مسرح ونوس (السومري)

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 11

‫مسرحية "مغامرة رأس المملوك جابر" التقنيات الملحمية و أشكال التأصيل ـ عبد الرزاق السومري‬

‫‪-1‬في المنابع و المرجعيات‬


‫صر ال موقف المتلقّي و‬‫ال أحد يشكّ في تعدّد الروافد الثقافية التي نهل منها ونّوس ووقف منها موقف الناقد المتب ّ‬
‫المستهلك السلبي و نذكر منها ‪:‬‬
‫‪ -‬الرافد الغربي و خاصة األلماني الفرنسي ‪:‬‬
‫* إيروين بيسكاتور (‪)Piscator.Erwin:1893/1966‬‬
‫ممثل المسرح السياسي أو مسرح البروليتاريا ‪ :‬استخدم الوسائل السينمائية و طريقة سرد الحقائق التاريخية‬
‫المس ّجلة ‪ .‬استعمل الالفتات و تسجيالت صوتية لخطابات لينين ‪.‬المسرح عنده هو إعداد الجماهير للثورة ‪.‬‬
‫* رينهارت (‪)Reinhardt .max:1873/1943‬‬
‫اتّسم مسرحه بشيء من الجمالية و التقليل من الخطابية التي غلبت على مسرح بيسكاتور ‪.‬كسر الفجوة بين الخشبة‬
‫أو الركح و الصالة ‪.‬‬
‫* بيرنديللو (‪ )Pirandillo .L.1867/1936‬إيطالي ‪ .‬في عمـله ‘‘ ستّ شخصيات تبحث عن مؤلّف ’’ و ‘‘ هذا‬
‫يقوض مواضعات كثيرة‬ ‫المساء سنرتجل’’ ‪ ،‬كسر العالقة بين الخيال و الواقع و العقل و الجنون ‪ ،‬كما استطاع أن ّ‬
‫في المسرح ‪...‬‬
‫المتفرج الممثــُل ‪Figurant :‬‬
‫ّ‬ ‫أدخل فكرة المسرح داخل المسرح و‬
‫* بيرتولد بريشت ‪ )Bertold Brecht 1898/1956( :‬وهو األكثر تأثيرا في مسرح ونّوس و توجيها لقناعاته و‬
‫تقنياته المسرحية ‪(.‬وصل التأثير أحيانا إلى التشابه في العناوين ‪ :‬الملك هو الملك ‪/‬الرجل هو الرجل ‪ /‬مغامرة رأس‬
‫المدورة و الرؤوس المذببة‪)...‬‬ ‫ّ‬ ‫المملوك جابر ‪ /‬الرؤوس‬
‫تنظيري حول المسرح‬‫ّ‬ ‫بلور بريشت أفكاره في مقدمات مسرحياته كمسرحية ‘‘ بائع الحديــــد ’’ (‪ )1937‬و في عمل‬
‫صغير’’ ‪ . )1948( Le petit Organon‬و يمكن اختزال أفكاره فيما يلي ‪:‬‬ ‫الملحمي هو ‘‘األورغانون ال ّ‬
‫‪ -‬المسرح الملحمي‪/‬التعليمي‪/‬الديالكتيكي ‪ :‬معارضة لمفاهيم المسرح األرسطي المعتمدة على اإليهام و التخدير و‬
‫صة عنصر التطهير ‪ Catharsis‬المولّد لحالة مصالحة و تما ٍه بين الفرد و البطل و بين الفرد و نفسه و بين الفرد‬ ‫خا ّ‬
‫و المجتمـــــــع و الواقع‪.‬‬
‫ّ‬
‫للمتفرج المتلقي‬
‫ّ‬ ‫عمل بريشت إذن على كسر هذه المصالحة الوهمية و اآلنية في سبيل خلق دور أكثر إيجابية‬
‫المتمرد الثائر ‪. )...‬‬
‫ّ‬ ‫‪(.‬المتفرج الواعي المنخرط‬
‫ّ‬
‫‪ -‬مخاطبة عقل المشاهد من خالل توسيط المعرفة و إضعاف المتعة الحسية و قطع ك ّل محاولة لمخاطبة الالوعي أو‬
‫العواطف عبر أساليب االستهواء و اإلغراء باالندماج في المشهد ‪ .‬فالمتعة المنشودة في المسرح الملحمي هي‬
‫المتعة الذهنيّة وهي متعة غير آنية أي يمت ّد مفعولها إلى خارج العرض ‪ ،‬وهي متعة طرح السؤال و المحاكمة العقلية‬
‫المتفرج ذاته الحقيقة‬
‫ّ‬ ‫المستمرة ‪ ،‬وهي متعة االندهاش و اليقظة الذهنية التي تحيل الخشبة إلى مرآة يرى من خاللها‬ ‫ّ‬
‫بدال عن ذاته المطموسة باإليهام و االندماج ‪.‬‬
‫‪ -‬كسر مفهوم المطابقة و بناء مفهوم جديد ‪ :‬هو التناقض ‪ .‬فمسرح بريشت ال يعبّر عن أطروحة جاهزة و ال يقدّم‬
‫المتفرج كي يستطيع هذا األخير تعلّم الدرس بنفسه و‬
‫ّ‬ ‫حلوال أو بدائل بل يستثمر تناقضات الفعل المسرحي و خيبات‬
‫اكتشاف المقصد البعيد القريب ‪.‬‬
‫‪Le déroulement épique de l’action entraine nom pas une identification du spectateur‬‬
‫‪avec les personnages mais au contraire une « distanciation » à partir de laquelle‬‬
‫‪celui-ci aiguise sa lucidité‬‬
‫— ‪« Le spectateur du théâtre dramatique dit : Oui, cela, je l'ai éprouvé, moi aussi.‬‬
‫‪C'est ainsi que je suis. — C'est une chose bien naturelle. — Il en sera toujours ainsi.‬‬
‫— ‪— La douleur de cet être me bouleverse parce qu'il n'y a pas d'issue pour lui.‬‬
‫‪C'est là du grand art : tout se comprend tout seul. — Je pleure avec celui qui pleure,‬‬
‫» ‪je ris avec celui qui rit.‬‬
‫‪Brecht,‬ة‪crits, p. 26o-261.‬‬
‫‪« Le spectateur du théâtre épique dit : Je n'aurais jamais imaginé une chose pareille.‬‬
‫‪— On n'a pas le droit d'agir ainsi. — Voilà qui est insolite, c'est à n'en pas croire ses‬‬
‫‪yeux. — Il faut que cela cesse. — La douleur de cet être m'a bouleversé parce qu'il y‬‬
‫‪aurait tout de même une issue pour lui. — C'est là du grand art : rien ne se‬‬
‫» ‪comprend tout seul. — Je ris de celui qui pleure, je pleure sur celui qui rit.‬‬
‫‪Brecht,‬ة‪crits, p. 26o-261.‬‬

‫الشكل الملحمي‬ ‫الشكل الدرامي‬


‫‪ -‬التركيز على السرد و نقل الدور أو إظهاره‬ ‫‪ -‬التركيز على الفعل و تق ّمص الدور‬

‫المتفرج مشاهد و مالحظ متيقّظ الذهــــــن و قادر على الحكم و‬


‫ّ‬ ‫‪-‬‬ ‫المتفرج منخرط في المشهد‬
‫ّ‬ ‫‪-‬‬
‫اتّخاذ قرارات و مواقف ‪.‬‬
‫‪ -‬التركيز على العواطف و االنفعاالت في‬
‫‪ -‬المسرح يمثل رؤية إلى العالم و األشياء‬ ‫مقابل اليقظة الذهنية‬

