Philo

You might also like

Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 4

‫مالحظات عامة حول برنامج الفلسفة‬

‫‪:‬المالحظة األولى‬
‫يجب أن ننظر الى برنامج الفلسفة نظرة شمولية تترابط فيها محاوره الخمسة وتعود (تنّشد)‬
‫‪.‬الى فكرة ناظمة هي مفهوم الكّلي‪-‬الكوني‬
‫‪:‬المالحظة الثانية‬
‫مفهوم الكّلي مشتق من الكل الذي يتكون من األجزاء المتعددة والمتنوعة فمثال يسمى‬
‫الفيلسوف اليوناني أرسطو الجنس كالجنس البشري أو الحيواني مفهوما كّليا ألنه يتكون من‬
‫عدة أنواع‪ .‬وتبعا لذلك فان مفهوم الكّلي او الكوني يحيل الى ما هو مشترك وعام ومجرد‬
‫‪.‬بين كل البشر وهو ما يسميه الفالسفة اإلنساني‬
‫‪:‬المالحظة الثالثة‬
‫يتضمن برنامج الفلسفة محور األنية والغيرية ومحور الخصوصية والكونية وهما يتعلقان‬
‫بوجود االنسان في بعديه الفردي والجماعي‪ ،‬ومحور العلم بين الحقيقة والنمذجة الذي‬
‫يتناول اإلنتاج العلمي والمعرفي لإلنسان ومدى تعبيره عن الحقيقة وارتباطه بالمنفعة‬
‫ومحور الدولة‪ :‬السيادة والمواطنة ومحور األخالق‪ :‬الخير والسعادة وهما يبحثان في البعد‬
‫‪.‬العملي لإلنسان أي في ممارساته وفي واقعه وفي قيمه‬
‫المحور األول‪ :‬األنية والغيرية‬

‫‪:‬اإلشكالية العامة للمحور‬


‫ما األنية؟‬ ‫‪‬‬
‫وما عالقتها بالغيرية؟‬ ‫‪‬‬
‫وهل تستبعد األنية الغيرية وتقصيها؟‬ ‫‪‬‬
‫ام أنها تعترف بها وتتواصل معها؟‬ ‫‪‬‬

