ،‬ديوان ام يرئ القيس"‪ ،‬اعتىن‬
‫به‪ :‬عبد الرمحن املصطفاوي (ط ‪ ،4‬بريوت‪ ،‬دار املعرفة‪1248 ،‬هـ ــ)‪ ،‬ص‪.12 :‬‬
‫(‪ )4‬التفتازي‪ ،‬سعد الدين‪" ،‬التلويح"‪ ،‬حتقيق‪ :‬زكراي عمريات (ط ‪ ،1‬بريوت‪ ،‬دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫‪1216‬ه ــ)‪.81 :1 ،‬‬
‫مدرسا‪ ،‬مث‬
‫(‪ )1‬العامل الفاض يوسف بن حسني الكرماسيت‪ ،‬فقيه حنفي‪ ،‬برع يف العلوم مث صار ا‬
‫قاضياا‪ ،‬وله مصنفات منها‪" ،‬حاشية املطول" و"شرح الوقاية" و"الوصول ل ى علم األصول"‪،‬‬
‫وغريها كثري‪ ،‬مات سنة‪216( :‬هـ)‪ .‬اتظر‪" :‬سلم الوصول ل ى طبقات الفحول" ‪،211 :1‬‬
‫والزركلي‪" ،‬األعالم" ‪" ،447 :8‬معجم املؤلفني" ‪.422 :11‬‬
‫(‪ )2‬الكرماسيت‪ ،‬يوسف بن حسني‪" ،‬زبدة الوصول ل ى عمدة األصول"‪ ،‬حتقيق‪ :‬محد بن محدي‬
‫الصاعدي (الكويت‪ ،‬وزارة األوقاف والشؤون اًلسالمية)‪.142 :1 ،‬‬
‫‪11‬‬
‫املبحث األوَّل‪ :‬مناهج احلنفية يف حبث دالالت األلفاظ إمجاالً‬
‫وفيه مطلبان‪:‬‬
‫املطلب األوَّل‪ :‬طريدقة املتدقِّمني قبل الّبوسي ‪( æ‬اجلصاص منوذجًا)‬
‫ًل خيفى على الباحثني يف علم أصول الفقه‪ :‬أن القرن الثالث للهجرة مل يصلنا‬
‫منه أي كتاب من كتب علم أصول الفقه استقالًل‪ ،‬وأن رسالة الشافعي ‪ -‬املتوىف سنة‬
‫‪412‬هـ ‪ -‬ظلت مؤثرة يف كتاابت القرن الثالث اليت مل تبلغنا منها لًل شذرات متفرقة‬
‫يف املصادر املتأخرة ملختلف علماء املذاهب‪ ،‬وأغلبها رسائ صغرية مل حتفظ ل ى يومنا‬
‫هذا‪ ،‬لًل ما أدرج منها يف أتليفات أخرى‪.‬‬
‫وكذلك احلال يف القرن الرابع للهجرة‪ ،‬فال تتعدى أكثر الكتب املهمة املؤلفة‬
‫‪.‬‬ ‫فيه كوهنا شرحا لرسالة اإلمام الشافعي‬
‫فك من ساهم يف كتابة علم األصول يف تلك الفرتة من خمتلف املذاهب‪:‬‬
‫سائرا على هنجه‪ ،‬أو يكون قد اختذ لتقرير‬ ‫كان لما ملتزما بطريقة الشافعي‬
‫أصوله سبيالا آخر‪.‬‬
‫فاملالكية واحلنابلة من الفريق األول؛ لذ قَبي املالكية أصول الشافعي وارتضوا‬
‫منهاجه‪ ،‬وزادوا عليه ما خالفهم فيه من‪ :‬لمجاع أه املدينة‪ ،‬واملصاحل املرسلة‪.‬‬
‫وكذلك احلنابلة ساروا على هنجه وأضافوا ما خالفهم فيه‪.‬‬
‫أما احلنفية ‪ -‬وهم حم اعتنائنا ‪ -‬فقد أتثروا مبنهجه لمجاًل وأخذوا مما أخذ‪،‬‬
‫وزادوا ما خالفهم فيه مث ‪ :‬العرف واًلستحسان؛ لكنهم ساروا يف تقرير األصول‬
‫وكتابتها على غري األسلوب اًلستدًليل الذي سلكه الشافعية‪.‬‬
‫وألج أن يتضح هذا الفرق‪ :‬أحتدث إبشارات خمتصرة عن أبرز مدون من‬
‫تقسيمات دالالت األلفاظ عند احلنفيَّة ‪ -‬دراسة حتليليَّة استقرائيَّة ‪-‬‬
‫‪11‬‬
‫املدوانت األصولية عند احلنفية يف القرن الرابع اهلجري‪ ،‬أًل وهو كتاب اإلمام‬
‫اجلصاص(‪ ،)1‬ويسمى‪" :‬الفصول يف األصول"‪ ،‬أليب بكر أمحد بن علي الرازي‬
‫اجلصاص(‪171‬هـ)‪.‬‬
‫وهو يف تظر بعض الباحثني املعاصرين‪ :‬أهم حمطة يف التجديد األصويل بعد‬
‫اإلمام الشافعي‪ ،‬ألته تضمن لضافات على مستوى املضمون والشك ‪.‬‬
‫املباحث اللغوية‪ ،‬ودًلًلت األلفاظ‪،‬‬ ‫فعلى مستوى املضمون‪ :‬فقد أكم‬
‫السنة‪ ،‬كما طور البحث يف تناول دلي اإلمجاع‪،‬‬
‫واملوضوعات املشرتكة بني الكتاب و ُ‬
‫والقياس‪ ،‬واًلستحسان‪ ،‬ومبحث اًلجتهاد‪.‬‬
‫أما على مستوى الشـك والصياغة‪ :‬فقد جتاوز العرض املتفرق ملباحث األصول‬
‫الذي متث يف كتاب" الرسالة "للشافعي‪ ،‬وذلك برتتيبه لألبواب والفصول ترتيباا‬
‫منطقيا‪ ،‬وعرضه ملباحث الكتاب عرضا علميا‪.‬‬
‫وتربز قيمة كتاب "الفصول" للجصاص يف النقاط التالية‪:‬‬
‫أ‪-‬أته من املؤلفات األو ى اليت تقدم لنا صورة وافية وشاملة عن التأليف‬
‫"‪ .‬وهذا ما تنبئ عنه األبواب املوجودة يف‬ ‫األصويل بعد "رسالة اإلمام الشافعي‬
‫كتاب "الفصول يف األصول"‪ ،‬واليت مل تعهدها يف "الرسالة"‪.‬‬

‫(‪ )1‬أبو بكر أمحد بن علي الرازي احلنفي ‪ -‬املعروف ابجلصاص ‪ -‬لمام كبري الشأن‪ ،‬سكن‬
‫بغداد‪ ،‬وعنه أخذ فقهاؤها‪ ،‬ولليه اتتهت رايسة األصحاب‪ ،‬كان لمام أصحاب أيب حنيفة‪،‬‬
‫وكان مشهورا ابلزهد‪ ،‬أمتنع من القضاء‪ ،‬ومن مصنفاته‪" :‬الفصول يف األصول"‪ ،‬و"أحكام‬
‫القرآن"‪ ،‬ولد سنة‪118( :‬هـ)‪ ،‬وتويف سنة‪171( :‬هـ)‪ .‬اتظر‪" :‬طبقات الفقهاء" ص‪،122 :‬‬
‫واحلنفي‪ ،‬حميي الدين‪" ،‬اجلواهر املضية" ‪ ،82 :1‬وابن قطلوبغا‪" ،‬اتج الرتاجم" ص‪.17 :‬‬
‫‪11‬‬

‫وهذه األبواب ستكون أساسا يتكرر يف املدوانت األصولية الالحقة على غرار‬
‫أبواب‪ :‬احلقيقة واجملاز‪ ،‬واحملكم واملتشابه‪ ،‬واألمر والنهي وغريها‪.‬‬
‫وعليه‪ :‬فقد شغ كتاب الفصول دورا مهما يف حركة تدوين علم أصول الفقه؛‬
‫‪.‬‬ ‫ففيه لضافات على ما أتى به الشافعي‬
‫ب‪-‬أته ضمن يف كتابه وسفره املبارك آراء مشايخ احلنفية املتقدمني‪ ،‬وًل سيما‬
‫آراء شيخه اإلمام أيب احلسن عبيد هللا بن احلسني الكرخي احلنفي (ت ‪121‬هـ)(‪)1‬‬

‫الذي اتتهت لليه رائسة املذهب احلنفي‪ ،‬واتتشر أصحابه يف البالد‪ ،‬وله رسالة خمتصرة‬
‫يف األصول‪ ،‬عليها مدار فروع احلنفية‪.‬‬
‫ج‪-‬متيز أسلوب كتاب الفصول للجصاص‪ :‬بسالمة الرتكيب‪ ،‬والعرض العلمي‬
‫املنظم يف املباحث كافة‪.‬‬
‫يف تقرير املوضوع الذي يعنون له لن احتاج ل ى شرح وتقرير‪ ،‬مث‬ ‫فيبدأ‬
‫يعرض آراء الفقهاء ومواقفهم جتاهها‪ ،‬ويفص الكالم يف تدوين آراء مشايخ احلنفية‬
‫لن كان هلم رأي وموقف يف املوضوع‪ ،‬مث حيدد موقفه من تلك األقوال تصحيحا أو‬
‫ترجيحا‪ ،‬واستدًلًل لذلك‪.‬‬
‫ويتم البحث عنده بذكر أدلة املخالفني وتقضها بطريقة موضوعية‪.‬‬

‫(‪ )1‬أبو احلسن عبيد هللا بن احلسني بن دًلل بن دهلم‪ ،‬الفقيه الكرخي‪ ،‬لليه اتتهت رايسة العلم‬
‫يف أصحاب أيب حنيفة‪ ،‬وكان ورعا‪ ،‬أخذ عنه أبو بكر الرازي وأبو بكر الدامغاين‪ ،‬ومجاعة‪،‬‬
‫اتتشرت تالمذته يف البالد‪ ،‬واشتهر امسه‪ ،‬وبعد صيته‪ ،‬وكان من العلماء العباد ذا هتجد‪،‬‬
‫عاش مثاتني سنة‪ ،‬تويف سنة‪121( :‬هـ)‪ ،‬اتظر‪ :‬البغدادي‪ ،‬اخلطيب‪" ،‬اتريخ بغداد" ‪:14‬‬
‫‪ ،72‬والشريازي‪" ،‬طبقات الفقهاء"‪ ،‬ص‪ ،124 :‬والذهيب‪" ،‬سري أعالم النبالء" ‪.246 :18‬‬
‫تقسيمات دالالت األلفاظ عند احلنفيَّة ‪ -‬دراسة حتليليَّة استقرائيَّة ‪-‬‬
‫‪11‬‬
‫من اًلستشهاد ابآلايت القرآتية واألحاديث النبوية‪ ،‬وحتليلها مبا‬ ‫د‪-‬يكثر‬
‫يتالءم مع املوضوع‪ ،‬ويلتزم تطبيق قواعد األصول على اآلايت واألحاديث النبوية يف‬
‫ج املباحث‪ ،‬مما يعطي األصول صورة عملية تطبيقية‪.‬‬
‫يتفق منهجه يف هذا اجلاتب مع منهج اإلمام الشافعي؛ لذ كان‬ ‫وهو‬
‫كالمها يركز على اجلاتب العملي التطبيقي يف كيفية تطبيق القواعد والقواتني األصولية‬
‫على املصادر التشريعية‪.‬‬
‫ويعترب هذا الكتاب ‪ -‬أعين‪ :‬الفصول ‪ -‬مبثابة املقدمة العلمية‪ ،‬واملدخ‬
‫األصويل لكتاب اجلصاص املهم جدا يف تفسري القرآن الكرمي ‪ -‬وًل سيما آايت‬
‫األحكام‪ ،‬وهو كتاب‪" :‬أحكام القرآن"‪.‬‬
‫ه‪-‬ميتاز كتاب اجلصاص ‪ -‬عند احلنفية ‪ -‬بقيمة مهمة من حيث التوثيق؛‬
‫ًلشتماله على آراء وتصوص األصوليني من احلنفية املتقدمني الذين فقدت كتبهم‪،‬‬
‫مث ‪ :‬عيسى بن أابن (ت‪441‬هـ)(‪ )1‬فقد تق عنه يف أكثر من مخسني موضع ا‪،‬‬
‫وشيخه الكرخي (ت ‪121‬هـ) فقد تق عنه يف أكثر من سبعني موضعا؛ ب قد ينق‬
‫عن أئمة املذهب تقوًلت ًل تكاد توجد لًل يف كتابه‪.‬‬
‫فكتاب الفصول يعد أول كتاب جامع ملسائ األصول عند احلنفية ‪ -‬على‬

‫(‪ )1‬عيسى بن أابن بن صدقة‪ ،‬فقيه العراق‪ ،‬تلميذ حممد بن احلسن‪ ،‬وقاضي البصرة‪ ،‬له تصاتيف‬
‫وذكاء مفرط‪ ،‬وفيه سخاء وجود‪ ،‬تويف‪ :‬سنة (‪441‬هـ)‪ .‬اتظر‪" :‬أخبار القضاة" ‪،171 :4‬‬
‫والبغدادي‪ ،‬اخلطيب "اتريخ بغداد" ‪" ،187 :11‬اجلواهر املضية" ‪ ،211 :1‬والذهيب‪" ،‬سري‬
‫أعالم النبالء" ‪.221 :11‬‬
‫‪322‬‬

‫حسب ما وص للينا من مؤلفات ‪-‬؛ لذ لن ما سبقه من التصنيف كان عبارة عن‬


‫رسائ خمتصرة‪ ،‬كأصول الكرخي‪ ،‬أو بياانا لقضية معينة كما فع عيسى بن أابن‬
‫يف مؤلفاته‪.‬‬
‫أيض ا اببتكاره لبعض املصطلحات يف ابب‬ ‫و‪-‬امتاز اإلمام اجلصاص‬
‫الدًلًلت ‪ -‬وهو حم البحث ‪ -‬وغريها مما مل يسبقه لليه أحد قبله‪ ،‬مث ‪ :‬اًلستثناء‪،‬‬
‫والتخصيص املتص ‪ ،‬والزايدة على النص‪ ،‬وغريها‪ ،‬مما تستدعيه ضرورة التدوين‪ ،‬وتطور‬
‫العلوم‪.‬‬
‫أيض ا‪ :‬لظهار الفرق بني املصطلحات‪ ،‬وًل سيما يف ابب‬ ‫ومما امتاز به‬
‫الدًلًلت‪ ،‬كتفريقه بني النسخ والتخصيص‪.‬‬
‫وقد تعرض يف كتابه لكثري من املصطلحات األصولية يف ابب الدًلًلت‪،‬‬
‫وانقشها تقاشا طويال‪ ،‬منها‪ :‬الظاهر‪ ،‬واحلقيقة واجملاز‪ ،‬والبيان‪ ،‬وغريها‪.‬‬
‫مل يفرد كثريا‬ ‫وهنا أشري إىل قضية مهمة جدا‪ ،‬وهي‪ :‬أن اإلمام اجلصاص‬
‫من الدًلًلت ابلبحث والبيان يف كتابه‪" :‬الفصول"‪ ،‬ولكنه وسع الكالم يف الدًلًلت‬
‫وتطبيقاهتا يف كتابه "أحكام القرآن"‪ ،‬فقد استوعب اإلمام اجلصاص فيه معظم‬
‫الدًلًلت يف تطبيقاته الفقهية‪ ،‬ولع السبب يف عدم تعريفه هلا يف كتابه الفصول هو‬
‫اشتهار معناها يف زماته‪ ،‬وقلة اعتناء العراقيني ابلتعريفات واحلدود‪.‬‬
‫يعد أول من أشار ل ى تقسيمات الدًلًلت من‬ ‫كما أن اجلصاص‬
‫املدرسة األصولية احلنفية‪ ،‬ولع من ذكرها بعده كالدبوسي(‪ )1‬وغريه استفادوا من‬

‫(‪ )1‬أبو زيد عبد هللا بن عمر بن عيسى الدبوسي‪ ،‬القاضي‪ ،‬البخاري‪ ،‬العالمة‪ ،‬الفقيه احلنفي؛‬
‫=‬
‫تقسيمات دالالت األلفاظ عند احلنفيَّة ‪ -‬دراسة حتليليَّة استقرائيَّة ‪-‬‬
‫‪323‬‬
‫لشاراته هلا‪.‬‬
‫ولعل السبب يف عدم تنصيصه على التقسيمات واكتفائه ابإلشارة والتطبيق‬
‫عليها‪ :‬أن اًلعتناء ابحلدود واملصطلحات جاء بعد ذلك يف مدرسة السمرقنديني‪ً ،‬ل‬
‫؛ لذ لن املتقدمني يف الكتابة ‪ -‬وًل سيما العراقيني‬ ‫سيما يف زمن اإلمام الدبوسي‬
‫‪ -‬اهتموا ابًلستدًلل واًلحتجاج مع التمثي واإلشارة ل ى األقسام‪ ،‬وهذا شأن ك‬
‫العلوم تبدأ يف النمو والنضج شيئا فشيئا‪ ،‬كما تلحظ ذلك جليا يف كتابة اإلمام‬
‫‪ ،‬وكذا يف علم مصطلح احلديث بني املتقدمني واملتأخرين‪.‬‬ ‫الشافعي‬
‫يف مباحث دًلًلت األلفاظ فيربز يف األسطر‬ ‫أما ما يتعلق مبنهجه‬
‫القادمة‪:‬‬
‫لمجاًل بدًلًلت األلفاظ الواضحة‪ :‬الظاهر‪ ،‬والنص‪ ،‬واحملكم‪،‬‬ ‫قد استدل‬
‫ومساها هبذه املسميات‪ ،‬كما استدل بدًلًلت األلفاظ املبهمة‪ :‬اجملم ‪ ،‬واملتشابه‪،‬‬
‫ومساها أيضا ابمسها‪ ،‬وأكثر من اًلستدًلل بدًلًلت األلفاظ ابعتبار وضعها‪ :‬العبارة‪،‬‬
‫واإلشارة‪ ،‬والدًللة‪ ،‬واًلقتضاء‪ ،‬وأحياان يسميها ابمسها‪ ،‬وأحياان يذكرها بلوازمها‪ ،‬أو‬
‫معناها اللغوي‪.‬‬
‫ومن أكثر الدًلًلت استخداما عند اجلصاص‪ :‬دًلًلت األلفاظ ابعتبار‬

‫=‬
‫كان من كبار أصحاب أيب حنيفة‪ ،‬عامل ما وراء النهر‪ ،‬ومن مصنفاته "تقومي أصول الفقه"‪،‬‬
‫و"األسرار"‪" ،‬األمد األقصى" تويف ببخارى سنة‪211( :‬هـ)‪ .‬اتظر‪ :‬ابن خلكان‪" ،‬وفيات‬
‫األعيان" ‪ ،28 :1‬والذهيب‪" ،‬سري أعالم النبالء" ‪ ، 841 :17‬والصفدي‪" ،‬الوايف ابلوفيات"‬
‫‪.411 :17‬‬
‫‪320‬‬

‫الشمول وعدمه‪ :‬العام‪ ،‬واخلاص أبقسامه‪ ،‬وهذه صرح بذكرها أبمسائها‪.‬‬


‫وهاك نظرة تفصيلية ملا تعرض له اجلصاص من الدًلًلت بعبارته‪ ،‬أو إبشارته‬
‫من غري تعريف واضح مع كثرة استخدامه هلا‪ ،‬وتطبيقها على كثري من املسائ‬
‫الفرعية‪.‬‬
‫أ‪-‬دالالت األلفاظ ابعتبار الوضع (الشمول وعدمه)‪.‬‬
‫للتعريفات الدقيقة للعام واخلاص واملطلق واملقيد‪ ،‬كما‬ ‫مل يتطرق اجلصاص‬
‫اباب للعام‪ ،‬وقسمه ل ى فصول‪ ،‬وذكر الظواهر والنصوص وأهنا مندرجة حتت‬
‫أته عقد ا‬
‫ابب العموم(‪ ،)1‬وله آراء يف دًللة العام بعد التخصيص‪ ،‬واشرتاط اًلستغراق من‬
‫عدمه‪.‬‬
‫وتعرض لمجاًل للفظ اخلاص‪ ،‬وأن دًللته قطعية‪ ،‬وجيب العم به(‪.)4‬‬
‫ومل يفرد كال من املطلق واملقيد ابلبحث والنظر؛ ولكن يظهر من خالل‬
‫اإلشارات يف بعض األحباث يف الفصول‪ ،‬وكذا من خالل التطبيق يف أحكام القرآن‪:‬‬
‫أته يوافق املعتمد عند احلنفية من املتأخرين يف ذلك يف أكثر املسائ ‪ ،‬وخيالف يف‬
‫البعض(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬اجلصاص‪" ،‬الفصول يف األصول"‪( ،‬ط ‪ ،4‬الكويت‪ ،‬وزارة األوقاف الكويتية‪1212 ،‬ه ــ)‪،‬‬
‫‪ ،21 :1‬وما بعده‪.‬‬
‫(‪ )4‬اجلصاص "الفصول"‪.121 :1 ،‬‬
‫(‪ )1‬اجلصاص "الفصول"‪.441 :1 ،‬‬
‫تقسيمات دالالت األلفاظ عند احلنفيَّة ‪ -‬دراسة حتليليَّة استقرائيَّة ‪-‬‬
‫‪321‬‬
‫ب‪-‬دالالت األلفاظ ابعتبار االستعمال (احلقيقة واجملاز)‪.‬‬
‫توسع يف هذا املبحث‪ ،‬وعرف احلقيقة واجملاز‪ ،‬وذكر‬ ‫تلحظ أن اجلصاص‬
‫تقسيماهتما‪ ،‬وأحكامهما‪ ،‬والتعارض بينهما‪.‬‬
‫‪" :‬ابب القول يف احلقيقة واجملاز‪ .‬قال أبو بكر‪ :‬يف لغة العرب‪:‬‬ ‫يقول‬
‫احلقيقة واجملاز‪ .‬فاحلقيقة‪ :‬ما مسي به الشيء يف أص اللغة وموضوعها‪ .‬واجملاز‪ :‬هو ما‬
‫جيوز به املوضع الذي هو حقيقة له يف األص ‪ ،‬ومسي به ما ليس اًلسم له حقيقة‪.‬‬
‫حيد ذلك أبن احلقيقة‪ :‬ما ًل ينتفي عن مسمياته حبال‪ ،‬واجملاز‪:‬‬ ‫وكان أبو احلسن‬
‫ما ينتفي عن مسمياته حبال"(‪.)1‬‬
‫ج‪-‬دالالت األلفاظ ابعتبار وجوه البيان (دالالت األلفاظ الواضحة‬
‫واخلفية)‪.‬‬
‫الدًلًلت من حيث الظهور واخلفاء‪ ،‬وأشار ل ى بعض‬ ‫انقش‬
‫املصطلحات‪ ،‬ومنها‪ :‬أته ذَ َكَر فص "الظواهر"‪ ،‬وأشار ل ى عدة مسائ حتتها‪ ،‬وأهنا‬
‫حتم على ظاهرها وًل تصرف لًل بدلي صحيح يدل على التخصيص أو التأوي أو‬
‫النسخ‪.‬‬
‫وذكر مصطلح "النص" وأته ًل خيتلف كثريا عن الظاهر لًل أته يبني املراد‪ ،‬وأته‬
‫يشم العام واخلاص‪ ،‬وأن حكمه كحكم الظاهر(‪.)4‬‬
‫وتعرض ملصطلحي املفسر واحملكم‪ ،‬وأهنما أقوى من دًللة الظاهر والنص‪،‬‬

‫(‪ )1‬اجلصاص "الفصول"‪.128 :1 ،‬‬


‫(‪ )4‬اجلصاص "الفصول" ‪.82 :1‬‬
‫‪321‬‬

‫وفرق بينهما(‪.)1‬‬
‫كما أته انقش مصطلح اإلمجال‪ ،‬وأطال فيه‪ ،‬وقسمه ل ى قسمني‪.‬‬
‫‪" :‬فص ‪ :‬قال أبو بكر‪ :‬اجملم على وجهني‪ :‬أحدمها‪ :‬يقارب معناه‬ ‫يقول‬
‫العام يف مواضع فسماه جممال‪،‬‬ ‫معىن العموم‪ .‬وقد ذكر أبو موسى عيسى بن أابن‬
‫وهذا كالم يف العبارة ًل يقع يف مثله مضايقة‪ .‬والوجه اآلخر‪ :‬أن يكون اإلمجال يف‬
‫لفظ واحد جمهول‪ ،‬فهذا ًل يكون عموما وًل عبارة عنه‪ ،‬حنو قوله تعا ى‪{ :‬ﮗ ﮘ‬
‫ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ} [سورة الذاريات‪.)4("]19:‬‬
‫وتعرض ملصطلح املتشابه‪ ،‬ورأى أته يرد ل ى احملكم‪ ،‬وكأن املتشابه عنده‬
‫يتضمن املشك واخلفي وبعض أتواع اجملم ‪ ،‬كما هو العموم املعهود يف مصطلح‬
‫املتقدمني(‪.)1‬‬
‫د‪-‬دالالت األلفاظ ابعتبار كيفية داللة اللفظ على املعىن‪.‬‬
‫وهي تنقسم على املشهور عند الدبوسي ومن وافقه ل ى أربعة أقسام‪ :‬العبارة‬
‫واإلشارة والدًللة واًلقتضاء‪.‬‬
‫مل يصرح هبذه املصطلحات لكنه يتوافق يف التطبيق‬ ‫ويبدو أن اجلصاص‬
‫واحلكم مع منهج متأخري احلنفية يف ذلك‪ ،‬فالعبارة عنده‪ :‬دًللة الصيغة على املعىن‬

‫(‪ )1‬اجلصاص "الفصول" ‪.141 :1‬‬


‫(‪ )4‬اجلصاص "الفصول" ‪.61 :1‬‬
‫(‪ )1‬اجلصاص "الفصول" ‪.171 :1‬‬
‫تقسيمات دالالت األلفاظ عند احلنفيَّة ‪ -‬دراسة حتليليَّة استقرائيَّة ‪-‬‬
‫‪321‬‬
‫املتبادر فهمه منها‪ ،‬واإلشارة ًل تعلم لًل ابلتفكر والتأم ‪ ،‬وكذا بقية املصطلحات(‪.)1‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬طريدقة الّبوسي ‪ :‬ومن بعّه من أصحاب املتون والشروح‬
‫واحلواشي‬
‫وفيه فرعان‪:‬‬
‫الفرع األوَّل‪ :‬اختالفهم يف تدقسيمات الّالالت إمجاال‪.‬‬
‫يعد كتاب "تقومي األدلة" يف أصول الفقه‪ ،‬أليب زيد عبيد هللا بن عمر بن‬
‫عيسى الدبوسي احلنفي (‪211‬هـ) من أوائ كتب احلنفية اليت اهتمت ابلتعريفات‬
‫واحلدود والتقسيمات‪ ،‬ويظهر ذلك جليا يف كوته قد رسم خريطة حمكمة اعتمدها من‬
‫بعده من أصوليي احلنفية‪.‬‬
‫يف كتابه‪" :‬تقومي األدلة"‪ ،‬وما يتعلق بذلك‪.‬‬ ‫وهاك ذكر طريقته‬
‫كتابه بذكر األدلة الشرعية‪ ،‬مث اتتهى ل ى األدلة العقلية‪.‬‬ ‫بدأ‬
‫واهتم يف مباحثه بتعريف املصطلحات األصولية‪ ،‬ويستقصي يف املسائ‬
‫كثريا ابلتفريعات‬
‫اخلالفية األقوال مع أدلتها‪ ،‬وينتهي ل ى تقرير رأي احلنفية‪ ،‬ويهتم ا‬

‫(‪ )1‬يراجع ذلك يف كتاب أحكام القرآن للجصاص فقد ذكر فيه أمثلة عديدة‪ ،‬ويراجع كذلك‬
‫فيما سبق لمجاًل كتاب‪" :‬تطور الفكر األصويل احلنفي‪ ،‬دراسة اترخيية حتليلية تطبيقية"‬
‫للدكتور هيثم خزتة‪ ،‬وكتاب "منهج اجلصاص يف الدًلًلت‪ ،‬دراسة تطبيقية على أحكام‬
‫القرآن" رسالة ماجستري للباحث‪ :‬خالد العازمي‪ ،‬اجلامعة األردتية‪ ،‬وكتاب‪" :‬املصطلح‬
‫األصويل بني اجلصاص والدبوسي" للباحثني‪ :‬فاتن حداد وحممود جابر‪ .‬ومقال‪" :‬جتديد‬
‫أصول الفقه عند احلنفية ‪ -‬أبو بكر الرازي اجلصاص أمنوذجا ‪ "-‬للدكتور‪ /‬محداي الذويب‪.‬‬
‫‪321‬‬

‫‪.‬‬ ‫الفقهية‪ ،‬وآبراء الشافعي‬


‫كما تكلم يف كتابه عن‪ :‬أتواع الكالم‪ ،‬األوامر‪ ،‬النواهي‪ ،‬أسباب الشرائع‪،‬‬
‫العزمية والرخصة‪ ،‬العام واخلاص‪ ،‬ألفاظ العموم‪ ،‬وغري ذلك‪.‬‬
‫ويعترب اإلمام الدبوسي من أوائ من مجع بني مدرسيت العراقيني والسمرقنديني؛‬
‫مستفيدا من ك مدرسة مبا متيزت به‪ ،‬لذ استفاد من مدرسة السمرقنديني فيما يتعلق‬
‫ا‬
‫ابحلدود واملصطلحات‪ ،‬ومن العراقيني فيما يتعلق ابًلستدًلل واحلجج‪.‬‬
‫يف الفصول‪،‬‬ ‫بعدة أمور ابملقارتة مع اجلصاص‬ ‫وقد متيز الدبوسي‬
‫منها‪:‬‬
‫‪-1‬أن أسلوب اإلمام اجلصاص يف بيان املصطلحات ‪ -‬وًل سيما يف ابب‬
‫الدًلًلت ‪ -‬األسلوب الوصفي غري املتقيد ابحلد الدقيق؛ خبالف الدبوسي فقد اهتم‬
‫يف بيان حتديد مدلوًلت العبارات‪ ،‬وضبط املصطلحات‪ ،‬وهو سر ارتضاء احلنفية‬
‫لعباراته ومصطلحاته وتقسيماته يف األغلب‪.‬‬
‫لبعض مسائ الدًلًلت‪ ،‬وتقسيماهتا اليت مل يتعرض‬ ‫‪-4‬ابتكار الدبوسي‬
‫يف فصوله‪ ،‬وهذا شأن وطبيعة العلوم‪ ،‬تنمو شيئا فشيئا‪ ،‬حَت تكون‬ ‫هلا اجلصاص‬
‫املعرفة فيها تراكمية‪.‬‬
‫من املدرسة السمرقندية اليت امتازت مبناهجها يف‬ ‫‪-3‬استفادة الدبوسي‬
‫البحث األصويل‪ ،‬ومن ركائزه‪ :‬اًلهتمام ابملصطلحات‪ ،‬وتعريفها‪ ،‬والتدقيق فيها؛‬
‫خبالف العراقيني الذين يهتمون بتأصي املذهب من حيث احلجاج واًلستدًلل‪.‬‬
‫وجوه اًلستنباط من الكتاب والسنة ل ى أربعة‬ ‫وقد قسم اإلمام الدبوسي‬
‫أقسام‪:‬‬
‫تقسيمات دالالت األلفاظ عند احلنفيَّة ‪ -‬دراسة حتليليَّة استقرائيَّة ‪-‬‬
‫‪321‬‬
‫القسم األول‪ :‬يف أمساء األلفاظ يف قدر تناوهلا املسميات‪ ،‬وحكمها فيما‬
‫تتناول‪ ،‬وهي أربعة‪:‬‬
‫‪-1‬اخلاص‪.‬‬
‫‪-4‬العام‪.‬‬
‫‪-1‬املؤول‪.‬‬
‫‪-2‬املشرتك(‪.)1‬‬
‫القسم الثاين‪ :‬يف األمساء الظاهرة اليت تتفاوت معاتيها ظهورا من األمساء‬
‫املستعملة بني الفقهاء‪ ،‬وهي أربعة‪:‬‬
‫‪-1‬الظاهر‪.‬‬
‫‪-4‬النص‪.‬‬
‫‪-1‬املفسر‪.‬‬
‫‪-2‬احملكم(‪.)4‬‬
‫وهلذه األمساء أضداد‪ ،‬وهي أربعة‪:‬‬
‫‪-1‬اخلفي‪ ،‬ضد الظاهر‪.‬‬
‫‪-4‬املشك ‪ ،‬ضد النص‪.‬‬
‫‪-1‬اجملم ‪ ،‬ضد املفسر‪.‬‬

‫(‪ )1‬الدبوسي‪ ،‬أبو زيد‪" ،‬تقومي األدلة يف أصول الفقه"‪ ،‬حتقيق‪ :‬خلي حميي الدين امليس‪( ،‬ط ‪،1‬‬
‫بريوت‪ ،‬دار الكتب العلمية‪1241 ،‬ه ــ)‪.217 :1 ،‬‬
‫(‪ )4‬الدبوسي‪ ،‬أبو زيد "التقومي" ‪.811 :1‬‬
‫‪321‬‬

‫‪-2‬املتشابه‪ ،‬ضد احملكم(‪.)1‬‬


‫القسم الثالث‪ :‬يف أقسام أتواع استعمال الكالم‪ ،‬وهي أربعة‪:‬‬
‫‪-1‬احلقيقة‪.‬‬
‫‪-4‬اجملاز‪.‬‬
‫‪-1‬الصريح‪.‬‬
‫‪-2‬الكناية(‪.)4‬‬
‫القسم الرابع‪ :‬أقسام األحكام الثابتة ابلظاهر‪ ،‬دون القياس ابلرأي‪ ،‬وهي‬
‫أربعة‪:‬‬
‫‪-1‬الثابت بعني النص‪.‬‬
‫‪-4‬الثابت إبشارة النص‪.‬‬
‫‪-1‬الثابت بدًللة النص‪.‬‬
‫‪-2‬الثابت مبقتضى النص(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬الدبوسي‪ ،‬أبو زيد "التقومي" ‪.811 :1‬‬


‫(‪ )4‬الدبوسي‪ ،‬أبو زيد "التقومي" ‪.841 :1‬‬
‫(‪ )1‬الدبوسي‪ ،‬أبو زيد "التقومي" ‪.18/4‬‬
‫تقسيمات دالالت األلفاظ عند احلنفيَّة ‪ -‬دراسة حتليليَّة استقرائيَّة ‪-‬‬
‫‪321‬‬
‫لمامان علَمان‪ ،‬وأصوليان فقيهان‪ ،‬ومها‪:‬‬ ‫مث جاء بعد الدبوسي‬
‫السرخسي(‪ ،)1‬والبزدوي(‪.í )4‬‬
‫فأما اإلمام األول‪ :‬فهو أبو بكر حممد بن أمحد بن أيب سه السرخسي‬
‫(ت‪281‬ه)‪.‬‬
‫على أبواب عدة منها‪ :‬ابب األمر‪،‬‬ ‫وقد اشتم كتاب أصول السرخسي‬
‫أول ابب ابتدأ الكالم به‪ ،‬مث تاله ابب النهي‪ ،‬وتناول اخلاص والعام يف ابب أمساء‬
‫صيغة اخلطاب يف املسميات وأحكامها‪ ،‬وتناول احلقيقة واجملاز‪ ،‬والصريح والكناية‪ ،‬يف‬
‫ابب أمساء صيغة اخلطاب يف استعمال الفقهاء وأحكامها‪.‬‬
‫مث عقد ابابا لألحكام الثابتة بظاهر النص دون القياس والرأي‪.‬‬
‫مث بني احلجة الشرعية وأحكامها‪ ،‬واستدل لقبول أخبار اآلحاد والعم هبا‬
‫بصورة مفصلة‪ ،‬وتطرق ل ى سائر مواضيع األخبار‪.‬‬

‫(‪ )1‬مشس األئمة أبو بكر حممد بن أمحد بن أيب سه السرخسي‪ ،‬أحد الفحول األئمة الكبار‬
‫مناظرا‪ ،‬لزم اإلمام أاب حممد احللواين‬
‫فقيها أصولياا ا‬
‫متكلما ا‬
‫ا‬ ‫لماما حجة‬
‫أصحاب الفنون‪ ،‬كان ا‬
‫كتاب يف أصول الفقه‪ ،‬يعرف بـ‪" :‬أصول‬ ‫حَت خترج به‪ ،‬أملى "املبسوط" وهو يف السجن‪ ،‬وله ٌ‬
‫السرخسي"‪ ،‬تويف يف حدود سنة‪221( :‬هـ)‪ .‬اتظر‪ :‬ابن قطلوبغا‪" ،‬اتج الرتاجم" ص‪،411 :‬‬
‫واحلنفي‪ ،‬حميي الدين‪" ،‬اجلواهر املضية" ص‪.88 :‬‬
‫(‪ )4‬أبو احلسن علي بن حممد بن احلسني بن عبد الكرمي‪ ،‬املعروف بفخر اإلسالم البزدوي‪ ،‬فقيه‬
‫أصويل‪ ،‬من أكابر احلنفية‪ ،‬صاحب تصاتيف‪ ،‬منها "املبسوط"‪ ،‬و" كنز الوصول" ويعرف بـ‪:‬‬
‫"أصول البزدوي"‪ .‬تويف سنة‪284( :‬هـ)‪ .‬اتظر‪ :‬احلنفي‪ ،‬حميي الدين‪" ،‬اجلواهر املضية"‬
‫(‪ ،1142‬والنسفي‪" ،‬القند" ص‪ ،882 :‬والذهيب‪" ،‬سري أعالم النبالء" ‪.614 :18‬‬
‫‪332‬‬

‫مث عقد ابابا للبيان‪ ،‬وبعده النسخ من حيث اجلواز والتفسري ‪ ...‬لخل‪.‬‬
‫لمجاًل يف‬ ‫على ترتيب اإلمام الدبوسي‬ ‫وقد سار السرخسي‬
‫التقسيمات للدًلًلت مع اًلختالف يف التعبري‪ ،‬ومن ذلك‪:‬‬
‫‪ ،‬وهو‬ ‫‪-1‬تسميته ابب "النظم صيغة ولغة" ابسم قريب مما مساه الدبوسي‬
‫قوله‪" :‬ابب أمساء صيغة اخلطاب يف تناوله املسميات‪ ،‬وأحكامها"(‪ )1‬مث ذكر األقسام‬
‫األربعة‪.‬‬
‫‪-4‬تسميته ابب وجوه البيان ابسم آخر‪ ،‬وهو قوله‪" :‬ابب أمساء صيغة‬
‫اخلطاب يف استعمال الفقهاء‪ ،‬وأحكامها"(‪ )4‬مث ذكر األقسام الثماتية ابعتبار الظهور‬
‫واخلفاء‪.‬‬
‫‪-1‬ذكر ابب احلقيقة واجملاز والصريح والكناية(‪ )1‬عقب ابب البيان من غري‬
‫‪.‬‬ ‫تبويب بعنوان عام‪ ،‬كما فع ذلك الدبوسي‬
‫‪ ،‬وهو‬ ‫‪-2‬تسميته ابب وجوه الوقوف على املراد ‪ ...‬كما مساه الدبوسي‬
‫قوله‪" :‬ابب بيان األحكام الثابتة بظاهر النص دون القياس والرأي"(‪.)2‬‬
‫وأما اإلمام الثاين‪ :‬فهو أبو العسر فخر اإلسالم علي بن حممد البزدوي‬
‫(ت‪284‬ه)‪ ،‬صاحب كتاب‪ " :‬كنز الوصول ل ى معرفة األصول"‪ ،‬وهو صاحب‬

‫(‪ )1‬السرخسي‪" ،‬أصول السرخسي"‪ ،‬حتقيق‪ :‬أبو الوفاء األفغاين‪( ،‬دار الكتاب العريب‪،‬‬
‫‪1174‬هـ)‪.142 :1 ،‬‬
‫(‪ )4‬السرخسي‪" ،‬أصول السرخسي" ‪.161 :1‬‬
‫(‪ )1‬السرخسي‪" ،‬أصول السرخسي" ‪.171 :1‬‬
‫(‪ )2‬السرخسي‪" ،‬أصول السرخسي" ‪.416 :1‬‬
‫تقسيمات دالالت األلفاظ عند احلنفيَّة ‪ -‬دراسة حتليليَّة استقرائيَّة ‪-‬‬
‫‪333‬‬
‫‪.‬‬ ‫النـ َفس املؤثر فيمن بعده من أصوليي احلنفية‪ ،‬وسأتق تقسيماته بعباراته‬
‫مقسما لدًلًلت األلفاظ عند احلنفية‪" :‬ولمنا يعرف‬ ‫يقول البزدوي‬
‫أحكام الشرع مبعرفة أقسام النظم واملعىن‪ ،‬وذلك أربعة أقسام فيما يرجع ل ى معرفة‬
‫أحكام الشرع‪:‬‬
‫القسم األول‪ :‬يف وجوه النظم صيغةا ولغةا‪.‬‬
‫والثاين‪ :‬يف وجوه البيان بذلك النظم‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬يف وجوه استعمال ذلك النظم‪ ،‬وجرايته يف ابب البيان‪.‬‬
‫والرابع‪ :‬يف معرفة وجوه الوقوف على املراد واملعاين على حسب الوسع‬
‫واإلمكان ولصابة التوفيق‪.‬‬
‫أما القسم األول فأربعة أوجه‪ :‬اخلاص والعام واملشرتك واملؤول‪.‬‬
‫أيضا‪ :‬الظاهر والنص واملفسر واحملكم‪ ،‬ولمنا يتحقق‬
‫والقسم الثاين أربعة أوجه ا‬
‫معرفة هذه األقسام أبربعة أخرى يف مقابلتها‪ ،‬وهي‪ :‬اخلفي واملشك واجملم واملتشابه‪.‬‬
‫والقسم الثالث أربعة أوجه أيضا‪ :‬احلقيقة واجملاز والصريح والكناية‪.‬‬
‫أيضا‪ :‬اًلستدًلل بعبارته ‪ -‬وهو ما عرب عنه‬
‫والقسم الرابع أربعة أوجه ا‬
‫الدبوسي بـ ـ ـ ‪ :‬عني النص ‪ -‬وإبشارته وبدًللته وابقتضائه‪.‬‬
‫وبعد معرفة هذه األقسام‪ :‬قسم خامس‪ ،‬وهو وجوه أربعة أيضا‪ :‬معرفة‬
‫مواضعها ومعاتيها وترتيبها وأحكامها‪.‬‬
‫وأص الشرع هو الكتاب والسنة‪ ،‬فال حي ألحد أن يقصر يف هذا األص ؛‬
‫‪ ،‬مستعيناا به‪ ،‬راجياا‬ ‫ب يلزمه حمافظة النظم‪ ،‬ومعرفة أقسامه ومعاتيه مفتقرا ل ى هللا‬
‫‪330‬‬

‫أن يوفقه بفضله"(‪.)1‬‬


‫َمن بعده من أصوليي احلنفية كالسمرقندي(‪ )4‬يف‬ ‫البزدوي‬
‫َّ‬ ‫وقد تبع‬
‫"امليزان"‪ ،‬وهو من أئمة احلنفية يف األصول على طريقة السمرقنديني؛ لًل أته زاد يف‬
‫طرق اًلستدًلل قسما مساه ابإلضمار‪ ،‬مث بني هذه املصطلحات على طريقة البزدوي؛‬
‫لًل أته مل يتعرض لتبيني مصطلح" عبارة النص "؛ لوضوحه‪ ،‬وكون أكثر أحكام الشرع‬
‫تثبت به‪.‬‬
‫أصحاب املتون كالنسفي(‪ )1‬يف‬ ‫وسار كذلك على منهج البزدوي‬
‫"املنار"‪ ،‬واحلسامي(‪ )2‬يف "املنتخب"‪ ،‬وغريهم ‪.æ‬‬

‫(‪ )1‬البزدوي‪ ،‬فخر اإلسالم‪" ،‬أصول البزدوي"‪ .‬مطبوع مع شرحه كشف األسرار عن أصول فخر‬
‫اإلسالم البزدوي"‪( ،‬بريوت‪ ،-‬دار الكتاب العريب‪1122 ،‬هـ)‪ ،‬ص ‪.26-28‬‬
‫(‪ )4‬عالء الدين أبو بكر حممد بن أمحد السمرقندي‪ ،‬اإلمام الفقيه األصويل‪ ،‬اشتهر بكتابه "حتفة‬
‫الفقهاء" وله كتاب يف أصول الفقه مساه‪" :‬ميزان الفصول يف تتائج العقول"‪ ،‬تويف سنة‪:‬‬
‫(‪281‬هـ)‪ .‬اتظر‪" :‬اجلواهر املضية" ص‪ ،18 :‬وابن قطلوبغا‪" ،‬اتج الرتاجم"‪ -‬ص‪،487 :‬‬
‫والزركلي‪" ،‬األعالم" ‪.117 :8‬‬
‫(‪ )1‬أبو الربكات عبد هللا بن أمحد بن حممود النسفي‪ ،‬عالمة الدتيا‪ ،‬تفقه على مشس األئمة‬
‫الكردري‪ ،‬تصاتيفه مفيدة يف الفقه واألصول منها‪" :‬الكايف يف شرح الوايف"‪" ،‬املنار يف أصول‬
‫الفقه"‪ ،‬وهو من أشهر متون احلنفية يف األصول‪ ،‬وغريها‪ ،‬تويف سنة‪711( :‬هـ)‪ .‬اتظر‪" :‬الدرر‬
‫الكامنة يف أعيان املائة الثامنة" ‪" ،17 :1‬املنه الصايف" ‪" ،74 :7‬الطبقات السنية يف‬
‫تراجم احلنفية" ‪.182 :2‬‬
‫َخ يسي َكيت احلنفي‪ ،‬فقيه أصويل‪ ،‬من أه‬
‫(‪ )2‬حسام الدين أبو عبد هللا حممد بن حممد بن عمر األ ْ‬
‫أخسيكت من بالد فرغاتة‪ ،‬له "املنتخب يف أصول املذهب" ويعرف بـ ـ ـ ‪" :‬املنتخب‬
‫=‬
‫تقسيمات دالالت األلفاظ عند احلنفيَّة ‪ -‬دراسة حتليليَّة استقرائيَّة ‪-‬‬
‫‪331‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬اختالفهم يف ترتيب الّالالت‪ ،‬وتعّادها‪ ،‬ووجه الضبط‬
‫فيها‪.‬‬
‫اختلف أصوليو احلنفية يف ترتيب هذه التقسيمات‪ ،‬أعين‪ :‬تقسيمات‬
‫الدًلًلت ابًلعتبارات األربعة السابق ذكرها على منهجني‪:‬‬
‫املنهج األول‪ :‬ذهب فخر اإلسالم‪ ،‬ومن اتبعه من املتأخرين كصاحب املنار‪:‬‬
‫ل ى تقدمي التقسيم ابعتبار الوضع‪ ،‬مث التقسيم ابعتبار ظهور املعىن وخفائه عن اللفظ‪،‬‬
‫مث ذكروا التقسيم ابعتبار استعماله يف املعىن؛ وعللوا ذلك أبن التصرف يف الكالم‬
‫توعان‪ :‬تصرف يف اللفظ‪ ،‬وتصرف يف املعىن‪ ،‬وأن األول مقدم‪ ،‬مث اًلستعمال مرتب‬
‫على ذلك‪ ،‬حَت كأته لوحظ أوًل املعىن ظهورا أو خفاءا‪ ،‬مث استعمال اللفظ فيه؛ ألن‬
‫الظهور هو املقصود من اًلستعمال(‪.)1‬‬
‫املنهج الثاين‪ :‬تقدمي تقسيم الوضع مث اًلستعمال مث البيان‪ ،‬مث اًلستدًلل؛‬
‫وعليه صدر الشريعة(‪ )4‬ومن اتبعه؛ ألن السابق يف اًلعتبار هو وضع اللفظ للمعىن‪،‬‬

‫=‬
‫احلسامي" "دقائق األصول والتبيني"‪ ،‬تويف سنة‪622( :‬هـ)‪ .‬اتظر‪" :‬اجلواهر املضية يف طبقات‬
‫احلنفية" ‪" ،141 :4‬األعالم" ‪" ،48 :7‬معجم املؤلفني" ‪" ،481 :11‬سلم الوصول ل ى‬
‫طبقات الفحول" ‪.428 :1‬‬
‫(‪ )1‬التفتازاين‪ ،‬سعد الدين‪" ،‬التلويح" ‪ ،86 :1‬النعماين اهلندي احلنفي‪ ،‬صفي الدين‪" ،‬معدن‬
‫األصول"‪ ،‬حتقيق‪ :‬جمموعة من الرسائ العلمية يف اجلامعة اإلسالمية ابملدينة املنورة سنة‪:‬‬
‫‪1218-1212‬هـ ‪.177 :1‬‬
‫(‪ )4‬عبيد هللا بن مسعود بن عبيد هللا بن حممود‪ - ،‬املعروف بـ ـ ـ ‪ :‬صدر الشريعة ‪ ،-‬اإلمام‬
‫العال مة‪ ،‬واحلرب املدقق الفهامة‪ ،‬صاحب التصاتيف املفيدة؛ منها‪" :‬التنقيح" يف أصول الفقه‪،‬‬
‫=‬
‫‪331‬‬

‫مث استعماله فيه‪ ،‬مث ظهور املعىن‪ ،‬وخفاؤه من اللفظ املستعم فيه؛ ألن الظهور يعد‬
‫من اًلستعمال‪ ،‬وبعد ذلك يكون البحث عن كيفية دًللة اللفظ على املعىن املستعم‬
‫هو فيه ظاهرا كان أو خفيا(‪.)1‬‬
‫واختلفوا كذلك يف تعداد هذه األقسام على مناهج متنوعة‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫قسما‬
‫‪-1‬ذهب اجلمهور من احملققني والشراح ل ى أن أقسام الدًلًلت عشرون ا‬
‫تفصيال‪ ،‬وذلك أن ك تقسيم من التقسيمات األربعة على أربعة أقسام‪ ،‬واألربعة لذا‬
‫ا‬
‫ضربت يف األربعة تكون‪ :‬ستة عشر‪ ،‬وهناك أربعة أخرى تقاب القسم الثاين‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫اخلفي واملشك واجملم واملتشابه‪ ،‬فيكون اجملموع عشرين‪.‬‬
‫‪-4‬ذهب بعضهم ل ى أن أقسام الدًلًلت مثاتون قسما‪ ،‬وذهبوا ل ى أن ك‬
‫واحد من العشرين السابق ذكرها ينقسم على أربعة أقسام‪ ،‬فإذا ضربت هذه األربعة‬
‫يف عشرين تكون‪ :‬مثاتني‪ ،‬وهي جمموع األقسام(‪.)4‬‬
‫عن بعض احملققني أن أقسام الدًلًلت تبلغ ل ى‬ ‫‪-1‬ذكر اهلندي(‪)1‬‬

‫=‬
‫وشرحه املسمى بـ ـ ـ ‪" :‬التوضيح"‪ ،‬و"شرح الوقاية"‪ ،‬تويف سنة‪727( :‬هـ)‪ .‬اتظر‪ :‬ابن قطلوبغا‪،‬‬
‫"اتج الرتاجم" ص‪ ،411 :‬و"الطبقات السنية" ‪" ،242 :2‬معجم املؤلفني" لعمر كحالة ‪:6‬‬
‫‪.426‬‬
‫(‪ )1‬احملبويب‪ ،‬صدر الشريعة‪" ،‬التوضيح يف ح غوامض التنقيح"‪ ،‬حتقيق‪ :‬زكراي عمريات (بريوت‪،‬‬
‫دار الكتب العلمية‪1216 ،‬هـ ــ)‪ ،86 :1 .‬النعماين اهلندي احلنفي‪ ،‬صفي الدين‪" ،‬معدن‬
‫األصول" ‪.178 :1‬‬
‫(‪" )4‬التبيني" لإلتقاين ‪.181 :1‬‬
‫(‪ )1‬الشيخ الفاض الكبري العالمة صفي الدين ب ن تصري الدين بن تظام الدين الردولوي اهلندي‪،‬‬
‫=‬
‫تقسيمات دالالت األلفاظ عند احلنفيَّة ‪ -‬دراسة حتليليَّة استقرائيَّة ‪-‬‬
‫‪331‬‬
‫سبعمائة ومثاتية وستني‪ ،‬وحاصله‪ :‬أن القسم الثالث ‪ -‬أعين قسم اًلستعمال ‪ -‬يكون‬
‫يف ك قسم من اًلثين عشر اليت قبله‪ ،‬فتكون‪ :‬مثاتية وأربعني‪ ،‬مث القسم الرابع ‪ -‬أعين‬
‫وجوه اًلستدًلل ‪ -‬يكون يف ك من الثماتية واألربعني‪ ،‬فتبلغ مائة واثنني وتسعني‪ ،‬مث‬
‫القسم اخلامس‪ -‬أعين معرفة مواضعها ‪ - ...‬يكون يف ك من املائة واثنني وتسعني‪،‬‬
‫فيكون اجملموع ما ذكر‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫وسبب هذا االختالف راجع ل ى التقسيم اخلامس الذي ذكره البزدوي‬
‫وذلك أته ملا اتقسم ما يرجع ل ى معرفة أحكام الشرع من الكتاب عشرين‬
‫قسما‪ ،‬كما مر معنا‪ ،‬مث اتقسم ك واحد منها ابعتبار القسم اخلامس أربعة أقسام‪:‬‬
‫قسما‪ ،‬على ما هو الظاهر‪ ،‬فذهب البعض ل ى ظاهر هذا‬
‫صار أقسام الكتاب مثاتني ا‬
‫التقسيم‪.‬‬
‫وأجاب احملققون كالعالء البخاري(‪ )1‬ومن وافقه أبته‪ :‬مشك ؛ وعللوا ذلك‬
‫بكالم تفيس‪ ،‬وحاصله‪ :‬أن التقسيم على أتواع‪:‬‬
‫‪-1‬تقسيم اجلنس ل ى أتواعه‪ ،‬أبن يؤخذ بزايدة قيد قيد‪ ،‬وهو التقسيم املصطلح‬

‫=‬
‫كان اندرا من توادر الدهر يف العلم‪ ،‬وله مصنفات عديدة منها "دستور املبتدئ" يف الصرف‪،‬‬
‫"معدن األصول"‪" ،‬شرح املنتخب على احلسامي"‪ ،‬وكاتت وفاته سنة‪812( :‬هـ)‪ .‬اتظر‪:‬‬
‫"تزهة اخلواطر وهبجة املسامع والنواظر" ‪.486 :1‬‬
‫(‪ )1‬عبد العزيز بن أمحد بن حممد‪ ،‬عالء الدين البخاري احلنفي‪ ،‬اإلمام البحر يف الفقه واألصول‪،‬‬
‫له تصاتيف‪ ،‬منها‪ :‬شرح أصول البزدوي‪ ،‬ومساه‪" :‬كشف األسرار"‪ ،‬وشرح أصول‬
‫األخسيكيت"‪ ،‬تويف سنة‪742( :‬هـ)‪ .‬اتظر‪ :‬احلنفي‪ ،‬حميي الدين‪" ،‬اجلواهر املضية" (‪،826‬‬
‫وابن قطلوبغا‪" ،‬اتج الرتاجم" ص‪ ،188 :‬والزركلي‪" ،‬األعالم" ‪.11 :2‬‬
‫‪331‬‬

‫بني أه العلم‪ ،‬وًل بد فيه من أن يكون مورد التقسيم مشرتكا بني أقسام‪ ،‬فإتك لذا‬
‫قسمت اجلسم ل ى‪ :‬مجاد وحيوان‪ :‬كان ك واحد منهما جسما‪ ،‬ولذا قسمت احليوان‬
‫جسما وحيو ااان‪.‬‬
‫ل ى لتسان وفرس وطري‪ :‬كان ك واحد منهما ا‬
‫‪-4‬تقسيم الك ل ى أجزائه كتقسيم اإلتسان ل ى‪ :‬احليوان والناطق‪.‬‬
‫وًل يستقيم فيه لطالق اسم الك على ك قسم بطريق احلقيقة‪ ،‬فإن اسم‬
‫اإلتسان ًل يطلق على‪ :‬احليوان والناطق؛ ب يطلق على اجملموع‪.‬‬
‫‪-1‬تقسيم الشيء ابعتبار أوصافه‪ ،‬كتقسيم اإلتسان ل ى‪ :‬عامل وكاتب‪ ،‬وأبيض‬
‫ومن أن يوجد يف اجلميع من‬ ‫وأسود‪ ،‬وًل بد فيه من اشرتاك مورد التقسيم أيضا‪ ،‬ي‬
‫يوصف ابلكتابة دون العلم‪ ،‬وابلبياض دون السواد‪ ،‬وابلعكس؛ ليتميز ك قسم عن‬
‫غريه يف اخلارج‪.‬‬
‫ولو تؤم فيما حنن بصدده فليس هو من قبي األول؛ لعدم اشرتاك مورد‬
‫التقسيم فيه بني األقسام؛ لذ ًل ميكن أن حيكم على مأخذ العام مثال أبته عام‪ ،‬وًل‬
‫على مأخذ اجملاز أبته جماز؛ ب ًل ميكن أن حيكم على ما ذكران أته من الكتاب‪،‬‬
‫وأص َمورد التقسيم‪ :‬الكتاب‪.‬‬
‫وًل هو كذلك من قبي الثاين؛ ألن معرفة موضع اًلشتقاق ليس من أجزاء‬
‫اخلاص‪ ،‬وكذا معرفة معناه وحكمه وترتيبه‪ ،‬وقس عليه سائر األقسام‪.‬‬
‫وًل هو من قبي الثالث كذلك؛ ألن مورد التقسيم ليس مبشرتك‪ ،‬وألن معرفة‬
‫مأخذ اشتقاق لفظ اخلاص ليس وصفا حلقيقة اخلاص‪ ،‬وهو لفظ الطواف أو الركوع‬
‫والسجود مثال‪ ،‬كما أن معرفة مأخذ اشتقاق لفظ اإلتسان ًل يكون وصفا حلقيقة‬
‫اإلتسان‪ ،‬وكذا معرفة معناه وحكمه وترتيبه ليست من أوصافه‪ ،‬فال يستقيم هبذا‬
‫تقسيمات دالالت األلفاظ عند احلنفيَّة ‪ -‬دراسة حتليليَّة استقرائيَّة ‪-‬‬
‫‪331‬‬
‫اًلعتبار أيضا‪.‬‬
‫كما ًل يستقيم أن يقال‪ :‬اإلتسان أقسام‪ :‬قسم منه أن مأخذ امسه‪ :‬اإلتس‪،‬‬
‫وقسم منه أن معناه‪ :‬حيوان انطق‪ ،‬وقسم منه أته‪ :‬مقدم على الفرس يف الشرف‪.‬‬
‫ولئن ُسلي َم أن املعاين املذكورة من أوصاف ك فرد ابعتبار تعلقها به؛ ‪ -‬لذ‬
‫صح أن يقال‪ :‬اخلاص الذي مأخذ اشتقاق امسه كذا‪ ،‬أو معناه كذا‪ ،‬أو حكمه كذا‬
‫أيضا؛ لذ ًل بد من أن يتميز ك قسم عن غريه مبا خيصه؛ ليظهر فائدة‬
‫‪ً :-‬ل يستقيم ا‬
‫التقسيم‪.‬‬
‫وميكن القول أبن اخلاص‪ :‬أربعة أقسام‪ ،‬والعام كذلك ل ى آخر األقسام؛ وقد‬
‫تعذر ذلك ههنا؛ ألن املعاين املذكورة ًلزمة لك فرد من أفراد ك قسم؛ لذ ما من‬
‫خاص لًل وًلمسه مأخذ‪ ،‬وله معىن‪ ،‬وحكم‪ ،‬وترتيب‪ ،‬فكيف يتميز خاص عن خاص‬
‫ابعتبار هذه املعاين؟‬
‫وهذا كما يقال‪ :‬اإلتسان قسمان‪ ،‬قسم منه عريض األظفار‪ ،‬وقسم منه‬
‫مستوي القامة‪ ،‬وفساده ظاهر؛ ألن املعنيني من لوازم ك فرد‪ ،‬فبيم يتميز أحد‬
‫القسمني عن اآلخر؟!‪.‬‬
‫وًل يقال‪ :‬التمييز بني املعنيني اثبت يف العق ‪ ،‬فيكفي ذلك لصحة التقسيم؟‬
‫ألته يقال‪ :‬ذلك ساقط اًلعتبار يف التقسيم؛ لذ التكلف ل ى هذا احلد يف‬
‫خصوصا‬
‫ا‬ ‫التقسيم ليس من عادة أه العلم‪ ،‬ولتك ًل جتد تقسيما يف توع من العلوم‬
‫يف العلوم اإلسالمية هبذا اًلعتبار‪.‬‬
‫فثبت عند احملققني‪ :‬أن تقسيم الكتاب على مثاتني قسما غري متضح؛ ب‬
‫‪331‬‬

‫األقسام عشرون‪ ،‬ولكن لك قسم‪ :‬معىن‪ ،‬وحكم‪ ،‬وترتيب‪ ،‬وًلمسه مأخذ(‪.)1‬‬


‫وهذا التحقيق هو الذي مشى عليه أكثر الشراح‪ ،‬واحملشني ‪.æ‬‬
‫وقد ذكر األصوليون من احلنفية يف عامة الشروح يف وجه احنصار هذه‬
‫األقسام وجوها‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫‪-1‬أن املفهوم من النظم ًل خيلو من أن يكون راجعا ل ى تفس النظم فقط‪ ،‬أو‬
‫ل ى غريه‪.‬‬
‫فاألول‪ :‬هو القسم األول‪.‬‬
‫والثاين‪ً :‬ل خيلو من أن يكون راجعا ل ى تصرف املتكلم‪ ،‬أو ل ى غريه‪ ،‬فاألول‪:‬‬
‫أن يكون تصرفه تصرف بيان‪ ،‬أي للقاء معىن ل ى السامع‪ ،‬وهو القسم الثاين‪ ،‬أو غري‬
‫ذلك‪ ،‬وهو‪ :‬القسم الثالث‪ .‬والثاين هو‪ :‬القسم الرابع‪.‬‬
‫‪-4‬أن التصرف يف الكالم ًل خيلو‪ :‬لما أن يكون من املتكلم أو السامع‪ ،‬فإن‬
‫كان من املتكلم فال خيلو‪ :‬لما أن يكون يف اللفظ أو يف املعىن‪ ،‬واألول ًل خيلو‪ :‬لما‬
‫أن يكون حبسب الوضع أو اًلستعمال‪ ،‬فإن كان حبسب الوضع فهو القسم األول‪،‬‬
‫ولن كان حبسب اًلستعمال فهو القسم الثالث‪ ،‬ولن كان حبسب املعىن فهو القسم‬
‫الثاين‪ ،‬ولن كان من السامع‪ :‬فوظيفته اًلستدًلل فحسب‪.‬‬
‫لمجاًل ما تصه‪" :‬مث ثبت مبا ذكران‪:‬‬
‫مبين ا فلسفة األقسام ا‬ ‫يقول البخاري‬
‫وتقررا على املعىن الوضعي أو‬
‫أن للكالم معىن حبسب الوضع‪ ،‬ومعىن حبسب الرتكيب‪ُّ ،‬‬
‫جتاوزا عنه حبسب لرادة املتكلم واستعماله‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬البخاري‪ ،‬عالء الدين‪" ،‬كشف األسرار" ‪.11 :1‬‬


‫تقسيمات دالالت األلفاظ عند احلنفيَّة ‪ -‬دراسة حتليليَّة استقرائيَّة ‪-‬‬
‫‪331‬‬
‫فإذا قلت‪ :‬زيد منطلق مثالا‪ :‬فلك واحد منهما معىن حبسب الوضع‪ ،‬وهلما‬
‫مجيعا معىن حبسب الرتكيب‪ ،‬وهو لسناد اًلتطالق ل ى زيد‪ ،‬وك واحد منهما حقيقة‬
‫حبسب لرادة املتكلم وتقريره لايمها يف موضوعهما"(‪.)1‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬نظرات منهجيَّة توصيفيَّة يف التدقسيمات‪.‬‬
‫النظرة األوىل‪:‬‬
‫ه ما ذكر من اًلعتبارات السابقة يعترب من ابب التقسيمات‪ ،‬أم من ابب‬
‫األقسام املتباينة؟‬
‫أو يقال بطريقة أخرى‪ :‬لن من حق األقسام التباين واًلختالف‪ ،‬وهو منتف‬
‫يف هذه األقسام؛ ضرورَة صدق بعضها على بعض كما ًل خيفى‪.‬‬
‫واجلواب عن ذلك‪ :‬أن هذه تقسيمات متعددة ابعتبارات خمتلفة‪ ،‬فال يلزم‬
‫التباين واًلختالف بني مجيع أقسامها؛ ب بني األقسام اخلارجة من تقسيم‪.‬‬
‫وهذا كما يقسم اًلسم اترةا ل ى‪ :‬املعرب واملبين‪ ،‬واترةا ل ى‪ :‬املعرفة والنكرة‪ ،‬مع‬
‫أن كال منهما لما‪ :‬معرب أو مبين‪.‬‬
‫على أته لو جع اجلميع أقساما متقابلة‪ :‬لكفى فيها اًلختالف ابحليثيات‪،‬‬
‫واًلعتبارات(‪.)4‬‬
‫واحلاصل‪ :‬أن الذي عليه احملققون من احلنفية أن ما ذكر من اًلعتبارات من‬
‫ابب التقسيم دون حقيقة األقسام‪ ،‬وذلك أن املراد جبع اجلميع أقساما للفظ الدال‬

‫(‪ )1‬البخاري‪ ،‬عالء الدين‪" ،‬كشف األسرار" ‪.47 :1‬‬


‫(‪ )4‬التفتازاين‪ ،‬سعد الدين‪" ،‬التلويح" ‪.86 :1‬‬
‫‪302‬‬

‫على املعىن‪ :‬هو التقسيمات دون حقيقة األقسام؛ لذ ليس للقرآن والسنة قسم يشتم‬
‫على اخلاص والعام واملشرتك واملؤول‪ ،‬وقسم آخر يشتم على احلقيقة واجملاز والصريح‬
‫والكناية‪ ،‬وغري ذلك؛ ب لن مجيع القرآن واحلديث ينقسم ل ى اخلاص والعام واملشرتك‬
‫واملؤول ابعتبار‪ ،‬مث مجيعه كذلك ينقسم ل ى احلقيقة واجملاز والصريح والكناية‪ ،‬وهكذا‪،‬‬
‫فكان األو ى أن يطلق عليها تقسيمات؛ ًل أقسام(‪.)1‬‬
‫فيكون ذكرهم لألقسام هنا من قبي ذكر املسبب ولرادة السبب؛ فإن التقسيم‬
‫سبب حلصول األقسام‪.‬‬
‫خاصا‬
‫وعلى هذا فيمكن أن جتتمع أقسام التقسيمات املختلفة‪ ،‬فيكون اللفظ ًّ‬
‫وحقيقة؛ ألن التباين يكون يف األقسام حتت التقسيم الواحد‪ ،‬كاخلاص مع العام‪،‬‬
‫فهما متباينان‪ ،‬وأما أقسام التقسيمات املتعددة فال تكون متباينة(‪.)4‬‬
‫‪ " :‬واعلم أته جيب يف ك قسم من هذه األقسام أن‬ ‫يقول صدر الشريعة‬
‫يعترب من حيث هو كذلك؛ حَت ًل يتوهم التنايف بني ك قسم وقسم‪ ،‬فإن بعض‬
‫األقسام قد جيتمع مع بعض‪ ،‬وبعضها‪ً :‬ل‪ ،‬مث قولنا‪ :‬جرت العيون‪ ،‬فمن حيث لن‬
‫العني وضعت اترة للباصرة‪ ،‬واترة لعني املاء‪ :‬تكون العني مشرتكة هبذه احليثية‪ ،‬ومن‬
‫حيث لن العيون شاملة ألفراد تلك احلقيقة‪ ،‬وهي‪ :‬عني املاء مثال‪ :‬تكون عامة هبذه‬
‫احليثية‪ .‬فعلم‪ :‬أته ًل تنايف بني العام واملشرتك؛ لكن بني العام واخلاص تناف؛ لذ ًل‬

‫(‪ )1‬اإلزمريي‪ ،‬حممد‪" ،‬حاشية األزمريي"‪( ،‬مطبعة حممد البوسنوي‪1488 ،‬ه ــ)‪.114 :1 .‬‬
‫(‪ )4‬النعماين اهلندي احلنفي‪ ،‬صفي الدين‪" ،‬معدن األصول" ‪ ،127 :1‬السنبلي احلنفي‪ ،‬حممد‬
‫بن حسني‪" ،‬حاشية السنبلي"‪( ،‬بريوت‪ ،‬دار الكتب العلمية‪1218 ،‬ه ــ)‪.24 :1 .‬‬
‫تقسيمات دالالت األلفاظ عند احلنفيَّة ‪ -‬دراسة حتليليَّة استقرائيَّة ‪-‬‬
‫‪303‬‬
‫ميكن أن يكون اللفظ الواحد خاصا وعاما ابحليثيتني‪ ،‬فاعترب هذا يف البواقي فإته‬
‫سه بعد الوقوف على احلدود اليت ذكران"(‪.)1‬‬
‫النظرة الثانية‪:‬‬
‫ه الثبوت هلذه األقسام بطريق العق أو اًلستقراء؟ وه هي اثبتة يف اخلارج؟‬
‫احملققون من احلنفية يرون أهنا اثبتة استقراءا‪ ،‬وهو اًلستقراء التام فيما ميكن أن‬
‫حيصر وتضبط أفراده‪ ،‬وهذا كذلك‪ ،‬وذكرهم له بطريقة وصورة اًلستدًلل العقلي؛ ألته‬
‫جائز ليراده به كما هو مقرر يف علم املناظرة؛ ألن دًلئ احلصر اليت ذكرها الشارحون‬
‫غري اتمة‪ .‬وليست هذه األقسام اثبتة يف اخلارج؛ ب هي اعتبارات عقلية(‪.)4‬‬
‫النظرة الثالثة‪:‬‬
‫‪ :‬معرفة وجوه الوقوف على املعاين مبعرفة‪ :‬مواضعها‬ ‫جع اإلمام البزدوي‬
‫ومعاتيها وترتيبها وأحكامها‪ :‬من مجلة أقسام الكتاب يف ظاهر كالمه‪ ،‬فكيف جييب‬
‫عنه الشراح الذين جعلوا األقسام ًل تتجاوز العشرين؟‬
‫وقد أجاب الشراح َّ‬
‫بعدة أجوبة‪:‬‬
‫‪-1‬أته مل يرد بقوله‪" :‬قسم خامس" أته قسيم األقسام األربعة املتقدمة؛ ألته ًل‬
‫يستقيم؛ ب أراد‪ :‬أن معرفة تلك األقسام متوقفة على هذا القسم‪ ،‬فكأته قسم خامس‬
‫هلا‪ ،‬فليس هو يف الواقع تقسيما للقرآن؛ ب تقسيم ألسامي أقسام القرآن؛ ألج أن‬

‫(‪ )1‬احملبويب‪ ،‬صدر الشريعة‪" ،‬التوضيح يف ح غوامض التنقيح"‪.61 :1 ،‬‬


‫(‪ )4‬ابن عابدين‪" ،‬تسمات األسحار يف شرح املنار"‪( ،‬كراتشي‪ ،‬دار لدارة القرآن‪1218 ،‬هــ) ‪:1‬‬
‫‪.18‬‬
‫‪300‬‬

‫يعرف معىن ومأخذ ومرتبة ك قسم من أقسام القرآن(‪.)1‬‬


‫‪-4‬أن عبارته من ابب التساه والتسامح؛ ألن املعاين هي اليت دخلت يف‬
‫أقسام الكتاب دون معرفة وجوه الوقوف عليها؛ ولكن ملا مل تعد املعاين بدون الوقوف‬
‫تساحم ا(‪.)4‬‬
‫عليها‪ :‬جع معرفة وجوه الوقوف عليها من أقسام الكتاب؛ ُ‬
‫تنبيه‪:‬‬
‫ذكر الشراح وجه الضبط يف كون البحث يف التقسيمات األربع يكون من أربعة‬
‫وجوه‪ ،‬وهي‪ :‬معرفة‪ :‬مواضعها ومعاتيها وترتيبها وأحكامها‪ ،‬وهو‪:‬‬
‫أن معرفة النصوص لما أن تكون من جهة ما دخ يف النص أو ًل‪ ،‬واألول‪:‬‬
‫لما أن يكون مقصودا ابلذات أو وسيلة لليه‪ ،‬الثاين‪ :‬معرفة اًلشتقاق‪ ،‬واألول‪ :‬معرفة‬
‫املعاين لغوية وشرعية وعرفية‪ ،‬والثاين‪ :‬لما أن يكون ابعتبار ذاته أو ما صدر عنه‪،‬‬
‫فاألول‪ :‬قوته يف رتبة الدًلئ من حيث كوته مبينا للفرض أو الوجوب‪ ،‬أو غريه‬
‫راجحا أو مرجوحا‪ ،‬والثاين‪ :‬األحكام الثابتة بتلك القوة(‪.)1‬‬
‫النظرة الرابعة‪:‬‬
‫يف‬ ‫اعرتض البعض على هذه التقسيمات للكتاب ابعرتاض‪ ،‬وهو‪ :‬أن هللا‬

‫(‪" )1‬حاشية عزمي زاده" ‪ ، 161 :1‬اهلندي احلنفي حممد بن أيب سعيد‪" ،‬تور األتوار يف شرح‬
‫املنار"‪( ،‬بريوت‪ /‬لبنان‪ ،‬دار الكتب العلمية‪1218 ،‬هــ)‪.88 :1 .‬‬
‫(‪ )4‬البخاري‪ ،‬عالء الدين‪" ،‬كشف األسرار" ‪.47 :1‬‬
‫(‪ )1‬ابن جنيم‪" ،‬فتح الغفار"‪( ،‬ط ‪ ،1‬بريوت‪ ،‬دار الكتب العلمية‪1244 ،‬ه ــ) ‪.18 :1‬‬
‫تقسيمات دالالت األلفاظ عند احلنفيَّة ‪ -‬دراسة حتليليَّة استقرائيَّة ‪-‬‬
‫‪301‬‬
‫كتابه العزيز قسم الكتاب ل ى قسمني‪ :‬حمكم ومتشابه(‪ ،)1‬فتكون هذه التقسيمات‬
‫خمالفة للكتاب؟‬
‫وأجيب‪ :‬أبته ليس املقصود من التقسيم احلصر؛ لوجود أقسام أخرى مث ما‬
‫كالصالة والزكاة‪ ،‬وغري ذلك من‬ ‫يتوقف معرفته من الكتاب على بيان الرسول‬
‫سائر اجملمالت‪ ،‬فصار هناك قسم آخر خارجا عنهما مجيعا‪ ،‬فاتتفى دعوى احلصر‪،‬‬
‫وعليه فيصح استنباط التقسيمات ابختالف اًلعتبارات‪ ،‬مما يتضح أله اًلجتهاد‬
‫من السادات(‪.)4‬‬
‫املبحث الثاني‪ :‬مناهج احلنفية يف حبث دالالت األلفاظ تفصيالً‬
‫وفيه أربعة مطالب‪:‬‬
‫املطلب األوَّل‪ :‬يف وجوه النظم" الوضع "يف الكتاب والسنة عنّ احلنفية‬
‫وفيه فرعان‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تدقسيمات احلنفية لوجوه النظم يف الكتاب والسنة‪ ،‬ووجه‬
‫الضبط فيها‪.‬‬
‫وجه الشيء لغةً‪ :‬طريقه‪ ،‬يقال‪ :‬ما وجه هذا األمر؟ أي‪ :‬ما طريقه؟‬
‫وقي الوجه مبعىن‪ :‬اجلهة واًلعتبار‪ ،‬فيكون املعىن‪ :‬يف اعتبارات النظم صيغة‬

‫‪{ :‬ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣﮤ}‬ ‫(‪ )1‬يشري ل ى قوله‬


‫[سورة آل عمران‪.]1:‬‬
‫(‪ )4‬البابريت احلنفي‪ ،‬أكم الدين‪" ،‬التقرير ألصول البزدوي"‪ ،‬حتقيق‪ :‬د‪ .‬عبد السالم صبحي‬
‫(الكويت‪ ،‬وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية‪1246 ،‬هــ)‪.188 :1 .‬‬
‫‪301‬‬

‫ولغة(‪.)1‬‬
‫وهذا التقسيم يتعلق ابلنظم تفسه حبسب توحد املعىن وتكثره‪ ،‬ويتعلق ابملفردات‬
‫ًل املركبات؛ ولذا قدمه على غريه‪.‬‬
‫وقد قسم مجهور احلنفية وجوه النظم ل ى أربعة‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫اخلاص‪ ،‬والعام‪ ،‬واملشرتك‪ ،‬واملؤول(‪.)4‬‬
‫لمجاًل‪.‬‬
‫وهذا التقسيم اتفق عليه املتأخرون ا‬
‫ووقع اخلالف يف املؤول وكوته من أقسام النظم على قولني‪:‬‬
‫القول األول‪ :‬أن املؤول يدخ يف أقسام النظم‪ ،‬وعليه اجلمهور؛ ألن احلكم‬
‫بعد التأوي يضاف ل ى الصيغة واللغة؛ كأن الصيغة كاتت هلذا املعىن من اًلبتداء مع‬
‫اًلحتمال؛ ألن لضافة احلكم ل ى الدلي األقوى أو ى؛ وهلذا كان احلكم يف املنصوص‬
‫عليه مضافا ل ى النص ًل ل ى العلة؛ ألته أقوى منها‪ ،‬ولن كان يف غري حم النص‬
‫مضافا ل ى العلة‪.‬‬
‫خبالف املفسر؛ ألن التفسري الالحق به مثله يف القوة‪ ،‬فيجوز لضافة احلكم‬
‫ل ى املفسر‪ ،‬وهذا كاجملم لذا حلقه البيان خبرب الواحد يكون ذلك اثبتا قطعا‪ ،‬ولن كان‬
‫خرب الواحد ًل يوجب احلكم بنفسه قطعا؛ ألن بعد البيان يضاف احلكم ل ى املفسر؛‬
‫لكوته أقوى ًل ل ى خرب الواحد‪.‬‬

‫(‪ )1‬الرامشي‪ ،‬علي بن حممد‪" ،‬فوائد البزدوي"‪ ،‬حتقيق‪ :‬عامر بن أمحد النداوي (بريوت‪ ،‬دار‬
‫الكتب العلمية‪1218 ،‬هــ) ‪.168 :1‬‬
‫(‪ )4‬التفتازي‪ ،‬سعد الدين‪" ،‬التلويح" ‪.88 :1‬‬
‫تقسيمات دالالت األلفاظ عند احلنفيَّة ‪ -‬دراسة حتليليَّة استقرائيَّة ‪-‬‬
‫‪301‬‬
‫القول الثاين‪ :‬أن املؤول ليس من أقسام النظم؛ ب من أقسام البيان كاملفسر‪،‬‬
‫وبه قال العالء البخاري‪ ،‬وصدر الشريعة(‪)1‬؛ ألته من عم اجملتهد فيكون تسبته ل ى‬
‫النظم مشكالا؛ ألته لن كان يستقيم فيما لذا ترجح بعض وجوه املشرتك ابلرأي‪ :‬فال‬
‫يستقيم فيما لذا ظهر املراد من اخلفي أو املشك ابلرأي‪ ،‬وًل فيما لذا مح الظاهر أو‬
‫النص على بعض حمتمالته بدلي ظين؛ ألهنا ليست من أقسام الصيغة واللغة(‪.)4‬‬

‫وبناءا على هذا فإن صاحب التوضيح مل يعد املؤول‪ ،‬وأدرج اجلمع املنكر بناءا‬
‫على ما اختاره من أته واسطة بني اخلاص والعام(‪.)1‬‬
‫وقد اختلفت عباراهتم يف ضبط هذا التقسيم‪ ،‬وهاك بعضها‪:‬‬
‫‪-1‬اللفظ املوضوع‪ :‬لما أن يكون وضعه لكثري‪ ،‬أو لواحد‪.‬‬
‫واألول‪ :‬لما أن يكون وضعه للكثري بوضع كثري‪ ،‬أو ًل‪ ،‬فإن كان بوضع كثري‬
‫حمصورا يف عدد معني حبسب دًللة اللفظ‪،‬‬
‫ا‬ ‫فهو‪ :‬املشرتك‪ ،‬ولًل‪ :‬فإما أن يكون الكثري‬
‫أو ًل‪ ،‬فإن مل يكن حمصورا‪ :‬فإن كان اللفظ مستغرقا جلميع ما يصلح له من آحاد‬
‫حمصورا يف عدد‬
‫ا‬ ‫ذلك الكثري فهو‪ :‬العام‪ ،‬ولًل فهو‪ :‬اجلمع املنكر وحنوه‪ ،‬ولن كان‬
‫معني فهو من أقسام اخلاص‪.‬‬

‫(‪ )1‬البخاري‪ ،‬عالء الدين‪" ،‬كشف األسرار" ‪ ،28-22 :1‬احملبويب‪ ،‬صدر الشريعة‪" ،‬التوضيح‬
‫يف ح غوامض التنقيح"‪.82 :1 ،‬‬
‫(‪ )4‬البخاري‪ ،‬عالء الدين‪" ،‬كشف األسرار" ‪ ،28 :1‬الرهاوي‪" ،‬حاشية الرهاوي"‪( ،‬دار‬
‫سعادت‪ ،‬مطبعة عثماتية‪1118 ،‬ه ــ) ‪.181 :1‬‬
‫(‪ )1‬احملبويب‪ ،‬صدر الشريعة‪" ،‬التوضيح يف ح غوامض التنقيح" ‪ ،82 :1‬ابن جنيم‪" ،‬فتح‬
‫الغفار"‪.12 :1 ،‬‬
‫‪301‬‬

‫فينحصر اللفظ هبذا التقسيم يف‪ :‬املشرتك والعام واخلاص‪ ،‬والواسطة بينهما‪،‬‬
‫فاملشرتك‪ :‬ما وضع ملعىن كثري بوضع كثري‪.‬‬
‫من أن املؤول خارج عن أقسام الوضع؛‬ ‫وهذا على رأي صدر الشريعة‬
‫ألته ليس ابعتباره‪ ،‬ب ابعتبار رأي اجملتهد(‪.)1‬‬
‫وتوضيح اخلالف فيه أن يقال‪ :‬اللفظ لن وضع للكثري وضعا متعددا‪:‬‬
‫فمشرتك‪ ،‬كالعني مثال وضع اترة للباصرة‪ ،‬واترة للذهب‪ ،‬واترة لعني امليزان‪.‬‬
‫احدا‪ ،‬والكثري غري حمصور‪:‬‬
‫حدا أي‪ :‬وضع للكثري وضعا و ا‬ ‫ولن وضع وضعا وا ا‬
‫فعام لن استغرق مجيع ما يصلح له‪ ،‬ولًل فجمع منكر وحنوه‪ ،‬فإن مل يستغرق مجيع ما‬
‫يصلح له‪ ،‬مث ‪ :‬رأيت مجاعة من الرجال‪ ،‬فعلى قول من ًل يقول بعموم اجلمع املنكر‪:‬‬
‫يكون اجلمع املنكر واسطة بني اخلاص والعام‪ ،‬وعلى قول من يقول بعمومه يراد‬
‫ابجلمع املنكر هاهنا اجلمع املنكر الذي تدل القرينة على أته غري عام‪ ،‬فإن هذا يكون‬
‫واسطة بني العام‪ ،‬واخلاص‪ ،‬حنو‪ :‬رأيت اليوم رجاًل؛ فإن من املعلوم أن مجيع الرجال‬
‫غري مرئي‪.‬‬
‫ولن كان الكثري حمصورا‪ ،‬كالعدد والتثنية‪ ،‬أو وضع للواحد‪ :‬فخاص‪ ،‬سواء كان‬
‫الواحد ابعتبار الشخص كزيد‪ ،‬أو ابعتبار النوع كرج وفرس‪.‬‬
‫مث املشرتك لن ترجح بعض معاتيه ابلرأي يسمى‪ :‬مؤوًل(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬فرشة‪ ،‬عبد اللطيف‪" ،‬حاشية أتوار احللك‪ ،‬لعبد اللطيف فرشة"‪ ،‬حتقيق‪ :‬للياس قبالن‬
‫(لستاتبول‪ ،‬دار اإلرشاد‪1218‬ه ــ) ‪.184 :1‬‬
‫(‪ )4‬احملبويب‪ ،‬صدر الشريعة‪" ،‬التوضيح يف ح غوامض التنقيح"‪.82 :1 ،‬‬
‫تقسيمات دالالت األلفاظ عند احلنفيَّة ‪ -‬دراسة حتليليَّة استقرائيَّة ‪-‬‬
‫‪301‬‬
‫‪-4‬أن تفس النظم ًل خيلو من أن يدل على مدلول واحد وهو اخلاص‪ ،‬أو‬
‫أكثر بطريق الشمول وهو العام‪ ،‬أو بطريق البدل من غري ترجح البعض على الباقي‬
‫وهو املشرتك‪ ،‬أو مع ترجحه وهو املؤول‪.‬‬
‫وها هنا نظرات حتليلية يف هذا التقسيم أمجلها يف النقاط اآلتية‪:‬‬
‫األوىل‪ :‬قد عرب فخر اإلسالم ومن وافقه عن الوضع بقوله‪ :‬يف وجوه النظم‪:‬‬
‫صيغة ولغة‪ ،‬فما هو مقصوده من ذلك؟‬
‫واختلفوا يف املقصود من لفظي‪ :‬الصيغة واللغة‪ ،‬على قولني‪:‬‬
‫األول‪ :‬أن الصيغة واللغة مرتادفان‪ ،‬واملقصود واحد‪ ،‬وهو تقسيم النظم ابعتبار‬
‫معناه تفسه؛ ًل ابعتبار املتكلم والسامع‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬أهنما عبارة عن الوضع‪ ،‬وعليه األكثر؛ ألن الصيغة هي اهليئة العارضة‬
‫للفظ ابعتبار احلركات والسكنات‪ ،‬وتقدمي بعض احلروف على بعض‪ ،‬واللغة هي‬
‫اللفظ املوضوع‪ ،‬واملراد هبا هاهنا‪ :‬مادة اللفظ‪ ،‬وجوهر حروفه بقرينة اتضمام الصيغة‬
‫لليها‪.‬‬
‫فالواضع كما عني حروف "ضرب" إبزاء املعىن املخصوص‪ :‬عني هيئته إبزاء‬
‫معىن املضي‪ ،‬فاللفظ ًل يدل على معناه لًل بوضع املادة واهليئة‪ ،‬فعرب بذكرمها عن‬
‫وضع اللفظ(‪.)1‬‬
‫واحلاصل‪ :‬أن لك لفظ‪ :‬معىن لغوي‪ ،‬وهو ما يفهم من مادة تركيبه‪ .‬ومعىن‬
‫صيغي‪ ،‬وهو ما يفهم من هيئته‪ ،‬أي حركاته وسكناته وترتيب حروفه؛ ألن الصيغة‬

‫(‪ )1‬التفتازي‪ ،‬سعد الدين‪" ،‬التلويح" ‪.86 :1‬‬


‫‪301‬‬

‫اسم من الصوغ الذي يدل على التصرف يف اهليئة؛ ًل يف املادة‪.‬‬


‫فاملفهوم من حروف "ضرب"‪ :‬استعمال آلة التأديب يف حم قاب له‪ ،‬وهذا ًل‬
‫خيتلف ابختالف الصيغ‪.‬‬
‫ومن هيئته‪ :‬وقوع ذلك الفع يف الزمان املاضي‪.‬‬
‫واملقصود‪ :‬تقسيم النظم ابعتبار معناه يف تفس األمر؛ ًل ابعتبار املتكلم‬
‫والسامع‪ ،‬وهو يتعلق ابملفردات دون املركبات‪.‬‬
‫بني البيان للمجم واملشرتك واخلفي واملشك‬ ‫‪æ‬‬ ‫الثانية‪ :‬يفرق احلنفية‬
‫مؤوًل‪ ،‬ويدخ يف الظاهر‬
‫بدلي قطعي أو ظين‪ ،‬فاألول يسمى مفسرا‪ ،‬والثاين يسمى ا‬
‫مؤوًل كذلك‪.‬‬
‫والنص لذا مح على بعض حمتمالته؛ فإته يصري ا‬
‫ولكن املقصود ابلبحث يف ابب الوضع هنا‪ :‬املؤول الذي هو من وجوه الصيغة‬
‫واللغة‪ ،‬وذا ًل يكون لًل لذا ترجح بعض وجوه املشرتك بغالب الظن؛ خبالف سائر‬
‫املؤوًلت(‪.)1‬‬
‫الثالثة‪ :‬يالحظ أن احلنفية خصوا مؤول املشرتك بقسم مستق خبالف أتواع‬
‫سائر املؤوًلت‪ ،‬فما الوجه يف ذلك؟‬
‫وأجابوا عن ذلك‪ :‬أبن مؤول الظاهر والنص يف معنامها الظاهري ًل ينايف كوته‬
‫ظاهرا وتصا‪ ،‬وكذا مؤول اخلفي واملشك واجملم ًل ينايف كوته خفيا أو مشكال أو‬
‫جممال‪ ،‬خبالف املشرتك؛ فإته ينافيه؛ لذ اًلشرتاك ينبئ عن اًلستواء‪ ،‬والرتجيح‬

‫(‪ )1‬النعماين اهلندي احلنفي‪ ،‬صفي الدين‪" ،‬معدن األصول" ‪.162 :1‬‬
‫تقسيمات دالالت األلفاظ عند احلنفيَّة ‪ -‬دراسة حتليليَّة استقرائيَّة ‪-‬‬
‫‪301‬‬
‫ينافيه(‪.)1‬‬
‫الرابعة‪ :‬لمنا ذكروا مؤول املشرتك يف وجوه الصيغة واللغة خبالف مفسر‬
‫املشرتك؛ ألته يف حكم اخلاص‪ ،‬أو هو مندرج حتت اخلاص‪.‬‬
‫وميكن أن يقال‪ :‬أبن مفسر املشرتك ملا حلقه البيان القاطع من قب املتكلم‬
‫فيضاف حكمه ل ى تفسري املتكلم؛ ًل ل ى الواضع‪ ،‬فيخرج من وجوه الصيغة‪ ،‬ويدخ‬
‫يف وجوه البيان(‪.)4‬‬
‫‪" :‬ذكر فخر اإلسالم وغريه‪ :‬أن أقسام النظم صيغة ولغة‬ ‫يقول التفتازاين‬
‫أربعة‪ :‬اخلاص والعام‪ ،‬واملشرتك واملؤول‪ ،‬وفسر املؤول مبا ترجح من املشرتك بعض‬
‫وجوهه بغالب الرأي‪ ،‬وأورد عليه‪ :‬أن املؤول قد ًل يكون من املشرتك‪ ،‬وترجحه قد ًل‬
‫يكون بغالب الرأي‪ ،‬كما ذكر يف امليزان‪ :‬أن اجملم واملشك واخلفي واملشرتك لذا‬
‫مفسرا‪ ،‬ولذا زال خفاؤها بدلي فيه شبهة كخرب‬
‫حلقها البيان بدلي قطعي يسمى ا‬
‫مؤوًل‪.‬‬
‫الواحد والقياس يسمى ا‬
‫وأجيب عن األول‪ :‬أبته ليس املراد تعريف مطلق املؤول‪ ،‬ب املؤول من‬
‫املشرتك؛ ألته الذي من أقسام النظم صيغة ولغة‪.‬‬
‫وعن الثاين‪ :‬أبن غالب الرأي معناه الظن الغالب‪ ،‬سواء حص من خرب‬
‫الواحد‪ ،‬أو القياس‪ ،‬أو التأم يف الصيغة"(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬النعماين اهلندي احلنفي‪ ،‬صفي الدين‪" ،‬معدن األصول" ‪.162 :1‬‬
‫(‪ )4‬النعماين اهلندي احلنفي‪ ،‬صفي الدين‪" ،‬معدن األصول" ‪.166 :1‬‬
‫(‪ )1‬التفتازي‪ ،‬سعد الدين‪" ،‬التلويح" ‪.82 :1‬‬
‫‪312‬‬

‫اخلامسة‪ :‬قد اعرتض البعض على التقسيم ابعتبار الوضع وأته غري منحصر يف‬
‫األربعة؛ بدلي أن املطلق واملقيد غري هذه األربعة؟‬
‫وأجابوا عن ذلك‪ :‬أبهنا داخلة فيه؛ فإن املطلق‪ :‬لما عام أو خاص أو مشرتك‪،‬‬
‫ولمنا يكون غري منحصر أن لو وجد مطلق أو مقيد خارج عن هذه األقسام‪ ،‬ومل‬
‫يوجد(‪.)1‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬أحكام هذه التدقسيمات عنّ التعارض‪.‬‬
‫لذا تعارض العام مع اخلاص؛ فإن له صورا متعددة‪ ،‬وأحو ااًل خمتلفة‪.‬‬
‫وحاصل الكالم فيه عندهم‪ :‬أته لن تعارض اخلاص والعام أبن يدل أحدمها‬
‫على ثبوت حكم‪ ،‬واآلخر على اتتفائه‪ :‬فإما أن يعلم أتخر أحدمها عن اآلخر‪ ،‬أو ًل‪.‬‬
‫فإن مل يعلم التاريخ‪ :‬مح على املقارتة‪ ،‬ولن جاز أن يكون أحدمها يف الواقع‬
‫انسخا؛ لتأخره مرتاخيا‪ ،‬واآلخر منسوخا لتقدمه‪ ،‬ولمنا قيد بذلك؛ ًلحتمال أن يكون‬
‫انسخا‪ ،‬ولذا مح على املقارتة‪:‬‬
‫خمصصا ًل ا‬
‫ا‬ ‫اخلاص يف الواقع موصوًل ابلعام فيكون‬
‫يثبت حكم التعارض يف القدر الذي تناوله اخلاص‪ ،‬والعام مجيعا؛ ًل يف القدر الذي‬
‫تفرد العام بتناوله؛ فإن حكمه اثبت بال معارض‪.‬‬
‫وإن علم التاريخ‪ :‬فاملتأخر لما العام ولما اخلاص‪ ،‬فعلى األول‪ :‬يكون العام‬
‫موصوًل به‪،‬‬
‫ا‬ ‫انسخا للخاص‪ ،‬وعلى الثاين‪ :‬يكون اخلاص خمصص ا للعام لن كان‬ ‫ا‬
‫وانسخا له يف قدر ما تناوًله لن كان مرتاخيا عنه(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬الرهاوي‪" ،‬حاشية الرهاوي"‪.181 :1 ،‬‬


‫(‪ )4‬البخاري‪ ،‬عالء الدين‪" ،‬كشف األسرار" ‪.76 :1‬‬
‫تقسيمات دالالت األلفاظ عند احلنفيَّة ‪ -‬دراسة حتليليَّة استقرائيَّة ‪-‬‬
‫‪313‬‬
‫وهذا عند العراقيني من مشايخ احلنفية والقاضي اإلمام أيب زيد‪ ،‬ومن اتبعه من‬
‫املتأخرين‪ ،‬وهو ما استقر عليه املذهب‪.‬‬
‫فعمومات الكتاب‪ ،‬وظواهر اليقني كالنصوص واخلصوصات‪ً :‬ل جيوز‬
‫ختصيصها ومعارضتها خبرب الواحد والقياس‪.‬‬
‫وأما عند َمن جعلها ظنية من مشايخ احلنفية السمرقنديني‪ ،‬مث الشيخ أيب‬
‫منصور املاتريدي(‪ ،)1‬ومن اتبعه فيحتم عندهم أته جيوز ختصيصها به‪ ،‬كما ذهب‬
‫لليه الفريق األول؛ لظنية ظواهر النصوص عندهم‪.‬‬
‫واألوجه واألظهر‪ :‬أته ًل جيوز عندهم أيضا؛ ألن اًلحتمال يف خرب الواحد‬
‫فوق اًلحتمال يف العام والظاهر من الكتاب؛ ألن الشبهة فيهما من حيث املعىن‪،‬‬
‫وهو احتمال لرادة البعض من العموم‪ ،‬ولرادة اجملاز من الظاهر‪ ،‬ولكن ًل شبهة يف‬
‫ثبوت متنهما‪ ،‬والشبهة يف خرب الواحد يف ثبوت متنه ومعناه مجيعا؛ ولذا كان كذلك‪:‬‬
‫فال جيوز ترجيح خرب الواحد على ظاهر الكتاب‪ ،‬وًل ختصيص عمومه به؛ ألن فيه‬
‫ترك العم ابلدلي األقوى مبا هو أضعف منه‪ ،‬وذلك ًل جيوز(‪.)4‬‬
‫وأما أذا ترجح أحد وجوه املشرتك بغالب الظن فهو‪ :‬املؤول‪ ،‬وجيب العم‬

‫(‪ )1‬أبو منصور حممد بن حممد بن حممود املاتريدي‪ ،‬متكلم أصويل‪ ،‬من كبار العلماء‪ ،‬خترج أبيب‬
‫تصر العياضي‪ ،‬كان يقال له لمام اهلدى‪ ،‬له كتاب "التوحيد"‪ ،‬وكتاب "املقاًلت"‪ ،‬وكتاب‬
‫"بيان أوهام املعتزلة"‪ ،‬وكتاب "أتويالت القرآن"‪ ،‬وله كتب شَت‪ ،‬تويف سنة‪111( :‬هـ)‪ .‬اتظر‪:‬‬
‫"اجلواهر املضية يف طبقات احلنفية" ‪" ،111 :4‬معجم املؤلفني" ‪" ،111 :11‬سلم الوصول‬
‫ل ى طبقات الفحول" ‪.488 :1‬‬
‫(‪ )4‬البخاري‪ ،‬عالء الدين‪" ،‬كشف األسرار" ‪.2 :1‬‬
‫‪310‬‬

‫به على حسب وجوب العم ابلظاهر؛ لًل أن وجوب العم ابلظاهر اثبت قطعا‪،‬‬
‫ووجوب العم ابملؤول اثبت مع احتمال السهو والغلط فيه‪ ،‬فال يكون قطعا مبنزلة‬
‫العم خبرب الواحد؛ ألن طريقه غالب الرأي‪ ،‬وذلك ًل ينفك عن احتمال السهو‬
‫والغلط(‪.)1‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬يف وجوه البيان يف الكتاب والسنة عنّ احلنفية‬
‫وفيه فرعان‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تدقسيمات احلنفية لوجوه البيان يف الكتاب والسنة‪ ،‬ووجه‬
‫الضبط فيها‪.‬‬
‫املراد هنا‪ :‬تقسيمه بعد الرتكيب حبسب ظهور املعىن للسامع وخفائه عليه؛‬
‫ألن املراد من البيان ههنا‪ :‬لظهار املعىن أو ظهوره للسامع‪ ،‬وذلك لمنا يكون بعد‬
‫الرتكيب‪ ،‬وهو املراد من قوهلم‪ :‬البيان بذلك النظم‪.‬‬
‫ويسمى عند البعض بـ ـ ـ‪" :‬املتقابالت"‪ ،‬والتقاب جنس حتته أتواع أربعة‪:‬‬
‫التناقض‪ ،‬والتضاد‪ ،‬والتضايف‪ ،‬وامللكة والعدم‪ ،‬وقد يطلق على ك واحد من هذه‬
‫األربعة اسم الضد يف اصطالح الفقهاء‪ ،‬وهو املراد هاهنا‪ ،‬فيكون التقدير‪ :‬األقسام‬
‫اليت ك واحد منها يضاد اآلخر(‪.)4‬‬
‫ولمنا ذكر يف هذا القسم املتضادات يف مقابلتها؛ ألهنا ًل تكون متضادة يف‬
‫أتفسها؛ ألن يف الك ظهورا‪ ،‬والظهور ًل يضاد الظهور‪ ،‬خبالف القسم األول‬

‫(‪ )1‬السرخسي‪" ،‬أصول السرخسي" ‪.161 :1‬‬


‫(‪ )4‬النعماين اهلندي احلنفي‪ ،‬صفي الدين‪" ،‬معدن األصول" ‪.46 :4‬‬
‫تقسيمات دالالت األلفاظ عند احلنفيَّة ‪ -‬دراسة حتليليَّة استقرائيَّة ‪-‬‬
‫‪311‬‬
‫والثالث فإن بعضها يضاد بعضا‪ ،‬فاخلصوص يضاد العموم‪ ،‬واحلقيقة تضاد اجملاز‪ ،‬فال‬
‫حيتاج فيه ل ى أقسام أخر متقابلة(‪.)1‬‬
‫وختصيصها ابسم املتقابالت دون غريها ‪ -‬كاخلاص مع العام‪ ،‬واملشرتك مع‬
‫املؤول ‪ -‬اصطالح‪ ،‬وًل مشاحة فيه‪ً ،‬ل سيما مع كثرة التقاب يف هذه األقسام وقلته‬
‫يف غريها‪.‬‬
‫وهذا التقسيم ينقسم ل ى أربعة أوجه ابعتبار الظهور‪ ،‬وهي‪ :‬الظاهر والنص‬
‫واملفسر واحملكم‪ ،‬وينقسم كذلك ل ى أربعة أقسام ابعتبار اخلفاء‪ ،‬وهي‪ :‬اخلفي‬
‫واملشك واجملم واملتشابه‪.‬‬
‫وًل يكاد أن يوجد خالف بني املتأخرين من احلنفية من الدبوسي ومن وافقه‬
‫يف هذا التقسيم‪.‬‬
‫وقد اختلفت عباراهتم يف ضبط هذا التقسيم‪ ،‬وهاك بعضها‪:‬‬
‫‪-1‬أن البيان من املتكلم ًل خيلو من أن يكون ظاهر املراد للسامع‪ ،‬أو مل يكن‪.‬‬
‫فاألول‪ :‬لن مل يكن مقروان بقصد املتكلم فهو‪ :‬ظاهر‪ ،‬ولن كان مقروان به‪ :‬فإن‬
‫احتم التخصيص والتأوي فهو‪ :‬النص‪ ،‬ولًل‪ :‬فإن قب النسخ فهو‪ :‬املفسر‪ ،‬ولن مل‬
‫يقب فهو‪ :‬احملكم‪ .‬ولن مل يكن ظاهر املراد‪ :‬فإما لن كان عدم ظهوره لغري الصيغة‪ ،‬أو‬
‫لنفسها‪ ،‬واألول هو‪ :‬اخلفي‪.‬‬
‫والثاين‪ :‬فإن أمكن دركه ابلتأم فهو‪ :‬املشك ‪ ،‬ولًل فإن كان البيان مرجوا فيه‬

‫(‪ )1‬الرامشي‪ ،‬علي بن حممد "فوائد البزدوي" ‪.174 :1‬‬


‫‪311‬‬

‫فهو‪ :‬اجملم ‪ ،‬ولن مل يكن مرجوا فهو‪ :‬املتشابه(‪.)1‬‬


‫‪-4‬ما استفيد معناه من صيغته مطلق ا فهو الظاهر‪ ،‬وما ًل يستفاد بعارض فهو‬
‫وضوحا بسبب قصد املتكلم فهو النص‪،‬‬ ‫ا‬ ‫اخلفي‪ ،‬ويتوقف على الطلب‪ ،‬وما ازداد‬
‫ويقابله املشك وهو ما ازداد خفاء؛ لغموض معناه‪ ،‬أو ًلستعارة بديعة‪ ،‬وما ازداد‬
‫وضوحا على النص أبن كان جممال فبني‪ ،‬أو عاما اتسد ابب ختصيصه فهو املفسر‪،‬‬
‫ويقابله اجملم ‪ ،‬وما امتنع مع ذلك تسخه فهو احملكم‪ ،‬ويقابله املتشابه(‪.)4‬‬
‫وها هنا نظرات حتليلية يف هذا التقسيم أمجلها يف النقاط اآلتية‪:‬‬
‫األوىل‪ :‬اعرتض البعض على أقسام البيان ابعتبار اخلفاء‪ ،‬وأهنا كيف تسمى‬
‫بياان‪ ،‬فقال‪ً :‬ل خيلو األمر من أن تكون خارجة عن قسم البيان‪ ،‬أو داخلة فيه‪ ،‬فإن‬
‫كان الثاين لزم أن يقال‪ :‬أقسام البيان مثاتية‪ ،‬ولن كان األول لزم أن يقال‪ :‬أقسام‬
‫النظم واملعىن مخسة؟‬
‫وأجيب عن هذا‪ :‬أبهنا داخلة‪ ،‬ومل يق أبهنا مثاتية؛ ألن املقصود من ذكر‬
‫أقسام املقاب تتميم بيان األقسام األربعة يف البيان‪ ،‬فيكون أقسام املقاب تبعا‪.‬‬
‫وقي ‪ :‬أبهنا خارجة عنها‪ ،‬وًل يلزم أن تكون األقسام مخسة؛ ألن تقسيم النظم‬
‫واملعىن ابعتبار معرفة أحكام الشرع أربعة‪ ،‬وابلقسم املقاب ًل حيص معرفة أحكام‬
‫الشرع‪ ،‬ولمنا حيص به لذا خرج عن حيز اخلفاء واإلشكال واإلمجال‪ ،‬وحينئذ مل يبق‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬البخاري‪ ،‬عالء الدين‪" ،‬كشف األسرار" ‪.48 :1‬‬


‫(‪ )4‬ابن الساعايت‪" ،‬بديع النظام"‪ ،‬حتقيق‪ :‬سعد بن غرير بن مهدي السلمي‪ ،‬سنة النشر‪:‬‬
‫‪1218‬هـ‪.412 :1 .‬‬
‫تقسيمات دالالت األلفاظ عند احلنفيَّة ‪ -‬دراسة حتليليَّة استقرائيَّة ‪-‬‬
‫‪311‬‬
‫مقابال؛ ب دخ يف األقسام األربعة(‪.)1‬‬
‫وعليه‪ :‬فيكون ذكر األربعة املقابلة من قبي زايدة الوضوح بذكر الضد؛ فإن‬
‫معرفة الشيء تتأكد بذكر مقابله(‪.)4‬‬
‫الثانية‪ :‬قد يقال‪ :‬أبن أقسام تقسيم واحد ًل بد أن يكون ك قسم منها قسيم‬
‫لآلخر‪ ،‬فكيف يكون بعض هذه األقسام أعم من اآلخر ‪ -‬وًل سيما على مذهب‬
‫املتقدمني ‪-‬؟‬
‫وأجيب‪ :‬أبن هذا التقسيم يف احلقيقة منقسم ل ى قسمني‪ :‬قسم فيه بيان‬
‫الظهور‪ ،‬واآلخر يف بيان اخلفاء‪ ،‬وًل شك أن بينهما منافاة‪ ،‬وتكون األقسام يف‬
‫كليهما عبارة عن مراتب ك قسم من القسمني؛ ألن الظهور واخلفاء حيتمالن التزايد‬
‫وهناية الظهور يف احملكم‪ ،‬وضده يف املتشابه‪ ،‬فال ضري يف كون أدانها أعم من أعالها‬
‫مطلقا(‪.)1‬‬
‫الثالثة‪ :‬قد اختلفوا يف هذه األقسام األربعة من حيث الظهور‪ ،‬وه هي‬
‫متباينة أو متداخلة؟‬
‫فاملتأخرون على أهنا أقسام متباينة‪ ،‬فما ظهر معناه الوضعي مبجرده حمتم ‪،‬‬
‫فإن مل يسق الكالم له فهو الظاهر‪ ،‬ولًل‪ :‬فإن كان حيتم التأوي والتخصيص فهو‬

‫(‪ )1‬البابريت احلنفي‪ ،‬أكم الدين‪" ،‬التقرير ألصول البزدوي" ‪ ،181 :1‬ابن جنيم‪" ،‬فتح الغفار"‪،‬‬
‫‪.12 :1‬‬
‫(‪ )4‬النعماين اهلندي احلنفي‪ ،‬صفي الدين‪" ،‬معدن األصول" ‪.47 :4‬‬
‫(‪ )1‬النعماين اهلندي احلنفي‪ ،‬صفي الدين‪" ،‬معدن األصول" ‪.11 :1‬‬
‫‪311‬‬

‫النص‪ ،‬ولن احتم النسخ فهو املفسر‪ ،‬ولًل فهو احملكم‪.‬‬


‫وأما املتقدمون فهي أقسام متداخلة عندهم؛ ألن الظاهر ما ظهر معناه ابلوضع‬
‫سيق أو مل يسق‪ ،‬والنص يشرتط فيه السوق‪ ،‬وهكذا‪ ،‬فتكون النسبة العموم واخلصوص‬
‫املطلق‪ ،‬فالظاهر أعم مطلق ا‪ ،‬والنص أعم من الباقيني(‪.)1‬‬
‫الرابعة‪ :‬قد اختلف املتقدمون واملتأخرون يف الفرق بني النص والظاهر‪ ،‬فرأى‬
‫املتقدمون منهم عدم اشرتاط السوق يف الظاهر أو عدمه‪ ،‬خبالف املتأخرين فقد‬
‫اشرتطوا عدم السوق يف الظاهر‪ ،‬وكان هلذا اًلختالف أثرا يف وجه احلصر يف أقسام‬
‫الظهور‪.‬‬
‫فمن اشرتط يف الظاهر عدم السوق جع الفرق بينه وبني النص وجود السوق‬
‫يف األخري دون األول‪ ،‬والعكس ابلعكس(‪.)4‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬أحكام هذه التدقسيمات عنّ التعارض‪.‬‬
‫لذا تعارضت أقسام البيان من حيث الظهور فيقدم األظهر واألقوى على ما‬
‫دوته‪ ،‬وذلك يف عدة صور‪:‬‬
‫‪{ :‬ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ }‬ ‫‪-1‬التعارض بني الظاهر والنص‪ ،‬كقوله‬
‫[سورة النساء‪ ،]42 :‬مع قوله‪{ :‬ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ} [سورة‬
‫النساء‪]1 :‬؛ فإن األول ظاهر عام يف لابحة تكاح غري احملرمات‪ ،‬فيقتضي بعمومه‬

‫(‪ )1‬ابن جنيم‪" ،‬فتح الغفار"‪.114 :1 ،‬‬


‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬السرخسي‪" ،‬أصول السرخسي" ‪ ،161 :1‬السنغناقي‪ ،‬حسام الدين‪" ،‬الوايف يف شرح‬
‫احلسامي"‪ ،‬حتقيق‪ :‬أمحد حممد اليماين‪( ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪ ،‬دار القاهرة‪4111 ،‬م) ‪.481 :1‬‬
‫تقسيمات دالالت األلفاظ عند احلنفيَّة ‪ -‬دراسة حتليليَّة استقرائيَّة ‪-‬‬
‫‪311‬‬
‫ولطالقه جواز تكاح ما وراء األربع‪ ،‬والثاين تص يقتضي اقتصار اجلواز على األربع‪،‬‬
‫فيتعارضان فيما وراء األربع‪ ،‬فريجح النص وحيم الظاهر عليه(‪.)1‬‬
‫شهرا‪ :‬يكون ذلك‬
‫‪-4‬التعارض بني النص واملفسر‪ ،‬كقوهلم‪ :‬فيمن تزوج امرأة ا‬
‫تكاحا؛ ألن قوله‪ :‬تزوجت‪ :‬تص للنكاح‪ ،‬ولكن احتمال املتعة فيه قائم‪،‬‬ ‫متعة ًل ا‬
‫شهرا‪ :‬مفسر يف املتعة ليس فيه احتمال النكاح‪ ،‬فإن النكاح ًل حيتم التوقيت‬
‫وقوله‪ :‬ا‬
‫حبال‪ ،‬فإذا اجتمعا رجحوا املفسر على النص‪.‬‬
‫‪{ :‬ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ}‬ ‫‪-1‬التعارض بني املفسر واحملكم‪ ،‬كقوله‬
‫‪{ :‬ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ} [سورة النور‪ ]2 :‬فإن األول‪:‬‬ ‫[سورة الطالق‪ ]4 :‬وقوله‬
‫مفسر يف قبول شهادة العدول؛ ألن اإلشهاد لمنا يكون للقبول عند األداء‪ ،‬وهو ًل‬
‫حيتم معىن آخر‪ ،‬والثاين‪ :‬حمكم؛ ألن التأبيد التحق به‪ ،‬واألول بعمومه يوجب قبول‬
‫شهادة احملدود يف القذف لذا اتب‪ ،‬والثاين يوجب رده‪ ،‬فريجح احملكم على املفسر(‪)4‬‬

‫وهناك اختالف بينهم يف التمثي ‪ ،‬والتطبيق يراجع يف املطوًلت‪ ،‬وكذا الكالم‬


‫يف األقسام من حيث اخلفاء‪.‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬يف وجوه االستعمال وجريانه يف الكتاب والسنة عنّ احلنفية‬
‫وفيه فرعان‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تدقسيمات احلنفية لوجوه االستعمال وجريانه يف الكتاب‬
‫والسنة‪ ،‬ووجه الضبط فيها‪.‬‬

‫(‪ )1‬البخاري‪ ،‬عالء الدين‪" ،‬كشف األسرار" ‪.22 :1‬‬


‫(‪ )4‬البخاري‪ ،‬عالء الدين‪" ،‬كشف األسرار" ‪.12 :4‬‬
‫‪311‬‬

‫هذا التقسيم ينظر فيه حبسب استعمال املتكلم؛ ألن اللفظ بسبب اًلستعمال‬
‫يتصف بكوته حقيقة أو جمازا؛ ًل ابلوضع‪ .‬وهو من صفات الكالم عند األكثرين‬
‫دون اإلسناد‪ ،‬ولذا وصف النسبة ابحلقيقية واجملازية دون احلقيقة واجملاز؛ لًل أن‬
‫اتصاف الكالم هبما لمنا هو ابعتبار اإلسناد(‪.)1‬‬
‫والفرق بني هذا القسم والقسم الثاين‪ :‬أن القسم الثاين يف تفس البيان‪ ،‬وهذا‬
‫القسم يف كيفية استعمال اللفظ يف ابب البيان‪ ،‬وهو يشم القسمني األولني؛ ألن‬
‫األول خاص ابملفردات "الوضع"‪ ،‬والثاين خاص ابملركبات "الظهور واخلفاء"‪ ،‬وهذا‬
‫القسم جيري فيهما(‪.)4‬‬
‫وهلذا ذكر اجملاز يف أقسام استعمال النظم الذي هو راجع ل ى املتكلم‪،‬‬
‫واملقتضى يف أقسام الوقوف على املراد الذي هو حظ السامع(‪.)1‬‬
‫وقد أطبقوا على تقسيم هذا النوع ل ى أربعة‪ ،‬وهي‪ :‬احلقيقة واجملاز‪ ،‬والصريح‬
‫والكناية‪.‬‬
‫وقد اختلفت عباراهتم يف ضبط هذا التقسيم‪ ،‬وهاك ضابطا منها‪:‬‬
‫‪-1‬أن اللفظ املستعم ًل خيلو‪ :‬من أن يكون مستعمال يف موضوعه‪ ،‬وهو‪:‬‬
‫مستعمال فيما وضع له لقرينة‪ ،‬وهو‪ :‬اجملاز‪.‬‬
‫ا‬ ‫احلقيقة‪ ،‬أو ًل يكون‬

‫(‪ )1‬ابن جنيم‪" ،‬فتح الغفار"‪.112 :1 ،‬‬


‫(‪ )4‬الرامشي‪ ،‬علي بن حممد‪" ،‬فوائد البزدوي" ‪ ،171 :1‬الرهاوي‪" ،‬حاشية الرهاوي"‪:1 ،‬‬
‫‪.186‬‬
‫(‪ )1‬البخاري‪ ،‬عالء الدين‪" ،‬كشف األسرار" ‪.21 :4‬‬
‫تقسيمات دالالت األلفاظ عند احلنفيَّة ‪ -‬دراسة حتليليَّة استقرائيَّة ‪-‬‬
‫‪311‬‬
‫وك واحد منهما‪ :‬لن كان ظاهر املراد بسبب كثرة اًلستعمال فهو‪ :‬الصريح‪،‬‬
‫ولًل فهو‪ :‬الكناية(‪.)1‬‬
‫وهاهنا نظرات حتليلية يف هذا التقسيم أمجلها يف النقاط اآلتية‪:‬‬
‫األوىل‪ :‬قد يقال‪ :‬لن املقتضى ضروري عندهم حَت أتكروا جواز عمومه أصال‪،‬‬
‫مع أته موجود يف القرآن‪ ،‬فليكن اجملاز كذلك؟‬
‫وأجابوا عن ذلك‪ :‬أبن الضرورة يف املقتضى راجعة ل ى السامع؛ فإته لمنا يثبت‬
‫ضرورة تصحيح الكالم شرعا لئال يؤدي ل ى اإلخالل بفهم السامع‪ ،‬والضرورة يف اجملاز‬
‫لو ثبتت كاتت راجعة ل ى املتكلم؛ ألن ثبوته لتوسعة طريق التكلم على املتكلم‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬أن كال من احلقيقة واجملاز من خواص األلفاظ دون املعاين‪ ،‬ويدخ يف‬
‫احلقيقة عندهم‪ :‬املنقول واملرجت ‪.‬‬
‫ويدخ ك من الصريح والكناية يف احلقيقة واجملاز‪ ،‬فاحلقيقة قد تكون صرحية‬
‫أو مكنية‪ ،‬واجملاز كذلك؛ ولكن ملا تعلق بعض األحكام ابلصريح والكناية جعال‬
‫منفردين عن احلقيقة واجملاز(‪.)4‬‬
‫الثالثة‪ً :‬ل يدخ ك من النص واملفسر واحملكم يف حقيقة الصريح؛ ولن كاتت‬
‫ألفاظا ظاهرة واضحة؛ ًلختالف مورد القسمة؛ فإن ظهورها ليس بكثرة اًلستعمال‪،‬‬

‫(‪ )1‬التفتازي‪ ،‬سعد الدين‪" ،‬التلويح" ‪ ،111 :1‬الرهاوي‪" ،‬حاشية الرهاوي" ‪.187 :1‬‬
‫(‪ )4‬ابن جنيم‪" ،‬فتح الغفار"‪ ،21 :4 ،‬اللكنوي‪ ،‬حممد بن عبد احلليم‪" ،‬قمر األقمار على كشف‬
‫األسرار"‪( ،‬مصر‪ ،‬املطبعة األمريية‪1116 ،‬ه ــ)‪.616 :1 .‬‬
‫‪312‬‬

‫ولمنا هو حبسب اللغة‪ ،‬وقصد املتكلم والقرائن(‪.)1‬‬


‫الفرع الثاني‪ :‬أحكام هذه التدقسيمات عنّ التعارض‪.‬‬
‫لذا تعارضت احلقيقة مع اجملاز؛ فإن احلقيقة أو ى منه‪ ،‬فترتجح عند التعارض؛‬
‫ألن املطلوب بك كلمة عند اإلطالق ما هي موضوعة له يف األص ‪ ،‬فيرتجح ذلك‬
‫حَت يقوم دلي اجملاز‪ ،‬وهذا الرتجح ًل يدل على كون اجملاز ضروراي‪ ،‬كرتجيح احملكم‬
‫على الظاهر‪ً :‬ل يدل على كوته ضروراي‪ ،‬وعلى اتتفاء العموم عنه(‪.)4‬‬
‫وكذا يقدم الصريح على الكناية؛ ألن الصريح موضوع لإلفهام‪ ،‬والكناية فيها‬
‫قصور ابعتبار اًلشتباه فيما هو املراد‪.‬‬
‫وْلذا قالوا‪ :‬لن ما يندرئ ابلشبهات ًل يثبت ابلكناية؛ حَت لن املقر على‬
‫تفسه ببعض األسباب املوجبة للعقوبة ما مل يذكر اللفظ الصريح كالزان والسرقة‪ً :‬ل‬
‫يصري مستوجبا للعقوبة‪.‬‬
‫وهلذا ًل تقام هذه العقوابت على األخرس عند لقراره به إبشارته؛ ألته مل يوجد‬
‫التصريح بلفظه‪ ،‬وعند لقامة البينة عليه كذلك؛ ألته رمبا يكون عنده شبهة ًل يتمكن‬
‫من لظهارها يف لشارته(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬اهلندي احلنفي حممد بن أيب سعيد‪" ،‬تور األتوار يف شرح املنار"‪.616 :1 ،‬‬
‫(‪ )4‬البخاري‪ ،‬عالء الدين‪" ،‬كشف األسرار" ‪.24 :4‬‬
‫(‪ )1‬السرخسي‪" ،‬أصول السرخسي" ‪.182 :1‬‬
‫تقسيمات دالالت األلفاظ عند احلنفيَّة ‪ -‬دراسة حتليليَّة استقرائيَّة ‪-‬‬
‫‪313‬‬
‫املطلب الرابع‪ :‬يف وجوه االستّالل‪ ،‬ومعرفة املراد يف الكتاب والسنة عنّ‬
‫احلنفية‬
‫وفيه فرعان‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تدقسيمات احلنفية لوجوه االستّالل‪ ،‬ومعرفة املراد يف‬
‫الكتاب والسنة‪ ،‬ووجه الضبط فيها‪.‬‬
‫هذا التقسيم يتعلق بوجوه الوقوف‪ ،‬أي وقوف السامع على مراد املتكلم ومعاين‬
‫الكالم‪ ،‬وهو قسم اًلستثمار واًلستدًلل‪ ،‬فهو يرجع ل ى اجملتهد(‪.)1‬‬
‫وعرب عنه بعضهم بقوله‪" :‬يف وجوه اقتناص احلكم من النظم"(‪.)4‬‬
‫وهو ولن كان صفةا للمستدل‪ ،‬وليس من أقسام الكتاب؛ لكن ملا مل تفد‬
‫األقسام بدوته عده منها‪ ،‬أو من ابب التسامح(‪.)1‬‬
‫واحلاصل‪ :‬أن اًلستدًلل صفة املستدل ًل النظم‪ ،‬ولمنا صفة النظم هو ذات‬
‫عبارة النص(‪.)2‬‬
‫وقد قسموا وجوه االستدالل إىل أربعة‪ :‬اًلستدًلل بعبارة النص ‪ -‬وهو ما‬
‫عرب عنه الدبوسي ب ـ ـ ـ‪ :‬عني النص‪ -‬وإبشارته وبدًللته وابقتضائه‪.‬‬
‫وقد اختلفت عباراهتم يف ضبط هذا التقسيم‪ ،‬وهاك ضابطا منها‪:‬‬

‫(‪ )1‬السنغناقي‪ ،‬حسام الدين‪" ،‬الوايف يف شرح احلسامي" ‪.262 :1‬‬


‫(‪ )4‬ابن الساعايت‪" ،‬بديع النظام" ‪.111 :1‬‬
‫(‪ )1‬ابن جنيم‪" ،‬فتح الغفار"‪.18 :1 ،‬‬
‫(‪ )2‬اهلندي احلنفي حممد بن أيب سعيد‪" ،‬تور األتوار يف شرح املنار"‪.1 :4 ،‬‬
‫‪310‬‬

‫‪-1‬أته ًل خيلو من‪ :‬أن يستدل يف لثبات احلكم ابلنظم ‪ -‬تفس اللفظ ‪ ،-‬أو‬
‫غريه‪.‬‬
‫واألول‪ :‬لن كان مسوقا له فهو‪ :‬العبارة‪ ،‬ولن مل يكن فهو‪ :‬اإلشارة‪ .‬والثاين‪:‬‬
‫شرعا فهو‪ :‬اًلقتضاء‪ ،‬ولن مل يكن‬
‫لن كان مفهوما لغة فهو‪ :‬الدًللة‪ ،‬ولن كان مفهوما ا‬
‫مفهوما لغة وًل شرعا فهي‪ :‬التمسكات الفاسدة(‪.)1‬‬
‫وها هنا نظرات حتليلية يف هذا التقسيم أمجلها يف النقاط اآلتية‪:‬‬
‫األوىل‪ :‬اعلم أن عامة األصوليني من احلنفية املتقدمني جعلوا احملذوف من ابب‬
‫املقتضى‪ ،‬ومل يفصلوا بينهما‪ ،‬فقالوا‪ :‬هو جع غري املنطوق منطوقا؛ لتصحيح‬
‫اتبع املتقدمني‪ ،‬وجع‬ ‫املنطوق‪ .‬وأته يشم اجلميع‪ ،‬والقاضي اإلمام أبو زيد‬
‫احدا‪.‬‬
‫قسما و ا‬
‫ا‬ ‫الك‬
‫فرأى أن العموم متحقق يف بعض أفراد هذا النوع‬ ‫مث جاء اإلمام البزدوي‬
‫‪ -‬أعين احملذوف ‪ -‬فسلك طريقة أخرى‪ ،‬وفص بني ما يقب العموم وما ًل يقبله‪،‬‬
‫وجع ما يقب العموم قسما آخر غري املقتضى ومساه حمذوفا‪ ،‬وعليه سار املتأخرون‬
‫بعده(‪.)4‬‬
‫فكان هلذا اًلختالف أثر يف التقسيم‪ ،‬ووجه الضبط فيه‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬قد ذكروا فروق ا بني املقتضى واحملذوف ‪ -‬بناء على قول من فرق‬
‫بينهما ‪ ،-‬ومنها‪:‬‬

‫(‪ )1‬تكري‪ ،‬القاضي عبد النيب بن عبد الرسول األمحد‪" ،‬دستور العلماء"‪.76 :4 ،‬‬
‫(‪ )4‬البخاري‪ ،‬عالء الدين‪" ،‬كشف األسرار" ‪.422 :4‬‬
‫تقسيمات دالالت األلفاظ عند احلنفيَّة ‪ -‬دراسة حتليليَّة استقرائيَّة ‪-‬‬
‫‪311‬‬
‫‪-1‬أن املقتضى شرعي خبالف احملذوف فإته لغوي‪.‬‬
‫‪-4‬أن كال من ي‬
‫املقتضي واملقتضى مرادين للمتكلم‪ ،‬خبالف ابب احلذف؛ فإن‬
‫املراد فيه هو احملذوف دون املصرح به‪.‬‬
‫‪-1‬أن املقتضى ًل يقب العموم خبالف احملذوف فإته يقبله(‪.)1‬‬
‫الثالثة‪ :‬قد يقال‪ :‬أبن قوهلم‪" :‬عبارة النص" يف هذا التقسيم يتعارض مع‬
‫مصطلح النص يف ابب البيان‪ ،‬فما الفرق بينهما؟‬
‫وأجابوا عن ذلك‪ :‬أبته ًل يراد ابلنص هنا‪ :‬النص اًلصطالحي وهو ما يقاب‬
‫الظاهر؛ ب املراد بعبارة النص‪ :‬عينه ‪ -‬كما عرب الدبوسي عنه بذلك ‪ ،-‬فاإلضافة‬
‫من قبي ‪ :‬مجيع القوم‪ ،‬وك الدراهم‪.‬‬
‫الرابعة‪ :‬قد يقال‪ :‬أبن قوهلم يف تعريف عبارة النص‪" :‬العم بظاهر ما سيق‬
‫الكالم له"‪ ،‬فما الفرق بني السوق هنا وبني السوق يف مصطلح النص يف ابب البيان؟‬
‫وأجابوا عن ذلك‪ :‬أبته ًل يراد ابلسوق هنا ما أريد يف معىن النص؛ ب املراد‬
‫به هنا‪ :‬جمرد التكلم به إلفادة معناه سواء كان سوقا أصليًّا‪ ،‬أو ًل(‪.)4‬‬
‫اخلامسة‪ :‬الثابت ابلدًللة قد يكون ظاهرا كحرمة الضرب الثابتة بنص‬
‫التأفيف‪ ،‬وقد يكون خفيًّا كثبوت الكفارة يف املتنازع فيه مبنزلة الثابت ابإلشارة‪ ،‬وقد‬
‫ظاهرا وخفيًّا‪.‬‬
‫يكون ا‬

‫(‪ )1‬اإلخسيكي احلنفي‪ ،‬حسام الدين‪" ،‬املذهب يف أصول املذهب على املنتخب"‪( ،‬سوراي‪ ،‬دار‬
‫الفرفور‪1212 ،‬هـ)‪.181 :1 .‬‬
‫(‪ )4‬ابن جنيم‪" ،‬فتح الغفار"‪.22 :4 ،‬‬
‫‪311‬‬

‫فأما املعىن الذي تعلق به احلكم فال بد من أن يكون ظاهرا يعرفه أه‬
‫اللسان‪ ،‬ولًل كان قياسا ًل دًللة(‪.)1‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬أحكام هذه التدقسيمات عنّ التعارض‪.‬‬
‫لذا تعارضت هذه األقسام فيقدم األقوى على ما دوته‪ ،‬فتقدم العبارة‪ ،‬مث‬
‫اإلشارة‪ ،‬مث الدًللة‪ ،‬مث اًلقتضاء‪ ،‬وذلك يف صور منها‪:‬‬
‫‪-1‬تعارض اإلشارة مع الدًللة‪ ،‬فتقدم اإلشارة؛ ألن يف اإلشارة وجد النظم‬
‫واملعىن اللغوي‪ ،‬ويف الدًللة مل يوجد لًل املعىن اللغوي‪ ،‬فتقاب املعنيان وبقي النظم‬
‫ساملا عن املعارضة يف اإلشارة‪ ،‬فرتجحت بذلك‪.‬‬
‫‪ :‬لن الكفارة جتب يف القت العمد؛ ألهنا ملا‬ ‫ومثال ذلك‪ :‬ما قال الشافعي‬
‫‪{ :‬ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ‬ ‫وجبت يف القت اخلطإ للجناية مع قيام العذر بقوله‬
‫ﭞ ﭟ} [سورة النساء‪ ]24 :‬اآلية؛ فألن جتب ابلعمد وًل عذر فيه من ابب‬
‫أو ى‪.‬‬
‫‪{ :‬ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ‬ ‫ويعارضها قوله‬
‫ﮙ ﮚ} [سورة النساء‪ ]21 :‬فإته يشري ل ى عدم وجوب الكفارة فيه‪ ،‬وذلك ألته‬
‫جع ك جزائه جهنم؛ لذ اجلزاء اسم للكام التام‪ ،‬فلو وجبت الكفارة معه كان‬
‫املذكور بعض اجلزاء‪ ،‬فلم يكن كامال اتما‪ ،‬فرجحت اإلشارة على الدًللة‪.‬‬
‫‪-4‬تعارض اًلقتضاء مع أحد األتواع الثالثة؛ فإن الثابت ابلنص أو لشارته أو‬
‫دًللته يكون أقوى من الثابت ابملقتضي؛ ألته اثبت ابلنظم أو ابملعىن اللغوي‪ ،‬فكان‬

‫(‪ )1‬البخاري‪ ،‬عالء الدين‪" ،‬كشف األسرار" ‪)444 :4‬‬


‫تقسيمات دالالت األلفاظ عند احلنفيَّة ‪ -‬دراسة حتليليَّة استقرائيَّة ‪-‬‬
‫‪311‬‬
‫شرعا للحاجة‬
‫اثبتا من ك وجه؛ واملقتضي ليس من موجبات الكالم لغةا‪ ،‬ولمنا يثبت ا‬
‫ل ى لثبات احلكم به‪ ،‬فكان ضرورًّاي اثبتاا من وجه دون وجه؛ لذ هو غري اثبت فيما‬
‫وراء ضرورة تصحيح الكالم‪ ،‬فيكون األول أقوى‪.‬‬
‫وقد اختلفوا يف وجود مثال لتعارض املقتضى مع غريه‪ ،‬فاألكثرون على عدم‬
‫عبدا‬
‫وجوده‪ ،‬وقد حتم بعض الشارحني يف ليراد مثال له فقال‪ :‬لذا ابع من آخر ا‬
‫أبلفي درهم‪ ،‬مث قال البائع للمشرتي قب تقد الثمن‪ :‬أعتق عبدك عين هذا أبلف‬
‫درهم‪ ،‬فأعتقه‪ً :‬ل جيوز البيع؛ ألن دًللة النص الذي ورد يف حق زيد بن أرقم بفساد‬
‫شراء ما ابع أبق مما ابع قب تقد الثمن(‪ :)1‬توجب أن ًل جيوز‪ ،‬واًلقتضاء يدل‬
‫على اجلواز‪ ،‬فرتجحت الدًللة على اًلقتضاء(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬يشري بذلك ل ى ما رواه عبد الرزاق يف "مصنفه" (‪ ،)12811 ،12814‬وأمحد يف "مسنده"‬
‫كما يف الزيلعي‪" ،‬تصب الراية" ‪ ،16 :2‬والبغوي يف "مسند ابن اجلعد"‪ ،‬ص‪،281 :‬‬
‫والبيهقي يف "الكربى" ‪ ،812 :8‬من طريق زوجة أيب لسحاق‪ ،‬أهنا دخلت على عائشة يف‬
‫تسوة فسألتها امرأة فقالت‪ :‬اي أم املؤمنني‪ ،‬كاتت يل جارية‪ ،‬فبعتها من زيد بن أرقم بثمان‬
‫مائة ل ى أج ‪ ،‬مث اشرتيتها منه بست مائة‪ ،‬فنقدته الستمائة‪ ،‬وكتبت عليه مثان مائة‪ ،‬فقالت‬
‫عائشة‪" :‬بئس وهللا ما اشرتيت‪ ،‬وبئس وهللا ما اشرتي‪ ،‬أخربي زيد بن أرقم‪ :‬أنه قد أبطل‬
‫إال أن يتوب"‪ ،‬فقالت املرأة لعائشة‪ :‬أرأيت لن أخذت رأس مايل‬ ‫جهاده مع رسول هللا‬
‫ورددت عليه الفض ؟ قالت‪ { :‬ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ } [سورة البقرة‪ ]478:‬اآلية‪ ،‬أو‬
‫قالت‪{ :‬ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ} [سورة البقرة‪ ]472:‬اآلية‪ .‬ينظر‪ :‬الزيلعي‪" ،‬تصب‬
‫الراية" ‪.16 :2‬‬
‫(‪ )4‬البخاري‪ ،‬عالء الدين‪" ،‬كشف األسرار" ‪.417 :4‬‬
‫‪311‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬وجوه النظم والبيان واالستعمال واالستّالل‪ ،‬وعالقتها‬
‫باللفظ واملعنى‬
‫اختلف أصوليو احلنفية يف العالقة بني هذه األقسام األربعة‪ ،‬وبني اللفظ‬
‫واملعىن‪ ،‬أي أن هذه األقسام ه ترجع ل ى اللفظ فقط‪ ،‬أم املعىن‪ ،‬أم البعض دون‬
‫البعض‪ ،‬وكان خالفهم على أقوال‪:‬‬
‫‪-1‬ذهب بعضهم ل ى أن أقسام التقسيم الرابع أقسام للمعىن‪ ،‬والبواقي للنظم‪،‬‬
‫وهو ظاهر عبارة البزدوي يف تقسيمه؛ ألته ذكر يف األقسام الثالثة األ َُول لفظ النظم‪،‬‬
‫وما هو صفة اللفظ‪ ،‬وذكر يف القسم الرابع لفظ املعاين(‪.)1‬‬
‫‪-4‬وذهب بعضهم ل ى أن قسمي‪ :‬الدًللة واًلقتضاء أقسام للمعىن‪ ،‬والبواقي‬
‫للنظم(‪.)4‬‬
‫‪-1‬وذهب كثري من احملققني كصدر الشريعة ومنال خسرو(‪ )1‬ل ى أن اجلميع‬
‫وميال ل ى الضبط‪ ،‬كما قالوا‪ :‬القرآن‬
‫أقسام اللفظ ابلنسبة ل ى املعىن؛ أخذا ابحلاص ‪ ،‬ا‬

‫(‪ )1‬ينظر املصدر السابق تفسه‪.‬‬


‫(‪ )4‬اإلزمريي‪ ،‬حممد‪" ،‬حاشية األزمريي"‪.111 :1 ،‬‬
‫(‪ )1‬حممد بن فر ُامرز بن علي‪ ،‬املعروف مبال أو منال خسرو‪ :‬عامل بفقه احلنفية واألصول‪ ،‬تبحر يف‬
‫علوم املعقول واملنقول‪ ،‬وصار مفتيا ابلتخت السلطاين‪ ،‬وعظم أمره‪ ،‬وعمر عدة مساجد‬
‫بقسطنطينية‪ .‬من مصنفاته "درر احلكام يف شرح غرر األحكام"‪" ،‬مرقاة الوصول يف علم‬
‫األصول"‪" ،‬مرآة األصول"‪" ،‬حاشية على التلويح"‪ ،‬تويف سنة‪888( :‬هـ)‪" ،‬هدية العارفني"‬
‫‪" ،411 :4‬كشف الظنون" (‪ ،)121‬والزركلي‪" ،‬األعالم" ‪" ،148 :6‬معجم املفسرين" ‪:4‬‬
‫‪.611‬‬
‫تقسيمات دالالت األلفاظ عند احلنفيَّة ‪ -‬دراسة حتليليَّة استقرائيَّة ‪-‬‬
‫‪311‬‬
‫مجيعا‪ ،‬وأرادوا أته‪ :‬النظم الدال على املعىن؛ للقطع أبن كوته عربيًّا‬
‫هو النظم واملعىن ا‬
‫منقوًل ابلتواتر‪ :‬صفة للفظ الدال على املعىن؛ ًل جملموع اللفظ‬
‫مكتواب يف املصاحف ا‬
‫ا‬
‫واملعىن(‪.)1‬‬
‫حمق ًقا ْلذه املسألة ما نصه‪" :‬القرآن هو‪ :‬النظم واملعىن‬ ‫يقول التفتازاين‬
‫مكتواب يف‬
‫ا‬ ‫مجيعا‪ ،‬وأرادوا أته‪ :‬النظم الدال على املعىن؛ للقطع أبن كوته عربيًّا‪،‬‬
‫منقوًل ابلتواتر صفة للفظ الدال على املعىن؛ ًل جملموع اللفظ واملعىن‪ ،‬وكذا‬
‫املصاحف‪ ،‬ا‬
‫اإلعجاز يتعلق ابلبالغة‪ ،‬وهي من الصفات الراجعة ل ى اللفظ ابعتبار لفادته املعىن؛‬
‫فإته لذا قصدت أتدية املعاين ابلرتاكيب حدثت أغراض خمتلفة تقتضي اعتبار كيفيات‬
‫وخصوصيات يف النظم‪ ،‬فإن روعيت على ما ينبغي بقدر الطاقة‪ :‬صار الكالم بليغاا‪،‬‬
‫ولذا بلغ يف ذلك ًّ‬
‫حدا ميتنع معارضته‪ :‬صار معجزا‪ ،‬فاإلعجاز صفة النظم ابعتبار‬
‫أيضا معجز؛‬
‫لفادته املعىن‪ً ،‬ل صفة النظم واملعىن‪ .‬وقد يقال‪ :‬لن معىن القرآن تفسه ا‬
‫ألن اًلطالع عليه خارج عن طوق البشر‪ ،‬كما تق أن تفسري الفاحتة أوقار من‬
‫العلم‪.‬‬
‫واجلواب‪ :‬أن هذا أيضا من لعجاز النظم؛ ألته حيتم من املعاين ما ًل حيتمله‬
‫كالم آخر‪ ،‬ومقصود املشايخ من قوهلم‪ :‬هو النظم واملعىن مجيعا‪ :‬دفع التوهم الناشئ‬
‫جبواز القراءة ابلفارسية يف الصالة أن القرآن عنده اسم للمعىن‬ ‫من قول أيب حنيفة‬

‫(‪ )1‬التفتازي‪ ،‬سعد الدين‪" ،‬التلويح" ‪ ،81 :1‬وفرشة‪ ،‬عبد اللطيف‪" ،‬حاشية أتوار احللك‪ ،‬لعبد‬
‫اللطيف فرشة" ‪.128 :1‬‬
‫‪311‬‬

‫خاصة"(‪.)1‬‬
‫وقد حقق هذه املسألة مبا ًل مزيد عليه اإلمام البابريتُّ(‪ )4‬يف تقريره على‬
‫البزدوي(‪.)1‬‬

‫‪h‬‬

‫(‪ )1‬التفتازي‪ ،‬سعد الدين‪" ،‬التلويح" ‪.81 :1‬‬


‫(‪ )4‬أكم الدين حممد بن حممد بن حممود بن أمحد البابريت‪ ،‬عالمة املتأخرين‪ ،‬وخامتة احملققني‪ ،‬له‬
‫مصنفات‪ ،‬منها‪ :‬شرح اهلداية املسمى بـ‪" :‬العناية"‪ ،‬وشرح أصول البزدوي املسمى بـ‪:‬‬
‫"التقرير"‪ ،‬وغريها‪ ،‬تويف سنة‪786( :‬هـ‪ .‬اتظر‪ :‬ابن قطلوبغا‪" ،‬اتج الرتاجم" ص‪" ،476 :‬بغية‬
‫الوعاة" ‪" ،412 :1‬طبقات املفسرين" ‪.481 :4‬‬
‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬البابريت احلنفي‪ ،‬أكم الدين‪" ،‬التقرير ألصول البزدوي" ‪.128 :1‬‬
‫تقسيمات دالالت األلفاظ عند احلنفيَّة ‪ -‬دراسة حتليليَّة استقرائيَّة ‪-‬‬
‫‪311‬‬

‫اخلامتة‬

‫وتشتم على أهم النتائج‪ ،‬والتوصيات‪.‬‬


‫‪-1‬تبني يل من خالل البحث أن تقسيمات دًلًلت األلفاظ كاتت موجودة‬
‫لما ابلعبارة أو اإلشارة‪ ،‬حَت استقر التقسيم‬ ‫يف كتب املتقدمني كاجلصاص‬
‫‪.‬‬ ‫الرابعي عند الدبوسي‬
‫‪-2‬اتضح يل أن هذه التقسيمات تشأت من استقراء اتم للكتاب والسنة‪،‬‬
‫فكاتت شاملة لك طريق ميكن أن يتوص به ل ى احلكم الشرعي‪.‬‬
‫‪-3‬أن اخلالف بني احلنفية يف تعداد وترتيب األقسام ووجه الضبط فيها يرجع‬
‫ل ى اختالفهم يف اًلعتبارات‪ ،‬أو األحكام‪ ،‬أو ما سوى ذلك من وجوه اًلختالف‬
‫املعتربة‪.‬‬
‫لمجاًل على التقسيمات اليت ابتكرها وبسطها الدبوسي‬
‫‪-4‬أن احلنفية قد اتفقوا ا‬
‫ابختالف اًلعتبارات األربعة‪ ،‬وهي‪ :‬وجوه النظم‪ ،‬ووجوه البيان‪ ،‬ووجوه‬
‫اًلستعمال‪ ،‬ووجوه اًلستدًلل‪ ،‬وما يندرج حتتها من أقسام وتطبيقات‪ ،‬وارتضوا‬
‫تقسيمه من بعده من أصحاب املتون والشروح واحلواشي‪.‬‬
‫‪-5‬أن التأم يف حيثيات التقسيمات يبني الفرق بني األقسام املتشاهبة‬
‫الظاهر‪ ،‬املختلفة اًلعتبار‪ ،‬وهو ابب واسع يف الفهم‪.‬‬
‫‪312‬‬

‫‪-6‬التوصية ابلتأم والتوسع يف التقسيمات اليت ذكرها الدبوسي يف الدًلًلت‬


‫وغريها‪ ،‬والسعي ل ى لدراك أبعادها‪ ،‬وأسرارها‪ ،‬والفروق بينها‪ ،‬وما يرتتب على ذلك‬
‫من مثرات وتتائج‪.‬‬

‫‪h‬‬
‫تقسيمات دالالت األلفاظ عند احلنفيَّة ‪ -‬دراسة حتليليَّة استقرائيَّة ‪-‬‬
‫‪313‬‬

‫فهرس املصادر واملراجع‬

‫‪ -1‬ابن الساعايت‪" ،‬بديع النظام"‪ ،‬حتقيق‪ :‬سعد بن غرير بن مهدي السلمي‪،‬‬


‫سنة النشر‪1218 :‬هـ‪.‬‬
‫‪ -4‬ابن عابدين‪" ،‬تسمات األسحار يف شرح املنار"‪( ،‬كراتشي‪ ،‬دار لدارة‬
‫القرآن‪1218 ،‬هــ)‪.‬‬
‫‪ -1‬ابن جنيم‪" ،‬فتح الغفار"‪( ،‬ط ‪ ،1‬بريوت‪ ،‬دار الكتب العلمية‪1244 ،‬ه ــ)‪.‬‬
‫‪ -2‬اإلتقاين‪" ،‬التبيني"‪ ،‬حتقيق‪ :‬صابر تصر (ط ‪ ،1‬الكويت‪ ،‬وزارة األوقاف‬
‫والشؤون اًلسالمية‪1241 ،‬هــ)‪.‬‬
‫‪ -8‬اإلخسيكي احلنفي‪ ،‬حسام الدين‪" ،‬املذهب يف أصول املذهب على‬
‫املنتخب"‪( ،‬سوراي‪ ،‬دار الفرفور‪1212 ،‬هـ)‪.‬‬
‫‪ -6‬اإلزمريي‪ ،‬حممد‪" ،‬حاشية األزمريي"‪( ،‬مطبعة حممد البوسنوي‪1488 ،‬ه ــ)‪.‬‬
‫‪ -7‬اإلفريقي‪ ،‬ابن منظور‪" ،‬لسان العرب"‪( ،‬ط ‪ ،1‬بريوت‪ ،‬دار صادر‪،‬‬
‫‪1212‬هــ)‪.‬‬
‫‪ -8‬البابريت احلنفي‪ ،‬أكم الدين‪" ،‬التقرير ألصول البزدوي"‪ ،‬حتقيق‪ :‬د‪ .‬عبد‬
‫السالم صبحي (الكويت‪ ،‬وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية‪1246 ،‬هــ)‪.‬‬
‫‪ -2‬البخاري‪ ،‬عالء الدين‪" ،‬كشف األسرار"‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد هللا بن حممود بن‬
‫عمر (ط ‪ ،1‬بريوت‪ ،‬دار الكتب العلمية‪1218 ،‬ه ــ)‪.‬‬
‫‪ -11‬البزدوي‪ ،‬فخر اإلسالم‪ " ،‬أصول البزدوي "‪ .‬مطبوع مع شرحه كشف‬
‫األسرار عن أصول فخر اإلسالم البزدوي"‪( ،‬بريوت‪ ،-‬دار الكتاب العريب‪،‬‬
‫‪1122‬هـ)‪.‬‬
‫‪310‬‬
‫البغوي‪ ،‬أبو القاسم‪ " ،‬مسند أيب اجلعد "‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد املهدي بن عبد‬ ‫‪-11‬‬
‫القادر بن عبد اهلادي‪( ،‬ط ‪ ،1‬الكويت‪ ،‬مكتبة الفالح‪1288 ،‬م)‪.‬‬
‫البيهقي‪ ،‬أبو بكر أمحد بن احلسني بن علي‪ " ،‬السنن الكربى "‪( ،‬بلد‬ ‫‪-14‬‬
‫الطبعة‪ ،‬جملس دائرة املعارف النظامية‪.)1122 ،‬‬
‫التفتازي‪ ،‬سعد الدين‪" ،‬التلويح"‪ ،‬حتقيق‪ :‬زكراي عمريات (ط ‪ ،1‬بريوت‪،‬‬ ‫‪-11‬‬
‫دار الكتب العلمية‪1216 ،‬ه ــ)‪.‬‬
‫اجلصاص‪" ،‬الفصول يف األصول"‪( ،‬ط ‪ ،4‬الكويت‪ ،‬وزارة األوقاف‬ ‫‪-12‬‬
‫الكويتية‪1212 ،‬ه ــ)‪.‬‬
‫احلنفي‪ ،‬أبو البقاء‪" ،‬الكليات‪ ،‬معجم يف املصطلحات والفروق اللغوية"‪،‬‬ ‫‪-18‬‬
‫حتقيق‪ :‬عدانن درويش ‪ -‬حممد املصري (بريوت‪ ،‬مؤسسة الرسالة)‪.‬‬
‫خزتة‪ ،‬هيثم‪" ،‬تطور الفكر األصويل احلنفي"‪( ،‬عمان‪/‬أردن‪ ،‬دار الرازي‪،‬‬ ‫‪-16‬‬
‫‪1248‬ه ــ)‪.‬‬
‫الدبوسي‪ ،‬أبو زيد‪" ،‬تقومي األدلة يف أصول الفقه"‪ ،‬حتقيق‪ :‬خلي حميي‬ ‫‪-17‬‬
‫الدين امليس‪( ،‬ط ‪ ،1‬بريوت‪ ،‬دار الكتب العلمية‪1241 ،‬ه ــ)‪.‬‬
‫الرازي‪ ،‬أبو بكر" أحكام القرآن "‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد السالم حممد علي شاهني‪،‬‬ ‫‪-18‬‬
‫(ط‪ ،1‬بريوت‪ ،-‬دار الكتب العلمية‪1218 ،‬هـ)‪.‬‬
‫الرامشي‪ ،‬علي بن حممد‪" ،‬فوائد البزدوي"‪ ،‬حتقيق‪ :‬عامر بن أمحد النداوي‬ ‫‪-12‬‬
‫(بريوت‪ ،‬دار الكتب العلمية‪1218 ،‬هــ)‪.‬‬
‫الرهاوي‪" ،‬حاشية الرهاوي"‪( ،‬دار سعادت‪ ،‬مطبعة عثماتية‪1118 ،‬ه ــ)‪.‬‬ ‫‪-41‬‬
‫الزبيدي‪ ،‬مرتضى‪" ،‬اتج العروس من جواهر القاموس"‪( ،‬ط ‪ ،1‬بريوت‪ ،‬دار‬ ‫‪-41‬‬
‫الفكر‪1212 ،‬هـ)‪.‬‬
‫الزيلعي‪ ،‬مجال الدين‪" ،‬تصب الراية"‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد عوامة‪( ،‬ط ‪ ،1‬جدة‪،‬‬ ‫‪-44‬‬
‫تقسيمات دالالت األلفاظ عند احلنفيَّة ‪ -‬دراسة حتليليَّة استقرائيَّة ‪-‬‬
‫‪311‬‬
‫دار القبلة للثقافة اإلسالمية‪1218 ،‬هـ)‪.‬‬
‫السرخسي‪" ،‬أصول السرخسي"‪ ،‬حتقيق‪ :‬أبو الوفاء األفغاين‪( ،‬دار الكتاب‬ ‫‪-41‬‬
‫العريب‪1174 ،‬هـ)‪.‬‬
‫السنبلي احلنفي‪ ،‬حممد بن حسني‪" ،‬حاشية السنبلي"‪( ،‬بريوت‪ ،‬دار الكتب‬ ‫‪-42‬‬
‫العلمية‪1218 ،‬ه ــ)‪.‬‬
‫السنغناقي‪ ،‬حسام الدين‪" ،‬الوايف يف شرح احلسامي"‪ ،‬حتقيق‪ :‬أمحد حممد‬ ‫‪-48‬‬
‫اليماين‪( ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪ ،‬دار القاهرة‪4111 ،‬م)‪.‬‬
‫السيوطي‪ ،‬جالل الدين" اإلتقان يف علوم القرآن "‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد أبو‬ ‫‪-46‬‬
‫الفض لبراهيم‪( ،‬بلد الطبعة‪ ،‬دار اهليئة املصرية‪.)1122 ،‬‬
‫الشيباين‪ ،‬أمحد بن حنب ‪ " ،‬مسند أمحد "‪ ،‬حتقيق‪ :‬شعيب األرتؤوط‪،‬‬ ‫‪-47‬‬
‫لشراف‪ :‬د‪ .‬عبد احملسن الرتكي‪( ،‬ط‪ ،1‬بريوت‪1241 ،‬هـ)‪.‬‬
‫الصنعاين‪ ،‬عبد الرزاق بن مهام‪ " ،‬املصنف "‪ ،‬حتقيق‪ :‬مركز البحوث بدار‬ ‫‪-48‬‬
‫التأصي ‪( ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪ ،‬دار التأصي ‪.)1216 ،‬‬
‫طباطبا‪ ،‬حممد بن أمحد بن حممد بن أمحد بن لبراهيم‪" ،‬عيار الشعر"‪،‬‬ ‫‪-42‬‬
‫حتقيق‪ :‬عبدالعزيز بن انصر املاتع (القاهرة‪ ،‬مكتبة اخلاجني)‪.‬‬
‫عزمي‪" ،‬حاشية عزمي زاده على املنار"‪( ،‬مطبعة عثماتية‪ ،‬دار سعادت‪،‬‬ ‫‪-11‬‬
‫‪1118‬ه ــ)‪.‬‬
‫فرشتة‪ ،‬عبداللطيف‪" ،‬شرح املنار يف أصول الفقه ومعه حاشية أتوار احللك‪،‬‬ ‫‪-11‬‬
‫لعبد اللطيف فرشتة"‪ ،‬حتقيق‪ :‬للياس قبالن (لستاتبول‪ ،‬دار‬
‫اإلرشاد‪1218‬هـ)‪.‬‬
‫الكرطاين‪ ،‬أمحد بن كام ‪" ،‬البحث الدًليل عند السمرقندي"‪( ،‬مكتبة‬ ‫‪-14‬‬
‫الثقافة الدينية‪1214 ،‬هــ)‪.‬‬
‫‪311‬‬
‫الكرماسيت‪ ،‬يوسف بن حسني‪" ،‬زبدة الوصول ل ى عمدة األصول"‪ ،‬حتقيق‪:‬‬ ‫‪-11‬‬
‫محد بن محدي الصاعدي (الكويت‪ ،‬وزارة األوقاف والشؤون اًلسالمية)‪.‬‬
‫الكندي‪ ،‬امرؤ القيس بن حجر بن احلارث‪" ،‬ديوان ام يرئ القيس"‪ ،‬اعتىن‬ ‫‪-12‬‬
‫به‪ :‬عبدالرمحن املصطفاوي (ط ‪ ،4‬بريوت‪ ،‬دار املعرفة‪1248 ،‬هـ ــ)‪.‬‬
‫اللكنوي‪ ،‬حممد بن عبد احلليم‪" ،‬قمر األقمار على كشف األسرار"‪،‬‬ ‫‪-18‬‬
‫(مصر‪ ،‬املطبعة األمريية‪1116 ،‬ه ــ)‪.‬‬
‫احملبويب‪ ،‬صدر الشريعة‪" ،‬التوضيح يف ح غوامض التنقيح"‪ ،‬حتقيق‪ :‬زكراي‬ ‫‪-16‬‬
‫عمريات (بريوت‪ ،‬دار الكتب العلمية‪1216 ،‬هـ)‪.‬‬
‫احملبويب‪ ،‬صدر الشريعة‪" ،‬شرح التلويح على التوضيح ملنت التنقيح يف أصول‬ ‫‪-17‬‬
‫الفقه"‪ ،‬حتقيق‪ :‬زكراي عمريات (بريوت‪ ،‬دار الكتب العلمية‪1216 ،‬هـ)‪.‬‬
‫املطيعي احلنفي‪ ،‬حممد خبيت‪" ،‬سلم الوصول لشرح هناية السول"‪( ،‬املطبعة‬ ‫‪-18‬‬
‫السلفية‪ 1121 ،‬ه ــ) سلم الوصول لشرح هناية السول‪ .‬للشيخ حممد خبيت‬
‫املطيعي احلنفي‪ ،‬الناشر‪ :‬املطبعة السلفية ومكتبتها سنة‪1121 :‬هـ‪.‬‬
‫منهج اجلصاص‪ .‬رسالة جامعية‪.‬‬ ‫‪-12‬‬
‫النعماين اهلندي احلنفي‪ ،‬صفي الدين‪" ،‬معدن األصول"‪ ،‬حتقيق‪ :‬جمموعة‬ ‫‪-21‬‬
‫من الرسائ العلمية يف اجلامعة اإلسالمية ابملدينة املنورة سنة‪-1212 :‬‬
‫‪1218‬هـ‪.‬‬
‫تكري‪ ،‬القاضي عبد النيب بن عبد الرسول األمحد‪" ،‬دستور العلماء"‪ ،‬ترمجة‪:‬‬ ‫‪-21‬‬
‫حسن بن هاين (ط ‪ ،1‬بريوت‪ ،‬دار الكتب العلمية ‪1241‬هـ)‪.‬‬
‫اهلندي احلنفي حممد بن أيب سعيد‪" ،‬تور األتوار يف شرح املنار"‪( ،‬بريوت‪/‬‬ ‫‪-24‬‬
‫لبنان‪ ،‬دار الكتب العلمية‪1218 ،‬هــ)‪.‬‬
- ‫ دراسة حتليليَّة استقرائيَّة‬- ‫تقسيمات دالالت األلفاظ عند احلنفيَّة‬
311

bibliography

1- Al-Shaibani ،Ahmed bin Hanbal ،"Musnad Ahmed" ،


investigation: Shuaib Al-Arnaout ،supervision: Dr. Abdul
Mohsen Al-Turki ،(1st edition ،Beirut ،1421 AH).
2- Al-Baghawi ،Abu Al-Qasim ،"Musnad Abi Al-Jaad" ،
investigation: Abdul Mahdi bin Abdul Qadir bin Abdul Hadi ،
(1st edition ،Kuwait ،Al-Falah Library ،1985 AD).
3- Al-Sana’ani ،Abd al-Razzaq bin Humaam ،"Al-Musannaf" ،
investigation: Research Center ،Dar Al-Taseel ،(1st edition ،
Cairo ،Dar Al-Taseel ،1436).
4- Al-Bayhaqi ،Abu Bakr Ahmed bin Al-Hussein bin Ali ،
"Al_Sunan Al-Kubra" ،(Majlis Al-Maarif Al-Nizamiyya ،
1344).
5- Al-Suyuti ،Jalal al-Din ،"Itqan fi Ulum al-Qur’an ،"
investigation: Muhammad Abu al-Fadl Ibrahim ،(Dar Al-
Hayha Al-Masria ،1394).
6- Al-Razi ،Abu Bakr ،"Ahkam Al-Qur’an ،" investigation: Abdul
Salam Muhammad Ali Shaheen ،(1st edition ،Beirut - Dar Al-
Kutub Al-Alami ،1415 AH).
7- Al-Bazdawi ،Fakhr al-Islam ،"Usoul Al-Bazdawi by Fakhr al-
Islam al-Bazdawi ،printed with his commentary on Kashf al-
Asrar ‘an Usoul Fakhr al-Islam al-Bazdawi ،" (Beirut ،Dar al-
Kitab al-Arabi ،1394 AH).
8- Al-Sarkhasi ،"Usoul Al-Sarkhasi" ،investigation: Abu Al-Wafa
Al-Afghani ،(Dar Al-Kitab Al-Arabi ،1372 AH).
9- Al-Kartani ،Ahmed bin Kamel ،"Semantic Research of Al-
Samarkandi ،" (Religious Culture Library ،1432 AH).
10- Ibn al-Saati ،"Badi’ al-Nizam" ،investigation: Saad bin Ghareer
bin Mahdi al-Sulami ،year of publication: 1405 AH.
11- Al-Zubaidi ،Mortada ،"Taaj Al-‘Arous min Jawaahir Al-
Qaamous" (1st edition ،Beirut ،Dar Al-Fikr ،1414 AH).
12- Al-Itqani ،"Al-Tibeen" ،investigation: Saber Nasr (1st
edition ،Kuwait ،Ministry of Awqaf and Islamic Affairs ،1420
AH).
13- Khazneh ،Haitham ،"The Development of Hanafi Fundamental
311
Thought ،" (Amman / Jordan ،Dar Al-Razi ،1428 AH).
14- Al-Babarti Al-Hanafi ،Akmal Al-Din ،"Al-Taqreer li Usoul Al-
Bazdawi" ،investigation: Dr. Abdul Salam Subhi (Kuwait ،
Ministry of Awqaf and Islamic Affairs ،1426 AH).
15- Al-Dabousi ،Abu Zayd ،"Taqweem Al-Adillah fi Usul
al-Fiqh ،" investigation: Khalil Muhyi al-Din al-Mais ،(1st
edition ،Beirut ،Dar al-Kutub al-‘Ilmiyyah ،1421 AH).
16- Al-Taftazi ،Saad Al-Din ،"Al-Talweeh" ،investigation: Zakaria
Amirat (1st edition ،Beirut ،Dar Al-Kutub Al-Alami ،1416
AH).
17- Al-Mahboubi ،Sadr al-Sharia ،"Al-Tawdeeh fi Hall
Gawaamid Al-Tanqeeh" ،investigation: Zakaria Amirat
(Beirut ،Dar Al-Kutub Al-Ilmiyyah ،1416 AH).
18- Al-Azmiri ،Muhammad ،"Haashiyah Al-Azmiri" ،(Muhammad
Al-Busnawi Press ،1285 AH).
19- Al-Rahaawi ،"Haashiyah Al-Rahaawi" ،(Dar Sa’aadaat ،
Uthmaaniyyah Press ،1315 AH).
20- Al-Sunbuli Al-Hanafi ،Muhammad bin Hussein ،"Hashiyat Al-
Sunbuli" ،(Beirut ،Dar Al-Kutub Al-Ilmiyyah ،1435 AH).
21- Azmy ،"Haashiyah ‘Azmi Zaadah ‘alaa Al-Manar ،" (Othmani
Press ،Dar Saadat ،1315 AH).
22- Nikri ،Al-Qaadi Abd al-Nabi bin Abd al-Rasul al-Ahmad ،
"Dustour Al-‘Ulamaa" translated by: Hassan bin Hani (1st
edition ،Beirut ،Dar al-Kutub al-Ilmiya 1421 AH).
23- Al-Kindi ،Imru’ al-Qais bin Hajar bin al-Harith ،"Deewaan
Imru’ al-Qays ،" Cared for by: Abd al-Rahman al-Mustafawi
(2nd edition ،Beirut ،Dar al-Ma’rifah ،1425 AH).
24- Al-Karmasti ،Youssef bin Hussein ،"Zubdat Al-Wusoul Ilaa
Omdat Al-Usool" ،investigation: Hamad bin Hamdi Al-Sa’edi
(Kuwait ،Ministry of Awqaf and Islamic Affairs).
25- Al-Muti’i al-Hanafi ،Muhammad Bakhit ،"Sullam Al-Wusoul li
Sharh Nihaayah Al-Soul" (Al-Mubta’a al-Salafiyyah ،1343
AH)،: The Salafi Press and its library in the year: 1343 AH.
26- Al-Mahboubi ،Sadr Al-Sharia ،"Sharh Al-Talweeh ‘alaa Al-
Tawdeeh li Matn Al-Tanqeeh fi Usul Al-Fiqh" ،investigation:
Zakaria Amirat (Beirut ،Dar Al-Kutub Al-Alami ،1416 AH).
27- Farsha ،Abd al-Latif ،"Sharh Al-Manaar fi Usul al-Fiqh with
Hashiyat Anwar al-Halak ،by Abd al-Latif Farsha ،"
- ‫ دراسة حتليليَّة استقرائيَّة‬- ‫تقسيمات دالالت األلفاظ عند احلنفيَّة‬
311
investigation: Elias Qablan (Istanbul ،Dar al-Irshad 1435 AH)
28- Tabataba ،Muhammad bin Ahmed bin Muhammad bin Ahmed
bin Ibrahim ،"’Iyaar Al-Shi’r" ،investigation: Abdulaziz bin
Nasser Al-Manea (Cairo ،Al-Khanji Library).
29- Ibn Nujaim ،"Fath al-Ghaffar ،" (1st edition ،Beirut ،Dar al-
Kutub al-Ilmiyyah ،1422 AH).
30- Al-Jassas ،"Al-Fusul fi Al-Usul" ،(2nd edition ،Kuwait ،
Kuwaiti Ministry of Awqaf ،1414 AH).
31- Al-Ramshi ،Ali bin Muhammad ،"Fawaaid Al-Bazdawi" ،
investigation: Amer bin Ahmed Al-Nadawi (Beirut ،Dar Al-
Kutub Al-Alami ،1438 AH).
32- Al-Laknawi ،Muhammad bin Abdul Halim ،"Qamar Al-
Aqmaar ‘alaa Kashf Al-Asraar" (Egypt ،Al-Mataba’ Al-
Amiriyyah ،1316 AH).
33- Al-Bukhari ،Aladdin ،"Kashf Al-Asrar" ،investigation:
Abdullah bin Mahmoud bin Omar (1st edition ،Beirut ،Dar Al-
Kutub Al-Ilmiyyah ،1418 AH).
34- Al-Hanafi ،Abu Al-Baqa ،"Al-Kulliyyaat ،A Dictionary of
Terminology and Linguistic Differences" ،Investigation: Adnan
Darwish - Muhammad Al-Masry (Beirut ،Al-Risala
Foundation)
35- Al-Afriqi ،Ibn Manzoor ،"Lisan Al-Arab" ،(3rd edition ،Beirut ،
Dar Sader ،1414 AH).
36- Al-Akhsiki Al-Hanafi ،Hossam Al-Din ،"Al-Mudhib fi Usoul
Al-Madhab ‘alaa Al-Muntakhab" (Syria ،Dar Al-Farfur ،1419
AH).
37- Al-Nu’mani al-Hindi al-Hanafi ،Safi al-Din ،"Madin al-Usul" ،
investigation: a collection of theses at the Islamic University of
Medina in the year: 1434-1435 AH.
38- Manhaj Al-Jassaas. Thesis.
39- Ibn Abidin ،"Nesmat Al-Ashaar fi Sharh Al-Manar ،" (Karachi ،
Dar Al-Qur’an Administration ،1418 AH)
40- Al-Zailai ،Jamal Al-Din ،"Nasb Al-Raya" ،investigation:
Muhammad Awama ،(1st edition ،Jeddah ،Dar Al-Qibla for
Islamic Culture ،1418 AH).
41- Al-Hanafi Muhammad bin Abi Saeed ،"Nour Al-Anwar fi
Sharh Al-Manar" ،(Beirut / Lebanon ،Dar Al-Kutub Al-Alami ،
1435 AH).
311
42- Al-Sanghaqi ،Hossam Al-Din ،"Al-Wafi fi Sharh Al-Hussami ،
investigation: Ahmed Muhammad Al-Yamani ،(1 editio ،Cairo ،
Cairo House ،2003 AD).
ّ‫اعرتاضات أبي بكر اجلصَّاص على مصطلح البيان عن‬
‫اإلمام الشافعي‬
- ‫ دراسة نقديَّة‬-

The The Objections of Abubakr Al-Jaṣṣāṣ on the


Term “al-Bayān” According to Imam Shāfiʿī
- An A Critic Study -

‫ قسم الدِّراسات‬،‫ كلية الرتبية‬،‫ جامعة امللك سعود‬،‫أستاذ مشارك‬


‫ مسار الفقه وأصوله‬،‫اإلسالميَّة‬

Prepared by :
Dr. Muhammad bin Qaynan bin Abu al-Rahman Al-Nutaifat
Associate Professor - King Saud University, College of
Education, Department of Islamic Studies, Course of
Islamic Jurisprudence and its Fundamentals
Email: abomalek22@hotmail.com

‫اعتماد البحث‬ ‫استالم البحث‬


A Research Approving A Research Receiving
2023/04/03 2022/12/26
‫نشر البحث‬
A Research publication
2023/09/30
DOI : 10.36046/2323-056-206-023
‫اعرتاضات أبي بكر اجلصَّاص على مصطلح البيان عند اإلمام الشافعي ‪ -‬دراسة نقديَّة ‪-‬‬
‫‪313‬‬

‫ملخص البحث‬

‫معرفة اللغة اليت تزل هبا القرآن والسنة وما كان الصحابة يفهمون عند مساع‬
‫تلك األلفاظ؛ هو ما قرره الشافعي يف كتبه األصولية‪ ،‬وقد اختلف عن األصوليني يف‬
‫بيان «البيان»‪ ،‬واشتملت طريقته يف بيان مصطلح «البيان» على تصوص الشريعة‬
‫وليرادها‪ ،‬فكان عن األمهية العلمية توضيح اًلختالف يف منهجية املصطلح األصويل‬
‫بني الشافعي وغريه‪ ،‬وتدور مشكلة البحث حول اًلختالف بني الشافعي واجلصاص‬
‫حمدودا بتعريف «البيان» عند الشافعي واعرتاضات‬
‫يف مصطلح «البيان» فجاء البحث ا‬
‫اجلصاص عليه‪ ،‬وما يقتضي ذلك من اًلستقراء والتحلي ‪ ،‬واإلجابة عن األسئلة‬
‫التالية‪:‬‬
‫ما هو «البيان» عند الشافعي؟‬
‫وما هي اعرتاضات اجلصاص على اإلمام الشافعي؟‬
‫وما مدى صحة اعرتاضات اجلصاص على الشافعي؟‬
‫واعتمدت املنهج اًلستقرائي والتحليلي فتوصلت ل ى ما يلي‪:‬‬
‫الشافعي يعتمد يف تعريف «البيان» على استقراء استعماًلت الشريعة هلا‪ ،‬ومل‬
‫يكن ملنهج املناطقة أثر يف طريقته‪ ،‬فكان مهه بيان منهجية اًلستدًلل ابلنصوص‬
‫الشرعية واستعماًلهتا‪ ،‬وأما اعرتاضات اجلصاص فلم ي‬
‫حيرر فيها موطن النزاع؛ فالشافعي‬
‫ص َد َحد‬‫اص قَ َ‬
‫ص َد «البيان» من جهة كيفيات وروده يف الشريعة ومراتبه‪ .‬واجلص ُ‬ ‫قَ َ‬
‫«البيان» من جهة ماهيته‪.‬‬
‫الكلمات املفتاحية‪( :‬األصول ‪ -‬البيان ‪ -‬املصطلح)‪.‬‬
310