‫المتفرج بعيد عن المشهد يقف في الخارج فهو يــــــدرس و‬


‫ّ‬ ‫‪-‬‬ ‫المتفرج غارق في المشهد ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪-‬‬
‫يناقش ‪.‬‬
‫‪ -‬اإليحاء‬
‫‪ -‬الحجاج‬
‫‪ -‬العواطف منقولة كما هي‬
‫‪ -‬الدفع بالعواطف حتّى تصبح معارف و مواقف‬
‫المتفرج في الداخل فهو يتعاطف و يتماهى مع‬
‫ّ‬ ‫‪-‬‬
‫محول و‬
‫‪ -‬اإلنسان معطى متغيّر هو موضوع البحث فهو كان ّ‬ ‫الموقف‬
‫متحول‬
‫ّ‬
‫‪ -‬مسلمات و بديهيات‬
‫‪ -‬انشداد إلى السيرورة و التمشّي أكثر من النهاية‬
‫‪ -‬اإلنسان معطى ثابت و مألوف‬
‫المتفرج أن يكتشف الروابط و‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬مشاهد أو لوحات مستقلة (على‬
‫األسباب) ‪.‬‬ ‫‪ -‬انشداد كبير إلى النهاية و انفراج العقدة‬

‫‪ -‬تقنية التركيب‬ ‫‪ -‬تعاقب المشاهد و ترابطها‬

‫سر أحيانا‬
‫متعرج لولبي متك ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬مسار‬ ‫نمو عضوي لألحداث‬
‫‪ّ -‬‬
‫‪ -‬طفرات و قفزات و تق ّ‬
‫طعات‬ ‫‪ -‬تمشّي خ ّ‬
‫طي تراكمي‬

