Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 46

‫رسالة التحفة ادلرسلة يف علم حقيقة الشريعة احملمدية للشيخ حممد بن الشيخ فضل اهلل اذلندي‬

‫محد هلل الوجود احلق ادلبُت ادلضاف عند العقول إىل كل شيء مبقتضى حكمو ادلتُت يف قولو احلاكم بالفرض‪:‬‬
‫األر ِ‬
‫ض" سورة النور‪ 53 :‬ىو الذي يضاف إليو كل شيء يف بصائر العارفُت ادلعًتفُت حبضور يوم‬ ‫"اللَّو نُور َّ ِ‬
‫الس َم َاوات َو ْ‬ ‫ُ ُ‬
‫العرض قال‪:‬‬

‫" َولَوُ ُكلُّ َش ْي ٍء" سورة النمل‪99 :‬‬

‫األر ِ‬
‫ض" سورة لقمان‪62 :‬‬ ‫وقال سبحانو‪ " :‬لِلَّ ِو ما ِيف َّ ِ‬
‫الس َم َاوات َو ْ‬ ‫َ‬

‫والصالة والسالم على اجلامع بُت ادلقامُت أكمل مجع ادلقام األول مقام الفرق وادلقام الثاين مقام اجلمع فهو الذي يغان‬
‫على قلبو فسيتغفر اهلل يف اليوم والليلة أكثر من سبعُت مرة كما قال وىو القائل "يل وقت مع ريب ال يسعٍت فيو ملك‬
‫مقرب وال نيب مرسل" وىو وقت فراغو ورغبتو إىل ذي اجلالل‬

‫ب" سورة الشرح‪8-7 :‬‬ ‫ب (‪َ )٧‬وإِ َىل َربِّ َ‬


‫ك فَ ْار َغ ْ‬ ‫صْ‬ ‫"فَِإذَا فَ َر ْغ َ‬
‫ت فَانْ َ‬

‫ورضوان اهلل على آلو الطاىرين وعن أصحابو والتابعُت وتابع التابعُت إىل يوم الدين اى‬

‫اعلموا يا إخواين أسعدكم اهلل تعاىل وإيانا أن احلق سبحانو وتعاىل ىو الوجود وأن ذلك الوجود ليس لو شكل وال ح ّد‬
‫ومع ىذا ظهر وجتلي بالشكل واحل ّد ومل يتغَت عما كان عليو من عدم الشكل واحل ّد بل ىو األن كما كان‪ .‬وأن ذلك‬
‫الوجود واحد واأللباس خمتلفة‪ .‬وأن ذلك الوجود حقيقة مجيع ادلوجودات وباطنها‪ .‬وأن مجيع الكائنات حىت الذرة ال‬
‫ختلو عن ذلك الوجود‬
‫وأن ذلك الوجود ليس مبعٌت التحقيق واحلصول ألهنما من ادلعاين ادلصدرية وليسا مبوجودين يف اخلارج فال يطلق الوجود‬
‫هبذا ادلعٌت على احلق ادلوجود يف اخلارج تعاىل اهلل عن ذلك علوا كبَتا بل عنينا بذلك الوجود احلقيقة ادلتصفة هبذه‬
‫الصفات أعٌت وجودىا بذاهتا ووجود سائر ادلوجودات هبا وانتفاء غَتىا يف اخلارج‪.‬‬

‫وأن ذلك الوجود من حيث الكنو ال ينكشف ألحد وال يدركو العقل وال الوىم وال احلواس وال يتأيت يف القياس ألن‬
‫كلهن حمدثات واحملدث ال يدرك بالكنو إال احملدث تعاىل ذاتو وصفاتو عن احلدوث علوا كبَتا‬

‫ومن أراد معرفتو من ىذا الوجو وسعى فيو فقد ضيع وقتو وأن لذلك الوجود مراتب كثَتة‪.‬‬

‫فادلرتبة األوىل‪:‬‬

‫مرتبة الالتعُت وتسمى مرتبة اإلطالق وذات البحت ال مبعٌت أن قيد اإلطالق ومفهوم سلب التعُت يف الالتعُت ثابتان‬
‫يف تلك ادلرتبة بل مبعٌت أن ذلك الوجود يف تلك ادلرتبة منزه عن إضافة النعوت والصفات إليو ومقدس عن كل قيد حىت‬
‫عن قيد اإلطالق أيضا وىذه ادلرتبة تسمى بادلرتبة األحدية وىي كنو احلق سبحانو وتعاىل فوقها مرتبة أخرى بل كل‬
‫ادلراتب حتتها‬

‫وادلرتبة الثانية‪:‬‬

‫مرتبة التعُت األول وىى عبارة عن علمو تعاىل بذاتو وصفاتو وجبميع ادلوجودات على وجو اإلمجال من غَت دتييز بعضها‬
‫عن بعض وىذه ادلرتبة تسمى مرتبة الوحدة واحلقيقة احملمدية‬

