Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 1307

‫المعجم الصوفي الحكمة في حدود الكلمة‬

‫تأليف‬

‫د‪ .‬سعاد الحكيم‬


‫‪.‬‬

‫‪1‬‬
“2“

2
“3“

3
‫“‪“4‬‬

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬

‫‪4‬‬
‫“‪“5‬‬

‫اإلهداء‬
‫إلى أبي الروحي ‪ ،‬سيدنا أبو العباس الدندراوي ‪.‬‬
‫تقف حروفي على اعتاب صفاتك المحمدية ‪ ،‬يمنعها‬
‫من التشكل حياء التقصير ‪ . .‬فترتد عاجزة ‪ ،‬ويسفر‬
‫جمال كمالك فوق كل تعبير ‪.‬‬
‫سعاد الحكيم‬

‫‪5‬‬
“6“

6
‫“‪“7‬‬

‫"ولقد آمنا باهلل ورسوله وما جاء به مجمال ومفصال ‪ ،‬مما وصل الينا من تفصيله وما‬
‫لم يصل الينا ‪ ،‬ولم يثبت عندنا ‪ .‬فنحن مؤمنون بكل ما جاء به ‪. . .‬‬
‫أخذت ذلك عن أبوي أخذ تقليد ‪ . . . .‬فعملت على ايماني بذلك حتى كشف هللا عن‬
‫بصري وبصيرتي وخيالي ‪ . .‬فصار األمر لي مشهودا ‪ ،‬والحكم المتخيل المتوهم‬
‫بالتقليد ‪ ،‬موجودا ‪ . . .‬فلم أزل أقول وأعمل ما أقوله ‪ ،‬واعمله ‪ ،‬لقول النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم ‪ ،‬ال لعلمي ‪ ،‬وال لعيني ولشهودي " ‪. .‬‬
‫الشيخ األكبر محيي الدين ابن العربي‬
‫‪560‬ه ‪ 638 -‬ه‬
‫الفتوحات المكية ج ‪ 3‬ص ‪323‬‬

‫‪7‬‬
“8“

8
‫“‪“9‬‬

‫شكر وتقدير‬
‫استهل كالمي بتقدير وشكر عميقين ألستاذي ‪ ،‬فقيدنا الغالي األب الدكتور بولس نويا ‪،‬‬
‫الذي جعل كل تجربته وخبرته ورصيده الفكري والثقافي ‪ ،‬مرآة مصقولة أمام تفتّح‬
‫فكري وقلمي ‪ ،‬فلم يحجبني بايقاع تفكيره ‪ ،‬وال سعى إلى تكويني على ذلك االيقاع ‪،‬‬
‫بل تركني أرى ذاتي تتحدد وتتبلور في صدق مرآته ‪.‬‬
‫فالتقينا وراء الحروف ‪ ،‬وراء الكلمات ‪.‬‬

‫واثنّي بشكر حار وتقدير صادق للدكتور عبد الكريم اليافي ‪ ،‬العضو في مجمع اللغة‬
‫العربية بدمشق ‪ ،‬الذي اتسع قلبه لقراءة معظم مفردات هذا المعجم ‪ ،‬واطمعني كرمه‬
‫بأن استقي من معين صوفيته الرائق ‪ ،‬عذب تجربته الخاصة ونظرته التي أرادها‬
‫بسيطة إلى الكون ‪ ،‬فجاءت الغنى كله ‪.‬‬

‫كما أتقدم بالشكر إلى السيد محمد رياض المالح الذي فتح لي أبواب المكتبات الخاصة‬
‫والعامة ‪ ،‬أتزود من مخطوطاتها سطور هذا المعجم ‪ ،‬فلم يبخل بوقت أو بجهد بل كان‬
‫دائما في خدمة البحث والباحثين ‪.‬‬

‫وأخيرا ‪ . . .‬إلى رفيق درب التعب هذا ‪ . .‬إلى زوجي ‪ . .‬حسن شرف الدين ‪ ،‬اقدم‬
‫صافي الشكر على قناعته الشخصية بجدية العمل الذي أقوم به ‪ ،‬فكان عزمه يشد‬
‫عزمي في لحظات الفتور ‪ ،‬وتأتي ابتسامته لتضيء أحلك ليالي الجهد ‪ ،‬تمدني بالصبر‬
‫على اكمال الطريق ‪.‬‬
‫سعاد‬

‫‪9‬‬
‫“ ‪“ 10‬‬

‫الرموز واالختزاالت المستعملة في المعجم‬


‫ف رقم ‪ /‬رقم ‪ :‬الفتوحات الرقم األول يدل على الجزء ‪.‬‬
‫الرقم الثاني يدل على الصفحة ‪ .‬نشر دار صادر ‪.‬‬
‫مثال ‪ :‬ف ‪ - 43 / 4‬الفتوحات الجزء الرابع ‪ ،‬الصفحة ‪. 43‬‬
‫ف السفر رقم فق رقم ‪ :‬الفتوحات السفر رقمه ثم الفقرة رقمها ‪ ،‬نشر عثمان يحيى ‪.‬‬
‫الهيئة المصرية العامة للكتاب‬
‫مثال ‪ :‬ف السفر ‪ 3‬فق ‪ - 105‬الفتوحات السفر الثالث الفقرة ‪. 105‬‬
‫ط ‪ :‬طبعة‬
‫ع ‪ :‬عليه السالم‬
‫ق ‪ :‬ورقة‬
‫ق ق ‪ :‬من الورقة إلى الورقة‬
‫ص ص ‪ :‬من الصفحة إلى الصفحة‬

‫‪10‬‬
‫“ ‪“ 11‬‬

‫‪[ ] :‬النص داخل هذين القوسين ‪ ،‬اضافته المؤلفة زيادة في توضيح المتن ‪.‬‬
‫‪* :‬هذه النجمة مهمتها ان تحدد معنى للمصطلح مميزا عن المعنى السابق والالحق ‪.‬‬
‫اما بخصوص االختزاالت المستعملة حول أسماء الكتب تجنبا لتكرارها‪.‬‬
‫فالرجاء مراجعة اسم الكتاب بنصه كامال ‪ ،‬في ثبت المراجع المخطوطة والمطبوعة ‪،‬‬
‫في قسم الفهارس‬

‫‪11‬‬
“ 12 “

12
‫“ ‪“ 13‬‬

‫تقديم‬
‫إن الكتابة في التصوف اليوم ‪ ،‬تتطلب رجوعا جذريا إلى منابع نصوصه نفسها ‪ ،‬بعيدا‬
‫عن المؤلفات التي طالعنا بها العصر الحديث ‪ ،‬بعد األربعينات ‪. .‬‬
‫مؤلفات أخذت في ظاهرها منهجية علمية ‪ ،‬أرادتها موضوعية فجاءت استشراقا بعيدا‬
‫عن الفهم لهذه التجربة االسالمية ‪ .‬ولم تكتف بذلك بل توالدت ‪ ،‬تنقل عن بعضها‬
‫البعض ‪ .‬فال نكاد نحصل ‪ّ -‬اال نادرا ‪ -‬على كتاب حول تاريخ التصوف ورجاله‬
‫الخ ‪ . .‬إال أن يكون مبوبا تبويبا أضحى تقليديا ‪ ،‬ال يكلف المؤلف نفسه عناء تمحيصه‬
‫صوف‬ ‫الموضوعي ‪ ،‬فجاء واحدا يشمل ‪ :‬نشأة التصوف ‪ ،‬سبب التسمية ‪ ،‬مصادر الت ّ‬
‫االسالمي ‪ .‬وهكذا ‪. .‬‬
‫وبرع دارسو التصوف في كل علم ‪ ،‬فانطلقوا من هذا العلم في قراءة ايديولوجية‬
‫للنصوص الصوفية ‪ ،‬وهم يتوهمون موضوعية ‪ ،‬سقطت امام أحدية الجانب الذي‬
‫ينظرون منه إلى هذه النصوص ‪.‬‬
‫فالبحث الصوفي اليوم ‪ ،‬حتى يكون صوفيا ‪ ،‬عليه أن يرجع إلى الجذور ‪ ،‬رجوعا‬
‫يحقّق فصال معينا بين الباحث والمتصوف في عالقة من داخل ‪ ،‬تفتّح أمامه ‪:‬‬
‫رؤية إسالمية تجريبية ‪ .‬تضم إلى أبعادها الكونية ‪ -‬اإللهية ‪ ،‬بعدا باطنيا إنسانيا ‪.‬‬
‫وتطرح هذه العودة أمام الباحثين “ شركا “ سقط فيه الكثير منهم ‪ ،‬فلم يميزوا بين‬
‫التجربة الصوفية وبين التعبير عنها ‪.‬‬
‫فطابقوا بينهما ‪ ،‬مطابقة هي المسؤولة في إرجاعهم التصوف االسالمي إلى أصول‬
‫تارة يونانية ‪ ،‬وهندية ‪ ،‬وأخرى فارسية ‪. .‬‬
‫الخ‪. .‬‬

‫‪13‬‬
‫“ ‪“ 14‬‬

‫فالتجربة الصوفية ‪ ،‬حيث تقف “ ذات “ المتصوف في مواجهة موضوع حبها أو‬
‫معرفتها ‪ .‬هي تجربة جوانية تتحرك في اطار ذاتية معيشة ‪ ،‬بعيدا عن الحروف ‪،‬‬
‫والكلمات ‪ . .‬بعيدا عن “ اآلخرين “ ‪ .‬وهي تجربة قرب وعرفان مجالها الحيوي ‪:‬‬
‫َّللا َويُعَ ِّلّ ُم ُك ُم َّ‬
‫َّللاُ “[ ‪/ 2‬‬ ‫القرآن والسنة ‪ .‬تجربة اسالمية من نمط قرآني خاص ‪َ ”:‬واتَّقُوا َّ َ‬
‫ض “‪[ 3 / 191 ] . 1‬‬ ‫ت َو ْاأل َ ْر ِّ‬
‫سماوا ِّ‬ ‫‪َ ““ ] 282‬ويَتَفَ َّك ُرونَ فِّي خ َْل ِّ‬
‫ق ال َّ‬
‫أما التعبير عن هذه التجربة ‪ ،‬فهو خروج من الذاتية والجوانية إلى “ اآلخرين “ ‪ ،‬هي‬
‫عودة الصوفي من رحلته في “ األعماق “ إلى “ اآلفاق ‪“ .‬‬
‫وهنا تأخذ هذه الجوانية اشكاال لدى التعبير عنها ‪ :‬تأخذ لغة “ اآلخرين ‪“ .‬‬
‫وهذا منسجم تماما مع السنّة ‪ “ ،‬أمرنا ان نكلم الناس على قدر عقولهم “ ‪ ،‬فالخطاب‬
‫تنزل من عوالم “ الذات “ في اطالقها إلى حدود الحرف ‪ . .‬إلى افهام اآلخرين ‪ . .‬إلى‬ ‫ّ‬
‫“ قدر العقول ‪“ .‬‬
‫وهنا على مستوى التعبير ‪ ،‬تدخل العبارات واالصطالحات والمفاهيم السائدة في زمن‬
‫الخطاب ‪ ،‬فيتناولها “ الصوفي “ ليعبر بها عن تجربته ‪ ،‬في محاولة تواصل مع‬
‫“ اآلخرين “ ‪ .‬فتظهر بالتالي مفردات نجد جذورها في فلسفات شرقية ويونانية ‪ ،‬تظهر‬
‫على مستوى “ التعبير “ ‪ ،‬وهي المرحلة التي تلي صفاء ونقاء التجربة ‪.‬‬
‫ولكن هل عبّر المتصوفة عن تجربتهم بلغة اآلخرين ؟‬
‫‪-‬وهنا تنتفي إمكانية معجم صوفي ‪ .‬وتظل دراستهم محصورة بالنظريات ‪ -‬أم خلقوا‬
‫من تجربتهم لغة جديدة ؟‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬ان القرآن يدفع االنسان إلى التفكر في كل شيء ‪ ،‬في كل قضية ما عدا الذات‬
‫اإللهية ‪ ،‬يدفعه من كونه عاقال وليس مؤمنا فقط ‪ ،‬فظهر فعل التعقل في القرآن مخالفا‬
‫للعقل اليوناني أو األوروبي ‪ -‬الكانتي ‪ ،‬فهو فعل يقوم به االنسان بجملته ‪ ،‬انه نتاج‬
‫االنسان ككل يمتزج فيه المعقول بالالمعقول من حيث كونه واقعا ‪ . .‬حادثا ‪.‬‬
‫فالواقع يتخطى المعقول بامتزاجه بطاقات خفية يسعى االنسان للتوصل إليها ‪ ،‬حتى‬
‫العلم الحديث نفسه يتجه إلى الطاقات الخفية في االنسان ‪ ،‬والعلم االنساني إلى اليوم‬
‫محدود ‪ ،‬حتى العلم بأقرب األشياء الينا وهو جسدنا نحن إلى اليوم نجهل عنه الكثير ‪،‬‬
‫فكيف بأرواحنا وأنفسنا ؟ وما إلى ذلك من كونياتنا المغيبة عن بصرنا ‪ ،‬الحاضرة في‬
‫واقعنا ‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫“ ‪“ 15‬‬

‫لماذا هناك لغة جديدة ؟‬


‫لغة التصوف قبل الشيخ ابن العربي يكاد يجمعها أساس واحد ‪ ،‬وهو انها لغة تعرب‬
‫عن تأمل وتجربة متالزمين ‪ .‬ولهذا انحصرت مشكلة متصوفي تلك الفترة في التعبير ‪،‬‬
‫واشتركوا في الشكوى من حدود الحرف وعدم طاقته االستيعابية البعاد تجربة مطلقة ‪.‬‬

‫إذ ان الكلمة ال تستطيع ان تعبر بتطابق كلي عن الحال المعيشة ‪ ،‬فنرى المفردات‬
‫تتعدد بتسلسل متدرج في محاولة يائسة ساعية نحو التطابق مع التجربة ‪ ،‬ويظهر‬
‫الحرف والكلمة في كتاباتهم “ غيرا “ و “ سوى “ و “ ثانيا “ إلى جانب المراد منه ‪،‬‬
‫ويتضح عجزه عن التعبير عن ذات التجربة ‪ ،‬بل حتى عن اتحاده الحقيقي‬
‫بمضمونه ‪.‬‬
‫وربما رجع سبب هذا العجز إلى أنهم حاولوا التعبير عن تجربة خاصة ‪ ،‬ذات طبيعة‬
‫فردية بلغة عامة لم تخلقها تجربتهم ‪.‬‬

‫واألهم من ذلك ان محاولة التعبير هذه ‪ ،‬كانت من داخل التجربة نفسها ‪ ،‬يدل على ذلك‬
‫ظهور عبارات قيلت تحت وطأة الشطح ‪ ،‬والسكر ‪ ،‬والفناء والبهللة ‪ . .‬إلى آخر أنواع‬
‫الغيبات السلوكية ‪.‬‬

‫لغة “ تنظير “ لتجربة من خالل مقدرة فذة على التعبير عن هذه التجربة ‪:‬‬
‫كان الشيخ ابن العربي من أوائل من انفصل من المتصوفة عن تجربته الصوفية‬
‫ليحللها ‪ ،‬وينتقل بها من ميدان المواجيد واألحوال ‪ ،‬إلى منطق العلم والنظريات ‪.‬‬

‫ولذلك يأخذ بعض عليه “ برودته الصوفية “ ‪ ،‬ويرى بعض آخر فضله في ادخال‬
‫الغرباء عن عالم التصوف ‪ ،‬إلى محراب هذا العالم ‪ ،‬وذلك بتؤدة العلماء ‪ ،‬دون ان‬
‫تزلزلهم صيحات الوجد وال تغرقهم بحار الغيبة ‪.‬‬

‫وقد كان يتحلى ‪ ،‬إلى جانب تجربته الواسعة الغنية ‪ ،‬بملكة التعبير عنها إذ انه يمتلك‬
‫أسلوب التعبير الصحيح بالوسائل “ الكالسيكية “ جميعها ‪ ،‬فنراه يعبّر عن فكرته‬
‫الواحدة بفنون من القول ‪ ،‬كما أن الكلمة لدنه تتحد بمضمونها ال لتعبّر عنه بل لتكونه ‪،‬‬
‫وتنتقل الكلمة من كونها “ سوى “ يثنّى المضمون إلى واحد هو عين المضمون ‪ ،‬وال‬
‫نجد عند شيخنا األكبر تلك الشكوى ‪ ،‬من حدود الحرف وعجزه وتقصيره ‪ ،‬بل العكس‬
‫يتحول الحرف إلى ذات مضمونه ‪.‬‬
‫وبالتالي ال تتعدد لديه‬

‫‪15‬‬
‫“ ‪“ 16‬‬

‫المترادفات ‪ ،‬بل كل مفرد هو غير اآلخر ‪ ،‬ألنه وان كان يرمز إلى الحقيقة الواحدة ‪،‬‬
‫اال ان نسبته إليها من وجه خاص ‪ ،‬ال يشترك فيه مع غيره ‪ .‬اذن انفردت الكلمة‬
‫بمضمون وحيد ‪ ،‬ألنها استطاعت عند الشيخ ابن العربي أن تكون المراد منها ‪ ،‬فلم‬
‫يحتج إلى التعداد ‪.‬‬
‫وان أردنا التعبير بلغة الشيخ األكبر ‪ ،‬نقول ‪ :‬ان التجربة الصوفية هي ‪:‬‬
‫الظاهر ‪ ،‬والتعبير هو ‪ :‬المظهر ‪.‬‬
‫فال “ تظهر “ التجربة اال في “ مظهرها “ ‪ ،‬متحققة في كلمات ‪.‬‬
‫وهذا التطابق بين التجربة واللغة ال يتحقق اال عند بلوغ التجربة مرحلة االكتمال ‪-‬‬
‫فيتحول نشاطها إلى الخارج للتعبير عن نفسها ‪ .‬وهذا ما نلمسه عند الشيخ ابن‬
‫العربي ‪.‬‬
‫غير أن هذا التطابق ال ينفي وجود العالمين ‪ :‬عالم الذات في نقاوته أو جوانية التجربة‬
‫‪ ،‬وعالم اآلخرين المتمثل في ‪ :‬المشاكل الفكرية المطروحة ‪ -‬في زمن التعبير عن‬
‫التجربة ‪ -‬من جهة ‪ ،‬واللغة الحية آنذاك من جهة أخرى ‪.‬‬

‫ولقد ظهرت مع الشيخ ابن العربي في أفق التصوف لغة جديدة ‪ ،‬هي ال شك وليدة‬
‫نمط فكري جديد ‪ ،‬وتجربة اسالمية اكتملت خالل قرون ستة ‪ ،‬ونظرة شمولية إلى‬
‫الكون ‪ . .‬نظرة عبقري من النمط الفريد على المستوى العالمي وليس على المستوى‬
‫االسالمي فقط ‪.‬‬
‫لقد استطاع الشيخ ابن العربي ان يكون نهاية مرحلة ‪ ،‬بكل ما تحويه هذه الفكرة من‬
‫ابعاد ‪ ،‬فكما اختتم “ أرسطو “ مرحلة في الفكر اليوناني ‪ ،‬و “ كانت “ وضع نهاية‬
‫مرحلة في الفكر االنساني ‪ ،‬هكذا يجب ان ننظر إلى الشيخ ابن العربي الذي‬
‫استوعبت كتبه التجربة الصوفية السابقة ‪ ،‬فاختصر قرون ستة سابقة وقضى على‬
‫قرون ستة الحقة ‪.‬‬

‫على مستوى هذه العبقريات الكبرى يجب ان ننظر إلى الشيخ ابن العربي ‪ ،‬الذي‬
‫اعطى الديانة االسالمية وافق أفكارها وسعا عالميا كونيا ‪ ،‬وان لم يلمس العالم الغربي‬
‫عن قرب هذه العبقرية [ باستثناء طبعا المهتمين باالسالميات والتصوف االسالمي‬
‫كماسينيون ‪ ،‬وهنري كوربان ] ‪.‬‬
‫فذلك انه لم يترجم ‪ ،‬ع ّل عذره هو ضخامة نتاج الشيخ ابن العربي وغموضه‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫“ ‪“ 17‬‬

‫ومن هنا أهمية الشيخ ابن العربي في كل عمل موسوعي يتناول التصوف ‪ .‬فهو من‬
‫جهة يمثل قمة تفتح امكانات التجربة الصوفية عبر تطورها التاريخي ‪.‬‬

‫كما أنه من جهة ثانية ‪ ،‬يتمتع بطاقة غريبة على خلق المفردات ‪ ،‬لكأني به يشعر‬
‫بامتالكه الشيء عند تسميته ‪.‬‬

‫فهو عندما يحاول ان يشرح للقارئ مثال ‪ :‬حاال من األحوال ‪ ،‬أو عالما من العوالم ‪ ،‬أو‬
‫مرتبة من المراتب الكونية ‪ ،‬أو حكما من األحكام ‪ . .‬يوضح مظاهره ‪ ،‬واألهم من ذلك‬
‫كله يعطيه ‪ :‬اسما ‪ .‬وهذه الرغبة الملحة لديه في تسمية األشياء المتالكها ‪.‬‬
‫خلقت لغة جديدة ‪ .‬لغة استطاعت ‪ ،‬ان تضع امام كل أفكار التصوف السابقة‬
‫وجزئياته ‪ :‬أسماء و “ مفردات ‪“ .‬‬

‫كل ذلك يبرر ظهور “ معجم صوفي “ من جهة ‪ ،‬ويحتم نسبته إلى الشيخ األكبر من‬
‫جهة ثانية ‪ .‬فهو “ قطب “ اللغة الصوفية ومفرداتها ‪ .‬وكل “ مفرد “ يطالعنا في‬
‫نصوص أرباب الصوفية ‪ :‬اما انه يتجه إلى التكامل عنده ‪ ،‬أو عالة عليه ‪.‬‬
‫ولكن هل تحققت هذه اللغة الجديدة باصطالح فيه بعض من ثبوت أعطاها اسم اللغة ؟‬
‫نجيب عمليا عن هذا السؤال ‪ ،‬بنقاط نستخلصها من منهج الشيخ ابن العربي في‬
‫نظرته إلى المفردات ‪.‬‬

‫‪ - 1‬افراغ الكلمة من إشارة مضمونها الذاتية ‪:‬‬


‫لقد نقل الشيخ ابن العربي مضمون بعض المفردات ( كالتوكل واالستقامة ‪ ) . .‬من‬
‫وجود منطقي إلى وجود واقعي ‪.‬‬
‫فالتوكل مثال في التصوف الكالسيكي له إشارة ذاتية تميز صاحبها بصفة خاصة ال‬
‫يتمتع بها غير المتوكل ‪.‬‬
‫على حين ان الشيخ ابن العربي ‪ ،‬بعد بيانه معنى التوكل عند السابقين ‪ ،‬ينقلنا إلى‬
‫نظرته الخاصة فهو لم يميز المتوكل عن غيره ‪ ،‬فعلى صعيد الواقع ‪ Realite‬كل‬
‫انسان هو متوكل شاء أم أبى ‪ ، 1‬ألن الفاعل الحقيقي لكل شيء وفي كل شيء هو‬
‫َّللا ‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪ ( 1‬كذلك كل مخلوق ‪ ،‬مستقيم ‪ ،‬ألنه يؤدي الدور الذي خلق من اجله ‪.‬‬
‫راجع “ استقامة “ في هذا المعجم ‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫“ ‪“ 18‬‬

‫فقد أفرغ الشيخ ابن العربي كلمة “ توكل “ وأمثالها من مقامات التصوف الكالسيكي‬
‫ومنازله ‪ ،‬من مضامينها الخاصة ‪.‬‬
‫ولكن جدليته ال تنتهي عند هذا النفي ‪ ،‬بل تعطي إثباتا بديال ‪ ،‬يتميز المتوكل به عن‬
‫المسمى في العادة غير متوكل ‪ ،‬بالوعي ‪ conscience ) ( prise de‬فالمتوكل هو‬
‫من وعي هذا الواقع التوكلي الحادث ‪.‬‬
‫وهكذا تخطى الشيخ األكبر كل المقامات الكالسيكية التي تفترض إرادتين ووجودين ‪،‬‬
‫إلى وحدة هي غنى مثقل بالمفاهيم والنسب واإلضافات ‪ ،‬استوعب الثنائية الكالسيكية‬
‫كحدي تحقق جدلي‪.‬‬

‫‪ - 2‬نقل مضمون الكلمة من مستوى إلى مستوى ‪:‬‬


‫نقل الشيخ ابن العربي معظم المفردات ‪ ،‬ذات الدالالت النفسانية والعرفانية‬
‫واالجتماعية والخلقية إلى مستوى وجودي تنفصل فيه عن قيم الخير والجمال ‪ ،‬لتعبر‬
‫عن وجود كياني ‪ .‬مثال ‪ :‬الكمال لم يعد يومئ إلى تصور خلقي متعارف بل يفيد جمعا‬
‫صفاتيا في كينونة ‪ .‬فاالنسان يعتبر كامال ‪ ،‬أو يقترب من الكمال ‪ ،‬كلما جمع في كونه‬
‫صفات مرتبته بغض النظر عن تقويمها عقال وشرعا وعرفا ‪.‬‬

‫كذلك “ الفناء والبقاء “ نظر اليهما التصوف الكالسيكي ‪ ،‬على أنهما حاالن نفسيتان‬
‫روحيتان معينتان ‪.‬‬
‫نقلهما الشيخ األكبر في مرحلة ثانية ‪ ،‬إلى صعيد الوجود ‪.‬‬

‫فأضحى الفناء والبقاء برأيه هما فناء الوجود وزواله ثم عودة الوجود ال بذاته بل بمثله‬
‫( انظر كلمة “ خلق جديد “ ) ‪.‬‬
‫وهكذا انتقلت هاتان الكلمتان من ميدان الشعور واالحساس إلى ميدان الوجود العيني ‪.‬‬

‫‪ - 3‬تغير مضمون الكلمة في التعريف والتنكير تغيرا كليا ‪:‬‬


‫معرفة ونكرة ‪ ،‬وقد نشعر من استعماله لها‬‫يستعمل الشيخ ابن العربي بعض المفردات ّ‬
‫بتضارب تناقضي ‪ ،‬ان لم ننتبه الستنباط األساس الذي اعتمده في انتقاله بين التعريف‬
‫والتنكير ‪ ،‬فالمصطلح معرفا هو ذات محددة بشخص معين ‪ ،‬ومنكرا هو صفة ومرتبة‬
‫صلها ‪ .‬ونضرب لذلك مثال ‪:‬‬ ‫تطلق على كل من ح ّ‬
‫القلم ( معرفة ) ‪ -‬القلم األعلى ‪ -‬أول مخلوق في عالم التدوين والتسطير ‪.‬‬
‫( القلم هنا واحد )‬

‫‪18‬‬
‫“ ‪“ 19‬‬

‫القلم ( نكرة ) ‪ -‬مرتبة الفعل أو الذكورة في مقابل مرتبة االنفعال أو األنوثة‬


‫( ‪ -‬لوح ) ( القلم هنا ال يحصى عدده ) [ راجع “ قلم “ ]‬
‫وقد ال يقدّر القارئ البعيد عن أجواء الشيخ األكبر هذه االستنباطات الخاصة متأثرا‬
‫ببساطة العرض ‪ ،‬ولكن العارف المطلّع على أسلوبه في تشتيت نظرياته وايرادها‬
‫يقوم وصولنا إلى لمس حركية فكره على اتساع مؤلفاته وانتثار‬ ‫بشكل متشابك متبعثر ‪ّ ،‬‬
‫مفرداته ‪.‬‬

‫فقد يقول في نص ورد في أول فتوحاته مثال ‪ :‬إن أول مخلوق هو القلم األعلى ثم ال‬
‫يلبث بعد ان يملي مئات الصفحات في مواضيع مختلفة ‪ ،‬ان يقول عن أول مخلوق إنه‬
‫معرفا ‪ ،‬فعبّر به عن ذات‬‫لوح ‪ .‬هل يتناقض ؟ كال ‪ .‬ففي الجملة األولى استعمل القلم ّ‬
‫واحدة متميزة ‪ .‬فالقلم األعلى هو بمثابة “ اسم علم “ ‪ ،‬على حين انه في الجملة الثانية‬
‫استعمل لفظة “ لوح “ نكرة ‪ .‬وبالتالي ال تعبر عن ذات مميزة واحدة هي ‪ :‬ثاني‬
‫مخلوق ‪ ،‬بل هي هنا ‪ :‬مرتبة االنفعال ‪ ،‬اذن القلم األعلى الذي هو أول مخلوق ‪ :‬منفعل‬
‫عن األلوهية ‪ ،‬ومن هذه الناحية هو ‪ :‬لوح ‪.‬‬

‫‪ “ - 4‬معراج “ الكلمة ‪ “ :‬معراج المصطلح “‬


‫أنّى نجد معنى محددا مصطلحا في نظام فكري كل ما فيه يتحرك ‪ ،‬يعرج ‪.‬‬
‫فالكلمة ال ترتاح عنده في تحديد واحد وانما تتعدد في تيار يلونها بألوان متعددة ‪ ،‬كل‬
‫لون هو مرحلة من مراحل التجربة ‪.‬‬
‫نشبه حركة الكلمة عنده بالمعراج ‪ ،‬انسجاما مع دراستنا الصوفية ‪ ،‬وان كان األجدر‬
‫ان نقول “ جدلية “ الكلمة ‪.‬‬
‫فالكلمة “ تعرج “ من مضمون أدنى إلى مضمون ارقى ‪ ،‬ثم إلى مضمون أعلى ‪. .‬‬
‫ال تستقر في مضمون بل تتركه دوما إلى مضمون أعلى دون ان تصل ابدا ‪. .‬‬

‫كل ذلك بديناميكية جدلية خاصة ‪ ،‬تلتقط في كل مضمون ما يحمله في حناياه ‪ ،‬من‬
‫بذور إلغائه ‪.‬‬
‫وهكذا إلى ما ال نهاية ألنه ‪ “ :‬ليس للترقي انتهاء “ ‪.‬‬
‫ويشير الشيخ ابن العربي إلى موقفه هذا بأنه يتكلم ‪ “ :‬بلسان أعلى من لسان “ ‪.‬‬

‫ونورد لذلك مثال بسيطا ‪ ،‬نلمس فيه ديناميكية الكلمة في ترقيها بالمضامين ‪ ،‬ونختار‬
‫كلمة لم تبتدعها عبقرية الشيخ ابن العربي ‪.‬‬
‫وان كانت لغته قد دمغتها ‪ :‬الغربة‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫“ ‪“ 20‬‬
‫حيث نالحظ انها‪:‬‬
‫في معناها األول تقارب المفهوم العادي لطائفة المتصوفة ‪،‬‬
‫اما في معناها الثاني فقد لبست خلعة مقام ارقى ‪.‬‬
‫وفي المعنى الثالث تطوعت لتالئم تفكير الشيخ ابن العربي في وحدة الوجود ‪.‬‬

‫المعنى األول ‪ “ :‬مفارقة الوطن في طلب المقصود “ ( ف ‪) 527 / 2‬‬


‫َّللا “ ( ف ‪) 528 / 2‬‬
‫“ يطلبون بالغربة وجود قلوبهم مع ّ‬
‫المعنى الثاني ‪ “ :‬واما غربة العارفين ‪ . . .‬فهي مفارقتهم إلمكانهم ‪ ،‬فان الممكن‬
‫وطنه ‪ :‬اإلمكان “ ( ف ‪. ) 528 / 2‬‬
‫“ موطن الممكن ‪ :‬العدم أوال ‪ ،‬وهو وطنه الحقيقي ‪ ،‬فإذا اتصف بالوجود فقد اغترب‬
‫عن وطنه “ ( ف ‪. ) 529 / 2‬‬
‫المعنى الثالث ‪ “ :‬اما العارفون المكملون فليس عندهم غربة أصال ‪ ،‬وانهم أعيان ثابتة‬
‫في أماكنهم لم يبرحوا عن وطنهم [ االمكان ] ‪،‬‬
‫ولما كان الحق مرآة لهم ‪ ،‬ظهرت صورهم فيه ‪ ،‬ظهور الصور في المرآة ‪. . .‬‬
‫هم [ العارفون المكملون ] أهل شهود في وجود ‪. . .‬‬
‫فمرتبة الغربة ليست من منازل الرجال ‪ . . .‬والغربة عند العلماء بالحقائق ‪. . .‬‬
‫غير موجودة وال واقعة ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 529 / 2‬‬

‫‪ - 5‬خلق مصطلحات لينتقدها ‪:‬‬


‫نجد لدى الشيخ ابن العربي بعض مفردات لم تخلقها تجربته الشخصية بل كان فيها‬
‫ناقدا ‪ ،‬مثال عبارات ‪ :‬إله المعتقدات اإلله المجعول ‪ ،‬اإلله المخلوق ‪ . . .‬لم تكن وليدة‬
‫موقفه ‪ ،‬بل عملية “ تسمية “ فقط ‪.‬‬
‫فقد الحظ ان كل متعبد ّّلل ‪ ،‬ال بد من صورة يخلقها بفكره النظري طالبا الحق فيها‬
‫وراجعا فيها اليه ‪.‬‬
‫فيقرر انه ‪ “ :‬ما ثمة إال عابد وثنا “ ‪ . . .‬انظر “ اله المعتقدات ‪“ .‬‬

‫والمهم في األمر هنا ‪:‬‬


‫أن الشيخ األكبر ال ينبه إلى موقفه الناقد بل يسرد بلغة شخصية يظن منها القارئ انه‬
‫يقرر حقيقة يتبناها ‪ ،‬وهو في الواقع يعرضها ليرفضها ‪.‬‬

‫وهكذا ال بد للباحث في الشيخ ابن العربي من أن يتتبع مختلف اللهجات ‪ ،‬ويتفرغ‬


‫بتفتح كلي اللتقاط تدرج لغته‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫“ ‪“ 21‬‬

‫“ التنظير “ عند الشيخ ابن العربي أساسه ديناميكية داخلية ‪:‬‬


‫لإلحاطة بنظريات الشيخ األكبر ال تكفي آالف الصفحات ‪ ،‬ولكن نستطيع بشكل مبسط‬
‫علمي ان نختصر هذه اآلالف من الصفحات ‪ ،‬بوضع األسس الديناميكية التي تتفاعل‬
‫ي ‪ ،‬لخلق التركيب النظري الذي يضعه بين أيدينا من خالل مؤلفاته ‪.‬‬ ‫بشكل معين ح ّ‬
‫ولعل القاسم المشترك بين جميع مواقفه هو الوحدة الوجودية ‪ ،‬التي ينتهي إليها دائما ‪.‬‬

‫ونستطيع ان نعبر خاللها إلى نظرياته كلها ألنها وحدة غنية ‪ ،‬هي في الواقع‬
‫ي‪.‬‬
‫تركيب‪Synthese‬للطريحة‪these‬والنقيضة‪antithese‬بتأليف جدلي ح ّ‬
‫ونأخذ عدة وجوه من هذه الوحدة ‪ ،‬تبين أسس الفكر الحاتمي الديناميكية ‪.‬‬

‫‪ - 1‬الحق والخلق ‪:‬‬


‫تنشأ بين الحق والخلق في وحدة الشيخ ابن العربي عالقة تعجز عن الوصول إلى‬
‫ي‬‫فصل مطلق أو إلى وحدة متجانسة ‪ ،‬ولكنها تجمعهما في تركيب‪Synthese‬ح ّ‬
‫وتسعى إلى أن تفسر ‪ ،‬كيف ان “ الخلق “ قد استطاع ان يتداخل مع “ الحق ‪ “ .‬ويكون‬
‫لحظة من هذا الحق المطلق ‪ [ 1‬من حيث إنه مجلى ] ‪ ،‬دون ان ينتفي عنه اسم‬
‫الخلق ‪.‬‬
‫وقد كان هذا الموقف السبب األول في خلق مصطلحات أمثال ‪ :‬حق خلق ‪ ،‬حق‬
‫خالق ‪ . . .‬راجع هذه المصطلحات ‪.‬‬

‫ي يجمعها دون ان‬ ‫ونرى كيف ان وحدة حكيم مرسية تؤلف االضداد العينية ‪ ،‬في ك ّل ح ّ‬
‫يلغي أحدها ‪ ،‬وتخلق هنا مفردات وكلمات جديدة ‪ ،‬أمثال ‪ :‬حق في خلق ‪ ،‬خلق في حق‬
‫[ راجع هذه المصطلحات ] ‪ ،‬تعبر عن الوحدة التي انتهى إليها ‪ ،‬والتي هي في الواقع‬
‫ي ‪ ،‬ورؤية حركية لوحدة عينية ملموسة ‪ ،‬نتجت عن حركة جدلية من‬ ‫تركيب جدلي ح ّ‬
‫خالل اثنينية كالسيكية ‪.‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬هنا تظهر كل لغته الجديدة في التجلي والخلق والظهور والفيض والفتح والمرايا‬
‫والصور ‪ ،‬وما إلى ذلك ‪ .‬فليراجع كل من هذه المفردات في أماكنها ‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫“ ‪“ 22‬‬

‫‪ - 2‬الوحدة والكثرة ‪:‬‬


‫ي ‪ ،‬نرى انها نفذت إلى‬ ‫وكما ألّفت ديناميكية تفكيره بين الحق والخلق في ك ّل واقع ح ّ‬
‫الوحدة والكثرة بشكل مماثل ‪.‬‬
‫فقد نظر الشيخ ابن العربي إلى الكون في المرحلة األولى ‪ ،‬نظرة نستطيع ان نصفها‬
‫بأنها فطرية ‪ ،‬لمس فيها كثرته ‪ .‬اذن كثرة مشهودة ‪.‬‬
‫ثم لم يلبث في المرحلة الثانية ‪ ،‬ان دقق النظر والفكر في الكون فلمس وحدته المعقولة‬
‫‪ ،‬خالل كثرته المشهودة ‪ .‬اذن وحدة معقولة ‪.‬‬
‫ي استوعب النتيجتين السابقتين‬ ‫اما في المرحلة الثالثة ‪ ،‬فقد توصل إلى تركيب جدلي ح ّ‬
‫بتفاعل معين ‪ ،‬ال يلغي ايا منهما ‪.‬‬
‫وهكذا ظهرت مفردات أمثال ‪ :‬وحدة في كثرة ‪ ،‬كثرة في وحدة ‪ ،‬الواحد الكثير ‪،‬‬
‫والكثير الواحد [ راجع كال من هذه المصطلحات ] ‪.‬‬

‫‪ - 3‬التنزيه والتشبيه ‪:‬‬


‫كل ثنائية كالسيكية انقسم إليها الفكر قبل الشيخ ابن العربي ‪ ،‬نرى انه يتبنّاها حد ّ‬
‫ي‬
‫تركيب جدلي ‪.‬‬
‫وانطالقا من هذه القاعدة ‪ -‬ال نقول إنها عامة كي ال نخالف مبدأ التدقيق العلمي ‪ ،‬وان‬
‫ّ‬
‫يتسن‬ ‫كانت كذلك ‪ -‬يستطيع القارئ ان يتكهن الكثير من نظرياته ومواقفه حتى التي لم‬
‫له مطالعتها ‪.‬‬

‫وبصدد التشبيه والتنزيه ‪ ،‬نظر الشيخ ابن العربي في النصوص القرآنية واألحاديث‬
‫الشريفة فرأى ‪ ،‬في المرحلة األولى إشارات إلى تشبيهه تعالى بالمخلوقات ‪ .‬فقبل‬
‫التشبيه ‪.‬‬
‫ثم في مرحلة ثانية ‪ ،‬تد ّخل الفكر ليقدس الحق ‪ ،‬وينزهه عما ال يليق به تعالى ‪ ،‬مما قد‬
‫يستشف منه تشبيها بالمخلوقات ‪ .‬فقال بالتنزيه ‪.‬‬

‫ثم في مرحلة ثالثة تفاعلت مقدماته بحركية أضحت معروفة ‪ ،‬ومن مميزات تفكيره‬
‫ي لتؤلف ‪ :‬تنزيها في تشبيه ‪ ،‬وتشبيها في تنزيه ‪ .‬ولكن هاتين العبارتين‬
‫الديناميكي الح ّ‬
‫ال تشفان عن كنه رأيه ‪ ،‬الذي هو ليس جمعا وتوفيقا أو تلفيقا ‪ ،‬بل هو تركيب أصيل‬
‫يبرز عند تعمق دراسة نظرياته وتفهمها‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫“ ‪“ 23‬‬

‫وهكذا خالل هذه األمثلة البسيطة ‪ ،‬نستطيع ان نلمس األسس المحركة لتفكير الشيخ‬
‫األكبر ‪ ،‬دون ان نخوض في نظرياته بل نعرفه إلى القارئ بايجاز يوضح غموضه ‪،‬‬
‫ونضع بين يديه ‪ ،‬إلى جانب ما جاء في المعجم من مفردات ‪ -‬الخيط الجامع حبات‬
‫تفكيره الفذّ ‪.‬‬

‫خطة بحث المفردات‬


‫ابتدرت بحث كل كلمة بمعناها اللغوي المستقى من أحد المعجمات ‪ ،‬ليتسنى للقارئ ان‬
‫يلمس مدى اقتراب الشيخ ابن العربي وابتعاده في الوقت نفسه عن المعنى اللغوي‬
‫للكلمة ‪ .‬فقد جعلت المعنى اللغوي ‪ ،‬في بساطته المقصودة مرآة الصطالح الشيخ‬
‫األكبر ‪.‬‬

‫وتحددت بمعجم واحد تقريبا هو معجم مقاييس اللغة ‪ ،‬الحمد بن فارس لما يتمتع به من‬
‫مزية منطقية ‪ ،‬إذ جمع إلى ايجازه شمول كل األصول التي يمكن ان تتفرع إليها‬
‫الكلمة ‪.‬‬

‫ثم ثنّيت المعنى اللغوي بمعنى الكلمة في القرآن ‪ .‬وقد حاولت اال ارجع قدر االمكان‬
‫إلى كتب التفاسير الكثيرة وذلك على عمد ‪ ،‬الن كل من انبرى لمحاولة تفسير القرآن ‪،‬‬
‫كان يراه بمرآته هو ‪ ،‬ومن خالل تجربته هو ‪ ،‬ويفسره بالفن الذي برع به ‪.‬‬
‫فنغرق إذ ذاك في بحث قرآني يخرجنا عن مقصودنا ‪ .‬لذلك بذلت جهدي حتى أورد‬
‫يفرع عملي إلى‬
‫معاني الكلمة من القرآن ايرادا بسيطا صافيا ‪ ،‬ال تشوبه النظريات وال ّ‬
‫مصطلحات جديدة تثنّي المصطلحات موضوع معجمنا ‪.‬‬

‫وأخيرا في القسم الثالث ‪ ،‬حاولت تحديد مضمون الكلمة عند الشيخ ابن العربي ولم‬
‫يكن ذلك ليحصل دون عناء ‪ ،‬ألسباب متعددة منها المادي ومنها الفني ‪ .‬ولعل السبب‬
‫المادي األكبر ‪ ،‬هو غزارة نتاج متصوف مرسية ‪ ،‬إذ بلغ من ضخامة نتاجه ان افراد‬
‫له عثمان يحي رسالة دكتوراة ظهرت في مجلدين تكلم فيهما على اعماله فقط ‪.‬‬

‫اما الصعوبات الفنية ‪ ،‬فاهمها اننا ال نلمس منهجا منطقيا في عرضه لنظرياته ‪ ،‬وربما‬
‫كان هذا المنهج مقصودا لذاته ‪ ،‬كما أشار البعض [ أبو العال عفيفي‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫“ ‪“ 24‬‬

‫مقدمة الفصوص ] وقد يكون عدم ترابطه صورة عن الواقع الذي نشأ عنه ‪ ،‬إذ ان‬
‫معظم كتبه كانت جوابات عن سؤاالت سألها أحد تالميذه ‪ ،‬أو جوابا عن رسالة ارسلها‬
‫اليه أحد أصحابه ‪ ،‬فهي اذن ‪ ،‬لم تكن مقصودة لذاتها ‪ ،‬وربما كان الشيخ ابن العربي‬
‫لم يدون بعضها ‪ .‬بل كان يمليه على اتباعه باستطراد األحاديث العادية ‪ ،‬التي يتسامر‬
‫بها جماعة في مجلس ما ‪.‬‬

‫وقد تخطينا ما تقدم ‪ ،‬بعزل كل النصوص التي يرد فيها المصطلح موضوع البحث‬
‫على حدة ‪ ،‬ثم قارنا بعض هذه النصوص ببعضها ‪ ،‬واستخلصنا من ذلك المراحل التي‬
‫مرت بها مضامينها ‪ ،‬فقسمنا بالتالي مضمون المصطلح إلى نقاط ‪ ،‬تتعدد بتعدد‬
‫المراحل المذكورة ‪.‬‬

‫وقد ابتدرنا كل نقطة بتعريف مختصر يبين معنى الكلمة ‪ ،‬وحرصنا ان يجمع هذا‬
‫المعجم الكثير من نصوص الشيخ األكبر ‪ ،‬ليستنى للقارئ ان يعيش مفاتن لغته الجديدة‬
‫وينفذ إلى عمق تعبيره عنها ‪ :‬فألحقنا كل تعريف بشاهد أو عدة شواهد من نصوصه ‪،‬‬
‫التي تدعم ما أوردناه مقتصرين في شروحنا لهذه النصوص على الغامض منها ‪.‬‬
‫ولعل السبب األهم في ايرادنا هذه الشواهد في كل نقطة ‪ ،‬هو ان الكلمة أو المصطلح‬
‫بحد ذاته لدى تعريفه يتحول إلى معنى فارغ من كل مدلول بالذات ‪.‬‬
‫وهذا المعنى الفارغ ال يأخذ مدلوله بالذات اال في نص ‪.‬‬

‫لذلك عددنا النصوص معيدين بذلك “ المفرد “ إلى دالالته ‪ ،‬إلى طبيعته التي فقدها عند‬
‫عزله وتحديده ‪.‬‬

‫استيعاب الكلمات ‪:‬‬


‫واآلن نسأل ما نتيجة صبرنا خالل سنوات حاولنا فيها فك طالسم شيخنا األكبر ‪ ،‬وتتبع‬
‫التجربة الصوفية في سلوكها ومفرداتها ؟‬
‫الواقع ان عمال كهذا ‪ ،‬ال يعتبر كامال ‪ ،‬وذلك نظرا لضخامة المشروع ‪.‬‬

‫فمعجم صوفي تنتقي مفرداته من قمة تفتح التجربة الصوفية واللغة الصوفية ‪ ،‬في‬
‫اطاللتها على الفلسفة بأنواعها والفلك والجفر و ‪ . . .‬يجعل عمال كهذا في حكم‬

‫‪24‬‬
‫“ ‪“ 25‬‬

‫المشروع االنساني ‪ ،‬يضاف إلى ذلك غزارة نتاج الشيخ األكبر إذ ان فتوحاته تزيد‬
‫على ثالثة آالف صفحة فقط ‪ ،‬والوصول إلى مرتبة كمالية في عمل مماثل ‪ ،‬يتطلب‬
‫جهد جماعة من الباحثين ألنه عندئذ قد يستوعب عشرات المجلدات ‪ ،‬إذ انه ال يقل في‬
‫شيء عن القديس توما االكويني الذي استغرقت مفرداته أربعة وعشرين مجلدا ‪ ،‬كل‬
‫منها في حوالي سبعماية صفحة من القطع الكبير ‪Index thomisticus.‬ولكن هذا‬
‫المعجم وان لم يكن كامال ‪ ،‬اال انه يعتبر خطوة علمية موضوعية ‪.‬‬
‫وبدء طريق قد نترافق بها ‪ ،‬ونكمل الدرب ما اتسع لنا السير فيه ‪.‬‬

‫وأخيرا ‪ ،‬نضع صفحاتنا هذه بين يدي القارئ ينبض كل حرف فيها في صراحة ‪،‬‬
‫بتقديرنا وحبنا لهذه الشخصية الفذة التي تألقت عبر نضج تجربتها الصوفية باصالة‬
‫عربية حقيقية ‪ ،‬والتي استطاعت بصدق نبراتها ان تسد مسام الثغرة التي تفصلنا عن‬
‫القرن السادس الهجري ‪ ،‬وتمدنا بذاك التواصل الحقيقي مع تراثنا العربي وحضارتنا‬
‫الشرقية ‪.‬‬

‫ال نكاد نجد بين مفكري االسالم ‪ ،‬من تفتح هذا الدين في دمه فكان تجسيدا لتعاليمه‬
‫وتحقيقا لجزئياته كهذا االنسان القادم من مرسية ‪ .‬الذي استحق لقبه “ محي الدين ‪“ .‬‬
‫بسيطا في انقياده ‪ ،‬راسخا في رؤيته ‪ ،‬اعطى القرآن ذاته فانسكب حرفا حرفا في كيانه‬
‫‪ ،‬ساترا بالصفات المحمدية ما كان من صفاته ‪.‬‬

‫فنرى االسالم في كلماته حيا نابضا يجري في عروق الكون ‪ ،‬ونتلمس النبوة كأنها‬
‫اآلن أطلت من الغيب بالتشريع االسالمي ‪.‬‬

‫فمن كان االسالم منه في الصدر بهذا الموقع فهو ال يخشى الكلمة [ كثيرا ما يخشاها‬
‫المنافق ‪ ،‬ألنها تفضح صدق أعماقه ] ‪.‬‬

‫لذلك تأتي أحيانا في االذن الغريبة على عالمه وفكره ‪ ،‬البعيدة عن منطلقاته ‪ ،‬شاذة‬
‫الوقع منكرة ‪ ،‬يجفل قارئها خوف مالمستها حدود الكفر ‪.‬‬

‫وما بين بساطة أعماقه الراسخة ‪ ،‬وخصوصية داللة مفرداته ‪ ،‬توالت التصانيف زاهية‬
‫بين مدح وذم ‪ .‬وانقسم المشرق االسالمي فريقين بين مؤيد له ومنكر عليه‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫“ ‪“ 26‬‬

‫ي ‪ ،‬ليس في‬ ‫وفي فرصة قريبة ‪ ،‬سنعود إلى دراسة هذا التيار الصوفي الفكري الح ّ‬
‫جزئيات مفرداته ‪ ،‬بل في كليات نظرياته ‪ .‬ونعلن امام الفكر االنساني اجمع تحدي‬
‫ابتكار الشيخ األكبر ‪ -‬على الرغم من القرون التي تفصلنا ‪ -‬لحصيلة ثقافتنا الشرقية‬
‫والغربية المعاصرة ‪.‬‬
‫الدكتورة بيروت ‪1981‬‬

‫‪26‬‬
‫“ ‪“ 27‬‬

‫حرف أ‬

‫‪27‬‬
“ 28 “

28
‫“ ‪“ 29‬‬

‫‪ - 01‬إبراهيم‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ قال الجواليقي هو اسم قديم ليس بعربي ‪ 1‬وقد تكلمت به العرب على وجوه‬
‫اشهرها ‪ :‬إبراهيم وقالوا ابراهام وقرىء به في السبع وابراهم بحذف الياء وابرهم ‪2‬‬
‫وهو اسم سرياني ‪ 3‬معناه ‪ :‬أب رحيم وقيل مشتق من البرهمة وهي شدة النظر حكاه‬
‫الكرماني في عجائبه ‪ ( “ . . .‬االتقان في علوم القرآن ‪ .‬السيوطي ج ‪ 2‬ص ‪) 138‬‬
‫“ البرهمة ‪ :‬إدامة النظر وسكون الطرف “ ( لسان العرب مادة “ برهم “ )‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫‪..........................................................................................‬‬
‫( أ ) يمثل إبراهيم في القرآن الفكر االنساني في تطلعه إلى الحقيقة المطلقة عبر‬
‫مراحل نضجه ‪ ،‬فنراه يبحث عن معبوده في المحسوسات أوال ثم يترقى من خالل‬
‫صفة الثبوت ‪ ،‬إلى التجريد فتتجلى له الحقيقة ‪ . . .‬بعض المتكلمين يرجعون في‬
‫طريقة برهانهم على وجود خالق ‪ ،‬إلى طريقة استنتاج إبراهيم ان اآلفالت ليست بآلهة‬
‫علَ ْي ِّه اللَّ ْي ُل َرأى َك ْو َكبا ً قا َل هذا َر ِّبّي فَلَ َّما‬ ‫وذلك في النص القرآني المشهور ‪ ”.‬فَلَ َّما َج َّن َ‬
‫ت‬‫غةً قا َل هذا َر ِّبّي هذا أ َ ْكبَ ُر ‪ .‬فَلَ َّما أَفَلَ ْ‬ ‫باز َ‬ ‫س ِّ‬ ‫أَفَ َل قا َل ال أ ُ ِّحبُّ ْاآلفِّ ِّلينَ ‪. . .‬فَلَ َّما َرأَى ال َّ‬
‫ش ْم َ‬
‫قا َل يا قَ ْو ِّم ِّإ ِّنّي بَ ِّري ٌء ِّم َّما ت ُ ْش ِّر ُكونَ “( االنعام من آية ‪) 79 - 76‬‬
‫( ب ) أشار القرآن إلى مراتب الكمال التي تحقق بها إبراهيم عليه السالم ‪ ، 4‬فهو ‪:‬‬
‫صديق ‪ ،‬نبي ‪ ،‬رسول ‪ ،‬مام ‪ ،‬وخليل الحق ‪. 5‬‬
‫ص ّدِّيقا ً نَبِّيًّا ) ‪“( 19 / 41‬‬ ‫يم إِّنَّهُ كانَ ِّ‬
‫ب إِّبْرا ِّه َ‬‫”) ‪َ ( 1‬وا ْذ ُك ْر فِّي ْال ِّكتا ِّ‬
‫يم َو َجعَ ْلنا فِّي ذُ ِّ ّريَّتِّ ِّه َما النُّبُ َّوة َ ) ‪“( 57 / 26‬‬
‫س ْلنا نُوحا ً َو ِّإبْرا ِّه َ‬ ‫”) ‪َ ( 2‬ولَقَ ْد أ َ ْر َ‬
‫) ‪( 3‬وكما نص القرآن على خالفة داود فقد نص على امامة إبراهيم ‪ ”.‬قا َل ِّإ ِّنّي‬
‫اس ِّإماما ً) ‪“( 2 / 124‬‬ ‫جا ِّعلُ َك ِّللنَّ ِّ‬

‫‪29‬‬
‫“ ‪“ 30‬‬

‫) ‪( 4‬اما عن الصفة التي أضحت لقبا له فنقول ‪ “ :‬ان كال من األنبياء العظام يوصف‬
‫َّللا تعالى بلقب مخصوص ‪ ،‬فآدم ( ع ) صفيّه ‪ ،‬ونوح‬ ‫بوصف خاص وينسب إلى ّ‬
‫( ع ) نجيّه ‪ . . .‬وكان موسى ( ع ) كليمه ‪ . . .‬وكان عيسى ( ع ) كلمته‬
‫َّللا تعالى لنفسه خليال ”‪َ . . . “ 6‬وات َّ َخذَ َّ‬
‫َّللاُ‬ ‫وروحه ‪ . . .‬واما إبراهيم ( ع ) فقد جعله ّ‬
‫يال ) ‪. “( 4 / 135‬‬‫يم َخ ِّل ً‬
‫ِّإبْرا ِّه َ‬

‫( ج ) يتميز إبراهيم عليه السالم عن بقية أنبياء القرآن بذاك النسب الذي يربط‬
‫االسالم به ‪ ،‬بل باألحرى نسبين ‪ :‬نسب جسدي ونسب معنوي ‪.‬‬

‫َّللا عليه وسلم ‪. 7‬‬ ‫َّللا صلى ّ‬ ‫النسب الجسدي يتلخص في أنه عليه السالم هو جد رسول ّ‬
‫صرانِّيًّا َول ِّك ْن كانَ‬
‫والنسب المعنوي ورد في التنزيل ‪ ”:‬ما كانَ ِّإبْرا ِّهي ُم يَ ُهو ِّديًّا َوال نَ ْ‬
‫َحنِّيفا ً ‪ُ 8‬م ْس ِّلما ً َوما كانَ ِّمنَ ْال ُم ْش ِّر ِّكينَ “ ( ‪) 67 / 3‬‬
‫س َّما ُك ُم ْال ُم ْس ِّل ِّمينَ ِّم ْن قَ ْب ُل “( ‪) 78 / 22‬‬ ‫” ِّملَّةَ أ َ ِّبي ُك ْم ِّإبْرا ِّه َ‬
‫يم ُه َو َ‬
‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫* إبراهيم رمز لحقيقة االنسان الكامل التي من ناحية تجمع في كونها جميع الحقائق‬
‫اإللهية ‪ ،‬ومن ناحية ثانية المحل والمجلى والمظهر الكامل للحق ‪ . 9‬يعتمد الشيخ ابن‬
‫العربي في بيان هذه المرتبة على كلمة “ الخليل ‪ “ : 10‬فالحق يتخلل صورة إبراهيم‬
‫‪ ،‬وإبراهيم يتخلل جميع ما اتصفت به الذات اإللهية ‪ ،‬فهناك تبادل في فعل التخلل‬
‫والدليل عليه تبادل ظهور كل من الحق والخلق بصفات االخر ‪ ،‬وليس المتخلّل‬
‫والمتخلّل سوى الظاهر والباطن ‪، 11‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬انما سمي الخليل خليال لتخلله وحصره جميع ما اتصفت به الذات اإللهية‬
‫قال الشاعر ‪: 12‬‬
‫قد تخللت مسلك الروح مني * وبه سمي الخليل خليال‬
‫كما يتخلل اللون المتلون ‪ . . .‬أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السالم ‪. . .‬‬
‫اال ترى الحق يظهر بصفات المحدثات ‪ . . .‬ا ال ترى المخلوق يظهر بصفات‬
‫الحق ‪ . . .‬فالمتخلّل محجوب بالمتخلّل ‪ . . .‬فاسم المفعول هو الظاهر ‪ ،‬واسم الفاعل‬
‫هو الباطن المستور “ ‪ ( .‬فصوص ج ‪ 1‬ص ص ‪.) 81 - 80‬‬

‫‪30‬‬
‫“ ‪“ 31‬‬

‫وهذا التبادل في الظهور بين الحق والخلق يؤدي في الواقع إلى مقامي قرب النوافل‬
‫وقرب الفرائض ‪ ،‬فعند ما يتخلل الحق الخلق يظهر حكم مقام قرب النوافل ‪ .‬وعندما‬
‫يتخلل الخلق الحق يظهر حكم مقام قرب الفرائض ‪. 13‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ فإن كان الحق هو الظاهر فالخلق مستور فيه ‪ ،‬فيكون الخلق جميع أسماء الحق ‪:‬‬
‫سمعه وبصره ( ‪ -‬مقام قرب الفرائض ) ‪.‬‬
‫وان كان الخلق هو الظاهر فالحق مستور باطن فيه ‪ ،‬فالحق سمع الخلق وبصره ويده‬
‫ورجله وجميع قواه ( ‪ -‬مقام قرب النوافل ) ‪ ( “ . . .‬فصوص ‪. ) 81 / 1‬‬

‫وهكذا تتخلل المحب الهيمان ‪ 14‬صفات محبوبه ‪ ،‬وتوجد عالقة ‪ 15‬منشؤها حبي‬
‫وصورتها ‪ :‬تبادل الظهور بين المحب والمحبوب ‪ ،‬وهما هنا الحق والخلق ‪.‬‬

‫وقد اشاح الحاتمي في تعبيره عن هذه العالقة الحقية الخلقية عن كل المفردات الموحية‬
‫بالحلول ‪ ،‬واكتفى بإشارات تمثيلية على ايحاءاتها المادية ‪ :‬التخلل ‪ -‬التغذية ‪. 16‬‬
‫والتغذية تصور فعل تخلل الظاهر الباطن ‪ ،‬والباطن الظاهر ‪.‬‬

‫فعندما يتخلل الظاهر الباطن يغذيه باالحكام ‪ 17‬وعندما يتخلل الباطن الظاهر يغذيه‬
‫بالوجود ‪ 18‬وال يجب ان نؤخذ بمادية تشبيه الشيخ ابن العربي فنظن اثنينية بين‬
‫المتخلّل والمتخلّل أو المتغذّى والمتغذّى ‪ ،‬بل هي مجرد صور تشبيهية يحاول بها ان‬
‫يشير إلى نوعية معينة من العالقة بين وجهي الحقيقة ‪ :‬الحق والخلق ‪.‬‬

‫يقول ‪:‬‬
‫“ فأنت غذاؤه باالحكام ‪ ،‬وهو غذاؤك بالوجود ‪. . .‬لذاك الحق اوجدني * فأعلمه‬
‫فأوجده ‪. . .‬‬

‫سن القرى ‪ 19‬وجعله ابن‬‫ولما كان للخليل هذه المرتبة التي بها سمى خليال لذلك ّ‬
‫مسرة مع ميكائيل لالرزاق ‪ . . .‬فان الغذاء يسرى في جميع اجزاء المغتذى كلها وما‬‫ّ‬
‫هنالك اجزاء ‪ .‬فال بد ان يتخلل جميع المقامات اإللهية المعبر عنها باألسماء فتظهر‬
‫بها ذاته جل وعال ‪ ( “ . . .‬فصوص ‪ 1‬ص ‪.)83 / 84‬‬

‫‪31‬‬
‫“ ‪“ 32‬‬

‫*ان إبراهيم هو األب الثاني للمسلمين ‪. 20‬‬


‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬قوله ليس بعربي يريد ان اللفظ ليس من اللغة التي كان يتكلم بها عرب الجاهلية‬
‫‪ ،‬ولكن هذا االسم سامي عربي قديم معناه أبو الخصب أو أبو الرهم ‪ ،‬الن الراء والهاء‬
‫والميم أصل يدل على خصب ‪ ،‬كما جاء في معجم مقاييس اللغة ‪.‬‬
‫) ‪( 2‬الفيروزآبادي في قاموسه يذكر لغة أخرى وهي ابراهوم وعلى األرجح انها‬
‫لهجات في اللغة العربية القديمة ‪.‬‬
‫) ‪( 3‬تباينت اآلراء في منشأ كلمة “ إبراهيم “ فأرجعها البعض إلى أصل سرياني‬
‫( السيوطي ) أو أعجمي ( لسان العرب ‪ .‬األصل “ برهم “ ) ‪ ،‬وترجعها القواميس‬
‫االنكليزية على وجه العموم إلى أصل عبري ‪( Webester “ Abraham‬‬
‫) “واألرجح انه سامي عربي قديم كما تقدم الكالم عليه ‪.‬‬
‫) ‪( 4‬من مراتب الكمال هذه ما هو عام بين جميع األنبياء ‪ :‬كالنبوة ‪ ،‬ومنها ما هو‬
‫خاص ‪ :‬كاإلمامة والخلة ‪ .‬راجع “ امامة “ “ خلة “ في هذا المعجم ‪.‬‬
‫) ‪( 5‬يراجع فيما يتعلق بإبراهيم كشخصية تاريخية ودينية ‪:‬‬
‫‪-‬دائرة المعارف االسالمية ‪ ،‬النسخة العربية مادة إبراهيم ‪.‬‬
‫‪-‬الثعلبي قصص األنبياء ط ‪ .‬القاهرة ‪ 1312‬ه ‪ .‬ص ‪60 ، 59 ، 47 ، 43 :‬‬
‫‪-‬الكسائي قصص األنبياء ص ‪. 153 ، 145 ، 128‬‬
‫‪-‬الطبري ج ‪ 1‬ص ‪. 225 ، 220 :‬‬
‫‪-‬ابن األثير ج ‪ 1‬ص ‪. 98 ، 67‬‬

‫اجتلت المراجع المتقدمة صورة النبي إبراهيم ببعديها الديني والتاريخي من القرآن‬
‫الكريم ‪ ،‬فبرز من خاللها حنيفا مسلما وابا للمسلمين‪.‬‬
‫مما يغري بالمقارنة مع صورته في الموسوعات األجنبية والكتابات المسيحية ‪.‬‬
‫راجع ‪:‬‬
‫‪-----‬‬

‫‪32‬‬
‫“ ‪“ 33‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 6‬تواريخ األنبياء ‪ :‬تأليف حسن اللواساني ط ‪ .‬أولى بيروت ‪ 1964‬ص ‪. 65‬‬
‫) ‪( 7‬تواريخ األنبياء ص ‪. 65‬‬
‫) ‪( 8‬لقد أورد المرجع السابق ان الحنيفية ملة إبراهيم وهي السنن العشر التي امره‬
‫َّللا تعالى وأمته باتباعها ‪ .‬فليراجع ص ‪. 66‬‬ ‫ّ‬
‫) ‪( 9‬ان إبراهيم أتم مجلى من حيث إنه االنسان الكامل في زمنه ‪ ،‬واالنسان الكامل‬
‫يترقى في مراتب الخالفة ‪ ،‬فال يلزم من كمال االنسان كمال خالفته ‪.‬‬
‫َّللا‬
‫َّللا وان الخالفة عن ّ‬ ‫يقول الشيخ ابن العربي ‪ “ :‬ان معنى االنسانية هو الخالفة عن ّ‬
‫َّللا ]‬
‫مرتبة تشمل ‪ :‬الوالية والنبوة والرسالة واإلمامة واالمر والملك ‪ . . .‬وجمع [ ّ‬
‫إلبراهيم الوالية والنبوة والرسالة وابتدأ اإلمامة ‪ ( “ . . .‬بلغة الغواص ق ‪) 54‬‬
‫انظر “ خليفة “ “ خالفة ‪“ .‬‬
‫) ‪( 10‬يقول أبو العال عفيفي في تعليقه على اشتقاق كلمة خليل “ ‪ :‬والخليل إذا أخذت‬
‫ال على أنها من الخلة اي الصداقة ‪ ،‬بل على أنها من التخلل وهو السريان ‪ -‬وهذا‬
‫بالضبط ما يفعله المؤلف ‪ -‬فهمنا لم اعتبر إبراهيم مثاال أعلى من أمثلة االنسان‬
‫الكامل ‪ ( “ . . .‬فصوص ‪) 57 / 2‬‬
‫على أن المالحظ ان الشيخ ابن العربي ال يحيد عن الخلة إلى التخلل ‪ .‬فالخلة والتخلل‬
‫أصل واحد وهذا مما تؤيده اللغة العربية يقول أحمد بن فارس “ ‪ :‬خل ‪ :‬الخاء والالم‬
‫أصل واحد يتقارب فروعه ‪ . . .‬فاما الخليل الذي يخالك ‪ ،‬فمن هذا أيضا كأنكما قد‬
‫تخاللتما “ ‪ ( . . .‬معجم مقاييس اللغة )‬
‫َّللا إبراهيم خليال “ يقول البيضاوي في‬ ‫كما تؤيده تفاسير القرآن لآلية الكريمة “ واتخذ ّ‬
‫شرحها ‪" :‬والخلة من الخالل فإنه ود تخلل النفس وخالطها “( أنوار التنزيل ج ‪ 1‬ص‬
‫‪( ) 103‬المرجع نفسه ج ‪ 1‬ص ‪ 56‬تفسير الخلة ‪) .‬‬
‫ويتضح موقف الشيخ ابن العربي في الخلة والتخلل من جملته في الفتوحات ‪:‬‬
‫وقال ‪ “ :‬ما ث ّم اال أسماؤه وليست سواه وما هي دالئل عليه بل هي عينه ‪ ،‬وقد تخللها‬
‫َّللا عليه وسلم الخلة والوسيلة‬ ‫المتخلق الكامل فهو الخليل ‪ . . .‬وقد نال محمد صلى ّ‬
‫بدعاء أمته ‪ ( “ . . .‬ج ‪ 4‬ص ‪ ) 404‬راجع معنى “ خلة “ عند الشيخ ابن العربي ‪.‬‬
‫) ‪( 11‬ان إبراهيم يمثل كمال التخلل اإللهي للصورة االنسانية ‪ ،‬وهذا ال يعني انه‬
‫انفرد بالتخلل اإللهي ‪ .‬فان الحق يتخلل كل صور الموجودات ويظهر في كل فرد من‬
‫الممكنات ‪ ،‬اال ان كمال ظهوره وتجليه وتخلله في صورة إبراهيم عليه السالم ‪.‬‬
‫راجع “ ظاهر ‪ -‬باطن ‪“ .‬‬
‫) ‪( 12‬الشاعر هو بشار ‪:‬‬
‫“ وقال ‪ :‬ثعلب ‪ :‬انما سمي الخليل خليال الن محبته تتخلل القلب فال تدع فيه خلال اال‬
‫مألته وأنشد الرياشي قول بشار ‪:‬‬
‫قد تخللت مسلك ‪ ( “ . . .‬أدب الدنيا والدين الماوردي مطبعة السعادة ‪ 1921‬ص ‪:‬‬
‫‪) 21‬‬

‫‪33‬‬
‫“ ‪“ 34‬‬

‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 13‬راجع “ مقام مقرب الفرائض “ و “ مقام قرب النوافل ‪“ .‬‬
‫) ‪( 14‬ان الخلة والتخلل صفة المحب المفرط في محبته “ ولذلك جعل شيخنا األكبر‬
‫عنوان الفص اإلبراهيمي ‪ “ :‬فص حكمة مهيمية في كلمة ابراهيمية “ ‪.‬‬
‫كما يراجع ) ‪ :- Corbin L'imagination creaticep . 231( 15‬يرى‬
‫كركيغارد في كتابه” ‪“ Crainte et tremblement‬انه في بعض اللحظات يحدث‬
‫َّللا ‪ ،‬وفي هذه األحيان تبطل القواعد الخلقية ‪ .‬وفي ضوء هذا‬ ‫اتصال بين البطل وبين ّ‬
‫الفكر تكلم في مسألة إبراهيم وذبح ابنه ‪ .‬على حين نجد الشيخ ابن العربي يستعين‬
‫بنظريته في “ عالم الخيال “ ورموزه وأوهامه التي تحتاج إلى تعبير ‪ .‬يقول ‪: “ . . .‬‬
‫قال [ إبراهيم ( ع ) ] البنه “ اني أرى في المنام اني أذبحك “ [ ‪ / 2 . ] 37‬والمنام‬
‫حضرة الخيال فلم يعبرها ‪ . . .‬فالتجلي الصوري في حضرة الخيال محتاج إلى علم‬
‫َّللا تعالى بتلك الصورة ( “ فصوص ‪) 85 / 1‬‬ ‫آخر يدرك به ما أراد ّ‬
‫) ‪( 16‬انظر بخصوص التغذية وعالقتها بالحب والخلة ‪:- Corbin :‬‬
‫) ‪L'Imagination p 99 et suiv .( 17‬من حيث إن عين الممكن هي التي‬
‫تجعل الحق بمألوهيتها الها ‪.‬‬
‫) ‪( 18‬ال يقوم الممكن اال بالحق ‪ .‬فالوجود الحقيقي ّّلل فقط ‪ ،‬راجع “ خلق جديد “ و‬
‫“ وجود ‪“ .‬‬
‫) ‪( 19‬الضيافة ‪ .‬راجع كتاب “ تواريخ األنبياء “ السنن العشر التي سنها إبراهيم‬
‫( ع ) ص ‪. 65‬‬
‫) ‪( 20‬راجع “ األب الثاني “ المعنى “ الرابع “ ‪.‬‬

‫‪ – 2‬األب‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الهمزة والباء والواو تدل على التربية والغذو ‪ . . .‬وبذلك سمي األب أبا ‪ . . .‬قال‬
‫الخليل ‪ :‬األب معروف والجمع آباء وأبوه “ ‪. . .‬‬
‫( معجم مقاييس اللغة مادة “ أبو “ )‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫لقد وردت كلمة أب في القرآن مضافة إلى االنسان فقط “ أباكم “ “ ابانا “ “ أباه‬
‫“ “ أبت “ “ أبوهم “ ‪ . . .‬وفي جميع اضافاتها لم تخرج عن معنى الوالد ‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫“ ‪“ 35‬‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫*األب هو األول ‪ ، 1‬فيكون أول شخص من كل نوع “ أبا “ لجميع افراده مثال ‪ :‬آدم‬
‫أول البشر يكنى بأبي البشر ‪ .‬يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ كما كانت كنية آدم أبو ‪ 2‬البشر ‪ ،‬فاألول ‪ . . .‬أب ‪ . . .‬كآدم لسائر البشر ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ‪. ) 298 / 4‬‬
‫****‬
‫األب هو الوالد مطلقا ‪ ،‬وهو صفة ونسبة تلحق الشخص من وجه وال تستغرقه ‪ ،‬بحيث‬
‫ان يكون الشخص نفسه والدا لولد هو ابن له من وجه آخر ونسبة أخرى ‪ .‬يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬فكل من له عليك والدة من اي نوع وفي اي صورة كان ‪ ،‬فهو أبوك ‪ ،‬وكل من‬
‫لك عليه والدة من اي نوع كان وفي اي صورة كان ‪ . . .‬فهو ابنك ‪ ،‬فقد يكون‬
‫ابنك ‪ . . .‬عين أبيك ‪ ،‬فيكون له عليك والدة ولك عليه والدة ( “ ‪ . . .‬ف ‪) 156 / 4‬‬
‫“ ‪ . . .‬ان األبوة والبنوة من اإلضافات والنسب ‪ ،‬فاألب ابن ألب هو ابن له ‪ ،‬واالبن‬
‫أب البن هو أب له ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 143 / 1‬‬
‫****‬
‫األب هو المؤثر والمحيل في مقابل المؤثر فيه والمستحيل ( أ ّم ) ‪ ،‬والصفة العالمة في‬
‫مقابل الصفة العاملة ( ا ّم ) ‪ ،‬والفاعل بالنسبة للقابل ( ا ّم ) ‪. 3‬‬
‫يقول الشيخ األكبر ‪:‬‬
‫“ فكل مؤثر أب ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 138 / 1‬‬
‫“ فالمحيل أب والمستحيل أ ّم ‪ ،‬واالستحالة نكاح ‪ ،‬والذي استحال إليها ابن “ ( ف ‪/ 1‬‬
‫‪. ) 139‬‬
‫“ فالصفة العالمة [ العالمة ] أب فإنها المؤثرة فيها ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 140 / 1‬‬

‫****‬
‫األب هو األصل العقلي الروحي الذي ينتسب اليه الولد في مقابل األصل الجسمي‬
‫الطبيعي ( أ ّم ) ‪.4‬‬
‫كل اثر أو “ ولد “ هو نتيجة ‪ ،‬وال يكون اال عن مقدمتين ‪ ،‬هما األصالن المشار‬

‫‪35‬‬
‫“ ‪“ 36‬‬

‫اليهما أعاله ‪.‬‬


‫“ فال يكون أمر اال عن امرين وال نتيجة اال عن مقدمتين “‬
‫( الفتوحات السفر األول فق ‪. ) 3‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ ولهذا كان العالم على صورة الحق ‪ ،‬فمن غلب عليه طبعه كان شبهه بأمه أقوى من‬
‫شبهه بأبيه ‪ ،‬ومن غلب عليه عقله كان شبهه بأبيه أقوى من شبهه بأمه ‪ ( “ . . .‬ف ‪4‬‬
‫‪. ) 151 /‬‬
‫“ فهذا كله من حقوق االم التي هي طبيعة االنسان ‪ ،‬وأبوه هو الروح اإللهي ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ‪. ) 320 / 3‬‬
‫****‬
‫األب هو ال ّممد للولد ‪ 5‬ولكن امداده ال يستغرق الولد ككل ‪ ،‬لذلك نجد الولد ينسب‬
‫جزئيا اليه من الوجه المناسب لالمداد ‪ ،‬فيكون شخص مثال ابا لشخص آخر بالعلم أو‬
‫بالمال أو ‪ . . .‬يقول ‪:‬‬
‫“ فرق بين ولد الطين وولد الدين في الميراث ‪ ،‬الدين للعلم والطين للمال ‪. . .‬‬
‫أبوك من انفق عليك ‪ ،‬فان أنفقت على أبيك فأنت أبوه “ ‪. . .‬‬
‫( كتاب التراجم ص ‪. ) 35‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬راجع “ أول “‬
‫) ‪( 2‬ينبغي ان يكون اللفظ ابا البشر ( اي خبر كان ) ولكن لما وردت على هذا‬
‫الشكل يمكن اعتبار اسم كان مضمرا اي القضية أو القصة أو الرواية وهو وارد مثله‬
‫في األدب ‪.‬‬
‫) ‪( 3‬راجع المعنى الثالث لكلمة “ أ ّم “‬
‫) ‪( 4‬راجع المعنى الرابع لكلمة “ أ ّم “‬
‫) ‪( 5‬راجع “ أبو الورثة “‬
‫***‬
‫‪ – 3‬اباؤنا‬

‫عندما يتكلم الشيخ ابن العربي على اآلباء وينسبها إلى الضمير المتصل ‪ ،‬يقصد جملة‬
‫المسلمين المؤمنين ‪ ،‬وبخاصة األولياء اخوانه ‪:‬‬

‫‪36‬‬
‫“ ‪“ 37‬‬

‫َّللا عليه وسلم من حيث إنه‬ ‫( أ ) فأول أب لهذا الولي المسلم المؤمن هو محمد صلى ّ‬
‫أبو األرواح واألصل الروحي الذي صدر عنه هذا الولي ‪.‬‬
‫( ب ) واألب الثاني لهذا الولي هو آدم عليه السالم ‪ ،‬من حيث أنه أبو األجساد‬
‫واألصل الجسمي الذي صدر عنه هذا الولي ‪.‬‬
‫( ج ) واألب الثالث هو نوح عليه السالم ‪ ،‬من حيث إنه أول رسول أرسل ‪ ،‬ويستدل‬
‫شيخنا األكبر على كون نوح أول رسول وكل من سبقه كان نبيا ال رسوال ‪ :‬ان كل‬
‫س ْلنا ِّفي قَ ْريَ ٍة ِّم ْن‬
‫األنبياء السابقين كانت رسالتهم في ‪ ،‬بينما نوح إلى ‪َ .” 1‬وما أ َ ْر َ‬
‫س ْلنا نُوحا ً إِّلى قَ ْو ِّم ِّه ‪. . . “( 7 / 59 ) .‬‬ ‫ي ٍ ‪ ”) 94 / 7 (“ . . .‬لَقَ ْد أ َ ْر َ‬ ‫نَبِّ ّ‬
‫( د ) األب الرابع هو إبراهيم عليه السالم ‪ ،‬فهو أبو االسالم ‪ ،‬وهو الذي سمانا مسلمين‬
‫وهو أبونا بنص القرآن [ انظر “ “ األب الثاني “ المعنى “ الرابع ‪“ ] .‬‬
‫والنص التالي للشيخ ابن العربي يثبت ما ذهبنا اليه في آبائنا األربعة ‪:‬‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ ،‬فهو أول اآلباء روحا ‪ ،‬وآدم‬ ‫“ ان أصل أرواحنا روح محمد صلى ّ‬
‫أول اآلباء جسما ‪ ،‬ونوح أول رسول أرسل ‪ ،‬ومن كان قبله انما كانوا أنبياء كل واحد‬
‫على شريعة من ربه ‪ ،‬فمن شاء دخل في شرعه معه ومن شاء لم يدخل ‪َ ”. . .‬وإِّ ْن ِّم ْن‬
‫ِّير “( ‪ / 24 ) 35‬ليس بنص في الرسالة ‪ ،‬وانما هو نص في أن‬ ‫أ ُ َّم ٍة إِّ َّال خَال فِّيها نَذ ٌ‬
‫باّلل وبأمور اآلخرة وذلك هو النبي ال الرسول ‪ ،‬ولو كان الرسول‬ ‫في كل أمة عالما ّ‬
‫لقال إليها ولم يقل فيها ‪ . . . 2‬فأول شخص استفتحت به الرسالة نوح عليه السالم ‪،‬‬
‫َّللا عليه وسلم وأول جسم انساني وجد جسم‬ ‫وأول روح انساني وجد روح محمد صلى ّ‬
‫آدم ‪ . . .‬فهؤالء االباء الثالثة هم آباؤنا فيما ذكرنا ‪ ،‬واألب الرابع هو إبراهيم عليه‬
‫السالم ‪ ،‬وهو أبونا في االسالم وهو الذي س ّمانا مسلمين ‪ . . .‬فانظر من كانت هذه‬
‫مقدماته وهو محمد وآدم ونوح وإبراهيم عليهم السالم ومن كان أبوه هؤالء المذكورين‬
‫فال أسعد منه وهو ارفع األولياء ‪ ( “ . . .‬ف ‪) 50 / 3‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬نالحظ ان التنزيل العزيز لم يتقص ربط النبوة بالحرف “ في “ والرسالة‬
‫بالحرف “ إلى ‪“ :‬‬
‫وال ِّم ْن ُك ْم يَتْلُوا َ‬
‫علَ ْي ُك ْم آياتِّنا ) ‪“( 2 / 151‬‬ ‫س ْلنا فِّي ُك ْم َر ُ‬
‫س ً‬ ‫”‪َ -‬كما أ َ ْر َ‬
‫منكم ‪ -‬من العرب ‪ .‬تفسير النسفي ج ‪ 1‬ص ‪، 83‬‬

‫‪37‬‬
‫“ ‪“ 38‬‬

‫س ً‬
‫وال ِّم ْن ُه ْم ) ‪“( 62 / 2‬‬ ‫ث فِّي ْاأل ُ ِّ ّم ِّيّينَ َر ُ‬
‫”‪ُ -‬ه َو الَّذِّي بَعَ َ‬
‫في األميين ‪ -‬في العرب ‪ .‬تفسير ابن عباس ص ‪، 470‬‬
‫س ْلنا فِّي قَ ْريَ ٍة ‪) 94 / 7 (“ . . .‬‬‫) ‪( 2‬إشارة إلى اآلية” َوما أ َ ْر َ‬
‫‪........................................‬‬

‫‪ - 4‬األب األول‬
‫مرادف ‪ :‬أول اآلباء ‪.‬‬
‫األب األول هو أول أصل يتولد عنه األثر أو المولود ‪ ،‬وهذا المصطلح عند الشيخ ابن‬
‫العربي ال يعبر عن ذات واحدة مميزة يمكن تسميتها باألب األول بل هي مرتبة كونية‬
‫تطلق على كل من يشغلها ‪ :‬مثال ‪ ،‬إذا أخذنا أجسام اشخاص الجنس البشري نجد ان‬
‫أول أصل تولدت عنه هو آدم ‪ ،‬اذن آدم ‪ :‬األب األول الجسام اشخاص الجنس‬
‫َّللا عليه وسلم هي‬
‫البشري ‪ . .‬ولكن في الروحانيات نجد ان “ حقيقة محمد “ صلى ّ‬
‫األب األول وهي أبو آدم وأبو العالم ‪،‬‬
‫ويمكن حصر مضمون األب األول عند الشيخ ابن العربي في شقين رئيسين ‪:‬‬
‫****‬
‫األب األول هو آدم ( ‪ -‬أبونا ‪ ،‬والدنا ) ‪1‬‬
‫يظهر من خالل ما تقدم ان األب األول الجسام اشخاص الجنس البشري هو آدم ‪ ،‬إذ‬
‫انه أول جسم ظهرت عنه األجسام ‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬فأول موجود ظهر من األجسام االنسانية كان آدم عليه السالم ‪ ،‬وهو األب‬
‫َّللا من هذا الجنس ‪ ،‬ان الفضل بيد‬
‫األول من هذا الجنس ‪ . . .‬وهو أول من ظهر بحكم ّ‬
‫َّللا ‪ ،‬وان ذلك االمر ما اقتضاه األب األول لذاته “ ‪. . .‬‬
‫ّ‬
‫( ف ‪. )136 / 1‬‬
‫وفي جملة الشيخ ابن العربي األخيرة “ ان الفضل ‪ . . .‬لذاته “ تثبت بوضوح كالمنا‬
‫في أن مصطلح األب األول ال يعبر عن ذات واحدة مميزة بل هي مرتبة كونية ‪ .‬يقول‬
‫“ ‪ . . .‬فلنتكلم على سفر [ ‪ -‬يقصد سفر آدم في هبوطه إلى األرض ]األب الجسمي‬
‫َّللا عليه وسلم وأبو بني آدم كلهم خاصة “ ‪. . .‬‬
‫[ آدم ] وهو أبو محمد صلى ّ‬
‫( كتاب االسفار ص ‪. ) 23‬‬
‫“ آدم أول اآلباء جسما ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 50 / 3‬‬
‫***‬

‫‪38‬‬
‫“ ‪“ 39‬‬

‫*األب األول هو الروح الكلي ‪2‬‬


‫مرادف ‪ :‬أول اآلباء ‪ ، 3‬األب األكبر‬
‫في الروحانيات نجد ان جميع األرواح صدرت عن “ روح واحدة “ ‪ ،‬هذه الروح‬
‫الواحدة هي ما يعبر عنها أحيانا الشيخ ابن العربي بالروح الكلي وحقيقة محمد صلى‬
‫َّللا عليه وسلم والعقل األول والعقل األكبر ‪ . . .‬وهذه الروح الواحدة بفعل صدور‬
‫ّ‬
‫جميع األرواح عنها كانت “ األب األول “‬

‫يقول الحاتمي ‪:‬‬


‫َّللا العقل وهو الذي ظهرت منه هذه العقول ‪. . .‬‬ ‫“ ‪ . . .‬فإنه أول ما خلق ّ‬
‫س َّو ْيتُهُ‬
‫َّللا في كتابه العزيز الروح واضافه اليه ‪ ”. . .‬فَإِّذا َ‬
‫فهو أول اآلباء ‪ ،‬وس ّماه ّ‬
‫وحي “ *( ‪- 72 / 38 ) 15 / 29‬وهو هذا العقل األكبر ‪. . .‬‬ ‫َونَفَ ْختُ فِّي ِّه ِّم ْن ُر ِّ‬
‫“ ( ف ‪. ) 67 / 2‬‬

‫“ ‪ . . .‬ذلك ان النفوس خلقت من معدن واحد كما قال تعالى ”‪َ :‬خلَقَ ُك ْم ِّم ْن نَ ْف ٍس ِّ‬
‫واح َدةٍ‬
‫وحي “[ ‪] 15 / 29‬‬ ‫“[ ‪ ] 6 / 39‬وقال بعد استعداد خلق الجسد” َونَفَ ْختُ فِّي ِّه ِّم ْن ُر ِّ‬
‫فمن روح واحدة صح السر المنفوخ في المنفوخ فيه وهو النفس ‪ . . .‬فلما كان أصل‬
‫هذه النفوس الجزئية الطهارة من حيث أبيها ‪ ( “ . . . 4‬ف ‪) 272 / 2‬‬

‫َّللا‬
‫“ األب األول في الروحانيات ‪ ،‬وهو أبو آدم وأبو العالم ‪ ،‬وهو حقيقة محمد صلى ّ‬
‫عليه وسلم وروحه ‪ ( “ . . . 5‬كتاب االسفار ص ‪. ) 23‬‬
‫َّللا عليه وسلم فهو أول اآلباء‬ ‫َّللا ‪ ،‬ان أصل أرواحنا روح محمد صلى ّ‬ ‫“ اعلم أيدك ّ‬
‫روحا ‪ ( “ . . .‬ف ‪) 50 / 3‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬كثيرا ما ترد كلمة “ أبينا “ أو “ والدنا “ عند الشيخ ابن العربي مضافة ‪ ،‬دون‬
‫بيان ‪ ،‬إلى ضمير الجمع المتصل ويقصد بهذا الضمير المتصل البشر ‪ ،‬فيكون أبونا أو‬
‫والدنا هو ابا البشر ‪ :‬آدم ‪.‬‬
‫“ بها قد استخلف الرحمن والدنا ‪ [ . . .‬إشارة إلى اآلية ‪ِّ :‬إ ْذ قا َل َرب َُّك ِّل ْل َمالئِّ َك ِّة ِّإ ِّنّي‬
‫ض َخ ِّليفَةً” ‪ / 30 “ ] “ ( 2‬ف ‪) . 26 / 4‬‬ ‫جا ِّع ٌل فِّي ْاأل َ ْر ِّ‬
‫“ االمالك ‪ . . .‬وهم تالمذة أول االباء ‪ . . .‬فالبنون ما عندهم من العلم اال ما نقل إليهم‬

‫‪39‬‬
‫“ ‪“ 40‬‬

‫علَّ َم آ َد َم ْاألَسْما َء ُكلَّها ث ُ َّم‬ ‫المأل االعلى مما استفاده من أبيهم [ إشارة إلى اآليتين” َو َ‬
‫علَى ْال َمال ِّئ َك ِّة “‪ ”31 / 2‬قا َل يا آ َد ُم أ َ ْن ِّبئْ ُه ْم ِّبأَسْما ِّئ ِّه ْم ‪ ،‬فَلَ َّما أ َ ْنبَأ َ ُه ْم ِّبأَسْما ِّئ ِّه ْم “‪2‬‬
‫ض ُه ْم َ‬
‫ع َر َ‬
‫َ‬
‫‪. . . ] 32 /‬‬

‫فالمأل االعلى وسائط بيننا وبين أبينا ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 361 / 4‬‬


‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 2‬راجع “ أبو األرواح “‬
‫) ‪( 3‬راجع “ أب علوي “ المعنى “ الثاني ‪“ .‬‬
‫) ‪( 4‬هكذا في األصل ‪ ،‬ومن المعلوم ان “ حيث “ تضاف إلى الجملة ال إلى اللفظ‬
‫على أنه مبتدأ وعليه ينبغي ان يكون االسم الوارد بعدها مرفوعا على أنه مبتدأ فقد‬
‫وردت اضافتها نادرا إلى المفرد ‪.‬‬
‫) ‪( 5‬راجع “ الحقيقة المحمدية “‬

‫‪ - 05‬األب الثاني‬
‫األب الثاني هو المقدمة الثانية التي تبعث على ظهور النتيجة‪.‬‬
‫فاالثر أو الولد ال يكون اال عن مقدمتين أو أصلين “ فال يكون أمر اال عن امرين ‪،‬‬
‫وال نتيجة اال عن مقدمتين “ ( ف ‪. ) 50 / 1‬‬
‫المقدمة األولى هي بمثابة األب األول ‪، 1‬‬
‫والمقدمة الثانية بمثابة األب الثاني‬
‫( كما يسميها الشيخ ابن العربي أحيانا “ أ ّما “ من حيث إنها ثانية ‪ ،‬وتحتفظ المقدمة‬
‫األولى بصفة “ األب “ ) ‪.‬‬
‫وهكذا يتغير اسم المقدمة ومضمونها بتغير شخص األثر أو “ الولد “ موضوع البحث‬
‫‪ ،‬بحيث يكون المضمون نفسه أبا أوال ألثر ‪ ،‬وأبا ثانيا بالنسبة آلخر ‪.‬‬
‫مثال ‪ :‬آدم هو أب أول لألجسام ‪ ،‬وأب ثان كما سيأتي ذكره ‪.‬‬
‫ويمكن ايضاح جملة المقصود باألب الثاني عند الشيخ ابن العربي كاآلتي ‪:‬‬
‫****‬
‫األب الثاني هو النفس الكلية ‪ ،‬أو “ حواء “ ‪ 2‬كما يصورها الشيخ ابن العربي ‪.‬‬
‫ان العالم هو األثر المولود من تداخل مقدمتين هما ‪:‬‬
‫العقل األول والنفس الكلية ‪.‬‬
‫ويحتفظ العقل األول بلقب األب األول عند الشيخ ابن العربي اما النفس الكلية ( أو‬
‫حواء ) فهي ‪:‬‬
‫) ‪( 1‬أ ّم من حيث إنها منفعلة ومؤثر فيها والعقل فاعل مؤثر ‪.‬‬
‫) ‪( 2‬أب ثان ‪ 3‬من حيث إنها المقدمة الثانية أو األصل الثاني المؤثر في بروز العالم‬
‫‪ ،‬والعقل أصل أول ‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫“ ‪“ 41‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ ) ‪( 1‬والنفس الكلية هي ‪ . . .‬محل القاء القلم اإللهي ‪ . . .‬وكل ما دونها فهو من‬
‫عالم التولد ‪ ،‬العقل [ ‪ -‬العقل األول ‪ ،‬القلم االعلى ] أبوه والنفس أمه ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 2‬‬
‫‪. ) 429‬‬
‫) ‪ ( 2‬لألب الثاني الذي هو النفس الكلية ‪ ( “ . . .‬ف ‪) 141 / 1‬‬
‫صل عنه [ عن األب األول ‪ -‬آدم ] أبا ثانيا سماه أ ّما ‪ ،‬فصح لهذا األب األول ‪،‬‬ ‫“ ثم ف ّ‬
‫الدرجة عليها [ ‪ -‬حواء ‪ -‬االم ‪ -‬األب الثاني ] لكونه أصال لها ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 1‬‬
‫‪) 136‬‬
‫****‬
‫األب الثاني هو الطبيعة ‪.‬‬
‫) ‪( 1‬االباء العلويات للعالم في معناها الثاني أربعة [ راجع “ األب العلوي “ ] ‪:‬‬
‫العقل األول ‪ ،‬النفس الكلية ‪ ،‬الطبيعة ‪ ،‬الهباء ‪.‬‬
‫اما العقل األول فمهما اختلفت االعتبارات نراه دائما أول االباء ‪.‬‬
‫في حين ان النفس الكلية يمكن اعتبارها أ ّما من حيث انفعالها للقلم االعلى ‪ ،‬فتترك‬
‫مكانتها الثانية للطبيعة التي هي بدورها فاعلة مؤثرة في الهباء ‪.‬‬
‫فهكذا تكون الطبيعة األب الثاني ‪ ،‬اي الفاعل المؤثر الثاني بعد العقل األول ‪.‬‬
‫اذن هذه االباء األربعة ليست أصوال منفصلة للعالم بل متداخلة تتوالد فيما بينها ‪،‬‬
‫وكونها اباء للعالم ال يمنع أن تكون أمهات فيما بينها ‪.‬‬
‫) ‪( 1‬إذا اعتبرنا معنى ‪ :‬أب ‪ -‬مؤثر‬
‫العقل األول ‪ -‬أب أول‬
‫النفس الكلية ‪ -‬أم‬
‫الطبيعة ‪ -‬أب ثان‬
‫الهباء ‪ -‬أم‬

‫) ‪( 2‬إذا اعتبرنا معنى ‪ :‬أب ‪ -‬أصل‬


‫العقل األول ‪ -‬أب أول‬
‫النفس الكلية ‪ -‬أب ثان‬
‫الطبيعة ‪ -‬أب ثالث‬
‫الهباء ‪ -‬أب رابع‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ وبعد ان عرفت األب الثاني [ النفس الكلية ] من الممكنات ‪ ،‬وانه أ ّم ثانية للقلم‬
‫االعلى ‪ . . .‬فكان أول أم ولدت توأمين ‪ .‬فأول ما ألقت الطبيعة ثم تبعتها‬

‫‪41‬‬
‫“ ‪“ 42‬‬

‫بالهباء ‪. . .‬فانكح الطبيعة الهباء فولد بينهما صورة الجسم الكلي وهو أول جسم ظهر‬
‫‪ ،‬فكان الطبيعة األب ‪ ،‬فان لها األثر ‪ ،‬وكان الهباء االم فان فيها ظهر األثر ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ‪. ) 140 / 1‬‬
‫) ‪( 2‬يظهر مما تقدم ان الطبيعة هي األب الثاني من حيث تأثيرها في الهباء وترتيبها‬
‫بعد العقل األول ‪ ،‬اما هنا فان الطبيعة تعتبر أبا ثانيا من حيث إنها األصل الثاني أو‬
‫المقدمة الثانية لوجود العالم ‪ .‬وان كانت في مضمونها أما من حيث انفعالها للحق‬
‫[ راجع “ االم العالية الكبرى للعالم “ ] ‪.‬‬
‫يقول الشيخ األكبر ‪:‬‬
‫“ وليست اال الطبيعة في هذه الدار فإنها محل االنفعال ‪ . . .‬ألنها للحق بمنزلة األنثى‬
‫للذكر ‪ ( “ . . .‬ف ‪) 150 / 4‬‬
‫“ فلما كان أصل هذه النفوس الجزئية الطهارة من حيث أبيها ‪ [ 4‬األب األول ‪ -‬الروح‬
‫الكلي ] ولم يظهر لها عين اال بوجود هذا الجسد الطبيعي فكانت الطبيعة األب‬
‫الثاني ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 272 / 2‬‬
‫****‬
‫األب الثاني هو آدم ‪.‬‬
‫راجع كلمة “ آباؤنا “ في هذا المعجم ‪.‬‬
‫****‬
‫األب الثاني هو “ إبراهيم “ عليه السالم ‪. 5‬‬
‫عندما يذكر الشيخ ابن العربي آباءنا [ راجع هذا المصطلح ] يصل إلى أربعة ‪ ،‬اما‬
‫االن فنجد ان الشيخ ابن العربي يحصر نسبنا في أبوين ‪ ،‬والمقصود باإلضافة هنا “‬
‫االنسان المسلم “ فيكون عدد آباء الشخص المسلم اثنين ‪ ، 6‬ينسب أوال إلى أقرب أب‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ .‬ثم يأتي بعده أب ابعد قليال ينسب‬ ‫وهو األب األول له ‪ ،‬محمد صلّى ّ‬
‫اليه كذلك وهو إبراهيم عليه السالم ‪ .‬اما كون إبراهيم أبا للمسلمين فان القرآن قد أثبت‬
‫ذلك ‪ .‬يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ األب الثاني الذي س ّمانا مسلمين ‪ ( “ 7‬ف ‪) 5 / 1‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬راجع “ أب أول ‪“ .‬‬
‫‪-----‬‬

‫‪42‬‬
‫“ ‪“ 43‬‬
‫) ‪- - - - - ( 2‬راجع “ انثي “‬
‫) ‪( 3‬راجع “ األب العلوي “ في هذا المعجم ‪ ،‬ألن “ اآلباء العلويات “ في المعنى‬
‫( الثاني ) أربعة ‪ ،‬ثانيها النفس الكلية ‪.‬‬
‫) ‪( 4‬في النص “ أبيها “ انظر الحاشية رقم ( ‪ ) 4‬مفرد “ األب األول “‬
‫) ‪( 5‬راجع “ إبراهيم “‬
‫) ‪( 6‬ينظر الشيخ ابن العربي هنا إلى األب كأصل روحي ديني ‪.‬‬
‫س َّما ُك ُم ْال ُم ْس ِّل ِّمينَ ِّم ْن قَ ْب ُل ‪/ 22 (“ . . .‬‬ ‫) ‪( 7‬إشارة إلى اآلية” ِّملَّةَ أ َ ِّبي ُك ْم ِّإبْرا ِّه َ‬
‫يم ُه َو َ‬
‫‪. ) 78‬‬

‫علوي‬
‫ّ‬ ‫‪ - 6‬أب‬
‫ان كلمة “ أب علوي “ تقابل عند الشيخ ابن العربي “ أما سفلية “ ‪ .‬ولذلك تخضع في‬
‫شرحها لنظرية الخلق نفسها في مرحلتي فيضها ‪ :‬االقدس والمقدس ‪ 1‬ويكون بالتالي‬
‫مضمون األب العلوي ‪:‬‬
‫****‬
‫االباء العلوية هي األسماء اإللهية ‪.‬‬
‫ان األسماء اإللهية هي أول مؤثر وباعث على وجود الخلق ‪ ، 2‬الن المشيئة ‪ 3‬التي‬
‫أرادت اظهار الخلق ترجع إلى الحضرة اإللهية من حيث األسماء ‪ ،‬ال الذات ‪.‬‬
‫فاألسماء هي التي توجهت على األعيان الثابتة الظهارها ‪. 4‬‬
‫وهكذا يكون ‪ :‬أول باعث تو ّجه إلى اظهار عين الخلق هو في مرتبة األب العلوي‬
‫للخلق ‪ .‬يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬فلو رأيت ‪ . . .‬توجهات هذه األسماء اإللهية االعالم لرأيت امرا عظيما ‪. . .‬‬
‫وبعد ان أشرت إلى فهمك الثاقب ونظرك الصائب باألب األول الساري وهو االسم‬
‫الجامع ‪ 5‬األعظم الذي تتبعه جميع األسماء “ ‪. . .‬‬
‫(ف ‪. ) 139 / 1‬‬
‫* * * *ا‬
‫الباء العلويات أربعة ‪: 6‬‬
‫العقل األول ‪ -‬النفس الكلية ‪ -‬الطبيعة الكلية ‪ -‬الهباء ‪.‬‬
‫ان المضمون الثاني لآلباء العلويات ‪ ،‬اي العقل األول والنفس الكلية والطبيعة الكلية‬
‫والهباء هي أسباب موضوعة بالوضع اإللهي ‪ ،‬بخالف المضمون األول [ ‪ -‬األسماء‬
‫اإللهية ] ‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫“ ‪“ 44‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ فلنشرع [ االن بعد الكالم على األسماء ] في اآلباء الذين هم أسباب موضوعة‬
‫بالوضع اإللهي “ ( ف ‪. ) 139 / 1‬‬
‫ان هذه االباء العلويات بمضمونها الثاني أسباب موضوعه في رأي الشيخ ابن العربي‬
‫ولذلك فصلها عن الحضرة اإللهية جاعال إياها “ العالم العلوي ‪“ . 7‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا اجرام العالم كله ‪ . . .‬وجعل من مقعّر فلك السماء الدنيا إلى آخر‬ ‫“ ولما أنشأ ّ‬
‫األفالك بمنزلة األب ‪ ( “ . . .‬ف ‪) 141 / 1‬‬
‫وبتوجه هذا العالم العلوي المتضمن االباء العلويات األربعة على األركان األربعة من‬
‫َّللا ما يتولد فيها ‪.‬‬
‫عالم الطبيعة ‪ ،‬يوجد ّ‬
‫“ كذلك األركان من عالم الطبيعة أربعة وبنكاح العالم العلوي لهذه األربعة [ األركان ]‬
‫َّللا ‪ 8‬ما يتولد فيها “ ( ف ‪. ) 138 / 1‬‬ ‫يوجد ّ‬
‫ويظهر من خالل النصوص التالية للشيخ ابن العربي ‪ ،‬تضمين اآلباء العلويات‬
‫معاني ‪ :‬العقل األول ‪ ،‬النفس الكلية ‪ ،‬الطبيعة الكلية ‪ ،‬الهباء ‪. 9‬‬
‫يقول ‪ . . . “ :‬وبعد ان عرفت األب الثاني من الممكنات وانه أم ثانية للقلم االعلى [ ‪-‬‬
‫أب أول ] “ ( ف ‪) 140 / 1‬‬
‫“ لألب الثاني الذي هو النفس الكلية ‪“ ( 1 / 141 ) .‬‬
‫“ كان مما ألقى إليها من االلقاء االقدس الروحاني ‪ :‬الطبيعة والهباء ‪. . .‬‬
‫فالطبيعة والهباء أخ وأخت ألب واحد وأم واحدة ‪ ،‬فانكح الطبيعة الهباء فولد بينهما‬
‫صورة الجسم الكلي وهو أول جسم ظهر ‪ . . .‬ثم نزل التوالد في العالم إلى التراب‬
‫“ ( ف ‪. ) 140 / 1‬‬
‫****‬
‫) ‪( 1‬راجع أللفاظ الثانية ‪ “ :‬أم سفلية “ “ فيض أقدس “ “ فيض مقدس “‬
‫) ‪( 2‬يقول الشيخ ابن العربي في الفصوص ‪ “ :‬لما شاء الحق سبحانه من حيث‬
‫أسماؤه الحسنى ‪ . . .‬ان يرى أعينها ‪ ( “ . . .‬ج ‪ 1‬ص ‪. ) 48‬‬

‫‪44‬‬
‫“‪“45‬‬
‫يراجع بهذا الموضوع ‪ :‬الفص األول ج ‪ 1‬ص ص ‪ ، 50 - 48‬مع شرح عفيفي ج ‪2‬‬
‫ص ص ‪- ، 10 - 6‬كما يراجع “ اسم الهي “‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 3‬راجع “ مشيئة “‬
‫) ‪( 4‬يبين الشيخ ابن العربي في هذا النص كيف تكون أولى األمهات السفليات شيئية‬
‫المعدوم الممكن ‪ ،‬وأول االباء العلويات األسماء اإللهية ‪ ،‬من حيث توجهها على‬
‫األعيان الثابتة اليجاد عينها ‪:‬‬
‫“ فأول االباء العلوية معلوم وأول األمهات السفلية شيئية المعدوم الممكن ‪ ،‬وأول نكاح‬
‫القصد باالمر وأول ابن وجود عين تلك الشيئية “ ‪ ( .‬ف ‪ [ ) 139 / 1‬راجع “ أم‬
‫سفلية “ ]‬
‫َّللا ‪ .‬انظر “ االسم الجامع ‪“ .‬‬ ‫) ‪( 5‬االسم الجامع ‪ّ -‬‬
‫) ‪( 6‬يصف الشيخ ابن العربي اآلباء “ بالعلويات “ حين تكون أربعة [ هذا المعنى‬
‫“ الثاني “ ] و “ بالعلوية “ حين يكون المراد بها األسماء الحسنى وهي كثيرة [ المعنى‬
‫“ األول “ ] والتفريق في الوصف هذا متناسق تماما مع التعبير العميق في اللغة‬
‫العربية ‪.‬‬
‫جاء في درة الغواص‪”:‬وكذلك اختاروا [العرب] ان الحقوا بصفة الجمع الكثير الهاء ‪.‬‬
‫فقالوا اعطبته دراهم كثيرة وأقمت أياما معدودة ‪ ،‬والحقوا بصفة الجمع القليل األلف‬
‫والتاء فقالوا ‪ :‬أقمت أياما معدودات ‪ ،‬وكسوته اثوابا رفيعات ‪ .‬وعلى هذا جاء في‬
‫ار ِّإ َّال أَيَّاما ً َم ْعدُو َدة ً “وفي سورة آل عمران” ِّإ َّال‬ ‫التنزيل في سورة البقرة” لَ ْن ت َ َم َّ‬
‫سنَا النَّ ُ‬
‫ت “كأنهم قالوا أوال بطول المدة التي تمسهم فيها النار ثم تراجعوا عنه‬ ‫أَيَّاما ً َم ْعدُودا ٍ‬
‫فقصروا تلك المدة ‪“ .‬‬
‫راجع ‪ - :‬الحريري ‪ .‬درة الغواص في أوهام الخواص ‪ .‬الطبعة األولى ‪ .‬قسطنطينية‬
‫سنة ‪ 1299‬ص ‪- 117‬شرح درة الغواص ‪ .‬احمد شهاب الدين الخفاجي ص‬
‫‪. 117‬‬
‫) ‪( 7‬يشير الشيخ ابن العربي أحيانا إلى اآلباء العلويات األربعة بالعالم العلوي أو‬
‫باألرواح ‪ .‬يقول ‪ “ :‬وبنكاح العالم العلوي ‪ ( “ . . .‬ف ‪ “ . ) 138 / 1‬فاألرواح‬
‫كلها اباء “ ( ف ‪ . ) 138 / 1‬أنا ابن آباء أرواح مطهرة “ ‪ ( .‬ف ‪. ) 138 / 1‬‬
‫) ‪( 8‬ان الشيخ ابن العربي ال يجعل اآلباء العلويات سببا في ايجاد الخلق ‪ ،‬بل سببا‬
‫َّللا ‪.‬‬
‫يوجد عنده الخلق ‪ ،‬فالفاعل الحقيقي هو ّ‬
‫“ فإنه [ تعالى ] قال” أ َ ِّن ا ْش ُك ْر ِّلي “[ اآلية ‪ ] 14 / 31‬فقدم نفسه ‪ ،‬ليعرفك انه السبب‬
‫األول واألولى ‪ .‬ثم عطف وقال” َو ِّلوا ِّل َدي َْك “[ اآلية ‪ ] 14 / 31‬وهي األسباب التي‬
‫َّللا عندها ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 142 ) . 1‬‬ ‫أوجدك ّ‬
‫) ‪( 9‬لزيادة معرفة االباء العلويات راجع الفتوحات ج ‪ 1‬ص ص ‪. 143 - 138‬‬

‫‪45‬‬
‫“ ‪“ 46‬‬
‫‪ - 07‬أبو األجسام اإلنسانيّة‬
‫أبو األجسام االنسانية ‪ ،‬هو األب األول الجسمي [ راجع “ األب األول “ المعنى‬
‫“ األول “ ] أو األصل الجسمي الذي عنه صدرت جميع األجسام ‪ :‬آدم ‪.‬‬
‫يقول شيخنا األكبر ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬وآدم أول اآلباء جسما ‪ ( “ . . .‬ف ‪) 50 / 3‬‬
‫“ فآدم أبو األجسام االنسانية ‪ ( “ . . .‬ف ‪) 457 / 3‬‬
‫ويشير الشيخ ابن العربي أحيانا إلى آدم باألب الثاني [ راجع “ األب الثاني “ ] ‪.‬‬

‫‪ - 08‬أبو األرواح‬
‫ان ابا األرواح هو األب األول في الروحانيات [ راجع “ األب األول “ المعنى “ ‪] “ 2‬‬
‫ويرجع السبب في تسمية “ روح محمد “ ابا األرواح إلى أنها أصل جميع األرواح ‪،‬‬
‫وأول روح ظهرت ‪. 1‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫َّللا عليه وسلم فهو أول اآلباء‬
‫َّللا ان أصل أرواحنا روح محمد صلى ّ‬ ‫“ اعلم أيدك ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 3‬‬
‫روحا ‪ . . .‬وأول روح انساني وجد روح محمد صلى ّ‬
‫‪. ) 50‬‬
‫َّللا عليه وسلم ] أب لنا في الروحانية ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 5 / 1‬‬ ‫“ فأنت [ محمد صلى ّ‬
‫****‬
‫َّللا حين سأل النبي‬
‫) ‪( 1‬هذا المعنى شائع عند المتصوفة يستمدونه عن جابر بن عبد ّ‬
‫َّللا ‪ ،‬فقال ‪ :‬هو نور نبيك يا جابر ‪ :‬راجع‬‫َّللا عليه وسلم عن أول شيء خلقه ّ‬ ‫صلى ّ‬
‫فهرس األحاديث حديث رقم ( ‪. ) 1‬‬
‫***‬
‫‪ - 9‬أبو العالم‬
‫أبو العالم هو األب األول في الروحانيات [ راجع “ األب األول “ ] أي حقيقة محمد‬
‫َّللا عليه وسلم فهو أصل العالم من حيث كونه أصل آدم كذلك الذي هو أبو‬ ‫صلى ّ‬
‫األجسام االنسانية ‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫“ ‪“ 47‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫َّللا‬
‫“ األب األول في الروحانيات ‪ .‬وهو أبو آدم وأبو العالم ‪ ،‬وهو حقيقة محمد صلى ّ‬
‫عليه وسلم وروحه ‪ ( “ . . .‬كتاب االسفار ص ‪.) 23‬‬

‫‪ - 10‬أبو الورثة‬
‫يرتبط هذا المصطلح في مضمونه “ باألب األول “ و “ أبي األرواح “ [ راجع هذين‬
‫يفرع الوجود‬‫المصطلحين في هذا المعجم ] ‪ ،‬حيث يتضح ان الشيخ ابن العربي ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ ،‬فأول‬‫الروحي من نقطة وجودية واحدة هي “ روح محمد “ صلى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم وأول نبي في الوجود [ ال في الظهور ]‬ ‫موجود بالروح هو محمد صلى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ‪1‬‬
‫هو محمد صلى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم أول نبي ‪ ،‬فكل نبي ظهر بعد ذلك من آدم‬ ‫وانطالقا من كون محمد صلى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم هو وارث للعلم المحمدي ‪ ، 2‬وبالتالي كل ولي‬ ‫إلى زمن محمد صلى ّ‬
‫وارث كذلك للعلم المحمدي ‪ .‬فيكون “ روح محمد “ هو ابا الورثة ‪ ،‬والممد بعلمه لكل‬
‫وارث له ‪ [ ، 3‬راجع “ أب “ المعنى “ الخامس ‪“ ] .‬‬
‫يقول الشيخ األكبر ‪:‬‬
‫َّللا عليه وسلم ألنه كان نبيا وآدم بين‬‫“ ‪ . . .‬فآدم ومن دونه انما هو وارث محمد صلى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم وال آدم‬
‫الماء والطين ‪ ، 4‬لم يكن بعد موجودا ‪ ،‬فالنبوة لمحمد صلى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم أبو الورثة من آدم إلى خاتم االمر من الورثة ‪،‬‬ ‫‪ . . . 5‬ومحمد صلى ّ‬
‫فكل شرع ظهر وكل علم انما هو ميراث محمدي في كل زمان ورسول ونبي من آدم‬
‫َّللا آدم األسماء كلها ‪. . . 7‬‬
‫إلى يوم القيامة ‪ ،‬ولهذا أوتي جوامع الكلم ‪ 6‬ومنها علم ّ‬
‫“ ( ف ‪- 457 ) . 456 / 3‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬راجع “ وجود “ و “ ثبوت “‬
‫) ‪( 2‬راجع “ انسان كامل “ و “ الحقيقة المحمدية ‪“ .‬‬
‫) ‪( 3‬راجع “ الحقيقة المحمدية ‪“ .‬‬
‫) ‪( 4‬إشارة إلى الحديث “ كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد “ انظر فهرس األحاديث‬
‫حديث رقم ) ‪( 2‬‬

‫‪47‬‬
‫“ ‪“ 48‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 5‬راجع “ الحقيقة المحمدية ‪“ .‬‬
‫) ‪( 6‬إشارة إلى الحديث “ بعثت بجوامع الكلم “ انظر فهرس األحاديث حديث رقم‬
‫)‪(3‬‬
‫علَى ْال َمالئِّ َك ِّة ‪/ 2 (“ . . .‬‬
‫ض ُه ْم َ‬ ‫علَّ َم آ َد َم ْاألَسْما َء ُكلَّها ث ُ َّم َ‬
‫ع َر َ‬ ‫) ‪( 7‬إشارة إلى اآلية” َو َ‬
‫‪. ) 31‬‬

‫‪ - 11‬األثر ‪ -‬المؤثّر ‪ -‬المؤثر فيه‬


‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الهمزة والثاء والراء له ثالثة أصول ‪ :‬تقديم الشيء ‪ ،‬وذكر الشيء ‪ ،‬ورسم الشيء‬
‫الباقي “ ‪. 1‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫لقد ورد في التنزيل العزيز لفظ “ أثر ‪“ :‬‬
‫‪ - 1‬من أصل آثر تفيد تقديم الشيء ألهميته وتفضيله كما ورد في األصل األول لمعنى‬
‫األثر في اللغة ‪َ ”.‬وآث َ َر ْال َحياة َ ال ُّد ْنيا “( ‪/ 38 ) . 79‬‬
‫ع ِّج ْلتُ إِّلَي َْك َربّ ِّ ِّلت َ ْرضى‬
‫على أَث َ ِّري َو َ‬ ‫‪ - 2‬بمعنى االقتفاء واالقتداء ‪ ”:‬قا َل ُه ْم أ ُ ِّ‬
‫والء َ‬
‫آثار ِّه ْم ُم ْقتَدُونَ ) ‪“( 43 / 23‬‬ ‫على ِّ‬ ‫على أ ُ َّم ٍة َو ِّإنَّا َ‬
‫“( ‪ِّ ”) 84 / 20‬إنَّا َو َج ْدنا آبا َءنا َ‬
‫ت‬
‫آثار َر ْح َم ِّ‬
‫ظ ْر ِّإلى ِّ‬ ‫عرفت اللغة األصل الثالث اي رسم الشيء الباقي ”‪ .‬فَا ْن ُ‬ ‫‪3 -‬كما ّ‬
‫ض بَ ْع َد َم ْوتِّها “( ‪) 50 / 30‬‬ ‫ْف يُ ْحي ِّ ْاأل َ ْر َ‬
‫َّللا َكي َ‬
‫َّ ِّ‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫األثر هو النتيجة الحاصلة من الحركة بين المؤثر والمؤثر ‪ 2‬فيه اي بين الفاعل‬
‫والمنفعل أو بين العلة والمعلول ‪.‬‬
‫لقد أرجع الشيخ ابن العربي األثر إلى مقولتي ‪ :‬الفعل واالنفعال ‪.‬‬
‫****‬

‫المؤثر هو العلة أو الفاعل ‪ ،‬وفي تركيب الشيخ ابن العربي الفكري المشبع بالوحدة‬
‫تتوحد المؤثرات في مؤثر واحد ‪ ،‬وتنتظم االفعال في فاعل واحد حقيقي تصدر‬

‫‪48‬‬
‫“ ‪“ 49‬‬

‫َّللا ‪. 3‬‬
‫عنه كل االفعال اذن ‪ :‬المؤثر على كل حال وبكل وجه وفي كل حضرة هو ّ‬
‫ينتج مما تقدم وحدة المؤثر التي ستظهر في وجهين ‪:‬‬
‫َّللا ‪.‬‬
‫‪ - 1‬الوضوح ‪ :‬اي يتضح بجالء ان المؤثر هو ّ‬
‫‪ - 2‬التضمين ‪ :‬اي ان الظاهر يوحي بان الفعل والتأثير ممكن بين موجودين وهذا‬
‫مناف لتفكير الشيخ األكبر ‪ ،‬فالموجود ال يؤثر مطلقا ألنه خلق وقد يؤثر بالمرتبة ال‬
‫َّللا ‪ [ .‬فالمؤثر هو‬
‫بالذات في موجود غيره ‪ ،‬ولكن الفاعل الحقيقي في كل ذلك هو ّ‬
‫الحق ‪ ،‬أو نسبة عدمية يفعل من خاللها الحق ‪. ] 4‬‬
‫****‬
‫المؤثر فيه على كل حال وبكل وجه وفي كل حضرة هو العالم اي الخلق ‪ .‬وكل تأثير‬
‫يظهر من ممكن ينافي أصله ‪ 5‬فيجب التدقيق في هذا التأثير واعادته إلى حضرته ‪،‬‬
‫اي إلى الحق ألنه الفاعل الحقيقي والمؤثر الواحد ‪.‬‬
‫على أن اثنينية المؤثر والمؤثر فيه ليست سوى ثنوية صفات لحقيقة واحدة ال انقسام‬
‫فيها ‪ ،‬وليست بحال من األحوال ثنوية جوهرية تفترض وجود جوهرين متمايزين ‪:‬‬
‫جوهر فاعل وآخر منفعل ‪ ،‬وليس هناك ما يمنع القائل بوحدة الوجود ان يقول بثنوية‬
‫الصفات في الحقيقة الوجودية الواحدة ‪ .‬كما قال سبينوزا بوصفي االمتداد والعقل في‬
‫الجوهر الواحد الذي هو أصل جميع الموجودات ‪. 6‬‬
‫يقول شيخنا األكبر ‪:‬‬
‫“ ) ‪( 1‬ان االمر ينقسم إلى مؤثر ومؤثر فيه وهما عبارتان ‪ :‬فالمؤثر بكل وجه وعلى‬
‫َّللا ‪ .‬والمؤثر فيه بكل وجه وعلى كل حال وفي كل‬ ‫كل حال وفي كل حضرة هو ّ‬
‫حضرة هو العالم ‪ ( “ . . . 7‬فصوص ‪) 183 / 1‬‬
‫“ والمؤثر واحد والتأثير مختلف بحسب القوابل “ ( بلغة الغواص ص ‪) 35‬‬
‫“ ) ‪( 2‬فعلى الحقيقة ال أثر لموجود في موجود وانما األثر للمعدوم ‪ 8‬في الموجود‬
‫وفي المعدوم ‪ ،‬الن األثر للنسب كله وليست النسب اال أمورا عدمية يظهر ذلك بالبديهة‬
‫في احكام المراتب ‪ :‬كمرتبة السلطنة ‪ . . .‬فيحكم السلطان في السوقة بما تريد رتبة‬
‫السلطنة وليس للسلطنة وجود عيني ( “ ‪ . . .‬ف ‪) . 452 / 3‬‬
‫“ فإنه ال تأثير له [ للعالم ] من ذاته ‪ ،‬وانما الحق سبحانه جعل لكل شيء منه مرتبة في‬
‫التأثير والتأثر على حد معلوم ‪ . . .‬ومكن سبحانه كل ذي مرتبة من مرتبته ‪ . . .‬تمكينا‬
‫يبقيه عليهم ما شاء ويعزلهم عنه إذا شاء ‪ ،‬وعبر سبحانه عن‬

‫‪49‬‬
‫“ ‪“ 50‬‬
‫هذا التمكين باالذن ‪ . . . 9‬فبيّن سبحانه انه ال تأثير للعالم دونه على سبيل االستقالل ‪،‬‬
‫وانه المؤثر خلف حجاب الوسائط ال بالوسائط “‬
‫(بلغة الغواص ص ص ‪) . 82 - 81‬‬
‫“ ان األسباب ‪ 10‬كلها معدات ‪ 11‬ال مؤثرات ‪ ،‬والمؤثر انما هو الحق تعالى بقدرته‬
‫عند األسباب ‪ ( “ .‬مراتب التقوى ق ‪ 175‬أ ) ‪.‬‬
‫‪-----‬‬
‫) ‪( 1‬انظر تفصيل ذلك في معجم مقاييس اللغة ‪ .‬أحمد بن فارس مادة “ اثر ‪“ .‬‬
‫) ‪( 2‬فاالثر هو نتيجة للمؤثر والمؤثر فيه ‪ .‬إذا كان المؤثر صفة ( قدرة ‪ -‬علم ) يكون‬
‫األثر عين الصفة ‪ ،‬وفي الوقت نفسه يظهر استعداد القابل ‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ ومن ادعى العلم وال يؤثر فيه ما هو عالم ‪ . . .‬ان العلم له اثر في العالم “ ( ف ‪/ 3‬‬
‫‪) 216‬‬
‫“ فان األثر ما يظهر عن النظر [ في اللوح المحفوظ ] بل عن استعداد القابل “ ( ف ‪3‬‬
‫‪ ) 322 /‬يراجع النفري ‪ :‬المواقف والمخاطبات طبع اربري القاهرة ‪ . 1934‬فهرس‬
‫المصطلحات الفنية كلمة “ اثر ‪“ .‬‬
‫َّللا بكل‬
‫َّللا وليس الذات اإللهية الخالية من النسب والصفات ‪ ،‬بل ّ‬ ‫) ‪( 3‬ان الفاعل هو ّ‬
‫النسب والصفات واإلضافات التي تغني مفهوم األلوهية ‪ .‬ولذلك عندما يقول الشيخ ابن‬
‫العربي امر عدمي يقصد به كذلك من الحضرة اإللهية ‪ :‬الصفات والنسب التي هي‬
‫أمور عدمية وهذا سبقه اليه الغزالي[راجع في معجم الغزالي األب فريد جبر كلمة‬
‫"اثر"‬
‫ويستقيم عندها هذا التناقض الذي يخيل لالنسان من تضارب المؤثر عند الشيخ ابن‬
‫َّللا من حيث الصفة التي هي امر‬‫َّللا ‪ :‬فيكون ّ‬‫العربي فحينا امر عدمي وأحيانا ّ‬
‫عدمي ‪ .‬أو الخلق من حيث نسبة أو مرتبة أو صفة هي أمر عدمي يفعل عنده الحق‬
‫حقيقة ‪.‬‬
‫َّللا “ “ اسم الهي “ “ الصفة ‪“ .‬‬
‫راجع ‪ّ “ :‬‬
‫) ‪( 4‬يبين الشيخ ابن العربي في الفصوص ان الفاعل الحقيقي والمؤثر في كل حال‬
‫َّللا ‪ ،‬بينما في الفتوحات يؤكد ان المؤثر هو امر عدمي أو نسبة وانه ال‬ ‫وبكل وجه هو ّ‬
‫تأثير لموجود قط ‪ ،‬وقد أظهرنا كيف ان االمر العدمي اي المعقول هو في الواقع علة‬
‫ظاهرة يفعل من خاللها الحق حقيقة ‪ ،‬وهذه الفكرة ال ينفرد بها الشيخ ابن العربي بل‬
‫نجدها عند من تقدمه من فالسفة ومتصوفي االسالم وخاصة الغزالي الذي يلخص‬
‫نظرية السببية عند السنة ‪.‬‬
‫) ‪( 5‬من حيث إن الممكن له االفتقار الدائم والثبوت في العدم ‪ .‬فهو في أصله “ ال‬
‫يفعل “ ولذلك يرى الشيخ األكبر ان صيغة االمر الذي أعطاه الحق آلدم ‪ :‬ال تقرب‬
‫الشجرة ‪ .‬هو بمثابة قوله ‪ :‬ال تفارق أصلك في مقابل أمره إلبليس ‪ :‬اسجد آلدم ‪ .‬الذي‬
‫هو بمثابة قوله ‪ :‬فارق أصلك ‪.‬‬
‫‪-----‬‬

‫‪50‬‬
‫“ ‪“ 51‬‬
‫راجع ‪ “ :‬عين ثابتة “ “ إبليس ‪“ .‬‬
‫‪-----‬‬
‫) ‪( 6‬أبو العال عفيفي الفصوص ج ‪ 2‬ص ‪. 262‬‬
‫) ‪( 7‬راجع شروحات أبي العال عفيفي لهذا الفص ج ‪ 2‬ص ص ‪. 267 - 262‬‬
‫) ‪( 8‬راجع “ عدم ‪“ .‬‬
‫) ‪( 9‬راجع “ اذن الهي “‬
‫) ‪( 10‬يميز الشيخ ابن العربي بين السبب والعلة ‪ ،‬ويعطي لذلك مثال ‪ :‬الداء والدواء‬
‫والشفاء ‪ .‬فالدواء سبب والشفاء علة ‪ .‬اذن العلة هي مسبب السبب ‪ .‬يقول ‪. . . “ :‬‬
‫فالعلة اثبات السبب والحق عين السبب ‪ . . .‬وهو مسبب األسباب فخلق الداء والدواء ‪،‬‬
‫وما جعل الشفاء اال له خاصة ‪ .‬فالشفاء علة إلزالة المرض وما كل علة شفاء فكل‬
‫مسبب سبب وما كل سبب مسبب “ ‪ ( .‬ف ‪. “) / 490 2‬‬
‫) ‪ ( 11‬معدات “ تعني ‪ :‬االستعداد والقابلية فهي المعدات لحصول األثر ‪ ،‬فان الفعل‬
‫ال يظهر اال بعد استعداد المؤثر فيه ‪.‬‬

‫‪ - 12‬األيثار ‪1‬‬
‫لم يخرج الشيخ ابن العربي بمفهوم االيثار عن معناه اللغوي ‪ ،‬كما أنه لم يضف جديدا‬
‫على نتاج الصوفية قبله ‪ 2‬على أنه يتفرد بمقدرته الفذة على التمييز بين الكلمات‬
‫المتشابهة المترادفة ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ الوهب في العطاء ‪ :‬هو لمجرد االنعام وهو الذي ال يقترن به طلب معاوضة” ِّإنَّما‬
‫ش ُكورا ً “( ‪ ) 9 / 76‬والكرم ‪ :‬عطاء بعد‬ ‫َّللا ال نُ ِّري ُد ِّم ْن ُك ْم َجزا ًء َوال ُ‬
‫ط ِّع ُم ُك ْم ِّل َو ْج ِّه َّ ِّ‬ ‫نُ ْ‬
‫سؤال ‪ .‬والجود ‪ :‬عطاء قبل السؤال ‪.‬‬
‫والسخاء ‪ :‬عطاء بقدر الحاجة ‪.‬‬
‫وااليثار ‪ :‬عطاؤك ما أنت محتاج اليه في الحال وهو األفضل ‪ -‬وفي االستقبال ‪ -‬وهو‬
‫دون المعطى في الحال ‪ . . .‬ولكل عطاء اسم الهي اال االيثار ‪.‬‬
‫فاّلل تعالى ‪ :‬و ّهاب كريم جواد سخي وال يقال فيه عز وجل مؤثر ‪ ( . . . “ 3‬ف ‪/ 4‬‬ ‫ّ‬
‫‪. ) 263‬‬
‫رغم ان الشيخ ابن العربي لم يغن مفهوم الكلمة كمصطلح ‪ ،‬اال انه بوأها في نظريته‬
‫مكانا مميزا ‪.‬‬
‫سن الخليل القرى ‪ ، 4‬يقول ‪:‬‬ ‫فااليثار يوصل إلى الخلة ‪ ،‬الن االيثار عطاء شامل كما ّ‬

‫‪51‬‬
‫“ ‪“ 52‬‬

‫“ فالجود ‪ :‬عطاؤك ابتداء قبل السؤال ‪ ،‬والكرم ‪ :‬عطاؤك بعد السؤال عن طيب نفس ال‬
‫عن حياء ‪ . . .‬والسخاء ‪ :‬عطاؤك قدر الحاجة للمعطى اليه ال غير ‪ ،‬وااليثار ‪:‬‬
‫عطاؤك ما أنت محتاج اليه ‪ .‬واعلم أن بالعطاء صحة الخلة على ما قيل إلبراهيم عليه‬
‫َّللا تعالى أرسل اليه جبريل على صورة شخص فقال ‪ :‬يا إبراهيم‬ ‫السالم ‪ .‬وذلك ان ّ‬
‫أراك تعطي األوداء واألعداء فقال ‪ :‬تعلمت الكرم من ربي رأيته ال يضيعهم فانا ال‬
‫َّللا تعالى اليه ان ‪ :‬يا إبراهيم أنت خليلي حقا ‪ ( “ . . .‬مواقع النجوم‬ ‫اضيعهم ‪ ،‬فأوصى ّ‬
‫ص ص ‪. ) 98 - 97‬‬
‫‪-----‬‬
‫) ‪( 1‬بالنسبة لمعناها اللغوي والقرآني راجع كلمة “ اثر ‪“ .‬‬
‫) ‪( 2‬يراجع فيما يتعلق بااليثار ‪:‬‬
‫‪-‬التمكين في شرح منازل السائرين ‪ .‬تأليف محمود المنوفي ط ‪ .‬دار النهضة القاهرة‬
‫باب االيثار ص ص ‪. 140 - 137‬‬
‫‪-‬الرسالة القشيرية ‪ ،‬باب الجود والسخاء ص ص ‪ ، 2 - 11511‬السخاء والكرم‬
‫وااليثار ‪.‬‬
‫‪-‬طبقات الصوفية ‪ .‬السلمي ‪ .‬تحقيق نور الدين شريبة ص ص ‪، 122 - 120‬‬
‫‪-‬شفاء السائل لتهذيب المسائل ‪ .‬ابن خلدون نشر األب عبده خليفة ص ‪. 44‬‬
‫‪-‬لطائف االعالم ق ق ‪ 37‬ب ‪ 39 -‬أ ‪ ،‬حيث يتكلم على االيثار وأنواعه وإضافاته‬
‫مثل ‪:‬‬
‫ايثار الشريعة ‪ ،‬ايثار الحقيقة ‪ ،‬ايثار االيثار ‪ ،‬ايثار المالمتيه ‪ ،‬ايثار المتقين ‪. . .‬‬
‫) ‪( 3‬طبعا ال يجوز على الجناب اإللهي االيثار ألنه كيف يعطي ما يحتاج اليه ‪ .‬وهل‬
‫يحتاج عز وجل إلى شيء ؟ !‬
‫) ‪( 4‬راجع “ الخلة “ عند الشيخ ابن العربي ‪.‬‬

‫‪ - 13‬أجير‬
‫ليس لمفرد أجير معنى اصطالحيا عند الشيخ ابن العربي ولكنه يأخذ قيمته من‬
‫مقارنته بالعبد ‪ ،‬فاألجير هو الذي يطلب المعاوضة في حال القيام بالخدمة على حين‬
‫ان العبد ال ينتظر معاوضة ‪ .‬فإذا كان هذا المفرد يعبر عن موقف المخلوق تجاه‬
‫الخالق فبالتالي يتميز األجير من العبد ويكون أدنى منه رتبة ألنه ينتظر بدال عن‬
‫عبادته ‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫“ ‪“ 53‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫صر مجدّا كذلك ال يماثل أجير عبدا ‪ ( “ . . .‬فصوص ‪) 112 / 1‬‬
‫“ ‪ . . .‬فما سبق مق ّ‬

‫‪ – 14‬آدم‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ ( آدم ) أبو البشر ذكر قوم انه أفعل ‪ :‬وصف مشتق من األدمة ولذا منع الصرف ‪.‬‬
‫قال الجواليقي أسماء األنبياء كلها أعجمية اال أربعة ‪ :‬آدم وصالح وشعيب ومحمد ‪،‬‬
‫واخرج ابن أبي حاتم من طريق أبي الضحى عن ابن عباس قال ‪:‬‬
‫انما سمى آدم ألنه خلق من أديم األرض ‪ ،‬وقال الثعلبي التراب بالعبرانية آدم فسمي‬
‫آدم به ‪ ( “ . . . 1‬االتقان في علوم القرآن ‪ .‬جالل الدين السيوطي ج ‪ 2‬ص ص ‪137‬‬
‫‪) . 138 -‬‬
‫“ الهمزة والدال والميم أصل واحد ‪ ،‬وهو الموافقة والمالءمة ‪ . . . 2‬فان قال قائل ‪:‬‬
‫فعلى اي شيء تحمل األدمة وهي باطن الجلد ؟ قيل له ‪ :‬األدمة أحسن مالءمة للّحم من‬
‫البشرة ‪ ،‬ولذلك سمي آدم عليه السالم ألنه اخذ من أدمة األرض ويقال هي الطبقة‬
‫الرابعة ‪ ( “ .‬معجم مقاييس اللغة ‪ .‬مادة “ آدم “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫َّللا‬
‫آدم في القرآن شخصية تاريخية معروفة ‪ ،‬فهو أول افراد الجنس البشري خلقه ّ‬
‫بيديه ‪ ،‬عاش في الجنة ‪ ،‬عصى ربه ‪ ،‬فهبط إلى األرض ‪ ،‬خليفة ‪َ ”. 3‬وقُ ْلنا يا آ َد ُم‬
‫ت َوزَ ْو ُج َك ْال َجنَّةَ َو ُكال ِّم ْنها َرغَدا ً “( ‪ ”) 35 / 2‬فَقُ ْلنا يا آ َد ُم ِّإ َّن هذا َ‬
‫عد ٌُّو لَ َك‬ ‫ا ْس ُك ْن أ َ ْن َ‬
‫عصى آ َد ُم َربَّهُ فَغَوى “( ‪”) 121 / 20‬‬ ‫َو ِّلزَ ْو ِّج َك فَال يُ ْخ ِّر َجنَّ ُكما “( ‪َ ”) 117 / 20‬و َ‬
‫عد ٌُّو ) ‪“ ( 2 / 36‬‬ ‫ض َ‬ ‫ض ُك ْم ِّلبَ ْع ٍ‬
‫طوا ‪4‬بَ ْع ُ‬ ‫َوقُ ْلنَا ا ْهبِّ ُ‬
‫ولما كان آدم أول افراد الجنس البشري ‪ ،‬كان جميع البشر أبناءه ولذلك عندما يتوجه‬
‫الحق عز وجل إلى البشر كثيرا ما يخاطبهم بنسبهم ‪ ”.‬يا بَنِّي آ َد َم ‪ (* “ . . .‬األعراف‬
‫اآليات ‪) 35 ، 31 ، 27 ، 26‬‬

‫‪53‬‬
‫“ ‪“ 54‬‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪: 5‬‬


‫*ان “ ادم “ عند الشيخ ابن العربي هو تلك الشخصية ‪ 6‬التي سبق الكالم عليها في‬
‫القرآن ‪. 7‬‬
‫ولكنه يفارق شخصه المحدد في زمان ومكان معينين لينفرد بأنه رمز للحقيقة االنسانية‬
‫‪ 8‬ولالنسان الكامل ‪ 9‬الذي جمع في حقيقته كل الحقائق المنتشرة في األكوان فهو‬
‫َّللا في األرض ‪ -‬وهو النفس‬ ‫الكون الجامع ‪ ، 10‬وهو روح العالم ‪ 11‬وهو خليفة ‪ّ 12‬‬
‫الواحدة التي خلق منها هذا النوع االنساني ‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ ) ‪( 1‬لما شاء الحق سبحانه من حيث أسماؤه الحسنى ‪ 13‬التي ال يبلغها االحصاء‬
‫‪ 14‬ان يرى أعيانها ‪ ،‬وان شئت قلت إن يرى عينه في كون جامع ‪15‬يحصر االمر‬
‫كله ‪ . . .‬أوجد العالم كله وجود شبح مسوى ال روح فيه ‪ ،‬فكان كمرآة غير‬
‫مجلوة ‪ . . .‬فاقتضى االمر جالء مرآة العالم ‪ ،‬فكان آدم عين جالء تلك المرآة وروح‬
‫‪ 16‬تلك الصورة ‪ . . .‬فسمى هذا المذكور [ آدم ] انسانا وخليفة “ ( فصوص ج ‪ 1‬ص‬
‫ص ‪. ) 50 - 48‬‬
‫َّللا العالم جسدا مسوى ‪ ،‬وجعل روحه آدم عليه السالم ‪ ،‬واعني بآدم وجود‬ ‫“ فأوجد ّ‬
‫العالم االنساني ‪ ( “ . . .‬نقش الفصوص ص ‪. ) 1‬‬
‫َّللا ] آدم ‪ ،‬الذي هو االنسان بالقوة المصورة والمفكرة والعاقلة ‪ ،‬فتميز‬ ‫خص [ ّ‬
‫ّ‬ ‫“ ثم‬
‫[ االنسان بها ] عن الحيوان ‪ ( “ . . .‬ف السفر الثاني فق ‪. ) 362‬‬
‫َّللا ملكوته ‪ . . .‬خلق آدم بيديه من األركان وجعل أعظم جزء فيه‬ ‫كون ّ‬ ‫“ ) ‪( 2‬ولما ّ‬
‫التراب لبرده ويبسه وانزله خليفة في ارضه التي خلق منها “ ( ف ‪. ) 438 / 3‬‬
‫“ ) ‪( 3‬فآدم هو النفس الواحدة التي خلق منها هذا النوع االنساني وهو قوله تعالى ‪”:‬‬
‫اس اتَّقُوا َربَّ ُك ُم الَّذِّي َخلَقَ ُك ْم ِّم ْن نَ ْف ٍس ِّ‬
‫واح َدةٍ َو َخلَقَ ِّم ْنها زَ ْو َجها َوبَ َّ‬
‫ث ِّم ْن ُهما‬ ‫يا أَيُّ َها النَّ ُ‬
‫جاال َكثِّيرا ً َونِّسا ًء[ ‪ ( “ ] 1 / 4‬فصوص الحكم ج ‪ 1‬ص ‪. ) 56‬‬ ‫ِّر ً‬
‫****‬
‫ادم هو صفة الذكورية الفاعلة في مقابل األنثى المنفعلة ‪ ( 17‬حواء ) ‪ ،‬ومحل االجمال‬
‫بالنسبة لمحل التفصيل ( حواء )‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫“ ‪“ 55‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ ) ‪( 1‬فأن هذا الباب مخصوص بابتداء الجسوم االنسانية ‪،‬‬
‫وهي أربعة أنواع ‪:‬‬
‫جسم آدم ‪ ،‬وجسم حواء ‪ ،‬وجسم عيسى ‪ ،‬وأجسام بني آدم ‪،‬‬
‫وكل جسم من هذه األربعة ‪ ،‬نشؤه يخالف نشء [ الجسم ] االخر في السببية ‪ ،‬مع‬
‫االجتماع في الصورة الجسمانية والروحانية ‪ . . .‬وينطلق على كل واحد من هؤالء‬
‫اسم االنسان بالحد والحقيقة ‪ . . .‬فكان نشء جسم آدم في صورته ‪ ،‬كنشء الفاخوري‬
‫فيما ينشئه من الطين والطبخ ‪.‬‬
‫وكان نشء جسم حواء نشء النجار فيما ينحته من الصور في الخشب ‪ .‬فلما نحتها في‬
‫الضلع ‪ ،‬وأقام صورتها ‪ ،‬وسواها ‪ ،‬وعدّلها ‪ . . .‬فقامت ( حواء ) حية ناطقة ‪ ،‬أنثى‬
‫ليجعلها محال للزراعة والحرث لوجود االنبات الذي هو التناسل “ ‪. . .‬‬
‫( ف السفر الثاني فق فق ‪. “ ) 368 - 364‬‬
‫) ‪( 2‬فآدم ‪ ،‬لجميع الصفات ‪ ،‬وحواء لتفريق الذوات ‪ ،‬إذ هي محل الفعل والبذر ‪. . .‬‬
‫“ ( ف السفر األول فقرة ‪. ) 534‬‬
‫*****‬
‫في حين يتبوأ “ آدم “ في المعنى السابق مرتبة االجمال في مقابل “ حواء “ ( ‪ -‬مرتبة‬
‫َّللا عليه‬
‫التفصيل ) ‪ ،‬نرى هنا انه يظهر في مرتبة التفصيل في مقابل “ محمد “ صلى ّ‬
‫وسلم الذي له الجمع ‪.‬‬
‫) ‪( 1‬يأخذ “ آدم “ مرتبة االجمال بالنسبة لحواء ‪ :‬الن الموجودات المجملة فيه تظهر‬
‫من خالل فعله مفصلة فيها ‪.‬‬
‫َّللا عليه وسلم هو أول بالقصد ( ‪ -‬مرتبة اجمال ) ‪ 18‬وان كان‬ ‫) ‪( 2‬محمد صلى ّ‬
‫آخرا في الظهور ‪.‬‬
‫ومن حيث إن آدم هو أول مظهر جمع كل حقائق األكوان فهو تفصيل في مقابل محمد‬
‫َّللا عليه وسلم ‪. 19‬‬
‫صلى ّ‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫َّللا عليه وسلم للجمع ‪ ،‬وآدم للتفريق “ ( ف السفر الثاني فق ‪. ) 237‬‬ ‫“ فمحمد صلى ّ‬
‫كما يفرد الشيخ األكبر الصفحات في كالمه على البسملة ‪.‬‬
‫َّللا عليه وسلم فآدم بداية االمر ومحمد‬
‫ليبين كيف انها تبدأ بآدم وتنتهي بمحمد صلى ّ‬
‫نهايته ‪. 20‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫َّللا عليه وسلم و “ بسم “ هو أبونا آدم ‪ ،‬واعني في مقام‬
‫“ فالرحيم “ هو محمد صلى ّ‬
‫ابتداء االمر‬

‫‪55‬‬
‫“ ‪“ 56‬‬

‫ونهايته “ ( ف السفر الثاني فقرة ‪. ) 229‬‬


‫وواضح من كلمة ابتداء االمر ونهايته ‪ :‬ان آدم هو أول “ ظاهر “ بمجموع الحقائق ‪،‬‬
‫ومحمد خاتم “ الظاهرين “ بمجموع الحقائق ‪. 21‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬ان دائرة المعارف” ‪“ universalis‬أفردت بحثا عن آدم ترى فيه ان آدم في‬
‫العبرية هو اسم جنس وليس اسم علم ‪ ،‬يستعمل دائما مفردا بمعنى “ رجل “ كنوع‬
‫وليس كجنس مذكر ‪.‬‬
‫وان تقريب التوراة كلمة آدم من كلمة “ ادمة “ اي األرض هو في الواقع تقريب لفظي‬
‫ال اشتقاق حقيقي ‪.‬‬
‫راجع ‪ :Ency . Universalis . T L Art . ADAM .-‬وتزيد موسوعة”‬
‫‪“Britannica‬إلى مقالة الموسوعة المتقدم ذكرها ‪ ،‬بان آدم تستعمل في سفر التكون‬
‫لتعيين االنسان األول أبو الجنس البشري وان الكلمتين “ ادمة ‪ “ ( -‬التربة ) و “ آدم‬
‫“ في العبرية قد يرجعان إلى جذر يشير إلى االحمرار ‪.‬‬
‫انظر ) ‪ :Ency . Britannica . Art . ADAM .( 2‬يقول الدكتور عبد الكريم‬
‫اليافي ‪:‬‬
‫“ أرى ان آدم لفظ يدل على النوع البشري أو المجتمع االنساني ألنه لم يعرف انسان‬
‫منفردا وانما عرف مجتمعا مع غيره ‪ .‬وعلى هذا يكون االشتقاق من معنى الموافقة‬
‫والمالءمة ‪ ،‬وعلى هذا أيضا يمكن شرح لفظ االنسان مشتقا من االنس ‪ ،‬وقد ورد‬
‫أيضا االيسان في اللغة العربية بمعنى االنسان ‪ ،‬وعندئذ يكون اشتقاقه من ايس بمعنى‬
‫وجد فهو الموجود الن وجوده يختلف عن كون الكائنات األخرى ‪“ .‬‬
‫) ‪( 3‬ان خالفة آدم في األرض سابقة لعصيانه ربه ‪ ،‬لذلك فالهبوط الذي تبع المعصية‬
‫َّللا عز وجل ‪َ ”:‬و ِّإ ْذ‬ ‫‪ ،‬هو من ناحية نتيجة لهذه المعصية ‪ .‬ومن ناحية ثانية تحقيق لقول ّ‬
‫ض َخ ِّليفَةً ) ‪“( 2 / 30‬‬ ‫قا َل َرب َُّك ِّل ْل َمالئِّ َك ِّة ِّإ ِّنّي جا ِّع ٌل فِّي ْاأل َ ْر ِّ‬
‫) ‪( 4‬ال يجب ان نربط “ الهبوط “ بمفهوم “ العقاب “ ألنه ورد في التنزيل العزيز‬
‫علَي َْك “( ‪/ 11‬‬
‫ت َ‬‫الم ِّمنَّا َوبَ َركا ٍ‬
‫س ٍ‬ ‫ط ِّب َ‬‫مرتبطا بالسالم والبركات ‪ِّ ”.‬قي َل يا نُو ُح ا ْه ِّب ْ‬
‫عدو “ فليس المقصود فيها البشر بعضهم لبعض ‪،‬‬ ‫‪ . ) 48‬اما جملة “ بعضكم لبعض ّ‬
‫بل بني آدم من ناحية والشيطان من ناحية أخرى ألنه شمله الهبوط ‪ ،‬وهو عدو‬
‫عد ٌُّو ) ‪. . . “( 20 / 117‬‬ ‫لالنسان بالسند القرآني ”‪.‬فَقُ ْلنا يا آ َد ُم ِّإ َّن هذا َ‬
‫كما أن الشيخ ابن العربي يربط الهبوط هنا بالمكان ال بالمكانة والرتبة ‪ :‬راجع خليفة‬
‫( المعنى الثاني )‬
‫‪( 5 )V : “ Islam , le combat mystique . Jean Duringpp 209 -‬‬
‫“ ) ‪212 ( Adam‬‬

‫‪56‬‬
‫“ ‪“ 57‬‬

‫) ‪( 6‬ينوه شيخنا األكبر بوجود مائة الف آدم ‪ ،‬وان كانت الفكرة غير جلية اال اننا من‬
‫خالل نصين سنوردهما نستطيع ان نتبين مراده من وجود مائة الف آدم وعالقة ذلك‬
‫َّللا لم يزل وال يزال خالقا ‪ ،‬واآلجال في المخلوق ال في الخلق ‪. . .‬‬ ‫بالخلق ‪ ،‬فان ّ‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ولقد أراني الحق تعالى فيما يراه النائم وانا طائف بالكعبة مع قوم من الناس ال‬
‫اعرفهم بوجوههم ‪ . . .‬فقال لي واحد منهم وتسمى لي باسم ال اعرف ذلك االسم ثم‬
‫قال لي ‪ :‬أنا من أجدادك قلت له ‪ :‬كم لك منذ ‪ .‬فقال ‪ :‬لي بضع وأربعون الف سنة ‪.‬‬
‫فقلت له ‪ :‬فما آلدم هذا القدر من السنين ‪ .‬فقال لي ‪ :‬عن اي آدم تقول عن هذا األقرب‬
‫َّللا خلق‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ :‬ان ّ‬
‫َّللا صلى ّ‬
‫إليك أو عن غيره ؟ فتذكرت حديثا عن رسول ّ‬
‫مائة الف آدم ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 549 ) . 3‬‬
‫كما يروي الشيخ ابن العربي هذه الرؤيا للنبي إدريس عليه السالم في معراجه يقول ‪:‬‬
‫“ قلت [ الشيخ ابن العربي للنبي إدريس ] ‪ :‬رأيت في واقعتي ‪ . . . :‬شخصا بالطواف‬
‫أخبرني انه من أجدادي وسمي لي نفسه فسألته عن زمان موته فقال لي ‪ :‬أربعون الف‬
‫سنة ‪ ،‬فسألته عن آدم لما تقرر عندنا في التاريخ لمدته ‪ .‬فقال لي ‪:‬عن اي آدم تسأل‬
‫عن آدم األقرب ‪.‬‬
‫َّللا وال أعلم للعالم مدة نقف عندها‬
‫فقال [ إدريس عليه السالم ] ‪ :‬صدق ‪ ،‬اني نبي ّ‬
‫بجملتها ‪ ،‬اال انه بالجملة لم يزل خالقا وال يزال دنيا وآخرة ‪ ،‬واآلجال في المخلوق‬
‫بانتهاء المدد ال في الخلق ‪ . . .‬قلت ‪ :‬فعرفني بشرط من شروط اقترابها [ الساعة ]‬
‫فقال ‪ :‬وجود آدم من شروط الساعة ( “ ف ‪) . 348 / 3‬‬
‫‪-‬ان وجود عدة شخصيات تسمى آدم قبل آدمنا الذي ننتسب اليه وارد في الحضارة‬
‫العربية االسالمية ‪.‬‬
‫جاء في لزوميات المعريجائز ان يكون آدم هذا * قبله آدم على اثر آدم‬
‫وشبيه األقوام مثلي أعمى * فهلموا في حندس نتصادمبخصوص الحديث الوارد “ ان‬
‫َّللا خلق مائة الف آدم “ انظر فهرس األحاديث ‪ :‬حديث رقم ‪4‬‬ ‫ّ‬
‫) ‪( 7‬يظهر “ آدم “ كشخص محدد في كثير من النصوص عند الشيخ ابن العربي ‪،‬‬
‫نكتفي بان نشير إلى التالية ‪- :‬ف ‪ - 293 / 2‬ف السفر الثاني فقرة ‪ - 348‬ف ‪/ 3‬‬
‫‪ - 346 ، 341‬ف ‪“ 111 / 4‬‬
‫) ‪( 8‬وللحقيقة االنسانية مظاهر في جميع العوالم ‪ :‬فمظهره األول في عالم الجبروت‬
‫هو الروح الكلي المسمى بالعقل األول فهو آدم وحواء النفس الكلية ‪ . . .‬في عالم‬
‫وحواه الطبيعة ‪. . .‬‬
‫ّ‬ ‫الملكوت هو النفس الكلية التي يولد منها النفوس الجزئية الملكوتية‬
‫وفي عالم الملك هو آدم أبو البشر “ ‪ ( . . .‬شرح فصوص الحكم للقيصري ص‬
‫‪. ) 45‬‬

‫‪57‬‬
‫“ ‪“ 58‬‬

‫) ‪( 9‬راجع “ االنسان الكامل “‬


‫) ‪( 10‬راجع “ الكون الجامع “‬
‫كما يشير الغزالي إلى كون آدم الجامع فيقول ‪:‬‬
‫“ ثم أنعم [ تعالى ] على آدم فأعطاه صورة مختصرة جامعة لجميع أصناف ما في‬
‫العالم حتى كأنه كل ما في العالم ‪ ،‬وهو نسخة من العالم مختصرة ‪ .‬وصورة آدم ‪-‬‬
‫َّللا ‪ .‬فهو الخط اإللهي الذي ليس برقم حروف ‪. . .‬‬ ‫اعني هذه الصورة ‪ -‬مكتوبة بخط ّ‬
‫“ ( مشكاة األنوار ص ‪. ) 71‬‬
‫) ‪( 12‬راجع “ خليفة “‬ ‫) ‪( 11‬راجع “ روح العالم “‬
‫) ‪( 14‬راجع “ أسماء االحصاء ‪“ .‬‬ ‫) ‪( 13‬راجع “ اسم الهي “‬
‫) ‪( 15‬يقول القيصري في شرحه لهذا المقطع من الفصوص “ والكون الجامع هو‬
‫االنسان الكامل المسمى بآدم وغيره ليس له هذه القابلية واالستعداد “ ‪ ( .‬مطلع‬
‫خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم ص ‪) 14‬‬
‫راجع كلمة “ كون جامع ‪“ .‬‬
‫) ‪( 17‬راجع “ أنثى “‬ ‫) ‪( 16‬راجع كلمة “ روح العالم “‬
‫) ‪( 18‬يقول أبو العالء عفيفي ‪:‬‬
‫“ فإذا كان آدم هو االنسان الظاهر المتعين بالوجود الخارجي في صور افراده ‪ ،‬محمد‬
‫َّللا عليه وسلم هو االنسان الباطن المتعين في العالم المعقول ‪ ( “ .‬فصوص‬ ‫صلى ّ‬
‫الحكم ج ‪ 2‬ص ص ‪. ) 324 - 323‬‬
‫وننقل هذا المقطع من كتاب تذكرة الخواص لشيخنا األكبر يقول ‪:‬‬
‫َّللا تعالى آدم الذي هو أنموذج نوع البشر في الوجود الظاهر على‬ ‫“ ‪ . . .‬لما خلق ّ‬
‫الصورة المعنوية والشجرة المحمدية بث فيه سر حروف األسماء ألنهن ظروف‬
‫المعاني ‪ . . .‬فظهر ‪. . .‬‬
‫ان حروف الشجرة المحمدية ناسوت معناه وحجب مس ّماه ‪ .‬الن لسان عقل االسم لفظ‬
‫دال على المسمى وان شئت قل ‪ :‬االسم روح والمسمى حامله ألنه قالب المعنى وخليفة‬
‫ظاهر الباطنية [ الباطن ] المستخلف في الوجود ( “ ‪ . . .‬ص ص ‪) . 39 - 38‬‬
‫كما يراجع ‪ “ :‬االسم “ “ الخالفة ‪“ .‬‬
‫َّللا عليه وسلم في‬
‫) ‪( 19‬كما أن االنسان الكامل في الوجود واحد وهو محمد صلى ّ‬
‫األصل ‪ ،‬ويظهر في صورة كامل الوقت ‪ :‬فلذلك يكون أول مظهر له [ آدم ] تفصيل ‪.‬‬
‫انظر “ االنسان الكامل “‬
‫) ‪( 20‬يراجع الفتوحات السفر الثاني ص ص ‪، 183 - 171‬‬
‫) ‪( 21‬يحاول الشيخ ابن العربي ان يضع حقيقة آدم ( عليه السالم ) في مقابل حقيقة‬
‫َّللا عليه وسلم فدورة فلك‬
‫محمد صلى ّ‬

‫‪58‬‬
‫“ ‪“ 59‬‬

‫َّللا عليه وسلم ‪ .‬وهذا يذكرنا بأن آدم في القرآن‬


‫الملك ابتدأت بآدم وانتهت بمحمد صلى ّ‬
‫كانت رحلته من السماء إلى األرض ‪ ،‬فبعد المعصية “ هبط “ في حين ان محمد صلى‬
‫َّللا عليه وسلم “ عرج “ من األرض إلى السماء ‪ .‬فاكتملت الدورة بنزول “ آدم‬
‫ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ‪.‬‬
‫“ وعروج “ محمد “ صلى ّ‬

‫‪ - 15‬ادم األرواح‬
‫استعمل الشيخ ابن العربي عبارة “ آدم األرواح “ بترادف كلي مع عبارة “ أبو‬
‫األرواح ‪“ .‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا عليه وسلم آدم األرواح ويعسوبها ‪ ،‬كما أن آدم أبو األجساد وسببها “‬
‫“ فهو صلى ّ‬
‫(تذكرة الخواص فقرة ‪) 52‬‬
‫انظر “ أبو األرواح "‬

‫‪ - 16‬ادم الزمان‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫باّلل تعالى المحقق صاحب هذا المقام ‪ ،‬الوارث ‪ 1‬القدم المحمدي ‪2‬‬ ‫“ ‪ . . .‬هو العارف ّ‬
‫الذي يأتي على رأس كل قرن يعل ّم الناس أمور دينهم ‪ ،‬لقوله عليه الصالة والسالم ‪:‬‬
‫َّللا‬
‫يأتي على رأس كل قرن رجل من أمتي ‪ . .‬الخ الحديث ‪ 3‬فهو آدم زمانه ‪ ،‬وخليفة ّ‬
‫َّللا به الوجود “ ‪. .‬‬
‫في ارضه ‪ ،‬رحم ّ‬
‫( رسالة شق الجيوب ق ق ‪. ) 29 - 28‬‬

‫يتضح من النص ان آدم الزمان هو شخص واحد فقط في الزمان الواحد ‪ ،‬وقد يكون‬
‫هو ما يسميه الصوفية والشيخ ابن العربي “ القطب “ ‪ ،‬اال ان ثمة فارقا يميزه عن‬
‫القطب وهو القدمية المحمدية ‪ .‬فقد يكون القطب في الزمان مثال “ عيسويا “ أو‬
‫“ موسويا “ ‪ ،‬اما آدم الزمان أو آدم زمانه فهو محمدي المقام ‪.‬‬

‫َّللا عليه وسلم ويظهر في صورة كامل‬‫فاالنسان الكامل في الوجود هو محمد صلى ّ‬
‫الوقت ‪ ،‬لذلك يرى الشيخ ابن العربي ان آدم هو أول تفصيل ‪ ، 4‬وأول مظهر لجمعية‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ ،‬من هنا مفرد آدم الزمان ‪ ،‬اي التفصيالت الزمانية الظاهر‬
‫محمد صلى ّ‬
‫فيها بالتوالي االنسان الكامل‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫“ ‪“ 60‬‬

‫هذا إلى جانب ما في كلمة آدم من إشارات إلى مفهوم “ الخالفة “ ‪5‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬راجع “ ارث “‬
‫) ‪( 2‬راجع “ محمدي “‬
‫) ‪( 3‬انظر فهرس األحاديث حديث رقم ‪( 5 ) .‬‬
‫) ‪( 4‬راجع “ آدم “‬
‫) ‪( 5‬راجع “ الخالفة "‬

‫ي‬
‫‪ - 17‬اإلذن اإلله ّ‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الهمزة والذال والنون أصالن متقاربان في المعنى ‪ 1‬متباعدان في اللفظ ‪ ،‬أحدهما‬
‫آذن كل ذي اذن ‪ ،‬واالخر العلم وعنهما يتفرع الباب كله ‪ . . .‬واألصل االخر العلم‬
‫واالعالم تقول العرب ‪ :‬قد اذنت بهذا االمر اي علمت ‪ . . .‬والمصدر االذن وااليذان‬
‫وفعله باذني اي بعلمي ويجوز بأمري ‪ ،‬وهو قريب من ذلك ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس‬
‫اللغة مادة “ اذن “ ) ‪.‬‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫) ‪( 1‬وردت كلمة االذن في القرآن بمعنى االمر اإللهي ‪ ،‬أو التيسير اإللهي المنبه إلى‬
‫ضارينَ ِّب ِّه ِّم ْن أ َ َح ٍد ِّإ َّال ِّبإِّ ْذ ِّن َّ ِّ‬
‫َّللا‪“ ( 2 / 2‬‬ ‫َّللا ‪َ ”.‬وما ُه ْم ِّب ِّ ّ‬ ‫الفاعل الحقيقي ‪ ،‬الذي هو ّ‬
‫َّللا‪ ”) 49 / 3 ( “ 3‬ما قَ َ‬
‫ط ْعت ُ ْم‬ ‫ص َوأ ُ ْحي ِّ ْال َم ْوتى بِّإِّ ْذ ِّن َّ ِّ‬ ‫ئ ْاأل َ ْك َمهَ َو ْاألَب َْر َ‬ ‫”) ‪َ 102‬وأُب ِّْر ُ‬
‫َّللا‪“ ( 59 / 5 ) 4‬‬ ‫صو ِّلها فَبِّإِّ ْذ ِّن َّ ِّ‬ ‫على أ ُ ُ‬ ‫ِّم ْن ِّلينَ ٍة أ َ ْو ت َ َر ْكت ُ ُموها قائِّ َمةً َ‬
‫) ‪( 2‬بمعنى العلم واالعالم ‪:‬‬
‫سو ِّل ِّه‪“ ( 2 / 279 ) 5‬‬ ‫ب ِّمنَ َّ ِّ‬
‫َّللا َو َر ُ‬ ‫( أ )” فَإِّ ْن لَ ْم ت َ ْفعَلُوا فَأْذَنُوا ِّب َح ْر ٍ‬
‫ضام ٍر “ ( ‪ ”) 27 / 22‬فَإِّ ْن‬ ‫ِّ‬ ‫على ُك ِّّل‬ ‫جاال َو َ‬ ‫وك ِّر ً‬ ‫ج يَأْت ُ َ‬‫اس ِّب ْال َح ّ ِّ‬
‫( ب )” َوأَذّ ِّْن ‪ِّ 6‬في النَّ ِّ‬
‫سواءٍ ) ‪“ ( 21 / 109‬‬ ‫على َ‬ ‫ت َ َولَّ ْوا فَقُ ْل آذَ ْنت ُ ُك ْم ‪َ 7‬‬

‫‪60‬‬
‫“ ‪“ 61‬‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫*االذن اإللهي ‪ :‬هو التمكين اإللهي الذي يحفظ على المحل المرتبة أو الصفة الفاعلة ‪،‬‬
‫َّللا من الفعل‬
‫أو تمكين المؤثر من التأثير في مرتبته ‪ .‬فالعلة ال تستقل بالفعل بل يمكنها ّ‬
‫‪ ،‬وهذا التمكين يعبر عنه باالذن اإللهي ‪.‬‬
‫فاالذن اإللهي مرتبط ارتباطا مباشرا بمفهوم السبب وفعاليته ‪ ،‬فالسبب أو العلة ليسا‬
‫َّللا يخلق الفعل عندهما ‪ ،‬فيخيل للناظر ان‬
‫كافيين لوجود المسبب أو المعلول ‪ ،‬بل إن ّ‬
‫َّللا هو الفاعل عند وجود السبب ‪8‬‬ ‫السبب هو الذي فعل فعله بالمسبّب ‪ ،‬وفي الواقع ان ّ‬
‫فالمشاهد يؤخذ بالتوالي شبه الحتمي للمسبّب عن السبب ‪ ،‬فيظن ان األثر للسبب ‪ ،‬وما‬
‫َّللا للسبب سوى ‪ :‬االذن اإللهي ‪.‬‬
‫هذا التوالي الذي يحفظه ّ‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ واعلم أن العالم ‪ . . .‬ال تأثير له من ذاته ‪ ،‬انما الحق سبحانه جعل لكل شيء منه‬
‫مرتبة في التأثير والتأثر على حد معلوم ‪ . . .‬وم ّكن سبحانه كل ذي مرتبة من مرتبته‬
‫وجعلهم فيها على مقامات معلومة ‪ ،‬تمكينا يبقيه عليهم ما شاء ويعزلهم عنه إذا شاء ‪،‬‬
‫وعبر سبحانه عن هذا التمكين باالذن وعن عدم التمكين باالذن ‪. . .‬‬
‫فمعنى االذن تمكين المؤثر من التأثير في مرتبته ‪ ،‬ال اإلباحة والتخيير ‪ ،‬ولو كان معناه‬
‫َّللا ‪“[ 2 / 102 ] . . .‬‬ ‫ضارينَ ِّب ِّه ِّم ْن أ َ َح ٍد ِّإ َّال ِّبإِّ ْذ ِّن َّ ِّ‬
‫التخيير لما قال” َوما ُه ْم ِّب ِّ ّ‬
‫فتبين بما ذكرناه ان افعال الخلق كلها باذنه ‪ ،‬الذي هو تمكينه لهم وابقاء مرتبة التأثير‬
‫َّللا وان تأثير األكوان من حيث ابقاؤه عليها مرتبة التأثير‬ ‫عليهم ‪ . . .‬انه ال فاعل اال ّ‬
‫التي وهبها لها ‪ ( “ . . .‬بلغة الغواص ص ص ‪. ) 83 / 81‬‬
‫****‬
‫االذن اإللهي ‪ :‬هو االمر اإللهي الظاهر باالستعداد في المسبّب وهو صنو المشيئة في‬
‫تكوين القدر ‪.‬‬
‫) ‪( 1‬يستعمل الشيخ ابن العربي كلمة االذن اإللهي مراد فالالمر ‪ ،‬وهو مشابه‬
‫للمعنى األول ‪ ،‬الن االمر هو تمكين الهي يؤثر من خالله المؤثر في المؤثر فيه ‪.‬‬
‫على أ ُ ُ‬
‫صو ِّلها فَبِّإِّ ْذ ِّن َّ ِّ‬
‫َّللا‬ ‫ط ْعت ُ ْم ِّم ْن ِّلينَ ٍة أ َ ْو ت َ َر ْكت ُ ُموها قائِّ َمةً َ‬ ‫يقول في تفسيره لآلية ‪ ”:‬ما قَ َ‬
‫] ‪“[ 59 / 5‬واالذن ‪ :‬االمر اإللهي ‪ .‬امر بعض الشجر ان تقوم فقامت ‪ ،‬وامر بعض‬
‫الشجر ان‬

‫‪61‬‬
‫“ ‪“ 62‬‬

‫َّللا لها في هذه الصورة كاالستعداد‬ ‫َّللا ال بقطعهم ‪ . . .‬فان اذن ّ‬‫تنقطع فانقطعت باذن ّ‬
‫َّللا ‪ ،‬يعني للشجرة‬‫في الشيء ‪ ،‬فالشجرة مستعدة للقطع فقبلته من القاطع فقوله ‪ :‬فباذن ّ‬
‫كقوله “ فيكون طائرا باذني ‪ ( “ . . .‬ف ‪.) 143 -142 / 2‬‬
‫“ فيقوم [ الطائر ] حيّا باالذن اإللهي ‪ ،‬الساري في تلك النفخة [ نفخة عيسى ] وفي‬
‫ذلك الهواء ‪ .‬ولوال سريان االذن اإللهي ‪ ،‬ما حصلت حياة في صورة أصال‬
‫“ ( الفتوحات السفر الثالث فق ‪. ) 1 - 44‬‬
‫) ‪ ( 2‬كما أن الشيخ األكبر يجعل القدر وجهين ‪:‬‬
‫َّللا واذن به فكان ‪.‬‬
‫مشيئة واذن ‪ ،‬فالقدر هو ما شاء ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ان تهلك أمته كما هلكت األمم قبلها بنسيان القدر‬ ‫يقول ‪ “ :‬حذّر صلّى ّ‬
‫الذي هو المشيئة واالذن ‪ ، 9‬إذ النفوس شديدة التعلق واالنس باألسباب ‪ ( “ . . .‬بلغة‬
‫الغواص ص ‪. ) 85‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬لبيان تقارب األذن واالذن البد لنا من أن نشير عرضا إلى بالغة اللغة العربية‬
‫حين اشتقت عضو السمع وهو األذن من لفظ اإلذن ‪ ،‬بمعنى العلم من أصل واحد ‪ ،‬إذ‬
‫تكشف البحوث السيكولوجية عن هذه العالقة الوثيقة ‪ ،‬فحاسة السمع عقلية ولها أهمية‬
‫كبيرة في تلقي العلم لمزاياها الموضوعية المتعددة ‪.‬‬
‫) ‪( 2‬راجع البيضاوي شرح اآليتين ‪ 97 / 2‬و ‪ 102 / 2‬حبث يجد ان االذن هو‬
‫االمر اإللهي أو التيسير ( أنوار التنزيل ج ‪ 1‬ص ص ‪) 33 - 32‬‬
‫) ‪( 3‬قال البيضاوي في شرحه لآلية ‪ 49‬من سورة آل عمران ما يلي “ ‪ :‬فيصير‬
‫َّللا تعالى ال منه [ عيسى ] ‪ . . .‬كرر‬ ‫َّللا نبه به على أن احياءه من ّ‬ ‫[ الطير ] حيا بأمر ّ‬
‫َّللا دفعا لتوهم األلوهية فان االحياء ليس من جنس االفعال البشرية “ ( أنوار‬ ‫باذن ّ‬
‫التنزيل ج ‪ 1‬ص ‪) 67‬‬
‫) ‪( 4‬انظر أنوار التنزيل ج ‪ 2‬ص ‪255‬‬
‫) ‪( 5‬انظر أنوار التنزيل ج ‪ 1‬ص ‪60‬‬
‫) ‪( 6‬اذن ‪ -‬اعلم ‪ .‬ومن هنا كان اآلذان [ في وقت الصالة ] هو االعالم ‪.‬‬
‫) ‪( 7‬آذنتكم ‪ :‬أعلمتكم‬
‫) ‪( 8‬راجع “ اثر “‬

‫‪62‬‬
‫“ ‪“ 63‬‬

‫) ‪( 9‬يعرف الحاتمي القدر قائال ‪:‬‬


‫“ والقدر ‪ :‬توقيت ما هي عليه األشياء في عينها من غير مزيد ( “ فصوص ‪/ 1‬‬
‫‪ ) 131‬وفي هذا التعريف إشارة إلى المشيئة واالذن ‪ .‬من حيث إن المشيئة هي ‪ :‬ما‬
‫هي عليه األشياء في عينها ‪.‬‬
‫واالذن ‪ :‬هو التوقيت ‪ .‬راجع “ مشيئة “ ‪.‬‬