‫‪ -‬اإلنسان كقضية و كإشكالية‬ ‫مستمر للحكاية‬


‫ّ‬ ‫تطور‬
‫‪ّ -‬‬

‫‪ -‬الكينونة االجتماعية هي التي تحدّد الوعي‬ ‫‪ -‬الفكر محدّد للكينونة‬

‫‪ -‬العقل‬ ‫‪ -‬المشاعر و عالم الوجدان‬

‫‪ -‬الوعي السلبي الحقيقي‬ ‫‪ -‬الوعي المثالي الزائف‬

‫روافد أخرى ‪:‬‬


‫‪ -‬جون جونييه ‪ ،‬سيرو ‪ ،‬أنتونين آرتوا ‪....‬‬
‫‪ -‬الرافد العربي ‪:‬‬
‫صل المسرح الملحمي من خالل استلهام أشكال تراثية و شعبية ال تتعارض مع تقنيات المسرح‬ ‫استطاع ونّوس أن يؤ ّ‬
‫الملحمي و ال تعيق المشروع الجديد لمسرحه ‪.‬و من بين الروافد العربية المؤثرة في ثقافة المؤلف نذكر ‪:‬‬
‫‪ -‬المسرح االحتفالي للمغربي عبد الكريم برشيد في منتصف السبعينات ‪ :‬يرى برشيد أنّ أصل المسرح هو االحتفال‬
‫الجماعي بين الناس في المناسبات كاألعـــياد و الوالدات و األعـــــــراس و الحصــاد و األسواق و المواسم ‪ ...‬و‬
‫لذلك ينبغي أن يكون المسرح عمال جماعيا تلقائيا و يُقام حيث يوجد الجمهور ‪.‬‬
‫‪ -‬مسرح الحلقة ‪:‬‬
‫المتفرجين الذين يشكلون حلقة حول‬ ‫ّ‬ ‫نوع من المسرح التراثي المغربي ما يزال حتى اليوم ‪ .‬وهو لقاء عام يتألف من‬
‫الممثل أو الراوي الذي يُمثّل وسط الحـــــلقة ‪ .‬و في هذا المسرح يختلط السرد بالتشخيص و التمثيل بالتقليد و الج ّد‬
‫بالهزل ‪...‬‬
‫‪ -‬مسرح السامر الشعبي ‪:‬‬
‫نوع من المسامرة المسرحية فيه اجتماع مشترك يلتقي فيه الرقص بالغناء و التــمثيل ‪ .‬و قد دعا إليه يوسف إدريس‬
‫و ركّز فيه على ضرورة كسر الجدار الرابع و بناء عالقة توحد بين الجمهور و الخشبة و يصبح الجميع في حالة‬
‫تمــــــــسرح أو مسامرة قائمة على الحديث المرتجـــــــــــل و المشاركة الجماعية ‪.‬‬
‫روافد أخرى ‪ :‬كخيال الظ ّل و مسرح الحكواتي ‪...‬‬
‫‪ -2‬الخصائص البنائية لمسرحية ‘‘ مغامرة رأس المملوك جابر’’‬
‫مكونات المسرحية ‪:‬‬ ‫أ‪ -‬في مستوى ّ‬
‫نحن أمام ثالثة نصوص متداخلة متواشجة ‪:‬‬
‫نص الحكاية التاريخية المستوحاة من الكتب التراثية و التي زمنها العصر العباسي و صراع السلطة بين الخليفة‬ ‫‪ّ -‬‬
‫العباسي المستعصم ووزيره مؤيد الدين العلقمي ‪ :‬فترة سقوط بغداد على أيدي التتار و المغول سنة ‪ 656‬هـ ‪.‬‬
‫نص السائد اليومي بين ما يقدّمه مونس الحكواتي من ‘‘ حكايات كئيبة يسو ّد لها قلب السامع’’ و ما يطلبه زبائن‬ ‫‪ّ -‬‬
‫ق الذي يغلب الباطل و العدل الذي يغلب الظلم ’’‬ ‫المقهى من سير و بطــوالت ‘‘ و الح ّ‬
‫نص يبرز من حين إلى آخر عندما يتد ّخل‬ ‫نص ونّوس النهضوي و المدافع عن التنوير و التغيير الملحمي وهو ّ‬ ‫‪ّ -‬‬
‫بالتعليق أو اقتراح أشكال من اللبـاس و الديكور أو توزيع األدوار و إمكانية تغييرها ‪...‬‬
‫الواقعي‬
‫ّ‬ ‫النص‬
‫ّ‬ ‫األول و الثاني تجاذبات و تقاطعات و أحيانا نوع من المنافـــــــــــــــسة و الصـــدام ‪ :‬فكأنّ‬ ‫النص ّ‬‫ّ‬ ‫بين‬
‫النص الواقع بين التخيـــــــــــيل و التاريخ ليعبث به و يسخر منه ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫طع أوصال‬ ‫يتد ّخل أحيانا ليُق ّ‬
‫فكلّما امتدّت الحكاية التخييلية‪/‬التاريخية و أوشكت أن توقع المتلقّي في نوع من االنبهار و االندماج و السقوط في‬
‫النص الثاني (الواقعي‪/‬اليومي) كاستراحة تغريبية لينــــــتشل المتلقّي من أثير السحر و‬ ‫ّ‬ ‫شرك اإليهام ‪ ،‬ينهض‬
‫طن إلى أنّ ما يشاهده هو لعبة أو‬ ‫للمتفرج كي يبقى في حالة تيقّظ ذهني و يتف ّ‬ ‫ّ‬ ‫النص همزة مفاجئة‬ ‫ّ‬ ‫التّخدير ‪ .‬فكأنّ هذا‬
‫محض تمثيل ‪.‬‬
‫التعـــرجات و الوثبات (كسر منطق التسلسل السببي كما‬ ‫ّ‬ ‫و إذا حاولنا تمثّل النظام البنائي للمسرحية ألفينا ألوانا من‬
‫طعات ‪.‬فأهمية الحكاية ليس في نهايتــــــــــــها أو نتائجها و إنّما في مساراتها و كيفية‬ ‫في الدراما األرسطية) و التق ّ‬
‫طع أقرب إلى تقنية اللوحة مدعاة إلى حمل المشاهد‬ ‫حدوثها ‪ .‬فكسر االسترسال و عرض األحداث بشـــــــــكل متق ّ‬
‫تحرك األحداث ‪.‬‬
‫على الخروج من سلبيته و استنطاق الذهن في سبيل استجالء األسباب التاريخية الكامنة وراء ّ‬
‫لوحة أولى ‪:‬‬
‫‪ -‬الزبائن ينتظرون مونس الحكواتي أمال في سماع سيرة ظاهر الدين بيبرس البطل المملوكي الذي هزم الصليبيين‬
‫في معركة عين جالوت ‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -‬قدوم الحكواتي و خيبة الزبائن ألنه لم يستكمل بعد حكايات االضطراب و الفوضى ‪.‬‬
‫لوحة ثانية ‪:‬‬
‫‪ -‬حوار بين ثالثة رجال و امرأتين يمثلون أهالي بغداد يعلنون من خالله الطاعـــة و الوالء للخليفة و يؤثرون‬
‫السالمة و األمان بدال من ركوب المخاطر و التدخل في السياسة ‪.‬‬
‫لوحة ثالثة ‪:‬‬
‫‪ -‬زبائن المقهى يؤيدون الموقف ‪ ‘‘:‬من زمان هذا هو الطريق’’أي طاعة أولي األمر و البحث عن لقمة العيش ‪.‬‬
‫لوحة رابعة ‪:‬‬
‫‪ -‬حوار جابر و منصور ‪:‬‬
‫*بين مهت ّم متو ّجس من خطر ما يحدق بقصر الخليفة و ال مبال غير مهت ّم باحث عن اللـــــــــــذة والمال"يستطيع‬
‫الوضع أن يتعقّد و يضطرب كمياه دجلة و لكن بعيدا عنّي ‪"...‬‬
‫يتخوف من الفتنة ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫المتفرج المتسلّي و من يبحث عن األســباب و‬ ‫ّ‬ ‫* بين من يكتفي بدور‬
‫لوحة خامسة ‪:‬‬
‫زبون من زبائن المقهى يزجر أبا مح ّمد أن يبتعد من أمامه ‪( .‬ترد هذه اللوحة في سطر واحــــد و كأنّها ومضة‬
‫تغريبية قاطعة لفعل التخييل) ‪.‬‬
‫استئناف اللوحة الرابعة ‪:‬‬
‫‪ -‬جابر يلعب لعبة الرهان حول من سيفوز في الصراع ‪ :‬الخليفة أم الوزير ‪ :‬الوجه األول للقرش يمثل الخليفة و‬
‫الوجه الثاني الوزير ‪.‬‬
‫لوحة سادسة ‪:‬‬
‫‪ -‬إعجاب الزبائن بشخصية جابر ‘‘ ابن زمانه ’’ و تعاطفهم مع المباالته ‪ ‘‘ :‬ال شيء يشغل باله ‪ ،‬ال خليفة و الوزير‬
‫’’‬
‫‪ -‬النادل يقدم الملقط و موقد النار (قرينة نصية معلنة عن وضع الزبائن وهم يدخنون النرجيلة إثر استماعهم‬
‫للحكواتي ‪ :‬النرجيلة كعنصر يزيد في اإليهـــــــــام و التخدير ) ‪.‬‬
‫لوحة سابعة ‪:‬‬
‫الفران إلحضار الخبز ‪.‬‬‫‪ -‬عودة إلى أهالي بغداد (خمسة ممثلين) في شارع من شوارع بغداد يستعجلون ّ‬
‫يتدرج إلى حراس الخليفة و الشأن السيــاسي ‪.‬‬ ‫‪ -‬حوار حول الخبز و التجار سرعان ما ّ‬
‫‪ -‬بروز الرجل الرابع يسأل عن سبب الخالف و توتر األوضاع‬
‫الشر و غنّ له ‪’’ .‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬خوف و توجس من سؤال الرجل الرابع ‘‘ ابعد عن‬
