Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 4

‫اشكالية الفيدرالية اإلثنية في إثيوبيا‬

‫‪·MONDAY, JULY 1, 2019·1 MINUTE22 Reads‬عاصم زين العابدين‬

‫تتعارض إصالحات رئيس الوزراء الجديد في البالد مع دستورها‬


‫المعيب والتي من الممكن أن تدفع البلد نحو صراع أثني‬

‫بقلم ‪:‬محمود ممداني*‬


‫نشر هذا المق ال علي صفحة صحيفة نيويورك تايمز في يوم ‪ 3‬يناير ‪ 2019‬الرابط االصلي لهذا المقال‬
‫‪https://www.nytimes.com/2019/01/03/opinion/ethiopia-abiy-ahmed-:‬‬
‫‪reforms-ethnic-conflict-ethnic-federalism.html‬‬
‫ترجمة ‪:‬عاصم زين العابدين‬

‫أذهل أبي أحمد ‪ ،‬رئيس وزراء إثيوبيا البالغ من العمر ‪42‬‬


‫ًا إفريقيا من خالل سلسلة من اإلصالحات السياسية منذ تعيينه‬‫عام‬
‫في أبريل (‪ .)2018‬وأنهى السيد أبي الحرب الحدودية التي‬
‫ًا مع إريتريا ‪ ،‬وأطلق سراح السجناء السياسيين‬ ‫استمرت ‪ 20‬عام‬
‫‪ ،‬وأزال الحظر على الجماعات المنشقة ‪ ،‬وسمح ألعضائها بالعودة‬
‫من المنفى ‪ ،‬وأعلن حرية الصحافة ‪ ،‬ومنح الجماعات السياسية‬
‫المتنوعة حرية التعبئة والتنظيم‪.‬‬
‫تم االحتفال بالسيد أبي كاصالحي ‪ ،‬لكن سياسته التحويلية‬
‫تواجهت بالفيدرالية االثنية ‪ ethnic federalism‬المنصوص عليها‬
‫في الدستور اإلثيوبي‪ .‬ويهدد الصدام الناتج عن ذلك بتفاقم‬
‫السياسة االثنية التنافسية ودفع البلد نحو نزاع عرقي‬
‫‪.‬‬
‫قد قام دستور عام ‪ ( 1994‬الذي قدمه رئيس الوزراء ميليس‬
‫زيناوي والتحالف الحاكم الممثل في الجبهة الديمقراطية‬
‫الثورية الشعبية اإلثيوبية ) باعادة صياغة البالد من جمهورية‬
‫موحدة مركزية إلى اتحاد يضم تسع واليات إثنية إقليمية‬
‫ودولتين مدنيتين ‪( city-states‬وهما اديس ابابا و ديري داوا‬
‫‪ ) Dire Dawa‬تديرهما الحكومة الفيدرالية‪ .‬حيث تستند الحقوق‬
‫الرئيسية ‪ -‬في األرض ‪ ،‬والوظائف الحكومية ‪ ،‬والتمثيل في‬
‫الهيئات المحلية واالتحادية ‪ -‬ليس على اساس الجنسية اإلثيوبية‬
‫ً في‬ ‫ولكن على اعتبار أن السكان األصليين ‪ indigenous‬اثنيا‬
‫الواليات اإلثنية المكونة ‪.‬‬
‫ًا بسبب التناقضات الداخلية‬ ‫كان نظام الفيدرالية االثنية مضطرب‬
‫ألن المجموعات االثنية ال تعيش فقط في أرض "الوطن" المنفصلة‬
‫ًا في جميع أنحاء البالد‪ .‬األقليات االثنية‬‫ولكنها منتشرة أيض‬
‫غير األصلية تعيش داخل كل وطن اثني‪.‬يسرد إحصاء السكان في‬
‫إثيوبيا أكثر من ‪ 90‬مجموعة اثنية ‪ ،‬ولكن ال يوجد سوى تسع‬
‫ً لها حقوق لجماعة األغلبية‬ ‫مجالس إقليمية محددة ‪/‬معرفة اثنيا‬
‫االثنية المعينة رسميًا‪ .‬تمنح األقليات غير األصلية ‪nonnative‬‬
‫مناطق خاصة وحقوق اإلدارة الذاتية‪ .‬ولكن بغض النظر عن عدد‬
‫مناطق األقليات ‪ ،‬فإن تخيل الوطن المبني علي اساس اثني يخلق‬
‫أقليات ال نهاية لها‪.‬‬
‫تأتي التعبئة اإلثنية من مجموعات متعددة ‪ ،‬بما في ذلك‬
‫اإلثيوبيين الذين ليس لهم وطن عرقي ‪ ،‬والذين يحرمون من‬
‫حقوقهم كأقليات في منطقة سكنهم ‪ ،‬حتى لو كان لجماعتهم‬
‫العرقية وطن في والية او منطقة أخرىأطلقت الفيدرالية االثنية‬
‫ًا لصراع‬
‫ًا من أجل التفوق بين االثنيات الثالثة‬ ‫العنان أيض‬
‫الكبار‪ :‬التغراي واألمهرة واألورومو‪ .‬على الرغم من حكم للجبهة‬
‫الديمقراطية الثورية الشعبية اإلثيوبية ‪ .E.P.R.D.F‬هو تحالف‬
‫من أربعة أحزاب ‪ ،‬لكن كانت جبهة تحرير شعب التغراي والتي‬
‫تمثل أقلية التغراي في مقعد القيادة منذ ثورة ‪ .1991‬حين‬
‫اشتكت أمهرة ‪ ،‬المهيمنة قبل عام ‪ ، 1991‬وفي نفس الوقت اشتكي‬
‫األورومو ‪ ،‬أكبر مجموعة عرقية في البالد ‪ ،‬من معاملتهم‬
‫كأقليات تابعة‪.‬‬