‫وادلرتبة الثالثة‪:‬‬

‫مرتبة التعُت الثاين وىى عبارة عن علمو تعاىل بذاتو وصفاتو وجبميع ادلوجودات على طريق التفصيل وامتياز بعضها عن‬
‫بعض وىذه ادلرتبة تسمى الواحدية واحلقيقة اإلنسانية فهذه ثالث مراتب كلها قدمية أزلية والتقدمي والتأخَت عقلي ال‬
‫زماين‬

‫وادلرتبة الرابعة‪:‬‬

‫مرتبة األرواح وىي عبارة عن األشياء الكونية اجملردة البسيطة اليت ظهرت على ذراهتا وعلى أمثاذلا‪5‬‬

‫وادلرتبة اخلامسة‪:‬‬

‫مرتبة عامل ادلثال وىو عبارة عن األشياء الكونية ادلركبة اللطيفة ال تقبل التجزى والتبعيض واخلرق وااللتئام‪.‬‬
‫وادلرتبة السادسة‪:‬‬

‫مرتبة عامل األجسام وىي عبارة عن األشياء الكونية الكثيفة اليت تقبل التجزى والتبعض‬

‫وادلرتبة السابعة‪:‬‬

‫ادلرتبة اجلامعة جلميع ادلراتب ادلذكورة اجلسمانية واالنورانية والوحدة والواحدية وىي التجلي األخَت وىي اإلنسان فهذه‬
‫سبع مراتب األوىل منها مرتبة الالظهور والستة الباقية منها ىي مراتب الظهور الكلية واألخَتة منها أعٌت اإلنسان إذا‬
‫عرج وظهرت فيو مجيع ادلراتب ادلذكورة مع انبساطها على الوجو األكمل كان يف نبينا صلى اهلل عايو وسلم وذلذه كان‬
‫خامت النبيُت‬

‫وأن مجيع ادلوجودات من حيث الوجود عُت احلق سبحانو وتعاىل‪:‬‬

‫إِنَّا ُك َّل َش ْي ٍء َخلَ ْقنَاهُ بَِق َد ٍر" سورة القمر‪99 :‬‬

‫َوُك ُّل َش ْي ٍء عِْن َدهُ مبِِْق َدا ٍر" سورة الرعد‪8 :‬‬

‫َو َخلَ َق ُك َّل َش ْي ٍء فَ َقد ََّرهُ تَ ْق ِد ًيرا" سورة الفرقان‪6 :‬‬

‫َوَما نُنَ ِّزلُوُ إِال بَِق َد ٍر" سورة احلجر‪69 :‬‬

‫ومن حيث التعُت غَت احلق سبحانو وتعاىل والغَتية اعتبارية‪ .‬وأما من حيث احلقيقة فالكل ىو احلق سبحانو وتعاىل‬

‫ٍ‬
‫ُك ُّل َش ْيء َىالِ ٌ‬
‫ك إِال َو ْج َهوُ" سورة القصص‪88 :‬‬

‫اجل ِ‬
‫الل َواإل ْكَرِام" سورة الرمحن‪67-62 :‬‬ ‫ُك ُّل من علَي ها فَ ٍ‬
‫ك ذُو َْ‬
‫ان َويَْب َقى َو ْجوُ َربِّ َ‬ ‫َ ْ َ َْ‬

‫ومثالو احلباب وادلوج والثلج فإن كلهن من حيث احلقيقة ماء ومن حيث التعُت غَته‬

‫َكال بل را َن علَى قُلُوهبِِم ما َكانُوا يك ِ‬


‫ْسبُو َن" سورة ادلطففُت‪99 :‬‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َْ َ َ‬

‫وكذا السراب يف احلقيقة ىواء ظهر بصورة ادلاء‬

‫ِِ‬
‫ب" فَأَيْنَ َما تُ َولُّوا فَثَ َّم َو ْجوُ‬
‫وجل ‪َ :‬وللَّو الْ َم ْش ِر ُق َوالْ َم ْغ ِر ُ‬
‫عز ّ‬‫والدالئل الدالة على وحدة الوجود كثَتة‪ .‬أما من القرآن فقولو ّ‬
‫اللَّ ِو" سورة البقرة‪993 :‬‬
‫وََنن أَقْ رب إِلَي ِو ِمن حب ِل الْوِر ِ‬
‫يد" سورة ق‪92 :‬‬ ‫َ ْ ُ َ ُ ْ ْ َْ َ‬

‫ك إََِّّنَا يُبَايِ ُعو َن اللَّوَ يَ ُد اللَّ ِو فَ ْو َق أَيْ ِدي ِه ْم" سورة الفتح‪91 :‬‬
‫ين يُبَايِعُونَ َ‬
‫ِ َّ ِ‬
‫إ َّن الذ َ‬
‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األو ُل َواآلخُر َوالظَّاىُر َوالْبَاط ُن َوُى َو ب ُك ِّل َش ْيء َعل ٌ‬
‫يم" سورة احلديد‪5 :‬‬ ‫ُى َو َّ‬