Abstract

Knowing the language in which the Qur'an and Sunnah were


revealed and what the Companions understood when hearing those
words ،is what al-Shāfiʿī decided in his books on the Fundamentals of
Islamic Jurisprudence ،in which his opinions differed from the other
scholars in the explanation of the term al-Bayān (clarifying) ،his
approach in explaining the term included the texts of Sharia law and
its interpretation ،as it was of scholarly importance to clarify the
difference in the methodology of the term between Shāfiʿī and others.
The research problem revolves around the difference between Shāfiʿī
and al-Jassas regarding the term “statement. ” The research was
limited to the definition of “al-Bayān” according to Shāfiʿī and Al-
Jassas’s objections to it ،and what this requires of extrapolation and
analysis ،and answers to the following questions :
What is (al-Bayān) according to Shāfiʿī? What are Jassas'
objections to Imam Shāfiʿī? How valid are Al-Jassas’s objections to
Shāfiʿī?
The study adopted the inductive and analytical approach and
concluded the following: Al-Shafi’i relies in defining “the statement”
on extrapolating the Sharia’s uses of it ،and the logical approach had
no effect on his method. His concern was to explain the methodology
of inferring legal texts and their uses. As for Al-Jassas’s objections ،he
did not clarify the source of the dispute; as Shafi’I intended to define
the term “al-Bayān” according to the Sharia texts and its stages ،while
al-Jassas intended to define the term “al-Bayān” in terms of what it is .
Keywords: (the Fundamentals of Islamic Jurisprudence - al-Bayān-
Term).
‫اعرتاضات أبي بكر اجلصَّاص على مصطلح البيان عند اإلمام الشافعي ‪ -‬دراسة نقديَّة ‪-‬‬
‫‪311‬‬

‫املدقِّمة‬

‫وخصهم ابلتفضي دون غريهم؛ قال تعا ى‪:‬‬


‫بين آدم على املخلوقات‪َ ،‬‬ ‫كرم هللاُ‬
‫{ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ‬

‫ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ} [سورة اإلسراء‪ ،]17:‬والبيان أ َ‬


‫َح ُد هذه النعم اليت تتوافق‬
‫مع العق يف بيان أفضلية اإلتسان على غريه‪.‬‬
‫الذي خلقه هللا وتفخ فيه من ُروحه‬ ‫أحد مظاهر التفضي آلدم‬
‫فالبيان ُ‬
‫وكرمه على كثري يمن خلقه‪ ،‬وقد بدأ اًلهتمام ابللغة والبيان يم ْن ي‬
‫خلق آدم يف قوله‬
‫تعا ى‪{ :‬ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ‬
‫ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ} [سورة البقرة‪.]31:‬‬
‫‪ ،‬فيه لشارة ل ى فضلهم على‬ ‫قال السعدي‪" :‬مث ملا كان قول املالئكة‬
‫يبني هلم يم ْن فض ي آدم‪ ،‬ما يعرفون‬
‫اخلليفة الذي جيعله هللا يف األرض‪ ،‬أراد هللا أن ي‬
‫به فضله‪ ،‬وكمال حكمة هللا وعلمه‪{ ،‬ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ} أي‪ :‬أمساء‬
‫اًلسم واملسمى‪ ،‬أي‪ :‬األلفاظ واملعاين‪ ،‬حَت‬
‫َ‬ ‫األشياء‪ ،‬وما هو ُم َس ًّمى هبا‪ ،‬فعلمه‬
‫املكرب من األمساء كال َقصعة‪ ،‬واملصغر كال ُقصيعة‪ { ،‬ﭴ ﭵ} أي‪ :‬عرض‬
‫امتحاان هلم‪ ،‬ه يعرفوهنا أم ًل؟‪ { ،‬ﭸ ﭹ‬ ‫ا‬ ‫املسميات‪ { ،‬ﭶ ﭷ }‬
‫ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ} يف قولكم وظنيكم أتكم أفض من هذا‬
‫‪311‬‬

‫اخلليفة"(‪.)1‬‬
‫فاستخالفه يف األرض ولعماره هلا كاتت الغاية ‪-‬منها‪ -‬عبادته‪ ،‬وهذه املهمة‬
‫مثارها لًل ابللغة اليت هبا البيا ُن‪.‬‬
‫ًل تتحقق وًل تُؤيت َ‬
‫‪{ :‬ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ‬ ‫قال‬
‫ﮁ} [سورة الرمحن‪.]4-1:‬‬
‫قال احلسن‪" :‬يعين‪ :‬النُّطق‪ ،‬قال الضحاك‪ ،‬وقتادة‪ ،‬وغريمها‪ :‬يعين‪ :‬اخلري والشر‪.‬‬
‫وقول احلسن ‪-‬هاهنا‪ -‬أحسن وأقـوى؛ ألن ي‬
‫السياق يف تعليمه ‪-‬تعا ى‪ -‬القرآ َن‪ ،‬وهو‬
‫أداءُ تالوته‪ ،‬ولمنا يكون ذلك بتيسري النُّطق على اخلَْلق‪ ،‬وتسهي خروج احلروف من‬
‫مواضعها من احللق واللسان والشفتني‪ ،‬على اختالف خمارجها وأتواعها"(‪.)4‬‬
‫فتعليم البيان أييت ‪ -‬يف الرتتيب ‪ -‬بعد خلق اإلتسان؛ ليتضح لنا أن البيان من‬
‫ُ‬
‫أه يم خصائص اإلتسان‪ .‬ويقول اجلاحظ ‪-‬يف ذات ي‬
‫السياق‪" :-‬ألن مدار األمر على‬
‫َمحَ َد"(‪.)1‬‬
‫ني؛ كان أ ْ‬
‫البيان والتبيني‪ ،‬وعلى اإلفهام والتفهيم‪ ،‬وكلما كان اللسان أَبْ ََ‬
‫كبريا‪ ،‬حيث جاء‬ ‫ي‬
‫تطوارا ا‬
‫شهدت اللغةُ العربية ‪ -‬بعد تزول القرآن الكرمي ‪ُّ -‬‬ ‫وقد‬
‫اإلسالم حبضارة جديدة‪ ،‬عرب عن منهجه يف قيامها مبفردات عربية هلا مدلوًلت‬
‫فمثال‪ :‬الصالة ‪ -‬يف‬
‫شرعية خاصة؛ فكان ًل بد من معرفة مراد الشارع مبصطلحاته‪ ،‬ا‬

‫(‪ )1‬عبد الرمحن بن انصر السعدي‪" .‬تفسري السعدي"‪ .‬احملقق‪ :‬عبد الرمحن بن معال اللوحيق‪.‬‬
‫(الطبعة‪ :‬األو ى‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪1241 ،‬هـ ‪4111-‬م)‪.22 :1 .‬‬
‫(‪ )4‬السعدي‪" ،‬تفسري السعدي"‪.282 :7 .‬‬
‫(‪ )1‬عمرو بن حبر اجلاحظ‪" .‬البيان والتبيني"‪( .‬بريوت‪ :‬دار ومكتبة اهلالل‪1241 ،‬هـ)‪.11 :1 .‬‬
‫اعرتاضات أبي بكر اجلصَّاص على مصطلح البيان عند اإلمام الشافعي ‪ -‬دراسة نقديَّة ‪-‬‬
‫‪311‬‬
‫األص ‪ :-‬هي "الدعاء"‪ ،‬ويف الشرع‪ :‬هي "عبادة خمصوصة"‪.‬‬
‫لرث آابئيهم يف‬ ‫قال ابن فارس ‪" :‬كاتت العرب يف جاهليتها على لرث يمن ي‬
‫ْ‬
‫حالت أحو ٌال‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫ابإلسالم‬ ‫وآداهبم وتَ َسائيكهم وقرابينيهم‪ ،‬فلما جاء هللا‬
‫لغتيهم ي‬
‫اضع‬
‫اضع ل ى مو َ‬ ‫ظ من مو َ‬ ‫قلت من اللغة ألفا ٌ‬ ‫أمور‪ ،‬وتُ ْ‬ ‫ُبطلت ٌ‬
‫دايانت‪ ،‬وأ ْ‬‫ٌ‬ ‫سخت‬
‫وتُ ْ‬
‫رطت؛ فكان مما جاء يف اإلسالم‬ ‫رعت‪ ،‬وشرائ َط ُش ْ‬ ‫ائع ُش ْ‬
‫يدت‪ ،‬وشر َ‬ ‫ُخَر؛ بزايدات يز ْ‬ ‫أَ‬
‫ذكر املؤمن‪ ،‬واإلميان ‪ -‬وهو التصديق ‪ ،-‬مث زادت الشريعة شرائ َط وأوصافاا مبا ُيمس َي‬ ‫ُ‬
‫املؤمن – ابإلطالق ‪ -‬مؤمناا‪ .‬ل ى أن قال‪ :‬ومما جاء يف الشرع‪( :‬الصالة) وأصله يف‬ ‫ُ‬
‫)‬‫‪1‬‬ ‫(‬
‫لغتهم‪ :‬الدعاء‪ ،‬كذلك (الصيام) أصله عندهم‪ :‬اإلمساك" ‪.‬‬

‫أفض َ‬ ‫اخللق أمجعني‪ ،‬صـارت أحاديثه‬ ‫أفصح ي‬ ‫ي‬ ‫ومبجيء تبينا حممد ‪،‬‬
‫ْت على‬ ‫ضل ُ‬ ‫الكالم بعد القرآن الكرمي؛ عن أيب هريرة ‪ ‬عن الن ييب حممد قال‪( :‬فُ ِ‬
‫ب‪ ،‬وأ ِ‬ ‫ُعطيت جوامع ال َكلِ ِم‪ ،‬ونُ ِ‬ ‫ِ‬
‫الغنائم‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ت يل‬ ‫ُحلَّ ْ‬ ‫ابلر ْع ِ‬
‫ت ُّ‬ ‫ص ْر ُ‬ ‫َ‬ ‫األنبياء بِ ِست‪ :‬أ ُ‬
‫وختِ َم يب النَّبيُّون)(‪.)4‬‬‫ْق كافَّةً‪ُ ،‬‬
‫ُرسلت لل َخل ِ‬
‫ورا ومسج ًدا‪ ،‬وأ ُ‬ ‫األرض طَ ُه ً‬
‫ُ‬ ‫علت يل‬
‫وج ْ‬ ‫ُ‬

‫(‪ )1‬أمحد بن فارس بن زكرايء‪" .‬الصاحيب يف فقه اللغة العربية ومسائلها وسنن العرب يف كالمها"‪.‬‬
‫(الطبعة‪ :‬األو ى‪ ،‬حممد علي بيضون‪1218 ،‬هـ‪1227-‬م)‪.22 .‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه حممد بن لمساعي البخاري‪" .‬صحيح البخاري"‪ .‬احملقق‪ :‬حممد زهري بن انصر الناصر‪.‬‬
‫(الطبعة‪ :‬األو ى‪ ،‬دار طوق النجاة (مصورة عن السلطاتية إبضافة ترقيم حممد فؤاد عبد‬
‫‪« :‬نصرت ابلرعب مسرية‬ ‫الباقي)‪1244 ،‬هـ)‪ .‬كتاب اجلهاد والسري‪ ،‬ابب قول النيب‬
‫شهر» ‪ 82 :2‬رقم ‪ 4277‬؛ ومسلم بن احلجاج‪" .‬صحيح مسلم"‪ .‬احملقق‪ :‬حممد فؤاد عبد‬
‫الباقي‪( .‬بريوت‪ :‬دار لحياء الرتاث العريب)‪ ،‬كتاب املساجد ومواضع الصالة‪ ،‬ابب جعلت يل‬
‫وطهورا‪ ،171 :1 .‬رقم ‪ ،841‬من حديث أيب هريرة ‪.‬‬
‫ا‬ ‫مسجدا‬
‫ا‬ ‫األرض‬
‫‪311‬‬

‫ابلسحر؛ لي َما يفعله‬


‫الرسول الكرمي على البيان والفصاحة‪ ،‬وشبهه ي‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وأثىن‬
‫الش ْع ِر ِح َك ًما)(‪.)1‬‬
‫وإن ِمن ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ابلقلوب‪ ،‬قال رسول هللا ‪ِ َّ ( :‬‬
‫إن م َن البيان س ْح ًرا‪َ َّ ،‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه اإلمام أمحد بن حممد‪" .‬مسند اإلمام أمحد بن حنب "‪ .‬احملقق‪ :‬شعيب األرتؤوط ‪-‬‬
‫عادل مرشد‪ ،‬وآخرون‪ ،‬لشراف‪ :‬د عبد هللا بن عبد احملسن الرتكي‪( .‬الطبعة‪ :‬األو ى‪ ،‬مؤسسة‬
‫الرسالة‪1241 ،‬هـ ‪4111 -‬م)‪ ،286 :2 .‬رقم ‪4761‬؛ سليمان بن األشعث‪" .‬سنن أيب‬
‫داود"‪ .‬احملقق‪ :‬حممد حميي الدين عبد احلميد‪( .‬صيدا – بريوت‪ :‬املكتبة العصرية)‪ .‬كتاب‬
‫األدب‪ ،‬ابب ما جاء يف الشعر‪ ،111 :2 ،‬رقم ‪8111‬؛ وحممد بن عيسى والرتمذي‪" .‬سنن‬
‫الرتمذي"‪ .‬حتقيق وتعليق‪ :‬أمحد حممد شاكر‪ ،‬حممد فؤاد عبدالباقي‪ ،‬لبراهيم عطوة عوض‪.‬‬
‫(الطبعة الثاتية‪ ،‬مصر‪ :‬شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البايب احلليب‪1128 ،‬ه‪1278 ،‬م)‪.‬‬
‫كتاب األدب‪ ،‬ابب ما جاء لن من الشعر حكمة‪ ،118 :8 ،‬رقم ‪4828‬؛ وحممد بن يزيد‪،‬‬
‫ابن ماجه‪" .‬سنن ابن ماجه"‪ .‬حتقيق‪ :‬حممد فؤاد عبدالباقي‪( .‬دار لحياء الكتب العربية‪،‬‬
‫فيص عيسى البايب احلليب)‪ .‬كتاب األدب‪ ،‬ابب الشعر‪ ،11416 :4 ،‬رقم ‪ ،1786‬من‬
‫طرق عن مساك بن حرب‪ ،‬عن عكرمة‪ ،‬عن ابن عباس‪ ،‬عن النيب به‪.‬‬
‫وقال الرتمذي‪" :‬هذا حديث حسن صحيح"‪ ،‬وحسن لسناده حممد انصر الدين األلباين يف‬
‫"سلسلة األحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها"‪( .‬الطبعة األو ى‪ ،‬الرايض‪ :‬مكتبة‬
‫املعارف للنشر والتوزيع‪ ،،‬جـ ‪1218 :2 - 1‬هـ ‪ 1228 -‬م‪ ،‬جـ ‪1216 :6‬هـ ‪1226 -‬‬
‫م‪ ،‬جـ ‪1244 :7‬هـ ‪4114 -‬م)‪.112 :2 .‬‬
‫سحرا ‪ ،118 :7‬رقم ‪8767‬؛ ومسلم‪،‬‬‫وأخرجه البخاري‪ ،‬كتاب الطب‪ ،‬ابب لن من البيان ا‬
‫كتاب اجلمعة‪ ،‬ابب ختفيف الصالة واخلطبة ‪ ،822 :4‬من طريق أيب وائ ‪ :‬خطبنا عمار‪،‬‬
‫فأوجز وأبلغ‪ ،‬فلما تزل قلنا‪ :‬اي أاب اليقظان لقد أبلغت وأوجزت‪ ،‬فلو كنت تنفست‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫‪ ،‬يقول‪ « :‬إن طول صالة الرجل‪ ،‬وقصر خطبته‪ ،‬مئنة من فقهه‪،‬‬ ‫لين مسعت رسول هللا‬
‫سحرا»‪ ،‬واللفظ ملسلم‪.‬‬
‫فأطيلوا الصالة‪ ،‬واقصروا اخلطبة‪ ،‬وإن من البيان ً‬
‫اعرتاضات أبي بكر اجلصَّاص على مصطلح البيان عند اإلمام الشافعي ‪ -‬دراسة نقديَّة ‪-‬‬
‫‪311‬‬
‫ادات الشارع من ألفاظه هو ما كان من‬ ‫وهلذا كان املنطق الذي تُفهم به مر ُ‬
‫معهود أه العربية أثناء التنزي ‪ ،‬قال شيخ اإلسالم‪" :‬اللغة العربية من الدين‪ ،‬ومعرفتها‬
‫فرض‪ ،‬وًل يُفهم لًل بفهم اللغة العربية‪ ،‬وما ًل‬
‫السنة ٌ‬
‫اجب‪ ،‬فإن ْفهم الكتاب و ُّ‬
‫فرض و ٌ‬
‫ٌ‬
‫اجب على األعيان‪ ،‬ومنها ما هو‬
‫اجب‪ ،‬مث منها ما هو و ٌ‬
‫يتم الواجب لًل به فهو و ٌ‬
‫ُّ‬
‫اجب على الكفاية‪ ،‬وهذا معىن ما رواه أبو بكر بن أيب شيبة‪ :‬حدثنا عيسى بن‬
‫و ٌ‬
‫يوتس‪ ،‬عن ثور‪ ،‬عن عمر بن يزيد قال‪ :‬كتب عمر ل ى أيب موسى األشعري ‪:‬‬
‫السنة‪ ،‬وتَفقهوا يف العربية‪ ،‬وأ َْع يربُوا القرآ َن فإته عريب»(‪ ،)1‬ويف‬
‫«أما بعد‪ ،‬فتَفقهوا يف ُّ‬
‫حديث آخر عن عمر ‪ ‬أته قال‪« :‬تَـ َعل ُموا العربيةَ؛ فإهنا يمن يدينيكم‪ ،‬وتَـ َعل ُموا‬
‫عمر ‪ ‬يمن فقه العربية وفقه‬ ‫ي ي ي (‪)4‬‬
‫ائض؛ فإهنا من دينكم» ‪ ،‬وهذا الذي أ ََمَر به ُ‬ ‫الفر َ‬
‫الدين فيه فقهُ أقوال وأعمال‪ ،‬ففقهُ العربية هو‬ ‫الشريعة؛ جيمع ما ُحيتاج لليه؛ ألن ي‬

‫(‪ )1‬أخرجه أبو بكر عبد هللا بن حممد‪ ،‬ابن أيب شيبة‪" .‬الكتاب املصنف يف األحاديث واآلاثر"‪.‬‬
‫احملقق‪ :‬كمال يوسف احلوت‪( .‬الطبعة‪ :‬األو ى‪ ،‬الرايض‪ :‬مكتبة الرشد‪1212 ،‬هـ)‪:6 .‬‬
‫‪ ،116‬رقم ‪ . 42212‬ولسناده ضعيف؛ لالتقطاع بني عمرو بن دينار وعمر بن اخلطاب‪،‬‬
‫فعمرو بن دينار لمنا يروي عن صغار الصحابة‪ ،‬واًلتقطاع بينه وبني عمر بن اخلطاب ‪‬‬
‫ظاهر‪ ،‬فوًلدته كاتت بعد سنة مخس وأربعني بيقني‪ ،‬فإته تويف وقد جاوز السبعني كما قال‬
‫ابن حبان‪ ،‬ووفاته كاتت سنة مخس أو ست وعشرين ومائة كما قال اإلمام أمحد‪ .‬ينظر‪:‬‬
‫"التهذيب"‪.11 :8 .‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه ابن أيب شيبة يف "املصنف"‪ ،116 :6 .‬رقم ‪ ،42244‬من طريق احلسن البصري عن‬
‫عمر ‪ . ‬ولسناده ضعيف؛ ألن احلسن لمنا ولد لسنتني بقيتا من خالفة عمر ‪ ‬كما يف‬
‫"التهذيب"‪.461 :4 .‬‬
‫‪311‬‬

‫السنة هو الطريق ل ى فقه أعماله(‪.)1‬‬


‫الطريق ل ى فقه أقواله‪ ،‬وفقهُ ُّ‬
‫السنة‪ ،‬وما كان‬
‫العْرف الذي تزل يف القرآن و ُّ‬
‫فالواجب أن تُعرف اللغة والعادة و ُ‬
‫العرف‬
‫الصحابة يفهمون من الرسول عند مساع تلك األلفاظ؛ فبتلك اللغة والعادة و ُ‬
‫خاطبهم هللا ورسوله‪ً ،‬ل مبا حدث بعد ذلك(‪.)4‬‬
‫‪ ‬سبب اختيار البحث‪:‬‬
‫‪-1‬توضيح اًلختالف يف منهجية املصطلح األصويل بني الشافعي واجلصاص‪.‬‬
‫‪-2‬اشتمال طريقة الشافعي يف بيان مصطلح «البيان» على تصوص الشريعة‬
‫وليرادها‪.‬‬
‫‪ ‬مشكلة البحث‪:‬‬
‫تدور مشكلة البحث حول اعرتاضات اجلصاص على اإلمام الشافعي يف‬
‫مصطلح «البيان»‪ ،‬وقد عاجلت ذلك ببيان سبب اًلختالف يف املنهجية العلمية يف‬
‫تعريف املصطلحات‪.‬‬
‫‪ ‬حّود البحث‪:‬‬
‫اعرتاضات اجلصاص على تعريف «البيان» عند اإلمام الشافعي‪ ،‬وما يقتضي‬

‫(‪ )1‬أمحد بن عبد احلليم‪ ،‬ابن تيمية‪" .‬اقتضاء الصراط املستقيم ملخالفة أصحاب اجلحيم"‪ .‬احملقق‪:‬‬
‫انصر عبد الكرمي العق ‪( .‬الطبعة‪ :‬السابعة‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ :‬دار عامل الكتب‪1212 ،‬هـ ‪-‬‬
‫‪1222‬م)‪.417 :1 .‬‬
‫(‪ )4‬أمحد بن عبد احلليم‪ ،‬ابن تيمية‪" .‬جمموع الفتاوى"‪ .‬احملقق‪ :‬عبد الرمحن بن حممد بن قاسم‪.‬‬
‫(املدينة النبوية‪ ،‬اململكة العربية السعودية‪ :‬جممع امللك فهد لطباعة املصحف الشريف‪،‬‬
‫‪1216‬هـ‪1228/‬م)‪.116 :7 .‬‬
‫اعرتاضات أبي بكر اجلصَّاص على مصطلح البيان عند اإلمام الشافعي ‪ -‬دراسة نقديَّة ‪-‬‬
‫‪311‬‬
‫ذلك من اًلستقراء والتحلي والنقد‪.‬‬
‫‪ ‬أسئلة البحث‪:‬‬
‫‪-1‬ما هو «البيان» عند الشافعي؟‬
‫‪-2‬ما هي اعرتاضات اجلصاص على اإلمام الشافعي؟‬
‫‪-3‬ما مدى صحة اعرتاضات اجلصاص على الشافعي؟‬
‫‪ ‬أهّاف البحث‪:‬‬
‫‪-1‬بيان «البيان» عند الشافعي‪.‬‬
‫‪-2‬ذكر ليرادات اجلصاص ومدى صحتها‪.‬‬
‫‪ ‬منهج البحث‪:‬‬
‫سرت يف هذا البحث وفق ما يلي‪:‬‬
‫وقد ُ‬
‫قمت جبمع تصوص الشافعي يف «البيان» واعرتاضات‬
‫منهج اًلستقراء‪ :‬حيث ُ‬
‫اجلصاص الواردة يف كتاب «الفصول»‪.‬‬
‫قمت بتحلي كالم الشافعي يف «البيان» مث حتلي‬
‫منهج التحلي النقدي‪ُ :‬‬
‫اعرتاضات اجلصاص وتقدها‪.‬‬
‫‪ ‬الّراسات السابدقة‪:‬‬
‫مل أجد َمن أفرد اعرتاضات اجلصاص على اإلمام الشافعي يف تعريفه للبيان‬
‫وتقدها من جهة املنهجية الكلية واجلزئية‪.‬‬
‫‪ ‬خطة البحث‪:‬‬
‫املبحث األول‪ :‬اإلمام الشافعي واملصطلح األصويل‪.‬‬
‫املبحث الثاين‪« :‬البيان» عند الشافعي‪.‬‬
‫‪312‬‬

‫صاص على الشافعي يف مصطلح‬


‫املبحث الثالث‪ :‬بيان اعرتاضات أيب بكر اجلَ َّ‬
‫«البيان»‪.‬‬
‫الخاتمة‪.‬‬
‫فهرس المصادر والمراجع‪.‬‬
‫اعرتاضات أبي بكر اجلصَّاص على مصطلح البيان عند اإلمام الشافعي ‪ -‬دراسة نقديَّة ‪-‬‬
‫‪313‬‬
‫الشافعي واملصطلح األصوليُّ‬
‫ُّ‬ ‫املبحث األوَّل‪ :‬اإلمام‬
‫صا َحلُوا(‪ ،)1‬وقال‬ ‫أص (االصطالح) يف اللغة من قوهلم‪ْ :‬‬
‫اصطَلَ َح الْ َق ْوُم‪ ،‬وتَ َ‬
‫اتفاق طائفة خمصوصة على أمر خمصوص(‪.)4‬‬
‫بيدي أبته‪ُ :‬‬
‫الز ُّ‬
‫عددا من التعريفات‪ ،‬فقال‪" :‬عبارة عن اتفاق قوم على تسمية‬
‫وأورد اجلرجاينُّ ا‬
‫ي‬
‫آخَر‬ ‫الشيء ابس يم ما يـُْنـ َق ُ عن موضعه األول‪ ،‬ولخراج اللفظ من ا‬
‫معىن لغوي ل ى َ‬
‫ملناسبة بينهما"‪.‬‬
‫وقال‪" :‬هو اتفاق طائفة على وضع اللفظ إبزاء املعىن"‪.‬‬
‫آخَر لبيان املراد"‪.‬‬
‫معىن َ‬
‫معىن لغوي ل ى ا‬
‫وقال‪" :‬لخراج الشيء من ا‬
‫بني قوم معينني"(‪.)1‬‬
‫معني َ‬
‫ظ ٌ‬‫وقال‪" :‬لف ٌ‬
‫كلمات فيما بينهم متعارفةٌ‪ً ،‬ل يفهم‬
‫ٌ‬ ‫وقال السيوطي‪" :‬لك ي طائفة من العلماء‬
‫ص َدهم أو َش َارفَهُ"(‪.)2‬‬
‫املراد منها لًل َم ْن بَـلَ َغ قَ ْ‬
‫النيب‬
‫صا َحلَ ُّ‬
‫وقد جاء يف (مسند اإلمام أمحد) يف "صلح احلديبية"‪" :‬هنا َ‬

‫(‪ )1‬حممد بن مكرم‪ ،‬ابن منظور‪" .‬لسان العرب"‪( .‬بريوت – لبنان‪ :‬دار صادر)‪.817 :4 .‬‬
‫(‪ )4‬حممد بن حممد الزبيدي‪" .‬اتج العروس من جواهر القاموس"‪ .‬احملقق‪ :‬جمموعة من احملققني‪.‬‬
‫(دار اهلداية)‪.881 :6 .‬‬
‫(‪ )1‬علي بن حممد اجلرجاين‪" .‬التعريفات"‪ .‬احملقق‪ :‬ضبطه وصححه مجاعة من العلماء إبشراف‬
‫الناشر‪( .‬الطبعة‪ :‬األو ى‪ ،‬بريوت – لبنان‪ :‬دار الكتب العلمية‪1211 ،‬هـ ‪1281-‬م)‪.22 .‬‬
‫(‪ )2‬عبد الرمحن بن أيب بكر السيوطي‪" .‬معجم مقاليد العلوم يف احلدود والرسوم"‪ .‬احملقق‪ :‬أ‪ .‬د‬
‫حممد لبراهيم عبادة‪( .‬الطبعة‪ :‬األو ى‪ ،‬القاهرة ‪ -‬مصر‪ :‬مكتبة اآلداب‪1242 ،‬هـ ‪-‬‬
‫‪4112‬م)‪.11 .‬‬
‫‪310‬‬

‫اللهم‪ ،‬هذا‬
‫اكتب‪ :‬ابمسك َّ‬‫كتااب‪ ،‬قال رسول هللا ‪ْ ( :‬‬ ‫أه َ مكة‪ ،‬وكتب بينه وبينهم ا‬
‫ُ ِ‬
‫بن عمرو‪ :‬لو‬‫بن عمرو)‪ .‬فقال ُسهي ُ ُ‬
‫رسول هللا ُس َهْي َل َ‬ ‫حمم ٌد‬
‫صا ََلَ عليه َّ‬‫ما َ‬
‫بن‬ ‫ي‬
‫اصطلح عليه حمم ُد ُ‬
‫َ‬ ‫اكتب‪ :‬هذا ما‬
‫ك‪ ،‬ولكن ْ‬ ‫رسول هللا؛ مل أُقَاتلْ َ‬
‫أتك ُ‬‫شهدت َ‬ ‫ُ‬
‫بن عمرو"(‪.)1‬‬ ‫ي ي‬
‫وسهي ُ ُ‬
‫عبدهللا ُ‬
‫اضعة اليت اتفق عليها أه العلم يف علم من‬
‫فاملصطلح توع من أتواع الْ ُم َو َ‬
‫العلوم‪ ،‬فهو ‪ -‬لفظاا ‪ -‬دال على مفهوم علمي؛ وعليه‪ :‬فال بد من بيان مفهوم‬
‫املصطلح من داخ العلم؛ وذلك ابستقراء كالم أه العلم مث بيان مقصودهم من‬
‫العملية اًلستنباطية اًلجتهادية من النصوص الشرعية لذا كان املصطلح أصوليًّا‪ ،‬فإذا‬
‫وضعنا لفظاا؛ فإن هذا اللفظ يدل على املفهوم املراد من كالم أه العلم يف هذا‬
‫التخصص بطريق اًلستقرار‪.‬‬
‫وقال ابن تيمية‪" :‬وما من أه فن لًل وهم معرتفون أبهنم يصطلحون على‬
‫ألفاظ يتفامهون هبا مرادهم‪ ،‬كما أله الصناعات العملية ألفاظ ي‬
‫يعربون هبا عن‬
‫خاصا‪ ،‬ومرادهم هبا غري املفهوم منها يف أص‬
‫صناعتهم‪ ،‬وهذه األلفاظ ُعرفية ُعْرفاا ًّ‬
‫ابطال"(‪.)4‬‬
‫اللغة‪ ،‬سواء كان ذلك املعىن حقًّا أو ا‬

‫(‪ )1‬أخرجه اإلمام أمحد يف "مسنده"‪ ،414 :11 .‬رقم ‪ ، 18211‬من طريق حممد بن لسحاق‬
‫بن يسار‪ ،‬عن الزهري حممد بن مسلم بن شهاب‪ ،‬عن عروة بن الزبري‪ ،‬عن املسور بن خمرمة‪،‬‬
‫ومروان بن احلكم ‪ ...‬احلديث‪ .‬يف حديث طوي ‪ .‬قال علي بن أيب بكر اهليثمي‪" .‬جممع‬
‫الزوائد ومنبع الفوائد"‪ .‬احملقق‪ :‬حسام الدين القدسي‪( .‬القاهرة‪ :‬مكتبة القدسي‪1212 ،‬هـ‪،‬‬
‫‪1222‬م)‪« :128 :6 .‬رواه أمحد‪ ،‬ورجاله رجال الصحيح»‪.‬‬
‫(‪ )4‬ابن تيمية‪" ،‬درء تعارض العق والنق "‪.441 -444 :1 .‬‬
‫اعرتاضات أبي بكر اجلصَّاص على مصطلح البيان عند اإلمام الشافعي ‪ -‬دراسة نقديَّة ‪-‬‬
‫‪311‬‬
‫وعالقته ابملصطلح األصلي فإته من العلماء الذين قد‬
‫شافعي‬
‫وأما اإلمام ال ُّ‬
‫ميزوا املصطلحات األصولية عن بعضها؛ وذلك لضبط عملية اًلستنباط من القرآن‬
‫السنة‪ ،‬فأخذ يُع يرف املصطلحات الشرعية من داخ استعماًلت الشريعة لأللفاظ؛‬ ‫و ُّ‬
‫وذلك ابستقراء تصوص الشريعة وما كان عليه من أه العلم يم ْن جادة يف بيان معاين‬
‫النصوص‪.‬‬
‫قال احلازمي‪" :‬حَت جاء أبو عبدهللا حممد بن لدريس الشافعي ‪ ،‬فإته‬
‫خاض تياره وكشف أسراره واستنبط َمعينه‪ ،‬واستخرج َدفينه‪ ،‬واستفتح اببه‪ ،‬ورتب‬
‫فأتيت أاب عبد هللا أمحد بن‬ ‫قدمت من مصر‪ُ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫أبوابه‪ .‬قال حممد بن مسلم بن وارة‪:‬‬
‫ت‪ ،‬ما‬ ‫حنب أ ي‬
‫الشافعي ‪‬؟ قلت‪ً :‬ل‪ .‬قال‪ :‬فَـرطْ َ‬
‫ي‬ ‫ب‬
‫كتبت ُكتُ َ‬
‫ُسل ُم عليه‪ ،‬فقال يل‪َ :‬‬ ‫َ‬
‫ي‬
‫منسوخه حَت َجالَ ْسنَا‬ ‫رسول هللاي من‬
‫حديث ي‬‫ي‬ ‫اجملم من املفسر‪ ،‬وًل َان يس َخ‬
‫عرفنا َ‬
‫الشافعي‪.‬‬
‫افعي ‪ ‬يف كتاب (الرسالة) من هذا الف ين أحاديث‪ ،‬ومل يستنزف‬
‫وقد ذكر الش ُّ‬
‫َمعينه فيها؛ لذ مل يضع (الرسالة) هلذا الف ين وحده‪ ،‬غري أته أشار ل ى قطعة صاحلة‬
‫الباحث عن‬
‫َ‬ ‫توجد يف غضون األبواب يمن كتبه‪ ،‬ولو كاتت موجودةا َألَ ْغنَ ي‬
‫ت‬
‫الطلب"(‪.)1‬‬
‫قال الشيخ أبو زهرة‪" :‬لن الشافعي ‪-‬يف رسالته‪ -‬قد َحرَر معىن (النَّسخ) فيما‬
‫ساق من أدلة وأمثلة‪ ،‬فميزه عن (تقييد املطلَق) و(ختصيص ي‬
‫العام)‪ ،‬وجعلهما من توع‬

‫(‪ )1‬أبو بكر حممد بن موسى احلازمي‪" .‬اًلعتبار يف الناسخ واملنسوخ من اآلاثر"‪( .‬الطبعة‪:‬‬
‫الثاتية‪ ،‬حيدر آابد‪ ،‬الدكن‪ :‬دائرة املعارف العثماتية‪1182 ،‬هـ)‪.1 .‬‬
‫‪311‬‬
‫ي‬
‫يسمون‬ ‫(البيان)‪ .‬وكثريٌ من املتقدمني من الصحابة والتابعني ‪َ -‬‬
‫ومن بعدهم‪ -‬كاتوا ُّ‬
‫(تقييد املطلَق) تَس اخا‪ ،‬و(ختصيص ي‬
‫العام) تَ ْس اخا‪ ،‬حَت كان منهم من جيع‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫َّسخ)‪ ،‬وميزه بني تلك‬
‫الشافعي َحرَر معىن (الن ْ‬
‫ُّ‬ ‫(اًلستثناء) تَ ْس اخا‪ ،‬وهكذا‪ ،‬فلما جاء‬
‫اإلطالقات الواسعة اليت كان ‪-‬إبدماجها فيه‪ -‬غري متميز‪ ،‬وجع التخصيص والتقييد‬
‫ص بعد أن يكون اثبتاا"(‪.)1‬‬
‫رفع حك يم الن ي‬ ‫من ابب بيان املراد ابلن ي‬
‫ص‪ ،‬وأما الن ْس ُخ فهو ُ‬
‫يف كتاب (الرسالة) عندما تطرق ل ى‬ ‫واملتتبي ُع لكالم اإلمام الشافعي‬
‫(النَّسخ) لكي مييز بينه وبني (ختصيص ي‬
‫العام) و(تقييد املطلَق) يدرك املنطلق الذي‬ ‫ْ‬
‫َّسخ)‬
‫يف تقرير املصطلحات الشرعية‪ ،‬فعندما َحرَر مصطلح (الن ْ‬ ‫اتطلق منه‬
‫ليميزه‪ ،‬فإته اتطلق من النصوص الشرعية‪ ،‬وذلك من جهة وقوعه يف الشريعة؛‬
‫ابستقراء النصوص الشرعية اليت يرى أهنا (نسخ)‪ ،‬واستنبط منها تعريف مصطلح‬
‫َّسخ) وضوابطه‪ ،‬فأص هذا الباب وف اقا لي َما هو متك يرر من استعماًلت الن ييب‬
‫(الن ْ‬
‫من جهة الناسخ واملنسوخ؛‬ ‫وما فهمه الصحابة ‪ ‬من احلوادث اليت وقعت للن ييب‬
‫وهذا يَلزم منه معرفةُ اتريخ الناسخ واملنسوخ؛ ابستقراء تصوص الشريعة اإلسالمية من‬
‫وضبَ َط‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫جهة استعمال الن ييب هلا‪ ،‬فينظر املتقدم واملتأخر وحيكم به؛ وف اقا هلذا َحد َد َ‬
‫ف‬ ‫ي‬
‫املصطلح األصويل عنده من داخ املنظومة الشرعية‪ ،‬خبالف من جاء بعده ممن أَل َ‬
‫ازي)‪ ،‬أو طريقة املعتزلة ي‬
‫(م َن‬ ‫اآلمدي‪ ،‬والر ي‬
‫ايل‪ ،‬و ي‬ ‫(كاجلويين‪ ،‬والغز ي‬
‫ي‬ ‫وف اقا للطريقة األشعرية‬
‫حد النسخ على‬ ‫البصري) فإهنم اعتمدوا يف ي‬
‫ي‬ ‫القاضي ي‬
‫عبد اجلبا ير‪ ،‬ل ى أيب احلسني‬

‫(‪ )1‬حممد أمحد مصطفى‪ ،‬أبو زهرة‪" .‬الشافعي حياته وعصره وآراؤه الفقهية"‪( .‬الطبعة الثاتية‪،‬‬
‫القاهرة‪ :‬دار الفكر العريب‪ ،‬بدون اتريخ)‪.467 .‬‬
‫اعرتاضات أبي بكر اجلصَّاص على مصطلح البيان عند اإلمام الشافعي ‪ -‬دراسة نقديَّة ‪-‬‬
‫‪311‬‬
‫العقلي من جهة التحسني والتقبيح؛ فأتتج جمموعة من املسائ ‪ ،‬سواءٌ كان يف‬‫ي‬ ‫احلكم‬
‫صياغة ي‬
‫حد النسخ أو يف املسائ املرتتيبة عليه يف هذا الباب وف اقا للمنهج العقلي يف‬
‫التحسني والتقبيح‪ .‬هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى فإن اإلمام الشافعي رأى أن‬
‫َّسخ) حيتاج ل ى بيان‪ ،‬و ُّ‬
‫السنةُ بيا ٌن للقرآن‪ ،‬فاهللُ هو الذي أعطى القوة اًلستدًللية‬ ‫(الن ْ‬
‫للسنة النبوية‪ ،‬وذلك يف مواطن كثرية من كتابه العزيز‪{ :‬ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ‬
‫ُّ‬
‫‪{ :‬ﮕ ﮖ ﮗ‬ ‫ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾﯿ} [سورة النساء‪ ،]59:‬وقوله‬
‫‪{ :‬ﮠ‬ ‫ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ} [سورة النور‪ ،]56:‬وقول هللا‬
‫ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮨ ﮩ ﮪﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ} [سورة‬
‫ذهب‬ ‫احلشر‪ ،]1:‬وغري ذلك من األدلة الدالة على ُح يجية ُّ‬
‫السنة النبوية؛ ووف اقا هلذا َ‬
‫السنة ًل تَـْن َس ُخ القرآ َن؛ ألهنا فرعٌ عنه‪ ،‬فلما كان «البيان» قد يكون بني‬
‫ل ى أن ُّ‬
‫وم َقيد ‪ -‬وك ُّ ذلك داخ حتت‬ ‫انسخ ومنسوخ‪ ،‬وبني عام وخاص‪ ،‬وبني ُمطْلَق ُ‬
‫األصويل للنسخ صياغةا تُف يرق‬
‫ي‬ ‫بصياغة املصطلح‬ ‫لشافعي‬
‫ُّ‬ ‫«البيان» ‪ -‬قام اإلمام ا‬
‫جهيت وقوعه يف الشريعة اإلسالمية‬ ‫ي‬
‫بينه بني (تقييد املطلَق) و(ختصيص العام) من َْ‬
‫والبيان الشرعي‪.‬‬
‫الشافعي يف توضيح‬
‫ي‬ ‫َّسخ) كمثال على منهجية‬
‫ولعلنا أنخذ مصطلح (الن ْ‬
‫َّسخ) إبيراد تصوص من كتابه‬
‫من (الن ْ‬ ‫فعي‬
‫املصطلحات‪ ،‬وميكن معرفة مراد الشا ي‬
‫تعرضه للنسخ ومسائله‪ .‬واجلدير ابلذكر أن الشافعي مل يَعمد ل ى‬
‫(الرسالة) عند ُّ‬
‫التأم يف تصوصه‪ ،‬وتعامله مع األدلة؛ ميكن معرفة‬ ‫َّسخ) بتعريفه‪ ،‬ولكن عند ُّ‬
‫(الن ْ‬
‫"ووجهَ هللاُ رسولَهُ للقبلة يف الصالة ل ى بيت‬
‫تعريفه لـلنسخ‪ .‬ومن ذلك قولُهُ ‪َ :‬‬
‫املقدس‪ ،‬فكاتت القبلة اليت ًل حي ُّ ‪-‬قب تسخها‪ -‬استقبال غريها‪ ،‬مث تَ َس َخ هللاُ قبلة‬
‫‪311‬‬

‫أبدا ملكتوبة‪،‬‬
‫استقبال بيت املقدس ا‬
‫ُ‬ ‫ووج َههُ ل ى البيت‪ ،‬فال حي ُّ ألحد‬
‫بيت املقدس‪َ ،‬‬
‫وًل حي ُّ أن يستقب غري البيت احلرام"‪.‬‬
‫التوجه ل ى بيت املقدس ‪-‬أَاي َم َوجهَ هللاُ‬
‫مث قال‪" :‬وك كان حقًّا يف وقته‪ ،‬فكان ُّ‬
‫أبدا‪ً ،‬ل حي ُّ‬ ‫وجه ل ى البيت احلرام ا‬ ‫احلق يف الت ُّ‬ ‫لليه تَبييهُ‪ -‬حقًّا‪ ،‬مث تسخه‪ ،‬فصار ُّ‬ ‫ي‬
‫استدًلًل ابلكتاب‬
‫ا‬ ‫استقبال غريهي يف مكتوبة‪ ،‬لًل يف بعض اخلوف‪ ،‬أو انفلة يف سفر؛‬ ‫ُ‬
‫السنة‪ .‬وهكذا ك ُّ ما تَ َس َخ هللاُ‪ ،‬ومعىن (تَ َس َخ)‪ :‬تَـْرُك فَـْر يض يه‪ :‬كان حقًّا يف وقته‪،‬‬ ‫و ُّ‬
‫يدرك‬
‫طيعا به وبرتكه‪ ،‬ومن مل ْ‬ ‫ضهُ ُم ا‬ ‫وتَـْرُكهُ حقًّا لذا تسخه هللاُ؛ فيكون َمن أ َْد َرَك فَـْر َ‬
‫اسخ له(‪.)1‬‬ ‫ي‬
‫الفرض الن ي‬ ‫طيعا ابتيباع‬
‫ضهُ ُم ا‬
‫فَـْر َ‬
‫‪ ،‬حصر مصطلح‬ ‫"فالشافعي‬
‫ُّ‬ ‫قوله‪" :‬ومعىن (تسخ)‪ :‬ترك فرضه ‪...‬‬
‫للحكم املنسوخ‪.‬‬
‫رفع ُ‬
‫(النسخ) يف‪ :‬أته ٌ‬
‫يف كتاب "النسخ" من كتابه‬ ‫الشافعي‬
‫ُّ‬ ‫ومن يتتبع األمثلة اليت ساقها‬
‫َ‬
‫(الرسالة)؛ جيد املنهج األصي يف بيان املصطلحات الشرعية ‪-‬ابستقراء استعماًلت‬
‫الشريعة هلا من خالل النصوص الشرعية‪ -‬فقال‪:‬‬
‫فرسا‬
‫كب ا‬ ‫مالك‪ ،‬عن ابن شهاب‪ ،‬عن أتس بن مالك‪ ،‬أن النيب ر َ‬ ‫"أخربان ٌ‬
‫وصلينا وراءه‬ ‫فَص يرع عنه؛ فج يح ي‬
‫ش شقُّهُ األمين؛ فصلى صال اة من الصلوات وهو قاع ٌد‪َ ،‬‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ َ‬
‫فصلُّوا ً‬
‫قياما‪،‬‬ ‫اإلمام ليؤمتَّ به‪ ،‬فإذا صلَّى ً‬
‫قائما َ‬ ‫ُ‬ ‫ودا‪ ،‬فلما اتصرف قال‪َّ ( :‬إَّنا ُجعِ َل‬
‫قُـ ُع ا‬
‫رفع فارفعوا‪ ،‬وإذا قال‪ :‬مسع هللا ملن محده‪ ،‬فقولوا‪ :‬ربَّنا‬ ‫كع فاركعوا‪ ،‬وإذا َ‬ ‫وإذا ر َ‬

‫(‪ )1‬حممد بن لدريس الشافعي‪" .‬الرسالة"‪ .‬احملقق‪ :‬أمحد شاكر‪( .‬الطبعة األو ى‪ ،‬مصر‪ :‬مكتبه‬
‫احلليب‪1188 ،‬هـ‪1221/‬م)‪.141 .‬‬
‫اعرتاضات أبي بكر اجلصَّاص على مصطلح البيان عند اإلمام الشافعي ‪ -‬دراسة نقديَّة ‪-‬‬
‫‪311‬‬
‫أمجَعون)"(‪.)1‬‬ ‫فصلُّوا ُجلُ ً‬
‫وسا ْ‬ ‫َّ‬
‫ولك احلمد‪ ،‬وإذا صلى ً‬
‫جالسا َ‬ ‫َ‬
‫مالك‪ ،‬عن هشام بن عروة‪ ،‬عن أبيه‪ :‬أن رسول هللا خرج يف‬
‫مث قال‪" :‬أخربان ٌ‬
‫قائم يصليي ابلناس‪ ،‬فاستأخر أبو بكر‪ ،‬فأشار لليه ُ‬
‫رسول‬ ‫مرضه‪ ،‬فأتى أاب بكر وهو ٌ‬
‫أتت‪ ،‬فجلس رسول هللا ل ى جنب أيب بكر‪ ،‬فكان أبو بكر يصليي بصالة‬ ‫هللا‪ :‬أَ ْن كما َ‬
‫رسول هللا‪ ،‬وكان الناس يصلُّون بصالة أيب بكر"(‪.)4‬‬
‫قاعدا‪،‬‬
‫الشافعي‪" :‬فلما كاتت صالة الن ييب يف مرضه الذي مات فيه ا‬
‫ُّ‬ ‫مث قال‬
‫قياما؛ استدللنا على أن أمره للناس ابجللوس يف سقطته عن الفرس قب‬
‫والناس خلفه ا‬
‫قاعدا‪ ،‬والناس‬
‫مرضه الذي مات فيه‪ ،‬فكاتت صالته ‪ -‬يف مرضه الذي مات فيه ا‬
‫قياما ‪ -‬انسخةا أل ْن جيلس الناس جبلوس اإلمام"‪.‬‬
‫خلفه ا‬
‫تصا)‪ ،‬فعندما ذكر آية‬
‫ويظهر هذا بوضوح يف (ابب الفرائض اليت أتزل هللا ًّ‬
‫الليعان والقاذف للمحصنات قال‪:‬‬
‫عاما‪،‬‬
‫ظاهرُه ًّ‬
‫وصفت من أن القرآن عريب‪ ،‬يكون منه ُ‬‫ُ‬ ‫"ويف هذا الدلي على ما‬
‫لكن ك ُّ واحدة‬ ‫ي‬
‫اخلاص‪ً ،‬ل أن واحد اة من اآليتني تَ َس َخت األخرى‪ ،‬و ْ‬
‫ُّ‬ ‫وهو يُراد به‬

‫(‪ )1‬أخرجه اإلمام مالك يف "املوطأ"‪ ،118 :1 .‬رقم ‪ ، 16‬ومن طريقه البخاري‪ ،‬كتاب األذان‪،‬‬
‫ابب لمنا جع اإلمام ليؤمت به ‪ ،112 :1‬رقم ‪ 682‬؛ ومسلم‪ ،‬كتاب الصالة‪ ،‬ابب ائتمام‬
‫املأموم ابإلمام ‪ ،118 :1‬رقم ‪.211‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه اإلمام مالك يف "املوطأ"‪ ،116 :1 .‬رقم ‪ .18‬وأخرجه البخاري‪ ،‬كتاب األذان‪ ،‬ابب‬
‫حد املريض أن يشهد اجلماعة ‪ ،111 :1‬رقم ‪662‬؛ ومسلم‪ ،‬كتاب الصالة‪ ،‬ابب‬
‫استخالف اإلمام لذا عرض له عذر من مرض وسفر‪ ،111 :1 ،‬رقم ‪ ،218‬من طريق‬
‫‪.‬‬ ‫األعمش‪ ،‬عن لبراهيم‪ ،‬عن األسود‪ ،‬عن عائشة‬
‫‪311‬‬

‫وجي َمعان َحْيث َمجَ َع هللاُ‪.‬‬


‫منهما على ما َح َك َم هللا به‪ ،‬فَـيُـ َفر ُق بَـْيـنَهما حيث فَـر َق هللاُ‪ُْ ،‬‬
‫لتعن ‪-‬‬ ‫ي‬
‫الزوج‪ ،‬خر َج من احلَد‪ ،‬كما خيرج األجنبيُّون ابلشُّهود‪ ،‬ولذا مل يَ ْ‬ ‫فإذا الْتَـ َع َن ُ‬
‫وزوجتُهُ ُحرةٌ ابلغةٌ‪ُ -‬حد"(‪.)1‬‬
‫َّسخ)‪ ،‬وميزه عن غريه؛‬
‫وعلى ضوء ما سبق‪ :‬فإن الشافعي َحرَر مصطلح (الن ْ‬
‫ولبطال للحكم املنسوخ‪ ،‬وخيرج عن هذا ما كان من عادة الصحابة‬ ‫ٌ‬ ‫رفع‬
‫أبته‪ٌ :‬‬
‫ي‬
‫َّسخ) عليه‪ ،‬كتخصيص العام‪ ،‬وتقييد املطلَق‪ ،‬وبيان َ‬
‫املبهم‪،‬‬ ‫والتابعني لطالق (الن ْ‬
‫جم ‪.‬‬
‫وتفصي املُ َ‬
‫وجيدر بنا ‪-‬قب ختم هذا املبحث‪ -‬التنبيهُ على أن الشافعي استعم ‪-‬يف بيان‬
‫ي‬
‫حد "النَّسخ"‪ ،‬وما مييزه عن غريه‪ -‬طريقةَ التمثي ‪ ،‬وهي طريقة تبوية استعملها ُّ‬
‫النيب‬
‫أخاف عليكم ِ‬
‫الش ُ‬
‫رك‬ ‫ُ‬ ‫ف ما‬‫يف التعريف ابلشيء‪ ،‬ففي احلديث قال ‪( :‬أَ ْخ َو ُ‬
‫فسئل عنه‪ ،‬فقال‪ :‬ال ِرايء)(‪.)4‬‬
‫األصغر‪ُ ،‬‬
‫ُ‬
‫ف فيما بعد‪.‬‬ ‫الشيء ي ي‬ ‫ي‬
‫ببعض أفراده طريقةٌ مشى عليها السلَ ُ‬ ‫يف‬
‫فتعر ُ‬

‫(‪ )1‬الشافعي‪" ،‬الرسالة"‪ .‬ف ‪.128 ،248‬‬


‫(‪ )4‬أخرجه اإلمام أمحد يف "مسنده"‪ ،12 :12 .‬رقم ‪ ،41611‬من طريق يزيد ‪-‬يعين بن اهلاد‪،‬‬
‫قال‪ .‬فذكره‪.‬‬ ‫عن عمرو‪ ،‬عن حممود بن لبيد‪ ،‬أن رسول هللا‬
‫قال اهليثمي يف "جممع الزوائد ومنبع الفوائد"‪« :114 :1 .‬رواه أمحد‪ ،‬ورجاله رجال‬
‫الصحيح»‪.‬‬
‫اعرتاضات أبي بكر اجلصَّاص على مصطلح البيان عند اإلمام الشافعي ‪ -‬دراسة نقديَّة ‪-‬‬
‫‪311‬‬
‫املبحث الثاني‪« :‬البيان» عنّ الشافعيِ‬
‫باب‪ :‬كيف «البيان»؟‬
‫جمتمعة األصول‪ ،‬متشعي يبة الفروع‪:‬‬
‫ي‬ ‫جامع لي َم َعان‬
‫اسم ٌ‬‫الشافعي‪ :‬و«البيان» ٌ‬
‫ُّ‬ ‫قال‬
‫فأق ُّ ما يف تلك املعاين اجملتمعة املتشعيبة‪ :‬أهنا بيا ٌن ملن ُخوطب هبا ممن تزل‬
‫أتكيد بيان من بعض‪.‬‬ ‫القرآن بلساته‪ ،‬متقاربة اًلستواء عنده‪ ،‬ولن كان بعضها أشد َ‬
‫فجماع ما أاب َن هللا ي‬
‫خللقه يف‬ ‫ي‬
‫ُ‬ ‫الشافعي‪ُ َ :‬‬
‫ُّ‬ ‫وخمتلفةٌ عند من جيه لسان العرب‪ .‬قال‬
‫حكمه ‪ :‬من وجوه‪:‬‬ ‫ي‬ ‫كتابه‪ ،‬مما تَـ َعب َدهم به‪ ،‬لي َما مضى يمن‬
‫تصا‪ ،‬مث ُ ُمجَ ي فرائضهي‪ ،‬يف أن عليهم صال اة وزكا اة ًّ‬
‫وحجا‬ ‫فمنها ما أابته خللقه ًّ‬
‫ص ال يزان واخلمر‪ ،‬وأك ي‬
‫صوما‪ ،‬وأته حرم الفواحش ‪ -‬ما ظهر منها‪ ،‬وما بطن ‪ ،-‬وتَ ي‬ ‫و ا‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫تصا‪.‬‬
‫الوضوء‪ ،‬مع غري ذلك مما بني ًّ‬ ‫ض‬‫امليتة والدم‪ ،‬وحل يم اخلنزير‪ ،‬وبني هلم كيف فَـْر ُ‬
‫ومنه‪ :‬ما أَحكم فرضه بكتابه‪ ،‬وبني كيف هو على لسان تبيه؟ مث عدد‬
‫الصالة‪ ،‬والزكاة‪ ،‬ووقتها‪ ،‬وغري ذلك من فرائضه اليت أَتزل من كتابه‪.‬‬
‫ض هللاُ يف كتابه‬ ‫ص ُحكْم‪ ،‬وقد فَـَر َ‬ ‫رسول هللاي مما ليس هلل فيه تَ ُّ‬
‫ومنه‪ :‬ما َسن ُ‬
‫ض هللاي قَبي َ‪.‬‬
‫فمن قَبي عن رسول هللا؛ فبي َفْر ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫طاعةَ رسوله ‪ ،‬واًلتتهاءَ ل ى ُحكمه‪َ َ ،‬‬
‫اًلجتهاد يف طلبهي‪ ،‬وابتلى طاعتهم يف اًلجتهاد‪،‬‬ ‫َ‬
‫ومنه‪ :‬ما فرض هللا على ي‬
‫خلقه‬ ‫َ ُ‬
‫فرض عليهم‪.‬‬
‫كما ابتلى طاعتهم يف غريه مما َ‬
‫‪{ :‬ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ‬ ‫فإته يقول‬
‫ﭨ} [سورة حممد‪ ،]31:‬وقال‪ { :‬ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ‬
‫ﮞﮟ} [سورة آل عمران‪ ،]154:‬وقال‪ { :‬ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ‬
‫ﯭﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ} [سورة األعراف‪.]129:‬‬
‫‪312‬‬
‫قال الشافعي‪ :‬فوجههم ي‬
‫ابلقبلة ل ى املسجد احلرام‪ ،‬وقال لنبيه‪{ :‬ﮜ ﮝ‬ ‫ُّ‬
‫ﮞ ﮟ ﮠ ﮡﮢ ﮣ ﮤ ﮥﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫﮬ‬
‫ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓﯔ } [سورة البقرة‪ ،]144:‬وقال‪{ :‬ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ‬
‫ﮙ ﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ‬
‫ﮨ} [سورة البقرة‪.]157:‬‬
‫ض‬‫لذا غابوا عن عني املسجد احلرام على صواب اًلجتهاد‪ ،‬مما فَـَر َ‬ ‫فَ َدهلم‬
‫ب فيهم‪ ،‬املميزةي بني األشياء‪ ،‬وأضدادها‪ ،‬والعالمات اليت‬ ‫عليهم منه‪ ،‬ابلعقول اليت َرك َ‬
‫وجه َشطَْرهُ(‪.)1‬‬
‫ني املسجد احلرام الذي أ ََمَرهم ابلت ُّ‬‫صب هلم دو َن ع ي‬
‫تَ َ َ‬
‫فالشافعي يف حديثه عن «البيان» بقوله‪" :‬كيف «البيان»؟" قصد ‪ -‬هبذا‬ ‫ُّ‬
‫شرعا بنصوص الوحي من‪:‬‬ ‫ليضاح صفة «البيان» الذي يقع به «البيان» ا‬ ‫َ‬ ‫التعريف ‪-‬‬
‫السنة املش يرعة‪،‬‬
‫تصوص ُّ‬ ‫شك القرآن أو‬ ‫بياان مل ي‬
‫السنة الواردة ا‬‫وتصوص ُّ‬ ‫وسنة‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫قرآن‪ُ ،‬‬
‫السنـة‪ ،‬فهذه كلُّها ٌ‬
‫أمور جامعةٌ ملعان‬ ‫املبين على أصول الكتاب و ُّ‬ ‫اًلجتهاد ُّ‬
‫ُ‬ ‫وكذلك‬
‫مقصودهُ متييز‬
‫ُ‬ ‫جمتمعة متشعيبة ل ى أقسام كثرية َوض َحها وذَ َكَر تفاصيلَها؛ وعليه‪ :‬فليس‬
‫مقصودهُ ‪-‬من‬
‫ُ‬ ‫مصطلح (البيان) عن غريه من املصطلحات األصولية‪ ،‬فقد يكون‬
‫«البيان»‪ -‬ظهور األحكام ووضوحها‪ ،‬قال ‪ { :‬ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ‬
‫الشافعي‪ :‬ليست‬
‫ُّ‬ ‫ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ} [سورة النحل‪ ،]99:‬قال‬
‫تنزل أبحد يمن أه دين هللا انزلةٌ لًل ويف كتاب هللا الدلي ُ على سبي اهلَُدى‬
‫ُ‬

‫(‪ )1‬الشافعي‪" ،‬الرسالة"‪.41 :1 .‬‬


‫اعرتاضات أبي بكر اجلصَّاص على مصطلح البيان عند اإلمام الشافعي ‪ -‬دراسة نقديَّة ‪-‬‬
‫‪313‬‬
‫مقصودهُ هو كيفية بيان األحكام الشرعية وتفاوت ظهورها يف‬
‫ُ‬ ‫فيها"(‪ ،)1‬وقد يكون‬
‫النصوص وطرق الشارع يف لظهارها‪)4(.‬‬

‫َخ َذ تفاصيلَها؛‬
‫طرق «البيان» أ َ‬
‫ويشهد لذلك أن اإلمام الشافعي ملا أَمج َ َ‬
‫ويضرب عليها املثال(‪.)1‬‬ ‫ي ي‬
‫فصلُها يف أبواب‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ابب البيان األول‪:‬‬
‫يف املتمتيع‪ { :‬ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁﰂ ﰃ ﰄ ﰅ‬ ‫قال هللا‬
‫ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍﰎ ﰏ ﰐ ﰑﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﰘ ﰙ‬
‫ﰚﰛ } [سورة البقرة‪ ]196:‬فكان بييناا عند َمن ُخوطب هبذه اآلية أن صوم الثالثة يف‬
‫احلج‪ ،‬والسبعة يف امل يرجع عشرةُ أَايم كاملة‪.‬‬
‫َ‬
‫ي‬
‫مث اتبع البيان هبذه الطريقة حَت عقد مخسة فصول وهو يبني كيفيتها‪ ،...‬فمر ُاد‬
‫ومناهجها يف بيان األحكام الشرعية؛ وهذا ما‬
‫ُ‬ ‫طرق الشريعة‬‫اإلمام من (البيان) هو ُ‬
‫التأليفي يف كتابه (الرسالة)‪ ،‬فهو ملا بني (البيان اخلامس)‬
‫ي‬ ‫صنيعهُ يف سياقه‬
‫يدل عليه ُ‬ ‫ُّ‬
‫ع يف معرفة لسان العرب كضابط منهجي يف‬
‫وأته ًل فرق بني اًلجتهاد والقياس‪َ ،‬شَر َ‬
‫اًلستنباط‪ ،‬فقال‪:‬‬

‫(‪ )1‬الشافعي‪" ،‬الرسالة"‪.46 :1 .‬‬


‫(‪ )4‬اتظر‪ :‬لبراهيم عبيد طه أمحد‪" .‬البيان و أقسامه عند األصوليني"‪ .‬جملة كلية الدراسات‬
‫اإلسالمية والعربية بكفر الشيخ‪ ،‬العدد الرابع‪ ،‬اإلصدار الثاين‪ ،‬اجمللد األول لعام ‪.4141‬‬
‫‪ 412‬؛ وفاض حممود قادر‪" .‬البيان عند األصوليني"‪ .‬جملة العلوم اإلسالمية‪ ،‬العدد العشرون‬
‫لعام (‪.81 .)1212‬‬
‫(‪ )1‬املرجع السابق‪.‬‬
‫‪310‬‬

‫بدأت‬
‫يدل على أَ ْن ليس من كتاب هللا شيءٌ لًل بلسان العرب‪ .‬ولمنا ُ‬ ‫والقرآن ُّ‬
‫ليضاح ُمجَ ي‬
‫ي‬ ‫وصفت‪ ،‬من أن القرآن تزل بلسان العرب دون غريه؛ ألته ًل يعلم يمن‬ ‫ُ‬ ‫مبا‬
‫ي‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫يعْل يم‬
‫وتفرقَها‪.‬‬‫معاتيه‪ُّ ،‬‬ ‫الكتاب أح ٌد‪َ ،‬ج يه َ َس َعةَ لسان العرب‪ ،‬وكثرَة وجوهه‪ ،‬ومج َ‬
‫اع‬
‫ت على َمن َج يه َ لسا َهنا‪.‬‬ ‫ي‬
‫ت عنه الشُّبَهُ اليت َد َخلَ ْ‬ ‫ومن َعل َمهُ اتت َف ْ‬ ‫َ‬
‫العرب بلساهنا‪ ،‬على ما تَـ ْع ير ُ‬
‫ف‬ ‫خاطب هللاُ ‪ -‬بكتابه ‪َ -‬‬ ‫َ‬ ‫الشافعي‪" :‬فإمنا‬
‫ُّ‬ ‫قال‬
‫ب‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫يمن معاتيها‪ ،‬وكان مما تَ ُ‬
‫عرف من معاتيها‪ :‬اتساعُ لساهنا‪ ،‬وأن فطَْرتَهُ أ ْن ُخياط َ‬
‫العام‪ ،‬الظاهر‪ ،‬ويستغىن أبَويل هذا منه عن ي‬
‫آخ يرهي‪.‬‬ ‫ظاهارا‪ ،‬يُراد به ُّ‬ ‫عاما‪ ،‬ي‬ ‫ابلشيء منه ًّ‬ ‫ي‬
‫ُ ُْ َ‬
‫ب به‬ ‫ي‬ ‫دل على هذا ببَـ ْع ي‬ ‫اخلاص؛ فيُستَ ُّ‬
‫ض ما ُخوط َ‬ ‫ُّ ْ‬ ‫العام‪ ،‬ويَ ْد ُخلُهُ‬
‫ظاهرا يُراد به ُّ‬ ‫وعاما ا‬ ‫ًّ‬
‫ف يف يسياقه أته يُراد به غريُ ظاهريه"(‪.)1‬‬ ‫وظاهرا يـُ ْعَر ُ‬
‫ا‬ ‫اخلاص‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫ظاهرا‪ ،‬يُراد به‬
‫وعاما ا‬ ‫فيه؛ ًّ‬
‫ص السابق فقال‪:‬‬ ‫مث عقد أبو اااب تفصيليةا ملا أمجله يف الن ي‬
‫اخلصوص‪.‬‬
‫َ‬ ‫ابب‪ :‬بيان ما أُتْ يزَل من الكتاب عام الظاه ير‪ ،‬وهو ُ‬
‫جيمع العام و‬
‫اخلصوص‪.‬‬
‫ُ‬ ‫عاما يُراد به العامُّ‪ ،‬ويدخله‬ ‫تزل من الكتاب ًّ‬ ‫ابب‪ :‬بيان ما َ‬
‫اخلاص‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫تزل من الكتاب عام الظاه ير‪ ،‬يُراد يبه ُكلي يه‬ ‫ابب‪ :‬بيان ما َ‬
‫ي‬
‫ابب‪ :‬الصنف الذي يـُبَي ُ‬
‫ني سياقُهُ معناه‪.‬‬
‫ابطنه‪ ،‬دو َن ظاهرهي‪.‬‬ ‫يدل لفظُه على ي‬ ‫ي‬
‫ابب‪ :‬الصنف الذي ُّ ُ‬
‫اخلاص(‪.)4‬‬ ‫السنةُ ‪ -‬خاصةا ‪ -‬على أته يُراد به‬ ‫ت ُّ‬‫عاما‪ ،‬دل ي‬
‫ُّ‬ ‫تزل ًّ َ‬‫ابب‪ :‬ما َ‬
‫جامع ألمور‬
‫ٌ‬ ‫اسم‬
‫الشافعي يف (الرسالة) أن (البيان) ٌ‬ ‫ُّ‬ ‫قال الزركشي‪" :‬وذكر‬

‫(‪ )1‬الشافعي‪" ،‬الرسالة"‪.24 :1 .‬‬


‫(‪ )4‬املرجع السابق ‪.12 :1‬‬
‫اعرتاضات أبي بكر اجلصَّاص على مصطلح البيان عند اإلمام الشافعي ‪ -‬دراسة نقديَّة ‪-‬‬
‫‪311‬‬
‫األصول متشعي يبة ي‬
‫الفروع‪ ،‬وأق ُّ ما فيه أته بيا ٌن ملن تزل القرآ ُن بلساته‪ .‬فاعرتض‬ ‫ي‬ ‫مت ي‬
‫فقة‬
‫ني من التفسري الذي فَسَرهُ به"‪ .‬قال القاضي‬ ‫عليه أبو بكر بن داود وقال‪" :‬البيان أَبْ َُ‬
‫وتفسري معناه‪،‬‬
‫َ‬ ‫يصح؛ ألن الشافعي مل يقصد َحد «البيان»‪،‬‬ ‫أبو الطيب‪" :‬وهذا ًل ُّ‬
‫جامع ألتواع خمتلفة من «البيان»‪ ،‬وهي متفقةٌ يف‬ ‫اسم عام ٌ‬ ‫ص َد به أن «البيان» ٌ‬
‫ولمنا قَ َ‬
‫ني من بعض؛ ألن‬ ‫َجلَى وأَبْ َُ‬
‫فبعضها أ ْ‬
‫يقع عليها‪ ،‬وخمتلفةٌ يف مراتبها‪ُ ،‬‬ ‫أن اسم «البيان» ُ‬
‫‪:‬‬ ‫حيتاج ل ى دلي ؛ وهلذا قال‬ ‫ُّ‬ ‫ي‬
‫منه ما يُ ْد َرُك معناه من غري تدبُّر وتفكر‪ ،‬ومنه ما ُ‬
‫ي‬ ‫بعض البيان أَبْـلَ ُغ يمن بعض‪ ،‬وهذا‬ ‫(‪)1‬‬ ‫ِ‬ ‫" َّ ِ‬
‫كاخلطاب‬ ‫فأخرب أن َ‬ ‫إن م َن البيان لَس ْح ًرا" ‪َ ،‬‬
‫اختلفت‬
‫ْ‬ ‫فجميع ذلك بيا ٌن ‪ -‬ولن‬‫ُ‬ ‫ص‪ ،‬والعموم‪ ،‬والظاهر‪ ،‬ودلي اخلطاب‪ ،‬وحنوه‪،‬‬ ‫ابلن ي‬
‫مراتبُها فيه ‪ ."-‬اهـ‪.‬‬
‫يقع على‬
‫الشافعي أن اسم «البيان» ُ‬
‫ي‬ ‫ابن فورك أن مراد‬‫الصرييف و ُ‬
‫ُّ‬ ‫وكذا قال‬
‫ويقع حتته أتواعٌ خمتلفةُ املراتب يف اجلالء واخلفاء‪ .‬وقال أبو بكر القفال‪" :‬أراد‬
‫اجلنس‪ُ ،‬‬
‫يعود ل ى الكتاب ويُستفاد منه"(‪.)4‬‬ ‫ي‬
‫جيتمع يف أته ُ‬
‫أته ول ْن حص َ من وجوه فك ُّ ذلك ُ‬

‫(‪ )1‬سبق خترجيه‪.‬‬


‫(‪ )4‬حممد بن عبد هللا الزركشي‪" .‬البحر احمليط يف أصول الفقه"‪ .‬حتقيق‪ :‬حممد حممد اتمر‪( .‬دار‬
‫الكتب العلمية ‪ -‬بريوت‪1241 ،‬هـ)‪ .68 :1 .‬واتظر‪ :‬عبد امللك بن عبد هللا اجلويين‪.‬‬
‫"الربهان يف أصول الفقه"‪ .‬احملقق‪ :‬صالح بن الربهان‪ .‬حتقيق حممد بن عويضة‪( .‬الطبعة‬
‫األو ى‪ ،‬بريوت – لبنان‪ :‬دار الكتب العلمية‪ 1218 ،‬هـ ‪21 :1 .)1227 -‬؛ ومنصور بن‬
‫حممد السمعاين‪" .‬قواطع األدلة يف األصول"‪ .‬احملقق‪ :‬حممد حسن حممد حسن امساعي‬
‫الشافعي‪( .‬الطبعة‪ :‬األو ى‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ :‬دار الكتب العلمية‪1218 ،‬هـ‪1222/‬م)‪:1 .‬‬
‫‪.488‬‬
‫‪311‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬االعرتاضات على الشافعيِ يف مصطلح «البيان»‬
‫االعرتاض األوَّل‪:‬‬
‫األصول‪ ،‬متشعي يبة الفرو يع"‪.‬‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫جمتمعة‬ ‫جامع ملعان‬
‫اسم ٌ‬‫قال الشافعي‪" :‬والبيان ٌ‬
‫جامع‬
‫ٌ‬ ‫اسم‬
‫الشافعي «البيان» ووصفه فقال‪ :‬البيان‪ٌ :‬‬
‫ُّ‬ ‫قال اجلصاص‪" :‬وذكر‬
‫األصول متشعي يبة الفرو يع‪ ،‬فأق ُّ ما يف تلك املعاين املتشعيبة أن يكون ا‬
‫بياان‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫جمتمعة‬ ‫ملعان‬
‫أتكيد بيان من‬
‫َ‬ ‫ملن ُخوطب به فيمن تزل القرآن بلساته ‪-‬ولن كان بعضها أشد‬
‫بعض‪ .-‬مث جعله على مخسة أوجه‪ ،‬وهذه اجلملة اليت ذكرها فيها خل من وجوه‪:‬‬
‫ص َد به ل ى صفته مل ي‬
‫يبني به ماهية «البيان»‬ ‫أحدها‪ :‬أن ما َحد به «البيان» وقَ َ‬
‫ُ‬
‫اسم يشتم ُ على‬‫وًل صفته؛ ألته ذكر مجلةا جمهولةا؛ فكان مبنزلة من قال‪« :‬البيان» ٌ‬
‫يبني تلك األشياءَ ما هي‪ .‬فالذي وصف به «البيان» هو ابإللباس أشبه‬ ‫أشياء‪ ،‬مث ًل ي‬
‫َ‬
‫منه ابلبيان؛ ألته مل يَذكر املعاين اجملتمعة األصول املتشعيبة الفروع ما هي وما َحدُّها‬
‫وصفتُها‪ ،‬والذي اقتضاه كالمه أن يقول‪ :‬املعاين اجملتمعةُ األصول "كذا" واملتشعيبةُ‬
‫ُطلق من غري تفسري؛‬
‫اسم «البيان» لذا أ َ‬
‫الفروع "كذا"؛ حَت يكون قد أفادان شيئاا‪ .‬و ُ‬
‫دل على معناه عند السامعني مما وصفه به وقصد به ل ى بيان حتديده"(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬أبو بكر أمحد بن علي اجلصاص‪" .‬الفصول يف األصول"‪ .‬دراسة وحتقيق‪ :‬د‪ .‬عجي جاسم‬
‫النشمي‪( .‬الطبعة الثاتية‪ ،‬الكويت‪ :‬وزارة األوقاف والشئون اإلسالمية‪1212 ،‬هـ‪1222/‬م)‪.‬‬
‫‪ . 11 :4‬واتظر‪ :‬علي بن حممد اآلمدي‪" .‬اإلحكام يف أصول األحكام"‪ .‬علق عليه‪ :‬عبد‬
‫الرزاق عفيفي‪( .‬الطبعة‪ :‬الثاتية‪ ،‬دمشق – بريوت‪ :‬املكتب اإلسالمي‪ 1214 ،‬هـ)‪.14 :1 .‬‬
‫اعرتاضات أبي بكر اجلصَّاص على مصطلح البيان عند اإلمام الشافعي ‪ -‬دراسة نقديَّة ‪-‬‬
‫‪311‬‬
‫اجلصاص مقام‪:‬‬
‫ولنا مع كالم َّ‬
‫أوًل‪ :‬معرفة احلدود واملصطلحات العلمية من األمهية مبكان يف صياغة العلوم؛‬
‫ا‬
‫التصورات الذهنية‪ ،‬وًل ميكن أن يكون ذلك لًل عن طريق اللغة‪ ،‬واألُمم‬
‫وذلك لضبط ُّ‬
‫يف بيان احلدود واملصطلحات تنطلق من لغتها؛ وذلك ألن اللغة من ي‬
‫أخص خصائص‬
‫علومهم؛ فيكون هبا التمييز بني‬
‫التصورات اليت تُبىن عليها ُ‬
‫ُّ‬ ‫األُمم‪ ،‬وهبا تُصاغ‬
‫التصورات تبدأ يف الذهن‪ ،‬فمَت‬
‫التصورات؛ وذلك أن ُّ‬
‫املصطلحات والعلوم من جهة ُّ‬
‫التصورات اليت هي عبارة عن معان ذهنية يشرتك يف‬
‫تكون لدى الفرد جمموعةٌ من ُّ‬
‫حال الشخص وطريقة تفكريه ومصادر ي‬
‫تلقيه؛ فيتكون املعىن الذهين يف‬ ‫تكوينها ُ‬
‫الذهن‪ ،‬وًل ميكن اكتشافه لًل عن طريق األلفاظ‪ ،‬فيقوم الشخص برتمجة هذه املعاين‬
‫الذهنية ل ى ألفاظ …‪ ،‬هذه األلفاظ واملصطلحات ليست جمردة ولمنا هي عبارة عن‬
‫مك يون ذهين حبال املتكليم ومقاصده وعادته يف التخاطب؛ وعليه‪ :‬فاملصطلح يُدرس‬
‫املنهج التجريدي عند بيان معناه‪ ،‬وهذا‬
‫ك به َ‬ ‫وف اقا للمحيط الذي تكون فيه وًل يُ ْسلَ ُ‬
‫الشافعي يف بيان (البيان)؛ فإته بينه من النصوص الشرعية‪ ،‬ومل‬
‫ُّ‬ ‫اإلمام‬
‫الذي َد َر َج عليه ُ‬
‫يبينه ابلبحث يف ماهيته ‪-‬كما هو حال من جاء بعده‪ ،-‬ولمنا كان تظره يف النصوص‬
‫وم َع ياينَ متشعيبةا‪ ،‬مث اتضح‬
‫أصوًل للبيان َ‬
‫الشرعية ومنهجها يف «البيان»‪ ،‬فوجد أن هناك ا‬
‫له أهنا على مراتب علمية من جهة القوة اًلستدًللية‪ ،‬فأخذ يف متيي يز «البيان» ي‬
‫وبيان‬
‫التصورات وأتواع‬
‫ُّ‬ ‫منهج لسالمي يف بيان‬
‫ائي‪ ،‬وهذا ٌ‬ ‫الوصفي اًلستقر ي‬
‫ي‬ ‫مراتبه ابملنهج‬
‫السياق الذي تكوتت فيه‬‫وقوعها يف تصوص الشريعة‪ ،‬وهو اعتبار احلال والعلم و ي‬
‫املصطلحات‪ ،‬وهذا يكفي يف متيُّزها عن بعضها البعض‪ ،‬فإذا مت التمييز بني‬
‫ط لتطبيقاته العلمية‪،‬‬ ‫املصطلحات العلمية وتشأ عن ذلك يصحةٌ يف ُّ‬
‫التصورات وضب ٌ‬
‫‪311‬‬

‫حد احلدود وتعريف املصطلحات‪ ،‬قال شيخ اإلسالم ابن تيمية‪:‬‬ ‫فهذا يكفي يف ي‬
‫ي‬
‫"احملققون من النُّظار يعلمون أن احلد فائدته التمييز بني احملدود وغريه كاًلسم‪ ،‬ليس‬
‫فائدته تصوير احملدود وتعريف حقيقته"(‪.)1‬‬
‫وهذا التمييز يف احلدود له أشكال ي‬
‫متعددة يف حميط العلوم الشرعية‪ ،‬منها بيان‬
‫حقيقته‪ ،‬ومنها بياته يف املثال‪ ،‬ومنها البيان ابملراد‪ ،‬ومنها ما يُعرف ابللغة‪ ،‬ومنها ما‬
‫ابلعرف‪.‬‬
‫يُعرف ُ‬
‫مجلةا‬ ‫قول اجلصاص‪" :‬مل ي‬
‫يبني ماهية «البيان»‪ ،‬وًل صفته؛ ألته ذكر‬ ‫اثتياا‪ُ :‬‬
‫تلك‬ ‫اسم يشتم ُ على أشياءَ‪ ،‬مث ًل ي ُ‬
‫يبني‬ ‫جمهولةا؛ فكان مبنزلة من قال‪« :‬البيان» ٌ‬
‫األشياءَ ما هي"‪.‬‬
‫التعريف ابملاهية مل يكن من مسالك العلماء قب ترمجة (املنطق) اليوانين؛ وهلذا‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫فالشافعي عرف (البيان) مبا يوضحه يف ذهن املتلقي‪ .‬هذا على التسليم أبن َ‬
‫مقام‬ ‫ُّ‬
‫الشافعي أراد توضيح مسالك‬‫ُّ‬ ‫مقام تعريف ابلبيان‪ ،‬وهذا ًل يُ َسل ُم‪ ،‬ب‬
‫الشافع يي ُ‬
‫الشريعة يف البيان ومراتبها وكيفياهتا‪.‬‬
‫لظهار‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫املاهوي) بقوله‪" :‬البيان‬ ‫اص حياكم الشافعي على قواعد (احلَ ِد‬
‫واجلص ُ‬
‫ويشتبه من أجله‪ ،‬وأصله ‪-‬يف‬ ‫منفصال مما يلتبس به‪،‬‬
‫ا‬ ‫وليضاحهُ للمخاطب‬
‫ُ‬ ‫املعىن‬
‫اللغة‪ :-‬القطع والفص "(‪)4‬؛ فهو جرى على طريقة املناطقة يف تفسري املاهية‪ ،‬وهو‬
‫الشافعي‪ ،‬ولمنا طر ُق البيان‪ ،‬ومراتبه‪ ،‬وكيفياهتا لتوضيح منهج الشريعة يف‬
‫ُّ‬ ‫أمر ًل يريده‬
‫ٌ‬

‫(‪ )1‬أمحد بن عبد احلليم‪ ،‬ابن تيمية‪" .‬الرد على املنطقيني"‪( .‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ :‬دار املعرفة)‪.12 .‬‬
‫(‪ )4‬اجلصاص‪" ،‬الفصول يف األصول"‪.6 :4 .‬‬
‫اعرتاضات أبي بكر اجلصَّاص على مصطلح البيان عند اإلمام الشافعي ‪ -‬دراسة نقديَّة ‪-‬‬
‫‪311‬‬
‫اإلفصاح عن أحكامها‪.‬‬
‫اثلثاا‪ :‬أول َمن أص وتظر ملنهج املناطقة يف احلدود‪ ،‬وأدخله يف أصول الفقه‪،‬‬
‫ًّ‬
‫مستقال عنو َن له‬ ‫اباب‬
‫هو أبو بكر الباقالين يف كتابه (التقريب واإلرشاد)‪ ،‬وجع له ا‬
‫حد ي‬
‫احلد؟‬ ‫حد ي‬
‫احلد‪ ،‬لن قال قائ ‪ :‬ما ُّ‬ ‫بقوله‪ :‬ابب القول يف ي‬
‫قي له‪ :‬هو القول اجلامع املاتع ي‬
‫املفسر ًلسم احملدود وصفته على وجه حيصره‬
‫على معناه؛ فال يُدخ فيه ما ليس منه‪ ،‬ومينع أن خيرج منه ما هو منه‪ ،‬فهذا هو ُّ‬
‫احلد‬
‫الفقهي الذي يُضرب للفص بني احملدود وما ليس منه‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫الكالمي‬
‫ُّ‬ ‫الفلسفي‬
‫ُّ‬
‫الفقهي‪ ،‬وبني ي‬
‫احلد‬ ‫ي‬ ‫الكالمي‬
‫ي‬ ‫املنطقي‬
‫ي‬ ‫مشرتك بني ي‬
‫احلد‬ ‫ٌ‬ ‫ولطالق اسم ي‬
‫"احلد"‬ ‫ُ‬
‫الصناعي‪ ،‬ي‬
‫كحد الدار والبستان(‪.)1‬‬ ‫ي‬ ‫اهلندسي‬
‫ي‬
‫مث أخذ ينظر يف الزايدة والنقصان يف ي‬
‫احلد‪.‬‬
‫مث تتابع مجع من األصوليني يف لدخال ي‬
‫احلد وتظريته عند املناطقة يف كتب‬ ‫َ ٌ‬
‫البصري يف كتاب (املعتمد)‪ ،‬حيث‬
‫ُّ‬ ‫أصول الفقه‪ ،‬وممن أدخلها يف تصاتيفه أبو احلسني‬
‫اًلمسي والتعريف ي‬
‫ابحلد(‪ ،)4‬ب حَت‬ ‫ي‬ ‫انقش الغرض من ا ي‬
‫حلد‪ ،‬والفرق بني التعريف‬
‫كتب احلنابلة األصولية أتثرت مبنهج أيب بكر الباقالين يف لدخال احلدود ومباحثه يف‬
‫اباب يف احلدود على غرار ما‬
‫أصول الفقه‪ ،‬فهذا شيخ احلنابلة أبو يعلى الفراء يعقد ا‬

‫(‪ )1‬أبو بكر حممد بن الطيب الباقالين‪" .‬التقريب واإلرشاد"‪ .‬احملقق‪ :‬د‪ .‬عبد احلميد بن علي أبو‬
‫زتيد‪( .‬الطبعة‪ :‬الثاتية‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪1218 ،‬هـ ‪1228 -‬م)‪.122 :1 .‬‬
‫(‪ )4‬حممد بن علي الطيب‪" .‬املعتمد يف أصول الفقه"‪ .‬احملقق‪ :‬خلي امليس‪( .‬الطبعة‪ :‬األو ى‪،‬‬
‫بريوت‪ :‬دار الكتب العلمية‪1211 ،‬هـ)‪.228 :4 .‬‬
‫‪311‬‬

‫فعله الباقالين يف كتاب (التقريب واإلرشاد)‪ ،‬يتضمن‪:‬‬


‫احلد وشروطه‪ ،‬وحكم الزايدة والنقصان فيه‪ ،‬وصياغة ي‬
‫احلد ووضوح‬ ‫‪-‬تعريف ي‬
‫عبارته(‪.)1‬‬
‫وحتليال وتفر ايعا ‪ -‬يف كتاب‬
‫أتصيال ا‬
‫ا‬ ‫ِ‬
‫املاهوي ذروهتا ‪-‬‬ ‫وقد بلغت تظرية ِ‬
‫احلد‬
‫(املستصفى) للغزايل‪ ،‬وطبق ذلك على ي‬
‫حد الواجب(‪.)4‬‬
‫أما احلدود والتعريفات عند علماء اإلسالم الذين مل يتأثروا بنظرية احلدود عند‬
‫يعظموته‪ ،‬فإن منهجهم يف ذلك يقوم على‬ ‫املناطقة املتعليقة ابلتعريف ابملاهية الذي ي‬
‫أصول‪:‬‬
‫أوًل‪ :‬الغاية من احلدود والتعاريف هي بيان ما يتميز به الشيء عن غريه بذكر‬
‫ا‬
‫وصف من خصائصه‪ ،‬خبالف الغاية من احلدود عند املناطقة‪ ،‬وهي بيان ماهية‬
‫الشيء وحقيقته الكلية‪.‬‬
‫‪ :‬ي‬
‫"احملققون من النُّظار يَعلمون أن احلد فائدته التمييز بني‬ ‫قال ابن تيمية‬
‫احملدود وغريه‪ ،‬كاًلسم ليس فائدته تصوير احملدود وتعريف حقيقته‪ ،‬ولمنا يدعي هذا‬
‫أه ُ املنطق اليوانين"(‪.)1‬‬
‫اخلاص الذي مييز ي‬
‫املتلقي بني األشياء‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ذكر الوصف‬ ‫ي‬
‫املعتربُ يف احلد هو ُ‬
‫اثتياا‪َ :‬‬

‫(‪ )1‬حممد بن احلسني الفراء‪" .‬العدة يف أصول الفقه"‪ .‬حققه وعلق عليه وخرج تصه‪ :‬د أمحد بن‬
‫علي بن سري املباركي‪( .‬الطبعة‪ :‬الثاتية‪1211 ،‬هـ ‪1221 -‬م)‪.72 :1 .‬‬
‫(‪ )4‬الغزايل‪" ،‬املستصفى"‪.28 :1 .‬‬
‫(‪ )1‬ابن تيمية‪" ،‬الرد على املنطقيني"‪.12 :1 .‬‬
‫اعرتاضات أبي بكر اجلصَّاص على مصطلح البيان عند اإلمام الشافعي ‪ -‬دراسة نقديَّة ‪-‬‬
‫‪311‬‬
‫وًل يُشرتط يف ذكر األوصاف الذاتية من اجلنس الغريب والفص (‪ ،)1‬يقول ابن‬
‫سائر‬ ‫ي‬
‫عقي ‪ً" :‬ل جيوز أن أتيت يف احلد ابملشرتك‪ ،‬كقولك يف العلم‪ :‬لدر ٌاك‪ ،‬فيدخ فيه ُ‬
‫ي‬
‫درك احلواس"(‪.)4‬‬
‫اثلثاا‪ :‬احلدود توعان‪:‬‬
‫ورد به الوحي؛ فهذا جيب القول به والتسليم مبراد هللا ورسوله‬
‫النوع األول‪ :‬حد َ‬
‫منه‪ ،‬ولو مل تَفهم معناه‪.‬‬
‫فهم العلماء؛‬
‫النوع الثاين‪ :‬حد مل يَرد به الوحي‪ ،‬وهو كاحلدود اليت يتنازعها ُ‬
‫فصح املتكلي ُم عن مراده هبا‪.‬‬
‫فهذه ليس فيها لثبات وًل تفي حَت ي ي‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫أمر‬ ‫ي‬
‫قال ابن تيمية ‪" :‬ولذا كان فائدة احلد بيان مسمى اًلسم‪ ،‬والتسميةُ ٌ‬
‫املسمي ولُغتيه"(‪.)1‬‬
‫لغوي وضعي؛ رجع يف ذلك ل ى قصد ذلك ي‬
‫ُ‬
‫يف التعاريف واحلدود األصولية؛ ًل جند‬ ‫الشافعي‬
‫ي‬ ‫وعندما تستعرض منهج‬
‫األثر يف طريقته لتعريف املصطلحات‪ ،‬ومن أشهر هذه املصطلحات‬
‫ملنهج املناطقة َ‬
‫تعريفه للبيان يف كتاب "الرسالة" حيث يقول‪" :‬البيان‪ :‬اسم جامع ملعان جمتمعةي‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫األصول‪ ،‬متشعي يبة الفروع"(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬حممد حسن مهدي‪" ،‬املنطق األرسطي بني القبول والرفض"‪.22 .‬‬
‫(‪ )4‬علي بن عقي ‪" .‬الواضح يف أصول الفقه"‪ .‬احملقق‪ :‬د‪ .‬عبد هللا بن عبد احملسن الرتكي‪.‬‬
‫(الطبعة‪ :‬األو ى‪ ،‬بريوت – لبنان‪ :‬مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع‪1241 ،‬هـ ‪-‬‬
‫‪1222‬م)‪.16 :1 .‬‬
‫(‪ )1‬ابن تيمية‪" ،‬جمموع الفتاوى"‪.21 :2 .‬‬
‫(‪ )2‬الشافعي‪" ،‬الرسالة"‪.64 .‬‬
‫‪312‬‬
‫فهو هنا ‪ -‬على منهج املناطقة ‪ -‬مل ي‬
‫يبني ماهية «البيان»‪ ،‬وًل صفاته الذاتية‪،‬‬
‫يمن ذكر اجلنس والفص ‪ ،‬وممن تقد الشافعي ‪-‬على طريقة املناطقة يف احلدود‬
‫الشافعي‬
‫ي‬ ‫والتعريفات‪ -‬أبو بكر اجلصاص‪ ،‬حيث قال‪" :‬وهذه العملية ‪-‬أي‪ :‬تعريف‬
‫للبيان‪ -‬اليت ذكرها‪ ،‬فيها خل من وجوه‪:‬‬
‫ص َد به ل ى صفته‪ ،‬مل ي‬
‫يبني به ماهية «البيان»‬ ‫أحدها‪ :‬أن ما َحد به «البيان» وقَ َ‬
‫اسم يشتم ُ على‬‫ذكر مجلةا جمهولةا؛ فكان مبنزلة من قال‪« :‬البيان» ٌ‬ ‫وًل صفته؛ ألته َ‬
‫يبني تلك األشياء ما هي‪ ،‬فالذي وصف به «البيان» هو ابإللباس أشبه‬ ‫أشياء‪ ،‬مث ًل ي ُ‬
‫منه ابلبيان؛ ألته مل يذكر املعاين اجملتمعة األصول املتشعيبة الفروع ما هي‪ ،‬وما َحدُّها‪،‬‬
‫وصفتُها"(‪.)1‬‬
‫وجوه «البيان»؛‬
‫أردف بذلك َ‬
‫‪-‬ملا عرف «البيان» مبا سبق‪َ -‬‬ ‫فالشافعي‬
‫ُّ‬
‫ليتبني للقارئ مر ُادهُ ابلبيان‪.‬‬
‫ويظهر هذا جليًّا يف تعريفه للقياس‪ ،‬حيث يقول‪" :‬قال‪ :‬فما القياس؟ أهو‬
‫اًلجتهاد؟ أم مها مرتادفان؟‬
‫ملعىن واحد‪.‬‬ ‫ي‬
‫قلت‪ :‬مها امسان ا‬ ‫ُ‬
‫اعهما؟‬ ‫ي‬
‫قال‪ :‬فما مج ُ‬

‫(‪ )1‬اجلصاص‪" ،‬الفصول يف علم األصول"‪7 :1 .‬؛ واتظر‪ :‬عبد هللا بن أمحد‪ ،‬ابن قدامة‪" .‬روضة‬
‫الناظر وجنة املناظر يف أصول الفقه على مذهب اإلمام أمحد بن حنب "‪ .‬قدم له ووضح‬
‫غوامضه وخرج شواهده‪ :‬الدكتور شعبان حممد لمساعي ‪( .‬الطبعة الثاتية‪ ،‬مؤسسة الراين‬
‫للطباعة والنشر والتوزيع‪ 1241 ،‬ه ـ‪ 4114 -‬م)‪.848 :1 .‬‬
‫اعرتاضات أبي بكر اجلصَّاص على مصطلح البيان عند اإلمام الشافعي ‪ -‬دراسة نقديَّة ‪-‬‬
‫‪313‬‬
‫ًلزم‪ ،‬أو على سبي احلق فيه دًللة‬‫حكم ٌ‬ ‫قلت‪ :‬ك ُّ ما تزل مبسلم ففيه ٌ‬ ‫ُ‬
‫طلب الدًللةَ‬ ‫موجودة؛ وعليه‪ :‬لذا كان فيه بعينه ٌ‬
‫حكم؛ اتـبَـ َعهُ‪ ،‬ولذا مل يكن فيه بعينه؛ َ‬
‫على سبي احلق فيه ابًلجتهاد‪ ،‬واًلجتهاد القياس"(‪.)1‬‬
‫فالشافعي – هنا ‪ -‬مل يتجه ل ى بيان املاهية والصفات الذاتية للقياس‪ ،‬ب‬
‫ُّ‬
‫عرفه مبا مييزه عن غريه عند القارئ‪.‬‬
‫كشي يف كتابه (البحر احمليـط)‪" :‬قال القاضي أبو الطيب‪ :‬وهذا‬
‫اثلثاا‪ :‬تق الزر ُّ‬
‫ص َفهُ أبته‬
‫ص َد به َو ْ‬
‫يصح؛ ألن الشافعي مل يَقصد َحد «البيان»‪ ،‬ولمنا قَ َ‬ ‫اًلعرتاض ًل ُّ‬
‫اعه خمتلفة يف «البيان»‪ ،‬وهي متفقة يف أن اسم «البيان» يقع عليها‪،‬‬ ‫جامع أتو ُ‬
‫اسم ٌ‬‫ٌ‬
‫درك معناه من غري‬ ‫ني من بعض‪ ،‬فكان منهـا ما يُ َ‬ ‫َجلَى وأَبْ َُ‬
‫فبعضها أ ْ‬
‫وخمتلفة يف مراتبها‪ُ ،‬‬
‫ص والعموم والظاهر ودلي‬ ‫وتفكر‪ ،‬ومنه ما حيتاج ل ى دلي ‪ ،‬وهذا كاخلطاب ابلن ي‬ ‫تدبُّر ُّ‬
‫ختلفت مراتبُها فيه‪ .‬وكذا قال الصرييف وابن‬
‫ْ‬ ‫ومجيع ذلك بيا ٌن ‪ -‬ولن ا‬
‫اخلطاب وحنوه‪ُ ،‬‬
‫فورك‪ :‬مر ُاد الشافع يي أن اسـم «البيان» يقع على اجلنس‪ ،‬ويقع حتته أبواب خمتلفة‬
‫الشافعي‪ :‬ليس حبد‬
‫ي‬ ‫البصري عن تعريف‬
‫ُّ‬ ‫املراتب ابجلالء واخلفاء‪ .‬وقال أبو احلسني‬
‫جامعا قد بينـه أه ُ اللغة وأته يتشعب ل ى‬
‫أمرا ا‬
‫وصف «البيان» أبته جيمع ا‬
‫ُ‬ ‫ولمنا هو‬
‫أقسام كثرية"‪.‬‬
‫االعرتاض الثاني‪:‬‬
‫حتديدا (للبيان) وًل‬
‫أيضا‪ :‬فإن ما ذكره ًل جيوز أن يكون ا‬‫قال اجلصاص‪" :‬و ا‬
‫وص افا له بوجه؛ ألته يُش يرك فيه ما ليس ببيان وًل يمن جنسه؛ لذ كان أكثر األشياء‬

‫(‪ )1‬الشافعي‪" ،‬الرسالة"‪.422 .‬‬


‫‪310‬‬

‫متشاركةا يف أهنا جمتمعة األصول متشعيبة الفروع؛ لذ ليس حيتم قوله‪( :‬جمتمعة‬
‫ُخر"(‪.)1‬‬ ‫ي‬
‫األصول متشعبة الفروع) لًل أته جيمعها أص ٌ واح ٌد مث تنقسم ل ى معان أ َ‬
‫مقصودهُ تعريف (البيان) لكي‬
‫ُ‬ ‫ملا عرف (البيان) مل يكن‬ ‫الشافعي‬
‫ُّ‬ ‫اإلمام‬
‫مقصودهُ بيان‬ ‫فضال عن كوته معرفاا ي‬
‫ابحلد األرسط يي املاهو يي‪ ،‬ولمنا‬ ‫مييزه عن غريه‪ ،‬ا‬
‫ُ‬
‫منهجية اًلستدًلل ابلنصوص الشرعية يف بيان األحكام الشرعية‪ ،‬ي‬
‫فالسياق الذي ورد‬
‫فيه مصطلح (البيان) ٌ‬
‫سياق وصفي‪ ،‬فقال سؤاله الشهري‪ :‬كيف البيان؟ فهو يريد بيان‬
‫فالشافعي وضع هذا التعريف للبيان قب أن يكون له‬
‫ُّ‬ ‫الكيفية الشرعية يف «البيان»‪،‬‬
‫يف أصويل بني علماء األصول‪ .‬قصد هبذا التعريف ليضاح أصول «البيان» الذي‬‫تعر ٌ‬
‫السنة‬
‫السنة الواردة للقرآن أو تصوص ُّ‬ ‫شرعا بنصوص القرآن وتصوص ُّ‬ ‫يقع به ا‬
‫السنـة‪ ،‬فهذه كلُّها ٌ‬
‫أمور جامعة ملعان‬ ‫املش يرعة‪ ،‬وكذلك القياس املستنبَط من الكتاب و ُّ‬
‫جمتمعة األصول‪ ،‬متشعي يبة الفروع‪ .‬وعلى فرض التسليم أبن الشافعي أراد حتديد‬
‫ي‬
‫الشافعي يف توضيح املصطلحات يقوم على مسلك‬
‫ي‬ ‫مصطلح (البيان) فإن منهج‬
‫التوضيح ابًلستقراء لنصوص الشريعة وليراد األمثلة على ذلك‪ ،‬فعندما أراد متييز‬
‫النسخ عن (ختصيص ي‬
‫العام) و(تقييد املطلَق) اتطلق من بياهنا ابملثال ‪ -‬كما سبق‬
‫بياته‪.-‬‬
‫ابن تيمية يف أقسام احلدود اللفظية فقال‪" :‬وهذا الذي‬
‫املسلك ُ‬
‫َ‬ ‫وقد قرر هذا‬
‫يقال له‪ :‬حد حبسب اًلسم واملقول يف جواب ما هو؟ من هذا النوع‪ ،‬وقد يكون امساا‬
‫يدل على الذات مع صفة أخرى‪ ،‬كما‬ ‫مرادفاا‪ ،‬وقد يكون مكافئاا غري مرادف حبيث ُّ‬

‫(‪ )1‬اجلصاص‪" ،‬الفصول يف األصول"‪.14 :4 .‬‬


‫اعرتاضات أبي بكر اجلصَّاص على مصطلح البيان عند اإلمام الشافعي ‪ -‬دراسة نقديَّة ‪-‬‬
‫‪311‬‬
‫لذا قال‪ :‬ما الصراط املستقيم؟ فقال‪ :‬هو اإلسالم واتيباع القرآن‪ ،‬أو طاعة هللا ورسوله‪،‬‬
‫والعلم النافع والعم الصاحل‪ .‬وما الصارم؟ فقي ‪ :‬هو املهند‪ ،‬وما أشبه ذلك‪.‬‬
‫وقد يكون اجلواب ابملثال؛ كما لذا سئ عن لفظ (اخلبز) ورأى رغي افا فقال‪ :‬هذا‪،‬‬
‫فإن معرفة الشخص يعرف منه النوع‪ ،‬ولذا سئ عن ي‬
‫املقتصد‪ ،‬والسابق‪ ،‬والظامل؟ فقال‪:‬‬ ‫ُ‬
‫يؤخرها عن الوقت‪،‬‬ ‫املقتصد الذي يصليي الفريضة يف وقتها وًل يزيد‪ ،‬والظامل الذي ي‬
‫َ‬
‫والسابق الذي يصلييها يف أول الوقت ويَزيد عليها النواف الراتبة‪ ،‬وحنو ذلك من التفسري‬
‫الذي هو متثي يفيد تعريف املسمى ابملثال؛ إلخطاره ابلبال‪ً ،‬ل ألن السائ مل يكن‬
‫يعرف املصليي يف أول الوقت‪ ،‬ويف أثنائه‪ ،‬و ي‬
‫املؤخر عن الوقت‪ ،‬لكن مل يكن يَعرف أن هذه‬ ‫َ‬
‫ف ذلك قاس به ما مياثله من ي‬
‫املقتصر على‬ ‫الثالثة أمثلة الظامل واملقتصد والسابق‪ ،‬فإذا َعَر َ‬
‫َ‬
‫الواجب والزائد عليه والناقص عنه"(‪.)1‬‬
‫التصورات املستعملة يف الشرع لمنا هي‬
‫الشاطيب ل ى هذا املعىن‪ ،‬أن ُّ‬
‫ُّ‬ ‫وقد أشار‬
‫تقريبات ابأللفاظ املرتادفة‪ ،‬وما قام مقامها من البياانت القريبة؛ وذلك أن ما يتوقف‬
‫عليه معرفة املطلوب قد يكون له طريق تقرييب يليق ابجلمهور‪ ،‬وقد يكون له طريق ًل‬
‫يليق ابجلمهور‪ ،‬ول ْن فُ ير َ‬
‫ض حتقي اقا‪.‬‬
‫فأما األول؛ فهو املطلوب‪ ،‬املنبه عليه‪ ،‬كما لذا طلب معىن امللَك؛ فقي ‪ :‬لته‬
‫َ‬
‫خلق يمن ي‬
‫خلق هللا يتصرف يف أمره‪ .‬أو معىن اإلتسان؛ فقي ‪ :‬لته هذا الذي أتت من‬ ‫ٌ‬
‫التخوف؛ فقي ‪ :‬هو التنقُّص‪ .‬أو معىن الكوكب؛ فقي ‪ :‬هذا الذي‬
‫جنسه‪ .‬أو معىن ُّ‬
‫ييب حَت ميكن‬
‫فهم اخلطاب مع هذا ال َفهم التقر ي‬
‫تشاهده ابللي ‪ ،‬وحنو ذلك؛ فيحص ُ‬

‫(‪ )1‬ابن تيمية‪" ،‬الرد على املنطقيني"‪.84 .‬‬


‫‪311‬‬

‫اًلمتثال‪.‬‬
‫‪ِ (:‬‬
‫الك ْربُ بَطَ ُر احلَ ِق‬ ‫وقع «البيان» يف الشريعة؛ كما قال‬‫وعلى هذا َ‬
‫ي‬
‫بالزمه الظاه ير لك ي أحد(‪.)4‬‬ ‫َّاس)(‪)1‬؛ ففسره‬
‫ط الن ِ‬
‫وغَ ْم ُ‬
‫االعرتاض الثالث‪:‬‬
‫أيضا‪ :‬فإته َمسى قوله تعا ى‪ { :‬ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ‬
‫قال اجلصاص‪" :‬و ا‬
‫بياان لقوله تعا ى‪{ :‬ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ‬
‫ﮠﮡ} [سورة األعراف‪]142:‬؛ ا‬
‫بياان يف شرع وًل لغة؛‬ ‫ﮚ ﮛ} [سورة األعراف‪ ،]142:‬وهذا ًل ي‬
‫يسميه أح ٌد ا‬
‫يلتبس‪ ،‬وليس يف ذك ير األربعني‬
‫منفصال مما ُ‬
‫ا‬ ‫ألن «البيان» هو لظهار املعىن وليضاحه‬
‫ليضاح ملا أشك ابلكالم‬
‫ٌ‬ ‫لظهار شيء‪ ،‬وًل‬
‫ُ‬ ‫‪ -‬بعد تقدمي ذك ير الثالثني والعشر ‪-‬‬
‫أتكيدا وتقر ايرا‪ ،‬كما يؤكيد بتكرار اللفظ كقوله تعا ى‪{ :‬ﯗ‬
‫األول‪ ،‬ولمنا يسمى كذلك ا‬
‫ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ} [سورة الشرح‪.)1("]6-5:‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه مسلم‪ ،‬كتاب اإلميان‪ ،‬ابب حترمي الكرب وبياته‪ ،21 :1 ،‬رقم ‪ ،21‬من حديث ابن مسعود‬
‫‪.‬‬
‫(‪ )4‬لبراهيم بن موسى الشاطيب‪" .‬املوافقات"‪ .‬احملقق‪ :‬أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان‪.‬‬
‫(الطبعة‪ :‬األو ى‪ ،‬دار ابن عفان‪1217 ،‬هـ‪1227/‬م)‪ .67 :1 .‬واتظر‪ - :‬ال َكلْ َوذَاين حمفوظ‬
‫بن أمحد‪" .‬التمهيد يف أصول الفقه"‪ .‬دراسة وحتقيق‪ :‬جـ ‪( 4 ،1‬د‪ .‬مفيد حممد أبو عمشة)‪،‬‬
‫جـ ‪( 2 ،1‬د‪ .‬حممد بن علي بن لبراهيم)‪( .‬الطبعة‪ :‬األو ى‪ ،‬مركز البحث العلمي ولحياء‬
‫الرتاث اإلسالمي ‪ -‬جامعة أم القرى‪ ،‬دار املدين للطباعة والنشر والتوزيع‪ 1216 ،‬هـ ‪-‬‬
‫‪1288‬م)‪82 :1 .‬؛ وابن العريب‪" ،‬احملصول"‪.87 .‬‬
‫(‪ )1‬اجلصاص‪" ،‬الفصول يف األصول"‪.12 :4 .‬‬
‫اعرتاضات أبي بكر اجلصَّاص على مصطلح البيان عند اإلمام الشافعي ‪ -‬دراسة نقديَّة ‪-‬‬
‫‪311‬‬
‫الر ُّد‪:‬‬
‫َّ‬
‫اهتموا ابملصطلح األصويل؛‬
‫يُعترب أبو بكر اجلصاص من أوائ األصوليني الذين ُّ‬
‫وهذا واضح يف ابتكار مصطلحات‪ ،‬منها‪ :‬اًلستثناء املنفص ‪ ،‬واًلستثناء املتص ‪،‬‬
‫ص‪ ،،‬فقد ذكر سبب اخلالف بني احلنفية وغريهم يف ابب‬ ‫والزايدة على الن ي‬
‫اًلستحسان‪ ،‬ورده ل ى املصطلح ومعرفته‪ ،‬كما أته كان ي‬
‫يوضح الفرق بني املصطلحات‬
‫فمثال يف النسخ بيان ملدة الفرض األول‪ ،‬ويف التخصيص بيان‬
‫األصولية ابلتعريف‪ ،‬ا‬
‫احلكم يف بعض ما مشله اًلسم‪ ،‬كما أته يف كتابه (الفصول) كان له منهج يف بداية‬
‫األبواب األصولية‪ ،‬فقد كان األص عنده أن يفتتح الباب بتعريفه وبيان حدود‬
‫مصطلحاته الرئيسة‪.‬‬
‫وقل ايال ما كان يهم التعريف‪ ،‬أو يرتك تعريف مصطلح مهم كاإلمجاع‪ ،‬وقد‬
‫يذكر القاعدة األصولية مث يُع يرف مصطلحاهتا‪ ،‬كما يف قوله‪" :‬ومَت تناول اللف ُ‬
‫ظ‬
‫جماز‪ ،‬ويف اآلخر حقيقةٌ؛ فالواجب محله على احلقيقة‪ ،‬وًل‬
‫ني هو يف أحدمها ٌ‬ ‫معني ي‬

‫يُصرف ل ى اجملاز لًل بدًللة؛ ألن األظهر من األمساء أن ك شيء منها فهو مستعم ٌ‬
‫العدول به عن موضعه لًل بدًللة‪ .‬واحلقيقة هي اللفظ‬
‫ُ‬ ‫يف موضعه‪ ،‬وًل يُعق منه‬
‫املستعم يف موضعه املوضوع له يف اللغة‪ .‬واجملاز هو املعدول به عن حقيقته‬
‫َ‬
‫واملستعم يف غري موضعه املوضوع له يف أص اللغة‪ ،‬وًل جيوز أن يُعدل به عن جهته‬
‫وموضعه لًل بدًللة"(‪.)1‬‬
‫اًلصطالحي‪ ،‬وكثريا ما ي‬
‫يوضح –‬ ‫ي‬ ‫ومنهجه كان ‪ -‬يف الغالب ‪ -‬ذكر التعريف‬
‫ا‬

‫(‪ )1‬اجلصاص‪" ،‬الفصول يف األصول"‪.26 :1 .‬‬


‫‪311‬‬

‫اصطالحا‬
‫ا‬ ‫ص‪ ،‬فعرفه‬ ‫بعده ‪ -‬املعىن اللغوي للمصطلح‪ ،‬ومن أمثلة ذلك تعريفه للن ي‬
‫ص‪ :‬ك ُّ ما يتناول عيناا خمصوصةا حبكم ظاهر املعىن بَي ي‬
‫ني املراد؛ فهو تص‪،‬‬ ‫بقوله‪" :‬الن ُّ‬
‫أيضا؛ وذلك ألته ًل فرق بني الشخص املعني ‪-‬لذا أ يُش َري‬
‫وما يتناوله العموم فهو تص ا‬
‫لليه بعينه‪ -‬وبني حكمه وبني ما يتناوله العموم‪ .‬لذ كان العموم امساا جلميع ما تناوله‬
‫واتطوى حتته"(‪.)1‬‬
‫ص لغةا‪ ،‬وأطال واستشهد ملعاتيه اللغوية ي‬
‫ابلشعر‬ ‫مث شرع يف تعريفه ملصطلح الن ي‬
‫واستعمال العرب‪ .‬وهذا يُغاير ما اعتيد ًلح اقا من التمهيد والتوطئة للتعريف‬
‫ي‬
‫اللغوي وشرح األصول اللغوية للمصطلح‪ .‬ومل يبتدئ‬ ‫اًلصطالحي بذكر التعريف‬
‫ي‬
‫اًلصطالحي سوى مرة واحدة عندما عرف (النسخ) لغةا مث عرفه‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫اللغوي مث‬ ‫ابلتعريف‬
‫ابًلصطالحي‪،‬‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫اللغوي‬ ‫أبرز َعالقة التعريف‬
‫ني و َ‬
‫اصطالحا‪ ،‬ويف املوضع تفسه بَ َ‬
‫ا‬
‫وتكررت لشارته لتلك العالقة يف مواطن أخرى‪ ،‬لكن الغالب عليه اهتمامه إببراز‬
‫اللغوي لًل يف مواطن كثُر فيها اخلالف حول املصطلح‬ ‫ي‬ ‫اًلصطالحي دون‬
‫ي‬ ‫التعريف‬
‫ي‬
‫اللغوي على صحة‬ ‫ُّ‬
‫يستدل ابملعىن‬ ‫ومعناه‪ .‬ولع الداعي لذلك عند اجلصاص أته‬
‫اللغوي يدلي‬
‫ُّ‬ ‫ص‪ ،‬فاملعىن‬‫اًلصطالحي‪ ،‬كما يف تعريفه ملصطلح الن ي‬
‫ي‬ ‫اختياره للتعريف‬
‫معرتض"(‪.)4‬‬
‫ٌ‬ ‫اعرتض عليه‬
‫على صحة التعريف لذا َ‬
‫الشافعي يف كتاب (الرسالة) فقد بني‬
‫ُّ‬ ‫وهذا املنهج مل يكن عليه اإلمام‬

‫(‪ )1‬املرجع السابق ‪.82 :1‬‬


‫الدبوسي"‪ .‬دراسات‬
‫ي‬ ‫(‪ )4‬مازن‪ ،‬فاتن‪ ،‬وجابر‪ ،‬حممود صاحل‪" .‬املصطلح األصويل بني اجلصاص و‬
‫علوم الشريعة والقاتون‪ ،‬اجمللد ‪ 22‬عدد ‪4112( ،1‬م)‪.111 .‬‬
‫اعرتاضات أبي بكر اجلصَّاص على مصطلح البيان عند اإلمام الشافعي ‪ -‬دراسة نقديَّة ‪-‬‬
‫‪311‬‬
‫املصطلحات اتطالقاا من استقراء النصوص الشرعية‪ ،‬واستعماًلت الشارع للمصطلح‪،‬‬
‫تصوارا عن املصطلح‪ ،‬فعندما حبث (النسخ) وأراد متييزه عن‬
‫مث بعد ذلك يعطي ُّ‬
‫التخصيص والتقييد؛ فإته حبث ذلك يف لطار البيان الشرعي بنصوص الوحي‪ ،‬فالنسخ‬
‫السنة القوةَ يف البيان‪،‬‬
‫السنة بيا ٌن للقرآن‪ ،‬والقرآن هو الذي يعطي ُّ‬
‫حيتاج ل ى بيان‪ ،‬و ُّ‬
‫أما أن (النسخ) حيتاج ل ى بيان؛ فذلك ألته حيتاج ل ى بيان ي‬
‫املتقدم و ي‬
‫املتأخر من‬
‫النصوص‪ ،‬وما استقر عليه عم ُ الن ييب وبياته ألصحابه‪ ،‬وذلك ‪-‬بال ريب‪ -‬يثبت‬
‫ابستقراء أحوال الن ييب ‪ ،‬ولذا كنا قد رأينا أن أكثر املنسوخ يف القرآن ‪-‬يف رأي‬
‫السنة ًل يُعلَم لًل‬
‫ابلسنة‪ ،‬فأَو ى أن يكون منسوخ ُّ‬
‫الشافعي‪ -‬مل يُعلَم تسخه لًل ُّ‬
‫ي‬
‫ابلسنة؛ ألن هبا البيان‪{ :‬ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ} [سورة‬ ‫ُّ‬
‫فالشافعي درس (النسخ) من انحية وقوعه يف الشريعة اإلسالمية‪،‬‬
‫ُّ‬ ‫النحل‪،]44:‬‬
‫فحد مصطلح (النسخ) واستنبط أحكامه‪،‬‬ ‫تسخا‪َ ،‬‬
‫واستقراء املسائ اليت رأى فيها ا‬
‫وضوابطه‪ ،‬وأص أصوله يف هذا الباب وفق النصوص واًلستقراء‪.‬‬
‫خيض يف بيان التصورات‬
‫وميكن أن تستبني ذلك يف أكثر ما كتب؛ ولذلك مل ْ‬
‫الشرعية يف (النسخ) كما خاض األشاعرة واملعتزلة من علماء األصول الذين جاؤوا من‬
‫بعده‪ ،‬فلقد درسوا (النسخ) من جهة التحسني والتقبيح العقليني‪ ،‬وجاء تعريف‬
‫يدي املنقطع عن‬ ‫(النسخ) وف اقا ألصول كالمية‪ ،‬ويف مباحث وفق املنهج التجر ي‬
‫النصوص الشرعية واستعماًلت الشارع للمصطلحات‪ ،‬ودرسوا حادثة ابتالء لبراهيم‬
‫‪ ،‬وأتولوا يف ذلك أتويالت متكلفة‪ ،‬كما درسوا‬ ‫بذبح ابنه لمساعي‬
‫وجوب حلول حكم حم ي احلكم املنسوخ‪ ،‬وعدم ذلك‪ ،‬واختلفوا يف ك ي هذا اختالفاا‬
‫الشافعي يف‬
‫ُّ‬ ‫اإلمام‬
‫أثر؛ ولذلك مل خيض ُ‬ ‫علم ًل ينبين عليه عم ٌ‪ ،‬وليس له ٌ‬
‫مبيناا‪ ،‬وهو ٌ‬
‫‪311‬‬

‫شيء منه؛ ألته كان يضع قواعد منطلقة من تصوص الشريعة واستقرائها‪.‬‬
‫االعرتاض الرابع‪:‬‬
‫"ومل يذكر اإلمجاع يف أقسام (البيان)‪ ،‬وكان اإلمجاع أَو ى بذكره يف ذلك من‬
‫القياس واًلجتهاد؛ ألن اإلمجاع ُحجة هللا تعا ى‪ً ،‬ل جيوز وقوع اخلطأ فيه"(‪.)1‬‬
‫الردُّ‪:‬‬
‫َّ‬
‫الشافعي‪ ،‬وقد اعرتض‬
‫ي‬ ‫اتب البيان يف األدلة الشرعية عند‬
‫كشي‪" :‬فهذه مر ُ‬
‫قال الزر ُّ‬
‫قوم وتومهوا أته أمه قسمني‪ ،‬ومها‪ :‬اإلمجاع‪ ،‬وقول اجملتهد إذا انقرض عصره‬
‫عليه فيها ٌ‬
‫الشافعي؛ ألن ك واحد منهما لمنا يُتوص لليه أبحد‬
‫ُّ‬ ‫وانتشر من غري نكري‪ .‬ولمنا مل يذكرمها‬
‫تصا‬
‫الشافعي؛ ألن اإلمجاع ًل يصدر لًل عن دلي ‪ ،‬فإن كان ًّ‬
‫ُّ‬ ‫األقسام اخلمسة اليت ذكرها‬
‫فهو من القسم األول‪ ،‬ولن كان استنباطاا فهو من اخلامس‪ ،‬فإن قي ‪ :‬فينبغي أن ًل يذكر‬
‫ي‬
‫القشريي‪ً :‬ل‬ ‫ابن‬ ‫ص‪ .‬قلنا‪ :‬ألج هذا قال ُ‬
‫لمام احلرمني و ُ‬ ‫أيضا (القياس)؛ ألته مستني ٌد ل ى الن ي‬
‫ا‬
‫مدفع للسؤال‪ .‬لكنه مدفوع بوجهني‪:‬‬
‫ص؛ فاستغىن بذكر ي‬
‫أحدمها عن‬ ‫أحدمها‪ :‬أن اإلمجاع على غري ما دل عليه الن ُّ‬
‫اآلخر‪ ،‬خبالف اآلخر فإته لمنا دل على وجوب العم به وليس ًّ‬
‫داًل على مدلوله؛ فلذلك‬
‫أفرده ابلذكر‪.‬‬
‫والثاين‪ :‬حيتم أن يكون الشافعي تعرض ملراتب البيان املوجودة يف ك ي عصر‪،‬‬
‫؛ فلهذا أغفله‪.‬‬ ‫واإلمجاع مل يوجد يف عصره‬
‫واعرتض آخرون فقالوا‪ :‬مل يذكر دلي اخلطاب ‪ -‬وهو ُحجةٌ عنده ‪.-‬‬

‫(‪ )1‬اجلصاص‪" ،‬الفصول يف األصول"‪.16 :4 .‬‬


‫اعرتاضات أبي بكر اجلصَّاص على مصطلح البيان عند اإلمام الشافعي ‪ -‬دراسة نقديَّة ‪-‬‬
‫‪311‬‬
‫ُجيب أبته لن كان مفهوم املوافقة؛ فهو يدخ يف قسم «البيان» من‬ ‫وأ َ‬
‫السنة‪ ،‬ولن كان خمالفة فهو من مجلة ما استُنبط ابالجتهاد فدخ يف القسم‬
‫الكتاب و ُّ‬
‫اخلامس(‪.)1‬‬
‫معترب يف الشريعة‪ ،‬وهو يمن أ َْو ُج يه «البيان»‪ ،‬ولمنا‬ ‫ِ‬
‫املتوجه أن اإلمجاع دلي ٌ ٌَ‬
‫موجودا يف عهد النبوة من جهة الوقوع‪ ،‬خبالف‬ ‫ا‬ ‫الشافعي يف أته مل يكن‬
‫ُّ‬ ‫فارق ما ذكره‬
‫وسنة‪ ،‬وتصوص‬ ‫الشافعي من أوجه «البيان» من تصوص الوحي من قرآن ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ما ذكره‬
‫السنة املش يرعة‪ .‬وكذلك االجتهاد ُّ‬
‫املبين‬ ‫بياان ملشك القرآن‪ ،‬أو تصوص ُّ‬ ‫السنة الواردة ا‬
‫ُّ‬
‫السنة‪ ،‬فكلُّها و ٌ‬
‫اقع يف عهد النبوة‪ ،‬أما اإلمجاع فهو منعق ٌد‬ ‫على أصول الكتاب و ُّ‬
‫النبوة‪.‬‬
‫الشافعي‪ ،‬ب ذكر «البيان» املستعمل يف عهد َّ‬
‫ُّ‬ ‫بعده؛ وهلذا مل يذكره‬

‫‪h‬‬

‫(‪ )1‬الزركشي‪" ،‬البحر احمليط يف أصول الفقه"‪.67 :1 .‬‬


‫‪022‬‬

‫اخلامتة‬

‫َّأوًال‪ :‬النتائج‪.‬‬
‫‪-1‬منهج اإلمام الشافع يي يف بيان املصطلحات الشرعية؛ ابستقراء استعماًلت‬
‫الشريعة هلا ‪ -‬من خالل النصوص الشرعية ‪.-‬‬
‫أثر يف طريقة اإلمام يف تعريف املصطلحات‪.‬‬
‫‪-2‬مل يكن ملنهج املناطقة ٌ‬
‫يف «البيان» لكي مييزه‬‫مقصودهُ تعر َ‬
‫ُ‬ ‫الشافعي ملا عرف «البيان» مل يكن‬
‫ُّ‬ ‫‪-3‬‬
‫مقصودهُ بيا ُن منهجية‬ ‫األرسطي املاهو يي‪ ،‬ولمنا‬
‫ي‬ ‫فضال عن كوته معرفاا ي‬
‫ابحلد‬ ‫عن غريه‪ ،‬ا‬
‫ُ‬
‫اًلستدًلل ابلنصوص الشرعية يف بيان األحكام الشرعية‪ ،‬ي‬
‫فالسياق الذي ورد فيه‬
‫مصطلح (البيان) ٌ‬
‫سياق وصفي‪.‬‬
‫ي‬
‫ليضاح صفة «البيان» الذي يقع به «البيان» ا‬
‫شرعا‬ ‫ُ‬ ‫الشافعي‬
‫ي‬ ‫قصد اإلمام‬
‫‪ُ -4‬‬
‫بياان ملشك القرآن‪ ،‬أو‬ ‫السنة الواردة ا‬
‫وسنة‪ ،‬وتصوص ُّ‬ ‫بنصوص الوحي من قرآن ُ‬
‫السنة‪.‬‬
‫املبين على أصول الكتاب و ُّ‬‫السنة املش يرعة‪ ،‬وكذلك االجتهاد ُّ‬
‫تصوص ُّ‬
‫ص َد‬‫فالشافعي قَ َ‬
‫ُّ‬ ‫‪-5‬اعرتاضات أيب بكر اجلصاص مل حي يرر فيها موطن النيزاع؛‬
‫ص َد ( َح َّد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(البيان من جهة كيفيَّات وروده يف الشريعة ومراتبه)‪ ،‬واجلص ُ‬
‫اص قَ َ‬
‫جهة ماهيَّ ِته)‪.‬‬
‫«البيان» من ِ‬
‫(دليل اإلمجاع من البيان)؛ ألته (مل يقع إال بعد‬
‫َ‬ ‫الشافعي‬
‫ُّ‬ ‫اإلمام‬
‫‪-6‬مل يذكر ُ‬
‫اعرتاضات أبي بكر اجلصَّاص على مصطلح البيان عند اإلمام الشافعي ‪ -‬دراسة نقديَّة ‪-‬‬
‫‪023‬‬
‫النبوة)‪ ،‬خبالف ما ذُكر من أتواع «البيان»‪.‬‬
‫عهد َّ‬
‫اثنيًا‪ :‬التوصيات‪.‬‬
‫يوصي الباحث بتعميق املوازتة العلمية بني املنهج األصويل عند اإلمام الشافعي‬
‫واجلصاص‪.‬‬

‫‪h‬‬
‫‪020‬‬

‫فهرس املصادر واملراجع‬

‫اآلمدي‪ ،‬علي بن حممد‪" .‬اإلحكام يف أصول األحكام"‪ .‬علق عليه‪ :‬عبد‬ ‫‪-1‬‬
‫الرزاق عفيفي‪( .‬الطبعة‪ :‬الثاتية‪ ،‬دمشق – بريوت‪ :‬املكتب اإلسالمي‪،‬‬
‫‪ 1214‬هـ)‪.‬‬
‫لبراهيم عبيد طه أمحد‪" .‬البيان وأقسامه عند األصوليني"‪ .‬جملة كلية‬ ‫‪-4‬‬
‫الدراسات اإلسالمية والعربية بكفر الشيخ‪ ،‬العدد الرابع‪ ،‬اإلصدار الثاين‪،‬‬
‫اجمللد األول لعام ‪.4141‬‬
‫ابن أيب شيبة‪ ،‬أبو بكر عبد هللا بن حممد‪" .‬الكتاب املصنف يف األحاديث‬ ‫‪-1‬‬
‫واآلاثر"‪ .‬احملقق‪ :‬كمال يوسف احلوت‪( .‬الطبعة‪ :‬األو ى‪ ،‬الرايض‪ :‬مكتبة‬
‫الرشد‪1212 ،‬هـ)‪.‬‬
‫األلباين‪ ،‬حممد انصر الدين‪" ،‬سلسلة األحاديث الصحيحة وشيء من‬ ‫‪-2‬‬
‫فقهها وفوائدها"‪( .‬الطبعة األو ى‪ ،‬الرايض‪ :‬مكتبة املعارف للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫جـ ‪1218 :2 - 1‬هـ ‪ 1228 -‬م‪ ،‬جـ ‪1216 :6‬هـ ‪ 1226 -‬م‪ ،‬جـ‬
‫‪1244 :7‬هـ ‪4114 -‬م)‪.‬‬
‫الباقالين‪ ،‬أبو بكر حممد بن الطيب‪" .‬التقريب واإلرشاد"‪ .‬احملقق‪ :‬د‪ .‬عبد‬ ‫‪-8‬‬
‫احلميد بن علي أبو زتيد‪( .‬الطبعة‪ :‬الثاتية‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪1218 ،‬هـ ‪-‬‬
‫‪1228‬م)‪.‬‬
‫البخاري‪ ،‬حممد بن لمساعي ‪" .‬صحيح البخاري"‪ .‬احملقق‪ :‬حممد زهري بن‬ ‫‪-6‬‬
‫انصر الناصر‪( .‬الطبعة‪ :‬األو ى‪ ،‬دار طوق النجاة (مصورة عن السلطاتية‬
‫إبضافة ترقيم حممد فؤاد عبد الباقي)‪1244 ،‬هـ)‪.‬‬
‫الرتمذي‪ ،‬حممد بن عيسى‪" .‬سنن الرتمذي"‪ .‬حتقيق وتعليق‪ :‬أمحد حممد‬ ‫‪-7‬‬
‫شاكر‪ ،‬حممد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬لبراهيم عطوة عوض‪( .‬الطبعة‪ :‬الثاتية‪،‬‬
‫مصر‪ :‬شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البايب احلليب‪1128 ،‬ه‪1278 ،‬م)‪.‬‬
‫اعرتاضات أبي بكر اجلصَّاص على مصطلح البيان عند اإلمام الشافعي ‪ -‬دراسة نقديَّة ‪-‬‬
‫‪021‬‬
‫ابن تيمية‪ ،‬أمحد بن عبد احلليم‪" .‬اقتضاء الصراط املستقيم ملخالفة أصحاب‬ ‫‪-8‬‬
‫اجلحيم"‪ .‬احملقق‪ :‬انصر عبد الكرمي العق ‪( .‬الطبعة‪ :‬السابعة‪ ،‬بريوت‪،‬‬
‫لبنان‪ :‬دار عامل الكتب‪1212 ،‬هـ ‪1222 -‬م)‪.‬‬
‫ابن تيمية‪ ،‬أمحد بن عبد احلليم‪" .‬الرد على املنطقيني"‪( .‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ :‬دار‬ ‫‪-2‬‬
‫املعرفة)‪.‬‬
‫ابن تيمية‪ ،‬أمحد بن عبد احلليم‪" .‬جمموع الفتاوى"‪ .‬احملقق‪ :‬عبد الرمحن بن‬ ‫‪-11‬‬
‫حممد بن قاسم‪( .‬املدينة النبوية‪ ،‬اململكة العربية السعودية‪ :‬جممع امللك فهد‬
‫لطباعة املصحف الشريف‪1216 ،‬هـ‪1228/‬م)‪.‬‬
‫اجلاحظ‪ ،‬عمرو بن حبر‪" .‬البيان والتبيني"‪( .‬بريوت‪ :‬دار ومكتبة اهلالل‪،‬‬ ‫‪-11‬‬
‫‪1241‬هـ)‪.‬‬
‫اجلرجاين‪ ،‬علي بن حممد‪" .‬التعريفات"‪ .‬احملقق‪ :‬ضبطه وصححه مجاعة من‬ ‫‪-14‬‬
‫العلماء إبشراف الناشر‪( .‬الطبعة‪ :‬األو ى‪ ،‬بريوت – لبنان‪ :‬دار الكتب‬
‫العلمية‪1211 ،‬هـ ‪1281-‬م)‪.‬‬
‫اجلصاص‪ ،‬أبو بكر أمحد بن علي‪" .‬الفصول يف األصول"‪ .‬دراسة وحتقيق‪:‬‬ ‫‪-11‬‬
‫د‪ .‬عجي جاسم النشمي‪( .‬الطبعة الثاتية‪ ،‬الكويت‪ :‬وزارة األوقاف‬
‫والشئون اإلسالمية‪1212 ،‬هـ‪1222/‬م)‪.‬‬
‫اجلويين‪ ،‬عبد امللك بن عبد هللا‪" .‬الربهان يف أصول الفقه"‪ .‬احملقق‪ :‬صالح‬ ‫‪-12‬‬
‫بن حممد بن عويضة‪( .‬الطبعة األو ى‪ ،‬بريوت – لبنان‪ :‬دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫‪ 1218‬هـ ‪.)1227 -‬‬
‫احلازمي‪ ،‬أبو بكر حممد بن موسى‪" .‬اًلعتبار يف الناسخ واملنسوخ من‬ ‫‪-18‬‬
‫اآلاثر"‪( .‬الطبعة‪ :‬الثاتية‪ ،‬حيدر آابد‪ ،‬الدكن‪ :‬دائرة املعارف العثماتية‪،‬‬
‫‪1182‬هـ)‪.‬‬
‫ابن حجر العسقالين‪ ،‬أمحد بن علي‪" .‬هتذيب التهذيب"‪( .‬الطبعة‪ :‬األو ى‪،‬‬ ‫‪-16‬‬
‫اهلند‪ :‬مطبعة دائرة املعارف النظامية‪1146 ،‬هـ)‪.‬‬
‫‪021‬‬
‫الس يج ْستاين‪ ،‬سليمان بن األشعث‪" .‬سنن أيب داود"‪ .‬احملقق‪ :‬حممد‬ ‫أبو داود ي‬ ‫‪-17‬‬
‫حميي الدين عبد احلميد‪( .‬صيدا – بريوت‪ :‬املكتبة العصرية)‪.‬‬
‫الزبيدي‪ ،‬حممد بن حممد‪" .‬اتج العروس من جواهر القاموس"‪ .‬احملقق‪:‬‬ ‫‪-18‬‬
‫جمموعة من احملققني‪( .‬دار اهلداية)‪.‬‬
‫الزركشي‪ ،‬حممد بن عبد هللا‪" .‬البحر احمليط يف أصول الفقه"‪ .‬حتقيق‪ :‬حممد‬ ‫‪-12‬‬
‫حممد اتمر‪( .‬بريوت‪ :‬دار الكتب العلمية ‪1241 ،-‬هـ)‪.‬‬
‫أبو زهرة‪ ،‬حممد أمحد مصطفى‪" .‬الشافعي حياته وعصره وآراؤه الفقهية"‪.‬‬ ‫‪-41‬‬
‫(الطبعة الثاتية‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار الفكر العريب‪ ،‬بدون اتريخ)‪.‬‬
‫السعدي‪ ،‬عبد الرمحن بن انصر‪" .‬تفسري السعدي = تيسري الكرمي الرمحن‬ ‫‪-41‬‬
‫يف تفسري كالم املنان"‪ .‬احملقق‪ :‬عبد الرمحن بن معال اللوحيق‪( .‬الطبعة‪:‬‬
‫األو ى‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪1241 ،‬هـ ‪4111-‬م)‪.‬‬
‫السمعاين‪ ،‬منصور بن حممد‪" .‬قواطع األدلة يف األصول"‪ .‬احملقق‪ :‬حممد‬ ‫‪-44‬‬
‫حسن حممد حسن امساعي الشافعي‪( .‬الطبعة‪ :‬األو ى‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪ :‬دار‬
‫الكتب العلمية‪1218 ،‬هـ‪1222/‬م)‪.‬‬
‫السيوطي‪ ،‬عبد الرمحن بن أيب بكر‪" .‬معجم مقاليد العلوم يف احلدود‬ ‫‪-41‬‬
‫والرسوم"‪ .‬احملقق‪ :‬أ‪ .‬د حممد لبراهيم عبادة‪( .‬الطبعة‪ :‬األو ى‪ ،‬القاهرة ‪-‬‬
‫مصر‪ :‬مكتبة اآلداب‪1242 ،‬هـ ‪4112 -‬م)‪.‬‬
‫الشاطيب‪ ،‬لبراهيم بن موسى‪" .‬املوافقات"‪ .‬احملقق‪ :‬أبو عبيدة مشهور بن‬ ‫‪-42‬‬
‫حسن آل سلمان‪( .‬الطبعة‪ :‬األو ى‪ ،‬دار ابن عفان‪1217 ،‬هـ‪1227/‬م)‪.‬‬
‫الشافعي‪ ،‬حممد بن لدريس‪" .‬الرسالة"‪ .‬احملقق‪ :‬أمحد شاكر‪( .‬الطبعة األو ى‪،‬‬ ‫‪-48‬‬
‫مصر‪ :‬مكتبه احلليب‪1188 ،‬هـ‪1221/‬م)‪.‬‬
‫الشافعي‪ ،‬حممد بن لدريس‪" .‬الرسالة"‪ .‬حتقيق‪ :‬أمحد شاكر‪( .‬ط‪،1‬‬ ‫‪-46‬‬
‫اإلسكندرية – مصر‪ :‬دار العقيدة‪1281 ،‬هـ‪4112/‬م)‪.‬‬
‫الشيباين‪ ،‬أمحد بن حممد‪" .‬مسند اإلمام أمحد بن حنب "‪ .‬احملقق‪ :‬شعيب‬ ‫‪-47‬‬
‫اعرتاضات أبي بكر اجلصَّاص على مصطلح البيان عند اإلمام الشافعي ‪ -‬دراسة نقديَّة ‪-‬‬
‫‪021‬‬
‫األرتؤوط ‪ -‬عادل مرشد‪ ،‬وآخرون‪ ،‬لشراف‪ :‬د عبد هللا بن عبد احملسن‬
‫الرتكي‪( .‬الطبعة‪ :‬األو ى‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪1241 ،‬هـ ‪4111 -‬م)‪.‬‬
‫الطيب‪ ،‬حممد بن علي‪" .‬املعتمد يف أصول الفقه"‪ .‬احملقق‪ :‬خلي امليس‪.‬‬ ‫‪-48‬‬
‫(الطبعة‪ :‬األو ى‪ ،‬بريوت‪ :‬دار الكتب العلمية‪1211 ،‬هـ)‪.‬‬
‫ابن عقي ‪ ،‬علي بن عقي ‪" .‬الواضح يف أصول الفقه"‪ .‬احملقق‪ :‬د‪ .‬عبد هللا‬ ‫‪-42‬‬
‫بن عبد احملسن الرتكي‪( .‬الطبعة‪ :‬األو ى‪ ،‬بريوت – لبنان‪ :‬مؤسسة الرسالة‬
‫للطباعة والنشر والتوزيع‪1241 ،‬هـ ‪1222 -‬م)‪.‬‬
‫ابن فارس‪ ،‬أمحد بن فارس بن زكرايء‪" .‬الصاحيب يف فقه اللغة العربية‬ ‫‪-11‬‬
‫ومسائلها وسنن العرب يف كالمها"‪( .‬الطبعة‪ :‬األو ى‪ ،‬حممد علي بيضون‪،‬‬
‫‪1218‬هـ‪1227-‬م)‪.‬‬
‫فاض حممود قادر‪" .‬البيان عند األصوليني"‪ .‬جملة العلوم اإلسالمية العدد‬ ‫‪-11‬‬
‫العشرون لعام (‪.)1212‬‬
‫الفراء‪ ،‬حممد بن احل سني‪" .‬العدة يف أصول الفقه"‪ .‬حققه وعلق عليه وخرج‬ ‫‪-14‬‬
‫تصه‪ :‬د أمحد بن علي بن سري املباركي‪( .‬الطبعة‪ :‬الثاتية‪1211 ،‬هـ ‪-‬‬
‫‪1221‬م)‪.‬‬
‫ابن قدامة‪ ،‬عبد هللا بن أمحد‪" .‬روضة الناظر وجنة املناظر يف أصول الفقه‬ ‫‪-11‬‬
‫على مذهب اإلمام أمحد بن حنب "‪ .‬قدم له ووضح غوامضه وخرج‬
‫شواهده‪ :‬الدكتور شعبان حممد لمساعي ‪( .‬الطبعة الثاتية‪ ،‬مؤسسة الراين‬
‫للطباعة والنشر والتوزيع‪ 1241 ،‬ه ـ‪ 4114 -‬م)‪.‬‬
‫القشريي‪ ،‬مسلم بن احلجاج‪" .‬صحيح مسلم"‪ .‬احملقق‪ :‬حممد فؤاد عبد‬ ‫‪-12‬‬
‫الباقي‪( .‬بريوت‪ :‬دار لحياء الرتاث العريب)‪.‬‬
‫ابن كثري‪ ،‬لمساعي بن عمر‪" .‬تفسري ابن كثري = تفسري القرآن العظيم"‪.‬‬ ‫‪-18‬‬
‫احملقق‪ :‬سامي بن حممد سالمة‪( .‬الطبعة‪ :‬الثاتية‪ ،‬دار طيبة للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫‪1241‬هـ ‪1222 -‬م)‪.‬‬
‫‪021‬‬
‫ال َكْل َو َذاين حمفوظ بن أمحد‪" .‬التمهيد يف أصول الفقه"‪ .‬دراسة وحتقيق‪ :‬جـ‬ ‫‪-16‬‬
‫‪( 4 ،1‬د‪ .‬مفيد حممد أبو عمشة)‪ ،‬جـ ‪( 2 ،1‬د‪ .‬حممد بن علي بن‬
‫لبراهيم)‪( .‬الطبعة‪ :‬األو ى‪ ،‬مركز البحث العلمي ولحياء الرتاث اإلسالمي ‪-‬‬
‫جامعة أم القرى‪ ،‬دار املدين للطباعة والنشر والتوزيع‪ 1216 ،‬هـ ‪-‬‬
‫‪1288‬م)‪.‬‬
‫ابن ماجه‪ ،‬حممد بن يزيد‪" .‬سنن ابن ماجه"‪ .‬حتقيق‪ :‬حممد فؤاد عبد‬ ‫‪-17‬‬
‫الباقي‪( .‬دار لحياء الكتب العربية‪ ،‬فيص عيسى البايب احلليب)‪.‬‬
‫مازن‪ ،‬فاتن‪ ،‬وجابر‪ ،‬حممود صاحل‪" .‬املصطلح األصويل بني اجلصاص‬ ‫‪-18‬‬
‫الدبوسي"‪ .‬دراسات علوم الشريعة والقاتون‪ ،‬اجمللد‪ 22‬عدد ‪،1‬‬ ‫ي‬ ‫و‬
‫(‪4112‬م)‪.‬‬
‫ابن منظور‪ ،‬حممد بن مكرم‪" .‬لسان العرب"‪( .‬بريوت – لبنان‪ :‬دار‬ ‫‪-12‬‬
‫صادر)‪.‬‬
‫اهليثمي‪ ،‬علي بن أيب بكر‪" .‬جممع الزوائد ومنبع الفوائد"‪ .‬احملقق‪ :‬حسام‬ ‫‪-21‬‬
‫الدين القدسي‪( .‬القاهرة‪ :‬مكتبة القدسي‪1212 ،‬هـ‪1222 ،‬م)‪.‬‬
- ‫ دراسة نقديَّة‬- ‫اعرتاضات أبي بكر اجلصَّاص على مصطلح البيان عند اإلمام الشافعي‬
021

bibliography

1- al-Āmidī ،Alī ibn Muḥammad. "al-Iḥkām fī Uṣūl al-Aḥkām".


Commented by: ʻAbd al-Razzāq ʻAfīfī. (2nd ed. ،Damascus –
Beirut: al-Maktab al-Islāmī ،1402 AH).
2- Ibrāhīm ʻUbayd Ṭāhā Aḥmad. "al-Bayān wa-Aqsāmuhu ʻinda
al-Uṣūlīyīn". Journal of the College of Islamic and Arab
Studies in Kafr El-Sheikh ،the fourth issue ،Second Edition ،
Volume One 2020.
3- Ibn Abī Shaybah ،Abū Bakr ʻAbdillāh ibn Muḥammad. "al-
Kitāb al-Muṣannaf fī al-Aḥādīth wa-al-Āthār". Investigated by:
Kamāl Yūsuf al-Ḥūt. (1st ed. ،Riyadh: Maktabat al-Rushd ،
1409 AH).
4- al-Albānī ،Muḥammad Nāṣir al-Dīn ،"Silsilat al-Aḥādīth al-
Ṣaḥīḥah wa-Shayʼ min Fiqhihā wa-Fawāʼidihā". (1st ed. ،
Riyadh: Maktabat al-Maʻārif ،vol. 1-4: 1415 AH -1995 ،vol. 6:
1416 AH-1996 ،vol. 7: 1422 AH-2002).
5- al-Bāqillānī ،Abūbakr Muḥammad ibn al-Ṭayyib. "al-Taqrīb
wa-al-Irshād". Investigated by: Dr. ʻAbd al-Ḥamīd ibn ʻAlī
Abū Zanīd. (2nd ed. ،Muʼassasat al-Risālah ،1418 AH-1998).
6- al-Bukhārī ،Muḥammad ibn Ismāʻīl "Ṣaḥīḥ al-Bukhārī".
Investigated by: Muḥammad Zuhayr ibn Nāṣir al-Nāṣir. (1st
ed. ،Dār Ṭawq al-Najāh ،1422 AH).
7- al-Tirmidhī ،Muḥammad ibn ʻĪsá. "Sunan al-Tirmidhī".
Investigation and commentary by: Aḥmad Muḥammad Shākir ،
Muḥammad Fuʼād ʻAbd-al-Bāqī and Ibrāhīm ʻAṭwah ʻAwaḍ.
(2nd ed. ،Egypt: Mustafa Al-Babi Al-Halabi Library and
Printing Company ،1395 AH ،1975).
8- Ibn Taymīyah ،Aḥmad ibn ʻAbd al-Ḥalīm. "Iqtiḍāʼ al-Ṣirāṭ al-
Mustaqīm li-Mukhālafat Aṣḥāb al-Jaḥīm". Investigated by:
Nāṣir ʻAbd al-Karīm al-ʻaql. (al-Ṭabʻah: al-sābiʻah ،Beirut ،
Lebanon: Dār ʻĀlam al-Kutub ،1419H-1999).
9- Ibn Taymīyah ،Aḥmad ibn ʻAbd al-Ḥalīm. "al-Radd ʻalá al-
Manṭiqīyīn". (Beirut ،Lebanon: Dār al-Maʻrifah).
10- Ibn Taymīyah ،Aḥmad ibn ʻAbd al-Ḥalīm. "Majmūʻ al-
Fatāwá". Investigated by: ʻAbd al-Raḥmān ibn Muḥammad ibn
021
Qāsim. (al-Madīnah al-Nabawīyah ،Kingdom of Saudi Arabia:
King Fahd Complex for the Printing of the Noble Qur’an ،1416
AH/1995).
11- al-Jāḥiẓ ،Amru ibn Baḥr. "al-Bayān wa-al-Tabyīn". (Beirut:
Dār wa-Maktabat al-Hilāl ،1423 AH).
12- al-Jurjānī ،Alī ibn Muḥammad. "al-Taʻrīfāt". Investigated and
revised by: A group of scholars under the supervision of the
publisher. (1st ed. ،Beirut – Lebanon: Dār al-Kutub al-
ʻIlmīyah ،1403 AH-1983).
13- al-Jaṣṣāṣ ،Abū Bakr Aḥmad ibn ʻAlī. "al-Fuṣūl fī al-Uṣūl".
Study and Investigated by: Dr. ʻUjayl Jāsim al-Nashamī. (2nd
ed. ،Kuwait: Ministry of Endowments and Islamic Affairs ،
1414 AH/1994).
14- al-Juwaynī ،Abd al-Malik ibn ʻAbdillāh. "al-Burhān fī Uṣūl al-
Fiqh". Investigated by: Ṣalāḥ Muḥammad ibn ʻUwayḍah. (1st
ed. ،Beirut – Lebanon: Dār al-Kutub al-ʻIlmīyah ،1418 AH-
1997).
15- al-Ḥāzimī ،Abūbakr Muḥammad ibn Mūsá. "al-Iʻtibār fī al-
Nāsikh wa-al-Mansūkh min al-Āthār". (2nd ed. ،Hyderabad ،
Deccan: Dāʼirat al-Maʻārif al-ʻUthmānīyah ،1359 AH).
16- Ibn Ḥajar al-ʻAsqalānī ،Aḥmad ibn ʻAlī. "Tahdhīb al-Tahdhīb".
(1st ed. ،India: Maṭbaʻat Dāʼirat al-Maʻārif al-Niẓāmīyah ،1326
AH).
17- - Abū Dāwūd al-Sijistānī ،Sulaymān ibn al-Ashʻath. "Sunan
Abī Dāwūd". Investigated by: Muḥammad Muḥyī al-Dīn ʻAbd
al-Ḥamīd. (Sidon – Beirut: al-Maktabah al-ʻAṣrīyah).
18- al-Zabīdī ،Muḥammad ibn Muḥammad. "Tāj al-ʻArūs min
Jawāhir al-Qāmūs". Investigated by: a group of investigators.
(Dār al-Hidāyah).
19- al-Zarkashī ،Muḥammad ibn ʻAbdillāh. "al-Baḥr al-Muḥīṭ fī
Uṣūl al-Fiqh". Investigated by: Muḥammad Muḥammad Tāmir.
(Beirut: Dār al-Kutub al-ʻIlmīyah- ،1421 AH).
20- Abū Zahrah ،Muḥammad Aḥmad Muṣṭafá. "al-Shāfiʻī
Ḥayātuhu wa-ʻAṣruh wa-Ārāʼuhu al-Fiqhīyah". (2nd ed. ،
Cairo: Dār al-Fikr al-ʻArabī).
21- al-Saʻdī ،Abd al-Raḥmān ibn Nāṣir. "Tafsīr al-Saʻdī = Taysīr
al-Karīm al-Raḥmān fī Tafsīr Kalām al-Mannān". Investigated
by: ʻAbd al-Raḥmān ibn Muʻallā al-Luwayḥiq. (1st ed. ،
- ‫ دراسة نقديَّة‬- ‫اعرتاضات أبي بكر اجلصَّاص على مصطلح البيان عند اإلمام الشافعي‬
021
Muʼassasat al-Risālah ،1420 AH-2000).
22- al-Samʻānī ،Manṣūr ibn Muḥammad. "Qawāṭiʻ al-Adillah fī al-
Uṣūl". Investigated by: Muḥammad Ḥasan Ismāʻīl al-Shāfiʻī.
(1st ed. ،Beirut ،Lebanon: Dār al-Kutub al-ʻIlmīyah ،1418 AH /
1999).
23- al-Suyūṭī ،Abd al-Raḥmān ibn Abībakr. "Muʻjam Maqālīd al-
ʻUlūm fī al-Ḥudūd wa-al-Rusūm". Investigated by: Pro. Dr.
Muḥammad Ibrāhīm ʻUbādah. (1st ed. ،al-Cairo - Egypt:
Maktabat al-Ādāb ،1424 AH-2004).
24- al-Shāṭibī ،Ibrāhīm ibn Mūsá. "al-Muwāfaqāt". Investigated by:
Abū ʻUbaydah Mashhūr ibn Ḥasan Āla Salmān. (1st ed. ،Dār
Ibn ʻAffān ،1417 AH / 1997).
25- al-Shāfiʻī ،Muḥammad ibn Idrīs. "al-Risālah". Investigated by:
Aḥmad Shākir. (1st ed. ،Egypt: Maktabah al-Ḥalabī ،1358 AH /
1940).
26- al-Shāfiʻī ،Muḥammad ibn Idrīs. "al-Risālah". Investigated by:
Aḥmad Shākir. (1st ed. ،Alexandria – Egypt: Dār al-ʻAqīdah ،
1480 AH / 2009).
27- al-Shaibānī ،Aḥmad ibn Muḥammad. "Musnad al-Imām
Aḥmad ibn Ḥanbal". Investigated by: Shuʻaib al-Arnaʼūṭ -
ʻĀdil Murshid and others ،under the supervision of: Dr.
ʻAbdullāh ibn ʻAbd al-Muḥsin al-Turkī. (1st ed. ،Muʼassasat
al-Risālah ،1421 AH-2001).
28- al-Ṭayyib ،Muḥammad ibn ʻAlī. "al-Muʻtamad fī Uṣūl al-
Fiqh". Investigated by: Khalīl al-Mays. (1st ed. ،Beirut: Dār al-
Kutub al-ʻIlmīyah ،1403 AH).
29- Ibn ʻAqīl ،Alī ibn ʻAqīl. "al-Wāḍiḥ fī Uṣūl al-Fiqh".
Investigated by: Dr. ʻAbdullāh ibn ʻAbd al-Muḥsin al-Turkī.
(1st ed. ،Beirut – Lebanon: Muʼassasat al-Risālah ،1420 AH-
1999).
30- Ibn Fāris ،Aḥmad ibn Fāris ibn Zakarīyāʼ. "al-Ṣāḥibī fī Fiqh al-
Lugha al-ʻArabīyah wa-Masāʼilihā wa-Sunan al-ʻArab fī
Kalāmihā". (1st ed. ،Muḥammad ʻAlī Bayḍūn ،1418 AH-1997).
31- Fāḍil Maḥmūd Qādir. "al-Bayān ʻinda al-uṣūlīyīn". Majallat al-
ʻUlūm al-Islāmīyah al-ʻadad al-ʻishrūn li-ʻām (1434).
32- al-Farrāʼ ،Muḥammad ibn al-Ḥusayn. "al-ʻUddah fī Uṣūl al-
Fiqh". Investigation and commentary of: Dr. Aḥmad ibn ʻAlī
ibn Sair al-Mubārakī. (2nd ed. ،1410 AH-1990).
032
33- Ibn Qudāmah ،Abdullāh ibn Aḥmad. "Rawḍat al-Nāẓir wa-
Jannat al-Munāẓir fī Uṣūl al-Fiqh ʻalá Madhhab al-Imām
Aḥmad ibn Ḥanbal". Explained by: Dr. Shaʻbān Muḥammad
Ismāʻīl. (2nd ed. ،Muʼassasat al-Rayyān ،1423 AH-2002).
34- al-Qushayrī ،Muslim ibn al-Ḥajjāj. "Ṣaḥīḥ Muslim".
Investigated by: Muḥammad Fuʼād ʻAbd al-Bāqī. (Beirut: Dār
Iḥyāʼ al-Turāth al-ʻArabī).
35- Ibn Kathīr ،Ismāʻīl ibn ʻUmar. "Tafsīr Ibn Kathīr = Tafsīr al-
Qurʼān al-ʻAẓīm". Investigated by: Sāmī ibn Muḥammad
Salāmah. (2nd ed. ،Dār Ṭaybah ،1420 AH-1999).
36- al-Kalwadhānī Maḥfūẓ ibn Aḥmad. "al-Tamhīd fī Uṣūl al-
Fiqh". Study and Investigated by: vol. 1 ،2 (Dr. Mufīd
Muḥammad Abū ʻAmshah) ،vol. 3 ،4 (Dr. Muḥammad ibn ʻAlī
ibn Ibrāhīm). (1st ed. ،Center for Scientific Research and
Revival of Islamic Heritage - Umm Al-Qura University ،Dār
al-Madani for Printing ،Publishing and Distribution ،1406 AH -
1985).
37- Ibn Mājah ،Muḥammad ibn Yazīd. "Sunan Ibn Mājah".
Investigated by: Muḥammad Fuʼād ʻAbd-al-Bāqī. (Dār Iḥyāʼ
al-Kutub al-ʻArabīyah ،Fayṣal ʻĪsá al-Bābī al-Ḥalabī).
38- Māzin ،Fātin ،Jābir ،Maḥmūd Ṣāleḥ. "al-Muṣṭalaḥ al-Uṣūlī
bayna al-Jaṣāṣ wa- al-Dabbūsī". Studies of Sharia and Law
Sciences ،Volume 49 ،Issue 3 ،(2019).
39- Ibn Manẓūr ،Muḥammad ibn Mukarram. "Lisān al-ʻArab".
(Beirut – Lebanon: Dār Ṣādir).
40- al-Haythamī ،Alī ibn Abībakr. "Majmaʻ al-Zawāʼid wa-Manbaʻ
al-Fawāʼid". Investigated by: Ḥusām al-Dīn al-Qudsī. (Cairo:
Maktabat al-Qudsī ،1414 AH ،1994).
‫الشرط املصلحي بني اجلويين والغزالي‬
- ‫ قراءة حتليليَّة‬-

Conditions of the Benefit (Al-Maṣlaḥā) Between Al-


Juwayni and Al-Ghazali
- Analytical Reading -

‫ قسم أصول الفقه‬،‫ كليَّة الشريعة‬،‫جامعة القصيم‬

Prepared by :
Prof. Dr. Suleiman bin Mohammed Al-Najran
Professor, Qassim University, College of Sharia,
Department of Fundamentals of Jurisprudence
Email: smn8899@gmail.com

‫اعتماد البحث‬ ‫استالم البحث‬


A Research Approving A Research Receiving
2023/03/13 2023/01/09
‫نشر البحث‬
A Research publication
2023/09/30
DOI : 10.36046/2323-056-206-024
‫الشرط املصلحي بني اجلويين والغزالي ‪ -‬قراءة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪031‬‬

‫ملخص البحث‬

‫حمددات املصلحة املرسلة‪ :‬شروطها؛ فهي الكاشفة لسب تنزيلها‪ ،‬الرامسة ملسار‬
‫أتثريها؛ لذا عين العلماء بشروطها عناية كبرية‪ ،‬فال جند عامل ا تصدى للمصلحة‬
‫املرسلة‪ ،‬لًل ذكر شروطا هلا‪ ،‬بني مضيق وموسع فيها‪ ،‬ولذا أتملت كالم األصوليني‬
‫جتد من يرفض األخذ ابملصلحة املرسلة‪ ،‬غالبا يقصد املطلقة عن بعض الشروط‪ ،‬ومن‬
‫أيخذ ابملصلحة املرسلة ًل يقصد لطالقها‪ ،‬ب املقيدة ابلشروط؛ فأضحت شروط‬
‫املصلحة املرسلة هي املعربة عن املصلحة املرسلة ذاهتا؛ ألن هبا يكشف حقيقة‬
‫املصلحة املرادة‪ ،‬ويعرف هبا العم والرتك معا‪ ،‬واإلمامان اجلويين‪ ،‬والغزايل يعدان من‬
‫أوسع من تكلم عن املصلحة املرسلة عموما‪ ،‬وعن شروطها خاصة؛ فجاءت‬
‫شروطهما للمصلحة كاشفة عن حقيقة املصلحة‪ ،‬مقيمة لطرق اًلستدًلل هبا‪.‬‬
‫الكلمات املفتاحية‪( :‬شرط ‪ -‬مصلحة مرسلة ‪ -‬اجلويين ‪ -‬الغزايل)‪.‬‬
031

Abstract

Determinants of the maṣlaḥa al-mursala (undefined benefit): its


conditions; It is the revealer of the ways to apply it, the designer of the
path of its influence; this is why the scholars gave enormous focus on
its conditions, as there is no scholar who discussed the maṣlaḥa al-
mursala, except that he mentioned conditions for it, between those
who narrow it and those who expanded. And upon a painstaking study
of the science of Uṣūl, we will find the scholars who did not agree to
maṣlaḥa al-mursala often he mean the absolute one devoid of
conditions, hence, the conditions of the maṣlaḥa al-mursala are the one
that manifest its concept, because they are that one that reveal the real
conception of the intended benefit (maṣlaḥa), and they show both the
application or otherwise. Both scholars, Al-Juwayni and Al-Gazzālī
are regarded among the scholars who discussed the maṣlaḥa al-
mursala extensively in general, and its conditions in particular, hence,
their conditions for the benefit are discernible pointers to the concept
of the benefit, and benchmarks for the ways of using it as authority .
Keywords: (Condition - undefined interest mursal - al-Juwayni -
al-Ghazali(.
‫الشرط املصلحي بني اجلويين والغزالي ‪ -‬قراءة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪031‬‬

‫املدقِّمة‬

‫احلمد هلل رب العاملني‪ ،‬والصالة والسالم على أشرف اخللق‪ ،‬وعلى آله وصحبه‬
‫أمجعني‪.‬‬
‫وبعد‪:‬‬
‫فاملصلحة قطب رحى الشريعة‪ ،‬عليها مدارها‪ ،‬ولليها مآهلا‪ ،‬منها مبتدأ احلكم‬
‫ولليها منتاه‪ ،‬هبا تبىن األحكام وتضبط األوصاف‪ ،‬يعظم احلكم بعظمتها‪ ،‬ويضعف‬
‫بضعفها‪ ،‬هي يعدة اجملتهد وزاده وذخريته عند التباس األحكام واشتباهها؛ يفرق فيها‬
‫بني املختلفات ولن تشاهبت صورها‪ ،‬وجيمع فيها بني املفرتقات ولن تباينت ظواهرها‪،‬‬
‫وتبىن عليها املستجدات والنوازل عند لعواز النصوص وفقدها‪ُ ،‬متازج املصاحل األحكام‬
‫وتداخلها‪ ،‬وًل تنفص عنها‪ ،‬يزيد ك واحد منهما اآلخر قوة ولحكاما؛ فاملصلحة‬
‫جارية ومؤثرة يف احلكم قبله ومعه وبعده‪ ،‬قبله‪ :‬مبعرفة وضبط العل واملعاين‪ ،‬ومعه‪:‬‬
‫والتحقيق والرتتيب‪ ،‬وبعده ابملآًلت والعواقب واآلاثر‪ ،‬قال الرازي‬ ‫ابلتنزي‬
‫(ت‪616‬هـ)‪" :‬فثبت أن أتثري املصاحل واملفاسد يف األحكام أتثري حقيقي جوهري‬
‫أصلي‪ .‬وأما أتثري األوصاف يف األحكام‪ ،‬فهو أتثري جمازي عرضي غريب"(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬فخر الدين الرازي‪« .‬مناظرات فخر الدين الرازي يف بالد ما وراء النهر»‪ .‬حتقيق‪ :‬د‪ .‬فتح هللا‬
‫=‬
‫‪031‬‬

‫وقال أيضا‪" :‬لان ملا أتملنا الشرائع وجدان األحكام واملصاحل متقارتني‪ً ،‬ل ينفك‬
‫أحدهم عن اآلخر‪ ،‬وذلك معلوم بعد استقرار أوضاع الشرائع"(‪.)1‬‬
‫وقال ابن العريب (ت‪821‬هـ)‪" :‬وعلى املقاصد اتبنت أحكام الشريعة‪،‬‬
‫وابملصاحل ارتبطت"(‪.)4‬‬
‫وحمددات املصلحة املرسلة شروطها؛ الكاشفة لسب تنزيلها‪ ،‬الرامسة ملسار‬
‫أتثريها؛ لذا عين العلماء بشروطها عناية كبرية‪ ،‬فال جتد عامل ا تصدى للمصلحة‪ ،‬لًل‬
‫ذكر شروطها‪ ،‬بني مضيق وموسع فيها‪ ،‬ولذا أتملت كالم األصوليني جند من يرفض‬
‫األخذ ابملصلحة املرسلة‪ ،‬غالبا يقصد املطلقة عن بعض الشروط‪ ،‬ومن أيخذ‬
‫ابملصلحة املرسلة ًل يقصد لطالقها‪ ،‬ب املقيدة ابلشروط؛ فأضحت شروط املصلحة‬
‫املرسلة هي املصلحة املرسلة ذاهتا؛ ألن هبا يكشف حقيقة املصلحة املرادة‪ ،‬ويعرف هبا‬
‫العم والرتك معا‪ ،‬واإلمامان اجلويين‪ ،‬والغزايل يعدان من أوسع من تكلم عن املصلحة‬
‫املرسلة عموما‪ ،‬وعن شروطها خاصة؛ فجاءت شروطهما للمصلحة كاشفة عن‬
‫حقيقة املصلحة‪ ،‬مقيمة لطرق اًلستدًلل هبا‪ ،‬مع حتلي لنظرهتم هلذه الشروط‪.‬‬
‫‪ ‬مشكلة البحث‪:‬‬
‫ملا كان اجلويين (ت‪278‬هـ)‪ ،‬والغزايل (ت‪818‬هـ) ‪ í‬أبرز من تكلم عن‬
‫=‬
‫خليف‪( ،‬بريوت‪ :‬دار املشرق)‪.48 :1 ،‬‬
‫(‪ )1‬فخر الدين حممد بن عمر الرازي‪« ،‬احملصول يف علم األصول»‪ .‬حتقيق‪ :‬طه العلواين‪( ،‬ط‪،1‬‬
‫الرايض‪ :‬جامعة اإلمام حممد بن سعود اإلسالمية)‪.172 :8 ،‬‬
‫(‪ )4‬أبو بكر حممد بن عبد هللا املعافري ابن العريب‪ « .‬القبس شرح موطأ مالك بن أتس»‪ .‬حتقيق‪:‬‬
‫حممد ولد كرمي‪( ،‬ط‪ ،1‬بريوت‪ :‬دار الغرب اإلسالمي‪1224 ،‬م)‪.1117 :1 ،‬‬
‫الشرط املصلحي بني اجلويين والغزالي ‪ -‬قراءة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪031‬‬
‫شروط املصلحة املرسلة من املتقدمني‪ ،‬أحببت لظهار هذه الشروط‪ ،‬وجتليتها‪ ،‬مع‬
‫قراءة حتليلية هلذه الشروط عند ك لمام‪ ،‬وميكن أن تنفص مشكلة البحث ل ى أربعة‬
‫أسئلة‪ ،‬هي موضع الدراسة‪:‬‬
‫‪-1‬ما املباين اليت قام عليها الشرط املصلحي؟‬
‫‪-2‬ما الشرط املصلحي عند اجلويين؟‬
‫‪-3‬ما الشرط املصلحي عند الغزايل؟‬
‫‪-4‬ه كم اجلويين والغزايل‪ ،‬الشرط املصلحي حال التنزي ؟‬
‫‪ ‬حّود البحث‪:‬‬
‫ستقتصر هذه الدراسة‪ ،‬على الشرط املصلحي‪ ،‬املتعلق ابملصاحل املرسلة‪ ،‬عند‬
‫لمام احلرمني اجلويين (ت‪278‬هـ)‪ ،‬والغزايل (ت‪818‬هـ) ‪ ،í‬دون غريمها‪ ،‬ودون‬
‫شروط املصاحل األخرى‪.‬‬
‫‪ ‬أهّاف البحث‪:‬‬
‫‪-1‬بيان املباين اليت أقيم عليها الشرط املصلحي‪.‬‬
‫‪-4‬الكشف عن الشرط املصلحي عند اجلويين‪ ،‬عددا وتوعا‪.‬‬
‫‪-3‬الكشف عن الشرط املصلحي عند الغزايل‪ ،‬عددا توعا‪.‬‬
‫‪-4‬لظهار موقف اجلويين والغزايل من الشرط املصلحي‪ ،‬حال التنزي ‪.‬‬
‫‪ ‬الّراسات السابدقة‪:‬‬
‫الدراسات املتعلقة ابملصلحة ًل حياط هبا كثرة‪ ،‬لكن من أبرز الدراسات اليت هلا‬
‫تعلق بشروط املصلحة املرسلة‪ ،‬مخس دراسات‪:‬‬
‫‪-1‬ضوابط املصلحة املرسلة‪ ،‬وأمثلتها الفقهية‪ ،‬قاسم حممد‪ ،‬جامعة دمشق‪،‬‬
‫‪031‬‬

‫كلية الشريعة‪ ،‬قس أصول الفقه‪1211 ،‬هـ‪ .‬تناول الباحث فيها شروط املصلحة‬
‫املرسلة‪ ،‬بشك جمم ‪ ،‬وتطبيقاهتا الفقهية‪.‬‬
‫‪-2‬املصلحة املرسلة حقيقتها وضوابطها‪ ،‬د‪ .‬تور الدين اخلادمي‪ ،‬تطرق‬
‫للضوابط يف الباب الثاين‪ ،‬دون تظر لك عامل بعينه‪.‬‬
‫‪-3‬املصلحة املرسلة‪ ،‬ضوابطها‪ ،‬وتطبيقاهتا يف الفقه اإلسالمي‪ ،‬ماجستري‪ ،‬مسية‬
‫قرين‪ ،‬جامعة احلاج األخضر‪ ،‬ابتنة‪ ،‬اجلزائر‪1211 ،‬ـ ‪1214‬هـ‪ .‬حيث جاء املبحث‬
‫الثاين من الفص الثاين يف الضوابط‪ ،‬فناقشت هذه الضوابط على طريقة الدراسات‬
‫السابقة‪ ،‬أبخذ ك ضابط على حدة‪ ،‬ومناقشته‪ ،‬دون تظر لك عامل بعينه‪.‬‬
‫‪-4‬املصلحة املرسلة‪ :‬دراسة يف تشأة املصطلح وتطور املفهوم‪ ،‬د‪ .‬تعمان‬
‫جغيم‪ ،‬جملة الشريعة والدراسات اإلسالمية‪ ،‬جامعة الكويت‪ ،‬اجمللد ‪ ،14‬العدد‬
‫‪4117 ،118‬م‪ .‬عنيت الدراسة بتتبع مصطلح املصلحة املرسلة منذ تشأته والتطور‬
‫احلاص عليه‪ ،‬دون عناية مبقارتة شروط املصلحة بني اجلويين ولمام احلرمني‪.‬‬
‫‪-5‬املصاحل املرسلة‪ ،‬للشيخ حممد األمني الشنقيطي‪ ،‬اجلامعة اإلسالمية‪،‬‬
‫للمصلحة املرسلة‪ ،‬دون النظر للجويين والغزايل حتديدا يف‬ ‫‪1211‬هـ‪ .‬أص الشيخ‬
‫شروطهما للمصلحة املرسلة‪.‬‬
‫وهذه الدراسات عنيت بشروط املصلحة املرسلة لمجاًل‪ ،‬دون تظر تفصيلي‬
‫للشروط بني اجلويين والغزايل خاصة‪ ،‬وهذا ما تفرتق به هذه الدراسة‪.‬‬
‫‪ ‬منهج البحث‪:‬‬
‫اعتمد البحث على املنهج اًلستقرائي التحليلي النقدي‪.‬‬
‫الشرط املصلحي بني اجلويين والغزالي ‪ -‬قراءة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪031‬‬
‫‪ ‬مفردات البحث‪:‬‬
‫جاء البحث يف مقدمة‪ ،‬ومتهيد‪ ،‬وأربعة مباحث‪ ،‬وخامتة‪:‬‬
‫املبحث األول‪ :‬مباين الشرط املصلحي‪.‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬الشرط املصلحي عند اجلويِن‪.‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬الشرط املصلحي عند الغزايل‪.‬‬
‫املبحث الرابع‪ :‬وفاء اجلويِن والغزايل بكمال الشرط املصلحي‪.‬‬
‫اخلامتة‪:‬‬
‫املصادر‪:‬‬
‫‪002‬‬
‫متهيّ‪ :‬يف تعريف املصلحة املرسلة لغةً واصطالحا‪ ،‬وأمساء املصلحة املرسلة‬
‫أ‪-‬املصلحة يف اللغة‪ :‬أصلها من الفع الثالثي‪" :‬صلح" "يصلح " "صالحا"‪،‬‬
‫وهو األمر احلسن الذي يكون على هيئة اتمة‪ ،‬وهو ضد الفساد‪ ،‬وجيوز يف الثالثي‬
‫وصلَح صالحا(‪.)1‬‬
‫صلُح الشيء صالحا‪َ ،‬‬
‫فتح عينه وضمها‪ ،‬يقال‪َ :‬‬
‫ب‪-‬أمساء املصلحة املرسلة‪ :‬حيسن هنا ليراد أمساء "املصلحة املرسلة" لذ‬
‫وصلت حنو أربعة عشر امسا فمن أمسائها‪" :‬املناسب املرس "‪ ،‬و"املعىن املرس "‪،‬‬
‫و"املرس "‪ ،‬و"املناسبة املرسلة"‪ ،‬و"اًلستدًلل املرس "‪ ،‬و"اًلستصالح"‪،‬‬
‫و"اًلستدًلل"‪ ،‬و"الرأي املرس "‪ ،‬و"املرس املالئم"‪ ،‬و"املناسب املالئم املرس "‪،‬‬
‫و"القياس املرس "‪ ،‬و"قياس املصلحة "‪ ،‬و"القياس املصلحي"‪ ،‬و"القياس امليسر"(‪،)4‬‬
‫وهذا يدل على عناية علماء األصول الكبري هبذا األص ؛ لذ ًل يتعدد املسمى لشيء‬
‫لًل لذا عظم أثره‪ ،‬وكثر استعماله‪ ،‬وتنوعت متعلقاته‪.‬‬
‫ج‪-‬املصلحة املرسلة اصطالحا‪ :‬أشهر تعريفات املصلحة املرسلة‪ ،‬تعريفان‪:‬‬
‫األول‪ :‬ما حده لمام احلرمني (ت‪278‬هـ)؛ لذ يعد هذا التعريف أول تعريف‬
‫مكتم للمصلحة املرسلة‪ ،‬أتيت عليه غالب شروط احلدود حيث عرف املصلحة‬
‫املرسلة‪ ،‬ومساها بـ ـ ـ "اًلستدًلل" أبته‪" :‬معىن مشعر ابحلكم‪ ،‬مناسب له‪ ،‬فيما يقتضيه‬