‫يمر من هذا السؤال" من قبيل ‪ :‬تخفيض الضرائب ‪،‬‬ ‫‪ -‬خوض في بعض األسباب "طريق الخبز و األمان وا أسفاه ّ‬
‫تحسين أحوال الرعية ‪ ،‬الخزينة تزرب ‪ ،‬نزاع على قيادة العسكر أو تعيين الوالة ‪.‬‬
‫‪ -‬ظهور حارسين و تغيير الموضوع ‪ :‬الرجل الرابع يحكي قصة الحمال ‪...‬‬
‫‪ -‬استئناف الحوار بعد اختفاء الحارسين ‪.‬‬
‫لوحة ثامنة ‪:‬‬
‫‪ -‬الزبائن يتأكدون من مالمح الرجل الرابع ‪ :‬هو الذي تقمص دور منصور في اللوحة الرابعة ‪.‬‬
‫‪ -‬الزبائن يخاطبون الممثل و يطلبون إليه أن يُنزل هذا السلم عن ظهره ‪.‬‬
‫‪ -‬الممثل يخاطب الزبائن (المتلقّين) قائال ‪" :‬آه لو أستطيع "‬
‫‪ -‬تعليق الزبائن ‪":‬هذه سوسة إذا سكنت الرأي صعب انتزاعها"‬
‫استئناف اللوحة السابعة ‪:‬‬
‫أحب عيشة الكالب التي‬
‫‪ -‬استئناف الحوار حول ‪ :‬مخاطر التدخل في الشأن العام ‪ ،‬تمسك الرجل الرابع بموقفه ‪" :‬ال ّ‬
‫أحب أن أدفع رأسي ثمنا الضطراب ال رأي لي فيه "‪.‬‬ ‫أعيشها ‪ ،‬كما ال ّ‬
‫"أراكم تنسون أيّها الناس الطيبون أنّهما يتعاركان فوق ِرؤوسنا "‬
‫الفران و قد نضج الخبز‪.‬‬ ‫‪ -‬انقطاع الحوار على صوت ّ‬
‫‪ -‬ينهضون جميعا إالّ الرابع ‪" :‬يلقي نظرة عاتبة و حزينة و يقول ‪ :‬ليس هذا طريق األمان "‪.‬‬
‫اللوحة التاسعة ‪:‬‬
‫‪ -‬الحكواتي يل ّخص بعض األحداث ث ّم يهيئ لظهور جابر وقد سمع خبرا سال له لعابه ‪.‬‬
‫‪ -‬الزبائن يتشوقون لظهوره و يطالبون الحكواتي باالستزادة ‪ :‬هات يا عم مونس ما هذا الخبر ؟‬
‫اللوحة العاشرة ‪:‬‬
‫‪ -‬رواق في قصر الوزير و حوار بين ياسر و جابر و منصور حول محاصرة المدينة و حيرة األمير في إخراج رسالة‬
‫يطلب بها المدد و فكّ الحصار ‪.‬‬
‫‪ -‬جابر يلتقط الخبر و يدخل على األمير رفقة عبد اللطيف أحد أمراء بغداد ‪.‬‬
‫‪ -‬يدخل بعد ألْي ٍ و يعرض الخطة و التفاصيل فيندهش الوزير من ذكائه و فطنته حتى يبتلع النشوق و يغدو وجهه"‬
‫ّ‬
‫كالقناع المدعوك"‬
‫ث ّم يقطع الحكواتي الحكاية ‪.‬‬
‫اللوحة الحادية عشرة ‪:‬‬
‫‪ -‬انبهار الزبائن بشخصية جابر ‪" :‬مثله يستطيع أن يلعب بدولة "‬
‫استئناف اللوحة العاشرة ‪:‬‬
‫‪ -‬تفصيل الخطة و استيعاب الوزير لمراحلها ‪.‬‬
‫اللوحة الثانية عشرة ‪:‬‬
‫‪ -‬تعليق الزبائن ‪ ":‬فكرة تساوي كنزا"‬
‫استئناف (‪ )2‬اللوحة العاشرة ‪:‬‬
‫‪ -‬جابر يعلن طلبه ‪" :‬المرأة التي يشتهي و كوم من المال "‬
‫‪ -‬تنفيذ المرحلة األولى من الخطة ‪ :‬حلق الشعر و كتابة الرسالة ث ّم إضافة الحاشية الناقصــــــة و اإلقامة في غرفة‬
‫منعزلة مظلمة ‪.‬‬
‫اللوحة الثالثة عشرة ‪:‬‬
‫‪ -‬الحكواتي يستأذن المستمعين في استراحة لشرب الشاي ‪.‬‬
‫تحليلي لما استمعوا إليه من قبيل ‪ :‬مصير المملوك جابر ‪،‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬الزبائن يمتعضون من قطع الحكاية ث ّم ينشأ بينهم حوار‬
‫التراهن حول نهاية الحكاية ‪...‬‬
‫الحب كده’’‬‫ّ‬ ‫‪ -‬يفتح الراديو في األثناء و ينبعث صوت أ ّم كلثوم ‘‘‬
‫‪ -‬تهدأ الضجة و يتابع الحكواتي الحكاية‪.‬‬
‫اللوحة الرابعة عشرة ‪:‬‬
‫‪ -‬ممثالن قاما بدوري الوزير و األمير يمثالن دوري الخليفة المنتصر باهلل و أخيه عبد هللا ‪.‬‬
‫اللوحة الخامسة عشرة ‪:‬‬
‫‪ -‬حوار الزوجين حول الفقر و لقمة العيش (ال تجد الزوجة ما ترضعه لطفلها )‬
‫‪ -‬تحاول الزوجة الخروج لكن الرجل يمنعها ‪.‬‬
‫اللوحة السادسة عشرة ‪:‬‬
‫‪ -‬حوار جابر و زمرد‬
‫اللوحة السابعة عشرة ‪:‬‬
‫‪ -‬جابر يتهيأ للرحيل قاصدا بالد العجم لحمل الرسالة إلى الملك منكتم بن داوود‬
‫اللوحة الثامنة عشرة ‪:‬‬
‫‪ -‬حوار المملوكين ياسر و منصور‬
‫اللوحة التاسعة عشرة ‪:‬‬
‫‪ -‬أحد زبائن المقهى يصرخ في الحكواتي و يستنشده أن يعود به إلى حكاية جابر ‪" :‬ردّنا إلى جابر يا عم مونس"‬
‫* تتعرض اللوحة السابعة عشرة إلى كثير من التقطيــــــــــــعات و االستراحات التغريبية القصيرة تنتهي أخير إلى‬
‫حمل الزبائن على تغيير مواقفهم من أهل بغداد ‪" :‬دائما مثل األطرش بالزفة " ‪.‬‬
‫اللوحة العشرون ‪:‬‬
‫‪ -‬عودة إلى جابر في قصر الملك منكتم بن داوود ‪.‬‬
‫‪ -‬قراءة الرسالة و قطع رأس حامل الرسالة ‪.‬‬
‫اللوحة الواحدة والعشرون ‪:‬‬
‫‪ -‬احتجاج الزبائن على النهاية المخيبة النتظاراتهم ‪" :‬نهاية غير عادلة "‬
‫اللوحة الثانية والعشرون ‪:‬‬
‫‪ -‬السياف يتقدم نحو الجمهور حامال الرأس المقطوع مقهقها‪...":‬و لم يسأل السؤال ‪".‬‬
‫‪ -‬السياف يرمي بالرأس المقطوع إلى الحكواتي ليقرأ الرسالة ‪.‬‬
‫‪ -‬الحكواتي يسرد أحداث دخول جيوش العجم إلى بغداد ‪.‬‬
‫‪ -‬الحكواتي و الرجل الرابع و زمرد ينهضون من بين األمــوات و يتوجهون إلى الجمـــــــــــهور و الزبائن مخاطبين‬
‫‪:‬‬
‫"من دليل بغداد العميق نحدثكم ‪ .‬من ليل الويل والموت والجثث نحدثكم ‪ .‬تقولون ‪ ..‬فخار يكسر بعضه ‪ ..‬ومن يتزوج‬
‫أمنا نناديه عمنا ‪ ..‬ال أحد يستطيع أن يمنعكم من أن تقولوا ذلك ‪ .‬لكل واحد رأي وتقولون ‪ ..‬هذا رأينا ال أحد يستطيع‬
‫أن يمنعكم من أن تقولوا هذا رأينا ‪ .‬لكن إذا التفتم يوما ‪ ،‬ووجدتم أنفسكم غرباء في بيوتكم ‪.‬‬
‫الرجل الرابع ‪ :‬إذا عضكم الجوع ووجدتم أنفسكم بال بيوت ‪" . .‬‬
‫اللوحة األخيرة‬
‫‪ -‬الحكواتي يتأهب للخروج و الزبائن يتذمرون من سواد الحكاية بحيرة و كآبـــــة و يناشدونه أن يبدأ سيرة الظاهر‬
‫في اليوم المــوالي و إالّ سوف يقاطعون المقهى ‪.‬‬
‫‪ -‬الحكواتي ال يدري هل سيحكي ذلك أم ال ‪ ،‬ال يعرف السبب ربما يتعلق األمر بالزبائن ‪.‬‬
‫‪ -‬ينسحب الزبائن واحدا بعد اآلخر و الخادم يغلق المقهى وهو يودع الجمهور ‪" :‬أنتم أيضا ‪ ..‬تصبحون على خير و‬
‫إلى الغد ‪".‬‬
‫تحليل ‪:‬‬
‫متعرج تخترقه فجوات و‬
‫ّ‬ ‫سر‬ ‫ّ‬
‫‪ -‬هذا التقطيع يجعل من المسرحية أشبه باللوحات المركبة يقوم فيها البناء على خط متك ّ‬
‫استراحات‪.‬كما يمكن أن نكتشف داخل ك ّل لوحة بنية تصاعدية مصغّرة‪.‬‬
‫‪ -‬يتعمد الحكواتي تغييب العقدة أو الذروة من الحكاية المسرودة و كذلك إخفاء الصراع و دفع المتفرجين إلى‬
‫استجالء بعض مكامنه المستكنة في التناقض بين األفعال و الكالم و التصرفات‪.‬‬
‫‪ -‬ترد الخاتمة مفتوحة في شكل أسئلة جوهرية كبيرة تمت ّد في ذهن المشاهد و مخــــــــــيلته ‪:‬‬
‫و السؤال " أليس لنا قدر من المسؤولية فيما يحدث في التاريخ ؟"‬
‫أشكال التداخل في الفضاء الزماني و المكاني ‪:‬‬