‫‪ – 18‬ارض‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ فكل شيء يسفل ويقابل السماء [ هو ارض ] يقال ألعلى الفرس سماء ولقوائمه‬
‫ارض ‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫فريا واما ارضه فمحو‬ ‫وأحمر كالديباج اما سماؤه *** ّ‬
‫لسماؤه ‪ :‬أعاليه ‪ ،‬وارضه ‪ :‬قوائمه واألرض ‪ :‬التي نحن عليها “‬
‫( معجم مقاييس اللغة مادة ارض ) ‪.‬‬
‫“ واألرض أيضا أسفل قوائم الدابة وكل ما استقر عليه قدماك وكل ما سفل ‪. . .‬‬
‫“ ( محيط المحيط ‪ .‬بطرس البستاني ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫لقد وردت كلمة ارض في القرآن دائما مفردة ‪ ،‬فلم تجمع وان كانت قد أضيفت إلى لفظ‬
‫الجاللة وإلى “ ضمير متصل ‪“ .‬‬
‫َّللا “ “ ارضي “ “ أرضكم “ “ ارضنا “ “ ارضهم ‪“ .‬‬ ‫“ ارض ّ‬
‫وفي أكثر األحيان نجد “ األرض “ في مقابل “ السماء “ ‪ ،‬وهي لم تخرج عن كونها‬
‫تشير إلى األرض التي يعيش عليها االنسان ‪.‬‬
‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫لقد وردت كلمة “ ارض “ عند الشيخ ابن العربي في صيغة المفرد والجمع ‪، 1‬‬
‫واتخذت عدة معان ‪:‬‬
‫****‬
‫األرض هي صفات الخلق في مقابل صفات الحق ( سماء ) ‪ ،‬والسفل ‪ 2‬في مقابل‬
‫العلو ( سماء ) ‪ ،‬وعالم الفساد في مقابل عالم الصالح ( سماء ) ‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫“ ‪“ 64‬‬

‫يقول ‪:‬‬
‫) ‪“ ( 1‬فان كنت سماء مع بقاء ارضيتك عليك في مقامها ‪ ،‬وذلك هو الكمال ‪ ،‬فإنه من‬
‫علَيْها ٍ‬
‫فان “[ ‪/ 55‬‬ ‫َّللا من يفني عينها [ عين ارضه ] لقوله تعالى ”‪ُ :‬ك ُّل َم ْن َ‬ ‫رجال ّ‬
‫‪ ] 26‬فالعارف انتقل من ظهرها إلى بطنها ‪ ،‬فما فني عنها بل تحقق بها ‪ ،‬كذلك فليكن‬
‫[ فلتكن ] “( ف ‪. ) 433 / 4‬‬
‫يظهر من هذا النص كيف ان ارض العارف هي ‪ :‬صفات الخلق فيه المقابلة لصفات‬
‫الحق فيه ‪ ،‬ويريد الشيخ ابن العربي ان ينفي فناء االنسان عن صفاته ويوجب التحقق‬
‫بها ‪ ( .‬انظر “ فناء “ ) ‪.‬‬
‫َّللا تعالى ‪ 3‬انه ما خلق “ السماوات “ وهو كل عالم علوي ‪،‬‬ ‫) ‪“ ( 2‬كما قال ّ‬
‫“ واألرض “ وهو كل عالم سفلي ‪ ،‬السماء من عالم الصالح واألرض من عالم الفساد‬
‫‪ ،‬ومنه اشتقت اسم األرضة لما تفسده في الثياب والورق والخشب ‪ ،‬ويسمى أيضا‬
‫السوس والعث ‪ “ .‬وما بينهما اال بالحق ‪ ( “ . . .‬ف ‪.” ) 285 / 2‬‬
‫ط ْوعا ً َو َك ْرها ً‪ 4‬ولست اعني بالسماء هذه‬
‫ض َ‬ ‫ت َو ْاأل َ ْر ِّ‬‫سماوا ِّ‬‫ّلل يَ ْس ُج ُد َم ْن ِّفي ال َّ‬
‫" َو ِّ َّ ِّ‬
‫المشهودة المعلومة فهي إشارة إلى الرفع ‪ ،‬واألرض [ إشارة ] إلى الخفض ‪ . . .‬فقد‬
‫يكون في السماء من هو من أهل األرض ‪ . . .‬وقد يكون في األرض من هو من أهل‬
‫السماء “ ( ف ‪. ) 439 - 438 / 4‬‬
‫****‬
‫األرض هي العالم الذي نعيش على سطحه ‪ 5‬مع بدن االنسان المخلوق منه ‪ -‬وهي‬
‫محل ظهور ‪ 6‬الرزق ‪.‬‬
‫ففي حين ان األرض هي العالم ‪ 7‬الذي نعيش عليه ‪ ،‬ال يغفل الشيخ ابن العربي لحظة‬
‫اننا خلقنا من تراب هذه األرض ‪ ،‬واننا منها وفيها وبالتالي نحن هي‪.‬‬
‫فبدن االنسان أو نشأته البدنية هي “ األرض “ ‪ 8‬التي يعيش فيها ‪ ،‬ويكون بذلك‬
‫كوكب األرض وبدن االنسان مضمونا واحدا لكلمة “ ارض “ ‪ ،‬ويظهر هذا المضمون‬
‫من كالم الشيخ ابن العربي على األرض بأنها محل لظهور االرزاق ‪.‬‬
‫ومحل الظهور هذا ليس اال العالم وبدن االنسان ‪ ،‬يقول‪:‬‬

‫‪64‬‬
‫“ ‪“ 65‬‬

‫“ األرض بما فيها من القبول والتكوين لالرزاق فإنها محل ظهور االرزاق “‬
‫( ف ‪. ) 115 / 4‬‬
‫“ فإذا نظر االنسان إلى نشأته البدنية قامت معه األرض التي خلق منها وجعل منها‬
‫َّللا في العادة من غيرها “‬ ‫غذاءه ‪ ،‬وما به صالح نشأته ‪ ،‬لم يرزقه ّ‬
‫( ف ‪. )249 / 3‬‬
‫****‬
‫األرض هي الخلق في مقابل زينتها ( الحق ) ‪.‬‬
‫ض ِّزينَةً لَها‪ ، 9‬وليس األرض في االعتبار سوى‬ ‫يقول ‪ ”:‬إِّنَّا َجعَ ْلنا ما َ‬
‫علَى ْاأل َ ْر ِّ‬
‫المسمى خلقا ‪ ،‬وليس زينتها ‪ 10‬سوى المسمى حقا ( “ ف ‪) . 250 / 4‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬لقد جمع الشيخ ابن العربي “ ارض “ ‪ “ :‬ارضون “ ( انظر الفتوحات ج ‪3‬‬
‫الرسم في ص ‪ ) 424‬وهو بهذا منسجم مع التعبير العربي السليم ‪ .‬يقول الحريري ‪:‬‬
‫“يقولون في جمع ارض ‪ :‬أراضي ‪ ،‬فيخطئون فيه الن األرض ثالثية ‪ ،‬والثالثي ال‬
‫يجمع على افاعل والصواب ان يقال في جمعها ارضون بفتح الراء “ ‪ ( . . .‬درة‬
‫الغواص في أوهام الخواص ص ‪) 29‬‬
‫والنحويون يدعون هذا الجمع ملحقا بجمع المذكر السالم ‪.‬‬
‫) ‪( 2‬ان “ السفل “ عند الشيخ ابن العربي يتخطى المفهوم المكاني إلى صفة االنفعال‬
‫‪ ،‬فكل “ سفلي “ “ منفعل “ ‪ ،‬راجع “ أم سفلية “ ‪ .‬وهكذا تأخذ األرض مفهوم القابل‬
‫والمنفعل ‪ ،‬وهذا ورد عند السهر وردي واتضح بتوسع عند صدر الدين الشيرازي ‪.‬‬
‫يقول هنري كوربان ‪:‬‬

‫‪65‬‬
‫“ ‪“ 66‬‬

‫ق ‪“( 15 / 85 ) .‬‬ ‫ض َوما بَ ْينَ ُهما إِّ َّال بِّ ْال َح ّ ِّ‬ ‫ت َو ْاأل َ ْر َ‬ ‫سماوا ِّ‬ ‫) ‪( 3‬اآلية ‪َ ”:‬وما َخلَ ْقنَا ال َّ‬
‫ط ْوعا ً َو َك ْرها ً ‪. “( 13 / 15 ) .‬‬ ‫ض َ‬ ‫ت َو ْاأل َ ْر ِّ‬ ‫سماوا ِّ‬ ‫ّلل يَ ْس ُج ُد َم ْن فِّي ال َّ‬
‫”) ‪َ ( 4‬و ِّ َّ ِّ‬
‫) ‪( 5‬ننقل هنا نصا للحكيم الترمذي من كتاب سلوة العارفين وبستان الموحدين ‪ ،‬يظهر‬
‫بصورة تمثيلية وطأة وجود األرض كحي عاقل يقول ‪:‬‬
‫َّللا عليه وسلم قال ‪ :‬ان األرض لتنادي كل‬ ‫َّللا صلى ّ‬ ‫َّللا عنه عن رسول ّ‬ ‫“ عن ثوبان رضي ّ‬
‫َّللا الكلن لحومكم وجلودكم ‪ .‬هذا نداء‬ ‫يوم سبعين مرة يا بني آدم كلوا ما شئتم واشتهيتم فو ّ‬
‫متسخط فيه وعيد ‪ . . .‬فاما األنبياء واألولياء عليهم السالم فال تسخط األرض عليهم بل‬
‫تفرح بكونهم على ظهرها ‪ . . .‬فإذا وجدتهم في بطنها ضمتهم ضمة الوالدة الوالهة‬
‫بولدها ‪ . . .‬فاألرض أذل وأقل من أن تجترىء عليه ‪ . . .‬فإذا كانت النار تخمد لممر عبد‬
‫[ إبراهيم عليه السالم ] فكيف تجترىء األرض على اكله ‪ ( “ . . .‬ص ‪ 227‬طبع‬
‫استانبول ) ‪.‬‬
‫) ‪( 6‬ان األرض هي محل ظهور الرزق ‪ ،‬نشدد على كلمة ظهور ‪ ،‬الن الرزق ال ينحصر‬
‫َّللا ‪ .‬فيكون‬ ‫بما تعطيه األرض من خيرات بل يتعداها إلى ما تتقوم به نشأة االنسان وهو ّ‬
‫العالم أو األرض أو بدن االنسان محال للظهور ‪.‬‬
‫راجع كلمة “ رزق ‪“ .‬‬
‫) ‪( 7‬يقول أبو العال عفيفي في تعليقه على الفص الخامس والعشرين “ ‪:‬فاألرض وما‬
‫يخرج منها من ألوان النبات رمز للعالم “ ( فصوص ‪. ) 298 / 2‬‬
‫) ‪( 8‬ان بدن االنسان هو األرض التي يعيش فيها ‪ ،‬ولكن ال نستطيع ان نقول إنها ارضه‬
‫َّللا [ انظر “ األرض اإللهية الواسعة ] “‬ ‫[ انظر “ أرض االنسان “ ] ‪ ،‬ألنها ارض ّ‬
‫ع َم ًال ‪) “( 18 / 7‬‬ ‫س ُن َ‬ ‫ض ِّزينَةً لَها ِّلنَ ْبلُ َو ُه ْم أَيُّ ُه ْم أَحْ َ‬ ‫علَى ْاأل َ ْر ِّ‬ ‫) ‪( 9‬اآلية ‪ ”:‬إِّنَّا َجعَ ْلنا ما َ‬
‫‪-‬يرى ابن عباس ان زينة األرض هي من عليها من الرجال والنساء ‪ ،‬أو النبات والشجر‬
‫ض )من الرجال والنساء ( زينة لها ) زهرة‬ ‫علَى ْاأل َ ْر ِّ‬ ‫والدواب ‪ِّ (“ :‬إنَّا َجعَ ْلنا ما َ‬
‫لألرض ‪. . .‬‬
‫ض ) من النبات والشجر والدواب والنعيم ( زينة لها ) زهرة‬ ‫علَى ْاأل َ ْر ِّ‬ ‫ويقال ‪ِّ (:‬إنَّا َجعَ ْلنا ما َ‬
‫لألرض ‪ ( “ . . .‬تنوير المقباس من تفسير ابن عباس ‪ -‬المكتبة الشعبية ‪ -‬بيروت ص‬
‫‪. )244‬‬
‫ض‬‫علَى ْاأل َ ْر ِّ‬‫‪-‬اما النسفي فيجد ان زينة األرض هي الصالح من زخرفها“ ‪ِّ ( :‬إنَّا َجعَ ْلنا ما َ‬
‫ِّزينَةً لَها ) اي ما يصلح ان يكون زينة لها وألهلها من زخارف الدنيا وما يستحسن منها ‪“ .‬‬
‫( تفسير النسفي ‪ -‬نشر دار الكتاب العربي بيروت ج ‪ 3‬ص ‪. ) 3‬‬
‫‪-‬اما اللغة فتعرف الزينة ‪ “ :‬الزاء والياء والنون أصل صحيح يدل على حسن الشيء‬
‫سنها عشبها ‪“ .‬‬ ‫وتحسينه ‪ . . .‬وأزينت األرض وازينت وازدانت إذا ح ّ‬
‫(معجم مقاييس اللغة ‪ .‬أحمد بن فارس ) ‪.‬‬
‫‪-‬والشيخ ابن العربي لم يخرج في مفهومه للزينة عن هذا النهج ‪ ،‬يقول في بيان معنى‬
‫“ اعفاء اللحية “ في الحديث الشريف “ احفوا الشارب واعفوا اللحى ‪“ :‬‬
‫َّللا “[ ‪] 32 / 7‬‬ ‫“ فمن فهم من هذا الحكم طلب الزينة اإللهية في قوله” قُ ْل َم ْن َح َّر َم ِّزينَةَ َّ ِّ‬
‫نظر في لحيته ‪ ،‬فان كانت الزينة في توفيرها وان ال يأخذ منها شيئا تركها ‪ ،‬وان كانت‬
‫الزينة‬

‫‪66‬‬
‫“ ‪“ 67‬‬

‫اظهر في أن يأخذ منها قليال حتى تكون معتدلة تليق بالوجه وتزينه اخذ منها “ ‪. . .‬‬
‫( ف ‪. ) 303 / 4‬‬

‫) ‪( 10‬ان كلمة زينة وردت في القرآن مفردة ‪ ،‬ومضافة ‪ ،‬وموصوفة بالجار‬


‫والمجرور الذي هو ضمير يرجع إلى األرض ‪ .‬أضيفت إلى لفظ الجاللة ( ‪) 32/7‬‬
‫وإلى الحياة الدنيا ( ‪ ) 6 / 37 - 46 / 18 - 28 / 18‬وإلى القوم ( ‪/ 87 ) 20‬‬
‫وإلى الضمائر ‪ :‬زينتهن ( ‪ ) 31 / 24‬زينتكم ( ‪ ) 31 / 7‬اما إلى األرض فإنها‬
‫وردت موصوفة بالجار والمجرور الذي هو ضمير يرجع إلى األرض ‪.‬‬
‫ولم ترد سوى مرة واحدة ‪.‬‬
‫وهي اآلية التي أشرنا إليها في الحاشية السابقة ‪.‬‬
‫****‬
‫‪ - 19‬األرض اإللهيّة الواسعة‬
‫َّللا ‪ -‬األرض الواسعة ‪ -‬األرض اإللهية ‪ -‬ارض العبادة‬ ‫المترادفات ‪ :‬ارض ّ‬
‫‪ - 1‬األرض اإللهية الواسعة هي ارض معنوية معقولة غير محسوسة وال محدودة ‪،‬‬
‫تتجلى فيها الربوبية‪.‬‬
‫‪ - 2‬فال يعمرها من العباد اال الذين تحققوا بالعبودية المحضة ّّلل‪.‬‬
‫‪ - 3‬وهي ارض بدن العبد المحض ‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫َّللا من سكن‬ ‫“ ) ‪( 1‬األرض اإللهية الواسعة التي تسع الحدوث والقدم ‪ ،‬فتلك ارض ّ‬
‫ضي وا ِّسعَةٌ فَإِّي َ‬
‫َّاي‬ ‫َّللا وإضافة الحق اليه ‪ ،‬قال تعالى ‪:‬يا ِّعبا ِّديَإِّ َّن أ َ ْر ِّ‬
‫فيها تحقق بعبادة ّ‬
‫ُون‪ ، 4‬يعني فيها ‪ [ 5‬في األرض ] ‪ . . .‬ولهذه األرض البقاء ما هي األرض‬ ‫فَا ْعبُد ِّ‬
‫التي تقبل التبديل ‪ . . .‬وهي ارض معنوية معقولة غير محسوسة وان ظهرت في‬
‫الحس فكظهور تجلي الحق في الصور وتجلّي المعاني في المحسوسات ‪ . . .‬أهل‬ ‫ّ‬
‫العناية ‪ . . .‬يعمرون هذه األرض الواسعة التي ال نهاية لها ‪ ،‬وكل ارض سواها‬
‫فمحدودة ‪ . . .‬وهي مجلى الربوبية “ ‪. . .‬‬
‫(ف ‪. ) 224 / 3‬‬
‫“ ) ‪( 2‬ان ارض بدنك هي األرض الحقيقة الواسعة التي امرك الحق ان تعبده فيها ‪6‬‬
‫‪ ،‬وذلك ألنه ما امرك ان تعبده في ارضه اال ما دام روحك يسكن ارض بدنك ‪ ،‬فإذا‬
‫فارقها اسقط عنك هذا التكليف مع وجود بدنك في األرض مدفونا فيها ‪ ،‬فتعلم ان‬
‫األرض ليست سوى بدنك وجعلها واسعة ‪ :‬لما وسعته من القوى‬

‫‪67‬‬
‫“ ‪“ 68‬‬
‫والمعاني التي ال توجد اال في هذه األرض البدنية االنسانية ‪ . 7‬واما قوله فتها جروا‬
‫فيها ‪ 8‬فإنها محل للهوى ومحل للعقل فتهاجروا من ارض الهوى منها إلى ارض العقل‬
‫منها ‪ .‬وأنت في هذا كله فيها ما خرجت عنها ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 250 - 249 / 3‬‬
‫يظهر من خالل النصين السابقين ان ‪:‬‬
‫األرض ‪ -‬بدن االنسان ( راجع المعنى الثاني لكلمة ارض ) ‪.‬‬
‫َّللا ‪ ،‬من حيث إنها مجلى للربوبية ‪.‬‬ ‫اإللهية ‪ -‬هذه األرض مضافة إلى ّ‬
‫الواسعة ‪ -‬لما وسعته من القوى والمعاني ‪. . .‬‬
‫اذن األرض اإللهية الواسعة ‪ : 9‬هي بدن العبد المحض ‪.‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬ان “ ارض العبادة “ هي “ األرض اإللهية الواسعة “ يظهر ذلك من عنوان‬
‫الباب الخامس والخمسين وثلثماية في الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪ : 247‬في معرفة ‪. . .‬‬
‫ضي وا ِّسعَةٌ فَإِّي َ‬
‫َّاي‬ ‫ِّي الَّذِّينَ آ َمنُوا ِّإ َّن أ َ ْر ِّ‬
‫وارض العبادة واتساعها وقوله تعالى” يا ِّعباد َ‬
‫فَا ْعبُد ِّ‬
‫ُون ‪“.‬‬
‫( إشارة إلى اآلية ‪) 56 / 29‬‬
‫) ‪( 2‬راجع “ ربوبية “‬
‫) ‪( 3‬للشيخ ابن العربي نص في كتاب التراجم ‪ ،‬يقسم فيه األرض أرضين ‪ :‬ارض‬
‫عبادة وارض نعمة وهذا ينسجم تماما مع الخطين الرئيسين للعطاء والرحمة بنظره‬
‫وهما ‪ :‬االستحقاق والمنة ‪.‬‬
‫فكل عطاء أو جزاء أو رحمة اما يستحق للعبد ويكون من باب الوجوب ‪ ،‬واما ان ينعم‬
‫َّللا عليه به ويكون من عين المنة ‪.‬‬ ‫ّ‬
‫“ األرض ارضان ارض عبادة ‪ ،‬وأرض نعمة ‪ . . .‬ارض العبادة التي يرثها‬
‫َّللا تعالى ‪ . . .‬يرثها في العامة ‪ . . .‬ومنها من عين المنة “ ‪. . .‬‬ ‫الصالحون من عباد ّ‬
‫( كتاب التراجم ‪ -‬نشر حيدر اباد ص ‪) 43‬‬
‫كما يراجع ‪ “ :‬المنة واالستحقاق “ في هذا المعجم ‪.‬‬
‫ُون ‪“( 29 / 56 ) .‬‬ ‫َّاي فَا ْعبُد ِّ‬ ‫ضي وا ِّسعَةٌ فَإِّي َ‬ ‫ِّي الَّذِّينَ آ َمنُوا ِّإ َّن أ َ ْر ِّ‬
‫”) ‪( 4‬يا ِّعباد َ‬
‫) ‪( 5‬يضيف الشيخ ابن العربي في النص انه في هذه األرض منذ سنة ‪ 590‬ه حتى‬
‫َّللا فيها من سنة تسعين وخمسماية‬ ‫تاريخ كتابته هذا النص يقول ‪ “ :‬ولي منذ عبدت ّ‬
‫وانا اليوم في سنة خمس وثالثين وستماية “ ( ف ‪. ) 224 / 3‬‬
‫ُون ‪“( 29‬‬ ‫ضي وا ِّسعَةٌ فَإِّي َ‬
‫َّاي فَا ْعبُد ِّ‬ ‫ِّي الَّذِّينَ آ َمنُوا ِّإ َّن أ َ ْر ِّ‬
‫) ‪( 6‬إشارة إلى اآلية” يا ِّعباد َ‬
‫‪/ 56 ) .‬‬
‫) ‪( 7‬إشارة إلى كون االنسان “ نسخة جامعة “ ‪ ،‬و “ كونا جامعا “ و “ صورة‬
‫“ فليراجع كل من الكلمات الواردة في أماكنها ‪.‬‬
‫هاج ُروا فِّيها ‪“( 4 / 97 ) .‬‬ ‫َّللا وا ِّسعَةً فَت ُ ِّ‬
‫ض َّ ِّ‬ ‫) ‪( 8‬إشارة إلى اآلية” قالُوا أ َ لَ ْم ت َ ُك ْن أ َ ْر ُ‬
‫) ‪( 9‬هناك باب خاص في الفتوحات بهذا الموضوع بالتفصيل فلتراجع ( ف ‪ / 3‬ص‬
‫‪ ) 247‬وما بعد ‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫“ ‪“ 69‬‬

‫‪ - 20‬ارض الحقيقة‬
‫المرادفات ‪ :‬مسرح عيون العارفين ‪ ،‬األرض المخلوقة من بقية طينة آدم ‪.‬‬
‫لقد افرد الشيخ األكبر كتابا خاصا ‪ ،‬للكالم على هذه األرض ‪ 1‬كما افرد لها بابا في‬
‫الفتوحات ‪ :‬الباب الثامن ‪ ،‬ننقل منه نصا طويال يبين ماهية هذه األرض وما تحويه من‬
‫الغرائب ‪ ،‬ومن معطيات النص نستطيع ان نستخلص تحديدا ألرض الحقيقة عند الشيخ‬
‫األكبر ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫تكون ‪ ،‬وجعله‬‫َّللا تعالى لما خلق آدم عليه السالم الذي هو أول جسم انساني ّ‬ ‫“ اعلم أن ّ‬
‫أصال لوجود األجسام االنسانية وفضلة من خميرة طينته فضلة خلق منها النخلة ‪ 2‬فهي‬
‫أخت آلدم عليه السالم وهي لنا ع ّمة ‪ . . . 3‬وفضل من الطينة بعد خلق النخلة قدر‬
‫السمسمة في الخفاء ‪ ،‬فم ّد ّ‬
‫َّللا في تلك الفضلة أرضا واسعة الفضاء ‪،‬‬
‫إذ جعل ‪ :‬العرش وما حواه والكرسي والسماوات واألرضون وما تحت الثرى‬
‫والجنات كلها والنار في هذه األرض ‪ .‬كان الجميع فيها كحلقة ملقاة في فالة من‬
‫األرض ‪.‬‬
‫وفيها [ فضلة طينة آدم ] من العجائب والغرائب ما ال يقدر قدره ‪. . .‬‬
‫َّللا ‪ .‬وعظمت عند المشاهد لها قدرته [ تعالى ] وكثير‬‫وفي هذه األرض ظهرت عظمة ّ‬
‫من المحاالت العقلية ‪ ،‬التي قام الدليل الصحيح العقلي على احالتها ‪ ،‬هي موجودة في‬
‫هذه األرض ‪.‬‬

‫وهي مسرح عيون العارفين ‪ . . .‬وإذا دخلها العارفون انما يدخلونها بأرواحهم ال‬
‫بأجسامهم فيتركون هياكلهم في هذه األرض الدنيا ويتجردون ‪ . . .‬وتعطي هذه‬
‫األرض بالخاصية لكل من دخلها الفهم بجميع ما فيها من األلسنة ‪. . .‬‬

‫ودخلت في هذه األرض ‪ :‬أرضا من الذهب األحمر اللين ‪ ،‬فيها أشجار كلها ذهب ‪. . .‬‬
‫ودخلت فيها أرضا من فضة بيضاء في الصورة ذات شجر وانهار وثمر شهي كل ذلك‬
‫فضة ‪ . . .‬ودخلت فيها أرضا من الكافور اال بيض ‪ . . .‬وكل ارض من هذه األرضين‬
‫التي هي أماكن في هذه األرض الكبيرة لو جعلت السماء فيها لكانت حلقة في فالة‬
‫بالنسبة إليها ‪ . . .‬وخلقها [ سكان ارض الحقيقة ]‬

‫‪69‬‬
‫“ ‪“ 70‬‬

‫ينبتون فيها كسائر النباتات من غير تناسل بل يتكونون من ارضها ‪ . . .‬وسرعة‬


‫مشيهم في البر والبحر اسرع من ادراك البصر للمبصر ‪ . . .‬ورأيت في هذه األرض‬
‫بحرا من تراب يجري مثل ما يجري الماء ‪ ،‬ورأيت حجارا صغارا وكبارا يجري‬
‫بعضها إلى بعض كما يجري الحديد إلى المغناطيس فتتألف هذه الحجارة ‪ . . .‬فإذا‬
‫التأمت السفينة من تلك الحجارة رموا [ سكان ارض الحقيقة ] ‪ . . .‬بها في بحر‬
‫التراب وركبوا فيها وسافروا حيث يشتهون ‪. . .‬‬

‫ومدائنها [ مدائن ارض الحقيقة ] ال تحصى كثرة ‪ . . .‬وجميع من يملكها من الملوك‬


‫باّلل ‪ ،‬وكل ما أحاله العقل‬
‫ثمانية عشر سلطانا ‪ . . .‬وأهل هذه األرض أعرف الناس ّ‬
‫بدليله عندنا وجدناه في هذه األرض ممكنا قد وقع ‪ . . .‬فعلمنا ان العقول قاصرة وان‬
‫َّللا قادر على جمع الضدين ‪ ،‬ووجود الجسم في مكانين وقيام العرض بنفسه‬ ‫ّ‬
‫وانتقاله ‪ . . .‬وكل جسد يتشكل فيه الروحاني من ملك وجن وكل صورة يرى االنسان‬
‫فيها نفسه في النوم فمن أجساد هذه األرض “ ‪. . .‬‬
‫( ف ج ‪ 1‬ص ص ‪) 130 - 126‬‬
‫نستخلص من النص السابق ما يلي ‪:‬‬
‫) ‪( 1‬ان هذه األرض فضلة من طينة آدم عليه السالم ‪ ،‬وهذا يجعلها مغايرة لكل‬
‫َّللا جسم آدم الجامع لحقائق العالم ‪، 4‬‬
‫المخلوقات ‪ ،‬ألنها اكتسبت الصفات التي منحها ّ‬
‫سواه الحق عز وجل بيديه ‪ 5‬فتكون هذه األرض‬ ‫ومعلوم ان نشأة جسم آدم من طين ّ‬
‫بتلك الصفة اكتسبت كل االسرار والغموض والعجائب التي يتفنن في وصفها وايرادها‬
‫الشيخ األكبر ومن اتبعه ‪. 6‬‬
‫) ‪( 2‬ان هذه األرض تجمع االضداد حتى المحاالت العقلية في واقعها ‪ :‬فهي من‬
‫ناحية قدر السمسمة في الخفاء ومن ناحية ثانية العرش وما حواه والكرسي والسماوات‬
‫واألرضون كلها فيها كحلقة في فالة ‪ .‬كما أن الداخل إليها يرى الكثير من المحاالت‬
‫العقلية ممكنا قد وقع كوجود جسم في مكانين ‪. . .‬‬
‫َّللا وعظمته ‪ .‬كما يظهر من جملة ‪:‬‬ ‫وهذا الجمع لالضداد هو من مظاهر قدرة ‪ّ 7‬‬
‫َّللا وعظمت عند المشاهد لها قدرته “ ‪. . .‬‬‫“ وفي هذه األرض ظهرت عظمة ّ‬
‫) ‪( 3‬ان هذه األرض بايجاز هي عالم الخيال الذي ندخله بالروح ‪ ،‬عالم الخيال كما‬
‫يفهمه الشيخ ابن العربي ‪ ، 8‬ويظهر ذلك من الجملة التي وردت في النص “ ‪ :‬وإذا‬
‫دخلها [ ارض الحقيقة ] العارفون ‪ ،‬انما يدخلونها بأرواحهم ال بأجسامهم “‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫“ ‪“ 71‬‬

‫اذن هي ليست أرضا محسوسة ‪ ،‬بل هي مسرح عيون العارفين ‪ ،‬انها عالم الخيال ‪،‬‬
‫ويظهر ارتباطها بعالم الخيال من هذه النصوص للشيخ ابن العربي ‪.‬‬
‫يقول ‪ “ :‬وهذا القدر كاف فيما ذهبنا اليه من علم الخيال ‪ .‬وقد تقدم ‪ . . .‬معرفة‬
‫األرض التي خلقت من بقية طينة آدم عليه السالم ‪ . . .‬فالعلم بتلك األرض جزء من‬
‫هذه المسئلة “ ‪ ( .‬ف ‪. ) 313 / 2‬‬

‫“ فالعالم كله في صور مثل منصوبة ‪ ،‬فالحضرة الوجودية ‪ ،‬انما هي حضرة الخيال ثم‬
‫تقسم ما تراه من الصور إلى محسوس ومتخيل والكل متخيل ‪ . . .‬ومن علم ما قررناه‬
‫علم علم األرض المخلوقة من بقية خميرة طينة آدم عليه السالم ‪ ،‬وعلم أن العالم بأسره‬
‫ال بل الموجودات هم ع ّمار تلك األرض وما خلص منها اال الحق تعالى ‪ ( “ . . .‬ف‬
‫‪. ) 525 / 3‬‬

‫“ فلما قرعا [ الناظر بحكم العقل والمقلد التابع للرسول ] السماء الثالثة فتحت فصعدا‬
‫فيها ‪ ،‬فتلقى التابع يوسف عليه السالم ‪ ،‬وتلقى صاحب النظر كوكب الزهرة ‪ . . .‬فجاء‬
‫كوكب الزهرة إلى يوسف عليه السالم وعنده نزيله وهو [ نزيله ] التابع ‪ ،‬وهو‬
‫َّللا به من العلوم المتعلقة بصور التمثل والخيال ‪. . .‬‬
‫[ يوسف ] يلقي اليه ما خصه ّ‬
‫َّللا من بقية طينة آدم عليه السالم ‪ ( “ . . .‬ف‬
‫َّللا بين يديه األرض التي خلقها ّ‬
‫فاحضر ّ‬
‫‪. ) 275 / 2‬‬

‫بعد هذه المالحظات نستطيع ان نحدد ارض الحقيقة بأنها ‪:‬‬


‫أرض بقدر السمسمة تتسع لكل العوالم بقيت من طينة آدم ‪ ،‬كل المحاالت العقلية واقعة‬
‫فيها ممكنة ألنها مظهر لتجلي صفة “ القدرة “ ‪ -‬وهي من “ عالم الخيال “ مسرح‬
‫لعيون العارفين يدخلونها بأرواحهم ‪.‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يقول في كتابه عنقاء مغرب ص ‪: 74‬‬
‫“ واما النبي محمد عليه السالم فإنه اجتمع به [ بختم الوالية ] في األرض التي خلق‬
‫منها آدم عليه السالم ‪ ،‬وفي هذه األرض من العجائب ما يعظم سماعه ‪ . . .‬وقد ذكرت‬
‫هذه األرض وما فيها من العجائب ‪ ،‬وما تحويه من الغرائب في كتاب أفردته لها‬
‫َّللا من العجائب في األرض التي خلقت من بقية طينة‬ ‫سميته بكتاب االعالم بما خلق ّ‬
‫آدم عليه السالم “ ‪.‬‬
‫َّللا من‬
‫اذن الكتاب الذي افرده للكالم على ارض الحقيقة عنوانه “ ‪ :‬االعالم بما خلق ّ‬
‫العجائب في األرض التي خلقت من بقية طينة آدم عليه السالم ‪“ .‬‬
‫يراجع بشأنه عثمان يحي ‪:Hist . et class . Tl p 309 R . G . 281‬‬
‫) ‪a .( 2‬يرى هنري كوربان ان “ النخلة “ هي رمز لألرض السماوية يقول ‪:‬‬

‫‪71‬‬
‫“ ‪“ 72‬‬

‫كما يشير إلى أهمية النخلة ‪ ،‬ويقارن بين “ نخلة مريم “ التي ولدت عيسى تحتها كما‬
‫ورد في القرآن ‪ ،‬وبين النخلة التي هي “ أخت آدم “ ‪ .‬راجع النص الفرنسي ‪:Terre‬‬
‫‪celeste p 214‬‬

‫) ‪( 3‬إشارة إلى الحديث ‪.‬‬


‫“ أكرموا عمتكم النخلة فإنها خلقت من فضلة طينة أبيكم آدم ‪ ،‬وليس من الشجر شجرة‬
‫َّللا تعالى من شجرة ولدت تحتها مريم بنت عمران فاطعموا نساءكم الولّد‬
‫أكرم على ّ‬
‫الرطب فإن لم يكن رطب فتمر “ ‪.‬‬
‫انظر فهرس األحاديث ‪ ،‬حديث رقم ‪( 6 ) .‬‬

‫) ‪( 4‬يراجع كتاب الشيخ ابن العربي “ شجرة الكون “ حيث يقيم مقابلة تامة بين جسم‬
‫االنسان وعالم الملك ‪ .‬ص ص ‪ 11 - 9‬طبع مصر ‪ -‬مكتبة الشمرلي ‪.‬‬
‫) ‪( 5‬يقول الشيخ ابن العربي في الفتوحات السفر الثاني فقرة ‪: 348‬‬
‫َّللا ‪ -‬عز وجل ‪ “ -‬خلق جنة عدن بيده ‪ ،‬وكتب التوراة بيده ‪،‬‬ ‫“ ورد في الخبر ان ّ‬
‫وغرس شجرة طوبى بيده “ ‪ .‬وخلق آدم ‪ ،‬الذي هو االنسان ‪ ،‬بيده فقال ‪ -‬تعالى ‪-‬‬
‫إلبليس ‪ ،‬على جهة التشريف آلدم ‪ -‬عليه السالم ‪ (-‬ما َمنَعَ َك أ َ ْن ت َ ْس ُج َد ِّلما َخلَ ْقتُ بِّيَ َد َّ‬
‫ي‬
‫؟ )( ‪ ) 75 / 38‬راجع بشأن الحديث فهرس األحاديث حديث رقم ‪: ( 7 ) .‬‬

‫) ‪( 6‬لقد وضع هنري كوربان كتابا بعنوان ‪:” Terre Celeste et corps de‬‬
‫‪“Resurrection‬رجع في كتابه هذا إلى الجذور اإليرانية القديمة لفكرة األرض‬
‫السماوية ‪ ،‬وتتابعها في النصوص االسالمية ابتداء من شهاب الدين السهروردي ‪ .‬ت‬
‫‪ 587‬ه ‪ .‬إلى الشيخ عبد القاسم ابراهيمي ولد سنة ‪ 1314‬هـ‪.‬‬
‫وقد افرد القسم الثاني من الكتاب لترجمة نصوص عربية قيمة إلى اللغة الفرنسية‬
‫منها ‪:‬‬
‫‪ - 1‬الباب الثامن من الفتوحات المكية افرده الشيخ ابن العربي ألرض الحقيقة ‪Terre‬‬
‫‪Celeste pp . 213 - 223 .‬‬
‫‪ - 2‬الفصل السادس من مقدمة شرح فصوص الحكم لداود القيصري ( ت ‪ 751‬هـ )‬
‫حيث يتكلم فيها على العالم المثالي ‪ :Terre Celeste pp . 227 - 231-‬فصل‬
‫من كتاب االنسان الكامل لعبد الكريم الجيلي ( ت ‪ 805‬ه ) ( ج ‪ 2‬ص ص ‪- 27‬‬

‫‪72‬‬
‫“ ‪“ 73‬‬

‫‪28‬طبعة القاهرة ‪ 1304‬ه ‪ .‬بعنوان ‪ “ :‬في الخيال وانه هيولى جميع العوالم‬
‫‪. “ )Terre Celeste pp . 237 - 246‬‬

‫) ‪( 7‬يتكلم الجيلي على تجليات الصفات اإللهية في االنسان الكامل الباب الرابع عشر‬
‫‪ ،‬وعندما يصل إلى صفة القدرة يسهب في شرح تجلياتها ‪ ،‬ويجد ان من تجلياتها ‪:‬‬
‫عالم الخيال ‪. . .‬‬
‫وعجائب السمسمة الباقية من طينة آدم ‪ . . .‬يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬ومن هذا التجلي [ تجلي صفة القدرة ] عالم الخيال وما يتصور فيه من غرائب‬
‫عجائب المخترعات ‪ . . .‬ومن هذا التجلي عجائب السمسمة الباقية من طينة آدم الذي‬
‫ذكرها الشيخ ابن العربي في كتابه ‪ ( “ . . .‬االنسان الكامل ج ‪ 1‬ص ‪. ) 41‬‬
‫) ‪( 8‬راجع “ عالم الخيال “ ‪ ،‬كما يقول الجيلي في تعريفها “ ‪ :‬انها اللطيفة التي ال‬
‫َّللا من هذه الطينة‬
‫تفنى على الدوام والمحل الذي ال تمر عليه الليالي واأليام خلقها ّ‬
‫[ طينة آدم ] ‪ . . .‬وجعلها حاكمة على الجميع ‪ . . .‬يجور فيها المحال ويشهد فيها‬
‫بالحس صورة الخيال ‪ . . .‬فقلت [ روح ‪ -‬الجيلي ] ‪ :‬وهل أجد سبيال إلى هذا المحل‬
‫العجيب [ ارض الحقيقة ] والعالم الغريب ‪ .‬فقال [ رجل عزيز السلطان يسمى روح‬
‫الخيال ] ‪ :‬نعم ‪ .‬إذا كمل وهمك وت ّم ‪ ،‬فاتسعت لجواز المحال وتمكنت بمشاهدة الحس‬
‫لمعاني الخيال “ ‪. . .‬‬
‫( االنسان الكامل ‪ -‬الجيلي ج ‪ 2‬ص ‪. ) 27‬‬

‫‪ - 21‬مخاض األرض‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الميم والخاء والضاد أصل صحيح يدل على اضطراب شيء في وعائه مائع ‪ ،‬ثم‬
‫الطلق ‪ .‬وهذا أيضا على معنى التشبيه‬ ‫يستعار ‪ . . .‬والماخض ‪ :‬الحامل إذا ضربها ّ‬
‫كأن الذي في جوفها شيء مائع يتم ّخض “ ‪. . .‬‬
‫( معجم مقاييس اللغة ‪ .‬مادة “ مخض “ ‪. ) .‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫ورد لفظ “ المخاض “ في المعنى اللغوي السابق ‪ ،‬الرامي إلى بيان حالة الحامل في‬
‫خاض ِّإلى ِّج ْذعِّ النَّ ْخلَ ِّة “( ‪. ) 23 / 19‬‬
‫ُ‬ ‫أثناء وضعها ‪ ”:‬فَأَجا َءهَا ْال َم‬
‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫لقد استعار الشيخ ابن العربي صورة مخاض المرأة ليضيفها على األرض ‪ ،‬فإذا به‬
‫يرسم في كلمتين فقط ( مخاض األرض ) أجمل وأبلغ تعبير عن القيامة كما تصورها‬

‫‪73‬‬
‫“ ‪“ 74‬‬

‫أديان البعث ‪ .‬بل ال نجد عند مفكر آخر هذا النبض الدافىء الذي يغمر الكيان انسا في‬
‫أحرج ساعات البشرية ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬ولم أر ‪ . . .‬من يقول ببقاء السبب مع نفي ترتيبه الزماني فإنه علم عزيز ‪. . .‬‬
‫فما يكون عن سبب في مدة طويلة يكون عن ذلك السبب في لمح البصر ‪ . . .‬وقد ظهر‬
‫ذلك فيما نقل في تكوين عيسى عليه السالم ‪ .‬وفي تكوين خلق عيسى الطائر ‪ ،‬وفي‬
‫احياء الميت من قبره قبل ان يأتي المخاض لألرض في ابراز هذه المولدات ليوم‬
‫القيامة وهو يوم والدتها [ األرض ] “ ‪. . .‬‬
‫( فتوحات ‪. ) 275 / 2‬‬

‫‪ - 22‬أصل الجوهر الفرد‬


‫أصل الجوهر الفرد ‪ -‬االنسان الكامل‬
‫انظر “ االنسان الكامل "‪.‬‬

‫‪ - 23‬أصل العالم‬
‫أصل العالم ‪ -‬االنسان الكامل‬
‫انظر “ انسان كامل "‪.‬‬

‫‪ - 24‬إكسير العارفين‬
‫إكسير العارفين عبارة استفادها الشيخ ابن العربي من الكيمياء ‪ ،‬ليطلقها على خاصيّة‬
‫بالذات في الكيمياء الطبيعية ‪.‬‬
‫ونستشف من خالل مفرداته رؤيته للطبيعة تلك الرؤية الحركية التي لم تخرج لحظة‬
‫عن تقيدها “ بالخلق الجديد ‪“ 1 .‬‬
‫فالكيمياء دليل على التبديل واالستحالة ‪.‬‬
‫وكل تبديل غايته “ الذهبية ‪ “ :‬اي درجة الكمال في األشياء ‪.‬‬
‫وهي علم ينسحب على كل ما هو طبيعي أو روحاني أو الهي ‪.‬‬
‫واإلكسير هو الذي يقوم بالتبديل لذلك كانت الكيمياء هي ‪ :‬العلم باالكسير‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫“ ‪“ 75‬‬

‫ويظهر إكسير العارفين وهو العلم ب ‪ :‬وجه الحق في األشياء أو الوجه اإللهي الخاص‬
‫الذي لكل موجود ‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ان األكاسير برهان يدل على *** ما في الوجود من التبديل والغير ‪. . .‬الكيمياء‬
‫عبارة عن العلم الذي يختص بالمقادير واألوزان في كل ما يدخله المقدار والوزن من‬
‫األجسام والمعاني محسوسا ومعقوال ‪ ،‬وسلطانها [ الكيمياء ] في االستحاالت اعني‬
‫تغير األحوال على العير الواحدة ‪ ،‬فهو علم طبيعي روحاني الهي ‪ . . .‬فعلم الكيمياء ‪:‬‬
‫العلم باالكسير ‪ . . .‬فاعلم أن المعادن كلها ترجع إلى أصل واحد وذلك األصل يطلب‬
‫بذاته ان يلحق بدرجة الكمال وهي ‪ :‬الذهبية ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 270 / 2‬‬

‫ويفصل الشيخ ابن العربي معراج األرواح في السماء األولى ‪ ،‬يقول ‪:‬‬
‫َّللا‬
‫“ يقف [ المقلد ] من علم آدم على الوجه اإللهي الخاص الذي لكل موجود سوى ّ‬
‫الذي يحجبه عن الوقوف مع سببه وعلته ‪ ،‬وصاحب النظر ‪ 2‬ال علم له بذلك الوجه‬
‫أصال ‪ ،‬والعلم بذلك الوجه هو العلم باالكسير في الكيمياء الطبيعية ‪.‬‬
‫فهذا هو إكسير العارفين ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 273 / 2‬‬
‫وغني عن البيان ان معرفة هذا اإلكسير الذي هو إكسير العارفين يدخل في كيمياء‬
‫السعادة ‪ ،‬كما يحلو للشيخ ابن العربي ان يسميها ‪ .‬وهذا بحق ألنها بنظره الكيمياء‬
‫الموصلة إلى السعادة ‪ ،‬البد ‪.‬‬
‫انظر الفتوحات الباب السابع والستون ومائة ‪ .‬في معرفة كيمياء السعادة ‪.‬‬
‫ج ‪ 2‬ص ص ‪. 272 - 270‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬انظر “ خلق جديد “‬
‫) ‪( 2‬يميز الشيخ ابن العربي بين صاحب النظر والمقلد ‪ .‬فصاحب النظر دون المقلد‬
‫في الرتبة ‪ ،‬الن المقلد تام االيمان يستقي علمه من النبي مباشرة ‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫“ ‪“ 76‬‬

‫‪ - 25‬األلف ‪1‬‬
‫مرادف ‪ :‬قيوم الحروف ‪2‬‬
‫يقول الشيخ األكبر ‪:‬‬
‫“ ان الحروف أمة من األمم مخاطبون ومكلفون ‪ ،‬وفيهم رسل من جنسهم ولهم أسماء‬
‫من حيث هم وال يعرف هذا اال أهل الكشف من طريقنا ‪ ،‬وعالم الحروف افصح العالم‬
‫لسانا وأوضحه بيانا وهم على اقسام كأقسام العالم المعروف في العرف ‪ :‬فمنهم عالم‬
‫الجبروت ‪ . . .‬ومنهم العالم االعلى ‪ . . .‬ومنهم العالم الوسط ‪ . . .‬ومنهم العالم األسفل‬
‫وهو عالم الملك والشهادة ‪ . . .‬ولكل عالم رسول من جنسهم ولهم شريعة تعبدوا‬
‫لها ‪ . . .‬وفيهم عامة وخاصة وخاصة الخاصة وصفا خالصة خاصة الخاصة ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ج ‪ 1‬ص ‪. ) 58‬‬

‫لقد أوردنا هذا المقطع من الفتوحات ‪ ،‬العطاء فكرة عن عالم الحروف وتشعبه‬
‫واستحالة الخوض فيه في بحثنا هذا الذي يقتصر على شرح المصطلحات الصوفية ‪-‬‬
‫العرفانية عند الشيخ األكبر ‪.‬‬
‫والحروف عالم بذاته يتطلب تخصصا مستقال ‪.‬‬
‫ولكن من الممكن ان نشير بايجاز إلى ما يرمز اليه “ األلف “ ‪ ،‬وإلى مكانته بنصوص‬
‫نختار منها ما يتفق بوضوحه مع ما التزمناه ‪.‬‬
‫فال نسهب في الشرح ‪ ،‬وال نخوض فيما ال نستطيع استيفاءه ‪. 3‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ األلف ليس من الحروف عند من شم رائحة من الحقائق ‪ ،‬ولكن قد سمته العامة حرفا‬
‫التجوز في العبارة ‪ ،‬ومقام‬
‫ّ‬ ‫‪ ،‬فإذا قال المحقق ‪ :‬انه حرف ‪ ،‬فإنما يقول ذلك على سبيل‬
‫َّللا وله من الصفات القيومية ‪ . . .‬وله من‬
‫األلف مقام الجمع ‪ ، 4‬وله من األسماء اسم ّ‬
‫المراتب كلها ‪ . . .‬وله مجموع عالم الحروف ومراتبها ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 65 / 1‬‬

‫“ األلف يسرى في مخارج الحروف كلها ‪ 5‬سريان الواحد ‪ 6‬في مراتب االعداد ‪. . .‬‬
‫وهو قيوم الحروف ‪ . . .‬فكل شيء يتعلق به وال يتعلق هو بشيء ‪ ،‬فاشبه الواحد الن‬
‫وجود أعيان االعداد يتعلق به وال يتعلق الواحد بها ‪ ،‬فيظهرها وال تظهره ‪ . . .‬ان‬
‫الواحد ال يتقيد بمرتبة دون غيرها ‪ . . .‬كذلك األلف ال يتقيد‬

‫‪76‬‬
‫“ ‪“ 77‬‬
‫بمرتبة ويخفي اسمه في جميع المراتب فيكون االسم هناك للباء والجيم والحاء وجميع‬
‫الحروف والمعنى ‪ :‬لأللف “ ‪ ( . 7‬كتاب األلف ط ‪ .‬حيدراباد ص ص ‪. ) 13 - 12‬‬
‫“ فان األلف تعطي الذات “ ( ف ‪. ) 102 / 1‬‬
‫نستخلص من النصوص السابقة ‪:‬‬
‫ان األلف ليس حرفا بل هو قيوم الحروف ‪ ،‬يسرى فيها جميعا خافيا اسمه في اسمها ال‬
‫تقيده مرتبة ‪ -‬ويشار به إلى الذات ‪.‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫‪( 1 ) -‬يعرف القاشاني “ األلف “ في اصطالحات الصوفية مخطوط رقم ‪685‬‬
‫األوقاف حلب ؛ “ األلف “ يشار به إلى الذات األحدية اي الحق من حيث هو أول‬
‫األشياء في أزل اآلزال “ ‪.‬‬
‫‪-‬التعريف نفسه حرفيا نجده عند الكمشخانوي في جامع األصول ص ‪. 54‬‬
‫‪-‬كما يراجع تعريف عز الدين عبد السالم بن غانم المقدسي ؛ رسالة اصطالحات‬
‫الصوفية مخطوط الظاهرية رقم ‪ 5524‬ص ‪ 76‬أ ‪.‬‬
‫‪-‬اما كتب التعريفات الصوفية األخرى فلم يرد فيها تعريف لأللف مثال ‪ :‬تعريفات‬
‫الجرجاني ‪ -‬الكشاف للتهانوي ‪ -‬لطائف االعالم ( للقونوي على األرجح ‪) .‬‬
‫) ‪( 2‬يقول الشيخ ابن العربي في إشارات القرآن ص ‪ 60‬أ ‪ “ ،‬األلف ‪ :‬قيوم‬
‫الحروف ‪“ .‬‬
‫) ‪( 3‬من يبغي االستزادة من هذا الموضوع فليراجع ‪:‬‬
‫‪-‬كتاب األلف ‪ .‬طبع حيدراباد ‪،‬‬
‫‪-‬كتاب “ الحروف “ وقد أشار عثمان يحي في كتابه‪Hist . et cla R . G 250‬إلى‬
‫أن الموضوع نفسه تتضمنه الفتوحات ج ‪ 1‬ص ص ‪ ، 91 - 51‬وهذه الصفحات‬
‫األربعون مهمة في معرفة الحروف ومراتبها ‪.‬‬
‫‪-‬كما ننقل عن مجلة المشرق سنة ‪ 1967‬عدد تموز ‪ -‬تشرين ص ‪ . 448‬فصول‬
‫“ كتاب األلف “ لعبد الكريم الجيلي حيث تظهر رمزية األلف من الوجهة الباطنية ‪:‬‬
‫) ‪1‬حقيقة األلف وسريانه في سائر الحروف ‪ ) 2 - ،‬مرتبة األلف وما يناسبه من‬
‫العالم الكبير ‪ ) 3 - ،‬عدد األلف وبسائطه ‪ ) 4 - ،‬األسماء الظاهرة والباطنة في األلف‬
‫‪ ) 5 - ،‬طبيعة األلف ‪ ) 6 - ،‬أطوار األلف ‪ ) 7 - ،‬ما يناسب األلف من المالئكة‬
‫المقربين ‪ ) 8 - ،‬خصوصية األلف وعموميته ‪) 9 - ،‬ما يناسب هذا الحرف من‬
‫االنسان ‪ ) 10 - ، . . .‬صورة األلف في العالم العلوي ‪. .‬‬
‫وقد وقع بأيدينا على هامش شرح الوسيلة األبواب الثالثة األخيرة من كتاب األلف‬
‫هذا ‪.‬‬
‫انظر المخطوط المذكور ق ق ‪ 10‬أ ‪ 13 -‬ب ‪.‬‬
‫) ‪( 4‬راجع “ جمع “‬

‫‪77‬‬
‫“ ‪“ 78‬‬
‫) ‪( 5‬يقول الشيخ ابن العربي بالمعنى نفسه في كتابه “ المقنع في ايضاح السهل‬
‫الممتنع “ ‪ .‬مخطوط الظاهرية رقم ‪ 5570‬ص ‪ 143‬ب ‪:‬‬
‫َّللا ] االسم في األسماء على اختالفها كذلك سرت االلفات في الحروف‬
‫“ فكما اسرى [ ّ‬
‫على تباين ألفاظها ‪“ .‬‬
‫) ‪( 6‬راجع “ واحد ‪“ .‬‬
‫) ‪( 7‬يستحسن الرجوع هنا إلى الجفر كما يمارسه اإلسماعيليون أو الشيعة عامة ‪.‬‬
‫انظر ‪- Massignon . Passion T 2 pp 103 - 110- Nwyia .‬‬
‫‪Exegese coranique pp . 164 - 168‬‬

‫****‬
‫للا‬
‫‪ّ - 26‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫َّللا “ في القرآن يطلق على الحقيقة الفاعلة الجامعة لحقائق األسماء‬ ‫ان كلمة “ ّ‬
‫والصفات الحسنى جميعا ‪.‬‬
‫عوا فَلَهُ ْاألَسْما ُء ْال ُحسْنى ) ‪“( 17 / 110‬‬
‫الر ْحمنَ أَيًّا ما ت َ ْد ُ‬
‫عوا َّ‬ ‫َّللا أ َ ِّو ا ْد ُ‬
‫عوا َّ َ‬ ‫” قُ ِّل ا ْد ُ‬
‫اما كتب التفاسير فقد توغلت في مفاوز هذه الكلمة واسهبت في شرح وجوهها‬
‫ومتعلقاتها ‪ ،‬وأفردت لها الصفحات لتشرحها من الناحية اللغوية والكالمية والصوفية‬
‫مما ال يتسع المجال لتعدادها ‪. 1‬‬
‫وقد أوردت هذه الكتب شرح لفظ الجاللة بعد شرحها “ االسم “ الن كل سورة في‬
‫َّللا الرحمن الرحيم “ ‪.‬‬ ‫القرآن تبدأ “ بسم ّ‬
‫فأي كتاب تفسير تناولنا نجد فيه مطلوبنا ‪.‬‬
‫فليراجع ‪:‬‬
‫‪-‬تفسير الفخر الرازي ج ‪ 1‬ص ص ‪ 164 - 156‬المطبعة البهية ‪،‬‬
‫‪-‬اآللوسي ‪ :‬روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني ج ‪ 1‬ص ص ‪54‬‬
‫– ‪58‬‬
‫عند الشيخ ابن العربي ‪ : 2‬المترادفات ‪:‬‬
‫‪ -‬االسم الجامع‬
‫‪ -‬االله المطلق ‪3‬‬
‫‪ -‬االله الحق ‪4‬‬
‫‪ -‬االله المجهول ‪5‬‬

‫للا ‪ :‬هو اسم علم ذاتي لمرتبة األلوهية الجامعة لحقائق األسماء كلها ؛ فهو االسم‬ ‫* ّ‬
‫الكامل المحيط الجامع لجميع األسماء ‪ -‬المتقابلة وغير المتقابلة ‪ -‬فما ث ّم من يقبل‬
‫َّللا ‪.‬‬
‫االضداد في وصفه اال ّ‬

‫‪78‬‬
‫“ ‪“ 79‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫كاّلل فإنه علم على الذات ‪ ،‬وان قيل إنه مشتق فليس مقصودا “‬ ‫)‪ّ “(1‬‬
‫( رسالة القواعد الكلية في معرفة تجلي األسماء اإللهية ‪ .‬ق ‪. ) 14‬‬
‫َّللا تعالى قد عصم هذا االسم العلم ان يسمى به أحد غير ذات الحق جل جالله‬ ‫“ ثم إن ّ‬
‫َّللا يدل على‬
‫َّللا ‪ ،‬فاالسم ّ‬
‫‪ . . . 6‬وما بأيدينا اسم مخلص علم للذات سوى هذا االسم ّ‬
‫الذات بحكم المطابقة كاألسماء االعالم على مسمياتها ‪ ( “ .‬ف ‪. ) 197 / 4‬‬
‫َّللا داللة على الرتبة “ ( ف ‪) 149 / 4‬‬
‫“ فان االسم ّ‬
‫َّللا هو عين الذات والوجود لكن من حيث المرتبة التي هي األلوهية “ ‪.‬‬ ‫“ فاالسم ّ‬
‫( مراتب التقوى ق ‪ 166‬ب ‪ .‬مخطوط الظاهرية رقم ‪. ) 5570‬‬
‫“ اسمه الذاتي العلي االحدى الجمعي الذي هو أحدية جمع جمعيات األسماء‬
‫الحسنى ‪ . . .‬وهو أربعة أحرف ظاهرة في اللفظ ‪ .‬هي ‪ :‬األلف والالم األولى والالم‬
‫الثانية والهاء “ ( رسالة شق الجيوب ‪ .‬ص ‪. ) 62‬‬

‫) ‪ “ ( 2‬فالعلي لنفسه هو الذي يكون له الكمال الذي يستغرق به جميع األمور‬


‫الوجودية والنسب العدمية ‪ .‬بحيث ال يمكن ان يفوته نعت منها ‪ ،‬وسواء كانت محمودة‬
‫َّللا تعالى‬
‫عرفا وعقال وشرعا أو مذمومة عرفا وعقال وشرعا ‪ 7‬وليس ذلك اال لمسمى ّ‬
‫خاصة “ ( فصوص ‪) 79 / 1‬‬
‫َّللا والرحمن مرتبة اإلحاطة والكمال بالنسبة إلى ما‬
‫“ فان لهذين االسمين اللذين هما ّ‬
‫سواهما من األسماء “ ( بلغة الغواص ص ‪. ) 17‬‬
‫َّللا “ ( رسالة شق الجيوب ص ‪) 18‬‬‫“ االسم األكبر الجامع هو ‪ّ :‬‬
‫َّللا “‬
‫“ واالله من له جميع األسماء وليست االلعين واحدة وهي ‪ :‬مسمى ّ‬
‫( ف ‪. ) 448 / 4‬‬
‫َّللا فهو مجموع حقائق األسماء اإللهية كلها “ ( ف ‪) 317 / 3‬‬
‫“ ّ‬
‫َّللا ‪ . . .‬وهو االسم المحيط بجميع األسماء تحت حيطته ‪ ،‬وهو لها كالذات لما‬ ‫“ اسم ّ‬
‫تحمله من المعاني “ ‪ ( .‬المقصد األتم في اإلشارات ‪ -‬ق ‪152‬أ ) ‪.‬‬

‫َّللا هو الجامع لألسماء المتقابلة وغير المتقابلة ‪ ( “ . . .‬ف ‪) 411 / 3‬‬


‫) ‪“ ( 3‬فان ّ‬

‫‪79‬‬
‫“ ‪“ 80‬‬
‫َّللا “ ( ف ‪) 417 / 2‬‬‫“ فما ث ّم من يقبل االضداد في وصفه اال ّ‬
‫****‬
‫للا ‪ - :‬كما رأينا في المضمون األول ‪ -‬هو االسم الجامع لألسماء المتقابلة وغير‬ ‫ّ‬
‫المتقابلة [ جالل جمال ] ‪ ،‬ولكنه بجمعه لها يتحكم بتجلياتها ‪ :‬يولّي االسم ‪ -‬الذي هو‬
‫“ الرب “ على المحل الخاص بظهور حكمه ‪ -‬أو يعزله ‪ .‬وله التنوع باألسماء [ كل‬
‫يوم هو في شأن ] في مقابل الرب أو االسم اإللهي الذي له الثبوت ‪.‬‬

‫َّللا اال نسبة خاصة ‪ ،‬اي اسم الهي ‪ ،‬العبد مظهرا له‬
‫( أ ) ان كل موجود ليس له من ّ‬
‫ومجلى ‪ ،‬وهذا االسم هو في الحقيقة ‪ :‬ربه ‪ . 8‬فاألسماء اإللهية هي أرباب لمظاهرها‬
‫َّللا “ فهو رب جميع الموجودات ‪.‬‬
‫ومجاليها ‪ .‬اما “ ّ‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ ان ارتباط الموجودات إلى الوجود الواحد الحق ال يكون اال من حيث تعيناته التي‬
‫هي أسماؤه ‪ .‬فكل موجود مرتبط باسم من األسماء ‪ . . .‬فكان ذلك االسم ربه في‬
‫َّللا رب جميع الموجودات من جهة جمعيته “‬‫الحقيقة ‪ . . .‬واالسم ّ‬
‫( مراتب التقوى ق ‪ 166‬ب ‪ 167 -‬أ ) ‪.‬‬

‫َّللا ‪ :‬أحدي بالذات ك ّل باألسماء ‪ . 9‬وكل موجود فما له من ّ‬


‫َّللا اال‬ ‫“ اعلم أن مسمى ّ‬
‫ربه خاصة يستحيل ان يكون له الكل ‪ . . .‬والسعيد من كان عند ربه مرضيا ‪ .‬وما ث ّم‬
‫اال من هو مرضّي عند ربه ألنه الذي يبقي عليه ربوبيته ‪. . .‬‬
‫وال يلزم إذا كان كل موجود عند ربه مرضيا ‪ . . .‬ان يكون مرضيا عند رب عبد آخر‬
‫ألنه ما اخذ الربوبية اال من كل ال من واحد ‪ .‬فما تعين له من الكل اال ما يناسبه ‪ ،‬فهو‬
‫ربه ‪ ( “ . . . 10‬فصوص ‪. ) 91 - 90 / 1‬‬

‫َّللا لعلمه بما عنده من األسماء التي تقابل هذا االسم‬


‫“ فما من اسم الهي اال وهو يخشى ّ‬
‫الوالي في الحال صاحب الحكم ‪ ،‬فيقول ‪ :‬كما والني ولم أكن واليا على هذا المحل‬
‫الخاص الذي ظهر فيه حكمي ‪ ،‬قد يعزلني عن ذلك بوال آخر يعني بحكم اسم آخر‬
‫الهي ‪ ،‬فال أعلم من األسماء اإللهية ‪ ،‬فال أخشى منها ّّلل ‪. . .‬‬

‫كقول أيوب عليه السالم إذ نادى ربه اني مسني الضر ‪ 11‬يطلب ‪ :‬عزل االسم الضار‬
‫وإزالة حكمه ‪ ( “ . . .‬ف ‪.) 130 / 4‬‬

‫‪80‬‬
‫“ ‪“ 81‬‬

‫َّللا دائم التجلي في‬


‫( ب ) يميز الشيخ األكبر بين األلوهية الدائمة التلوين ‪ ،‬الن ّ‬
‫الصور ‪ .‬وبين الربوبية التي لكل اسم من األسماء اإللهية ‪ ،‬وهي ثابتة له ال تتغير ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ فان الرب له الثبوت واالله يتنوع باألسماء فهو كل يوم في شأن ‪13 “ 12‬‬
‫( فصوص ‪. ) 73 / 1‬‬
‫****‬
‫للا ‪ :‬هو الجامع للنسب [ األسماء والصفات ] في مقابل الذات المعراة عن كل نسبة‬ ‫ّ‬
‫للا اال بالعالم ‪ ،‬اي ال يعرف اإلله اال بالمألوه ‪.‬‬
‫‪ ،‬فال يعرف ّ‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫تعرت عن هذه النسب لم تكن إلها ‪ .‬وهذه النسب أحدثتها أعياننا ‪:‬‬ ‫“ ثم إن الذات لو ّ‬
‫فنحن جعلناه بمألوهيتنا ألها ‪ ،‬فال يعرف حتى نعرف ‪ . . .‬فان بعض الحكماء ‪. . .‬‬
‫َّللا من غير نظر في العالم وهذا غلط ‪.‬‬ ‫ادّعوا انه يعرف ّ‬
‫نعم تعرف ذات قديمة أزلية ال يعرف انها إله حتى يعرف المألوه ‪.‬‬
‫فهو الدليل عليه ‪ .‬ثم ‪. . .‬‬
‫يعطيك الكشف ان الحق نفسه كان عين الدليل على نفسه وعلى ألوهيته ‪.‬‬
‫وان العالم ليس اال تجليه في صور أعيانهم الثابتة التي يستحيل وجودها بدونه ‪ ،‬وانه‬
‫يتنوع ويتصور بحسب حقائق هذه األعيان وأحوالها ‪ ( “ . 14‬فصوص ‪.) 81/ 1‬‬
‫كما يقول ‪:‬‬
‫“ فأثبتني لنثبتكم الها وال تنفي األنا ‪ ،‬فيزول انتا “ ( ف ‪. ) 40 / 4‬‬
‫****‬
‫للا ‪ :‬هو مظهر تجلي الهو ‪.‬‬ ‫ّ‬
‫في التعريف األول نجد لفظ الجاللة اسم علم للذات ‪،‬‬

‫في حين ان الشيخ ابن العربي هنا يضع بينهما الهو ‪ :‬الذات تتجلى وتظهر في الهو ‪،‬‬
‫َّللا ‪ ،‬الذي يتجلى ويظهر في األسماء كلها ‪.‬‬
‫الذي يتجلى ويظهر في االسم الجامع اي ّ‬
‫فمرتبة الهوية تفصل بين الذات المطلقة عن كل نسبة وقيد ‪ ،‬وبين مرتبة األلوهية التي‬
‫ترتبط بالمألوه ‪. 15‬‬

‫يقول الحاتمي ‪:‬‬


‫“ فالذات للهو كالذات للصفات وهو لها كالصفات للذات ‪.‬‬
‫والهو لالسم الجامع كالذات للصفات وهو له كالصفات للذات ‪.‬‬
‫واالسم الجامع لسائر األسماء‬

‫‪81‬‬
‫“ ‪“ 82‬‬

‫كالذات للصفات وهم له كالصفات للذات ‪ :‬فالذات مهيمنة على الهو ‪ ،‬والهو مهيمن‬
‫على االسم الجامع ‪ ،‬واالسم الجامع مهيمن على سائر األسماء ‪ ،‬إذ هي تتعلق به وهو‬
‫يتعلق بالهو والهو يتعلق بالذات ‪ ،‬إذ هو مظهر تجليها واالسم الجامع مظهر تجليه‬
‫واألسماء كلها تجليات االسم الجامع “ ( رسالة شق الجيوب ص ‪. ) 70‬‬
‫****‬
‫َّللا ‪ :‬هو المؤثر على االطالق في مقابل العالم المتأثر على االطالق ‪. 16‬‬
‫ّ‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫َّللا ‪ .‬والمؤثر فيه بكل وجه‬
‫“ فالمؤثر بكل وجه وعلى كل حال وفي كل حضرة هو ‪ّ :‬‬
‫وعلى كل حال وفي كل حضرة هو ‪ :‬العالم “ ( فصوص ‪. ) 183 / 1‬‬
‫****‬
‫َّللا ‪ :‬هو االله الحق ‪ ،‬المطلق ‪ ،‬المجهول ‪ ،‬الذي ال يكون باالتخاذ والجعل فال تضبطه‬‫ّ‬
‫الحدود ‪ ،‬في مقابل االله المخلوق أو المجعول ‪ : 17‬اله المعتقد الذي تحده العقائد‬
‫وتنسحب عليه عملية التنزيه ‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫) ‪“ ( 1‬واالله الحق ‪ .‬ال يكون باالتخاذ والجعل إذ ألوهيته محققة في نفس االمر ‪. . .‬‬
‫“ ( وسائل السائل ص ‪) 3‬‬
‫“ فكل صاحب نظر ما عبد وال اعتقد اال ما أوجده في محله ‪ .‬وما وجد في محله وقلبه‬
‫اال مخلوق وليس هو االله الحق ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 211 / 4‬‬

‫) ‪“ ( 2‬فاله المعتقدات تأخذه الحدود وهو االله الذي وسعه قلب عبده ‪ .‬فان االله‬
‫المطلق ال يسعه شيء ألنه عين األشياء وعين نفسه ( “ ‪ . . .‬فصوص ‪) 226 / 1‬‬
‫“ فال تصح العبودية المحضة ‪ 18‬التي ال يشوبها ربوبية أصال اال لالنسان الكامل‬
‫وحده ‪ .‬وال تصح ربوبية ال تشوبها عبودة بوجه من الوجوه اال ّّلل تعالى ‪ . . .‬فهو‬
‫[ االنسان ] المألوه المطلق ‪ ،‬والحق سبحانه هو االله المطلق “ ( ف ‪.) 603 / 2‬‬

‫) ‪“ ( 3‬فاعبد ربك ‪ . . .‬في كل إضافة ‪ 19‬حتى يأتيك اليقين ‪ . . .‬ما عبد أحد االله‬
‫المطلق عن اإلضافة فإنه االله المجهول ‪ ( “ . . .‬ف ‪.) 417 / 4‬‬
‫خاتمة ‪ :‬لقد أخرنا المضمون السادس للفظ الجاللة ‪ ،‬ألنه في الواقع يلغي كل ما تقدم‬
‫ونعرف‬
‫ّ‬ ‫ذكره ‪ ،‬فلو حاولنا تطبيقيا ان نتبع الشيخ األكبر في تفكيره‬

‫‪82‬‬
‫“ ‪“ 83‬‬

‫َّللا “ في نظره لصمتنا ‪ .‬فالصمت تعريف ما ال تحده الحدود ‪ ،‬ولكن العقل يرفض‬ ‫“ ّ‬
‫اال ان يحدد حتى الال محدود ‪.‬‬
‫َّللا “ في سطورنا‬ ‫ولذلك تجاوزنا الكلمات في محاولة تحديد مرتبيه حتى ال يصبح “ ّ‬
‫الها آخر جديدا من آلهة المعتقدات [ راجع “ اله المعتقدات “ ] ‪.‬‬
‫َّللا‬
‫َّللا “ وهو كما يقول الشيخ األكبر ‪ “ :‬فال شاهد وال مشهود اال ّ‬ ‫فكيف نحدد “ ّ‬
‫“ ( رسالة القواعد الكلية ق ‪ 16‬أ ) ‪.‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬فليراجع ‪:‬‬
‫كتاب شرح الجاللة ‪ .‬ص ‪ 42‬لعبد الرحمن الكردي سنة ‪ 1195‬هـ ‪ .‬وهو تلميذ عبد‬
‫الغني النابلسي ‪ ،‬مخطوط من مكتبة السيد مطيع الحافظ الخاصة وهي نسخة قيمة لعلها‬
‫َّللا “ وما يحويه من المعاني وما‬ ‫بخط المؤلف ‪ .‬هذا الكتاب قد افرد للفظ الجاللة ‪ّ “ :‬‬
‫يرمز اليه من الحقائق والحضرات على منهج الشيخ األكبر ‪.‬‬
‫َّللا الحسنى الزجاج ص ‪. 25‬‬ ‫‪-‬تفسير أسماء ّ‬
‫‪-‬شرح جوهرة التوحيد ص ‪ 10‬نشر محمد محي الدين عبد الحميد ‪.‬‬
‫‪-‬كتاب االرشاد الجويني ص ص ‪ 144‬مطبعة السعادة بمصر ‪ 1950‬م ‪.‬‬
‫‪-‬احمد الغزالي ‪ :‬التجريد في كلمة التوحيد ص ‪. 17‬‬

‫َّللا ‪،‬‬
‫) ‪( 2‬يباين الشيخ ابن العربي بين االشتقاقات الثالثة لألصل أله ‪ :‬إله ‪ -‬اإلله ‪ّ -‬‬
‫وهو بذلك يوافق علماء اللغة والمفسرين ‪.‬‬
‫إله ‪ :‬كل ما عبد من صورة أو بشر أو شجر أو صنم ‪. . .‬‬
‫االله ‪ :‬كل ما عبد ‪ ،‬ولكن قد يكون المعبود الحقيقي ‪ .‬ولذلك يستعملها أحيانا بمعنى‬
‫َّللا “ فيقول ‪ :‬االله الحق أو االله المطلق كما ورد في مترادفات لفظ الجاللة ‪.‬‬‫“ ّ‬
‫وأحيانا أخرى بمعنى “ اله “ فيقول ‪ :‬االله المخلوق االله المجهول كما سنرى في‬
‫مرادفات كلمة “ اله المعتقدات “ فلتراجع ‪.‬‬
‫صل مضامينه ‪.‬‬‫َّللا ‪ :‬هو المعبود الحقيقي الذي سنف ّ‬
‫ّ‬
‫َّللا ‪“ :‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي في معرض الكالم على “ ال اله اال ّ‬
‫َّللا ‪ . . .‬وتوجه النفي على النكرة وهو اله ‪ ،‬وتوجه االثبات على المعرفة‬ ‫“ ال اله اال ّ‬
‫َّللا ‪ .‬وانما توجه النفي على النكرة وهو ‪ :‬اله ‪ ،‬الن تحتها كل شيء ‪ ،‬وما من‬ ‫وهو ‪ّ :‬‬
‫شيء اال وله نصيب في االلوهة يدّعيه ‪ ،‬فلهذا توجه عليه لنفي الن االله من ال يتعين‬
‫له نصيب ‪ ،‬فله االنصباء كلها ‪ .‬ولما عرف ان االله حاز االنصباء كلها عرفوا انه‬
‫َّللا “ ( ف ‪. ) 89 / 4‬‬‫مسمى ّ‬

‫‪83‬‬
‫“ ‪“ 84‬‬
‫كما يراجع ‪ -‬شرحه للجملة نفسها في الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪. 225 - 224‬‬
‫‪-‬أنوار التنزيل البيضاوي ص ‪. Islam . Jean During . ed . Robert 2‬‬
‫) ‪.laffont pp 194 - 195 : ( Lenom “ Allah “ selon Ibn Arabi‬‬

‫) ‪( 3‬في مقابل االله المقيد في المعتقدات ‪،‬‬


‫) ‪( 4‬في مقابل االله المخلوق في نظر النظار ‪،‬‬
‫) ‪( 5‬في مقابل االله المعلوم المعروف في المعتقد ‪،‬‬
‫َّللا ] المعروف في كل عقد وان اختلفت العقائد ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 416 / 4‬‬ ‫“ وهو [ ّ‬
‫) ‪( 6‬قارن هذا الكالم بما يقوله القيصري في “ تأويالت القرآن “ مخطوط الظاهرية‬
‫رقم ‪ 6824‬ق ‪ 167‬أو ق ‪ 170‬أ ‪،‬‬
‫َّللا هنا في مرتبة الكمال الذي يستغرق جميع‬ ‫) ‪( 7‬يضع الشيخ ابن العربي مسمى ّ‬
‫النسب المحمودة والمذمومة عرفا وعقال وشرعا ‪ ،‬انه اإلله المطلق في مقابل إله‬
‫المعتقدات الذي يخضع للتنزيه ‪.‬‬
‫) ‪( 8‬راجع “ رب “ الن الشيخ ابن العربي يعطي معنى خاصا للربوبية في مقابل‬
‫األلوهية ‪.‬‬
‫) ‪( 9‬من حيث إن وحدته لها جمعية األسماء ‪ ،‬لذلك اتى بكلمة “ كل ‪“ .‬‬
‫) ‪( 10‬راجع شرح هذا المقطع في الفصوص ج ‪ 2‬ص ص ‪، 89 - 85‬‬
‫ت أ َ ْر َح ُم‬
‫ي الض ُُّّر َوأ َ ْن َ‬ ‫ُّوب ِّإ ْذ نادى َربَّهُ أ َ ِّنّي َم َّ‬
‫سنِّ َ‬ ‫) ‪( 11‬إشارة إلى اآلية ‪َ ”:‬وأَي َ‬
‫اح ِّمينَ ) ‪“. ( 21 / 283‬‬
‫الر ِّ‬
‫َّ‬
‫) ‪( 12‬راجع “ شأن “‬
‫) ‪( 13‬راجع شرح هذه الجملة في الفصوص ج ‪ 2‬ص ص ‪42 - 41‬‬
‫) ‪( 14‬انظر شرح أبو العال عفيفي على هذا المقطع ‪ .‬الفصوص ج ‪ 2‬ص ص ‪- 60‬‬
‫‪ ، 61‬كما تراجع الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪، 423‬‬
‫) ‪( 15‬راجع “ ألوهية ‪“ .‬‬
‫) ‪( 16‬راجع “ مؤثر “ و “ مؤثر فيه ‪“ .‬‬
‫) ‪( 17‬راجع “ اله المعتقدات ‪“ .‬‬
‫) ‪( 18‬انظر “ عبد محض “‬
‫) ‪( 19‬اإلضافة هنا بمعنى ‪ :‬ما أضاف الحق نفسه اليه مثال ‪ :‬الهكم ‪ . . .‬ربنا ‪. . .‬‬
‫َّللا في اضافته وكأنك أنت المقصود بها ‪.‬‬ ‫وعبادة اإلضافة ‪ :‬هي ان تعبد ّ‬

‫‪ - 27‬اإلله المطلق‬
‫َّللا “ المعنى “ السادس "‪.‬‬
‫انظر “ ّ‬

‫‪ - 28‬اإلله الحق‬
‫َّللا “ المعنى “ السادس “‬
‫انظر “ ّ‬

‫‪84‬‬
‫“ ‪“ 85‬‬

‫‪ - 29‬اإلله المجهول‬
‫َّللا “ المعنى “ السادس “ ‪.‬‬
‫انظر “ ّ‬

‫‪ - 30‬األلوهيّة أو األلوهة ‪1‬‬


‫ي‪.‬‬‫يفرق الشيخ األكبر بين ‪ :‬الوهي ‪ -‬الهي ‪ -‬إل ّ‬
‫َّللا ‪ .‬واإللهي كل اسم الهي مضاف إلى البشر اما االلّي‬ ‫االلوهي كل نسبة مضافة إلى ّ‬
‫فهو كل اسم الهي مضاف إلى ملك أو روحاني ‪. 2‬‬
‫لبيان معنى األلوهية في فلسفة الشيخ ابن العربي ال يسعنا ان نزيد على ما ذكرناه في‬
‫َّللا “ “ واله المعتقدات “ ‪ 3‬اال نقطتين هما ‪:‬‬
‫شرح كلمتي ‪ّ “ :‬‬
‫****‬
‫َّللا ‪ ،‬تفارق الذات الغنية عن العالمين ‪ ،‬كما‬
‫األلوهية مرتبة للذات ال يستحقها سوى ّ‬
‫تفارق الربوبية المسؤولة عن العالم ‪ -‬وهي مع كونها حكما من احكام الذات اال ان لها‬
‫احكاما تتجلى في صورها ‪ ،‬من خالل تجلياتها يصل العقل إلى معرفة األلوهية ‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫َّللا ] ‪ ،‬ما هو طلبها ‪.‬‬
‫َّللا فطلبت مستحقها [ ّ‬
‫) ‪“ ( 1‬االلوهة مرتبة للذات ال يستحقها اال ّ‬
‫والمألوه يطلبها وهي تطلبه والذات غنية عن كل شيء ‪“ 4‬‬
‫( ف ‪. ) 42 / 1‬‬
‫“ فاأللوهية ليست غير ذاته تعالى ‪ ،‬ومعقول االلوهة خالف معقول كونه ذاتا ‪ ،‬فثنت‬
‫االلوهة ذات الحق وليست سوى عينها “ ( ف ‪. ) 314 / 3‬‬
‫َّللا “ ( ف ‪. ) 322 / 3‬‬‫َّللا ‪ّ :‬‬
‫“ نسبة االلوهة التي بها تسمى ّ‬
‫كما يظهر عند الشيخ ابن العربي ان األلوهية هي طائفة األسماء اإللهية التي يتصف‬
‫بها الحق من حيث كونه الها ‪ -‬اي معبودا ‪ ( -‬قدوس ‪ -‬سبّوح ‪ ) . . .‬اما الربوبية فهي‬
‫الطائفة الثانية من األسماء اإللهية التي يتصف بها الحق من حيث كونه مدبرا للوجود‬
‫ومتصرفا فيه ( الخالق ‪ -‬المدبّر ‪ . ) . . .‬فاأللوهية مرتبة الذات من حيث كونها الها‬
‫يعبد ويقدس في مقابل الربوبية المسؤولة عن المربوب ‪. 5‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫) ‪“ ( 2‬ان لاللوهة احكاما ‪ ،‬وان كانت حكما ‪ .‬وفي صور هذه األحكام يقع التجلي في‬
‫َّللا عليه وسلم‬
‫الدار اآلخرة ‪ 6‬حيث كان فإنه قد اختلف في رؤية النبي صلى ّ‬

‫‪85‬‬
‫“ ‪“ 86‬‬
‫ربه ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 41 / 1‬‬
‫“ للعقل نور يدرك به أمور مخصوصة ‪ . . .‬فبنور العقل تصل إلى معرفة االلوهة وما‬
‫يجب لها ‪ ،‬ويستحيل ‪ .‬وما يجوز منها فال يستحيل وال يجب ‪. . . “ 7‬‬
‫****‬
‫األلوهية هي برزخ بين الذات والخلق ‪ -‬انها األسماء الحسنى السارية في الخلق‬
‫جميعا ‪.‬‬
‫يقول الحاتمي ‪:‬‬
‫“ ان الحق بين الخلق وبين ذاته الموصوفة بالغنا عن العالمين ‪ ،‬فااللوهة في الجبروت‬
‫‪ 8‬البرزخي ‪ 9‬فتقابل الخلق بذاتها وتقابل الذات بذاتها ‪.‬‬
‫ولهذا لها التجلي في الصور الكثيرة والتحول فيها والتبدل ‪ ،‬فلها إلى الخلق وجه به‬
‫يتجلى في صور الخلق ولها إلى الذات وجه به تظهر للذات ‪ ،‬فال يعلم المخلوق الذات‬
‫اال من وراء هذا البرزخ وهو االلوهة ‪ ،‬وال تحكم الذات في المخلوق بالخلق اال بهذا‬
‫البرزخ وهو االلوهة ‪.‬‬

‫وتحققناها فما وجدناها سوى ما ندعو به من األسماء الحسنى ‪ ( “ 10‬ف ‪- 208 / 4‬‬
‫‪. ) 209‬‬

‫سب المعبودات ‪ ،‬فان سريان األلوهية في الموجودات ‪ ،‬ولوال ذلك ما قامت ‪،‬‬
‫“ فال ت ّ‬
‫ولوال قيوميتها ما دامت “ ( إشارات القرآن ص ‪. ) 56‬‬

‫“ وصور العالم ال يمكن زوال الحق عنها أصال ‪ ،‬فحد األلوهية له بالحقيقة ال بالمجاز‬
‫كما هو حد االنسان [ للجسد االنساني ] إذا كان حيا ‪ ( “ 11‬فصوص ‪.) 69 / 1‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يستعمل الشيخ ابن العربي كلمتي األلوهية وااللوهة على الترادف وسنورد‬
‫نصين يتكلم فيهما على مرتبة اله المعتقدات ويطلق عليها ‪ :‬االلوهة واأللوهية ‪،‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ واأللوهية مرتبة تخيل العابد له انها مرتبة معبودة ‪ ،‬وهي على الحقيقة مجلى الحق‬
‫لبصر هذا العابد المعتكف على هذا المعبود في هذا المجلى المختص ‪ ( “ .‬فصوص ‪1‬‬
‫‪. ) 195 /‬‬
‫“ ان لاللوهة احكاما ‪ . . .‬وفي صور هذه األحكام يقع التجلي في الدار اآلخرة “ ( ف‬
‫‪. ) 41 / 1‬‬
‫راجع “ اله المعتقدات “‬
‫) ‪( 2‬راجع اصطالحات الشيخ ابن العربي طبع مكتبة لبنان ص ‪. 295‬‬
‫َّللا ‪ ،‬تتمتع بما له من‬
‫َّللا “ و “ اله المعتقدات “ الن األلوهية نسبة إلى ّ‬ ‫) ‪( 3‬راجع “ ّ‬
‫هيمنة على صفات وأسماء وتفارق مثله الذات والربوبية بما له من احكام ‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫“ ‪“ 87‬‬
‫َّللا “ ان الذات غنية عن العالمين بينما‬
‫) ‪( 4‬لقد سبق ان بينا في كالمنا على “ ّ‬
‫األلوهية مفتقرة إلى المألوه ‪ .‬فلتراجع ‪.‬‬
‫َّللا “ ‪ .‬كما يراجع النص الثالث‬
‫) ‪( 5‬راجع “ ربوبية “ والمضمون الثاني لكلمة “ ّ‬
‫حيث قال نوح ‪ “ :‬رب “ ما قال “ الهي “ ‪ .‬مع شرحه الفصوص ج ‪2‬ص ص ‪- 41‬‬
‫‪. 42‬‬
‫) ‪( 6‬إشارة إلى الحديث الذي يثبت تجلى الحق في اآلخرة في صورة االعتقادات‬
‫راجع “ اله المعتقدات “‬
‫) ‪( 7‬راجع “ اله المعتقدات “ حيث يضع الشيخ ابن العربي العقل في مواجهة القلب‬
‫‪ ،‬األول للحدود والقيود والثاني للتقلب مع التجليات ‪ .‬فااللوهة عند الشيخ ابن العربي‬
‫فيعرف األلوهية في‬ ‫ّ‬ ‫تأخذ في أكثر األحيان مرتبة “ اله المعتقدات “ ‪ .‬اما التهانوي‬
‫الكشاف ج ‪ 1‬ص ص ‪ 104 - 103‬ننقل منها ‪ “ :‬األلوهية ‪ . . .‬اسم مرتبة جامعة‬
‫وَّللا اسم لرب هذه المرتبة ‪ “ . . .‬فليراجع ‪.‬‬
‫لمراتب األسماء والصفات كلها ‪ّ . . .‬‬
‫“ ) ‪( 8‬الجبروت عند أبي طالب المكي عالم العظمة يريد به عالم األسماء والصفات‬
‫باالمريات الج ّمة ‪“ .‬‬
‫ّ‬ ‫اإللهية وعند األكثرين عالم األوسط ‪ .‬وهو البرزخ المحيط‬
‫(تعريفات الجرجاني ‪ .‬ط مكتبة لبنان ص ‪) . 77‬‬
‫) ‪( 9‬راجع “ برزخ ‪“ .‬‬
‫) ‪( 10‬راجع “ اسم “‬
‫) ‪( 11‬راجع شرح المقطع هذا في الفصوص ج ‪ 2‬ص ‪. 35 - 34‬‬

‫‪ - 31‬اله المعتقدات ‪1‬‬


‫المترادفات ‪ :‬االله المخلوق ‪ -‬االله المجعول ‪ -‬الحق االعتقادي أو الحق المعتقد في‬
‫القلب ‪ -‬الحق المخلوق أو الحق المخلوق في المعتقد ‪.‬‬

‫َّللا التي يخلقها عقل العبد‬


‫اله المعتقدات هو صورة )‪ (Representation‬أو فكرة ّ‬
‫أو تقليده ‪ ،‬فيسعها قلبه ‪ ، 2‬انها صورة صفاتية ّّلل ‪ ،‬يسعها كل انسان على قدر طاقته‬
‫وعلمه ‪.‬‬
‫ان فكرة “ اله المعتقدات “ ليست استنباطا جديدا وانما هي في الواقع عملية عزل‬
‫وتسمية ‪:‬‬
‫لقد الحظ الشيخ ابن العربي انه البد لكل انسان من عقيدة في ربه يرجع بها اليه‬
‫ويطلبه فيها ‪.‬‬
‫َّللا “ حقيقة بعدد‬
‫كما الحظ تعدد هذه العقائد بعدد معتقديها ‪ .‬اذن ال يمكن ان يتعدد “ ّ‬
‫عبيده ‪.‬‬
‫فليس للعبد منه اال صورة ‪ .‬وهكذا بعد ما‬

‫‪87‬‬
‫“ ‪“ 88‬‬

‫عزل عملية خلق االنسان لصورة إلهه الذي يعبده ‪ .‬س ّمي هذا “ االله “ أو باألحرى‬
‫هذه الصورة ‪ ،‬ب “ اله المعتقدات ‪“ .‬‬
‫فاّلل حقيقة ال يصل إلى اعتاب اطالقه مخلوق ‪ ،‬فهو المجهول ‪ ، 3‬وال يزيد نصيب‬ ‫ّ‬
‫العبد منه عن صورة مخلوقة ‪ ،‬فاالنسان في الحقيقة لم يعبد سوى نفسه الن الصورة‬
‫من خلقه هو ‪ .‬فما ثمة اال عابد وثنا ‪. 4‬‬
‫ويؤكد ما ذهب اليه بهذا الحديث الشريف الذي يردده في أكثر من نص ‪:‬‬
‫“ ان الحق يتجلى يوم القيامة للخلق في صورة منكرة ‪ ،‬فيقول ‪ :‬انا ربكم االعلى ‪،‬‬
‫باّلل منك ‪ ،‬فيتجلى في صورة عقائد هم فيسجدون له ‪. “ 5‬‬ ‫فيقولون ‪ :‬نعوذ ّ‬
‫ولكن الشيخ ابن العربي ال يترك المخلوق امام هذه النتيجة ‪ ،‬يدور في حلقة ذاته ال‬
‫يخرج منها بفعل االيمان إلى الخالق ‪.‬‬
‫واال قضى على االنسان بعزلة أبدية ‪ .‬بل نجده بما أوتي من عبقرية في قمة البعد بين‬
‫الحق والخلق يخرج من مأزق الفصل هذا بجانب من جوانب نظريته في وحدة‬
‫الوجود ‪.‬‬
‫إذ ان “ اله المعتقدات “ هو مخلوق من جملة المخلوقات ‪ :‬اذن تجل من جملة التجليات‬
‫َّللا أي أوجدها ‪. 6‬‬
‫اإللهية التي رحمها ّ‬
‫واذن ‪ ،‬كل صورة أو معبود عبد ‪ ،‬هو مجلى من المجالي اإللهية ‪ ،‬علم العابد ذلك أم لم‬
‫يعلمه ‪ ،‬فال يخرج شيء عن الدائرة ‪ :‬فما ثمة اال ذات وتجلياتها ‪.‬‬
‫َّللا في مجلى من‬‫فكل من عبد شجرة أو نجما أو صنما فهو في الحقيقة لم يعبد سوى ّ‬
‫مجاليه ‪.‬‬
‫وهكذا يفسر الشيخ ابن العربي اآلية” َوقَضى َرب َُّك أ َ َّال ت َ ْعبُدُوا إِّ َّال إِّيَّاهُ‪17 / ( “ 7‬‬
‫‪)23‬‬
‫ولكن الشيخ ابن العربي ليس من عداد الذين يكتفون بصورة أو مجلى من مجالي‬
‫َّللا فيه ‪ ،‬بل يحاول من خالل تجربته الخاصة ومراقبته لما توصل‬ ‫األلوهية يتعبدون ّ‬
‫اليه السالكون إلى الحق ‪ ،‬ان يضع يده على العقبات ‪ ،‬ويطرح حلوال مناسبة ‪.‬‬

‫فأبرز خطأ وقع به عبدة اإلله المخلوق هو انهم أصحاب عقل ‪ :‬فالعقل للحصر والتقييد‬
‫ليس من طاقته ان يتقلب في أنواع الصور ‪ ،‬اي يتقلب مع تجليات الحق ‪.‬‬
‫على حين ان القلب يتقلب مع تجليات الحق ‪. 8‬‬
‫وبذلك يخالف الشيخ ابن العربي كل من سبقه من المتصوفة الذين يثبتون ان ‪ :‬الحق‬
‫يتجلى لقلب العبد بقدر طاقته واستعداده ‪.‬‬
‫فالقلب عنده هو الذي يتقلب مع تجليات الحق ‪. 9‬‬
‫اذن الخطوة األولى هي في استبدال القلب بالعقل ‪ ، 10‬والوصول به إلى مرتبة الكمال‬
‫‪ ،‬اي “ القابلية المحضة “ كما يشير إلى ذلك قائال‪:‬‬

‫‪88‬‬
‫“ ‪“ 89‬‬

‫“ لقد صار قلبي قابال كل صورة * فمرعى لغزالن ودير لرهبان “( ترجمان األشواق‬
‫ص ‪) 43‬‬
‫وعندما يصل القلب إلى مرتبة الكمال ال يتقيد بعقد مخصوص ‪ ،‬بل يصبح هيولي‬
‫لصور المعتقدات كلها ‪. 11‬‬
‫ونورد فيما يلي نصوص الشيخ ابن العربي التي تثبت تعريف “ اله المعتقدات “ الذي‬
‫ابتدرنا به كالمنا ‪:‬‬
‫َّللا خالق في نفسه بنظره ما يعتقده ‪ ،‬فما عبد اال إلها خلقه‬
‫“ ) ‪( 1‬فان الناظر في ّ‬
‫َّللا الذي جاء به الرسول‬
‫بنظره ‪ .‬وقال له كن فكان ‪ ،‬ولهذا أمرنا الناس ان يعبدوا ّ‬
‫ونطق به الكتاب ‪ ،‬فإنك إذا عبدت ذلك االله ‪:‬عبدت ما لم تخلق بل عبدت خالقك ‪. . .‬‬
‫باّلل ال يصح ان يكون علما اال عن تقليد ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 143 / 4‬‬ ‫فان العلم ّ‬

‫“ ‪ . . .‬فقال كل صاحب نظر بما أداه اليه نظره ‪ ،‬فتقرر عنده ان االله هو الذي له هذا‬
‫الحكم وما علم أن ذلك عين جعله ‪ ،‬فما عبد اال إلها خلقه في نفسه واعتقده ‪ . . .‬فما‬
‫وَّللا‬
‫ترى أحدا يعبد إلها غير مجعول فيخلق االنسان في نفسه ما يعبده وما يحكم عليه ّ‬
‫هو الحاكم ‪ ( . “ . . .‬ف ‪.) 279 / 4‬‬

‫“ حقيق على الخلق ان ال يعبدوا اال ما اعتقدوه من الحق فما عبد اال مخلوق ‪. . .‬‬
‫َّللا أكبر ‪ ،‬إلى تحوله في الصور ‪ 12‬فلو ال تحقق العالمة في يوم القيامة ‪13‬‬
‫والدليل ّ‬
‫َّللا ] المعروف المنكور ‪ ،‬كل معتقد مخالف‬
‫ما عرف أحد عالمة ‪ .‬فيوم النشور هو [ ّ‬
‫من خالفه وموافق من وافقه فما ثم اال عابد وثنا ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 386 / 4‬‬
‫“ الحق الذي يخلقه العبد في قلبه بنظره الفكري أو بتقليده االله المعتقد “ ( فصوص ‪1‬‬
‫‪. ) 225 /‬‬

‫“ ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ‪ ،‬فهو عين اعتقاده ‪.‬‬
‫فال يشهد القلب وال العين ابدا اال صورة معتقده في الحق ‪ .‬فالحق الذي في المعتقد هو‬
‫الذي وسع القلب صورته ‪ ، 14‬وهو الذي يتجلى له فيعرفه ‪ .‬فال ترى العين اال الحق‬
‫االعتقادي ‪ ( “ 15‬فصوص ‪.) 121 / 1‬‬

‫‪89‬‬
‫“ ‪“ 90‬‬

‫هذا النص األخير يبين ان العبد ال يرى في شهوده الحق ‪ ،‬ولكن اله المعتقدات واله‬
‫معتقده هو على األخص ‪ .‬فما يقوله الصوفية عن رؤية الحق ليس اال ‪ :‬صورة‬
‫شهودهم لصور اعتقاداتهم ‪.‬‬

‫‪( 2 ) “ . . .‬فال بد لكل شخص من عقيدة في ربه يرجع بها اليه ويطلبه فيها ‪ ،‬فإذا‬
‫وتعوذ منه ‪. . .‬‬‫ّ‬ ‫اقر ] به ‪ ،‬وان تجلى له في غيرها أنكره‬
‫واقر [ ّ‬
‫ّ‬ ‫تجلى له الحق فيها‬
‫فال يعتقد معتقد إلها اال بما جعل في نفسه ‪ ،‬فاالله في االعتقادات بالجعل ‪ ،‬فما رأوا اال‬
‫نفوسهم وما جعلوا فيها ‪ . . . 16‬فإياك ان تتقيد بعقد مخصوص وتكفر بما سواه‬
‫َّللا تعالى‬
‫فيفوتك خير كثير ‪ . . .‬فكن في نفسك هيولى لصور المعتقدات كلها فان ّ‬
‫أوسع وأعظم من أن يحصره عقد دون عقد ‪ ( “ . . .‬فصوص ‪. ) 113 / 1‬‬

‫َّللا‬
‫“ فكان موسى أعلم باالمر من هارون ألنه علم ما عبده أصحاب العجل ‪ ،‬لعلمه بان ّ‬
‫َّللا بشيء اال وقع ‪. . .‬‬
‫قد قضى اال يعبد إال إياه ‪ 17‬وما حكم ّ‬
‫فان العارف من يرى الحق في كل شيء بل يراه عين كل شيء ‪“ 18‬‬
‫( فصوص ‪. ) 192 / 1‬‬

‫في النص األخير يبين الشيخ ابن العربي ان العلم هو الفيصل الدقيق بين الكفر‬
‫وااليمان ‪.‬‬
‫فعبادة أصحاب العجل للعجل كفر ‪ ،‬ألنهم غير عارفين بما يعبدون ‪ .‬اما العارف فهو‬
‫من يرى الحق في كل شيء ‪ ،‬حتى في العجل ‪. 19‬‬

‫ثم يختتم الشيخ ابن العربي فصوص الحكم بجملة يبين فيها مكانة اإلله المطلق من إله‬
‫المعتقدات يقول ‪:‬‬
‫“ فإله المعتقدات تأخذه الحدود وهو اإلله الذي وسعه قلب عبده ‪ ،‬فان االله المطلق ال‬
‫يسعه شيء ألنه عين األشياء وعين نفسه ‪ ،‬والشيء ال يقال فيه يسع نفسه وال يسعها ‪.‬‬
‫“ ( فصوص ‪. ) 226 / 1‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬لن يتجلى الشيخ ابن العربي هنا مفكرا يعرض جوانب نظريته بل ناقدا ‪ .‬انتقد‬
‫أبناء زمنه وكل من جعل الحق صورة حبيسة اعتقاده ‪ .‬ولهذا ال يجب ان نؤخذ بقوله‬
‫كما سيمر معنا “ فما ثمة اال عابد وثنا “ فهو هنا ناقد وليس مفكرا يقرر نظرية ‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫“ ‪“ 91‬‬
‫) ‪( 2‬إشارة إلى الحديث “ ما وسعني ارضي وال سمائي ووسعني قلب عبدي المؤمن‬
‫فاّلل الذي وسعه قلب المؤمن هو ‪ :‬اله المعتقدات ‪.‬‬ ‫“ ّ‬
‫َّللا “ المعنى السادس “ الفقرة ‪“ . 3‬‬
‫) ‪( 3‬راجع “ ّ‬
‫باّلل في‬
‫) ‪( 4‬اي انه يعبد الها من خلقه ‪ .‬ولذلك يحصر الشيخ ابن العربي العلم ّ‬
‫طريق التقليد ‪.‬‬
‫) ‪( 5‬راجع فهرس األحاديث حديث رقم ‪: ( 8 ) .‬‬
‫كما يراجع كتاب هنزي كوربان ‪:L'imagination creatrice p . 224 , note‬‬
‫) ‪n ? 30 et p . 256 , note n ? 182( 6‬راجع “ رحمة “‬
‫) ‪( 7‬راجع “ عبادة “‬
‫) ‪( 8‬راجع فصوص الحكم ج ‪ 1‬ص ص ‪. 124 - 122‬‬
‫)‪(9‬‬
‫) ‪( 10‬راجع “ قلب “ كما يراجع كتاب عبد العزيز سيد األهل “ ‪ .‬محي الدين بن‬
‫العربي من شعره “ طبع دار العلم للماليين ص ص ‪ . 243 - 242‬العنوان ‪ :‬قلب‬
‫الصوفي ‪.‬‬
‫) ‪( 11‬راجع “ دين “ وخاصة فيما يتعلق بوحدة األديان‬
‫) ‪( 12‬مفهوم “ اله المعتقدات “ يثبت تحول الحق في الصور ‪ ،‬وهذه من االفكار‬
‫المهمة عند الشيخ ابن العربي ‪ .‬راجع “ صورة ‪“ .‬‬
‫مر آنفا عن تجلي الحق يوم القيامة الذي يدعم به‬ ‫) ‪( 13‬إشارة إلى الحديث الذي ّ‬
‫الشيخ األكبر كالمه في “ اله المعتقدات ‪“ .‬‬
‫) ‪( 14‬راجع فتوحات ج ‪ 4‬ص ‪ 340‬بخصوص الحق المعتقد في القلب ‪.‬‬
‫) ‪( 15‬راجع شرح المقطع في الفصوص ج ‪ 2‬ص ص ‪. 147 - 146‬‬
‫) ‪( 16‬يراجع ‪:‬‬
‫‪-‬فصوص ‪ 178 / 1‬مع شرح المقطع ج ‪ 2‬ص ص ‪ 250 - 249‬عن الحق‬
‫المخلوق ‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫“ ‪“ 92‬‬

‫شرح جملة الشيخ ابن العربي “ لذلك الحق اوجدني ‪ ،‬فاعلمه فاوجده “ ‪ ( .‬فصوص ج‬
‫‪ 2‬ص ص ‪. ) 67 - 66‬‬
‫‪-‬الفصوص ج ‪ 2‬ص ص ‪ . 346 - 345‬الحق المخلوق هو الحق المنزه ‪.- H .‬‬
‫‪Corbin L'imagination creatrice pp 145 - 148‬‬
‫) ‪( 17‬إشارة إلى اآلية” َوقَضى َرب َُّك أ َ َّال ت َ ْعبُدُوا ِّإ َّال ِّإيَّاهُ ‪“( 17 / 23 ) .‬‬
‫) ‪( 18‬راجع شرح المقطع فصوص ج ‪ 2‬ص ‪. 285‬‬
‫) ‪( 19‬هذه من االفكار المهمة عند الشيخ األكبر وتتضح في موقفه من األحوال‬
‫َّللا شئنا أم أبينا ‪ .‬ولذلك يفقد التوكل‬
‫والمقامات التي تتعلق بالفعل ‪ .‬فالفاعل الحقيقي هو ّ‬
‫وغيره من المقامات المماثلة معناه ‪ ،‬ولكن ما يميز المتوكل عن غير المتوكل ليس‬
‫التوكل بل وعي األول ‪:‬‬
‫الفاعل الحقيقي ونسبة الفعل اليه ‪ .‬اذن الفارق الوحيد هو العلم ‪.‬‬

‫‪ - 32‬اإلله المخلوق‬
‫انظر “ اله المعتقدات "‪.‬‬

‫‪ - 33‬اإلله المجعول‬
‫انظر “ اله المعتقدات "‪.‬‬

‫‪ - 34‬المألوه المطلق‬
‫مرادف ‪ :‬االنسان الكامل‬

‫يضع الشيخ ابن العربي عبارة المألوه المطلق في مقابل االله المطلق ؛ فهي تشير إلى‬
‫مرتبة االنسان الكامل في عبودية المحضة في مقابل مرتبة األلوهية ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ فال تصح العبودية المحضة [ راجع “ عبد محض “ ] التي ال يشوبها ربوبية أصال‬
‫اال لالنسان الكامل وحده ‪ ،‬وال تصح ربوبية ال تشوبها عبوده بوجه من الوجوه إال ّّلل‬
‫تعالى ‪ . .‬فهو [ االنسان الكامل ] ‪ :‬المألوه المطلق ‪.‬‬
‫والحق سبحانه هو االله المطلق “ ( ف ‪. ) 603 / 2‬‬

‫‪92‬‬
‫“ ‪“ 93‬‬

‫وعبارة المألوه المطلق ال تطلق على االنسان العادي الن ذاته غير مستخلصة من‬
‫شوائب الربوبية التي يمارسها على غيره ‪.‬‬
‫انظر “ االنسان الكامل "‪.‬‬

‫ي‬‫‪ - 35‬األمر ‪ -‬األمر اإلله ّ‬


‫في اللغة ‪: 1‬‬
‫“ الهمزة والميم والراء أصول خمسة ‪ :‬االمر من األمور ‪ ،‬واالمر ضد النهي ‪ ،‬واالمر‬
‫النماء والبركة بفتح الميم ‪ ،‬والمعلم ‪ ،‬والعجب ‪“ 2‬‬
‫( معجم مقاييس اللغة مادة “ امر “ )‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫لقد وردت لفظة االمر في القرآن بالمعنيين األول والثاني من األصول الخمسة اللغوية‬
‫السابقة ‪. 3‬‬
‫ور ) ‪“( 2 / 210‬‬ ‫َّللا ت ُ ْر َج ُع ْاأل ُ ُم ُ‬
‫ي ْاأل َ ْم ُر َو ِّإلَى َّ ِّ‬ ‫ض َ‬ ‫( أ )” َوقُ ِّ‬
‫ع ِّن ْال ُم ْن َك ِّر “( ‪) 157 / 7‬عند الشيخ ابن‬
‫وف َويَ ْنها ُه ْم َ‬ ‫( ب )” يَأ ْ ُم ُر ُه ْم بِّ ْال َم ْع ُر ِّ‬
‫العربي ‪:‬‬
‫طرحت “ المعصية “ بصورة خاصة ‪ ،‬و “ الشر “ بصورة عامة معضلة امام‬
‫الفلسفات االنسانية ‪ ،‬جهد المفكرون للخروج من متاهاتها دون تناقض أو نتائج خطيرة‬
‫على الصعيدين الديني والخلقي ‪.‬‬

‫وكما حاول المتكلمون الخروج من هذا المأزق ‪ ،‬وطرح “ المعصية “ في صرحهم‬


‫الفكري في مواجهة المشيئة واإلرادة اإللهية ‪ ،‬والعدل اإللهي وحرية االنسان ‪، 4‬‬

‫كذلك الشيخ ابن العربي وان كان قد تخطى المتكلمين والفالسفة لسببين ‪:‬‬
‫نزعته الشعرية التي تجمح به أحيانا ‪ -‬ومتابعته بشجاعة لتجربته الصوفية االنسانية ‪.‬‬
‫وقد كانت أول معصية المر الهي ‪.‬‬
‫هي معصية إبليس لالمر اإللهي بالسجود آلدم ‪ ، 5‬ففتحت بذلك امام المتصوفين ‪-‬‬
‫وبخاصة الذين يولون عناية‬

‫‪93‬‬
‫“ ‪“ 94‬‬

‫فائقة قصة آدم وإبليس ‪ -‬مجاال لشاعريتهم ولتجربتهم ان تخوضاه ‪ ،‬على اثره يتكلمون‬
‫بالرمز حينا ‪ ،‬وباإلشارة أحيانا وقلما يصرحون ‪ .‬وربما كان تصريحهم أشد الغازا من‬
‫إشاراتهم ‪.‬‬
‫وقد تناظر “ الحالج مع إبليس “ ‪ ،‬واتبع في مناظرته التصريح فكان شجاعا في اثبات‬
‫“ الفتوة “ في موقف هذا األخير ‪. 6‬‬
‫وال يقل الشيخ ابن العربي عن الحالج في تجربته ‪ ،‬اال انه لم يتوغل في عباراته‬
‫فاكتفى بالرمز واإلشارة ‪ ،‬وبحث الموضوع على مستوى النظريات العامة والمبادئ‬
‫دون التعرض لقصة ما بالذات ‪.‬‬
‫“ فالمعصية “ قد تحمل في طياتها أربعة أسئلة بوضعها االمر اإللهي في مواجهة‬
‫اإلرادة اإللهية ‪:‬‬
‫‪ - 1‬هل يمكن ان يعصى االمر اإللهي ؟‬
‫‪ - 2‬هل يمكن ان يخرج فعل عن اإلرادة اإللهية ؟‬
‫َّللا بفعل وال يريده ؟‬
‫‪ - 3‬هل يعقل ان يأمر ّ‬
‫َّللا الشر والمعصية ؟‬ ‫‪ - 4‬هل يريد ّ‬
‫حاول الشيخ األكبر اإلجابة عن هذه األسئلة األربعة بقسمته االمر اإللهي شقين ‪ :‬امر‬
‫الهي دون واسطة البد من أن ينفذ ‪ ،‬وامر الهي بواسطة قد ينفذ وقد ال ينفذ ‪ .‬فسمى‬
‫الواحد ‪ :‬االمر التكويني ‪ ،‬واآلخر ‪ :‬االمر التكليفي ‪.‬‬
‫انظر “ االمر التكويني “ “ االمر التكليفي “‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬لقد توسع التهانوي في الكشاف بشرح لفظ االمر وصيغة االمر من الناحية‬
‫اللغوية والصوفية فلتراجع ج ‪ 1‬ص ص ‪. 71 - 68‬‬
‫) ‪( 2‬فليراجع تفصيل هذه األصول الخمسة في المرجع المذكور ج ‪ 1‬ص ص ‪137‬‬
‫‪. 139 -‬‬
‫) ‪( 3‬راجع المعجم المفهرس أللفاظ القرآن الكريم ‪ :‬مادة “ امر ‪“ .‬‬
‫) ‪( 4‬يراجع ‪:‬‬
‫‪-‬مقاالت االسالميين ‪ .‬األشعري ج ‪ 1‬ص ص ‪. 102 - 100‬‬
‫‪-‬الكتاب األوسط للناشيء األكبر ص ‪ 101‬نشر يوسف فان اس بيروت ‪، 1971‬‬
‫‪-‬االقتصاد في االعتقاد ‪ .‬الغزالي مكتبة الجندي تحقيق محمد مصطفى أبو العال ص‬
‫ص ‪107 - 105‬‬

‫‪94‬‬
‫“ ‪“ 95‬‬

‫مذاهب االسالميين عبد الرحمن بدوي ‪ .‬الجزء األول ص ص ‪. 564 - 563‬‬


‫( نظرية األشعري في التعديل والتحوير )‬
‫‪-‬محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين من الفالسفة والمتكلمين ‪ .‬فخر الدين الرازي ‪.‬‬
‫المطبعة الحسينية المصرية سنة ‪ 1323‬هـ ‪.‬‬
‫القسم الثالث في االفعال ص ص ‪ ، 150 - 140‬وهذه الصفحات مهمة إذ انها ترسم‬
‫بوضوح موقف كل من المتكلمين والفالسفة من لمواضيع المطروحة فلتراجع ‪.‬‬
‫‪-‬في معجم الغزالي ‪ .‬األب فريد جبر ‪ .‬معنى االمر عند الغزالي ص ص ‪. 7 - 4‬‬

‫يس أَبى “ *( ‪) 34 / 2‬‬ ‫) ‪( 5‬اآلية” َوإِّ ْذ قُ ْلنا ِّل ْل َمالئِّ َك ِّة ا ْس ُجدُوا ِّآل َد َم فَ َ‬
‫س َجدُوا إِّ َّال إِّ ْب ِّل َ‬
‫واآليات ‪/ 116 . 20 ، 18 / 50 ، 61 / 17 ، 11 / 7‬‬
‫) ‪( 6‬يراجع بخصوص الحالج ‪:‬‬
‫‪-‬كتاب الطواسين نشر ماسينيون ‪ .‬باريس ‪ 1913‬ص ص ‪ 150 - 145‬نظرية‬
‫االمر واإلرادة عند الحالج ‪.‬‬
‫‪-‬المرجع السابق ‪ .‬طاسين األزل وااللتباس ‪ .‬ص ص ‪ . 55 - 41‬حيث تناظر‬
‫الحالج مع فرعون وإبليس فقال هذا األخير ‪ “ :‬وان سجدت ‪ ،‬سقط عني اسم الفتوة “ ‪.‬‬
‫وينتهي الحالج إلى القول ‪ “ :‬فصاحبي وأستاذي إبليس وفرعون “ ‪. . .‬‬
‫‪-‬المرجع السابق ‪ .‬التعليق على طاسين األزل وخاصة ص ص ‪، 94 - 91‬‬
‫‪-‬وبينما يفصل الحالج من خالل رؤيته لمعصية إبليس ‪ ،‬بين االمر وتنفيذه زمنيا‬
‫ويربطه بالفهم والعلم ‪ ،‬نجد النفري على العكس يرفض العلم فاصال موصال االمر إلى‬
‫التنفيذ بل االمر يستدعي تنفيذه دون علم ؛ ألنه في حال العلم لم يطع االمر اإللهي بل‬
‫َّللا ‪.‬‬ ‫علمه لالمر ‪ .‬اذن أطاع االنسان علمه وليس امر ّ‬
‫فليراجع “ موقف االمر “ النفرى ‪ .‬كتاب المواقف ط ‪ .‬آربري ‪ . 1934‬ص ص ‪28‬‬
‫‪. 31 -‬‬

‫ي‬
‫ي ‪ -‬األمر التكليف ّ‬
‫‪ - 36‬األمر التكوين ّ‬
‫مترادفات االمر التكويني ‪ :‬امر المشيئة ‪ -‬االمر بالتكوين ‪ -‬االمر الخفي ‪. 1‬‬
‫مترادفات االمر التكليفي ‪ :‬امر الواسطة ‪ -‬األمر الجلي ‪. 2‬‬
‫لنترك الشيخ ابن العربي يبين بنصوصه شقي االمر اإللهي ‪ 3‬اللذين اقترحهما ‪ ،‬وبعد‬
‫ان نتوصل إلى تعريفهما نحاول ربطهما بكامل نظريته مظهرين مدى اجابتهما عن‬
‫األسئلة األربعة ‪ ،‬التي طرحناها عند الكالم على االمر اإللهي ‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫“ ‪“ 96‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ فال يقع في الوجود شيء وال يرتفع خارجا عن المشيئة ‪ ،‬فان االمر اإللهي إذا خولف‬
‫َّللا أحد‬
‫هنا بالمسمى معصية ‪ ،‬فليس اال االمر بالواسطة ال االمر التكويني ‪ .‬فما خالف ّ‬
‫قط في جميع ما يفعله من حيث امر المشيئة ‪ ،‬فوقعث المخالفة من حيث امر‬
‫الواسطة ‪ ( “ . . .‬فصوص ‪. ) 165 / 1‬‬

‫“ فان امره سبحانه برفع الوسائط ‪ ،‬ال يتصور ان يعصى ألنه “ بكن ‪ “ .‬إذ “ كن “ ال‬
‫تقال اال لمن هو موصوف بلم “ يكن “ ‪ ،‬وما هو موصوف بلم “ يكن “ ما يتصور منه‬
‫اباية ‪ ،‬وإذا كان االمر اإللهي بالوساطة يكون ‪ . . .‬بما يدل على الفعل فيؤمر بإقامة‬
‫الصالة وإيتاء الزكاة فيقال له ‪ :‬أقم الصالة ‪ . . .‬فاشتق له من اسم الفعل اسم االمر ‪،‬‬
‫فيطيعه من شاء منهم ويعصيه من شاء منهم ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 588 / 2‬‬

‫“ ‪ . . .‬االمر اإللهي ال يخالف اإلرادة اإللهية فإنها داخلة في حدّة وحقيقته ‪ ،‬وانما وقع‬
‫االلتباس من تسميتهم صيغة االمر ‪ -‬وليست بأمر ‪ -‬امرا ‪.‬‬
‫والصيغة مرادة بال شك ‪ ،‬فاوامر الحق ‪ ،‬إذا وردت على ألسنة المبلغين ‪ ،‬فهي صيغة‬
‫األوامر ال األوامر فتعصى ‪.‬‬
‫َّللا ‪ .‬وبهذا‬
‫وقد يأمر االمر بما ال يريد وقوع المأمور به ‪ ،‬فما عصى أحد قط امر ّ‬
‫علمنا أن النهي الذي خوطب به آدم عن قرب الشجرة انما كان بصيغة لغة الملك الذي‬
‫أوحى اليه به ‪ . . .‬فقيل عصى آدم ربه “ ‪ ( .‬ف ‪. ) 430 / 4‬‬

‫يتبين من النصوص التي أوردناها خصائص كل من قسمي األمر ‪.‬‬


‫فاالمر التكويني ‪:‬‬
‫هو امر حقيقي برفع الوسائط ‪ 4‬يوافق اإلرادة ال يمكن ان يعصى ألنه “ بكن “ ‪. 5‬‬
‫اما االمر التكليفي ‪ :‬فهو صيغة امر وليس امرا ‪ ،‬ترد المكلف بوساطة األنبياء ‪ 6‬ال‬
‫َّللا عن حال الممكن في ثبوته‬‫يعلم بموافقته اإلرادة اال بعد حدوثها ‪ ،‬أو لمن كشف له ّ‬
‫‪.7‬‬
‫نالحظ اننا إلى اآلن أجبنا عن سؤالين من األسئلة التي طرحناها وهما ‪:‬‬
‫هل يمكن ان نعصي االمر اإللهي ؟‬
‫هل يمكن ان يخرج فعل عن اإلرادة اإللهية ؟‬
‫َّللا بفعل وال يريده ؟‬
‫فلننتقل اآلن إلى السؤال الثالث وهو ‪ :‬هل يعقل ان يأمر ّ‬

‫‪96‬‬
‫“ ‪“ 97‬‬

‫نصوص الشيخ ابن العربي ‪ :‬بشأن هذا السؤال واضحة وسنوردها بكاملها على طولها‬
‫نظرا ألهميتها ‪:‬‬
‫“ فالرسول والوارث خادم االمر اإللهي باإلرادة ‪ ،‬ال خادم اإلرادة ‪ . 8‬فهو يرد عليه‬
‫به طلبا لسعادة المكلف ‪ . . .‬فالرسول مبلّغ ‪ :‬ولهذا قال شيبتني “ هود “ وأخواتها ‪ 9‬لما‬
‫ت “( ‪ ) 112 / 11‬فشيبته “ كما أمرت “ فإنه ال‬ ‫تحوي عليه من قوله” فَا ْست َ ِّق ْم َكما أ ُ ِّم ْر َ‬
‫يدري هل امر بما يوافق اإلرادة فيقع ‪ ،‬أو بما يخالف اإلرادة فال يقع ‪.‬‬
‫َّللا عن بصيرته‬
‫وال يعرف أحد حكم اإلرادة اال بعد وقوع المراد ‪ ،‬اال من كشف ّ‬
‫فأدرك أعيان الممكنات في حال ثبوتها ‪ ( “ . . .‬فصوص ‪.) 99 - 98 / 1‬‬

‫َّللا عليه وسلم ‪ :‬شيبتني هود وأخواتها ‪10 . . .‬والحكم للعلم ال‬ ‫َّللا صلّى ّ‬‫“ قال رسول ّ‬
‫َّللا ّ‬
‫بظالم العبيد ‪ ،‬فإنه ما علم تعالى اال ما أعطته المعلومات ‪ ،‬فالعلم‬ ‫لالمر ‪ ، 11‬وما ّ‬
‫يتبع المعلوم ‪ 12‬وال يظهر في الوجود اال ما هو المعلوم عليه ‪ . . .‬فصح قوله ‪َ ”:‬وال‬
‫يَ ْرضى ِّل ِّعبا ِّد ِّه ْال ُك ْف َر “( ‪ ) 7 / 39‬والرضا إرادة فال تناقض بين االمر واإلرادة ‪ ،‬وانما‬
‫النقض بين االمر وما أعطاه العلم التابع للمعلوم ‪.‬‬

‫فهو فعّال لما يريد وما يريد اال ما هو عليه العلم ‪ ،‬وما لنا من االمر اإللهي اال صيغة‬
‫االمر ‪ . . .‬فانظر فيما أمرت به أو نهيت عنه ‪ . . .‬فمتعلق االمر عند صاحب هذا‬
‫يء محله باالنتظار ‪ ،‬فإذا جاء االمر اإللهي الذي يأتي بالتكوين بال واسطة‬ ‫النظر ان يه ّ‬
‫‪ ،‬فينظر اثره في قلبه أوال فان وجد اإلباية قد تكونت في قلبه فيعلم انه مخذول ‪ ،‬وان‬
‫خذالنه منه ألنه على هذه الصورة في حضرة ثبوت عينه التي أعطت العلم ّّلل به ‪.‬‬
‫وان وجد غير ذلك وهو القبول فكذلك أيضا ‪. . .‬‬
‫فال نزال نراقب حكم العلم فينا من الحق حتى نعلم ما كنا فيه ‪ ،‬فإنه ال يحكم فينا اال‬
‫بنا ‪ . . .‬ومن كان هذا حاله في مراقبته وان وقع منه خالف ما أمر به فإنه ال يضره ‪،‬‬
‫َّللا ‪ . . .‬فان المراد قد حصل ‪ . . .‬وهو المراقبة ّّلل في تكوينه ‪. . .‬‬
‫وال ينقصه عند ّ‬
‫“ ( ف ‪. ) 182 / 4‬‬

‫يتخلص الشيخ ابن العربي من المأزق الفكري الذي يواجه االمر باإلرادة ‪ ،‬بادخاله‬
‫نسبة “ العلم “ ‪ ،‬فاإلرادة ال تخالف بين “ االمر اإللهي “ و “ العلم اإللهي “ أو على‬
‫األصح بين صيغة االمر اإللهي التي وردت إلى المكلف بوساطة الرسل ‪،‬‬

‫‪97‬‬
‫“ ‪“ 98‬‬

‫وبين العلم اإللهي المستمد من المعلوم في حال ثبوته ‪.‬‬


‫فهل استطاع الشيخ ابن العربي ان يحل االشكال ؟‬
‫الواقع انه حكم على اإلرادة اإللهية واإلرادة االنسانية بجبرية ال يعرف منها لمن‬
‫الحكم ‪.‬‬
‫فاإلرادة اإللهية تتبع العلم اإللهي الذي بدوره يتبع “ المعلوم “ ‪ ،‬والمعلوم هو “ أعياننا‬
‫الثابتة “ ‪ ،‬فعندما تحكم اإلرادة اإللهية ممكنا بأمر ‪ ،‬ال تحكمه بما يخالف “ العلم اإللهي‬
‫“ التابع للممكن نفسه ‪ .‬فعلى الحقيقة ‪ :‬ال يحكم على الممكن اال الممكن ‪ .‬أو حسب‬
‫تعبير الشيخ األكبر “ فإنه ال يحكم فينا اال بنا “ ‪. 13‬‬

‫ومن ناحية ثانية اإلرادة االنسانية مجبرة في كل افعالها ‪ ،‬الن ما كانت به في “ ثبوتها‬
‫“ تظهر به في وجودها العيني ‪ ، 14‬فهذه جبرية ال تفرض على الممكن من خارج‬
‫وانما هي جبرية ذاتية ‪.‬‬

‫وهكذا وصل إلى جبرية ‪ ،‬كان لها صدى في منهجه الخلقي ‪ ،‬شلت سعي االنسان إلى‬
‫الترقي في معارج الكمال وأثبتت ‪ :‬االنتظار والمراقبة ‪ ،‬موقفا ايجابيا ‪.‬‬
‫حتى اآلن نكون قد أجبنا عن األسئلة الثالثة األولى ‪ .‬يبقى السؤال الرابع واألخير ‪ :‬هل‬
‫َّللا الشر والمعصية ؟‬‫يريد ّ‬
‫ان جميع األفعال عند الشيخ األكبر خير في ذاتها ‪ ،‬وال توصف بالشر اال عرضيا‬
‫‪. 15‬‬
‫والرحمة اإللهية ‪ 16‬أوجدت جميع األشياء في صور أعيانها الثابتة قبل ان يوجد تمييز‬
‫بين خير وشر أو طاعة ومعصية ‪. 17‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪ ( 1‬و ( ‪ ) 2‬يستعمل الشيخ ابن العربي االمر أخفي واألمر الجلي كمترادفات‬
‫لالمر التكويني واالمر التكليفي يقول ‪:‬‬
‫“ أوامر الحق مسموعة مطاعة إلى قيام الساعة ‪ ،‬لكن األوامر الخفية ‪ ،‬ال األوامر‬
‫الجلية ‪ ،‬فان شرعه عن امره وما قدره كل سامع حق قدره ‪ ،‬فلما جهل قدره عصى‬
‫نهيه وامره ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 350 / 4‬‬

‫‪98‬‬
‫“ ‪“ 99‬‬

‫) ‪( 3‬راجع “ االمر اإللهي “‬


‫) ‪( 4‬هذا االمر اإللهي برفع الوسائط يكون من الوجه الذي ّّلل من كل مخلوق ‪ .‬فالعلم‬
‫اإللهي يحكم على الممكنات ‪ :‬اما عن طريق “ القلم “ بقوله تعالى ‪ :‬اكتب علمي في‬
‫َّللا ‪ ،‬فكل‬ ‫خلقي ( راجع “ قلم “ ) واما عن طريق الوجه الخاص الذي للممكن من ّ‬
‫عطاء من الوجه الخاص هو امر الهي ‪ .‬وكل عطاء من جهة القلم هو خلق ‪ .‬ولذلك‬
‫يقول” أَال لَهُ ْالخ َْل ُق َو ْاأل َ ْم ُر “ ) ‪( 7 / 54‬بمعنى العطاء بواسطة وبدون واسطة ‪ .‬يقول‬
‫الشيخ ابن العربي ‪ “ :‬ان ّّلل تعالى في كل موجود وجها خاصا يلقي اليه منه ما يشاء‬
‫مما ال يكون لغيره من الوجوه ‪. .‬ومن ذلك الوجه يفتقر كل موجود اليه ‪ . . .‬وذلك‬
‫الوجه اإللهي ال يتصل بالخلق ‪ .‬وقال للقلم ‪ :‬اكتب علمي في خلقي ‪ ،‬وما قال له اكتب‬
‫علمي في الوجه الذي مني لكل مخلوق على انفراده ‪ . . .‬فهو سبحانه يعطي بسبب‬
‫َّللا في خلقه ‪ ،‬ويعطي بغير سبب وهو ما يعطيه من ذلك‬ ‫وهو الذي كتبه القلم من علم ّ‬
‫الوجه فال تعرف به األسباب وال الخلق ‪ . . .‬ذلك الوجه الخاص اإللهي الخارج عن‬
‫الخلق وهو االمر اإللهي ‪ .‬فان له الخلق واالمر ‪ ،‬فما كان من ذلك الوجه فهو ‪ :‬االمر‬
‫وما كان من غير ذلك الوجه فهو ‪ :‬الخلق “ ‪ ( .‬ف ‪. ) 423 / 2‬‬
‫شيْئا ً أ َ ْن‬
‫) ‪( 5‬الشيخ ابن العربي منسجم هنا مع التنزيل العزيز” إِّنَّما أ َ ْم ُرهُ إِّذا أَرا َد َ‬
‫ون “( ‪ ) 82 / 36‬حيث ربط االمر التكويني باإلرادة ‪ ،‬فال يمكن ان‬ ‫يَقُو َل لَهُ ُك ْن فَيَ ُك ُ‬
‫يقع فعل دون موافقة اإلرادة اإللهية ‪.‬‬
‫) ‪( 6‬لم يتعمق الصوفية المتقدمون في بحث االمر اإللهي ‪ ،‬وأكثرهم لم يتعرض‬
‫لالمر التكويني بل تكلم على االمر اإللهي بالواسطة الذي هو الشرع ‪ .‬راجع كالم‬
‫مقاتل بن سليمان الذي يتكلم على االمر اإللهي بالواسطة ‪ .‬ثم يجعله في نص آخر أحد‬
‫االشكال الثالثة التي تجلى فيها القرآن ‪(Exeges Coranique p - 42 et p .‬‬
‫)‪ 68‬كما يراجع عالقة االمر بالحكمة والتدبير عند الترمذي ‪ ،‬وتصنيفه العلماء حسب‬
‫معرفتهم لالمر اإللهي ‪ ( .‬المرجع نفسه ص ص ‪. ) 144 - 141‬‬
‫) ‪( 7‬راجع “ ثبوت “‬
‫) ‪( 8‬راجع “ خادم االمر اإللهي “ “ خادم اإلرادة اإللهية ‪“ .‬‬
‫) ‪( 9‬انظر فهرس األحاديث حديث رقم ) ‪: ( 9‬‬
‫) ‪( 10‬انظر فهرس األحاديث حديث رقم ) ‪: ( 9‬‬
‫) ‪( 11‬ان الحكم في العبد للعلم اإللهي وليس لالمر اإللهي ‪ .‬واالمر اإللهي المقصود‬
‫هنا هو التكليفي ال التكويني ‪ .‬الن االمر التكويني ليس في الواقع اال صورة العلم ‪.‬‬
‫) ‪( 12‬مسألة تبعية العلم اإللهي للمعلومات ‪ .‬من المسائل القليلة التي خالف فيها‬
‫الجيلي الشيخ ابن العربي يقول ‪:‬‬
‫َّللا عنه حيث قال ‪ :‬ان معلومات الحق‬ ‫“ ولقد سها االمام محي الدين بن العربي رضي ّ‬
‫أعطت الحق العلم من نفسها ‪ .‬فلنعذره ‪ . . .‬ولكنا وجدناه سبحانه وتعالى بعد هذا‬
‫يعلمها بعلم أصلي منه غير مستفاد مما عليه المعلومات ‪ ،‬فيما اقتضته من نفسها‬
‫بحسب حقائقها ‪ .‬غير أنها اقتضت في نفسها ما علمه سبحانه منها فحكم لها ثانيا بما‬
‫اقتضته وهو حكمها عليه ‪ . . .‬ولو‬

‫‪99‬‬
‫“ ‪“ 100‬‬
‫لم يكن االمر كذلك لم يصح له في نفسه الغنى عن العالمين ‪ ،‬ألنه إذا كانت المعلومات‬
‫أعطته العلم من نفسها فقد توقف حصول العلم له على المعلومات ‪ ،‬ومن توقف وصفه‬
‫على شيء كان مفتقرا إلى ذلك الشيء في ذلك الوصف ‪ .‬ووصف العلم له وصف‬
‫َّللا عن ذلك علوا‬
‫نفسي فكان يلزم من هذا ان يكون في نفسه مفتقرا إلى شيء ‪ ،‬تعالى ّ‬
‫كبيرا “ ‪ ( . . .‬االنسان الكامل ‪ .‬ج ‪ 1‬ص ‪. ) 46‬‬
‫لقد استند الجيلي إلى غنى الحق عن العالمين في نقده لشيخنا األكبر ‪ .‬والواضح ان هذا‬
‫األخير عندما يتكلم على تبعية العلم للمعلوم ال يخرج عن الدائرة اإللهية ‪ .‬فالمعلوم هنا‬
‫غير موجود خارج العلم اإللهي بل إنه أشبه بذرات العلم اإللهي ان أمكن التعبير ‪.‬‬
‫فالعلم اإللهي يتبع المعلوم وذلك قبل وجود الخلق ‪ .‬وبعد وجود الخلق يتبع الموجود‬
‫العلم اإللهي ( ‪ -‬عينه الثابتة ) ‪.‬‬
‫اذن تبعية العلم اإللهي للمعلوم هي في الواقع تبعيته لذاته ‪ ،‬وغنى الحق عن العالمين لم‬
‫يمس ‪ .‬انظر “ عين ثابتة ‪“ .‬‬

‫) ‪( 13‬هذا نص للشيخ ابن العربي يبين بوضوح كيف ان التكوين للشيء عن امر‬
‫المكون للشيء يقول ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫َّللا هو‬
‫َّللا ‪ .‬وليس امر ّ‬
‫ّ‬
‫“ فما أوجد هذا الشيء بعد ان لم يكن عند االمر بالتكوين اال نفسه ‪ ،‬فاثبت الحق تعالى‬
‫ان التكوين للشيء نفسه ال للحق ‪ ،‬والذي للحق فيه امره خاصة ‪ .‬وكذلك اخبر عن‬
‫نفسه في قوله “ انما أمرنا لشيء إذا أردناه ان نقول له كن فيكون “ فنسب التكوين‬
‫َّللا ‪ . . .‬وهذا هو المعقول في نفس االمر ‪ ( “ . . .‬فصوص ‪/ 1‬‬ ‫للشيء نفسه عن امر ّ‬
‫‪. ) 116 - 115‬‬
‫) ‪( 14‬انظر “ عين ثابتة ‪“ .‬‬
‫) ‪( 15‬سننقل هنا نصا للشيخ ابن العربي جريئا في تصريحه مخيفا في نتائجه للمؤمن‬
‫العادي الغريب عن آراء الشيخ األكبر ‪ ،‬يشير في هذا النص إلى التبديل اإللهي ‪،‬‬
‫َّللا سيئات قوم حسنات ‪ ،‬حتى يندم عند التبديل المسيىء بأنه‬‫والتبديل عبارة عن ابدال ّ‬
‫لم يأت بذنوب الدنيا كلها ‪ ،‬ويندم على ما فاته من الكبائر ‪ .‬كما يحاول ان يبين ان‬
‫السيئة قد تفضل الحسنة ‪ .‬ولكن ما سر هذا التبديل ومتى تصبح السيئة خيرا من‬
‫الحسنة ؟ انها التوبة ‪ .‬التوبة كأنها إكسير عجيب يقلب صورة الفعل وصفته ‪ .‬فالفعل‬
‫َّللا صفة الشر ويكسوه‬‫بذاته خير ‪ ،‬وال يوصف بالشر اال عرضيا وبالتوبة يزيل عنه ّ‬
‫كسوة الرضى التي تزيد في جماله فيفوق الفعل الحسن نفسه ‪ .‬يقول الشيخ ابن‬
‫العربي ‪ “ :‬ومن الناس من يرى الندم على ما فاته من فعل الكبائر في وقت المخالفة‬
‫ألنه يشاهد التبديل ‪ :‬كل سيئة بما يوازيها من الحسنات ‪ . . .‬فان السوء للعمل عارض‬
‫بال شك والحسن له ذاتي ‪ ،‬وكل عارض زائل وكل ذاتي باق ‪ . . .‬فالحسنة كشخص‬
‫جميل في غاية الجمال ال بزة عليه ‪ .‬وشخص جميل مثله في غاية الجمال طرأ عليه‬
‫وسخ من غبار فنظف من ذلك الوسخ العارض ‪ ،‬فبان جماله ثم كسي بزة حسنة فاخرة‬
‫تضاعف بها جماله وحسنه ‪ ،‬ففاق األول حسنا ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 141 - 140 / 2‬‬

‫‪100‬‬
‫“ ‪“ 101‬‬

‫فليراجع كامل النص من الفتوحات ‪.‬‬

‫) ‪( 16‬راجع “ رحمة “‬
‫) ‪( 17‬انظر فصوص الحكم ج ‪ 2‬ص ص ‪. 121 - 120‬‬

‫ي‬
‫ي ‪ -‬األمر الجل ّ‬
‫‪ - 37‬األمر الخف ّ‬
‫راجع االمر التكليفي ‪ -‬االمر التكويني‬

‫‪ - 38‬أمر المشيئة ‪ -‬أمر الواسطة‬


‫راجع االمر التكليفي ‪ -‬االمر التكويني‬

‫ي الساري‬
‫‪ - 39‬األمر الكل ّ‬
‫االمر الكلي الساري في جميع الموجودات هو ‪ :‬وجه الحق في كل شيء ‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬يا محجوب لم لم تر وجه الحق في كل شيء في ظلمة ونور ومركب وبسيط‬
‫ولطيف وكثيف ‪ ،‬حتى ال تحس بألم الفراق وتغيب عين المطلوب عنك في كل‬
‫شيء ‪ . . .‬ما هو مخصوص بهذا المقام [ الثبور ] وحده بالمحجوب عن االمر الكلي‬
‫الساري في جميع الموجودات ‪ ( “ . . .‬ترجمان األشواق هامش رقم ‪ 3‬و ‪ 4‬ص‬
‫‪) 63‬‬
‫“ سريان األلوهية في الموجودات ‪ ،‬ولوال ذلك ما قامت ‪ ،‬ولوال قيوميتها ما دامت ‪. . .‬‬
‫“ ( إشارات القرآن ق ‪) 56‬‬

‫‪ - 40‬اإلمامة – األمام‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ :‬امام‬
‫“ واالمام ‪ :‬كل من اقتدى به وقدّم في األمور ‪ .‬والنبي صلى ّ‬
‫األئمة ‪ ،‬والخليفة امام الرعية ‪ ،‬والقرآن ‪ :‬امام المسلمين “ ‪ ( .‬معجم مقاييس اللغة ج ‪1‬‬
‫ص ‪. ) 28‬‬

‫‪101‬‬
‫“ ‪“ 102‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫وردت كلمة امام بمعنى ‪ :‬المقدّم المتبوع سواء كان شخصا أم كتابا ”‪.‬‬
‫اس ِّإماما ً قا َل َو ِّم ْن ذُ ِّ ّريَّ ِّتي “( ‪) 124 / 2‬‬ ‫قا َل ِّإ ِّنّي جا ِّعلُ َك ِّللنَّ ِّ‬
‫تاب ُموسى إِّماما ً َو َر ْح َمةً‪) 17 / 11 ( “ 1‬‬ ‫" َويَتْلُوهُ شا ِّه ٌد ِّم ْنهُ َو ِّم ْن قَ ْب ِّل ِّه ِّك ُ‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫يتعذر بحث “ اإلمامة “ و “ االمام “ على المستوى النظري والفكري ‪.‬‬
‫كما هو الحال في معظم مصطلحات الحاتمي ‪.‬‬
‫السبب عائد إلى أن اإلمامة نشأت وترعرعت في حمى السياسة ‪ ،‬وكانت الباعث األول‬
‫واألكبر على خلق الفرق والملل التي تشقق إليها البنيان االسالمي ‪ ،‬وهي أول حدث‬
‫َّللا عليه وسلم ‪. 2‬‬
‫اختلف فيه المسلمون بعد وفاة النبي صلى ّ‬
‫والمالحظ ان أوائل المسلمين استعملوا كلمة امامة وخالفة على الترادف ‪ ،‬الن‬
‫الشخص الذي يرتضونه إماما يبايعونه بالفعل نفسه خليفة ‪.‬‬
‫فاالمام هو الخليفة ‪ ،‬وعند أهل السنة عامة ‪ :‬الخليفة هو االمام ‪.‬‬
‫ولكن بعد الخلفاء الراشدين كثرت الفرق واستحال ارضاؤها فالفرقة التي لم توفق بان‬
‫تجعل إمامها الذي تعتقد به خليفة للمسلمين ‪ ،‬استمرت على اعتقادها بامامها واتخذت‬
‫عقيدتها إما تقية ‪ ،‬واما ذريعة للخروج على سلطان الدولة بالفتن والحروب ‪. 3‬‬
‫وهكذا استطاعت نظرية “ اإلمامة “ ان تفرض نفسها على كتب علم الكالم اجمعها‬
‫تقريبا ‪ ،‬بالنسبة لما يرمز اليه صاحبها اي “ االمام “ من فعالية سياسية ودينية ‪. 4‬‬
‫وفي الوقت نفسه أثارت جدال بين أهل السنة والشيعة ‪ ،‬ألنه كما سبق وقلنا إن أهل‬
‫السنة يرتضون الخليفة القائم إماما بصورة عامة ‪.‬‬
‫ولذلك ال نجد لهذه النظرية االبعاد التي اخذتها في الفكر الشيعي ‪. 5‬‬
‫لم يبق امام الشيخ األكبر اال ان يوضح موقفه من المشكلة التي عاصرت االسالم منذ‬
‫فجره حتى اليوم ‪.‬‬
‫****‬
‫يأخذ الشيخ ابن العربي اإلمامة بمعناها الشامل الواسع المطلق اي ‪:‬التقدم ‪ 6‬والتولية‬
‫والتصرف ‪.‬‬
‫دون ان يحدد شخص االمام أو اشخاص المأمومين ‪.‬‬
‫فهي هنا ‪ :‬مرتبة ‪ ،‬أو وظيفة وليست شخصا معينا ‪ ، 7‬وهو بهذا العرض لإلمامة يبتعد‬
‫عن الخوض بها ‪.‬‬
‫ولنتركه بنصوصه الواضحة هنا ‪ ،‬يبين ما اوجزناه‪.‬‬

‫‪102‬‬
‫“ ‪“ 103‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ‪ ، 8‬فع ّمت اإلمامة جميع الخلق ‪ ،‬فحصل‬
‫ويتصرف بقدر ما ملّكه ّ‬
‫َّللا من التصرف‬ ‫ّ‬ ‫لكل شخص منهم مرتبة اإلمامة ‪. . .‬‬
‫فيه ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 476 / 3‬‬

‫“ فما من انسان اال وهو مخلوق على الصورة ‪ ، 9‬ولهذا ع ّمت اإلمامة جميع االناسي‬
‫والحكم في الكل واحد من حيث ما هو امام ‪ ،‬والملك يتسع ويضيق ‪. . .‬‬
‫فاالمام مراقب أحوال مماليكه مع األنفاس ‪ ،‬وهذا هو االمام الذي عرف قدر ما ّ‬
‫واله‬
‫َّللا عليه وقدّمه ‪ . . .‬كذلك االمام ان غفل بلهوه وشأنه ‪ . . .‬ولم ينظر من أحوال ما هو‬
‫ّ‬
‫مأمور بالنظر في أحواله من رعاياه ‪ ،‬فقد عزل نفسه بفعله ورمت به المرتبة وبقي‬
‫َّللا ‪ ( “ . . .‬ف ‪ / 4‬ص ص ‪. ) 6 ، 5‬‬‫عليه السؤال من ّ‬

‫“ اعلم أن اإلمامة هي المنزل الذي يكون النازل فيها متبوعا وكالمه مسموعا ‪. . .‬‬
‫وحكم االمام على قسمين ‪ :‬لما كان االمام امامين ‪ :‬ناطق ومضمن نطقا ‪ ،‬وصادق‬
‫ومودع صدقا كاالمام الذي هو الكتاب الصحيح ‪ . . .‬وفي كل أمة ‪ . . .‬نذير من‬
‫جنسها على حسب نفسها ‪ ،‬وال بد من اتخاذ االمام المتبع في الشيء الذي قدم له واتبع‬
‫َّللا لفسدتا فقد قرن الفساد‬
‫‪ ،‬فان نازعه آخر هلك ‪ ،‬لو كان فيهما آلهة اال ّ‬
‫باالشتراك ‪ . . .‬وإمام الصالة ‪ :‬إمام فيها على أركانها ومبانيها ‪ ( “ . . .‬عنقاء مغرب‬
‫‪. ) 61 - 60‬‬

‫“ كذلك هذه النشأة االنسانية ‪ . . .‬فيها أيمة كما فيها أمم ‪ . . .‬والروح الفكري امام ‪،‬‬
‫والروح العقلي امام ‪ ، 10‬والحواس أئمة ‪ ،‬ولكل امام من هذه األئمة أمة واالمام‬
‫األكبر ‪ . . .‬القلب ‪ ( “ . . .‬عنقاء مغرب ‪. ) 62‬‬

‫نالحظ من النصوص السابقة ان كلمة “ امام “ أصبحت لفظا خاليا من قوته الرمزية‬
‫إلى شخص االمام المقصود ‪ .‬واكتفت بان تنسب إلى ما تؤمه ‪ ،‬اي تحولت إلى اسم ال‬
‫يعرف اال بإضافته إلى مأموميه ‪. 11‬‬
‫****‬
‫ال يظل الشيخ ابن العربي على نظرته الشاملة إلى اإلمامة ‪ ،‬بل يذرها في أيدي العامة‬
‫من قارئي كتبه ‪ ،‬ساترا بها حقيقة رؤيته لإلمامة ‪.‬‬

‫ولكن ‪ ،‬لكي نفهم “ اإلمامة “ و “ االمام “ عنده ‪ ،‬يجب ّاال نتوقع بحثا كالميا في‬
‫اإلمامة ‪ ،‬كما جرت العادة ‪ ،‬بل رؤية صوفية‪.‬‬

‫‪103‬‬
‫“ ‪“ 104‬‬

‫فاالمامة هي الوالية نفسها بتعبير آخر ‪ .‬والوالية عند الشيخ األكبر عالم قائم بذاته‬
‫كالنبوة له مفرداته الخاصة وتعابيره االصطالحية ‪.‬‬

‫( أ ) أثبت الشيخ ابن العربي في من الواحد امامين ‪ :‬امام ظاهر هو الخليفة الحاكم‬
‫السياسي ( متفقا في ذلك مع أهل السنة ) وامام باطن هو الخليفة على الحقيقة ‪، 12‬‬
‫ولكن هذين االمامين ال تنافر بينهما بل يم ّد الثاني األول ‪ ، 13‬فالثاني هو ما يسمونه‬
‫“ بالقطب “ و “ الغوث “ و “ صاحب الوقت “ ‪. 14‬‬

‫( ب ) وكما أن للوالية ختما ‪ ،‬كذلك اإلمامة تختم “ باالمام األكبر “ ‪ .‬ولكن الختم له‬
‫وظيفة في منتهى األهمية لن نبحثها هنا حتى ال نقع في تكرار فلتراجع في “ ختم‬
‫الوالية ‪“ .‬‬
‫وهذا االمام األكبر هو المهدي أو اإلمام المهدي كما يسميه الشيخ ابن العربي‬
‫( ج ) يوازن الشيخ ابن العربي بين الوالية واإلمامة حرفيا تقريبا ‪ ،‬فنجده يشير إلى‬
‫َّللا ‪ .‬وذلك ينسجم مع‬
‫َّللا ‪ ،‬كما سيرد ان “ الولي “ هو ّ‬
‫أن “ االمام االعلى “ هو ّ‬
‫َّللا ‪.‬‬
‫نظريته القائلة ‪ :‬ان كل شيء في الحقيقة هو ّ‬

‫اما النصوص التي تثبت ما أشرنا اليه فهي ‪:‬‬


‫) ‪“( 1‬ان االمام هو الوالي فال ّ‬
‫تكن * فإنني عالم بما بدا مني ‪. . .‬يدعى صاحبها‬
‫[ صاحب حضرة اإلمامة ] عبد الوالي وعبد الولي ‪ .‬وعبد الوالي ‪ :‬هو الذي يلي‬
‫األمور بنفسه فإذا وليها غيره بأمره فليس بوال وال امام ‪ ،‬وانما الوالي واالمام هو‬
‫المنصوب للوالية ‪ ،‬وانما س ّمي واليا ألنه يوالي االمر من غير اهمال المر ما مما له‬
‫عليه والية ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 305 / 4‬‬

‫“ واعلموا ان المبايعة ال تقع اال على الشرط المشروط ‪ . . .‬فقد يبايع شخص على‬
‫اإلمامة ‪ 15‬وفي غيره تكون العالمة ‪ . 16‬فتصح المبايعة على الصفات المعقولة ‪. . .‬‬
‫فيمد عند تلك المبايعة ‪ ، 17‬للخليفة الناقص في ظاهر الجنس الخليفة المطلوب يده من‬
‫حضرة القدس ‪ .‬فتقع المبايعة عليها من غير أن ينظر ببصره إليها ‪ ( “ . . . 18‬عنقاء‬
‫مغرب ص ‪. ) 62‬‬

‫ّ‬
‫المعظم ‪ ،‬حامل لواء الوالية‬ ‫المكرم ‪ ،‬واالمام المتبوع‬
‫ّ‬ ‫َّللا تعالى ذكر الختم‬
‫“ ) ‪( 2‬ان ّ‬
‫وخاتمها ‪ ،‬وامام الجماعة وحاكمها ‪ . . .‬فان اإلمام المهدي ‪ ،‬المنسوب إلى بيت‬
‫النبي ‪ . . .‬اماما متبوعا وامرا مسموعا ( “ ‪ . . .‬عنقاء مغرب ص ‪) .72‬‬

‫‪104‬‬
‫“ ‪“ 105‬‬
‫“ واالمام األكبر المتبع الذي اليه النهاية والمرجع وتنعقد عليه أمور األمة اجمع ‪ ،‬فكل‬
‫امام ال يخالف في إمامته إذا ظهر بعالمته ‪ ،‬وكل امام تحت امر هذا اإلمام الكبير ‪،‬‬
‫كما أنه [ اإلمام الكبير ] تحت قهر القاهر القدير ‪ ،‬فهو اآلخذ عن الحق ‪ ،‬والمعطي‬
‫بحق في حق فال تحزبوه وانصروه “ ‪( . . .‬عنقاء مغرب ص ‪) . 61‬‬
‫َّللا “ ( ف ‪) 305 / 4‬‬ ‫“ ) ‪( 3‬فان الوالي على الحقيقة هو ّ‬
‫“ ولما كان الحق تعالى ‪ :‬األمام االعلى والمتبع األولى ‪ ،‬قال ”‪ِّ :‬إ َّن الَّذِّينَ يُبا ِّيعُون ََك ِّإنَّما‬
‫َّللا فَ ْوقَ أ َ ْيدِّي ِّه ْم “ ) ‪“( 48 / 10‬‬
‫َّللا ‪ .‬يَ ُد َّ ِّ‬
‫يُبا ِّيعُونَ َّ َ‬
‫( عنقاء مغرب ص ‪. ) 63‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬راجع شرح اآلية في لطائف اإلشارات للقشيري ج ‪ 3‬ص ‪. 129‬‬
‫) ‪( 2‬يقول األشعري ‪ “ :‬وأول ما حدث من االختالف بين المسلمين ‪ -‬بعد نبيهم صلى‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ -‬اختالفهم في اإلمامة “ ( مقاالت االسالميين ‪ -‬تحقيق محمد محي الدين‬ ‫ّ‬
‫عبد الحميد ص ‪) . 39‬‬
‫هذا االختالف الذي أشار اليه األشعري حدث بعد وفاة النبي وأدى إلى نشوء ثالث‬
‫فرق ‪:‬‬
‫“ األنصار أصحاب السقيفة ‪ ،‬والمهاجرون الذين بايعوا أبا بكر ‪ ،‬وبنو هاشم الذين‬
‫اجتمعوا في منزل فاطمة مع علي بن أبي طالب “ ( مسائل اإلمامة للناشيء األكبر ‪-‬‬
‫ت ‪ 293‬ه ‪ .‬نشر يوسف فان اس ‪ .‬سلسلة نصوص ودراسات يصدرها المعهد‬
‫األلماني في بيروت ص ‪) . 15‬‬
‫على أن ماسينيون ال يوافق األشعري فيما ذهب اليه ‪ .‬بل يرى أن أول اختالف في‬
‫شخص االمام كان عام ‪ ، 656 / 36‬تاريخ مقتل عثمان ‪(La passion d'Al‬‬
‫)‪Hallaj p . 725‬‬
‫والحقيقة ان الخالف رغم وقوعه لحظة تعيين الخليفة ‪ -‬اي الزمن الذي أشار اليه‬
‫األشعري ‪ -‬اال انه لم يتطور إلى فتن وحروب ‪ ،‬بل استمر المسلمون متكاتفين‬
‫يجاربون المرتدين المنشقين إلى زمن مقتل عثمان حين تف ّجر خالفهم األول الذي لم‬
‫يكن قد تالشى بل كمن فظهر عند مقتل عثمان ‪.‬‬
‫يراجع فيما يتعلق بالفرق الثالث المشار إليها ‪:‬‬
‫‪-‬مسائل اإلمامة ‪ .‬للناشئ األكبر ص ص ‪. 15 - 10‬‬
‫‪-‬مقاالت االسالميين لألشعري ص ص ‪. 42 - 39‬‬
‫“ ‪-‬لمع األدلة “ الجويني ت ‪ 478‬ه ‪ .‬ص ص ‪ - 116 - 114‬تعليق د ‪ .‬فوقية حسين‬
‫محمود ‪.‬‬
‫المؤسسة المصرية العامة للتأليف والنشر الطبعة األولى ‪ . 1965‬وقد حصر الجويني‬
‫أيام‬

‫‪105‬‬
‫“ ‪“ 106‬‬
‫الخالفة بزمن الخلفاء الراشدين الذين حققوا شروطها مستندا في ذلك إلى حديث‬
‫شريف ‪ “ :‬سنة الخالفة بعدي ثالثون سنة ‪ ،‬ثم تصير ملكا عضوضا “ وكانت أيام‬
‫الخلفاء هذا القدر ‪.‬‬
‫‪-‬مذاهب االسالميين تأليف عبد الرحمن بدوي ج ‪ 1‬دار العلم للماليين بيروت‬
‫‪ . 1971‬ص ص ‪ ( 327 - 326‬اإلمامة عند المعتزلة ) وص ص ‪- 633 627‬‬
‫(اإلمامة عند الباقالني ‪) .‬‬
‫‪-‬غاية المرام في علم الكالم ‪ ،‬سيف الدين اآلمدي ‪ .‬تحقيق حسن عبد اللطيف القاهرة‬
‫‪ . 1971‬لجنة احياء التراث االسالمي ص ص ‪ - 391 - 363‬حيث يبحث معتقد‬
‫أهل السنة ‪ ،‬ووجوب اإلمامة وشرائطها ‪.‬‬
‫‪-‬اللمع في الرد على أهل الزيغ والبدع ‪ ،‬األشعري ‪ .‬تحقيق حمودة الخانجي ‪ .‬بالقاهرة‬
‫سنة ‪ 1955‬ص ص ‪. 136 - 133‬‬
‫‪-‬اإلبانة عن أصول الديانة ط ‪ .‬حيدرآباد ‪ .‬دون تاريخ ‪ .‬األشعري ص ص ‪- 92‬‬
‫‪- . . 96‬التمهيد في الرد على الملحدة والرافضة ‪ .‬الباقالني ‪ .‬تحقيق الخبيري وأبو‬
‫ريدة دار الفكر العربي ‪ .‬القاهرة سنة ‪ 1947‬ص ص ‪. 293 - 164‬‬
‫‪-‬معالم أصول الدين ‪ .‬فخر الدين الرازي ‪ .‬بهامش المحصل ط ‪ .‬الحسينية سنة‬
‫‪ 1323‬هـ ‪. .‬ص ص ‪. 182 - 153‬‬
‫‪-‬محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين ط ‪ .‬الحسينية مصر ‪ 1323‬ه ص ص ‪- 176‬‬
‫‪ 183‬الرازي ‪- . .‬كتاب األربعين في أصول الدين ‪ .‬ط ‪ .‬حيدرآباد سنة ‪ 1353‬ه ‪.‬‬
‫الرازي ص ص ‪- . ، 478 - 426‬الفصل في الملل واألهواء والنحل البن حزم‬
‫األندلسي ت ‪ 456‬ه ‪ .‬مكتبة المثني بغداد ج ‪ 4‬ص ص ‪. 111 - 87‬‬

‫) ‪( 3‬وقعة الجمل ‪ ،‬وحرب معاوية وعلي في صفين ومهزلة التحكيم ‪ ،‬كربالء ومقتل‬
‫الحسين ‪.‬‬
‫يراجع بهذا الشأن ‪:‬‬
‫‪-‬مسائل اإلمامة للناشيء األكبر ص ص ‪ ، 19 - 15‬ص ص ‪. 24 - 22‬‬
‫‪-‬مقاالت االسالميين لألشعري مع حواشي محمد عبد الحميد ص ص ‪. 64 - 54‬‬
‫) ‪( 4‬لسنا في معرض بحث كالمي في اإلمامة لكي نبين موقف كل من الفرق والشيع‬
‫من االمام ‪ ،‬وقبولهم اإلمامة شرعا أو عقال ‪ .‬وأبحاثهم في شرائط اإلمامة ‪ ،‬لذلك نكتفي‬
‫بان نحيل القارئ إلى الكتب التي في أيدينا والتي توضح هذه النقطة إذ ال يكاد يخلو‬
‫كتاب من كتب علم الكالم من هذه المسألة ‪ ،‬وهذا ما سيظهر من المراجع التي سنشير‬
‫إليها ‪:‬‬
‫‪-Passion d'al Hallaj‬ماسينيون ص ص ‪ 730 - 725‬وخاصة هامش رقم ‪3‬‬
‫ص ‪725‬حيث اظهر باختصار موقف كل من الفرق الكالمية المعروفة من اإلمامة ‪.‬‬
‫‪-‬االقتصاد في االعتقاد ‪ .‬الغزالي ‪ .‬مكتبة الجندي ‪ .‬تحقيق محمد مصطفى أبو العال ‪،‬‬
‫ص ص ‪ 206 - 197‬يشير الغزالي إلى االمام بقوله ‪ “ :‬امام مطاع “ انظر ص‬
‫‪197‬‬

‫‪106‬‬
‫“ ‪“ 107‬‬
‫راجع “ ختم الوالية العامة “ “ ختم الوالية الخاصة ‪“ .‬‬

‫) ‪( 5‬كان “ شخص االمام “ مثار جدل في األوساط الشيعية أدى إلى كثرة الفرق التي‬
‫وصلت إليها ‪ :‬إسماعيلية ‪ ،‬اثنا عشرية ‪ ،‬قرامطة ‪. . .‬‬
‫اما أهل السنة فقد ظلوا على الوالء للخليفة بمعنى انهم ارتضوه إماما ‪ .‬ولكن هل ماشى‬
‫المتصوفة أهل السنة فيما ذهبوا اليه ‪ ،‬أم كان لهم امامهم الخاص أسوة بالشيعة ؟ ان‬
‫يورث ‪ ،‬ملغية بذلك أهم ما يميزها وهو االختيار‬ ‫الخالفة بعد معاوية ‪ ،‬أصبحت ملكا ّ‬
‫[ يقول الجويني ‪:‬‬
‫“ وما نص النبي عليه السالم على امامة أحد بعده ‪ . . .‬وإذا ثبت ان اإلمامة لم تثبت‬
‫نصا الحد د ّل انها ثبتت اختيارا “ ( اللمع ‪ ،] ) 115 - 114 -‬إذ لم يعد الخليفة يحوى‬
‫بالضرورة شرائطها ‪ ،‬فهل يرتضيه المتصوفة ؟ ان المتصوفة لم تجاهر بمخالفتها‬
‫سو َل َوأُو ِّلي ْاأل َ ْم ِّر ِّم ْن ُك ْم ‪“. [ 4 /‬‬ ‫َّللا َوأ َ ِّطيعُوا َّ‬
‫الر ُ‬ ‫للخليفة اتباعا للنص القرآني” أ َ ِّطيعُوا َّ َ‬
‫] ‪59‬ولكن ذلك أدى إلى نوع من عزلة سياسية أشبه باليأس السياسي ‪ ،‬تفسرها حاالت‬
‫الزهد والعزلة والخلوة ‪ ،‬والبعد عن الناس ‪ .‬اذن ‪ ،‬عدم رضاهم عن شخص الخليفة‬
‫جعلهم لم يعتقدوا غيره “ تقية “ ولكنهم قاموا بعملية فصل بين وظيفتي االمام ‪ :‬الدين‬
‫والسياسة ‪ .‬اي لم يعد االمام الديني واالمام السياسي واحدا كما كان على عهد الخلفاء‬
‫الراشدين ‪ .‬بل أصبح الخليفة ‪ :‬هو االمام السياسي المتبوع ‪ ،‬والولي أو القطب أو ما‬
‫يشير اليه من المترادفات ‪ :‬هو االمام الديني المتبوع ‪.‬‬
‫) ‪( 6‬يقول الشيخ ابن العربي في اشتقاق اإلمام من األمام ‪:‬‬
‫صل االنسان الكامل اإلمامة حتى كان عالمة واعطى العالمة وكان الحق‬ ‫“ ‪ . . .‬ما ح ّ‬
‫امامه ‪ ،‬وال يكون مثله حتى يكون وجها كله ‪ .‬فكله أمام فهو إمام ‪ ،‬ال خلف يحده فقد‬
‫انعدم ضده ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 385 / 4‬‬
‫) ‪( 7‬ان اإلمامة تشبه الخالفة عند الشيخ ابن العربي ‪ .‬راجع الفرق بينهما في لفظ‬
‫“ الخالفة “ كما يراجع ‪:‬‬
‫‪-‬فصوص الحكم ج ‪ 1‬ص ‪، 162‬‬
‫‪-‬فتوحات ج ‪ 3‬ص ‪، 410‬‬
‫) ‪( 8‬انظر فهرس األحاديث حديث رقم ) ‪: ( 10‬‬
‫) ‪( 9‬بالصورة صحت لالنسان اإلمامة ‪ .‬راجع “ صورة ‪“ .‬‬
‫) ‪( 10‬يقول الشيخ ابن العربي في عنقاء مغرب ص ‪: 6‬‬
‫“ واجعل عقلي إماما علي واطلب منه اآلداب الشرعية في باطني وظاهري ‪ ،‬وأبايعه‬
‫على اصالح أولى وأخرى ‪. . . “ .‬‬
‫) ‪( 11‬يقول ابن حزم األندلسي ‪:‬‬

‫‪107‬‬
‫“ ‪“ 108‬‬
‫“ وقال قوم ان اسم اإلمامة قد يقع على الفقيه العالم وعلى متجلي الصالة بأهل مسجد‬
‫ما ‪.‬‬
‫قلنا ‪ :‬نعم ‪ ،‬ال يقع على هؤالء اال باإلضافة ال باالطالق فيقال فالن ‪ :‬امام في الدين ‪،‬‬
‫وامام بني فالن ‪ ،‬فال يطلق ألحدهم اسم اإلمامة بال خالف من األمة اال على المتولي‬
‫ألمور أهل االسالم “ ( الفصل في الملل ج ‪ 4‬ص ‪90 ) .‬‬
‫لقد أوردنا كالم ابن حزم نظرا لما قيل من أن الشيخ ابن العربي منسوب اليه ‪ .‬يقول‬
‫الشيخ ابن العربي في ديوانه ص ‪ 47‬نشر مكتبة المثنى ‪ ”:‬نسبوني إلى ابن حزم واني‬
‫* لست ممن يقول قال ابن حزم‬
‫ال وال غيره فان مقالي * قال نص الكتاب ذلك علمي ‪“- - - - -‬‬
‫) ‪( 12‬راجع كالم الدكتور الشيبي في ‪ :‬الصلة بين التصوف والتشيع ص ‪ 378‬عن‬
‫االمام الباطن واالمام الظاهر عند الشيخ ابن العربي ‪.‬‬
‫‪-‬كما تراجع الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪ 3‬حيث يتكلم الشيخ ابن العربي على الخالفة‬
‫الظاهرة والخالفة الباطنة ‪.‬‬
‫) ‪( 13‬الغريب في االمر انه بقدر ما يذعن المفكرون من أمثال الشيخ ابن العربي‬
‫لواقع اإلمامة الظاهرة نراهم كردة فعل ال شعورية يتفننون في شرائط اإلمامة الباطنة‬
‫‪ ،‬يقول في شرائطها ‪:‬‬
‫“ وهي [ شرائط اإلمامة ] ‪ :‬الذكورية والبلوغ والعقل والعلم والحرية والورع والنجدة‬
‫والكفاية ونسب قريش وسالمة حاسة السمع والبصر ( “ ‪ . . .‬ف السفر األول فقرة‬
‫‪) . 229‬‬
‫والذكورية في الجملة الواردة هي مرتبة الفعل عند الشيخ ابن العربي وقد تكون هذه‬
‫المرتبة للمرأة ‪.‬‬
‫راجع “ انوثة “ كما نالحظ ان صفة العصمة غير واردة ‪.‬‬
‫راجع كتاب “ الصلة بين التصوف والتشيع “ د ‪ .‬كامل الشيبي ص ص ‪379 - 376‬‬
‫حيث يبحث اإلمامة عند محي الدين بن العربي ‪.‬‬
‫“ ‪-‬األحكام السلطانية “ الماوردي حيث يتكلم على شرائط “ االمام ‪“ .‬‬
‫) ‪( 14‬راجع هذه المفردات في أبوابها ‪.‬‬
‫) ‪( 15‬اإلمامة الظاهرة السياسية ‪.‬‬
‫) ‪( 16‬عالمة اإلمامة الباطنة ‪.‬‬
‫) ‪( 17‬في ذلك إشارة إلى أن امام الباطن يمد امام الظاهر ويسد نقصه كما سبق‬
‫الكالم عليه ‪.‬‬
‫) ‪( 18‬يتضح بجالء موقف الشيخ ابن العربي السني في هذا النص ‪ ،‬فامام الباطن ال‬
‫ينفرد بالحكم والتصرف منعزال ملغيا امام الظاهر ‪ .‬بل العكس يمده ويعضده ‪ .‬ولذلك‬
‫أهل السنة ال يخرجون على طاعة “ الوالي “ أو “ الحاكم “ ألنه االمام الظاهر الممد‬
‫من االمام الباطن ‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫“ ‪“ 109‬‬
‫‪ - 41‬األمامان‬
‫للمتصوفة دولة قائمة بذاتها نسجت على منوال الدولة السياسية التي يعيشون في ظلها‬
‫ظاهرا ‪.‬‬
‫فهناك الخليفة الذي هو الغوث أو القطب ‪ ، 1‬ولهذا الخليفة وزيران هما ‪ “ :‬االمامان‬
‫‪“.‬‬
‫لن نسهب في الشرح بل نترك الشيخ ابن العربي يتكلم ‪ ،‬فنصوصه هنا واضحة ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا عنهم األئمة وال يزيدون في كل زمان على‬ ‫“ ومنهم [ من أصناف الرجال ] رضي ّ‬
‫َّللا ‪. . .‬‬
‫اثنين ال ثالث لهما ‪ .‬الواحد ‪ :‬عبد الرب ‪ .‬واآلخر ‪ :‬عبد الملك ‪ .‬والقطب عبد ّ‬
‫فلكل رجل اسم الهي يخصه به يدعى ‪ . . .‬ولو كان اسمه ما كان ‪ ، 2‬فاالقطاب كلهم‬
‫َّللا ‪ ،‬واألئمة في كل زمان ‪ :‬عبد الملك وعبد الرب ‪ .‬وهما اللذان يخلفان القطب‬ ‫عبد ّ‬
‫إذا مات ‪ ،‬وهما للقطب بمنزلة الوزيرين ‪ ،‬الواحد منهم مقصور على مشاهدة عالم‬
‫الملكوت ‪ ،‬واآلخر مع عالم الملك ‪ ( “ .‬ف ‪. ) 6 / 2‬‬
‫“ ووزر للقطب االمامين ‪ ،‬وجعلهما امامين على الزمامين ‪ ( “ 3‬ف ‪. ) 4 / 1‬‬
‫يصور الشيخ ابن العربي القطب واالمامين ‪ : 4‬خليفة يجلس في سدة الملك ‪ ،‬عن‬
‫يمينه وزير هو االمام الروحاني ‪ 5‬أو عبد الملك ‪ ،‬وعن يساره االمام األكمل ‪ 6‬أو عبد‬
‫الرب الذي ينتقل اليه “ السر “ بموت القطب ‪. 7‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬راجع “ قطب “‬
‫) ‪( 2‬اي ان هذا االسم اإللهي هو اسم للمرتبة التي يكون فيها الرجل ‪.‬‬
‫) ‪( 3‬اي عالم الملكوت وعالم الملك ‪،‬‬
‫“ ‪( 4 ) -‬االمامان هما الشخصان اللذان أحدهما عن يمين الغوث اي القطب ونظره‬
‫في الملكوت ‪ ،‬وهو مرآة ما يتوجه من المركز القطبي إلى العالم الروحاني من‬
‫االمدادات التي هي مادة الوجود والبقاء ‪ . . .‬واآلخر عن يساره ونظره في الملك وهو‬
‫مرآة ما يتوجه منه إلى المحسوسات من المادة الحيوانية وهذا مرآته ومحله وهو أعلى‬
‫من صاحبه وهو الذي يخلف القطب إذا مات ( “ ‪ .‬الجرجاني ص ‪) . 36‬‬
‫“ ‪-‬االمامان هما الشخصان اللذان أحدهما عن يمين الغوث اي القطب ونظره في‬
‫الملكوت واالخر عن يساره ونظره في الملك وهو أعلى من صاحبه وهو الذي يخلف‬
‫القطب ‪“ .‬‬

‫‪109‬‬
‫“ ‪“ 110‬‬

‫( اصطالحات الصوفية للقاشاني ‪ .‬المكتبة العثمانية ‪ .‬حلب ‪ .‬رقم ‪ 685‬ق ‪) 5‬‬


‫‪-‬كما يراجع كشاف التهانوي مادة قطب ‪،‬‬

‫) ‪( 5‬راجع رسالة “ منزل القطب “ ص ص ‪13 - 12‬‬


‫) ‪( 6‬راجع رسالة “ منزل القطب “ ص ص ‪، 12 - 8‬‬
‫) ‪( 7‬لقد خصص الشيخ ابن العربي رسالة كاملة للقطب واالمامين شرح فيها منزلة‬
‫القطب ‪ ،‬كما أسهب في بيان مكانة االمامين واسرارهما وصالحياتهما ‪ .‬ولكننا هنا لن‬
‫ننقل منها شيئا لعدم اتساع المجال ‪ ،‬ونظرا الن اسرار وصالحيات االمامين نظرية‬
‫يضيفها الشيخ ابن العربي إلى النظريات الصوفية المتعلقة باألئمة‬
‫‪-‬راجع رسالة “ منزلة القطب “ ‪ ،‬ط ‪ .‬حيدرآباد الطبعة األولى سنة ‪ 1948‬م ‪.‬‬