‫(‪ )1‬اتظر‪ :‬أمحد بن فارس‪ ،‬بن زكرايء القزويين الرازي‪ ،‬أبو احلسني "معجم مقاييس اللغة"‪ .‬احملقق‪:‬‬
‫عبد السالم حممد هارون‪( ،‬ط‪ ،1‬بريوت‪ :‬دار الفكر) ‪.111 :1‬‬
‫(‪ )4‬اتظر‪ :‬حبثا حمكما للباحث بعنوان‪" :‬الرتادف يف املصطلح األصويل"‪ ،‬جملة البحوث‬
‫اإلسالمية‪ ،‬العدد ‪ ،116‬حمرم‪ ،‬صفر‪ ،‬ربيع األول‪ ،‬ربيع اآلخر‪1221( ،‬هـ)‪.‬‬
‫الشرط املصلحي بني اجلويين والغزالي ‪ -‬قراءة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪003‬‬
‫الفكر العقلي‪ ،‬من غري وجدان أص متفق عليه‪ ،‬والتعلي املنصوب جار فيه"(‪،)1‬‬
‫وسيأيت إبذن هللا شرح هذا التعريف‪ ،‬وبياته يف املبحث األول‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬تعريف الغزايل(ت‪818‬هـ) حيث عرفها بـ ـ ـ‪" :‬ك معىن مناسب‬
‫للحكم‪ ،‬مطرد يف احكام الشرع‪ً ،‬ل يرده أص مقطوع به‪ ،‬مقدم عليه من كتاب‪ ،‬أو‬
‫سنة‪ ،‬أو لمجاع؛ فهو مقول به"(‪ )4‬وب ـ ــ‪" :‬ما مل يشهد له من الشرع ابلبطالن‪ ،‬وًل‬
‫ابًلعتبار‪ ،‬تص معني"(‪ ،)1‬ويف موضع آخر عرفه أبته‪" :‬رد الفرع ل ى األص ‪ ،‬مبعىن‬
‫مناسب" حيث قال بعده‪" :‬فهو الذي تريده ابًلستدًلل املرس "(‪ ،)2‬وذكر يف‬
‫تعريف آخر أبن اًلستدًلل املرس ‪" :‬هو الذي ًل يشهد له أص معني"(‪ ،)8‬وعرفه‬
‫أيضا بـ"التعلق مبجرد املصلحة‪ ،‬من غري استشهاد أبص معني"(‪.)6‬‬
‫وكلها تعاريف متقاربة‪ ،‬تدور على عدم وجود أص معني خاص يشهد له‬
‫ابًلعتبار‪ ،‬وًل ابإللغاء‪ ،‬واملعتمد عليه املناسبة اجلامعة بني الفرع واألص ‪ ،‬وهذا معىن‬

‫(‪ )1‬أبو املعايل عبد امللك اجلويين‪" ،‬الربهان يف أصول الفقه "‪ .‬حتقيق‪ :‬عبد العظيم حممود الديب‪،‬‬
‫(ط‪ ،2‬مصر‪ ،‬املنصورة‪ :‬دار الوفاء‪1218 ،‬هـ)‪.741 :4 ،‬‬
‫(‪ )4‬أبو حامد حممد بن حممد الطوسي الغزايل‪« ،‬املنخول من تعليقات األصول»‪ .‬حتقيق‪ :‬د‪.‬‬
‫حممد حسن هيتو‪( ،‬ط‪ ،1‬بريوت‪ :‬دار الفكر املعاصر‪1212 ،‬هـ)‪.268 :1 ،‬‬
‫(‪ )1‬أبو حامد الغزايل‪« ،‬املستصفى يف علم األصول»‪( .‬ط‪ ،4‬بريوت‪ :‬الكتب العلمية)‪:1 ،‬‬
‫‪.172‬‬
‫(‪ )2‬أبو حامد حممد الغزايل‪" ،‬شفاء الغلي يف بيان الشبه واملخي ومسالك التعلي "‪ .‬حتقيق‪ :‬د‪.‬‬
‫محد البيسي‪( ،‬بغداد‪ :‬مطبعة اإلرشاد‪1121 ،‬هـ)‪.417 :1 ،‬‬
‫(‪ )8‬الغزايل‪" ،‬املستصفى"‪.118 :1 ،‬‬
‫(‪ )6‬الغزايل‪" ،‬شفاء الغلي "‪.417 :1 ،‬‬
‫‪000‬‬

‫تسميتها مصلحة مرسلة‪ ،‬أي مطلقة مل يعتربها الشارع‪ ،‬ومل يلغها‪ ،‬قال الزركشي‬
‫(ت‪722‬هـ)‪" :‬وهلذا مسيت " مرسلة " أي مل تعترب‪ ،‬ومل تلغ"(‪.)1‬‬
‫وك من جاء بعد الغزايل(ت‪818‬هـ) أخذ تعريفه؛ كالرازي (ت‪616‬هـ)‪" :‬ما‬
‫مل يشهد له ابًلعتبار وًل ابإلبطال تص معني"(‪.)4‬‬
‫وعرفه أيضا بتعريف املالئم وهو‪" :‬ما اعترب جنس الوصف يف جنس احلكم‪..‬‬
‫قال‪ :‬وهو املصاحل املرسلة"(‪ ،)1‬وابن قدامة (ت‪" :)641‬ما مل يشهد له إببطال‪ ،‬وًل‬
‫اعتبار معني"(‪ ،)2‬واآلمدي (ت‪611‬هـ)‪" :‬املناسب الذي مل يشهد له أص من‬
‫أصول الشريعة ابًلعتبار بطريق من الطرق املذكورة‪ ،‬وًل ظهر للغاؤه يف صورة‪ ،‬ويعرب‬
‫عنه ابملناسب املرس "(‪ ،)8‬والقرايف (ت‪682‬هـ) أبهنا املصاحل اليت‪" :‬مل يرد فيها تص‪،‬‬
‫وًل هني عن اعتبارها"(‪ ،)6‬ويف موضع اثن عرفها أبهنا‪" :‬املناسب الذي ًل يعلم أن‬

‫(‪ )1‬بدر الدين حممد بن هبادر الزركشي‪" .‬البحر احمليط" (دار الكتيب)‪.81 :8 ،‬‬
‫(‪ )4‬فخر الدين حممد بن عمر الرازي‪« ،‬احملصول يف علم األصول»‪ .‬حتقيق‪ :‬طه العلواين‪( ،‬ط‪،1‬‬
‫الرايض‪ :‬جامعة اإلمام حممد بن سعود اإلسالمية)‪.161 :6 ،‬‬
‫(‪ )1‬الرازي‪" ،‬احملصول"‪.167 :8 ،‬‬
‫(‪ )2‬أبو حممد‪ ،‬عبد هللا بن أمحد املقدسي ابن قدامة‪" ،‬روضة الناظر وجنة املناظر"‪ .‬حتقيق‪ :‬د‪.‬‬
‫شعبان لمساعي ‪( ،‬ط‪ ،1‬الراين)‪.272 :1 ،‬‬
‫(‪ )8‬أبو احلسن سيف الدين علي اآلمدي‪" .‬اإلحكام يف أصول األحكام"‪( .‬ط‪ ،1‬بريوت‪ :‬دار‬
‫الكتاب العريب‪1212 ،‬هـ‪.482 :1 ،‬‬
‫(‪ )6‬شهاب الدين أمحد بن لدريس القرايف‪" ،‬تفائس األصول يف شرح احملصول"‪ .‬احملقق‪ :‬عادل‬
‫أمحد عبد املوجود‪ ،‬علي حممد معوض‪( ،‬ط‪ ،1‬مصر‪ :‬مكتبة تزار مصطفى الباز‪1216 ،‬هـ ‪-‬‬
‫‪1228‬م)‪.1166 :7 ،‬‬
‫الشرط املصلحي بني اجلويين والغزالي ‪ -‬قراءة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪001‬‬
‫الشرع ألغاه‪ ،‬أو اعتربه‪ ،‬وهذا هو املصاحل املرسة"(‪ ،)1‬ويف موضع اثلث عرفها أبهنا‪:‬‬
‫املناسب املالئم الذي مل يشهد له أص معني ابًلعتبار؛ فاعترب جنس الوصف يف‬
‫جنس احلكم(‪ ،)4‬ويف موضع رابع‪" :‬ما مل يشهد له ابعتبار‪ ،‬وًل إبلغاء"(‪ ،)1‬والطويف‬
‫(ت‪716‬هـ)‪" :‬ما مل يشهد له الشرع ببطالن وًل اعتبار معني"(‪ ،)2‬والشاطيب‬
‫(ت‪721‬هـ)‪" :‬اعتبار املناسب الذي ًل يشهد له أص معني"(‪ ،)8‬مث زاد الشاطيب‬
‫هذا التعريف ليضاح ا‪ " :‬وهو أن يوجد لذلك املعىن جنس اعتربه الشارع يف اجلملة‬
‫بغري دلي معني‪ ،‬وهو اًلستدًلل املرس ‪ ،‬املسمى ابملصاحل املرسلة"(‪.)6‬‬
‫ودار هذا التعريف للمصلحة املرسلة على ثالثة أصول‪:‬‬
‫أ‪-‬عدم وجود أص شرعي خاص‪.‬‬

‫(‪ )1‬القرايف‪" ،‬تفائس األصول يف شرح احملصول"‪.1482 :7 ،‬‬


‫(‪ )4‬القرايف‪" ،‬تفائس األصول يف شرح احملصول"‪.1482 :7 ،‬‬
‫(‪ )1‬شهاب الدين أمحد بن لدريس القرايف‪" ،‬شرح تنقيح الفصول يف اختصار احملصول"‪ .‬علق‬
‫عليه‪ :‬أمحد فريد‪( ،‬ط‪ ،1‬بريوت‪ :‬دار الكتب العلمية‪1248 ،‬هـ‪.226 :1 ،‬‬
‫(‪ )2‬أبو الربيع‪ ،‬جنم الدين‪ ،‬سليمان بن عبد القوي بن الكرمي الطويف‪ ،‬الصرصري‪" ،‬شرح خمتصر‬
‫ا لروضة"‪ .‬احملقق‪ :‬عبد هللا بن عبد احملسن الرتكي‪( ،‬ط‪ ،1‬بريوت‪ :‬مؤسسة الرسالة‪1217 ،‬هـ‬
‫‪1287‬م)‪.416 :1 ،‬‬
‫(‪ )8‬لبراهيم بن موسى اللخمي الغرانطي الشاطيب‪" ،‬اًلعتصام"‪ .‬حتقيق ودراسة‪ :‬د‪ .‬حممد بن عبد‬
‫الرمحن الشقري‪ ،‬وآخرين‪( ،‬ط‪ ،1‬السعودية‪ :‬دار ابن اجلوزي ‪1242‬هـ‪4118‬م)‪617 :4 ،‬؛‬
‫واتظر‪ :‬الشاطيب‪" ،‬املوافقات"‪ .‬احملقق‪ :‬أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان‪( ،‬ط‪ ،1‬دار‬
‫ابن عفان‪ 121 ،‬هـ ‪1227‬م) ‪.121 :4‬‬
‫(‪ )6‬الشاطيب‪" ،‬اًلعتصام"‪.614 :4 ،‬‬
‫‪001‬‬

‫ب‪-‬وجود أص عام‪.‬‬
‫ج‪-‬مناسبة احلكم‪ ،‬لتحقيق مقاصد الشريعة‪.‬‬
‫املبحث األوَّل‪ :‬الشرط املصلحي‪ ،‬من حيث التنازع والبناء‬
‫املطلب األوَّل‪ :‬تنازع األصول للشرط املصلحي‪:‬‬
‫جاءت شروط املصلحة بني السعة والضيق عند العلماء‪ ،‬مبنية على أصلني‪،‬‬
‫أص يوسع فيها‪ ،‬وأص يضيق‪ ،‬وك أص ينازع اآلخر‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬األصل املوسع‪.‬‬
‫كثرة النوازل والوقائع واملستجدات‪ :‬وهذا يستدعي حاجة كبرية لالجتهاد‬
‫املصلحي؛ فرمبا توسع من غلب هذه النظرة العم ابملصلحة املرسلة‪ ،‬وخفف‬
‫الشروط؛ فإن كثرة النوازل والوقائع تتطلب أحكاما حاضرة‪ ،‬واجتهادات شاهدة‪،‬‬
‫وتظرا قائما سريعا لبناء احلكم الشرعي الصحيح املتلقى عن شريعتنا املباركة‪ ،‬وغالبا ًل‬
‫تفي تصوص الشريعة املنطوقة‪ ،‬وًل معاتيها القريبة املأخوذة عن القياس أبحكام‬
‫احلوادث‪ ،‬فتتوقف أحكام غالبها على النظر يف معاين النصوص العامة‪ ،‬لبناء األحكام‬
‫عليها‪ ،‬وهي املصلحة املرسلة‪ ،‬ولًل تُرك الناس عطالا‪ ،‬بال اجتهاد‪ ،‬واتفصلت الشريعة‬
‫عن حياة املكلفني‪ ،‬ووقعت املفاسد الكبرية بتعطي الشريعة عن الناس‪ ،‬واتقطاع الناس‬
‫عن أحكامها‪ ،‬وهذا جير خلروج الناس عن حكم الشرع‪ ،‬الذي جع هللا أحكامه ابقية‬
‫ل ى يوم القيامة‪.‬‬
‫وخري مثال للوصول ل ى األحكام ابملناسب املرس ‪ ،‬ما تزل ابألمة يف جائحة‬
‫الشرط املصلحي بني اجلويين والغزالي ‪ -‬قراءة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪001‬‬
‫"كوروان"‪ ،‬فقد جاء فيها أكثر من مثاتني انزلة(‪ ،)1‬كاتت املصلحة فيها طريق احلكم‪،‬‬
‫ومأخذ النظر‪ ،‬وسبي اًلجتهاد‪ ،‬كلي ا أو جزئي ا؛ كتعطي اجلمع واجلماعات كلية‪،‬‬
‫والعجز عن استعمال املاء والرتاب يف الوضوء‪ ،‬وترك تغسي املوتى املصابني بكوروان‪،‬‬
‫وتعذر تكفينهم ابلكيفية الشرعية‪ ،‬ودفنهم يف التوابيت‪ ،‬والتباعد بني الناس‪ ،‬وترك‬
‫املصافحة‪ ،‬وترك تراص الصفوف يف الصالة‪ ،‬ومباعدة الزوجني عن بعضهما عند‬
‫لصابة أحدمها‪ ،‬وحجر الناس يف منازهلم‪ ،‬واًلعتكاف يف البيوت‪ ،‬وصالة العيد يف‬
‫البيوت‪ ،‬وأتثريها على حول الزكاة‪ ،‬وتقلي احلجاج‪ ،‬وليقاف العمرة‪ ،‬وأثرها على‬
‫العقود الشرعية ‪ ...‬لخل؛ فبنيت أحكام هذه النوازل يف غالبها على املصلحة املرسلة‬
‫املقامة على مصاحل الشريعة الكلية‪ ،‬حبفظ الضرورايت اخلمس‪ ،‬اليت جاءت هبا‬
‫النصوص العامة؛ ًلتعدام النص اخلاص‪ ،‬وهذا هنج الصحب الكرام؛ قال لمام احلرمني‬
‫(ت‪278‬هـ)‪" :‬والوقائع ترتى‪ ،‬والنفوس ل ى البحث طلعة‪ ،‬وما سكتوا ـ أي الصحابة ـ‬
‫عن واقعة‪ ،‬صائرين ل ى أته ًل تص فيها"(‪.)4‬‬
‫فاجتهاد العلماء يف النوازل واحلوادث "يف مدرج الوحي يف زمان الرس‬
‫؛ كشأن أحكام‬ ‫‪ ،‬فقد كان الوحي هو املطلوب يف زمان الرس‬
‫احلوادث‪ ،‬ومح للخلق عليها؛ فحني اتقطع الوحي واتقضى زماته‪ ،‬وضع هللا‬
‫‪ ،‬وحيم‬ ‫اًلجتهاد من الفقهاء يف موضع الوحي‪ ،‬ليصدر منه بيان أحكام هللا‬

‫(‪ )1‬اتظر‪ :‬كلية الشريعة والدراسات اإلسالمية‪ ،‬جامعة أم القرى‪ ،‬الدلي الفقهي جلائحة كوروان‪:‬‬
‫‪https: //makkah. org. sa/nawazel/ar‬‬
‫(‪ )4‬اجلويين‪" ،‬الربهان يف أصول الفقه"‪.11 :4 ،‬‬
‫‪001‬‬

‫اخللق عليها قبوًل وعمال"(‪.)1‬‬


‫فيحتاج الناس ك حني أن يستبينوا التكليف الشرعي بك واقعة؛ قبوًلا أو‬
‫؛‬ ‫رفضا؛ لذ التكليف أمر أو هني‪ ،‬وًل ميكن تفريغ تصرفات املكلفني عن حكم هللا‬
‫فلو خلت الوقائع بكاملها عن معرفة حكمها الشرعي‪ ،‬لفات معىن لرسال الرس ‪،‬‬
‫ولتزال الكتب(‪ ،)4‬قال ابن السمعاين (ت‪282‬هـ)‪" :‬وًل جيوز أن يتفق أه عصر‬
‫فيها؛ ملا‬ ‫على اجله حبكم حادثة حدثت يف عصرهم؛ ألته ًل خيلوا من حكم هللا‬
‫تصب من األدلة عليه؛ فصار اجله حبكمها لمجاعا على اخلطأ‪ ،‬وقد دللنا أن ذلك‬
‫ًل جيوز‪ ،‬وألن يف اإلمساك عنها لعراض ا عن األدلة اليت توص ل ى احلكم يف احلادثة‪،‬‬
‫وهذه معصية ًل جيوز أن ينعقد عليها اإلمجاع من األمة"(‪.)1‬‬
‫وهلذا مل يثبت يف عصر من العصور أن حادثة وقعت‪ ،‬مث تركها أه اًلجتهاد‪،‬‬
‫وأعرضوا عنها‪ ،‬دون بيان حكمها‪ ،‬ب كاتوا جيتهدون ويبينون احلكم؛ لقامة لألمر‬
‫ل ى اليوم‪ ،‬حَت مع فقد النصوص ومعاتيها‬ ‫والنهي الشرعيني منذ عهد الصحابة‬
‫القريبة؛ لذا قال ابن السبكي(ت‪771‬هـ)‪" :‬واملختار مل يثبت وقوعه"(‪ ،)2‬أي عدم‬

‫(‪ )1‬أبو املظفر‪ ،‬منصور بن حممد السمعاين‪ ،‬احلنفي مث الشافعي‪ « .‬قواطع األدلة يف األصول»‪.‬‬
‫حتقيق‪ :‬حممد حسن لمساعي ‪( ،‬ط‪ ،1‬بريوت‪ :‬دار الكتب العلمية‪1218 ،‬هـ)‪.18 :1 ،‬‬
‫(‪ )4‬اتظر‪ :‬اآلمدي‪" ،‬اإلحكام يف أصول األحكام"‪412 :2 ،‬؛ األصفهاين‪ ،‬أبو القاسم حممود‬
‫بن عبد الرمحن‪" .‬بيان املختصر شرح خمتصر ابن احلاجب"‪ .‬حتقيق‪ :‬حممد مظهر‪( ،‬ط‪،1‬‬
‫السعودية‪ :‬دار املدين‪1216 ،‬هـ)‪.181 :1 ،‬‬
‫(‪ )1‬السمعاين‪" ،‬قواطع األدلة" ‪.12 :4‬‬
‫(‪ )2‬اتج الدين عبد الوهاب بن علي السبكي‪" ،‬مجع اجلوامع يف أصول الفقه"‪ .‬حتقيق‪ :‬عقيلة‬
‫=‬
‫الشرط املصلحي بني اجلويين والغزالي ‪ -‬قراءة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪001‬‬
‫وقوع وقائع تركت بال اجتهاد‪ ،‬قال ابن دقيق العيد (ت‪714‬هـ)‪" :‬واألرض ًل ختلو‬
‫من قائم هلل ابحلجة‪ ،‬واألمة الشريفة ًل بد فيها من سالك ل ى احلق‪ ،‬على وضح‬
‫احملجة‪ ،‬ل ى أن أييت أمر هللا‪ ،‬يف أشراط الساعة الكربى"(‪ ،)1‬وكان أقوى مستمسك‬
‫هلم يف أحكام النوزال املصلحة‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬األصل املضيق‪.‬‬
‫هذا أص حتوطي جلناب الشريعة من اًلعتداء على حدود أوامرها وتواهيها‬
‫الشريفة‪ ،‬بدعوى املصلحة‪ ،‬يقاب األول‪ ،‬مما يستدعي زايدة الشروط فيها‪ ،‬وتقلي‬
‫اًلتفتاح على املصاحل؛ ألن التوسع ابملصاحل وتقلي الشروط‪ ،‬جير غالبا ل ى جتاوز‬
‫النصوص الشرعية‪ ،‬حَت يف املنصوص عليه‪ ،‬وجتاوز ضوابط املصلحة املرسلة‪ ،‬فكلما‬
‫محلت الشرع‪ ،‬وأقيمت عليه األحكام الشرعية‪،‬‬ ‫ًلح رأي فيه مصلحة من املصاحل ُي‬
‫وًليزال الناس على هذا النهج حَت يعتدى على أص أحكام الشريعة ابسم املصلحة‪،‬‬
‫ويتجاوز فيها حدودها حمملة على املقاصد واملعاين الكلية‪ ،‬وهلذا جند كالم العلماء‬
‫الكبار؛ كالباقالين (ت‪211‬هـ)‪ ،‬واجلويين (ت‪278‬هـ)‪ ،‬وابن السمعاين (ت‪282‬هـ)‪،‬‬
‫والغزايل (ت‪818‬هـ) وغريهم يتحوطون كثريا للعم ابملصاحل‪ ،‬خشية على أص‬
‫أحكام الشريعة أن يعتدى عليها‪.‬‬
‫قال لمام احلرمني (ت‪278‬هـ)‪" :‬وعلى اجلملة من ظن أن الشريعة تتلقى من‬

‫=‬
‫حسني‪( ،‬ط‪ ،1‬بريوت‪ :‬دار ابن حزم‪1214 ،‬هـ)‪.144 :1 ،‬‬
‫(‪ )1‬أبو الفتح تقي الدين حممد بن دقيق العيد‪" ،‬شرح اإلملام أبحاديث األحكام"‪ .‬حتقيق‪ :‬عبد‬
‫العزيز بن حممد السعيد‪( ،‬ط‪ ،1‬دار أطلس‪1218 ،‬هـ)‪.41 :1 ،‬‬
‫‪001‬‬

‫استصالح العقالء‪ ،‬ومقتضى رأي احلكماء‪ ،‬فقد رد الشريعة‪ ،‬واختذ كالمه هذا ل ى رد‬
‫الشرائع ذريعة‪ .‬ولو جاز ذلك‪ ،‬لساغ رجم من ليس حمصن ا‪ ،‬لذا زان يف زمننا هذا ملا‬
‫خيله هذا القائ ‪ ،‬وجلاز القت ابلتهم يف األمور اخلطرية‪ ،‬ولساغ لهالك من خياف‬
‫غائلته يف بيضة اإلسالم‪ ،‬لذا ظهرت املخاي والعالمات‪ ،‬وبدت الدًلًلت‪ ،‬وجلاز‬
‫اًلزدايد على مبالغ الزكوات عند ظهور احلاجات ‪.)1("...‬‬
‫وهذا يفسر لنا موقف أحد علماء الشرع الكبار من املصلحة املرسلة‪ ،‬وهو ابن‬
‫دقيق العيد(ت‪714‬هـ)؛ لذ ختوف وحتوط كثريا للعم ابملصلحة املرسلة خلطورهتا‪ ،‬مع‬
‫ابلشريعة‪ :‬أصوًلا وفروع ا‪ ،‬معقوًلا ومنقوًلا؛ فقال‪" :‬‬ ‫سعة علمه‪ ،‬وتفاذ بصريته‬
‫اًلسرتسال يف ذلك عظيم‪ ،‬ويقع‬
‫ُ‬ ‫جير ل ى النظر فيما يسمى "مصلحة مرسلةا"‪ ،‬و‬
‫وهذا ُّ‬
‫فيه منكرات عظيمةُ الوقع يف الدين‪ ،‬واسرتسال قبيح يف أذى املسلمني‪ ،‬ولست ي‬
‫أتك ُر‬ ‫ٌ‬
‫على من اعترب أص املصاحل املرسلة‪ ،‬لكن حيتاج ل ى تظر شديد‪ ،‬وأتم سديد‪ ،‬ي‬
‫وعدم‬ ‫َ‬
‫التجاوز للحد املعترب"(‪.)4‬‬
‫فكاتت املوازتة بني هذين األصلني الكبريين أصعب املوازانت وأشقها‪ ،‬وأوعر‬
‫‪ً ،‬ل أظن أن يف‬ ‫مراقي النظر‪ ،‬وأشد مسالك اًلجتهاد على أه الفقه بشرع هللا‬
‫الشريعة أشد من اًلجتهاد املصلحي املرس ؛ فالناس أبه اًلجتهاد يهتدون‪ ،‬وبرأيهم‬
‫يستضيئون‪ ،‬وعلى حكمهم يردون‪ ،‬ومنه يصدرون؛ لذا وصف لمام احلرمني‬

‫(‪ )1‬أبو املعايل‪ ،‬عبد امللك بن عبد هللا اجلويين‪" ،‬غياث األمم يف التياث الظلم"‪ .‬حتقيق عبد‬
‫العظيم لديب‪( ،‬ط‪ ،4‬مكتبة لمام احلرمني‪1211 ،‬هـ)‪.412 :1 ،‬‬
‫(‪ )4‬ابن دقيق العيد‪" ،‬شرح اإلملام أبحاديث األحكام"‪.417 :4 ،‬‬
‫الشرط املصلحي بني اجلويين والغزالي ‪ -‬قراءة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪001‬‬
‫(ت‪278‬هـ) أه اًلجتهاد يف الشرع بـ"قومة للملة‪ ،‬وحفظة للشريعة"(‪ ،)1‬ويف موضع‬
‫آخر وصفهم ابألطواد الضامنني؛ فقال‪" :‬املستند املعتضد يف الشريعة تقلتها‪،‬‬
‫واملستقلون أبعبائها ومحلتها‪ ،‬وهم أه اًلجتهاد‪ ،‬الضامون ل ى غاايت علوم الشرع‪،‬‬
‫شرف التقوى والسداد‪ ،‬فهم العماد واألطواد‪ ،‬فلو شغر الزمان عن األطواد واألواتد‪،‬‬
‫فعند ذلك ألتزم شيمة األانة واًلتئاد‪ ،‬فليت شعري ما معتصم العباد‪ ،‬لذا طما حبر‬
‫الفساد؟ واستبدل اخللق اإلفراط والتفريط عن منهج اًلقتصاد‪ ،‬وبُلي املسلمون بعامل ًل‬
‫يوثق به لفسقه‪ ،‬وبزاهد ًل يقتدى به خلرقه؟! أيبقى بعد ذلك مسلك يف اهلدى‪ ،‬أم‬
‫ميوج الناس بعضهم يف بعض مهملني سدى‪ ،‬متهافتني على مهاوي الردى؟"(‪.)4‬‬
‫فإذا اخت أو توقف تظر أه اًلجتهاد‪ ،‬أو ضاقت عليهم منافذ اًلجتهاد‬
‫ومسالكه‪ ،‬اضطربت األصول عندهم‪ ،‬وتعسر تظرهم يف النوازل؛ فعاد هذا كله على‬
‫الشريعة ابلضعف‪ ،‬وتردد الناس بني غال وجاف يف احلكم الشرعي؛ فتضيع الشريعة‬
‫من أصلها؛ فوجب على أه اًلجتهاد النظر القائم على املصلحة بشروطها وقيودها‬
‫وضوابطها الشرعية املعتربة‪ ،‬دون مبالغة يف الشروط يؤدي ل ى تعطيلها‪ ،‬ودون تساه‬
‫يؤدي ل ى مصادمة قواطع األحكام وتصوصها املتيقنة؛ فتقوم حياة الناس على شريعة‬
‫رب العاملني على منحى وسط‪ ،‬وصراط قصد عدل‪ ،‬وميزان قسط‪ ،‬شام كام لك‬
‫مصلحة‪ ،‬مع حفظ كام لكليات الشريعة وجزئياهتا؛ فتغطي خمتلف تقلبات أحوال‬
‫املكلفني‪ ،‬وتنوع تصرفاهتم؛ فهذا املنهج اآلخذ بطريق الوسط ضامن لبقاء الشريعة‬

‫(‪ )1‬اجلويين‪" ،‬الربهان يف أصول الفقه"‪.467 :1 ،‬‬


‫(‪ )4‬اجلويين‪" ،‬غياث األمم"‪.17 :1 ،‬‬
‫‪012‬‬

‫وافية مبتطلبات اخللق‪ ،‬مبق على اتقياد اخللق ألحكام الشرع‪ ،‬حافظ أص الشريعة‬
‫وكماهلا‪.‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬بناء الشرط املصلحي‬
‫ت ظهر لشكالية التأصي لالستدًلل ابملصلحة املرسلة من جهة ضبط شروط‬
‫اًلستدًلل هبا‪ ،‬وقد ذكر ذلك الغزايل (ت‪818‬هـ) يف مقدمة كالمه عن "اًلستدًلل‬
‫املرس " فقال‪ " :‬فليعلم أوًل أن هذا عمدة كتاب القياس‪ ،‬ووجه لعواصه‪ :‬أن الصحابة‬
‫هم قدوة األمة يف القياس‪ ،‬وعلم قطعا اعتمادهم على املصاحل‪ ،‬مع أهنم مل‬
‫ينحصروا عليها يف بعض املسائ ‪ ،‬ومل يسرتسلوا أيضا اسرتساًلا عام ا؛ لذ املصاحل كاتت‬
‫تنقسم لديهم ل ى املرتوك‪ ،‬ول ى معمول به‪ ،‬ومل يضبطوا لنا ما تتمسك به‪ ،‬وًل يظن هبم‬
‫أهنم ضنوا إببدائها بعد أن عرفوها‪ ،‬واملصاحل شَت‪ ،‬وقد عسرت املآخذ‪ ،‬وقصرت عن‬
‫الدًللة على ضبطها"(‪.)1‬‬
‫فالغزايل (ت‪818‬هـ) ذكر أوجها من لشكالية اًلستدًلل ابملصاحل وصعوبتها‪:‬‬
‫أخذوا ببعض املصاحل‪ ،‬وتركوا بعضها‪ ،‬ومل حيرروا لنا ضابط امللغى‬ ‫أبن الصحابة‬
‫واملعترب‪ ،‬أي مل يبينوا شروط العم ابملصلحة املرسلة‪ ،‬ومع كثرة املصاحل وتنوعها‪،‬‬
‫وقصور الدًللة‪ ،‬وعسر الوقوف على املآخذ يف ك مصلحة؛ أرجع اًلستدًلل‬
‫ابملصاحل ل ى الغموض واإلعواص‪.‬‬
‫فهذا وجه من اإلشكال ابًلستدًلل ابملصلحة املرسلة‪ ،‬وذكر وجها آخر يف‬

‫(‪ )1‬الغزايل‪" ،‬املنخول"‪.281 :1 ،‬‬


‫الشرط املصلحي بني اجلويين والغزالي ‪ -‬قراءة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪013‬‬
‫موضع آخر فقال‪" :‬أما املناسب املرس ‪ :‬لذا ظهر يف تفس املسألة على مذاق املصاحل‬
‫‪ -‬وهو الذي يعرب عنه الفقهاء‪ :‬ابًلستدًلل املرس ؛ وهو‪ :‬التعلق مبجرد املصلحة من‬
‫غري استشهاد أبص معني‪ ،‬فهذا مما اختلفت فيه رأي العلماء؛ فاملنقول عن مالك‬
‫‪ :‬احلكم ابملصاحل املرسلة‪ ،‬وتق عن الشافعي فيه تردد‪ .‬ويف كالم األصوليني أيض ا‬
‫اضطراب فيه‪ .‬ومعظم الغموض يف هذه القواعد منشؤه‪ :‬اًلكتفاء ابلرتاجم واملعاقد‪،‬‬
‫دون التهذيب ابألمثلة"(‪.)1‬‬
‫وأرجع الغزايل هنا اًلضطراب احلاص يف اًلستدًلل ابملصلحة املرسلة ل ى كوته‬
‫تنظريا وأتصيالا‪ ،‬دون امتحاته ابألمثلة اليت تكشف قوة التنظري من ضعفه؛ فلم تتحرر‬
‫شروط املصلحة املرسلة حال التنزي مبعرفة شروط الفرع الذي ميكن تنزي املصلحة‬
‫عليه‪ ،‬كما يف القياس‪.‬‬
‫وهذا كالم صحيح؛ فقد يتسع األصويل كثريا يف التنظري‪ ،‬لكن عند التنزي‬
‫يتلعثم اجملتهد‪ ،‬وتضطرب عليه الفروع‪ ،‬لذا مل تضبط بشروط واضحة جلية؛ ألن‬
‫األص ًل حيويها‪ ،‬قال لمام احلرمني (ت‪278‬هـ)‪" :‬لذا تعلق املتعلق مبا يدل على‬
‫فساد يف الفرع‪ ،‬واستشهد به على فساد األص ‪ ،‬كان ذلك مقبوًل عند احملققني"(‪)4‬؛‬
‫فالتنزي على املسائ يضبط النظر‪ ،‬وجيلي احلكم‪ ،‬ويبني ما يستحق من الشروط‪،‬‬

‫(‪ )1‬أبو حامد حممد بن حممد الغزايل‪ ،‬الطوسي‪" ،‬شفاء الغلي يف بيان الشبه واملخي ومسالك‬
‫التعلي "‪ .‬احملقق‪ :‬د‪ .‬محد الكبيسي‪( ،‬ط‪ ،1‬بغداد‪ :‬مطبعة اإلرشاد‪1121 ،‬هـ ‪1271‬م)‪:1 ،‬‬
‫‪.417‬‬
‫(‪ )4‬اجلويين‪" ،‬الربهان يف أصول الفقه" ‪.718 :4‬‬
‫‪010‬‬

‫ذلك أن النظر حيلق ويعلو كثريا‪ ،‬ورمبا اشتط‪ ،‬لكنه عند التنزي يتطلب املراجعة والنظر‬
‫فيها‪ ،‬وهذا ما سيظهر عند مقارتة شروط اًلستدًلل ابملصلحة املرسلة‪ ،‬مع واقع‬
‫التطبيقات‪ ،‬إبذن هللا‪.‬‬
‫املبحث الثاني‪ :‬الشرط املصلحي عنّ إمام احلرمني‬
‫املطلب األوَّل‪ :‬احلّ الشرطي للمصلحة عنّ اجلويين‬
‫جند لمام احلرمني (ت‪278‬هـ) جهد ليضبط اًلستدًلل ابملصلحة املرسلة‪،‬‬
‫ويفرق بني من ابلغ ابألخذ ابًلستدًلل ابملصلحة دون ضبط‪ ،‬وبني من ردها مجلة‪،‬‬
‫وبني من أخذ هبا بضوابط فهو أسعد املذاهب؛ لذ اصطلح لمام احلرمني‪ ،‬على‬
‫املرس "‪،‬‬ ‫و‪":‬الرأي‬ ‫املرسلة"‬ ‫و‪":‬املعاين‬ ‫"اًلستدًلل"‪،‬‬ ‫بـ ـ ـ‪:‬‬ ‫تسميتها‬
‫و"اًلستصالح"(‪ ،)1‬وعقد هلا‪" :‬الكتاب الرابع" من الربهان‪ ،‬ومساه‪" :‬كتاب‬
‫اًلستدًلل"‪.‬‬
‫وعرفه أبته‪" :‬معىن مشعر ابحلكم‪ ،‬مناسب له‪ ،‬فيما يقتضيه الفكر العقلي‪،‬‬
‫من غري وجدان أص متفق عليه‪ ،‬والتعلي املنصوب جار فيه"(‪ ،)4‬ومن هذا احلد‬
‫يظهر أبن "اًلستدًلل املرس " عنده له ثالثة أوصاف‪ ،‬هي يف حقيقتها شروط للعم‬
‫ابملصلحة املرسلة‪:‬‬
‫األول‪ :‬مناسبة اًلستدًلل‪ ،‬واملناسبة حتتم أمرين‪:‬‬
‫أ‪-‬مناسبة شرعية‪ :‬مبعىن أن املصلحة املرسلة تناسب أحكام الشرع‪ ،‬وًل تكون‬

‫(‪ )1‬اتظر‪" :‬املصدر السابق"‪.748 :4 ،‬‬


‫(‪ )4‬اتظر‪" :‬املصدر السابق"‪.741 :4 ،‬‬
‫الشرط املصلحي بني اجلويين والغزالي ‪ -‬قراءة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪011‬‬
‫غريبة عليها؛ فهي ختدم وتقيم مصاحل ومقاصد الشريعة‪.‬‬
‫ب‪-‬مناسبة عقلية‪ :‬مبعىن كوته معلالا غري تعبدي‪ ،‬إبجياد عالقة يدركها العق‬
‫يف مناسبة احلكم الشرعي املقام على املصلحة؛ لتحقيق وحفظ مقاصد الشارع؛‬
‫كالعقاب مناسب للجرم‪ ،‬واليسر مناسب للعسر‪ ،‬والشكر مناسب للمعروف‪ ،‬والفرح‬
‫مناسب لسعة اخلري وكثرته‪.‬‬
‫واألقرب أن مراده ابملناسبة‪ :‬الشرعية‪ً ،‬ل العقلية؛ ألته ذكر املناسبة العقلية يف‬
‫آخر احلد‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬عدم وجود أص مباشر للحكم‪ ،‬ويقصد ابألص دلي خاص من‬
‫الكتاب والسنة واإلمجاع والقياس على احلكم الشرعي حيث قال‪" :‬اًلستدًلل املقبول‬
‫هو املعىن املناسب‪ ،‬الذي ًل خيالف مقتضاه أصال من أصول الشريعة"(‪.)1‬‬
‫وهذا الشرط منهم من يوسعه ‪ -‬على رأي اجلويين ‪ -‬كما عند اإلمام مالك‪،‬‬
‫حبيث ًل يطلب له أصال قريبا يشبهه فيه‪ ،‬ومنهم من يضيق فيه‪ ،‬حَت لته يعتمد على‬
‫معاين العل ‪ ،‬وجيعلها معتصمه يف اًلستدًلل ابملصلحة‪ ،‬كما هو مذهب الشافعي‪،‬‬
‫قال لمام احلرمني عن الشافعي‪" :‬فقد ثبتت أصول معللة‪ ،‬اتفق القايسون على عللها‪،‬‬
‫فقال الشافعي‪ :‬أختذ تلك العل معتصمي‪ ،‬وأمج اًلستدًلًلت قريب منها‪ ،‬ولن مل‬
‫تكن أعياهنا‪ ،‬حَت كأهنا مثال أصول"(‪.)4‬‬
‫الثالث‪ :‬جراين التعلي يف احلكم واحتماله له‪ ،‬مبعىن أته معل غري تعبدي‪ ،‬فال‬

‫(‪ )1‬اجلويين‪" ،‬الربهان يف أصول الفقه"‪.782 :4 ،‬‬


‫(‪ )4‬اتظر‪ :‬اجلويين‪" ،‬الربهان يف أصول الفقه"‪.746 :4 ،‬‬
‫‪011‬‬

‫جتري املصاحل املرسلة يف أص العبادات‪ ،‬واملقدرات‪ ،‬ب يف العادايت املعقولة‪.‬‬


‫الرابع‪ :‬وجود وقائع مشاهبة من عم السلف‪ ،‬أو أص قريب من الشرع‪،‬‬
‫ليقرب احلكم املصلحي هبا‪ ،‬حيث قال بعد أن قرر ضابط ما جيري فيه اًلستدًلل‪:‬‬
‫"وابجلملة ًل حيدث الناظر املوفق مسلكا‪ ،‬لًل بينه وبني ما متهد يف الزمن املاضي عن‬
‫تركه رعاية ذلك"(‪.)1‬‬ ‫السلف الصاحل مداانة‪ ،‬والذي تنكره من مالك‬
‫وقد قال ابن السمعاين (ت‪282‬هـ)‪ " :‬وأما الذي يدل عليه مذهب الشافعي‬
‫هو كون اًلستدًلل حجة‪ ،‬ولن مل يستند ل ى أص ‪ ،‬ولكن من شرط قربه من‬
‫معاين األصول املعهودة املألوفة يف الشرع"(‪.)4‬‬
‫قرب اجلويين ذلك مبثال‪ :‬فلو رام جمتهد لحداث عقوبة رادعة‪ :‬كجدع‬‫ويُ ي‬
‫األتف‪ ،‬أو اصطالم الشفة‪ ،‬بكوهنا مناسبة للكف عن توع من اجلرائم؛ فهذا على‬
‫مث هذه العقوبة‪،‬‬ ‫مذهب اإلمام الشافعي مردود؛ ألهنا مل جتر على زمن الصحابة‬
‫مع كثرة احلوادث والوقائع يف عصرهم‪ ،‬وًل يوجد هلا أص قريب تشبه به‪.‬‬
‫ولكنه على مذهب اإلمام مالك مقبول‪ ،‬ومعتصم اإلمام مالك‪ ،‬جمرد املناسبة‬
‫للردع‪ ،‬وعدم وجود أص خاص يردها(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬اجلويين‪" ،‬الربهان يف أصول الفقه"‪.711 :4 ،‬‬


‫(‪ )4‬السمعاين‪" ،‬قواطع األدلة"‪.482 :4 ،‬‬
‫(‪ )1‬اتظر‪ :‬اجلويين‪" ،‬الربهان يف أصول الفقه"‪711 :4 ،‬؛ السمعاين‪" ،‬قواطع األدلة"‪،482 :4 ،‬‬
‫‪41‬؛ الغزايل‪ ،‬أبو حامد‪« .‬املستصفى يف علم األصول»‪( .‬ط‪ ،4‬بريوت‪ :‬الكتب العلمية)‪:1 ،‬‬
‫‪177‬؛ الرازي‪" ،‬احملصول"‪164 :6 ،‬؛ ابن قدامة‪" ،‬روضة الناظر"‪.281 :1 ،‬‬
‫الشرط املصلحي بني اجلويين والغزالي ‪ -‬قراءة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪011‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬بناء الشروط املصلحية‪ :‬أقوال العمل باملصلحة‬
‫وبناء على حد املصلحة املرسلة‪ ،‬عند لمام احلرمني (ت‪278‬هـ) أقام عليه‬
‫حجية "اًلستدًلل" يف أصله؛ فأعاد حجية اًلستدًلل‪ ،‬حبسب شروطها‪ ،‬ل ى ثالثة‬
‫مذاهب هي(‪:)1‬‬
‫املذهب األول‪ :‬مذهب الباقالين (ت‪211‬هـ) وطائفة من متكلمي الشافعية‪،‬‬
‫ًل يرون اًلحتجاج ابملصلحة املرسلة مطلقا؛ واحتجوا أبمرين‪:‬‬
‫األول‪ :‬احنصار الدًللة يف الكتاب والسنة ومعنامها‪ ،‬ويقصدون ابملعىن القياس‬
‫دون غريه‪ ،‬أما اًلستدًلل املرس فال تشهد األصول حبجيته‪ ،‬مبعىن أته ًل توجد‬
‫مصلحة سكت عنها الشارع‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬أتنا لو وسعنا احلجة ل ى اًلستدًلل املرس ألدى ل ى اتساع األمر‪،‬‬
‫واختلطت الشريعة ابلرأي اختالط ا يصعب الفص فيه بني الشرع وغريه من اآلراء‪،‬‬
‫ورجع الشرع ل ى اتباع وجوه الرأي‪ ،‬واقتفاء حكمة احلكماء؛ فيصري ذوو األحالم مبثابة‬
‫األتبياء‪ ،‬وًل ينسب ما يروته ل ى ربقة الشريعة‪ ،‬وهذا ذريعة يف احلقيقة ل ى لبطال أهبة‬
‫الشريعة؛ فك ٌ يفع ما يراه‪.‬‬
‫ويلزم من هذا‪ :‬أن يكون العوام مبنزلة أه اًلجتهاد؛ ألن أه اًلجتهاد لذا‬
‫أخربوا العامي أبن املسألة ليس هلا أص قريب تقاس عليه‪ ،‬وأن املرجع النظر املصلحي‬

‫(‪ )1‬اتظر‪ :‬اجلويين‪" ،‬الربهان يف أصول الفقه"‪741 :4 ،‬؛ السمعاين‪" ،‬قواطع األدلة"‪482 :4 ،‬؛‬
‫الغزايل‪" ،‬شفاء الغلي "‪ ،417 :1 ،‬وما بعدها؛ الغزايل‪« ،‬املستصفى يف علم األصول»‪:1 ،‬‬
‫‪.171‬‬
‫‪011‬‬

‫اخلالص؛ تساوى يف هذا أه اًلجتهاد مع غريهم‪ ،‬وأدى هذا ل ى اًلختالف والتضاد‬


‫يف األحكام؛ ألن عقول العقالء ختتلف وتتباين على النقائض واألضداد يف‬
‫املظنوانت‪.‬‬
‫وممن أخذ هبذا الرأي ابن قدامة (ت‪641‬هـ) لذ أتكر املصلحة املرسلة لذا‬
‫كاتت حاجية‪ ،‬أو حتسينية‪ ،‬وقال‪ " :‬فهذان الضرابن ًل تعلم خالفاا يف أته ًل جيوز‬
‫التمسك هبما من غري أص "(‪ ،)1‬وأحلق هبما أيضا الضرورات فقال‪" :‬والصحيح‪ :‬أن‬
‫ذلك ليس حبجة"(‪ .)4‬واجلديد عند ابن قدامة (ت‪641‬هـ) تفي اخلالف يف‬
‫احلاجيات والتحسينيات املرسلة‪ ،‬وهذا رمبا مل يق به أحد قبله؛ فاخلالف موجود‬
‫ومقرر ومعروف‪.‬‬
‫املذهب الثاين‪ :‬يف مقاب هؤًلء من يرى حجية اًلستدًلل املرس مطلق ا‪،‬‬
‫حَت لو بعد عن موارد النص‪ ،‬وهو اإلمام مالك وأصحابه؛ وذكر عن اإلمام مالك‬
‫أبته أثبت مصاحل بعيدة عن املصاحل املألوفة واملعاين املعروفة يف الشريعة‪ ،‬ولن مل جيد‬
‫لتلك املصاحل مستندا ل ى أصول‪ ،‬بشرط أًل يصد عنها أص من األصول الثالثة‪:‬‬
‫الكتاب والسنة واإلمجاع‪.‬‬
‫املذهب الثالث‪ :‬من توسط بني الفريقني‪ ،‬وهو الشافعي‪ ،‬ومعظم أصحاب أيب‬
‫حنيفة‪.‬‬
‫فالشافعي ـ حبسب لمام احلرمني ـ ينوط األحكام ابملعاين املرسلة؛ فإن عدمها‬

‫(‪ )1‬ابن قدامة‪" ،‬روضة الناظر وجنة املناظر"‪.281 :1 ،‬‬


‫(‪ )4‬املرجع تفسه‪.284 :1 ،‬‬
‫الشرط املصلحي بني اجلويين والغزالي ‪ -‬قراءة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪011‬‬
‫التفت ل ى األصول مشبها هلا؛ فالشافعي ومن معه أخذوا بـ ـ ـ "اًلستدًلل"‪ ،‬ولن مل‬
‫يستند ل ى أص مباشر‪ ،‬بشرط وجود مصاحل شبيهة‪ ،‬قريبة من املصاحل املعتربة املستندة‬
‫ل ى أحكام اثبتة‪ ،‬وأصول قارة يف الشريعة؛ فلم يكتفوا يف تقرير املصاحل بعدم‬
‫مصادمتها للنص كما هو مذهب اإلمام مالك‪ ،‬ب اشرتطوا وجود أص قريب‪ ،‬يقوي‬
‫هذه املصلحة‪.‬‬
‫وأكد هذا الرأي لمام احلرمني (ت‪278‬هـ) يف موضع آخر ملا قال‪" :‬وحنن تعلم‬
‫أته مل يفوض ل ى ذوي الرأي واألحالم أن يفعلوا ما يستصوبون؛ فكم من أمر تقضي‬
‫العقول أبته الصواب يف حكم اإلايلة والسياسة‪ ،‬والشرع وارد بتحرميه‪ ،‬ولسنا تنكر‬
‫تعلق مسائ الشرع بوجوه من املصاحل‪ ،‬ولكنها مقصورة على األصول احملصورة‪،‬‬
‫وليست اثبتة على اًلسرتسال يف مجيع وجوه اًلستصالح‪ ،‬ومسالك اًلستصواب‪ .‬مث‬
‫تعلم مع ذلك أته ًل خيلو واقعة عن حكم هللا تعا ى على املتعبدين"(‪.)1‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬الشرط املصلحي عنّ اإلمام الشافعي‪ ،‬على رأي إمام احلرمني‬
‫استند الشافعي ومن معه ‪ -‬حسب رأي لمام احلرمني ‪ -‬يف هذا ل ى‪ :‬منهج‬
‫وأقام لمام احلرمني استدًلله يف املصلحة حبسب‬ ‫بناء األحكام عند الصحابة‬
‫على مقدمتني‪ ،‬وتتيجة‪:‬‬ ‫اجتهاد الصحابة‬
‫املقدمة األوىل‪ :‬أن الصحابة مل خيلو واقعة عن حكم شرعي‪.‬‬
‫املقدمة الثانية‪ :‬أن غالب الوقائع احلادثة يف عصرهم عارية عن النص؛ فلو ردوا‬

‫(‪ )1‬اجلويين‪" ،‬غياث األمم"‪.211 :1 ،‬‬


‫‪011‬‬

‫األحكام ل ى النصوص لتوقف اًلجتهاد والفتوى ابلنوازل واحلوادث املستجدة اليت ًل‬
‫تنقطع‪.‬‬
‫النتيجة‪ :‬أهنم تظروا ملعاين الشريعة الكلية وأصوهلا العامة‪ ،‬وأقاموا أحكام‬
‫املستجدات واألقضية عليها؛ فاتسع هلم اًلجتهاد‪ ،‬ومل يكن منهج الصحب الكرام‬
‫قصر األحكام على القياس إبجياد أص ‪ ،‬مث لحلاق الوقائع عليه‪ ،‬لذا وجدت فيه العلة‪،‬‬
‫ل ى تقرير األحكام وفق معاين األحكام الكلية‪ ،‬دون قصر على‬ ‫ب تعدوا هذا‬
‫أعيان املعاين اخلاصة(‪.)1‬‬
‫هذا معىن وخملص ما ذكره لمام احلرمني (ت‪278‬هـ)‪ ،‬ومما يالحظ‪ :‬أته اجتهد‬
‫يف الفص بني شروط املصلحة عند اإلمام مالك‪ ،‬وشروط املصلحة عند اإلمام‬
‫الشافعي يف "اًلستدًلل املرس "‪ ،‬فالشروط اليت اعتربها الشافعي تنقطع عنه مفاسد‬
‫اًلستدًلل املرس اليت ذكرها القاضي الباقالين (ت‪211‬هـ)‪ ،‬خبالف اإلمام مالك‬
‫فهي ًلزمة له‪ ،‬كما قرره اجلويين‪.‬‬
‫املطلب الرابع‪ :‬الشرط املصلحي بني اإلمامني‪ :‬مالك والشافعي‪ ،‬حسب رأي إمام‬
‫احلرمني‬
‫يفرتق رأي اإلمام الشافعي‪ ،‬عن رأي اإلمام مالك يف األخذ ابملصلحة املرسلة ـ‬
‫حسب تظر لمام احلرمني ـ من جهتني‪:‬‬
‫األوىل‪ :‬أن الشافعي أخذ أبصول معللة‪ ،‬اتفق القايسون على عللها‪ ،‬وجع‬

‫(‪ )1‬اتظر‪ :‬اجلويين‪" ،‬الربهان يف أصول الفقه"‪741 :4 ،‬ـ ‪748‬؛ واتظر‪ :‬الغزايل‪« ،‬املستصفى يف‬
‫علم األصول»‪421 :1 ،‬؛ الغزايل‪" ،‬املنخول"‪.267 :4 ،‬‬
‫الشرط املصلحي بني اجلويين والغزالي ‪ -‬قراءة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪011‬‬
‫عتصمه‪ ،‬وجع اًلستدًلًلت قريبة منها‪ ،‬ولن مل تكن أعياهنا‪.‬‬
‫تلك العل ُم َ‬
‫الثانية‪ :‬أن الشافعي ًل أيخذ مبصلحة‪ ،‬مل يشهد هلا عم الصحابة والتابعني؛‬
‫لذ عاشوا حنو مائة سنة؛ فاألمد الطوي ًل خيلو عن جراين ما يقتضي مث ما يعتقده‬
‫مالك‪ ،‬مث مل جير ما يثبت عنهم أخذ حكم مل يشهد له الشرع(‪ ،)1‬كما سبق بياته يف‬
‫شروط املصلحة املرسلة‪.‬‬
‫فهذا الضبط من الشافعي يف املصلحة ـ حسب رأي لمام احلرمني (‪278‬هـ) ـ‬
‫خيالف فيها اإلمام مالك؛ لذ جوز مالك التعلق بك رأي مرس ‪ً :‬ل تص فيه‪ ،‬لذا مل‬
‫يصدمه تص؛ فيكتفي أًل يكون يف الشريعة أص يدرؤوه‪ :‬من تص كتاب‪ ،‬أو سنة‪،‬‬
‫أو لمجاع‪ ،‬ومل جيع ضابطا يضبط هذا الرأي؛ فمفاسد اًلحتجاج بـ"اًلستدًلل املرس‬
‫"اليت ذكرها القاضي الباقالين (ت‪211‬هـ) ًلزمة ملالك وأصحابه‪ ،‬دون الشافعي؛ قال‬
‫لمام احلرمني (ت‪278‬هـ)‪" :‬وأما ما ذكره القاضي من املسلك األول ففي طرد كالم‬
‫الشافعي ما يدرؤوه ‪ ...‬وأما ما ذكره من خروج األمر عن الضبط‪ ،‬واملصري ل ى‬
‫ورهطه"(‪.)4‬‬ ‫احنالل‪ ،‬ورد األمر ل ى آراء ذوي األحالم؛ فهذا لمنا يلزم مالكا‬
‫وجند الغزايل (ت‪818‬هـ) هنا وافق قول لمام احلرمني (ت‪278‬هـ) من جهة‬
‫الفرق بني مذهيب الشافعي ومالك‪ ،‬يف شروط العم ابملصلحة املرسلة؛ أبن الشافعي‬
‫هنجا له يف اعتبار املصلحة‪ ،‬فقال‪" :‬فإن قي ما الفرق بني‬ ‫جع منهج الصحابة‬
‫حيث اتتهى األمر به يف اتباع املصاحل ل ى القت يف‬ ‫مذهبكم‪ ،‬ومذهب مالك‬

‫(‪ )1‬اجلويين‪" ،‬الربهان يف أصول الفقه"‪.746 :4 ،‬‬


‫(‪ )4‬اجلويين‪" ،‬الربهان يف أصول الفقه"‪.711 :4 ،‬‬
‫‪012‬‬

‫التعزير‪ ،‬والضرب جملرد التهمة‪ ،‬وقت ثلث األمة ًلستصالح ثلثيها‪ ،‬ومصادرة مال‬
‫األغنياء عند املصلحة؟ وما الذي منعكم من اتبعاها؟‪ ،‬واحلاجة قد متس ل ى التعزيز‬
‫ابلتهمة؛ فإن األموال حمقوتة‪ ،‬والسارق ًل يقر‪ ،‬ولثباته ابلبينة عسر‪ ،‬وًل وجه إلظهارها‬
‫لًل ابلضرب‪ ،‬وهذه مصلحة ظاهرة‪ ،‬ل ى غري ذلك مما عداها‪.‬‬
‫قلنا‪ :‬الفرق بيننا أتنا تنبهنا ألص عظيم‪ ،‬مل يكرتث مالك به‪ ،‬وهو أان قدمنا‬
‫الصحابة على قضية املصلحة‪ ،‬وك مصلحة يعلم على القطع وقوعها يف زمن‬
‫وامتناعهم عن القضاء مبوجبها فهي مرتوكة‪ ،‬وتعلم على القطع أن‬ ‫الصحابة‬
‫األعصار ًل تنفك عن السرقة‪ ،‬وكان ذلك يكثر يف زمن الصحابة‪ ،‬ومل يعزروا ابلتهمة‪،‬‬
‫ومل يقطعوا قط لساانا يف اهلذر‪ ،‬مع كثرة اهلذران‪ ،‬وًل صادروا غنيا مع كثرة األغنياء‪،‬‬
‫ومسيس احلاجات‪ ،‬وك ما امتنعوا عنه منتنع عنه‪ ،‬ومالك مل ينتبه هلذا األص "(‪.)1‬‬
‫فجع الغزايل (ت‪818‬هـ) الصحابة مرجع النظر املصلحي؛ فك ما يتوقع أته‬
‫حيص يف زمن الصحابة‪ ،‬ومل يقولوا به مصلحي ا‪ ،‬جيب اطراحه ولمهاله‪ ،‬وتنظر ل ى ك‬
‫مصلحة أعملوها فنأخذ هبا‪.‬‬
‫وهذا استدًلل واسع صعب‪ ،‬حيتاج ل ى قياس احلوادث والنوازل يف ك زمن‬
‫على احلوادث والنوازل اليت تزلت ابلصحابة‪ ،‬وهذا من لشكاًلت اًلستدًلل‬
‫ابملصلحة املرسلة‪.‬‬
‫فه صمد لمام احلرمني (ت‪278‬هـ)‪ ،‬والغزايل (ت‪818‬هـ) أمام هذا الشرط‬
‫الصعب حال التنزي ؟‪ .‬هذا ما سيتم مناقشته‪.‬‬

‫(‪ )1‬الغزايل‪" ،‬املنخول"‪266 :1 ،‬ـ ‪.267‬‬


‫الشرط املصلحي بني اجلويين والغزالي ‪ -‬قراءة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪013‬‬
‫املطلب اخلامس‪ :‬الشرط املصلحي عنّ اإلمام الشافعي لبعض أئمة الشافعية‬
‫غري أن املاوردي (ت‪281‬هـ)‪ ،‬والغزايل (ت‪818‬هـ) ذكرا قولني يف حجية‬
‫"اًلستدًلل املرس " عن الشافعي؛ أحدمها‪ :‬رد ك استدًلل مرس ؛ مل يشهد له أص‬
‫معني‪ ،‬فيكون كرأي الباقالين (ت‪211‬هـ)‪ .‬واآلخر‪ :‬يقرب من رأي اإلمام مالك يف‬
‫مسلكان‪ :‬حيصر يف أحدمها التمسك‬ ‫هذا‪ ،‬قال الغزايل (ت‪818‬هـ)‪" :‬وللشافعي‬
‫يف الشبه‪ ،‬أو املخي ‪ ،‬الذي يشهد له أص معني‪ ،‬ويرد ك استدًلل مرس ‪ .‬ويف‬
‫املسلك الثاين‪ :‬يصحح اًلستدًلل املرس ‪ ،‬ويقرب فيه من مالك‪ ،‬ولن خالفه يف‬
‫وأتباعه‬ ‫مسائ "(‪)1‬؛ هلذا قال لمام احلرمني (ت‪278‬هـ)‪" :‬ولن أخذ مالك‬
‫يقربون وجه الرأي من القواعد الثابتة يف الشريعة؛ فالذي جاءوا به مذهب الشافعي‬
‫"(‪.)4‬‬
‫فالتقى هنا اإلمام مالك مع اإلمام الشافعي‪ ،‬يف ضابط اًلستدًلل املرس ؛‬
‫ل ى أن التمسك‬ ‫وبني هذا الزجناين (ت‪686‬هـ) ملا قال‪ " :‬ذهب الشافعي‬
‫ابملصاحل املستندة ل ى كلي الشرع‪ ،‬ولن مل تكن مستندة ل ى اجلزئيات اخلاصة املعينة‬
‫جائز"(‪ ،)1‬مث طفق يذكر األمثلة اليت تبني هذا األص عند الشافعي‪ ،‬وهو عائد‬

‫(‪ )1‬اتظر‪ :‬الغزايل‪" ،‬املنخول"‪.282 :1 ،‬‬


‫(‪ )4‬اجلويين‪" ،‬الربهان يف أصول الفقه"‪742 :4 ،‬؛ واتظر أيضا‪" :‬الربهان"‪ ،748 :4 ،‬فقد أعاد‬
‫معىن الكالم‪.‬‬
‫(‪ )1‬الزجناين‪ ،‬أبو املناقب شهاب الدين حممود‪" .‬ختريج الفروع على األصول"‪ .‬حتقيق‪ :‬حممد‬
‫الصاحل‪( ،‬ط‪ ،8‬بريوت‪ :‬مؤسسة الرسالة‪1212 ،‬هـ)‪.141 :1 ،‬‬
‫‪010‬‬

‫للمصاحل املرسلة اليت مل أيت خبصوصها تص‪.‬‬


‫وهذا يربز لنا لشكال استدًليل مصلحي‪ ،‬مناطه الرتدد يف الشرط املصلحي؛‬
‫فلم يص لمام احلرمني (ت‪278‬هـ)‪ ،‬والغزايل (ت‪818‬هـ) لرأي حمرر حول رأي‬
‫اإلمامني مالك والشافعي يف أص أخذهم ابملصلحة املرسلة‪ ،‬وًل حَت يف ضوابطهم‬
‫للعم ابملصلحة املرسلة‪.‬‬
‫أما املاوردي (ت‪281‬هـ) فقسم اًلجتهاد مثاتية أقسام‪ ،‬جع آخرها اًلجتهاد‬
‫القائم على املصلحة‪ ،‬اليت مل أيت فيها تص وًل أص ‪ ،‬ومساه‪" :‬اًلجتهاد املستخرج من‬
‫غري تص‪ ،‬وًل أص "‪ ،‬ذكر وجهني يف صحته عند الشافعية؛ أحدمها‪ :‬املنع‪ ،‬وعل‬
‫ذلك‪ :‬أبته ًل جيوز أن يرجع يف الشرع ل ى غري أص ‪ ،‬وذكر أبته ظاهر مذهب‬
‫الشافعي‪ .‬الثاين‪ :‬الصحة‪ ،‬وكأته ميي لليه؛ ألن اًلجتهاد أص بذاته‪ ،‬فال يفتقر ل ى‬
‫أص ؛ ويدل لذلك‪ :‬أبن العلماء اجتهدوا يف التعزير ـ على ما دون احلدود ـ آبرائهم يف‬
‫أصله‪ :‬من ضرب وحبس‪ ،‬ويف تقديره‪ :‬بعشر جلدات يف حال‪ ،‬وبعشرين يف أخرى‪،‬‬
‫وبثالثني يف أخرى‪ ،‬وليس هلم يف هذه املقادير أص مشروع(‪.)1‬‬
‫املطلب السادس‪ :‬مناقشة الفرق الذي أبّاه اجلويين‪ ،‬بني اإلمامني مالك‬
‫والشافعي يف الشرط املصلحي‬
‫أ‪-‬الذي يظهر ‪ -‬وهللا أعلم ‪ -‬أن الفرق الذي أبداه وأكده لمام احلرمني‬
‫(ت‪ 278‬هـ) بني اإلمامني مالك والشافعي يف العم ابملصلحة املرسلة‪ً ،‬ل يتنزل‬

‫(‪ )1‬اتظر‪ :‬أبو احلسن علي بن حممد بن حممد بن حبيب املاوردي‪ ،‬البصري البغدادي‪" .‬احلاوي‬
‫الكبري"‪( .‬بريوت‪ :‬دار الفكر)‪.146 :16 ،‬‬
‫الشرط املصلحي بني اجلويين والغزالي ‪ -‬قراءة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪011‬‬
‫واضحا على املسائ واألحكام؛ فهو فرق تظري غري عملي؛ ألتنا ابستقراء العم‬
‫بضبط "اًلستدًلل املرس " جنده يعود ألمرين‪ً ،‬ل اثلث هلما‪ :‬املناسبة اليت تشم‬
‫الشرعية والعقلية‪ ،‬واتتفاء املعارض اخلاص املعترب هلذه املصلحة من النصوص؛ فإذا‬
‫حتقق هذان الشرطان أخذ ابملصلحة املرسلة‪ ،‬عند ك العلماء؛ وهلذا فإن الغزايل‬
‫(ت‪818‬هـ) قال يف مسألة‪ :‬املرأة لذ أذتت لوليني يزوجاهنا؛ فزوجاها‪ ،‬وًل يعرف‬
‫أسبقهما‪ " :‬وقد اختلف فيها قول الشافعي‪ ،‬وهو دلي ميله ل ى املصاحل ورعايتها؛ لذ‬
‫هذه املسألة ًل تظري هلا‪ :‬فالعسر احلاص ابلنسيان مل يرد قط يف الشرع معتربا يف فسخ‬
‫العقد؛ ولكنه ‪ -‬على اجلملة ‪ -‬مالئم جلنس تصرفات الشرع؛ فإن الشرع يرى فسخ‬
‫العقود‪ :‬لذا تعذر امضاؤها"(‪.)1‬‬
‫فالغزايل أثبت أبته مل يرد هلا تظري يف الشرع‪ ،‬على حسب ما اشرتط اجلويين‪،‬‬
‫ومع ذلك اجتهد فيها الشافعي اجتهادا مصلحيا لوجود املناسبة؛ فلم يتوقف الشافعي‬
‫ابًلجتهاد فيها‪ً ،‬لتعدام األص القريب منها‪.‬‬
‫ب‪-‬بني الغزايل (ت‪818‬هـ) ضابط األخذ ابملصلحة املرسلة بكوهنا‪" :‬ك‬
‫معىن مناسب للحكم‪ ،‬مطرد يف أحكام الشرع‪ً ،‬ل يرده أص مقطوع به‪ ،‬مقدم عليه‬
‫من كتاب‪ ،‬أو سنة‪ ،‬أو لمجاع؛ فهو مقول به‪ ،‬ولن مل يشهد له أص معني"(‪.)4‬‬
‫فنص الغزايل (ت‪818‬هـ) على شروط املصلحة املرسلة‪ ،‬أبته ًل يلزم شهادة‬
‫أص معني هلا لذا كاتت مناسبة‪ :‬أي دل العق عليها‪ ،‬واطردت دًلًلت الشريعة‬

‫(‪ )1‬الغزايل‪" ،‬شفاء الغلي "‪.461 :1 ،‬‬


‫(‪ )4‬الغزايل‪" ،‬املنخول"‪.268 :1 ،‬‬
‫‪011‬‬

‫العامة عليها‪ ،‬وًليرده أص مقطوع من تص قطعي‪ ،‬أو لمجاع‪ ،‬أو قياس‪ ،‬وكأته يرد‬
‫على لمام احلرمني (ت‪278‬هـ) الذي اشرتط شهادة أص معني للمصلحة املرسلة‪،‬‬
‫وهلذا قال الرازي (ت‪616‬هـ)‪" :‬ولًل فعموم كوته وصفا مصلحيا‪ ،‬مشهود له‬
‫ابًلعتبار"(‪.)1‬‬
‫فالغزايل (ت‪818‬هـ) يؤكد دائما أبن مقصد الشريعة القطعي‪ً ،‬ل حيتاج ل ى‬
‫شهادة أص ؛ فقال‪" :‬فهذا مقطوع به من مقصود الشرع واملقطوع به ًل حيتاج ل ى‬
‫شهادة أص "(‪ ،)4‬ب لته يف أساس القياس قال‪" :‬فمهما مل تكن املصلحة من جنس‬
‫املصاحل اليت أمهلها الشرع‪ ،‬فال يبعد اتباعها"(‪)1‬؛ فلم يردها ألص شرعي‪ ،‬لمنا اشرتط‬
‫عدم للغاء ولمهال الشرع هلا‪ ،‬ومل يشرتط هنا كوهنا مقطوعا هبا‪ ،‬مث ذكر أبن هذا الذي‬
‫ذهب لليه الشافعي؛ لذ أخذ الشافعي مبصاحل ًل أص هلا شرع ا‪ ،‬لًل كوته مل يرد ما‬
‫يدفعها‪ ،‬من ذلك مثالني‪:‬‬
‫األول‪ :‬أته قال يف رج وطأ جارية ابنه فأحبلها‪ :‬أن احلَبَ يكون سبب ا‬
‫لنق امللك من اًلبن ل ى األب‪ ،‬من غري وجود تص فيه‪ ،‬وًل وجود أص معني‬
‫يشهد لنق امللك مبث هذا العذر‪ ،‬والعلة املصلحية فيه‪ :‬أن األب يستحق‬
‫ا يإلعفاف على ولده‪ ،‬ومال الولد معرض حلاجة أبيه يف حفظ دينه وتسبه‪ ،‬وقد‬

‫(‪ )1‬الرازي‪" ،‬احملصول للرازي"‪.166 :8 ،‬‬


‫(‪ )4‬الغزايل‪« ،‬املستصفى يف علم األصول»‪.177 :1 ،‬‬
‫(‪ )1‬الطوسي‪ ،‬أبو حامد حممد بن حممد‪" .‬أساس القياس" حتقيق‪ :‬د‪ .‬فهد السدحان‪( ،‬الرايض‪:‬‬
‫مكتبة العبيكان‪1211 ،‬هـ)‪.28 :1 ،‬‬
‫الشرط املصلحي بني اجلويين والغزالي ‪ -‬قراءة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪011‬‬
‫مست حاجة أبيه لليه؛ فينق ملكه ل ى األب‪ ،‬اتباعا للمصلحة‪ ،‬اليت مل يثبت‬
‫من جهة الشرع تق امللك بسببها؛ فاستعمال هذا املعىن يف تق امللك مع تعدي‬
‫األب ابلوطء‪ :‬اتباع مصلحة مرسلة؛ قال هبا الشافعي‪ ،‬مع خلوها عن أص‬
‫شرعي‪.‬‬
‫الثاين‪ :‬الغاصب لذا كثرت تصرفاته يف املال املغصوب؛ فللمالك لجازة‬
‫تصرفاته؛ لذ يعسر تتبع املعاملني‪ ،‬مع أن امللك شرط عند الشافعي لصحة العقد‪ ،‬وما‬
‫يرتتب عليه من تصرف‪ ،‬ولكن لذا كثرت التصرفات‪ ،‬وظهر العسر؛ اقتضت املصلحة‬
‫لجازة هذه التصرفات(‪ ،)1‬مث خلص الغزايل (ت‪818‬هـ) لنتيجة يف املصلحة املرسلة‪:‬‬
‫غلبة الظن يف كوهنا مصلحة؛ فإذ غلب على ظننا كوهنا مصلحة مرسلة اعتربت‪ ،‬ولًل‬
‫اطرحت؛ فقال‪" :‬ك مصلحة مرسلة‪ً ،‬ل تقوله هبا‪ ،‬فسببه أهنا ًل تسلم أهنا أغلب‬
‫الظنون‪ ،‬أو ينقدح لنا يف معارضته ما يدفع ذلك الظن‪ ،‬فلو سلم عن املعارضة لكنا‬
‫تقول به"(‪.)4‬‬
‫ج‪-‬وميكن أن يقال بعد تقرير ما سبق‪ :‬أن ما اشرتطه لمام احلرمني‬
‫(ت‪278‬هـ) شرط كمال‪ً ،‬ل أص ‪ ،‬لالستدًلل ابملصلحة املرسلة؛ ألتنا تقول‪ :‬ماذا‬
‫يقصد لمام احلرمني ابشرتاط وجود أص معني للعم ابملصلحة املرسلة‪ ،‬ه هو أص‬
‫خاص‪ ،‬أو عام؟‪:‬‬
‫‪-1‬فإن كان األص عاما‪ ،‬فال توجد انزلة ًل يوجد هلا أص يف الشرع‪ :‬لما‬

‫(‪ )1‬اتظر‪ :‬الطوسي‪" ،‬أساس القياس"‪28 :1 ،‬ـ ‪.22‬‬


‫(‪ )4‬الطوسي‪" ،‬أساس القياس"‪.22 :1 ،‬‬
‫‪011‬‬

‫بقبول أو رد؛ ألن ك النوازل مرتددة بني أصول شرعية؛ لما أن تكون مصلحتها‬
‫أغلب فتلحق ابملصاحل‪ ،‬أو تكون مفسدهتا أغلب فتلحق ابملفاسد‪ ،‬وًل يعدم أص‬
‫شرعي تلحق به املصاحل واملفاسد؛ هلذا قال الغزايل (ت‪818‬هـ)‪" :‬فقد تبني أن ك‬
‫"مصلحة مرسلة" فال بد أن تشهد أصول الشريعة‪ :‬لما بردها‪ ،‬أو قبوهلا"(‪.)1‬‬
‫وكان الغزايل قد بني هذا األص وشرحه فقال‪" :‬والصحيح أن "اًلستدًلل‬
‫املرس " يف الشرع ًل يتصور‪ ،‬حَت تتكلم فيه بنفي أو أثبات؛ لذ الوقائع ًل حصر هلا‪،‬‬
‫وكذا املصاحل‪ ،‬وما من مسألة تفرض لًل ويف الشرع دلي عليها‪ :‬لما ابلقبول‪ ،‬أو ابلرد؛‬
‫فإان تعتقد استحالة خلو واقعة عن حكم هللا تعا ى؛ خالف ا ملا قاله القاضي"(‪.)4‬‬
‫وبني جتاذب املصاحل واملفاسد لك واقعة‪ ،‬فال خترج عنها‪" :‬فالوقائع لن وقعت‬
‫يف جاتب الضبط أحلق به‪ ،‬ولن وقعت يف اجلاتب اآلخر أحلق به‪ ،‬ولن ترددت‬
‫بينهما‪ ،‬وجتاذبه الطرفان أحلق أبقرهبما‪ ،‬وًل بد وأن يلوح الرتجيح ًل حمالة؛ فخرج به‪:‬‬
‫أن ك مصلحة تتخي يف ك واقعة حمتوشة ابألصول املتعارضة‪ً ،‬ل بد أن تشهد‬
‫حمال‬
‫األصول لردها‪ ،‬أو قبوهلا؛ فأما تقدير جرايهنا مهمالا غفالا‪ً ،‬ل يالحظ أصالا‪ٌ :‬‬
‫ختيله"(‪.)1‬‬
‫‪-2‬أما لن كان يقصد لمام احلرمني (ت‪ 278‬هـ) بـ ـ ـ "األص " األص اخلاص فهذا‬
‫هو القياس‪ ،‬هو خارج عن حد اًلستدًلل املرس ؛ فالقياس لحلاق فرع أبص ملعىن‬

‫(‪ )1‬الغزايل‪" ،‬املنخول"‪.262 :1 ،‬‬


‫(‪ )4‬الغزايل‪" ،‬املنخول"‪.261 :1 ،‬‬
‫(‪ )1‬الغزايل‪" ،‬املنخول"‪.264 :1 ،‬‬
‫الشرط املصلحي بني اجلويين والغزالي ‪ -‬قراءة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪011‬‬
‫خاص جامع بينهما‪ ،‬وهذا ما أكده الغزايل (ت‪818‬هـ) بقوله‪" :‬أما ما شهد الشرع‬
‫ًلعتبارها فهي حجة‪ ،‬ويرجع حاصلها ل ى القياس‪ ،‬وهو اقتباس احلكم من معقول النص‪،‬‬
‫واإلمجاع"(‪ ،)1‬ويف موضع آخر قال‪" :‬ولن اعتضد أبص فذاك القياس"(‪.)4‬‬
‫فإذا اشرتطنا يف املصلحة املرسلة وجود دلي خاص‪ ،‬عدان ابملسألة ل ى القياس‪،‬‬
‫ويكون الكالم ًل فائدة منه؛ وهلذا قال الزركشي (ت‪722‬هـ) فيما تقله عن‬
‫اخلوارزمي"‪ :‬لن ظاهر كالم الشافعي يقتضي اعتبارها‪ ،‬وتعليق أحكام الشرع هبا‪ .‬لكن‬
‫لذا قيدانه هبذا اتسلخت املسألة من املصاحل املرسلة‪ ،‬فإته لذا شرط التقريب من‬
‫األصول املمهدة‪ ،‬وفسره ابملالءمة‪ ،‬كان من ابب القياس يف األسباب‪ ،‬فيكون من‬
‫قسم املعترب‪ ،‬وبه خيرج عن اإلرسال‪ ،‬ويعود النزاع لفظيا"(‪.)1‬‬
‫وقبله قال الرازي (ت‪616‬هـ)‪ " :‬أعلم أن املصاحل ابإلضافة ل ى شهادة الشرع‬
‫ثالثة أقسام‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬ما شهد الشرع ابعتباره‪ ،‬وهو القياس الذي تقدم شرحه"(‪)2‬‬

‫فك ما شهد له اًلعتبار‪ ،‬بوجه اخلصوص‪ ،‬كان من القياس‪ً ،‬ل من املصاحل‬


‫املرسلة‪.‬‬
‫فأضحى الشرط الذي دار حوله لمام احلرمني(ت‪278‬هـ) وجعله أبرز ما مييز‬

‫(‪ )1‬الغزايل‪« ،‬املستصفى يف علم األصول»‪.171 :1 ،‬‬


‫(‪ )4‬الغزايل‪« ،‬املستصفى يف علم األصول»‪.178 :1 ،‬‬
‫(‪ )1‬الزركشي‪" ،‬البحر احمليط"‪.88 :8 ،‬‬
‫(‪ )2‬الرازي‪" ،‬احملصول للرازي"‪.164 :6 ،‬‬
‫‪011‬‬

‫اإلمام الشافعي عن ا يإلمام مالك‪ ،‬وهو‪ :‬وجود أص يشهد للمصلحة املرسلة‪ً ،‬ل معىن‬
‫له‪ ،‬حال التنزي والتطبيق على املسائ الفقهية‪ ،‬ولو وجد فهو أكم ‪ ،‬لكن ًل يتوقف‬
‫العم ابملصلحة املرسلة عليه‪.‬‬
‫وهو ما أكده الزجناين (ت‪686‬هـ) ملا قاب بني رأي اإلمامني الشافعي‪ ،‬وأيب‬
‫ل ى أن التمسك ابملصاحل املستندة ل ى كلي‬ ‫حنيفة‪ ،‬فقال‪" :‬ذهب الشافعي‬
‫الشرع‪ ،‬ولن مل تكن مستندة ل ى اجلزئيات اخلاصة املعينة جائز ‪.)1("...‬‬
‫وضرب لذلك مثاًل‪ :‬بضبط العم الكثري والعم القلي املبط للصالة؛‬
‫فالكثري ما يعتقده الناظر لليه متحلالا عن الصالة وخارج ا عنها‪ ،‬كما لو اشتغ‬
‫ابخلياطة والكتابة؛ فهذا مبط للصالة‪ ،‬والعم القلي ما ًل يعتقد الناظر مرتكبه‬
‫خارج ا عن الصالة؛ كتسوية ردائه‪ ،‬ومسح شعره‪ ،‬مث قال‪" :‬وليس هلذا التقدير أص‬
‫خاص يستند لليه‪ ،‬ولمنا استند ل ى أص كلي‪ ،‬وهو أته قد تقرر يف كليات الشرع‪ :‬أن‬
‫الصالة مشروعة للخشوع‪ ،‬واخلضوع؛ فما دام اإلتسان على هيئة اخلشوع يعد مصلي ا‪،‬‬
‫ولذا اخنرم ذلك ًل يعد مصليا"(‪ .)4‬وهنا الشافعي مل يشبه ذلك أبص خاص‪ ،‬ب‬
‫اعتمد على املعىن الكلي‪.‬‬
‫ومثله أيضا قت اجلماعة ابلواحد الذي أخذ به الشافعي؛ فعقب عليه الزجناين‬
‫(ت‪686‬هـ) بقوله‪" :‬وهذه مصلحة‪ ،‬مل يشهد هلا أص معني يف الشرع‪ ،‬وًل دل عليها‬
‫تص كتاب وًل سنة‪ ،‬ب هي مستندة ل ى كلي الشرع‪ ،‬وهو حفظ قاتوته يف حقن‬

‫(‪ )1‬الزجناين‪" ،‬ختريج الفروع على األصول"‪.141 :1 ،‬‬


‫(‪ )4‬الزجناين‪" ،‬ختريج الفروع على األصول"‪.141 :1 ،‬‬
‫الشرط املصلحي بني اجلويين والغزالي ‪ -‬قراءة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪011‬‬
‫الدماء؛ مبالغة يف حسم مواد القت ‪ ،‬واستبقاء جنس اإلتس"(‪.)1‬‬
‫د‪-‬ومن هنا‪ :‬جند األبياري (ت‪616‬هـ) يرد على لمام احلرمني (ت‪278‬هـ) يف‬
‫تفريقه بني مذهب اإلمام مالك‪ ،‬واإلمام الشافعي‪ ،‬وقرر اتتفاء الفرق بني املذهبني‪،‬‬
‫فقال‪" :‬وعلى اجلملة‪ :‬فليس بني مذهب مالك والشافعي فرق بوجه‪ ،‬وأما اإلمام ـ‬
‫سبيال‬
‫يقصد لمام احلرمني ـ فإته يقصد أن يفرق بني املذهبني‪ ،‬وهو ًل جيد ل ى ذلك ا‬
‫أبدا"(‪ ،)4‬وقال‪ " :‬فقد قدمنا أن مذهب مالك‪ ،‬هو مذهب الشافعي بعينه"(‪.)1‬‬
‫ا‬
‫مث بني األبياري (ت‪616‬هـ) شروط األخذ ابملصلحة بقوله "فإ اذا الصحيح‪:‬‬
‫اعتبار املصاحل على حسب ما قررانه‪ ،‬لذا مل تناقض األصول‪ ،‬ومل يوجد يف الشرع ما‬
‫يصد عنها‪ ،‬وخلت عن املعارض"(‪)2‬؛ فذكر هلا ثالثة شروط‪ :‬أًل تناقض ‪ -‬أي‬
‫ختالف ‪ -‬أصالا شرعي ا عام ا‪ .‬وأًل يدفع املصلحة تص خاص‪ .‬وأًل تعارضها مصلحة‬
‫أو مفسدة أقوى منها‪.‬‬
‫ويتقارب البغدادي (ت‪611‬هـ)‪ ،‬مع األبياري (ت‪616‬هـ) لذ يقول‪ً" :‬ل تظهر‬
‫خمالفة الشافعي ملالك يف املصاحل‪ ،‬فإن مالكا يقول‪ :‬لن اجملتهد لذا استقرأ موارد الشرع‬
‫ومصادره‪ ،‬أفضى تظره ل ى العلم برعاية املصاحل يف جزئياهتا وكلياهتا‪ ،‬وأن ًل مصلحة‬
‫لًل وهي معتربة يف جنسها‪ ،‬لكنه استثىن من هذه القاعدة ك مصلحة صادمها أص‬

‫(‪ )1‬الزجناين‪" ،‬ختريج الفروع على األصول"‪.144 :1 ،‬‬


‫(‪ )4‬اتظر‪ :‬علي اإلبياري‪" ،‬التحقيق والبيان يف شرح الربهان يف أصول الفقه"‪ .‬حتقيق‪ :‬د‪ .‬علي‬
‫اجلزائري‪( ،‬ط‪ ،1‬الكويت‪ :‬دار الضياء‪1212 ،‬هـ)‪.128 :2 ،‬‬
‫(‪ )1‬تفسه‪.122 :2 ،‬‬
‫(‪ )2‬تفسه‪.181 :2 ،‬‬
‫‪012‬‬

‫من أصول الشريعة‪ ،‬قال‪ :‬وما حكاه أصحاب الشافعي عنه‪ً ،‬ل يعدو هذه‬
‫املقالة"(‪.)1‬‬
‫ه‪-‬وأكد ذلك القرايف (ت‪682‬هـ) لذ بني أبن ك العلماء يكتفون مبجرد‬
‫املناسبة يف املصاحل املرسلة(‪ ،)4‬وقال الزركشي (ت‪722‬هـ)‪" :‬فإن العلماء يف مجيع‬
‫املذاهب يكتفون مبطلق املناسبة‪ ،‬وًل معىن للمصلحة املرسلة لًل ذلك"(‪ ،)1‬دون ما‬
‫يذكره لمام احلرمني من اشرتاط أص خاص يشهد لتلك املصلحة‪ ،‬حَت لن ابن‬
‫السبكي (ت‪771‬هـ) قال يف اًلستدًلل املرس ‪" :‬قبله مالك مطلقا‪ ،‬وكاد لمام‬
‫احلرمني يوافقه‪ ،‬مع مناداته عليه ابلنكري"(‪ ،)2‬وكالم ابن السبكي صحيح؛ لذ أقام‬
‫لمام احلرمني كثريا من املسائ خصوصا يف "الغياثي" على املصلحة املرسلة‪ ،‬دون‬
‫وجود شاهد خاص يشهد هلا‪ ،‬كما سيأيت إبذن هللا يف املبحث الرابع‪.‬‬
‫و‪-‬لذا جند لمام احلرمني (ت‪278‬هـ) تفسه‪ ،‬عاد وبني أبن اإلمام مالكا أخذ‬

‫(‪ )1‬الزركشي‪" ،‬البحر احمليط"‪ .82 :8 ،‬وكتاب" جنة الناظر‪ ،‬وجنة امل ي‬
‫ناظر" يف اجلدل‪ ،‬إلمساعي‬
‫ُ ُ‬
‫بن علي البغدادي غالم ابن امليين(ت‪611‬هـ) بكسر امليم‪ ،‬وتشديد النون وكسرها‪ ،‬أحد‬
‫علماء احلنابلة يف عصره‪ ،‬مفقود‪ ،‬أخذ ابن قدامة (ت‪641‬هـ) غالب هذا اًلسم لكتابه‪:‬‬
‫"روضة الناظر‪ ،‬وجنة املناظر" منه‪ .‬اتظر‪" :‬األقوال األصولية أليب حممد لمساعي بن علي‬
‫البغدادي‪ ،‬يف مسائ احلكم واألدلة الشرعية‪ ،‬ودًلًلت األلفاظ" د‪ .‬أمحد السراح‪ .‬حبث‬
‫حمكم يف جملة احلكمة‪ ،‬العدد (‪.121 :1 ،)11‬‬
‫(‪ )4‬اتظر‪ :‬القرايف‪" ،‬شرح تنقيح الفصول"‪.122 :1 ،‬‬
‫(‪ )1‬الزركشي‪" ،‬البحر احمليط يف أصول الفقه"‪.478 :7 ،‬‬
‫(‪ )2‬السبكي‪" ،‬مجع اجلوامع"‪.241 :1 ،‬‬
‫الشرط املصلحي بني اجلويين والغزالي ‪ -‬قراءة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪013‬‬
‫ابملصاحل املرسلة‪ ،‬وفق ضوابط ومنهج الصحابة‪ ،‬لكنه رمبا مل حيط حبقائقها أحياان؛‬
‫فقال‪ " :‬وًل جيوز التعلق عندان بك مصلحة‪ ،‬ومل ير ذلك أحد من العلماء‪ ،‬ومن ظن‬
‫ذلك مبالك فقد أخطأ؛ فإته قد اختذ من أقضية الصحابة أصوًلا‪ ،‬وشبه هبا‬
‫مأخذ الوقائع؛ فمال فيما قال ل ى فتاويهم وأقضيتهم؛ فإذا مل ير اًلسرتسال يف‬
‫املصاحل‪ ،‬ولكنه مل حيط بتلك الوقائع على حقائقها"(‪.)1‬‬
‫مث وقع ما مياثلها أو‬ ‫فإذا وجدت قضااي مصلحية حكم هبا الصحابة‬
‫يقارهبا يف عهد لمام من األئمة؛ فك األئمة يقربون ويشبهون األحكام هبا؛ فإن‬
‫تطابقت أخذوا بنفس احلكم‪ ،‬ولن تقاربت قربوا وشبهوا احلكم هبا مقاربة ًل مطابقة‬
‫ومماثلة‪ ،‬ولن تباعدت تزعوا ًلجتهاد مصلحي‪ ،‬معتربين أبصول الشرع‪.‬‬
‫ومن أج ما سبق تعجب الطاهر بن عاشور (ت‪1121‬هـ) من موقف لمام‬
‫احلرمني (ت‪278‬هـ) من املصلحة املرسلة حيث قال‪" :‬ولين ألعجب فَرط العجب من‬
‫لمام احلرمني ‪ -‬على جاللة علمه‪ ،‬وتفاذ فهمه ‪ -‬كيف تردد يف هذا املقام"(‪،)4‬‬
‫ويقصد برتدده يف األخذ ابملصلحة املرسلة أتصيالا‪ ،‬واحلقيقة أن تردد لمام احلرمني مل‬
‫يكن كلي ا‪ ،‬ب جزئيا من أتثري الباقالين (ت‪211‬هـ) عليه من جهة األصول؛ وهلذا ملا‬
‫جاء للتنزي ‪ ،‬ولقامة األحكام العملية يف كتابه "الغياثي" بىن غالبه‪ ،‬لن مل تق كله‬
‫على املصلحة املرسلة؛ لذ حترر من أتصيالت الباقالين اليت ًلزمته يف أصول الفقه‪.‬‬

‫(‪ )1‬اجلويين‪" ،‬الربهان يف أصول الفقه"‪.781 :4 ،‬‬


‫(‪ )4‬ابن عشور‪" ،‬مقاصد الشريعة اإلسالمية"‪.448 :1 ،‬‬
‫‪010‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬الشرط املصلحي عنّ الغزالي‬
‫املطلب األوَّل‪ :‬تّرج الغزالي يف اعتبار شروط املصلحة‬
‫الفرع األوَّل‪ :‬املنخول‪ ،‬وأساس الدقياس‪.‬‬
‫لذا تظران للغزايل (ت‪818‬هـ) جنده حص له تدرج يف كتبه ابًلستدًلل‬
‫ابملصلحة املرسلة من السعة ل ى الضيق؛ ففي "املنخول"‪ ،‬و"أساس القياس" وسع‬
‫اًلستدًلل بك مصلحة‪ :‬مناسبة‪ً ،‬ل يعارضها تص خاص فقال‪ " :‬ك معىن‬
‫مناسب للحكم‪ ،‬مطرد يف أحكام الشرع‪ً ،‬ل يرده أص مقطوع به‪ ،‬مقدم عليه من‬
‫كتاب‪ ،‬أو سنة أو لمجاع؛ فهو مقول به‪ ،‬ولن مل يشهد له أص معني"(‪ ،)1‬وقال‪:‬‬
‫"فمهما مل تكن املصلحة من جنس املصاحل اليت أمهلها الشرع‪ ،‬فال يبعد اتباعها"(‪.)4‬‬
‫فاشرتط‪:‬‬
‫‪-1‬املناسبة حبيث تدركها العقول‪.‬‬
‫‪-2‬تكون مطردة مع أحكام الشرع مبعىن أهنا تناسب وتقيم أحكام الشرع‪.‬‬
‫‪ً-3‬ل تصادم‪ ،‬وًل تعارض أدلة أقوى منها‪ ،‬من النص‪ ،‬واإلمجاع‪ ،‬والقياس‪ .‬ومل‬
‫يقيد ذلك بكوهنا ضرورية‪ ،‬وًل حاجية‪ ،‬وًل حتسينية‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬شفاء الغليل‪.‬‬
‫لكنه يف "شفاء الغلي " قصر العم ابملصلحة يف احلاجيات والضرورات دون‬
‫التحسينيات حيث قال‪" :‬وأن املقصود قد يقع يف حم احلاجة‪ ،‬وقد يقع يف حم‬

‫(‪ )1‬الغزايل‪" ،‬املنخول"‪.268 :1 ،‬‬


‫(‪ )4‬الطوسي‪" ،‬أساس القياس"‪.28 :1 ،‬‬
‫الشرط املصلحي بني اجلويين والغزالي ‪ -‬قراءة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪011‬‬
‫الضرورة؛ وقد يعلم كوهنا مقصودا من جهة الشرع على القطع‪ ،‬وقد يظن ذلك‪ .‬وك‬
‫ذلك من طرق املناسبات"(‪)1‬؛ فهي معتربة من جهة الشرع‪.‬‬
‫مث عل وبني سبب جتويزه احلاجيات والضرورات‪ ،‬دون التحسينيات؛ أبن هذا‬
‫وضع للشرع ابلرأي أقرب ما يكون ل ى اًلستحسان‪ ،‬فقال‪" :‬فالواقع منها يف هذه‬
‫الرتبة األخرية ـ يقصد التحسينيات‪ً ،‬ل جيوز اًلستمساك هبا‪ :‬ما مل يعتضد أبص معني‬
‫ورد من الشرع احلكم فيه على وفق املناسبة؛ مث لذا اتفق لك‪ ،‬فنحه منه على عاللة‬
‫كما قدمناه؛ فأما لذا مل يرد من الشرع حكم على وفقه‪ ،‬فاتباعه وضع للشرع ابلرأي‬
‫واًلستحسان؛ وهو منصب الشارعني ‪ ...‬أما الواقع من املناسبات يف رتبة الضرورات‬
‫أو احلاجات‪ ،‬كما فصلناها ‪ -‬فالذي تراه فيها‪ :‬أته جيوز اًلستمساك هبا‪ ،‬لن كان‬
‫مالئم ا لتصرفات الشرع‪ .‬وًل جيوز اًلستمساك هبا‪ :‬لن كان غريب ا‪ً ،‬ل يالئم‬
‫القواعد"(‪.)4‬‬
‫وذكر هلذا مثاًلا‪ :‬لذا طبق احلرام وجه األرض‪ ،‬أو على انحية من البالد؛‬
‫فجوز الغزايل (ت‪818‬هـ) األخذ مبا هو أكثر من الضرورة ل ى احلاجة؛ اعتمادا على‬
‫املصلحة‪ ،‬لرفع العسر والضيق عن الناس؛ فقال‪ " :‬لو طبق احلرام طبقة األرض‪ ،‬أو‬
‫خطة انحية‪ ،‬وعسر اًلتتقال منها‪ ،‬واحنسمت وجوه املكاسب الطيبة على العباد‪،‬‬
‫ومست حاجتهم ل ى الزايدة على قدر سد الرمق من احلرام؛ ودعت املصلحة لليه‪،‬‬
‫فه يسلطون على تناول قدر احلاجة من احلرام‪ ،‬ألج املصلحة؟ فإن أبيتم ذلك‪:‬‬

‫(‪ )1‬الغزايل‪" ،‬شفاء الغلي "‪.168 :1 ،‬‬


‫(‪ )4‬الغزايل‪" ،‬شفاء الغلي "‪418 :1 ،‬ـ ‪.412‬‬
‫‪011‬‬

‫خالفتم وجه املصلحة‪ ،‬ولن رأيتم ذلك‪ :‬اخرتعتم أمرا بدعا ًل يالئم وضع الشرع‪ .‬قلنا‪:‬‬
‫لن اتفق ذلك ‪ -‬ولع مزاج العصر قريب مما صوره السائ ‪ -‬فيجوز لك واحد أن‬
‫يزيد على قدر الضرورة‪ ،‬ويرتقى ل ى قدر احلاجة يف األقوات واملالبس واملساكن؛ ألهنم‬
‫لو اقتصروا على سد الرمق‪ :‬لتعطلت املكاسب‪ ،‬واتبرت النظام‪ ،‬ومل يزل اخللق يف‬
‫مقاساة ذلك ل ى أن يهلكوا‪ .‬وفيه خراب أمر الدين‪ ،‬وسقوط شعائر اإلسالم‪ ،‬فلك‬
‫واحد أن يتناول مقدار احلاجة‪ ،‬وًل ينتهي ل ى حد الرتفه والتنعم والشبع"(‪)1‬؛ فقصر‬
‫ذلك على احلاجيات‪ ،‬دون التحسينيات‪.‬‬
‫وهلذا قال األبياري (ت‪616‬هـ) يف عد املذاهب يف املصلحة املرسلة‪:‬‬
‫"واملذهب الرابع‪ :‬ما ذهب لليه أبو حامد‪ ،‬وهو أن املناسب الذي ًل يشهد له أص‬
‫اقعا يف الرتبة األخرية من رتب املناسبات‪ ،‬مل يقب ‪ .‬واختلف قوله يف‬
‫معني‪ ،‬لن كان و ا‬
‫الواقع يف الرتبة املتوسطة‪ ،‬وهي رتبة احلاجات‪ ،‬فقبله يف "شفاء الغلي "‪ ،‬ورده يف‬
‫"املستصفى"‪ ،‬وهو آخر مصنفاته"(‪.)4‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬املستصفى‪.‬‬
‫مث ضي ق هذا املعىن يف "املستصفى" وهو آخر مصنفاته األصولية‪ ،‬وجع‬
‫املصلحة املناسبة اليت ترجع ل ى أص عائدة ل ى حقيقة القياس‪ ،‬فقال‪ " :‬املصلحة‬
‫ابإلضافة ل ى شهادة الشرع ثالثة أقسام‪ :‬قسم شهد الشرع ًلعتبارها‪ ،‬وقسم شهد‬
‫لبطالهنا‪ ،‬وقسم مل يشهد الشرع ًل لبطالهنا وًل ًلعتبارها‪ .‬أما ما شهد الشرع‬

‫(‪ )1‬الغزايل‪" ،‬شفاء الغلي "‪.428 :1 ،‬‬


‫(‪ )4‬اإلبياري‪" ،‬التحقيق والبيان"‪.111 :2 ،‬‬
‫الشرط املصلحي بني اجلويين والغزالي ‪ -‬قراءة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪011‬‬
‫ًلعتبارها فهي حجة‪ ،‬ويرجع حاصلها ل ى القياس‪ ،‬وهو اقتباس احلكم من معقول‬
‫النص‪ ،‬واإلمجاع"(‪ ،)1‬ويف موضع آخر قال‪" :‬ولن اعتضد أبص فذاك القياس"(‪،)4‬‬
‫وهذا القسم الذي مساه لمام احلرمني (ت‪278‬هـ) "اًلستدًلل املرس " عند الشافعي‪،‬‬
‫ولن كان الغزايل أرجع حقيقته ل ى القياس‪.‬‬
‫وأما ما وقع يف رتبة احلاجيات والتحسينيات فلم جيوزه‪ ،‬وعل هذا‪ :‬ألته جيري‬
‫جمرى وضع الشرع ابلرأي‪ ،‬وقاسه على اًلستحسان؛ فقال‪" :‬الواقع يف الرتبتني‬
‫األخريتني ‪ -‬يقصد احلاجيات والتحسينيات ‪ً -‬ل جيوز احلكم مبجرده‪ ،‬لن مل يعتضد‬
‫بشهادة أص ؛ ألته جيري جمرى وضع الشرع ابلرأي فهو كاًلستحسان"(‪.)1‬‬
‫مث بعد هذا ذكر رتبة الضرورات وأجازها بشرط كوهنا‪ :‬ضرورية‪ ،‬قطعية‪ ،‬كلية‪،‬‬
‫حَت ولو مل يشهد هلا أص معني فقال‪" :‬أما الواقع يف رتبة الضرورات‪ :‬فال بُعد يف أن‬
‫يؤدي لليه اجتهاد جمتهد‪ ،‬ولن مل يشهد له أص معني"(‪.)2‬‬
‫ومث هلذا مبثال‪ :‬الكفار لذا ترتسوا ببعض املسلمني‪ ،‬وأردوا وطأ بالد املسلمني‬
‫واتتهاك حرماهتم؛ فجوز قت الرتس من املسلمني يف سبي دفع الكفار‪ ،‬وصدهم عن‬
‫بالد املسلمني‪ ،‬وهذا ًل أص له يشهد شرع ا‪ ،‬لًل املصلحة؛ ألن هذا التفااتا ل ى‬
‫مصلحة علمت قطعا من مقصود الشرع‪ ،‬وهو تقلي القت ‪ ،‬وبني وجه هذا بقوله‪:‬‬

‫(‪ )1‬الغزايل‪« ،‬املستصفى يف علم األصول»‪.171 :1 ،‬‬


‫(‪ )4‬الغزايل‪« ،‬املستصفى يف علم األصول»‪.178 :1 ،‬‬
‫(‪ )1‬تفسه ‪.178 :1‬‬
‫(‪ )2‬تفسه ‪.178 :1‬‬
‫‪011‬‬

‫"وكان هذا التفااتا ل ى مصلحة ُعلم ابلضرورة كوهنا مقصود الشرع‪ً ،‬ل بدلي واحد‪،‬‬
‫وأص معني‪ ،‬ب أبدلة خارجة عن احلصر‪ ،‬لكن حتصي هذا املقصود هبذا الطريق‪:‬‬
‫وهو قت من مل يذتب غريب‪ ،‬مل يشهد له أص معني؛ فهذا مثال مصلحة غري‬
‫مأخوذة بطريق القياس‪ ،‬على أص معني‪ .‬واتقدح اعتبارها ابعتبار ثالثة أوصاف‪ :‬أهنا‬
‫ضرورية‪ ،‬قطعية‪ ،‬كلية"(‪.)1‬‬
‫فهذه شروط الغزايل (ت‪818‬هـ) يف املصلحة املرسلة يف "املستصفى" الذي‬
‫هو آخر كتبه األصولية كوهنا‪ :‬ضرورية‪ ،‬ويقابلها التحسينية واحلاجية‪ ،‬فلم جيوز األخذ‬
‫هبما‪ ،‬وكوهنا قطعية‪ ،‬ويقابلها‪ :‬الظنية أو املتومهة‪ ،‬ومل جيوز األخذ هبما‪ ،‬وكوهنا كلية‪:‬‬
‫ويقابلها اجلزئية‪ ،‬فلم جيوز األخذ هبا‪ ،‬قال الشاطيب (ت‪721‬هـ)‪" :‬وذهب الغزايل ل ى‬
‫أن املناسب لن وقع يف رتبة التحسني والتزيني مل يعترب حَت يشهد له أص معني‪ ،‬ولن‬
‫وقع يف رتبة الضروري فميله ل ى قبوله‪ ،‬لكن بشرط‪ .‬قال‪ :‬وًل يبعد أن يؤدي لليه‬
‫اجتهاد جمتهد‪ .‬واختلف قوله يف الرتبة املتوسطة‪ ،‬وهي رتبة احلاجي‪ ،‬فرده يف‬
‫"املستصفى " وهو آخر قوليه‪ ،‬وقبله يف " شفاء العلي " كما قب ما قبله"(‪.)4‬‬
‫يف شرطه املصلحي‬ ‫املطلب الثاني‪ :‬اضطراب الغزالي‬
‫ملا تنظر للغزايل (ت‪818‬هـ) جند له توع اضطراب يف تقرير املصلحة املرسلة‬
‫بشروطها‪ ،‬حَت يف "املستصفى"‪ ،‬يظهر من اآليت‪:‬‬
‫‪-1‬جوز ختصيص العموم ابملصلحة‪ ،‬ومل يشرتط للمصلحة املخصصة أي‬

‫(‪ )1‬الغزايل‪« ،‬املستصفى يف علم األصول»‪.176 :1 ،‬‬


‫(‪ )4‬الشاطيب‪ ،‬اًلعتصام"‪.618 :4 ،‬‬
‫الشرط املصلحي بني اجلويين والغزالي ‪ -‬قراءة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪011‬‬
‫شرط‪ ،‬وهذا فيه تقدمي أي مصلحة مرسلة أبي رتبة على عموم النص‪ ،‬وهلذا قال‪:‬‬
‫"فحاصله استعمال مصلحة يف ختصيص عموم‪ ،‬وذلك ًل ينكره أحد"(‪ ،)1‬فصار عند‬
‫الغزايل (ت‪818‬هــ) شيء من اًلضطراب؛ فتارة ينكر ويشدد النكري على من قدم‬
‫املصلحة على النص؛ لذ جيب تقدمي النص مطلق ا‪ ،‬ويصف أبن من استصلح فقد‬
‫شرع‪ ،‬ومرة أخرى‪ :‬ي‬
‫جيوز ختصيص املصلحة ابلنص‪ ،‬دون قيد أو شرط‪ ،‬وه ختصيص‬
‫املصلحة ابلنص‪ ،‬لًل تقدمي املصلحة على النص بطريق آخر؟ ب لن التخصيص جيب‬
‫أن يكون أضيق من اًلبتداء ابملصلحة املرسلة اليت مل أيت هبا تص‪ ،‬خلطورة فتح ابب‬
‫التخصيص ابملصلحة؛ ألته قاض ابملصلحة على النص‪.‬‬
‫‪-2‬أن الغزايل (ت‪818‬هـ) عاد وأطلق مرة أخرى اعتبار املصلحة‪ ،‬ومل يقيدها‬
‫بكوهنا ضرورية‪ ،‬ولكن قيدها بقيد آخر‪ :‬وهي كوهنا من املصاحل اليت تالئم تصرفات‬
‫الشرع‪ ،‬وتعرف بدًلًلته العامة من الكتاب‪ ،‬والسنة‪ ،‬واإلمجاع‪ ،‬وًل تكون غريبة عليه‪:‬‬
‫"فك مصلحة ًل ترجع ل ى حفظ مقصود فهم من الكتاب والسنة واإلمجاع‪ ،‬وكاتت‬
‫من املصاحل الغريبة‪ ،‬اليت ًل تالئم تصرفات الشرع؛ فهي ابطلة مطرحة‪ ،‬ومن صار لليها‬
‫فقد شرع‪ ،‬كما أن من استحسن فقد شرع"(‪ ،)4‬مث أطلق املصلحة لذا حتققت هبذين‬
‫الشرطني‪" :‬وك مصلحة رجعت ل ى حفظ مقصود شرعي‪ ،‬علم كوته مقصودا‬
‫ابلكتاب‪ ،‬والسنة‪ ،‬واإلمجاع فليس خارج ا من هذه األصول‪ ،‬لكنه ًل يسمى قياس ا‪،‬‬
‫ب مصلحة مرسلة ‪ ...‬ولذا فسران املصلحة ابحملافظة على مقصود الشرع‪ ،‬فال وجه‬

‫(‪ )1‬الشاطيب‪ ،‬اًلعتصام"‪.176 :1 ،‬‬


‫(‪ )4‬الشاطيب‪" ،‬اًلعتصام"‪.176 :1 ،‬‬
‫‪011‬‬

‫للخالف يف اتباعها‪ ،‬ب جيب القطع بكوهنا حجة‪ .‬وحيث ذكران خالفا فذلك عند‬
‫تعارض مصلحتني ومقصودين‪ ،‬وعند ذلك جيب ترجيح األقوى"(‪)1‬؛ فأعاد اخلالف‬
‫ل ى تعارض املصاحل‪ً ،‬ل ل ى رتبها‪ ،‬وهو هبذا يقوض ما بناه سابقا‪.‬‬
‫ه‪-‬هذا الرتدد يوضح لنا حجم اإلشكال بضبط اًلستدًلل ابملصلحة املرسلة‬
‫عند الغزايل‪ :‬اترة أطلق اًلستدًلل هبا كما يف كتابيه‪" :‬املنخول"‪ ،‬و"أساس القياس"‪،‬‬
‫مث رجع وقيدها يف "شفاء الغلي " بكوهنا‪" :‬حاجية" أو "ضرورية"؛ فأخرج التحسينية‬
‫منها‪ ،‬مث رجع يف "املستصفى"‪ ،‬وجع املصلحة املرسلة من األصول املوهومة‪ ،‬يعين‬
‫غري معتربة بك مراتبها‪ ،‬وقارهنا يف أكثر من موضع بـ ـ ـ "اًلستحسان"‪ ،‬وأطلق عبارته‪:‬‬
‫"فإن من صار ل ى مصلحة فقد شرع‪ ،‬كما أن من استحسن فقد شرع"‪ ،‬وقصر‬
‫املصلحة املعتربة اليت يعم هبا بكوهنا‪" :‬ضرورية"‪ ،‬ومل يقف عند كوهنا "ضرورية"‪ ،‬ب‬
‫زاد كوهنا‪" :‬قطعية"‪" ،‬كلية"‪ ،‬و‪" :‬قطعية" أي ًل تكون متومهة أو مظنوتة‪ ،‬و" كلية"‬
‫أي ًل تكون جزئية وخاصة ببعض األفراد‪ ،‬ومع ذلك عاد مرة أخرى وتردد وأطلق هذا‬
‫القيود بعد صفحات‪ ،‬وجع النظر لتعارض املصاحل ًل لرتبها‪ ،‬مث ختم ذلك بقوله‪:‬‬
‫"وتبني أن اًلستصالح ليس أصالا خامس ا برأسه‪ ،‬ب من استصلح فقد شرع‪ ،‬كما أن‬
‫من استحسن فقد شرع"(‪ ،)4‬قال الشاطيب (ت‪721‬هـ) يف الغزايل‪" :‬واختلف قوله يف‬
‫الرتبة املتوسطة‪ ،‬وهي رتبة احلاجي‪ ،‬فرده يف "املستصفى" وهو آخر قوليه‪ ،‬وقبله يف‬

‫(‪ )1‬تفسه‪.176 :1 ،‬‬


‫(‪ )4‬الغزايل‪« ،‬املستصفى يف علم األصول»‪.181 :1 ،‬‬
‫الشرط املصلحي بني اجلويين والغزالي ‪ -‬قراءة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪011‬‬
‫"شفاء الغلي " كما قب ما قبله"(‪.)1‬‬
‫وهلذا فإن الطاهر بن عاشور (ت‪1121‬هـ) أحسن وصف الغزايل (ت‪818‬هـ)‬
‫يف موقفه من املصلحة ملا قال‪" :‬وأما الغزايل فأقب وأدبر؛ فلحق مرة بطرف الوفاق‬
‫ًلعتبار املصاحل املرسلة‪ ،‬ومرة بطرف رأي لمام احلرمني؛ لذ تردد يف مقدار‬
‫املصلحة"(‪.)4‬‬
‫املبحث الرابع‪ :‬قّر الوفاء بالشرط املصلحي‪ ،‬عنّ اإلمامني‪ :‬اجلويين والغزالي‬
‫ابلنظر للشروط اليت ذكرها لمام احلرمني‪ ،‬والغزايل للمصلحة املرسلة‪ ،‬يتضح‬
‫أهنما مل يصمدا أمامها‪ :‬برد ك حادثة ل ى اجتهاد الصحابة املصلحي‪ ،‬أو اشرتاط‬
‫شاهد قريب للمصلحة من الشرع‪ ،‬أو من فع الصحابة‪ ،‬خصوصا اخللفاء الراشدين‬
‫الذين كثرت احلوادث يف زماهنم‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬إمام احلرمني‬
‫ملا تنظر ل ى لمام احلرمني (ت‪278‬هـ) جنده يف كتابه "الغياثي" يف مسائ‬
‫جديدة قال‪ " :‬فأعود وأقول‪ :‬لست أحاذر لثبات حكم مل يدوته الفقهاء‪ ،‬ومل يتعرض‬
‫له العلماء‪ ،‬فإن معظم مضمون هذا الكتاب ًل يلفى مدوان يف كتاب‪ ،‬وًل مضمنا‬
‫لباب‪ .‬ومَت اتتهى مساق الكالم ل ى أحكام تظمها أقوام‪ ،‬أحلتها على أرابهبا وعزيتها‬
‫ل ى كتاهبا‪ .‬ولكين ًل أبتدع‪ ،‬وًل أخرتع شيئا‪ ،‬ب أًلحظ وضع الشرع‪ ،‬وأستثري معىن‬

‫(‪ )1‬الشاطيب‪ ،‬اًلعتصام"‪.618 :4 ،‬‬


‫(‪ )4‬حممد بن الطاهر بن عاشور‪« .‬مقاصد الشريعة اإلسالمية»‪ .‬حتقيق‪ :‬حممد الطاهر امليساوي‪،‬‬
‫(ط‪ ،1‬األردن‪ ،‬عمان‪ :‬دار النفائس‪1241 ،‬هـ)‪.448 :1 ،‬‬
‫‪012‬‬

‫يناسب ما أراه وأحتراه‪ .‬وهكذا سبي التصرف يف الوقائع املستجدة‪ ،‬اليت ًل توجد فيها‬
‫و ‪ ،‬مل جيدوا يف الكتاب والسنة لًل‬ ‫أجوبة العلماء معدة‪ ،‬وأصحاب املصطفى‬
‫تصوصا معدودة‪ ،‬وأحكاما حمصورة حمدودة‪ ،‬مث حكموا يف ك واقعة عنت‪ ،‬ومل جياوزوا‬
‫وضع الشرع‪ ،‬وًل تعدوا حدوده؛ فعلموان أن أحكام هللا تعا ى ًل تتناهى يف الوقائع‪،‬‬
‫وهي مع اتتفاء النهاية عنها صادرة عن قواعد مضبوطة"(‪.)1‬‬
‫ًل تتناهي يف الوقائع"‪،‬‬ ‫والشاهد من هذا قوله‪" :‬فعلموان أن أحكام هللا‬
‫أصال لك‬ ‫وهنا يلتقي معه القرايف؛ فالقرايف جع اجتهادات الصحابة‬
‫اًلجتهادات املصلحية‪ ،‬فال تكون أصال يقاس عليها ك انزلة ًل يتعداها يف أي‬
‫املصلحية يكون أصالا لالتطالق يف اًلجتهاد‬ ‫مصلحة انزلة‪ ،‬ب أص اجتهاداهتم‬
‫يف ك املصاحل‪ ،‬مع مراعاة اًلعتبارات اًلجتهادية اليت راعوها‪ ،‬هذا رأي القرايف‪.‬‬
‫وهو رأي لمام احلرمني هنا؛ فأطلق لمام احلرمني املصلحة‪ ،‬ومل يشرتط هلا شاهد‬
‫يف أخذهم ابملصاحل‪،‬‬ ‫قريب‪ ،‬كما اشرتطه يف الربهان‪ ،‬اعتبارا حبال الصحابة‬
‫واألمثلة اليت ذكرها بعد هذا شاهدة على هذا‪.‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬الغزالي‬
‫أما الغزايل (ت‪ 818‬هـ) فنجده أيضا مل أيخذ مبسائ مل يعهد هلا أص ‪ ،‬ومل‬
‫يعرف هلا شاهد عن السابقني‪ ،‬فقال‪" :‬فإن قي لو حدثت واقعة مل يعهد مثلها يف‬
‫عصر األولني‪ ،‬وسنحت مصلحة ًل يردها أص ‪ ،‬ولكنها حديثة فه تتبعوهنا؟ قلنا‪:‬‬

‫(‪ )1‬اجلويين‪" ،‬غياث األمم"‪.466 :1 ،‬‬


‫الشرط املصلحي بني اجلويين والغزالي ‪ -‬قراءة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪013‬‬
‫تعم"‪ ،‬ومث لذلك‪" :‬لو فرضنا اتقالب أموال العاملني جبملتها حمرمة‪ ،‬لكثرة املعامالت‬
‫الفاسدة واشتباه املغصوب بغريه‪ ،‬وعسر الوصول ل ى احلالل احملض" ففي لطباق احلرام‬
‫على معامالت الناس مل يتوقف الغزايل عند أخذ مقدار الضرورة‪ ،‬ب تعدى ذلك ل ى‬
‫مقدار حد الكفاية واحلاجة‪ ،‬لكن دون الوصول للرتفه‪ ،‬وهذا ًل يوجد له شاهد‪،‬‬
‫وعل ذلك‪" :‬وختصيصه مبقدار سد الرمق يكف الناس‪ ،‬عن معامالهتم الدينية‬
‫والدتيوية ويتداعى ذلك ل ى فساد الدتيا وخراب العامل وأهله‪ ،‬فال يتفرغون وهم على‬
‫حالتهم مشرفون على املوت ل ى صناعاهتم وأشغاهلم‪ ،‬والشرع ًل يرضى مبثله قطعا؛‬
‫فيبيح لك غين من ماله مقدار كفايته من غري ترفه‪ ،‬وًل اقتصار على سد الرمق"(‪.)1‬‬
‫ومث مبثال آخر‪ :‬أبن من قهر الناس‪ ،‬واستو ى عليهم‪ ،‬وأطاعه الناس؛ فيجوز‬
‫توليته أمر املسلمني‪ ،‬حَت لو مل يكن مستجمع ا شروط اإلمامة‪ ،‬تظرا للمصلحة‪ ،‬ومل‬
‫يتقدمه شاهد عند السابقني‪" :‬كذلك تقول يف املستظهر بشوكته‪ ،‬املستويل على‬
‫الناس‪ ،‬املطاع فيما بينهم‪ ،‬وقد شغر الزمان عن مستجمع لشرائط اإلمامة ينفذ أمره؛‬
‫ألن ذلك جير فسادا عظيما لو مل تق به"(‪.)4‬‬
‫وملا جاء الغزايل (ت‪818‬هـ) لشروط اإلمامة الكربى‪ ،‬أعاد بعضها ل ى النص‬
‫كالقرشية‪ ،‬وبعضها ل ى املصلحة؛ ككوته سليم احلواس‪ ،‬ابلغا‪ ،‬حرا‪ ،‬ذا جندة‪ ،‬وكفاية‪،‬‬
‫وعلم‪ ،‬وورع‪ ،‬أخذ هذه الشروط من مقصود اإلمامة‪ ،‬فقال يف شروط اإلمامة الكربى‪:‬‬
‫"والدلي لما تص من صاحب الشرع‪ ،‬ولما النظر يف املصلحة اليت طُلبت ا يإلمامة هلا‪،‬‬

‫(‪ )1‬الغزايل‪" ،‬املنخول"‪.271 :1 ،‬‬


‫(‪ )4‬الغزايل‪" ،‬املنخول"‪.271 :1 ،‬‬
‫‪010‬‬

‫ومل يرد النص من شرائط اإلمامة يف شيء‪ ،‬لًل يف النسب؛ اذ قال‪ " :‬لن اًلئمة من‬
‫قريش" فأما ما عداه؛ فإمنا أخذ من الضرورة‪ ،‬واحلاجة املاسة يف مقصود اإلمامة‬
‫لليها"(‪.)1‬‬
‫وهلذا قال القرايف (ت‪682‬هـ) أيض ا‪" :‬ولمام احلرمني قد عم يف كتابه املسمى‬
‫بـ ـ ـ "الغياثي" أمورا‪ ،‬وجوزها‪ ،‬وأفَت هبا‪ ،‬واملالكية بعيدون عنها‪ ،‬وجسر عليها‪ ،‬وقاهلا‬
‫للمصلحة املطلقة‪ ،‬وكذلك الغزايل يف "شفاء الغلي "‪ ،‬مع أن اًلثنني شددا اإلتكار‬
‫علينا يف املصلحة املرسلة"(‪.)4‬‬

‫‪h‬‬

‫(‪ )1‬الغزايل‪ ،‬أبو حامد‪" ،‬فضائح الباطنية‪ ،‬وفضائ املستظهرية"‪ .‬أعتىن به وراجعه‪ :‬حممد علي‬
‫(بريوت‪ :‬املكتبة العصرية‪1244 ،‬ه ‪4141‬م)‪.121 :1 ،‬‬
‫(‪ )4‬القرايف‪" ،‬شرح تنقيح الفصول"‪.226 :1 ،‬‬
‫الشرط املصلحي بني اجلويين والغزالي ‪ -‬قراءة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪011‬‬

‫اخلامتة‬

‫بعد أن َمن هللا علي وتفض إبمتام هذه الدراسة‪ ،‬أحب أن أضع بني يدي‬
‫القارئ الكرمي‪ ،‬أبرز النتائج اليت توص لليها البحث‪:‬‬
‫‪-1‬تنازعت األصول الشرط املصلحي‪ ،‬بني السعة والضيق؛ فمن ضيق العم‬
‫ابملصلحة املرسلة‪ ،‬أكثر الشروط‪ ،‬ومن وسع العم ابملصلحة املرسلة‪ ،‬خفف الشروط‪،‬‬
‫أقاموا أحكاما‬ ‫وكان من أسباب اًلضطراب يف الشرط املصلحي‪ ،‬أن الصحابة‬
‫كثرية على املصاحل‪ ،‬دون متهيد هلا أبوجه بناء احلكم عليها‪.‬‬
‫‪-2‬جاء الشرط املصلحي عند اجلويين متنوعا‪ ،‬قوامه أربعة‪ :‬كون احلكم‬
‫مناسب ا‪ ،‬وًل يرده أص خاص‪ ،‬وأن يكون معلالا‪ ،‬وأن يطلب له شاهد قريب من‬
‫الشرع‪ ،‬أو من عم السلف‪.‬‬
‫‪-3‬الشرط املصلحي ‪ -‬حسب رأي اإلمام اجلويين ‪ -‬عند اإلمام الشافعي‪ :‬أن‬
‫يقوم له شاهد يف عم السابقني‪ ،‬أو قُربه من األصول الشرعية املعهودة‪ ،‬أما اإلمام‬
‫مالك فيكتفي مبجرد املناسبة‪ ،‬وعدم وجود أص خاص يدفعه‪.‬‬
‫‪-4‬وجود شاهد أو عم للسلف‪ ،‬بكوته شرطا للمصلحة عند الشافعي‪ ،‬مل‬
‫يكن ظاهرا حال تنزي الشافعي لألحكام الفقهية‪ ،‬على املصلحة‪.‬‬
‫‪-5‬الغزايل يف مبتدأ كتبه كاملنخول‪ ،‬وأساس القياس‪ ،‬قل الشروط املصلحية؛‬
‫‪011‬‬

‫فاكتفى أبي مصلحة مناسبة‪ً ،‬ل يصادمها تص خاص‪ ،‬مث ضيق هذا يف شفاء الغلي ؛‬
‫فقصر املصلحة على الضروري واحلاجي‪ ،‬دون التحسيين‪ ،‬مث يف املستصفى قصر ذلك‬
‫على الضروري‪ ،‬وقصر الضروري على الكلي القطعي‪.‬‬
‫‪-6‬حص للغزايل توع اضطراب يف تقرير توع املصلحة حَت يف املستصفى‪،‬‬
‫فتارة يقيدها بشروط‪ ،‬واترة يطلقها؛ فبني مبتدأ كالمه ومنتهاه ضرب من اًلختالف‪،‬‬
‫ًلحظ هذا الطاهر بن عاشور‪.‬‬
‫‪-1‬مل يلتزم اجلويين‪ ،‬وًل الغزايل‪ ،‬شرط األص القريب‪ ،‬وًل شرط عم السلف‪،‬‬
‫ًلعتبار املصلحة‪ ،‬حال تنزي األحكام‪.‬‬
‫التوصيات‪.‬‬
‫‪-1‬زايدة الدراسة للشرط املصلحي‪ ،‬ملن أتى بعد اجلويين والغزايل‪ ،‬ممن كاتت‬
‫هلم عناية ابلشرط املصلحي؛ كالعز بن عبد السالم‪ ،‬والقرايف‪ ،‬والطويف‪ ،‬والشاطيب‪،‬‬
‫للكشف عن مسار الشرط املصلحي يف التنزي الفقهي‪ ،‬يف تسلسله الزمين التارخيي‪،‬‬
‫ومدى أتثره أو حترره من شروط اإلمامني‪ :‬اجلويين والغزايل‪ ،‬يف املصلحة‪.‬‬
‫‪-2‬ضبط املصلحة املرسلة‪ ،‬من جهة مسالكها‪ ،‬لسعة تنزيالهتا احلكمية‪.‬‬
‫‪-3‬تكثيف الدراسة يف حسن تقدير املصاحل املرسلة املقدرة؛ لئال حيص زل‬
‫وخل ‪ ،‬زايدة أو تقصا‪ ،‬يف حتقيق مناطاهتا الفقهية‪.‬‬

‫‪h‬‬
‫الشرط املصلحي بني اجلويين والغزالي ‪ -‬قراءة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪011‬‬

‫فهرس املصادر واملراجع‬

‫ابن العريب‪ ،‬أبو بكر حممد بن عبد هللا املعافري‪« .‬القبس شرح موطأ مالك‬ ‫‪-1‬‬
‫بن أتس»‪ .‬حتقيق‪ :‬حممد ولد كرمي‪( ،‬ط‪ ،1‬بريوت‪ :‬دار الغرب اإلسالمي‪،‬‬
‫‪1224‬م)‪.‬‬
‫ابن دقيق العيد‪ ،‬أبو الفتح تقي الدين حممد بن علي بن وهب القشريي‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫"شرح اإلملام أبحاديث األحكام"‪ .‬حتقيق‪ :‬عبد العزيز بن حممد السعيد‪،‬‬
‫(ط‪ ،1‬دار أطلس‪1218 ،‬هـ)‪.‬‬
‫ابن عاشور‪ ،‬حممد بن الطاهر بن عاشور‪« .‬مقاصد الشريعة اإلسالمية»‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫حتقيق‪ :‬حممد الطاهر امليساوي‪( ،‬ط‪ ،1‬األردن‪ ،‬عمان‪ :‬دار النفائس‪،‬‬
‫‪1241‬هـ)‪.‬‬
‫ابن فارس‪ ،‬أمحد بن زكرايء القزويين الرازي‪" ،‬معجم مقاييس اللغة"‪ .‬احملقق‪:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫عبد السالم حممد هارون (ط‪ ،1‬بريوت‪ :‬دار الفكر)‪.‬‬
‫ابن قدامة‪ ،‬أبو حممد‪ ،‬عبد هللا بن أمحد املقدسي‪" .‬روضة الناظر وجنة‬ ‫‪-8‬‬
‫املناظر"‪ .‬حتقيق‪ :‬د‪ .‬شعبان لمساعي ‪( ،‬ط‪ ،1‬الراين)‪.‬‬
‫اإلبياري‪ ،‬علي بن لمساعي ‪" .‬التحقيق والبيان يف شرح الربهان يف أصول‬ ‫‪-6‬‬
‫الفقه"‪ .‬حتقيق‪ :‬د‪ .‬علي اجلزائري‪( ،‬ط‪ ،1‬الكويت‪ :‬دار الضياء‪،‬‬
‫‪1212‬هـ)‪.‬‬
‫األصفهاين‪ ،‬أبو القاسم حممود بن عبد الرمحن‪" .‬بيان املختصر شرح خمتصر‬ ‫‪-7‬‬
‫ابن احلاجب"‪ .‬حتقيق‪ :‬حممد مظهر‪( ،‬ط‪ ،1‬السعودية‪ :‬دار املدين‪،‬‬
‫‪1216‬هـ)‪.‬‬
‫اآلمدي‪ ،‬أبو احلسن سيف الدين علي‪" .‬اإلحكام يف أصول األحكام"‪.‬‬ ‫‪-8‬‬
‫‪011‬‬
‫(ط‪ ،1‬بريوت‪ :‬دار الكتاب العريب‪1212 ،‬هـ)‪.‬‬
‫جغيم‪ ،‬د‪ .‬تعمان‪" ،‬املصلحة املرسلة‪ :‬دراسة يف تشأة املصطلح وتطور‬ ‫‪-2‬‬
‫املفهوم"‪ .‬جملة الشريعة والدراسات اإلسالمية‪( ،‬جامعة الكويت‪ ،‬اجمللد ‪،14‬‬
‫العدد ‪4117 ،118‬م)‪.‬‬
‫اجلويين‪ ،‬أبو املعايل عبد امللك بن عبد هللا‪" .‬الربهان يف أصول الفقه"‪.‬‬ ‫‪-11‬‬
‫حتقيق‪ :‬عبد العظيم حممود الديب‪( ،‬ط‪ ،2‬مصر‪ ،‬املنصورة‪ :‬دار الوفاء‪،‬‬
‫‪1218‬هـ)‪.‬‬
‫اجلويين‪ ،‬أبو املعايل‪ ،‬عبد امللك بن عبد هللا‪" .‬غياث األمم يف التياث‬ ‫‪-11‬‬
‫الظلم"‪ .‬حتقيق عبد العظيم لديب‪( ،‬ط‪ ،4‬مكتبة لمام احلرمني‪1211 ،‬هـ)‪.‬‬
‫اخلادمي‪ ،‬د‪ .‬تور الدين «املصلحة املرسلة‪ :‬حقيقتها وضوابطها»‪( .‬ط‪،1‬‬ ‫‪-14‬‬
‫بريوت‪ :‬دار ابن حزم‪1241 ،‬هـ)‪.‬‬
‫الرازي‪ ،‬فخر الدين‪« ،‬مناظرات فخر الدين الرازي يف بالد ما وراء النهر»‪.‬‬ ‫‪-11‬‬
‫حتقيق‪ :‬د‪ .‬فتح هللا خليف‪( ،‬بريوت‪ :‬دار املشرق)‪.‬‬
‫الرازي‪ ،‬فخر الدين‪« ،‬احملصول يف علم األصول»‪ .‬حتقيق‪ :‬طه العلواين‪،‬‬ ‫‪-12‬‬
‫(ط‪ ،1‬الرايض‪ :‬جامعة اإلمام حممد بن سعود اإلسالمية)‪.‬‬
‫الزركشي‪ ،‬بدر الدين حممد بن هبادر‪" .‬البحر احمليط" (دار الكتيب)‪.‬‬ ‫‪-18‬‬
‫الزجناين‪ ،‬أبو املناقب شهاب الدين حممود‪" .‬ختريج الفروع على األصول"‪.‬‬ ‫‪-16‬‬
‫حتقيق‪ :‬حممد الصاحل‪( ،‬ط‪ ،8‬بريوت‪ :‬مؤسسة الرسالة‪1212 ،‬هـ)‪.‬‬
‫السبكي‪ ،‬لتاج الدين عبد الوهاب‪" .‬مجع اجلوامع يف أصول الفقه"‪ .‬حتقيق‪:‬‬ ‫‪-17‬‬
‫عقيلة حسني‪( ،‬ط‪ ،1‬بريوت‪ :‬دار ابن حزم‪1214 ،‬هـ)‪.‬‬
‫السراح‪ ،‬د‪ .‬أمحد‪" ،‬األقوال األصولية أليب حممد لمساعي بن علي البغدادي‪،‬‬ ‫‪-18‬‬
‫يف مسائ احلكم واألدلة الشرعية‪ ،‬ودًلًلت األلفاظ" جملة احلكمة‪ ،‬العدد‬
‫الشرط املصلحي بني اجلويين والغزالي ‪ -‬قراءة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪011‬‬
‫(‪.)11‬‬
‫السمعاين‪ ،‬أبو املظفر‪ ،‬منصور بن حممد بن عبد اجلبار ابن أمحد املروزي‬ ‫‪-12‬‬
‫التميمي احلنفي مث الشافعي‪« .‬قواطع األدلة يف األصول»‪ .‬حتقيق‪ :‬حممد‬
‫حسن لمساعي ‪( ،‬ط‪ ،1‬بريوت‪ :‬دار الكتب العلمية‪1218 ،‬هـ)‪.‬‬
‫الشاطيب‪ ،‬لبراهيم بن موسى اللخمي الغرانطي‪" .‬اًلعتصام"‪ .‬حتقيق ودراسة‪:‬‬ ‫‪-41‬‬
‫د‪ .‬حممد بن عبد الرمحن الشقري‪ ،‬وآخرين‪( ،‬ط‪ ،1‬السعودية‪ :‬دار ابن‬
‫اجلوزي ‪1242‬هـ‪4118‬م)‪.‬‬
‫الشاطيب‪ ،‬لبراهيم بن موسى اللخمي الغرانطي‪" .‬املوافقات"‪ .‬احملقق‪ :‬أبو‬ ‫‪-41‬‬
‫عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان‪( ،‬ط‪ ،1‬دار ابن عفان‪ 121 ،‬هـ‬
‫‪1227‬م)‪.‬‬
‫الشنقيطي‪ ،‬الشيخ حممد األمني‪" ،‬املصاحل املرسلة"‪ .‬اجلامعة اإلسالمية‪،‬‬ ‫‪-44‬‬
‫‪1211‬هـ)‪.‬‬
‫الطوسي‪ ،‬أبو حامد حممد بن حممد‪" .‬أساس القياس" حتقيق‪ :‬د‪ .‬فهد‬ ‫‪-41‬‬
‫السدحان‪( ،‬الرايض‪ :‬مكتبة العبيكان‪1211 ،‬هـ)‪.‬‬
‫الطويف‪ ،‬أبو الربيع‪ ،‬جنم الدين‪ ،‬سليمان بن عبد القوي بن الكرمي‬ ‫‪-42‬‬
‫الصرصري‪" ،‬شرح خمتصر الروضة"‪ .‬احملقق‪ :‬عبد هللا بن عبد احملسن الرتكي‪،‬‬
‫(ط‪ ،1‬بريوت‪ :‬مؤسسة الرسالة‪1217 ،‬هـ ‪1287‬م)‪.‬‬
‫الغزايل‪ ،‬أبو حامد حممد بن حممد الطوسي‪« .‬املنخول من تعليقات‬ ‫‪-48‬‬
‫األصول»‪ .‬حتقيق‪ :‬د‪ .‬حممد حسن هيتو‪( ،‬ط‪ ،1‬بريوت‪ :‬دار الفكر‬
‫املعاصر‪1212 ،‬هـ)‪.‬‬
‫الغزايل‪ ،‬أبو حامد حممد بن حممد الطوسي‪" ،‬شفاء الغلي يف بيان الشبه‬ ‫‪-46‬‬
‫واملخي ومسالك التعلي "‪ .‬احملقق‪ :‬د‪ .‬محد الكبيسي‪( ،‬ط‪ ،1‬بغداد‪ :‬مطبعة‬
‫‪011‬‬
‫اإلرشاد‪1121 ،‬هـ ‪1271‬م)‪.‬‬
‫الغزايل‪ ،‬أبو حامد حممد بن حممد‪" ،‬شفاء الغلي يف بيان الشبه واملخي‬ ‫‪-47‬‬
‫ومسالك التعلي "‪ .‬حتقيق‪ :‬د‪ .‬محد البيسي‪( ،‬بغداد‪ :‬مطبعة اإلرشاد‪،‬‬
‫‪1121‬هـ)‪.‬‬
‫الغزايل‪ ،‬أبو حامد‪« .‬املستصفى يف علم األصول»‪( .‬ط‪ ،4‬بريوت‪ :‬الكتب‬ ‫‪-48‬‬
‫العلمية)‪.‬‬
‫الغزايل‪ ،‬أبو حامد‪" ،‬فضائح الباطنية‪ ،‬وفضائ املستظهرية"‪ .‬أعتىن به‪ ،‬حممد‬ ‫‪-42‬‬
‫على (بريوت‪ :‬املكتبة العصرية‪1244 ،‬ه ‪4141‬م)‪.‬‬
‫قاسم حممد‪" .‬ضوابط املصلحة املرسلة‪ ،‬وأمثلتها الفقهية"‪( .‬جامعة دمشق‪،‬‬ ‫‪-11‬‬
‫كلية الشريعة‪ ،‬قسم أصول الفقه‪1211 ،‬هـ)‪.‬‬
‫القرايف‪ ،‬شهاب الدين أمحد بن لدريس‪" .‬شرح تنقيح الفصول يف اختصار‬ ‫‪-11‬‬
‫احملصول"‪ .‬علق عليه‪ :‬أمحد فريد‪( ،‬ط‪ ،1‬بريوت‪ :‬دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫‪1248‬هـ)‪.‬‬
‫القرايف‪ ،‬شهاب الدين أمحد بن لدريس‪" ،‬تفائس األصول يف شرح‬ ‫‪-14‬‬
‫احملصول"‪ .‬احملقق‪ :‬عادل أمحد عبد املوجود‪ ،‬علي حممد معوض‪( ،‬ط‪،1‬‬
‫مصر‪ :‬مكتبة تزار مصطفى الباز‪1216 ،‬هـ ‪1228 -‬م)‪.‬‬
‫قرين‪ ،‬مسية قرين‪« .‬املصلحة املرسلة‪ ،‬ضوابطها‪ ،‬وتطبيقاهتا يف الفقه‬ ‫‪-11‬‬
‫اإلسالمي» رسالة ماجستري‪( ،‬اجلزائر‪ ،‬جامعة احلاج األخضر‪ ،‬ابتنة‪،‬‬
‫‪1211‬ـ ‪1214‬هـ)‪.‬‬
‫املا وردي‪ ،‬أبو احلسن علي بن حممد بن حممد بن حبيب البصري البغدادي‪.‬‬ ‫‪-12‬‬
‫"احلاوي الكبري"‪( .‬بريوت‪ :‬دار الفكر)‪.‬‬
‫النجران‪ ،‬أ‪ .‬د‪ .‬سليمان بن حممد "الرتادف يف املصطلح األصويل"‪ ،‬جملة‬ ‫‪-18‬‬
‫الشرط املصلحي بني اجلويين والغزالي ‪ -‬قراءة حتليليَّة ‪-‬‬
‫‪011‬‬
‫البحوث اإلسالمية‪ ،‬العدد ‪ ،116‬حمرم‪ ،‬صفر‪ ،‬ربيع األول‪ ،‬ربيع اآلخر‪،‬‬
‫(‪1221‬هـ)‪.‬‬
012

bibliography

1- Ibn al-Arabi, Abu Bakr Muhammad bin Abdullah al-Maafiri. « al-


Qabas sharḥ Muwaṭṭaʼ Mālik ibn Anas ». Edited by: Muhammad
Ould Karim, (1st edition, Beirut: Dar Al-Gharb Al-Islami, 1992
AD).
2- Ibn Daqiq Al-Eid, Abu Al-Fath Taqi Al-Din Muhammad bin Ali
bin Wahb Al-Qushayri. "sharḥ al-Ilmām bi-aḥādīth al-aḥkām".
Verified by: Abdul Aziz bin Muhammad Al-Saeed, (1st edition,
Dar Atlas, 1418 AH).
3- Ibn Ashour, Muhammad bin Al-Tahir bin Ashour. « Maqāṣid al-
sharīʻah al-Islāmīyah». Verified by: Muhammad Al-Tahir Al-
Misawy, (1st edition, Jordan, Amman: Dar Al-Nafais, 1420 AH).
4- Ibn Faris, Ahmed bin Zakaria al-Qazwini al-Razi, "Muʻjam
Maqāyīs al-lughah". Investigator: Abdel Salam Muhammad Haroun
(1st edition, Beirut: Dar Al-Fikr).
5- Ibn Qudamah, Abu Muhammad, Abdullah bin Ahmed Al-Maqdisi.
"Rawḍat al-nāẓir wa-junnat al-munāẓir". Investigation: Dr. Shaaban
Ismail, (1st edition, Al-Rayyan).
6- Al-Ebiary, Ali bin Ismail. "al-taḥqīq wa-al-bayān fī sharḥ al-burhān
fī uṣūl al-fiqh". Investigation: Dr. Ali Al-Jazairi, (1st edition,
Kuwait: Dar Al-Diyaa, 1434 AH).
7- Al-Isfahani, Abu Al-Qasim Mahmoud bin Abdul Rahman. "bayān
al-Mukhtaṣar sharḥ Mukhtaṣar Ibn al-Ḥājib". Investigation:
Muhammad Mazhar, (1st edition, Saudi Arabia: Dar Al-Madani,
1406 AH).
8- Al-Amidi, Abu Al-Hassan Saif Al-Din Ali. "al-Iḥkām fī uṣūl al-
aḥkām". (1st edition, Beirut: Dar Al-Kitab Al-Arabi, 1404 AH).
9- Jaghim, D. Noman, "al-maṣlaḥah al-mursalah: dirāsah fī Nashʼat al-
muṣṭalaḥ wa-taṭawwur al-mafhūm". Journal of Sharia and Islamic
Studies, (Kuwait University, Volume 32, Issue 108, 2017 AD).
10- Al-Juwayni, Abu Al-Maali Abdul Malik bin Abdullah. "al-burhān fī
uṣūl al-fiqh". Verified by: Abdul Azim Mahmoud Al-Deeb, (4th
edition, Egypt, Mansoura: Dar Al-Wafa, 1418 AH).
11- Al-Juwayni, Abu Al-Maali, Abdul Malik bin Abdullah. "Ghiyāth
al-Umam fī altyāth al-ẓulm". Verified by Abdul Azim Ladeeb, (2nd
ed. , Imam al-Haramayn Library, 1401 AH).
12- Al-Khademi, Dr. Nour al-Din, « al-maṣlaḥah al-mursalah:
ḥaqīqatuhā wa-ḍawābiṭuhā ». (1st edition, Beirut: Dar Ibn Hazm,
1421 AH).
13- Al-Razi, Fakhr al-Din, « Munāẓarāt Fakhr al-Dīn al-Rāzī fī bilād
mā warāʼ al-nahr ». Investigation: Dr. Fathallah Khalif, (Beirut: Dar
Al-Mashreq).
14- Al-Razi, Fakhr al-Din, « al-Maḥṣūl fī ʻilm al-uṣūl ». Edited by:
- ‫ قراءة حتليليَّة‬- ‫الشرط املصلحي بني اجلويين والغزالي‬
013
Taha Alwani, (1st edition, Riyadh: Imam Muhammad bin Saud
Islamic University).
15- Al-Zarkashi, Badr al-Din Muhammad bin Bahadur. "al-Baḥr al-
muḥīṭ" (Dar Al-Kutbi).
16- Al-Zanjani, Abu Al-Manaqib Shihab Al-Din Mahmoud. "takhrīj al-
furūʻ ʻalá al-uṣūl". Verified by: Muhammad Al-Saleh, (5th edition,
Beirut: Al-Resala Foundation, 1404 AH).
17- Al-Subki, by Taj al-Din Abdul Wahhab. "jamʻ al-jawāmiʻ fī uṣūl al-
fiqh". Edited by: Aqeela Hussein, (1st edition, Beirut: Dar Ibn
Hazm, 1432 AH).
18- Al-Sarrah, Dr. Ahmed, "al-aqwāl al-uṣūlīyah li-Abī Muḥammad
Ismāʻīl ibn ʻAlī al-Baghdādī, fī masāʼil al-ḥukm wa-al-adillah al-
sharʻīyah, wa-dalālāt al-alfāẓ". Al-Hikma Magazine, Issue (33).
19- Al-Samani, Abu Al-Muzaffar, Mansour bin Muhammad bin Abdul-
Jabbar bin Ahmed Al-Marwazi Al-Tamimi Al-Hanafi, then Al-
Shafi’i. « qawāṭiʻ al-adillah fī al-uṣūl». Edited by: Muhammad
Hassan Ismail, (1st edition, Beirut: Dar Al-Kutub Al-Ilmiyyah,
1418 AH).
20- Al-Shatibi, Ibrahim bin Musa Al-Lakhmi Al-Gharnati. "al-Iʻtiṣām".
Investigation and study: Dr. Muhammad bin Abdul Rahman Al-
Shuqair, and others, (1st edition, Saudi Arabia: Dar Ibn Al-Jawzi
1429 AH 2008 AD).
21- Al-Shatibi, Ibrahim bin Musa Al-Lakhmi Al-Gharnati. "al-
Muwāfaqāt". Investigator: Abu Ubaida Mashhour bin Hassan Al
Salman, (1st edition, Dar Ibn Affan, 141 AH 1997 AD).
22- Al-Shanqiti, Sheikh Muhammad Al-Amin, "al-maṣāliḥ al-
mursalah". Islamic University, 1410 AH).
23- Al-Tusi, Abu Hamid Muhammad bin Muhammad. "Asās al-qiyās"
Investigation: Dr. Fahd Al-Sadhan, (Riyadh: Obeikan Library, 1413
AH).
24- Al-Tawfi, Abu Al-Rabi`, Najm Al-Din, Suleiman bin Abdul-Qawi
bin Al-Karim Al-Sarsari, "sharḥ Mukhtaṣar al-Rawḍah".
Investigator: Abdullah bin Abdul Mohsen Al-Turki, (1st edition,
Beirut: Al-Resala Foundation, 1407 AH 1987 AD).
25- Al-Ghazali, Abu Hamid Muhammad bin Muhammad al-Tusi. «
almnkhwl min taʻlīqāt al-uṣūl » Investigation: Dr. Muhammad
Hassan Hitto, (3rd ed. , Beirut: Dar Al-Fikr Al-Mu’asimar, 1419
AH).
26- Al-Ghazali, Abu Hamid Muhammad bin Muhammad al-Tusi,
"Shifāʼ al-ghalīl fī bayān al-shubah wālmkhyl wa-masālik al-
Taʻlīl". Investigator: Dr. Hamad Al-Kubaisi, (1st edition, Baghdad:
Al-Irshad Press, 1390 AH 1971 AD).
27- Al-Ghazali, Abu Hamid Muhammad bin Muhammad, "Shifāʼ al-
ghalīl fī bayān al-shubah wālmkhyl wa-masālik al-Taʻlīl".
Investigation: Dr. Hamad Al-Baisi, (Baghdad: Al-Irshad Press,
1390 AH).
010
28- Al-Ghazali, Abu Hamed. « al-Mustaṣfá fī ʻilm al-uṣūl ». (2nd
Edition, Beirut: Scientific Books).
29- Al-Ghazali, Abu Hamid, "Faḍāʼiḥ al-bāṭinīyah, wa-faḍāʼil
almstẓhryh". Take care of him, Muhammad Ali (Beirut: Modern
Library, 1422 AH 2021 AD).
30- Qasim Muhammad. "Ḍawābiṭ al-maṣlaḥah al-mursalah, wʼmthlthā
al-fiqhīyah". (University of Damascus, College of Sharia,
Department of Fundamentals of Jurisprudence, 1433 AH).
31- Al-Qarafi, Shihab al-Din Ahmad bin Idris. "sharḥ Tanqīḥ al-Fuṣūl fī
ikhtiṣār al-Maḥṣūl". Commented on by: Ahmed Farid, (1st edition,
Beirut: Dar Al-Kutub Al-Ilmiyyah, 1428 AH).
32- Al-Qarafi, Shihab al-Din Ahmad bin Idris, "Nafāʼis al-uṣūl fī sharḥ
al-Maḥṣūl". Editor: Adel Ahmed Abdel Mawjoud, Ali Muhammad
Moawad, (1st edition, Egypt: Nizar Mustafa Al-Baz Library, 1416
AH - 1995 AD).
33- Qurain, Somaya Qurain. « al-maṣlaḥah al-mursalah, ḍawābiṭuhā,
wa-taṭbīqātuhā fī al-fiqh al-Islāmī » Master’s thesis, (Algeria, Hajj
Akhdar University, Batna, 1431-1432 AH).
34- Al-Mawardi, Abu Al-Hasan Ali bin Muhammad bin Muhammad
bin Habib Al-Basri Al-Baghdadi. "al-Ḥāwī al-kabīr". (Beirut: Dar
Al-Fikr).
35- Al-Najran, A. Dr.. Suleiman bin Muhammad, "al-tarāduf fī al-
muṣṭalaḥ al-uṣūlī", Islamic Research Journal, Issue 116, Muharram,
Safar, Rabi’ al-Awwal, Rabi’ al-Akhir, (1440 AH).
‫مدقاصّ االستهالك وأثرها يف توجيه السلوك االستهالكي‬
‫ وتطبيدقاتها املعاصرة‬،‫يف االقتصاد اإلسالمي‬
Maqasids of Consumption and their Effect on
Directing Consumption Behavior in Islamic
Economics, And their Contemporary Applications

‫ كليَّة‬،‫ قسم االقتصاد اإلسالمي‬،‫أستاذ االقتصاد اإلسالمي املشارك‬


‫ اجلامعة اإلسالميَّة باملدينة املنورة‬،‫الشريعة‬

Prepared by :
Dr. Muhammad Ahmed Omer Babiker
Professor, Associate Professor Of Islamic Economic
Department Of Islamic Economic Sharia'a College
Islamic University Of Madinah
Email: hashimo0966@gmail.com

‫اعتماد البحث‬ ‫استالم البحث‬


A Research Approving A Research Receiving
2023/05/11 2022/12/20
‫نشر البحث‬
A Research publication
2023/09/30
DOI : 10.36046/2323-056-206-025
‫مقاصد االستهالك وأثرها يف توجيه السلوك االستهالكي يف االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬وتطبيقاتها املعاصرة‬
‫‪011‬‬

‫ملخص البحث‬

‫يعاجل البحث الغاايت أو املقاصد اليت ينبغي أن يتبعها املسلم عند لتفاقه‬
‫واستهالكه‪ ،‬واليت ًل تُل َفى جمموعةا يف مكان واحد‪ ،‬وًل هي متناسقة يف وجودها‪.‬‬
‫ويذكر ما يؤيدها من تطبيقات معاصرة هلا‪ .‬وأمهية البحث تنشأ من أن العم هبذه‬
‫املقاصد حيدث التوازن يف لتفاق املسلم بني ما هو مادي وما هو معنوي‪ ،‬وما هو‬
‫دتيوي وما هو أخروي‪ .‬وهدف البحث لظهار هذه املقاصد ليعم هبا املسلم ليعدل‬
‫سلوكه اًلستهالكي وف اقا هلا‪ .‬ويفرتض أن العم مبقاصد اًلستهالك يؤدي ل ى‬
‫التخصيص الكفؤ للموارد‪.‬‬
‫ويتبع املنهج اًلستقرائي واًلستنباطي والتحليلي للتوص ل ى ما خيدم أغراض‬
‫البحث‪ .‬وأهم ما تتج عن هذا البحث‪ :‬أن اتباع املقاصد اًلستهالكية ينتج عنه‬
‫التخطيط اًلستهالكي السليم إلتفاق الدخ ‪ ،‬عن طريق التوازن بني أمر الدتيا وأمر‬
‫اآلخرة‪ .‬ويوصي إببراز هذه املقاصد وتشرها ألج العم هبا‪.‬‬
‫الكلمات املفتاحية‪( :‬املقاصد الشرعية ‪ -‬املقاصد القرآتية لالستهالك ‪ -‬أتواع‬
‫اًلستهالك ‪ -‬قواعد اًلستهالك ‪ -‬أثر مقاصد اًلستهالك ‪ -‬التطبيقات املعاصرة)‪.‬‬
011

Abstract

The research tackles the goals or objectives, which Muslim ought


to follow while spending or consuming, which are not found
collectively in one place, and not consistent in its existence. And
mentions what advocates their contemporary applications. Research
importance stems from the fact that dealing with these goals,
maintains balance in Muslim's spending between what is material and
what is moral, and what is earthly and what is otherworldly. Research
goal is to clarify these goals in order that Muslim implements them to
modify his consumption behavior accordingly. And the research
postulates that work with consumption goals leads to efficient
allocation of resources. Research follows deductive ,inductive and
analytical methods to reach what serves research purposes. Most
important result is: following of consumption goals results in right
consumption planning of income spending, through balance between
the command of the world and hereafter. And it recommends
displaying and spreading of these goals for the sake of working out.
Key Words: (Sharia'a Maqasids - Quranic Maqasids of
consumption - Consumption types - Consumption rules - Effect of
Maqasids of Consumption - Contemporary Applications(.
‫مقاصد االستهالك وأثرها يف توجيه السلوك االستهالكي يف االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬وتطبيقاتها املعاصرة‬
‫‪011‬‬

‫منهج البحث‬

‫‪ ‬املدقّمة املنهجية للبحث‪:‬‬


‫وهي الطريقة املتبعة يف لجناز البحث‪.‬‬
‫‪ ‬مشكلة البحث‪:‬‬
‫يعاجل البحث الغاايت أو املقاصد اليت ينبغي أن يتبعها املسلم عند لتفاقه‬
‫واستهالكه‪ ،‬واليت ًل تُل َفى جمموعةا يف مكان واحد‪ ،‬وًل هي متناسقة يف وجودها‪.‬‬
‫ويبحث يف املقاصد الشرعية اًلقتصادية املتعلقة ابإلتفاق واًلستهالك اليت بثها‬
‫القرآن‪ ،‬واليت تعم على توجيه السلوك اًلستهالكي للمسلم‪ .‬ومن مث يربز العالقة بني‬
‫هذه الغاايت واملقاصد‪ ،‬وأتثريها يف السلوك اًلستهالكي للمسلم‪.‬‬
‫نشئ هذه األسئلة ليتصدى لإلجابة عنها‪:‬‬‫وي ي‬
‫ُ‬
‫‪-1‬ما هي املقاصد اًلستهالكية اليت يرغب يف حتقيقها الفرد املسلم من خالل‬
‫لتفاقه على حاجاته؟‬
‫‪-4‬ما هي املقاصد القرآتية الشرعية اًلقتصادية املتعلقة ابًلستهالك والسلوك‬
‫اًلستهالكي؟‬
‫‪-1‬كيف تعم هذه املقاصد اًلستهالكية على توجيه السلوك اًلستهالكي‬
‫للمسلم؟‬
‫‪011‬‬

‫‪-2‬ه هناك تطبيقات معاصرة ألوجه هذه املقاصد الشرعية اًلستهالكية؟‬


‫‪ ‬أهمية البحث‪:‬‬
‫تنشأ أمهية البحث من عدة جواتب‪:‬‬
‫‪-1‬أن العم هبذه املقاصد حيدث التوازن يف لتفاق املسلم بني ما هو مادي‬
‫وما هو معنوي‪ ،‬وما هو دتيوي وما هو أخروي‪.‬‬
‫‪-4‬متس احلاجة ل ى لبراز املقاصد الشرعية املتعلقة ابًلستهالك‪ ،‬ولظهار دورها‬
‫يف توجيه السلوك اًلستهالكي للمسلم‪.‬‬
‫‪-1‬ميث هذا البحث لضافة جديدة مل يسبق لليها فيما يتعلق أبتواع اًلستهالك‬
‫وغاايته ومقاصده املستقرءَة من القرآن‪ ،‬وهو ما يكون له مردود يف علم اًلقتصاد‬
‫اإلسالمي‪.‬‬
‫‪-2‬يوضح اجلواتب اًلقتصادية والتطبيقات املعاصرة ألثر املقاصد على‬
‫اًلستهالك‪.‬‬
‫‪ ‬أهّف البحث‪:‬‬
‫يهدف البحث ل ى حتقيق مجلة من األهداف‪:‬‬
‫‪-1‬يُظ يهر املقاصد القرآتية الشرعية اًلقتصادية اإلسالمية لالستهالك‪ ،‬ليعم‬
‫هبا املسلم وليعدل وف اقا هلا سلوكه اًلستهالكي‪.‬‬
‫‪-4‬يوضح الكيفية اليت يتوجه هبا السلوك اًلستهالكي للمسلم يف لطار هذه‬
‫املقاصد الشرعية‪.‬‬
‫‪-1‬يبني اًلجتاه الصحيح لإلتفاق‪ ،‬الذي يوازن بني احلاجات الدتيوية‬
‫واحلاجات األخروية‪.‬‬
‫مقاصد االستهالك وأثرها يف توجيه السلوك االستهالكي يف االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬وتطبيقاتها املعاصرة‬
‫‪011‬‬
‫‪-2‬يعرف ابلتطبيقات املعاصرة ملقاصد اًلستهالك‪.‬‬
‫‪ ‬فروض البحث‪:‬‬
‫يعم البحث على اختبار صحة الفروض التالية‪:‬‬
‫‪-1‬هناك مقاصد استهالكية قرآتية شرعية تعم على تنظيم لتفاق الفرد املسلم‬
‫وتؤدي ل ى التخصيص الكفؤ للموارد‪.‬‬
‫‪-4‬تلتقي مقاصد اًلستهالك القرآتية مع املقاصد الشرعية وتعم على التوجيه‬
‫السليم للسلوك اًلستهالكي للمسلم‪.‬‬
‫‪-1‬العم ابملقاصد الشرعية لالستهالك يؤدي ل ى التوجيه السليم إلتفاق‬
‫املسلم‪.‬‬
‫‪-2‬تؤيد النماذج السابقة والتطبيقات املعاصرة ملقاصد اًلستهالك الشرعية‬
‫لمكاتية التطبيق والتعميم‪.‬‬
‫‪ ‬منهج البحث‪:‬‬
‫يتبع البحث املنهج اًلستنباطي واًلستقرائي والتحليلي‪ ،‬ملناسبته ملشكلة‬
‫البحث‪ .‬والذي يقوم على النظر يف آايت القرآن املتعلقة ابًلستهالك ومتعلقاته‪ ،‬وما‬
‫جيري من تطبيقات تتعلق ابلسلوكيات اًلستهالكية‪ ،‬للتوص ل ى كليات ضابطة‬
‫وموجهة لسلوك واستهالك املسلم حال لتفاقه‪.‬‬
‫‪ ‬الّراسات السابدقة‪:‬‬
‫هذا البحث ًل ينبين على دراسة سبقته‪ ،‬ولمنا هو اًلستنباط املباشر من آايت‬
‫القرآن‪ ،‬مع استعمال منهج اًلستقراء كما تقدم يف املستخلص‪ .‬وأيخذ هذا البحث‬
‫من النصوص الشرعية وأقوال العلماء يف املقاصد الشرعية‪ ،‬ويضعها لتتالءم مع‬
‫‪012‬‬

‫التحلي اًلقتصادي‪.‬‬
‫‪ ‬هيكل البحث‪:‬‬
‫ويتكون من مقدمة وأربعة مباحث‪ ،‬على هذا النحو‪:‬‬
‫املبحث األول‪ :‬مفهوم املقاصد يف الشريعة اإلسالمية‪.‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬الغاية من االستهالك‪.‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬املقاصد الشرعية االقتصادية يف القرآن وأتثريها يف‬
‫السلوك االستهالكي‪.‬‬
‫املبحث الرابع‪ :‬النماذج والتطبيقات املعاصرة ملقاصد االستهالك الشرعية‪.‬‬
‫مقاصد االستهالك وأثرها يف توجيه السلوك االستهالكي يف االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬وتطبيقاتها املعاصرة‬
‫‪013‬‬

‫مدق ِّمة البحث‬

‫للمقاصد الشرعية واألفعال اإلتساتية املتجهة حنو حتقيق الغاية من استخالف‬


‫وقع عظيم ومكاتة يف الشريعة اإلسالمية ويف تفوس الناس‪ .‬لًل أن لظهارها‬
‫اإلتسان‪ٌ ،‬‬
‫وجتلية حقيقتها مما خيفى على كثري من الناس؛ لذ لهنم يسلكون يف استهالكهم‬
‫الطبعي أو العادي للبشر‪ ،‬دون أن يتجه فكرهم ل ى تعديله وحتسينه‬
‫ولتفاقهم السلوك ْ‬
‫ابتباع املقاصد اًلستهالكية إلتفاق الدخ على احلاجات املختلفة‪ ،‬ابلتفريق بني ما‬
‫هو للدتيا وما هو لآلخرة‪ .‬وقد هذب القرآن الطباع اإلتساتية للمؤمن لتتوافق مع‬
‫الغاية من ليراد األوامر والنواهي‪ ،‬وتلتقي مع هدف العبودية‪ .‬وقد يسلك اإلتسان‬
‫حبكم الطبع ‪ -‬عند استهالكه ولتفاقه ‪ -‬ما ًل يتوافق مع الشرع‪ ،‬فتجئ املقاصد اليت‬
‫مرشدا له ل ى الطريقة الصحيحة والوجهة القاصدة يف التعام مع ما‬
‫بينها له القرآن‪ ،‬ا‬
‫وغريه من حيث ًل يدري‪ ،‬وقد حيرم‬‫تفسه َ‬ ‫ميلك من مال وأعيان‪ .‬فقد يضر بفعله َ‬
‫غريه مع استح قاقه‪ ،‬فيتنكب سواء السبي ‪ ،‬وتضيع مثرة احلركات واألفعال‪ ،‬ويبتعد عن‬
‫الغاايت واألهداف‪.‬‬
‫وهذا البحث يعاجل مقاصد اًلستهالك الذي هو أص قيام بنية اآلدمي‪ .‬ولكن‬
‫ملا كان اتبع ا ألص وجود اإلتسان يف األرض ‪ -‬الذي ُخليق ملقصد العبادة ‪ -‬وهو‬
‫أص ضروري‪ ،‬كان اًلشتغال ابًلستهالك من حيث كوته مقيما لإلتسان‪ ،‬ضرورايا‪.‬‬
‫‪010‬‬

‫ويتفرع من ذلك أن اًلهتمام مبقاصد اًلستهالك حاجي؛ ألته حافظ للضروري‬


‫ومكم له‪ .‬ويعتمد ذلك على مقصدين أساسيني مها الركن يف هذه املقاصد‪ ،‬ومها‪:‬‬
‫مقصد حفظ النفس ومقصد حفظ املال‪ .‬وواسطتهما واألص فيهما‪ ،‬هو مقصد‬
‫مقصدا حفظ النس وحفظ العق ‪،‬‬
‫َ‬ ‫حفظ الدين‪ .‬وبذلك تقع عمارة األرض‪ .‬وأييت‬
‫التابعني ملقصد حفظ النفس‪ ،‬من حيث تعلقهما هبا‪ .‬يهتم البحث‬
‫كاملكملَني و َ‬
‫كذلك إببراز اجلواتب التطبيقية والنماذج املتعلقة مبقاصد اًلستهالك‪ ،‬ألج أتكيد‬
‫لمكاتية العم هبا يف الواقع املعاش اليوم‪.‬‬
‫املبحث األوَّل‪ :‬مفهوم املدقاصّ يف الشريعة اإلسالمية‬
‫يعاجل هذا املبحث مفهوم علماء األصول للمقاصد‪ ،‬وما يتعلق أبتواعها‬
‫وضوابطها وابتنائها‪ ،‬وعالقة التكاليف الشرعية ابملقاصد الشرعية‪ .‬ويتمهد املبحث‬
‫بتعريف املقاصد يف اللغة‪ ،‬ويتلوه شرح مفهوم املصطلح عند أه اًلختصاص‪.‬‬
‫فاملبحث ينقسم ل ى مطلبني اثنني‪:‬‬
‫املطلب األول‪ :‬مفهوم املقاصد يف اللغة‬
‫املطلب الثاين‪ :‬املقاصد يف اصطالح األصوليني‪.‬‬
‫املطلب األوَّل‪ :‬مفهوم املدقاصّ يف اللغة‬
‫قال يف معجم الصحاح‪ :‬القصد لتيان الشيء‪ .‬تقول‪ :‬قصدته‪ ،‬وقصدت له‪،‬‬
‫وقصدت لليه‪ ،‬مبعىن‪ .‬والقصد بني اإلسراف والتقتري‪ .‬والقصد‪ :‬العدل(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬اجلوهري‪ ،‬لمساعي بن محاد‪( :‬معجم الصحاح)‪ ،‬مرتب ترتيبا ألفبائيا وفق أوائ احلروف‪،‬‬
‫=‬
‫مقاصد االستهالك وأثرها يف توجيه السلوك االستهالكي يف االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬وتطبيقاتها املعاصرة‬
‫‪011‬‬
‫ويف املعجم الوسيط‪ :‬قصد الطريق قصدا‪ :‬استقام‪ .‬وقصد له‪ ،‬ولليه‪ :‬توجه لليه‬
‫عامدا‪ ،‬ويقال قصده‪ .‬القصد ‪ -‬يقال‪ :‬هو على القصد وعلى قصد السبي ‪ .‬لذا كان‬
‫راشدا والقصد استقامة الطريق‪ .‬يقال طريق قصد‪ :‬سه مستقيم(‪.)1‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬املدقاصّ يف اصطالح األصوليني‬
‫هذا مما اجتهد فيه املعاصرون من علماء املقاصد ملا مل يبلغهم عنها شيء من‬
‫تعريفها عند املتقدمني من علماء األصول‪ .‬ولكنهم استأتسوا بعبارات الشاطيب يف‬
‫موافقاته‪ .‬وبنوا على ما كتبه اإلمام حممد الطاهر بن عاشور يف مقاصده‪ .‬واختلفت‬
‫عباراهتم يف التعريف تبعا ًلختالف مداركهم وفهمهم‪ ،‬كغريها من علوم الشريعة‬
‫الفرعية‪.‬‬
‫فابن عاشور يقول هي‪ :‬املعاين واحلكم امللحوظة للشارع يف مجيع أحوال‬
‫التشريع أو معظمها حبيث ًل ختتص مالحظتها ابلكون يف توع خاص من أحكام‬
‫الشريعة(‪.)4‬‬

‫=‬
‫اعتىن به‪ :‬خلي مأمون شيحا‪( ، ،‬ط‪1211 ،2 :‬هـ ‪4114 -‬م‪ ،‬بريوت‪ :‬دار املعرفة )‪ ،‬ص‬
‫‪. 861‬‬
‫(‪ )1‬ابن عاشور‪ ،‬حممد الطاهر‪( ،‬مقاصد الشريعة اإلسالمية)‪ ،‬حتقيق ومراجعة‪ :‬الشيخ حممد‬
‫احلبيب بن اخلوجة‪ 1248( ،‬ه – ‪ 4112‬م‪ ،‬طبعة وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية –‬
‫قطر)‪168 :1 ،‬‬
‫(‪ )4‬احلسن‪ ،‬خليفة اببكر‪( ،‬فلسفة مقاصد التشريع يف الفقه اإلسالمي وأصوله)‪1287( ،‬م‪ ،‬جملة‬
‫كلية الشريعة والقاتون‪ ،‬اإلمارات العربية املتحدة)‪ ،‬العدد ‪ ،1‬ص ‪ ،8‬موجود يف قالب يب دي‬
‫لف‪.‬‬
‫‪011‬‬

‫وقال خليفة اببكر احلسن هي‪ :‬الروح العامة اليت تسري يف كيان تلك األحكام‬
‫واملنطق الذي حيكمها ويربز خصوصياهتا وينبئ عن متيز أسلوهبا وتفرد طريقتها‬
‫وارتباطها أبسسها ومنطلقاهتا‪.‬‬
‫وعرفها يوسف العامل أبهنا‪ :‬الغاية اليت يرمي لليها التشريع واألسرار اليت وضعها‬
‫الشارع احلكيم عند ك حكم من األحكام(‪.)1‬‬
‫تتلخص التعريفات املتقدمة يف اتفاقها على املكوانت التالية ملقاصد الشريعة‪:‬‬
‫‪-‬املعاين واحلكم واملقاصد اليت يرمي لليها الشرع‪.‬‬
‫‪-‬مشول هذه املعاين والغاايت لعموم أحكام الشريعة وخصوصياهتا‪.‬‬
‫‪-‬حتقيق مصاحل العباد‪.‬‬
‫‪-‬األسرار الكامنة يف أحكام الشرع ومقاصده‪.‬‬
‫وهي أمور بال شك خادمة حلركة املعاش اليت ميارسها اإلتسان املسلم‪ ،‬ويتوخى‬
‫أن تكون وفق أهدافه احلياتية‪.‬‬
‫من املمكن صياغة تعريف مما تقدم على هذا النحو‪:‬‬
‫"املقاصد الشرعية هي‪ :‬املقاصد واألهداف واحلكم اليت تنطوي عليها مصاحل‬
‫اخللق واملبثوثة يف النصوص واألحكام الشرعية‪ ،‬واليت جتلب املنافع وتدفع املضار‪،‬‬
‫حتقي اقا لسعادة الدارين"‪.‬‬