‫)فضاء سينوغرافي معاصر مرتبط بالعرض الونّوسي(المقهى‬


‫الفضاء‬
‫يصور الصراع بين الخليفة واألمير‬
‫ّ‬ ‫فضاء تراثي تاريخي‬
‫)‪ ...‬القصر ‪ ،‬أروقة القصر ‪ ،‬مدينة بغداد ‪ ،‬شوارعها(‬
‫زمن العرض ‪ :‬وهو زمن الفرجة التي قدمها سعد هللا ونوس‬
‫الزمن‬
‫‪ .‬الزمن التراثي الممت ّد من نهاية الدولة العباسية حتى سقوط بغداد‬
‫النص فعال مسرحيا حداثيا من خالل التقنيات التالية‬
‫ّ‬ ‫‪ :‬هذا التداخل الفضائي و الزماني يجعل‬
‫‪ .‬كسر الوحدات الثالث التي تشكّل انزياحا واضحا عن القالب األرسطي و المسرح الكالسيكي ‪-‬‬

‫‪ .‬بناء األحداث على نوع من الوثبات و الطفرات و أشكال من التقطيع و التركيب ‪-‬‬
‫تداخل العقدتين ‪ :‬التاريخية و التخييلية (أزمة الزبائن مع الحكواتي ‪ /‬أزمة أهالي بغداد مع مثقفيهم كمنصور و ‪-‬‬
‫‪ ...) .‬الرجل الرابع‬
‫المتفرج في حالة تيـقّظ ‪-‬‬
‫ّ‬ ‫‪ .‬تهشيم السرد و التمسرح الدرامي بواسطة وقفات تغريبية إلبقاء ذهن‬
‫المتفرج‪/‬الممثّل ‪-‬‬
‫ّ‬ ‫ممثّال في زبائن المقهى و النادل ‪" :‬كوسيلة اصطناعية لتشجيع ‪ : Spectacteur‬خلق شخصية‬
‫المتفرج على الكالم و االرتجال و الحوار‪ ...‬و كسر الطوق اليابس للعرض المسرحي ‪ ".‬ونوس ‪ /‬مقدمة المسرحية‬ ‫ّ‬ ‫‪.‬‬
‫‪ .‬إدماج المسرح داخل المسرح ‪-‬‬
‫‪ :‬التقنيات الملحمية ‪3-‬‬
‫‪ :‬أ‪ -‬في مستوى عالقة المتفرج ‪/‬الممثل بالركح‬
‫تمثّل المسرحية عمال تغريبيا بامتياز ‪ ،‬يتداخل فيه التاريخ باألسطورة و الفــــلكلور و الوهمي بالواقع اليومي‬
‫‪ .‬المتصلّب‬
‫المدرس في قاعة التدريس وهو يشرح شيئا‬ ‫ّ‬ ‫رادف بريشت بين التغريب و التلحيم ‪ :‬فالفعل المسرحي أقرب إلى فعل‬
‫‪ :‬ما على السبورة و يعلّق ‪ .‬و بنفس اآللية يعمل الممثل الملحمي ضمن استراتيجية التغريب‬
‫‪Distanciation; étrangement; désillusion‬‬
‫‪aliénation; dépaysement‬‬
‫‪ :‬من آليات التغريب‬
‫‪ .‬إعالن قواعد اللعبة و أنّ ما يحدث هو حكاية تروى أو لعبة يقوم بها ال عبون محترفون ‪-‬‬
‫خلق الحكواتي أو المغنّي (بريشت) لكنّه مختلف عن الراوي القديم ‪ :‬فهو ال يستجيب لرغبة المستمعين وهو ال ‪-‬‬
‫‪ :‬يتعاطف أو يبدي موقفا ما من الحكاية المســـرودة‬
‫العم مونس رجل تجاوز الخمسين ‪ .‬حركاته بطيئة ‪ .‬وجهه يشبه صفحة من الكتاب القديم الذي يتأبطه ‪ .‬التعابير في "‬
‫مالمحه ممحوة حتى ليحس المرء أنه بإزاء وجه من شمع أغبر ‪ .‬عيناه جامدتا النظرة ‪ ،‬ورغم اختباط لونيهما ‪،‬‬
‫فإنهما توحيان بالحياد البارد ‪ .‬على العموم ‪ ...‬أهم تعبير يمكن أن نلحظه في وجه مونس الحكواتي هو الحياد البارد ‪،‬‬
‫"الذي سيحافظ عليه تقريبا خالل السهرة كلها‬
‫خلق مسافة و أشكال من االنزياحات تتيح الحوار و االخـــــتالف و تنتشل الجمهور من السقوط في شرك التعاطف ‪-‬‬
‫‪ .‬و االندماج‬
‫‪ .‬كسر الجدار الرابع و خلق متفرجين من الدرجة الثانية ‪-‬‬
‫عملتي التشويق و تنامي األحداث بواسطة القطع و التفتيت ‪-‬‬ ‫ْ‬ ‫‪ Découpage‬تقويض‬
‫استعمال الفعل الماضي و الماضي البعـــــــــيد (كان في قديم الزمان وسالف العصر واألوان خليفة في بغداد يدعى ‪-‬‬
‫شعبان المنتصر باهلل وله وزير يقال له محمد العبدلي ) لتضخيم المسافة بين زمن الـتلفظ و زمن الحكاية وقايةَ‬
‫للمتفرج من االندماج و تلبّس شخصية البطل‬ ‫ّ‬ ‫‪.‬‬
‫‪ :‬فضح قواعد اللعبة من خالل ‪ :‬تقديم الشخصيات و تحديـــد عالقاتها و تكرار أدوارها في أكثر من مشهد ‪-‬‬
‫يدخل الممثلون الخمسة الذين رأيناهم من قبل يمثلون أهل بغداد وهم يحملون معهم شباك فرن وبعض القطع "‬
‫" األخرى التي مكن أن توحي بمنظر شارع عام ‪ .‬يضع الممثلون قطع الديكور ويركبونها أمام المتفرجين‬
‫‪ :‬استخدام الالفتات و المعلقات و اللوحات لشرح المشهد و اختزاله أو تفسير أبعاده الفكرية ‪-‬‬
‫يمكن هنا كما في كل المشاهد ‪ ،‬االستعاضة عن ذلك بالبانوهات المرسومة ‪ .‬بعد إعداد المنظر يبدأ التمثيل ‪ .‬إنهم "‬
‫"‪...‬ينتظرون بنفاد صبر وقلق أمام شباك القرن‬
‫ط الرئيسي و تغييب التفاصيل ‪-‬‬ ‫‪ .‬التركيز على الخ ّ‬
‫‪ .‬الحديث بضمير الغائب ال المتكلم ‪-‬‬
‫‪ .‬قراءة الدور جنبا إلى جنب مع التعليق و المالحظة المصاحبة له ‪-‬‬
‫هما اآلن يمثالن دوري ‪..‬أثناء كالم الحكواتي يدخل الممثالن اللذان قاما بدوري الوزير واألمير عبد اللطيف "‬
‫الخليفة المنتصر باهلل وأخيه عبد هللا ‪ .‬يضعان ما يحمالن من قطع ديكور بسيطة تمثل ديوان الخليفة ‪ ،‬وهو شبيه جدا‬
‫" بديوان الوزير يتخذان مكانيهما ‪ ،‬وينتظران سكوت الحكواتي ‪ ..‬بعد لحظات‬
‫يت ّم التغريب أحيانا بتقنيات أخرى كـ ‪ :‬التظاهر بعدم الفهم ‪ ،‬وهي تقنية تعليمية تهدف في الحقيقة إلى تعميق الفهم ‪-‬‬
‫سر فيما بعد إزالته بنوع من الدهشة و االنبهار و‬ ‫و إثارة حيرة المشاهد‪/‬المتعلّم ‪ :‬فتكديس الغموض أو تكويمه يي ّ‬
‫‪ :‬االعتبار‬
‫الحكواتي يتظاهر بعدم فهم سبب تأخير سيرة الظاهر‪ ،‬ماذا يقصد ب ‪" :‬قدامنا حكايات كثـــيرة ‪ ،‬و لك ّل شيء أوان ‪( ،‬‬
‫)"‪ ...‬و سيرة الظاهر دورها بعد قصــص هذا الزمان‬
‫سك باالستثناء مثال‬ ‫‪ :‬يحدث التغريب أحيانا بخرق العرف و القاعدة و التم ّ‬
‫‪ .‬الحكواتي في العرف القديم أنه يستجيب لرغبات المستمعين*‬
‫‪ .‬أبطال الحكايات في الموروث القديم غالبا ما ينتصرون أو يثأرون لمن يغدر بهم و يتحداهم *‬
‫تعمد المؤلف المسرحي كشف قوانين اللعبة و تقطيع أوصال الحكاية من الداخـــل و السخرية مما يقدّم و اللعب به ‪-‬‬
‫‪ :‬لعبا‬
‫‪ .‬زبون ‪ :‬بعد من قدامنا يا أبو محمد"‬
‫"‪ ).‬يغير الخادم مكانه ‪ ...‬بينما جابر يوالي كالمه ولعبته دون أن يتوقف (‬
‫مرة ‪.‬فبريشت يدعو إلى عدم التسليم بالحقيقة كما ‪-‬‬ ‫تغريب المألوف و تصويره على نحو جديد و كأنّه يُرى ّ‬
‫ألول ّ‬
‫تبدو لنا إذ ال ب ّد من رؤيتها من جديد بعد تفكيكها و إعادة تركيبها ‪ .‬وهدف هذا الشكل من التغريب هو إذكاء التفكير‬
‫التحليلي بعد تقويض الشكل الظاهري الذي يبدو معروفا و مألوفا ‪ .‬هو دفع المتفرج إلى نظرة فاحصة ناقدة متبصرة‬
‫‪ .‬بما يجري ‪ .‬هو استنطــــــــــــــــــاق للبديهـــــــــــيات و المسلمات‬
‫يقول بريشت في األوغانون الصغير ‪ ‘‘ :‬لقد كان التغريب ضروريا لكي يحدث الفهم ‪ ،‬فكلّما كانت األشياء‬
‫طل التفكير‬‫’’ ‪ .‬بديـــــــــهية إالّ و توقف الفهم و تع ّ‬
‫أي شيء في الوجود هو كما يصادفنا إنّما يُع ّد ضــــــــربا من خداع النّفس‬ ‫’’ ‪ .‬و يرى هيغل أنّ ‘‘ افتراض كون ّ‬
‫‪ .‬فاألشياء في الحقيقة ليست كما نراها‬
‫‪ :‬فالتغريب األخير قائم على مساءلة المألوف و هتك المواضعات ووضع ك ّل شيء على مشرحة النقد و السؤال‬
‫في مسرحية "منمنمات تاريخية "ينقلب على التنزيه المشين البن خلدون الذي تعاون مع تيمورلنـــــــــــك و كانت *‬
‫‪ .‬دمشق تع ّج بالفوضى و االضطراب‬
‫في مسرحية "االغتصاب" يبحث عن هامش من اإلنسانية و اإلنصاف في اآلخر اإلسرائيلي و لكن السؤال يبقى *‬
‫‪ .‬مفتوحا‬
‫في" حفلة سمر من أجل ‪ 5‬حزيران" يسائل أسباب الهزيمة ‪ :‬فيخرج الممثـــــــلون و الجمهور في آخر المسرحية *‬
‫‪ .‬بحثا عن المسؤولين الحقيقين عن الهزيمة‬
‫و في "مغامرة رأس المملوك جابر" يسأل التاريخ عن أسباب سقوط بغداد ‪ :‬هل الخلفــــــــــــاء و األمراء وحدهم *‬
‫المسؤولون ؟ أليس للعامة نصيب في ذلك ؟ أليس ألصحاب العقل نصيب أيضا ؟‬
‫‪ :antidramatique/antiémotionelle‬االتّجاه المضا ّد للدرامية و االندماج ‪-‬‬
‫المتفرجون ‪ ’’ .‬األورغانون‬
‫ّ‬ ‫يقول بريشت ‪ ‘‘ :‬إنّنا في حاجة إلى ممثلين من النوع الرديء حتّى يستيقظ هؤالء‬
‫الصغير‬
‫فالمسرح الكالسيكي في نظر بريشت شبيه بالطقس الديني أو العشاء الرباني القائم على اإلذعان و الطاعة و‬
‫المتمرد المشاكس و المجادل و المف ّجر‬
‫ّ‬ ‫المتفرج‬
‫ّ‬ ‫التقديس و الحلول في اآلخر‪.‬أ ّما ما ينشده المسرح الملحمي فهو‬
‫‪ .‬للسؤال و الرافض لتكريس القائم‬
‫هو المتفرج المشارك في العرض المسـرحي و هو الذي يعرقل ‪ :‬هذا النوع من المتفرجين هو حلم سعد هللا ونوس‬
‫‪ .‬العرض بجــرأة و وقاحة و يصرخ بملء صوته أنّ ما يجري أمامه لعـــــــة أو مســـخرة و أحيانا مهزلة‬

