Professional Documents
Culture Documents
الحسين مهداوي
الحسين مهداوي
سيدنا وموالنا« :محمدًا» «المختار ،وآله وأصحابه وخلفائه) ،وسلم ـ اللهم ـ عليهم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد :فإن للعلوم كلها شرفًا ومنارًا وفض يلة ومق دارًا ،ال س بيل فيه ا إلى اإلنك ار ،ألولي االستبص ار،
واالعتبار ،ولكنها مختلفات الدرجات والمراتب ومتفاوتات المزايا والمناقب.
وهي :إما نقلية صرفة ،تكفي فيه ا الرواي ة والحكاي ة كاألح اديث والتفاس ير ،والخطب فيه ا يس ير غ ير
عسير إذ يستقل بأعبائها كل خطير وحقير.
أو نظري ة يحت اج اإلنس ان فيه ا إلى الت دقيق في األنظ ار ،والتعمي ق في األفك ار ،على م رور ال دهور
واألعصار.
وهي ثالثة:
-2وثانيها« :أصول الفقه» .إذ هو كفرع من فروع الكالم :فعليه مداره ،ومنه اقتباسه.
3 -وثالثها( :علم الفقه) وهو المحتاج إليه في دراسة األحكام التكليفية ،العارضة لألفعال البشرية.
ف (الكالم) عليه تبنى العلوم الشرعية كلها وتختم ،و«الفقه» عنده وبه بأسرها تختم.
و«أصول الفقه» واسطة بين البداية والنهاية ومتحصل بين علمي الدراية والرواية.
وقد صنفت فيه كتب عديدة وامتدت فيه أنفاس مديدة فهي وإن ك انت متع ددة متك ثرة ،غ ير أن ال دعاوي
والدالئل فيها متبددة منتشرة خال كتاب «المحصول»( ،الذي) صنفه شيخنا وسيدنا وموالنا اإلم ام الع الم
العالمة فخر الملة والحق والدين ،حجة اإلسالم والمسلمين الداعي إلى هللا أبو عبد هللا« :محم د بن عم ر
بن الحسين ال رازي -ق دس هللا روح ه :-فإن ه المح يي لرم ة) العل وم ورفاته ا ،والج امع لب دد الكلم ات
وأشتاتها(ه) ،القادر على تسهيل المط الب الش دائد( ،و) الق اهر للمب احث األواب د ،ج زاه هللا عن طوائ ف
العلوم والعلماء خيرًا.
فهو وإن كان في غاية حسن النظم ،غير أن الطباع تتجافاه (وتمله) لكبر الحجم.
ولما اتفق االتصال بخدمة سيدنا وموالنا اإلمام العالم الكامل ،الحبر المنصف المجتهد عماد المل ة وال دنيا
والدين صدر اإلسالم والمسلمين ،سلطان علماء العالم :أبي حفص عمر ابن اإلمام العالم العالمة الصدر
السعيد ،الشهيد« :الوزان) -أمتع هللا اإلسالم وأهله ببقائه ،ورحم أسالفه ـ :ألفيت ه راقي ًا ،ورامي ًا) بفك ره
الثاقب إلى أقصى الدرجات اإلنسانية ،وواصال برأيه الصائب إلى أعال الكم االت النفس انية ،متقارب ًا من
االنخراط في سلك الروحانيات ،متنافرًا بالطبع عن االلتفات إلى األجسام والجسمانيات متوليًا شطر كعبة
واجب الوج ود ،مولي ا) بوجه ه عم ا س واه :من ك ل موج ود أس أل هللا :أن يجعل ه ذا س عادتين :دنيائي ة
وأخراوية ،ورياستين :عاجلية وآجلية.
وقد أشار إلى أن أختصر كتاب «المحصول» إختصارًا من جهة اللفظ دون المعنى ،وإيجازًا مع استثبات
اللباب والمغزى فاستعفيت عن ذلك :لوعارة المذهب ،وصعوبة المطلب ،استعفاء الع اجز الض عيف ،عن
تحمل مندوبات التكليف.
حتى تواترت اإلشارة وتكرر الرس م ،وانتهى األم ر ح د ال واجب الحتم .فابت درت إلى اإلمتث ال إلش ارته
وأمره واستعنت باهلل في ذلك ،وسألته :أن يفسح في مدة عمره.
ولم أحذف ـ من مسائل الكتاب -إال ما تكررت ج دًا مباحثه ا ،أو قلت الحاج ة إليه ا ،ح تى ال تك اد تبل غ
عشرًا.
واقتصرت -من الدالئل -على أوضحها وأجالها ومن االعتراضات واألجوبة -على أمتنها وأقواها.
وسميته( :الحاصل من المحصول) وعلى هللا المتكل والمعول ،إنه واهب كل خير ومعطي كل سول.
فالعلم باألحكام الشرعية العملية ،المدلولة النظرية ،التي ليس بديهيًا كونها الشرع.
وليس لقائل أن يقول :إن أحكام الش رع تظن ،وال تعلم .ألن ا نمن ع كونه ا مظنون ة ب ل هي معلوم ة وأم ا
المظنون فطرائقها ،ال هي
الكالم في المقدمات
وفيه فصول:
1-الفصل األول :في تفسير «أصول الفقه».
أعلم أنه ال يبين إال إذا علم جزءاه.
أما «أصل الشيء» :فما منه الشيء.
وأما «الفقه»:
وبـ «النظرية» عن أركان اإلسالم فإنها ليست حكمًا بكيفية العمل .فهذه
أجزاؤه.
وأما (معناه) في المصطلح :فمعرفة دالئل الفقه إجماًال ،وكيفية استفادة األحكام
منها ،وحال المستفيد.
وشرطنا «اإلجمال» :ليخرج علم الفقه والخالف عنه.
وأدرجنا شرائط اإلستدالل في كيفية اإلس تفادة والبحث عن ح ال المف تي والمس تفتي والمجته د ،في ح ال
المستفيد.
وسيأتي مشروحًا ـ في موضعه -كل ذلك ،إن شاء هللا.
فمنها ما ليس بمكتسب .وأوالها تصور النفس وأحوالها ،كاللذة واأللم والعلم والظن.
وألجل بداهتها يعلم كل أحد بالضرورة علمه بلذته وألمه.
-3البحث الثالث :أعلم أن العلم ال سبيل إلى تحديده ألن الحد كاشف عن المحدود وال كاشف عن الحد .فال
كاشف عن العلم البتة .وإال :لدار .بل هو الكاشف عما عداه.
وأم;;ا الظن فتحدي;;ده ممكن ،وه;;و اإلعتق;;اد ال;;راجح بأح;;د النقيض;;ين .وف;;رق بين «اإلعتق;;اد ال;;راجح بأح;;د
النقيضين» ،وإعتقاد الراجح من أحـد النقيضين.
ف «اإلعتقاد الراجح بأحد النقيضين» :ظن .وذلك اإلعتقاد إن طابق :فالظن صادق ،وإال فكاذب.
وإعتقاد الراجح من أحد النقيضين إن لم يكن المعتقد راجحًا :فجهل مركب ،وإال :فإما تقليد أو علم .على ما
مر .