‫عندما أعلنت الحكومة عن خطط لتوسيع أديس أبابا وهي الدولة‬


‫المدينة ‪ city-state‬التي تديرها الحكومة الفدرالية ‪ ،‬لتشمل‬
‫أراضي أورومو ‪ ،‬ادئ ذلك الندالع االحتجاجات في عام ‪.2015‬‬
‫وانضمت اثنية أمهرة لالحتجاجات مع االورومو واستمرت كلتا‬
‫المجموعتين في المطالبة بإصالح األراضي والتمثيل السياسي‬
‫المتساوي ووضع حد النتهاكات الحقوق‬
‫كانت استجابة رئيس الوزراء هيالي مريام ديسالين لالحتجاجات‬
‫قد تمت بشكل وحشية ‪،‬وهو الذي تولى منصبه في عام ‪ 2012‬بعد‬
‫وفاة رئيس الوزراء طويل األجل وزعيم التغراي السيد زيناوي ‪.‬‬
‫حيث قتلت قوات األمن في هذه االحتجاجات ما بين ‪ 500‬و ‪1000‬‬
‫محتج في ذلك العام‪ .‬وفي مواجهة هذه األزمة المتصاعدة ‪ ،‬قام‬
‫التحالف الحاكم المعروف باسم الجبهة الديمقراطية الثورية‬
‫الشعبية اإلثيوبية ‪ .E.P.R.D.F‬بتعيين السيد أبي احمد ‪،‬‬
‫المسؤول العسكري السابق وزعيم المنظمة الديمقراطية الشعبية‬
‫ً للوزراءوقد‬‫في أورومو ‪ -‬أحد مكونات االئتالف الحاكم ‪ -‬كرئيسا‬
‫تمت اإلشادة بإصالحات السيد أبي لكنها أدت كذلك إلى تعبئة‬
‫عرقية أكبر من أجل العدالة والمساواة‪ .‬كان اإلنجاز الذي‬
‫حققته الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية اإلثيوبية منذ عام‬
‫‪ 1991‬في مجال التعليم للفتيات والفتيان على قدم المساواة ‪،‬‬
‫مما أدى إلى زيادة أهمية النساء والمسلمين وجماعات المذهب‬
‫االنجيلي الخمسينية ‪Pentecostal‬‬
‫اإلصالحات األخيرة للسيد أبي ‪ ،‬الذي ولد ألب أورومو مسلم وأم‬
‫امهرية أرثوذكسية فحين هو نفسه اي أبي احمد مسيحي انجيلي‬
‫الخمسينية متدين ‪ ،‬قد وسعت من المشاركة السياسية لتشمل‬
‫الفئات المحرومة‪.‬‬
‫فحين ان تعبئة الميليشيات االثنية في ازدياد‪ .‬وتشارك القوات‬
‫شبه العسكرية أو الميليشيات اإلثنية المعروفة باسم الشرطة‬
‫الخاصة ‪ ،‬والتي أنشئت في البداية كوحدات لمكافحة التمرد ‪،‬‬
‫بشكل متزايد في النزاعات االثنية ‪ ،‬وخاصة بين الواليات‬
‫والمناطف اإلثنية المجاورة‪ .‬ومن األمثلة الجيدة على ذلك دور‬
‫القوة الصومالية الخاصة في النزاع الحدودي مع والية أوروميا‬
‫ًا لما ذكره يوناس أشين ‪ ، Yonas Ashine‬المؤرخ في جامعة‬ ‫‪ ،‬وفق‬
‫ًا في النزاعات بين‬
‫أديس أبابا‪ .‬يتم الزج بهذه القوى أيض‬
‫الجماعات األصلية ‪ native‬وغير األصلية‪.nonnativ‬‬