‫‪Que le spectateur ne doit jamais s’identifier complètement au héros , en sorte qu’il‬‬


‫‪reste toujours libre de juger les causes , puis les remèdes de sa souffrances , que‬‬
‫‪l’action ne doit pas être imitée , mais racontée , que le théâtre doit cesser d’être‬‬
‫‪magique pour devenir critique‬‬

‫‪ROLAND BARTHES : Essais critiques. La révolution Brechtienne . Ed. du seuil‬‬


‫‪.1964 .paris‬‬

‫أ‪ -‬في مستوى عالقة الممثل بالدور ‪:‬‬


‫‪ -‬إذا كان الممثل في المسرح الكالسيكي يؤدّي الدور فهو في المسرح الملحمي يبرز الـــــــــدور و يظهره ‪ :‬األول‬
‫يحاكي و الثاني يوحي و يلعب في نفس الوقت ‪ ،‬فكأنّه يظهر نيابة عن الشخصية التي يؤدّيها و لكنه أحيانا ّ‬
‫يتبرأ منها‬
‫و يعلن أنّ ما يقوم به هو محض خداع و تمثيل ‪.‬‬
‫و من أشكال هذا التبعيد و التغريب بين الممثل و الشخصية نجد ‪:‬‬
‫‪ -‬عملية التالعب باألسماء و تشويه القناع من قبيل تسمية الخليفة ‪:‬‬
‫شعبان المنتصر باهلل وهو في األصل المستعصم عبد هللا المستنصر ‪.‬‬
‫فشعبان اسم ال يليق بالخليفة وهو من األسماء المستحدثة في البيئة الشعبية العربية و عادة ما يقترن بالفئات‬
‫المهمشة في المجتمع ‪.‬‬
‫هكذا يعبث المؤلف بالتاريخ و المرجع وكأنه ينزله منزلة استنقاص و هزل فيعمد إلى كسر سطوة المطابقة و القناع‬
‫من خالل التالعب باألسماء ‪ .‬و كذلك فعل مع الوزير محمد العبدلي الذي هو مؤيد الدين العلقمي البغدادي الرافضي و‬
‫نفس الشيء فعله مع الراوية الديناري و لعله ‪ :‬نصر الدنيوري (ت ‪ )1020‬الذي ألف للخليفة القادر أقدم كتب تفسير‬
‫األحالم أو لعله يكون شمس الدين الذهبــي (ت ‪ )1348‬محدث دمشق المشهور و صاحب ‪:‬تاريخ اإلسالم الكبير ‪.‬‬
‫أي طباع أو مثيالت لها مرجعية بقدر ما هي أدوار لها قيمة وظائفية ال غير ‪ .‬فالمسرحية لعب‬ ‫فاألسماء ال ترمز إلى ّ‬
‫أدوار و ليست تقمص أدوار ‪ .‬و لذلك يتعمد المؤلف أحيانا أن يسمي الشخصيات إ ّما بأسماء الجنس ‪ :‬الزبائن أو‬
‫باألرقام ‪ :‬الرجل األول فالثاني فالثالث ‪.‬‬
‫فهي كائنات جوفاء أو أقنعة خاوية بال ذوات ‪.‬‬
‫‪ -‬من اآلليات األخرى المتعلقة بالشخصية عمد ونّوس إلى تقويض أسطورة البطل اإليجابي المنتفخ بإنّيته الحامل‬
‫لخصال مثالية و خلق لنا نوعا جديدا من الشخصية أو البطولة المزيفة من قبيل ‪:‬‬
‫البطل المخدوع كما في "الفيل يا ملك الزمان "و البطل المهادن (ابن خلدون) كما في" منمنمات تاريخية" و البطل‬
‫االنتهازي الوصولي كما في مغامرة جابر ‪.‬‬
‫‪ -‬تحطيم الشخصية النمطية و األدوار النموذجية ‪ :‬فالطباخون في المسرح الكالسيكي دائما بدينون شرهون و‬
‫الفالحون أغبيــــــــــاء و العشاق وسيمون رقيقوا األحاسيس ‪ .‬وهي صورة نمطية خلفها لنا المسرح اإلليزابيثي‬
‫بمواضعاته الجمالية و األخالقية الثابتة ‪.‬‬
‫كان ه ّم المؤلف إذن التخلص من قداسة القيم و األشياء و تنزيل األشياء على مشرحة المساءلة و االستجواب‬
‫المستمريْن ‪.‬‬
‫ّ‬
‫أال نقرأ بالتالي في مسرحية المملوك جابر مساءلة للتاريخ المألوف (سقوط بغداد) للبحث عن أسباب أخرى و أسئلة‬
‫نخاف طرحها ؟‬
‫يقول بريشت في قصيدة ‘‘ الجندي العائد من الحرب ’’‬
‫"‘‘ أسئلة عامل يقرأ ‪’’..‬‬
‫من بني طيبة ذات األبواب السبعة‬
‫في الكتب ال أجد سوى أسماء الملوك‬
‫هل حمل الملوك أحجار البناء على ظهورهم ؟‬
‫و بابل التي د ّمرت مرات و مرات‬
‫من كان يعيد بناءها ؟‬
‫و في أية بيوت طينية كان يسكن البناؤون ؟‬
‫و أين ذهب العمال عشية االنتهاء من بناء سور الصين ؟‬
‫و ليلة ابتلع المحيط‬
‫قارة أطلنطا األسطورية‬
‫ألم يصرخ الغرقى‬
‫مستنجدين بعبيدهم ؟"‬
‫في مستوى الديكور و المالبس ‪:‬‬
‫‪ -‬كما عمل ونوس على كسر اإليهام عبر الراوي و الدمج بين الخشبــــــــة و الصالة قام بنفس الشيء بخصوص‬
‫المالبس و الديكور‪.‬فالشخصيات ال تتحرك على الركح ضمن ديكور يحاكي الواقع بقدر ما أصبح ديكورا وظيفيا‬
‫مشروطا بما سيؤديه من عمل للقائم بالدور‪.‬‬
‫" يدخل ممثالن يحمالن قطع ديكور بسيطة جدا ‪ ،‬تمثل ما يشبه رواقا في قصر بغداد ويمكن هنا وفي كل المشاهد‬
‫التالية االستعاضة عن قطع الديكور بلوحات مرسومة ‪ ،‬بعد تركيب المشهد ‪" .‬‬
‫كما جعل ونوس عملية تبديل الديكور بين اللوحات تقع على مرأى من الجمــــهور و يقوم بها الممثلون أنفسهم مع‬
‫بمجرد أداء‬
‫ّ‬ ‫حدثي أي تنتهي قيمته‬
‫ّ‬ ‫غرضي ال‬
‫ّ‬ ‫مكون‬
‫عمال المسرح ‪.‬فالديكور في المسرحية يوحي و ال يحاكي وهو ّ‬
‫الوظيفة أو الغرض الذي استخدم من أجله ‪.‬‬
‫وهذه التقنية في استخدام الديكور و تجريده من تمثيليته و تعبيريته نابعة من خلفية بريشتية مناهضة للجدانوفية ‪:‬‬
‫‪ Jdanovisme‬تربط مفهوم الجمال في المجتمعات البرجوازية بالوضـــــوح و الشفافية و دقة المحاكـــــــــــاة و‬
‫التعبيرية الطبيعية عن الواقع ‪.‬‬
‫فالفنّ في هذه المجتمعات حسب بريشت هو نقل خاطئ للطـــــبيعة و الواقع ‪ Pseudo-physis :‬في حين يجب أن‬
‫يكون في نظــــره و في ضوء واقع محكوم بالصراع الطبقي و التاريخي نقال مضادّا للواقع ‪. Anti-physis :‬‬

