Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 4

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬

‫صلى هللا على محمد وآله وسلم‪:‬‬


‫الخ ير دأب ك ‪ -‬اللهم ‪ -‬والش ر‪ ،‬قض اؤك أنت األزلي في ذات ك واألزل عالؤك‪ ،‬وأنت األب دي في ش أنك‬
‫واألبد بقاؤك‪ ،‬تباركت في كبرياء ألوهيت ك‪ :‬فال اع تزال‪ ،‬وتع اليت في به اء ربوبيت ك‪ :‬فال اس تفال‪ ،‬من ك‬
‫ينبوع الحياة والممات‪ ،‬وإليك رج وع األحي اء واألم وات‪ ،‬ال إل ه إال أنت في األولى‪ ،‬وال إل ه إال أنت في‬
‫األخرى‪ ،‬بعثت النبيين بالحق‪ ،‬وأيدتهم بالص دق وأم رتهم بإص الح أح وال العب اد‪ ،‬في المع اش والمع اد‪.‬‬
‫اللهم‪ :‬فصل عليهم صالة هي أفضل الصلوات وحيهم تحية هي أكم ل التحي ات‪ ،‬وأخص ص ‪ -‬من بينهم ‪-‬‬
‫آخرهم زمنًا وعهدًا‪ ،‬وأولهم‪ :‬ميثاقًا وعهدًا‪،‬‬

‫سيدنا وموالنا‪« :‬محمدًا» «المختار‪ ،‬وآله وأصحابه وخلفائه)‪ ،‬وسلم ـ اللهم ـ عليهم تسليمًا كثيرًا‪.‬‬

‫أما بعد‪ :‬فإن للعلوم كلها شرفًا ومنارًا وفض يلة ومق دارًا‪ ،‬ال س بيل فيه ا إلى اإلنك ار‪ ،‬ألولي االستبص ار‪،‬‬
‫واالعتبار‪ ،‬ولكنها مختلفات الدرجات والمراتب ومتفاوتات المزايا والمناقب‪.‬‬

‫وأجلها وأشرفها العلوم الدينية‪ ،‬الكاشفة عن أسرار الملة الحنفية‪.‬‬

‫وهي‪ :‬إما نقلية صرفة‪ ،‬تكفي فيه ا الرواي ة والحكاي ة كاألح اديث والتفاس ير‪ ،‬والخطب فيه ا يس ير غ ير‬
‫عسير إذ يستقل بأعبائها كل خطير وحقير‪.‬‬

‫أو نظري ة يحت اج اإلنس ان فيه ا إلى الت دقيق في األنظ ار‪ ،‬والتعمي ق في األفك ار‪ ،‬على م رور ال دهور‬
‫واألعصار‪.‬‬

‫وهي ثالثة‪:‬‬

‫‪ - 1‬أولها وأجلها‪« :‬علم الكالم»‪ ،‬الذي هو ‪ -‬أصل الدين وأساسه‪.‬‬

‫‪ -2‬وثانيها‪« :‬أصول الفقه»‪ .‬إذ هو كفرع من فروع الكالم‪ :‬فعليه مداره‪ ،‬ومنه اقتباسه‪.‬‬

‫‪ 3 -‬وثالثها‪( :‬علم الفقه) وهو المحتاج إليه في دراسة األحكام التكليفية‪ ،‬العارضة لألفعال البشرية‪.‬‬

‫ف (الكالم) عليه تبنى العلوم الشرعية كلها وتختم‪ ،‬و«الفقه» عنده وبه بأسرها تختم‪.‬‬

‫و«أصول الفقه» واسطة بين البداية والنهاية ومتحصل بين علمي الدراية والرواية‪.‬‬

‫وقد صنفت فيه كتب عديدة وامتدت فيه أنفاس مديدة فهي وإن ك انت متع ددة متك ثرة‪ ،‬غ ير أن ال دعاوي‬
‫والدالئل فيها متبددة منتشرة خال كتاب «المحصول»‪( ،‬الذي) صنفه شيخنا وسيدنا وموالنا اإلم ام الع الم‬
‫العالمة فخر الملة والحق والدين‪ ،‬حجة اإلسالم والمسلمين الداعي إلى هللا أبو عبد هللا‪« :‬محم د بن عم ر‬
‫بن الحسين ال رازي ‪ -‬ق دس هللا روح ه ‪ :-‬فإن ه المح يي لرم ة) العل وم ورفاته ا‪ ،‬والج امع لب دد الكلم ات‬
‫وأشتاتها(ه)‪ ،‬القادر على تسهيل المط الب الش دائد‪( ،‬و) الق اهر للمب احث األواب د‪ ،‬ج زاه هللا عن طوائ ف‬
‫العلوم والعلماء خيرًا‪.‬‬