‫لقد نزح ما يقرب من مليون إثيوبي من‬


‫ديارهم بسبب تصاعد العنف االثني منذ‬
‫ًا ألديسو‬
‫تعيين السيد أبي ‪ ،‬وفق‬
‫غبريجزيابر ‪، Addisu Gebregziabher‬‬
‫التي ترأس اللجنة اإلثيوبية لحقوق‬
‫اإلنسان‪.‬‬

‫تتزايد المخاوف من إثيوبيا سوف تعاني من الصراع اإلثني‬


‫المقبل في إفريقيا‪ .‬يستحضر رئيس الوزراء أبي نفسه باستمرار‬
‫الرموز الدينية ‪ ،‬خاصة تلك المرتبطة بالكنائس اإلنجيلية‬
‫ًا أكبر من عناصر‬‫البروتستانتية األمريكية ‪ ،‬وقد جلب عدد‬
‫الخمسينين االنجليين إلى الصفوف العليا في الحكومة‪.‬‬
‫اعتاد اإلثيوبيون على التفكير بأنفسهم كأفارقة من نوع خاص ‪،‬‬
‫لم يتم استعمارهم ‪ ،‬لكن البالد اليوم تشبه النظام اإلفريقي‬
‫المثالي ‪ ،‬الذي يتميز بالتعبئة العرقية لتحقيق مكاسب‬
‫عرقية‪.‬في معظم إفريقيا ‪ ،‬تم تسييس االثنية عندما قام‬
‫البريطانيون بتحويل المجموعة االثنية إلى وحدة في اإلدارة‬
‫المحلية ‪ ،‬والتي أطلقوا عليها "حكم غير مباشر ‪indirect rule‬‬
‫َّف بأنه وطن اثني ‪ethnic‬‬ ‫"‪ .‬وأصبحت كل جزء من المستعمرة يعر‬
‫‪ ، homeland‬حيث قامت السلطة االثنية بفرض القانون العرفي‬
‫‪ customary law‬المعرف عرقيا والذي يمنح امتيازات لمن‬
‫يعتبرون أصليين ‪ indigenous‬على حساب األقليات غير األصلية‬
‫‪. non-indigenous‬‬
‫كانت هذه الخطوة استجابة لمشكلة استعمارية دائمة‪ :‬تتمركز‬
‫حول حشد االمتياز العنصري للبيض‪ whites‬الستبعاد (وعلي اساس‬
‫عرقي) االغلبية المصنفة بانها غير بيضاء‪ .nonwhite‬من خالل خلق‬
‫طبقة إضافية من االمتيازات ‪ ،‬قام الحكم االثني غير المباشر‬
‫هذه المرة بتقسيم األغلبية الواعية باثنيتها إلى العديد من‬
‫األقليات االثنية ‪ ،‬في كل جزء من البالد ‪ ،‬مما وضع أغلبيات‬
‫اثنية ضد اقليات اثنية‪ .‬أينما استمر نفس هذا النظام بعد‬
‫االستقالل ‪ ،‬فإن االنتماء القومي قد أفسح المجال للهوية‬
‫القبلية ‪ tribal identity‬باعتبارها المعنى الحقيقي للمواطنة‬
‫‪.citizenship‬اعتقد الكثيرون أن جبهة تحرير شعب التغراي ‪،‬‬
‫التي تمثل أقلية اثنية في االئتالف المهيمن اي في الجبهة‬
‫الديمقراطية الثورية الشعبية اإلثيوبية ‪ ،‬قد قامت بتحويل‬
‫نظام البالد االداري من مركزي إلى الفيدرالية االثنية لتذويب‬
‫وتقسيم المجتمع اإلثيوبي إلى مجموعات عرقية متعددة ‪ -‬واي‬
‫أقلية ‪ -‬يمكن أن تأتي برؤية "قومية"‪ .‬بطريقة ما كرر اسلوب‬
‫النظام البريطاني‪.‬‬
‫لكن بقيادة السيد زيناوي لل الجبهة الديمقراطية الثورية‬
‫الشعبية اإلثيوبية ‪ .T.P.L.F‬على األرجح انه كان متأثر باالتحاد‬
‫الفيدرالي االثني واإلقليمي السوفياتي ‪Soviet ethno-‬‬
‫‪ territorial federalism‬وإنشاء جمهوريات اثنية ‪ ،‬وخاصة في‬
‫آسيا الوسطى‪ .‬أثار دستور إثيوبيا لعام ‪ 1994‬التعريف‬
‫الستاليني التقليدي "لألمة ‪ nation‬والقومية ‪nationality‬‬
‫والشعب ‪ " people‬والحل السوفيتي "للمسألة القومية ‪national‬‬
‫‪." question‬‬