‫‪ - 42‬األمام األعظم‬
‫َّللا عليه وسلم من حيث إنه المتبوع لكل متبوع ‪ ،‬حتى‬ ‫االمام األعظم هو محمد صلّى ّ‬
‫األنبياء تتبعه ‪ ،‬أليس هو الحقيقة التي “ نبي الزمن “ نائبها ؟‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ وانظر في قوله ‪ -‬عليه الصالة والسالم ‪ “ : -‬لو كان موسى حيا ما وسعه اال ان‬
‫َّللا عليه وسلم باتباع الدين وهدى‬ ‫يتبعني “ ‪ ، 1‬فأضاف االتباع اليه ‪ ،‬وأمر هو صلّى ّ‬
‫األنبياء ‪ ،‬ال بهم ‪. 2‬‬
‫فان االمام األعظم إذا حضر ‪ ،‬ال يبقى لنائب من نوابه حكم اال له ‪ ،‬فإذا غاب ‪ ،‬حكم‬
‫النواب بمراسمه ‪ ،‬فهو [ اي االمام األعظم ] الحاكم غيبا وشهادة ‪ ( “ . . .‬ف ‪ .‬السفر‬
‫الثاني فقرة ‪. )452‬‬
‫يثبت الشيخ ابن العربي في هذا النص ان الجميع ال يسعه اال ان يأت ّم بمحمد صلّى ّ‬
‫َّللا‬
‫َّللا عليه وسلم لم يؤمر باتباع أحد من األنبياء ‪ ،‬بل أمر‬ ‫عليه وسلم ولكن محمدا صلّى ّ‬
‫َّللا اي الدين ‪.‬‬ ‫باتباع هداهم الذي هو هدى ّ‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬انظر فهرس األحاديث ‪ .‬حديث رقم ) ‪: ( 11‬‬
‫) ‪( 2‬إشارة إلى اآلية ‪ ”:‬أُولئِّ َك الَّذِّينَ َه َدى َّ‬
‫َّللاُ فَبِّ ُهدا ُه ُم ا ْقت َ ِّد ْه “( ‪. ) 90 / 6‬‬

‫‪ - 43‬األمام األعلى‬
‫َّللا ‪.‬‬
‫االمام االعلى هو ّ‬
‫انظر “ امامة “ المعنى “ الثاني “ الفقرة “ ‪“ 3‬‬

‫‪110‬‬
‫“ ‪“ 111‬‬
‫‪ - 44‬األمام األكبر‬
‫االمام األكبر هو “ ختم اإلمامة “ كما يسميه “ المهدي “ أو “ اإلمام المهدي “ انظر‬
‫“ امامة “ المعنى “ الثاني “ ‪ .‬الفقرة “ ‪ “ 2‬كما يراجع “ مهدي "‪.‬‬

‫‪ - 45‬امام مبين‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫مام‬ ‫ش ْيءٍ أ َ ْح َ‬
‫صيْناهُ فِّي ِّإ ٍ‬ ‫وردت عبارة “ امام مبين “ في موضعين من القرآن ‪َ ”:‬و ُك َّل َ‬
‫ين ) ‪“( 15 / 79‬‬ ‫ين “( ‪ ”) 12 / 36‬فَا ْنتَقَ ْمنا ِّم ْن ُه ْم َو ِّإنَّ ُهما لَ ِّبإِّ ٍ‬
‫مام ُم ِّب ٍ‬ ‫ُم ِّب ٍ‬
‫ففي الموضع األول تتفق كتب التفاسير تقريبا بان المشار اليه باالمام المبين هو ‪:‬‬
‫اللوح المحفوظ ‪ ، 1‬اما الموضع الثاني فقد عبّر باالمام المبين عن ‪ :‬الطريق الواضح‬
‫‪.2‬‬
‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫تتضارب نصوص الشيخ ابن العربي في االمام المبين ‪ ،‬فهو يتفق مع المفسرين‬
‫للقرآن في أنه اللوح المحفوظ ‪ ،‬كما يصرح أحيانا بأنه العقل األول أو القلم االعلى ‪.‬‬
‫فهل يتناقض الشيخ األكبر ؟‬
‫كال ‪ .‬ولكن يستحسن ان ننبه إلى أن الكلمة نفسها تتخذ عدة معان عنده إذا نظرنا إليها‬
‫اسما للذات أو للمرتبة ‪ ،‬وهذا ما يجعل مصطلحات الشيخ األكبر ماء ينساب من أيدي‬
‫الباحثين ‪.‬‬
‫****‬
‫إذا نظرنا إلى “ االمام المبين “ على أنه اسم لذات يصبح المقصود منه ‪ :‬الكتاب ‪ ،‬اي‬
‫القرآن ‪ - 3‬واللوح المحفوظ ‪. 4‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫ع َددا ً “( ‪) 28 / 72‬‬
‫ش ْيءٍ َ‬ ‫ط ِّبما لَ َد ْي ِّه ْم َوأ َ ْحصى ُك َّل َ‬
‫“ قال تعالى” َوأَحا َ‬
‫يرة ً ِّإ َّال أ َ ْحصاها “( ‪) 49 / 18‬‬
‫يرة ً َوال َك ِّب َ‬
‫ص ِّغ َ‬
‫وقال في الكتاب” ال يُغاد ُِّر َ‬
‫وهذا مقام كاتب‬

‫‪111‬‬
‫“ ‪“ 112‬‬

‫صاحب الديوان كاتب الحضرة اإللهية وهذا الكاتب وهو ‪ :‬االمام المبين ‪،‬‬
‫ين ‪“( 36 / 12 ) . . .‬‬‫مام ُم ِّب ٍ‬ ‫ش ْيءٍ أ َ ْح َ‬
‫صيْناهُ ِّفي ِّإ ٍ‬ ‫قال تعالى ”‪َ :‬و ُك َّل َ‬
‫واما االمام فهو الكتاب وهو اللوح المحفوظ ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 287 / 4‬‬

‫َّللا يشهد االمر قبل ظهورة في الحس ‪ ،‬وهو التكوين اآلخر ‪ ،‬يشهده في‬ ‫“ ومن أهل ّ‬
‫االمام المبين وهو اللوح المحفوظ الحاوي على المحو واالثبات فكل شيء فيه ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ‪) 83 / 4‬‬
‫****‬
‫إذا نظرنا إلى االمام المبين على أنه اسم لمرتبة ‪ ،‬يكون االمام المبين هو مرتبة‬
‫االحصاء ‪ :‬فكل “ ما “ أو “ من “ احصى جملة من الصفات أو الحقائق فهو امام مبين‬
‫لما أحصاه ‪.‬‬
‫ومن هذه الزاوية يصبح العقل األول أو القلم االعلى أو االنسان الكامل هو االمام‬
‫المبين ‪.‬‬
‫الن الذات المشار إليها بالتعبيرات الثالثة السابقة أحصت كل الحقائق التي نرى‬
‫تفصيلها في عالم الكون ‪. 5‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫َّللا‬
‫“ باب في خلق العقل األول وهو القلم االعلى [ ‪ -‬العنوان ] ‪ ،‬فأول ما أوجد ّ‬
‫تعالى ‪ . . .‬جوهرا بسيطا ‪ . . .‬وسماه الحق في القرآن ‪ :‬حقا وقلما وروحا ‪ ، 6‬وفي‬
‫السنة ‪ :‬عقال ‪ . . . 7‬وهو أول عالم التدوين والتسطير ‪ . . .‬فهو العقل ‪ . . .‬وهو‬
‫القلم ‪ . . .‬وهو الروح ‪ . . .‬وهو العرش ‪. . .‬وهو االمام المبين من حيث‬
‫االحصاء ‪ ( “ . . .‬االنسان الكلي ورقة ‪ 4‬ب ) ‪.‬‬
‫“ اعلم أن “ منزل المنازل “ ‪ ،‬عبارة عن المنزل الذي يجمع جميع المنازل التي تظهر‬
‫في عالم الدنيا ‪ ،‬من العرش إلى الثرى ‪ .‬وهو المسمى باالمام المبين ‪ . . .‬ألنه ليس فيه‬
‫َّللا العالم ‪ .‬إلى أن ينقضي حال الدنيا ‪،‬‬
‫[ االمام المبين ] اال ما كان ‪ ،‬من يوم خلق ّ‬
‫وتنتقل العمارة إلى اآلخرة “ ‪ ( .‬ف ‪ .‬السفر الثالث فقرة ‪. 8 ) 121‬‬

‫كما ننقل هذا النص من الفتوحات الذي يوميء فيه إلى االمام المبين بإشارات يستدل‬
‫منها ان المقصود منه ‪ :‬االنسان الكامل ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ االمام المبين هو الصادق الذي ال يمين ‪ ،‬مجلى ما أحاط به العلم وتشكل فيه الكيف‬
‫والكم ‪ . . .‬وجوهر الجواهر ‪ . . .‬رفيع المكانة ‪ . . .‬هو المحصي لما علم وجهل‬
‫وفصل وأجمل ‪ ،‬لكل صورة فيه عين وله في كل صورة كون ‪ ،‬يم ّد ويستم ّد ‪ . . .‬منه‬
‫ظهرنا وإياه نهينا وأمرنا “ ( ف ‪.) 327 / 4‬‬

‫‪112‬‬
‫“ ‪“ 113‬‬

‫لقد شرح الجيلي هذا المقطع شرحا وافيا في كتابه “ شرح مشكالت الفتوحات المكية ‪9‬‬
‫‪ ،‬مبينا ان االمام المبين هو االنسان الكامل ‪. 10‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬انظر شرح اآلية ‪:‬‬
‫‪-‬لطائف اإلشارات ‪ ،‬القشيري ج ‪ 5‬ص ‪، 213‬‬
‫‪-‬أنوار التنزيل البيضاوي ج ‪ 2‬ص ‪، 149‬‬
‫) ‪( 2‬انظر شرح اآلية ‪:‬‬
‫‪-‬لطائف اإلشارات ج ‪ 3‬ص ‪، 278‬‬
‫‪-‬أنوار التنزيل ج ‪ 1‬ص ‪، 271‬‬
‫) ‪( 3‬راجع “ كتاب “ “ قرآن “ ‪،‬‬
‫صغ ََر ِّم ْن‬‫اما اآليات التي يستدل منها على أن االمام المبين هو الكتاب فهي ”‪َ :‬وال أ َ ْ‬
‫عها ُك ٌّل فِّي‬ ‫ين ”) ‪َ “( 10 / 61‬ويَ ْعلَ ُم ُم ْستَقَ َّرها َو ُم ْست َ ْو َد َ‬ ‫ذ ِّل َك َوال أ َ ْكبَ َر ِّإ َّال فِّي ِّكتا ٍ‬
‫ب ُم ِّب ٍ‬
‫ين “ ‪( 6 / 59 ) .‬‬ ‫ب َوال يا ِّب ٍس ِّإ َّال ِّفي ِّكتا ٍ‬
‫ب ُم ِّب ٍ‬ ‫ط ٍ‬ ‫ين “( ‪َ ”) 6 / 11‬وال َر ْ‬ ‫ب ُم ِّب ٍ‬ ‫ِّكتا ٍ‬
‫) ‪( 4‬راجع “ لوح محفوظ ‪“ .‬‬
‫صيْناهُ فِّي‬‫ش ْيءٍ أ َ ْح َ‬ ‫“ ) ‪( 5‬االمام المبين هو محل االحصاء المشار اليه بقوله” َو ُك َّل َ‬
‫َّللا تعالى ‪ ،‬قال تعالى ‪َ ”:‬وال‬ ‫ين “( ‪ ) 12 / 36‬فهذا االمام تارة يراد به كتاب ّ‬ ‫مام ُمبِّ ٍ‬
‫ِّإ ٍ‬
‫ين “( ‪ . . . ) 59 / 6‬وتارة يراد باالمام المبين‬ ‫ب ُم ِّب ٍ‬ ‫ب َوال يا ِّب ٍس ِّإ َّال فِّي ِّكتا ٍ‬ ‫ط ٍ‬ ‫َر ْ‬
‫االنسان الكامل إذ كانت الحقائق كلها االهيّتها وكونيتها محصاة فيه ( “ ‪ .‬لطائف‬
‫االعالم ق ‪ 33‬ب ‪) .‬‬
‫ق “‪”) 73 / 6 ( .‬‬ ‫ض بِّ ْال َح ّ ِّ‬‫ت َو ْاأل َ ْر َ‬
‫سماوا ِّ‬ ‫) ‪( 6‬إشارة إلى اآليات ‪َ ”:‬و ُه َو الَّذِّي َخلَقَ ال َّ‬
‫علَّ َم بِّ ْالقَلَ ِّم “( ‪/ 4 ) . 96‬‬ ‫الَّذِّي َ‬
‫َّللا العقل “ ‪ -‬انظر فهرس األحاديث ‪ .‬حديث‬ ‫) ‪( 7‬إشارة إلى الحديث ‪ “ :‬أول ما خلق ّ‬
‫رقم ‪: ( 12 ) .‬‬
‫) ‪( 8‬كما يراجع فقرة ‪. 123 ، 122 ، 1 - 112‬‬
‫) ‪( 9‬راجع كتاب الجيلي ‪ .‬مخطوط حلب ‪ .‬المكتبة العثمانية رقم ‪ 761‬ق ق ‪11 - 9‬‬
‫‪ ،‬يبدأ الجيلي شرحه لهذا النص قائال ‪:‬‬
‫“ سر االمام المبين وهو الروح الذي تكلم عليه في الباب األول من الفتوحات وهو‬
‫حقيقة الختم اإللهي “ ‪. . .‬‬
‫) ‪( 10‬راجع “ انسان كامل “ وبخاصة في وظيفتيه االنطولوجية واالبستمولوجية ‪.‬‬

‫المهدي‬
‫ّ‬ ‫‪ - 46‬األمام‬
‫انظر “ االمام األكبر “ “ مهدي “‬

‫‪113‬‬
‫“ ‪“ 114‬‬

‫‪ - 47‬امام الوقت‬
‫انظر “ صاحب الوقت "‪.‬‬

‫‪ – 48‬األ ّم‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ أم كل شيء أصله وعماده “ ( الفيروزآبادي المحيط ج ‪ 4‬ص ‪. ) 76‬‬
‫“ واما الهمزة والميم فأصل واحد ‪ ،‬يتفرع منه أربعة أبواب ‪ ،‬وهي ‪ :‬األصل ‪،‬‬
‫والمرجع ‪ ،‬والجماعة والدين “ ( معجم مقاييس اللغة أحمد بن فارس ج ‪ 1‬ص ‪) 21‬‬
‫“ واالم ‪ :‬الرئيس “ ( المرجع السابق ص ‪. ) 31‬‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫لقد وردت كلمة أ ّم في القرآن مضافة إلى ‪:‬‬
‫‪-‬الكتاب ‪ “ :‬أم الكتاب “ ( سيأتي ذكرها مفصال )‬
‫‪-‬القرى ‪ “ :‬أم القرى “ ( مكة )‬
‫‪-‬االنسان ‪ “ :‬أم موسى “ “ أمك “ “ أمه “ “ أمهاتكم “ ‪ . . .‬وفي اضافتها إلى االنسان‬
‫تحددت بصورة دائمة بالوالدة ‪،‬‬
‫ورد في التنزيل العزيز ”‪ِّ :‬إ ْن أ ُ َّمهات ُ ُه ْم ِّإ َّال َّ‬
‫الالئِّي َولَ ْدنَ ُه ْم “( المجادلة ‪. ) 2 / 58‬‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫*االم هي محل االلقاء ‪ -‬واالستحاالت ‪ -‬وااليجاد والتكون والظهور ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ) ‪( 1‬والنفس الكلية هي ‪ . . .‬محل القاء القلم اإللهي ‪ . . .‬وكل ما دونها فهو من‬
‫عالم التولد ‪ ،‬العقل ‪ 1‬أبوه والنفس أمه ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 429 ) . 2‬‬
‫“ ) ‪( 2‬والطبيعة أ ّم لما كانت محل االستحاالت ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 138 / 1‬‬
‫“ ) ‪( 3‬االم محل االيجاد ‪ ( “ . . .‬ف ‪) 111 / 1‬‬

‫‪114‬‬
‫“ ‪“ 115‬‬

‫“ تشكلت [ الكلمة المقولة ] في الهواء ملكا مسبحا يعرف أمه وهو القائل ‪ ،‬وال يعرف‬
‫تكون فيه “ ‪ ( . . .‬ف ‪. ) 203 / 4‬‬ ‫له أبا ‪ ،‬ماله نسب يعرفه سوى الذي ّ‬
‫“ ورأى [ التابع ‪ 2‬في معراجه الروحي ] في هذه السماء [ السماء الوسطى ‪ -‬الرابعة ]‬
‫غشيان الليل النهار ‪ ، 3‬والنهار الليل ‪ ،‬وكيف يكون كل واحد منهما لصاحبه ذكرا وقتا‬
‫وأنثى وقتا ‪. . .‬‬
‫وما يتولد فيهما من المولدات بالليل والنهار ‪ ،‬والفرق بين أوالد الليل وأوالد النهار ‪،‬‬
‫فكل واحد منهما أب لما يولد في نقيضه ‪ ،‬وأم لما يولد فيه ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 276 / 2‬‬
‫****‬
‫االم هي الجامعة الكلية لكل ما يظهر في المولود ‪ -‬والحاكمة على مجموع ما هي ا ّم‬
‫له ‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ ) ‪( 1‬فاألم هي الجامعة الكلية “ ( ف ‪) 111 / 1‬‬
‫“ األم هي الجامعة ومنه أ ّم القرى ‪ ،‬والرأس أ ّم الجسد ‪ ،‬يقال أ ّم رأسه ألنه مجموع‬
‫القوى الحسية والمعنوية كلها التي لالنسان ‪ ،‬وكانت الفاتحة أما لجميع الكتب ‪ ،‬اي‬
‫المجموع العظيم الحاوي لكل شيء ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 134 ) . 2‬‬
‫“ ) ‪( 2‬فليس في ا ّم الكتاب ‪ [ 4‬هنا الفاتحة ] آية غضب بل كلها رحمة وهي الحاكمة‬
‫على كل آية في الكتاب ألنها االم ‪ ( “ . . .‬ف ‪) 551 / 3‬‬
‫****‬
‫االم هي المؤثر فيه في مقابل المؤثر ( أب ) ‪ ،‬والصفة العاملة في مقابل الصفة العالمة‬
‫( أب ) ‪ ،‬والقابل بالنسبة للفاعل ( أب ) ‪.‬‬
‫“ وكل مؤثر فيه أم ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 138 / 1‬‬
‫ولكن ال يكفي ان يتأثر الموجود ليكون أما ‪ ،‬بل هو في هذه الحالة أنثى فقط ‪،‬‬
‫وليكتسب األمومة ال بد من الولد ‪ ،‬فاالمومة مرتبطة ارتباطا وثيقا بوجود األبوة‬
‫والبنوة ‪ ،‬فالولد يعطيها اسم االم ‪.‬‬

‫يقول شيخنا األكبر ‪:‬‬


‫“ فالصفة العالمة [ العالمة ] أب فإنها المؤثرة ‪ ،‬والصفة العاملة أم فإنها المؤثّر‬
‫فيها ‪ . . .‬فان النجار المهندس إذا كان عالما وال يحسن العمل فيلقي ما عنده على سمع‬
‫من يحسن عمل النجارة ‪ . . .‬فكالم المهندس ‪ :‬أب ‪ ،‬وقبول السامع ‪ :‬أم ‪ ،‬ثم يصير علم‬
‫السامع أبا ‪ ،‬وجوارحه أما ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 140 ) .1‬‬

‫‪115‬‬
‫“ ‪“ 116‬‬

‫“ ‪ . . .‬فإن لم يقم السامع وهو ا ّم بال شك فهو عقيم ‪ ،‬وإذا كان عقيما فليس بأ ّم في تلك‬
‫الحالة ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 139 / 1‬‬
‫وهذا ال يعني ان مجرد علمك الشيء يجعلك أبا له ‪ ،‬بل ال بد من توصيل العلم عن‬
‫طريق العمل إلى االيجاد ‪ ،‬واال كان العالم محال لعلمه ليس أكثر ‪ ،‬ويتحول إلى أ ّم بدل‬
‫ان يكون أبا فاالبوة هي ‪ :‬العلم المؤثر المنتج ‪.‬‬

‫“ فكل أب ليس عنده صفة العمل فليس هو أب من ذلك الوجه ‪ ،‬حتى أنه لو كان عالما‬
‫ومنع آلة التوصيل بالكالم أو اإلشارة ليقع االفهام وهو غير عامل لم يكن ‪:‬‬
‫أبا من جميع الوجوه ‪ ،‬وكان ‪ :‬أما لما حصل في نفسه من العلوم ‪ ( “ .‬ف ‪) 140 / 1‬‬
‫وهكذا تكون االم ‪ :‬كاالنوثة ‪ ، 5‬وصفا ونسبة تطلق على الشيء من وجه ‪ ،‬بحيث‬
‫يكون الشيء نفسه أما وأبا في وقت واحد من وجهين مختلفين ‪ :‬أما منفعال عما فوقه ‪،‬‬
‫وأبا فاعال فيما دونه ‪.‬‬

‫“ ‪ . . .‬األفالك ذكور والعناصر محال التكوين والظهور ‪ ،‬وقد كانت األفالك أمهات‬
‫لما ظهر فيها من المولدات ‪ ،‬الفاعالت امالك والمنفعالت أفالك ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 4‬‬
‫‪. ) 337‬‬
‫****‬
‫االم هي األصل الجسمي الذي ينتسب اليه الولد ‪.‬‬
‫بهذا المعنى يقارب الشيخ ابن العربي المعنى اللغوي من حيث إن االم هي األصل‬
‫ولكن يميز الشيخ ابن العربي بين أصلين للمولود ‪ :‬أصل جسمي مادي ( أ ّم ) وأصل‬
‫روحي عقلي ( أب ) ‪. 6‬‬
‫“ فمن اكتنز ماله فقد دفن قلبه في ارض طبيعته ‪ . . .‬ومثل هذا يكون ابن أمه ‪ ،‬وان‬
‫كان له أب ولكن ال ينسب اليه ‪ ،‬كعيسى ابن مريم عليهما السالم ينسب إلى أمه ‪. . .‬‬
‫فما نسب اال إلى البقعة الجسمية ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 320 ) 3‬‬
‫“ فان حواء خلقت من آدم ‪ .‬وآدم خلق من األرض ‪ ،‬فهو [ آدم ] ‪ :‬اال ّم لحوا ‪ ،‬وهو ابن‬
‫األرض ‪ ،‬واألرض له ‪ :‬أ ّم ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 415 / 4‬‬
‫“ فإنه انما انشأك من األرض ‪ ،‬فال تعلو ‪ 7‬عليها فإنها " ( ف ‪. ) 458 / 4‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬العقل ‪ -‬العقل األول ‪ -‬القلم االعلى ‪ -‬القلم اإللهي ‪ ( .‬انظر مادة “ قلم “ و “ عقل‬
‫“)‪.‬‬

‫‪116‬‬
‫“ ‪“ 117‬‬

‫) ‪( 2‬يحدد أبو العال عفيفي “ التابع “ في كالمه عن هذا المقطع من الفتوحات‬


‫“ والتابع هنا هو الصوفي المسلم الوارث للعلم الباطن عن النبي ( “ ‪ .‬سلسلة تراث‬
‫االنسانية المجلد األول ص ‪) . 160‬‬
‫هار “ *( ‪ 54‬األعراف ‪ 3 - 7 /‬الرعد ‪/‬‬ ‫) ‪( 3‬إشارة إلى اآلية” يُ ْغ ِّشي اللَّ ْي َل النَّ َ‬
‫‪. ) 13‬‬
‫) ‪( 4‬انظر “ أم الكتاب “‬
‫) ‪( 5‬راجع مادة “ األنثى “‬
‫) ‪( 6‬راجع مادة “ أب “‬
‫) ‪( 7‬النسخة تثبت الواو في تعلو ‪ . . .‬معنى ذلك ان ال للنفي هنا ‪.‬‬

‫****‬
‫‪ - 49‬أ ّمهات األسماء اإللهيّة‬
‫عبارة “ أمهات األسماء “ مؤلفة من لفظين ‪ [ :‬أم ‪ -‬اسم ] األول ينحصر مضمونه في‬
‫المعنى الثاني لكلمة أم عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫اي الجامعة والحاكمة على مجموع ما يظهر في االبن ‪. 1‬‬
‫اما اللفظ الثاني [ االسم ] فيتفرع عدة مضامين يمكن حصرها بثالثة وهذا يستتبع تفرع‬
‫أمهات األسماء ‪.‬‬
‫فتأخذ بالتالي معاني ثالثة هي ‪:‬‬
‫المقصود من االسم اإللهي مظهره ‪ : 2‬نورد نصا للشيخ ابن العربي مع تعليق أبي‬
‫العال عفيفي عليه ‪ ،‬على أن نستنتج في النهاية المقصود بأمهات األسماء ‪.‬‬
‫َّللا ال تتناهى ألنها تعلم بما يكون عنها ‪ -‬وما يكون عنها غير متناه ‪ -‬وان‬
‫“ وأسماء ّ‬
‫كانت ترجع إلى أصول متناهية هي ‪ :‬أمهات األسماء أو حضرات األسماء “‬
‫( فصوص الحكم ‪)65 / 1‬‬
‫“ كذلك األسماء اإللهية التي ال ينحصر عددها إلى أصول عامة محصورة العدد ‪،‬‬
‫وهذه األصول هي أمهات األسماء ‪ ،‬وهي المعروفة باألسماء الحسنى أو الحضرات‬
‫االسمائية ‪ . . .‬فحضرة الرحمن هي مجموعة المجالي التي يظهر فيها اثر للرحمة‬
‫اإللهية ‪ ،‬وان كانت حاالت الرحمة ال تتناهى عدّا الن الكائنات المرحومة ال تتناهى‬
‫عدّا ‪ ( “ . . .‬الفصوص ‪. ) 26 / 2‬‬
‫نستنتج من النص ان ‪:‬‬
‫األسماء اإللهية ‪ -‬مظاهر األسماء اإللهية‬
‫االم ‪ -‬الجامعة والحاكمة على مجموع ما يظهر في العالم ‪.‬‬
‫األسماء الحسنى ‪ -‬األصول الجامعة للمظاهر أو التجليات كافة ‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫“ ‪“ 118‬‬
‫اذن أمهات األسماء ‪ -‬األسماء الحسنى أو حضرات األسماء ‪.‬‬
‫****‬
‫المقصود من األسماء اإللهية ‪ :‬األسماء الحسنى المتوجهة على ايجاد العالم ‪ 3‬نضع‬
‫المعادالت التالية لنصل إلى معنى أمهات األسماء ‪.‬‬
‫األسماء اإللهية ‪ -‬األسماء الحسنى المتوجهة على ايجاد العالم ‪.‬‬
‫االم ‪ -‬الجامعة والحاكمة ‪.‬‬
‫اذن ‪:‬‬
‫أمهات األسماء ‪ -‬األمهات السبع التي ينضوي تحتها جميع األسماء‬
‫المتوجهة على ايجاد العالم ‪ .‬يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ ولكن قصدنا األمهات التي ال بد اليجاد العالم منها ‪ . . .‬فالذي نحتاج اليه من معرفة‬
‫األسماء لوجود العالم ‪ 4‬وهي أرباب األسماء وما عداها فسدنه لها ‪،‬‬
‫كما أن بعض هذه األرباب سدنة لبعضها فأمهات األسماء ‪ : 5‬الحي ‪ ،‬العالم المريد ‪،‬‬
‫القادر ‪ ،‬القائل ‪ ،‬الجواد ‪ ،‬المقسط “ ( ف ‪. ) 100 / 1‬‬
‫****‬
‫المقصود من االسم اإللهي ‪ :‬داللته على المسمى ‪ .‬وهنا نجد ان الشيخ ابن العربي‬
‫َّللا ‪ -‬الرب ‪ -‬الرحمن ‪.‬‬ ‫يحصرها في ثالثة هي ‪ّ :‬‬
‫َّللا ‪ -‬الرب ‪ -‬الرحمن ] هي ‪ :‬أمهات األسماء وإذا تتبعت‬ ‫“ وهذه الثالثة األسماء [ ّ‬
‫َّللا والرب والرحمن دائرة فيه ‪ ( “ .‬ف ‪2‬‬ ‫القرآن العزيز وجدت هذه األسماء الثالثة ‪ّ :‬‬
‫‪. ) 437 /‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬راجع المعنى الثاني لكلمة أم ‪.‬‬
‫) ‪( 2‬اي المعنى الثالث “ لالسم اإللهي “ كما ورد عند الشيخ ابن العربي ‪ ،‬فليراجع‬
‫في مكانه ‪.‬‬
‫) ‪( 3‬راجع المعنى الرابع الفقرة ( أ ) من االسم اإللهي ‪.‬‬
‫“ ) ‪( 4‬على أن أئمة األسماء من غير نظر إلى العالم انما هي أربعة ال غير اسمه ‪:‬‬
‫الحي والمتكلم ‪ ،‬والسميع ‪ ،‬والبصير “ ( ف ‪. ) 100 / 1‬‬
‫) ‪( 5‬هذه األمهات السبع هي المقصودة في جملة الشيخ ابن العربي التالية ‪: “ . . .‬‬
‫خلق آدم على صورته وسماه بأمهات األسماء التي يدخل كل اسم تحت احاطتها ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ‪. ) 412 / 3‬‬

‫‪118‬‬
‫“ ‪“ 119‬‬
‫‪ - 50‬أ ّم سفليّة ‪1‬‬
‫كلمة “ ا ّم “ ‪ :‬هنا تنضوي في مضمونها تحت المعنيين األول والثالث لكلمة ا ّم ( انظر‬
‫ا ّم ) ‪ ،‬والصفة “ سفلية “ ‪ :‬أطلقت عليها ألنها منفعلة في مقابلة علوية ( فاعلة )‬
‫لشرح “ أم سفلية “ ال بد من التعرض لنظرية الخلق عند الشيخ ابن العربي ‪ ،‬فان‬
‫العالم هو االبن المولود من اتصال األمهات السفليات باآلباء العلويات ‪. 2‬‬
‫الخلق عند الشيخ ابن العربي ليس ابداعا من عدم بل تجليا يتم على مرحلتين من‬
‫التعين “ في طبيعة الوجود المطلق “ ‪ ، 3‬هاتان المرحلتان يطلق عليهما اسم ‪:‬‬
‫الفيض االقدس والفيض المقدس ‪ 4‬وفي كلتا المرحلتين من الظهور أمهات سفليات‬
‫وآباء علويات ‪ ،‬ولذلك ال بد من التمييز بينهما ‪،‬‬
‫فيكون ‪:‬‬
‫االم السفلية هي ‪ :‬شيئية المعدوم الممكن ‪.‬‬
‫في المرحلة األولى من الخلق [ الفيض االقدس ] يتجلى الحق في “ الصور المعقولة‬
‫للكائنات “ ‪ ، 5‬هذه الصور المعقولة هي مجرد “ قوابل “ للوجود ‪ ،‬يطلق عليها الشيخ‬
‫ابن العربي اسم األعيان الثابتة ‪. 6‬‬
‫“ العين الثابتة “ أو “ شيئية المعدوم الممكن “ هي أول “ أم سفلية “ للموجودات من‬
‫حيث إنها القابل الذي قبل توجه األسماء الحسنى اليجاد عين العالم ‪.‬‬
‫“ وكل أم سفلية فإنها مؤثر فيها ‪ . . .‬وأول األمهات السفلية شيئية المعدوم الممكن ‪،‬‬
‫وأول نكاح القصد باالمر ‪ ، 7‬وأول ابن وجود عين تلك الشيئية “ ( ف ‪)139 / 1‬‬

‫االم السفلية هي الطبيعة التي عنها ظهر جميع األركان ‪.‬‬


‫في المرحلة الثانية من الخلق ‪ [ ،‬الفيض المقدس ] ‪ ،‬تظهر األعيان الثابتة من العالم‬
‫المعقول إلى العالم المحسوس ‪ ،‬وفي ظهورها المحسوس تتطلب قوابل محسوسة ‪ ،‬هي‬
‫الطبيعة وعناصرها األربعة ‪،‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬كذلك األركان من عالم الطبيعة أربعة ‪ ،‬وبنكاح العالم العلوي لهذه‬

‫‪119‬‬
‫“ ‪“ 120‬‬

‫َّللا ما يتولد فيها ‪ ( . . .‬فطائفة ) زعمت أن كل واحد من هذه األربعة‬ ‫األربعة ‪ ،‬يوجد ّ‬
‫[ األركان ] أصل في نفسه ‪ ،‬وقالت طائفة ركن النار هو األصل ‪. . .‬‬
‫وقالت طائفة ركن الهواء هو األصل ‪ . . .‬وقالت طائفة األصل امر خامس ليس واحدا‬
‫من هذه األربعة ‪ . . .‬وهذا المذهب باألصل الخامس هو الصحيح عندنا وهو المسمى‬
‫بالطبيعة ‪ ، 8‬الن الطبيعة معقول واحد عنها ظهر ركن النار وجميع األركان ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ‪. ) 139 - 38 / 1‬‬
‫َّللا اجرام العالم كله القابل للتكوين فيه ‪ ،‬جعل من ح ّد ما يلي مقعر‬ ‫“ ‪ . . .‬ولما أنشأ ّ‬
‫السماء الدنيا إلى باطن األرض عالم الطبيعة ‪ . . .‬وجعلها بمنزلة االم ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 1‬‬
‫‪) 141‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يرد هذا المصطلح عند الشيخ ابن العربي في أكثر األحيان مضافا إلى “ جمع‬
‫المتكلم “ ويقصد به االنسان فيقول ‪ :‬أمهاتنا السفليات ‪ ،‬ويرجع السبب في ذلك إلى ‪:‬‬
‫) ‪1‬ان العالم واالنسان توأمان ‪،‬‬
‫) ‪2‬ان االنسان هو المقصود من العالم ‪،‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ ال يغتر االنسان بكونه روح العالم فيقول ‪ :‬انا أشرف منه ‪ ،‬هو أخوك ‪ ،‬العالم‬
‫واالنسان توأمان ‪ ( “ . . .‬كتاب التراجم ص ‪. ) 34‬‬
‫“ ‪ . . .‬لما كان المقصود من هذا العالم االنسان وهو االمام ‪ ،‬لذلك أضفنا اآلباء‬
‫واألمهات اليه ‪ ،‬فقلنا آباءنا العلويات وأمهاتنا السفليات “ ( ف ‪. ) 138 / 1‬‬
‫) ‪( 2‬راجع مادة “ أب علوي ‪“ .‬‬
‫) ‪( 3‬أبو العال عفيفي ‪ .‬فصوص الحكم ج ‪ 2‬ص ‪ 9‬كما يراجع مادة “ خلق “ في هذا‬
‫المعجم ‪،‬‬
‫) ‪( 4‬راجع كلمة “ فيض أقدس “ و “ فيض مقدس ‪“ .‬‬
‫) ‪( 5‬فصوص الحكم ج ‪ 2‬ص ‪. 9‬انظر “ عين ثابتة “ في هذا الكتاب ‪.‬‬
‫) ‪( 6‬فصوص الحكم ج ‪ 2‬ص ‪ . 9‬انظر “ عين ثابتة “ في هذا الكتاب ‪.‬‬
‫ش ْيءٍ إِّذا أ َ َر ْدناهُ ‪“( 16 / 40 ) .‬‬
‫) ‪( 7‬إشارة إلى اآلية” إِّنَّما قَ ْولُنا ِّل َ‬
‫) ‪( 8‬قارن كالمه في الطبيعة هنا مع كالمه في العنصر األعظم انظر “ العنصر‬
‫األعظم "‪.‬‬

‫‪ - 51‬األ ّم العالية الكبرى للعالم‬


‫َّللا‬
‫االم العالية الكبرى للعالم هي المحل الذي فيه يظهر تكوين العالم ‪ ،‬اي كل ما سوي ّ‬
‫‪ ،‬وهي الطبيعة ‪.‬‬

‫‪120‬‬
‫“ ‪“ 121‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ ولهذا كان العالم على صورة الحق ‪ :‬فمن غلب عليه طبعه كان شبهه بأمه أقوى من‬
‫شبهه بابيه ‪ . . .‬الن العالم بين الطبيعة والحق ‪ ( “ . . .‬ف ‪.) 151/ 4‬‬

‫“ وليست اال الطبيعة في هذه الدار فإنها محل االنفعال ‪ . . .‬ألنها للحق بمنزلة األنثى‬
‫َّللا ‪. . .‬‬
‫‪ 1‬للذكر ‪ ،‬ففيها يظهر التكوين اعني تكوين كل ما سوى ّ‬
‫فللطبيعة القبول ‪ . . .‬فهي االم العالية الكبرى للعالم ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 150 / 4‬‬

‫ال بد من اإلشارة إلى أن الشيخ ابن العربي وصف االم هنا بالعلو ‪ ، 2‬وان كانت هي‬
‫نفسها االم السفلية بمعناها الثاني ‪. 3‬‬

‫اما الصفة “ كبرى “ ‪ ،‬لمقارنتها الحق في كونها شقا ثانيا من شقي الوجود الكبيرين ‪:‬‬
‫الحق والطبيعة ‪.‬‬
‫اذن ‪:‬‬
‫أم ‪ -‬منفعلة ‪ ،‬محل ايجاد ‪.‬‬
‫عالية ‪ -‬علو مكانة ‪،‬‬
‫كبرى ‪ -‬لمقارنتها ومقابلتها للحق ‪،‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬راجع “ أنثى ‪“ .‬‬
‫) ‪( 2‬العلو عند الشيخ ابن العربي نوعان ‪ :‬علو مكان وعلو مكانة ‪ ،‬وهنا المقصود‬
‫“ باالم العالية “ علو المكانة وليس المكان ‪ .‬راجع فصوص الحكم ج ‪ 1‬ص ‪75 - 76‬‬
‫‪،‬‬
‫َّللا هذه السماء ( السماء الرابعة )‬‫كما يقول في الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪ “ 445‬وسمى ّ‬
‫مكانا عليا لكونها قلبا ‪ ،‬فان التي فوقها أعلى منها فأراد علو مكانة المكان ‪ ،‬فلهذا‬
‫المكان من المكانة رتبة العلو “ ‪.‬‬
‫) ‪( 3‬راجع “ أم سفلية “ المعنى “ الثاني “ ‪.‬‬

‫‪ - 52‬أ ّم الكتاب ‪1‬‬


‫“ أم الكتاب “ عبارة مؤلفة من لفظين ‪ ،‬ولشرحهما ال بد من فصلهما لمعرفة المقصود‬
‫من كل لفظ على حدة ‪ ،‬ثم من المجموع ‪.‬‬
‫ينحصر مضمون لفظ أ ّم هنا بمفهوم ‪ :‬االجمال ( راجع “ أ ّم “ ) ‪ ،‬في حين لفظ الكتاب‬
‫معرفا ‪ ،‬الن المقصود منه دائما الكتاب المبين ‪ ، 2‬يشغل ‪:‬‬ ‫يرد دائما ّ‬

‫‪121‬‬
‫“ ‪“ 122‬‬
‫مرتبة التفصيل ‪ .‬اذن ‪:‬‬
‫أ ّم ‪ -‬مرتبة االجمال‬
‫الكتاب ‪ -‬الكتاب المبين ‪ -‬مرتبة التفصيل ‪.‬‬
‫صلة في الكتاب المبين ‪.‬‬
‫أ ّم الكتاب ‪ -‬المجموع المجمل لكل الحقائق المف ّ‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫صل ‪ ،‬في فاتحته مجمل [ من حيث إن الفاتحة أحد‬ ‫“ ‪ . . .‬وجميع ما في الكتاب مف ّ‬
‫صل في الكتاب فيها سميت ‪:‬‬ ‫المعاني المقصودة بأم الكتاب ] ‪ ،‬وباعتبار اجمال ما ف ّ‬
‫بأ ّم الكتاب ‪ ،‬وباعتبار تفصيل ما أجمل فيها فيما يلي مرتبتها سميت ‪ ،‬مرتبة التفصيل ‪:‬‬
‫بالكتاب المبين ‪ ( “ . . .‬مرآة العارفين ص ‪ 120‬ب ) ‪.‬‬
‫“ ‪ . . .‬فباعتبار اندراج ما يريد ان يتفصل ‪ . . .‬يقال له ‪ :‬أم الكتاب ‪ ،‬وباعتبار تفصيل‬
‫ما كان ‪ . . .‬مجمال ‪ . . .‬يقال له ‪ :‬الكتاب المبين ‪. . . “ .‬‬
‫( مرآة العارفين ص ‪ 121‬ب ) ‪.‬‬
‫وهكذا تكون “ أم الكتاب “ كلمة تابعة للمقصود من الكتاب ‪:‬‬
‫هذا الكتاب المبين ‪ 3‬وان كانت صفته ال تتغير ‪ ،‬وهي أنه دائما مبين ‪ ،‬اال ان ذاته‬
‫تتغير بتغير العالم المقصود في الكالم ‪.‬‬
‫وانطالقا من هذه المقدمة نستطيع ان نوجز قدر االمكان جملة المعاني المقصودة بأم‬
‫الكتاب عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬

‫أم الكتاب ‪ -‬ذات الحق ‪، 4‬‬


‫صلة في علمه ‪.‬‬‫ذات الحق هي أم كتاب الحقائق اإللهية ‪ ،‬المف ّ‬
‫“ ‪ . . .‬فذات الحق سبحانه وتعالى باعتبار اندماج الكل فيها هي ‪ :‬أ ّم الكتاب ‪ ،‬وعلمه ‪:‬‬
‫هو الكتاب المبين ‪ . . .‬فالذات هي ‪ :‬أم الكتاب من الحقائق اآللهية ‪ ( “ . . .‬مرآة‬
‫العارفين ص ‪ 121‬أ ) ‪.‬‬
‫“ فأعلم ان الحق هو على الحقيقة ‪ :‬أم الكتاب ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 160 / 3‬‬

‫أم الكتاب ‪ -‬القلم االعلى ‪، 5‬‬


‫القلم االعلى هو أ ّم كتاب الحقائق الكونية ‪ ،‬المفصلة في اللوح المحفوظ ‪،‬‬
‫“ ‪ . . .‬وعلّم بالقلم ‪ ،‬الملقب بأم الكتاب ‪ ،‬اللوح المحفوظ المسمى بالكتاب‬

‫‪122‬‬
‫“ ‪“ 123‬‬

‫المبين “ ‪ ( .‬مرآة العارفين ص ‪ 120‬أ ) ‪.‬‬


‫“ ‪ . . .‬كما أن القلم هو أم الكتاب من الحقائق الكونية “ ( مرآة العارفين ‪ 121‬أ ) ‪.‬‬
‫أم الكتاب ‪ -‬العرش‬
‫صل في الكرسي ‪.‬‬ ‫العرش هو أ ّم الكتاب في عالم الملك ‪ ،‬المف ّ‬
‫“ واعلم كذلك ان لعالم الملك كتابا مجمال وهو العرش ‪ ،‬وكتابا مفصال وهو الكرسي ‪،‬‬
‫صل في الكرسي ‪ ،‬في العرش ‪، 6‬‬ ‫فباعتبار اندراج ما يريد ان يتف ّ‬
‫يقال له ‪:‬‬
‫أم الكتاب وباعتبار تفصيل ‪ ،‬ما كان في العرش مجمال ‪ ،‬في الكرسي‬
‫يقال له ‪:‬‬
‫الكتاب المبين ‪ ( “ . . .‬مرآة العارفين ص ‪ 121‬ب ) ‪.‬‬
‫أم الكتاب ‪ -‬الفاتحة ‪،‬‬
‫الفاتحة هي أم الكتاب ‪ ،‬الذي هو هنا القرآن ‪. 7‬‬
‫“ ‪ . . .‬وجميع ما في الكتاب مفصل في فاتحته مجمل ‪ ،‬وباعتبار اجمال ما فصل في‬
‫الكتاب فيها سميت ‪ :‬بأم الكتاب ‪ ( “ . . .‬مرآة العارفين ص ‪120‬ب ) ‪.‬‬
‫أم الكتاب ‪ -‬نقطة الباء ‪، 8‬‬
‫يرى الشيخ ابن العربي ان نقطة الباء في البسملة هي “ أم الكتاب “ من حيث اندراج‬
‫الفاتحة وجميع الكتب المنزلة فيها ‪.‬‬
‫“ ‪ . . .‬والفاتحة في البسملة ‪ ،‬والبسملة في الباء ‪ ،‬والباء في النقطة مندرجة مندمجة‬
‫فهي أ ّم الكتاب ‪ ،‬وجميع الكتب الكامنة فيها “ ‪ ( . . .‬مرآة العارفين ‪ 124‬أ ) ‪.‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫مات ُه َّن‬‫آيات ُم ْح َك ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫) ‪( 1‬وردت عبارة “ أم الكتاب “ في القرآن في ثالث سور ”‪ِّ :‬م ْنهُ‬
‫َّللاُ ما يَشا ُء َويُثْ ِّبتُ َو ِّع ْن َدهُ أ ُ ُّم ْال ِّكتا ِّ‬
‫ب‬ ‫هات “( ‪/ 7 )” 3‬يَ ْم ُحوا َّ‬ ‫ب َوأُخ َُر ُمتَشا ِّب ٌ‬‫أ ُ ُّم ْال ِّكتا ِّ‬
‫ي َح ِّكي ٌم ‪“( 43 / 4 ) .‬‬ ‫“ ”‪َ ( 13 / 39 ) .‬و ِّإنَّهُ فِّي أ ُ ِّ ّم ْال ِّكتا ِّ‬
‫ب لَ َديْنا لَعَ ِّل ٌّ‬
‫يفسر ابن عباس والنسفي أم الكتاب ‪ :‬بأصل الكتاب وهو اللوح المحفوظ اما الكتاب‬
‫فهو القرآن ‪.‬‬
‫يراجع تفسير النسفي نشر دار الكتاب العربي بيروت ‪،‬‬

‫‪123‬‬
‫“ ‪“ 124‬‬

‫ج ‪ 1‬ص ‪ ، 146‬ج ‪ 2‬ص ‪ ، 252‬ج ‪ 4‬ص ‪، 113‬‬


‫‪-‬تفسير ابن عباس ‪ .‬المكتبة الشعبية بيروت ص ‪ - 43‬ص ‪ - 210‬ص ‪، 411‬‬

‫) ‪( 2‬الكتاب المبين وان كان عبارة قرآنية ( ‪ - 44 / 2 ) 1 / 27 - 2 / 26‬تشير‬


‫إلى القرآن فقط ‪ ،‬فان الشيخ ابن العربي يأخذها بمعان متعددة كما سيرد ذكرها ‪.‬‬
‫) ‪( 3‬راجع مادة “ كتاب مبين “ ‪،‬‬
‫“ ) ‪( 4‬ان أم الكتاب هي عبارة عن ماهية كنه الذات ‪ . . .‬والكتاب هو الوجود‬
‫المطلق ‪ ( “ . . .‬الجيلي ‪ ،‬االنسان الكامل ج ‪ 1‬ص ‪. ) 65‬‬
‫يراجع بهذا الشأن االنسان الكامل ج ‪ 1‬ص ‪ 23‬وص ‪. 65‬‬
‫) ‪( 5‬انظر مادة “ قلم “ كما يراجع عنقاء مغرب ص ‪. 42‬‬
‫) ‪( 6‬في العرش متعلق باندراج في الكرسي متعلق بتفصيل ليتضح المعنى ‪.‬‬
‫) ‪( 7‬وفي حال كون الكتاب هو القرآن ‪ .‬تصبح الفاتحة “ أم القرآن “ أو “ أم الكتاب‬
‫“ وهذه التسمية متوافرة في تفاسير القرآن ‪.‬‬
‫يورد فخر الدين الرازي خمسة أسباب لتسمية الفاتحة أم القرآن أو أم الكتاب انظر‬
‫مفاتيح الغيب ج ‪ 1‬ص ص ‪ 175 - 173‬طبع المطبعة البهية المصرية ‪ ،‬كما يراجع‬
‫كتاب أنوار التنزيل واسرار التأويل للبيضاوي الطبعة الثانية ‪1955‬م مطبعة البابي‬
‫الحلبي بمصر ج ‪ 1‬ص ‪. 2‬‬
‫) ‪( 8‬ان في “ نقطة الباء “ إشارة إلى “ الدرة البيضاء “ من حيث اندراج الكل فيها ‪.‬‬
‫راجع “ درة بيضاء “ يراجع بشأن النقطة الحالج ‪ :‬حقائق التفسير للسلمي ‪:Essai p‬‬
‫‪368 No 41.‬‬
‫****‬
‫‪ - 53‬أ ّم الهيّة‬
‫أهمية الشيخ في السلوك لم تعد مثارا للجدل حتى قبل الشيخ ابن العربي ‪ ، 1‬ففي‬
‫األوساط الصوفية يعتبر الشيخ ‪ :‬األب الروحي للمريد ‪.‬‬
‫فمن حيث إن االنسان روح وجسد له نسبان ‪ :‬نسب جسدي إلى أب وأم ترابيين ( والدة‬
‫طبيعية ) ‪ ،‬ونسب روحي إلى أب وأ ّم روحيين ( والدة معنوية ) ‪2 .‬‬

‫ولكن قبل الشيخ ابن العربي كان النسب الروحي لالنسان ينحصر دائما باألب ‪ ،‬ولم‬
‫نكن لنجد عبارة “ االم الروحية “ أو ما يقابل مفهوم هذه العبارة ذلك الن كل من نقرأ‬
‫له من اعالم التصوف ‪ ،‬ان تربّى على يد شيخ ‪ ،‬فان هذا الشيخ كان ذكرا ‪.‬‬

‫فان الشيخ ابن العربي هو الذي ابتدع عبارة “ االم اإللهية “ مجاورة لألب الروحي‬
‫وفي مقابل االم الترابية واألب الترابي ‪ ، 3‬أو باألحرى اخذها عن امرأة كان لها في‬

‫‪124‬‬
‫“ ‪“ 125‬‬

‫حياته شأن المربية الروحية ‪ ،‬فهو يكتب ‪:‬‬


‫“ خدمت انا بنفسي [ الشيخ ابن العربي ] امرأة من المحبات العارفات بإشبيلية يقال‬
‫لها فاطمة بنت المثنى القرطبي ‪ . . .‬وكانت تقول لي ‪ :‬انا أ ّمك اإللهية ونور أ ّمك‬
‫الترابية ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 48 - 347 / 2‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪ ( 1‬يراجع بهذا الشأن ‪:‬‬
‫‪-‬ابن خلدون “ شفاء الرسائل “ من ص ‪ 61‬إلى ص ‪، 65‬‬
‫‪-‬ابن عباد الرندي “ الرسائل الصغرى “ ( الرسالة السادسة عشرة ) من ص ‪130‬‬
‫إلى ص ‪ 133‬حيث يظهر ابن عباد طريق الصوفية موضحا مكانة كل من “ شيخ‬
‫التربية “ و “ شيخ التعليم ‪“ :‬‬
‫“ واعتماد شيخ التربية هو طريق األئمة المتأخرين من الصوفية ‪ ،‬واعتماد شيخ التعليم‬
‫هو طريق األوائل منهم “ ( ص ‪. ) 131‬‬

‫) ‪ ( 2‬يقول السهروردي في “ عوارف المعارف “ ‪ . . .‬يصير المريد جزء الشيخ ‪،‬‬


‫كما أن الولد في الوالدة الطبيعية ‪ .‬وتصير هذه الوالدة آنفا والدة معنوية ‪ ،‬كما ورد في‬
‫َّللا عليه ‪ “ ،‬لن يلج ملكوت السماء من لم يولد مرتين “ ‪ “ .‬فبالوالدة‬
‫عيسى صلوات ّ‬
‫األولى يصير له ( للولد ) ارتباط بعالم الملك ‪ ،‬وبهذه الوالدة ( المعنوية ) ‪ ،‬يصير له‬
‫ارتباط بالملكوت ‪ ( . . .‬و ) يستحق ميراث األنبياء ومن لم يصله ميراث األنبياء ما‬
‫ولد “ ( ص ‪. ) 85‬‬
‫‪-‬يراجع بشأن الوالدتين السهروردي عوارف المعارف ص ‪ ، 88 - 84‬نشر دار‬
‫الكتاب العربي ‪ .‬بيروت الطبعة األولى ‪. 1966‬‬
‫‪-‬يشير القونوي إلى “ الوالدة الثانية “ في رسالة “ التوجه األولى “ ق ‪ 11‬مخطوط‬
‫مؤرخ في سنة ‪ 914‬ه بخط أبو بكر الذباح الحنبلي راجع ترجمته في تراجم األعيان‬
‫للبوريني ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص ‪ 279‬وهذا المخطوط من مكتبة السيد رياض المالح الخاصة ‪.‬‬

‫) ‪ ( 3‬هذه الموازاة بين النسبين في االم يتبعها موازاة في الولد فهناك “ ولد طين “ و‬
‫“ ولد دين “ يقول الشيخ ابن العربي في كتاب التراجم ص ‪ : “ 35‬فهناك فرق بين‬
‫ولد الطين وولد الدين ‪. “ . . .‬‬

‫‪ - 54‬أ ّم الموجودات‬
‫انظر “ ابن الرحمة "‪.‬‬

‫‪ - 55‬أ ّمهات األكوان‬


‫لفهم هذا المصطلح بصيغة الجمع ‪ ،‬ال بد من الرجوع إلى مفرده ‪ :‬كون ‪،‬‬

‫‪125‬‬
‫“ ‪“ 126‬‬

‫والتفريق بينه وبين الوجود ‪ .‬الوجود واحد يسري في جميع الموجودات على حين ان‬
‫الكون أصل التمييز والكثرة ‪ :‬هذه من االفكار الرئيسة عند الشيخ ابن العربي حيث‬
‫تتصف العين بالوحدة والكون بالكثرة ‪ ،‬ألن العين هي الوجود ‪ ،‬والكون هو المرتبة‬
‫التي يتجلى فيها الوجود ‪.‬‬
‫لهذا فالوجود يرد دائما بصيغة المفرد ( انظر “ أمهات الوجود “ ) على حين ان الكون‬
‫‪ 1‬يقبل الجمع ألنه يتصف بالكثرة ومن هنا جاءت لفظة “ أمهات األكوان “ ‪. 2‬‬
‫وهي تعني ‪ :‬المراتب الوجودية الرئيسة المجملة التي ترجع إليها كل مرتبة وجودية‬
‫مفصلة في العالم وعددها خمس ‪: 3‬‬
‫االنسان الكلي ‪ ،‬القلم االعلى ‪ ،‬اللوح المحفوظ ‪ ،‬الهباء ‪ .‬والجسم ‪.‬‬
‫“ ‪ . . .‬أوضحت لك مقامات أمهات األكوان وهي االنسان الكلي ‪ ،‬والقلم االعلى ‪،‬‬
‫واللوح المحفوظ والهباء ‪ ،‬والجسم ‪ ( “ . . .‬االتحاد الكوني ق ‪ 147‬ب ‪) .‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪“ ( 1‬كون “ الشيء هو ‪ :‬مرتبته الوجودية كما يظهر من النص التالي ‪:‬‬
‫“ ومرتبتي [ فرعون ] االن ‪ :‬التحكم فيك يا موسى بالفعل ‪ ،‬وانا أنت بالعين وغيرك‬
‫بالرتبة ‪.‬‬
‫فلما فهم ذلك موسى منه أعطاه حقه في كونه ‪ ( “ . . .‬فصوص ‪) 209 / 1‬‬
‫راجع كلمة “ كون “ في هذا “ المعجم ‪“ .‬‬
‫) ‪ ( 2‬يطلق القونوي على أمهات األكوان لفظ “ األمهات العلوية “ يراجع بهذا‬
‫الشأن ‪:‬‬
‫‪-‬القونوي ‪ .‬اعجاز البيان ص ‪. 5 - 4 - 3‬‬
‫‪-‬عفيفي ؛ فصوص الحكم ج ‪ 2‬ص ‪ ( 92 - 291‬التعينات الكلية ) ‪.‬‬
‫) ‪ ( 3‬أمهات األكوان هي الحضرات الخمس عند الشيخ ابن العربي ‪.‬‬
‫*****‬
‫‪ - 56‬أ ّمهات الوجود‬
‫مرادف ‪ :‬االم الجامعة لجميع الموجودات ‪.‬‬
‫ان عبارة “ أمهات الوجود “ ابتكرها الشيخ ابن العربي في اللفظ دون المضمون ‪،‬‬
‫ألنها “ مقوالت المنطق “ ارتدت في ظهورها عنده اللفظ المناسب لفكره ‪.‬‬
‫وهي األصول أو الحقائق المفردة ‪ 1‬التي بتركيبها يظهر كل وجود عيني ‪.‬‬
‫ومن خالل نصوص الشيخ ابن العربي المتعلقة بأمهات الوجود نلمس موقفه من‬
‫المقوالت ‪ ،‬هذا الموقف الذي يلخص تقريبا موقف العالم االسالمي من مقوالت أرسطو‬
‫‪:2‬‬

‫‪126‬‬
‫“ ‪“ 127‬‬

‫في المرحلة المغربية ‪ ،‬نالحظ ان المقوالت عنده عشر اخصرها في أربع بعد رحيله‬
‫إلى الشرق ‪. 3‬‬
‫يرسم الشيخ ابن العربي في انشاء الدوائر أمهات الوجود التي يسميها هنا الجدول‬
‫الهيوالني ‪.‬‬

‫ويظهر عددها عشر ‪ :‬الجوهر ‪ ،‬العرض الزمان ‪ ،‬المكان ‪ ،‬الحال ‪ ،‬الوضع ‪ ،‬اإلضافة‬
‫‪ ،‬العدد ‪ ،‬ان ينفعل ‪ ،‬ان يفعل ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ اعلم أن هذا الجدول الهيوالني ( انظر الرسم ) هو الحقيقة التي أوجد الحق من مادتها‬
‫الموجودات العلويات والسفليات ‪ ،‬فهي االم الجعة لجميع الموجودات ‪ ( “ .‬انشاء الدوائر‬
‫‪. ) 26 - 25‬‬
‫اما في الفتوحات فيحصر الشيخ ابن العربي أمهات الوجود في ربع ‪ 4‬يتركب منها‬
‫المقوالت الباقية ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا لما خلق العالم ومأل به الخال ‪ ،‬لم يبق في عالم جوهر يزيد وال ينقص ‪ ،‬فهو‬‫“ ان ّ‬
‫بالجوهر واحد ‪ . .‬ال يزال الحق تعالى في [ في الجوهر الواحد ] خالقا على الدوام بما‬
‫يفتح فيه من االشكال ‪ . . .‬ويظهر من الصور ‪ ،‬ويحدث فيه من االعراض ‪ . . .‬فما‬
‫َّللا بعد ذلك جوهرا لكن يحدث فيه ‪. . .‬‬
‫أحدث ّ‬

‫هذا الجوهر الذي مأل الخالء ‪ . . .‬وفيه يظهر الجوهر انوري والعرض والزمان والمكان‬
‫وهذه أمهات الوجود ليس غيرها وما ( عليها فإنه مركب منها ‪ ،‬من فاعل ومنفعل‬
‫وإضافة ووضع وعدد والك ‪. . . “ 5‬‬
‫( ف ‪.) 404 / 3‬‬

‫‪127‬‬
‫“ ‪“ 128‬‬

‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يقسم الشيخ ابن العربي الحقائق بقسمين ‪ “ :‬حقائق توجد مفردات في العقل كالحياة‬
‫والعلم والنطق والحس ‪ ،‬وحقائق توجد بوجود التركيب كالسماء والعالم واالنسان‬
‫والحجر “ ‪ ( . . .‬ف ‪) 55 / 1‬‬
‫) ‪( 2‬ان المقوالت التي حصرها أرسطو في عشر ‪ ،‬ردها الرواقيون إلى أربع ‪ ،‬وعرفها‬
‫العالم االسالمي عشر وذهب فيها مذهبين مغايرين للفكر اليوناني ‪ .‬فلنستمع إلى علي‬
‫سامي النشار ‪ “ :‬وحصر أرسطو األجناس العالية في عشرة ‪ ،‬وهذه األجناس العشرة‬
‫هي مبحث المقوالت ‪ . . .‬اما الرواقيون فبحثوا المقوالت من وجهة نظر أرسطو ولكن‬
‫ردوها إلى أربعة ‪:‬‬
‫الكيفية ‪ ،‬الجوهر ‪ ،‬اإلضافة ‪ ،‬والوضع ‪ .‬ومن العسير معرفة تفصيالت هذا الرد ‪.‬‬
‫عرف االسالميون اذن مذاهب في المقوالت غير المذهب االرسططاليسي ( الرواقي ‪-‬‬
‫االفلوطيني ) نرى هنا مذهبين مختلفين عنه ‪ :‬اما المذهب األول فاعتبر المقوالت أربعا ‪:‬‬
‫هي الجوهر والكم والكيف والنسبة الشاملة لبقية المقوالت ‪ .‬وليس هذا المذهب هو‬
‫المذهب الرواقي ولكنه يقترب منه كثيرا ‪ . . .‬وال نستطيع ان نجزم في الحقيقة بالمصدر‬
‫الذي استمد االسالميون منه هذا التقسيم ‪.‬‬
‫اما المذهب الثاني فهو مذهب السهروردي “ ( مناهج البحث عند مفكري االسالم ‪ .‬طبع‬
‫دار المعارف بمصر ‪. ) 1965‬‬
‫والجدير بالذكر ان السهروردي ينفي كون هذه المقوالت ارث ارسطي ينسبه إلى‬
‫الفيتاغوريين يقول في ص ‪ 12‬من التلويحات في جواب عن سؤال “ ‪ .‬خالفت المعلم‬
‫األول ( أرسطاطاليس ) والجمهور ؟ جواب ‪ :‬اما المقوالت فليست مأخوذة عن المعلم‬
‫بل عن شخص فيتاغوري يقال له ارخوطس وليس له برهان على الحصر في العشرة‬
‫والبرهان هو الذي نتّبع “ ‪.‬‬
‫‪-‬اما الهنود فقد جعلت المقوالت ست ‪ :‬الجوهر ‪ ،‬الكيفية ‪ ،‬الفعل ‪ ،‬العام ‪ ،‬الخاص ‪،‬‬
‫التجمع ‪ .‬والفيلسوف األلماني كانت )‪ (Kant‬ارجعها إلى اربع ‪:‬الكم ‪ ،‬الكيف ‪ ،‬اإلضافة‬
‫‪ ،‬الحالة ‪ ( ،‬راجع مجلة المشرق ‪ 1966‬ص ‪. ) 471‬‬

‫) ‪( 3‬النص الذي يرجع المقوالت إلى عشر موجود في كتابه انشاء الدوائر الذي ألفه‬
‫في تونس سنة ‪ 598‬ه ‪ .‬انظر‪- Yahia : Hist . et class R . G . 289‬على حين‬
‫ان النص الذي يختصرها في أربع وارد في الفتوحات المكية الذي انتهى من كتابته للمرة‬
‫األولى عام ‪ 629‬ه ‪ .‬انظر ) ‪- Yahia : Hist . et class R . G . 135( 4‬سبق‬
‫ان تكلمنا كيف ان العالم االسالمي افترق عن الفكر اليوناني بوضعه مذاهب جديدة في‬
‫المقوالت وكيف حصرها في اربع هي ‪ :‬الجوهر ‪ ،‬والكم ‪ ،‬والكيف ‪ ،‬والنسبة ‪.‬‬

‫‪128‬‬
‫“ ‪“ 129‬‬

‫اما هنا فينبري السهروردي إلى انتقاد هذا المذهب ليثبت موقفه هو ‪ ،‬يقول ‪:‬‬
‫“ ولما حصرنا المقوالت المشهورة في كتاب التلويحات في خمسة وجدنا بعد ذلك في‬
‫موضع لصاحب البصاير [ عمر بن سهالن الساري ] حصرها في اربع ‪ -‬في الجوهر‬
‫والكم والكيف والنسبة ‪.‬‬
‫وإذا اعتبرت هذا الحصر ‪ . . .‬ال تجده صحيحا ‪ ،‬فان الحركة لم تدخل تحت الجوهر‬
‫ألنها عرض وال تحت الكم ‪ . . .‬وليست كيفا ‪ . . .‬وال النسبة ‪ . . .‬فاألقرب لمن يريد‬
‫ان يثبت المقوالت حصرها في خمس ‪ :‬الجوهر والكيف والكم واإلضافة والحركة ‪. . .‬‬
‫“‬
‫( كتاب المشارع والمطارحات ‪ .‬نشر هنري كوربان ص ‪. ) 278‬‬
‫‪-‬يراجع كذلك ‪ ،‬كتاب التلويحات نشر هنري كوربان ‪ .‬التلويح األول ص ص ‪/ 4‬‬
‫‪. 17‬‬

‫) ‪( 5‬يبحث السهروردي المقوالت العشر في كتابه المشارع والمطارحات ‪ .‬فليراجع ‪:‬‬


‫‪-‬ص ص ‪ ( 233 - 221‬فصل في الجوهر )‬
‫‪-‬ص ص ‪ ( 250 - 233‬فصل في الكم )‬
‫‪-‬ص ص ‪ ( 263 - 250‬فصل في الكيف )‬
‫‪-‬ص ص ‪ ( 273 - 263‬فصل في المضاف )‬
‫‪-‬ص ص ‪ ( 274 - 273‬فصل في األين )‬
‫‪-‬ص ‪ ( 274‬فصل في متى )‬
‫‪-‬ص ص ‪ ( 276 - 275‬فصل في الوضع )‬
‫‪-‬ص ص ‪ ( 277 - 276‬الملك والجدة )‬
‫‪-‬ص ص ‪ ( 278 - 277‬ان يفعل ‪ -‬ان ينفعل ) ‪.‬‬
‫***‬
‫‪ – 57‬األ ّميّة‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ قال أبو عبيد ‪ :‬األمي في اللغة المنسوب إلى ما عليه جبلة الناس ال يكتب ‪ ،‬فهو [ في ]‬
‫انه ال يكتب ‪ ،‬على ما ولد عليه “ ( معجم مقاييس اللغة مادة “ أم “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫وقد سألنا الدكتور عبد الكريم اليافي عن معنى لفظ األمي في القرآن‬
‫‪ -‬فأجاب ‪:‬‬
‫“ لألمي عدة معان ‪:‬‬
‫‪ - 1‬نسبة لألم ‪،‬‬

‫‪129‬‬
‫“ ‪“ 130‬‬

‫‪- 2‬نسبة لألمة عامة ‪،‬‬


‫‪- 3‬نسبة ألمة العرب ‪،‬‬
‫‪- 4‬نسبة ألم القرى ‪،‬‬
‫‪- 5‬نسبة ألم الكتاب ‪،‬‬
‫‪- 6‬نسبة لألمم ‪ .‬وذلك ان النسبة للجمع ترجع إلى النسبة للمفرد ‪.‬‬
‫استنتاجات ‪:‬‬
‫‪ - 1‬من هذه األصول يكون أحد معاني األمي الذي ال يقرأ وال يكتب كأنه نسب إلى ما‬
‫عليه جبلته ‪ ،‬أو كأنه بقي كما ولدته أمه ال يكتب وال يقرأ الن الكتابة والقراءة تعليم ‪.‬‬
‫‪ - 2‬أو يكون األمي بمعنى العربي منسوبا إلى األمة األمية ‪ ،‬اوالى أم القرى اي مكة ‪.‬‬
‫‪ - 3‬أو يكون األمي مفرد األميين اي العرب الذين لم يكن لهم كتاب ‪ .‬انظر غريب القرآن‬
‫لألصبهاني ‪.‬‬
‫َّللا المختار وان الرسالة محصورة فيهم ويطلقون‬ ‫‪ - 4‬كان اليهود يدعون انهم شعب ّ‬
‫على من عداهم من الشعوب لفظ األمم ‪.‬‬
‫وفي العهدين القديم والجديد إشارات متعددة إلى ذلك ‪.‬‬
‫انظر مثال إنجيل متى األصحاح السادس فقرة ‪ 32‬فان هذا كله تطلبه األمم واألصحاح‬
‫العاشر فقرة ‪ 5‬إلى طريق األمم ‪.‬‬
‫‪ - 5‬رسالة الرسول العربي جاءت في األمم اي في غير بني إسرائيل وهي موجهة إلى‬
‫األمم زيادة على بني إسرائيل ‪ .‬والنسبة في العربية إلى المفرد ‪.‬‬
‫وعليه األمي يعني النسبة إلى األمم ‪.‬‬
‫اما ان الرسول لم يكن يقرأ ويكتب فيستدل عليه من اآلية ‪:‬‬
‫وما كنت تتلو من قبله من كتاب وال تخطه بيمينك ‪.‬‬
‫ينظر في تفسير القرطبي ج ‪ 7‬ص ‪. “ 298‬‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫تتخذ األميّة ‪ 1‬عند الشيخ ابن العربي معنى مغايرا وبعيدا عن معناها اللغوي فال‬

‫‪130‬‬
‫“ ‪“ 131‬‬

‫تقاس عنده بكمية المعلومات المحفوظة أو بمعرفة القراءة والكتابة ‪ ،‬ولكنها منهجية‬
‫يفرغ ويطهر محله ليقبل بكليته على الفتح اإللهي [ في مقابل‬ ‫جدلية ‪ :‬فاالمي هو الذي ّ‬
‫العالم بنظره الفكري ] ‪.‬‬
‫“ األمية عندنا ال تنافي حفظ القرآن وال حفظ االخبار النبوية ولكن ‪ . . .‬من لم يتصرف‬
‫بنظره الفكري وحكمه العقلي في استخراج ما تحوى عليه من المعاني واالسرار وما‬
‫تعطيه من األدلة العقلية في العلم بااللهيات ‪ . . .‬فإذا سلم القلب من علم النظر الفكري‬
‫شرعا وعقال كان أميا ‪ ،‬وكان قابال للفتح اإللهي ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 644 / 2‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬اما الحالج فيربط األمية بجمعية الهمة ‪ .‬فاألرجح انه يأخذها كنسبة إلى أم القرى‬
‫‪ ،‬ألنه استعمل في مقابلها “ مكة “ و “ الحرم ‪“ .‬‬
‫يقول ‪ “ :‬سماه الحق “ أميا “ [ ‪ ] 157 / 7‬لجمع همته “ ( الحالج ‪ .‬الطواسين ‪ .‬طس‬
‫الرابع نشر األب نويا ‪ .‬ص ‪. ) 191‬‬
‫***‬
‫‪ – 58‬األمانة‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ األمانة التي هي ضد الخيانة ومعناها ‪ :‬سكون القلب “‬
‫( معجم مقاييس اللغة ج ‪ 1‬ص ‪. ) 133‬‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫ض َو ْال ِّجبا ِّل‬
‫ت َو ْاأل َ ْر ِّ‬
‫سماوا ِّ‬ ‫ضنَا ْاألَمانَةَ َ‬
‫علَى ال َّ‬ ‫ع َر ْ‬ ‫لقد وردت في موضع واحد وهو ‪ ”:‬إِّنَّا َ‬
‫وال “‪ ( .‬األحزاب ‪33‬‬ ‫ظلُوما ً َج ُه ً‬
‫سان ِّإنَّهُ كانَ َ‬ ‫فَأَبَيْنَ أ َ ْن يَ ْح ِّم ْلنَها َوأ َ ْشفَ ْقنَ ِّم ْنها َو َح َملَ َها ْ ِّ‬
‫اإل ْن ُ‬
‫‪. ) 72 /‬‬
‫فالتنزيل العزيز أورد لفظ “ األمانة “ على االطالق فلم يحددها في هذا الموضع المذكور‬
‫وال في مواضع أخرى ‪ .‬مما حدا المفسرين إلى فتح باب االستنباط وكثرت األقوال فيها‬
‫‪.1‬‬

‫‪131‬‬
‫“ ‪“ 132‬‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫َّللا‬
‫نظر أكثر مفسري األمانة إليها على أنها ‪ :‬قوة أو صفة أو عقيدة أو ما شابه أودعها ّ‬
‫أمانة في قلب االنسان أو روحه أو نفسه ‪.‬‬
‫ولكن الشيخ ابن العربي قفز من الحال إلى المح ّل ‪.‬‬
‫اي جعل المحل [ القلب ‪ -‬الروح ‪ -‬النفس ] هو األمانة التي حملها االنسان ‪. 2‬‬
‫ونستطيع ان نختصر مفهوم األمانة عنده بكلمات قليلة ولكنها شديدة االلتصاق بفلسفته ‪.‬‬
‫َّللا آدم عليها ‪ ،‬فاستحق بها الخالفة ‪. 4‬‬
‫فاألمانة ‪ :‬هي الصورة ‪ 3‬التي خلق ّ‬
‫ولذلك يشير إليها أحيانا بكلمة “ األمانة المعارة “ الن خالفة االنسان دليل على أن االمر‬
‫بيد من استخلفه ‪ ،‬فاالمر إعارة وليس أصيال ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫تبرأ من حملها الوجود‬ ‫“ االنسان الكامل ‪ . . .‬وحمله هذا السر المعبر عنه باألمانة التي ّ‬
‫الكلي حين أبى [ األصل ‪ -‬أبا ] واشفق واعترف بالعجز عن حملها ‪ ،‬المشار إليها بقوله‬
‫ض َو ْال ِّجبا ِّل فَأَبَيْنَ أ َ ْن يَ ْح ِّم ْلنَها َوأ َ ْشفَ ْقنَ‬
‫ت َو ْاأل َ ْر ِّ‬ ‫ضنَا ْاألَمانَةَ َ‬
‫علَى ال َّ‬
‫سماوا ِّ‬ ‫ع َر ْ‬ ‫تعالى ‪ ”:‬إِّنَّا َ‬
‫سان ‪ “( 33 / 72 ) . .‬فصار بذلك خليفة الرحمن ألنه مخلوق على‬ ‫ِّم ْنها َو َح َملَ َها ْ ِّ‬
‫اإل ْن ُ‬
‫َّللا تعالى له‬ ‫صورته ‪ . . .‬فلما كان هذا العبد مخلوقا على صورة الرحمن وخليفته س ّخر ّ‬
‫ما في األكوان من سائر أنواع المحسوسات والمعقوالت ‪ ( “ . . .‬شق الجيوب ص ‪30‬‬
‫‪. . . ) 31 -‬‬

‫“ النفس الناطقة المميزة العاقلة التي هي ثمرة الكون وغاية الوجود تنقسم إلى قسمين ‪:‬‬
‫َّللا‬
‫نفس منسوبة إلى الحق ونفس منسوبة للعبد ‪ ، 5‬فاما النفس المنسوبة للحق فهي سر ّ‬
‫المستحق الوجود الذي قام به كل موجود ‪ . . .‬وهي التي أشار إليها الرسول األعظم‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ :‬من عرف نفسه فقد عرف ربه ‪ . . . 6‬فهذه النفس هي‬ ‫بقوله صلى ّ‬
‫األمانة ‪ ( “ . . .‬شق الجيوب ص ‪. )43 - 45‬‬
‫“ كما قيل ألبي يزيد حين خلع عليه خلع النيابة وقال له ‪ :‬اخرج إلى خلقي بصفتي فمن‬
‫رآك رآني ‪ .‬فلم يسعه اال امتثال امر ربه ‪ ،‬فخطا خطوة ‪ ،‬إلى نفسه من ربه فغشي عليه‬
‫‪ -‬فإذا النداء ‪ “ :‬ردوا على حبيبي ‪ . . . “ 7‬واستراح من حمل “ األمانة المعارة‬
‫“ ( فتوحات ‪ -‬السفر الثالث فقرة ‪.) 36‬‬

‫‪132‬‬
‫“ ‪“ 133‬‬

‫“ فالشمس كاملة والقمر ناقص ‪ :‬ألنه محو ‪ .‬فصفة ضوئه معارة ‪ ،‬وهي “ األمانة التي‬
‫حملها “ ( ف ‪ -‬السفر األول فقرة ‪. ) 479‬‬
‫نالحظ في النصين الثالث والرابع تركيز الشيخ ابن العربي على صفة اإلعارة في‬
‫األمانة ‪ .‬وهذا يتفق ونظريته في الخالفة والصورة ‪.‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬فسر القشيري “ األمانة “ بقوله ‪:‬‬
‫“ ويقال ‪ :‬األمانة القيام بالواجبات أصولها وفروعها ‪.‬‬
‫ويقال ‪ :‬األمانة التوحيد عقدا وحفظ الحدود جهدا “ ( لطائف اإلشارات ج ‪ 5‬ص‬
‫‪. ) 173‬‬
‫‪-‬اما البيضاوي فيقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬الطاعة وسماها أمانة من حيث إنها واجبة األداء ‪ ( “ . . .‬أنوار التنزيل ج ‪2‬‬
‫ص ‪. ) 136‬‬
‫“ ‪-‬األمانة ‪ :‬الطاعة والعبادة “ ( تفسير ابن عباس المكتبة الشعبية بيروت ص ‪. ) 358‬‬
‫) ‪( 2‬سبق الغزالي الشيخ ابن العربي إلى هذه النظرة ‪ .‬فاألمانة عنده بمعناها‬
‫االصطالحي شقان ‪ :‬األول هو المعرفة والتوحيد ‪ .‬والثاني هو القلب أو العقل أو السر ‪.‬‬
‫( راجع في معجم الغزالي ‪ .‬األب جبر ص ص ‪. ) 9 - 8‬‬
‫) ‪( 3‬راجع “ صورة ‪“ .‬‬
‫) ‪( 4‬راجع “ خالفة “ ‪ .‬كما يراجع “ المواقف “ لألمير عبد القادر الجزائري ص ص‬
‫‪ ( 396 - 395‬األمانة ‪ -‬الخالفة ) ‪.‬‬
‫) ‪( 5‬النفس المنسوبة إلى الحق هي المخلوقة على الصورة ‪ .‬والنفس المنسوبة للعبد‬
‫هي النفس المذمومة ‪.‬‬
‫) ‪( 6‬راجع فهرس األحاديث حديث رقم ‪: ( 13 ) .‬‬
‫) ‪( 7‬انظر شطحات صوفية ‪ .‬عبد الرحمن بدوي ج ‪ 1‬ص ‪ 116‬القاهرة ‪. 1949‬‬
‫***‬
‫‪ – 59‬األيمان‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الهمزة والميم والنون أصالن متقاربان ‪ :‬أحدهما األمانة التي هي ضد الخيانة ومعناها‬
‫سكون القلب ‪ ،‬واآلخر ‪ :‬التصديق ‪َ ”. . .‬وما أ َ ْن َ‬
‫ت ِّب ُمؤْ ِّم ٍن لَنا “[ ‪ ] 17 / 12‬اي مص ّدق‬
‫لنا ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة مادة “ امن “ ) ‪.‬‬

‫‪133‬‬
‫“ ‪“ 134‬‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫ان االيمان في “ القرآن “ هو ‪ :‬تصديق القلب بالغيب ‪،‬‬
‫) ‪( 1‬اما كلمة “ تصديق “ فمن حيث إن القرآن وضع االيمان في مقابل الكفر ‪َ ”.‬و َم ْن‬
‫سبِّي ِّل ‪“. ( 2 / 108 ) .‬‬
‫سوا َء ال َّ‬ ‫يمان فَقَ ْد َ‬
‫ض َّل َ‬ ‫يَتَبَ َّد ِّل ْال ُك ْف َر بِّ ْ ِّ‬
‫اإل ِّ‬

‫) ‪( 2‬والدليل على أن االيمان تصديق “ القلب “ هو ان التنزيل العزيز جعل محله القلب‬
‫يمان‬
‫اإل ِّ‬ ‫‪ ،‬وقارنه باالسالم الذي هو تصديق اللسان ‪ِّ ”. 1‬إ َّال َم ْن أ ُ ْك ِّرهَ َوقَ ْلبُهُ ُم ْ‬
‫ط َم ِّئ ٌّن ِّب ْ ِّ‬
‫يمان فِّي قُلُوبِّ ُك ْم “ ‪( 49 / 14 ) .‬‬ ‫اإل ُ‬ ‫”‪َ “( 16 / 106 ) .‬ول ِّك ْن قُولُوا أ َ ْسلَ ْمنا َولَ َّما يَ ْد ُخ ِّل ْ ِّ‬
‫) ‪( 3‬واما كلمة “ بالغيب “ فتظهر من األصول التي يتضمنها االيمان ‪ ،‬اي من موضوع‬
‫َّللا ‪ ،‬ومالئكته ‪ ،‬ورسله وكتبه ‪ ،‬واليوم اآلخر ‪ ،‬والقدر ‪ ”. 2‬فَ ُردُّوهُ ِّإلَى‬ ‫االيمان وهو ‪ّ :‬‬
‫اّلل َو ْاليَ ْو ِّم ْاآل ِّخ ِّر ”‪َ “( 4 / 59 ) .‬والَّ ِّذينَ يُؤْ ِّمنُونَ ِّبما‬ ‫سو ِّل ِّإ ْن ُك ْنت ُ ْم تُؤْ ِّمنُونَ ِّب َّ ِّ‬
‫الر ُ‬ ‫َّ ِّ‬
‫َّللا َو َّ‬
‫أ ُ ْن ِّز َل ِّإلَي َْك َوما أ ُ ْن ِّز َل ِّم ْن قَ ْب ِّل َك “( ‪. ) 4 / 2‬‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪: 3‬‬


‫لاليمان معنيان عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫االيمان هو فعل التصديق عامة ‪ ،‬وضده الكفر ‪.‬‬
‫ان االيمان هنا غير مرتبط باالسالم ‪ .‬فهو فعل التصديق بشكل عام بعيدا عن موضوع‬
‫التصديق ‪ ،‬فكل من صدق آمن وان كان موضوع ايمانه ضالال‪.‬‬

‫والشيخ ابن العربي بذلك ينهج نهج القرآن يقول ‪:‬‬


‫َّللا قد سمى مؤمنا‬
‫“ واما االيمان فهو امر عام ‪ 4‬وكذلك الكفر الذي هو ضده ؟ ‪ ،‬فان ّ‬
‫باّلل ‪ 7‬وسمى‬
‫من آمن بالحق ‪ 5‬وسمى مؤمنا من آمن بالباطل ‪ 6‬وسمى كافرا من يكفر ّ‬
‫كافرا من يكفر بالطاغوت ‪ ( . “ 8‬ف ‪. ) 338 / 3‬‬
‫وفي نص آخر يبين الشيخ ابن العربي ان االيمان هو تصديق عامة ‪ ،‬وان العبد سمى‬
‫باّلل يعطيه اسم “ الحنيف “ اي المائل يقول‪:‬‬
‫مؤمنا في كل فعل ايمان ‪ ،‬ولكن فعل ايمانه ّ‬

‫‪134‬‬
‫“ ‪“ 135‬‬
‫“ ولهذا قال فيه حنفاء ّّلل ‪ 9‬اي مائلين به إلى جانب الحق الذي شرعه واخذه على‬
‫المكلفين من جانب الباطل ‪ ،‬إذ قد سماهم الحق مؤمنين في كتابه فقال في طائفة ‪ :‬انهم‬
‫باّلل فكساهم حلة االيمان ‪ .‬فما االيمان مختص بالسعداء وال الكفر‬
‫آمنوا بالباطل وكفروا ّ‬
‫مختص باألشقياء ‪ ،‬فوقع االشتراك وتميزه قرائن األحوال ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 57 / 4‬‬

‫َّللا ‪ 10‬قابل لكل ما يرد منه من دين أو شرع ‪ ،‬حاصل في قلب‬ ‫االيمان هو نور من ّ‬
‫العبد ‪ ،‬موصال إيّاه إلى االمن ‪ 11‬فهو اذن تصديق واستعداد للتصديق ‪ 12‬قبل المشاهدة‬
‫والعيان وبعدهما ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ان االيمان عبارة عن نور حاصل من قبل الحق تعالى ‪ ،‬متعين من حضرة االسم‬
‫الرحيم والهادي والمؤمن إلزالة ظلمة الهوى والطبع ‪ ،‬قابل لكل ما يرد منه [ من الحق‬
‫تعالى ] من دين أو شرع أو نحوهما فيستحق حامله ‪ . . .‬االمن من سخط الرحمن ‪،‬‬
‫فيسمى بهذا الوصف والحكم الخاص ايمانا وتصديقا ‪ ،‬وعلى التحقيق انما هو أول اعتبار‬
‫من العلم متعلق بالدين والشرع ‪ . . .‬من غير اعتبار تأييد بدليل وبرهان عقلي أو سمعي‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ :‬فذلك مثلهم ومثل‬
‫أو كشفي ‪ . . .‬والدليل على كونه نورا قول النبي صلى ّ‬
‫ما قبلوا من هذا النور ‪ . . . 13‬واما الدليل على وروده على القلب ‪ 14‬قوله عز من‬
‫قائل “ أولئك كتب في قلوبهم االيمان “ ‪( 58 / 22 ) . . .‬‬
‫( تحرير البيان في تقرير شعب االيمان ص ‪. ) 3 - 2‬‬

‫وهناك نص آخر يظهر فيه االيمان طاقة قابلة لاليمان ‪ ،‬وليس ايمانا بنص محدود وهذه‬
‫من أمهات االفكار عند الشيخ األكبر ‪.‬‬
‫إذ ان كل ما في االنسان من القوى كالخيال والفكر يتحول إلى طاقة مستعدة لقبول آية‬
‫صورة ترد عليها ‪ ،‬فكمال ‪ 15‬علم كل قوة من قواه في تخلصها من كافة ما تعلم‬
‫ورجوعها إلى حالة االستعداد ‪. 16‬‬

‫باّلل وبرسله وما جاء به مجمال ومفصال مما وصل الينا من تفصيله وما لم‬‫“ ولقد آمنا ّ‬
‫ي‬
‫يصل الينا ‪ ، 17‬ولم يثبت عندنا فنحن مؤمنون بكل ما جاء به ‪ . . .‬اخذت ذلك عن ابو ّ‬
‫َّللا عن بصري وبصيرتي وخيالي ‪. . .‬‬ ‫اخذ تقليد ‪ . . .‬فعملت على ايماني بذلك حتى كشف ّ‬
‫فصار االمر لي مشهودا والحكم المتخيل المتوهم بالتقليد موجودا ‪ . . .‬فلم أزل أقول‬
‫َّللا عليه وسلم ال لعلمي وال‬
‫واعمل ما أقوله واعمله لقول النبي صلى ّ‬

‫‪135‬‬
‫“ ‪“ 136‬‬

‫لعيني ولشهودي ‪ ،‬فواخيت بين االيمان والعيان ‪ 18‬وهذا عزيز الوجود في االتباع ‪.‬‬
‫فان مزلة االقدام لالكابر انما تكون هنا ‪ :‬إذا وقعت المعاينة لما وقع به االيمان فتعمل‬
‫على عين [ اي عن شهود ] ال على ايمان فلم يجمع بينهما ‪ . . .‬والكامل من عمل على‬
‫االيمان مع ذوق العيان وما انتقل وال اثر فيه العيان ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 323 / 3‬‬

‫وقد فسر شيخنا األكبر االيمان من خالل التوازن النفسي الذي يعطيه للشخصية بل جعله‬
‫عين ذلك التوازن ‪ ،‬هذا التوازن هو في الواقع ثمرة الوصول ‪ . 19‬ولكنه فارق علم‬
‫النفس الحديث بجعله االيمان فعال سلبيا المؤمن فيه قابال لاليمان وليس فاعال له ‪،‬‬
‫َّللا وهو هديته ألهل منته وأحبابه ‪.‬‬
‫فااليمان نور من ّ‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ االيمان ‪ ،‬هو عبارة عن استقرار القلب وطمأنينة النفس ‪ .‬وذلك ان العبد لما كان طالبا‬
‫لربه مترددا في طلبه مرة إلى الوثن ومرة إلى الشمس والقمر ومرة إلى النيران ‪ ،‬وهو‬
‫َّللا منه صدق القصد أفاض على‬ ‫في ذلك كله متحير ‪ 20‬ال يستقر وال يسكن ‪ ،‬فلما علم ّ‬
‫قلبه نور الهداية فاستقر القلب واطمأنت النفس ‪ ( “ . . .‬تذكرة الخواص فقرة ‪. ) 78‬‬

‫“ ‪ . . .‬ان حقيقة االيمان كالشمس ‪ :‬تشرق على بصائر القلوب دون حجاب ‪ . . .‬ويعبر‬
‫عنه في اصطالح القوم باسفار صبح الكشف وهو ‪ :‬مقام عين اليقين ‪ .‬فإذا حالت بينهما‬
‫غيوم الغفالت والهوى نقص االشراق ‪ . . .‬فإذا ذهبت الغيوم والهوى زاد في اشراقه‬
‫َّللا‬
‫فاستقر القلب واطمأنت النفس وانبسطت الجوارح للعبودية ‪ . 21‬فالنور ‪ 22‬هدية ّ‬
‫ألهل منته ‪ 23‬وأحبابه وأوليائه والسعداء من عبيده “ ‪ ( .‬تذكرة الخواص فقرة ‪. ) 79‬‬
‫“ ‪ . . .‬اسم المؤمن ‪ 24‬فألنه استقر واطمأن عن الترداد والجوالن في طلب ربه ‪. . .‬‬
‫“ ( تذكرة الخواص فقرة ‪. ) 82‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يورد الحديث تفصيال لهذه النقطة حيث نجد االيمان في مرحلة بين االسالم‬
‫واالحسان ‪ ،‬االسالم من حيث إنه تصديق اللسان وااليمان تصديق القلب بالغيب ‪،‬‬
‫واالحسان تصديق‬

‫‪136‬‬
‫“ ‪“ 137‬‬

‫‪-‬ولكن عن شهود وعيان ‪ ،‬انظر فهرس األحاديث رقم ‪: ( 14 ) .‬‬

‫باّلل ‪،‬‬
‫َّللا عليه وسلم فقال “ ‪ :‬ان تؤمن ّ‬‫) ‪( 2‬إشارة إلى سؤال جبريل النبي صلى ّ‬
‫ومالئكته وكتبه ‪ ،‬ورسله والبعث بعد الموت وتؤمن بالقدر خيره وشره ‪“ .‬‬
‫راجع الحديث مع شرح تفصيلي في كتاب “ مختصر شعب االيمان “ للحافظ البيهقي‬
‫المتوفى سنة ‪ 458‬ه ‪ .‬مع الحواشي بقلم محمد منير الدمشقي ‪ .‬طبع المطبعة المنيرية‬
‫‪ 1355‬ه ‪ .‬ص ص ‪. 17 - 8‬‬
‫) ‪( 3‬عند الكالم على االيمان عند الشيخ ابن العربي ال بد من التعرض إلى مسألة‬
‫شغلت العالم االسالمي بعده ‪ ،‬وهي مسألة ايمان فرعون ‪ ،‬فقبل الشيخ األكبر كان هناك‬
‫شبه اجماع على كفر فرعون ‪ ،‬الن فرعون آمن لحظة الموت وايمان الباس ال يعتد به‬
‫( غير أن الحالج جعل فرعون وإبليس من أهل الفتوة راجع كتابه الطواسين ص ‪. 172‬‬
‫و “ إبليس “ في بحثنا هذا ) ‪ .‬ولكن للشيخ ابن العربي نظرة أخرى في فرعون فهو لم‬
‫يؤمن لحظة موته بل ظهر ايمانه ‪ ،‬الذي كان قد آمنه سابقا ‪ ،‬لحظة الموت ‪ .‬يقول ‪:‬‬
‫“ علم فرعون صدق موسى عليه السالم وأضمر االيمان في نفسه الذي أظهره [ االيمان ]‬
‫عند غرقه حين رأى البأس “ ( ف ‪ 421 / 3‬طبعة بوالق ) ‪.‬‬
‫“ فلما اخذ [ فرعون ] قلوبهم [ قلوب قومه ] بالكلية اليه ولم يبق ّّلل فيهم نصيب يعصمهم‬
‫َّللا فغضب فانتقم فكان حكمهم في نفس االمر خالف حكم فرعون في نفسه ‪،‬‬ ‫‪ ،‬اغضبوا ّ‬
‫َّللا‬
‫َّللا في ظاهره بما صدر عنه وحكم ّ‬ ‫فإنه علم صدق موسى عليه السالم ‪ ،‬وعلم حكم ّ‬
‫في باطنه بما كان يعتقده من صدق موسى فيما دعاهم اليه ‪ ،‬وكان ظهور ايمانه المقرر‬
‫َّللا مخصوصا بزمان مؤقت ال يكون اال فيه وبحالة خاصة فظهر االيمان‬ ‫في باطنه عند ّ‬
‫لما جاء زمانه وحاله فغرق قومه آية ونجا فرعون ببدنه دون قومه عند ظهور ايمانه آية‬
‫َّللا بعباده قال فاليوم ننجيك ببدنك يعني دون قومك لتكون لمن خلفك آية‬ ‫‪ ،‬فمن رحمة ّ‬
‫َّللا ببدنه ‪ ( “ . . .‬ف ‪ 217 / 3‬بوالق ) ‪.‬‬
‫باّلل ان ينجيه ّ‬
‫اي عالمة لمن آمن ّ‬

‫“ فعلم [ فرعون ] ان الذي أرسال [ موسى وهارون ] به هو الحق ‪ ،‬فحصل القبول في‬
‫نفسه وستر ذلك عن قومه ‪ . . .‬فلما رأى البأس قال آمنت فتلفظ باعتقاده الذي ما زال‬
‫َّللا ‪:‬‬
‫معه فقال له ّ‬
‫وَّللا اعلم “ ‪. . .‬‬
‫َّللا بقوله االن انه آمن عن علم محقق ّ‬
‫االن قلت ذلك ‪ .‬فاثبت ّ‬
‫( ف ‪ 697 / 3‬بوالق ) ‪.‬‬

‫“ فقالت [ امرأة فرعون ] لفرعون في حق موسى انه” قُ َّرتُ َ‬


‫عي ٍْن ِّلي َولَ َك “[ ‪] 9 / 28‬‬
‫قرت عينها بالكمال الذي حصل لها ‪ . . .‬وكان قرة عين لفرعون بااليمان الذي‬ ‫فبه ّ‬
‫َّللا عند الغرق فقبضه طاهرا مطهرا ليس فيه شيء من الخبث ‪ ،‬ألنه قبضه عند‬ ‫أعطاه ّ‬
‫ايمانه قبل ان يكتسب شيئا من اآلثام ‪ .‬واالسالم يجبّ ما قبله ‪ ( “ . . .‬فصوص الحكم‬
‫ج ‪ 1‬ص ‪. ) 201‬‬

‫‪137‬‬
‫“ ‪“ 138‬‬

‫‪-‬راجع شروح الجامي على هذا المقطع األخير من فصوص الحكم ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص ص‬
‫‪ 314 - 313‬طبع مطبعة األمان سنة ‪ 1304‬ه ‪ .‬على هامش شرح النابلسي ‪.‬‬
‫اما فيما يتعلق بهذه المسألة التي شغلت كثيرا من المفكرين االسالم وبعد الشيخ ابن‬
‫العربي فليراجع ‪:‬‬
‫‪-‬رسالة في ايمان فرعون الكوملجني منه نسخة في جامع شريفي في استانبول رقم‬
‫‪ 868‬عمومي ‪.‬‬
‫‪-‬كتاب في ايمان فرعون للجالل الدواني توفى سنة ‪ 928‬ه ‪ .‬طبع المطبعة المصرية‬
‫سنة ‪ 1964‬م ‪ 1383 ،‬ه ‪ .‬تحقيق عبد اللطيف ابن الخطيب ‪.‬‬
‫‪-‬األجوبة المرضية عن أئمة الفقهاء والصوفية لألمام الشعراني ورقة ‪ 140‬مخطوط‬
‫عند السيد رياض المالح ‪.‬‬
‫‪-‬المواقف لألمير عبد القادر ج ‪ 1‬ص ‪ 54‬و ‪، 306‬‬
‫“ ‪-‬فر العون من مدّعي ايمان فرعون “ علي بن سلطان محمد القادري ‪.‬منه نسخة‬
‫ببرلين ‪ ، 2112‬وقد طبع بهامش ايمان فرعون للدّواني المطبعة المصرية سنة ‪1964‬‬
‫تحقيق عبد اللطيف ابن الخطيب ‪.‬‬
‫‪-‬ذيل للرسالة المسماة بفر العون للقاري منه نسخة في برلين ‪. 2114‬‬
‫‪-‬بحث وافر عن ايمان فرعون ورده للعالمة أبي سعيد الخادمي انظر شرح الطريقة‬
‫المحمدية ج ‪ 2‬ص ‪ 285‬طبع استانبول ‪.‬‬
‫“ ‪-‬الجاذب الغيبي في شرح الجانب الغربي في حل مشكالت الشيخ ابن العربي “ ‪،‬‬
‫محمد بن عبد الرسول البرزنجي ت ‪ 1303‬ه ‪ .‬توجد منه نسخة مخطوطة عند رياض‬
‫المالح ‪.‬‬
‫‪-‬بحث واسع عن ايمان فرعون وما قاله الشيخ األكبر ‪ ،‬راجع شرح االحياء للسيد‬
‫مرتضى ج ‪ 1‬ص ‪ 256‬ج ‪ 2‬ص ‪ 245‬طبع المطبعة الميمنية سنة ‪ 1306‬ه ‪.‬‬
‫حيث يجد ان من أثبت ايمان فرعون قد زلت قدمه في فهم الشيخ األكبر الن مراده ليس‬
‫فرعون وانما فرعون النفس يقول ‪ “ :‬وانما مراده [ الشيخ ابن العربي ] اسالم فرعون‬
‫َّللا في النار وهذا‬
‫النفس بدليل ما ذكر ( الباب ‪ 62‬من الفتوحات ‪ ) . . .‬وقسم آخر ابقاهم ّ‬
‫القسم هم أهل النار ال يخرجون منها فذكر منهم فرعون وأمثاله ممن ادعى الربوبية‬
‫لنفسه ‪ . . .‬وقد أشار إلى كفره في كتابه عنقاء مغرب وفي شرح ترجمان األشواق وفي‬
‫تاج التراجم وقال في كتاب االسفار له مشيرا لذلك ‪ . . .‬فكل ذلك يدل على أنه انما أراد‬
‫بفرعون النفس “ ‪ . . .‬ج ‪ 1‬ص ‪. 256‬‬
‫‪-‬نجد في نفح الطيب تأليف احمد المقري المغربي مطبوعات دار المأمون ‪ ،‬مطبعة‬
‫عيسى البابي الحلبي ج ‪ 7‬ص ‪ 116‬هذه األبيات للشيخ بن العربي ‪.‬قلبي قطبي ‪ ،‬وقالبي‬
‫اجفاني * سرى خضري ‪ ،‬وعينه عرفاني ‪.‬‬
‫روحي هارون وكليمي موسى * نفسي فرعون والهوى هاماني‪.‬‬

‫‪138‬‬
‫“ ‪“ 139‬‬
‫‪-‬بحث عن ايمان فرعون وما قاله الشيخ األكبر راجع كتاب “ الزواجر عن اقتراف‬
‫الكبائر “ البن حجر الهيتمي ص ‪ 27‬ج ‪ 1‬طبع مطبعة مصطفى محمد سنة ‪ 1356‬ه ‪.‬‬
‫َّللا‬
‫وحيث يجد ان ايمان فرعون باطل ويورد حديثا عن ابن عدي والطبراني انه صلى ّ‬
‫َّللا يحي بن زكريا في بطن أمه مؤمنا ‪ ،‬وخلق فرعون في بطن‬ ‫عليه وسلم قال ‪ :‬خلق ّ‬
‫ا ّمه كافرا ‪ .‬وان ايمانه ايمان بأس ال ينفع ‪ .‬كما يتعرض لتفاسير الصوفية ويشير إلى‬
‫اقدمية فكره ان االيمان ينتفع به ولو عند معاينة العذاب ويرجعه إلى القاضي عبد الصمد‬
‫الحنفي ‪.‬‬
‫‪-‬التأييد والعون للقائلين بايمان فرعون ‪ .‬انتصر فيها للشيخ بن العربي ‪.‬لمحمد ابن عبد‬
‫الرسول البرزنجي ت ‪ 1103‬ه ‪ .‬منه نسخة بالظاهرية رقم ‪ 112‬عام مقابلة على نسخة‬
‫المؤلف ‪.‬‬

‫) ‪( 4‬ويربط الشيخ ابن العربي كذلك االيمان باالسالم جاعال إياه تصديقا خاصا ‪.‬‬
‫يقول ‪ “ :‬االيمان هو التصديق وجملته قول وعمل ونية وما وافق السنّة يزيد وينقص‬
‫ويقوى ويضعف ‪ ،‬الن العالم أقوى والجاهل أضعف ذلك بعلمه وهذا بجهله ‪ .‬أول منازل‬
‫باّلل ومالئكته‬ ‫َّللا تصديقا ّ‬ ‫َّللا محمد رسول ّ‬ ‫القربة من االيمان قول اللسان ‪ :‬ال اله اال ّ‬
‫وكتبه ورسله والبعث والنشور ‪.‬‬
‫وعمل بالجوارح أقام الصالة وإيتاء الزكاة وإقامة االحكام ‪ .‬والنية ‪ :‬اخالص العمل ّّلل‬
‫َّللا ( “ ‪ . . .‬تذكرة الخواص ص ‪) . 51‬‬ ‫وهو نهوض القلب بعقله ومعرفته إلى ّ‬
‫) ‪( 5‬االيمان بالحق هو الغالب في اآليات القرآنية مما ال يسمح باإلشارة إلى آية بعينها ‪.‬‬
‫َّللا يَ ْكفُ ُرونَ ‪“( 29 / 67 ) .‬‬ ‫) ‪( 6‬إشارة إلى اآلية ‪ ”:‬أ َ فَ ِّب ْال ِّ‬
‫باط ِّل يُؤْ ِّمنُونَ َو ِّب ِّن ْع َم ِّة َّ ِّ‬
‫) ‪( 7‬وهذا غالب على تسمية الكافر في القرآن ‪.‬‬
‫س َك بِّ ْالعُ ْر َوةِّ ‪“( 2‬‬ ‫ت َويُؤْ ِّم ْن بِّ َّ ِّ‬
‫اّلل فَقَ ِّد ا ْست َ ْم َ‬ ‫غو ِّ‬ ‫) ‪( 8‬إشارة إلى اآلية ‪ ”:‬فَ َم ْن يَ ْكفُ ْر بِّ َّ‬
‫الطا ُ‬
‫‪/ 256 ) .‬‬
‫غي َْر ُم ْش ِّر ِّكينَ ِّب ِّه ‪“( 22 / 31 ) .‬‬ ‫) ‪( 9‬إشارة إلى اآلية” ُحنَفا َء ِّ َّ ِّ‬
‫ّلل َ‬
‫َّللا بينما العارف‬ ‫) ‪( 10‬انظر الفرق بين المؤمن والعارف وكيف ان المؤمن ينظر بنور ّ‬
‫باّلل عز وجل الخ ‪ . . .‬اللمع للطوسي ص ص ‪ - 64 63‬تحقيق عبد الحليم محمود‬ ‫ينظر ّ‬
‫‪. 1960‬‬
‫باّلل وليس االيمان عامة ألنه يوصل إلى‬ ‫) ‪( 11‬ان االيمان هنا المقصود به االيمان ّ‬
‫االمن ‪ .‬راجع المعنى التالي ‪.‬‬
‫) ‪( 12‬انظر درجات االيمان الثالث عند الشيخ ابن العربي في “ كتاب تحرير البيان‬
‫في تقرير شعب االيمان “ مخطوط السيد مطيع الحافظ ص ص ‪ 9 - 8‬حيث يصل‬
‫السالك من المرتبة الثالثة التي هي األخيرة إلى االحسان ‪.‬‬
‫كما يقسم االيمان إلى خمسة أقسام في الفتوحات ‪ : 117 / 1‬ايمان تقليد ‪ ،‬ايمان علم ‪،‬‬
‫ايمان عين ‪ ،‬ايمان حق ‪ ،‬ايمان حقيقة ‪ . . .‬اما الحكيم الترمذي ففي كتابه تحصيل نظائر‬
‫القرآن يرى أن االيمان له ‪ ،‬مرادفات في القرآن ‪:‬‬
‫التصديق والتوحيد يراجع ‪ :‬كتاب الترمذي المذكور ص ص ‪125 - 124‬‬
‫‪Exegese Coranique P 151. - - - - -،‬‬

‫‪139‬‬
‫“ ‪“ 140‬‬
‫) ‪ ( 13‬راجع كلمة مؤمن ‪.‬‬
‫) ‪( 14‬ان االيمان مكانه القلب عند الشيخ األكبر في مقابل االسالم الذي محله‬
‫الصدر ‪ .‬وهذه التفرقة ‪ :‬قرآنية ‪ .‬فالقرآن ربط االيمان بالقلب واالسالم بالصدر ‪.‬‬
‫والكالم نفسه يطالعنا عند سهل التستري في كتابه “ تفسير القرآن العظيم “ طبع البابي‬
‫الحلبي ص ‪ 24‬حيث يقول ‪:‬‬
‫“ وموضع االيمان با ّّلل تعالى القلب وموضع االسالم الصدر ‪. . . “ .‬‬
‫كما نجد التخصيص نفسه عند الحكيم الترمذي في كتابه “ بيان الفرق بين الصدر‬
‫والقلب والفؤاد واللب “ تحقيق نقوال هير نشر البابي الحلبي ‪ 1958‬ص ص ‪- 41‬‬
‫‪ 44‬وص ص ‪. 54 - 53‬‬
‫) ‪( 15‬راجع “ كمال ‪“ .‬‬
‫) ‪( 16‬ويظهر ذلك من خالل هذا البيت ‪ ”:‬لقد صار قلبي قابال كل صورة * فمرعى‬
‫لغزالن ودير لرهبان ‪“ . . .‬هنا يشير الشيخ ابن العربي إلى وصول القلب عنده إلى‬
‫مرتبة كماله ‪ ،‬الن كمال القلب هو في رجوعه إلى حالة االستعداد التي أشرنا إليها ‪.‬‬
‫وعندما يصل إلى هذا الكمال يقبل كل صورة ‪.‬‬
‫وبخصوص تكلمة األبيات وشرحها راجع كلمة “ دين “ ووحدة األديان ‪.‬‬
‫) ‪( 17‬تظهر هذه الجملة كيف ان االيمان عند الشيخ ابن العربي هو استعداد‬
‫للتصديق وتصديق بالقوة ‪ ،‬أكثر مما هو تصديق بالفعل لموضوع محدد ‪ .‬فااليمان ذلك‬
‫النور القابل لكل ما يرد من جانب الحق ‪.‬‬
‫) ‪( 18‬لقد درج السالكون على التمييز والفصل بين االسالم وااليمان واالحسان ‪،‬‬
‫يستندون في ذلك إلى الحديث الشريف ‪ .‬فقد اعتبروا ان االسالم هو المرتبة األولى ‪،‬‬
‫يرتقي منها إلى االيمان ‪ ،‬وعندما يحصل الشهود والكشف يرتقي إلى رتبة االحسان ‪،‬‬
‫ولكن هناك فيصال دقيقا هو ان السالك بارتقائه إلى المرتبة االعلى ال تفارقه األدنى ‪،‬‬
‫فااليمان ال يذهبه العيان ‪ ،‬انه موجود قبل العيان وبعده ‪ ،‬وهذا ما يشير اليه الشيخ ابن‬
‫العربي في قوله “ واخيت بين االيمان والعيان “ ويظهر من خالل هذا النص الذي‬
‫سنورده ان تقسيم الحديث إلى اسالم وايمان واحسان موجود عند الشيخ ابن العربي‬
‫يقول ‪ “ :‬فاالسالم عمل وااليمان تصديق واالحسان رؤية أو كالرؤية ‪ .‬فمن جمع هذه‬
‫النعوت ‪ . . .‬عم تجلي الحق له في كل صورة ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 73 / 4‬‬
‫ولكن كلمة “ جمع “ تظهر بوضوح ما ذهبنا اليه من أنه من يرتقي إلى مرتبة أعلى ال‬
‫تفارقه األدنى ‪ .‬واال كان الشيخ ابن العربي استعمل كلمة “ وصل “ إلى االحسان ‪،‬‬
‫بدال من “ جمع هذه النعوت “ اي جمع النعوت الثالثة ‪ .‬كما يراجع فهرس األحاديث‬
‫حديث رقم ‪: ( 14 ) .‬‬
‫) ‪( 19‬ان المؤمن يأخذ هنا مقام الواصل إلى الحق من حيث إنه لم يعد “ مترددا “ في‬
‫طلبه كما سيرد بذلك النص ‪.‬‬

‫‪140‬‬
‫“ ‪“ 141‬‬

‫) ‪( 20‬راجع “ حيرة ‪“ .‬‬


‫) ‪( 21‬راجع “ عبودية “‬
‫) ‪( 22‬اعتمد الشيخ ابن العربي طبيعة االيمان النورانية ليقارن بينه وبين العلم‬
‫والقرآن ‪ .‬راجع تذكرة الخواص الفقرات ‪. 83 - 81 - 80‬‬
‫) ‪( 23‬انظر “ منة ‪“ .‬‬
‫) ‪( 24‬يراجع بخصوص االيمان واالسالم ‪.‬‬
‫‪-‬احياء علوم الدين الغزالي ‪ ،‬الفصل الرابع في قواعد العقائد ج ‪ 1‬ص ص ‪- 116‬‬
‫‪ ، 125‬مطبعة االستقالل بالقاهرة حيث يسهب الغزالي في بحث الموضوع من الناحية‬
‫اللغوية ‪.‬‬
‫والتفسيرية والفقهية الشرعية ‪.‬‬
‫“ ‪-‬الحديقة الندية شرح الطريقة المحمدية “ لعبد الغني النابلسي ص ص ‪191 - 190‬‬
‫حيث يظهر ان االسالم وااليمان في المعنى الشرعي واحد دون المعنى اللغوي ‪.‬‬
‫‪-‬لطائف اإلشارات ‪ ،‬للقشيري تحقيق إبراهيم بسيوني ‪ .‬الهيئة المصرية العامة للتأليف‬
‫والنشر ‪ 1971‬م ‪ .‬ص ‪، 12‬‬
‫“ ‪-‬علم القلوب “ ألبي طالب المكي تحقيق عبد القادر احمد عطا نشر مكتبة القاهرة‬
‫ص ‪ 53‬حيث يشبّه أبو طالب المكي الظاهر والباطن بمنزلة االسالم وااليمان ‪.‬‬
‫“ ‪-‬قوت القلوب “ ألبي طالب المكي ج ‪ 2‬الفصل الخامس والثالثون ص ص ‪- 123‬‬
‫‪ ، 138‬حيث افرد أبو طالب فصال “ كامال “ عن االيمان واالسالم ‪ ،‬كما حدد مباني‬
‫االسالم وأركان االيمان وذكر تفصيل ما نقل عن المحدثين من التفرقة بينهما ‪.‬‬
‫َّللا التستري ت ‪ 283‬ه ‪ .‬طبع دار‬ ‫‪-‬تفسير القرآن العظيم ألبي محمد سهل بن عبد ّ‬
‫الكتب العربية الكبرى ‪ ،‬ص ‪، 92‬‬
‫‪-‬تحصيل نظائر القرآن للحكيم الترمذي تحقيق وضبط حسني زيدان الطبعة األولى‬
‫‪ 1970‬م ‪.‬‬
‫مطبعة السعادة ‪ .‬ص ص ‪. 125 - 122‬‬
‫***‬
‫‪ - 60‬المؤمن‬
‫يعمد الشيخ ابن العربي إلى اشتقاقين لكلمة مؤمن ‪ .‬فهو يأخذها أحيانا من آمن ‪،‬‬
‫وأحيانا أخرى من أمن ‪.‬‬
‫وهو بذلك منسجم مع ما جاء في القرآن العزيز‪.‬‬
‫وفي االشتقاق األول يكون معنى المؤمن ‪ :‬هو المصدّق باحدية العين وأحدية الكثرة ‪،‬‬
‫وفي االشتقاق الثاني ‪ :‬هو الذي يعطي األمان ‪ ،‬فيراعي كل ذي حق بأدائه حقه ‪. . 1‬‬
‫َّللا‬
‫وهذان االشتقاقان قد وردا في القرآن الكريم ‪ ،‬إذ ان المعنى الثاني يستفاد من اسم ّ‬
‫“ المؤمن “ اي واهب األمن ‪. . . 2‬‬

‫‪141‬‬
‫“ ‪“ 142‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫( أ ) “ وليس المؤمن سوى المصدق باحدية الكثرة اإللهية لما هي عليه من األسماء‬
‫الحسنى واالحكام المختلفة ‪ ،‬من حيث إن كل اسم الهي يدل على الذات وعلى معنى ما‬
‫هو المعنى اآلخر الذي يدل عليه االسم اآلخر ‪ 3‬فله العين ‪.‬‬
‫فهو مؤمن أيضا باحدية العين كما هو مؤمن بأحدية الكثرة فمن لم يكن له هذا االيمان ‪،‬‬
‫واال فليس هو المؤمن “ ( ف ‪. ) 176 / 4‬‬
‫ويكمل الشيخ ابن العربي هذا المقطع السابق فيميز بين العالم والمؤمن ‪ ،‬فالمؤمن مقلد‬
‫ألنه مصدّق للخبر بينما العالم عالم بصدق الخبر ‪ ،‬فيكون العالم مؤمنا بال شك ‪،‬‬
‫واشترك الكل في نعت االيمان ‪. 4‬‬
‫“ فالرسل والمؤمنون الكمل ما هم واقفون مع ما يعطيهم نظرهم وانما واقفون مع ما‬
‫يأتيهم من ربهم “ ( ف ‪. ) 181 / 4‬‬
‫( ب ) “ فالمؤمن ‪ :‬من أعطى األمان في الحق ‪ . . .‬المؤمن أيضا من يعطي األمان‬
‫نفوس العالم بايصال حقوقهم إليهم ‪ ،‬فهم في أمان منه ‪ ،‬من تعديه فيها [ في حقوقهم ]‬
‫ومتى لم يكن كذا فليس بمؤمن ‪“ . ( 4 / 148 ) .‬‬
‫“ فالمؤمن من تساوى خوفه ورجاؤه بحيث انه ال يفضل واحد صاحبه عنده ألنه‬
‫استعمل كل شيء في محله ‪. . . “ . 5‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫َّللا ‪.‬‬
‫) ‪( 1‬عند الشيخ ابن العربي المؤمن هو ‪ :‬سمي ّ‬
‫َّللا “ ‪ ،‬ويظهر هنا كيف ان مضمون كلمة مؤمن انتقلت من التصديق‬ ‫راجع “ سمى ّ‬
‫إلى اعطاء كل ذي حق حقه ‪ ،‬وهذه صفة الهية ‪ .‬ألنه قال تعالى ‪ ”:‬قا َل َربُّنَا الَّذِّي‬
‫ش ْيءٍ خ َْلقَهُ ث ُ َّم هَدى “[ ‪ ] 50 / 20‬إذ يستند الشيخ ابن العربي إلى هذه‬ ‫أَعْطى ُك َّل َ‬
‫اآلية لبيان اعطاء كل ذي حق حقه ‪.‬‬
‫) ‪( 2‬والمؤمن واهب األمن ‪ ،‬أو المؤمن من عذابه من أطاعه ‪ ،‬أو الذي أمن الخلق‬
‫من ظلمه فهو مشتق من األمن ‪.‬‬
‫) ‪( 3‬راجع “ حقيقة االسم “ بالنسبة للمسمى في مادة “ اسم ‪“ .‬‬
‫) ‪( 4‬راجع الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪ 176‬وص ‪. 207‬‬
‫) ‪( 5‬جملة الشيخ ابن العربي هنا أراد بها الحياة الدنيا ‪ ،‬فالمؤمن في الحياة الدنيا من‬
‫َّللا ‪ ،‬وال يغلب خوفه على رجائه لئال‬ ‫ال يغلب رجاؤه على خوفه لئال يفرط في حق ّ‬
‫َّللا ‪ ،‬وكلتا الحالين‬
‫ييأس من رحمة ّ‬

‫‪142‬‬
‫“ ‪“ 143‬‬

‫تضر بالعبد ‪ .‬فالمؤمن من راعى كل الحقوق واستعمل كل شيء في محله وتساوى‬


‫عنده الخوف والرجاء في الحياة الدنيا ‪.‬‬

‫‪ - 61‬األنثى‬
‫المترادفات ‪ :‬حواء ‪ - 1‬لوح ‪.‬‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ وأما الهمزة والنون والثاء فقال الخليل وغيره ‪ :‬األنثى خالف الذكر ‪ ،‬ويقال سيف‬
‫[ أنيث ] الحديد ‪ ،‬إذا كانت حديدته أنثى ‪. . . “ 2‬‬
‫( معجم مقاييس اللغة مادة “ انث “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫انحصر مضمون األنثى في القرآن بالمعنى اللغوي السابق ‪ ”.‬يا أَيُّ َها النَّ ُ‬
‫اس ِّإنَّا َخلَ ْقنا ُك ْم‬
‫ِّم ْن ذَ َك ٍر َوأ ُ ْنثى َو َجعَ ْلنا ُك ْم ُ‬
‫شعُوبا ً‪“. ( 49 / 13 ) .‬‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫*عندما ينظر الشيخ ابن العربي إلى المرأة كأحد وجهي الحقيقة االنسانية يرى أنها‬
‫شقيقة الرجل ‪ ،‬تنال ما يناله من المقامات والمراتب والصفات حتى القطبية ‪.‬‬

‫فالحقيقة االنسانية ‪ 3‬واحدة ‪ ،‬تطلق بكافة مقتضياتها واحكامها على الذكر واألنثى ‪ ،‬فال‬
‫يفترقان اال عند االنتاج كما سنرى في المضمون الثاني ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ وهذه كلها [ الخالفة ‪ -‬خرق العادة ] أحوال يشترك فيها النساء والرجال ويشتركون‬
‫َّللا عليه وسلم‬
‫في جميع المراتب حتى في القطبية ‪ . . .‬ولو لم يرد اال قول النبي صلى ّ‬
‫في هذه المسألة ‪ :‬ان النساء شقائق الرجال ‪ 4‬لكان فيه غنية ‪ ،‬اي كل ما يصح ان يناله‬
‫َّللا من النساء ‪.‬‬
‫الرجل من المقامات والمراتب والصفات يمكن ان يكون لمن شاء ّ‬
‫“ ( ف ‪.) 89 / 3‬‬

‫‪143‬‬
‫“ ‪“ 144‬‬

‫“ واما كون كل انسان خليفة فمن وجه قوله عليه السالم ‪ “ :‬كلكم راع وكلكم مسؤول‬
‫عن رعيته “ ‪ 5‬وليس المخصوص بهذا الذكورية فقط ‪ ،‬فكل منا أيضا في صورة‬
‫الكامل من الرجال والنساء ‪ ،‬فان االنسانية تجمع الذكر واألنثى ‪ ،‬والذكورية واألنوثة‬
‫فيها عرضان ليستا من حقائق االنسانية ‪ ،‬وان كانت تنشأ عنها حقائق أخرى من حقائق‬
‫النتاج ‪. . . “ .‬‬
‫(االنسان الكلي ص ‪ 2‬ب مخطوط الظاهرية رقم ‪. ) 4865‬‬
‫“ حواء خلقت من آدم ‪ ،‬فلها حكمان ‪ :‬حكم الذكورة باألصل وحكم األنوثة بالعارض‬
‫“ ( ف ‪. ) 84 / 4‬‬

‫****‬
‫عندما ينظر الشيخ ابن العربي إلى المرأة كحقيقة منفردة متميزة رغم صدورها عن‬
‫الحقيقة االنسانية ‪ ،‬تتحول إلى صفات خاصة يؤلف مجموعها ‪ :‬المرأة أو األنثى ‪.‬‬
‫فاألنثى أو حواء هي صفة أو محل االنفعال والتكوين في مقابل صفة الفعل ( الرجل ‪-‬‬
‫آدم ) ‪ -‬وهي مرتبة التفصيل في مقابل مرتبة الجمع ( الرجل ‪ -‬آدم ) ‪.‬‬
‫وهكذا تتحول المرأة إلى مرتبة من تحقق بصفاتها صار أنثى ولو كان رجال ‪. 6‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫) ‪“ ( 1‬ولما كان النساء محل التكوين ‪ ،‬وكان االنسان بالصورة يقتضي ان يكون فعّاال‬
‫وال بد له من محل يفعل فيه ‪ ،‬ويريد لكماله اال يصدر عنه اال الكمال ‪ . . .‬وال أكمل‬
‫َّللا محال ‪ ،‬والمرأة جزء‬
‫من وجود االنسان وال يكون ذلك اال في النساء الالتي جعلهن ّ‬
‫من الرجل باالنفعال الذي انفعلت عنه ‪. . .‬‬

‫ولما كانت المرأة كما ذكرت عين ضلع الرجل ‪ 7‬فما كان محل تكوين ما كون فيها اال‬
‫نفسه ‪ ،‬فما ظهر عنه مثله اال في عينه ونفسه “ ( ف ‪. ) 505 / 3‬‬
‫“ منزلة حواء من آدم وهي محل التناسل وظهور أعيان األبناء “ ( ف ‪. ) 88 / 3‬‬
‫“ النساء فإنهن محال االنفعال والتكوين لظهور أعيان األمثال في كل نوع ‪. . . 8‬‬
‫“ ( ف ‪. ) 454 / 4‬‬

‫“ فان المرأة من الرجل بمنزلة الطبيعة من االمر اإللهي ‪ -‬ألن المرأة محل وجود‬
‫أعيان األبناء ‪ ،‬كما أن الطبيعة لالمر اإللهي محمل ظهور أعيان األجسام فيها‬

‫‪144‬‬
‫“ ‪“ 145‬‬

‫تكونت وعنها ظهرت ‪ ،‬فأمر بال طبيعة ال يكون ‪ ،‬وطبيعة بال أمر ال تكون فالكون‬
‫متوقف على االمرين ‪ . . .‬فمن عرف مرتبة الطبيعة عرف مرتبة المرأة ‪ ( “ 9‬ف ‪3‬‬
‫‪. ) 90 /‬‬
‫) ‪“ ( 2‬فالتذكير في األصل وهو آدم ‪ . . .‬والتأنيث في الفرع وهو حواء ‪ . . .‬وقد‬
‫أشبعنا القول في هذا الفصل في كتاب الجمع والتفصيل ‪ 10‬الذي صنفناه في معرفة‬
‫اسرار التنزيل ‪.‬‬
‫فآدم لجميع الصفات وحواء لتفريق الذوات إذ هي محل الفعل والبذر “ ‪ ( .‬ف ‪/ 1‬‬
‫‪. ) 65‬‬
‫َّللا ما في الكون من رجل‬
‫) ‪” ( 3‬انا إناث لما فينا يولده * فلنحمد ّ‬
‫ان الرجال الذين العرف عينهم * هم اإلناث وهم نفسي وهم املي ‪ (“ .‬ف ‪/ 4‬‬
‫‪. ) 445‬‬
‫نالحظ في النص األخير ‪ ،‬ان األنثى تتحول إلى مرتبة الخلق المنفعل ‪ ،‬في مقابل‬
‫مرتبة الحق الفاعل ‪.‬‬
‫اما من الناحية االنطولوجية ‪ ،‬فالمرأة هي النفس الكلية ‪ ،‬ومن حيث كونها النفس الكلية‬
‫فهي أول النفوس ‪ ،‬وكل أول يسري ‪ 11‬في كل ما يتكون بعده ‪ ،‬فالمرأة هي األنوثة‬
‫السارية في العالم ‪ ،‬اي النفس الكلية السارية في النفوس الجزئية والظاهرة صفاتها‬
‫بوضوح في النساء ‪ -‬ومن حيث إن المرأة هي النفس الكلية اذن هي اللوح المحفوظ‬
‫الذي يمده القلم االعلى ( آدم ‪-‬الرجل ) ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫) ‪“ ( 1‬قيل للمرأة ‪ :‬التي هي عبارة عن النفس الكلي “‬
‫( كتاب االسفار ط ‪ .‬حيدراباد ص ‪. ) 43‬‬
‫) ‪“ ( 2‬من حيث المرأة [ حنينها إلى زوجها ] حنين الجزء إلى محله والفرع إلى أصله‬
‫والغريب إلى وطنه ‪ ،‬وحنين الرجل إلى زوجته حنين الكل إلى جزئه ألنه به يصح‬
‫عليه اسم الكل وبزواله ال يثبت له هذا االسم ‪ ،‬وحنين األصل إلى الفرع ألنه يمده ‪،‬‬
‫فلو لم يكن لم تظهر له ربانية االمداد “ ‪. . .‬‬
‫( ف ‪.) 88 / 3‬‬

‫‪145‬‬
‫“ ‪“ 146‬‬
‫) ‪ ( 1‬حواء في أصلها العبري تفيد معنى الحياة ‪ .‬انظر ‪Ency - Britannica ,‬‬
‫‪Art : Adam.‬‬
‫) ‪( 2‬اي اللينة ويقابله السيف الذكير ‪ ،‬وهو الصلب الحديد ‪.‬‬
‫) ‪( 3‬راجع “ انسان “‬
‫) ‪( 4‬انظر فهرس األحاديث حديث رقم ‪( 16 ) .‬‬
‫اما اآلية القرآنية التي تشير إلى أن للرجال على النساء درجة ‪ .‬فانظر كيف يفسر‬
‫الشيخ ابن العربي هذه الدرجة في الفتوحات الجزء الثالث ص ‪ 87‬وهذا الشرح‬
‫مهم ‪.‬‬
‫) ‪( 5‬راجع فهرس األحاديث حديث رقم ‪: ( 10 ) .‬‬
‫) ‪( 6‬يراجع بخصوص المرأة والرجل عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫َّللا عليه وسلم ‪،‬‬
‫‪-‬الفص المحمدي ‪ .‬حيث يتكلم على تحبيب النساء للرسول صلى ّ‬
‫وكيف ان شهود الرجل الحق في المرأة أتم وأكمل الشهود ‪ ،‬وذلك ألنه يشاهد الحق من‬
‫حيث هو فاعل منفعل ‪( .‬الفصوص ج ‪ 1‬ص ‪.) 220 - 214‬‬

‫‪-‬ترجمان األشواق ‪ -‬المقدمة ص ص ‪ 14 - 7‬ط دار صادر ‪ .‬حيث تتحول المرأة إلى‬
‫رمز يعبر من جمالها المقيد إلى الجمال المطلق األصل ‪،‬‬
‫وقلما اعطى صوفي المرأة المكانة التي أعطاها إياها الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫يشهد الحق فيها ‪ ،‬ويعبر إلى الحق منها ‪ .‬وهذا ليس غريبا على نظرية تقول بوحدة‬
‫الوجود فما ثمة اال الذات وأسماؤها وصفاتها وتجلياتها ‪ .‬وفي التجلي نشهد الحق ‪،‬‬
‫ومنه نعبر إلى الحق ‪.‬‬

‫‪-‬مجلة “ الهالل “ سنة ‪ 1947‬عدد يوليو مقال بعنوان “ عذراء في حياة صوفي ‪“ .‬‬
‫أبو العال عفيفي ‪ .‬حيث يتكلم على “ نظام “ في حياة الشيخ ابن العربي وبحلل نظرته‬
‫إلى محبوبته وعالقته بها في كتابه ترجمان األشواق فلتراجع ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ص ‪. 90 - 87‬‬
‫‪-‬كتاب األلف ط ‪ .‬حيدراباد ص ص ‪. 9 - 8‬‬
‫‪-‬منزل القطب ط ‪ .‬حيدراباد ص ‪. 13‬‬
‫) ‪( 7‬هل المرأة خلقت من ضلع الرجل ؟ وما رأي القرآن والحديث في هذا الموضوع‬
‫؟ ان القرآن ال يشير إلى خلق المرأة من ضلع الرجل ‪ ،‬بل األكثر من ذلك كلمة “ ضلع‬
‫“ لم ترد أساسا في القرآن وكل ما يبينه القرآن في خلق المرأة اضافتها إلى النفس‬
‫الواحدة التي هي آدم ‪ .‬ورد في التنزيل ‪ُ ”:‬ه َو الَّذِّي َخلَقَ ُك ْم ِّم ْن نَ ْف ٍس ِّ‬
‫واح َد ٍة َو َجعَ َل ِّم ْنها‬
‫واح َدةٍ “( ‪/ 28 ) .” 31‬‬ ‫زَ ْو َجها “( ‪ / 189 ) .” 7‬ما خ َْلقُ ُك ْم َوال بَ ْعث ُ ُك ْم إِّ َّال َكنَ ْف ٍس ِّ‬
‫واح َدةٍ ث ُ َّم َجعَ َل ِّم ْنها زَ ْو َجها ‪“( 39 / 6 ) .‬‬ ‫َخلَقَ ُك ْم ِّم ْن نَ ْف ٍس ِّ‬
‫اما الحديث الشريف ‪ ،‬فقد أورد البخاري عدة أحاديث حول تشبيه المرأة بالضلع دون‬
‫اضافتها إلى آدم أو الرجل يقول ‪:‬‬

‫‪146‬‬
‫“ ‪“ 147‬‬

‫َّللا عليه وسلم ‪ :‬استوصوا بالنساء ‪ ،‬فان المرأة خلقت من ضلع‬


‫َّللا صلى ّ‬
‫“ قال رسول ّ‬
‫‪ ،‬وان اعوج شيء في الضلع أعاله ‪ ،‬فان ذهبت تقيمه كسرته ‪ .‬وان تركته لم يزل‬
‫اعوج ‪ .‬فاستوصوا بالنساء “ ( بخاري ‪ .‬ج ‪ 4‬ص ‪ 161‬وج ‪ 7‬ص ‪ 34‬ط ) ‪.‬‬
‫“ انما المرأة كالضلع “ بخاري ج ‪ 7‬ص ‪. 33‬‬
‫“ المرأة كالضلع ان أقمتها كسرتها وان استمتعت بها ‪ ،‬استمتعت بها وفيها عوج “‬
‫( بخاري ج ‪ 7‬ص ص ‪. )34 – 33‬‬

‫) ‪( 8‬يراجع بخصوص األنثى محل االنفعال والتكوين ‪ .‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪150‬‬


‫وج ‪ 2‬ص ‪. 471‬‬
‫) ‪( 9‬راجع “ االم العالية الكبرى ‪“ .‬‬
‫) ‪( 10‬كتاب “ الجمع والتفصيل في اسرار معاني التنزيل “ وهو تفسير للقرآن الكريم‬
‫من ‪ 64‬مجلدا ‪ ،‬يفسر فيه كل آية بثالث نسب ‪ :‬األولى من ناحية الجالل ‪ ،‬والثانية من‬
‫ناحية الجمال ‪ ،‬والثالثة من ناحية الكمال ‪ .‬راجع كتاب عثمان يحي ‪Hist , et‬‬
‫‪class . R . G . 172.‬‬
‫) ‪( 11‬راجع “ أول “ ‪.‬‬
‫***‬
‫‪ – 62‬االنس‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الهمزة والنون والسين أصل واحد ‪ ،‬وهو ظهور الشيء ‪ .‬وكل شيء خالف طريقة‬
‫التوحش ‪ . . .‬واالنس ‪ :‬انس االنسان بالشيء إذا لم يستوحش منه “‬
‫( معجم مقاييس اللغة ‪ -‬مادة “ انس “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫باّلل ‪ .‬وان كان القرآن يذهب في عالقة االنسان بخالقه‬ ‫لم ترد في القرآن آية تفيد االنس ّ‬
‫إلى ابعد من االنس ‪ .‬إلى الحب ‪.‬‬
‫حيث ورد في التنزيل قال تعالى ‪ ”:‬يُ ِّحبُّ ُه ْم َويُ ِّحبُّونَهُ “[ ‪ ] 54 / 5‬والحب يفترض‬
‫االنس ‪.‬‬
‫اذن ‪ ،‬لقد بقي انس االنسان في القرآن باالنسان ‪. 1‬‬

‫س ِّلّ ُموا “‪. ) 27 / 24 ( 2‬‬ ‫غي َْر بُيُوتِّ ُك ْم َحتَّى ت َ ْستَأْنِّ ُ‬


‫سوا َوت ُ َ‬ ‫قال تعالى ‪ ” :‬ال ت َ ْد ُخلُوا بُيُوتا ً َ‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫لقد وصلت كلمة “ االنس “ إلى الشيخ ابن العربي مشحونة ‪ ،‬تكثّف في ابعادها رؤى‬
‫من سبقه زمنيا في التصوف ‪ .‬ولذلك ال بد بما نعرفه عنه من طبيعة متفردة‬

‫‪147‬‬
‫“ ‪“ 148‬‬

‫خالقة ‪ ،‬من أن يدخل هذه الكلمة في بوتقة أعماقه ويعيدها إلى الفكر الصوفي بثوب‬ ‫ّ‬
‫جديد شخصي ‪.‬‬
‫مرت هذه الكلمة بعدة مراحل في فكر الحاتمي وسنحاول ان نتابعها‬ ‫اذن ‪ ،‬لقد ّ‬
‫بالترتيب ‪:‬‬
‫لقد غلّط الشيخ األكبر جماعة المتصوفة في تعريفاتهم لالنس ‪ ، 3‬وانساق مع نفيه‬
‫باّلل “ جملة واحدة ‪ .‬ولكنه نفي آني سيستبدل به في‬‫لتعريفاتهم إلى نفي “ االنس ّ‬
‫المرحلة الثانية ‪ ،‬كما سنرى انسا آخر جديدا ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬ان االنس عند القوم ‪ :‬ما تقع به المباسطة من الحق للعبد ‪. . .‬واالنس ‪ :‬حال‬
‫باّلل‬
‫القلب من تجلي الجمال ‪ . . .‬وهو غلط من جملة ما غلطوا فيه ‪ . . . 4‬ولالنس ّ‬
‫عالمة عند صاحبه ‪ 5‬فإنه موضع يغلط فيه كثير من أهل الطريق فيجدون أنسا في‬
‫باّلل فعندنا وعند‬
‫باّلل ‪ ،‬فإذا فقد ذلك الحال فقد االنس ّ‬
‫حال ‪ . . .‬فيتخيل ان ذلك أنس ّ‬
‫باّلل إذا وقع لم يزل موجودا‬
‫باّلل ‪ ،‬الن االنس ّ‬
‫الجماعة ان انسه كان بذلك الحال ال ّ‬
‫عنده في كل حال ‪ ( . . . “ 6‬فتوحات ‪. )541 – 540 / 2‬‬
‫َّللا ] انك [ العقاب ‪ -‬العقل األول ] في ارض غربة ‪ ،‬وان كنت مني في‬ ‫“ فقال له [ ّ‬
‫محل القربة ‪ ،‬فاني لست من جنسك فال بد من استيحاش نفسك ‪ ،‬وفيك قرة عين‬
‫فاظهرها في العين فتأنس بمجاورتها فان االنس بي محال ‪“ . 7‬‬
‫(رسالة االتحاد الكوني في حضرة االشهاد العيني ق ‪ 144‬أ ) ‪.‬‬

‫باّلل عقال ‪ ، 8‬حجته في ذلك ان االنس‬ ‫وهكذا ينساق الشيخ ابن العربي إلى نفي االنس ّ‬
‫َّللا واالنسان ‪ .‬ولكنه ‪ .‬ال يستمر في نفيه ‪،‬‬ ‫يفترض المجانسة ‪ ،‬وهذا محال بين ّ‬
‫َّللا واالنسان ‪ ،‬تبقى الفلسفات القائلة بالمناسبة ‪.‬‬
‫ألنه ‪ :‬ان كانت المجانسة مستحيلة بين ّ‬
‫وغير خفي ان الشيخ ابن العربي يذهب مذهب هذه الفلسفات ‪. 9‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫باّلل ‪.‬‬
‫“ وحقيقة االنس انما تكون بالمناسب ‪ ،‬فمن يقول بالمناسبة يقول باالنس ّ‬
‫باّلل وال وحشة منه “ ( فتوحات ‪/ 2‬‬ ‫ومن يقول بارتفاع المناسبة يقول ال انس ّ‬
‫‪. ) 541‬‬

‫باّلل لعدم “ المجانسة “ ‪ ،‬عاد وفتحه من‬


‫بعد ما أغلق الشيخ ابن العربي باب االنس ّ‬
‫َّللا ‪.‬‬
‫جديد “ بالمناسبة “ ‪ .‬وصار نفيه محصورا باالسم ‪ّ :‬‬
‫من حيث إنه االسم الجامع ‪ ،‬الذي ال يصح ان يكون الحد من الخلق حكم من حيثيته ‪.‬‬

‫باّلل ‪ :‬مقبول عقال ‪ ،‬من حيث اسم من أسمائه الحسنى ‪ ،‬وليس من حيث‬
‫اذن ‪ ،‬االنس ّ‬
‫االسم الجامع ‪.10‬‬

‫‪148‬‬
‫“ ‪“ 149‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫باّلل عند المحققين ‪ ،‬وانما يكون االنس باسم الهي خاص‬
‫“ ‪ . . .‬انه ال يصح االنس ّ‬
‫َّللا لعباده ‪ .‬ال يصح ان يكون من حكم‬
‫َّللا ‪ ،‬وهكذا جميع ما يكون من ّ‬
‫معين ال باسم ّ‬
‫َّللا ألنه االسم الجامع لحقائق األسماء اإللهية ‪ ،‬فال يقع امر لشخص معين في‬
‫اسم ّ‬
‫الكون اال من اسم معين “ ‪ ( . . .‬فتوحات ‪. ) 541 / 2‬‬

‫باّلل “ وحصره “ باسم من األسماء اإللهية “ ‪ ،‬نجده هنا‬ ‫بعد ما نفى الحاتمي االنس “ ّ‬
‫بوحي من وحدته الوجودية ‪ ،‬ينظر إلى كل ظاهر بعينه الموحدة التي ال ترى فيه اال‬
‫مجلى لذاك األصل ‪ ،‬وصورة من صور تجليه ‪ ،‬بحيث يكون ‪ “ :‬كل موجود هو مجلى‬
‫َّللا تصبح هنا “ كل مأنوس به هو ذلك المجلى “ ‪.‬‬ ‫من مجالي ّ‬
‫باّلل ‪ ،‬ألنه انس بصورة من صور‬ ‫اذن ‪ ،‬كل انس بأي شيء هو في الواقع انس ّ‬
‫تجليه ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫باّلل ألنه‬
‫باّلل ‪ ،‬ولكن بعضه ال يشعر ان االنس الذي هو عليه هو ّ‬ ‫“ فالعالم كله ذو انس ّ‬
‫ال بد ان يجد انسا بأمر ما بطريق الدوام ‪ ،‬أو بطريق االنتقال بأنس يجده بأمر آخر‬
‫باّلل ‪ .‬وان كان ال يعلم ‪ .‬والذي ينظر‬ ‫َّللا في األكوان حكم ‪ ،‬فانسه لم يكن ّ‬ ‫وليس لغير ّ‬
‫فيه انه انس به فذلك صورة من صور تجليه ‪ ،‬ولكن قد يعرف وقد ينكر فيستوحش‬
‫باّلل وال‬
‫العبد من عين ما انس به وهو ال يشعر الختالف الصور ‪ ،‬فما فقد أحد االنس ّ‬
‫َّللا ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪. ) 541 / 2‬‬ ‫استوحش أحد اال من ّ‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يشبه مضمون الفعل الفرنسي ”‪ “Apprivoiser‬كما يؤكده سانت اكسبري في‬
‫قصته الشهيرة “ األمير الصغير ‪“ .‬‬
‫) ‪( 2‬راجع شرح اآلية في لطائف اإلشارات للقشيري ج ‪ 4‬ص ‪ . 277‬دار الكاتب‬
‫العربي ‪.‬‬
‫القاهرة ‪ .‬تحقيق إبراهيم بسيوني ‪.‬‬
‫) ‪( 3‬أشار متصوفة القرون السابقة للشيخ ابن العربي إلى االنس بالعبارات التالية ‪:‬‬
‫‪-‬ذو النون المصري ‪ “ :‬أدنى منازل االنس ‪ ،‬ان يلقي في النار ‪ ،‬فال يغيب همه عن‬
‫مأموله “ ( التعرف ‪ .‬ص ‪ ( ) 127‬طبقات الصوفية ‪ -‬السلمي ‪ .‬ص ‪23 ) .‬‬
‫َّللا “ ( طبقات األولياء ص ‪. ) 219‬‬ ‫باّلل من صفاء القلب مع ّ‬ ‫“ االنس ّ‬
‫َّللا وحده ‪،‬‬
‫‪-‬السري “ خمسة أشياء ال يسكن في القلب معها غيرها ‪ :‬الخوف من ّ‬
‫باّلل وحده “ ( طبقات الصوفية ص ‪. ) 54‬‬ ‫واالنس ّ‬

‫‪149‬‬
‫“ ‪“ 150‬‬
‫َّللا إلى مقام انسه “ ( طبقات األولياء ص‬ ‫“ من صبر على مخالفة نفسه أوصله ّ‬
‫‪. ) 236‬‬
‫‪-‬يحي بن معاذ ‪:‬‬
‫باّلل استوحش‬ ‫باّلل ‪ .‬ومن انس ّ‬ ‫“ إذا أحب القلب الخلوة أوصله حب الخلوة إلى االنس ّ‬
‫من غيره “ ( طبقات األولياء ‪ ،‬ص ‪. ) 323‬‬
‫‪-‬الجنيد “ االنس ‪ :‬ارتفاع الحشمة مع وجود الهيبة “ ( التعرف ص ‪. ) 126‬‬
‫‪-‬رويم “ االنس ان تستوحش مما سوى محبوبك “ ( طبقات الصوفية ‪. ) 184‬‬
‫‪-‬سئل الشبلي عن االنس فقال ‪ “ :‬وحشتك منك ومن نفسك ومن الكون “‬
‫( اللمع ص ‪. ) 97‬‬
‫كما قال أيضا ‪ “ :‬هو وحشتك منه “ ( التعرف ص ‪. ) 127‬‬
‫باّلل ان تستوحش من الخلق ‪ ،‬اال من أهل والية‬ ‫‪-‬علي بن سهل األصبهاني “ االنس ّ‬
‫َّللا “ ‪ ( .‬طبقات الصوفية ‪ .‬ص ‪. ) 235‬‬ ‫ّ‬
‫‪-‬أبو العباس بن عطاء األدمي “ ‪ . . .‬ومن تأدب بآداب األنبياء فإنه يصلح لبساط‬
‫االنس واالنبساط “ ( طبقات الصوفية ‪ -‬ص ‪. ) 270‬‬
‫‪-‬سئل أبو حمزة الخراساني عن االنس فقال ‪ “ :‬ضيق الصدر عن معاشرة الخلق‬
‫“ ( طبقات الصوفية ص ‪. ) 326‬‬
‫‪-‬اما الحالج وقد سئل عن االنس فقال ‪ “ :‬هو فرح القلوب بالمحبوب ‪ ،‬وقال أيضا ‪:‬‬
‫االنس انبساط المحب إلى المحبوب ومعناه ما قال إبراهيم عليه السالم ‪ ”:‬أ َ ِّرنِّي َكي َ‬
‫ْف‬
‫ت ُ ْحي ِّ ْال َم ْوتى “( ‪ ) 262 / 2‬وقول موسى عليه السالم ‪ ”:‬أ َ ِّرنِّي أ َ ْن ُ‬
‫ظ ْر ِّإلَي َْك “[ ‪/ 7‬‬
‫‪ ] 140‬وقال ‪ :‬االنس ان يستأنس باألركان فيغيب عن رؤية األعيان “ ( حكاية عن‬
‫الكرماني‪ L . T‬ماسينيون ‪ .‬ص ‪. )98 - 99‬‬
‫لقد أوردنا هذه اآلراء على كثرتها بقصد بيان ان أقطاب الصوفية قد وضعت االنس‬
‫باّلل في مقابل االنس بالناس ‪ .‬وجعلت بين هذين الحدين عالقة جدلية حيّة ‪ :‬بقدر ما‬ ‫ّ‬
‫باّلل ‪ .‬فهما ضدان يقتسمان القلب ‪. . .‬‬ ‫يخلو القلب من االنس بالناس يدخل فيه االنس ّ‬
‫يتجاوران ‪. . .‬‬
‫يتداخالن بشكل جدلي ‪.‬‬

‫) ‪( 4‬راجع اللمع ص ‪ 551‬فصل بعنوان “ باب في ذكر من غلط في االنس والبسط‬


‫وترك الخشية ‪“ .‬‬
‫َّللا “ وقارن مكانة “ العالمة “ فيها مع ما ورد في هذا النص ‪.‬‬
‫) ‪( 5‬انظر “ بينة ّ‬
‫) ‪( 6‬الشيخ ابن العربي هنا يفارق ما ذهب اليه المتصوفة قبله ‪ :‬فهو ال يضع االنس‬
‫باّلل في مقابل االنس بالناس وبالتالي ال يقيم عالقة جدلية حية بينهما كما فعل من‬
‫ّ‬
‫باّلل كالعلم مثال يكتسب إلى األبد وال يفقد في اي حال ومن ثم‬
‫سبقه ‪ .‬بل يجعل االنس ّ‬
‫يظل مصاحبا للمتحقق به سواء كان في عزلة أو خلوة أو في مأل ‪.‬‬
‫) ‪( 7‬يخاطب الحق في هذا النص “ العقل األول “ منبها إلى استحالة االنس به‬
‫الختالف الجنس وال‬

‫‪150‬‬
‫“ ‪“ 151‬‬
‫يخفى ان هذا الخطاب رغم توجهه إلى شخص معين يخاطب الجنس البشري بأكمله ‪،‬‬
‫كحقيقة انسانية مباينة للحقيقة اإللهية ‪ ،‬ممثال في “ العقل األول “ من حيث إنه أحد‬
‫وجوه “ االنسان الكامل “ ‪ .‬انظر “ العقل األول “ “ االنسان الكامل ‪“ .‬‬
‫باّلل نفيا عقليا منطقيا ‪ .‬يجدر مقارنته بنفي‬‫) ‪( 8‬ان نفي الشيخ ابن العربي لالنس ّ‬
‫َّللا يربو باهل الوجود عنه ( النص في‬ ‫االنس الذي يراه أبو سعيد الخراز حاال مع ّ‬
‫الرسالة القشيرية ص ‪ ) 34 - 33‬ونلمح إلى نقارب كالم الخراز من جواب أبي يزيد‬
‫المشهور حين سئل ‪ :‬كيف أصبحت ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬ال صبح لي ‪. . .‬‬
‫) ‪( 9‬كيف ال يقول بالمناسبة ‪ ،‬من يرى االنسان نسخة من جميع الحقائق اإللهية‬
‫والكونية يقابلهما بذاته ‪ .‬انظر “ نسخة “ “ صورة ‪“ .‬‬
‫كما يراجع الرسالة التي اعددناها عن القونوي والتي قدمت إلى معهد اآلداب الشرقية‬
‫في جامعة القديس يوسف في بيروت ص ص ‪ . 82 - 80‬عنوان الفقرة “ ظروف‬
‫الوصول ‪ ،‬وأهمية المناسبة في فلسفة القونوي ‪. . . “ .‬‬
‫باّلل في كتاباته ‪ .‬بل نجده‬
‫) ‪( 10‬ال يتابع الشيخ ابن العربي ما يقرره من نفي االنس ّ‬
‫ينساق بعفوية مع تعبيرات الصوفية السابقين في استعمالهم لالنس ‪ .‬أو ينسجم مع‬
‫نظريته في وحدة الوجود التي تصبغ االنس بصبغتها كما سنرى في المرحلة الثالثة ‪.‬‬
‫باّلل ‪.‬‬
‫وسنورد نصين يقرر فيهما الشيخ األكبر االنس ّ‬
‫َّللا عنهم ‪ ،‬من اسمه “ الرحمن‬ ‫“ فآثروا [ رجال من أهل الورع ] العزلة ‪ . . .‬فنفّس ّ‬
‫“ بوجوه مختلفة من االنس به ‪ ،‬وأعطاهم ذلك “ نفس الرحمن “ فاسمعهم أذكار‬
‫األحجار ‪. . .‬‬
‫ومناطق الطير وتسبيح كل أمة من المخلوقات ‪ . . .‬فانس بهم من وحشته وعاد في‬
‫جماعة وخلق “ ‪ ( .‬فتوحات ‪ .‬السفر الرابع فقرة ‪. ) 310‬‬
‫باّلل في باطنه ‪ ،‬وتجليات دائمة‬ ‫َّللا ] من ينفّس الرحمن عنه بأنس ّ‬‫“ ومنهم [ رجال ّ‬
‫معنويات ‪.‬‬
‫باّلل ‪ ،‬وأنس جديد ‪ .‬ومنهم ينفس‬ ‫فال يزال في كل نفس ‪ ،‬صاحب علم مجال جديد ّ‬
‫الرحمن عنه ذلك الضيق بمشاهدة عالم الخيال ‪ ( “ . . .‬فتوحات السفر الرابع فقرة‬
‫‪. ) 318 - 317‬‬
‫راجع “ نفس الرحمن “ وخاصة في تعلقه بالتنفيس و “ عماء “‬
‫يعرف االنس بعبارات تشابه في روحها تصوف من قبله ‪.‬‬ ‫كما أنه في اصطالحاته ّ‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ االنس ‪ :‬اثر مشاهدة جمال الحضرة اإللهية في القلب وهو جمال الجالل‬
‫“ ( االصطالحات ص ‪. ) 287‬‬
‫***‬
‫‪ – 63‬اإلنسان‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الهمزة والنون والسين أصل واحد ‪ ،‬وهو ظهور الشيء ‪ ،‬وكل شيء خالف‬

‫‪151‬‬
‫“ ‪“ 152‬‬

‫طريقة التوحش قالوا ‪ :‬االنس خالف الجن ‪ ،‬وسموا لظهورهم ‪ .‬يقال آنست الشيء إذا‬
‫رأيته ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة مادة “ انس “ ) ‪.‬‬
‫ويرى الشيخ ابن العربي ان سبب تسمية االنسان هذا االسم ألنه انس الرتبة الكمالية ‪.‬‬
‫اذن ربط بين األنس واالنسان ‪ .‬وهذا سيظهر من خالل النصوص اآلتية ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫َّللا على نشأتين له ‪،‬‬ ‫هو مخلوق تكلم ّ‬
‫أحدهما ‪ :‬الصلصال والطين‬
‫والثانية ‪ :‬النطفة ‪.‬‬
‫وهو في كال الحالين في أحسن تقويم [ ‪ ] 4 / 95‬ابرز صفاته في القرآن ‪:‬‬
‫هلوعا ‪ ،‬كفورا ‪ ،‬ظلوما ‪ ،‬جهوال ‪ ،‬ضعيفا ‪ ،‬يؤوسا ‪.‬‬
‫ون “( ‪. ) 26 / 15‬‬ ‫ص ْلصا ٍل ِّم ْن َح َمإٍ َم ْسنُ ٍ‬ ‫اإل ْنسانَ ِّم ْن َ‬ ‫( أ ) قال تعالى ‪َ ”:‬ولَقَ ْد َخلَ ْقنَا ْ ِّ‬
‫ين ‪“( 23 / 12 ) .‬‬ ‫ساللَ ٍة ِّم ْن ِّط ٍ‬ ‫اإل ْنسانَ ِّم ْن ُ‬ ‫قال تعالى ‪َ ”:‬ولَقَ ْد َخلَ ْقنَا ْ ِّ‬
‫شاج ‪1‬نَ ْبت َ ِّلي ِّه “ ( ‪. ) 2 / 76‬‬ ‫طفَ ٍة أ َ ْم ٍ‬ ‫اإل ْنسانَ ِّم ْن نُ ْ‬ ‫( ب ) قال تعالى ‪ِّ ”:‬إنَّا َخلَ ْقنَا ْ ِّ‬
‫ق ‪“( 96 / 2 ) .‬‬ ‫علَ ٍ‬ ‫اإل ْنسانَ ِّم ْن َ‬ ‫قال تعالى ‪َ ”:‬خلَقَ ْ ِّ‬
‫اإل ْنسانَ ُخ ِّلقَ َهلُوعا ً‪“( 70 / 19 ) .‬‬ ‫( ج ) قال تعالى ‪ ”:‬إِّ َّن ْ ِّ‬
‫سان ما أ َ ْكفَ َرهُ “( ‪. ) 17 / 80‬‬ ‫اإل ْن ُ‬ ‫قال تعالى ‪" :‬قُتِّ َل ْ ِّ‬
‫وال “( ‪. ) 72 / 33‬‬ ‫ظلُوما ً َج ُه ً‬ ‫سان ِّإنَّهُ كانَ َ‬ ‫اإل ْن ُ‬ ‫قال تعالى ‪َ ”:‬و َح َملَ َها ْ ِّ‬
‫ض ِّعيفا ً “( ‪. ) 28 / 4‬‬ ‫سان َ‬‫اإل ْن ُ‬ ‫قال تعالى ‪َ ”:‬و ُخ ِّلقَ ْ ِّ‬
‫ُس “( ‪. ) 9 / 11‬‬ ‫اإل ْنسانَ ِّمنَّا َر ْح َمةً ث ُ َّم نَزَ عْناها ِّم ْنهُ ِّإنَّهُ لَيَؤ ٌ‬ ‫قال تعالى ‪َ ”:‬ولَ ِّئ ْن أَذَ ْقنَا ْ ِّ‬
‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫*االنسان من جهة اطالق اللفظ ‪:‬‬
‫ان المرتبة االنسانية واحدة ال غير ‪ ، 2‬تتحقق في “ االنسان الكامل “ الذي يسميه‬
‫الشيخ ابن العربي “ انسانا “ وما عداه يطلق عليه اسم انسان لتشابهه مع االنسان‬
‫الكامل في شكل أو صفة ‪.‬‬
‫) ‪( 1‬التشابه في الشكل ‪ :‬كل فرد من افراد الجنس البشري يسمى انسانا ‪،‬‬

‫‪152‬‬
‫“ ‪“ 153‬‬

‫سواء تحقق بالمرتبة االنسانية أو لم يتحقق ‪ .‬ولكن تعميم التسمية بهذا الشكل غير جائز‬
‫الن منطلقه الشبه الصوري بين افراد الجنس البشري ليس اال ‪ .‬فاالنسان الكامل‬
‫واالنسان الحيوان يطلق عليهما نظر التشابه في الشكل لفظ “ انسان ‪“ .‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ االنسان الكامل ‪ 3‬وانما قلنا الكامل ‪ ،‬الن اسم االنسان قد يطلق على المشبه به في‬
‫الصورة ‪ ،‬كما تقول في زيد انه انسان وفي عمرو انه انسان وان كان زيد قد ظهرت‬
‫فيه الحقائق اإللهية وما ظهرت في عمرو ‪ ،‬فعمرو على الحقيقة حيوان في شكل انسان‬
‫‪ ( “ . . . 4‬ف ‪. ) 396 / 2‬‬

‫) ‪( 2‬التشابه في صفة ‪ :‬يطلق الشيخ ابن العربي لفظ االنسان على ثالث مراتب‬
‫وجودية مختلفة ‪ :‬مرتبة االنسانية أو االنسان الكامل ‪ -‬العالم أو االنسان الكبير ‪ -‬القرآن‬
‫أو االنسان الكلي ‪ .‬وهذا ما سنبحثه في ثالثة مصطلحات تتفرع عن كلمة انسان وهي ‪:‬‬
‫االنسان الكامل ‪ -‬االنسان الكبير ‪ -‬االنسان الكلي ( فلتراجع ) ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ ما في الوجود اال ثالثة اناسي ‪ :‬االنسان األول الكل األقدم ‪ ،‬واالنسان العالم ‪،‬‬
‫واالنسان اآلدمي ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 231 / 3‬‬
‫االنسان من جهة المضمون ‪: 5‬‬
‫االن ‪ ،‬وبعد ما بحثنا كلمة “ انسان “ من جهة اللفظ ‪ ،‬ننتقل إلى المضمون وسبب‬
‫التسمية ‪ .‬نبدأ أوال باستبعاد التعريف االرسطي لالنسان بأنه حيوان ناطق ‪ ،‬وبيان انه‬
‫ال يتفق مع ما يستنبط شهود أهل الكشف في القرآن والحديث ‪،‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫ي ناطق ‪،‬‬ ‫“ فالكل [ الجماد والنبات والحيوان ] عند أهل الكشف حيوان ناطق بل ح ّ‬
‫غير أن هذا المزاج الخاص يسمى انسانا ال غير بالصورة ووقع التفاضل بين الخالئق‬
‫ش ْيءٍ ِّإ َّال يُ َ‬
‫س ِّبّ ُح بِّ َح ْم ِّد ِّه “‪ 6‬وشيء نكرة ‪ ،‬وال‬ ‫في المزاج ‪ . . .‬قال تعالى ‪َ ”:‬و ِّإ ْن ِّم ْن َ‬
‫ي عاقل عالم بمسبحه ‪ ،‬وقد ورد ان المؤذن يشهد له مدى صوته من رطب‬ ‫يسبح اال ح ّ‬
‫ويابس ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 147 ) .1‬‬

‫‪153‬‬
‫“ ‪“ 154‬‬

‫يتضح من النص ان النطق ليس صفة خاصة باالنسان ‪ ،‬بل الكل حتى الجماد هو ناطق‬
‫عند أهل الكشف ‪ ،‬ويقدم الشيخ ابن العربي دليلين ‪ ،‬األول قرآني ( اآلية ) ‪:‬‬
‫ي عاقل ‪ .‬والثاني من الحديث‬ ‫ش ْيءٍ إِّ َّال يُ َ‬
‫س ِّبّ ُح بِّ َح ْم ِّد ِّه ) وال يسبح اال ح ّ‬ ‫(وإِّ ْن ِّم ْن َ‬
‫َ‬
‫الشريف ‪ :‬حيث ورد ان المؤذن يشهد له مدى صوته من رطب ويابس ‪ 7‬؛ وال يشهد‬
‫ي عاقل ‪.‬‬ ‫اال ح ّ‬
‫اذن ‪ ،‬التعريف االرسطي ال يتفق وشهود أهل الكشف ‪ ،‬فلننظر ماذا يقدمون ؟‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ فأراد “ الهو “ ان يرى نفسه رؤية كمالية تكون لها ويزول في حقه حكم الهو فنظر‬
‫في األعيان الثابتة ‪ ، 8‬فلم ير عينا يعطي النظر إليها هذه الرتبة االنانة ‪ ، 9‬اال عين‬
‫االنسان الكامل ‪ ،‬فقدرها عليه وقابلها به ‪ ،‬فوافقت اال حقيقة واحدة نقصت عنه ‪ ،‬وهي‬
‫وجودها لنفسها فاوجدها لنفسها ‪.‬‬
‫فتطابقت الصورتان من جميع الوجوه ‪ :‬وقد كان قدر تلك العين على كل ما أوجده قبل‬
‫وجود االنسان من عقل ونفس وهباء وجسم وفلك وعنصر ومولد ‪ ،‬فلم يعط شيء منها‬
‫رتبة كمالية اال الوجود االنساني ‪ ،‬وسماه انسانا ألنه أنس الرتبة الكمالية فوقع بما رآه‬
‫االنس له فسماه ‪ :‬انسانا ‪ ،‬مثل عمران ‪ ،‬فاأللف والنون فيه زائدتان في اللسان العربي‬
‫“ ( ف ‪. ) 643 - 642 / 2‬‬

‫َّللا مرتبة تشمل ‪:‬‬


‫َّللا ‪ ،‬وان الخالفة عن ّ‬
‫“ ان معنى االنسانية هو ‪ :‬الخالفة عن ّ‬
‫الوالية والنبوة ‪ ،‬والرسالة واإلمامة واالمر والملك فالكمال االنساني بكمال هذه‬
‫المراتب ‪ ،‬وهو مركوز في االنسان بالقوة منذ آدم إلى آخر مولود “ ‪. . .‬‬
‫( بلغة الغواص ص ‪. )54‬‬

‫نخلص من النصين السابقين إلى أن ‪:‬‬


‫‪-‬حقيقة االنسان مرآة رأى فيها “ الهو “ نفسه ‪ ،‬وظهر بتلك الرؤية ‪ ،‬وامكانية تلك‬
‫الرؤية نتجت عن حقائق اتاحت لالنسان المضاهاة ‪ ، 01‬فهو وحده اختصر في كونه‬
‫الحقائق اإللهية فكان مرآة أنست الرتبة الكمالية لكمال حقيقتها الجامعة لجميع الحقائق‬
‫اإللهية والكونية ‪. 11‬‬
‫ولذلك سميت تلك الحقيقة انسانا ‪.‬‬
‫َّللا حاز المرتبة واالسم‬
‫َّللا ‪ ،‬وكل من استخلفه ّ‬‫‪-‬االنسانية مرتبة الخالفة عن ّ‬

‫‪154‬‬
‫“ ‪“ 155‬‬

‫فالخليفة يظهر بصفات من استخلفه ‪ ،‬لذلك ليس كل فرد من افراد البشر خليفة وبالتالي‬
‫ليس انسانا حاز مرتبة االنسانية ‪ ،‬بل بقي حيوانا ‪ ،‬فهو انسان حيوان وليس انسانا‬
‫خليفة ‪. 12‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬لفتت هذه اآليات وأمثالها من اآليات المتعلقة بمظاهر طبيعية بما تحويه من‬
‫معطيات ال يسمح بتفسيرها اال العلم المعاصر ‪ ،‬نظر طبيب جراح فدرس العربية‬
‫والقرآن وبالتالي انكب على دراسة الكتب المنزلة لمقارنتها بالعلم الحديث للوصول من‬
‫خالل ذلك إلى اثبات منبعها اإللهي ‪ .‬ونجد في الصفحات التي سنرجع القراء إليها ‪،‬‬
‫تفسيرا كامال عن المراحل التي يمر بها االنسان قبل والدته في مقارنة حرفية بين‬
‫القرآن والعلم الحديث ‪.‬‬
‫انظر ‪:- La Bible le coran et la science . Maurice Bucaille .‬‬
‫) ‪Ed . Seghers Paris 1976 PP .200 - 207( 2‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ ان حقيقة االنسان واحدة يجمعها آدم عليه السالم إذ هو مجموع الذرية “‬
‫( بلغة الغواص ص ‪. ) 30‬‬
‫) ‪( 3‬عبارة “ انسان كامل “ لم تأخذ هنا حدودها االصطالحية أو بكالم أوضح ‪.‬‬
‫يقصد الشيخ ابن العربي هنا باالنسان الكامل ‪ ،‬المتحقق بالكمال ال من له الكمال‬
‫باألصالة ‪ .‬اذن يقصد كل من تحقق بالكمال من افراد الجنس البشري ‪ .‬انظر “ انسان‬
‫كامل ‪“ .‬‬
‫) ‪( 4‬راجع “ انسان حيوان ‪“ .‬‬
‫) ‪( 5‬سوف نالحظ ان مضمون االنسان عند الشيخ ابن العربي هو في الواقع تعريف‬
‫لالنسان المتحقق باالنسانية والكمال من حيث إنه المتفرد من البشر باستحقاقه اسم‬
‫“ االنسان ‪“ .‬‬
‫) ‪( 6‬اآلية ‪. 44 / 17‬‬
‫) ‪( 7‬راجع تخريج الحديث في فهرس األحاديث حديث رقم ‪: ( 15 ) .‬‬
‫) ‪( 8‬راجع “ عين ثابتة ‪“ .‬‬
‫“ ) ‪( 9‬االنانة ‪ :‬قولك انا “ ( اصطالحات الشيخ محي الدين العربي ‪ - .‬ص‬
‫‪. ) 294‬‬
‫) ‪( 10‬راجع “ نسخة ‪“ .‬‬
‫) ‪( 11‬راجع “ مختصر ‪“ .‬‬
‫) ‪( 12‬راجع “ انسان حيوان “ “ انسان كامل ‪“ .‬‬

‫‪155‬‬
‫“ ‪“ 156‬‬

‫ي‬
‫‪ - 64‬اإلنسان األزل ّ‬
‫االنسان األزلي ‪ -‬االنسان الكامل انظر “ االنسان الكامل "‪.‬‬

‫‪ - 65‬انسان حيوان‬
‫االنسان الحيوان هو من افراد الجنس البشري ‪ ،‬جمع حقائق العالم فقط فكان صورة‬
‫العالم ‪ ،‬في مقابل االنسان الكامل الذي أضاف إلى مجموع حقائق العالم مجموع حقائق‬
‫الحق وكان على الصورتين [ صورة العالم وصورة الحق ‪ - ] 1‬وهو من جملة‬
‫الحيوان رتبته من االنسان الكامل رتبة خلق النسناس منه ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ) ‪( 1‬االنسان الحيوان ‪ :‬خليفة االنسان الكامل ‪ .‬وهو الصورة الظاهرة التي بها جمع‬
‫حقائق العالم ‪ ،‬واالنسان الكامل هو الذي أضاف إلى جمعية حقائق العالم حقائق الحق‬
‫التي بها صحت له الخالفة “ ( ف ‪. ) 437 / 3‬‬

‫“ ‪ . . .‬وان االنسان الكامل يخالف االنسان الحيوان في الحكم ‪ :‬فان االنسان الحيوان‬
‫يرزق رزق الحيوان وهو للكامل وزيادة ‪ ،‬فان للكامل رزقا الهيا ‪ 2‬ال يناله االنسان‬
‫الحيوان وهو ‪ :‬ما يتغذى به من علوم الفكر الذي ال يكون لالنسان الحيوان ‪ ،‬والكشف‬
‫والذوق والفكر الصحيح ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) / 357 3‬‬

‫“ أكمل نشأة ظهرت في الموجودات االنسان عند الجميع ‪ ،‬ألن االنسان الكامل وجد‬
‫على الصورة ال االنسان الحيوان ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 163 / 1‬‬

‫“ وباالنسانية والخالفة صحت له الصورة على الكمال ‪ ،‬وما كل انسان خليفة ‪ ،‬فان‬
‫االنسان الحيوان ليس بخليفة عندنا ‪ ،‬وليس المخصوص لها أيضا الذكورية فقط ‪،‬‬
‫فكالمنا اذن في صورة الكامل من الرجال والنساء “ ‪ ( . . .‬عقله المستوفز ص‬
‫‪. ) 46‬‬

‫“ فظاهر االنسان خلق ‪ ،‬وباطنه حق ‪ ،‬وهذا هو االنسان الكامل المطلوب‬

‫‪156‬‬
‫“ ‪“ 157‬‬

‫وما عدا هذا فهو االنسان الحيواني ‪ ،‬ورتبة االنسان الحيواني من االنسان الكامل رتبة‬
‫خلق النسناس من االنسان الحيواني ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 296 / 3‬‬

‫فرقنا‬
‫“ ‪ . . .‬فاالنسان الحيواني من جملة الحشرات فإذا كمل فهو ‪ :‬الخليفة ‪ . . .‬وانما ّ‬
‫بين االنسان الحيواني واالنسان الكامل الخليفة لقوله تعالى ‪ ”:‬يا أَيُّ َها ْ ِّ‬
‫اإل ْن ُ‬
‫سان ما غ ََّر َك‬
‫اك فَعَ َدلَ َك “فهذا كمال النشأة االنسانية العنصرية الطبيعية‬ ‫ِّب َر ِّبّ َك ْال َك ِّر ِّيم الَّذِّي َخلَقَ َك فَ َ‬
‫س َّو َ‬
‫ورةٍ ما شا َء َر َّكبَ َك “ ‪3‬ان شاء في صورة الكمال فيجعلك‬ ‫ص َ‬‫ي ِّ ُ‬ ‫ثم قال بعد ذلك ‪ِّ ”:‬في أ َ ّ‬
‫خليفة عنه في العالم ‪ ،‬أو في صورة الحيوان فتكون من جملة الحيوان ‪ ،‬بفصلك المقوم‬
‫لذاتك الذي ال يكون اال لمن ينطلق عليه اسم االنسان “ ( ف ‪. ) 297 / 3‬‬

‫تلوح اصالة الشيخ ابن العربي مدهشة في صدقها ؛ فهو يستقي من الفكر الذي سبقه‬
‫ولكن اصالته تأبى عليه اال ان يتحد بما يأخذه ‪ ،‬فتظهر الفكرة مرة ثانية من خالله‬
‫موسومة بأصابعه ‪ ،‬وليس اغترافه من الثقافات السابقة والمحيطة تهمة نحاول نفيها ‪،‬‬
‫وهل يولد المفكر في بدء الخليفة ؟ ! كال ‪ ،‬انه انسان مثقف يواكب عصره ‪.‬‬
‫وقد استفاد الشيخ األكبر بكون االنسان نسخة أو صورة ‪ . . .‬من الفلسفات القديمة التي‬
‫دخلت الفكر العربي من خالل اخوان الصفاء ‪ ،‬ولكنه تخطى النبع الذي اخذ منه‬
‫بنقطتين ‪:‬‬
‫‪ - 1‬ال يستوي أبناء الجنس البشري جميعهم في االستفادة من مرتبة االنسانية اي من‬
‫الحقائق التي يجمعها االنسان في كونه لمجرد انهم من الجنس البشري ‪ ،‬فهو يميّز بين‬
‫انسان وانسان ‪ :‬فهناك االنسان الخليفة واالنسان الحيوان ‪.‬‬
‫وهذا لم يرد في الفلسفات المتقدمة ‪ .‬بل كان كل انسان يتمتع بجميع الصفات التي تطلق‬
‫على مرتبته ‪.‬‬
‫‪ - 2‬ان االنسان في الفلسفات التي تتكلم على الصورة والنسخة ‪ ،‬جمع في كونه‬
‫الصغير كل حقائق العالم الكبير ‪ .‬اذن ‪ ،‬انه نسخة العالم أو صورة العالم أو مصغر‬
‫العالم ‪.‬‬