‫فهو وإن كان في غاية حسن النظم‪ ،‬غير أن الطباع تتجافاه (وتمله) لكبر الحجم‪.‬‬
‫ولما اتفق االتصال بخدمة سيدنا وموالنا اإلمام العالم الكامل‪ ،‬الحبر المنصف المجتهد عماد المل ة وال دنيا‬
‫والدين صدر اإلسالم والمسلمين‪ ،‬سلطان علماء العالم ‪ :‬أبي حفص عمر ابن اإلمام العالم العالمة الصدر‬
‫السعيد‪ ،‬الشهيد‪« :‬الوزان) ‪ -‬أمتع هللا اإلسالم وأهله ببقائه‪ ،‬ورحم أسالفه ـ‪ :‬ألفيت ه راقي ًا‪ ،‬ورامي ًا) بفك ره‬
‫الثاقب إلى أقصى الدرجات اإلنسانية‪ ،‬وواصال برأيه الصائب إلى أعال الكم االت النفس انية‪ ،‬متقارب ًا من‬
‫االنخراط في سلك الروحانيات‪ ،‬متنافرًا بالطبع عن االلتفات إلى األجسام والجسمانيات متوليًا شطر كعبة‬
‫واجب الوج ود‪ ،‬مولي ا) بوجه ه عم ا س واه‪ :‬من ك ل موج ود أس أل هللا‪ :‬أن يجعل ه ذا س عادتين‪ :‬دنيائي ة‬
‫وأخراوية‪ ،‬ورياستين ‪:‬عاجلية وآجلية‪.‬‬

‫وقد أشار إلى أن أختصر كتاب «المحصول» إختصارًا من جهة اللفظ دون المعنى‪ ،‬وإيجازًا مع استثبات‬
‫اللباب والمغزى فاستعفيت عن ذلك‪ :‬لوعارة المذهب‪ ،‬وصعوبة المطلب‪ ،‬استعفاء الع اجز الض عيف‪ ،‬عن‬
‫تحمل مندوبات التكليف‪.‬‬

‫حتى تواترت اإلشارة وتكرر الرس م‪ ،‬وانتهى األم ر ح د ال واجب الحتم‪ .‬فابت درت إلى اإلمتث ال إلش ارته‬
‫وأمره واستعنت باهلل في ذلك‪ ،‬وسألته‪ :‬أن يفسح في مدة عمره‪.‬‬

‫ولم أحذف ـ من مسائل الكتاب ‪ -‬إال ما تكررت ج دًا مباحثه ا‪ ،‬أو قلت الحاج ة إليه ا‪ ،‬ح تى ال تك اد تبل غ‬
‫عشرًا‪.‬‬

‫واقتصرت ‪ -‬من الدالئل ‪ -‬على أوضحها وأجالها ومن االعتراضات واألجوبة ‪ -‬على أمتنها وأقواها‪.‬‬

‫وسميته‪( :‬الحاصل من المحصول) وعلى هللا المتكل والمعول‪ ،‬إنه واهب كل خير ومعطي كل سول‪.‬‬

‫فالعلم باألحكام الشرعية العملية‪ ،‬المدلولة النظرية‪ ،‬التي ليس بديهيًا كونها الشرع‪.‬‬

‫وليس لقائل أن يقول‪ :‬إن أحكام الش رع تظن‪ ،‬وال تعلم‪ .‬ألن ا نمن ع كونه ا مظنون ة ب ل هي معلوم ة وأم ا‬
‫المظنون فطرائقها‪ ،‬ال هي‬

‫واحترزنا بـاألحكام عن الذوات‪ ،‬والصفات‪ ،‬واألفعال‪.‬‬

‫وبـ «الشرعية» عن العقلية‪.‬‬

‫وبـ «العملية عن أحكام األسباب‪.‬‬

‫وبـ «المدلولة عن األحكام التقليدية‪ :‬التي تلقتها العوام عن العلماء‪.‬‬

‫الكالم في المقدمات‬

‫وفيه فصول‪:‬‬
‫‪ 1-‬الفصل األول‪ :‬في تفسير «أصول الفقه»‪.‬‬
‫أعلم أنه ال يبين إال إذا علم جزءاه‪.‬‬
‫أما «أصل الشيء»‪ :‬فما منه الشيء‪.‬‬
‫وأما «الفقه»‪:‬‬
‫وبـ «النظرية» عن أركان اإلسالم فإنها ليست حكمًا بكيفية العمل‪ .‬فهذه‬
‫أجزاؤه‪.‬‬
‫وأما (معناه) في المصطلح‪ :‬فمعرفة دالئل الفقه إجماًال‪ ،‬وكيفية استفادة األحكام‬
‫منها‪ ،‬وحال المستفيد‪.‬‬
‫وشرطنا «اإلجمال»‪ :‬ليخرج علم الفقه والخالف عنه‪.‬‬
‫وأدرجنا شرائط اإلستدالل في كيفية اإلس تفادة والبحث عن ح ال المف تي والمس تفتي والمجته د‪ ،‬في ح ال‬
‫المستفيد‪.‬‬
‫وسيأتي مشروحًا ـ في موضعه ‪ -‬كل ذلك‪ ،‬إن شاء هللا‪.‬‬