‫كما هو الحال في االتحاد السوفيتي ‪ ،‬تم إدراج كل قطعة أرض في‬


‫ًا‬
‫إثيوبيا كوطن اثني لمجموعة معينة ‪ ،‬مما يقسم السكان دستوري‬
‫إلى أغلبيات دائمة إلى جانب اقليات دائمة مع القليل من‬
‫الحصة للنظام‪ .‬السيد زيناوي والوفد المرافق له قد قاموا‬
‫بمسوفتة ‪( Sovietized‬جعلها سوفيتية الطابع ) و بافرقة‬
‫(جعلها افريقية الطابع ‪ ) Africanized‬اثيوبيامثلها مثل معظم‬
‫أفريقيا ‪ ،‬إثيوبيا على مفترق طرق‪ .‬ال الجمهورية المركزية‬
‫التي أنشأها الطغمة العسكرية الدركية في عام ‪( 1974‬نظام‬
‫منقستو هيال مريام )وال الفيدرالية العرقية في دستور السيد‬
‫زيناوي لعام ‪ 1994‬تشير إلى انها تسير إلى األمام‪.‬‬
‫ًا‬
‫يمكن للسيد أبي إحراز تقدم حقيقي إذا احتضنت إثيوبيا نوع‬
‫ًا من االفيدرالية ‪– federation‬في صيغة اقليمية‬ ‫مختلف‬
‫‪ territorial‬وليس اثنية ‪ -‬حيث يتم االستغناء عن فكرة ان‬
‫الحقوق في الوحدة الفيدرالية ‪ federal unit‬ليست على أساس‬
‫االثنية ولكن على أساس اإلقامة‪ .‬مثل هذا الترتيب الفيدرالي‬
‫سيمنح اإلثيوبيين فرصة متساوية إلبقاء الديكتاتورية‬
‫االستبدادية في مأزق‪.‬‬
‫*محمود ممداني‬

‫هو مدير معهد ماكيريري للبحوث االجتماعية في أوغندا ‪ ،‬وأستاذ‬


‫الحكومة بجامعة كولومبيا ومؤلف كتاب "المواطن والموضوع‪:‬‬
‫إفريقيا المعاصرة وإرث االستعمار المتأخر“ ‪Citizen and‬‬
‫‪Subject: Contemporary Africa and the Legacy of Late‬‬
‫‪Colonialism‬‬

You might also like