‫اما الشيخ ابن العربي فيضيف إلى حقيقة االنسان الذي يستحق هذه المرتبة ‪ ،‬مجموع‬
‫الحقائق اإللهية ‪.‬‬
‫فهو نسختان ‪ :‬نسخة األكوان ونسخة الحق ‪.‬‬
‫وهذه اإلضافة جعلته في مرتبة برزخية بين الحق والعالم ‪.‬‬
‫وهذا ال يتمتع به انسان الفلسفات القائلة بالنسخة والصورة ‪.4‬‬

‫‪157‬‬
‫“ ‪“ 158‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬ان االنسان الكامل نسختان نسخة الحق ونسخة العالم ‪ .‬أو صورة الحق وصورة‬
‫العالم ‪.‬‬
‫راجع “ نسخة “ “ صورة “ “ انسان كامل ‪“ .‬‬
‫) ‪( 2‬راجع “ رزق ‪“ .‬‬
‫) ‪( 3‬سورة االفطار رقم ‪ 82‬اآليات ‪. 8 ، 7 ، 6‬‬
‫) ‪( 4‬راجع “ برزخ “ “ مختصر “ “ انسان كامل ‪“ .‬‬
‫‪-‬كما يراجع ‪Voc . tech . et critique de la Philosophie art .‬‬
‫‪“ microscome “ et “ macrocosme “ .-‬ومن يبغي االستزادة من موضوع‬
‫االنسان الحيوان واالنسان الخليفة عند الشيخ األكبر فليرجع إلى الفتوحات الجزء‬
‫الثالث ص ‪ 355‬وص ‪ 372‬وص ‪ . 409‬والجزء الرابع ص ‪ 56‬ص ‪ 112‬ص‬
‫‪ 364‬ص ‪. 398‬‬
‫***‬
‫‪ - 66‬اإلنسان الكامل‬
‫‪ - 1‬بعض المصطلحات التي ترادف مفهوم االنسان الكامل في ماهيته أو طبيعته‬
‫الميتافيزيقية أو في دالالنه نفسها في التعبير عن التجربة الصوفية ‪. 1‬‬
‫حقيقة الحقائق ‪ -‬الحق المخلوق به ‪ - 2‬فلك الحياة ‪ - 3‬أصل العالم ‪ -4‬أصل الجوهر‬
‫الفرد ‪ -‬الهيولي ‪ - 5‬المادة األولى ‪ - 6‬جنس األجناس ‪ - 7‬الحقيقة الكلية ‪ -‬الفلك‬
‫المحيط ‪ -‬العدل ‪ - 8‬كل شيء ‪ - 9‬الكتاب ‪ - 10‬المفيض ‪11 -‬مركز الدائرة ‪- 12‬‬
‫العقل األول ‪ - 13‬القلم االعلى ‪ - 14‬العقاب ‪ -‬الدرة البيضاء ‪ -‬العرش المجيد ‪- 15‬‬
‫االمام المبين ‪ - 16‬الروح الكلي ‪ - 17‬روح العالم ‪ -‬نور محمد ‪ -‬التعين األول ‪ -‬اللوح‬
‫َّللا ‪ - 20‬النسخة‬
‫َّللا ‪ -‬ظل ّ‬
‫َّللا ‪ - 19‬الخليفة ‪ -‬نائب عن ّ‬ ‫المحفوظ ‪ - 18‬عرش ّ‬
‫العظمى أو الجامعة أو الكاملة ‪ - 21‬الكلمة الجامعة ‪ - 22‬البيت االعلى ‪- 23‬‬
‫المختصر الشريف ‪ - 24‬عين الجمع والوجود ‪ -‬الممد األول ( ‪ ) 9‬المعلم األول ‪-‬‬
‫البرنامج الجامع ‪ -‬مرآة الحق والحقيقة ‪ -‬البرزخ ‪ -‬االنسان األزلي ‪. 25‬‬

‫‪ - 2‬تعليق على كثرة المترادفات ‪:‬‬


‫لقد أوردنا فيما تقدم بعض ‪ 26‬المترادفات لعبارة االنسان الكامل ‪ ،‬ليتسنى للقارئ ان‬
‫يدخل في عمق فكرتها عند الشيخ ابن العربي ‪ ،‬وفي أوج شمولها لكل ما‬

‫‪158‬‬
‫“ ‪“ 159‬‬
‫تحتويه من صفات وحقائق ونسب ومفاهيم ‪.‬‬

‫ويعود السبب في كثرة هذه المترادفات إلى باعثين ‪:‬‬


‫األول ‪ :‬ان كل مصطلح عند الشيخ ابن العربي هو كلمة ترمز إلى حقيقة ‪ ،‬هي في‬
‫الواقع واحدة لها وجوه عدة ‪.‬‬
‫فالحقيقة المحمدية مثال هي حقيقة واحدة تتعدد في وجوهها ونسبها ‪.‬‬
‫فيأخذ كل وجه صفة تميّزه من الوجه اآلخر وبالتالي اسما آخرا ‪.‬‬
‫وهكذا تتعدد المترادفات وكل منها له نسبة إلى هذه الحقيقة الواحدة وهو هي أيضا ألنه‬
‫يرمز إليها ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬ان النزعة التوفيقية بين الدين والفلسفة التي وسمت الفكر االسالمي في‬
‫القرنين الرابع والخامس الهجريين ‪ ،‬شطحت عند الحاتمي في اتساعها ‪.‬‬
‫فهو ذو نزعة توفيقية شاملة لكل المذاهب والتيارات الفكرية ‪ ،‬انه يوحد في موقفه‬
‫الفلسفي متنافرات عقائد السابقين ‪.‬‬
‫لقد بلغ من سعة أفقه ان استوعب في نظريته مصطلحات ومضامين سابقة متباعدة‬
‫وهذه النزعة التوحيدية أدت إلى كثرة المترادفات ‪ ،‬واتخاذها معاني جديدة تتالءم‬
‫ومنهجه النظري ‪.‬‬
‫ونشير إلى نص من التدبيرات اإللهية يبين كيفية تقريبه وتوحيده للمضامين‬
‫والمصطلحات المتباعدة ‪،‬‬
‫يقول في الباب األول ‪:‬‬
‫“ [ العنوان ] في وجود الخليفة الذي هو ملك البدن واغراض الصوفية فيه وتعبيرهم‬
‫عنه ‪ ،‬وهو الروح الكلي ‪ . . .‬وعبّر أهل الحقائق عن هذا الخليفة بعبارات مختلفة ‪،‬‬
‫لكل عبارة منها معنى ‪ ،‬فمنهم من عبّر عنه باالمام المبين ومنهم من عبر عنه بالعرش‬
‫ومنهم من عبر عنه بمرآة الحق ‪ . . .‬فاما ما اطلق عليه بعض المحققين من أهل‬
‫المعاني ‪ :‬المادة األولى ‪ ،‬فكان األولى ان يطلقوا عليه الممد األول ‪. . .‬‬
‫وعبر عنه بعضهم بالعرش ‪ . . .‬وعبر عنه بعضهم بالمعلم األول ‪. . . 27‬‬
‫وعبّر عنه بعضهم بمرآة الحق والحقيقة ‪. . .‬‬
‫وعبر عنه الشيخ العارف أبو الحكم بن برجان ‪ 28‬باالمام المبين ‪ :‬وهو اللوح‬
‫المحفوظ المعبر عنه ‪ :‬بكل شيء ‪. . .‬‬
‫وعبر عنه بعضهم ‪ :‬بالمفيض وبه كان يقول شيخنا وعمادنا أبو مدين ‪. . . 29‬‬
‫وعبر عنه بعضهم بمركز الدائرة “ ‪ ( . . .‬ص ‪. ) 128 - 120‬‬
‫نجد الشيخ ابن العربي في هذا الباب ‪ ، 30‬قد استوعب ثقافة عصره واستطاع ان ينفذ‬
‫من خالل الكلمات والمصطلحات إلى حقيقة ما تعبر ‪ ،‬عنه هذه الكلمات ‪،‬‬

‫‪159‬‬
‫“ ‪“ 160‬‬

‫ويلمس بالتالي وحدتها ‪.‬‬


‫‪ - 3‬مضمون “ االنسان الكامل “ عند الشيخ ابن العربي ‪ 31‬الشيخ ابن العربي هو‬
‫أول من استعمل تعبير “ االنسان الكامل “ في الفكر الصوفي والفلسفي االسالمي ‪ ،‬هذا‬
‫من ناحية اللفظ ‪. 32‬‬
‫اما المضمون فقد استقاه من ينابيع متعددة ‪ 33‬لم تؤثر في ابتكاره وفرديته ‪.‬‬

‫ان أهم ما يميّز فلسفة الحاتمي تلك المكانة التي استوى عليها االنسان ‪:‬‬
‫فالمطالع كتبه يشعر باالعتزاز من تدفق سيل الصفات العالية الرفيعة ‪ ،‬التي تميّز‬
‫الحقيقة االنسانية ‪ .‬ولكن رغم ان هذه النظريات المترابطة المتكاملة تنعش الكرامة‬
‫االنسانية اال انها تظل في مجملها في مرتبة وجودية مثالية ‪ ،‬اي تصف االنسان “ كما‬
‫يجب ان يكون “ ( قيمة كمالية ) ‪ ،‬ال االنسان “ كما هو “ من صميم واقعه االنساني ‪،‬‬
‫وربما اعترض الشيخ األكبر مشددا بان انسانه الكامل ليس نظرية تصف االنسان‬
‫“ كما يجب ان يكون ‪ “ .‬ولكنها واقع عاشه االنسان الكامل ‪.‬‬

‫ال يسعنا هنا اال ان نوافقه الرأي ‪ ،‬ولكن هذه الموافقة ال تخفف من حدة النقد شيئا ‪ ،‬بل‬
‫توصلنا إلى االستنتاجين التاليين ‪:‬‬
‫‪ - 1‬ان “ االنسان الكامل “ ظاهرة فردية ال تنطبق على الواقع االنساني العام ‪.‬‬
‫للا “ مقياسا للكمال االنساني ‪ ،‬بدل ان يستقرىء‬ ‫‪ - 2‬لقد جعل الشيخ ابن العربي “ ّ‬
‫االنسان متخذا إياه القياس ‪.‬‬
‫للا ‪ -‬خليفة‬‫للا ‪ -‬عرش ّ‬‫ولذلك تتوالى مصطلحاته المرادفة لالنسان الكامل ‪ :‬ظل ّ‬
‫للا ‪. . .‬‬
‫ّ‬
‫ربما انتقد أحدهم تقديمنا هذه االستنتاجات على شرح مضمون االنسان الكامل عند‬
‫الشيخ األكبر ‪.‬‬
‫ولكن حجتنا في هذا التقديم هو ان نبين بوضوح انه في قلب فلسفة تبحث االنسان‬
‫الكامل ‪ ،‬لم نصل إلى مفاهيم انسانية بالتعبيرات الفلسفية الحديثة ‪.‬‬
‫ولذلك يجب ّاال ننتظر بحثا في “ االنسان “ بل بحثا في “ صورة الحق ‪“ .‬‬

‫ولنعد إلى عبارة “ االنسان الكامل “ ‪ ،‬فهي مؤلفة من لفظين وقد سبق لنا ايضاح لفظة‬
‫انسان فلتراجع ‪.‬‬
‫اما “ كامل “ فليس لها اي معنى خلقي على االطالق بل تفيد ‪:‬‬
‫تمام الشمول للصفات كافة ‪ ،‬دون النظر إلى تصنيفها الخلقي من خير أو شر ‪.‬‬
‫فللكمال هنا معنى وجودي ‪ -‬اي وجود جميع الصفات اإللهية والكونية أو‬

‫‪160‬‬
‫“ ‪“ 161‬‬
‫قابلية وجودها في االنسان ‪ -‬وليس خلقيا ‪ ،‬اذن انسان كامل في وجوده ‪.‬‬
‫وباّلل ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ - 2‬كمال المعرفة بالنفس‬
‫فاالنسان الكامل هو من أدرك في مرحلة من مراحل كشفه وحدته الذاتية بالحق ‪،‬‬
‫وباّلل ‪ .‬اذن انسان كامل في معرفته‬
‫ّ‬ ‫ووصل من تحققه هذا إلى كمال المعرفة بنفسه‬
‫‪. 34‬‬
‫وهكذا نجد ان للكمال معنى انطولوجيا وابستمولوجيا وليس خلقيا ‪.‬‬

‫يجب ان ننبه هنا دفعا لكل التباس ‪ ،‬إلى أن المقصود باالنسان الكامل هو محمد صلى‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ ،‬ولم يختلط على دارسي الشيخ ابن العربي عبارة أكثر من هذه ‪ ،‬الن‬ ‫ّ‬
‫الشيخ ابن العربي نفسه يستعملها أحيانا للكالم على الحقيقة المحمدية ‪ ،‬وأحيانا ليعبر‬
‫عن آدم أو عن الكامل من الرجال أمثال أبي يزيد وغيرهم ‪ ،‬اذن ‪ ،‬من هو االنسان‬
‫الكامل بين هؤالء ؟‬
‫وهل تعني هذه العبارة جنسا يضم في حناياه الكثير من االفراد ‪ ،‬أم هي اسم لحقيقة‬
‫واحدة متميزة ؟‬

‫َّللا عليه وسلم ‪ ،‬أو بعبارة أخرى الحقيقة المحمدية ‪،‬‬


‫ان االنسان الكامل هو محمد صلى ّ‬
‫ولكن هذه الحقيقة قطب يدور في فلكه دائما كل طالب للكمال ‪ ،‬فال يزال يدور ‪ ،‬اي‬
‫يتحقق بالصفات المحمدية ‪ ،‬ويدور ‪. . .‬‬
‫وفي دورانه يصغر قطر الدائرة ويصغر ‪ ،‬حتى يتالشى القطر ‪ ،‬ويتحقق الطالب‬
‫بوحدته الذاتية مع مركز الدائرة ‪ ،‬اي الحقيقة المحمدية ‪.‬‬
‫وهنا في تحققه يطلق عليه اسم من تحقق به ‪ ،‬اي اسم االنسان الكامل ‪.‬‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ ،‬ويصح ان نطلقها‬
‫فعبارة االنسان الكامل هي لصاحبها اي لمحمد صلى ّ‬
‫على المتحققين به الفانين ‪ ،‬ألنهم أصبحوا عينه [ الصفاتية ‪، ] 35‬‬
‫فهي أصال لصاحبها الذي خلق انسانا كامال ‪ .‬وهي تحققا ألكمل الرجال الذين جاهدوا‬
‫في سلوك طريقها ‪. 36‬‬

‫اما فحوى هذا المصطلح فيحدده كالمنا السابق على معنى الكمال عند الشيخ األكبر‬
‫الن لكل كمال من الكمالين وظيفة ‪.‬‬

‫) ‪- ( 1‬إذا نظرنا إلى الكمال انطولوجيا ‪ ،‬اي بالمعنى األول للكمال عند الشيخ األكبر‬
‫‪ ،‬تتحدد وظيفة االنسان الكامل االنطولوجية بأنه ‪:‬‬
‫االنسان الكامل ‪ :‬هو الحد الجامع الفاصل بين الحق والعالم ‪37 :‬‬
‫فهو يجمع من ناحية بين الصورتين ‪ : 38‬يظهر باألسماء اإللهية فيكون حقا ‪ ،‬ويظهر‬
‫بحقيقة االمكان فيكون خلقا وهو يفصل من ناحية أخرى بين وجهي الحقيقة فيمنع‬

‫‪161‬‬
‫“ ‪“ 162‬‬

‫الخلق من عودة االندراج في الغيب الذي ظهر منه ‪ ،‬انه حد بين الظاهر والباطن يمنع‬
‫الظاهر من اندراجه في البطون ‪ - 39‬كما أن االنسان الكامل هو علة وجود العالم‬
‫والحافظ له ‪. 40‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫( أ ) “ االنسان الكامل أقامه الحق برزخا بين الحق والعالم ‪ ،‬فيظهر باألسماء اإللهية‬
‫فيكون ‪ ،‬حقا ‪ ،‬ويظهر بحقيقة االمكان فيكون ‪ ،‬خلقا “ ‪ ( . . .‬ف ‪. ) 391 / 2‬‬
‫“ االنسان الكامل الجامع حقائق العالم وصورة الحق سبحانه “ ( ف ‪. ) 447 / 3‬‬
‫َّللا في أحسن تقويم وأبرزه نسخة كاملة جامعة لصور حقائق‬ ‫“ االنسان الذي خلقه ّ‬
‫المحدث وأسماء القديم ‪ . . .‬وأنشأه برزخا جامعا للطرفين ( “ ‪ . . .‬عقلة المستوفز ص‬
‫‪. )42‬‬

‫“ فما صحت الخالفة اال لالنسان الكامل ‪ ،‬فأنشأ صورته الظاهرة من حقائق العالم‬
‫وصوره ‪ ،‬وأنشأ صورته الباطنة على صورته تعالى ‪ ،‬ولذلك قال فيه “ كنت سمعه‬
‫وبصره “ ما قال كنت عينه واذنه ‪ :‬ففرق بين الصورتين “ ( فصوص ‪. )55 / 1‬‬

‫“ في االنسان قوة كل موجود في العالم ‪ ،‬فله جميع المراتب ولهذا اختص وحده‬
‫بالصورة فجمع بين الحقائق اإللهية وهي األسماء وحقائق العالم ‪ . . .‬فكان االنسان‬
‫أكمل الموجودات ‪ . . .‬فكل ما سوى االنسان خلق ‪ ،‬اال االنسان فإنه خلق وحق ‪.‬‬
‫فاالنسان الكامل هو على الحقيقة الحق المخلوق به ‪ ،‬اي المخلوق بسببه العالم ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ‪. ) 396 / 2‬‬

‫“ فالكامل من الخلفاء كالحبوب من الحبة ‪ . . .‬فيعطي كل حبة ما أعطته الحبة األصلية‬


‫الختصاصها بالصورة على الكمال ‪ . . .‬وما عدا الخلفاء من العالم فلهم من الحق ما‬
‫لألوراق واألغصان واألزهار واألصول من النواة “ ‪ ( . . .‬ف ‪. ) 370 / 3‬‬

‫“ ان االنسان الكامل ال يبقى له في الحضرة اإللهية اسم اال وهو حامل له “ ( كتاب‬
‫حلية االبدال ‪ .‬ط ‪ .‬حيدرآباد ص ‪.) 9‬‬

‫‪162‬‬
‫“ ‪“ 163‬‬

‫“ في خلقه على الصورة ‪ . . .‬االنسان الكامل ولهذا س ّمي كامال ‪ ،‬وانه روح العالم ‪،‬‬
‫والعالم المسخر له علوه وسفله ‪ ،‬وان االنسان الحيواني من جملة العالم المسخر‬
‫له ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 266 / 3‬‬

‫( ب ) “ فكأنه [ االنسان ] برزخ بين العالم والحق وجامع لخلق وحق وهو الخط‬
‫الفاصل ‪ ،‬بين الحضرة اإللهية والكونية كالخط الفاصل بين الظل والشمس وهذه‬
‫حقيقته ‪ ( “ . . .‬انشاء الدوائر ‪ -‬ص ‪. ) 22‬‬

‫‪ - 2‬وإذا أخذنا الكمال ابستمولوجيا ‪ ،‬اي بالمعنى الثاني عند الشيخ ابن العربي ‪،‬‬
‫تتحدد وظيفة االنسان الكامل االبستمولوجية بأنه ‪ :‬المشكاة التي يستمد من خاللها كل‬
‫عارف معرفته ‪ ،‬وكل عالم علمه ‪ ،‬حتى األنبياء ‪ .‬فهو الممد للهمم ‪.‬‬
‫وكما هو برزخ بين الحق والخلق في الوجود كذلك هو برزخ بينهما في العلم والمعرفة‬
‫‪. 41‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ الحمد ّّلل منزل الحكم على قلوب الكلم ‪ 42‬بأحدية الطريق األمم من المقام‬
‫َّللا على ممد الهمم ‪ . . .‬محمد وعلى آله وسلم “‬
‫األقدم ‪ . . .‬وصلى ّ‬
‫( فصوص ‪. ) 47 / 1‬‬
‫َّللا من القوة بحيث انه ينظر من‬
‫“ وهو [ االنسان الكامل ] الكلمة الجامعة ‪ ،‬وأعطاه ّ‬
‫النظرة الواحدة إلى الحضرتين ‪ :‬فيتلقى من الحق ويلقي إلى الخلق ‪“ .‬‬
‫( ف ‪. ) 446 / 2‬‬
‫راجع “ حقيقة الحقائق “‬

‫كلمة أخيرة ‪ :‬ال نستطيع ان نقول اننا أشبعنا البحث في االنسان الكامل عند الشيخ ابن‬
‫العربي ‪ ،‬الن فكرة االنسان الكامل لها عدة وجوه ستبحث كل منها في مكانها واال‬
‫وقعنا في ترداد ممل ‪ ،‬ولذلك نرجو القارئ ان يعود إلى المترادفات التي أثبتناها في‬
‫البداية ويرجع إلى أماكنها من المعجم هذا ألن أكثرها يدخل ضمن مصطلحاته ‪.‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬أكثر المصطلحات المترادفة التي سترد قد بحثت في هذا الكتاب بشكل مستقل ‪،‬‬
‫فلتراجع ‪.‬‬

‫‪163‬‬
‫“ ‪“ 164‬‬
‫) ‪ ( 2‬راجع “ الحق المخلوق به “ كما يراجع انشاء الدوائر ص ‪ ، 17‬و “ عقلة‬
‫المستوفز “ ص ‪ ، 51‬ومن اين استقى الشيخ ابن العربي فلسفته الصوفية ‪ .‬مجلة كلية‬
‫اآلداب ‪ -‬جامعة اإلسكندرية سنة ‪ 1933‬ص ‪. 10‬‬
‫) ‪( 3‬راجع “ انشاء الدوائر “ ص ‪ - 17‬كما يراجع مجلة كلية اآلداب جامعة‬
‫اإلسكندرية سنة ‪ 1957‬مقال بعنوان “ أبو القاسم بن قسي “ وكتابه “ خلع النعلين‬
‫“ بقلم أبو العال عفيفي ص ‪. 80‬‬
‫) ‪( 4‬يظهر العالم عن أصلين ‪ :‬أصل معقول وهو حقيقة الحقائق وأصل موجود وهو‬
‫َّللا ‪ .‬راجع “ انشاء الدوائر “ ص ‪ 17‬وص ‪. 32‬‬‫ّ‬
‫) ‪( 5‬راجع “ انشاء الدوائر “ ص ‪. 19‬‬
‫) ‪( 6‬ان عبارة “ المادة األولى “ لم يطلقها الشيخ ابن العربي على حقيقة الحقائق أو‬
‫االنسان الكامل ‪ .‬بل تبناها من الفكر الذي سبقه ‪ ،‬وان كان يفضل استبدال عبارة‬
‫“ الممد األول “ بها “ راجع “ انشاء الدوائر ص ‪ - 19‬والتدبيرات اإللهية ص ‪. 122‬‬
‫) ‪( 7‬راجع “ انشاء الدوائر “ ص ‪( 8 ) . 19‬راجع “ عدل “ وف ‪. 60 / 2‬‬
‫) ‪( 9‬راجع كالم الشيخ ابن العربي في ارجاعه هذه االلفاظ البن برجان كتاب‬
‫التدبيرات اإللهية ص ‪ 125‬وعقلة المستوفز ص ‪. 52‬‬
‫) ‪( 10‬راجع “ التدبيرات اإللهية “ ص ‪. 126‬‬
‫) ‪( 11‬انظر ارجاع الشيخ ابن العربي لهذا المصطلح ألبي مدين ‪ ،‬التدبيرات اإللهية‬
‫) ‪( 12‬انظر التدبيرات اإللهية ص ‪. 128‬‬ ‫ص ‪. 126‬‬
‫) ‪( 15‬راجع عقلة المستوفز ص ‪، 52‬‬ ‫) ‪( 14 ) ( 13‬‬
‫) ‪( 16‬راجع كالم الشيخ ابن العربي في ارجاعه هذه االلفاظ البن برجان كتاب‬
‫التدبيرات اإللهية ص ‪ 125‬وعقلة المستوفز ص ‪. 52‬‬
‫) ‪( 17‬راجع عقلة المستوفز ص ‪، 52‬‬
‫) ‪( 18‬راجع كالم الشيخ ابن العربي في ارجاعه هذه االلفاظ البن برجان كتاب‬
‫التدبيرات اإللهية ص ‪ 125‬وعقلة المستوفز ص ‪. 52‬‬
‫َّللا “ وليس “ عرش الرحمن “ راجع كتاب “ التدبيرات‬ ‫) ‪( 19‬ان االنسان “ عرش ّ‬
‫اإللهية “ ص ‪ - 123‬كما يراجع كتاب الجاللة ص ‪ 4‬ط ‪ .‬حيدرآباد وبلغة الغواص‬
‫) ‪( 20‬راجع كتاب الجاللة ص ‪. 4‬‬ ‫ص ‪- 10‬‬
‫) ‪( 21‬راجع “ نسخة “ وكتاب عقلة المستوفز ص ‪. 94 ، 51 ، 45 ، 42‬‬
‫) ‪( 22‬راجع “ كلمة “ كما يراجع عقلة المستوفز ص ‪. 94‬‬
‫) ‪( 23‬راجع “ عقلة المستوفز “ ص ‪، 43‬‬
‫) ‪( 24‬راجع “ مختصر شريف “ وكتاب عقلة المستوفز ص ‪، 94‬‬
‫“ ) ‪( 25‬االنسان األزلي فنسب االنسان إلى األزل ‪ ،‬فاالنسان خفي فيه األزل فجهل‬
‫الن األزل ليس ظاهرا في ذاته ‪ ،‬وانما صح فيه األزل لوجه ما من وجوه وجوده ‪. . .‬‬
‫جهة وجوده على صورته التي وجد عليها في عينه في العلم القديم األزلي المتعلق به‬
‫في حال ثبوته فهو موجود أزال ‪ ( “ . . .‬ف ‪) . 54 / 1‬‬
‫) ‪( 26‬نقول “ بعض “ المترادفات ألننا لم نحصها جميعا ‪ ،‬فاالحصاء العلمي الدقيق‬
‫لمترادفات هذا‬

‫‪164‬‬
‫“ ‪“ 165‬‬
‫المصطلح يتطلب الكثير من الصفحات الن كل مترادف أشرنا اليه هو بحد ذاته باب‬
‫لمجموعة أخرى من المترادفات ‪ ،‬ولذلك نكتفي بما أوردنا على أن يبحث كل ما يمت‬
‫إلى االنسان الكامل في أماكن أخرى من هذا المعجم ‪.‬‬
‫) ‪ ( 27‬المعلم األول إشارة إلى موقف آدم من المالئكة وال عالقة لها بارسطو ‪،‬‬
‫) ‪( 28‬من صوفية األندلس توفى بمراكش عام ‪ 537‬ه ‪.‬‬
‫) ‪( 29‬أبو مدين شعيب بن الحسين األندلسي التلمساني الصوفي المشهور ‪ ،‬مدفنه‬
‫بتلمسان ت ‪ -‬سنة ‪ 594‬ه ‪ .‬له ترجمة طويلة في نفح الطيب ‪: 136 - 144 7‬‬
‫والتشوف إلى رجال التصوف للنادلي ص ‪. 325 - 316‬‬
‫) ‪( 30‬راجع هذا الباب من التدبيرات اإللهية ‪.‬‬
‫) ‪( 31‬لقد تغلغلت فكرة “ االنسان الكامل “ في كل تراثنا الصوفي بعد الشيخ ابن‬
‫العربي ‪ ،‬فال يخلو تعريف من نفحته فلنلق نظرة على “ االنسان الكامل “ بعده ‪:‬‬
‫“ ‪-‬االنسان الكامل هو الجامع لجميع العوالم اإللهية والكونية الكلية والجزئية وهو‬
‫كتاب جامع للكتب اإللهية ‪ ،‬فمن حيث روحه وعقله كتاب عقلي مسمى بأم الكتاب ومن‬
‫حيث قلبه كتاب اللوح المحفوظ ومن حيث نفسه كتاب المحو واالثبات ‪ .‬فهو الصحف‬
‫المكرمة المرفوعة المطهرة ‪ ( “ . . .‬تعريفات الجرجاني ص ‪. ) 39‬‬

‫“ ‪-‬الحقيقة االنسانية الكمالية هي حضرة األلوهية المسماة بحضرة المعاني ‪ ،‬وبالتعين‬


‫الثاني والمعنى بكونها الحقيقة االنسانية الكمالية هو كون صورة االنسان الكامل صورة‬
‫لمعنى ولحقيقة ‪ .‬ذلك ان المعنى وتلك الحقيقة هي حضرة األلوهية المسماة بالتعين‬
‫الثاني ‪ .‬فكان االنسان الكامل هو مظهر التعين الثاني ‪ .‬واالنسان األكمل هو مظهر‬
‫التعين األول المسمى بحقيقة الحقائق “ ( لطائف االعالم ‪ -‬ورقة ‪ 82‬ب ) ‪.‬‬

‫نالحظ ان صاحب لطائف االعالم يرادف االنسان الكامل بالتعين الثاني وذلك أنه يميز‬
‫بين االنسان الكامل واالنسان األكمل على حين ان الشيخ ابن العربي يقتصر على‬
‫االنسان الكامل الذي يوازي األكمل هنا وبالتالي التعين األول ‪.‬‬

‫“ ‪-‬ومرتبة االنسان الكامل عبارة عن جمع جميع المراتب اإللهية والكونية من العقول‬
‫والنفوس الكلية والجزئية ومراتب الطبيعة إلى آخر تنزالت الوجود ‪ .‬ويسمى بالمرتبة‬
‫العمائية أيضا فهي مضاهية للمرتبة اإللهية وال فرق بينهما اال بالربوبية والمربوبية‬
‫َّللا ‪“ .‬‬
‫لذلك صار خليفة ّ‬
‫( مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم ‪ .‬القيصري ‪ -‬ق ‪ 4‬ب) ‪.‬‬
‫‪-‬األجوبة عن االنسان الكامل مخطوط الظاهرية رقم ‪ 6824‬من ‪ ، - 225215‬لم‬
‫يذكر المؤلف ولكن أجوبته عن أسئلة السائل فيها ‪ ،‬مقاطع كاملة من كتب الشيخ ابن‬
‫العربي انظر ص ‪ 223‬ب مثال ‪.‬‬
‫‪-‬اما الجيلي فال نقتبس منه خالصة في هذا الموضوع ألنه يعتبر بحق فيما يتعلق‬
‫باالنسان‬

‫‪165‬‬
‫“ ‪“ 166‬‬
‫الكامل ‪ ،‬الصورة الواضحة الكاملة التي بذرتها إشارات الشيخ األكبر ‪ ،‬وما على‬
‫القارئ اال ان يتصفح كتابه “ االنسان الكامل “ ليرى ثمار المتصوف األندلسي يانعة‬
‫طرية ‪.‬‬
‫كما يراجع ‪:‬‬
‫‪-‬كتاب “ االنسان الكامل في االسالم “ لعبد الرحمن بدوي ‪ .‬القاهرة ‪1950‬‬
‫وخصوصا الصفحات من ‪ 79‬إلى ‪ 112‬حيث يترجم مقاله لماسينيون عن االنسان‬
‫الكامل في االسالم ‪.‬‬
‫‪-‬المرجع السابق نفسه ص ص ‪ ، 72 - 63‬حيث يبين هانز هينرش شيدر األصول‬
‫التاريخية التي استمد منها الشيخ ابن العربي نظرية االنسان الكامل ‪ ،‬ويؤكد على أن‬
‫الغنوص االسالمي الذي نشأ في بابل متكونا من عناصر مانوية وهلينية قد نقل إلى‬
‫إسبانية في عصر مبكر ووجد كماله عند الشيخ ابن العربي ‪،‬‬
‫ثم يشرح نظرية الشيخ ابن العربي في االنسان الكامل ويقارنها بموقف الحالج ويبين‬
‫تأثيرها في الشعر الفارسي والتركي ‪ .‬فليراجع ‪.‬‬
‫‪-‬مجلة المشرق بيروت ‪ . 1958‬ص ‪ ، 155 - 129‬مقال األب ميشال الحايك‬
‫بعنوان “ االنسان الكامل وميزته النشورية في االسالم ‪“ .‬‬
‫‪-‬نظريات االسالميين في الكلمة ‪ .‬أبو العال عفيفي ‪ .‬مجلة كلية اآلداب سنة ‪- 1944‬‬
‫مايو العدد األول ‪.‬‬
‫‪-‬في التصوف االسالمي وتاريخه ‪ .‬نيكلسون ‪ .‬ترجمة أبو العال عفيفي ‪ .‬القاهرة ص‬
‫ص ‪- Louis Gardet . Etudes de philosophie et de 88 - 85‬‬
‫( ‪mystique comparees ed . J . Vrin . PP : 217 - 218.‬حيث يقارن‬
‫آدم قبل الهبوط في المسيحية مع االنسان الكامل في التصوف االسالمي )‬

‫) ‪( 32‬ان الشيخ ابن العربي ‪ ،‬في رأي نيكلسون ‪ ،‬هو أول من استعمل عبارة‬
‫االنسان الكامل ‪ ،‬وان كان الدكتور كامل مصطفى الشيبي يرى أنه استقاها من رسائل‬
‫اخوان الصفاء ‪ ،‬وبالتحديد من العبارة التالية ‪ . . . “ :‬ولما رأيناك [ المقصود المريد‬
‫اإلسماعيلي ] بهذه الصفة وعرفناك بهذه المعرفة ‪ ،‬لم يحل لنا وال وسعنا في ديننا ان‬
‫نكتمك النصيحة وال نؤدي إليك األمانة لئال ترانا بين الخيانة وليصح عندك قول نبينا‬
‫الصادق الفاضل السيد الكامل ‪ :‬سافروا تغنموا ‪“ .‬‬
‫راجع كتاب الصلة بين التصوف والتشيع ‪ -‬الدكتور كامل الشيبي الطبعة الثانية ‪ -‬دار‬
‫المعارف بمصر ص ص ‪. 465 - 464‬‬
‫‪-‬ويرى هانز هينرش شيدر ان األصول اإليرانية القديمة وبخاصة الخطبة النعاسنية ‪،‬‬
‫هي التي تقدم اللفظ االصطالحي “ االنسان الكامل “ ألول مرة ‪ .‬انظر ‪ :‬االنسان‬
‫الكامل في االسالم ‪ .‬بدوي ص ‪. 34‬‬
‫) ‪( 33‬راجع ‪:‬‬
‫‪-‬مجلة كلية اآلداب المجلد الثاني الجزء األول ‪ 1934‬نظريات االسالميين في الكلمة‬
‫ألبي العال‬

‫‪166‬‬
‫“ ‪“ 167‬‬
‫عفيفي ص ص ‪ ، 60 - 59‬حيث يبين تأثير الفلسفة الرواقية اليونانية في االنسان‬
‫الكامل عند الشيخ ابن العربي ‪.‬‬
‫َّللا التستري ‪ .‬ج ‪ - 1‬دراسة وتحقيق الدكتور‬ ‫‪-‬من التراث الصوفي ‪ .‬لسهل بن عبد ّ‬
‫محمد جمال جعفر الطبعة األولى ‪ 1974‬دار المعارف بمصر ص ص ‪296 -‬‬
‫‪310 .‬حيث يبين الدكتور جعفر “ الحقيقة المحمدية “ عند التستري الذي تبنّى فكرة‬
‫سفيان الثوري ت ‪ 261‬ه في “ عمود النور “ ‪ .‬وأثبت أسبقية الوجود المحمدي على‬
‫الخليقة دون ان يصل بها إلى صراحة الحالج في نصه على أزلية النبي ‪ ،‬ثم ال يلبث‬
‫الدكتور جعفر ان يلمح إلى امكانية استفادة الشيخ ابن العربي من أقوال سهل عن‬
‫النور المحمدي ( ص ‪. ) 304‬‬
‫‪-Exegeses Coranique p . 384‬حيث أورد األب نويا عبارة للنفري صاحب‬
‫المواقف فسرها التلمساني في ضوء فكرة االنسان الكامل ‪ .‬فلتراجع ‪.‬‬
‫اما بخصوص األصول التاريخية لفكرة االنسان الكامل ‪ ،‬فيقول ماسينيون انها “ قد‬
‫بدت في تاريخ مذاهب االنسانية من عهد موغل في القدم ‪ .‬وكتب المتون في الدين‬
‫المقارن ‪ ،‬وقد جعلت نقطة ابتدائها من آساس سكونية ( استاتيكية ) آرية انما ترى فيه‬
‫خصوصا انه “ االنسان الكامل “ و “ الكيومرث “ عند المزدكية ‪ .‬و “ آدم قدمون “ في‬
‫كتب القبالة اليهودية ‪ ،‬و “ االنسان القديم “ عند المانوية المستعربة “ ( االنسان الكامل‬
‫في االسالم ‪.‬‬
‫نشر بدوي الطبعة الثانية ايار ‪ 1976‬ص ‪. ) 113‬‬

‫) ‪( 34‬راجع “ نظريات االسالميين في الكلمة “ أبو العال عفيفي ص ‪ ، 62‬حيث يجد‬


‫أبو العال ان الشيخ ابن العربي يخلط بين نظريتين أو على األقل يتردد بينهما ‪ :‬نظرية‬
‫فلسفية ترى ان االنسان أكمل مخلوق في الوجود ‪ . . .‬ونظرية صوفية هي ما أوردناه‬
‫وباّلل ‪ .‬ولكن الشيخ ابن العربي ال يخلط كما يخيل ألبي العال‬ ‫ّ‬ ‫من تمام المعرفة بالنفس‬
‫بل يقرر وظيفتين لالنسان الكامل ‪ ،‬وظيفة انطولوجية ووظيفة ابستمولوجية كما نبين‬
‫ذلك بما يأتي ‪( 35 ) .‬راجع “ على قدم ‪ -‬القدمية ‪“ .‬‬
‫) ‪( 36‬يثبت ما أشرنا اليه ان الشيخ ابن العربي يقرر أحيانا ان االنسان الكامل خلق‬
‫على الصورتين جامعا كافة الحقائق ‪ .‬وأحيانا أخرى يراه قابال لجميع الحقائق ‪،‬‬
‫والواضح انه في األولى يقصد االنسان الكامل بالفعل اي محمد صلّى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ‪،‬‬
‫وفي الثانية يشير إلى االنسان الكامل بالقوة المتحقق أو القابل للتحقق باالنسان‬
‫الكامل ‪.‬‬
‫“ نفس االنسان الكامل القابلة لجميع األسماء اإللهية والكونية “ ( ف ‪. ) 267 / 3‬‬
‫“ االنسان منطو على جميع اسرار العالم ‪ ،‬قابل لجميع الصفات والمراتب “ ‪. . .‬‬
‫( بلغة الغواص ص ‪. ) 38‬‬
‫“ ) ‪( 37‬فهو االنسان الحادث األزلي ‪ . . .‬والكلمة الفاصلة الجامعة “ ( فصوص ‪/ 1‬‬
‫‪. ) 50‬‬
‫) ‪( 38‬ان االنسان على الصورتين صورة الحق وصورة الخلق ‪ .‬راجع “ صورة‪.‬‬

‫‪167‬‬
‫“ ‪“ 168‬‬

‫“ ) ‪( 39‬إعلم ان مرتبة حقيقة االنسان الكامل هي باطن االسم الظاهر ‪ -‬وهو برزخ‬
‫بين الظاهر المطلق وبين الباطن المطلق ‪ . . .‬فالحضرة الكونية المسماة بالعالم هي‬
‫صورة االسم الظاهر والحضرة اإللهية هي مرتبة االسم الباطن ‪ ،‬وحضرة االنسان‬
‫الكامل هي مظهر االسم الجامع بين االسم الظاهر واالسم الباطن ‪ . . .‬فاالنسان الكامل‬
‫برزخ بين الحضرة اإللهية والكونية ‪ ( “ . . .‬األجوبة عن االنسان الكامل ‪ .‬مخطوط‬
‫الظاهرية رقم ‪ 6824‬ص ‪220‬أ )‬
‫‪-‬يظهر من هذه الوظيفة ان االنسان الكامل ليس كمثله شيء ‪ ،‬فهو فريد في نوعه ‪،‬‬
‫راجع ما كتبه األمير عبد القادر الجزائري في المواقف ‪ .‬موقف رقم ‪ 248‬فصل ‪. 1‬‬
‫ْس َك ِّمثْ ِّل ِّه َ‬
‫ش ْي ٌء‪ ،‬بأنه تعالى أثبت لجنابه مثال وهو االنسان‬ ‫حيث يفسر قوله تعالى ‪:‬لَي َ‬
‫الكامل ‪ ،‬ونفى ان يماثل هذا المثل ‪ ( .‬دار اليقظة ‪ -‬الطبعة الثانية ‪ 1966‬ص ‪- 569‬‬
‫‪. ) 570‬‬
‫) ‪( 40‬هذه الصفة لالنسان الكامل سترد عند الكالم على “ الماسك “ راجع “ ماسك‬
‫‪“.‬‬
‫) ‪( 41‬يقول التهانوي في الكشاف ج ‪ 1‬ص ‪ “ 77‬وقال الشيخ الكبير في كتاب‬
‫الفكوك [ الكتاب لصدر الدين القونوي ] ان االنسان الكامل الحقيقي هو البرزخ بين‬
‫الوجوب واالمكان والمرآة الجامعة بين صفات القدم واحكامه وبين صفات الحدثان ‪،‬‬
‫وهو الواسطة بين الحق والخلق وبه وبمرتبته يصل فيض الحق والمدد الذي سبب لقاء‬
‫ما سوى الحق إلى العالم كله علوا وسفال ‪.‬‬
‫ولواله من حيث برزخيته التي ال تغاير الطرفين لم يقبل شيء من العالم المدد اإللهي‬
‫الوحداني لعدم المناسبة واالرتباط “ ‪. . .‬‬
‫‪-‬يقول الجنيد ‪:‬‬
‫“ الطرق كلها مسدودة على الخلق إال على من اقتفى اثر الرسول عليه الصالة‬
‫والسالم “ ‪.‬‬
‫[أبو مدين الغوث ‪ -‬عبد الحليم محمود ‪ -‬كتاب الشعب القاهرة ‪ 1973‬ص ‪ 31‬هامش‬
‫رقم ‪] . 1‬‬
‫) ‪( 42‬راجع “ كلمة “ ‪.‬‬
‫***‬
‫‪ - 67‬انسان كبير‬
‫كما اعطى “ العالم “ اسمه لنسخته ‪ ، 1‬فكان االنسان ‪ :‬العالم الصغير ‪.‬‬
‫تفرق في كونه جميع الحقائق المختصرة فيه ‪ ،‬فكان‬ ‫كذلك اعطى االنسان اسمه لمن ّ‬
‫العالم ‪ :‬االنسان الكبير ‪.‬‬
‫اذن ‪ ،‬هناك ثنائيات لفظية أطلقها الشيخ ابن العربي مسبوقا في ذلك بتيار فكري بعيد‬
‫الجذور في الفلسفات القديمة ‪ 2‬للتعبير عن فكرة ‪ :‬االنسان صورة العالم ‪.‬‬
‫فوجدت المصطلحات التالية ‪:‬‬

‫‪168‬‬
‫“ ‪“ 169‬‬

‫‪-‬انسان كبير ( العالم ) وانسان صغير ‪،‬‬


‫‪-‬عالم كبير وعالم صغير ( االنسان ) ‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪: 3‬‬
‫“ ان العالم باسره انسان كبير وروحه ‪ 4‬االنسان الكامل من نوع االنسان الصغير الذي‬
‫هو رابطة االمداد واالستمداد “ ( بلغة الغواص ق ‪. ) 30‬‬
‫“ االنسان وان صغر جرمه عن جرم العالم فإنه يجمع حقائق العالم الكبير ولهذا يسمى‬
‫العقالء العالم ‪ :‬انسانا كبيرا ‪ .‬ولم يبق في االمكان معنى اال وقد ظهر في العالم فقد‬
‫ظهر في مختصره ‪ ( “ 5‬ف ‪. ) 124 / 2‬‬

‫“ فاالنسان ‪ :‬عالم صغير ‪ ،‬والعالم ‪ :‬انسان كبير ‪ . . .‬فكان االنسان آخر مولد في العالم‬
‫َّللا جامعا لحقائق العالم كله ‪ ،‬وجعله خليفة ‪ 6‬فأعطاه قوة كل صورة موجودة‬
‫أوجده ّ‬
‫في العالم “ ( ف ‪. ) 150 / 2‬‬
‫فرق بين حدّي‬‫ولكن بما ذا أغنى الشيخ ابن العربي مفهوم هذا المصطلح ؟ وهل ّ‬
‫التشبيه اي بين االنسان الصغير واالنسان الكبير ‪ ،‬أم تركهما على مطابقتهما السابقة‬
‫في الفلسفات التي تقدمت عصره ؟‬

‫ان العالم أو االنسان الكبير عند الحاتمي ‪ ،‬حصر في كونه جميع حقائق الخلق‬
‫واالمكان ‪ ،‬فكان أحد وجهي الحقيقة الكبرى [ وجه الخلق في مقابل وجه الحق ‪] .‬‬
‫ولكن ال تكتمل للعالم هذه الجمعية إذا أخرجنا االنسان من جملته ‪ .‬فبه تكتمل صورة‬
‫العالم ‪.‬‬
‫اما إذا استثنينا منه االنسان كان كالجسد دون روح ‪.‬اذن فقد الجمعية والصورة ‪.‬‬
‫ان االنسان جزء من صورة العالم بينما العالم ليس جزءا من صورة االنسان ‪.‬‬
‫فاالنسان وحده عالم بذاته والعالم ليس عالما بذاته من دون االنسان ‪. 7‬‬

‫يقول ‪:‬‬
‫“ ما من شيء في العالم اال وله حظ في الصورة اإللهية ‪ ،‬والعالم كله على الصورة‬
‫اإللهية وما فاز االنسان الكامل اال بالمجموع ‪ . . .‬وما كملت الصورة من العالم اال‬
‫بوجود االنسان ‪ ،‬فامتاز االنسان الكامل عن العالم مع كونه من كمال الصورة للعالم‬
‫الكبير بكونه على الصورة بانفراده من غير حاجة إلى العالم ‪“ .‬‬
‫( ف ‪.)231 / 4‬‬

‫‪169‬‬
‫“ ‪“ 170‬‬

‫“ فإنه [ االنسان ] مجموع العالم من حيث حقائقه ‪ ،‬فهو عالم مستقل وما عداه فإنه‬
‫جزء من العالم ‪ . . .‬فاالنسان روح العالم ‪ 8‬والعالم الجسد ‪ ،‬فبالمجموع يكون العالم‬
‫كله هو االنسان الكبير واالنسان فيه ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 67 / 2‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬االنسان هو نسخة الكون أو العالم ‪ .‬راجع “ نسخة ‪“ .‬‬
‫) ‪( 2‬االنسان الكامل في االسالم ‪ .‬بدوي ‪ .‬ص ص ‪ 27 - 26‬حيث يقول ‪:‬فقد تبين‬
‫بفضل جيتسه‪Goetze‬انه قد تكون بصورة كاملة في إيران في القرن الخامس قبل‬
‫الميالد تفسير للعالم شامل على أساس مبدأ التناظر بين الكون األكبر والكون األصغر ‪.‬‬
‫اي المبدأ القائل بان العالم انسان كبير وبان االنسان عالم صغير ‪.‬‬
‫‪-‬الرسالة الرابعة والثالثون من رسائل اخوان الصفاء ‪ :‬في معنى قول الحكماء ان‬
‫العالم انسان كبير ‪.‬‬
‫رسائل اخوان الصفاء وخالن الوفاء ‪ .‬نشر دار صادر ‪ -‬بيروت ‪ -‬ج ‪ 3‬ص ص ‪212‬‬
‫‪، 221 -‬‬
‫‪-‬الرسالة السادسة عشرة فصل في بيان معرفة قول الحكماء ان العالم انسان كبير ‪.‬‬
‫رسائل اخوان الصفاء ج ‪ 2‬ص ص ‪. 26 - 24‬‬
‫‪-‬مجلة المشرق بيروت ‪ 1967‬ص ‪ 460‬هامش ‪ 790‬حيث يقول عثمان يحي ان‬
‫اخوان الصفاء هم أول من استعمل لفظ “ انسان كبير “ في العربية ‪.‬‬
‫) ‪( 3‬يراجع بخصوص “ انسان كبير “ عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪، 74‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪ ، 45‬ص ‪ ، 141‬ص ‪ ، 260‬ص ‪. 409‬‬
‫‪-‬كتاب نقش الفصوص ط ‪ .‬حيدراباد ص ‪، 1‬‬
‫‪-‬بلغة الغواص ق ‪، 13‬‬
‫) ‪( 4‬راجع “ روح العالم “ ‪،‬‬
‫) ‪( 5‬راجع “ مختصر ‪“ .‬‬
‫أخر خلق االنسان عن خلق العالم حتى ال يمر زمان ال يكون فيه االنسان‬ ‫َّللا ّ‬
‫) ‪( 6‬ان ّ‬
‫خليفة ‪.‬‬
‫انظر “ خليفة ‪“ .‬‬
‫) ‪( 7‬ان االنسان على الصورتين ‪ ،‬صورة الحق وصورة العالم ‪ .‬راجع “ صورة ‪“ .‬‬
‫) ‪( 8‬راجع “ روح العالم ‪“ .‬‬

‫‪170‬‬
‫“ ‪“ 171‬‬
‫أول – اخر‬ ‫‪ّ - 68‬‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الهمزة والواو والالم أصالن ‪ :‬ابتداء االمر ‪ ،‬وانتهاؤه ‪.‬‬
‫اما [ األصل ] األول ‪ :‬فاألول ‪ ،‬وهو مبتدأ الشيء ‪ . . .‬فاما األوائل فمنهم ‪. . .‬‬
‫واألصل الثاني ‪ . . .‬آل ‪ ،‬يؤول اي رجع “ ( معجم مقاييس اللغة مادة “ أول“ ) ‪.‬‬
‫“ الهمزة والخاء والراء أصل واحد اليه ترجع فروعه وهو خالف التقدم “ ( معجم‬
‫مقاييس اللغة ‪ .‬مادة آخر ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫ع ِّلي ٌم “‪. ] [ 57 / 3 1‬‬ ‫الظا ِّه ُر َو ْال ِّ‬
‫باط ُن َو ُه َو بِّ ُك ِّّل َ‬
‫ش ْيءٍ َ‬ ‫” ُه َو ْاأل َ َّو ُل َو ْاآل ِّخ ُر َو َّ‬
‫يشرح القشيري هذه اآلية في كتابه لطائف اإلشارات ج ‪ 6‬ص ‪: 99‬‬
‫“ األول “ الستحقاقه صفة القدم ‪ ،‬و “ اآلخر “ الستحالة نعت العدم ‪.‬‬
‫و “ الظاهر “ بالعلو والرفعة ‪.‬‬
‫“ والباطن “ بالعلم والحكمة ‪.‬‬
‫ويقال “ األول “ فال افتتاح لوجوده ‪.‬‬
‫و “ اآلخر “ فال انقطاع لثبوته “ الظاهر “ فال خفاء في جالل عزه ‪ “ ،‬الباطن “ فال‬
‫سبيل إلى ادراك حقه ‪،‬‬
‫ويقال “ األول “ بال ابتداء و “ اآلخر “ بال انتهاء ‪ ،‬و “ الظاهر “ بال خفاء ‪ ،‬و‬
‫“ الباطن “ بنعت العالء وعز الكبرياء ‪“ . 2‬‬
‫اذن ‪ ،‬في القرآن يأخذ األول واآلخر مفهوما زمنيا يوازي ‪ :‬األزل ‪ 3‬واألبد ‪.‬‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪: 4‬‬


‫اعتبر الشيخ ابن العربي أسمي الحق القرآنيين ‪ “ :‬األول “ و “ اآلخر “ اسمين‬
‫اضافيين ‪ ،‬ال حقيقة ذاتية لهما ‪ .‬بمعنى ان مفهومهما ال يظهر ويتضح اال بوجود‬
‫“ الخلق “ ‪ ، 5‬وسوف نرى إلى اي مدى وفق الشيخ األكبر في جعله الخلق برزخا ‪6‬‬
‫بين األول واآلخر ‪. . .‬‬
‫****‬
‫وضع الشيخ ابن العربي “ الخلق “ عامة ‪ ،‬ومقصوده من ذلك “ االنسان “ وسطا بين‬
‫حقين ‪ :‬فكل صفة يتحقق بها االنسان منبعها حق ( األول ) ومصبها حق ( اآلخر ) ‪.‬‬
‫مثال ‪ :‬وجود االنسان هو وجود عرضي بين وجودين للحق ‪:‬‬
‫وجود سبق وجود االنسان ( األول ) ووجود انتهى اليه وجود االنسان‬

‫‪171‬‬
‫“ ‪“ 172‬‬

‫( اآلخر ) ‪ .‬وهكذا كل صفة أو ميزة لالنسان ‪ ،‬ونكتفي من ذلك بنقطتين هما ‪ :‬الوجود‬
‫‪ -‬االمر ‪.‬‬
‫) ‪( 1‬في الوجود ‪:‬‬
‫نظرا ألن األول واآلخر ال يتمتعان بحقيقة ذاتية لهما فرض “ الخلق “ مفهومهما ‪: 7‬‬
‫اي الوجه الذي ننظر اليه من الخلق يتبعه “ األول “ و “ اآلخر “ ‪ ،‬فإذا نظرنا إلى‬
‫وجود الخلق كان الحق هو “ أول “ وجود الخلق بمعنى انه ‪ :‬أصل وجود الخلق ‪ .‬و‬
‫“ آخر “ وجود الخلق بمعنى ‪ :‬انه اليه المنتهى ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ ‪ . . .‬وجوهنا ( الخلق ) ‪ . . .‬مقبلة مصروفة إلى نقطة المحيط ألنا منها خرجنا ‪ ،‬فلم‬
‫كرى ‪ ،‬فبالضرورة يكون الوراء منا‬ ‫يتمكن لنا ان نستقبل بوجوهنا إال هي ‪ . . .‬واالمر ّ‬
‫للمحيط بنا ‪ . . .‬فالعالم بين النقطة والمحيط ‪ ،‬فالنقطة ‪ :‬األول ‪ ،‬والمحيط ‪ :‬اآلخر ‪.‬‬
‫فالحفظ اإللهي يصحبنا حيثما كنا فيصرفنا منه اليه واالمر دائرة ما لها طرف يشهد‬
‫فيوقف عنده ‪ . . .‬وال يزال وجه العالم ابدا إلى االسم األول الذي أوجده ناظرا ‪ ،‬وال‬
‫يزال ظهر العالم إلى االسم اآلخر المحيط الذي ينتهي اليه بورائه ناظرا ‪. . .‬‬
‫“(فتوحات ‪. ) 14 / 4‬‬

‫نصور كالم الشيخ األكبر بالرسم التالي ‪:‬‬


‫‪ - 2‬في االمر ‪:‬‬
‫هنا يلمح الشيخ ابن العربي إلى خالفة االنسان ‪ ،‬فاالمر ّّلل قبل خلق االنسان ‪ ،‬ثم خلق‬
‫االنسان فاستخلفه في األرض ونسب االمر اليه ‪.‬‬
‫وبعد موت االنسان وفنائه يرجع االمر كله إلى الحق اذن خالفة االنسان ونسبة االمر‬
‫اليه ‪.‬‬
‫برزخ بين أول وآخر ‪.8‬‬

‫‪172‬‬
‫“ ‪“ 173‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ ‪ . . .‬صح له األزل والقدم الذي انتفت عنه األولية التي لها افتتاح الوجود عن عدم ‪.‬‬
‫فال تنسب اليه األولية مع كونه األول ‪ .‬ولهذا قيل فيه اآلخر ‪ .‬فلو كانت أوليته أولية‬
‫وجود التقييد ‪ ،‬لم يصح ان يكون اآلخر للمقيد ‪ . . .‬وانما كان آخرا لرجوع االمر كله‬
‫اليه بعد نسبة ذلك الينا ‪ ،‬فهو اآلخر في عين أوليته واألول في عين آخريته ‪. “ 9‬‬
‫( فصوص ‪. ) 54 / 1‬‬
‫‪ - 3‬الفقرتان السابقتان تقوداننا ‪ ،‬من خالل اظهارهما لنسبية اطالق األولية واالخرية‬
‫على الحق ‪،‬‬

‫إلى االستنتاجات التالية التي تقررها نصوص أخرى للشيخ األكبر ‪:‬‬
‫‪ - 1‬ان “ األول “ و “ اآلخر “ هما ‪ -‬كما تكرر اثبات ذلك ‪ -‬اسمان إضافيان ّّلل‬
‫تعالى يحدد مضمونهما صفة النظرة التي نطلقها على “ الخلق “ اي االنسان ‪ :‬فإذا‬
‫نظرنا إلى صفة الوجود فيه يصبح معنى األول واآلخر “ ‪ :‬وجود “ ‪.‬‬
‫وهنا ننبه إلى أن هذا االفراغ لمضمون “ األول “ و “ اآلخر “ من كل عناصر ذاتية‬
‫تخصهما وتتبيعهما “ للخلق “ هو في الواقع بنظرة أشد عمقا تبعية للحق ‪:‬‬
‫فالخلق على الرغم من وجوده بين حقين ‪ ،‬هو بتعبير الشيخ ابن العربي ‪ .‬لم يفارق‬
‫ثبوته في العدم ( انظر “ عين ثابتة “ ) ‪ .‬فكل صفة تظهر في الخلق ليست ذاتية له بل‬
‫“ مرتبة “ ظهر فيها ‪ ،‬وهذه الصفة هي باألصالة وبالذات للحق “ أوال “ و “ آخرا ‪“ .‬‬
‫فالخلق ظهر بصفة الحق ‪ ،‬على حين ان هذه الصفة هي حقية “ أوال “ و “ اخرا “ ‪،‬‬
‫وهكذا الشيخ ابن العربي في اضافته األول واآلخر إلى الخلق ‪ ،‬انما أضافهما في‬
‫الواقع إلى أسماء الهية أخرى ومفاهيم حقية ‪.‬‬
‫‪“ - 2‬األول “ هو رتبة السبق ينعت بها السابق ‪ ،‬ولذلك قد يتعدد مضمون “ األول‬
‫“ بتعدد ميادينه ‪ ،‬ولكنه يبقى في كل حال ‪ :‬الحق ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫( أ ) “ األول له تعالى ‪ :‬اسم إضافي ال حقيقة له فيه فإنه بوجودنا وحدوث عيننا كان‬
‫له حكم األولية ‪ ،‬وبتقدير فناء أعياننا كان حكم اآلخرية ‪ ،‬ونحن من‬

‫‪173‬‬
‫“ ‪“ 174‬‬

‫شيْئا ً‬ ‫جانب الحقيقة في عين ( ولقد” َخلَ ْقت ُ َك ِّم ْن قَ ْب ُل َولَ ْم ت َكُ َ‬
‫شيْئا ً “ ) (] ‪[ 19 / 9‬لَ ْم يَ ُك ْن َ‬
‫َم ْذ ُكورا ً )[ ‪ ] 1 / 76‬فكأنا لم نكن ‪ ،‬فال أولية اذن وال آخرية إذ ال نحن ‪.‬‬
‫فبقي هو خاصة وهو المطلوب “ ( كتاب الجاللة ‪ .‬طبع حيدرآباد ص ‪. ) 5‬‬
‫ي اإللهي اسم من األسماء اإللهية كانت‬ ‫( ب ) “ واعلم أنه لما يتمكن ان يتقدم االسم الح ّ‬
‫له رتبة السبق ‪.‬‬
‫ي ‪ ،‬فهو‬ ‫ي في العالم وما في العالم اال ح ّ‬ ‫فهو المنعوت على الحقيقة باألول ‪ ،‬فكل ح ّ‬
‫فرع عن هذا األصل ‪ . . .‬كذلك بل هو الممد له بكل ما يظهر فيه ‪ . . .‬كذلك االسم‬
‫ي مع سائر األسماء اإللهية ‪ ،‬فكل اسم هو له إذا حققت االمر فيسري سره في جميع‬ ‫الح ّ‬
‫العالم فخرج على صورته فيما نسب اليه من التسبيح بحمده ‪ ( “ . . . 10‬فتوحات ‪/ 3‬‬
‫‪. )324‬‬
‫ان النص األخير يبين ان “ األول “ هو نعت لمن حاز رتبة السبق ‪ ، 11‬فهو اذن ليس‬
‫من األسماء اإللهية ذات المضمون الذاتي ألنه نعت أحدها‬
‫“ ‪ .‬فالحي “ الذي تقدم كل األسماء اإللهية نعت باألول ‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى ناحية مهمة تتعلق “ باألول “ ‪ :‬فكل أول يسري في كل ما يتأخر‬
‫عنه ‪ ،‬ومن هنا كان األول عين الباطن ‪. 12‬‬
‫فاألول صفته السريان فيما بعده ‪ .‬حتى أنه يمكن استبدال كلمة “ ساري “ عند الشيخ‬
‫ابن العربي ‪ ،‬في كل عبارة تقريبا ‪ ،‬بكلمة “ أول “ ‪ .‬مثال ‪ “ :‬النكاح الساري “ هو‬
‫“ النكاح األول “ ‪.‬‬
‫واألب الساري واالم السارية هما األب األول في الروحانيات واالم األولى اي العالية‬
‫الكبرى ‪. 13‬‬
‫ي اإللهي ‪ ،‬في النص المتقدم عندما نعت باألول في كل ما‬ ‫ولذلك ‪ ،‬سرى االسم الح ّ‬
‫تأخر عنه ‪ .‬فاضحى كل شيء في العالم حيّا عالما مسبحا ‪. 14‬‬

‫ينجلي مما تقدم ان “ األول “ عين “ اآلخر “ ‪ ،‬ومن وجه واحد ال من وجهين مختلفين‬
‫كما قد يتبادر إلى الذهن في فلسفة كفلسفة الشيخ ابن العربي توحد الحقائق وتعدد‬
‫وجوهها ‪.‬‬
‫فعلى العكس هنا ليس األول واآلخر وجهين لحقيقة واحدة بل هما حقيقة واحدة مستمرة‬
‫من وجه واحد ‪.‬‬
‫كما الحظنا في “ الوجود “ وفي “ االمر “ ‪ :‬فالحق أول وجود الخلق وآخر وجود‬
‫الخلق فهو هنا ‪ :‬وجود ‪ -‬وهو كذلك له االمر في األول وفي اآلخر ‪ .‬اذن األول عين‬
‫اآلخر ومن وجه واحد‪.‬‬

‫‪174‬‬
‫“ ‪“ 175‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ وقال [ الشاهد ] األزل ينعقد عليه األبد بما هو عليه ‪ ،‬والخاتمة عين السابقة فال‬
‫تكترث “ ( كتاب الشاهد ‪ .‬ط ‪ .‬حيدرآباد ص ‪. ) 18‬‬
‫“ وهو األول واآلخر والظاهر والباطن من وجه واحد ال بد من ذلك خالفا لما تعطيه‬
‫قوة العقل ‪ ،‬فان العقل يدل عليه من حيث مبلغة أنه أول من وجه كذا وآخر من وجه‬
‫كذا ‪ . . .‬وليس االمر كذلك ‪. “ 15‬‬
‫( شرح ترجمان األشواق ص ‪ . 85‬هامش ‪) 3‬‬
‫***‬
‫كل أول فهو إلهي صادق ال يخطئ‬
‫يقول الشيخ األكبر ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬والخير كله انما هو في األوائل أال ترى ان الخاطر األول هو اإللهي الصادق‬
‫الذي ال يخطئ ابدا ‪ . . .‬وكذلك النظرة األولى والمسموع األول والحركة األولى ‪. . .‬‬
‫فاالوائل هي الظواهر السوابق وكل ما جاء بعد الخاطر األول فهو حديث نفس يجيء‬
‫على اثره ‪ ،‬فللخاطر األول التمهيد والتوطئة “ ‪ (. . .‬فتوحات ‪. ) 152 / 4‬‬

‫“ فالمرتبة األولى لها الصدق وال تخطئ ‪ . . .‬وكذلك النظرة األولى والحركة األولى‬
‫والسماع األول ‪ ،‬وكل ّاول فهو الهي صادق فإذا أخطأ فليس بأول ‪ ( “ . . 16‬ف ‪/ 2‬‬
‫‪. ) 564‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬أشار عثمان يحي إلى مخطوط للحكيم الترمذي في مجموعة ليبزغ رقم ‪212‬‬
‫(القسم العربي )‪D C . 339‬الرسالة التاسعة والستون ورقة رقم ‪ 60‬ب ‪ - 63‬أ ‪.‬‬
‫عز وج ّل “ هو األول واآلخر والظاهر والباطن ( ‪ “ .‬راجع ختم‬ ‫عنوانها ‪ :‬تفسير قوله ّ‬
‫األولياء تحقيق عثمان يحي ‪ .‬المطبعة الكاثوليكية بيروت ص ‪. ) 64‬‬

‫‪-‬كما يشرح سهل التستري هذه اآلية ‪ :‬راجع التفسير العظيم ص ‪ 98‬البابي الحلبي ‪.‬‬
‫) ‪( 2‬ويسهب القشيري في شعرية صوفية ما يقرب من صفحتين في تعداد مرادفات‬
‫األول واآلخر والظاهر والباطن ‪ .‬فلتراجع ج ‪ 6‬ص ‪ 99‬وما بعد ‪.‬‬

‫‪175‬‬
‫" ‪" 176‬‬
‫) ‪( 3‬من المستحسن هنا ان نشير إلى أن العلماء فرقوا بين القدم واألزل ‪.‬‬
‫انظر ‪ :‬شرح جوهرة التوحيد ص ‪ 74‬الهامش رقم ( ‪ ) 1‬تعليق محمد عبد الحميد ‪.‬‬
‫) ‪( 4‬لقد بحثنا “ األول واآلخر “ عند الشيخ ابن العربي معا ‪ ،‬الن النظرة لتي تنطبق‬
‫يكرس األول أوال ‪ ،‬يجعل اآلخر‬ ‫على أحدهما تنطبق على اآلخر ‪ .‬فالسبب نفسه الذي ّ‬
‫آخر ‪ .‬وهذا سيتضح فيما يلي ‪.‬‬
‫) ‪( 5‬ال يقصد بالخلق هنا فعل “ الخلق “ بل االسم بمعنى ‪ “ :‬المخلوقات “ وعلى‬
‫األخص “ االنسان “ منها ‪.‬‬
‫) ‪( 6‬انظر “ برزخ ‪“ .‬‬
‫) ‪( 7‬انظر الفقرة “ الثالثة “ من هذا المصطلح وخاصة فيما يتعلق بمقصود الشيخ ابن‬
‫العربي من أن “ األول “ و “ اآلخر “ اسمان إضافيان ‪.‬‬
‫) ‪( 8‬يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬ألنه تعالى عين ما ظهر ‪ ،‬وسمي خلقا وبه كان االسم الظاهر واآلخر للعبد ‪.‬‬
‫وبكونه لم يكن [ العبد ] ثم كان ‪ .‬وبتوقف ظهوره عليه وصدور العمل منه كان االسم‬
‫الباطن واألول ‪ .‬فان رأيت الخلق رأيت األول واآلخر والظاهر والباطن “ ( فصوص‬
‫‪) 152 / 1‬‬
‫فالخلق برزخ بين األول واآلخر والظاهر والباطن ‪ ،‬وبما ان حقيقة البرزخ تجمع‬
‫حقائق طرفيه ‪ ،‬فان رأينا الخلق ‪ ،‬رأينا األول واآلخر ‪.‬‬
‫انظر “ برزخ ‪“ .‬‬
‫) ‪( 9‬يشرح أبو العال عفيفي هذا النص من فصوص الشيخ ابن العربي مشيرا إلى أن‬
‫أولوية وآخرية الحق ترجع إلى سبب واحد هو افتقار الموجودات اليه ‪ .‬ولكن لو كان‬
‫االفتقار يفيد األولوية فالموجود ال ينفك عن افتقاره ابدا ‪ ،‬اذن ‪ ،‬ال يشكل غنى بين‬
‫افتقارين حتى يصح اسم األول واآلخر ‪.‬‬
‫والحقيقة ان الجملة المهمة في النص هي “ كان آخرا لرجوع االمر كله اليه بعد نسبة‬
‫ذلك الينا “ ‪ .‬فهذه الجملة تثبت استخالف امر بين عدمين ‪ .‬راجع فصوص ج ‪ 2‬ص‬
‫‪. 16‬‬
‫ش ْيءٍ ِّإ َّال يُ َ‬
‫س ِّبّ ُح ِّب َح ْم ِّد ِّه ‪“[ 17 / 44 ] .‬‬ ‫) ‪( 10‬إشارة إلى اآلية ‪َ ”:‬و ِّإ ْن ِّم ْن َ‬
‫) ‪( 11‬يعرف الجرجاني األول كما يلي ‪:‬‬
‫“ األول ‪ :‬فرد ال يكون غيره من جنسه سابقا عليه وال مقارنا له “ ( التعريفات ص‬
‫‪. ) 40‬‬
‫‪-‬كما يراجع كشاف التهانوي مادة “ أول “ ج ‪ 6‬ص ‪ . 1512‬ومادة “ آخر “ ج ‪1‬‬
‫ص ‪. 67‬‬
‫) ‪( 12‬يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ وهو األول إذ كان وال هي ‪ .‬وهو اآلخر إذ كان عينها عند ظهورها ‪ .‬فاآلخر عين‬
‫الظاهر والباطن عين األول ‪ ( “ . . .‬فصوص ‪. ) 112 / 1‬‬

‫‪176‬‬
‫“ ‪“ 177‬‬
‫‪-‬انظر “ باطن ‪“ .‬‬
‫) ‪( 13‬راجع “ االم العالية الكبرى “ و “ األب األول ‪“ .‬‬
‫) ‪( 14‬راجع “ حياة ‪“ .‬‬
‫) ‪( 15‬هذا نص ألبي العال عفيفي يخالف ما يقوله الشيخ ابن العربي هنا ‪.‬‬
‫“ ‪ . . .‬الوجود كله حقيقة واحدة ‪ ،‬إذا نظرنا اليه من وجه قلنا إنه حق وإذا نظرنا اليه‬
‫من وجه آخر سميناه خلقا ‪ . . .‬وكذلك الحال في صفات االضداد التي وصف بها الحق‬
‫‪ ،‬كوصفه بأنه األول واآلخر والظاهر والباطن ‪ .‬فهو األول والباطن من حيث الذات ‪،‬‬
‫وهو اآلخر والظاهر من حيث الصفات واألسماء ‪ ،‬أو هو األول والباطن من حيث‬
‫وحدته ‪ ،‬وهو اآلخر والظاهر من حيث كثرته ‪ ( . “ . . .‬فصوص ‪. ) 50 / 2‬‬
‫ونسمح ألنفسنا بان ننتقد هذا النص في نقطتين مهمتين جدا تلقيان ضوءا على موقف‬
‫الشيخ ابن العربي من األسماء األربعة ‪ -‬الظاهر ‪ -‬الباطن ‪ -‬األول ‪ -‬اآلخر ‪.‬‬

‫‪ - 1‬يستعمل عفيفي األول والباطن بمعنى واحد في تقابل ضدي مع اآلخر والظاهر ‪.‬‬
‫والواقع ان األول والباطن ال يتخذان عند الشيخ ابن العربي معنى واحدا وذلك لعدة‬
‫أسباب أهمها ‪:‬‬
‫( أ ) خص الشيخ األكبر الحق باألولية على حين نجده يوسع رقعة “ الباطن “ فيشمل‬
‫كل الموجودات ‪ :‬كل موجود له ظاهر وباطن بينما الحق دائما هو “ األول ‪“ .‬‬
‫وزيادة في االيضاح نقول ‪ :‬ان نظرة الشيخ ابن العربي إلى األول واالخر نظرة‬
‫مرتبية على حين ان نظرته إلى الظاهر والباطن نظرة تكوينية في طبيعة الوجود ‪.‬‬
‫( ب ) ان تقابل “ األول “ و “ اآلخر “ من جهة و “ الظاهر “ و “ الباطن “ من جهة‬
‫ثانية ليس تقابل اضداد في صفات الحق كما يشير اليه عفيفي ‪ .‬بل هو في الواقع تقابل‬
‫متوازيين في الصفة الواحدة ‪ :‬بمعنى ان “ األول “ هو عين “ اآلخر “ ( في “ الوجود‬
‫“ مثال أو “ االمر “ ) وانما تقابلهما لوجود فاصل بينهما هو االنسان ‪ ،‬أو كما يسميه‬
‫الشيخ ابن العربي أحيانا “ الخط الجامع الفاصل “ ( راجع هذا المصطلح ) ‪.‬‬
‫( ج ) ان “ األول “ و “ اآلخر “ مفرغان من كل معنى ذاتي يخصهما ويرجعان في‬
‫مضمونهما إلى األسماء اإللهية األخرى والى الخلق ‪ ،‬على حين ان الباطن والظاهر‬
‫يتمتعان بمضمون ذاتي ( انظر “ ظاهر ‪ -‬باطن “ ) ‪.‬‬
‫‪ - 2‬يخلط عفيفي بين “ الظاهر “ و “ المظاهر “ فنجده يقول في آخر جملة من النص‬
‫“ وهو اآلخر والظاهر من حيث كثرته “ والحقيقة ان الكثرة هنا منبعها “ المظاهر‬
‫“ وليس “ الظاهر “ ‪ :‬ألن الظاهر هو واحد ‪ .‬وهو الحق يتعدد في المظاهر وهي‬
‫المخلوقات أو صور التجلي ‪ ( .‬انظر تجلي المعنى “ األول “ “ تجلي وجودي ‪“ ) .‬‬
‫) ‪( 16‬النص نفسه في “ كشف الغايات “ نشر عثمان يحي مجلة المشرق ‪ 1967‬ص‬
‫‪ 157‬فلتراجع ‪.‬‬
‫‪-‬هذه النظرة إلى األول لم يبتدعها شيخنا األكبر بل هذا هو الغزالي يسهب في‬
‫تبيانها ‪.‬‬
‫فليراجع كتاب األب جبر في معجم الغزالي ‪ .‬ص ص ‪. 19 - 18‬‬

‫‪177‬‬
“ 178 “

178
“ 179 “

179
‫“ ‪“ 180‬‬

‫حرف الباء‬
‫ب‬
‫‪.‬‬

‫‪180‬‬
‫“ ‪“ 181‬‬

‫‪ - 69‬الباء ‪ -‬نقطة الباء‬


‫الباء ‪ 1‬دليل الصفة في مقابل األلف دليل الذات ‪ . 2‬وهي رمز للتعين األول ‪ ، 3‬الذي‬
‫يشكل وسطا بين الواحد والكثير ‪ -‬اما نقطة الباء فتشير إلى وجود العالم اي‬
‫الموجودات ‪.‬‬
‫ووقوعها تحت الباء تمثيل لتبعية الموجودات للتعين األول ‪ ، 4‬وهي رمز االنسان‬
‫الكامل ‪ 5‬عند الصوفية ‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫َّللا عنه ‪:‬‬
‫“ بالباء ظهر الوجود ‪ ،‬وبالنقطة تميز العابد من المعبود ‪ .‬قيل للشبلي رضي ّ‬
‫أنت الشبلي ‪ ،‬قال ‪ :‬انا النقطة التي تحت البا ‪ 6‬وهو قولنا النقطة للتمييز وهو وجود‬
‫العبد بما تقتضيه حقيقة العبودية ‪.‬‬
‫َّللا عنه يقول ‪ :‬ما رأيت شيئا اال رأيت البا عليه مكتوبة ‪.‬‬ ‫وكان الشيخ أبو مدين رضي ّ‬
‫فالبا المصاحبة للموجودات من حضرة الحق في مقام الجمع والوجود ‪ ،‬اي بي قام كل‬
‫شيء وظهر ‪ . . .‬ووقع الفرق بين الباء واأللف الواصلة ‪ ،‬فان األلف تعطي الذات ‪،‬‬
‫أحق من األلف بالنقطة التي تحتها‬ ‫والباء تعطي الصفة ‪ ،‬ولذلك كانت لعين االيجاد ّ‬
‫وهي الموجودات ‪ ( “ .‬رسالة االسرار بالباء ظهور الوجود ‪ .‬ورقة ‪ 123‬أ ‪ -‬ب )‬
‫‪.7‬‬
‫“ حرف الباء ‪ . . .‬وهو مقام العقل ‪ ،‬الذي هو في ثاني مرتبة من الوجود ‪ .‬كما أن‬
‫الباء في المرتبة الثانية من الحروف ‪“ .‬‬
‫( شرح ترجمان األشواق ص ‪ 108‬هامش رقم ‪. ) 3‬‬
‫“ فاالنسان الكامل هو عين األعيان ‪ . . .‬ألنه النقطة التي تحت الباء ومحل‬
‫الفيض ‪ ( “ . . .‬معرفة الكنز العظيم مخطوط الظاهرية رقم ‪ 5570‬ق ‪154‬أ ‪) .‬‬
‫“ ومنهم ( الحروف ) خالصة خاصة الخاصة ‪ .‬وهو الباء ‪8 “ .‬‬
‫( ف ‪ -‬السفر األول ‪ -‬فقرة ‪. ) 454‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫“ ) ‪( 1‬الباء من الحروف المجهورة ومن الحروف الشفوية ‪ ،‬وسميت شفوية الن‬
‫مخرجها من بين الشفتين ‪ ( “ . . .‬لسان العرب ) ‪.‬‬

‫‪181‬‬
‫“ ‪“ 182‬‬
‫) ‪( 2‬راجع “ األلف ‪“ .‬‬
‫) ‪( 3‬اي هي رمز إلى حقيقة الحقائق التي ظهر بها الوجود استنادا إلى الحديث ‪:‬‬
‫َّللا نوري ومن نوري خلق كل شيء “ ‪ .‬فالباء هي رمز النور المقصود‬ ‫“ أول ما خلق ّ‬
‫في الحديث ‪.‬‬
‫‪-‬كما يقول صاحب لطائف االعالم ق ‪ 39‬أ ‪ “ :‬قال الشيخ (ابن العربي ) في كتابه‬
‫المسمى بالباء ‪ :‬انهم يشيرون بالباء إلى أول الموجودات ‪ ،‬وهو في الرتبة الثانية من‬
‫الوجود وبه قامت السماوات واألرض وما بينهما “ ‪. . .‬‬
‫‪-‬راجع “ تعين أول “ في هذا المعجم ‪ ،‬كما يراجع ‪:‬‬
‫كتاب الجيلي “ مراتب الوجود “ ( مكتبة الجندي ص ‪ ) 4‬المرتبة الثانية في مراتب‬
‫الوجود ‪.‬‬
‫وكشاف التهانوي ج ‪ 1‬ص ‪ 109‬مادة ( ب ) ‪.‬‬
‫َّللا ‪ .‬فأشار‬
‫َّللا عنه ‪ :‬انا نقطة باء بسم ّ‬
‫‪( 4 ) “ . . .‬وقال أمير المؤمنين علي رضي ّ‬
‫بالباء إلى التعين األول ‪ ،‬الذي هو العقل األول ‪ ،‬الن الباء أول تعين في حروف‬
‫التهجي ‪ ،‬ونقطة الباء إشارة إلى وجود العالم الواقع تحت التعين األول ‪ ،‬الذي هو‬
‫َّللا عليه وسلم ‪.‬‬
‫العقل الكلي والروح األعظم المحمدي صلى ّ‬
‫معنى ان وجود العالم بالنسبة إلى الروح األعظم كالنقطة بالنسبة إلى الباء ‪ .‬في التبعية‬
‫َّللا عنه ‪ :‬انا تلك النقطة ألنه عالم لحقيقة حقائق‬
‫ووقوعها تحته ولهذا قال رضي ّ‬
‫العالم “ ‪. . .‬‬
‫( األجوبة عن االنسان الكامل ‪ -‬مخطوط الظاهرية رقم ‪ 6824‬ورقة ‪ 222‬ب) ‪.‬‬
‫) ‪( 5‬انها ترمز إلى االنسان الكامل ولذلك كثرت أقوال الصوفية في تعريفهم أنفسهم‬
‫انهم “ نقطة الباء “ ‪ .‬كما يراجع “ انسان كامل ‪“ .‬‬

‫) ‪( 6‬يشير الشيخ ابن العربي إلى هذا القول للشبلي في ابيات من الفتوحات السفر‬
‫األول فقرة ‪. 608‬‬

‫‪-‬يقول عبد الرحمن الكردي ( ت ‪ 1195 .‬ه ) تلميذ عبد الغني النابلسي في كتابه‬
‫شرح الجاللة مخطوط مطيع الحافظ ص ‪: 1‬‬
‫“ الشبلي ‪ :‬انا النقطة التي تحت الباء اعني انا العبد المميز بالذلة عن العابد الموصوف‬
‫بالعزة ‪. “ .‬‬

‫) ‪( 7‬النص نفسه في الفتوحات ج ‪ 1‬ص ‪ . 102‬كما يراجع كتاب عثمان يحي ‪Hist‬‬
‫‪et class R . G . 71‬فيما يتعلق بالباء للشيخ ابن العربي ‪.‬‬
‫) ‪( 8‬كما أن في البشر جماعة هم خالصة خاصة الخاصة المقصود بهم الك ّمل ‪ .‬كذلك‬
‫في الحروف تأخذ الباء مكانة االنسان الكامل من البشر ‪.‬‬

‫‪182‬‬
‫“ ‪“ 183‬‬
‫‪ - 70‬بحر ‪1‬‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الباء والحاء والراء ‪ .‬قال الخليل س ّمي البحر بحرا الستبحاره وهو انبساطه‬
‫وسعته ‪ . . .‬ورجل بحر ‪ ،‬إذا كان سخيا ‪ . . .‬واألصل الثاني داء ‪ . . .‬رجل بحر إذا‬
‫اصابه سالل ‪ . . .‬فإن قال قائل ‪ :‬فأين هذا من األصل األول الذي ذكر تموه في‬
‫االتساع واالنبساط ؟‬
‫قيل له ‪ :‬كله محمول على البحر ‪ .‬الن ماء البحر ال يشرب ‪ ،‬فإن شرب أورث‬
‫داء ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة مادة “ بحر “ )‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫س َّخ َر لَ ُك ُم ْالفُ ْل َك ِّلت َ ْج ِّر َ‬
‫ي فِّي‬ ‫لم يخرج مضمون بحر في القرآن عن معناه المعروف ‪َ ”:‬و َ‬
‫ْالبَ ْح ِّر بِّأ َ ْم ِّر ِّه َو َ‬
‫س َّخ َر لَ ُك ُم ْاأل َ ْن َ‬
‫هار “( ‪. ) 32 / 14‬‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫*البحر اسم قطب غيبي ‪ ،‬ولنترك الشيخ ابن العربي يروي مشاهدته القطاب األمم‬
‫السابقين ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ واما أقطاب األمم المك ّملين ‪ ،‬في غير هذه اال ّمة ممن تقدّمنا بالزمان ‪ ،‬فجماعة‬
‫ذكرت لي أسماؤهم باللسان العربي ‪ ،‬ل ّما أشهدتّهم ورايتهم في حضرة برزخية ‪. . .‬‬
‫المفرق ومداوي الكلوم ‪ ،‬والب ّكاء ‪ ،‬والمرتفع ‪. . .‬‬
‫ّ‬ ‫فكان منهم‬
‫والواسع ‪ ،‬والبحر ‪ . . .‬فهؤالء المكملون الذين سموا لنا ‪ ،‬من آدم ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬إلى‬
‫َّللا عليه وسلم “ ( الفتوحات السفر الثاني فق ‪. ) 567‬‬ ‫زمان محمد صلى ّ‬

‫****‬
‫يستعمل الشيخ ابن العربي “ البحر “ في مقابل “ البر “ للداللة على الباطن والمعنوي‬
‫في مقابل الظاهر والبدني ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ولما كان القرب بالسلوك والسفر اليه [ تعالى ] ‪ ،‬لذلك كان من صفته “ النور‬
‫ت‬ ‫وم ِّلت َ ْهتَدُوا بِّها فِّي ُ‬
‫ظلُما ِّ‬ ‫“ لنهتدي به في الطريق ‪ .‬كما قال تعالى ‪َ ”:‬جعَ َل لَ ُك ُم النُّ ُج َ‬
‫ْالبَ ِّ ّر “[ ‪ ] 97 / 6‬وهو [ السلوك ] الظاهر باالعمال البدنية‪-‬‬

‫‪183‬‬
‫“ ‪“ 184‬‬

‫“ والبحر “ [ ‪ ] 97 / 6‬وهو السلوك الباطن المعنوي ‪ ،‬باالعمال النفسية “ ( الفتوحات‬


‫السفر ‪ 3‬فق ‪. ) 179‬‬
‫“ ‪ . . .‬اجعلني [ يطلب الساجد من الحق عز وجل ] نورا يهتدي به كل من رآني في‬
‫ظلمات بر ظاهره ‪ ،‬وبحر نفسه وباطنه “ ( الفتوحات السفر ‪. )475 / 6‬‬

‫****‬
‫يستعير الشيخ ابن العربي أحيانا من البحر صفته ‪ :‬االتساع ‪ ،‬الشمول ‪ ،‬اإلحاطة ‪. . .‬‬
‫ليضيفها إلى مصطلح “ البهت “ أو “ الهباء “ مثال يبرز بذلك خروج هذا المصطلح‬
‫من ذاتيته وماهيته إلى عالقة باالنسان ‪ . . .‬عالقة عرفانية أو سلوكية في أغلب‬
‫األحيان ؛ تضع االنسان في مواجهة مضمون المصطلح ‪. 2‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬فإن الميل إلى الجانب األيمن يرمي بسالكه في بحر البهت والسكون ‪ ،‬فيخسر‬
‫عمره فتنتقص مرتبته عن مرتبة غيره ‪ . . .‬والميل أيضا إلى الجانب األيسر يلقيه في‬
‫بحر التلف وهالك األبد ‪ ،‬فالنجاة في ثبوتك على الطريق الوسطى من غير ميل إلى‬
‫أحد الجانبين ‪ ( “ . . .‬نسخة الحق ق ‪ 28‬ب ) ‪.‬‬
‫“ ‪ . . .‬أمطرت براق الهمة وخرجت عن كور هذه العمة ‪ ،‬فوقعت في بحر الهبا‬
‫فعاينت من أجاب ومن أبى ‪ ،‬فعاينت اآلخرة واألولى “ ‪. . .‬‬
‫( رسالة االتحاد الكوني ق ‪ 141‬ب )‬

‫بحر “ من الرموز العرفانية التي تتمتع بدالالت موحية ‪ ،‬استطاع الشيخ ابن العربي‬
‫ان يستغلها في بنيانه الفكري ‪ .‬فترد “ بحر “ عنده ‪ ،‬على األغلب ‪ ،‬في سياق نص‬
‫عرفاني علمي ‪ 3‬لتتضمن مفهوم ‪ :‬العلوم واالسرار ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬وقال ‪ . . .‬خضر لموسى ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬لما رأى الطائر الذي وقع على حرف‬
‫السفينة ونقر من البحر بمنقاره ‪ “ :‬أتدري ما يقول هذا الطائر في نقره في الماء ؟ “‬
‫‪ -‬قال موسى ‪ -‬عليه السالم ‪ “ : -‬ال أدري‬
‫‪ “ -‬قال ( الخضر ) ‪ “ :‬يا موسى ‪ ،‬يقول هذا الطائر ‪ :‬ما نقص علمي وعلمك من علم‬
‫َّللا ‪ ،‬اال ما نقص من هذا البحر منقاري ‪ ( “ .‬الفتوحات السفر ‪ 4‬فق ‪) 137‬‬‫ّ‬
‫“ وبين العلم والمعلوم ‪ ،‬بحور ال يدرك قعرها ‪ ، 4‬فان سر التعلّق بينهما ‪ ،‬مع تباين‬
‫الحقائق ‪ ،‬بحر عسير مركبه ‪ ،‬بل ال تركبه العبارة أصال وال اإلشارة ‪ ،‬ولكن‬

‫‪184‬‬
‫“ ‪“ 185‬‬

‫يدركه الكشف ‪ ،‬من خلف حجب كثيرة دقيقة ‪ ( “ . . .‬الفتوحات السفر ‪ 1‬فق ‪) 523‬‬
‫“ فاغطس في بحر القرآن العزيز ‪ ،‬ان كنت واسع النّفس ‪ ،‬واال فاقتصر على مطالعة‬
‫كتب المفسرين لظاهره ‪ :‬وال تغطس فتهلك ‪.‬‬
‫فان بحر القرآن عميق ‪ ( “ . . .‬الفتوحات السفر ‪ 1‬فق ‪. ) 625‬‬
‫“ فان ظلمة الجو تقترن معها ظلمة البحر تقترن معها ظلمة الموج ‪ . . .‬فظلمة الليل‬
‫ظلمة الطبع ‪ ،‬وظلمة البحر ظلمة الجهل وهو فقد العلم “ ‪ ( . . .‬ف ‪) 660 / 2‬‬
‫“ ان “ البحر “ عبارة عن العلم “ ( الفتوحات السفر ‪ 5‬فق ‪. ) 560‬‬
‫ويتضح من النصين األخيرين ان “ البحر “ عند شيخنا األكبر يشير إلى العلم فالبحر‬
‫اذن عبارة عن العلم ‪ ،‬لذلك يتوجب على القارئ ان يبحث عن مضمون مفرد “ بحر‬
‫“ في احدى الفقرات الثالث السابقة أو هذه األخيرة ‪ .‬إذ ال بد ان تنطبق عليها احدى‬
‫هذه االستعماالت التي يوردها الشيخ األكبر ‪ .‬مثال ‪.‬‬
‫باالول اتّصف *** اتيت إلى بحر البداية اغترف“ ( فتوحات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الحق‬ ‫يقول ‪ ”:‬ولما رأيت‬
‫السفر ‪ 4‬فق ‪.) 151‬‬
‫فبحر البداية ليس مصطلحا جديدا يستوجب التوقف عنده ‪ .‬بل يشمله المضمون‬
‫“ الرابع “ لكلمة “ بحر “ ‪ .‬اي “ بحر البداية “ هنا هو “ علم البداية “ ‪ .‬وهكذا يجب ان‬
‫نفهم هذا الرمز عند الشيخ ابن العربي في إضافاته بالتقنية التي طرحنا ‪.‬‬
‫****‬
‫يعبّر الشيخ األكبر عن فكرته بالوجود الواحد ‪ -‬أو وحدة الوجود كما يحلو لدارسيه ان‬
‫يطلقوا عليها ‪ -‬باشكال شتى من الصور والتمثيالت ‪:‬‬
‫الذات والظالل ‪ . . .‬الشمس ونورها ‪ . . .‬ألوان قوس القزح ‪ . .‬الخ‪. . .‬‬
‫( انظر وحدة وجود ) وهو في كل تلك التمثيالت يراعي أهمية توصيل الصورة إلى‬
‫القارئ بأصناف من المدركات السابقة والمقبولة ‪.‬‬

‫ويتكلم هنا الشيخ ابن العربي على الوجود الواحد ‪ ،‬فيرسم صورة الوجود ‪ :‬بالبحر‬
‫الواحد ‪ ،‬والبحار األربعة ‪ ،‬واألنهار األربعة ‪.‬‬

‫ولكن لماذا استعار صورة البحر والنهر للداللة على وحدته الوجودية ؟‬
‫نجيب عن ذلك ‪ ،‬بان الصورة هنا ليست مقصودة لذاتها وانما هي‬

‫‪185‬‬
‫“ ‪“ 186‬‬

‫“ مشاهدة “ ‪ ،‬وبلغتنا “ تجربة معرفية “ لالنسان ‪ .‬اذن انسجاما مع استعماله رمز‬


‫“ البحر “ في سياق عرفاني ‪ ،‬نجده يستعمله هنا للوصول إلى اثبات مقامات السالكين ‪،‬‬
‫في مشاهدتهم للوجود بالنسبة لترتيب هذا الشهود فمنهم ‪ :‬الصديق ‪ -‬والشهيد ‪-‬‬
‫وصاحب الدليل ‪ -‬وصاحب اآلفات ‪ -‬والمقربون ‪. . .‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ اشهدني الحق األنهار ‪ .‬وقال ‪ :‬تأمل وقوعها ‪ ،‬فرأيتها تقع في أربعة أبحر ‪:‬‬
‫النهر الواحد يرمي في بحر األرواح ‪ ،‬والنهر الثاني يرمي في بحر الخطاب ‪ ،‬والنهر‬
‫ويتفرع من‬
‫ّ‬ ‫الثالث يلقي في بحر الزمان والشكر ‪ ،‬والنهر الرابع يرمي في بحر الحب ‪،‬‬
‫هذه األنهار جداول تسقي زراعات الزارعين ‪.‬‬
‫ثم رميت ببصري في بحر فرأيتها تنتهي إلى بحر واحد محيط بجميعها ترمي في هذه‬
‫األبحر‬
‫‪ .‬ورأيت األنهار األربعة تتفجر من ذلك البحر المحيط ثم ترجع اليه بعد االمتزاج‬
‫بهذه األربعة األبحر ‪.‬‬
‫فقال لي ‪ :‬هذا البحر المحيط بحري وأوليك ابحري ولكن ادّعت السواحل انه لها ‪. 5‬‬
‫فمن رأى البحر المحيط قبل اال بحر واألنهار فذلك صدّيق ‪. 6‬‬
‫ومن شاهدها دفعة واحدة فذلك شهيد ‪.‬‬
‫ومن شاهد األنهار ثم البحر فذلك صاحب دليل ‪ ،‬ومن شاهد اال بحر ثم األنهار ثم‬
‫البحر فذلك صاحب آفات لكنه ناج ‪ . . .‬وإلى هذا البحر [ المحيط ] ينتهي‬
‫المقربون “ ‪ ( . . .‬مشاهد االسرار القدسية ق ق ‪) 57 - 56‬‬
‫****‬
‫يرد عند الشيخ ابن العربي لفظ “ بحرين “ القرآني ‪ ،‬فيشير النص إلى أن البحرين‬
‫هما بحري الوجوب واالمكان ‪.‬‬

‫آالء َر ِّبّ ُكما ت ُ َكذّ ِّ‬


‫ِّبان “هل‬ ‫يان ‪ .‬فَ ِّبأ َ ّ‬
‫ي ِّ ِّ‬ ‫يقول ‪َ ”:‬م َر َج ْالبَ ْح َري ِّْن يَ ْلت َ ِّق ِّ‬
‫يان ‪ .‬بَ ْينَ ُهما بَ ْرزَ ٌخ ال يَ ْب ِّغ ِّ‬
‫بالبحر الذي أوصله به ‪ ،‬فافناه عن األعيان ؟ أو بالبحر ‪ 7‬الذي فصله عنه وسماه‬
‫آالء َر ِّبّ ُكما ت ُ َكذّ ِّ‬
‫ِّبان‬ ‫األكوان ؟ أو بالبرزخ ‪ ،‬الذي “ استوى عليه الرحمن “ ؟” فَبِّأ َ ّ‬
‫ي ِّ ِّ‬
‫“ ] ‪ (“[ 55 / 21‬الفتوحات السفر ‪ 1‬فق ‪. ) 482‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يرد عند بحث هذا المصطلح جملة مصطلحات جانبية متعلقة ببحر هي ‪:‬‬
‫بحر البهت ‪ -‬بحر التلف ‪ -‬بحر الهبا ‪ -‬بحر األرواح ‪ -‬بحر الخطاب ‪ -‬بحر الشكر ‪-‬‬
‫بحر‬

‫‪186‬‬
‫“ ‪“ 187‬‬

‫الحب ‪-‬البحر الواحد المحيط ‪ -‬بحر البداية ‪ -‬بحر القرآن ‪ -‬بحر ذات الذات ‪ -‬بحر‬
‫األزل ‪ -‬بحر األبد ‪ -‬البحر األجاج ‪ -‬بحر الحقيقة ‪ -‬البحر اللدني ‪ -‬بحار ارض‬
‫الحقيقة ‪. . .‬‬

‫) ‪( 2‬من الصعب احصاء جملة المصطلحات التي يضيف إليها الشيخ ابن العربي‬
‫مفرد “ بحر “ ‪ ،‬ولكن من الممكن اعتبار ما تقدم بمثابة قاعدة عامة يمكن تطبيقها على‬
‫نصوص الشيخ األكبر ‪ ،‬والتي تتوفر فيها هذه الخاصية ‪.‬‬
‫) ‪( 3‬يكفي للتيقن من ذلك الرجوع إلى النصوص التي تضم هذا المفرد والتي أحلنا‬
‫إليها في نهاية مضمونه ‪.‬‬
‫) ‪( 4‬من الواضح ان “ بحورا ال يدرك مقرها “ تشير هنا إلى علوم واسرار بعيدة‬
‫المنال ‪.‬‬
‫) ‪( 5‬إشارة إلى “ وحدة الوجود “ فلتراجع‬
‫َّللا قبله ‪.‬‬
‫) ‪( 6‬إشارة إلى مقام الصديق ‪ :‬ما رأيت شيئا اال رأيت ّ‬
‫) ‪( 7‬يراجع بخصوص “ بحر “ عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬رسالة شق الجيب ص ‪ ( 81‬البحر ) ‪ ،‬ص ‪ ( 54‬بحر ذات الذات )‬
‫‪-‬عنقاء مغرب ص ‪67‬‬
‫‪-‬الفتوحات الجزء الرابع ص ‪ ( 338‬نهر وبحر ) ؛ ص ‪ ( 397‬األنهار والبحار ) ‪،‬‬
‫‪-‬الفتوحات السفر األول الفقرة ‪ ( 433‬البحر والعلم ) ‪ ،‬فقرة ‪ [ 539‬البحر وصفة‬
‫العمق ] فقرة ‪ [ 635‬األنهار والبحار ] ‪ -‬فقرة ‪ [ 483‬بحر األزل ‪ -‬بحر األبد ‪ -‬البحر‬
‫الذاتي االقدس ] ‪ -‬فقرة ‪ [ 481‬البحر األزلي ‪ -‬البحر األبدي ‪] .‬‬
‫‪-‬الفتوحات السفر الثاني فقرة ‪ [ 399‬بحار ارض الحقيقة ‪ -‬بحر الذهب ‪ -‬بحر‬
‫الحديد ] ‪ ،‬فقرة ‪ [ 408‬بحر التراب ] ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات السفر الرابع فقرة ‪ [ 532‬البحر ] ‪ -‬فقرة ‪ [ 533‬البحر ] ‪ -‬فقرة ‪575‬‬
‫[ البحران ] فقرة ‪ [ 638‬البحار ] ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات السفر السادس فقرة ‪ [ 120‬البحر األجاج ] ‪ ،‬فقرة ‪ [ 331‬بحر واسع ‪-‬‬
‫علم ‪ ،‬بحر الحقيقة ‪ -‬البحر اللدني ] ‪.‬‬

‫‪ - 71‬البحران‬
‫انظر “ بحر “ المعنى األخير‬

‫‪ - 72‬بدر – األبدار‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الباء والدال والراء ‪ ،‬أصالن ‪ :‬أحدهما كمال الشيء وامتالؤه ‪ ،‬واالخر‬

‫‪187‬‬
‫“ ‪“ 188‬‬

‫االسراع إلى الشيء ‪ [ .‬اما ] األول فهو قولهم لكل شيء ت ّم بدر ‪ ،‬وسمى البدر بدرا‬
‫لتمامه وامتالئه ‪ .‬وقيل لعشرة آالف درهم بدرة ‪ ،‬ألنها تمام العدد ومنتهاه‪.‬‬
‫وعين بدرة اي ممتلئة ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة ‪ ،‬مادة “ بدر “ )‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫‪-‬بدر ‪ :‬ماء بين مكة والمدينة كان لرجل يسمى بدرا فسمى به ‪ ،‬وهو في القرآن اسم‬
‫َّللاُ ِّببَ ْد ٍر َوأ َ ْنت ُ ْم أَذِّلَّةٌ ‪“( 3 / 123 ) .‬‬ ‫“ موقعة ““ َولَقَ ْد نَ َ‬
‫ص َر ُك ُم َّ‬
‫‪-‬اما لفظة “ بدر “ كاسم من أسماء القمر في مرحلة زمنية معينة فهي ليست قرآنية ‪.‬‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫ان االبدار هي احدى التمثيالت التي يستعين بها الشيخ ابن العربي لبيان جانب من‬
‫نظرياته في ‪ :‬التجلي والنور والخالفة ‪.‬‬
‫فالشمس التي لها النور باألصالة ‪ ،‬عندما تظهر في القمر عينه وتنيره كله يسمى بدرا ‪.‬‬
‫كذلك الحق في تجليه األكمل بأسمائه واحكامه على ذات الخليفة ‪ :‬ابدار ‪.‬‬
‫فالبدر ‪ :‬الخليفة ‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫َّللا مثاال في العالم لتجليه بالحكم فيه ‪ ،‬فهو الخليفة‬
‫“ ‪ . . .‬اما االبدار الذي نصبه ّ‬
‫َّللا واحكامه ‪ . . .‬كما ظهر الشمس في ذات القمر‬ ‫اإللهي الذي ظهر في العالم بأسماء ّ‬
‫فاناره كله فسمي ‪ :‬بدرا ‪.‬‬

‫فرأى الشمس نفسه في مرآة ذات البدر فكساه نورا سماه به بدرا ‪ ،‬كما رأى الحق‬
‫َّللا في العالم ‪. . .‬‬
‫[ نفسه ] في ذات من استخلفه فهو يحكم بحكم ّ‬

‫ض َخ ِّليفَةً “( ‪ ) 30 / 2‬وعلمه جميع األسماء ‪1‬‬


‫قال تعالى ‪ِّ ”:‬إ ِّنّي جا ِّع ٌل فِّي ْاأل َ ْر ِّ‬
‫واسجد له المالئكة ‪ 2‬ألنه علم أنهم اليه يسجدون ‪ ،‬فان الخليفة معلوم انه ال يظهر اال‬
‫بصفة من استخلفه ‪ ،‬فالحكم لمن استخلفه ‪.‬‬

‫قال الحق ألبي يزيد [ البسطامي ] ‪ . . . :‬اخرج إلى الخلق بصفتي فمن رآك رآني‬
‫َّللا صورة البدر مع الشمس مثال للخالفة‬
‫عظمك عظمني ‪ . . . 3‬فنصب ّ‬ ‫ومن ّ‬
‫اإللهية ‪ ( “ . . .‬ف ‪.) 556 / 2‬‬

‫‪188‬‬
‫“ ‪“ 189‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫علَى ْال َمالئِّ َك ِّة ‪“( 2 /‬‬
‫ض ُه ْم َ‬ ‫علَّ َم آ َد َم ْاألَسْما َء ُكلَّها ث ُ َّم َ‬
‫ع َر َ‬ ‫) ‪( 1‬إشارة إلى اآلية ‪َ ”:‬و َ‬
‫) ‪31‬‬
‫ساجدِّينَ ‪“( 38 / 72 ) .‬‬ ‫وحي فَقَعُوا لَهُ ِّ‬ ‫س َّو ْيتُهُ َونَفَ ْختُ فِّي ِّه ِّم ْن ُر ِّ‬
‫”) ‪( 2‬فَإِّذا َ‬
‫) ‪( 3‬راجع شطحات صوفية ‪ -‬عبد الرحمن بدوي ص ‪ - 73. 116‬بدلفي اللغة ‪:‬‬
‫“ الباء والدال والالم أصل واحد ‪ ،‬وهو قيام الشيء مقام الشيء الذاهب ‪.‬‬
‫يقال هذا بدل الشيء وبديله ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة ‪ .‬مادة “ بدل “ ) ‪.‬‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫ورد األصل “ بدل “ بالمعنى اللغوي السابق ‪ ،‬وذلك بصيغة الفعل ‪:‬‬
‫سنا ٍ‬
‫ت “( ‪. ) 70 / 25‬‬ ‫س ِّيّئاتِّ ِّه ْم َح َ‬ ‫بدل ‪ ،‬بدلنا ‪ ،‬بدلوا ‪ ،‬يبدلوا ‪ ”. . .‬فَأ ُ ْولئِّ َك يُبَ ِّ ّد ُل َّ‬
‫َّللاُ َ‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫ان الوالية “ دولة “ قائمة باطنة في مقابل دولة الظاهر كما سبق لنا الكالم على ذلك‬
‫في معرض بحثنا لالمامين ‪ ، 1‬وهذه الدولة يترأسها القطب أو الغوث يليه االمامان ثم‬
‫األوتاد األربعة فاالبدال السبعة ‪. 2‬‬
‫لن نطول في الكالم ‪ ،‬وبخاصة ان مفهوم “ االبدال “ لم يستحدثه الشيخ ابن العربي ال‬
‫لفظا وال مضمونا ولذلك سنكتفي بايراد أقواله لبيان موقفه من الموضوع فقط ‪ ،‬أسوة‬
‫بغيره من المتصوفة ‪: 3‬‬
‫ان البدلية تطلق باالشتراك على حال معينة ‪،‬‬

‫وعلى مقام معين ‪:‬‬


‫حال البدلية ‪ :‬تبدل الصفات المحمودة بالصفات المذمومة ‪.‬‬
‫مقام البدلية ‪ :‬مقام ذو مواصفات معينة تنطبق على عدد محدود من “ الرجال ‪“ :‬‬
‫أربعون عند بعض وسبعة عند آخرين ‪.‬‬

‫‪189‬‬
‫“ ‪“ 190‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪: 4‬‬
‫) ‪ “( 1‬حالة البدلية ‪ :‬وذلك ان العبد لما انخلع عن صفاته الفانية ‪ ،‬خلع عليه المولى‬
‫من صفاته الباقية ‪.‬‬
‫فبي يسمع وبي يبصر ‪ ، 5‬فتبدلت الصفات بالصفات وهذه الحالة أعلى الحاالت “‬
‫(األجوبة الاليقة عن األسئلة الفايقة ‪ -‬مخطوط الظاهرية رقم ‪ 4266‬ورقة ‪ 9‬ب ) ‪.‬‬
‫َّللا بهم األقاليم السبعة ‪6‬‬
‫) ‪“ ( 2‬االبدال ‪ :‬وهم سبعة ‪ .‬ال يزيدون وال ينقصون يحفظ ّ‬
‫لكل بدل إقليم فيه واليته ‪ .‬الواحد منهم على قدم الخليل عليه السالم ‪ . . .‬والثاني على‬
‫قدم الكليم عليه السالم ‪ ،‬والثالث على قدم هارون ‪ ،‬والرابع على قدم إدريس ‪،‬‬
‫والخامس على قدم يوسف ‪ ،‬والسادس على قدم يس ‪ ،‬والسابع على قدم آدم على الكل‬
‫السالم ‪. . .‬‬
‫وسموا هؤالء ابداال ‪ ،‬لكونهم إذا فارقوا موضعا ويريدون ان يخلفوا بدال منهم في ذلك‬
‫الموضع ‪ ،‬المر يرونه مصلحة وقربة يتركون به شخصا على صورته ‪ ،‬ال يشك أحد‬
‫ممن أدرك رؤية ذلك الشخص انه عين ذلك الرجل ‪ ،‬وليس هو ‪ ،‬بل هو شخص‬
‫روحاني يتركه بدله بالقصد على علم منه ‪ ،‬فكل من له هذه القوة فهو البدل “ “ ( ف‬
‫‪.)/72‬‬
‫“ فاالبدال سبعة ‪ . . .‬سموا ابداال لكونهم إذا مات واحد منهم كان لآلخر بدله ‪. . .‬‬
‫وقيل سموا ابداال ألنهم أعطوا من القوة ‪ ،‬ان يتركوا بدلهم حيث يريدون ‪ ،‬المر يكون‬
‫في نفوسهم على علم منهم ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 160 / 1‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬راجع “ امامين ‪“ .‬‬
‫) ‪( 2‬يختلف عدد االبدال باختالف نظرية المتصوفة ‪ -‬فمنهم من يجعل االبدال أربعين‬
‫نفسا ‪ ،‬راجع ‪:‬‬
‫‪-‬فتوحات ‪160 / 1‬‬
‫‪-Essai L . Massignon p . 113-‬تاريخ التصوف في االسالم قاسم غني ‪-‬‬
‫ترجمة صادق نشأة القاهرة ‪ 1970‬ص ‪ 329‬حيث نقل عن الهجويري ان عدد االبدال‬
‫أربعون ‪.‬‬
‫‪-‬طبقات األولياء ص ‪ 146‬حيث يقول محمد بن علي بن جعفر الكتاني ان االبدال‬
‫أربعون ‪.‬‬
‫‪-‬نفحات الشاذلية ‪ .‬حسن العدوي ج ‪ 2‬ص ‪. 99‬‬

‫‪190‬‬
‫“ ‪“ 191‬‬
‫‪-‬تعريفات الجرجاني ص ‪. 44‬‬
‫‪-‬طبقات األولياء ص ‪. 242 ، 226 ، 146‬‬
‫‪-‬نوادر األصول الترمذي ص ‪. 51‬‬
‫‪-‬وقد بين ماسينيون موقف المفكرين الذين سبقوا الشيخ ابن العربي من “ االبدال “ ‪،‬‬
‫فاستوفى البحث على ايجازه ‪.‬‬
‫لذلك نرجع القارئ إلى كتابي ماسينيون ابتعادا عن الترداد ‪Essai p . 112‬‬
‫‪Passion 754‬‬
‫مع ضرورة مراجعة الهوامش ألنها مثقلة بمراجع تفيد الموضوع ‪.‬‬
‫) ‪( 3‬من يريد االستزادة من هذا الموضوع فليراجع الكشاف التهانوي ج ‪ 1‬ص ‪136‬‬
‫‪. 137 -‬‬
‫) ‪( 4‬راجع كالم الشيخ ابن العربي عن البدل واالبدال ‪:‬‬
‫‪-‬فتوحات ج ‪ 1‬ص ‪ 40‬ص ‪154‬‬
‫‪-‬فتوحات ج ‪ 2‬ص ‪455‬‬
‫‪-‬مشاهد االسرار القدسية ص ‪14‬‬
‫‪-‬االصطالحات ص ‪286‬‬
‫‪-‬رسالة روح القدس ‪ .‬حيث أورد نصا عن ذي النون المصري حين سئل ان يصف‬
‫َّللا تعالى على خلقه ‪ ،‬ألبسهم النور الساطع من محبته ‪،‬‬‫االبدال قال ‪ . . . “ :‬فهم حجج ّ‬
‫ورفع لهم اعالم الهداية إلى مواصلته ‪ . . .‬وطهر أبدانهم بمراقبته ‪ . . .‬فهممهم اليه‬
‫سائرة ‪ ،‬وأعينهم بالغيب اليه ناظرة ‪ ( “ . . .‬ص ص ‪. ) 25 - 24‬‬
‫) ‪( 5‬إشارة إلى مقام “ قرب النوافل “ ‪ .‬راجع “ قرب النوافل ‪“ .‬‬
‫) ‪( 6‬لمعرفة هذه األقاليم السبعة التي أوردها بطليموس في كتاب الجغرافيا راجع‬
‫مقدمة ابن خلدون طبع دار احياء التراث العربي ‪ -‬بيروت ‪ -‬الطبعة الرابعة من ص‬
‫‪ - 52‬إلى ص ‪. 81‬‬
‫صل ابن خلدون اقسام المعمور السبعة التي ذكرها الحكماء مع بيان الحدود‬ ‫حيث يف ّ‬
‫الجغرافية لكل قسم ‪ .‬كما أن توزيع بعض األنبياء على األقاليم السبعة يوازي توزيعهم‬
‫على أفالك الكواكب السيارة ‪.‬‬
‫إبراهيم ‪ -‬فلك زحل ‪ -‬موسى ‪ -‬فلك المشترى ‪ -‬داود ‪ -‬فلك المريخ إدريس ‪ -‬فلك‬
‫الشمس ‪ -‬يوسف ‪ -‬فلك الزهرة ‪ -‬عيسى ‪ -‬فلك عطارد آدم ‪ -‬فلك القمر‬
‫فالترتيب حاصل في األرض كما هو حاصل في السماء ‪.‬‬
‫***‬
‫‪ – 74‬البرزخ‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ البرزخ ‪ :‬الحاجز بين الشيئين ‪ ،‬والبرزخ ما بين الدنيا واآلخرة ‪ ،‬من وقت الموت‬
‫إلى البعث ‪.‬‬
‫فمن مات فقد دخل البرزخ ‪ . . .‬برازخ األعيان ‪ :‬ما بين أوله‬

‫‪191‬‬
‫“ ‪“ 192‬‬
‫واخره ‪ ،‬أو ما بين الشك واليقين “ ( أقرب الموارد ‪ .‬الشرتوني ‪ .‬مادة برزخ ) ‪.‬في‬
‫القرآن ‪:‬‬
‫وردت لفظة “ برزخ “ في القرآن في ثالثة أماكن ؛ بالمعنيين اللغويين السابقين ‪:‬‬
‫يان بَ ْينَ ُهما بَ ْرزَ ٌخ ‪1‬ال يَ ْب ِّغ ِّ‬
‫يان ‪“ ( 55 /‬‬ ‫‪ - 1‬الحاجز بين الشيئين ‪َ ”:‬م َر َج ْالبَ ْح َري ِّْن يَ ْلت َ ِّق ِّ‬
‫‪20 ) .‬‬
‫‪ - 2‬البرزخ ما بين الدنيا واآلخرة ‪َ ”.‬و ِّم ْن َورائِّ ِّه ْم بَ ْرزَ ٌخ ِّإلى يَ ْو ِّم يُ ْبعَثُونَ “( ‪/ 23‬‬
‫‪) 100‬عند الشيخ ابن العربي ‪: 2‬‬
‫*استعمل الشيخ ابن العربي “ البرزخ “ بمعناه الديني ‪ ،‬الذي يوحي بالمكان ‪ :‬البرزخ‬
‫عالم نفارق اليه باألجساد في حال الموت ‪ ،‬ونفارق اليه باألرواح أو األنفس في حال‬
‫النوم ‪ .‬فهو عالم خيال متجسد ‪ -‬وهو المنزل األول من منازل اآلخرة ‪. 3‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫) ‪“( 1‬فالعموم عند كشف الغطاء بالموت وانتقالهم إلى البرزخ يكونون هنالك ‪ ،‬مثل ما‬
‫هم في الدنيا في أجسامهم سواء ‪ ،‬اال انهم انتقلوا من حضرة إلى حضرة أو من حكم‬
‫إلى حكم ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪. ) 288 / 3‬‬

‫والحس عنده موجود والجرح الذي‬‫ّ‬ ‫ي‪،‬‬‫“ ‪ . . .‬المريض إذا نام ‪ ،‬ال شك ان النائم ح ّ‬
‫يتألم به في يقظته موجود ‪ ،‬ومع هذا ال يجد العضو الما ‪ ،‬الن الواجد لأللم قد صرف‬
‫وجهه عن عالم الشهادة إلى البرزخ ‪ . . .‬فارتفعت عنه االآلم الحسية وبقي في‬
‫البرزخ ‪ . . .‬فإذا استيقظ ‪ . . .‬وهو رجوع نفسه إلى عالم الشهادة ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪3‬‬
‫‪. ) 75 /‬‬

‫) ‪“ ( 2‬فان الدنيا باالنسان حامل ‪ ،‬والهرم شهر والدتها ‪ ،‬فتقذفه من بطنها إلى البرزخ‬
‫وهو المنزل األول من منازل اآلخرة فيتربى فيه كما يتربى المولود إلى يوم‬
‫البعث ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪. ) 282 / 4‬‬
‫***‬

‫‪192‬‬
‫“ ‪“ 193‬‬
‫معرف ‪.‬‬
‫*عندما يستعمل الشيخ ابن العربي لفظ “ برزخ “ غير ّ‬
‫يقصد به حقيقة أو مرتبة لها عدة صفات ‪:‬‬
‫هي مرتبة الجامع الفاصل بين عالمين أو حالين أو مرتبتين أو صفتين ‪ . . .‬هما في‬
‫الواقع متناقضان‪.‬‬

‫‪ - 4‬وهذا البرزخ الجامع الفاصل ‪ ،‬استفاد الشيخ ابن العربي صفته “ الفاصلة “ من‬
‫المعنى اللغوي للكلمة ‪ ،‬وأضاف صفته “ الجامعة “ االيجابية التي انفرد بها ‪ .‬فالبرزخ‬
‫عنده يقابل الطرفين المتناقضين بذاته ‪ ،‬يجمع في ذاته حقيقتهما ويقابلهما بوجهيه دون‬
‫ان ينقسم بل يبقى في وحدته ‪. 5‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ ‪ . . .‬فان الكمال في البرازخ ‪ 6‬أظهر منه في غير البرازخ ‪ ،‬ألنه يعطيك العلم بذاته‬
‫وبغيره ‪ ،‬وغير البرزخ يعطيك العلم بذاته ال غير ‪ ،‬الن البرزخ مرآة للطرفين ‪ ،‬فمن‬
‫ابصره ابصر فيه الطرفين ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪.) 139 / 3‬‬
‫“ وبين كل موطنين من ظهور وخفاء يقع تجلي برزخي ‪ . . .‬ليحفظ هذا البرزخ وجود‬
‫الطرفين ‪ ،‬فال يرى كل طرف منها حكم الطرف اآلخر ‪ ،‬والبرزخ له الحكم في‬
‫الطرفين ‪ . . .‬فالعالم بين األبد واألزل ‪ :‬برزخ به انفصل األبد من األزل ‪ ،‬لواله ما‬
‫ظهر لهما حكم ولكان االمر واحدا ال يتميز “ ‪ ( . . .‬الفتوحات ‪. ) 108 / 3‬‬
‫“ فحقيقة البرزخ ان ال يكون فيه برزخ ‪ . . .‬فيكون بذاته عين كل ما يلتقي به فيظهر‬
‫الفصل بين األشياء ‪ ،‬والفاصل واحد العين “ ‪ ( . . .‬فتوحات ‪. ) 518 / 3‬‬
‫لن نستطيع ان نعدد البرازخ عند الشيخ ابن العربي فهذا ما ال يمكن ابدا ‪ ،‬الن كل‬
‫جامع فاصل بين مطلق امرين هو ‪ :‬برزخ ‪.‬‬
‫فعالم المثال ‪ :‬برزخ بين عالم األرواح المجردة وعالم األجساد ‪ .‬وعالم النبات ‪ :‬برزخ‬
‫بين الحيوان والمعدن ‪ ،‬والنفس ‪:‬‬
‫برزخ بين حكمي الفجور والتقوى ‪ . . . 7‬والخيال ‪ :‬برزخ ألنه ال موجود وال معدوم ‪،‬‬
‫وال معلوم وال مجهول ‪ .‬وال منفي وال مثبت ‪. 8‬‬

‫وسنكتفي بان نورد نصا للشيخ ابن العربي يتناول أحد أنواع البرازخ وهو الثبوت ‪.‬‬
‫فالثبوت ‪ :‬برزخ بين الوجود والعدم ‪ .‬وقد اخترنا الثبوت لما له من األهمية عند الشيخ‬
‫األكبر ‪ 9‬يقول ‪:‬‬
‫“ فما من متقابلين اال بينهما برزخ ال يبغيان ‪ ،‬اي ال يوصف أحدهما بوصف اآلخر ‪،‬‬
‫الذي به يقع التميز ‪ . . .‬فهو كالحال الفاصل بين الوجود والعدم ‪ ،‬فهو ال موجود وال‬
‫معدوم ‪ ،‬فان نسبته إلى الوجود وجدت فيه منه رائحة لكونه ثابتا ‪ ،‬وان نسبته إلى‬

‫‪193‬‬
‫“ ‪“ 194‬‬

‫العدم صدقت ‪ ،‬ألنه ال وجود له ‪ . . .‬ثم إن هذا البرزخ الذي هو الممكن بين الوجود‬
‫والعدم سبب نسبة الثبوت اليه مع نسبة العدم ‪ ،‬هو مقابلته لالمرين بذاته “ ‪ ( . . .‬ف ‪3‬‬
‫‪. ) 47 /‬‬
‫****‬
‫عندما يستعمل الشيخ ابن العربي لفظ “ برزخ “ معرفا غير مضاف ‪ ،‬يشير به إلى‬
‫“ حقيقة االنسان “ التي جمعت بذاتها الصورتين ‪ :‬الحقيقة والخلقية ‪ ،‬فكانت نسختين‬
‫ذات نسبتين ‪ :‬نسبة تدخل بها إلى الحضرة اإللهية ‪ ،‬ونسبة تدخل بها إلى الحضرة‬
‫الكونية ‪ .‬فهي برزخ بين العالم والحق ‪ -‬وهي “ مرتبة االنسان الكامل “ ‪ “ .‬فالبرزخية‬
‫“ هنا وظيفة االنسان الكامل ‪ ، 10‬الحد الجامع الفاصل ‪ 11‬بين الظاهر والباطن ‪. .‬‬
‫بين الحق والعالم ‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫) ‪“ ( 1‬فكأنه [ االنسان ] برزخ بين العالم والحق ‪ ،‬وجامع لخلق وحق ‪ ،‬وهو الخط‬
‫الفاصل بين الحضرة اإللهية والكونية ‪ ،‬كالخط الفاصل بين الظل والشمس وهذه‬
‫حقيقته ‪ ( “ .‬انشاء الدوائر ‪ -‬ص ‪. ) 22‬‬
‫“ وأنشأه [ االنسان ] برزخا جامعا للطرفين ‪ ( “ . . .‬عقله المستوفز ‪ -‬ص ‪. ) 42‬‬
‫) ‪ “ ( 2‬فان الحضرة اإللهية على ثالث مراتب ‪ :‬باطن وظاهر ووسط ‪ ،‬وهو ما‬
‫يتميز به الظاهر عن الباطن وينفصل عنه ‪ ،‬وهو البرزخ ‪ ، 12‬فله وجه إلى الباطن‬
‫ووجه إلى الظاهر ‪ ،‬بل هو الوجه عينه فإنه ال ينقسم ‪.‬‬
‫وهو االنسان الكامل اقامه الحق برزخا بين الحق والعالم ‪ 13‬فيظهر باألسماء اإللهية‬
‫فيكون حقا ‪ ،‬ويظهر بحقيقة االمكان فيكون خلقا ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪/ 391 ) . 2‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫‪( 1 ) -‬يقول سهل التستري في شرح البرزخ في هذه اآلية ‪ “ :‬وهو [ البرزخ ]‬
‫العصمة والتوفيق “ ( التفسير العظيم ص ‪. ) 97‬‬
‫‪-‬اما القشيري فيكتفي في اآلية نفسها بالمعنى اللغوي يقول “ ‪ :‬برزخ اي حاجز بقدرته‬
‫لئال يغلب أحدهما اآلخر ‪ ،‬أراد به البحر العذب والبحر المالح “ ‪. . .‬‬
‫( لطائف اإلشارات ج ‪ 6‬ص ‪) 75‬‬
‫‪-‬كما يراجع كتاب “ الغريبين “ غريبي القرآن والحديث للهروي ( ت ‪401‬هـ ) ص‬
‫ص ‪ ، 157 - 155‬حيث شرح اللفظ في القرآن ‪ ،‬وفي حديث لعلي بن أبي طالب‬
‫َّللا عنه حيث قال ‪ “ :‬انه صلى بقوم فأسوى برزخا ‪“ .‬‬ ‫رضي ّ‬

‫‪194‬‬
‫“ ‪“ 195‬‬

‫) ‪( 2‬راجع بخصوص معنى “ البرزخ “ في التصوف ‪:‬‬


‫‪-‬اصطالحات الصوفية ‪ .‬للقاشاني ‪ .‬مادة “ برزخ ‪“ .‬‬
‫‪-‬لطائف االعالم ‪ .‬مادة “ برزخ “‬
‫‪-‬تعريفات الجرجاني ص ‪. 45‬‬
‫‪-‬دائرة المعارف االسالمية ( الطبعة الفرنسية ) مادة برزخ ‪.‬‬
‫‪-‬مطلع خصوص الكلم ‪ .‬القيصري ص ‪. 21‬‬
‫‪-‬األجوبة عن االنسان الكامل ص ‪ 22‬أ ‪.‬‬
‫‪-‬شفاء السائل لتهذيب المسائل ‪.‬‬
‫فهرس المصطلحات ‪“ :‬البرزخ الجامع” "برزخ العلم "‬
‫‪-‬رسالة اصطالحات الصوفية ‪ .‬عز الدين عبد السالم بن غانم المقدسي ‪ .‬مخطوط‬
‫الظاهرية رقم ‪ 5524‬ورقة ‪ 79‬أ ‪.‬‬
‫‪-‬رسالة األجوبة عن االنسان الكامل ‪ .‬مخطوط الظاهرية رقم ‪ 6824‬ورقة ‪ 220‬أ ‪-‬‬
‫‪ 220‬ب‬
‫‪-‬الكشاف ‪ .‬للتهانوي ص ص ‪ . 115 - 114‬مادة برزخ ‪.‬‬
‫) ‪( 3‬يراجع بخصوص المعنى األول لكلمة “ برزخ “ عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 1‬ص ‪5‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪ [ 204 ، 250 ، 433 ، 353 ، 270 ، 188 ، 12‬ليل‬
‫البرزخ ] ‪.‬‬
‫‪-‬فصوص الحكم ج ‪ 1‬ص ‪. 213‬‬
‫‪-‬الفتوحات السفر الرابع ‪ .‬فقرة ‪598 ، 595 ، 528 ، 352 ، 330 ، 189 ، 15‬‬
‫‪. 637 ، 636 ، 624 ، 600 ،‬‬
‫) ‪( 4‬انظر الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪. 46‬‬
‫) ‪( 5‬يراجع بخصوص المعنى الثاني ‪ .‬للبرزخ عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 1‬ص ‪163 ، 54‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪158 ، 46‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪274 ، 139‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪. 344 . 337 . 328‬‬
‫‪-‬ترجمان األشواق ص ‪ ، 105 ، 34‬ص ص ‪138 - 137‬‬
‫‪-‬كتاب الجاللة ط ‪ .‬حيدرآباد ص ‪. 3‬‬
‫‪-‬عنقاء مغرب ص ‪. 53‬‬
‫‪-‬روح القدس ص ‪. 132 ، 64‬‬
‫‪-‬االصطالحات ص ‪. 296‬‬
‫‪-‬الفتوحات ‪ .‬السفر الرابع فقرة ‪. 575‬‬
‫) ‪( 6‬نظرا لجمع البرزخ بين طرفين حاز مرتبة الكمال عليهما ‪ ،‬فالبرزخ بين‬
‫الشيئين أكمل منهما ألنه يجمع في ذاته حقائقهما ‪ ،‬وال يخفي ما لمعنى الكمال عند‬
‫الشيخ ابن العربي من نظرة انطولوجية ‪.‬‬

‫‪195‬‬
‫“ ‪“ 196‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ فان البرزخ أوسع الحضرات جودا ‪ ،‬وهي مجمع البحرين ‪ :‬بحر المعاني وبحر‬
‫المحسوسات ‪ . . .‬هو يجسد المعاني ويلطف المحسوس ( “ ‪ . . .‬فتوحات ‪/ 3‬‬
‫‪) . 361‬‬
‫‪-‬الموضوع نفسه فتوحات ‪. 537 / 3‬‬

‫) ‪( 7‬انظر الفتوحات ‪ .‬السفر الرابع فقرة ‪. 413‬‬


‫) ‪( 8‬انظر الفتوحات ‪ .‬السفر الرابع ‪ .‬الفقرتان ‪. 577 - 576‬‬
‫) ‪( 9‬راجع “ ثبوت “‬
‫) ‪( 10‬راجع “ انسان كامل “‬
‫) ‪( 11‬راجع “ الحد الجامع الفاصل “ وما له من وظيفة انطولوجية ‪.‬‬
‫) ‪( 12‬راجع الموضوع نفسه عند الشيخ ابن العربي ‪ .‬مرآة العارفين ‪ .‬ورقة ‪. 6‬‬
‫) ‪( 13‬راجع “ شرح الجاللة “ ورقة ‪. 4‬‬

‫‪ - 75‬البرزخ األعظم‬
‫البرزخ األعظم ‪ -‬الخيال ‪.‬‬
‫انظر “ خيال “ ‪.‬‬

‫‪ - 76‬برنامج ‪ -‬البرنامج الجامع‬


‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ البرنامج ‪ :‬الورقة الجامعة للحساب تعريب بارنامه ‪ .‬وهو في أصله الفارسي ‪:‬‬
‫أسباب التجمل والحشمة والمهمة وتحميل المنّة ‪ ،‬ويطلق أيضا على الفرامين‬
‫والرخصة بالدخول على الملوك ‪ ،‬وهو مركب من “ بار “ اي حمل ورخصة ‪ ،‬ومن‬
‫“ نامة “ اي رسالة ‪ ( “ .‬كتاب االلفاظ الفارسية المعربة ‪ .‬تأليف السيد ادي شير‬
‫المطبعة الكاثوليكية بيروت ‪ 1908‬ص ‪. ) 15‬‬
‫ولكن الدكتور محمد التونجي ال يوافق السيد ادي شير في ارجاعه لفظ برنامج إلى‬
‫الكلمة الفارسية المركبة ‪ “ :‬بار “ “ نامة “ ‪ .‬ويرجعه إلى لفظ “ برنامه “ ‪. 1‬‬

‫‪196‬‬
‫“ ‪“ 197‬‬

‫“ برنامه ( معربة ‪ -‬فصحى ) ‪ :‬عنوان ‪ .‬مقدمة ‪ .‬نظام ‪ .‬حفل أو مجلس ‪“ .‬‬


‫( المعجم الذهبي ‪ .‬فارسي عربي ‪ .‬ص ‪. ) 110‬‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫الكلمة غير قرآنية ‪.‬‬
‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫استعمل الشيخ ابن العربي اللفظ الفارسي برنامج ‪ ،‬بمعنى نسخة ‪ 2‬أو صورة ‪ 3‬أو‬
‫مختصر ‪. 4‬‬
‫فاالنسان عنده هو “ برنامج العالم “ ‪ ،‬يقابل في فلسفته ‪ :‬نسخة العالم ‪ -‬مختصر العالم‬
‫‪ -‬صورة العالم ‪.‬‬
‫فهو من جهة ‪ “ :‬البرنامج “ الذي جمع في كونه الصغير كل الحقائق المتفرقة في العالم‬
‫الكبير ‪ -‬ومن جهة ثانية يقابل الحضرة اإللهية بذاته من حيث كونه نسخة أو صورة‬
‫الحق ‪.‬‬
‫فاالنسان الكامل صورة الحضرتين ‪ : 5‬الحقية والخلقية ‪ ،‬وبالتالي برنامج جامع‬
‫للصورتين ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ ) ‪( 1‬االنسان ‪ . . .‬إذ هو ثمرة جميع العالم وبرنامجه “ ( بلغة الغواص ص‬
‫‪. ) 31‬‬
‫“ ‪ . . .‬االنسان ‪ . . .‬وهو العالم ‪ ،‬برنامج جامع “ ( ف ‪. ) 339 / 4‬‬
‫“ ) ‪( 2‬ولذلك قال في خلق آدم ‪ ،‬الذي هو البرنامج الجامع لنعوت الحضرة اإللهية ‪،‬‬
‫َّللا خلق آدم على صورته “ ( فصوص ‪/ 1‬‬ ‫التي هي الذات والصفات واالفعال “ ان ّ‬
‫‪) 199‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬لم يشر الدكتور التونجي بخصوص لفظة “ بارنامة “ ( ص ‪ ) 94‬التي وافق‬
‫السيد ادي شير في مدلولها ‪ ،‬إلى أنها معربة ‪.‬‬
‫بالعكس من كلمة “ برنامة “ الذي اكد انها معربة ‪ .‬اذن ‪ ،‬كلما برنامج مشتقة من‬
‫“ برنامة “ وليس من “ بار “ “ نامة “ ‪.‬‬
‫ومما يؤكد ما ذهب اليه ان المعاجم العربية تفسر كلمة “ برنامج “ بالمعنى الذي تعطيه‬
‫لفظة برنامة ‪ -‬وليس بار ‪ -‬نامة ‪ ( .‬راجع المنجد األبجدي ‪ .‬الطبعة الثانية ‪ .‬المطبعة‬
‫الكاثوليكية بيروت ص ‪. ) 199‬‬

‫‪197‬‬
‫“ ‪“ 198‬‬
‫) ‪( 2‬راجع “ نسخة “‬
‫) ‪( 3‬راجع “ صورة “‬
‫) ‪( 4‬راجع “ مختصر “‬
‫) ‪( 5‬راجع “ انسان كامل “ “ وصورة "‪.‬‬

‫‪ - 77‬البرنامج األكمل‬
‫كما تقدم في لفظ البرنامج الجامع من أن الشيخ ابن العربي استعمله للداللة على‬
‫االنسان الخليفة ‪ ،‬الذي استحق الخالفة ‪،‬‬
‫بقبوله الصورتين ‪ :‬الحقية والخلقية ‪.‬‬
‫اما البرنامج األكمل فهو االنسان الكامل أيضا ‪ ،‬ولكن كماله ليس تحققا ‪ ،‬بل له‬
‫باألصالة ‪ ،‬اي هو شخص محمد صلّى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم نفسه ‪. 1‬‬
‫وكل ما يورد الشيخ األكبر من أفعال التفضيل الثبات أسبقية في الرتبة والذات ‪.‬‬
‫فكثيرا ما تكون لتمييز الحقيقة المحمدية وكمالها عن بقية الكماالت االنسانية ‪.‬‬
‫فاالنسان هو البرنامج الجامع الكامل ‪ ،‬ومحمد صلّى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم هو البرنامج‬
‫األكمل ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ ‪ . . .‬محمدا صلّى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ . . .‬فإنه المجموع األتم والبرنامج األكمل “‬
‫( فتوحات ‪. ) 61 / 4‬‬
‫) ‪( 1‬راجع “ انسان كامل “ ‪.‬‬

‫‪ - 78‬البرق‬
‫انظر “ الشهود الذاتي "‪.‬‬

‫‪ - 79‬البسط‬
‫انظر “ القبض “‬

‫‪198‬‬
‫“ ‪“ 199‬‬

‫‪ – 80‬بشر‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الباء والشين والراء أصل واحد ‪ :‬ظهور الشيء مع حسن وجمال ‪ .‬فالبشرة ظاهر‬
‫جلد االنسان ‪ ،‬ومنه باشر الرجل المرأة ‪ ،‬وذلك افضاؤه ببشرته إلى بشرتها ‪.‬‬
‫وسمي البشر بشرا لظهورهم ‪ .‬والبشير الحسن الوجه ‪ .‬والبشارة الجمال ‪ ( “ .‬معجم‬
‫مقاييس اللغة مادة “ بشر “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫وردت لفظة “ بشر “ في أماكن متعددة من القرآن ‪ ،‬ولكنها انحصرت في الداللة على‬
‫جنس االنسان من المخلوقات ‪. 1‬‬
‫” بَ ْل أ َ ْنت ُ ْم بَش ٌَر ِّم َّم ْن َخلَقَ ‪ ،‬يَ ْغ ِّف ُر ِّل َم ْن يَشا ُء َويُعَذّ ُ‬
‫ِّب َم ْن يَشا ُء “[ ‪.] 18 / 5‬‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫اكتسب البشر اسمهم من مباشرة الحق خلقهم بيديه ‪.‬‬
‫اذن نقطتان تفرد بهما “ البشر “ عن جميع المخلوقات ‪:‬‬
‫األولى ‪ :‬مباشرة الحق خلقهم ‪.‬‬
‫الثانية ‪ :‬ان الخلق كان بيديه تعالى ‪،‬‬
‫وذلك يعني بلغة الشيخ ابن العربي ‪ ،‬انه اظهر في البشر جميع كماالت أسمائه وصفاته‬
‫التي استحقوا بها ‪ :‬الصورة ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ ولما أوجده [ تعالى ] باليدين سماه بشرا ‪ ،‬للمباشرة الالئقة بذلك الجناب باليدين‬
‫المضافتين اليه ‪ ( “ . . . 2‬فصوص ‪. ) 144 / 1‬‬

‫“ ‪ . . .‬ما عرف مقدار البشر اال من عرف معنى ‪ :‬ما منعك ان تسجد لما خلقت بيدي‬
‫‪ ( “ 3‬فتوحات ‪. ) 410 / 4‬‬
‫“ البشر ‪ :‬لمباشرة اليدين “ ( فتوحات ‪.) 329 / 4‬‬

‫‪199‬‬
‫“ ‪“ 200‬‬

‫) ‪( 1‬راجع المعجم المفهرس أللفاظ القرآن ‪ .‬مادة “ بشر “‬


‫) ‪( 2‬راجع شرح المقطع ‪ ،‬عفيفي ‪ ،‬الفصوص ج ‪ 2‬ص ‪. 196‬‬
‫) ‪( 3‬إشارة إلى اآلية ( ‪) 75 / 38‬‬
‫****‬
‫‪ - 81‬بشّر‬
‫شرت فالنا أبشره تبشيرا ‪ ،‬وذلك‬ ‫شر في مقابل أنذر ‪ ،‬ويقال ب ّ‬ ‫تستعمل اللغة العربية ب ّ‬
‫يكون بالخير ‪ ،‬وربما حمل عليه غيره من الشر ‪ . . .‬فاما إذا اطلق الكالم ‪ ،‬فالبشارة‬
‫بالخير والنذارة بغيره “ ( معجم مقاييس اللغة مادة “ بشر ‪“ ( .‬‬
‫ولكن حين ورد في التنزيل البشارة بالعذاب ‪ ، 1‬عمدت كتب التفسير إلى الخروج من‬
‫المأزق اللغوي باعتبار اعجاز أو استعارة ضدية ‪. 2‬‬
‫اما الشيخ ابن العربي فقد فصل فعل البشارة عن موضوعها ‪ ،‬خيرا كان أم شرا ‪،‬‬
‫وربطها بأثرها في بشرة المب ّ‬
‫شر بها ‪.‬‬
‫فالبشرى سميت كذلك لما تفعله في البشرة ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ ‪ . . .‬أهل العناية يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان ‪ ،‬وأهل الحرمان” فَبَ ِّ ّ‬
‫ش ْر ُه ْم‬
‫شر به ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪/ 4‬‬ ‫ب أ َ ِّل ٍيم “‪ ] 3 / 9 [ .‬الن كل واحد أثر في بشرته ما ب ّ‬
‫ِّبعَذا ٍ‬
‫‪. ) 410‬‬

‫“ ولهذا قال [ الحق تعالى ] في الفريقين [ السعداء واألشقياء ] بالبشرى ‪ ،‬اي يقول لهم‬
‫قوال يؤثر في بشرتهم ‪ ،‬فيعدل بها إلى لون لم تكن البشرة تتصف به قبل هذا ‪ ،‬فقال في‬
‫ْوان “‪ ] 21 / 9 [ .‬وقال في حق‬ ‫ش ُر ُه ْم َربُّ ُه ْم ِّب َر ْح َم ٍة ِّم ْنهُ َو ِّرض ٍ‬
‫حق السعداء” يُبَ ِّ ّ‬
‫ب أ َ ِّل ٍيم “[ ‪. ] 3 / 9‬‬ ‫ش ْر ُه ْم ِّبعَذا ٍ‬ ‫األشقياء” فَبَ ِّ ّ‬
‫فأثّر في بشرة كل طائفة ما حصل في نفوسهم من اثر هذا الكالم “ ( فصوص ‪/ 1‬‬
‫‪. ) 118‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫ش ِّر ْال ُمنافِّ ِّقينَ بِّأ َ َّن لَ ُه ْم َ‬
‫عذابا ً أ َ ِّليما ً ‪“[ 4 / 138 ] .‬‬ ‫) ‪( 1‬إشارة إلى اآليات أمثال ‪ ”:‬بَ ِّ ّ‬

‫‪200‬‬
‫“ ‪“ 201‬‬

‫ش ِّر الَّذِّينَ َكفَ ُروا ِّبعَذا ٍ‬


‫ب أ َ ِّل ٍيم ‪“[ 9 / 3 ] .‬‬ ‫“ َوبَ ِّ ّ‬
‫بشر ‪.‬‬
‫راجع المعجم المفهرس أللفاظ القرآن ‪ .‬مادة ّ‬

‫بشر مكان انذر تهكم‬


‫) ‪( 2‬يقول البيضاوي في تفسير اآلية [ ‪ “ : ] 138 / 4‬ووضع ّ‬
‫بهم ( بالمنافقين ) “ ‪ ( .‬أنوار التنزيل ج ‪ 1‬ص ‪. ) 105‬‬

‫‪ - 82‬باطل‬
‫انظر “ حق “ المعنى “ الثاني "‪.‬‬

‫‪ - 83‬باطن‬
‫انظر “ الظاهر "‪.‬‬

‫‪ – 84‬البقاء‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الباء والقاف والياء أصل واحد ‪ ،‬وهو الدوام ‪ .‬قال الخليل ‪ :‬يقال بقي الشيء يبقى‬
‫بقاء ‪ ،‬وهو ضد الفناء ‪. . .‬‬
‫قال ابن السكيت ‪ :‬بقيت فالنا ابقيه ‪ ،‬إذا رعيته وانتظرته ‪ . . .‬االنتظار بعض الثبات‬
‫والدوام ‪“ .‬‬
‫( معجم مقاييس اللغة ‪ ،‬مادة “ بقي “ ) ‪.‬‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫حافظ األصل “ بقي “ في القرآن على معنى الدوام واالستمرار والخلود فقارب بذلك‬
‫مفهوم األبدية ‪ ،‬ولكن ليس في مقابل األزلية بل في مقابلة النفاد ‪.‬‬

‫‪201‬‬
‫“ ‪“ 202‬‬

‫ق “[ ‪/ 16‬‬ ‫“ َو ْاآل ِّخ َرة ُ َخي ٌْر َوأَبْقى “[ ‪ ”. ] 17 / 87‬ما ِّع ْن َد ُك ْم يَ ْنفَ ُد َوما ِّع ْن َد َّ ِّ‬
‫َّللا با ٍ‬
‫‪. ] 96‬‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫تبرز صعوبة خاصة في بحث المصطلحات الصوفية التي توقف عندها كل من سلك‬
‫طريقهم ‪ .‬فغصت بها كتبهم ‪ ،‬أمثال الرسالة ‪ ،‬واللمع ‪ ،‬والتعرف ومنازل السائرين ‪،‬‬
‫وعوارف المعارف ‪. . .‬‬
‫وذلك الن الشيخ ابن العربي استعملها بمفهومها القديم ‪ ،‬ثم توقف عندها لينظر إليها من‬
‫زاوية أخرى ‪ ،‬زاوية تتالءم وتكوينه الفكري ‪ ،‬فاكتست بالتالي خلعة مميزة شخصية‬
‫تخصه ‪.‬‬
‫****‬
‫يعرف التصوف القديم الفناء ‪ 1‬والبقاء تعريفا ماهويا ‪ ،‬بل كانت تعريفاته منصبة‬ ‫لم ّ‬
‫على اإلضافات مثال ‪ :‬الفناء هو فناء عن كذا وكذا ‪.‬البقاء هو بقاء بكذا وكذا ‪ .‬فتعريف‬
‫الفناء ‪ ،‬تعداد للفاني من الصفات ‪ .‬والبقاء ‪ ،‬تعداد للباقي منها ‪.‬‬
‫وهكذا كانت النظرة إلى الفناء والبقاء نظرة إضافة ال اطالق ‪ ،‬يضاف إلى ذلك انهما‬
‫حاالن متتاليان ‪ :‬بقاء بعد فناء ‪( 2 ) .‬‬
‫ولم ينج الشيخ ابن العربي من هذه النظرة إلى البقاء ‪ ،‬وان كان لم يتوقف عندها ‪ ،‬بل‬
‫لم يلبث ان تخطاها إلى تعريف ماهوي للبقاء ‪ ،‬سنحدده في النقطة ( الثانية ) ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ الفناء والبقاء ‪ ،‬فالفنا [ األصل ‪ :‬فالفنى ] ان تفنى الخصال المذمومة عن الرجل ‪،‬‬
‫والبقا ان تبقى وتثبت الخصال المحمودة في الرجل ‪ ،‬فالسالكون يتفاوتون في الفناء‬
‫والبقاء ‪ ،‬فبعضهم فني عن شهوته ‪ ،‬يعني ما يشتهيه من الدنيا ‪ ،‬فإذا فنيت شهوته ‪،‬‬
‫بقيت فيه نيته واخالصه في عبوديته ‪ ،‬ومن فني عن أخالقه الذميمة كالحسد والكبر‬
‫والبغض وغير ذلك ‪ ،‬بقي في الفتوة والصدق “ ‪. . .‬‬
‫( كتاب االرشاد مخطوط األحمدية حلب ‪ -‬رقم ‪ 797‬ورقة ‪ 148‬ب ) ‪.‬‬
‫َّللا على كل شيء من عين الفرق “ ( ف ‪) 133 / 2‬‬ ‫“ البقاء ‪ . . .‬رؤية العبد قيام ّ‬

‫‪202‬‬
‫“ ‪“ 203‬‬

‫“ كل بقاء يكون بعده فناء ال يعول عليه ‪ .‬كل فناء ال يعطي بقاء ال يعول عليه‬
‫“ ( رسالة ال يعول عليه ص ‪. ) 8‬‬
‫الفناء والبقاء حاالن مرتبطان متالزمان يكونان للشخص في زمان واحد ‪ 3‬ولكن من‬
‫نسبتين مختلفتين ‪ :‬فالفناء نسبة الشخص إلى الكون ‪ ،‬والبقاء نسبته إلى الحق ‪ -‬البقاء‬
‫نسبة ال تزول وهي نعت الهي ‪ 4‬في مقابل الفناء [ نسبة تزول وهي نعت كياني ] ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ البقاء عندنا اشرف ‪ . . .‬من نسبة الفناء ‪ ،‬الن الفناء عن األدنى في المنزلة ابدا عند‬
‫الفاني ‪ .‬والبقاء باألعلى في المنزلة ابدا عند الباقي ‪ .‬فان الفناء هو الذي افناك عن كذا‬
‫فله القوة والسلطان فيك ‪ ،‬والبقاء نسبتك إلى الحق واضافتك اليه ‪. . .‬‬
‫والفناء نسبتك إلى الكون ‪ . . .‬ونسبتك إلى الحق أعلى ‪ .‬فالبقاء في النسبة األولى‬
‫ألنهما حاالن مرتبطان فال يبقى ‪ . . .‬اال فان ‪ ،‬وال يفنى اال باق ‪.‬‬

‫والموصوف بالفناء ال يكون اال في حال البقاء ‪ ،‬والموصوف بالبقاء ال يكون اال في‬
‫حال الفناء ‪.‬‬
‫ففي نسبة البقاء شهود حق ‪ ،‬وفي نسبة الفناء شهود خلق ‪:‬‬
‫فحال البقاء أعلى من حال الفناء وان تالزما وكانا للشخص في زمان واحد ‪. . .‬‬
‫السبب الذي افناك عن كذا فهو الذي أنت باق معه ‪ . . .‬ان البقاء نسبة ال تزول وال‬
‫تحول ‪ ،‬حكمه ثابت حقا وخلقا ‪ ،‬وهو نعت الهي ‪.‬‬

‫والفناء نسبة تزول وهو نعت كياني “ ( ف ‪. ) 515 / 2‬‬


‫“ والبقاء حال العبد الثابت الذي ال يزول ‪ ،‬فان من المحال عدم عينه الثابتة ‪. . . 5‬‬
‫والبقاء نعت الوجود من حيث جوهره ‪ ،‬والفناء نعت العرض من حيث ذاته “ ( ف ‪/ 2‬‬
‫‪. ) 516‬‬

‫يتضح مما تقدم ان الشيخ ابن العربي نظر إلى البقاء والفناء نظرة انطولوجية ‪ ،‬على‬
‫حين ان التصوف السابق في غالبيته تقريبا كان ذا نظرة خلقية لهما ‪ .‬والسبب في ذلك‬
‫يعود إلى نظرتهما للتصوف بحد ذاته ‪ :‬فالتصوف السابق ترعوع وشب في صميم‬
‫األنظمة الخلقية ‪ ،‬فالكمال هو الكمال الخلقي ‪ “ :‬التصوف خلق من زاد عليك في الخلق‬
‫زاد عليك في التصوف “ على حين ان كل تلك المفردات التي ترتبط بالكمال اتخذت‬
‫معنى انطولوجيا عند الشيخ األكبر ‪. 6‬‬
‫***‬

‫‪203‬‬
‫“ ‪“ 204‬‬

‫*يفسر الشيخ ابن العربي الفناء والبقاء في ضوء نظريته ‪ :‬الخلق الجديد ‪ ، 7‬وهذا‬
‫يؤكد ما ذهبنا اليه من أن الفناء والبقاء لهما معنى انطولوجيا عنده ‪،‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا يتجلى في كل نفس وال يكرر التجلي ‪ ،‬ويرون‬
‫“ فإنهم يرون [ أهل الكشف ] ان ّ‬
‫أيضا شهودا ان كل تجل يعطي خلقا جديدا ويذهب بخلق ‪ .‬فذهابه هو عين الفناء عند‬
‫التجلي والبقاء لما يعطيه التجلي اآلخر ‪. “ 8‬‬
‫(فصوص ‪. ) 126 / 1‬‬

‫ولكن الخلق الجديد الذي ربط به الشيخ ابن العربي الفناء والبقاء ليس قصرا على‬
‫المتصوفة ‪ ،‬بل هو منسحب على كل الجنس البشري ‪ ،‬بل على كل المخلوقات يتساوى‬
‫فيه الجميع ‪ .‬فأين فناء وبقاء سالك المنازل من فناء وبقاء االنسان الحيوان ‪ ،‬والحيوان‬
‫‪ ،‬والجماد ؟ !‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬راجع كتاب ‪ :‬معالم الفكر العربي ‪ .‬كمال اليازجي دار العلم للماليين بيروت‬
‫ص ص ‪ ( 273 - 272‬تأثير الفكر الهندي في فكرة الفناء الصوفية ) ‪.‬‬
‫من يرد االستزادة من هذا الموضوع قبل الشيخ ابن العربي فليراجع إلى الكتب‬
‫التالية ‪:‬‬
‫‪ - 1‬التعرف لمذهب أهل التصوف ‪ .‬الكالباذي ‪ .‬الباب التاسع والخمسون ص ص‬
‫‪. 157 - 147‬‬
‫‪ - 2‬الرسالة القشيرية ص ‪. 37 - 36‬‬
‫‪ - 3‬نشأة التصوف االسالمي ‪ .‬الدكتور إبراهيم بسيوني ط ‪ .‬دار المعارف بمصر ص‬
‫‪239 - 238‬‬
‫‪ - 4‬طبقات الصوفية ‪ -‬السلمي ‪ .‬تحقيق نور الدين شريبة ص ‪. 378‬‬
‫‪ - 5‬التصوف االسالمي الخالص ‪ .‬محمود أبو الفيض المنوفي ط ‪ .‬دار نهضة بمصر‬
‫ص ‪161 - 158‬‬
‫‪ - 6‬عوارف المعارف ‪ -‬السهروردي ص ‪. 525 - 524‬‬
‫‪ - 7‬شرح الرسالة القشيرية لألنصاري ج ‪ 2‬ص ‪. 66 - 60‬‬
‫‪Exegese Coranique‬‬
‫‪ - 8‬فهرس المصطلحات مادة “ بقاء ‪“ .‬‬
‫‪ - 9‬شطحات صوفية بدوي ص ‪123‬‬
‫‪ - 10‬ترجمة اللوائح جامي ص ‪ 4‬و ص ‪. 6‬‬
‫‪ - 11‬اللمع ص ‪417‬‬

‫‪204‬‬
‫“ ‪“ 205‬‬
‫‪ - 12‬في التصوف االسالمي نيكلسون ص ‪ 23‬ترجمة عفيفي ‪.‬‬
‫‪La Mystique et les Mystiques . Desclee de Brouwer p . - 13‬‬
‫‪p . 628 - 630 art . la mystique musulmane R . Arlandeze‬‬

‫) ‪( 3‬أبو العال عفيفي ‪ ،‬رغم انه من أوائل دارسي الشيخ ابن العربي في العصر‬
‫الحديث ‪ ،‬لم ينتبه إلى نظرة الشيخ ابن العربي الخاصة إلى الفناء والبقاء ‪ .‬بل ظل‬
‫ينظر اليهما كحالين متتاليين زمنيا ‪.‬‬
‫يقول في فصوص الحكم ج ‪: 2‬‬
‫“ فان فناء الصوفي ليس امرا سلبيا محضا ‪ ،‬وليس امرا عدميا ‪ ،‬بل يعقبه “ بقاء “ اي‬
‫بقاء بالحق “ ( ص ‪. ) 72‬‬
‫“ بقاء بعد فناء “ ( ص ‪. ) 83‬‬
‫) ‪ ( 4‬ان البقاء نعت الهي من حيث إن الحق تسمى بالباقي ‪ .‬وقد تحرى علم الكالم‬
‫الصفات اإللهية وذهب فيها مذاهب ‪ ،‬وتكلم على معنى “ الباقي “ وصفة “ البقاء ‪“ .‬‬
‫راجع ‪ “ :‬مقاالت االسالميين واختالف المصلين ‪ .‬األشعري ج ‪2‬‬
‫‪-‬ص ‪ ( 54 - 53‬قولهم في البقاء والفناء ‪ :‬وقد اختلفوا فيه على ثمان مقاالت ) ‪.‬‬
‫‪-‬ص ‪ ( 55 - 54‬اين يوجد البقاء والفناء ؟ وقد اختلفوا فيه على اربع مقاالت ) ‪.‬‬
‫‪-‬ص ‪ ( 56 - 55‬قولهم في معنى “ الباقي “ ) ‪.‬‬
‫) ‪ ( 5‬ان فناء العبد محال عند الشيخ ابن العربي ‪ :‬ألنه من المحال فناء عينه الثابتة ‪،‬‬
‫فثبوت العبد هو عين بقائه انظر “ فناء ‪“ .‬‬
‫) ‪ ( 6‬راجع “ كمال “ ‪ .‬كما يراجع بشأن البقاء عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪. 45‬‬
‫‪-‬فصوص ج ‪ 2‬ص ‪ 72‬وص ‪214‬‬
‫‪-‬مشاهد االسرار القدسية ق ‪ 6‬وق ‪. 7‬‬
‫‪-‬مطلع خصوص الكلم للقيصري ق ‪. 29‬‬
‫‪-‬كتاب التراجم ص ‪. 7‬‬
‫يراجع بشأن “ الفناء “ عنده ‪:‬‬
‫‪-‬كتاب الهو ص ‪. 205 ، 190 ، 189‬‬
‫‪-‬شق الجيوب ق ‪55‬‬
‫‪-‬الديوان ص ‪50‬‬
‫‪-‬وسائل السائل ص ‪44‬‬
‫‪-‬مواقع النجوم ص ‪15‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪107‬‬
‫) ‪ ( 7‬راجع “ خلق جديد “‬
‫) ‪ ( 8‬وهذا يعني ان الخلق في فناء وبقاء مع األنفاس ‪.‬‬

‫‪205‬‬
‫“ ‪“ 206‬‬
‫للا‬
‫‪ - 85‬بقيّة ّ‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫انظر “ بقاء “‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫َّللا للبشر من‬
‫َّللا “ في موضع واحد وهي تشير إلى ما أبقاه ّ‬ ‫وردت عبارة “ بقية ّ‬
‫الحالل بعد ما ‪ ،‬حجر قسما ( الحرام ) ‪.‬‬
‫َّللا َخي ٌْر لَ ُك ْم ِّإ ْن ُك ْنت ُ ْم ُمؤْ ِّمنِّينَ “( ‪. ) 86 / 11‬‬
‫قال تعالى ‪ ” :‬بَ ِّقيَّتُ َّ ِّ‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫َّللا ‪ . . .‬ما أح ّل لك تناوله من الشيء ‪ . . .‬وانما س ّماه بقية ألنه باألصالة خلق‬
‫“ بقية ّ‬
‫لك ما في األرض جميعا ‪ ،‬فكنت مطلق التصريف في ذلك ‪ . . .‬ثم في ثاني حال حجر‬
‫عليك بعض ما كان اطلق فيه تصرفك ‪ ،‬وأبقى لك من ذلك ما شاء ان يبقيه لك ‪ ،‬فذلك‬
‫َّللا ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 114 / 4‬‬ ‫بقية ّ‬

‫“ ثم إن الرزق على نوعين ‪ . . .‬النوع الواحد يسمى حراما ‪ ،‬والنوع اآلخر يسمى‬
‫َّللا ‪ . . .‬التي ابقاها لنا بعد وقوع التحجير وتحريم بعض االرزاق‬
‫حالال ‪ ،‬وهو بقية ّ‬
‫علينا “ ( ف ‪. ) 463 / 2‬‬

‫َّللا خلق لنا ما في األرض جميعا ثم حجر وأبقى ‪ ،‬فما أبقاه‬


‫“ ‪ . . .‬وانما األصل ان ّ‬
‫َّللا ‪ ،‬وما حجر سماه حراما ‪ ( “ . . .‬ف ‪.) 335 /3‬‬
‫سماه بقية ّ‬

‫َّللا لنا التصرف‬


‫َّللا هي الحالل الذي أبقى ّ‬
‫من النصوص السابقة نستخلص ‪ :‬ان بقية ّ‬
‫فيه بعدما حجر علينا قسما ‪ ،‬هو الحرام ‪.‬‬

‫َّللا كل ما في األرض‬
‫اما سبب التسمية فيرى الشيخ ابن العربي انه باألصالة خلق ّ‬
‫جميعا لالنسان ‪ ،‬الذي كان مطلق التصريف في ذلك ‪.‬‬
‫ثم في ثاني حال حجر بعض األمور وسماها حراما ‪.‬‬
‫ولكن الحقيقة انه منذ وجود االنسان في بدء الخليقة وجد الحجر معه ‪ ،‬آدم كان في‬
‫حرم عليه الحق االقتراب من الشجرة!‬‫الجنة حين ّ‬

‫‪206‬‬
‫“ ‪“ 207‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫َّللا خير بعد الفناء “ مخطوط‬ ‫) ‪( 1‬ان لعبد الغني النابلسي رسالة بعنوان “ بقية ّ‬
‫الظاهرية رقم ‪ 6069‬بخط تلميذ المؤلف البيتماني ‪ .‬وبعد مراجعة المخطوط وجدنا‬
‫َّللا الذي أورده الشيخ ابن العربي بصلة ‪ ،‬فالعنوان مجرد اسم‬ ‫انها ال تمت لمفهوم بقية ّ‬
‫اختاره المؤلف لرسالته ‪.‬‬

‫‪ - 86‬البلد األمين‬
‫“ البلد األمين “ عبارة قرآنية ‪ ، 1‬يرى الشيخ ابن العربي ان المقصود منها هو‬
‫االنسان ‪.‬‬
‫سوى من الماء والطين ‪ ،‬والجامع بين أحسن تقويم‬ ‫يقول ‪ . . . “ :‬والبلد األمين الم ّ‬
‫وأسفل سافلين ‪ ( “ . . .‬رسالة االتحاد الكوني ق ‪ 141‬ب )‬
‫ور ِّسينِّينَ ‪َ ،‬وهذَا ْالبَلَ ِّد ْاأل َ ِّم ِّ‬
‫ين “( ‪) 3 / 95‬‬ ‫ون ‪َ ،‬و ُ‬
‫ط ِّ‬ ‫الز ْيت ُ ِّ‬ ‫) ‪( 1‬اآلية ‪َ ”:‬وال ِّت ّ ِّ‬
‫ين َو َّ‬

‫‪ – 87‬إبليس‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الباء والالم والسين أصل واحد ‪ ،‬وما بعده ال يعول عليه ‪ ،‬فاألصل اليأس ‪ ،‬يقال‬
‫َّللا‬
‫أبلس إذا يئس ‪ . . .‬قالوا ‪ :‬ومن ذلك اشتق اسم إبليس ‪ ،‬كأنه يئس من رحمة ّ‬
‫“ ( معجم مقاييس اللغة ‪ ،‬مادة “ بلس “ ) ‪.‬‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫إبليس كان من المالئكة ‪ ، 1‬عصى امر ربه فكان أول عاص ‪ ،‬وبالتالي من الكافرين ‪،‬‬
‫وهو عدو لالنسان ‪ ،‬ال يألو جهدا في اغوائه وفتنته بتزيين الكفر والمعصية له ‪.‬‬

‫‪207‬‬
‫“ ‪“ 208‬‬

‫يس ا ْست َ ْكبَ َر‬ ‫يس أَبى “( ‪ِّ ”) 34 / 2‬إ َّال ِّإ ْب ِّل َ‬ ‫“ َو ِّإ ْذ قُ ْلنا ِّل ْل َمالئِّ َك ِّة ا ْس ُجدُوا ِّآل َد َم فَ َ‬
‫س َجدُوا ِّإ َّال ِّإ ْب ِّل َ‬
‫ْطان َكما أ َ ْخ َر َج أَبَ َو ْي ُك ْم‬ ‫َوكانَ ِّمنَ ْالكا ِّف ِّرينَ “( ‪ ”. ) 74 ، 38‬يا بَ ِّني آ َد َم ال يَ ْف ِّتنَنَّ ُك ُم ال َّ‬
‫شي ُ‬
‫ِّمنَ ْال َجنَّ ِّة “( األعراف ‪. ) 27 /‬‬
‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫في كل فلسفة تفسح فيها مكانا إلبليس ‪ ،‬نجده يتحول إلى مبدأ للشر ‪ ،‬ويتقاسم مع مبدأ‬
‫الخير افعال المكلفين وأحوالهم ‪ .‬اال انه عند الشيخ ابن العربي لم يتحول إلى مبدأ للشر‬
‫بل بقي في مرتبة االغواء ‪ 2‬للبشر ‪ ،‬ويعود السبب في عدم تجاوزه هذه المرتبة ‪ ،‬إلى‬
‫فكرة الخير والشر نفسها عند الشيخ ابن العربي ‪.‬‬
‫إذ انه كالمعتزلة قبله ال يحكم على الفعل ؛ كما أن الوجود عنده خير والشر هو العدم‬
‫‪.3‬‬

‫وبعدم تصدر إبليس للشر ‪ ،‬حافظ الشيخ ابن العربي على نقاوة التوحيد في الفعل ‪،‬‬
‫َّللا ‪ ،‬وان عباده ليس للشيطان عليهم سلطان ‪ ، 4‬فهو ال يغوى في‬
‫فالفاعل الحقيقي هو ّ‬
‫الواقع اال من اض ّل ّ‬
‫َّللا ‪. 5‬‬

‫ويمكن تعريف إبليس عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫بالمعنى اللغوي ‪ :‬فكلمتا إبليس والشيطان يستعملهما الشيخ ابن العربي بالتناوب التام ‪،‬‬
‫َّللا اي طرده من رحمته ‪.‬‬‫َّللا ‪ ،‬وإبليس كذلك من أبلسه ّ‬
‫فالشيطان هو المبعد من رحمة ّ‬
‫وهو أول األشقياء من الجن وليس أول الجن ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا ‪.‬‬
‫“ فمن عصى من الجان كان شيطانا ‪ ،‬اي مبعودا من رحمة ّ‬
‫َّللا ‪ ،‬اي طرده من رحمته ‪،‬‬‫وكان أول من سمى شيطانا من الجن الحارث ‪ ،‬فأبلسه ّ‬
‫وطرد الرحمة عنه ‪ ،‬ومنه تفرعت الشياطين بأجمعها ‪.‬‬
‫وأكثر الناس يزعمون أنه [ اي الحارث ] أول الجن ‪ [ ،‬وهو ] بمنزلة آدم من الناس‬
‫وليس كذلك [ األمر ] عندنا ‪ ،‬بل [ الحارث ] هو واحد من الجن ‪ . . .‬وإبليس أول‬
‫األشقياء من الجن “ ‪ ( . . .‬الفتوحات السفر الثاني فق فق ‪.) 444 / 443‬‬

‫‪208‬‬
‫“ ‪“ 209‬‬

‫خروا له ساجدين‬
‫“ كيف لهم ؟ وعلمهم انني *** ابن الذي ّ‬
‫واعترفوا بعد اعتراض على *** والدنا بكونهم جاهلين‬
‫وأبلس الشخص الذي قد أبى *** وكان للفضل من الجاحدين “‬
‫( فتوحات السفر األول فق ‪. ) 351‬‬

‫ان التكليف اإللهي للمخلوقات قسمان ‪ :‬أمر ونهي ‪ ،‬وعندما أشرق القول في أفق‬
‫التكليف بدأ “ باألمر “ ‪.‬‬
‫فقال سبحانه وتعالى إلبليس ‪ :‬اسجد آلدم ‪ .‬وفي هذا خروج عن أصل الممكن الذي له‬
‫العدم ‪. 6‬‬
‫ثم ثنّى “ بالنهي “ فقال آلدم وحواء ‪ :‬ال تقربا هذه الشجرة ‪.‬‬
‫وفي هذا موافقة الصلهما ‪ ،‬فكأنه قال لهما ‪ :‬ال تفارقا اصلكما ‪.‬‬
‫“ فاالمر “ أشق على النفس من “ النهي “ ‪.‬‬
‫وقد باء التكليف اإللهي من مطلعه بالعصيان في قسميه ‪ :‬فعصى إبليس كما عصى‬
‫آدم ‪.‬‬
‫ولهذا يضع الشيخ ابن العربي إبليس في مقابل آدم ‪.‬‬
‫األول ‪ :‬لالمر وعصيان االمر ‪،‬‬
‫والثاني ‪ :‬للنهي وعصيان النهي ‪ ،‬ولكن آدم باالعتراف تجاوز الخطيئة ‪.‬‬
‫بينما إبليس بالدعوى ‪ ،‬ازداد طغيانه وحقت له جهنم رغم انه ليس من المشركين في‬
‫األصل وان كان من األشقياء ‪.‬‬
‫سن الشرك ‪ ،‬وكانت له مرتبة االغواء ‪.‬‬ ‫فإبليس في دعواه وطغيانه ّ‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫َّللا تعالى يقول إلبليس ‪ “ :‬اسجد آلدم “ فظهر االمر فيه ‪.‬‬‫“ اعلم ‪ . . .‬ان ّ‬
‫وقال آلدم وحواء ‪ “ :‬ال تقربا هذه الشجرة ! “ فظهر النهي فيهما ‪.‬‬
‫سم بين امر ونهي ‪ . . .‬وهذا أول امر ظهر في العالم الطبيعي وأول‬ ‫و “ التكليف “ مق ّ‬
‫نهي ‪. . .‬‬
‫ولما كان هذا أول امر وأول نهي ‪ ،‬لذلك وقعت العقوبة عند المخالفة ‪ ،‬ولم يمهل ‪. . .‬‬
‫خص النهي بآدم ‪ . . .‬وهو ‪ :‬ال تفعل !‬
‫ّ‬ ‫كما أنه ‪ -‬تعالى ‪-‬‬
‫وفي حقيقة الممكن انه ال يفعل ‪.‬‬
‫فكأنه قيل له ‪ “ :‬ال تفارق أصلك ! “ و “ االمر “ ليس كذلك ‪ ،‬فإنه يتضمن امرا‬
‫وجوديا ‪ :‬وهو ان يفعل ‪،‬‬
‫فكأنه قيل له “ ‪ :‬اخرج عن أصلك “ ! فاالمر أشق على النفس من النهي إذ كلف‬
‫الخروج عن أصله‪. . .‬‬