‫(‪ )1‬العامل‪ ،‬يوسف حامد‪( ،‬املقاصد العامة للشريعة اإلسالمية)‪ ( ،‬ط‪1214 ،1 :‬ه‪1221-‬م‪،‬‬
‫هريتد‪ ،‬فرجينيا‪ ،‬الوًلايت املتحدة األمريكية‪ ،‬املعهد العاملي للفكر اإلسالمي)‪ ،‬ص ‪،81‬‬
‫موجود على قالب يب دي لف‪.‬‬
‫مقاصد االستهالك وأثرها يف توجيه السلوك االستهالكي يف االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬وتطبيقاتها املعاصرة‬
‫‪011‬‬
‫‪ 1/2/1‬أنواع املدقاصّ الشرعية‪:‬‬
‫قسم اإلمام الشاطيب املقاصد الشرعية ل ى ضربني‪ :‬مقاصد أصلية ومقاصد‬
‫اتبعة‪.‬‬
‫ًلحظ فيها للمكلف‪ ،‬ألهنا قيام مبصاحل‬‫وعرف املقاصد األصلية أبهنا‪ :‬اليت َ‬
‫عامة مطلقة‪ .‬وهي تنقسم ل ى ضرورية عينية ول ى ضرورية كفائية‪ .‬فالدينية على ك‬
‫مكلف يف تفسه‪ ،‬فهو مأمور حبفظ دينه اعتقادا وعمالا‪ ،‬وحبفظ تفسه قيام ا‬
‫بضرورايت حياته‪ ،‬وحبفظ ماله استعاتة على لقامة تلك األوجه األربعة‪ ،‬من الدين‬
‫والنفس والعق والنس (‪ .)1‬ويظهر من هذا‪ ،‬التعلق اللصيق بني املقاصد الشرعية‬
‫واملقاصد الدتيوية اًلستهالكية‪.‬‬
‫أما الكفائية فيقصد هبا كوهنا منوطة ابلغري أن يقوم هبا على العموم يف مجيع‬
‫املكلفني‪ ،‬لتستقيم األحوال العامة اليت ًل تقوم اخلاصة لًل هبا‪.‬‬
‫وهو ًلحق ابألول‪ ،‬لذ ًل يقوم العيين لًل ابلكفائي‪ .‬والقائم بذلك خليفة هللا‬
‫يف عباده على حسب قدرته(‪.)4‬‬
‫أما املقاصد التابعة فعنده‪ :‬أهنا اليت روعي فيها حظ املكلف‪ .‬فمن جهتها‬
‫حيص له مقتضى ما جب عليه من تي الشهوات واًلستمتاع ابملباحات وسد‬

‫(‪ )1‬الشاطيب‪ ،‬لبراهيم بن موسى اللخمي الغرانطي‪( ،‬املوافقات يف أصول الشريعة)‪ ،‬شرحه وخرج‬
‫أحاديثه‪ :‬عبد هللا دراز‪ ،‬وضع ترامجه‪ :‬حممد عبد هللا دراز‪ ،‬خرج آايته وفهرس موضوعاته‪ :‬عبد‬
‫السالم عبد الشايف حممد‪( ،‬ط‪4112 ،4‬م‪ ،‬بريوت‪ :‬دار الكتب العلمية)‪ ،‬ص ‪141‬‬
‫(‪ )4‬ابن عاشور‪( ،‬مقاصد الشريعة)‪168 :1 ،‬‬
‫‪011‬‬

‫اخلالت‪ .‬لذ خلق له شهوة الطعام والشراب ليحركه ذلك الباعث ل ى التسبب يف سد‬
‫هذه اخللة مبا أمكنه(‪.)1‬‬
‫ويرى الشاطيب أن املقاصد التابعة خادمة للمقاصد األصلية ومكملة هلا(‪.)4‬‬
‫‪ 2/2/1‬الصفات الضابطة للمدقاصّ الشرعية‪:‬‬
‫ذهب ابن عاشور ل ى تقسيم املقاصد الشرعية ل ى توعني َحلي َظ فيه املعاين‪،‬‬
‫خبالف تقسيم الشاطيب الذي َحلي َظ فيه الطلب من جهة املكلف‪.‬‬
‫فقسمهما ل ى‪ :‬معان حقيقية ومعان عرفية عامة‪ .‬ويرى اتضباط هذه املقاصد‬
‫أبربعة شروط هي‪ :‬الثبوت والظهور واًلتضباط واًلطراد‪.‬‬
‫ضرا‪ ،‬حبيث‬
‫أما احلقيقية فهي اليت هلا حتقق يف تفسها حبيث جتلب تفعا وتدفع ا‬
‫تدرك العقول السليمة مالءمتها أو منافرهتا هلا‪ .‬والعرفية هي اجملرابت اليت ألفتها تفوس‬
‫اجلماعة واستحسنتها استحساانا انشئا عن جتربة مالءمتها لصالح اجلمهور‪،‬‬
‫كاإلحسان وعقوبة اجلاين(‪.)1‬‬
‫‪ 3/2/1‬ابتناء مدقاصّ الشريعة اإلسالمية‪:‬‬
‫يرى ابن عاشور أن ابتناء مقاصد الشريعة على وصف الشريعة اإلسالمية‬
‫األعظم وهو الفطرة(‪ .)2‬وأن السماحة أول أوصاف الشريعة وأكرب مقاصدها‪ ،‬فإن‬

‫(‪ )1‬الشاطيب‪( ،‬املوافقات)‪ ،‬ص ‪.441‬‬


‫(‪ )4‬الشاطيب‪( ،‬املوافقات)‪ ،‬ص ‪.441‬‬
‫(‪ )1‬ابن عاشور‪( ،‬مقاصد الشريعة)‪.176 :1 ،‬‬
‫(‪ )2‬ابن عاشور‪( ،‬مقاصد الشريعة)‪.122 ،188 :1 ،‬‬
‫مقاصد االستهالك وأثرها يف توجيه السلوك االستهالكي يف االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬وتطبيقاتها املعاصرة‬
‫‪011‬‬
‫املقصد العام من التشريع فيها هو حفظ تظام األمة واستدامة صالحه بصالح توع‬
‫اإلتسان‪ .‬ويشم صالحه وصالح عقله وصالح عمله وصالح موجودات العامل(‪.)1‬‬
‫‪ 4/2/1‬تكاليف الشريعة ومدقاصّ اخللق‪:‬‬
‫يقسم الشاطيب مع غريه من العلماء مقاصد اخللق منتسبةا ل ى تكاليف الشريعة‬
‫ل ى ثالثة أقسام‪ :‬ضرورية وحاجية وحتسينية‪.‬‬
‫ويعىن ابلضرورية‪ :‬أهنا ًلبد منها يف قيام مصاحل الدين والدتيا‪ ،‬حبيث لذا فُيقدت‬
‫مل َْجت ير مصاحل الدتيا على استقامة‪ ،‬ب على فساد وهتارج وفوت حياة‪ ،‬وىف األخرى‬
‫فوت النجاة والنعيم والرجوع ابخلسران املبني‪.‬‬
‫واحلفظ هلا يكون من جاتب الوجود ومن جاتب العدم‪ ،‬إبقامة األركان ودرء‬
‫اًلختالل(‪ .)4‬ومن مراعاة الضرورايت من جاتب الوجود‪ ،‬تتبُّع العادات الراجعة ل ى‬
‫حفظ النفس والعق ‪ ،‬كتناول املأكوًلت واملشروابت وامللبوسات واملسكوانت‪ ،‬وما‬
‫أشبه ذلك‪ .‬وجمموع الضرورايت منحصرة يف مخسة ابستقراء‪ ،‬وهي‪ :‬حفظ الدين‬
‫والنفس والنس واملال والعق (‪.)1‬‬
‫أما احلاجيات فمعناها‪ :‬أهنا مفتقر لليها من حيث التوسعة ورفع الضيق املؤدى‬
‫يف الغالب ل ى احلرج واملشقة الالحقة بفوت املطلوب‪ .‬فإذا مل تراع دخ على املكلفني‬
‫على اجلملة ‪ -‬احلرج واملشقة‪ ،‬ولكنه ًل يبلغ مبلغ الفساد العادي املتوقع يف املصاحل‬

‫(‪ )1‬الشاطيب‪( ،‬املوافقات)‪ ،‬ص ‪.441‬‬


‫(‪ )4‬الشاطيب‪( ،‬املوافقات)‪ ،‬ص ‪444‬؛ ابن عاشور‪( ،‬مقاصد الشريعة)‪.421 :1 ،‬‬
‫(‪ )1‬الشاطيب‪( ،‬املوافقات)‪ ،‬ص ‪.444‬‬
‫‪011‬‬

‫العامة(‪.)1‬‬
‫وأما التحسينات‪ ،‬فتعىن األخذ مبا يليق مبحاسن العادات‪ ،‬وجتنب املدتسات‬
‫اليت أتتفها العقول الراجحات‪ ،‬وجيمع ذلك قسم مكارم األخالق(‪.)4‬‬
‫وهي جترى فيما جترى فيه‪ ،‬يف العادات‪ ،‬كآداب األك والشرب وجماتبة املآك‬
‫النجسات واملشارب املستخبثات‪ ،‬واإلسراف واإلقتار يف املتناوًلت‪ .‬قال الشاطيب‪:‬‬
‫ك مرتبة من هذه املراتب ينضم لليها ما هو كالتتمة والتكملة‪ ،‬حبيث لذا فقد مل خي‬
‫الشاطيب لتتمات التحسينات ابإلتفاق من طيبات‬ ‫حبكمتها األصلية‪ .‬وميث‬
‫املكاسب(‪ .)1‬وشرط التكملة أًل يعود اعتبارها على األص ابإلبطال(‪ .)2‬واملقاصد‬
‫الضرورية يف الشريعة أص للحاجية والتحسينية(‪.)8‬‬
‫واحملافظة على واحد منها يقتضي احملافظة على اآلخر؛ ألن احلاجي خادم‬
‫للضروري‪ ،‬والتحسيين خادم للحاجي‪ ،‬والضروري هو املطلوب‪.‬‬

‫(‪ )1‬الشاطيب‪( ،‬املوافقات)‪ ،‬ص ‪.448‬‬


‫(‪ )4‬الشاطيب‪( ،‬املوافقات)‪ ،‬ص ‪.442‬‬
‫(‪ )1‬الشاطيب‪( ،‬املوافقات)‪ ،‬ص ‪.446‬‬
‫(‪ )2‬أبو حممد عبد احلق بن غالب بن عطية األتدلسي‪( ،‬احملرر الوجيز يف تفسري الكتاب العزيز)‪،‬‬
‫حتقيق‪ :‬عبد السالم عبد الشايف‪ ، ،‬ط‪1217 ،2/‬ه – ‪4116‬م‪ ،‬دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫بريوت – لبنان)‪177: 4،‬‬
‫(‪ )8‬أبو حممد عبد احلق بن غالب بن عطية األتدلسي‪( ،‬احملرر الوجيز يف تفسري الكتاب العزيز)‪،‬‬
‫حتقيق‪ :‬عبد السالم عبد الشايف‪ ، ،‬ط‪1217 ،2/‬ه – ‪4116‬م‪ ،‬دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫بريوت – لبنان)‪177: 4،‬‬
‫مقاصد االستهالك وأثرها يف توجيه السلوك االستهالكي يف االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬وتطبيقاتها املعاصرة‬
‫‪011‬‬
‫املبحث الثاني‪ :‬الغاية من االستهالك‬
‫تعم الشريعة على توجيه مقاصد السلوك اًلستهالكي‪ ،‬جلب ا للنفع ودفع ا‬
‫للضر؛ ألج حتصي املصاحل وتقلي املفاسد‪ .‬وقيمة اًلستهالك فيما جيلبه من منفعة‬
‫لفاعله ولغريه‪ ،‬ودرؤه من مفسدة له ولغريه‪ .‬فاستهالك الطعام فيه منفعة آلكله ودفع‬
‫أمل جوعه‪ ،‬كما أن ليصال الطعام ل ى الغري تدابا أو لجياابا‪ ،‬فيه منفعة ملن تُيق لليه‬
‫الطعام‪ ،‬بس د جوعه وذهاب أمله‪ .‬فالغاية هلا أتثري على الوسيلة‪ .‬فالغاية هي املوجه‬
‫للسلوك اًلستهالكي جتاه النفس والغري‪.‬‬
‫يتقدم هذه الغاايت اًلستهالكية أتواع اًلستهالك اليت هلا أتثري على سلوك‬
‫املستهلك‪ ،‬وذلك يف مطلبني هلذا املبحث‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬أتواع اًلستهالك‬
‫املطلب الثاين‪ :‬الغاايت أو املقاصد الدتيوية واألخروية لالستهالك‬
‫املطلب األول‪ :‬أنواع االستهالك‬

‫هذه األتواع مستخرجة من النصوص الشرعية العامة ومقاصد الشريعة‪ ،‬سواءا‬


‫جاءت على وجه اإلجياب أو على وجه اًلستحباب‪ ،‬فيما يتعلق ابًلستهالك‪ ،‬وهي‬
‫مأخوذة من استقراء النصوص الشرعية‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪-1‬استهالك معاشي‪.‬‬
‫‪-4‬استهالك رفاهي‪.‬‬
‫(استبقائي)‪.‬‬
‫‪-1‬استهالك تعاوين ْ‬
‫‪-2‬استهالك تقوميي‪.‬‬
‫‪012‬‬

‫االستهالك املعاشي‪:‬‬
‫أما اًلستهالك املعاشي‪ :‬فهو اًلستهالك املأمور به لبقاءا للنفس ولحياءا هلا‪،‬‬
‫لتقوم بوظيفتها من العبادة واًلعمار قال ‪ { :‬ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝ } [سورة‬
‫األعراف‪ ،]31:‬وقال‪ :‬ﭐﭐ { ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ } [سورة األعراف‪ ،]17:‬واملعايش‪ :‬مجع‬
‫التحرف الذي يؤدي لليه(‪.)1‬‬
‫معيشة‪ ،‬وهي لفظة تعم املأكول الذي يعاش به و ُّ‬
‫االستهالك الرفاهي‪:‬‬
‫وأما اًلستهالك الرفاهي‪ :‬فهو الزائد على أص املعاش حبيث يُ ُّ‬
‫عد صاحبه‬
‫مسرف ا مبا يتجاوز حدود املعروف‪ .‬لذلك قال تعا ى يف ضبط اًلستهالك‪( :‬وًل‬
‫تسرفوا) فيه أن التزام ترك اإلسراف يؤدي ل ى توجيه اًلتفاق ل ى مصاحل أخرى للفرد‬
‫واجملتمع‪ ،‬ويف هذا ختصيص للموارد‪ .‬قال يزيد بن حبيب‪ :‬هم الذين ًل يلبسون الثياب‬
‫طعاما للذة(‪ .)4‬وسيأيت بسط الكالم عن اإلسراف‪.‬‬
‫للجمال وًل أيكلون ا‬
‫االستهالك التعاوني‪:‬‬
‫وأما اًلستهالك التعاوين أو اًلستبقائي أو التعاوضي‪ :‬فهو طلب صاحبه‬
‫العي َوض األخروي مبا يبذله للمسكني من طعام أو ثياب وحنو ذلك‪ .‬وبه يقع التعاون‬
‫بني الواجد وغري الواجد‪ ،‬ويستبقي الفاع لذلك من طيباته حلياته األخرى‪ ،‬كما فع‬

‫(‪ )1‬ابن عطية‪( ،‬احملرر الوجيز)‪.441 :2 ،‬‬


‫(‪ )4‬اتظر‪ :‬ابن عبد الرب‪ ،‬أبو عمر يوسف بن عبد هللا بن حممد النمري‪( ،‬اًلستذكار)‪ ،‬علق عليه‬
‫ووضع حواشيه‪ :‬سامل حممد عطا ‪ -‬حممد علي معوض‪( ،‬ط‪4111 ، 1/‬م‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية بريوت لبنان)‪. 121 :8 ،‬‬
‫مقاصد االستهالك وأثرها يف توجيه السلوك االستهالكي يف االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬وتطبيقاتها املعاصرة‬
‫‪013‬‬
‫(‪.)1‬‬ ‫عمر‬
‫وىف احلديث فيمن اشرتى ثوابا جديدا ودعا‪ ،‬وفيه‪( :‬مث عمد إىل ثوبه اخلَلَق‬
‫فكساه مسكيناً مل يزل يف جوار هللا ويف ذمة هللا ويف كنف هللا حياً وميتاً‪ ،‬ما بقي‬
‫من الثوب سلك)(‪.)4‬‬
‫وقد كان صاحب حديقة يقتطع ثلثا من زرعه فيجعله يف املساكني(‪.)1‬‬
‫وهو سلوك لتفاقي رشيد‪ ،‬يؤدي لظهاره وتشره‪ ،‬ل ى لحياء فضائ قييمة‪ ،‬تعني‬
‫على درء مشكالت تتعلق هبدر املال وسوء استخدامه‪ ،‬ب تعم على حسن‬
‫توجيهه‪ .‬ووجه اعتباره استهال اكا مبا ينتق ل ى املعطَى من ثياب أو مال‪ ،‬فيؤول‬
‫اًلتتفاع األخري له‪.‬‬
‫االستهالك التدقوميي‪:‬‬
‫وأما اًلستهالك التقوميي فهو ما يقع لإلتسان يف ماله عقوبةا له لينتفع به‬

‫(‪ )1‬املنذري‪ ،‬زكي الدين عبد العظيم بن عبد القوي‪( ،‬الرتغيب والرتهيب من احلديث الشريف)‪،‬‬
‫ضبط أحاديثه وعلق عليها‪ :‬مصطفى حممد عمارة‪ ،‬ط‪1188، 1/‬هـ ـ ‪1268‬م دارلحياء‬
‫الرتاث العريب‪ ،‬دون بلد)‪ . 117، 21 :1 ،‬رواه الرتمذي وقال‪ :‬حديث غريب‪ ،‬وابن ماجة‬
‫واحلاكم والبيهقي‪.‬‬
‫(‪ )4‬مسلم‪ ،‬أبو احلسني بن احلجاج‪( ،‬صحيح مسلم)‪ ،‬كتاب الزهد‪ ،‬ابب فض اإلتفاق على‬
‫املساكني وابن السبي ‪ ،‬حديث ‪( ،7271‬ط ‪1241، 4/‬هـ ‪ 4111 -‬م‪ ،‬دار السالم –‬
‫الرايض)‪ ،‬ص ‪.1421‬‬
‫(‪ )1‬اتظر‪ :‬الباحث‪( ،‬معاجلة الكفارات الشرعية ملشكلة الفقر)‪ ،‬جملة بيت املشورة‪ ،‬جملة دولية‬
‫حمكمة يف اًلقتصاد والصريفة اإلسالمية‪( ،‬العدد ‪ ، 7‬أكتوبر ‪4117‬م‪ ،‬دولة قطر)‪ ،‬ص‬
‫‪. 118 ، 141 ، 116‬‬
‫‪010‬‬

‫الفقراء‪ ،‬مث كفارة اإلفطار وخمالفات احلج وكفارة اليمني وكفارة الظهار وكفارة القت ‪.‬‬
‫فهو استهالك ولتفاق جربي لفاع املخالفة من غري اتتفاع له مبا خيرجه من طعام‬
‫وحنوه‪ ،‬ب ليكون استهالكا ملن اتتق لليه الطعام وهم املساكني‪ .‬فهو بذلك استهالك‬
‫تقوميي‪ ،‬أي لتصحيح خطأ املكلف الذي يقع فيه‪ .‬والعلماء على خالف يف كوهنا‬
‫عقوبة أم عبادة‪.‬‬
‫يتحص من ذلك تقومي السلوك اًلقتصادي للفرد املسلم‪ ،‬وتتهذب تفسه‪،‬‬
‫ويتعدل سلوكه اإلتفاقي‪ ،‬فيحتاط من الوقوع يف مث هذه املخالفات القولية أو‬
‫الفعلية(‪.)1‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬الغايات أو املدقاصّ الّنيوية واألخروية لالستهالك‬
‫ًل يستهلك املسلم ألغراض دتيوية فحسب‪ ،‬ب يتعدى ذلك ل ى مزج تيته عند‬
‫استهالكه مبقاصد أخروية‪ .‬وبذلك تتم منفعته الكلية من اًلستهالك‪ .‬لذ ًل تتعلق‬
‫املنفعة بوقت الدتيا فقط‪ ،‬ب كذلك أبمر اآلخرة وأمدها‪ .‬وهو ما جيع استهالك‬
‫املسلم يف توازن‪ .‬وهذه املقاصد أو الغاايت اًلستهالكية هي ما يبتغيه املسلم من‬
‫سلوك يهذب به لتفاقه‪ ،‬ويتبع فيه لرشادات الشريعة‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬املدقاصّ الّنيوية لالستهالك‪.‬‬
‫هناك مقاصد متعددة يسعى املسلم ل ى حتقيقها من خالل فع اًلستهالك‪.‬‬

‫(‪ )1‬اتظر‪ :‬الباحث‪( ،‬معاجلة الكفارات الشرعية ملشكلة الفقر)‪ ،‬جملة بيت املشورة‪ ،‬جملة دولية‬
‫حمكمة يف اًلقتصاد والصريفة اإلسالمية‪( ،‬العدد ‪ ، 7‬أكتوبر ‪4117‬م‪ ،‬دولة قطر)‪ ،‬ص‬
‫‪118 ، 141 ، 116‬‬
‫مقاصد االستهالك وأثرها يف توجيه السلوك االستهالكي يف االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬وتطبيقاتها املعاصرة‬
‫‪011‬‬
‫ومجلتها تنحصر يف أربعة مقاصد‪.‬‬
‫‪-1‬مدقصّ استبدقاء احلياة‪:‬‬
‫مبعىن أته يستهلك لبقاءا حلياته املأمور حبفظها من بني مقاصد الشرع اخلمسة‬
‫واليت منها حفظ النفس‪ .‬وهو مقصد يكاد يتوجه لليه ك اإلتفاق اًلستهالكي‪،‬‬
‫خاصة عند الفقراء وفئات الدخ املنخفض‪ ،‬حبكم السلوك الفطري والعفوي‪ .‬وًل‬
‫تكاد تتوجه عناية هؤًلء ل ى اًلدخار‪ ،‬لقصور دخوهلم عن استيفاء ضروراهتم‪.‬‬
‫‪-2‬مدقصّ مراعاة حظ األجيال الدقادمة‪:‬‬
‫يدخ يف ذلك توفري فاض اإلتفاق للقريب واجلار وغريمها‪ ،‬وكذلك مراعاة‬
‫عدم استنفاد املوارد مجلة واحدة يف أوقات استخدامها‪ .‬وهذا ألن للغري ممن أييت بعد‬
‫للنيب‬ ‫ذلك‪ ،‬حق ا يف هذه املوارد‪ .‬ويف هذا مراعاة أمر الندرة‪ ،‬وقد أشار عمر‬
‫بعدم حنر اإلب ‪ ،‬حَت ًل يق الظهر‪ ،‬واستبقاءا هلا لألجيال التالية(‪.)1‬‬
‫وهذا املقصد مطلوب من اجلماعة‪ ،‬كاحلكومات‪ ،‬كما هو مطلوب من‬
‫األفراد‪ .‬فيمتنع التبذير يف حقهم أو اإلسراف‪ .‬وقد قال تعا ى يف حق حفظ مال اليتيم‬
‫‪ { :‬ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸﯹ} [سورة النساء‪ ،]6:‬قال ابن العريب‪:‬‬ ‫قال‬
‫لسرافاا‪ :‬يعين جماوزاة من أموالكم اليت تنبغي لكم ل ى ما ًل حي لكم من أمواهلم‪.‬‬

‫(‪ )1‬اتظر احلديث يف‪ :‬البخاري‪ ،‬حممد بن لمساعي ‪( ،‬صحيح البخاري)‪ ،‬كتاب الشركة‪ ،‬ابب‬
‫الشركة يف الطعام والنهد والعروض‪ ،‬حديث رقم ‪ ، 4282‬وكتاب اجلهاد والسري‪ ،‬ابب مح‬
‫الزاد يف الغزو‪ ،‬حديث رقم ‪( ، 4284‬ط‪1212 ،4/‬ه – ‪1222‬م‪ ،‬دار السالم للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬الرايض)‪ ،‬ص ‪.221 ،214‬‬
‫‪011‬‬

‫وبدارا‪ :‬يعين مبادراة أن يكربوا‪ ،‬واستباقاا‬


‫واإلسراف‪ :‬جماوزة احلد املباح ل ى احملظور‪ .‬ا‬
‫استئثارا عليهم أبمواهلم(‪ .)1‬وهذا املقصد يشري ل ى حفظ األصول‬
‫ملعرفتهم ملصاحلهم‪ ،‬و ا‬
‫ل ى أوان احلاجة لليها‪.‬‬
‫‪-3‬مدقصّ مّفوع باملآل‪:‬‬
‫وذلك بتأجي استهالك سلعة يف املستقب بتنظيم استهالكها يف احلاضر‪ .‬ففيه‬
‫تبطئة وتقلي لالستهالك ليؤول األمر ل ى استبقائها أطول أمد ممكن‪ .‬وهو هدي عمر‬
‫كما تقدم‪.‬‬
‫يف بعض خطبه على املنرب‪" :‬وًل أتكلوا البيض‪ ،‬فإن البيضة‬ ‫قال عمر‬
‫لقمة‪ ،‬فإذا كاتت صارت دجاجة ُمثُ َن درهم"(‪.)4‬‬
‫‪-4‬مدقصّ زيادة طلب سلعة معينة‪:‬‬
‫حيدث ذلك مبنع استهالك سلعة لضررها‪ ،‬ألج توجيه الطلب ل ى سلعة‬
‫أخرى انفعة أو أكثر تفع ا‪ .‬كمنع احلاكم استخدام الفحم للطهي واألغراض املنزلية‪،‬‬
‫ليتوجه الطلب ل ى استعمال الغاز ليزداد الطلب عليه‪ ،‬ومن مث يزداد عرض لتتاجه‪،‬‬
‫ويرخص سعره‪ .‬وهذا املقصد منوط ابحلاجة واحلال والزمان واملكان(‪ .)1‬وهو مقصد‬

‫(‪ )1‬ابن العريب‪ ،‬حممد بن عبد هللا‪( ،‬أحكام القرآن)‪ ،‬حتقيق‪ :‬مصطفى أبو املعاطي‪( ،‬ط‪،1/‬‬
‫‪1218‬ه‪4112-‬م‪ ،‬دار الغد اجلديد‪ -‬القاهرة)‪.122 :1،‬‬
‫(‪ )4‬الباحث‪( ،‬الوجيز يف علم اًلقتصاد اإلسالمي)‪( ،‬ط‪1246 ،1/‬ه – ‪4118‬م‪ ،‬مطبعة جي‬
‫اتون‪ ،‬اخلرطوم)‪ ،‬ص‪41‬‬
‫(‪ )1‬الشيباين‪ ،‬حممد بن احلسن‪( ،‬كتاب الكسب)‪ ،‬ويليه رسالة احلالل واحلرام ًلبن تيمية‪ ،‬اعتىن‬
‫هبما‪ :‬عبد الفتاح أبو غدة‪( ،‬ط‪1217 ،1‬ه‪4116-‬م‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار السالم)‪ ،‬ص ‪.166‬‬
‫مقاصد االستهالك وأثرها يف توجيه السلوك االستهالكي يف االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬وتطبيقاتها املعاصرة‬
‫‪011‬‬
‫مدفوع ابحلاجة‪ ،‬مقرتن ابإلمكان‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬املدقاصّ األخروية لالستهالك‪:‬‬
‫استجالاب لثواب اآلخرة‪ ،‬وتقرااب ل ى هللا‬
‫ا‬ ‫وهي مقاصد يلتمس املسلم فعلها‬
‫تعا ى‪ .‬يدخ فيها ما يستهلكه املسلم ألج تفسه‪ ،‬أو ما ينفقه على غريه على سبي‬
‫فرض الكفاية‪.‬‬
‫‪ -1‬مدقصّ التعبّ‪:‬‬
‫مبعىن أن املستهلك املسلم يتعاطى فع اًلستهالك مبختلف احتياجاته ليتمكن‬
‫من عبادة هللا وطاعته‪ ،‬ولًل ضعف عن الطاعة لن مل يتناول القدر املندوب لليه(‪.)1‬‬
‫اًلستهالك ألج اللذة أو املباهاة؛ ألته مفسد‬
‫َ‬ ‫أما لته يتجنب من فعله هذا‪،‬‬
‫لنيته‪ ،‬مع يوق لدرك حاجته من تعظيم الثواب‪.‬‬
‫ويندرج استهالك املسلم حتت عموم األمر بعمارة األرض‪ ،‬لذ ًل يكون عمارة‬
‫وتنمية ولتتاج من غري استهالك‪ ،‬أو طلب على اإلتفاق ‪ .‬فاًلستهالك واإلتتاج‬
‫متداخالن مرتابطان‪ً ،‬ل ينفك أحدمها عن اآلخر‪.‬‬
‫‪ -2‬مدقصّ الدقيام بفرض الكفاية‪:‬‬
‫قد ًل ينفق الشخص على استهالك تفسه‪ ،‬ب على استهالك غريه‪ ،‬فيكون‬
‫بذلك مؤدايا لفرض من فروض الكفاية‪ ،‬املعرب عنها إبطعام املضطرين وكسوة العارين‪،‬‬
‫وهو مما يثاب على فعله ويعاقب على تركه(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬الباحث‪( ،‬الوجيز)‪ ،‬ص ‪.41‬‬


‫(‪ )4‬ابن عبد السالم‪ ،‬عبد العزيز السلمي‪( ،‬قواعد األحكام يف مصاحل األانم)‪ ،‬راجعه وعلق‬
‫=‬
‫‪011‬‬

‫والفقري واملضطر واحملتاج واملسكني‪ ،‬غري متعيينني‪ ،‬ب هم على اإلهبام‪ ،‬وهم‬
‫متعني كذلك‪ .‬لكن يقع فرض‬ ‫أه حاجة‪ .‬والذي ينفق عليهم أو حيسن لليهم‪ ،‬غري ي‬
‫الكفاية على القادرين من الواجدين وأه اليسار‪ ،‬ما ُويجد هؤًلء احملتاجون‪ .‬وقيام‬
‫البعض يغين اآلخرين عن اإلتفاق‪ .‬كما يقول علماء األصول‪ :‬طلب الكفاية متوجه‬
‫على اجلميع‪ ،‬لكن لذا قام به بعضهم سقط عن الباقني(‪.)1‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬قواعّ االستهالك واملدقاصّ الشرعية له يف الدقرآن الكريم‬
‫متمثال يف القرآن والسنة ‪ -‬بقواعد عامة وخاصة يف‬ ‫ا‬ ‫جاء اإلسالم ‪-‬‬
‫اًلستهالك‪ ،‬ولن كان ضبط هذه القواعد مبصطلحاهتا ومفاهيمها مما ُخيتلَف فيه بني‬
‫العلماء‪ ،‬ويتغاير بني جمتمع وآخر‪ ،‬لًل أن أصول هذه املصطلحات واملفاهيم اليت ي‬
‫متكن‬
‫لقواعد اًلستهالك‪ ،‬متفق عليها‪ .‬وهذه القواعد اًلستهالكية ميكن تصنيفها حبسب‬
‫اهلدف منها‪ ،‬ل ى قسمني‪ :‬األول‪" :‬اًلستهالك التوجيهي" والثاين‪" :‬اًلستهالك‬
‫املقاصدي"‪ .‬فعندما يبني القرآن األسس اليت ينبغي على املسلم أن يتبعها يف سلوكه‬
‫اًلستهالكي‪ ،‬فهو بذلك يرشده ويوجهه ل ى ما ينضبط به لتفاقه اًلستهالكي‪ ،‬فهو‬
‫بذلك استهالك توجيهي‪ ،‬فهو يعين جبملة التوجيه‪ً ،‬ل بتفاصيله‪ .‬وعندما يقرتن هذا‬
‫التوجيه أبهداف ومقاصد مرشدة‪ ،‬فعندئذ هو استهالك مقاصدي؛ أي‪ :‬موجه جتاه‬
‫حتقيق مقاصد ترتبط ابلفرد واجملتمع‪ ،‬والدتيا واآلخرة‪ .‬وهو بذلك يهتم ابلتفاصي ‪.‬‬

‫=‬
‫عليه‪ :‬طه عبد الرؤوف سعد‪1188 ( ،‬هـ ‪1268-‬م‪ ،‬دار الشرق للطباعة‪ ،‬القاهرة)‪:1 ،‬‬
‫‪.181‬‬
‫(‪ )1‬الشاطيب‪ ( ،‬املوافقات)‪ ،‬ص ‪.111‬‬
‫مقاصد االستهالك وأثرها يف توجيه السلوك االستهالكي يف االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬وتطبيقاتها املعاصرة‬
‫‪011‬‬
‫من هذه القواعد العامة اليت يتأسس عليها اًلستهالك عند املسلم‪ :‬قاعدة‬
‫"احلالل واحلرام"‪ ،‬وقاعدة "القصد واًلعتدال ومدحه"‪ ،‬وقاعدة "اإلسراف واإلقتار‬
‫وذمه"‪ ،‬فهي مبثابة أصول وقواعد لالستهالك ًل يسع املسلم تركها‪.‬‬
‫أما القواعد اخلاصة فهي تشتم على ُم َويجهات تفصيلية تتعلق ابإلتفاق‬
‫اًلستهالكي‪ ،‬يدخ يف ذلك‪ :‬كيفية التصرف يف حلوم األضاحي لذ لن توزيعها‪،‬‬
‫يكون على ثالثة ‪ -‬على وجه الندب ‪ :-‬استهالك وتوزيع وادخار‪ ،‬فاألول والثالث‬
‫ملالك اللحم وأهله‪ ،‬والث اين للمجتمع حوله‪ ،‬من فقراء ومساكني من أه احلاجة‬
‫والقرابة‪.‬‬
‫كما تشم هذه القواعد اخلاصة تقسيم الداخ ل ى معدة اإلتسان لل ثالثة‪:‬‬
‫طعام وشراب وتفس‪ ،‬وكذلك تفقة اإلتسان املسلم‪ ،‬جيع منها جزءاا لنفسه‪ ،‬وجزءاا‬
‫لزوجه‪ ،‬وجزءاا ألوًلده‪ ،‬وجزءاا لدابته‪ ،‬وهكذا يتوجه اإلتفاق اًلستهالكي فينضبط وفق‬
‫قواعد توجيهية حتم مقاصد وأهداف ا كلية وجزئية‪.‬‬
‫كذلك توجيه الشريعة وتدهبا للمسلم لتقسيم لتفاقه بني من يعول من زوجة‬
‫وأوًلد‪ ،‬ودابة‪ ،‬وصدقات‪ ،‬لضافة ل ى الواجبات كالزكوات‪.‬‬
‫يتنزل تفصي ذلك يف ثالثة مطالب‪:‬‬
‫املطلب األول‪ :‬قواعد اًلستهالك يف اًلقتصاد اإلسالمي‬
‫املطلب الثاين‪ :‬أهداف اًلستهالك التوجيهي واًلستهالك املقاصدي‬
‫املطلب الثالث‪ :‬مقاصد اًلستهالك يف القرآن وأثرها يف توجيه السلوك‬
‫اًلستهالكي للمسلم‪.‬‬
‫‪011‬‬
‫املطلب األوَّل‪ :‬قواعّ االستهالك يف االقتصاد اإلسالمي‬
‫سبق قب ُ أن القرآن جاء بقواعد عامة وقواعد خاصة تضبط استهالك الفرد‬
‫املسلم‪ ،‬وتصرفه يف ماله‪ ،‬وأن القصد هو توجيهه ولرشاده ل ى ما فيه سعادة الدارين‪.‬‬
‫ويقع ههنا بياهنا‪.‬‬
‫ومها قاعداتن من حيث التصنيف اجلُ َملي‪:‬‬
‫األو ى‪ :‬القواعد العامة أو الكلية‪.‬‬
‫الثاتية‪ :‬القواعد اخلاصة أو اجلزئية‪.‬‬
‫وهذا ابستقراء آايت القرآن‪.‬‬
‫‪ 1/1/3‬ماهية قواعّ االستهالك‪:‬‬
‫يقصد بقواعد اًلستهالك‪ :‬القواعد الضابطة ًلستهالك أو لتفاق املسلم‪ ،‬واليت‬
‫توجهه ل ى كيفية تنظيم استهالكه وفق األصول اإلسالمية واملقاصد الشرعية‪ ،‬حتقي اقا‬
‫ألهدافه الدتيوية واألخروية‪.‬‬
‫‪ 2/1/3‬أنواع قواعّ االستهالك‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬الدقواعّ العامة أو الكلية‪.‬‬
‫هذه القاعدة العامة تضم الكليات العامة املبيينة لنوع اًلستهالك وكيفيته وكمه‪،‬‬
‫وهو تقسيم ضابط لألفعال‪ ،‬موجه للغاايت‪ .‬وتنقسم ل ى ثالثة‪.‬‬
‫الدقواعّ الثالث‪:‬‬
‫‪-1‬قاعدة احلالل واحلرام‪.‬‬
‫‪-4‬قاعدة القصد واًلعتدال ومدحه‪.‬‬
‫‪-1‬قاعدة اإلسراف والتبذير واإلقتار وذمه‪.‬‬
‫مقاصد االستهالك وأثرها يف توجيه السلوك االستهالكي يف االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬وتطبيقاتها املعاصرة‬
‫‪011‬‬
‫‪-1‬قاعّة احلالل واحلرام (النوع)‪:‬‬
‫وحيظر‪،‬‬
‫حيرم عليه ُ‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫وهي قاعدة مبينة لنوع ما َحي ُّ ويُباح للمسلم تعاطيه‪ ،‬وما ُ‬
‫من املآك واملشارب واملساكن واملكاسب واملراكب‪ ،‬وسائر ما يُتمتع به‪ .‬وحمصلها‬
‫أوامر ومندوابت‪ ،‬ومناهي ومكروهات‪ ،‬كلها داعية حلفظ البدن ولقامة النوع البشري‬
‫وصياتته‪.‬‬
‫فهي لذاا قاعدة متعلقة جبنس املستمتَع به‪ ،‬اأاي كان‪ ،‬يعم املسلم يف لطارها من‬
‫احلالل واحلرام‪.‬‬
‫قال ابن حزم‪ :‬وأمجعوا أن اكتساب املرء من الوجوه املباحة‪ ،‬مباح‪ .‬واتفقوا أن‬
‫كسب القوت من الوجوه املباحة له ولعياله‪ ،‬فرض‪ ،‬لذا قدر عليه‪ .‬وكذلك حكى‬
‫ا ًلتفاق على فرضية ما يسترت به املرء من بناء‪ ،‬أو اكتساب منزل أو مسكن يسرته‪.‬‬
‫قال‪ :‬واتفقوا أن اًلتساع يف املكاسب واملباين من يح ‪ ،‬لذا أدى مجيع حقوق هللا ‪،‬‬
‫مباح(‪.)1‬‬
‫يعرف الغزايل احلالل املطلق بقوله‪ :‬هو الذي خال عن ذاته الصفات املوجبة‬
‫للتحرمي يف عينه‪ ،‬واحن عن أسبابه ما تطرق لليه حترمي أو كراهية‪ .‬قال‪ :‬واحلرام احملض‬
‫هو ما فيه صفة حمرمة ًل يشك فيها‪ ،‬كالشدة املطربة يف اخلمر‪ ،‬والنجاسة يف البول‪،‬‬

‫(‪ )1‬ابن حزم‪ ،‬أبو حممد علي بن أمحد بن سعيد األتدلسي‪( ،‬مراتب اإلمجاع يف العبادات‬
‫واملعامالت واًلعتقادات)‪ ،‬بعناية‪ :‬أمحد حسن لسرب‪( ،‬ط‪1218 ،4/‬ه‪4112-‬م‪ ،‬دار ابن‬
‫حزم‪ ،‬بريوت‪-‬لبنان) ص ‪481‬؛ الغزايل‪ ،‬حممد بن حممد بن حممد‪( ،‬لحياء علوم الدين)‪،‬‬
‫ضبط وتوثيق‪ :‬أمحد عناية – أمحد زهوة‪( ، ،‬د‪.‬ط‪1212 ،‬ه‪4111-‬م‪ ،‬دار الكتاب‬
‫العريب)‪ ،‬ص ‪.862‬‬
‫‪122‬‬

‫قطعا كاحملص ابلظلم والراب وتظائره(‪.)1‬‬


‫أو حص بسبب منهي عنه ا‬
‫كلما اتسعت جتارة املرء وزادت مكاسبه‪ ،‬افتقر ل ى علم احلالل واحلرام‪ ،‬كما‬
‫يقول اإلمام الغزايل(‪ . )4‬وتتفاوت درجات احلالل واحلرام‪ ،‬فاحلرام كله خبيث‪ ،‬لكن‬
‫بعضه أخبث من بعض‪ ،‬واحلالل كله طيب‪ ،‬ولكن بعضه أطيب من بعض وأصفى‬
‫من بعض‪.‬‬
‫وأييت املباح وسطاا بني احلالل واحلرام‪ ،‬قال اإلمام الباجي يف تعريف املباح‪ :‬ما‬
‫ثبت من جهة الشرع أن ًل ثواب يف فعله وًل عقاب يف تركه‪ ،‬من حيث هو ترك له‬
‫على وجه ما(‪.)1‬‬
‫وعلى رأي اإلمام الشاطيب(‪ ،)2‬ينقسم املباح ل ى ضربني‪:‬‬
‫خادما ألص ضروري أو حاجي أو تكميلي‪.‬‬
‫األول‪ :‬أن يكون ا‬
‫والثاين‪ :‬أن ًل يكون كذلك‪.‬‬
‫التمتع مبا أح هللا من املأك واملشرب وحنوها مباح يف تفسه‪ ،‬ولابحته ابجلزء‪،‬‬
‫وهو خادم ألص ضروري‪ ،‬وهو لقامة احلياة‪.‬‬
‫‪-2‬قاعّة الدقصّ واالعتّال ومّحه‪:‬‬
‫وهي قاعدة جليلة القدر‪ ،‬عظيمة النفع‪ ،‬حممودة العواقب‪ .‬وقد أثىن هللا على‬

‫(‪ )1‬الغزايل‪( ،‬لحياء علوم الدين)‪ ،‬ص ‪.886‬‬


‫(‪ )4‬الغزايل‪( ،‬لحياء علوم الدين)‪ ،‬ص ‪. 886‬‬
‫(‪ )1‬الغزايل‪( ،‬لحياء علوم الدين)‪ ،‬ص ‪.886‬‬
‫(‪ )2‬الغزايل‪( ،‬لحياء علوم الدين)‪ ،‬ص ‪.886‬‬
‫مقاصد االستهالك وأثرها يف توجيه السلوك االستهالكي يف االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬وتطبيقاتها املعاصرة‬
‫‪123‬‬
‫‪{ :‬ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ‬ ‫املقتصدين‪ ،‬فقال‬
‫ﰁ ﰂ} [سورة الفرقان‪ ،]61:‬ويؤيده ما جاء يف احلديث "من فقه الرجل رفقه يف‬
‫معيشته"(‪ )1‬وهو داعية ل ى السلوك احلسن يف اإلتفاق‪ ،‬ألن من مقاصد الشريعة العلم‬
‫أبوجه اإلتفاق على وجه اًلعتدال‪ .‬وكذلك مح اإلتسان على التوسط يف املنع‬
‫والدفع‪ .‬ويف اللغة‪ :‬القصد‪ :‬بني اإلسراف والتقتري‪ .‬يقال‪ :‬فالن مقتصد يف النفقة(‪.)4‬‬
‫ويف مفردات الراغب‪ :‬واًلقتصاد على ضربني‪ :‬أحدمها‪ :‬حممود على اإلطالق‪،‬‬
‫وذلك فيما له طرفان‪ :‬لفراط وتفريط‪ ،‬كاجلود‪ ،‬فإته بني اإلسراف والبخ ‪ .‬ول ى هذا‬
‫النحو من اًلقتصاد أشار بقوله‪{ :‬ﯷﯸ ﯹ } [سورة الفرقان‪]61:‬‬
‫والثاين‪ :‬يكىن به عن ما يرتدد بني احملمود واملذموم‪ ،‬وهو فيما يقع بني حممود‬
‫ومذموم‪ ،‬كالواقع بني العدل واجلور(‪.)1‬‬
‫قال اإلمام الغزايل وهو يقسم الضروري من الغذاء من حيث املدح والذم‪ :‬أما‬
‫احملمود فأن يقتصر على تناول ما ًل ميكنه اًلشتغال و ي‬
‫التقوي على العلم والعم لًل‬

‫(‪ )1‬أخرجه أمحد (‪ 4162‬والطرباين يف مسند الشاميني (‪ 28‬واللفظ هلما والديلمي يف الفردوس‬
‫األعلى (‪ ) 6111‬ابختالف يسري‪ .‬الباحث احلديثي‪ .‬حبث فوري يف املوسوعة احلديثية ابلدرر‬
‫السنية‪.‬‬
‫(‪ )4‬اتظر‪ :‬األصفهاين‪ ،‬احلسني بن حممد بن املفض الراغب‪( ،‬مفردات ألفاظ القرآن)‪ ،‬حتقيق‪:‬‬
‫صفوان عدانن داوودي‪ ،‬ط‪1211 ،8/‬ه‪4111-‬م‪ ،‬دار القلم‪ -‬دمشق)‪ ،‬ص ‪.674‬‬
‫(‪ )1‬الغزايل‪ ،‬حممد بن حممد بن حممد‪( ،‬ميزان العم )‪ ،‬كتب هوامشه‪ :‬أمحد مشس الدين‪ ،‬ط‪،1/‬‬
‫‪1212‬ه‪1282-‬م‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪-‬لبنان)‪ ،‬ص ‪ ،118‬بتصرف‪.‬‬
‫‪120‬‬

‫به‪ ،‬وهو مشكور ومأجور(‪.)1‬‬


‫والقوام يف اآلية‪ :‬مبعىن املعتدل‪ ،‬والقوام يف ك واحد حبسب عياله وحاله‪،‬‬
‫وخفة ظهره‪ ،‬وصربه وجلده على الكسب‪ ،‬أو ضد هذه اخلصال‪ ،‬وخري األمور‬
‫أوسطها(‪.)4‬‬
‫‪-3‬قاعّة اإلسراف والتبذير واإلقتار وذمه (الكم)‪:‬‬
‫عرف ابن العريب اإلسراف أبته‪ :‬تعدي احلد‪ ،‬وقال‪ :‬هناهم عن تعدي احلالل‬
‫ل ى احلرام‪ .‬وقي ‪ :‬أًل يزيدوا على قدر احلاجة(‪.)1‬‬
‫وقال يف السراج‪ :‬اإلسراف أن ينفق بنية الشهوة واهلوى‪ ،‬فأما لو تصدق جبميع‬
‫ماله مل يكن لسرافاا؛ لذا وثق من تفسه ابلصرب على فقد املعيشة‪ ،‬ولو مات ه يزاًل‪ ،‬ولن‬
‫مل يثق بنفسه‪ ،‬فإته لسراف منه؛ ألن العم ًل يكون طاعة لًل بنية‪ ،‬وًل تصح له تية‬
‫غدا(‪.)2‬‬
‫القربة مع اعتقاده أته يندم ا‬
‫قال الغزايل يف تقسيم ما يتعلق بتناول الطعام‪:‬‬
‫وأما املكروه فهو اإلسراف واإلمعان من احلالل والزايدة على قدر البلغة(‪.)8‬‬
‫مرجعا؛ لتعذر احلد‪ .‬قال‬
‫معىن منضبطاا لإلسراف يكون ا‬
‫ومل حيدد العلماء ا‬
‫الشاطيب‪ :‬واإلسراف مذموم‪ ،‬وليس يف اإلسراف حد يوقف دوته؛ كما يف اإلقتار‪،‬‬

‫(‪ )1‬ابن عطية‪( ،‬احملرر الوجيز)‪.441 :2 ،‬‬


‫(‪ )4‬ابن العريب‪( ،‬أحكام القرآن)‪.422 :4 ،‬‬
‫(‪ )1‬ابن العريب‪( ،‬أحكام القرآن)‪.422 :4 ،‬‬
‫(‪ )2‬الغزايل‪( ،‬ميزان العم )‪ ،‬ص ‪118‬‬
‫(‪ )8‬الشاطيب‪( ،‬املوافقات)‪ ،‬ص ‪.71‬‬
‫مقاصد االستهالك وأثرها يف توجيه السلوك االستهالكي يف االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬وتطبيقاتها املعاصرة‬
‫‪121‬‬
‫اجعا ل ى اًلجتهاد بني الطرفني‪ .‬قال‪ :‬فريى اإلتسان بعض املباحات‬
‫فيكون التوسط ر ا‬
‫داخال حتت اإلسراف‪ ،‬فيرتكه لذلك‪ .‬ويرى أن تناول املباح مشروط‬
‫ابلنسبة ل ى حاله ا‬
‫ذما للمباح مطل اقا(‪.)1‬‬
‫برتك اإلسراف‪ ،‬وًل يصري ذم اإلسراف يف املباح ا‬
‫‪ { :‬ﯺ ﯻ} [سورة الفرقان‪ ]61:‬ل ى أته يف‬ ‫ويذهب ابن عطية يف قوله‬
‫تفقة الطاعات ويف املباحات‪ ،‬وهو املناسب مع مدح املؤمنني ألج هذه اخلصال‪.‬‬
‫عياًل وحنو هذا(‪.)4‬‬
‫وأن الشرط يف النفقة أًل يفرط حَت يضيع ح اقا آخر أو ا‬
‫أما التبذير‪ ،‬حكى ابن العريب عن مالك‪ :‬التبذير هو منعه من حقه‪ ،‬ووضعه يف‬
‫غري حقه(‪.)1‬‬
‫عن إضاعة املال)(‪ )2‬وهو اإلسراف‪،‬‬ ‫وهو معىن احلديث‪( :‬هنى النيب‬
‫وذلك حرام بقوله‪{ :‬ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ‬
‫ﰃ} [سورة اإلسراء‪]21:‬؛ وذلك تص يف التحرمي(‪ .)8‬مث أورد ابن العريب سؤ ااًل يتعلق‬
‫ابإلتفاق يف الشهوات‪ ،‬ه هو تبذير؟‬
‫وأجاب عنه مبا يـُع ُّد ضابطاا للتبذير‪ :‬من أتفق ماله يف الشهوات ز ا‬
‫ائدا على‬
‫احلاجات‪ ،‬وعرضه بذلك للنفاد فهو مبذر‪ .‬ومن أتفق ربح ماله يف شهواته‪ ،‬أو غلته‪،‬‬

‫(‪ )1‬ابن العريب‪( ،‬أحكام القرآن)‪.181 :1 ،‬‬


‫(‪ )4‬ابن عطية‪( ،‬احملرر الوجيز)‪.441 :2 ،‬‬
‫(‪ )1‬ابن العريب‪( ،‬أحكام القرآن)‪.181 :1 ،‬‬
‫(‪ )2‬رواه البخاري‪( ،‬صحيح البخاري)‪ ،‬كتاب الرقاق‪ ،‬ابب ما يكره من قي وقال‪ ،‬حديث رقم‬
‫‪ ،6271‬ص ‪.1141‬‬
‫(‪ )8‬ابن العريب‪( ،‬أحكام القرآن)‪.181 :1 ،‬‬
‫‪121‬‬

‫وح يف َظ األص أو الرقبة‪ ،‬فليس مببذر‪ .‬ومن أتفق درمهاا يف حرام‪ ،‬فهو مبذر ُحيجر عليه‬
‫َ‬
‫يف تفقة درهم يف احلرام‪ ،‬وًل ُحيجر عليه ببذله يف الشهوات‪ ،‬لًل لذا خيف عليه‬
‫تبذيرا‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫النفاد ‪ .‬فينقلب ا‬
‫ويف املفردات‪ :‬التبذير‪ :‬التفريق‪ ،‬وأصله للقاء البذر وطرحه‪ ،‬فاستعري لك مضيع‬
‫ملاله‪ ،‬فتبذير البذر‪ :‬تضييع يف الظاهر ملن مل يعرف مآل ما يلقيه(‪.)4‬‬
‫ويف التعريفات‪ :‬التبذير‪ :‬هو تفريق املال على وجه اإلسراف(‪ .)1‬واإلسراف‪:‬‬
‫ائدا على ما ينبغي‪ ،‬خبالف التبذير‪ ،‬فإته صرف الشيء‬
‫صرف الشيء فيما ينبغي ز ا‬
‫فيما ًل ينبغي(‪.)2‬‬
‫وأما اإلقتار‪ :‬قال يف املقاييس‪ :‬قرت‪ :‬القاف والتاء والراء‪ ،‬أص صحيح يدل‬
‫على جتميع وتضييق‪ .‬واإلقتار‪ :‬التضييق‪ .‬يقال‪ :‬قَََرت الرج على أهله يَـ ْق ُرت‪ ،‬وأقرت وقرت‪.‬‬
‫وم يقرت(‪.)8‬‬
‫القرت‪ :‬تقلي النفقة‪ ،‬وهو إبزاء اإلسراف‪ ،‬وكالمها مذموم‪ .‬ورج قَتور ُ‬
‫وقال ابن العريب يف السراج‪ :‬وأما اإلقتار‪ :‬فهو حبس املال عن حقوق هللا‬
‫تعا ى‪ ،‬أو عن الصدقة التطوع؛ ًلبتغاء ثواب هللا‪ .‬فأما التضييق على النفس عن‬

‫(‪ )1‬ابن العريب‪( ،‬أحكام القرآن)‪.181 :1 ،‬‬


‫(‪ )4‬اجلرجاين‪ ،‬السيد الشريف علي بن حممد بن علي‪( ،‬التعريفات)‪ ،‬حتقيق وتعليق‪ :‬عبد الرمحن‬
‫عمرية‪( ،‬ط‪1217 ،1/‬ه‪1287-‬م‪ ،‬عامل الكتب‪ ،‬بريوت)‪ ،‬ص ‪. 77‬‬
‫(‪ )1‬األصفهاين‪( ،‬املفردات)‪ ،‬ص ‪. 688‬‬
‫(‪ )2‬األصفهاين‪( ،‬املفردات)‪ ،‬ص ‪. 688‬‬
‫(‪ )8‬ابن فارس‪( ،‬املقاييس)‪.66/8 ،‬‬
‫مقاصد االستهالك وأثرها يف توجيه السلوك االستهالكي يف االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬وتطبيقاتها املعاصرة‬
‫‪121‬‬
‫الشهوات لتتعود اًلجتزاء ابليسري‪ ،‬فليس ذلك إبقتار(‪.)1‬‬
‫ثانيًا‪ :‬الدقواعّ اخلاصة أو اجلزئية‪.‬‬
‫وهي موجهات أو لرشادات تفصيلية ترشد املسلم ل ى التقسيم السليم إلتفاقه‪،‬‬
‫وتداب‪ .‬يدخ يف ذلك النفقة الواجبة على ولده وزوجته‪،‬‬
‫فرضا ا‬‫وما يتوجب يف ماله ا‬
‫والزكاة‪ ،‬وهي من الواجبات‪ .‬وكذلك الصدقات التطوعية واإلحسان‬
‫ل ى األقارب والفقراء‪ ،‬وهي من املندوابت‪ .‬فهي جزئيات تفصيلية واجبة أو‬
‫ولحجاما‪.‬‬
‫ا‬ ‫لقباًل‬
‫مندوبة‪ .‬وحبسب ذلك يتوجه السلوك اًلستهالكي للمسلم ا‬
‫من أمثلة هذا القسم‪ :‬تفريق الزكاة املفروضة على األصناف الثماتية‪ ،‬وقسمة‬
‫املرياث على أه الفروض والوارثني‪ ،‬من مجلة املفروض‪ .‬وتقسيم اإلتفاق على‬
‫الضروري من الغذاء بني مطعم ومشرب‪ ،‬وتوزيع األضحية على الفقراء واألك منها‬
‫واستبقاء شيء منها على وجه اًلدخار‪ ،‬من مجلة املندوابت‪.‬‬
‫ما تقدم هو تقسيم مجلي لالستهالك‪ ،‬من حيث الكليات الضامة له والضابطة‬
‫له؛ أي ما فيه لمجال وما فيه تفصي ‪ .‬وهو أشبه ابجملم واملفسر يف األصول‪.‬‬
‫فاجملم ما ًل يفهم املراد به من لفظه‪ ،‬ويفتقر يف بياته ل ى غريه‪ .‬واملفسر‪ :‬ما‬
‫فهم املراد به من لفظه‪ ،‬ومل يفتقر يف بياته ل ى غريه(‪ .)4‬هناك تقسيم آخر لقواعد‬

‫(‪ )1‬ابن العريب‪.181 :1 ،‬‬


‫(‪ )4‬الباجي‪ ،‬أبو الوليد س ــليمان بن خلف‪( ،‬لحكام الفص ــول يف أحكام األصـ ـول)‪ ،‬حتقيق‬
‫ودراس ــة‪ :‬أ‪ .‬د‪ .‬عمران علي أمحد العريب‪1211( ،‬ه‪4112-‬م‪ ،‬دار ابن حزم‪ ،‬بريوت‪-‬‬
‫لبنان)‪.488 :1 ،‬‬
‫‪121‬‬

‫اًلستهالك من حيث املقاصد‪ :‬استهالك توجيهي واستهالك مقاصدي‪ ،‬وهو حمور‬


‫الكالم يف املطلب التايل‪.‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬أهّاف االستهالك التوجيهي واالستهالك املدقاصّي‬
‫قب ذكر أهداف اًلستهالك على النحو املتقدم‪ً ،‬لبد من توضيح مفهوم‬
‫اًلستهالك التوجيهي‪ ،‬والذي يُقصد به‪ :‬اًلستهالك الذي يقود املستهلك املسلم ل ى‬
‫ما يستقيم به لتفاقه ويعتدل به ميزان استهالكه‪ .‬وهو تظري القاعدة العامة أو الكلية‪.‬‬
‫أما اًلستهالك املقاصدي‪ :‬فهو ما ينبغي أن يقصده املستهلك املسلم من فع‬
‫اًلستهالك أو اإلتفاق‪ ،‬حبيث يتوص به ل ى حتقيق أهدافه الدتيوية واألخروية‪ .‬وهو‬
‫عدي القاعدة اخلاصة أو اجلزئية‪.‬‬
‫فالقاعدة األو ى‪ :‬مراشد‪ ،‬والقاعدة الثاتية‪ :‬مقاصد‪.‬‬
‫‪ 1/2/3‬بيان أهّاف االستهالك التوجيهي واملدقاصّي‪:‬‬
‫وهي مستخرجة استنباطاا من اآلايت القرآتية‪.‬‬
‫‪-1‬اخلروج عن املالمة واحلسرة يف حال خمالفة قاعدة اًلعتدال يف اإلتفاق‪،‬‬
‫طريف اإلتفاق‪ ،‬من حيث القبض والبسط‪ ،‬أو اإلسراف واإلقتار‬
‫عند املي ل ى أحد َ‬
‫(آية األعراف‪ ،11 :‬آية اإلسراء‪ ،42 :‬آية الفرقان ‪ ،)67‬قال ‪{ :‬ﭞ ﭟ ﭠ‬
‫ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ} [سورة اإلسراء‪.]29:‬‬
‫‪-4‬جتنب الدخول يف زمرة لخوان الشياطني والوصف بكفران النعم‪ ،‬بفع‬
‫‪{ :‬ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽﯾ } [سورة‬ ‫تعداي يف اإلتفاق‪ ،‬قال‬
‫التبذير؛ ا‬
‫اإلسراء‪.]21:‬‬
‫‪:‬‬ ‫‪-1‬الوصول ل ى منطقة القوام؛ منطقة التوسط واًلعتدال‪ ،‬قال‬
‫مقاصد االستهالك وأثرها يف توجيه السلوك االستهالكي يف االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬وتطبيقاتها املعاصرة‬
‫‪121‬‬
‫{ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ} [سورة الفرقان‪.]61:‬‬
‫‪-2‬اًلدخار لوقت احلاجة والنوائب‪ ،‬واًلستبقاء ملا يستقب من حظ األجيال‬
‫(ورثة وغريهم)‪ ،‬وقد تقدم ذلك‪ ،‬وذم اإلسراف واإلقتار ومدح القوام يدل على ضرورة‬
‫اًلدخار‪.‬‬
‫‪-8‬بلوغ تقطة التوازن والرضا يف اإلتفاق‪ ،‬حبيث يعم املال مجيع اإلتفاقات‬
‫‪:‬‬ ‫املستحقة‪ ،‬الواجبة واملندوبة‪ .‬وهو أمر جاءت به الشريعة وحثت عليه‪ ،‬قال‬
‫{ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ} [سورة اإلسراء‪.]29:‬‬
‫‪-6‬لخراج العفو أو الفاض عن احلاجة؛ إبتفاقه يف أوجهه املشروعة املندوب‬
‫لليها‪{ ،‬ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷﯸ } [سورة البقرة‪.]219:‬‬
‫استثمارا‪ ،‬ابكتنازه وحبسه‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫ا‬ ‫‪-7‬توقيي تعطي لتفاق املال استهال اكا و‬
‫{ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆﮇ ﮈ ﮉﮊﮋ ﮌ‬
‫ﮍﮎ} [سورة التوبة‪.]34:‬‬
‫‪{ :‬ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ‬ ‫‪-8‬لخراج شح النفس؛ لضرر البخ عليها‪ ،‬قال‬
‫ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ} [سورة احلشر‪.]9:‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬مدقاصّ االستهالك يف الدقرآن وأثرها يف توجيه السلوك‬
‫االستهالكي للمسلم‬
‫وهي عبارة عن أهداف مقسمة حبسب توعيها املتقدم ذكرمها‪ ،‬مستخرجة من‬
‫القرآن ابستقراء آايته املتعلقة ابًلستهالك واإلتفاق‪ ،‬مع تصنيفها حبسب املقاصد‬
‫الشرعية‪ .‬يتوجه اإلتفاق حبسب املقاصد الشرعية حبيث ينضبط يف لطاره العام الذي‬
‫دلت عليه الشريعة‪ .‬وتقع البداية بذكر مقاصد اًلستهالك يف القرآن‪.‬‬
‫‪121‬‬

‫‪ 1/3/3‬مقاصد االستهالك يف القرآن‬


‫أوالً‪ :‬أهّاف االستهالك التوجيهي حبسب املدقاصّ الشرعية‪.‬‬
‫وهي مستقرأة من آايت القرآن الكرمي‪ ،‬موضحة على ما يناسبها من املقاصد‪.‬‬
‫وعدما‪ :‬من حيث الوجود‪ :‬ابألك من الطيبات‬
‫ا‬ ‫‪-1‬حفظ النفس ا‬
‫وجودا‬
‫واحلالل‪ ،‬البقرة ‪ ،168‬النح ‪ .112‬من حيث العدم‪ :‬برتك احملرمات‪ ،‬كاخلمر‪،‬‬
‫‪{ :‬ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ} [سورة‬ ‫املائدة ‪ .21‬قال‬
‫البقرة‪.]169:‬‬
‫‪-2‬حفظ الدين ‪ :‬من أمثلته‪ :‬ترك البيع يوم اجلمعة للتفرغ لصالهتا‪ ،‬اجلمعة ‪،2‬‬
‫‪{ :‬ﮧﮨ‬ ‫حترمي الصيد حال اإلحرام‪ ،‬املائدة ‪ .26 ،28 ،22 ،2 ،4‬قال‬
‫ﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙ‬
‫ﯚ ﯛﯜ ﯝﯞ ﯟﯠ} [سورة املائدة‪.]2:‬‬
‫‪:‬‬ ‫‪-3‬حفظ النسل‪ :‬حترمي الزان والبغاء‪ ،‬اإلسراء ‪ ،14‬النور ‪ .11‬قال‬
‫{ﮊﮋ ﮌﮍ } [سورة اإلسراء‪.]32:‬‬
‫‪{ :‬ﯢ ﯣ ﯤ‬ ‫‪-4‬حفظ العقل‪ :‬حترمي اخلمر‪ ،‬البقرة ‪ .412‬قال‬
‫ﯥ ﯦﯧ ﯨ ﯩﯪ ﯫ } [سورة البقرة‪.]219:‬‬
‫‪-5‬حفظ املال‪ :‬من حيث الوجود؛ بتصريفه يف املأمورات واملندوابت‪ ،‬البقرة‬
‫‪ ،428 ،181‬آل عمران ‪ . 24‬من حيث العدم؛ برتك الراب‪ ،‬ولتفاقه يف احملرمات‪،‬‬
‫البقرة ‪ .478 ،188‬وترك اإلسراف والتبذير‪ ،‬األتعام ‪ ،121‬األعراف ‪ ،11‬اإلسراء‬
‫‪{ :‬ﯝ ﯞ‬ ‫‪ ،42‬الفرقان ‪ ،67‬وترك اًلكتناز‪ ،‬التوبة ‪ ،18‬هود ‪ .87‬قال‬
‫ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩﯪ ﯫ ﯬ‬
‫مقاصد االستهالك وأثرها يف توجيه السلوك االستهالكي يف االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬وتطبيقاتها املعاصرة‬
‫‪121‬‬
‫ﯭ ﯮ} [سورة البقرة‪.]197:‬‬
‫ثانيًا‪ :‬أهّاف االستهالك املدقاصّي حبسب املدقاصّ الشرعية‬
‫وأمرها كذلك مستخرجة ابًلستقراء من آايت الذكر احلكيم‪.‬‬
‫‪-1‬اإلنفاق الواجب على الولد والوالد والزوجة‪ :‬البقرة ‪ .411 ،418‬قال‬
‫‪{ :‬ﯵ ﯶ ﯷﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ‬
‫ﰁ ﰂ ﰃﰄ } [سورة البقرة‪.]215:‬‬
‫‪-2‬توجيه اإلنفاق ألج لغناء الفئات الضعيفة الدخ ؛ املساكني وغريهم‪:‬‬
‫‪ { :‬ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﮇ }‬ ‫البقرة ‪ ،182‬احلج ‪ .48‬قال‬
‫[سورة البقرة‪.]194:‬‬
‫‪-3‬قسمة املواريث‪ :‬النساء ‪{ .14 ،11 ،7‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ‬
‫ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ } [سورة النساء‪.]1:‬‬
‫‪-4‬االدخار ؛ استبقاء بعض املال ألج احلاجة اآلجلة أو الطارئة‪ :‬يوسف‬
‫‪{ :‬ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ‬ ‫‪ ،28 ،27‬الفرقان ‪ .67‬قال‬
‫ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ} [سورة يوسف‪.]41:‬‬
‫‪{ :‬ﭔ ﭕ‬ ‫‪-5‬منع البيع يوم اجلمعة؛ ألج التعبد‪ :‬اجلمعة ‪ .2‬قال‬
‫ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟﭠ } [سورة اجلمعة‪.]9:‬‬
‫‪-6‬حترمي الصيد حال اإلحرام؛ ألج اًلبتالء وخلوص العبادة‪ :‬املائدة ‪،2 ،4‬‬
‫‪{ :‬ﯝﯞ ﯟ ﯠ ﯡﯢ } [سورة املائدة‪.]95:‬‬ ‫‪ .26 ،28 ،22‬قال‬
‫‪-7‬الداللة على منافع األنعام؛ اللباس والدفء واملساكن والركوب والسفر‪:‬‬
‫‪{ :‬ﯙ ﯚﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ‬ ‫النح ‪ .7 ،8‬قال‬
‫‪132‬‬

‫ﯡ ﯢ} [سورة النحل‪.]5:‬‬
‫‪-8‬الداللة على منافع البحر؛ التجارة والسفر واستخراج احللي‪ :‬النح ‪.12‬‬
‫‪{ :‬ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ‬ ‫قال‬
‫ﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭ ﯮ‬
‫ﯯ ﯰ} [سورة النحل‪.]14:‬‬
‫يف اجلملة‪ ،‬فإن األهداف التوجيهية تعم على توجيه األهداف املقاصدية‬
‫بتفصيالهتا ‪.‬‬
‫‪ 2/3/3‬أثر مدقاصّ االستهالك على السلوك االستهالكي للمسلم‪:‬‬
‫لن مرتكز سلوك املسلم وتصرفاته ألج الكسب واملعايش‪ ،‬على اإلميان‪ .‬فهو‬
‫احملرك واملوجه واملرشد والقائد جلميع حركاته وغاايته‪ً ،‬ل يصدر لًل عنها‪ .‬وقد قبح‬
‫الشرع لتيان املمنوعات‪ ،‬وحسن اجتالب املشروعات‪ .‬كما مدح املأمورات وذم‬
‫املنهيات‪ .‬والك مقصوده اجتالب املصاحل واستدفاع املفاسد‪ ،‬لييَ ْحيَا املؤمن يف جو‬
‫من طمأتينة النفس‪ ،‬وليتيسر له العبادة من غري اضطراب أو اختالل‪.‬‬
‫وقد تقدمت املقاصد القرآتية اليت حتفظ الكليات اخلمس‪ ،‬واليت تعم على‬
‫دفع املضار وجلب املنافع‪ ،‬وتكثري املصاحل وتقلي املفاسد‪ .‬وهي مناهي وأوامر‬
‫ودًلًلت؛ هادية ملصاحل اإلتسان‪ ،‬ليبلغ ما أراد هللا له من العبادة والطاعة‪ ،‬وتيسري‬
‫الوصول ل ى سعادة الدارين‪.‬‬
‫من أج ذلك تعلقت أبفعال اإلتسان ممادح ومذام‪ ،‬حتثه على تعاطي السلوك‬
‫القومي‪ .‬ومن هذا‪ ،‬السلوك اًلستهالكي الذي هو جزء من السلوك العام للمسلم‪.‬‬
‫مقاصد االستهالك وأثرها يف توجيه السلوك االستهالكي يف االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬وتطبيقاتها املعاصرة‬
‫‪133‬‬
‫‪ 1/2/3/3‬الصفات املمّوحة والصفات املذمومة يف إنفاق املال‪:‬‬
‫ومقصودها مح املسلم على حسن التصرف يف املال‪ ،‬من جهة اًلستهالك‬
‫واإلتفاق‪ ،‬ومن مث حفظ احلقوق وصياتة املوارد من اإلهدار‪.‬‬
‫(أ) الصفات املمّوحة يف املال‪:‬‬
‫وقد بينها القرآن‪.‬‬
‫‪{ :‬ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ} [سورة الفرقان‪.]61:‬‬ ‫‪-1‬القوام‪ .‬قال‬
‫‪ { :‬ﮝ ﮞﮟ ﮠﮡ } [سورة آل عمران‪.]49:‬‬ ‫‪-4‬اًلدخار‪ .‬قال‬
‫‪{ :‬ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ } [سورة البقرة‪.]195:‬‬ ‫‪-3‬اإلتفاق يف سبي هللا‪ .‬قال‬
‫‪{ :‬ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ} [سورة‬ ‫‪-4‬اإلقراض‪ .‬قال‬
‫البقرة‪.]245:‬‬
‫‪ { :‬ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷﯸ } [سورة‬ ‫‪-5‬العفو؛ املواساة‪ .‬قال‬
‫البقرة‪.]219:‬‬
‫‪ { :‬ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽﯾ } [سورة‬ ‫‪-6‬اإليثار‪ .‬قال‬
‫احلشر‪.]9:‬‬
‫(ب) الصفات املذمومة يف املال‪:‬‬
‫وبياهنا كذلك يف القرآن‪:‬‬
‫‪ { :‬ﭛﭜﭝ } [سورة األعراف‪.]31:‬‬ ‫‪-1‬اإلسراف‪ .‬قال‬
‫‪ { :‬ﯼﯽ} [سورة الفرقان‪.]61:‬‬ ‫‪-2‬اإلقتار‪ .‬قال‬
‫‪{ :‬ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ} [سورة اإلسراء‪.]26:‬‬ ‫‪-3‬التبذير‪ .‬قال‬
‫‪{ :‬ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ } [سورة‬ ‫‪-4‬الرتف‪ .‬قال‬
‫‪130‬‬

‫اإلسراء‪.]16:‬‬
‫‪{ :‬ﮂﮃﮄﮅﮆ ﮇ‬ ‫‪-5‬اًلكتناز‪ .‬قال‬
‫ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ} [سورة التوبة‪.]34:‬‬
‫‪{ :‬ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼﯽ } [سورة‬ ‫‪-6‬البخ ‪ .‬قال‬
‫احلديد‪.]24:‬‬
‫‪{ :‬ﮪ ﮫﮬ ﮭ ﮮ } [سورة البقرة‪.]219:‬‬ ‫‪-1‬الراب‪ .‬قال‬
‫‪ { :‬ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ} [سورة‬ ‫‪-9‬أكله ابلباط ‪ .‬قال‬
‫النساء‪.]29:‬‬
‫‪{ :‬ﰏﰐ ﰑ ﰒ } [سورة الشعراء‪.]193:‬‬ ‫‪-9‬البخس‪ .‬قال‬
‫‪{ :‬ﯖ ﯗ ﯘ} [سورة املطففني‪.]1:‬‬ ‫‪-17‬التطفيف‪ .‬قال‬
‫‪{ :‬ﯤﯥﯦﯧﯨ ﯩ‬ ‫‪-11‬الرايء واملن واألذى‪ .‬قال‬
‫ﯪﯫ ﯬ ﯭ } [سورة البقرة‪.]264:‬‬
‫ما تقدم من املمادح املالية ومذامها تعم على تغذية املسلم بسلوكيات انفعة‬
‫توعا من‬
‫وتبعا ًلمتثال املسلم هلذه املعاين يتولد ا‬
‫حلفظ املال وماتعة من لهداره‪ .‬ا‬
‫السلوك يثمر حتقيق األهداف اًلقتصادية واًلجتماعية‪ .‬فاملمادح تعم على حسن‬
‫توزيع املال ومشاركته مع الغري احملروم‪ ،‬على وجه املواساة أو اإليثار أو اإلقراض‪ ،‬لخل‪.‬‬
‫واملذام يضبط صاحبه من اًلسرتسال يف مجع املال بغري وجه حق أو هضم حق غريه‪،‬‬
‫عن طريق الراب أو ابلباط أو البخس والتطفيف‪ .‬ابجلملة فهو يعم يف لطار القواعد‬
‫ات فعله على الفرد وعلى اجملتمع‪.‬‬
‫الكلية واجلزئية‪ ،‬أو العامة واخلاصة‪ ،‬فيتوزع بذلك مثر ُ‬
‫كما يتحقق من هذا السلوك فضيلة العدالة‪ ،‬بضمان حسن توزيع الدخ وعوائد‬
‫مقاصد االستهالك وأثرها يف توجيه السلوك االستهالكي يف االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬وتطبيقاتها املعاصرة‬
‫‪131‬‬
‫اإلتتاج‪ .‬فاخلصال املذمومة من (‪ )6 – 1‬ماتعة للحق‪ ،‬وواضعة له يف غري موضعه‪،‬‬
‫وحابسة له عن مستحقيه‪ .‬واخلصال من (‪ )11 – 7‬آخذة للحق من أهله بغري يحليه‪،‬‬
‫ومنَـ يقصة له من غري سبب وًل جهد‪.‬‬
‫ُ‬
‫وتعم ‪ ،‬يف اجلاتب اآلخر‪ ،‬الصفات احملمودة على حسن توجيه لتفاق املال‪،‬‬
‫فضيليت القوام‬
‫َ‬ ‫املستحقة (‪ .)6 –1‬ينشأ ذلك من استعمال‬
‫َ‬ ‫ووضعه يف مواضعه‬
‫واًلدخار (‪.)4 -1‬‬
‫ابجلملة‪ ،‬لإلتسان املسلم مقاصد دتيوية يعم من ورائها على لشباع حاجاته‬
‫املتعددة‪ ،‬من خالل النعم اليت آاتها هللا له‪ ،‬بشرط التخلق ابلفضائ الشريفة‬
‫واألخالق الفاضلة‪ ،‬ويف حدود املقاصد الشرعية واملبادئ اإلسالمية‪ .‬واهلدف النهائي‬
‫حتقيق التعبد والطمأتينة لك أحد‪ ،‬والعدالة يف حتصي احلاجات لك أفراد اجملتمع‪.‬‬
‫املبحث الرابع‪ :‬النماذج والتطبيدقات املعاصرة ملدقاصّ االستهالك الشرعية‬
‫‪ .‬وأما التطبيقات ففي العصر احلديث‪ .‬والك‬ ‫أما النماذج فمن عهد عمر‬
‫دال على لمكاتية تطبيق معاين السلوك اًلستهالكي وتنزيلها وقابليتها للتطبيق‪ .‬ويف‬
‫املبحث مطلبان‪:‬‬
‫املطلب األول‪ :‬مناذج عُ َمرِية يف مدقاصّ االستهالك‬
‫وهي مناذج وجدت طريقها ل ى التطبيق‪ ،‬على النطاق اجلزئي وعلى النطاق‬
‫من مقاصد تدل على بُعد تظر‬ ‫الكلي‪ُ ،‬متَـ َعلقُهُ اًلستهالك‪ ،‬وما قصد لليه عمر‬
‫يف استشراف املستقب املرتكز على احلاضر‪ ،‬وادخار الفائض للغري‪ ،‬أو ل ى وقت‬
‫احلاجة‪.‬‬
‫‪131‬‬

‫‪-1‬النطاق اجلزئي‪:‬‬
‫يف الزهد‪ ،‬ولرادته مح الناس على هذه الفضيلة‪،‬‬ ‫وهو ما يتعلق بسرية عمر‬
‫فيما يتعلق بضبط اًلستهالك الشخصي‪ .‬فقد جاء عنه من غري وجه أته كان يرى‬
‫ترك الرتفُّه يف املآك واستبقاء الطيبات ل ى الدار اآلخرة‪.‬‬
‫روى مالك يف موطئه عن حيىي بن سعيد‪ ،‬أن عمر بن اخلطاب أدرك جابر بن‬
‫عبد هللا ومعه يمحال حلم‪ ،‬فقال‪ :‬ما هذا؟ فقال‪ :‬قَ يرْمنا ل ى اللحم‪ ،‬فاشرتيت بدرهم‬
‫حلما‪ ،‬فقال عمر‪َ :‬أما يريد أحدكم أن يطوي بطنه عن جاره أو ابن عمه؟ أين تذهب‬ ‫ا‬
‫عنكم هذه اآلية‪{ :‬ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ} [سورة‬
‫األحقاف‪.)1(]27:‬‬
‫ومن وجه آخر‪ ،‬وفيه‪ :‬وكلما اشتهى أحدكم شيئاا أكله‪ ،‬أًل يطوي بطنه جلاره‬
‫وضيفه(‪.)4‬‬
‫وهو مقصد مدفوع ابملآل‪ ،‬كما تقدم عن عمر يف منع أك البيض‪ ،‬استبقاءا له‬
‫دجاجا‪ .‬ففيه أتجي اًلستهالك ل ى وقت احلاجة لتكتم منافع السلعة‪ .‬أما‬ ‫ا‬ ‫ليكون‬
‫اللحم فلما كان من السلع الرفاهية(‪ ،)1‬فإن استبقاء مثنه لينتفع به الغري من جار أو‬

‫(‪ )1‬ابن عبد الرب‪( ،‬اًلستذكار)‪ . 121 :8 ،‬قال أبو عمر‪ :‬روي هذا اخلرب عن عمر من وجوه‪ ،‬مث‬
‫شرع يذكرها‪ .‬رواه مالك بن أتس‪( ،‬املوطأ)‪ ،‬ابب ما جاء يف أك اللحم‪ ،‬أثر ‪ ،217‬لعداد‬
‫وتقدمي‪ :‬حممد عبد الرمحن املرعشلي‪( ،‬ط‪1241 ،1/‬ه‪ ،4111-‬دار لحياء الرتاث العريب‪،‬‬
‫بريوت‪-‬لبنان)‪ ،‬ص ‪.872‬‬
‫(‪ )4‬ابن عبد الرب‪( ،‬اًلستذكار)‪.121 :8 ،‬‬
‫(‪ )1‬ابن عبد الرب‪( ،‬اًلستذكار)‪.182 :8 ،‬‬
‫مقاصد االستهالك وأثرها يف توجيه السلوك االستهالكي يف االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬وتطبيقاتها املعاصرة‬
‫‪131‬‬
‫قريب أو مسكني يف الضرورايت من املطعم‪ ،‬يعظم تفعه وتزداد بركته‪ ،‬على ما يف ذلك‬
‫من حتوي الطلب على سلع رفاهية ل ى سلع ضرورية‪ ،‬ينتج منها زايدة الطلب على‬
‫األخرية‪ .‬وهذا يبني حقيقة السلوك اًلستهالكي اًلقتصادي اجلزئي للمسلم‪.‬‬
‫من املقاصد الظاهرة الناشئة عن هذا السلوك‪:‬‬
‫‪-1‬مقصد حفظ الدين؛ حببس اًلستهالك اآلين يف رفاهي عاج ‪ ،‬ولبداله‬
‫ابستهالك استبقائي (تعاوين)‪ ،‬حيفزه رجاء ثواب اآلخرة يف اآلج ‪.‬‬
‫‪-4‬مقصد حفظ النفس؛ بتأجي استهالك شخصي يف سلعة رفاهية‪ ،‬بغرض‬
‫استيفاء سلعة ضرورية حملتاج لليها‪.‬‬
‫‪-1‬مقصد حفظ املال؛ كما يُرى ذلك من أتجي أك البيض‪ ،‬ألج ارتفاع‬
‫استثمارا للمال‪ .‬ففيه حفظ األصول ل ى لابن‬
‫ا‬ ‫دجاجا‪ .‬ألن فيه‬
‫ا‬ ‫منفعته بصريورته‬
‫اكتمال منافعها‪ .‬وهو مقصد تثمريي للمال‪.‬‬
‫‪-2‬النطاق الكلي‪:‬‬
‫تعديال لوضع‬
‫ويتعلق حبم احلاكم الناس على فع اقتصادي يتص ابملعاش‪ ،‬ا‬
‫ويضر أتجيله‪ .‬وهو أمر كلي‪ ،‬لكن يشرتك فيه أفراد اجملتمع‪ ،‬ابعتبار‬
‫تفعه‪ُّ ،‬‬
‫طارئ‪ ،‬يَـ ُع ُّم ُ‬
‫مجاعية التعاون‪.‬‬
‫للنيب‬ ‫يوضح ذلك لمالق الناس ومههم بنحر لبلهم‪ ،‬ولشارة عمر‬
‫مبسلك آخر‪ ،‬لذ روى البخاري يف صحيحه(‪:)1‬‬
‫يف حنر لبلهم فأذن‬ ‫ت أزواد القوم وأملقوا فأتوا النيب‬
‫عن سلمة‪ :‬قال‪َ :‬خف ْ‬

‫(‪ )1‬تقدم خترجيه‪.‬‬


‫‪131‬‬

‫فقال‪ :‬اي‬ ‫هلم‪ ،‬فلقيهم عمر فأخربوه فقال‪ :‬ما بقاؤكم بعد لبلكم؟ فدخ على النيب‬
‫رسول هللا‪ ،‬ما بقاؤهم بعد لبلهم؟ فقال رسول هللا ‪ِ ( :‬‬
‫اند يف الناس أيتون بفضل‬
‫فدعا وبرك عليه‪،‬‬ ‫أزوادهم)‪ ،‬فبُ يسط لذلك تيطَع وجعلوه على النطع فقام رسول هللا‬
‫مث دعاهم أبوعيتهم فاحتثى الناس حَت فرغوا مث قال رسول هللا ‪( :‬أشهد أن ال إله‬
‫إال هللا وأين رسول هللا)‪.‬‬
‫وفيه لشارات اقتصادية‪ ،‬متعلقها استهالكي‪:‬‬
‫‪ -1‬يخفة األزواد‪ :‬وهي اإلمالق‪ :‬الفقر‪ ،‬الذي هو لعواز الطعام(‪ ،)1‬وميث ذلك‬
‫املشكلة أو األزمة اًلقتصادية‪.‬‬
‫‪-4‬ما بقاؤكم بعد لبلكم‪ :‬وهي تسبُّب اختيار النحر يف اهللكة(‪ )4‬على املاشي‪.‬‬
‫وهي تعرب عن آاثر سالبة ملعاجلة مشكلة هلا بدي يآمن‪.‬‬
‫‪-1‬مجع فض األزواد‪ :‬معاجلة تفضيلية ًل آاثر هلا سالبة‪ ،‬تقوم على مجع‬
‫فائض األقوات (النـ ْهد)‪ ،‬مث يستهلك ك واحد حبسب حاجته ًل مبقدار ما شارك فيه‬
‫من قوت (أصول أو أعيان استهالكية) حَت ًل خترج عن حد املساواة(‪.)1‬‬
‫‪-2‬سياسة أم كرامة (معجزة)؟‪ :‬هي كرامة ومعجزة لكنها محلت معىن‬
‫له‪ .‬متعلقها وجود البدي أو اخليار‬ ‫وموافقة النيب‬ ‫السياسة‪ .‬بدلي لشارة عمر‬

‫(‪ )1‬ابن بطال‪( ،‬شرح ابن بطال)‪.182 :8 ،6 :7 ،‬‬


‫(‪ )4‬اتظر‪ :‬ابن بطال‪ ،‬أبو احلسن علي بن خلف بن عبد امللك بن بطال البكري‪( ،‬شرح ابن‬
‫بطال على صحيح البخاري)‪ ،‬حققه وخرج أحاديثه‪ :‬مصطفى عبد القادر عطا‪( ،‬ط‪،4/‬‬
‫‪1216‬ه‪4118-‬م‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بريوت‪-‬لبنان)‪.182 :8 ،‬‬
‫(‪ )1‬ابن بطال‪( ،‬شرح ابن بطال)‪.182 :8 ،‬‬
‫مقاصد االستهالك وأثرها يف توجيه السلوك االستهالكي يف االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬وتطبيقاتها املعاصرة‬
‫‪131‬‬
‫األفض ملواجهة األزمة ومعاجلة املشكلة‪ ،‬مع قوة لرادة يف التنفيذ‪ ،‬ومعاوتة من‬
‫الرعية(الشعب)‪.‬‬
‫‪-8‬فع الصحابة‪ :‬عاجل أبو عبيدة تفس املشكلة؛ وهي قلة األزواد‪ ،‬جبمع ما‬
‫عند الناس‪ ،‬مث قسمته على وجه املساواة‪ .‬كما كان يفعله األشعريون لذا تفد‬
‫زادهم(‪ .)1‬وهو يدل على أن هذا الفع سياسة ملن له األمر أو ُوكي لليه‪.‬‬
‫‪-6‬سياسة اقتصادية مستمرة‪ :‬أي أهنا تقع بتكرر احلادثة‪ .‬قال ابن بطال‪:‬‬
‫للسلطان أن أيمر الناس ابملساواة وجيربهم على ذلك‪ ،‬ويشركهم فيما بقي من أزوادهم‬
‫لحياءا ألرماقهم ولبقاءا لنفوسهم‪ .‬قال‪ :‬ولإلمام أن يواسي بني الناس يف األقوات يف‬
‫احلضر بثمن وبغري مثن‪ ،‬كما له فع ذلك يف السفر(‪.)4‬‬
‫‪-7‬تعميم ومشول‪ :‬بتطبيق هذه السياسة يف الوقت املعاصر؛ إبشراك الشعب‬
‫وأفراد اجملتمع‪ ،‬ولو ابإللزام‪ ،‬على سبي املساواة‪ ،‬وًل تعدم دولة أن جتد معوتة من‬
‫أختها‪ .‬وكذلك أفراد احلي أو املكان الواحد‪ .‬ويُرتب من يؤخذ منهم حبسب السعة‬
‫والضيق‪ ،‬والغىن والفقر‪ ،‬والقرب والبعد من مكان احلدث أو النازلة أو األزمة‪.‬‬
‫يتحصل مما تقدم‪ :‬ضبط اًلستهالك الفردي ألج مصلحة اجلماعة لدرء‬
‫ضرر حمقق‪ ،‬يفوت برتكه منفعة األمة‪ .‬وهو سلوك ي‬
‫آخذ بتهذيب استهالك األفراد يف‬
‫أوقات األزمات‪ ،‬ي‬
‫ومنظم ملقادير ما ينفقون وما يستهلكون‪.‬‬

‫(‪ )1‬يُنظر‪ :‬ابن بطال‪( ،‬شرح ابن بطال)‪.6 :7 ،‬‬


‫(‪ )4‬ابن بطال‪( ،‬شرح ابن بطال)‪.182 :8 ،6 :7 ،‬‬
‫‪131‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬مناذج معاصرة يف مدقاصّ االستهالك‬
‫وهي مناذج َسعى متخذو القرار يف تلك الدول ل ى تطبيق سياسة َحتُ ُّد من‬
‫استهالك سلعة معينة موقوتة بزمان حمدد‪ ،‬تتعلق ابستهالك الطعام والشراب‪ .‬وهذه‬
‫الدول العربية اإلسالمية هي‪ :‬مجهورية السودان واململكة العربية السعودية واململكة‬
‫املغربية‪.‬‬
‫‪1/2/4‬منوذج السودان‪ :‬منع الذبح يف أيام خمصوصة‪:‬‬
‫اختار القائم على األمر أو احلاكم منع ذبح وحنر هبيمة األتعام يف يومي السبت‬
‫واألربعاء‪ .‬وهو تظام ُع يم به منذ عهد منريي (‪1288 – 1262‬م)‪.‬‬
‫يف الوقت احلايل وافقت وزارة الزراعة والثروة احليواتية والري على مقرتح مجعية‬
‫محاية املستهلك اخلاص مبنع ذبيح املاشية يومي السبت واألربعاء بوًلية اخلرطوم‪.‬‬
‫والسبب يف ذلك‪:‬‬
‫أته يسهم يف تشر ثقافة ترشيد اًلستهالك بعد ارتفاع أسعار اللحوم يف‬
‫األسواق‪ ،‬وطُريح يف عهد منريي كقرار ألج ختفيف الضغط على املساخل يومي السبت‬
‫واألربعاء‪ .‬وذُكير من فوائده للمستهلك والذبيح‪:‬‬
‫حتقيق مستوى مطلوب من النظافة يف املساخل‪ ،‬ومنح الفرصة لعمليات الصياتة‪،‬‬
‫واملساعدة يف تطبيق اًلشرتاطات الصحية والبيئية‪ ،‬جباتب تنظيم عمليات دخول‬
‫املاشية للوًلية(‪.)1‬‬
‫‪ ،‬كما تقدم يف‬ ‫وهي مقاصد استهالكية رشيدة تلتقي مع سياسة عمر‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬صحيفة الراكوبة‪ 42 ،‬شوال ‪1214‬ه‪alrakoba. net ،‬‬


‫مقاصد االستهالك وأثرها يف توجيه السلوك االستهالكي يف االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬وتطبيقاتها املعاصرة‬
‫‪131‬‬
‫املقصد اًلستهالكي املدفوع ابملآل‪ .‬وفيها من املقاصد سوى ما تقدم‪:‬‬
‫‪-1‬تنظيم استهالك احليوان‪ ،‬ويف ذلك استبقاء له ل ى آجال طويلة‪ ،‬ل ى وقت‬
‫احلاجة‪.‬‬
‫‪-4‬التقاؤه مع مقصد حفظ النفس؛ بتعزيز اًلشرتاطات الصحية ًلستخدامه‪.‬‬
‫‪-1‬تقوية وتكثري الثروة احليواتية‪.‬‬
‫الذي يتحص أن املنع ملقاصد استهالكية حفظاا لإلتسان واحليوان واألموال‪.‬‬
‫‪ 2/2/4‬منوذج السعودية‪ :‬منع املشروبات الغازية يف املّارس‪:‬‬
‫املشرع يف السعودية حفظ صحة األبدان صياتة للقوى العاملة يف‬ ‫راعى ي‬
‫املستقب ‪ ،‬مبنع بيع املشروابت الغازية يف املدارس‪ .‬وهو توع ي‬
‫ضبط ًلستهالك سلعة يف‬ ‫ُ‬
‫منعا لضرر اعتالل البدن‪.‬‬ ‫ي‬
‫موضع خمصوص لفئة خمصوصة‪ ،‬ا‬
‫لذ وضعت وزارة الصحة يف السعودية شروطاا صحية خلدمات التغذية يف‬
‫املدارس‪ ،‬ملخالفتها لالشرتاطات الصحية‪ .‬فمنعت املشروابت الغازية من املدارس‬
‫لتسببها يف أمراض السكري وزايدة الوزن وأمراض القلب واألوعية الدموية‪ ،‬حبسب‬
‫دراسة(‪.)1‬‬
‫وًل خيفي ما يف هذه السياسة من تقييد استهالك سلعة حمددة‪ ،‬من مقصد‬
‫حفظ النفوس‪ ،‬درءاا لوقوع املرض‪ .‬على ما يف هذه السياسة من العم مبا يؤول لليه‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬عكاظ‪ 42 ،‬حمرم ‪1222‬ه – ‪ 47‬أغسطس ‪4144‬م‪ ،‬عربية ‪ Skynews‬أبوظيب‪،‬‬


‫‪ 48‬أغسطس ‪4144‬م‪ ،‬اخلليج‪ 48 ،‬أغسطس ‪4144‬م‪ ،‬اليوم السابع‪ 12 ،‬أكتوبر‬
‫‪4144‬م‪.‬‬
‫‪102‬‬

‫وحمددا مبكان بعينه‪،‬‬


‫موقوات ا‬
‫دفعا له‪ .‬وهذا الفع ولن كان ا‬
‫الشئ من ضرر‪ ،‬فيُمنع منه ا‬
‫لًل أته غاية ما يفعله متخذو القرار لدفع ضرر حمقق‪ .‬على أن تكم األسرة الدور‬
‫احلكومي ابتباع هذا اإلجراء أو ما يقرب منه‪ .‬ينضاف ل ى ذلك ضبط لتفاق املال‬
‫فيما يعود ابملنفعة على صاحبه‪ ،‬وحتوي الطلب ل ى اإلتفاق على سلع أخرى أكثر‬
‫تفعا أو ًل ضرر فيها‪.‬‬
‫ا‬
‫‪َّ 3/2/4‬نوذج اململكة املغربية‪ :‬منع ذبح األبقار احللوب‪:‬‬
‫منعت املغرب يف قرار صادر عن وزارة الفالحة والصيد البحري والتنمية القروية‬
‫واملياه والغاابت ذبح العجالت ولانث األبقار احللوب اليت يق يسنها عن أربع‬
‫سنوات‪ ،‬لضمان توفري مادة (سلعة) احلليب ومشتقاته‪ .‬واقتصر املنع على سالًلت‬
‫وع يوض أصحاب املهن املمارسني لصناعة احلليب أربعة آًلف درهم‪ ،‬جتنباا‬
‫معينة‪ُ .‬‬
‫لألثر احملتم الناشئ من ختلف العرض عن الطلب‪ ،‬مع دعم األعالف(‪.)1‬‬
‫يتبع املصلحة اآلتية اليت تقتضي أتجي استهالك هذا النوع من‬ ‫هذا القرار ْ‬
‫األبقار بذحبه‪ ،‬استبقاءا لي َد يره واستدامةا لعرض احلليب بعدم اتقطاعه‪ .‬وهو مقصد فيه‬
‫منفعة مجهور الناس واملستهلكني‪ ،‬توايف الضرر الالحق برتك فعله وتربو عليه‪ ،‬فكان‬
‫راجح الفع ‪ .‬وراعى متخذ القرار األثر احملتم الناتج من هذا الفع ‪ ،‬ابملبادرة بتعويض‬
‫من يقع عليه ضرر‪ .‬وهذا سياسة تتبع مقاصد الشريعة وأهداف اًلقتصاد اإلسالمي‪.‬‬
‫وفيه سوى ما تقدم تكثري الثروة احليواتية وحفظها وتنميتها‪.‬‬

‫(‪ )1‬هسربيس‪ ،‬األحد ‪ 41‬توفمرب ‪ ، 11:11 ،4144‬اليوم ‪ ،42‬اًلثنني ‪ 41‬توفمري ‪،4144‬‬


‫‪alyaum24.com‬‬
‫مقاصد االستهالك وأثرها يف توجيه السلوك االستهالكي يف االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬وتطبيقاتها املعاصرة‬
‫‪103‬‬

‫اخلامتة‬

‫عاجل البحث مقاصد اًلستهالك يف اًلقتصاد اإلسالمي‪ ،‬مستخرجةا من‬


‫القرآن‪ ،‬وتعرض ألتواع اًلستهالك ذات التأثري على سلوك املسلم اًلستهالكي‪ .‬وتظر‬
‫يف مناذج من السياسة العمرية والتطبيقات املعاصرة‪ .‬وتوص بناءا على جتميع‬
‫املعلومات وحتليلها‪ ،‬ل ى تتائج وتوصيات‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬النتائج‪.‬‬
‫‪-1‬ظهر أن لعمال مقاصد اًلستهالك سواءا كان الدتيوية أو األخروية تعم‬
‫على التخصيص اجليد والكفؤ للموارد‪ ،‬من خالل ضبط اًلستهالك‪ ،‬وتوزيع اإلتفاق‬
‫على احلاجات الدتيوية واحلاجات ذات البعد األخروي‪ .‬ويثبت ذلك صحة الفرض‬
‫األول‪.‬‬
‫‪-4‬ظهر توافق املقاصد القرآتية مع املقاصد الشرعية من حيث عم كليهما‬
‫على التوجيه السليم للسلوك اًلستهالكي للمسلم‪( ،‬الفرض الثاين)‪.‬‬
‫والنماذج املعاصرة املطبقة املتعلقة‬ ‫عمر وغريه‬ ‫‪-1‬تبني من فع‬
‫ابًلستهالك‪ ،‬أهنا تؤدي ل ى التوجيه السليم واملناسب إلتفاق املسلم‪( ،‬الفرض‬
‫الثالث)‪.‬‬
‫‪-2‬أظهرت النماذج والتطبيقات املعاصرة ملقاصد اًلستهالك الشرعية لمكاتية‬
‫‪100‬‬

‫تنزيلها على الواقع املعاصر وتعميم تطبيقها حبسب حال ك بلد وأحواله‪( ،‬الفرض‬
‫الرابع)‪.‬‬
‫‪-8‬تعدد أتواع اًلستهالك يعم ‪ ،‬يف حال تعريف الناس هبا وتشرها‪ ،‬على‬
‫تبصريهم أبولوايت اإلتفاق‪ .‬فيتجنبون ما هو حاجي رفاهي يف حال تزاحم احلاجات‪،‬‬
‫وًل يقدموته على ما هو ضروري معاشي‪.‬‬
‫‪-6‬أن تطبيق سلوك الصحابة واخللفاء الراشدين مث عمر ‪ ،‬يف اإلتفاق‬
‫اًلستهالكي‪ ،‬من ضرورايت هذا العصر‪ ،‬الذي اخت فيه ميزان العدل يف اًلستهالك‪،‬‬
‫وصار األمر منفرطاا غري منضبط‪ ،‬مما يؤثر سلباا على جمموع لتفاق اجملتمع وعلى‬
‫حاجاته املتعددة‪ ،‬اليت ًل تتسع هلا موارده‪.‬‬
‫‪-7‬تبني دور احلاكم أو احلكومة يف توجيه اًلستهالك العام للناس حنو غاايت‬
‫ختدم مقاصد الشرع وأهداف اجملتمع‪ ،‬ومتنع خروجه عن حد اًلعتدال والتوسط‪.‬‬
‫منعا أو‬
‫يظهر ذلك يف للزام احلاكم أو جهة اًلختصاص بنمط معني من اًلستهالك‪ ،‬ا‬
‫هتذيباا‪.‬‬
‫اثنيًا‪ :‬التوصيات‪.‬‬
‫وبناؤها على ما تقدم من تتائج‪ ،‬دون متاثلها يف العدد‪:‬‬
‫‪-1‬ضرورة لظهار مقاصد اًلستهالك وتشرها يف اجملتمع‪ ،‬ألج ختصيص سليم‬
‫وكفؤ ملوارد اجملتمع والفرد‪ ،‬وتوزيع يتسم ابلعدالة فيما يتعلق حبق الفقراء يف أموال‬
‫األغنياء والواجدين‪.‬‬
‫‪-4‬هناك حاجة ل ى تعريف الناس مبحاسن ضبط اًلستهالك‪ ،‬وأمهية ذلك يف‬
‫رصد املوارد وادخارها ل ى وقت احلاجة لليها‪ ،‬مع مراعاة حق األجيال القادمة‪.‬‬
‫مقاصد االستهالك وأثرها يف توجيه السلوك االستهالكي يف االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬وتطبيقاتها املعاصرة‬
‫‪101‬‬
‫‪-1‬تعريف مجهور الناس من أفراد وجمموعات‪ ،‬مبا فيها احلكومات‪ ،‬بيرتَ ي‬
‫ب‬ ‫ُ‬
‫احلاجات وكيفية تنظيمها ووضعها يف موضعها املرسوم هلا يف الشريعة؛ من ضروري‬
‫وحاجي وحتسيين‪.‬‬
‫‪-2‬العم على ليضاح مناذج الصدر األول من اإلسالم‪ ،‬واملنعكسة يف حسن‬
‫لدارة اإلتفاق ولحكام ضبط اًلستهالك‪ ،‬والبناء عليها بتطبيقها على مؤسسات‬
‫خمتارة‪ ،‬ليتم بعدها التقومي واملراجعة والتعميم‪ ،‬يف حال النجاح‪.‬‬
‫‪-8‬بظهور التجارب املعاصرة ملقاصد اًلستهالك الشرعية‪ ،‬فإته ابإلمكان‬
‫التمدد يف تشرها والعم هبا‪ ،‬بعد حصر املواطن اليت حيتاج اجملتمع فيها ل ى ضبط‬
‫استهالكه وترشيده‪.‬‬

‫‪h‬‬
‫‪101‬‬

‫فهرس املصادر واملراجع‬

‫ابن العريب‪ ،‬حممد بن عبد هللا بن حممد‪" .‬أحكام القرآن"‪ .‬حتقيق‪ :‬مصطفى‬ ‫‪-1‬‬
‫أبو املعاطي‪( ،‬ط‪ ،1/‬القاهرة‪ :‬دار الغد اجلديد‪1218 ،‬ه‪4112-‬م)‪.‬‬
‫ابن العريب‪ ،‬حممد بن عبد هللا بن حممد‪" .‬سراج املريدين يف سبي الدين"‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫ضبط تصه وخرج أحاديثه ووثق تقوله‪ :‬د‪ .‬عبد هللا التورايت‪( ،‬ط‪ ،1/‬اململكة‬
‫املغربية‪ :‬دار احلديث الكتاتية‪1218 ،‬ه‪4117-‬م)‪.‬‬
‫ابن بطال‪ ،‬علي بن خلف‪" .‬شرح ابن بطال على صحيح البخاري"‪ .‬حققه‬ ‫‪-1‬‬
‫وخرج أحاديثه‪ :‬مصطفى عبد القادر عطا‪( ،‬ط‪ ،4/‬بريوت‪-‬لبنان‪ :‬دار‬
‫الكتب العلمية‪1216 ،‬ه‪4118-‬م)‪.‬‬
‫ابن حزم‪ ،‬علي بن أمحد بن سعيد األتدلسي‪" .‬مراتب اإلمجاع يف العبادات‬ ‫‪-2‬‬
‫واملعامالت واًلعتقادات"‪ .‬بعناية‪ :‬أمحد حسن لسرب‪( ،‬ط‪ ،4/‬بريوت ‪-‬‬
‫لبنان‪ :‬دار ابن حزم‪1218 ،‬ه‪4112-‬م)‪.‬‬
‫ابن شبه‪ ،‬عمر بن شبه‪" .‬كتاب اتريخ املدينة"‪ .‬حققه‪ :‬فهيم حممد‬ ‫‪-8‬‬
‫شلتوت‪( ،‬د‪ .‬ت‪ ،‬د‪ .‬د‪ ،‬يب دي لف)‪.‬‬
‫ابن عاشور‪ ،‬حممد الطاهر‪" .‬مقاصد الشريعة اإلسالمية"‪ .‬حتقيق ومراجعة‪:‬‬ ‫‪-6‬‬
‫الشيخ حممد احلبيب بن اخلوجة‪( ،‬قطر‪ :‬وزارة األوقاف والشؤون اًلسالمية‪،‬‬
‫‪1248‬ه – ‪4112‬م)‪.‬‬
‫ابن عبد الرب‪ ،‬يوسف بن عبد هللا‪" .‬اًلستذكار"‪ .‬علق عليه ووضع‬ ‫‪-7‬‬
‫حواشيه‪ :‬سامل حممد عطا ‪ -‬حممد علي معوض‪( ،‬ط‪ ،1/‬بريوت لبنان‪ :‬دار‬
‫الكتب العلمية‪4111 ،‬م)‪.‬‬
‫ابن عبد السالم‪ ،‬عبد العزيز السلمي‪" .‬قواعد األحكام يف مصاحل األانم"‪.‬‬ ‫‪-8‬‬
‫مقاصد االستهالك وأثرها يف توجيه السلوك االستهالكي يف االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬وتطبيقاتها املعاصرة‬
‫‪101‬‬
‫راجعه وعلق عليه‪ :‬طه عبد الرؤوف سعد‪( ،‬القاهرة‪ :‬دار الشرق للطباعة‪،‬‬
‫‪1188‬هـ ‪1268-‬م)‪.‬‬
‫ابن عطية‪ ،‬عبد احلق بن غالب‪" .‬احملرر الوجيز يف تفسري الكتاب العزيز"‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫حتقيق‪ :‬عبد السالم عبد الشايف‪( ،‬ط‪ ،2/‬بريوت – لبنان‪ :‬دار الكتب‬
‫العلمية‪1217 ،‬ه – ‪4116‬م)‪.‬‬
‫ابن فارس ‪ ،‬أمحد بن زكراي‪" .‬مقاييس اللغة"‪ .‬راجعه وعلق عليه‪ :‬أتس حممد‬ ‫‪-11‬‬
‫الشامي‪( ،‬د‪.‬ط‪ ،.‬القاهرة‪ :‬دار احلديث‪1242 ،‬ه‪4118-‬م)‪.‬‬
‫ابن كثري‪ ،‬لمساعي بن عمر‪" .‬تفسري القرآن العظيم"‪ .‬راجعه وتقحه‪ :‬الشيخ‬ ‫‪-11‬‬
‫خالد حممد جمرم‪( ،‬د‪.‬ط‪ ،.‬بريوت – لبنان‪ :‬املكتبة العصرية‪1218 ،‬ه ‪-‬‬
‫‪4112‬م)‪.‬‬
‫أبوظيب‪ ،‬صحيفة ‪ 48‬أغسطس ‪4144‬م‪.‬‬ ‫‪-14‬‬
‫األصفهاين‪ ،‬احلسني بن حممد‪" .‬مفردات ألفاظ القرآن"‪ .‬حتقيق‪ :‬صفوان‬ ‫‪-11‬‬
‫عدانن داوودي‪( ،‬ط‪ ،8/‬دمشق‪ :‬دار القلم‪1211 ،‬ه‪4111-‬م)‪.‬‬
‫الباجي‪ ،‬سليمان بن خلف‪" .‬احلدود يف األصول"‪ .‬املطبوع مع اإلشارة يف‬ ‫‪-12‬‬
‫أصول الفقه‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد حسن حممد حسن لمساعي ‪( ،‬ط‪ ،1/‬بريوت‪-‬‬
‫لبنان‪ :‬دار الكتب العلمية‪1242 ،‬ه‪4111-‬م)‪.‬‬
‫الباجي‪ ،‬سليمان بن خلف‪" .‬لحكام الفصول يف أحكام األصول"‪ .‬حتقيق‬ ‫‪-18‬‬
‫ودراسة‪ :‬أ‪ .‬د‪ .‬عمران علي أمحد العريب‪( ،‬بريوت‪-‬لبنان‪ :‬دار ابن حزم‪،‬‬
‫‪.)4112-1211‬‬
‫الباحث‪" :‬الوجيز يف علم اًلقتصاد اإلسالمي"‪( .‬ط‪ ،1/‬جي اتون‪،‬‬ ‫‪-16‬‬
‫اخلرطوم‪1246 :‬ه‪4118 -‬م)‪.‬‬
‫البخاري‪ ،‬حممد بن لمساعي ‪" .‬صحيح البخاري"‪( .‬ط‪ ،4/‬الرايض‪ :‬دار‬ ‫‪-17‬‬
‫‪101‬‬
‫السالم للنشر والتوزيع‪1212 ،‬ه – ‪1222‬م)‪.‬‬
‫اجلرجاين‪ ،‬علي بن حممد‪" .‬التعريفات"‪ .‬حتقيق وتعليق‪ :‬عبد الرمحن عمرية‪،‬‬ ‫‪-18‬‬
‫(ط‪ ،1/‬بريوت‪ :‬عامل الكتب‪1217 ،‬ه‪1287-‬م)‪.‬‬
‫اجلوهري‪ ،‬لمساعي بن محاد‪" .‬معجم الصحاح"‪ .‬مرتب ترتيب ا ألفبائي ا وفق‬ ‫‪-12‬‬
‫أوائ احلروف‪ ،‬اعتىن به‪ :‬خلي مأمون شيحا‪( ،‬ط‪ ،2/‬بريوت‪ :‬دار املعرفة‪،‬‬
‫‪1211‬هـ ‪4114 -‬م)‪.‬‬
‫احلسن‪ ،‬خليفة اببكر‪" .‬فلسفة مقاصد التشريع يف الفقه اإلسالمي‬ ‫‪-41‬‬
‫وأصوله"‪1287( .‬م‪ ،‬جملة كلية الشريعة والقاتون‪ ،‬اإلمارات العربية‬
‫املتحدة)‪ ،‬العدد ‪ ،1‬موجود يف قالب يب دي لف‪.‬‬
‫اخلليج‪ ،‬صحيفة ‪ 48‬أغسطس (‪4144‬م)‪.‬‬ ‫‪-41‬‬
‫الراكوبة‪ ،‬صحيفة ‪ 42‬شوال ‪1214‬ه‪alrakoba. net ،‬‬ ‫‪-44‬‬
‫الشاطيب‪ ،‬لبراهيم بن موسى‪" .‬املوافقات يف أصول الشريعة"‪ .‬شرحه وخرج‬ ‫‪-41‬‬
‫أحاديثه‪ :‬عبد هللا دراز‪ ،‬وضع ترامجه‪ :‬حممد عبد هللا دراز‪ ،‬خرج آايته‬
‫وفهرس موضوعاته‪ :‬عبد السالم عبد الشايف حممد‪( ،‬ط‪ ،4/‬بريوت‪ :‬دار‬
‫الكتب العلمية‪4112 ،‬م)‪.‬‬
‫الشيباين‪ ،‬حممد بن احلسن‪" .‬كتاب الكسب‪ ،‬ويليه رسالة احلالل واحلرام‬ ‫‪-42‬‬
‫ًلبن تيمية"‪ .‬اعتىن هبما‪ :‬عبد الفتاح أبو غدة‪( ،‬ط‪ ،1/‬القاهرة‪ :‬دار‬
‫السالم‪1217 ،‬ه – ‪.)4116‬‬
‫العامل‪ ،‬يوسف حامد‪" .‬املقاصد العامة للشريعة اإلسالمية"‪ ( .‬ط‪،1 :‬‬ ‫‪-48‬‬
‫هريتد‪ ،‬فرجينيا‪ ،‬الوًلايت املتحدة األمريكية‪ :‬املعهد العاملي للفكر‬
‫اإلسالمي‪1214 ،‬ه‪1221-‬م)‪ .‬موجود على قالب يب دي لف‪.‬‬
‫عكاظ‪ 42 ،‬حمرم ‪1222‬ه – ‪ 47‬أغسطس ‪4144‬م‪ ،‬عربية‬ ‫‪-46‬‬
‫مقاصد االستهالك وأثرها يف توجيه السلوك االستهالكي يف االقتصاد اإلسالمي‪ ،‬وتطبيقاتها املعاصرة‬
‫‪101‬‬
‫‪.Skynews‬‬
‫الغزايل‪ ،‬حممد بن حممد بن حممد‪ :‬لحياء علوم الدين‪ ،‬ضبط وتوثيق‪ :‬أمحد‬ ‫‪-47‬‬
‫عناية – أمحد زهوة‪،‬دار الكتاب العريب‪ ،‬د‪.‬ط‪1212 ،‬ه‪4111-‬م‪.‬‬
‫الغزايل‪ ،‬حممد بن حممد‪" .‬ميزان العم "‪ .‬كتب هوامشه‪ :‬أمحد مشس الدين‪،‬‬ ‫‪-48‬‬
‫(ط‪ ،1/‬بريوت‪-‬لبنان‪ :‬دار الكتب العلمية‪1212 ،‬ه‪1282-‬م)‪.‬‬
‫مالك بن أتس‪" .‬املوطأ"‪ .‬لعداد وتقدمي‪ :‬حممد عبد الرمحن املرعشلي‪،‬‬ ‫‪-42‬‬
‫(ط‪ ،1/‬بريوت‪-‬لبنان‪ :‬دار لحياء الرتاث العريب‪1241 ،‬ه‪4111-‬م)‪.‬‬
‫جملة بيت املشورة‪ :‬جملة دولية حمكمة يف اًلقتصاد والصريفة اإلسالمية‪ ،‬دولة‬ ‫‪-11‬‬
‫قطر‪ ،‬العدد ‪ ، 7‬أكتوبر (‪4117‬م)‪.‬‬
‫مسلم‪ ،‬ابن احلجاج‪" .‬صحيح مسلم"‪( .‬ط‪ ،4/‬الرايض‪ :‬دار السالم‪،‬‬ ‫‪-11‬‬
‫‪1241‬ه‪4111 -‬م)‪.‬‬
‫مصطفى‪ ،‬لبراهيم وآخرون‪" .‬املعجم الوسيط"‪( .‬جممع اللغة العربية‪ :‬اإلدارة‬ ‫‪-14‬‬
‫العامة للمعجمات ولحياء الرتاث)‪.‬‬
‫املنذري‪ ،‬زكي الدين عبد العظيم بن عبد القوي‪" .‬الرتغيب والرتهيب من‬ ‫‪-11‬‬
‫احلديث الشريف"‪ .‬ضبط أحاديثه وعلق عليها‪ :‬مصطفى حممد عمارة‪،‬‬
‫(ط‪ ،1/‬بريوت‪ :‬دار لحياء الرتاث العريب‪1188 ،‬هـ ‪1268 -‬م)‪.‬‬
‫هسربيس‪ ،‬صحيفة‪ ،‬األحد ‪ 41‬توفمرب ‪11:11 ،4144‬‬ ‫‪-12‬‬
‫اليوم السابع‪ ،‬صحيفة ‪ 12‬أكتوبر ‪4144‬م‪.‬‬ ‫‪-18‬‬
‫اليوم ‪ ،42‬اًلثنني ‪ 41‬توفمري ‪alyaum24.com ،4144‬‬ ‫‪-16‬‬
101

bibliography

1- Al-ʿĀlim, Yousuf Hamid, al- Maqāsṣid al-ʿĀma li Al-Sharia'a


Al-Islamiyah, (1st. ed. 1412H-1991, Herndon, Virginia, USA,
The International Institute of Islamic Thought), pdf.
2- Al-Asfahani, Al-Husein Ibn Muhammad Ibn Al-Mufaddal Al-
Raghib.
3- Mufradat Alfaz Al-Quran, Investigation: Safwan Adnan
Dawoody,
4- (5th. ed. 1433H-2011, Damascus, Dar Al-Qalam).
5- Al-Baji, Abu Al-Walid Sulaiman Ibn Khalaf Ibn Saad Ibn
Ayyoub. Al-Hudud fi Al-Usul, printed with Al-Ishara fi Usul
Al-Fiqh, Investigation: Muhammad Hasan Muhammad Hasan
Ismael, (1st. ed., 1424H-2003, Beirut-Lebanon, Dar Al- Kutub
Al-Ilmeyyah).
6- Al-Baji, Abu Al-Walid Sulaiman Ibn Khalaf Ibn Saad Ibn
Ayyoub. Ihkam
7- Al-Fusul fi Ahkam Al-Usul, Investigation and Study: Prof.
Imran Ali Ahmed Al-Arabi, (1430H-2009, Beirut-Lebanon,
Dar Ibn Hazm).
8- Al-Bukhari, Muhammad Ibn Ismael: Sahih Al-Bukhari, (2nd.
ed., 1419H-999, Riyadh, Dar Al-Salam for Publication and
Distribution).
9- Al-Ghazali, Muhammad Ibn Muhammad Ibn Muhammad:
Ihyaa Ulum Al-Deen, Dabt wa Tawtheeq: Ahmed Inayah-
Ahmed Zahwa, (w. ed., 1434H-2013, Dar Al-Kitab Al-Arabi).
10- Al-Ghazali, Muhammad Ibn Muhammad Ibn Muhammad,
Mizan Al-Amal, kataba hawamishahu: Ahmed Shams Al-Deen,
(1st. ed., 1409H-1989, Beirut-Lebanon, Dar Al-Kutub Al-
lmeyyah).
11- Al-Hasan, Khalifah Babiker, (Philosophy of Maqasid Al-
Tashriea fi Al-Fiqh Al-Islami wa Usuluhu), (Vol. 1, 1987,
Journal of Sharia'a and Law, UAE), pdf. Al-Jawhary, Ismael
Ibn Hammad, Al-Sihah. cared by: Khalil Mamun Shiha, (4th.
ed., 1433H-2012, Beirut- Lebanon: Dar Al-Maarifa).
12- Al-Jurjani, Al-Sayed Al-Sharif Ali Ibn Muhammad Ibn Ali. Al-
Taʿrifat, Investigation and comment: Abd Al-Rahman
Umairah, (1st. ed, 1407H-1987, Beirut, Aalam Al-Kutub).
13- Al-Khaleej , 28 Aug. 2022, https://www.alkhaleej.ae
14- Al-Munziri, Zakiu Al-Deen Abd Al-Azim Ibn Abd Al-
‫ وتطبيقاتها املعاصرة‬،‫مقاصد االستهالك وأثرها يف توجيه السلوك االستهالكي يف االقتصاد اإلسالمي‬
101
Ghawwi: Al-Targhib wa Al-Tarhib min Al- Hadeeth Al-Sharif,
revised and commentary of: Mustafa Muhammad Imarah, (3rd.
ed., 1388H-1968, Beirut, Dar Ihyaa Al-Turath Al-Arabi).
15- Alrakoba. net, alrakoba newspaper, 21/10/1432H,
https://www.alrakoba.net
16- Al-Shaibani, Muhammad Ibn Al-Hasan. Kitab Al-Kasb, wa
Yalihi Risalat Al-Haram wa Al-Halal li Ibn Taimiyah, eatana
bihima: Abd Al-Fattah Abu Ghuddah, (1st. ed., 1437H-2016,
Egypt, Dar Al-Salam).
17- Al-Shatibi, Ibrahim Ibn Musa. Al-Muwafaqat fi Usul Al-
Shariaa, commentary and authentication of the hadiths by:
Muhammad Abdullah, revised by: Abd Al-Salam Abd Al-Shafi
Muhammad, (2nd. ed., 2009, Beirut, Dar Al-Kutub Al-
Ilmeyyah).
18- alyaum24.com , Mon. 21 Nov. 2022,
https://www.alyaum24.com Al-Yaum Al-Sabie, newspaper, 09
Oct. 2022, https://www.m. youm7.com
19- Ibn Aashur, Muhammad Al-Tahir: Maqasid Al-Shariaa Al-
Islamiyah, Investigation and Revision: Al- Sheikh Muhammad
Al-Habib Ibn Khoja, (1425H-2004, Qatar, Ministry of Awqaf
and Islamic Affairs).
20- Ibn Al-Arabi, Muhammad Ibn Abdillah Ibn Muhammad.
Ahkam Al-Quran, Investigation by: Mustafa Abu Al-Maati,
(1st. ed., 1435H-2014, Eygpt, Dar Al-Ghad).
21- Ibn Al-Arabi, Muhammad Ibn Abdillah Ibn Muhammad. Siraj
Al-Murideen fi Sabeel Al-Deen, revised by: Dr. Abdullah Al-
Tawrati, Dar Al- Hadeeth Al-kattaneyah, (1st. ed., 1438H-
2017, Kingdom of Morocco, Dar Al- Hadeeth Al-kattaneyah).
22- Ibn Abd Al-Barr, Abu Omer Yousuf Ibn Abdillah Ibn
Muhammad Al-Namery. Al-Istizkar, commented by: Salim
Muhammad Ata- Muhammad Ali Muawwad, (3rd. ed. 2010.
Beirut- Lebanon, Dar Al-Kutub Al-Ilmeyyah).
23- Ibn Abd Al-Salam, Abd Al-Aziz Al-Sulami. Qawaed Al-
Ahkam fi Masalih Al-Anam, Revised and commented by: Taha
Abd Al- Rawoof Saad, , (1388H-1968, Cairo, Dar Al- sharq for
Printing).
24- Ibn Atiyyah, Abu Muhammad Abd Al- Haq Ibn Ghalib Al-
Andalusi. Al-Muharrar Al-Wajeez fi Tafseer Al-Kitab Al-Aziz,
Investigation: Abd Al- Salam Abd Al- Shafi, (4th. ed. 1437H-
2016, Beirut- Lebanon, Dar Al-Kutub Al- Ilmeyyah).
25- Ibn Battal, Abu Al-Hasan Ali Ibn Khalaf Ibn Abd Al-Malik,
(Sharh Ibn Battal ala Sahih Al-Bukhari), Investigated and
112
authenticated its hadiths by: Mustafa Abd Al-Gadir Ata, (2nd
ed. 1436H-2015, Beirut-Lebanon Dar Al- kutub Al-
Ilmeyyah.).
26- Ibn Faris, Abu Al-Husain Ahmed Ibn Faris Ibn Zakariya,
Maqāyīs Al-Luqa. Revised by: Anas Muhammad Al-Shami,
(w. ed., 1429H 2008, Egypt, Dar Al-Hadeeth).
27- Ibn Hazm, Abu Muhammad Ali Ibn Ahmed Ibn Saeed Al-
Andalusi. Maratib Al-Ijmaa fi Al-Ibadat wa Al-Muaamalat wa
Al-Ieatigadat), cared by: Ahmed Hasan Isbar, , , (2nd. ed.,
1435H-2014, Beirut- Lebanon, Dar Ibn Hazm).
28- Ibn Kathir, Abu Al-Fida Ismael Ibn Omer. Tafsir Al-Quran Al-
Azim, Revised by: Al- Sheikh Khalid Muhammad Mujrim,
(w.ed., 1435H-2014, Beirut-Lebanon, Al-Maktabah Al-
Asriyah).
29- Ibn Shabbah, Abu Zaid Omer Ibn Shabbah Al-Numairy Al-
Basry. Kitab Tareikh Al-Madinah, investigated by: Fahim
Muhammad Shaltoot, no d., no ed./P. pdf.
30- Hespress, newspaper, 20 Nov. 2022,
https://www.hespress.com
31- Majallat Beit Al-Mashurah: Majalla Dawliyyah Muhakkama fi
Al-Iqtisad wa Al-Sayrafa Al-Islamiyyah, (State of Qatar, No. 7,
Oct. 2017).
32- Malik Ibn Anas, Al-Muwatta, preparation and introduction;
Muhammad Abd Al-Rahman Al-Marashli, 3rd. ed. 1421H-
2000, Beirut-Lebanon, Dar Ihyaa Al-Turath Al-Arabi.
33- Muslim Ibn Al-Hajjaj,"Sahih Muslim". (ed.2, 1421H-2000,
Riyad, Dar Al-Salam).
34- Mustafa, Ibrahim, et. al: Al-Muajam Al-Wasit, Mujam Al-
Lugha Al-Arabiyyah: Al-Idara Al-Aammah li Al-Muajamat wa
Ihyaa Al-Turath.
35- The Researcher: Al-Wajeez in Islamic Economic Science, (1st.
ed.,
36- 1426H-2005, Khartoum, G-Town).
‫سريان االتفاقيات التجاريَّة الّوليَّة يف النظام‬
‫السعودي وأثرها يف مصادر الدقضاء التجاري‬
Applicability of International Commercial
Regulations and Agreements in the Saudi Law and
Their Effect on the Sources of Commercial Judiciary

‫ جامعة‬،‫ كليَّة الشريعة وأصول الدَّين‬،‫ قسم الفقه‬،‫أستاذ ختصص األنظمة‬


‫ اململكة العربية السعودية‬،‫ أبها‬،‫امللك خالد‬

Prepared by :
Prof. Dr. Mohammed Ali Mohammed Al-Qarni
Professor, Specialty of (Law), Department of
Jurisprudence, Faculty of Sharia and Fundamentals of
Religion, King Khalid UniversityM Abha, Kingdom of
Saudi Arabia
Email: mog9600@gmail.com

‫اعتماد البحث‬ ‫استالم البحث‬


A Research Approving A Research Receiving
2023/05/11 2022/12/26
‫نشر البحث‬
A Research publication
2023/09/30
DOI : 10.36046/2323-056-206-026
‫سريان االتفاقيات التجاريَّة الدوليَّة يف النظام السعودي وأثرها يف مصادر القضاء التجاري‬
‫‪111‬‬

‫ملخص البحث‬

‫تقوم اًلتفاقيات التجارية الدولية بدور ابرز يف العالقات الدولية اًلقتصادية والتجارة‬
‫العاملية‪ ،‬وظهرت تلك اًلتفاقيات كمحاوًلت فعلية لتوحيد القاتون الدويل يف املسائ التجارية‪،‬‬
‫اليت فرضت ضرورات تطورها وتبادهلا جتاوز احلدود اجلغرافية املتعارف عليها للدول املعاصرة‪،‬‬
‫واعتناق هذا النوع من النظم‪ ،‬وحيث أبرمت اململكة العربية السعودية عددا من اًلتفاقيات‬
‫واتضمت لليها‪ ،‬واتتهى تظام احملاكم التجارية السعودي ل ى النص على مكاتتها ضمن مصادر‬
‫القضاء التجاري السعودي وقوهتا امللزمة‪ ،‬كان من األمهية مبكان التعريف هبا وحبث املركز القاتوين‬
‫لتلك اًلتفاقيات ابلنسبة ل ى النظام السعودي الداخلي‪ ،‬ومراح اعتمادها ضمنه كمصدر للقواعد‬
‫النظامية‪ ،‬مع تناول موقف الفقه القاتوين املقارن واألتظمة املعاصرة من ذلك‪ ،‬كما تناول البحث‬
‫تبذة عن تشأة اًلختصاص القضائي للمحاكم التجارية وترتيب مصادر القضاء التجاري لثر النص‬
‫على مرتبة اًلتفاقيات التجارية الدولية ضمن مصادر القضاء التجاري‪ ،‬ابستعمال منهج البحث‬
‫اًلستقرائي التحليلي املقارن‪ ،‬حيث ينطلق من استقراء النصوص النظامية املتعلقة جبواتب الدراسة‬
‫وحتليلها ومقارتتها ابًلجتاهات القاتوتية واملمارسات الدولية املعاصرة‪ ،‬وصوًلا ل ى تتائج الدراسة اليت‬
‫من أمهها‪ :‬أن النظام السعودي أيخذ مببدأ ثنائية القاتوتني (الدويل والداخلي) ويتم لدماج‬
‫اًلتفاقيات التجارية الدولية عن طريق لصدار مرسوم ملكي ابعتمادها‪ ،‬وًل تسري قب هذا‬
‫اإلجراء‪ ،‬ويتضمن النظام آلية رقابية تعد لجراء وقائيا لضمان عد م خمالفة تصوص اًلتفاقيات‬
‫الدولية للنظام الداخلي أو تعارضها معه‪ ،‬وتتمث يف اختصاص جملسي الشورى والوزراء بدراسة‬
‫اًلتفاقيات واملعاهدات ولبداء الرأي حياهلا‪ ،‬وتبعا هلذا فقد حسم تظام القضاء التجاري مسألة‬
‫ترتيب القوة اإللزامية لالتفاقيات الدولية بني مصادره‪ ،‬وأولوية تطبيقه على النصوص اخلاصة يف‬
‫النظام الداخلي‪ .‬وابهلل التوفيق‪.‬‬
‫الكلمات املفتاحيَّة‪( :‬اًلتفاقيات الدولية ‪ -‬القضاء التجاري ‪ -‬مصادر القضاء التجاري‬
‫‪ -‬القضاء السعودي)‪.‬‬
111

Abstract

International trade agreements play a prominent role in


international economic relations and global trade ،and these
agreements emerged as actual attempts to unify international law in
commercial matters ،whose development and exchange imposed the
necessities of transcending the recognized geographical borders of
contemporary countries ،and embracing this type of law ،and where
the Kingdom of Saudi Arabia concluded a number Of the agreements
and joined them ،and the Saudi commercial court law ended up
stipulating its position within the sources of the Saudi commercial
judiciary and its binding force. Comparative legal and contemporary
laws from that ،and the research also dealt with an overview of the
emergence of the jurisdiction of commercial courts and the
arrangement of sources of commercial judiciary following the text on
the rank of international commercial agreements within the sources of
commercial judiciary ،using the method of comparative analytical
inductive research ،as it proceeds from the extrapolation of legal texts
related to aspects of the study and its analysis And compare it with
legal and practice trends Contemporary international agreements ،
leading to the results of the study ،the most important of which are:
that the Saudi law adopts the principle of duality of laws (international
and domestic) ،and international trade agreements are integrated by
issuing a royal decree approving them ،and they do not apply before
this procedure ،and the law includes a control mechanism that is
considered a preventive measure to ensure that the provisions of
international agreements don't violate or conflict with the internal law ،
which is represented in the competence of the Shura Council and the
Council of Ministers to study agreements and treaties and express an
opinion on them. Accordingly ،the commercial justice law has
resolved the issue of arranging the binding force of international
agreements among its sources ،and the priority of its application to the
special texts in the internal law .
Allah is the Guider of Success
Keywords: (International agreements - commercial judiciar -
sources of commercial judiciary - Saudi judiciary(.
‫سريان االتفاقيات التجاريَّة الدوليَّة يف النظام السعودي وأثرها يف مصادر القضاء التجاري‬
‫‪111‬‬

‫املدقِّمة‬

‫تطورت قواعد القاتون الدويل يف العقود األخرية تطورا كبريا‪ ،‬بسبب تشابك‬
‫العالقات واملصاحل اًلقتصادية والتجارية‪ ،‬وحركة رؤوس األموال والشركات العاملية‬
‫وحنوها‪ ،‬واتعكس ذلك ابلضرورة على تطوير القواعد القاتوتية احلاكمة للمنازعات‬
‫فع يرفت قواعد اإلسناد الدولية‪ ،‬اليت ترشد القاضي ل ى القاتون‬
‫الناشئة عن ذلك‪ُ ،‬‬
‫واجب التطبيق على املراكز القاتوتية ذات العنصر األجنيب‪ ،‬ولكن تطور العالقات‬
‫اخلاصة الدولية كان أقصى من قواعد اإلسناد‪ ،‬فظهرت فكرة تطبيق قواعد موضوعية‬
‫تتضمن القواعد املباشرة للعالقة ذات العنصر األجنيب(‪ ،)1‬وذلك عن طريق توحيد‬
‫القاتون التجاري هلدف معاجلة تفاوت األحكام والقواعد اخلاصة ابلتنظيم التجاري‪،‬‬
‫وإلهناء حالة التنازع بني القواتني الوطنية عند وجود عنصر أجنيب يف املنازعات‬
‫التجارية‪ ،‬مث تطورت تلك القواعد ووجدت تطبيقها يف القضاء الوطين يف املوضوعات‬
‫اليت تظمتها بغض النظر عن جنسية األطراف‪ ،‬وأخذت أشكاًلا متعددة أمهها‪:‬‬
‫‪-1‬القواعد اًلتفاقية املوحدة‪.‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬رمزي حممد دراز‪" ،‬فكرة تنازع القواتني يف الفقه اإلسالمي"‪( .‬الطبعة األو ى‪ ،‬بريوت‪:‬‬
‫منشورات احلليب‪4111 ،‬م)‪.141 ،114 ،‬‬
‫‪111‬‬

‫‪-2‬لبرام املعاهدات الدولية‪.‬‬


‫‪-3‬التشريع النموذجي (القاتون املوحد)(‪.)1‬‬
‫ويف ظ هذا التطور اختلف موقف الدول املعاصرة يف لدخال هذه القواعد‬
‫يف أتظمتها الداخلية‪ ،‬ويف آليات لعماهلا؛ مبا يوازن بني سيادة الدولة وخصوصية‬
‫قضائها الداخلي وبني اتضمامها لالتفاقيات واألتظمة املوحدة يف املسائ التجارية‪،‬‬
‫كما اختلفت آراء الفقه القاتوين املقارن يف ترجيج القاتوتني‪ :‬الدويل أم الوطين‪ ،‬وبعد‬
‫ذلك أييت النظر يف مدى للزام القاضي بتطبيق اًلتفاقية أو القاتون الدويل خبصوص‬
‫منازعة داخلية أو دولية‪ ،‬فنشأت فكرة هذا البحث بعنوان‪:‬‬
‫سريان االتفاقيات التجاريَّة الدوليَّة يف النظام السعودي وأثرها يف‬
‫مصادر القضاء التجاري‬

‫‪ ‬أهمية املوضوع‪:‬‬
‫‪-1‬تطور اًلتفاقيات التجارية الدولية واتضمام اململكة لليها‪.‬‬
‫‪-2‬اختالف الفقه القاتوين والقواتني املعاصرة يف املوقف من سراين اًلتفاقيات‬
‫التجارية الدولية يف القاتون الداخلي للدولة‪.‬‬
‫‪-3‬حتديد مكاتة اًلتفاقيات التجارية الدولية ضمن مصادر القضاء السعودي‬
‫ومدى مرجعيتها ألحكامه‪.‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محد هللا حممد محد هللا‪" ،‬النظام التجاري السعودي"‪( .‬الطبعة الثاتية‪ ،‬جدة‪ :‬مكتبة‬
‫خوارزم‪1248 ،‬هـ)‪.41 ،‬‬
‫سريان االتفاقيات التجاريَّة الدوليَّة يف النظام السعودي وأثرها يف مصادر القضاء التجاري‬
‫‪111‬‬
‫‪ ‬أسباب اختياره‪:‬‬
‫‪-1‬ما سبق بياته من أمهيته‪.‬‬
‫‪-2‬التعرف على آلية تفاذ اًلتفاقيات التجارية الدولية يف النظام السعودي‬
‫الداخلي‪.‬‬
‫‪-3‬حداثة صدور تظام احملاكم التجارية وًلئحته التنفيذية الذي تص على‬
‫تطبيق اًلتفاقيات التجارية الدولية‪ ،‬ووضعها يف ترتيب واضح بني مصادر القضاء‬
‫التجاري‪.‬‬
‫‪ ‬مشكلة البحث وأسئلته‪:‬‬
‫تظرا ًلمتداد تطبيق اًلتفاقيات التجارية الدولية يف اجملال الداخلي للدول‬
‫املعاصرة‪ ،‬يتفاوت تعام الدول معها قبوًلا وردا‪ ،‬ويتفاوت مستوى لحاطتها‬
‫ابلضماانت اليت حتد من منازعتها لقواعد األتظمة الداخلية‪ ،‬وتضمن سراين تطبيقها‪،‬‬
‫ومن هنا يثور السؤال الرئيس هلذا البحث‪ :‬ما مفهوم اًلتفاقيات التجارية الدولية وما‬
‫موقف الفقه القاتوين واألتظمة املعاصرة من لعماهلا يف القواتني الداخلية‪ ،‬وموقف‬
‫النظام السعودي منها ومكاتتها بني مصادر القضاء التجاري السعودي؟ ويتفرع عن‬
‫هذ السؤال عدة أسئلة أمهها‪:‬‬
‫‪-1‬ما مفهوم اًلتفاقيات التجارية الدولية؟ وما األثر القاتوين هلا يف القواتني‬
‫الداخلية يف فقه القاتون املقارن؟‬
‫‪-2‬ما موقف الدساتري املعاصرة والنظام السعودي من اًلتفاقيات التجارية‬
‫الدولية؟‬
‫‪-3‬ما مصادر القضاء التجاري السعودي‪ ،‬وما أتواعها؟ وما مكاتة اًلتفاقيات‬
‫‪111‬‬

‫التجارية الدولية بني مصادره؟‬


‫‪ ‬الّراسات السابدقة‪:‬‬
‫ابلرجوع ل ى قوائم املكتبات ودور النشر واجملالت العلمية املتخصصة واملواقع‬
‫اإللكرتوتية‪ ،‬وتظرا حلداثة صدور تظام احملاكم التجارية السعودي وًلئحته التنفيذية‬
‫الذي تص على تطبيق اًلتفاقيات التجارية الدولية‪ ،‬مل أجد دراسة خمصصة لتناول هذا‬
‫املوضوع "سراين اًلتفاقيات التجارية الدولية يف النظام السعودي وأثرها يف مصادر‬
‫القضاء التجاري"‪ ،‬ولن وجدت بعض الدراسات اليت تناولت بعض جزئياته‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫‪-1‬حبث بعنوان‪ :‬مدى تطبيق القاتون األجنيب أمام القاضي السعودي‪ ،‬دراسة‬
‫مقارتة ابلقاتون املصري‪ ،‬أ‪ .‬د‪ .‬حممود علي عبد احلافظ‪ ،‬منشور مبجلة العلوم الشرعية‬
‫جبامعة القصيم‪ ،‬اجمللد (‪ )14‬العدد (‪1221 )8‬هـ‪ ،‬ص ‪ ،2414-2184‬وقد‬
‫تناولت يف حبثي للزام القاضي برتتيب مصادر القضاء التجاري‪ ،‬وتناول البحث‬
‫املذكور للزام القاضي السعودي بتطبيق قاتون دولة أجنبية‪ ،‬لًل أن طبيعة هذا البحث‬
‫ختتلف عن البحث املشار لليه من عدة جواتب‪:‬‬
‫أ‪-‬أن البحث املذكور أعاله يتناول تطبيق قاتون دولة أجنبية يف اململكة‪ ،‬بينما‬
‫يتناول هذا البحث تطبيق اًلتفاقيات التجارية الدولية اليت اتضمت لليها اململكة‪.‬‬
‫ب‪-‬أييت هذا البحث يف تطاق تظام احملاكم التجارية وًلئحته التنفيذية الصادر‬
‫عام ‪1221‬هـ‪ ،‬بينما البحث املشار لليه يتناول موضوعه يف تطاق القواعد العامة يف‬
‫القاتون الدويل اخلاص‪ ،‬كقواعد اإلسناد واملوقف من مضمون القاتون األجنيب‬
‫وتفسريه وتطبيقه وحاًلت استبعاده‪.‬‬
‫‪-2‬حبث بعنوان‪ :‬مدى للزامية املصادر الرمسية يف املنازعات التجارية يف النظام‬
‫سريان االتفاقيات التجاريَّة الدوليَّة يف النظام السعودي وأثرها يف مصادر القضاء التجاري‬
‫‪111‬‬
‫القاتوين السعودي للباحثني‪ :‬مجال طالل النعيمي‪ ،‬وعدانن صاحل العمر‪ ،‬منشور مبجلة‬
‫جامعة الريموك للعلوم اإلتساتية واًلجتماعية‪-‬األردن‪ ،‬اجمللد (‪ )48‬العدد (‪ )4‬لعام‬
‫‪4112‬م‪ ،‬وقد تناول ابلبحث مصادر النظام التجاري السعودي وترتيبها‪ ،‬وخيتلف ما‬
‫ذكرته عن هذا البحث من عدة جواتب‪:‬‬
‫أ‪-‬أن البحث املذكور مل يعترب اًلتفاقيات التجارية الدولية من مصادر النظام‬
‫التجاري السعودي ومل يشر لليها‪ ،‬حيث حصر املصادر الرمسية يف أحكام الشريعة‬
‫اإلسالمية واألتظمة التجارية‪ ،‬وأن املصادر اًلحتياطية تتمث يف األعراف والعادات‬
‫التجارية‪ .‬ومل يتناول سواها من مصادر النظام التجاري‪.‬‬
‫ب‪-‬صدر ذلك البحث يف النصف األول لعام ‪4112‬م‪ ،‬أي قب صدور تظام‬
‫احملاكم التجارية السعودي الذي تضمن حتديد مصادر القاضي التجاري يف تظره‬
‫للفص يف املسائ التجارية‪.‬‬
‫‪-3‬توجد بعض الدراسات اليت تناولت األثر القاتوين لالتفاقيات التجارية‬
‫الدولية يف القواتني الداخلية يف القاتون املقارن والدساتري املعاصرة‪ ،‬ولكن يف ظ‬
‫قواتني أخرى كالقاتون الكوييت واإلمارايت واألردين واملصري ‪ -‬وستأيت اإلشارة لليها يف‬
‫ثنااي البحث عند الرجوع لليها ‪ -‬بينما تركز هذه الدراسة على موقف النظام‬
‫السعودي‪ ،‬مع اإلشارة ل ى بعض املقارانت الرئيسية يف املوضوع‪ ،‬وابهلل التوفيق‪.‬‬
‫‪ ‬منهج البحث‪:‬‬
‫استعم الباحث منهج البحث اًلستقرائي التحليلي املقارن‪ ،‬حيث ينطلق من‬
‫استقراء النصوص النظامية املتعلقة جبواتب الدراسة وحتليلها ومقارتتها ابًلجتاهات‬
‫القاتوتية الدولية املعاصرة‪ ،‬مع التزام األماتة العلمية ومراعاة قواعد الكتابة البحثية‬
‫‪112‬‬

‫والتوثيق العلمي وفق شروط الناشر‪.‬‬


‫‪ ‬خطة البحث‪:‬‬
‫جاء البحث يف مقدمة وثالثة مباحث‪ ،‬اشتم ك مبحث على عدد من‬
‫املطالب مث اخلامتة وقائمة املراجع‪ ،‬على النحو التايل‪:‬‬
‫املقدمة‪:‬‬
‫توطئة املوضوع وأمهيته‪ ،‬وأسباب اختياره‪ ،‬ومشكلة البحث وأسئلته‪،‬‬
‫والدراسات السابقة‪ ،‬ومنهجه‪ ،‬وخطته‪.‬‬
‫املبحث التمهيدي‪ :‬نشأة القضاء التجاري السعودي واختصاصاته‪.‬‬
‫وفيه مطلبان‪:‬‬
‫املطلب األول‪ :‬تشأة القضاء التجاري يف اململكة العربية السعودية‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬اختصاصات حماكم القضاء التجاري السعودي‪.‬‬
‫املبحث األول‪ :‬مفهوم االتفاقيات التجارية الدولية واألثر القانوين ْلا يف‬
‫القوانني الداخلية‪.‬‬
‫وفيه أربعة مطالب‪:‬‬
‫املطلب األول‪ :‬مفهوم اًلتفاقيات التجارية الدولية‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬موقف الدساتري املعاصرة من العالقة بني اًلتفاقيات التجارية‬
‫الدولية والقواتني الداخلية‪.‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬موقف الفقه القاتوين من العالقة بني اًلتفاقيات التجارية‬
‫الدولية والقواتني الداخلية‪.‬‬
‫املطلب الرابع‪ :‬موقف النظام السعودي من اًلتفاقيات التجارية الدولية ومدى‬
‫سريان االتفاقيات التجاريَّة الدوليَّة يف النظام السعودي وأثرها يف مصادر القضاء التجاري‬
‫‪113‬‬
‫تطبيقها يف النظام الداخلي‪.‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬مصادر القضاء التجاري السعودي‪.‬‬
‫وفيه ثالثة مطالب‪:‬‬
‫املطلب األول‪ :‬املصادر الرمسية يف القضاء التجاري السعودي‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬املصادر غري الرمسية (اًلسرتشادية) يف القضاء التجاري‬
‫السعودي‪.‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬ترتيب مصادر القضاء التجاري السعودي‪.‬‬
‫اخلامتة‪:‬‬
‫وفيها أهم تتائج البحث وتوصياته‪.‬‬
‫فهرس املراجع‪.‬‬
‫شكر وتقدير‬
‫وًل يفوتين أن أتقدم خبالص الشكر والتقدير لعمادة البحث العلمي جبامعة‬
‫(‪/155 /43‬‬ ‫امللك خالد على دعم هذا البحث ومتويله ضمن الربانمج العام برقم‬
‫‪ )GRP‬للعام ‪1221‬هـ‪.‬‬
‫هذا وابهلل التوفيق‪ ،‬وصلى هللا وسلم على سيدان حممد وآله وصحبه أمجعني‪.‬‬
‫‪110‬‬
‫املبحث التمهيّي‪ :‬نشأة الدقضاء التجاري السعودي واختصاصاته‬
‫يتناول البحث مدى سراين اًلتفاقيات التجارية الدولية يف القضاء التجاري‬
‫السعودي‪ ،‬وهو ما يتطلب التعريف ابلقضاء التجاري السعودي‪ ،‬حيث أتناول تشأة‬
‫القضاء التجاري يف اململكة العربية السعودية يف (املطلب األول)‪ ،‬مث أتناول‬
‫اختصاصات حماكم القضاء التجاري السعودي يف (املطلب الثاين) وذلك فيما أييت‪:‬‬
‫املطلب األوَّل‪ :‬نشأة الدقضاء التجاري يف اململكة العربية السعودية‬
‫كاتت اململكة العربية السعودية أتخذ بوحدة جهات التقاضي لابن توحيدها‪،‬‬
‫مث فرضت متغريات الواقع والتطور والتخصص األخذ مببدأ تعدد جهات التقاضي وفق ا‬
‫لقواعد اًلختصاص اليت يضعها النظام‪ ،‬وتشري بعض الدراسات ل ى صدور تظام‬
‫اجمللس التجاري عام ‪1128‬هـ‪ ،‬ويتكون من (‪ )121‬مادة يف أربعة أبواب‪ ،‬لتنظيم‬
‫البيئة التجارية يف اململكة مبا ًل يتعارض مع أحكام الشريعة اإلسالمية‪ ،‬ومل تتفق آراء‬
‫الباحثني حول صدوره وسرايته أم أته كان مشروع ا ومل يدخ مرحلة التنفيذ‪ ،‬ولكنهم‬
‫يتفقون أن أول تظام جتاري انفذ هو تظام احملكمة التجارية‪ ،‬ويسمى كذلك "النظام‬
‫التجاري" كما يف املرسوم امللكي إبصداره‪ ،‬وكان صدوره ابملرسوم امللكي رقم (‪)14‬‬
‫واتريخ ‪1181/1/1‬هـ‪ ،‬لعالانا مليالد القضاء التجاري املتخصص حيث تصت املواد‬
‫من(‪ )214‬ل ى (‪ )228‬منه على تشكي احملكمة التجارية وتنظيم العم فيها‬
‫واختصاصاهتا وحجية الصكوك واألحكام الصادرة عنها(‪ ،)1‬وقد طرأت خالل املدة‬

‫‪https: //www. boe. gov.‬‬ ‫(‪ )1‬موقع هيئة اخلرباء على شبكة املعلومات‪:‬‬
‫‪sa/ar/Pages/default. asp‬‬
‫سريان االتفاقيات التجاريَّة الدوليَّة يف النظام السعودي وأثرها يف مصادر القضاء التجاري‬
‫‪111‬‬
‫الالحقة لصدوره تعديالت وللغاءات متتابعة‪ ،‬من أوسعها للغاء البابني الثالث والرابع‬
‫منه بصدور تظام املرافعات الشرعية ابملرسوم امللكي رقم (م‪ )1/‬بتاريخ ‪1218‬هـ وفق ا‬
‫للفقرة (أوًلا‪ )4/‬من املرسوم‪ ،‬وللغاء الباب الثاين بصدور النظام البحري التجاري‬
‫ابملرسوم امللكي رقم(م‪ )11‬بتاريخ ‪1221/2/8‬ه وفق ا للمادة (‪ )121‬منه‪ ،‬وغريها‬
‫من التعديالت اليت ليس من غرض البحث استقصاؤها(‪.)1‬‬
‫واستمرت احملكمة التجارية يف ممارسة اختصاصاهتا حَت صدر قرار جملس‬
‫الوزراء رقم ‪ 124‬يف ‪1172/11/47‬هـ إبلغاء احملكمة التجارية وتق اختصاصاهتا ل ى‬
‫احملاكم العامة‪.‬‬
‫استمر تظر القضااي التجارية أمام احملاكم العامة حَت صدور قرار جملس الوزراء‬
‫السعودي رقم (‪ )448‬بتاريخ ‪1181/6/4‬هـ‪ ،‬ابتتقال وًلية القضاء التجاري ل ى‬
‫وزارة التجارة والصناعة‪ ،‬وقد بقي هذا اًلختصاص ما يقارب سبعة وعشرين عاما‪،‬‬
‫تتج عنه تشكي جمموعة كبرية من اللجان القضائية تظرا لتنوع املنازعات التجارية‪،‬‬
‫ومنها‪ :‬هيئة ابسم "هيئة فض املنازعات التجارية" يف ‪1184/1/48‬هـ‪ ،‬لتتو ى‬
‫اختصاصات احملكمة التجارية‪ ،‬وأسند ل ى هيئة أخرى الفص يف منازعات الشركات‬
‫التجارية‪ .‬ومت توحيد هاتني اهليئتني يف هيئة واحدة ابسم هيئة حسم املنازعات التجارية‬

‫(‪ )1‬ينظر‪ :‬حممد حسن اجلرب‪" ،‬القاتون التجاري السعودي"‪( .‬الطبعة الرابعة‪ ،‬الرايض‪ :‬دون انشر‪،‬‬
‫‪1217‬هـ)‪ 18 ،‬؛ د‪ .‬سعيد حيىي‪" ،‬الوجيز يف النظام التجاري السعودي"‪( .‬الطبعة السابعة‪،‬‬
‫جدة‪ :‬شركة مكتبات عكاظ للنشر والتوزيع‪4112 ،‬م)‪41 ،‬؛ د‪ .‬أمحد صاحل خملوف‪،‬‬
‫"الوسيط يف شرح التنظيم القضائي اجلديد ابململكة العربية السعودية"‪( .‬الطبعة األو ى‪،‬‬
‫الرايض‪ :‬مطبوعات معهد اإلدارة‪1212 ،‬هـ)‪.128 ،‬‬
‫‪111‬‬

‫بقرار جملس الوزراء رقم ‪ 186‬واتريخ ‪1187/4/8‬هـ‪.‬‬


‫وبعد ذلك اتتقلت وًلية القضاء التجاري ل ى ديوان املظامل بقرار جملس الوزراء‬
‫رقم‪ 421‬واتريخ ‪1217/11/46‬هـ‪ ،‬اعتبارا من بداية السنة املالية التالية‪ ،‬وأصبح‬
‫ديوان املظامل جهة اًلختصاص بنظر كافة الدعاوى واملنازعات الناشئة عن تطبيق‬
‫خمتلف األتظمة التجارية اليت تصدرها اللجان ذات اًلختصاص القضائي يف املنازعات‬
‫التجارية‪ ،‬واستمرت هذه الوًلية زهاء ثالثني سنة‪.‬‬
‫وأخريا مت تق هذه اًلختصاصات ل ى احملاكم التجارية يف القضاء العام‪ ،‬وكان‬
‫هذا بصدور النظام القضائي اجلديد (‪1248‬هـ) وتصت آلية العم التنفيذية هلذا‬
‫النظام يف البند اثمنا على أن تُسلخ الدوائر التجارية التابعة لديوان املظامل بقضاهتا‬
‫ومعاوتيهم ووظائفهم ل ى احملاكم التجارية‪ ،‬وتسلخ كذلك دوائر التدقيق التجاري‬
‫بقضاهتا ومعاوتيهم والقضااي وسجالهتا ل ى احملاكم التجارية‪ .‬وكان تنفيذ ذلك اعتبارا‬
‫من ‪1212/1/1‬هـ بناء على قرار اجمللس األعلى للقضاء رقم (‪ )18/2/122‬بتاريخ‬
‫‪1218/11/18‬ه(‪.)1‬‬
‫ووفق ا للمادة (‪ )16 ،2‬من تظام القضاء الصادر ابملرسوم امللكي رقم‬
‫(م‪ )78/‬بتاريخ ‪1248 / 2 / 12‬ه أصبح التقاضي أمام احملاكم التجارية على‬

‫(‪ )1‬ينظر يف اتريخ القضاء التجاري يف اململكة‪ :‬اجلرب‪" ،‬القاتون التجاري السعودي"‪18 ،‬؛‬
‫خملوف "الوسيط يف شرح التنظيم القضائي اجلديد ابململكة العربية السعودية"‪121 ،‬؛ محزة‬
‫علي املدين‪" ،‬القاتون التجاري السعودي"‪( ،‬الطبعة األو ى‪ ،‬جدة‪ :‬دار املدين للطباعة والنشر‬
‫والتوزيع‪1216 ،‬هـ)‪.18 ،‬‬
‫سريان االتفاقيات التجاريَّة الدوليَّة يف النظام السعودي وأثرها يف مصادر القضاء التجاري‬
‫‪111‬‬
‫درجتني مها‪:‬‬
‫‪-1‬حماكم الدرجة األو ى التجارية‪.‬‬
‫‪-2‬الدوائر التجارية مبحاكم اًلستئناف‪.‬‬
‫ومتارس احملكمة العليا رقابتها على األحكام الصادرة عن هذه احملاكم ومدى‬
‫صحة تطبيق قواعد الشرع والنظام وتوحيد اًلجتهاد القضائي وفقا للمادتني (‪،11‬‬
‫‪ )11‬من تظام القضاء‪.‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬اختصاصات حماكم الدقضاء التجاري السعودي‬
‫استحدث تظام القضاء السعودي الصادر عام ‪1248‬هـ لتشاء حماكم‬
‫متخصصة اتبعة لوًلية جهة القضاء العام ابململكة‪ ،‬وتعد الدرجة األو ى من درجات‬
‫التقاضي ومنها‪ :‬احملاكم التجارية وفق ا للمادة (‪ )2‬منه‪ ،‬وتكون دوائر جتارية متخصصة‬
‫يف احملاكم العامة يف حال مل تنشأ حمكمة جتارية يف املراكز واحملافظات (م‪ 41‬قضاء)‬
‫وقد حدد تظام احملاكم التجارية ‪1221‬هـ‪ ،‬الصادر ابملرسوم امللكي رقم م‪ 21/‬واتريخ‬
‫‪1221/8/18‬هـ‪ ،‬اختصاصات هذه احملاكم فنصت املادة (‪ )16‬على أن‪" :‬ختتص‬
‫احملكمة ابلنظر يف اآليت‪:‬‬
‫‪-1‬املنازعات اليت تنشأ بني التجار بسبب أعماهلم التجارية األصلية أو التبعية‪.‬‬
‫‪-2‬الدعاوى املقامة على التاجر يف منازعات العقود التجارية‪ ،‬مَت كاتت قيمة‬
‫املطالبة األصلية يف الدعوى تزيد على مائة ألف رايل‪ ،‬وللمجلس عند اًلقتضاء زايدة‬
‫هذه القيمة‪.‬‬
‫‪-3‬منازعات الشركاء يف شركة املضاربة‪.‬‬
‫‪-4‬الدعاوى واملخالفات الناشئة عن تطبيق أحكام تظام الشركات‪.‬‬
‫‪111‬‬

‫‪-5‬الدعاوى واملخالفات الناشئة عن تطبيق أحكام تظام اإلفالس‪.‬‬


‫‪-6‬الدعاوى واملخالفات الناشئة عن تطبيق أتظمة امللكية الفكرية‪.‬‬
‫‪-1‬الدعاوى واملخالفات الناشئة عن تطبيق األتظمة التجارية األخرى‪.‬‬
‫‪-9‬الدعاوى والطلبات املتعلقة ابحلارس القضائي واألمني واملصفي واخلبري‬
‫املعينني وحنوهم؛ مَت كان النزاع متعلقا بدعوى ختتص بنظرها احملكمة‪.‬‬
‫‪-9‬دعاوى التعويض عن األضرار الناشئة عن دعوی سبق تظرها من احملكمة"‪.‬‬
‫وتصت املادة (‪ )18‬منه على حتديد قواعد اًلختصاص الدويل اليت تنظم‬
‫اًلختصاص الدويل للمحاكم التجارية وأته "فيما مل يرد فيه تص خاص يف األتظمة‬
‫التجارية‪ ،‬أو املعاهدات واًلتفاقيات الدولية اليت تكون اململكة طرفا فيها‪ ،‬تسري‬
‫قواعد اًلختصاص الدويل املنصوص عليها يف تظام املرافعات الشرعية على الدعاوى‬
‫اليت ختتص بنظرها احملكمة"‪.‬‬
‫وتبع ا ًلستقالل حماكم الدرجة األو ى التجارية ومتيز اًلختصاص القضائي‬
‫التجاري؛ أورد تظام احملاكم التجارية ‪1221‬هـ اختصاصات حماكم اًلستئناف‬
‫ولجراءاهتا يف املواد (‪.)88 -78‬‬
‫املبحث األوَّل‪ :‬مفهوم االتفاقيات التجارية الّولية واألثر الدقانوني هلا يف‬
‫الدقوانني الّاخلية‬
‫أييت التعريف ابًلتفاقيات التجارية الدولية يف (املطلب األول)‪ ،‬وتظرا‬
‫ًلختالف الفقه القاتوين وكذا تصوص الدساتري املعاصرة يف مدى سرايهنا؛ فقد تناول‬
‫البحث موقف الدساتري املعاصرة من العالقة بني اًلتفاقيات التجارية الدولية والقواتني‬
‫الداخلية يف (املطلب الثاين)‪ ،‬مث تناول موقف الفقه القاتوين من العالقة بني‬
‫سريان االتفاقيات التجاريَّة الدوليَّة يف النظام السعودي وأثرها يف مصادر القضاء التجاري‬
‫‪111‬‬
‫اًلتفاقيات التجارية الدولية واألتظمة الداخلية يف (املطلب الثالث)‪ ،‬مث يبحث موقف‬
‫النظام السعودي من اًلتفاقيات التجارية الدولية ومدى تطبيقها يف النظام الداخلي يف‬
‫(املطلب الرابع) وفق ما أييت‪:‬‬
‫املطلب األوَّل‪ :‬مفهوم االتفاقيات التجارية الّولية‬
‫تُعرف اًلتفاقيات الدولية أبهنا اًلتفاق الذي يتم لبرامه بني الدولة وأشخاص‬
‫القاتون الدويل سواء أكان واحدا أم متعددا بقصد لحداث آاثر قاتوتية وترتيب‬
‫أحكام معينة ختضع للقواعد املتفق عليها(‪ ،)1‬فيمكن أن تكون بني دولتني وتسمى‬
‫اًلتفاقية الثنائية‪ ،‬وقد تكون بني أكثر من ذلك فتكون اتفاقية مجاعية أو متعددة‬
‫األطراف‪ ،‬وقد تكون بني الدول أو غريها من أشخاص القاتون الدويل(‪ ،)4‬وقد يطلق‬
‫عليها مسمى املعاهدات الذي كثريا ما يستعم عند تعدد األطراف‪ ،‬وقد جاء يف‬
‫املادة (‪ 81‬أساسي)‪ً" :‬ل خي تطبيق هذا النظام مبا ارتبطت به اململكة العربية‬
‫السعودية مع الدول واهليئات واملنظمات الدولية من معاهدات واتفاقيات"‪ ،‬وحيث‬
‫صادق جملس الوزراء السعودي على اتفاقية فينا لقاتون املعاهدات ابملرسوم امللكي رقم‬
‫م‪ 48/‬واتريخ ‪1241/6/48‬هـ فقد عرفت املعاهدات يف الفقرة (أ) من البند (‪)1‬‬
‫من املادة الثاتية منها بقوهلا‪" :‬املعاهدة تعين اًلتفاق الدويل املعقود بني الدول يف‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬حممد عبد العزيز شكري‪" ،‬املدخ ل ى القاتون الدويل العام وقت السلم"‪( .‬دار الفكر‪،‬‬
‫‪1281‬م)‪.171 ،‬‬
‫(‪ )4‬د‪ .‬عبد الكرمي علوان‪" ،‬الوسيط يف القاتون الدويل العام"‪( .‬الطبعة الرابعة‪ ،‬عمان‪ :‬دار‬
‫الثقافة‪4112 ،‬م)‪.482 ،‬‬
‫‪111‬‬

‫صيغة مكتوبة والذي ينظمه القاتون الدويل سواء تضمنته وثيقة واحدة أو وثيقتان‬
‫متصلتان أو أكثر ومهما كاتت تسميته اخلاصة"‪ .‬ويف القاتون الدويل احلديث تطلق‬
‫املعاهدة واًلتفاقية ابلرتادف وجرى العم على عدم التفريق بينهما(‪.)1‬‬
‫واستحدث جممع اللغة العربية ابلقاهرة تعريف ا للمعاهدة أبهنا‪" :‬اتفاق بني‬
‫دولتني أو أكثر لتنظيم عالقات بينهما"(‪.)4‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬موقف الّساتري املعاصرة من العالقة بني االتفاقيات التجارية‬
‫الّولية والدقوانني الّاخلية‬
‫للتعرف على موقف الدول املعاصرة من العالقة بني اًلتفاقيات الدولية‬
‫كثريا ما تُفصح عن هذا‬‫وقواتينها الداخلية يكون الرجوع للنصوص الدستورية اليت ا‬
‫املوقف(‪ ،)1‬وهناك اجتاهان للدول املعاصرة حيال تفاذ األتظمة واًلتفاقيات الدولية يف‬
‫قاتوهنا الداخلي ومها‪:‬‬
‫األول‪ :‬أن اًلتفاقيات الدولية أتخذ حكم القاتون الداخلي وتطبق بصفة‬
‫مباشرة مبجرد التصديق عليها (اجتاه وحدة القاتوتني)‪.‬‬

‫(‪ )1‬كما يف اتفاقية فينا املادة (‪ ) 1/4‬وهي اتفاقية بشأن قاتون املعاهدات‪ ،‬مت اعتمادها يف أعمال‬
‫مؤمتر األمم املتحدة ‪ 44‬مايو ‪1262‬م ودخلت حيز النفاذ يف ‪ 47‬يناير ‪1281‬م‪.‬‬
‫(‪ )4‬لبراهيم مصطفى‪ ،‬أمحد الزايت‪ ،‬حامد عبد القادر‪ ،‬حممد النجار‪" ،‬املعجم الوسيط"‪( .‬لصدار‬
‫جممع اللغة العربية ابلقاهرة)‪.112/4 ،‬‬
‫(‪ )1‬د‪ .‬حممود مرشحه‪" ،‬الوجيز يف القاتون الدويل العام"‪( .‬سوراي‪ :‬منشورات جامعة حلب‪،‬‬
‫‪1222‬م)‪.468 ،‬‬
‫سريان االتفاقيات التجاريَّة الدوليَّة يف النظام السعودي وأثرها يف مصادر القضاء التجاري‬
‫‪111‬‬
‫واآلخر‪ :‬أن اًلتفاقيات الدولية ًل تنفذ يف القاتون الداخلي لًل بواسطة تشريع‬
‫داخلي يقضي إبدماجها وتطبيقها ابعتبارها أصبحت جزءاا من القاتون الداخلي(‪.)1‬‬
‫وابستقراء ذلك فقد اجتهت دساتري بعض الدول ل ى النص على مسو‬
‫اًلتفاقيات الدولية على القواتني الوطنية ومن ذلك الدستور السويسري (م‪)111‬‬
‫واهلولندي (م‪ )21‬والفرتسي (م‪ )88‬واألمريكي (م‪ )6‬واألسباين (م‪.)26‬‬
‫يف حني اجتهت دول أخرى ل ى تنظيم آلية قبول اًلتفاقيات الدولية ولدماجها‬
‫يف القاتون الداخلي ومن ذلك‪ :‬السعودية (م ‪ 71‬أساسي)‪ ،‬اإلمارات (م ‪148 ،27‬‬
‫الدستور)‪ ،‬الكويت (م‪ 71‬الدستور) البحرين (م ‪ ،)17‬األردن (م ‪ 11‬الدستور)(‪.)4‬‬
‫مث تفاوتت هذه اجملموعة يف املوقف من تعارض أو تنازع اًلتفاقية الدولية مع‬
‫القاتون الوطين‪ ،‬فبعضها حسم املوقف ابلنص على أولوية معينة‪ ،‬والبعض اآلخر‬
‫سكت عن حتديد األو ى منهما(‪ ،)1‬وسنتعرف يف املبحث الثاين على املوقف الذي‬
‫اتتهى لليه النظام السعودي خبصوص املسائ التجارية‪.‬‬

‫(‪ )1‬أبو هيف‪" ،‬القاتون الدويل العام"‪( ،‬اإلسكندرية‪ :‬منشأة املعارف‪1266 ،‬م)‪.88 ،‬‬
‫(‪ )4‬الشمري‪" ،‬األثر القاتوين للمعاهدات الدولية يف النظام والقضاء الوطين‪-‬دراسة مقارتة"‪،‬‬
‫(رسالة ماجستري بكلية القاتون يف جامعة اإلمارات العربية املتحدة‪4118 ،‬م)‪،11 ،48 ،‬‬
‫‪.18‬‬
‫(‪ )1‬د‪ .‬وليد بيطار‪" ،‬القاتون الدويل العام "‪( .‬بريوت‪ :‬املؤسسة اجلامعية للدراسات والنشر‬
‫والتوزيع‪4118 ،‬م) ‪.126‬‬
‫‪112‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬موقف الفدقه الدقانوني من العالقة بني االتفاقيات الّولية‬
‫والدقوانني الّاخلية‬
‫تناول الفقه القاتوين مسألة العالقة بني اًلتفاقيات الدولية والقواتني الداخلية‪،‬‬
‫وظهرت تظريتان أساسيتان يف هذا املوضوع مها‪ :‬تظرية ثنائية القاتوتني‪ ،‬وتظرية وحدة‬
‫القاتوتني‪ ،‬ولك منهما طبيعتها وأساسها القاتوين وتتائجها‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬نظرية ثنائية القانونني‪.‬‬
‫وتقوم على أساس أن قواعد القاتون الدويل مستقلة عن قواعد القاتون‬
‫الداخلي‪ ،‬ولك منهما لطاره وأساسه‪ ،‬وابلتايل ًل ميكن تطبيق قواعد القاتون الدويل‬
‫لًل لذا أصبحت جزءاا من القاتون الداخلي عن طريق السلطة التشريعية يف الدولة‪،‬‬
‫ويبقى لك منهما جماله وموضوعه(‪ ،)1‬وتستند هذه النظرية ل ى عدد من احلجج‬
‫أمهها‪:‬‬
‫‪-1‬اختالف مصدر ك من القاتوتني‪ ،‬فالقاتون الداخلي جيد مصدره يف لرادة‬
‫الدولة املنفردة حيث أييت عن طريق لصدار األتظمة واللوائح‪ ،‬أما القاتون الدويل‬
‫فمصدره اإلرادة املشرتكة للدول اليت تبلورت يف هذا اًلتفاق‪ ،‬أو القاتون الذي مت‬
‫التوافق عليه(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬علي لبراهيم‪" ،‬النظام القاتوين الدويل والنظام القاتوين الداخلي‪ :‬صراع أم تكام ‪ ،‬دراسة‬
‫تظرية تطبيقية يف ضوء أحدث الدساتري وأحكام احملاكم"‪( .‬القاهرة‪ :‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫‪1228‬م)‪17 ،‬؛ علوان‪" ،‬الوسيط يف القاتون الدويل العام"‪.41 ،‬‬
‫(‪ )4‬د ‪ .‬حممد القامسي‪" ،‬العالقة بني القاتون الدويل العام والقاتون الداخلي‪ ،‬دراسة تطبيقية على‬
‫=‬
‫سريان االتفاقيات التجاريَّة الدوليَّة يف النظام السعودي وأثرها يف مصادر القضاء التجاري‬
‫‪113‬‬
‫وقد اتتقد هذا الدلي أبته خيلط بني أص القاعدة القاتوتية ووسيلة التعبري‬
‫عنها‪ ،‬فأص القاعدة القاتوتية يف القاتوتني الدويل والداخلي هو اًلستجابة للظروف‬
‫اًلجتماعية والعوام اًلقتصادية واملتغريات الدولية‪ ،‬ولكن ختتلف طريقة لصدار‬
‫القواتني حبسب اإلرادة املنفردة أو املشرتكة اليت تقف وراءها(‪.)1‬‬
‫‪-2‬اختالف املركز القاتوين للدولة يف القاتوتني‪ ،‬فالدولة حني تصدر القاتون‬
‫الداخلي فهي يف موضع السيادة على لقليمها ورعاايها فهي تفرض القاتون وخيضع له‬
‫التابعون له‪ ،‬وتصدر القواتني الداخلية عن طريق السلطة املختصة ولجراءاهتا يف ذلك‪،‬‬
‫أما يف اًلتفاقيات الدولية فتكون الدول يف مركز متساو ويتم التفاوض واًلتفاق‬
‫لتنسيق القواتني أو اًلتفاقيات(‪.)4‬‬
‫واتتقد هذا الدلي أبته تغاف عن طبيعة املعاهدات الدولية وأهنا تكون ملزمة‬
‫حَت للدول اليت مل تساهم يف تكوينها(‪.)1‬‬
‫كما يوجه النقد الدائم هلذه النظرية أبهنا تؤدي ل ى مسؤولية الدولة على‬