‫‪Le formalisme de Brecht est une protestation radicale contre l’empoissement de la‬‬
‫‪fausse nature bourgeoise et petite bourgeoise dans une societé encore aliénée , l’art‬‬
‫‪doit être critique , il doit couper toute illusion , même celle de "la nature".‬‬
‫‪le signe doit être partiellement arbitraire , faute de quoi on retombe dans un art de‬‬
‫‪l’expression‬‬
‫‪dans un art de l’illusion essentialiste .‬‬
‫‪BARTHES . : Essais critiques. Les tâches de la critique Brechtienne . Ed. du seuil p‬‬
‫‪88 .1964 .paris‬‬

‫‪ -5‬بعض القول في الدالالت ‪:‬‬


‫األول لمسرح سعد هللا ونوس هما نضاليا على جميع الجبهات ‪:‬‬ ‫كان اله ّم ّ‬
‫‪ -‬فنيا ‪ :‬يتمثل في كتابة فعل مسرحي جديد يقطع مع الفرجة و يؤسس النخراط الجمهور في الجدل السياسي و‬
‫االجتماعي ‪.‬‬
‫‪ -‬قيميا ‪:‬يبرز في القطع مع السلبية و الخوف و الهامشية و توريط الجمهور في حوار شامل و أسئلة استفزازية‬
‫(األسئلة أه ّم من األجوبة ) ‪.‬‬
‫‪ -‬و فلسفيا و أنطولوجيا ‪ :‬يظهر في مساءلة األشياء و المسلمات و القناعات التي تبدو لنا على غاية من الشفافية و‬
‫البداهة ‪.‬‬
‫و لقد ميز ونوس المسرح السياسي عن مسرح التسييس الحامل لمشروعه النهضوي ‪ .‬و لخص إبراهيم جاد هللا‬
‫الفرق بينها كما يلي ‪:‬‬
‫المسرح السياسي ‪ ":‬يهدف إلى تلقين الرؤية السياسية المسرحية من ع ٍل أو فرضها أو طرحها على األق ّل من أعلى‬
‫المتفرجين الذي يظ ّل سلبيا تجاه ما يعرض على خشبة المسرح ‪".‬‬ ‫ّ‬ ‫خشبة المسرح على جمهور‬
‫حي و مرتجل ارتجاال حقيقيا‬ ‫حقيقي ّ‬
‫ّ‬ ‫مسرح التسييس ‪" :‬هو المسرح الذي تندمج فيه الخشبة مع الصالة عبر حوار‬
‫و صادقا و غير متكلف أو مصـطنع بحيث يصبح كل عرض تجربة جديدة ال تتكرر مثل مباراة الشطرنج ‪".‬‬
‫ثم يحدد جاد هللا أهداف مسرح التسييس وهي ‪:‬‬
‫‪ -‬البحث عن الحقيقة و تعرية األزمات و الهزائم‬
‫‪ -‬توعية المتفرج بواقعه االجتماعي و دفعه للتساؤل و العمل‬
‫‪ -‬ربط المسرح بالتراث العربي و ذاكرة الناس الحية للولوج إلى عقولهم و قلوبهم ‪.‬‬
‫‪ -‬تمعّن الشرط التاريخي و إعادة محاكمة القناعات و األفكار كي يتسنّى لنا اكتشاف نقاط الضعف و القصور و‬
‫محاولة تداركها ‪.‬‬
‫و لع ّل في قراءتنا لمغامرة المملوك جابر نقف على فيض من الدالالت الفلسفية و الفكرية و الحضارية نحصر أهمها‬
‫في ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -‬من الوعي المثالي بالواقع إلى الوعي السلبي ‪:‬‬
‫إنّ تالعب الحكواتي بانتظارات المستمعين من الزبائن و البحث عن أحداث الهزائـــــم و الفوضى و االضطرابات‬
‫المخيبة لآلمال لهو من االستراتيجيات الفلسفية المهمة في النسق الفكري لسعد هللا ونوس ‪ ،‬وهو موقف يذكرنا‬
‫بأسس الجدل الماركسي و الهيـــــغلي و القائم بدرجة أولى على الوعي السلبي الكامن في الواقع ‪.‬‬
‫يقول هربرت ماركيز ‪ " :‬فالجدل عند ماركس كما هو عند هيغل ينتبه إلى الحقيقة القائلة أنّ السلب الكامن في الواقع‬
‫المحرك و الجدل هو جدل السلبية ‪" .‬‬ ‫ّ‬ ‫هو المبدأ الخالق‬
‫العقل و الثورة ‪ :‬هيغل و نشأة النظرية االجتماعية ‪/‬هربرت ماركيز‬
‫ترجمة فؤاد زكريا ‪ .‬الهيئة المصرية العامة للكتاب ‪.‬‬
‫و كما يكون السلب و النفي دافعيْن الكتشاف النقائص و إعادة النظر بأسس المجتمع يكونان في نفس الوقت قادح ْين‬
‫للمواجهة عبر االحتجاج و النقاش و الرفض و بالتالي منتهيا إلى الثورة و التغيير ‪.‬‬
‫هذه المراحل في انتقال الوعي من تبئير الواقع و تفسيره إلى تغييره لم يبلغها المؤلف في مسرحية المملوك جابر و‬
‫إن كان قد المس بعض حلقاتها الوسطى إذ اكتفى الزبائن باالحتجاج و االمتعاض دون بحث و تنقيب في األسباب ‪:‬‬
‫لماذا كانت النهاية غير عادلة ؟‬
‫لماذا ال يعود زمن البطوالت ؟من كان المسؤول عن سقوط بغداد ؟‬
‫و بين سؤال التاريخ و سؤال الواقع و سؤال الماضي و سؤال الراهن حدود و مسافات ‪.‬‬
‫‪ -‬من الالوعي إلى الوعي أو من التخدير إلى التفكير ‪:‬‬
‫إضافة إلى فعل االندماج و المحاكاة الذي يسعى ونوس إلى تقويضه نجد بعــــــــــــــض األكسسوارات اإلضافية تقوم‬
‫بدور التغييب عن الواقع و طمس الوعي الحقيقي باألسباب مثل ‪ :‬النارجيلية التي تتكرر في ك ّل لوحة من لوحات‬
‫المسرحية عندما ينهض الحوار بين زبائن المقهى و ينضاف إلى ذلك الراديو و ما يحمله من دالالت رمزية كبديل‬
‫عن الجوقة في المسرح الكالسيكي ‪.‬‬
‫فمسرح ونوس باعتباره لعبة و قبل أن يكون لعبة أو أن يشاهد كلعبة يجب أن يفهم قبل ك ّل شيء و هذا الفهم يرتبط‬
‫عضويا بوظيفة بنائية تقوم على آلية التحويل الفـــــــــــــوري و المباشر لوعي الجمهور وهو يستمتع بالعرض ‪.‬‬
‫فكأنّه يعلّم جمهورا وهو منشغل باللــــعب و يتل ّهى بالعرض ‪.‬‬
‫‪ -‬من الميتافيزيقا إلى التاريخ ‪:‬‬
‫يقف مشروع ونوس في مواجهة التعمية و التفسيرات الغيبية للتاريخ‪ :‬فهو يعيد االعتبار للخاصية التاريخية‬
‫للمصائب االبشرية و يفضح طمس األسباب ‪ :‬فاألفراد و البطوالت ال تصنع التاريخ و الخوف و الالمباالة ال يغيران‬
‫المصائر و األقدار ‪.‬‬
‫"من دليل بغداد العميق نحدثكم ‪ .‬من ليل الويل والموت والجثث نحدثكم ‪ .‬تقولون ‪ ..‬فخار يكسر بعضه ‪ ..‬ومن يتزوج‬
‫أمنا نناديه عمنا ‪ ..‬ال أحد يستطيع أن يمنعكم من أن تقولوا ذلك ‪ .‬لكل واحد رأي وتقولون ‪ ..‬هذا رأينا ال أحد يستطيع‬
‫أن يمنعكم من أن تقولوا هذا رأينا ‪ .‬لكن إذا التفتم يوما ‪ ،‬ووجدتم أنفسكم غرباء في بيوتكم ‪". .‬‬
‫لقد أمل سعد هللا ونوس من خالل أعماله المسرحية أن ينشئ عقال تحليليا عربيا جديدا يقطع مع اإلذعان و الطاعة و‬
‫ّ‬
‫استفزنا بمزيد من األسئلة‬ ‫التصديق ‪ .‬و بدل أن يقدّم لنا مسرحا خطابيا مشحونا بالشعارات و الوصفات الجاهزة‬
‫المحيّرة و كما قال أحد النقاد‬
‫" من يريد أجوبة جاهزة و حلوال و دواء فاألفضل له أالّ يقرأ نصوصه و أالّ يشاهد عروضه المسرحية ‪...‬فهو ال يقدّم‬
‫شرع السؤال في عصر ُكفّر فيه السائل و السؤال ‪" .‬‬
‫حلوال و ال يتفضّل علينا بدواء ‪ ...‬ونّوس ّ‬