‫‪209‬‬
‫“ ‪“ 210‬‬
‫واهبط إبليس لالغواء هبوط خذالن ‪ ،‬وعقوبة ‪ ،‬واكتساب أوزار ‪ ،‬فان معصيته كانت‬
‫َّللا شقيا ‪.‬‬
‫َّللا عليه ‪ .‬وكتبه ّ‬
‫ال تقتضي تأبيد الشقاء ‪ .‬فإنه لم يشرك بل افتخر بما خلقه ّ‬
‫ودار الشقاء مخصوصة باهل الشرك ‪.‬‬
‫ليسن الشرك ‪ . . .‬فإذا أشركوا وتبرأ إبليس من المشرك ومن‬ ‫ّ‬ ‫َّللا إلى األرض‬
‫فانزله ّ‬
‫الشرك ‪ ،‬لم ينفعه تبريه منه ‪ ،‬فإنه هو الذي قال له “ اكفر “ ‪. . .‬‬
‫باّلل‬
‫فحار عليه وزر كل مشرك في العالم ‪ ،‬وان كان هو موحدا ‪ . . .‬فهو أول مشرك ّ‬
‫سن الشرك ‪ ،‬وهو أشقى العالمين ‪ ( “ . . .‬الفتوحات السفر الثالث ص‬ ‫‪ 7‬وأول من ّ‬
‫ص ‪. ) 407 / 402‬‬
‫يظهر بوضوح من خالل ما تقدم موقف الشيخ ابن العربي من إبليس ‪ ،‬فهو ليس مبدأ‬
‫للشر ‪ ،‬بل خلقه وأوجده التكليف ‪ .‬وتميز عن بقية المالئكة والجن بالمعصية لالمر‬
‫اإللهي ‪ ،‬وجازت مقارنته بآدم المخلوق مثله الذي عصى مثله ‪. 8‬‬

‫وينتقل الشيخ ابن العربي من آدم وإبليس كشخصين إلى بيان التمثيل في قصتهما للشر‬
‫كافة ‪ .‬فإبليس رمز المخلوق العاصي صاحب الدعوى المستمر في عصيانه فمعصية‬
‫واحدة أدت إلى شركه وكفره وبالتالي إلى شقائه األبدي ‪.‬‬

‫اما آدم رمز المخلوق العاصي التائب المعترف بذنبه المغفور له فالمستخلف في‬
‫األرض ‪.‬‬
‫وكما أن آدم رمز للجنس البشري أضحى إبليس رمزا لجنس الشيطان ‪.‬‬

‫ان إبليس أو الشيطان هو الذي يوسوس لالنسان ‪ ،‬وجلي عن البيان كون الوسوسة تأتي‬
‫االنسان من داخل نفسه أو من خارجها ‪ ،‬اما الوسوسة الخارجية فهي المعبر عنها‬
‫مر في التعريفين األول والثاني ‪ ،‬واما‬
‫بإبليس أو الشيطان المنفصل عن االنسان كما ّ‬
‫الوسوسة من داخل النفس ‪ ،‬فقد نص القرآن كما أشار الحديث إليها ‪.‬‬
‫فمنبعها النفس المسولة ‪ ،‬وهي الشيطان ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫َّللا تعالى ‪ . . .‬في كتابه العزيز ‪ ،‬في حكاية عن إبليس ‪ ،‬بان قال منكرا عليه ‪”:‬‬ ‫“ اخبر ّ‬
‫ت ِّمنَ ْالعا ِّلينَ ‪] 75 / 38 [“ . . .‬‬ ‫ت أ َ ْم ُك ْن َ‬
‫ي أ َ ْست َ ْكبَ ْر َ‬
‫ما َمنَعَ َك أ َ ْن ت َ ْس ُج َد ِّلما َخلَ ْقتُ ِّبيَ َد َّ‬
‫س َّولَتْ لَ ُك ْم‬
‫والمراد بإبليس هنا هي النفس المسولة ودليلها قوله تعالى ‪ :‬قال ‪ ”:‬بَ ْل َ‬
‫س ُك ْم “ *‪، 9‬‬ ‫أ َ ْنفُ ُ‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ ،‬هل لكل أحد شيطان ‪،‬‬ ‫َّللا صلى ّ‬ ‫وهي الشيطان الذي سئل عنه رسول ّ‬
‫َّللا‪.‬‬
‫قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬قيل ‪ :‬وأنت يا رسول ّ‬
‫َّللا عليه فأسلم ‪ ( “ 10‬كتاب شق الجيوب ص ص ‪- 21‬‬ ‫قال ‪ :‬وانا لكن أعانني ّ‬
‫‪.) 22‬‬

‫‪210‬‬
‫“ ‪“ 211‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫يس أَبى “ *تدل على‬ ‫س َجدُوا ِّإ َّال ِّإ ْب ِّل َ‬ ‫) ‪( 1‬واآلية” َو ِّإ ْذ قُ ْلنا ِّل ْل َمالئِّ َك ِّة ا ْس ُجدُوا ِّآل َد َم فَ َ‬
‫أن ‪ . . .‬إبليس كان من المالئكة واال لم يتناوله امرهم وال يصح استثناؤه منهم وال يرد‬
‫يس كانَ ِّمنَ ْال ِّج ِّّن ] ‪ “[ 18 / 50‬لجواز أن يقال‬ ‫على ذلك قوله سبحانه وتعالى” إِّ َّال إِّ ْب ِّل َ‬
‫َّللا تعالى عنه‬ ‫إنه كان من الجن فصال ومن المالئكة نوعا ‪ ،‬والن ابن عباس رضي ّ‬
‫روى أن من المالئكة ضربا يتوالدون يقال لهم الجن ومنهم إبليس ‪ ( “ . . .‬أنوار‬
‫التنزيل ج ‪ 1‬ص ص ‪. ) 22 - 21‬‬
‫َّللا ص ص ‪32 - 29‬‬ ‫) ‪( 2‬راجع ما كتبه الخراز عن إبليس في كتابه ‪ :‬الطريق إلى ّ‬
‫تحقيق عبد الحليم محمود ‪ -‬مكتبة دار العروبة ‪ -‬فهو يشمل ما كتب عن إبليس في‬
‫التصوف قبل الشيخ ابن العربي ‪.‬‬
‫) ‪( 3‬راجع “ خير “ و “ شر “ عند الشيخ ابن العربي ‪.‬‬
‫طان ِّإ َّال َم ِّن اتَّبَعَ َك ِّمنَ ْالغا ِّوينَ‬‫س ْل ٌ‬ ‫علَ ْي ِّه ْم ُ‬
‫ْس لَ َك َ‬ ‫) ‪( 4‬إشارة إلى اآلية” ِّإ َّن ِّعبادِّي لَي َ‬
‫‪“[ 15 / 42 ] .‬‬
‫َّللاُ فَما لَهُ ِّم ْن ها ٍد “[ ‪. ] 33 / 13‬‬ ‫ض ِّل ِّل َّ‬ ‫) ‪( 5‬إشارة إلى اآلية” َو َم ْن يُ ْ‬
‫صراطٍ ُم ْست َ ِّق ٍيم ‪“[ 6 / 39 ] .‬‬ ‫على ِّ‬ ‫ض ِّل ْلهُ َو َم ْن يَشَأ ْ يَ ْجعَ ْلهُ َ‬ ‫” َم ْن يَ َ‬
‫ش ِّأ َّ‬
‫َّللاُ يُ ْ‬
‫) ‪( 6‬انظر “ العدم المكاني “‬
‫باّلل رغم كونه موحدا‬ ‫) ‪( 7‬يشرح الشيخ ابن العربي كيف ان إبليس هو أول مشرك ّ‬
‫في األصل ‪ .‬والسبب يرجع إلى أن إبليس لكي يغوى البشر بالشرك ‪ ،‬ال بد من أن‬
‫يتصور في نفسه مثال ما يريد ان يبرزه ‪ ،‬اي يتصور الشريك ‪ ،‬وتصور الشريك‬
‫شرك ‪ .‬كما أنه ال بد من أن يحفظ في نفسه بقاء صورة الشريك ليمد بها المشركين مع‬
‫األنفاس ‪.‬‬
‫(راجع الفتوحات السفر الثالث فق فق ‪. ) 365 - 364‬‬
‫) ‪( 8‬راجع ما كتبه الشيخ ابن العربي عن التمييز بين خطيئة العارف وخطيئة‬
‫االنسان العاصي ‪.‬‬
‫فخطيئة العارف يترقى بها علما وحاال ‪ ( . . .‬الفتوحات السفر الثالث فق ‪) 366‬‬
‫) ‪( 9‬اآلية ‪. 83 / 12 ، 18 / 12‬‬
‫) ‪( 10‬راجع تخريج الحديث في فهرس األحاديث رقم ‪) 17 ( :‬‬

‫‪ – 88‬بلقيس‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫لم يرد االسم [ بلقيس ] في القرآن انما أشار إليها في القصة المعروفة مع سليمان بـ‬
‫“ امرأة “‬
‫ع ِّظي ٌم“ ‪27 [ . . .‬‬
‫ش َ‬ ‫ش ْيءٍ َولَها َ‬
‫ع ْر ٌ‬ ‫“ ‪ . . .‬إِّ ِّنّي َو َجدْتُ ْام َرأَة ً ت َ ْم ِّل ُك ُه ْم َوأُوتِّيَ ْ‬
‫ت ِّم ْن ُك ِّّل َ‬
‫‪.] 23/‬‬

‫‪211‬‬
‫“ ‪“ 212‬‬
‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫تأخذ بلقيس عند الشيخ ابن العربي عدة وجوه تتفاوت في تضاربها ‪ ،‬وهذا نادر جدا ما‬
‫يحدث في نصوص الشيخ األكبر ‪ ،‬الذي عودنا صفاء فكر ووضوح منطق ووعيا‬
‫متكامال لكل ابعاد كالمه ‪ .‬فما سر هذا التضارب في “ بلقيس “ ؟ وكيف نظر إليها ؟‬

‫بلقيس أنثى متولدة بين االنس والجن ‪ -‬أبوها من الجن وأمها من االنس ‪.‬‬
‫يقول في شرح ترجمان األشواق ص ‪: 15‬‬
‫“ ‪ . . .‬وسماها بلقيسا لتولدها بين العلم والعمل ‪ ،‬فالعمل كثيف والعلم لطيف كما كانت‬
‫بلقيس متولدة بين الجن واالنس ‪ ،‬فإن أمها من االنس وأباها من الجن ‪.‬‬
‫ولو كان أبوها من االنس وأمها من الجن لكانت والدتها عندهم ‪.‬‬
‫وكانت تغلب عليها الروحانية ولهذا ظهرت بلقيس عندنا “‬
‫يمكن تفصيل هذا النص إلى قسمين ‪:‬‬
‫األول يفيد تولد بلقيس بين الجن واالنس ‪،‬‬
‫والثاني ‪ :‬يفيد ظهورها في دنيا االنس ‪.‬‬
‫فمن حيث تولدها بين االنس والجن هذا منبع االشكال والتضارب في نصوص الشيخ‬
‫األكبر ولنا عودة اليه ‪.‬‬
‫اما ظهورها في عالم االنس ‪ ،‬الذي يرجعه الشيخ ابن العربي إلى كون ‪ ،‬أمها من‬
‫االنس ‪.‬‬
‫فهذا منسجم تماما مع مجمل أفكاره ألنه يرى أن االم محل التكوين واالستحاالت ‪،‬‬
‫وبالتالي مكان الظهور [ راجع “ أم “ ] لذلك بلقيس ظهرت تبعا المها ‪ ،‬فكانت والدتها‬
‫عند االنس ‪.‬‬
‫وانسجام القسم الثاني من النص مع موقف الشيخ ابن العربي عامة يزيد من حدة تباينه‬
‫مع القسم األول ‪ ،‬ويقتضي ضرورة البحث عن سبب هذا االشكال ‪.‬‬
‫وهذا ما سنفعله في نهاية شرحنا لهذا المصطلح ‪.‬‬

‫لم يستمر الشيخ ابن العربي في رؤيته لبلقيس على أنها متولدة بين االنس والجن ‪ ،‬بل‬
‫نفى ذلك ناعتا إياه بالمرويات والمقوالت ‪. . .‬‬
‫يقول ‪ . . . “ :‬قالت بلقيس ‪ :‬كأن هو ‪. 1‬‬

‫وهو كان لم يكن غيره ‪ ،‬فطلبنا عين السبب الموجب لجهلها به ‪ ،‬حتى قالت كأنه هو ‪.‬‬
‫فعلمنا ان ذلك حصل لها من وقوفها مع الحركة المعهودة في قطع المسافة البعيدة ‪.‬‬
‫وهذا القول الذي صدر منها يدل عندي ‪،‬‬

‫‪212‬‬
‫“ ‪“ 213‬‬

‫انها لم تكن ‪ ،‬كما قيل ‪ ،‬متولدة بين االنس والجان ‪ ،‬إذ لو كانت كذلك لما بعد عليها‬
‫مثل هذا من حيث علمها بأبيها ‪ ،‬وما تجده في نفسها من القوة على ذلك ‪ ،‬حيث كان‬
‫أبوها من الجان على ما قيل ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 495 / 2‬‬

‫يستند الشيخ ابن العربي هنا إلى دليل قرآني لنفي تولد بلقيس بين االنس والجن ‪:‬‬
‫“ كأنه هو “ [ ‪ ] 42 / 27‬في صيغتها التعجبية تنفي انتماء بلقيس إلى الجن ‪ ،‬الذي في‬
‫قوته قطع المسافات البعيدة في الوقت القصير وغير ذلك‪.‬‬
‫فجملة “ كأنه هو “ تشهد بانسيتها الكاملة وتجعل تولدها بين االنس والجن من‬
‫المرويات التي تفتقر إلى سند واثبات ‪.‬‬

‫ليست بلقيس انثي عادية من االنس ‪ ،‬ولكنها ذات منزلة فقهية استطاعت ان تتنزه عن‬
‫َّللا ‪ ،‬فجاء ايمانها غير متقيد ‪ ،‬من نفس طبيعة انقياد الرسل ‪.‬‬ ‫التقيد في اعتقادها في ّ‬
‫واسالمها هذا بالدليل القرآني الذي سيورده الشيخ ابن العربي في النص ‪ ،‬يعبر عن‬
‫تفوقها وتفردها وبالتالي اهتمام شيخنا األكبر بها كشخصية “ انثوية “ متفوقة ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬ولما رأت بلقيس عرشها مع علمها ببعد المسافة واستحالة انتقاله في تلك المدة‬
‫عندها ‪ “ ، 2‬قالت كأنه هو ‪] 42 / 27 [ “ .‬‬
‫وصدقت بما ذكرناه من تجديد الخلق باألمثال ‪ ، 3‬وهو هو ‪ ، 4‬وصدق االمر ‪ ،‬كما‬
‫انك في زمان التجديد ‪ ،‬عين ما أنت في الزمن الماضي ‪. . . 5‬‬
‫ظلَ ْمتُ نَ ْف ِّسي َوأ َ ْسلَ ْمتُ َم َع ُ‬
‫سلَيْمانَ “[ ‪: ] 44 / 27‬‬ ‫فقالت ‪َ ”. . .‬ربّ ِّ إِّ ِّنّي َ‬
‫ّلل َربّ ِّ ْالعالَ ِّمينَ ‪“[ 27 / 44 ] .‬‬ ‫اي اسالم سليمان ‪ِّ َّ ِّ ”:‬‬

‫فما انقادت لسليمان وانما انقادت ّّلل رب العالمين ‪ ،‬وسليمان من العالمين ‪ .‬فما تقيدت‬
‫َّللا ‪ ،‬بخالف فرعون فإنه قال” َربّ ِّ‬ ‫في انقيادها كما ال تتقيد الرسل في اعتقادها في ّ‬
‫هارونَ ‪ “[ 26 / 48 ] . . .‬فكانت أفقه من فرعون في االنقياد ّّلل ‪. . .‬‬
‫ُموسى َو ُ‬
‫“ ( فصوص ‪) 157 - 156 / 1‬‬

‫تعليق على تضارب النصوص ‪ :‬ال تتضارب نصوص الشيخ األكبر اال فيما فيما ندر ‪،‬‬
‫وهذه من الحاالت النادرة عنده ‪ ،‬فما هو تفسيرنا لها ؟ ‪.‬‬
‫[ الحقيقة اننا نستطيع ان نقدم تفسيرين ]‪:‬‬

‫‪213‬‬
‫“ ‪“ 214‬‬
‫أولهما ‪:‬‬
‫ان الشيخ األكبر اعتمد في البداية الروايات القائلة بتولد بلقيس بين االنس والجن ثم لم‬
‫يلبث ان تحقق بنفسه من االمر ‪ ،‬بالرجوع إلى القرآن وفهمه الشاراته ‪ .‬كما الحظنا‬
‫ذلك في اعتماده على إشارات القرآن الثبات انسية بلقيس الكاملة ‪.‬‬
‫ونؤيد كالمنا برجوعنا إلى تاريخ كتابة كل من النصوص التي اعتمدناها ‪:‬‬
‫‪-‬فالنص الذي يجعل تولد بلقيس بين االنس والجن مأخوذ من كتاب “ الذخائر‬
‫واالعالق في شرح ترجمان األشواق “ الذي كتبه في حلب عام ‪ 611‬هـ شرحا لديوانه‬
‫ترجمان األشواق الذي الفه في مكة عام ‪ 598‬هـ ‪.‬‬

‫‪-‬النصان الباقيان اللذان ينفي بهما موقفه السابق ويؤكد على انسية بلقيس الكاملة‬
‫ومرتبتها الفقهية ‪ ،‬مأخوذان من كتابيه “ الفتوحات المكية “ و “ فصوص الحكم “ ‪.‬‬
‫والفتوحات كتبه الشيخ ابن العربي مرتين ‪ :‬األولى ‪ 598‬هـ ‪- 629‬هـ والثانية ‪632‬‬
‫هـ ‪ 636 -‬هـ ‪ ،‬اما الفصوص فقد أنهاه في دمشق عام ‪ 627‬هـ ‪.‬‬
‫وهذا يؤكد ان آخر كتاباته اي الفصوص كان فيها مرجحا لرأيه في الفتوحات ومؤكدا‬
‫له بما ال يدع مجاال للشك ‪.‬‬
‫اذن بدّل الحاتمي رأيه في النهاية بخصوص بلقيس ‪ .‬هذا تفسير أول ‪.‬‬
‫ثانيهما ‪:‬‬
‫ان النص الوحيد الذي يشير إلى تولد بلقيس بين االنس والجن ‪ ،‬موجود في كتابه‬
‫“ الذخائر واالعالق “ الذي هو شرح لديوانه “ ترجمان األشواق “ ‪ .‬إذا كالم الشيخ‬
‫ابن العربي عن بلقيس هنا جاء في مضمون وجو شعريين ‪.‬‬

‫فمن الجائز ان يكون الشيخ ابن العربي قد انساق متأثرا بالشعر وبما يكتنف المرأة في‬
‫هذا الجو الغامض ‪ . . .‬جو الشعر ‪ ،‬من ابعاد ‪ . .‬فقبل لها انتماءات ‪ ،‬ال يؤيدها سوى‬
‫حالته الشعرية امام المرأة عند كتابته الديوان ‪.‬‬
‫وهذا التفسير ال يؤكد تبدل رأي الحاتمي ‪ ،‬بل تنوعه وغناه تبعا لتغير أحواله ‪ ،‬شاعرا‬
‫ومفكرا ‪ . . .‬وكلها وجوه ال نستطيع ان ننكرها في شخصية الشيخ األكبر الفذة ‪.‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬عندما رأت بلقيس العرش في صرح سليمان يشبه عرشها الذي تركته في سبأ ‪،‬‬
‫تعجبت وأجابت ‪ :‬كأنه هو ‪ .‬عندما سئلت هل هذا عرشك ؟‬

‫‪214‬‬
‫“ ‪“ 215‬‬

‫) ‪( 2‬كلمة “ عندها “ تفيد هنا انه مستمر على المعنى الثاني الذي يفيد كونها من‬
‫االنس ‪ ،‬ال يخالطها أصل من الجن ‪ .‬لذلك رأت استحالة انتقال العرش في تلك المدة‬
‫الزمنية القصيرة ‪.‬‬
‫) ‪( 3‬يفسر الشيخ ابن العربي انتقال عرش بلقيس بالخلق الجديد ‪ ،‬اي ان العرش قد‬
‫فني في مكانه األول وفي اللحظة نفسها وجد عند سليمان ‪ . . .‬انظر “ خلق جديد ‪“ .‬‬
‫) ‪( 4‬العرش “ هو هو “ ‪ ،‬ألنه في الخلق الجديد يلتبس االمر بخلق المثل ‪ ،‬اي يفنى‬
‫الشيء ويوجد مثله في اللحظة نفسها فااللتباس نابع من وجود المثل ‪ ،‬فال نحس بفناء‬
‫الشيء لعودته في مثل صورته لذلك قالت بلقيس ‪ ،‬عندما عاد العرش في صورته التي‬
‫فني عليها ‪ “ :‬كأنه هو ‪ “ .‬و “ هو هو “ ‪ .‬انظر خلق جديد ‪.‬‬
‫) ‪( 5‬زمان التجديد ‪ :‬الخلق الجديد ‪ ،‬خلق المثل ‪ ،‬انظر “ خلق جديد “ ‪.‬‬

‫‪ – 89‬االبن‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الباء والنون والواو كلمة واحدة ‪ ،‬وهي الشيء يتولد عن الشيء ‪ ،‬كأبن االنسان‬
‫وغيره “ ( معجم مقاييس اللغة مادة “ بنو “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫وردت كلمة ابن ‪ ،‬أو جمعها في القرآن ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬مضافة إلى شخص ‪ “ :‬ابن مريم “ “ بني آدم “ “ بني إسرائيل “ ‪1‬‬
‫وهي تعني في هذه اإلضافة ‪ :‬الولد ‪.‬‬
‫سبِّي ِّل* “ [‪] / 60 . . 9 ، / 2153 ، 4 / 36‬‬ ‫ب ‪ -‬مضافة إضافة مجازية ‪ ”:‬ابْنَ ال َّ‬
‫ت النَّصارى ْال َم ِّسي ُح اب ُْن َّ ِّ‬
‫َّللا “[ ‪”] 30 / 9‬‬ ‫َّللا ‪َ ”:‬وقالَ ِّ‬
‫ج ‪ -‬إضافة بصورة حكاية إلى ّ‬
‫َّللا ] ‪“[ 9 / 30‬‬ ‫ت ْاليَ ُهو ُد ُ‬
‫عزَ ي ٌْر اب ُْن َّ ِّ‬ ‫َوقالَ ِّ‬
‫َّللا” لَ ْم يَ ِّل ْد َولَ ْم يُولَ ْد“ [ ‪112 /‬‬
‫َّللا جاءت في معرض الرفض فان ّ‬ ‫وهذه اإلضافة إلى ّ‬
‫‪. ]3‬‬
‫د ‪ -‬كما أن لفظة ابن وردت جمعا غير مضاف ‪ ،‬مقابلة لكلمة ‪ ،‬بنات وإناث ‪.‬‬

‫‪215‬‬
‫“ ‪“ 216‬‬

‫“ فَا ْست َ ْفتِّ ِّه ْم أ َ ِّل َر ِّبّ َك ْالبَناتُ َولَ ُه ُم ْالبَنُونَ ] ‪“[ 37 / 149‬‬
‫صفا ُك ْم َربُّ ُك ْم ِّب ْالبَ ِّنينَ َوات َّ َخذَ ِّمنَ ْال َمال ِّئ َك ِّة ِّإناثا ً ‪] 40 / 17 [“ . . .‬‬
‫”‪.‬أ َ فَأ َ ْ‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫ان “ االبن “ عند الشيخ ابن العربي ال يقابل “ البنت “ ‪ ،‬وال ينحصر بمعنى الولد من‬
‫جنس البشر ‪ ،‬بل يع ّم كل مولود ‪.‬‬
‫فاالبن هو الولد مطلقا على أي مستوى وجودي كانت الوالدة ( العالم المادي أو‬
‫الروحي أو المعنوي ) ‪.‬‬
‫انه “ األثر “ أو النتيجة التي حدثت من ازدواج شيئين ( االم واألب ) ‪. 2‬‬

‫يسوغ له هذا االتجاه ‪:‬‬


‫هنا نستطيع ان نورد نصا للشيخ ابن العربي ّ‬
‫ي من دنياكم ثالث ‪ :‬النساء ‪ . . .‬فما احب ّهن اال‬ ‫“ ‪ . . .‬قال عليه السالم ‪ :‬حبّب ال ّ‬
‫بالمرتبة ‪ ،‬وانهن محل االنفعال ‪ .‬فهن له كالطبيعة للحق ‪3‬التي فتح ‪ 4‬فيها صور‬
‫العالم بالتوجه اإلرادي واالمر اإللهي ‪ ،‬الذي هو نكاح في عالم الصور العنصرية ‪،‬‬
‫وهمة في عالم األرواح النورية ‪ ،‬وترتيب مقدمات في المعاني لالنتاج ‪ ( “ 5‬فصوص‬
‫ج ‪ 1‬ص ‪. ) 218‬‬
‫وهكذا من خالل شرح عفيفي لنص الشيخ ابن العربي تظهر مكانة “ االبن “ الذي هو‬
‫“ الولد “ أو العنصر الثالث الذي صدر عن ازدواج شيئين ( أم وأب ) ‪.‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬اي “ يعقوب “ وقد جرى المؤرخون على استعمال إسرائيل بدال من يعقوب ‪.‬‬
‫انظر مقدمة ابن خلدون ص ‪ 221‬تحقيق علي عبد الواحد وافي ‪ ،‬الجزء األول الطبعة‬
‫األولى مصر ‪ 1957‬م ‪.‬‬
‫) ‪( 2‬راجع المعنين الثاني والرابع لكلمة “ أم “ والثاني والثالث والرابع لكلمة “ أب‬
‫“ ونصوص الشيخ ابن العربي فيها ‪.‬‬
‫) ‪( 3‬راجع “ االم العالية الكبرى للعالم “‬
‫) ‪( 4‬راجع “ فتح “‬
‫) ‪( 5‬يقول أبو العال عفيفي في شرح هذا المقطع للشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ ولما فسر النكاح ‪ . . .‬على أنه ازدواج شيئين النتاج ثالث ‪ ،‬أو توجه نحو االنتاج ايّا‬
‫كان ‪ . . .‬وتبين ان النكاح ليس اال التثليث ( انظر “ تثليث “ ) ‪ . . .‬وهو ال يفعل اال‬
‫إذا وجدت حركة بين عنصرين من عناصره النتاج العنصر الثالث “ ( الفصوص ج ‪2‬‬
‫ص ‪. ) 233 - 232‬‬

‫‪216‬‬
‫“ ‪“ 217‬‬

‫الرحمة‬‫‪ - 90‬ابن ّ‬
‫ان الرحمة اإللهية أ ّم لجميع الموجودات ‪ ،‬من حيث إنها وسعت وجمعت كل شيء‬
‫ش ْيءٍ ‪“[ 7 / 156 ] .‬‬ ‫يب بِّ ِّه َم ْن أَشا ُء َو َر ْح َمتِّي َو ِّسعَ ْ‬
‫ت ُك َّل َ‬ ‫ص ُ‬‫عذابِّي أ ُ ِّ‬‫‪ ”. 1‬قا َل ‪َ :‬‬
‫اذن ‪ :‬أ ّم = الجامعة والحاكمة ‪.‬‬
‫وأم الموجودات = الرحمة‬
‫ومن ناحية ثانية ‪ ،‬ان الرحمة هي الوجود ‪ ، 2‬وابن الرحمة هو ابن الوجود ‪ ،‬واين‬
‫يتكون “ الموجود “ اال في “ الوجود ! “‬
‫الرحمة = الوجود‬
‫اذن ‪ :‬ابن الرحمة = الموجود‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫َّللا واسعة وهي للكل جامعة ‪ ،‬ال تحكم عليها دار ‪ ،‬وال يختص بها قرار‬ ‫“ فان رحمة ّ‬
‫يقوض بناؤها ‪ ،‬فما ثم اال احسانها واالؤها ‪،‬‬ ‫من قرار ‪ ،‬الموجودات كلها أبناؤها فكيف ّ‬
‫هي ّاالم “‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬راجع المعنى الثاني لكلمة أ ّم ‪.‬‬
‫) ‪( 2‬الشيخ ابن العربي يخرج بالرحمة عن معناها المألوف ‪ ،‬إلى معنى آخر هو ‪:‬‬
‫َّللا يرحمنا اي ‪:‬‬
‫الوجود ‪ .‬فان ّ‬
‫يوجدنا ‪ ،‬راجع كلمة “ رحمة “ ‪.‬‬

‫الروح‬
‫‪ - 91‬ابن ّ‬
‫يقول الشيخ ابن العربي‪:‬‬
‫” اال ان ختم األولياء رسول *** وليس له في العالمين عديل‬
‫هو الروح وابن الروح واالم مريم *** وهذا مقام ما اليه سبيل “‬
‫( ف ‪) 195 / 4‬‬

‫‪217‬‬
‫“ ‪“ 218‬‬

‫يظهر من خالل النص ‪ ،‬ان ابن الروح هو ختم األولياء ‪ ، 1‬وابن مريم ‪:‬‬
‫“ عيسى “ عليه السالم ‪.‬‬
‫اما كونه ابن مريم فهذا واضح النسبة إليها ‪ . 2‬واما كونه ابن الروح ‪ ،‬فان “ عيسى‬
‫“ وهبه لها الروح جبريل ‪ ،‬فيكون “ عيسى “ ‪ :‬ابن مريم وابن الروح ‪.‬‬
‫يقول الشيخ األكبر ‪:‬‬
‫َّللا ] اختص من الرسل من بعدت نسبته من البشر ‪ ،‬فكان نصفه بشرا‬ ‫“ ‪ . . .‬ثم إنه [ ّ‬
‫‪ ،‬ونصفه اآلخر روحا مطهرة ‪ ،‬ملكا ‪ ،‬الن جبريل وهبه لمريم بشرا سويا ‪. . . 3‬‬
‫“ ( ف ‪. ) 195 / 4‬‬
‫“ ‪ . . .‬وان كان [ من اكتنز ماله ] له أب ‪ ،‬ولكن ال ينسب اليه ‪ ، 4‬كعيسى ابن مريم‬
‫عليهما السالم ‪ ،‬ينسب إلى أمه وما وهبه لها اال جبريل عليه السالم ‪“ .‬‬
‫( ف ‪. ) 320 / 3‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬راجع “ ختم األولياء “‬
‫) ‪( 2‬راجع المعنى الرابع لكلمة “ أم ‪“ .‬‬
‫س ْلنا إِّلَيْها ُرو َحنا فَت َ َمث َّ َل لَها بَشَرا ً َ‬
‫س ِّويًّا “[ ‪ ”. ] 17 / 9‬قا َل إِّنَّما‬ ‫) ‪( 3‬إشارة إلى” فَأ َ ْر َ‬
‫غالما ً زَ ِّكيًّا ‪“[ 19 / 19 ] .‬‬ ‫َب لَ ِّك ُ‬ ‫أَنَا َر ُ‬
‫سو ُل َر ِّبّ ِّك ِّألَه َ‬
‫) ‪( 4‬راجع المعنى الرابع لكلمة “ أم “ ‪.‬‬

‫‪ - 92‬ابن الظلمة‬
‫ان الظلمة ‪ 1‬عند الشيخ ابن العربي ترتبط بسلسلة من التصورات ‪ ،‬وهي إشارة إلى‬
‫الطبيعة ‪ ،‬وتقابل الروح الذي يشير اليه بالنور ‪.‬‬
‫اما “ ابن الظلمة “ فهو األثر المتكون فيها ومنها ‪ : 2‬الظل ‪. 3‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ فالظل من اثر نور وظلمة ‪ ،‬ولهذا ال يثبت الظل عند مشاهدة النور ‪ ،‬كما ال تثبت‬
‫الظلمة ‪ ،‬ألنه ابنها ‪ .‬فان للظلمة والدة على الظل ‪ ،‬بنكاح النور ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 4‬‬
‫‪. ) 224‬‬

‫‪218‬‬
‫“ ‪“ 219‬‬

‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬راجع كلمة “ غيب “‬
‫) ‪( 2‬راجع المعنى األول والثالث لكلمة أ ّم ‪.‬‬
‫“ ) ‪( 3‬الظل “ و “ الصورة “ في فكر الشيخ ابن العربي يتآلفان في نمط تصويري‬
‫لإلشارة إلى “ الخلق “ بمعنى المخلوقات ‪:‬‬
‫“ ‪-‬الظل “ بالنظر إلى النور والظلمة ‪.‬‬
‫“ ‪-‬الصورة “ بالنظر إلى المرآة والرائي ‪.‬‬
‫راجع “ صورة “ و “ وحدة الوجود “ ‪.‬‬

‫‪ - 93‬ابن المجموع‬
‫قبل الشيخ ابن العربي ‪ ،‬كان من صفات الشيخ الكامل ‪ ،‬الزهد في الدنيا ‪. 1‬‬
‫وكان هناك شبه فصل بين أبناء الدنيا وأبناء اآلخرة ‪.‬‬
‫أبناء الدنيا هم المبهورون بألوانها وأشكالها وأموالها ‪ ،‬وأبناء اآلخرة هم الساعون في‬
‫الدنيا إلى نيل اآلخرة بالحسنات والعمل الصالح ‪. . .‬‬
‫اما الشيخ ابن العربي فيرى انه ليس من شرط الشيخ الكامل الزهد في الدنيا ‪ ،‬بل‬
‫العكس من كماله ‪ 2‬ان يكون ابنا للمجموع ‪. 3‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ واعلم أن للدنيا أبناء ‪ ،‬ولآلخرة أبناء ‪ ،‬وللمجموع أبناء ‪ ،‬وما نبّه غيرنا على أبناء‬
‫المجموع فالسعيد من جمع بين البنوتين فهو ‪ :‬الوارث المكمل ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 4‬‬
‫‪. ) 180‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬راجع كالم الجنيد والشبلي ويحي بن معاذ ‪ . .‬في الزهد ‪ -‬اللمع ص ‪73 - 72‬‬
‫‪ -‬التعرف ص ‪112‬‬
‫) ‪( 2‬راجع “ كمال “‬
‫) ‪( 3‬ان المجموع مصطلح عند الشيخ ابن العربي مغاير تماما لما ورد هنا ‪ .‬راجع‬
‫“ مجموع العالم ‪“ .‬‬

‫‪219‬‬
‫“ ‪“ 220‬‬
‫‪ – 94‬بهيمة‬

‫في اللغة ‪:‬‬


‫“ الباء والهاء والميم ‪ :‬ان يبقى الشيء ال يعرف المأتي اليه ‪.‬‬
‫يقال هذا امر مبهم ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة ) ‪.‬‬
‫“ البهيمة ‪ :‬كل حيوان ال نعل له ‪ ،‬و ( البهيمة ) كل ما ال نطق له وذلك لما في صوته‬
‫من االبهام ‪ ( “ . . .‬أقرب الموارد ‪ -‬الشرتوني ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫ورد لفظ “ بهيمة “ في القرآن في أماكن ثالثة مضافة إلى “ االنعام “ ‪ ،‬وهي ال تخرج‬
‫في مجملها عن معنى ‪ :‬الحي الذي ال يميز‪.‬‬
‫عام “‪] 1 / 5 [ 1‬‬ ‫قال تعالى ‪":‬أ ُ ِّحلَّ ْ‬
‫ت لَ ُك ْم بَ ِّهي َمةُ ْاأل َ ْن ِّ‬
‫على ما َرزَ قَ ُه ْم ِّم ْن بَ ِّهي َم ِّة ْاأل َ ْن ِّ‬
‫عام “‪2‬‬ ‫ت َ‬‫َّللا فِّي أَي ٍَّام َم ْعلُوما ٍ‬
‫قال تعالى ‪َ ”:‬ويَ ْذ ُك ُروا اس َْم َّ ِّ‬
‫[ ‪. ] 28 / 22‬‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫يجد الشيخ ابن العربي ان البهيمة لها نطق بأدلة وردت في القرآن والسنة ( سترد في‬
‫النص ) ‪ ،‬ونطقها واضح معلوم عند أهل الكشف ‪ ،‬ولم يسمها بهيمة اال من انبهم عليه‬
‫امرها من الناظرين فيه ‪ ،‬فالبهيمة اشتقت من ‪ :‬ابهام االمر ‪. 3‬‬
‫بل يذهب الشيخ ابن العربي إلى أكثر من مجرد نطقها ‪ ،‬إلى ما تحويه هذه الكلمة من‬
‫باّلل وبالموجودات ‪.‬‬
‫ابعاد علمية فطرية ‪ ،‬فالبهيمة تتميز بالمعرفة ّ‬

‫ولنترك الشيخ ابن العربي يتكلم على البهائم فنصوصه بخصوصها واضحة ‪:‬‬
‫“ ان البهائم ما اختصت بهذا االسم المشتق من االبهام والمبهم ‪ ،‬اال لكون االمر ابهم‬
‫باّلل وبالموجودات ‪. . .‬‬ ‫علينا ‪ ،‬فانا قد بيّنا لك ما هي عليه من المعرفة ّ‬
‫فهي عند غير أهل الكشف وااليمان بهائم ‪ . . .‬فذلك جعلهم يتأولون ما جاء في الكتاب‬
‫والسنة من نطقهم [ البهائم ] ونسبة القول إليهم ‪. . .‬‬
‫ض ت ُ َك ِّلّ ُم ُه ْم] ‪“[ 27 / 82‬‬
‫كما قال تعالى ‪ ”:‬أ َ ْخ َر ْجنا لَ ُه ْم َدابَّةً ِّمنَ ْاأل َ ْر ِّ‬
‫قال الشيخ ‪" :‬فأخبر أنها تكلمنا “ ( ف ‪) 259 / 3‬‬

‫‪220‬‬
‫“ ‪“ 221‬‬

‫“ ان البهائم أمم من جملة األمم لهم تسبيحات تخص كل جنس ‪ ،‬وجميع ما يظهر من‬
‫الحيوان من الحركات والصنائع التي ال تظهر اال من ذي عقل وفكر وروية ‪ . . .‬تدّل‬
‫َّللا على العلم به تعالى ‪. . .‬‬
‫على أن لهم علما في أنفسهم ‪ . . .‬واما الحيوان ففطره ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ] في الصحيح ‪ :‬ان بقرة في زمن بني إسرائيل‬ ‫َّللا صلى ّ‬
‫ذكر [ رسول ّ‬
‫حمل عليها صاحبها ‪ ،‬فقالت ‪ :‬ما خلقت لهذا وانما خلقت للحرث ‪.‬‬

‫َّللا عليه وسلم ] ‪ :‬آمنت بهذا انا‬ ‫َّللا [ صلى ّ‬


‫فقالت الصحابة ‪ :‬أبقرة تتكلم ‪ .‬فقال رسول ّ‬
‫وأبو بكر وعمر ‪ . . .‬فهذه بقرة من أصناف الحيوان قد علمت ما خلقت له ‪ ،‬واالنس‬
‫َّللا على لسان الرسول ‪. . .‬‬ ‫والجن خلقوا ليعبدوا ‪ ،‬وما علموا ذلك اال بتعريف ّ‬
‫فانظر يا محجوب ‪ ،‬اين مرتبتك من مرتبة البهائم ‪ .‬تعرفك ‪ ، 4‬وتعرف ما يؤول اليه‬
‫امرك ‪ ، 5‬وتعرف ما خلقت له وأنت جهلت هذا كله “ ‪. . .‬‬
‫(ف ‪) 489 - 488 / 3‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬انظر شرح اآلية ‪ :‬البيضاوي ج ‪ 1‬ص ‪. 111‬‬
‫) ‪( 2‬انظر شرح اآلية ‪ :‬البيضاوي ج ‪ 2‬ص ‪. 44‬‬
‫) ‪( 3‬وقد افرد الشيخ ابن العربي بابين كاملين من الفتوحات للكالم على البهائم ‪:‬‬
‫‪-‬الباب السابع والخمسون وثالثمائة ‪ :‬في معرفة منزل البهائم من الحضرة اإللهية ( ج‬
‫‪ / 3‬ص ص ‪. ) 262 - 257‬‬
‫‪-‬الباب الثامن والسبعون والثلثمائة ‪ ،‬في معرفة منزل األمة البهيمية ‪ ( . . .‬ج ‪ 3‬ص‬
‫ص ‪ ) 493 - 487‬فمن أراد االستزادة من الموضوع فليراجعهما ‪.‬‬
‫) ‪( 4‬إشارة إلى دابة يقال لها الجساسة تخرج في آخر الزمان فتنفخ فتسم بنفخها وجوه‬
‫َّللا ‪ ،‬من إيمان وكفر ‪ .‬اذن‬ ‫الناس فيرتقم في جبين كل شخص ما هو عليه في علم ّ‬
‫البهائم تعرفنا ‪ .‬انظر القصة الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪259 - 260 .‬‬

‫مر بقرب‬
‫َّللا ‪ّ ،‬‬
‫) ‪( 5‬إشارة إلى قصة أوردها الشيخ ابن العربي عن رجل من أهل ّ‬
‫رجل راكب حمارا ‪ ،‬وهو يضرب رأس الحمار حتى يسرع ‪ .‬فقال له ‪ :‬لم تضرب‬
‫رأس الحمار ‪ .‬فقال له الحمار ‪ :‬دعه ‪ ،‬فإنه على رأسه يضرب ‪ .‬اذن ‪ ،‬البهائم تعرف‬
‫ما تؤول اليه األمور ‪ - .‬انظر ف ج ‪ 3‬ص ‪- 489‬‬

‫‪221‬‬
‫“ ‪“ 222‬‬
‫‪ - 95‬البيت ‪1‬‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الباء والياء والتاء أصل واحد ‪ ،‬وهو المأوى والمآب ومجمع الشمل ‪.‬‬
‫يقال بيت وبيوت وابيات ‪ .‬ومنه يقال لبيت الشعر بيت على التشبيه ‪ ،‬ألنه مجمع‬
‫االلفاظ والحروف والمعاني ‪ ،‬على شرط مخصوص هو الوزن “ ‪. . .‬‬
‫( معجم مقاييس اللغة مادة “ بيت “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫س َكنا ً“ [ ‪/ 16‬‬ ‫َّللاُ َجعَ َل لَ ُك ْم ِّم ْن بُيُو ِّت ُك ْم َ‬
‫‪-‬ورد لفظ “ بيت “ بالمعنى اللغوي السابق ‪َ ”:‬و َّ‬
‫‪]80‬‬
‫معرفا يفيد ‪ :‬الكعبة ‪َ ”.‬وإِّ ْذ َجعَ ْلنَا ْالبَي َ‬
‫ْت‬ ‫‪-‬ان لفظ “ البيت “ في وروده القرآني مفردا ّ‬
‫اس َوأ َ ْمنا ً “ [ ‪.] 125 / 2‬‬
‫‪َ 2‬مثابَةً ِّللنَّ ِّ‬
‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫ان “ لفظ “ “ البيت “ مفردا ال يؤدي معنى عند الشيخ ابن العربي ‪ .‬فهو من االلفاظ‬
‫المضافة التي تكتسب معناها من اضافاتها ‪.‬‬
‫ونالحظ انها تتفرع شقين ‪:‬‬
‫إذا أضيف اسم إلى “ البيت “ يصبح صورة من الصور التمثيلية التي يستعملها الشيخ‬
‫ابن العربي مستفيدا من صفة تخص البيت ‪ ،‬وهي صفة قابليته للسكن ‪ ،‬فكل ما سكن‬
‫فهو بيت لساكنه ‪. 3‬‬
‫َّللا ‪ -‬بيت الحق ‪ -‬بيت‬ ‫وهنا يتغير مدلول البيت باختالف شخص ساكنه ‪ :‬مثال بيت ّ‬
‫الموجودات ‪ -‬بيت العبد ‪ . . .‬كلها ال تشير إلى مدلول واحد كما سنرى ‪.‬‬
‫من بحثها في أماكنها فلتراجع ‪.‬‬

‫إذا أضيفت صفة إلى “ البيت “ ‪ ،‬تعطي العبارة المكونة منهما قوة الرمز ‪.‬‬
‫فالقارىء لن يفهم العبارة ‪ ،‬ولن يستطيع استيضاحها بطاقة تمثيلية خاصة ‪ ،‬فلم يتبق له‬
‫سوى الرجوع إلى نصوص الشيخ األكبر لمعرفة رموزه ‪.‬‬

‫مثال ‪ :‬البيت المعمور ‪ -‬البيت االعلى ‪ . . .‬وهذه العبارات سنتعرض لها بايجاز في‬
‫أماكنها‬

‫‪222‬‬
‫“ ‪“ 223‬‬
‫فلتراجع ‪.‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬بخصوص لفظ “ بيت “ عند الشيخ ابن العربي فليراجع ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات جزء ‪ 4‬ص ‪. 401 ، 365 ، 352‬‬
‫‪-‬عقلة المستوفز ص ‪68‬‬
‫‪-‬الفصوص جزء ‪ 1‬ص ‪74‬‬
‫‪-‬كتاب التراجم ص ‪24‬‬
‫‪-‬إشارات القرآن ص ‪ 52‬أ ‪.‬‬
‫‪-‬مشاهد االسرار القدسية ص ‪. 51‬‬
‫‪-‬ديوان الشيخ ابن العربي ص ‪ 5‬وص ‪. 28‬‬
‫) ‪ (( 2‬البيت ) ‪ :‬الكعبة غلب عليها كالنجم على الثريا “ ( أنوار التنزيل ج ‪ 1‬ص‬
‫‪. ) 35‬‬
‫) ‪( 3‬يستعمل النفري التمثيل نفسه للداللة على صفة السكنة ‪ .‬راجع موقف رقم ‪20‬‬
‫“ موقف بيته المعمور “ نشر اربري ص ص ‪ . 41 - 39‬كما يراجع فهرس‬
‫المصطلحات‪Index A . page 256‬لفظ بيت ‪.‬‬

‫للا ‪1‬‬
‫‪ - 96‬بيت ّ‬
‫مرادف ‪ :‬بيت الحق ‪.‬‬
‫بيت الحق هو العبد ‪ ،‬من حيث إنه مظهر التجلي الوجودي ‪ 2‬بقبوله الصورة ‪3‬‬
‫اإللهية ‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ألفة العبد باإلله ‪ .....‬هي األلفة التي‬
‫ما لها غير وجهتي ‪ .....‬وبها كون قوتي‬
‫فانظروا في تبصروا ‪ .....‬حكمة الحق حكمتي‬
‫ال تقل باتحادنا ‪ .....‬فتكذبك نشأتي‬
‫أنا إن كنت بيته ‪ .....‬فهو بالشرع قبلتي‬
‫‪ .....‬وقد أحضرنا لديه وجمعنا في الصالة عليه فأكلمه به وبي فيرد علي بي ‪. "....‬‬
‫( ف ‪. ) 387 / 4‬‬
‫بيت الحق هو قلب المؤمن ‪ ،‬من حيث إنه وسع الحق “ ما وسعني أرضي وال سمائي‬
‫ووسعني قلب عبدي المؤمن ‪4 “ .‬‬
‫فحين سكن الحق القلب الذي وسعه أضحى هذا القلب بيتا له ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ ووسعني قلب عبدي حين ضاق عن حمل تجليه األرض والسماء ‪ . . .‬فصار‬

‫‪223‬‬
‫“ ‪“ 224‬‬

‫قلب العارف بيت الحق ‪ ( “ . . . 5‬عنقاء مغرب ص ‪. ) 62‬‬


‫َّللا ‪ ،‬وموضع نظره ‪ ،‬ومعدن علومه ‪ ،‬وحضرة اسراره‬ ‫“ فقلب العبد الخصوصي ‪ :‬بيت ّ‬
‫‪ ،‬ومهبط مالئكته ‪ ، 6‬وخزانة أنواره ‪ ،‬وكعبته المقصودة ‪ ، 7‬وعرفاته المشهودة‬
‫“ ( مواقع النجوم ص ‪. ) 141‬‬
‫“ فالعالم من انسحب علمه على كل شيء ‪ . . .‬متى يكون كذلك ؟ إذا كان قلبه بيت‬
‫الحق ‪ .‬فإذا لبسه الحق بكونه في قلبه ‪ .‬ولبسه العبد بكونه جميع قواه ‪. 8‬‬
‫والحق هو الجامع وعلمه ليس غير الحق ‪ .‬فقد علم كل شيء “ ( ف ‪. ) 437 / 4‬‬

‫يشير الشيخ ابن العربي في النص األخير إلى تبادل الظهور بين وجهي الحقيقة الواحدة ‪:‬‬
‫حق خلق ‪ .‬وهذا التبادل في الحقيقة ليس سوى مقامي قرب الخلق من الحق ‪ :‬مقام قرب‬
‫النوافل ‪ :‬ومقام قرب الفرائض ‪. 9‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬لقد أفاض األب نويا بما يتمتع به من فهم علمي موضوعي للتمثيالت والرموز‬
‫َّللا ‪ .‬وخاصة عند النوري والنفري ‪.‬‬ ‫الصوفية في ايضاح إشاراتهم إلى أن القلب ‪ ،‬هو بيت ّ‬
‫راجع )‪(Exegese coranique . pp . 325 - 334‬‬
‫) ‪( 2‬راجع “ تجلي وجودي ‪“ .‬‬
‫) ‪( 3‬راجع “ صورة ‪“ .‬‬
‫) ‪( 4‬راجع “ قلب “‬
‫) ‪( 5‬كما يراجع بشأن “ بيت الحق “ عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬التجليات ط ‪ .‬حيدرآباد ص ‪8‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪400‬‬
‫) ‪( 6‬إشارة إلى أن القلب هو “ البيت المعمور “ راجع العبارة ‪.‬‬
‫) ‪( 7‬ننقل مقطعا من كتاب التراجم للشيخ ابن العربي يفسر مقصده هنا في أن قلب‬
‫العبد هو الكعبة المقصودة يقول ‪ “ :‬اجعل قلبك مثل مكة ‪ ،‬يجبى اليه ثمرات كل شيء‬
‫رزقا من لدن ربك ‪ ،‬هذا من الشام ‪ ،‬هذا من مصر ‪ ،‬هذا من اليمن ‪ ،‬هذا من نجد ‪. . .‬‬
‫فإذا جعلت قلبك مثل مكة تجبى اليه الثمرات ‪ :‬حقائق األسماء وحقائق األكوان “ ‪. . .‬‬
‫(التراجم ط ‪ .‬حيدرآباد ص ص ‪) 45 - 44‬‬
‫) ‪( 8‬إذا حصل قلب العبد مرتبة “ بيت الحق “ يصبح الحق بيته ‪ .‬وقد بحثنا موضوع‬
‫كون العبد قوى الحق في مقام “ قرب الفرائض “ فليراجع ‪.‬‬
‫) ‪( 9‬راجع “ قرب النوافل “ “ قرب الفرائض ‪“ .‬‬

‫‪224‬‬
‫“ ‪“ 225‬‬
‫‪ - 97‬البيت األعلى‬
‫البيت االعلى هو االنسان الخليفة الذي قبل الصورة ‪ ، 1‬فهو “ أعلى “ ‪ :‬من حيث إنه‬
‫أعلى مجلى للكماالت اإللهية ‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ فلما نفخ فيه [ آدم ] الروح االنزه ‪ . . .‬عرفت المالئكة حينئذ قدر هذا البيت االعلى‬
‫والمحل األشرف األسنى ‪ ( “ . . . 2‬عقلة المستوفز ‪ -‬ص ‪43 ) .‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬راجع “ انسان خليفة “ و “ صورة ‪“ .‬‬
‫) ‪( 2‬النص نفسه في رسالة “ االنسان الكلي “ مخطوط الظاهرية رقم ‪ 4865‬ورقة ‪2‬‬
‫ب‪.‬‬

‫‪ - 98‬بيت العبد ‪1‬‬


‫ان للعبد بيتين ‪:‬‬
‫بيت منور هو الحق ‪، 2‬‬
‫وبيت مظلم هو جسده من حيث إنه مسكنه‬
‫يقول ‪:‬‬
‫فنور بيتك [ العبد ] المظلم ‪ ،‬وأوضح سرك المبهم ‪ ،‬ما دامت أركان بيتك غير‬ ‫“‪ّ ...‬‬
‫واهية ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 387 / 4‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬راجع الموقف ‪ 20‬من مواقف النفري “ موقف البيت المعمور “ حيث يخاطب‬
‫الحق العبد في أمور بيته يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬وقال لي ‪ :‬إذا رأيتني في بيتك فال ضحك وال بكاء ‪ ،‬وإذا رأيتني والسوى فبكاء‬
‫‪ ،‬وإذا خرج السوى فضحك نعماء ‪. . .‬‬
‫وقال لي ‪ :‬بيتك هو طريقك ‪ ،‬بيتك هو قبرك ‪ ،‬بيتك هو حشرك ‪ ،‬انظر كيف تراه كذا‬
‫ترى ما سواه ‪. . .‬‬
‫وقال لي ‪ :‬إذا رأيتني في بيتك وحدي فهو الحرم اآلمن يؤمنك من سواي ‪ ،‬وإذا لم ترني‬
‫في بيتك فاطلبني في كل شيء ‪ .‬فإذا رأيتني فاهجم وال تستأذن “ ‪ ( . . .‬طبع آربري‬
‫ص ص ‪. ) 41 - 40‬‬

‫) ‪( 2‬هذا البيت المنور يستحقه العبد إذا وصل قلبه لمرتبة “ بيت الحق “ راجع “ بيت‬
‫الحق “ و “ بيت الموجودات ‪“ .‬‬

‫‪225‬‬
‫“ ‪“ 226‬‬
‫‪ - 99‬البيت العتيق‬
‫البيت العتيق يشير به الشيخ ابن العربي إلى قلب العبد العارف الذي وسع الحق سبحانه ‪.‬‬
‫يقول في شرح “ البيت العتيق “ في ديوانه ترجمان األشواق ص ‪ 115‬هامش رقم‬
‫‪(1):‬‬
‫“ البيت العتيق القديم وهو قلب العبد العارف التقي النقي الذي وسع الحق سبحانه حقيقته‬
‫“‪.‬‬

‫‪ - 100‬البيت المعمور ‪1‬‬


‫ال نكاد نجد جديدا عند الشيخ ابن العربي في نظرته إلى البيت المعمور ‪ ،‬فهو يدعم نظرة‬
‫سهل التستري الذي يفسر البيت المعمور ظاهرا وباطنا ‪، 2‬‬
‫ظاهرا ‪:‬هو “ الضراح “ بناء في السماء السابعة تعمره المالئكة ‪.‬‬
‫باطنا ‪ :‬هو قلب المؤمن الذي يعمره الحق بتجلياته التي ال يطيقها من العبد اال قلبه ‪. 3‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫) ‪ “ ( 1‬وجعل [ الحق ] في سطح السماء السابعة ‪ ،‬الضراح وهو البيت المعمور ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ‪) 438 / 3‬‬

‫“ ‪ . . .‬كما فعل سبحانه في جميع الموجودات فاختار من كل امر ‪ ،‬في كل جنس امرا‬
‫َّللا ‪.‬‬
‫ما ‪ . . .‬اختار من األسماء الحسنى كلمة ‪ّ :‬‬
‫واختار من الناس ‪:‬‬
‫الرسل ‪ ،‬واختار من البيوت ‪ :‬البيت المعمور ‪ . . .‬واما اختياره البيت المعمور فألنه‬
‫مخصوص بعمارة مالئكة ‪ ،‬يخلقون كل يوم من قطرات ماء نهر الحياة ‪ 4‬الواقعة من‬
‫انتفاض الروح األمين ‪ .‬فإنه ينغمس في نهر الحياة كل يوم غمسة ‪ ،‬ألجل خلق هؤالء‬
‫المالئكة ‪ ،‬عمرة البيت المعمور وهم سبعون الف ملك إذا اخرجوا منه ال يعودون اليه‬
‫ابدا “ ‪. . .‬‬
‫( ف ‪ / 2‬ص ص ‪) 171 - 169‬‬

‫‪226‬‬
‫“ ‪“ 227‬‬

‫) ‪“ ( 2‬ثم رأيت [ الشيخ ابن العربي ] البيت المعمور فإذا به قلبي ‪ ،‬وإذا بالمالئكة التي‬
‫تدخله كل يوم ‪ ،‬تجلي الحق له سبحانه الذي وسعه ‪ ،‬في سبعين الف حجاب من نور‬
‫وظلمة ‪ ،‬فهو يتجلى فيها لقلب عبده ‪ ،‬لو تجلى دونها ألحرقت سبحات وجهه عالم الخلق‬
‫من ذلك العبد “ ( ف ‪. ) 350 / 3‬‬
‫“ البيت المعمور وهو القلب الذي وسع الحق فهو عامره “ ( ف ‪. ) 526 / 3‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪“ ( 1‬البيت المعمور “ كلمة قرآنية [ ‪ . ] 4 / 52‬وموقعه قيل في السماء السادسة ‪،‬‬
‫وقيل في السماء السابعة وتعمره المالئكة بال انقطاع ‪.‬‬
‫هو في السماء مثال الكعبة في األرض حيث يطوف بها العباد في كل وقت ‪.‬‬
‫وقد روى الشيخ ابن العربي جملة األحاديث التي ورد ذكره فيها ‪ .‬انظر محاضرة‬
‫األبرار ‪ :‬ج ‪ 1‬ص ‪400‬‬
‫اما القشيري فيرى ان “ البيت المعمور “ ‪ “ :‬في السماء الرابعة ‪،‬‬
‫ويقال ‪ :‬هو قلوب العابدين العارفين المعمورة بمحبته ومعرفته ‪ .‬ويقال ‪ :‬هي مواضع‬
‫عباداتهم ومجالس خلواتهم “ يقول البيضاوي في أنوار التنزيل ج ‪ 2‬ص ‪: 232‬‬
‫“ والبيت المعمور يعني ‪ :‬الكعبة وعمارتها بالحجاج والمجاورين ‪ ،‬أو الضراح وهو في‬
‫السماء الرابعة وعمرانه كثرة غاشيته من المالئكة ‪ ،‬أو قلب المؤمن وعمارته بالمعرفة‬
‫واالخالص ‪ “ .‬كما يراجع ‪:‬‬
‫‪-‬ختم األولياء الترمذي ص ‪، 138‬‬
‫‪-‬شرح مشكالت الفتوحات مخطوط العثمانية حلب رقم ‪ 761‬ق ‪ ( 41‬البيت المعمور ‪:‬‬
‫جسم العبد ) ‪.‬‬
‫“ ) ‪( 2‬والبيت المعمور ‪ :‬قال ( سهل التستري ) ظاهرها ‪ ،‬ما حكى محمد بن سوار‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ :‬ليلة‬
‫َّللا عنه أنه قال ‪ ،‬قال النبي صلى ّ‬ ‫باسناده عن ابن مسعود رضي ّ‬
‫اسرى بي إلى السماء رأيت البيت المعمور في السماء الرابعة ويروى السابعة ‪ ،‬يحجه‬
‫كل يوم سبعون الف ملك ال يرجعون اليه بعده ابدا ‪. . .‬‬
‫وباطنها ‪ :‬القلب ‪ ،‬قلوب العارفين المعمورة بمعرفته ومحبته واالنس به وهو الذي تحجه‬
‫المالئكة ألنه بيت التوحيد “ ‪. . .‬‬
‫( تفسير القرآن العظيم ‪ -‬سهل التستري ص ص ‪. ) 95 - 94‬‬
‫) ‪( 3‬راجع بخصوص البيت المعمور عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪ . 328‬مع شرح عبد الكريم الجيلي على النص ‪.‬‬
‫مخطوط المكتبة العثمانية ‪ -‬حلب ‪ -‬رقم ‪ 761‬ورقة ‪. 43‬‬

‫) ‪“ ( 4‬نهر الحياة “ عبارة نجد منبعها اللغوي في الحديث الشريف حيث أشار به إلى‬
‫نهر في فوهة من أفواه الجنة وسماه بنهر الحياة ‪.‬‬

‫‪227‬‬
‫“ ‪“ 228‬‬

‫انظر صحيح مسلم ‪ .‬تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ‪ .‬دار احياء التراث العربي بيروت ‪.‬‬
‫ج ‪ : 1‬كتاب االيمان حديثي رقم ‪ 302‬و ‪. 304‬‬
‫كما يراجع ‪ “ :‬نهر الحياة "‪.‬‬

‫‪ - 101‬بيت الموجودات‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ فالحق بيت الموجودات كلها ألنه الوجود ‪ ،‬وقلب العبد بيت الحق ‪ 1‬ألنه وسعه ولكن‬
‫قلب المؤمن ال غير ‪.‬‬
‫فمن كان بيت الحق فالحق بيته *** فعين وجود الحق عين الكوائن” ( ف ‪. ) 7 / 4‬‬

‫يقرر الشيخ ابن العربي في هذا النص ‪:‬‬


‫) ‪ ( 1‬ان الحق هو من الناحية الوجودية بيت الموجودات كافة ‪ ،‬من حيث إنه وسع‬
‫وجودها ‪ ،‬فال يوجد موجود خارج الحق ألنه الوجود ‪ .‬فالحق اذن بيت الموجودات ‪.‬‬
‫) ‪ ( 2‬في النقطة األولى رأينا قرب الحق العام من الخلق ‪ ،‬ولكن في هذه النقطة الثانية‬
‫سنكتفي بقرب خاص هو “ قرب الفرائض ‪“ .‬‬
‫ان الشيخ ابن العربي بعدما اشرك الموجودات في وجودها في الحق كافة ‪ ،‬خصص في‬
‫اللحظة الفكرية الثانية فئة مقربة منهم ( الفئة المؤمنة التي وسع قلبها الحق ) بظهورها‬
‫بالحق ‪. 2‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬راجع “ قلب “ وما له من صفة السعة ( ف ج ‪ 4‬ص ‪ ، 8‬كما يراجع “ بيت الحق‬
‫“)‪.‬‬
‫) ‪( 2‬راجع “ قرب الفرائض ‪“ .‬‬

‫‪228‬‬
‫“ ‪“ 229‬‬

‫للا‬
‫‪ - 102‬بيّنة ّ‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫ورد لفظ “ بينة “ في القرآن بصيغة المفرد ‪ ،‬وبمعنى يكاد يكون واحد تقريبا ‪ ،‬لذلك‬
‫نكتفي بآية واحدة منها ‪. 1‬‬
‫على بَ ِّيّنَ ٍة ِّم ْن َر ِّبّي َو َكذَّ ْبت ُ ْم ِّب ِّه ‪“[ 6 / 57 ] .‬‬
‫” قُ ْل ِّإ ِّنّي َ‬
‫يقول البيضاوي في شرح اآلية ‪:‬‬
‫“ والبينة ‪ :‬الداللة الواضحة التي تفصل الحق من الباطل ‪ ،‬وقيل المراد بها القرآن‬
‫والوحي أو الحجج العقلية أو ما يعمها “ ( أنوار التنزيل ج ‪1‬ص ‪. ) 139‬‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫ان البينة هي احدى الطرق الموصلة إلى العلم الصحيح ‪ ،‬تتلخص في أن أهلها اي‬
‫االشخاص الذين هم على بينة من ربهم ‪ ،‬يعتمدون لالدراك اليقيني عالمة بينهم وبين‬
‫الحق ‪ ، 2‬تقوم عندهم مقام الدليل اليقيني عند صاحب الفكر ‪.‬‬

‫فالحق سبحانه وتعالى يتولى تعليمهم ‪ ، 3‬يعرفهم ‪ ،‬يختصهم بفهم ما افترض عليهم من‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ .‬فالوحي التشريعي اختتم ‪ ،‬ولكن العلم به والفهم‬
‫شرع النبي محمد صلى ّ‬
‫باّلل حقيقة ‪.‬‬
‫له اختصاص الهي يبينه الحق للخلق فهم العلماء ّ‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫َّللا ان قلبك‬
‫“ ‪ . . .‬ان االمر الذي كنى عنه الحق بأنه بينه لك من عنده ‪ ،‬هو سفير من ّ‬
‫َّللا ان من عنده‬
‫من خفي غيوبه ‪ ،‬مختص بك من حضرة الخطاب اإللهي والتعريف من ّ‬
‫‪ ،‬فخذ به وانظر ما يقبله فاقبله ‪ . . . 4‬كما يفعل صاحب الفكر دليله ‪ . . .‬وصاحب البينة‬
‫َّللا وصراط مستقيم ‪ ،‬ال يعلم األشياء بها ‪ .‬اال على ما تكون‬
‫من ربه ‪ ،‬على نور من ّ‬
‫عليه األشياء ال يقبل الشبه “ ( ف ‪. ) 634 / 2‬‬

‫“ فهذا الراهب ‪ 5‬ممن هو على بينة من ربه ‪ ،‬علمه ربه من عنده ما افترضه على شرع‬
‫َّللا ‪.‬‬
‫َّللا عليه وسلم على الطريق التي اعتادها من ّ‬
‫نبينا محمد صلى ّ‬
‫وهذا عندنا ذوق محقق‬

‫‪229‬‬
‫“ ‪“ 230‬‬

‫َّللا عليه وسلم المقررة في شرعه ‪ . . .‬ومن تلك‬


‫فانا أخذنا كثيرا من احكام محمد صلى ّ‬
‫الطريق نصحح األحاديث النبوية ونردّها أيضا ‪ ( “ . . . 6‬ف السفر ‪ - 3‬فقرة ‪- 330‬‬
‫‪.)1‬‬
‫باّلل ‪ ،‬العارفون ‪ ،‬وان لم يكونوا‬
‫َّللا عن بصيرتهم ] هم العلماء ّ‬
‫“ وهؤالء [ الذين كشف ّ‬
‫رسال وال أنبياء ‪ .‬فهم على بينة من ربهم في علمهم به ‪ ،‬وبما جاء من عنده “ ( السفر‬
‫الثالث الفقرة ‪ 304‬ب ) ‪.‬‬

‫“ ان ‪ . . .‬الزهاد الذين كان الورع سبب زهدهم ‪ . . .‬فكلما حاك في نفوسهم شيء‬
‫َّللا لهم عالمات يعرفون بها الحالل من الحرام ‪. . .‬‬ ‫تركوه ‪ . . .‬اال ان جعل ّ‬
‫وهذه العالمة ‪ . . .‬ال تكون ابدا ‪ ،‬اال من نفس الرحمن [ انظر نفس الرحمن ] ‪.‬‬
‫رحمهم بذلك الرحمن لما رآهم فيه من التعب والضيق والحرج ‪ ،‬فنفّس الرحمن عنهم ‪،‬‬
‫بما جعل لهم من العالمات في الشيء ‪ . . .‬واستراحوا إذ كانوا على بينة من ربهم ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ‪ -‬السفر الرابع ‪ -‬فقرة ‪. ) 308 - 307‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬راجع المعجم الفهرس أللفاظ القرآن ‪ .‬ورد لفظ “ بينة “ ‪ 19‬مرة ‪ ،‬كما أن التنزيل‬
‫اطلق البينة على سورة كاملة هي سورة البينة ‪ .‬مكية آياتها تسع ‪.‬‬
‫) ‪( 2‬هذه العالمة تكون في بعض األحيان حسية ‪ .‬ونورد على سبيل االستئناس حالة‬
‫مشابهة ‪:‬‬
‫أحد األولياء وهو المحاسبي كما يذكر مؤلفو الطبقات ‪ ،‬أدى به ورعه ومجاهدته في‬
‫تحري الحالل عند الطعام إلى بينة من الحق وهي العالمة ‪ ،‬فكان إذا مد يده إلى طعام‬
‫فيه شبهة ‪ ،‬نفر عرق في إصبعه ‪ ،‬وهذه العالمة الحسية هي عنده بمثابة الدليل اليقيني‬
‫عند صاحب الفكر ‪ ،‬ومن المعلوم في العصر الحاضر صلة األمور النفسية باألمور‬
‫الجسدية وال سيما الجهاز العصبي والجهاز الهضمي ‪.‬‬
‫) ‪( 3‬راجع الفتوحات السفر الثالث الفقرة ‪ 331‬و ‪. 1 - 331‬‬
‫َّللا على بصيرة ويفتي في الدين ‪،‬‬ ‫) ‪( 4‬ان من هو “ على بينة من ربه “ يدعو إلى ّ‬
‫وشتان بين من يفتي بالدين بعلم اخذه عن الحي الذي ال يموت ‪ ،‬وبين من يفتي في دين‬
‫َّللا بغلبة الظن اي أهل الرسوم ‪ .‬راجع الفتوحات السفر الثاني من الفقرة ‪ 367‬إلى الفقرة‬ ‫ّ‬
‫‪. 370‬‬
‫) ‪( 5‬الراهب هو ابن برثملة ‪ .‬انظر الفتوحات السفر ‪ 3‬الفقرة ‪. 330‬‬
‫َّللا عليه‬
‫) ‪( 6‬من عادة المتصوفة في حال شكها في نسبة حديث إلى الرسول صلى ّ‬
‫َّللا بها وتعود لتقرر بلهجة يقينية من أن هذا الحديث هو‬ ‫وسلم ان تسلك طرقا اختصها ّ‬
‫َّللا عليه وسلم أو ‪ ،‬ال ‪.‬‬
‫للرسول صلى ّ‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ غير أن الوارث ال يحدث شريعة ‪ ،‬وال ينسخ حكما مقررا ‪ ،‬لكن يبيّن ‪ .‬فإنه “ على‬
‫بينة من ربه “ وبصيرة في علمه “ ( ف ‪ -‬السفر الرابع ‪ -‬فقرة ‪. ) 119‬‬

‫‪230‬‬
‫“ ‪“ 231‬‬

‫حرف التاء‬
‫ت‬

‫‪231‬‬
“ 232 “

232
‫“ ‪“ 233‬‬
‫‪ - 103‬تابوت‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ التابوت ‪ :‬الصندوق من خشب “ ‪. . .‬‬
‫( المنجد األبجدي ‪ -‬مادة تابوت) ‪.‬‬
‫“ ما أودعت تابوتي شيئا ففقدته اي ما أودعت صدري علما فعدمته‪.‬‬
‫وانشد أبو حاتم ‪:‬‬
‫تجاوب الصوت بترنموتها *** وتخرج الحية من تابوتها‬
‫” ( أساس البالغة ‪ -‬الزمخشري ‪ -‬مادة تبت ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫وردت لفظة تابوت في القرآن الكريم في موضعين بمعنى ‪ :‬صندوق ”‪ .‬إِّ َّن آيَةَ ُم ْل ِّك ِّه أ َ ْن‬
‫س ِّكينَةٌ ِّم ْن َر ِّبّ ُك ْم “ ( ‪. ) 248 / 2‬‬ ‫يَأْتِّيَ ُك ُم التَّابُوتُ ‪1‬فِّي ِّه َ‬
‫اح ِّل “( ‪. ) 39 / 20‬‬ ‫س ِّ‬‫ت فَا ْق ِّذفِّي ِّه فِّي ْاليَ ِّ ّم فَ ْليُ ْل ِّق ِّه ْاليَ ُّم ِّبال َّ‬
‫” أ َ ِّن ا ْق ِّذفِّي ِّه فِّي التَّابُو ِّ‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫*التابوت ‪ :‬رمز للجسم االنساني الذي يطلقون عليه اسم ‪ ،‬الناسوت في مقابل الالهوت‬
‫[ الروح ] ‪ ،‬والواقع ان “ التابوت “ أقرب إلى الصورة التمثيلية منه إلى الرمز ‪ ،‬ألنه‬
‫صورة أخرى من الصور التشبيهية السلبية التي يمثل بها المفكرون عالقة الروح بالجسد‬
‫‪.2‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ واما حكمة القائه [ موسى ] في التابوت ورميه في الي ّم فالتابوت ناسوته ‪. . . 3‬‬
‫“ ( فصوص ‪. ) 198 / 1‬‬
‫****‬
‫استعمل الشيخ ابن العربي التابوت في صورة تمثيلية أخرى ‪ ،‬أعمق من األولى وأكثر‬
‫تفردا ‪.‬‬
‫فالتابوت يشير إلى ‪ :‬التكاليف اإللهية التي يحملها العبد بما فيها من مشقة ‪ ،‬حمال معنويا‬
‫في قلبه ‪ ،‬وحمال حسيا يتمثل في العمل بالجوارح‪.‬‬

‫‪233‬‬
‫“ ‪“ 234‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ ويتضمن هذا المنزل [ منزل تقرير النعم من الحضرة الموسوية ] ‪ :‬التكليف ‪ ،‬فاعلم‬
‫َّللا‬
‫َّللا تعالى أمر عباده بااليمان به ‪ . . .‬وجعل مع االيمان الزاما من المعاني امرهم ّ‬
‫أن ّ‬
‫تعالى ان يحملوها كلها في بواطنهم ‪ ،‬حمال معنويا وجعل محلها القلوب ‪ ،‬وعين أمورا‬
‫عملية انزلها على ظواهرهم وحملها جوارحهم ‪. . .‬‬

‫كالصالة والجهاد ‪ . . .‬وإذا أقيمت هذه الحضرة ممثلة في صور حسية يقام له [ للعبد ]‬
‫توابيت ‪ 4‬على يمينه وتوابيت على يساره ‪ ،‬فالتوابيت التي على يمينه مملوءة ‪ 5‬درا‬
‫وياقوتا واحجارا نفيسة ‪ . . . 6‬وقيل له ‪ :‬ال بد من حمل هذا إلى موضع معين ‪ ،‬إلى دار‬
‫حسنة وروضة مورقة ‪ ، 7‬وقيل له ‪ :‬إذا أوصلت هذه األحمال إلى هذه الروضة كان‬
‫أجرك عليها وعلى ما آلمك من ثقلها ‪ :‬ما تحوي عليه هذه التوابيت كلها ‪ .‬ولك هذه الدار‬
‫التي وصلتها بجميع ما تحوى عليه ‪. . . 8‬‬

‫وقد يجمع له [ للمؤمن العامل ] بين الدنيا واآلخرة فيرى ‪ 9‬العامل ما تحمل تلك التوابيت‬
‫من األشياء النفيسة ومآلها ‪ ،‬وقد حصل له البشري ‪ 10‬بأنها له ملك إذا حملها ‪. . . ،‬‬
‫فيهون عليه حملها ويخف لحمل الهمة إياها فال يجد فيها مشقة ‪. . .‬‬
‫وآخر ينظر إلى ثقلها وهو المؤمن الذي ال كشف عنده فيجدها ثقيلة المحمل ‪ ( “ . . .‬ف‬
‫‪ / 2‬ص ص ‪. ) 650 - 649‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يقول البيضاوي في معنى “ التابوت “ في هذه اآلية ‪:‬‬
‫“ ( التابوت ) الصندوق ‪ ،‬فعلوت من التوب وهو الرجوع ‪ ،‬فإنه ال يزال يرجع اليه ما‬
‫يخرج منه ‪ ،‬وليس بفاعول لقلة نحو سلس وقلق ‪ . . .‬ويريد به صندوق التوراة وكان‬
‫من خشب الشمشاد مموها بالذهب ‪ ( “ . . .‬أنوار التنزيل ج ‪ 1‬ص ‪) . 55‬‬
‫) ‪( 2‬استعمل الشيخ ابن العربي كلمة تابوت بالمعنى “ األول “ في كتابه إشارات القرآن‬
‫‪ -‬األوراق التالية ‪:‬‬
‫‪- 50‬أ ‪ ،‬و ‪ 52‬أو ‪ 60‬أ ‪.‬‬
‫) ‪( 3‬لم يزد جامي أو بالي أفندي على شرح الشيخ ابن العربي التابوت بالناسوت شيئا ‪.‬‬
‫يقول جامي ‪:‬‬
‫“ فالتابوت ‪ ،‬بلسان اإلشارة ناسوته اي صورته االنسانية “ ( شرح الفصوص ج ‪ 2‬ص‬
‫‪. ) 308‬‬
‫يقول بالي أفندي ‪:‬‬
‫“ ( فالتابوت ) إشارة إلى ( ناسوته ) وهو الجسم العنصري الموسوي ‪ ( . . .‬فرمى‬
‫به ) ‪. . .‬‬
‫( في اليم ) ‪ . . .‬ان هذا الرمي إشارة إلى النفس االنسانية التي ألقيت في تابوت البدن ‪. . .‬‬
‫“ ( شرح الفصوص ص ص ‪. ) 387 - 386‬‬

‫‪234‬‬
‫“ ‪“ 235‬‬

‫) ‪( 4‬أنواع التوابيت خمسة وهي ‪:‬‬


‫“ توابيت االمر الواجب ‪ ،‬وتوابيت االمر المندوب ‪ ،‬وتوابيت االمر المبيح من حيث‬
‫االيمان به ‪ ،‬وتوابيت النهي الواجب ‪ ،‬وتوابيت النهي المكروه “ ( ف ‪) . 650 / 2‬‬
‫) ‪( 5‬ان التوابيت ( اي ظاهر النصوص التكليفية ) مملوءة درا وياقوتا ( الدر ‪:‬‬
‫باطنها ) ‪. . .‬‬
‫ولكن المكلف ال يعرف ذلك في هذه الدنيا ‪ .‬بل كان التكليف امرا فقط بحمل التوابيت بما‬
‫تحوى عليه ‪ .‬فمحتوياتها مجهول بالنسبة له ‪.‬‬
‫) ‪( 6‬استعمل الشيخ ابن العربي “ التابوت “ من حيث الصفة التي يعطيها لكلمة “ خزانة‬
‫“ راجع “ خزانة ‪“ .‬‬
‫) ‪( 7‬هذا الموضع المعين والروضة المورقة ‪ ،‬إشارة إلى اآلخرة ‪ .‬ألنها الموضع الذي‬
‫ينتهي اليه التكليف ‪.‬‬
‫) ‪( 8‬ان اجر المؤمن على حمله التكليف ‪ ،‬الجواهر التي يحويها التكليف ‪ .‬اما “ الدار‬
‫َّللا ‪ ،‬يأتيه العبد احسانا منه ‪.‬‬ ‫“ فهي فضل من ّ‬
‫) ‪( 9‬يشير الشيخ ابن العربي هنا إلى حالة المؤمن الذي كشف له عن حقيقة التكليف ‪،‬‬
‫فلم يعد التكليف شاقا على النفس والجسد بل العكس تندفع همته كما سنرى في النص ‪.‬‬
‫بشر “ ‪.‬‬ ‫) ‪( 10‬راجع “ ّ‬
‫***‬
‫‪ - 104‬تحت – التحتية‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ التاء والحاء والتاء كلمة واحدة ‪ ،‬تحت الشيء ‪ ،‬والتحوت ‪ :‬الدّون من الناس “ ‪ ( .‬معجم‬
‫مقاييس اللغة مادة “ تحت “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫ورد لفظ “ تحت “ في أماكن كثيرة ولكن دون ان يخرج عن المعنى اللغوي السابق ‪.‬‬
‫ت أ َ ْر ُج ِّل ِّه ْم “( ‪. ) 66 / 5‬‬
‫فكان مقابال للفوق ‪َ ”:‬أل َ َكلُوا ِّم ْن فَ ْو ِّق ِّه ْم َو ِّم ْن ت َ ْح ِّ‬
‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫التحت والفوق إشارتان متقابلتان لهما صبغة مكانية لذلك نبحثهما معا ‪:‬‬

‫حين يضيف الشيخ ابن العربي التحت والفوق إلى ‪ :‬الحق ‪ ،‬يستحسن ان نستحضر في‬
‫أذهاننا مفهومه لنسبتين ‪ :‬الظاهر والباطن ‪ .‬فللفوق والتحت مرتبة الظاهر‬

‫‪235‬‬
‫“ ‪“ 236‬‬

‫والباطن في فكر الحاتمي ‪ .‬وذلك ان الظاهر والباطن ال يميزهما كمرتبتين مستقلتين اال‬
‫حقيقة االنسان ‪ . 1‬كذلك الفوق والتحت ال معنى لهما اال باالنسان الذي له الوسط ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫َّللا عبدا فتكبّر على ربه وعال عليه ‪ ،‬فهو سبحانه مع هذا يحفظه‬ ‫“ ‪ . . .‬ان االنسان خلقه ّ‬
‫من تحته بالنظر إلى علو هذا العبد الجاهل بنفسه ‪ ،‬وهو قوله عليه السالم ‪ :‬لو دليتم بحبل‬
‫َّللا ‪ . 2‬فأشار إلى نسبة التحت اليه ‪ ،‬كما أن نسبة الفوق اليه في قوله ‪”:‬‬ ‫لهبط على ّ‬
‫يَخافُونَ َربَّ ُه ْم ِّم ْن فَ ْوقِّ ِّه ْم “( ‪َ ”) 50 / 16‬و ُه َو ْالقا ِّه ُر فَ ْوقَ ِّعبا ِّد ِّه “ *( ‪- 61 ) 18 / 6‬‬
‫َّللا تعالى ] ‪ :‬الفوق والتحت ‪.‬‬ ‫فله [ ّ‬
‫ولهذا ما ظهرت الجهات الست اال باالنسان ‪ ( “ . . .‬فصوص ‪. ) 171 / 1‬‬

‫يشرح بالي أفندي ( ت ‪ 960‬هـ ) هذا النص من الفصوص قائال ‪:‬‬


‫“ ‪ . . .‬فال يظهر ان له الفوق والتحت اال باالنسان ‪ ،‬الستواء نسبة الفوق والتحت اليه‬
‫لكونه محيطا باألشياء من جميع الجهات ‪ . . .‬فظهر ان الفوق والتحت ّّلل ال لالنسان وما‬
‫عرف العبد الجاهل ذلك فتفوق على ربه وعال ‪. . . “ .‬‬

‫كما يستعمل الشيخ ابن العربي لفظي الفوق والتحت مضافين إلى ‪ :‬العلم ‪.‬‬
‫يقول ‪ :‬علوم التحت وعلوم الفوق‬
‫يشير بعلوم الفوق إلى الوهب ‪ .‬فكل علم موهوب هو من علوم الفوق ‪.‬‬
‫ويشير بعلوم التحت إلى الكسب ‪ .‬فكل علم مكتسب بالجد واالجتهاد فهو من علوم‬
‫التحت ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ان العلوم على قسمين ‪ :‬موهوبة ‪ ،‬وهو قوله تعالى ‪َ ”:‬أل َ َكلُوا ِّم ْن فَ ْوقِّ ِّه ْم “( ‪) 66 / 5‬‬
‫ت أ َ ْر ُج ِّل ِّه ْم “( ‪5‬‬
‫وهي نتيجة التقوى ‪ . . .‬ومكتسبة وإليها اإلشارة بقوله تعالى ‪َ ”:‬و ِّم ْن ت َ ْح ِّ‬
‫‪ ) 66 /‬يشير إلى كدّهم واجتهادهم ‪ ( “ . . .‬ف ‪َ ”. ) 594 / 2‬أل َ َكلُوا ِّم ْن فَ ْو ِّق ِّه ْم ‪“( 5‬‬
‫) ‪/ 66‬وهي علوم خارجة عن الكسب” َو ِّم ْن ت َ ْح ِّ‬
‫ت‬

‫‪236‬‬
‫“ ‪“ 237‬‬

‫أ َ ْر ُج ِّل ِّه ْم “( ‪ ) 66 / 5‬وهي علوم دخلت تحت الكسب ‪ .‬فهي من علوم التحت والفوق ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ‪. ) 488 / 2‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬راجع “ ظاهر “ و “ باطن ‪“ .‬‬
‫) ‪( 2‬راجع فهرس األحاديث ‪ ،‬حديث رقم ‪. ) 18 ( :‬‬

‫‪ - 105‬ترجمان الحق ‪1‬‬


‫في اللغة ‪:‬‬
‫فسره بلسان آخر ‪ . . .‬الترجمان والتّرجمان ‪ :‬المفسر للسان بلغة‬
‫ّ‬ ‫“ ترجم كالمه ‪:‬‬
‫أخرى ‪ . . .‬وقد يراد بالترجمان المبلغ بلغة واحدة “ ( أقرب الموارد ص ‪. ) 75‬‬
‫“ الترجمان كعنفوان وزعفران ‪ . . .‬المفسر للسان “‬
‫( المحيط ‪ .‬الفيروزآبادي ‪ .‬مادة “ ترجمان “ ) ‪.‬‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫كلمة “ ترجمان “ ليست قرآنية ‪ ،‬ولكنها وردت في الحديث الشريف بالمعنى اللغوي‬
‫السابق ‪:‬‬
‫“ ما منكم أحد ‪ ،‬رجل اال سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان “‬
‫( المعجم المفهرس أللفاظ الحديث النبوي ج ‪ 6‬ص ‪. ) 56‬عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫*يقول الشيخ األكبر ‪:‬‬
‫“ اللسان ‪ :‬ترجمان الجنان ‪ . . .‬والجنان متسع الرحمان وهو له بمنزلة المكان ‪ ،‬فما‬
‫وسع الرب اال ‪ :‬القلب ‪.‬‬
‫فأنت ترجمان الحق إلى جميع الخلق ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 363 / 4‬‬
‫االنسان اذن ‪ ،‬ليس مطلق انسان ‪ ،‬بل االنسان الخليفة ‪ 2‬هو ترجمان الحق من حيث إن‬
‫لسانه ترجمان قلبه الذي وسع الحق ‪.‬‬
‫وقد استعمل الحاتمي لفظ الترجمان بالمعنيين اللغويين الواردين أعاله ‪،‬‬

‫‪237‬‬
‫“ ‪“ 238‬‬

‫‪-‬فاالنسان يترجم خطاب الحق في قلبه من لغة المعاني واإلشارات إلى لغة الخلق ‪ :‬لغة‬
‫االلفاظ والحروف ‪.‬‬
‫‪-‬واالنسان يبلغ خطاب الحق إلى الخلق ‪ ،‬الن الحقيقة االنسانية هي الوحيدة التي قبلت‬
‫الصورة اإللهية وظهرت بالكماالت االسمائية في الخلق ‪. 3‬‬

‫الترجمان هو الواسطة ‪ .‬يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫اخلَ ْع نَ ْعلَي َْك “[ ‪ / 12 ] : 20‬اي قد وصلت المنزل‬ ‫“ وقيل لموسى ‪ -‬عليه السالم ‪ ”: -‬فَ ْ‬
‫َّللا بال واسطة ‪ ،‬بكالمه ‪ -‬سبحانه ‪ -‬بال ترجمان ‪ ( “ . . .‬ف السفر الثالث فق‬ ‫فإنه كلمه ّ‬
‫‪. ) 180‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬راجع معنى “ ترجم “ “ وترجمان “ عند الغزالي ‪ .‬كتاب األب فريد جبر ‪ :‬في‬
‫معجم الغزالي ص ‪. 45‬‬
‫) ‪( 2‬راجع “ انسان خليفة “ كما يراجع الفتوحات السفر الثاني فقرة ‪. 520‬‬
‫) ‪( 3‬راجع “ صورة “ ‪.‬‬
‫***‬
‫‪ – 106‬التوبة‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ التاء والواو والباء كلمة واحدة تدل على الرجوع ‪ .‬يقال ‪ :‬تاب من ذنبه ‪ ،‬اي رجع عنه‬
‫َّللا توبة ومتابا ‪ ،‬فهو تائب “ ‪. . .‬‬
‫‪ ،‬يتوب إلى ّ‬
‫( معجم مقاييس اللغة مادة “ توب “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫( أ ) ورد الفعل “ تاب “ في القرآن بمعناه اللغوي ‪ ،‬مضافا إلى فاعلين ‪ :‬الحق من جهة‬
‫‪ ،‬واالنسان من جهة ثانية ‪.‬‬
‫علَ ْي ِّه ْم ِّليَتُوبُوا ِّإ َّن َّ َ‬
‫َّللا ُه َو الت َّ َّو ُ‬
‫اب‬ ‫‪-‬وفي اضافته إلى الحق اتبع بالحرف “ على “ ‪ ”:‬ث ُ َّم َ‬
‫تاب َ‬
‫الر ِّحي ُم “( ‪.) 118 / 9‬‬
‫َّ‬

‫‪238‬‬
‫“ ‪“ 239‬‬

‫‪-‬وفي اضافته إلى الخلق اتبع بالحرف “ إلى “ ‪ِّ ”:‬إ ِّنّي تُبْتُ ِّإلَي َْك َو ِّإ ِّنّي ِّمنَ ْال ُم ْس ِّل ِّمينَ‬
‫‪“( 46 / 15 ) .‬‬
‫( ب ) كما نالحظ ان توبة العبد بين توبتين للحق ‪ :‬توبة ابتداء من الحق ‪ ،‬وتوبة جزاء‬
‫علَ ْي ِّه ْم ِّليَتُوبُوا ‪. . . “( 9 / 18 ) .‬‬ ‫تاب َ‬ ‫من الحق ‪ ”. 1‬ث ُ َّم َ‬
‫من بها على عبده ابتداء من غير أن يستحقها بفعل ‪ِّ ”.‬إ َّال الَّذِّينَ‬ ‫انها توبة من الحق ‪ّ ،‬‬
‫علَ ْي ِّه ْم ‪“( 2 / 160 ) .‬‬ ‫وب َ‬ ‫صلَ ُحوا َوبَيَّنُوا فَأُولئِّ َك أَت ُ ُ‬ ‫تابُوا َوأ َ ْ‬
‫توبة الحق في هذه اآلية جزاء توبة العبد وعمله الصالح ‪.‬‬
‫تواب وهي كما يقول علماء‬ ‫( ج ) اما اسم الفاعل من التوبة ‪ .‬فقد ورد بصيغة مشددة ‪ّ :‬‬
‫النحو صيغة المبالغة ‪ .‬وقد اضافه التنزيل العزيز إلى الحق فقط ‪ .‬ولم يشر إلى الخلق‬
‫الر ِّحي ُم “( ‪/ 2‬‬ ‫اب َّ‬ ‫علَ ْي ِّه ِّإنَّهُ ُه َو الت َّ َّو ُ‬ ‫ت فَ َ‬
‫تاب َ‬ ‫اال بصيغة الجمع ‪ ”:‬فَتَلَقَّى آ َد ُم ِّم ْن َر ِّبّ ِّه َك ِّلما ٍ‬
‫ط ِّ ّه ِّرينَ “( ‪. ) 222 / 2‬‬ ‫َّللا يُ ِّحبُّ الت َّ َّوا ِّبينَ َويُ ِّحبُّ ْال ُمت َ َ‬
‫”‪ِّ 37 ) .‬إ َّن َّ َ‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪: 2‬‬


‫*ناقش الشيخ األكبر مقاالت المتقدمين في التوبة ‪ ،‬فاخذ منها ما وافق نظرته ‪ ،‬ور ّد‬
‫بمنطق تعليلي ما ينافي حقائقه وفلسفته ‪.‬‬
‫ثم في قفزة ثانية ‪ ،‬تخطى كل المفاهيم األولى في نظرتها الخلقية السلوكية ‪ ،‬إلى نظرة‬
‫انطولوجية في التوبة ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ وحدّها [ التوبة ] ‪ :‬ترك الزلة في الحال ‪ .‬والندم على ما فات ‪ ،‬والعزم على أنه ال‬
‫َّللا بعد ذلك ما يريد ‪.3‬‬
‫يعود لما رجع عنه ‪ ،‬ويفعل ّ‬
‫فأما ترك الزلة في الحال فال ب ّد منه ‪ ،‬واما الركن الثاني وهو الندم ‪ 4‬على ما فات ‪:‬‬
‫وهو عند الفقهاء الركن األعظم ‪ . . .‬فالعارفون ‪ :‬آدميون ‪ ، 5‬يسألون من ربهم ان‬
‫يتوب عليهم ‪.‬‬
‫َّللا بطريق‬
‫وحظهم من التوبة ‪ :‬االعتراف والسؤال ال غير ذلك ‪ . . .‬فان الرجوع إلى ّ‬
‫َّللا ‪ ،‬فيه خطر عظيم ‪ ،‬فإنه ان كان قد بقي عليه شيء‬
‫العهد وهو ال يعلم ما في علم ّ‬

‫‪239‬‬
‫“ ‪“ 240‬‬

‫َّللا ِّم ْن‬ ‫من مخالفة فال ب ّد من نقض ذلك العهد ‪ ،‬فينتظم في قوله” الَّذِّينَ يَ ْنقُضُونَ َ‬
‫ع ْه َد َّ ِّ‬
‫بَ ْع ِّد ِّميثا ِّق ِّه “( ‪ ، ) 27 / 2‬فلم ير أكمل معرفة من آدم عليه السالم حيث اعترف ودعا‬
‫َّللا توبة عزم فيها انه ال يعود ‪ ،‬كما يشترطه علماء الرسوم في ح ّد‬ ‫‪ ،‬وما عهد مع ّ‬
‫َّللا بكل وجه ‪. . . “ 6‬‬ ‫التوبة ‪ . . .‬فان في العزم سوء أدب مع ّ‬
‫( فتوحات ‪. ) 142 - 139 / 2‬‬
‫التوبة اذن هي اعتراف بالذنب وسؤال المعفرة دون عهد أو عزم بعدم العودة اليه ‪. 7‬‬

‫ان “ التوبة “ تفترض “ الذنب “ الذي بدوره يفترض “ فعل العبد التائب ‪“ .‬‬
‫وهذا االفتراض يناقض مبادئ الشيخ ابن العربي في “ وحدة الفاعل “ ‪ .‬فهو يرى أن‬
‫الفاعل الحقيقي الوحيد لكل فعل في العالم هو ‪ :‬الحق ‪. 8‬‬
‫اذن ‪ :‬التوبة ان لم تكن “ اشراكا “ يثبت فيه العبد فعله بجانب وجود الحق وفعله ‪ ،‬فهي‬
‫َّللا‬
‫يعرف التوبة بأنها ‪ :‬التبري من الحول والقوة بحول ّ‬
‫على األقل تقاربه ‪ ،‬ولذلك ّ‬
‫وقوته ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ ‪ . . .‬يوم التغابن [ يوم القيامة ] فيقول فاعل الشر ‪ :‬يا ليتني فعلت خيرا ‪ ،‬ويقول‬
‫فاعل الخير ‪ :‬يا ليتني زدت ‪ .‬والعارف ال يقول شيئا فإنه ما تغيّر عليه حال كما هو‬
‫وتبريه من الملك والتصرف فيه‬‫ّ‬ ‫في الدنيا كذلك هو في اآلخرة ‪ ،‬اعني من شهوده ربه‬
‫‪ ،‬فلم يقم له عمل مضاف اليه يتحسر على ترك الزيادة منه وبذل الوسع فيه ‪. . .‬‬
‫فالتوبة المشروعة ‪ :‬هي التوبة من المخالفات ‪ ،‬والتوبة الحقيقية ‪ :‬هي التبري من‬
‫َّللا وقوته ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪. ) 49 / 4‬‬
‫الحول والقوة بحول ّ‬

‫يأخذ الشيخ ابن العربي التوبة بمعناها اللغوي اي الرجوع ‪.‬‬


‫ولكنه ليس رجوعا من حال إلى حال كما يراها المتقدمون ‪ ،‬مثال ‪ :‬من حال المخالفة‬
‫والمعصية إلى حال الطاعة ‪. . .‬‬
‫َّللا “ بمعنى “ رجع‬
‫بل رجوع بالوجود ‪ ،‬فالعبد يرجع إلى الحق بوجوده ‪ “ :‬تاب إلى ّ‬
‫َّللا “ في كل حال سواء كان مخالفة أو موافقة ‪.‬‬
‫إلى ّ‬
‫اذن ‪ ،‬لم يربط الشيخ األكبر التوبة بالذنب ‪. 9‬‬
‫فالتوبة عنده رجوع بالوجود‬

‫‪240‬‬
‫“ ‪“ 241‬‬

‫إلى الحق في كل حال ‪ .‬وهذا حاصل في الكون سواء شعر به الشخص أم لم يشعر‬
‫نظرا للقرب اإللهي ‪ .‬فالتائب هو من يشعر بهذا الرجوع الوجودي إلى الحق ولو كان‬
‫في حال مخالفة ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫َّللا انه من كان صفته قال تعالى ‪َ ”:‬و ُه َو َمعَ ُك ْم أَيْنَ ما ُك ْنت ُ ْم “[ ‪] 4 / 57‬‬ ‫“ اعلم ‪ ،‬وفقك ّ‬
‫يط “[ ‪. ] 54 / 41‬‬ ‫ش ْيءٍ ُم ِّح ٌ‬ ‫قال تعالى ‪ “ :‬وهو ِّب ُك ِّّل َ‬
‫َّللا يَرى “[ ‪. . . ] 14 / 96‬‬ ‫وقال تعالى ‪ ”:‬أ َ لَ ْم يَ ْعلَ ْم بِّأ َ َّن َّ َ‬
‫ب إِّلَ ْي ِّه ِّم ْن َح ْب ِّل ْال َو ِّري ِّد “[ ‪] 16 / 50‬‬ ‫قال تعالى ‪َ ”:‬ون َْح ُن أ َ ْق َر ُ‬
‫ْص ُرونَ “[ ‪] 85 / 56‬‬ ‫ب ِّإلَ ْي ِّه ِّم ْن ُك ْم َول ِّك ْن ال تُب ِّ‬‫قال تعالى ‪َ ”:‬ون َْح ُن أ َ ْق َر ُ‬
‫َّللا يحب التّوابين اليه في كل‬ ‫فال يتوب اال من ال يشعر وال يبصر هذا القرب ‪ . . .‬ان ّ‬
‫حال من خالف ووفاق ‪ . . .‬فال تصح توبة فإنها رجوع ‪ ،‬وال يكون رجوع اال من‬
‫مفارقة ألمر يرجع اليه ‪ ،‬والحق على خالفه ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪. ) 144 - 143 / 2‬‬
‫“ التوبة امر الزم دائم الوجود “ ( فتوحات ‪. ) 127 / 4‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬وذلك حسب تعبير الشيخ األكبر ‪ :‬توبة جزاء ‪ -‬توبة امتنان ( راجع منّة ) ‪.‬‬
‫) ‪( 2‬ان مراجع “ التوبة “ قبل الشيخ ابن العربي ال تكاد تحصى ‪ ،‬وذلك انها من‬
‫المواضيع التي حظيت باهتمام الفقهاء وعلماء الكالم والمتصوفة ‪.‬‬
‫فمن أراد االستزادة من موضوعها فليراجع ‪:‬‬
‫من الناحية الكالمية ‪:‬‬
‫‪-‬غاية المرام في علم الكالم ‪ .‬اآلمدي ‪ :‬فهرس المصطلحات والمسائل ‪ :‬التوبة ( تحديد‬
‫َّللا عندهم ‪. . . ) .‬‬ ‫معناها ‪ .‬وجوبها عقال عند المعتزلة ‪ ،‬وجوب قبولها على ّ‬
‫‪-‬كتاب الفصل في الملل واألهواء والنحل ‪ .‬ابن حزم ‪ .‬ج ‪ 4‬ص ص ‪. 62 - 61‬‬
‫‪-‬مذاهب االسالميين ‪ :‬عبد الرحمن بدوي ط ‪ .‬دار العلم للماليين بيروت ج ‪ 1‬ص ص‬
‫‪. 379 - 376‬‬
‫‪-‬االرشاد ‪ .‬الجويني ص ص ‪، 410 - 403‬‬
‫‪-‬تأويالت أهل السنة ألبي منصور الماتريدي تحقيق إبراهيم عوضين القاهرة ‪1971‬‬
‫م ‪ .‬ج ‪ 1‬ص ص ‪. 130 - 128‬‬
‫من الناحية الصوفية ‪:‬‬
‫‪-‬لطائف االعالم ‪ .‬مادة توبة ‪ :‬التوبة من التوبة ‪ ،‬توبة التحقيق ‪ ،‬التوبة المحمدية ‪،‬‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ ،‬التوبة من الزهد ‪ ،‬التوبة من الطاعة ‪،‬‬ ‫التوبة الخاصة لمحمد صلى ّ‬
‫التوبة من التوكل ‪.‬‬

‫‪241‬‬
‫“ ‪“ 242‬‬
‫‪-‬تنبيه الغافلين ‪ -‬السمرقندي ‪ .‬المطبعة الشرقية ‪ 1322‬ه ‪ .‬ص ص ‪، 39 - 35‬‬
‫‪-‬طبقات الصوفية ‪ .‬السلمي كشاف المصطلحات الصوفية مادة “ توبة “ ‪،‬‬
‫‪-‬طبقات األولياء ‪ .‬ابن الملقن ‪ .‬كشاف اصطالحات الصوفية ‪ .‬مادة “ توبة ‪“ .‬‬
‫َّللا ‪ .‬المحاسبي ‪ .‬دار الكتب الحديثة ‪ .‬تحقيق عبد القادر احمد عطا ‪.‬‬
‫‪-‬الرعاية لحقوق ّ‬
‫الطبعة الثالثة ‪ 1970 ،‬م ‪ .‬ص ص ‪ 71 - 68‬وص ص ‪، 83 - 81‬‬
‫‪-‬كتاب مختصر في التوبة ‪ .‬القشيري نشر الدكتور قاسم السامرائي ‪ .‬مجلة المجمع‬
‫العلمي العراقي ‪ .‬المجلد السابع عشر ‪ 1969‬م ‪ .‬ص ص ‪ . 284 - 278‬ويقع الكتاب‬
‫في سبعة فصول ‪.‬‬
‫‪-‬الرسالة القشيرية ‪ .‬ص ‪. 45‬‬
‫‪-‬الغزالي ‪ :‬روضة الطالبين ص ‪ . 118‬منهاج العابدين ‪ .‬ص ‪ - 10‬احياء علوم الدين‬
‫المكتبة التجارية الكبرى ‪ .‬مصر ‪ -‬الجزء الرابع كتاب التوبة ص ص ‪، 60 - 2‬‬
‫‪-‬قوت القلوب ‪ .‬ألبي طالب المكي ‪ .‬مطبعة البابي الحلبي ‪ 1961‬م ‪ “ .‬فصل ذكر‬
‫فروض التوبة وشرح فضائلها “ ص ص ‪، 394 - 364‬‬
‫‪-‬اللمع الطوسي ‪ .‬ص ص ‪ ، 69 - 68‬بعنوان “ باب مقام التوبة ‪“ .‬‬
‫‪-‬عوارف المعارف ‪ .‬السهروردي ‪ .‬الباب الستون “ قولهم في التوبة “ ص ص ‪487‬‬
‫‪. 488 -‬‬
‫‪-‬مجلة المشرق ‪ -‬بيروت ‪ . 1967‬كتاب كشف الغايات للشيخ الشيخ ابن العربي ص‬
‫ص ‪ 485 - 484‬بعنوان “ ( شرح ) تجلي المعاملة ‪“ .‬‬
‫كما يراجع ‪:‬‬
‫ماسينيون‪:Passion : Table des termes Techniques art : Tawbah-‬‬
‫‪Essai P . 266-‬‬

‫) ‪( 3‬يشير الشيخ ابن العربي هنا إلى أن فعل العبد تابع إلرادة الحق وليس إلرادته‬
‫هو مهما ندم وعزم على اال يعود إلى الذنب ‪.‬‬
‫) ‪( 4‬لعل من اغرب ما ذهب اليه الشيخ ابن العربي مما يخيف الفقهاء ‪ ،‬ويدعو‬
‫المؤمن العادي إلى التوقف ‪ ،‬كالمه في ‪ :‬الندم على ما فات من فعل الكبائر ‪ .‬يقول في‬
‫توسيع الركن الثاني من أركان التوبة ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬فمنهم [ من أصحابنا ( الشيخ ابن العربي ) ] من يندم على ما فاته من‬
‫االستغفار عقب كل ذنب ‪ ،‬ومنهم من يرى الندم على ما فاته من الوقت ‪ ،‬ومن الناس‬
‫من يرى الندم على ما فاته من الطاعة في وقت المخالفة ‪ ،‬ومن الناس من يرى الندم‬
‫على ما فاته من فعل الكبائر في وقت المخالفة ألنه يشاهد التبديل كل سيئة بما يوازيها‬
‫من الحسنات ‪ . . .‬فالحسنة كشخص جميل في غاية الجمال ال بزة عليه ‪ ،‬وشخص‬
‫جميل مثله في غاية الجمال [ ‪ -‬السيئة ] طرأ عليه وسخ من غبار فنظف من ذلك‬
‫الوسخ العارض ‪ ،‬فبان جماله ثم اكتسى بزة حسنة فاخرة تضاعف بها جماله وحسنه‬
‫ففاق األول حسنا ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪. ) 141 - 140 / 2‬‬

‫‪242‬‬
‫“ ‪“ 243‬‬
‫) ‪( 5‬العارف في توبته ينتسب إلى أبيه “ آدم “ الذي اعترف بذنبه وسأل ربه المغفرة‬
‫دون عهد أو عزم بعدم العودة إلى الفعل ‪.‬‬
‫) ‪( 6‬يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ التوبة ‪ :‬أول منزل من منازل السالكين وأول مقام من مقامات الطالبين ‪ ،‬وحقيقة‬
‫َّللا تعالى ‪.‬‬
‫التوبة في اللغة الرجوع والمراد في الشرع الرجوع عما ال يرضاه ّ‬
‫وللتوبة ثالث شرايط ‪:‬‬
‫الندامة على ما عمل من المعاصي ‪ ،‬وترك الذلة في الحال والعزم ّاال يعود إليها ابدا ‪.‬‬
‫فمن تاب ثم اتفق نقض توبته ‪ ،‬ثم تاب فقبلت توبته ثانيا وثالثا إلى غير نهاية ما دامت‬
‫لتوبته الشروط الثالثة المذكورة “ ( كتاب االرشاد ‪ .‬مخطوط األحمدية ‪ .‬حلب ‪ .‬رقم‬
‫‪ 797‬ورقة ‪ 150‬ب ) ‪.‬‬
‫يقرر الشيخ ابن العربي في هذا النص الشرط الثالث للتوبة الذي كان قد استبعده لما‬
‫يحويه من سوء أدب مع الحق ‪ ،‬ولعل السبب في ذلك أنه هنا ال يناقش حد التوبة‬
‫وشروطها بقدر اهتمامه بشرح اسم “ التواب “ في نسبته إلى العبد والمعبود ‪ :‬ففعل‬
‫التوبة من العبد فعال متكررا مستمرا إلى ما ال نهاية يقابله قبول التوبة من الحق قبوال‬
‫متكررا مستمرا ‪.‬‬
‫) ‪( 7‬ان العودة إلى الذنب ال تتفق ونظرة الشيخ ابن العربي بالخلق الجديد ‪ .‬فاالنسان‬
‫ال يعود إلى الذنب بل يعود إلى مثله ( انظر الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪) . 142‬‬
‫) ‪( 8‬نالحظ ان الشيخ ابن العربي يظل منسجما مع نظرته الوجودية إلى الكون بل‬
‫أكثر من ذلك ‪ ،‬نراه يدخل كل التقسيمات المعتمدة في الفكر االنساني ( االخالق أو‬
‫الخير ‪ -‬والجمال ‪ ) . . .‬في بوتقتها ملغيا بذلك صفاتها الذاتية المميزة ‪ .‬فكل مضمون‬
‫يمت إلى الخير أو الجمال بصلة يتحول إلى مفهوم وجودي ال عالقة له بالقوانين‬
‫الخلقية المتوارثة ‪.‬‬
‫ولو كنا هنا في مجال دراسة نظريات الشيخ األكبر لبينا ما يتضمنه موقفه هذا من‬
‫تشابه عميق وغريب مع موقف الفالسفة الوجوديين المعاصرين ‪(Les‬‬
‫‪existentialistes) .‬‬
‫) ‪( 9‬قال الشيخ ابن العربي في الرسالة الغوثية ‪ .‬مخطوط الظاهرية ‪ ،‬رقم ‪6824‬‬
‫ورقة ‪ 80‬ب “ قلت ‪:‬‬
‫[ يا رب ] أي توبة أفضل عندك ‪ ،‬قال ‪ :‬توبة المعصومين ‪. “ . . .‬‬

‫‪ - 107‬تاج الملك‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ التاج معروف ‪ ،‬والجمع اتواج وتيجان ‪ ،‬والفعل التتويج ‪ . . .‬والعرب تس ّمي العمائم‬
‫التاج ‪.‬‬
‫وفي الحديث ‪ :‬العمائم تيجان العرب “ ( لسان العرب مادة “ توج “ )‬

‫‪243‬‬
‫“ ‪“ 244‬‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫لم يرد المفرد في القرآن ‪.‬‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ ‪ . . .‬تاج الملك ‪ :‬عالمة الملك وتتويج الكتاب السلطاني ‪ :‬خط السلطان فيه ‪.‬‬
‫والوجود كتاب مرقوم ‪ 1‬يشهده المقربون ويجهله من ليس بمقرب‪.‬‬
‫وتتويج هذا الكتاب انما يكون بمن جمع الحقائق كلها ‪.‬‬
‫وهي عالمة موجوده ‪.‬‬
‫فاالنسان الكامل الذي يدل بذاته من أول البديهة على ربه هو ‪:‬‬
‫تاج الملك ‪ . . .‬ولهذا خص بعلم األسماء كلها وبجوامع الكلم ‪ [ “ . . .‬ف ‪/ 2‬‬
‫‪. ] 104‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬انظر “ كتاب مرقوم ‪“ .‬‬

‫‪244‬‬
‫“ ‪“ 245‬‬
‫حرف الثاء‬
‫ث‬

‫‪245‬‬
“ 246 “

246
‫“ ‪“ 247‬‬

‫‪ - 108‬الثبوت‬
‫المرادفات ‪ :‬العدم الثبوتي ‪ ، 1‬المعدوم ‪ ،‬عدم االمكان ‪. 2‬‬
‫راجع “ عين ثابته “ ‪ “ .‬العدم االمكاني ‪“ .‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬راجع فصوص ‪. 203 / 1‬‬
‫) ‪( 2‬راجع الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪. 370‬‬

‫‪ - 109‬اإلثبات‬
‫انظر “ المحو "‪.‬‬

‫‪ – 110‬التثليث‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الثاء والالم والثاء كلمة واحدة ‪ .‬وهي في العدد ‪ ،‬يقال اثنان وثالثة ‪ ( “ . . .‬معجم‬
‫مقاييس اللغة مادة “ ثلث “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫ورد األصل “ ثلث “ في القرآن لإلشارة إلى عدد ‪:‬‬
‫س ِّويًّا “[ ‪. ] 10 / 19‬‬‫الث لَيا ٍل َ‬ ‫اس ث َ َ‬ ‫قال تعالى ‪ ”:‬قا َل آيَت ُ َك أ َ َّال ت ُ َك ِّلّ َم النَّ َ‬
‫ون ِّم ْن ن َْجوى ثَالث َ ٍة ِّإ َّال ُه َو را ِّبعُ ُه ْم ‪“[ 58 / 7 ] .‬‬ ‫قال تعالى ‪ ”:‬ما يَ ُك ُ‬
‫وفي اشارتها إلى العدد ‪ ،‬لم يصح اطالقها على الحق الذي له التوحيد والوحدة ‪:‬‬
‫ث ثَالث َ ٍة “‪. ] 73 / 5 [ 1‬‬ ‫قال تعالى ‪ ”:‬لَقَ ْد َكفَ َر الَّذِّينَ قالُوا إِّ َّن َّ َ‬
‫َّللا ثا ِّل ُ‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫لفهم فكرة التثليث عند الشيخ األكبر ‪ ،‬ومكانتها من فلسفته ‪ ،‬لن نقارنها بمثيلتها ‪ ،‬في‬
‫المسيحية كما فعل غيرنا من الباحثين ‪. 2‬‬
‫بل سنكتفي باستحضار مفهوم “ التربيع ‪“ :‬‬

‫‪247‬‬
‫“ ‪“ 248‬‬

‫فالتثليث هو أصل الخلق ومبدأ النتاج على كل المستويات الوجودية ‪:‬‬


‫الحسية والمنطقية والمعنوية ‪. . .‬‬
‫كل خلق لن يكون اال إذا استوفى شروط التثليث ‪ :‬فالتثليث أصل وجود المخلوق في‬
‫مقابل “ التربيع “ [ الذي يقوم عليه كيان المخلوق ] ‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬ان االمر مبنى في نفسه على الفردية ولها التثليث ‪ ،‬فهي من الثالثة فصاعدا ‪.‬‬
‫فالثالثة أول االفراد ‪ .‬وعن هذه الحضرة اإللهية وجد العالم ‪.‬‬
‫ون “[ ‪] 41 / 16‬‬ ‫ش ْيءٍ إِّذا أ َ َر ْدناهُ أ َ ْن نَقُو َل لَهُ ُك ْن فَيَ ُك ُ‬
‫فقال تعالى ‪ ”:‬إِّنَّما قَ ْولُنا ِّل َ‬

‫وهذه ذات ‪ ،‬ذات إرادة وقول ‪ . . .‬ثم ظهرت الفردية الثالثية أيضا في ذلك الشيء ‪،‬‬
‫وبها من جهته صح تكوينه واتصافه بالوجود ‪،‬‬
‫مكونة بااليجاد ‪.‬‬
‫وهي ‪ :‬شيئيته وسماعه وامتثاله أمر ّ‬
‫فقابل ثالثة بثالثة ‪ :‬ذاته الثابتة في حال عدمها في موازنة ذات موجدها ‪ ،‬وسماعه في‬
‫موازنة إرادة موجده ‪ ،‬وقبوله باالمتثال لما أمر به من التكوين قوله كن ‪. . .‬‬

‫فقام أصل التكوين على التثليث اي من الثالثة من الجانبين ‪ ،‬من جانب الحق ومن‬
‫جانب الخلق ‪ ،‬ثم سرى ذلك ‪ . . .‬فاصل الكون التثليث ‪ ( “ . . .‬فصوص ‪/ 115 - 1‬‬
‫‪.)117‬‬
‫“ ‪ . . .‬ان االحد ال يكون عنه شيء البتة ‪ . . .‬وال يكون عن االثنين شيء أصال ما لم‬
‫يتكون‬
‫يكن ثالث يزوجهما ‪ ،‬ويربط بعضهما ببعض ويكون هو الجامع لهما ‪ ،‬فحينئذ ّ‬
‫يتكون بحسب ما يكون هذان االثنان عليه ‪ . . .‬فيسري التثليث في جميع‬
‫عنهما ما ّ‬
‫األمور لوجوده في األصل “ ‪ ( .‬فتوحات ‪.) 126 / 3‬‬

‫“ فال يكون امر اال عن امرين ‪ ،‬وال نتيجة اال عن مقدمتين ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪/ 1‬‬
‫‪.)5‬‬
‫التثليث اذن مبدأ الخلق والنتاج ‪ ، 3‬كان في األصل ‪ [ ،‬تثليث الحق ‪ 4‬في مقابل تثليث‬
‫الخلق ] ولذلك فهو يسري في كل نتاج في العالم ‪.‬‬
‫الن كل أول يسري ‪ 5‬في كل ما هو دونه ‪ ،‬فيظهر في جميع ما يذكره الشيخ ابن‬
‫العربي عن ‪ :‬الحب ‪ ،‬والنتاج في عالمي الكائنات والمعاني ‪.6‬‬

‫‪248‬‬
‫“ ‪“ 249‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫َّللا ثالث ثالثة ‪ ،‬فلو قال ثالث اثنين‬‫“ ‪ . . .‬ما كفر القائل بالثالثة وانما كفر بقوله ان ّ‬
‫َّللا ثالثهما‬
‫َّللا عليه وسلم وأبي بكر ] ّ‬ ‫ألصاب الحق ‪ . . .‬ما ظنك باثنين [ محمد صلّى ّ‬
‫َّللا عز وجل حافظهما يعني في الغار في زمان هجرة الدار ‪ ( “ . . .‬فتوحات‬ ‫يريد ان ّ‬
‫‪. ) 370 / 4‬‬
‫) ‪( 2‬أفاض أبو العال عفيفي في شرح تثليث الشيخ ابن العربي في ضوء الفلسفة‬
‫المسيحية ‪ ،‬يقول في ارجاعه فكرة التثليث إلى أصلها المسيحي ‪:‬‬
‫“ تلعب فكرة التثليث دورا هاما جدا في فلسفة الشيخ ابن العربي ‪ ،‬وغريب حقا ان‬
‫يكون لها هذا الشأن في تفكير صوفي مسلم ‪ ،‬ولكن صاحبنا خرج على كل مألوف‬
‫ومقرر عند المسلمين ‪ ،‬فلم ال يقتبس من المسيحية كما اقتبس من غيرها ما دام في‬
‫استطاعته ان يصبغ كل ما يقتبسه بصبغة نظريته في وحدة الوجود ؟ “ ( فصوص ‪/ 2‬‬
‫‪. ) 133 - 132‬‬
‫كذلك يقول ‪:‬‬
‫“ ويكفي لظهور اثر المسيحية في هذه النظرية االسالمية وجود فكرة التثليث‬
‫)‪ (Trinity‬فيها من أولها إلى آخرها ‪ ( “ . . .‬نظريات االسالمين في الكلمة ‪ .‬مجلة‬
‫كلية اآلداب ‪ 194‬ص ‪. ) 68‬‬
‫لقد أخذ أبو العال عفيفي بتشابه االلفاظ ‪ ،‬وكان األولى به ان يتعمق في نظرة الشيخ ابن‬
‫العربي بما يتناسب والمستوى العلمي الذي مارس فيه أبحاثه في الشيخ األكبر ‪.‬‬
‫لقد كنا ننتظر ان يضع عفيفي “ التثليث “ في مكانه من نظرية متكاملة في العدد عند‬
‫الشيخ ابن العربي فلقد لعب “ العدد “ دورا هاما في فلسفته أسوة بالدور الذي لعبه في‬
‫الفلسفة اليونانية ولو سلمنا جدال مع أبي العال ان التثليث استقاه من المسيحية فمن اين‬
‫استقى الوحدة ‪ ،‬والتثنية ‪ ،‬والتربيع ‪. . .‬وغيره ؟‬
‫كل عدد له دوره في ميتافيزيقية الشيخ األكبر ‪ :‬فالواحد هو قطب ومحور نظرياته في‬
‫الوجود ‪.‬‬
‫والعدد “ ‪ “ 2‬لعب دورا هاما في شرح وجهي الحقيقة الواحدة ‪ .‬والعدد “ ‪ “ 4‬فسر‬
‫على أساسه قيومية األشياء ‪ ،‬والعدد “ ‪ “ 5‬للحضرات ‪ ،‬وهكذا ‪. . .‬‬
‫ونشير إلى أن عفيفي استعمل لفظ ثالوث الحق ( فصوص ‪ ) 133 / 2‬لإلشارة إلى‬
‫التثليث في الحق ‪ .‬وهذا لفظ لم يستعمله الشيخ ابن العربي بل استعمل لفظ “ فردية‬
‫“ فاألولى ان نقول “ فردية الحق ‪. . “ .‬‬
‫) ‪( 3‬يراجع بخصوص التثليث عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪ ( 496 ، 172 ، 129‬تثليث الرحمة ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 1‬ص ‪. 39‬‬
‫‪-‬الفتوحات ‪ .‬السفر الثاني فقرة ‪ ( 167‬التثليث في البسملة ) ‪.‬‬
‫‪-‬فصوص الحكم ج ‪ 1‬ص ص ‪ - 117 - 115‬ص ‪. 214‬‬

‫‪249‬‬
‫“ ‪“ 250‬‬
‫) ‪( 4‬ان الواحد في مقام أحديته عقيم ‪ ،‬فلالنتاج ال بد من “ تثليث “ ‪ .‬تلك نظريته في‬
‫العدد “ ثالثة “ تنطبق على كل انتاج وخلق ‪ .‬وليس “ تثليث الحق “ سوى وجه من‬
‫وجوهها الموجودة في كل خلق ‪ ،‬وربما تثليث الحق هذا دفع ابا العال عفيفي إلى‬
‫مقارنة نظرية الشيخ ابن العربي في الرقم “ ‪ “ 3‬بفلسفة المسيحية في الثالوث ‪ .‬ولكن‬
‫ثالوث المسيحية محدد االشخاص والهدف وال عالقة له بالخلق واالنتاج ‪ .‬في حين ان‬
‫تثليث شيخنا األكبر ينسحب على كل خلق وانتاج ‪.‬‬
‫كما أن نظرته في الواقع إلى التثليث عكس النظرة المسيحية ‪ ،‬فاألخيرة توحد األقانيم‬
‫الثالثة ‪ ،‬بينما الشيخ ابن العربي يثلث الواحد ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ تثلث محبوبي ‪ ،‬وقد كان واحدا “ [ ترجمان األشواق ص ‪. ] 46‬‬
‫فالحق الواحد في مقام الخلق تثلّث لالنتاج ‪.‬‬
‫راجع فيما يتعلق بالتثليث كما راه عفيفي ‪ ،‬عند الشيخ ابن العربي والمسيحية ‪:‬‬
‫‪-‬نظريات االسالميين في الكلمة ‪ .‬مجلة كلية اآلداب ‪ 1934‬ص ص ‪، 69 - 68‬‬
‫‪-‬فصوص الحكم ج ‪ 2‬ص ص ‪، 134 - 132‬‬
‫) ‪( 5‬راجع “ أول ‪“ .‬‬
‫) ‪( 6‬في عالم المعاني للحصول على نتيجة ال بد من ازدواج مقدمتين تحدث بينهما‬
‫حركة يعبر عنها بالنكاح ‪ .‬راجع “ نكاح ‪“ .‬‬

‫‪250‬‬
‫“ ‪“ 251‬‬
‫حرف الجيم‬
‫ج‬

‫‪251‬‬
“ 252 “

252
‫“ ‪“ 253‬‬
‫‪ - 111‬جبريل‬
‫انظر “ وحي "‪.‬‬
‫***‬
‫‪ – 112‬جرس‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الجيم والراء والسين من أصل واحد ‪ ،‬وهو من الصوت ‪ ،‬وما بعد ذلك فمحمول‬
‫عليه ‪.‬‬
‫والجرس ‪ :‬الذي يعلّق على الجمال ‪ .‬وفي الحديث “ ال تصحب المالئكة رفقة فيها‬
‫جرس “ ويقال جرست بالكالم اي تكلمت به ‪.‬‬
‫واجرس الحلى ‪:‬‬
‫صوت “ ‪ ( .‬معجم مقاييس اللغة مادة “ جرس “ ) ‪.‬‬ ‫ّ‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫هذا المفرد غير وارد في القرآن عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫الجرس هو الكالم المجمل ‪ ،‬اي الكالم من مقام االجمال في مقابل التفصيل ‪.‬‬
‫وال يعطينا ابن العربي الوجه الذي دعاه إلى تسمية الكالم المجمل بالجرس ‪ ،‬لذلك لم‬
‫يبق اال ان نتكهن بوجه الشبه بين الجرس واالجمال من خالل “ صلصلة الجرس‬
‫“ الحديثية ‪.‬‬

‫وصلصلة الجرس ترجعنا إلى الوحي الذي يرجعنا إلى القرآن ‪ ،‬فنرى ان “ الفاتحة‬
‫“ هي “ أم الكتاب “ ألنها تجمل ما فصله الكتاب ‪ ،‬اي القرآن ‪ . . .‬لذلك الجرس هو‬
‫الكالم المجمل على شاكلة ‪ ،‬اجمال الفاتحة للقرآن ‪. 1‬‬
‫والجدير بالذكر ان االجمال هنا بعيد عن اي ابهام أو غموض بل يتطلب التفصيل ليس‬
‫اال ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫صل مجمله وفتح مقفله اطلع‬
‫“ الجرس كالم مجمل ‪ 2‬والحرس باب مقفل ‪ ،‬فمن ف ّ‬

‫‪253‬‬
‫“ ‪“ 254‬‬
‫على االمر العجاب ‪ ،‬والتحق بذوي األلباب وعرف ما صانه القشر من اللباب “ ( ف‬
‫‪. ) 334 / 4‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬راجع “ أم الكتاب ‪“ .‬‬
‫) ‪( 2‬راجع االصطالحات ص ‪. 294‬‬

‫‪ - 113‬تجريد‬
‫انظر “ تفريد "‪.‬‬

‫‪ – 114‬الجوع‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الجيم والواو والعين ‪ ،‬كلمة واحدة ‪ ،‬فالجوع ضد الشبع “‬
‫( معجم مقاييس اللغة مادة “ جوع “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫وردت كلمة “ جوع “ بالمعنى اللغوي السابق ‪:‬‬
‫ت الَّذِّي أ َ ْ‬
‫طعَ َم ُه ْم ِّم ْن ُجوعٍ “( ‪. ) 4 / 106‬‬ ‫” فَ ْليَ ْعبُدُوا َربَّ هذَا ْالبَ ْي ِّ‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫يعترف الشيخ ابن العربي بالجوع ركنا من أركان المجاهدة ‪ ،‬ولكنه ال يلبث بنظرة‬
‫موضوعية علمية إلى عواقب الجوع ان يتجنبه دون الوقوع في تخمة نقيضه‬
‫[ الشبع ] ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ ) ‪( 1‬الجوع أحد أركان المجاهدات ‪ ،‬وفيه تصفية القلب ‪ ،‬وكسر النفس عن‬
‫الشهوة ‪. . .‬‬
‫قال يحي بن معاذ الرازي ‪ :‬لو كان الجوع يباع في السوق ‪. . .‬‬
‫ينبغي لطالب اآلخرة إذا دخلوا السوق ان ال يشتروا غيره ‪“ 1‬‬
‫( رسالة االرشاد ‪ -‬ورقة ‪ 151‬ب ) ‪.‬‬
‫) ‪ ( 2‬الجوع ليس مطلوبا لك [ العبد ] ‪ . . .‬ولكن ان كان الجوع إذا قام‬

‫‪254‬‬
‫“ ‪“ 255‬‬

‫بك أعطاك من الصفاء والرقة واللطافة والتحقق بالعبودة ‪ . . .‬فأنت طالب له غير‬
‫مستغن عنه ‪ ،‬فان أعطاك الشبع ما أعطاك الجوع من كل ما ذكرناه ‪ ،‬فقد استغنيت‬
‫بالشبع عن الجوع ‪ ،‬إذ الجوع ليس مطلوبا لنفسه ‪. . .‬‬
‫َّللا عليه وسلم يتعوذ من الجوع ويقول ‪ :‬انه بئس‬ ‫َّللا صلّى ّ‬‫ولذلك كان رسول ّ‬
‫الضجيع ‪ . . .‬وهذا مذهبنا ‪ ،‬وللجوع ح ّد ومقدار ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪. ) 658 / 2‬‬
‫كما يقول أيضا ‪:‬‬
‫“ واما اللطيفة الروحانية التي تتنعم بالعلوم اإللهية فليس هذا [ الجوع ] بابها ‪ ،‬وانما‬
‫باّلل تعالى ‪ .‬وانما حملهم على الجوع‬ ‫بابها قطع الشواغل وترك الفضول وتعلق الهمة ّ‬
‫ان تضعف القوى فيقل فضول النفس بهذا السبب ‪ .‬وقد رأيت الرجل ‪ 2‬إذا قوي ترد‬
‫عليه الموارد اإللهية في شبعه وجوعه ‪ . . .‬فلو كان الجوع شرطا لما ص ّح زواله ‪،‬‬
‫ولكان الوارد يتوقف على عدم الشرط “ ‪. . .‬‬
‫( وسائل السائل ص ‪. ) 55‬‬
‫وهكذا نالحظ ان الشيخ ابن العربي لم يتوقف عند الجوع كشرط ضروري من شروط‬
‫الطريق كما قرره فكر أسالفه ‪ . 3‬بل نظر إلى الجوع وسيلة لها فوائدها ولها مضارها‬
‫( الصحية والفكرية ) ‪ ،‬ولها ممارسة خاصة ( المريد دون األربعين ) ‪ 4‬من خالل‬
‫ي عند االفراد ) ‪.‬‬ ‫نسبيتها ( ح ّد الشبع نسب ّ‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬هذا الموقف من الجوع هو من جملة األغاليط التي ينسبها الحاتمي للطائفة ‪.‬‬
‫انظر الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪. 658‬‬
‫اما بخصوص قول يحي بن معاذ انظر اللمع ص ‪. 269‬‬
‫) ‪( 2‬انظر “ رجل “‬
‫) ‪“ ( 3‬وأركان الطريق أربعة أشياء ‪ :‬الجوع والعزلة والسهر وقلة الكالم ‪ . . .‬وكان‬
‫َّللا تعالى يقول ‪ “ :‬انما أساس باب الطريق الجوع ‪ ،‬ألنهم لم‬ ‫أبو القاسم القشيري رحمه ّ‬
‫يجدوا ينابيع الحكمة تحصل لهم اال به ‪ “ . . .‬وكان أبو عثمان المغربي ‪ . . .‬يأكل كل‬
‫َّللا التستري ال يأكل اال بعد خمسة‬ ‫ستة اشهر اكلة واحدة ‪ . . .‬وكان سهل بن عبد ّ‬
‫َّللا الدنيا جعل في الجوع العلم والحكمة ‪ ،‬وجعل في‬ ‫عشر يوما ‪ ،‬ويقول ‪ “ :‬لما خلق ّ‬
‫الشبع الجهل والمعصية ‪ ( “ . .‬األنوار القدسية في معرفة قواعد الصوفية الشعراني ج‬
‫‪ 1‬ص ‪. )56 - 57‬‬
‫كما يراجع “ علم القلوب “ ألبي طالب المكي ‪ -‬تحقيق عبد القادر عطا ص ‪- 214‬‬
‫‪، 220‬‬
‫) ‪( 4‬انظر “ وسائل السائل “ ص ‪، 57 - 56‬‬

‫‪255‬‬
‫“ ‪“ 256‬‬
‫‪- 115‬جليس الحق‬
‫َّللا‬
‫مرادف ‪ :‬جليس ّ‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الجيم والالم والسين كلمة واحدة وأصل واحد وهو االرتفاع في الشيء ‪.‬‬
‫يقال جلس الرجل جلوسا وذلك عن نوم واضطجاع “‬
‫( معجم مقاييس اللغة مادة جلس )‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫ورد األصل “ جلس “ في القرآن في مكان واحد بصيغة اسم محل “ مجلس ‪“ :‬‬
‫س ُحوا فِّي ْال َمجا ِّل ِّس فَا ْف َ‬
‫س ُحوا “( ‪. ) 11 / 58‬‬ ‫موضع الجلوس” إِّذا قِّي َل لَ ُك ْم تَفَ َّ‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫ان “ الذكر “ إذا تخطى صورته اللسانية ليع ّم “ الذاكر “ ‪ ،‬أوصل موضوعه إلى حال‬
‫حضور مع “ المذكور “ ‪ ،‬فالذاكر للحق يصل بذكره إلى الحضور في حضرة الحق‬
‫من حيث “ االسم المذكور “ ‪.‬‬
‫وعندما يصل الذاكر إلى حضرة الحق ‪ ،‬يجلس معه مدة ذكره ‪ ،‬فهو ‪ :‬جليس الحق ‪. 1‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ الن أهل الذكر هم جلساء الحق ‪ . . .‬فعلى قدر ذكره [ الذاكر ] يكون الحق دائم‬
‫الجلوس معه ‪ . . .‬فكل ذاكر ال يزيد علما في ذكره بمذكوره فليس بذاكر ‪ .‬وان ذكر‬
‫بلسانه الن الذاكر هو الذي يع ّمه الذكر كله ‪ ،‬فذلك هو جليس الحق ‪ ( “ . . . 2‬فتوحات‬
‫‪. ) 457 / 3‬‬
‫َّللا من حيث االسم الذي يذكرونه به ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪/ 3‬‬
‫“ فان الذاكرين ‪ . . .‬جلساء ّ‬
‫‪. ) 474‬‬
‫َّللا جليسهم ‪ . . .‬فأنتم جلساء الحق ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪، ) 334 / 4‬‬
‫َّللا ‪ّ ،‬‬
‫“ الذاكرون ّ‬

‫‪256‬‬
‫“ ‪“ 257‬‬

‫وَّللا جليس من‬ ‫َّللا على كل احيانه ‪ّ ،‬‬ ‫َّللا عليه وسلم يذكر ّ‬ ‫َّللا صلّى ّ‬
‫“ لما كان رسول ّ‬
‫َّللا عليه وسلم جليس الحق دائما ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪4‬‬ ‫َّللا صلّى ّ‬
‫يذكره ‪ ،‬فلم يزل رسول ّ‬
‫‪. ) 184 /‬‬
‫اذن الذاكر هو جليس الحق ‪ ،‬وحيث إن التنزيل العزيز ا ّكد ان الحق يذكر من يذكره”‬
‫فَا ْذ ُك ُرونِّي أ َ ْذ ُك ْر ُك ْم “[ ‪ ] 152 / 2‬أصبح الحق كذلك ‪ :‬جليس الذاكر ‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ ما بأيدينا من الحق اال الذكر ولذلك قال ‪ :‬أنا جليس من ذكرني ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 4‬‬
‫‪. ) 441‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬أشار الحديث الشريف إلى مجالسة االنسان للقرآن ‪ ،‬ومجالسته لربه الجبار ‪.‬‬
‫انظر فهرس األحاديث ‪ :‬حديث رقم ‪( 19 ) .‬‬
‫َّللا “ في طبقات الصوفية للسلمى ضمن حديث إلبراهيم‬ ‫) ‪( 2‬وردت عبارة “ جليس ّ‬
‫بن أدهم ‪ ،‬ولكنها لم تأخذ هذا المعنى االصطالحي ‪ ،‬يقول ‪:‬‬
‫َّللا يغضب‬‫“ يا غالم ! إياك ‪ -‬إذا صحبت األخيار ‪ - . . .‬ان تغضبهم عليك ‪ ،‬فان ّ‬
‫َّللا‬
‫لغضبهم ‪ ،‬ويرضى لرضاهم ‪ .‬وذلك ان الحكماء هم العلماء ‪ ،‬وهم الراضون عن ّ‬
‫َّللا غدا ‪ ،‬بعد النبيين والصديقين “ ( ص ص‬ ‫عز وجل إذا سخط الناس ‪ ،‬وهم جلساء ّ‬
‫‪. ) 33 - 32‬‬

‫‪ - 116‬الجالل‬
‫انظر “ صفة “ المعنى األخير اي الرابع ‪.‬‬

‫‪ - 117‬التجلّى‬
‫مرادفات ‪ :‬الفيض ‪ -‬الظهور ‪ -‬التنزل ‪ -‬الفتح ‪.‬‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫مطرد ‪ ،‬وهو انكشاف الشيء‬ ‫ّ‬ ‫“ الجيم والالم والحرف المعتل أصل واحد ‪ ،‬وقياس‬
‫وبروزه ‪ . . .‬ويقال تجلى الشيء ‪ ،‬إذا انكشف ‪ . . .‬ويقولون ‪ :‬هو ابن جال ‪ ،‬إذا كان‬
‫ال يخفى امره لشهرته ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة ‪ .‬مادة “ جلو “ ) ‪.‬‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫‪-‬وردت صيغة “ تجلي “ في القرآن بالمعنى اللغوي السابق ‪.‬‬

‫‪257‬‬
‫“ ‪“ 258‬‬

‫هار ِّإذا ت َ َجلَّى ‪“[ 92 / 2 ] .‬‬ ‫قال تعالى ‪َ “ :‬واللَّ ْي ِّل ِّإذا يَ ْغشى ‪َ ،‬والنَّ ِّ‬
‫نص يثبته للخلق ‪ .‬بل حين طلب موسى عليه‬ ‫‪-‬اما تجلي الحق ‪ ،‬فلم يرد في القرآن ّ‬
‫السالم من ربه ان يراه احاله على الجبل ‪ ،‬واألشد من ذلك ‪ ،‬ان الحق تجلى للجبل‬
‫وليس لموسى ‪. 1‬‬
‫اذن ‪ ،‬لم يرد نص قرآني واضح بتجلي الحق للبشر ‪ ،‬فالتجلي اإللهي للبشر كالخطاب‬
‫اإللهي ال يكون اال في حجاب الصور الكونية ‪.‬‬
‫قال تعالى ‪ ” :‬فَلَ َّما ت َ َجلَّى َربُّهُ ِّل ْل َجبَ ِّل َجعَلَهُ َد ًّكا َوخ ََّر ُموسى َ‬
‫ص ِّعقا ً “( ‪.) 134 / 7‬‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪: 2‬‬


‫يتسرب لفظ “ التجلي “ إلى كل البنيان الفكري لشيخنا األكبر ‪ ،‬ويتداخل مع نظرياته‬
‫كافة ‪ ،‬بل هو العماد الذي يبني عليه فلسفته في وحدة الوجود ‪ :‬إذ بالتجلي يفسر ‪:‬‬
‫الخلق ‪ - 3‬وكيفية صدور الكثرة عن الوحدة ‪ 4‬دون ان تتكثر الوحدة الوجودية ‪-‬‬
‫والمعرفة العلمية الصوفية ‪. . .‬‬
‫وسنفرع “ التجلي “ شقين ‪ .‬نسميهما أسوة بالجامي ‪ :‬التجلي الوجودي ‪ - 5‬والتجلي‬‫ّ‬
‫الشهودي ‪ 6‬أو بالعلمي العرفاني ‪.‬‬

‫التجلي الوجودي ‪: 7‬‬


‫ان العالم باسره هو صور التجلي اإللهي من حيث االسم الظاهر ‪ .‬ان الحق يتجلى في‬
‫األشياء ‪ 8‬اي يظهر فيها فيمنحها بهذا التجلي ‪ :‬الوجود ‪ - 9‬وهذا التجلي ‪ :‬دائم مع‬
‫األنفاس في العالم ‪ ، 10‬واحد يتكثر في مظاهره ‪ 11‬الختالف استعداد المتجلي فيه ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ ‪ . . .‬وتجلى الحق لكل من تجلى له من اي عالم كان من عالم الغيب أو الشهادة ‪،‬‬
‫انما هو من االسم الظاهر ‪ ، 12‬واما االسم الباطن فمن حقيقة هذه النسبة انه ال يقع‬
‫فيها تجل ابدا ‪ 13‬ال في الدنيا وال في اآلخرة “ ( فتوحات ‪. ) 166 / 1‬‬

‫“ وان العالم ليس اال تجليه [ تجلي الحق ] في صور أعيانهم الثابتة التي يستحيل‬
‫وجودها بدونه ‪ ، 14‬وانه [ الحق ] يتنوع ويتصور بحسب حقائق هذه األعيان‬
‫وأحوالها ‪ ( “ . . .‬فصوص ‪.) 81 / 1‬‬

‫‪258‬‬
‫“ ‪“ 259‬‬

‫“ والتجلي اإللهي يكسب الممكنات الوجود ‪ ( “ . . . 15‬فتوحات ‪. ) 80 / 3‬‬


‫“ ‪ . . .‬فله تعالى التجلي الدائم العام في العالم على الدوام ‪ 16‬وتختلف مراتب العالم‬
‫فيه الختالف مراتب العالم في نفسها ‪ ،‬فهو يتجلى بحسب استعدادهم “ ( فتوحات ‪/ 2‬‬
‫‪. ) 556‬‬
‫“ فالشيء الواحد يتنوع في عيون الناظرين ‪ :‬هكذا هو التجلي اإللهي “ ( فصوص ‪/ 1‬‬
‫‪. ) 170‬‬
‫“ والمؤثر واحد والتأثير مختلف بحسب القوابل كما ترى النفخة الواحدة ‪ :‬تطفيء‬
‫السراج وتشعل الحشيش الذي فيه النار ‪ ( “ . . .‬بلغة الغواص ‪.‬ورقة ‪. ) 35‬‬

‫التجلي الشهودي ‪ :‬أو العلمي العرفاني ‪.‬‬


‫ان التجلي هنا يتصل بطبيعة المعرفة من حيث إنه نوع من أنواع الكشف يفني المتجلي‬
‫باّلل عند الشيخ ابن العربي اال عن طريقه ‪ -‬وهو‬
‫له ويورثه علما ‪ ،‬بل ال يصح العلم ّ‬
‫واحد يتنوع باستعداد المحل ‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫) ‪ “( 1‬فلم يبق العلم الكامل اال في التجلي اإللهي وما يكشف الحق عن أعين البصائر‬
‫واالبصار من األغطية فتدرك األمور قديمها وحديثها ‪ ،‬على ما هي عليه في حقائقها‬
‫وأعيانها “ ( فصوص ‪. ) 133 / 1‬‬
‫“ اعلم أن من الكشف ما هو عقلي ‪ . . .‬ومنه ما هو رباني وذلك بطريق التجلي ‪،‬‬
‫وهذا النوع يتعدد بتعدد الحضرات االسمائية ‪ .‬فان للحق تجليات من كل حضرة من‬
‫الحضرات االسمائية ‪ ،‬وأعالها وهو التجلي اإللهي الجمعي االحدي يعطي المكاشفات‬
‫الكلية وفوقها التجلي الذاتي ‪ ( . . . “ 17‬انشاء الدوائر ص ‪. ) 35‬‬
‫“ التجلي ‪ . . .‬ما ينكشف للقلوب من أنوار الغيوب ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪. ) 132 / 2‬‬

‫) ‪ “ ( 2‬ان علومنا غير مقتنصة من االلفاظ ‪ . . .‬بل علومنا عن تجليات على القلب‬
‫عند غلبة سلطان الوجد وحالة الفناء ‪ 18‬بالوجود فتقوم المعاني مثال وغير مثل ‪،‬‬

‫‪259‬‬
‫“ ‪“ 260‬‬

‫على حسب الحضرة التي يقع التنزل فيها “ ‪. . .‬‬


‫( كتاب المسائل ‪ .‬ط ‪ .‬حيدرآباد ‪ .‬ص ص ‪. ) 7 - 6‬‬
‫“ التجلي ‪ . . . 19‬إذا أبقاك ال يعول عليه “ ( رسالة ال يعول عليه ‪ .‬ص ‪. ) 18‬‬
‫) ‪“( 3‬والتجلي ‪ 20‬ال يكون اال بما أنت عليه من االستعداد الذي به يقع االدراك‬
‫الذوقي ‪ . . .‬انك ما أدركت اال بحسب استعدادك ‪ ( “ . . .‬فصوص ‪. ) 134 / 1‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬انظر شرح القشيري لهذا الموقف ‪ ،‬فقد أفاض في اظهار الجانب الصوفي لطلب‬
‫موسى رؤية الحق ‪ :‬لطائف اإلشارات ‪ .‬ج ‪ 2‬ص ص ‪ ( . 261 - 259‬وهي شرح‬
‫اآلية التي سترد ‪. ) 143 / 7‬‬
‫) ‪( 2‬كما يراجع في هذا المعجم المواد التالية ‪ :‬التجلي في الشيء ‪ -‬التجلي العام في‬
‫الكثرة ‪ -‬التجلي العام للكثرة ‪ -‬التجلي الذاتي ‪.‬‬
‫) ‪( 3‬لكي يتحامى الشيخ ابن العربي االثنينية التي تستشف من فعل الخلق بما يتضمنه‬
‫من فاعل ومفعول ( خالق ‪ -‬مخلوق ) عمد إلى “ التجلي “ ففسر الخلق وحافظ على‬
‫الوحدة الوجودية ‪ :‬فما ثمة اال حقيقة واحدة تتجلى اي تظهر ‪ ،‬وما العالم اال مراتب‬
‫تجلياتها أو مراتب ظهورها ‪ .‬انظر “ خلق “ “ فيض أقدس “ “ فيض مقدس ‪“ .‬‬
‫) ‪( 4‬انظر “ وحدة “‬
‫) ‪( 5‬ان الجيلي احتفظ بلفظ التجلي في المجال العلمي العرفاني ‪ ،‬اما على الصعيد‬
‫الوجودي فقد استبدل به كلمة “ التنزل “ وفسر على أساسه “ الخلق “ بالخطوات نفسها‬
‫والترتيب الذي نجده عند الشيخ األكبر ‪ ( .‬انظر الكتاب التذكاري ‪ .‬ص ص ‪- 28‬‬
‫‪. ) 31‬‬
‫‪-‬راجع “ تجلي في الشيء ‪“ .‬‬
‫) ‪( 6‬انظر شرح الفصوص للجامي ‪ .‬ج ‪ 2‬ص ‪. 172‬‬
‫) ‪( 7‬ان التجلي الوجودي ‪ -‬تعين ‪ -‬فيض انظر “ فيض ‪“ .‬‬
‫) ‪( 8‬يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫ش ْي ٌء “[ ‪ ] 11 / 42‬فنفى عنه المماثلة في قبوله التجلي في الصور‬ ‫ْس َك ِّمثْ ِّل ِّه َ‬
‫“ ”‪ . . .‬لَي َ‬
‫كلها التي ال نهاية لها لنفسه ‪ ،‬فان كل من سواه تعالى ممن له التجلي في الصور‬
‫[ كاألرواح والمتروحنين من االناسي ] ال يتجلى في شيء منها لنفسه ‪ ،‬وانما يتجلى‬
‫فيها بمشيئة خالقه وتكوينه “ ‪ ( . . .‬فتوحات ‪. ) 19 / 4‬‬
‫) ‪( 9‬ان خروج الحق من البطون إلى الظهور ال يتم دفعة واحدة بل نرى الشيخ ابن‬
‫العربي يفصل مراحله ويقسمه إلى ‪ :‬فيض أقدس وفيض مقدس ‪.‬‬

‫‪260‬‬
‫“ ‪“ 261‬‬
‫انظر ‪ “ :‬فيض أقدس “ “ فيض مقدس ‪“ .‬‬
‫) ‪( 10‬ان التجلي دائم مع األنفاس ‪ :‬فالحق لم يزل ابدا متجليا في صور العالم ‪،‬‬
‫والعالم لم يزل فانيا في ذاته ثابتا في عدمه ( انظر عين ثابتة ) فالحق يتجلى مع‬
‫األنفاس ‪ ،‬اي انه دوما في خلق جديد ( انظر خلق جديد ) ‪.‬‬
‫) ‪( 11‬درج الشيخ ابن العربي في ايضاحه لتكثر وحدة التجلي في المظاهر على ايراد‬
‫الصورة التمثيلية التالية بهدف تشبيهي ‪ :‬النور واحد إذا انعكس على زجاج مختلف‬
‫األلوان يتكثر ويتعدد ( نور احمر نور اصفر ‪ ) . . .‬فالنور الواحد هو تشبيه للتجلي‬
‫الواحد ‪ ،‬اما تعدد ألوان الزجاج فهو إشارة إلى تعدد استعدادات المظاهر ( المظاهر ‪-‬‬
‫المجالي ‪ .‬انظر “ مجلى “ ) ‪.‬‬
‫) ‪( 12‬ان الخلق عند الشيخ ابن العربي ليس ايجادا من عدم مطلق بل هو في الواقع‬
‫ظهور ‪ ،‬ظهور للغيب أو للباطن ‪ .‬فالتجلي ظهور وبالتالي يكون من االسم الظاهر ‪.‬‬
‫انظر “ ظاهر ‪“ .‬‬
‫) ‪( 13‬ان لالسم الباطن حركة طبيعية تناقض حركة االسم الظاهر ‪ .‬فكما يتوق‬
‫الظاهر إلى الظهور نجد الباطن متوجها إلى الغيب ‪ ،‬ولذلك ال يكون فيه تجل ابدا ‪.‬‬
‫) ‪( 14‬راجع “ فيض أقدس “ و “ فيض مقدس “ ‪،‬‬
‫) ‪( 15‬التجلي اإللهي الذي يكسب الممكنات الوجود هو الفيض المقدس ‪ .‬ونستطيع ان‬
‫نشبّه هذا التجلي الذي يخرج الممكنات من “ الغيب “ إلى “ الشهادة “ بالصورة‬
‫التالية ‪:‬‬
‫غرفة مظلمة تحتوي على مجموعة من األشياء ‪ ،‬ولكن الظالم ال يسمح بتمييز شيء‬
‫من آخر ففي الظالم تتحد كل األشياء ‪ .‬ولكن إذا أنرنا الغرفة توجد هذه األشياء‬
‫باشكالها وذاتيتها فالنور اظهر األشياء ‪ .‬وهكذا التجلي فهو النور الذي اظهر‬
‫“ محتويات “ الغيب فأوجدها ‪.‬‬
‫) ‪( 16‬هذا التجلي الدائم هو ‪ :‬الخلق الجديد ‪ .‬انظر ‪ “ .‬خلق جديد “ ‪ ،‬كما يقول الشيخ‬
‫َّللا ‪ :‬التجلي ‪ .‬وشأن الموجودات ‪:‬‬ ‫َّللا لشيء خشع له ‪ .‬فشأن ّ‬
‫ابن العربي ‪ “ :‬إذا تجلى ّ‬
‫التغير ‪ ( “ . . .‬رسالة القواعد الكلية ‪ .‬ورقة ‪ 15‬ب ) ‪.‬‬
‫) ‪( 17‬انظر “ تجلي ذاتي ‪“ .‬‬
‫) ‪( 18‬ان التجلي العلمي يفني المتجلى له ‪ .‬بخالف التجلي الوجودي الذي يبقى ‪.‬‬
‫) ‪( 19‬ترد لفظة “ تجلى “ عند الشيخ ابن العربي دون تحديد النتمائها إلى الوجود أو‬
‫العرفان ‪ ،‬ولمعرفة ذلك يدقق في صفاته وآثاره من النص ‪ .‬فهنا مثال التجلي يفنى ألنه‬
‫إذا أبقى ال يعول عليه ‪ .‬اذن هو ‪ :‬تجلي عرفاني ‪.‬‬
‫) ‪( 20‬لالستزادة من موقف الشيخ ابن العربي من “ التجلي “ ‪ ،‬انظر ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪، 606 ، 307 ، 305 ، 71‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪ ( 321 ، 315 ، 311 ، 201 ، 107‬الجلي ) ‪، 409 ،‬‬
‫‪، 524‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪، 357 ، 280 ، 192 ، 43 ، 2‬‬
‫‪-‬شق الجيوب ‪ .‬ورقة ‪، 60‬‬

‫‪261‬‬
‫“ ‪“ 262‬‬
‫‪-‬تاج الرسائل ‪ .‬ورقة ‪ 32‬أ ‪،‬‬
‫‪-‬ترجمان األشواق ‪ .‬ص ‪ . 54‬هامش ‪ “ ( 1‬تجلي الهوية “ ) ‪.‬‬
‫‪-‬االرشاد ‪ .‬ورقة ‪، 148‬‬
‫‪-‬مواقع النجوم ص ص ‪ ( 160 - 158‬أنواع التجليات ‪ :‬صمداني ‪ ،‬نوري ‪،‬‬
‫ضيائي ) ‪.‬‬
‫‪-‬رسالة ال يعول عليه ‪ ،‬ص ‪. 13‬‬
‫‪-‬عقلة المستوفز ‪ .‬ص ‪. 52‬‬
‫‪-‬فصوص الحكم ‪ .‬المقدمة ‪ .‬ص ‪ ، 36 - 23‬ج ‪ 2‬ص ‪، 146 ، 88 ، 23 ، 21‬‬
‫‪ ( ، 162 ، 147‬التجلي والفيض االفالطوني ) ‪، 337 ، 291 ، 246 ، 192‬‬
‫كما يراجع بخصوص “ تجلي ‪“ :‬‬
‫من الناحية الصوفية ‪:‬‬
‫‪-‬لطائف االعالم من ‪ 44‬ب ‪ . 48 -‬حيث يورد صاحبه اقسام التجليات ‪ :‬التجلي‬
‫األول ‪ -‬التجلي الثاني ‪ -‬التجلي الذاتي ‪ -‬التجلي االحدي الجمعي ‪ -‬تجلي الغيب األول ‪-‬‬
‫تجلي الغيب الثاني ‪ -‬تجلي الهوية ‪ -‬تجلي الشهادة ‪ -‬التجلي المعطي لالستعداد ‪ -‬التجلي‬
‫الساري ‪ -‬التجلي المفاض ‪ -‬التجلي الصفاتي ‪-‬التجليات التجردية ‪. . .‬‬
‫‪-‬الترمذي ‪ .‬كتاب الرياضة وأدب النفس ‪ .‬ص ‪، 71‬‬
‫‪-L'imag inationcreatrice‬هنري كوربان ‪ .‬ص ص ‪، 103 - 81‬‬
‫‪-‬عفيفي‪The mystical‬ص ص ‪، 40 - 35‬‬
‫‪-‬كتاب شفاء السائل ‪ .‬ص ‪، 93‬‬
‫‪-‬الرسالة القشيرية ص ص ‪ ( 40 - 39 ،‬الستر والتجلي ) ‪،‬‬
‫من الناحية الشرعية والكالمية ‪:‬‬
‫انظر تعليق المستشرق الووست في كتاب الشرح واإلبانة ‪ ( .‬ابن بطة ‪ .‬الترجمة‬
‫الفرنسية ) ‪.‬‬
‫ص ‪ . 89‬تعليق ‪. 3 ، 2‬‬

‫‪ - 118‬التجلّي األقدس ‪ -‬التجلّي المقدّس‬


‫انظر “ الفيض االقدس “ و “ الفيض المقدس “ ‪.‬‬

‫الخاص الواحد للواحد‬


‫ّ‬ ‫‪ - 119‬التجلّي‬
‫هو تجلي الحق للعبد بعد دخوله الجنة في ملكه فيها‪.‬‬

‫‪262‬‬
‫“ ‪“ 263‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫َّللا لعبده وهو في ملكه هو ‪ :‬التجلي الخاص الواحد للواحد ‪،‬‬ ‫“ والتجلي الذي يكون من ّ‬
‫فرؤيتنا إياه في يوم المواقف في القيامة [ انظر “ إله المعتقدات “ ] يخالف رؤيتنا إياه‬
‫في اخذ الميثاق [ ‪ “ -‬التجلي العام للكثرة “ فليراجع ] ‪ ،‬ويخالف رؤيتنا إياه في الكثيب‬
‫[ ‪ -‬التجلي العام في الكثرة “ فليراجع ] ويخالف رؤيتنا إياه ونحن في ملكنا وفي‬
‫قصورنا وأهلينا ‪ [ -‬التجلي الخاص الواحد للواحد ] ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪. ) 465 / 3‬‬
‫***‬
‫‪ - 120‬التجلّي الدائم‬
‫التجلي الدائم هو تجلي وجودي من ناحية ‪ ،‬وشهودي من ناحية أخرى ‪.‬‬
‫‪-‬انه تجلي وجودي من حيث إن الحق هو دائم التجلي في صور الموجودات ‪.‬‬
‫[ انظر “ خلق جديد ] ‪.‬‬
‫‪-‬وهو تجلي شهودي من حيث إن العلماء الذين علموا ان الحق عين كل صورة ال‬
‫يزالون في تجل دائم ‪.‬‬
‫باّلل بشهودهم الحق في كل صورة ‪ .‬في حال شهود دائم ‪ :‬ألنه ما ثمة اال‬ ‫فالعلماء ّ‬
‫صور محيطة بهم فالحق دائم التجلي بالنسبة إليهم ‪ .‬على حين ان هذه الصور نفسها‬
‫باّلل ‪.‬‬
‫حجاب بالنسبة لغير العلماء ّ‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫باّلل ال يزالون في تجل دائم لما علموا ان الحق عين كل صورة‬ ‫“ ‪ . . .‬مع أن العلماء ّ‬
‫‪“.1‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬كما يراجع الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪ ( 11‬التجلي الدائم ) ‪.‬‬
‫***‬
‫‪ - 121‬التجلّي الذاتي‬
‫هو تجلي الحق بذاته في األشياء ‪ .‬أو لألشياء ‪ .‬وفي كلتا الحالتين ال يقبله أهل‬

‫‪263‬‬
‫“ ‪“ 264‬‬

‫الحقائق ‪.‬إذ ان تجلي الحق ال يكون اال في صور خلقه ‪ . . .‬في المظاهر ‪ -‬وهو‬
‫بتجليه في المظاهر يسمى ذاتيا إذا أعطى الكشف بحقيقة الحقائق ‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫) ‪“ ( 1‬اعلم أن التجلي الذاتي ممنوع بال خالف بين أهل الحقائق في غير مظهر ‪. 1‬‬
‫والتجلي في المظاهر ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪. ) 606 / 2‬‬
‫“ والتجلي من الذات ال يكون ابدا اال بصورة استعداد المتجلي له ‪ ( “ . . .‬فصوص ‪1‬‬
‫‪. ) 61 /‬‬
‫) ‪“ ( 2‬التجلي الذاتي الذي يعطي الكشف بحقيقة الحقائق وبمراتبها ‪ ( “ . . . 2‬انشاء‬
‫الدوائر ص ص ‪. ) 36 / 35‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يقول الشيخ ابن العربي في كتاب المسائل ‪:‬‬
‫“ والتجلي الذاتي ال ينقال ‪ ،‬لكن يشهد وإذا شوهد ال ينضبط وال يشهده اال الخاصة ‪،‬‬
‫وليس في الكون طريق اليه ينال به ‪ . . .‬فهو اختصاص مجرد وليس جزاء ‪. . .‬‬
‫“(ص‪.)7‬‬
‫ولكن هل يتناقض الشيخ ابن العربي ‪ .‬فيثبت التجلي الذاتي وينفيه ؟‬
‫في الواقع انه يثبت التجلي الذاتي ولكن في مظهر ‪ ،‬فالمشاهد المكمل يشهد التجلي‬
‫الذاتي في قلبه ‪ .‬اذن في مظهر ( انظر الفتوحات ج ‪ 1‬ص ‪) 91‬‬
‫) ‪ ( 2‬انظر “ حقيقة الحقائق “ ‪.‬‬
‫***‬
‫‪ - 122‬التجلي العا ّم في الكثرة‬
‫وهو تجلي الحق سبحانه وتعالى في الدار اآلخرة ‪ ،‬في الكثيب على أهل الجنة عامة ‪.‬‬
‫فهذا التجلي الواحد الذي يكون للجميع في آن واحد دون ان ينكره أحد ‪ 1‬وبما ينتجه‬
‫من علوم تتكثر باستعدادات المحل ‪ : 2‬هو التجلي العام في الكثرة ‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫باّلل يزالون في تجل دائم لما علموا ان الحق عين كل‬ ‫“ ‪ . . .‬مع أن العلماء ّ‬

‫‪264‬‬
‫“ ‪“ 265‬‬

‫صورة ‪ 3‬ومع هذا فلهم التجلي العام في الكثيب ‪ ،‬فان ذلك يعطي ذوقا آخر ‪. . .‬‬
‫“ ( فتوحات ‪. ) 15 / 4‬‬
‫“ وتجلي الكثيب هو ‪ :‬تجلي العام في الكثرة “ ( فتوحات ‪. ) 465 / 3‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫َّللا حين يتجلى يوم القيامة ينكره البعض حتى يتجلى لهم في صور‬ ‫) ‪( 1‬ان ّ‬
‫اعتقاداتهم ‪ .‬انظر “ اله المعتقدات ‪“ .‬‬
‫) ‪( 2‬ينادي الحق أهل الجنان جميعا إلى الكثيب ليتجلى لهم ‪ .‬فالتجلي واحد ولكن‬
‫مراتب المتجلي لهم متفاوتة فيتفاوت علمهم الناتج عن رؤيتهم للحق ‪ .‬انظر “ كثيب‬
‫‪“.‬‬
‫) ‪( 3‬انظر “ التجلي الدائم “ ‪.‬‬
‫***‬
‫ي العا ّم للكثرة‬
‫‪ - 123‬التجل ّ‬
‫هو التجلي اإللهي للجميع الذي ينتج علما واحدا ‪ .‬فهو عام بنتيجته العلمية الواحدة ‪.‬‬
‫وهو تجلي الحق عند اخذه الميثاق من الخلق ‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬ولهذا وقع االنكار من أهل الموقف عند ظهوره وقوله ‪ :‬انا ربكم ‪ ، 1‬فلو تجلى‬
‫لهم في الصورة التي اخذ عليهم الميثاق ‪ 2‬فيها ما أنكره أحد ‪ ،‬فبعد وقوع االنكار‬
‫فاقروا به ‪ . . .‬فذلك هو التجلي العام‬‫تحول لهم في الصور التي اخذ عليهم فيها الميثاق ّ‬
‫للكثرة ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪. ) 465 / 3‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬انظر “ اله المعتقدات “‬
‫) ‪( 2‬ان تجلي الحق في اخذه الميثاق على الخلق هو تج ّل علمي ينتج لهم شهود‬
‫الربوبية وبالتالي االقرار بها ‪ .‬لسؤاله تعالى ‪ :‬الست بربكم ! قالوا ‪ :‬بلى ‪ .‬انظر‬
‫“ ميثاق "‪.‬‬
‫***‬
‫‪ “ - 124‬تجلّي غيب “ و “ تجلّي شهادة “‬
‫يرادفان بمعناهما ‪ :‬الفيض االقدس ( تجلي غيب ) ‪ .‬والفيض المقدس ( تجلي‬

‫‪265‬‬
‫“ ‪“ 266‬‬

‫شهادة ) انظر فصوص الحكم ‪ :‬ج ‪ - 1‬ص ‪ . 121 - 120‬مع تعليق عفيفي ج ‪ 2‬ص‬
‫‪.) 146 - 145‬‬
‫راجع “ الفيض االقدس ‪ -‬الفيض المقدس “ ‪.‬‬
‫***‬
‫‪ - 125‬التجلّي في الشيء ‪1‬‬
‫ى‬‫ان فعل “ التجلي “ من الحق واحد في كل ما يظهر عنه ‪ ،‬انه مبدأ التغير في المتجل ّ‬
‫له ألنه ينقله من حال إلى حال ‪ :‬من الثبوت إلى الوجود [ تج ّل في الشيء ( تجل‬
‫وجودي ) ] ‪ ،‬من عرض إلى عرض [ تج ّل للشيء ( تج ّل علمي ) ] ‪.‬‬

‫وهذه األحدية في التجلي من حيث الحق هي التي دفعت الشيخ ابن العربي إلى اطالق‬
‫لفظ “ التجلي “ في المعنيين ‪ :‬الوجودي ‪ .‬والعلمي ‪. 2‬‬
‫ي له ‪ ،‬ينقله من حال إلى حال ‪.‬‬
‫فالتجلي بتعريف عام ‪ :‬هو مبدأ التغير في المتجل ّ‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫َّللا الذي بينه‬
‫َّللا العلم للعقل به ‪ ،‬فإنه سر ّ‬‫“ ولها [ النفس الكلية ] وجه خاص إلى ّ‬
‫وبين كل مخلوق ال تعرف نسبته وال يدخل تحت عبارة‪. . .‬‬
‫وهذا هو التجلي في األشياء المبقي أعيانها ‪ ،‬واما التجلي لألشياء فهو تج ّل يفني أحواال‬
‫ويعطي أحواال في المتجلّى له ‪. . . 3‬‬
‫فبالتجلي تغير الحال على األعيان الثابتة من الثبوت إلى الوجود ‪ .‬وبه ظهر االنتقال‬
‫من حال إلى حال في الموجودات ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪. ) 304 / 2‬‬
‫اذن ‪ ،‬بالتجلي ‪ :‬ظهرت الموجودات ( تج ّل في الشيء ‪ ،‬تج ّل وجودي ) ‪ -‬وتغيرت‬
‫عليها األحوال ( تج ّل للشيء بعد وجوده ‪ .‬تجلي علمي ) ‪.‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪ ( 1‬لقد أورد الشيخ ابن العربي هنا لفظ شيء لما له من الشمول لكل الموجودات ‪:‬‬
‫علمية ‪ -‬عقلية ‪ -‬مثالية ‪ -‬عينية ‪ . . .‬فالتجلي فيها هو الموجد ألعيانها والمبقي لها ‪ :‬انه‬
‫“ التجلي الوجودي “ فليراجع مادة تجلي “ الفقرة األولى ‪“ .‬‬

‫) ‪ ( 2‬انظر “ تجلي “ المعنى ‪ :‬األول والثاني ‪.‬‬

‫) ‪ ( 3‬النص نفسه تقريبا في رسالة القواعد الكلية ‪ .‬ورقة ‪ 15‬أ ‪.‬‬

‫‪266‬‬
‫“ ‪“ 267‬‬
‫***‬
‫‪ - 126‬التجلّي للشيء‬
‫انظر “ التجلي في الشيء "‪.‬‬
‫***‬
‫‪ - 127‬المجلى‬
‫ان العالم باسره بكل جزئياته ‪ ،‬وجد وبقي على وجوده بالتجلي اإللهي ‪ .‬فهو مجلى‬
‫للحق أو منصة ‪ 1‬اي مظهر لألسماء والصفات اإللهية ‪ -‬وات ّم “ مجلى “ أو “ مظهر‬
‫َّللا عليه وسلم من حيث إنه ظاهر بكل الكماالت‬
‫“ هو االنسان الكامل وهو محمد صلى ّ‬
‫اإللهية ‪ ،‬وانه جمع في ذاته كل الحقائق المتجلية في العالم بأسره ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫) ‪“ ( 1‬فإن كان [ االمر ] مجلى له [ للحق ] فيقع التفاضل ‪ -‬ال بد من ذلك ‪ -‬بين مجلى‬
‫ومجلى ‪ ( “ . . . 2‬فصوص ‪. ) 79 / 1‬‬
‫“ ‪ . . .‬الخلق ‪ :‬مجلى الحق ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪. ) 373 / 4‬‬
‫“ فان جميع المخلوقين منصات ‪ 3‬تجلي الحق ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪. ) 260 / 4‬‬

‫) ‪“ ( 2‬فاالنسان الكامل الذي يدل بذاته من أول البديهة على ربه ‪ . . .‬مجلى األسماء‬
‫اإللهية “ ( فتوحات ‪. ) 105 - 104 / 2‬‬
‫َّللا عليه وسلم أعظم مجلى ‪ 4‬االهي [ الهي ] ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪/ 2‬‬ ‫“ فكان صلى ّ‬
‫‪. ) 171‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬انظر “ منصة “ المعنى اللغوي ‪.‬‬
‫) ‪( 2‬ان المجالي تتفاوت باستعداداتها ‪ .‬من هنا تنبع الكثرة المشهودة في الوجود رغم‬
‫أحدية التجلي ‪ ،‬فالتجلي واحد يتكثر في المجالي بحسب استعداداتها ‪ .‬اذن ‪ ،‬هناك‬
‫عالقة متداخلة حية بين المتجلي الواحد والمتجلي له ‪.‬‬
‫فكما ان التجلي يحكم على المتجلّي له فينقله من حال إلى حال ‪ ،‬كذلك يحكم المتجلّي له‬
‫اي المحل على التجلي فتتكثر وحدته في المظاهر رغم أحديته ‪ ( .‬انظر “ تجلي “ ) ‪.‬‬

‫‪267‬‬
‫“ ‪“ 268‬‬
‫) ‪ ( 3‬يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ المنصة ‪ . .‬مجلى االعراس وهي تجليات روحانية “ ( فتوحات ‪. ) 130 / 2‬‬
‫‪-‬يراجع بشأن منصة ‪“ :‬‬
‫الفتوحات ‪ .‬ج ‪ 4‬ص ‪ [ 260‬منصة الحق ‪ -‬العبد ] ‪ ،‬ص ‪، 373‬‬
‫لطائف االعالم ‪ .‬ورقة ‪ 178‬أ ‪ .‬مادة “ منصة “ ‪،‬‬
‫) ‪ ( 4‬ولقد توسع صاحب لطائف االعالم في تعداد المجالي ‪ .‬انظر ق ق ‪ 158‬ب ‪-‬‬
‫‪ 159‬أ ‪.‬‬
‫حيث يقسمها عدة اقسام ‪:‬‬
‫المجلى األول [ حقيقة الحقائق والحقيقة المحمدية ] ‪،‬‬
‫المجلى الثاني [ البرزخية الثانية وحضرة جمع الجمع ] ‪،‬‬
‫المجلى الثالث [ مرتبة عالم الجبروت ] ‪،‬‬
‫المجلى الرابع [ مرتبة عالم الملكوت ] ‪،‬‬
‫المجلى الخامس [ مرتبة عالم الملك ] ‪،‬‬
‫المجلى السادس [ االنسان الكامل الحقيقي ] ‪،‬‬
‫المجلى التام [ ‪ -‬المجلى السادس ] ‪ ،‬مجلى األسماء الفعلية ‪ . . .‬مجلى األسماء‬
‫الصفاتية ‪ . . .‬مجلى الحقائق ‪ . . .‬فلتراجع ‪.‬‬

‫كما يراجع بخصوص “ مجلى “ عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪، 326 ، 302‬‬
‫‪-‬الفصوص ‪ .‬المقدمة ‪ .‬ص ‪ ، 36 ، 23‬والجزء الثاني ص ‪، 57‬‬
‫‪-‬رسالة ال يعول ‪ .‬ص ‪. 13‬‬
‫***‬
‫‪ - 128‬مجلى المظاهر اإللهيّة‬
‫ان العالم باسره هو مجلى ومظهر للحق ‪ ،‬ولكن يبقى ات ّم مجلى أو مظهر هو “ االنسان‬
‫الكامل “ ‪ ،‬أو “ صاحب الوقت “ من حيث جمعيته للمظاهر اإللهية المتفرقة في‬
‫العالم ‪.‬‬
‫يقول ‪ . . . “ :‬وهو [ القطب ] مرآة الحق ‪ ،‬ومجلى النعوت المقدسة ‪ ،‬ومجلى المظاهر‬
‫اإللهية وصاحب الوقت ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 573 / 2‬‬
‫انظر “ صاحب الوقت “ “ قطب “‬