‫=‬
‫دولة اإلمارات العربية املتحدة"‪ .‬جملة األمن والقاتون ‪4111( ،4‬م)‪8 :‬؛ عمر أبو اخلري‪،‬‬
‫"تفاذ املعاهدات الدولية يف النظام القاتوين الداخلي"‪( .‬القاهرة‪ :‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫‪4111‬م)‪.12 ،‬‬
‫(‪ )1‬د‪ .‬حممد عبد احلميد‪ ،‬حممد الدقاق‪ ،‬لبراهيم خليفة‪" ،‬القاتون الدويل العام"‪( .‬اإلسكندرية‪:‬‬
‫دار املطبوعات اجلامعية‪4111 ،‬م)‪.114 ،‬‬
‫(‪ )4‬موفق احملاميد‪" ،‬القيمة القاتوتية للمعاهدات الدولية يف الدستور األردين ‪1284‬م"‪ .‬جملة‬
‫احلقوق ‪4111( .2‬م)‪.247 :‬‬
‫(‪ )1‬د‪ .‬احملاميد‪" ،‬القيمة القاتوتية للمعاهدات الدولية يف الدستور األردين ‪1284‬م"‪.211 ،‬‬
‫‪110‬‬

‫النطاق الدويل لعدم أخذها مبا توافق عليه اجملتمع الدويل‪ ،‬ورمبا يؤثر ذلك يف العالقات‬
‫اًلقتصادية وحركة التجارة بني تلك الدولة ودول العامل(‪.)1‬‬
‫اثنيًا‪ :‬نظرية وحدة القانونني‪.‬‬
‫تقوم هذه النظرية على أساس أن القاتون الدويل والداخلي فرعان لنظام قاتوين‬
‫احدا ًل ينفص‬
‫تظاما قاتوتياا و ا‬
‫واحد‪ ،‬مبعىن أن قواعد القاتون الدويل والداخلي تعد ا‬
‫عن بعضه‪ ،‬وهذا النظام الواحد يتضمن قواعد قاتوتية ليست على درجة واحدة‪ ،‬ب‬
‫هي متدرجة ويكون القاتون الدويل هو اجلزء األمسى‪ ،‬وبدون هذا اًلعتبار سيتم عزل‬
‫القاتون الدويل عن الداخلي ورفضه‪ ،‬وبناء على هذه النظرية يقوم القاضي الوطين‬
‫بتطبيق قواعد القاتون الدويل بشك مباشر ويكون جزءاا من النظام القاتوين‬
‫الداخلي(‪.)4‬‬
‫وتستند هذه النظرية ل ى حجج أمهها‪:‬‬
‫‪-1‬وحدة مصدر القاتوتني وهو ما سبقت اإلشارة لليه من الظروف‬
‫مصدرا لظهور القاعدة القاتوتية اليت‬
‫ا‬ ‫اًلجتماعية واًلقتصادية والواقعية‪ ،‬اليت تكون‬
‫تستمد صفة اإللزام من اًلتفاق عليها استجابة للضرورة واحلاجة لتنظيم العالقات‬
‫الدولية(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬وائ عالم‪" ،‬وضع املعاهدة الدولية يف دستور دولة اإلمارات العربية املتحدة"‪ .‬جملة‬
‫الشريعة والقاتون ‪( .82‬السنة ‪.121 :)48‬‬
‫(‪ )4‬د‪ .‬شليب لبراهيم‪" ،‬مبادئ القاتون الدويل العام"‪( .‬بريوت‪ :‬الدار اجلامعية‪ ،‬بدون اتريخ)‪،‬‬
‫‪.111‬‬
‫(‪ )1‬د‪ .‬الشافعي بشري‪" ،‬القاتون الدويل العام يف السلم واحلرب"‪( .‬اإلسكندرية‪ :‬دار الفكر‬
‫=‬
‫سريان االتفاقيات التجاريَّة الدوليَّة يف النظام السعودي وأثرها يف مصادر القضاء التجاري‬
‫‪111‬‬
‫‪-2‬وحدة األشخاص املخاطبون أبحكام القاتوتني‪ ،‬فالدولة شخصية معنوية‬
‫وهذه صفتها يف القواتني واًلتفاقيات الدولية فهي خماطبة بشك مباشر‪ ،‬أما األفراد‬
‫الذين ينتمون لليها فيخاطبون هبا عن طريق دولتهم فهو خطاب غري مباشر(‪.)1‬‬
‫ورغم أن هذه النظرية حتظى بتأييد غالبية الفقه الدويل وأحكام احملاكم‬
‫الدولية(‪ )4‬لًل أهنا مل تسلم من النقد‪ ،‬كالقول أبن القاتون الداخلي أسبق يف الظهور‬
‫من القاتون الدويل فكيف يتبع القدمي احلديث(‪)1‬؟ ولكن يبدو أته اتتقاد شكلي‬
‫خصوصا مع تطور طبيعة احلياة‬ ‫دائما‪،‬‬ ‫ي‬
‫ا‬ ‫معيارا لألصوب واألصلح ا‬
‫فليس الق َدم واحلداثة ا‬
‫الدولية واجتاهها للتقنني املوحد‪ ،‬كما القول هبذه النظرية يفرتض حصول التعارض‬
‫والتنازع بني القاتوتني‪ ،‬مما أدى ل ى ظهور اجتاهني يف الفقه املقارن لتحديد القاتون‬
‫الذي يُعطى األولوية(‪ ،)2‬ومها‪:‬‬
‫االجتاه األول‪ :‬وحدة القاتوتني مع مسو القاتون الداخلي‪ ،‬وذلك أتكيدا لسيادة‬
‫الدولة؛ وألن لبرام الدولة لالتفاقية الدولية لمنا جاز استنادا ل ى قواعد النظام الداخلي‬
‫من حيث األص ‪ ،‬وابلتايل فال يسوغ أن يسمو الفرع على األص (‪ .)8‬وقد اتتقد هذا‬

‫=‬
‫اجلامعي‪ ،‬بدون اتريخ)‪.86 ،‬‬
‫(‪ )1‬د‪ .‬علوان‪" ،‬الوسيط يف القاتون الدويل العام"‪.46 ،‬‬
‫(‪ )4‬د‪ .‬احملاميد‪" ،‬القيمة القاتوتية للمعاهدات الدولية يف الدستور األردين‪1284‬م"‪ ،‬ص‪.211‬‬
‫(‪ )1‬د‪ .‬علي صادق أبو هيف‪" ،‬القاتون الدويل العام"‪.22 .‬‬
‫(‪ )2‬فهد انيف الشمري‪" ،‬األثر القاتوين للمعاهدات الدولية يف النظام والقضاء الوطين‪-‬دراسة‬
‫مقارتة"‪.12 ،‬‬
‫(‪ )8‬د‪ .‬احملاميد‪" ،‬ا لقيمة القاتوتية للمعاهدات الدولية يف الدستور األردين‪1284‬م"‪.114 ،‬‬
‫‪111‬‬

‫اًلجتاه أبته يتجاه أمهية القاتون الدويل ويؤدي ل ى هدم فكرته بعدم تنفيذه واًللتزام‬
‫به‪ ،‬كما أن أتسيس للزامية املعاهدات الدولية على القواعد الداخلية ًل يُسلم هبا‪ ،‬فإذا‬
‫حص تعدي يف تلك القواعد فه يعين لبطال اًلتفاقيات الدولية؟ مع أته تقرر يف‬
‫قواعد اًلتفاقيات واملعاهدات الدولية ويف العرف الدويل سراين املعاهدات املربمة‬
‫وعدم أتثرها ابلتغيريات الدستورية الطارئة للدول(‪.)1‬‬
‫االجتاه الثاين‪ :‬وحدة القاتوتني مع مسو القاتون الدويل‪ ،‬ابعتبار أته يتم حتديد‬
‫قيام الدولة وشخصيتها ومركزها القاتوين عن طريق قواعد القاتون الدويل‪ ،‬مبا يعين مسو‬
‫مركزه على القواتني الداخلية‪ ،‬ورغم اتتقاد هذا اًلجتاه أبحقية القاتون الداخلي ابلسمو‬
‫مراعاة ألسبقيته التارخيية لًل أته حيظى بتأييد غالب فقهاء القاتون وأحكام احملاكم‬
‫الدولية(‪.)4‬‬
‫املطلب الرَّابع‪ :‬موقف النظام السعودي من االتفاقيات التجارية الّولية ومّى‬
‫تطبيدقها يف النظام الّاخلي‬
‫ابلرجوع ل ى األتظمة األساسية يف اململكة العربية السعودية وعلى رأسها‬
‫النظام األساسي للحكم وتظام جملس الشورى وتظام جملس الوزراء وفق ا للمرسوم‬
‫عددا من النصوص اليت تتعرف من‬
‫امللكي رقم (م‪ )14/‬بتاريخ ‪1214/8/46‬هـ‪ ،‬جند ا‬
‫خالهلا على موقف النظام السعودي من اًلتفاقيات التجارية الدولية ومدى تطبيقها‬
‫يف النظام الداخلي‪ ،‬وميكن استعراضها كما أييت‪:‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬احملاميد‪" ،‬القيمة القاتوتية للمعاهدات الدولية يف الدستور األردين‪1284‬م"‪.211 ،‬‬
‫(‪ )4‬أبو اخلري‪" ،‬تفاذ املعاهدات الدولية يف النظام القاتوين الداخلي"‪.12 ،‬‬
‫سريان االتفاقيات التجاريَّة الدوليَّة يف النظام السعودي وأثرها يف مصادر القضاء التجاري‬
‫‪111‬‬
‫األداة النظامية إلصدار املعاهدات واالتفاقيات الدولية‪:‬‬
‫تنص املادة (‪ 71‬تظام أساسي) على أن‪" :‬تصدر األتظمة واملعاهدات‬
‫واًلتفاقيات الدولية واًلمتيازات ويتم تعديلها مبوجب مراسيم ملكية"‪ ،‬فهذا النص‬
‫حيدد األداة التنظيمية اليت تصدر من خالهلا اًلتفاقيات الدولية وهي املرسوم امللكي‪،‬‬
‫ئيسا‬
‫ومكتواب بتوقيع امللك بصفته ر ا‬
‫ا‬ ‫حمددا‬
‫واملرسوم امللكي‪ :‬أداة تنظيمية تتخذ شكالا ا‬
‫ومرجعا جلميع السلطات بعد أن يسبقه قرار من السلطة التنظيمية (بفرعيها‬
‫ا‬ ‫للدولة‬
‫جملس الشورى وجملس الوزراء) يف موضوعه(‪.)1‬‬
‫دراسة املعاهدات واالتفاقيات الدولية قبل إصدارها‪:‬‬
‫تنص املادة (‪ 18‬جملس الشورى) على أن "تصدر األتظمة واملعاهدات‬
‫واًلتفاقيات الدولية واًلمتيازات وتعدل مبوجب مراسيم ملكية بعد دراستها من جملس‬
‫الشورى" كما تنص املادة (‪ 41‬جملس الوزراء) على أته "مع مراعاة ما ورد يف تظام‬
‫جملس الشورى‪ ،‬تصدر األتظمة واملعاهدات واًلتفاقيات الدولية واًلمتيازات وتعدل‬
‫مبوجب مراسيم ملكية بعد دراستها من جملس الوزراء"‪.‬‬
‫سراين املعاهدات واالتفاقيات الدولية‪:‬‬
‫تصبح هذه املعاهدات أو اًلتفاقات بعد توقيعها والتصديق عليها من جملس‬
‫الوزراء جزءا من النظام الداخلي للدولة حيث تتجاتس أحكامه مع أحكامها وتلتزم‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬حممد بن عبد هللا املرزوقي ‪" ،‬السلطة التنظيمية يف اململكة العربية السعودية "‪( .‬الطبعة‬
‫األو ى‪ ،‬الرايض‪ :‬مكتبة العبيكان‪1248 ،‬هـ)‪.164 ،‬‬
‫‪111‬‬

‫بتنفيذها ومن مث تعترب مصدرا تنظيميا(‪ ،)1‬وهلذه اًلتفاقيات يف اململكة قوة األتظمة‬
‫لذا صادق عليها جملس الوزراء وصدر هبا مرسوم ملكي‪ ،‬لذ تصبح بذلك يف منزلة‬
‫النظام الداخلي فيلزم تطبيقها(‪ ،)4‬خصوصا مع تص املادة احلادية والثماتون من‬
‫النظام األساسي للحكم على أن "ًل خي تطبيق هذا النظام مبا ارتبطت به اململكة‬
‫العربية السعودية مع الدول واهليئات واملنظمات الدولية من معاهدات واتفاقيات"‪.‬‬
‫وملزيد من اإليضاح‪ :‬ي‬
‫يفرق بعض الباحثني بني توعني من اًلتفاقيات الدولية‬
‫اليت تكون اململكة طرفاا فيها من حيث املنهج الالزم إلقرار ك منهما(‪:)1‬‬
‫النوع األول‪ :‬اًلتفاقيات الدولية متعددة األطراف‪ ،‬واليت تسمى كذلك‬
‫املعاهدات‪.‬‬
‫وهذا النوع اليت تكون متعددة األطراف لما أن تكون اًلتفاقية دخلت حيز‬
‫التنفيذ دولياا مبوافقة العدد الالزم لنفاذها بنصوصها اليت اتفق عليها وًل جمال للتعدي‬
‫فيها‪ ،‬ولما أهنا مل تدخ حيز التنفيذ لعدم اكتمال العدد الالزم لنفاذها حسب‬
‫تصوصها املعروضة دون تعدي فيها‪ ،‬ويف كال احلالني يكون للدولة املوافقة عليها كليا‪،‬‬
‫أو املوافقة مع لبداء التحفظات عند التوقيع ابلقدر الذي جتيزه تصوصها أو رفض‬
‫املعاهدة كليا وعدم اًلتضمام لليها‪.‬‬

‫(‪ )1‬اتظر‪ :‬د‪ .‬حممد السيد عرفة‪" ،‬القاتون الدويل اخلاص للمملكة العربية السعودية"‪( .‬الطبعة‬
‫األو ى‪ ،‬الرايض‪ :‬دار املؤيد‪ 1241 ،‬هـ)‪.11 ،‬‬
‫(‪ )4‬د‪ .‬عبد الرمحن ال قاسم‪" ،‬القاتون الدويل اخلاص وأحكامه يف الشريعة اإلسالمية وتطبيقه يف‬
‫النظام السعودي"‪( .‬الطبعة األو ى‪ ،‬القاهرة‪ :‬مطبعة السعادة‪ 1127 ،‬هـ)‪.18 ،‬‬
‫(‪ )1‬املرزوقي‪" ،‬السلطة التنظيمية يف اململكة العربية السعودية "‪.426 ،‬‬
‫سريان االتفاقيات التجاريَّة الدوليَّة يف النظام السعودي وأثرها يف مصادر القضاء التجاري‬
‫‪111‬‬
‫النوع الثاين‪ :‬اًلتفاقيات الدولية (الثنائية) وطبيعة هذا النوع ختضع إلرادة‬
‫ال طرفني بعد التفاوض وتبادل وجهات النظر ومتر بعدة مراح من الدراسة وميكن‬
‫لمجال لجراءاهتا يف النظام السعودي يف ضوء األحكام املنظمة لعقد اًلتفاقيات الدولية‬
‫وخباصة ما ورد يف لجراءات عقد اًلتفاقيات الدولية الصادرة بقرار جملس الوزراء‪ ،‬رقم‬
‫‪ 1412‬اتريخ ‪1127/2/41‬هـ املعدل بقرار جملس الوزراء رقم ‪ 21‬واتريخ‬
‫‪1214/8/14‬هـ وما ورد يف األمر السامي رقم ‪ 48281‬واتريخ ‪1214/8/14‬هـ‪،‬‬
‫وذلك يف أربع مراح ‪:‬‬
‫املرحلة األوىل‪ :‬مرحلة التوقيع ابألحرف األوىل‪.‬‬
‫وهو التوقيع الذي يقوم به الوزير املعين أو املفوض من الدولة على اًلتفاقية‬
‫بصفة مبدئية‪ ،‬بعد رجوعه ل ى جملس الوزراء وهو توقيع ًل يولد أي التزام‪ ،‬ولمنا غرضه‬
‫هو الكشف عن التوص مع الطرف اآلخر ل ى صيغة مقبولة يف اجلملة‪ ،‬وصاحلة ألن‬
‫يرفعها ك طرف ل ى حكومته للنظر فيها‪.‬‬
‫املرحلة الثانية‪ :‬مرحلة التفويض ابلتوقيع النهائي‪.‬‬
‫ويتم ذلك بصدور قرار من جملس الوزراء بتفويض املسؤول املمث للدولة‬
‫ابلتوقيع النهائي عليها لذا مل يكن له أي ملحوظات عليها‪ ،‬فإن كان للمجلس‬
‫ملحوظات عليها فإته يعيدها ل ى املسؤول املعين للتفاوض مع الطرف اآلخر بشأن‬
‫تلك امللحوظات‪ ،‬فإن وافقه الطرف اآلخر عليها يقوم ابلتوقيع عليها‪ ،‬ولن مل يوافقه‬
‫وتوصال ل ى صيغة أخرى فإن املسؤول املعين يعيد الرفع عنها من غري توقيع ليقرر‬
‫جملس الوزراء ما يراه‪ ،‬لًل أته لذا كاتت امللحوظات أو التعديالت غري جوهرية‪ ،‬وًل‬
‫مؤثرة على اًللتزامات املتبادلة فإن املسؤول يقوم ابلتوقيع عليها‪ ،‬وهذا التوقيع ًل‬
‫‪111‬‬

‫يضفي على اًلتفاقية قوة تنفيذية‪ ،‬ولمنا يكسبها مرحلة متقدمة من القبول‪ ،‬حبيث‬
‫تكشف للطرف اآلخر أبن هذه الصيغة تفتح اجملال أمام ك من الطرفني ًلختاذ‬
‫اإلجراءات الالزمة حسب قاتون بلده للموافقة على هذه اًلتفاقية‪ ،‬متهيدا إلمتام‬
‫اإلجراءات الدستورية لدخوهلا حيز التنفيذ‪.‬‬
‫املرحلة الثالثة‪ :‬املوافقة النهائية املقرتنة إبعداد املرسوم امللكي الالزم‬
‫للموافقة عليها‪.‬‬
‫ويف هذه املرحلة تكون اًلتفاقية قد مت التوقيع عليها من قب املسؤول ابلتوقيع‬
‫النهائي وفق ا للقرار الصادر من جملس الوزراء بذلك كما أشري لليه يف املرحلة الثاتية‪.‬‬
‫املرحلة الرابعة‪ :‬صدور املرسوم امللكي الالزم للموافقة على هذه االتفاقية‪.‬‬
‫وبه تعترب اًلتفاقية انفذة املفعول بعد تبادل واثئق التصديق بني الطرفني‪،‬‬
‫ويسمى يف الفقه القاتوين "التصديق" وهو اإلجراء الداخلي الذي مبقتضاه تقر السلطة‬
‫املختصة ابلدولة بقبول أحكام اًلتفاقية أو املعاهدة واًللتزام هبا(‪.)1‬‬
‫وهذه املراح تتميز هبا اًلتفاقية الثنائية عن املعاهدات من حيث لجراءات‬
‫املوافقة عليها حَت ولن اختلطت معها يف التسمية(‪ ،)4‬كما أهنا متث ضماانت‬

‫(‪ )1‬ماهر احلموي‪" ،‬القاتون الدويل العام"‪( .‬دون معلومات)‪.47 ،‬‬


‫(‪ )4‬املرزوقي‪" ،‬السلطة التنظيمية يف اململكة العربية السعودية "‪ 428 -427 ،‬بتصرف‪ ،‬وينظر‪:‬‬
‫حممد سعيد الدقاق‪" ،‬القاتون الدويل"‪( .‬اإلسكندرية‪ :‬دار املطبوعات اجلامعية‪ ،‬د‪ .‬ت)‪،‬‬
‫‪21‬؛ أبو هيف‪" ،‬القاتون الدويل العام"‪ ،411 ،‬وتعترب هذه اإلجراءات تنظيم ا داخلي ا للدولة‬
‫يف لجراءاهتا لالتضمام أو التوقيع على اًلتفاقية‪ ،‬حيث جيمع الفقه القاتوين أته حبصول‬
‫التوقيع على اًلتفاقية تكتسب قوهتا اإللزامية يف مواجهة أطرافها ودون التفريق بني املواضيع‬
‫=‬
‫سريان االتفاقيات التجاريَّة الدوليَّة يف النظام السعودي وأثرها يف مصادر القضاء التجاري‬
‫‪111‬‬
‫دستورية لالتفاقيات الدولية‪ ،‬حلمايتها من التعارض مع النظام الداخلي أو وضع‬
‫آليات حل التعارض عند حصوله‪.‬‬
‫ويتلو ذلك مرحلة النشر يف اجلريدة الرمسية للدولة ليتم العلم به من قب الكافة‪،‬‬
‫فورا ما مل حيدد يف اًلتفاقية أو يف املرسوم امللكي اتريخ‬
‫ومبقتضاها يتم العم مبضموهنا ا‬
‫آخر لبدء سرايته وفقا للمادة (‪71‬م أساسي)(‪ ،)1‬وابلتايل فهي ختضع لقواعد‬
‫وشروط لصدار األتظمة ويف مقدمتها عدم خمالفتها للشريعة اإلسالمية‪ ،‬فإذا كاتت‬
‫كذلك ورأى ويل األمر مصلحة يف األخذ هبا فإهنا تصبح جزءا من أتظمة الدولة‪.‬‬
‫وهذه اإلجراءات متث احرتام ا للنظام الداخلي الذي يعطي بدوره املشروعية‬
‫لسراين اًلتفاقية الدولية‪ ،‬وقد أكدت اتفاقية هافاان (‪1248‬م) يف املادتني األو ى‬
‫والسادسة على أن املعاهدة الدولية جيب أن تُربم ويصادق عليها وفق ا للقاتون الوطين‬
‫للدول املتعاهدة‪ ،‬وتطبيقا له ومبا ينسجم مع املرحلة الثاتية املشار لليها آتفا‪ ،‬ففي‬
‫حالة وجود مالحظة على اًلتفاقية من اجلاتب السعودي لتعارضها مع ثوابت النظام‬
‫الداخلي أو النظام العام‪ ،‬فإته يتم رفض اًلتفاقية أو القاتون‪ ،‬أو يتم النص على‬
‫التحفظ الذي تراه اململكة حيال أحكامه‪.‬‬
‫ولذا استكملت اًلتفاقية الدولية مراح لصدارها ولدماجها ابلنظام السعودي‬

‫=‬
‫اليت تناولتها من حيث األمهية أو احلجية‪ .‬ينظر‪ :‬حممد يوسف علوان‪" ،‬القاتون الدويل العام"‪.‬‬
‫(عمان‪ :‬دار وائ للنشر‪4117 ،‬م)‪.148 ،‬‬
‫(‪ )1‬د‪ .‬انصر الغامدي‪" ،‬املدخ لدراسة السياسة الشرعية واألتظمة املرعية‪ ،‬دراسة تطبيقية على‬
‫األتظمة السعودية"‪( .‬الطبعة األو ى‪ ،‬مكة املكرمة‪ :‬دار طيبة اخلضراء‪1216 ،‬هـ)‪.286 ،‬‬
‫‪112‬‬

‫الداخلي‪ ،‬فيجب أن تلتزم احملاكم الوطنية بتطبيق أحكامها اليت تسري على مجيع‬
‫األفراد والسلطات داخ اململكة‪ ،‬فتكون قواعدها ملزمة ألطراف اًلتفاقية ومصدرا‬
‫رمسيا لألتظمة ابململكة‪ ،‬وًل جيوز لألتظمة الداخلية خمالفتها(‪ ،)1‬ويف لشارة ألمهية‬
‫تطبيق اًلتفاقيات الدولية تصت املادة (‪ 81‬أساسي) على أن "ًل خي تطبيق هذا‬
‫النظام ‪ -‬أي األساسي للحكم ‪ -‬مبا ارتبطت به اململكة العربية السعودية مع الدول‬
‫واهليئات واملنظمات الدولية من معاهدات واتفاقيات"‪ ،‬كما تصت املادة (‪ 4‬حتكيم)‬
‫على عدم اإلخالل بتطبيق اًلتفاقيات الدولية اليت تكون اململكة طرفا فيها عند‬
‫تطبيق أحكامه‪ ،‬وتصت املادة (‪ 182‬النظام البحري التجاري) على أته "ًل خي‬
‫تطبيق أحكام هذا النظام ابلتزامات اململكة يف اًلتفاقيات واملدوانت الدولية ذات‬
‫الصلة اليت صدقت عليها‪ ،‬كما ًل خي أبحكام تظام (قاتون) اجلمارك املوحد لدول‬
‫جملس التعاون لدول اخلليج العربية وًلئحته التنفيذية"‪ ،‬لذ أن اإلخالل هبا يضع الدولة‬
‫يف مركز املسؤولية أمام الدول األعضاء يف اًلتفاقية أو النظام‪ ،‬ويعترب الفقه القاتوين‬
‫هذا اًللتزام التزاما بتحقيق تتيجة وليس جمرد التزام ببذل عناية(‪.)4‬‬
‫وأشري هنا ل ى صراحة النظام السعودي حني اجته ل ى أولوية تطبيق اًلتفاقيات‬
‫التجارية الدولية على النظام الداخلي‪ ،‬فعرب عن ذلك بلفظ السراين (م ‪ً 1‬لئحة‬
‫احملاكم التجارية) حيث يعين ذلك استكمال املنظم للتشريعات واإلجراءات الالزمة‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬حسام الدين سليمان توفيق‪" ،‬القاتون التجاري السعودي"‪( .‬الطبعة األو ى‪ ،‬الرايض‪ :‬دار‬
‫الكتاب اجلامعي‪1212 ،‬هـ)‪.41 ،‬‬
‫(‪ )4‬أبو اخلري‪" ،‬تفاذ املعاهدات الدولية يف النظام القاتوين الداخلي"‪.61 ،‬‬
‫سريان االتفاقيات التجاريَّة الدوليَّة يف النظام السعودي وأثرها يف مصادر القضاء التجاري‬
‫‪113‬‬
‫لتطبيقها‪ ،‬فإن جمرد اعرتاف أي تظام يف الدول املعاصرة ابتفاقية دولية ولدماجها يف‬
‫النظام الداخلي ًل يعين ابلضرورة تطبيقه من قيب السلطات القضائية والتنفيذية‪ ،‬فقد‬
‫يكون غري قاب للتطبيق حلاجته ل ى صدور تنظيمات أو لجراءات تنفيذية أو مكملة‬
‫يرتبط سراين القاتون الدويل أو اًلتفاقية ابستكماهلا(‪.)1‬‬
‫املبحث الثاني‪ :‬مصادر الدقضاء التجاري السعودي‬
‫تظرا ًلرتباط موضوع البحث بتسمية مصادر القضاء التجاري السعودي‬
‫وترتيبها‪ ،‬اقتضى األمر أن يتناول البحث تلك املصادر بشيء من البيان‪ ،‬وحيث تتنوع‬
‫مصادر األتظمة ل ى رمسية وغري رمسية؛ مت بيان املصادر الرمسية للقضاء التجاري‬
‫السعودي يف (املطلب األول)‪ ،‬مث بيان املصادر غري الرمسية (اًلسرتشادية) للقضاء‬
‫التجاري السعودي يف (املطلب الثاين) لينتهي ل ى بيان أثر سراين اًلتفاقيات التجارية‬
‫الدولية على مصادر القضاء التجاري السعودي يف (املطلب الثالث)‪ ،‬فيما أييت‪:‬‬
‫املطلب األوَّل‪ :‬املصادر الرمسية يف الدقضاء التجاري السعودي‬
‫تطلق كلمة (املصدر) يف اللغة على أص الشيء ومنشئه وما يُشتق منه‪،‬‬
‫ومقدم ك شيء وأوله(‪ ،)4‬والقضاء ‪ -‬كغريه ‪ً -‬ل بد له من مصدر يعود لليه ومنشأ‬
‫ُ‬
‫ينتج عنه‪ ،‬ومصادر القضاء هلا لطالقات خمتلفة يف فقه النظام‪ ،‬أقرهبا ملقصود البحث‬

‫(‪ )1‬الشمري‪" ،‬األثر القاتوين للمعاهدات الدولية يف النظام والقضاء الوطين‪-‬دراسة مقارتة"‪.21 ،‬‬
‫(‪ )4‬مجال الدين ابن منظور‪" ،‬لسان العرب"‪( .‬الطبعة الثالثة‪ ،‬بريوت‪ :‬دار صادر‪1212 ،‬هـ)‪:2 ،‬‬
‫‪ ،226‬لمساعي بن محاد اجلوهري‪" ،‬الصحاح‪ :‬اتج اللغة وصحاح العربية"‪ .‬حتقيق‪ :‬أمحد عبد‬
‫الغفور عطار‪( ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬بريوت‪ :‬دار العلم للماليني‪1217 ،‬هـ)‪.712 :4 ،‬‬
‫‪110‬‬

‫معنيان(‪:)1‬‬
‫املصادر الرمسية األصلية للقضاء التجاري‪ :‬أي األص الذي تستقى منه‬
‫األحكام وتصاغ على أساسها‪ ،‬فريجع لليها القاضي إلتشاء حكمه وبنائه‪ ،‬ألهنا‬
‫قواعد ملزمة لعموم األشخاص‪ ،‬فمصادر النظام التجاري مبعىن‪ :‬مصادر القواعد‬
‫مرجع القاضي وعمدته‬
‫واألحكام اليت تُبىن عليها أحكام القضاء التجاري فتكون َ‬
‫إلصدار األحكام املوضوعية واإلجرائية يف القضية اليت يفص فيها(‪.)4‬‬
‫ا ملصادر الرمسية االحتياطية (االسرتشادية) للقضاء التجاري‪ :‬أي األدلة‬
‫والقواعد اليت تستمد منها األحكام أو ًل ختالفها عند استمدادها من غريها‪ ،‬عند‬
‫عدم وجود النص النظامي امللزم‪ ،‬وبيان املصادر الرمسية على النحو اآليت‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬التنظيم التجاري (األنظمة التجارية)‪.‬‬
‫واملقصود به ما يَ ُسنه ويل األمر ويضعه من األتظمة واألحكام واإلجراءات‬
‫املنوطة ابملصلحة لتنظيم أمور التجارة والتجار وضبط عالقاهتم ومعامالهتم مبا ًل‬
‫خيالف الشريعة اإلسالمية(‪ ،)1‬ويسمى يف القاتون املقارن "التشريع" وهو‪ :‬سن الشريعة‬

‫(‪ )1‬تتنوع لطالق ات مصادر القاعدة القاتوتية ل ى مصادر رمسية واحتياطية وتفسريية‪ ،‬ومصادر‬
‫اترخيية‪ ،‬ومصادر مادية‪ ،‬وهي لطالقات يتناوهلا الفقهاء ابلشرح يف مداخ القاتون عموم ا‪.‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬د‪ .‬بكر عبد الفتاح السرحان‪" ،‬املدخ ل ى علم القاتون"‪( .‬الطبعة األو ى‪ ،‬عمان‪ :‬دار‬
‫املسرية‪1211 ،‬هـ)‪28 ،‬؛ أ‪ .‬د‪ .‬عطية عبد احلليم صقر‪" ،‬املدخ ل ى دراسة األتظمة‪ :‬تظرييت‬
‫القاتون واحلق"‪( .‬كتاب منشور على صفحة املؤلف على شبكة املعلومات)‪.66 ،‬‬
‫(‪ )1‬د‪ .‬عبد العال أمحد عطوة‪" ،‬املدخ ل ى علم السياسة الشرعية"‪( .‬الطبعة األو ى‪ ،‬الرايض‪:‬‬
‫تشر جامعة اإلمام حممد بن سعود اإلسالمية‪1212 ،‬هـ)‪.86 ،‬‬
‫سريان االتفاقيات التجاريَّة الدوليَّة يف النظام السعودي وأثرها يف مصادر القضاء التجاري‬
‫‪111‬‬
‫ووضع األحكام والقواتني(‪.)1‬‬
‫وهذا التنظيم جزء من السياسة الشرعية اليت جعلتها الشريعة لوًلة األمور لتدبري‬
‫مصاحل األمة فيما سكتت عنه الشريعة أو استجد يف حياة الناس أو دعت لليه‬
‫حاجات التنظيم اإلجرائي واإلداري(‪ ،)4‬مع مراعاة الشروط التالية‪:‬‬
‫‪-1‬أًل خيالف النظام أحكام الشريعة الثابتة ابألدلة الشرعية من كتاب وسنة‬
‫ولمجاع وقياس‪ ،‬ألن املخالفة هلا سبب لبطالهنا ولهدار اًلحتجاج والعم هبا‪.‬‬
‫‪-2‬أًل خيالف النظام مقاصد الشريعة الكلية وأصوهلا العامة املقررة يف‬
‫تشريعاهتا‪.‬‬
‫‪-3‬أن يستند النظام ل ى أدلة الشرع اًلجتهادية بشرائط ك منها‪.‬‬
‫‪-4‬أن تكون الغاية من التنظيم لقامة احلق والعدل ورفع الظلم والفساد وحفظ‬
‫احلقوق ولقامة دين هللا وشريعته(‪.)1‬‬
‫والنظام هبذه الشروط والضوابط جزء ًل يتجزأ من السياسة الشرعية وليس‬
‫خمالفا للشرع‪ ،‬ب جزء منه(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬جمموعة مؤلفني‪ ،‬املعجم الوسيط‪.272 :1 ،‬‬


‫(‪ )4‬عبد الوهاب خالف‪" ،‬السلطات الثالث يف اإلسالم"‪( .‬الطبعة األو ى‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار آفاق‬
‫الغد‪1211 ،‬ه)‪.72 ،‬‬
‫(‪ )1‬د‪ .‬فؤاد أمحد عبد املنعم‪" ،‬املدخ لألتظمة واحلقوق يف اململكة العربية السعودية "‪( .‬موقع‬
‫األلوكة على شبكة املعلومات‪1248 ،‬هـ)‪.6 ،‬‬
‫(‪ )2‬ابن القيم‪" ،‬الطرق احلكمية يف السياسة الشرعية"‪ ،‬ت‪ .‬حممد حامد الفقي‪( .‬بريوت‪ :‬دار‬
‫الكتب العلمية‪ ،‬دون اتريخ)‪.12-11 ،‬‬
‫‪111‬‬

‫وتتنوع هذه األتظمة التجارية حبسب التدرج ل ى‪:‬‬


‫أ‪-‬األتظمة العادية‪ :‬والنظام العادي هو‪" :‬جمموعة القواعد العامة امللزمة الصادرة‬
‫من السلطة التنظيمية‪ ،‬املوافق عليها مبرسوم ملكي"(‪.)1‬‬
‫ب‪-‬األتظمة الفرعية وتسمى اللوائح وهي‪ :‬جمموعة القواعد العامة امللزمة‬
‫الواردة يف شأن موضوع معني‪ ،‬وتصدر أبداة أدىن من املرسوم امللكي‪ ،‬وتتنوع ل ى‪:‬‬
‫لوائح تنظيمية تصدر يف الغالب مبوافقة رئيس جملس الوزراء لتنظيم أمر معني‪ ،‬ولوائح‬
‫تنفيذية ألتظمة سارية وتصدر غالبا من الوزير املختص‪ ،‬وقد تصدر مبوافقة رئيس‬
‫جملس الوزراء ًلعتبارات معينة(‪ )4‬ولوائح ضبط تصدر من السلطة التنفيذية يف صورة‬
‫قواعد عامة ملزمة‪ ،‬بقصد احملافظة على أمن اجملتمع واستقراره‪ ،‬والصحة العامة وحنو‬
‫ذلك(‪.)1‬‬
‫ج‪-‬القرارات اإلدارية‪ :‬وهي ما يصدر عن الوزارة املختصة يف حدود‬
‫اختصاصها وسلطتها اإلدارية لتحقيق الصاحل العام ويف حدود األتظمة والنطاق‬
‫الوظيفي املرسوم هلا(‪ ،)2‬وهذه القرارات تعترب جزءا من النظام الداخلي‪ ،‬فما يُصدره‬
‫وزير العدل من قرارات تتعلق ابلقضاء التجاري لجرائي ا أو موضوعي ا‪ ،‬وما يصدره وزير‬
‫التجارة من قرارات تتعلق ابلتجار واألعمال التجارية وما يتعلق هبما‪ ،‬فهي جزء من‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬املرزوقي‪" ،‬السلطة التنظيمية يف اململكة العربية السعودية"‪86 ،‬؛ وتنظر (م‪ )67‬من النظام‬
‫األساسي للحكم‪.‬‬
‫(‪ )4‬د‪ .‬املرزوقي‪" ،‬السلطة التنظيمية يف اململكة العربية السعودية"‪.21-88 ،‬‬
‫(‪ )1‬د‪ .‬األلفي‪" ،‬املدخ لدراسة األتظمة القاتوتية يف اململكة"‪ ،‬ص‪.161‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬املرزوقي‪" ،‬السلطة التنظيمية يف اململكة العربية السعودية"‪.88 ،‬‬
‫سريان االتفاقيات التجاريَّة الدوليَّة يف النظام السعودي وأثرها يف مصادر القضاء التجاري‬
‫‪111‬‬
‫النظام يراعيه القاضي التجاري وفق تدرج القواعد القاتوتية‪ :‬النظام فالالئحة فالقرار‪.‬‬
‫واستجابة لواقع التجارة ومتغريات النشاط اًلقتصادي واًلستثماري وحركة‬
‫التجارة الدولية‪ ،‬وللحاجة العملية ل ى لصدار أتظمة جتارية تواكب ذلك الواقع وتلك‬
‫املتغريات‪ ،‬فقد صدرت مجلة من األتظمة واللوائح التجارية يف اململكة تعاجل شَت‬
‫املوضوعات واملسائ التجارية(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬موقع مركز الواثئق واحملفوظات وموقع هيئة اخلرباء على شبكة املعلومات‪ ،‬حيتوي على مجيع‬
‫األتظمة واللوائح ذات العالقة ويتم حتديثها بشك مستمر‪ ،‬ومنها‪ :‬تظام مكافحة الغش‬
‫التجاري الصادر ابملرسوم امللكي (م‪ )8/‬يف ‪1181/8/12‬هـ‪ ،‬تظام الوكاًلت التجارية‬
‫الصادر ابألمر امللكي رقم (م‪ )11/‬واتريخ ‪1184/4/41‬هـ وتعديالته‪ ،‬وًلئحته التنفيذية‬
‫ابلقرار الوزاري (‪ )1827‬واتريخ ‪1211/8/42‬هـ‪ ،‬تظام األوراق التجارية الصادر ابملرسوم‬
‫امللكي رقم (‪ )624‬يف ‪1181/2/46‬هـ‪ ،‬تظام العالمات التجارية الصادر ابملرسوم امللكي‬
‫رقم (م‪ )8/‬يف ‪1212/8/2‬هـ‪ ،‬تظام الدفاتر التجارية الصادر ابألمر امللكي رقم (م‪)61/‬‬
‫واتريخ ‪1212/14/47‬هـ‪ ،‬تظام الغرف ة التجارية والصناعية الصادر ابألمر امللكي رقم (م‪)6/‬‬
‫واتريخ ‪1216/4/46‬هـ‪ ،‬تظام السج التجاري الصادر ابألمر امللكي رقم (م‪ )16/‬واتريخ‬
‫‪1216/4/42‬هـ‪ ،‬تظام األمساء التجارية الصادر ابملرسوم امللكي رقم (م‪ )18‬يف‬
‫‪1241/8/14‬هـ‪ ،‬تظام استثمار رأس املال األجنيب الصادر ابملرسوم امللكي رقم (م‪)1/‬‬
‫واتريخ ‪1241/1/18‬هـ‪ ،‬تظام البياانت التجارية الصادر ابملرسوم امللكي رقم (م‪)18/‬‬
‫واتريخ ‪1241/2/12‬هـ‪ ،‬تظام الرهن التجاري الصادر ابملرسوم امللكي رقم (م‪ )78/‬يف‬
‫‪1242/11/41‬هـ‪ ،‬تظام املنافسة الصادر ابملرسوم امللكي رقم (م‪ )48/‬يف ‪1248/8/2‬هـ‪،‬‬
‫املعدل ابملرسوم (م‪ )42/‬يف ‪ 1218/2/11‬هـ‪ ،‬تظام اإلفالس الصادر ابملرسوم امللكي رقم‬
‫(م‪ )81/‬يف ‪1212/8/48‬هـ‪ ،‬النظام البحري التجاري الصادر ابملرسوم امللكي رقم (م‪)11/‬‬
‫واتريخ ‪1221/2/8‬هـ‪ ،‬تظام التجارة اإللكرتوتية الصادر ابملرسوم امللكي رقم (م‪)146/‬‬
‫=‬
‫‪111‬‬

‫اثنياً‪ :‬أحكام الشريعة اإلسالمية‪.‬‬


‫الشريعة هي ما شرع هللا لعباده من الدين(‪ ،)1‬فتشم العقائد واألحكام‬
‫واألخالق‪ ،‬وهذا املعىن العام هلا‪ ،‬مث استقر اًلصطالح على أن املقصود هبا يف سياق‬
‫الدراسات الفقهية والنظامية املعىن اخلاص وهو "األحكام العملية الثابتة ألفعال‬
‫املكلفني أبدلة التشريع"(‪ ،)4‬فما يطبقه القاضي من قواعد استمدها مباشرة من‬
‫الشريعة فتكون مصدرها الرمسي(‪ ،)1‬وتشم ‪:‬‬
‫‪-‬األحكام اليت تستمد من مصادر التشريع اإلسالمي األصلية وهي الكتاب‬
‫والسنة واإلمجاع والقياس‪.‬‬
‫‪-‬األحكام اليت تستمد من مصادر التشريع التبعية‪( ،‬ومسيت تبعية لالختالف‬
‫يف مدى حجيتها والعم هبا وألن حجيتها مستمدة من األدلة األصلية)‪ ،‬كمذهب‬

‫=‬
‫واتريخ ‪ 1221/11/7‬هـ‪ ،‬تظام الشركات الصادر ابملرسوم امللكي رقم (م‪ )114/‬يف‬
‫‪1221/14/1‬هـ‪ ،‬وغريها من األتظمة واللوائح املعمول هبا قضاء وتنظيما‪.‬‬
‫(‪ )1‬القرطيب‪" ،‬اجلامع ألحكام القرآن"‪( .‬بريوت‪ :‬دار لحياء الرتاث العريب‪1218 ،‬هـ) ‪411 :6‬؛‬
‫حممد التهاتوي‪" ،‬كشاف اصطالحات الفنون والعلوم"‪ ،‬ت‪ :‬رفيق العجم‪ ،‬علي دحروج‪.‬‬
‫(الطبعة األو ى‪ ،‬بريوت‪ :‬مكتبة لبنان‪1226 ،‬م)‪.1118 ،‬‬
‫(‪ )4‬ذكر شيخ اإلسالم ابن تيمية أته اصطالح متأخري الفقهاء‪" .‬جمموع فتاوى شيخ اإلسالم‬
‫أمحد بن تيمية"‪ ،‬مجع وترتيب عبد الرمحن بن قاسم وابنه حممد‪( .‬جدة‪ :‬دار املدين) ‪:12‬‬
‫‪.112‬‬
‫(‪ )1‬د‪ .‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬د‪ .‬أمحد أبو ستيت‪" ،‬أصول القاتون"‪( .‬القاهرة‪ :‬مطبعة جلنة‬
‫التأليف والرتمجة والنشر‪1281 ،‬م)‪.112 ،111 ،‬‬
‫سريان االتفاقيات التجاريَّة الدوليَّة يف النظام السعودي وأثرها يف مصادر القضاء التجاري‬
‫‪111‬‬
‫الصحايب وشرع َم ْن قبلنا واًلستحسان واًلستصالح واًلستصحاب والعرف(‪.)1‬‬
‫‪-‬األحكام اليت تستمد من قواعد الشريعة الكلية ومقاصدها املعتربة كنفي‬
‫الضرر وجلب املصاحل واملساواة ورعاية احلقوق وحفظ الضرورات ورفع احلرج ومنع‬
‫الضرر وحتقيق العدل وما ل ى ذلك من القواعد العامة اليت قررهتا تصوص الكتاب‬
‫والسنة وًل يستطيع أن يشذ عنها قاتون يُراد به صالح األمم ولسعادها(‪.)4‬‬
‫كما جتدر اإلشارة ل ى دخول قواعد العدالة اليت تعتربها القواتني املعاصرة‬
‫مصدرا تفسريايا أو احتياطيا؛ ضمن عموم أحكام الشريعة اإلسالمية‪ ،‬فتحقيق العدل‬
‫قاعدة من قواعد الشريعة اإلسالمية ومقصد من مقاصدها وضابط ًلجتهاد القاضي‪،‬‬
‫فالشرع لمنا هو لتحقيق العدل وضمان احلقوق "فهي جزء من الشرع الذي هو عدل‬
‫كله(‪ ،")1‬وقد أحالت بعض األتظمة ل ى مصدرية مبادئ العدالة‪ ،‬فقد تصت املادة‬
‫(‪ ) 1/18‬من تظام التحكيم السعودي على أته "لذا اتفق طرفا التحكيم صراحة على‬
‫تفويض هيئة التحكيم ابلصلح جاز هلا أن حتكم به وفق مقتضى قواعد العدالة‬
‫واإلتصاف"‪.‬‬
‫وحيث لن الشريعة اإلسالمية هي دستور هذه البالد وحم استمداد أحكام‬

‫(‪ )1‬ينظر يف تعريف هذه املصادر وبيان مكاتتها وحجيتها الكتب املؤلفة يف أصول الفقه ومصادر‬
‫التشريع اإلسالمي‪.‬‬
‫(‪ )4‬د‪ .‬الغامدي‪" ،‬املدخ لدراسة السياسة الشرعية واألتظمة املرعية"‪81-84 ،‬؛ عبد الرمحن‬
‫اتج‪" ،‬السياسة الشرعية والفقه اإلسالمي"‪( .‬الناشر‪ :‬موقع األلوكة على شبكة املعلومات)‪،‬‬
‫‪.81‬‬
‫(‪ )1‬ابن القيم‪" ،‬الطرق احلكمية يف السياسة الشرعية"‪.12 ،‬‬
‫‪111‬‬

‫القضاء واألتظمة(‪ ،)1‬فقد اشتملت أحكام الشريعة اإلسالمية على قواعد وأحكام‬
‫املعامالت التجارية لمجاًلا وتفصيالا‪ ،‬وتظرايت وفروع ا‪ ،‬ولع من أهم قواعد وأحكام‬
‫التشريع التجاري اإلسالمي ما يلي‪:‬‬
‫‪-1‬اعتبار الرضائية يف املعامالت دون التقيد ابلشكليات وقيود اإلثبات‪ ،‬مع‬
‫مشروعية التوثيق لتحقيق املصاحل وحفظ احلقوق‪.‬‬
‫‪-2‬أحكام البيع والشركات والوكالة والضمان والكفالة والرهن‪.‬‬
‫‪-3‬أحكام العقد من تشأته حَت احنالله واتقضائه وقد شكلت تظرية رئيسية‬
‫يف الفقه اإلسالمي عليها قوام اًللتزامات‪.‬‬
‫‪-4‬أحكام األوراق التجارية والصكوك املالية واحلوالة‪.‬‬
‫‪-5‬أحكام اإلفالس واإلعسار وآاثرمها‪.‬‬
‫‪-6‬حترمي الراب والغش واًلحتكار والتعسف يف استعمال احلق واإلتالف‪ ،‬وتفي‬
‫الضرر واإلضرار‪.‬‬
‫‪-1‬تظرية األموال وما يعترب ماًلا وما ًل يعترب‪.‬‬
‫‪-9‬أحكام التعام مع األشخاص الطبيعية واملعنوية وعوارض صحة املعامالت‬
‫العائدة ل ى الشخص وما يتعلق بذلك‪.‬‬
‫على أته ينبغي اإلشارة ل ى أن من طبيعة التشريع اإلسالمي يف املعامالت عدم‬
‫اإليغال يف التفصيالت والتفريع‪ ،‬ولمنا وضع املبادئ العامة والقواعد الكلية ومراعاة‬
‫العل واملصاحل‪ ،‬مث تستوعب اًلجتهادات الواسعة حاجات الناس ومستجدات زماهنم‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬الغامدي‪" ،‬املدخ لدراسة السياسة الشرعية واألتظمة املرعية"‪.248 -246 ،‬‬
‫سريان االتفاقيات التجاريَّة الدوليَّة يف النظام السعودي وأثرها يف مصادر القضاء التجاري‬
‫‪111‬‬
‫ضمن حدود الشريعة وأدلتها وتظرايهتا احلية اليت مل تضق حباجة تشريعية أبدا(‪،)1‬‬
‫فأحكام الشريعة اإلسالمية هي النظام فيما ليس فيه تص تظامي كاشف عن احلكم‪،‬‬
‫وهي املرجع واملستند (أبدلتها وقواعدها ومقاصدها) فيما يصدر من أتظمة جتارية‬
‫خاصة لتنظيم احلقوق والواجبات واملراكز القاتوتية يف القضااي التجارية‪.‬‬
‫اثلثاً‪ :‬العرف‪.‬‬
‫يقصد ابلعرف "جمموعة من القواعد غري املكتوبة الناشئة من سلوك األفراد‬
‫املطرد يف مسألة معينة مع اعتقادهم للزامية هذا السلوك"(‪ ،)4‬ويف حني يفرد فقهاء‬
‫القاتون التجاري العرف والعادات التجارية ابعتبارها مصدرا رمسي ا للقاتون التجاري‪،‬‬
‫جندها كذلك ضمن مصادر التشريع اإلسالمي‪ ،‬فاعتبار أحكام الشريعة اإلسالمية‬
‫مصدرا للقواعد القاتوتية التجارية يتضمن اعتبار العرف لكوته مصدرا من مصادر‬
‫التشريع اإلسالمي‪ ،‬وهذا مينح العرف ميزة يف الرتتيب الفقهي على ترتيب القاتون‬
‫التجاري الذي جيعله يف املرتبة الثالثة غالب ا‪ ،‬ومن القواعد الفقهية املقررة "املعروف بني‬
‫التجار كاملشروط بينهم(‪ ،")1‬وذلك بتوافر الشروط التالية‪:‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬حممد أمحد شبري‪" ،‬املعامالت املالية املعاصرة"‪( .‬الطبعة الثالثة‪ ،‬عمان‪ :‬دار النفائس‪،‬‬
‫‪1212‬هـ)‪ 17 ،‬؛ د‪ .‬حممد مصطفى الشنقيطي‪" ،‬دراسة شرعية ألهم العقود املالية‬
‫املستحدثة"‪( .‬الطبعة الثاتية‪ ،‬املدينة املنورة‪ :‬مكتبة العلوم واحلكم‪1244 ،‬ه) ‪.12 :1‬‬
‫(‪ )4‬أ‪ .‬د‪ .‬حممد جرب األلفي‪" ،‬املدخ لدراسة األتظمة القاتوتية يف اململكة العربية السعودية"‪.‬‬
‫(الطبعة الثاتية‪ ،‬الرايض‪ :‬دار التحبري للنشر والتوزيع‪1221 ،‬هـ)‪.167 ،‬‬
‫(‪ )1‬أ‪ .‬د‪ .‬حممد مصطفى الزحيلي‪" ،‬القواعد الفقهية وتطبيقاهتا يف املذاهب األربعة"‪( .‬الطبعة‬
‫األو ى‪ ،‬دمشق‪ :‬دار الفكر‪ 1247 ،‬هـ) ‪181 :1‬؛ أ‪ .‬د‪ .‬يعقوب عبد الوهاب الباحسني‪،‬‬
‫=‬
‫‪112‬‬

‫‪-1‬أن يكون العرف مطردا غالبا يف مجيع احلاًلت حبيث ًل يتخلف لًل اندرا‪.‬‬
‫‪-2‬أن يكون العرف عام ا يف البالد أو يف بلد معني أو بني فئة معينة كالتجار‪.‬‬
‫‪-3‬أن يكون العرف موجودا أو قائما وقت لتشاء التصرف لذا ًل عربة ابلعرف‬
‫الطاري‪.‬‬
‫‪-4‬أًل خيالف تصا من كتاب أو سنة صحيحة أو لمجاعا أو أصالا قطعيا‪.‬‬
‫‪-5‬أًل يعارضه تصريح خبالفه من املتعاقدين‪.‬‬
‫‪-6‬أن يكون العرف ملزما(‪.)1‬‬
‫رابعاً‪ :‬أحكام القضاء‪.‬‬
‫ويقصد به جمموعة احللول واملبادئ القضائية اليت يسري عليها القضاء‪ ،‬ويعترب‬
‫مصدرا اسرتشادايا (غري رمسي) يف القاتون املقارن فيما ًل تص فيه(‪ .)4‬وقد فرق النظام‬
‫السعودي بني السوابق القضائية واملبادئ القضائية؛ فالسوابق القضائية هي ما صدر‬
‫من األحكام القضائية على وقائع معينة ًل يوجد تص شرعي أو تظامي على حكمها‬
‫ومل يسبق تقرير حكم كلي هلا‪ ،‬فإذا جرى تقعيدها وأتصيلها وصح مأخذها‪ُ :‬عدت‬
‫مستندا للقاضي يف حكمه القضائي يف تقرير حكم الواقعة الكلي‪ ،‬أما السوابق اليت ًل‬
‫ا‬

‫=‬
‫"املفص يف القواعد الفقهية "‪( .‬الطبعة الثاتية‪ ،‬الرايض‪ :‬دار التدمرية‪1214 ،‬هـ)‪.288 ،‬‬
‫(‪ )1‬قرار جملس جممع الفقه اإلسالمي التابع ملنظمة التعاون اإلسالمي جبدة‪ ،‬رقم (‪)8 /2 /27‬‬
‫يف دورته اخلامسة املنعقدة يف الكويت (‪6-1‬مجادى األو ى ‪1212‬ه) وتصه يف جملة اجملمع‬
‫‪1212( .8‬ه) ‪.4241 :2‬‬
‫(‪ )4‬السرحان‪" ،‬املدخ ل ى علم القاتون"‪.146 ،‬‬
‫سريان االتفاقيات التجاريَّة الدوليَّة يف النظام السعودي وأثرها يف مصادر القضاء التجاري‬
‫‪113‬‬
‫أص هلا أو ظهر من األدلة ما هو أصوب منها فال اعتبار هلا(‪ ،)1‬ومبا أهنا تتيجة‬
‫اًلجتهاد القضائي عند عدم النص الشرعي أو النظامي يف موضوع النزاع‪ ،‬فإذا استقر‬
‫العم القضائي حبكم معني جتاه عدة حاًلت؛ وتواترت السوابق فإن من شأهنا تشوء‬
‫مبادئ قضائية مستقرة‪.‬‬
‫واملبادئ القضائية تُعرف أبهنا‪" :‬القاعدة القضائية العامة املوضوعية واإلجرائية‬
‫اليت تقررها احملكمة العليا وتُراعى عند النظر يف القضااي واألحكام والقرارات"(‪.)4‬‬
‫وعرفت أبهنا‪ :‬ما صدر عن السلطة املختصة من قواعد مقررة للحكم هبا على توع‬
‫معني من القضااي احتدت يف مأخذها واستقر العم هبا(‪.)1‬‬
‫وقد أسند تظام القضاء السعودي ل ى اهليئة العامة للمحكمة العليا اًلختصاص‬
‫بتقرير مبادئ عامة يف املسائ املتعلقة ابلقضاء؛ وذلك وف اقا للمادة (‪/4/11‬أ)‪ ،‬كما‬
‫أُسند هلا تقرير العدول عن مبدأ قضائي سبق العم به وفقا للمادة (‪ )12‬من ذات‬
‫النظام‪ ،‬وهبذا يكون النظام القضائي السعودي قد أرسى العم ابملبادئ القضائية‬
‫وجع هلا حجية اإللزام فال يعدل عنها لًل بقرار أعلى‪ ،‬كما أن العم هبا يف احملاكم‬
‫يكون بقرار من رئيس اجمللس األعلى للقضاء‪ ،‬وهي إبقرارها من الوزير املختص تكون‬

‫(‪ )1‬الشيخ عبد هللا آل خنني‪" ،‬توصيف األقضية"‪( .‬الطبعة الثاتية‪ ،‬الرايض‪ :‬دار ابن فرحون‪،‬‬
‫‪1212‬هـ)‪.224 ،221 ،‬‬
‫(‪ )4‬وزارة العدل‪" ،‬مدوتة املبا دئ والقرارات الصادرة من اهليئة العليا والدائمة والعامة ابجمللس‬
‫األعلى للقضاء واحملكمة العليا"‪( .‬الطبعة األو ى‪ ،‬الرايض‪1212 :‬هـ)‪.11 ،‬‬
‫(‪ )1‬الشيخ عبد هللا آل خنني‪" ،‬السوابق القضائية"‪( .‬الناشر‪ :‬موقع األلوكة على شبكة‬
‫املعلومات)‪.‬‬
‫‪110‬‬

‫جزءاا من النظام الداخلي(‪ ،)1‬وتدخ يف مشموًلت مصطلح األتظمة املرعية اليت‬


‫ترجع لليها أحكام القضاء فال يستدعي األمر لفرادها كمصدر مستق لدخوهلا يف‬
‫دائرة النظام بدرجاته املعروفة‪ ،‬وهي هبذا تكون يف درجة املصدر الرمسي وليس‬
‫اًلسرتشادي‪ ،‬أما السوابق القضائية وحيث مل يستقر العم هبا‪ ،‬فإهنا ًل تكون حجة‬
‫للعم هبا‪ ،‬ولذا مل يرد النص النظامي على اعتبارها خبالف ما ورد يف شأن املبادئ‬
‫القضائية املقررة‪ ،‬وهبذا يظهر الفارق بني املبادئ القضائية والسوابق القضائية(‪.)4‬‬
‫مصدرا‬
‫ا‬ ‫وخيتلف موقف القواتني الوضعية من السوابق القضائية‪ ،‬فبعضها يعتربها‬
‫رمسياا‪ ،‬ب على رأس املصادر الرمسية كما يف النظام القضائي األجنلوسكسوين (لجنلرتا‬
‫تفسرياي كما يف النظام القضائي الالتيين (فرتسا‬
‫ا‬ ‫مصدرا‬
‫ا‬ ‫وكندا وأسرتاليا وأمريكا) وتُعترب‬
‫وأمريكا الالتينية)(‪ ،)1‬ويبدو أن النظام السعودي قد توسط يف األمر فنص على‬
‫اعتبار املبادئ القضائية ولعماهلا كمصدر رمسي‪ ،‬وتبقى السوابق القضائية يف لطار‬
‫املصدر اًلسرتشادي للقاضي‪.‬‬

‫(‪ )1‬ابعتبار القرار أحد درجات النظام الداخلي كما سبق بياته‪.‬‬
‫(‪ )4‬د‪ .‬حممد القرين‪" ،‬دور السياسة الشرعية يف تكمي الفراغ التنظيمي يف النظام السعودي"‪.‬‬
‫(حبث حمكم ومقبول للنشر مبجلة جامعة طيبة لآلداب والعلوم اإلتساتية)‪47 ،‬؛ د‪ .‬األلفي‬
‫"املدخ لدراسة األتظمة القاتوتية يف اململكة العربية السعودية"‪.121 ،187 ،‬‬
‫(‪ )1‬عبد العزيز سعد الدغيثر‪" ،‬حجية السوابق القضائية"‪ .‬جملة العدل الصادرة عن وزارة العدل‬
‫السعودية ‪1248( .12‬هـ)‪.126 ،181 ،178 :‬‬
‫سريان االتفاقيات التجاريَّة الدوليَّة يف النظام السعودي وأثرها يف مصادر القضاء التجاري‬
‫‪111‬‬

‫خامساً‪ :‬املعاهدات واالتفاقيات الدولية اليت تنظم شأانً أو موضوعاً مشرتكاً‬


‫بينها(‪.)1‬‬
‫تظرا ملا للتجارة من طابع دويل فقد اجتهدت بعض الدول واملنظمات لتوحيد‬
‫قواعد وأحكام التجارة الدولية‪ ،‬ومت يف سياق ذلك لبرام عدد من اًلتفاقيات الدولية‪،‬‬
‫واتضمت لليها الدول ابملصادقة والتوقيع عليها‪ ،‬ومن أهم تلك اًلتفاقيات‬
‫واملعاهدات‪:‬‬
‫‪-1‬اًلتفاقية الدولية لسالمة األرواح يف البحار عام ‪1272‬م واتضمت لليها‬
‫اململكة ابملرسوم امللكي رقم (م‪ )42/‬يف ‪1212/8/14‬هـ‪.‬‬
‫‪-2‬اتفاقية ابريس حلماية امللكية الصناعية وتعديالهتا الالحقة‪.‬‬
‫‪-3‬اتفاقية تيسري وتنمية التبادل التجاري بني الدول العربية املصادق عليها‬
‫ابملرسوم رقم م‪ 18/‬يف ‪1211/6/41‬هـ‪.‬‬
‫‪-4‬اتفاقيات اإلعفاء من الضرائب والتعاون اًلقتصادي والتجاري مع عدد من‬
‫الدول واملنظمات اإلقليمية كمجلس التعاون وغريه‪.‬‬
‫‪-5‬اتفاقيات اجلات ‪1222‬م(‪.)4‬‬
‫‪-6‬األتظمة التجارية لدول جملس التعاون‪ ،‬كنظام العالمات التجارية وبراءات‬

‫(‪ )1‬أبو هيف‪" ،‬القاتون الدويل العام"‪.286 ،‬‬


‫(‪ )4‬د‪ .‬مصطفى كمال طه‪ ،‬د‪ .‬وائ أتور بندق‪" .‬أصول القاتون التجاري"‪( .‬اإلسكندرية‪ :‬دار‬
‫الفكر اجلامعي‪4117 ،‬م)‪22 ،‬؛ الشريف‪ ،‬القرشي "‪ ،‬القاتون التجاري"‪( ،‬الطبعة األو ى‪،‬‬
‫جدة‪ :‬دار حافظ للنشر والتوزيع‪1248 ،‬هـ)‪.17 ،‬‬
‫‪111‬‬

‫اًلخرتاع ومكافحة اإلغراق وغريها(‪.)1‬‬


‫وقد سبق حبث موقف النظام السعودي منها ومدى تطبيقها يف النظام‬
‫الداخلي يف املبحث السابق‪.‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬املصادر غري الرمسية (االسرتشادية) يف الدقضاء التجاري‬
‫السعودي‬
‫يقصد هبا املصادر اليت يرجع لليها القاضي للبحث عن حكم شرعي أو تظامي‬
‫دون أن يكون ملزما ابألخذ مبا جاء فيها(‪ ،)4‬أو يرجع لليها ًلستجالء غامض‬
‫القاتون وتوضيح ُمْبـ َهمه‪ ،‬ولذا تُسمى يف القاتون املقارن (مصادر تفسريية)‪ ،‬وهي الفقه‬
‫والقضاء(‪ ،)1‬وأُضيف عليهما وفقا ملرجعية النظام السعودي مصدران آخران مها‪ :‬آراء‬
‫اجملتهدين يف الفقه اإلسالمي‪ ،‬وأصول الفقه اإلسالمي‪ ،‬وبياهنا على النحو اآليت‪:‬‬
‫‪-1‬آراء اجملتهدين يف الفقه اإلسالمي‪:‬‬
‫تظرا ملرجعية الشريعة اإلسالمية لألتظمة السعودية‪ ،‬وما قد يُستفاد يف صياغتها‬
‫من القواعد والضوابط الفقهية أو مصطلحات الفقه وشروطه‪ ،‬فقد يستعني القاضي‬
‫ابلرتاث الفقهي عند غياب النص أو لالستدًلل والرتجيح ملا يراه أو لكشف غموض‬
‫تص أو مصطلح أو فهم قاعدة معينة(‪ ،)2‬وقد جنحت اجتهادات الفقهاء عرب‬

‫(‪ )1‬منشورة على موقع األماتة العامة جمللس التعاون لدول اخلليج العربية على شبكة املعلومات‪.‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬السرحان‪" ،‬املدخ ل ى علم القاتون"‪ ،‬ص‪.148‬‬
‫(‪ )1‬السنهوري‪ ،‬أبو ستيت‪" ،‬أصول القاتون"‪.81 ،‬‬
‫(‪ )2‬السنهوري‪ ،‬أبو ستيت‪" ،‬أصول القاتون"‪.124 ،‬‬
‫سريان االتفاقيات التجاريَّة الدوليَّة يف النظام السعودي وأثرها يف مصادر القضاء التجاري‬
‫‪111‬‬
‫العصور يف وضع حلول ملسائ ليس فيها تص مباشر مبا حيقق العدل واملصلحة‬
‫استنادا ل ى األصول العامة للتشريع اإلسالمي(‪ ،)1‬ويؤكد أمهية هذا املصدر اعتبار‬
‫الشريعة اإلسالمية مصدرا اترخييا لألتظمة السعودية‪ ،‬وحيث استمدت منها فإن‬
‫الرجوع ل ى فقهها معني على فهم النص وتطبيقه التطبيق الصحيح‪ ،‬وًل يُغف ما‬
‫قامت به اجملامع الفقهية املعاصرة من اجتهادات مجاعية وما أصدرته من أحباث‬
‫وقرارات يف مستجدات العصر ومن أمهها ما يتعلق ابملسائ اًلقتصادية واملصرفية‬
‫واحلقوق املعنوية والتعامالت اإللكرتوتية وغريها مما له مساس ابملسائ التجارية(‪.)4‬‬
‫‪-2‬أصول الفقه اإلسالمي‪:‬‬
‫ًل يتطرق الباحثون يف مصادر القضاء التجاري السعودي ل ى مرجعية قواعد‬
‫أصول الفقه اإلسالمي لتحديد مضمون النص النظامي وتفسريه وتنزي دًللته على‬
‫األحكام‪ ،‬مع أن اًلعتداد هبذا املصدر يعترب تتيجة طبيعية ملرجعية الشريعة اإلسالمية‬
‫ألحكام األتظمة السعودية‪ ،‬وقد تصت عليها األتظمة املعاصرة املستمدة من الفقه‬
‫اإلسالمي كنظام املعامالت املدتية اإلمارايت (م‪ ،)4‬والقاتون املدين العريب املوحد‬
‫(م‪ ،)88‬والقاتون املدين األردين (م‪ )1‬ومشروع النظام املدين املوحد لدول جملس‬
‫التعاون اخلليجي (م‪ ،)87‬وأوردت بعض القواتني مجلة من القواعد األصولية ضمن‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬السرحان‪" ،‬املدخ ل ى علم القاتون"‪.112 ،‬‬


‫(‪ )4‬ينظر على سبي املثال‪ :‬األعداد الصادرة من جملة جممع الفقه اإلسالمي وجملة اجملمع الفقهي‬
‫فقد اشتملت على القرارات الصادرة عنه‪.‬‬
‫‪111‬‬

‫موادها خصوصا املتعلقة بفهم النص وتفسريه ودًللته(‪ ،)1‬وهذا يلفت اًلتتباه ل ى‬
‫ضرورة اًلهتمام هبذا اجلاتب ‪ -‬تظرايا وعملي ا ‪ -‬ملا حيققه من ربط األتظمة التجارية‬
‫أبصوهلا‪ ،‬وضبط آلية استنباط األحكام‪ ،‬وتقارب اًلجتهادات القضائية‪ ،‬وهو ما جيع‬
‫قواعد أصول الفقه اإلسالمي املصدر التفسريي األول يف هذا املقام‪.‬‬
‫‪-3‬تعليقات وآراء شراح األنظمة وفقهاء القانون واملؤلفون يف نظرايته‬
‫وتعديالته‪:‬‬
‫حيث لته من املتصور أن يقوم الفقه القاتوين بطرح بعض اًلفرتاضات أو‬
‫احللول أو اقرتاح املعاجلات النظامية ملا قد يعرتي تصوص األتظمة من خطأ أو قصور‬
‫أو غياب‪ ،‬ومع أهنا ًل حتم أي للزام هبا‪ ،‬لكن ميكن اًلسرتشاد واًلستئناس آبرائهم‬
‫ًلستخالص األحكام القضائية أو سن األتظمة أو تعديلها(‪ ،)4‬وخصوص ا ما يطرحه‬
‫فقهاء القواتني املستمدة من الفقه اإلسالمي حيث تتوافق طبيعتها مع أساس التنظيم‬
‫يف اململكة العربية السعودية‪.‬‬
‫‪-4‬السوابق القضائية‪:‬‬
‫وهي أحكام قضائية اجتهادية مل يستقر العم هبا‪ ،‬فال تكون حجة على‬
‫اجتهادات القضاء‪ ،‬ولكنها تكون من ابب اًلستئناس واإلرشاد للقاضي‪ ،‬الذي يلزمه‬
‫اًلجتهاد والتحري خبصوص القضية اليت ينظرها‪ ،‬وًل يلزمه العم ابجتهاد غريه يف‬
‫قضائه‪.‬‬

‫(‪ )1‬منها على سبي املثال يف القاتون املدين األردين‪ :‬م‪.1/412 ،1/28‬‬
‫(‪ )4‬د‪ .‬السرحان‪" ،‬املدخ ل ى علم القاتون"‪.148 ،‬‬
‫سريان االتفاقيات التجاريَّة الدوليَّة يف النظام السعودي وأثرها يف مصادر القضاء التجاري‬
‫‪111‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬أثر سريان االتفاقيات التجارية الّولية على مصادر الدقضاء‬
‫التجاري السعودي‬
‫عطف ا على مستجدات تظام احملاكم التجارية وًلئحته التنفيذية‪ ،‬يظهر‬
‫للمتأم أن مبدأ أولوية تطبيق اًلتفاقيات التجارية الدولية على األتظمة الداخلية مل‬
‫تعد حم جدال أو تقاش يف النظام التجاري السعودي‪ ،‬الذي اجته خبطوة حامسة‬
‫ابلنص على ترتيب مصادر القواعد التجارية أمام القضاء وتدرج تطبيقها‪ ،‬وهو اًلجتاه‬
‫الذي أخذت به جمموعة من الدول املعاصرة‪ ،‬يف حني ما زالت ترتدد دول أخرى يف‬
‫األخذ به‪ ،‬حيث جاء يف املادة الثاتية من تظام احملاكم التجارية ما تصه‪" :‬دون لخالل‬
‫مبا تصت عليه األتظمة التجارية واًلتفاقيات الدولية اليت تكون اململكة طرف ا فيها‬
‫تسري أحكام النظام والالئحة على احملكمة والدعاوى اليت ختتص بنظرها"‪ .‬وأوضحت‬
‫الالئحة التنفيذية هلذه املادة ترتيب هذه املصادر كاآليت‪:‬‬
‫أ‪-‬النص الوارد يف اًلتفاقية الدولية اليت تكون اململكة طرفا فيها‪.‬‬
‫ب‪-‬النص اإلجرائي اخلاص الوارد يف األتظمة التجارية واللوائح والقواعد‬
‫املتصلة هبا‪.‬‬
‫ج‪-‬النص الوارد يف النظام والالئحة"‪.‬‬
‫لن رجوع القاضي التجاري ل ى املصادر اليت تصت عليها هذه املادة وهبذا‬
‫التدرج ليس أمرا تقديرايا له‪ ،‬ب أمر وجويب يقتضيه لعمال النص اخلاص أعاله‬
‫ولعمال النصوص النظامية العامة‪ ،‬اليت توجه القاضي ل ى تطبيق األتظمة املرعية اليت ًل‬
‫ختالف الكتاب والسنة‪( ،‬م‪ 28‬أساسي‪ ،‬م‪ 1‬تظام القضاء)‪ ،‬وهي تصوص واضحة يف‬
‫للزام القاضي ابألخذ هبذه القواعد الدولية للحكم يف املسائ التجارية؛ ويكون ذلك‬
‫‪111‬‬

‫من تلقاء تفسه لعماًلا للنص دون التوقف على متسك أحد اخلصوم بتطبيقها‪.‬‬
‫وهنا قد خيطر التساؤل اآليت‪ :‬لن القاضي يف النظام السعودي ملزم بتطبيق‬
‫أحكام الشريعة اإلسالمية وفقا للنظام األساسي للحكم (م‪ )28‬وتظام القضاء (م‪،)1‬‬
‫فه يعترب تقدمي احلكم ابلنص الوارد يف اًلتفاقية الدولية اليت تكون اململكة طرف ا فيها‬
‫وجياب عن هذا‬
‫خروجا عن هذا اإللزام وحيدة عن أحكام الشريعة اإلسالمية؟ ُ‬
‫التساؤل ابآليت‪:‬‬
‫‪-1‬أن النظام الذي قرر حاكمية الكتاب والسنة ومرجعية أحكام الشريعة؛ هو‬
‫ذاته النظام الذي أعطى األولوية للنص الوارد يف اًلتفاقية الدولية اليت تكون اململكة‬
‫طرفا فيها‪ ،‬وًل يُتصور أن يكون هذا تعارضا أو تسياانا لتلك املبادئ التشريعية‪ ،‬ولكنه‬
‫ضم ل ى معاهدة‬‫من ابب أن النظام الذي قرر ذلك؛ ًل يصح أن يوقع اتفاقية أو يَـْن َ‬
‫دولية خمالفة للشريعة العامة يف اململكة ولنظامها العام دون حتفظ عليه أو رفضه كليا‪،‬‬
‫حيث ختضع تلك اًلتفاقيات للدراسة والفحص قب التصديق عليها‪ ،‬وابلتايل فما‬
‫يقره النظام السعودي أبدواته التنظيمية من اتفاقيات فاألص أهنا ًل تكون خمالفة‬
‫للكتاب والسنة‪ ،‬ولًل كاتت معيبة بعدم املشروعية وخاضعة للبطالن من احملكمة العليا‬
‫لذا مت القضاء هبا بني أطراف النزاع‪ ،‬حيث أسند تظام القضاء لليها وفقا للمادة‬
‫(‪ )11‬مراقبة سالمة تطبيق أحكام الشريعة اإلسالمية وما يصدره ويل األمر من أتظمة‬
‫ًل تتعارض معها‪ ،‬ولذا للقاضي استبعاد تطبيق القواعد املخالفة ألحكام الشريعة‬
‫وللنظام العام الداخلي وتطبيق ما يتفق مع أحكام الشريعة(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬أمحد عبد الكرمي سالمة‪" ،‬القاتون الدويل اخلاص السعودي"‪( .‬الرايض‪ :‬النشر العلمي‬
‫=‬
‫سريان االتفاقيات التجاريَّة الدوليَّة يف النظام السعودي وأثرها يف مصادر القضاء التجاري‬
‫‪111‬‬
‫‪-2‬أن السلطة التنظيمية يف النظام السعودي بتصديقها على املعاهدة وفق‬
‫التنظيم اخلاص هبا جتعلها ضمن النظام الداخلي وجزءا منه‪ ،‬فيكون تطبيق القاضي هلا‬
‫ابعتبارها جزءا من تظام الدولة ًل ابعتبارها اتفاقية دولية‪.‬‬
‫‪-3‬من حيث احلكم الشرعي لدخول الدولة اإلسالمية يف اًلتفاقيات‬
‫واملعاهدات الدولية فقد قرر الفقهاء مشروعية املعاهدات واًلتفاقيات اليت تربمها‬
‫الدولة مع غريها لتحقيق مصاحل رعاايها‪ ،‬ومن ضمنها املتعلقة أبمور التجارة؛ مَت‬
‫حتققت شروط معينة أمهها‪ :‬الرتاضي على شروطها وأحكامها واحلاجة لليها وحتقيقها‬
‫ملصاحل املسلمني‪ ،‬ومشروعية حملها وموضوعها أبن ًل تصادم تص ا أو حكم ا شرعي ا‬
‫قطعيا أو تتضمن شروطا فاسدة تضر ابملسلمني ودولتهم(‪ .)1‬فإذا استكملت شروطها‬
‫فقد أمر هللا ابلوفاء ابلعقود والعهود(‪ ،)4‬ولذا ظهر للدولة اإلسالمية بعد ذلك وجود‬
‫مفاسد أو أخطاء أو جتاوزات يف تطبيق النظام أو اًلتفاقية الدولية مبا ينال من‬
‫شرعيتهما فإهنا تنسحب منها أو تُعلق عضويتها بناء على تلك املتغريات(‪.)1‬‬
‫وبناء على ما تقدم أُخلص ملحوظايت حيال تسمية مصادر القضاء التجاري‬

‫=‬
‫جبامعة امللك سعود‪1218 ،‬هـ)‪.821 ،‬‬
‫(‪ )1‬د‪ .‬حامد سلطان‪" ،‬أحكام القاتون الدويل يف الشريعة اإلسالمية"‪( .‬القاهرة‪ :‬دار النهضة‬
‫العربية‪1286 ،‬م)‪416 ،‬؛ د‪ .‬أمحد أبو الوفاء‪" ،‬املعاهدات الدولية يف الشريعة اإلسالمية"‪.‬‬
‫(القاهرة‪ :‬دار النهضة العربية‪1211 ،‬هـ)‪.62 ،‬‬
‫(‪ )4‬يف اآلية (‪ )1‬من سورة املائدة‪ ،‬واآلية (‪ )12‬من سورة اإلسراء‪.‬‬
‫(‪ )1‬دايرو يوسف الصديقي‪" ،‬املستجدات الفقهية يف العالقات الدولية"‪( .‬الطبعة األو ى‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫دار النفائس‪4114 ،‬م)‪.117 ،‬‬
‫‪112‬‬

‫السعودي وترتيبها فيما يلي‪:‬‬


‫أوالً‪ :‬أن تقدمي "األتظمة التجارية" على لطالق مرجعية "الشريعة اإلسالمية"‬
‫عند تعداد مصادر القضاء التجاري‪ ،‬ليس أتخريا ملرتبة الشريعة اإلسالمية‪ ،‬وذلك‬
‫ألمور‪:‬‬
‫أ‪-‬أن األتظمة التجارية لما مستمدة من أحكام الشريعة اإلسالمية ولما حمكومة‬
‫هبا فال ختالفها وفق ا لطبيعة التنظيم وقواعده يف النظام األساسي للحكم‪ ،‬فكأن النظام‬
‫أداة للتعبري عن أحكامها‪ ،‬ومن َمث فإن اللجوء ل ى القواعد النظامية ًل يعين أتخري‬
‫أحكام الشريعة اإلسالمية وجعلها مصدرا احتياطي ا فإن القاعدة النظامية يف وضعها‬
‫املشار لليه ًل تعدو أن تكون قاعدة شرعية مقننة يف ثوب تظامي(‪.)1‬‬
‫ب‪-‬أن األتظمة التجارية الصادرة أبدواهتا التنظيمية واجبة التطبيق خبصوص‬
‫املنازعات التجارية‪ ،‬وهي املصدر الرمسي لبحث القاضي التجاري عن احللول القضائية‬
‫للمنازعات املعروضة أمامه كمرحلة أو ى وهي راجعة ل ى الشريعة وأدلتها‪ ،‬فإذا كان‬
‫حم املنازعة غري منظم وًل تشمله تصوص األتظمة السارية‪ ،‬فيتجه القاضي ل ى أحكام‬
‫الشريعة اإلسالمية كمصدر رئيس لألحكام القضائية وفق آليات اًلجتهاد القضائي‪،‬‬
‫والنتيجة أن أحكام الشريعة اإلسالمية هي مصدر األمرين(‪.)4‬‬
‫اثنياً‪ :‬أتسيس ا على ما سبق؛ تنقسم مصادر النظام التجاري السعودي ل ى‬
‫مصادر رمسية واسرتشادية؛ ترتيبها على النحو التايل‪:‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬صقر‪" ،‬املدخ ل ى دراسة األتظمة"‪.66 ،‬‬


‫(‪ )4‬د‪ .‬عثمان‪ " ،‬فصول يف أصول القاتون"‪( .‬ط‪ ،1‬الرايض‪ :‬مكتبة الرشد‪1218 ،‬هـ)‪.114 ،‬‬
‫سريان االتفاقيات التجاريَّة الدوليَّة يف النظام السعودي وأثرها يف مصادر القضاء التجاري‬
‫‪113‬‬
‫‪-1‬املصادر الرمسية‪ :‬وتتمث يف‪:‬‬
‫أ‪-‬اًلتفاقيات الدولية‪ ،‬مث األتظمة التجارية اليت تصدر عن السلطة التنفيذية‬
‫بدرجاهتا (النظام ‪ -‬الالئحة ‪ -‬القرار)‪ ،‬وتدخ املبادئ القضائية ضمن هذا النوع‬
‫ابعتبار أداة صدورها‪.‬‬
‫ب‪-‬أحكام الشريعة اإلسالمية‪ :‬ويُرجع لليها عند عدم وجود تظام خاص‬
‫يتضمن قاعدة ميكن تطبيقها على املنازعة‪ ،‬وتدخ ضمنها قواعد العرف وقواعد‬
‫العدالة‪.‬‬
‫‪-4‬املصادر اًلسرتشادية‪ :‬ومتثلها‪ :‬قواعد أصول الفقه اإلسالمي‪ ،‬وآراء‬
‫اجملتهدين يف الفقه اإلسالمي وشراح الفقه القاتوين‪ ،‬والسوابق القضائية‪.‬‬
‫اثلثاً‪ :‬ينسجم هذا الرتتيب مع األتظمة واللوائح حديثة الصدور فيما يتعلق‬
‫ابلقضاء التجاري‪ ،‬الذي جع الصدارة ‪ -‬كما تقدم ‪ -‬للنصوص الواردة يف اًلتفاقية‬
‫الدولية اليت تكون اململكة طرف ا فيها‪.‬‬

‫‪h‬‬
‫‪110‬‬

‫اخلامتة‬

‫أهم النتائج‪:‬‬
‫‪-1‬خيتلف موقف الدول والقواتني املعاصرة من اًلتفاقيات التجارية الدولية تبع ا‬
‫للنظرية اليت تتبناها سواء يف اًلعرتاف هبا أو احللول اليت تضعها لكيفية التعام معها‬
‫عند تعارضها مع القاتون الداخلي‪ ،‬وهي من املسائ اليت جرت العادة على حسمها‬
‫يف دستور الدولة أو أتظمتها األساسية‪.‬‬
‫‪-2‬أخذ النظام السعودي مببدأ ثنائية القاتوتني (الدويل والداخلي)‪ ،‬ويتم لدماج‬
‫اًلتفاقيات التجارية الدولية عن طريق لصدار مرسوم ملكي ابعتمادها‪ ،‬وًل تسري قب‬
‫هذا اإلجراء‪.‬‬
‫‪-3‬تضمن النظام السعودي آلية رقابية تعترب لجراء وقائيا لضمان عدم خمالفة‬
‫تصوص اًلتفاقيات التجارية الدولية للنظام الداخلي أو تعارضها معه‪ ،‬وتتمث يف‬
‫اختصاص جملسي الشورى والوزراء بدراسة اًلتفاقيات واملعاهدات ولبداء الرأي‬
‫حياهلا‪.‬‬
‫‪-4‬حسم تظام القضاء التجاري مسألة ترتيب القوة اإللزامية لالتفاقيات‬
‫التجارية الدولية بني مصادره‪ ،‬وأولوية تطبيقها على النصوص اخلاصة يف النظام‬
‫الداخلي‪.‬‬
‫سريان االتفاقيات التجاريَّة الدوليَّة يف النظام السعودي وأثرها يف مصادر القضاء التجاري‬
‫‪111‬‬
‫‪-5‬بعد دراسة مصادر القضاء التجاري السعودي فهي تنقسم ل ى مصادر‬
‫رمسية واسرتشادية؛ ترتيبها على النحو التايل‪:‬‬
‫‪-1‬املصادر الرمسية‪ :‬وتتمث يف‪:‬‬
‫أ‪-‬القواتني واًلتفاقيات الدولية‪ ،‬مث األتظمة التجارية اليت تصدر عن السلطة‬
‫التنفيذية بدرجاهتا (النظام ‪ -‬الالئحة ‪ -‬القرار)‪ ،‬وتدخ املبادئ القضائية ضمن هذا‬
‫النوع ابعتبار أداة صدورها‪.‬‬
‫ب‪-‬أحكام الشريعة اإلسالمية‪ :‬ويُرجع لليها عند عدم وجود تظام خاص‬
‫يتضمن قاعدة ميكن تطبيقها على املنازعة‪ ،‬وتدخ ضمنها قواعد العرف وقواعد‬
‫العدالة‪.‬‬
‫‪-4‬املصادر اًلسرتشادية‪ :‬ومتثلها‪ :‬قواعد أصول الفقه اإلسالمي‪ ،‬وآراء‬
‫اجملتهدين يف الفقه اإلسالمي وشراح الفقه القاتوين‪ ،‬والسوابق القضائية‪.‬‬
‫أهم التوصيات‪:‬‬
‫ينتظر املهتمون ‪ -‬مع التطور التقين املشهود خلدمات القضاء التجاري ‪ -‬أن‬
‫صادق عليها‪ ،‬على موقع القضاء‬ ‫تقوم الوزارة إبعادة تشر اًلتفاقيات الدولية املُ َ‬
‫التجاري على شبكة املعلومات‪ ،‬وتشر األحكام القضائية اليت استندت عليها‪ ،‬مما‬
‫حيقق اإلثراء املعريف ويربز اًلجتهاد القضائي ويساعد يف تعميق الدراسات البحثية‬
‫املتخصصة‪.‬‬

‫‪h‬‬
‫‪111‬‬

‫فهرس املصادر واملراجع‬

‫‪ -1‬لبراهيم‪ ،‬شليب‪" .‬مبادئ القاتون الدويل العام"‪( .‬بريوت‪ :‬الدار اجلامعية‪،‬‬


‫بدون اتريخ)‪.‬‬
‫‪ -4‬لبراهيم‪ ،‬علي‪" .‬النظام القاتوين الدويل والنظام القاتوين الداخلي‪ :‬صراع أم‬
‫تكام ‪ ،‬دراسة تظرية تطبيقية يف ضوء أحدث الدساتري وأحكام احملاكم"‪.‬‬
‫(القاهرة‪ :‬دار النهضة العربية‪1228 ،‬م)‪.‬‬
‫‪ -1‬ابن القيم‪" ،‬الطرق احلكمية يف السياسة الشرعية"‪ .‬ت‪ .‬حممد حامد الفقي‪.‬‬
‫(بريوت‪ :‬دار الكتب العلمية‪ ،‬دون اتريخ)‪.‬‬
‫‪ -2‬ابن تيمية‪ ،‬أمحد بن عبد احلليم‪" .‬جمموع فتاوى شيخ اإلسالم"‪ .‬مجع‬
‫وترتيب عبد الرمحن بن قاسم وابنه حممد‪( .‬جدة‪ :‬دار املدين)‪.‬‬
‫‪ -8‬ابن منظور‪ ،‬مجال الدين األتصاري‪" .‬لسان العرب"‪( .‬ط‪ ،1‬بريوت‪ :‬دار‬
‫صادر‪1212 ،‬هـ)‪.‬‬
‫‪ -6‬أبو اخلري‪ ،‬عمر‪" .‬تفاذ املعاهدات الدولية يف النظام القاتوين الداخلي"‪.‬‬
‫(القاهرة‪ :‬دار النهضة العربية‪4111 ،‬م)‪.‬‬
‫‪ -7‬أبو الوفاء‪ ،‬أمحد‪" .‬املعاهدات الدولية يف الشريعة اإلسالمية"‪( .‬القاهرة‪ :‬دار‬
‫النهضة العربية‪1211 ،‬هـ)‪.‬‬
‫‪ -8‬أبو هيف‪ ،‬علي صادق‪" .‬القاتون الدويل العام"‪( .‬اإلسكندرية‪ :‬منشأة‬
‫املعارف‪1266 ،‬م)‪.‬‬
‫‪ -2‬آل خنني‪ ،‬عبد هللا‪" .‬السوابق القضائية"‪( .‬الناشر‪ :‬موقع األلوكة على شبكة‬
‫املعلومات)‪.‬‬
‫‪ -11‬آل خنني‪ ،‬عبد هللا‪" .‬توصيف األقضية"‪( .‬ط‪ ،4‬الرايض‪ :‬دار ابن فرحون‪،‬‬
‫سريان االتفاقيات التجاريَّة الدوليَّة يف النظام السعودي وأثرها يف مصادر القضاء التجاري‬
‫‪111‬‬
‫‪1212‬هـ)‪.‬‬
‫األلفي‪ ،‬حممد جرب‪" .‬املدخ لدراسة األتظمة القاتوتية يف اململكة العربية‬ ‫‪-11‬‬
‫السعودية"‪( .‬ط‪ ،4‬الرايض‪ :‬دار التحبري للنشر والتوزيع‪1221 ،‬هـ)‪.‬‬
‫الباحسني‪ ،‬يعقوب عبد الوهاب‪" .‬املفص يف القواعد الفقهية"‪( .‬ط‪،4‬‬ ‫‪-14‬‬
‫الرايض‪ :‬دار التدمرية‪1214 ،‬هـ)‪.‬‬
‫بشري‪ ،‬الشافعي حممد‪" .‬القاتون الدويل العام يف السلم واحلرب"‪.‬‬ ‫‪-11‬‬
‫(اإلسكندرية‪ :‬دار الفكر اجلامعي‪ ،‬بدون اتريخ)‪.‬‬
‫بيطار‪ ،‬وليد‪" .‬القاتون الدويل العام"‪( .‬بريوت‪ :‬املؤسسة اجلامعية للدراسات‬ ‫‪-12‬‬
‫والنشر والتوزيع‪4118 ،‬م)‪.‬‬
‫اتج‪ ،‬عبد الرمحن‪" .‬السياسة الشرعية والفقه اإلسالمي"‪( .‬الناشر‪ :‬موقع‬ ‫‪-18‬‬
‫األلوكة على شبكة املعلومات)‪.‬‬
‫التهاتوي‪ ،‬حممد‪" .‬كشاف اصطالحات الفنون والعلوم"‪ ،‬ت‪ :‬رفيق العجم‪،‬‬ ‫‪-16‬‬
‫علي دحروج‪( .‬ط‪ ،1‬بريوت‪ :‬مكتبة لبنان‪1226 ،‬م)‪.‬‬
‫توفيق‪ ،‬حسام الدين سليمان‪" .‬القاتون التجاري السعودي"‪( .‬ط‪،1‬‬ ‫‪-17‬‬
‫الرايض‪ :‬دار الكتاب اجلامعي‪1212 ،‬هـ)‪.‬‬
‫اجلرب‪ ،‬حممد حسن‪" .‬القاتون التجاري السعودي"‪( .‬ط‪ ،2‬الرايض‪ :‬دون‬ ‫‪-18‬‬
‫انشر‪1217 ،‬هـ)‪.‬‬
‫اجلوهري‪ ،‬لمساعي بن محاد‪" .‬الصحاح‪ :‬اتج اللغة وصحاح العربية"‪.‬‬ ‫‪-12‬‬
‫حتقيق‪ :‬أمحد عبد الغفور عطار‪( .‬ط‪ ،2‬بريوت‪ :‬دار العلم للماليني‪،‬‬
‫‪1217‬هـ)‪.‬‬
‫محد هللا‪ ،‬حممد محد هللا‪" .‬النظام التجاري السعودي"‪( .‬ط‪ ،4‬جدة‪ :‬مكتبة‬ ‫‪-41‬‬
‫خوارزم‪1248 ،‬هـ)‪.‬‬
‫‪111‬‬
‫احلموي‪ ،‬ماهر‪" .‬القاتون الدويل العام"‪( .‬دون معلومات)‪.‬‬ ‫‪-41‬‬
‫خالف‪ ،‬عبد الوهاب‪" .‬السلطات الثالث يف اإلسالم"‪( .‬ط‪ ،1‬القاهرة‪:‬‬ ‫‪-44‬‬
‫دار آفاق الغد‪1211 ،‬ه)‪.‬‬
‫دراز‪ ،‬رمزي حممد‪" .‬فكرة تنازع القواتني يف الفقه اإلسالمي"‪( .‬ط‪،1‬‬ ‫‪-41‬‬
‫بريوت‪ :‬منشورات احلليب‪4111 ،‬م)‪.‬‬
‫الدغيثر‪ ،‬عبد العزيز سعد‪" .‬حجية السوابق القضائية"‪ .‬حبث منشور يف جملة‬ ‫‪-42‬‬
‫العدل الصادرة عن وزارة العدل السعودية ‪1248( .12‬هـ)‪.411-172 :‬‬
‫الدقاق‪ ،‬حممد سعيد‪" .‬القاتون الدويل"‪( .‬اإلسكندرية‪ :‬دار املطبوعات‬ ‫‪-48‬‬
‫اجلامعية‪ ،‬د‪ .‬ت)‪.‬‬
‫الرحاحلة‪ ،‬حممد سعد؛ اخلالدي‪ ،‬ليناس خلف‪" .‬املدخ لدراسة األتظمة"‪.‬‬ ‫‪-46‬‬
‫(ط‪ ،1‬الرايض‪ :‬مكتبة الرشد‪1212 ،‬هـ)‪.‬‬
‫الزحيلي‪ ،‬حممد مصطفى‪" .‬القواعد الفقهية وتطبيقاهتا يف املذاهب األربعة"‪.‬‬ ‫‪-47‬‬
‫(ط‪ ،1‬دمشق‪ :‬دار الفكر‪ 1247 ،‬هـ)‪.‬‬
‫السرحان‪ ،‬بكر عبد الفتاح‪" .‬املدخ ل ى علم القاتون"‪( .‬ط‪ ،1‬عمان‪ :‬دار‬ ‫‪-48‬‬
‫املسرية‪1211 ،‬هـ)‪.‬‬
‫سالمة‪ ،‬أمحد عبد الكرمي‪" .‬القاتون الدويل اخلاص السعودي"‪( .‬الرايض‪:‬‬ ‫‪-42‬‬
‫النشر العلمي جبامعة امللك سعود‪1218 ،‬هـ)‪.‬‬
‫سلطان‪ ،‬ح امد‪" .‬أحكام القاتون الدويل يف الشريعة اإلسالمية"‪( .‬القاهرة‪:‬‬ ‫‪-11‬‬
‫دار النهضة العربية‪1286 ،‬م)‪.‬‬
‫السنهوري‪ ،‬عبد الرزاق‪ .‬أبو ستيت‪ ،‬د‪ .‬أمحد‪" .‬أصول القاتون"‪( .‬القاهرة‪:‬‬ ‫‪-11‬‬
‫مطبعة جلنة التأليف والرتمجة والنشر‪1281 ،‬م)‪.‬‬
‫شبري‪ ،‬حممد أمحد‪" .‬املعامالت املالية املعاصرة"‪( .‬ط‪ ،1‬عمان‪ :‬دار‬ ‫‪-14‬‬
‫سريان االتفاقيات التجاريَّة الدوليَّة يف النظام السعودي وأثرها يف مصادر القضاء التجاري‬
‫‪111‬‬
‫النفائس‪1212 ،‬هـ)‪.‬‬
‫الشريف‪ ،‬انيف بن سلطان؛ القرشي‪ ،‬د‪ .‬زايد بن أمحد‪" .‬القاتون‬ ‫‪-11‬‬
‫التجاري"‪( .‬الطبعة األو ى‪ ،‬جدة‪ :‬دار حافظ للنشر والتوزيع‪1248 ،‬هـ)‪.‬‬
‫شكري‪ ،‬حممد عبد العزيز‪" .‬املدخ ل ى القاتون الدويل العام وقت السلم"‪.‬‬ ‫‪-12‬‬
‫(دار الفكر‪1281 ،‬م)‪.‬‬
‫الشمري‪ ،‬فهد انيف‪" .‬األثر القاتوين للمعاهدات الدولية يف النظام والقضاء‬ ‫‪-18‬‬
‫الوطين ‪ -‬دراسة مقارتة"‪( .‬رسالة ماجستري بكلية القاتون يف جامعة‬
‫اإلمارات العربية املتحدة‪4118 ،‬م)‪.‬‬
‫الشنقيطي‪ ،‬حممد مصطفى‪" .‬دراسة شرعية ألهم العقود املالية املستحدثة"‪.‬‬ ‫‪-16‬‬
‫(ط‪ ،4‬املدينة املنورة‪ :‬مكتبة العلوم واحلكم‪1244 ،‬ه)‪.‬‬
‫الصديقي‪ ،‬دايرو يوسف‪" .‬املستجدات الفقهية يف العالقات الدولية"‪.‬‬ ‫‪-17‬‬
‫(ط‪ ،1‬عمان‪ ،‬دار النفائس‪4114 ،‬م)‪.‬‬
‫صقر‪ ،‬عطية عبد احلليم‪" .‬املدخ ل ى دراسة األتظمة‪ :‬تظرييت القاتون‬ ‫‪-18‬‬
‫واحلق"‪( .‬مؤلف منشور على صفحة املؤلف على شبكة املعلومات)‪.‬‬
‫طه‪ ،‬مصطفى كمال؛ بندق‪ ،‬وائ أتور‪" .‬أصول القاتون التجاري"‪.‬‬ ‫‪-12‬‬
‫(اإلسكندرية‪ :‬دار الفكر اجلامعي‪4117 ،‬م)‪.‬‬
‫عبد احلميد‪ ،‬حممد؛ الدقاق‪ ،‬حممد؛ خليفة‪ ،‬لبراهيم‪" .‬القاتون الدويل العام"‪.‬‬ ‫‪-21‬‬
‫(اإلسكندرية‪ :‬دار املطبوعات اجلامعية‪4111 ،‬م)‪.‬‬
‫عبد املنعم‪ ،‬فؤاد أمحد‪" .‬املدخ لألتظمة واحلقوق يف اململكة العربية‬ ‫‪-21‬‬
‫السعودية"‪( .‬الناشر‪ :‬موقع األلوكة على شبكة املعلومات‪1248 ،‬هـ)‪.‬‬
‫عثمان‪ ،‬أسامة حممد‪" .‬فصول يف أصول القاتون"‪( .‬ط‪ ،1‬الرايض‪ :‬مكتبة‬ ‫‪-24‬‬
‫الرشد‪1218 ،‬هـ)‪.‬‬
‫‪111‬‬
‫عرفة‪ ،‬حممد السيد‪" .‬القاتون الدويل اخلاص للمملكة العربية السعودية"‪.‬‬ ‫‪-21‬‬
‫(ط‪ ،1‬الرايض‪ :‬دار املؤيد‪1241 ،‬هـ)‪.‬‬
‫عطوة‪ ،‬عبد العال أمحد‪" .‬املدخ ل ى علم السياسة الشرعية"‪( .‬ط‪،1‬‬ ‫‪-22‬‬
‫الرايض‪ :‬تشر جامعة اإلمام حممد بن سعود اإلسالمية‪1212 ،‬هـ)‪.‬‬
‫عالم‪ ،‬وائ ‪ .‬وضع املعاهدة الدولية يف دستور دولة اإلمارات العربية‬ ‫‪-28‬‬
‫املتحدة‪ ،‬جملة الشريعة والقاتون جبامعة اإلمارات ‪4112( .82‬م)‪-111 :‬‬
‫‪.121‬‬
‫علوان‪ ،‬عبد الكرمي‪" .‬الوسيط يف القاتون الدويل العام"‪( .‬عمان‪ :‬دار الثقافة‬ ‫‪-26‬‬
‫للنشر‪4111 ،‬م)‪.‬‬
‫علوان‪ ،‬حممد يوسف‪" .‬القاتون الدويل العام"‪( .‬عمان‪ :‬دار وائ للنشر‪،‬‬ ‫‪-27‬‬
‫‪4117‬م)‪.‬‬
‫الغامدي‪ ،‬انصر‪" .‬املدخ لدراسة السياسة الشرعية واألتظمة املرعية"‪.‬‬ ‫‪-28‬‬
‫(ط‪ ،1‬مكة املكرمة‪ :‬دار طيبة اخلضراء‪1216 ،‬هـ)‪.‬‬
‫القاسم‪ ،‬عبد الرمحن‪" .‬القاتون الدويل اخلاص وأحكامه يف الشريعة‬ ‫‪-22‬‬
‫اإلسالمية وتطبيقه يف النظام السعودي"‪( .‬ط‪ ،1‬القاهرة‪ :‬مطبعة السعادة‪،‬‬
‫‪ 1127‬هـ)‪.‬‬
‫القامسي‪ ،‬حممد‪" .‬العالقة بني القاتون الدويل العام والقاتون الداخلي‪ ،‬دراسة‬ ‫‪-81‬‬
‫تطبيقية على دولة اإلمارات العربية املتحدة"‪ .‬جملة األمن والقاتون أبكادميية‬
‫شرطة ديب ‪4111( .4‬م)‪.186-111 :‬‬
‫القرطيب‪" ،‬اجلامع ألحكام القرآن"‪( .‬بريوت‪ :‬دار لحياء الرتاث العريب‪،‬‬ ‫‪-81‬‬
‫‪1218‬هـ)‪.‬‬
‫القرين‪ ،‬حممد بن علي‪" .‬دور السياسة الشرعية يف تكمي الفراغ التنظيمي‬ ‫‪-84‬‬
‫سريان االتفاقيات التجاريَّة الدوليَّة يف النظام السعودي وأثرها يف مصادر القضاء التجاري‬
‫‪111‬‬
‫يف النظام السعودي"‪( .‬حبث حمكم ومقبول للنشر مبجلة جامعة طيبة‬
‫لآلداب والعلوم اإلتساتية)‪.‬‬
‫جملة جممع الفقه اإلسالمي التابع ملنظمة التعاون اإلسالمي جبدة‪.‬‬ ‫‪-81‬‬
‫(لصدارات منظمة التعاون اإلسالمي‪ ،‬دون معلومات)‪.‬‬
‫احملاميد‪ ،‬موفق‪" .‬القيمة القاتوتية للمعاهدات الدولية يف الدستور األردين‬ ‫‪-82‬‬
‫‪1284‬م"‪ .‬جملة احلقوق جبامعة الكويت ‪4111( .2‬م)‪.268-241 :‬‬
‫خملوف‪ ،‬أمحد صاحل‪" .‬الوسيط يف شرح التنظيم القضائي اجلديد ابململكة‬ ‫‪-88‬‬
‫العربية السعودية"‪( .‬ط‪ ،1‬الرايض‪ :‬مطبوعات معهد اإلدارة‪1212 ،‬هـ)‪.‬‬
‫املدين‪ ،‬محزة علي‪" .‬القاتون التجاري السعودي"‪( .‬ط‪ ،1‬جدة‪ :‬دار املدين‬ ‫‪-86‬‬
‫للطباعة والنشر والتوزيع‪1216 ،‬هـ)‪.‬‬
‫املرزوقي‪ ،‬حممد بن عبد هللا‪" .‬السلطة التنظيمية يف اململكة العربية السعودية"‬ ‫‪-87‬‬
‫(ط‪ ،1‬الرايض‪ :‬مكتبة العبيكان‪1248 ،‬هـ)‪.‬مرشحه‪ ،‬حممود‪" .‬الوجيز يف‬
‫القاتون الدويل العام"‪( .‬سوراي‪ :‬منشورات جامعة حلب‪1222 ،‬م)‪.‬‬
‫النجار‪ ،‬حممد؛ الزايت‪ ،‬أمحد؛ مصطفى‪ ،‬لبراهيم؛ عبد القادر‪ ،‬حامد‪.‬‬ ‫‪-88‬‬
‫"املعجم الوسيط"‪( .‬لصدار جممع اللغة العربية ابلقاهرة)‪.‬‬
‫وزارة العدل‪" ،‬مدوتة املبادئ والقرارات الصادرة من اهليئة العليا والدائمة‬ ‫‪-82‬‬
‫والعامة ابجمللس األعلى للقضاء واحملكمة العليا"‪( .‬ط‪ ،1‬الرايض‪:‬‬
‫‪1212‬هـ)‪.‬‬
‫حيىي‪ ،‬سعيد‪" .‬الوجيز يف النظام التجاري السعودي"‪( .‬ط‪ ،7‬جدة‪ :‬شركة‬ ‫‪-61‬‬
‫مكتبات عكاظ للنشر والتوزيع‪4112 ،‬م)‪.‬‬
‫األنظمة والقوانني‪:‬‬
‫‪ -61‬القاتون املدين األردين رقم (‪ )21‬لسنة ‪1276‬م‪.‬‬
‫‪112‬‬
‫القاتون املدين املصري رقم (‪ )111‬لسنة ‪1228‬م‪.‬‬ ‫‪-64‬‬
‫القاتون املدين الكوييت ابلقاتون رقم (‪ )67‬لسنة ‪1281‬م‪.‬‬ ‫‪-61‬‬
‫قاتون املعامالت املدتية اإلمارايت رقم (‪ )8‬لسنة ‪1288‬م‪.‬‬ ‫‪-62‬‬
‫اتفاقية فينا بشأن قاتون املعاهدات ‪1262‬م‪.‬‬ ‫‪-68‬‬
‫الالئحة التنفيذية لنظام احملاكم التجارية الصادرة ابلقرار الوزاري رقم‬ ‫‪-66‬‬
‫(‪ )8122‬بتاريخ ‪1221/11/1‬هـ‪.‬‬
‫تظام اإلجراءات اجلزائية الصادر ابملرسوم امللكي رقم (م‪ )4/‬واتريخ ‪/ 44‬‬ ‫‪-67‬‬
‫‪1218 / 1‬ه‪.‬‬
‫النظام األساسي للحكم الصادر ابألمر امللكي رقم (أ‪)21/‬‬ ‫‪-68‬‬
‫واتريخ‪1214/8/47‬هـ‪.‬‬
‫النظام البحري التجاري الصادر ابملرسوم امللكي رقم (م‪ )11/‬واتريخ‬ ‫‪-62‬‬
‫‪1221/2/8‬ه‪.‬‬
‫تظام التحكيم الصادر ابملرسوم امللكي رقم (م‪ )12/‬واتريخ‬ ‫‪-71‬‬
‫‪1211/8/42‬هـ‪.‬‬
‫تظام الشركات الصادر ابملرسوم امللكي رقم (م‪ )1/‬واتريخ ‪/ 1 / 48‬‬ ‫‪-71‬‬
‫‪1217‬هـ‪.‬‬
‫تظام القضاء الصادر ابألمر امللكي رقم (م ‪ )78‬واتريخ ‪1248/2/12‬ه ــ‪.‬‬ ‫‪-74‬‬
‫تظام احملاكم التجارية الصادر ابملرسوم امللكي رقم (م‪ )21/‬واتريخ‬ ‫‪-71‬‬
‫‪1221/8/18‬هـ‪.‬‬
‫تظام املرافعات الشرعية الصادر ابملرسوم امللكي رقم (م‪ )1/‬واتريخ‬ ‫‪-72‬‬
‫‪1218/1/44‬هــ‪.‬‬
‫تظام جملس الشورى الصادر ابألمر امللكي رقم (أ‪ )21/‬واتريخ ‪/ 8 / 47‬‬ ‫‪-78‬‬
‫سريان االتفاقيات التجاريَّة الدوليَّة يف النظام السعودي وأثرها يف مصادر القضاء التجاري‬
‫‪113‬‬
‫‪.1214‬‬
‫‪ -76‬تظام جملس الوزراء الصادر ابألمر امللكي رقم(أ‪ )11/‬واتريخ ‪/ 1 / 1‬‬
‫‪1212‬ه‪.‬‬
‫املواقع اإللكرتونية‪:‬‬
‫‪ -77‬موقع األماتة العامة جمللس التعاون لدول اخلليج العربية على شبكة‬
‫املعلومات‪.‬‬
‫‪ -78‬موقع مركز الواثئق واحملفوظات السعودي على شبكة املعلومات‪.‬‬
‫‪ -72‬موقع هيئة اخلرباء على شبكة املعلومات‪https: //www. boe. :‬‬
‫‪gov. sa/ar/Pages/default. aspx‬‬
110

bibliography

1- Ibrahim ،Shalabi "Principles of International Public Law"


(Beirut- Al-Dar Al-Jamiah –without date).
2- Ibrahim ،Ali "International Law & Domestic Law: Conflict or
Integration ،Applied ،theoretical study in the light of latest
constitutions & court judgments" (Cairo- Dar Al-Nahda Al-
Arabia ،1995).
3- Ibn Al-Qayyim "(Governance methods in legitimate
polices)verified by: Mohammad Hamid Al-Faqi (Beirut- Dar
Al-Kutub Al-Elmiyah- without date).
4- Ibn Manzour ،Jamaluddin Al-Ansari" Lisan Al-Arab "(3rd Edi.
Beirut: Dar Sader ،1414A. H).
5- Abulkhair ،Omar" Enforcement of international conventions in
Domestic legal "(Cairo: Dar Al-Nahda Al-Arabia ،2003).
6- Abulwafa ،Ahmed" International conventions in Islamic
Shariah "(Cairo: Dar Al-Nahda Al-Arabia ،1410A. H).
7- Abu-Haif ،Ali Sadeq. " International Public Law "(Alexandria:
Munshaat Al-Maaref ،1966).
8- Al-Khnein ،Abdullah" Judicial Precedents "(Publisher: Alukah
website on information network).
9- Al-Khnein ،Abdullah" Profile of Judgments "2nd Edi. ،Riyadh:
Dar Ibn Farhoun ،1434A. H).
10- Al-Alfi ،Mohammad Jubair" Introduction to study of the law in
the Kingdom of Saudi Arabia (KSA) "2nd Edi. ،Dar Al-Tahbir
for Publication & Distribution ،1441AH).
11- Al-Bahusain ،Yaqob Abdulwahab" Judgment in the
Jurisprudence Rules ". (2nd Edi. Riyadh: Dar Al-Tadmuria ،
1432AH).
12- Bashir ،Al Sahfie Mohammad. " International Public Law in
Peace & War "Alexandria: Dar Al-Fikr Al Jamie ،without
date).
13- Ibn Taimia ،Ahmed Ibn Abdulhalim. " Majmu' Fatawa
"(compiled Fatawa of Ibn Taimia). Collected & arranged by
Abdurrahman bin Saleh & his son Mohammad. (Jeddah: Dar
Al-Madani).
14- Bitar ،Walid" International Public Law ". (Beirut: University
Institution for Studies ،Publishing and Distribution ،2008).
15- Taj ،Abdurrahman. " Legal Policy & Islamic Jurisprudence
"Publisher: Alukah website on information network).
‫سريان االتفاقيات التجاريَّة الدوليَّة يف النظام السعودي وأثرها يف مصادر القضاء التجاري‬
111
16- Al Tahanawi ،Mohammad" Glossary of Arts & Science Terms
"verified by: Rafiq Alajam ،Ali Dahrouj. (1st Edi. Beirut:
Lebanon Library ،1996).
17- Tawfique ،Husamuddin Suleiman. " Saudi Commercial Law ".
(1st Edi. Riyadh: Dar Al-Kitab Al Jamie ،1439A. H).
18- Al Jebrr ،Mohammad Hasen. " Saudi Commercial Law ". 4th
Edi. Riyadh: without publisher ،1417AH).
19- Aljawhari ،Ismail Ibn Hammad. " Alsihah: Taj Allugha wa
Sihah Al-Arabia "verified by: Ahmed Abdul-Gahfour Attar.
(4th Edi. Beirut: Dar Al Elm Lilmalayin ،1407AH).
20- Hamadallah ،Mohammad Hamadallah ،" Saudi Commercial
Law "(2nd Edi. Jeddah: Khawarzm Bookstore ،1425AH).
21- Al Hamawi ،Maher. " International Public Law "(without
information).
22- Khallaf ،Abdulwahab. " the Three Powers in Islam ". (1st Edi.
Cairo: Dar Afaq Al Ghad ،1400AH).
23- Darraz ،Ramzi Mohammad. " Concept of Law conflict in
Islamic Jurisprudence ". (1st Edi. ،Beirut ،Al-Halabi
publications ،2011).
24- Al Deghaither ،Abdul-Aziz Saad ،" Force of Judicial Descents
". A Research published in the Journal of Justice issued by
Saudi Ministry of Justice. Issue 34. (1428AH): pages 174-200.
25- Al Daqaq ،Mohammad Said. " International Law ".
(Alexandria ،University Press House. Without date).
26- Al Rehahla ،Mohammad Saad; Al Khalidi ،Eynas Khalaf. "
Introduction to the Study laws ". (1st Riyadh: Al-Rushd
Bookstore ،1434AH).
27- Al-Zuhaili ،Mohammad Mustafa. " Rules of Jurisprudence &
Applications in four religious school of Islamic jurisprudence ".
(1st Edi. Damascus ،Dar Al-Fikr ،1427AH).
28- Al Sarhan ،Bakr Abdulfattah. " Introduction to Science of Law
"(1st Edi. ،Amman ،Dar Al-Mesira ،1433AH).
29- Salama ،Ahmed Abdulkareem. " Saudi Private International
Law "(Riyadh: Scientific publications at King Saud University ،
1418AH).
30- Sultan ،Hamid. " Rules of International Law in the Islamic
Shariah ". (Cairo: Dar Al-Nahda Al Arabia ،1986).
31- Al Sanhouri ،Abdul-Razzaq ،Abu Stet ،Dr. Ahmed. " Principles
of Law "(Cairo: Authorship & Translation committee press ،
1950).
32- Shabir ،Mohammad Ahmed. " Contemporary Financial
Transactions "(3rd Edi. ،Amman ،Dar Al Nafaies ،1419AH).
111
33- Al Sharif ،Naif Ibn Sultan ،Al Qurashi ،Dr. Ziyad Ibn Ahmed. "
Commercial Law ". (First Edi. ،Jeddah ،Dar Hafiz for
Publication & Distribution ،1428AH).
34- Shukri ،Mohammad Abdul-Aziz. " Introduction to Public
International Law in Peace Time "(Dar Al-Fkir ،1980).
35- Al Shammari ،Fahd Naif. " Legal impact of international
convections on National Law and Judiciary "– comparative
study ،(Master thesis in faculty of Law at UAE
University2018).
36- Al Shenqiti ،Mohammad Mustafa" Islamic Study to most
important updated financial contracts "(2nd Edi. ،Madinah
Munawarah ،Al Ouloum wal Hikem Bookstore ،1422AH).
37- Al Siddiqi ،Dayru Yusuf. " Jurisprudential updates in
International relations ". (1st Edi. Amman ،Dar Al Nafaies
2012).
38- Sager ،Atyah Abdulhalim" Introduction to System Study:
theories of Law and Right ". (posted on author's page on
information network).
39- Taha ،Mustafa Kamal; Bondouq ،Wael Anwar. "
Fundamental of Commercial Law ". (Alexandria: Dar Al-Fikr
al Jamie ،2007).
40- Abdul-Hamid ،Mohammad ،Al Daqaq ،Mohammad Khalifa ،
Ibrahim. " International Public Law "(Alexandria: University
Press House ،2003).
41- Abdul-Muneim ،Fuad Ahmed. " Introduction to Laws & Rights
in the Kingdom of Saudi Arabia ". (publisher: Alukah website
on information network 1425AH).
42- Osman ،Usama Mohammad. " chapters in Principles of Law ".
(1st Edi. ،Riyadh: Al Rushd Bookstore ،1438AH).
43- Arafa ،Mohammad El-Seyed. " Saudi Private International Law
". (1st Edi. Riyadh ،Dar Al Moayed ،1421AH).
44- Atwa ،Abdelaal Ahmed. " Introduction to Shariah Policies ".
(1st Edi. Riyadh ،publication of Imam Muhammad Ibn Saud
Islamic University ،1414AH).
45- Allam ،Wael. " Status of International Convention in
constitution of UAE "(Journal of Shariah & Law in UAE
University issue 59: (2014) pages 131-190.
46- Alwan ،Abdulkareem. " Intermediary in International Public
Law ". (Amman: Dar Al-Thaqafa Publications ،2011)
47- Alwan ،Mohammad Yusuf. " International Public Law "Dar
Wael Publications ،2007)
48- Al-Ghamdi ،Naser،. " Introduction to Shariah Policies &
‫سريان االتفاقيات التجاريَّة الدوليَّة يف النظام السعودي وأثرها يف مصادر القضاء التجاري‬
111
Applicable Laws "(1st Edi. ،Makah Al Mukaramah: Dar Taiba
Al-Khadra' ،1436AH).
49- Alqasem ،Abdurrahman. " Private International Law & its
Rules in Islamic Shariah its application is the Saudi Law ". (1st
Edi. ،Cairo: Dar Al Sa'ada ،1397AH).
50- Alqasmi ،Mohammad. " Relation between public International
Law & Domestic Law "applied study on UAE ،Journal of
Security & Law of Dubai Police Academy issue 2 (2013):
pages 113-156.
51- Al-Qurtubi ،" Al-Jami' Li ahkam Al-Quran "(the entire of
Quran provisions). (Beirut: Dar Ehyaa' Al-Turath Al-Arabi ،
1405AH).
52- Al Qarni ،Mohammad Ibn Ali. " the Role of Shariah policies in
ending organizational vacuum in the Saudi law "(Adjudicated
research & accepted for publication in Taibah University
Journal of Arts & Humanities).
53- Al Mahamid ،Muwafaq. " Legal Value of International
Conventions in the Jordanian Constitutions 1952 "Journal of
Rights in Kuwait University issue 4 ،(2011): pages 421-468.
54- Makhlouf ،Ahmed Saleh. " Intermediary in Explanation latest
Judicial law in KSA ". (1st Edi. ،Riyadh: publications of
Institute of Administration ،1434AH).
55- Almadani ،Hamza Ali. " Saudi Commercial Law ". (1st ،
Jeddah ،Dar Al-Madani press for publication and distribution ،
1406AH).
56- Almarzouqi ،Mohammed Ibn Abdullah. " Regulatory Authority
in KSA "(1st Edi. ،Riyadh: Al-Obeikan Bookstore ،1425AH).
57- Marshaha ،Mahmoud. " the Concise in International Public
Law ". (Syria: publications of Aleppo university ،1994).
58- Alnajjar ،Mohammad; Al-Zayat ،Ahmed; Mustafa ،Ibrahim;
Abdulqader ،Hamid. " Intermediate Lexicon ". (publication of
the Academy of Arabic Language Cairo).
59- Ministry of Justice ،" Blog of Principles & Decrees issued by
supreme ،permanent & general body of Supreme Judicial
Council & Supreme Court ". (1st Edi. Riyadh ،Riyadh ،
1439AH).
60- Yahiya ،Said. " Concise in Saudi Trade Law ". (7th Edi.
Jeddah ،Okaz Bookstores Company for Publication &
Distribution ،2004).
Systems and Laws:
61- Jordan Civil Law No. 43 1976
62- Egypt Civil Law No. 131 1948
111
63- Kuwait Civil Law with Art No. (67) 1980
64- Law of Civil Transactions in UAE No. (5) 1985.
65- The Vienna convention regarding law of conventions 1969.
66- Executive Regulations of Trade Courts issued with Ministerial
Resolution No. (8344) dated: 1/11/1441AH.
67- Law of Criminal Procedure issued with Royal decree No. (M2)
dated 22/1/1435AH.
68- Basic System of Governance issued with Royal decree No.
(A/90) dated 27/8/1412AH.
69- Maritime Trade Law issued with Royal decree No. (M/33)
dated 5/4/1440AH.
70- Law of Arbitrary issued with Royal decree No. (M/34) dated
24/5/1433AH.
71- Law of Companies issued with Royal decree No. (M/3) dated
21/1/1437AH
72- Law of Judiciary issued with Royal decree No. (M/78) dated
19/9/1428AH.
73- Law of Trade Courts issued with Royal decree No. (M/93)
dated 15/8/1441AH.
74- Law of Procedure Before Sharia Courts issued with Royal
decree No. (M/1) dated 22/1/1435AH.
75- Law of Shura Council issued with Royal decree No. (A/91)
dated 27/8/1435AH.
76- Law of The Council of Ministers issued with Royal decree No.
(A/13) dated 3/3/1414AH.
Website:
77- Website of Secretariat General of the Gulf Cooperation Council
of GCC on network.
78- Website of The National Center for Archives and Records on
network.
79- Website of Bureau of Experts on network. https: //www. boe.
gov. sa/ar/Pages/default. aspx
‫الوضع حتت املراقبة اإللكرتونيَّة كعدقوبة بّيلة عن السجن‬
‫يف اململكة العربيَّة السعوديَّة‬
Putting the Perpetrator Under Electronic
Surveillance as an Alternative Punishment of
Imprisonment in the Kingdom of Saudi Arabia

‫ قسم‬،‫ كليَّة الشريعة واألنظمة‬،‫ جامعة الطائف‬،‫ماجستري قانون عام‬


‫األنظمة‬

Prepared by :
Sharifa bint Hamad bin Mayoud Al-Harthy
Master of Public Law - Taif University ،College of
Sharia and Regulations ،Department of Regulations
Email: Sharifa1997m@gmail. com

‫اعتماد البحث‬ ‫استالم البحث‬


A Research Approving A Research Receiving
2023/06/21 2022/11/22
‫نشر البحث‬
A Research publication
2023/09/30
DOI : 10.36046/2323-056-206-027
‫الوضع حتت املراقبة اإللكرتونيَّة كعقوبة بديلة عن السجن يف اململكة العربيَّة السعوديَّة‬
‫‪111‬‬

‫ملخص البحث‬

‫اجتهت معظم األتظمة العقابية املعاصرة ل ى استحداث عقوابت بديلة لعقوبة‬


‫السجن؛ وذلك للحد من اآلاثر السلبية الناجتة منه‪ ،‬ولع من أهم هذه العقوابت‬
‫البديلة هي عقوبة الوضع حتت املراقبة اإللكرتوتية اليت يتم فيها تقييد حرية اخلاضع‬
‫للمراقبة بواسطة أجهزة التِّ ْقنِية احلديثة كالسوار اإللكرتوين الذي يثبت على يد املراقب‬
‫أو قدمه‪ .‬وهندف يف هذا البحث ل ى تسليط الضوء بشك خاص على عقوبة املراقبة‬
‫اجلنائية اإللكرتوتية كعقوبة بديلة عن السجن‪.‬‬
‫وتكمن أمهية البحث يف لثبات حتقق الغاية اجلوهرية من العقوبة‪ ،‬وهي ليالم‬
‫املعاقب ولعادة تصحيح سلوكه يف عقوبة الوضع حتت املراقبة اإللكرتوتية‪.‬‬
‫وأسفر هذا البحث عن عدة تتائج للمراقبة اإللكرتوتية أبرزها على صعيد‬
‫املصلحة العامة‪ :‬ختفيف ضغوط النفقات على ميزاتية الدولة‪ ،‬وعلى صعيد املصلحة‬
‫اخلاصة‪ :‬احلفاظ على استقامة اجملرم غري اخلطري من اتدماجه يف عوامل اجلرمية جراء‬
‫اختالطه ابجملرمني اخلطرين يف السجن‪.‬‬
‫ويوصي هذا البحث بضرورة دخول املراقبة اجلنائية اإللكرتوتية ل ى حيز التنفيذ‬
‫العقايب كأهم عقوبة بديلة عن السجن‪.‬‬
‫الكلمات املفتاحيَّة‪( :‬العقوابت البديلة ‪ -‬عقوبة الوضع حتت املراقبة‬
‫اإللكرتوتية ‪ -‬املؤسسة العقابية ‪ -‬السوار اإللكرتوين ‪ -‬احلبس)‪.‬‬
122

Abstract

Most contemporary penal systems have tended to create alternative


penalties to imprisonment in order to reduce the negative effects
resulting from it. Perhaps the most important of these alternative
penalties is the penalty of placing the perpetrator under electronic
surveillance in which the freedom of the person under surveillance is
restricted by modern technology devices such as the electronic
bracelet that is installed on the offender's hand or foot. Particularly ،
we aim in this research to shed light on the penalty of electronic
criminal surveillance as an alternative to imprisonment .
The importance of this research lies in proving the achievement of
the essential purpose of the punishment ،which is punishing the
offender for his crime and correcting his behavior by placing the
offender under electronic surveillance .
This research resulted in several outcomes of electronic
monitoring ،most notably on the level of public interest: easing the
pressures of expenditures on the country's budget ،and on the level of
private interest: maintaining the integrity of non-dangerous criminals
from involvement in the crime world which could result from
mingling with dangerous criminals in prison .
This research recommends that electronic criminal monitoring
should enter punitive enforcement as the most important alternative to
imprisonment .
Keywords: (alternative penalties - the penalty of placing under
electronic surveillance - the penal institution - electronic bracelet -
imprisonment(.
‫الوضع حتت املراقبة اإللكرتونيَّة كعقوبة بديلة عن السجن يف اململكة العربيَّة السعوديَّة‬
‫‪123‬‬

‫املدقِّمة‬

‫لن مفهوم احلبس ًل ينطوي فقط على ليداع احملبوس يف املؤسسة العقابية حتت‬
‫حبسا‪ ،‬واألص‬
‫احلراسة املشددة ابلشك التقليدي‪ ،‬فك ما يقيد حرية اإلتسان يعد ا‬
‫‪" :‬احلبس الشرعي ليس‬ ‫يف احلبس هو احلد من حرية احملبوس‪ .‬ويقول ابن القيم‬
‫هو السجن يف مكان ضيق‪ ،‬ولمنا هو تعويق الشخص ومنعه من التصرف بنفسه‬
‫حيث شاء"(‪ ،)1‬وعقوبة احلبس التقليدي من أقدم العقوابت اليت وجدت يف الشرائع‬
‫السابقة‪ ،‬ولسنا بصدد اتتقاد هذه العقوبة على اإلطالق‪ ،‬وًل تبجي بدائلها بغلو‬
‫يزعزع هيبة العقاب يف النفوس‪ ،‬وًل ميكننا أن تنكر مزاايها كعقوبة مبا حتققه من‬
‫لجيابيات على اجملتمع بعزل اجملرمني اخلطرين عنه وحفظ أمنه‪.‬‬
‫أيضا أن هنم السلبيات الناجتة عنها‪ ،‬وقد تسببت هذه السلبيات يف‬
‫وًل ميكن ا‬
‫احلاجة ل ى استحداث عقوابت بديلة للحبس‪ ،‬ولع مما يؤيد اًلجتاه التطويري‬
‫السع ي‬
‫ودي أمهية‬ ‫لألتظمة العقابية‪ ،‬ويزيد اًلهتمام ابلعقوابت البديلة لدراك املنظم ُّ ُ‬
‫العقوابت البديلة‪ ،‬واحلاجة ل ى تطوير السياسة العقابية يف اململكة‪ ،‬وطرح مشروع‬

‫(‪ )1‬حممد بن أيب بكر ابن قيم اجلوزية‪» ،‬الطرق احلكمية يف السياسة الشرعية«‪( .‬ط‪ ،2‬دار علوم‬
‫الفوائد)‪ ،‬ص‪.462‬‬
‫‪120‬‬

‫لنظام خاص هبا (مشروع تظام العقوابت البديلة) والذي يُلتمس فيه دمج القضاء‬
‫الرتبوي ابلقضاء اجلزائي‪ ،‬واًلهتمام إبصالح اجلاين‪ ،‬والنأي به عن سلبيات السجون‪.‬‬
‫وعرف املشروع العقوابت البديلة أبهنا‪" :‬األعمال والتدابري واإلجراءات البديلة‬
‫لعقوبة اجللد أو السجن الذي ًل تتجاوز مدته ثالث سنوات‪ ،‬واليت ختضع لسلطة‬
‫القضاء التقديرية‪ ،‬ويكون من شأهنا حتقيق املصلحة املرجوة من العقاب‪ ،‬وضمان حق‬
‫وحددت فيها العديد من العقوابت البديلة من‬ ‫اجملين عليه وحقوق اجملتمع"(‪)1‬‬
‫ُ‬
‫ضمنها‪ :‬تقييد احلرية خارج السجن يف تطاق مكاين حمدد ومناسب بوضع القيد‬
‫اإللكرتوين يف معصم احملكوم عليه(‪ )4‬اليت هي موضوع حبثنا وتعد من أهم العقوابت‬
‫البديلة للسجن يف الساحة اجلنائية‪ً ،‬ل سيما بعد لثبات جناحها يف الكثري من الدول‬
‫اليت طبقتها ضمن سياستها العقابية‪ .‬ولعلنا يف هذا البحث تسلط الضوء بشك‬
‫خاص على املراقبة اإللكرتوتية وأمهيتها يف الوسط العقايب احلديث‪.‬‬
‫‪ ‬الّراسـات السابدقـة‪:‬‬
‫أ‪-‬عبد هللا اليوسف‪ ،‬آراء القضاة والعاملني يف السجون وحو البدائل‬
‫االجتماعية للعقوابت البديلة عن السجن ‪2006‬م‪ :‬أوضحت تتائج هذه الدراسة‬
‫أن غالبية القضاة والضباط واإلخصائيـني اًلجتماعيني لديهم آراء لجيابية حنو بدائ‬
‫ودي؛ ويف هذا لشارة واضحة‬ ‫السع ي‬
‫السجون‪ ،‬ويعتقدون أته ميكن تطبيقها على اجملتمع ُّ ُ‬
‫ل ى أن الظروف مهيأة إلجياد جمموعة من البدائ للسجون‪.‬‬

‫السع ي‬
‫ودي‪.‬‬‫(‪ )1‬املادة األو ى من مشروع تظام العقوابت البديلة ‪ -‬من النظام ُّ ُ‬
‫السع ي‬
‫ودي‪.‬‬‫(‪ )4‬املادة الرابعة والثامنة عشرة من مشروع تظام العقوابت البديلة ‪ -‬من النظام ُّ ُ‬
‫الوضع حتت املراقبة اإللكرتونيَّة كعقوبة بديلة عن السجن يف اململكة العربيَّة السعوديَّة‬
‫‪121‬‬
‫وكشفت تتائج الدراسة عن أن بعض القضاة ًل يزالون يضعون السجن يف ُسلم‬
‫أولوايت العقوبة؛ مما حيتاج ل ى املزيد من الدراسة والبحث‪ .‬كما أكدت الدراسة أن‬
‫بعض الضبـاط مـا زال لديهم قناعـة بدور السجن يف جمال العقوبة‪ ،‬وًل يقتنعون‬
‫بسلبيات السجن؛ مما يتطلب املزيد من التوعية ابلعقوابت البديلة للحبس‪ ،‬وهو ما‬
‫حنن بصدده يف هذا البحث املخصص إلحدى العقوابت البديلة (الوضع حتت املراقبة‬
‫اإللكرتوتية)‪.‬‬
‫السع ِ‬
‫ودية‬ ‫ب‪ -‬نورة القحطاين‪ ،‬اجتاهات أعضاء هيئة التدريس ابجلامعات ُّ ُ‬
‫حول نظام املراقبة اإللكرتونيَّة كبديل عن االحتجاز والعقوابت البديلة عن‬
‫ودي ‪2020‬م‪ :‬كشفت تتائج هذه‬ ‫السع ِ‬
‫السجن قصرية املدة للمرأة يف اجملتمع ُّ ُ‬
‫الدراسة عن موافقة أفرادها بدرجة عالية ًّ‬
‫جدا على املربرات اليت تدفع ابجتاه تطبيق‬
‫السع ي‬
‫ودي‪،‬‬ ‫املراقبة اإللكرتوتية كبدي عن السجن قصري املدة للمـرأة يف اجملتمع ُّ ُ‬
‫وتصدرها املربرات الصحية والنفسية واملعاانة النفسية للسجينة وأفراد أسرهتا‪ ،‬واألمراض‬
‫النفسية اليت قد تصيبها تتيجة اإلبعاد بينها وبني أطفاهلا‪.‬‬
‫مث املربرات اًلجتماعية وعدم قدرة السجينة وأسرهتا على التكيف مع اجملتمع‬
‫تتيجة الوصم اًلجتماعي‪ ،‬وأته تظام جينب السجينات العزلة اًلجتماعية‪ ،‬وحيد بدرجة‬
‫كبرية من الوصم اًلجتماعي‪ .‬واقتصر البحث على دراسة حال السجينة ومعاانهتا‬
‫املرتتبة على احلبس‪.‬‬
‫ويف هذا البحث سيتم التطرق ل ى أ وضاع السجني بشك عام على مستوى‬
‫اجلنسني‪ ،‬وما لجيابيات وسلبيات وضعه حتت املراقبة اإللكرتوتية مع أهم شروط‬
‫وضوابط التنفيذ‪.‬‬
‫‪121‬‬

‫‪ ‬اهلّف من البحث‪:‬‬
‫تسليط الضوء على عقوبة الوضع حتت املراقبة اإللكرتوتية ومعرفة مدى‬
‫السع ي‬
‫ودية‪.‬‬ ‫فاعليتها كعقوبة ولمكاتية تطبيقها يف اململكة العربية ُّ ُ‬
‫‪ ‬أهمية البحث من الناحية النظرية والعملية يف اآلتي‪:‬‬
‫من الناحية النظرية‪ :‬أاثر تظام املراقبة اإللكرتوتية كبدي لعقوبة السجن كثري‬
‫من اجلدل والعديد من األسئلة‪ ،‬وأمهها مدى مناسبة هذا اإلجراء أو اجلزاء اجلنائي‬
‫البدي للسجن لتنفيذه على أرض الواقع‪ ،‬وتزيد من أمهيته النظرية تدرة البحوث‬
‫السع ي‬
‫ودية‪.‬‬ ‫والدراسات يف جمال عقوبة املراقبة اإللكرتوتية يف املكتبة القاتوتية ُّ ُ‬
‫وأما من انحية األمهية العملية‪ :‬فهي تكمن يف اًلستفادة من التطور التقين يف‬
‫عصران وتوظيفه يف جمال األتظمة اجلزائية والذي يساعد اجلهات املختصة بتنفيذ‬
‫العقوبة البديلة عن السجن بشك غري تقليدي خارج أسوار املؤسسة العقابية؛ مما‬
‫يسهم يف احلد من مساوئ السجن‪.‬‬
‫‪ ‬إشكالية البحث‪:‬‬
‫ما زالت املراقبة اإللكرتوتية يف جمال العقوابت اجلنائية واعتبارها عقوبة حمققة‬
‫ألهدافها ًّ‬
‫حمال للشك؛ ومن هنا تثور األسئلة اآلتية‪:‬‬
‫ه ميكن للمراقبة اإللكرتوتية كعقوبة أن حت حم السجن‪ ،‬وه ستحقق‬
‫كعقوبة الغاية من العقوابت؟‬
‫ه ستحافظ على املصلحة العامة وردع اجملرم وعدم العودة لألفعال اجملرمة؟‬
‫ه ميكن من خالهلا لصالح وتقومي سلوك اجملرم؟‬
‫الوضع حتت املراقبة اإللكرتونيَّة كعقوبة بديلة عن السجن يف اململكة العربيَّة السعوديَّة‬
‫‪121‬‬
‫‪ ‬منهجية البحث‪:‬‬
‫اعتمدان على املنهج الوصفي لعرض مجيع التفاصي املتعقلة مبشكلة البحث‬
‫واملنهج التحليلي لآلراء واألفكار حول هذه العقوبة‪ ،‬كما استعنا ببعض النصوص‬
‫القاتوتية من األتظمة اجلزائية اليت جعلت املراقبة اإللكرتوتية جزءاا من سياستها‬
‫العقابية‪ ،‬كقاتون اإلجراءات اجلزائية اإلمارايت وقاتون اإلجراءات اجلزائية اجلزائري‪.‬‬
‫‪ ‬خطة البحث‪:‬‬
‫قُسم هذا البحث ل ى مبحثني رئيس ي‬
‫ني تسبقهما مقدمة‪.‬‬ ‫َ‬
‫املبحث األول‪ :‬ماهية املراقبة اإللكرتونيَّة وأساليبها ومربراهتا‪.‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬اإلطار القانوين لتطبيق عقوبة الوضع حتت املراقبة‬
‫اإللكرتونيَّة‪.‬‬
‫اخلامتة‪:‬‬
‫تتضمن أهم النتائج والتوصيات‪.‬‬
‫‪121‬‬
‫املبحث األوَّل‪ :‬ماهية املراقبة اإللكرتونيَّة وأساليبها ومربراتها‬
‫يتطلب فهم عقوبة الوضع حتت املراقبة اإللكرتوتية بيان ماهية املراقبة‬
‫اإللكرتوتية من حيث النشأة واملفهوم‪ ،‬وبيان األساليب الفنية والتي ْقنيية لتنفيذها‪ ،‬وأهم‬
‫مربرات استخدامها‪ ،‬وقد قسمنا هذا املبحث ل ى ثالثة مطالب ليتم توضيح تشأة‬
‫ومفهوم املراقبة اإللكرتوتية يف املطلب األول‪ ،‬وتناولنا يف املطلب الثاين األساليب الفنية‬
‫لتطبيق املراقبة اإللكرتوتية‪ ،‬مث عرضنا يف املطلب الثالث أهم مربرات استخدام املراقبة‬
‫اإللكرتوتية‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬نشأة ومفهوم املراقبة اإللكرتونيَّة‬
‫توعا ما‪ ،‬فنجد هلا أ اثرا يف اإلمرباطورية الروماتية‬
‫تعد فكرة اًلعتقال احلر قدمية ا‬
‫القدمية‪ ،‬فقد ُع يرف فيها تظام اًلعتقال احلر وللزام احملكوم عليه ابلبقاء يف منزله‪،‬‬
‫وذلك حتت حراسة أمنية مع تعيني كفي أو ضامن له يقوم هذا األخري بتمثيله أمام‬
‫جملس القضاء‪ .‬لًل أن هذا النظام مل يستمر ومل يتطور ًل يف مرحلة احملاكمة‬
‫"التوقيف"(‪ ،)1‬وًل يف مرحلة تنفيذ العقوبة (بعد صدور احلكم ابحلبس) وذلك لعدم‬
‫رضا القضاة عنه ًلعتبارهم أن هذا اإلجراء أو النظام خم ابألمن؛ فهو لجراء رضائي‬
‫غري مقرتن بضماانت تكف جناحه مث للزام احملكوم عليه بدفع كفالة مالية(‪.)4‬‬
‫يف الدول األجنبية‪ :‬ترجع تشأة تظام املراقبة اإللكرتوتية ل ى الوًلايت املتحدة‬

‫)‪ )1‬احلبس اًلحتياطي‪.‬‬


‫(‪ )4‬أسامة عبيد‪» ،‬املراقبة اجلنائية اإللكرتوتية دراسة مقارتة«‪( .‬ط‪ ، 1‬القاهرة‪ :‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫‪4112‬م)‪.7 ،‬‬
‫الوضع حتت املراقبة اإللكرتونيَّة كعقوبة بديلة عن السجن يف اململكة العربيَّة السعوديَّة‬
‫‪121‬‬
‫األمريكية؛ حيث درس أستاذان أمريكيان ‪ R-A Ball J-R Lilly‬فكرة تظام املراقبة‬
‫اإللكرتوتية ومدى حتقيق العقوبة ألهدافها وتوصال ل ى أن املراقبة اإللكرتوتية (ابلسوار)‬
‫حتق ق أهداف العقاب على اجملرم من تكفري ولعادة تصحيح لسلوكه؛ فهي كعقوبة‬
‫حديثة تتفق مع أهداف العقوبة التقليدية(‪.)1‬‬
‫احا بتنفيذ املراقبة‬
‫وبعد ذلك طرح الدكتور (‪ )Ralphs chwizgebe‬اقرت ا‬
‫اإللكرتوتية كعقوبة بديلة للعقوابت البديلة عن السجن قصرية املدة عام (‪1271‬م)‪،‬‬
‫مبهورا‬
‫لكن هذا اًلقرتاح مل يطبق ل ى أن آمن به القاضي )‪ )Jack love‬والذي كان ا‬
‫بفكرة التتبع اإللكرتوين عن طريق لسورة يف معصم اليد شاهدها أول مرة يف مسلس‬
‫كرتوين يف عام (‪1277‬م)‪ ،‬وحاول بعدها لقناع رؤسائه جبهاز التتبع اإللكرتوين ومبا‬
‫يقدمه من فائدة عملية للعدالة اجلنائية‪ ،‬وجنح بعد ذلك يف لقناع موزع برجميات لشركة‬
‫هاين وول األ مريكية ابلتفرغ إلتتاج جهاز لرسال وجهاز استقبال تتم عن طريقهما‬
‫عملية املراقبة اإللكرتوتية بنفس فكرة األسورة أو قيد اليد يف املسلس الكرتوين‪.‬‬
‫ويف عام (‪1281‬م) مت لجناز األسورة اإللكرتوتية‪ ،‬وقام القاضي )‪)Jack love‬‬
‫بتجربتها لثالثة أسابيع قب أن يصدر قر اارا إبيداع مخسة من املتهمني حتت املراقبة‬
‫اإللكرتوتية يف وًلية تيومكسيكو‪ .‬وبعد جناح هذه التجربة تبَـنتها العديد من القواتني‬
‫يف واشنطن وفرجينيا وفلوريدا ومتشجن وكاليفورتيا وأًلابما‪ ،‬ووص عدد الربامج‬
‫احلكومية األمريكية اليت تبَـنت تظام املراقبة اإللكرتوتية ل ى (‪ )28‬برانمج يف عام‬

‫(‪ )1‬صفاء أواتين‪» .‬الوضع حتت املراقبة اإللكرتوتية "السوار اإللكرتوين" يف السياسة العقابية‬
‫الفرتسية«‪ .‬جملة جامعة دمشق للعلوم اًلقتصادية والقاتوتية ‪4112( ،1‬م)‪.111 :‬‬
‫‪121‬‬

‫(‪1286‬م) يف ‪ 46‬وًلية(‪ .)1‬وكان هذا قب امتداد واتتشار تظام املراقبة اإللكرتوتية‬


‫يف القواتني األوروبية‪.‬‬
‫وبعد جناح تظام املراقبة اإللكرتوتية يف الوًلايت املتحدة األمريكية اتتق تظام‬
‫املراقبة اإللكرتوتية ل ى العديد من دول أورواب‪ ،‬ففي هولندا بدأ التفكري يف تطبيقه يف‬
‫عام (‪1288‬م)‪ ،‬وبدأ تطبيقه بصفة تدرجيية يف بعض املقاطعات الشمالية‪ ،‬ويف‬
‫السويد مت لدخال املراقبة اإللكرتوتية مبوجب قاتون صدر يف (‪1222‬م) وتطبيقها‬
‫كطريقة لتنفيذ العقوبة البديلة عن السجن قصرية املدة يف بعض املقاطعات‪ ،‬وبعد ما‬
‫أثبت النظام جناحه مت تعميمه يف الدولة يف يناير (‪1227‬م)‪ ،‬ويف أسرتاليا أُدخ‬
‫النظام على سبي التجربة يف (‪1224‬م) يف بعض دوائر مقاطعة تيوساث واعترب بدي اال‬
‫لعقوبة احلبس‪ ،‬وبعد جناحه وضع مشروع قاتون يف (‪1226‬م) ليعمم على كافة أحناء‬
‫فعال يف أول (‪1227‬م)(‪.)4‬‬
‫أسرتاليا ومت تطبيقه ا‬
‫ويف فرتسا (‪1227‬م) مت استحداث املواد ‪ 7/741‬ل ى ‪ 14/741‬يف قاتون‬
‫تظام‬
‫اإلجراءات اجلنائية الفرتسي ليُستبدل ابلعقوابت البديلة عن السجن ملدة قصرية ُ‬
‫املراقبة اإللكرتوتية‪ ،‬ومت تطبيق النظام بصورة جتريبية يف عام (‪4111‬م) يف بعض‬
‫املؤسسات العقابية حَت وص عدد املستفيدين من النظام يف عام (‪4114‬م) ‪121‬‬
‫تص قاتون توجيه‬
‫شخصا منفذة عليهم العقوبة‪ .‬وبعد أن أثبت النظام جناحه صدر ُّ‬
‫ا‬

‫(‪ )1‬أسامة عبيد‪ ،‬مرجع سابق‪.11-2 ،‬‬


‫(‪ )4‬عمر سامل‪» .‬املراقبة اإللكرتوتية طريقة حديثة لتنفيذ العقوبة البديلة عن السجن خارج‬
‫السجن«‪( ،‬ط‪ 1‬القاهرة‪ :‬دار النهضة العربية‪4118 ،‬م)‪.28-27 ،‬‬
‫الوضع حتت املراقبة اإللكرتونيَّة كعقوبة بديلة عن السجن يف اململكة العربيَّة السعوديَّة‬
‫‪121‬‬
‫وتنظيم العدالة يف (‪4114‬م) على تعميم تظام املراقبة اإللكرتوتية تدرجييًّا على ثالث‬
‫سنوات حبيث يستفيد منه (‪ )211‬شخص من املنفذة عليهم العقوبة‪ ،‬مث يضاف‬
‫(‪ )111‬مستفيد ك شهر للوصول ل ى تطبيقه على (‪ )1111‬مستفيد يف سنة‬
‫(‪ 4116‬م)‪ ،‬مث مت تعديله مره أخرى يف قاتون صدر عام (‪ ،)4112‬وبلغ جمموع‬
‫املستفيدين من تظام املراقبة اإللكرتوتية يف عام (‪4111‬م) حنو (‪)8767‬‬
‫مستفيدا(‪.)1‬‬
‫ا‬
‫يف الدول العربية‪ :‬تعد اجلزائر أول الدول العربية اليت تبَـنت تظام املراقبة‬
‫اإللكرتوتية ضمن خطة لصالحية شهدها قطاع العدالة اجلزائية وتظام السجون؛ حيث‬
‫وخ يول فيها احملقق بوضع املتهم‬
‫مت لدراج تظام املراقبة اإللكرتوتية يف العم القضائي‪ُ ،‬‬
‫حتت الرقابة اإللكرتوتية مبوجب األمر ‪ 18-4‬الصادر يف (‪4118‬م) املعدل واملتمم‬
‫لقاتون اإلجراءات اجلزائية‪.‬‬
‫وقد صدر قاتون رقم ‪ 18-11‬يف (‪4118‬م) الذي جاء يف مضموته استبدال‬
‫عقوبة احلبس جزئيًّا أو كليًّا ابلوضع حتت املراقبة اإللكرتوتية بواسطة السوار ليصبح‬
‫حكما هنائيًّا(‪.)4‬‬
‫شامال احملكوم عليهم ا‬
‫تظام املراقبة اإللكرتوتية ا‬

‫(‪ )1‬أمحد زاهر‪» .‬دور الوسائ التكنولوجية احلديثة يف تنفيذ اجلزاءات اجلنائية (املراقبة اإللكرتوتية‬
‫الثابتة واملتحركة)« ‪ .‬جملة الفكر القاتوين واًلقتصادي ‪4111( ،2‬م)‪.144 :‬‬
‫(‪ )4‬أ‪-‬األمر ‪ 18-4‬الصادر يف ‪4118‬م املعدل واملتمم لقاتون اإلجراءات اجلزائية‪.‬‬
‫ب‪-‬تبيلة صدرايت‪» .‬الوضع حتت املراقبة اإللكرتوتية كنظام جديد لتكييف العقوبة"دراسة يف‬
‫ضوء القاتون ‪ 18-11‬املتمم لقاتون تنظيم السجون ولعادة اإلدماج اًلجتماعي‬
‫للمحبوسني«‪ .‬جملة الدراسات والبحوث القاتوتية ‪4118( ،12‬م)‪.188 :‬‬
‫‪132‬‬

‫ويف مملكة البحرين صدر قاتون العقوابت البديلة يف (‪4117‬م)‪ ،‬وحددت‬


‫املادة الثاتية منه العقوابت البديلة‪ ،‬ومن ضمنها‪ :‬عقوبة اخلضوع للمراقبة اإللكرتوتية‬
‫يف الفقرة (هـ)‪ ،‬وحدد القاتون الشروط الواجب توافرها يف احملكوم عليه واًللتزامات‬
‫اليت تُـ ْفَرض عليه(‪.)1‬‬
‫مث أتيت بعد ذلك دولة اإلمارات العربية املتحدة حيث صدر فيها تعدي لبعض‬
‫أحكام تظام اإلجراءات اجلزائية اًلحتادي يف (‪4118‬م)‪ ،‬ومت لدراج املراقبة اإللكرتوتية‬
‫كإجراء بدي عن "التوقيف"(‪.)4‬‬
‫مفهوم املراقبة اإللكرتونيَّة‪ :‬تعد املراقبة اإللكرتوتية يف الوسط اجلنائي من‬
‫أحدث العقوابت أو اإلجراءات اجلزائية يف األتظمة اجلزائية والسياسات العقابية اليت‬
‫تتج ه ل ى العقوابت اإلصالحية للجناة ولعادة تقوميهم ولدماجهم؛ حيث يتم فيها‬
‫وبديال‬
‫ا‬ ‫توظيف وسائ التي ْقنيية احلديثة للمراقبة لتصبح ا‬
‫بديال للمؤسسة العقابية‪،‬‬
‫للمراقبة البشرية‪ ،‬فهي وسيلة للتقييد والرصد والتتبع للمتهم أو اجملرم اخلاضع ألمر‬
‫املراقبة ابختالف أساليب املراقبة‪ .‬وتُـ َعرف عقوبة الوضع حتت املراقبة اإللكرتوتية على‬
‫صعيد الفقه القاتوين أبهنا‪ :‬استخدام الوسائط اإللكرتوتية للتأكد من وجود اخلاضع هلا‬
‫يف الفرتتني الزماتية واملكاتية املتفق عليهما ساب اقا بني احملكوم عليه والسلطة‬

‫(‪ )1‬القاتون البحريين رقم ‪ 18‬لسنة ‪ 4117‬م بشأن العقوابت والتدابري البديلة‪.‬‬
‫(‪ )4‬القاتون اإلمارايت رقم ‪ 17‬لسنة ‪ 4118‬م بشأن تعدي بعض أحكام تظام اإلجراءات اجلزائية‬
‫الصادر بقاتون احتادي رقم‪ 18‬سنة ‪1224‬م‪.‬‬
‫الوضع حتت املراقبة اإللكرتونيَّة كعقوبة بديلة عن السجن يف اململكة العربيَّة السعوديَّة‬
‫‪133‬‬
‫أيضا أبهنا‪ :‬املراقبة عن بعد وميكن من خالهلا التأكد من وجود‬ ‫(‪)1‬‬
‫وعرفَت ا‬
‫القضائية ‪ُ ،‬‬
‫أو غياب شخص عن املكان املخصص إلقامته مبوجب حكم قضائي يسمح فيه‬
‫للمحكوم عليه ابلبقاء مبنزله وحتديد حتركاته ومراقبتها بواسطة جهاز يثبت يف معصمه‬
‫أو أسف قدمه(‪ ،)4‬ويرى البعض أهنا‪ :‬للزام احملكوم عليه ابإلقامة يف حم لقامته أو‬
‫مكان سكنه خالل وقت حمدد‪ ،‬ويتم التأكد من ذلك عن طريق جهاز لرسال يوضع‬
‫يف يد احملكوم عليه متص جبهاز الكمبيوتر يف مركز املراقبة تتم من خالله معرفة لذا‬
‫موجودا يف املكان والزمان احملد َدي ين من قب اجلهة املنفذة أم ًل(‪.)1‬‬
‫ا‬ ‫كان احملكوم عليه‬
‫وعرفت أبهنا‪ :‬اإلقامة اجلربية ابلوضع حتت املراقبة اإللكرتوتية أو مبا يُ َسمى‬
‫ابلسوار اإللكرتوين‪ ،‬وللزام احملكوم عليه أو احملبوس احتياطيًّا ابلتواجد يف حم لقامته أو‬
‫منزله خالل ساعات حمددة تتم متابعته فيها‪ ،‬وهي أحد األساليب املبتكرة لتنفيذ‬
‫السجن(‪.)2‬‬ ‫العقوبة أو "التوقيف" خارج‬
‫ومما سبق نتوصل إىل تعريف نظام الوضع حتت الرقابة اإللكرتونيَّة‪:‬‬
‫هو أمتتة(‪ )8‬عقوبة احلبس أو اإلجراء اًلحرتازي املقيد للحرية "التوقيف"‬

‫(‪ )1‬أسامة عبيد‪ ،‬مرجع سابق‪.6-8 ،‬‬


‫(‪ )4‬صفاء أواتين‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.122‬‬
‫(‪ )1‬فهد الكساسبة‪ » .‬دور النظم العقابية احلديثة يف اإلصالح والتأهي دراسة مقارتة«‪،4 ،‬‬
‫(‪4114‬م)‪.426 :‬‬
‫(‪ )2‬يوسف األحول‪ » .‬التعويض عند "التوقيف" يف التشريع الفرتسي«‪( .‬ط‪ ،1‬القاهرة‪ :‬دار‬
‫النهضة العربية‪4118 ،‬م)‪.144 ،‬‬
‫اسعا من‬ ‫(‪)8‬‬
‫جماًل و ا‬
‫أيضا ابلتشغي اآليل هو مصطلح حديث تسبيًّا يشم ا‬
‫"معىن األمتتة‪ :‬تسمى ا‬
‫=‬
‫‪130‬‬

‫إبدخاهلا يف عامل التي ْقنيية احلديثة لتصبح األجهزة اإللكرتوتية حم املؤسسة العقابية أو‬
‫الدائرة املقيدة حلرية اجلاين أو املتهم‪ ،‬وهي الرقيب عليه والراصد جلميع حتركاته يف‬
‫النطاق الزماين واملكاين احملدد له‪ ،‬سواء كان يف حدود منزله‪ ،‬أو كان يف حدود بلدته‪،‬‬
‫اعتمادا على تقارير هذه الوسائط اإللكرتوتية يـُ ْعَرف مدى اتضباطية احملكوم عليه‬
‫و ا‬
‫ومالءمة هذا اإلجراء أو العقوبة البديلة له واإلخالل غري املربر من قب احملكوم عليه‬
‫تعيده ل ى األص يف العقوابت واإلجراءات اًلحرتازية البديلة عن السجن‪.‬‬

‫=‬
‫ضئيال من التدخ البشري‪ .‬األمتتة اإلدارية‪ :‬يقصد هبا أمتتة‬
‫درا ا‬ ‫التكنولوجيات اليت تتطلب ق ا‬
‫كثريا من وقتهم‪.‬‬
‫املهام التقليدية اليت يؤديها املوظفون اإلداريون وأتخذ ا‬
‫األمتتة الصناعية‪ :‬يقصد هبا استخدام أتظمة التحكم اآليل يف خمتلف مراح التصنيع وتشم‬
‫أدوات األمتتة‪ :‬أجهزة الكمبيوتر‪ ،‬والروبواتت‪ ،‬وتيْقنييات املعلومات اليت متكن من أتدية املهام‬
‫اليت يؤديها اإلتسان عادة على أن يقتصر التدخ البشري على مناسبات اندرة مث لعادة‬
‫الربجمة ومعاجلة اًلختالًلت‪ " .‬دلي مصطلحات هارفارد بزتس ريفيو "دلي مصطلحات‬
‫هارفرد بزتس ريفيو متت الزايرة يف ‪6‬ص يوم ‪4144/1/17‬م‪ ،‬شرح معىن "األمتتة"‬
‫(‪ - )Automation‬دلي مصطلحات هارفارد بزتس ريفيو (‪.)hbrarabic. com‬‬
‫أمتتة العقوبة‪ :‬هي استبدال دور "التوقيف" واملؤسسات العقابية واملوظفني املختصني ابلرقابة‬
‫عليهم وحراستهم بوسائ وأجهزة للكرتوتية لتنفيذ العقوبة البديلة عن السجن على املتهم أو‬
‫مباشرا‬
‫اجلاين ويتم من خالهلا لتفاذ القاتون وتطبيق العقاب‪ ،‬وترتبط هذه اًلجهزة ارتباطاا آليًّا ا‬
‫– أوتوماتيكيًّا ‪ -‬بتقارير دورية عن حالة احملكوم عليه ابلوضع حتت الرقابة اإللكرتوتية مع‬
‫أجهزة احلاسب اآليل املركزية اخلاصة ابجلهة املختصة رقابيًّا عن متابعة حالة اخلاضع للمراقبة‬
‫اإللكرتوتية‪.‬‬
‫الوضع حتت املراقبة اإللكرتونيَّة كعقوبة بديلة عن السجن يف اململكة العربيَّة السعوديَّة‬
‫‪131‬‬
‫أمهية املراقبة اإللكرتونيَّة‪:‬‬
‫‪ -‬تسهم املراقبة اإللكرتوتية يف ختفيف ُّ‬
‫تكدس وازدحام السجون اليت أصبحت‬
‫من أكرب املشكالت اليت تواجه املسؤولني على مرافق العدالة اجلنائية‪ ،‬وذلك بسبب ما‬
‫تولده من مشكالت أخرى‪ ،‬فعلى املستوى الصحي تسببت يف اتتقال واتتشار‬
‫األمراض كاإليدز والتهاب الكبد الوابئي بني النزًلء يف املؤسسات العقابية وبني‬
‫العاملني فيها‪ ،‬ومتتد خطورة هذه األمراض واتتشارها ل ى خارج حميط السجن من‬
‫الزوار وأسر العاملني يف املؤسسات العقابية وازدايد حاًلت العنف واًلعتداءات‬
‫اجلنسية‪ ،‬وتعاطي املخدرات(‪.)1‬‬
‫‪ -‬تسهم املراقبة اإللكرتوتية يف احلد من ضغط النفقات على السجون؛ لذ‬
‫تؤدي عقوبة الوضع حتت املراقبة اإللكرتوتية ل ى توفري تفقة اإليواء والكسوة والطعام‬
‫وتفقات تشغي املؤسسة العقابية من كهرابء وماء وحراسات وخمتصي الربامج‬
‫التأهيلية‪ ،‬كما يسهم يف احلفاظ على اًلستقرار املادي ألسر املعاقبني ببقاء املعاقبني‬
‫يف أعماهلم يرعون ويوفرون احتياجات أسرهم وازدايد شعور املعاقب ابملسؤولية جتاه‬
‫أسرته‪ ،‬ومن جاتب آخر تعفى الدولة من صرف الرواتب املخصصة لدعم أسر‬
‫السجناء‪.‬‬
‫‪ -‬جتنب املراقبة اإللكرتوتية احملكوم عليه سلبيات السجن اليت قد تؤثر على‬
‫سلوكه؛ مما يزيد يف صعوبة لعادة أتهيله اجتماعيًّا ًل سيما لذا كان اخلاضع للعقوبة‬

‫(‪ )1‬عبد اإلله حممد النوايسة‪» .‬أحكام املراقبة اإللكرتوتية كبدي للحبس اًلحتياطي يف التشريع‬
‫اإلمارايت‪ :‬دراسة حتليلية«‪ .‬جملة كلية القاتون الكويتية العاملية ‪4141( ،11‬م)‪.181 :‬‬
‫‪131‬‬

‫من صغار السن‪ ،‬كما حتد هذه العقوبة من امتداد الضرر على أسرة املعاقب وعمله‪،‬‬
‫فإذا كان اأاب أو ًّأما يعي ويريب أبناءه فغيابه عن رعايتهم وتوجيههم قد يتسبب يف‬
‫اضمحالل سلوك األبناء وضياعهم‪ ،‬وأتثر العم يكون بتعط حركة التنمية لقلة‬
‫املوارد البشرية‪.‬‬
‫‪ -‬حتد املراقبة اإللكرتوتية من سلبيات السجن بشك خاص على فئة‬
‫األحداث(‪ )1‬حيث تسمح للحدث ابلنشوء يف ظ أسرته وحتت رعايتهم‪ ،‬وًل ميكن‬
‫أن يهم ش دور األسرة يف مث هذه احلالة لتصحيح سلوك احلدث ولعادة أتهيله‬
‫ابلطريقة الصحيحة‪ .‬حيث تعد األسرة هي الوحدة املركزية املسؤولة عن التنشئة‬
‫اًلجتماعية األولية لألبناء‪ ،‬فهي اليت متث اجملتمع وتنوب عنه يف القيام هبذه املهمة‬
‫الرتبوية(‪.)4‬‬
‫أيضا يف التقلي من جرائم العود فاختالط اجملرم غري اخلطري ابجملرمني‬
‫‪ -‬تسهم ا‬
‫اخلطرين يف السجون يزيد من معلوماته من خربات اجملرمني السابقة‪ ،‬ويكتسب‬
‫أساليب جديدة للجرمية وعالقات تعينه على ارتكاب اجلرائم وتساعده‪ ،‬واملراقبة‬
‫اإللكرتوتية تقل من هذا اًلختالط غري احملمود‪ ،‬ومن انحية أخرى جتع املراقبة‬
‫اإللكرتوتية اخلاضع هلا يف لطار رقايب دائم مما يسهم يف بناء حاجز خوف من العودة‬

‫(‪ )1‬احلدث هو "ك ذكر أو أتثى أمت السابع ة ومل يتم الثامنة عشرة من عمره" املادة األو ى من‬
‫ودي الصادر مبرسوم ملكي بتاريخ ‪4118/8/1‬م‪.‬‬ ‫السع ي‬
‫تظام األحداث ُّ ُ‬
‫(‪ )4‬حممود سليمان موسى‪ » ،‬اإلجراءات اجلنائية لألحداث اجلاحنني دراسة مقارتة يف تشريعات‬
‫الدول العربية والقاتون الفرتسي يف ضوء اًلجتاهات احلديثة يف السياسة اجلنائية«‪( ،‬ط‪،1‬‬
‫اإلسكندرية‪ :‬دار املطبوعات اجلامعية‪4118 ،‬م)‪.81 ،‬‬
‫الوضع حتت املراقبة اإللكرتونيَّة كعقوبة بديلة عن السجن يف اململكة العربيَّة السعوديَّة‬
‫‪131‬‬
‫للجرمية؛ ألته يدرك أته سيكون حتت املراقبة الدائمة اليت ستفقده حريته الشخصية‪.‬‬
‫‪ -‬تسهم يف احلد من املساس بقرينة الرباءة‪ ،‬فـ ـ ـ "التوقيف" يف مرحلة التحقيق‬
‫يعد من صور احلبس غري املربر‪ ،‬حَت ولن دعت احلاجة لليه‪ ،‬فاحلبس عقوبة‪ ،‬ويرتتب‬
‫عليها العديد من األضرار املادية واملعنوية‪ ،‬وًل ميكن أن يعاقب شخص بعقوبة ما وهو‬
‫مل تثبت لداتته‪ ،‬وينتفي عنه أص براءته‪ ،‬فاًلهتام مرحلة شك‪ ،‬ويقني الرباءة ًل يزول‬
‫بشك اإلداتة‪ .‬فال جيوز حرمان أي شخص من حريته لًل مبسوغ شرعي‪ ،‬ومن كان‬
‫ضحية لتوقيف أو اعتقال غري مربر كان له احلق يف املطالبة ابلتعويض(‪ .)1‬فاملراقبة‬
‫اإللكرتوتية يف جمال "التوقيف" خاصةا تسهم يف احلد من التعدي على حرية‬
‫األشخاص‪ ،‬ويف املقاب ختفف األضرار الناجتة من هذا اإلجراء اًلحتياطي البدي عن‬
‫"التوقيف"‪ ،‬ويكون التعويض عنه أق مقارتة ابلتعويض عن "التوقيف"‪.‬‬
‫وًل تعين اإلجيابيات سالفةا الذكر خلو عقوبة املراقبة اإللكرتوتية من السلبيات‬
‫واليت تلخصها يف النقاط اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬قد تتسبب عقوبة املراقبة اإللكرتوتية يف مشكالت صحية على اخلاضع هلا‬
‫تتيجة أتثره ابلذابابت الصادرة من أجهزة التتبع والرصد كالسوار املثبت على يده أو‬
‫قدمه ملدة طويلة‪.‬‬
‫‪ -‬التأثري السليب على الصحة النفسية للخاضع للمراقبة اليت قد تتسبب يف‬

‫(‪ )1‬علي حممد الدابس‪ ،‬وعلي عليان أبو زيد‪» ،‬حقوق اإلتسان وحرايته ودور شرعية اإلجراءات‬
‫الشرطية يف تعزيزها دراسة حتليلية لتحقيق التوازن بني حقوق اإلتسان وحرايته وأمن اجملتمع‬
‫عمان – األردن‪ :‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪4117 ،‬م)‪.‬‬
‫وقضاء)«‪( ،‬ط ‪َ ،2‬‬
‫ا‬ ‫وفقها‬
‫(تشر ايعا ا‬
‫‪131‬‬

‫اتعزال اخلاضع للمراقبة عن أسرته‪ ،‬واستمرار شعوره ابلضيق وابلتوتر والقلق؛ تتيجة‬
‫شعوره أبته مراقب يف مجيع أحواله وتصرفاته وأقواله على مدار ساعات يومه‪.‬‬
‫‪ -‬اتتهاك اخلصوصية الفردية للمعاقب ًلعتبارها صورة من صور التعدي على‬
‫حرمة البيوت‪ً ،‬ل سيما أته قد حيدث تعسف يف استخدام هذا احلق من قب اجلهات‬
‫الرقابية املعنية إبدارة عملية املراقبة‪ ،‬ولساءة استعمال هذا النظام(‪.)1‬‬
‫‪ -‬قد يتعرض اخلاضع للمراقبة اإللكرتوتية للتمييز يف املعاملة؛ تتيجة لرؤية‬
‫جهاز التتبع املثبت على جسده مما يسبب النفور منه واحتقاره من قب بعض أفراد‬
‫اجملتمع‪.‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬األساليب الفنية لتطبيق عدقوبة املراقبة اإللكرتونيَّة‬
‫تتنوع أساليب املراقبة اإللكرتوتية حبسب طبيعة التقييد الرقايب على اخلاضع‬
‫كامال للحرية حبيث‪ً :‬ل ميكن للخاضع له مغادرة‬
‫تقييدا ا‬
‫للرقابة اإللكرتوتية ما لذا كان ا‬
‫منزله فيصبح املنزل مبنزلة السجن له‪ ،‬والنوع اآلخر وهو أكثر مروتة‪ :‬والذي حيدد فيه‬
‫حدودا مكاتية أو زماتية معينة ًل ميكنه تعديها‪.‬‬
‫للخاضع للرقابة اإللكرتوتية ا‬
‫أوال‪ :‬أساليب املراقبة اإللكرتونيَّة الثابتة أو اجلامدة‪.‬‬
‫ً‬
‫يف احلالة األوىل‪ :‬خيضع املراقَب ل ى الرقابة بواسطة النداءات اهلاتفية العشوائية‬
‫على اهلاتف األرضي يف مقر لقامته فيستقب النداء‪ ،‬ويرد عليه عرب رمز صويت‪ ،‬وتتم‬
‫مقارتته بنسخة صوتية مسجلة له ساب اقا لدى مركز اجلهة األمنية املختص ابلرقابة‪ ،‬ولذا‬
‫لوحظ فرق بني الصوت املستجيب للنداء اهلاتفي والنسخة الصوتية املسجلة لدى‬

‫(‪ )1‬صفاء أواتين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.182‬‬


‫الوضع حتت املراقبة اإللكرتونيَّة كعقوبة بديلة عن السجن يف اململكة العربيَّة السعوديَّة‬
‫‪131‬‬
‫تنبيها آليًّا ل ى وجود خمالفة يف تظام التطابق الصويت‪،‬‬
‫احلاسب املركزي يصدر مباشرة ا‬
‫واختالف بني النسخة الصوتية احملفوظة سل افا والصوت اجمليب للنداء‪ ،‬ليتدخ‬
‫املوظف املختص بعد ذلك مبباشرة املراقبة والتحقق بنفسه(‪.)1‬‬
‫ويف احلالة الثانية‪ :‬خيضع املراقَب ل ى مراقبة أعلى درجة حيث تتم فيها مراقبته‬
‫ابلصوت عرب اًلتصاًلت اهلاتفية مع مراقبته ابلصورة‪ ،‬وذلك من خالل كامريات يتم‬
‫تركيبها يف مقر لقامته‪ ،‬وختزن له صور سل افا مبلف للكرتوين خاص يف احلاسب املركزي‬
‫لدى اجلهة املختصة ابملراقبة فتتم مقارتة الصور آليًّا‪ ،‬ويف حال مل تتم املطابقة اآللية‬
‫بسبب اختالف مالمح الشخص املراقب املوجود يف مقر اإلقامة احملدد مع الصورة‬
‫املخزتة للكرتوتيًّا لدى املركز‪ ،‬أو يف حالة عدم التقاط كامريات املراقبة وجود املراقب‬
‫والذي يفهم منه مغادرته ملقره فيظهر تنبيه مباشر ابملخالفة‪ ،‬ويباشر املوظف املختص‬
‫التحقق من التنبيه واختاذ اإلجراءات الالزمة‪.‬‬
‫أما يف احلالة الثالثة‪ :‬فيخضع املراقب ل ى املراقبة ابلسوار اإللكرتوين‪ ،‬ويعد من‬
‫أحدث التي ْقنييات املعمول هبا حالياا يف التشريعات العقابية اليت جعلت من املراقبة‬