‫اإلجابة األولى‪ :‬األنية تستبعد الغيرية‪:‬‬


‫تفيد األنية األنا او الذات او العق‪FF‬ل او النفس الواعي‪FF‬ة والمفك‪FF‬رة وال‪FF‬تي تتص‪FF‬ف ب‪FF‬اإلدراك‬
‫والفضيلة األخالقية (تفعل الخير) والخلود وهذه النفس تتحكم في الجسد وتسيره وتعت‪FF‬بره‬
‫غيرية أي شيئا مغايرا لها ومختلفا عنها ول‪FF‬ذلك وص‪FF‬فه "أفالط‪%%‬ون" بالس‪FF‬جن ال‪FF‬ذي يقي‪FF‬د‬
‫النفس ويمنعه‪FFF‬ا من إدراك الحقيق‪FFF‬ة ومن التحلي بالفض‪FFF‬يلة حيث يق‪FFF‬ول "الجس‪FFF‬د س‪FFF‬جن‬
‫للنفس"‪.‬‬
‫وي‪FF‬برهن "ابن س‪%%‬ينا" على وج‪FF‬ود النفس الس‪FF‬ماوية والفاض‪FF‬لة والخال‪FF‬دة مقارن‪FF‬ة بالجس‪FF‬د‬
‫األرضي والمدنس والزائل (الفاني) اعتمادا على حجج عديدة مث‪F‬ل حج‪F‬ة الرج‪F‬ل المعل‪F‬ق‬
‫في الفضاء الذي ال يشعر بجسده وال يحس بأعض‪F‬ائه الجس‪F‬مية ألن‪F‬ه ال يتمكن من لمس‪F‬ها‬
‫ولكنه يدرك أنه موجود كنفس أي له انية تختلف عن الجسد‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى يبين "ديكارت ‪ "Descartes‬ان االنا او الذات أو النفس تتميز بالتفكير‬
‫وان الجسد يتميز باالمتداد أي له طول وعرض وارتفاع وان االنسان ي‪FF‬تركب من ثنائي‪FF‬ة‬
‫أي من وحدة بين جوهرين أو وجودين هم‪FF‬ا الج‪FF‬وهر المفك‪FF‬ر أو النفس والج‪FF‬وهر الممت‪FF‬د‬
‫(أي الذي له طول وعرض وارتفاع) وهو الجسد والنفس عند ديكارت أفضل من الجس‪FF‬د‬
‫ألنها تمثل آنية االنسان أي حقيقة وجوده ومن خالل النفس يثبت االنسان وجوده ووج‪FF‬ود‬
‫الغير أي وجود االخرين من البشر والعالم الخارجي وهو م‪FF‬ا ص‪FF‬اغه ديك‪%%‬ارت من خالل‬
‫مفهوم الكوجيتو الذي يقول‪" :‬أنا افكر اذن انا موجود"‪.‬‬
‫هك‪FF‬ذا نخلص الى أن االني‪FF‬ة هي ذات أو نفس أو عق‪FF‬ل يس‪FF‬تبعد الغيري‪FF‬ة أي الجس‪FF‬د وبقي‪FF‬ة‬
‫البشر والعالم الخارجي ألنه ال يحتاج اليها فهو مكتف بتفكيره الشخصي والذاتي وبوعيه‬
‫المتعالي‪.‬‬
‫اإلجابة الثانية‪ :‬األنية تعترف بالغيرية وتتواصل معها‬
‫اال أن تطور العلوم الطبية والنفسية واالجتماعية بين أن االنسان ال يمكن‪FF‬ه أن يتخلى عن‬
‫جسده وعن االخرين من البشر وعن الع‪FF‬الم الخ‪FF‬ارجي في ه‪FF‬ذا اإلط‪FF‬ار يؤك‪FF‬د "س‪%%‬بينوزا‬
‫‪ "Spinoza‬ان االنسان جوهر أي موجود واحد له صفتين هما التفك‪FF‬ير و االمت‪FF‬داد حيث‬
‫يقول‪ ":‬ان النفس و الجسد شيء واحد فتارة نسمي االنسان نفسا اذا نظرنا الي‪FF‬ه من جه‪FF‬ة‬
‫التفكير و تارة أخرى نسميه جسدا اذا نظرنا اليه من جهة االمتداد‪ ".‬و في الح‪FF‬التين نحن‬
‫نتحدث عن موجود و شخص واحد‪ .‬و هذا االنسان يعيش في مجتمع بشري مع االخرين‬
‫الذين يحتاج الى التواصل معهم ليضمن بقاءه و استمراريته في ذل‪F‬ك البق‪F‬اء و تبع‪F‬ا ل‪F‬ذلك‬
‫تع‪FF‬ترف األن‪FF‬ا بالجس‪FF‬د و تتص‪FF‬الح مع‪FF‬ه ليص‪FF‬بح ج‪FF‬زءا منه‪FF‬ا و تنفتح على الغ‪FF‬ير أي على‬
‫االخرين مع البشر و العالم الخارجي و هو المعنى الذي سيتعمق فيه الفيلسوف الفرنس‪FF‬ي‬