‫‪268‬‬
‫“ ‪“ 269‬‬
‫‪ - 129‬مجلى النعوت المقدّسة‬
‫مجلى النعوت المقدسة هو ‪ :‬صاحب الوقت الظاهر بصورة الحق ‪.‬‬
‫يقول ‪ . . . “ :‬وهو [ القطب ] مرآة الحق ‪ ،‬ومجلى النعوت المقدسة ‪ ،‬ومجلى المظاهر‬
‫اإللهية ‪ ،‬وصاحب الوقت وعين الزمان وسر القدر ‪ ( “ . . .‬ف ‪.) 573 / 2‬‬
‫انظر “ صاحب الوقت “ “ قطب “ ‪.‬‬
‫***‬
‫‪ - 130‬الجمال‬
‫انظر “ صفة “ المعنى “ الرابع "‪.‬‬
‫***‬
‫‪ – 131‬الجمع‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الجيم والميم والعين أصل واحد ‪ ،‬يدل على تضام الشيء ‪ .‬يقال جمعت الشيء‬
‫جمعا ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة ‪ .‬مادة “ جمع “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫ورد األصل “ جمع “ في القرآن على أوجه عدة [ انظر المعجم المفهرس ‪.‬‬
‫مادة جمع ] ‪ .‬لم تخرج به عن المعنى اللغوي السابق ‪.‬‬
‫ع َّد َدهُ “[ ‪. ] 2 / 104‬‬ ‫ماال َو َ‬ ‫” الَّذِّي َج َم َع ً‬
‫” يَ ْو َم يَ ْج َمعُ ُك ْم ِّليَ ْو ِّم ْال َج ْم ِّع ذ ِّل َك يَ ْو ُم التَّغابُ ِّن “[ ‪. ] 9 / 64‬‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫*احتفظ الشيخ ابن العربي باإلشارات الصوفية المتوارثة إلى لفظة “ جمع “ ‪ ،‬وإلى‬
‫الحال الذي يليها وهو “ جمع الجمع “ ‪.1‬‬

‫‪269‬‬
‫“ ‪“ 270‬‬
‫يقول ‪ “ :‬الجمع ‪ . . .‬إشارة إلى حق بال خلق وعليه يرد ‪ 2‬جمع الجمع ‪ . . .‬جمع‬
‫َّللا عند رؤية الجمال ‪ ( “ 3‬فتوحات ‪/ 2‬‬
‫الجمع ‪ . . . :‬االستهالك بالكلية في ّ‬
‫‪. ) 133‬‬

‫“ الجمع “ في هذا المعنى يقابل “ الفرق “ الذي يشير إلى ‪ :‬خلق بال حق ‪. 4‬‬

‫في المرحلة الثانية يورد الشيخ ابن العربي أقوال سابقيه ‪ .‬بل وأقواله منسوبة إلى‬
‫الطائفة في “ الجمع “ و “ جمع الجمع “ ‪ . 5‬ويضع قبالتها نظرته الخاصة ‪.‬‬
‫نعرف “ الجمع “ عنده بل سنترك كلماته تجري على أوراقنا تضوع منها عبق‬ ‫ولن ّ‬
‫أصالته وطرافته ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬والجمع عندنا ‪ :‬ان تجمع ما له [ للحق ] عليه مما وصفت به نفسك من نعوته‬
‫وأسمائه ‪ ،‬وتجمع مالك عليك مما وصف الحق به نفسه من نعوتك وأسمائك ‪ ،‬فتكون‬
‫أنت أنت ‪ ،‬وهو هو ‪.‬‬
‫وجمع الجمع ‪ :‬ان تجمع ما له عليه وما لك عليه وترجع الكل اليه ‪ . . .‬فما في الكون‬
‫اال أسماؤه ونعوته ‪ . . .‬ويكفي العاقل السليم العقل قولهم ‪ :‬الجمع ‪ ،‬فإنه لفظ مؤذن‬
‫بالكثرة والتمييز بين األعيان الكثيرة ‪ ،‬فمن حيث التمييز كان الجمع عين التفرقة‬
‫وليست التفرقة عين الجمع ‪ ( . “ . . .‬فتوحات ‪. ) 516 / 2‬‬

‫الشيخ ابن العربي هنا يفارق النظرة الصوفية الكالسيكية إلى “ الجمع “ كحال يوحد‬
‫الحق والخلق ويذهب إلى ضدّها ‪ :‬فالجمع هو عين التفرقة بين الحق والخلق ‪ ،‬بين‬
‫صفات القدم والحدوث ‪ ،‬فالجمع عمليتان يحدثان في آن معا ‪ ،‬جمع على صعيد أول‬
‫لكل مظاهر القدم وردها إلى أصلها اي ‪ :‬الحق ‪.‬‬
‫وجمع على صعيد ثان لكل مظاهر الحدوث أينما تجلت في القديم أو الحادث وردّها‬
‫إلى أصلها اي ‪ :‬الخلق ‪. 6‬‬
‫اذن ‪ ،‬الجمع هو جمع المظاهر ‪ ،‬تفريقها على صعيدين ‪ ،‬وردّها إلى أصلها ‪.‬‬
‫وهنا يظهر الجمع عين التفرقة ‪ ( 7‬هذه النتيجة ال تقبل العكس ) ‪ :‬حيث إن كلمة‬
‫“ جمع “ نفسها تثبت الكثرة ألننا ال نجمع اال كثرة متفرقة‬
‫اما “ جمع الجمع “ فهو استهالك وجهي الحقيقة ( حق خلق ‪ ،‬قدم حدوث ) في وحدتها‬
‫‪ ،‬فالحق والخلق والقدم والحدوث ليست في الواقع سوى وجهين لحقيقة واحدة ندرك‬
‫وحدتها في حال “ جمع الجمع “ ‪.8‬‬

‫‪270‬‬
‫“ ‪“ 271‬‬
‫*الجمع هو الكثرة في مقابل التوحيد ‪. 9‬‬
‫فالوجود كثرة والتوحيد معقول غير موجود ‪ .‬اذن ‪ ،‬الجمع يقابل التوحيد ‪ ،‬ويرادف‬
‫التفرقة والكثرة والتمييز بين الحقائق ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ ‪ . . .‬األحدية تصحب كل جمع ‪ ،‬فال بد من الجمع في االحد وال بد من االحد في‬
‫الجمع ‪ . . .‬وقال تعالى ‪َ ”. . .‬و ُه َو َمعَ ُك ْم أَيْنَ ما ُك ْنت ُ ْم “[ ‪ ، ] 4 / 57‬والمعية صحبة‬
‫والصحبة جمع ‪ . . .‬لما كان الدوام لمعية الحق مع العالم لم يزل حكم الجمع في‬
‫الوجود وفي العدم ‪ ،‬فإنه [ تعالى ] مع الممكن في حال عدمه كما هو معه في حال‬
‫فاّلل معنا ‪ ،‬فالتوحيد معقول غير موجود ‪ ، 10‬والجمع موجود‬ ‫وجوده فأينما كنا ّ‬
‫ومعقول ‪ . . . 11‬لو أراد [ الحق ] التوحيد ما أوجد العالم وهو يعلم أنه إذا أوجده‬
‫سن الشرك ‪ 12‬ألنه اشرك معه العالم في الوجود ‪. . .‬‬ ‫اشرك به ‪ . . .‬فهو أول من ّ‬
‫“ ( فتوحات ‪. )306 - 307 / 4‬‬

‫يطلق الشيخ ابن العربي مفهوم الجمع على الدرجة القصوى من تركيز القوى االنسانية‬
‫‪ ،‬حيث يستجمع االنسان قواه للهرب من شيء ‪ ،‬أو يوجه همته نحو شيء ما فينفعل‬
‫له ‪ .‬ويسمى هذا الموقف ‪ :‬الجمعية ‪ .‬مقام الجمعية ‪ ،‬حال الجمعية ‪.‬‬

‫يقول ‪ “ :‬فلما تمثل الروح األمين ‪ . . .‬لمريم عليها السالم بشرا سويا ‪ . . .‬فاستعاذت‬
‫َّللا منه ‪ . . .‬فحصل لها حضور تام مع‬‫باّلل منه استعاذة بجمعية منها ليخلصها ّ‬
‫ّ‬
‫َّللا ‪ ( “ . . .‬فصوص ‪. ) 139 - 138 / 1‬‬ ‫ّ‬

‫“ فكيف يبقى لمن يشهد هذا االمر [ امره تعالى بان نتخذه وكيال ] همة يتصرف بها ‪،‬‬
‫والهمة ال تفعل اال بالجمعية التي ال متسع لصاحبها إلى غير ما اجتمع عليه ؟‬
‫وهذه المعرفة تفرقة عن هذه الجمعية ‪ ( “ . . . 13‬فصوص ‪. ) 129 - 128 / 1‬‬

‫“ ان اجرام العالم تنفعل لهمم النفوس إذا أقيمت في مقام الجمعية “ ( فصوص ‪/ 1‬‬
‫‪. ) 158‬‬
‫َّللا تعالى‬
‫َّللا به اليه جمعه عليه جمعية ال تفرقة فيها ‪ ،‬حتى يهبه ّ‬
‫“ ان االنسان إذا جاء ّ‬

‫‪271‬‬
‫“ ‪“ 272‬‬
‫في ذلك ما يريد ان يهبه مما سبق في علمه ‪ ،‬فإذا خرج عن ذلك المشهد وعن تلك‬
‫الحالة ‪ . . .‬فيخرج عن حال جمعيته إلى حال تفرقته ‪ ( “ . . . 14‬فتوحات ‪/ 2‬‬
‫‪. )632‬‬

‫يستعمل الشيخ ابن العربي لفظ “ الجمع “ ‪ 15‬مرادفا لالجمال في مقابل التفصيل ‪.‬‬
‫فكل اجمال يسبق تفصيال هو ‪ :‬جمع ‪ ،‬الوحي مثال ينزل من عالم الجمع إلى عالم‬
‫التفصيل ‪. 16‬‬
‫واأللف مقامه الجمع يتفصل في الحروف التي يسري بها ‪. 17‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫َّللا وله من الصفات القيومية ‪. . .‬‬ ‫“ ومقام األلف مقام الجمع ‪ ،‬له من األسماء اسم ّ‬
‫“ ( فتوحات ‪. ) 65 / 1‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يراجع بخصوص “ جمع “ قبل الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬منازل السائرين ‪ .‬األنصاري ص ص ‪، 226 - 225‬‬
‫‪-‬شفاء السائل ‪ .‬فهرس االصطالحات ‪ .‬مادة “ جمع “‬
‫‪-‬اللمع ‪ .‬الطوسي ‪ .‬ص ص ‪550 - 549‬‬
‫‪-‬طبقات الصوفية ‪ .‬السلمي ‪ .‬فهرس االصطالحات ‪ .‬مادة “ جمع “ ‪،‬‬
‫‪-‬الرسالة القشيرية ص ص ‪، 36 - 35‬‬
‫‪-Exegese coranique‬األب نويا ص ‪، 265‬‬
‫‪-‬ماسينيون‪L . T‬ص ‪، 12‬‬
‫) ‪( 2‬ان “ جمع الجمع “ ال يرد على العبد على حال التفرقة بل على حال الجمع ‪.‬‬
‫ولذلك يقول الشيخ ابن العربي و “ عليه “ اي ‪ :‬وعلى الجمع ‪.‬‬
‫) ‪( 3‬النص نفسه تقريبا في االصطالحات ص ‪. 287‬‬
‫) ‪( 4‬انظر االصطالحات ص ‪، 287‬‬
‫) ‪( 5‬راجع الفتوحات ج ‪ 2‬ص ص ‪، 517 - 516‬‬
‫) ‪( 6‬هذا الجمع للمظاهر وردها إلى أصلها هي عملية اما شعورية أو عقلية ‪ ،‬ال‬
‫وجود لعينها في الواقع ‪ ،‬ألن نظرة الشيخ ابن العربي إلى الحق والخلق نظرة‬
‫متداخلة ‪ :‬حق في خلق ‪ ،‬وخلق في حق ‪ .‬لذلك يقول ‪ ”:‬والجمع حال ال وجود لعينه *‬
‫وله التحكم ليس لآلحاد “( فتوحات ‪) 396 / 2‬‬
‫) ‪( 7‬يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫َّللا جعل له فرقانا ‪ ،‬وان كان في عين القرآن العزيز الذي هو الجمع ‪ .‬من‬ ‫“ فمن اتقى ّ‬
‫قريت‬

‫‪272‬‬
‫“ ‪“ 273‬‬

‫الماء في الحوض إذا جمعته فما كل فرقان قرآن ‪ ،‬وكل قرآن فرقان ‪.‬فعين الجمع عين‬
‫الفرق فانظر * بعينك الجتماع في افتراق” ( فتوحات ‪. ) 318 / 3‬‬
‫‪-‬انظر “ قرآن “‬

‫) ‪( 8‬يشير أحيانا الشيخ ابن العربي إلى “ جمع الجمع “ بلفظ “ الجمع “ فقط ‪،‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ الجمع ‪ :‬جمع الحق صفات القدم والحدوث “ ( فتوحات ‪. ) 82 / 4‬‬
‫) ‪( 9‬توحيد هنا مأخوذة من زاوية الوجود بمعنى ‪ :‬التوحيد في الوجود ‪.‬‬
‫) ‪( 10‬ان التوحيد في الوجود حالة معقولة ‪ ،‬اي ان العقل جردها من الواقع ‪ :‬فالفكر‬
‫يو ّحد كثرة الوجود التي في يلتقطها الحس متجمعة ‪ .‬اذن ليس للتوحيد اال الوجود‬
‫العقلي ‪.‬‬
‫) ‪( 11‬على حين تنحصر فكرة “ توحيد الوجود “ باألفق العقلي نجد “ الجمع في‬
‫الوجود “ يعم الوجودين ‪ :‬العقلي والحسي ‪.‬‬
‫( أ ) الجمع له وجود عقلي اي ان العقل يدرك الكثرة الوجودية ‪.‬‬
‫( ب ) الجمع له وجود حسي إشارة إلى تعدد المجالي ( انظر “ تجلي “ “ مجلي “ )‬
‫) ‪( 12‬جرى الشيخ ابن العربي على تفسير كل المفاهيم الخلقية ( الكمال ) ‪. . .‬‬
‫والصوفية ( الفناء ‪ -‬البقاء ‪ ) -‬وكل ما تناوله بالبحث تفسيرا وجوديا ‪ .‬فكل ما نظر اليه‬
‫َّللا أحدا ‪ ،‬ولكن ان‬
‫بصمه ببعد وجودي ‪ ،‬كذلك الشرك ‪ :‬ليس ان تشرك في عبادة ّ‬
‫َّللا أحدا ‪.‬‬
‫تشرك في الوجود مع ّ‬
‫سن الشرك بمعنى ‪ :‬انه خاطب االنسان في القرآن‬ ‫والحق في هذا النص هو أول من ّ‬
‫مانحا إياه كل صفات الوجود الحقيقي ( الفعل ‪ -‬التصرف ‪ ) -‬فأمره بالفعل والترك‬
‫مثال ‪ ،‬مع أن الحق هو الفاعل الوحيد ‪ ،‬من حيث إنه الوحيد القادر على الفعل ألنه ‪:‬‬
‫الوجود الحقيقي الوحيد ‪.‬‬
‫) ‪( 13‬انظر الشرح ‪ .‬الفصوص ‪. 156 - 155 / 2‬‬
‫) ‪( 14‬انظر فصوص الحكم ج ‪ 2‬ص ‪ ( 66‬حال الجمع وحال الفرق ) ‪.‬‬
‫) ‪( 15‬بخصوص الجمع عند الشيخ ابن العربي يراجع ‪:‬‬
‫‪-‬كتاب التجليات ‪ .‬ط ‪ .‬حيدرآباد ص ص ‪ ( 27 - 26‬تجلي رقم ‪. ) 47‬‬
‫‪-‬كتاب االرشاد ‪ .‬ورقة ‪- . 148‬مواقع النجوم ص ‪، 20‬‬
‫‪-‬رسالة روح القدس ص ‪. 153 ، 151‬‬
‫‪-‬االسفار عن رسالة األنوار ‪ .‬الجيلي ‪ .‬ص ص ‪، 290 - 288‬‬
‫‪-‬شرح مشكالت الفتوحات المكية ‪ .‬الجيلي ‪ .‬ورقة ‪ . 4‬ورقة ‪ ( . 9‬حيث يشرح عبارة‬
‫الشيخ ابن العربي ‪ :‬ما ثم اال جمع ) ‪.‬‬
‫‪-‬شرح تائية ابن الفارض ‪ .‬القيصري ‪ :‬ق ‪ ، 8‬ق ق ‪. 28 - 26‬‬
‫‪-‬لطائف االعالم ‪ .‬مادة ‪ :‬جمع ‪ -‬جمع الجمع ‪ -‬جمع الفرق ‪ -‬ورقة ‪ 74‬أ ‪ -‬ب ‪.‬‬

‫‪273‬‬
‫“ ‪“ 274‬‬

‫‪-‬مطلع خصوص الكلم ‪ .‬القيصري ‪ .‬ورقة ‪. 4‬‬


‫‪-‬رسالة االنتصار ‪ .‬ط ‪ .‬حيدرآباد ص ‪ ( 18‬جمع الهمم ‪ -‬جمع االسرار ) ‪.‬‬
‫‪-‬مجلة المشرق ‪ .‬سنة ‪ . 1966‬ص ‪ ( 674‬هامش ‪ ، ) 311‬ص ‪ ( 738‬هامش‬
‫‪ ) 442‬سنة ‪ 1967‬ص ‪ ( 57‬هامش ‪ ، ) 559‬ص ‪ ( 178‬هامش ‪. ) 615‬‬

‫) ‪( 16‬انظر تعليق عفيفي الفصوص ج ‪ 2‬ص ‪، 94‬‬


‫) ‪( 17‬راجع “ الف “ ‪.‬‬
‫***‬
‫‪ - 132‬جمع الجمع‬
‫انظر “ جمع “ المعنى “ األول “ و “ الثاني "‪.‬‬
‫***‬
‫‪ - 133‬الجمعيّة‬
‫انظر “ جمع “ المعنى “ الرابع "‪.‬‬
‫***‬
‫‪ - 134‬جوامع الكلم ‪1‬‬
‫ان عبارة “ جوامع الكلم “ ملتصقة بالحقيقة المحمدية ‪ ،‬دالة عليها مشيرة إلى جمعيتها‬
‫‪ ،‬ويطلقها الشيخ ابن العربي عليها من وجهين ‪:‬‬

‫يرى الشيخ ابن العربي ان كل نبي أو رسول هو “ كلمة “ ‪ ، 2‬أو حقيقة مفردة معينة‬
‫متميزة ‪ ،‬على حين ان الحقيقة المحمدية ‪ ،‬أو الكلمة المحمدية هي “ جوامع الكلم “ ‪. ،‬‬
‫اي لها جمعية الحقائق المفصلة في األنبياء والمرسلين ‪. 3‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫ي عند هذا القول ”‪:‬قُ ْل‬ ‫“ فقلت [ الشيخ ابن العربي ] ‪ :‬الهي اآليات شتات ‪ ،‬فأنزل عل ّ‬
‫وب َو ْاألَس ِّ‬
‫ْباط‬ ‫يم َو ِّإسْما ِّعي َل َو ِّإسْحاقَ َويَ ْعقُ َ‬ ‫على ِّإبْرا ِّه َ‬ ‫علَيْنا َوما أ ُ ْن ِّز َل َ‬
‫اّلل َوما أ ُ ْن ِّز َل َ‬
‫آ َمنَّا ِّب َّ ِّ‬
‫ي ُموسى َو ِّعيسى َوالنَّ ِّبيُّونَ ِّم ْن َر ِّبّ ِّه ْم ال نُفَ ِّ ّر ُق بَيْنَ أ َ َح ٍد ِّم ْن ُه ْم َون َْح ُن‬ ‫ُ‬
‫َوما أو ِّت َ‬

‫‪274‬‬
‫“ ‪“ 275‬‬
‫لَهُ ُم ْس ِّل ُمونَ “[ ‪] 84 / 3‬‬
‫وقرب علي االمر وجعلها لي مفتاح كل علم ‪.‬‬ ‫فأعطاني في هذه اآلية كل اآليات ‪ّ ،‬‬
‫فعلمت ‪ :‬اني مجموع من ذكر لي [ من األنبياء ] ‪ ،‬وكانت لي بذلك البشرى باني‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ ،‬فإنه آخر مرسل وآخر من‬‫محمدي المقام من ورثة جمعية محمد صلى ّ‬
‫َّللا جوامع الكلم “ ‪ ( . . .‬ف ‪. ) 350 / 3‬‬
‫اليه تنزل ‪ ،‬آتاه ّ‬
‫ويذهب الشيخ ابن العربي إلى ابعد من ذلك ‪ ،‬إلى جعل جوامع الكلم “ إرثا “ يرثه كل‬
‫عارف تحقق بالحقيقة المحمدية ‪ . 4‬ويسميه ‪ :‬المحمدي ‪.‬‬
‫يقول ‪ “ :‬المحمدي [ يقول ] “ زدني فيك تحيرا “ ‪ . . .‬فالحائر له الدور والحركة‬
‫الدورية ‪ 5‬وصاحب الحركة الدورية ال بدء له فيلزمه “ من “ وال غاية فتحكم عليه‬
‫“ إلى “ فله الوجود االت ّم وهو المؤتي جوامع الكلم والحكم “ ‪ ( . . .‬فصوص ‪/ 1‬‬
‫‪. ) 73‬‬

‫ان الحق علم آدم األسماء كلها ‪ ، 6‬اي جعله مظهرا لجميع األسماء ‪ ،‬على حين انه‬
‫َّللا عليه وسلم حقائق هذه األسماء الظاهرة في آدم ‪ .‬فآدم هو‬
‫تعالى اعطى محمد صلى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم هو االنسان‬
‫االنسان الظاهر المتعين بالوجود الخارجي ‪ ،‬ومحمد صلى ّ‬
‫الباطن المتعين في العالم المعقول ‪. 7‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫َّللا عليه وسلم ] نبيا وآدم بين الماء والطين ‪ . . . 8‬فإنه أوتي‬ ‫“ فكان [ محمد صلى ّ‬
‫جوامع الكلم ‪ 9‬التي هي مسميات أسماء آدم ‪ ( . . “ 10‬فصوص ‪. ) 214 / 1‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬ورد في صحيح بخاري ج ‪ 9‬ص ‪: 47‬‬
‫َّللا عليه وسلم يقول ‪ :‬بعثت بجوامع الكلم ‪،‬‬ ‫َّللا صلى ّ‬‫“ ‪ . . .‬قال ‪ :‬سمعت رسول ّ‬
‫ونصرت بالرعب ‪.‬‬
‫وبينا انا نائم اتيت بمفاتيح خزائن األرض فوضعت في يدي ‪.‬‬
‫َّللا يجمع األمور الكثيرة التي كانت تكتب في‬ ‫قال محمد ‪ :‬وبلغني ان جوامع الكلم ان ّ‬
‫الكتب قبله في االمر الواحد واالمرين أو نحو ذلك ‪“ .‬‬
‫) ‪( 2‬راجع “ كلمة “ ‪،‬‬
‫) ‪( 3‬راجع “ الحقيقة المحمدية “‬
‫) ‪( 4‬انظر “ على قدم “ “ ارث “‬
‫) ‪( 5‬انظر “ حيرة ‪“ .‬‬
‫) ‪( 6‬انظر موقف الشيخ ابن العربي من هذا الموضوع بتوسع ‪ .‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص‬
‫‪. 71‬‬

‫‪275‬‬
‫“ ‪“ 276‬‬
‫َّللا عليه وسلم ‪.‬‬ ‫) ‪( 7‬كثيرا ما يقيم الشيخ ابن العربي مقارنة بين آدم ومحمد صلى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم للجمع وآدم‬ ‫راجع “ آدم “ المعنى “ الثالث “ حيث يرى أن “ محمد صلى ّ‬
‫للتفريق ‪“ . . .‬‬
‫) ‪( 8‬انظر فهرس األحاديث الحديث رقم ‪( 2 ) .‬‬
‫) ‪( 9‬بخصوص جوامع الكلم عند الشيخ ابن العربي راجع ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪، 409‬‬
‫‪-‬فصوص ج ‪ 2‬ص ‪، 324 - 323‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 1‬ص ص ‪، 86 - 85‬‬
‫‪-‬شرح الفصوص لبالي أفندي ص ‪. 420‬‬
‫علَى ْال َمالئِّ َك ِّة “[ ‪/ 2‬‬
‫ض ُه ْم َ‬
‫ع َر َ‬ ‫علَّ َم آ َد َم ْاألَسْما َء ُكلَّها ث ُ َّم َ‬
‫) ‪( 10‬إشارة إلى اآلية ‪َ ”:‬و َ‬
‫‪. ] 31‬‬
‫***‬
‫‪ - 135‬المجتمع المفترق‬
‫انظر “ الواحد الكثير "‪.‬‬
‫***‬
‫‪ - 136‬مجمع البحرين‬
‫إشارة يستعملها الشيخ ابن العربي ليعبر بها عن صفة البرزخ الظاهرة في “ عالم‬
‫الخيال “ ‪ ،‬من حيث إنه يجمع بحري ‪ :‬المعاني والمحسوسات ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ويلطف الثانية ‪.‬‬ ‫فيجسد األولى‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬فان البرزخ أوسع الحضرات جودا وهو مجمع البحرين ‪ :‬بحر المعاني وبحر‬
‫المحسوسات ‪ .‬فالمحسوس ال يكون معنى والمعنى ال يكون محسوسا ‪ ،‬وحضرة الخيال‬
‫ويلطف المحسوس ‪. . .‬‬ ‫ّ‬ ‫التي عبّرنا عنه يمجمع البحرين هو يجسد المعاني‬
‫“ ( فتوحات ‪. ) 361 / 3‬‬

‫‪276‬‬
‫“ ‪“ 277‬‬
‫‪ - 137‬مجموع العالم‬
‫المترادفات ‪ : 1‬مجتمع الموجودات ‪ -‬جامع حقائق العالم ‪ -‬الجامع للحق والخلق ‪- 2‬‬
‫مجموع الحق ‪ - 3‬كل شيء ‪4‬‬

‫ان كل جزء من العالم هو مجموع العالم من حيث إنه يملك األهلية والقابلية للحقائق‬
‫المتفرقة في العالم كله ‪ .‬واالنسان خاصة هو مجموع العالم ألنه جمع في حقيقته كل‬
‫حقائق العالم ( انظر “ صورة “ “ نسخة “ “ مختصر “ ) ‪.‬‬

‫يقول الشيخ األكبر ‪:‬‬


‫“ فكل جزء من العالم مجموع العالم ‪ ،‬اي هو قابل لحقائق ‪ 5‬متفرقات العالم كله‬
‫“ ( فصوص ‪. ) 153 / 1‬‬
‫“ فما اشرف االنسان من حيث هو مجتمع الموجودات “ ( مواقع النجوم ص ‪. ) 38‬‬
‫“ ان هذا النوع الشريف [ ‪ -‬االنسان ] مجموع العالم “ ( بلغة الغواص ورقة ‪. ) 55‬‬
‫“ وما ذكر موسى األرض ‪ 6‬اال لكما لها بوجود كل شيء فيها وهو االنسان الجامع‬
‫حقائق العالم “ ( فتوحات ‪. ) 410 / 3‬‬

‫َّللا عليه وسلم هو مجموع العالم ‪ ،‬من حيث إن النور المحمدي هو‬
‫ان محمدا صلى ّ‬
‫المادة التي خلق منها العالم بأسره ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫َّللا عليه وسلم مجموع العالم من حيث العالم اجزاءه‬
‫“ ‪ . . .‬فكذلك محمد صلى ّ‬
‫“ ( بلغة الغواص ‪ .‬ورقة ‪. ) 10‬‬

‫“ قال [ تعالى ]” أُولئِّ َك الَّذِّينَ َه َدى َّ‬


‫َّللاُ فَ ِّب ُهدا ُه ُم ا ْقت َ ِّد ْه “[ ‪] 90 / 6‬‬
‫َّللا عليه وسلم مساو لجميع من ذكره من‬ ‫وما قال ‪ :‬فبهم اقتده ‪ ،‬فعلمنا ان محمدا صلى ّ‬
‫األنبياء ومن لم يذكره ‪.‬‬
‫َّللا عليه وسلم فمن رآه فقد‬
‫فإنه لكل نبي هدى ‪ . . .‬وجمع ذلك كله في محمد صلى ّ‬
‫رأى جميع المقربين ‪ ،‬ومن اهتدى به فقد اهتدى بهدى جميع النبيين ‪.‬‬
‫َّللا بمستنكر ان يجمع العالم في واحد “ ( فتوحات ‪.) 82 / 4‬‬ ‫وما على ّ‬

‫‪277‬‬
‫“ ‪“ 278‬‬
‫) ‪( 1‬ان لفظ “ مجموع “ يرادف عند الشيخ ابن العربي “ مختصر “ و “ صورة “ و‬
‫“ نسخة “ فمجموع العالم هو صورة العالم أو مختصر العالم أو نسخة العالم ‪ .‬ومن‬
‫يفرق بين “ مختصر العالم “ الذي هو االنسان مطلق انسان ‪،‬‬ ‫عادة الشيخ األكبر ان ّ‬
‫وبين “ مختصر الحق والعالم “ الذي هو “ االنسان الخليفة “ ‪ ،‬اال انه ال يؤكد على هذا‬
‫التفريق في اضفائه هنا كلمة “ مجموع “ على االنسان ‪.‬‬
‫راجع “ مختصر العالم “ “ مختصر الحق والعالم “ “ صورة العالم “ “ صورة الحق‬
‫والعالم ‪“ .‬‬
‫) ‪( 2‬ان االنسان الخليفة يجمع الصورتين ‪ .‬يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ فال بد من واحد جامع صور العالم وصورة الحق يكون لهذه الجمعية خليفة في العالم‬
‫“ ( فتوحات ‪. ) 45 / 4‬‬
‫انظر “ خليفة “ و “ صورة ‪“ .‬‬
‫“ ) ‪( 3‬العبد الجامع الكامل الظاهر بصورة الحق ‪ . . .‬فالعبد الكامل مجموع الحق‬
‫“ ( ف ‪. ) 132 / 4‬‬
‫) ‪( 4‬انظر النص األخير من المعنى “ األول “ من هذا المصطلح ‪.‬‬
‫) ‪( 5‬نقلها بالي أفندي “ بحقائق “ انظر شرحه ص ‪، 284‬‬
‫ض‬‫إل ْن ت َ ْكفُ ُروا أ َ ْنت ُ ْم َو َم ْن فِّي ْاأل َ ْر ِّ‬
‫) ‪( 6‬إشارة إلى اآلية ‪َ ”:‬وقا َل ُموسىلبني إسرائي ِّ‬
‫ي َح ِّمي ٌد “[ ‪. ] 8 / 14‬‬ ‫َج ِّميعا ً فَإِّ َّن َّ َ‬
‫َّللا لَغَنِّ ٌّ‬
‫***‬
‫‪ - 138‬مجمع الحقائق‬
‫مترادف ‪ :‬المجموع األت ّم ‪.‬‬
‫ان “ مجمع الحقائق “ صيغة يستعملها الشيخ ابن العربي لإلشارة إلى الحقيقة الجامعة‬
‫َّللا عليه وسلم ‪.‬‬ ‫لكل حقائق الحضرتين ‪ :‬اإللهية والكونية ‪ ، 1‬إلى محمد صلى ّ‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫َّللا‬
‫َّللا عليه وسلم مجمع المرآتين [ حق خلق ] ألنه مجمع الحقائق صلى ّ‬ ‫“ إذ هو صلى ّ‬
‫عليه وسلم “ ( بلغة الغواص ‪ .‬ورقة ‪. ) 124‬‬
‫َّللا عليه وسلم ] المجموع األتم ‪ 2‬والبرنامج األكمل ‪3‬‬
‫َّللا صلى ّ‬‫“ فإنه [ رسول ّ‬
‫“ ( فتوحات ‪. ) 61 / 4‬‬
‫) ‪( 1‬راجع “ حقيقة الحقائق “ ‪ ،‬والمعنى الثاني لكلمة “ مجموع العالم ‪“ .‬‬

‫‪278‬‬
‫“ ‪“ 279‬‬
‫) ‪( 2‬ان صيغة التفصيل في صفات الكمال عند الشيخ ابن العربي تخص الرسول‬
‫َّللا عليه وسلم دائما ‪.‬‬ ‫محمد صلى ّ‬
‫) ‪( 3‬راجع “ البرنامج األكمل “ ‪.‬‬
‫***‬
‫‪ - 139‬المجمل‬
‫انظر “ المفصل “ ‪.‬‬
‫***‬
‫ّ‬
‫الجن‬ ‫‪– 140‬‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الجيم والنون أصل واحد ‪ ،‬وهو [ الستر ] والتستر ‪ .‬فالجنة ما يصير اليه المسلمون‬
‫في اآلخرة وهو ثواب مستور عنهم اليوم ‪ . . .‬والجن سموا بذلك ألنهم متسترون عن‬
‫أعين الخلق ‪.‬‬
‫ْث ال ت َ َر ْونَ ُه ْم “[ ‪ ( “ . . . ] 27 / 7‬معجم‬ ‫َّللا تعالى ‪ِّ ”:‬إنَّهُ يَرا ُك ْم ُه َو َوقَ ِّبيلُهُ ِّم ْن َحي ُ‬ ‫قال ّ‬
‫مقاييس اللغة مادة “ جن “ )‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫الجن في القرآن أمة ‪ ،‬مكلّفة ‪ ،‬لها رسلها ‪ .‬محدودة الطاقة والتصريف ‪.‬‬
‫إبليس منها ‪ ( .‬راجع إبليس ) ‪.‬‬
‫علَ ْي ُك ْم آياتِّي “[ ‪/ 6‬‬ ‫صونَ َ‬ ‫س ٌل ِّم ْن ُك ْم يَقُ ُّ‬‫اإل ْن ِّس أ َ لَ ْم يَأْتِّ ُك ْم ُر ُ‬
‫قال تعالى ‪ ”:‬يا َم ْعش ََر ْال ِّج ِّّن َو ْ ِّ‬
‫‪] 130‬‬
‫ُون “[ ‪. ] 56 / 51‬‬ ‫س ِّإ َّال ِّليَ ْعبُد ِّ‬ ‫قال تعالى ‪َ ”:‬وما َخلَ ْقتُ ْال ِّج َّن َو ْ ِّ‬
‫اإل ْن َ‬
‫ت‬‫سماوا ِّ‬
‫طار ال َّ‬ ‫ط ْعت ُ ْم أ َ ْن ت َ ْنفُذُوا ِّم ْن أ َ ْق ِّ‬
‫اإل ْن ِّس إِّ ِّن ا ْست َ َ‬ ‫قال تعالى ‪ ”:‬يا َم ْعش ََر ْال ِّج ِّّن َو ْ ِّ‬
‫ض فَا ْنفُذُوا “[ ‪. ] 33 / 55‬‬ ‫َو ْاأل َ ْر ِّ‬
‫ع ْن أ َ ْم ِّر َر ِّبّ ِّه “[ ‪. ] 50 / 18‬‬ ‫سقَ َ‬ ‫يس كانَ ِّمنَ ْال ِّج ِّّن فَفَ َ‬ ‫س َجدُوا ِّإ َّال ِّإ ْب ِّل َ‬
‫قال تعالى ‪ ”:‬فَ َ‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫*ان الجن حيوان ناطق خلق من روح نارية ‪ :‬هواء ونار ‪ .‬فبعنصر هوائه يتشكل في‬
‫أيّة صورة يريد ‪ .‬وبناره يستعلي ويتكبّر ‪ ،‬ستر عن ابصار االنس فاختص لذلك بهذا‬
‫االسم ‪ -‬وهو باطن االنسان في مقابل ظاهره ( االنس )‬

‫‪279‬‬
‫“ ‪“ 280‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫) ‪“ ( 1‬فان الجن يجتمعون مع االنس في الح ّد ‪ ،‬فان الجن حيوان ناطق ‪. . .‬‬
‫“ ( فتوحات ‪. ) 491 / 3‬‬
‫“ فهو من عنصرين ‪ ،‬هواء ونار ‪ ،‬اعني الجان ‪ ،‬كما كان آدم من عنصرين ‪ ،‬ماء‬
‫وتراب عجن به فحدث له [ ‪ -‬الماء ] اسم الطين ‪.‬‬
‫كما حدث المتزاج النار بالهواء اسم المارج ‪ .‬ففتح ‪ - 1‬سبحانه ‪ -‬في ذلك المارج‬
‫صورة الجان ‪.‬‬

‫بما فيه من الهواء ‪ ،‬يتشكل ( الجان ) في اي صورة شاء ‪ ،‬وبما فيه من النار ‪. . .‬‬
‫ّ‬
‫والعزة ‪ . . .‬فان النار ارفع األركان مكانا ‪ . . .‬وهو السبب‬ ‫طلب القهر واالستكبار‬
‫الموجب لكونه استكبر عن السجود آلدم “ ‪ ( . . .‬فتوحات ‪ .‬السفر الثاني ‪ .‬فقرة‬
‫‪. ) 426‬‬
‫َّللا تعالى لما خلق األرواح النورية والنارية اعني المالئكة والجان شرك بينهما‬‫“ ان ّ‬
‫في امر وهو ‪ :‬االستتار عن أعين الناس ‪ . . .‬ولهذا س ّمى الطائفتين من األرواح جنّا ‪:‬‬
‫اي مستورين عنا فال نراهم‪. . .‬‬

‫َّللا تعالى بين المالئكة وبين الشياطين في االستتار سمى الكل جنّة ‪ .‬فقال‬ ‫فلما شرك ّ‬
‫اس ِّمنَ ْال ِّجنَّ ِّة‬ ‫ُور النَّ ِّ‬
‫صد ِّ‬ ‫ْواس ْال َخنَّ ِّ‬
‫اس الَّذِّي يُ َو ْس ِّو ُ‬
‫س فِّي ُ‬ ‫في الشياطين ‪ِّ ”:‬م ْن ش ِّ َّر ْال َوس ِّ‬
‫اس ) ‪ “( 114 / 5‬يعني بالجنة هنا الشياطين ‪ ،‬وقال في المالئكة” َو َجعَلُوا بَ ْينَهُ‬ ‫َوالنَّ ِّ‬
‫سبا ً “( ‪ ) 158 / 37‬يعني المالئكة ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪. “ )3 / 367‬‬ ‫َوبَيْنَ ْال ِّجنَّ ِّة نَ َ‬

‫) ‪ " ( 2‬هذا إذا لم تكن الجن عبارة عن باطن االنسان فكأنه يقول وما خلقت الجن ‪:‬‬
‫وهو ما استتر من االنسان وما بطن منه ‪ ،‬واالنس ‪ :‬وهو ما يبصر منه لظهوره ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ‪. ) 354 / 3‬‬

‫ان الجان أمة منها الطائع والعاصي ‪ ،‬استحق العاصي الكافر اسم الشيطان ‪.‬‬
‫باّلل ‪.‬‬
‫َّللا ‪ -‬والجان أجهل العالم الطبيعي ّ‬
‫اي المبعود من رحمة ّ‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫) ‪“ ( 1‬فمنهم [ الجان ] الطائع والعاصي مثلنا ‪ ،‬ولهم التشكل في الصور كالمالئكة ‪.‬‬
‫( ف السفر الثاني فقرة ‪. “ ) 429‬‬
‫َّللا ‪ ،‬وكان أول من‬
‫“ فمن عصى من الجان كان شيطانا ‪ ،‬اي مبعودا من رحمة ّ‬

‫‪280‬‬
‫“ ‪“ 281‬‬

‫َّللا ‪ ، 2‬اي طرده من رحمته ‪ ،‬وطرد‬ ‫ّ‬


‫الجن ‪ :‬الحارث ‪ ،‬فابلسه ّ‬ ‫س ّمى شيطانا من‬
‫الرحمة عنه ‪ ،‬ومنه تفرعت الشياطين بأجمعها ‪ ،‬فمن آمن منهم ‪ . . .‬التحق بالمؤمنين‬
‫من الجن ‪ ،‬ومن بقي على كفره كان شيطانا ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪ .‬السفر الثاني ‪ .‬فقرة‬
‫‪. ) 443‬‬

‫باّلل ‪ . . .‬ولهذا ما ترى أحدا قط ‪،‬‬ ‫) ‪“ ( 2‬ثم اعلم أن الجان هم اجهل العالم الطبيعي ّ‬
‫باّلل ‪ .‬جملة واحدة ‪ .‬غاية الرجل الذي تعتني به أرواح‬ ‫جالسهم فحصل عنده منهم علم ّ‬
‫الجن ‪ ،‬ان يمنحوه من علم خواص النبات واألحجار ‪ ،‬واألسماء ‪ ( “ 3‬فتوحات ‪.‬‬
‫السفر الرابع فقرة ‪. ) 314‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬استعمل الشيخ ابن العربي صورة تشبيهية هي “ حركة المفتاح عند الفتح‬
‫“ للداللة على فعل الخلق راجع فتح المعنى “ األول “ ( الفتح االيجادي ) ‪.‬‬
‫) ‪( 2‬راجع “ إبليس “‬
‫) ‪( 3‬لقد افرد الشيخ ابن العربي أبحاثا مطولة عن الجان ‪ ،‬تكلم على تناسلهم ونكاحهم‬
‫ونشأتهم راجع الفتوحات ‪ .‬السفر الثاني ‪ .‬الفقرات ‪- 434 - 436 - 439 - 431 :‬‬
‫‪. 440‬‬

‫‪ - 141‬الجنّة ‪1‬‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫راجع “ جن “ ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫‪ - 1‬الجنة ‪ -‬البستان ‪2‬‬
‫ب“ ( ‪. )/ 2 266‬‬‫قال تعالى ‪ ” :‬أ َ يَ َو ُّد أ َ َح ُد ُك ْم أ َ ْن ت َ ُكونَ لَهُ َجنَّةٌ ِّم ْن ن َِّخي ٍل َوأَعْنا ٍ‬
‫‪ - 2‬الجنة ‪ -‬موطن آدم قبل هبوطه إلى األرض ‪.‬‬
‫ت َوزَ ْو ُج َك ْال َجنَّةَ ‪“( 2 / 35 ) .‬‬ ‫قال تعالى ‪َ ” :‬وقُ ْلنا يا آ َد ُم ا ْس ُك ْن أ َ ْن َ‬
‫‪- 3‬الجنة ‪ -‬ثواب اآلخرة وهي محل رضى الحق عن عبده ‪ ،‬رضى خالد ‪ ،‬في مقابل‬
‫النار ( محل الغضب ) ‪.‬‬

‫‪281‬‬
‫“ ‪“ 282‬‬

‫ار َوأ ُ ْد ِّخ َل ْال َجنَّةَ فَقَ ْد فازَ “( ‪.)185 /3‬‬ ‫ع ِّن النَّ ِّ‬ ‫قال تعالى ‪ “ :‬فَ َم ْن ُز ْح ِّز َح َ‬
‫علَ ْي ُك ْم َوال أ َ ْنت ُ ْم ت َ ْحزَ نُونَ “( ‪. ) 49 / 7‬‬
‫ف َ‬ ‫”‪.‬قال تعالى ‪ :‬ا ْد ُخلُوا ْال َجنَّةَ ال خ َْو ٌ‬
‫ورثْت ُ ُموها بِّما ُك ْنت ُ ْم ت َ ْع َملُونَ “( ‪. ) 72 / 43‬‬ ‫قال تعالى ‪َ ” :‬وتِّ ْل َك ْال َجنَّةُ الَّتِّي أ ُ ِّ‬
‫حاب ْال َجنَّ ِّة ُه ْم فِّيها خا ِّلدُونَ ‪“( 7 / 42 ) .‬‬ ‫ص ُ‬ ‫قال تعالى ‪ ” :‬أُولئِّ َك أ َ ْ‬
‫‪ - 4‬اما عدد الجنات وأوصافها ‪ ،‬فهو دخول في صميم النظريات ‪ ،‬اذن ‪ ،‬لن ندخل‬
‫في تفاصيلها ‪ ،‬بل سنترك هذا البحث للشيخ الشيخ ابن العربي ليعدد جنات القرآن كما‬
‫يراها هو ‪ ( .‬سترد الجنات في مصطلحاته ) ‪.‬‬
‫اما اآليات التي تثبت تعدد الجنات ‪:‬‬
‫تان “( ‪. ) 46 / 55‬‬ ‫قام َر ِّبّ ِّه َجنَّ ِّ‬ ‫خاف َم َ‬ ‫َ‬ ‫قال تعالى ‪َ ” :‬و ِّل َم ْن‬
‫ات ‪3‬ت َ ْج ِّري ِّم ْن ت َ ْحتِّ َها ْاأل َ ْن ُ‬
‫هار “ ( ‪. ) 15 / 3‬‬ ‫قال تعالى ‪ِّ ” :‬للَّذِّينَ اتَّقَ ْوا ِّع ْن َد َر ِّبّ ِّه ْم َجنَّ ٌ‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫*اخذ الشيخ ابن العربي الجنة بمفهومها اللغوي اي الستر ‪ . 4‬فالجنة هي النعيم‬
‫المستور المتجدد مع األنفاس ‪ -‬وهي دار الفضل والقربة والجمال الموجود من الكرم‬
‫في مقابل النار أو جهنم [ دار الغضب الموجود من العظمة ‪. ] 5‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ ) ‪( 1‬ومعنى الجنة مأخوذ من االستتار للطفها وروحنتها “ ( شجون المشجون ورقة‬
‫‪ 28‬أ ) ‪.‬‬
‫“ ان في الجنة ما ال عين رأت وال اذن سمعت وال خطر على قلب بشر ‪ ،‬فاعلم أنه ما‬
‫س ّميت الجنة جنة اال لما نذكره ‪ . . .‬فإنه ‪ . . .‬الستر المعبر عنه بالجنة “ ‪ ( .‬فتوحات‬
‫‪. ) 541 - 540 / 3‬‬
‫“ ودخلت [ النفس المرضية ] في جنته [ تعالى ] اي في كنفه وستره “ ( ف ‪/ 2‬‬
‫‪. ) 396‬‬
‫“ اللذة بالجديد الطاريء أعظم في النفس من مالزمة الصحبة ‪ ،‬وفي هذا‬

‫‪282‬‬
‫“ ‪“ 283‬‬

‫اسرار في حدوث نعيم الجنان مع األنفاس ‪ ( “ . . . 6‬ترجمان األشواق ‪ .‬ص ‪45‬‬


‫هامش ‪. ) 2‬‬
‫“ ) ‪( 2‬الجنة وهي دار القربة ومحل الرؤية ‪ ،‬وهي دار الشهوات وعموم اللذات‬
‫“ ( فتوحات ‪. ) 112 / 4‬‬
‫“ دار الفضل التي هي الجنة “ ( شق الجيوب ‪ .‬ورقة ‪. ) 22‬‬
‫“ والجنة دار جمال وأنس وتنزل الهي لطيف “ ( فتوحات ‪. ) 463 / 3‬‬
‫“ ففي اآلخرة منزالن ‪ :‬جنة وجهنم ‪ ،‬وفي الدنيا منزلتان ‪ :‬عذاب ونعيم ‪ ،‬أو ألم‬
‫ولذة ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪. ) 307 / 3‬‬
‫“ والنار موجودة من العظمة ‪ ،‬والجنة موجودة من الكرم “ ( فتوحات ‪. ) 76 / 3‬‬

‫ان الجنة هي الستر ‪ ،‬لذلك كل من له رتبة الستر فهو جنّة ‪ ،‬و “ االنسان “ من حيث‬
‫َّللا من اسمه المتجلي‬
‫هو مجلى السم الهي معين ستر من هذه الحيثية الحق ‪ ،‬فهو جنة ّ‬
‫َّللا عليه‬
‫فيه ‪ .‬أو بكالم آخر “ جنة ربه “ ‪ - 7‬والجنة حضرة الرسول محمد صلى ّ‬
‫وسلم ‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫) ‪َ ” ( 1‬وا ْد ُخ ِّلي َجنَّتِّي “[ ‪ ] 30 / 89‬التي بها ستري ‪ .‬وليست جنتي سواك ‪ 8‬فأنت‬
‫تسترني بذاتك ‪ ،‬فال اعرف اال بك ‪ ،‬كما انك ال تكون اال بي ‪ ،‬فمن عرفك عرفني وانا‬
‫ال اعرف ‪ ،‬فأنت ال تعرف ‪ .‬فإذا دخلت جنته [ جنة ربك ] دخلت نفسك فتعرف نفسك‬
‫‪ ( “ 9‬فصوص ‪. ) 92 / 1‬‬

‫) ‪“ ( 2‬فان الجنة حضرة الرسول عليه السالم ‪ ، 10‬وكثيب الرؤية حضرة الحق ‪. . .‬‬
‫َّللا كذلك تنقلك حضرته التي هي الجنة إلى الكثيب الذي هو‬
‫فكما انه ينقلك الرسول إلى ّ‬
‫حضرة الحق ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪. ) 103 / 1‬‬

‫الجنة حضرة الرسول ‪ :‬يمكن ان يكون مقصود الشيخ ابن العربي من ذلك ان حضرة‬
‫الرسول هو ‪ :‬جنة اي حجاب يستر الحق من وجه ‪ ،‬ويوصل إلى الحق من وجه بما‬
‫يتضمن الحجاب من صفة ايجابية ‪.‬‬

‫الجنة هي الرؤية [ راجع كثيب ] في مقابل النار [ حجاب ]‪.‬‬

‫‪283‬‬
‫“ ‪“ 284‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ ان اآلخرة ذات دارين ‪ :‬رؤية وحجاب “ ( فتوحات ‪. ) 335 / 2‬‬

‫ما هي الجغرافية التي يرسمها الشيخ األكبر للجنات ؟‬


‫وإلى اي مدى يعطي صفة حسيّة لجناته ؟‬
‫يثبت الشيخ ابن العربي النعيم المحسوس إلى جانب النعيم المعنوي ‪ ،‬على عكس ما‬
‫ذهب اليه بعض شراحه من أنه ينفى “ الجنة “ بمفهومها المحسوس ‪ ،‬وما فيها من اكل‬
‫وشرب ونكاح ولباس ‪. 11‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ان الجنة جنتان ‪ :‬جنة محسوسة وجنة معنوية ‪. . .‬‬
‫كما أن العالم عالمان ‪ :‬عالم لطيف وعالم كثيف ‪ .‬وعالم غيب وعالم شهادة ‪.‬‬
‫والنفس الناطقة المخاطبة المكلفة لها نعيم بما تحمله من العلوم والمعارف ‪ . . .‬ونعيم‬
‫بما تحمله من اللذات والشهوات ‪ . . .‬وخلق [ تعالى ] الجنة المعنوية التي هي روح‬
‫هذه الجنة المحسوسة من الفرح اإللهي ‪ ،‬من صفة الكمال واالبتهاج والسرور‪.‬‬
‫فكانت الجنة المحسوسة كالجسم ‪ ،‬والجنة المعقولة كالروح ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 317 / 1‬‬
‫اما جغرافية الجنات فيمكن تلخيصها بالشكل التالي‪:‬‬

‫‪284‬‬
‫“ ‪“ 285‬‬

‫وهكذا كل اسم يرد من األسماء الكثيرة التي يرددها الشيخ ابن العربي ما هي اال‬
‫منازل لجنة االعمال ‪.‬‬
‫ولذلك ال نجد ضرورة في التوسع بها ‪ .‬فهي جغرافية ميتافيزيقية ال تمس مصطلحاتنا‬
‫بشكل مباشر ‪. 23‬‬
‫ولكن ‪ ،‬ال يترك الشيخ ابن العربي جناته في قمة كثرتها فها هو يعود بحسه الموحد إلى‬
‫النظر إليها ‪ :‬عين واحدة كثيرة األحكام ‪.‬‬
‫يقول ‪.‬‬
‫“ ‪ . . .‬فكل جنة ال نشك انها جنة مأوى وجنة عدن وجنة خلد وجنة نعيم وجنة فردوس‬
‫وهي واحدة العين وهذه األحكام لها ‪ ( “ . . . 24‬فتوحات ‪. )241 / 3‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬راجع بخصوص جنة ‪:‬‬
‫‪-‬التفسير العظيم ‪ .‬سهل التستري ص ‪، 9‬‬
‫‪-‬سلوة العارفين وبستان الموحدين الترمذي ص ‪، 129‬‬
‫‪-‬تنبيه الغافلين ‪ .‬السمرقندي ‪ ،‬العنوان “ باب صفة الجنة وأهلها “ ص ص ‪- 22‬‬
‫‪. 25‬‬
‫‪-‬رسالة في علم التصوف ‪ .‬إسماعيل بن سودكين النوري ‪ .‬مخطوط الظاهرية رقم‬
‫‪ 8080‬ورقة ‪ 60‬ب ‪،‬‬
‫“ ) ‪( 2‬والجنة البستان ‪ ،‬وهو ذاك الن الشجرة بورقه يستر “ ( معجم مقاييس اللغة ‪-‬‬
‫مادة ‪ :‬جن ) ‪.‬‬
‫) ‪( 3‬راجع المعجم المفهرس أللفاظ القرآن مادة “ جنات ‪“ .‬‬
‫) ‪( 4‬راجع جنة بمعنى ستر ‪ ،‬عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪ ( 442‬الجنة ‪ -‬نعيم صاف ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪، 507 ، 420 ، 380 ، 250‬‬
‫‪-‬بلغة الغواص ورقة ‪ ( 20‬استعمل الشيخ ابن العربي لفظ وأجنها بمعنى وسترها ) ‪.‬‬
‫‪-‬بلغة الغواص ورقة ‪. 123‬‬
‫‪-‬كما يراجع “ ستر “ في هذا المعجم ‪.‬‬
‫) ‪( 5‬راجع “ جهنم “ كما يراجع الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪ ( 386‬دار الغضب ودار‬
‫الرضى ) ‪.‬‬
‫) ‪( 6‬إشارة إلى الخلق الجديد فليراجع ‪،‬‬
‫) ‪( 7‬راجع “ رب “ ‪ ،‬كما يراجع “ شق الجبوب “ ورقة ‪. 55‬‬
‫) ‪( 8‬عندما تكون الجنة هي ذات االنسان ‪ ،‬يأخذ معنى ‪ :‬دخول الجنة ونعيمها ‪،‬‬
‫السعادة التي يدركها االنسان عندما ينزل إلى اعماق نفسه ويتأمل صورته فتنكشف له‬
‫وحدة الحق والخلق ‪.‬‬
‫وهي ادراك القديم من خالل الحادث ( انظر فصوص ‪. ) 90 / 2‬‬

‫‪285‬‬
‫“ ‪“ 286‬‬
‫) ‪( 9‬لقد اخذ أبو العال الجنة هنا بمعزل عن اضافتها إلى الرب ‪ .‬فنراه يحدد الجنة‬
‫عامة عند الشيخ ابن العربي من خالل هذا النص فقط ( راجع فصوص ‪/ 90 ) . 2‬‬
‫) ‪( 10‬عندما تكون حضرة الرسول هي الجنة ‪ ،‬يأخذ معنى دخول الجنة ونعيمها ‪:‬‬
‫االندراج في الحقيقة المحمدية والسعادة العظمى الحاصلة عن التحقق بالوحدة الذاتية‬
‫معها ‪ ،‬من حيث هي األصل الذي صدرنا عنه ‪ ( .‬راجع “ الحقيقة المحمدية ‪“ ) .‬‬
‫) ‪( 11‬يميل أبو العال عفيفي إلى تأويل كل نصوص الشيخ ابن العربي القائلة بوجود‬
‫جنة محسوسة ‪ ،‬يقول ‪:‬‬
‫“ وإلى الصنفين أشار [ الشيخ ابن العربي ] باهل الجنة وأهل جهنم ‪ :‬إذ األولون‬
‫َّللا ‪ ،‬واآلخرون حاصلون في عين البعد عنه ‪ .‬وليس‬ ‫حاصلون في عين القرب من ّ‬
‫للجنة وال لجهنم معنى عنده اال ذاك [ القرب والبعد ] “ ( فصوص ‪/ 123 - 2‬‬
‫‪. )124‬‬
‫كما يقول ‪:‬‬
‫“ غير اننا يجب ان نتذكر ان اللغة الرمزية التي يصوغ بها المؤلف نظريته في وحدة‬
‫الوجود ال تسمح بوجود جنة حقيقية وال نار حقيقية في دار غير هذه الدنيا ‪ .‬فان النار‬
‫عنده ليس لها معنى اال “ ألم الحجاب “ أو الحال التي ال يدرك فيها االنسان الوحدة‬
‫الوجودية للموجودات ‪ ،‬كما أن الجنة “ ‪ ( . . .‬فصوص ‪. ) 236 / 2‬‬
‫ولذلك نرى عفيفي في كل نص يورده الحاتمي مما يشعر بوجود الدار اآلخرة وجودا‬
‫حقيقيا محسوسا يتعنى في تأويله ‪ ( .‬انظر فصوص ‪. ) 175 / 2‬‬
‫واننا نتساءل ‪ :‬لماذا يرفض أبو العال عفيفي وجود جنة محسوسة ونار محسوسة في‬
‫نظرية الشيخ ابن العربي في وحدة الوجود ؟ وكيف تقبل هذه النظرية نفسها وجود‬
‫عالم “ الثبوت “ ( انظر “ عين ثابتة “ ) بل تفسر على أساسه الخلق والظهور وتعتبره‬
‫فيضا أول أقدس ( راجع ‪ :‬فيض أقدس “ ) ‪ ،‬تتنزل فيه الذات من غيبها المطلق إلى‬
‫عالم الظهور ‪ .‬وترفض “ القيامة “ الحقيقية و “ اآلخرة “ بمنزليها الحقيقيين ‪ :‬الجنة‬
‫والنار ؟‬
‫نحن نميل إلى االتفاق معه بان اآلخرة بمنزليها ليست مرحلة أخيرة ونهائية في عودة‬
‫“ الظهور “ إلى “ البطون “ بل هي مرحلية ‪.‬‬
‫فكما ان الذات في ظهورها تنزلت عوالم حتى تجلت في الصور المحسوسة كذلك في‬
‫عودتها إلى البطون تقطع عوالم حقيقية ‪ ،‬لها الوجود نفسه التي قطعتها في تنزلها‬
‫وتجلها وظهورها ‪.‬‬

‫ولذلك ال نرى ضرورة في تأويل كل ما يقوله الشيخ ابن العربي في الجنة والجنات‬
‫والقيامة والحشر الجسدي ( انظر قيامة ) لما في ذلك من تأويل مئات الصفحات دون‬
‫جدوى بل األولى ان نثبت مع الشيخ ابن العربي جنة محسوسة وجنة معنوية ‪.‬‬
‫ونراه يقول في نشأة االنسان في اآلخرة ‪ “ :‬كذلك نشأة االنسان في اآلخرة ال تشبه نشأة‬
‫الدنيا وان اجتمعت األسماء والصورة الشخصية فان الروحانية على نشأة اآلخرة أغلب‬
‫من الحسية ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪. ) 318 / 1‬‬

‫‪286‬‬
‫“ ‪“ 287‬‬
‫اذن أثبت الحسية في نشأة اآلخرة ‪.‬‬

‫) ‪( 12‬راجع “ جنة اختصاص ‪“ .‬‬


‫) ‪( 13‬راجع “ جنة ميراث ‪“ .‬‬
‫) ‪( 14‬راجع “ جنة اعمال ‪“ .‬‬
‫) ‪( 15‬يقول الشيخ ابن العربي ‪ “ :‬وجعل في كل جنة [ عدن ‪ -‬الفردوس ‪-‬‬
‫الخلد ‪ ] . . .‬مائة درجة بعدد األسماء الحسنى واالسم األعظم المسكوت عنه ‪. . .‬‬
‫“( فتوحات ‪. ) 435 / 3‬‬
‫) ‪( 16‬راجع “ جنة عدن ‪“ .‬‬
‫) ‪( 17‬راجع “ جنة الوسيلة “‬
‫) ‪( 18‬راجع ‪ -‬فتوحات ‪ 3‬ص ‪. 435‬‬
‫‪-‬فتوحات ‪ 4‬ص ‪. 348‬‬
‫) ‪( 19‬يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ وجنة نعيم اي ستر ينعم به وحده “ ( فتوحات ‪. ) 409 / 4‬‬
‫راجع بخصوص “ جنة نعيم “ الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪ . 439 ، 435‬وج ‪ 4‬ص ‪، 348‬‬
‫) ‪( 20‬راجع ‪ -‬فتوحات ج ‪ 3‬ص ‪، 435‬‬
‫‪-‬فتوحات ج ‪ 4‬ص ‪، 428 ، 354 ، 348‬‬
‫) ‪( 21‬راجع الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪، 435‬‬
‫) ‪( 22‬راجع فيما يتعلق بجنة المقامة ‪ - :‬فتوحات ج ‪ 3‬ص ‪. 435‬‬
‫‪-‬فتوحات ج ‪ 4‬ص ‪. 348‬‬

‫) ‪( 23‬راجع رسم صورة جنات االعمال ‪ .‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪، 423‬‬


‫كما يراجع بخصوص هذه الجنات ‪ - :‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪، 435‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪، 241‬‬
‫) ‪( 24‬المعنى نفسه ‪ .‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪. 435‬‬
‫***‬
‫‪ - 142‬جنّة اختصاص ‪1‬‬
‫هي الجنة التي ينالها العبد باختصاص الهي دون عمل يستوجبها ‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ جنة اختصاص ‪ 2‬الهية ‪ ،‬وهي التي يدخلها األطفال الذين لم يبلغوا ح ّد العمل ‪. . .‬‬
‫ومن أهلها المجانين ‪ . . .‬ومن أهلها أهل التوحيد العلمي ومن أهلها‬

‫‪287‬‬
‫“ ‪“ 288‬‬

‫أهل الفترات ومن لم تصل إليهم دعوة رسول ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪. ) 317 / 1‬‬
‫“ وقال [ الوارد ] ال تعتمد اال على جنة االختصاص فإنها مثل التوفيق لألعمال‬
‫الصالحة في هذه الدار ‪ ،‬ال تنال اال بالعناية ال باالكتساب ‪ ( “ 3‬فتوحات ‪/ 4‬‬
‫‪. ) 402‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬ال يقابل جنة االختصاص نار اختصاص ‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ وليس في النار ‪ . . .‬نار اختصاص “ ( فتوحات ‪. ) 440 / 3‬‬
‫) ‪( 2‬كما يراجع الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪، 280‬‬
‫) ‪( 3‬اما نصوص الشيخ ابن العربي المتعلقة بجنة االختصاص ‪.‬‬
‫فليراجع ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪، 435 ، 327 ، 260‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪. 599 ، 441‬‬
‫***‬
‫‪ - 143‬جنّة األعمال ‪1‬‬
‫ان جنة االعمال هي الجنة التي يدخلها العبد باعماله فهي جزاء وفاق ‪ ، 2‬وليست‬
‫َّللا بها عبده ‪ ،‬بل استوجبتها اعماله الحسنة ‪.‬‬ ‫اختصاصا اختص ّ‬
‫وهي منازل [ سبعة ] كل منزل منها مئة درجة ‪. 3‬‬
‫ونظرا لتفاوت االعمال بين العباد تتفاوت جناتهم ‪ ،‬ومن هنا نبعت الكثرة االسمائية‬
‫التي نراها للجنات ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ جنة االعمال ‪ :‬وهي التي ينزل الناس فيها باعمالهم فمن كان أفضل من غيره في‬
‫وجوه التفاضل كان له من الجنة أكثر ‪ . . .‬فما من عمل من االعمال اال وله جنة ‪. . .‬‬
‫محرم ومكروه اال وله جنة‬
‫ّ‬ ‫فما من فريضة وال نافلة وال فعل خير وال ترك‬
‫مخصوصة ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪. ) 318 / 1‬‬

‫“ واعلم أن جنة االعمال مائة درجة ال غير ‪ . . .‬غير أن كل درجة تنقسم إلى‬
‫منازل ‪ . . .‬وأعالها جنة عدن ‪ . . .‬فيها الكثيب الذي يكون اجتماع الناس فيه لرؤية‬
‫الحق تعالى ‪ ،‬وهي أعلى جنة في الجنات بمنزلة دار الملك ‪ ،‬يدور عليها ثمانية أسوار‬
‫بين كل سورين جنة ‪ ( “ . . . 4‬فتوحات ‪. ) 319 / 1‬‬

‫‪288‬‬
‫“ ‪“ 289‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬جنة االعمال يقابلها نار االعمال ‪ .‬يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ وليس في النار نار ميراث وال نار اختصاص وانما ثم نار اعمال “ ( فتوحات ‪/ 3‬‬
‫‪. ) 440‬‬
‫كما يراجع بخصوص الشيخ ابن العربي فيما يتعلق بجنة االعمال ‪:‬‬
‫‪-‬فتوحات ‪ 2‬ص ‪، 599 ، 441‬‬
‫‪-‬فتوحات ‪ 3‬ص ‪، 327‬‬
‫‪-‬فتوحات ‪ 4‬ص ‪، 402‬‬
‫) ‪( 2‬راجع “ منة ‪“ .‬‬
‫) ‪( 3‬راجع “ جنة “ المعنى “ الثالث “‬
‫) ‪( 4‬انظر الرسم ‪ .‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪. 423‬‬

‫‪ - 144‬جنّة عدن‬
‫َّللا بيده ‪ ،‬وغرس فيها شجرة طوبى‬
‫هي أعلى جنات االعمال مكانا ومكانة ‪ ،‬خلقها ّ‬
‫بيده ‪ - 1‬وهي للخواص ال يدخلها العامة ‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ وأعالها [ الجنات ] جنة عدن وهي قصبة الجنة فيها الكثيب ‪ . . .‬وهي أعلى جنة في‬
‫الجنات “ ( فتوحات ‪. ) 319 / 1‬‬
‫َّللا خلقها بيده وجعلها له كالقلعة للملك ‪ ،‬وجعل فيها الكثيب األبيض‬
‫“ جنة عدن فان ّ‬
‫من المسك ‪ . . .‬شجرة طوبى فان الحق تعالى غرسها بيده في جنة عدن ‪ ،‬وأطالها‬
‫حتى علت فروعها سور جنة عدن وتدلت مطلة على سائر الجنات كلها ‪ ( “ . . .‬ف ‪3‬‬
‫‪. ) 434 /‬‬
‫“ وجنة عدن هي قصبة الجنة وقلعتها وحضرة الملك وخواصه ال تدخلها العامة اال‬
‫بحكم الزيارة “ ( فتوحات ‪. ) 442 / 3‬‬
‫َّللا بيديه ‪.‬‬
‫) ‪( 1‬قارنها مع االنسان الذي خلقه ّ‬

‫‪289‬‬
‫“ ‪“ 290‬‬
‫***‬
‫‪ - 145‬جنّة ميراث ‪1‬‬
‫قال صلّى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ . . . “ :‬وان الرجل ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه‬
‫وبينها االذراع ‪ ،‬فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخل الجنة ‪ .‬وان الرجل‬
‫ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها اال ذراع ‪ ،‬فيسبق عليه الكتاب فيعمل‬
‫بعمل أهل النار فيدخل النار “ ( عوارف المعارف ‪ .‬ص ‪. ) 443‬‬

‫ان كل عمل من فرض ونافلة يستحق جنة ‪ .‬ولكن إذا كان عامله من أهل النار ‪ ،‬كما‬
‫أشار اليه الحديث المتقدم ‪ ،‬ال يترك الشيخ ابن العربي الفعل دون ثواب ‪ ،‬بل يجعل‬
‫اعمال الشقي إرثا يرثه المؤمن الذي ال افعال حسنة لديه ‪ .‬فالمؤمن هنا يدخل جنة‬
‫ميراث ورثها من الشقي ‪. 2‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ جنة ميراث ينالها كل من دخل الجنة ممن ذكرنا [ في جنة االختصاص ] ومن‬
‫المؤمنين ‪ ،‬وهي األماكن التي كانت معينة ألهل النار لو دخلوها ‪ ( “ . 3‬فتوحات ‪/ 1‬‬
‫‪. ) 318‬‬
‫“ كما نلنا بالميراث جنات أهل النار الذين هم أهلها “ ( فتوحات ‪. ) 434 / 3‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬جنة الميراث ال يقابلها نار ميراث ‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ وليس في النار نار ميراث “ ( فتوحات ‪. ) 440 / 3‬‬
‫) ‪( 2‬يراجع فيما يتعلق بجنة الميراث عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪، 599 ، 441‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪، 327‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪، 402‬‬
‫) ‪( 3‬راجع “ جنة اختصاص ‪“ .‬‬

‫‪290‬‬
‫“ ‪“ 291‬‬
‫‪ - 146‬جنة الكثيب ‪1‬‬
‫المترادفات ‪ :‬كثيب الرؤية ‪ - 2‬الكثيب األبيض ‪ - 3‬موطن الكثيب ‪.‬‬

‫الكثيب اسم مكان في جنة عدن ‪ ،‬يتجلى فيه الحق ويدعو جميع الخلق ‪ ،‬من السعداء‬
‫الذين نزلوا في أماكنهم من الجنات ‪ ،‬إلى رؤيته ‪ -‬وهو منزل الحق ال ينزل به الخلق‬
‫بل ينزلون في جناتهم ‪،‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫) ‪“ ( 1‬الكثيب هو مسك ابيض في جنة عدن ‪ . . .‬وجعل [ الحق ] في هذا الكثيب‬
‫واسرة وكراسي ومراتب الن أهل الكثيب اربع طوائف ‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫منابر‬
‫مؤمنون ‪ ،‬وأولياء ‪ ،‬وأنبياء ‪ ،‬ورسل ‪.‬‬
‫وكل صنف ممن ذكرنا اشخاصه يفضل بعضهم بعضا ‪ . . .‬وان اشتركوا في‬
‫الدار ‪ . . .‬فدخل فيه جميع بني آدم دنيا وآخرة ‪ ،‬فإذا اخذ الناس منازلهم في الجنة‬
‫استدعاهم الحق إلى رؤيته فيسارعون ‪ . . .‬ويجتمعون في الكثيب وكل شخص يعرف‬
‫مرتبته علما ضروريا يجري إليها ‪ . . .‬كما يجري ‪ . . .‬الحديد إلى المغناطيس ‪. . .‬‬
‫يرى في منزلته انه قد بلغ منتهى امله وقصده ‪ ،‬فهو يتعشق بما هو فيه من النعيم تعشقا‬
‫طبيعيا ذاتيا ‪“ . 4‬‬
‫) ‪“ ( 2‬لكون المنازل [ منازل الجنات ] لهم [ للخلق ] ‪ ،‬ومنزل الكثيب له [ للحق ]‬
‫“ ( فتوحات ‪. ) 44 / 4‬‬
‫“ موطن الكثيب خارج الجنة ‪ ( “ 5‬رسالة األنوار ط ‪ .‬حيدرآباد ص ‪. ) 3‬‬

‫كثيب الرؤية هو حضرة الحق ‪.‬‬


‫ويمكن ان نعطي هذه العبارة معنيين الن نصوص الشيخ ابن العربي لم تشرحها ‪:‬‬
‫) ‪( 1‬أطلق الشيخ ابن العربي اسم الكثيب على الحق من باب اطالق اسم المكان على‬
‫صاحبه كما نقول على التجوز ‪ ،‬في معروف مرموق سكن أو يسكن مدينة انها هو ‪.‬‬

‫) ‪( 2‬ان دخول الكثيب في اآلخرة هو اندراج في غيب الحق ‪.‬‬


‫انها عودة إلى‬

‫‪291‬‬
‫“ ‪“ 292‬‬
‫البطون كما يتجلى الحق بنفسه لنفسه في صور أعيان الممكنات في ظهوره راجع‬
‫“ عين ثابته “‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ وكثيب الرؤية حضرة الحق “ ( فتوحات ‪. ) 103 / 1‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬انظر رسم الكثيب فتوحات ‪ 3‬ص ‪، 428‬‬
‫كما يراجع بشأن كثيب عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬فتوحات ‪ 3‬ص ‪ 434‬وص ‪. 442‬‬
‫‪-‬ترجمان األشواق ص ‪ ، 110‬وص ‪ ( 117‬النقا ‪ -‬الكثيب ) ‪،‬‬
‫) ‪( 2‬يسمى كثيب الرؤية ألنه مكان تجلى الحق لخلقه ليروه ‪.‬‬
‫) ‪( 3‬يسمى الكثيب األبيض ألنه من المسك األبيض ‪.‬‬
‫) ‪( 4‬راجع بقية النص في الفتوحات حيث يشرح الشيخ ابن العربي ‪ ،‬الرؤية األولى‬
‫والرؤية الثانية والنتائج العلمية لرؤية الحق ‪. . .‬‬
‫) ‪( 5‬راجع شرح الجيلي لرسالة األنوار ‪ “ :‬االسفار “ ص ‪. 59‬‬
‫حيث يقول عن الكثيب ‪ “ :‬وهو ت ّل من مسك ابيض تكون الخالئق عليه عند رؤية‬
‫الحق سبحانه وتعالى وهو ( خارج الجنة ) ألنه في جنة عدن وهي خارجة عن الجنات‬
‫ألنها قصبة الجنات وقلعتها وحضرة الملك وخواصها ال يدخلها العامة اال بحكم‬
‫الزيارة ‪“ .‬‬
‫ولكن في قول الجيلي ‪ :‬ان جنة عدن خارجة عن الجنات ‪.‬‬
‫نوع من تناقض لفظي على األقل ‪.‬‬
‫فكيف تكون جنة خارجة عن الجنات ؟‬
‫واألفضل ان نفهم جملة الشيخ ابن العربي كالتالي ‪:‬‬
‫ان الكثيب خارج الجنة بمعنى انه ليس منزال من منازل الجنة ينزل فيه الخلق ‪ ،‬فهو‬
‫بذلك خارجها اي انه ليس من منازلها وان كان موقعه في جنة عدن ‪.‬‬
‫***‬
‫‪ - 147‬جنّة الوسيلة ‪1‬‬
‫َّللا عليه وسلم في الجنان وتتميز بأنها‬ ‫جنة الوسيلة وهي ‪ :‬منزلة الرسول محمد صلّى ّ‬
‫أعلى درجة في جنة عدن ‪ ،‬التي هي بدورها أعلى جنات االعمال‬
‫‪ - 2‬ولها شعبة في كل جنة من الجنات ‪ ،‬من تلك الشعبة يظهر صلّى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم‬
‫ألهل تلك الجنة ‪.‬‬

‫‪292‬‬
‫“ ‪“ 293‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫َّللا صلّى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم‬ ‫“ واما الوسيلة فهي أعلى درجة في جنة عدن وهي لرسول ّ‬
‫َّللا ‪،‬‬
‫حصلت له بدعاء أمته ‪ ،‬فعل ذلك الحق سبحانه ‪ . . .‬فإننا بسببه نلنا السعادة من ّ‬
‫َّللا بنا األمم كما ختم به النبيين ‪. .‬‬
‫وبه كنا خير أمة أخرجت للناس ‪ ،‬وبه ختم ّ‬
‫“ ( فتوحات ‪) 319 / 1‬‬
‫َّللا عليه وسلم في الجنان ‪ :‬الوسيلة ‪ ،‬التي تتفرع جميع الجنات منها‬ ‫“ ومنزلته صلّى ّ‬
‫وهي في جنة عدن دار المقامة ‪ ،‬ولها شعبة في كل جنة من تلك الجنات ‪ ،‬من تلك‬
‫َّللا عليه وسلم ألهل تلك الجنة ‪. . .‬وهذه منازل كلها حسية ال‬ ‫الشعبة ‪ ،‬يظهر صلّى ّ‬
‫معنوية ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪. ) 142 / 3‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬انظر الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪. 435‬‬
‫) ‪( 2‬راجع “ جنة عدن “ ‪.‬‬
‫***‬
‫‪ - 148‬جنس األجناس‬
‫مرادف ‪ :‬الجنس االع ّم‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الجيم والنون والسين أصل واحد وهو الضرب من الشيء ‪.‬‬
‫قال الخليل ‪ :‬كل ضرب جنس ‪ ،‬وهو من الناس والطير واألشياء جملة ‪. . .‬‬
‫قال ابن دريد ‪ :‬وكان األصمعي يدفع قول العامة ‪ :‬هذا مجانس لهذا ‪.‬‬
‫ويقول ‪ :‬ليس بعربي صحيح ‪.‬‬
‫وأنا أقول ‪ :‬إن هذا غلط على األصمعي ‪ ،‬ألنه الذي وضع كتاب األجناس ‪ ،‬وهو أول‬
‫من جاء بهذا اللقب في اللغة “ ( معجم مقاييس اللغة مادة “ جنس “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫غير قرآنية‬

‫‪293‬‬
‫“ ‪“ 294‬‬
‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫جنس األجناس هو اسم آخر لحقيقة الحقائق ‪ ،‬من حيث إن الحقيقة هنا مأخوذة من نسبة‬
‫كونها جنسا ‪.‬‬
‫يقول ‪ . . . “ :‬وهذا الشيء الثالث هو هذه الحقائق كلها بكمالها ‪ ،‬فسمه ان شئت حقيقة‬
‫الحقائق أو الهيولى أو المادة األولى أو جنس األجناس “ ( انشاء الدوائر ص ‪. ) 19‬‬

‫“ ‪ . . .‬ومن هذه الحضرة ظهر جنس األجناس وهو المعلوم ثم المذكور ثم الشيء ‪،‬‬
‫فجنس األجناس هو الجنس األعم الذي لم يخرج عنه معلوم أصال ‪ ،‬ال خلق وال حق‬
‫وال ممكن وال واجب وال محال ‪ ،‬ثم انقسم الجنس األعم إلى أنواع “ ‪ ( . . .‬الفتوحات‬
‫‪) 306 / 4‬‬
‫راجع “ حقيقة الحقائق "‪.‬‬
‫***‬
‫‪ - 149‬األجناس العالية‬
‫مرادف ‪ :‬الحقائق األول‬
‫األجناس العالية هي األجناس التي يحويها جنس األجناس ‪ ،‬اي الحقائق األول العالية‬
‫التي تحويها حقيقة الحقائق الجامعة لكل الحقائق ‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬وس ّم الحقائق التي يتضمنها هذا الشيء الثالث [ حقيقة الحقائق ] الحقائق األول‬
‫أو األجناس العالية ‪ ( “ . . .‬انشاء الدوائر ص ‪. ) 19‬‬
‫انظر ‪ “ :‬حقيقة الحقائق “ “ الحقائق األول “ “ جنس األجناس “ ‪.‬‬
‫***‬
‫‪ - 150‬المجاهدة‬
‫انظر “ الطريق “‬

‫‪294‬‬
‫“ ‪“ 295‬‬
‫***‬
‫‪ - 151‬جهنّم ‪1‬‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ جهنّام ‪ . . . :‬وركية جهنام مثلثة الجيم وجهنم ‪ . . .‬بعيدة القعر وبه سميت‬
‫جهنّم ‪ ( “ . . .‬المحيط الفيروزآبادي ‪ .‬مادة جهنام ) ‪.‬في القرآن ‪:‬‬
‫ْس فِّي َج َهنَّ َم َمثْو ً‬
‫ى‬ ‫لم تتعد في ورودها القرآني معنى دار العقاب في اآلخرة ‪ ”.‬أ َ لَي َ‬
‫ِّل ْلكافِّ ِّرينَ “[ ‪ ”. ] 68 / 29‬يَ ْو َم يُ َدعُّونَ ِّإلى ِّ‬
‫نار َج َهنَّ َم َدعًّا “[ ‪. ] 13 / 52‬‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫*يحاول الشيخ ابن العربي ان يبحث الجذور اللغوية العربية لكلمة جهنم ‪ .‬وسبب‬
‫تسميتها ‪ :‬فيرى انها إشارة إلى البعد ( بئر جهنام ‪ -‬بعيدة القعر ) ولكنه ال يستطرد في‬
‫اشارته تلك بل نراه يبحث عن سبب آخر للتسمية في صفاتها ‪:‬‬
‫كراهة منظرها ( لجهامتها سميت جهنم ) ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫َّللا ] نجزيه جهنم اي نرده إلى أصله وهو ‪:‬‬
‫) ‪“ ( 1‬فذلك [ من يقل اني اله من دون ّ‬
‫البعد ‪ ، 1‬يقال بئر جهنام إذا كانت بعيدة القعر ‪ . . .‬ويكون جزاؤه [ جزاء القائل ]‬
‫على هذا القول [ قول ‪ :‬اني اله ] ‪ :‬جهنم ‪ ،‬اي بعده في نفسه عما يقول به على لسانه‬
‫وهو خير جزاء ‪ ( . “ . . .‬فتوحات ‪. ) 136 / 4‬‬

‫) ‪“ ( 2‬ان جهنم اسم لحرورها وزمهريرها ‪ .‬ولجهامتها سميت جهنم ‪ ،‬ألنها كريهة‬
‫َّللا ‪.‬‬
‫المنظر ‪ ،‬والجهام ( هو ) السحاب الذي قد هرق ماءه ‪ .‬والغيث ( هو ) رحمة ّ‬
‫َّللا الغيث من السحاب بانزاله ‪ ،‬اطلق عليه اسم الجهام ‪ ،‬لزوال الرحمة ‪-‬‬
‫فلما أزال ّ‬
‫الذي هو الغيث ‪ -‬منه ‪.‬‬
‫َّللا من جهنم فكانت كريهة المنظر والمخبر ‪.‬‬
‫كذلك الرحمة ‪ :‬أزالها ّ‬
‫وسميت أيضا جهنم لبعد قعرها ‪،‬‬

‫‪295‬‬
‫“ ‪“ 296‬‬
‫يقال ‪ :‬ركية جهنام ‪ ،‬إذا كانت بعيدة القعر ‪ ( “ . . .‬ف السفر الثاني فقرة ‪. ) 445‬‬

‫جهنم هي أحد أبواب النار السبعة ‪ ، 2‬يدخلها االنسان بنفسه الحيوانية ‪ -‬كما يستعملها‬
‫الشيخ ابن العربي أحيانا مرادفه للنار في مقابل الجنة ‪. 3‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ ) ‪( 1‬واما أسماء أبوابها [ النار ] السبعة ‪ :‬فباب جهنم ‪ ،‬باب الجحيم ‪ ،‬باب السعير ‪،‬‬
‫باب سقر ‪ ،‬باب لظى ‪ ،‬وباب الحطمة ‪ ،‬وباب سجين ‪ ،‬والباب المغلق وهو الثامن الذي‬
‫ال يفتح فهو الحجاب ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪. ) 441 / 3‬‬

‫“ تحريم الجنة على من قتل نفسه ‪ .‬وان كان قاتل نفسه ال يدخل جهنم اال بنفسه‬
‫الحيوانية الن جهنم ليست موطنا للنفس الناطقة ولو أشرفت عليها اطفى لهيبها بال‬
‫شك ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 360 / 3‬‬

‫“ ) ‪( 2‬ففي اآلخرة منزالن ‪ :‬جنة وجهنم ‪ .‬وفي الدنيا منزلتان ‪ ،‬عذاب ونعيم ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ‪. ) 370 / 3‬‬

‫جهنم االنسان هي طبيعته ‪ ،‬ولكن الشيخ ابن العربي هنا يستعملها صورة وتشبيها‬
‫معنويا فقد استعار صورة اآلخرة ‪ -‬بصراطها فوق جهنم ‪ -‬ليصور ‪ :‬اجتيازنا في‬
‫الحياة الدنيا على صراط الشرع فوق طبيعتنا ( ‪ -‬جهنم ) ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫َّللا عليه اقدامك حتى أوصلك إلى‬
‫“ واعلم أن الصراط الذي إذا سلكت عليه ‪ ،‬وثبّت ّ‬
‫الجنة هو صراط الهدى ‪ ،‬الذي انشأته لنفسك في دار الدنيا من األعمال الصالحة‬
‫الظاهرة والباطنة ‪ ،‬فهو في هذه الدار بحكم المعنى ال يشاهد له صورة حسية ‪ ،‬فيم ّد لك‬
‫يوم القيامة جسرا محسوسا ‪ 4‬على متن جهنم ‪ ،‬أوله في الموقف وآخره على باب الجنة‬
‫‪ ،‬تعرف عندما تشاهده انه صنعتك وبناؤك ‪ ،‬وتعلم أنه قد كان في الدنيا ممدودا جسرا‬
‫على متن جهنم طبيعتك ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 32 / 3‬‬

‫“ من جهنم طبيعته [ االنسان ] عصمته شريعته ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪. ) 372 / 4‬‬


‫“ فمن لم يرد ان يكون عبدا لي كما هو في نفس االمر ‪ ،‬فإنه سيكون عبدا لطبيعته التي‬
‫هي جهنم ويذل تحت سلطانها “ ( فتوحات ‪.) 20 / 4‬‬

‫‪296‬‬
‫“ ‪“ 297‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫)‪(1‬‬
‫) ‪( 1‬انظر الفصوص ج ‪ 1‬ص ‪ ( 108‬جهنم ‪ -‬البعد ) ‪.‬‬
‫) ‪( 2‬راجع الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪ 368‬والسفر الثاني فقرة ‪. 445‬‬
‫) ‪( 3‬يستعمل الشيخ ابن العربي عادة المتقابالت اآلتية ‪ :‬جنة نار ‪ -‬نعيم جحيم ‪.‬‬
‫( راجعها في أماكنها ) ‪.‬‬
‫) ‪( 4‬ان صفة “ محسوس “ هنا تثبت ان جهنم في اآلخرة بعد القيامة لها صفة حسية‬
‫‪ ،‬وليست عبارة عن البعد بما يحوي من صفات معنوية فقط بل هي عذاب محسوس ‪.‬‬
‫***‬
‫‪ - 152‬جوهر الجواهر‬
‫هو “ حقيقة الحقائق “‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ االمام المبين هو الصادق الذي ال يمين ‪ . . .‬النور الباهر وجوهر الجواهر ‪. . .‬‬
‫المحصي لما علم وجهل وفصل وأجمل ‪ ،‬لكل صورة فيه عين وله في كل صورة كون‬
‫‪ ،‬يمد ويستمد ‪ ،‬ويعد له ويعد ‪ ،‬منه ظهرنا ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 327 / 4‬‬
‫انظر “ حقيقة الحقائق"‪.‬‬
‫***‬
‫‪ - 153‬جوهر الهيولى‬
‫جوهر الهيولى هو الهباء ‪.‬‬
‫يقول ‪ “ :‬والدائرة التي في جوف هذه الدائرة العظمى هي جوهر الهيولى وهو الهباء‬
‫“ ( ف ‪. ) 420 / 3‬‬
‫انظر “ هباء “‬

‫‪297‬‬
“ 298 “

298
‫“ ‪“ 299‬‬
‫حرف الحاء‬
‫ح‬

‫‪299‬‬
“ 300 “

300
‫“ ‪“ 301‬‬
‫الحب‬
‫ّ‬ ‫‪– 154‬‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الحاء والباء أصول ثالثة ‪ ،‬أحدها اللزوم والثبات ‪ ،‬واآلخر الحبّة من الشيء ذي‬
‫الحبّ ‪ ،‬والثالث وصف القصر ‪ . . .‬واما اللزوم فالحب والمحبة ‪ ،‬اشتقاقه من أحبه إذا‬
‫لزمه ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة ‪ .‬مادة “ حب “ ) ‪.‬‬
‫“ وعبارات الناس عن المحبة كثيرة وتكلموا في أصلها في اللغة ‪،‬‬
‫فبعضهم قال ‪ :‬الحب اسم لصفاء المودة ‪ ،‬الن العرب تقول لصفاء بياض األسنان‬
‫ونضارتها ‪ :‬حبب األسنان ‪. . .‬‬
‫وقيل ‪ :‬انه مشتق من حباب الماء ( بفتح الحاء ) وهو معظمه ‪،‬‬
‫وقيل ‪ :‬هو مأخوذ من الحب ‪ ،‬والحب جمع حبة ‪ .‬وحبة القلب ما به قوامه فسمى الحب‬
‫حبا باسم محله ‪ ( “ . . .‬الرسالة القشيرية ‪ .‬ص ‪. 1 ) 144‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫َّللا محبة خاصة ال تكون اال لمرتبة األلوهية ‪ ،‬فلم يشر‬ ‫لقد أثبت القرآن حب االنسان ّ‬
‫َّللا ‪”.‬‬
‫التنزيل العزيز إلى سبب آخر ‪ -‬غير مرتبة األلوهية ‪ -‬يدعو الناس إلى حب ّ‬
‫َّللا أ َ ْندادا ً يُ ِّحبُّونَ ُه ْم َك ُحبّ ِّ َّ ِّ‬
‫َّللا ] ‪“[ 2 / 165‬‬ ‫اس َم ْن يَت َّ ِّخذُ ِّم ْن د ِّ‬
‫ُون َّ ِّ‬ ‫قال تعالى ‪َ :‬و ِّمنَ النَّ ِّ‬
‫َّللا االنسان فهو اما ‪:‬‬ ‫اما حب ّ‬
‫( أ ) دون اإلشارة إلى سبب استحق به العبد هذه المحبة‬
‫( ب ) استحقها العبد لصفة فيه‬
‫( ج ) نالها التباعه الرسول ‪.‬‬

‫علَى ْال ُمؤْ ِّمنِّينَ ‪“[ 5 /‬‬ ‫ف يَأْتِّي َّ‬


‫َّللاُ بِّقَ ْو ٍم يُ ِّحبُّ ُه ْم َويُ ِّحبُّونَهُ أَذِّلَّ ٍة َ‬ ‫س ْو َ‬ ‫( أ ) قال تعالى ‪ ”:‬فَ َ‬
‫‪54 ] .‬‬
‫اما صفات العبد التي استوجبت الحب اإللهي فهي ثمان ‪: 2‬‬
‫َّللا يُ ِّحبُّ ْال ُم ْح ِّسنِّينَ “[ ‪.] 195 / 2‬‬ ‫قال تعالى ‪َ ”:‬وأ َ ْح ِّسنُوا ِّإ َّن َّ َ‬
‫قال تعالى ‪ ”:‬يُ ِّحبُّ الت َّ َّوا ِّبينَ “[ ‪. ] 222 / 2‬‬
‫ط ِّ ّه ِّرينَ ] ‪“[ 2 / 222‬‬ ‫قال تعالى ‪َ ”:‬ويُ ِّحبُّ ْال ُمت َ َ‬

‫‪301‬‬
‫“ ‪“ 302‬‬

‫و قال تعالى ‪ ”:‬يُ ِّحبُّ ْال ُمت َّ ِّقينَ “ *[ ‪. ] 7 / 9 ، 4 / 9 ، 76 / 3‬‬


‫صا ِّب ِّرينَ “[ ‪.] 146 / 3‬‬ ‫قال تعالى ‪ ”:‬يُ ِّحبُّ ال َّ‬
‫قال تعالى ‪ :‬و” يُ ِّحبُّ ْال ُمت َ َو ِّ ّك ِّلينَ ‪“[ 3 / 159 ].‬‬
‫قال تعالى ‪ :‬و” يُ ِّحبُّ ْال ُم ْق ِّس ِّطينَ “ *[ ‪.”] 9 / 49 ، 42 / 5‬‬
‫ط ِّ ّه ِّرينَ “[ ‪. ] 108 / 9‬‬ ‫قال تعالى ‪ :‬يُ ِّحبُّ ْال ُم َّ‬
‫صفًّا ] ‪“[ 61 / 4‬‬ ‫قال تعالى ‪ ”:‬يُ ِّحبُّ الَّذِّينَ يُقاتِّلُونَ فِّي َ‬
‫س ِّبي ِّل ِّه َ‬
‫( ج ) قال تعالى ‪ ”:‬قُ ْل ِّإ ْن ُك ْنت ُ ْم ت ُ ِّحبُّونَ َّ َ‬
‫َّللا فَات َّ ِّبعُو ِّني يُ ْح ِّب ْب ُك ُم َّ‬
‫َّللاُ “[ ‪. ] 30 / 3‬‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫*الحب تعلق خاص ‪ 3‬من تعلقات اإلرادة ال يكون اال بمعدوم ‪ ،‬ينتقل المحب بهذا‬
‫التعلق إلى صفة المحبوب ‪ - 4‬وهو سار في جميع المقامات واألحوال ألنه كان في‬
‫األصل ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫( أ ) “ الحب تعلق خاص من تعلقات اإلرادة ‪ ، 5‬فال تتعلق المحبة اال بمعدوم غير‬
‫موجود في حين التعلق ‪ . . .‬وان المحبوب على الحقيقة انما هو معدوم ‪. . .‬‬
‫وما أحسن ما جاء في القرآن قوله” يُ ِّحبُّ ُه ْم َويُ ِّحبُّونَهُ ] ‪ “[ 5 / 54‬بضمير الغائب‬
‫والفعل المستقبل ‪ ،‬فما أضاف متعلق الحب اال لغائب ومعدوم وكل غائب فهو معدوم‬
‫إضافي ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪. ) 327 / 2‬‬

‫“ فالمحب الصادق من انتقل إلى صفة المحبوب ‪ 6‬ال من انزل المحبوب إلى صفته ‪7‬‬
‫“ ( ف ‪. ) 596 / 2‬‬
‫َّللا اال عن الحب ‪ ، 8‬فالحب يستصحب جميع‬ ‫( ب ) “ ‪ . . .‬لكون العالم ما أوجده ّ‬
‫المقامات واألحوال ‪ ،‬فهو سار في األمور كلها ‪ ( . . . “ 9‬فتوحات ‪. ) 104 / 4‬‬
‫****‬
‫يوحد الهوى والحب والود‬ ‫ان الشيخ ابن العربي بما يتحلى به من طاقة توحيدية نراه ّ‬
‫والعشق ‪ 10‬في عاطفة لها طبيعة واحدة ‪ ،‬تختلف بالصفات فتتغير عليها األسماء ‪.‬‬
‫ولنترك تعابيره تحدد مراده ‪ ،‬يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬الهوى ‪ 11‬ويقال على نوعين ‪. . .‬‬
‫الواحد ‪ :‬سقوطه في القلب وهو ظهوره من الغيب إلى الشهادة في القلب ‪ ،‬يقال هوى‬
‫النجم إذا سقط‪. . .‬‬

‫‪302‬‬
‫“ ‪“ 303‬‬

‫والفعل منه هوى يهوى ‪ . . .‬واالسم منه هوى وهو الهوى ‪ ،‬وهذا االسم هو الفعل‬
‫ى الذي هو السقوط ‪. . .‬‬ ‫الماضي من الهو ّ‬
‫واما الهوى الثاني ‪ :‬فال يكون اال مع وجود حكم الشريعة‬
‫ق َوال تَتَّبِّ ِّع ْال َهوى “[ ‪] 26 / 38‬‬ ‫اس بِّ ْال َح ّ ِّ‬
‫اح ُك ْم بَيْنَ النَّ ِّ‬
‫وهو قوله لداود ‪ ”:‬فَ ْ‬
‫يعني ‪ :‬ال تتبع محابّك ‪ . . .‬فالهوى هنا محاب االنسان ‪. . . 12‬‬
‫َّللا دون سائر السبل ‪ ،‬فإذا‬ ‫واما الحب ‪ 13‬فهو ان يتخلص هذا الهوى في تعلقه بسبيل ّ‬
‫تخلص له وصفا من كدورات الشركاء من السبل س ّمى حبّا لصفائه وخلوصه ‪. . . 14‬‬
‫وكذلك الحب في المخلوقين ‪ ،‬إذا تعلّق بجناب الحق سبحانه وتخلّص له من عالقته‬
‫باألنداد ‪ . . .‬سمى ذلك حبا ‪ ،‬بل قال فيه تعالى ”‪َ :‬والَّذِّينَ آ َمنُوا أ َ َ‬
‫ش ُّد ُحبًّا ِّ َّ ِّ‬
‫ّلل“ [ ‪2 /‬‬
‫‪. . . ]165‬‬
‫واما العشق ‪ ،‬فهو افراط المحبة أو المحبة المفرطة ‪ . . .‬فإذا ع ّم [ الحب ] االنسان‬
‫بجملته ‪ ،‬وأعماه عن كل شيء سوى محبوبه ‪ ،‬وسرت تلك الحقيقة في جميع اجزاء‬
‫بدنه وقواه وروحه ‪ ،‬وجرت فيه مجرى الدم في عروقه ولحمه ‪ ،‬وغمرت جميع‬
‫مفاصله ‪ ،‬فاتصلت بوجوده ‪ ،‬وعانقت جميع اجزائه جسما وروحا ‪ ،‬ولم يبق فيه متسع‬
‫لغيره ‪ . . .‬حينئذ يسمى ذلك الحب عشقا ‪. . . 15‬‬

‫واما الود ‪ 16‬فهو ثبات الحب أو العشق أو الهوى ‪ ،‬أية حالة كانت من أحوال هذه‬
‫الصفة ‪ ،‬فإذا ثبت صاحبها الموصوف بها عليها ‪ ،‬ولم يغيّره شيء عنها ‪ ،‬وال أزاله‬
‫عن حكمها ‪ . . .‬سمي لذلك ودا ‪،‬‬
‫من ُودًّا “[ ‪ ] 96 / 19‬أي ثباتا في المحبة عند‬ ‫سيَ ْجعَ ُل لَ ُه ُم َّ‬
‫الر ْح ُ‬ ‫وهو قوله تعالى ”‪َ :‬‬
‫َّللا ‪ . . .‬وللحب أحوال كثيرة جدا ‪. . .‬‬ ‫ّ‬
‫مثل ‪ :‬الشوق والغرام والهيام والكلف والبكاء والحزن والكبد والذبول واالنكسار‬
‫وأمثال ذلك ‪ ( “ . . . 17‬فتوحات ‪ / 2‬ص ص ‪) 337 - 335‬‬
‫“ ان الحب مقام الهي فإنه [ تعالى ] وصف به نفسه وتسمى بالودود ‪ . . .‬ولهذا المقام‬
‫أربعة ألقاب ‪ : . . .‬الحب ‪ . . .‬الود ‪ . . .‬العشق ‪ . . .‬مشتق من العشقة ‪. . . 18‬‬
‫الهوى ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪. ) 323 / 2‬‬
‫وهكذا يظهر ان المحبة عاطفة واحدة أو حقيقة واحدة العين ‪ ،‬تتطور وتتصعد ‪ ،‬وفي‬
‫كل مرحلة من مراحل تصعّدها تتخذ اسما ‪ :‬الحب ‪ .‬الهوى ‪.‬‬
‫العشق ‪ .‬الود ‪ .‬الغرام ‪ .‬الهيام ‪. . .‬‬
‫***‬

‫‪303‬‬
‫“ ‪“ 304‬‬

‫*لقد بحث الشيخ ابن العربي الحب كتعبير انساني )‪ (Expresion Humsine‬بكل‬
‫ما يضمه الوجود االنساني من مستويات يتوق من خاللها إلى المحبوب ‪ :‬فهناك حب‬
‫الهي ‪- 19‬حب روحاني ‪ -‬حب طبيعي ‪ -‬حب عنصري ‪.‬‬
‫ان الشيخ ابن العربي لم يرق إلى مستوى الفلسفات “ االنسانية “ بمفاهيمها الحديثة ‪،‬‬
‫اال انه واكبها في نقطة االنطالق ‪ :‬االنسان ‪ .‬فاالنسان ‪ :‬محور أفكاره وقطبها ‪ .‬وان‬
‫كانت صيغة االنسان في بنيانه الفكري تختلف عن صيغتها في الفلسفات المعاصرة ‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫َّللا أيضا قد يطلق عليه انه الهي ‪.‬‬
‫َّللا لنا ‪ ،‬وحبنا ّ‬
‫“ ‪ . . .‬فالحب اإللهي ‪ :‬هو حب ّ‬
‫والحب الروحاني ‪ :‬هو الذي يسعى به في مرضاة المحبوب ال يبقى له مع محبوبه‬
‫غرض وال إرادة بل هو بحكم ما يراد به خاصة ‪.‬‬
‫سر ذلك المحبوب أو‬ ‫والحب الطبيعي ‪ :‬هو الذي يطلب به نيل جميع اغراضه ‪ ،‬سواء ّ‬
‫يسره ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪. ) 327 / 2‬‬ ‫لم ّ‬
‫“ الحب الطبيعي وهو نوعان ‪ :‬طبيعي وعنصري ‪ ( “ . . . 20‬فتوحات ‪/ 2‬‬
‫‪. ) 334‬‬
‫****‬
‫كثيرا ما يقف الباحث في مؤلفات الصوفية الوجدانية ‪ :‬شعرا ونثرا ‪ ،‬أمام دفق حبهم‬
‫مترددا ‪ :‬هل ما يقولونه هو حقيقة في الجناب اإللهي من خلف كنايات ورموز ( هند ‪-‬‬
‫أسماء ) ؟ وما نصيب هذه “ الكنايات “ من حبهم ‪ 21‬؟‬
‫والشيخ ابن العربي مادة غزيرة في هذا المضمار فديوانه “ ترجمان األشواق “ أثار‬
‫أكثر من مجرد أقاويل ‪ ،‬مما دفعه إلى شرحه بنفسه ‪ ،‬شرحا تعنّى في إرجاع جزئياته‬
‫الحسية إلى الحضرة اإللهية ‪.‬‬
‫الهوة الفاصلة بين‬
‫ونظرة إلى هذا الديوان وشرحه ‪ ،‬تكفي للوقوف على مدى ّ‬
‫“ الحضرة اإللهية “ و “ رموزها “ ‪ ،‬وتضع في إطار مناسب ذكاء الشيخ األكبر‬
‫الوقّاد ‪.‬‬
‫وال نستطيع هنا في موضوعية مجردة ‪ ،‬ان ننفي مع الشيخ ابن العربي نصيب “ المرأة‬
‫“ من ديوانه المذكور ‪.‬‬
‫وهذا يدفعنا إلى اظهار الدور الذي تمثله في نظرية “ الحب اإللهي “ عنده ‪. 22‬‬
‫ان الوجود الحقيقي عند الشيخ األكبر واحد هو ‪ :‬الحق ‪.‬‬
‫وكل ما يرى في هذا العالم من المخلوقات فما هي االرموز ومجالي [ انظر “ مجلى‬
‫“ ] وحجب [ انظر “ حجاب “ ]‪.‬‬

‫‪304‬‬
‫“ ‪“ 305‬‬

‫اذن يعيش الشيخ ابن العربي في عالم “ رموز “ فكل ما يهفو اليه هو في الواقع رمز‬
‫وحجاب على الحق ‪.‬‬
‫والحق هو المحبوب على الحقيقة من خلف حجاب الرمز ‪.‬‬
‫وتختلف هذه الرموز فيما بينها ‪ ،‬إذ تتفاوت طاقات داللتها إلى ذات المرموز اليه اي‬
‫الحق ‪.‬‬
‫وهنا تبرز “ المرأة “ إذ انها تنفرد من دون سائر الرموز باتاحتها للسالك أكمل شهود‬
‫للحق ‪.‬‬
‫وهكذا تظهر المرأة مجلى من مجالي الجمال المطلق ‪ ،‬الذي يتعشقه الشيخ ابن العربي‬
‫ويقدسه ويعبده ‪.‬‬
‫فهي ليست محال للشهوة بذاتها ‪ ،‬بل هي رمز لذلك الجمال الشامل ‪ ،‬وطريق موصل‬
‫إلى الحق ان جاز التعبير ‪. 23‬‬
‫فان بثّها حبه واشواقه ‪ ،‬فإنما هو في الحقيقة يعبر من خاللها إلى ما ترمز اليه ‪ ،‬إلى‬
‫الحق ‪:‬فالجمال المقيد المحسوس باب مفتوح على الجمال المطلق يعبر منه من ال يقف‬
‫مع الرمز ‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫َّللا تعالى ] الظاهر في كل محبوب لعين كل محب ‪ . . .‬فالعالم كله محب‬ ‫‪ “ - 1‬فهو [ ّ‬
‫ومحبوب وكل ذلك راجع اليه ‪ ،‬كما أنه لم يعبد سواه ‪. . . 24‬‬
‫وكذلك ‪ . . .‬ما أحب أحد غير خالقه ولكن احتجب عنه تعالى بحب زينب وسعاد ‪. . .‬‬
‫وكل محبوب في العالم ‪ ،‬فأفنت الشعراء كالمها في الموجودات وهم ال يعلمون ‪،‬‬
‫والعارفون لم يسمعوا شعرا وال غزال ‪ . . .‬اال فيه تعالى من خلف حجاب الصور ‪.‬‬
‫وسبب ذلك الغيرة اإللهية ‪ :‬ان يحب سواه ‪. . .‬‬
‫َّللا “ ( فتوحات ‪. ) 326 / 2‬‬
‫فعلى كل وجه ما متعلق المحبة اال ّ‬

‫‪ “ - 2‬فإذا شاهد الرجل الحق في المرأة كان شهودا في منفعل ‪ ،‬وإذا شاهده في نفسه‬
‫‪ -‬من حيث ظهور المرأة عنه ‪ -‬شاهده في فاعل ‪ ،‬وإذا شاهده في نفسه من غير‬
‫استحضار صورة ما تكون عنه ‪ ،‬كان شهودة في منفعل عن الحق بال واسطة ‪.‬‬
‫فشهوده للحق في المرأة أتم وأكمل ‪ ،‬ألنه يشاهد الحق من حيث هو ‪ :‬فاعل منفعل ‪. . .‬‬
‫َّللا عليه وسلم النساء ‪ 25‬لكمال شهود الحق فيهن ‪ ،‬إذ ال يشاهد الحق‬ ‫فلهذا أحب صلى ّ‬
‫َّللا بالذات غنّي عن العالمين ‪.‬‬‫مجردا عن المواد ابدا ‪ .‬فان ّ‬
‫وإذ كان االمر من هذا الوجه ممتنعا ولم تكن الشهادة اال في مادة ‪ ،‬فشهود الحق في‬
‫النساء أعظم الشهود واكمله “ ( فصوص ‪. ) 217 / 1‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬لقد تكلم الصوفية على االشتقاق اللغوي لكلمة “ حب “ قبل التعمق في ماهيتها‬
‫وفروعها‬

‫‪305‬‬
‫“ ‪“ 306‬‬
‫وصفاتها ‪ .‬راجع ‪ :‬روضة التعريف بالحب الشريف ‪ .‬لسان الدين بن الخطيب ‪- 334‬‬
‫‪. 338‬‬
‫) ‪( 2‬وقد ورد في التنزيل مقابل هؤالء االشخاص الذين استحقوا الحب اإللهي لصفة‬
‫اتصفوا بها اشخاص ال يحبهم الحق لصفة اتصفوا بها ‪ ،‬مثال ‪ :‬المعتدون ‪-‬‬
‫الخائنون ‪ ( . . .‬انظر المعجم المفهرس أللفاظ القرآن مادة حب ) ‪.‬‬
‫) ‪( 3‬يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬ان األمور المعلومات على قسمين منها ما يحد ومنها ال يجد ‪ ،‬والمحبة عند‬
‫العلماء بها المتكلمون فيها من األمور التي ال تحد ‪ ،‬فيعرفها من قامت به ومن كانت‬
‫صفته وال يعرف ما هي ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 325 / 2‬‬
‫) ‪( 4‬ال يحلو الكالم في الحب اال بذكر تلك العاشقة العابدة الزاهدة التي صبغت الفكر‬
‫الصوفي االسالمي بعبق حبها اإللهي ‪ :‬رابعة ‪.‬‬
‫فبينما كانت الحياة الصوفية في القرن األول للهجرة ‪ ،‬وفي شطر من القرن الثاني‬
‫تتمثل بحياة الحسن البصري [ ‪ 110 - 21‬ه ] من زهد قوامه الخوف من عذاب النار‬
‫والشوق إلى ثواب الجنة ‪ .‬برزت في أفق الحياة الصوفية زاهدة عاشقة ‪ :‬شمل زهدها‬
‫الدنيا والجنة ‪ ،‬وطغى عشقها على خوفها من النار فال تبقى اال االستمتاع بجمال وجه‬
‫الحق األزلي ‪.‬‬
‫وانها األولى التي استعملت من غير تردد مفردات الحب والعشق ‪ .‬وهي صاحبة‬
‫الفضل األول في شيوع هذه الكلمة فيما بعد ‪ .‬فنحن نالحظ ان الصوفية األوائل ترددوا‬
‫في استعمالها أمثال ‪ :‬مالك بن دينار [ ‪ 131‬هـ ] ‪.‬‬
‫عبد الواحد بن زيد [ ‪ 177‬هـ ] على حين استعملها صراحة الصوفية بعد رابعة‬
‫أمثال ‪ :‬معروف الكرخي [ ‪ 201‬هـ ] والجنيد [ ‪ 297‬هـ ] والمحاسبي [ ‪ 243‬هـ ] ‪:‬‬
‫ذو النون المصري [ ‪ 245‬هـ ] ويحيى بن معاذ [ ‪ 258‬هـ ] ‪ ،‬الحالج [ ‪ 309‬هـ ]‬
‫وآخرين ‪.‬‬
‫يراجع فيما يتعلق بالحب من الوجهة التاريخية الصوفية ‪ ،‬ووقفة عند رابعة ما يلي ‪:‬‬
‫‪-‬ابن الفارض والحب اإللهي ‪ .‬د ‪ .‬محمد حلمي ‪ .‬ص ص ‪ - 147 - 139‬وص ص‬
‫‪ ( 244 - 233‬الحب والمعرفة ) ‪ .‬وص ص ‪ ( 307 - 278‬الحب والوحدة ) ‪.‬‬
‫‪-‬الحياة الروحية في االسالم ‪ .‬د ‪ .‬محمد مصطفى حلمي ص ص ‪ ( 80 - 76‬الزهد‬
‫مع الحب ‪ :‬رابعة العدوية ) ‪.‬‬
‫‪-‬رابعة العدوية والحياة الروحية في االسالم ‪ .‬طه عبد الباقي سرور ‪ .‬ص ص ‪132‬‬
‫‪ 160 -‬كما يراجع ص ص ‪ ( 162 - 161‬الحب اإللهي في المسيحية واليهودية ) ‪.‬‬
‫وص ص ‪ ( ، 164 - 163‬الحب اإللهي في الفلسفة األوروبية )‬
‫ص ص ‪ ( 165 - 164‬الحب اإللهي في الفيدا البوذية )‬
‫‪-‬رابعة العدوية ‪ .‬محمود الشرقاوي ‪ .‬ص ص ‪. 114 - 86‬‬
‫‪-‬قوت القلوب ج ‪ 2‬ص ص ‪ ( 164 - 99‬المحبة وهي المقام التاسع من مقامات‬
‫اليقين ) ‪.‬‬

‫‪306‬‬
‫“ ‪“ 307‬‬
‫‪-‬نشر المحاسن الغالية في فضل المشايخ الصوفية ألبي محمد اليافعي [ ‪ 768‬ه ] ص‬
‫ص ‪. 195 - 183‬‬
‫َّللا ‪ -‬الخراز ‪ .‬ص ‪. 70‬‬
‫‪-‬الطريق إلى ّ‬
‫‪-‬اللمع ص ص ‪ ( . 88 - 86‬باب حال المحبة )‬
‫‪-‬الرسالة القشيرية ص ‪ ( 148 - 143‬باب المحبة ) ‪.‬‬
‫‪-‬ماسينيون‪L . T‬فهرس المصطلحات ‪ :‬ص ‪ “ 294‬مادة حب “ ‪ .‬وفهرس ص ‪13‬‬
‫مادة “ حبب “ ‪،‬‬
‫‪-‬الغزالي ‪ :‬مدخل السلوك ص ‪ . 37‬وروضة الطالبين ص ‪. 59‬‬
‫‪-‬أبو العال عفيفي ‪ .‬التصوف ‪ :‬الثورة الروحية في االسالم ص ص ‪. 238 - 220‬‬
‫‪-‬النفري ‪ -‬مقالة غريبة في الحب ( انظر نصوص صوفية لألب نويا )‬
‫‪-‬الهجويري كشف المحجوب نشر اسعاد قنديل ص ص ‪ ( 556 - 547‬محبة الحق‬
‫الخلق ‪ -‬ومحبة الخلق الحق ) ‪.‬‬
‫‪-‬حقائق عن التصوف ‪ .‬عبد القادر عيسى ص ص ‪ ( 418 - 397‬الحب اإللهي ) ‪.‬‬
‫‪-‬ولعل من أكمل المراجع في الحب اإللهي ‪ .‬كتاب لسان الدين بن الخطيب ‪ :‬روضة‬
‫التعريف بالحب الشريف ‪ .‬فليراجع ‪ :‬تحقيق عبد القادر احمد عطا نشر دار الفكر‬
‫العربي ‪ 1968‬م ‪.‬‬
‫‪-‬اما بخصوص الحب من الوجهة الفلسفية فليراجع كتاب الدكتور زكريا إبراهيم ‪:‬‬
‫“ مشكلة الحب “ مع االهتمام بالتذييل ص ص ‪ 340 - 322‬حيث يشرح فلسفة الحب‬
‫عند ابن حزم ‪ .‬وهو معروف األثر في الشيخ ابن العربي ‪.- Corbin en Islam‬‬
‫‪Iranien T 3 p . p 105 - 111 ( La source Preeternelle de‬‬
‫‪l'amour‬‬
‫) ‪( 5‬يربط ابن الخطيب بين اإلرادة والمحبة في لسان العرب قائال ‪:‬‬
‫“ المحبة ‪ . . .‬كناية عن ‪ :‬اإلرادة المؤكدة ‪ .‬تقول ‪ :‬أردت ان افعل كذا وأحببت ان‬
‫افعل كذا ‪ .‬والفرق بينهما ‪ :‬ان اإلرادة ان تعلقت بصفة أو فعل ‪ ،‬كما تقول ‪ :‬أريد‬
‫كرمك ‪. . .‬‬
‫قيدت بما تعلقت به ‪ .‬وان تعلقت بالذات خصت في األكثر بالمحبة “ ( روضة التعريف‬
‫ص ‪. ) 338‬‬
‫‪( 6 ) -‬هل انتقال “ المحب “ إلى صفات “ المحبوب “ ‪ ،‬أي انتقال الخلق إلى صفات‬
‫الحق يؤدي بهم إلى ما يسميه الفقهاء “ سقوط التكليف “ ؟ الحقيقة ان الشيخ ابن العربي‬
‫مهما تعشق الحب كيانه نراه صاحي الذهن يعطي كل مرتبة في الوجود حقها ‪ ،‬فال‬
‫يخلط بين الحقائق كما يفعل غيره في “ سكرة الحب ‪ “ .‬انظر فيما يتعلق بالحب والخلة‬
‫وسقوط التكليف ‪Jean Chevalier le soufisme p . p 244 - 246” “ :‬‬
‫‪-‬أم ان انتقال المحب إلى صفات المحبوب هو “ الفناء “ الذي يعتبر أكبر دليل على‬
‫صدق الحب ؟‬
‫انظر فيما يتعلق بالحب والفناء ‪ .‬المرجع السابق ‪ :‬ص ‪. 247‬‬
‫كما يراجع بخصوص الحب في المسيحية وعالقته باالتحاد ‪:‬‬

‫‪307‬‬
‫“ ‪“ 308‬‬
‫‪Comprendre l'Islam . Frithiaf Shuon p . p 138 - 139-‬‬
‫)“ ‪(“ aimer “ est essetiellement “ s'unir‬‬

‫) ‪( 7‬سئل الجنيد عن المحبة ‪ ،‬فقال ‪ “ :‬دخول صفات المحبوب على البدل من صفات‬
‫المحب “ ( نشر المحاسن الغالية ‪ .‬اليافعي ص ‪ - 187‬واللمع ص ‪88 ) .‬‬
‫) ‪( 8‬إشارة إلى الحديث الصوفي ‪ “ :‬كنت كنزا مخفيا فأحببت ان اعرف فخلقت‬
‫الخلق فبه ( وفي رواية “ فبي “ عرفوني “ ‪ .‬فالحب اذن علة وجود العالم ‪.‬‬
‫) ‪( 9‬الن الحب كان في أصل الوجود قد سرى في كل موجود ‪ ،‬تلك من االفكار‬
‫األساسية عند الشيخ ابن العربي إذ ان كل أول يسرى فيما بعده ‪ .‬راجع “ أول ‪“ .‬‬
‫) ‪( 10‬انظر روضة التعريف ص ص ‪ 350 - 340‬حيث يبين ابن الخطيب ان‬
‫المحبة هي اسم جامع القسام الحب والعشق ‪ .‬ويوضح الوجه المراد من كل قسم‬
‫أمثال ‪ :‬العشق ‪ -‬الصبابة ‪ -‬العلق ‪ -‬الكلف ‪ -‬الخلة ‪ -‬الشغف ‪ -‬الشعف ‪ -‬التتيم ‪-‬التتبل ‪-‬‬
‫الولوع والغرام ‪ -‬الهيام والهيوم ‪ -‬التدلة ‪ -‬الوله ‪ -‬األلفة ‪ -‬اإلرادة ‪.‬‬
‫) ‪( 11‬يقول أبو العال عفيفي ‪:‬‬
‫َّللا ‪ :‬هو الحب عينه ‪،‬‬‫“ فالهوى اذن ‪ -‬في نظر الشيخ ابن العربي ‪ -‬اسم من أسماء ّ‬
‫َّللا على االطالق “ ( التصوف ‪ :‬الثورة الروحية‬ ‫وهو المحبوب ‪ ،‬بل هو أعظم أسماء ّ‬
‫في االسالم ص ‪ - 227‬الموضوع نفسه فصوص الحكم ج ‪ 2‬ص ‪) . 288‬‬
‫على حين يثبت الشيخ ابن العربي اسما للحق من الحب ومن الود نراه ينكر وجود اسم‬
‫ّّلل من الهوى ‪.‬‬
‫َّللا ] وصف به نفسه [ يحبهم ويحبونه ] ‪ . . .‬الود‬ ‫يقول ‪ “ :‬ان الحب مقام الهي فإنه [ ّ‬
‫وله اسم الهي وهو الودود ‪ . . .‬الهوى وهو استفراغ اإلرادة في المحبوب ‪ . . .‬وليس‬
‫ّّلل منه اسم “ ( ف ‪. ) 323 - 322 / 2‬‬
‫يراجع بشأن الهوى عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪ 259‬وص ‪. 428‬‬
‫‪-‬ترجمان األشواق ص ‪. 14‬‬
‫‪-‬فصوص الحكم ج ‪ 2‬ص ‪. 288‬‬
‫‪-‬التصوف ‪ :‬الثورة الروحية في االسالم ‪ .‬أبو العال عفيفي ص ص ‪، 223 - 230‬‬
‫كما يراجع بشأن الهوى من الناحية اللغوية والصوفية كتاب روضة التعريف البن‬
‫الخطيب ص ص ‪. 340 - 338‬‬
‫) ‪( 12‬يراجع بشأن “ الهوى “ في هذا المعنى ‪:‬‬
‫‪-‬كشف المحجوب الهجويري ترجمة ‪ :‬اسعاد قنديل ج ‪ 2‬ص ص ‪431 - 427‬‬
‫( الكالم في حقيقة النفس ومعنى الهوى ) ص ص ‪ ( 441 - 438‬الكالم في حقيقة‬
‫الهوى ) ‪.‬‬
‫) ‪( 13‬كما يراجع بخصوص الحب عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬ترجمان األشواق ص ‪. 41‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪-‬الرسالة الغوثية ورقة ‪ 79‬أ‬

‫‪308‬‬
‫“ ‪“ 309‬‬
‫‪-‬بلغة الغواص ورقة ‪. 18‬‬
‫‪-‬رسالة االرشاد ورقة ‪. 159‬‬
‫‪-‬الفتوحات ‪. 450 - 449 / 4‬‬
‫‪-‬رسالة االتحاد الكوني ورقة ‪ - 141‬أ ‪.‬‬
‫‪-‬تحفة السفرة إلى حضرة البررة ‪ .‬تحقيق محمد رياض المالح ص ص ‪50 - 37‬‬
‫( المحبة ‪ ،‬الشوق ‪ ،‬العشق )‬
‫‪-‬فلسفة االخالق في االسالم محمد يوسف موسى ص ص ‪ ( 304 - 285‬الحب ‪،‬‬
‫االتحاد ‪ ،‬السعادة عند الشيخ ابن العربي ) ‪.‬‬
‫دراسات فنية في األدب العربي ‪ .‬الدكتور عبد الكريم اليافي ص ص ‪315 - 317‬‬
‫(الحب بين البوح والكتمان عند الشيخ ابن العربي ‪)Massignon . Passion T‬‬
‫‪2 p . 414 n 0 3-‬‬

‫) ‪( 14‬راجع الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪ 259‬وص ‪. 414‬‬


‫) ‪( 15‬راجع تاج الرسايل ورقة ‪ 26‬ب ‪.‬‬
‫) ‪( 16‬يراجع بخصوص الود ‪ - :‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪260 - 259‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪. 322‬‬
‫‪-‬ترجمان األشواق ص ‪. 14‬‬
‫) ‪( 17‬انظر تفصيل تلك األحوال في الفتوحات ج ‪ 2‬ص ص ‪. 341 - 339‬‬
‫“ ) ‪( 18‬وزعم ناس ان العشقة اللبالبة ‪ ،‬قالوا ‪ :‬ومنها اشتق اسم العاشق لذبوله ‪.‬‬
‫وهو كالم “ ( معجم مقاييس اللغة مادة ‪ “ .‬عشق “ ) ‪.‬‬
‫) ‪( 19‬لقد اختلفت نظرة روزبهان بقلي الشيرازي [ ‪ 606 - 522‬ه ] إلى الحب عن‬
‫يفرق بين الحب اإللهي والحب االنساني بل جعل كال‬ ‫نظرة اسالفه المتصوفة ‪ :‬فهو لم ّ‬
‫منهما وجها لنفس وذات الحب ‪ .‬فمجنون ليلى في قمة حبه يصبح “ مرآة الحق‬
‫“ انظر ‪:Histoire de la philosophie Ency . de la pleiade T . 3‬‬
‫‪p . 1099 ( Ruzbehan Baqle shirazi par Henri Corbin ) .‬ويرجع‬
‫الدكتور عبد الكريم اليافي ‪ ،‬بما اشتهر به من تجربة انسانية علمية صوفية ظهرت في‬
‫مؤلفاته القيمة ‪ ،‬وحدة الحب هذه ( وحدة الحب اإللهي واالنساني ) إلى وحدة المنبع‬
‫( قلب االنسان ) ووحدة الطبيعة ( من حيث إن الحب انسانيا كان أم الهيا فهو ‪ :‬تعبير‬
‫انساني وتلك طبيعته ) ‪ .‬وإلى أن الحب يحمل غايته في ذاته وقد فسر على ضوء هذه‬
‫الوحدة ما غصت به اشعار المتصوفة من صور حسية ال تتناسب بديهيا مع مقام‬
‫المحبوب ‪.‬‬
‫انظر ‪ :‬دراسات فنية في األدب العربي ‪ 1972‬م ‪ .‬ص ص ‪. 307 - 306‬‬
‫) ‪( 20‬لقد تكلم الشيخ ابن العربي بتوسع على كل من هذه االقسام مما ال يتسع المجال‬
‫لذكرها ‪ .‬فلتراجع‬

‫‪309‬‬
‫“ ‪“ 310‬‬

‫الفتوحات الجزء الثاني ‪ .‬الباب الثامن والسبعون ومائة ‪ ،‬بعنوان “ في معرفة مقام‬
‫المحبة ص ص ‪ . 341 - 320‬كما يراجع ص ص ‪. 347 - 346‬‬

‫) ‪( 21‬ان “ الحب العذري “ يظهر في أكثر من وجه في اشعار الصوفية وفي حبهم‬
‫اإللهي ‪ .‬انظر ‪- Le soufisme et la Tradition islamique Jean‬‬
‫‪Chevalier ed . Retz p . p 242 - 244- Hist . de la philo .‬‬
‫‪Islamique Corbin p . p 278 - 283 ( Ahmed Ghazali et le “ pur‬‬
‫) ‪amour “ )( 22‬راجع ما للمرأة من أهمية في الخلق والظهور ومراتب‬
‫الموجودات في المواد التالية “ ‪ :‬انوثة “ “ أم “ “ االم العالية الكبرى “ “ لوح ‪“ .‬‬
‫كما يراجع ‪:‬‬
‫‪-‬مجلة الهالل يوليو ‪ 1947‬مقال بعنوان ‪ :‬عذراء في حياة صوفي ‪ .‬بقلم أبو العال‬
‫عفيفي ‪.‬‬
‫) ‪( 23‬تجدر مقارنة موقف الشيخ ابن العربي من المرأة هنا مع موقف شعراء‬
‫السريالية الذين يجعلونها وسيطا إلى عالم المطلق ‪ .‬انظر ‪:Michel Carrouges :‬‬
‫‪Andre Breton et les Donnees fondamentales du surrealisme‬‬
‫َّللا هو المعبود في كل‬
‫) ‪col . Idees p . p 284 - 292( 24‬من حيث ‪ “ :‬ان ّ‬
‫معبود من خلف حجاب الصورة “ ( ف ‪) 353 / 2‬‬
‫َّللا ‪“ .‬‬
‫انظر “ عبادة “ “ ّ‬
‫ي من دنياكم ثالث ‪ :‬الطيب والنساء وقرة عيني‬ ‫) ‪( 25‬إشارة إلى الحديث ‪ “ :‬حبب ال ّ‬
‫في الصالة ‪“ .‬‬
‫وقد أقام الشيخ ابن العربي الفص األخير من فصوصه اي “ الفص المحمدي “ على‬
‫هذا الحديث ‪.‬‬
‫فجاء في أكثره يتكلم على المرأة ومكانتها من ترتيب الوجود فليراجع ‪.‬‬

‫حب عناية ‪1‬‬ ‫حب جزاء ‪ّ -‬‬ ‫‪ّ - 155‬‬


‫المترادفات ‪ :‬حب جزاء ‪ -‬حب كرامة ‪ ،‬حب جزاء ‪ -‬حب منة ‪.‬‬
‫راجع “ منة ‪“ .‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬كما يراجع عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪139‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ . 4‬ص ‪. 104 - 103 - 102‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪ 414‬وص ‪. 456‬‬

‫‪310‬‬
‫“ ‪“ 311‬‬
‫حب نوافل‬
‫حب فرائض ‪ّ -‬‬‫‪ّ - 156‬‬
‫راجع ‪ “ :‬قرب الفرائض “ و “ قرب النوافل ‪“ .‬‬
‫كما يراجع ‪ “ :‬عبد اضطرار “ و “ عبد اختيار “ ‪.‬‬

‫‪ – 157‬حبل‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الحاء والباء والالم أصل واحد يدل على امتداد الشيء ثم يحمل عليه ‪ ،‬ومرجع‬
‫الفروع مرجع واحد ‪ ،‬فالحبل الرسن معروف والجمع حبال ‪ .‬والحبل ‪:‬‬
‫الرمل يستطيل ‪ . . .‬والمحمول عليه الحبل ‪ ،‬وهو العهد “ ( معجم مقاييس‬ ‫القطعة من ّ‬
‫اللغة مادة “ حبل “ )‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫ورد األصل “ حبل “ في القرآن على وجهين ‪:‬‬
‫صيُّ ُه ْم يُ َخيَّ ُل ِّإلَ ْي ِّه ِّم ْن ِّس ْح ِّر ِّه ْم أَنَّها تَسْعى ‪“[ 20‬‬ ‫‪- 1‬الحبل المعروف ‪ ”:‬فَإِّذا ِّحبالُ ُه ْم َو ِّع ِّ‬
‫س ٍد “‪[ 111 / 5 ] 1‬‬ ‫ب ‪ِّ ،‬في ِّجيدِّها َح ْب ٌل ِّم ْن َم َ‬ ‫ط ِّ‬ ‫”] ‪َ / 66‬و ْام َرأَتُهُ َح َّمالَةَ ْال َح َ‬
‫َّللا ‪َ 2‬ج ِّميعا ً َوال تَفَ َّرقُوا “ [ ‪”] 103 / 3‬‬ ‫ص ُموا بِّ َح ْب ِّل َّ ِّ‬ ‫‪- 2‬على سبيل اإلعارة ‪َ ”:‬وا ْعت َ ِّ‬
‫ب إِّلَ ْي ِّه ِّم ْن َح ْب ِّل ْال َو ِّري ِّد “‪] 16 / 50 [ 3‬‬ ‫َون َْح ُن أ َ ْق َر ُ‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫حدد الشيخ ابن العربي معنى الحبل بالدور الذي له ‪ ،‬أي ‪ :‬الوصل ‪ ،‬فالحبل هو الوصل‬
‫ألنه يوصل ‪.‬‬
‫واآلية القرآنية “ فهو أقرب الينا من حبل الوريد “ تشير إلى قربين للحق من عباده ‪:‬‬
‫قرب حبل الوريد ‪ -‬والقرب األقرب من حبل الوريد ‪.‬‬

‫فما هو القرب األقرب من حبل الوريد ؟ أو ما هو الوصل االوصل من الوريد ؟‬


‫هذا ما يحدده نص الشيخ ابن العربي يقول‪:‬‬

‫‪311‬‬
‫“ ‪“ 312‬‬

‫يب َدع َْوة َ‬‫يب أ ُ ِّج ُ‬


‫“ فإنه عز وجل “ أقرب الينا من حبل الوريد “ وقال تعالى ‪ ”:‬فَإِّ ِّنّي قَ ِّر ٌ‬
‫يب( ‪. ) 4‬‬ ‫س ِّمي ٌع قَ ِّر ٌ‬ ‫الدَّاعِّ “‪ ، 4‬وقال ‪ِّ :‬إنَّهُ َ‬
‫فهو القريب بنزوله من العرش إلى السماء الدنيا وهو أقرب ‪ :‬فإنه معنا أينما كنا ‪ ،‬فهو‬
‫المسمى بالقريب األقرب ‪.‬‬
‫فهو أقرب الينا منا ‪ ،‬الن حبل الوريد منا ‪ .‬والحبل الوصل ‪ ،‬فهو أوصل فإنه ما كان‬
‫الوصل اال به ‪ ،‬فبه نسمع ونبصر ونقوم ونقعد ونشاء ونحكم وهذه األحكام ليست لحبل‬
‫الوريد ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 272 / 4‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫س ٍد “‪ :‬اي مما مسد اي‬ ‫) ‪( 1‬يقول البيضاوي في شرح اآلية ‪ ”:‬فِّي ِّجيدِّها َح ْب ٌل ِّم ْن َم َ‬
‫فتل ومنه رجل ممسود الخلق اي مجدوله “ ( البيضاوي ج ‪2‬ص ‪) 317‬‬
‫َّللا َج ِّميعا ً “بدين االسالم أو‬ ‫ص ُموا ِّب َح ْب ِّل َّ ِّ‬ ‫) ‪( 2‬يقول البيضاوي في شرح اآلية ‪َ ”:‬وا ْعت َ ِّ‬
‫َّللا المتين “ استعار له الحبل من حيث إن‬ ‫بكتابه ‪ ،‬لقد قال عليه السالم “ القرآن حبل ّ‬
‫التمسك به سبب للنجاة من الردى ‪ ،‬كما أن التمسك بالحبل سبب للسالمة من التردي‬
‫والوثوق به واالعتماد عليه االعتصام ترشيحا للمجاز ‪ ( “ . . .‬البيضاوي ج ‪ 1‬ص‬
‫‪. ) 73‬‬
‫ب ِّإلَ ْي ِّه ِّم ْن َح ْب ِّل ْال َو ِّري ِّد “‪ .‬اي ونحن‬ ‫) ‪( 3‬يقول البيضاوي في شرح اآلية ‪َ ”:‬ون َْح ُن أ َ ْق َر ُ‬
‫اعلم بحالة من كان أقرب اليه من حبل الوريد ‪ . . .‬والحبل العرق واضافته للبيان ‪. .‬‬
‫“ ( البيضاوي ج ‪ 2‬ص ) ‪228‬‬
‫) ‪( 4‬إشارة إلى اآليتين ‪:‬‬
‫يب َدع َْوة َ الدَّاعِّ ] ‪“[ 2 / 186‬‬ ‫يب أ ُ ِّج ُ‬
‫ع ِّنّي فَإِّ ِّنّي قَ ِّر ٌ‬‫سأَلَ َك ِّعبادِّي َ‬ ‫”‪َ -‬وإِّذا َ‬
‫يب “[ ‪. ] 61 / 11‬‬ ‫يب ُم ِّج ٌ‬ ‫”‪ِّ -‬إ َّن َر ِّبّي قَ ِّر ٌ‬

‫‪ - 158‬حاجب الحق‬
‫ان كلمة “ حاجب الحق “ هي من الصور التمثيلية التي يقرب بها الشيخ ابن العربي‬
‫إلى األذهان صورة الوسائط بين االنسان والحق ‪ ،‬عن طريق تشبيهها بالوسائط بين‬
‫افراد الشعب والملك ‪.‬‬
‫فحضرة الحق يشبهها الشيخ ابن العربي بحضرة الملك ‪ ،‬على بابها حرس وح ّجاب ‪،‬‬
‫نواب ‪ ،‬كما للملك ‪ ،‬ينفّذ بوساطتهم احكامه في خلقه كما ينفذ الملك احكامه في‬
‫وللحق ّ‬
‫شعبه ‪.‬‬
‫اذن كلمة حارس وحاجب ونائب تؤدي معنى واحدا في النهاية ‪ ،‬وهو االنسان‬

‫‪312‬‬
‫“ ‪“ 313‬‬

‫الكامل أو الشيخ الواصل الموصل ‪ ،‬الذي يحرس باب الحضرة اإللهية من كونه‬
‫حارسا ‪ ،‬ويدخل المريد إلى الحضرة من كونه حاجبا ‪ ،‬ويتصرف في عالم الملك بأمر‬
‫ربه من كونه نائبا ‪. 1‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ واعلم أن حرمة الحق في حرمة الشيخ ‪ ،‬وعقوقه في عقوقه ‪ ،‬هم [ الشيوخ ] ح ّجاب‬
‫الحق الحافظون أحوال القلوب على المريدين “ ‪ ( .‬ف ‪) 366 / 2‬‬
‫“ فاالنسان الكامل هو حاجب الحق تعالى وخليفته في عالمه ‪ ،‬والنائب عنه فيهم ‪. . .‬‬
‫“ ( كتاب نسخة الحق ‪ .‬مخطوط الظاهرية رقم ‪ 5570‬عام ق ‪29‬ب )‬

‫صل مجمله وفتح مقفله اطلع على‬


‫“ الجرس كالم مجمل ‪ ،‬والحرس باب مقفل ‪ ،‬فمن ف ّ‬
‫ّ‬
‫فعظم الحجاب ‪ 2‬والح ّجاب ‪ . 3‬االجمال حكمة ‪. . .‬‬ ‫االمر العجاب ‪. . .‬‬
‫والحرس عصمة فهم أعظم نعمة إلزالة نقمة ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 334 / 4‬‬

‫ويستحسن ان نشير إلى أن هذه الوسائط بين حضرة الحق والمريد السالك ال تجعل‬
‫الحق بعيدا منفصال في حضرته عن خلقه ‪ ،‬فهو أقرب إليهم من حبل الوريد ‪ 4‬في‬
‫ومنزه في حضرته في مجال العلم والمعرفة وتقريب الرضى ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫مجال الوجود ‪5‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬راجع “ نائب الحق ‪“ .‬‬
‫) ‪( 2‬عظم الحجاب من حيث كونه حجابا موصال ‪ .‬راجع حجاب ‪.‬‬
‫) ‪( 3‬عظم الح ّجاب من حيث إنهم يدخلون المريد إلى حضرة الحق ‪.‬‬
‫ب ِّإلَ ْي ِّه ِّم ْن َح ْب ِّل ْال َو ِّري ِّد ] ‪“[ 50 / 16‬‬
‫”) ‪َ ( 4‬ون َْح ُن أ َ ْق َر ُ‬
‫) ‪( 5‬راجع كلمة “ وجود "‪.‬‬

‫‪ – 159‬حجاب‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الحاء والجيم والباء أصل واحد ‪ .‬وهو المنع “‬
‫( معجم مقاييس اللغة مادة “ حجب “ )‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫لم تتخط كلمة “ حجاب “ في القرآن معناها اللغوي من حيث كونها حاجزا ومانعا ‪.‬‬
‫‪ - 1‬معنى لفظي ‪ ،‬مادي ‪.‬‬
‫ب“ [‪]53 / 33‬‬ ‫سأ َ ْلت ُ ُمو ُه َّن َمتاعا ً فَ ْسئَلُو ُه َّن ِّم ْن َو ِّ‬
‫راء ِّحجا ٍ‬ ‫قال تعالى ‪َ ” :‬وإِّذا َ‬

‫‪313‬‬
‫“ ‪“ 314‬‬

‫عاملُونَ ‪“[ 41 / 5 ] .‬‬ ‫جاب فَا ْع َم ْل ِّإنَّنا ِّ‬ ‫قال تعالى ‪َ “ :‬و ِّم ْن بَ ْينِّنا َوبَ ْينِّ َك ِّح ٌ‬
‫‪- 2‬معنى مجازي روحي ‪.‬‬
‫ب “[ ‪”] 51 / 42‬‬
‫راء ِّحجا ٍ‬ ‫قال تعالى ‪َ ”:‬وما كانَ ِّلبَش ٍَر أ َ ْن يُ َك ِّلّ َمهُ َّ‬
‫َّللاُ إِّ َّال َو ْحيا ً أ َ ْو ِّم ْن َو ِّ‬
‫ع ْن َر ِّبّ ِّه ْم يَ ْو َمئِّ ٍذ لَ َم ْح ُجوبُونَ “[ ‪] 15 / 83‬‬ ‫قال تعالى ‪َ " :‬ك َّال ِّإنَّ ُه ْم َ‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪: 1‬‬


‫ظل “ الحجاب “ مشبعا بالسلبية ‪ 2‬يتجنبه المتصوفة وتنفر منه تطلعاتهم ‪ ،‬إلى أن‬
‫“ بصمة “ الشيخ ابن العربي بايجابيته الفاعلة ‪ ،‬فأصبح الحجاب بابا وطريقا موصال‬
‫للمحجوب به ‪ .‬فال وصول إلى المحجوب اال من الحجاب ‪ .‬اذن الحجاب هو الفاصل‬
‫الموصل وليس الفاصل المانع ‪. 3‬‬
‫ولكن ما هو الحجاب ؟ وماذا يحجب ؟‬
‫طبعا ‪ ،‬ال يسعى الشيخ ابن العربي وسواه من أهل الطائفة اال إلى الوجه اإللهي ‪ ،‬فهو‬
‫مطلوبهم فيكون الحجاب كل ما يقف في طريق رؤيتهم المباشرة للوجه اإللهي ‪.‬‬
‫َّللا ‪.‬‬
‫اذن الحجاب ‪ :‬هو كل ما يفصل ويوصل إلى ّ‬

‫وهذا التعريف يشمل كل التعينات الكونية على كل المستويات الوجودية ‪. 4‬‬


‫فالحجاب هو الخلق ‪ .‬مكونا بذلك أحد وجهي الوجود [ حق خلق ] ‪.‬‬
‫وسنورد نصين للشيخ ابن العربي يظهر فيهما ان الحجاب هو التعين نفسه ‪.‬‬

‫يقول ‪:‬‬
‫“ فمنك [ الممكن ] تعرفه ال من غيرك ألنك الحجاب األقرب ‪ . . .‬ومن كونك سترا‬
‫وحجابا حددته ‪ ،‬فمعرفتك به في هذا الموطن عين عجزك عن معرفته ‪.‬وان شئت‬
‫قلت ‪ :‬عين الجهل به ‪ ،‬ونريد بالجهل عدم العلم ‪ .‬واما الغير فحجاب أبعد بالنظر‬
‫إليك ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 597 / 2‬‬

‫“ ال يكون في الزمان اال واحد يسمى الغوث والقطب ‪ ،‬وهو الذي ينفرد به الحق‬
‫َّللا في كل زمان ال ينظر الحق في زمانه اال‬
‫ويخلو به دون خلقه ‪ . . .‬وذلك العبد عين ّ‬
‫اليه وهو ‪ :‬الحجاب االعلى ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 555 / 2‬‬

‫‪-‬في النص األول ‪ :‬عين الممكن ‪ 5‬هي الحجاب األقرب اي أقرب طريق موصل إلى‬
‫َّللا ‪.‬‬
‫معرفة ّ‬
‫ويظهر هذا المعنى الذي أعطيناه من الربط السببي الموجود في جملة الشيخ ابن‬
‫العربي‪.‬‬

‫‪314‬‬
‫“ ‪“ 315‬‬

‫“ فمنك تعرفه ‪ . . .‬ألنك الحجاب األقرب “ ‪. . .‬‬


‫فعندما يكون سبب المعرفة حجابا ‪ ،‬يتحول الحجاب إلى طريق موصل للمعرفة ‪.‬‬
‫‪-‬اما النص الثاني فيرفع الحجاب إلى المستوى االعلى ‪ .‬وكلمة أعلى هنا ال تعبر عن‬
‫المكان بل المكانة ‪ .‬فالحجاب االعلى هو الغوث أو القطب ‪6 .‬‬

‫وعندما يطلق الشيخ ابن العربي على القطب لفظ “ حجاب “ فهذا وحده كاف لإلشارة‬
‫إلى مكانة هذا اللفظ ‪ ،‬الن القطب هو أعلى افراد االنسان الكامل في زمانه وال ينعت‬
‫اال بكل لفظ عال ‪ .‬اذن ال يمكن ان تحتفظ كلمة “ حجاب “‬
‫عند الشيخ ابن العربي بالمفاهيم القديمة ‪ ،‬التي تنم على الحرمان والمنع والقطع والبعد‬
‫والنقص ‪. . .‬‬
‫والنصان السابقان يوضحان كيف ان الحجاب إلى جانب كونه طريقا موصال ودليال‬
‫على المعرفة ‪ ،‬هو تعين ‪ 7‬من تعينات الذات ‪ ،‬الن “ عين الممكن “ و “ القطب “ هما‬
‫في الواقع تعينان من تعينات الذات ‪.‬‬
‫نورد االن نصا يبين بوضوح كيف يتحول الحجاب إلى المطلوب نفسه ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ ‪ . . .‬والحجاب رحمة والدليل احراق السبحات ‪ ، 8‬والحجاب نقمة والبرهان ما جاء‬
‫في أصحاب الدركات ‪ ، 9‬وليس الوقوف خلف الباب بحجاب ‪ 10‬إذا كان الباب‬
‫يستحيل إلى من يكون خلفه الوصول ‪ ،‬واإلقامة لديه والنزول ‪ .‬فيكون الباب عين‬
‫المطلوب ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 342 / 4‬‬

‫وهكذا لم يكن الحجاب عند الشيخ ابن العربي ليمنع االنسان من الوصول إلى مطلوبه ‪،‬‬
‫وبخاصة في نظام فكري كل الثنائيات في نهايته تلتقي لتؤلف وحدة متكاملة ‪ ،‬ويصبح‬
‫الحجاب عين القصد ‪ .‬والباب عين المطلوب ‪ ،‬ألنه الدليل والطريق ‪.‬‬

‫ولكن هنا تبرز ناحية مهمة ‪ ،‬هو ان الحجب ليست محدودة بجهة وعدد يتخطاها‬
‫السالك فيصل إلى مقام ال حجاب بعده ‪ .‬إذ ان المحجوب ال يفارق حجابا حتى يقترب‬
‫من حجاب ارفع وأعلى ‪ ، 11‬الن الحق ال يتجلى لمخلوق دون حجاب ابدا ‪ .‬وآخر‬
‫حجاب بين االنسان والحق هو ‪ :‬وجود االنسان نفسه ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ ووصف الحق نفسه بالحجب الظلمانية وهي األجسام الطبيعية ‪ ،‬والنورية وهي‬
‫األرواح اللطيفة ‪ .‬فالعالم بين كثيف ولطيف ‪ ،‬وهو عين الحجاب على نفسه‪.‬‬

‫‪315‬‬
‫“ ‪“ 316‬‬
‫فال يدرك الحق ادراكه نفسه ‪ ،‬فال يزال في حجاب ال يرفع مع علمه بأنه متميز عن‬
‫موجده بافتقاره ‪ ( 12 “ . . .‬فصوص الحكم ‪) 55 - 54 / 1‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يشرح التهانوي الحجاب عند الصوفية فيقول ‪:‬‬
‫َّللا ؛ اما نوراني‬
‫“ قال الصوفية ‪ :‬اعلم أن الحجاب الذي يحتجب به االنسان عن قرب ّ‬
‫وهو نور الروح واما ظلماني وهو ظلمة الجسم ‪ .‬والمدركات الباطنة من النفس والعقل‬
‫والسر والروح والخفي كلواحد [ كل واحد ] له حجاب ‪ .‬فحجاب النفس ‪ :‬الشهوات‬
‫واللذات ‪ . . .‬وحجاب القلب ‪ .‬المالحظة في غير الحق ‪ .‬وحجاب العقل ‪ :‬وقوفه مع‬
‫المعاني المعقولة ‪. . .‬‬
‫وحجاب السر ‪ :‬الوقوف مع االسرار ‪ . . .‬وحجاب الروح ‪ :‬المكاشفة ‪ . . .‬وحجاب‬
‫الخفي العظمة والكبرياء ‪ . . .‬فان الواصل من ليس له التفات إلى هذه األشياء ‪. . .‬‬
‫“ ( كشاف اصطالحات الفنون نشر خياط ج ‪ 2‬ص ‪) 276‬‬
‫) ‪( 2‬ان األب فريد جبر في كتابه “ في معجم الغزالي “ الذي نشرته الجامعة اللبنانية‬
‫بيروت ‪ ، 1970‬بحث كلمة حجب وحجاب عند الغزالي ص ‪. 58‬‬
‫وقد ظهرت هاتان الكلمتان من خالل تعريفه تمتان إلى السلبية المعروفة عن الحجاب‬
‫بل هما محدودتان بالفصل والسلبية ‪ .‬ولم نجد اال نصا للغزالي يخرج الحجاب من هذه‬
‫السلبية ويضيف اليه ايجابية قريبة من ايجابية الشيخ ابن العربي ‪ .‬يقول ‪:‬‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ . .‬ان ّّلل سبعين حجابا من نور وظلمة لو‬ ‫َّللا صلى ّ‬‫“ وقال رسول ّ‬
‫كشفها ألحرقت سبحات وجهه ما انتهى اليه بصره ‪ .‬وليس المراد بالحجب اال الطرق‬
‫الموصلة اليه ‪ .‬فلو كانت براهين فهي حجب نور ولو كانت شبها فهي حجب‬
‫ظلمة ‪ ( “ . . .‬كتاب معراج السالكين ص ‪ 101‬تحقيق محمد مصطفى أبو العال ‪-‬‬
‫سلسلة القصور العوالي ج ‪ 3‬نشر مكتبة الجندي القاهرة ) ‪ ،‬وهذا الكتاب مثار جدل في‬
‫صحة نسبته للغزالي انظر “ مؤلفات الغزالي “ بدوي رقم ‪/ . 80 /‬‬
‫كما يراجع بشأن الحجاب عند الغزالي كتاب مشكاة األنوار من السلسلة نفسها ص ص‬
‫‪ 49 - 42‬حيث يشرح الحديث الوارد في المقطع السابق ‪ ،‬ويفصل اقسام‬
‫المحجوبين ‪.‬‬
‫‪-‬اما روزبهان بقلي فقد قارب الشيخ ابن العربي حين نظر إلى الحجاب كمرآة ‪.‬‬
‫انظر ‪:Hist . de la philo . Ency . de la pleiade T 3 p . 1100-‬‬
‫) ‪- ( 3‬هذه النظرة االيجابية إلى الحجاب ظهرت بوادرها مع بعض فرق االمامية‬
‫( النصيرية ‪.‬‬
‫الحجاب ‪ -‬اظهار الشيء ) واستفادها الحالج في كالمه على “ حجاب االسم‬
‫“ راجع ‪:Massignon la passion T 3 pp 183 - 184 . ed .‬‬
‫‪gallimard ( surtout p . 183 n 0 2 )-‬‬
‫‪-‬اما النفري فقد تخطى سكون نظريات الصوفية في الحجاب حتى االيجابية منها ‪ ،‬إلى‬
‫جدلية عميقة في “ الرؤية “ حدّاها ‪ :‬الكشف والحجاب ‪ ،‬يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬الجهل حجاب الرؤية ‪ ،‬والعلم حجاب الرؤية ‪ ،‬انا الظاهر ال حجاب وانا الباطن‬

‫‪316‬‬
‫“ ‪“ 317‬‬
‫ال كشوف ‪ ،‬وقال لي من عرف الحجاب اشرف على الكشف “ ( موقف رقم ‪ 29‬ص‬
‫‪. ) 53‬‬
‫“ وقال لي ‪ :‬إذا رأيتني ستوى الكشف والحجاب “ ( موقف رقم ‪ 31‬ص ‪. ) 55‬‬
‫“ فرأيت العيون كلها تنظر إلى وجهه [ الحق ] شاخصة فتراه في كل شيء احتجبت به‬
‫ق َوفِّي أ َ ْنفُ ِّس ِّه ْم “‪] 53 / 41‬‬
‫وإذا اطرقت رأته فيها [ إشارة إلى اآلية ‪ ”:‬فِّي ْاآلفا ِّ‬
‫“ ( موقف رقم ‪ 47‬ص ‪. ) 76‬‬
‫“ ‪ . . .‬واال بداء كله يحجبك [ العبد ] عني [ الحق ] ‪ ،‬نفسك حجابك ‪ ،‬وعلمك حجابك‬
‫ومعرفتك حجابك ‪ ،‬وأسماؤك حجابك ‪ ،‬وتعرفي إليك حجابك “ ‪ ( . . .‬موقف رقم ‪14‬‬
‫ص ‪. ) 31‬‬

‫) ‪( 4‬يقول عبد الرحمن الجامي في كتابه ترجمة اللوائح ص ‪ 12‬الالئحة السابعة‬


‫والعشرون ‪ “ :‬أعظم الحجب لجمال وحدة الحقيقة ‪ .‬التقييدات والتعينات التي وقعت في‬
‫ظاهر الوجود بواسطة تلبسه باحكام األعيان الثابتة وآثارها في حضرة العلم “ ‪. . .‬‬
‫) ‪( 5‬ان النظرة االيجابية للحجاب تخطت التناقض الظاهر في موقف النفس ‪ :‬من‬
‫َّللا بدليل الحديث “ من عرف نفسه عرف ربه‬ ‫حيث إنها من ناحية طريقه إلى معرفة ّ‬
‫َّللا ألنها تعوق ادراكه الموضوعي المباشر ‪.‬‬ ‫“ ‪ ،‬ومن ناحية أخرى حجاب عن معرفة ّ‬
‫) ‪( 6‬راجع كلمة “ قطب ‪( 7 ) “ .‬راجع كلمة “ تعين “ “ عين “‬
‫) ‪( 8‬إشارة إلى الحديث ‪ “ : .‬ان ّّلل سبعين حجابا من نور وظلمة لو كشفها ال‬
‫حرقت سبحات وجهه ما انتهى اليه بصره ‪“ .‬‬
‫(انظر تخريج الحديث في المعجم المفهرس أللفاظ الحديث النبوي ونستك ج ‪ 2‬ص‬
‫‪. ) 395‬‬
‫َصيرا ً‬ ‫) ‪( 9‬إشارة إلى اآلية” ِّإ َّن ْال ُمنافِّ ِّقينَ فِّي الد َّْر ِّك ْاأل َ ْسفَ ِّل ِّمنَ النَّ ِّ‬
‫ار َولَ ْن ت َ ِّج َد لَ ُه ْم ن ِّ‬
‫‪“[ 4 / 145 ] .‬‬
‫) ‪( 10‬ان كل موجود يتحول عند الشيخ ابن العربي من “ حجاب “ على الحق إلى‬
‫“ باب “ يدخل منه على الحق ‪ ،‬الن كل موجود هو تجل وتعين للحق ‪ ،‬فيحتفظ بامكان‬
‫االيصال اليه مع “ حجبه ‪“ .‬‬
‫َّللا تعالى ان يجعل لنا كل‬ ‫يقول ‪ . . . “ :‬والعوايق موانع والعاليق دوافع ‪ ،‬فنسأل ّ‬
‫عايقة دليال وكل عالقة برهانا ‪ ،‬وال يقطعها عنا قبل معرفتنا بوجه الحق منها ‪. . .‬‬
‫“ ( رسالة تنقيح الفهوم ‪ -‬مخطوط الظاهرية رقم ‪ 4865‬ص ‪30‬ب )‬
‫وهكذا يحتفظ الحجاب بوجهيه فهو يمنع ويقطع نوعا من الطالبين ‪ ،‬الذي ال يستطيعون‬
‫ان يعرفوا وجه الحق فيه ‪ ،‬كما يوصل نوعا آخر من الطالبين ‪.‬‬
‫) ‪( 11‬ان الحجب ليست بمكانة واحدة بل فيها حجب دنيا وحجب عليا ‪ .‬الحجب الدنيا‬
‫مثل حجاب النفس والطبع والشهوات ‪ . . .‬والحجب العليا هي التعينات والعلم‬
‫والمحبة ‪ . . .‬نورد مقطعين من ابن العربي في األول يظهر حجاب الطبع كنموذج‬
‫عن الحجب الدنيا وهي منفرة يسعى السالك للتخلص منها ‪ .‬وفي المقطع الثاني يظهر‬
‫حجاب ارفع ال يسعى السالك إلى التخلص منه بل إلى العبور منه إلى مقام أعلى‬
‫وحجاب أعلى ‪.‬‬

‫‪317‬‬
‫“ ‪“ 318‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ان العالم لم يزل في حال عدمه [ ثبوته ‪ .‬راجع ‪ :‬ثبوت ] مشاهد الواجب‬
‫الوجود ‪ . . .‬ولهذا لم ينكره أحد من الممكنات في حال وجوده ‪ ،‬اال ان هذا الموجود‬
‫االنساني وحده من بين العالم ‪ ،‬اشرك بعضه به [ واجب الوجود ] فمن غلب عليه‬
‫[ من الممكنات ] حجاب الطبع وهو ما اعتاد ان يسمع ويطيع ويعبد باألصالة ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ‪. ) 308 / 3‬‬
‫“ وقال الغوث [ راجع الغوث ] ‪ :‬المحبة حجاب بين المحب والمحبوب فإذا افاق‬
‫المحب عن المحبة وصل بالمحبوب ‪ . . .‬يا غوث من سألني عن الرؤية بعد العلم فهو‬
‫محجوب بعد ‪ ( “ . . .‬الرسالة الغوثية ‪ .‬مخطوط الظاهرية رقم ‪6824‬ص ‪ 79‬أ ) ‪.‬‬
‫وهذه النظرة الهرمية إلى الحجاب تجد جذورها عند الغزالي في مشكاة األنوار حيث‬
‫يتكلم على المحجوبين بالظلمة المحضة ‪ ،‬والمحجوبين بنور مقرون بظلمة ‪،‬‬
‫والمحجوبين بمحض األنوار كما يشير إلى ‪ :‬الحجاب الظلماني والحجاب النوراني ‪.‬‬
‫انظر مشكاة األنوار ‪ :‬وتصدير عفيفي ص ‪. 23‬‬

‫) ‪( 12‬راجع شرح هذا المقطع من فصوص الحكم في “ شرح جواهر النصوص في‬
‫حل كل الفصوص “ للنابلسي ج ‪ 1‬ص ص ‪. 45 - 44‬‬
‫وفي شرح جامي على هامش شرح النابلسي المذكور ج ‪ 1‬ص ‪. 51 - 50‬‬

‫‪ - 160‬الحجاب األعلى‬
‫الحجاب االعلى هو القطب أو الغوث ‪.‬‬
‫انظر “ حجاب "‪.‬‬

‫‪ - 161‬الحجاب األقرب‬
‫الحجاب األقرب هو عين الممكن نفسه ‪.‬‬
‫انظر “ حجاب "‪.‬‬

‫‪ - 162‬المحادثة‬
‫انظر خطاب الهي ‪:‬‬
‫المعنى ( األول ) القسم ( ‪ ) 2‬الفقرة ( ثانيا ) ‪.‬‬

‫‪318‬‬
‫“ ‪“ 319‬‬

‫‪ - 163‬الح ّد الفاصل‬
‫انظر “ انسان كامل "‪.‬‬

‫الحر‬
‫ّ‬ ‫‪– 164‬‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الحاء والراء في المضاعف له أصالن ‪ :‬فاألول ما خالف العبودية وبريء من العيب‬
‫والنقص ‪ .‬يقال هو حر بين الحررية والحرية والثاني ‪ :‬خالف البرد ‪ ،‬يقال هذا يوم‬
‫حر ويوم حار ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة مادة “ حر “ )‬‫ّ‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫ورد األصل “ حر “ في القرآن باألصلين اللغويين السالفين ‪:‬‬
‫( أ ) في مقابل العبودية‬
‫ير َرقَبَ ٍة ُمؤْ ِّمنَ ٍة “[ ‪] 92 / 4‬‬ ‫طأ ً فَت َ ْح ِّر ُ‬
‫قال تعالى ‪َ ” :‬و َم ْن قَت َ َل ُمؤْ ِّمنا ً َخ َ‬
‫صاص فِّي ْالقَتْلى ْال ُح ُّر بِّ ْال ُح ِّ ّر َو ْالعَ ْب ُد بِّ ْالعَ ْب ِّد ‪/ 2 [“ .‬‬ ‫ُ‬ ‫علَ ْي ُك ُم ْال ِّق‬
‫ب َ‬‫قال تعالى ‪ُ ” :‬كتِّ َ‬
‫‪]178‬‬
‫الحر في مقابل البرد ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫(ب)‬
‫ش ُّد َح ًّرا لَ ْو كانُوا يَ ْفقَ ُهونَ ‪] 81 / 9 [“ . . .‬‬ ‫نار َج َهنَّ َم أ َ َ‬ ‫قال تعالى ‪ ” :‬قُ ْل ُ‬
‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫يأخذ الشيخ ابن العربي الحرية في مقابل العبودية للعالم ‪ ،‬الن االنعتاق أو التحرر من‬
‫العبودية للعالم ممكنة ‪ ،‬بل مطلوبة عند الشيخ األكبر والصوفية عامة ‪ ،‬اما أن تؤخذ‬
‫الحرية في مقابل العبودية للحق فهذا ما ال يمكن االنعتاق عنه مطلقا ‪ ،‬فاالنسان ال ينفك‬
‫عن عبوديته للحق ‪ .‬بل ال يتحرر اال في كمال العبودية الحقة ‪.‬‬
‫فالعبد الكامل هو الحر ‪ .‬انظر “ العبد الكامل “ ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫َّللا ‪ ،‬فهو حر عن ما‬
‫) ‪“( 1‬فالحرية عند القوم [ الصوفيّة ] من ال يسترقه كون اال ّ‬
‫َّللا ‪ ،‬فالحرية عبودية محققة ّّلل ‪ ( “ . . .‬ف ‪)227 / 4‬‬
‫سوى ّ‬

‫‪319‬‬
‫“ ‪“ 320‬‬

‫) ‪“( 2‬فإذا وقف الممكن مع عينه كان حرا ال عبودية فيه ‪ ،‬وإذا وقف مع استعداداته‬
‫كان عبدا فقيرا ‪ ( “ . . .‬ف ‪) 227 / 4‬‬
‫“ ‪ . . .‬من لم تمت في صدره العوالم فهو محجوب ‪ .‬فإن وصل هاهنا فهو حر ‪،‬‬
‫والعبودية فوق هذا المقام ‪ ( “ . . .‬شجون المشجون ق ‪ 35‬أ ) ‪.‬‬

‫‪ – 165‬الحرف‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الحاء والراء والفاء ثالثة أصول ‪ :‬ح ّد الشيء ‪ ،‬والعدول ‪ ،‬وتقدير الشيء ‪.‬‬
‫فاما الح ّد فحرف كل شيء حده ‪ ،‬كالسيف ‪. . .‬‬
‫واألصل الثاني ‪ :‬االنحراف عن الشيء كتحريف الكالم ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة ‪.‬‬
‫مادة حرف ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫ورد األصل “ حرف “ في القرآن بالمعنيين اللغويين المشار اليهما أعاله ‪ ،‬بمعنى حد‬
‫وطرف ‪ -‬وبمعنى االنحراف ‪.‬‬
‫على َح ْرفٍ ‪1‬فَإِّ ْن أَصابَهُ َخي ٌْر ْ‬
‫اط َمأ َ َّن بِّ ِّه‬ ‫اس َم ْن يَ ْعبُ ُد َّ َ‬
‫َّللا َ‬ ‫) ‪ ” ( 1‬قال تعالى ‪َ :‬و ِّمنَ النَّ ِّ‬
‫“[‪] 22 11 /‬‬
‫عقَلُوهُ‬ ‫َّللا ث ُ َّم يُ َح ِّ ّرفُونَهُ ِّم ْن بَ ْع ِّد ما َ‬ ‫يق ِّم ْن ُه ْم يَ ْس َمعُونَ َك َ‬
‫الم َّ ِّ‬ ‫) ‪ ( 2‬قال تعالى ‪َ ” :‬وقَ ْد كانَ فَ ِّر ٌ‬
‫“[ ‪] 75 / 2‬‬
‫عند الشيخ ابن العربي ‪: 2‬‬
‫*الحرف هو اجزاء كلمة الحق المقولة ‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ الحرف ‪ . . .‬ما يخاطبك به الحق من العبارات ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪. ) 130 / 2‬‬

‫الحرف هو كل حقيقة مفردة في اي عالم من العوالم ‪ ،‬تسمى في عالم الثبوت ‪:‬‬


‫حرفا غيبيا ‪.‬‬
‫وفي عالم الوجود العيني ‪ :‬حرفا عينيا ‪. . 3‬‬
‫وهذه الحقائق بتركيبها تظهر الكلمات ‪.‬‬
‫فاالنسان مثال كلمة من حيث إنه يجمع في ذاته حقائق متعددة ( حروف )‪.‬‬

‫‪320‬‬
‫“ ‪“ 321‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ فتسمى [ كلمات العالم ‪ -‬حقائق العالم ] في االنسان حروفا من حيث آحادها وكلمات‬
‫من حيث تركيبها ‪ ،‬كذلك أعيان الموجودات حروف من حيث آحادها وكلمات من حيث‬
‫امتزاجها “ ( فتوحات ‪. ) 392 / 2‬‬
‫“ان الوجود لحرف أنت معناه *** وليس لي امل في الكون اال هو‬
‫الحرف معنى ومعنى الحرف ساكنه *** وما تشاهد عين غير معناه‬
‫عز االله فما يحويه من أحد *** وبعد هذا فإنا قد وسعناه”‬
‫( ف ‪) 321 - 320 / 2‬‬
‫ّ‬
‫وبين‬ ‫وال يتسع المجال لذكر كل ما فصله الشيخ األكبر في الحروف إذ توسع بها‬
‫خصائص كل حرف منها وفاعليته في الكون ‪. 4‬‬
‫كما أوضح بصفحات عديدة االنفعال الناتج عن تركيب بعض الحروف تركيبا‬
‫مخصوصا ‪5‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬انظر تفسير البيضاوي ج ‪ 2‬ص ‪ . 42‬اما معجم مقاييس اللغة فيفسر حرف هنا‬
‫“ بالوجه الواحد “ ( انظر مادة “ حرف “ )‬
‫شراح الشيخ ابن العربي ‪ :‬القيصري والنابلسي ‪ ،‬تلقي‬ ‫) ‪( 2‬ننقل نصوصا ثالثة عن ّ‬
‫ضوءا على نظرته في الحرف ‪ “ .‬ان الحقائق العلمية ان كانت معتبرة ال باحوالها ‪:‬‬
‫حروف عينية ‪ ،‬ومع أحوالها ‪:‬‬
‫كلمات عينية ‪ .‬والوجودية [ الحقائق ] بال أحوالها ‪ :‬حروف وجودية ‪.‬ومعها ‪ :‬كلمات‬
‫وجودية ‪ ( “ . . .‬رسالة في علم الحقائق ‪ .‬القيصري ‪ .‬ورقة ‪ 3‬ب ‪) .‬‬
‫“ والحقائق ثالث ‪ :‬اسم وفعل وحرف ‪ ،‬كما هو في اصطالح علماء اللسان العربي ‪.‬‬
‫فاالسم ‪ :‬ذات ‪ ،‬والفعل ‪ :‬صفة ‪ ،‬والحرف ‪ :‬طرف ‪ ،‬وهو األثر الظاهر للذات بالصفة‬
‫‪ -‬والذات هي الذات اإللهية والفعل ظهورها بالصفات الربانية والحرف اثار تلك‬
‫َّللا خير بعد الفناء النابلسي ‪ .‬ق ق ‪107‬أ ‪ 108 -‬ب ) ‪.‬‬ ‫الصفات ‪ ( “ . . .‬بقية ّ‬
‫“ ‪ . . .‬حرف الهي من االنحراف وهو التوجه ‪ ،‬والحروف كلها انحرافات الهية‬
‫بمعلومات كونية لها وجهان ‪ ،‬وجه إلى الرب ووجه إلى العبد “ ‪ ( . . .‬ورد الورود ‪.‬‬
‫النابلسي ‪ .‬ق ق ‪. ) 8 - 7‬‬
‫) ‪“ ( 3‬فكل حقيقة على انفرادها من حيث ثبوتها وتميزها في علم الحق تكون ‪ :‬حرفا‬
‫غيبيا ‪. . .‬‬
‫ومن حيث إن الحقائق ‪ ،‬منها تابعة ومنها متبوعة ‪ ،‬والتابعة أحوال للمتبوعة وصفات‬
‫ولوازم كانت المتبوعة باعتبار إضافة أحوالها إليها أو تبعيتها لها حال تعقلها خالية عن‬
‫الوجود ‪ :‬كلمة غيبية ‪ .‬وباعتبار تعقل الماهية المتبوعة منصبغة بالوجود مفردة عن‬
‫لوازمها ‪ . . .‬تكون ‪ :‬حرف وجوديا “ ‪. . .‬‬
‫( اعجاز البيان ‪ .‬القونوي ‪ .‬ص ص ‪. ) 86 - 85‬‬

‫‪321‬‬
‫“ ‪“ 322‬‬
‫) ‪( 4‬لقد كانت نظرة الشيخ ابن العربي إلى الحرف ذات صبغة خاصة وهي ما نسميه‬
‫“ علم الجفر “ ‪ ،‬وهذه النظرة سارية في مؤلفات الصوفية عامة ‪.‬‬
‫راجع ‪:Massignon la passion T 3 p . p 105 - 107-‬رسائل اخوان‬
‫الصفاء ج ‪ 3‬ص ص ‪، 141 - 143‬‬
‫‪-‬ابن سبعين وفلسفته الصوفية ‪ .‬أبو الوفا التفتازاني ص ص ‪ ( 436 - 433‬الذكر‬
‫والتصرف في األكوان بالحروف ) ‪ .‬ص ص ‪. 142 - 140‬‬
‫ونالحظ ان الشيخ ابن العربي رغم تأثره الواضح بالنفري اال انه لم يعط الحرف ابعادا‬
‫صوفية يظهر فيها مرادفا للسوى والحجاب ‪ ،‬وله بعدان ‪ :‬ظاهر وباطن ‪.‬‬
‫فليراجع ‪:‬‬
‫‪-‬مواقف النفري ‪ .‬موقف رقم ‪ 67‬بعنوان ‪ :‬موقف المحضر والحرف ص ص ‪- 114‬‬
‫‪. 122‬‬
‫‪-‬وقد شرح األب نويا بتوسع نظرية النفري في الحرف مما ال يسمح بتردادها هنا ‪.‬‬
‫انظر ) ‪Exegese Coranique p . p 363 - 376( 5‬انظر مراجع الحرف‬
‫عند الشيخ ابن العربي في كلمة “ الف “ كما يراجع ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات المكية ‪ .‬االسفار الستة ‪ .‬نشر عثمان يحيى ‪ .‬فهرس المفردات الفنية ‪ .‬مادة‬
‫حرف وما يتفرع عنها ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 1‬ص ‪ ( 191‬الفعل بالحرف والفعل بالهمة )‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪ ( 122‬خاصة تركيب الحروف واالنفعال عنها ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪ ( 319‬حروف هجاء وحروف معاني ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪. 367‬‬
‫‪-‬كتاب “ إزالة الشبهات عن قول األستاذ كنا حروفا عاليات ‪ “ .‬تأليف احمد خيري ‪.‬‬
‫طبع مطبعة السعادة ‪ .‬القاهرة ‪ 1370‬ه ‪ .‬ص ص ‪ . 45 - 41‬حيث يبين معنى حرف‬
‫عند الشيخ ابن العربي ‪.‬‬

‫‪ - 166‬حرف عال‬
‫َّللا القديم ‪ ،‬اي األعيان الثابتة‬
‫الحروف العاليات هي الحقائق المفردة المتميزة في علم ّ‬
‫قبل ظهورها في الوجود العيني ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“كنا حروفا عاليات لم نقل *** متعلقات في ذرا أعلى القلل‬
‫انا أنت فيه ونحن أنت وأنت هو *** والكل في هو هو فسل عمن وصل ‪2 ”1‬‬
‫) ‪ ( 1‬لم يوضح الشيخ ابن العربي قصده “ بالحرف العالي “ ولذلك كثرت الشروح‬
‫واختلفت األقوال ‪.‬‬