‫قائمة المراجع و المصادر ‪:‬‬


‫المصادر ‪:‬‬
‫‪ -‬ونوس (سعد هللا) ‪ :‬مغامرة رأس المملوك جابر ‪ .‬دار اآلداب ط ‪ 6‬بيروت ‪2006‬‬
‫‪ -‬األعمال الكاملة ‪ ،‬المجلّد ّ‬
‫األول ‪ ،‬دار األهلي ‪ .‬دمشق ‪1996‬‬
‫المراجع ‪:‬‬
‫بالعربية ‪:‬‬
‫عربي جديد ‪ .‬دار الفكر الجديد ‪ .‬لبنان ‪1988‬‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬ونوس (سعد هللا) ‪ :‬بيانات لمسرح‬
‫‪ -‬سعد أردش ‪ :‬المخرج في المسرح المعاصر ‪ ،‬عالم المعرفة ‪ ،‬العدد ‪ 19‬يويليو ‪1979‬‬
‫‪ -‬جورج لوكاتش ‪ :‬التاريخ و الوعي الطبقي ‪ ،‬ترجمة حنّا الشاعر ‪ ،‬دار األندلس ‪ ،‬بيروت لبنان ط ‪1982 ، 2‬‬
‫‪ -‬هربرت ماركيز ‪ :‬العقل و الثورة ‪ :‬هيغل و نشأة النظرية االجتماعية ‪ ،‬ترجمة فؤاد زكريا ‪ ،‬ط‪ 2‬الهيئة‬
‫المصرية العامة للكتاب ‪1979 ،‬‬
‫بالفرنسية ‪:‬‬

‫‪- Bertolt Brecht :Petit Organon pour le théâtre , Ed , du seuil , 1982, paris‬‬
‫‪- Roland Barthes : Essais critiques ,Ed , du seuil , 1964‬‬
‫‪- Roland Barthes : Ecrits sur le théâtre (textes présentés et réunis par Jean-Loup‬‬
‫‪Rivière )"Poins essais" 2002 n° 492‬‬
‫‪- Karl Marx et Friedrich Engels : Œuvre choisies en trois volumes , tome premier ,‬‬
‫‪Ed , du progrés, 1974‬‬

‫مقاالت ‪:‬‬
‫‪ -‬مح ّمد بدوي ‪:‬تجليات التغريب في المسرح العربي ‪ ،‬قراءة في سعد هللا ونوس ‪ ،‬مجلة فصول مجلد ‪ 2‬عدد ‪ 3‬سنة‬
‫‪. 1982‬‬
‫‪ -‬أحمد عثمان ‪ :‬قناع البريختية ‪ ،‬مجلة فصول مجلد ‪ 2‬عدد ‪ 3‬سنة ‪. 1982‬‬
‫عن األنترنت ‪:‬‬
‫‪ -‬جميل حمداوي ‪ :‬سهرة مع أبي خليل القباني لسعد هللا ونوس ‪ :‬بين مسرحة التراث و التجريب الدرامي‬
‫‪ -‬أريج الفرج ‪ :‬سعد هللا ونوس مثقف و مبدع فوق العادة‬
‫‪ -‬نبيل الحفار ‪ :‬برتولد بريشت ‪ :‬لمحة موجزة عن حياته و أعماله‬
‫‪ -‬إبراهيم جاد هللا ‪ :‬عن سعد هللا ونوس و راهن العرب و راهن الغرب مسرحيا و سياسيا‬
‫‪ -‬نديم الوزة ‪ :‬وعي الهزيمة ‪ :‬قراءة في أعمال سعد هللا ونوس المسرحية ‪.‬‬
‫‪Wikipédia : Mimesis , catharsis , illusion , distanciation -‬‬
‫‪Jean- Jacques Roubine : Introduction aux grandes théories du théâtre -‬‬

‫عبد الرزاق السومري كتاباته ‪ :‬إصدار رواية "زنابق تحت الجليد" (دار اإلتحاف للنّشر) ‪ 2000‬تعرضت هذه‬
‫توزع إالّ بين‬
‫طبعت بكميات محدودة و لم ّ‬ ‫الرواية في البداية للمصادرة ث ّم المحاصرة و التضييق بعد صدورها و ُ‬
‫النقابيين و الحقوقيين و بعض أصدقاء رابطة الكتاب األحرار ‪ - .‬إصدار رواية ‪ ":‬مرايا ّ‬
‫الزمن المتو ّحش " األطلسيّة‬
‫للنّشر ‪ - 2002‬إصدار دراسة ‪ :‬من البنيويّة إلى التّفكيك (وهم الحداثة و سلطة الخطاب) طبعة ألكترونية ‪ .‬هذا إضافة‬
‫عن مقاالت في مجال النّقد األدبي و الفلسفة و اللسانيات وتحليل الخطاب و الترجمة بالمجالّت و الدوريات العربيّة و‬
‫التونسيّة ‪.‬‬

You might also like