‫المعاصر "موريس مارلويونتي" عندما يميز بين الجسد الخ‪FF‬اص أي الجس‪FF‬د الحميمي و‬
‫الذي ال ينفصل عني و الذي يتكون من العقل و التفكير و الحواس و الغرائز و الخيال و‬
‫الذاكرة ‪ , ...‬و بين الجسد الموضوع أي الغير سواء ك‪FF‬ان بشرا أو أي موج‪F‬ود اخ‪F‬ر من‬
‫موجودات العالم لذلك يق‪FF‬ول "مرل‪%%‬و بون‪%%‬تي"‪ " :‬ليس لي جس‪F‬د ب‪FF‬ل أن‪FF‬ا جس‪F‬دي ‪ ".‬أي ان‬
‫الجسد لم يعد شيئا يمتلكه االنسان بل هو بعد من أبعاد ذات‪F‬ه و انيت‪F‬ه و ه‪F‬ذه ال‪F‬ذات تقص‪F‬د‬
‫بوعيها و ادراكها الغير أي بقية البشر و العالم الخارجي لتدرك‪FF‬ه لتتواص‪FF‬ل مع‪FF‬ه ض‪FF‬مانا‬
‫لبقائها ألن الغير واألخر شرط لتحقق األنا و الذات و إلثب‪FF‬ات وجوده‪FF‬ا و هك‪FF‬ذا أص‪FF‬بحنا‬
‫ننظر الى االنسان من جهة نفسه و جسده كنظرتنا ل‪FF‬وجهي عمل‪FF‬ة واح‪FF‬دة و ه‪FF‬ذا االنس‪FF‬ان‬
‫يعترف بغيره و يحرص على التواصل معه‪.‬‬
‫و سنجد األنا و الذات اإلنسانية تطور ذاتها مع االخ‪FF‬رين من خالل العم‪FF‬ل في الطبيع‪FF‬ة و‬
‫انتاج الثروات كما يذهب الى ذلك كارل ماركس و كل ما كان توزيع تلك ال‪FF‬ثروات بين‬
‫األفراد عادال كلما كانت العالقات بينهم مثم‪FF‬رة و ك‪FF‬ل م‪FF‬ا ك‪FF‬ان التوزي‪FF‬ع غ‪FF‬ير منص‪FF‬ف و‬
‫عادل كلما وجدنا صراعا بينهم يسميه ماركس الصراع الطبقي و من هن‪FF‬ا يشكل الواق‪FF‬ع‬
‫االجتماعي في نظر ماركس وعي الناس حيث يق‪FF‬ول ‪ ":‬ليس ال‪FF‬وعي البشري ه‪FF‬و ال‪FF‬ذي‬
‫يحدد واقعهم بل واقعهم هو الذي يحدد وعيهم‪".‬‬
‫و هكذا يكون وعي البشر و تكون ذواتهم و انيتهم محدودة بالواقع االجتم‪FF‬اعي و الم‪FF‬ادي‬
‫و االقتصادي و النفسي ألن االنسان تتك‪FF‬ون حيات‪FF‬ه النفس‪FF‬ية أو م‪FF‬ا يس‪FF‬ميه فروي‪%%‬د الجه‪FF‬از‬
‫النفسي من ثالث مناطق نفسية و هي‪ - :‬األنا أو ال‪FF‬وعي و يتض‪FF‬من الج‪FF‬انب االرادي من‬
‫أقوال و سلوكات االنسان‬
‫الالوعي أو الالشعور أو الهوة و هو أق‪FF‬دم منطق‪FF‬ة نفس‪FF‬ية في حي‪FF‬اة الف‪FF‬رد و أهمه‪FF‬ا اذ‬ ‫‪-‬‬
‫تتشكل من‪FF‬ذ الطفول‪FF‬ة و تتض‪FF‬من الغرائ‪FF‬ز و الرغب‪FF‬ات و المي‪FF‬والت المكبوت‪FF‬ة أي ال‪FF‬تي‬
‫قمعها الفرد و أخفاها في باطنه لرفض المجتمع لها و يعبر عنها بطرق غير مباشرة‬
‫من خالل االحالم و الفن و الهفوات في األفعال و زالت اللسان و هذا التعبير يس‪FF‬ميه‬
‫فرويد التصعيد ‪.‬‬
‫األنا األعلى و يتضمن أوامر المجتمع و نواهيه و القيم ال‪FF‬تي ي‪FF‬ربى عليه‪FF‬ا الف‪FF‬رد من‪FF‬ذ‬ ‫‪-‬‬
‫طفولته و هي تقوم بمراقبة رغبات الهوة و تمنعها من التحقق في الواقع ‪.‬‬
‫و تبعا ل‪FF‬ذلك يؤك‪FF‬د "فروي‪FF‬د" ض‪FF‬رورة اع‪FF‬تراف األن‪FF‬ا أو ال‪FF‬وعي ب‪FF‬الغير أي ب‪FF‬الالوعي و‬
‫برغباته و باألنا األعلى أي بقيم المجتمع التي نشأ عليها و بذلك تكون شخصيته س‪FF‬وية و‬
‫متوازنة ‪.‬‬
‫خاتم‪%%‬ة‪ :‬ننتهي اذن ال أن األن‪FF‬ا تحت‪FF‬اج الى الغ‪FF‬ير و يحت‪FF‬اج اليه‪FF‬ا ل‪FF‬ذلك وجب عليه‪FF‬ا‬
‫االعتراف به و التواصل معه ألنه يثريها و تثريه‬

You might also like