‫‪322‬‬
‫“ ‪“ 323‬‬

‫‪-‬يشرح القيصري هذين البيتين في رسالته في علم الحقائق ق ق ‪ 4‬ب ‪ 5 -‬ب ‪ -‬نستل‬
‫منها كالمه في عبارة “ حروف عاليات “‬
‫‪ . . . “ :‬إشارة إلى الحقائق المسماة باألعيان الثابتة أزلية غير مجعولة ‪ . . .‬في علم‬
‫الحق سبحانه ‪ . . .‬كنا حروفا ‪ :‬اي حقائق عينية باثبات في الحضرة العلمية من جملة‬
‫األعيان الثابتة “ ‪ ( . . .‬ورقة ‪ 4‬ب ) ‪.‬‬
‫‪-‬وقد افرد احمد خيري كتابا في ‪ 230‬صفحة لشرح بيتي الشيخ ابن العربي هذين ‪.‬‬
‫سماه “ إزالة الشبهات عن قول األستاذ كنا حروفا عاليات “ ‪ .‬فليراجع ‪ .‬وخصوصا‬
‫ص ص ‪، 52 - 35‬‬
‫‪-‬ويقول النابلسي في ورد الورود في شرح الحروف العاليات ‪ “ :‬فالحروف العاليات‬
‫اي المنزهات المقدسات عن الكونية “ ( ورقة ‪. ) 14‬‬

‫) ‪( 2‬رسالة في علم الحقائق ‪ .‬القيصري ‪ .‬ورقة ‪ 4‬أ ‪ .‬النص نفسه في كتاب “ إزالة‬
‫الشبهات “ احمد خيري ‪ .‬ص ‪. 35‬‬

‫‪ - 167‬قيّوم الحروف‬
‫راجع “ الف "‪.‬‬

‫‪ – 168‬الحضرة‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الحاء والضاد والراء ايراد الشيء ‪ ،‬ووروده ومشاهدته ‪ .‬وقد يجيء ما يبعد عن هذا‬
‫وان كان األصل واحدا ‪ . . .‬وحضرة الرجل ‪ :‬فناؤه “ ‪. . .‬‬
‫( معجم مقاييس اللغة ‪ .‬مادة “ حضر “ ) ‪.‬‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫*كل حقيقة ‪ 1‬من الحقائق اإللهية أو الكونية ‪ ،‬مع جميع مظاهرها في كل العوالم‬
‫تشكل حضرة ‪ ،‬هي حضرة الحقيقة المشار إليها ‪.‬‬
‫مثال ‪ :‬القدرة هي حقيقة الهية يرجع إليها كل مظهر للقدرة في العوالم كافة ‪.‬‬
‫من حيث إن كل قدرة في العوالم هي مظهر وتجل للقدرة اإللهية ‪.‬‬
‫فالقدرة اإللهية مع جميع مظاهرها وتجلياتها من حيث تميّزها عن بقية الحقائق اإللهية‬
‫‪ ،‬تشكل حضرة هي ‪ :‬حضرة القدرة ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬

‫‪323‬‬
‫“ ‪“ 324‬‬

‫ّلل ْاألَسْما ُء ْال ُحسْنى “[ ‪ ] 180 / 7‬وليست سوى الحضرات‬‫َّللا تعالى” َو ِّ َّ ِّ‬
‫) ‪ “ ( 1‬قال ّ‬
‫َّللا عنها باألسماء الحسنى‬
‫اإللهية ‪ . . .‬فلنذكر ‪ . . .‬الحضرات اإللهية التي كنى ّ‬
‫حضرة حضرة ولنقتصر منها على مائة حضرة ‪ . . . 2‬فمن ذلك الحضرة اإللهية‬
‫َّللا ‪ . . .‬وهي الحضرة الجامعة للحضرات كلها ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪/ 4‬‬ ‫وهي االسم ّ‬
‫‪. ) 196‬‬
‫“ ان الحضرات اإللهية ال تكاد تنحصر ألنها نسب ‪ . . .‬وكل اسم الهي هو حضرة ‪،‬‬
‫ومن أسمائه ما نعلم ومنها ما ال نعلم ‪ [ . . .‬و ] كل ما يفتقر اليه هو اسم من أسمائه‬
‫تعالى ‪ ( “ . . . 3‬ف ‪. ) 318 / 4‬‬
‫َّللا ‪ ،‬وليس للحق ‪ . . .‬مجلى ‪ 4‬اال العالم ‪،‬‬
‫“ ) ‪( 2‬فمن أحب العالم لجماله فإنما أحب ّ‬
‫وهنا سر نبوي الهي خصصت به من حضرة النبوة ‪ 5‬مع كوني لست بنبي واني‬
‫لوارث ‪ ( “ . . . 6‬ف ‪. ) 269 / 4‬‬

‫ينتج عن التعريف األول الذي ذكرنا لكلمة “ حضرة “ ‪ ،‬ان عددها في الكون ال‬
‫ينحصر الن الحقائق ال تنحصر ‪ -‬ولكن الحضرات اإللهية يرجعها الشيخ ابن العربي‬
‫إلى أصول أمهات تجمعها ‪ ،‬كما ارجع كثرة األسماء اإللهية إلى أمهات ‪. 7‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫) ‪“ ( 1‬وصدر عن أم الكتاب الذي عنده حضرة تسمى أم الجمع ‪ ،‬ادخلني الحق إياها‬
‫وفرع سبحانه من هذه الحضرة الجامعة التي‬ ‫فرأيتها ورأيت ظاهرها وباطنها ‪ّ . . .‬‬
‫َّللا ‪ :‬في السماء واألرض وما بينهما وما‬
‫اختصها لنفسه ‪ ،‬حضرات ال يعلم عددها اال ّ‬
‫تحت الثرى ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪. ) 582 / 2‬‬
‫“ وله [ التجلي الصمداني ] أربعة آالف حضرة ‪ ( “ . . .‬مواقع النجوم ‪ .‬ص‬
‫‪. ) 159‬‬
‫) ‪“ ( 2‬وكل مقام فاما الهي أو رباني أو رحماني ‪ 8‬غير هذه الثالث الحضرات ال‬
‫يكون ‪ ،‬وهي تعم جميع الحضرات وعليها يدور الوجود ‪ ،‬وبها تنزلت الكتب وإليها‬
‫ترتقي المعارج ‪.‬‬
‫َّللا والرب والرحمن ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪/ 2‬‬
‫والمهيمن عليها ثالثة أسماء الهية ‪ّ :‬‬
‫‪. ) 176‬‬
‫****‬
‫الحضرة هي ‪ :‬كل مجموع حقائق تآلفت بشكل مخصوص يعطي حقيقة جديدة‬

‫‪324‬‬
‫“ ‪“ 325‬‬

‫واحدة مركبة لها خصائص مميّزة وصورة واضحة ‪ .‬مثال ‪ :‬الخيال هو حقيقة واحدة‬
‫مركبة من مجموع حقائق مفردة ‪ ،‬تألفت بشكل معين يعطي خصائص واضحة‬
‫موضوعية ‪ ،‬وهذه الحقيقة تسمى ‪ :‬حضرة الخيال ‪. 9‬‬
‫وهكذا يسمى الشيخ ابن العربي كل “ مجموع حقائق ش ّكل وحدة “ ‪ :‬حضرة ‪. 10‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬الحضرة االنسانية ‪ 11‬كالحضرة اإللهية ال بل هي عينها ‪ 12‬على ثالث‬
‫مراتب ‪ :‬ملك وملكوت وجبروت ‪ 13‬وكل واحدة من هذه المراتب تنقسم إلى ثالث‬
‫فهي تسعة ‪ . . .‬فتمتد من كل حقيقة من التسعة الحقية رقائق ‪ 14‬إلى التسعة الخلقية ‪،‬‬
‫وتنعطف من التسعة الخلقية رقائق على التسعة الحقية “ ‪ ( . . .‬فتوحات ‪. ) 54 / 1‬‬
‫“ قال [ إبراهيم ] البنه ‪ِّ ”:‬إ ِّنّي أَرى فِّي ْال َم ِّ‬
‫نام أ َ ِّنّي أ َ ْذبَ ُح َك “[ ‪] 102 / 37‬‬

‫والمنام حضرة الخيال فلم يعبرها ‪ . . .‬فالتجلي الصوري في حضرة الخيال محتاج‬
‫للا تعالى بتلك الصورة ‪. . .‬‬ ‫إلى علم آخر يدرك به ما أراد ّ‬
‫ومعنى التعبير ‪ :‬الجواز من صورة ما رآه إلى امر آخر ‪ ،‬ان موطن الخيال ‪ 15‬يطلب‬
‫التعبير ‪ ( “ . . .‬فصوص ‪. ) 86 - 85 / 1‬‬
‫****‬
‫ان كل نسبة بين الحق والخلق تؤلف حضرة ‪ ، 16‬من حيث إن العبد يحضر ‪ 17‬فيها‬
‫مع الحق من هذه النسبة ‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫عرف عباده ان له حضرات معينة ألمور دعاهم إلى طلب دخولها‬ ‫َّللا تعالى قد ّ‬
‫“ ان ّ‬
‫وتحصليها منه ‪ ،‬وجعلهم فقراء إليها ‪ . . .‬فمنها حضرة المشاهدة وهي على منازل‬
‫مختلفة وان عمتها حضرة واحدة ‪ . . .‬ومنها حضرة المكالمة ‪ . . .‬ومنها حضرة‬
‫السماع ‪ . . .‬ومنها حضرة التعليم “ ‪ ( . . .‬فتوحات ‪. )601 / 2‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬راجع “ حقيقة ‪“ .‬‬
‫) ‪( 2‬ان لكل اسم من األسماء اإللهية حضرة ‪ ،‬وهي مؤلفة من االسم اإللهي [ ‪-‬‬
‫الحاكم والمهيمن على الحضرة ] مع جميع تجلياته في كل العوالم ‪.‬‬
‫وسنذكر بعض هذه الحضرات التي يتكلم عليها الشيخ األكبر ‪ ،‬بأسمائها فقط ‪ ،‬فهي‬
‫كافية لوضع خطوط لوحة الوجود العريضة عنده ‪.‬‬
‫‪-‬الحضرة الربية ‪ -‬حضرة الرحموت ‪ -‬حضرة الملك ‪ -‬حضرة التقديس ‪ -‬حضرة‬
‫السالم ‪ -‬حضرة األمان ‪ -‬حضرة الشهادة ‪ -‬حضرة العزة ‪ -‬حضرة الجبروت ‪ -‬حضرة‬
‫كسب الكبرياء ‪ -‬حضرة‬

‫‪325‬‬
‫“ ‪“ 326‬‬
‫الخلق واالمر ‪ -‬حضرة البارئية ‪ -‬حضرة التصوير ‪ -‬حضرة اسبال الستور ‪ -‬حضرة‬
‫القهر ‪ -‬حضرة الوهب ‪ -‬حضرة االرزاق ‪ -‬حضرة الفتح ‪ -‬حضرة العلم ‪ -‬حضرة‬
‫القبض ‪ -‬حضرة البسط ‪ -‬حضرة الخفض ‪ -‬حضرة الرفعة ‪ -‬حضرة االعزاز ‪-‬‬
‫حضرة السمع ‪ -‬حضرة البصر ‪. . .‬‬
‫فلتراجع هذه الحضرات مع ما بقي منها [ عددها ‪ ] 100‬في الفتوحات ج ‪ 4‬ص ص‬
‫‪. 326 - 198‬‬

‫) ‪( 3‬نجد في هذا النص ان الحضرات اإللهية هي األسماء اإللهية ولكنها ال تنحصر‬


‫بالعدد مائة كما في النص األول ‪ .‬بل يزداد عددها ليشمل مقصود الشيخ ابن العربي‬
‫باالسم اإللهي ‪ .‬انظر “ اسم الهي ‪“ .‬‬
‫) ‪( 4‬انظر “ مجلى “‬
‫) ‪( 5‬انظر “ نبوة “‬
‫) ‪( 6‬انظر “ وارث “‬
‫) ‪( 7‬انظر “ أمهات األسماء “‬
‫) ‪( 8‬راجع “ مقام “‬
‫) ‪( 9‬راجع “ خيال ‪“ .‬‬
‫) ‪( 10‬راجع “ عالم “‬
‫) ‪( 11‬الحقيقة االنسانية ‪ ،‬المؤلفة من مجموع حقائق شك ّل وحدة ‪ ،‬هي ‪ :‬حضرة ‪.‬‬
‫) ‪( 12‬انظر “ وحدة وجود “‬
‫) ‪( 13‬انظر “ عالم “‬
‫) ‪( 14‬انظر “ رقيقة “‬
‫) ‪( 15‬وهكذا الخيال يفرد له الشيخ ابن العربي حضرة ‪ ،‬ألنه عبارة عن عالم منفرد‬
‫له خصائص موضوعية أحدها ما ظهر من النص وهو التعبير ‪ .‬راجع “ خيال ‪“ .‬‬
‫يراجع بشأن “ حضرة الخيال “ عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬الفصوص ج ‪ 1‬ص ‪ 123 - 100 - 99 ، 86 - 85‬ج ‪ 2‬ص ‪. 74‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪. 525 ، 510 ، 509 ، 365 ، 364 ، 361 ، 198‬‬
‫) ‪( 16‬بخصوص كلمة حضرة عند الشيخ ابن العربي ‪ ،‬فليراجع باإلضافة إلى ما‬
‫ذكرنا ‪ : -‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪ ( 37‬حضرة الجمع ) ‪ ،‬ص ‪ ( 136‬حضرة المثال ) ‪،‬‬
‫ص ‪ (334‬حضرة القرآن ) ‪ ،‬ص ‪ ، 345‬ص ‪ ( 364‬حضرة المحسوسات ‪-‬‬
‫حضرة المعاني المجردة ) ‪ ،‬ص ‪ ( 385 ، 370‬حضرة الحق ‪ -‬حضرة الخلق ‪-‬‬
‫حضرة االمر ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪. 407 ، 306‬‬
‫‪-‬رسالة ال يعول ص ‪. 3‬‬
‫‪-‬االسرا إلى المقام االسرى ص ‪. 53‬‬
‫‪-‬انشاء الدوائر ص ‪32 - 31‬‬
‫‪-‬شق الجيوب ورقة ‪ ( 72 - 71‬تنزل الذات اإللهية لكل حضرة )‬

‫‪326‬‬
‫“ ‪“ 327‬‬

‫‪-‬منزل القطب ‪ .‬ص ‪. 4‬‬


‫‪-‬رسالة االتحاد الكوني ورقة ‪ 147‬ب ( أمهات األكوان ‪ -‬الحضرات الخمس ‪:‬‬
‫االنسان الكلي ‪ ،‬القلم االعلى ‪ ،‬اللوح المحفوظ ‪ ،‬الهباء ‪ ،‬الجسم ‪) .‬‬
‫‪-‬مواقع النجوم ص ‪. 159 ، 152 ، 20‬‬
‫‪-‬االصطالحات ص ‪ ( 297‬كلمة الحضرة ‪ -‬كن ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفصوص ج ‪ 2‬ص ‪ ( 70 ، 26‬الحضرات الخمس ) ‪. 74 ،‬‬
‫‪-‬نسخة الحق ورقة ‪ 29‬ب ( الحضرة الجامعة ‪ -‬االنسان ) ‪.‬‬
‫‪-‬شرح تائية ابن الفارض ‪ .‬القيصري ‪ .‬ورقة ‪ ( 11‬الحضرات الخمس ) ‪.‬‬
‫‪-‬مطلع فصوص الكلم ‪ .‬القيصري ‪ .‬ورقة ‪ ( 18‬الحضرات الخمس ) ‪.‬‬
‫‪-‬لطائف االعالم ق ق ‪ 78‬ب ‪ 80 -‬ب ‪ .‬حيث يورد ‪ 36‬حضرة ‪.‬‬
‫‪-‬رسالة في علم الحقائق ‪ .‬القيصري ‪ .‬ورقة ‪ 3‬أ ‪ ( .‬الحضرات الخمس ) ‪.‬‬
‫اعجاز البيان ‪ .‬القونوي ‪ .‬ص ص ‪ ( 5 - 3‬الحضرات الخمس ‪ ،‬الغيبية العلمية ‪-‬‬
‫الظهور ‪ -‬الجمع والوجود ‪ -‬عالم األرواح ‪ -‬الكتب المنزلة ) ‪.‬‬

‫) ‪( 17‬يقول النابلسي في شرح كلمة “ حضرة “ في الصالة الكبرى للشيخ ابن‬


‫العربي ‪ ( “ :‬الحضرات اإللهية ) جمع حضرة وهي ما يحضر الحق تعالى به من‬
‫عوالم االمكان ‪ ،‬بحيث يغيب العبد عن شهوده نفسه وغيره ‪ ،‬ويحضر عنده ربه متجليا‬
‫بكل شيء “ ( ورد الورود ‪ .‬ورقة ‪. ) 6‬‬
‫كما يراجع لفظ “ حضور “ ‪.‬‬

‫‪ - 169‬الحضرة اإللهيّة‬
‫ان كل اسم الهي مع تجلياته في الكون هو حضرة الهية [ نكرة ] ‪ ،‬اما الحضرة اإللهية‬
‫[ معرفة ] ‪ ،‬فهي الذات اإللهية مع صفاتها وافعالها في مقابل الحضرة االنسانية‬
‫[ مظاهر الحضرة اإللهية وتجلياتها ] ‪.‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫“ آدم الذي هو البرنامج الجامع لنعوت الحضرة اإللهية التي هي الذات والصفات‬
‫واالفعال ‪ ( “ . . .‬فصوص ‪. ) 199 / 1‬‬
‫“ الحضرة اإللهية وهي عبارة عن الذات والصفات واالفعال “ ( فتوحات ‪/ 2‬‬
‫‪. ) 173‬‬

‫‪327‬‬
‫“ ‪“ 328‬‬
‫‪ - 170‬الحضور‬
‫*الحضور هو تنبه خاص يطرأ على قلب العبد إلى امر معين ‪ 1‬فيحضر معه ‪ ،‬وفي‬
‫هذه الحال تفترض الغيبة ‪ 2‬عما سوى هذا االمر ‪ ( 3‬الحضور يقابل الغفلة ) ‪.‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫“ فنبه [ الحق ] ‪ . . .‬قلوب العارفين لئال تشغلهم العوارض في الحياة الدنيا عن‬
‫استحضار مثل هذا [ ان يكون هيولى لصور المعتقدات كلها ‪ .‬انظر “ اله المعتقدات‬
‫“ ] ‪ .‬فإنه ال يدري العبد في أي نفس يقبض ‪ .‬فقد يقبض في وقت غفلة فال يستوى مع‬
‫من قبض على حضور “ ( فصوص ‪. ) 113 / 1‬‬

‫“ ‪ . . .‬والخلوة تنتج الفكرة والفكرة ‪ 4‬تنتج الحضور ‪ ( “ . . .‬مواقع النجوم ‪ -‬ص‬


‫‪. ) 18‬‬
‫“ اعلم يا بني ‪ . . .‬ان السمع ال يحضر اال مع الحضور أعني حضور القلب ‪5 “ .‬‬
‫( مواقع النجوم ‪ -‬ص ‪. ) 72‬‬
‫“ الحضور ‪ : 6‬حضور القلب بالحق عند غيبته عن الخلق “ ( اصطالحات ص‬
‫‪. ) 288‬‬

‫ان الحضور ‪ ،‬كما رأينا ‪ ،‬عبارة عن تنبه يحصل للقلب ويظهر اثره على الجوارح ‪.‬‬
‫وهو يختلف في مراتب ظهوره في الخلق ‪ 7‬فمنه ‪ :‬التام وغير التام أو الكلي وغير‬
‫الكلي ‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫َّللا عن غفلة قط ‪ .‬وما بقي اال حضور باستفراغ له أو حضور بغير‬ ‫“ فما ذكر ‪ 8‬أحد ّ‬
‫استفراغ بل بمشاركة ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪. ) 36 / 4‬‬

‫َّللا منه ‪. . .‬‬


‫باّلل منه [ جبريل ] بجمعية منها ليخلصها ّ‬
‫“ فاستعاذت [ مريم ] ّ‬
‫َّللا ‪ ( “ . . .‬فصوص ‪.) 139 / 1‬‬
‫فحصل لها حضور تام ‪ 9‬مع ّ‬

‫‪328‬‬
‫“ ‪“ 329‬‬

‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬ان هذا “ االمر المعين “ هو دائما في نظر الصوفية ‪ :‬الحق ‪ ،‬فالحضور هو‬
‫حضور مع الحق ‪.‬‬
‫الن الحضور مع غيره ‪ :‬غيبة ‪ .‬فالحق مدار كل شيء في ألفاظهم ‪.‬‬
‫) ‪( 2‬انظر الرسالة القيشيرية ص ص ‪ ( 38 - 37‬الغيبة والحضور ) ‪.‬‬
‫) ‪( 3‬ننبه إلى العالقة الجدلية بين الغيبة والحضور ‪ ،‬فبقدر غيبة العبد عن الخلق‬
‫يحضر مع الحق والعكس بالعكس ‪ .‬يقول شيخنا األكبر ‪:‬‬
‫“ اعلم أنه ال تكون غيبة اال بحضور فغيبتك من تحضر معه ‪ . . .‬فكل غائب حاضر‬
‫وكل حاضر غائب ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪. ) 544 / 2‬‬
‫) ‪( 4‬الفكرة هي ذكر الشيء والتفكير فيه ‪ ،‬وذكر الشيء أول مراتب الحضور معه‬
‫بل المدخل الوحيد للحضور معه ‪.‬‬
‫) ‪( 5‬ان القلب هو القطب الرئيسي في االنسان منه تشع المواجيد التي تستجيب لها‬
‫الجوارح فتظهر فيها ‪ .‬فالسمع مثال ال يصل إلى مرتبة الحضور اال إذا كان القلب في‬
‫حالة حضور ‪ .‬فغفلة القلب ال تسمح بحضور اي حاسة من حواس االنسان ‪.‬‬
‫) ‪( 6‬راجع كتاب “ االرشاد “ ورقة ‪. 149‬‬
‫) ‪( 7‬يتوسع الشيخ ابن العربي بثالثة أوجه قسم الحضور إليها وهي ‪ :‬حضور العموم‬
‫‪ ،‬حضور الخصوص ‪ ،‬وحضور خصوص الخصوص ‪ ،‬راجع ‪ “ :‬األجوبة الاليقة عن‬
‫األسئلة الفايقة “ ورقة ‪ 8‬ب ‪.‬‬
‫) ‪( 8‬راجع “ ذكر ‪“ .‬‬
‫) ‪( 9‬يظهر من النص ان الحضور التام يفترض جمعية من االنسان ‪ ،‬اي استجماعه‬
‫لقواه كافة وتوجيهها للحضور مع المراد الحضور معه ‪ .‬وهذا االستجماع قد يكون في‬
‫الواقع استحضارا ‪ .‬انظر الفتوحات ج ‪. 376 / 3‬‬
‫كما يراجع “ جمع “ المعنى “ الرابع “ ‪.‬‬
‫***‬
‫‪ – 171‬الحال‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الحاء والواو والالم أصل واحد ‪ ،‬وهو تحرك في دور ‪ ،‬فالحول العام وذلك أنه يحول‬
‫‪ ،‬اي يدور ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة ‪ .‬مادة “ حول “ ) ‪.‬‬
‫“ حل “ ‪ .‬الحاء والالم له فروع كثيرة ومسائل ‪ ،‬وأصلها كلها عندي فتح الشيء ال يشذ‬
‫عنه شيء ‪ . . .‬حللت الشيء إذا أبحته واوسعته المر فيه ‪،‬‬
‫وحل ‪ :‬نزل ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة ‪ .‬مادة “ حل “ ) ‪.‬‬

‫‪329‬‬
‫“ ‪“ 330‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫الحال ‪ :‬اسم بمعنى صفة الشيء أو هيئته أو كيفيته لم ترد في القرآن ‪ .‬وانما ورد الفعل‬
‫حال ‪ .‬يحول ‪ :‬منع ‪َ ”.‬وحا َل بَ ْينَ ُه َما ْال َم ْو ُج فَكانَ ِّمنَ ْال ُم ْغ َر ِّقينَ “[ ‪. ] 43 / 11‬‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪1‬‬


‫لقد كثر الجدل في “ الحال “ وفي “ حليفه “ المقام ‪ -‬فهما رديفان ال يكادان يفترقان ‪-‬‬
‫في التصوف االسالمي قبل الشيخ ابن العربي ‪. 2‬‬
‫وال نجد ضرورة في ترديد كل ما قيل قبله ‪.‬‬
‫ألنه استوعب كل ثقافة عصره بما تحمله من تراث ‪ 3‬وأضاف إليها جديدا من تفرده‬
‫الشخصي بفكره المميز ‪.‬‬

‫كثيرا ما يورد الشيخ األكبر أقوال أهل الطائفة ممن سبقه ويخرج بها أفكاره ‪ .‬مما‬
‫يوقع القارئ في حيرة حول حقيقة رأيه ‪.‬‬
‫وقد نهج في اشتقاق الحال هذا النهج ‪ ،‬فنراه يورد اشتقاقين للفظ الحال مستندين إلى‬
‫نظرتين يتبناهما في الغالب ‪.‬‬
‫االشتقاق األول ‪ :‬الحال أصله ح ّل ‪ :‬قال به من رأى دوام األحوال دون ان يشهد انها‬
‫أمثال تتعاقب ‪ ( .‬انظر “ خلق جديد “ ) ‪.‬‬
‫االشتقاق الثاني ‪ ،‬الحال أصله حال ‪ ،‬يحول ‪ :‬قال به من رأى زوال األحوال في مقابل‬
‫ثبات “ المقام ‪“ .‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫) ‪“ ( 1‬فالمجاورة في الثبوت ‪ [ 4‬مجاورة العين وأحوالها ] حلول في الوجود ‪ ،‬ففي‬
‫الثبوت إلى جانبها ‪ ،‬وفي الوجود حا ّل فيها ‪ ( . . . “ 5‬فتوحات ‪) 81 / 4‬‬
‫َّللا الحال لم يكن له محل اال الذي يخلقه فيه ‪ ،‬فيحل فيه زمان وجوده‬
‫“ ‪ . . .‬فإذا خلق ّ‬
‫فلهذا اعتبره من اعتبره من الحلول ‪ :‬وهو النزول في المحل “ ( ف ‪. ) 385 / 2‬‬

‫) ‪“ ( 2‬الحال ‪ . . .‬هو ما يرد على القلب من غير تعمل وال اجتالب ‪ ،‬ومن شرطه ان‬
‫يزول ويعقبه المثل بعد المثل إلى أن يصفو ‪ ،‬وقد ال يعقبه المثل ومن هنا نشأ‬

‫‪330‬‬
‫“ ‪“ 331‬‬

‫الخالف بين الطائفة في دوام األحوال ‪ .‬فمن رأى تعاقب األمثال ولم يعلم أنها أمثال‬
‫قال بدوامه واشتقه من ‪ :‬الحلول ‪ ،‬ومن لم يعقبه مثل قال بعدم دوامه واشتقه من حال‬
‫يحول إذا زال وانشد في ذلك ‪.‬‬
‫لو لم تحل ما سميت حاال *** وكل ما حال فقد زاال‬
‫وقد قيل ‪:‬‬
‫الحال تغيّر األوصاف على العبد فإذا استحكم وثبت فهو المقام “ ( فتوحات ‪/ 2‬‬
‫‪) 132‬‬
‫“ الحال ما حال ‪ ،‬فالجود كله حال ال يصح الثبات على شأن واحد ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪4‬‬
‫‪. ) 370 /‬‬
‫َّللا تعالى ‪ . . .‬على اربع شعب ‪ :‬بواعث ودواع واخالق‬ ‫“ فاعلم أن الطريق إلى ّ‬
‫وحقائق ‪ . . .‬وجميع ما ذكرناه [ تفصيل الشعب األربع ‪ ] 6‬يسمى األحوال‬
‫والمقامات ‪.‬‬
‫فالمقام منها كل صفة يجب الرسوخ فيها وال يصح التنقل عنها ‪ 7‬كالتوبة ‪ ،‬والحال‬
‫منها كل صفة تكون في وقت دون وقت كالسكر والمحو والغيبة والرضى ‪ ،‬أو يكون‬
‫وجودها مشروطا بشرط فتنعدم لعدم شرطها كالصبر مع البالء ‪ ( . 8 “ . . .‬فتوحات‬
‫‪. ) 34 - 33 / 1‬‬

‫وكما تبنى رأى السلف في اشتقاق الحال ‪ ،‬نراه يتتبعهم في مضمونه ‪ ،‬فيجد انه‬
‫المتحول في مقابل الثابت ( مقام ) ‪ ،‬الموهوب في مقابل المكتسب ‪ ( 9‬مقام ) ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ الحال ‪ . . .‬ما يرد على القلب من غير تعمل وال اجتالب فتتغير صفات صاحبه له ‪.‬‬
‫واختلف في دوامه ‪ . . .‬واألحوال مواهب ال مكاسب ‪ ،‬اعلم أن الحال نعت الهي ‪. . .‬‬
‫قال تعالى عن نفسه” ُك َّل يَ ْو ٍم ُه َو فِّي شَأ ْ ٍن] ‪“[ 55 / 29‬‬

‫وتلك الشؤون ‪ :‬أحوال المخلوقين وهم المحال لوجودها فيهم ‪ . . .‬واألحوال اعراض‬
‫َّللا يخلقها فيهم عبّرعنها ‪ :‬بالشأن ‪ . . .‬هذا أصل األحوال الذي‬
‫تعرض للكائنات من ّ‬
‫يرجع اليه في اإللهيات ‪ ( “ . . . 10‬ف ‪) 385 - 384 / 2‬‬

‫ثم إن الشيخ ابن العربي تجاوز االشتقاق إلى االعتبار الزمني وربما كان يستند في هذا‬
‫االعتبار إلى النحو سواء من جهة الفعل أو االسم ‪.‬‬

‫‪331‬‬
‫“ ‪“ 332‬‬
‫*الحال هو الحاضر الدائم المستمر ‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫) ‪ ” ( 1‬فالحال في االحياء يشهد دائما * والماضي واآلتي مع األموات “( فتوحات ‪/ 3‬‬
‫‪. ) 356‬‬
‫َّللا في اخباره إيانا بأمور قد انقضت‬
‫) ‪ “ ( 2‬والحال له الدوام ‪ . . .‬اال ترى في كالم ّ‬
‫عبّر عنها بالزمان الماضي ‪ ،‬وبأمور تأتي عبّر عنها بالزمان المستقبل ‪ ،‬وأمور كائنة‬
‫‪ 11‬عبّر عنها بالحال ‪ ،‬فالحال ‪ :‬كل يوم هو في شأن ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪- 546 / 3‬‬
‫‪) 547‬‬
‫“ الحال له الوجود الدائم وهو الحكم الثابت الالزم ‪ ،‬وما عدا الحال فهو عدم ‪ ، 12‬وما‬
‫له في الوجود قدم “ ( فتوحات ‪. ) 362 / 4‬‬

‫الحال ‪ :‬هو ظهور العبد بصفة الحق في التكوين ووجود اآلثار عن همته ‪.‬‬
‫ويحتفظ “ الحال “ عند الشيخ ابن العربي هنا بصفات ‪ :‬الترجح والنقص والزوال رغم‬
‫انه “ تخلق “ ‪ ،‬ولذلك نراه يضعه في مقابل العلم الذي له الثبات والكمال ‪ ،‬فالعلم‬
‫“ مقام “ والتصرف “ حال ‪“ .‬‬

‫كما تنشأ عالقة جدلية )‪ (Dialectique‬بين الحال والمقام كلما ترسخ السالك في‬
‫المقام نقص في الحال والعكس بالعكس ‪. 13‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫) ‪ “ ( 1‬الحال ‪ . . .‬ظهور العبد بصفة الحق في التكوين ووجود اآلثار عن همته ‪،‬‬
‫باّلل المعبّر عنه بالتخلق باألسماء ‪ ،‬وهو الذي يريده أهل زماننا اليوم‬
‫وهو التشبه ّ‬
‫بالحال ‪ .‬ونحن نقول به ولكن ال نقول باثره ‪ ،‬لكن نقول إنه يكون العبد متمكنا منه‬
‫بحيث لو شاء ظهوره لظهر به ‪ ،‬لكن األدب يمنعه ‪ . . .‬ومن ال علم له بما قلنا يقول ‪،‬‬
‫الولي ‪ :‬صاحب الحال ‪ . . .‬هو الذي يكون له التكوين والفعل بالهمة والتحكم في‬
‫العالم ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪. )385 / 2‬‬

‫َّللا ال يعطي العلم اال من يحب ‪ ،‬وقد يعطي الحال من يحب ومن ال يحب ‪ ،‬فان‬
‫“ فان ّ‬
‫العلم ثابت والحال زائلة ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪. ) 151 / 4‬‬

‫“ فان الحكيم حاكم ‪ ،‬وصاحب الحال محكوم تحت سلطان حاله ‪َ (. . .‬وقُ ْل َربّ ِّ ِّز ْد ِّني‬
‫ِّع ْلما ً )[ ‪ ( “ ] 114 / 20‬كتاب الياء ص ‪.) 14‬‬

‫‪332‬‬
‫“ ‪“ 333‬‬

‫) ‪ “ ( 2‬فإذا أراد [ صاحب المقام ] التحكم نزل إلى الحال الن التحكم لألحوال ‪ ،‬إذا‬
‫علم أن نزوله غير مؤثر في مقامه ‪ . . .‬فإذا سمع من شيخ محقق ‪ . . .‬ان صاحب هذا‬
‫المقام [ مقام العلم أو المعرفة ] مالك جميع المقامات فإنه يزيد بالعلم ال بالحال ‪. . .‬‬
‫فان الكامل كلما عال في المقام نقص في الحال ‪ . . .‬كما أن المشاهدة تغني عن رؤية‬
‫االغيار كذلك المقام ‪ 14‬يذهب باألحوال ‪15 “ .‬‬
‫(فتوحات ‪. ) 319 / 2‬‬

‫األحوال أمور عدمية ليس لها عين وانما لها حكم ‪ -‬وهي مبدأ التمييز بين األعيان‬
‫وأصله ‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫) ‪ “ ( 1‬األحوال وهي احكام المعاني المعقولة أو النسب ‪ . . .‬وهي العلم والقدرة‬
‫والبياض والسواد والحماسة ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪. ) 399 / 3‬‬
‫“ثالثة ما لها كيان * السلب والحال والزمانفالعين ‪ ،‬ال ‪ ،‬وهي حاكمات قال به العقل‬
‫واللسان ‪“ . 16‬‬
‫( كتاب التجليات ص ‪. ) 46‬‬

‫) ‪ “ ( 2‬فان األعيان ال تنقلب من حال إلى حال ‪ ،‬وانما األحوال تلبسها احكاما فتلبسها‬
‫‪ ،‬فيتخيل من ال علم له ان العين انتقل ‪ . . .‬ولوال األحوال ما تميّزت األعيان فإنه ما ث ّم‬
‫اال عين واحدة تميّزت بذاتها عن واجب الوجود ‪ ،‬كما اشتركت معه في وجوب الثبوت‬
‫‪ 17‬فله تعالى وجوب الثبوت والوجود ‪ ،‬ولهذه العين وجوب الثبوت ‪.‬‬
‫فاألحوال لهذه العين كاألسماء اإللهية للحق ‪. . .‬‬

‫فحصل لهذه العين الكمال بالوجود ‪ ،‬الذي هو [ الوجود ] من جملة األحوال التي تقلبت‬
‫عليها ‪ ،‬وذلك ان الحق ينقلب في األحوال ال تتقلب عليه األحوال ‪ . . .‬وعين العالم‬
‫ليس كذلك تتقلب عليه األحوال فتظهر فيها [ في عين العالم ] احكامها ‪ . . .‬فالتقلب‬
‫للحق في األحوال الظهار أعيانها “ ‪ ( . . .‬فتوحات ‪. ) 314 / 3‬‬

‫يخرج الشيخ ابن العربي عن السلف الصوفي فيما يتعلق باألحوال والمقامات ‪،‬‬
‫فالمنازل عنده ال تحددها أرقام رغم محاوالته المتعددة لحصرها في اطار معلوم‪.‬‬

‫‪333‬‬
‫“ ‪“ 334‬‬

‫والسبب ان األحوال والمقامات عنده تدور حول “ الحقائق “ وبمعنى أوضح ‪ :‬ان كل‬
‫“حقيقة “ بكل ما تحويه هذه الكلمة من شعاب وابعاد ‪ 18‬لها “ حال “ أو “ مقام‬
‫“يستتبعه “ علم ‪“ .‬‬

‫فقد استعمل الشيخ ابن العربي هنا الحال والمقام على الترادف ليعبّر عن كشف أو‬
‫شهود أو رؤية لحقيقة معينة منفصلة متميّزة ‪ .‬هذا الشهود أو هذه الرؤية يستتبعها‬
‫“ علم “ ‪. 19‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ من الناس من تلوح له بارقة من مطلوبه ‪ ،‬فيكتفي بها عن استيفاء الحال واستقصائه‬
‫‪ ،‬فيحكم على هذا المقام بما شاهد منه ظنا منه أو قطعا انه قد استوفاه ‪.‬‬
‫َّللا التستري ‪ ،‬المبرز‬
‫وقد رأيت ممن هذه صفته رجاال وقد طرأ مثل هذا لسهل بن عبد ّ‬
‫فمر عليه لمحة فاحاط علما بما هو الناس عليه في‬‫في هذا الشأن في علم البرزخ ‪ّ ،‬‬
‫البرزخ ولم يتوقف حتى يرى ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪. ) 395 / 2‬‬
‫في هذا النص ‪:‬‬
‫شهود البرزخ = حال ومقام لمشاهده ‪.‬‬
‫اثر الشهود العلمي = علم البرزخ ‪ ،‬وهو نتيجة حتمية للحال ‪. 20‬‬

‫الحال هي الصلة أو الرابطة الوجودية التي تصل المخلوق بخالقه‬


‫‪ -‬وهي تركيب عضوي طبيعي فعّال في مقابل التركيب اللغوي المقول ‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫َّللا ‪ ( “ . . . 21‬في التعليقات على شرح‬‫) ‪“ ( 1‬ما من مخلوق اال وله حال ‪ . . .‬مع ّ‬
‫التجليات ‪ .‬المشرق ‪ . 1967‬ص ‪. ) 12‬‬
‫) ‪ ( 2‬يضع الشيخ ابن العربي الحال ‪ :‬تركيب طبيعي معين فعال وهو باطن في مقابل‬
‫“ القول “ ( تركيب ظاهر ) ‪.‬‬
‫َّللا أو الجواب أو اي فعل يصدر عن االنسان اما ان‬‫َّللا أو سؤال ّ‬
‫مثال ‪ :‬الدعاء إلى ّ‬
‫صرف فهو اما بالحال أو بالقول الذي هو االمر ‪.‬‬ ‫يكون بالحال أو بالقول ‪ .‬حتى الت ّ‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ والدعاء على نوعين ‪ :‬دعاء بلسان نطق وقول ‪ ،‬ودعاء بلسان حال ‪ ( “ . . .‬فتوحات‬
‫‪.) 256 / 4‬‬

‫‪334‬‬
‫“ ‪“ 335‬‬
‫“ التصريف بالحال واالمر “ ( فتوحات ‪. ) 64 / 4‬‬
‫“ ومن سأل بالحال ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪. ) 320 / 3‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫َّللا ؟ انظر “ أسماء األحوال ‪“ .‬‬ ‫) ‪( 1‬هل يجوز الحال على ّ‬
‫) ‪( 2‬يراجع بخصوص األحوال والمقامات في الفكر االسالمي ‪:‬‬
‫‪-‬الرسالة القشيرية “ المقام والحال “ ص ‪. 32‬‬
‫‪-‬اللمع ‪ .‬السراج ‪ “ .‬كتاب األحوال والمقامات “ ص ‪104 - 65‬‬
‫‪-‬عوارف المعارف ‪ .‬السهروردي ص ص ‪. 522 - 469‬‬
‫وقد شرح السهروردي الحال والمقام والفرق بينهما ‪ ،‬كما أشار إلى المقامات واألحوال‬
‫وأقوال المشايخ فيها على الترتيب ‪.‬‬
‫‪-‬التعرف لمذهب أهل التصوف ‪ .‬ص ص ‪. 89 - 86‬‬
‫‪-‬طبقات األولياء البن الملقن ‪ .‬ص ‪. 44‬‬
‫‪-‬طبقات الصوفية ‪ .‬السلمي ‪ .‬ص ‪ ، 310‬ص ‪ ، 315‬أرباب األحوال ص ‪ 3‬وص‬
‫‪. 67‬‬
‫‪-‬األنوار القدسية في معرفة قواعد الصوفية الشعراني ‪ .‬ج ‪ 1‬ص ‪. 88‬‬
‫‪-‬المواقف والمخاطبات ‪ .‬النفري ‪ .‬نشر آربري ‪ .‬فهرس المصطلحات ‪ .‬مادة “ مقام‬
‫“ ومادة “ حال ‪“ .‬‬
‫‪-‬تاريخ التصوف في االسالم ‪ .‬د ‪ .‬قاسم غني ‪ .‬ترجمة صادق نشأت ص ص ‪- 300‬‬
‫‪- . 495‬التصوف االسالمي الخالص ‪ .‬تأليف السيد محمود أبو الفيض المنوفي ص‬
‫ص ‪. 100 - 97‬‬
‫) ‪( 3‬نالحظ ان الشيخ ابن العربي تقريبا جعل من ارثه الصوفي خلفية ثقافية وركيزة‬
‫تفرده وشخصيته الذاتية ‪.‬‬ ‫قفز من خاللها إلى ّ‬
‫ولكن ربما فاته ان يستفيد من أقوال نجم الدين كبرى في األحوال ‪ .‬فالشيخ األكبر أنشأ‬
‫عالقة جدلية بين المقام والحال [ انظر المعنى “ الرابع “ ] اال انه لم ينشئ اي عالقة‬
‫فيما بين “ األحوال “ في حين ان نجم الدين كبرى أشار إلى عالقة تعادلية بين األحوال‬
‫‪ ،‬يقول ‪:‬‬
‫“ الحال بمنزلة الجناحين للطير ‪ ،‬والمقام بمنزلة الوكر له ‪ ،‬وال بد للسيّار من قوتين‬
‫مختلفتين في حالة واحدة نبعتا من معنى واحد ‪ ،‬سواء كان السيّار مبتدأ أو متوسطا أو‬
‫منتهيا ‪ . . .‬وهاتان القوتان يجب ان تكونا متساويتين ككفتي الميزان ‪ . . .‬فجناحا‬
‫الطفل [ ‪ -‬المبتدأ ] الخوف والرجاء ‪ ،‬وجناحا الكهل [ ‪ -‬المتوسط ] القبض والبسط ‪،‬‬
‫وجناحا الشيخ [ ‪ -‬المنتهي ] االنس والهيبة ‪ . . .‬وهذان الجناحان قد يصح الطيران‬
‫بهما إذا كانا متساويين في الذات والتحريك ‪ ( “ . . .‬فوائح الجمال ‪ -‬ص ص ‪- 41‬‬
‫‪) 42‬‬
‫راجع فيما يتعلق بالحال والمقام عند نجم الدين كبرى في كتاب فوائح الجمال ص ص‬
‫) ‪( 4‬انظر “ ثبوت‬ ‫‪. 50 - 40‬‬
‫) ‪( 5‬اي ان أحوال “ العين “ تجاورها في عالم الثبوت ‪ ،‬وتحل فيها في عالم الوجود‬
‫العيني ‪.‬‬

‫‪335‬‬
‫“ ‪“ 336‬‬

‫) ‪( 6‬انظر فتوحات ‪. 33 / 1‬‬


‫) ‪( 7‬ان “ المقام “ ال ينتقل عنه االنسان ‪ .‬هذه من االفكار المهمة التي ستتضح‬
‫أهميتها بعد قليل عند بحث “ المقام “ وموقف الشيخ ابن العربي من المقامات ‪.‬‬
‫َّللا “ وقد جمعه‬
‫) ‪( 8‬النص نفسه حرفيا في كتاب بدر الحبشي ‪ “ :‬االنباه على طريق ّ‬
‫من كالم الشيخ ابن العربي ‪ .‬مخطوط الظاهرية ‪ .‬رقم ‪ . 5517‬ورقة ‪ 55‬أ ‪ -‬ب ‪.‬‬
‫) ‪( 9‬راجع “ مقام ‪“ .‬‬
‫) ‪( 10‬يرى الشيخ ابن العربي ان كل ظاهر في العالم له مستند الهي اي صفة أو‬
‫نعت أو اسم الهي ظهر عنه ‪ ،‬و “ الحال “ مستنده اإللهي ‪ :‬الشأن ‪ .‬راجع “ شأن ‪“ .‬‬
‫) ‪( 11‬يتضمن مفهوم كلمة “ كائنة “ هنا الوجود واالستمرار ‪.‬‬
‫) ‪( 12‬يستعمل عدم هنا بالمفهوم االطالقي ‪ .‬وليس العدم الثبوتي ‪ .‬راجع “ عدم‬
‫االمكان “ و “ العدم المطلق ‪“ .‬‬
‫) ‪( 13‬انظر الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪ ( 457‬صاحب الحال ) ‪.‬‬
‫) ‪( 14‬يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ فان المقام كل ما له قدم راسخ في األلوهية ‪ ،‬وما ليس له ذلك فليس بمقام وانما هو‬
‫حال يرد ويزول بزوال حكم التعلق والمتعلق ببشرى أو بغيرها “ ( فتوحات ‪/ 2‬‬
‫‪. ) 184‬‬
‫) ‪( 15‬كما يراجع الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪. 479 - 478‬‬
‫) ‪( 16‬راجع كتاب كشف الغايات نشر عثمان يحيى المشرق ‪ 1967 :‬ص ص ‪448‬‬
‫‪ 489 -‬حيث يشرح تجلي حكم المعلوم وهما البيتان الواردان أعاله ‪.‬‬
‫كما يراجع امالء ابن سودكين بخصوصه ‪.‬‬
‫) ‪( 17‬راجع “ ثبوت “ و “ ممكن “ بما يتضمنه من مفهوم وجوبي ‪.‬‬
‫) ‪( 18‬ان القاء نظرة سريعة على فهرس الجزء الثاني من الفتوحات المكية ‪.‬‬
‫ومطالعة عناوين الفصول المكونة من الصفحات ‪ 375 - 138‬تقريبا ‪ ،‬تعطينا فكرة‬
‫واضحة عن كيفية رؤية الشيخ ابن العربي للمقام والحال والعلم من خالل حقيقة‬
‫منفصلة “ متميزة “ ‪ ،‬سواء كانت حقيقة “ حقية “ أم “ خلقية “ ‪ ،‬مثال ‪ :‬الغيرة ‪-‬‬
‫الرضى ‪ -‬العبودية ‪.‬‬
‫وقد ال يكتفي الشيخ ابن العربي بايراد حال ومقام للحقيقة ‪ ،‬بل نراه يستطرد في بيان‬
‫مدى توغله في المقامات واألحوال ‪ -‬فيورد مثال للغيرة ‪ 3‬أحوال و ‪ 3‬مقامات ‪ .‬انظر‬
‫فتوحات ‪. 500 / 2‬‬
‫وان كانت هذه األحوال هي بنظرة أخرى مراحل تطور حال واحد ‪ .‬وهو ما سيرشد‬
‫اليه في النص الذي سنورده ‪ :‬باستقصاء الحال واستيفائه ‪.‬‬
‫) ‪( 19‬يصرح الشيخ ابن العربي بما نشير اليه في ‪ :‬الفتوحات ج ‪ 1‬ص ص ‪- 33‬‬
‫َّللا تعالى على اربع شعب ‪ :‬بواعث [ ثالثة ] ودواع‬ ‫‪34 .‬حيث يقرر ان الطريق إلى ّ‬
‫[ خمسة ] واخالق [ ثالثة أنواع ] وحقائق [ اربع حقائق ‪ :‬ذاتية ‪ ،‬صفاتية ‪ ،‬كونية ‪،‬‬
‫فعلية ] ‪ .‬وجميع ما ذكره يسمى األحوال والمقامات فليراجع ‪.‬‬
‫‪-----‬‬

‫‪336‬‬
‫“ ‪“ 337‬‬

‫) ‪ ( 20‬يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ الحال الذي ال ينتج علما ال يعول عليه “ ( رسالة ال يعول ص ‪. ) 3‬‬
‫) ‪( 21‬انظر المشرق ‪ - 1967‬ص ‪ 12‬هامش رقم ‪. 466‬‬

‫ق‬‫‪ – 172‬الح ّ‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الحاء والقاف أصل واحد ‪ ،‬وهو يدل على احكام الشيء وصحته‪.‬‬
‫فالحق نقيض الباطل ‪ ،‬ثم يرجع كل فرع اليه بجودة االستخراج وحسن التلفيق‪.‬‬
‫ّ‬
‫الحق ‪. . .‬‬ ‫واحتق الناس في الدّين ‪ ،‬إذا ادعّى كل واحد‬ ‫ّ‬ ‫حق الشيء وجب ‪. . .‬‬ ‫ويقال ّ‬
‫تحق بكل شيء ‪. . .‬‬ ‫ّ‬ ‫المحتق ‪ :‬الذي يقتل مكانه ‪ . . .‬والحاقة ‪ :‬القيامة ‪ ،‬ألنها‬
‫وتقول ‪ :‬حقا ال افعل ذلك ‪ .‬في اليمين ‪ . . .‬ويقال ‪ :‬حققت االمر واحققته ‪ ،‬اي كنت‬
‫على يقين منه ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة ‪ .‬مادة “ حق “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪: 1‬‬
‫َّللا ‪.‬‬
‫( أ ) الحق هو ّ‬
‫باط ُل ] ‪[ 22 / 62‬‬ ‫َّللا ُه َو ْال َح ُّق َوأ َ َّن ما يَ ْدعُونَ ِّم ْن دُونِّ ِّه ُه َو ْال ِّ‬ ‫قال تعالى ‪ ” :‬ذ ِّل َك بِّأ َ َّن َّ َ‬
‫َّللا بها المرسلين ‪.‬‬ ‫( ب ) الحق ‪ -‬الشرع أو الشريعة التي ارسل ّ‬
‫مختطا بذلك للبشر منهجا حيويا في عالقتهم به ‪ ،‬وعالقة بعضهم ببعض ( في مقابل‬
‫الباطل ) ‪.‬‬
‫ق بَ ِّشيرا ً َونَذِّيرا ً “[ ‪” ] 119 / 2‬‬ ‫ناك ِّب ْال َح ّ ِّ‬
‫س ْل َ‬‫قال تعالى ‪ِّ ” :‬إنَّا أ َ ْر َ‬
‫باط ِّل “‪] 42 / 2 [ 2‬‬ ‫سوا ْال َح َّق بِّ ْال ِّ‬ ‫قال تعالى ‪ " :‬ال ت َ ْلبِّ ُ‬
‫( ج ) الحق ‪ -‬الصدق والوجوب ‪.‬‬
‫َّللا َح ٌّق ‪َ ،‬وال يَ ْست َ ِّخفَّنَّ َك الَّذِّينَ ال يُوقِّنُونَ ] ‪“[ 30 / 60‬‬ ‫ص ِّب ْر ِّإ َّن َو ْع َد َّ ِّ‬ ‫قال تعالى ‪ ”:‬فَا ْ‬
‫( د ) الحق ‪ -‬العدل ‪.‬‬
‫ق ‪“[ 38 /‬‬ ‫اس ِّب ْال َح ّ ِّ‬‫اح ُك ْم بَيْنَ النَّ ِّ‬
‫ض فَ ْ‬ ‫ناك َخ ِّليفَةً ِّفي ْاأل َ ْر ِّ‬ ‫داو ُد ِّإنَّا َجعَ ْل َ‬ ‫قال تعالى ‪ ” :‬يا ُ‬
‫] ‪26‬‬
‫( هـ ) الحق ‪ -‬النصيب ‪ ،‬الحظ ‪.‬‬
‫وم ] ‪“[ 70 / 24‬‬ ‫سائِّ ِّل َو ْال َم ْح ُر ِّ‬‫قال تعالى ‪َ ” :‬والَّذِّينَ فِّي أ َ ْموا ِّل ِّه ْم َح ٌّق َم ْعلُو ٌم ِّلل َّ‬
‫( و ) الحق بمعنى ما وجب للشيء بعين االستحقاق ‪.‬‬
‫َّللا َح َّق ِّجها ِّد ِّه“ ] ‪[ 78 / 22‬‬ ‫قال تعالى ‪َ ” :‬وجا ِّهدُوا فِّي َّ ِّ‬

‫‪337‬‬
‫“ ‪“ 338‬‬

‫( ز ) الحاقة ‪ -‬القيامة ‪ .‬انظر في “ اللغة “‬


‫راك َما ْال َحاقَّةُ “[ ‪] 3 - 2 - 1 / 69‬‬
‫“ ْال َحاقَّةُ ‪َ .‬ما ْال َحاقَّةُ ‪َ .‬وما أ َ ْد َ‬
‫عند الشيخ ابن العربي ‪: 3‬‬
‫َّللا ال من حيث ذاته المجردة عن كل وصف‬‫*ان الحق في كالم الشيخ ابن العربي هو ّ‬
‫ونسبة ‪ ،‬بل من حيث ألوهيته للخلق ‪. 4‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬فان الحق له التجلي في صور األشياء كلها ‪ .‬فان األشياء ما ظهرت اال به‬
‫سبحانه وتعالى فالعارف يعلم أن كل شيء يراه ليس اال الحق “ ‪ ( . . .‬فتوحات ‪/ 4‬‬
‫‪. ) 184‬‬
‫َّللا متجليا في صور األشياء ‪ ،‬مشهودا في أعين الخلق ‪. 5‬‬ ‫فالحق هو ّ‬

‫ان الحق هو الوجود والخير في مقابل الباطل ( ‪ -‬العدم ‪ -‬الشر ) ‪.‬‬


‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫َّللا العالم من العدم الذي هو ‪ :‬الشر ‪ 6‬اال للخير الذي اراده به ليس اال ‪:‬‬
‫“ فما اخرج ّ‬
‫الوجود ‪ . . .‬فان الدار ‪ . . .‬الدنيا فلها وجه إلى الحق بما هي موجودة ‪ ،‬ولها وجه‬
‫لغير الحق بما ينعدم ما فيها وينتقل عنها “ ‪ ( . . .‬فتوحات ‪. ) 377 / 3‬‬
‫“ ‪ . . .‬ليس في الوجود باطل أصال وانما الوجود حق كله ‪ ،‬والباطل إشارة إلى العدم‬
‫“ ( مواقع النجوم ‪ .‬ص ‪. ) 79‬‬
‫“ والباطل عدم ‪ . . .‬وال عين له في الوجود ولو كان له وجود لكان حقا ‪ ( “ .‬فتوحات‬
‫‪. ) 402 / 4‬‬

‫ان الحقيقة الوجودية واحدة بذاتها ثنوية بوجهيها ‪ :‬حق خلق ‪ -‬رب عبد ‪ -‬واحد كثير ‪-‬‬
‫قديم حادث ‪ . . . ،‬إلى غير ذلك من الثنائيات التي برع الشيخ األكبر في تعدادها ‪.‬‬
‫“ فالحق “ هنا أحد وجهي الحقيقة الجامع لكل صفات القدم ‪ ،‬في مقابل “ الخلق “ الوجه‬
‫اآلخر الجامع لكل صفات الحدوث ‪.‬‬

‫ولكن الشيخ ابن العربي ال يتوقف عند هذه االزدواجية بل ينقلب إلى الوحدة ‪ ،‬ويغلّب‬
‫وجه الحق على الخلق ‪.‬‬
‫فالخلق في الواقع ليس اال مظهرا مجلى وتعينا ‪ 7‬للحق –‬
‫فالحق أصل الوجود وعينه ‪.8‬‬

‫‪338‬‬
‫“ ‪“ 339‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫) ‪ “ ( 1‬فالحق مصرف العالم والعالم مصرف الحق اال تراه يقول ”‪ :‬أ ُ ِّج ُ‬
‫يب َدع َْوة َ‬
‫عان “[ ‪ ] 186 / 2‬أليست اإلجابة تصريفا “ ‪ ( . . .‬فتوحات ‪. ) 545 / 3‬‬ ‫الدَّاعِّ ِّإذا َد ِّ‬
‫“ فالكون كله جسم وروح بهما قامت نشأة الوجود ‪ ،‬فالعالم للحق ‪:‬‬
‫كالجسم للروح ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪. ) 315 / 3‬‬
‫) ‪ “ ( 2‬ان هوية الحق ‪ :‬سمع العبد وبصره وجميع قواه ‪ ، 9‬والعبد ما هو اال بقواه فما‬
‫هو اال بالحق ‪ ،‬فظاهره صورة خلقية وباطنه هوية الحق “ ‪ ( . . .‬فتوحات ‪/ 4‬‬
‫‪. ) 140‬‬
‫“ والعالم وان تكثّر فهو راجع إلى عين واحدة ‪.‬فكل من في الوجود حق * وكل من في‬
‫الشهود خلق” ( فتوحات ‪) 306 / 3‬‬
‫“ فان للحق في كل خلق ظهورا ‪ : 10‬فهو الظاهر في كل مفهوم ‪ ،‬وهو الباطن عن‬
‫كل فهم ‪ ،‬اال عن فهم من قال إن العالم صورته وهويته ‪ :‬وهو االسم الظاهر ‪ ،‬كما أنه‬
‫بالمعنى روح كل ما ظهر ‪ ،‬فهو الباطن “ ( فصوص ‪. ) 68 / 1‬‬

‫الحق بمعنى العدل ‪ ،‬االنصاف ‪ ،‬وهو صفة االنسان الكامل ‪.‬‬


‫يقول الشيخ ابن العربي‪:‬‬
‫ش ْيءٍ خ َْلقَهُ‬
‫َّللا” أَعْطى ُك َّل َ‬
‫“ فاعطى [ االنسان الكامل ] كل ذي حق حقه ‪ ، 11‬كما أن ّ‬
‫“[ ‪ ] 50 / 20‬فالذي انفرد به الحق انما هو الخلق ‪ ، 12‬والذي انفرد به من العالم‬
‫الكامل انما هو الحق ‪ ،‬فيعلم ما يستحقه كل موجود فيعطيه حقه وهو المسمى ‪:‬‬
‫باالنصاف ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪. ) 398 / 3‬‬

‫الحق بمعنى الشريعة ‪ ( 13‬امر ‪ -‬نهي ) المفروضة من خارج على االنسان منهجا‬
‫سلوكيا في مقابل طبعه ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ فالحق للدنيا والطبع لآلخرة ‪ ،‬والطبع له اإلباحة والحق له التحجير “ ( فتوحات ‪/ 4‬‬
‫‪) 124‬‬
‫الحق هو ما وجب من الصدق‪.‬‬

‫‪339‬‬
‫“ ‪“ 340‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ ان الغيبة ليست بحق وانها صدق ‪ . . .‬فالغيبة والنميمة واشباههما صدق ال حق ‪.‬‬
‫إذ الحق ما وجب ‪ ،‬والصدق ‪ :‬ما اخبر به على الوجه الذي هو عليه ‪ ،‬وقد يجب‬
‫فيكون حقا وقد ال يجب ويكون صدقا الحقا ‪ ( . . . “ 14‬فتوحات ‪. ) 468 / 3‬‬
‫الحق هو الوجود الظاهر في الحس ‪. 15‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫ياي ِّم ْن قَ ْب ُل قَ ْد َجعَلَها َر ِّبّي َحقًّا “[ ‪] 100 / 12‬‬ ‫ْ‬
‫“ ثم قال يوسف ‪ ”. . .‬هذا تَأ ِّوي ُل ُر ْء َ‬
‫اي أظهرها في الحس بعد ما كانت في صورة الخيال ‪ . . .‬معناه [ معنى حقا ] حسا‬
‫اي محسوسا ‪ ( “ . . .‬فصوص ‪. )101 / 1‬‬

‫كما استعمل الشيخ ابن العربي لفظة “ حق “ وهو يريد بها عبارة “ الحق المخلوق‬
‫به ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ وسماه الحق [ للعقل األول ]‬
‫في القرآن ‪ :‬حقا وقلما وروحا ‪،‬‬
‫وفي السنة ‪ :‬عقال ‪ ( “ . . .‬االنسان الكلي ‪ .‬ورقة ‪ 4‬ب ) ‪.‬‬
‫انظر “ الحق المخلوق به ‪“ .‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬نورد بعض أوجه استعمال لفظة “ حق “ في القرآن ‪ .‬الن اإلحاطة بمجمل‬
‫وجوهها يتخطى نطاق معجمنا ‪ .‬راجع “ المعجم المفهرس أللفاظ القرآن “ مادة “ حق‬
‫“ ‪ .‬كما يراجع كتاب الترمذي ‪ “ :‬تحصيل نظائر القرآن ‪ “ .‬ص ‪. 154 - 153‬‬
‫َّللا ‪ -‬القرآن ‪ -‬االسالم ‪ -‬الرسالة ‪ -‬محمد صلّى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ) ‪.‬‬ ‫( الحق ‪ّ -‬‬
‫) ‪( 2‬انظر تفسير اآلية ‪ .‬أنوار التنزيل ‪ .‬البيضاوي ‪ .‬ج ‪ 1‬ص ‪. 24‬‬
‫) ‪( 3‬بخصوص معنى “ حق “ عند الصوفية ‪ .‬فليراجع ‪:‬‬
‫‪-‬شفاء السائل ص ‪. 62 - 43 - 39‬‬
‫‪-‬طبقات الصوفية السلمي ‪ .‬ص ‪. 177 ، 167 - 106‬‬
‫‪-‬فواتح الجمال ‪ .‬ص ‪. 86 ، 11 ، 10‬‬
‫‪-‬سلمي ‪ ،‬جوامع ‪ ،‬ص ‪ ( . 61 ، 36‬ماسينيون‪ . .L . T‬ص ‪. ) 33‬‬
‫‪-‬روايات الحالج ‪ .‬ص ‪. 5‬‬
‫‪-‬طواسين‪ (IV 5 a 9‬طاسين الدائرة ) ‪.‬‬
‫‪-Exegese Coranique‬األب نويا ‪ :‬ص ص ‪ ( 42 - 41‬الحق ‪ -‬اسالم ‪ ،‬دين ‪،‬‬
‫َّللا ) ‪ ،‬ص ‪، 179 ، 169‬‬ ‫هدى ‪ ،‬قرآن ‪ ،‬توحيد ‪ -‬مقاتل ) ‪ ،‬ص ‪ “ ( 146‬الحق “ ‪ّ -‬‬
‫‪181‬‬

‫‪340‬‬
‫“ ‪“ 341‬‬
‫َّللا ‪ -‬المعروف ‪ -‬الحق ‪ -‬الخراز ) ‪249 ، 245 ،‬‬ ‫( الحالج ‪ :‬انا الحق ) ‪ّ ( 242 ،‬‬
‫( عالقة االنا بالحق ‪ .‬الحالج والخراز ) ‪ ( 276‬حقيقة ‪ -‬حق ) ‪.‬‬
‫‪-‬اما الترمذي فقد استعمل كلمة “ حق “ بمعنى غريب غير مألوف ‪ ،‬الحق هو وسيط‬
‫َّللا واالنسان ليراقب هذا األخير ‪.‬‬
‫بين ّ‬
‫أو بتعبير أدق ليقتضيه بقيام التوحيد ‪ ،‬وهو بهذا المعنى يقابل الرحمة التي تدافع عن‬
‫َّللا تعالى ‪ ( .‬ختم األولياء ‪ .‬ص ‪ 117‬هامش ‪) 13‬‬ ‫االنسان امام ّ‬
‫‪-‬المعرفة عند الحكيم “ الترمذي “ تأليف عبد المحسن الحسيني ‪ .‬دار الكاتب العربي ‪.‬‬
‫القاهرة ص ص ‪ ( . 134 - 127‬المعرفة تبنى على ثالثة أركان ‪ :‬الحق والعدل‬
‫والصدق ) ‪.‬‬

‫) ‪( 4‬يرادف الواحد في فلسفة افلوطين ‪ .‬انظر فصوص ج ‪ 2‬ص ‪ ، 18‬كما يراجع‬


‫“ اسم الهي “ في هذا الكتاب ‪.‬‬
‫َّللا عند الشيخ ابن العربي ‪،‬‬
‫) ‪( 5‬لن نكثر من ايراد النصوص الثبات ان الحق هو ّ‬
‫الن في كل صفحة من صفحات كتبه إشارة إلى ذلك ‪ .‬راجع “ وحدة وجود ‪“ .‬‬
‫) ‪( 6‬لقد بينا موقف الشيخ ابن العربي من الخير والشر والوجود والعدم ‪ .‬عند بحثنا‬
‫كلمة “ عدم “ فلتراجع ‪.‬‬
‫) ‪( 7‬راجع “ مجلى “ تعين “ مظهر “‬
‫) ‪( 8‬انظر مقارنة الحق عند الشيخ ابن العربي وافلوطين ‪ .‬مقال عفيفي ‪ :‬من اين‬
‫استقى الشيخ ابن العربي فلسفته الصوفية ‪ -‬ص ‪( 9 ) . . 23‬انظر “ قرب النوافل “‬
‫) ‪( 10‬لذلك يجد الشيخ ابن العربي ان حد الحق محال ‪ ،‬الن حده هو مجموع حدود‬
‫كل صور العالم ( انظر فصوص ‪. ) 68 / 1‬‬
‫) ‪( 11‬فسرها عفيفي في الفصوص ج ‪ 2‬ص ‪ . 334‬انظر تفسير عفيفي وقارنه‬
‫بشرح الشيخ ابن العربي للحق في هذا النص ‪ :‬باالنصاف ‪.‬‬
‫َّللا “ بمعنى شرعه ‪.‬‬‫) ‪( 12‬راجع “ خلق “ ‪( 13 ) .‬استعمل الترمذي عبارة “ حق ّ‬
‫انظم ختم األولياء ص ‪ 117‬هامش ‪. 13‬‬
‫) ‪( 14‬ال يتابع الشيخ ابن العربي ذات النفس التمييزي بين الحق والصدق فنراه يقول‬
‫في الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪ “ : 562‬كما يعاقب على الغيبة والنميمة مع كونهما حقا ‪“ .‬‬
‫) ‪( 15‬ان الحق هو الوجود والخير عند الشيخ ابن العربي في مقابل العدم أو الشر ‪.‬‬
‫وقد رأينا ذلك في المعنى “ الثالث “ السابق ولكن الشيخ األكبر هنا يخصص من‬
‫الوجود الحسي لتسميته بالحق ‪ .‬ال الوجود في مستويات العوالم المختلفة عنده ‪ .‬راجع‬
‫“ ثبوت “ “ خيال ‪“ .‬‬
‫اما بخصوص كلمة “ حق “ عند الشيخ ابن العربي بمعانيها كافة ‪ ،‬فليراجع ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ‪ .‬ج ‪ 1‬ص ‪4‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪ ( 150 ، 63‬الحق ‪ -‬الوجود ) ‪ ،‬ص ‪ ( 190‬الحق ‪ -‬عين‬
‫وجود الكون ) ‪ .‬ص ‪ ، 247‬ص ‪ ( 443‬الحق ‪ -‬نور ) ‪.‬‬
‫‪-‬فصوص الحكم ( المقدمة ) ص ‪ ( 43 ، 34 ، 33 ، 30 ، 28 ، 24‬الجزء‬
‫األول ) ص‬

‫‪341‬‬
‫“ ‪“ 342‬‬

‫‪ ( 81 ،53‬الحق في مقابل العالم ) ‪ ( ،‬الجزء الثاني ) ص ‪، 69 ، 36 ، 34 ، 18‬‬


‫‪ (121‬الحق والخلق ‪ -‬مرتبة الجمع ومرتبة الفرق ) ‪، 270 ، 189 ، 168 ،‬‬
‫‪. 280‬‬
‫‪-‬كتاب الشاهد ص ‪ ( 2‬الحق والحقيقة )‬
‫‪-‬مواقع النجوم ص ‪20‬‬
‫‪-‬كتاب الكتب ص ‪، 24‬‬
‫‪-‬روح القدس ص ‪ ( 33‬الحق انفرد بالخلق ) ‪.‬‬
‫‪-‬كتاب التراجم ص ‪ ( 32 ، 31‬بحر الحق ‪ ،‬وبحر الكون ) ‪. 37 ،‬‬
‫‪-‬بلغة الغواص ورقة ‪. 104 ، 103‬‬
‫كما يراجع ‪:‬‬
‫‪-‬التوجه األول ‪ .‬القونوي ‪ .‬ورقة ‪. 10‬‬
‫‪-‬لطائف االعالم ‪ .‬ما يتفرع من مادة “ حق “ ق ق ‪ 81‬ب ‪ 84 -‬أ ‪.‬‬

‫‪ - 173‬الحقائق األول‬
‫مترادف ‪ :‬األجناس العالية ‪.‬‬
‫الحقائق األول هي الحقائق أو الصفات أو األسماء التي تتضمنها “ حقيقة الحقائق ‪“ .‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ فس ّمه ان شئت حقيقة الحقائق أو الهيولى أو المادة األولى أو جنس األجناس ‪ ،‬وس ّم‬
‫الحقائق التي يتضمنها هذا الشيء الثالث [ ‪ -‬حقيقة الحقائق ] الحقائق األول أو األجناس‬
‫العالية ‪ ( “ . . .‬انشاء الدوائر ص ‪.) 19‬‬

‫‪ - 174‬الحق االعتقادي‬
‫المترادفات ‪ :‬الحق المعتقد في القلب ‪ -‬الحق المخلوق في المعتقد‬
‫انظر “ االله المخلوق “‬

‫‪342‬‬
‫“ ‪“ 343‬‬

‫ق‬
‫ق الح ّ‬
‫‪ - 175‬ح ّ‬
‫استعمل الشيخ ابن العربي لفظ “ حق “ هنا للداللة على ‪ .‬ما يجب “ للمقصود “ على‬
‫وجه االستحقاق وهو صفة ذاتية له ‪ .‬انظر “ حق “ المعنى “ الرابع “‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ فحق الحق ‪ :‬ربوبيته ‪ .‬وحق الخلق ‪ :‬عبوديته ‪ .‬فنحن عبيد وان ظهرنا بنعوته ‪ ،‬وهو‬
‫ربنا وان ظهر بنعوتنا ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪. ) 356 / 3‬‬
‫ويظهر من النص تلك النظرة التمييزية الواضحة في مؤلفات الشيخ األكبر ‪ ،‬فهو ال‬
‫يغفل لحظة عن تفرقته بين المظهر وأصله ‪. . .‬‬
‫بين وجهي الحقيقة ‪ :‬رب ‪ -‬عبد ‪ .‬رغم تداخلهما في المظاهر ‪. 2‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪ ( 1‬يقول الشيخ ابن العربي في ابيات بعنوان ‪ “ :‬شيء الشيء “‬
‫“للحق حق ولالنسان انسان *** عند الوجود وللقرآن قرآن‬
‫وللعيان عيان في الشهود كما *** عند المناجاة لآلذان آذان‬
‫فانظر الينا بعين الجمع تحظ بنا *** في الفرق فالزمه فالقرآن فرقان”‬
‫( المبادئ والغايات فيما تتضمنه حروف المعجم من العجائب واآليات تحقيق عزة‬
‫حصرية ‪ .‬ص ‪. ) 171‬‬

‫) ‪( 2‬وان كان في اللحظة العلمية الشهودية الثانية ‪ ،‬يغلّب الحق على الخلق ويغرقهما‬
‫في وحدة وجودية ‪ .‬انظر “ وحدة وجود “ ‪.‬‬

‫ق الخلق‬‫‪ - 176‬ح ّ‬
‫انظر “ ّ‬
‫حق الحق “ ‪.‬‬

‫ق خالق‬‫‪ - 177‬ح ّ‬
‫انظر “ حق خلق “ المعنى “ األول “‬

‫‪343‬‬
‫“ ‪“ 344‬‬

‫ق خلق‬‫‪ - 178‬ح ّ‬
‫*ان الوجود حق كله في مقابل العدم ( باطل ) ‪ .‬لذلك كل موجود هو حق ‪.‬‬
‫وللتمييز بين الخالق والمخلوق بعدما شمل الجميع نعت الحق ‪ ،‬يقول الشيخ ابن‬
‫العربي ‪ :‬حق خلق ( عبد ‪ -‬حادث ‪ -‬مؤثّر ‪ ) . . .‬في مقابل حق خالق ( رب ‪ -‬قديم ‪-‬‬
‫مؤثر ) ‪.‬‬
‫فلنستمع اليه ‪:‬‬
‫َّللا‬
‫“ فإنه [ تعالى ] قد س ّمى نفسه حقا ووصف نفسه بالكون ‪ . . .‬وقد انبسطت أسماء ّ‬
‫الخالق على مظاهرها من الخلق ‪ ،‬فسمى الموجودات والمقدر وجودها حقا ‪ .‬فالموت ‪:‬‬
‫حق خلق ‪ ،‬والمميت ‪ :‬حق خالق ‪ .‬والحياة ‪ :‬حق خلق ‪ ،‬والمحيي ‪ :‬حق خالق ‪.‬‬
‫والقبر ‪ :‬حق خلق ‪ ،‬والمقبر ‪ :‬حق خالق ‪ ( “ . . .‬بلغة الغواص ق ‪. ) 104 - 103‬‬

‫الحق الخلق “ ‪ :‬هو كل برزخ وسط يجمع بين وجهي الحقيقة الواحدة [ حق ‪ ،‬خلق ]‬
‫وهو االنسان من حيث إنه صورة الحضرتين ‪ :‬اإللهية والكونية ‪. 1‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫) ‪“ ( 1‬فلما نشأت هذه الصورة العملية الليلية بين هذين الطرفين الكريمين [ االنسان‬
‫ينشئ الصورة ‪ .‬والحق ينفخ فيها الروح ] كانت وسطا جامعة للطرفين فكانت ‪ :‬عبدا‬
‫سيدا ‪ ،‬حقا خلقا “ ( فتوحات ‪. ) 61 / 4‬‬

‫) ‪“ ( 2‬فقد علمت حكمة نشأة آدم اعني صورته الظاهرة ‪ ،‬وقد علمت نشأة روح آدم‬
‫اعني صورته الباطنة ‪ ،‬فهو الحق الخلق “ ( فصوص ‪. ) 56 / 1‬‬
‫“ حقا خلقا اعني االنسان “ ( بلغة الغواص ‪ .‬ورقة ‪. ) 125‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬انظر “ صورة الحق والعالم “ ‪ “ .‬نسخة الحق والعالم “ “ مختصر الحق والعالم‬
‫“ “ برزخ "‪.‬‬

‫ق في خلق‬ ‫‪ - 179‬ح ّ‬
‫ان الوجود حقيقة واحدة ‪ 1‬لها وجهان ‪ :‬حق ‪ ،‬خلق ‪.‬‬
‫يتقوم خلق اال في حق ‪.‬‬
‫وهما متداخالن فال يشهد حق اال في خلق ‪ ،‬وال ّ‬

‫‪344‬‬
‫“ ‪“ 345‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“فلو ال شهود الخلق بالحق لم يكن *** ولوال شهود الحق بالخلق لم تكن‬
‫فمن قال كن فهو الذي قد شهدته *** وما ث ّم إال من يكون بقول كن” ( فتوحات ‪/ 3‬‬
‫‪) 362‬‬
‫“ فهو [ االنسان ] حق في خلق ‪ ،‬فستر خلقه بما شهده من الحق القائم به ‪. . .‬‬
‫“ ( فتوحات ‪. ) 502 / 3‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬انظر “ وحدة وجود "‪.‬‬

‫‪ - 180‬حقيقة الحقائق ‪1‬‬


‫المترادفات ‪ :‬انظر مترادفات “ االنسان الكامل ‪“ .‬‬
‫حقيقة الحقائق هي عبارة عن حقيقة معقولة تجمع في ذاتها جميع ماهيات الحق والخلق‬
‫المعقولة ‪ .‬فهي مجموع ماهيات الحضرتين اإللهية والكونية ‪.‬‬
‫وهي بذلك أصل العالم ‪. 2‬‬
‫يعرف بنفسه ما يرمي اليه بحقيقة الحقائق ‪ ،‬ونتغاضى عن‬ ‫ولنترك الشيخ ابن العربي ّ‬
‫طول النصوص ألنها تحمل في طياتها كل شرح نستطيعه ‪،‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ واما الشيء الثالث [ ‪ -‬حقيقة الحقائق ] فما ال يتصف بالوجود وال بالعدم ‪ 3‬وال‬
‫بالحدوث وال بالقدم ‪. . . 4‬‬
‫وكذلك ال يتصف بالكل وال بالبعض ‪ ،‬وال يقبل الزيادة والنقص ‪ . . .‬وهذا أصل العالم‬
‫‪ ،‬وأصل الجوهر الفرد ‪ ،‬وفلك الحياة ‪ ،‬والحق المخلوق به ‪ . . .‬وعن هذا الشيء‬
‫الثالث ظهر العالم ‪.‬‬

‫فهذا الشيء هو حقيقة حقائق العالم الكلية المعقولة في الذهن ‪ ،‬الذي يظهر في القديم‬
‫قديما وفي الحادث حادثا ‪ .‬فان قلت هذا الشيء هو العالم صدقت ‪.‬‬
‫وان قلت ‪ ،‬انه الحق القديم سبحانه ‪ ،‬صدقت ‪ . . .‬وهو الكلّي االع ّم الجامع للحدوث‬
‫والقدم ‪ ،‬وهو يتعدد بتعدد الموجودات ‪ ،‬وال ينقسم بانقسام الموجودات ‪ ،‬وينقسم بانقسام‬
‫المعلومات ‪ ،‬وهو ال موجود‬

‫‪345‬‬
‫“ ‪“ 346‬‬

‫وال معدوم ‪ ،‬وال هو العالم وهو العالم ‪ . . .‬هذا الشيء الثالث الذي نحن بسبيله ال يقدر‬
‫أحد ان يقف على حقيقة عبارته ‪ ،‬لكن نومئ اليه بضرب من التشبيه والتمثيل ‪. . .‬‬
‫فنقول ‪ :‬نسبة هذا الشيء ‪ . . .‬إلى العالم كنسبة الخشبة إلى الكرسي والتابوت والمنبر‬
‫والمحمل ‪ ،‬أو الفضة إلى األواني واالآلت التي تصاغ منها ‪ ،‬فخذ هذه النسبة وال‬
‫تتخيل النقص فيه كما تتخيل النقص في الخشبة بانفصال المحبرة عنها ‪ ،‬واعلم أن‬
‫الخشبة أيضا صورة مخصوصة في العودية فال ننظر ابدا اال للحقيقة المعقولة‬
‫الجامعة ‪ . . .‬وهذا الشيء الثالث ‪. . .‬‬

‫فسمه ان شئت ‪ :‬حقيقة الحقائق أو الهيولى أو المادة األولى أو جنس األجناس ‪ .‬وس ّم‬
‫الحقائق التي يتضمنها ‪ . . .‬الحقائق األول أو األجناس العالية “ ‪ ( . . .‬انشاء الدوائر‬
‫ص ص ‪. ) 19 - 16‬‬

‫“ حقيقة الحقائق المعقولة التي لها الحدوث في الحادث والقدم في القديم ‪. . .‬‬
‫جمعت بين الحق والخلق فأنت العالم وهو العالم ‪ ،‬ولكن أنت حادث فنسبة العلم إليك‬
‫حادثة ‪ ،‬وهو قديم فنسبة العلم اليه قديم ‪ ،‬والعلم واحد في عينه وقد اتصف بصفة من‬
‫كان نعتا له “ ( ف ‪. ) 311 / 4‬‬

‫“ حقيقة الحقائق ‪ . . . 5‬التي تعم الخلق والحق وما ذكرها أحد من أرباب النظر اال‬
‫َّللا قائل ‪ ،‬بالقائلية ‪،‬‬
‫َّللا ‪ ،‬غير أن المعتزلة نبهت على قريب من ذلك فقالت ‪ :‬ان ّ‬ ‫أهل ّ‬
‫وقادر بالقادرية لما هربت من اثبات صفة زائدة على ذات الحق تنزيها للحق فنزعت‬
‫هذا النزع فقاربت األمر ‪ ( “ 6‬فتوحات ‪/ 433 ) . 2‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪ “ ( 1‬حقيقة الحقائق ‪ :‬يعنون بها باطن الوحدة وهو التعين األول الذي هو أول رتب‬
‫الذات االقدس ‪. . .‬‬
‫وذلك لكليته وكونه أصال جامعا لكل اعتبار وتعين ‪ ،‬باطنا لكل حقيقة الهية وكونية‬
‫وأصال انتشئ عنه كل ذلك‬
‫‪ .‬وقد عرفت ان المراد بذلك هو الوحدة بما يندرج فيها من شؤونها واعتباراتها الغير‬
‫( غير ) المتناهية ‪ ،‬وهي عين البرزخ األول األكبر األقدم الذي هو األصل الجامع‬
‫لجميع البرازخ ‪.‬‬
‫وقد يقال في تفسير حقيقة الحقائق ان ذلك هو اعتبار الذات الموصوف بالوحدة حلت‬
‫عظمته من حيث وحدتها واحاطتها وجمعيتها لألسماء والحقائق ‪ ،‬وتسمى أيضا مرتبة‬
‫الجمع والوجود وحضرة الجمع والوجود ‪. . .‬‬
‫وفي التحقيق األوضح ان حقيقة الحقائق هي ‪ :‬الرتبة االنسانية الكمالية اإللهية الجامعة‬
‫لساير الرتب كلها وهي المسماة بحضرة أحدية الجمع ومقام الجمع ‪. . .‬‬
‫َّللا تعالى “ ( لطائف االعالم ‪.‬ورقة ‪ 82‬أ )‬ ‫وهي أول مرتبة تعينت في غيب ذات ّ‬

‫‪346‬‬
‫“ ‪“ 347‬‬
‫كما يراجع في تعريف “ حقيقة الحقائق ‪“ :‬‬
‫‪-‬الكشاف ‪ .‬للتهانوي ‪ .‬ج ‪ . 2‬ص ‪ ( 334‬حقيقة الحقائق ‪ -‬العماء ) ج ‪ 5‬ص ص‬
‫‪ ( 1082 - 1081‬العمى ‪ -‬العماء ) ‪.‬‬
‫‪-‬االصطالحات الصوفية ‪ .‬القاشاني ‪ .‬ورقة ‪ 80‬أ ‪.‬‬
‫‪-‬جامع األصول ‪ .‬الكمشخانوى ‪ .‬ص ‪ ( 58‬حقيقة الحقائق ‪ -‬الذات األحدية الجامعة‬
‫لجميع الحقائق ) ‪.‬‬
‫‪-‬االنسان الكامل ‪ .‬الجيلي ج ‪ . 1‬الباب الخامس ( في األحدية ‪ .‬ص ص ‪- 25‬‬
‫‪. ) 26‬‬
‫‪-‬مشكاة األنوار ‪ .‬الغزالي ‪ .‬نشر عفيفي ‪ .‬ص ص ‪ ( 56 - 55‬حقيقة الحقائق ) ‪.‬‬
‫اما بخصوص “ حقيقة الحقائق “ من ناحية أصلها الفلسفي فيظهر ان الشيخ ابن العربي‬
‫استفادها من اوريجن ( انظر “ نظريات االسالميين “ عفيفي ‪ .‬ص ‪ 50‬ومقدمة‬
‫الفصوص ‪ ،‬ص ‪)18‬‬

‫) ‪( 2‬يظهر عند بحث “ العماء “ انه يرادف “ حقيقة الحقائق “ فليراجع ‪.‬‬
‫) ‪( 3‬اي انها حقيقة معقولة ‪ .‬والوجود العقلي ال يتصف بالوجود وال بالعدم ‪.‬‬
‫) ‪( 4‬ال تتصف بالحدوث وال بالقدم ألنها من حيث كونها حقيقة معقولة تتبع ما تنسب‬
‫اليه فتصبح قديمة في القديم حادثة في الحادث ‪ .‬كالعلم مثال قديم في القديم حادث في‬
‫الحادث ‪.‬‬
‫) ‪( 5‬اما بخصوص “ حقيقة الحقائق “ عند الشيخ ابن العربي فليراجع ‪:‬‬
‫‪-‬الفصوص ج ‪ . 1‬ص ‪ ، 49‬ج ‪ 2‬ص ‪، 322 ، 10‬‬
‫‪-‬انشاء الدوائر ص ‪. 36 ، 1‬‬
‫‪-‬التدبيرات اإللهية ‪ ،‬ص ص ‪128 ، 120‬‬
‫‪-‬كتاب األزل ‪ .‬ص ‪. 9‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 1‬ص ‪ ، 119‬ج ‪ 3‬ص ‪. 199‬‬
‫كما يراجع ‪:‬‬
‫‪-‬شرح تائية ابن الفارض القيصري ورقة ‪31‬‬
‫‪-‬مطلع خصوص الكلم ورقة ‪. 15 ، 4‬‬
‫‪-‬تأويالت القيصري ورقة ‪ 166‬ب ‪.‬‬
‫‪-‬اما بخصوص األصل الذي استقى منه الشيخ ابن العربي موقفه في “ حقيقة الحقائق‬
‫“ فليراجع مقال عفيفي “ نظريات االسالميين في الكلمة ‪“ .‬‬
‫) ‪( 6‬راجع “ صفة “ وموقف المعتزلة خاصة ومشابهته لموقف الحاتمي ‪.‬‬

‫‪ - 181‬الحقيقة المح ّمديّة ‪1‬‬


‫َّللا عليه وسلم ‪-‬‬
‫المترادفات ‪ : 2‬الكلمة المحمدية ‪ -‬النور المحمدي ‪ -‬نور محمد صلى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ‪.‬‬
‫حقيقة محمد صلى ّ‬

‫‪347‬‬
‫“ ‪“ 348‬‬

‫“ الحقيقة المحمدية “ هي أكمل مجلى خلقي ظهر فيه الحق ‪ ،‬بل هي االنسان الكامل‬
‫بأخص معانيه ‪ . 3‬وان كان كل موجود هو مجلى خاصا السم الهي ‪ ،‬فان محمدا صلى‬
‫َّللا ] ‪ 4‬ولذلك‬
‫َّللا عليه وسلم قد انفرد بأنه مجلى لالسم الجامع وهو االسم األعظم [ ّ‬ ‫ّ‬
‫كانت له مرتبة الجمعية المطلقة ‪،‬‬
‫وللحقيقة المحمدية التي هي أول التعينات ‪ 5‬عدة وظائف ينسبها إليها الشيخ األكبر ‪:‬‬
‫‪ - 1‬من ناحية صلتها بالعالم ‪ :‬الحقيقة المحمدية هي مبدأ خلق العالم وأصله ‪.‬‬
‫َّللا قبل كل شيء وخلق منه كل شيء ( حديث جابر )‬ ‫من حيث إنها النور الذي خلقه ّ‬
‫‪ . 6‬وهي أول مرحلة من مراحل التنزل اإللهي في صور الوجود ‪ -‬وهي من هذه‬
‫الناحية صورة “ حقيقة الحقائق ‪“ .‬‬
‫‪ - 2‬من ناحية صلتها باالنسان ‪ :‬يعتبر الشيخ ابن العربي الحقيقة المحمدية منتهى‬
‫غايات الكمال االنساني ‪ ،‬فهي الصورة الكاملة لالنسان الكامل ‪ 7‬الذي ‪ :‬يجمع في‬
‫نفسه حقائق الوجود ‪.‬‬
‫‪ - 3‬من الناحية الصوفية ‪:‬‬
‫هي المشكاة التي يستقي منها جميع األنبياء واألولياء العلم الباطن ‪.‬‬
‫َّللا عليه وسلم له حقيقة “ الختم “ ‪ ( 8‬خاتم األنبياء ) ‪.‬‬‫من حيث إن محمدا صلى ّ‬
‫فهو يقف بين الحق والخلق ‪.‬‬
‫يقبل على األول مستمدا للعلم منقلبا إلى اآلخر ممدا ‪ 9‬له ‪.‬‬
‫وسنثبت ما تقدم بنصوص الشيخ ابن العربي كما تعودنا ذلك ‪،‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫) ‪ “( 1‬بدء الخلق الهباء ‪ ، 10‬وأول موجود فيه الحقيقة المحمدية ‪ ،‬وال اين يحصرها‬
‫لعدم التحيز ومم وجد ؟ من الحقيقة المعلومة التي ال تتصف بالوجود وال بالعدم ( ‪-‬‬
‫حقيقة الحقائق ) ‪ .‬وفيم وجد ؟‬
‫في الهباء ‪ . . .‬ولم وجد ؟‬
‫الظهار الحقائق اإللهية ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪. ) 118 / 1‬‬

‫“ فلما أراد [ الحق ] وجود العالم وبدأه على حد ما علمه بعلمه بنفسه ‪ ،‬انفعل عن تلك‬
‫اإلرادة المقدسة بضرب تجل ‪ ،‬من تجليات التنزيه ‪ ،‬إلى الحقيقة الكلية [ ‪ -‬حقيقة‬
‫الحقائق ] انفعل عنها حقيقة تسمى الهباء [ انظر “ هباء “ ] ‪. . .‬‬
‫ليفتح فيها ما شاء من االشكال والصور وهذا هو أول موجود في العالم ‪. . .‬‬
‫ثم إنه سبحانه تجلى بنوره إلى ذلك الهباء ‪. . .‬‬
‫والعالم كله فيه بالقوة والصالحية فقبل منه تعالى كل شيء في ذلك الهباء ‪ ،‬على حسب‬
‫قوته واستعداده كما تقبل زوايا البيت نور السراج ‪ . . .‬فلم يكن أقرب اليه‬

‫‪348‬‬
‫“ ‪“ 349‬‬

‫َّللا عليه وسلم المسماة بالعقل ‪ ،‬فكان سيد‬ ‫قبوال في ذلك الهباء اال حقيقة محمد صلى ّ‬
‫العالم بأسره وأول ظاهر في الوجود ‪ ،‬فكان وجوده من ذلك النور اإللهي ومن الهباء‬
‫ومن الحقيقة الكلية ‪ ،‬وفي الهباء وجد عينه وعين العالم من تجليه “ ‪(11 . . .‬فتوحات‬
‫‪. ) 119 / 1‬‬
‫يظهر من النص األخير ان الحقيقة المحمدية أول ظاهر في الوجود ‪ ،‬وان كان وجودها‬
‫عن الهباء وحقيقة الحقائق ‪ .‬فاألول ‪ ،‬اي الهباء حقيقة معقولة غير موجودة في الظاهر‬
‫( انظر “ هباء “ ) ‪ .‬والثانية ‪ ،‬اي حقيقة الحقائق ال تتصف بالوجود وال بالعدم ( انظر‬
‫حقيقة الحقائق ) ‪.‬‬
‫اذن ‪ ،‬يتبقى ان “ الحقيقة المحمدية “ هي أول موجود ظهر في الكون ومن تجليه ظهر‬
‫العالم ‪. 12‬‬
‫) ‪ “( 2‬ان الوجود كله هو الحقيقة المحمدية ‪ ،‬وان النزول منها إليها وبها عليها ‪ ،‬وان‬
‫الحقيقة المحمدية في كل شيء لها وجهان ‪ :‬وجه محمدي ووجه احمدي ‪.‬‬
‫فالمحمدي ‪ :‬علمي جبرائيلي ‪ .‬واألحمدي ‪ :‬ايماني روحي ا ّمي ‪ . . . 13‬وان التنزيل‬
‫للوجه المحمدي ‪.‬‬
‫والتجلي للوجه األحمدي “ ( بلغة الغواص ورقة ‪. ) 133‬‬
‫) ‪ “ ( 3‬ولهذا بدىء به [ محمد ‪ -‬الكلمة المحمدية ] االمر وختم ‪ ( “ . . .‬فصوص ‪/ 1‬‬
‫‪) 214‬‬
‫“ وال يزال هذا العقل [ العقل األول ‪ -‬الحقيقة المحمدية ] مترددا بين االقبال واإلدبار ‪.‬‬
‫يقبل على باريه مستفيدا ‪ ،‬فيتجلى له فيكشف في ذاته من بعض ما هو عليه ‪ . . .‬ويقبل‬
‫على من دونه مفيدا هكذا ابد اآلباد ‪ . . .‬فهو الفقير الغني ‪ ،‬العزيز الذليل ‪ ،‬العبد‬
‫السيد ‪ ( “ . . .‬عقلة المستوفز ‪ .‬ص ‪. ) 562‬‬
‫“ فكل نبي من لدن آدم إلى آخر نبي ما منهم أحد يأخذ اال من مشكاة خاتم النبيين ‪ ،‬وان‬
‫َّللا عليه وسلم “ كنت‬‫تأخر وجود طينته ‪ ،‬فإنه بحقيقته ‪ 14‬موجود ‪ ،‬وهو قوله صلى ّ‬
‫نبيا وآدم بين الماء والطين “ ‪ 15‬وغيره من األنبياء ما كان نبيا اال حين بعث‬
‫“ ( فصوص ‪. ) 64 - 63 / 1‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫“ ) ‪( 1‬الحقيقة المحمدية ‪ :‬يشيرون بها إلى هذه الحقيقة المسماة بحقيقة الحقائق‬
‫الشاملة لها اي‬

‫‪349‬‬
‫“ ‪“ 350‬‬
‫للحقائق ‪ ،‬والسارية كليا ‪ ،‬سريان الكلى في جزئياته ‪.‬‬
‫وانما كانت الحقيقة المحمدية هي صورة لحقيقة الحقائق ألجل ثبوت الحقيقة المحمدية‬
‫في حاق الوسطية والبرزخية والعدالة ‪. . .‬‬
‫فكانت هذه البرزخية والوسطية هي عين النور األحمدي المشار اليه بقوله عليه‬
‫َّللا نوري‪. . .‬‬
‫السالم ‪ :‬أول ما خلق ّ‬
‫ومعنى كون هذه الحقيقة هي الحقيقة المحمدية اي ان الصورة العنصرية المحمدية‬
‫صورة لمعنى ولحقيقة ‪ ،‬ذلك المعنى وتلك الحقيقة هي حقيقة الحقائق ‪ ( “ .‬لطائف‬
‫االعالم ‪ .‬ق ق ‪ 82‬أ ‪ -‬ب ) ‪.‬‬
‫) ‪( 2‬كما يراجع مترادفات “ انسان كامل “ ألنها تشير في مضمونها إلى الحقيقة‬
‫نفسها ‪ .‬واختالف االلفاظ في الواقع اختالف في النظر إلى تلك الحقيقة من حيثية‬
‫معينة ‪.‬‬
‫) ‪( 3‬انظر “ االنسان الكامل “ ) ‪( 4‬انظر “ االسم الجامع “ “ االسم األعظم ‪“ .‬‬
‫) ‪( 5‬انظر “ تعين “‬
‫َّللا ‪ ) . . .‬مفصال منذ‬‫) ‪( 6‬لقد أورد الشيخ ابن العربي حديث جابر ( أول ما خلق ّ‬
‫خلق النور المحمدي حتى ظهوره في الجسد المحمدي ‪ ( .‬انظر بلغة الغواص ق ق ‪8‬‬
‫‪( 7 ) . ) 9 -‬انظر “ االنسان الكامل ‪( 8 ) “ .‬راجع “ ختم ‪“ .‬‬
‫) ‪( 9‬لقد بحث أبو العال عفيفي بتوسع “ الحقيقة المحمدية “ ضمن مقاله “ نظريات‬
‫االسالميين في الكلمة “ مجلة كلية اآلداب ‪ .‬جامعة فؤاد األول سنة ‪ 1943‬ص ص‬
‫‪ . 75 - 33‬وتعليقه على الفصوص ج ‪ 2‬ص ص ‪. 321 - 319‬‬
‫ونسمح ألنفسنا بان نستخلص منهما ما يتفق مع واقع نظرتنا إلى موقف الشيخ ابن‬
‫العربي من الحقيقة المحمدية ‪ .‬فمن ناحية ‪ ،‬نتابعه في كل ما ذهب اليه بخصوص أوجه‬
‫الشبه بين نظرة الشيخ ابن العربي في الحقيقة المحمدية والفكر الذي سبقه ‪:‬كالم‬
‫الشيعة في أزلية “ النور المحمدي “ ومتابعة أهل السنة لهم في ذلك مستندين إلى‬
‫َّللا‬
‫أحاديث يستنتج منها قدم “ النور المحمدي “ واسبقيته لشخص النبي محمد صلى ّ‬
‫عليه وسلم ‪ -‬الغنوصية المسيحية ( كليمنتس اإلسكندري وكالمه في “ النبي الواحد “ )‬
‫‪ -‬الفلسفة األفالطونية الحديثة ‪ -‬مذهب اإلسماعيلية الباطنية والقرامطة ‪. . .‬‬
‫( فليراجع كالم عفيفي ) ‪.‬‬
‫ومن ناحية ثانية ‪ :‬نخالفه في نوعية العالقة التي أثبتها بين الحقيقة المحمدية والنبي‬
‫َّللا عليه وسلم ‪.‬‬
‫محمد صلى ّ‬
‫يقول ‪" :‬وهي [ الكلمة المحمدية ] شيء يختلف تمام االختالف عن شخصية النبي‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ ،‬بل ليس بينهما من الصلة اال ما بين الحقيقة المحمدية واي‬ ‫محمد صلى ّ‬
‫نبي من األنبياء أو رسول من الرسل أو ولي من األولياء ‪ .‬فالكلمة المحمدية اذن شيء‬
‫ميتافيزيقي محض خارج عن حدود الزمان والمكان ‪ ( “ . . .‬فصوص ‪) 321 / 2‬‬
‫وهذا الكالم يخالف موقف الشيخ ابن العربي من “ الحقيقة المحمدية “ صراحة ‪ .‬ولذلك‬
‫نقول ‪ :‬ان العالقة بين الحقيقة المحمدية وبين اي نبي من األنبياء تختلف عن العالقة‬
‫بينها وبين النبي‬

‫‪350‬‬
‫“ ‪“ 351‬‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ ،‬فالحقيقة المحمدية التي هي النور المحمدي والتي لها‬ ‫محمد صلى ّ‬
‫أسبقية الوجود على النشأة الجسدية المحمدية ‪ .‬لها ظهور في كل نبي بوجه من الوجوه‬
‫( نواب محمد ‪ :‬مظهر الحقيقة العيسوية من الحقيقة المحمدية ‪ ،‬والحقيقة الموسوية من‬
‫َّللا‬
‫الحقيقة المحمدية ) اال ان مظهرها الذاتي التام واحد ‪ ،‬هو ‪ :‬شخص محمد صلى ّ‬
‫عليه وسلم ‪ .‬ولذلك يستعملها الشيخ ابن العربي دون فصل بل على الترادف ‪ :‬فكثيرا‬
‫َّللا عليه وسلم وهو يقصد “ الحقيقة المحمدية “ وهذا ال يكون‬ ‫ما يقول محمد صلى ّ‬
‫لغيره من األنبياء ‪ .‬والفصل السابع والعشرون الذي يشرح فيه ماهية “ الحقيقة‬
‫َّللا عليه وسلم المحدد زمانا‬ ‫المحمدية “ هو بنظرة مميزة شرح الحال النبي محمد صلى ّ‬
‫ومكانا ‪.‬‬
‫وسيظهر ما أوردناه خالل النصوص التي سنشير إليها في متن الرسالة ‪.‬‬
‫) ‪( 10‬انظر “ هباء ‪“ .‬‬
‫) ‪( 11‬راجع كالم الشيخ ابن العربي عن كيفية ومراتب نشأة العالم من الحقيقة‬
‫المحمدية ‪ :‬عنقاء مغرب ص ص ‪. 43 - 40‬‬
‫) ‪( 12‬هذه النتيجة التي توصلنا إليها تخالف ما ذهب اليه أبو العال عفيفي في مقاله‬
‫يوحد بين حقيقة الحقائق‬ ‫“ نظريات االسالميين “ الذي أشرنا اليه سابقا ‪ ،‬فهو في مقاله ّ‬
‫والحقيقة المحمدية ‪.‬‬
‫) ‪( 13‬انظر “ أمية ‪“ .‬‬
‫) ‪( 14‬يراجع بخصوص “ الحقيقة المحمدية “ عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪. 444‬‬
‫‪-‬بلغة الغواص ق ق ‪. 11 - 8‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ص ‪. 88 - 87‬‬
‫‪-‬شق الجيوب ‪ .‬ورقة ‪. 21‬‬
‫‪-‬كتاب التجليات ‪ .‬نشر عثمان يحيى ‪ .‬مجلة المشرق ‪ 1966‬ص ص ‪677 - 674‬‬
‫مع الهوامش العنوان ‪ “ :‬تجلي اإلشارة من عين الجمع والوجود ‪“ .‬‬
‫‪-‬فصوص الحكم ‪ .‬فهرس االصطالحات ‪ .‬مادة “ الحقيقة المحمدية ‪“ .‬‬
‫كما يراجع ‪:‬‬
‫‪-‬تعريفات الجرجاني ‪ .‬مادة “ الحقيقة المحمدية ‪“ .‬‬
‫“ ‪-‬رسالة التحقيقات األحمدية في حماية الحقيقة المحمدية “ للشيخ أحمد بن إسماعيل‬
‫بن زين العابدين البرزنجي ‪ .‬ط ‪ .‬القاهرة ‪ 1326‬ه ‪.‬‬
‫‪-‬الحياة الروحية في االسالم ‪ .‬الدكتور محمد مصطفى حلمي ‪ .‬ص ص ‪121 - 116‬‬
‫( نظرية الحالج في الحقيقة المحمدية ) ‪.‬‬
‫‪-‬طواسين الحالج ‪ .‬طس السراج ‪ .‬ص ص ‪ . 194 - 191‬نشر األب نويا [ يظهر‬
‫َّللا عليه وسلم صورتين مختلفتين ‪ :‬صورته نورا أزليا قديما كان‬ ‫منه ان لمحمد صلى ّ‬
‫قبل األكوان ومنه استمد كل علم وعرفان ‪ .‬وصورته نبيا مرسال وكائنا محدثا ( انظر‬
‫المرجع السابق أيضا )‬
‫‪-‬المضمون به على غير أهله ‪ .‬الغزالي ‪ .‬ص ص ‪ ( 186 - 184‬معنى قوله صلى‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ :‬كنت نبيا وآدم بين الماء والطين ) ‪.‬‬
‫ّ‬

‫‪351‬‬
‫“ ‪“ 352‬‬

‫‪-‬ابن الفارض والحب اإللهي ‪ .‬د ‪ .‬محمد مصطفى حلمي ص ‪، 381 - 352‬‬
‫حيث يبين الدكتور حلمي ان البن الفارض نظرية في الحقيقة المحمدية ال تقل في‬
‫أهميتها عن نظرية الشيخ ابن العربي ‪ ،‬كما انها ال تختلف عنها كثيرا ‪ .‬إذ ان القطب‬
‫[ الحقيقة المحمدية ] عند ابن الفارض وعند الشيخ ابن العربي حقيقة واحدة قوامها‬
‫فكرة واحدة هي ‪ :‬ان القطب مبدأ الوجود ‪.‬‬
‫وأصل الحياة والتكوين ‪ ،‬وواسطة الخلق ومنبع العلم ‪ ،‬ومفيض القدرة على التصرف ‪-‬‬
‫كما أنه يقارن بين نظرية ابن الفارض في الروح المحمدي وبين نظريات ‪ :‬اليهود‬
‫[ الكلمة ] المسيحية [ الكلمة ] ‪ ،‬افلوطين [ الفيض ] اإلسماعيلية [ العقل األول ] ‪،‬‬
‫َّللا عليه وسلم ] ‪ ،‬كليمان اإلسكندري [ النبي الواحد ] ‪،‬‬
‫الحالج [ نور محمد صلى ّ‬
‫الزرادشتية [ الكلمة اإللهية ] ‪.‬‬
‫َّللا التستري ‪ .‬د ‪ .‬محمد كمال إبراهيم جعفر دار‬
‫‪-‬من التراث الصوفي ‪ .‬لسهل بن عبد ّ‬
‫المعارف بمصر الطبعة األولى ‪ 1974‬ص ‪ 314 - 313‬حيث يرجع إلى حد ما فكرة‬
‫الحقيقة المحمدية إلى إبراهيم بن أدهم ‪ ،‬وينوه باثر سفيان الثوري ( ت ‪ 261‬هـ ) في‬
‫عبارته “ عامود النور ‪“ .‬‬
‫) ‪ ( 15‬انظر فهرس األحاديث حديث رقم ( ‪) 2‬‬

‫ق المخلوق‬‫‪ - 182‬الح ّ‬
‫انظر “ االله المخلوق “ ‪.‬‬

‫ق المخلوق به‬ ‫‪ - 183‬الح ّ‬


‫انظر “ عماء “ ‪ “ .‬العقل األول “ ‪ “ .‬العدل “ ‪.‬‬

‫ق المشروع‬
‫‪ - 184‬الح ّ‬
‫انظر “ شرع "‪.‬‬

‫‪ - 185‬الحق المشهود‬
‫هو الحق متجليا في صور الممكنات ‪ .‬فالممكنات من حيث هي صور تجلي الحق ال‬
‫وجود لها في ذاتها بمعزل عنه ‪.‬‬
‫والحق ال يظهر وال يشهد اال في صورها ‪ ،‬ولذلك‬

‫‪352‬‬
‫“ ‪“ 353‬‬

‫في نظرية تقول بالوحدة ويتجلى فيها الحق في صور األشياء تصل إلى القول ‪ :‬ان‬
‫الحق هو المشهود في كل خلق ‪ ،‬فال يقع النظر اال على الحق ‪ ،‬ونصل إلى المخلوقات‬
‫ووجودها بالنظر العقلي ‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫متوهم ‪ .‬فالخلق معقول والحق محسوس مشهود‬ ‫“ فهو [ العبد ] حق مشهود في خلق ّ‬
‫عند المؤمنين وأهل الكشف والوجود ‪ .‬وما عدا هذين الصنفين فالحق عندهم معقول ‪،‬‬
‫والخلق مشهود ‪ ( “ 1‬فصوص ‪. ) 108 / 1‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬اي ان المؤمنين وأهل الكشف والوجود ال يقفون مع “ رسم “ األشياء المحيطة‬
‫بهم بل يرون فيها الحق ‪ .‬فالحق عندهم هو المشهود في صور المخلوقات ‪،‬‬
‫والمخلوقات معقولة من خلف شهود الحق ‪ .‬وهذه النظرة هي عكس النظرة العادية‬
‫والعامة ‪ ،‬التي تقف مع ظاهر رسم المخلوقات وترى انها المشهودة ‪ ،‬وان الحق هو‬
‫المعقول من خلف حجابها ‪.‬‬

‫ق اليقين‬
‫‪ - 186‬ح ّ‬
‫فلتراجع في “ يقين "‪.‬‬

‫‪ - 187‬الحقيقة ‪1‬‬
‫*يقصد الشيخ ابن العربي بالحقيقة ما يشير اليه الفالسفة بكلمة “ ماهية “ و “ ذات “ ‪،‬‬
‫والحقائق ال تنقلب وال تتبدل وال تتفاضل فيما بينها ‪ -‬وهي أصل ومبدأ التمييز ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫) ‪ “ ( 1‬وانه [ الحق ] يتنوع ويتصور بحسب حقائق هذه األعيان [ الثابتة ] ‪.‬‬
‫وأحوالها “ ( فصوص ‪) 81 / 1‬‬
‫“ فهو [ شيث عليه السالم ] من حيث حقيقته ورتبته عالم بذلك كله ‪ ( “ . . .‬فصوص‬
‫‪. ) 66 / 1‬‬
‫) ‪ “ ( 2‬والحقائق ال تنقلب وال تتبدل ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪. ) 422 / 4‬‬

‫‪353‬‬
‫“ ‪“ 354‬‬

‫“ وليس بين حقائق العالم مفاضلة فيقال هذا اشرف من هذا من جهة الحقائق‬
‫والذوات ‪ . . .‬وذلك ان كل حقيقة في العالم مربوطة بحقيقة اإللهية [ الهية ] هي‬
‫حافظته ‪ ( “ . . .‬التراجم ‪ .‬ص ص ‪. ) 4 - 3‬‬
‫) ‪ " ( 3‬الحق حق ‪ ،‬واالنسان انسان ‪ ،‬والعالم عالم ‪ . . .‬فإنه ان لم تكن ثمة حقيقة‬
‫يقع بها تميز األعيان ‪ ،‬لم يصح ان تقول كذا مساو لكذا بل تقول عين كذا “ ( ف ‪/ 3‬‬
‫‪. ) 343‬‬

‫نوضح نظرة الشيخ ابن العربي إلى الوجود ‪ 2‬بالنقاط التالية ‪:‬‬
‫‪ - 1‬ان كل صفة مفردة في الكون متميزة ( ‪ -‬جزء ال يتجزأ ) هي ‪ :‬حقيقة ‪ ،‬كما‬
‫يسميها أيضا حرفا ‪. 3‬‬
‫‪ - 2‬إذا جمعت عدة حقائق مفردة وركبت بشكل خاص اعطى مفهوما جديدا ‪.‬يسميه‬
‫أيضا حقيقة أو كلمة ‪ ، 4‬مثال ‪ :‬الحقيقة االنسانية التي تتألف من عدة حقائق مفردة‬
‫متميزة ‪. . . 5‬‬
‫‪ - 3‬الحقائق التي ركبّت في الفقرة السابقة من “ حقائق المفردة “ تصنف على أساس‬
‫جديد بارجاعها إلى أصلين هما في الواقع وجها الحقيقة الكبرى الواحدة ‪ : 6‬حق خلق‬
‫‪ ،‬قديم حادث ‪. . .‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ فما في الوجود كله ‪ :‬حقيقة ‪ . . .‬ومنك إليها ومنها إليك رقيقة ‪ ،‬فعدد الرقائق على‬
‫عدد الحقائق ‪ ( “ . . .‬انشاء الدوائر ‪ .‬ص ‪. ) 4‬‬

‫“ فما ثمة اال حقيقة واحدة تقبل جميع هذه النسب واإلضافات التي يكنى عنها ‪،‬‬
‫باألسماء اإللهية ‪ .‬والحقيقة تعطى ان يكون لكل اسم يظهر ‪ ،‬إلى ما ال يتناهى ‪ ،‬حقيقة‬
‫يتميز بها عن اسم آخر ‪ ،‬تلك الحقيقة التي بها يتميز هي االسم عينه ال ما يقع فيه‬
‫االشتراك ‪ ( “ . . .‬فصوص ‪. ) 65 / 1‬‬

‫الحقيقة كما يفهمها وينشدها الفالسفة ما هي عند الشيخ ابن العربي ؟‬


‫انها واقع الوجود الذي يراه شيخنا األكبر في وحدته ‪ ،‬والوصول إلى الحقيقة هو‬
‫الشهود لتلك الوحدة الوجودية ‪.‬‬
‫اذن الحقيقة هي ‪ :‬الوصول إلى وحدة الوجود ‪.‬‬

‫‪354‬‬
‫“ ‪“ 355‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ ان الحقيقة هي ما هو عليه الوجود بما فيه من الخالف والتماثل والتقابل ‪. . .‬‬
‫فعين الشريعة ‪ 7‬عين الحقيقة ‪، . . . 8‬‬
‫فالحقيقة ان أعطت أحدية االلوهة فإنها أعطت النسب فيها ‪ ،‬فما أثبتت اال أحدية الكثرة‬
‫[ انظر أحدية الكثرة ] النسبية ال أحدية الواحد ‪ ،‬فان أحدية الواحد [ انظر أحدية‬
‫الواحد ] ظاهرة بنفسها واحدية الكثرة عزيزة المنال ال يدركها كل ذي نظر ‪ ،‬فالحقيقة‬
‫التي هي أحدية الكثرة ال يعثر عليها كل أحد ‪. . .‬‬
‫فالحقيقة ‪ : 9‬ظهور صفة حق خلف حجاب صفة عبد ‪ ( “ . . . 10‬ف ‪. ) 563 / 2‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬انظر كالم الحالج في الوجوه التي نظر منها إلى الحقيقة وهي ‪ :‬علم الحقيقة ‪-‬‬
‫حقيقة الحقيقة ‪ -‬حق الحقيقة ‪ .‬الطواسين ‪ :‬طس الفهم ‪II.‬طاسين الصفاء ‪III.‬نشر األب‬
‫نويا المطبعة الكاثوليكية ‪ .‬بيروت ‪ 1972‬ص ص ‪- 197 . 194‬‬
‫) ‪( 2‬ان جغرافية الوجود عند الشيخ ابن العربي تشبه إلى حد بعيد مذهب الذرة‬
‫اليوناني ‪ .‬ولكنه يستخدمه بطريقة خاصة بتطبيقه على العالم الحسي والمعنوي‬
‫واإللهي ‪ .‬والذرة هنا نستبدل بها كلمة حقيقة ‪.‬‬
‫) ‪( 3‬راجع “ حرف ‪“ .‬‬
‫) ‪( 4‬انظر “ حرف “ “ كلمة ‪“ .‬‬
‫) ‪( 5‬انظر تركيب الحقائق في نظر الشيخ ابن العربي حيث تظهر من موقف آدم‬
‫التعليمي للمالئكة وتركيبه الحقائق ( نسخة الحق ‪ .‬ورقة ‪ 28‬ب ) ‪.‬‬
‫) ‪( 6‬راجع “ وحدة وجود ‪“ .‬‬
‫) ‪( 7‬عندما يتكلم الصوفية على “ الحقيقة “ سرعان ما يأخذهم خوف من الفقهاء مرده‬
‫اتهام ‪ :‬ان الصوفية أهل حقيقة وليس أهل شريعة ‪ .‬وقد قال الجنيد ‪ :‬ال يبلغ أحد درج‬
‫الحقيقة حتى يشهد فيه الف صديق انه زنديق ‪.‬‬
‫لذلك نجد الشيخ ابن العربي هنا يتبع دائما لفظ الحقيقة بكلمة “ شريعة “ حتى يخيل‬
‫للقارئ ان النص هو في العالقة بين الحقيقة والشريعة ‪ ،‬على حين ان هذا النص في‬
‫الواقع في “ الحقيقة “ عند الشيخ ابن العربي وما مرادفتها للشريعة اال نتيجة الخوف‬
‫الذي سبق الكالم عنه ‪.‬‬
‫هذا ويجب ّاال يفهم مما تقدم ان الحقيقة عند الشيخ ابن العربي ال ترادف الشريعة ‪.‬‬

‫) ‪( 8‬يفرق الصوفية بين الطريقة والحقيقة والشريعة يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ يدعون [ جماعة يدعون انهم من أهل الطريقة المثلى ] ان أهل المغرب أهل حقيقة ال‬
‫طريقة وهم أهل طريقة ال حقيقة ‪ ،‬وكفى بهذا الكالم فسادا إذ ال وصول إلى حقيقة اال‬
‫بعد تحصيل الطريقة ‪ ،‬وقد قال ‪. . .‬‬
‫َّللا ‪ :‬انما حرموا الوصول إلى الحقيقة‬
‫أبو سليمان الداراني رحمه ّ‬

‫‪355‬‬
‫“ ‪“ 356‬‬

‫بتضييعهم األصول وهي الطريقة ‪ ( “ . . .‬روح القدس ص ص ‪. ) 22 - 21‬‬


‫كما يراجع الرسالة الغوثية ورقة ‪ 78‬أ ( شريعة ‪ ،‬طريقة ‪ ،‬حقيقة )‬

‫) ‪( 9‬يراجع بشأن “ حقيقة “ عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫‪-‬فتوحات ‪ ، 2‬ص ‪. 73‬‬
‫‪-‬رسالة ال يعول عليه ‪ .‬ص ‪ ( 2‬الحقيقة والشريعة )‬
‫‪-‬كتاب الشاهد ‪ .‬ص ‪ ( 2‬الحق والحقيقة )‬
‫‪-‬كتاب الكتب ‪ .‬ص ‪. 24 ، 1‬‬
‫‪-‬الرسالة الغوثية ورقة ‪ 78‬أ ( شريعة ‪ ،‬طريقة ‪ ،‬حقيقة ) ‪.‬‬
‫‪-‬إشارات القرآن ‪ .‬ورقة ‪ 61‬أ ‪.‬‬
‫‪-‬كتاب التراجم ‪ .‬ص ‪. 8‬‬
‫) ‪( 10‬راجع “ وحدة وجود “ ‪.‬‬

‫صة‬‫‪ - 188‬الحقيقة الخا ّ‬


‫الحقيقة الخاصة هي الوجه الخاص الذي لكل مخلوق من الحق ‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬انه لكل نفس صفة أو حقيقة تختص بها وتتميز بها عن كل شيء في العالم ‪. . .‬‬
‫فإذا جاءها االمر اإللهي عن طريق تلك الحقيقة الخاصة فان ذوقه ذلك مقصور عليها‬
‫‪ ،‬وهذا أدنى حظ النفس من مقام العزة اإللهية ‪“ . 1‬‬
‫( فتوحات ‪. ) 415 / 3‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬اي كما تتصف العزة اإللهية في مقامها بالصون عن االغيار فال يصل إلى‬
‫عزتها مخلوق ‪.‬‬
‫كذلك النفس في ما يصل إليها من الحق من وجه الحقيقة الخاصة بها عزيزة المنال ‪.‬‬
‫وهذا نصيبها من مقام العزة اإللهية‪.‬‬

‫‪ - 189‬الحقيقة الكليّة‬
‫“ الحقيقة الكلية هي “ حقيقة الحقائق “ فلتراجع ‪.‬‬

‫‪356‬‬
‫“ ‪“ 357‬‬
‫‪ - 190‬حقيقة اليقين‬
‫فلتراجع في “ يقين "‪.‬‬

‫‪ - 191‬حكيم الوقت‬
‫حكيم الوقت هو القطب ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ ولهذا القطب مقام الكمال فال يقيده نعت ‪ ،‬هو حكيم الوقت ال يظهر اال بحكم الوقت‬
‫وبما يقتضيه حال الزمان “ ( ف ‪. ) 79 / 4‬‬
‫راجع “ قطب "‪.‬‬

‫حواء‬
‫‪ّ - 192‬‬
‫انظر “ أنثى “ ‪.‬‬

‫‪ – 193‬الحيرة‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الحاء والياء والراء أصل واحد هو التردد في الشيء ‪ .‬ومن ذلك الحيرة ‪ ،‬وقد حار‬
‫في االمر يحير ‪ ،‬وتحيّر ‪ ،‬يتحير ‪ . . .‬ويقال لكل ممتلئ مستحير ‪ ( “ . . .‬معجم‬
‫مقاييس اللغة مادة “ حير “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫لقد وردت كلمة حيرة في القرآن في آية واحدة وبصيغة “ حيران “ ‪1‬‬

‫‪357‬‬
‫“ ‪“ 358‬‬

‫ين فِّي ْاأل َ ْر ِّ‬


‫ض َحيْرانَ “[ االنعام ‪. ] 71 / 6‬‬ ‫ياط ُ‬ ‫قال تعالى ‪َ “ :‬كالَّذِّي ا ْست َ ْه َوتْهُ ال َّ‬
‫ش ِّ‬
‫يفسرها البيضاوي بالضالل عن الطريق يقول ‪:‬‬
‫“ ( في األرض حيران ) متحيرا ضاال عن الطريق “ ( أنوار التنزيل ج ‪ 1‬ص‬
‫‪. ) 141‬‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪: 2‬‬


‫قبل ان نورد تعريفا للحيرة عند الشيخ ابن العربي ‪ ،‬ننقل نصا من الفتوحات نعرف من‬
‫خالله نشأة الحيرة ‪ ،‬وعلى أي مستوى وجودي نشأت ‪ ،‬ومن خالل مقام نشأتها الذي‬
‫يبين مرتبتها نستطيع ان نمهد لتعريفها ‪،‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“كل من حار وصل * والذي اهتدى انفصل ‪ . . .‬ومن باب الحيرة ‪:‬‬
‫َّللاُ َخلَقَ ُك ْم َوما ت َ ْع َملُونَ “[ ‪] 96 / 37‬‬ ‫قال تعالى ‪َ ”:‬و َّ‬
‫ْت “[ ‪] 17 / 8‬‬ ‫ْت ِّإ ْذ َر َمي َ‬ ‫قال تعالى ‪َ ”:‬وما َر َمي َ‬
‫وكذلك قال تعالى ‪ ” :‬فَلَ ْم ت َ ْقتُلُو ُه ْم َول ِّك َّن َّ َ‬
‫َّللا قَتَلَ ُه ْم “[ ‪] 17 / 8‬‬
‫والقتل ما شوهد اال من المخلوق فنفى ما وقع به العلم الضروري في الحس ‪.‬‬
‫َّللا عليه وسلم في هذه المنازلة ‪ :‬ال أحصى ثناء عليك ‪ . . .‬أنت‬ ‫َّللا صلى ّ‬ ‫قال رسول ّ‬
‫كما أثنيت على نفسك ‪ 3‬وهذا حال الوصول ‪.‬‬

‫وقال الصدّيق في هذه المنازلة ‪ :‬العجز عن درك االدراك ادراك فتحير فوصل ‪،‬‬
‫َّللا ‪ ،‬والحيرة أعظم ما تكون‬
‫فالوصول إلى الحيرة في الحق هو عين الوصول إلى ّ‬
‫باّلل أربعة‬
‫ألهل التجلي الختالف الصور عليهم في العين الواحدة ‪ . . .‬ان العلماء ّ‬
‫باّلل اال من طريق النظر الفكري ‪. . .‬‬
‫أصناف ‪ :‬صنف ما له علم ّ‬
‫باّلل بين الشهود‬
‫وصنف ‪ . . .‬من طريق التجلي ‪ . . .‬وصنف ثالث يحدث لهم علم ّ‬
‫َّللا قابل لكل معتقد كان ما كان‬
‫والنظر ‪ . . .‬والصنف الرابع ‪ . . .‬وهو الذي يعلم أن ّ‬
‫ذلك المعتقد ‪،‬‬

‫وهذا الصنف يقسم إلى صنفين ‪ :‬صنف يقول عين الحق هو المتجلي في صور‬
‫الممكنات ‪ ،‬وصنف آخر يقول احكام الممكنات وهي الصور الظاهرة في عين الوجود‬
‫الحق ‪ ،‬وكل قال ما هو االمر عليه ‪ :‬ومن هنا نشأت الحيرة في المتحيرين ‪ ،‬وهي عين‬
‫الهدى في كل حائر فمن وقف مع الحيرة ‪ :‬حار ‪ ،‬ومن وقف مع كون الحيرة ‪ :‬هدى‬
‫وصل ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 43 - 42 / 4‬‬

‫يظهر من هذا النص علو المكانة التي برزت فيها الحيرة ‪ ،‬فهي النهاية التي وصل‬
‫إليها الصنف الرابع القائل بوحدة الوجود ‪ ،‬هذا الصنف يقسم قسمين‪:‬‬

‫‪358‬‬
‫“ ‪“ 359‬‬

‫أحدهما يرى أن الحق هو المتجلي في صور الممكنات ‪ ،‬والثاني يرى أن الصور هي‬
‫الظاهرة في عين الوجود الحق ‪ ،‬وكل قسم منهما على حق ‪ ،‬اذن الحيرة نبعت من أن‬
‫االمر يجمع االضداد ‪.‬‬
‫وهذا يشبه إلى حد بعيد جواب الخراز حين سئل بم عرفت ربك ؟‬
‫فقال ‪ :‬بجمعه بين الضدين ‪ . . . 4‬فاجتماع االضداد يؤدي إلى الحيرة ‪.‬‬
‫ولكنها حيرة عين العلم ‪،‬‬
‫كما في جملة الخراز ‪ “ :‬عرفت “ ‪ ،‬اذن حيرة عرفان ( ألنها موقف مع كون الحيرة‬
‫المع الحيرة نفسها ) ‪.‬‬
‫نستطيع اآلن ان نورد تعريفا للحيرة عند الشيخ األكبر ‪ ،‬بعد ما كشفنا مكانتها ‪.‬‬

‫فنقول ‪:‬‬
‫باّلل ‪ ، 5‬مع دوام النظر إلى توالي تجلياته ‪،‬‬
‫الحيرة هي ‪ :‬الغرق في بحار العلم ّ‬
‫ومعرفته في كل تجل ‪ - 6‬وهي الغاية التي إليها ينتهي النظر العقلي والشرعي وكل‬
‫باّلل ‪. 7‬‬
‫سلوك في طريق المعرفة ّ‬
‫نالحظ من هذا التعريف الفرق بين الحيرة والعلم ‪ ،‬فبينما العالم يحيط بالعلم نجد الحيرة‬
‫تحيط بالحائر ‪ .‬فالحائر غارق في بحر العلم ‪.‬‬
‫ولكن هذا الغرق ‪ 8‬ال يغيبه عن ادراك توالي التجليات اإللهية ‪.‬‬

‫يقول ‪:‬‬
‫) ‪ “( 1‬وقد أضلوا كثيرا “ [ اي أضل قوم نوح كثيرا من أهل العلم ‪ ] 9‬اي حيروهم‬
‫في تعداد الواحد بالوجوه والنسب “ وال تزد الظالمين “ “ ألنفسهم “ ‪ “ . . .‬اال ضالال‬
‫“ حيرة المحمدي ‪ “ 10‬زدني فيك تحيرا “ ‪ . . .‬فالحائر له الدور والحركة الدورية ‪،‬‬
‫حول القطب فال يبرح منه ‪ . . .‬ال بدء له فيلزمه “ من “ وال غاية فتحكم عليه “ إلى‬
‫“ ‪ .‬فله الوجود األتم وهو المؤتي جوامع الكلم والحكم ‪ “ .‬مما خطيئاتهم “ فهي التي‬
‫باّلل ‪ ،‬وهو الحيرة ‪ ( 11 “ . . .‬فصوص ‪- 72 / 1‬‬ ‫خطت بهم فغرقوا في بحار العلم ّ‬
‫‪. ) 73‬‬

‫َّللا عليه وسلم أنه قال لربه ‪ :‬زدني فيك تحيرا ‪ 12‬لما علم‬
‫َّللا صلى ّ‬
‫“ ورد عن رسول ّ‬
‫من علو مقام الحيرة ألهل التجلي الختالف الصور “ ( ف ‪. ) 490 / 3‬‬

‫َّللا خالقه *** ولم يحركان برهانا بان جهال‬


‫“من قال يعلم أن ّ‬
‫فرجال الحيرة هم الذين نظروا في هذه الدالئل [ الدليل العقلي ‪ ،‬والدليل‬

‫‪359‬‬
‫“ ‪“ 360‬‬
‫السمعي ] واستقصوها غاية االستقصاء إلى أن اودى بهم ذلك النظر إلى العجز‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ :‬اللهم زدني فيك تحيرا‬
‫والحيرة فيه ‪ .‬من نبي أو صديق ‪ .‬قال صلى ّ‬
‫فإنه كلما زاده الحق علما به زاده ذلك العلم حيرة “ ( ف ‪. ) 271 - 270 / 1‬‬

‫َّللا ] التجليات باختالف احكامها فيه ‪. . .‬‬


‫“ ثم تتوالى عليه [ على الفرد من طائفة أهل ّ‬
‫فيزيد حيرة لكن فيها لذة ‪ . . .‬فكانت حيرتهم [ الطائفة ] باختالف التجليات أشد من‬
‫حيرة النظار في معارضات الدالالت ‪،‬‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ " :‬زدني فيك تحيرا طلب لتوالي التجليات عليه ‪ ،‬فمن‬
‫فقوله صلى ّ‬
‫وصل إلى الحيرة ‪ . . .‬فقد وصل ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 272 / 1‬‬

‫) ‪ “ ( 2‬فان تأولنا ما جاء به [ الشرع ] لنرده إلى النظر العقلي فنكون قد عبدنا‬
‫عقولنا وحملنا وجوده تعالى على وجودنا ‪ ،‬وهو ال يدرك بالقياس فأدانا تنزيهنا الهنا‬
‫إلى الحيرة ‪ .‬فان الطرق كلها قد تشوشت فصارت الحيرة مركزا إليها ينتهي النظر‬
‫العقلي والشرعي ‪ . . .‬فالنظر العقلي يؤدي إلى الحيرة والتجلي يؤدي إلى الحيرة ‪ ،‬فما‬
‫ثمة اال حائرة وما ثمة حاكم اال الحيرة “ ( ف ‪. ) 198 - 197 / 4‬‬

‫باّلل حيرة والعلم بالخلق حيرة ‪ . . .‬فما نظر أهل الخصوص في اكتساب علم‬ ‫“ فالعلم ّ‬
‫قط ‪ . . .‬عاينوا ما وصلوا اليه بالفتح اإللهي ‪ . . .‬فما زادهم اال ايمانا بالحيرة ‪،‬‬
‫وتسليما لحكمها ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 280 / 4‬‬
‫“ فليس كمثله شيء وهو السميع البصير وذلك هو الفضل المبين أقول له ‪:‬‬
‫أنت ‪ ،‬يقول لي ‪ :‬أنت ‪ ،‬أقول له ‪ :‬فأنا ‪ ،‬يقول لي ‪ :‬ال بل انا ‪ ،‬فأقول له ‪:‬‬
‫فكيف االمر ‪ ،‬فيقول ‪ :‬كما رأيت ‪،‬‬
‫فأقول ‪ :‬فما رأيت اال الحيرة ‪ ،‬فال تحصيل مني وال توصيل منك ‪ .‬فيقول ‪ :‬قد‬
‫أوصلتك ‪.‬‬
‫فأقول ‪ :‬فما بيدي شيء ‪ ،‬فيقول ‪ :‬هو ذاك الذي أوصلت فعليه فاعتمد ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 4‬‬
‫‪. ) 123‬‬

‫النص األخير كيف ان الحيرة هي الحد الذي ينتهي اليه السالكون فنهاية‬ ‫ّ‬ ‫يظهر من هذا‬
‫التحصيل الوصول ‪ ،‬ولكنه وصول إلى الحيرة ‪،‬‬
‫وهذا ما عناه الشيخ ابن العربي حين تكلم على الهدى فقال ‪:‬‬
‫“ فالهدى هو ان يهتدي االنسان إلى ‪ :‬الحيرة ‪ ، 13‬فيعلم ان االمر حيرة ‪ ،‬والحيرة قلق‬
‫وحركة ‪ ،‬والحركة حياة ‪ ،‬فال سكون ‪ ،‬فال موت ‪ ،‬ووجود فال عدم ‪“ .‬‬
‫( فصوص ‪. ) 200 - 199 / 1‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬ونالحظ ان الحديث الشريف لم يعر كلمة “ الحيرة “ التفاتا خاصا ‪ ،‬فجاءت‬
‫مبهمة كما أوردها‬

‫‪360‬‬
‫“ ‪“ 361‬‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ :‬يخرج في آخر الزمان رجال يختلون الدنيا‬
‫َّللا صلى ّ‬
‫القرآن “ ‪:‬قال رسول ّ‬
‫بالدين يلبسون الناس جلود الضان من اللين ‪ ،‬ألسنتهم أحلى من السكر ‪ ،‬وقلوبهم قلوب‬
‫َّللا عز وجل أبي يغترون أم علي يجترئون ؟‬
‫الذئاب ‪ ،‬يقول ّ‬
‫فبي حلفت ألبعثن على أولئك منهم فتنة تدع الحليم منهم حيران “ ( سنن الترمذي ج ‪7‬ص‬
‫‪ 127‬طبع حمص ‪ 1967‬م ‪ .‬تحقيق عزت عبيد الدعاس ‪ -‬حديث رقم ‪. ) 2406‬‬

‫) ‪( 2‬راجع كلمة “ ضالل “ ‪ .‬كما تراجع مجلة المشرق ‪ 1967‬ص ‪ 733‬هامش رقم‬
‫‪ 436‬حيث يتكلم عثمان يحيى على لونين من الحيرة عند الشيخ ابن العربي ‪ :‬حيرة الجهل‬
‫وحيرة العرفان ‪.‬‬
‫) ‪( 3‬انظر فهرس األحاديث ‪ .‬حديث رقم ‪( 20 ) .‬‬
‫) ‪( 4‬انظر “ ختم األولياء “ تحقيق عثمان يحيى ص ‪ ، 144‬ويضيف الدكتور عبد الكريم‬
‫اليافي في كتابه دراسات فنية في األدب العربي ص ص ‪ - 321 320‬هامش رقم ( ‪: ) 2‬‬
‫“ وينسب مثل هذا القول تماما إلى المفكر المسيحي األلماني نيكوالوس فون‬
‫كوزا‪Nikolaus von cusa‬المعروف في الالتينية باسم‪Nicolaus cusanus‬عاش‬
‫َّللا بأنه ‪Concidentia appositorum. “ :‬‬ ‫‪ 1464 - 1401‬م فقد عرف ّ‬
‫) ‪( 5‬ان مفهوم الحيرة الذي يتبادر إلى الذهن هو ابهام يستشف منه ضالل ‪ .‬ولكن الشيخ‬
‫ابن العربي وضع الحيرة ال في مصاف العلم بل هي “ فرط “ علم ‪ .‬فمن فرط العلم حار‬
‫الحائر ‪ .‬ولذلك كان التعريف ‪ :‬انها غرق في بحار العلم ‪.‬‬
‫) ‪( 6‬يفرد الشيخ ابن العربي للحيرة مشهدا من كتاب مشاهد االسرار القدسية ‪ ،‬يسميه‬
‫“ مشهد الحيرة بطلوع نجم العدم “ نرى فيه تأثير النفري واضحا يقول ‪ “ :‬اشهدني الحق‬
‫بالحيرة ‪ ،‬قال لي ‪:‬‬
‫ارجع ‪ .‬فلم أجد اين ‪ .‬فقال لي ‪ :‬اقبل ‪ .‬فلم أجد اين ‪ .‬فقال لي ‪ :‬قف فلم أجد اين ‪ . . .‬ثم قال‬
‫لي ‪ :‬أنت أنت وانا انا ‪ .‬ثم قال لي ‪ :‬أنت انا وانا أنت ‪ .‬ثم قال لي ‪ :‬ال أنت انا وال انا أنت ‪،‬‬
‫ثم قال لي ‪ :‬ال انا أنت وأنت انا ‪ ،‬ثم قال لي ‪ :‬ال أنت أنت وال أنت غيرك ‪ . . .‬ثم قال لي ‪:‬‬
‫الحيرة حقيقة الحقيقة ‪ ،‬ثم قال لي ‪ :‬من لم يقف في الحيرة لم يعرفني ‪ ،‬ثم قال لي ‪:‬‬
‫من عرفني لم يدر الحيرة ‪ ،‬ثم قال لي ‪ :‬في الحيرة تاه الواقفون وفيها تحقق الوارثون وإليها‬
‫عمل السالكون ‪ ،‬وعليها اعتكف العابدون وبها نطق الصديقون ‪ ،‬وهي مبعث المرسلين‬
‫ومرتقى همم النبيين فلقد أفلح من حار" ( مشاهد االسرار القدسية ومطالع األنوار اإللهية‬
‫ص ‪) 61 - 60‬‬
‫) ‪( 7‬لتقريب مفهوم الحيرة هنا نعطي مثال من قبيل التجوز ‪ :‬إذا نظرنا إلى أسفل من مكان‬
‫مرتفع نشعر بدوار ‪ .‬كذلك الحيرة دوار عقلي نتج عن محاولة تتبع التجليات اإللهية على‬
‫اتساعها ‪.‬‬
‫فاتساع التجلي علم ولكنه أدى بالخلق إلى “ الدوار “ اي الحيرة ‪ .‬وبذلك تكون الغاية التي‬
‫باّلل والعارف لوجه الحق في كل تجل هو هذا الدوار اي هذه الحيرة ( إذ‬ ‫يصل إليها العالم ّ‬
‫ان االتساع للفكر والعقل هو كالعمق للنظر ان جاز التعبير ) ‪.‬‬
‫) ‪( 8‬راجع المقال القيم الذي نشره األب بولس نويا عن الغرق في دائرة المعارف للبستاني‬
‫تحت لفظة “ االستغراق ‪“ .‬‬

‫‪361‬‬
‫“ ‪“ 362‬‬
‫) ‪( 9‬انظر شرح الفصوص للجامي ‪ .‬ج ‪ 1‬ص ‪. 128‬‬
‫) ‪( 10‬نالحظ ان أبو العال عفيفي لم يفصل بين كلمة “ حيرة “ وكلمة “ المحمدي‬
‫“ بفاصل بل جعلها كلمة واحدة مؤلفة من لفظين ‪ ،‬وهذا ما نتحققه عند مراجعة شرحه‬
‫لهذا المقطع من الفصوص حيث يرى أن الشيخ ابن العربي سمى هذا النوع من الحيرة‬
‫“ بالحيرة المحمدية “ [ يراجع تعليق عفيفي على النصوص ج ‪ 2‬ص ‪. ] 41‬‬
‫والواقع انه بعد مراجعة شرح الفصوص لكل من ‪ :‬القيصري والجامي والنابلسي‬
‫الحظنا انهم يفصلون بين اللفظتين فيجعلون لفظة “ حيرة “ متممة لما قبلها اي للفظة‬
‫“ ضالال ‪“ .‬‬
‫‪-‬المتن الذي يشرحه جامي فيه قبل لفظة “ المحمدي “ “ لفظة “ “ قال “ [ راجع شرح‬
‫جامي ج ‪ 1‬ص ‪] 129‬‬
‫‪-‬ومتن النابلسي يوجد بين اللفظتين كلمة “ وفي “ قدرها النابلسي كاآلتي ‪ ( “ :‬و )‬
‫هذه الحيرة ( في ) مقام الوارث ( المحمدي ) “ [ راجع شرح النابلسي ج ‪ 1‬ص‬
‫‪. ] 117‬‬
‫‪-‬اما القيصري فلم يرد في المتن عنده فاصال بين اللفظتين اال انه فصلهما فقال ‪:‬‬
‫[ نص ] المحمدي زدني فيك تحيرا ‪ [ ،‬شرح ] اي كما قال الناطق المحمدي رب زدني‬
‫فيك ‪ [ “ . . .‬راجع شرح القيصري ص ‪. ] 96‬‬
‫) ‪( 11‬يقول جامي في تعليقه على هذا المقطع ‪ “ :‬اعلم أن الحيرة على نوعين حيرة‬
‫َّللا سره‬
‫النظار وإليها أشار الحسين بن منصور الحالج قدس ّ‬ ‫مذمومة وهي حيرة ّ‬
‫بقوله ‪”:‬‬
‫من رامه بالعقل مسترشدا *** اسرحه في حيرة يلهو‬
‫وشاب بالتلبيس اسراره *** يقول في حيرته هل هو “‬
‫[ انظر ديوان الحالج ص ‪ 102‬رقم ‪ 66‬نشر ماسينيون ‪. ] 1955‬‬

‫وحيرة محمودة وهي حيرة أولي االبصار من توالي التجليات اإللهية وتتالي البارقات‬
‫الذاتية وإليها أشار من قال ‪:‬‬
‫قد تحيرت فيك خذ بيدي *** يا دليال لمن تحير فيكا‬

‫والمراد ههنا الحيرة األخيرة المحمودة ( قال ) الكامل ( المحمدي ) ‪ :‬طالبا الزيادة في‬
‫هذه الحيرة رب ( زدني فيك تحيرا ) من توالي تجلياتك وكثرة تقلبات ذاتك في شؤونك‬
‫وصفاتك “ ( شرح الفصوص للجامي ج ‪ 1‬ص ‪. )129‬‬
‫) ‪( 12‬انظر فهرس األحاديث حديث رقم ) ‪( 21‬‬
‫) ‪( 13‬لقد تفنن الصوفية في الكالم على الحيرة ‪ -‬حيرة عرفان طلبوا الزيادة منها ‪.‬‬
‫َّللا وذلك في وقفته على عرفات‬
‫طلب الحالج الزيادة من الحيرة في ّ‬
‫انظر ‪Massignon passion Tl p . p 266 - 267.‬‬
‫كما يقول ابن الفارض ‪:‬‬
‫“ زدني بفرط الحب فيك تحيرا ‪ ( “ . . .‬الديوان ص ‪. ) 142‬‬

‫‪362‬‬
‫“ ‪“ 363‬‬

‫“ ما بين ضال “ المنحنى “ وظالله * ضل المتيم واهتدى بضالله “( الديوان ص‬


‫‪. ) 167‬‬
‫‪-‬اما فريد الدين العطار فقد افرد في كتابه منطق الطير فصال خاصا للحيرة ‪ “ :‬وادى‬
‫الحيرة “ انظر الترجمة الفرنسية ‪ .‬بقلم كارسن دوتاس ص ص ‪220 - 212‬‬
‫َّللا األنصاري لم يذكر الحيرة بين “ منازل “ السائرين ‪.‬‬
‫‪-‬كما يالحظ ان الشيخ عبد ّ‬

‫‪ - 194‬الحياء‬
‫انظر “ الطريق "‪.‬‬

‫‪ – 195‬الحياة‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الحاء والياء والحرف المعتل أصالن ‪ :‬أحدهما خالف الموت ‪ ،‬واآلخر االستحياء‬
‫الذي [ هو ] ضد الوقاحة ‪ .‬فاما األول فالحياة والحيوان وهو ضد الموت والموتان ‪.‬‬
‫ويسمى المطر حيا الن به حياة األرض ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة مادة “ حيي “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫جعل التنزيل الحياة في مقابل الموت وهما يتحققان في االنسان ‪ ،‬أو األشياء في مقابل‬
‫َّللا تعالى ] ‪.‬‬ ‫الحي الذي ال يموت [ ّ‬
‫ع َم ًال “[ ‪. ] 2 / 67‬‬‫س ُن َ‬ ‫ت َو ْال َحياة َ ِّليَ ْبلُ َو ُك ْم أَيُّ ُك ْم أ َ ْح َ‬‫( أ ) قال تعالى ‪ ”:‬الَّذِّي َخلَقَ ْال َم ْو َ‬
‫ض بَ ْع َد َم ْو ِّتها ‪“[ 35 / 9 ] .‬‬ ‫ت فَأ َ ْحيَيْنا ِّب ِّه ْاأل َ ْر َ‬ ‫س ْقناهُ ِّإلى بَلَ ٍد َم ِّيّ ٍ‬ ‫قال تعالى ‪ ” :‬فَ ُ‬
‫ي ِّ الَّذِّي ال يَ ُموتُ َو َ‬
‫س ِّبّ ْح بِّ َح ْم ِّد ِّه ‪“[ 25 / 58 ] .‬‬ ‫علَى ْال َح ّ‬ ‫( ب ) قال تعالى ‪َ ” :‬وت َ َو َّك ْل َ‬
‫كما تعرض القرآن للحياة الدنيا التي تغري البشر ‪ ،‬مستنكرا عليهم التعلق بها وايثارها‬
‫على الحياة األخرى ‪.‬‬
‫ب “[ ‪. ] 64 / 29‬‬ ‫قال تعالى ‪َ ”:‬وما ه ِّذ ِّه ْال َحياة ُ ال ُّد ْنيا ِّإ َّال لَ ْه ٌو َولَ ِّع ٌ‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪: 1‬‬


‫*ان كل شيء في األكوان حي عند الشيخ ابن العربي سواء ما اطلق عليه عرفا مفهوم‬
‫الحياة [ كاالنسان والحيوان والنبات جزئيا ] ‪ ،‬وما لم يطلق عليه هذا المفهوم‬
‫[ الجماد ] ‪.2‬‬

‫‪363‬‬
‫“ ‪“ 364‬‬

‫فالحياة سارية في كل الموجودات [ مستندها اإللهي االسم ‪ :‬الحي ] ‪.‬‬


‫اما القياس الذي استعمله الشيخ ابن العربي لتأكيد حياة كل الموجودات فهو التالي ‪:‬‬
‫َّللا [ إشارة إلى اآلية ‪44 / 17‬‬
‫المقدمة األولى ‪ :‬كل شيء يسبح بحمد ّ‬
‫ش ْيءٍ ِّإ َّال يُ َ‬
‫س ِّبّ ُح بِّ َح ْم ِّد ِّه “]‬ ‫” َو ِّإ ْن ِّم ْن َ‬
‫المقدمة الثانية ‪ :‬كل من يسبح فهو حي‬
‫النتيجة ‪ :‬كل شيء هو حي ‪.‬‬
‫يقر بها ايمانا بالسند‬‫يقر بها اال المؤمن أو صاحب الكشف ‪ .‬األول ّ‬ ‫وهذه النتيجة ال ّ‬
‫يقر بها شهودا وعيانا فهو يشهد تسبيح كل الموجودات من‬ ‫القرآني السابق ‪ ،‬والثاني ّ‬
‫الجماد وغيره وبالتالي يشهد حياتهم ‪ .‬فلنرجع إلى نصوص الشيخ األكبر ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ان الموجودات كلها ما منها اال من هو حي ناطق أو حيوان ناطق [ حتى ] المسمى‬
‫جمادا أو نباتا أو ميتا ‪ 3‬ألنه ما من شيء من قائم بنفسه وغير قائم بنفسه ‪ ،‬اال وهو‬
‫مسبح ربه بحمده ‪ ،‬وهذا نعت [ التسبيح ] ال يكون اال لمن هو موصوف بأنه حي‬
‫“ ( ف ‪. ) 491 - 490 / 3‬‬
‫َّللا ولكن ال نفقه‬‫“ وما ثم شيء اال وهو حي ‪ ،‬فإنه ما من شيء اال وهو يسبح بحمد ّ‬
‫تسبيحه اال بكشف الهي ‪ .‬وال يسبح اال حي ‪ .‬فكل شيء حي “ ‪ ( . . .‬فصوص ‪/ 1‬‬
‫‪. ) 170‬‬
‫َّللا سبحانه اخذ بابصار بعض عباده عن ادراك هذه الحياة السارية والنطق‬ ‫“ ‪ . . .‬ان ّ‬
‫واالدراك الساري في جميع الموجودات ‪ . . .‬فمن ظهرت حياته سمي حيا ‪ ،‬ومن‬
‫بطنت حياته فلم تظهر لكل عين سمي نباتا وجمادا ‪ ،‬فانقسم عند المحجوبين االمر‬
‫وعند أهل الكشف وااليمان لم ينقسم فاما صاحب الكشف ‪. . .‬‬
‫فيقول ‪ . . .‬سمعنا ورأينا ‪ . . .‬ويقول أهل االيمان ‪ :‬آمنا وصدقنا قال تعالى ‪َ ”:‬و ِّإ ْن ِّم ْن‬
‫س ِّبّ ُح ِّب َح ْم ِّد ِّه “[ ‪ ] 44 / 17‬وشيء نكرة ‪. . .‬‬ ‫ش ْيءٍ ِّإ َّال يُ َ‬
‫َ‬
‫الر ْع ُد ِّب َح ْم ِّد ِّه “[ ‪. . .] 13 /13‬‬ ‫س ِّبّ ُح َّ‬ ‫وقال ‪َ ”:‬ويُ َ‬
‫كل شيء حي ناطق ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 258 / 3‬‬
‫َّللا بابصارنا عن ادراك حياة المسمى جمادا ونباتا مع علمنا أنه حي في نفس‬ ‫“ اخذ ّ‬
‫َّللا وال يسبح اال حي ناطق “ ( ف ‪. ) 177 / 4‬‬ ‫االمر ايمانا ‪ ،‬فإنه مسبح بحمد ّ‬

‫ان الحياة السارية في األكوان ‪ ،‬غابت عن ابصار العامة ألنهم يجعلون شرطها الحس‬
‫‪ ،‬فكل من له ملكة الحس فهو حي ‪ .‬اال ان الشيخ ابن العربي جعل شرطها‬

‫‪364‬‬
‫“ ‪“ 365‬‬

‫العلم ‪ .‬ولذلك استطاع ان يفيضها على كل الكائنات من حيث إن كل كائن يسبح فهو‬
‫عالم بتسبيحه وان كنا نحن ال نفقه تسبيحه ‪. 4‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا تعالى ] الحيوان على مزاج يقبل به األلم واللذة بخالف النبات والجماد ‪،‬‬
‫“ وخلق [ ّ‬
‫فإنهما وان اتصفا بالحياة عند أهل الكشف فإنهما على مزاج ال يقبل اللذة واأللم ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ‪. ) 264 / 3‬‬
‫“ ثم إنه ما من شرط الحي ان يحس فان االحساس والحواس امر معقول زائد على‬
‫كونه حيا ‪ ،‬وانما من شرطه العلم وقد يحس وقد ال يحس ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 324 ) . 3‬‬

‫كما أن الحياة ليس من شرطها االحساس كما تقدم ‪ ،‬كذلك يرى الشيخ ابن العربي انها‬
‫تخالف الروح ‪ :‬فما كل حي روح ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ الروح حي بال شك وما كل حي روح “ ( ف ‪. ) 346 / 3‬‬
‫“ ‪ . . .‬وما عدا الحيوان فروحه عين حياته ال أمر آخر ‪ . . .‬فزال عن الجبل اسم‬
‫فاندك ] ولم يزل عن موسى بالصعق اسم موسى وال اسم‬ ‫ّ‬ ‫الجبل [ عندما تجلى له الحق‬
‫االنسان ‪ ،‬فأفاق موسى ولم يرجع الجبل جبال بعد دكه ‪ ،‬ألنه ليس له روح يقيمه ‪ .‬فان‬
‫حكم األرواح في األشياء ما هو مثل حكم الحياة لها ‪ .‬فالحياة ‪:‬‬
‫دائمة في كل شيء ‪ .‬واألرواح ‪ -‬كالوالة وقتا يتصفون بالعزل ووقتا يتصفون بالوالية‬
‫‪ ،‬ووقتا بالغيبة عنها مع بقاء الوالية ‪ ،‬فالوالية ما دام مدبرا لهذا الجسد الحيواني ‪،‬‬
‫والموت عزله ‪ ،‬والنوم غيبته مع بقاء الوالية عليه “ ‪ ( .‬ف ‪. ) 540 / 2‬‬

‫بعدما عمم الشيخ ابن العربي الحياة ‪ 5‬حتى غمرت حنايا جميع الكائنات ‪ ،‬نراه في‬
‫باّلل ‪ ،‬وهو االنسان الكامل ‪ 6‬الذي‬
‫نظرة أخرى يحصرها بمن توصل إلى جعل حياته ّ‬
‫حمل األمانة ‪ 7‬اي الخالفة في العالم فأدى إلى كل ذي حق حقه ‪. 8‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬واالمر أمانة فأدها إلى أهلها قبل ان تسلبها وتوصف بالخيانة ‪ ،‬فاعطها عن‬
‫رضى قلبك تفز برضا ربك ‪ ،‬فهؤالء هم االحياء وان ماتوا ‪.‬‬

‫ّّلل قوم وجود الحق عينهم *** هم االحياء ان عاشوا وان ماتوا ‪. . .‬‬
‫ال يأخذ القوم نوم ال وال سنة *** وال يؤودهم حفظ ولو ماتوا‪. . .‬‬

‫‪365‬‬
‫“ ‪“ 366‬‬
‫َّللا يحييهم به إذا ماتوا‬
‫شرفهم *** ّ‬
‫َّللا ّ‬
‫كرمهم ‪ّ .‬‬
‫َّللا ّ‬
‫ّ‬
‫لقد رأيتهم كشفا وقد بعثوا *** من بعد ما قبروا من بعد ما ماتوا “‪.‬‬
‫( ف ‪) 395 / 4‬‬

‫كما يستعمل الشيخ ابن العربي لفظ الحياة بمعنى “ النعيم “ فالحياة الدنيا هي ‪ :‬نعيم‬
‫الدنيا ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ واعلم أن الحياة الدنيا ‪ 9‬ليست غير نعيمها ‪ ،‬فمن فاته من نعيمها شيء فما وفيت‬
‫له ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 121 / 4‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫“ ) ‪( 1‬الحياة ‪ :‬هي احدى المنازل العشرة التي يشتمل عليها قسم الحقائق ‪. . .‬‬
‫ويعنون بها وصول السيار إلى المقام الذي هو فوق المعاينة ‪ ،‬التي هي فوق المشاهدة‬
‫المرتفعة عن المكاشفة ‪ . . .‬وذلك بان تتجلى الحقائق بأعيانها وأوصافها‬
‫وخصوصياتها على وجه ال يحجب الوصف عن العين ‪ ،‬فيسمى ذلك التجلي حيوة الن‬
‫صاحبه يأمن من موت ‪ . . .‬االنفصال عن عين هذا االتصال ‪ ،‬ومن موت الغيبة عن‬
‫أزل االزال وعند ذلك يتحقق بالوصول إلى نهاية اآلمال فيحيى بحياة الكبير المتعال ‪،‬‬
‫وإلى التحقق بهذه الحياة أشار من حيي بها وهو شيخ العارفين [ ابن الفارض ] بقوله‬
‫ي ‪ ،‬اال من حياتي حياته ‪ ،‬وطوع مرادي كل نفس‬ ‫في قصيدة نظم السلوك ‪ :‬فال ح ّ‬
‫مريدة ( الديوان ص ‪ ( “ . ) 95‬لطائف االعالم مادة “ حيوة “ ورقة ‪ 85‬أ ) ‪.‬‬
‫كما يراجع ‪ - :‬كتاب بيان الفرق بين الصدر والقلب والفؤاد واللب ‪ .‬الترمذي ص ص‬
‫‪. 96 - 94‬‬
‫[ حيث يتكلم على حياة االنسان بربه بعد ان يموت معناه ‪ .‬ويقسم الحياة إلى الوجوه‬
‫التي يراها العامة منها ‪ :‬حياة النفس بالروح وهي حياة الدواب والبهائم ‪ . . ،‬حياة‬
‫القلب من ظلمة الكفر بنور االيمان ‪ ،‬حياة النفس بالعلم ‪ ،‬حياة العبد بنور الطاعة من‬
‫ظلمة المعصية ‪ ،‬حياة التائب بنور التوبة من ظلمة األحرار ‪ -‬ثم إن الترمذي يجد ان‬
‫كل حي انما سمي حيا بالروح ‪ .‬اذن أينما توجد روح توجد حياة وبالتالي ‪ :‬حياة القلب‬
‫بروح الحكمة وروح الصدق وحياة الصدر بروح االسالم ] ‪.‬‬
‫‪.Exegese coranique‬األب نويا ص ‪ [ 155‬الوحي ‪ -‬حياة ] ‪.‬‬
‫) ‪( 2‬نجد مقدمات هذه النظرة إلى حياة الجماد عند ابن قسي ‪ .‬انظر مقال عفيفي “ أبو‬
‫القاسم بن قسي وكتابه خلع النعلين “ مجلة كلية اآلداب ‪ .‬جامعة اإلسكندرية سنة‬
‫‪ 1957‬ص ‪. 79‬‬
‫) ‪( 3‬راجع كتاب “ النطق المفهوم من أهل الصمت المعلوم “ تأليف الشيخ اإلمام‬
‫أحمد بن طغربك “ ‪ .‬طبع المطبعة الميمنية بمصر احمد البابي الحلبي رجب سنة‬
‫‪ 1308‬ه ‪ .‬حيث يورد أمثلة من نطق الحيوان والوحوش والحشرات والنبات والطير‬
‫والجمادات والسحاب ‪ . .‬الخ ‪.‬‬

‫‪366‬‬
‫“ ‪“ 367‬‬
‫) ‪( 4‬اآلية ‪. 44 / 17‬‬
‫) ‪( 5‬يراجع بشأن الحياة عند الشيخ ابن العربي ‪.‬‬
‫‪-‬بلغة الغواص ورقة ‪ [ 84‬الموت ‪ :‬حياة مطموسة ] ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪ [ 365‬الحي ] ‪.‬‬
‫‪-‬فصوص الحكم فهرس االصطالحات مادة “ حياة ‪“ .‬‬
‫) ‪( 6‬راجع “ انسان كامل ‪“ .‬‬
‫) ‪( 7‬راجع “ أمانة ‪“ .‬‬
‫) ‪( 8‬راجع “ حق “ المعنى “ الرابع ‪“ .‬‬
‫) ‪( 9‬كما يقول أيضا ان الحياة الدنيا إشارة إلى نعيم القرب ‪ ،‬انظر الفتوحات ج ‪4‬‬
‫ص ‪. 189‬‬

‫‪ - 196‬الحياة الفطريّة‬
‫الحياة الفطرية ‪ :‬هي الحياة السارية في جميع اجزاء الوجود من انسان وحيوان ونبات‬
‫وجماد ‪.‬‬
‫يقول ‪ “ :‬والماء كناية عن العلم فإن به حياة األشياء ‪ ،‬ومنه ظهرت وتعينت متصفة‬
‫بالحياة الفطرية “ ( تحرير البيان ق ‪) 5‬‬
‫انظر “ حياة “ عند الشيخ ابن العربي ‪.‬‬

‫ي المايت‬
‫‪ - 197‬الح ّ‬
‫مرادف ‪ :‬المتكلم الصامت‬
‫الحي المايت ‪ :‬حال االنسان في البرزخ [ عالم بين الموت والبعث ] ‪ (-‬راجع برزخ )‬
‫فجسده في القبر ميت بالنسبة لبشر الدنيا ‪ ،‬حي ‪ :‬استنادا لما يروى في األحاديث‬
‫الشريفة من عذاب القبر وسؤال منكر ونكير ‪. . .‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ من كان إذا وجهين فبذاته صير نفسه اثنين ‪ ،‬فهو البرزخ لنفسه كالميت في رمسه ‪:‬‬
‫ميت عند السميع والبصير ‪ ،‬حي عند منكر ونكير ‪،‬‬
‫هو ‪ :‬المتكلم الصامت ‪ ،‬كما هو ‪ :‬الحي المايت ‪ ( “ . . .‬ف ‪) 396 / 4‬‬

‫‪367‬‬
‫“ ‪“ 368‬‬

‫‪ - 198‬الحيوان ‪ -‬الحيوانيّة‬
‫ال يقصد الشيخ ابن العربي بالحيوان والمرتبة الحيوانية تلك الصفة الشهوانية المعروفة‬
‫‪ 1‬ولكن يشير بها إلى صفة الحياة مصدر اشتقاقها ‪.‬‬
‫وهو يبين ان مرتبة الحيوان أكمل في الحياة وفي شرطها اي العلم ‪ 2‬من مرتبة‬
‫االنسان ‪.‬‬
‫وهذا يتفق مع ما ذهب اليه في اشتقاق لفظ بهائم ‪ :‬من ابهام علومها على االنسان ‪. 3‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ ويكون [ إدريس ] حيوانا مطلقا حتى يكشف ما تكشفه كل دابة ما عدا الثقلين ‪،‬‬
‫فحينئذ يعلم أنه قد تحقق بحيوانيته ‪.‬‬
‫وعالمته عالمتان ‪ :‬الواحدة هذا الكشف ‪ ،‬فيرى من يعذب في قبره ومن ينعم ‪، 4‬‬
‫ويرى الميت حيا والصامت متكلما ‪ 5‬والقاعد ماشيا ‪. 6‬‬
‫والعالمة الثانية ‪ :‬الخرس بحيث انه لو أراد ان ينطق بما رآه لم يقدر ‪ ،‬فحينئذ يتحقق‬
‫بحيوانيته ‪ ( “ 7‬فصوص ‪. ) 186 / 1‬‬
‫“ فان نكاح صاحب هذا المقام [ القطب ] كنكاح أهل الجنة ‪ ،‬لمجرد الشهوة ‪ . . .‬وعلى‬
‫هذا يجرى نكاح البهائم لمجرد الشهوة ‪ . . .‬وقد غاب الناس عن هذا الشرف ‪ ،‬وجعلوه‬
‫شهوة حيوانية نزهوا نفوسهم عنها ‪ ،‬مع كونهم س ّموها بأشرف األسماء وهو قولهم‬
‫حيوانية ‪ ،‬اي من خصائص الحيوان واي شرف أعظم من الحياة ‪ ،‬فما اعتقدوه قبحا‬
‫في حقهم هو عين المدح ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 574 / 2‬‬

‫“ واما الحيوانات فلنا منهم شيوخ ‪ ،‬ومن جملة شيوخنا الذين اعتمدت عليهم الفرس فان‬
‫عبادته عجيبة ‪ ،‬والبازي والهرة والكلب والفهد والنملة وغير ذلك ‪ ،‬فما قدرت قط ان‬
‫اتصف بعبادتهم على حد ما هم عليها ‪ ،‬وغايتي ان أقدر على ذلك في وقت دون وقت‬
‫وهم في كل لحظة مع اعتقادهم بسيادتي عليهم يوبخونني ويعاتبونني “ ‪ ( .‬روح القدس‬
‫ص ‪. ) 147‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬أحيانا يستعمل الشيخ ابن العربي لفظ الحيوانية بالمعنى الكالسيكي المشعر‬
‫بالنقص ‪ .‬يقول ‪:‬‬
‫“ وزوجت به وتنعم بها ‪ ،‬ونال منها ما نال بحيوانيته ال بروحه وعقله ‪ ،‬فال فرق بينه‬
‫وبين سائر الحيوان بل الحيوان خير منه ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 125 ) . 4‬‬

‫‪368‬‬
‫“ ‪“ 369‬‬

‫) ‪( 2‬راجع “ حياة “ المعنى “ الثاني ‪“ .‬‬


‫) ‪( 3‬انظر “ بهائم “‬
‫) ‪( 4‬انظر “ بهائم “‬
‫) ‪( 5‬يرى الميت في نظر العامة حيا بالحياة السارية في جميع الموجودات كما أوردنا‬
‫في شرح “ الحياة “ عند الشيخ ابن العربي ‪ ،‬والصامت متكلما من حيث إنه ما من‬
‫َّللا ‪ .‬اذن ليس من صامت فالكل متكلم ‪ .‬انظر “ حياة ‪“ .‬‬ ‫شيء اال يسبح بحمد ّ‬
‫ب [ ‪/ 27‬‬‫سحا ِّ‬ ‫جام َدة ً َو ِّه َ‬
‫ي ت َ ُم ُّر َم َّر ال َّ‬ ‫) ‪( 6‬إشارة إلى اآلية ‪َ ”:‬وت َ َرى ْال ِّجبا َل ت َ ْح َ‬
‫سبُها ِّ‬
‫‪. ]88‬‬
‫) ‪( 7‬انظر شرح عفيفي للحيوانية ‪ .‬الفصوص ج ‪ 2‬ص ‪ ، 274‬كما يراجع الشيخ‬
‫ابن العربي الفصوص ‪ ( 193 - 192 / 1‬حيوانية االنسان وحيوانية الحيوان ) ‪.‬‬

‫‪369‬‬
“ 370 “

370
‫“ ‪“ 371‬‬

‫حرف الخاء‬
‫خ‬

‫‪371‬‬
“ 372 “

372
‫“ ‪“ 373‬‬

‫‪ - 199‬الخوف‬
‫انظر “ الطريق “‬

‫‪ – 200‬الختم‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الخاء والتاء والميم أصل واحد ‪ ،‬وهو بلوغ آخر الشيء ‪ ،‬يقال ختمت العمل ‪ ،‬وختم‬
‫القارئ السورة ‪ .‬فأما الختم ‪ .‬وهو الطبع على الشيء ‪ . . .‬الن الطبع على الشيء ال‬
‫يكون اال بعد بلوغ آخره ‪ ،‬في االحراز ‪ .‬والخاتم مشتق منه ‪ ،‬الن به يختم ‪ ،‬ويقال‬
‫َّللا عليه وسلم خاتم األنبياء ‪ ،‬ألنه آخرهم ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس‬ ‫الخاتم ‪ .‬والنبي صلى ّ‬
‫اللغة ‪ .‬مادة “ ختم “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬ورد الفعل ختم في القرآن منسوبا إلى الحق واقعا على قوى الكافرين ‪ .‬وهو يشير‬
‫على‬‫على قُلُو ِّب ِّه ْم َو َ‬ ‫إلى ‪ :‬الكتم ‪ ،‬الطبع ‪ ،‬االغفال ‪ ،‬االقساء ‪ ،‬الوسم ”‪َ . . .‬خت َ َم َّ‬
‫َّللاُ َ‬
‫ع ِّظي ٌم “‪( 2 / 7 ) . 1‬‬ ‫ذاب َ‬
‫ع ٌ‬ ‫شاوة ٌ ‪َ ،‬ولَ ُه ْم َ‬ ‫على أَب ِّ‬
‫ْصار ِّه ْم ِّغ َ‬ ‫س ْم ِّع ِّه ْم َو َ‬
‫َ‬

‫ب ‪ -‬كما ورد األصل “ ختم “ بمعنى اآلخر والخاتم ‪ ”.‬ما كانَ ُم َح َّم ٌد أَبا أ َ َح ٍد ِّم ْن‬
‫ْك ‪َ 2‬وفِّي ذ ِّل َك‬ ‫َّللا َوخات َ َم النَّ ِّب ِّيّينَ “( ‪ِّ ”. ) 40 / 33‬ختا ُمهُ ِّمس ٌ‬ ‫ِّرجا ِّل ُك ْم َول ِّك ْن َر ُ‬
‫سو َل َّ ِّ‬
‫سونَ “ ( ‪. ) 26 / 83‬‬ ‫فَ ْليَتَنافَ ِّس ْال ُمتَنافِّ ُ‬
‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫*ختم أي أمر من األمور هو ‪ :‬حدّه ونهايته ؛ ( حدّه ) ‪ :‬من حيث إن الختم يجمع كل‬
‫الصفات المتفرقة في النوع الذي يختمه ‪ ،‬فهو “ الح ّد “ الذي ال يتخطى كماله امر من‬
‫األمور التي يختمها ‪ .‬وهنا ال عناصر زمنية تدخل في مفهوم الختم ‪ ،‬فقد يكون أول‬
‫النوع أو أوسطه في الظهور ‪.‬‬

‫( ونهايته ) ‪ :‬من حيث إنه ال يكون بعده الحد ان يظهر بمثل ما ظهر به ‪ ،‬مثال ‪ :‬ان‬
‫محمدا صلّى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم خاتم األنبياء فليس ألحد بعده ان يظهر بالنبوة‪.‬‬

‫‪373‬‬
‫“ ‪“ 374‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ ) ‪( 1‬فليس الختم بالزمان وانما هو باستيفاء مقام العيان “ ( عنقاء مغرب ‪ .‬ص‬
‫‪. ) 71‬‬
‫“ ) ‪( 2‬ومعنى الخاتم كونه الحد والنهاية ‪ .‬فال ينبغي الحد من بعده الظهور بمثل ما‬
‫ظهر به ‪ ( “ . . .‬بلغة الغواص ‪ .‬ورقة ‪. ) 53‬‬

‫الختم هو الحافظ ‪ :‬وقد أقام الشيخ ابن العربي موازاة بين الملك الذي يحفظ خزانته‬
‫بختمه فال يجسر أحد على فتحها دون اذنه ‪ ،‬وبين الحق الذي يحفظ العالم ( في موازاة‬
‫“ الخزانة “ ) باالنسان ( في موازاة “ ختم الملك “ )‬
‫فإذا زال عنه انتقل االمر إلى اآلخرة ‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ فهو [ االنسان ] من العالم كفص الخاتم من الخاتم ‪ ،‬وهو محل النقش والعالمة التي‬
‫بها يختم بها الملك على خزانته ‪.‬‬
‫وسماه خليفة من اجل هذا ‪ ،‬ألنه تعالى الحافظ به خلقه كما يحفظ الختم الخزائن ‪.‬‬
‫فما دام ختم الملك عليها ال يجسر أحد على فتحها اال باذنه ‪ ،‬فاستخلفه في حفظ‬
‫الملك ‪.‬‬
‫فال يزال العالم محفوظا ما دام فيه هذا االنسان الكامل ‪.‬‬
‫وفك من خزانة الدنيا لم يبق منها ما اختزنه الحق فيها ‪ ،‬وخرج ما‬ ‫أال تراه إذا زال ّ‬
‫كان فيها والتحق بعضه ببعض ‪ ،‬وانتقل األمر إلى اآلخرة فكان ختما على خزانة‬
‫اآلخرة ختما أبديا ؟ “ ( فصوص ‪. ) 50 / 1‬‬
‫” لو أن البيت يبقى دون ختم * لجاء اللص يفتك بالوليد‬
‫فحقق يا أخي نظرا إلى من * حمى بيت الوالية من بعيد” ( الديوان ‪ .‬ص ‪. ) 32‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يقول البيضاوي في شرح هذه اآلية ‪:‬‬
‫“ والختم الكتم سمى به االستيثاق من الشيء بضرب الخاتم عليه ‪ ،‬ألنه كتم له ولبلوغ‬
‫آخره ‪ . . .‬فتجعل قلوبهم بحيث ال ينفذ فيها الحق واسماعهم تعاف استماعه كأنها‬
‫مستوثق منها بالختم ‪ . . .‬وقد عبر عن احداث هذه الهيئة بالطبع في قوله تعالى ‪”:‬‬
‫ْصار ِّه ْم “[ ‪] 108 / 16‬‬ ‫س ْم ِّع ِّه ْم َوأَب ِّ‬ ‫على قُلُو ِّب ِّه ْم َو َ‬
‫َّللاُ َ‬ ‫أُولئِّ َك الَّذِّينَ َ‬
‫طبَ َع َّ‬
‫وباالغفال في قوله تعالى ‪َ ”:‬وال ت ُ ِّط ْع َم ْن أ َ ْغفَ ْلنا قَ ْلبَهُ َ‬
‫ع ْن ِّذ ْك ِّرنا ] ‪“[ 18 / 28‬‬
‫وباالقساء في قوله تعالى ‪َ ”:‬و َجعَ ْلنا قُلُوبَ ُه ْم قا ِّسيَةً‪“- - - - -‬‬