‫‪ 2-‬الفصل الثاني‪ :‬في مقدمات أصول الفقه‪.‬‬


‫وهي‪ :‬العلم‪ ،‬والظن والدليل‪ ،‬واألمارة ‪ ،‬والنظر والحكم‪ .‬وإفادة التصديق بها ليس على األصولي الن اظر‬
‫في تعاريفها‪ :‬ألنه لو أفادها من تعاريفها لدار األمر‪ .‬بل على الناظر في الوجود المطلق‪.‬‬

‫وأما إفادة تصوراتها‪ ،‬فبأبحاث‪:‬‬


‫(البحث) األول‪« :‬الحكم» إما مع الجزم أو بدونه والجزم إما مطابق‪ ،‬أو ال‪ .‬والمطابق إم ا لم وجب‪،‬‬ ‫‪-1‬‬
‫أو ال‪ .‬والموجب إما ِحس وحده‪ ،‬أو عقل وحده‪ ،‬أوهما جميعًا‪.‬‬

‫و«الجزم المطابق» الذي موجبه حسي هو‪ :‬العلوم الحسية‪.‬‬


‫والذي موجبه عقل‪ ،‬فإما أن ال يحتاج فيه إلى وسط‪ ،‬بل يكفي فيه تصور جزئي القضية‪ ،‬وه و الب ديهيات‬
‫أو يحتاج‪ ،‬وهو‪ :‬النظريات‬
‫والجزم المطابق الذي موجبه حس وعقل‪ ،‬إما حسي السمع والعقل‪ ،‬وهو‪ :‬العل وم التواتري ة أو غ ير حس‬
‫السمع‪ ،‬وهو‪ :‬العلوم التجريبية‪.‬‬
‫و«الجزم المطابق» الذي ال موجب له‪ ،‬هو التقليد‪:‬‬
‫والالمطابق فهو‪ :‬الجهل المركب‪.‬‬
‫والخالي عن الجزم مستوى الطرفين منه‪ :‬شك‪.‬‬
‫وغير مستوى الطرفين راجحه ظن‪ ،‬ومرجوحه‪ :‬وهم‪.‬‬
‫البحث الثاني‪ :‬إنه ليس كل تصور» بمستفاد وإال‪ :‬لدار أو تسلسل‪.‬‬ ‫‪-2‬‬

‫فمنها ما ليس بمكتسب‪ .‬وأوالها تصور النفس وأحوالها‪ ،‬كاللذة واأللم والعلم والظن‪.‬‬
‫وألجل بداهتها يعلم كل أحد بالضرورة علمه بلذته وألمه‪.‬‬
‫‪ -3‬البحث الثالث‪ :‬أعلم أن العلم ال سبيل إلى تحديده ألن الحد كاشف عن المحدود وال كاشف عن الحد‪ .‬فال‬
‫كاشف عن العلم البتة‪ .‬وإال‪ :‬لدار‪ .‬بل هو الكاشف عما عداه‪.‬‬
‫وأم;;ا الظن فتحدي;;ده ممكن‪ ،‬وه;;و اإلعتق;;اد ال;;راجح بأح;;د النقيض;;ين‪ .‬وف;;رق بين «اإلعتق;;اد ال;;راجح بأح;;د‬
‫النقيضين»‪ ،‬وإعتقاد الراجح من أحـد النقيضين‪.‬‬
‫ف «اإلعتقاد الراجح بأحد النقيضين»‪ :‬ظن‪ .‬وذلك اإلعتقاد إن طابق‪ :‬فالظن صادق‪ ،‬وإال فكاذب‪.‬‬
‫وإعتقاد الراجح من أحد النقيضين إن لم يكن المعتقد راجحًا‪ :‬فجهل مركب‪ ،‬وإال‪ :‬فإما تقليد أو علم‪ .‬على ما‬
‫مر ‪.‬‬

‫‪ -4‬البحث الرابع‪ :‬في النظر والدليل واألمارة‪.‬‬


‫و«النظر»‪ :‬ترتيب تصديقين يتوصل بهما إلى استعالم مجهول‪ ،‬فإن طابقا‬
‫متعلقيهما في الوجود فصحيح‪ ،‬وإال‪ :‬ففاسد‪.‬‬

You might also like