‫(‪ )1‬تظام التطابق الصويت‪ :‬يعتمد هذا النظام بواسطة اهلاتف على اًلتصال اخلاضع للرقابة يف‬
‫مكان لقامته احملدد للمراقبة خالل فرتات زمنية متفرقة‪ ،‬يقوم فيها جهاز احلاسب املركزي‬
‫إبجراء مقارتة آلية لنربات الصوت‪ ،‬وأتكيد صوت اجمليب على النداء مع البصمة الصوتية‬
‫املسجلة سل افا لدى املركز‪ ،‬ويف الوقت ذاته حيدد مكان وتوقيت اًلتصال آليًّا ويف حالة عدم‬
‫مطابقة ك أو بعض من املعطيات يقوم ابلتنبيه ولصدار لشعار مبخالفة قواعد تطبيق النظام‪.‬‬
‫أمين الزييت‪ » ،‬العقوابت البديلة عن السجن القصرية املدة وبدائلها«‪( ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪ :‬دار‬
‫النهضة العربية‪4111 ،‬م)‪.81-72 ،‬‬
‫‪131‬‬

‫اإللكرتوتية جزءاا منها‪ .‬حيث يتم حتديد مقر لقامة اثبت للخاضع للمراقبة‪ ،‬وتعيني‬
‫(مستقب ) موصول ابهلاتف يستقب‬ ‫خط هاتفي فيه ويتم تثبت جهاز مراقبة ُ‬
‫اإلشارات أو الذبذابت املرسلة لليه من جهاز املراقبة (املرس ) املثبت يف جسد‬
‫اخلاضع للمراقبة كإسورة يف معصمه أو قدمه‪ ،‬وينق جهاز املراقبة (املستقب )‬
‫ُ‬
‫اإلشارات املرسلة لليه بطريقة مباشرة أوتوماتيكية ل ى جهاز احلاسب املركزي يف مقر‬
‫اإلدارة املعنية ابإلشراف على التنفيذ واملراقبة؛ ويفهم من تق هذه اإلشارات أو‬
‫الذبذابت وجود اخلاضع للمراقبة ابملكان احملدد له ويف حال ضعف أو اتعدام التقاط‬
‫اإلشارات أو الذبذابت يص تنبيه مباشر ل ى جهاز احلاسب املركزي يف اإلدارة بتغيب‬
‫اخلاضع للمراقبة عن املكان احملدد له‪ ،‬وحيتوي اجلهاز على بطارية احتياطية تسمح‬
‫ابستمرار العم يف حال اتقطاع الكهرابء‪ ،‬وميكن للجهة املختصة ابلرقابة تتبع النقاط‬
‫اجلغرافية حلام السوار عند حدوث أي أمر طارئ خيرق تظام املراقبة اإللكرتوتية‪.‬‬
‫اثنيًا‪ :‬أساليب املراقبة اإللكرتونيَّة املتحركة أو املرنة‪.‬‬
‫كامال عن األساليب (الثابتة أو‬
‫ًل ختتلف الوسائ يف هذه األساليب اختالفاا ا‬
‫اجلامدة) من الناحية التي ْقنيية‪.‬‬
‫ففي حالة التحقق ابلصوت والصورة‪ :‬عن طريق النداءات اهلاتفية‬
‫والكامريات املذكورة سل افا يكون اًلختالف بني األسلوبني اجلامد واملتحرك يف طريقة‬
‫اًلستخدام األكثر مروتة‪ ،‬فقد ختفف الرقابة على بعض اخلاضعني هلا حبيث حيدد‬
‫تطاق زمين معني يلتزم فيه اخلاضع للمراقبة خالل ساعات حمددة بوجوده يف مكان‬
‫لقامته لرصد حضوره والتزامه ابلنظام للكرتوتيًّا؛ ويسمح له خارج أوقات املراقبة من‬
‫صباحا حَت‬
‫ممارسة حياته مث أن يسمح له التنق يف حدود بلدته فقط من السابعة ا‬
‫الوضع حتت املراقبة اإللكرتونيَّة كعقوبة بديلة عن السجن يف اململكة العربيَّة السعوديَّة‬
‫‪131‬‬
‫اخلامسة مساءا‪ ،‬حبيث يستطيع اخلاضع للرقابة من الذهاب ل ى عمله‪ ،‬أو الذهاب ل ى‬
‫مقر دراسته يف حال كان طالباا وتتاح له الفرصة لشراء حاجاته لذا كان يسكن مبفرده‪.‬‬
‫أما يف حالة استخدام السوار اإللكرتوين‪ :‬ابألسلوب املرن أو املتحرك‬
‫فيستبدل ربط خط اهلاتف األرضي ابلسوار اإللكرتوين بشرحية (‪ )GSM‬للهاتف‬
‫النقال كجهاز لرسال يعم خباصية (‪ )GPS‬لتحديد املوقع على اخلريطة بواسطة‬
‫(مستقبي )‬
‫األقمار الصناعية فريس السوار اإلشارات أو الذبذابت ل ى جهاز آخر ُ‬
‫يثبت على جسد اخلاضع للمراقبة يف حزام حول الوسط‪ ،‬متص أبجهزة احلاسب‬
‫املركزية لدى اجلهة املختصة ابلرقابة؛ فتكون حتركات اخلاضع للمراقبة مرصودة‬
‫ابستمرار لدى أجهزة الرقابة املركزية على مدار الساعة(‪)1‬؛ مما ميكن املوظف املختص‬
‫من متابعة احملكوم عليه‪ ،‬وقياس مدى اتضباطه بشروط الوضع حتت الرقابة‬
‫اإللكرتوتية‪ .‬ويتميز هذا األسلوب ابستمرار املراقبة فيه على مدار الساعة بواسطة‬
‫تظام )‪ )GPS‬وبدقة عالية‪ .‬ولكن قد تضعف الدقة يف هذا األسلوب لذا كان اخلاضع‬
‫موجودا يف منطقة يوجد فيها مبان شاهقة أو عوازل للموجات(‪.)4‬‬
‫ا‬ ‫للمراقبة‬
‫َّأما أحدث وسائل املراقبة اإللكرتونيَّة املتحركة فهي‪ :‬املراقبة بواسطة‬
‫التطبيقات اإللكرتونيَّة اليت يتم حتميلها على أجهزة اهلاتف الذكية حيث مت‬
‫استحداثها يف عام (‪4141‬م) ألغراض احرتازية وقائية سببها تفشي وابء (كوفيد ‪12‬‬

‫(‪ )1‬رامي القاضي‪» .‬توظيف التي ْقنييات احلديثة يف جمال السياسة العقابية (السوار اإللكرتوين‬
‫منوذجا)‪ « .‬جملة الفكر الشرطي ‪4117( ،111‬م)‪.468 :‬‬
‫ا‬
‫(‪ )4‬أمين الزييت‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.81‬‬
‫‪102‬‬

‫‪ -‬فايروس كوروان) والذي تسبب يف أزمة عاملية أفقدت العديد من احلكومات‬


‫السيطرة على التصدي لألزمة لعدة عوام أمهها‪ :‬العجز عن احلد من اتتشار‬
‫الفايروس مما تسبب يف اهنيار أتظمة صحية واقتصادية‪ ،‬ولع من أهم الدول اليت‬
‫ودية حيث‬‫السع ي‬
‫استطاعت مواجهة هذه اجلائحة أبق اخلسائر‪ :‬اململكة العربية ُّ ُ‬
‫استطاعت ‪ -‬بفض من هللا ‪ -‬السيطرة عليه واحلد من اتتشاره بوضع خطة سريعة‬
‫وفعالة مت فيها توظيف املراقبة اإللكرتوتية بصورة جديدة ومبتكرة يف جمال املراقبة‬
‫اإللكرتوتية للحد من اتتشار الوابء‪ ،‬ولزايدة الوعي‪ ،‬وذلك عن طريق تطبيق للكرتوين‬
‫أطلق عليه اسم" توك لنا "يتم حتميله على أجهزة اهلاتف احملمول مت استحداثه وتطويره‬
‫ودية للبياانت والذكاء اًلصطناعي (سدااي) ابلتعاون مع وزارة‬ ‫السع ي‬
‫من قب اهليئة ُّ ُ‬
‫الصحة بدعم حكومي‪ ،‬وميكن من خالله حتديد ورصد األماكن املعزولة أو املوبوءة‪،‬‬
‫وعدد احلاًلت املصابة واملشتبه يف لصابتها‪ ،‬ولشعار مستخدم التطبيق بتنبيهات فورية‬
‫حتذيرية يف حال اقرتابه من هذه األماكن أو األشخاص‪ ،‬وميكن من خالله معرفة‬
‫مصااب او خمالطاا أو حمصناا متلقياا جرعات اللقاح‬
‫ا‬ ‫احلالة الصحية للفرد ما لذا كان‬
‫لسهولة ُّ‬
‫تنقله ودخوله لألماكن العامة‪ .‬وتلتمس هنا لسهام املراقبة اإللكرتوتية كإجراء‬
‫احرتازي بشكلها اجلديد بواسطة تطبيقات اهلاتف احملمول يف احلد من اتتشار‬
‫الفايروس‪ .‬وخري دلي على فعالية وجناح هذا التطبيق اإللكرتوين الرقايب‪ :‬هو تصدر‬
‫اململكة قائمة الدول العربية يف مؤشر منظمة الصحة العاملية‪ ،‬والذي اعتمد معياري‬
‫الكفاءة والشفافية‪ ،‬والقدرة على مواجهة األوبئة ومنع اتتشارها(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬موقع منظمة الصحة العاملية اإللكرتوين متت الزايرة يف ‪11‬ص يوم ‪4144/1/44‬م منظمة‬
‫=‬
‫الوضع حتت املراقبة اإللكرتونيَّة كعقوبة بديلة عن السجن يف اململكة العربيَّة السعوديَّة‬
‫‪103‬‬
‫اخلصائص التِ ْقنِيَّة للمراقبة اإللكرتونيَّة‪ :‬عدم قابلية اًلخرتاق‪ :‬يلزم أن تكون‬
‫الوسائط اإللكرتوتية املستخدمة للمراقبة مؤمنة غري قابلة لإلزالة أو الكسر أو الفتح‬
‫والنزع وغري قابلة للتعطي والقرصنة بسهولة‪.‬‬
‫عدم قابلية الكشف‪ً :‬ل بد أن تكون املعلومات املستمدة من املراقبة حممية ًل‬
‫يستطع الكشف عنها واًلطالع عليها سوى اجلهة املنوطة ابلتنفيذ والرقابة‪.‬‬
‫الدقة واملوثوقية‪ً :‬ل بد أن تكون الوسائ اإللكرتوتية املستخدمة للمراقبة جمربة‬
‫وجيدة مبا يكفي إلعطاء أدق النتائج املرجوة‪.‬‬
‫ربمج الوسائط الرقابية اإللكرتوتية حبدود معقولة ًل‬
‫احرتام اخلصوصية‪ :‬يلزم أن تُ َ‬
‫تدخال يف التفاصي الدقيقة يف حياة اخلاضع للمراقبة(‪.)1‬‬
‫ا‬ ‫تشك‬
‫املطلب الثالث‪ :‬األسباب واملربرات الستخّام املراقبة اإللكرتونيَّة‬
‫مكافحة اكتظاظ السجون‪ :‬تعد مشكلة ازدحام املؤسسات العقابية‬
‫ُّ‬
‫فالتكدس املوجود يف‬ ‫ُّ‬
‫وتكدسها من أبرز وأهم املشكالت اليت تواجه القائمني عليها‪.‬‬
‫السجون يعرق تنظيم وتطبيق الربامج التأهيلية واإلصالحية على النزًلء(‪ .)4‬وجيدر بنا‬

‫=‬
‫الصحة العاملية | املكتب اإلقليمي لشرق املتوسط | التقارير | ‪| COVID-19‬‬
‫املواضيع الطبية (‪.)who. int‬‬
‫(‪ )1‬عبدهللا كباسي‪» ،‬املراقبة اإللكرتوتية ابستعمال السوار اإللكرتوين«‪( ،‬كلية احلقوق والعلوم‬
‫السياسية جامعة ابجي خمتار عنابة‪4117 ،‬م)‪ ،‬ص‪.44‬‬
‫(‪ )4‬أمحد بالل‪» ،‬علم العقاب (النظرية العامة والتطبيقات)« (ط‪ ،1‬القاهرة‪ :‬دار الثقافة العربية‪،‬‬
‫‪1282‬م)‪.‬‬
‫‪100‬‬

‫اإلشارة ل ى أن من أهم أسباب اًلكتظاظ يف السجون زايدة عدد احملكوم عليهم‬


‫ابحلبس ملدة قصرية ففي فرتسا‪ :‬وص عدد احملكوم عليهم ابحلبس يف عام (‪1226‬م)‬
‫شخصا‪،‬‬
‫ا‬ ‫شخصا‪ ،‬والطاقة اًلستيعابية للسجون تكفي لـ ـ ـ (‪)27161‬‬
‫ا‬ ‫ل ى(‪)84688‬‬
‫ومن بني هؤًلء (‪ )17611‬سجني ًل تتعدى عقوبتهم (‪ )14‬شهر سجن‪ ،‬فنجد هنا‬
‫أن تطبيق تظام املراقبة اإللكرتوتية على احملكوم عليهم مبدد قصرية يسهم يف التقلي من‬
‫اًلزدحام بنسبة الثلث تقريباا(‪.)1‬‬
‫خفض التكاليف املادية يف إدارات السجون‪ :‬تعد عقوبة الوضع حتت املراقبة‬
‫اإللكرتوتية من أهم بدائ احلبس اليت من شأهنا ختفيف الضغط املايل على ميزاتية‬
‫الدولة؛ فازدايد عدد املتهمني واجلناة احملكوم عليهم ابحلبس خيلق حاجة ُمليحة ل ى بناء‬
‫سجون جديدة لتوفري بيئة مناسبة للنزًلء يف السجون ميكن من خالهلا السيطرة عليهم‬
‫وتنفيذ برامج لعادة التأهي واإلصالح عليهم‪ .‬كما جند أن املراقبة اإللكرتوتية تسهم‬
‫أيضا يف التوفري من النفقات اليت سيتم لتشاء سجون جديدة هبا ًلستغالهلا يف تطوير‬
‫ا‬
‫السجون املوجودة‪.‬‬
‫وتشري الدراسات ل ى أن تكلفة املراقبة اإللكرتوتية املتحركة يف اليوم الواحد لك‬
‫شخص خاضع للمراقبة اإللكرتوتية تبلغ ‪ €11‬مقاب ‪ € 61‬من تفقته داخ‬
‫السجن(‪.)4‬‬
‫ردع اجملرمني‪ً :‬ل بد أن تكون العقوبة اجلزائية رادعة للحد الذي يتحقق معه‬

‫(‪ )1‬عمر سامل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.12‬‬


‫(‪ )4‬أمحد زاهر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.144‬‬
‫الوضع حتت املراقبة اإللكرتونيَّة كعقوبة بديلة عن السجن يف اململكة العربيَّة السعوديَّة‬
‫‪101‬‬
‫ليالم املعاقب‪ .‬واهلدف من الردع يف العقوابت هو‪ :‬تقومي السلوك اإلتساين حَت‬
‫يستقيم وينضبط مع األوامر والنواهي اًلجتماعية(‪ .)1‬وجند أن املراقبة اإللكرتوتية فيها‬
‫من الردع ما يكفي أبن تُضم ل ى العقوابت واإلجراءات اجلزائية فشعور املتهم أو اجلاين‬
‫اقب أينما ذهب‪ ،‬وأن ك أفعاله مرصودة فيه تضييق على حريته مينعه من‬
‫أبته مر ٌ‬
‫ارتكاب اجلرائم‪.‬‬
‫ويف دراسة التجارب السابقة جند النتائج مشجعة على هذا الصعيد‪ ،‬كالتجربة‬
‫األمريكية اليت تؤكد أته مل يتم تسجي أية حوادث خالل التنفيذ يف ‪ %71‬من‬
‫حاًلت التطبيق و‪ %28‬من احلاًلت مل ترتكب أي جرائم جديدة بعد اتتهاء عقوبة‬
‫الوضع حتت املراقبة اإللكرتوتية(‪.)4‬‬
‫احلفاظ على قرينة الرباءة‪ :‬تتضح أمهية تظام الوضع حتت املراقبة اإللكرتوتية‬
‫بشك خاص لدى املتهم الذي مل تثبت لداتته ‪ -‬احملبوس احتياطيًّا ‪ -‬حيث تكون‬
‫األضرار اليت وقعت جراء هذا اإلجراء املقيد للحرية يف حال حفظ الدعوى‪ ،‬أو براءته‬
‫كثريا من األضرار اليت تلحق به لو مت حبسه ابلطريقة التقليدية؛ ومن مث سيكون‬
‫أخف ا‬
‫كثريا من التعويض‬
‫ا‬ ‫تعويضا أق‬
‫ا‬ ‫استحقاق اخلاضع للمراقبة اإللكرتوتية غري املربرة‬
‫املستحق للمحبوس احتياطيًّا عن السجن غري املربر(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬أمحد سرور‪» ،‬الوسيط يف قاتون العقوابت القسم العام«‪( ،‬ط‪ ،6‬القاهرة‪ :‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫‪4118‬م)‪.242 ،‬‬
‫(‪ )4‬صفاء أواتين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.181‬‬
‫(‪ )1‬ساهر الوليد‪» .‬مراقبة املتهم للكرتوتيًّا كوسيلة للحد من مساوئ "التوقيف" دراسة حتليلية«‪.‬‬
‫جملة اجلامعة اإلسالمية للدراسات اإلسالمية ‪4111( ،1‬م)‪.628-661 :‬‬
‫‪101‬‬

‫التطور التكنولوجي يف جمال القانون‪ :‬اقتحمت الثورة الرْقمية والتقدم‬


‫التكنولوجي العديد من جماًلت احلياة وأصبحت ضرورة من ضرورايت احلياة وجزءاا ًل‬
‫يتجزأ منها‪ ،‬ويف جمال القاتون خاصة ًل ميكن أًل يستفاد منها‪ ،‬فقد أسهمت يف‬
‫مكافحة اجلرمية‪ ،‬واحلصول على األدلة واًلستزادة يف استثمار فوائدها يف جمال القاتون‬
‫اجلزائي مطلب ًل يستعاض عنه‪ ،‬حيث ميكن من خالهلا حتديد مكان املتهم‪ ،‬ومتابعة‬
‫حتركاته‪ ،‬ومراقبته دون احلاجة ل ى املراقبة البشرية على الطريقة التقليدية اليت ُحتَ يم‬
‫املوظف املختص ابملراقبة والدولة أعباء كثرية‪.‬‬
‫تعطيل اإلنتاج وحركة التنمية‪ :‬يعد من أهم املربرات ًلستخدام الوضع حتت‬
‫املراقبة اإللكرتوتية تعطي اإلتتاج وحركة التنمية‪ ،‬وذلك‪ :‬ألن غالبية اجلناة احملكوم‬
‫عليهم مبدد قصرية أو املتهمني من األصحاء القادرين على العم واإلتتاج‪ ،‬فاحلبس‬
‫للمجرمني غري اخلطريين على اجملتمع أو للمتهمني يسبب عرقلة حقيقية حلركة التنمية‪،‬‬
‫يف حني أته ابإلمكان تفاديها بوضعهم حتت املراقبة اإللكرتوتية‪ ،‬والسماح هلم مبزاولة‬
‫مهنهم وفق الضوابط الالزمة‪.‬‬
‫املبحث الثاني‪ :‬اإلطار الدقانوني لتطبيق عدقوبة الوضع حتت املراقبة‬
‫اإللكرتونيَّة‬
‫تتطلب عقوبة الوضع حتت املراقبة اإللكرتوتية حتديد اإلطار القاتوين الذي‬
‫ينظم تطبيقها ولذلك تقسم هذا املبحث ل ى ثالثة مطالب تتطرق يف األول‪ :‬ل ى‬
‫الشروط والضوابط القاتوتية واملادية لتطبيق عقوبة املراقبة اإللكرتوتية‪ .‬ويف املطلب‬
‫الثاين‪ :‬تتطرق ل ى التكييف القاتوين لعقوبة الوضع حتت املراقبة اإللكرتوتية‪ .‬ويتناول‬
‫املطلب الثالث‪ :‬اتقضاء املراقبة اإللكرتوتية وآاثرها‪.‬‬
‫الوضع حتت املراقبة اإللكرتونيَّة كعقوبة بديلة عن السجن يف اململكة العربيَّة السعوديَّة‬
‫‪101‬‬
‫املطلب األوَّل‪ :‬الشروط والضوابط الدقانونية لتطبيق عدقوبة املراقبة‬
‫اإللكرتونيَّة‬
‫الشروط اخلاصة ابلعقوبة‪ :‬يشرتط لتطبيق عقوبة الوضع حتت املراقبة‬
‫اإللكرتوتية صدور حكم أو قرار من القاضي املختص ابحلبس‪ .‬وًل تتجاوز مدة‬
‫العقوبة ‪ 1‬سنوات‪ ،‬وًل ميكن استبدال عقوبة احلبس كشرط لتنفيذ عقوبة املراقبة‬
‫اإللكرتوتية بعقوابت أخرى‪ ،‬كالعم للمصلحة العامة أو الغرامة‪ .‬وميكن للمحبوسني‬
‫احملكوم عليهم مبدد طويلة اًلستفادة من هذا النظام يف حال قضوا معظم‬
‫يتبق منها سوى ثالث سنوات كحد أقصى‪ ،‬كما مت حتديده يف‬ ‫(‪)1‬‬
‫عقوبتهم ‪ .‬ومل َ‬
‫مشروع تظام العقوابت البديلة سالف الذكر‪.‬‬
‫الشروط اخلاصة ابخلاضع للرقابة اإللكرتونيَّة‪ :‬جيب أن يكون الشخص‬
‫اخلاضع للمراقبة اإللكرتوتية من األشخاص الطبيعية‪ ،‬وذلك ًلستحالة خضوع‬
‫األشخاص املعنوية أو اًلعتبارية للرقابة اإللكرتوتية بصورها املعروفة واملطبقة يف‬
‫األتظمة العقابية احلالية‪ .‬وًل يشرتط لتنفيذ هذه العقوبة بلوغ الشخص املنفذة عليه‪،‬‬
‫وذكورا على حد سواء(‪.)4‬‬
‫ا‬ ‫فهي من العقوابت املناسبة لألحداث والبالغني لان ااث‬
‫ولع هذه من مميزات عقوبة املراقبة اإللكرتوتية؛ حيث ميكن تنفيذها على‬
‫األحداث ب لهنم أكثر استحقاقاا هلا كعقوبة بديلة عن السجن من البالغني‪.‬‬
‫تظرا لسرعة أتثرهم ابلبيئة احمليطة هبم‪ ،‬وسهولة اكتساهبم للصفات السيئة لثر‬
‫ا‬

‫(‪ )1‬صفاء أواتين‪ ،‬مرجع السابق‪.121-112 ،‬‬


‫(‪ )4‬ساهر الوليد‪ ،‬مرجع سابق‪.667 ،‬‬
‫‪101‬‬

‫اختالطهم ابجملرمني(‪.)1‬‬
‫ويرى البعض أن من أهم شروط تطبيق النظام هو موافقة احملكوم عليه؛ حيث‬
‫ًل ميكن جناح وحتقيق أهداف هذه العقوبة ولعادة التأهي اًلجتماعي للخاضع‬
‫للمراقبة اإللكرتوتية بدون رضاه وموافقته(‪ .)4‬كما جيب مراعاة اللياقة الصحية‬
‫للخاضع للمراقبة اإللكرتوتية إبخضاعه ل ى فحص خاص يتم فيه التأكد من مالءمة‬
‫حالته الصحية حلم السوار اإللكرتوين املخصص ملراقبته بدون أن يعرضه ل ى‬
‫مشكالت جسدية وصحية‪ ،‬سواء كان بطلب من املنفذ عليه العقوبة مث لقرار املنظم‬
‫اإلمارايت هذا احلق ابلطلب يف تظام اإلجراءات اجلزائية اًلحتادي يف املادة رقم ‪،182‬‬
‫أو كان لجر ااء يتخذه القاضي من تلقاء تفسه قب أن يصدر قراره ابلوضع حتت املراقبة‬
‫اإللكرتوتية‪.‬‬
‫الشروط اخلاصة ابلسلطة املختصة إبصدار حكم أو قرار الوضع حتت‬
‫الرقابة اإللكرتونيَّة‪ :‬يصدر قرار الوضع حتت املراقبة اإللكرتوتية يف ثالث مراح ‪ ،‬وك‬
‫مرحلة يُ ْسنَد اًلختصاص فيها ل ى جهة معينة فاملرحلة األو ى‪ :‬مرحلة التحقيق‬
‫اًلبتدائي واليت خيضع فيها املتهمون للحبس اًلحتياطي "التوقيف"‪ ،‬وتكون فيها‬
‫بديال عن السجن ويسند اًلختصاص فيها ل ى جهة‬
‫املراقبة اإللكرتوتية لجراءا ا‬
‫التحقيق‪.‬‬
‫املرحلة الثاتية‪ :‬مرحلة احملاكمة واليت يصدر فيها احلكم ابإلداتة والعقوبة البديلة‬

‫(‪ )1‬حممد عقيدة‪» ،‬أصول علم اإلجرام«‪( ،‬ط‪ ،4‬القاهرة‪ :‬دار الفكر العريب‪1222 ،‬م)‪.411 ،‬‬
‫(‪ )4‬أمحد فاروق زاهر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.147‬‬
‫الوضع حتت املراقبة اإللكرتونيَّة كعقوبة بديلة عن السجن يف اململكة العربيَّة السعوديَّة‬
‫‪101‬‬
‫عن السجن من قاضي املوضوع‪ ،‬وتكون من صالحياته أن يستبدل ابلسجن عقوبة‬
‫املراقبة اإللكرتوتية‪.‬‬
‫املرحلة الثالثة‪ :‬مرحلة تنفيذ العقوبة واليت يكون فيها احملكوم عليه يف السجن‬
‫تظاما‪ ،‬ويرى قاضي التنفيذ من تلقاء تفسه تعدي‬
‫وقضى يف عقوبته مدة معينة ا‬
‫عقوبته بناءا على اقرتاح يقدمه مدير السجن(‪.)1‬‬
‫الشروط املاديَّة‪ :‬يستلزم تنفيذ املراقبة اإللكرتوتية عدة شروط مادية‪:‬‬
‫أوًل‪ :‬أن يكون لدى اخلاضع للمراقبة اإللكرتوتية مكان لقامة مستقر فيه اثبت‬
‫ا‬
‫ومعلوم لدى اجلهات احلكومية‪.‬‬
‫اثتياا‪ :‬أن يزود مكان لقامة املراقب خبط هاتف خاص لعملية املراقبة فقط(‪.)4‬‬
‫اثلثاا‪ :‬أن يتم حتديد ساعات معلومة معينة من اجلهة املختصة للخاضع للمراقبة‬
‫يلتزم فيها بوجوده يف املكان املخصص ملراقبته يف حال كاتت العقوبة املقررة عليه‬
‫تسمح له ابحلركة خارج تطاق املراقبة لساعات معينة يف اليوم‪.‬‬
‫وينبغي لتنفيذ املراقبة اإللكرتوتية توفُّر عدة أجهزة للكرتوتية معينة تلتزم بتوفريها‬
‫اجلهة املختصة أوهلا‪ :‬جهاز لرسال إلرسال اإلشارات‪ ،‬وهو الذي يثبت على جسد‬
‫اخلاضع للمراقبة على شك سوار يف يده أو قدمه وجهاز آخر (مستقب ومرس ) تتم‬
‫برجمته وتوصيله ابهلاتف‪ ،‬فيستقب اإلشارات والذبذابت املرسلة لليه من السوار (جهاز‬

‫(‪ )1‬حممد صبحي سعيد‪» .‬املراقبة اإللكرتوتية كبدي للعقوابت البديلة عن السجن‪ :‬دراسة‬
‫مقارتة«‪ .‬جملة البحوث القاتوتية واًلقتصادية ‪4117( ،28‬م)‪.728 :‬‬
‫(‪ )4‬عبد هللا كباسي‪ ،‬مرجع سابق‪.78 :74 ،‬‬
‫‪101‬‬

‫اإل رسال) ويقوم بعد اًلستقبال إبرسال لشارات مبثابة تقرير فوري ل ى جهاز احلاسب‬
‫املركزي يفهم منها وجود اخلاضع للمراقبة داخ النطاق املكاين أو الزماين احملدد له‪.‬‬
‫واجلهاز األخري هو جهاز احلاسب املركزي الذي جيب توفره يف مركز اجلهة املعنية‬
‫ابلرقابة‪ ،‬والذي يدير عملية املراقبة‪ ،‬ويعاجل البياانت املرسلة لليه‪ ،‬ويستبني من خالله‬
‫املوظف املختص مدى اتضباط املراقب‪ ،‬والتأكد من سالمة األجهزة املخصصة‬
‫للمراقبة من التلف أو العط أو حماوًلت اخرتاقها‪.‬‬
‫الضوابط القانونية للمراقبة ابستعمال السوار اإللكرتوين‪:‬‬
‫‪ -‬صدور القرار ابلوضع حتت املراقبة اإللكرتوتية من اجلهة القضائية‬
‫املختصة(‪ )1‬اليت حيددها املنظم‪ ،‬واليت جيب عليها األخذ يف اًلعتبار سوابق املتهم‪ ،‬أو‬
‫كبريا جدًّا‪ ،‬والظروف اليت مت ارتكاب اجلرمية فيها‪.‬‬
‫صغريا أو ا‬
‫اجلاين وعمره‪ ،‬وما لذا كان ا‬
‫‪ -‬احملافظة على احلرية الشخصية‪ ،‬واًلكتفاء مبراقبة اخلاضع للمراقبة بشك‬
‫سطحي ميكن من خالله معرفة مكان وزمان املراقب مبا خيدم املصلحة العامة بدون‬
‫التعمق ابملراقبة ل ى درجة تنتهك فيها خصوصية املراقب كالتجسس عليه وعلى أه‬
‫بيته يف حياهتم الشخصية(‪)4‬؛ ألن يف ذلك اتتها اكا منهيًّا عنه خيرج عن املقتضى‬
‫‪ { :‬ﭝﭞ } [سورة احلجرات‪.]12:‬‬ ‫الشرعي للعقوبة‪ ،‬وقد قال‬

‫(‪ )1‬ساهر الوليد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.684‬‬


‫بديال عن عقوبة‬
‫(‪ )4‬حممد حسن علي علوش‪» .‬املراقبة اإللكرتوتية ابستعمال السوار اإللكرتوين ا‬
‫السجن من منظور الفقه اإلسالمي«‪ .‬جملة املدوتة جممع الفقه اإلسالمي ابهلند ‪،48‬‬
‫(‪4141‬م)‪.16-18 :‬‬
‫الوضع حتت املراقبة اإللكرتونيَّة كعقوبة بديلة عن السجن يف اململكة العربيَّة السعوديَّة‬
‫‪101‬‬
‫عاما‪ ،‬وهلا أتثري قوي‬
‫‪ -‬أًل تكون اجلرمية من اجلرائم اخلطرية اليت يكون ضررها ًّ‬
‫على الرأي العام‪ ،‬مث جرائم احلدود أو اجلرائم املخلة أبمن الدولة‪.‬‬
‫بديال لعقوبة‬
‫‪ -‬حتديد مدة معينة معلومة للمراقبة اإللكرتوتية‪ ،‬سواءا كاتت ا‬
‫السجن أو كاتت لجراءا احتياطيًّا يف مرحلة التحقيق‪.‬‬
‫‪ -‬مراعاة احلالة الصحية للخاضع للمراقبة(‪ ،)1‬فإذا كاتت املراقبة اإللكرتوتية‬
‫من شأهنا التأثري سلباا على صحة املنفذ عليه تلغى ويرجع لألص عقوبة احلبس لذا‬
‫كاتت أتسب لصحة املراقب‪.‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬التكييف الدقانوني للوضع حتت املراقبة اإللكرتونيَّة‬
‫ينقسم التكييف القاتوين للوضع حتت املراقبة اإللكرتوتية ل ى عدة اجتاهات‬
‫بديال عن "التوقيف" يف مرحلة ما قب احملاكمة‪ ،‬أو‬
‫وآراء ما بني كوته لجراءا احرتازًّاي ا‬
‫كوهنا عقوبة جزائية بديلة عن عقوبة السجن‪ ،‬أو عقوبة قائمة بذاهتا‪ ،‬أو كوهنا عقوبة‬
‫تكميلية‪ ،‬وجند أن األتظمة اجلزائية اليت اعتمدت تظام املراقبة اإللكرتوتية يف سياستها‬
‫العقابية اختلفت يف التكييف القاتوين للمراقبة اإللكرتوتية‪.‬‬
‫الوضع حتت املراقبة اإللكرتونيَّة كإجراء احرتازي بديل للتوقيف يف مرحلة‬
‫التحقيق‪ :‬يعد احلبس املؤقت لجراءا استثنائيًّا تقتضيه احلاجة ل ى الوصول ل ى احلقائق‬
‫اليت تثبت هبا اإلداتة أو تربأ هبا الذمم فتوظيف املراقبة اإللكرتوتية كبدي للحبس‬
‫اًلحتياطي "التوقيف" خيلق توازاان بني حرية اًلشخاص وحقوقهم يف مرحلة التحقيق‬

‫(‪ )1‬حممد علوش‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.16‬‬


‫‪112‬‬

‫اليت مل يثبت هبا لداتة املتهم وبني املصلحة العامة‪ ،‬وجند أن من التشريعات اليت وظفت‬
‫بديال‬
‫املراقبة اإللكرتوتية يف مرحلة التحقيق املنظم اإلمارايت؛ حيث اعتربها لجراءا ا‬
‫للحبس اًلحتياطي وخيَول تظام اإلجراءات اجلزائية اإلمارايت يف املادة ‪ 161‬للجهة‬
‫بدًل عن‬
‫املختصة ابلتحقيق أن تصدر األمر ابلوضع حتت املراقبة اإللكرتوتية ا‬
‫"التوقيف" مَت اقتضت املصلحة العامة ذلك‪.‬‬
‫الوضع حتت املراقبة اإللكرتونيَّة كعقوبة جزائية‪ :‬تعد عقوبة املراقبة اإللكرتوتية‬
‫من ضمن العقوابت البديلة لعقوبة احلبس؛ لذ أخذت به الكثري من األتظمة العقابية‬
‫حلماية األفراد املخطئني من السجن وسلبياته الناجتة من اختالط اجملرمني غري اخلطرين‬
‫على اجملتمع ابجملرمني اخلطرين‪ ،‬ومن التشريعات اليت اعتربت املراقبة اإللكرتوتية عقوبة‬
‫بديلة عن عقوبة السجن املنظم اإلمارايت الذي جع من املراقبة اإللكرتوتية عقوبة‬
‫بديلة عن عقوبة السجن قصري املدة‪ ،‬وحدد املدة بسنتني كحد أقصى(‪.)1‬‬
‫أما املنظم الكندي فقد تظر ل ى عقوبة املراقبة اإللكرتوتية كعقوبة تكميلية‬
‫إليقاف التنفيذ ولعقوبة الغرامة(‪ ،)4‬ويف لجنلرتا ُعدت عقوبة قائمة بذاهتا فيحكم على‬
‫وعدت كذلك عقوبة‬
‫اخلاضع للمراقبة اإللكرتوتية بلزومه بيته ومراقبته للكرتوتيًّا‪ُ ،‬‬
‫تكميلية لعقوبة العم للمصلحة العامة(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬املادة ‪ 188‬من تظام اإلجراءات اجلزائية اإلمارايت الصادر بقاتون احتادي رقم (‪ )18‬لسنة‬
‫‪1224‬م‪.‬‬
‫(‪ )4‬أسامة حسنني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.12‬‬
‫(‪ )1‬عمر سامل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.27‬‬
‫الوضع حتت املراقبة اإللكرتونيَّة كعقوبة بديلة عن السجن يف اململكة العربيَّة السعوديَّة‬
‫‪113‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬انتهاء املراقبة اإللكرتونيَّة وآثارها‬
‫تنتهي املراقبة اإللكرتوتية يف صورتني األو ى‪ :‬اتتهاء املدة النظامية املعينة هلا‬
‫والثاتية‪ :‬بسحب قرار الوضع حتت املراقبة اإللكرتوتية‪ ،‬وسحب القرار لما يكون‬
‫بسبب رغبة اخلاضع للمراقبة اإللكرتوتية‪ ،‬أو لثبوت تعرضه ألزمة صحية بسبب‬
‫العقوبة‪ .‬أو يكون بسبب خمالفته للشروط والضوابط املفروضة عليه من اجلهة‬
‫القضائية‪ ،‬أو أن يكون السحب بسبب صدور حكم جديد ابإلداتة أو ابلرباءة على‬
‫اخلاضع للمراقبة‪.‬‬
‫وهذا طب اقا ملا أشار لليه املنظم اإلمارايت يف تظام اإلجراءات اجلزائية اإلمارايت يف‬
‫حاًلت للغاء قرار الوضع حتت املراقبة اإللكرتوتية يف املادة ‪ 168‬و‪ 188‬و‪182‬‬
‫و‪.176‬‬
‫ويف ك األحوال عدا الرباءة يرتتب على سحب القرار يف مرحلة التنفيذ لرجاع‬
‫املعاقب ل ى العقوبة األصلية يف تقييد احلرية (السجن)‪ ،‬وحتسب املدة املتبقية له من‬
‫اتريخ خضوعه للمراقبة اإللكرتوتية‪ ،‬فتخصم املدة اليت خضع فيها للمراقبة من املدة‬
‫املتبقية للعقوبة(‪.)1‬‬

‫‪h‬‬

‫(‪ )1‬عمر سامل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪164‬‬


‫‪110‬‬

‫اخلامتة‬

‫يف ختام هذا البحث توصلت ل ى أن عقوبة الوضع حتت املراقبة اإللكرتوتية من‬
‫أهم العقوابت البديلة اليت خيتلط فيها اجلزاء ابلرتبية والتهذيب وحتقيق الغاية من‬
‫العقوبة بردع املعاقب وليالمه ولعطائه فرصة حقيقية يف احملافظة على استقرار حياته‬
‫األسرية والعملية والعلمية واًلجتماعية‪ ،‬كما تؤثر لجيابيًّا يف املصلحة العامة ابستمرار‬
‫سري عجلة التنمية بدون عرقلة للمعاقَب العام أو املتعلم‪ ،‬كما توفر امليزاتية‬
‫املخصصة لإلتفاق على السجناء وأسرهم الذين تناسبهم عقوبة الوضع حتت املراقبة‬
‫اإللكرتوتية ابستغالهلا يف تشغي وتطوير املرافق العامة‪.‬‬
‫وخنتم هذا البحث ببيان أبرز النتائج اليت مت التوص لليها وأهم التوصيات وفق‬
‫التفصي اآليت‪:‬‬
‫أوال‪ :‬أهم النتائج‪.‬‬
‫ً‬
‫‪-1‬حتقق عقوبة الوضع حتت املراقبة اإللكرتوتية اهلدف من العقوبة بتقييد حرية‬
‫اخلاضع هلا والتضييق عليه ابحلد الكايف واملنطقي ‪ -‬ابلنسبة للمجرم غري اخلطي ‪-‬‬
‫الذي يضمن ليالمه من هذا القيد‪.‬‬
‫‪-4‬حتقق املراقبة اإللكرتوتية ردع اخلاضع للمراقبة‪ ،‬وعدم عودته للجرمية تتيجة‬
‫مفتقدا حريته‪ ،‬وشعوره مبراقبة أفعاله‪ ،‬ورصد مجيع حتركاته خالل‬
‫ا‬ ‫عيشه ملدة طويلة‬
‫الوضع حتت املراقبة اإللكرتونيَّة كعقوبة بديلة عن السجن يف اململكة العربيَّة السعوديَّة‬
‫‪111‬‬
‫يومه‪.‬‬
‫‪-1‬معرفة املراقَب أته خيضع لعقوبة بديلة عن عقوبة احلبس‪ ،‬واستمرار استفادته‬
‫من هذه العقوبة البديلة قائم على مدى اتضباطه لشروطها يستثري مهته ابحملافظة على‬
‫التزامه ابلشروط‪ ،‬وتقومي سلوكه لكي يثبت للجهة القضائية مدى جديته واتضباطه‬
‫بدون احلاجة ل ى ليداعه يف السجن‪.‬‬
‫اثنيا‪ :‬أهم ِ‬
‫التوصيَات‪.‬‬ ‫ً‬
‫‪-1‬توصي إبدخال العقوابت البديلة ل ى حيز التنفيذ‪ ،‬وخاصة عقوبة الوضع‬
‫حتت املراقبة اإللكرتوتية ضمن السياسة العقابية يف اململكة؛ لتعدد لجيابياهتا مقاب‬
‫سلبياهتا القليلة‪ ،‬واستحداث لدارات خمتصة عمليًّا وعلميًّا يف فروع النيابة العامة‬
‫واحملاكم اجلزائية لإلدارة واإلشراف على تنفيذ لجراء أو عقوبة الوضع حتت املراقبة‬
‫اإللكرتوتية يف مرحليت التحقيق واحملاكمة‪.‬‬
‫‪-4‬عدم تطبيق هذه العقوبة على اجملرمني اخلطرين على اجملتمع‪ ،‬واًلكتفاء‬
‫بتطبيقها على اجملرمني غري اخلطرين الذين ليس لديهم مي يف األساس ل ى اجلرمية‪.‬‬

‫‪h‬‬
‫‪111‬‬

‫فهرس املصادر واملراجع‬

‫ابن قيم اجلوزية‪ ،‬حممد بن أيب بكر‪" .‬الطرق احلكمية يف السياسة الشرعية"‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫(ط‪ ،2‬دار علوم الفوائد)‪.‬‬
‫األحول‪ ،‬يوسف‪" .‬التعويض عند التوقيف يف التشريع الفرتسي"‪( .‬ط‪،1‬‬ ‫‪-4‬‬
‫القاهرة‪ :‬دار النهضة‪4118 ،‬م)‪.‬‬
‫أواتين‪ ،‬صفاء‪" .‬الوضع حتت املراقبة اإللكرتوتية السوار اإللكرتوين يف‬ ‫‪-1‬‬
‫السياسة العقابية الفرتسية"‪ .‬جملة دمشق للعلوم اًلقتصادية والقاتوتية ‪،1‬‬
‫(‪4112‬م)‪.‬‬
‫بالل‪ ،‬أمحد‪" .‬علم العقاب (النظرية العامة والتطبيقات)"‪( .‬ط‪ ،1‬القاهرة‪:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫دار الثقافة العربية‪1282 ،‬م)‪.‬‬
‫الدابس‪ ،‬علي حممد وأبو زيد‪ ،‬علي عليان‪" .‬حقوق اإلتسان وحرايته ودور‬ ‫‪-8‬‬
‫شرعية اإلجراءات الشرطية يف تعزيزها‪ :‬دراسة حتليلية لتحقيق التوازن بني‬
‫وفقها وقضاءا)" (ط ‪،2‬‬ ‫حقوق اإلتسان وحرايته وأمن اجملتمع (تشر ايعا ا‬
‫األردن‪ :‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪4117 ،‬م)‪.‬‬
‫َعمان‪ُ ،‬‬
‫زاهر‪ ،‬أمحد‪" .‬دور الوسائ التكنولوجية احلديثة يف تنفيذ اجلزاءات اجلنائية‬ ‫‪-6‬‬
‫(املراقبة اإللكرتوتية الثابتة واملتحركة)"‪ .‬جملة الفكر القاتوين واًلقتصادي ‪،2‬‬
‫(‪4111‬م)‪.‬‬
‫الزييت‪ ،‬أمين‪" .‬العقوابت البديلة عن السجن القصرية املدة وبدائلها"‪( .‬ط‪،1‬‬ ‫‪-7‬‬
‫القاهرة‪ :‬دار النهضة العربية‪4111 ،‬م)‪.‬‬
‫سامل‪ ،‬عمر‪" .‬املراقبة اإللكرتوتية طريقة حديثة لتنفيذ العقوبة البديلة عن‬ ‫‪-8‬‬
‫السجن خارج السجن"‪( ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪ :‬دار النهضة العربية‪4118 ،‬م)‪.‬‬
‫سرور‪ ،‬أمحد‪" .‬الوسيط يف قاتون العقوابت ‪ -‬القسم العام"‪( .‬ط‪ ،6‬القاهرة‪:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫دار النهضة العربية‪4118 ،‬م)‪.‬‬
‫الوضع حتت املراقبة اإللكرتونيَّة كعقوبة بديلة عن السجن يف اململكة العربيَّة السعوديَّة‬
‫‪111‬‬
‫صدرايت‪ ،‬تبيلة‪" .‬الوضع حتت املراقبة اإللكرتوتية كنظام جديد لتكييف‬ ‫‪-11‬‬
‫العقوبة دراسة يف ضوء القاتون ‪ 18-11‬املتمم لقاتون تنظيم السجون‬
‫ولعادة اإلدماج اًلجتماعي للمحبوسني"‪ .‬جملة الدراسات والبحوث‬
‫القاتوتية ‪4118( ،12‬م)‪.‬‬
‫عبيد‪ ،‬أسامة‪" .‬املراقبة اجلنائية اإللكرتوتية دراسة مقارتة"‪( .‬ط‪ ،1‬القاهرة‪:‬‬ ‫‪-11‬‬
‫دار النهضة العربية‪4112 ،‬م)‪.‬‬
‫عقيدة‪ ،‬حممد‪" .‬أصول علم اإلجرام"‪( .‬ط‪ ،4‬القاهرة‪ :‬دار الفكر العريب‪،‬‬ ‫‪-14‬‬
‫‪1222‬م)‪.‬‬
‫علوش‪ ،‬حممد حسن علي‪" .‬املراقبة اإللكرتوتية ابستعمال السوار اإللكرتوين‬ ‫‪-11‬‬
‫بديال عن عقوبة السجن من منظور الفقه اإلسالمي"‪ .‬جملة املدوتة جممع‬ ‫ا‬
‫الفقه اإلسالمي ابهلند ‪4141( ،48‬م)‪.‬‬
‫القاضي‪ ،‬رامي‪" .‬توظيف التي ْقنييات احلديثة يف جمال السياسة العقابية‬ ‫‪-12‬‬
‫منوذجا)"‪ .‬جملة الفكر الشرطي ‪4117( ،111‬م)‪.‬‬ ‫(السوار اإللكرتوين ا‬
‫كباسي‪ ،‬عبد هللا‪" .‬املراقبة اإللكرتوتية ابستعمال السوار اإللكرتوين"‪ .‬كلية‬ ‫‪-18‬‬
‫احلقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة ابجي خمتار عنابة‪4117( ،‬م)‪.‬‬
‫الكساسبة‪ ،‬فهد‪" .‬دور النظم العقابية احلديثة يف اإلصالح والتأهي دراسة‬ ‫‪-16‬‬
‫مقارتة"‪4114( ،4 .‬م)‪.‬‬
‫حممد‪ ،‬صبحي سعيد‪" .‬املراقبة اإللكرتوتية كبدي للعقوابت البديلة عن‬ ‫‪-17‬‬
‫السجن‪ :‬دراسة مقارتة"‪ .‬جامعة املنوفية‪ ،‬كلية احلقوق‪ ،‬جملة البحوث‬
‫القاتوتية واًلقتصادية ‪4117( ،28‬م)‪.‬‬
‫موسى‪ ،‬حممود سليمان‪" .‬اإلجراءات اجلنائية لألحداث اجلاحنني دراسة‬ ‫‪-18‬‬
‫مقارتة يف تشريعات الدول العربية والقاتون الفرتسي يف ضوء اًلجتاهات‬
‫احلديثة يف السياسة اجلنائية"‪( .‬ط‪ ،1‬اإلسكندرية‪ :‬دار املطبوعات اجلامعية‪،‬‬
‫‪4118‬م)‪.‬‬
‫‪111‬‬
‫النوايسة‪ ،‬عبد اإلله حممد‪" .‬أحكام املراقبة اإللكرتوتية كبدي للحبس‬ ‫‪-12‬‬
‫اًلحتياطي يف التشريع اإلمارايت‪ :‬دراسة حتليلية"‪ .‬جملة كلية القاتون الكويتية‬
‫العاملية ‪4141( ،11‬م)‪.‬‬
‫الوليد‪ ،‬ساهر‪" .‬مراقبة املتهم للكرتوتيًّا كوسيلة للحد من مساوئ" التوقيف‬ ‫‪-41‬‬
‫"دراسة حتليلية"‪ .‬جملة اجلامعة اإلسالمية للدراسات اًلسالمية ‪،1‬‬
‫(‪4111‬م)‪.‬‬
‫األمر ‪ 18-4‬الصادر يف ‪4118‬م املعدل واملتمم لقاتون اإلجراءات اجلزائية‬ ‫‪-41‬‬
‫اجلزائري‪.‬‬
‫القاتون اإلمارايت رقم ‪ 17‬لسنة ‪4118‬م بشأن تعدي بعض أحكام تظام‬ ‫‪-44‬‬
‫اإلجراءات اجلزائية الصادر بقاتون احتادي رقم‪ 18‬سنة ‪1224‬م‪.‬‬
‫القاتون البحريين رقم ‪ 18‬لسنة ‪4117‬م بشأن العقوابت والتدابري البديلة‪.‬‬ ‫‪-41‬‬
‫دلي مصطلحات هارفرد بزتس ريفيو متت الزايرة يف ‪6‬ص يوم‬ ‫‪-42‬‬
‫‪4144/1/17‬م‪.‬‬
‫شرح معىن" األمتتة "(‪ - )Automation‬دلي مصطلحات هارفارد‬ ‫‪-48‬‬
‫بزتس ريفيو (‪.)hbrarabic. com‬‬
‫ودية الصادر عن وزارة‬ ‫السع ي‬
‫مشروع تظام العقوابت البديلة يف اململكة العربية ُّ ُ‬ ‫‪-46‬‬
‫العدل‪.‬‬
‫منظمة الصحة العاملية‪ ،‬املكتب اإلقليمي لشرق املتوسط‪ ،‬التقارير‪،‬‬ ‫‪-47‬‬
‫‪ ،COVID-19‬املواضيع الطبية (‪.)who. int‬‬
‫موقع منظمة الصحة العاملية متت الزايرة يف ‪11‬ص يوم ‪4144/1/44‬م‪.‬‬ ‫‪-48‬‬
‫ودية الصادر مبرسوم ملكي بتاريخ‬ ‫السع ي‬
‫تظام األحداث يف اململكة العربية ُّ ُ‬ ‫‪-42‬‬
‫‪4118/8/1‬م‪.‬‬
‫الوضع حتت املراقبة اإللكرتونيَّة كعقوبة بديلة عن السجن يف اململكة العربيَّة السعوديَّة‬
111

bibliography

1- Al-Aḥwal ،Yoūssef. « At-tʿawīḍ ʿInd Alḥabs Alʾiḥtiaṭī fī At-tashrīʿe


Alfiransī». (1st ed. ،Cairo: Dār Al-Nahḍa ،2015 AD).
2- Al-Dabbās ،Alī Muḥammad Wa Abū Zaid ،Alī ʿAlyān. «Ḥuqūq
Alʾinsān Wa Ḥuriyātuh Wa Dawr Sharʿiat Alʾijraʾāt Alshurtiah fī
Tʿaziziha: Dirasah Taḥlīliah litaḥqīq At-tawāzun bayn Ḥuqūq
Alʾinsān Wa Ḥuriyātuh Wa Amn Almujtamaʿe (Tashryʿian Wa
Fiqhan Wa Qdāʾan)» (4th ed. ،Ammān - Alʿurdun: Dār Ath-thaqāfah
lin-nashr wat-tawziʿe ،2017).
3- Al-Kasasbah ،Fahad. «Dawr An-nuẓum Alʿiqābiah Al-Ḥadīthah fī
Alʾiṣlaḥ Wat-tʾahīl Dirasāh Muqāranah». 2 ،(2012 AD): 269.
4- ʿAlloūsh ،Muḥammad Ḥassan ʿAlī. «Almurāqabah Alʾilktrūnyah bi-
ʾistiʿmāl As-siwār Alʾilktrūny badīlan ʿAn ʿUqūbat As-sijn Min
Manẓūr Alfiqh Alʾislamī». Majalat Almudawwanah Majamaʿe
Alfiqh Alʾislamī bil-Hinda ،28 ،(2021 AD.
5- Al-Nawāisah ،Abdullāh Muḥammad. «Aḥkām Almurāqabah
Alʾilktrūnyah kabadīl lil-ḥabs Alʾiḥtiātī fī At-tashriʿe Alʾimarātī:
Dirāsah Taḥlīliah». Majalat kuliyat Al-qānūn Alkuaytiah Alʿālamiah
33 (2021 AD).
6- Alqāḍī ،Rāmī. «Tawẓīf At-tiqniiāt Al-Ḥadithat fī Majāl As-siyāsah
Alʿiqābiah (As-suwār Alʾilktrūny Namūdhjan)». Majalat Alfikr Ash-
shurṭī Mujalad. (26) ،Alʿadad. (103) ،(2017 AD.
7- Al-Walīd ،Sāher. «Murāqabat Almutaham Ilktrūnian ka-wasilāh lil-
Ḥad Min Masāwiʾ Al-Ḥabs Alʾiḥtiāṭī Dirasah Taḥlīliah». Majalat
Aljāmiʿah Alʾislāmiah lid-dirāsāt Alʾislāmiah ،Mujalad 21 ،Alʿadad
1 ،(2013 AD.
8- Al-Zaytī ،Ayman. «Alʿuqūbāt As-sālibah lil-Huriyāt Alqaṣirah
Almudah Wa badāʾiluha». (1st ed. ،Cairo: Dār Al-Nahḍa Alʿarabiah ،
2003 AD).
9- ʿAqidah ،Muḥammad. «Usūl ʿIlm Alʾijrām». (2nd ed. ،Cairo: Dār
Alfikr Alʿarbi ،1994 AD).
10- Bilāl Aḥmad. «ʿIlm Alʿiqāb (An-naẓariah Alʿāmmah Waltaṭbiqāt)».
(1st ed. ،Cairo: Dār Ath-thaqāfah Alʿarabiah ،1984 AD).
11- Ibn Qayyim Al-Jawziyya ،Muḥammad Ibn Abī Bakr. «Aṭ-ṭuruq
Alḥakmiah fī As-siyāsah Ash-sharʿiah». (9th ed. ،Dār ʿUlūm
Alfawāʾid).
12- Kabbāsī ،Abdullāh. «Almurāqabah Alʾilktrūnyah bi-ʾistiʿmāl As-
siwār Alʾilktrūny». kuliyat Al-Ḥuqūq Wal-ʿulūm As-siyāsiah ،
jamiʿat Mokhtār ʿAnnābah ،(2017 AD).
13- Moḥamed ،Sobḥī Saʿīd. «Almurāqabah Alʾilktrūnyah kabadīl lil-
ʿuqūbāt As-sālibah lil-Ḥuriyah: Dirāsah Muqāranah». jāmiʿat
Almenūfiah- kuliyat Alḥuqūq ،Majalat Albuḥūth Alqānūniah wal-
ʾiqtiṣādiah ،45 ،(2017).
111
14- Moūssa ،Maḥmoūd Suleimān. «Alʾijrāʾāt Aljināʾiah lil-Aḥdāth
Aljaniḥīn Dirasah Muqāranah fī Tashrīʿāt Ad-duwal Alʿarabiah Wal-
qānūn Alfiransī fī Ḍawʾ Alʾitijāhāt Al-Ḥadīthah fī As-siyāsah
Aljināʾiyah». (1st ed. ،Alexandria: Dār Almaṭbūʿāt Aljāmiʿiah ،
2008).
15- ʿObaid ،Osāma. «Almurāqabah Aljināʾiyah Alʾilktrūnyah Dirāsah
Muqāranah». (1st ed. ،Cairo: Dār Al-Nahḍa Alʿarabiah ،2009).
16- Otānī ،Ṣafāʾ. «Alwaḍʿe taḥt Almurāqabah Alʾilktrūnyah As-siwār
Alʾilktrūny fī As-siyāsah Alʿiqābiah Alfiransiah». Majalat Dimashq
lil-ʿulūm Alʾiqtisadiah Wal-qānūnia ،Mujalad 25 ،Alʿadad 1 ،(2009).
17- Ṣadarātī ،Nabīla. «Alwaḍʿe Taḥt Almurāqabah Alʾilktrūnyah ka-
Niẓām jadīd litakyyīf AlʿUqūbah Dirāsatan fī Ḍawʾ Alqānūn 01-18
Almutamim li-qānūn Tanẓīm As-sujūn waʾiʿādat Alʾidmāj Al-
ijtimāiʿe lil-Maḥbūsīn». Majalat Ad-dirāsāt Wal-buḥūth
Alqānūniah19 ،(2018).
18- Sālem ،Omar. «Almurāqabah Alʾilktrūnyah Ṭariqah Ḥadithah
litanfīdh Alʿuqūbah As-sālibah lil-Ḥuriyah khārij As-sijin» ،(Ṭa 1 ،
Alqāhirah: Dār Al-Nahḍa Alʿarabiah ،2005 AD).
19- Soroūr ،Aḥmed. «Alwasiṭ fī qanūn Alʿqūbāt- Alqism Alʿām». (Ṭa 6 ،
Alqāhirah: Dār Al-Nahḍa Alʿarabiah ،2015 AD).
20- Zāher ،Aḥmed. «Dawr Alwasaʾil At-tiknūlūjiah Al-Ḥadithah fī
Tanfīdh Aljazāʾāt Aljināʾiyah (Almurāqabah Alʾilktrūnyah Ath-
thābitah Wal-mutaḥarikah)». Majalat Alfikr Alqānūnī Wal-ʾiqtiṣādī
4 ،(2011).
21- «Alʾamr 2-15 AṢ-Ṣādir fī 2015 Almuʿadal Wal-mutamim liqānūn
Alʾijrāʾāt Aljazāʾiyah Aljazāʾirī».
22- «Alqānūn Albaḥrinī Raqm 18 lisanat 2017 bishʾan AlʿUqūbāt Wat-
tadābīr Albadīlah».
23- «Alqānūn Alʾimārātī Raqm 17 lisanat 2018 bishʾan tʿadīl bʿaḍ
Aḥkām Niẓām Alʾijrāʾāt Aljazāʾiyah AṢ-Ṣādir biqānūn Itiḥādī
Raqm35 Sanat 1992».
24- «Dalīl Muṣtalaḥāt Harvard Business Review Tamat Az-ziyārah fī
6AM Yawm 17/3/2022».
25- «Mashrūʿe Niẓām AlʿUqūbāt Albadīlah fī Almamlakah Alʿarabiah
As-sʿūdiah AṢ-Ṣādir ʿAn Wazārat Alʿadl».
26- «Mawqiʿe Munaẓamat Aṣ-ṣiḥah Alʿālamiah Tamat Az-ziyārah fī 10
AM Yawm 22/3/2022».
27- «Munaẓamat Aṣ-ṣiḥah Alʿālamiah | Almaktab Alʾiqlīmī li-sharq
Almutawasiṭ | At-taqārīr | COVID-19 | Almawādīʿe Aṭ-ṭibiyah (who.
int)».
28- «Niẓām Alʾaḥdāth fī Almamlakah Alʿarabiah As-sʿūdiah AṢ-Ṣādir
bi-marsūm Malakī bi-Tārīkh 1/8/2018».
29- «Sharḥ Mʿanāa" Alʾatimta "(Automation) - Dalīl Muṣtalaḥāt Harvard
Business Review (hbrarabic. com).
‫قيمة التحفيز بني التطبيدقات النبويَّة يف الشريعة‬
‫اإلسالميَّة والثدقافة الغربيَّة‬
- ‫ دراسة مقارنة‬-

The Value of Motivation between Prophetic


Applications in Islamic Law and Western Culture
- A Comparative Study -

‫أستاذ الدعوة والثقافة اإلسالميَّة املشارك بقسم الدعوة والثقافة اإلسالميَّة‬


‫ جبامعة القصيم‬،‫يف كلية الشريعة والدراسات اإلسالميَّة‬

Prepared by :
Dr. Hamad Abdullahh hamad Alsaqabi
Associate Professor of Dawa and Islamic Culture ،
Department of Dawa and Islamic Culture ،College of
Sharia & Islamic Studies ،Qassim University
Email: h.alsaqabi@qu.edu.sa

‫اعتماد البحث‬ ‫استالم البحث‬


A Research Approving A Research Receiving
2023/03/01 2022/12/15
‫نشر البحث‬
A Research publication
2023/09/30
DOI : 10.36046/2323-056-206-028
‫قيمة التحفيز بني التطبيقات النبويَّة يف الشريعة اإلسالميَّة والثقافة الغربيَّة ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬
‫‪113‬‬

‫ملخص البحث‬

‫قيمة التحفيز بني التطبيقات النبويَّة يف الشريعة اإلسالميَّة والثقافة الغربيَّة‬


‫‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬
‫د‪ /‬محد عبد هللا بن محد الصقعيب‬
‫األستاذ املشارك بقسم الدعوة والثقافة اإلسالمية‬
‫يف كلية الشريعة والدراسات اإلسالمية‪ ،‬جبامعة القصيم‬
‫‪h.alsaqabi@qu.edu.sa‬‬
‫هدفت الدراسة ل ى بيان أمهية مكاتة التحفيز يف الشريعة اإلسالمية‪ .‬والتعرف‬
‫على التطبيقات النبوية لقيمة التحفيز يف الشريعة اإلسالمية‪ .‬ولبراز سبق احلضارة‬
‫اإلسالمية وبيان مدى حرص اإلسالم على اجلمع بني اجلواتب املادية واملعنوية‪ .‬وقد‬
‫استخدم الباحث املنهج املقارن يف هذه الدراسة‪.‬‬
‫وقدخلصت الدراسة ل ى أن منظومة التحفيز يف اإلسالم هي فريدة من توعها‬
‫فاقت كافة املنظومات األخرى‪ ،‬وازتت بني اجلواتب املادية واجلواتب املعنوية‪ ،‬وركزت‬
‫الثقافة الغربية يف عملية التحفيز على اجلاتب اإلداري بشك كبري بينما اتسمت‬
‫الشريعة اإلسالمية ابلشمولية‪ .‬ورغم تركيز الثقافة الغربية على اجلاتب اإلداري بشك‬
‫ومعنواي‪ ،‬وتفسياا‪ ،‬خبالف الشريعة‬
‫ا‬ ‫وماداي‪،‬‬
‫ا‬ ‫كبري لًل لهنا مل هتتم ابإلتسان دينياا‪،‬‬
‫مباشرا يف دخول الناس‬
‫اإلسالمية‪ .‬ولن تنوع أساليب التحفيز عنده كاتت سبباا ا‬
‫قواي يف لتشاء دولته ابملدتية وقوهتا‪.‬‬
‫داعما ا‬
‫اجا كما أهنا كاتت ا‬ ‫يف دين هللا أفو ا‬
‫الكلمات املفتاحية‪( :‬التحفيز ‪ -‬التطبيقات النبوية ‪ -‬الثقافة الغربية)‪.‬‬
110

Abstract

The Value of Motivation between Prophetic The Value of


Motivation between Prophetic Applications in Islamic Law and
Western Culture
- A Comparative Study -
DR. Hamad Abdullahh hamad Alsaqabi
Associate Professor of Dawa and Islamic Culture Department in
Sharia and Islamic Studies, in Qassim University
h.alsaqabi@qu.edu.sa
The study aimed to show the importance and status of motivation
in Islamic law. Identifying the prophetic applications of the value of
motivation in Islamic law. Highlighting the precedent of Islamic
civilization. Also showing the extent of Islam's keenness to combine
the material and moral aspects. The researcher used the comparative
approach in this study.
The study concluded that the motivational system in Islam is
unique, surpassing all other systems, and balanced between the
material aspects and the moral aspects. Despite the great focus of
Western culture on the administrative aspect, it did not care about
human beings religiously, materially, morally, or psychologically,
unlike the Islamic law. The diversity of motivational methods of the
Prophet Muhammad, may God bless him and grant him peace, was a
direct reason for the entry of many people into the religion of Islam, as
it was a strong supporter in establishing his civil state, and its strength .
Keywords: (Motivation - Prophetic applications - Western culture).
‫قيمة التحفيز بني التطبيقات النبويَّة يف الشريعة اإلسالميَّة والثقافة الغربيَّة ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬
‫‪111‬‬

‫املدقِّمة‬

‫قائال‪:‬‬
‫احلمد هلل الذي حفز عباده على العم الصاحل يف احلياة الدتيا واآلخرة ا‬
‫{ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ} [سورة‬
‫الكهف‪ ،]37:‬والصالة والسالم على تيب الرمحة وآله وصحبه أمجعني‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫اهتماما ابلغاا‪ ،‬وأولْته عناية‬
‫ا‬ ‫فقد اهتمت الشريعة اإلسالمية مبوضوع التحفيز‬
‫فائقة‪ ،‬مل يلقها يف غريها من الشرائع واحلضارات األخرى‪ ،‬حيث حث هللا عباده‬
‫املؤمنني يف آايت كثرية يف كتابه العزيز ابملسارعة ل ى العم الصاحل وحسن العبادة‪،‬‬
‫واستخالف األرض وعمارهتا‪ ،‬وطلب معايل األمور‪ ،‬ولدراك حسن الكمال‪ ،‬واملنافسة‬
‫على املراتب العليا‪ ،‬حتقي اقا هلدفهم السامي املتمث يف تي أعلى درجات اجلنان‪ ،‬فقال‬
‫‪{ :‬ﯟ ﯠﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ} [سورة املطففني‪ ،]26:‬وقال‬
‫‪{ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬
‫ﭜ ﭝ} [سورة آل عمران‪ ،]133:‬وغري ذلك من اآلايت اليت تدعو ل ى التحفيز‬
‫والعم وترك التواك والتكاس ‪.‬‬
‫قائد األمة‪ ،‬وحمفزها األول‪ ،‬ورائدها يدعو ل ى ذلك يف‬ ‫وكذلك كان النيب‬
‫أيضا‪ ،‬حيث وضع قواعد عملية تطبيقية لتحفيز صحابته األبرار‪ ،‬وأمته من‬
‫ك حني ا‬
‫وسيلته‬ ‫بعدهم‪ ،‬استخدم فيها وسائ متعددة وأساليب متنوعة‪ ،‬فكان حتفيزه‬
‫‪111‬‬

‫أيضا وسيلة فعالة يف‬


‫اجا‪ ،‬كما كان ا‬
‫الدعوية األو ى يف دخول الكثري يف دين هللا أفو ا‬
‫ودافعا‬
‫حتقيق اًلتتصارات يف املعارك‪ ،‬والغزوات‪ ،‬والسرااي اليت خاضها ضد املشركني‪ ،‬ا‬
‫بكافة‬ ‫جهدا يف حتفيز صحابته‬
‫ل ى البذل والعطاء والعم والعبادة‪ ،‬فكان ًل أيلو ا‬
‫أن الدال على اخلري كفاعله‪ ،‬فقد روي أته أتى النيب‬ ‫الوسائ ‪ .‬ومن ذلك حتفيزه‬
‫جيد عندهُ ما يتحملُهُ فدله على آخر فحملَهُ‪ ،‬فأتى النيب‬ ‫فلم ْ‬
‫رج ٌ يستحملُه‪ْ ،‬‬
‫الدال على اخل ِري كفاعلِه»(‪ .)1‬وقال يف حثه على عمارة‬ ‫إن َ‬ ‫فأخربه‪ ،‬فقال‪َّ « :‬‬
‫َ‬
‫ضا َميِتَةً‪ ،‬فَ ِه َي لَهُ»(‪ .)4‬وغري ذلك من‬
‫َحيَا أ َْر ً‬
‫األرض وحتقيق التنمية املستدامة‪َ « :‬م ْن أ ْ‬
‫األحاديث اليت حتقق اهلدف املنشود‪ ،‬وهو حسن اًلقتداء به‪ ،‬وأن تسري أمته على‬
‫هنجه ‪.‬‬
‫هاما يف عملية التنمية بشَت أتواعها‪( :‬اًلقتصادية –‬
‫عنصرا ا‬
‫ا‬ ‫وميثل التحفيز‬
‫البيئية ‪ -‬الوطنية ‪ -‬اإلدارية ‪ -‬اًلجتماعية ‪ ....‬لخل)‪ ،‬حيث يُعىن أبهم عنصر من‬
‫عناصرها يف دفع عجلة اإلتتاج وهو العنصر البشري‪ ،‬والذي له مكاتة خاصة يف‬
‫الشريعة اإلسالمية‪ ،‬فهو حمورها األساس‪ ،‬وعليه تدور كافة جواتب احلياة‪.‬‬
‫وقد ُعين البحث من خالل هذه الدراسة ل ى املقارتة بني عملية التحفيز يف‬
‫الشريعة اإلسالمية‪ ،‬والتحفيز يف احلضارة الغربية املادية‪ ،‬ولبراز اجلواتب التحفيزية يف‬
‫الشريعة اإلسالمية اليت تُعىن ابلفرد املسلم ابملقام األول‪ ،‬وأهنا احلضارة الوحيدة اليت‬

‫(‪ )1‬رواه الرتمذي يف "سننه"‪ ،‬حديث رقم (‪ ،)4671‬أبواب العلم‪ ،‬ابب ما جاء الدال على اخلري‬
‫كفاعله (‪.)21 :8‬‬
‫ضا َم َو ااات‪.)116 :1( ،‬‬
‫َحيَا أ َْر ا‬
‫ب َم ْن أ ْ‬
‫(‪ )4‬رواه البخاري يف "صحيحه"‪ ،‬كتاب املزارعة‪َ ،‬اب ُ‬
‫قيمة التحفيز بني التطبيقات النبويَّة يف الشريعة اإلسالميَّة والثقافة الغربيَّة ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬
‫‪111‬‬
‫جتمع كافة اجلواتب املادية واملعنوية يف عملية التحفيز‪ ،‬وبني احلضارة الغربية اليت‬
‫تعتمد على اجلاتب املادي فقط‪ ،‬وتوليه أمهية تغلب على اجلاتب املعنوي‪ ،‬وفيها‬
‫تغلب القواتني واجلزاءات الصارمة على الرمحة واملغفرة‪ ،‬كما أهنا هتم بشك كبري‬
‫اجلواتب األخالقية واإلتساتية‪ ،‬املتمثلة يف القيم واملبادئ‪ ،‬وتتعلق مبباهج احلياة الدتيا‬
‫وزخارفها الزائلة‪.‬‬
‫كما عرض الباحث ما تناولته الدراسات السابقة من سبق ومتيز الشريعة‬
‫اإلسالمية يف استخدام احملفزات املعنوية واملادية منها وما هلا من أثر فعال على سلوك‬
‫األفراد حيث أبرزت دراسة‪ ،‬فاطمة مجيل‪ ،‬وحممد عقلة‪ ،‬اهتمام اإلسالم ابحملفزات ملا‬
‫هلا من مردود لجيايب يف تعزيز الروح املعنوية واألداء الفعلي لإلتسان يف مجيع ميادين‬
‫احلياة اإلتساتية الدتيوية واألخروية‪ .‬وأن اللبنات األو ى للمحفزات كاتت موجودة يف‬
‫الشريعة اإلسالمية واملتمثلة يف القرآن الكرمي والسنة‪ ،‬وليست من املواضيع اإلدارية‬
‫البحتة يف علم اإلدارة احلديث‪.‬‬
‫استشعارا من الباحث لواجبه الدعوي والثقايف؛ رأى أن من واجبه أن يسهم‬
‫ا‬ ‫و‬
‫يف هذا اجلهد بدراسة مقارتة‪ ،‬يرغب من خالهلا يف لبراز سبق اإلسالم يف حتفيز‬
‫األفراد عن احلضارات الغربية‪ .‬لذلك كان هذا البحث‪:‬‬
‫قيمة التحفيز بني التطبيقات النبويَّة يف الشريعة اإلسالميَّة‬
‫والثقافة الغربيَّة‬
‫حائرا؛ وهللا املستعان؛ وعليه‬
‫تقصا؛ أو هتدي ا‬
‫سائال هللا أن تسد هذه الدراسة ا‬
‫ا‬
‫وحده التكالن‪.‬‬
‫‪111‬‬

‫‪ ‬موضوع الّراسة‪:‬‬
‫قيمة التحفيز بني التطبيقات النبوية يف الشريعة اإلسالمية والثقافة الغربية‬
‫‪ -‬دراسة مقارتة ‪.-‬‬
‫‪ ‬أهمية الّراسة‪:‬‬
‫‪-1‬التعرف على مكاتة وأمهية التحفيز يف الشريعة اإلسالمية‪.‬‬
‫‪-2‬التعرف على خصائص الشريعة اإلسالمية‪.‬‬
‫‪-3‬التعرف على التطبيقات النبوية لقيمة التحفيز‪.‬‬
‫‪-4‬الفرق بني التحفيز يف الثقافة اإلسالمية‪.‬‬
‫‪-5‬التعرف على ماهية التحفيز يف الثقافة الغربية‪.‬‬
‫‪ ‬مشكلة الّراسة‪:‬‬
‫تربز مشكلة الدراسة يف التعرف على اإلجابة عن السؤال الرئيس‪ :‬ما الفرق‬
‫بني التحفيز يف الشريعة اإلسالمية من خالل التطبيقات النبوية والثقافة الغربية؟‬
‫‪ ‬أهّاف الّراسة‪:‬‬
‫تتحدد أهداف الدراسة فيما يلي‪:‬‬
‫‪-1‬بيان مكاتة وأمهية التحفيز يف الشريعة اإلسالمية‪.‬‬
‫‪-2‬التعرف على التطبيقات النبوية لقيمة التحفيز يف الشريعة اإلسالمية‪.‬‬
‫‪-3‬لبراز سبق احلضارة اإلسالمية وتفوقها على غريها من احلضارات فيما خيص‬
‫جمال القيم عامة‪ ،‬وقيمة التحفيز خاصة‪.‬‬
‫‪-4‬بيان مدى حرص اإلسالم على اجلمع بني اجلواتب املادية واملعنوية واحلث على‬
‫العم الذي هو أساس اإلتتاج‪.‬‬
‫قيمة التحفيز بني التطبيقات النبويَّة يف الشريعة اإلسالميَّة والثقافة الغربيَّة ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬
‫‪111‬‬
‫‪ ‬تساؤالت الّراسة‪:‬‬
‫حتاول هذه الدراسة اإلجابة عن التساؤل الرئيس التايل‪:‬‬
‫ما الفرق بني قيمة التحفيز يف الشريعة اإلسالمية والثقافة الغربية؟‬
‫ويتفرع عن هذا التساؤل الرئيس األسئلة التالية‪:‬‬
‫‪-1‬ما مفهوم التحفيز يف الشريعة اإلسالمية؟‬
‫‪-2‬ما هي أدلة التحفيز يف الشريعة اإلسالمية؟‬
‫‪-3‬ما هي التطبيقات النبوية لقيمة التحفيز وأثره على الفرد؟‬
‫‪-4‬ما هو التحفيز يف الثقافة الغربية؟ وما هي تظرايته؟‬
‫‪ ‬الّراسات السابدقة‪:‬‬
‫الدراسة األوىل‪ :‬دور اإلسالم يف إثراء احملفزات اإلدارية‪ :‬دراسة أتصيلية‪،‬‬
‫حتليلية‪ ،‬عامودي‪ ،‬فاطمة مجي أمحد‪ .‬اإلبراهيم‪ ،‬حممد عقلة (م‪ .‬مشارك)‪ ،‬الناشر‪:‬‬
‫اجلامعة األردتية ‪ -‬عمادة البحث العلمي‪ ،‬اجمللد‪ /‬العدد‪ :‬مج‪ ،26‬ع‪4112 ،1‬م‪.‬‬
‫وقد خلصت الدراسة ل ى أن احملفزات هي لحدى األتظمة اإلدارية اليت برزت‬
‫أمهيتها يف العصر احلديث خصوص ا يف ميادين الكفاءة واإلتتاج‪ ،‬جاعلة من احملفزات‬
‫وسيلة مادية دتيوية حبتة‪ .‬يف حني ربطت الشريعة اإلسالمية احملفزات أبمور الدين؛‬
‫لتقويتها والتأكيد على أمهية استعماهلا يف حياة الفرد واجملتمع املسلم‪ .‬فجاءت هذه‬
‫الدراسة لتؤص حقيقة احملفزات اإلدارية يف الشريعة اإلسالمية‪ ،‬وبيان سبق الشريعة يف‬
‫لرساء قواعدها للبشرية‪.‬‬
‫وتتفق هذه الدراسة مع دراسة الباحث يف موضوع الدراسة وهو التحفيز من‬
‫املنظور اإلسالمي وأثره على األفراد‪ ،‬وبيان سبق الشريعة اإلسالمية يف أتصي مفاهيم‬
‫‪111‬‬

‫قيمة التحفيز وتطبيقاهتا املتنوعة‪ ،‬ولكنها ختتلف عن دراسة الباحث يف اقتصارها على‬
‫احملفزات اإلدارية فقط‪ ،‬بينما تنوعت دراسة الباحث لتشم قيمة التحفيز يف كافة‬
‫اجملاًلت من خالل التطبيقات النبوية‪ ،‬وكذلك الفروقات بينه وبني الثقافة الغربية‪.‬‬
‫الدراسة الثانية‪ :‬التحفيز من منظور إسالمي ودوره يف جودة األداء‪ ،‬حممد‪،‬‬
‫حممد عبد احلميد‪ ،‬الناشر‪ :‬جامعة األزهر ‪ -‬كلية الدراسات اإلسالمية والعربية للبنات‬
‫بكفر الشيخ‪ ،‬اجمللد‪ /‬العدد‪ :‬ع‪ ،1‬مج‪ ،4‬مصر‪.4117 ،‬‬
‫وقد هدف البحث ل ى توضيح التحفيز من منظور لسالمي من حيث ماهيته‬
‫وأتواعه وطرقه ومعوقاته وشروط جناح تطبيقه‪ ،‬وأثره يف الوصول ل ى جودة األداء‪ .‬وقد‬
‫تظرا لشموهلا‬
‫اتتهى البحث ل ى أن منظمة التحفيز اإلسالمي فريدة من توعها ا‬
‫واستيعاهبا ألفض ما جاءت به النظرايت احلديثة يف التحفيز‪ ،‬كما أظهرت بوضوح‬
‫األمهية العظيمة للتحفيز يف اإلسالم‪ ،‬وتنوعه وتنوع أساليبه واستخداماته حسب‬
‫فضال عن أمهيته العظيمة يف حتقيق جودة األداء واإلبداع والتميز‪ .‬ومن مث‬
‫األحوال‪ ،‬ا‬
‫أوصى البحث بضرورة تطبيق منهج التحفيز اإلسالمي يف مجيع جواتب حياة األمة‬
‫على مستوى األفراد واجملتمعات واملنظمات‪.‬‬
‫وقد اتفقت تلك الدراسة مع دراسة الباحث يف تناول موضوع قيمة التحفيز‬
‫من منظور لسالمي‪ .‬واختلفت عن دراسة الباحث يف تركيزها على جودة األداء‪ ،‬بينما‬
‫ركزت دراسة الباحث على التحفيز يف كافة اجلواتب‪ ،‬لضافة ل ى تناول التحفيز يف‬
‫أيضا‪ ،‬كما استخدم الباحث املنهج املقارن يف بيان الفروقات بني‬ ‫املنظور الغريب ا‬
‫التحفيز يف اإلسالم والثقافة الغربية‪.‬‬
‫الدراسة الثالثة‪ :‬أساليب التحفيز والتشجيع يف ضوء السنة النبوية‪ :‬دراسة‬
‫قيمة التحفيز بني التطبيقات النبويَّة يف الشريعة اإلسالميَّة والثقافة الغربيَّة ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬
‫‪111‬‬
‫موضوعية‪ ،‬الشطي‪ ،‬حممد يوسف رجب‪ ،‬الناشر‪ :‬جامعة الكويت ‪ -‬جملس النشر‬
‫العلمي‪ ،‬مج‪ ،11‬ع‪ ،111‬الكويت‪.4118 ،‬‬
‫وقد تناولت الدراسة أمهية التحفيز والتشجيع‪ ،‬وأوضحت أمهية هذا اجملال‬
‫التحفيزي من خالل عرض بعض النماذج من السنة النبوية الشريفة‪ ،‬وعرضت مسألة‬
‫التحفيز والتشجيع بنوعيه املادي واملعنوي‪ ،‬يف شَت جماًلت احلياة املختلفة‪.‬‬
‫وقد اتفقت تلك الدراسة مع دراسة الباحث يف جاتب التحفيز يف السنة‬
‫النبوية‪ ،‬واختلفت تلك الدراسة عن دراسة الباحث يف تركيزها على السنة النبوية فقط‪،‬‬
‫بينما تناولت دراسة الباحث اآلايت الكرمية من القرآن الكرمي واألحاديث الشريفة من‬
‫السنة النبوية‪ ،‬ابإلضافة ل ى التحفيز يف املنظور الغريب‪ ،‬وعقد مقارتة بني التحفيز يف‬
‫الشريعة اإلسالمية واملنظور الغريب لبيان الفروقات بينهما وسبق اإلسالم يف ذلك‬
‫اجملال‪ ،‬وبيان مسات الشريعة اإلسالمية ولبراز مكاتة الفرد يف اإلسالم‪ ،‬وكذلك املنهج‬
‫البحثي املستخدم‪ ،‬حيث استخدمت تلك الدراسة املنهج املوضوعي‪ ،‬فيما استخدم‬
‫الباحث املنهج املقارن‪.‬‬
‫الدراسة الرابعة‪ :‬التحفيز املادي أمهيته وأسبابه وضوابطه يف ضوء السنة‬
‫النبوية‪ ،‬احملمد‪ ،‬حممد زهري عبد هللا‪ ،‬الناشر‪ :‬جامعة األزهر ‪ -‬كلية الشريعة والقاتون‬
‫بتفهنا األشراف ‪ -‬دقهلية‪ ،‬ع‪ .41‬ج‪ ،1‬مصر‪.4118 ،‬‬
‫وقد هدفت الدراسة ل ى‪ :‬بيان أمهية التحفيز املادي‪ ،‬وآاثره يف دفع الناس حنو‬
‫التميز‪ .‬وذكر أهم الشبهات اليت أثريت حول التحفيز املادي‪ ،‬مث دفعها‪ .‬وبيان أسباب‬
‫التحفيز املادي يف السنة النبوية‪ .‬وبيان ضوابط التحفيز املادي يف السنة النبوية‪.‬‬
‫وتتفق تلك الدراسة مع الدراسة احلالية يف أهنا تناولت موضوع البحث وهو‬
‫‪112‬‬

‫التحفيز يف السنة النبوية‪ ،‬ولكنها اختلفت عن دراسة الباحث يف اقتصارها على‬


‫اجلاتب املادي فقط‪ ،‬بينما تناولت دراسة الباحث كافة جواتب التحفيز من خالل‬
‫الشريعة اإلسالمية‪ ،‬والتطبيقات النبوية‪ ،‬والتحفيز يف الثقافة الغربية‪ ،‬لضافة ل ى عقد‬
‫مقارتة بينهما‪.‬‬
‫‪ ‬منهج الّراسة‪:‬‬
‫املنهج املتبع يف هذه الدراسة هو املنهج املقارن‪ ،‬وهلذا املنهج ضوابط‬
‫وخصائص وظفها الباحث يف خدمة هذا البحث‪.‬‬
‫وقد راعى الباحث يف حبثه أصول الكتابة العلمية وميكن لمجال ذلك مبا يلي‪:‬‬
‫‪-1‬عزو اآلايت القرآتية الكرمية ل ى سورها وذكر رقم اآلية‪.‬‬
‫‪-4‬ختريج األحاديث النبوية الشريفة من كتب السنة‪.‬‬
‫‪-1‬توثيق املعلومات سواء أكاتت من املصادر السابقة أو املراجع احلديثة‪.‬‬
‫‪-2‬عم املصادر واملراجع للدراسة‪.‬‬
‫‪ ‬خطة البحث‪:‬‬
‫تشتم الدراسة على متهيد‪ ،‬ومبحثني‪ ،‬وخامتة‪ ،‬وذلك على النحو اآليت‪:‬‬
‫التمهيد وفيه‪ :‬مقدمة الدراسة‪ ،‬ومشكلتها‪ ،‬وموضوعها‪ ،‬وتساؤهلا الرئيس‪،‬‬
‫وأمهيتها‪ ،‬وأهدافها‪ ،‬والدراسات السابقة‪ ،‬وحدودها‪ ،‬ومنهج الدراسة‪.‬‬
‫املبحث األول‪ :‬التحفيز يف الشريعة اإلسالمية‪.‬‬
‫ويشتم على مطلبني‪:‬‬
‫املطلب األول‪ :‬مفهوم التحفيز يف الشريعة اإلسالمية‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬التطبيقات النبوية لقيمة التحفيز يف الشريعة اإلسالمية‪.‬‬
‫قيمة التحفيز بني التطبيقات النبويَّة يف الشريعة اإلسالميَّة والثقافة الغربيَّة ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬
‫‪113‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬التحفيز يف الثقافة الغربية‪.‬‬
‫ويشتم على مطلبني‪:‬‬
‫املطلب األول‪ :‬التحفيز يف الثقافة الغربية املفهوم واًلسرتاتيجيات‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬أمهية التحفيز وأهدافه يف الثقافة الغربية والفروقات يف الشريعة‬
‫اإلسالمية‪.‬‬
‫اخلامتة‪:‬‬
‫وفيها أهم النتائج والتوصيات اليت ظهرت للباحث أثناء لعداد البحث‪.‬‬
‫وقد عمد الباحث يف هذا البحث ل ى مل شتات هذا املوضوع ابختصار‪ ،‬مع‬
‫تفسا لًل وسعها‪،‬‬
‫احلرص على عدم اإلخالل ابملوضوع قدر املستطاع‪ ،‬وًل يكلف هللا ا‬
‫وصلى هللا على تبينا حممد وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫‪110‬‬
‫املبحث األول‪ :‬مفهوم التحفيز يف الشريعة اإلسالمية‬
‫أوالً‪ :‬مفهوم التحفيز لغةً واصطالحًا‬
‫التحفيز لغةً‪:‬‬
‫تعددت الدًلًلت اللغوية واملعجمية ملادة (حفز) يف املعاجم العربية ومنها‪:‬‬
‫ب‬ ‫اح َدةٌ تَ َد ُّل علَى ْ ي‬ ‫احلاء والْ َفاء والزاء َكليمةٌ و ي‬
‫احلَث َوَما قَـ ُر َ‬ ‫َ‬ ‫ذكر ابن فارس أن َْ ُ َ ُ َ ُ َ َ‬
‫وس يه لي َذا أ ََر َاد الْ يقيَ َام‪َ ،‬كأَن‬
‫يمْنه‪ .‬فَا ْحل ْفز‪ :‬حثُّك الشيء يمن خْل يف يه‪ .‬والرج َحيت يفز ييف جلُ ي‬
‫ُ َ ُ َ َ ْ َ ْ َ َ ُ ُ َْ ُ ُ‬
‫ت الر ُج َ‬ ‫ال َح َفْز ُ‬ ‫وق النـ َه َار َوَْحي يف ُزهُ‪َ .‬ويـُ َق ُ‬
‫ال‪ :‬اللْي ُ يَ ُس ُ‬ ‫ااث َحثهُ َوَدافي اعا َدفَـ َعهُ‪ .‬يـُ َق ُ‬ ‫َح ًّ‬
‫ك بييقلة(‪ .)1‬قال سوار بن حيان املنقري‪:‬‬ ‫ي ي‬
‫احلَْوفَـَزا ُن م ْن َذل َ‬ ‫ياب ُّلرْم يح‪َ .‬و ُيمس َي ْ‬
‫اجلَْو ي ْ َ‬
‫ف أَش َكال(‪)4‬‬ ‫َس َقْتهُ َيجن ايعا يم ْن َديم ْ‬ ‫احلَـ ـ ـ ـ ـ ْـوفَـَزا َن بيطَ ْعنَـ ـ ـ ـ ــة‬
‫َوَْحنـ ـ ـ ـ ـ ُـن َح َفـ ـ ـ ـ ـ ْـزَان ْ‬
‫ومنه‪(" :‬حفزه) دفعه من خلفه واببه ضرب‪ ،‬واللي حيفز النهار أي يسوقه‪،‬‬
‫مستوفزا"(‪.)1‬‬
‫ا‬ ‫(حمتفزا) أي‬
‫ورأيته ا‬
‫فالتحفيز لغة يدور حول (الدفع من اخللف ‪ -‬احلث وما قرب منه)‪.‬‬

‫(‪ )1‬ينظر أمحد بن فارس بن زكراي القزويين "معجم مقاييس اللغة‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد السالم هارون‪ ،‬دار‬
‫الفكر‪1122 ،‬هـ ‪1272 -‬م‪ ،)88/4( ،‬مادة (حفز)‪.‬‬
‫(‪ )4‬الشريف املرتضى علي بن احلسني‪ " ،‬أمايل املرتضى غرر الفوائد ودرر القالئد"‪ .‬حتقيق‪ :‬حممد‬
‫أبو الفض لبراهيم‪( ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪ :‬دار لحياء الكتب العربية‪ ،)1282 ،‬ص ‪.824‬‬
‫(‪ )1‬زين الدين أبو عبد هللا حممد بن أيب بكر الرازي‪" ،‬خمتار الصحاح"‪ ،‬حتقيق‪ :‬يوسف الشيخ‬
‫حممد‪( ،‬ط‪ ،8‬بريوت ‪ -‬صيدا‪ :‬املكتبة العصرية ‪ -‬الدار النموذجية‪1241 ،‬هـ ‪1222 /‬م)‪،‬‬
‫‪.76 :1‬‬
‫قيمة التحفيز بني التطبيقات النبويَّة يف الشريعة اإلسالميَّة والثقافة الغربيَّة ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬
‫‪111‬‬
‫التحفيز اصطالحًا‪:‬‬
‫ًل خيرج املعىن يف اًلصطالح غالباا عن املعىن يف اللغة‪ ،‬ومن هنا تعددت‬
‫تعريفات التحفيز وتنوعت‪ ،‬ومن بينها أن التحفيز هو عبارة عن‪" :‬مؤثرات خارجية‪،‬‬
‫حتفز الفرد وتشجعه على القيام أبداء أفض "(‪.)1‬‬
‫خصائص الشريعة اإلسالمية‪:‬‬
‫متيزت الشريعة اإلسالمية بعدة خصائص‪ ،‬اتفردت هبا عن سائر الشرائع‬
‫ابقية وحمفوظة حبفظه‪ ،‬خامتة‬ ‫والقواتني األخرى‪ ،‬فهي شريعة رابتية من عند هللا‬
‫وانسخة لكافة الشرائع‪ ،‬قائمة على العدل واملساواة والرمحة والرتاحم والعم ‪ ،‬هتتم‬
‫اهتماما ابلغاا ابإلتسان وجتعله حمور اهتمامها‪ ،‬وتراعي مصاحله‪.‬‬
‫ا‬
‫"ولن هذه الشريعة الغراء اليت تعلو الشرائع كلها قد استمدت تصوصها من‬
‫القرآن الكرمي‪ ،‬والسنة النبوية‪ ،‬اليت تتصف ابلدميومة‪ ،‬واًلستمرار‪ ،‬والثبات‪ ،‬ابعتبارها‬
‫أحكاما ُمنزلةا من عند هللا‪ ،‬وهي هبذه الصفات ذات األبعاد األخالقية‪،‬‬
‫قواعد و ا‬
‫واًلجتماعية‪ ،‬واًلقتصادية‪ ،‬قادرة على احتواء حاجات البشر من عبادات‪،‬‬
‫ومعامالت‪ ،‬كما أهنا قادرة على النهوض ابألمم‪ ،‬وحتقيق القوة‪ ،‬والعدالة‪ ،‬واحلارسة‬
‫متکامال‪ ،‬يتحقق فيه التكاف‬
‫ا‬ ‫عادًل‬
‫حرا ا‬‫جمتمعا ا‬
‫األمينة على أخالقياهتا‪ ،‬اليت تقيم ا‬
‫اًلجتماعي‪ ،‬والذي يقوم على ترابط األفراد وآتزرهم من خالل عقيدة‪ ،‬وأخالق‪،‬‬
‫وعم ‪ ،‬لهنا أسس الشريعة السمحة‪ ،‬اليت تقوم على التوجيه‪ ،‬والتقومي‪ ،‬وحتديد‬

‫(‪ )1‬عبد اجمليد عبد الغين الطجم‪ ،‬وآخرون‪" ،‬السلوك التنظيمي"‪( .‬دار النوابغ‪ ،‬جدة‪1217 :‬ه)‪،‬‬
‫ص ‪.21‬‬
‫‪111‬‬

‫الغاايت‪ ،‬وحتقيق القيم اإلتساتية‪ ،‬مبا يعود على الناس ابخلري‪ ،‬يف لطار مصاحلهم‬
‫الذاتية‪ ،‬ومصلحة اجملتمع"(‪ .)1‬ولن الشريعة اإلسالمية هي وحدها القادرة على لجياد‬
‫التوازن بني الفرد واجملتمع الفاض ‪ ،‬القائم على التعاون على اخلري ودفع الشر‪ ،‬حبيث ًل‬
‫يطغى فريق على فريق‪ ،‬فتتكون البيئة الصاحلة اليت تبين الفضيلة وتقضي على الرذيلة‪،‬‬
‫ك ذلك مبيزان اإلميان ابهلل‪ ،‬واألمر ابملعروف والنهي عن املنكر(‪.)4‬‬
‫على تبيه رسالةا وسطاا‪ ،‬وازتت بني اإلتسان كله‪،‬‬ ‫ولقد أتزل هللا‬
‫فتكاملت فيه صورته البشرية دون لخالل أو طغيان جلاتب على جاتب آخر؛ لذ مل‬
‫تفص بني اجلاتب الروحي فيه واملادي‪ ،‬كما هو شأن الغالني يف شريعة هللا الذين‬
‫يلزمون اإلتسان إبلغاء أحد اجلاتبني فيه‪ ،‬األمر الذي أدى ‪ -‬أو كاد أن يؤدي ‪ -‬ل ى‬
‫تدمري اإلتساتية أبسرها‪.‬‬
‫فالعقيدة أساسها التوازن فال هي جنحت ل ى اًلعتقاد يف أي شيء دون برهان‬
‫أو دلي ‪ ،‬وًل هي رفضت اًلعتقاد يف أي شيء دون اإلتصات لصوت الشرع وتداء‬
‫العق ‪ ،‬وكذلك أسست العبادات والشعائر على التوازن بال غلو وًل تقصري‪ ،‬وكلفت‬
‫اإلتسان بتكليفات وتشريعات يف حدود طاقته‪ ،‬دون تضييق اخلناق يف التحرمي أو‬
‫التساه يف اإلابحة والتحلي ‪.‬‬
‫ولن اإلسالم يدعو ل ى التعاون وحتقيق اللُحمة اًلجتماعية وتبذ الفرقة والتفرق‬

‫(‪ )1‬عبد السالم التوجني‪" ،‬الشريعة اإلسالمية يف القران الكرمي تظرية احلق مميزاهتا وخصائصها‬
‫ومبادئها"‪( .‬ط‪ ،4‬لبيبا‪ ،‬منشورات مجعية الدعوة اإلسالمية العاملية‪.18 :1 ،)1227 ،‬‬
‫(‪ )4‬اتظر‪ :‬املرجع السابق‪.‬‬
‫قيمة التحفيز بني التطبيقات النبويَّة يف الشريعة اإلسالميَّة والثقافة الغربيَّة ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬
‫‪111‬‬
‫‪{ :‬ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ‬ ‫واًلختالف والتشتت الذي ميزق األمة‪ ،‬حني قال‬
‫ﭵ ﭶﭷ } [سورة آل عمران‪ ]173:‬ول ى الرمحة يف كافة املعامالت ولني اجلاتب‪.‬‬
‫كما أته ًل وجود يف اإلسالم لوسطاء وًل شفعاء بني هللا وعباده‪ ،‬فاملسلم‬
‫‪:‬‬ ‫يدعو ربه يف ك وقت وحني وهللا يفرح بدعاء عبده واحتياجه له كما قال‬
‫{ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴﯵ ﯶ ﯷ‬
‫ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ} [سورة البقرة‪.]196:‬‬
‫كما أن مفهوم العبادة يف اإلسالم يتسم ابلشمولية‪ ،‬فهي ًل تتوقف عند‬
‫الشعائر الدينية الظاهرة فحسب‪ ،‬ب متتد جواتبها لتشم كافة حياة املسلم‪ ،‬فالعبادة‬
‫‪ ،‬واآلداب اخلاصة واملمارسات اليومية احلياتية‪ ،‬وعالقته مع‬ ‫تنظم عالقته مع خالقه‬
‫أسرته واجملتمع الذي يعيش به‪ ،‬وكذلك البيئة اليت حتيط به‪ ،‬فالعبادة يف اإلسالم تربط‬
‫بني األمور الدينية واألمور الدتيوية ومتزج بينهما وكثري ما أتيت اآلايت اليت جتمع‬
‫جنباا ل ى جنب مع املعامالت اإلتساتية واألخالق احلميدة من‬ ‫العالقة مع اخلالق‬
‫‪{ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ‬ ‫غري تفريق‪ ،‬كما يف قوله‬
‫ﭛﭜﭝﭞﭟ ﭠ ﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧ ﭨ‬
‫ﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳ‬
‫ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮀ ﮁ‬
‫ﮂ ﮃﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ} [سورة البقرة‪.]111:‬‬
‫وهي شريعة خريية تدعو ل ى عم اخلري واملسارعة لليه فخري الناس أتفعهم‬
‫‪{ :‬ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ‬ ‫للناس‪ ،‬قال‬
‫ﭧ ﭨ ﭩﭪ } [سورة آل عمران‪.]117:‬‬
‫‪111‬‬

‫كما أهنا شريعة بُنيت على األفكار الواضحة اليت أسس عليها تظام حياة الفرد‬
‫دائما؛ ألهنا هي‬
‫املسلم‪ ،‬فاعتنقها ودعا لليها على بصرية‪ ،‬مؤمناا هبا‪ ،‬متذكارا هلا ا‬
‫الضابط جلميع سلوكياته‪ ،‬وتصرفاته والرقيب على أعماله وحياته‪.‬‬
‫ونستطيع الدقول إن الشريعة اإلسالمية متيزت بعّة خصائص أبرزها‪:‬‬
‫‪ -‬رابتية املصدر‪ :‬فهي من هللا ول ى هللا‪ ،‬فغاية املسلم ومقصده هي بلوغ مرضاة‬
‫عنه‪ ،‬فاملسلم يستمد شرائعه من القرآن الكرمي كالم هللا الذي أوحاه ل ى تبيه‪،‬‬ ‫هللا‬
‫عباده بضرورة‬ ‫وأفعاله وتقريراته اليت أمر هللا‬ ‫مث السنة النبوية‪ ،‬وهي أقوال النيب‬
‫عددا من املصادر الفرعية للشريعة‬
‫التأسي هبا‪ .‬ومن هذين املصدرين مت اشتقاق ا‬
‫كالقياس واإلمجاع واًلستحسان والعرف وغريها‪.‬‬
‫‪ -‬شريعة قائمة على العدل واملساواة‪.‬‬
‫‪ -‬مشولية تلك الشريعة وتوازهنا‪ ،‬فهي شريعة شاملة تغطي ك جواتب احلياة‪،‬‬
‫وتوازن بني العبادة واحلياة‪.‬‬
‫‪ -‬املثالية الواقعية‪ ،‬فهي مبنية على أهنا سلوك أفراد يعيشوته وميارسوته يومياا‪،‬‬
‫وواقعية يف معاجلة سلوكيات أفرادها‪.‬‬
‫‪ -‬الوسطية‪ :‬وهي شريعة قائمة على الوسطية السمحة فهي وسط بني املغاًلة‬
‫‪{ :‬ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ} [سورة البقرة‪.]143:‬‬ ‫والتفريط قال‬
‫‪ -‬العقالتية‪ :‬فهي تدعو ل ى لعمال العق ‪ ،‬والتفكر يف خلق هللا وبديع صنعه‬
‫وآايته الكوتية‪ ،‬وهي ختاطب العقول قب القلوب‪.‬‬
‫‪ -‬اخلريية‪ :‬فهي شريعة جامعة لك أعمال اخلري والرب تدعو لليه وترىب املسلمني‬
‫عليه وحتثهم على العم به‪ ،‬وتنبذ ك أعمال الشر والسوء‪.‬‬
‫قيمة التحفيز بني التطبيقات النبويَّة يف الشريعة اإلسالميَّة والثقافة الغربيَّة ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬
‫‪111‬‬
‫‪ -‬اإلجيابية واملسؤولية‪ :‬هي شريعة تدعو ل ى حتم املسؤولية واإلجيابية يف‬
‫اجملتمع فالفرد فيها ليس معزول عن ابقي أفراد اجملتمع‪ ،‬ومن عالمة اإلميان أن حيب‬
‫عن تفسه وعمن‬ ‫املرء لغريه ما حيبه لنفسه‪ ،‬كما أن ك فرد مسؤول أمام هللا‬
‫يعول‪ ،‬وكما أن ك فرد فيها يتحم تتيجة أفعاله وحياسب أمام هللا عنها‪.‬‬
‫التحفيز يف الشريعة اإلسالمية‪:‬‬
‫سعى الدين اإلسالمي ل ى حتفيز األفراد واجملتمعات على العم من أج حتقيق‬
‫اهلدف والرسالة اليت كلف اخلالق هبا عباده‪ ،‬وهي استخالف األرض وعمارهتا‪ ،‬قال‬
‫‪{ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙﭚ } [سورة البقرة‪،]37:‬‬
‫‪{ :‬ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ } [سورة هود‪.]61:‬‬ ‫وقال‬
‫ومن املعلوم أن اًلستخالف يف األرض وعمارهتا لن يكون سوى ابجلد‬
‫واًلجتهاد والكد والعم ‪ ،‬ولن يتأتى ذلك براحة األبدان والتكاس واخلمول‪ ،‬ولـما‬
‫كاتت النفس البشرية متي ل ى الراحة واًلستجمام أكثر منها ل ى العم واإلتتاج‬
‫واملشقة‪ ،‬برزت احلاجة املاسة ل ى ما يشحذ اهلمم‪ ،‬ويشد على األيدي‪ ،‬ويدفع ل ى‬
‫العم اجلاد‪ ،‬الذي حيقق اإلتتاج والرقي والتقدم‪ ،‬ويص ابألمة ل ى مصاف األمم‪،‬‬
‫والتكاس خمالف لفطرة الشريعة اليت دعت ل ى العم وكسب الرزق احلالل‪ ،‬والتحفيز‬
‫ما هو لًل لعطاء األفراد دفعةا معنويةا بتحريك املشاعر والوجدان‪ ،‬أو ماديةا كاملكافآت‬
‫والعوائد اًلقتصادية؛ لعم ما يلزم عمله‪ ،‬ولجناز ما ينبغي لجنازه؛ وذلك إباثرته لفع‬
‫الشيء‪ ،‬وخيتلف التحفيز يف الشريعة اإلسالمية عن الشرائع األخرى‪ ،‬لذ يف اإلسالم‬
‫يتم دمج احلوافز املعنوية مع احلوافز املادية‪.‬‬
‫وقد زخرت الشريعة اإلسالمية ابآلايت الدالة على حتفيز املسلمني على خريي‬
‫‪111‬‬

‫الدتيا واآلخرة‪ ،‬ومن ذلك‪:‬‬


‫التحفيز على العمل باملثوبة والعطاءات املعنوية واملادية‪.‬‬
‫حفز اإلسالم املسلمني على ضرورة العم واجلد واًلجتهاد يف األعمال‬
‫الدتيوية واألخروية‪ ،‬فالعم يف اإلسالم من أهدافه "حتقيق املنافع اًلقتصادية‪ ،‬املادية‬
‫واملعنوية‪ ،‬فيوفر ما حيتاج لليه األفراد من السلع واخلدمات لتحقيق الضمان اًلقتصادي‬
‫لك فرد يف اجملتمع‪ ،‬واإلسالم ًل يفرق بني العم املادي والعم الروحي‪ ،‬وًل يفرق‬
‫بني العم الدتيوي‪ ،‬والعم األخروي‪ ،‬فك تشاط مادي‪ ،‬أو دتيوي يباشره اإلتسان‬
‫‪ ،‬والعام املنتج يف اإلسالم له أجران أجر‬ ‫هو عم أخروي لذا قصد به وجه هللا‬
‫دتيوي عاج ‪ ،‬أو ثواب دتيوي يتمث يف الربح أو األجرة‪ ،‬وأجر أخروي آج "(‪،)1‬‬
‫‪{ :‬ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ‬ ‫قال هللا‬
‫ﮤ ﮥﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ} [سورة الشورى‪.]27:‬‬
‫‪{ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ‬ ‫‪ -‬املسارعة ل ى املثوبة العظمى‪ ،‬قال‬
‫ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ} [سورة آل عمران‪.]133:‬‬
‫‪{ :‬ﮓ ﮔ ﮕ‬ ‫عبادة على العم الصاحل‪ ،‬قال‬ ‫‪ -‬جمازاة هللا‬
‫ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ} [سورة الكهف‪.]37:‬‬
‫‪{ :‬ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ‬ ‫‪ -‬الوعد ابحلياة الطيبة قال‬

‫(‪ )1‬صاحل محيد العلي‪" ،‬عناصر اإلتتاج يف اًلقتصاد اإلسالمي والنظم اًلقتصادية املعاصرة ‪-‬‬
‫دراسة مقارتة"‪( .‬ط‪ ،1‬دمشق ‪ -‬بريوت‪ ،‬اليمامة للطباعة والنشر والتوزيع‪ 1241 ،‬هـ ‪-‬‬
‫‪ 4111‬م)‪ ،‬ص ‪.414‬‬
‫قيمة التحفيز بني التطبيقات النبويَّة يف الشريعة اإلسالميَّة والثقافة الغربيَّة ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬
‫‪111‬‬
‫ﮑ ﮒ ﮓ ﮔﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ} [سورة‬
‫النحل‪.]91:‬‬
‫‪{ :‬ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ‬ ‫‪ -‬مضاعفة احلسنات‪ ،‬قال‬
‫ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ} [سورة األنعام‪.]167:‬‬
‫‪{ :‬ﮟ ﮠ ﮡ‬ ‫‪ -‬التشجيع على الكسب من عم اليد‪ ،‬قال هللا‬
‫ﮢ ﮣ ﮤﮥ ﮦ ﮧ ﮨ} [سورة يس‪.]35:‬‬
‫‪{ :‬ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ‬ ‫‪ -‬الدعوة ل ى الكسب الطيب‪ ،‬قال‬
‫ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ} [سورة البقرة‪.]169:‬‬
‫‪{ :‬ﯙ ﯚ‬ ‫‪ -‬اًلقتداء ابألتبياء يف العم وتعلم الصناعة‪ ،‬قال هللا‬
‫ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟﯠ ﯡﯢ ﯣ ﯤ} [سورة األنبياء‪.]97:‬‬
‫‪ -‬اجلمع بني الدتيا واآلخرة واجلاتب الروحاين واملادي‪ ،‬واملوازتة بينهما‪ ،‬قال‬
‫‪{ :‬ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳﯴ ﯵ‬
‫ﯶ ﯷ ﯸ ﯹﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ} [سورة‬
‫القصص‪.]11:‬‬
‫التحفيز باجلزاءات‪.‬‬
‫حمذرا عباده‪ { :‬ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ‬ ‫‪ -‬قال‬
‫‪{ :‬ﭑ ﭒ‬ ‫ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ} [سورة الزلزلة‪ ،]9-1:‬وقال‬
‫ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﭥ‬
‫ﭦ ﭧ ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ} [سورة آل عمران‪.]37:‬‬
‫يف قصة ذي القرتني‪{ :‬ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ‬ ‫‪ -‬قال‬
‫‪112‬‬

‫ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ}‬
‫[سورة الكهف‪.]99-91:‬‬
‫وغري ذلك من اآلايت الكثرية‪ ،‬اليت حتفز األفراد على اًلمتثال واملسارعة ل ى‬
‫العم الصاحل‪.‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬التطبيدقات النبوية لدقيمة التحفيز وأثرها يف اإلسالم‬
‫وهو اإلمام والقائد والقدوة واملريب‪ ،‬التحفيز يف مجيع جماًلت‬ ‫استخدام النيب‬
‫احلياة ويف خمتلف الظروف واألماكن واألوقات‪ ،‬أبساليب متنوعة؛ لتحفيز أصحابه‬
‫وأمته من بعده‪ ،‬فتارة يستخدم اللني واترة يستخدم الشدة‪ ،‬وأخرى يستخدم الرتهيب‬
‫والرتغيب‪ ،‬وغري ذلك من أساليب تغرس الطمأتينة والراحة النفسية يف قلوب‬
‫مستمعيه‪ ،‬وتدفعهم ل ى املسارعة ل ى العم ‪.‬‬
‫ورىب عليها صحابته‬ ‫وهنا بعض من التطبيقات النبوية اليت استخدمها النيب‬
‫‪.‬‬ ‫الكرام‬
‫على العمل الصاحل باملثوبة ودخول اجلنة‪.‬‬ ‫أوالً‪ :‬حتفيزه‬
‫لن الغاية القصوى لك مؤمن واليت يسعى هلا بك ما أويت من قوة هي الفوز‬
‫بدخول اجلنان اليت عرضها السموات واألرض وما أعد هللا فيها لعباده املؤمنني‪ ،‬ففيها‬
‫ما ًل عني رأت وًل أذن مسعت وًل خطر على قلب بشر‪ ،‬فنفس املؤمن تواقة ل ى‬
‫الوصول ل ى تلك الغاية السامية‪ ،‬واًلتتقال من رغد الدتيا الزائ ل ى تعيم اآلخرة‬
‫الوعد بدخول اجلنة وسيلة حتفيزية هامة ملن امتث ألوامر‬ ‫الباقي‪ ،‬فاستخدم النيب‬
‫ورسوله ‪ ،‬فكاتت تلك الوسيلة التحفيزية خري معني على حتقيق الدعوة ل ى‬ ‫هللا‬
‫ودافعا ل ى حسن العبادة‪ ،‬وك ما فيه خري وصالح‬
‫العم الصاحل وفع اخلريات‪ ،‬ا‬
‫قيمة التحفيز بني التطبيقات النبويَّة يف الشريعة اإلسالميَّة والثقافة الغربيَّة ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬
‫‪113‬‬
‫لإلسالم واملسلمني يف الدتيا واآلخرة‪ ،‬ومن ذلك ما ورد عنه ‪:‬‬
‫‪ -‬حتفيزه صحابته وأمته من بعده على البعد عن احملرمات ابللسان والفرج‬
‫ني ِر ْجلَْي ِه‬ ‫ِ‬
‫ني َحلْيَ ْيه َوَما بَْ َ‬ ‫ض َم ْن ِيل َما بَْ َ‬ ‫ول اَّللي قَ َ‬
‫ال‪َ « :‬م ْن يَ ْ‬ ‫لدخول اجلنة‪ ،‬فعن رس ي‬
‫َْ َُ‬
‫ض َم ْن لَهُ اجلَنَّةَ»(‪.)1‬‬ ‫أَ ْ‬
‫س بْ ين َماليك‪،‬‬ ‫‪ -‬حتفيزه على الشهادة يف سبيل هللا وبيان فضلها‪ ،‬فعن أَتَ ي‬
‫س ُّرَها أ ََّهنَا تَ ْرِج ُع إِ َىل‬ ‫ِ ِ‬ ‫ال‪َ « :‬ما ِم ْن نَ ْفس متَُ ُ‬ ‫َع ين الني ييب قَ َ‬
‫وت‪َْ ،‬لَا عْن َد هللا َخ ْريٌ‪ ،‬يَ ُ‬
‫الش ِهي ُد‪ ،‬فَِإنَّهُ يَتَ َم َّىن أَ ْن يَ ْرِج َع‪ ،‬فَ يُ ْقتَ َل ِيف‬
‫يها‪ ،‬إَِّال َّ‬ ‫ِ‬ ‫الدُّنْ يَا‪َ ،‬وَال أ َّ‬
‫َن َْلَا الدُّنْ يَا َوَما ف َ‬
‫ادةِ»(‪ .)4‬وفيه حتفيز وتشجيع على الصرب يف مالقاة‬ ‫ض ِل َّ‬
‫الش َه َ‬ ‫الدُّنْ يَا لِ َما يَ َرى ِم ْن فَ ْ‬
‫العدو وعدم الفرار والتضحية والذود ابلنفس يف سبي لعالء راية اإلسالم وأن‬
‫الشهادة يف سبي هللا ًل يُلقاها لًل الصابرون‪.‬‬
‫على حفر بئر رومة اليت فيها منفعة عظيمة‬ ‫‪ -‬حتفيزه لصحابته‬
‫يب ‪َ « :‬م ْن َْحي ِف ْر‬ ‫ال الني ُّ‬
‫للمسلمني‪ ،‬وكذلك جيش العسرة بثواب دخول اجلنة‪ ،‬قَ َ‬
‫الع ْس َرةِ فَ لَهُ اجلَنَّةُ»‬
‫ش ُ‬ ‫َّز َجْي َ‬
‫ال‪َ « :‬م ْن َجه َ‬ ‫بِْئ َر ُر َ‬
‫ومةَ فَ لَهُ اجلَنَّةُ»‪ .‬فَ َح َفَرَها ُعثْ َما ُن‪َ ،‬وقَ َ‬
‫فَ َجهَزهُ ُعثْ َما ُن(‪ ،)1‬وغري ذلك من األحاديث النبوية الشريفة‪.‬‬

‫ب حفظ‬‫(‪ )1‬أخرجه البخاري‪ ،‬يف "صحيحه "‪ .‬حديث رقم (‪ ،)6272‬كتاب الرقائق‪َ ،‬اب ُ‬
‫اللسان‪.)111 :8( ،‬‬
‫ب بيان فض‬ ‫(‪ )4‬أخرجه مسلم‪ ،‬يف "صحيحه "‪ .‬حديث رقم (‪ ،)1877‬كتاب اإلمارة‪َ ،‬اب ُ‬
‫الشهادة يف سبي هللا‪.)1228 :1( ،‬‬
‫ب َمنَاقي ي‬
‫ب ُعثْ َما َن بْ ين َعفا َن أيَيب َع ْمرو‬ ‫(‪ )1‬أخرجه البخاري‪ ،‬يف "صحيحه"‪ .‬كتاب املناقب‪َ ،‬اب ُ‬
‫ال ُقَريش يي (‪.)11 :8‬‬
‫‪110‬‬

‫ثانياً‪ :‬التحفيز حبسن اخللق واملعاملة الطيبة‪.‬‬


‫كرمي اخللق واخلليقة‪ ،‬وما ُخري بني أمرين لًل أخذ أيسرمها ما مل يكن‬ ‫كان‬
‫لنفسه لًل أن تنتهك‬ ‫لمثاا‪ ،‬فإن كان لمثاا كان أبعد الناس منه‪ ،‬وما اتتقم رسول اَّلل‬
‫فينتقم َّلل هبا‪.‬‬ ‫حرمة اَّلل‬
‫وكان أحسن الناس أخالقاا وألينهم جاتباا‪ ،‬وأكرمهم وأتقاهم‪ ،‬وأرمحهم‪،‬‬
‫شديد التواضع‪ ،‬رغم أته أعظم اخللق وأعالهم مكاتةا عند هللا ‪ ،‬يلقى الناس بوجهه‬
‫الطلق احلسن‪ ،‬واًلبتسامة والبشاشة الدائمة‪ ،‬ومل يكن يعبس يف وجوه الناس‪ .‬وكان‬
‫يكلم الناس هبدوء ولني‪ ،‬بعيد عن الفظاظة والغلظة يف التعام ‪ ،‬يشارك الناس يف‬
‫أفراحهم‪ ،‬ويف أتراحهم‪ ،‬ويشد من أزرهم‪ ،‬ويقدم هلم الدعم واملواساة‪.‬‬
‫ل ى حسن اخللق واملعاملة الطيبة‪ ،‬فكان مضرب املث يف األماتة‬ ‫وقد دعا‬
‫والصدق والعفاف‪ ،‬وحفظ العهود‪ ،‬فتخلق هبما وطبقهما تطبي اقا عملياا‪ ،‬فكاان سبباا‬
‫وفاعال يف اًلستحواذ على قلوب املشركني‪ ،‬وحتفيزهم على الدخول ل ى‬ ‫ا‬ ‫رئيسياا‬
‫اإلسالم‪ ،‬ووسيلة حتفيز مهمة للمسلمني على املسارعة ل ى فع اخلريات‪ ،‬والسمع‬
‫‪ ،‬والصرب على األذى واجملاهدة‪ ،‬ودعوة ل ى التخلق خبلق النيب‬ ‫والطاعة ألوامر هللا‬
‫ويف دعوة غريهم ل ى اإلسالم‪ .‬ولن املصادر اإلسالمية تفيض ابألحاديث النبوية‬
‫للناس أمجعني‪.‬‬ ‫والرواايت اليت تتحدث عن حسن خلقه ومعاملته‬
‫ومن املواقف اليت تؤكد على قوة وأثر التحفيز حبسن اخللق واملعاملة الطيبة على‬
‫‪ ،‬قال‪ :‬كان غالم‬ ‫للغالم اليهودي‪ ،‬فعن أتس‬ ‫النفس البشرية زايرة النيب‬
‫يهودي خيدم النيب فم يرض‪ ،‬فأاته النيب يَـ ُع ُ‬
‫وده‪ ،‬ف َق َع َد عند رأسه‪ ،‬فقال له‪:‬‬
‫ي‬ ‫«أ ِ‬
‫َسلم»‪ ،‬فنظر ل ى أبيه وهو عنده‪ ،‬فقال له‪ :‬أَط ْع أاب القاسم ‪ ،‬فأ ْ‬
‫َسلَ َم‪ ،‬فخرج النيب‬ ‫ْ‬
‫قيمة التحفيز بني التطبيقات النبويَّة يف الشريعة اإلسالميَّة والثقافة الغربيَّة ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬
‫‪111‬‬
‫وهو يقول‪« :‬احلمد هلل الذي أنقذه من النار»(‪.)1‬‬
‫حتفيزا يف دخول الغالم اإلسالم ولظهار‬
‫لقد كاتت زايرة النيب وهو املرىب ا‬
‫حم ي‬
‫اسنه َويزَاي َدة التآلف‪ ،‬وأتقذ الغالم من النار‪ .‬فزايرته ‪ -‬وهو القائد العظيم ‪-‬‬‫َ‬
‫للغالم اليهودي الصغري الذي ليس له أتثريٌ وًل أثر يف اجملتمع‪ ،‬كان هلا األثر العظيم‬
‫على والده؛ مما جعله يبادر ًلبنه سر ايعا بقوله‪" :‬أطع أاب القاسم"‪ .‬وفيها حسن العهد‬
‫مع أه الذمة والعمال‪ .‬وفيها دعوة لتحفيز صحابته وألمته من بعده على احلرص‬
‫الشديد على هداية العصاة والكفار‪ ،‬والصرب على دعوهتم‪ ،‬وعدم اليأس منهم‪.‬‬
‫‪ -‬ومن املواقف اليت أبرز فيها حلمه وحسن خلقه مع جه األعرايب‪،‬‬
‫حافزا له على اًلمتثال والرتك‪ ،‬عن أيب هريرة أَن أ َْعَرابييًّا َاب َل ييف امل ْس يج يد‪،‬‬ ‫فكان ا‬
‫َ‬
‫ِِ‬ ‫فَـثار ليلَي يه الناس ليـ َقعوا بيهي‪ ،‬فَـ َقا َل َهلم رس ُ ي‬
‫ول اَّلل ‪َ « :‬دعُوهُ‪َ ،‬وأَ ْه ِري ُقوا َعلَى بَ ْوله ذَنُ ً‬
‫واب‬ ‫ُْ َ ُ‬ ‫ُ َ ُ‬ ‫ََ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين»(‪.)4‬‬ ‫م ْن َماء‪ ،‬أ َْو َس ْج ًال م ْن َماء‪ ،‬فَِإ ََّّنَا بُعثْ تُ ْم ُميَس ِر َ‬
‫ين َوَملْ تُ ْب َعثُوا ُم َعس ِر َ‬
‫ثالثاً‪ :‬حتفيزه باجلوانب املالية والعطايا واهلبات‪.‬‬
‫اجلواتب املادية والعطااي واهلدااي يف أتليف غري املسلمني ل ى‬ ‫استخدم النيب‬
‫اعتناق اإلسالم؛ وذلك ملا للمال من وقع شديد يف تفوس األفراد‪ ،‬فالنفس البشرية‬
‫آد َم َو ِاد ًاي ِم ْن‬
‫َن ِالبْ ِن َ‬
‫ُجبلت على حب اخلري ‪ -‬املال ‪ ،-‬كما قال النيب ‪« :‬لَ ْو أ َّ‬

‫ب لي َذا أ ْ‬
‫َسلَ َم‬ ‫(‪ )1‬أخرجه البخاري‪ ،‬يف "صحيحه"‪ .‬حديث رقم (‪ ،)1186‬كتاب اجلنائز‪َ ،‬اب ُ‬
‫ض َعلَى الصي ييب ا يإل ْسالَ ُم؟‪.)22 /4( ،‬‬ ‫ي‬
‫صلى َعلَْيه‪َ ،‬وَه ْ يـُ ْعَر ُ‬
‫ات‪َ ،‬ه ْ يُ َ‬ ‫الصي ُّ‬
‫يب فَ َم َ‬
‫ب قَـ ْويل الني ييب ‪:‬‬ ‫(‪ )4‬أخرجه البخاري‪ ،‬يف "صحيحه"‪ .‬حديث رقم (‪ ،)6148‬كتاب األدب‪َ ،‬اب ُ‬
‫«يَ ِس ُروا َوالَ تُ َع ِس ُروا»‪.)11 /8( ،‬‬
‫‪111‬‬
‫ِ ِ‬
‫وب َّ‬
‫اَّللُ َعلَى َم ْن‬ ‫اب‪َ ،‬ويَتُ ُ‬‫ب أَ ْن يَ ُكو َن لَهُ َواد َاين‪َ ،‬ولَ ْن ميَََْلَ فَاهُ إَِّال َُّ‬
‫الرت ُ‬ ‫َح َّ‬
‫َذ َهب أ َ‬
‫لتأليف‬ ‫ب»(‪ ،)1‬فكاتت تلك وسيلة حتفيزية عظيمة استخدمها املصطفى‬ ‫ََت َ‬
‫حتفيزا‬
‫القلوب الغليظة اليت حتم احلقد والكراهية لإلسالم واملسلمني‪ ،‬فكان يعطيهم ا‬
‫وغرسا‬
‫اقتالعا ملشاعر الكراهية والبغضاء من النفوس‪ ،‬ا‬
‫ورجاء يف دخوهلم اإلسالم و ا‬
‫عوضا عنها‪ ،‬ورغبةا يف كف سوء أعماهلم عن املستضعفني من‬ ‫ملشاعر احلب ا‬
‫املسلمني‪ .‬ومل يقتصر حتفيزه ابجلواتب املادية على غري املسلمني فقط‪ ،‬ولكن امتد‬
‫ليشم املسلمني ليحقق التكام واأللفة والتوازن بني طبقات اجملتمع‪ ،‬ومن تلك‬
‫التطبيقات النبوية التحفيزية ما يلي‪:‬‬
‫اإل ْس َالِم َشْي ئًا إَِّال‬
‫َعلَى ِْ‬ ‫ول ِ‬
‫هللا‬ ‫قال‪َ « :‬ما ُسئِ َل َر ُس ُ‬ ‫‪ -‬فعن أتس‬
‫ال‪َ :‬اي‬ ‫فَ َر َج َع إِ َىل قَ ْوِم ِه‪ ،‬فَ َق َ‬ ‫ني‪،‬‬‫ني َجبَ لَ ْ ِ‬‫اءهُ َر ُج ٌل فَأَ ْعطَاهُ غَنَ ًما بَْ َ‬
‫ال‪ :‬فَ َج َ‬ ‫أَ ْعطَاهُ‪ ،‬قَ َ‬
‫ِ‬ ‫قَ وِم أ ِ‬
‫اء َال ََيْ َشى الْ َفاقَةَ»(‪.)4‬‬ ‫َسل ُموا‪ ،‬فَِإ َّن ُحمَ َّم ًدا يُ ْعطي َعطَ ً‬
‫ْ ْ‬
‫‪ -‬حتفيزه املؤلفة قلوهبم أبن يعطيهم من الغنائم ومن عطااي بيت مال‬
‫ال‪ :‬لَما‬ ‫اصم‪ ،‬قَ َ‬‫املسلمني؛ حتفيزا لقلوهبم ليدخلوا اإلسالم‪ ،‬فعن عب يد اَّللي ب ين زي يد ب ين ع ي‬
‫ْ َْ ْ َ‬ ‫َْ‬ ‫ا‬
‫ص َار‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫اس ييف امل َؤل َفة قُـلُ ُ‬
‫وهبُْم‪َ ،‬وَملْ يـُ ْعط األَتْ َ‬ ‫أَفَاءَ اَّللُ َعلَى َر ُسولييه يَـ ْوَم ُحنَ ْني‪ ،‬قَ َس َم ييف الن ي‬
‫ُ‬
‫ي‬
‫ال‪َ « :‬اي َم ْع َش َر‬ ‫اس‪َ َ َ ْ ُ ََ َ َ ،‬‬
‫ق‬‫ـ‬ ‫ف‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ـ‬ ‫ب‬‫ط‬ ‫خ‬ ‫ف‬ ‫اب الن َ‬ ‫َص َ‬ ‫َشْيـئاا‪ ،‬فَ َكأَهنُْم َو َج ُدوا لي ْذ َملْ يُصْبـ ُه ْم َما أ َ‬

‫ب َما يـُتـ َقى يم ْن‬


‫(‪ )1‬أخرجه البخاري‪ ،‬يف "صحيحه"‪ .‬حديث رقم (‪ ،)6212‬كتاب الرقائق‪َ ،‬اب ُ‬
‫فيْتـنَ ية امل يال‪.)21 :8( ،‬‬
‫َ‬
‫ب َما ُسئي َ َر ُس ُ‬
‫ول‬ ‫َ ُ‬‫اب‬ ‫‪،‬‬ ‫الفضائ‬ ‫كتاب‬ ‫)‪،‬‬ ‫‪1414‬‬ ‫(‬ ‫رقم‬ ‫حديث‬ ‫"صحيحه"‪.‬‬ ‫يف‬ ‫مسلم‪،‬‬ ‫(‪ )4‬أخرجه‬
‫هللاي َشْيـئاا قَ ُّط فَـ َق َ‬
‫ال ًَل َوَكثْـَرُة َعطَائييه (‪.)1816 /2‬‬
‫قيمة التحفيز بني التطبيقات النبويَّة يف الشريعة اإلسالميَّة والثقافة الغربيَّة ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬
‫‪111‬‬
‫ني فَأَلََّف ُك ُم َّ‬ ‫ِ‬ ‫ض َّالًال فَ َه َدا ُك ُم َّ‬ ‫األَنْصا ِر‪ ،‬أََمل أ ِ‬
‫اَّللُ ِيب‪َ ،‬و َعالَةً‬ ‫اَّللُ ِيب‪َ ،‬وُكْن تُ ْم ُمتَ َف ِرق َ‬ ‫َج ْد ُك ْم ُ‬ ‫َ ْ‬
‫ال‪َ « :‬ما ميَْنَ ُع ُك ْم أَ ْن ُِجتيبُوا‬ ‫ال َشْيـئاا قَالُوا‪ :‬اَّللُ َوَر ُسولُهُ أ ََم ُّن‪ ،‬قَ َ‬ ‫اَّللُ ِيب» ُكل َما قَ َ‬ ‫فَأَ ْغنَا ُك ُم َّ‬
‫ال‪« :‬لَْو ِشْئ تُ ْم‬ ‫ال َشْيـئاا‪ ،‬قَالُوا‪ :‬اَّللُ َوَر ُسولُهُ أ ََم ُّن‪ ،‬قَ َ‬ ‫ال‪ُ :‬كل َما قَ َ‬ ‫اَّلل ؟»‪ .‬قَ َ‬ ‫ول َِّ‬ ‫َر ُس َ‬
‫لشاةِ َوالبَ ِع ِري‪َ ،‬وتَ ْذ َهبُو َن ِابلنِ ِ‬
‫َّيب‬ ‫َّاس ِاب َّ‬
‫ب الن ُ‬ ‫قُلْتُ ْم‪ِ :‬جْئ تَ نَا َك َذا َوَك َذا‪ ،‬أَتَ ْر َ‬
‫ض ْو َن أَ ْن يَ ْذ َه َ‬
‫َّاس َو ِاد ًاي َو ِش ْعبًا‬ ‫صا ِر‪َ ،‬ولَ ْو َسلَ َ‬ ‫ِ‬ ‫إِ َىل ِر َحالِ ُك ْم‪ ،‬لَ ْوالَ اْلِ ْج َرةُ لَ ُكْن ُ‬
‫ك الن ُ‬ ‫ت ْام َرأً م َن األَنْ َ‬
‫َّاس ِد َاث ٌر‪ ،‬إِنَّ ُك ْم َستَ ْل َق ْو َن‬ ‫ْت و ِادي األَنْصا ِر و ِشعب ها‪ ،‬األَنْص ِ‬
‫ار َوالن ُ‬ ‫ار ش َع ٌ‬ ‫َُ‬ ‫َ َ َْ َ‬ ‫لَ َسلَك ُ َ َ‬
‫ض»(‪.)1‬‬ ‫اصِربُوا َح ََّّت تَ ْل َق ْوِين َعلَى احلَْو ِ‬ ‫ِ‬
‫بَ ْعدي أَثَ َرًة‪ ،‬فَ ْ‬
‫ول هللاي‬
‫ال‪َ « :‬غَزا َر ُس ُ‬ ‫‪ -‬حتفيزه لصفوان بن أمية‪َ ،‬ع ين ابْ ين يش َهاب‪ ،‬قَ َ‬
‫ني‪ ،‬فَا ْقـتَـتَـلُوا يحبُنَ ْني‪،‬‬ ‫يي‬ ‫ي‬ ‫َغزوَة الْ َفْت يح‪ ،‬فَـْت يح مكةَ‪ُ ،‬مث خرج رس ُ ي ي‬
‫ول هللا مبَ ْن َم َعهُ م َن الْ ُم ْسلم َ‬ ‫ََ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬
‫ص ْف َوا َن بْ َن أ َُميةَ يمائَةا يم َن النـ َع يم‬ ‫ي‬ ‫فَـنصر هللا يدينه والْمسلي يمني وأَعطَى رس ُ ي‬
‫ول هللا يَـ ْوَمئذ َ‬ ‫َ ََ ُ َ ُ َ ُ ْ َ َ ْ َ ُ‬
‫ال‪« :‬وهللاي‬ ‫يد بْن اْلمسي ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ُمث يمائَةا ُمث يمائَةا»‪ ،‬قَ َ‬
‫ص ْف َوا َن قَ َ َ‬ ‫ب‪ ،‬أَن َ‬ ‫ال ابْ ُن ش َهاب‪َ :‬حدثَيين َسع ُ ُ ُ َ‬
‫اس لي َيل‪ ،‬فَ َما بَر َيح يـُ ْع يط ييين َحَت‬ ‫لَ َق ْد أَعطَ ياين رس ُ ي‬
‫ض الن ي‬ ‫ول هللا َما أ َْعطَ ياين‪َ ،‬وليتهُ َألَبْـغَ ُ‬ ‫َُ‬ ‫ْ‬
‫اس لي َيل»(‪.)4‬‬ ‫ب الن ي‬ ‫َح ُّ‬
‫لتهُ َأل َ‬
‫ي‬
‫رابعًا‪ :‬حتفيزه باملّح والثناء وأحب الصفات‪.‬‬
‫يعد املدح وسيلةا مهمةا يف أتليف القلوب واستمالتها للوصول ل ى مقاصد‬

‫(‪ )1‬أخرجه البخاري‪ ،‬يف "صحيحه"‪ .‬حديث رقم (‪ ،) 2111‬كتاب املغازي‪ ،‬ابب غزوة الطائف‬
‫(‪.)187 :8‬‬
‫ب َما ُسئي َ َر ُس ُ‬
‫ول‬ ‫(‪ )4‬أخرجه مسلم‪ ،‬يف "صحيحه"‪ .‬حديث رقم (‪ ،)1411‬كتاب الفضائ ‪َ ،‬اب ُ‬
‫هللاي َشْيـئاا قَ ُّط فَـ َق َ‬
‫ال ًَل َوَكثْـَرُة َعطَائييه (‪.)1816 :18‬‬
‫‪111‬‬

‫أخروية‪ ،‬ودتيوية‪ ،‬واملدح والثناء والنداء أبحب األمساء وسائ تربوية استخدمها النيب‬
‫للتحفيز على الدخول يف اإلسالم من غري املسلمني‪ ،‬ودعوة للمسلمني ل ى املثابرة‬
‫على العم الصاحل وشحذ اهلمم‪.‬‬
‫كما أن الطبائع البشرية ختتلف من شخص ل ى آخر‪ ،‬فقد يؤثر احلزم والشدة‬
‫يف الشخصيات املرتددة والضعيفة‪ ،‬ولكنه ًل يتناسب مع الشخصيات اليت تشعر‬
‫ابلعزة واألتفة‪ ،‬وقد يناسب اللني شخصيات وًل يناسب شخصيات أخرى‪ ،‬لذا توع‬
‫يف استمالة وأتليف القلوب؛ ليستنفر جهود األشخاص‪ ،‬ويستخرج أفض ما‬ ‫النيب‬
‫‪ ،‬وعلمها ألصحابه حتفيز النفوس‬ ‫بداخلها‪ .‬ومن تلك األساليب اليت طبقها النيب‬
‫قواي لتحقيق الغاايت‬
‫وحمفزا ا‬
‫عظيما ا‬‫مدخال ا‬
‫ا‬ ‫ابملدح والثناء‪ ،‬فاملدح والثناء قد يكوان‬
‫حاضرا يف حياته وسريته‬
‫ا‬ ‫واألهداف املرجوة‪ .‬وجند هذا األسلوب التحفيزي املهم‬
‫ومن ذلك‪:‬‬ ‫العطرة‬
‫الذي كان يرعى‬ ‫للغالم عبد هللا بن مسعود‬ ‫‪ -‬مدح وثناء النيب‬
‫وتشجيعا له على‬
‫ا‬ ‫حتفيزا‬
‫الغنم‪ ،‬حينما رأى النيب أماتته فقال له لتك غالم ُمعلم‪ ،‬ا‬
‫الدخول يف اإلسالم منطل اق ا لعجابه حبسن خلق النيب وما رأى من معجزات وقف‬
‫ذهب لليه وتطق‬ ‫متأمال‪ ،‬وحني مسع هذا الغالم امل ـُـعلم خبرب النيب‬
‫عقله أمامها ا‬
‫حممدا رسول هللا؛ ليكون من السابقني األولني‬ ‫ابلشهادة‪ :‬أشهد أن ًل لله لًل هللا وأن ا‬
‫من املهاجرين واألتصار الذين أسلموا قب أن يدخ النيب دار األرقم بن أيب األرقم‪،‬‬
‫ي‬ ‫"ف َع ْن َعْب يد اَّللي‪ ،‬قَ َ‬
‫يب َوأ ََان‬ ‫ت أ َْر َعى َغنَ اما ل ُع ْقبَةَ بْ ين أيَيب ُم َعْيط‪ ،‬فَ َمر ييب الني ُّ‬ ‫ال‪ُ :‬كْن ُ‬
‫ال‪« :‬فَ َه ْل ِم ْن‬ ‫ت‪ :‬تَـ َع ْم‪َ ،‬ولَ يك يين ُم ْؤمتََ ٌن‪ ،‬قَ َ‬ ‫ِ‬
‫ال ييل‪َ « :‬اي غُ َال ُم‪َ ،‬ه ْل م ْن لَ َب؟» قُـْل ُ‬ ‫ُغ َال ٌم فَـ َق َ‬
‫َب فَ َحلَبَهُ ييف‬‫ضْر َع َها‪ ،‬فَـنَـَزَل الل َُ‬‫َ‬ ‫َشاة َملْ يَ ْن ُز َعلَْي َها الْ َف ْح ُل؟» قَ َ‬
‫ال‪ :‬فَأَتَـْيـتُهُ‪ ،‬فَ َم َس َح‬
‫قيمة التحفيز بني التطبيقات النبويَّة يف الشريعة اإلسالميَّة والثقافة الغربيَّة ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬
‫‪111‬‬
‫ِِ‬ ‫لي َانء‪ ،‬فَش يرب وس َقى أَاب بكْر‪ُ ،‬مث‪ ،‬قَ َ ي‬
‫ت‪َ :‬اي‬ ‫ت‪ ،‬فَـ ُقْل ُ‬‫صْ‬ ‫ال للضْريع‪« :‬انْ َقلصي» فَاتْـ َقلَ َ‬ ‫َ َ ََ َ َ‬
‫ك غُ َالمٌ‬ ‫اَّللُ إِنَّ َ‬
‫ك َّ‬ ‫ول اَّللي َعلي ْم يين يم ْن َه َذا الْ َق ْويل‪ ،‬فَ َم َس َح َرأْ يسي َوقَ َ‬
‫ال‪« :‬يَ ْر َمحُ َ‬ ‫َر ُس َ‬
‫ُم َعلَّ ٌم»(‪.)1‬‬
‫وحتفيزا له على‬ ‫ا‬ ‫تشجيعا‬
‫ا‬ ‫‪ -‬ثناؤه على الصحايب سلمة بن األكوع‬
‫ول هللاي‬‫ال َر ُس ُ‬ ‫شجاعته وقوته يف قتال ومالحقة املشركني الذي أغاروا على أب النيب‪ ،‬قَ َ‬
‫ال‪ُ :‬مث أ َْعطَ ياين‬ ‫ري َر َّجالَتِنَا َسلَ َمةُ»‪ ،‬قَ َ‬ ‫ري فُ ْر َسانِنَا الْيَ ْوَم أَبُو قَ تَ َ‬
‫ادةَ‪َ ،‬و َخ ْ َ‬ ‫‪َ « :‬كا َن َخ ْ َ‬
‫ني سهم الْ َفا ير يس‪ ،‬وسهم الر ياج ي ‪ ،‬فَجمعهما ييل َي‬
‫مج ايعا‪ُ ،‬مث أ َْرَدفَيين‬ ‫ي‬ ‫ول هللاي‬
‫َ ََُ َ‬ ‫َ ََْ‬ ‫َس ْه َم ْ َ ْ َ‬ ‫َر ُس ُ‬
‫ني لي َ ى الْ َم يدينَ ية(‪ .)4‬وقد مجع النيب هنا بني‬ ‫ول هللاي وراءه علَى الْع ْ ي ي ي‬
‫ضبَاء َراجع َ‬ ‫ََ َُ َ َ‬ ‫َر ُس ُ‬
‫ماداي‪.‬‬
‫معنواي‪ ،‬وأعطاه من الغنائم ا‬ ‫معا‪ ،‬فأثىن عليه ا‬ ‫التحفيز املعنوي واملادي ا‬
‫ابلتصريح املباشر بذكر‬ ‫‪ -‬وهذا حتفيز آخر جلمع من صحابته الكرام‬
‫أمته ل ى التمث هبا‪ ،‬وأن يتخذوهم‬ ‫فضائلهم وخصائصهم الكرمية اليت دعا النيب‬
‫قدوةا من بعد النيب ‪ ،‬فلما كان هؤًلء الكرام الربرة هبذه الصفات‪ ،‬وجب على‬
‫ال‪:‬‬ ‫ول اَّللي قَ َ‬ ‫س بْ ين َماليك‪ ،‬أَن َر ُس َ‬ ‫فع ْن أَتَ ي‬
‫املسلمني اًلقتداء هبم واقتفاء أثرهم‪َ ،‬‬
‫اء ُعثْ َما ُن‪،‬‬ ‫َص َدقُ ُه ْم َحيَ ً‬ ‫ُّه ْم ِيف ِدي ِن َّ‬
‫اَّللُ ُع َم ُر‪َ ،‬وأ ْ‬ ‫«أ َْر َح ُم أ َُّم ِيت ِأب َُّم ِيت أَبُو بَكْر‪َ ،‬وأَ َشد ُ‬
‫ُيب بْ ُن َك ْعب‪َ ،‬وأَ ْعلَ ُم ُه ْم‬ ‫اب َِّ‬
‫اَّلل أ َُّ‬ ‫اه ْم َعلِ ُّي بْ ُن أَِيب طَالِب‪َ ،‬وأَقْرُؤ ُه ْم لِ ِكتَ ِ‬
‫َ‬ ‫ضُ‬ ‫َوأَقْ َ‬

‫ب‬‫َع ْن َمنَاقي ي‬ ‫اب لي ْخبَا يرهي‬ ‫ي‬


‫(‪ )1‬أخرجه ابن حبان‪ ،‬يف " صحيحه"‪ .‬حديث رقم (‪ ،)7161‬كتَ ُ‬
‫َمسَائي يه ْم ‪ ،‬يذ ْك ُر َعْب يد اَّللي بْ ين َم ْس ُعود ا ْهلَُذيييل ‪:16( ،‬‬
‫الص َحابَية‪ ،‬ير َج ياهلُْم َوتي َسائي يه ْم بي يذ ْك ير أ ْ‬
‫‪.)816‬‬
‫ب غَْزَوةي يذي‬ ‫(‪ )4‬أخرجه مسلم‪ ،‬يف "صحيحه"‪ .‬حديث رقم(‪ ،)1817‬كتاب اجلهاد والسري‪َ ،‬اب ُ‬
‫قَـَرد َو َغ ْيريَها (‪.)1211 :1‬‬
‫‪111‬‬

‫ض ُه ْم َزيْ ُد بْ ُن َاثبِت‪ ،‬أََال َوإِ َّن لِ ُك ِل أ َُّمة أ َِمينًا‪،‬‬


‫ْر ُ‬ ‫ِ‬
‫اب ْحلََالل َوا ْحلََرام ُم َعاذُ بْ ُن َجبَل‪َ ،‬وأَف َ‬
‫ِ ِ‬
‫اح»(‪.)1‬‬ ‫ني َه ِذهِ ْاألَُّم ِة أَبُو ُعبَ ْي َدةَ بْ ُن ا ْجلََّر ِ‬ ‫ِ‬
‫َوأَم ُ‬
‫حتفيزا لباقي صحابته وألمته من بعده على الرمحة كما عند‬
‫ويف هذا احلديث ا‬
‫أيب بكر‪ ،‬واحلرص الشديد على الدين كما عند الفاروق‪ ،‬واحلياء كما عند عثمان‪،‬‬
‫ُيب بْ ُن َك ْعب‪ ،‬احلرص على‬
‫وحسن القضاء كما عند علي‪ ،‬وتعلم القرآن كما عند أ َُّ‬
‫التفقه مبعرفة احلالل واحلرام يف الدين كما عند معاذ‪ ،‬وتعلم الفرائض كما عند زيد‪،‬‬
‫مجيعا‪.‬‬
‫وأرضاهم ا‬ ‫واألماتة كما عند األمني أبو عبيدة‪،‬‬
‫‪ -‬ثناء النيب على بعض القبائل حبثهم على خدمة اإلسالم والدعوة لليه‪،‬‬
‫صريهتم هلذا الدين‪،‬‬ ‫ي‬
‫ودعمهم‪ ،‬وبيان أن الناس يف اإلسالم يتفاضلون مبَدى َسْبقهم وتُ َ‬
‫ال رس ُ ي‬
‫ار‪َ ،‬و ُج َهْي نَةُ‪َ ،‬وُم َزيْ نَةُ‪،‬‬
‫صُ‬ ‫ش‪َ ،‬واألَنْ َ‬ ‫ول اَّلل ‪« :‬قُ َريْ ٌ‬ ‫فع ْن أيَيب ُهَريْـَرةَ ‪ ،‬قَ َ َ ُ‬ ‫َ‬
‫اَّلل َوَر ُسولِ ِه»(‪.)4‬‬
‫ايل‪ ،‬لَيس َْلم مو ًىل دو َن َِّ‬
‫ار َم َو ِ َّ ْ َ ُْ َ ْ ُ‬
‫ِ‬
‫َسلَ ُم‪َ ،‬وأَ ْش َج ُع‪َ ،‬وغ َف ُ‬
‫َوأ ْ‬
‫سادسًا‪ :‬حتفيزه باإلقناع‪.‬‬
‫يف دحض الشبهات ودفع‬ ‫من األساليب اهلامة اليت استخدمها النيب‬
‫الشهوات لدى كثري من الناس أسلوب التحفيز ابإلقناع‪ ،‬فاإلقناع ينشد زرع الثقة يف‬
‫تفوس الطرف اآلخر‪ ،‬وهو وسيلة هامة يف التأثري على العقول مث القلوب ومن مث‬

‫(‪ )1‬أخرجه ابن ماجه‪ ،‬يف "سننه"‪ .‬حديث رقم (‪ ،)182‬افتتاح الكتاب يف اإلميان وفضائ‬
‫الصحابة والعلم‪ ،‬فضائ زيد بن اثبت‪.)88 :1( ،‬‬
‫ب َمنَاقي ي‬
‫ب قُـَريْش‪:2( ،‬‬ ‫(‪ )4‬أخرجه البخاري‪ " ،‬سننه"‪ .‬حديث رقم (‪ ،)1812‬كتاب املناقب‪َ ،‬اب ُ‬
‫‪)172‬‬
‫قيمة التحفيز بني التطبيقات النبويَّة يف الشريعة اإلسالميَّة والثقافة الغربيَّة ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬
‫‪111‬‬
‫اجلوارح اليت هي العم ‪ ،‬فهناك الكثري من العقول والقلوب اليت ًل يصلح معها الوعيد‬
‫والتهديد واملثابة دون معرفة األسباب اليت دفعت ل ى املنع أو احلظر‪.‬‬
‫كثريا‪ .‬ومن ذلك‪:‬‬
‫ل ى هذا األسلوب ا‬ ‫وقد جلأ النيب‬
‫‪ -‬احلوار الذي دار بني النيب والشاب الذي أاته وطلب منه أن أيذن له‬
‫ول هللاي‪ ،‬ائْ َذ ْن ييل‬ ‫ال‪َ :‬اي َر ُس َ‬ ‫ال‪ :‬لين فَ اَت َش ًّااب أَتَى النييب فَـ َق َ‬ ‫فع ْن أيَيب أ َُم َامةَ قَ َ‬ ‫ابلزان‪َ ،‬‬
‫ال‪:‬‬ ‫ال‪« :‬ا ْدنُ ْه»‪ ،‬فَ َد َان يمْنهُ قَ يريباا‪ .‬قَ َ‬ ‫ياب يلزَان‪ ،‬فَأَْقـبَ َ الْ َق ْوُم َعلَْي يه فَـَز َج ُروهُ َوقَالُوا‪َ :‬م ْه‪َ .‬م ْه‪ .‬فَـ َق َ‬
‫اس‬
‫"وًَل الن ُ‬ ‫ال‪َ :‬‬ ‫ال‪ًَ :‬ل‪َ .‬وهللاي َج َعلَيين هللاُ في َداءَ َك‪ .‬قَ َ‬ ‫ك؟» قَ َ‬ ‫ال‪« :‬أَ ُِحتبُّهُ ِأل ُِم َ‬ ‫س قَ َ‬ ‫فَ َجلَ َ‬
‫ال‪ًَ :‬ل‪ .‬وهللاي اي رس َ ي‬
‫ول هللا َج َعلَيين هللاُ‬ ‫َ َ َُ‬ ‫ك؟»‪ ،‬قَ َ‬ ‫ال‪« :‬أَفَ تُ ِحبُّهُ ِالبْ نَتِ َ‬ ‫ُيحيبُّوتَهُ يألُم َهاهتيي ْم"‪ .‬قَ َ‬
‫ال‪ًَ :‬ل‪ .‬وهللاي‬
‫َ‬ ‫ك؟» قَ َ‬ ‫ال‪« :‬أَفَ تُ ِحبُّهُ ِألُ ْختِ َ‬ ‫اس ُيحيبُّوتَهُ ليبَـنَاهتيي ْم"‪ .‬قَ َ‬ ‫"وًَل الن ُ‬ ‫ال‪َ :‬‬ ‫في َداءَ َك قَ َ‬
‫ال‪:‬‬ ‫ك؟» قَ َ‬ ‫ال‪« :‬أَفَ تُ ِحبُّهُ لِ َع َّمتِ َ‬‫َخ َواهتيي ْم"‪ .‬قَ َ‬ ‫ال‪" :‬وًَل الن ي ي‬
‫اس ُحيبُّوتَهُ أل َ‬ ‫ُ‬
‫ي‬
‫َج َعلَيين هللاُ ف َداءَ َك‪ .‬قَ َ َ‬
‫ِ‬ ‫اس ُيحيبُّوتَهُ لي َعماهتيي ْم"‪ .‬قَ َ‬ ‫ًَل‪َ .‬وهللاي َج َعلَيين هللاُ في َداءَ َك‪ .‬قَ َ‬
‫ال‪« :‬أَفَ تُحبُّهُ‬ ‫"وًَل الن ُ‬ ‫ال‪َ :‬‬
‫ال‪:‬‬ ‫اس ُيحيبُّوتَهُ يخلَ َاًلهتيي ْم"‪ .‬قَ َ‬‫"وًَل الن ُ‬ ‫ال‪َ :‬‬ ‫ال‪ًَ :‬ل‪َ .‬وهللاي َج َعلَيين هللاُ في َداءَ َك‪ .‬قَ َ‬ ‫ك؟» قَ َ‬ ‫ِخلَالَتِ َ‬
‫ص ْن فَ ْر َجهُ» قَ َ‬
‫ال‪ :‬فَـلَ ْم‬ ‫الله َّم ا ْغ ِفر َذنْ بهُ‪ ،‬وطَ ِهر قَ لْبهُ‪ ،‬وح ِ‬ ‫ال‪ُ « :‬‬ ‫ض َع يَ َدهُ َعلَْي يه َوقَ َ‬‫فَـ َو َ‬
‫ْ َ َ ْ َ ََ‬
‫ت لي َ ى َش ْيء(‪.)1‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ك الْ َف ََت يَـْلتَف ُ‬‫يَ ُك ْن بَـ ْع ُد ذَل َ‬
‫ياسة يف احلوار‬ ‫الس ي‬ ‫ويف هذا احلديث بيان ملا كان عليه النيب يمن حس ين ي‬
‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫وتلطفه مع الشاب الفيت الذي قهرته شهوته وأراد أن يرتكب الزان‪ ،‬وصربه عليه‪ ،‬على‬

‫يث أيَيب أ َُم َامةَ‬ ‫ي‬


‫(‪ )1‬أخرجه أمحد‪ ،‬يف "مسنده"‪ .‬حديث رقم (‪ ،)44411‬تتمة مسند األتصار‪َ ،‬حد ُ‬
‫(‪:16‬‬ ‫اهلي يي‪َ ،‬ع ين الني ييب‬
‫ال‪ :‬ابن وهب الْب ي‬
‫َ‬ ‫اهلي يي ُّ‬
‫الص َد يي بْ ين َع ْج َال َن بْ ين َع ْم يرو َويُـ َق ُ ْ ُ َ ْ‬
‫الْب ي‬
‫َ‬
‫‪.)828‬‬
‫‪112‬‬

‫قواي على الرتك عن اقتناع‬


‫أسلواب حتفيزااي ا‬
‫الرغم من عظم وشناعة ما طلب‪ ،‬واستخدم ا‬
‫ويقني بعد أن وجد اجلواب الشايف والكايف من خري البشر ‪.‬‬
‫وغري ذلك من األحاديث النبوية الشريفة‪.‬‬
‫سابعًا‪ :‬حتفيزه على العمل بالدقول‪:‬‬
‫أساليب عدة لتشجيع الصحابة واألمة على العم الصاحل‬ ‫استخدم النيب‬
‫واجلد واًلجتهاد يف العم الدتيوي واألخروي‪ ،‬ومن تلك األساليب التحفيزية اليت‬
‫آتت أكلها‪ ،‬أسلوب التحفيز ابلقول الذي حيث على العم والتحفيز ومن ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬حتفيزه صحابته وأمته على ترك التواك والكس والسعي الدؤوب ل ى‬
‫ول اَّللي ‪ ،‬قَ َ‬
‫ال‪َ « :‬ما‬ ‫الكسب والرزق احلالل‪ ،‬وبيان فضله‪ ،‬فع ين امليْق َد يام ‪َ ،‬عن رس ي‬
‫ْ َُ‬ ‫َ‬
‫‪،‬‬ ‫يب َِّ‬
‫اَّلل َد ُاو َد‬ ‫ريا ِم ْن أَ ْن َْأي ُك َل ِم ْن َع َم ِل يَ ِدهِ‪َ ،‬وإِ َّن نَِ َّ‬ ‫ُّ‬
‫َح ٌد طَ َع ًاما قَط‪َ ،‬خ ْ ً‬‫أَ َك َل أ َ‬
‫َكا َن َْأي ُك ُل ِم ْن َع َم ِل يَ ِدهِ»(‪.)1‬‬
‫ويف هذا احلديث بيان فض الكسب احلالل من عم اليد‪ ،‬وأته من خري‬
‫‪ ،‬الذي كان يف غىن‬ ‫مثال لنيب هللا داود‬
‫ا‬ ‫الطعام وأفضله‪ ،‬حيث ضرب النيب‬
‫عن أن أيك من عم يده ألته كان خليفة يف األرض‪ ،‬وعلى الرغم من ذلك كان‬
‫حيث على العم ‪ ،‬وكان يعني أه بيته‬ ‫أيك مما عملته يداه‪ ،‬وكذلك كان النيب‬
‫وخيدم تفسه‪ ،‬ويف هذا أسلوب من أقوى احملفزات اإلدارية على العم واإلتتاج والنفع‬
‫للفرد واألسرة واجملتمع‪.‬‬

‫ب َك ْس ي‬
‫ب الر ُج ي‬ ‫(‪ )1‬أخرجه البخاري‪ ،‬يف "صحيحه"‪ .‬حديث رقم (‪ ،)4174‬كتاب البيوع‪َ ،‬اب ُ‬
‫َو َع َملي يه بييَ يد يه‪.)87 :1( ،‬‬
‫قيمة التحفيز بني التطبيقات النبويَّة يف الشريعة اإلسالميَّة والثقافة الغربيَّة ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬
‫‪113‬‬
‫ِ‬ ‫ال رس ُ ي‬
‫َح ُد ُك ْم ُح ْزَمةً‬ ‫ول اَّلل ‪َ« :‬ألَ ْن َْحيتَط َ‬
‫ب أَ‬ ‫وعن أيب ُهَريْـَرَة ‪ ،‬قال‪ :‬قَ َ َ ُ‬
‫َح ًدا‪ ،‬فَ يُ ْع ِطيَهُ أ َْو ميَْنَ َعهُ»(‪.)1‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َعلَى ظَ ْه ِره‪َ ،‬خ ْريٌ لَهُ م ْن أَ ْن يَ ْسأ ََل أ َ‬
‫ويف ذلك دعوة صرحية ل ى ذم الكس واخلمول والركون ل ى سفاسف األمور‬
‫والتحفيز على العم والسعي احلثيث له مهما كان توع العم وطبيعته‪ ،‬ولن‬
‫اًلكتساب بعم شاق كاًلحتطاب‪ ،‬فهو خري من سؤال الناس واًلحتياج لليهم‪،‬‬
‫وليراق ماء وجهه‪ ،‬فإن مل يعطوه وقع ذلك يف تفسه واتتشر احلسد والبغض والكراهية‬
‫لذا كان التحفيز على العم أسلم وأتفع للفرد وللمجتمع‪.‬‬
‫على استغالل تعمة الصحة والفراغ‪ ،‬أفض استغالل ابلعم‬ ‫‪ -‬حتفيزه‬
‫الصاحل الدتيوي واألخروي‪ ،‬واجلهد واًلجتهاد والدعوة أبًل يغف أحد عن اإلتتاج‬
‫واًلستثمار يف الوقت واجلهد طاملا هللا أعطاك الصحة والوقت‪ ،‬فقال ‪" :‬نِْعمتَ ِ‬
‫ان‬ ‫َ‬
‫َم ْغبُو ٌن فِي ِه َما َكثِريٌ ِم َن الن ِ‬
‫َّاس‪ِ :‬‬
‫الص َّحةُ َوال َف َراغُ"(‪ ،)4‬واألحاديث النبوية الشريفة يف‬
‫ذلك كثرية‪.‬‬

‫ب َك ْس ي‬
‫ب الر ُج ي‬ ‫(‪ )1‬أخرجه البخاري‪ ،‬يف "صحيحه"‪ .‬حديث رقم (‪ ،)4172‬كتاب البيوع‪َ ،‬اب ُ‬
‫َو َع َملي يه بييَ يد يه‪.)87 :1( ،‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه البخاري‪ ،‬يف "صحيحه"‪ .‬حديث رقم (‪ ،)6214‬كتاب الرقائق‪ ،‬ابب ًل عيش لًل‬
‫عيش اآلخرة‪.)88 /8( ،‬‬
‫‪110‬‬
‫املبحث الثاني‪ :‬التحفيز يف الثدقافة الغربية والفرق بينه وبني الشريعة‬
‫اإلسالمية‬
‫املطلب األوَّل‪ :‬التحفيز يف الثدقافة الغربية‪ :‬املفهوم واالسرتاتيجيات‬
‫تظرا ألمهيته‬
‫انل مصطلح التحفيز اهتمام العديد من العلماء والباحثني‪ ،‬ا‬
‫البالغة‪ ،‬فالتحفيز هو ممارسة للتأثري يف اإلتسان من خالل حتريك الرغبات والدوافع‬
‫استعدادا لتقدمي أدق وأفض ما‬
‫ا‬ ‫واحلاجات‪ ،‬وذلك لغرض لشباعها‪ ،‬وجعلهم أكثر‬
‫لديهم‪ ،‬وذلك هبدف حتقيق مستوايت عالية من اإلجناز واألداء يف املنظمة أو اجلاتب‬
‫الذي ينتمي لليه اإلتسان‪ ،‬فللتحفيز جواتب وقوى مؤثرة يف سلوك اإلتسان أبساليب‬
‫وطرق ووسائ معينة‪ ،‬قد تكون هذه الطرق معنوية أو مادية‪ ،‬هبدف لشباع الرغبات‬
‫واحلاجات اإلتساتية‪ ،‬وحتقيق الغاايت املنشودة‪ ،‬فالتحفيز من األسس املهمة لضمان‬
‫حتقيق األهداف‪ ،‬وتوفري الرغبة عند األفراد يف العم ‪ ،‬ويعترب حالياا من أهم أتشطة‬
‫املنظمات واجملتمعات الفاعلة والناجحة اليت تتنافس مع طبيعة العم والعاملني كأفراد‬
‫ومجاعات‪ ،‬وضرورة احرتامها وتقديرها لألفراد واجلماعات ك حسب مهاراته وقدراته‬
‫البشرية‪.‬‬
‫ولذا تظران ل ى مفهوم مصطلح التحفيز يف الثقافة الغربية فإتنا تالحظ تعدد‬
‫املفاهيم واملعاين هلذا املصطلح‪ ،‬وذلك على حد تعبري املعرف له‪ ،‬ومن بني هذه‬
‫التعريفات ما يلي‪:‬‬
‫التحفيز كما عرفه "‪ " Dimok‬أبته عبارة عن "العوام اخلارجية اليت جتع‬
‫قيمة التحفيز بني التطبيقات النبويَّة يف الشريعة اإلسالميَّة والثقافة الغربيَّة ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬
‫‪111‬‬
‫جهدا أكرب مما يبذله‬
‫األفراد ينهضون بعملهم على حنو أفض ويبذلون معه ا‬
‫غريهم"(‪.)1‬‬
‫كذلك يُعرف "‪ "pinder‬التحفيز أبته هو "جمموعة من القوى النشيطة اليت‬
‫تصدر من داخ الشخص ومن حميطه يف آن واحد‪ ،‬وهي حتث الفرد العام على‬
‫تصرف معني يف عمله"(‪.)4‬‬
‫ل ى جاتب تعريف "للتون مايوا" للتحفيز أبته‪" :‬هو شعور داخلي لدى الفرد‬
‫يولد لديه الرغبة يف اختاذ تشاط أو سلوك معني يهدف منه ل ى حتقيق أهداف معينة‪،‬‬
‫من خالل حتفيزهم على العم بكفاءة"(‪.)1‬‬
‫كذلك التحفيز عند "فريديريك سكيرت" هو عبارة عن‪" :‬ممارسة لدارية للمدير‬
‫للتأثري يف العاملني من خالل حتريك الدوافع والرغبات واحلاجات لغرض لشباعها‪،‬‬
‫استعدادا لتقدمي أفض ما عندهم هبدف حتقيق مستوايت عالية من‬
‫ا‬ ‫وجعلهم أكثر‬
‫األداء واإلجناز يف املنطقة‪ ،‬ويؤكد هذا التعريف أن التحفيز من اختصاص املدير‪،‬‬
‫والغرض منه تعبئة العاملني وجعلهم أكثر جاهزية بدتياا وتفسياا ألج ترمجة هذا‬

‫(‪ )1‬طاهر حممود الكاللدة‪" ،‬تنمية ولدارة املوارد البشرية"‪( .‬األردن‪ ،‬دار عامل الثقافة للنشر‬
‫والتوزيع‪4118 ،‬م)‪ ،‬ص ‪.118‬‬
‫(‪ )4‬محداوي وسيلة‪" ،‬لدارة املوارد البشرية"‪( .‬اجلزائر‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪4112 ،‬م)‪ ،‬ص‬
‫‪.181‬‬
‫(‪ )1‬براء رجب تركي‪" ،‬تظام احلوافز اإلدارية ودورها يف صق ومتكني قدرات األفراد"‪( ،‬ط‪،1‬‬
‫عمان‪ ،‬دار الراية‪4118 ،‬م) ص ‪.87‬‬
‫‪111‬‬

‫اًلستعداد يف شك لجنازات للمنظمة"(‪.)1‬‬


‫ويذهب "‪ "Robbins‬ل ى تعريف التحفيز أبته "توجه عام حنو طبيعة العم ‪،‬‬
‫من حيث اًلختالفات احلاصلة بني مقدار املكافآت اليت يتسلمها العاملون يف‬
‫املؤسسة‪ ،‬ومقدار املكافآت اليت كاتوا يعتقدون استالمها"(‪.)4‬‬
‫وكذلك يعرف "ديفيز" احلوافز أبهنا جمموعة من املتغريات يف بيئة العم ‪ ،‬أو‬
‫اجملتمع اليت تُستخدم من املؤسسة يف حماولة للتأثري يف الرغبات واحلاجات"(‪.)1‬‬
‫خالصة الدقول‪:‬‬
‫ومن خالل ما مت عرضه وبياته من مجلة التعريفات اليت وردت يف شأن مفهوم‬
‫التحفيز يف الثقافة الغربية تالحظ أن مجيع املصطلحات متقاربة من حيث الدًللة‪ ،‬ل ى‬
‫جاتب كوهنا تشري يف جمملها ل ى أن التحفيز هو عبارة عن جمموعة من املؤثرات‬
‫اخلارجية اليت تعدها اإلدارة للتأثري يف سلوك العاملني لديها من أج رفع كفاءهتم‬
‫ولتتاجهم‪ ،‬وذلك بواسطة لشباع احلاجات والرغبات‪.‬‬

‫(‪ )1‬بسمة بوكرش‪" ،‬سياسة التحفيز وتنمية العالقات العامة يف املؤسسة"‪ ،‬رسالة ماجستري غري‬
‫منشورة‪ ،‬كلية اآلداب والعلوم اإلتساتية واًلجتماعية‪ ،‬جامعة عنابة‪4111 ،‬م‪4114-‬م‪،‬‬
‫(ص‪.)128‬‬
‫(‪ )4‬تنمية ولدارة املوارد البشري‪ ،‬طاهر حممود الكاللده‪ ،‬الطبعة األو ى‪ ،‬عمان‪ ،‬دار عامل الثقافة‬
‫للطباعة والنشر والتوزيع‪4118 ،‬م‪( ،‬ص ‪.)118‬‬
‫(‪ )1‬كيث ديفيز‪" ،‬السلوك اإلتساين يف العم ‪ ،‬دراسة العالقات اإلتساتية والسلوك التنظيمي"‪،‬‬
‫ترمجة الدكتور‪ /‬سيد عبد احلميد مرسي والدكتور‪ /‬حممد لمساعي (ط‪ ،4‬القاهرة‪ ،‬هنضة مصر‬
‫للطباعة والتوزيع‪1221 ،‬م)‪ ،‬ص ‪.618‬‬
‫قيمة التحفيز بني التطبيقات النبويَّة يف الشريعة اإلسالميَّة والثقافة الغربيَّة ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬
‫‪111‬‬
‫ولذا تظران ل ى النظرايت الغربية املفسرة ملصطلح التحفيز يف الثقافة الغربية‬
‫فنالحظ اهتمام الكثري من الباحثني لنظرايت التحفيز‪ ،‬وذلك على النحو التايل(‪:)1‬‬
‫النظرية الكالسيكية للتحفيز‪ :‬ومن أهم مؤسسيها فريديريك اتيلور سنة‬
‫‪1221‬م‪ ،‬وأطلق عليها مصطلح اإلدارة العلمية‪ ،‬وقام من خالهلا بدراسة وتصميم‬
‫طرق العم بصورة تزيد من كفاءة العام وتزيد من لتتاجيته وتقوم هذه النظرية على‬
‫اًلفرتاضات التالية‪:‬‬
‫‪-1‬أن مشكلة عدم الكفاءة هي مشكلة اإلدارة وليست مشكلة العام ‪.‬‬
‫‪-4‬لدى العمال اتطباع يف أهنم لذا أدوا العم بسرعة فستستغين اإلدارة عنهم‪،‬‬
‫ويصبحون عاطلني‪ ،‬وابلتايل فإن لطالة مدة اإلجناز يعين ضمان عم ملدة‬
‫أطول‪.‬‬
‫‪-1‬من مسؤولية اإلدارة توفري األفراد املناسبني لعم معني‪ ،‬وتدريبهم على أكثر‬
‫الوسائ كفاءة ألداء عملهم‪.‬‬
‫‪-2‬للعمال مي طبيعي للعم أبق من طاقاهتم‪.‬‬
‫ومن ذلك كله تالحظ أن هذه النظرية قد أمهلت اجلاتب اإلتساين يف العملية‬
‫اإلدارية‪ ،‬فتنظر للعام كأته آلة وعنصر من عناصر اإلتتاج األخرى مث املال‪،‬‬
‫األرض‪ ،‬اليد العاملة‪ ،‬وتتجاه أن الفرد كائن حي لديه أحاسيس ومشاعر‪.‬‬
‫نظرية العالقات اإلنسانية للتحفيز‪ :‬وصاحب هذه النظرية هو للتون مايوا‪،‬‬

‫(‪ )1‬تور الدين حاروش‪" ،‬لدارة املوارد البشرية"‪( .‬ط‪ ،1‬اجلزائر‪ ،‬دار األمة للطباعة والرتمجة‬
‫والتوزيع‪4111 ،‬م)‪ ،‬ص ‪.112‬‬
‫‪111‬‬

‫وقد ظهرت كرد فع للنظرية الكالسيكية واهتمت ابلعنصر البشري وعالقات األفراد‬
‫مع رؤسائهم ومجاعة العم داخ املؤسسة‪ ،‬وتضيف هذه النظرية أبن للعام‬
‫حاجات جسمية وتفسية واجتماعية زايدة عن احلاجات املادية‪ ،‬وعليه تؤكد أن‬
‫العام يسعى ل ى لشباع حاجات أخرى خمتلفة عن احلاجات اليت تستهدف األجر‪،‬‬
‫وهذا من خالل التجربة املدروسة ابكتشاف أثر ظروف العم املادية(‪.)1‬‬
‫نظرية (‪ ،(x‬و)‪ ،(y‬ل "دوغالس ماك غريقور" للتحفيز‪ ،‬وقد ذكر دوغالس‬
‫ماك أن التحفيز يف املنظمات سليب‪ ،‬وأن املسؤولني يفرضون أسلوب اإلكراه يف العم‬
‫بطرق خفية(‪.)4‬‬
‫نظرية احلاجات األساسية ل "دافيد ماك ليالند"‪ ،‬وتسمى ا‬
‫أيضا بنظرية‬
‫اإلجناز حيث يري صاحب هذه النظرية أن فهم التحفيز يتوقف على معرفة ثالث‬
‫حاجات أساسية‪ ،‬وذلك علي النحو التايل(‪:)1‬‬
‫حيث أن األفراد الراغبني بشدة يف السلطة‪ ،‬مييلون‬
‫‪ -‬احلاجة ل ى السلطة‪ُ ،‬‬
‫ملمارسة التأثري والرقابة والقوة‪ ،‬فهم يطمحون للمناصب القيادية‪.‬‬