‫وِيف أَنْ ُف ِس ُكم أَفَال تُب ِ‬


‫صُرو َن" سورة الذاريات‪69 :‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫وإِ َذا سأَلَ ِ ِ‬
‫ك عبَادي َع ٍِّت فَإ ِّين قَ ِر ٌ‬
‫يب" سورة البقرة‪982 :‬‬ ‫َ َ َ‬

‫ت َولَ ِك َّن اللَّوَ َرَمى" سورة األنفال‪97 :‬‬


‫ت إِ ْذ َرَمْي َ‬
‫َوَما َرَمْي َ‬

‫ا َن اللَّوُ بِ ُك ِّل َش ْي ٍء ُِحميطًا" سورة النساء‪962 :‬‬

‫أما من أقوالو صلى اهلل عليو وسلم "أصدق كلمة قالتها العرب كلمة لبيد أال كل شيء ما خال اهلل باطل" قولو صلى‬
‫اهلل عليو وسلم "إن أحدكم إذا قام إىل الصالة فإَّنا يناجي ربو فإن ربو بينو وبُت القبلة‬

‫إيل بالنوافل حىت أحبو فإذا أحببتو كنت مسعو الذي‬


‫وقولو صلى اهلل عليو وسلم عن اهلل عز وجل "وال يزال يتقرب ّ‬
‫يسمع بو وبصره الذي يبصر بو ويده اليت يبطش هبا ورجلو اليت ميشي هبا" وقولو صلى اهلل عليو وسلم "إن اهلل تعاىل‬
‫يقول يا ابن آدم مرضت فلم تعدين وجعت فلم تطعمٍت" وروي الًتمذي يف حديث طويل "والذي نفس حممد بيده لو‬
‫أنكم دليتم حببل إىل األرض السفلى ذلبط على اهلل مث قرأ ىو األول واآلخر والظاىر والباطن وىو بكل شيء عليم" إىل‬
‫غَت ذلك من األحاديث الصحيحة‪.‬‬

‫وأما أقوال العارفُت الدالة على وحدة الوجود فكثَتة ال تتأيت يف العد واحلصر ولذا مل أذكرىا وإن شئت فعليك مبطالعة‬
‫نسخهم جتد ما قلناه إن شاء اهلل تعاىل‪.‬‬

‫أيها الطالب إن أردت الوصول إىل اهلل تعاىل فالزم متابعة النيب صلى اهلل عليو وسلم أوالً قوال وفعال ظاىرا وباطنا أيضا‬
‫مث افعل مراقبة وحدة الوجود ثانيا اليت ىي عُت معٌت الكلمة الطيبة من غَت اشًتاط الوضوء وإن وجد فهو أوىل وال‬
‫ختصيص وقت دون وقت ومن غَت مالحظة النفس دخوالً وخروجا يف ادلراقبة وال مالحظة حروف الكلمة الطيبة بل ال‬
‫تالحظ إال ادلعٌت فقط يف كل حالة قائما وقاعدا ماشيا ومضطجعا ومتحركا وساكنا شاربا وآكال‪.‬‬
‫وطريق ادلراقبة أن تنفى إنيتك أوال واإلنية عبارة عن أن تكون حقيقتك وباطنك غَت احلق سبحانو وتعاىل وال تنفى إال‬
‫ىذه اإلنية وىو معٌت "آل إلو" مث تثبت احلق سبحانو تعاىل يف باطنك ثانياً وىو عُت "إال اهلل"‪.‬‬

‫فإن قلت إذا كان الوجود واحداً وغَته ليس مبوجود فأي شيء تنفى وأي شيء تثبت؟ قلت‪ :‬وىم الغَتية واإلثنينية نشأ‬
‫للحق وىذا الوىم باطل‪.‬‬

‫فعليك أن تنفى ىذا الوىم أوالً مث تثبت احلق سبحانو وتعاىل يف باطنك ثانياً‬

‫ب ۝" سورة الشرح‪8-7 :‬‬ ‫ب ۝ َوإِ َىل َربِّ َ‬


‫ك فَ ْار َغ ْ‬ ‫صْ‬ ‫"فَِإذَا فَ َر ْغ َ‬
‫ت فَانْ َ‬

‫أيها الطالب إذا غلب عليك احلال بفضل اهلل تعاىل فال تقدر على إثبات إنّيتك الومهية بل مل يبق فيك إال إثبات احلق‬
‫سبحانو وتعاىل‪.‬‬

‫ورزقنا اهلل وإياكم ىذا ادلقام حبرمة النيب عليو الصالة والسالم‪ .‬آمُت يا اهلل‬

You might also like