‫(‪ )1‬أمحد عثمان لبراهيم‪" ،‬تظم احلوافز وأثرها على الرضا الوظيفي‪ ،‬دراسة حالة كلية التجارة‬
‫جبامعة النيلني"‪( .‬رسالة ماجستري‪ ،‬جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا‪ ،‬كيلة الدراسات‬
‫التجارية‪4111 ،‬م)‪( ،‬ص ‪.)167‬‬
‫(‪ )4‬عمار بوحوش‪ " ،‬تظرايت اإلدارة احلديثة يف القرن احلادي والعشرين"‪( .‬ط‪ ،1‬اجلزائر‪ ،‬دار‬
‫الغرب اإلسالمي‪4116 ،‬م)‪ ،‬ص ‪.24‬‬
‫(‪ )1‬بشري العالق‪" ،‬اإلدارة احلديثة تظرايت ومفاهيم"‪( .‬األردن‪ ،‬دار اليازوري العلمية للنشر‬
‫والتوزيع‪4118 ،‬م)‪ ،‬ص ‪.112-118‬‬
‫قيمة التحفيز بني التطبيقات النبويَّة يف الشريعة اإلسالميَّة والثقافة الغربيَّة ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬
‫‪111‬‬
‫‪ -‬احلاجة لإلجناز‪ ،‬األشخاص الذين تتوفر لديهم هذه احلاجة يرغبون يف‬
‫النجاح وخيافون من الفش ‪ ،‬وهم غالباا حيبون التحدي‪.‬‬
‫‪ -‬احلاجة لالتتماء‪ ،‬األفراد الذين تتوفر لديهم هذه احلاجة يشعرون ابلسرور‬
‫عند شعورهم حبب اآلخرين هلم‪.‬‬
‫ومن ذلك كله تالحظ اًلختالف الكبري يف مفهوم التحفيز يف الثقافة الغربية‬
‫ويف النظرايت املفسرة هلذا املصطلح‪ ،‬ويرجع ذلك اًلختالف ل ى اختالف وجهات‬
‫تظر الباحثني هلذا املصطلح‪ ،‬فنالحظ أن منهم من يركز ويعتمد على التحفيز املادي‬
‫كوسيلة من الوسائ املناسبة لتحفيز األفراد‪ ،‬ومن بينهم من يعتمد على التحفيز‬
‫املعنوي‪ ،‬ومن هم من يعتمد على التحفيز السليب أو اإلجيايب كوسيلة من وسائ حتفيز‬
‫األفراد‪.‬‬
‫سبل التحفيز يف الثدقافة الغربية‪:‬‬
‫للتحفيز يف الثقافة الغربية سب معينة‪ ،‬تساهم يف عملية التحفيز‪ ،‬وتتنوع هذه‬
‫السب وتتعدد حسب ما تدعو لليه احلاجة‪ ،‬ومن بني سب التحفيز يف الثقافة الغربية‬
‫ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬فرص الرتقي‪ ،‬والرتقية عملية تق العام من وظيفة ل ى أخرى‪ ،‬تتضمن‬
‫زايدة يف الواجبات واملسؤوليات والصالحيات‪ ،‬ويصاحب الرتقية عادة زايدة يف املزااي‬
‫مهما‬
‫عامال ا‬
‫معا‪ ،‬وتعد الرتقية ا‬ ‫املادية أو املعنوية اليت يتلقاها العام ‪ ،‬أو كلتيهما ا‬
‫للعام ‪ ،‬ألهنا تعد من احلوافز اليت هلا دور مهم يف لاثرة الدافعية لدى العاملني‪،‬‬
‫ليحسنوا أداءهم‪ ،‬ويزيدوا لتتاجهم‪ ،‬لذ ًلبد للعام الكفء من أن يعطي سبباا عملياا‬
‫‪111‬‬

‫لرتقيته ل ى عم أفض مبا يرتتب على ذلك من مزااي(‪.)1‬‬


‫‪ -‬حوافز اإلنتاج‪ ،‬ويتضمن هيك احلوافز ا‬
‫حافزا يسمى حافز اإلتتاج يُصرف‬
‫على أساس يومي أو على أساس شهري‪ ،‬وذلك وف اقا ملعايري حمددة بشأن حجم األداء‬
‫واًلتضباط الوظيفي‪ ،‬ومبعدًلت تتالءم مع املستوى الوظيفي أو مستوى األداء أو‬
‫كليهما(‪.)4‬‬
‫‪ -‬البدالت‪ :‬وتصرف البدًلت لبعض العاملني‪ ،‬ولن كاتت تدخ يف معظمها‬
‫حتت اسم بدل طبيعة العم ‪ ،‬واملفروض أن البدل يصرف للفرد لتعويضه عن جهد‬
‫غري عادي‪ ،‬وظروف غري عادية تكون على حنو متالزم مع أداء العم ‪ ،‬وختتلف طبيعة‬
‫هذا اجلهد وقدره‪ ،‬وتلك الظروف ابختالف طبيعة العم (‪.)1‬‬
‫‪ -‬العموالت‪ ،‬ويتبع هذا النظام يف الوظائف البيعية واحملصلني‪ ،‬حيث حيص‬
‫البائع أو احملص على تسبة مئوية من الصفقات‪ ،‬واملبيعات اليت حيققها‪ ،‬وميتد األمر‬
‫أحياان ل ى بعض املناصب اإلدارية‪ ،‬حيث ميكن أن يسمح هلم ابحلصول على‬‫ا‬
‫عموًلت يف الصفقات اليت يعقدوهنا مع الشركات األخرى‪ ،‬ويُفض أن حيص البائع‬
‫أو التخصصي على راتب اثبت مع العمولة‪ ،‬حيث لن استخدام مرتب اثبت مع‬

‫(‪ )1‬الوجيز يف لدارة املوارد البشرية‪ ،‬حممد قاسم القريويت‪ ،‬الطبعة األو ى‪ ،‬عمان‪ ،‬دار وائ للطباعة‬
‫والنشر والتوزيع‪4111 ،‬م‪( ،‬ص ‪.)481-422‬‬
‫(‪ )4‬لدارة املوارد البشرية (حنو منهج اسرتاتيجي متكام )‪ ،‬حممد بن دليم القحطاين‪ ،‬الطبعة‬
‫األو ى‪ ،‬الرايض‪ ،‬مكتبة امللك فهد الوطنية‪4118 ،‬م‪( ،‬ص ‪.)187‬‬
‫(‪ )1‬أمحد سيد مصطفى‪" ،‬لدارة املوارد البشرية‪ ،‬رؤية اسرتاتيجية معاصرة"‪( .‬ط‪ ،4‬القاهرة‪ ،‬حقوق‬
‫الطبع والنشر حمفوظة للمؤلف‪4118 ،‬م‪( ،‬ص ‪.)228‬‬
‫قيمة التحفيز بني التطبيقات النبويَّة يف الشريعة اإلسالميَّة والثقافة الغربيَّة ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬
‫‪111‬‬
‫العمولة يعطي أرضية آمنة ملواجهة أعباء املعيشة‪ ،‬مع أن هذا اجلزء ًل يرتبط‬
‫مبجهودهم البيعي أو الوظيفي التخصصي(‪.)1‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬أهمية التحفيز وأهّافه يف الثدقافة الغربية والفروقات يف‬
‫الشريعة اإلسالمية‬
‫تتضح أمهية التحفيز يف الثقافة الغربية من خالل كوته يساهم يف لشباع‬
‫مهما يف ذاته‪،‬‬
‫حاجات األفراد العاملني‪ ،‬ورفع روحهم املعنوية‪ ،‬ما حيقق هدفاا لتساتياا ا‬
‫ئيسا له اتعكاساته على زايدة لتتاج هؤًلء األفراد‪ ،‬وتعزيز اتتمائهم‪ ،‬وعالقتهم‬
‫وغرضا ر ا‬
‫ا‬
‫مع املؤسسة ولدارهتا‪ ،‬ومع أتفسهم وزمالئهم‪.‬‬
‫حيث يعد‬
‫مقوما أساسياا يف املؤسسات املبدعة‪ُ ،‬‬
‫ل ى جاتب أن التحفيز يُعد ا‬
‫ومطلواب وتؤص ذلك بواسطة حوافز وأساليب وتظم تعمق‬
‫ا‬ ‫متجددا‬
‫ا‬ ‫اإلبداع هدفاا‬
‫لميان العاملني هبذه املبادئ(‪.)4‬‬
‫هاما يف حتفيز‬
‫دورا ا‬
‫ابإلضافة ل ى ما تالحظه من أمهية التحفيز يف كوته يؤدي ا‬
‫العاملني على العم ‪ ،‬وحتسني أدائهم وزايدة لتتاجهم من حيث الكم والنوع‪ ،‬وهذا‬
‫يتوقف على مدى توافر الشروط التالية(‪:)1‬‬

‫(‪ )1‬لدارة املوارد البشرية‪ ،‬أمحد ماهر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬الدار اجلامعية‪ ،‬للطباعة والنشر والتوزيع‪،‬‬
‫‪1222‬م‪( ،‬ص ‪.)422‬‬
‫(‪Loring. " Compensation in the ،steven H. ; Mackenzi ،Appeibaum )4‬‬
‫‪Year 2000: pay for performance?" (Health Manpower‬‬
‫‪.pp. 31-39 ،1996) ،Management. Vol. 22. No. 3‬‬
‫(‪"Using Team-Individual Reward and Recognition ،Ron ،Cacioppe )1‬‬
‫=‬
‫‪112‬‬

‫‪-1‬مستوى قدرة العام على العم وكفاءته‪.‬‬


‫‪-4‬وجود حافز عند العام حيفزه على العم والنشاط‪.‬‬
‫‪-1‬عدم ظهور التعب على العام ‪ ،‬الذي ينقص كمية اإلتتاج وتوعه‪.‬‬
‫‪-2‬تدريب العام لزايدة معلوماته وقدرته وكفاءته‪.‬‬
‫فالتحفيز يهدف ل ى حتقيق العديد من األهداف‪ ،‬واليت من بينها لشباع‬
‫حاجات العاملني بك أتواعها‪ ،‬وعلى األخص ما يسمى ابلتقدير واًلحرتام‪،‬‬
‫ولشعارهم بروح العدالة داخ املؤسسة ومن مث زايدة متسك العاملني مبؤسستهم‪ ،‬ورفع‬
‫روح الوًلء واًلتتماء هلا‪.‬‬
‫الفروقات بني التحفيز يف الثقافة الغربية ويف اإلسالم‪:‬‬
‫املتأم الناظر يف القرآن الكرمي يتبني له أن مصطلح "التحفيز" ومشتقاته مل يرد‬
‫ذكره‪ ،‬على الرغم من وجود العديد من املصطلحات واأللفاظ اليت تدل على معناه‬
‫وحقيقة وجوده‪ ،‬لًل أن املعىن الدال على التحفيز ورد يف العديد من اآلايت القرآتية‬
‫من خالل املعىن الدال على ذلك‪ .‬ومن ذلك كله تالحظ أن معاين التحفيز اليت‬
‫وردت يف القرآن الكرمي تدور حول ما يلي‪:‬‬
‫‪-1‬البعد املعنوي وهو اجلزاء املتمث ابلثناء واملديح‪.‬‬
‫‪-4‬البعد املادي ويرتبط ابملكافأة سواء يف الثواب والعطاءات‪.‬‬
‫‪-1‬البعد النفسي ويرتبط ابلتعزيز يف جاتب الرتغيب‪.‬‬
‫=‬
‫‪Strategies to Drive organizational Success". (Leadership and‬‬
‫‪Pp. 321- ،199) ،Organization Development Journal. Vol. 20. No. 6‬‬
‫‪322.‬‬
‫قيمة التحفيز بني التطبيقات النبويَّة يف الشريعة اإلسالميَّة والثقافة الغربيَّة ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬
‫‪113‬‬
‫وهنا تالحظ أن التحفيز هو منهج استخدمه القرآن الكرمي من خالل بيان‬
‫العديد من املعاين اليت توضح ذلك‪ ،‬وذلك من أج لاثرة الدافع حنو العم احملقق‬
‫ملقاصد الشريعة اإلسالمية‪ ،‬فالتحفيز هو عبارة عن األساليب الرتبوية املمنهجة اليت‬
‫يستخدمها اإلسالم‪ ،‬إلاثرة دافعية األفراد واجلماعات ملمارسة األمناط السلوكية‬
‫املرغوب فيها(‪.)1‬‬
‫ولذا تظران ل ى الفروقات بني التحفيز يف اإلسالم وبني التحفيز يف الثقافة الغريبة‬
‫فيتبني لنا من خالل ما مت ذكره وبياته يف مجلة التحفيز يف الفكر الثقايف الغريب‪ ،‬من‬
‫لمهال اجلاتب اإلتساين يف العملية اإلدارية‪ ،‬فتنظر للعام كأته آلة وعنصر من عناصر‬
‫أيضا أن الفرد كائن حي‬
‫اإلتتاج األخرى مث املال‪ ،‬األرض‪ ،‬اليد العاملة‪ ،‬وجتاهلها ا‬
‫لديه أحاسيس ومشاعر‪.‬‬
‫أما التحفيز يف اإلسالم فنالحظ أن اإلسالم حيرص على اإلتسان‪ ،‬وًل يهم‬
‫اجلاتب اإلتساين‪ ،‬ب يرتقي به ل ى أبعد احلدود‪ ،‬فاملتأم الناظر يف مصطلح التحفيز‬
‫يف اإلسالم يالحظ تعدد جواتبه‪ ،‬وتنوعها‪ ،‬ومن بينها تالحظ التحفيز ابألسوة‬
‫والقدوة احلسنة‪ ،‬ل ى جاتب التحفيز ابلتخويف‪ ،‬والتحفيز ابلوصف‪ ،‬والتحفيز‬
‫ابملفاضلة واملقارتة‪ ،‬وكذلك التحفيز يف بيان حتم املسؤولية‪ ،‬واملشاركة‪ ،‬واملشاورة‪،‬‬
‫والتحفيز بذكر أخبار األمم السابقة‪.‬‬
‫وخيتلف التحفيز يف الشريعة اإلسالمية عنه يف املنظور الغريب‪ ،‬حيث تعتمد‬

‫(‪ )1‬حممد غازي العمرات‪" ،‬حمفزات السلوك التطوعي يف الفقه اإلسالمي"‪ .‬جملة جازان ‪.1‬‬
‫(‪ :)4118‬ص ‪.86 ،81 ،71‬‬
‫‪110‬‬

‫الثقافة الغربية يف حتفيزها لألفراد بدرجة كبرية على اجلاتب املادي احملسوس‪ ،‬أي على‬
‫النتائج املرتتبة والعوائد امللموسة عند القيام بذلك اجلهد‪ ،‬وما هي اجلزاءات املنتظرة‬
‫حيال التقصري يف القيام بذلك اجلهد‪ ،‬وما النفع الذي سيعود على األفراد‪ ،‬وأُ َسرهم‬
‫من أمور حسية ملموسة‪ ،‬ويغف بشك ما اجلاتب الروحاين واألمور املستقبلية الغيبية‪،‬‬
‫فالنظرة لديهم مادية حبتة‪ ،‬كما هو احلال يف النظام الرأمسايل احلايل لديهم‪.‬‬
‫بينما التحفيز يف الشريعة اإلسالمية يتسع ويتداخ ليشم كافة اجلواتب‬
‫معا‪ ،‬ولن كان للجاتب الروحاين‪ ،‬والوعود الرابتية اليت وعد هللا هبا‬‫املعنوية واملادية ا‬
‫عباده املؤمنني يف اآلخرة اجلاتب األعظم‪.‬‬
‫فالتحفيز يف اإلسالم له العديد من اًلعتبارات‪ ،‬وذلك على النحو التايل‪:‬‬
‫اعتبار ديين‪ ،‬وهو التحفيز عن طريق الرتغيب أو الرتهيب ابلعم ‪ ،‬ووسيلة‬
‫تعزيزية لتحصي اجلزاء والثواب مكافأة عن العم ‪ ،‬فاجلنة من التحفيز اإلجيايب اليت‬
‫أيضا ل ى‬
‫تدفع ل ى العم واملسارعة ل ى اخلريات‪ ،‬والنار من احملفزات السلبية اليت تدفع ا‬
‫العم ‪ ،‬ولكن مع اخلوف من اقرتاف السيئات واملنكرات‪.‬‬
‫اعتبار تفسي‪ ،‬فاحملفزات طريق موافق لفطرة اإلتسان اجملبولة حنو السعي‬

‫لتحقيق الرضا والسعادة يف حتصي األفض واألحسن يف املخرجات سواء كاتت أداءا‬
‫تتاجا‪.‬‬
‫أم ل ا‬
‫اعتبار مادي‪ ،‬فالتحفيز عن طريق املكافآت املادية بكافة أشكاهلا الدتيوية‪،‬‬
‫وطريق للمكافآت الغيبية األخروية‪ ،‬فهي طريق إلشباع اًلحتياجات الذاتية اليت هبا‬
‫قيمة التحفيز بني التطبيقات النبويَّة يف الشريعة اإلسالميَّة والثقافة الغربيَّة ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬
‫‪111‬‬
‫تتوفر احلياة الطيبة الكرمية للبشر(‪.)1‬‬
‫اعتبار معنوي‪ ،‬فالتحفيز طريقة مثلى للتشجيع على اًلبتكار واإلبداع واإلتتاج‬
‫من خالل غرس القيم األخالقية اإلسالمية من الرب واخلري والعم ‪ ،‬واليت تنعكس على‬
‫سلوك األفراد العاملني وابلتايل على اجملتمع‪ ،‬ومن مث القيام ابملسؤولية اليت أوك هللا‬
‫عباده هلا وهي عمارة األرض واستخالفها‪ ،‬فمن خالل التحفيز يتحقق العمران‬
‫البشري(‪.)4‬‬
‫فالفرق بني التحفيز يف اإلسالم ويف الثقافة الغربية يتضح من خالل هدف ك‬
‫ومعنواي‪،‬‬
‫ا‬ ‫وماداي‪،‬‬
‫ا‬ ‫منهما‪ ،‬فالتحفيز يف اإلسالم يهدف ل ى اًلرتقاء ابإلتسان دينياا‪،‬‬
‫وتفسياا‪ ،‬على خالف التحفيز يف الثقافة الغربية واليت أمهلت اجلاتب اإلتساين يف‬
‫العملية اإلدارية‪ ،‬فتنظر للعام كأته آلة وعنصر من عناصر اإلتتاج األخرى مث املال‪،‬‬
‫أيضا وأن الفرد كائن حي لديه أحاسيس ومشاعر‪،‬‬
‫األرض‪ ،‬اليد العاملة‪ ،‬وجتاهلها ا‬
‫وجتاهلها اًلرتقاء به‪ ،‬ولمنا اًلرتقاء لصاحب العم أو من يقوم التحفيز من أجله‪.‬‬

‫(‪ )1‬حممد يوسف الشطي‪ ،‬أخرون "التحفيز والتشجيع يف ضوء السنة النبوية دراسة موضوعية"‪.‬‬
‫(جملة الشريعة والدراسات اإلسالمية‪ :)4118( ،111 ،‬ص ‪.188‬‬
‫(‪ )4‬ينظر‪ :‬دور احلوافز املادية واملعنوية يف رفع مستوى أداء العاملني من وجهة تظر ضباط األمن‬
‫العام املشاركني يف موسم احلج‪ ،‬الواب ‪ ،‬جامعة انيف العربية للعلوم األمنية‪ ،‬رسالة ماجستري‬
‫يف العلوم اإلدارية‪411 ،‬م‪( ،‬ص ‪ )48-47‬بتصرف يسري‪.‬‬
‫‪111‬‬

‫اخلامتة‬

‫أبرز النتائج‪:‬‬
‫‪-1‬أن منظومة التحفيز يف اإلسالم هي فريدة من توعها فاقت كافة املنظومات‬
‫األخرى‪ ،‬حيث وازتت بني اجلواتب املادية واجلواتب املعنوية‪ ،‬ومل يطغى أحدمها على‬
‫اآلخر بشك كبري‪.‬‬
‫‪-4‬من أبرز التطبيقات النبوية اليت كاتت هلا أثر فعال يف عملية التحفيز‪،‬‬
‫حبسن اخللق واملعاملة الطيبة‪.‬‬ ‫حتفيزه‬
‫كاتت سبباا مباشرا يف دخول الناس يف‬ ‫‪-1‬أن تنوع أساليب التحفيز عنده‬
‫املدتية وقوهتا‪.‬‬ ‫قواي يف لتشاء دولته‬
‫داعما ا‬
‫اجا كما أهنا كاتت ا‬
‫دين هللا أفو ا‬
‫‪-2‬ركزت الثقافة الغربية يف عملية التحفيز على اجلاتب اإلداري بشك كبري‬
‫واملتعلق مبسألة العم واإلتتاج واإلجناز وكفاءة العم داخ املؤسسات‪ ،‬بينما اتسمت‬
‫الشريعة اإلسالمية ابلشمولية يف تناول كافة جواتب احلياة‪ ،‬واستيعاب أفض ما‬
‫جاءت به النظرايت احلديثة يف التحفيز‪.‬‬
‫‪-8‬رغم تركيز الثقافة الغربية على اجلاتب اإلداري بشك كبري لًل لهنا مل هتتم‬
‫ومعنواي‪ ،‬وتفسياا‪ ،‬خبالف الشريعة اإلسالمية‪.‬‬
‫ا‬ ‫وماداي‪،‬‬
‫ابإلتسان دينياا‪ ،‬ا‬
‫‪-6‬من أبرز مميزات التحفيز يف اإلسالم أن ك عم يقوم به املسلم يف الدتيا‬
‫قيمة التحفيز بني التطبيقات النبويَّة يف الشريعة اإلسالميَّة والثقافة الغربيَّة ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬
‫‪111‬‬
‫ينتفع به‪ ،‬أو يفيد به غريه جيد ثوابه يف الدتيا واآلخرة‪.‬‬
‫التوصيات‪:‬‬
‫بعد أن عرض الباحث جوهر التحفيز يف اإلسالم والفروقات بينه وبني املنظور‬
‫الغريب يوصي الباحث‪:‬‬
‫‪-1‬وضع اسرتاتيجية تعليمية يشارك فيها القيادات والكوادر التعليمية وأولياء‬
‫األمور‪ ،‬هبدف تعزيز التطبيقات النبوية املتعلقة ابلتحفيز لدى النشء الذين هم هدف‬
‫العملية التنموية ومن مث تعميمها على املراح التعليمية املختلفة‪.‬‬
‫‪-4‬العم على لجياد برامج تطبيقية سواء حضورية‪ ،‬أو تقنية تساعد القيادات‬
‫يف كافة املؤسسات على تعزيز القيم النبوية متمثلة يف التحفيز داخ مؤسساهتم‪.‬‬
‫‪-1‬النظر بعني اًلعتبار على اإلرث اإلسالمي وما حيويه من أخالقيات وقيم‬
‫سبق هبا احلضارات األخرى واستخراجها واًلستفادة منها يف كافة اجملاًلت‪.‬‬
‫‪-2‬لتشاء مراكز وكراسي حبثية متخصصة داخ اجلامعات تعىن فقط ابلقيم‬
‫النبوية واألخالق اإلسالمية‪.‬‬

‫‪h‬‬
‫‪111‬‬

‫فهرس املصادر واملراجع‬

‫لبراهيم‪ ،‬أمحد عثمان‪" .‬تظم احلوافز وأثرها على الرضا الوظيفي‪ ،‬دراسة حالة‬ ‫‪-1‬‬
‫كلية التجارة جبامعة النيلني"‪( .‬رسالة ماجستري‪ ،‬كيلة الدراسات التجارية‪،‬‬
‫جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا‪4111 ،‬م)‪.‬‬
‫ابن حبان‪ ،‬حممد بن حبان‪ " .‬اإلحسان يف تقريب صحيح ابن حبان "‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫حتقيق شعيب األرتؤوط‪( .‬ط‪ ،1‬بريوت‪ :‬مؤسسة الرسالة‪1218 ،‬ه)‪.‬‬
‫ابن حنب ‪ ،‬أبو عبد هللا أمحد بن حممد‪ " .‬مسند اإلمام أمحد بن حنب "‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫حتقيق شعيب األرتؤوط ‪ -‬عادل مرشد‪ ،‬وآخرون‪( .‬ط‪ ،1‬بريوت‪ ،‬مؤسسة‬
‫الرسالة‪ 1241 ،‬هـ ‪4111 -‬م)‪.‬‬
‫ابن ماجة‪ ،‬حممد بن يزيد‪ " .‬سنن ابن ماجه "‪ .‬حتقيق شعيب األرتؤوط‬ ‫‪-2‬‬
‫(ط‪ ،1‬بريوت‪ :‬دار الرسالة العاملية‪1211 ،‬ه)‪.‬‬
‫البخاري‪ ،‬حممد لمساعي ‪" .‬صحيح البخاري"‪ .‬حتقيق حممد زهري بن انصر‬ ‫‪-8‬‬
‫الناصر‪( .‬ط‪ ،1‬بريوت‪ :‬دار طوق النجاة‪1244 ،‬ه)‪.‬‬
‫الرتمذي‪ ،‬حممد بن عيسى‪" .‬سنن الرتمذي"‪ .‬حتقيق أمحد حممد شاكر‪،‬‬ ‫‪-6‬‬
‫ولبراهيم عطوة‪( .‬ط‪ ،4‬القاهرة‪ :‬مكتبة مطبعة مصطفى البايب احلليب‬
‫وأوًلده‪1128 ،‬هـ)‪.‬‬
‫التوجني‪ ،‬عبد السالم‪" .‬الشريعة اإلسالمية يف القرآن الكرمي تظرية احلق‬ ‫‪-7‬‬
‫مميزاهتا وخصائصها ومبادئها"‪( .‬ط‪ ،4‬ليبيا‪ ،‬منشورات مجعية الدعوة‬
‫اإلسالمية العاملية‪1227 ،‬م)‪.‬‬
‫الرازي‪ ،‬حممد بن أيب بكر‪" .‬خمتار الصحاح"‪ .‬حتقيق‪ :‬يوسف الشيخ حممد‪.‬‬ ‫‪-8‬‬
‫(ط‪ ،8‬بريوت‪ :‬املكتبة العصرية ‪ -‬الدار النموذجية‪1241 ،‬هـ ‪1222 /‬م)‪.‬‬
‫قيمة التحفيز بني التطبيقات النبويَّة يف الشريعة اإلسالميَّة والثقافة الغربيَّة ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬
‫‪111‬‬
‫اجلهين‪ ،‬عبد هللا بن سليمان‪" .‬تقييم تظم حوافز العم يف املديرية العامة‬ ‫‪-2‬‬
‫للجوازات من وجهة تظر األفراد العاملني فيها‪ ،‬دراسة ميداتية على لدارة‬
‫جوازات جدة"‪( .‬رسالة ماجستري غري منشورة‪ ،‬معهد الدراسات العليا‪،‬‬
‫قسم العلوم الشرطية‪ ،‬أكادميية انيف العربية للعلوم األمنية‪1228 ،‬م)‪.‬‬
‫الشريف املرتضى‪ ،‬علي بن احلسني‪" .‬أمايل املرتضى غرر الفوائد ودرر‬ ‫‪-11‬‬
‫القالئ "‪ .‬حتقيق حممد أبو الفض لبراهيم‪( ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪ :‬دار لحياء‬
‫الكتب العربية‪1282 ،‬م)‪.‬‬
‫الشطي‪ ،‬حممد يوسف‪ ،‬آخرون "التحفيز والتشجيع يف ضوء السنة النبوية‬ ‫‪-11‬‬
‫دراسة موضوعية"‪ .‬جملة الشريعة والدراسات اإلسالمية‪.)4118( ،111 ،‬‬
‫الطجم‪ ،‬عبد اجمليد عبد الغين‪ ،‬وآخرون‪ " .‬السلوك التنظيمي "‪( .‬دار‬ ‫‪-14‬‬
‫النوابغ‪ ،‬جدة‪1217 :‬ه)‪.‬‬
‫العمرات‪ ،‬حممد غازي "حمفزات السلوك التطوعي يف الفقه اإلسالمي"‪ .‬جملة‬ ‫‪-11‬‬
‫جازان ‪4118( .1‬م)‪.‬‬
‫العالق‪ ،‬بشري‪" .‬اإلدارة احلديثة تظرايت ومفاهيم"‪( .‬األردن‪ :‬دار اليازوري‬ ‫‪-12‬‬
‫العلمية للنشر والتوزيع‪4118 ،‬م)‪.‬‬
‫العلي‪ ،‬صاحل محيد‪" .‬عناصر اإلتتاج يف اًلقتصاد اإلسالمي والنظم‬ ‫‪-18‬‬
‫اًلقتصادية املعاصرة ‪ -‬دراسة مقارتة"‪( .‬ط‪ ،1‬دمشق – بريوت‪ :‬اليمامة‬
‫للطباعة والنشر والتوزيع‪ 1241 ،‬هـ ‪4111-‬م)‪.‬‬
‫القحطاين‪ ،‬حممد بن دليم‪" .‬لدارة املوارد البشرية‪ ،‬حنو منهج اسرتاتيجي‬ ‫‪-16‬‬
‫متكام "‪( .‬ط‪ ،1‬الرايض‪ :‬مكتبة امللك فهد الوطنية‪4118 ،‬م)‪.‬‬
‫القريويت‪ ،‬حممد قاسم‪" .‬الوجيز يف لدارة املوارد البشرية"‪( .‬ط‪ ،1‬عمان‪ :‬دار‬ ‫‪-17‬‬
‫وائ للطباعة والنشر والتوزيع‪4111 ،‬م)‪.‬‬
‫‪111‬‬
‫القزويين‪ ،‬أمحد بن فارس‪" .‬معجم مقاييس اللغة‪ .‬حتقيق عبد السالم هارون‪.‬‬ ‫‪-18‬‬
‫([ط]‪ ،‬بريوت‪ :‬دار الفكر‪1122 ،‬هـ ‪1272 -‬م)‪.‬‬
‫الكاللدة‪ ،‬طاهر حممود‪" .‬تنمية ولدارة املوارد البشرية"‪[( .‬ط]‪ ،‬األردن‪ :‬دار‬ ‫‪-12‬‬
‫عامل الثقافة للنشر والتوزيع‪4118 ،‬م)‪.‬‬
‫النيسابوري‪ ،‬مسلم بن حجاج‪" .‬صحيح مسلم"‪ .‬حتقيق حممد فؤاد عبد‬ ‫‪-41‬‬
‫الباقي‪( .‬ط‪ ،1‬بريوت‪ :‬طبع دار لحياء الرتاث‪1128 ،‬م)‪.‬‬
‫الواب ‪ ،‬عبد الرمحن بن علي‪" .‬دور احلوافز املادية واملعنوية يف رفع مستوى‬ ‫‪-41‬‬
‫أداء العاملني من وجهة تظر ضباط األمن العام املشاركني يف موسم احلج"‬
‫(رسالة ماجستري‪ ،‬كلية الدراسات العليا‪ ،‬قسم العلوم اإلدارية‪ ،‬جامعة انيف‬
‫العربية للعلوم األمنية‪4118 ،‬م)‪.‬‬
‫تركي‪ ،‬براء رجب‪" .‬تظام احلوافز اإلدارية ودورها يف صق ومتكني قدرات‬ ‫‪-44‬‬
‫األفراد"‪( .‬ط‪ ،1‬عمان‪ ،‬دار الراية‪4118 ،‬م)‪.‬‬
‫حاروش‪ ،‬تور الدين‪" .‬لدارة املوارد البشرية"‪( .‬ط‪ ،1‬اجلزائر‪ ،‬دار األمة‬ ‫‪-41‬‬
‫للطباعة والرتمجة والتوزيع‪4111 ،‬م)‪.‬‬
‫محداوي‪ ،‬وسيلة‪" ،‬لدارة املوارد البشرية"‪[( .‬ط]‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ديوان املطبوعات‬ ‫‪-42‬‬
‫اجلامعية‪4112 ،‬م)‪.‬‬
‫بوحوش‪ ،‬عمار‪" .‬تظرايت اإلدارة احلديثة يف القرن احلادي والعشرين"‪.‬‬ ‫‪-48‬‬
‫(ط‪ ،1‬اجلزائر‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪4116 ،‬م)‪.‬‬
‫بوكرش‪ ،‬بسمة‪" .‬سياسة التحفيز وتنمية العالقات العامة يف املؤسسة"‪.‬‬ ‫‪-46‬‬
‫(رسالة ماجستري غري منشورة‪ ،‬كلية اآلداب والعلوم اإلتساتية واًلجتماعية‪،‬‬
‫جامعة عنابة‪4111 ،‬م‪4114-‬م)‪.‬‬
‫كيث ديفيز‪" ،‬السلوك اإلتساين يف العم ‪ ،‬دراسة العالقات اإلتساتية‬ ‫‪-47‬‬
‫قيمة التحفيز بني التطبيقات النبويَّة يف الشريعة اإلسالميَّة والثقافة الغربيَّة ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬
‫‪111‬‬
‫والسلوك التنظيمي"‪ ،‬ترمجة سيد عبد احلميد مرسي‪ ،‬وحممد لمساعي ‪( .‬ط‪،4‬‬
‫القاهرة‪ ،‬هنضة مصر للطباعة والتوزيع‪1221 ،‬م)‪.‬‬
‫‪ -48‬مصطفى‪ ،‬أمحد سيد‪" .‬لدارة املوارد البشرية‪ ،‬رؤية اسرتاتيجية معاصرة"‪.‬‬
‫(ط‪ ،4‬القاهرة‪ ،‬حقوق الطبع والنشر حمفوظة للمؤلف‪4118 ،‬م)‪.‬‬
‫‪Loring. "Compensation ،steven H. ; Mackenzi ،Appeibaum -42‬‬
‫‪in the Year 2000: pay for performance?" (Health Manpower‬‬
‫‪.pp. 31-39 ،1996) ،Management. Vol. 22. No. 3‬‬
‫‪"Using Team-Individual Reward and‬‬ ‫‪،Ron ،Cacioppe‬‬ ‫‪-11‬‬
‫‪Recognition Strategies to Drive organizational Success".‬‬
‫‪(Leadership and Organization Development Journal. Vol. 20.‬‬
‫‪.Pp. 321-322 ،199) ،No. 6‬‬
112

bibliography

1- Ibrahim ،Ahmed Othman. "Incentive systems and their impact


on job satisfaction ،a case study of the Faculty of Commerce at
El-Neelain University. (Master's thesis ،Faculty of Business
Studies ،Sudan University of Science and Technology ،2003).
2- Ibn Hibban ،Muhammad Ibn Hibban. " Al-Ihsan fi Taqreeb
Sahih Ibn Hibban. "Investigated by Shuaib Al-Arnaout. (1
edition ،Beirut: Al-Resala Foundation ،1408 AH).
3- Ibn Hanbal ،Abu Abdullah Ahmed bin Muhammad. Musnad of
Imam Ahmed bin Hanbal. Investigated by Shoaib Al-Arnaout -
Adel Morshed ،and others. (1 edition ،Beirut ،Al-Resala
Foundation ،1421 AH - 2001 AD).
4- Ibn Majah ،Muhammad bin Yazid. " Sunan Ibn Majah. "Edited
by Shuaib Al-Arnaout (1 edition ،Beirut: Dar Al-Risala Al-
Alamiya ،1430).
5- Al-Tirmidhi ،Muhammad bin Issa. " Sunan Al-Tirmidhi ".
Investigated by Ahmed Mohamed Shaker and Ibrahim Atwa.
(2nd edition ،Cairo: Mustafa Al-Babi Al-Halabi Press Library
and his sons ،1398 AH).
6- Al-Razi ،Muhammad bin Abi Bakr. " Mukhtar Al-Sahah ".
Investigation: Youssef Sheikh Muhammad. (5th edition ،
Beirut: Al-Motakabat Al-Asriyyah - Al-Dar Al-Namothajiyah ،
1420 AH / 1999 AD).
7- Al-Juhani ،Abdullah bin Suleiman. Evaluation of work
incentive systems in the General Directorate of Passports from
the viewpoint of its employees ،a field study on the Jeddah
Passports Department. (Unpublished master's thesis ،Institute
of Higher Studies ،Department of Police Sciences ،Naif Arab
Academy for Security Sciences ،1998 AD ).
8- Al-Sharif Al-Murtada ،Ali bin Al-Hussein. " Amali Al-Murtada
is the seduction of benefits and pearls of necklaces. "Edited by
Muhammad Abu Al-Fadl Ibrahim ،(1 edition ،Cairo: Dar Ihya
Al-Kutub Al-Arabiya ،1954).
9- Al-Shatti ،Muhammad Yusuf ،others. " Motivation and
encouragement in the light of the Prophet’s Sunnah ،an
- ‫ دراسة مقارنة‬- ‫قيمة التحفيز بني التطبيقات النبويَّة يف الشريعة اإلسالميَّة والثقافة الغربيَّة‬
113
objective study. "Journal of Sharia and Islamic Studies ،100 ،
(2015).
10- Al-Tajm ،Abdul-Majid Abdul-Ghani ،and others. "
organizational behavior ". (Dar Al-Nawabegh ،Jeddah: 1417
AH).
11- Al-Amrat ،Muhammad Ghazi ،" Incentives for Voluntary
Behavior in Islamic Jurisprudence. "Jazan Magazine 1. (2015):
pp. 70 ،83 ،86.
12- Alaq ،Bashir. Modern management theories and concepts.
(Jordan: Al-Yazuri Scientific House for Publishing and
Distribution ،2008).
13- Al-Ali ،Salih Hamid. Elements of production in the Islamic
economy and contemporary economic systems - a comparative
study. (1 edition ،Damascus - Beirut: Al-Yamamah for
printing ،publishing and distribution ،1420 AH - 2000 AD).
14- Al-Qahtani ،Muhammad bin Dulaim. Human resource
management ،towards an integrated strategic approach. (1st
Edition ،Riyadh: King Fahd National Library ،2005 AD)
15- Al-Qaryouti ،Muhammad Qassem. Al-Wajeez in Human
Resources Management. (1st edition ،Amman: Dar Wael for
printing ،publishing and distribution ،2010 AD).
16- Al-Qazwini ،Ahmed bin Faris. " Dictionary of Language
Measurements. Investigated by Abd al-Salam Haroun. ([i] ،
Beirut: Dar al-Fikr ،1399 AH - 1979 AD).
17- Al-Wabel ،Abdul Rahman bin Ali. "The role of material and
moral motivation in raising the level of employee performance
from the point of view of public security officers participating
in Hajj season" (Master's thesis ،College of Graduate Studies ،
Department of Administrative Sciences ،Naif Arab University
for Security Sciences ،2005).
18- Al-Nisaburi ،Muslim bin Hajjaj. "Sahih Muslim". Investigated
by Muhammad Fouad Abdel-Baqi. (3rd edition ،Beirut: printed
by Dar Ihya al-Turath ،1398 AD).
19- Bukhari ،Muhammad Ismail. "Sahih Bukhari". Investigated by
Muhammad Zuhair bin Nasser Al-Nasser. (1 edition ،Beirut:
Dar Touq Al-Najat ،1422 AH).
20- Buhoush ،Ammar. Modern management theories in the twenty-
first century. (1 edition ،Algeria ،Dar Al-Gharb Al-Islami ،
110
2006 AD).
21- Bokrush ،Basma. Motivation policy and the development of
public relations in the institution. (Unpublished master's thesis ،
Faculty of Arts ،Humanities and Social Sciences ،Annaba
University ،2011-2012).
22- Haroush ،Noureddine. "Human Resource Management". (1st
Edition ،Algeria ،Dar Al-Ummah for Printing ،Translation and
Distribution ،2011 AD).
23- Hamdawi ،Wassila ،"Human Resources Management. " ([i] ،
Algeria ،University Publications Office ،2004 AD).
24- Keith Davies ،"Human Behavior at Work ،the Study of Human
Relations and Organizational Behavior" ،translated by Syed
Abdel Hamid Morsi and Mohamed Ismail. (2nd Edition ،Cairo ،
Nahdat Misr for Printing and Distribution ،1990 AD).
25- Kalaldeh ،Taher Mahmoud. Human resource development and
management. ([i] ،Jordan: Dar Alam Al Thaqafa for Publishing
and Distribution ،2008 AD).
26- Mustafa ،Ahmed Sayed. Human resource management ،a
contemporary strategic vision. (2nd edition ،Cairo ،copyright
reserved to the author ،2008 AD).
27- Turki ،Baraa Rajab. The administrative incentive system and
its role in refining and empowering the capabilities of
individuals. (1 edition ،Amman ،Dar Al-Raya ،2015 AD).
28- Tonji ،Abdel Salam. Islamic law in the Holy Quran ،the theory
of truth ،its advantages ،characteristics and principles. (2nd
Edition ،Libya ،Publications of the International Islamic Call
Society ،1997 AD).
29- Appeibaum ،steven H. ; Mackenzi ،Loring. "Compensation in
the Year 2000: pay for performance?" (Health Manpower
Management. Vol. 22. No. 3 ،1996) ،pp. 31-39.
30- Cacioppe ،Ron ،"Using Team-Individual Reward and
Recognition Strategies to Drive organizational Success".
(Leadership and Organization Development Journal. Vol. 20.
No. 6 ،199) ،Pp. 321-322.
:‫الدقيم اإلسالميَّة املتضمَّنة يف أحاديث السَّفر يف‬
»‫«صحيح مسلم‬
Islamic Values Included In The Hadiths of Travel In
"Sahih Muslim"

‫أستاذ مشارك بقسم الدعوة والثقافة اإلسالميَّة بكليَّة الشريعة والدراسات‬


‫اإلسالميَّة جبامعة القصيم‬

Prepared by :
Dr. Yaqob Bin Yosef Alanqeri
Associate Professor of Islamic Culture ،College of
Sharia and Islamic Studies ،Qassim University
Email: ankry@qu. edu. sa

‫اعتماد البحث‬ ‫استالم البحث‬


A Research Approving A Research Receiving
2023/06/08 2022/12/20
‫نشر البحث‬
A Research publication
2023/09/30
DOI : 10.36046/2323-056-206-029
‫القيم اإلسالميَّة املتضمَّنة يف أحاديث السَّفر يف «صحيح مسلم»‬
‫‪111‬‬

‫ملخص البحث‬

‫تعد األحاديث النبوية أحد املصادر األصلية يف جمال القيم اإلسالمية اليت‬
‫تكسبها قوة يف اًلمتثال واًللتزام‪ ،‬وقد تضمنت أحاديث الس َفر يف صحيح مسلم‬
‫مجلة من القيم‪ ،‬واتبعت املناهج التالية‪ :‬اًلستقرائي واًلستنباطي والوصفي يف استخراج‬
‫تلك القيم وبيان دًللتها‪.‬‬
‫وجاء البحث يف مطلبني‪ ،‬املطلب األول‪ :‬القيم التشريعية‪ ،‬وقد بلغت القيم‬
‫املستنبطة من أحاديث الس َفر أربعة‪ ،‬وهي‪ :‬قيمة اًلقتداء والتأسي‪ ،‬واًللتزام أبحكام‬
‫اإلسالم‪ ،‬والسمع والطاعة‪ ،‬والتيسري‪ ،‬واملطلب الثاين‪ :‬القيم اخلُلُقية‪ ،‬وبلغت القيم‬
‫املستنبطة ستة‪ ،‬وهي‪ :‬قيمة التواضع‪ ،‬واإلحسان‪ ،‬والعدل‪ ،‬واًلعتدال‪ ،‬والعفة‪،‬‬
‫والتقوى‪ ،‬وهذه القيم املستنبطة منها ما هو منصب على أحكام اإلسالم التشريعية‬
‫ولظهار اشتماهلا عليه وتفردها‪ ،‬ومنها ما هو منصب على ترسيخها وتعميقها يف تفس‬
‫الفرد املسلم‪.‬‬
‫الكلمات املفتاحية‪( :‬صحيح مسلم ‪ -‬القيم ‪ -‬السنة النبوية ‪ -‬السفر)‪.‬‬
111

Abstract

The hadiths of the prophet are one of the original sources in the
field of Islamic values that gaive them strength in compliance and
commitment ،and the hadiths of the travel in Sahih Muslim included a
set of values. The following approaches were followed: inductive ،
deductive and the descriptive ،applied in extracting those values and
indicating their significance .
The research consisted two topics ،the first topic: the legal values ،
and the values deduced from the hadiths of travel under this topic are
four ،namely: the value of imitation and emulation ،and adherence to
the rulings of Islam ،hearing and obedience ،and simplifying ،and the
second topic: moral values ،and the values deduced under this topic
are six ،namely: the value of humility ،charity ،justice ،moderation ،
chastity ،piety ،and these values derived from what is based on the
legal provisions of Islam and to show its inclusion and uniqueness ،
including what is to consolidate and deepen them in the Muslim
individual .
Keywords: (Sahih Muslim - values - Sunnah - travel).
‫القيم اإلسالميَّة املتضمَّنة يف أحاديث السَّفر يف «صحيح مسلم»‬
‫‪111‬‬

‫املدقِّمة‬

‫تُـ َع ُّد القيم من اجملاًلت احليوية يف احلياة اإلتساتية‪ ،‬وهي الضابط ُّ‬
‫لتصرفات‬
‫اإلتسان وسلوكه يف هذه احلياة‪ ،‬سواءٌ أكان مع حميطه القريب أم البعيد‪ ،‬فغياب القيم‬
‫يؤدي ل ى تتائج وآاثر سيئة على اجملتمع ي‬
‫مبكوانته‪ ،‬وظهور‬ ‫واضطراهبا يف اجملتمع ي‬
‫السلبيات واإلشكاًلت ي‬
‫املتعددة الفكرية والسلوكية واًلجتماعية واألسرية بني أفراده‪.‬‬
‫ومصدرا‬ ‫دورا أساسيًّا يف حياة املسلم واجملتمع املسلم‪،‬‬ ‫ي‬
‫ا‬ ‫وتُشك القيم اإلسالمية ا‬
‫ومنهجا للحياة الفردية‬
‫ا‬ ‫ها ًّما لالرتقاء ابإلتسان ل ى مدارج الكمال اإلتساين‪،‬‬
‫واجملتمعية‪ ،‬ومتتاز منظومة القيم اإلسالمية ابستمدادها من املصادر األصلية يف الدين‬
‫وثباات‬ ‫اإلسالمي؛ الكتاب الكرمي والسنة النبوية‪ ،‬مبا ي ي‬
‫كسبها قوةا يف اإللزام واًللتزام هبا‪ ،‬ا‬‫ُ‬
‫تغريها‪ ،‬فعلى سبي املثال‪ :‬قيمة اإلميان فضيلة ًل يتغري معيارها‬ ‫يف ُحكمها وعدم ُّ‬
‫بزمان وًل مكان وًل بيئة‪.‬‬
‫منبع ًل ينضب ًلستخراج القيم اإلسالمية أبتواعها‪،‬‬
‫لذلك فالنصوص النبوية ٌ‬
‫ي‬
‫املتعددة اإلرشادات والتوجيهات املتعلقة جبزئيات القيم‬ ‫فهي حتوي يف سياقاهتا‬
‫اإلسالمية‪ ،‬فتجد األحاديث املتنوعة املتعلقة مبوضوعات الدين اإلسالمي‪ ،‬اليت‬
‫ستخرج منه احلكم الشرعي‪،‬‬
‫تتضمن الدًللة على القيم اإلسالمية‪ ،‬فالسياق النبوي يُ َ‬
‫أيضا القيم اإلسالمية أبتواعها‪ ،‬وهذا فيه من دًلئ اإلعجاز‬
‫كما يُستنبَط منه ا‬
‫‪111‬‬

‫وحي من هللا‪ ،‬وأن هذه التضمينات القيمية يف‬‫واإلثبات على أن األحاديث النبوية ٌ‬
‫النصوص النبوية املتنوعة هلا مقاصد سامية ي‬
‫وح َكم ابهرة‪.‬‬
‫املتضم ينة للقيم اإلسالمية‪ :‬تلك النصوص اليت ورد‬
‫ي‬ ‫ومن مجلة األحاديث النبوية‬
‫عموما؛ فقد‬ ‫ي‬
‫كر للسفر‪ ،‬سواءٌ أكان يف أسفار النيب أو يف السفر ا‬ ‫يف سياقها ذ ٌ‬
‫احتوت على قيم لسالمية عديدة راقية‪ ،‬متعليقة ابإلتسان‪ ،‬وابلتعام مع احليوان‪ ،‬وقد‬
‫جاء هذا البحث ليُسلي َط الضوء على النصوص النبوية املتعليقة ابلسفر يف صحيح‬
‫مسلم‪ ،‬واستنباط القيم اإلسالمية منها‪ ،‬مبا يعود ابلنفع على الفرد واجملتمع املسلم‪.‬‬
‫‪ ‬أسئلة البحث‪:‬‬
‫يتمحور سؤال البحث الرئيس حول‪ :‬ما القيم اإلسالمية املتضمنةُ يف أحاديث‬
‫السفر يف صحيح مسلم؟ ويتفرع عنه األسئلة اآلتية‪:‬‬
‫‪-1‬ما القيم التشريعية املتضمنةُ يف أحاديث السفر؟‬
‫‪-4‬ما القيم اخلُلُقية املتضمنةُ يف أحاديث السفر؟‬
‫‪ ‬أهميَّة البحث‪:‬‬
‫ي‬
‫البحث يف اآليت‪:‬‬ ‫تكمن أمهيةُ‬
‫السنة النبوية؛ لكوهنا املصدر الثاين‬
‫‪-1‬أمهية البحث عن القيم اإلسالمية يف ُّ‬
‫كسب تلك ي‬
‫القيَ َم أصالةا‪ ،‬وقوةا يف‬ ‫من املصادر األصلية للثقافة اإلسالمية‪ ،‬مما ي ي‬
‫ُ‬
‫امتثاهلا‪.‬‬
‫‪-4‬استجالء القيم اإلسالمية املتضمنة يف أحاديث السفر؛ مبا يُث يري َ‬
‫جمال القيم‬
‫اإلسالمية‪.‬‬
‫السنة النبوية‪.‬‬ ‫اهتمامه مبجال ي‬
‫القيَم من خالل ُّ‬ ‫‪-1‬لبراز عناية اإلسالم و ي‬
‫القيم اإلسالميَّة املتضمَّنة يف أحاديث السَّفر يف «صحيح مسلم»‬
‫‪111‬‬
‫ت اتتباه الباحثني للقيام ابلدراسات والبحوث ي‬
‫ذات‬ ‫‪-2‬لسهام البحث يف لَْف ي‬
‫الصلَة ي‬
‫ابلقيَم يف ُكتُ ي‬
‫ب السنة‪.‬‬ ‫ي‬

‫‪-8‬تُـ َع ُّد دراسة هذا املوضوع جاتباا ًّ‬


‫مهما من جواتب الثقافة اإلسالمية؛ ذلك‬
‫أن القيم ركيزة أساسية من ركائزها‪ ،‬وجمال رئيس من جماًلهتا ي‬
‫املتعددة‪.‬‬
‫‪ ‬أهّاف البحث‪:‬‬
‫يهدف هذا البحث ل ى حتقيق ما أييت‪:‬‬
‫‪-1‬بيان القيم التشريعية املتضم ينة يف أحاديث السفر يف صحيح مسلم‪.‬‬
‫‪-4‬استجالء القيم اخلُلُقية املتضم ينة يف أحاديث السفر يف صحيح مسلم‪.‬‬
‫‪ ‬الّراسات السابدقة‪:‬‬
‫السنة النبوية‪ ،‬ومن ضمنها‬ ‫تعددت الدراسات اليت تتناول موضوعات ي‬
‫القيَم يف ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ب يف القيم اإلسالمية املتضم ينة يف أحاديث‬
‫أحدا َكتَ َ‬
‫صحيح مسلم؛ لكنين مل أجد ا‬
‫صلة مبوضوع البحث‪،‬‬ ‫السفر يف صحيح مسلم‪ ،‬وما وجدته من دراسات وكتاابت مت ي‬
‫فهو على النحو اآليت‪:‬‬
‫‪-1‬القيم الرتبوية املتضمنة يف القصص النبوي يف صحيح مسلم‪:‬‬
‫دراسة للباحثَني‪ :‬د‪ .‬فواز بن عقي اجلهين‪ ،‬ود‪ .‬أسامة حممود فراج‪ ،‬منشورة يف‬
‫جملة كلية الرتبية جبامعة أسيوط‪ ،‬العدد (‪4111 ،)4‬م‪.‬‬
‫هتدف الدراسة ل ى بيان القيم الرتبوية من القصص النبوي‪ ،‬وتفارق دراسيت‬
‫عىن‬
‫احلالية الدراسة السابقة يف اجتاهها وموضوعها وحدودها‪ ،‬فدراسيت احلالية تُ َ‬
‫ابستنباط القيم اإلسالمية من أحاديث السفر‪ ،‬وتناوهلا يف سياق ثقايف‪ ،‬أما الدراسة‬
‫عىن ابستنباط القيم الرتبوية من القصص النبوي يف سياق تربوي‪،‬‬
‫السابقة فهي تُ َ‬
‫‪122‬‬

‫عىن‬
‫كذلك تفارق دراسيت احلالية الدراسة السابقة يف موضوعها وحدودها؛ فدراسيت تُ َ‬
‫عىن ابستنباط‬
‫ابستنباط القيم اإلسالمية من أحاديث السفر‪ ،‬وأما الدراسة السابقة فتُ َ‬
‫القيم الرتبوية من القصص النبوي‪.‬‬
‫‪-4‬أثر وسائ السفر احلديثة على رخصة السفر‪:‬‬
‫دراسة للباحث‪ :‬د‪ .‬لبراهيم بن سامل الصغري‪ ،‬منشورة يف جملة القرطاس‪ ،‬العدد‬
‫(‪4141 ،)16‬م‪.‬‬
‫هتدف الدراسةُ ل ى بيان وسائ السفر‪ ،‬ومشروعيته‪ ،‬واملسافة اليت جيوز فيها‬
‫الرتخص فيه ُبر َخص السفر‪.‬‬
‫ومدته‪ ،‬وتوع السفر الذي جيوز ُّ‬
‫األخذ ُبر َخص السفر ُ‬
‫وختتلف دراسيت احلالية عن الدراسة السابقة يف اجتاهها وموضوعها‪ ،‬فدراسيت‬
‫احلالية تتجه ل ى استنباط القيم اإلسالمية من أحاديث السفر‪ ،‬وهذا جاتب من الثقافة‬
‫اإلسالمية‪ ،‬أما الدراسة السابقة فهي تتجه ل ى بيان األحكام املتعليقة ابلسفر‪ ،‬وهذا‬
‫جاتب الفقه اإلسالمي‪.‬‬
‫‪ ‬حّود البحث‪:‬‬
‫قتصر البحث على دراسة ي‬
‫القيَم اإلسالمية املتضم ينة يف األحاديث اليت ورد‬ ‫ي‬
‫يَ ُ‬
‫كر السفر يف «صحيح مسلم»‪ ،‬أو ما يدل عليه من األلفاظ‪ ،‬وسواءٌ أكان ورد‬ ‫ي‬
‫فيها ذ ُ‬
‫يف سياق أسفار النيب ‪ ،‬أو يف السفر بشك عام‪.‬‬
‫‪ ‬منهج البحث‪:‬‬
‫استخدام املنهج اًلستقرائي واًلستنباطي‪ ،‬من‬ ‫ي‬
‫البحث‬ ‫اقتضت طبيعةُ هذا‬
‫َ‬
‫خالل تَتبُّ يع األحاديث اليت ورد فيها يذكر السفر يف صحيح مسلم‪ ،‬واستنباط ي‬
‫القيَم‬ ‫ُ‬
‫اإلسالمية املتضم ينة فيها‪ ،‬ومن مث املنهج الوصفي من خالل املعرفة الدقيقة والتفصيلية‬
‫القيم اإلسالميَّة املتضمَّنة يف أحاديث السَّفر يف «صحيح مسلم»‬
‫‪123‬‬
‫لعناصر املوضوع‪ ،‬والوقوف على دًللتها(‪.)1‬‬
‫‪ ‬خطة البحث التَّفصيليَّة‪:‬‬
‫املقدمة‪ :‬تشتم على أسئلة البحث‪ ،‬وأمهيته‪ ،‬وأهدافه‪ ،‬والدراسات السابقة‪،‬‬
‫وحدود البحث‪ ،‬ومنهجه‪.‬‬
‫التمهيد‪ :‬التعريف مبصطلحات الدراسة‪.‬‬
‫املبحث األول‪ :‬القيم التشريعية املتضمنة يف أحاديث السفر‪.‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬القيم اخلُلُقية املتضمنة يف أحاديث السفر‪.‬‬
‫وتتضمن أهم النتائج والتوصيات‪.‬‬
‫َّ‬ ‫اخلامتة‪:‬‬

‫(‪ )1‬اتظر‪ :‬أمحد حسني الرفاعي‪" ،‬مناهج البحث العلمي تطبيقات لدارية واقتصادية"‪( ،‬ط‪،1 .‬‬
‫عمان‪ :‬دار وائ ‪4112 ،‬م)‪.144 ،‬‬
‫‪120‬‬
‫التمهيّ‪ :‬التعريف مبصطلحات الّراسة‬
‫‪-1‬القيم يف اللغة‪:‬‬
‫ي‬
‫صحيحان‪،‬‬ ‫ي‬
‫أصالن‬ ‫جاء يف معجم مقاييس اللغة‪(" :‬قوم) القاف والواو وامليم‬
‫ي‬ ‫ُّ‬
‫مت الشيءَ‬ ‫أحدمها على مجاعة انس‪ ،‬ورمبا استُعري يف غريهم ‪ ...‬ومن الباب‪ :‬قو ُ‬ ‫يدل ُ‬
‫تقوي اـما‪ ،‬وأص ُ القيمة الواو‪ ،‬وأصلُه أتك تُيقيم هذا مكا َن ذاك‪.)1(" ...‬‬
‫اسم لي َما يقوم به الشيء‪ ،‬أي‪:‬‬ ‫وقال الراغب األصفهاين‪" :‬القيام والقوام‪ٌ :‬‬
‫عمد ويُسنَد لليه ‪ ...‬واإلقامة يف املكان‪ :‬الثبات‪ ،‬ولقامةُ‬ ‫ي ي‬
‫يثبت‪ ،‬كالعماد والسناد؛ ل َما يُ َ‬
‫تثقيف‪.)4(" ...‬‬ ‫ي ي ي‬
‫الشيء‪ :‬تَـ ْوفيَةُ حقه ‪ ...‬وتقومي الشيء‪ُ :‬‬
‫ويتضح مما سبق أن مادة (قوم) استُ ي‬
‫عملَت يف اللغة العربية ملعان عدة‪ ،‬واملعىن‬
‫األقرب ل ى موضوع البحث هو التثقيف‪.‬‬
‫ُ‬ ‫اللغوي‬
‫وأما يف االصطالح‪:‬‬
‫َّ‬
‫فتعددت التعريفات اًلصطالحية ملفهوم ي‬
‫القيَم‪ ،‬ومن تلك التعريفات‪:‬‬
‫‪-‬التعريف األول‪ :‬أتـها "القواعد اليت تقوم عليها احلياة اإلتساتية‪ ،‬وختتلف هبا‬
‫عن احلياة احليواتية"(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬أمحد بن فارس‪" ،‬معجم مقاييس اللغة"‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد السالم هارون‪1122( ،‬ه‪ ،‬دار‬
‫الفكر)‪.21 :8 ،‬‬
‫(‪ )4‬الراغب األصفهاين‪" ،‬مفردات ألفاظ القرآن"‪ ،‬حتقيق‪ :‬عدانن داوودي‪( ،‬ط ‪ ،2‬دمشق‪ :‬دار‬
‫القلم‪1211 ،‬هـ‪4112 ،‬م)‪.621 -621 ،‬‬
‫وقسما علميًّا"‪( ،‬ط‪.‬‬
‫ختصصا ومادةا ا‬
‫ا‬ ‫(‪ )1‬عبد هللا بن لبراهيم الطريقي وآخرون‪" ،‬الثقافة اإلسالمية‬
‫‪1217 ،1‬ه)‪.12 ،‬‬
‫القيم اإلسالميَّة املتضمَّنة يف أحاديث السَّفر يف «صحيح مسلم»‬
‫‪121‬‬
‫مهتداي مبجموعة‬ ‫‪-‬التعريف الثاين‪ :‬أتـها "حكم ي ي‬
‫صدره اإلتسان على شيء ما‬
‫ا‬ ‫ُ ُ‬
‫حمد ادا املرغوب فيه واملرغوب عنه من‬‫املبادئ واملعايري اليت ارتضاها الشرع‪ ،‬ي‬
‫السلوك"(‪.)1‬‬
‫ومن خالل التعريفني السابقني ميكن القول أبن ي‬
‫القيَم هي‪ :‬جمموعة من القواعد‬
‫فق تلك‬‫واألحكام وال ُـمثُ اليت تقوم عليها احلياةُ اإلتساتية‪ ،‬وتوجيه تلك احلياة َو َ‬
‫القي يم‪.‬‬
‫‪-2‬اإلسالم يف اللغة‪:‬‬
‫جاء يف معجم مقاييس اللغة‪(" :‬سلم) السني والالم وامليم معظم اببه من‬
‫الصحة والعافية ‪ ...‬اإلسالم‪ ،‬وهو اًلتقياد؛ ألته يَسلَم من اإلابء واًلمتناع"(‪.)4‬‬
‫المةُ‪ :‬الرباءة‪ ،‬وتَ َسل َم منه أي‪:‬‬
‫الم والس َ‬
‫ويف معجم لسان العرب‪(" :‬سلم) الس ُ‬
‫ي‬ ‫(‪)1‬‬
‫اًلستسالم‪ :‬اًلتقياد‪ ،‬وا يإلسالمُ‬
‫ُ‬ ‫اإلسالم و‬
‫ُ‬ ‫سالم ‪ ...‬و‬
‫تربأ" ‪ ،‬مث قال‪" :‬السالم‪ :‬اًلست ُ‬
‫لظهار اخلضوع ولظهار الشريعة‪ ،‬والتزام ما أتى به النيب "(‪.)2‬‬
‫من الشريعة ُ‬
‫ويُستخلَص مما سبق أن اإلسالم يدور معناه على اًلستسالم‪ ،‬واًلتقياد‪،‬‬
‫واإلخالص‪ ،‬وهذه املعاين الثالثة ًل تضاد بينها‪.‬‬

‫(‪ )1‬حامد زهران‪" ،‬علم النفس اًلجتماعي"‪( ،‬ط‪ ،1 .‬القاهرة‪ :‬عامل الكتب‪1277 ،‬م)‪.114 ،‬‬
‫(‪ )4‬ابن فارس‪" ،‬معجم مقاييس اللغة"‪.21 :1 ،‬‬
‫(‪ )1‬حممد بن مكرم ابن منظور‪" ،‬معجم لسان العرب"‪( ،‬بريوت‪ :‬دار صادر)‪.482 :14 ،‬‬
‫(‪ )2‬ابن منظور‪" ،‬معجم لسان العرب"‪.421 :14 ،‬‬
‫‪121‬‬

‫وأما يف االصطالح‪:‬‬
‫َّ‬
‫فاإلسالم له معنيان‪:‬‬
‫‪-1‬املعىن العام‪ :‬يُطلَق اإلسالم ويُراد به اًلستسالم هلل‪ ،‬واًلتقياد واإلذعان‬
‫ألوامره وتواهيه‪ ،‬ولخالص العبادة له‪ ،‬والرباءة من الشرك وأهله(‪.)1‬‬
‫أبته خمصوص مبا‬ ‫‪-4‬املعىن اخلاص‪ :‬خيتص اسم اإلسالم بعد بعثة النيب‬
‫من عقائد‪ ،‬وشرائع‪ ،‬وعبادات‪ ،‬فاإلسالم‬ ‫حممدا‬
‫ور ُسله ا‬
‫بعث هللا به خامت أتبيائه ُ‬
‫هو شريعة حممد دون ما سواه من األداين(‪.)4‬‬
‫وأما تعريف القيم اإلسالمية كمصطلح مركب‪:‬‬
‫‪َّ -‬‬
‫فتعددت التعريفات اًلصطالحية ملصطلح ي‬
‫القيَم اإلسالمية‪ ،‬ومن تلك‬
‫التعريفات‪:‬‬
‫‪-‬أهنا "تلك املعايري اليت جاء القرآن الكرمي هبا والسنة النبوية‪ ،‬ودعا اإلسالم‬
‫لليها‪ ،‬وحث على اًللتزام هبا والتمسك هبا‪ ،‬وأصبحت حم اعتقاد واتفاق واهتمام‬
‫لدى املسلمني‪ ،‬لذ متث موجهات حلياهتم ومرجعا ألحكامهم"(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬اتظر‪ :‬عبد الرمحن بن أمحد ابن رجب‪" ،‬جامع العلوم واحلكم يف شرح مخسني حديثاا من‬
‫جوامع الكلم"‪( ،‬بريوت‪ :‬دار املعرفة)‪.47-46 ،‬‬
‫(‪ )4‬اتظر‪ :‬فهد بن انصر السلمان‪" ،‬جمموع فتاوى ورسائ الشيخ حممد بن صاحل العثيمني"‪،‬‬
‫(الطبعة األخرية‪ ،‬الرايض‪ :‬دار الوطن‪1211 ،‬ه)‪.27 ،‬‬
‫(‪ )1‬صاحل بن حيي الزهراين‪" ،‬قيم السالم يف كتب التفسري واحلديث والرتبية الوطنية يف املرحلة‬
‫املتوسطة ابململكة العربية السعودية"‪ .‬رسالة دكتوراه غري منشورة‪ ،‬جامعة أم القرى‪،‬‬
‫(‪4118‬م)‪.11 ،‬‬
‫القيم اإلسالميَّة املتضمَّنة يف أحاديث السَّفر يف «صحيح مسلم»‬
‫‪121‬‬
‫ولع األتسب أن يقال‪ :‬جمموعة من القواعد واألحكام املستمدة من القرآن‬
‫الكرمي والسنة النبوية اليت جتع حياة اإلتسان وسلوكياته قائمة ومتطابقة مع قواعد‬
‫الشرع وأحكامه‪.‬‬
‫املبحث األوَّل‪ :‬الدقيم التشريعية املتضمَّنةِ يف أحاديث السفر‬
‫وفيه عدة فروع‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬قيمة االقتّاء والتأسِي‪.‬‬
‫تعريف االقتداء والتأسي‪:‬‬
‫لالقتداء والتأسي تعريفات متعددة‪ ،‬ومن أبرز تلك التعريفات‪:‬‬
‫‪-‬قال املناوي‪" :‬القدوة ابلكسر والضم‪ :‬اًلقتداء ابلغري ومتابعته والتأسي‬
‫به"(‪.)1‬‬
‫‪-‬قال الكفوي‪" :‬األسوة‪ :‬احلالة اليت يكون اإلتسان عليها يف اتباع غريه لن‬
‫ضارا"(‪.)4‬‬
‫سارا ولن ا‬
‫قبيحا‪ ،‬لن ا‬
‫حسناا ولن ا‬
‫قيمة االقتداء والتأسي‪:‬‬
‫بت ابن عمر يف طريق مكة‪ ،‬قال‪ :‬فَصلى‬ ‫‪-1‬عن حفص بن عاصم قال‪ ( :‬ي‬
‫صح ُ‬‫َ‬
‫س َو َجلَ ْسنا معه‪ ،‬فحاتت‬
‫وجلَ َ‬
‫لنا الظهر ركعتني‪ ،‬مث أقب وأقبلنا معه‪ ،‬حَت جاء َر ْحلَهُ‪َ ،‬‬

‫(‪ )1‬عبد الرؤوف املناوي‪ " ،‬التوقيف على مهمات التعاريف"‪( ،‬ط‪ ،1 .‬القاهرة‪ :‬عامل الكتب‪،‬‬
‫‪1211‬ه)‪.462 ،‬‬
‫(‪ )4‬أيوب بن موسى الكفوي‪" ،‬الكليات"‪ ،‬حتقيق‪ :‬عدانن درويش وحممد املصري‪( ،‬ط‪،4 .‬‬
‫بريوت‪ :‬مؤسسة الرسالة‪.118-112 ،)1212 ،‬‬
‫‪121‬‬
‫ي‬
‫يصنع هؤًلء؟ قلت‪ :‬يُسبي ُ‬
‫حون‪.‬‬ ‫قياما‪ ،‬فقال‪ :‬ما ُ‬‫انسا ا‬‫حيث صلى‪ ،‬فرأى ا‬ ‫حنو ُ‬ ‫التفاتةٌ َ‬
‫بت رسول هللا يف‬ ‫ي‬ ‫نت ُمسبي احا‬
‫أمتمت صاليت‪ ،‬اي ابن أخي‪" ،‬لين صح ُ‬‫ُ‬ ‫قال‪ :‬لو ُك ُ‬
‫السفر‪ ،‬فلم يَيزد على ركعتني حَت قبضهُ هللا ‪ ،"...‬احلديث ل ى قوله‪ :‬وقد قال هللا ‪:‬‬
‫{ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ [سورة األحزاب‪.)1()]41:‬‬
‫يتبني يف هذا احلديث اًلهتمام ابلقيم التشريعية‪ ،‬من خالل اًللتزام بقيمة‬
‫يف ك أمور املسلم‪ ،‬سواءٌ يف األقوال أو األفعال أو‬ ‫اًلقتداء و ي‬
‫التأسي ابلنيب‬
‫األحوال(‪ ،)4‬ويتعني اتيباعه يف اجلواتب الدينية والعبادية(‪)1‬؛ ألن هللا أمر ي‬
‫ابلتأسي‬
‫به‪ ،‬وهذا الشرع مبل ٌغ من هللا من طريقه وبواسطته‪ ،‬فهو أعلم حبقيقة األمر وكيفية‬
‫أدائه‪.‬‬
‫التأسي ُمتثي النموذج احلي‪ ،‬واملثال احملسوس الباعث لإلتسان‬
‫وقيمة اًلقتداء و ي‬
‫على احملاكاة يف اخلري‪ ،‬والرتقيي يف ُسلم الكماًلت اإلتساتية‪ ،‬ومدارج العبودية هلل‪،‬‬
‫وحتقيق كمال اإلميان‪ ،‬والوصول ل ى جنة هللا ومغفرته ورضواته‪.‬‬
‫وخَر َج ل ى‬
‫‪-4‬عن ابن أيب رافع قال‪( :‬استخلف مروان أاب هريرة على املدينة‪َ ،‬‬
‫صلى لنا أبو هريرة يوم اجلمعة‪ ،‬فَـ َقرأَ بعد سورة اجلمعة يف الركعة اآلخرة‪{ :‬ﮐ‬
‫مكة‪ ،‬فَ َ‬

‫(‪ )1‬مسلم‪ ،‬كتاب صالة املسافرين وقصرها‪ ،‬ابب صالة املسافرين وقصرها‪ ،‬حديث رقم‪:‬‬
‫(‪ ،)682‬ص‪.481 :‬‬
‫(‪ )4‬اتظر‪ :‬لمساعي بن عمر ابن كثري‪" ،‬تفسري القرآن العظيم"‪ ،‬حتقيق‪ :‬سامي بن حممد السالمة‪،‬‬
‫(ط‪ ،4 .‬دار طيبة‪1241 ،‬ه)‪.121 :6 ،‬‬
‫"‪،‬‬ ‫(‪ )1‬اتظر‪ :‬صاحل بن عبد هللا ابن محيد‪" ،‬موسوعة تضرة النعيم يف أخالق الرسول الكرمي‬
‫(ط‪ ،1 .‬جدة‪ :‬دار الوسيلة‪1218 ،‬ه)‪.122 :4 ،‬‬
‫القيم اإلسالميَّة املتضمَّنة يف أحاديث السَّفر يف «صحيح مسلم»‬
‫‪121‬‬
‫ﮑ ﮒ } [سورة املنافقون‪ ،]1:‬قال‪ :‬فأدركت أاب هريرة حني اتصرف‪ ،‬فقلت له‪:‬‬
‫لتك قَـَرأْت بسورتني كان علي بن أيب طالب يَـ ْقَرأُ هبما ابلكوفة‪ ،‬فقال أبو هريرة‪ ،‬لين‬
‫قرأُ هبما يوم اجلمعة)(‪.)1‬‬
‫يَ َ‬ ‫مسعت رسول هللا‬
‫يظهر يف هذا احلديث العناية بقيمة اًلقتداء يف اجلواتب التشريعية‪ ،‬وأن ي‬
‫التأسي‬
‫ابلنيب ًل يقتصر على األمور الواجبة يف العبادات فحسب‪ ،‬ب حَت يف األمور‬
‫املستحبة واملسنوتة فيها‪ ،‬واحلرص على ي‬
‫التأسي واًلقتداء ابلنيب يف عبادته َلربيه يف‬ ‫َ‬
‫األقوال فيها واألفعال واهليئات؛ ألن اتيباعه يف ذلك أمارة على احملبة الصادقة من‬
‫‪ ،‬واإلحساس بفضيلته يف‬ ‫املسلم للنيب ‪ ،‬وشعور املسلم بكمال عبودية النيب‬
‫ذلك‪ ،‬وأن حمبة هللا مستل يزمة ًلتيباع العبد لرسوله يف عبادته(‪.)4‬‬
‫‪-1‬عن عبد هللا بن عباس واملسور بن َخمَرمة ‪ ‬أهنما اختلفا ابألبواء‪ ،‬فقال‬
‫عبد هللا بن عباس‪ :‬ي ي‬
‫غس ال ُـم ْح يرُم رأسه‪ ،‬وقال املسور‪ً :‬ل يغس ال ُـم ْح يرُم رأسه‪،‬‬‫َ‬
‫فأرسلين ابن عباس ل ى أيب أيوب األتصاري أسأله عن ذلك‪ ،‬فوجدته يغتس بني‬
‫القرتني وهو يسترت بثوب ‪ ،)...‬احلديث‪ ،‬ل ى أن قال‪( :‬أسألك كيف كان رسول هللا‬
‫يغس رأسه وهو ُحم يرم؟ فوضع أبو أيوب ‪ ‬يده على الثوب‪ ،‬فطأطأه حَت بَ َدا يل‬
‫بيديه‪ ،‬فأقب‬
‫ب‪ ،‬فصب على رأسه‪ ،‬مث َحرك رأسه َ‬
‫اصبُ ُ‬
‫صب‪ْ :‬‬
‫رأسه‪ ،‬مث قال إلتسان يَ ُّ‬

‫(‪ )1‬مسلم‪ ،‬كتاب اجلمعة‪ ،‬ابب ما يقرأ يف صالة اجلمعة‪ ،‬حديث رقم‪ ،)877( :‬ص‪.181 :‬‬
‫(‪ )4‬اتظر‪ :‬حممد بن حممد العمادي‪" ،‬لرشاد العق السليم ل ى مزااي القرآن الكرمي"‪( ،‬بريوت‪ :‬دار‬
‫لحياء الرتاث العريب)‪.42 :4 ،‬‬
‫‪121‬‬

‫يفع )(‪.)1‬‬
‫هبما وأدبر‪ ،‬مث قال‪ :‬هكذا رأيتُه‬
‫يتجلى يف هذا النص النبوي قيمة اًلقتداء و ي‬
‫التأسي يف جاتب العبادات‪،‬‬
‫بعضا فيما اختلفوا فيه من األحكام‪،‬‬
‫وحرص الصحابة على ذلك‪ ،‬وسؤال بعضهم ا‬
‫وسنته؛ لذ من ي‬
‫املتقرر يف الشريعة أن العبادات توقيفية‪ ،‬وأن التعبُّد‬ ‫ُ‬ ‫والتماس َه ْديه‬
‫شرعه من دون زايدة وًل تقصان‪.‬‬
‫هلل فيها يكون وفق ما َ‬
‫الفرع الثاني‪ :‬قيمة االلتزام بأحكام اإلسالم‪.‬‬
‫اح ية‪،‬‬
‫‪-1‬عن أيب قتادة ‪ ‬يقول‪( :‬خرجنا مع رسول هللا حَت لذا ُكنا ابل َق َ‬
‫فنظرت فإذا يمحَ ُار‬
‫ُ‬ ‫رت أبصحايب يرتاءَون شيئاا‪،‬‬
‫ص ُ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫فَمنا ال ُـمح يرم ومنا غريُ ال ُـمح يرم؛ لذ بَ ُ‬
‫كبت‪ ،‬فسقط مين سوطي‪ ،‬فقلت‬ ‫ذت ُرحمي‪ ،‬مث ر ُ‬‫َخ ُ‬‫ت فرسي‪ ،‬وأ َ‬ ‫فأسَر ْج ُ‬
‫وحش‪ْ ،‬‬
‫ألصحايب ‪ -‬وكاتوا ُحم يرمني ‪ :-‬ان يولُوين السوط‪ ،‬فقالوا‪ :‬وهللا ًل تُعيينك عليه بشيء‪،‬‬
‫(فأتيت به أصحايب‪ ،‬فقال‬
‫ُ‬ ‫لت فتناولته‪ ،‬مث ركبت ‪ ،)...‬احلديث‪ ،‬ل ى أن قال‪:‬‬
‫فَـنَـَز ُ‬
‫كت فرسي‬
‫أمامنا‪ ،‬فحر ُ‬ ‫بعضهم‪ُ :‬كلوهُ‪ ،‬وقال بعضهم‪ً :‬ل أتكلوه‪ ،‬وكان النيب‬
‫حالل‪ ،‬ف ُكلُوه)(‪.)4‬‬
‫فأدركته‪ ،‬فقال‪ :‬هو ٌ‬
‫يتبني يف هذا احلديث اًللتزام أبحكام الشريعة‪ ،‬واًلمتثال هلا‪ ،‬حَت لو كاتت‬
‫الدواعي والبواعث تقود املرء ل ى املخالفة لألمر الشرعي وارتكاب احملظور عنه‪ ،‬فال‬

‫(‪ )1‬مسلم‪ ،‬كتاب احلج‪ ،‬ابب جواز غس ال ُـمح يرم بدته ورأسه‪ ،‬حديث رقم‪ ،)1418( :‬ص‪:‬‬
‫‪.811‬‬
‫(‪ )4‬مسلم‪ ،‬كتاب احلج‪ ،‬ابب حترمي الصيد املأكول الربي وما أصله ذلك على ال ُـمح يرم حبج أو‬
‫عمرة أو هبما‪ ،‬حديث رقم‪ ،)1126( :‬ص‪.222 :‬‬
‫القيم اإلسالميَّة املتضمَّنة يف أحاديث السَّفر يف «صحيح مسلم»‬
‫‪121‬‬
‫يُؤثير ذلك يف استجابته واستسالمه ألمر هللا وأمر رسوله‪ ،‬وعدم تقدمي أي لعاتة أو‬
‫شرعا‪ ،‬وهذا ما جع الصحابة‬ ‫مساعدة للغري أبي وسيلة فيما هو يف حاله ممنوع ا‬
‫ميتنعون عن تقدمي أي لعاتة أليب قتادة ‪ ‬على ذلك‪ ،‬مع أته غري ُمتلبيس ابإلحرام‪،‬‬
‫فال ُـمح يرم ُحمَـرم عليه مباشرةُ الصيد بنفسه أو اإلعاتة على ذلك؛ ألن املعني واملتسبيب‬
‫وال ُـمعيني على قَـْت الصيد ولن مل يباشره بنفسه‪ ،‬لًل أته قد وقع يف املخالفة‪ ،‬واملنهي‬
‫وضحه قوله‪( :‬فقالوا‪ :‬وهللا‪ً ،‬ل تُعيينك عليه‬
‫عنه وهي قَـْت الصيد للمح يرم(‪ ،)1‬وهو ما ي ي‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫بشيء)‪.‬‬
‫للمح يرم‪ ،‬وعطف على التحرمي‬ ‫وقد تص هللا يف القرآن على حرمة صيد الرب ُ‬
‫احلث على اًللتزام أبوامره واجتناب تواهيه(‪ ،)4‬والتذكري ابجلزاء األُخروي الباعث‬
‫للمسلم على اًللتزام أبحكام الشرع يف ك أحواله‪ ،‬وفيما يوافق أو خيالف رغباته‪ ،‬قال‬
‫‪ { :‬ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ }‬
‫[سورة املائدة‪.]96:‬‬
‫الزمان قد استدار كهيئته يوم‬
‫أته قال‪« :‬إن َّ‬ ‫‪-4‬عن أيب بكرة عن النيب‬
‫السماوات واألرض ‪ ،»...‬احلديث‪ ،‬ل ى أن قال‪« :‬أليس يوم النحر؟»‬ ‫َخلَ َق هللا َّ‬
‫قلنا‪ :‬بلى اي رسول هللا‪ ،‬قال‪َّ « :‬‬
‫فإن دماءكم وأموالكم» ‪ -‬قال حممد‪ :‬وأحسبه قال ‪-‬‬

‫(‪ )1‬اتظر‪ :‬علي بن خلف ابن بطال‪" ،‬شرح صحيح البخاري"‪ ،‬حتقيق‪ :‬ايسر بن لبراهيم ولبراهيم‬
‫الصبيحي‪( ،‬الرايض‪ :‬مكتبة الرشد)‪.287 :2 ،‬‬
‫(‪ )4‬اتظر‪ :‬عبد الرمحن بن انصر السعدي‪" ،‬تيسري الكرمي الرمحن يف تفسري كالم املنان"‪ ،‬حتقيق‪:‬‬
‫عبد الرمحن بن معال اللوحيق‪( ،‬ط‪ ،1 .‬بريوت‪ :‬مؤسسة الرسالة‪1241 ،‬ه)‪.422 ،‬‬
‫‪132‬‬

‫كحرمة يومكم هذا‪ ،‬يف بلدكم هذا‪ ،‬يف شهركم هذا‪،‬‬ ‫«وأعراضكم حر ٌام عليكم‪ُ ،‬‬
‫وستل َقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم‪ ،‬فال ِ‬
‫ض ُكم‬ ‫ض َّالًال يض ِر ُ‬
‫ب بع ُ‬ ‫ترج ُع َّن بعدي ُ‬ ‫ْ‬
‫رقاب بعض‪ ،‬أال ليُ بَ لِغ الشاهد الغائب‪ ،‬فَ لَ َع َّل بعض َمن يُبَ لَّغُهُ ي ُكو ُن أوعى له من‬
‫َ‬
‫بعض من َِمسعهُ؟ ‪ »...‬احلديث(‪.)1‬‬‫ِ‬
‫يتجلى يف هذا السياق النبوي العناية ابًللتزام أبحكام الشريعة من خالل وصية‬
‫النيب للناس يف حجة الوداع ابحملافظة على األتفس املعصومة واألموال احملرتمة‬
‫وجب شرعي‪ ،‬وتَـْرك‬ ‫واألعراض املصوتة‪ ،‬وتعظيمه حلرمة اتتهاك هذه احلرمات دون م ي‬
‫ُ‬
‫التساه فيها والتغليظ يف ذلك‪ ،‬فهي من مجلة الضرورايت اخلمس اليت جاءت‬
‫الشريعة حبفظها ومحايتها(‪.)4‬‬
‫كحرمة يومكم‬
‫أسلوب التشبيه يف بياته للحكم بقوله‪ُ « :‬‬ ‫وقد استعم النيب‬
‫هذا‪ ،‬يف بلدكم هذا‪ ،‬يف شهركم هذا»‪ ،‬فشبه حرمة التعرض لألتفس واألموال‬
‫واألعراض يف سائر األايم واألزمان حبرمة التعرض هلا يف أفض األماكن وأشرف‬
‫وزجرا‬
‫األزمان يف البلد احلرام‪ ،‬ويف الشهر احلرام ذي احلجة؛ مبالغةا يف حترميها‪ ،‬ا‬
‫للنفوس‪ ،‬وتنفرياا هلا عن اتتهاك تلك احلرمات(‪.)1‬‬
‫بني وصيته ابًللتزام أبحكام الشرع وبني اجلزاء األخروي‬ ‫كذلك ربط النيب‬

‫(‪ )1‬مسلم‪ ،‬كتاب القسامة واحملاربني‪ ،‬ابب تغليظ حترمي الدماء واألعراض واألموال‪ ،‬حديث رقم‪:‬‬
‫(‪ ،)1672‬ص‪.721 :‬‬
‫(‪ )4‬اتظر‪ :‬حممد بن موسى الشاطيب‪" ،‬املوافقات"‪( ،‬ط‪ ،1 .‬اخلرب‪ :‬دار ابن عفان)‪.1 :1 ،‬‬
‫(‪ )1‬اتظر‪ :‬القرطيب‪" ،‬املفهم ملا أشك من تلخيص مسلم"‪27 :8 ،‬؛ وحممد بن عبد الرمحن‬
‫املباركفوري‪" ،‬حتفة األحوذي بشرح جامع الرتمذي"‪( ،‬دار الفكر)‪.281 :8 ،‬‬
‫القيم اإلسالميَّة املتضمَّنة يف أحاديث السَّفر يف «صحيح مسلم»‬
‫‪133‬‬
‫يف قوله‪« :‬وستل َق ْون ربكم فيسألكم عن أعمالكم ‪ ،»...‬وهذا الربط له فاعلية يف‬
‫مح النفوس على اًلتقياد واًلستجابة واًللتزام؛ ذلك أن اجلزاء ركن أصي يف النظرية‬
‫األخالقية والقيمية(‪ ،)1‬وميثي مرحلة التقومي لعم اإلتسان وسعيه يف احلياة الدتيا‪،‬‬
‫وجم اازى‬
‫حماسب ُ‬
‫واستشعار اإلتسان لذلك يقوده ل ى اًللتزام أبحكام الشريعة؛ ألته َ‬
‫وعقااب‪.‬‬
‫على ذلك ثو اااب ا‬
‫فخر من بعريه‪،‬‬ ‫َ‬ ‫رج ٌ مع رسول هللا‬
‫‪-1‬عن ابن عباس ‪ ‬قال‪ :‬أقب َ ُ‬
‫سوهُ ثَوبَ ِيه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫صا‪ ،‬فمات‪ ،‬فقال رسول هللا ‪« :‬اغسلوه مباء وس ْدر‪ ،‬وألب ُ‬ ‫ص َوقْ ا‬
‫ي‬
‫فَـ ُوق َ‬
‫وال ُُتَ ِمروا رأسهُ؛ فإنَّه أييت يوم القيامة يُلَِيب»(‪.)4‬‬
‫هذا احلديث متعليق بسفر العبادة الذي يكون ألداء فريضة احلج أو زايرة‬
‫األماكن املشروعة‪ ،‬ويظهر فيه اًللتزام أبحكام الشرع اخلاصة مبن تلبس ابإلحرام‪،‬‬
‫ُّسك‪ ،‬وما جيب عليه من اجتناب مجلة من احملظورات اليت ُهنيي عنها حال‬ ‫ودخ يف الن ُ‬
‫لحرامه؛ كتغطية الرأس‪ ،‬ولبس املخيط‪ ،‬ويظهر أمهية اًللتزام أبحكام الشريعة املتعليقة‬
‫ابل ُـمح يرم يف أته لذا مات وهو ُحم يرم فإن ُحكم اإلحرام ابق على قول أمحد والشافعي‪،‬‬
‫وخالفاا ملالك وأيب حنيفة(‪ ،)1‬فيتجنب احملظورات واملمنوعة عنها يف حال احلياة من‬
‫تغطية الرأس ولبس ال َـم يخيط وحنوه؛ استبقاءا لشعار اإلحرام عليه(‪ ،)2‬وهذا فيه دًللة‬

‫(‪ )1‬اتظر‪ :‬ابن محيد‪" ،‬موسوعة تضرة النعيم يف أخالق الرسول الكرمي "‪.114 :1 ،‬‬
‫(‪ )4‬مسلم‪ ،‬كتاب احلج‪ ،‬ابب ما يُفع ابحملرم لذا مات‪ ،‬حديث رقم‪ ،)1416( :‬ص‪.814 :‬‬
‫(‪ )1‬اتظر‪ :‬عبدالرمحن ابن اجلوزي‪ " ،‬كشف املشك من حديث الصحيحني"‪ ،‬حتقيق‪ :‬د‪ .‬علي‬
‫البواب‪( ،‬ط‪ ،1 .‬الرايض‪ :‬دار الوطن‪1218 ،‬ه)‪.188 :1 ،‬‬
‫(‪ )2‬اتظر‪ :‬ابن حجر‪" ،‬فتح الباري بشرح صحيح البخاري"‪.866 :2 ،‬‬
‫‪130‬‬

‫على أن التزام ال ُـمح يرم يف حال احلياة أبحكام اإلحرام واحرتازه من ارتكاب احملظورات‬
‫اعى فيه تكفينه وتغسيله‪ ،‬وذلك مع‬ ‫من ابب أو ى وأحرى‪ ،‬فإذا كان امليت ال ُـمح يرم يُر َ‬
‫فمن دون حاله آ َكد‪.‬‬
‫اتتهاء التكليف ابلوفاة‪َ ،‬‬
‫فعرس‬
‫قال‪« :‬كان رسول هللا إذا كان يف َس َفر َّ‬ ‫‪-2‬عن أيب قتادة‬
‫أسهُ‬
‫اعه‪ ،‬ووضع ر َ‬ ‫ب ذر َ‬
‫صَ‬‫بح نَ َ‬
‫الص ِ‬
‫يل ُّ‬
‫عرس قُبَ َ‬
‫اضطجع على ميينه‪ ،‬وإذا َّ‬
‫َ‬ ‫بليل‪،‬‬
‫كف ِه»(‪.)1‬‬
‫على ِ‬
‫يتبني يف هذا السياق النبوي العناية واًلهتمام البالغ ابلتزام ابلواجبات الشرعية‪،‬‬
‫واًلحتياط يف عدم تفويت أدائها يف وقتها احملدد‪ ،‬وملا كان التعب واملشقة مالزمني‬
‫مراعاة اًلحتياط ألداء الواجبات يف أوقاهتا‪ ،‬ومغالبة‬ ‫للسفر‪ ،‬فكان َه ْدي النيب‬
‫الطبيعة والغريزة اإلتساتية يف ذلك من الد َعة ل ى النوم والراحة‪ ،‬فكان لذا انم‬
‫مضطجعا؛‬
‫ا‬ ‫متأخرا يف سفره انم على هيئة وكيفية ًل جتعله مستغرقاا يف تومه؛ لذ لو انم‬
‫ا‬
‫ألدى ل ى استغراقه يف النوم وعدم اًلتتباه لوقت الصالة(‪ ،)4‬فكان ي ي‬
‫عطي تفسه‬ ‫ُ‬
‫فضي ل ى أتخري أداء الصالة‪،‬‬‫حق النوم والراحة مع عدم متكينها من اًلستسغراق الـم ي‬
‫ُ‬
‫وهذا من الكياسة واحلرص يف أداء املأمورات‪.‬‬

‫(‪ )1‬مسلم‪ ،‬كتاب املساجد ومواضع الصالة‪ ،‬ابب قضاء الصالة الفائتة واستحباب تعجي‬
‫قضائها‪ ،‬حديث رقم‪ ،)681( :‬ص‪.478 :‬‬
‫(‪ )4‬اتظر‪ :‬حممد بن عالن الصديقي‪" ،‬دلي الفاحلني لطرق رايض الصاحلني"‪( ،‬بريوت‪ :‬دار‬
‫الكتاب العريب)‪.148-147 :6 ،‬‬
‫القيم اإلسالميَّة املتضمَّنة يف أحاديث السَّفر يف «صحيح مسلم»‬
‫‪131‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬قيمة السمع والطاعة‪.‬‬
‫تعريف السمع والطاعة‪:‬‬
‫مرضيًّا‪ ،‬واجتناب ما‬ ‫‪-‬قال املزين‪" :‬الطاعة ألويل األمر فيما كان عند هللا‬
‫كيما‬ ‫كان عند هللا مسخطاا‪ ،‬وترك اخلروج عند تعديهم وجورهم‪ ،‬والتوبة ل ى هللا‬
‫يعطف هبم على رعيتهم"(‪.)1‬‬
‫‪-‬قال ابن عالن‪" :‬السمع والطاعة‪ :‬القبول واًلتقياد لقول ويل األمر فيما‬
‫أحب املرء لن كان موافقا ملراده‪ ،‬وفيما كره لن كان خمالفا ملراده"(‪.)4‬‬
‫أمرك‪ً ،‬ل تنزع يدك من طاعته‪ ،‬وًل‬ ‫‪-‬قال الكرماين‪" :‬اًلتقياد ملن وًله هللا‬
‫خترج عليه بسيفك‪ ،‬وًل تنكث بيعته"(‪.)1‬‬
‫قيمة السمع والطاعة‪:‬‬
‫‪-1‬عن عبد الرمحن بن عبد رب الكعبة قال‪ :‬دخلت املسجد‪ ،‬فإذا عبد هللا بن‬
‫جالسا يف ظ الكعبة‪ ،‬والناس ُجم يتمعون عليه‪ ،‬فَأتَيتُـ ُهم‪ ،‬فجلست‬ ‫عمرو بن العاص ا‬
‫لليه‪ ،‬فقال‪ُ :‬كنا مع َر ُسول هللا يف َس َفر‪ ،‬فَـنَزلنَا َمْن يزاًل‪ ،‬فَ يمنا َمن يُصلح يخبَاءهُ ‪،...‬‬
‫نيب قبلي إال‬‫احلديث‪ ،‬ل ى أن قال‪ :‬فاجتمعنا ل ى رسول هللا فقال‪« :‬إنَّه مل يَ ُك ْن ٌّ‬
‫كان حقا عليه أن يدل أ َُّمتهُ على خري ما يَعلَ ُمهُ ْلم‪ ،‬ويُنذرهم َش َّر ما يعلمه ْلم‪،‬‬

‫(‪ )1‬لمساعي بن حيي املزين‪" ،‬شرح السنة"‪( ،‬ط‪ ،1 .‬السعودية‪ ،‬مكتبة الغرابء األثرية‪1218 ،‬ه)‪،‬‬
‫‪.82‬‬
‫(‪ )4‬الصديقي‪" ،‬دلي الفاحلني لطرق رايض الصاحلني"‪.161 :8 ،‬‬
‫(‪ )1‬حرب بن لمساعي املزين‪" ،‬لمجاع السلف يف اًلعتقاد"‪( ،‬ط‪ ، 4 .‬مصر‪ :‬دار اإلمام أمحد‪،‬‬
‫‪1211‬ه)‪ ،‬ص‪.27-26 :‬‬
‫‪131‬‬

‫وأمور‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬


‫ٌ‬ ‫آخرها بالءٌ‬
‫وسيُصيب َ‬ ‫وإن أ َُّمت ُكم هذه ُجع َل عافيتُها يف َّأوْلا‪َ ،‬‬
‫حزح عن النار ويدخل‬ ‫ب أن يُ َز َ‬ ‫أح َّ‬
‫فمن َ‬‫تنكروهنا‪ ،»...‬احلديث‪ ،‬ل ى أن قال‪َ « :‬‬
‫ب أن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬
‫اجلنة‪ ،‬فَلتَأته َمنيتُهُ وهو يؤمن ابهلل واليوم اآلخر‪ ،‬وليأت إىل الناس الذي ُحي ُ‬
‫صف َقةَ يده ومثرة قلبه‪ ،‬فَليُ ِط ْعهُ إن استطاع‪ ،‬فإن‬
‫ومن ابيع َإم ًاما‪ ،‬فأعطاهُ َ‬
‫يُؤتَى إليه‪َ ،‬‬
‫آخر يُنا ِز ُعهُ فاضربوا ُعنُق اآلخر ‪ ،»...‬احلديث(‪.)1‬‬
‫جاء َ‬
‫ومعيارا للتعام مع‬
‫ا‬ ‫هذا احلديث من األحاديث العظيمة اليت تضمنَت قاعدةا‬
‫يصنف من الناس‪ ،‬وهو وًلة األمور‪ ،‬فقاعدة التعام تتمث يف الصدق‪ ،‬وسالمة‬
‫القلب والنية‪ ،‬والسمع والطاعة‪ ،‬ملن ابيَـ َعه اإلتسان من وًلة األمور‪ ،‬وأن ًل ينكث‬
‫عهده وبيعته ويتقلب يف وًلئه(‪ ،)4‬فذلك متضاد مع اإلميان ابهلل ومبا أوجبه من‬
‫السمع الطاعة للحاكم‪ ،‬وأن السمع والطاعة مشروطان فيما استطاعه اإلتسان وفيما‬
‫ًل معصية هلل فيه‪.‬‬
‫وأما معيار التعام مع الناس الذي أشار لليه هذا احلديث يف قوله‪ِ « :‬‬
‫وليأت‬
‫ب أن يُؤتَى إليه»‪ ،‬ولن كان ظاهره لعموم الناس‪ ،‬لًل أن دًللته‬‫إىل الناس الذي ُِحي ُّ‬
‫أيضا يف التعام مع وًلة األمر صحيح‪ ،‬كما تص عليه‬ ‫خاصا ا‬‫معيارا ًّ‬ ‫على كوته ا‬
‫القرطيب(‪ ،)1‬وأن املسلم عليه أن ي ي‬
‫عام وًلة األمر خاصةا‪ ،‬والناس عامةا‪ ،‬مبا حيب أن‬‫ُ‬

‫(‪ )1‬مسلم‪ ،‬كتاب اإلمارة‪ ،‬ابب وجوب الوفاء ببيعة اخلليفة األول فاألول‪ ،‬حديث رقم‪:‬‬
‫(‪ ،)1822‬ص‪.848 :‬‬
‫(‪ )4‬اتظر‪ :‬عياض بن موسى ابن عياض‪" ،‬لكمال املعلم بفوائد مسلم"‪ ،‬حتقيق‪ :‬د‪ .‬حيي لمساعي ‪،‬‬
‫(ط‪ ،1 .‬املنصورة‪ :‬دار الوفاء‪1212 ،‬ه)‪.486 :6 ،‬‬
‫(‪ )1‬اتظر‪ :‬القرطيب‪" ،‬املفهم ملا أشك من تلخيص مسلم"‪.84 :2 ،‬‬
‫القيم اإلسالميَّة املتضمَّنة يف أحاديث السَّفر يف «صحيح مسلم»‬
‫‪131‬‬
‫يعاملوه به من األخالق والنيات احلسنة‪ ،‬وبَ ْذل احلقوق‪ ،‬وأداء الواجبات‪ ،‬والطاعة‪،‬‬
‫وبَ ْذل النُّصح‪.‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬قيمة التيسري‪.‬‬
‫تعريف التيسري‪:‬‬
‫للتيسري تعريفات متعددة‪ ،‬ومن أبرز تلك التعريفات‪:‬‬
‫‪ -‬قال القامسي‪" :‬اليُسر عم ٌ ًل ُجيهد النفس وًل يُثق اجلسم‪ ،‬والعُسر ما‬
‫ُجيهد النفس ويضر اجلسم"(‪.)1‬‬
‫اتقياد أو هو رفع املشقة واحلرج‬
‫لني وسهولةٌ و ٌ‬
‫سر عم ٌ فيه ٌ‬
‫‪-‬قال ابن محيد‪" :‬اليُ ُ‬
‫عن املكلف أبمر من األمور"(‪.)4‬‬
‫قيمة التيسري‪:‬‬
‫خرج عام الفتح يف‬ ‫أن رسول هللا‬ ‫‪-1‬عن عبد هللا بن عباس‬
‫ص َحابَةُ َر ُسول هللا يَـتبي ُعون‬ ‫ي‬
‫رمضان‪ ،‬فصام حَت بـَلَ َغ ال َكد َيد‪ ،‬مث أَفطََر‪ ،‬قال‪ :‬وكان َ‬
‫ث من ْأم يرهي‪َ ،‬ويَ ْروتَهُ الناسخ احمل َك َم»(‪.)1‬‬
‫األح َد َ‬
‫ث فَ ْ‬
‫َح َد َ‬
‫األ ْ‬
‫ور عليه‪ ،‬فلما تفرق‬ ‫أتيت أاب سعيد اخلدري ‪ ‬وهو مكثُ ٌ‬ ‫‪-4‬عن قزعة قال‪ُ :‬‬

‫(‪ )1‬حممد مجال الدين القامسي‪ ،‬حماسن التأوي ‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد فؤاد عبدالباقي‪( ،‬ط‪،1 .‬‬
‫‪1176‬ه)‪.247 :1 ،‬‬
‫(‪ )4‬ابن محيد‪" ،‬موسوعة تضرة النعيم يف أخالق الرسول الكرمي "‪ ،‬م‪ ،1 :‬ص‪.1211 :‬‬
‫(‪ )1‬مسلم‪ ،‬كتاب الصيام‪ ،‬ابب جواز الصوم والفطر يف شهر رمضان للمسافر يف غري معصية لذا‬
‫كان سفره مرحلتني فأكثر‪ ،‬وأن األفض ملن أطاقه بال ضرر أن يصوم‪ ،‬وملن شق عليه أن‬
‫يفطر‪ ،‬حديث رقم‪ ،)1111( :‬ص‪.288-282 :‬‬
‫‪131‬‬

‫الناس عنه ‪ ،...‬احلديث‪" .‬سألتُهُ عن الصوم يف َس َفر‪ ،‬فقال‪ :‬سافران مع رسول هللا‬
‫‪« :‬إنكم قد دنومت من‬ ‫صيام‪ ،‬قال‪ :‬فنزلنا منزاًل‪ ،‬فقال رسول هللا‬ ‫ل ى مكة وحنو ٌ‬
‫طر أقوى لكم»‪ ،‬فكاتت ُرخصةا‪ ،‬فمنا َمن صام‪ ،‬ومنا من أفطر‪ُ ،‬مث تزلنا‬ ‫ِ‬
‫عدوكم‪ ،‬والف ُ‬
‫ْطروا»‪ ،‬وكاتت‬ ‫والفطر أقوى لكم‪ ،‬فأف ِ‬ ‫منزاًل آخر‪ ،‬فقال‪« :‬إنكم مصبِحو ع ُد ِوكم‪ِ ،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ َ‬
‫وم مع رسول هللا بعد ذلك يف السفر"(‪.)1‬‬ ‫تص ُ‬‫َعْزَمةا‪ ،‬فأفطَْران‪ ،‬مث قال‪ :‬لقد رأيتُـنَا ُ‬
‫قال‪ :‬كان رسول هللا يف َس َفر‪ ،‬فرأى‬ ‫‪-1‬عن جابر بن عبد هللا‬
‫ي‬
‫رجال قد اجتمع الناس عليه‪ ،‬وقد ظُل َ عليه‪ ،‬فقال‪« :‬ما له؟»‪ ،‬قالوا‪َ :‬ر ُج ٌ ٌ‬
‫صائم‪،‬‬ ‫ا‬
‫الس َف ِر»(‪.)4‬‬
‫وموا يف َّ‬
‫تص ُ‬ ‫لرب أن ُ‬‫فقال رسول هللا ‪« :‬ليس ا ِ ُّ‬
‫‪-2‬عن محيد قال‪ُ :‬سئي أتس ‪ ‬عن صوم رمضان يف الس َفر؟ فقال‪ :‬سافَـْران‬
‫فط ُر على‬ ‫مع رسول هللا يف رمضان‪ ،‬فلم يعيب الصائيم على الـم ي‬
‫فط ير‪ ،‬وًل الـم ي‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫الصائم»(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬مسلم‪ ،‬كتاب الصيام‪ ،‬ابب أجر املفطر يف السفر لذا تو ى العم ‪ ،‬حديث رقم‪،)1141( :‬‬
‫ص‪.287 :‬‬
‫(‪ )4‬مسلم‪ ،‬كتاب الصيام‪ ،‬ابب جواز الصوم والفطر يف شهر رمضان للمسافر يف غري معصية لذا‬
‫كان سفره مرحلتني فأكثر‪ ،‬وأن األفض ملن أطاقه بال ضرر أن يصوم وملن شق عليه أن‬
‫يفطر‪ ،‬حديث رقم‪ ،)1118( :‬ص‪.286 :‬‬
‫(‪ )1‬مسلم‪ ،‬كتاب الصيام‪ ،‬ابب جواز الصوم والفطر يف شهر رمضان للمسافر يف غري معصية لذا‬
‫كان سفره مرحلتني فأكثر‪ ،‬وأن األفض ملن أطاقه بال ضرر أن يصوم‪ ،‬وملن شق عليه أن‬
‫وريوي بنحوه عن أيب سعيد وجابر حديث رقم‪:‬‬
‫يفطر‪ ،‬حديث رقم‪ ،)1118( :‬ص‪ُ ،287 :‬‬
‫(‪ ،)1117‬ص‪.287 :‬‬
‫القيم اإلسالميَّة املتضمَّنة يف أحاديث السَّفر يف «صحيح مسلم»‬
‫‪131‬‬
‫ورْفع املشقة عن املسلم يف‬‫تتجلى يف هذه النصوص النبوية قيمة التيسري‪َ ،‬‬
‫التكليفات الشرعية ابلرتخيص له يف الفطر حال السفر؛ وذلك ًلجتماع مشقتَني على‬
‫املسافر؛ مشقة الصوم‪ ،‬ومشقة السفر الذي هو قطعة من العذاب‪ ،‬كما وصفه النيب‬
‫رخص املسافر ابلفطر يف صومه الواجب‪ ،‬وتَـْركه لجهاد‬ ‫بذلك(‪ ،)1‬وقد ُجعي َ تَ ُّ‬
‫األخذ ابلرخصة هو يمن الرب‪ ،‬فليس‬ ‫(‪)4‬‬
‫تفسه وتشديده عليها ‪ ،‬والتنطُّع يف اًللتزام و ْ‬
‫أيضا(‪.)1‬‬
‫مقصورا على اإلتيان ابلواجب‪ ،‬ولمنا األخذ ابلرخصة هو من الرب ا‬
‫ا‬ ‫الرب‬
‫ومما يضاف ل ى ذلك أن النصوص السابقة‪ ،‬ولن تضمَنت الدًللة على‬
‫أيضا تضمنَت اإلابحة‪ ،‬وعدم املنع من الصوم يف‬
‫الرتخص ابلفطر يف السفر؛ لكنها ا‬
‫ُّ‬
‫تلح ْقه مشقة من الصيام حال السفر‪ ،‬وهذا جاتب آخر من جواتب‬ ‫السفر ملن مل َ‬
‫وج ْع الفطر رخصةا ملن‬
‫التيسري ورفع احلرج يف التخيري‪ ،‬وعدم اإللزام ابلفطر للمسافر‪َ ،‬‬
‫حيتج ل ى الفطر ومل يلحقه َجهد وًل مشقة يف الصيام‪،‬‬
‫أراد أن يرتخص هبا‪ ،‬ومن مل ْ‬

‫(‪ )1‬اتظر‪ :‬مسلم‪ ،‬كتاب اإلمارة‪ ،‬ابب السفر قطعة من العذاب واستحباب تعجي املسافر ل ى‬
‫أهله بعد قضاء شغله‪ ،‬حديث رقم‪ ،)1247( :‬ص‪.882 :‬‬
‫(‪ )4‬اتظر‪ :‬حممد بن أيب بكر ابن القيم‪" ،‬هتذيب السنن"‪ ،‬حتقيق‪ :‬لمساعي غازي مرحبا‪( ،‬ط‪،1 .‬‬
‫الرايض‪ :‬مكتبة املعارف‪1248 ،‬ه)‪1161 :4 ،‬؛ وتقي الدين ابن دقيق العيد‪" ،‬لحكام‬
‫األحكام شرح عمدة األحكام"‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد حامد الفقي‪( ،‬القاهرة‪ :‬مكتبة السنة احملمدية‪،‬‬
‫‪1174‬ه)‪.12 :4 ،‬‬
‫(‪ )1‬اتظر‪ :‬ابن حجر‪" ،‬فتح الباري بشرح صحيح البخاري"‪212 :6 ،‬؛ ويوسف بن عبد هللا ابن‬
‫عبد الرب‪" ،‬اًلستذكار"‪( ،‬ط‪ ،1 .‬دمشق‪-‬حلب‪ :‬دار قتيبة‪-‬دار الوعي‪1212 ،‬ه)‪:11 ،‬‬
‫‪.81‬‬
‫‪131‬‬

‫أيسر له من الفطر وقضائه؛ فله الصيام‪ ،‬فالفطر والصيام يف‬


‫وكان الصوم يف حاله َ‬
‫السفر متعليقان حبالة املسافر وطاقته وقدرته عليهما(‪ ،)1‬وهذا متوافيق مع قوله ملا‬
‫ُسئي عن الصيام يف السفر كما يف احلديث‪ :‬اي رسول هللا‪ُ ،‬‬
‫أجد يب قواة على الصيام يف‬
‫أخ َذ هبا‬
‫ناح؟ فقال رسول هللا ‪« :‬هي رخصة من هللا‪ ،‬فمن َ‬ ‫السفر‪ ،‬فه علي ُج ٌ‬
‫ب أن يصوم فال ُجناح عليه»(‪.)4‬‬‫أح َّ‬
‫ومن َ‬
‫فح َس ٌن‪َ ،‬‬
‫َ‬
‫كذلك جتدر اإلشارة ل ى أن هذه النصوص فيها توجيه ولرشاد للمسلم يف‬
‫األخذ ابلتيسري يف عالقته التعبُّدية بربه‪ ،‬وأن الرتخص والتيسري على النفس يف العبادة‬
‫مبا جاء به الشرع هو مما ُيحيبُّه هللا ويرضاه‪ ،‬وهو جوهر تقواه‪ ،‬كذلك عناية املسلم‬
‫أمور دينهم‪ ،‬ويف لفتائهم هلم يف املسائ الشرعية‪ ،‬فهذا‬
‫بذلك يف تعليمه للناس َ‬
‫األص ‪ ،‬وهناك استثناءات فيما تقتضيه املصلحة الشرعية يف زمن ومكان وحالة‬
‫خاصة‪.‬‬
‫ول هللا زمن احلَُديبيية‪ ،‬وأان‬ ‫رس ُ‬‫‪-8‬عن كعب بن عجرة ‪ ‬قال‪ :‬أتى َعلَي ُ‬
‫اثر على‬ ‫أُوقي ُد َحتت ‪ -‬قال القوار ُّ ي‬
‫يري‪ :‬ق ْدر يل‪ ،‬وقال أبو الربيع‪ :‬بُرمة يل ‪ -‬وال َق ْم ُ يَتنَ ُ‬ ‫َ‬
‫وصم‬ ‫وام رأسك؟»‪ ،‬قال‪ :‬قلت‪ :‬تعم‪ ،‬قال‪ِ « :‬‬ ‫وج يهي‪ ،‬فقال‪« :‬أتُ َ‬
‫فاحلق‪ُ ،‬‬ ‫ْ‬ ‫ؤذيك َه ُّ‬
‫سك نَ ِسيكةً»(‪.)1‬‬ ‫ِ‬
‫ثالثة َّأايم‪ ،‬أو أطْعم ستَّةَ مساكني‪ ،‬أو انْ ُ‬

‫(‪ )1‬اتظر‪ :‬ابن حجر‪" ،‬فتح الباري بشرح صحيح البخاري"‪.212-214 :6 ،‬‬
‫(‪ )4‬مسلم‪ ،‬كتاب الصيام‪ ،‬ابب التخيري يف الصوم والفطر يف السفر‪ ،‬حديث رقم‪،)1141( :‬‬
‫ص‪.288 :‬‬
‫(‪ )1‬مسلم‪ ،‬كتاب الصيام‪ ،‬ابب التخيري يف الصوم والفطر يف السفر‪ ،‬حديث رقم‪،)1141( :‬‬
‫ص‪.288 :‬‬
‫القيم اإلسالميَّة املتضمَّنة يف أحاديث السَّفر يف «صحيح مسلم»‬
‫‪131‬‬
‫وجهني؛ أحدمها‪ :‬يف لذن الشارع‬
‫يظهر يف هذا السياق النبوي قيمة التيسري من َ‬
‫للمح يرم يف ارتكاب احملظور عليه حال اإلحرام للحاجة والضرورة اليت تعرض‬
‫وترخيصه ُ‬
‫ورفْع احلرج عنه يف ذلك‪ ،‬مع لجياب الفدية عليه‪ ،‬فكان التيسري يف مراعاة حال‬ ‫له‪َ ،‬‬
‫اإلتسان الـمح يرم‪ ،‬وما يعرتي بدتَه من عوارض ُحت يوجه ل ى لزالة ي‬
‫املؤذي من َشعره‪ ،‬وما‬ ‫ُ‬
‫فيه يحفظ لسالمة بدته وحفظ صحته‪.‬‬
‫قال القامسي‪" :‬وذلك أن قواعد طب األبدان ثالثة‪ :‬حفظ الصحة‪ ،‬واحليمية‬
‫ومن به أ اذى من رأسه‪ ،‬من‬
‫عن املؤذي‪ ،‬واستفراغ املواد الفاسدة ‪ ...‬فأابح للمريض‪َ ،‬‬
‫قم أو حكة أو غريها؛ أن حيلق رأسه يف اإلحرام استفرا اغا ملادة األخبرة الرديئة اليت‬
‫ْأو َجبَت له األذى يف رأسه ابحتقاهنا حتت الشعر‪ ،‬ولذا حلَق رأسه تفت َحت املسامات‪،‬‬
‫فخرجت تلك األخبرة منها"(‪.)1‬‬
‫تكب حملظور اإلحرام‪،‬‬ ‫اثتيهما‪ :‬التيسري يف ي‬
‫الفدية الواجبة على الـمح يرم املر ي‬
‫ُ‬
‫صرها‬‫وجعله خمرياا يف الكفارات بني ثالثة أتواع من الصيام والصدقة والذبح‪ ،‬وعدم قَ ْ‬
‫فع احلرج واملشقة عن اإلتسان‪،‬‬ ‫ي‬
‫ور َ‬
‫التخفيف‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫متضمن‬ ‫على توع واحد‪ ،‬وهذا التنويع‬
‫ناسبه منها‪ ،‬وما يراه أته أقوى على فيعله منها‪.‬‬
‫أبن يفع من الكفارات ما ي ي‬
‫ُ‬
‫احتَ َج َم بطريق مكة وهو ُحم ِرٌم وسط‬ ‫‪-6‬عن ابن ُحبَينَة‪َّ " :‬‬
‫أن النيب‬
‫أس ِه"(‪.)4‬‬
‫رِ‬
‫للمح يرم ابحلجامة يف رأسه‬
‫يتبني يف هذا احلديث قيمة التيسري يف ل ْذن الشارع ُ‬

‫(‪ )1‬حممد مجال الدين القامسي‪" ،‬حماسن التأوي "‪.4668-4667 :7 ،‬‬


‫(‪ )4‬مسلم‪ ،‬كتاب احلج‪ ،‬ابب جواز احلجامة للمحرم‪ ،‬حديث رقم‪ ،)1411( :‬ص‪.811 :‬‬
‫‪102‬‬

‫وجسده لذا كان هناك ضرورة لذلك‪ ،‬مع لجياب الفدية لذا أدت احلجامة ل ى َحلْق‬
‫شيء من شعر الرأس‪ ،‬ولن كاتت يف غري الرأس وفيما ًل ي‬
‫يؤدي ل ى ارتكاب حمظور‬
‫كإزالة الشعر فهي مباحة(‪ ،)1‬وهذا من التيسري والتخفيف على املسلمني يف ذلك‪،‬‬
‫ي‬
‫وحفظ صحته‬ ‫فإن احلجامة تقوم ابستفراغ الدم الفاسد من اجلسد‪ ،‬ولعادة تنشيطه‪،‬‬
‫للمح يرم لكان قياس احلجامة‬
‫وقوته من الضعف‪ ،‬ولو مل يَيرد تص يف جواز احلجامة ُ‬
‫وسليما‪ ،‬كما تص على ذلك القامسي بقوله‪:‬‬‫ا‬ ‫صحيحا‬
‫ا‬ ‫على َحْلق الشعر ملن به أذى‬
‫احنباسه‪ ،‬واألشياء اليت يؤذي احنباسها‬ ‫ي‬
‫"فهذا اًلستفراغ يُقاس عليه ك استفراغ يُؤذي ُ‬
‫حبسه داءا من‬ ‫ي‬
‫ومدافعتها عشرة‪ :‬الدم لذا هاج ‪ ...‬وك واحد من هذه العشرة يُوجب ُ‬
‫ابستفراغ أدانها‪ ،‬وهو البخار احملتقن يف الرأس‪ ،‬على‬ ‫األدواء حببسه‪ ،‬وقد تَـبهَ‬
‫استفراغ ما هو أصعب منه‪ ،‬كما هي طريقة القرآن؛ التنبيه ابألدىن على األعلى"(‪.)4‬‬
‫ت‬ ‫ي‬
‫يف حديث أمساء بنت ُعميس‪ ،‬حني تُف َس ْ‬ ‫‪-7‬عن جابر بن عبد هللا‬
‫سل و ُهتِ َّل»(‪.)1‬‬
‫أن رسول هللا َأم َر َأاب بَكْر فأ ََم َرَها أن تَ غْتَ َ‬ ‫بي يذي احلُلَي َف ية‪َّ « ،‬‬
‫يتبني من هذا السياق النبوي قيمة التيسري يف اإلسالم‪ ،‬ومراعاته للطبائع‬
‫عان هلا من أداء‬ ‫اإلتساتية وما خلي َقت عليه‪ ،‬فاملرأة يعرتيها احليض والنفاس‪ ،‬ومها ماتي ي‬
‫ُ‬
‫بعض العبادات؛ كالصالة والصيام‪ ،‬لكن الشارع احلكيم راعى جاتب التيسري يف أداء‬

‫(‪ )1‬اتظر‪ :‬ابن عياض‪" ،‬لكمال املعلم بفوائد مسلم"‪.417 :2 ،‬‬


‫(‪ )4‬القامسي‪" ،‬حماسن التأوي "‪.4668 :7 ،‬‬
‫(‪ )1‬مسلم‪ ،‬كتاب احلج‪ ،‬ابب صحة لحرام النفساء واستحباب اغتساهلا ابإلحرام وكذا احلائض‪،‬‬
‫حديث (‪ ،)1411‬ص‪.818-812 :‬‬
‫القيم اإلسالميَّة املتضمَّنة يف أحاديث السَّفر يف «صحيح مسلم»‬
‫‪103‬‬
‫ُّسك وهي يف‬‫تُ ُسك العمرة واحلج للمرأة احلائض والنفساء‪ ،‬فأابح هلا الدخول يف الن ُ‬
‫تلك احلالة‪ ،‬وأن تصنع كما يصنع احلجاج يف تُ ُس يكهم غري دخول البيت احلرام‬
‫والطواف ابلكعبة(‪)1‬؛ ألن احلائض والنفساء ممنوعتان من دخول املساجد ومها يف‬
‫تلك احلالة‪ ،‬وهذا من أظهر التيسري والتخفيف على املسلمني ورفع املشقة عنهم‪ ،‬فلو‬
‫تظرا‬
‫ُّسك العمرة واحلج لكان فيه مشقة ابلغة؛ ا‬ ‫اإلهالل ابلن ُ‬
‫َ‬ ‫مل يُبيح للحائض والنفساء‬
‫التغري والتبدُّل‬
‫ألن أوقات احليض والنفاس ليست منضبطة يف ك النساء‪ ،‬وقد يعرتيها ُّ‬
‫لعوام تؤثر فيها‪ ،‬كذلك فإن املرأة احلام قد تسنح هلا الفرصة ألداء النسك وقت‬
‫محلها‪ ،‬ورمبا ًل يتيسر هلا ذلك لعوارض متعددة‪ ،‬فكاتت مراعاة الشريعة يف ذلك من‬
‫التيسري والتخفيف‪.‬‬
‫يف سفر‪ ،‬فقال‪« :‬اي‬ ‫قال‪ :‬كنت مع النيب‬ ‫‪-8‬عن املغرية بن شعبة‬
‫مغرية‪ُ ،‬خذ اإلداوة»‪ ،‬فأخذهتا‪ ،‬مث خرجت معه‪ ،‬فاتطلق رسول هللا حَت تَـ َو َارى‬
‫عين‪ ،‬فقضى حاجتَه‪ ،‬مث جاء وعليه ُجبةٌ شاميةٌ ضييقةُ ال ُكمني‪ ،‬فذهب ُخيريج يده من‬ ‫ي‬
‫ضوءَهُ للصالة‪ ،‬مث‬ ‫ي‬
‫ببت عليه فتوضأ ُو ُ‬
‫ص ُ‬ ‫كمها فضاقت عليه‪ ،‬فأخرج َيده من أسفلها‪ ،‬فَ َ‬
‫َم َس َح على ُخفيه مث صلى(‪.)4‬‬
‫أَسأَ ُهلَا عن املسح على اخلفني‪،‬‬ ‫ت عائشة‬ ‫‪-2‬عن شريح قال‪ :‬أ َْتي ُ‬
‫ي‬
‫فقالت‪ :‬عليك اببن أيب طالب فَ َسْلهُ؛ فإته كان يُساف ُر مع رسول هللا ‪ ،‬فَسأَلنَاهُ‬

‫(‪ )1‬اتظر‪ :‬حممود بن أمحد العيين‪" ،‬عمدة القاري شرح صحيح البخاري"‪( ،‬ط‪ ،1 .‬بريوت‪ :‬دار‬
‫الكتب العلمية‪1241 ،‬ه)‪.488 :2 ،‬‬
‫(‪ )4‬مسلم‪ ،‬كتاب الطهارة‪ ،‬ابب املسح على اخلفني‪ ،‬حديث رقم‪ ،)472( :‬ص‪.142 :‬‬
‫‪100‬‬

‫للمقيم»(‪.)1‬‬ ‫ثالثة َّأايم وليالي ه َّن لِ ِ‬


‫لم َساف ِر‪ ،‬ويَ ً‬
‫وما ولَيلَةً ُ‬ ‫َ َُ ُ‬ ‫ول هللا‬
‫رس ُ‬
‫فقال‪َ « :‬ج َع َل ُ‬
‫يتجلى يف هذين احلديثني قيمة التيسري من وجهني؛ أحدمها‪ :‬أن اإلسالم شرع‬
‫املسح على اخلُفني يف حال احلضر والسفر من ابب التيسري‪ ،‬ورفع املشقة عن الناس‪،‬‬
‫وعدم لحواجهم ل ى تزع ما يلبسوته على أقدامهم من اخليفاف‪ ،‬أو على رؤوسهم من‬
‫فاملسح على اخلُفني للمسافر يقوم‬
‫ُ‬ ‫العمائم‪ ،‬أو على عضو من أعضائهم كاجلَبيرية(‪،)4‬‬
‫ف ألج ذلك مع‬ ‫مقام الرتفيه له(‪ ،)1‬وذلك بعدم تكليفه بغس القدمني وتـَْزع اخلُ ي‬
‫ك وضوء‪ ،‬فالغس للمسافر فيه من ال ُكلفة واملشقة اجملاتيبة للرتفيه له‪ ،‬لذلك ر ي‬
‫وعي‬‫ُ‬
‫فيه هذا اجلاتب‪.‬‬
‫اثتيهما‪ :‬مراعاة التيسري على املسافر يف مدة املسح‪ ،‬حيث جع له الشارع‬
‫مدة املسح ثالثة أايم‪ ،‬خبالف املقيم؛ ذلك أن املسافر حاجته ل ى املسح آ َكد وأشد‪،‬‬
‫وعي فيه زايدة مدة املسح؛ ليكون أبلغ يف َرْفع املشقة عنه‪ ،‬وحتقيق الرتفيه له يف‬ ‫فر ي‬
‫ُ‬
‫سفره‪ ،‬وجماتبة العسر يف حالته‪.‬‬
‫يف بعض أسفاره‪،‬‬ ‫أهنا قالت‪ :‬خرجنا مع رسول هللا‬ ‫‪-11‬عن عائشة‬
‫على‬ ‫حَت لذا ُكنا ابلبيداء ‪ -‬أو بذات اجليش ‪ -‬اتقطَ َع يعق ٌد يل‪ ،‬فأقام رسول هللا‬

‫(‪ )1‬مسلم‪ ،‬كتاب الطهارة‪ ،‬ابب التوقيت يف املسح على اخلفني‪ ،‬حديث رقم‪ ،)476( :‬ص‪:‬‬
‫‪.111‬‬
‫(‪ )4‬اتظر‪ :‬صاحل بن فوزان الفوزان‪" ،‬تيسري زاد املستقنع يف الفقه احلنبلي"‪( ،‬بريوت‪ :‬دار الكتب‬
‫العلمية)‪.148 :1 ،‬‬
‫(‪ )1‬اتظر‪ :‬أيب بكر بن مسعود الكاساين‪" ،‬بدائع الصنائع يف ترتيب الشرائع"‪ ،‬حتقيق‪ :‬علي‬
‫معوض وعادل عبداملوجود‪( ،‬ط‪ ،4 .‬بريوت‪ :‬دار الكتب العلمية‪1242 ،‬ه)‪.128 :1 ،‬‬
‫القيم اإلسالميَّة املتضمَّنة يف أحاديث السَّفر يف «صحيح مسلم»‬
‫‪101‬‬
‫التماسه‪ ،‬وأقام الناس معه وليسوا على ماء‪ ،‬وليس معهم ماءٌ‪ ،‬فأتى الناس ل ى أيب‬
‫بكر‪ ،‬فقالوا‪ :‬أًل ترى ل ى ما صنعت عائشة؟ أقامت برسول هللا والناس» ‪،...‬‬
‫حَّت أصبح على غري ماء‪ ،‬فأنزل هللا آية‬ ‫احلديث‪ ،‬ل ى قوله‪« :‬فنام رسول هللا‬
‫يم ُموا ‪ »...‬احلديث(‪.)1‬‬
‫َّيمم فَ تَ َّ‬
‫الت ُّ‬
‫يتبني يف هذا النص النبوي قيمة التيسري يف اإلذن ببدل يف الطهارة مَت تعذر‬
‫رفعا للحرج واملشقة‬
‫التيمم ابلرتاب بدل املاء؛ ا‬
‫على اإلتسان لجياده أو استعماله‪ ،‬فشرع ُّ‬
‫على الناس يف عبادهتم‪ ،‬خاصةا يف حال السفر اليت يكون املسافر فيها ُعرضة لنفاد‬
‫املاء أو اتعدامه‪ ،‬وما حيص له من الضيق والشدة بسبب ذلك(‪ ،)4‬والتيسري عليهم‬
‫يف العبادة حَت تكون عادة هلم(‪ ،)1‬وهلذا أعقب هللا اإلذن ُّ‬
‫ابلتيمم ببيان احلكمة من‬
‫‪{ :‬ﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾ‬ ‫ذلك‪ ،‬فقال‬
‫ﭿ ﮀﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﮇ ﮈ} [سورة املائدة‪.]6:‬‬
‫سوق بَدتةا‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫رجال يَ ُ‬
‫رأى ا‬ ‫‪-11‬عن أيب هريرة ‪ ‬أن رسول هللا‬
‫«اركبها»‪ ،‬قال‪ :‬اي رسول هللا‪ ،‬لهنا بَدتةٌ‪ ،‬فقال‪« :‬اركبها‪ ،‬ويلك!» يف الثاتية أو‬
‫الثالثة(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬مسلم‪ ،‬كتاب الطهارة‪ ،‬ابب التيمم‪ ،‬حديث رقم‪ ،)167( :‬ص‪.187 :‬‬
‫(‪ )4‬اتظر‪ :‬ابن كثري‪" ،‬تفسري القرآن العظيم"‪.61 :1 ،‬‬
‫(‪ )1‬اتظر‪ :‬حممد أمني اإلربلي‪ " ،‬تنوير القلوب يف معاملة عالم الغيوب"‪( ،‬بريوت‪ :‬دار الكتب‬
‫العلمية)‪.122 ،‬‬
‫(‪ )2‬مسلم‪ ،‬كتاب احلج‪ ،‬ابب جواز ركوب البدتة املهداة ملن احتاج لليها‪ ،‬حديث رقم‪:‬‬
‫(‪ ،)1144‬ص‪.886-888 :‬‬
‫‪101‬‬
‫سئي عن رُك ي‬
‫وب اهلَْدي؟ فقال‪ :‬مسعت النيب‬ ‫‪-14‬عن جابر بن عبد هللا‬
‫ُ َ ُ‬
‫هرا»(‪.)1‬‬ ‫يقول‪« :‬ارَكْب َها ابملعروف إذا أُجلِ َ‬
‫ئت إليها حَّت جتد ظَ ً‬
‫يظهر يف هذين احلديثني قيمة التيسري يف لابحة اإلسالم‪ ،‬ملن يسوق اهلدي‬
‫كوهبا لذا احتاج ل ى ذلك‪ ،‬وهو رأي اجلمهور‪ ،‬خالفاا ملن منع‬
‫الواجب أو التطوع؛ ر َ‬
‫فعا للحرج واملشقة عن الناس‪ ،‬فقد ًل يكون لدى اإلتسان لًل ظهر‬ ‫(‪)4‬‬
‫ذلك ‪ ،‬وذلك ر ا‬
‫واحد‪ ،‬ويتضرر حبم متاعه‪ ،‬وعدم الركوب يف السفر‪ ،‬خاصةا لذا بعدت الشُّقةُ‪،‬‬
‫أجاز ركوهبا ملن احتاجها ومل جيد غريها‪،‬‬
‫فكان من التيسري والسماحة يف اإلسالم أن َ‬
‫وأن يكون ركوبه هلا ابملعروف‪ ،‬فال يَ ُش ُّق عليها‪ ،‬وًل ُحي يملها ما يؤدي ل ى هالكها‬
‫وتَ يلفها‪.‬‬
‫عن النيب لَ يقي ركبا ابلر ي‬
‫وحاء(‪ ،)1‬فقال‪:‬‬ ‫‪-11‬عن عبد هللا بن عباس‬
‫َ َا‬
‫« َمن القوم؟»‪ ،‬قالوا‪ :‬املسلمون‪ ،‬فقالوا‪ :‬من أتت؟ قال‪« :‬رسول هللا»‪ ،‬فَـَرفَـ َعت لليه‬
‫امرأَةٌ صبييًّا‪ ،‬فقالت‪ :‬أهلذا حج؟ قال‪« :‬نعم‪ِ ،‬‬
‫ولك أجر»(‪.)2‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫(‪ )1‬مسلم‪ ،‬كتاب احلج‪ ،‬ابب جواز ركوب البدتة املهداة ملن احتاج لليها‪ ،‬حديث رقم‪:‬‬
‫(‪ ،)1142‬ص‪.886 :‬‬
‫(‪ )4‬اتظر‪ :‬حممد بن علي الشوكاين‪" ،‬تي األوطار من أسرار منتقى األخبار"‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد‬
‫صبحي حالق‪( ،‬ط‪ ،1 .‬الدمام‪ :‬دار ابن اجلوزي‪1247 .‬ه)‪.211 :2 ،‬‬
‫ميال من املدينة"‪ .‬اتظر‪ :‬حممد بن‬
‫احلرمني على ثالثني أو أربعني ا‬
‫(‪ )1‬الروحاء هي‪" :‬موضع بني َ‬
‫يعقوب الفريوزآابدي‪ ،‬القاموس احمليط‪( ،‬ط‪ ،8 .‬بريوت‪ :‬مؤسسة الرسالة‪1246 ،‬ه)‪،‬‬
‫‪.441‬‬
‫(‪ )2‬مسلم‪ ،‬كتاب احلج‪ ،‬ابب صحة حج الصيب وأجر َمن حج به‪ ،‬حديث رقم‪ ،)1116( :‬ص‪:‬‬
‫=‬
‫القيم اإلسالميَّة املتضمَّنة يف أحاديث السَّفر يف «صحيح مسلم»‬
‫‪101‬‬
‫يتبني يف هذا السياق النبوي قيمة التيسري من تصحيح اإلسالم حلج الصيب‪،‬‬
‫مع أته مل تكتم فيه شروط وجوب أداء العبادات‪ ،‬ومنها شرط البلوغ‪ ،‬بيد أن ذلك‬
‫ًل ُجيزئه عن فريضة اإلسالم الواجبة عليه‪ ،‬ولمنا يكون قُربةا وطاعة من الطاعات اليت‬
‫أجرها؛ ملنعهم لايه‬
‫يتقرب هبا ل ى هللا‪ ،‬وينال َمن َمحلَه وأعاته على أدائها من الوالدين َ‬
‫من اإلتيان بشيء مما ُيخي ُّ هبا‪ ،‬ومحلهم له على ما فيه طاعة وقُربة‪ ،‬وتعويدهم ولعاتتهم‬
‫له على فيع اخلري‪ ،‬وجمازاة هلم على ما حلقهم من مشقة رعاية الصيب‪ ،‬ومحَْله ي‬
‫وح ْفظ‬
‫حجه من املبطالت واملمنوعات‪.‬‬ ‫ي‬
‫وهذا التيسري له تظائر يف اإلسالم‪ ،‬فصالة التطوع يُباح للمصلي أن يصلييَها‬
‫قاعدا مع قدرته على القيام‪ ،‬وًل يصح ذلك منه يف صالة الفرض‪ ،‬واستقبال القبلة‬
‫ا‬
‫شرط لصحة الصالة‪ ،‬يف حني أن املسافر له أن ينتنف على راحلته أينما توج َهت به‪،‬‬
‫وهكذا‪ ،‬وهذا كله من التيسري والتخفيف الذي جاء به اإلسالم‪.‬‬
‫ث عن النيب ‪« :‬أته كان يف َس َفر‪،‬‬ ‫ي‬
‫‪-12‬عن عدي قال‪ :‬مسعت الرباء ُحيد ُ‬
‫ني‪{ :‬ﭑ ﭒ ﭓ} [سورة‬ ‫كعت ي‬
‫فصلى العشاء اآلخرة‪ ،‬فقرأ يف لحدى الر َ‬
‫التني‪.)1(»]1:‬‬
‫وسنته يف‬
‫ُ‬ ‫يتجلى يف هذا احلديث قيمة التيسري من خالل هدي النيب‬
‫الصالة يف حال السفر‪ ،‬ومراعاته التخفيف فيها يف اهليئة والقراءة خالفاا هلَْدي الصالة‬
‫حمتاجا ملواصلة السري وبلوغ مقصوده‪ ،‬وللمشقة‬
‫يف احلضر؛ ذلك أن املسافر يكون ا‬

‫=‬
‫‪.862‬‬
‫(‪ )1‬مسلم‪ ،‬كتاب الصالة‪ ،‬ابب القراءة يف العشاء‪ ،‬حديث رقم‪ ،)262( :‬ص‪.121 :‬‬
‫‪101‬‬

‫لذلك أبن كاتت ُسنته التخفيف‬ ‫املالزمني للسفر(‪ ،)1‬فكاتت مراعاة النيب‬
‫والتعب َ‬
‫يف القراءة‪ ،‬والقصر يف الصالة‪ ،‬وتَـْرك اإلطالة فيها‪ ،‬مبا يرفع املشقة واحلرج‪ ،‬ورمبا الضرر‬
‫الرفقة‪ ،‬وحنوها‪ ،‬وهذا يتضح جليًّا يف الوقت احلاضر يف السفر‬
‫على املسافر‪ ،‬وفوات ُّ‬
‫بوسائ النق احملدد هلا أوقات معينة للحضور والسري‪ ،‬كالطائرة والقطار وغريها‪،‬‬
‫شرع التخفيف يف القراءة‬
‫ويصادف وقت الرحلة بعد دخول وقت الصالة‪ ،‬فلو مل يُ َ‬
‫للمسافر لرمبا أدى تطبيق البعض للسنة من اإلطالة يف القراءة ل ى حلوق املشقة والضرر‬
‫ابملسافر بفوات الرحلة‪ ،‬واحتياجه ل ى دفع املال لرحلة أخرى‪ ،‬وهكذا‪ ،‬واملشقة أو‬
‫صي‬
‫ب وحنوه‪.‬‬ ‫معنواي‪ ،‬كاإلصابة ابلن َ‬
‫الضرر لما أن يكون حسيًّا على البدن أو املال‪ ،‬أو ًّ‬
‫‪-18‬عن حيىي بن يزيد قال‪ :‬سألت أتس بن مالك عن قصر الصالة؟ فقال‪:‬‬
‫ول هللا لذا َخر َج مسرية ثالثة أميال أو ثالثة فراسخ ‪ُ -‬شعبَةُ ُّ‬
‫الشاك ‪-‬‬ ‫رس ُ‬
‫كان ُ‬
‫َ‬
‫صلى ركعتني(‪.)4‬‬
‫الظهر ابملدينة أر ابعا‪،‬‬ ‫يت مع رسول هللا‬
‫‪-16‬عن أتس ‪ ‬يقول‪ :‬صل ُ‬
‫يت معه العصر بذي احلُليفة ركعتني(‪.)1‬‬
‫وصل ُ‬
‫صلى‬
‫من املدينة ل ى مكة‪ ،‬فَ َ‬ ‫‪-17‬عن أتس ‪ ‬قال‪ :‬خرجنا مع رسول هللا‬

‫(‪ )1‬اتظر‪ :‬خلي أمحد السهاتفوري‪" ،‬بذل اجملهود يف ح أيب داود"‪( ،‬بريوت‪ :‬دار الكتب‬
‫العلمية)‪.416 :6 ،‬‬
‫(‪ )4‬مسلم‪ ،‬كتاب صالة املسافرين وقصرها‪ ،‬ابب صالة املسافرين وقصرها‪ ،‬حديث رقم‪:‬‬
‫(‪ ،)621‬ص‪.481 :‬‬
‫(‪ )1‬مسلم‪ ،‬كتاب صالة املسافرين وقصرها‪ ،‬ابب صالة املسافرين وقصرها‪ ،‬حديث رقم‪:‬‬
‫(‪ ،)621‬ص‪.481 :‬‬
‫القيم اإلسالميَّة املتضمَّنة يف أحاديث السَّفر يف «صحيح مسلم»‬
‫‪101‬‬
‫عشرا(‪.)1‬‬
‫لت‪ :‬كم أقام مبكة؟ قال‪ :‬ا‬
‫ركعتني ركعتني حَت رجعنا‪ ،‬قُ ُ‬
‫قصر الصالة‬
‫يظهر يف األحاديث قيمة التيسري من خالل شرعية اإلسالم َ‬
‫الرابعية للمسافر‪ ،‬ابتداءا من مفارقته لبنيان بلده‪ ،‬وذلك ختفي افا عليه؛ ملا يلحقه من‬
‫املشقة يف لمتام الصلوات(‪ ،)4‬فاملسافر حباجة للوقت للسري وقطع املسافة‪ ،‬فكاتت‬
‫هذه املراعاة من الشارع احلكيم هي من املظاهر اجللية لقيمة التيسري يف اإلسالم ورفع‬
‫احلرج عن الناس يف عباداهتم‪ ،‬ب هي من القواعد املقررة يف الشريعة اإلسالمية "املشقة‬
‫جتلب التيسري"(‪.)1‬‬
‫ي‬
‫لذا َعج َ به السريُ‬ ‫ول هللا‬
‫رس ُ‬
‫قال‪ :‬كان ُ‬ ‫‪-18‬عن عبد هللا بن عمر‬
‫ب والعي َش ياء(‪.)2‬‬
‫َمجَع بني املغ ير ي‬
‫َ‬
‫لذا ارحت قب أن تزيغ الشمس‬ ‫‪-12‬عن أتس ‪ ‬قال‪ :‬كان رسول هللا‬
‫وقت العصر‪ُ ،‬مث تَـَزل فَ َج َم َع بينهما‪ ،‬فإن زاغت الشمس‬
‫يدخ َ ُ‬
‫أَخَر الظهر ل ى أن ُ‬

‫(‪ )1‬مسلم‪ ،‬كتاب صالة املسافرين وقصرها‪ ،‬ابب صالة املسافرين وقصرها‪ ،‬حديث رقم‪:‬‬
‫(‪ ،)621‬ص‪.481 :‬‬
‫(‪ )4‬اتظر‪ :‬علي بن حممد املاوردي‪" ،‬احلاوي الكبري يف فقه اإلمام الشافعي"‪( ،‬ط‪ ،1 .‬بريوت‪:‬‬
‫دار الكتب العلمية‪1212 ،‬ه)‪172 :4 ،‬؛ وحممد بن اخلطيب الشربيين‪" ،‬مغين احملتاج ل ى‬
‫معرفة معاين ألفاظ املنهاج"‪( ،‬ط‪ ،1 .‬بريوت‪ :‬دار املعرفة‪1218 ،‬ه)‪.128 :1 ،‬‬
‫(‪ )1‬اتظر‪ :‬حممد بن صاحل العثيمني‪" ،‬القواعد الفقهية"‪( ،‬اإلسكندرية‪ :‬دار البصرية)‪.41 ،‬‬
‫(‪ )2‬مسلم‪ ،‬كتاب صالة املسافرين وقصرها‪ ،‬ابب جواز اجلمع بني الصالتني يف السفر‪ ،‬حديث‬
‫رقم‪ ،)711( :‬ص‪.488 :‬‬
‫‪101‬‬

‫صلى الظهر مث ركب(‪.)1‬‬


‫يرحت َ‪َ ،‬‬
‫قب أن َ‬
‫يتبني يف هذين النصني النبويني قيمة التيسري يف مراعاة الشريعة حلال املسافر‪،‬‬
‫ورْفع ما فيه ُكلفة ومشقة عليه‪ ،‬وذلك ابلرتخيص له يف اجلمع بني الصالتَني الظهر‬
‫َ‬
‫)‬‫‪4‬‬ ‫(‬
‫والعصر‪ ،‬واملغرب والعشاء يف وقت لحدامها تقدمياا أو أتخريا ‪ ،‬ومن ي‬
‫املتقرر يف‬ ‫ا‬
‫سومح يف هذا الشرط يف حال‬‫الشريعة أن دخول الوقت شرط لصحة الصالة‪ ،‬لكن تُ ي‬
‫وتيسريا هلم يف أداء العبادة‪ ،‬ورمحةا هبم أبن ًل يشق‬
‫ا‬ ‫رفعا للحرج عن الناس‪،‬‬
‫املسافر؛ ا‬
‫عليهم أبداء الصلوات يف وقت‪ ،‬فرمبا تعذر ذلك ووقعوا يف اإلمث واحلرج‪ ،‬فكان من‬
‫مساحة الدين لابحة اجلمع للمسافرين‪.‬‬
‫يُصليي‬ ‫‪-41‬عن عبد هللا بن عامر ‪ ‬أن أابه أخربه‪ ،‬أته رأى رسول هللا‬
‫بحةَ ابللي يف السف ير على ظهر راحلَتي يه حيث تَـ َوج َهت(‪.)1‬‬‫الس َ‬‫ُّ‬
‫‪-41‬عن سامل عن أبيه‪ ،‬قال‪ :‬كان رسول هللا يُ َسبي ُح على الراحلة قيبَ ي‬
‫أي‬ ‫َ‬
‫َوجه تَـ َوج َهت ويوتيُر عليها‪ ،‬غري أته ًل يُصليي عليها املكتوبَةَ(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬مسلم‪ ،‬كتاب صالة املسافرين وقصرها‪ ،‬ابب جواز اجلمع بني الصالتني يف السفر‪ ،‬حديث‬
‫رقم‪ ،)712( :‬ص‪.486 :‬‬
‫(‪ )4‬اتظر‪ :‬عبدهللا بن عبدالرمحن البسام‪" ،‬تيسري العالم شرح عمدة األحكام"‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد‬
‫صبحي حالق‪( ،‬ط‪ ،11 .‬اإلمارات‪ :‬مكتبة الصحابة‪1246 ،‬ه‪.411 ،) ،‬‬
‫(‪ )1‬مسلم‪ ،‬كتا ب صالة املسافرين وقصرها‪ ،‬ابب جواز صالة النافلة على الدابة يف السفر حيث‬
‫توجهت‪ ،‬حديث رقم‪ ،)711( :‬ص‪.482 :‬‬
‫(‪ )2‬مسلم‪ ،‬كتاب صالة املسافرين وقصرها‪ ،‬ابب جواز صالة النافلة على الدابة يف السفر حيث‬
‫توجهت‪ ،‬حديث رقم‪ ،)711( :‬ص‪.488 :‬‬
‫القيم اإلسالميَّة املتضمَّنة يف أحاديث السَّفر يف «صحيح مسلم»‬
‫‪101‬‬
‫يظهر يف ه َذين السياقَني النبويني قيمة التيسري يف ل ْذن الشارع للمسافر ابلتطوع‬
‫حال السفر وهو على راحلته‪ ،‬ولو أدى ذلك ل ى عدم استقبال ي‬
‫القبلة الذي هو شرط‬
‫حمتاجا للتعبُّد طلباا‬
‫من شروط الصالة اليت ًل تصح لًل به‪ ،‬لكن ملا كان املسافر ا‬
‫لألجر‪ ،‬وقد يكون له عادة من النواف والطاعات‪ ،‬ووقوفه ألدائها فيه مشقة وضرر‬
‫من لطالة مدة السفر‪ ،‬وعدم بلوغ مأربه‪ ،‬وتفاد الزاد‪ ،‬وغريها‪ ،‬كاتت مراعاة اإلسالم‬
‫لذلك من متام التيسري والتسهي على املسلم‪ ،‬فأُبييح له صالة النافلة مجيعها على‬
‫الراحلة‪ ،‬ابستثناء الصالة املفروضة اليت ًل يَ ُش ُّق التوقف هلا‪ ،‬خاصةا مع اإلذن ابجلمع‬
‫وأتخريا‪ ،‬وختفيفها عليه(‪.)1‬‬
‫ا‬ ‫بني الصلوات تقدمياا‬
‫املبحث الثاني‪ :‬الدقيم اخلُلُدقية املتضمَّنةِ يف أحاديث السفر‬
‫وفيه عدة فروع‪:‬‬
‫الفرع األوَّل‪ :‬قيمة التَّواضُع‪.‬‬
‫َّواضع‪:‬‬
‫تعريف الت ُ‬
‫تعددت التعريفات للتواضع‪ ،‬ومن أبرز تلك التعريفات‪:‬‬
‫‪-‬قال األصفهاين‪" :‬رضا اإلتسان مبنزلة دون ما يستحقُّه فضله ومنزلته‪ .‬وهو‬
‫مكاان يزري به بتضييع ي‬
‫حقه‪.‬‬ ‫فالض َعة‪ :‬وضع اإلتسان تفسه ا‬‫الضعة‪ ،‬ي‬‫ي‬ ‫ي‬
‫ط بني الك ْرب و َ‬
‫وس ٌ‬
‫و ي‬
‫الك ْرب‪ :‬رفع تفسه فوق قدره"(‪.)4‬‬

‫(‪ )1‬اتظر‪ :‬ابن دقيق العيد‪" ،‬لحكام األحكام شرح عمدة األحكام"‪.184 :1 ،‬‬
‫(‪ )4‬احلسني بن حممد األصفهاين‪" ،‬الذريعة ل ى مكارم الشريعة"‪( ،‬ط‪ ،1 .‬بريوت‪ :‬دار الكتب‬
‫العلمية‪1211 ،‬ه)‪.126 ،‬‬
‫‪112‬‬

‫قيمة التواضع‪:‬‬
‫قال‪ُ :‬كنا مع الن ييب مبـَ يـر الظهران‪ ،‬وحنن‬ ‫جابر بن عبد هللا‬ ‫‪-1‬عن‬
‫َسو ِد ِمنهُ»‪ ،‬قال‪ :‬فقلنا‪ :‬اي رسول هللا‪،‬‬
‫فقال النيب ‪« :‬عليكم ابأل َ‬ ‫اث‪،‬‬ ‫ي‬
‫ين ال َكبَ َ‬
‫َجن َ‬
‫الغَنَ َم‪ .‬قال «نعم‪ ،‬وهل من نَِيب َّإال وقد رعاها؟!»‪ ،‬أو حنو هذا‬ ‫يت‬
‫َكأَتك َر َع َ‬
‫القول(‪.)4()1‬‬
‫مبزاولته ملهنة‬
‫اضع من خالل بياته‬‫يتجلى يف هذا السياق النبوي قيمة التو ُ‬
‫الرعي للماشية‪ ،‬وأهنا ليست خمتصة به‪ ،‬ب األتبياء كلهم يشاركوته يف ذلك‪ ،‬فكلهم‬
‫لظهارا للتواضع من عدم اًلستنكاف عن اإلعالم مبزاولته‬
‫قد ز َاول هذه املهنة؛ وذلك ا‬
‫واألتبياء لتلك املهنة‪ ،‬كذلك ليما يف رعاية الغنم خاصةا من لشعار النفس‬
‫كسب‬ ‫ابلتواضع(‪ )1‬والسكينة‪ ،‬والبعد عن الغلظة والشدة والتعاظم‪ ،‬فاملخالطة تُ ي‬
‫ُ‬
‫الطبائع والعوائد وتُ يغريها‪.‬‬
‫‪-4‬عن عبد هللا بن جعفر ‪ ‬قال‪ :‬كان رسول هللا لذا قَ يد َم من َس َفر تُـلُيق َي‬
‫بصبيان أه بَيتي يه‪ ،‬قال‪ :‬ولتهُ قَ يدم من َس َفر‪ ،‬فَ ُسبي َق يب لليه‪ ،‬فَ َح َملَين بني يديه‪ُ ،‬مث‬

‫(‪ )1‬مسلم‪ ،‬كتاب األطعمة‪ ،‬ابب فضيلة األسود من الكباث‪ ،‬حديث رقم‪ ،)4181( :‬ص‪:‬‬
‫‪.218‬‬
‫(‪ )4‬ال َكباث‪" :‬ابلفتح تضيج مثرة األراك‪ ،‬وقي ‪ :‬هو ما مل ينضج منه"‪ ،‬اتظر‪ :‬ابن منظور‪" ،‬معجم‬
‫لسان العرب"‪.178 :4 ،‬‬
‫(‪ )1‬اتظر‪ :‬عبدالرمحن بن أيب بكر السيوطي‪" ،‬الديباج على صحيح مسلم بن احلجاج"‪( ،‬ط‪،1 .‬‬
‫اخلرب‪ ،‬دار ابن عفان‪1216 ،‬ه)‪26 :8 ،‬؛ وعبدهللا بن حجازي الشرقاوي‪" ،‬فتح املبدي‬
‫بشرح خمتصر الزبيدي"‪( ،‬بريوت‪ :‬دار الكتب العلمية)‪.61 :1 ،‬‬
‫القيم اإلسالميَّة املتضمَّنة يف أحاديث السَّفر يف «صحيح مسلم»‬
‫‪113‬‬
‫يجيء أبحد ابين فاطمة‪ ،‬فَأَردفه خل َفه‪ ،‬قال‪ :‬فَأ ي‬
‫ُدخلنَا املدينة‪ ،‬ثََالثةا على دابة‬ ‫َُ َ ُ‬ ‫َ‬
‫)‬‫‪1‬‬ ‫(‬
‫احدة ‪.‬‬ ‫وي‬
‫وخ ْفض جناحه‬
‫يتبني يف هذا احلديث قيمةُ التواضع من لًلتة النيب جلاتبه‪َ ،‬‬
‫لألطفال‪ ،‬وعدم األتَفة والغضب من أن يكون يف استقباله َمن ليسوا يمن ذوي اجلاه‬
‫والشأن والرايسة‪ ،‬وحنوهم من الصغار وضعفاء الناس‪ ،‬ب يقوم إبردافهم معه على‬
‫دابته‪ ،‬ومالطفتهم‪ ،‬ومتكينهم من الركوب معه‪ ،‬وهذا ميثي حقيقة التواضع‪ ،‬كما قال‬
‫اجلاتب"(‪.)4‬‬
‫ي‬ ‫ني‬‫اجلنيد بن حممد‪" :‬التواضع هو خ ْفض ي ي‬
‫اجلناح‪ ،‬ول ُ‬ ‫َ ُ‬
‫وهلذا كان هذا العم ُ عند العلماء من السنن املستحبة والعوائد احلميدة؛ أته‬
‫لذا قَ يدم املسافر ل ى بلده ‪ -‬مهما بلغت منزلته ومكاتته ‪ -‬أن يتلقاه الصبيان‪ ،‬وأن‬
‫الطفهم‪ ،‬وُمي يكنهم من مرافقته ؛ ألن يف ذلك ا‬ ‫ي ي‬
‫ولكسااب هلم لقيمة‬ ‫تعويدا هلم‬ ‫(‪)1‬‬
‫ا‬ ‫ُ‬
‫التواضع بشك عملي‪ ،‬وحصول التأثري عليهم بذلك‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬قيمة اإلحسان‪.‬‬
‫تعريف اإلحسان‪:‬‬
‫تعددت التعريفات لإلحسان‪ ،‬ومن أبرز تلك التعريفات‪:‬‬

‫(‪ )1‬مسلم‪ ،‬كتاب األطعمة‪ ،‬ابب فضيلة األسود من الكباث‪ ،‬حديث رقم‪ ،)4181( :‬ص‪:‬‬
‫‪.218‬‬
‫(‪ )4‬ابن القيم‪" ،‬مدارج السالكني بني منازل لايك تعبد ولايك تستعني"‪( ،‬ط‪ ،7 .‬بريوت‪ :‬دار‬
‫الكتاب العريب‪1241 ،‬ه)‪.112 :4 ،‬‬
‫(‪ )1‬اتظر‪ :‬حيي بن شرف النووي‪ ،‬املنهاج يف شرح صحيح مسلم بن احلجاج‪( ،‬ط‪ ،1 .‬مصر‪:‬‬
‫املطبعة املصرية ابألزهر‪1127 ،‬ه)‪.481 :18 ،‬‬
‫‪110‬‬

‫‪-‬قال الكفوي‪" :‬هو فع ماينفع غريه حبيث يصري الغري حسنا به‪ ،‬كإطعام‬
‫اجلائع‪ .‬أو يصري الفاع به حسن ا بنفسه"(‪.)1‬‬
‫قيمة اإلحسان‪:‬‬
‫يف حجة الوداع‪،‬‬ ‫عاديين رسول هللا‬
‫‪ -1‬عن عامر بن سعد‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬قال‪َ :‬‬
‫أشفيت منهُ على املوت‪ ،‬قلت‪ :‬اي رسول هللا‪ ،‬بلغ يب ما ترى من الوجع‪ ،‬وأان‬
‫ُ‬ ‫من َو َجع‬
‫صد ُق بثُـلُثَي مايل؟ قال‪« :‬ال»‪ ،‬قلت‪:‬‬ ‫ذو مال‪ ،‬وًل يَيرثُين لًل ابنةٌ يل واحدةٌ‪ ،‬أفأتَ َ‬
‫ث كثريٌ‪ ،‬إنَّك أن تَ َذ َر ورثَتَك أغنياء‬ ‫صد ُق بي َشط يرهي؟ قال‪« :‬ال‪ ،‬الثُّلُ ُ‬
‫ث‪ ،‬والثُّلُ ُ‬ ‫أفأتَ َ‬
‫نفق نفقةً تبتغي هبا وجه هللا‪ ،‬إال‬
‫يتكف ُفون الناس‪ ،‬ولست تُ ُ‬ ‫خريٌ من أن تذرهم عالةً َّ‬
‫ت هبا‪ ،‬حَّت اللُّقمة جتعلها يف ِيف امرأتك ‪ ،»...‬احلديث(‪.)4‬‬ ‫أِ‬
‫ُج ْر َ‬
‫على‬ ‫يظهر يف هذا السياق النبوي قيمة اإلحسان من خالل ح ي‬
‫ث النيب‬ ‫َ‬
‫لحسان املرء ل ى أهله حال حياته وبعد مماته‪ ،‬وأن اإلسالم ولن َرغب يف اإلتفاق يف‬
‫اإلتفاق على األه والذرية‪ ،‬ولغناءَهم عن سؤال الناس‬ ‫َ‬ ‫وجوه اخلري‪ ،‬فقد جع‬
‫ومظهرا من مظاهر اإلحسان(‪.)1‬‬ ‫وتكف ي‬
‫ُّفهم هلم من أعظم النفقات وال ُق ُرابت‪،‬‬
‫ا‬
‫قال ابن تيمية‪" :‬ب تفقة املرء على تفسه وعياله أفض ُ من تفقتيه على َمن ًل‬
‫طبعا وعاد اة‪ً ،‬ل‬
‫اجب ‪ ...‬ولكن أكثر الناس يفعلون ذلك ا‬ ‫تلزمه تفقتُه؛ ألن ذلك و ٌ‬‫ُ‬

‫(‪ )1‬أيوب بن موسى الكفوي‪" ،‬الكليات"‪.81 ،‬‬


‫‪ ،‬حديث رقم‪:‬‬ ‫(‪ )4‬مسلم‪ ،‬كتاب فضائ الصحابة‪ ،‬ابب من فضائ عبد هللا بن جعفر‬
‫(‪ ،)4248‬ص‪.1168 :‬‬
‫(‪ )1‬اتظر‪ :‬ابن بطال‪" ،‬شرح صحيح البخاري"‪.248 :1 ،‬‬
‫القيم اإلسالميَّة املتضمَّنة يف أحاديث السَّفر يف «صحيح مسلم»‬
‫‪111‬‬
‫يبتغون به وجه هللا تعا ى‪ ،‬كما يفعلون يف قضاء الديون من ي‬
‫أمثان املبيعات والقروض‬
‫أحدهم ابلشيء اليسري على املسكني وابن السبي وحنو ذلك لوجه هللا‪،‬‬ ‫‪ ...‬يتصد ُق ُ‬
‫طعم اإلميان‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫فيجد طعم اإلميان والعبادة هلل‪ ،‬ويُعطي يف هذه ألوفاا فال جي ُد يف ذلك َ‬
‫والعبادة؛ ألته مل يُ ينفقه ابتغاءَ وجه هللا"(‪.)1‬‬
‫ورا على بَ ْذل املال‪،‬‬
‫مث لن النيب قد وسع مفهوم اإلحسان‪ ،‬فلم جيعله مقص ا‬
‫أدخ َ فيه اجلاتب املعنوي املتمثي يف ُحسن املعاملة لأله ‪ ،‬وأن اإلتسان حيص‬
‫ولمنا َ‬
‫له الثواب واألجر على أفعاله اليت يصنعها مع أهله شريطةَ صحة تيته‪ ،‬وابتغائه بذلك‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫اإلتسان أعمالَه اليت‬ ‫وجه هللا كما يف قوله‪« :‬تبتغي هبا وجه هللا»‪ ،‬ومعلوم أن َختل َ‬
‫يص‬
‫يقوم هبا مع أهله من أن يكون الباعث الرئيس هلا هو دافع غريزة الشهوة واملودة‬
‫سر على النفس‪ ،‬لكن ًل استحالة فيه(‪ ،)4‬لذلك َعل َق الرسول‬ ‫وحنوها فيه ُع ُ‬
‫الثواب واألجر على هذا الفع الذي حيدث من املرء بدافع العادة واحملبة مع ربط‬
‫حتفيزا للنفوس لإلحسان احلسي واملعنوي‪ ،‬خاصة مع األسرة؛ مبا‬
‫اإلاثبة بصحة النية؛ ا‬
‫ي‬
‫حيقق هلم السعادة واحلياة املطمئنة‪.‬‬
‫دوةا‬ ‫يي‬
‫ليال‪ ،‬وكان أيت هم غُ َ‬
‫كان ًل يطرق أهلَهُ ا‬ ‫‪-4‬عن أتس ‪ ‬أن رسول هللا‬
‫أو َع يشيةا(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬أمحد بن عبداحلليم ابن تيمية‪" ،‬جواب اًلعرتاضات املصرية على الفتيا احلموية"‪ ،‬حتقيق‪:‬‬
‫حممد مشس‪( ،‬السعودية‪ :‬دار عامل الفوائد)‪.28-22 ،‬‬
‫(‪ )4‬اتظر‪ :‬عبد الرؤوف املناوي‪" ،‬فيض القدير شرح اجلامع الصغري من أحاديث البشري النذير"‪،‬‬
‫(بريوت‪ :‬دار الكتب العلمية‪1244 ،‬ه)‪.228 :1 ،‬‬
‫ليال ملن ورد من سفر‪ ،‬حديث‬
‫(‪ )1‬مسلم‪ ،‬كتاب اإلمارة‪ ،‬ابب كراهية الطروق‪ ،‬وهو الدخول ا‬
‫=‬
‫‪111‬‬

‫ل ى صورة من صور اإلحسان مع‬ ‫يتبني من هذا احلديث لرشاد النيب‬


‫األه ‪ ،‬وذلك مبراعاة الزمن املناسب لقدوم اإلتسان لبيته بعد السفر‪ ،‬وأًل يَ ْد َهم أهلَه‪،‬‬
‫ب يدخ البلد يف وقت يراه الناس‪ ،‬وتص أخبار قدومه ل ى أهله‪ ،‬فيستعي ُّدوا للقائه‪،‬‬
‫ويتهيؤوا لقدومه‪ ،‬فال يقع بصره على ما يؤذيه أو يـُبَـغيضهُ يف أهله من ُخلُق أو هيئة أو‬
‫فيؤدي ذلك ل ى ضعف احملبة واملودة هلم‪ ،‬ورمبا أدى ل ى اخلصام والفراق‬ ‫حال سيئة؛ ي‬
‫بينهم(‪ ،)1‬لذلك كان من اإلحسان اختيار اإلتسان الغائب لوقت طوي عن أهله‬
‫الوقت املناسب لقدومه‪ ،‬وهو النهار‪ ،‬وأما لن كان سفره لوقت قصري‪ ،‬وتوقع أهله‬ ‫َ‬
‫ليال عند بعض العلماء؛ لزوال ما ُخي َشى منه(‪ ،)4‬ولع هذا َم ُّرده ل ى‬
‫قدومه فله طَْرقُهم ا‬
‫أن التنقيب عن اخلفااي‪ ،‬والتماس العثرات والتقصري من األه ليس من اخلصال‬
‫الوقوف على الزًلت وطلبُها يف احملبيني‬
‫احلميدة‪ ،‬فك لتسان ُمعرض للتقصري واخلطأ‪ ،‬و ُ‬
‫جيلب العداوات‪ ،‬وًل يَسلَم للمرء حمبة وًل مودة‪ ،‬فمن اإلحسان أن ُحي يسن اإلتسان‬
‫عامله مبا يؤدي ل ى دميومتها واستقرارها‪ ،‬ومثة يحكم أخرى لذلك‪ ،‬ليس هنا موطن‬ ‫تَ ُ‬
‫بَ ْسطها وعرضها‪.‬‬
‫نع‬ ‫ِ‬
‫‪-1‬عن أيب هريرة ‪ ‬أن رسول هللا قال‪« :‬السفر قطعةٌ من العذاب‪َ ،‬مي ُ‬
‫عجل إىل‬ ‫أح َد ُكم نَومهُ وطَعامه و َشرابه‪ ،‬فإذا قضى أح ُد ُكم نَ ْهمتَهُ من وج ِه ِه فلي ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫=‬
‫رقم‪ ،)1248( :‬ص‪.882 :‬‬
‫(‪ )1‬اتظر‪ :‬العيين‪" ،‬عمدة القاري شرح صحيح البخاري"‪.182 :11 ،‬‬
‫(‪ )4‬اتظر‪ :‬النووي‪" ،‬املنهاج يف شرح صحيح مسلم بن احلجاج"‪.71 :11 ،‬‬
‫القيم اإلسالميَّة املتضمَّنة يف أحاديث السَّفر يف «صحيح مسلم»‬
‫‪111‬‬
‫أهلِ ِه»(‪.)1‬‬
‫يف هذا السياق النبوي توجيه لإلتسان ل ى جاتب من جواتب اإلحسان‪ ،‬أًل‬
‫برتك مألوف‪،‬‬‫هو اإلحسان ل ى تفسه‪ ،‬وحتقيق الراحة النفسية‪ ،‬والبعد عن ليذائها َْ‬
‫وبـُ ْعد عن حمبوب‪ ،‬ولجهاد للبدن وقمع للغرائز‪ ،‬وما يؤدي لليه ذلك من الشعور ابألمل‬
‫النفسي واجلسدي‪ ،‬وهلذا قال املناوي يف شرحه لقوله ‪« :‬فليُ َع ِجل إىل أهله»‪ ،‬أي‪:‬‬
‫"الرجوع ل ى أهله حمافظةا على فض اجلُ ُم َعة واجلَ َماعة‪ ،‬وراحة للبدن؛ لن لنفسك‬
‫عليك ح اقا"(‪.)4‬‬
‫التوسط واًلعتدال يف العبادات‪،‬‬
‫وهلذا جاء يف النصوص النبوية اإلرشاد ل ى ُّ‬
‫ومراعاة اإلتسان حلقوق النفس؛ من متكينها من الراحة املباحة املعتدلة‪ ،‬واللذة يف غري‬
‫ُحمرم‪ ،‬كما يف احلديث الصحيح‪ ...« :‬إن لربِك عليك حقا‪ ،‬ولنفسك عليك حقا‪،‬‬
‫حقه ‪.)1(»...‬‬ ‫وألهلك عليك حقا‪ ،‬فأ ْع ِط َّ‬
‫كل ذي حق َّ‬
‫سافرمت يف اخلصب‬
‫ُ‬ ‫‪-2‬عن أيب هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول هللا ‪« :‬إذا‬
‫ري‪ ،‬وإذا‬ ‫فأس ِرعوا عليها َّ‬ ‫سافرمت يف َّ ِ‬ ‫فأعطوا اإلبل حظَّها من األرض‪ ،‬وإذا‬
‫الس َ‬ ‫السنة ْ‬ ‫ُ‬

‫(‪ )1‬مسلم‪ ،‬كتاب اإلمارة‪ ،‬ابب مراعاة مصلحة الدواب يف السري والنهي عن التعريس يف الطريق‪،‬‬
‫حديث رقم‪ ،)1247( :‬ص‪.882 :‬‬
‫(‪ )4‬اتظر‪ :‬عبد الرؤوف املناوي‪" ،‬التيسري بشرح اجلامع الصغري"‪( ،‬ط‪ ،1 .‬الرايض‪ :‬مكتبة اإلمام‬
‫الشافعي‪1218 ،‬ه)‪.71 :4 ،‬‬
‫قضاء لذا كان‬
‫(‪ )1‬البخاري‪ ،‬كتاب الصوم‪ ،‬ابب أقسم على أخيه ليفطر يف التطوع ومل َير عليه ا‬
‫أوفق له‪ ،‬حديث رقم‪ ،)1268( :‬ص‪.271 :‬‬
‫‪111‬‬

‫اْلوام ابللَّيل»(‪.)1‬‬ ‫عرستُم ابلليل فاجتنِبُوا الطَّريق؛ َّ‬


‫فإهنا مأوى ِ‬ ‫َّ‬
‫وجهني‪:‬‬
‫يتجلى يف هذا احلديث قيمة اإلحسان من َ‬
‫الناس يف َسف يرهم ل ى مراعاة دقائق اإلحسان ل ى الدواب‬ ‫أحدمها‪ :‬لرشاده‬
‫اليت يستعملوهنا‪ ،‬وأن لسراعهم يف السري واإلبطاء مبين على ما فيه مصلحة للدواب‬
‫اليت معهم‪ ،‬وطبيعة األرض اليت يسريون عليها‪ ،‬فأ يُم ُروا يف حال اخلصب أن ُحي يسنوا ل ى‬
‫الدواب ابلرفق هبا‪ ،‬وتَـْرك اإلسراع ابلسري فيها‪ ،‬وأن ُمي يكنُوها من الرعي؛ لتشتد بذلك‬
‫قوة بدهنا‪ ،‬ولشباع غريزة األك فيها‪ ،‬فإن منعها وحرماهنا فيه أذى حسي ومعنوي هلا‬
‫حبصول الضعف لبدهنا‪ ،‬وأتلُّ يمها مبنع لشباع شهوة غريزهتا(‪ ،)4‬وأما لذا كاتت األرض‬
‫ُجم يدبة فإن اإلحسان لليها لسراع املسري هبا لتقطع املسافة وًل تضعف قوهتا‪.‬‬
‫املسافر النازل يف سفره أن يتجنب التوقُّف والنوم يف جادة‬‫اثتياا‪ :‬لرشاده‬
‫لتجمع‬
‫الطريق؛ فيؤذي تفسه بتعريضها للضرر من السائرين يف الطريق ابلدهس‪ ،‬أو ُّ‬
‫اهلويام الضارة يف طرق الناس ومسالكهم؛ فيؤدي تزوله فيها ل ى تعريض تفسه لألذى‬
‫ابللدغ وحنوه‪ ،‬وهذا ُجماتيب لإلحسان للنفس‪ ،‬كذلك تعريضه سالكي الطريق‬
‫وهلَ َكتيهم‪ ،‬أو تلف‬ ‫(‪)1‬‬
‫لألذى ‪ ،‬وللخطر‪ ،‬فقد يؤدي ل ى سقوطهم عن رواحلهم َ‬
‫أمتعتهم ودو ياهبم‪ ،‬أو ترويعهم‪ ،‬وأق ذلك لشعارهم ابألذى والضيق النفسي‪ ،‬وهذا‬

‫(‪ )1‬مسلم‪ ،‬كتاب اإلمارة‪ ،‬ابب مراعاة مصلحة الدواب يف السري والنهي عن التعريس يف الطريق‪،‬‬
‫حديث رقم‪ ،)1246( :‬ص‪.882 :‬‬
‫(‪ )4‬اتظر‪ :‬القرطيب‪" ،‬املفهم ملا أشك من تلخيص مسلم"‪.768 :1 ،‬‬
‫(‪ )1‬اتظر‪ :‬القرطيب‪" ،‬املفهم ملا أشك من تلخيص مسلم"‪.768 :1 ،‬‬
‫القيم اإلسالميَّة املتضمَّنة يف أحاديث السَّفر يف «صحيح مسلم»‬
‫‪111‬‬
‫جماتيب لإلحسان مع اآلخرين‪.‬‬
‫يف بعض أسفاره‪ ،‬وامرأة‬ ‫‪-8‬عن عمران بن حصني‪ ،‬قال‪ :‬بينما رسول هللا‬
‫فقال‪ُ « :‬خ ُذوا‬ ‫ض يجرت فَـلَ َعنْتـ َها‪ ،‬فسمع ذلك رسول هللا‬
‫من األتصار على انقة‪ ،‬فَ َ‬
‫ودعُوها؛ َّ‬
‫فإهنا َملعونَةٌ»(‪.)1‬‬ ‫ما عليها َ‬
‫احلث على اإلحسان ل ى احليواانت‪ ،‬وذلك بعدم‬‫يتبني يف هذا النص النبوي ُّ‬
‫الدعاء عليها ابهلالك أو لَ ْعنيها‪ ،‬سواء أكان املالك هلا يف حال غضب أم ًل‪ ،‬وهلذا‬
‫ب اإلحسان لليها‪ ،‬أبن أمره إبرساهلا ومنعها من‬
‫غلظ النيب اجلزاء على َمن جاتَ َ‬
‫أيضا على‬ ‫(‪)4‬‬
‫مصاحبته يف سفره‪ ،‬واستعماهلا يف الركوب ‪ ،‬ومفهوم النص النبوي يدل ا‬
‫احل ي‬
‫ث على اإلحسان ل ى اآلدميني‪ ،‬فإذا كاتت جماتبة اإلحسان ل ى البهائم سبباا‬
‫للجزاء‪ ،‬مع عدم لدراكها‪ ،‬فإن جماتبة اإلحسان مع اآلدميني أشد وأو ى ابجلزاء‬
‫واملعاقبة‪.‬‬
‫قبول اهلّية‪:‬‬
‫اهلدية لدى الفقهاء مرادفة للعطية واهلبة وهي "عطية يقصد هبا لكرام شخص‬
‫معني؛ لما حملبة‪ ،‬ولما لصداقة؛ ولما لطلب حاجة"(‪ ،)1‬وفيما أييت بيان األحاديث‬

‫(‪ )1‬مسلم‪ ،‬كتاب الرب والصلة واألدب‪ ،‬ابب النهي عن لعن الدواب وغريها‪ ،‬حديث رقم‪:‬‬
‫(‪ ،)4828‬ص‪.1111 :‬‬
‫(‪ )4‬اتظر‪ :‬محد بن حممد اخلطايب‪" ،‬معامل السنن"‪( ،‬ط‪ ،1 .‬حلب‪ :‬املطبعة العلمية‪1184 ،‬ه)‪،‬‬
‫‪.481 :4‬‬
‫(‪ )1‬أمحد بن عبد احلليم ابن تيمية‪ " ،‬جمموع فتاوى شيخ اإلسالم أمحد بن تيمية"‪( ،‬السعودية‪:‬‬
‫وزارة الشؤون اإلسالمية والدعوة واإلرشاد‪1248 ،‬ه)‪.462 ،11 ،‬‬
‫‪111‬‬

‫املتضمنة هلا‪:‬‬
‫هران‪ ،‬فَ َس َعوا عليه‬ ‫ي‬ ‫(‪)1‬‬
‫مرْران فاستنفجنا أرتباا مبَــر الظ َ‬ ‫‪-1‬عن أتس ‪ ‬قال‪َ :‬‬
‫ث بوركها‬ ‫(‪)4‬‬
‫فأتيت هبا أاب طلحة‪ ،‬فَ َذ َحبَ َها‪ ،‬فبَـ َع َ‬ ‫ت حَت ْأد َركتُها‪ُ ،‬‬
‫فَـلَغَـبُوا ‪ ،‬قال‪ :‬فَ َس َعْي ُ‬
‫فأتيت هبا رسول هللا ف َقبيلَهُ(‪.)2()1‬‬
‫وفخ َذيها ل ى رسول هللا ‪ُ ،‬‬
‫اهلدية‬ ‫يظهر يف السياق النبوي قيمة اإلحسان‪ ،‬من خالل قَـبُول الرسول‬
‫اليسرية من أحد الصحابة مع جاللة القدر لرسول وعيظَم منزلته الدينية والدتيوية‬
‫هديها‪ ،‬وأمر أصحابه‬ ‫واألخروية‪ ،‬لكنه مل أيتَف من ذلك‪ ،‬ومل يـردها‪ ،‬ب قَبيلَها من م ي‬
‫ُ‬ ‫َُ‬
‫ابألك منها‪ ،‬وهذا من متام اإلحسان‪ ،‬ومراعاة املشاعر اإلتساتية‪ ،‬ولدخال السعادة‬
‫للنفوس‪ ،‬قال ابن حجر‪" :‬وفيه هدية الصيد وقَـبُوهلا من الصائد‪ ،‬ولهداءُ الشيء اليسري‬
‫للكب يري ال َق ْدر لذا ُعلي َم من حاله الرضا بذلك"(‪.)8‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬قيمة العّل‪.‬‬
‫تعريف العدل‪:‬‬

‫(‪ )1‬اإلتفاج هو لاثرة الشيء من مكاته‪ ،‬فيقال‪ :‬أتفجت األرتب يف جحره أي‪ :‬أثرته فثار‪ .‬اتظر‪:‬‬
‫اتظر‪ :‬العيين‪" ،‬عمدة القاري شرح صحيح البخاري"‪.186 :11 ،‬‬
‫(‪ )4‬لغبوا بفتح الغني وكسرها أي‪ :‬تعبوا‪ .‬اتظر‪ :‬اتظر‪ :‬العيين‪" ،‬عمدة القاري شرح صحيح‬
‫البخاري"‪.188 :11 ،‬‬
‫(‪ )1‬مسلم‪ ،‬كتاب الصيد والذابئح‪ ،‬ابب لابحة األرتب‪ ،‬حديث رقم‪ ،)1281( :‬ص‪.874 :‬‬
‫مر الظهران‪ :‬اسم موضع على بُعد مرحلة من مكة‪ .‬اتظر‪ :‬الشوكاين‪" ،‬تي األوطار من أسرار‬
‫(‪ُّ )2‬‬
‫منتقى األخبار"‪.84 :18 ،‬‬
‫(‪ )8‬أمحد بن علي ابن حجر‪" ،‬فتح الباري بشرح صحيح البخاري"‪.142 :17 ،‬‬
‫القيم اإلسالميَّة املتضمَّنة يف أحاديث السَّفر يف «صحيح مسلم»‬
‫‪111‬‬
‫تعددت التعريفات العدل‪ ،‬ومن أبرز تلك التعريفات‪:‬‬
‫‪-‬قال ابن محيد‪" :‬بذل احلقوق الواجبة وتسوية املستحقني يف حقوقهم"(‪.)1‬‬
‫‪-‬قال احلميدان‪" :‬لعطاء ك ذي حق حقه من غري لفراط وًل تفريط"(‪.)4‬‬
‫قيمة العّل‪:‬‬
‫ع بني تسائه‪،‬‬
‫َقر َ‬
‫لذا خرج أ َ‬ ‫قالت‪« :‬كان رسول هللا‬ ‫‪-1‬عن عائشة‬
‫لذا كان‬ ‫مجيعا‪ ،‬وكان رسول هللا‬
‫خر َجتَا معه ا‬
‫وحفصةَ‪ ،‬فَ َ‬
‫َ‬ ‫عائشةَ‬
‫رعةُ على َ‬
‫فطارت ال ُق َ‬
‫ث معها‪ ،‬فقالت حفصة لعائشة‪ :‬أًل تَرَكبيني الليلة‬ ‫ابللي سار مع عائشة‪ ،‬يَـتَ َحد ُ‬
‫ي‬ ‫بعريي‪ ،‬وأَرَكب ب ي‬
‫ت عائشة على بعري حفصة‪،‬‬ ‫عريك‪ ،‬فَتنظُير َ‬
‫ين وأَتظُُر؟ قالت‪ :‬بلى‪َ ،‬فركبَ ْ‬ ‫ُ َ َ‬
‫ي‬
‫ول هللا ل ى َمجَ ي عائشة وعليه حفصة‪،‬‬ ‫ت حفصةُ على بع يري عائشةَ‪ ،‬فجاء ُ‬
‫رس ُ‬ ‫وركبَ ْ‬
‫َ‬
‫)‬‫‪1‬‬ ‫(‬
‫فسل َم ُمث َس َار معها‪ ،‬حَت تزلوا ‪ ،»...‬احلديث ‪.‬‬ ‫َ‬
‫يتبني يف هذا السياق النبوي قيمة العدل يف يحْرص النيب على مراعاة العدل‬
‫يف ك شؤوته حَت يف حال السفر‪ ،‬فكاتت عادته يف السفر كما يدل عليه قوله‪:‬‬
‫استخدامه القرعة للرتجيح يف اختيار الزوجة املرافقة له يف سفره‪،‬‬ ‫«إذا خرج»(‪)2‬‬
‫َ‬
‫وحذرا من الرتجيح بال ُم يرجح‪ ،‬ا‬
‫عمال ابلعدل؛ ألن املقيمة‬ ‫وذلك "تطييباا لنفوسهن‪ ،‬ا‬

‫(‪ )1‬ابن محيد‪" ،‬موسوعة تضرة النعيم يف أخالق الرسول الكرمي "‪.4814 :7 ،‬‬
‫(‪ )4‬عصام بن عبد احملسن احلميدان‪ " ،‬أخالقيات املهنة يف اإلسالم وتطبيقاهتا يف أتظمة اململكة‬
‫العربية السعودية"‪( ،‬ط‪ ،1 .‬الرايض‪ :‬مكتبة العبيكان‪1218 ،‬ه)‪.66 ،‬‬
‫‪ ،‬حديث رقم‬ ‫(‪ )1‬مسلم‪ ،‬كتاب فضائ الصحابة‪ ،‬ابب يف فضائ عائشة أم املؤمنني‬
‫(‪ ،)4228‬ص‪.1171 :‬‬
‫(‪ )2‬اتظر‪ :‬أمحد بن عمر القرطيب‪" ،‬املفهم ملا أشك من تلخيص مسلم"‪.142 :6 ،‬‬
‫‪112‬‬

‫ولن كاتت يف راحة لكن يفوهتا اًلستمتاع ابلزوج‪ ،‬واملسافيرة ولن َح يظيَت عنده بذلك‬
‫عدول عن‬
‫ٌ‬ ‫اختيارا؛‬
‫ا‬ ‫تتأذى مبشقة السفر‪ ،‬فإيثار بعضهن هبذا‪ ،‬وبعضهن هبذا‬
‫اإلتصاف‪ ،‬ومن مث كان اإلقراع واجباا‪ ،‬لكن حم الوجوب يف حق األمة ًل يف حقه‬
‫عليه الصالة والسالم؛ لعدم وجوب ال َق ْسم عليه"(‪.)1‬‬
‫يتحرى العدل فيما ًل جيب عليه العدل فيه‪ ،‬فهذا يدل على أن‬ ‫فإذا كان‬
‫عامله‪ ،‬وأن يتحرى العدل‬
‫املسلم جيب عليه أن يراعي العدل يف مجيع شؤوته وأحواله وتَ ُ‬
‫فيما ًل جيب عليه؛ ليكون عادة وسجية له‪ ،‬فال جياتبه فيما يلزمه العدل فيه‪.‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬قيمة االعتّال‪.‬‬
‫تعريف االعتدال‪:‬‬
‫‪-‬قال الكفوي‪" :‬توسط حال بني حالني يف كم أو كيف‪ .‬وك ما تناسب فقد‬
‫اعتدل"(‪.)4‬‬
‫أيضا‪" :‬التزام املنهج العدل األقوم‪ ،‬واحلق الذي هو وسط بني الغلو‬
‫ا‬ ‫‪-‬وقي‬
‫والتنطع‪ ،‬وبني التفريط والتقصري"(‪.)1‬‬
‫قيمة االعتّال‪:‬‬
‫الناس َجي َه ُرون‬
‫فج َع َ ُ‬
‫يف َس َفر‪َ ،‬‬ ‫‪-1‬عن أيب موسى ‪ ‬قال‪ُ :‬كنا مع النيب‬

‫(‪ )1‬اتظر‪ :‬املناوي‪" ،‬فيض القدير شرح اجلامع الصغري من أحاديث البشري النذير"‪.141 /8 ،‬‬
‫(‪ )4‬الكفوي‪" ،‬الكليات"‪.181 ،‬‬
‫(‪ )1‬انصر بن عبدالكرمي العق ‪ " ،‬الوسطية واًلعتدال يف القرآن الكرمي‪ :‬مفهوم الوسطية‬
‫واًلعتدال"‪ ،‬تدوة أثر القرآن الكرمي يف حتقيق الوسطية ودفع الغلو‪( ،‬ط‪ ،4 .‬الرايض‪ :‬وزارة‬
‫الشؤون اإلسالمية والدعوة واإلرشاد‪1248 ،‬ه)‪ ،‬ص‪.6 :‬‬
‫القيم اإلسالميَّة املتضمَّنة يف أحاديث السَّفر يف «صحيح مسلم»‬
‫‪113‬‬
‫ابلتكبري‪ ،‬فقال النيب ‪« :‬أيها الناس‪ ،‬اربَ ُعوا على أَن ُف ِس ُكم‪ ،‬إنَّ ُكم ليس تدعون‬
‫تدعونَهُ ِمس ًيعا قَريبًا وهو َم َعكم ‪ ،»...‬احلديث(‪.)1‬‬
‫أص َّم وال غَائبًا‪ ،‬إنكم ُ‬
‫َ‬
‫يظهر يف هذا احلديث العناية بقيمة اًلعتدال يف العبادات‪ ،‬وأن املسلم ولن‬
‫كان مأمورا على سبي الندب ابلدعاء ي‬
‫وذ ْكر هللا املطلق يف حال السفر‪ ،‬فإن عليه أن‬ ‫ا‬
‫التوسط يف أقواله وأفعاله؛ ملا يف جماتبة‬
‫يراعي يف أدائه للمأمورات جاتب اًلعتدال و ُّ‬
‫اًلعتدال من املشقة على النفس‪ ،‬ورمبا حصول الضرر والتعب(‪ ،)4‬واإليذاء لآلخرين‬
‫أصم وال‬
‫برفع الصوت‪ ،‬وجماتبة التأدب مع هللا‪ ،‬كما بينه قوله‪« :‬إنكم ليس تدعون َّ‬
‫غائبًا ‪ ،»...‬وألته أقرب لإلخالص يف لخفاء العم عن الناس‪ ،‬والبُعد عن الرايء‪.‬‬
‫الفرع اخلامس‪ :‬قيمة العِفَّة‪.‬‬
‫تعريف العفة‪:‬‬
‫للعفة تعريفات متعددة‪ ،‬ومن أبرز تلك التعريفات‪:‬‬
‫‪-‬قال اجلاحظ‪" :‬ضبط النفس عن الشهوات وقصرها على اًلكتفاء مبا يقيم‬
‫أود اجلسد‪ ،‬وحيفظ صحته فقط‪ ،‬واجتناب السرف يف مجيع امللذات وقصد‬
‫اًلعتدال"(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬مسلم‪ ،‬كتاب الذكر والدعاء‪ ،‬ابب استحباب خ ْفض الصوت ي‬


‫ابلذ ْكر لًل يف املواضع اليت ورد‬ ‫َ‬
‫الشرع برفعه فيها كالتلبية وغريها واسحباب اإلكثار من قول‪ً :‬ل حول وًل قوة لًل ابهلل‪،‬‬
‫حديث رقم‪ ،)4712( :‬ص‪.1178-1172 :‬‬
‫(‪ )4‬اتظر‪ :‬الصديقي‪" ،‬دلي الفاحلني لطرق رايض الصاحلني"‪.181 :6 ،‬‬
‫(‪ )1‬اجلاحظ‪ ،‬عمرو بن حبر‪ " ،‬هتذيب األخالق"‪( ،‬ط‪ ،1 .‬طنطا‪ ،‬دار الصحابة‪1211 ،‬هـ)‪،‬‬
‫‪.44-41‬‬
‫‪110‬‬

‫قيمة العفة‪:‬‬
‫ثالاث إال‬
‫قال‪« :‬ال تسافر املرأة ً‬ ‫أن رسول هللا‬ ‫‪-1‬عن ابن عمر‬
‫وم َع َها ذو َحم َرم»(‪.)1‬‬
‫َ‬
‫رج ٌل‬‫ون ُ‬ ‫ب يقول‪« :‬ال ََيلُ َّ‬
‫قال‪ :‬مسعت النيب خيطُ ُ‬ ‫‪-4‬عن ابن عباس‬
‫وم َع َها ذو َْحم َرم‪ ،‬وال تُسافِ ِر املرأة إال مع ذي َحم َرم»‪ ،‬فقام رج فقال‪ :‬اي‬
‫ابمرأَة إال َ‬
‫َ‬
‫بت يف غزوة كذا وكذا‪ ،‬قال‪« :‬انطَلِ ْق‬ ‫رسول هللا‪ ،‬لن امرأيت خرجت حاجةا‪ ،‬ي ي‬
‫ولين اكتُت ُ‬ ‫ََ َ َ‬
‫فَ ُح َّج مع امرأتك»(‪.)4‬‬
‫وص ْون املرء‬
‫ميتاز هذان النصان النبواين ابلعناية بقيمة العفة واًلهتمام هبا‪َ ،‬‬
‫َحما يرَمه من التعدي عليهن ابلقول أو الفع ‪ ،‬ومحايتهن من األذى الذي قد يعرتيهن‬
‫من ضعاف النفوس‪ ،‬وطمع مرضى القلوب هبن ولغرائهم هلن(‪ ،)1‬من منع الرسول‬
‫املرأ َة من السفر دون مرافقة هلا من أحد من حمارمها‪ ،‬فالسفر عاد اة تسقط فيه الكلفة‪،‬‬
‫الرفقة ل ى التحدث واًلستئناس حَت ينقطع الطريق‪ ،‬والنفوس ُجبيلَت على‬ ‫وحيتاج ُّ‬
‫حرم مع‬ ‫ي‬
‫وص ْوته مما خيدشه أو ينتهكه‪ ،‬لذلك كان هذا األمر بوجود ال َـم َ‬
‫محاية العْرض َ‬
‫املرأة يف سفرها‪ ،‬حَت لو كان سفرها ألداء عبادة‪ ،‬وهذا كله من حرص اإلسالم على‬
‫لجيااب على اجملتمع‪.‬‬
‫ص ْون قيمة العفة ورعايتها مبا ينعكس أثره ا‬
‫َ‬

‫(‪ )1‬مسلم‪ ،‬كتاب احلج‪ ،‬ابب سفر املرأة مع حمرم ل ى حج وغريه‪ ،‬حديث رقم‪ ،)1118( :‬ص‪:‬‬
‫‪.862‬‬
‫(‪ )4‬مسلم‪ ،‬كتاب احلج‪ ،‬ابب سفر املرأة مع حمرم ل ى حج وغريه‪ ،‬حديث رقم‪ ،)1121( :‬ص‪:‬‬
‫‪.866‬‬
‫(‪ )1‬اتظر‪ :‬عياض‪" ،‬لكمال املعلم بفوائد مسلم‪.228 :2 ،" ،‬‬
‫القيم اإلسالميَّة املتضمَّنة يف أحاديث السَّفر يف «صحيح مسلم»‬
‫‪111‬‬
‫الفرع السادس‪ :‬قيمة التدقوى‪.‬‬
‫تعريف التقوى‪:‬‬
‫تنوعت التعريفات للتقوى‪ ،‬ومن أبرز تلك التعريفات‪:‬‬
‫‪-‬أهنا‪" :‬امتثال أوامره تعا ى واجتناب تواهيه‪ ،‬بفع ك مأمور به وترك ك‬
‫منهي عنه حسب الطاقة"(‪.)1‬‬
‫قيمة التدقوى‪:‬‬
‫كان لذا استوى على بعريه‬ ‫أن رسول هللا‬ ‫‪ -1‬عن عبد هللا بن عمر‬
‫خارجا ل ى سفر‪َ ،‬ك َرب ثال ااث‪ ،‬قال‪« :‬سبحان الذي سخَّر لنا هذا‪ ،‬وما ُكنَّا له ُمق ِرنني‪،‬‬
‫ا‬
‫الرب والتقوى‪ ،‬ومن العمل ما‬ ‫وإان إىل ربِنا ملنقلبون‪ ،‬اللهم إان نسألك يف سفران هذا َّ‬
‫َّ‬
‫هون علينا سفران هذا‪ ،‬واط ِو عنَّا بُع َده‪ ،‬اللَّهم أنت الصاحب يف‬ ‫ترضى‪ ،‬اللهم ِ‬
‫السفر‪ ،‬وكآبة املنظر‪،‬‬
‫إين أعوذ بك من وعثاء َّ‬ ‫الس َفر‪ ،‬واخلليفةُ يف األهل‪ ،‬اللَّهم َّ‬
‫َّ‬
‫وسوء املنقلب يف املال واألهل ‪ »...‬احلديث(‪.)4‬‬
‫تتجلى العناية بقيمة اإلميان يف هذا السياق النبوي‪ ،‬من خالل توجيه اإلتسان‬
‫ل ى أداء لوازم اإلميان؛ من القيام ابلطاعات‪ ،‬واجتناب السيئات يف أحواله كلها‪،‬‬
‫واملتمثي يف سؤال هللا اإلعاتةَ على الرب والتقوى(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬اتظر‪ :‬ابن محيد‪" ،‬موسوعة تضرة النعيم يف أخالق الرسول الكرمي "‪.1181 :1 ،‬‬
‫متوجها لسفر حج أو غريه‪ ،‬وبيان‬
‫ا‬ ‫(‪ )4‬مسلم‪ ،‬كتاب احلج‪ ،‬ابب استحباب الذكر لذا ركب دابته‬
‫الذكر‪ ،‬حديث رقم‪ ،)1124( :‬ص‪.866 :‬‬ ‫األفض من ذلك ي‬
‫(‪ )1‬اتظر‪ :‬شرف العظيم آ ابدي‪" ،‬عون املعبود على شرح سنن أيب داود"‪( ،‬ط‪ ،1 .‬بريوت‪ :‬دار‬
‫ابن حزم)‪.1181 :1 ،‬‬
‫‪111‬‬

‫وسفر معصية‪ ،‬ويرتتب‬


‫سفر طاعة ُ‬ ‫وملا كان السفر له غاايت ومقاصد فثمة ُ‬
‫متعددة حبسب غاية السفر ومقصده‪ ،‬كما أن اإلتسان يف‬ ‫على ذلك أحكام شرعية ي‬
‫ي‬
‫املستوطن فيه مدعاةٌ للتساه يف املأمورات‬ ‫حال السفر قد يكون يف بُعده عن بلده‬
‫تظرا ملفارقة‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫واحملظورات‪ ،‬أو لما قد يؤدي لليه السفر من اًلتشغال واإلمهال للعبادات؛ ا‬
‫ي‬
‫وجع َ‬
‫العادات اليت اعتادها اإلتسان‪ ،‬اليت من ضمنها العبادات‪ ،‬قال الطييب ‪َ " :‬‬
‫صيب اإلتسا َن فيه املشقةُ‪ ،‬واخلوف‪ ،‬فيكون‬‫دينه وأماتته من الودائع؛ ألن السفر ي ي‬
‫ُ‬
‫ذلك سبباا إلمهال بعض أمور الدين ‪)1("...‬؛ لذلك كان هديه الذي أرشد لليه‪:‬‬
‫ابتداء السفر ابًلستعاتة ابهلل ابلدعاء على يح ْفظ اإلتسان من ك ضرر يعرتيه يف دينه‬
‫ودتياه‪.‬‬

‫‪h‬‬

‫(‪ )1‬اتظر‪ :‬علي بن سلطان القاري‪" ،‬مرقاة املفاتيح شرح مشكاة املصابيح"‪ ،‬حتقيق‪ :‬مجال عياين‪،‬‬
‫(ط‪ ،1 .‬بريوت‪ :‬دار الكتب العلمية‪1244 ،‬ه)‪.128 :8 ،‬‬
‫القيم اإلسالميَّة املتضمَّنة يف أحاديث السَّفر يف «صحيح مسلم»‬
‫‪111‬‬

‫اخلامتة‬

‫ان األ ْكم ي‬


‫الن على تبينا حممد‪ ،‬وعلى آله‬ ‫األمت ي‬
‫احلمد هلل‪ ،‬والصالة والسالم َ‬
‫َ‬
‫وصحبه أمجعني‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫املتضم ِنة يف أحاديث‬
‫َّ‬ ‫ي‬
‫البحث املسموم بـ ــ‪« :‬القيم اإلسالمية‬ ‫فمن خالل هذا‬
‫الس َف ِر يف صحيح مسلم»‪ ،‬حاولت استخراج القيم اإلسالمية من النصوص النبوية‬
‫َّ‬
‫ذكر للس َفر‪ ،‬وتوصلت ل ى النتائج اآلتية‪:‬‬
‫اليت ورد فيها ٌ‬
‫‪-1‬تضمنت أحاديث السفر الدًللة على توعني من أتواع القيم مها‪ :‬القيم‬
‫التشريعية‪ ،‬والقيم اخلُل ُقية‪ ،‬وكاتت دًللتها على جزئيات القيم التشريعية أكثر ل ى حد‬
‫ما من جزئيات القيم اخلُلُقية‪ ،‬ولع سبب كثرة األحاديث الدالة على القيم التشريعية‬
‫عائد ل ى احلاجة ل ى بيان األحكام املتعددة املتصلة حبال الس َفر واملسافر‪.‬‬
‫‪-4‬اشتملت أحاديث الس َفر على أربع من القيم التشريعية‪ ،‬قيمة اًلقتداء‬
‫والتأسي‪ ،‬والسمع واًللتزام أبحكام اإلسالم‪ ،‬والسمع والطاعة لوًلة األمور‪ ،‬والتيسري‪،‬‬
‫وقد كان أغلبها منصب على ترسيخ قيمة التيسري‪.‬‬
‫‪-1‬كذلك فقد اعتنت أحاديث الس َفر يف ترسيخ مجلة من أمهات القيم‬
‫اخلُل ُقية وأصوهلا‪ ،‬قيمة التواضع‪ ،‬واإلحسان‪ ،‬والعدل‪ ،‬واًلعتدال‪ ،‬والعفة‪ ،‬والتقوى‪ ،‬مما‬
‫يؤكد على ضرورة مالزمة اإلتسان لتلك القيم يف ك أحواله‪ ،‬وعدم اًلتفكاك عنها‪.‬‬
‫‪111‬‬

‫‪-2‬لع مما يصح قوله‪ :‬لته ما من تص تبوي لًل وهو دال على قيمة من القيم‬
‫اإلسالمية أو متضمن هلا أو شاهد عليها‪.‬‬
‫وأبرز التوصيات‪:‬‬
‫صْرف عناية الباحثني يومهَ يمهم ل ى جمال البحث يف القيم يف السنة النبوية‪،‬‬
‫‪َ -1‬‬
‫مبا يُظهر أصالة القيم يف الدين اإلسالمي‪.‬‬
‫‪-4‬أقرتح دراسة القيم اإلسالمية املتضمنة يف أحاديث الغزوات والسرااي يف‬
‫اهتمام الدين اإلسالمي مبجال‬
‫َ‬ ‫صحيح مسلم‪ ،‬أو يف كتب احلديث األخرى؛ مبا يُظ يهر‬
‫ي‬
‫القيَم يف جماًلت احلياة كلها‪.‬‬

‫‪h‬‬
‫القيم اإلسالميَّة املتضمَّنة يف أحاديث السَّفر يف «صحيح مسلم»‬
‫‪111‬‬

‫فهرس املصادر واملراجع‬

‫‪ -1‬آابدي‪ ،‬شرف العظيم‪" ،‬عون املعبود على شرح سنن أيب داود"‪( ،‬ط‪،1 .‬‬
‫بريوت‪ :‬دار ابن حزم)‪.‬‬
‫‪ -4‬ابن اجلوزي‪ ،‬عبد الرمحن‪" ،‬كشف املشك من حديث الصحيحني"‪،‬‬
‫حتقيق‪ :‬د‪ .‬علي البواب‪( ،‬ط‪ ،1 .‬الرايض‪ :‬دار الوطن‪1218 ،‬ه)‪.‬‬
‫‪ -1‬ابن القيم‪ ،‬حممد بن أيب بكر‪" ،‬هتذيب السنن"‪ ،‬حتقيق‪ :‬لمساعي غازي‬
‫مرحبا‪( ،‬ط‪ ،1 .‬الرايض‪ :‬مكتبة املعارف‪1248 ،‬ه)‪.‬‬
‫‪ -2‬ابن القيم‪ ،‬حممد بن أيب بكر‪" ،‬مدارج السالكني بني منازل لايك تعبد ولايك‬
‫تستعني"‪( ،‬ط‪ ،7 .‬بريوت‪ :‬دار الكتاب العريب‪1241 ،‬ه)‪.‬‬
‫‪ -8‬ابن بطال‪ ،‬علي‪" ،‬شرح صحيح البخاري"‪ ،‬حتقيق‪ :‬ايسر بن لبراهيم‬
‫ولبراهيم الصبيحي‪( ،‬الرايض‪ :‬مكتبة الرشد)‪.‬‬
‫‪ -6‬ابن تيمية‪ ،‬أمحد بن عبد احلليم‪" ،‬جواب اًلعرتاضات املصرية على الفتيا‬
‫احلموية"‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد مشس‪( ،‬السعودية‪ :‬دار عامل الفوائد)‪.‬‬
‫‪ -7‬ابن حجر‪ ،‬أمحد بن علي‪" ،‬فتح الباري بشرح صحيح البخاري"‪ ،‬حتقيق‪:‬‬
‫شعيب األرانؤوط وآخرون‪( ،‬ط‪ ،1 .‬دار الرسالة العاملية‪1212 ،‬ه)‪.‬‬
‫‪ -8‬ابن محيد‪ ،‬صاحل بن عبد هللا "موسوعة تضرة النعيم يف أخالق الرسول‬
‫الكرمي "‪( ،‬ط‪ ،1 .‬جدة‪ :‬دار الوسيلة‪1218 ،‬ه)‪.‬‬
‫‪ -2‬ابن دقيق العيد‪ ،‬تقي الدين‪" ،‬لحكام األحكام شرح عمدة األحكام"‪،‬‬
‫حتقيق‪ :‬حممد حامد الفقي‪( ،‬القاهرة‪ :‬مكتبة السنة احملمدية‪1174 ،‬ه)‪.‬‬
‫‪ -11‬ابن رجب‪ ،‬عبد الرمحن بن أمحد‪" ،‬جامع العلوم واحلكم يف شرح مخسني‬
‫حديثاا من جوامع الكلم"‪( ،‬بريوت‪ :‬دار املعرفة)‪.‬‬
‫‪ -11‬ابن عبد الرب‪ ،‬يوسف بن عبد هللا‪" ،‬اًلستذكار اجلامع ملذاهب فقهاء‬
‫األمصار وعلماء األقطار فيما تضمنه املوطأ من معاين الرأي واآلاثر‪ ،‬وشرح‬
‫‪111‬‬
‫ذلك كله ابإلجياز واًلختصار"‪( ،‬ط‪ ،1 .‬دمشق‪-‬حلب‪ :‬دار قتيبة‪-‬دار‬
‫الوعي‪1212 ،‬ه)‪.‬‬
‫ابن عياض‪ ،‬عياض بن موسى‪" ،‬لكمال املعلم بفوائد مسلم"‪ ،‬حتقيق‪ :‬د‪.‬‬ ‫‪-14‬‬
‫حيي لمساعي ‪( ،‬ط‪ ،1 .‬املنصورة‪ :‬دار الوفاء‪1212 ،‬ه)‪.‬‬
‫ابن فارس‪ ،‬أمحد‪" ،‬معجم مقاييس اللغة"‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبد السالم هارون‪،‬‬ ‫‪-11‬‬
‫(‪1122‬ه‪ ،‬دار الفكر)‪.‬‬
‫ابن كثري‪ ،‬لمساعي بن عمر‪" ،‬تفسري القرآن العظيم"‪ ،‬حتقيق‪ :‬سامي بن‬ ‫‪-12‬‬
‫حممد السالمة‪( ،‬ط‪ ،4 .‬دار طيبة‪1241 ،‬ه)‪.‬‬
‫ابن منظور‪ ،‬حممد بن مكرم‪" ،‬معجم لسان العرب"‪( ،‬بريوت‪ :‬دار صادر)‪.‬‬ ‫‪-18‬‬
‫اإلربلي‪ ،‬حممد أمني‪" ،‬تنوير القلوب يف معاملة عالم الغيوب"‪( ،‬بريوت‪ :‬دار‬ ‫‪-16‬‬
‫الكتب العلمية)‪.‬‬
‫األصفهاين‪ ،‬احلسني بن حممد‪" ،‬الذريعة ل ى مكارم الشريعة"‪( ،‬ط‪،1 .‬‬ ‫‪-17‬‬
‫بريوت‪ :‬دار الكتب العلمية‪1211 ،‬ه)‪.‬‬
‫ا ألصفهاين‪ ،‬الراغب‪" ،‬مفردات ألفاظ القرآن"‪ ،‬حتقيق‪ :‬عدانن داوودي‪( ،‬ط‬ ‫‪-18‬‬
‫‪ ،2‬دمشق‪ :‬دار القلم‪1211 ،‬هـ‪4112 ،‬م)‪.‬‬
‫البسام‪ ،‬عبد هللا بن عبدالرمحن‪" ،‬تيسري العالم شرح عمدة األحكام"‪،‬‬ ‫‪-12‬‬
‫حتقيق‪ :‬حممد صبحي حالق‪( ،‬ط‪ ،11 .‬اإلمارات‪ :‬مكتبة الصحابة‪،‬‬
‫‪1246‬ه)‪.‬‬
‫اجلاحظ‪ ،‬عمرو بن حبر‪" ،‬هتذيب األخالق"‪( ،‬ط‪ ،1 .‬طنطا‪ :‬دار‬ ‫‪-41‬‬
‫الصحابة‪1211 ،‬ه)‪.‬‬
‫احلميدان‪ ،‬عصام بن عبد احملسن‪" ،‬أخالقيات املهنة يف اإلسالم وتطبيقاهتا‬ ‫‪-41‬‬
‫يف أتظمة اململكة العربية السعودية"‪( ،‬ط‪ ،1 .‬الرايض‪ :‬مكتبة العبيكان‪،‬‬
‫‪1218‬ه)‪.‬‬
‫اخلطايب‪ ،‬محد بن حممد‪" ،‬معامل السنن"‪( ،‬ط‪ ،1 .‬حلب‪ :‬املطبعة العلمية‪،‬‬ ‫‪-44‬‬
‫القيم اإلسالميَّة املتضمَّنة يف أحاديث السَّفر يف «صحيح مسلم»‬
‫‪111‬‬
‫‪1184‬ه)‪.‬‬
‫الرفاعي‪ ،‬أمحد حسني‪" ،‬مناهج البحث العلمي تطبيقات لدارية واقتصادية"‪،‬‬ ‫‪-41‬‬
‫(ط‪ ،1 .‬عمان‪ :‬دار وائ ‪4112 ،‬م)‪.‬‬
‫زهران‪ ،‬حامد‪" ،‬علم النفس اًلجتماعي"‪( ،‬ط‪ ،1 .‬القاهرة‪ :‬عامل الكتب‪،‬‬ ‫‪-42‬‬
‫‪1277‬م)‪.‬‬
‫الزهراين‪ ،‬صاحل بن حيىي "قيم السالم يف كتب التفسري واحلديث والرتبية‬ ‫‪-48‬‬
‫الوطنية يف املرحلة املتوسطة ابململكة العربية السعودية"‪ ،‬رسالة دكتوراه غري‬
‫منشورة‪ ،‬كلية الرتبية‪ ،‬جامعة أم القرى‪4118( ،‬م)‪.‬‬
‫السعدي‪ ،‬عبد الرمحن بن انصر‪" ،‬تيسري الكرمي الرمحن يف تفسري كالم‬ ‫‪-46‬‬
‫املنان"‪ ،‬حتقيق‪ :‬عبدالرمحن بن معال اللوحيق‪( ،‬ط‪ ،1 .‬بريوت‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة‪1241 ،‬ه)‪.‬‬
‫السلمان‪ ،‬فهد بن انصر‪" ،‬جمموع فتاوى ورسائ الشيخ حممد بن صاحل‬ ‫‪-47‬‬
‫العثيمني"‪( ،‬الطبعة األخرية‪ ،‬الرايض‪ :‬دار الوطن‪1211 ،‬ه)‪.‬‬
‫السهاتفوري‪ ،‬خلي أمحد‪" ،‬بذل اجملهود يف ح أيب داود"‪( ،‬بريوت‪ :‬دار‬ ‫‪-48‬‬
‫الكتب العلمية)‪.‬‬
‫السيوطي‪ ،‬عبد الرمحن بن أيب بكر‪" ،‬الديباج على صحيح مسلم بن‬ ‫‪-42‬‬
‫احلجاج"‪( ،‬ط‪ ،1 .‬اخلرب‪ ،‬دار ابن عفان‪1216 ،‬ه)‪.‬‬
‫الشاطيب‪ ،‬حممد بن موسى‪" ،‬املوافقات"‪( ،‬ط‪ ،1 .‬اخلرب‪ :‬دار ابن عفان)‪.‬‬ ‫‪-11‬‬
‫الشربيين‪ ،‬حممد بن اخلطيب‪" ،‬مغين احملتاج ل ى معرفة معاين ألفاظ املنهاج"‪،‬‬ ‫‪-11‬‬
‫(ط‪ ،1 .‬بريوت‪ :‬دار املعرفة‪1218 ،‬ه)‪.‬‬
‫الشرقاوي‪ ،‬عبد هللا بن حجازي‪" ،‬فتح املبدي بشرح خمتصر الزبيدي"‪،‬‬ ‫‪-14‬‬
‫(بريوت‪ :‬دار الكتب العلمية)‪.‬‬
‫الشوكاين‪ ،‬حممد بن علي‪" ،‬تي األوطار من أسرار منتقى األخبار"‪ ،‬حتقيق‪:‬‬ ‫‪-11‬‬
‫حممد صبحي حالق‪( ،‬ط‪ ،1 .‬الدمام‪ :‬دار ابن اجلوزي‪1247 .‬ه)‪.‬‬
‫‪112‬‬
‫الصديقي‪ ،‬حممد بن عالن‪" ،‬دلي الفاحلني لطرق رايض الصاحلني"‪،‬‬ ‫‪-12‬‬
‫(بريوت‪ :‬دار الكتاب العريب)‪.‬‬
‫ختصصا وماد اة‬
‫ا‬ ‫الطريقي‪ ،‬عبد هللا بن لبراهيم وآخرون‪" ،‬الثقافة اإلسالمية‬ ‫‪-18‬‬
‫وقسما علميًّا"‪( ،‬ط‪1217 ،1 .‬ه)‪.‬‬‫ا‬
‫العثيمني‪ ،‬حممد بن صاحل‪" ،‬القواعد الفقهية"‪( ،‬اإلسكندرية‪ :‬دار البصرية)‪.‬‬ ‫‪-16‬‬
‫العق ‪ ،‬انصر بن عبد الكرمي‪" ،‬الوسطية واًلعتدال يف القرآن الكرمي‪ :‬مفهوم‬ ‫‪-17‬‬
‫الوسطية واًلعتدال"‪ ،‬تدوة أثر القرآن الكرمي يف حتقيق الوسطية ودفع الغلو‪،‬‬
‫(ط‪ ،4 .‬الرايض‪ :‬وزارة الشؤون اإلسالمية واألوقاف والدعوة واإلرشاد‪،‬‬
‫‪1248‬ه)‪.‬‬
‫العمادي‪ ،‬حممد بن حممد‪" ،‬لرشاد العق السليم ل ى مزااي القرآن الكرمي"‪،‬‬ ‫‪-18‬‬
‫(بريوت‪ :‬دار لحياء الرتاث العريب)‪.‬‬
‫العيين‪ ،‬حممود بن أمحد‪" ،‬عمدة القاري شرح صحيح البخاري"‪( ،‬ط‪،1 .‬‬ ‫‪-12‬‬
‫بريوت‪ :‬دار الكتب العلمية‪1241 ،‬ه)‪.‬‬
‫الفوزان‪ ،‬صاحل بن فوزان‪" ،‬تيسري زاد املستقنع يف الفقه احلنبلي"‪( ،‬بريوت‪:‬‬ ‫‪-21‬‬
‫دار الكتب العلمية)‪.‬‬
‫الفريوزآابدي‪ ،‬حممد بن يعقوب‪ ،‬القاموس احمليط‪( ،‬ط‪ ،8 .‬بريوت‪ :‬مؤسسة‬ ‫‪-21‬‬
‫الرسالة‪1246 ،‬ه)‪.‬‬
‫القاري‪ ،‬علي بن سلطان‪" ،‬مرقاة املفاتيح شرح مشكاة املصابيح"‪ ،‬حتقيق‪:‬‬ ‫‪-24‬‬
‫مجال عياين‪( ،‬ط‪ ،1 .‬بريوت‪ :‬دار الكتب العلمية‪1244 ،‬ه)‪.‬‬
‫القامسي‪ ،‬حممد مجال الدين‪" ،‬حماسن التأوي "‪ ،‬حتقيق‪ :‬حممد فؤاد عبد‬ ‫‪-21‬‬
‫الباقي‪( ،‬ط‪1176 ،1 .‬ه)‪.‬‬
‫القرطيب‪ ،‬أمحد بن عمر‪" ،‬املفهم ملا أشك من تلخيص مسلم"‪ ،‬حتقيق‪:‬‬ ‫‪-22‬‬
‫حميي الدين مستو وآخرون‪( ،‬ط‪ ،1 .‬دمشق‪ :‬دار ابن كثري ‪-‬دار الكلم‬
‫الطيب)‪.‬‬
‫القيم اإلسالميَّة املتضمَّنة يف أحاديث السَّفر يف «صحيح مسلم»‬
‫‪113‬‬
‫الكاساين‪ ،‬أيب بكر بن مسعود‪" ،‬بدائع الصنائع يف ترتيب الشرائع"‪ ،‬حتقيق‪:‬‬ ‫‪-28‬‬
‫علي معوض وعادل عبد املوجود‪( ،‬ط‪ ،4 .‬بريوت‪ :‬دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫‪1242‬ه)‪.‬‬
‫الكفوي‪ ،‬أيوب بن موسى‪" ،‬الكليات"‪ ،‬حتقيق‪ :‬عدانن درويش وحممد‬ ‫‪-26‬‬
‫املصري‪( ،‬ط‪ ،4 .‬بريوت‪ :‬مؤسسة الرسالة‪.)1212 ،‬‬
‫املاوردي‪ ،‬علي بن حممد‪" ،‬احلاوي الكبري يف فقه اإلمام الشافعي"‪( ،‬ط‪،1 .‬‬ ‫‪-27‬‬
‫بريوت‪ :‬دار الكتب العلمية‪1212 ،‬ه)‪.‬‬
‫املباركفوري‪ ،‬حممد بن عبد الرمحن‪" ،‬حتفة األحوذي بشرح جامع الرتمذي"‪،‬‬ ‫‪-28‬‬
‫(دار الفكر)‪.‬‬
‫املزين‪ ،‬لمساعي بن حيي‪" ،‬شرح السنة"‪( ،‬ط‪ ،1 .‬السعودية‪ ،‬مكتبة الغرابء‬ ‫‪-22‬‬
‫األثرية‪1218 ،‬ه)‪.‬‬
‫املزين‪ ،‬حرب بن لمساعي ‪" ،‬لمجاع السلف يف اًلعتقاد"‪( ،‬ط‪ ،4 .‬مصر‪:‬‬ ‫‪-81‬‬
‫دار اإلمام أمحد‪1211 ،‬ه‪.‬‬
‫املناوي‪ ،‬عبد الرؤوف‪" ،‬التوقيف على مهمات التعاريف"‪( ،‬ط‪ ،1 .‬القاهرة‪:‬‬ ‫‪-81‬‬
‫عامل الكتب‪1211 ،‬ه)‪.‬‬
‫املناوي‪ ،‬عبد الرؤوف‪" ،‬فيض القدير شرح اجلامع الصغري من أحاديث‬ ‫‪-84‬‬
‫البشري النذير"‪( ،‬بريوت‪ :‬دار الكتب العلمية‪1244 ،‬ه)‪.‬‬
‫املناوي‪ ،‬عبد الرؤوف‪" ،‬التيسري بشرح اجلامع الصغري"‪( ،‬ط‪ ،1 .‬الرايض‪:‬‬ ‫‪-81‬‬
‫مكتبة اإلمام الشافعي‪1218 ،‬ه)‪.‬‬
‫النووي‪ ،‬حيي بن شرف‪" ،‬املنهاج يف شرح صحيح مسلم بن احلجاج"‪( ،‬ط‪.‬‬ ‫‪-82‬‬
‫‪ ،1‬مصر‪ :‬املطبعة املصرية ابألزهر‪1127 ،‬ه)‪.‬‬
110

bibliography

1- Abadi ،Sharaf Al aladgeem ،"eawn almaebud ealaa sharh sunan


'abi dawud" ،(Beirut: Dar Ibn Hazm).
2- Ibn al-Jawzi ،Abdul Rahman ،"kashaf almushkil min hadith
alsahihayn" ،investigated by: Dr. On the doorman ،1418 ،
Riyadh: Dar Al-Watan).
3- Ibn al-Qayyim ،Muhammad ibn Abi Bakr ،"Tahzeeb Al-
Sunan" ،(1428 ،Riyadh: knowledge library).
4- Ibn al-Qayyim ،Muhammad ibn Abi Bakr ،"madarij alsaalikin
bayn manazil 'iiaak naebud wa'iiaak nastaein" ،(1423 ،Beirut).
5- Ibn Battal ،Ali ibn ،"Sharh Sahih al-Bukhari" ،(Al-roshd
library).
6- Ibn Taymiyyah ،Ahmed bin Abdul Halim ،"jawab alaietiradat
almisriat ealaa alfatya alhamawia" ،(Saudi: Dar Alam Al-
Mayadeen).
7- Ibn Hajar ،Ahmad ibn Ali ،"Fath al-Bari by sharh Sahih al-
Bukhari" ،(the House of the universal message).
8- Ibn Hamid ،Saleh bin Abdullah "mawsueat nadrat alnaeim fi
'akhlaq alrasul alkarim" ،(1418 ،Al Wasila House).
9- Ibn muqiq Al-Eid ،Taqi al-Din(iihkam al'ahkam sharh eumdat
al'ahkam)" ،Investigated by: Muhammad Hamid al-Faqi ،
(1372 ،Cairo).
10- Ibn Rajab ،Abdul Rahman bin Ahmed ،" jamie aleulum
walhukm fi sharh khamsin hdythan min jawamie alkalm " ،
(Beirut: Dar Al-marefa).
11- Ibn Ayad ،Ayad ibn Musa ،" iikmal almuealim bifawayid
muslim " ،(1419 ،Dar Al-Wafa).
12- Ibn fares ،Ahmed ،" muejam maqayis allugha " ،(1399 ،Dar Al-
Fikr).
13- Ibn Manzoor ،Muhammad ibn Makram ،" muejam lisan al arab
" ،(Beirut: Sadr House).
14- Irbli ،Mohammed Amin ،" tanwir alqulub fi mueamalat ealam
alghuyu " ،(Beirut: House of scientific books).
15- Isfahani ،al-Ragheb ،" vocabulary of the Qur'an " ،(Dar Al-
Qalam).
»‫القيم اإلسالميَّة املتضمَّنة يف أحاديث السَّفر يف «صحيح مسلم‬
111
16- Al-Khattabi ،Hamad bin Muhammad ،" maealim alsunan " ،
(1352 ،Aleppo: scientific press).
17- Al-Rifai ،Ahmed Hussein ،" manahij albahth aleilmii tatbiqat
'iidariat waiqtisadia " ،(Amman: Dar Wael).
18- Sahanfouri ،Khalil Ahmed ،" making an effort to solve Abu
Dawud " ،(House of scientific books).
19- Al-Suyuti ،Abdulrahman ibn Abi Bakr ،" aldiybaj ealaa sahih
muslim bin alhajaa " ،(Al-Khobar ،Dar ibn Affan).
20- Al-shatibi ،Muhammad ibn Musa ،" almuafaqat " ،(the news:
Dar ibn Affan).
21- Al-Sharqawi ،Abdullah bin Hijazi ،" Fatah al-mabdi with a
brief explanation of al-Zubaidi " ،(Beirut).
22- Siddiqi ،Mohammed bin Alan ،" dalil alfalhin lituruq riad
alsaalihin " ،(Beirut: Arab Book House).
23- Al-tariqi ،Abdullah bin Ibrahim and others ،" Islamic culture is
a specialty-a subject-and a scientific department ".
24- Al-Othaimeen ،Muhammad ibn Saleh ،" alqawaeid alfiqhia " ،
(Dar Al-Basira).
25- Al-Emadi ،Mohammed bin Mohammed ،" iirshad aleaql
alsalim 'iilaa mazaya alquran alkarim " ،(Beirut).
26- Al-Aini ،Mahmud Ibn Ahmad ،" Omdat of al-Qari explained
Sahih al-Bukhari " ،(House of scientific books).
27- Al-Fawzan ،Saleh Ibn Fawzan ،" Taysir Zad Al-muqanna'in
fiqh al-Hanbali " ،(House of scientifi books).
28- Firuzabadi ،Muhammad ibn ya'qub ،ALMUHEET dictionary ،
(Al-Risala Foundation).
29- Al-Qasimi ،Mohammed Jamal al-Din ،" mahasin altaawi " ،
investigated by: Mohammed Fouad Abdulbaki ،(1376).
30- Al-Qurtubi ،Ahmed Bin Omar ،" almafham lamaa 'ushkil min
talkhis muslim " ،(Damascus).
31- Al-Mawardi ،Ali ibn Muhammad ،" the great Hawi in the
jurisprudence of Imam Shafi'i " ،(House of scientific books).
32- Al-Mubarak Al-Fawry ،" tuhfat al'ahwadhi bisharh jamie
altirmidhii " ،(Dar Al-Fikr).
33- Al-manawi ،Abdul Rauf ،" altaysir bisharh aljamie alsaghir.
34- Al-manawi ،Abdul Rauf ،"Fayd al-Qadir explained ALjamea
alsagheer from the hadiths of al-Bashir al-Nazir" ،(House of
scientific books).
111
35- Al-Nawawi ،Yahya Ibn Sharaf ،"alminhaj fi sharh sahih
muslim bin alhajaaj" ،(Egypt).
36- Al-jahiz ،Amr ibn Bahr ،'tahdhib al'akhlaq " ،(Dar Al-Sahaba).
37- Al-kafawi ،Ayyub ibn Musa ،" faculties " ،(1419 ،Al-Risala
Foundation ،).
38- Al-Isfahani ،al-Husayn ibn Muhammad ،" aldharieat 'iilaa
makarim alshariea " ،(Beirut).
39- Al-manawi ،Abdul Rauf ،" altawqif ealaa muhimaat altaearif ،
(Cairo: world of book).
40- Al-Mazni ،Isma'il Ibn Yahya ،" explaining the Sunnah " ،
(Saudi Arabia).
41- Al-Mazni ،Harb Ibn Isma'il ،" 'iijmae alsalaf fi aliaietiqad " ،
(House of Imam Ahmed).
‫فدقه إنكار املنكر يف تفسري الشيخ حممّ بن صاحل العثيمني‬

The Understanding of Condemning the Vices in the


Qur’an Exegesis of Sheikh Muhammad bin Saleh Al-
Uthaymeen
- May Allah have mercy on him -

‫ جامعة‬،‫ املعهد العالي للدعوة واالحتساب‬،‫ احلسبة والرقابة‬،‫أستاذ مساعد‬


‫اإلمام حممد بن سعود بالرياض‬

Prepared by :
Dr. Amany Mohamad saif Aloteeby
Assistant Professor/Religious Policing and Oversight,
Higher Institute of Dawah and Religious Policing, Imam
Mohammad Bin Saud Islamic University ،Riyadh
Email: amaloteeby@imamu. edu. Sa

‫اعتماد البحث‬ ‫استالم البحث‬


A Research Approving A Research Receiving
2023/02/06 2022/12/20
‫نشر البحث‬
A Research publication
2023/09/30
DOI : 10.36046/2323-056-206-030
‫فقه إنكار املنكر يف تفسري الشيخ حممد بن صاحل العثيمني‬
‫‪111‬‬

‫ملخص البحث‬

‫يتناول البحث احلديث عن فقه لتكار املنكر يف تفسري الشيخ حممد بن صاحل‬
‫العثيمني ‪ ،‬فيعرف لتكار املنكر‪ ،‬مث يبني أمهية علم التفسري ودوره يف تشر فقه‬
‫اًلحتساب‪ ،‬ويوضح فقه لتكار املنكر قب البدء ابإلتكار‪ ،‬وفقه لتكار املنكر أثناء‬
‫اإلتكار‪.‬‬
‫ومن تتائج البحث‪ :‬لن علم التفسري من أج العلوم وأعظمها‪ ،‬وأه التفسري‬
‫هلم شأن كبري ومكاتة عظيمة؛ كوهنم مرجعا للناس يف بيان معاين كتاب هللا العزيز‪،‬‬
‫قب البدء ابإلتكار العلم فهو‬ ‫ومن فقه لتكار املنكر يف تفسري الشيخ ابن عثيمني‬
‫شرط مهم من شروط األمر ابملعروف والنهي عن املنكر؛ ألته بدون العلم سيكون ما‬
‫يفسده احملتسب أكثر مما يصلح‪ ،‬ومن فقه لتكار املنكر يف تفسري الشيخ ابن عثيمني‬
‫أثناء اإلتكار مراعاة املصاحل واملفاسد ويتضمن ذلك مراعاة املصاحل واملفاسد يف‬
‫املنكر تفسه‪ ،‬ويف أسلوب اإلتكار‪ ،‬وفيما ينقله من أخبار وأحكام‪ ،‬وًل بد للمحتسب‬
‫من فقه مراتب لتكار املنكر فكثري من الناس جيه فقه هذا احلديث وخيلطون بني‬
‫النهي عن املنكر وتغيريه‪.‬‬
‫ومن توصيات البحث‪ :‬حث الباحثني على دراسة مؤلفات العلماء يف التفسري‬
‫واإلفادة منها يف فقه األمر ابملعروف والنهي عن املنكر‪.‬‬
‫الكلمات املفتاحية‪( :‬فقه ‪ -‬لتكار املنكر ‪ -‬األمر ابملعروف والنهي عن‬
‫املنكر)‪.‬‬
111

Abstract

This study examined the understanding of condemning the vices


according to the exegesis of Sheikh Muhammad bin Saleh Al-
Uthaymeen - May Allah have mercy on him. Therefore ،the researcher
defined ،at first ،what is meant by ‘condemning the vices’. Then ،the
researcher shed some light on the importance of the science of Qur’an
exegesis and its role in spreading the jurisprudence of religious
policing ،and clarified the understanding of condemning the vices
before the starting the condemnation; as well as the understanding of
condemning the vices during the condemnation .
The study reached some results ،most importantly: The science of
tafsir (i. e. exegesis) is one of the most important sciences with
relation to Islamic faith and the scholars specialized in tafsir occupy a
great position as they become reference for common people who seek
to understand the meanings of the Glorious Qur’an. And from the
understanding of condemning the vices in the exegesis of Sheikh Ibn
Uthaymeen ،may God have mercy on him ،before starting the
condemnation ،is knowledge ،it is an important condition of enjoining
good and condemning vices. Because without knowledge ،what the
religious police will spoil will be more than what he will remedy ،and
from the understanding of condemning the vices in the exegesis of
Sheikh Ibn Uthaymeen ،may God have mercy on him ،during the
condemnation ،is taking into account the benefits and the harms. The
religious police must also understand the levels of condemnation of
vices. Many people are ignorant of the understanding of this hadith
and they mix between forbidding the vices and changing it .
Among the recommendations of the research: urging researchers to
study the books of scholars on exegesis and to benefit from them on
the understanding of enjoining good and condemning the vices .
Keywords: (understanding - condemning of vices - enjoining good
and forbidding the vices(.
‫فقه إنكار املنكر يف تفسري الشيخ حممد بن صاحل العثيمني‬
‫‪111‬‬

‫املدقِّمة‬

‫لن احلمد هلل حنمده‪ ،‬وتستعينه‪ ،‬وتستغفره‪ ،‬وتعوذ ابهلل من شرور أتفسنا‪ ،‬ومن‬
‫سيئات أعمالنا‪ ،‬من يهده هللا‪ ،‬فال مض له‪ ،‬ومن يضل ‪ ،‬فال هادي له‪ ،‬وأشهد أن‬
‫حممدا عبده‪ ،‬ورسوله‪{ ،‬ﭤ ﭥ ﭦ‬
‫ًل اله لًل هللا وحده ًل شريك له‪ ،‬وأشهد أن ا‬
‫ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ} [سورة آل عمران‪{ ،]114:‬ﭑ‬
‫ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ‬
‫ﭥ ﭦ ﭧ ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ} [سورة النساء‪{ ،]1:‬ﮥ ﮦ ﮧ‬
‫ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔﯕ ﯖ ﯗ ﯘ‬
‫ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ} [سورة األحزاب‪.)1(]71-71:‬‬
‫َّأما بعد‪:‬‬
‫لقد أوجب هللا ‪ ‬يف كتابه الكرمي األمر ابملعروف والنهي عن املنكر‪ ،‬قال‬

‫(‪ )1‬أخرجه اإلمام مسلم‪ ،‬كتاب‪ :‬اجلمعة‪ ،‬ابب‪ :‬ختفيف الصالة واخلطبة‪ ،‬رقم احلديث‪:‬‬
‫(‪ ،) 4118‬قال الشيخ األلباين‪" :‬هذه خطبة احلاجة اليت كان يعلمها النيب ‪ ‬أصحابه"‪.‬‬
‫كتاب حممد انصر الدين األلباين‪" ،‬خطبة احلاجة"‪( ،‬ط‪ ،2‬بريوت‪ :‬املكتب اإلسالمي‪،‬‬
‫‪1218‬ه)ـ‪.8 :‬‬
‫‪112‬‬

‫‪{ :‬ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ‬
‫ﮤ ﮥ} [سورة آل عمران‪.]174:‬‬
‫وتضافرت النصوص القرآتية اليت تبني كيفية القيام هبذه الشعرية‪ ،‬وألمهية األمر‬
‫ابملعروف والنهي عن املنكر فقد اعتىن العلماء بتفسري هذه النصوص القرآتية من‬
‫خالل بيان املنهج السليم يف األمر ابملعروف والنهي عن املنكر‪.‬‬
‫‪ ‬أهمية املوضوع‪:‬‬
‫لن املتأم للواقع احلايل جيد العديد من املمارسات اخلاطئة عند لتكار املنكر‬
‫تتيجة قلة العلم أو الفهم اخلاطئ لفقه لتكار املنكر واليت تقود للعنف والتطرف فيؤدي‬
‫لتكار املنكر ل ى منكر أعظم‪ ،‬األمر الذي يستوجب على الباحثني بيان فقه لتكار‬
‫املنكر عند املفسرين والعلماء؛ للتصدي ألعمال العنف والتطرف اليت حتدث حتت‬
‫مسمى الدين واألمر ابملعروف والنهي عن املنكر‪.‬‬
‫فاإلسالم دين السماحة واليسر والرفق‪ ،‬وتغيري املنكر الغرض منه اإلصالح‬
‫وليس اإلفساد‪" ،‬وهلذا قي ‪ :‬ليكن أمرك ابملعروف‪ ،‬ابملعروف‪ ،‬وهنيك عن املنكر غري‬
‫‪" :‬لذا كان األمر ابملعروف والنهي عن‬ ‫منكر"(‪ ،)1‬وقال شيخ اإلسالم بن تيمية‬
‫املنكر من أعظم الواجبات أو املستحبات ًل بد أن تكون املصلحة فيهما راجحة على‬
‫املفسدة‪ ،‬لذ هبذا بعثت الرس ‪ ،‬وتزلت الكتب‪ ،‬وهللا ًل حيب الفساد‪ ،‬ب ك ما أمر‬
‫هللا به هو صالح‪ ،‬فحيث كاتت مفسدة األمر والنهي أعظم من مصلحته مل يكن مما‬

‫(‪ )1‬أمحد بن عبد احلليم بن تيمية‪" ،‬األمر ابملعروف والنهي عن املنكر" (ط‪ ،1‬بريوت‪ :‬دار‬
‫الكتاب اجلديد‪1126 ،‬هـ)‪.17 :‬‬
‫فقه إنكار املنكر يف تفسري الشيخ حممد بن صاحل العثيمني‬
‫‪113‬‬
‫أمر هللا به"(‪.)1‬‬
‫واملتتبع للسنة النبوية جيد تطبيق املنهج الصحيح إلتكار املنكر‪ ،‬فسماحة النيب‬
‫‪ ‬ويسره ويف تغيري املنكر كاتت سببا يف هداية الكثريين‪.‬‬
‫ومن خالل هذا البحث سأقف على تفسري الشيخ حممد بن صاحل العثيمني‬
‫؛ لبيان فقه لتكار املنكر من خالل مجع أقواله يف ذلك‪.‬‬
‫‪ ‬أسباب اختبار املوضوع‪:‬‬
‫وتوضيح منهجه يف فقه‬ ‫‪-1‬بيان جهود الشيخ حممد بن صاحل العثيمني‬
‫تغيري املنكر‪.‬‬
‫‪-2‬عدم وجود دراسة تتناول هذا اجلاتب‪.‬‬
‫‪ ‬أهّاف البحث‪:‬‬
‫‪-1‬التعرف على أمهية علم التفسري ودوره يف تشر فقه اًلحتساب‪.‬‬
‫‪-2‬التعرف على فقه لتكار املنكر يف تفسري الشيخ حممد العثيمني قب البدء‬
‫ابإلتكار‪.‬‬
‫‪-3‬التعرف على فقه لتكار املنكر يف تفسري الشيخ حممد العثيمني أثناء‬
‫اإلتكار‪.‬‬
‫‪ ‬تساؤالت البحث‪:‬‬
‫‪-1‬ما أمهية علم التفسري ودوره يف تشر فقه اًلحتساب؟‬
‫‪-2‬ما هو فقه لتكار املنكر يف تفسري الشيخ حممد العثيمني قب البدء‬

‫(‪ )1‬املرجع السابق‪.17 :‬‬


‫‪110‬‬

‫ابإلتكار؟‬
‫‪-3‬ما هو فقه لتكار املنكر يف تفسري الشيخ حممد العثيمني أثناء اإلتكار؟‬
‫‪ ‬الّراسات السابدقة‪:‬‬
‫(‪:)1‬‬ ‫‪-1‬املضامني الدعوية يف تفسري الشيخ حممد بن صاَل العثيمني‬
‫هدفت هذه الدراسة ل ى‪ :‬بيان مصادر الدعوة وخصائصها يف تفسري الشيخ‬
‫‪ ،‬ابإلضافة ل ى التعرف على جماًلت الدعوة يف تفسري‬ ‫حممد بن صاحل العثيمني‬
‫‪ ،‬والتعرف على الداعية واملدعو يف تفسري الشيخ‬ ‫الشيخ حممد بن صاحل العثيمني‬
‫‪ ،‬ووسائ وأساليب الدعوة يف تفسري الشيخ حممد بن‬ ‫حممد بن صاحل العثيمني‬
‫‪.‬‬ ‫صاحل العثيمني‬
‫‪-2‬جهود الشيخ ابن عثيمني يف التفسري وعلوم القرآن عرضاً ودراسة(‪:)4‬‬
‫هدفت هذه الدراسة ل ى‪ :‬بيان جهوده ومصادره يف التفسري‪ ،‬وبيان منهجه يف‬
‫التفسري‪ ،‬وبيان اهتماماته يف تفسريه‪ ،‬ومن أهم تتائج الدراسة‪ :‬لقد كان الشيخ ابن‬
‫عثيمني مهتما يف التفسري‪ ،‬متميزا به‪ ،‬ويعترب تفسريه من التفاسري املطولة‪ ،‬وحرص على‬
‫لزالة اإلشكال الوارد يف اآلايت‪ ،‬أو ما ظاهره التعارض فيما بينهما‪ ،‬أو بينهما وبني‬
‫األحاديث‪.‬‬

‫(‪ )1‬وفاء بنت حممد املاجد‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬جامعة اإلمام حممد بن سعود اإلسالمية‪ ،‬املعهد‬
‫العايل للدعوة واًلحتساب‪ ،‬قسم الدعوة‪ ،‬عام ‪1224‬ه‪.‬‬
‫(‪ )4‬أمحد بن حممد الربيدي‪ ،‬رسالة دكتوراه منشورة‪ ،‬جامعة اإلمام حممد بن سعود اإلسالمية‪،‬‬
‫كلية أصول الدين‪ ،‬عام ‪1248‬ه‪.‬‬
‫فقه إنكار املنكر يف تفسري الشيخ حممد بن صاحل العثيمني‬
‫‪111‬‬
‫يف توظيف التفسري لعالج املشكالت‬ ‫‪-3‬منهج الشيخ ابن عثيمني‬
‫املعاصرة عرضاً ودراسة(‪:)1‬‬
‫يف توظيف التفسري‬ ‫هدف البحث ل ى تقدمي منهج الشيخ ابن عثيمني‬
‫لعالج املشكالت املعاصرة‪ ،‬ومن أهم تتائج البحث‪ :‬سلط الشيخ بن عثيمني‬
‫الضوء على الكثري من تلك املشكالت والقضااي مع العم على معاجلتها‪ ،‬وبيان‬
‫أحكامها‪ ،‬وما يرتتب عليها من خالل تفسريه لكتاب هللا ‪.‬‬
‫‪ ‬منهج البحث‪:‬‬
‫قمت ابستخدام املنهج االستقرائي وهو‪" :‬ما يقوم على التتبع ألمور جزئية‬
‫مستعاانا على ذلك ابملالحظة والتجربة وافرتاض الفروض؛ ًلستنتاج أحكام عامة منها"(‪،)4‬‬
‫من خالل تتبع واستقراء ك ما يتعلق بفقه لتكار املنكر يف تفسري الشيخ حممد العثيمني‬
‫‪.‬‬
‫‪ ‬خطة البحث‪:‬‬
‫املقدمة‪:‬‬
‫وتشتم على ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬أمهية املوضوع‪.‬‬

‫(‪ )1‬حسن بن علي بن منيع الشهراين‪ ،‬حبث منشور يف املؤمتر الدويل القرآين األول‪ :‬توظيف‬
‫الدراسات القرآتية يف عالج املشكالت املعاصرة‪ ،‬جامعة امللك خالد‪ ،‬كلية الشريعة وأصول‬
‫الدين‪ ،‬عام ‪1218‬ه‪.‬‬
‫(‪ )4‬عبد العزيز الربيعة‪ ،‬البحث العلمي حقيقته ومصادره ومادته ومناهجه وكتابته وطباعته‬
‫ومناقشته (ط‪ ،1‬الرايض‪ :‬مكتبة امللك فهد الوطنية‪1242 ،‬هـ) ‪.178 :1‬‬
‫‪111‬‬

‫‪ -‬أهداف البحث‪.‬‬
‫‪ -‬تساؤًلت البحث‪.‬‬
‫‪ -‬الدراسات السابقة‪.‬‬
‫‪ -‬منهج البحث‪.‬‬
‫‪ -‬تقسيمات البحث‪.‬‬
‫التمهيد‪:‬‬
‫‪ -‬مفهوم لتكار املنكر‪.‬‬
‫‪ -‬أمهية علم التفسري ودوره يف تشر فقه اًلحتساب‪.‬‬
‫املبحث األول‪ :‬فقه إنكار املنكر يف تفسري الشيخ حممد العثيمني قبل‬
‫البدء ابإلنكار‪.‬‬
‫وفيه مطالب‪:‬‬
‫املطلب األول‪ :‬العلم‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬اإلخالص‪.‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬التثبت وعدم العجلة‪.‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬فقه إنكار املنكر يف تفسري الشيخ حممد العثيمني أثناء‬
‫اإلنكار‪.‬‬
‫وفيه مطلبني‪:‬‬
‫املطلب األول‪ :‬التدرج والبدء ابألهم‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬مراعاة املصاحل واملفاسد‪.‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬الرفق واللني‪.‬‬
‫فقه إنكار املنكر يف تفسري الشيخ حممد بن صاحل العثيمني‬
‫‪111‬‬
‫املطلب الرابع‪ :‬التأين وترك اًلستعجال‪.‬‬
‫املطلب اخلامس‪ :‬قوة احلجة يف اإلقناع‪.‬‬
‫املطلب السادس‪ :‬فقه مراتب لتكار املنكر‪.‬‬
‫اخلامتة‪:‬‬
‫وتشم أبرز النتائج‪ ،‬والتوصيات‪.‬‬
‫‪111‬‬
‫التمهيّ‬
‫مفهوم إنكار املنكر‪:‬‬
‫املنكر يف اللغة‪:‬‬
‫النكرة‪ :‬لتكارك الشيء‪ ،‬وهو تقيض املعرفة‪ ،‬وتَ يكَر األمر تكريا وأتكره لتكارا‬
‫وتكرا‪ :‬جهله‪.‬‬
‫واإلتكار‪ :‬اًلستفهام عما ينكره‪ ،‬واملنكر من األمر‪ :‬خالف املعروف‪ ،‬والنكري‬
‫اسم من اإلتكار الذي معناه التغيري(‪.)1‬‬
‫‪{ :‬ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ} [سورة‬ ‫فالنكرة ضد املعرفة‪ ،‬قال‬
‫‪{ :‬ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ} [سورة‬ ‫يوسف‪ ،]59:‬والنُكر‪ :‬املن َكر‪ ،‬قال‬
‫ُ‬
‫)‬‫‪4‬‬ ‫(‬
‫الكهف‪ ،]11:‬واإلتكار تغيري املنكر ‪.‬‬
‫املنكر يف االصطالح‪:‬‬
‫‪ " :‬ك ما قبحه الشرع وحرمه وكرهه"(‪.)1‬‬ ‫قال ابن األثري‬
‫وذكر الفريوز آابدي أته‪ :‬ك فع حتكم الشريعة بقبحه(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬اتظر‪ :‬مجال الدين حممد ابن منظور‪" ،‬لسان العرب" (بريوت ـ ـ دار صادر ـ ـ ط‪ 1‬ـ ـ ‪1212‬هـ)‬
‫(‪.)412 ،411/8‬‬
‫(‪ )4‬اتظر‪ :‬جمد الدين الفريوز آابدي‪" ،‬بصائر ذوي التمييز يف لطائف الكتاب العزيز" (ط‪،1‬‬
‫القاهرة‪ :‬اجمللس األعلى للشؤون اإلسالمية‪1216 ،‬هـ) ‪.141 ،141 :8‬‬
‫(‪ )1‬جمد الدين أيب السعادات حممد اجلزري ابن األثري‪" ،‬النهاية يف غريب احلديث واألثر" (ط‪،1‬‬
‫د‪ .‬م‪ :‬املكتبة اإلسالمية‪1181 ،‬هـ) ‪.118 :8‬‬
‫(‪ )2‬اتظر‪ :‬الفريوز آابدي‪" ،‬بصائر ذوي التمييز يف لطائف الكتاب العزيز" ‪.141 :8‬‬
‫فقه إنكار املنكر يف تفسري الشيخ حممد بن صاحل العثيمني‬
‫‪111‬‬
‫‪" :‬لن املنكر ما أتكره الشرع‪ ،‬وبني أن املرجع فيه‬ ‫وقال الشيخ ابن عثيمني‬
‫ل ى الشرع؛ ألن الناس قد ينكرون ما ليس مبنكر‪ ،‬وقد يقرون ما هو منكر"(‪.)1‬‬
‫أمهية علم التفسري ودوره يف نشر فقه االحتساب‪:‬‬
‫لن علم التفسري من أج العلوم وأعظمها‪ ،‬ولشرف هذا العلم فقد دعا رسول‬
‫يل"(‪،)4‬‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ ِ ِ‬
‫بقوله ‪" :‬الل ُه َّم فَق ْههُ يف الدي ِن َو َعل ْمهُ التَّأْ ِو َ‬ ‫هللا ‪ً ‬لبن عباس‬
‫فأه التفسري هلم شأن كبري ومكاتة عظيمة؛ كوهنم مرجع ا للناس يف بيان معاين كتاب‬
‫هللا العزيز‪ .‬وتربز أمهية علم التفسري ودوره يف تشر فقه اًلحتساب فيما أييت‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬من حيث موضوعه‪.‬‬
‫تربز أمهية علم التفسري يف أن موضوعه كتاب هللا ‪ ‬من خالل فهم معاتيه‬
‫‪{ :‬ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ‬ ‫وبياهنا‪ ،‬وتفصي أحكامه‪ ،‬قال‬
‫‪{ :‬ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ‬ ‫ﭹ ﭺ ﭻ} [سورة ص‪ ،]29:‬وقال‬
‫ﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹ‬
‫ﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ‬
‫ﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑ‬

‫(‪ )1‬اتظر‪ :‬حممد بن صاحل العثيمني‪" ،‬تفسري القرآن الكرمي" )ط‪ ،1‬الرايض‪ :‬دار ابن اجلوزي‪،‬‬
‫‪1218‬هـ) ‪ ،416 :4‬تفسري سورة املائدة‪.‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه احلاكم يف املستدرك على الصحيحني (ط‪ ، 4‬بريوت‪ :‬دار الكتب العلمية‪1244 ،‬هـ)‬
‫سنده صحيح‪ ،‬اتظر‪:‬‬ ‫كتاب‪ :‬معرفة الصحابة‪ ،‬رقم احلديث‪ )6481( :‬وقال األلباين‬
‫حممد انصر الدين األلباين‪" ،‬سلسلة األحاديث الصحيحة" (ط‪ ،1‬الرايض‪ :‬مكتبة املعارف‪،‬‬
‫‪1216‬ه) ‪.171 :6‬‬
‫‪111‬‬

‫ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ} [سورة املائدة‪.]16-15:‬‬
‫وكتاب هللا العزيز شام لكافة موضوعات اًلحتساب ففيه بيان آلداب‬
‫وصفات احملتسب وأخالقه‪ ،‬وفيه بيان لدرجات اًلحتساب‪ ،‬وأصناف احملتسب عليهم‬
‫وكيفية اًلحتساب‪ ،‬وابلتايل فقد تق لنا املفسرون تفاصي هذه املوضوعات املتعلقة‬
‫يف لتكارهم للمنكر‪.‬‬ ‫ابحلسبة وبيان منهج األتبياء‬
‫‪" :‬جيب أن يعلم أن النيب ‪ ‬بني ألصحابه‬ ‫قال شيخ اإلسالم بن تيمية‬
‫‪ { :‬ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ} [سورة‬ ‫معاين القرآن‪ ،‬كما بني هلم ألفاظه"(‪ ،)1‬قال‬
‫النحل‪.]44:‬‬
‫اثنياً‪ :‬من حيث حاجة احملتسب له‪.‬‬
‫ًل بد للمحتسب من العلم الشرعي الذي يعينه على القيام ابألمر ابملعروف‬
‫والنهي عن املنكر‪ ،‬ومن أهم العلوم اليت ينبغي للمحتسب الفقه واإلملام هبا علم‬
‫التفسري؛ حَت يكون أمره ابملعروف وهنيه عن املنكر على بصرية‪ ،‬ابإلضافة ل ى حاجته‬
‫ل ى التعرف على أصناف عدة من احملتسب عليهم وطريقة التعام معهم وفق املنهج‬
‫القرآين‪.‬‬
‫فالعلم ابلنصوص القرآتية وتفسريها من أهم األمور للمحتسب‪ ،‬ولع من أهم‬
‫األمثلة اليت تبني أمهية الفقه بنصوص القرآن يف األمر ابملعروف والنهي عن املنكر رد‬
‫على اخلوارج(‪ )4‬ردا علميا قائم على الفهم لنصوص الشرع‬ ‫ابن عباس‬

‫(‪ )1‬أمحد بن تيمية‪" ،‬مقدمة يف أصول التفسري" (ط‪ ،4‬د‪ .‬م‪ :‬د‪ .‬ن‪1124 ،‬هـ) ‪.18‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه الطرباين وأمحد ببعضه‪ ،‬اتظر‪ ،‬تور الدين علي اهليثمي‪" ،‬جممع الزوائد ومنبع الفوائد"‬
‫=‬
‫فقه إنكار املنكر يف تفسري الشيخ حممد بن صاحل العثيمني‬
‫‪111‬‬
‫ودًلئلها‪ ،‬فقد دحض شبههم القائمة على اجله ابلنصوص الشرعية دون تثبت‬
‫ودراية مما تسبب يف رجوع عدد منهم ل ى احلق‪.‬‬
‫كما أن من أهم األمور اليت تبني حاجة احملتسب ل ى فقه اإلتكار من تصوص‬
‫كتاب هللا العزيز هي أن يكون قدواة حسنة عند قيامه ابألمر ابملعروف والنهي عن‬
‫ورفقهم وصربهم وحلمهم ودرئهم‬ ‫املنكر من خالل الوقوف على منهج األتبياء‬
‫للمفاسد فك هذه األمور تعني احملتسب على القيام ابألمر ابملعروف والنهي عن‬
‫املنكر على الوجه الصحيح‪ ،‬وحَت ينتفع الناس بقوله وعمله‪.‬‬
‫وتشتد حاجة احملتسب لفقه ما تضمنه كتاب هللا ‪ ‬يف الوقت احلاضر؛ ملا‬
‫تشاهده من سوء فهم إلتكار املنكر فيدخ يف استخدام العنف‪ ،‬والكلمات البذيئة‬
‫وغري ذلك مما هنى عنه الشرع فيكون ما يفسد أكثر مما يصلح‪.‬‬
‫املبحث األوَّل‪ :‬فدقه إنكار املنكر يف تفسري الشيخ حممّ العثيمني قبل البّء‬
‫باإلنكار‬
‫املطلب األول‪ :‬العلم‬
‫العلم ابلشيء من أهم األمور يف أي جاتب من جواتب احلياة‪ ،‬وتزداد أمهيته‬
‫عند لتكار املنكر‪ ،‬فهو شرط مهم من شروط األمر ابملعروف والنهي عن املنكر؛ ألته‬
‫‪{ :‬ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ‬ ‫بدون العلم سيكون ما يفسده احملتسب أكثر مما يصلح‪ ،‬قال‬

‫=‬
‫(د‪ .‬ط‪ ،‬بريوت‪ :‬دار الكتاب العريب‪ ،‬د‪ .‬ت) ‪ ،421_412 :6‬واتظر‪ :‬أبو عبد هللا بن‬
‫حممد احلاكم النيسابوري‪" ،‬املستدرك على الصحيحني" ‪ 162 :4‬وقال‪ :‬هذا حديث صحيح‬
‫على شرط مسلم ومل خيرجاه‪.‬‬
‫‪112‬‬

‫ﯳ ﯴ ﯵﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ} [سورة اإلسراء‪.]36:‬‬
‫‪{ :‬ﮟ ﮠ ﮡ‬ ‫وقد شدد هللا ‪ ‬على خطر القول بدون علم‪ ،‬قال‬
‫ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ} [سورة‬
‫النور‪.]15:‬‬
‫وبني ‪ ‬أن أي اختالف يف أي أمر من األمور الدينية أو الدتيوية فمرده ل ى‬
‫‪{ :‬ﯯﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶﯷ } [سورة الشورى‪.]17:‬‬ ‫هللا ‪ ،‬قال‬
‫يف بيان أمهية العلم‪ً" :‬ل شك أن العلم من‬ ‫وذكر الشيخ ابن عثيمني‬
‫أفض ما أتعم هللا به على العبد‪ ،‬يعين ما بعد ا يإلسالم تعمة مث العلم‪ ،‬هي أفض من‬
‫تعمة املال وأفض من تعمة قوة البدن‪ ،‬وأفض من تعمة البنني‪ ،‬وما يعادهلا ليًل تعمة‬
‫ا يإلسالم فقط"(‪.)1‬‬
‫أمهية العلم يف األمر ابملعروف والنهي عن املنكر فقال‪" :‬لته ًل‬ ‫كما بني‬
‫بد من العلم؛ ألته ًل ميكن أن أيمر ابملعروف من ًل يعرف املعروف‪ ،‬وًل ميكن أن‬
‫ينهى عن املنكر من ًل يعرف املنكر‪ ،‬فال بد من العلم؛ ألته ما ًل يتم الواجب لًل به‬
‫فهو واجب"(‪.)4‬‬
‫والعلم يتضمن ما أييت‪:‬‬
‫‪-1‬العلم ابلشرع‪ :‬بني فضيلة الشيخ ابن عثيمني أن العلم ابلشرع يكون "أبن‬
‫يعرف أن هذا مما أمر هللا به حَت أيمر به‪ ،‬أما لذا كان ًل يدري ه هو مأمور به أو‬

‫(‪ )1‬ابن عثيمني‪" ،‬تفسري القرآن الكرمي"‪ ،118 ،‬تفسري النم ‪.‬‬
‫(‪ )4‬اتظر‪ :‬ابن عثيمني‪" ،‬تفسري القرآن الكرمي"‪ ،14 :4 ،‬تفسري سورة آل عمران‪.‬‬
‫فقه إنكار املنكر يف تفسري الشيخ حممد بن صاحل العثيمني‬
‫‪113‬‬
‫ًل؛ فال حي له أن أيمر به؛ ألن هللا ‪ ‬قال‪{ :‬ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ‬
‫ﮉ ﮊﮋ ﮌﮍ ﮎ ﮏ ﮐﮑﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗﮘ ﮙﮚ ﮛ ﮜ‬
‫ﮝ} [سورة األعراف‪ .]33:‬فال جيوز األمر مبا ًل يعلم أته مأمور به‪ ،‬وًل النهي عما ًل‬
‫يعلم أته منهي عنه؛ ملا يف ذلك من اًلفرتاء على هللا ‪ ،‬وصد عباد هللا عما أح‬
‫هللا هلم أو منعهم عما أح هللا هلم"(‪.)1‬‬
‫‪-2‬العلم ابحلال‪ :‬وهو أن يعلم اآلمر ابملعروف والناهي عن املنكر حال‬
‫ذلك‬ ‫املأمور واملنهي من انحية ارتكابه للمنكر‪ ،‬وبني فضيلة الشيخ ابن عثيمني‬
‫بقوله‪" :‬أن يعلم أن هذا الرج ترك املعروف أو فع املنكر‪ ،‬أما أن أيمره ابملعروف‬
‫وهو ًل يدري ه فعله أو ًل‪ ،‬فهذا ًل جيوز؛ ألن هذا من قَـ ْف يو ما ليس له به علم‪،‬‬
‫وكذلك لو هناه عن منكر وهو ًل يدري ه ارتكب املنكر أو ًل‪ ،‬فإن ذلك ًل جيوز؛‬
‫(‪)4‬‬
‫اس‬
‫ب الن َ‬
‫النيب خيَْطُ ُ‬ ‫ألته من قَـ ْف يو ما ليس له به علم" مثال ذلك‪َ :‬جاءَ َر ُج ٌ و ُّ‬
‫ني"(‪ ،)1‬فهذا‬ ‫قال‪" :‬قُ ْم فَارَك ْع رْك َعتَ ْ ِ‬
‫ْ َ‬ ‫أصلَّْي َ‬
‫ت اي فَُال ُن؟" َ‬
‫قال‪ًَ :‬ل‪َ ،‬‬ ‫وم اجلُ ُم َعةي‪ ،‬فَ َ‬
‫قال‪َ " :‬‬ ‫يَ َ‬
‫دلي على أته ًل بد من العلم حبال املأمور واملنهي؛ ألته قد يكون على حال ًل يتوجه‬
‫لليه األمر‪ .‬فينبغي على اآلمر ابملعروف والناهي عن املنكر أن يعلم أبن هذا الرج‬
‫اترك للمعروف أو فاع للمنكر‪ ،‬وًل أيخذ الناس ابلتهمة أو ابلظن‪ ،‬فإذا رأيت‬

‫(‪ )1‬ابن عثيمني‪" ،‬تفسري القرآن الكرمي"‪ ،11 :4 ،‬تفسري سورة آل عمران‪.‬‬
‫(‪ )4‬ابن عثيمني‪" ،‬تفسري القرآن الكرمي"‪ ،11 :4 ،‬تفسري سورة آل عمران‪.‬‬
‫(‪ )1‬متفق عليه‪ :‬أخرجه اإلمام البخاري‪ ،‬كتاب‪ :‬اجلمعة‪ ،‬ابب‪ :‬لذا رأى اإلمام رجالا جاء وهو‬
‫خيطب أمره أن يصلي ركعتني‪ ،‬رقم احلديث‪ ،)211( :‬أخرجه اإلمام البخاري‪ ،‬كتاب‪:‬‬
‫اجلمعة‪ ،‬ابب‪ :‬التحية واإلمام خيطب‪ ،‬رقم احلديث‪.)878( :‬‬
‫‪110‬‬

‫شخصا ًل يصلي معك يف املسجد‪ ،‬فال يلزم من ذلك أته ًل يصلي يف مسجد آخر؛‬
‫ب قد يصلي يف مسجد آخر‪ ،‬وقد يكون معذورا‪ ،‬فال تذهب من أج أن تنكر عليه‬
‫حَت تعلم أته يتخلف بال عذر‪ ،‬أما أن تنكر أو أشد من ذلك أن تتكلم فيه يف‬
‫اجملالس‪ ،‬فهذا ًل جيوز؛ ألتك ًل تدري؛ رمبا أته يصلي يف مسجد آخر‪ ،‬أو يكون‬
‫معذورا‪ ،‬وهلذا كان النيب عليه الصالة والسالم يستفهم أوًلا قب أن أيمر كما ورد يف‬
‫احلديث السابق"(‪.)1‬‬
‫‪-3‬أن يعلم أن هذا مفيد‪ :‬مبعىن أته حيتم عنده أن هذا الفاع للمنكر أو‬
‫التارك للواجب كان على جه ‪ ،‬وأته قريب الرجوع ل ى احلق‪ ،‬فإن كان يعلم أن‬
‫صاحبه عامل ابحلكم لكنه متمرد مستكرب فإته ًل جيب حينئذ األمر ابملعروف والنهي‬
‫‪{ :‬ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ} [سورة‬ ‫عن املنكر ورمبا يستدل لذلك بقوله‬
‫األعلى‪ ]9:‬فإذا كان التذكري وهو دعوة للخري ًل جيب لًل لذا تفع؛ فاألمر ابملعروف‬
‫والنهي عن املنكر من ابب أو ى؛ ألن األمر ابملعروف والنهي عن املنكر أشد من‬
‫الدعوة ل ى اخلري‪ ،‬فك لتسان يستطيع أن يدعو وليس فيه شيء عليه‪ ،‬لكن اآلمر‬
‫ابملعروف والناهي عن املنكر هو الذي قد جيد أذية من املأمور أو املنهي‪ ،‬وهذه‬
‫املسألة يف النفس منها شيء‪ ،‬قد تقول‪ :‬لن عليه أن أيمر وينهى وأن ذلك ًل خيلو من‬
‫فائدة لو مل يكن من فائدته لًل علم الناس أبته معروف أو أبته منكر لكفى‪ ،‬ألتنا لذا‬
‫سكتنا حبجة أن األمر ًل ينفع أو أن النهي ًل ينفع؛ بقيت املنكرات على ما هي‬

‫(‪ )1‬اتظر‪ :‬حممد بن صاحل العثيمني‪" ،‬شرح رايض الصاحلني" (د‪ .‬ط‪ ،‬الرايض‪ :‬دار الوطن‪،‬‬
‫‪1246‬ه)‪.212 :4 ،‬‬
‫فقه إنكار املنكر يف تفسري الشيخ حممد بن صاحل العثيمني‬
‫‪111‬‬
‫عليه‪ ،‬وبقي التهاون ابلواجبات على ما هو عليه‪ ،‬وهلذا يف هذا الشرط تظر‪ ،‬ب‬
‫تقول‪ :‬جيب األمر ابملعروف والنهي عن املنكر سواء ظننت أته مفيد أم مل يفد‪ .‬لكن‬
‫يف حدود اًلستطاعة؛ ألن مجيع الواجبات لمنا جتب ابًلستطاعة {ﮧ ﮨ ﮩ‬
‫ﮪ } [سورة التغابن‪ ،]16:‬فإذا كان يشق على اإلتسان أن ميسك ك واحد مير‬
‫به يف السوق على منكر فإته ًل يلزمه‪ً ،‬ل يلزمه لًل ما يقدر عليه؛ ألن هللا يقول‪{ :‬‬
‫ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰﮱ } [سورة احلج‪.)1("]19:‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬اإلخالص‬
‫اإلخالص هو أن يريد ابلعم وجه هللا ‪ ،‬واحملتسب ًل بد أن يكون خملص ا‬
‫يف عمله راجيا من ذلك وجه هللا ‪ ‬ليس لطلب شهرة أو مال أو غريه؛ ألته لذا كان‬
‫األمر ابملعروف والنهي عن املنكر خالص ا لوجه هللا ‪ ‬كان موافق ا ملا شرعه هللا ‪‬‬
‫على لسان‬ ‫‪ ،‬قال‬ ‫يف القرآن أو السنة‪ ،‬فاإلخالص هو أساس دعوة الرس‬
‫لقومه‪{ :‬ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ} [سورة‬ ‫توح‬
‫الشعراء‪" ،]179:‬فيجب على احملتسب أن يقصد بقوله وفعله وجه هللا ‪ ،‬وطلب‬
‫مرضاته‪ ،‬خالص النية ًل يشوبه رايء وًل مراء‪ ،‬وجيتنب املنافسة واملفاخرة؛ لينشر هللا‬
‫أن هذه اآلية تضمنت معان‬ ‫عليه علم التوفيق"(‪ ،)4‬وذكر الشيخ ابن عثيمني‬
‫عدة لإلخالص وهي كما أييت‪:‬‬

‫(‪ )1‬اتظر‪ :‬ابن عثيمني‪" ،‬تفسري القرآن الكرمي"‪ ،17 ،16 :4 ،‬تفسري سورة آل عمران‪.‬‬
‫(‪ )4‬عبد الرمحن الشيزري‪" ،‬هناية الرتبة يف طلب احلسبة" (د‪ .‬ط‪ ،‬القاهرة‪ :‬مطبعة جلنة التأليف‬
‫والرتمجة والنشر‪1168 ،‬هـ) ‪.7‬‬
‫‪111‬‬

‫‪-1‬يف هذه اآلية دلي على لخالص املرء هلل ‪ ،‬وأته ًل يريد ثواابا من أحد‬
‫وًل مناًلا لًل من هللا ‪.‬‬
‫‪-2‬أن من طلب العلم الذي جاءت به الرس لينال به أمرا من الدتيا فليس‬
‫طريقه طريق الرس ؛ ألن الرس لمنا أيمرون الناس وينهوهنم ملا يرجوته من ثواب هللا ًل‬
‫ملا ينالوته من األجر‪ ،‬ففي هذا دلي على تصليح النية ملن قام مقام الرس ابألمر‬
‫ابملعروف والنهي عن املنكر(‪.)1‬‬
‫‪ { :‬ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ} [سورة املائدة‪ ،]47:‬ذكر شيخ‬ ‫قال‬
‫‪" :‬أن الناس يف هذه اآلية ثالثة أقوال‪ :‬طرفان ووسط‪ ،‬فاخلوارج‬ ‫اإلسالم ابن تيمية‬
‫واملعتزلة يقولون‪ً :‬ل يتقب هللا لًل من اتقى الكبائر‪ ،‬وعندهم صاحب الكبرية ًل يقب‬
‫منه حسنة حبال‪ ،‬واملرجئة يقولون‪ :‬من اتقى الشرك‪ ،‬والسلف واألئمة يقولون‪ً :‬ل‬
‫يتقب لًل ممن اتقاه يف ذلك العم ‪ ،‬ففعله كما أمر به خالصا لوجه هللا تعا ى"(‪.)4‬‬
‫عالمات اإلخالص من عدمه للمحتسب‬ ‫وقد بني الشيخ ابن عثيمني‬
‫‪{ :‬ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠﮡ‬ ‫يف قوله‬
‫ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ} [سورة آل عمران‪ ،]174:‬حيث قال‪" :‬مالحظة‬
‫اإلخالص يف هذه اآلية‪ { :‬ﮙ ﮚ ﮛ } ًل ل ى أتفسهم؛ ألن بعض الناس يدعو‬
‫يود أن يقوم هو ابألمر لينال‬
‫ل ى تفسه‪ ،‬وبعض الناس يدعو ل ى اخلري‪ ،‬فإذا كان ُّ‬

‫(‪ )1‬اتظر‪ :‬ابن عثيمني‪" ،‬تفسري القرآن الكرمي"‪ ،124 ،‬تفسري سورة الشعراء‪.‬‬
‫(‪ )4‬أمحد بن تيمية‪" ،‬منهاج السنة النبوية" (ط‪ ، 1‬الرايض‪ :‬جامعة اإلمام حممد بن سعود‬
‫اإلسالمية‪1216 ،‬هـ) ‪.416 :6‬‬
‫فقه إنكار املنكر يف تفسري الشيخ حممد بن صاحل العثيمني‬
‫‪111‬‬
‫األجر ًل ليحرم غريه أو ليصرف الناس ل ى تفسه فهذا ليس عليه شيء‪ ،‬أما الداعي‬
‫ل ى تفسه فمن عالماته ما أييت‪:‬‬
‫‪-1‬أته ًل يريد من الناس أن خيالفوه ولو كان على خطأ‪.‬‬
‫‪-2‬أته يكره أن يقوم غريه بذلك‪ ،‬أي ابلدعوة ل ى اخلري يريد أن يستبد به من‬
‫بني سائر الناس"(‪.)1‬‬
‫ي‬
‫النيب ‪ً ‬ل يَنتَقم لنَـ ْفسه قَ ُّط أبَ ادا لًل أن تُـْنـتَـ َهك ُح ُر ُ‬
‫مات اَّلل ‪،‬‬ ‫"وهلذا كان ُّ‬
‫وجد من كثري‬ ‫غضباا َّلل ؛ ألته ليس يَ ْدعو ل ى تَـ ْفسه كما يُ َ‬‫أشد الناس َ‬ ‫فإته كان َ‬
‫من الدُّعاة يَ ْدعون ل ى أت ُف يسهم يف الواقيع‪ ،‬يُريدون أن يـُ َع يظمهم الناس وأن َأي ُخذوا‬
‫بقوهلم‪ ،‬حَت لهنم لذا خوليفوا يف ذلك َيجتد اإلتسان يت َكدر؛ ًل ألته خوليف أمر ي‬
‫اَّلل‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫؛ ولكن ألته ُخوليف هو‪ ،‬الذي هذا َش ْأتُه لمنا يَدعُو ل ى تَـ ْفسه وليس يَ ْدعو ل ى‬
‫ربه"(‪.)4‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬التثبت وعّم العجلة‬
‫دعا اإلسالم ل ى ضرورة التثبت والتأين‪ ،‬وذم العجلة يف مواضع عدة‪ ،‬ومن‬
‫األمور اليت ًلبد منها يف األمر ابملعروف والنهي عن املنكر التثبت وعدم التسرع‬
‫‪{ :‬ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ‬ ‫والعجلة؛ ملا قد يرتتب عليه من املفاسد‪ ،‬قال‬
‫ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ} [سورة احلجرات‪،]6:‬‬
‫ميكن‬ ‫والتثبت يتضمن عدة أمور حبسب ما ذكره فضيلة الشيخ ابن عثيمني‬

‫(‪ )1‬اتظر‪ :‬ابن عثيمني‪" ،‬تفسري القرآن الكرمي"‪ ،11 ،11 :4 ،‬تفسري سورة آل عمران‪.‬‬
‫(‪ )4‬ابن عثيمني‪" ،‬تفسري القرآن الكرمي" ‪ ،121‬تفسري األحزاب‪.‬‬
‫‪111‬‬

‫لمجاهلا فيما أييت‪:‬‬


‫‪-1‬التثبت من األحكام والفتاوى‪ :‬فال بد للمحتسب من التثبت فيما ينقله‬
‫من حكم شرعي أو فتوى؛ ألن ذلك يدخ يف القول على هللا بغري علم‪" ،‬ومن هذا‬
‫النوع ما ينسب ل ى بعض العلماء من الفتاوى اليت مل يتكلم هبا لطالق ا‪ ،‬أو تكلم ولكن‬
‫العامل كلمة على غري مراد ي‬
‫العامل‬ ‫فُ يهم ما ينق عنه خطأ‪ ،‬فإن بعض الناس قد يفهم من ي‬
‫َ‬
‫ي‬
‫هبا‪ ،‬وقد يسأل العامل سؤاًلا يتصوره العامل على غري ما يف تفس هذا السائ ‪ ،‬مث جييب‬
‫على حسب ما فهمه‪ ،‬مث أييت هذا الرج وينشر هذا القول الذي ليس بصحيح‪ ،‬وكم‬
‫من أقوال تسبت ل ى علماء أجالء‪ ،‬مل يكن هلا أص ؛ هلذا جيب التثبُّت فيما يُنق عن‬
‫العلماء أو غري العلماء‪ ،‬وًل سيما يف هذا الزمن الذي كثرت فيه األهواء‪ ،‬وكثر فيه‬
‫التعصب‪ ،‬وصار الناس كأهنم ميشون يف عمى"(‪.)1‬‬
‫‪-2‬عدم اصدار األحكام على الناس‪ :‬فاحلكم على أحد من املسلمني أبته‬
‫فاسق أو كافر من األمور احملرمة شرع ا‪ ،‬فال ينبغي للمحتسب أن يطلق األحكام على‬
‫أصحاب املنكرات أبن يكفرهم وخيرجهم من الدين‪ ،‬ويف ذلك يقول فضيلة الشيخ ابن‬
‫‪ :‬أته ًل جيوز لنا أن تتعدى الظاهر الذي يبدو من اإلتسان‪ ،‬حَت ولن‬ ‫عثيمني‬
‫‪{ :‬ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ‬ ‫وجدت قرائن تدل على خالف ظاهره‪ ،‬والدلي قوله‬
‫ﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰ ﮱﯓﯔﯕﯖ‬
‫ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ‬
‫ﯣ ﯤ ﯥ ﯦﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ} [سورة‬

‫(‪ )1‬ابن عثيمني‪" ،‬تفسري القرآن الكرمي"‪ ،48 ،‬تفسري سورة احلجرات‪.‬‬
‫فقه إنكار املنكر يف تفسري الشيخ حممد بن صاحل العثيمني‬
‫‪111‬‬
‫ث بَـ ْعثاا‬ ‫النساء‪ ،]94:‬وقد وقع مثال تطبيقي هلذا يف عهد النيب ‪ ،‬فر َ ي‬
‫سول هللا ‪ ‬بَـ َع َ‬ ‫َ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫يي‬ ‫ي‬
‫ني لذا شاءَ أ ْن‬ ‫ني‪ ،‬ولهنُُم التَـ َق ْوا فَكا َن َر ُج ٌ م َن املُ ْش يرك َ‬
‫ني ل ى قَـ ْوم م َن املُ ْش يرك َ‬
‫م َن املُ ْسلم َ‬
‫ص َد َغ ْفلَتَهُ‪،‬‬ ‫يي‬ ‫ي‬ ‫يي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ني قَ َ‬
‫ص َد له فَـ َقتَـلَهُ‪ ،‬ولن َر ُج اال م َن املُ ْسلم َ‬ ‫ني قَ َ‬ ‫يَـ ْقص َد ل ى َر ُج م َن املُ ْسلم َ‬
‫قال‪ً :‬ل للَهَ لًل اَّللُ فَـ َقتَـلَهُ‪،‬‬ ‫ف َ‬ ‫بن َزيْد‪ ،‬فَـلَما َرفَ َع عليه السْي َ‬ ‫ُسامةُ ُ‬
‫ث أته أ َ‬ ‫قال‪ :‬وُكنا ُحنَد ُ‬‫َ‬
‫ي‬
‫صنَ َع‪ ،‬فَ َدعاهُ‬ ‫كيف َ‬‫أخ ََربهُ َخ ََرب الر ُج ي َ‬ ‫فأخ َربَهُ‪ ،‬حَت ْ‬ ‫فَجاءَ البَشريُ ل ى الن ييب ‪ ‬فَ َسأَلَهُ ْ‬
‫يي‬ ‫قال‪ :‬اي ر َ ي‬ ‫فَسأَلَه َ ِ‬
‫الان‪،‬‬
‫الان وفُ ا‬ ‫ني‪ ،‬وقَـتَ َ فُ ا‬ ‫سول هللا‪ْ ،‬أو َج َع يف املُ ْسلم َ‬ ‫فقال‪" :‬ملَ قَ تَ لْتَهُ؟" َ َ‬ ‫َ ُ‬
‫سول هللاي‬ ‫قال َر ُ‬ ‫قال‪ً :‬ل للَهَ لًل اَّللُ‪َ ،‬‬ ‫ف َ‬ ‫ومسى له تَـ َفرا‪ ،‬ي‬
‫ت عليه‪ ،‬فَـلَما َرأَى السْي َ‬ ‫ولين َمحَْل ُ‬ ‫ا‬ ‫َ‬
‫وم‬
‫ت يَ َ‬ ‫جاء ْ‬
‫اَّللُ إذا َ‬ ‫صنَ ُع بال إلَهَ َّإال َّ‬ ‫كيف تَ ْ‬ ‫قال‪" :‬فَ َ‬ ‫قال‪ :‬تـَ َع ْم‪َ ،‬‬ ‫‪" :‬أقَ تَ لْتَهُ؟!" َ‬
‫اَّللُ إذا‬‫صنَ ُع بال إلَهَ َّإال َّ‬ ‫استَـ ْغ يفْر ييل‪َ ،‬‬ ‫قال‪ :‬اي ر َ ي‬ ‫الق ِ‬ ‫ِ‬
‫كيف تَ ْ‬
‫قال‪" :‬و َ‬ ‫سول هللا‪ْ ،‬‬ ‫يامة؟!" َ َ‬ ‫َ‬
‫صنَ ُع بال إلَهَ َّإال‬ ‫كيف تَ ْ‬ ‫ول‪َ " :‬‬ ‫يدهُ علَى أ ْن يَـ ُق َ‬ ‫يام ِة؟!" َ‬
‫قال‪ :‬فَ َج َع َ ًل يَيز ُ‬ ‫تي ِ‬
‫وم الق َ‬ ‫جاء ْ َ َ‬‫َ‬
‫يام ِة؟!"(‪.)1‬‬ ‫تي ِ‬
‫وم الق َ‬ ‫جاء ْ َ َ‬
‫اَّللُ إذا َ‬ ‫َّ‬
‫حَت قال أسامة ‪" :‬متنيت أين مل أكن أسلمت لًل يومئذ" يعين‪ :‬متنيت أن‬
‫يكون هذا يف حال كفري حَت أسلم فيغفر يل ما قد سلف؛ ألن من أسلم غفر هللا له‬
‫ما سلف يف كفره مهما كان‪.‬‬
‫ولن هذا يدل على التحذير من احلكم على الناس مبا خيالف الظاهر‪ ،‬وحنن ًل‬
‫تكلف ما ًل تطيق‪ ،‬ولو أن هللا جع حكمنا على الناس على حسب الباطن هللكنا؛‬

‫(‪ )1‬أخرجه اإلمام مسلم‪ ،‬كتاب‪ :‬اإلميان‪ ،‬ابب‪ :‬حترمي قت الكافر بعد أن قال ًل لله لًل هللا‪ ،‬رقم‬
‫احلديث‪.)27( :‬‬
‫‪111‬‬

‫فمن حيقق الباطن‪ً ،‬ل ميكن أن حيققه أحد‪ ،‬فنحن ليس لنا لًل الظاهر(‪.)1‬‬
‫‪{ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ‬ ‫فينبغي كف اللسان عن ذلك امتثاًلا لقوله‬
‫ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ } [سورة احلجرات‪.]12:‬‬
‫‪-2‬التثبت ال يعِن التجسس‪ :‬هنى هللا ‪ ‬عن التجسس‪ ،‬وتتبع العورات قال‬
‫‪ { :‬ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ‬
‫ﭫﭬ ﭭ ﭮﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ} [سورة احلجرات‪ ،]12:‬كما أته من شروط‬
‫احلسبة أن يكون املنكر "ظاهرا بال جتسس‪ ،‬وك من يسرت معصيته يف داره‪ ،‬وأغلق‬
‫ي‬ ‫(‪)4‬‬
‫س َم َع‬ ‫عليه اببه مل جيز التجسس عليه" ‪ ،‬فعن َعْبد الر ْمحَ ين بْ ين َع ْوف ‪ ‬أَتهُ َحَر َ‬
‫اج يىف بَـْيت فَاتْطَلَ ُقوا‬ ‫ي‬ ‫ي ي ي‬ ‫ي‬
‫ُع َمَر بْ ين ا ْخلَطاب ‪ ‬لَْيـلَةا ابلْ َمدينَة فَـبَـْيـنَا ُه ْم ميَْ ُشو َن َشب َهلُْم سَر ٌ‬
‫ال‬
‫ط فَـ َق َ‬‫ات ُمْرتَيف َعةٌ َولَغَ ٌ‬‫َص َو ٌ‬
‫يي‬
‫ب ُجمَاف َعلَى قَـ ْوم َهلُْم فيه أ ْ‬
‫ي‬
‫يَـ ُؤُّموتَهُ َحَت ليذَا َدتَـ ْوا مْنهُ ليذَا َاب ٌ‬
‫ال‪َ :‬ه َذا‬ ‫ت‪ً :‬لَ‪ .‬قَ َ‬ ‫ال‪ :‬أَتَ ْد يرى بَـْي ُ‬
‫ت َم ْن َه َذا؟ قُـْل ُ‬ ‫َخ َذ بييَ يد َعْب يد الر ْمحَ ين فَـ َق َ‬
‫ُع َم ُر ‪َ ‬وأ َ‬
‫ال َعْب ُد الر ْمحَ ين‪ :‬أ ََرى قَ ْد‬ ‫ب فَما تَـَرى‪ ،‬قَ َ‬ ‫ت َربي َيعةَ بْ ين أ َُميةَ بْ ين َخلَف َوُه ُم اآل َن ُشر ٌ‬ ‫بَـْي ُ‬
‫ال‪ { :‬ﭝ ﭞ } [سورة احلجرات‪ ]12:‬فَـ َق ْد َجتَس ْسنَا‬ ‫أَتَـْيـنَا َما َهنَى اَّللُ َعْنهُ فَـ َق َ‬
‫ف َعْنـ ُه ْم ُع َم ُر ‪َ ‬وتَـَرَك ُه ْم(‪.)1‬‬
‫صَر َ‬
‫فَاتْ َ‬
‫أن التجسس طلب املعايب من الغري‪،‬‬ ‫وذكر فضيلة الشيخ ابن عثيمني‬

‫(‪ )1‬اتظر‪ :‬ابن عثيمني‪" ،‬تفسري القرآن الكرمي"‪ ،26 :4 ،‬تفسري سورة النساء‪.‬‬
‫(‪ )4‬وجيه الدين عبد الرمحن بن علي ابن الديبع‪" ،‬بغية اإلربة يف معرفة أحكام احلسبة" )ط‪،1‬‬
‫مكه املكرمة‪ :‬جامعة أم القرى‪1244 ،‬هـ) ‪.64‬‬
‫(‪ )1‬أخرجه اإلمام البيهقي يف السنن الكربى (ط‪ ،1‬بريوت‪ :‬دار الكتب العلمية‪1242 ،‬هـ)‬
‫كتاب‪ :‬األشربة‪ ،‬ابب‪ :‬ما جاء يف النهي عن التجسس‪ ،‬رقم‪.872 :8 )17646( :‬‬
‫فقه إنكار املنكر يف تفسري الشيخ حممد بن صاحل العثيمني‬
‫‪111‬‬
‫شرا من أخيه‪ ،‬أو لعله ينظر‬
‫أي‪ :‬أن اإلتسان ينظر ويتصنت ويتسمع لعله يسمع ًّ‬
‫سوءا من أخيه‪ ،‬والذي ينبغي لإلتسان أن يعرض عن معايب الناس‪ ،‬وأن ًل حيرص‬
‫على اًلطالع عليها‪ ،‬ب أيخذ الناس على ظاهرهم‪ ،‬وًل يشغ تفسه مبعايب‬
‫اآلخرين‪ ،‬وهلذا من ابتلي ابلتجسس جتده يف احلقيقة قلق ا دائم ا يف حياته‪ ،‬وينشغ‬
‫بعيوب الناس عن عيوبه‪ ،‬وًل يهتم بنفسه‪ ،‬وهذا يوجد كثريا من بعض الناس الذين‬
‫أيتون ل ى فالن ول ى فالن‪ ،‬ما تقول يف كذا؟ ما تقول يف كذا؟ فتجد أوقاهتم ضائعة‬
‫بال فائدة‪ ،‬ب ضائعة مبضرة؛ ألن ما وقعوا فيه فهو معصية هلل ‪ ،‬ه أتت وكي‬
‫عن هللا ‪ ‬تبحث عن معايب عباده؟‪ ،‬والعاق هو الذي يتحسس معايب تفسه‪،‬‬
‫وينظر معايب تفسه ليصلحها‪ً ،‬ل أن ينظر يف معايب الغري ليشيعها ‪ -‬والعياذ ابهلل ‪-‬‬
‫وهلذا قال هللا ‪{ :‬ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ‬
‫ﰀ ﰁﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ} [سورة النور‪.)1(]19:‬‬
‫املبحث الثاني‪ :‬فدقه إنكار املنكر يف تفسري الشيخ حممّ العثيمني أثناء اإلنكار‬
‫املطلب األوَّل‪ :‬التّرج والبّء باألهم‬
‫لن التدرج ومراعاة األولوايت من األمور اليت عين هبا اإلسالم يف كافة‬
‫اجملاًلت كالعبادات واملعامالت‪ ،‬فكثري من األحكام تدرج الشارع يف بياهنا؛ حَت‬
‫أيلفها الناس‪ ،‬فمعرفة األولوايت من األمور اليت ًلبد للمحتسب من فقهها والعم هبا‬
‫جماًلت التدرج يف لتكار‬ ‫عند لتكار املنكر‪ ،‬وقد بني فضيلة الشيخ ابن عثيمني‬

‫(‪ )1‬اتظر‪ :‬ابن عثيمني‪" ،‬تفسري القرآن الكرمي"‪ ،81 ،81 ،‬تفسري سورة احلجرات‬
‫‪112‬‬

‫املنكر‪ ،‬واليت ميكن امجاهلا فيما أييت‪:‬‬


‫‪-1‬مراعاة حال احملتسب عليه‪ :‬لن مراعاة حال احملتسب عليه النفسية‬
‫واًلجتماعية والفكرية‪ ،‬والتدرج يف اسلوب لتكار املنكر واستخدام األسلوب املناسب‬
‫لك حالة من األمهية مبكان‪ ،‬لذلك جند العديد من النصوص الشرعية يف اًلحتساب‬
‫‪{ :‬ﮦ ﮧ‬ ‫على املنكرات فيها أساليب خمتلفة ك حبسب حاله ومكاتته‪ ،‬قال‬
‫ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱﯓ} [سورة‬
‫حول هذه اآلية ما تصه‪" :‬اتظر‬ ‫النحل‪ ،]125:‬وذكر فضيلة الشيخ ابن عثيمني‬
‫للحكمة‪ ،‬أحياانا يكون احملتسب عليه غضبان بسبب مؤثرات خارجية‪ ،‬فال تتحم‬
‫أحياان يكون راضياا ومنبسطاا تقدر‬
‫عاداي‪ ،‬و ا‬
‫كالما ا‬
‫تفسه أن يقب منك حَت ولو كان ا‬
‫مثال ‪ -‬لذا قاب‬
‫أن تضرب له األمثلة حَت يهديه هللا‪ ،‬وهلذا خيطئ بعض الناس – ا‬
‫شخصا ومل يعامله املعاملة الالئقة به‪ ،‬تفر منه‪ ،‬فمث هذه األمور ًل ينبغي لإلتسان أن‬
‫ا‬
‫متقبال‬
‫حيكم على الشخص مبجرد أته دعاه مرة وتفر‪ ،‬اتظر للوقت الذي تراه فيه ا‬
‫وادعه ل ى احلق"(‪.)1‬‬
‫‪-2‬التدرج يف إنكار املنكر‪ :‬بني النيب ‪ ‬أمهية التدرج ومراعاة األولوايت يف‬
‫ك َستَأْيت قَ ْوًما أ ْه َل كِتَاب‪،‬‬ ‫ني بَـ َعثَهُ ل ى اليَ َم ين‪" :‬إنَّ َ‬ ‫ي‬ ‫ي ي‬
‫قوله ‪ ‬ل ُم َعاذ ب ين َجبَ ‪ ‬ح َ‬
‫سول َِّ‬
‫اَّلل‪،‬‬ ‫فَِإذَا ِجْئ تَ ُه ْم‪ ،‬فَا ْدعُ ُه ْم إىل أ ْن يَ ْش َه ُدوا أ ْن ال إلَهَ َّإال َّ‬
‫اَّللُ‪َّ ،‬‬
‫وأن ُحمَ َّم ًدا َر ُ‬
‫صلَ َوات يف‬
‫س َ‬ ‫بذلك‪ ،‬فأ ْخِ ْربُه ْم َّ‬
‫أن َّ‬
‫ض عليهم خَْ َ‬ ‫قد فَ َر َ‬ ‫اَّللَ ْ‬ ‫لك َ‬ ‫فإ ْن ُه ْم أطَاعُوا َ‬
‫ض عليهم‬ ‫قد فَ َر َ‬ ‫أن َّ‬
‫اَّللَ ْ‬ ‫بذلك‪ ،‬فأ ْخِ ْربُه ْم َّ‬
‫لك َ‬ ‫اعوا َ‬ ‫ُك ِل يَوم ولَْي لَة‪ ،‬فإ ْن ُه ْم أطَ ُ‬

‫(‪ )1‬ابن عثيمني‪" ،‬تفسري القرآن الكرمي"‪ ،18 :4 ،‬تفسري سورة آل عمران‪.‬‬
‫فقه إنكار املنكر يف تفسري الشيخ حممد بن صاحل العثيمني‬
‫‪113‬‬
‫بذلك‪ ،‬فَِإ َّاي َك‬ ‫رت ُّد علَى فُ َق َرائِ ِه ْم‪ ،‬فإ ْن ُه ْم أطَ ُ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫لك َ‬ ‫اعوا َ‬ ‫ص َدقَةً تُ ْؤ َخ ُذ من أ ْغنيَائ ِه ْم فَ َُ‬
‫َ‬
‫اب"(‪ ،)1‬وقد قرر‬ ‫وبني َِّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫اَّلل ح َج ٌ‬ ‫وَك َرائ َم ْأم َواْل ْم‪ ،‬واتَّ ِق َد ْع َوةَ املَظْلُوم؛ فإنَّه َ‬
‫ليس ْبي نَهُ ْ َ‬
‫ذلك بقوله‪" :‬وجوب تقدمي األهم فاألهم يف الدعوة ل ى هللا‬ ‫الشيخ ابن عثيمني‬
‫‪‬؛ ألن الرسول ‪ ‬أول ما دعا هؤًلء ل ى التوحيد مل يق ‪ :‬صلوا وًل زكوا وًل صوموا‬
‫وًل حجوا‪ ،‬ب دعاهم ل ى التوحيد‪ ،‬وهذا هو شأن القرآن‪ ،‬وهذا هو شأن سنة الرسول‬
‫العملية‪ ،‬فإته ملا بعث معاذا ل ى اليمن أمره أن يدعوهم أول ما يدعوهم لليه ل ى‬
‫شهادة أن ًل لله لًل هللا وأن حممدا رسول هللا"(‪.)4‬‬
‫العديد من األشياء الشركية والبدعية‬ ‫وقد ذكر فضيلة الشيخ ابن عثيمني‬
‫املنتشرة يف اآلوتة األخرية واليت ينبغي على اآلمر ابملعروف والناهي عن املنكر أن يركز‬
‫عليها حَت ًل تنتشر‪ ،‬وذلك يف قوله‪" :‬لن الكالم يف التوحيد ًل شك أته مهم؛ ألته‬
‫أهم األشياء‪ ،‬لكن لذا كنا يف قوم قد وحدوا ‪ -‬وهلل احلمد ‪ -‬وعرفوا األمر وهم بعيدون‬
‫عن الشرك‪ ،‬ولمنا خيالفون يف األمور األخرى دون الشرك‪ ،‬فنحن تركز على ما فيه هذه‬
‫املخالفة على أته لو طرأ ما يَكلُ ُم التوحيد جيب أن يركز عليه‪ ،‬كما يوجد يف اآلوتة‬
‫األخرية من ظهور بعض األشياء الشركية والبدعية‪ ،‬مث ‪ :‬متائم النحاس اليت تعلق‪،‬‬
‫يقال‪ :‬أهنا تنفع من الروماتيزم‪ ،‬هذا أيضا توع من الشرك‪ ،‬وكذلك أيضا ما وجد من‬

‫(‪ )1‬متفق عليه‪ ،‬أخرجه اإلمام البخاري‪ ،‬كتاب‪ :‬الزكاة‪ ،‬ابب‪ :‬أخذ الصدقة من األغنياء‪ ،‬رقم‬
‫احلديث‪ ،) 1226( :‬واإلمام مسلم‪ ،‬كتاب‪ :‬اإلميان‪ ،‬ابب‪ :‬الدعاء ل ى الشهادتني وشرائع‬
‫اإلسالم‪ ،‬رقم احلديث‪.)12( :‬‬
‫(‪ )4‬ابن عثيمني‪" ،‬تفسري القرآن الكرمي"‪ ،14 ،‬تفسري سورة ص‪.‬‬
‫‪110‬‬

‫قضية الدبلة وما يتعلق هبا‪ ،‬فالرج يكتب امسه على خامت امرأته‪ ،‬وهي تكتب امسها‬
‫على خامت زوجها‪ ،‬ويعتقدون أن هذا موجب احملبة واًلحرتام كأته رابط‪ ،‬وهذا أيض ا‬
‫من الشرك‪ ،‬وهو من التي َولَة‪ ،‬فإذا طرأت مث هذه األمور جيب أن حتارب‪ ،‬وأن يركز‬
‫عليها‪ ،‬وأن يكثر القول فيها حَت ًل تنتشر‪ ،‬فاملهم أته لك مقام مقال كما قي "(‪.)1‬‬
‫أمهية التدرج من خالل التدرج يف بيان‬ ‫وبني فضيلة الشيخ ابن عثيمني‬
‫‪:‬‬ ‫‪" :‬قد أتزل هللا يف اخلمر أربع آايت‪ :‬آية تبيحه وهي قوله‬ ‫األحكام‪ ،‬فقال‬
‫{ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﭿ} [سورة النحل‪ ،]61:‬وآية‬
‫‪:‬‬ ‫تعرض ابلتحرمي وهي هذه اآلية‪ ،‬وآية متنعه يف وقت دون آخر وهي قوله‬
‫{ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ} [سورة‬
‫النساء‪ ،]43:‬وآية متنعه دائم ا مطلق ا وهي آية املائدة اليت تزلت يف السنة الثامنة من‬
‫‪{ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬ ‫اهلجرة وهي قوله‬
‫ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ} [سورة املائدة‪ ،)4("]97:‬وبينت أم املؤمنني عائشة‬
‫ورةٌ ِم َن املَُف َّ‬
‫ص ِل‪،‬‬ ‫احلكمة من هذا التدرج بقوهلا‪َّ " :‬إَّنا نَ َز َل َّأو َل ما نَ َز َل منه ُس َ‬
‫اإلس َالِم نَ َز َل احلََال ُل واحلََر ُام‪ ،‬ولو‬
‫َّاس إىل ْ‬ ‫ب الن ُ‬ ‫يها ِذ ْك ُر اجلَن َِّة والنَّا ِر‪َّ ،‬‬
‫حَّت إذَا َاث َ‬ ‫فَ‬
‫ِ‬
‫نَ َز َل َّأو َل َشيء‪ :‬ال تَ ْش َربُوا اخلَ ْم َر‪ ،‬لَقالوا‪ :‬ال نَ َدعُ اخلَ ْم َر أبَ ًدا‪ ،‬ولو نَ َز َل‪ :‬ال تَ ْزنُوا‪،‬‬
‫لَقالوا‪ :‬ال نَ َدعُ ال ِزَان أبَ ًدا"(‪" ،)1‬وذلك ملا طبعت عليه النفوس من النفرة عن ترك‬

‫(‪ )1‬ابن عثيمني‪" ،‬تفسري القرآن الكرمي"‪ ،84 ،‬تفسري سورة لقمان‪.‬‬
‫(‪ )4‬ابن عثيمني‪" ،‬تفسري القرآن الكرمي"‪ ،68 ،67 :1 ،‬تفسري سورة البقرة‪.‬‬
‫(‪ )1‬أخرجه اإلمام البخاري‪ ،‬كتاب‪ :‬فضائ القرآن‪ ،‬ابب‪ :‬أتليف القرآن‪ ،‬رقم احلديث‪:‬‬
‫=‬
‫فقه إنكار املنكر يف تفسري الشيخ حممد بن صاحل العثيمني‬
‫‪111‬‬
‫املألوف فاقتضت احلكمة اإلهلية ترتيب النزول على ما ذكر"(‪.)1‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬مراعاة املصاحل واملفاسّ‬
‫جاءت الشريعة اإلسالمية مبراعات املصاحل واملفاسد‪ ،‬وحثت على ضرورة‬
‫‪" :‬ليس العاق الذي يعلم اخلري من الشر‪ ،‬ولمنا العاق‬ ‫العم هبا‪ ،‬قال ابن تيمية‬
‫‪" :‬لن‬ ‫الذي يعلم خري اخلريين وشر الشرين"(‪ ،)4‬وقال فضيلة الشيخ ابن عثيمني‬
‫الدين اإلسالمي جاء بتحصي املصاحل‪ ،‬ودرء املفاسد‪ ،‬وينبغي املقارتة يف األمور بني‬
‫مصاحلها‪ ،‬ومفاسدها‪ ،‬وترجيح املصاحل على املفاسد‪ ،‬أو املفاسد على املصاحل حسب‬
‫ما يرتتب عليها"(‪.)1‬‬
‫وتتضمن مراعاة املصاَل واملفاسد ما أييت‪:‬‬
‫‪-1‬مراعاة املصاَل واملفاسد يف إنكار املنكر‪" :‬مث أن يكون يف أمره بطاعة‬
‫فعالا ملعصية أكرب منها‪ ،‬فيرتك األمر هبا دفعا لوقوع تلك املعصية‪ ،‬ومث أن يكون يف‬
‫هنيه عن بعض املنكرات ترك ا ملعروف هو أعظم منفعة من ترك املنكرات‪ ،‬فيسكت عن‬
‫النهي خوفا أن يستلزم ترك ما أمر هللا به ورسوله مما هو عنده أعظم من جمرد ترك‬

‫=‬
‫(‪.)2221‬‬
‫(‪ )1‬أمحد بن حممد القسطالين‪" ،‬لرشاد الساري لشرح صحيح البخاري" (ط‪ ،7‬مصر‪ :‬املطبعة‬
‫األمريية‪1141 ،‬هـ) ‪.281 :7‬‬
‫(‪ )4‬أمحد بن تيمية‪" ،‬جمموع الفتاوى" (د‪ .‬ط‪ ،‬جممع امللك فهد لطباعة املصحف الشريف‪،‬‬
‫‪1248‬هـ) ‪.82 :41‬‬
‫(‪ )1‬اتظر‪ :‬ابن عثيمني‪" ،‬تفسري القرآن الكرمي"‪ ،71 :1 ،‬تفسري سورة البقرة‪.‬‬
‫‪111‬‬

‫ذلك املنكر"(‪.)1‬‬
‫‪ :‬أن من شروط لتكار املنكر أن ًل‬ ‫وذكر فضيلة الشيخ ابن عثيمني‬
‫يتحول املنكر ل ى ما هو أتكر منه‪ ،‬ألن النهي عن املنكر يراد به تقلي املنكر‪ ،‬فإذا‬
‫كان يرتتب عليه أن يقع املنهي عن املنكر يف منكر أعظم؛ فإته ًل ينهى عنه‪ ،‬ولذا‬
‫هنى احملتسب وهو يعلم أته سيتحول ل ى ما هو أَتْ َكر‪ ،‬فمعىن ذلك أته دعى ل ى فع‬
‫‪:‬‬ ‫زائد عن املنكر األول‪ ،‬والزائد عن املنكر األول منكر‪ ،‬يؤخذ هذا من قول هللا‬
‫{ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ } [سورة األنعام‪،]179:‬‬
‫فهنا هنى هللا املسلمني أن يسبوا أصنام الكفار؛ ملا كان يرتتب على سبها مفسدة‬
‫شخصا يشرب الدخان أمامنا‪ ،‬لكن تعلم أتنا لو هنيناه عن شرب‬
‫ا‬ ‫أكرب‪ ،‬فلو رأينا‬
‫الدخان لذهب يسرق أموال الناس‪ ،‬ويؤذي الناس ويضايقهم‪ ،‬فه تنكر عليه شرب‬
‫الدخان أو ًل؟ ًل تنكر‪ ،‬وكذلك لو غلب على ظننا أتنا لو هنيناه عن الدخان لذهب‬
‫دفعا ألعلى املفسدتني أبدانمها‪ ،‬ومن ذلك ما‬
‫ل ى رفقة يشربون اخلمر‪ ،‬فإتنا ًل تنهاه ا‬
‫يقول‪َ " :‬مَرْرت أَ َان‬ ‫أته مسع شيخ اإلسالم ابن تيمية‬ ‫ذكره ابن قيم اجلوزية‬
‫اخلَ ْمَر‪ ،‬فَأَتْ َكَر َعلَْي يه ْم َم ْن َكا َن َمعيي‪،‬‬
‫َص َح يايب ييف َزَم ين التـتَا ير بيَق ْوم يمْنـ ُه ْم يَ ْشَربُو َن ْ‬
‫ضأ ْ‬ ‫َوبَـ ْع ُ‬
‫ص ُّد َع ْن يذ ْك ير اَّللي َو َع ْن الص َالةي‪،‬‬ ‫فَأَتْ َكرت علَيهي‪ ،‬وقُـْلت لَه‪ :‬لمنَا حرم اَّلل ْ ي‬
‫اخلَ ْمَر ألَهنَا تَ ُ‬ ‫ََ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َْ َ‬
‫َخ يذ ْاأل َْم َو يال فَ َد ْع ُه ْم"(‪ )4‬فأتكر‬ ‫وس وس ييب ُّ ي‬ ‫ي‬
‫الذ يرية َوأ ْ‬ ‫اخلَ ْم ُر َع ْن قَـْت ي النُّـ ُف ي َ َ ْ‬ ‫ُّه ْم ْ‬
‫صد ُ‬‫َوَه ُؤًَلء يَ ُ‬

‫(‪ )1‬ابن تيمية‪" ،‬جمموع الفتاوى"‪.88 :41 ،‬‬


‫(‪ )4‬ابن قيم اجلوزية‪" ،‬لعالم املوقعني عن رب العاملني" (ط‪ ،1‬بريوت‪ :‬دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫‪1211‬هـ) ‪.11 :1‬‬
‫فقه إنكار املنكر يف تفسري الشيخ حممد بن صاحل العثيمني‬
‫‪111‬‬
‫على صاحبه لتكاره عليهم؛ ألته يتعدى ضررهم‪ ،‬أما شرهبم اخلمر فهو على‬
‫أتفسهم(‪.)1‬‬
‫‪-2‬مراعاة املصاَل واملفاسد يف أسلوب إنكار املنكر‪ :‬ومن ذلك أًل‬
‫‪:‬‬ ‫يستخدم احملتسب أسلوابا منفرا‪ ،‬فال يكون فظ ا حَت ًل يبتعد عنه الناس‪ ،‬قال‬
‫{ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ‬
‫ﭱﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ} [سورة آل عمران‪ ،]159:‬فذكر فضيلة‬
‫الشيخ ابن عثيمني ‪ :‬أن هللا ‪ ‬جع الفظاظة والغلظة سبباا للتنفري‪ ،‬فينبغي‬
‫لإلتسان أن يستعم مع الناس ك ما جيلبهم لليه‪ ،‬ولًل فإن اإلتسان قد يعذر يف‬
‫‪ { :‬ﭥ ﭦ ﭧﭨ }‬ ‫اًلبتعاد عن أه اخلري لذا كاتوا جفاة غالظ القلوب؛ لقوله‬
‫‪َ ‬النْ َفضُّوا ِم ْن َح ْولِ َك‪.)4(‬‬
‫‪{ :‬ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﮏ‬ ‫وأن يدفع السيئة ابليت هي أحسن‪ ،‬قال‬
‫ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ} [سورة‬
‫فصلت‪ ،]34:‬حيث ذكر فضيلة الشيخ ابن عثيمني ‪ :‬أن يدفع السيئة أبَحسن ما‬
‫يدفعها به‪ ،‬وهو الذي أمر هللا به‪ ،‬مبعىن‪ :‬لذا أساء لليك ليتسان فال تقابله إبساءة وًل‬
‫أيضا‪ ،‬ب قابله مبا هو أحسن‪ ،‬كالغضب ابلصرب‪ ،‬واجله ابحللم‪،‬‬
‫تقابله حبسنة ا‬

‫(‪ )1‬اتظر‪ :‬ابن عثيمني‪" ،‬تفسري القرآن الكرمي"‪ ،421 :4 ،‬تفسري سورة املائدة‪ ،‬وتفسري سورة آل‬
‫عمران ‪.16 ،18 :4‬‬
‫(‪ )4‬اتظر‪ :‬ابن عثيمني‪" ،‬تفسري القرآن الكرمي"‪ ،168 :4 ،‬تفسري سورة آل عمران‪.‬‬
‫‪111‬‬

‫واإلساءة ابلعفو(‪.)1‬‬
‫‪:‬‬ ‫‪-3‬مراعاة املصاَل واملفاسد فيما ينقله من أخبار وأحكام‪ :‬قال‬
‫{ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ‬
‫ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ‬
‫‪ :‬أن هذه اآلية‬ ‫ﮩ ﮪ} [سورة النساء‪ ،]93:‬فذكر فضيلة الشيخ ابن عثيمني‬
‫كثريا من الناس يعلنون األخبار على‬
‫متاما على ما حنن فيه اآلن‪ ،‬حيث لن ا‬ ‫تنطبق ا‬
‫عواهنها‪ ،‬وًل يبالون مبا ترتب عليها من خري أو شر‪ ،‬وًل يزتون بني املصاحل بعضها مع‬
‫بعض‪ ،‬وًل بني املفاسد بعضها مع بعض‪ ،‬وًل بني املصاحل وبني املفاسد‪ ،‬ولمنا يذيعون‬
‫الشيء وينشروته بدون حتقيق وًل متحيص‪ ،‬وهذا من دأب املنافقني؛ ألن هللا‬
‫ذكرهم يف هذا السياق‪ ،‬فقال‪{:‬ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ‬
‫ﭧﭨ ﭩ ﭪﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ } [سورة النساء‪.]91:‬‬
‫وذكر هللا ‪ { :‬ﮝ ﮞ} [سورة النساء‪ ]93:‬ومل يق ‪ :‬يعلموته؛ ألن‬
‫هؤًلء هلم تظر بعيد عميق كالذي يستنبط املاء(‪.)4‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬الرفق واللني‬
‫الرفق من األمور اليت دعا لليها اإلسالم يف كافة جماًلت احلياة‪ ،‬وهو من أهم‬
‫املهمات يف جمال اًلحتساب؛ ألن منهج اإلسالم قائم على الرفق وتبذ العنف‪ ،‬فال‬
‫جيب ممن أيمر مبعروف‪ ،‬وينهى عن منكر أن يكون فظا عنيفا‪ ،‬ولقد حث النيب ‪‬‬

‫(‪ )1‬اتظر‪ :‬ابن عثيمني‪" ،‬تفسري القرآن الكرمي"‪ ،187 ،‬تفسري سورة فصلت‪.‬‬
‫(‪ )4‬اتظر‪ :‬ابن عثيمني‪" ،‬تفسري القرآن الكرمي"‪ ،47 ،46 :4 ،‬تفسري سورة النساء‪.‬‬
‫فقه إنكار املنكر يف تفسري الشيخ حممد بن صاحل العثيمني‬
‫‪111‬‬
‫ْق ِيف ْاأل َْم ِر‬ ‫ب ِ‬
‫الرف َ‬ ‫اَّللَ َرفِي ٌق ُِحي ُّ‬
‫إن َّ‬‫على ضرورة اًللتزام ابلرفق‪ ،‬قال رسول هللا ‪َّ " :‬‬
‫ُكلِ ِه"(‪ ،)1‬وقال اإلمام الشيزري ‪" :‬ليكن من شيم احملتسب الرفق‪ ،‬ولني القول‪،‬‬
‫وطالقة الوجه وسهولة األخالق عند أمره للناس وهنيه؛ فإن ذلك أبلغ يف استمالة‬
‫القلوب‪ ،‬وألن اإلفراط يف الزجر رمبا أغرى ابملعصية‪ ،‬والتعنيف ابملوعظة متجه‬
‫األمساع"(‪.)4‬‬
‫أمهية الرفق للمحتسب بقوله‪" :‬ومن‬ ‫وبني فضيلة الشيخ ابن عثيمني‬
‫آداب األمر ابملعروف والنهي عن املنكر أن يكون ليناا يف أمره ليناا يف هنيه؛ ألن اللني‬
‫خلق كرمي يعطي هللا ‪ ‬به ما ًل يعطي على العنف كما قال النيب ‪ ‬يف ذلك‪َّ " :‬‬
‫إن‬
‫العْن ِ‬
‫ف"(‪ ،)1‬وكما أرشد هللا‬ ‫الرفق‪ ،‬ويُ ْعطي عليه ما ال يُ ْعطي على ُ‬
‫ب َ‬ ‫هللاَ رفي ٌق‪ُِ ،‬حي ُّ‬
‫حني أرسلهما ل ى فرعون‪ ،‬فقال ‪{ :‬ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ‬ ‫لليه موسى وهارون‬
‫ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ} [سورة طه‪ ،]44:‬يتذكر فيما أتمراته به‪ ،‬أو خيشى فيما تنهياته‬
‫عنه‪ ،‬مع أته من أعَت أه األرض‪ ،‬لن مل يكن أعَت أه األرض"(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه اإلمام البخاري‪ ،‬كتاب‪ :‬استتابة املرتدين واملعاتدين‪ ،‬ابب‪ :‬لذا عرض الذمي وغريه‬
‫بسب النيب ‪ ،‬رقم احلديث‪.)6247( :‬‬
‫(‪ )4‬عبد الرمحن الشيزري‪" ،‬هناية الرتبة يف طلب احلسبة"‪.2 ،‬‬
‫(‪ )1‬أخرجه اإلمام أيب داؤود‪ ،‬كتاب‪ :‬األدب‪ ،‬ابب‪ :‬يف الرفق‪ ،‬رقم احلديث‪ )2817( :‬وقال‬
‫‪ :‬حديث صحيح‪ ،‬اتظر‪ :‬حممد انصر الدين األلباين‪" ،‬صحيح األدب املفرد"‪،‬‬ ‫األلباين‬
‫(ط‪ ،2‬اجلبي ‪ :‬مكتبة الدلي ‪1218 ،‬ه) رقم احلديث‪.)168( :‬‬
‫(‪ )2‬ابن عثيمني‪" ،‬تفسري القرآن الكرمي"‪ ،41 :4 ،‬تفسري سورة آل عمران‪.‬‬
‫‪111‬‬
‫املطلب الرَّابع‪ :‬التأني وترك االستعجال‬
‫من أهم ما ينبغي للمحتسب أن يتحلى به يف أمره ابملعروف وهنيه عن املنكر‬
‫التأين وعدم اًلستعجال يف جين مثار احتسابه وهذا هو املنهج الذي قام عليه القرآن‬
‫بعض الناس يريد أن يهتدي‬ ‫الكرمي وسنة املصطفى ‪ ،‬قال ابن عثيمني ‪" :‬لن ُ‬
‫خالف سنة هللا ‪ ،‬لن النيب‬‫َ‬ ‫ط‪ ،‬هذا ًل ميُْ يك ُن‬
‫الناس بني عشية وضحاها‪ ،‬وهذا غل ٌ‬
‫‪ ‬ب يقي يف مكة ثالث عشرة سنةا يدعو ل ى هللا ل ى التوحيد فقط‪ ،‬ويف ي‬
‫اآلخر ل ى‬ ‫َ َ‬
‫َجلؤوه ل ى أن يـه ي‬
‫اجَر‬ ‫َُ‬ ‫يستجب َملَ ُؤهم حَت أ َُْ‬ ‫تجب أَ ْكثَـ ُرهم‪ ،‬مل ْ‬
‫يس ْ‬‫الصالة ومع ذلك مل ْ‬
‫ويَدع بلده"(‪.)1‬‬
‫والتأين يتضمن عدم اًلستعجال يف احلكم على األمور لًل بعد معرفة‬
‫‪{ :‬ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ‬ ‫األسباب‪ ،‬قال‬
‫ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ ﭹ‬
‫ﭺ ﭻ} [سورة القصص‪.]23:‬‬
‫حول هذه اآلية ما تصه‪ً" :‬ل ينبغي أن‬ ‫وذكر فضيلة الشيخ ابن عثيمني‬
‫مل حيكم على املرأتني‬ ‫حيكم على األمور لًل بعد معرفة األسباب‪ ،‬فإن موسى‬
‫أبي حكم لًل بعد أن قال‪ { :‬ﭮ ﭯﭰ } [سورة القصص‪ ]23:‬يعين‪ :‬ملاذا تذودان‬
‫غنمكما عن السقي؟ ومل حيكم أبي حكم على هذا األمر‪ ،‬فسأهلما"(‪.)4‬‬
‫من اًلستعجال يف لطالق األحكام وما يرتتب عليه من مفاسد‬ ‫وحذر‬

‫(‪ )1‬ابن عثيمني‪" ،‬تفسري القرآن الكرمي"‪ ،112 ،‬تفسري سورة الشورى‪.‬‬
‫(‪ )4‬ابن عثيمني‪" ،‬تفسري القرآن الكرمي"‪ ،21 ،‬تفسري سورة القصص‪.‬‬
‫فقه إنكار املنكر يف تفسري الشيخ حممد بن صاحل العثيمني‬
‫‪111‬‬
‫عظيمة بقوله‪" :‬الذي يضر الدعاة ل ى هللا اآلن واحد من أمرين‪ :‬لما جه أو سفه‪،‬‬
‫يعين‪ :‬لما أهنم ليس عندهم علم بني راسخ‪ ،‬فتجدهم حيرمون ما أح هللا‪ ،‬أو يوجبون‬
‫ما مل يوجبه هللا‪ ،‬وهذه مفسدة عظيمة أو يكون عندهم سفه‪ ،‬يعين ليس عندهم‬
‫حكمة يف الدعوة ل ى هللا‪ ،‬فيكون عندهم تسرع وعنف‪ ،‬فالبد من العلم‬
‫واحلكمة"(‪.)1‬‬
‫املطلب اخلامس‪ :‬قوة احلجة يف اإلقناع‬
‫احلجة البالغة تدمغ اجملادل‪ ،‬وهي قائمة على األدلة والرباهني وضرب األمثلة‪،‬‬
‫‪{ :‬ﭝ ﭞ ﭟ‬ ‫صاحب حجة آاته هللا لايها‪ ،‬قال‬ ‫وكان لبراهيم‬
‫ﭠ ﭡ ﭢﭣ } [سورة األنعام‪ ،]93:‬ويف أمهية اإلقناع للمحتسب قال الشيخ ابن‬
‫مقنعا يف حجته؛ ألته لذا أمر ابملعروف قد يقول‬
‫عثيمني ‪ً" :‬ل بد أن يكون ا‬
‫املأمور‪ :‬ما دليلك على هذا؟ ولذا هنى عن منكر قد يقول‪ :‬ما دليلك على هذا؟ فال‬
‫بد أن يكون عنده لقناع‪ ،‬وليعلم أن مسألة اإلقناع غري مسألة العلم‪ ،‬بعض الناس‬
‫يكون عنده علم لكن ًل يستطيع أن يقنع غريه‪ ،‬ليس عنده قوة حجة وبيان‪ ،‬وبعض‬
‫علما منه لكن عنده قوة لقناع‪ ،‬فالبد أن تتمرن على قوة اإلقناع ولو‬
‫الناس يكون أق ا‬
‫بضرب األمثال؛ ألن ضرب األمثال يقرب‪ ،‬ويذكر عن رسول هللا ‪ ‬يف حديث رواه‬
‫‪" :‬أترضى أن‬ ‫رجال استأذن النيب ‪ ‬يف الزان(‪ ،)4‬فقال له النيب‬
‫اإلمام أمحد أن ا‬

‫(‪ )1‬ابن عثيمني‪" ،‬تفسري القرآن الكرمي"‪ ،114 ،‬تفسري سورة النم ‪.‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه اإلمام أمحد يف مسنده‪( ،‬ط‪ ،1‬بريوت‪ :‬مؤسسة الرسالة‪1241 ،‬ه)‪ ،‬رقم احلديث‪:‬‬
‫(‪ )44411‬وقال‪ :‬لسناده صحيح‪.‬‬
‫‪112‬‬

‫يفعل هذا أبمك وأختك وذات رمحك؟ قال‪ً :‬ل ما أرضى‪ ،‬قال‪ :‬لذا كنت ًل ترضى‬
‫أن يفع ذلك مبحارمك‪ ،‬فكيف ترضى أن تفعله أتت مبحارم الناس" هذا أسلوب‬
‫مقنع‪ ،‬يعين جمرد أن يتصور اإلتسان هذه املسألة يبتعد‪ ،‬هذه من األساليب اليت ينبغي‬
‫لآلمر ابملعروف والناهي عن املنكر أن يكون على دراية هبا ولجادة"(‪.)1‬‬
‫املطلب السَّادس‪ :‬فدقه مراتب إنكار املنكر‬
‫قال النيب ‪َ " :‬من َرأَى ِمن ُكم ُمْن َك ًرا فَ لْيُ غَِ ْريهُ بيَ ِدهِ‪ ،‬فإ ْن َملْ يَ ْستَ ِط ْع فَبِلِسانِِه‪،‬‬
‫ان"(‪ ،)4‬وكثري من الناس جيه فقه هذا‬ ‫ف اإلميَ ِ‬ ‫ض َع ُ‬
‫كأْ‬ ‫فإ ْن َملْ يَ ْستَ ِط ْع فَبِ َق ْلبِ ِه‪َ ،‬وذَلِ َ‬
‫احلديث وخيلطون بني النهي عن املنكر وتغيريه‪ ،‬فتغيري املنكر ابليد ليس خموًلا ألي‬
‫أحد القيام به‪ ،‬فكثري من أعمال التطرف والغلو كان سببها سوء فهم النصوص‬
‫‪" :‬لن األمر ابملعروف والنهي عن املنكر‬ ‫الشرعية‪ ،‬قال فضيلة الشيخ ابن عثيمني‬
‫غري تغيري املنكر‪ ،‬وهلذا جاءت النصوص مطلقة يف األمر ابملعروف والنهي عن املنكر؛‬
‫مقيدا ابًلستطاعة؛ ألن‬
‫ألته يكون ممن له وًلية‪ ،‬وممن ليس له وًلية‪ ،‬وجاء التغيري ا‬
‫مثال وتوابه‪ ،‬لكن يف الشارع‬
‫التغيري ًل بد أن يكون من ذي سلطة‪ ،‬كويل األمر ا‬
‫واألماكن العامة ليس له اإللزام مبأمور به أو التغيري ملنكر؛ وذلك ملا حيدث من‬
‫الفوضى‪ ،‬فال يفتح لك أحد من الناس؛ ألته لو فتح لك أحد من الناس لكاتت‬
‫منكرا‪،‬‬
‫املسألة فوضى‪ ،‬ولكان ك لتسان يرى أن هذا منكر‪ ،‬ولو كان الفاع ًل يراه ا‬

‫(‪ )1‬ابن عثيمني‪" ،‬تفسري القرآن الكرمي"‪ ،44 ،41 :4 ،‬تفسري سورة آل عمران‪.‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه اإلمام مسلم‪ ،‬كتاب‪ :‬اإلميان‪ ،‬ابب‪ :‬كون النهي عن املنكر من اإلميان‪ ،‬رقم احلديث‪:‬‬
‫(‪.)22‬‬
‫فقه إنكار املنكر يف تفسري الشيخ حممد بن صاحل العثيمني‬
‫‪113‬‬
‫يقوم ويغري بيده‪ ،‬فالتغيري ملن له وًلية وسلطة"(‪.)1‬‬
‫أن اإلتكار املنكر ابليد يكون يف حق من استطاع‬ ‫فأكد فضيلة الشيخ‬
‫ذلك كويل األمر أو من ينيبه‪ ،‬وًل يقوم به ك أحد‪ ،‬أما من ًل يستطيع ذلك فيرتتب‬
‫على لتكاره من الفتنة والفوضى واملفاسد الشيء الكثري‪ ،‬فيحص ما هو أشد من‬
‫املنكر‪.‬‬
‫ولتفصي لتكار املنكر الوارد يف احلديث السابق عرض فضيلة الشيخ‬
‫مسألة وتصها‪" :‬لن قي ‪ :‬طالب العل يم الذي يريد الدعوة وًل سيما الدعوة يف احلار ي‬
‫ات؛‬ ‫ُ‬
‫وفالان وتَـْرَكهم الصالة‪،‬‬
‫فالان ا‬‫ات ُمنكر كثري كرتك الصالة ويعرف ا‬ ‫ألته يوجد يف احلار ي‬
‫الوقت قلي ؟ وه يُع َذر اإلتسان لذا‬
‫فإن َم َشى لليهم ضاع وقتُه‪ ،‬فه يرتُكهم؛ ألن َ‬
‫الشخص بعيد اًلستجابة أو بعيد أن يقب منه‪ ،‬وًل جيد‬ ‫َ‬ ‫َغلَب على ظَنيه أن هذا‬
‫الوقت املناسب له؟ فاجلواب‪ :‬هذه يف الواقيع موعظة أو أمر‪ ،‬فالدعوة تَكون بصفة‬
‫ُ‬
‫عامة‪ ،‬أما أن تذهب ل ى فالن وتنصحه فهذا يف احلقيقة موعظة‪ ،‬ولن كان لك سلطة‬
‫فهو أمر‪ ،‬أمر ابملعروف‪ ،‬وهذا كما تعرف له أَحوال‪ً ،‬ل جيب على اإلتسان أن يرتك‬
‫ما يهمه يف دينه ودتياه من أج أن يذهب ل ى الناس ويقرع أبواهبم ليأمرهم أو‬
‫ِ‬
‫نكرا فَ لْيُ ِ ْ‬
‫غريه"‬ ‫يعظهم‪ ،‬هذا ليس بواجب‪ ،‬فإن قي ‪ :‬قوله ‪َ " :‬من رأى منكم ُم ً‬
‫فاجلواب تعم يف (من رأى) لكن الرسول ‪ ‬ما ذهب وما قال‪ :‬تطلبوا رؤية املنكر‪،‬‬
‫وهذا الذي ًل يصليي ُميكن أن أَعظه يف السوق أو يف املسجد؛ وهلذا جند الناس اآلن‬
‫يستثقلون أن يقرع عليهم الباب أحد فيعظهم أو أيمرهم‪ ،‬ورمبا حص من ذلك ما‬

‫(‪ )1‬ابن عثيمني‪" ،‬تفسري القرآن الكرمي"‪ ،421 :4 ،‬تفسري سورة املائدة‪.‬‬
‫‪110‬‬

‫يسمى َبريد الفع "(‪.)1‬‬


‫أن املرجع يف معرفة املنكر هو كتاب هللا‬ ‫وبني فضيلة الشيخ ابن عثيمني‬
‫‪ ‬وسنة تبيه ‪" :‬واملرجع يف املنكر ل ى الشرع وليس للعرف؛ ألن الناس قد‬
‫ينكرون ما ليس مبنكر‪ ،‬وقد يقرون ما هو منكر‪ ،‬فاملرجع لذاا ل ى الشريعة‪ً ،‬ل ل ى‬
‫عرف الناس"(‪.)4‬‬

‫‪h‬‬

‫(‪ )1‬ابن عثيمني‪" ،‬تفسري القرآن الكرمي"‪ ،184 ،‬تفسري سورة فصلت‪.‬‬
‫(‪ )4‬املرجع السابق‪ ،416 :4 ،‬تفسري سورة املائدة‪.‬‬
‫فقه إنكار املنكر يف تفسري الشيخ حممد بن صاحل العثيمني‬
‫‪111‬‬

‫اخلامتة‬

‫حبمد هللا وفضله أهنيت هذا البحث الذي من خالله مت بيان املنهج الصحيح‬
‫‪ ،‬وأخلص يف هنايته ل ى النتائج‬ ‫إلتكار املنكر من خالل تفسري الشيخ ابن عثيمني‬
‫والتوصيات‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬نتائج البحث‪.‬‬
‫‪-1‬أن علم التفسري من أج العلوم وأعظمها‪ ،‬وأه التفسري هلم شأن كبري‬
‫ومكاتة عظيمة؛ كوهنم مرجعا للناس يف بيان معاين كتاب هللا العزيز‪.‬‬
‫قب البدء ابإلتكار‬ ‫‪-2‬من فقه لتكار املنكر يف تفسري الشيخ ابن عثيمني‬
‫العلم فهو شرط مهم من شروط األمر ابملعروف والنهي عن املنكر؛ ألته بدون العلم‬
‫سيكون ما يفسده احملتسب أكثر مما يصلح‪.‬‬
‫‪ً-3‬ل بد للمحتسب من التثبت فيما ينقله من حكم شرعي أو فتوى؛ ألن‬
‫ذلك يدخ يف القول على هللا بغري علم‪.‬‬
‫‪-4‬معرفة األولوايت من األمور اليت ًلبد للمحتسب من فقهها والعم هبا‬
‫عند لتكار املنكر‪.‬‬
‫أثناء اإلتكار‬ ‫‪-8‬من فقه لتكار املنكر يف تفسري الشيخ ابن عثيمني‬
‫مراعاة املصاحل واملفاسد ويتضمن ذلك مراعاة املصاحل واملفاسد يف املنكر تفسه‪ ،‬ويف‬
‫‪111‬‬

‫أسلوب اإلتكار‪ ،‬وفيما ينقله من أخبار وأحكام‪.‬‬


‫‪-6‬من أهم ما ينبغي للمحتسب أن يتحلى به يف أمره ابملعروف وهنيه عن‬
‫املنكر التأين وعدم اًلستعجال يف جين مثار احتسابه وهذا هو املنهج الذي قام عليه‬
‫القرآن الكرمي وسنة املصطفى ‪.‬‬
‫‪ً-1‬ل بد للمحتسب من فقه مراتب لتكار املنكر فكثري من الناس جيه فقه‬
‫هذا احلديث وخيلطون بني النهي عن املنكر وتغيريه‪.‬‬
‫اثنياً‪ :‬توصيات البحث‪.‬‬
‫حث الباحثني على دراسة مؤلفات العلماء يف التفسري واإلفادة منها يف تشر‬
‫فقه األمر ابملعروف والنهي عن املنكر وفق منهج الوسطية واًلعتدال‪.‬‬

‫‪h‬‬
‫فقه إنكار املنكر يف تفسري الشيخ حممد بن صاحل العثيمني‬
‫‪111‬‬

‫فهرس املصادر واملراجع‬

‫‪ -1‬ابن األثري‪ ،‬جمد الدين أيب السعادات حممد اجلزري‪" ،‬النهاية يف غريب‬
‫احلديث واألثر" (ط‪ ،1‬د‪ .‬م‪ :‬املكتبة اإلسالمية‪1181 ،‬ه)‪.‬‬
‫‪ -4‬ابن الديبع‪ ،‬وجيه الدين عبد الرمحن بن علي‪" ،‬بغية اإلربة يف معرفة أحكام‬
‫احلسبة" (ط‪ ،1‬مكة املكرمة‪ :‬جامعة أم القرى‪1244 ،‬ه)‪.‬‬
‫‪ -1‬ابن تيمية‪ ،‬أمحد‪" ،‬جمموع الفتاوى" (د‪ .‬ط‪ ،‬جممع امللك فهد لطباعة‬
‫املصحف الشريف‪1248 ،‬ه)‪.‬‬
‫‪ -2‬ابن تيمية‪ ،‬أمحد‪" ،‬مقدمة يف أصول التفسري" (ط‪ ،4‬د‪ .‬م‪ :‬د‪ .‬ن‪،‬‬
‫‪1124‬ه)‬
‫‪ -8‬ابن تيمية‪ ،‬أمحد‪" ،‬منهاج السنة النبوية " (ط‪ ،1‬الرايض‪ :‬جامعة اإلمام‬
‫حممد بن سعود اإلسالمية‪1216 ،‬ه)‪.‬‬
‫‪ -6‬ابن حنب ‪ ،‬أمحد بن حممد‪" ،‬مسند اإلمام أمحد"‪( ،‬ط‪ ،1‬بريوت‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة‪1241 ،‬ه)‪.‬‬
‫‪ -7‬ابن عثيمني‪ ،‬حممد بن صاحل‪" ،‬تفسري القرآن الكرمي" (ط‪ ،1‬الرايض‪ :‬دار‬
‫ابن اجلوزي‪1218 ،‬ه)‪.‬‬
‫‪ -8‬ابن قيم اجلوزية‪ ،‬حممد الدمشقي‪" ،‬لعالم املوقعني عن رب العاملني" (ط‪،1‬‬
‫بريوت‪ :‬دار الكتب العلمية‪1211 ،‬ه)‪.‬‬
‫‪ -2‬ابن منظور‪ ،‬مجال الدين حممد‪" ،‬لسان العرب" (ط‪ ،1‬بريوت‪ :‬دار صادر‪،‬‬
‫‪1212‬ه)‪.‬‬
‫‪ -11‬األلباين‪ ،‬حممد انصر الدين‪" ،‬سلسلة األحاديث الصحيحة" (ط‪،1‬‬
‫الرايض‪ :‬مكتبة املعارف‪1216 ،‬ه)‪.‬‬
‫‪111‬‬
‫األلباين‪ ،‬حممد انصر الدين‪" ،‬صحيح األدب املفرد"‪( ،‬ط‪ ،2‬اجلبي ‪ :‬مكتبة‬ ‫‪-11‬‬
‫الدلي ‪1218 ،‬ه)‪.‬‬
‫البخاري‪ ،‬حممد بن لمساعي ‪" ،‬صحيح البخاري" (ط‪ ،1‬بريوت‪ :‬دار ابن‬ ‫‪-14‬‬
‫كثري‪1241 ،‬هـ)‪.‬‬
‫البيهقي‪ ،‬أمحد بن احلسني‪ " ،‬السنن الكربى " (ط‪ ،1‬بريوت‪ :‬دار الكتب‬ ‫‪-11‬‬
‫العلمية‪1242 ،‬ه)‪.‬‬
‫الرتمذي‪ ،‬حممد بن عيسى‪" ،‬سنن الرتمذي" (ط‪ ،1‬بريوت‪ :‬دار الغرب‬ ‫‪-12‬‬
‫اإلسالمي‪1226 ،‬م)‪.‬‬
‫احلاكم‪ ،‬حممد بن عبد هللا‪" ،‬املستدرك على الصحيحني" (ط‪ ،4‬بريوت‪:‬‬ ‫‪-18‬‬
‫دار الكتب العلمية‪1244 ،‬ه)‪.‬‬
‫الشيزري‪ ،‬عبد الرمحن‪" ،‬هناية الرتبة يف طلب احلسبة" (د‪ .‬ط‪ ،‬القاهرة‪:‬‬ ‫‪-16‬‬
‫مطبعة جلنة التأليف والرتمجة والنشر‪1168 ،‬ه)‪.‬‬
‫الفريوز آابدي‪ ،‬جمد الدين‪" ،‬بصائر ذوي التمييز يف لطائف الكتاب العزيز"‬ ‫‪-17‬‬
‫(ط‪ ،1‬القاهرة‪ :‬اجمللس األعلى للشؤون اإلسالمية‪1216 ،‬ه)‪.‬‬
‫القسطالين‪ ،‬أمحد بن حممد‪" ،‬لرشاد الساري لشرح صحيح البخاري"‬ ‫‪-18‬‬
‫(ط‪ ،7‬مصر‪ :‬املطبعة األمريية‪1141 ،‬ه)‪.‬‬
‫النيسابوري‪ ،‬مسلم بن احلجاج‪" ،‬صحيح مسلم" (ط‪ ،1‬د‪ .‬م‪ :‬دار طيبة‪،‬‬ ‫‪-12‬‬
‫‪1247‬هـ)‪.‬‬
‫اهليثمي‪ ،‬تور الدين علي‪" ،‬جممع الزوائد ومنبع الفوائد" (د‪ .‬ط‪ ،‬بريوت‪ :‬دار‬ ‫‪-41‬‬
‫الكتاب العريب‪ ،‬د‪ .‬ت)‪.‬‬
‫فقه إنكار املنكر يف تفسري الشيخ حممد بن صاحل العثيمني‬
111

bibliography

1- Al-Nisaburi ،Muslim bin Al-Hajjaj ،" "Sahih Muslim" ،(1st ed ،


n. p: Dar Ribah ،1427 AH).
2- al- Tirmidhi ،Muhammad ibn Isa ،" Sunan Al-Tirmidhi " ،(1st
ed ،Beirut: Dar al-Gharb al-Islami ،11996 AD).
3- Al-Bayhaqi ،Ahmad ibn al-Husayn ،" The Great Sunnah " ،(3rd
ed ،Beirut: Dar al-Sader ،1414 AH).
4- Al-Bukhari ،Muhammad bin Ismail ،" Sahih Al-Bukhari "(1st
ed ،Beirut: Dar Ibn Katheer ،1423 AH).
5- Al-Fayrouz Abadi ،Majd al-Din ،" The Insights Of Those With
Discernment In The Subtleties Of The Dear Book " ،(3rd ed ،
Cairo: Supreme Council for Islamic Affairs ،1416 AH).
6- Al-Hakim ،Muhammad Bin Abd Allah ،" Al-Mustadrak on the
Two Sahihs "(2nd ed ،Beirut: Dar al Kotob al ilmiyah ،1422
AH).
7- Al-Qastalani ،Ahmed bin Muhammad ،" Irshad Al-Sari ،by
Sahih Al-Bukhari. " ،(7th ed ،Egypt: Al Amiria Printing Press ،
1323 AH).
8- Al-Sabt ،Khaled ،" Enjoining Good And Forbidding Evil " ،(1st
ed ،n. p: n. d ،1415 AH).
9- Al-Shayzari ،Abd al-Rahman ،" The End of the Rank in
Requesting Hisba "(n. ed ،Cairo: Lajnat al Taa’leef w al
Tarjamah ،w al Nashr Printing Press ،1365 AH).
10- Bin Uthaymeen ،Muhammad Bin Saleh ،"Interpretation of the
Noble Qur'an" ،(1st ed ،Riyadh: Dar Ibn al-Jawzi ،1435 AH).
11- Ibn al-Atheer ،Majd AlDin Abu AlSaadat Muhammad Al-
Jazari" The End in Gharib al-Hadith and Athar "(1st ed ،n. p:
The Islamic Library ،1383 AH).
12- Ibn al-Badi' ،Wajih al-Din Abd al-Rahman ibn Ali ،" the
rulings of the hisba "(1st ed ،Makkah Al-Mukarramah: Umm
Al-Qura University ،1422 AH).
13- Ibn Manzur ،Jamal al-Din Muhammad" Lisan Al Arab "(3rd
ed ،Beirut: Dar al-Sader ،1414 AH).
14- Ibn Qayyim al-Jawziyyah ،Muhammad al-Dimashqi" Flags of
the signatories on the authority of the lord of the worlds "(1st
111
ed ،Beirut: Dar al Kotob al ilmiyah ،1411 AH).
15- Ibn Taymiyyah ،Ahmad ،"Majmoo' al-Fatawa" (n. ed ،King
Fahd Glorious Qur'an Printing Complex: 1425 AH).
16- Ibn Taymiyyah ،Ahmad ،"Minhaj al-Sunnah al-Nabawiyyah" ،
(1st ed ،Riyadh: Imam Muhammad Ibn Saud Islamic
University ،1406 AH).
17- Ibn Taymiyyah ،Ahmad ،"The Introduction To The
Fundamentals Of Interpretation" ،(2nd ed ،n. p: n. d ،1392 AH).
The contents
No. Researches page
The Terminology of Al-Futuhi in his book (Mukhtasar Al-
1- "Tahreer): "in a way" or "in a saying" or "on a saying 11
- Analytical Fundamentalist Study -
Dr. Ibrahim Ghonaim Al-Hees
The Divisions of Words Connotations According to the
Hanafiyyah
2- 79
- An Analytical Inductive Study -
Dr. Abdur Rahmaan Muhammad Namankani
The Objections of Abubakr al-Jaṣṣāṣ on the Term “al-Bayān”
According to Imam Shāfiʿī
3- 159
- A Critic Study -
Dr. Muhammad bin Qaynan bin Abu Al-Rahman Al-Nutaifat
Conditions of the Benefit (Al-Maṣlaḥā) Between al-Juwayni
and al-Ghazali
4- - Analytical Reading - 211
Prof. Dr. Suleiman bin Mohammed Al-Najran
Maqasids of Consumption and their Effect on Directing
5- Consumption Behavior in Islamic Economics 273
And their Contemporary Applications
Dr. Muhammad Ahmed Omer Babiker
Applicability of International Commercial Regulations and
6- Agreements in the Saudi Law and Their Effect on the Sources 331
of Commercial Judiciary
Prof. Dr. Mohammed Ali Mohammed Al-Qarni
Putting the Perpetrator Under Electronic Surveillance as an
7- Alternative Punishment of Imprisonment in the Kingdom of 397
Saudi Arabia
Sharifa bint Hamad bin Mayoud Al-Harthy
The Value of Motivation between Prophetic Applications in
8- Islamic Law and Western Culture 439
- A Comparative Study -
Dr. Hamad Abdullahh hamad Alsaqabi
Islamic Values Included In The Hadiths of Travel In "Sahih
9- "Muslim 493
Dr. Yaqob Bin Yosef Alanqeri
The Understanding of Condemning the Vices in the Qur’an
Exegesis of Sheikh Muhammad bin Saleh Al-Uthaymeen
10- 555
- May Allah have mercy on him -
Dr. Amany Mohamad saif Aloteeby
The views expressed in the published papers reflect the
view of the researchers only, and do not necessarily reflect
the opinion of the journal
Publication Rules at the Journal ((

1-The research should be new and must not have been published before.
2-It should be characterized by originality, novelty, innovation, and addition to
knowledge.
3-It should not be excerpted from a previous published works of the researcher.
4-It should comply with the standard academic research rules and its
methodology.
5-The paper must not exceed (12,000) words and must not exceed (70) pages.
6-The researcher is obliged to review his research and make sure it is free from
linguistic and typographical errors.
7-In case the research publication is approved, the journal shall
8- assume all copyrights, and it may re-publish it in paper or electronic form, and
it has the right to include it in local and international databases - with or without a
fee - without the researcher's permission.
9-The researcher does not have the right to republish his research that has been
accepted for publication in the journal - in any of the publishing platforms - except
with written permission from the editor-in-chief of the journal.
10-The journal’s approved reference style is “Chicago”.
11-The research should be in one file, and it should include:
- A title page that includes the researcher's data in Arabic and English.
- An abstract in Arabic and English.
- An Introduction which must include literature review and the scientific addition
in the research.
- Body of the research.
- A conclusion that includes the research findings and recommendations.
- Bibliography in Arabic.
- Romanization of the Arabic bibliography in Latin alphabet on a separate list.
- Necessary appendices (if any).
12- The researcher should send the following attachments to the journal:
The research in WORD and PDF format, the undertaking form, a brief CV, and a
request letter for publication addressed to the Editor-in-chief

() These general rules are explained in detail on the journal's website:
http://journals.iu.edu.sa/ILS/index.html
The Editorial Board

Prof. Dr. Abdul ‘Azeez bin Julaidaan Az-Zufairi


Professor of Aqidah at Islamic University University
)Editor-in-Chief(
Prof. Dr. Ahmad bin Baakir Al-Baakiri
Professor of Principles of Jurisprudence at Islamic University Formally
)Managing Editor(
Prof. Ramadan Muhammad Ahmad Prof. ʻAbd-al-Qādir ibn Muḥammad
Al-Rouby ʻAṭā Ṣūfī
Professor of Economics and Public Professor of Aqeedah at the Islamic
Finance at Al-Azhar University in Cairo University of Madinah
Prof. ʿAbdullāh ibn Ibrāhīm al- Prof. Dr. ‘Umar bin Muslih Al-
Luḥaidān Husaini
Professor of Daʿwah at Imam Professor of Fiqh Sunnah and its
Muhammad bin Saud Islamic University Sources at the Islamic University
Prof. Hamad bin Muhammad Al-
Prof. Dr. Ahmad bin Muhammad Ar-
Hājiri
Rufā‘ī
Professor of Comparative Jurisprudence
Professor of Jurisprudence at Islamic
and Islamic Politics at Kuwait
University
University
Prof. ʿAbdullāh bin ʿAbd al-ʿAziz Al-
Prof. Muhammad bin Ahmad Al-
Falih
Barhaji
Professor of Fiqh Sunnah and its
Professor of Qirāʾāt at Taibah University
Sources at the Islamic University
Prof. Dr. Baasim bin Hamdi As-
Prof. Dr. Amin bun A'ish Al- Muzaini
Seyyid
Professor of Tafseer and Sciences of
Professor of Qiraa‘aat at Islamic
Qur‘aan at Islamic University
University
Dr. Ḥamdān ibn Lāfī al-ʻAnazī
Dr. Ibrahim bin Salim Al-Hubaishi
Associate Professor of Exegesis and
Associate Professor of Law at the
Quranic Sciences at Northern Border
Islamic University
University
Dr. Ali Mohammed Albadrani
(Editorial Secretary)
Dr. Omar bin Hasan al-Abdali
)Publishing Department)
The Consulting Board

His Highness Prince Dr. Sa’oud bin


Salman bin Muhammad A’la
Prof.Dr. Sa’d bin Turki Al-Khathlan
Sa’oud
A former member of the high scholars
Associate Professor of Aqidah at
King Sa’oud University

His Excellency Prof. Dr. Yusuff bin Prof. Dr. A’yaad bin Naami As-
Muhammad bin Sa’eed Salami
Member of the high scholars & Vice The editor –in- chief of Islamic
minister of Islamic affairs Research’s Journal

Prof.Dr. Abdul Hadi bin Abdillah Prof.Dr. Musa’id bin Suleiman At-
Hamitu Tayyarr
A Professor of higher education in Professor of Quranic Interpretation at
Morocco King Saud’s University

Prof. Dr. Mubarak bin Yusuf Al-


Prof. Dr. Ghanim Qadouri Al-Hamad
Hajiri
Professor at the college of education at
former Chancellor of the college of
Tikrit University
sharia at Kuwait University

Prof. Dr. Zain Al-A’bideen bilaa Prof. Dr. Falih Muhammad As-
Furaij Shageer
A Professor of higher education at A Professor of Hadith at Imam bin
University of Hassan II Saud Islamic University

Prof. Dr. Hamad bin Abdil Muhsin At-Tuwaijiri


A Professor of Aqeedah at Imam Muhammad bin Saud Islamic University
Correspondence :
The papers are sent with the name of the Editor - in
– Chief of the Journal to this E-mail address:
Es.journalils@iu.edu.sa

the journal’s website :


http://journals.iu.edu.sa/ILS/index.html
Copyrights are reserved

Paper Version :
Filed at the King Fahd National Library No :
7836 - 1439
and the date of : (17/9/1439 AH)
International serial number of periodicals (ISSN)
1658 - 7898

Online Version :
Filed at the King Fahd National Library No :
7838 - 1439
and the date of : (17/9/1439 AH)
International Serial Number of Periodicals (ISSN)
1658 - 7901
ISLAMIC UNIVERSITY JOURNAL OF
ISLAMIC LEGAL SCIENCES
REFEREED PERIODICAL SCIENTIFIC JOURNAL

Lssue (206) - Volume (3) - Year (57) - September 2023

You might also like