‫‪374‬‬
‫“ ‪“ 375‬‬

‫“ ] ‪ [ 5 / 13‬وبالختم وسم قلوبهم [ الكفار ] بسمة تعرفها المالئكة فيبغضونها‬


‫وينفرون عنهم ‪ ( “ . . .‬أنوار التنزيل ج ‪ 1‬ص ‪. ) 8‬‬

‫) ‪“ ( 2‬ختامه مسك “ اي ان آخر ما يجدونه منه عند شربهم إياه رائحة المسك‬
‫“ ( معجم مقاييس اللغة مادة “ ختم “ ) ‪.‬‬

‫‪ - 201‬ختم الختم‬
‫ان كلمة ختم مفردة تؤدي معان صفاتية ‪ 1‬دون تعيين اشخاص بالذات ‪.‬‬
‫ولذلك تتعدد الخواتم بتعدد النوع أو الحقيقة أو المعنى المختوم ‪ ،‬مثال النبوة لها ختم‬
‫[ محمد صلّى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ] ‪ ،‬والوالية العامة لها ختم [ عيسى عليه السالم ] ‪،‬‬
‫والوالية الخاصة لها ختم [ الشيخ ابن العربي نفسه أو هكذا تشعر نصوصه ] ‪،‬‬
‫والخالفة لها ختم [ سليمان عليه السالم ‪ ، ] 2‬والعالم له ختم [ االنسان الكامل ‪. ] 3‬‬
‫ولذلك ال بد من حقيقة تجمع في ذاتها صفات قوة هذه الخواتم جميعا وتكون هي ‪ :‬ختم‬
‫َّللا عليه وسلم من حيث إنه جوامع الكلم ‪ 4‬وحقيقة الحقائق ‪5‬‬ ‫الختم وهي لمحمد صلّى ّ‬
‫‪ ،‬وما إلى ذلك من األلقاب التي تفيد ‪ :‬جمعيته ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫َّللا مرتبة تشمل ‪ :‬الوالية والنبوة والرسالة واإلمامة واالمر‬ ‫“ وان الخالفة عن ّ‬
‫َّللا آلدم ‪. . .‬‬ ‫والملك ‪ .‬فالكمال االنساني بكمال هذه المراتب ‪ . . .‬فقد جمع ّ‬
‫الوالية والنبوة ‪ . . .‬وجمع لسليمان الوالية والنبوة والرسالة واإلمامة واالمر ‪ ،‬وكمال‬
‫الخالفة وتمام الملك ‪ .‬فخالفته أكمل ‪ ،‬ولذلك عم التسخير له ‪ ،‬وتصرف باالمر الذي‬
‫هو القول مكان تصرف غيره بالهمة ‪ . . .‬وجمع لعيسى الوالية والنبوة والرسالة‬
‫واإلمامة واالمر والملك وتمام الرسالة فخالفته أكمل وتصرفه أعم ‪. . .‬‬
‫وبه تمت دورة العبودية في الخالفة ولتمامها به قال سبحانه ”‪ِّ :‬إ َّن َمث َ َل ِّعيسى ِّع ْن َد َّ ِّ‬
‫َّللا‬
‫َك َمث َ ِّل آ َد َم “[ ‪ ] 59 / 3‬فمماثلتهما من حيث الختمية ‪.‬‬

‫ألن آدم ختم المظاهر االنسانية في العالم ‪ ،‬وعيسى ختم مظاهر الرسالة في آدم‬
‫فتصرفه أتم ‪ . . .‬اال تراه يحيي الموتى ‪ . . .‬ولما تمت دورة العبودية في الخالفة‬
‫َّللا بدورة السيادة في الخالفة بسيدنا محمد صلّى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم‬ ‫بعيسى ‪ ،‬جاء ّ‬
‫فكان ‪ . . .‬جامعا للوالية والنبوة والرسالة واإلمامة واالمر والملك فهو ‪ :‬ختم‬
‫الختم ‪ . . .‬فكمال من قبله كمال عن نقص ‪،‬‬

‫‪375‬‬
‫“ ‪“ 376‬‬

‫وكماله ‪ :‬كمال عن كمال ‪ . . .‬فأوتي جوامع الكلم ‪ ( “ . . .‬بلغة الغواص ق ق ‪- 54‬‬


‫‪. ) 55‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬انظر “ ختم “‬
‫) ‪( 2‬انظر “ خالفة “‬
‫) ‪( 3‬انظر “ ختم “ “ المعنى “ “ الثاني ‪“ .‬‬
‫) ‪( 4‬انظر “ جوامع الكلم “‬
‫) ‪( 5‬انظر “ الحقيقة المحمدية “ ‪ - 202.‬خاتم األوالد‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ وعلى قدم شيث يكون آخر مولود يولد من هذا النوع االنساني ‪ ،‬وهو حامل اسراره‬
‫وليس بعده ولد ‪ 1‬في هذا النوع ‪ .‬فهو خاتم األوالد ‪ .‬وتولد معه أخت له قبله ويخرج‬
‫بعدها يكون رأسه عند رجليها ‪ .‬ويكون مولده بالصين ولغته لغة أهل بلده ‪ .‬ويسري‬
‫َّللا فال يجاب ‪ .‬فإذا‬
‫العقم في الرجال والنساء فيكثر النكاح من غير والدة ويدعوهم إلى ّ‬
‫َّللا تعالى وقبض مؤمني زمانه ‪ ،‬بقي من بقي مثل البهائم ال يحلون حالال وال‬‫قبضه ّ‬
‫يحرمون حراما ‪ . . .‬فعليهم تقوم الساعة ‪ ( “ . . .‬فصوص ‪. ) 67 / 1‬‬
‫لم نوفق بنص آخر يورد عبارة “ خاتم األوالد “ والواقع ان هذا المقطع من الفصوص‬
‫اختلف فيه المفسرون ‪ ،‬فمنهم من اعتبره في جملته رمزا حاول ايضاح مدلوالته ‪، 2‬‬
‫ومنهم من اخذه بظاهره معتبرا آخر مولود يولد من النوع االنساني ولدا حقيقيا ‪ ،‬يحمل‬
‫جميع اسرار شيث على نحو ما حمل شيث اسرار آدم ‪.‬‬
‫والحقيقة اننا نميل إلى االخذ بظاهر النص كما ذهب اليه بالي أفندي ‪. 3‬‬
‫حيث إن الشيخ ابن العربي ربط كل ذلك بقيام “ الساعة “ ‪.‬‬
‫وال يخفى ما يتضمن هذا المقطع من إشارات إليها وانطباق جوها مع جو الساعة كما‬
‫وردت في األحاديث الشريفة ‪.‬‬
‫) ‪( 1‬بخصوص “ ولد “ عند الشيخ ابن العربي انظر ‪ :‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪، 363‬‬
‫‪ ، 418 ، 385 ، 369 ، 364‬كما يراجع “ ابن “ في هذا المعجم ‪.‬‬

‫‪376‬‬
‫“ ‪“ 377‬‬
‫) ‪ ( 2‬لقد اعتبر عفيفي هذا المقطع رمزيا ‪ ،‬ونلخص موقفه بالكلمات التالية ‪:‬‬
‫آخر األوالد = القلب ( أو العقل ) كما يفهمه الصوفية‬
‫أخته = النفس االنسانية ‪،‬‬
‫الصين = القرار البعيد للطبيعة البشرية أو موضع السر منها ‪.‬‬
‫للا = قوى النفس وجنودها ‪.‬‬ ‫الناس الذين دعاهم إلى ّ‬
‫مؤمني زمانه = قوى االنسان الروحية ‪.‬‬
‫العقم = مهما كثر النكاح بين القوى الفاعلة والقوى المنفعلة في االنسان لن تلد ذلك‬
‫المولود ‪.‬‬
‫) ‪ ( 3‬يرى بالي أفندي ان خاتم األوالد هو ولد حقيقي يختم الذكور كما أن شيث أول‬
‫األوالد الذكور ‪ ،‬وان أخته التي تولد معه هي خاتمة األوالد اإلناث كما أن أخت شيث‬
‫أول أنثى ‪ .‬اما انه يخرج بعدها فذلك البتداء الدورة على عكسها ‪.‬‬
‫وهو ولي يظهر بعد عيسى عليه السالم ( خاتم األولياء ) وظهوره ال يقدح في ختمية‬
‫عيسى عليه السالم للوالية ‪ ،‬ألنه ال يستجيب لدعوته أحد ‪ ،‬كما ال ينافي ختمية محمد‬
‫َّللا عليه وسلم للنبوة ظهور عيسى في آخر الزمان ‪.‬‬
‫صلى ّ‬
‫راجع شرح بالي أفندي لفصوص الحكم ص ص ‪. 67 - 66‬‬

‫‪ - 203‬ختم الوالية أو خاتم الوالية‬


‫ان عبارة “ ختم األولياء “ أو “ ختم الوالية “ دون تحديد الطار هذه الوالية [ الوالية‬
‫العامة ‪ ،‬الوالية الخاصة ‪ ] 1‬توقع القارئ في مغالطات كثيرة ‪ .‬إذ ان الشيخ ابن‬
‫العربي يستعملها أحيانا دون تحديد ‪ .‬ويندفع في اضفاء ارفع األوصاف على شخص‬
‫ختم الوالية ( وهو يقصد الختم العام ) ‪ ،‬ويجعله في مقام أعلى من مقام أبي بكر وعمر‬
‫‪ ،‬مما يدفع المنكرين عليه إلى االعتراض ‪ ( 2‬ظنا منهم انه يقصد الختم الخاص ) ‪.‬‬
‫ولذلك ننبه إلى ضرورة دراسة كل مقطع ترد فيه عبارة “ ختم الوالية “ دون‬
‫تخصيص ‪ ،‬الرجاعها من خالل صفات الختم إلى شخصه ‪.‬‬
‫انظر “ ختم الوالية العامة “ و “ ختم الوالية الخاصة ‪“ .‬‬
‫) ‪( 1‬انظر “ الوالية العامة “ “ الوالية الخاصة ‪“ .‬‬
‫) ‪( 2‬كما فعل ابن تيمية ‪ .‬انظر “ ختم الوالية العامة ‪“ .‬‬

‫‪377‬‬
‫“ ‪“ 378‬‬

‫صة‬‫‪ - 204‬ختم الوالية الخا ّ‬


‫المترادفات ‪ :‬ختم الوالية المحمدية ‪ -‬الختم المحمدي ‪ -‬الختم الخاص ‪ ،‬انظر “ ختم‬
‫الوالية العامة “‬
‫‪ - 205‬ختم الوالية العا ّمة‬
‫المترادفات ‪ :‬ختم الوالية الكبرى ‪ - 1‬ختم الوالية على االطالق ‪ - 2‬الختم العام ‪. 3‬‬
‫يقسم الشيخ ابن العربي الوالية شقين ‪:‬‬
‫الوالية العامة وهي التي تشمل والية الرسل واألنبياء ‪ ، 4‬والوالية الخاصة وهي والية‬
‫األولياء ‪.‬‬
‫وقد جعل لكل والية ختما ‪ ،‬هو شخص معين ‪ 5‬واحد ‪ ، 6‬حاز جميع صفات “ الختم‬
‫“ من حيث إنه الح ّد والنهاية ‪ 7‬لكل افراد النوع الذي يختمه ‪ ،‬ومن حيث إنه المشكاة‬
‫التي يستمد منها كل ولي علمه الباطن ‪. 8‬‬

‫ونلخص موقف الشيخ ابن العربي من الختمين ‪ :‬فنقول ‪:‬‬


‫‪ - 1‬ختم الوالية العامة ‪:‬‬
‫َّللا اليه ينزل في آخر الزمان وليا يحكم بشرع‬
‫ختم الوالية العامة هو رسول رفعه ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ ،‬ويختم بظهوره والية الرسل واألنبياء جميعا فال يظهر‬
‫محمد صلى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ -‬وهو عيسى‬
‫ولي بعده ‪ -‬هو من “ االفراد “ وأفضل أمة محمد صلى ّ‬
‫“ عليه السالم “ ‪9‬‬

‫‪ - 2‬ختم الوالية الخاصة ‪:‬‬


‫ي ‪ ،‬من “ االفراد “ على قلب محمد صلى‬‫ختم الوالية الخاصة المحمدية هو رجل عرب ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ 10‬جمع علم كل ولي محمدي ‪ ،‬واختتم الوالية التي تحصل إرثا‬ ‫ّ‬
‫محمديا لألولياء [ المحمديين ] ‪.‬‬

‫َّللا عليه وسلم بعده ‪ -‬وهو دون الختم العام الذي هو‬
‫فال ولي على قلب محمد صلى ّ‬
‫رسول ‪ -‬وهو ‪ :‬الشيخ ابن العربي [ يصرح بذلك أحيانا ‪ ،‬وتالمذته يؤكدون ‪] 11 .‬‬

‫‪378‬‬
‫“ ‪“ 379‬‬

‫وننتقل إلى نصوص الشيخ األكبر ‪ ،‬فهي كافية في وقرتها ووضوحها اللقاء الضوء‬
‫على مذهبه في الختمين ‪ ،‬يقول ‪:‬‬
‫“ ) ‪( 1‬اال ان ختم األولياء رسول وليس له في العالمين عديل هو الروح وابن الروح‬
‫َّللا اليه ثم ينزله وليا خاتم األولياء في آخر‬
‫واألم مريم وهذا مقام ما اليه سبيل رفعه ّ‬
‫َّللا عليه وسلم في أمته ؛ وليس يختم اال والية‬
‫الزمان ‪ ،‬يحكم بشرع محمد صلى ّ‬
‫الرسل واألنبياء ‪ .‬وختم الوالية المحمدي يختم والية األولياء ‪ ،‬لتتميز المراتب بين‬
‫والية الولي ووالية الرسل ‪ ( “ . . . 12‬ف ‪. ) 195 / 4‬‬

‫“ فيكون عيسى عليه السالم ‪ . . .‬خاتم األولياء ‪ . . .‬وهو أفضل هذه األمة المحمدية‬
‫وقد نبه عليه الترمذي الحكيم في كتاب ختم األولياء له ‪ ،‬وشهد له بالفضيلة على أبي‬
‫بكر الصديق وغيره ‪ 13‬فإنه وان كان وليا في هذه األمة والملة المحمدية فهو نبي‬
‫ورسول في نفس األمر ‪ . . .‬وللوالية المحمدية المخصوصة بهذا الشرع المنزل على‬
‫َّللا عليه وسلم ختم خاص ‪ ،‬هو في الرتبة دون عيسى عليه السالم لكونه‬ ‫محمد صلى ّ‬
‫رسوال ‪ ،‬وقد ولد في زماننا ورأيته فال ولي بعده اال هو راجع اليه ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 1‬‬
‫‪. ) 185‬‬

‫“ واما المفردون فكثيرون والختمان منهم ‪ ،‬اي من المفردين ‪ 14‬فما هما قطبان ‪15‬‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ ،‬واما المفردون فمنهم‬
‫وليس في األقطاب من هو على قلب محمد صلى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم والختم منهم اعني خاتم األولياء‬
‫من هو على قلب محمد صلى ّ‬
‫الخاص ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 77 / 4‬‬

‫َّللا به‬
‫َّللا به الوالية [ عامة ] ‪ ،‬وختم يختم ّ‬
‫“ ) ‪( 2‬الختم ‪ :‬ختمان ‪ ، 16‬ختم يختم ّ‬
‫الوالية المحمدية ‪ . . .‬وأما ختم الوالية المحمدية فهي لرجل من العرب ‪ . . .‬وهو خاتم‬
‫َّللا عليه وسلم نبوة الشرائع‬
‫َّللا ختم بمحمد صلى ّ‬ ‫النبوة المطلقة ‪ . . . 17‬وكما أن ّ‬
‫َّللا بالختم المحمدي ‪ ،‬الوالية التي تحصل من الورث المحمدي ال التي‬ ‫كذلك ختم ّ‬
‫تحصل من سائر األنبياء ‪ ،‬فإن من األولياء من يرث إبراهيم وموسى وعيسى فهؤالء‬
‫َّللا عليه‬
‫يوجدون بعد هذا الختم المحمدي ‪ ،‬وبعده فال يوجد ولي على قلب محمد صلى ّ‬
‫وسلم هذا معنى خاتم الوالية المحمدية ‪ .‬واما ختم الوالية‬

‫‪379‬‬
‫“ ‪“ 380‬‬

‫العامة الذي ال يوجد بعده ولي فهو عيسى عليه السالم “ ( ف ‪ ”. ) 49 / 2‬انا ختم‬
‫الوالية دون شك * لورث الهاشمي مع المسيح‬
‫كما اني أبو بكر عتيق * أجاهد كل ذي جسم وروح “( ف ‪) 244 / 1‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬انظر الفتوحات ج ‪ - 3‬ص ‪، 514 ، 507‬‬
‫) ‪( 2‬انظر الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪، 49‬‬
‫) ‪( 3‬انظر الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪400‬‬
‫) ‪( 4‬ان كل نبي أو رسول تنتهي رسالته مثال بأدائها بينما ال تنتهي واليته ‪ ،‬فكل نبي‬
‫هو ولي وال تنعكس انظر “ نبي ‪“ .‬‬
‫) ‪( 5‬لقد عودنا الشيخ ابن العربي نمطا خاصا في النظر إلى الكلمات وهو ان الكلمة‬
‫تأخذ عنده معنى في كونها اسما ‪ ،‬واخر في كونها صفة ‪ .‬بل تتحول في أكثر األحيان‬
‫إلى صفة تطلق على كل من حازها ‪ .‬انظر “ لوح “ ‪ .‬على حين ان “ ختم األولياء‬
‫“ ليس صفة بل شخص معين ‪.‬‬
‫) ‪( 6‬يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫َّللا عنهم الختم وهو واحد ال‬ ‫“ ومنهم [ أصناف الرجال الذين يحصرهم العدد ] رضي ّ‬
‫َّللا به الوالية المحمدية فال يكون في‬ ‫في كل زمان بل هو واحد في العالم ‪ ،‬يختم ّ‬
‫َّللا به الوالية العامة من آدم إلى آخر‬‫األولياء المحمديين أكبر منه ‪ ،‬وثم ختم آخر يختم ّ‬
‫ولي وهو عيسى عليه السالم وهو ختم األولياء “ ( ف ‪. ) 9 / 2‬‬
‫) ‪( 7‬انظر “ ختم “ المعنى “ األول ‪“ .‬‬
‫) ‪( 8‬ان فكرة الختم من أمهات االفكار عند الشيخ ابن العربي ويرتكز على صفات‬
‫معينة في الختم لبناء نظرته في المعرفة الصوفية ‪ .‬وهو يقيم موازاة كاملة بين محمد‬
‫َّللا عليه وسلم في األنبياء والختم في األولياء ‪.‬‬ ‫صلى ّ‬
‫فكما اعتقد بأزلية النور المحمدي تراه يؤكد أزلية ختم الوالية ‪ ،‬ويضفي على شخصها‬
‫كل المكاسب التي استحقها ختم النبوة ‪ .‬فيطبق حرفيا معنى كون الختم على قلب محمد‬
‫َّللا عليه وسلم ( انظر على قدم “ القدمية “ ) ونلخص بهذا الجدول أوجه الشبه ‪.‬‬ ‫صلى ّ‬
‫ختم النبوة ‪:‬‬
‫أزلية النور المحمدي‬
‫أوتي جوامع الكلم‬
‫مصدر كل علم ‪ -‬مشكاة‬
‫ختم الوالية ‪:‬‬
‫أزلية والية ختم الوالية‬
‫الجامع علم كل ولي‬
‫المشكاة التي يأخذ منها كل ولي علمه ‪ -‬الباطن‬

‫‪380‬‬
‫“ ‪“ 381‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ “ :‬كنت نبيا وآدم بين الماء والطين “ وغيره من‬ ‫أ ‪ “ -‬قوله صلى ّ‬
‫األنبياء ما كان نبيا اال حين بعث ‪ ،‬وكذلك خاتم األولياء كان وليا وآدم بين الماء‬
‫والطين ‪ ،‬وغيره من األولياء ما كان وليا اال بعد تحصيله شرائط الوالية من االخالق‬
‫اإللهية ‪( “ . . .‬فصوص ‪. ) 64 / 1‬‬
‫َّللا والية األولياء المحمديين اي الذين ورثوا‬ ‫ب ‪ “ -‬الختم الخاص هو المحمدي ختم ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ ،‬وعالمته في نفسه ان يعلم قدر ما ورث كل ولي محمدي‬ ‫محمدا صلى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ ،‬فيكون هو الجامع علم كل ولي محمدي ّّلل تعالى ‪،‬‬ ‫من محمد صلى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم لما ختم به النبيين‬ ‫وإذا لم يعلم هذا فليس بختم ‪ ،‬اال ترى إلى النبي صلى ّ‬
‫أوتي جوامع الكلم ‪ ،‬واندرجت الشرائع كلها في شرعه ‪ ( “ . . .‬ف ‪) 442 / 4‬‬
‫َّللا‬
‫َّللا عليه وسلم وهو الممد لجميع األنبياء والرسل سالم ّ‬ ‫ج ‪ “ -‬روح محمد صلى ّ‬
‫عليهم أجمعين واألقطاب من حين النشء االنساني إلى يوم القيامة ‪ . . .‬ولهذا الروح‬
‫المحمدي [ انظر القطب الواحد ] مظاهر في العالم ‪ ،‬أكمل مظهر في قطب الزمان‬
‫وفي االفراد وفي ختم الوالية المحمدي ‪ ،‬وختم الوالية العامة الذي هو عيسى عليه‬
‫السالم “ ( ف ‪. ) 151 / 1‬‬
‫باّلل ‪ .‬وليس هذا العلم اال لخاتم‬‫ج ‪ “ -‬أعطاه العلم السكوت ‪ . . .‬وهذا هو أعلى عالم ّ‬
‫الرسل وخاتم األولياء ‪ ،‬وما يراه أحد من األنبياء والرسل اال من مشكاة الرسول الخاتم‬
‫‪ ،‬وال يراه أحد من األولياء اال من مشكاة الولي الخاتم ‪ .‬حتى أن الرسل ال يرونه ‪-‬‬
‫متى رأوه ‪ -‬اال من مشكاة خاتم األولياء ‪ . . .‬فالمرسلون ‪ ،‬من كونهم أولياء [ انظر‬
‫“ ولي “ ] ال يرون ما ذكرناه اال من مشكاة خاتم األولياء ‪ ( “ . . .‬فصوص ‪/ 1‬‬
‫‪. ) 62‬‬
‫) ‪( 9‬لقد بحث ميشال الحايك المسيح ختما لألولياء في مؤلفات الشيخ ابن العربي ‪.‬‬
‫فليراجع كتابه ‪:Le christ de l'Islam ed . du seuil P . P . 260 -‬‬
‫) ‪264( Le christ - sceau de la saintete )( 10‬انظر “ محمدي “‬
‫) ‪( 11‬يقول القيصري في شرحه لتائيه ابن الفارض ‪:‬‬
‫“ فالظاهر بواليته الجزئية [ ‪ -‬الختم الخاص ] هو شيخنا الكامل المكمل سلطان‬
‫َّللا سره ‪ ،‬والظاهر بالوالية الكلية هو عيسى عليه‬ ‫المحققين محيي الملة والدين قدس ّ‬
‫السالم ‪ ( “ . . .‬ورقة ‪) 33‬‬
‫) ‪( 12‬انظر “ والية “‬
‫) ‪( 13‬لقد نقد ابن تيمية فكرة “ ختم الوالية “ عند الترمذي والشيخ ابن العربي واحتج‬
‫بأنه ال ولي أفضل من أبي بكر ‪ ،‬وغاب عن ذهنه ان ختم الوالية ليس وليا يظهر في‬
‫آخر الزمان يختم األولياء ‪ ،‬كال ! انه رسول نزل وليا فهو ولي رسول [ عيسى ] ‪،‬‬
‫ومن حيث رسالته يفضل أبا بكر ‪ .‬انظر نقد ابن تيمية ‪ :‬كتاب الترمذي ختم األولياء‬
‫نشر عثمان يحي ص ‪، 506‬‬
‫) ‪( 15‬انظر “ قطب “‬ ‫) ‪( 14‬راجع “ االفراد “‬

‫‪381‬‬
‫“ ‪“ 382‬‬
‫) ‪( 16‬بخصوص موضوع “ الختم “ يراجع عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 1‬ص ‪ ( 8 - 7‬الختم ) ‪ ( 150 ،‬خاتم األولياء عيسى ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪ ( 50‬ختم الوالية المحمدية المنتظر ‪ ،‬انظر “ مهدي “ ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪ ( 328‬ختم األولياء ‪ -‬المهدي ) ‪ ،‬ص ‪ ( 400‬خاتم المجتهدين‬
‫المحمديين والختم العام ) ‪ .‬ص ‪ ( 507‬عيسى محمدي ‪ -‬ختم الوالية الكبرى ) ‪ ،‬ص‬
‫‪ ( 514‬ختم الوالية الكبرى ‪ ،‬ختم الوالية المحمدية ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪ ( 27‬خاتم الخلفاء ) ‪ ،‬ص ص ‪ ( 76 - 75‬الختم العام ‪ -‬عيسى‬
‫عليه السالم ) ‪ .‬ص ‪ ( 116‬الختم العام ) ‪.‬‬
‫‪-‬إشارات القرآن ورقة ‪ 53‬أ ( خاتم ) ‪.‬‬
‫‪-‬التجليات ط ‪ .‬حيدرآباد ص ‪ : 8‬تجلي اخذ المدركات عن مدركاتها الكونية ( ختم‬
‫النبوة ‪ ،‬ختم الرسالة ‪ -‬ختم الوالية ) ‪.‬‬
‫‪-‬رسالة في معرفة األقطاب ‪ .‬ق ‪ 117 .‬ب ‪ ( .‬الختمان الخارجان عن القطب ) ‪ -‬ق‬
‫‪ 118‬أ ‪ ( ،‬الختمان من االفراد ) ‪.‬‬
‫‪-‬بلغة الغواص ق ‪ ( 11‬الختم ‪ -‬الصورة اآلدمية ) ‪.‬‬
‫‪-‬عنقاء مغرب ‪ .‬ص ‪ ( 18‬الختم ) ص ص ‪ ( 77 - 72‬الختم والتعريف بينه وبين‬
‫المهدي ‪ ،‬وبيان مولده ونسبه ومسكنه وقبيلته وما يكون من أمره إلى حين موته‬
‫واسمه ‪ . . .‬مما تضمنه نص القرآن ‪) .‬‬
‫‪-‬فصوص الحكم فهرس االصطالحات مادة “ خاتم األولياء “ “ خاتم النبيين ‪“ .‬‬
‫‪-‬بلغة الغواص ورقة ‪ ( 52‬ختم الخالفة االنسانية ‪ -‬سليمان ) ‪.‬‬
‫كما يراجع بشأن ختم الوالية كتاب “ الترمذي “ من حيث إنه أول من تكلم في “ الختم‬
‫‪“.‬‬
‫‪-‬ختم األولياء ص ص ‪ ( 163 - 161‬مع الهوامش ) ‪ ،‬ص ص ‪( 342 - 336‬‬
‫خاتم األولياء وخاتم األنبياء ) ‪ ،‬ص ص ‪ ( 374 - 367‬خاتم األولياء ) ‪ ،‬ص ص‬
‫‪ (421 - 422‬خاتم األولياء ) ‪ ،‬ص ص ‪ ( 458 - 457‬نص من “ نوادر األصول‬
‫“للترمذي ‪ ،‬في “ خاتم األولياء “ ) ‪ ،‬ص ص ‪ ( 471 - 470‬نص لع ّمار البدليسي‬
‫في “ خاتم األولياء “ من كتاب بهجة الطائفة ) ‪.‬‬
‫وبمقارنة نصوص المفكرين تخرج إلى النور الجذور الفكرية التي ازهرت عليها فكرة‬
‫الشيخ ابن العربي في الختم ‪.‬‬
‫) ‪( 17‬النبوة المطلقة ‪ -‬الوالية ‪ .‬انظر “ نبوة مطلقة “ “ والية ‪“ .‬‬

‫‪382‬‬
‫“ ‪“ 383‬‬

‫النبوة المطلقة‬
‫ّ‬ ‫‪- 206‬ختم‬
‫انظر ‪ :‬النبوة المطلقة “ ‪.‬‬

‫‪ - 207‬خادم اإلرادة اإللهيّة‬


‫انظر “ خادم االمر اإللهي “‬

‫ي‬
‫‪ - 208‬خادم األمر اإلله ّ‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الخاء والدال والميم أصل واحد منقاس ‪ .‬وهو اطافة الشيء بالشيء ‪. . .‬‬
‫ومن هذا الباب الخدمة ‪ .‬ومنه اشتقاق [ الخادم ] ‪ ،‬الن الخادم يطيف بمخدومه ‪“ .‬‬
‫( معجم مقاييس اللغة ‪ .‬مادة “ خدم “ ) ‪.‬‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫عبارة “ خادم االمر اإللهي “ مركبة يمكن شرحها مقسمة كالتالي ‪:‬‬
‫خادم ‪ -‬المعنى اللغوي السابق ‪.‬‬
‫االمر اإللهي ‪ -‬االمر التكليفي ‪1‬‬
‫اذن ‪ ،‬خدم االمر اإللهي هم الذين يطيفون باالمر اإللهي التكليفي لتوصيله إلى الخلق‬
‫طائعهم وعاصيهم ‪ .‬وهم الرسل خاصة وورثتهم ‪.‬‬

‫ويستعمل الشيخ ابن العربي عبارة “ خادم االمر اإللهي “ في مقابل “ خادم اإلرادة‬
‫اإللهية “ ‪ ،‬والرسل هم خدم االمر اإللهي ال خدم اإلرادة ‪.‬‬
‫َّللا له‬
‫الن من خصائص “ خادم اإلرادة “ انه يوصل االمر التكليفي إلى من أراد ّ‬
‫الطاعة ‪ ،‬وبذلك ال تعم رسالته الخلق ‪ ،‬كما أن إرادة الحق في خلقه ال تعلم اال بعد‬
‫وقوعها‪.‬‬

‫‪383‬‬
‫“ ‪“ 384‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬يقال في الرسل والورثة انهم خادمو االمر اإللهي في العموم ‪. . .‬‬
‫فالرسول والوارث خادم االمر اإللهي باإلرادة ‪ ،‬ال خادم اإلرادة ‪ . . .‬فلو خدم اإلرادة‬
‫اإللهية ما نصح ‪ ،‬وما نصح اال بها أعني باإلرادة ‪ .‬فالرسول والوارث طبيب أخروي‬
‫َّللا حين أمره ‪ ،‬فينظر في امره تعالى وينظر في ارادته تعالى ‪،‬‬ ‫للنفوس منقاد المر ّ‬
‫فيراه قد امره بما يخالف ارادته وال يكون اال ما يريد ‪ ، 2‬ولهذا كان االمر ‪.‬‬

‫فأراد االمر فوقع ‪ .‬وما أراد وقوع ما أمر به بالمأمور فلم يقع من المأمور فسمي‬
‫مخالفة ومعصية ‪.‬‬

‫فالرسول مبلغ ‪ . . .‬وال يعرف أحد حكم اإلرادة اال بعد وقوع المراد ‪ ،‬اال من كشف‬
‫َّللا عن بصيرته فأدرك أعيان الممكنات ‪ 3‬في حال ثبوتها ‪ 4‬على ما هي عليه ‪. . . 5‬‬ ‫ّ‬
‫“( فصوص ‪. ) 99 - 98 / 1‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬انظر “ االمر التكليفي ‪“ .‬‬
‫) ‪( 2‬راجع “ االمر التكليفي “ و “ االمر التكويني “‬
‫) ‪( 3‬راجع “ ممكن “‬
‫) ‪( 4‬راجع “ ثبوت “‬
‫) ‪( 5‬راجع شرح المقطع في الفصوص ج ‪ 2‬ص ص ‪. 104 - 103‬‬

‫‪ – 209‬المخدع‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الخاء والدال والعين أصل واحد ‪ . . .‬قال الخليل ‪ :‬االخداع اخفاء الشيء ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬وبذلك سميت الخزانة ‪ :‬المخدع ‪ . . .‬ويقال خدع الريق في الفم ‪ ،‬وذلك أنه يخفي‬
‫في الحلق ويغيب ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة مادة “ خدع “ ) ‪.‬‬
‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ المخدع ‪ . . . :‬موضع ستر القطب عن االفراد الواصلين عندما يخلع عليهم ‪ ،‬وهو‬
‫خزانة الخلع والخازن هو القطب ‪.‬‬

‫قال محمد بن قائد األواني ‪:‬‬


‫رقيت حتى لم أر امامي سوى قدم واحدة فغرت ‪ ،‬فقيل لي ‪ :‬هي قدم نبيك ‪.‬‬

‫‪384‬‬
‫“ ‪“ 385‬‬

‫فسكن جأشي ‪.‬‬


‫وكان من االفراد وتخيل ان ما فوقه اال نبيه وال تقدمه غيره ‪. . .‬‬
‫وقيل له ‪ :‬هل رأيت عبد القادر [ الجيالني ] فقال ما رأيت عبد القادر في الحضرة فقيل‬
‫ذلك لعبد القادر ‪.‬‬
‫قال صدق ابن قائد في قوله فاني كنت في المخدع ‪ ،‬ومن عندي خرجت له النوالة ‪1‬‬
‫وسماها بعينها “ ‪ ( . . .‬فتوحات ‪. ) 130 / 2‬‬
‫ان االفراد خارجون لكمالهم عن نظر القطب ‪ ،‬ولكن ذلك ال يجعلهم يفوقونه رتبة ‪، 2‬‬
‫التصرف الكامل في كل الخلع في وقته بما في ذلك االفراد ‪ ، 3‬فيعطيهم‬ ‫ّ‬ ‫بل للقطب‬
‫الخلع من المخدع كما أن له ان يستتر عنهم فيه ‪. 4‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫“ ) ‪( 1‬النوالة ‪ :‬الخلع التي تخص االفراد وقد يكون الخلع المطلقة “ ( اصطالحات‬
‫الشيخ ابن العربي ص ‪. ) 294‬‬
‫) ‪( 2‬انظر “ افراد “‬
‫) ‪( 3‬راجع “ قطب “‬
‫“ ) ‪( 4‬المخدع ‪ :‬بكسر الميم ‪ ،‬موضع ستر القطب عن االفراد الواصلين فإنهم‬
‫خارجون عن دائرة تصرفه ‪ .‬فإنه في األصل واحد منهم متحقق بما تحققوا به في‬
‫البساط ‪ ،‬غير أنه اختير من بينهم للتصرف والتدبير ( “ تعريفات الجرجاني ‪ .‬ص‬
‫‪. ) 219‬‬

‫‪ - 210‬خرق عادة‬
‫انظر “ كرامة “‬

‫‪ – 211‬الخزانة‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الخاء والزاء والنون أصل واحد يدل على صيانة الشيء ‪ .‬يقال خزنت الدرهم وغيره‬
‫السر “ ( معجم مقاييس اللغة ‪ .‬مادة “ خزن‪ “ ) .‬في القرآن ‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫خزنا ‪ .‬وخزنت‬
‫ماء ما ًء‬‫س ِّ‬ ‫( أ ) ورد األصل “ خزن “ بالمعنى اللغوي السابق ‪ ”.‬فَأ َ ْنزَ ْلنا ِّمنَ ال َّ‬
‫خازنِّينَ “ ‪[ 15 / 22 ] .‬‬‫فَأ َ ْسقَيْنا ُك ُموهُ َوما أ َ ْنت ُ ْم لَهُ ِّب ِّ‬
‫ض ِّإ ِّنّي َح ِّفي ٌ‬
‫ظ‬ ‫على خَزائِّ ِّن ْاأل َ ْر ِّ‬ ‫اجعَ ْلنِّي َ‬
‫( ب ) خزانة بالجمع ‪ -‬مكان الخزن ‪ ”.‬قا َل ْ‬
‫ع ِّلي ٌم ‪“[ 12 / 55 ] .‬‬ ‫َ‬

‫‪385‬‬
‫“ ‪“ 386‬‬

‫َّللا لإلشارة إلى صفة الحق ‪:‬‬ ‫( ج ) كما وردت “ خزانة “ بالجمع مضافة إلى ّ‬
‫الغنى ‪.‬‬
‫ْب َوال أَقُو ُل لَ ُك ْم إِّ ِّنّي َملَ ٌك“ [ ‪/ 11‬‬ ‫َّللا َوال أ َ ْعلَ ُم ْالغَي َ‬
‫” قُ ْل ال أَقُو ُل لَ ُك ْم ِّع ْندِّي خَزائِّ ُن َّ ِّ‬
‫‪. ]31‬‬
‫ش ْيءٍ ِّإ َّال ِّع ْن َدنا خَزائِّنُهُ ‪َ 1‬وما‬
‫( د ) خزانة الشيء ‪ :‬األصل الذي صدر عنه ‪َ ”.‬و ِّإ ْن ِّم ْن َ‬
‫وم‪“ [ 15 / 21 ] .‬‬ ‫نُن ِّ َّزلُهُ ِّإ َّال ِّبقَ َد ٍر َم ْعلُ ٍ‬
‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫*استعمل الشيخ ابن العربي “ الخزانة “ بمعنى العندية والملكية ‪ .‬فكل ما يملكه انسان‬
‫َّللا فكل خزائن‬ ‫من متاع وجواهر هي مخزونات في خزانته ‪ -‬والمالك على الحقيقة هو ّ‬
‫المخلوقات هي خزائنه ‪. . .‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬ان الخزائن التي عند الحق هي على نوعين ‪ :‬نوع منها خزائن وجودية‬
‫لمختزنات موجودة ‪ ،‬كشيء يكون عند زيد من جارية أو غالم ‪. . .‬‬
‫فزيد ‪:‬‬
‫َّللا ‪.‬‬
‫َّللا فأن األشياء كلها بيد ّ‬ ‫خزانته ‪ ،‬وذلك الشيء هو المختزن وهما عند ّ‬
‫َّللا في قلب زيد ان يهب‬ ‫َّللا تعالى في ذلك الذي عند زيد ‪ . . .‬فيلقي ّ‬ ‫فيفتقر عمرو إلى ّ‬
‫ذلك الشيء ‪ . . .‬فيعطيه عمرا ‪ .‬فمثل هذا من خزائن الحق التي عنده ‪.‬‬
‫والعالم على هذا كله خزائن بعضه بعضا ‪.‬‬
‫وهو عين المختزن ‪ .‬والعالم خزانة مخزون وانتقال مختزن من خزانة إلى خزانة ‪. . .‬‬
‫َّللا وعنده “ ( فتوحات ‪: 4‬‬ ‫فاالفتقار للخزائن من الخزائن إلى الخزائن ‪ ،‬والكل بيد ّ‬
‫‪. )295‬‬
‫****‬
‫لقد وهب الشيخ ابن العربي للخزانة ذات المفهوم السلبي [ ‪ -‬محل الخزن ] من نظرته‬
‫االيجابية مما جعلها تفارق سكونها وجمودها إلى حيوية غريبة ‪.‬‬
‫وهذه ملكة قلما يتمتع بها مفكر ‪ ،‬بل تكاد تكون وقفا على شيخنا األكبر ‪.‬‬

‫إذ ان المفكر اعتاد ان يوقف الحقائق المتحركة ليتسنى له دراستها ‪ ،‬اما هو فيحرك كل‬
‫ساكن ‪ ،‬لكأني به أتون حياة ينبض فيه كل ساكن ‪. 2‬‬

‫فالخزانة ‪ ،‬بدل ان تكتفي بكونها محال تختزن فيه األشياء ‪ ،‬أضحت امكانات تصدر‬
‫عنها األشياء ‪ ،‬وأصال يستمد منه الوجود [ من حيث إنها امكانات ] والعلم‪.‬‬

‫‪386‬‬
‫“ ‪“ 387‬‬

‫‪ -‬وكل شيء أو حقيقة في العالم تحولت إلى خزانة للحقائق والقوى المودعة في‬
‫ذاتها ‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫‪( 1 ) “ . . .‬فخزائنها أعني خزائن األشياء التي هي أوعيتها المخزونة فيها انما هي‬
‫امكانات األشياء ليس غير ذلك ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪. ) / 193 3‬‬
‫“ وخزائنه [ الحق ] ‪ :‬علمه ‪ ،‬ومختزنه ‪ :‬نحن ‪ ( “ .‬فتوحات ‪. ) 108 / 4‬‬
‫“ فإنه ما من شيء اال عنده خزائنه ‪ ،‬وال تكون خزائن اال بما يختزن فيها ‪.‬‬
‫فاألشياء عنده مختزنة في حال ثبوتها ‪ ،‬فإذا أراد تكوينها لها انزلها من تلك الخزائن‬
‫وامرها أن تكون ‪ ،‬فتكتسي حلة الوجود فيظهر عينها لعينها ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪/ 4‬‬
‫‪. ) 293‬‬
‫“ ‪ . . .‬وكانت الحقائق التي جمعها االنسان متبددة في العالم فناداها الحق من جميع‬
‫العالم فاجتمعت ‪ ،‬فكان من جمعيتها االنسان فهو ‪ :‬خزانتها ‪ .‬فوجوه العالم مصروفة‬
‫إلى هذه الخزانة االنسانية ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪. )3 / 390‬‬

‫“ وإذا كان هو عين المنة ‪ ،‬فأنت الخزانة ‪ .‬فالعالم خزائن المنن اإللهية ‪ ،‬ففينا اختزنت‬
‫مننه ‪ ،‬سبحانه ‪ ،‬فما هو لنا بأين ‪ ،‬ونحن له “ أين ‪ “ . . .‬فاعياننا “ أين “ لظهوره ‪. . .‬‬
‫الر ْحمنَ أَيًّا ما ت َ ْد ُ‬
‫عوا فَلَهُ‬ ‫َّللا أ َ ِّو ا ْد ُ‬
‫عوا َّ‬ ‫“ ( فتوحات ‪ ”. ) 75 - 74 / 2‬قُ ِّل ا ْد ُ‬
‫عوا َّ َ‬
‫ْاألَسْما ُء ْال ُحسْنى “[ ‪ ] 110 / 17‬فما ندعو اال الها واحدا له هذه األسماء المختلفة‬
‫الحقائق والمدلوالت ‪ ،‬ولم تزل له هذه األسماء أزال وهذه هي الخزائن اإللهية ‪ ،‬التي‬
‫فيها خزائن االمكانات المخزونة فيها األشياء “ ‪ ( . . .‬فتوحات ‪. ) 193 / 3‬‬

‫) ‪“ ( 2‬فجميع ما نتكلم فيه [ الشيخ ابن العربي ] في مجالسي وتصانيفي انما هو من‬
‫حضرة القرآن وخزائنه ‪ ،‬أعطيت مفتاح الفهم فيه واالمداد منه ‪“ .‬‬
‫(فتوحات ‪. ) 334 / 3‬‬

‫) ‪ ( 3‬اما بخصوص النصوص التي تثبت ان كل موجود يتحول عند الشيخ ابن العربي‬
‫إلى خزانة للقوى المودعة فيه ‪ ،‬فإننا سنكتفي بايراد نص يتكلم فيه على‬

‫‪387‬‬
‫“ ‪“ 388‬‬

‫“ خزائن الحجة “ ‪ .‬ونحيل إلى األماكن التي يستحسن مراجعتها بهذا الشأن ‪ ،‬فمن غنى‬
‫إضافات الخزانة يظهر مدى ما نشير اليه ‪. 3‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ خزائن الحجة خصوص في الكالم ‪ ،‬وهو القول المضمر ‪ . . .‬مثل القرآن فهو الحجة‬
‫ورةٍ ِّم ْن ِّمثْ ِّل ِّه “[ ‪ . . . ]23 : 2‬ألنه اتى من خزائن الحجة‬
‫س َ‬‫من الكالم ‪ ،‬قل ‪ ”:‬فَأْتُوا ِّب ُ‬
‫“ ( خاتم األولياء ص ‪ 323‬هامش ‪. ) 192‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يقول البيضاوي في شرح الشطر األول من اآلية ‪:‬‬
‫“ اي وما من شيء اال ونحن قادرون على ايجاده وتكوينه اضعاف ما وجد منه ‪،‬‬
‫فضرب الخزائن مثال القتداره أو شبه مقدوراته باألشياء المخزونة ‪ ،‬التي ال يحوج‬
‫اخراجها إلى كلفة واجتهاد “ ( أنوار التنزيل ‪ .‬ج ‪ 1‬ص ‪. ) 268‬‬
‫كما يقول القشيري ‪:‬‬
‫باّلل ‪. . .‬‬
‫“ خزائنه في الحقيقة مقدوراته ‪ . . .‬ويقال خزائنه في األرض قلوب العارفين ّ‬
‫“ ( لطائف اإلشارات ج ‪ 3‬ص ‪. ) 266‬‬
‫ي متحرك مع األنفاس ‪ ،‬كل موجود فيه‬ ‫) ‪( 2‬ان عالم الشيخ ابن العربي عالم ح ّ‬
‫يتحرك ‪ ،‬يمشي ( انظر “ صراط “ ) حتى الجماد والحيوان ( انظر “ حياة “ “ خلق‬
‫جديد “ ) ‪.‬‬
‫) ‪( 3‬يراجع بهذا الخصوص ‪:‬‬
‫‪-‬كتاب التراجم ص ‪ ( 26‬خزائن الحق ‪ -‬االنسان ) ‪.‬‬
‫‪-‬فتوحات ‪ . 2‬ص ‪ ( 252‬نحن الخزائن ) ‪.‬‬
‫باّلل ‪-‬خزانة العلم‬
‫‪-‬فتوحات ‪ . 3‬ص ص ‪ [ 408 - 360‬خزائن الجود ‪ -‬خزانة العلم ّ‬
‫بالعالم ‪ -‬خزانة الجبايات ( الخيال ) ‪ -‬خزانة خزائن كل شيء ‪ -‬الخزانة العامة‬
‫( الطبيعة ) ‪ -‬خزانة التعليم ‪ -‬خزانة االحكام اإللهية ‪ -‬خزانة اظهار خفي المنن ‪-‬‬
‫خزانة الفترات ‪ -‬خزانة الحفظ خزانة العدل ‪ -‬خزانة الفصل ] ‪.‬‬
‫‪-‬فتوحات ‪ 3‬ص ‪ ( 434‬خزانة ‪ .‬خزائن ) ‪.‬‬
‫‪-‬فتوحات ‪ 4‬ص ‪ ( 108‬خزانة الخيال )‬
‫‪-‬فتوحات ‪ 4‬ص ص ‪ ( 167 - 166‬خزانة الثبوت ) ‪.‬‬
‫‪-‬فتوحات ‪ 4‬ص ‪ ( 295‬خزائن الحق ‪ -‬المعلومات الثابتة )‬
‫‪-‬الفصوص ج ‪ 1‬ص ‪ ( 50‬خزانة الدنيا ‪ -‬خزانة اآلخرة ) ‪.‬‬
‫‪-‬مشاهد االسرار القدسية ورقة ‪ ( 51‬خزانة الغيب ) ‪.‬‬

‫‪388‬‬
‫“ ‪“ 389‬‬

‫كما يراجع ‪:‬‬


‫‪-‬ختم األولياء ‪ .‬الترمذي ‪ .‬نشر عثمان يحي ‪ .‬فهرس االصطالحات ‪ .‬مادة ‪ :‬خزانة ‪-‬‬
‫خزانة الخيال ‪ -‬خزائن االخالص ‪ -‬خزائن األنبياء ‪ -‬خزائن الحجة ‪ -‬خزائن السعي ‪-‬‬
‫َّللا ‪ -‬خزائن القرب ‪. .‬‬
‫خزائن علم ّ‬

‫‪ - 212‬الخزائن اإللهيّة‬

‫مرادف ‪ :‬خزائن االمكانات‬


‫نجد في عبارة “ خزائن األشياء “ عند الشيخ ابن العربي ان االمكانات هي خزائن‬
‫األشياء [ انظر “ خزائن األشياء “ ] ‪ ،‬وهنا يتدرج صعودا فيرى ان خزائن االمكانات‬
‫هي األسماء اإللهية [ انظر خزانة المعنى “ الثاني “ ] ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬فله األسماء الحسنى فما ندعو اال الها واحدا له هذه األسماء المختلفة الحقائق‬
‫والمدلوالت ‪ ،‬ولم تزل له هذه األسماء أزال وهذه هي الخزائن اإللهية التي فيها خزائن‬
‫االمكانات المخزونة فيها األشياء “ ( ف ‪. )193 : 3‬‬

‫‪ - 213‬الخزانة اإلنسانية‬

‫مرادف ‪ :‬خزانة حقائق العالم‬


‫االنسان بما انه في ذاته جمعية الحقائق المتفرقة في العالم ‪ ،‬فهو بالتالي من ناحية‬
‫أخرى يمد حقائق العالم ‪ ،‬اذن خزانة لجميع حقائق العالم [ خزانة المعنى الثاني ] ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ ‪ . . .‬وكانت الحقائق التي جمعها االنسان متبددة في العالم فناداها الحق من جميع‬
‫العالم ‪ ،‬فاجتمعت فكان من جمعيتها االنسان ‪ ،‬فهو خزانتها ‪ .‬فوجوه العالم مصروفة ‪1‬‬
‫إلى هذه الخزانة االنسانية لترى ما ظهر عن نداء الحق بجميع هذه الحقائق ‪. . .‬‬
‫“ [ ف ‪.] 390 : 3‬‬

‫‪389‬‬
‫“ ‪“ 390‬‬

‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬وجوه العالم مصروفة لالنسان تنتظر حقها من االمداد ألنه اآلن خزانتها ‪.‬‬

‫‪ - 214‬خزائن الجود‬
‫خزائن الجود عبارة عن العلم اإللهي الحاوي ألمثال كل ما وجد في هذا العالم ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا في العالم ‪ ،‬الذي ال أكمل منه في‬ ‫َّللا وإياك ‪ ،‬انه ما من شيء أوجده ّ‬ ‫“ اعلم أيدنا ّ‬
‫االمكان ‪ ،‬اال وله أمثال في خزائن الجود ‪ ،‬وهذه الخزائن في كرسيه ‪ 1‬وهذه األمثال‬
‫التي تحتوي عليها هذه الخزائن ال تنتهي اشخاصها ‪ ،‬فاألمثال في كل شيء توجد في‬
‫كل زمان فرد في الدنيا واآلخرة “ ‪ (. . .‬ف ‪. ) 360 / 3‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬وانما جعلنا الكرسي موضع هذه الخزائن [ خزائن الجود ] ‪ ،‬الن الكرسي لغة‬
‫عبارة عن العلم ‪ [ “ . . .‬ف ‪. ] 361 / 3‬‬

‫‪ - 215‬خزائن الح ّجة‬


‫خزائن الحجة هي المصدر اإللهي الممد للحجة في العالم ‪ ،‬فالقرآن مثال أتى من خزائن‬
‫الحجة لذلك تجلى حجة في القول ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ خزائن الحجة خصوص في الكالم ‪ ،‬وهو القول المضمر ‪ . . .‬مثل القرآن فهو حجة‬
‫ورةٍ ِّم ْن ِّمثْ ِّل ِّه “[ ‪ . . . ] 23/ 2‬ألنه اتى من خزائن الحجة‬
‫س َ‬‫من الكالم ‪ ،‬قل ‪ ”:‬فَأْتُوا ِّب ُ‬
‫“ [ خاتم األولياء ص ‪ 323‬هامش ‪. ] 192 .‬‬

‫‪390‬‬
‫“ ‪“ 391‬‬
‫‪ - 216‬خزائن الحق‬
‫مرادف ‪ :‬خزائن كل شيء ‪.‬‬
‫خزائن الحق هي علمه المختزن فيه أعيان العالم ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ فاعيان العالم محفوظون في خزانته عنده ‪ ،‬وخزائنه علمه ومختزنه نحن ‪ [ “ . . .‬ف‬
‫‪. ] 108 / 4‬‬
‫انظر “ خزائن كل شيء "‬

‫‪ - 217‬خزانة حقائق العالم‬


‫انظر ‪ “ :‬الخزانة االنسانية "‬

‫‪ - 218‬خزانة الخيال‬
‫خزانة الخيال هي عالم الخيال الممد للرؤى ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫س َو ْالقَ َم َر َرأ َ ْيت ُ ُه ْم ِّلي‬ ‫“ وقال يوسف عليه السالم” إِّ ِّنّي َرأَيْتُ أ َ َح َد َ‬
‫عش ََر َك ْو َكبا ً َوال َّ‬
‫ش ْم َ‬
‫ساجدِّينَ ‪ “[ 12 / 4 ] . . .‬فلما لم يكن لهم علم بما رآه يوسف كان االدراك من يوسف‬ ‫ِّ‬
‫في خزانة خياله ‪ ،‬وعلم ذلك يعقوب حين قصها عليه ‪ ( “ . . .‬فصوص ‪/ 1‬‬
‫‪. ) 100‬‬
‫انظر “ خيال “‬

‫‪391‬‬
‫“ ‪“ 392‬‬
‫‪ - 219‬خزائن األشياء‬
‫خزائن األشياء هي حال الثبوت لألشياء أو امكاناتها ‪ .‬فالشيء ال يفارق العدم الثبوتي‬
‫ألنه خزانته ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬فان األشياء في حال عدمها [ العدم الثبوتي “ فليراجع “ ] مشهودة له [ للحق ]‬
‫صل بعضها عن بعض ‪ ،‬ما عنده فيها اجمال ‪.‬‬ ‫‪ ،‬يميزها بأعيانها مف ّ‬

‫فخزائنها ‪ ،‬اعني خزائن األشياء التي هي أوعيتها المخزونة فيها ‪ ،‬انما هي امكانات‬
‫األشياء ليس غير ذلك ‪ .‬الن األشياء ال وجود لها في أعيانها بل لها الثبوت ‪ . . .‬انزلها‬
‫الحق من عنده ‪ ،‬انزلها في خزائنها ‪ .‬فان االمكان ما فارقها حكمه فلو ال ما هي في‬
‫خزائنها ما حكمت عليها الخزائن ‪.‬فلما كان االمكان ال يفارقها طرفة عين وال يصح‬
‫خروجها منه ‪ ،‬لم يزل المرجح معها ألنه ال بد من أن تتصل بأحد الممكنين من وجود‬
‫وعدم ‪ ( “ . . .‬ف ‪. )3 / 193‬‬
‫انظر “ ثبوت "‬

‫‪ - 220‬الخزانة العا ّمة‬


‫الخزانة العامة هي الغيب الن منه ظهر الوجود كله ‪ .‬فالغيب هنا خزانة [ المعنى‬
‫“ الثاني “ فلتراجع ] الحقائق الظاهرة في العالم ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬فالغيب هو النور الساطع العام الذي به ظهر الوجود كله ‪ ،‬وما له في عينه‬
‫ظهور فهو ‪ :‬الخزانة العامة ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 397 / 3‬‬

‫‪ - 221‬خزانة العدل‬
‫يجعل الشيخ ابن العربي خزانة العدل مصدر امداد عطاء الهي يفيد‪:‬‬

‫‪392‬‬
‫“ ‪“ 393‬‬

‫أ ‪ -‬اعطاء كل ذي حق حقه [ العطاء هنا جزاء وفاقا استحقه العبد ]‬


‫ب ‪ -‬إقامة العدل في العالم بين الناس ‪.‬‬
‫في مقابل خزانة الفضل ( عطاء الهي من عين المنة ال عالقة له بعمل االنسان ‪ .‬انظر‬
‫“ منّة “ ) ‪.‬‬
‫اذن عبارة خزانة العدل تتألف من مفردين ‪:‬‬
‫‪-‬خزانة ‪ :‬المعنى “ الثاني “ فليراجع ( أصل االمداد ‪. ) . . .‬‬
‫‪-‬العدل ‪ :‬في مقابل الفضل ‪ ،‬انظر “ المنة واالستحقاق ‪“ .‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ ‪ . . .‬من خزائن الجود ‪ ،‬وهذه خزانة االعتدال واعطاء كل ذي حق حقه ‪ ،‬فهي‬
‫َّللا العدل في العالم بين عباده ‪.‬‬
‫خزانة العدل ال خزانة الفضل ‪ ،‬من هذه الخزانة يقيم ّ‬
‫َّللا يأمر‬
‫وهي خزانة ينقطع حكمها ويغلق بابها وان خزانة الفضل تنعطف عليها ‪ ،‬وان ّ‬
‫بالعدل لما فيه من الفضل ‪ ( “ . . .‬ف ‪) 407 / 3‬‬

‫‪ - 222‬خزانة الغيب‬
‫خزانة الغيب هي االنسان الكامل من حيث إنه المنفذ لألوامر اإللهية ‪ ،‬يعاقب من يريد‬
‫ويثيب من يريد بغير إرادة منه ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ ثم قال [ الحق ] لي [ االنسان ] ‪ . . .‬أنت مرآتي وأنت بيتي وأنت مسكني وخزانة‬
‫غيبي ‪ ( . “ . . .‬مشاهد االسرار ق ق ‪. ) 51 - 50‬‬

‫‪ - 223‬خزانة الفترات‬
‫خزانة الفترات هي التي توهم انقطاع األمور‪.‬‬

‫‪393‬‬
‫“ ‪“ 394‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬من خزائن الجود ‪ ،‬وهذه خزانة الفترات فتوهم انقطاع األمور ‪ ،‬وما هي‬
‫َّللا ال يزال ‪ . . .‬فال يزال حافظا له [ للعالم ]‬
‫األمور منقطعة وما يصح ان تنقطع الن ّ‬
‫فلو انقطع الحفظ لزال العالم ‪ ( . “ . . .‬ف ‪. )/ 405 3‬‬
‫انظر “ خزانة “ “ خزائن الجود "‬

‫‪ - 224‬خزائن القران‬
‫َّللا ان يعطيه مفتاح الفهم‬
‫خزائن القرآن هي علوم القرآن ‪ ،‬التي يستمد منها من يشاء ّ‬
‫فيها واالمداد منها ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬فجميع ما نتكلم فيه [ الصوفية ] في مجالسي ‪ ،‬وتصانيفي انما هو من حضرة‬
‫القرآن وخزائنه ‪ .‬أعطيت [ الشيخ ابن العربي ] مفتاح الفهم فيه ‪ ،‬واالمداد منه وهذا‬
‫كله حتى ال نخرج عنه ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 334 / 3‬‬

‫‪ - 225‬خزائن كل شيء‬
‫مرادف ‪ :‬خزائن الحق ‪.‬‬
‫خزائن كل شيء ؛ اي مصدر كل عطاء وامداد على المستوى الوجودي أو العلمي أو‬
‫اي شيء كان ‪ .‬من حيث إن ‪:‬‬
‫‪-‬لفظ “ كل “ يفيد الحصر والتقييد‬
‫‪-‬ولفظ “ شيء “ يفيد التعميم والشمول ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ ‪ . . .‬وقد نبّه الحق عباده في كتابه العزيز ان عنده خزائن كل شيء ‪ 1‬والخزائن‬
‫بين انه ما ينزل منها” ِّإ َّال ِّبقَ َد ٍر َم ْعلُ ٍ‬
‫وم‬ ‫تقتضي الحصر والحصر يقتضي التقييد ‪ ،‬ثم ّ‬
‫“[ ‪ ( “ . . ] 21 / 15‬ف ‪.) 365 / 3‬‬

‫‪394‬‬
‫“ ‪“ 395‬‬

‫اما استعمال اي عربي للفظ “ خزائن “ بالجمع فلم يقل ‪ :‬خزانة كل شيء ‪ ،‬فذلك من‬
‫ناحية انسجاما مع النص القرآني الذي أوردها بصيغة الجمع ‪ .‬ومن ناحية أخرى ‪،‬‬
‫للتأكيد على تميز الحقائق وانفصال بعضها عن بعض في حال امكانها [ انظر “ خزائن‬
‫األشياء ‪“ ] .‬‬
‫انظر “ خزائن الحق “‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫ش ْيءٍ ِّإ َّال ِّع ْن َدنا خَزا ِّئنُهُ َوما نُن ِّ َّزلُهُ ِّإ َّال ِّبقَ َد ٍر َم ْعلُ ٍ‬
‫وم‬ ‫) ‪( 1‬إشارة إلى اآلية ‪َ ”:‬و ِّإ ْن ِّم ْن َ‬
‫“( ‪. ) 21 / 15‬‬

‫‪ - 226‬خزائن اإلمكانات‬
‫انظر ‪ “ :‬الخزائن اإللهية "‬

‫‪ - 227‬خزائن وجوديّة‬
‫الخزائن الوجودية هي الخزائن لشيء موجود في مقابل الخزائن الثبوتية ‪ ،‬التي تفتقر‬
‫مختزناتها إلى الخروج من تلك الخزائن إلى الوجود ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ واعلم أن الخزائن التي عند الحق على نوعين ‪ : 1‬نوع منها خزائن وجودية‬
‫لمختزنات موجودة كشيء يكون عند زيد ‪ . . .‬فزيد خزانته وذلك الشيء هو المختزن‬
‫َّللا ‪ ( “ . . . 2‬ف ‪. ) 295 / 2‬‬ ‫وهما عند ّ‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬خزائن وجودية وخزائن ثبوتية ‪ :‬انظر “ خزائن األشياء “‬
‫) ‪( 2‬من حيث إنه المالك الحقيقي لكل شيء ‪ ،‬والفاعل في كل شيء ‪.‬‬

‫‪ - 228‬المختصر‬
‫المترادفات ‪ :‬المختصر الشريف ‪ ،‬المختصر الوجيز ‪ ،‬المختصر الجامع ‪ ،‬مختصر‬
‫العالم والحق ‪.‬‬

‫‪395‬‬
‫“ ‪“ 396‬‬

‫المترادفات في المضمون عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫نسخة ‪ ،‬صورة ‪ ،‬العالم الصغير ‪ ،‬البرنامج الجامع ‪ ،‬الكلمة الجامعة ‪ ،‬االنسان الكامل ‪،‬‬
‫الخليفة ‪ ،‬الكون الجامع ‪. 1‬‬
‫الشيخ ابن العربي يكدّس في حقيقة االنسان كل الكماالت ‪ ،‬فيجمع في جرمه الصغير‬
‫كل الحقائق المنتشرة في العالم ‪ ، 2‬ولكن ال يكتفي الشيخ ابن العربي بجعل االنسان‬
‫“ عالما صغيرا “ بل يتخطاه إلى الحقائق اإللهية ‪ ،‬فنراه يتحف االنسان بمزيد من‬
‫الكمال الحتوائه وجمعه لكل حقائق الحضرة اإللهية ‪. 3‬‬
‫فاالنسان ‪ ،‬والمراد به “ االنسان الكامل “ ‪ ، 4‬هو المختصر الجامع لحقائق الحضرتين‬
‫اإللهية والكونية ‪. 5‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ فاالنسان آخر موجود في العالم ‪ ،‬الن المختصر ال يختصر اال عن مطول ‪،‬‬
‫واالنسان مختصر العالم والحق ‪ ،‬فهو نقاوة المختصر اعني االنسان الكامل ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ‪. ) 315 / 3‬‬
‫بالمطول العالم كله ‪ ،‬وبالمختصر االنسان الكامل “ ( ف ‪. ) 331 / 3‬‬ ‫ّ‬ ‫“ أردت‬
‫َّللا خلق آدم على صورته ‪ ، 6‬وهو االنسان الكامل ‪ ، 7‬المختصر ‪ ،‬الظاهر‬ ‫“ ان ّ‬
‫بحقائق الكون كله حديثه وقديمه “ ( ف ‪. ) 391 / 2‬‬
‫“ بكون آدم مخصوصا بصورته الن فيه جميع الكون مختصر “ ( ف ‪. ) 45 / 4‬‬
‫َّللا االنسان مختصرا شريفا جمع فيه معاني العالم الكبير ‪ ،‬وجعله نسخة‬ ‫“ وخلق ّ‬
‫جامعة ‪ 8‬لما في العالم الكبير ولما في الحضرة اإللهية من األسماء ‪ ( “ . . .‬عقلة ص‬
‫‪. ) 45‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬راجع كال من هذه “ المترادفات في المضمون “ في أبوابها من هذا الكتاب ‪.‬‬
‫للمطول الذي هو العالم ‪ .‬راجع “ العالم الصغير “ في‬ ‫ّ‬ ‫) ‪( 2‬ان االنسان هو المختصر‬
‫هذا الكتاب ‪ ،‬كما يراجع ‪ - :‬مجلة كلية اآلداب مايو ‪ 1933‬ص ‪.- 27‬‬
‫‪Vocabulaire tech . et critiq . de la philo . lalande ,‬‬
‫) ‪“ microcosme “ et “ macrocosme “ P . 587( 3‬راجع “ نسخة الحق‬
‫“‬
‫) ‪( 4‬ان االنسان الكامل فقط هو المختصر الشريف ‪ .‬انظر “ مختصر العالم ‪“ .‬‬

‫‪396‬‬
‫“ ‪“ 397‬‬

‫) ‪( 5‬يراجع بهذا الشأن ‪ - :‬عقلة المستوفز ص ‪51‬‬


‫‪-‬مواقع النجوم ص ‪72‬‬
‫‪-‬عفيفي مقدمة الفصوص ص ‪36‬‬
‫‪-‬عفيفي الفصوص ج ‪ 2‬ص ‪296‬‬
‫) ‪( 6‬راجع “ صورة “‬
‫) ‪( 7‬راجع “ انسان كامل “‬
‫) ‪( 8‬راجع “ نسخة جامعة "‪.‬‬

‫‪ - 229‬مختصر الحق‬
‫ان جميع الحقائق الكامنة في الحق ‪ ،‬ظاهرة في العالم ‪ ،‬لذلك كان العالم مختصر الحق‬
‫‪ ،‬من حيث إنه يجمع ويختصر كل حقائق الحضرة اإللهية ‪.‬‬

‫يقول الشيخ األكبر ‪:‬‬


‫“ فالعالم مختصر الحق “ ( ف ‪. ) 315 / 3‬‬

‫‪ - 230‬مختصر العالم‬
‫ان االنسان ‪ ،‬مطلق انسان ‪ ، 1‬جمع في كونه الصغير كل الحقائق المنتشرة في العالم‬
‫الكبير ‪ ، 2‬ولهذا يطلق عليه اسم ‪ :‬العالم الصغير ‪ 3‬ومختصر العالم ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ واما االنسان الحيوان ‪ 4‬فإنه مختصر العالم “ ( ف ‪) 315 / 3‬‬
‫) ‪( 1‬ان مطلق انسان هو “ مختصر العالم “ ‪ ،‬ال يلزم من ذلك ان يكون انسانا كامال‬
‫كما هو الحال في “ مختصر الحق والعالم “ ( راجع “ مختصر الحق والعالم “ ) ‪.‬‬
‫) ‪( 2‬هذه الفكرة ترجع في نسبتها إلى فلسفة قديمة يقول اللند ”‪Laland‬أصل‬
‫كلمتي‪macrocosme microcosme‬يرجع دون شك إلى فالسفة اليونان ‪. . .‬‬
‫ففي كل المذاهب الفلسفية التي تقبل “ بالمناسبة “ “ والنسبة “ بين كل جزء من جسم‬
‫االنسان ‪ ،‬وكل جزء من االجزاء المكونة للعالم ‪ ،‬هذا األخير‬
‫يسمى ‪macrocosme.‬والرجل في نسبته اليه يسمى”‪microcosme‬‬

‫‪397‬‬
‫“ ‪“ 398‬‬

‫) ‪( Vocabu . tech . de la philo . P . 5 , 8 , 7‬يراجع ‪ - :‬مجلة كلية‬


‫اآلداب مايو ‪ “ 1933‬من اين استقى محي الدين فلسفته الصوفية “ ص ‪. 27‬‬
‫حيث يشرح أبو العال كيف استفاد الشيخ ابن العربي هذه النظرية من اخوان الصفا ‪.‬‬
‫‪-‬يراجع شجرة الكون ص ‪11 - 10 - 9‬‬
‫‪-‬كلمة “ صورة “ و “ نسخة “ في هذا المعجم ‪.‬‬

‫) ‪( 3‬راجع “ عالم صغير ‪“ .‬‬


‫) ‪( 4‬كلمة “ انسان حيوان “ ترد عند الشيخ ابن العربي للتمييز بينه وبين االنسان‬
‫الكامل ( انظر انسان حيوان ‪ -‬انسان كامل ) ‪.‬‬

‫‪ – 231‬الخضر‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الخاء والضاء والراء أصل واحد مستقيم ‪ ،‬ومحمول عليه فالخضرة من األلوان‬
‫معروفة ‪.‬‬
‫والخضراء ‪ :‬السماء ‪ ،‬بلونها ‪ ،‬كما سميت األرض ‪ ،‬الغبراء ‪. . .‬‬
‫ان كل ما خالف البياض فهو في حيّز السواد ‪ . . .‬فيسمى األسود اخضر ‪ ،‬والخضر ‪،‬‬
‫قوم سمو بذلك لسواد ألوانهم ‪. . .‬‬
‫فأما قوله ‪:‬وانا األخضر من يعرفني * اخضر الجلدة في بيت العربف إنه يقول ‪:‬‬
‫انا خالص ‪ ،‬ألن ألوان العرب سمرة ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة مادة “ خضر “ )‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫ورد األصل “ خضر “ في القرآن في أصلين ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬الخضرة من األلوان ‪ .‬وفي الوقت نفسه للتعبير عن الحياة في مقابل اليبس‬
‫والموات ‪.‬‬
‫ق “( ‪) 31 / 18‬‬ ‫س ْند ٍُس َو ِّإ ْستَب َْر ٍ‬ ‫قال تعالى ‪َ ” :‬ويَ ْلبَ ُ‬
‫سونَ ِّثيابا ً ُخضْرا ً ِّم ْن ُ‬
‫ت ُخض ٍْر‬‫س ْنبُال ٍ‬
‫س ْب َع ُ‬
‫جاف ‪َ ،‬و َ‬
‫س ْب ٌع ِّع ٌ‬ ‫مان يَأ ْ ُكلُ ُه َّن َ‬
‫ت ِّس ٍ‬ ‫قال تعالى ‪ِّ ” :‬إ ِّنّي أَرى َ‬
‫س ْب َع بَقَرا ٍ‬
‫ت ‪“( 12 / 43 ) .‬‬ ‫َوأُخ ََر يابِّسا ٍ‬

‫‪398‬‬
‫“ ‪“ 399‬‬

‫ب ‪ -‬الخضر اسم النسان ‪،‬‬


‫أشار اليه القرآن ‪ ،‬دون ان يسميه [ الخضر ] ‪ ،‬بالعبارة “ عبد من عبادنا “ وهو يمثل‬
‫َّللا تعليمه العلم اللدني ‪ ،‬مما جعل نبيا [ موسى ] يسأله ان يتبعه في‬ ‫العبد الذي تولى ّ‬
‫عبْدا ً ِّم ْن ِّعبادِّنا[ الخضر ]آتَيْناهُ‬ ‫سبيل ان يتعلم هذا العلم اللدني ”‪ .‬فَ َو َج َد[ موسى وفتاه ] َ‬
‫علَّ ْمناهُ ِّم ْن لَ ُدنَّا ِّع ْلما ً ‪ .‬قا َل لَهُ ُموسى ‪ :‬ه َْل أَت َّ ِّبعُ َك َ‬
‫على أ َ ْن تُعَ ِّلّ َم ِّن ِّم َّما‬ ‫َر ْح َمةً ِّم ْن ِّع ْندِّنا َو َ‬
‫ت ُر ْشدا ً ‪. . . “( 18 / 65 - 66 ) .‬‬ ‫ع ِّلّ ْم َ‬
‫ُ‬
‫إلى آخر اآليات التي تفصل حادثه الخضر وموسى عليهما السالم ‪ ،‬فلتراجع سورة‬
‫الكهف اآليات من ‪ 65‬إلى ‪. 82‬‬
‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫اتخذ “ الخضر “ في مؤلفات الشيخ األكبر وجه الرمز عامة ‪ ،‬في “ اثنينية “ تقابلية‬
‫تكاد تكون من خصائص فكره ‪.‬‬
‫****‬
‫جعل الشيخ ابن العربي “ الخضر “ في مقابل “ الياس “ ‪ .‬األول عبّر به عن “ البسط‬
‫“ والثاني عبّر به عن القبض ‪.‬‬

‫وان استطعنا ان نلمح الصلة بين الخضر والياس مما جعل الشيخ ابن العربي يقابلهما ‪،‬‬
‫فإننا بصعوبة نتمكن من التكهن بالعالقة بين الخضر والبسط ‪ ،‬وبين الياس والقبض ‪.‬‬
‫الخضر والياس يجمعهما شيء واحد عند الشيخ ابن العربي ‪ :‬الحياة ‪.‬‬
‫َّللا مكانا عليا ‪ ،‬وهو إلى اآلن حي [ انظر “ إدريس‬ ‫فإن الياس الذي هو إدريس رفعه ّ‬
‫“ ] والخضر كذلك يتمتع بهذه الحياة المستمرة ‪.‬‬

‫ومن ناحية ثانية ‪ ،‬ان “ صاحب الزمان “ أو “ القطب “ [ انظر “ قطب “ ] يم ّد أرواح‬
‫المؤمنين والسالكين بتجليات يجدن اثرها في نفوسهم ‪ :‬قبضا وبسطا ‪.‬‬
‫[ هذان االثران هما لالسمين اإللهيين ‪ :‬الجالل والجمال ]‬
‫ويكون عطاء القطب هذا عن طريقين ‪ :‬الياس والخضر ‪.‬‬
‫األول ‪ :‬للقبض والثاني للبسط ‪.‬‬

‫وال نكاد نجد العالقة بين الخضر والبسط ‪ ،‬والياس والقبض في نصوص الشيخ األكبر‬
‫‪ ،‬مما يوقعنا في التكهنات ‪ ،‬التي نجد جذورها في “ طبيعة نفسية “ الخضر ‪ ،‬و‬
‫“ طبيعة نفسية “ الياس كما صورتهما كتب وسير األنبياء ‪ .‬أو‬

‫‪399‬‬
‫“ ‪“ 400‬‬

‫ببساطة هذه العالقة منبعها ايحاءات االسمين ‪ :‬خضر والياس في النفس عند التلفظ‬
‫بهما أو كتابتهما ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ فان قلت ‪ :‬وما الغوث ؟‬
‫قلنا ‪ :‬صاحب الزمان وواحده ‪ ،‬وقد يكون ما يعطيه على يد الياس ‪ .‬فان قلت ‪ :‬وما‬
‫الياس ؟ قلنا ‪ :‬عبارة عن القبض ‪ .‬وقد يكون ما يعطيه [ الغوث ] على يد الخضر ‪.‬‬
‫فان قلت ‪ :‬وما الخضر ؟‬
‫قلنا ‪ :‬عبارة عن البسط ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 131 / 2‬‬
‫انظر “ إدريس ‪“ .‬‬

‫****‬
‫الخضر رمز للعلم الباطن ‪ ،‬وهو العلم اللدني الذي خصه الشيخ ابن العربي باألولياء‬
‫‪ ،‬واألنبياء من حيث كونهم أولياء ‪.‬‬
‫اي ان العلم الباطن أو علم الحقيقة هو بكلمة أخرى علم الوالية في مقابل علم النبوة‬
‫[ ظاهر ] ‪ ،‬وال يجب هنا ان ننظر إلى علم الوالية وعلم النبوة ‪ -‬إذا أمكن التعبير ‪-‬‬
‫على أنهما علمان منفصالن لشخصين ‪ :‬النبي والولي ‪.‬‬
‫بل هما علمان لشخص واحد ‪ :‬النبي ‪.‬‬
‫وانما من حيثيتين ‪ :‬من حيثية كونه نبيا [ ظاهر ] ومن حيثية كونه وليا [ باطن ] ‪.‬‬
‫انظر “ والية “‬
‫كما يراجع “ فصوص الحكم “ ج ‪ 2‬ص ‪. 305‬‬

‫‪ - 232‬الخط الفاصل‬
‫انظر “ انسان كامل “ ‪.‬‬

‫ي‪1‬‬
‫‪ - 233‬الخطاب اإلله ّ‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الخاء والطاء والباء أصالن ‪ :‬أحدهما الكالم بين اثنين ‪ ،‬يقال ‪ :‬خاطبه يخاطبه خطابا‬
‫‪ ،‬والخطبة من ذلك ‪ ،‬وفي النكاح الطلب ان يزوج ‪ . . .‬والخطبة‪:‬‬

‫‪400‬‬
‫“ ‪“ 401‬‬

‫الكالم المخطوب به ‪ . . .‬واما األصل اآلخر فاختالف لونين ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس‬


‫اللغة مادة “ خطب “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪: 2‬‬
‫َّللا سبحانه وتعالى في القرآن ليس منعزال في سمائه عن الخلق بل تمتد جسور‬ ‫ان ّ‬
‫عزته ‪ ،‬بينهما ‪.‬‬ ‫دقيقة شفافة ‪ ،‬مع ّ‬
‫وعلى حين يكثر الجدل حول “ رؤية “ الحق ‪.‬‬
‫فآيات القرآن صريحة بشأن كالمه وخطابه للبشر ‪. 3‬‬
‫ب “‪/ 42 [ 4‬‬‫راء ِّحجا ٍ‬ ‫قال تعالى ‪َ ”:‬وما كانَ ِّلبَش ٍَر أ َ ْن يُ َك ِّلّ َمهُ َّ‬
‫َّللاُ إِّ َّال َو ْحيا ً أ َ ْو ِّم ْن َو ِّ‬
‫‪] 51‬‬
‫َّللاُ ُموسى ت َ ْك ِّليما ً “[ ‪. ] 164 / 4‬‬ ‫قال تعالى ‪َ ” :‬و َكلَّ َم َّ‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫*ان الخطاب اإللهي للخلق واحد ‪ ،‬تتغير عليه األسماء بتغير ‪ :‬صفة المخاطب أو‬
‫عالمه ‪ .‬فهو واحد من جانب الحق يتكثر بشروط المخاطب ( الخلق )‪:‬‬
‫قول ‪ -‬كالم ‪ - 5‬محادثة ‪ -‬مسامرة ‪ -‬فهوانية ‪. . .‬‬
‫‪- 1‬صفة المخاطب ‪:‬‬
‫ان خطاب الحق يسمى قوال عندما يسمع المعدوم ‪ .‬ويسمى كالما عندما يسمع‬
‫الموجود ‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ الكالم والقول نعتان ّّلل ‪ ،‬فبالقول يسمع المعدوم ‪،‬‬
‫ش ْيءٍ ِّإذا أ َ َر ْدناهُ أ َ ْن نَقُو َل لَهُ ُك ْن “] ‪[ 16 / 40‬‬
‫وهو قوله تعالى” ِّإنَّما قَ ْولُنا ِّل َ‬
‫وبالكالم يسمع الموجود وهو قوله تعالى” َو َكلَّ َم َّ‬
‫َّللاُ ُموسى ت َ ْك ِّليما ً “[ ‪. . ] 164 / 4‬‬
‫فالقول له اثر في المعدوم وهو الوجود ‪ ،‬والكالم له اثر في الموجود وهو العلم ‪. . . 6‬‬
‫“ ( فتوحات ‪. ) 400 / 2‬‬

‫‪- 2‬عالم المخاطب والخطاب ‪:‬‬


‫ان الحق يختص من يشاء من الخلق بخطابه في مطلق عالم يختاره ‪ ،‬فتتكثر أسماء‬
‫الخطاب االحدى بتكثر عوالمه ‪.‬‬
‫وسنشير إلى ثالثة منها ‪:‬‬
‫أوال ‪ -‬الفهوانية ‪:‬‬
‫اشتقاق من قولهم “ فاه “ الرجل إذا تكلم ‪ .‬انفرد به الشيخ األكبر ‪7‬‬

‫‪401‬‬
‫“ ‪“ 402‬‬

‫والفهوانية ترد عنده بصيغتين ‪ :‬االسم ‪ .‬والصفة [ فهواني ] ‪.‬‬


‫في الصيغة األولى تشير إلى ‪ :‬خطاب الحق مكافحة ‪ 8‬في عالم المثال ‪. 9‬‬
‫مثال ‪ :‬كلمة الحضرة “ كن “ التي خاطب بها الحق الخلق قبل وجودهم هي قول‬
‫فهواني ‪ ،‬أو كلمة فهوانية ‪.‬‬
‫وفي الصيغة الثانية ‪ :‬تقترب من الصفة المشتقة من عالم خطابها اي عالم المثال‬
‫فتصبح مرادفه ل “ مثالي “ ‪. 10‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي في شرح كلمة “ فم “ في ترجمان األشواق ‪:‬‬


‫) ‪“ ( 1‬من جانب الفم ‪ 11‬اي من حيث الفهوانية واللسن ولذلك أعطى [ المقام‬
‫العيسوي ] كن “ ( ترجمان األشواق ‪ .‬ص ‪ 23‬هامش ‪. ) 2‬‬

‫) ‪“ ( 2‬الفهوانية ‪ . . .‬خطاب الحق مكافحة في عالم المثال “ ( فتوحات ‪. ) 128 / 2‬‬


‫“ انتشرت الرحمة من عين الوجود ‪ ،‬فظهرت األعيان في الوجود عن الكلمة الفهوانية‬
‫‪ ،‬التي هي كلمة الحضرة ‪ . . .‬التي هي كن ‪ ( “ . . .‬كتاب التجليات ص ‪”. ) 13‬‬
‫ولما أتاني الحق ليال مكلما * كفاحا وأبداه لعيني التواضع “( الديوان ص ‪. ) 32‬‬

‫ثانيا ‪ -‬المحادثة ‪:‬‬


‫تفرعت عن‬
‫وهي خطاب الحق للعارفين من عالم الملك كالنداء من الشجرة لموسى ‪ّ -‬‬
‫المشاهدة ‪.‬‬

‫ثالثا ‪ -‬المسامرة ‪:‬‬


‫وهي خطاب الحق للعارفين من عالم االسرار والغيوب نزل به الروح األمين على‬
‫قلوبهم ‪ -‬وهي خصوص في المحادثة ‪:‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ المسامرة ‪ . . .‬خطاب الحق للعارفين من عالم االسرار والغيوب نزل به الروح‬
‫األمين على قلبك وهو خصوص في المحادثة ‪ ،‬فان قلت وما المحادثة ‪12‬؟‬
‫قلنا ‪:‬‬
‫خطاب الحق للعارفين من عباده من عالم الملك ‪ ،‬كالنداء من الشجرة لموسى وهو‬

‫‪402‬‬
‫“ ‪“ 403‬‬

‫فرع عن المشاهدة ‪ ( . “ 13‬فتوحات ‪. ) 132 / 2‬‬


‫****‬
‫وكما تتكثر أحدية الخطاب اإللهي بشروط المخاطب ‪ .‬كذلك تتكثر بتكثر ظهوره في‬
‫الطرق الموصلة إلى العبد ‪ :‬وحي ‪ - 14‬من وراء حجاب ‪ -‬رسول ‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ واما معرفة الخطاب اإللهي عند االلقاء فهو قوله تعالى” َوما كانَ ِّلبَش ٍَر ‪15‬أ َ ْن يُ َك ِّلّ َمهُ‬
‫وال “ [ ‪] 51 / 42‬‬‫س ً‬‫ب أ َ ْو يُ ْر ِّس َل َر ُ‬ ‫َّللاُ ِّإ َّال َو ْحيا ً أ َ ْو ِّم ْن َو ِّ‬
‫راء ِّحجا ٍ‬ ‫َّ‬
‫فاما الوحي من ذلك فهو ما يلقيه في قلوبهم على جهة الحديث ‪ . . .‬واما قوله تعالى”‬
‫ب “فهو خطاب الهي يلقيه على السمع ال على القلب فيدركه من ألقى‬ ‫راء ِّحجا ٍ‬ ‫أ َ ْو ِّم ْن َو ِّ‬
‫وال “فهو ما ينزل به الملك أو ما يجيء به‬ ‫س ً‬‫عليه ‪ . . .‬واما قوله تعالى” أ َ ْو يُ ْر ِّس َل َر ُ‬
‫َّللا ‪ . . .‬فذلك ليس بكالم الهي ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪3‬‬ ‫الرسول البشري الينا إذا نقلنا كالم ّ‬
‫‪. ) 332 /‬‬
‫****‬
‫ان الوحدة الوجودية التي استأثرت بكيان شيخنا األكبر الفكري ‪ ،‬تقوده إلى توحيد كل‬
‫المظاهر في الكون في صفة أو اسم الهي ‪.‬‬
‫وكذلك كل المظاهر الصوتية في الكون من كل قائل هي خطاب أو كالم الهي ‪.‬‬
‫فهو [ الحق ] المتكلم في ألسنة القائلين ‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ االخبار اإللهية وهي على قسمين ‪. . .‬‬
‫َّللا المسمى صحفا أو توراة أو إنجيال أو‬ ‫القسم الواحد ‪ :‬الخبر اإللهي اآلتي من عند ّ‬
‫َّللا ملك أو رسول ‪.‬‬‫قرآنا أو زبورا ‪ ،‬وكل خبر اخبر به عن ّ‬
‫والقسم اآلخر ‪ . . .‬كل خبر في الكون من كل قائل ‪ . . .‬ان الخطاب اإللهي العام في‬
‫ألسنة القائلين من جميع الموجودات ‪ . . .‬قول الهي في نفس االمر وان كان ال يعلمه‬
‫اال القليل “ “ ‪16 . . .‬فتوحات ‪. ) 204 / 4‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬جمعنا عدة مصطلحات تحت كلمة “ خطاب “ ألنه يشكل الخيط الذي يربط عدة‬
‫مصطلحات هي في الواقع اشكاله ( المسامرة ‪ -‬المحادثة ‪ -‬الكالم ‪-‬القول ‪) . . .‬‬
‫ويشبه “ الخطاب “ مفهوم “ الحيوان “ ‪ -‬إذا أمكن قول ذلك ‪ -‬فهو غير موجود بذاته بل‬
‫يوجد بأنواعه فنقول ‪ :‬أسد ‪ -‬هر ‪. . .‬‬
‫‪-‬كما أنه في تعريف كل نوع ( األسد ‪ ) . . .‬نقول ‪ :‬هو حيوان ‪ . . .‬كذلك في‬
‫“ الخطاب “ نقول في تعريف كل شكل ( المسامرة ‪ : ) . . .‬هي خطاب ‪. . .‬‬

‫‪403‬‬
‫“ ‪“ 404‬‬
‫وهذا سيظهر فيما يلي ‪،‬‬

‫) ‪( 2‬ان كلمة “ خطاب “ هي غير قرآنية ولكن نظرا ألنها عند الشيخ ابن العربي‬
‫كذلك غير موجودة بذاتها بل باشكالها ‪ ،‬نتبع هنا في هذه الفقرة األسلوب نفسه ونبحث‬
‫في آيات القرآن التي تورد الخطاب باشكاله ( الكالم ‪. ) . . .‬‬
‫) ‪( 3‬لقد تكلم ابن القيم في مدارج السالكين على مراتب الهداية الخاصة والعامة‬
‫العشر وهي ‪:‬‬
‫التكليم ‪ -‬الوحي ‪ -‬ارسال الرسل ‪ -‬التحديث ‪ -‬االفهام ‪ -‬البيان العام ‪ -‬البيان الخاص ‪-‬‬
‫االسماع ‪ -‬االلهام ‪ -‬الرؤيا الصادقة ‪.‬‬
‫ونالحظ اشكال الخطاب في هذه المراتب المتقدمة فلتراجع ‪ :‬ص ص ‪. 52 - 37‬‬
‫َّللا للبشر وتعدد اشكاله ‪.‬‬
‫) ‪( 4‬ان هذه اآلية تثبت كالم ّ‬
‫َّللا ‪ ،‬فليراجع “ صفة‬
‫) ‪( 5‬اما بخصوص موقف الشيخ ابن العربي الكالمي من كالم ّ‬
‫“ “ كلمة ‪ “ .‬كما يراجع ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪، 400‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪. 90‬‬
‫) ‪( 6‬يرى الشيخ ابن العربي ان “ الكالم “ مشتق من “ الكلم “ اي الجرح ‪ .‬يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬انما سمى الكالم لما له من األثر في النفس من الكلم الذي هو الجرح ‪ .‬وسمى‬
‫أيضا باللفظ الن اللفظ الرمي ‪ ،‬فرمت النفس ما كان عندها مغيبا بالعبارة إلى اسماع‬
‫السامعين ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪. ) 431 / 4‬‬
‫) ‪( 7‬يؤكد عثمان يحي ذلك بقوله ان هذا االصطالح مبتكر للشيخ ابن العربي ال‬
‫نعلمه ألحد من قبله انظر الفتوحات ‪ .‬السفر الثالث ص ‪ 119‬هامش ‪( 2 ) .‬‬
‫) ‪( 8‬ان الفهوانية سماع خطاب الحق كفاحا ‪ .‬كما يشير الشيخ ابن العربي إلى رؤية‬
‫صورة الحق كفاحا ‪.‬‬
‫انظر الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪. 19‬‬
‫) ‪( 9‬ويرى الجيلي ان الفهوانية عالم التمييز بين الحقائق ‪ .‬يقول ‪:‬‬
‫“ ان الوجود كله بمجموعه شيء واحد وذلك هي واحدية الحق ‪ .‬فالحق هو الوجود‬
‫المطلق ومن ها هنا يتجلى عليك سبحانه في كل موجود ‪ ،‬الن الوجود من حيث هو‬
‫وجود الزم لكل موجود بل هو عينه ‪ ،‬إذ ال فرق بين الوجود والموجود اال في‬
‫الفهوانية ‪ .‬وعلى الحقيقة هو عينه فالحق عين كل شيء وهو واحد على تعدد‬
‫األشياء ‪ ( “ . . .‬حقيقة اليقين ‪ .‬الجيلي ‪ .‬ورقة ‪. ) 8‬‬
‫) ‪( 10‬يراجع بخصوص الفهوانية عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬االصطالحات ص ‪، 297‬‬
‫‪-‬التجليات ‪ .‬ط حيدرآباد ص ‪. 13 ، 4 ، 3 ، 2 :‬‬
‫‪-‬ترجمان األشواق ص ‪ ( 65 ، 51 ، 49 - 23 :‬هامش ‪ ( 77 ، ) 2‬هامش ) ‪،1‬‬
‫‪ ( 85‬هامش ‪ ( 105 ) 2‬هامش ‪ ( 113 ، ) 1‬هامش ‪ ( 125 ، ) 1‬هامش ‪) . 3‬‬

‫‪404‬‬
‫“ ‪“ 405‬‬

‫‪-‬االنسان الكلي ‪ .‬ورقة ‪ 2‬ب ‪،‬‬


‫‪-‬كتاب الميم والواو والنون ط ‪ .‬حيدرآباد ص ‪، 12‬‬
‫‪-‬عقلة المستوفز ص ‪، 43‬‬
‫‪-‬كتاب الحق ‪ .‬ورقة ‪ 29‬ب ‪ 32 ،‬أ ‪ -‬ب ‪ 33 ،‬أ ‪ 34 ،‬أ ‪.‬‬
‫‪-‬كتاب الفهوانية ( انظر )‪Hist . et class . T 2 R . G . 412‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 1‬ص ‪ ( 213‬المشافهة في الفهوانية ) ‪ ،‬ص ‪ ، 173‬ص ‪، 185‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪ ( 585‬الفهواني ) ‪.‬‬

‫) ‪( 11‬يقول النابلسي في شرح لفظ “ الفهوانية “ من الصالة الكبرى عند الشيخ‬


‫األكبر ‪:‬‬
‫“ ( الفهوانية ) من قولهم فاه الرجل إذا تكلم ‪ ،‬قال في القاموس ‪ ،‬فاه به نطق كتفوه ‪.‬‬
‫وقال في المصباح فاه الرجل بكذا يفوه تلفظ به “ ‪ ( . . .‬ورد الورود ‪ .‬ورقة ‪- 20‬‬
‫‪. ) 21‬‬
‫) ‪ ( 12‬يراجع بشأن محادثة ‪ -‬مسامرة عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬االصطالحات ص ‪ 291‬مادة “ مسامرة “ ومادة “ محادثة ‪“ .‬‬
‫‪-‬رسالة ال يعول عليه ص ‪، 10‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪، 353‬‬
‫) ‪( 13‬ان الخطاب اإللهي عام في ألسنة القائلين كما سيتضح في المعنى الثالث‬
‫للخطاب ‪ :‬ولذلك سماعه شهود ‪.‬‬
‫) ‪( 14‬راجع “ وحي “‬
‫) ‪( 15‬انظر تعليق الشيخ ابن العربي بخصوص لفظ “ بشر “ في هذه اآلية ‪ .‬كتاب‬
‫التراجم ص ‪، 2‬‬
‫) ‪( 16‬راجع “ صفة “ ‪ .‬المعنى الثالث ‪ .‬فيما يتعلق باحدية الوصف ‪.‬‬

‫‪ – 234‬الخاطر‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الخاء والطاء والراء أصالن ‪ :‬أحدهما القدر والمكانة ‪ ،‬والثاني اضطراب وحركة ‪.‬‬
‫فاألول قولهم لنظير الشيء خطيره ‪.‬‬
‫ولفالن خطر اي منزلة ومكانة تناظره وتصلح لمثله ‪.‬‬
‫واألصل اآلخر قولهم ‪ :‬خطر البعير بذنبه خطرانا ‪.‬‬
‫وخطر بالي كذا خطرا ‪ ،‬وذلك ان يمر بقلبه بسرعة ال لبث فيها وال بطء “ ( معجم‬
‫مقاييس اللغة مادة “ خطر “ ) ‪.‬‬

‫‪405‬‬
‫“ ‪“ 406‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫لم يرد األصل “ خطر “ في القرآن ‪.‬‬
‫عند الشيخ ابن العربي ‪: 1‬‬
‫*ان أكثر ما كتب الشيخ األكبر في الخاطر والخواطر يذكر بالتعريف الكالسيكي‬
‫الصوفي ‪.‬‬
‫إذ اننا ال نلمح خالل األسطر والكلمات وجهه المميز و “ بصماته “ الشخصية ‪.‬‬
‫لذلك لن نكثر من ايراد النصوص ‪ ، 2‬بل سنكتفي باهمها وخاصة بنص معين يخالف‬
‫كل نصوصه في الخاطر ‪ ،‬من حيث إن سطوره يعبق منها شذا “ وحدة الوجود “ التي‬
‫دأب شيخنا التوجه إليها عبر كل لفظ ومعنى ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬فكل امر الهي ينزل [ إلى الخلق ] فهو ‪ :‬اسم الهي عقلي نفساني عرشي كرسي‬
‫‪ ، 3‬فهو مجموع صور كل ما مر عليه في طريقه ‪.‬‬
‫فيخترق الكور ويؤثر في كل كرة بحسب ما تقبله طبيعتها ‪ ،‬إلى أن ينتهي إلى األرض‬
‫‪ 4‬فيتجلى لقلوب الخلق فتقبله بحسب استعداداتها ‪ ،‬وقبولها متنوع ‪ ،‬وذلك هو الخواطر‬
‫التي تجدها الناس في قلوبهم فبها يسعون وبها يشتهون وبها يتحركون ‪ ،‬طاعة كانت‬
‫تلك الحركة أو معصية أو مباحة ‪ ، 5‬فجميع حركات العالم من معدن ونبات وحيوان‬
‫وانسان وملك ارضي وسماوي ‪.‬‬
‫فمن ذلك التجلي الذي يكون من هذا االمر اإللهي النازل إلى األرض ‪ ،‬فيجد الناس في‬
‫قلوبهم خواطر ال يعرفون أصلها وهذا هو أصلها ‪. . .‬‬
‫ويظهر التأثيرات العلوية والسفلية ‪. . .‬‬
‫فإذا نفذ فيهم امره وأراد الرجوع جاءته رسله ‪ ،‬من كل موجود بما ظهر من كل من‬
‫بعثوا اليه صورا قائمة ‪ ،‬فيلبسها ذلك االمر اإللهي من قبيح وحسن ‪ ،‬ويرجع إلى‬
‫معراجه من حيث جاء إلى أن يقف بين يدي ربه اسما الهيا ظاهرا بكل صورة ‪ ،‬فيقبل‬
‫منها الحق ما شاء ويرد منها ما شاء على صاحبها في صور تناسبها ‪ ( “ . . .‬فتوحات‬
‫‪. )30 : 3‬‬
‫نستخلص من النص ان ‪:‬‬
‫الخاطر هو االمر اإللهي المتصف بصفة كل األكوان التي اخترقها في تنزله إلى الخلق‬
‫‪ -‬وهو مبدأ الحركة والفعل في المخلوقات ‪.‬‬
‫***‬

‫‪406‬‬
‫“ ‪“ 407‬‬

‫*اما طبيعة الخاطر ‪ ،‬التي تميزه عن غيره من أنواع الواردات على السالك فهو انه‬
‫خطاب [ ‪ -‬صورة ] ال يثبت ‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ الخاطر ‪ . . .‬ما يرد على القلب والضمير من الخطاب ربانيا كان أو غير رباني ‪،‬‬
‫ولكن من غير إقامة فان أقام فهو حديث نفس ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪/ 132 ) . 2‬‬
‫“ والخواطر كلها خطابات الهية ما هي تجليات ‪.‬‬

‫َّللا صورا تحدث في العماء الذي هو النفس اإللهي ‪ ،‬فمن شهدها وال‬
‫ولهذا ينشئها ّ‬
‫َّللا علما بما ذكرناه يتخيل ان الخواطر تجل الهي لما يرى من الصورة ‪ ،‬وهذا‬
‫يرزقه ّ‬
‫هو السبب في تسميتها خواطر ‪.‬‬

‫وانها ال تثبت كما ال تثبت صورة الحرف في الوجود بعد نطق اللسان به ‪ ،‬فما له‬
‫سوى زمان النطق به ثم ينعدم ويبقى في فهم السامع ‪ ،‬مثال صورته فيتخيل ان الخاطر‬
‫باق ‪.‬‬
‫كما تخيل ذو النون في قوله “ الست بربكم “ فقال كأنه اآلن في أذني ‪.‬‬
‫فما ذلك هو الكالم الذي سمع وانما ذلك الباقي مما اخذ الفهم من صورة الكالم فثبت‬
‫في النفس ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪. ) 566 - 565 / 2‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يراجع بشأن “ الخاطر “‬
‫‪-‬اللمع ص ص ‪، 419 - 418‬‬
‫‪-‬قوت القلوب ص ص ‪252 - 231‬‬
‫‪-‬روضة الطالبين ‪ .‬الغزالي ‪ .‬ص ‪. 9‬‬
‫‪-‬رسالة المسترشدين ‪ .‬المحاسبي ‪ .‬ص ‪. 63‬‬
‫‪-‬شفاء السائل ‪ .‬فهرس المصطلحات ‪ .‬مادة “ خاطر “ “ خواطر “‬
‫‪-Exegese coranique‬ص ‪ “ 305‬خاطر “ “ خواطر “‬
‫‪-‬نصوص صوفية غير منشورة تحقيق األب نويا ص ص ‪ ( 316 - 314‬الخواطر‬
‫الملكوتية ‪ -‬والملكية ‪ -‬والملكتية ) ‪.‬‬
‫َّللا ‪ .‬بدر الحبشي ‪ .‬ورقة ‪، 50‬‬ ‫‪-‬االنباه على طريق ّ‬
‫َّللا ‪ .‬المحاسبي ‪ .‬ص ص ‪ ، 107 - 105‬ص ص ‪114 - 109‬‬ ‫‪-‬الرعاية لحقوق ّ‬
‫( خطرة ‪ ،‬خطرات ) ‪.‬‬
‫‪-‬ننقل كالم القشيري في “ الرسالة “ ألنه يلخص موقف المتقدمين جميعهم ‪ ،‬يقول ‪:‬‬
‫“ والخواطر خطاب يرد على الضمائر ‪ ،‬فقد يكون بالقاء ملك ‪ ،‬وقد يكون بالقاء‬
‫لشيطان ‪ ،‬ويكون أحاديث النفس ‪ ،‬ويكون من قبل الحق سبحانه ‪ ،‬فإذا كان من الملك‬
‫فهو االلهام ‪،‬‬

‫‪407‬‬
‫“ ‪“ 408‬‬
‫وإذا كان من قبل النفس قيل له الهواجس ‪ ،‬وإذا كان من قبل الشيطان فهو الوسواس ‪،‬‬
‫َّللا سبحانه وتعالى والقائه في القلب فهو خاطر الحق‪. . .‬‬
‫وإذا كان من قبل ّ‬
‫وفرق الجنيد بين هواجس النفس ووساوس الشيطان بان النفس إذا طلبتك بشيء الحت‬
‫فال تزال تعاودك ولو بعد حين حتى تصل إلى مرادها ‪. . .‬‬
‫واما الشيطان إذا دعاك إلى زلة فخالفته بترك ذلك يوسوس بزلة أخرى الن جميع‬
‫المخالفات له سواء ‪ “ . . .‬ص ‪. 43‬‬

‫) ‪ ( 2‬النصوص التي يذهب فيها الشيخ ابن العربي في الخاطر مذهب المتقدمين من‬
‫حيث تعريفه واقسامه هي ‪ - :‬فتوحات ‪ 1‬ص ص ‪ [ 284 - 281‬اقسام الخواطر‬
‫األربعة ] ‪.‬‬
‫‪-‬فتوحات ‪ 2‬ص ص ‪ [ 78 - 77‬خاطر ‪ :‬رباني ‪ -‬ملكي ‪ -‬نفساني ‪ -‬شيطاني ] ‪.‬‬
‫َّللا على قلب عبده ‪ -‬الخاطر األول الهي‬ ‫‪-‬فتوحات ‪ 2‬ص ‪ [ 564‬الخواطر سفراء ّ‬
‫صادق ( انظر أول ) ] ‪.‬‬
‫‪-‬فتوحات ‪ 3‬ص ‪ [ 61‬تردد الخواطر وعالقته بأقالم المحو واالثبات ] ‪.‬‬
‫‪-‬فتوحات ‪ 3‬ص ‪ [ 97‬الخاطر األول ‪ .‬والخاطر الثاني ] ‪.‬‬
‫‪-‬فتوحات ‪ 4‬ص ‪ [ 152‬الخاطر األول ] ‪.‬‬
‫‪-‬شجون المشجون ‪ .‬ورقة ‪ 16‬ب ورقة ‪ 17‬أ ‪ [ .‬الخاطر ] ‪.‬‬
‫‪-‬وسائل السائل ص ص ‪ [ 23 - 22‬خاطر الحق ‪ -‬خاطر الملك ] ‪ ،‬ص ‪ [ 33‬اقسام‬
‫الخواطر األربعة ‪ -‬خاطر الحق ‪ -‬الخاطر األول ] ‪.‬‬
‫‪-‬شرح التجليات ‪ -‬نشر عثمان يحي ‪ .‬المشرق ‪ . 1967 .‬ص ص ‪ 158 - 156‬مع‬
‫الهوامش ‪.‬‬
‫) ‪( 3‬ان االمر اإللهي في نزوله إلى األرض يمر بعوالم مختلفة وفي مروره هذا‬
‫يصطبغ بصفتها ‪ .‬مثال ان االمر اإللهي في نزوله إلى الخلق يمر على القلم أو العقل‬
‫األول ثم اللوح أو النفس الكلية ثم العرش وهكذا ‪ ،‬فيصطبغ بصفة كل عالم ويصبح‬
‫امرا الهيا عقليا نفسيا عرشيا ‪ -‬وهكذا ‪.‬‬
‫) ‪( 4‬ان االمر اإللهي ينزل من الحق إلى الخلق مخترقا كل العوالم التي تفصلهما ‪.‬‬
‫فهو يمر على العقل [ القلم ] والنفس [ اللوح ] والعرش والكرسي ‪ . . .‬ويخترق‬
‫السماوات السبع ‪ .‬وعندما يصل إلى السابعة وهي السماء الدنيا ينزل منها إلى‬
‫األرض ‪ .‬اما مدة هذا “ السفر “ الذي يقوم به االمر اإللهي فهي ثالث سنوات ‪ .‬لذلك‬
‫من حظي بكشف هذا االمر اإللهي قبل وصوله إلى األرض يستطيع ان يخبر بما‬
‫سيحدث ‪ .‬ألنه ما من شيء يحدث في األرض اال بعد انقضاء ثالث سنوات على نزول‬
‫االمر اإللهي ‪ ،‬وهي مدة اختراقه العوالم الفاصلة بين الحضرتين [ وعلى هذا يستند‬
‫العرافون والكهنة ‪ . . .‬في تنبؤاتهم ] انظر الفتوحات ج ‪ . 3‬ص ص ‪، 31 - 30‬‬
‫) ‪( 5‬نلفت االنتباه إلى أن الشيخ ابن العربي يقسم االمر اإللهي إلى قسمين ‪ :‬أمر الهي‬
‫تكويني ‪ .‬وامر إلهي تكليفي ‪ .‬وعلى أساس هذا الفصل يشرح كيفية استناد المعصية في‬
‫أصلها إلى أمر الهي ‪ .‬انظر “ امر الهي ‪“ .‬‬

‫‪408‬‬
‫“ ‪“ 409‬‬

‫‪ - 235‬األخفياء‬
‫“ االخفياء “ هم “ االفراد “ انظر “ افراد "‪.‬‬

‫‪ - 236‬اإلخالص‬
‫انظر “ الصدق “ ‪.‬‬

‫‪ - 237‬الخلّة ‪1‬‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الخل والخلّة بكسرهما اي المصادقة واإلخاء ‪ ،‬والخلّة أيضا الصديق للذكر واألنثى‬
‫والواحد والجمع ‪ ،‬والخ ّل بالكسر والضم الصديق المختص “ ‪ ( . . .‬القاموس المحيط‬
‫الفيروزآبادي مادة “ خل “ )‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫ورد لفظ “ خلة “ في القرآن في موضع واحد بمعنى الخليل ( انظر “ خليل “ في‬
‫عةٌ “ ( البقرة ‪.) 254 :‬‬
‫ي يَ ْو ٌم ال بَ ْي ٌع فِّي ِّه َوال ُخلَّةٌ َوال شَفا َ‬ ‫ْ‬
‫اللغة ) ‪ِّ ”.‬م ْن قَ ْب ِّل أ َ ْن يَأتِّ َ‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ الخلة “ مقام إبراهيم ‪ 3‬عليه السالم ‪ ،‬ويتخلص في صفتين بارزتين تنتج إحداهما عن‬
‫األخرى ‪:‬‬
‫‪- 1‬مقام الخلة هو المقام الذي يتخلل فيه الحق العبد ( قرب نوافل ) والعبد الحق‬
‫( قرب فرائض ) ‪. 4‬‬
‫‪- 2‬الصفة الثانية تنتج عن األولى فبعد ان يتجلى الحق في كامل مظهره اي في العبد‬
‫برهم‬
‫في مقام الخلة ‪ ،‬يظهر العبد بالنعت اإللهي ‪ ،‬وتعم رحمته وتشمل كل الخلق ّ‬
‫وفاجرهم‪.‬‬

‫‪409‬‬
‫“ ‪“ 410‬‬

‫وهذا المقام وان كان إلبراهيم عليه السالم ‪ ،‬اال انه يمكن للسالك التحقق به باتباع سنته‬
‫‪ ،‬وينسب السالك اليه فيقال ‪ :‬براهيمي ‪ .‬كما ينسب األولياء ‪ ،‬إلى األنبياء فيقال‬
‫موسوي وعيسوي ومحمدي ‪.‬‬

‫ويتميز النبي صاحب المقام عن السالك المتحقق بالمقام ‪ ،‬ان الصفة في النبي تسبق‬
‫مظهرها ‪ .‬بل مظهرها ناتج من وجودها بينما السالك يسعى من خالل فعله لمظهر‬
‫الصفة إلى اكتساب الصفة ‪ .‬مثال الخلة صفة إبراهيم هي سابقة لمظهرها فيه وما‬
‫اعماله اال نتيجة وجودها السابق بينما السالك الذي يريد ان يتحقق بمقام إبراهيم يمشي‬
‫َّللا عليه بصفته ‪.‬‬
‫يمن ّ‬‫على قدمه ‪ 5‬ويتبع سنته عسى ان ّ‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫باّلل اجزاء العارف ‪ . . .‬فال يبقى فيه جوهر فرد اال وقد‬
‫) ‪“ ( 1‬إذا تخللت المعرفة ّ‬
‫حلت فيه معرفة ربه ‪ ،‬فهو عارف به بكل جزء فيه ولوال ذلك ما انتظمت اجزاؤه وال‬
‫احس‬
‫ّ‬ ‫ظهر تركيبه ‪ . . .‬فبه تعالى انتظمت األمور معنى وحسا وخياال ‪ . . .‬فإذا‬
‫االنسان بما ذكرناه وتحقق به وجودا وشهودا كان خليال ‪ ،‬من حصل في هذا المقام كان‬
‫حاله في العالم نعت الحق ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 263 : 22‬‬

‫) ‪“ ( 2‬فمن أراد تحصيل هذا المقام وان يكون خليال للرحمن ‪ . . .‬فينبغي ‪. . .‬‬
‫َّللا كافرهم ومؤمنهم طائعهم وعاصيهم ‪ ،‬وان يقوم في‬ ‫ان يحسن عامة لجميع خلق ّ‬
‫العالم مع قوته مقام الحق فيهم ‪ ،‬من شمول الرحمة وعموم لطائفه من حيث ال يشعرهم‬
‫ان ذلك االحسان هو منه ‪ . . .‬فإذا كان العبد بهذه المثابة صحت له الخلة ‪ . . .‬وهكذا‬
‫تكون حال الخليل فهو رحمة كله ‪ ،‬فابحث عن صفات إبراهيم عليه السالم وقم بها‬
‫َّللا ان يرزقك بركته فإنه بالخلة قام بها ‪ ،‬ما هي أوجبت له الخلة “ ( ف ‪/ 2‬‬ ‫عسى ّ‬
‫‪. ) 363 - 362‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪ ( 1‬اما الخلة كما يعرفها أقطاب وحدة الوجود فننقلها من لطائف االعالم حيث‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ الخلة الخاصة ‪ :‬يعني بها تخلل كل شيء الحق والعبد بصفات االخر ‪. . .‬‬
‫الخلة الخاصة ‪ :‬هي ظهور العبد بصفات الحق تخلقا بحيث يكون العبد متعمدا في‬
‫التخلي عن صفات خلقية والتجلي بصفات حقية ‪ ،‬رغبة في التجلي الحاصل بظهور‬
‫صفات الحق به ‪.‬‬
‫الخلة الكاملة ‪ :‬هي المناسبة الذاتية التي يقتضي التحقق بصفات الحق على وجه يكون‬
‫المحقق بها مرآة يرتسم فيه جميع األسماء والصفات ‪ ،‬ارتساما ذاتيا ال على سبيل‬
‫المحاكاة بل بحيث يتخلله‬

‫‪410‬‬
‫“ ‪“ 411‬‬

‫تخلال ال يبقى للعبد معه فراغ ليتصف بشيء من الصفات غير صفات الحق عز‬
‫وج ّل “ ‪ . . .‬وقد تخللت مسلك الروح منى ‪ ،‬ولذا سمي الخليل خليال “ هكذا عبر الشيخ‬
‫في كتاب الفصوص عما هو المراد بالخلة عند أهل الخصوص “ ( لطائف االعالم ق‬
‫‪ 87‬أ ) ‪.‬‬

‫) ‪( 2‬راجع شرح اآلية في أنوار التنزيل ج ‪ 1‬ص ‪، 56‬‬


‫) ‪( 3‬راجع “ إبراهيم “‬
‫) ‪( 4‬راجع “ قرب الفرائض “ “ قرب النوافل ‪“ .‬‬
‫) ‪( 5‬راجع “ قدم “ ‪.‬‬

‫‪ – 238‬خليل‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الخليل الصادق أو من أصفى المودة وأصحها “ ( الفيروزآبادي ‪ .‬المحيط مادة “ خل‬
‫“)‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫حصر القرآن العزيز “ الخلة “ بشخص النبي إبراهيم فقط ‪ ،‬فسماه ‪ :‬خليال ‪َ ”.‬وات َّ َخذَ َّ‬
‫َّللاُ‬
‫يم َخ ِّل ً‬
‫يال “‪. ) 125 / 4 ( 1‬عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬ ‫ِّإبْرا ِّه َ‬
‫انظر ‪ “ :‬إبراهيم “‬
‫) ‪ ( 1‬يقول البيضاوي في شرح اآلية ‪ “ :‬اصطفاه وخصصه بكرامة تشبه كرامة‬
‫الخليل عند خليله ‪ . . .‬والخلة من الخالل فإنه ود تخلل النفس وخالطها ‪ ،‬وقيل من‬
‫الخلل فان كل واحد من الخليلين يسد خلل اآلخر ‪ ،‬أو من الخل وهو الطريق في الرمل‬
‫فإنهما يترافقان في الطريقة ‪ ،‬أو من الخلة بمعنى الخصلة فإنهما يتوافقان في‬
‫الخصال ‪ ( “ . . .‬أنوار التنزيل ج ‪ 1‬ص ‪. ) 103‬‬

‫‪411‬‬
‫“ ‪“ 412‬‬
‫‪ - 239‬الخالفة – خليفة‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الخاء والالم والفاء أصول ثالثة ‪:‬‬
‫أحدهما ان يجيء شيء بعد شيء يقوم مقامه ‪،‬‬
‫والثاني خالف قدّام ‪،‬‬
‫والثالث التغيّر ‪.‬‬
‫فاألول الخلف ‪ ،‬والخلف ‪ :‬ما جاء بعد ويقولون ‪ :‬هو خلف صدق ‪. . .‬‬
‫ى خلف ‪،‬‬ ‫وخلف سوء ‪ . . .‬فإن لم يذكروا صدقا وال سوءا قالوا للجيّد خلف وللرد ّ‬
‫ف “[ ‪. ] 59/19‬‬ ‫ف ِّم ْن بَ ْع ِّد ِّه ْم خ َْل ٌ‬ ‫َّللا تعالى ‪ ”:‬فَ َخلَ َ‬
‫قال ّ‬
‫‪. . .‬الخالفة ‪ ،‬وانما سميت خالفة الن الثاني يجيء بعد األول قائما مقامه “ ( معجم‬
‫مقاييس اللغة مادة “ خلف “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫ورد األصل “ خلف “ في القرآن بالوجوه الثالثة اللغوية السابقة ‪:‬‬
‫( أ ) خالف قدّام ‪،‬‬
‫باط ُل ِّم ْن بَي ِّْن يَ َد ْي ِّه َوال ِّم ْن خ َْل ِّف ِّه ‪“[ 41 / 42 ] .‬‬ ‫قال تعالى ‪ ” :‬ال يَأْتِّي ِّه ْال ِّ‬
‫( ب ) التعاقب ‪،‬‬
‫ت ِّألُو ِّلي‬ ‫الف اللَّ ْي ِّل َوالنَّ ِّ‬
‫هار َآليا ٍ‬ ‫اختِّ ِّ‬‫ض َو ْ‬ ‫ت َو ْاأل َ ْر ِّ‬ ‫سماوا ِّ‬ ‫ق ال َّ‬‫قال تعالى ‪ِّ ” :‬إ َّن فِّي خ َْل ِّ‬
‫ب “[‪. ] 190 / 3‬‬ ‫ْاأل َ ْلبا ِّ‬
‫( ج ) التغير‪.‬‬
‫اخ ِّتالفا ً َك ِّثيرا ً ‪“[ 4 / 82 ] .‬‬ ‫َّللا لَ َو َجدُوا ِّفي ِّه ْ‬
‫غي ِّْر َّ ِّ‬‫قال تعالى ‪َ ” :‬ولَ ْو كانَ ِّم ْن ِّع ْن ِّد َ‬
‫( د ) مشيرا إلى مرتبة الحكم والتصرف في األرض [ التي هي باألصالة للحق‬
‫وباالستخالف لالنسان ] ‪ :‬وهي لالنسان عامة ولألنبياء خاصة ‪.‬‬

‫ْف ت َ ْع َملُونَ “[ ‪/ 10‬‬ ‫ض ِّم ْن بَ ْع ِّد ِّه ْم ِّلنَ ْن ُ‬


‫ظ َر َكي َ‬ ‫ف فِّي ْاأل َ ْر ِّ‬ ‫قال تعالى ‪ ” :‬ث ُ َّم َجعَ ْلنا ُك ْم خَالئِّ َ‬
‫‪. ] 14‬‬
‫ض َخ ِّليفَةً “‪[ 2 / 30 ] .1‬‬ ‫قال تعالى ‪َ ” :‬و ِّإ ْذ قا َل َرب َُّك ِّل ْل َمال ِّئ َك ِّة ِّإ ِّنّي جا ِّع ٌل ِّفي ْاأل َ ْر ِّ‬

‫‪412‬‬
‫“ ‪“ 413‬‬
‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫*نظر الشيخ ابن العربي إلى الخالفة على أنها “ نيابة “ مجردة عن شخص النائب‬
‫والمنوب عنه ‪ ،‬فكل متصرف بالنيابة عن آخر فهو ‪ :‬خليفة المنوب عنه فيما ملّكه‬
‫التصرف فيه ‪ .‬وبذلك تتعدد اشخاص الخالئف بتعدد فعل االستخالف ‪.‬‬
‫َّللا ‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬الخليفة هو ‪ّ :‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫َّللا عليه وسلم في دعائه ربه في سفره ‪ :‬أنت الصاحب في‬ ‫َّللا صلى ّ‬ ‫“ يقول رسول ّ‬
‫َّللا عن‬
‫السفر والخليفة في األهل ‪ ،‬فما جعله خليفة في أهله اال عند فقدهم إياه ‪ ،‬فينوب ّ‬
‫كل شيء اي يقوم فيهم مقام ذلك الشيء بهويته “ ‪ ( . . .‬ف ‪. ) 148 / 4‬‬
‫“ ‪ . . .‬كما أن الخليفة [ ‪ -‬االنسان ] قد استخلف من استخلفه [ ‪ -‬الحق ] في ماله‬
‫وجميع أحواله ‪ ،‬لما اتخذه وكيال فاستخالف العبد ربه لما اتخذه وكيال ‪ :‬خالفة‬
‫مطلقة ‪ . . .‬واستخالف الرب عبده خالفة مقيدة ‪ ،‬بحسب ما تعطيه ذاته ونشأته ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ‪. ) 299 / 3‬‬
‫َّللا [ ‪ -‬رسل ‪،‬‬
‫ثانيا ‪ :‬الخلفاء هم افراد النوع االنساني ‪ :‬وهم اما خلفاء عن ّ‬
‫أنبياء ‪ ] . . .‬أو يخلفون الرسل ويخلف بعضهم بعض [ أولياء ] ‪.‬‬
‫) ‪ “ ( 1‬ان الخالفة مدرجة في جميع النوع االنساني ‪ ،‬كما نبه عليه سبحانه‬
‫في قوله تعالى ‪َ ” :‬وأ َ ْن ِّفقُوا ِّم َّما َجعَلَ ُك ْم ُم ْست َ ْخلَ ِّفينَ فِّي ِّه “[ ‪. . . ] 7 / 57‬‬
‫فهذا النوع [ االنساني ] مستخلف من قبل الحق بقدر وسعه ‪ :‬فأدناهم المستخلف على‬
‫نفسه ‪ ،‬وأكملهم المستخلف على العالم باسره “ ( بلغة الغواص ق ق ‪. ) 24 - 23‬‬

‫َّللا ‪ ،‬وهم الرسل ‪ .‬واما الخالفة اليوم فعن الرسل‬


‫وّلل في األرض خالئف عن ّ‬
‫)‪ّ “(2‬‬
‫َّللا ‪ ،‬فإنهم ما يحكمون اال بما شرع لهم الرسول ال يخرجون عن ذلك ‪. . . 2‬‬
‫ال عن ّ‬
‫“ ( فصوص ‪. ) 162 / 1‬‬

‫َّللا “ بكلية اهتمامه ‪ ،‬فنراه يوضح شروط‬


‫خص الشيخ ابن العربي “ الخالفة عن ّ‬
‫ّ‬ ‫لقد‬
‫استحقاقها ويبين ماهيتها واشكال ظهورها في المستخلف ‪.‬‬
‫للا [ شرطان ‪ -‬الصورتان ‪ ،‬الخالفة ]‪:‬‬‫أوال ‪ -‬شروط استحقاق الخالفة عن ّ‬

‫‪413‬‬
‫“ ‪“ 414‬‬

‫ض َخ ِّليفَةً “[ ‪] 30 / 2‬‬
‫َّللا العالم ‪ ،‬قال للمالئكة ‪ِّ ”:‬إ ِّنّي جا ِّع ٌل فِّي ْاأل َ ْر ِّ‬
‫بعد ما خلق ّ‬
‫وتلك الخالفة رتبة ال يستحقها اال من خلق على الصورتين ‪ :‬اإللهية والكونية اي من‬
‫جمع في ذاته جميع حقائق ‪ ،‬الحق والعالم ‪ .‬وهو ‪ :‬االنسان الكامل ‪. 3‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫َّللا تعالى‬
‫“ وانما كانت الخالفة آلدم عليه السالم ‪ 4‬دون غيره من أجناس العالم لكون ّ‬
‫خلقه على صورته “ ( ف ‪. ) 263 / 1‬‬
‫“ فال يكون خليفة اال من له األسماء اإللهية بطريق االستحقاق ‪ 5‬اي هو على تركيب‬
‫خاص يقبلها ‪ ،‬إذ ما كل تركيب يقبلها “ ( ف ‪. ) 441 / 2‬‬
‫َّللا كمال هذه النشأة االنسانية جمع لها بين يديه وأعطاه جميع حقائق العالم‬ ‫“ فلما أراد ّ‬
‫وتجلى لها في األسماء كلها ‪ .‬فحازت الصورة اإللهية والصورة الكونية ‪. . .‬‬
‫فلما كان له [ االنسان ] هذا االسم الجامع قابل الحضرتين [ اإللهية والكونية ] بذاته ‪6‬‬
‫فعمت له الخالفة وتدبير العالم ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 468 / 2‬‬
‫“ االنسان الحيوان خليفة االنسان الكامل وهو الصورة الظاهرة التي بها جمع حقائق‬
‫العالم ‪ ،‬واالنسان الكامل هو الذي أضاف إلى جمعية حقائق العالم حقائق الحق التي بها‬
‫صحت له الخالفة “ ( ف ‪. ) 437 / 3‬‬
‫للا ‪:‬‬
‫ثانيا ‪ -‬ماهية الخالفة عن ّ‬
‫َّللا بلغة الشيخ ابن العربي هي ظهور االنسان الكامل [ الذي استحقها‬ ‫ان الخالفة عن ّ‬
‫بالشرطين المتقدمين ] في العالم باألسماء والصفات اإللهية ‪ -‬وهو مقام قرب النوافل‬
‫الذي يتحقق فيه العبد ان الحق سمعه وبصره وكل قواه ( انظر “ قرب نوافل “ ) ‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫) ‪ “ ( 1‬فالخليفة ال بد ان يظهر فيما استخلف عليه بصورة مستخلفه واال فليس بخليفة‬
‫له فيهم ‪ ،‬فأعطاه ‪ :‬االمر والنهي ‪ ،‬وسماه بالخليفة “ ( ف ‪. )1 / 263‬‬
‫“ ان االنسان هو العين المقصودة ّّلل من العالم ‪ ،‬وانه الخليفة حقا وانه محل ظهور‬
‫األسماء اإللهية ‪ ،‬وهو الجامع لحقائق العالم كله ‪ ( “ . . .‬ف ‪.)1 / 125‬‬

‫‪414‬‬
‫“ ‪“ 415‬‬

‫َّللا ورب بالنسبة للعالم ولذلك جعله خليفة وأبناءه خلفاء ‪. . .‬‬
‫“ فهو [ االنسان ] عبد ّ‬
‫“ ( نقش الفصوص ص ‪. ) 2‬‬
‫) ‪ “ ( 2‬وال يكون نائبا عنه تعالى حتى يكون من استخلفه واستنابه سمعه وبصره‬
‫وجميع قواه ‪ ،‬ومتى لم يكن بهذه الصفة فما هو نائب وال خليفة “ ‪ ( . . .‬ف ‪/ 3‬‬
‫‪. ) 280‬‬
‫“ ‪ . . .‬قيل ألبي يزيد حين خلع [ الحق ] عليه خلع النيابة ‪ . . .‬اخرج إلى خلقي‬
‫بصفتي فمن رآك رآني ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 167 / 1‬‬
‫للا ‪ ،‬في االنسان [ ستة اشكال ] ‪.‬‬‫ثالثا ‪ -‬اشكال ظهور “ الخالفة عن ّ‬
‫ان للخالفة اشكاال في ظهورها في االنسان ‪ ،‬هذه االشكال هي بلمحة مميزة مضمون‬
‫الخالفة ‪.‬‬
‫وهي ‪ :‬الوالية ‪ ،‬النبوة ‪ ،‬الرسالة ‪ ،‬اإلمامة ‪ ،‬االمر ‪ ،‬الملك ‪. 7‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫َّللا مرتبة تشمل ‪:‬‬
‫َّللا ‪ ، 8‬وان الخالفة عن ّ‬
‫“ ان معنى االنسانية هو الخالفة عن ّ‬
‫الوالية والنبوة والرسالة واإلمامة واالمر والملك ‪.‬‬
‫فالكمال االنساني بكمال هذه المراتب وهو مركوز في االنسان بالقوة منذ آدم إلى آخر‬
‫مولود ‪ ( “ . . .‬بلغة الغواص ق ‪. ) 54‬‬
‫وسنتوقف قليال عند كل شكل منها ‪ ،‬لبيان وجه اتحاده بالخالفة وتميزه عنها ‪.‬‬

‫( أ ) الوالية ‪:‬‬
‫َّللا تظهر في “ الرسالة “ ‪ ،‬وبعد انقطاعها تظهر في “ الوالية “ ‪9‬‬
‫ان الخالفة عن ّ‬
‫فالخليفة هو من األولياء افرد عنهم لمرتبة القطبية ‪ 10‬والخالفة ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ ‪ . . .‬الخليفة الحق الذي هو القطب القائم بوراثة النبوة ‪ ( “ . . . 11‬بلغة الغواص ق‬
‫‪. ) 60‬‬
‫َّللا عليه وسلم وما نص بخالفة عنه إلى أحد ‪.‬‬‫َّللا صلى ّ‬
‫“ ‪ . . .‬مات رسول ّ‬
‫َّللا مع‬
‫وال عينه لعلمه ان في أمته من يأخذ الخالفة عن ربه ‪ ،‬فيكون خليفة عن ّ‬
‫الموافقة في الحكم‬

‫‪415‬‬
‫“ ‪“ 416‬‬

‫المشروع ‪ ( “ . . .‬فصوص ‪. ) 163 / 1‬‬


‫اما وجه اختالف الخليفة عن الولي ‪ ،‬ان األول عليه يقع التصرف فيما استخلف عليه‬
‫[ ‪ -‬مظهر ربوبية ] مما يضطره إلى االلتفات إلى الخلق [ ‪ -‬مقام فرق ] ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ ‪ . . .‬وكل نعت يرى فيهم فيه رائحة ربوبية فهو أدب الخالفة ال أدب الوالية ‪.‬‬
‫ي ‪ :‬ينصر وال ينتصر ‪ ،‬والخليفة ينتصر وينصر ‪ ،‬والزمان ال يخلو من منازع ‪،‬‬ ‫فالول ّ‬
‫والولي ال يسامح ‪ 12‬فان سامح فليس بولي ‪ . . .‬والخليفة هو ّّلل في وقت وللعالم في‬
‫وقت ‪ :‬فوقتا ير ّجح جناب الحق غيرة ‪ ،‬ووقتا ير ّجح جناب العالم فيستغفر لهم مع ما‬
‫ي ال تختلف‬ ‫ي ‪ . . .‬فالخليفة تختلف عليه األحوال ‪ ،‬والول ّ‬
‫وقع منهم مما يغار له الول ّ‬
‫عليه الحال ‪ .‬فالولي ال يتهم أصال والخليفة قد يتهم الختالف الحال عليه ‪ ( “ . . .‬ف‬
‫‪. ) 60 / 4‬‬

‫( ب ) النبوة ‪:‬‬
‫ان النبوة عند الشيخ ابن العربي نبوتان ‪ :‬نبوة تشريع ‪ ،‬ونبوة عامة ‪ .‬األولى تقترب من‬
‫“ الرسالة “ من حيثية التشريع المنزل ‪ .‬والثانية هي الوالية ألنها ال تنقطع بانقطاع‬
‫التشريع ‪ [ .‬انظر “ نبوة تشريع “ “ نبوة عامة “ ] ‪.‬‬
‫الخالفة = الوالية اذن الخالفة = النبوة العامة‬
‫[ انظر الفقرة السابقة ]‬
‫الخالفة = الرسالة اذن الخالفة = نبوة التشريع‬
‫[ انظر الفقرة التالية ]‬
‫ويجب اال نستنتج ان النبوة العامة هي نبوة التشريع نظرا ألنهما يساويان الخالفة ‪،‬‬
‫بل األحرى ان ننبه إلى أن الشيخ األكبر نظر إلى الخالفة نظرتين ‪:‬‬
‫خالفة عامة [ نبوة عامة ]‬
‫وخالفة تشريع [ نبوة تشريع ] ‪. 13‬‬

‫( ج ) الرسالة ‪:‬‬
‫َّللا هي الرسالة من ناحية ‪ ،‬وبانختامها تبقى “ الخالفة عن خليفة‬
‫ان الخالفة من عند ّ‬
‫َّللا “ ‪ -‬وهي من ناحية ثانية تتجاوز الرسالة في مضمونها السلبي [ تبليغ ] ‪،‬‬
‫من عند ّ‬
‫ي يقتضي القتال بالسيف في سبيل حمايتها ‪.‬‬‫إلى مضمون ح ّ‬
‫فالخالفة ‪ :‬رسالة حية فعالة تحمل في كيانها حتمية فرضها‪.‬‬

‫‪416‬‬
‫“ ‪“ 417‬‬

‫يقول الشيخ األكبر ‪:‬‬


‫َّللا الذين هم خلفاؤه أطهر الناس محال فهم المعصومون ‪. . . 14‬‬ ‫) ‪ “ ( 1‬فرسل ّ‬
‫“ ( ف ‪. ) 279 / 4‬‬
‫َّللا في األرض ‪ ( “ . . .‬كتاب التراجم ص ‪. ) 19‬‬ ‫“ والرسل خلفاء ّ‬
‫َّللا على خلفائه ‪ . . .‬مدة إقامة ذلك‬ ‫“ ‪ . . .‬وما زالت التوقيعات اإللهية ‪ 15‬تنزل من ّ‬
‫الخليفة المنزل عليه وهو الرسول إلى حين موته‪. . .‬‬
‫َّللا له في ذلك أو ترك األمر شورى بين‬ ‫فإذا مات واستخلف من شاء بوحي من ّ‬
‫أصحابه ‪. . .‬‬
‫َّللا من عنده رسوال فيقيم فيهم خليفة آخر اال إذا كان خاتم الخلفاء ‪، 16‬‬ ‫إلى أن يبعث ّ‬
‫َّللا ‪ ،‬ال انهم في منزلة الرسل‬ ‫َّللا يقيم نوابا عنه فيكونون خلفاء الخليفة من عند ّ‬ ‫فان ّ‬
‫َّللا “ ‪ ( . . .‬ف ‪. ) 27 / 4‬‬ ‫خلفاء من عند ّ‬
‫َب ِّلي َر ِّبّي ُح ْكما ً “[ ‪ ] 21 / 26‬يريد الخالفة ‪َ ”:‬و َجعَلَنِّي ِّمنَ‬
‫“ ) ‪( 2‬وقوله” فَ َوه َ‬
‫س ِّلينَ “[ ‪ ] 21 / 26‬يريد الرسالة ‪ :‬فما كل رسول خليفة ‪ .‬فالخليفة صاحب السيف‬ ‫ْال ُم ْر َ‬
‫والعزل والوالية ‪ .‬والرسول ليس كذلك ‪ :‬انما عليه بالغ ما أرسل به ‪:‬‬
‫فان قاتل عليه وحماه بالسيف فذلك الخليفة الرسول ‪ .‬فكما انه ما كل نبي رسول ‪،‬‬
‫كذلك ما كل رسول خليفة ‪ -‬اي ما اعطى الملك وال التحكم فيه ( “ فصوص ‪/ 1‬‬
‫‪. ) 207‬‬

‫( د ) اإلمامة ‪:‬‬
‫الخالفة هي اإلمامة من حيث إنها تقتضي تقدم الخليفة على كل ما استخلف عليه ‪،‬‬
‫وظهوره بجميع صفات من استخلفه ‪ - .‬وهي تختلف عن اإلمامة من حيث إن مفهوم‬
‫االستخالف نفسه يحمل في طياته عدم االصالة ‪ .‬فالمستخلف مستعار في رتبة هي‬
‫باألصالة لغيره ‪ .‬اما االمام فقد يكون في إمامته على وجه االستحقاق واالصالة ‪. 17‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫) ‪ “( 1‬ان سبب المنازعة ‪ . . .‬أمران ‪ :‬االستخالف الذي هو اإلمامة ‪.‬‬
‫والخلق على الصورة ‪ ،‬فال بد للخليفة من أن يظهر بكل صورة يظهر بها من استخلفه‬
‫‪ ،‬فال بد من إحاطة الخليفة بجميع األسماء والصفات اإللهية التي‬

‫‪417‬‬
‫“ ‪“ 418‬‬

‫يطلبها العالم ‪ . . .‬فكل نائب في العالم ‪ ،‬فله الظهور بجميع األسماء ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 4‬‬
‫‪.)3‬‬
‫“ ان الحق انزل نفسه في خلقه منزلتهم ‪ ،‬وجعل مجاله االت ّم في الخليفة االمام ‪ ،‬ثم‬
‫قال ‪ :‬كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ‪ ،‬فعمت اإلمامة جميع الخلق ‪ . . .‬ويتصرف‬
‫َّللا من التصرف فيه “ ‪ ( . . .‬ف ‪. ) 476 / 3‬‬ ‫[ كل امام ] بقدر ما ملكه ّ‬
‫“ ‪ . . .‬الخليفة وهو الرسول وأولو االمر منا “ ( ف ‪. ) 122 / 4‬‬
‫ض َخ ِّليفَةً ‪ “[ 2 / 30 ] . . .‬جعلناه خليفة ولم تذكره‬
‫) ‪ِّ ” ( 2‬إ ِّنّي جا ِّع ٌل ِّفي ْاأل َ ْر ِّ‬
‫باإلمامة ‪ ،‬الن الخليفة يطلب بحكم هذا االسم عليه من استخلفه فيعلم انه مقهور محكوم‬
‫عليه ‪ ،‬فما سماه اال بما له فيه تذكرة ألنه مفطور على النسيان والسهو والغفلة فيذكره‬
‫اسم الخليفة بمن استخلفه ‪ ،‬فلو جعله اماما ‪ . . .‬ربما اشتغل بإمامته عمن جعله‬
‫اماما ‪ . . .‬الن اإلمامة ليست لها قوة التذكير في الخالفة ‪ .‬فقال في الجماعة الك ّمل‬
‫ض “[ ‪ ] 39 / 35‬فوقع هذا في مسموعهم فتصرفوا في العالم‬ ‫ف فِّي ْاأل َ ْر ِّ‬‫جعلكم” خَالئِّ َ‬
‫بحكم الخالفة “ ( ف ‪. ) 410 / 3‬‬

‫( هـ ) االمر ‪:‬‬
‫الخالفة تقتضي الظهور بصفات المستخلف فيما استخلف عليه ‪ .‬اذن الخليفة يعطي‬
‫التصرف في المستخلف عليه فيكون له وحده ‪ :‬االمر ‪.‬‬
‫يقول الشيخ األكبر ‪:‬‬
‫“ فإذا اعطى [ االنسان ] التحكم في العالم فهي الخالفة ‪ ،‬فان شاء تحكم وظهر كعبد‬
‫القادر الجيلي ‪ ،‬وان شاء سلم وترك التصرف لربه ‪ . . .‬اال ان يقترن به أمر الهي‬
‫كداوود عليه السالم ‪ ( “ . . .‬ف ‪ (. ) 308 / 2‬و ) الملك ‪:‬‬
‫الخالفة مرتبة تحوز الملك الظاهر والباطن ‪ ،‬فإذا تقاصر الخليفة الحق اي “ المستخلف‬
‫َّللا “ عن الظهور بها في الخلق احتجب بشخص “ خليفة الظاهر “ وأمدّه بالحكم‬ ‫من ّ‬
‫والتصرف‪.‬‬

‫‪418‬‬
‫“ ‪“ 419‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫َّللا عليه وسلم ‪ :‬الخالفة بعدى ثالثون سنة ثم تصير ملكا ‪. 18‬‬
‫“ قال صلى ّ‬
‫فإنه لما ضعف الخليفة الحق ‪ 19‬الذي هو القطب القائم بوراثة النبوة عن الظهور بها‬
‫( انظر “ ورث “ ) ‪ ،‬احتجب بالملك ‪ 20‬الذي هو الخليفة ظاهرا ‪ ،‬واطلق عليه اسمه‬
‫‪ 21‬لبقاء صالح العالم به ‪ ،‬والخليفة الذي هو القطب ناظرا اليه وقايم به ومم ّد له‬
‫بحسب قبوله واستعداده ‪ ( “ . . .‬بلغة الغواص ورقة ‪. ) 61 - 60‬‬

‫“ ومنهم [ األقطاب ‪ .‬انظر “ قطب “ ] من يكون ظاهر الحكم ويحوز الخالفة الظاهرة‬
‫كما حاز الخالفة الباطنة من جهة المقام كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي ‪ . . .‬ومنهم‬
‫من له الخالفة الباطنة خاصة وال حكم له في الظاهر كأحمد بن هارون الرشيد السبتي‬
‫وكأبي يزيد البسطامي ‪ ،‬وأكثر األقطاب الحكم لهم في الظاهر ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 6 / 2‬‬

‫يستعمل الشيخ ابن العربي لفظ خليفة بمقاصد مختلفة متباينة دون ان يشير إلى تباينها‬
‫أو يوضح مقصده ‪ ،‬اال اننا نستطيع ان ننبه إلى األمور التالية ‪:‬‬
‫أوال ‪ -‬لفظ “ خليفة “ نكرة دون تعريف يقصد به اي انسان استخلف على شيء ‪ ،‬وهنا‬
‫تتسع الخالفة وتضيق بالنسبة إلى استحقاق الخليفة من الظهور بحقائق الحق والعالم ‪.‬‬
‫فكل انسان خليفة ‪. 22‬‬

‫يقول الشيخ األكبر ‪:‬‬


‫“ ‪ . . .‬إذا كان العبد نائبا وخليفة عن الحق أو خليفة عن عبد مثله ‪ ،‬فال بد من أن يخلع‬
‫عليه من استخلفه من صفاته ما تطلبه مرتبة الخالفة ‪. . .‬‬
‫والخالفة ‪ :‬صغرى وكبرى ‪.‬‬
‫فاكبرها التي ال أكبر منها ‪ :‬اإلمامة الكبرى على العالم ‪ ،‬وأصغرها خالفته على نفسه‪،‬‬
‫وما بينهما ‪ :‬ينطلق عليها صغرى بالنسبة إلى ما فوقها وهي بعينها كبرى بالنظر إلى‬
‫ما تحتها ‪ ( “ . . .‬ف ‪. )408 /3‬‬

‫ثانيا ‪ -‬كلمة “ خليفة “ معرفة تؤدي إلى أحد امرين ‪ ،‬اما ان الخليفة هو االنسان الكامل‬
‫‪ ،‬القطب صاحب الوقت ‪.‬‬
‫وهنا يتعدد بتعدد األزمنة ‪ .‬واما انه الخليفة الواحد يظهر في كل زمان بصورة صاحب‬
‫الوقت أو القطب ‪.23‬‬

‫‪419‬‬
‫“ ‪“ 420‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫َّللا في ارضه ال خليفة عن سلف ‪ .‬ثم‬ ‫“ فعلموا [ المالئكة ] ‪ . . .‬انه [ آدم ] خليفة عن ّ‬
‫ما زال يتلقاها كامل عن كامل حتى انتهت إلى السيد األكبر المشهود له بالكمال محمد‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ . . .‬فكان ‪ . . .‬أعظم خليفة وأكبر امام ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 3‬‬ ‫صلّى ّ‬
‫‪. ) 400‬‬
‫َّللا هذا الكمال اال ليكون بدال من‬‫“ فاالنسان الكامل الظاهر بالصورة اإللهية لم يعطه ّ‬
‫الحق ‪ .‬ولهذا سماه خليفة ‪ ، 24‬وما بعده من أمثاله خلفاء له فاألول وحده هو خليفة‬
‫الحق ‪ ،‬وما ظهر عنه من أمثاله في عالم األجسام فهم خلفاء هذا الخليفة وبدل منه في‬
‫كل امر يصح ان يكون له “ ‪ ( . . .‬ف ‪. ) 280 / 3‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬انظر شرح اآلية ‪ .‬أنوار التنزيل البيضاوي ج ‪ 1‬ص ‪. 20‬‬
‫) ‪( 2‬يستثمر الشيخ ابن العربي كل لفظ تستأثر به فلسفته ‪ ،‬وها هو يقسم الخالفة ‪:‬‬
‫َّللا وخالفة عن الرسل بعد انقطاع الرسالة ‪ ،‬وهذا التقسيم يذكرنا بموقفه‬ ‫إلى خالفة عن ّ‬
‫َّللا ‪ ،‬ونبوة عامة‬
‫من النبوة عامة ‪ ،‬فالنبوة يقسمها إلى نبوة تشريع وهي كالخالفة عن ّ‬
‫تبقى بعد ختم نبوة التشريع وهي كالخالفة عن الرسل ‪ .‬انظر “ نبوة التشريع “ “ نبوة‬
‫عامة ‪“ .‬‬
‫) ‪( 3‬يقول الشيخ ابن العربي ‪ “ :‬واالنسان انقسم قسمين ‪ :‬قسم لم يقبل الكمال ‪. . .‬‬
‫وقسم قبل الكمال فظهرت فيه الستعداده الحضرة اإللهية بكمالها وجميع أسمائها فأقام‬
‫هذا القسم خليفة وكساه حلة الحيرة “ ( ف ‪. ) 307 / 2‬‬
‫) ‪( 4‬للشيخ ابن العربي نظرة خاصة في هبوط آدم إلى األرض عقب معصيته ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬قال [ الحق ] له [ آدم ] ‪ :‬اهبط هبوط والية واستخالف ال هبوط طرد ‪ ،‬فهو‬
‫هبوط مكان ال هبوط رتبة ‪.‬هبوط مكان ال هبوط مكانة * لتلقى به فوزا وملكا مخلدافأن‬
‫إبليس قال له ‪ :‬هل ادلك على شجرة الخلد وملك ال يبلى ‪ ،‬فسمع ذلك الخطاب من ربه‬
‫تعالى [ انظر “ خطاب الهي “ ] فكان صدقا لحسن ظنه بربه ‪ . . .‬وأورثه االكل الخلد‬
‫والملك الذي يبلى ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 141 ) . 2‬‬
‫) ‪( 5‬يميز الشيخ ابن العربي بين استحقاق المرتبة واستحقاق الذات مثال ‪ :‬العلم هو‬
‫ذاتي ّّلل ‪ ،‬ومرتبة لالنسان ‪ ،‬وما يميز المرتبة انها قابلة للعزل واالنسالخ عن‬
‫حاملها ‪.‬‬
‫يقول ‪ “ :‬ولهذا سماه خليفة ‪ 26 / 38 ، 30 / 2‬وخلفاء ‪62 / 27 - 74 ، 69 / 7‬‬
‫ألنها توليه ونيابة‬

‫‪420‬‬
‫“ ‪“ 421‬‬

‫فما هم فيها بحكم االستحقاق اعني استحقاق الدوام لكن لهم استحقاق قبول النيابة‬
‫والخالفة فهم في الرتبة مستعارون وهي ّّلل ذاتية ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 135 / 4‬‬

‫) ‪( 6‬اي ان الحق اعطى النشأة االنسانية من ناحية جميع حقائق العالم ومن ناحية‬
‫ثانية تجلى لها بأسمائه كلها ‪ .‬فصحت لها بذلك جمعية الصورتين الحقيقة والخليفة‬
‫وكانت برزخا ( انظر “ برزخ “ ) له طاقة مقابلة الوجهين بذاته ‪.‬‬
‫) ‪( 7‬كثيرا ما يرتكب قارىء الشيخ ابن العربي خطأ ظن كل شكل من هذه االشكال‬
‫الستة هو فقط مضمونها فيؤكد ان الخالفة هي اإلمامة ‪ ،‬أو انها النبوة ولذلك ننبه إلى‬
‫اشكال ظهورها في االنسان فال نحصرها في وجه دون آخر ‪ ،‬وال نؤخذ بنص للشيخ‬
‫ابن العربي يشدد على أحد االشكال لنستخلص انه الوجه األوحد ‪.‬‬
‫) ‪( 8‬يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫َّللا عز وجل‬
‫َّللا عز وجل ‪ ،‬وأعلى مراتب خالفة ّ‬ ‫“ ان أعلى المراتب االنسانية خالفة ّ‬
‫الرسالة ‪ ،‬وأعلى مراتب الرسالة مرتبة أولى العزم من الرسل وهم الذي بعثوا بالسيف‬
‫‪ ،‬وأعلى مراتبهم اجمعها دعوة وهي الرسالة المحمدية ‪ ( “ . . .‬بلغة الغواص ق‬
‫‪. ) 49‬‬
‫) ‪( 9‬انظر “ والية “‬
‫) ‪( 10‬انظر “ قطب “‬
‫) ‪( 11‬ان القطب هو وارث للنبوة العامة ‪ ،‬ال نبوة التشريع ‪ .‬انظر “ النبوة العامة ‪“ .‬‬
‫) ‪( 12‬هذا ال يعني بان الولي وضيع االخالق ال تدنو رحابة صدره من اعتاب العفو‬
‫‪ ،‬كال ! ان الولي متسامح كريم االخالق يتغاضى عن حق نفسه ‪ ،‬ولكنه غيور فيما‬
‫خص الحق تعالى اي انه ال يسامح في الحق ‪.‬‬
‫) ‪( 13‬انظر فصوص الحكم ج ‪ 2‬ص ص ‪ ( 223 - 222‬خالفة التشريع ‪ -‬لخالفة‬
‫العامة وختميهما ) ص ص ‪ ( 307 - 306‬الموضوع نفسه ) ‪.‬‬
‫) ‪( 14‬راجع “ عصمة “‬
‫) ‪( 15‬انظر “ توقيع الهي “‬
‫) ‪( 16‬ان خاتم الخلفاء هنا هو ‪ :‬خاتم األنبياء المرسلين ‪.‬‬
‫) ‪( 17‬راجع “ امام “‬
‫) ‪( 18‬انظر فهرس األحاديث حديث رقم ‪( 22 ) .‬‬
‫) ‪( 19‬اي الخليفة الباطن صاحب العالمة ‪.‬‬
‫) ‪( 20‬في بدء عهد الخالفة ‪ ،‬في زمن أبي بكر وعمر ‪ . . .‬كان الخليفة الظاهر اي‬
‫أمير المؤمنين هو نفسه الخليفة الباطن اي القطب ‪ .‬ولكن بعد انقضاء عهد الخلفاء‬
‫الراشدين ضعف الخليفة الباطن عن الظهور بصورة خالفته ‪ ،‬فانقسمت الخالفة إلى‬
‫باطنة وظاهرة ‪ .‬الباطنة ‪ :‬مرتبة والية ‪ .‬والظاهرة ‪ :‬مرتبة سياسية ‪ .‬واتخذ الخليفة‬
‫الباطن خليفة الظاهر حجابا يمده بالتصرف والحكم ‪.‬‬

‫‪421‬‬
‫“ ‪“ 422‬‬

‫يراجع في هذا البحث ‪ - :‬امام‬


‫[الخليفة الباطن ‪ -‬االمام الباطن ]‬
‫[الخليفة الظاهر ‪ -‬االمام الظاهر ]‬

‫) ‪( 21‬اي ان اسم الخليفة هو باألصالة للخليفة الحق اي القطب ألنه المشار اليه في‬
‫ض َخ ِّليفَةً “[ ‪ ] 30/ 2‬ولكن عند احتجابه بشخص الملك‬ ‫اآلية ‪ِّ ”:‬إ ِّنّي جا ِّع ٌل فِّي ْاأل َ ْر ِّ‬
‫يعطيه اسمه فيدعى ‪:‬‬
‫“ خليفة ‪“ .‬‬
‫) ‪( 22‬راجع “ انسان خليفة “ في مقابل “ انسان حيوان ‪“ .‬‬
‫) ‪( 23‬انظر “ انسان كامل “ “ قطب “ “ صاحب الوقت ‪“ .‬‬
‫) ‪( 24‬يراجع بخصوص خليفة عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 1‬ص ‪ ، 36‬ص ‪، 57‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪ ( ، 453 ، 243 ، 227 ، 208 ، 201 ، 68‬حضرة الخالفة‬
‫‪ -‬األرض ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪ ( 89‬الصورة والخالفة ) ‪ ( 143 ،‬هبوط آدم للخالفة ) ص‬
‫‪ ( 164‬خالفة االنسان في األرض فقط ) ‪ ،‬ص ‪ ( 268‬الخالفة واألسماء اإللهية )‬
‫َّللا ) ‪ ( 382 ،‬هبوط آدم للخالفة ) ‪ ،‬ص ‪ ( 417 ، 399‬الخالفة‬ ‫ص ‪ ( 330‬خالفة ّ‬
‫والنيابة ) ‪ ( 475 ، 469 ،‬الخالفة ‪ -‬الحكم ‪ +‬التصرف ) ‪ (503 ،‬الخالفة ليست‬
‫إرثا ) ‪ ( 505 ،‬الخالفة ‪ -‬النيابة عن الحق ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪ ( 45 - 26‬الخالفة والصورة ) ‪ ( 48 ،‬الخليفة ظاهر والذي‬
‫استخلفه باطن ) ‪ ( 56 ،‬الخالفة والصورة ) ‪268 - 269 ، 146 ، 132 ، 80 ،‬‬
‫( الخليفة ‪ -‬حضرة الخالفة ) ‪ ( 330 ، 278 ،‬الخالفة ضيافة ) ‪. 447‬‬
‫‪-‬الفصوص المقدمة ص ‪، 13‬‬
‫‪-‬الفصوص ج ‪ 1‬ص ‪ [ 162 - 161‬خالفة حكم ( داود ) ‪ -‬خالفة استخالف‬
‫َّللا ) ‪ -‬ص ‪( - 165 164‬الخالفة‬ ‫َّللا ‪ -‬خليفة رسول ّ‬
‫( آدم ) ] ص ‪ ( 163‬خليفة ّ‬
‫الظاهرة والخالفة المعنوية ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفصوص ج ‪ 2‬ص ‪ ( 307 - 306 ، 223 - 222 ، 208 ، 39‬الخليفة‬
‫الحقيقي )‬
‫‪-‬بلغة الغواص ق ‪ ، 65‬ق ‪ ( 126 - 125‬سر الخالفة هو الكون )‬
‫‪-‬كتاب التجليات ص ‪ ( 30‬التوحيد يجمع والخالفة تفرق )‬
‫‪-‬كتاب االسرا ص ‪ ، 6 - 5‬ص ‪، 69 - 68‬‬
‫‪-‬روح القدس ص ‪ ( 131‬األرض ‪ -‬حضرة الخالفة ومنزل الخليفة ) ‪.‬‬

‫‪422‬‬
‫“ ‪“ 423‬‬

‫‪ - 240‬المت ّخلل‬
‫المتخلّل ‪ -‬الباطن انظر “ الباطن “ و “ إبراهيم "‪.‬‬

‫‪ - 241‬المتخلّل‬
‫المتخلّل ‪ -‬الظاهر انظر “ ظاهر “ و “ إبراهيم "‪.‬‬

‫‪ - 242‬الخالفة الباطنة‬
‫انظر “ خالفة “ المعنى الثاني ‪ :‬ثالثا الفقرة “ و “ ‪.‬‬

‫صغرى‬ ‫‪ - 243‬الخالفة ال ّ‬
‫انظر خالفة المعنى “ الثالث “ الفقرة ( ‪) 1‬‬

‫‪ - 244‬الخالفة الظاهرة‬
‫انظر خالفة المعنى “ الثاني “ ثالثا ‪ ،‬الفقرة “ و "‪.‬‬

‫‪ - 245‬الخالفة الكبرى‬
‫انظر خالفة المعنى “ الثالث “ الفقرة) ‪( 1‬‬

‫‪423‬‬
‫“ ‪“ 424‬‬

‫للا‬
‫‪ - 246‬خالفة من عند ّ‬
‫َّللا هي “ الرسالة ‪“ .‬‬
‫الخالفة من عند ّ‬
‫انظر “ خالفة “ ‪ :‬المعنى “ الثاني “ الفقرة ج ‪.‬‬

‫‪ - 247‬خليفة الملك القاهر‬


‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫َّللا ‪. . .‬‬
‫“ فيا منظور الناظر ‪ . . .‬يا من بظهوره بطش الملك القادر ‪ ،‬ويا ولي ّ‬
‫ويا خليفة الملك القاهر ‪ ( “ . . .‬بلغة ق ‪. ) 64‬‬
‫يالحظ من النص ان المقصود بالخطاب هو المهدي ‪ ،‬فهو الذي “ يظهر “ ‪ ،‬ويمال‬
‫بظهوره األرض عدال بعد ما ملئت جورا ‪ .‬اما كونه ‪ :‬خليفة الملك القاهر فذلك الن ‪:‬‬
‫“ المهدي والسيف اخوان “ ( ف ‪. ) 329 / 3‬‬
‫انظر “ مهدي "‪.‬‬

‫‪ – 248‬الخلق‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الخاء والالم والقاف أصالن ‪ :‬أحدهما ‪ :‬تقدير الشيء ‪ ،‬واآلخر ‪ :‬مالسة الشيء ‪.‬‬
‫سقاء ‪ ،‬إذا قدّرته ‪ . . .‬ومن ذلك الخلق وهي السجيّة‬‫فاما األول فقولهم ‪ :‬خلقت األديم لل ّ‬
‫الن صاحبه قد قدّر عليه ‪ . . .‬وفالن خليق بكذا ‪ . . .‬اي هو ممن يقدّر فيه ذلك ‪. . .‬‬
‫ومن الباب رجل مختلق ‪ :‬تام الخلق‪.‬‬
‫َّللا تعالى ‪”:‬‬
‫والخلق ‪ :‬خلق الكذب ‪ ،‬وهو اختالفه واختراعه وتقديره في النفس ‪ .‬قال ّ‬
‫َوت َ ْخلُقُونَ ِّإ ْفكا ً ‪“[ 29 / 17 ] .‬‬
‫واما األصل الثاني فصخرة خلقاء اي ملساء ‪ . . .‬اخلولق السحاب ‪:‬‬
‫استوى ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة مادة “ خلق “ )‪.‬‬

‫‪424‬‬
‫“ ‪“ 425‬‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫( أ ) الخلق في القرآن فعل في األصل للحق بل مرتبط باأللوهية وقد يضاف إلى‬
‫االنسان ‪ 1‬ويحتفظ الحق باسم التفضيل “ أحسن “ ‪.‬‬
‫ض “[ ‪46‬‬ ‫َّللا أ َ ُرونِّي ما ذا َخلَقُوا ِّمنَ ْاأل َ ْر ِّ‬
‫ُون َّ ِّ‬ ‫قال تعالى ‪ ” :‬قُ ْل أ َ َرأ َ ْيت ُ ْم ما ت َ ْدعُونَ ِّم ْن د ِّ‬
‫‪.]4/‬‬
‫اجت َ َمعُوا لَهُ “[ ‪/ 22‬‬ ‫َّللا لَ ْن يَ ْخلُقُوا ذُبابا ً َولَ ِّو ْ‬ ‫قال تعالى ‪ِّ ” :‬إ َّن الَّذِّينَ ت َ ْدعُونَ ِّم ْن د ِّ‬
‫ُون َّ ِّ‬
‫‪. ] 73‬‬
‫قال تعالى ‪ ” :‬أ َ فَ َم ْن يَ ْخلُ ُق َك َم ْن ال يَ ْخلُ ُق أ َ فَال تَذَ َّك ُرونَ ‪[ 16 / 17 ]".‬‬
‫س ُن ْالخا ِّل ِّقينَ ‪. “[ 23 / 14 ] .‬‬ ‫َّللاُ أ َ ْح َ‬
‫بار َك َّ‬ ‫قال تعالى ‪ ” :‬ث ُ َّم أ َ ْنشَأْناهُ خ َْلقا ً آخ ََر فَت َ َ‬

‫فاّلل ‪ :‬الخالق ‪ ،‬وكل ما عداه يشمله‬ ‫َّللا ‪ّ ،‬‬ ‫( ب ) الخلق فعل ينسحب على كل ما سوى ّ‬
‫فعل خلقه ( ومن هنا اطالق لفظ الخلق على المخلوق ) ‪.‬‬
‫صاحبَةٌ َو َخلَقَ ُك َّل َ‬
‫ش ْيءٍ “[ ‪. ] 101 / 6‬‬ ‫ِّ‬ ‫قال تعالى ‪ " :‬أَنَّى يَ ُك ُ‬
‫ون لَهُ َولَ ٌد َولَ ْم ت َ ُك ْن لَهُ‬
‫س َو ْالقَ َم َر “[ ‪. ] 33 / 21‬‬ ‫ش ْم َ‬ ‫هار َوال َّ‬ ‫قال تعالى ‪َ ” :‬و ُه َو الَّذِّي َخلَقَ اللَّ ْي َل َوالنَّ َ‬
‫ع َم ًال ] ‪. “[ 67 / 2‬‬ ‫ت َو ْال َحياة َ ِّليَ ْبلُ َو ُك ْم أَيُّ ُك ْم أ َ ْح َ‬
‫س ُن َ‬ ‫قال تعالى ‪ ” :‬الَّذِّي َخلَقَ ْال َم ْو َ‬

‫( ج ) ورد في القرآن افعال كالتسوية والتصوير والتقدير تشابه الخلق ‪ -‬وكل هذه‬
‫األفعال تشعر باثنينية الخالق والمخلوق ‪.‬‬
‫ش ْيءٍ فَقَد ََّرهُ ت َ ْقدِّيرا ً “[ ‪. ] 2 / 25‬‬ ‫قال تعالى ‪َ ”:‬و َخلَقَ ُك َّل َ‬
‫ص َو َر ُك ْم ] ‪“[ 64 / 3‬‬ ‫ص َّو َر ُك ْم فَأ َ ْح َ‬
‫سنَ ُ‬ ‫ق َو َ‬ ‫ض بِّ ْال َح ّ ِّ‬
‫ت َو ْاأل َ ْر َ‬
‫سماوا ِّ‬ ‫قال تعالى ‪َ ”:‬خلَقَ ال َّ‬
‫س َّوى ‪[ 87 / 2 ]".‬‬ ‫ح اس َْم َر ِّبّ َك ْاأل َ ْعلَى ‪ .‬الَّذِّي َخلَقَ فَ َ‬ ‫س ِّبّ ِّ‬
‫قال تعالى ‪َ ” :‬‬
‫ص ّ ِّو ُر لَهُ ْاألَسْما ُء ْال ُحسْنى ‪. “[ 59 / 24 ] .‬‬ ‫ئ ْال ُم َ‬ ‫َّللاُ ْالخا ِّل ُق ْال ِّ‬
‫بار ُ‬ ‫قال تعالى ‪ُ ” :‬ه َو َّ‬

‫َّللا له ان يباشر الخلق ‪ ،‬وله ان يأمر‬ ‫( د ) ورد “ الخلق “ في مقابل “ االمر “ اي ان ّ‬


‫به بلفظ “ كن “ ‪ ،‬فيحوز بذلك فعل الخلق بوجهيه‬
‫َّللاُ َربُّ ْالعالَ ِّمينَ “ ‪[ 7 / 54 ] .‬‬ ‫قال تعالى ‪ " :‬أَال لَهُ ْالخ َْل ُق َو ْاأل َ ْم ُر ت َ َ‬
‫بار َك َّ‬
‫والجدير بالذكر ان القرآن لم يلق ضوءا كافيا يهتدي به لتقرير هل كان الخلق عن عدم‬
‫حقيقي‪.‬‬

‫‪425‬‬
‫“ ‪“ 426‬‬
‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫ابرز مالمح الخلق عند حكيم مرسيه نلخصها في النقاط التالية ‪:‬‬
‫‪ - 1‬ان الخلق ليس من العدم) ‪( - creation exnihilo‬بل من وجود علمي إلى‬
‫َّللا يظهر أو يخرج‬
‫َّللا خالق “ ‪ :‬في فلسفة الشيخ ابن العربي تعني ان ّ‬
‫وجود عيني ‪ّ “ .‬‬
‫األعيان الثابتة إلى الوجود الظاهر المحسوس الخارجي ‪ .‬وهذا ّّلل وحده فليس في طاقة‬
‫مخلوق ان تتعلق ارادته باظهار األعيان الثابتة ( انظر “ عين ثابتة “ ) ‪.‬‬

‫‪ - 2‬ان الخلق لم يحدث في زمن معين بل هو دائم مع األنفاس ‪ .‬فالحق ال يزال دائما‬
‫ابدا خالقا والعالم ال يزال دائما ابدا فانيا ( انظر “ خلق جديد “ ) ‪.‬‬

‫‪ - 3‬ان فعل الخلق ال يستدعي اثنينية الخالق والمخلوق ‪ ،‬ومن هنا استبدل الشيخ ابن‬
‫العربي بلفظ “ خلق “ عبارات وتمثيالت حاول ان يشرح فيها تلك العالقة بين وجهي‬
‫الحقيقة الواحدة ‪ .‬فنراه أحيانا يلجأ إلى النور والظالل ‪ ،‬إلى الصور والمرايا إلى‬
‫الظاهر والمظاهر ‪.‬‬
‫كل ذلك ليسكب تلك االثنينية المشهودة في الحس والمتوهمة ‪ 2‬في وحدة ايمانية أو‬
‫شهودية كشفية ‪.‬‬
‫فالخلق هو ‪ :‬تجلي الحق في صور العالم ‪.‬‬
‫فهو الظاهر في كل مظهر ( انظر “ تجلي “ ) ‪.‬‬
‫‪ - 4‬نظر الشيخ ابن العربي إلى لفظ الخلق من وجوه أربعة ‪:‬‬
‫‪ - 1‬الخلق ‪ -‬خلق ايجاد ‪ .‬وهو تعلق اإلرادة باظهار عين المراد اظهاره ‪.‬‬
‫‪ - 2‬الخلق ‪ -‬خلق تقدير ‪ .‬وهو تعيين الوقت الظهار عين الممكن ‪.‬‬
‫‪ - 3‬الخلق ‪ -‬فعل الخلق ‪.‬‬
‫‪ - 4‬الخلق ‪ -‬اسم ‪ .‬بمعنى المخلوق ‪.‬‬
‫وهو أحد وجهي الحقيقة الواحدة ‪:‬‬
‫حق خلق ‪ ،‬وهو يمثل كل صفات االنفعال والتأثر والفقر والمعلولية في مقابل كل‬
‫صفات الفعل والتأثير والغنى والعلية ( حق ) ‪،‬‬
‫انظر [ “ اسم الهي “ المعنى “ الرابع “ ] كما أن كل مخلوق له بعد واحد هو بعد الخلق‬
‫اي المخلوق ما عدا االنسان فإنه يتميز ببعدين ‪ :‬خلق وحق فهو خلق حق‪.‬‬

‫‪426‬‬
‫“ ‪“ 427‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫س ُن ْالخا ِّل ِّقينَ “[ ‪ ] 14 / 23‬فذكر ان ثمة‬
‫َّللاُ أ َ ْح َ‬ ‫) ‪ “ ( 1‬وقال [ تعالى ]” فَت َ َ‬
‫بار َك َّ‬
‫َّللا أحسنهم خلقا ‪ ،‬فإنه تعالى يخلق ما يخلق عن شهود ‪ .‬والخالق من العباد ال‬ ‫خالقين ّ‬
‫يخلق اال عن تصور ‪ ،‬يتصور من أعيان موجودة يريد ان يخلق مثلها أو يبدع مثلها ‪،‬‬
‫وخلق الحق ليس كذلك فإنه يبدع أو يخلق المخلوق على ما هو ذلك المخلوق عليه في‬
‫َّللا كشفا‬
‫نفسه وعينه ‪ ،‬فما يكسوه اال حلة الوجود بتعلق يسمى االيجاد ‪ .‬فمن أوقفه ّ‬
‫على أعيان ما شاء من الممكنات فليس في قوته ايجادها ‪ .‬اي ليس بيده خلعة الوجود‬
‫التي تلبسها تلك العين الثابتة الممكنة ‪ ، 3‬اعني بالمباشرة ولكن له الهمة ‪: 4‬‬
‫وهي إرادة وجودها ال إرادة ايجادها منه ألنه يعلم أن ذلك محال في حقه ‪ . .‬فإذا علق‬
‫همته بوجودها يتعلق الحق القول بالتكوين ‪ ( “ . . . 5‬ف ‪.) 86 / 4‬‬

‫) ‪ “ ( 2‬قال تعالى ‪ :‬فماذا بعد الحق اال الضالل وليس اال الخلق ‪ ،‬والضالل الحيرة‬
‫[ انظر حيرة ] وبالخلق ظهر حكم الضالل ‪ . . .‬وما سمى [ الخلق ] خلقا اال بما يخلق‬
‫منه ‪ ،‬فالخلق جديد ‪ ،‬وفيه حقيقة اختالق ألنك تنظر اليه من وجه فتقول هو حق ‪،‬‬
‫وتنظر اليه من وجه فتقول هو خلق ‪ ،‬وهو في نفسه ال حق وال غير حق ‪.‬‬
‫فاطالق الحق عليه والخلق كأنه اختالق ‪ ،‬فغلب عليه هذا الحكم فسمي خلقا ‪ ،‬وانفرد‬
‫الحق باسم الحق ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 279 / 4‬‬

‫“ وليس العبد سوى هذه األعضاء والقوى فهو حق مشهود في خلق متوهم ‪.‬فالخلق‬
‫معقول والحق محسوس مشهود عند المؤمنين وأهل الكشف والوجود ‪ .‬وما عدا هذين‬
‫الصنفين فالحق عندهم معقول والخلق مشهود [ انظر شرح المقطع في الجزء الثاني‬
‫من الفصوص ] ‪ ( “ . . .‬فصوص ‪. ) 108 / 1‬‬
‫” فكل من في الوجود حق *** وكل من في الشهود خلق “( ف ‪) 306 / 3‬‬
‫)‪(3‬‬
‫( أ ) “ والخلق قد يكون بمعنى االيجاد ويكون بمعنى التقدير ‪ . 6‬كما أنه قد يكون‬
‫بمعنى الفعل ‪ . . .‬ويكون بمعنى المخلوق [ اسم ] ‪ ( “ . . .‬ف ‪.) 171 /1‬‬

‫‪427‬‬
‫“ ‪“ 428‬‬

‫َّللا “[ ‪، ] 11/ 31‬‬ ‫“ فان الخلق ‪ 7‬يريد به المخلوق في موضع مثل قوله” هذا خ َْل ُق َّ ِّ‬
‫ض “[ ‪/ 18‬‬ ‫ت َو ْاأل َ ْر ِّ‬ ‫سماوا ِّ‬ ‫ويريد به الفعل في موضع مثل قوله ‪ ”:‬ما أ َ ْش َه ْدت ُ ُه ْم خ َْلقَ ال َّ‬
‫‪ ( “ . . . ] 51‬ف ‪. ) 289 / 4‬‬
‫( ب ) “ فكل ما سوى االنسان ‪ :‬خلق ‪ ،‬اال االنسان فإنه خلق وحق ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 2‬‬
‫‪. ) 396‬‬
‫َّللا ‪.‬‬
‫“ ‪ . . .‬غابت انسانيته في ربه فتكونت عنه األشياء ‪ ،‬وال تتكون اال عن ّ‬
‫وغابت الربوبية في انسانيته فالتذ باألشياء وتنعم واكل ‪ . . .‬فهو ‪ :‬خلق حق ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ‪. ) 441 / 2‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬للسلب أو االنكار غالبا ‪.‬‬
‫) ‪( 2‬ان الخلق متوهم عند الشيخ ابن العربي ‪ .‬بل يذهب إلى ابعد من ذلك إلى اثبات‬
‫ان الخلق مشتق من االختالق كما سيرد في النصوص ‪.‬‬
‫) ‪( 3‬انظر “ عين ثابتة ‪“ .‬‬
‫) ‪( 4‬انظر “ همة “‬
‫) ‪( 5‬اي ان في طاقة االنسان مشاهدة األعيان الممكنة في حال ثبوتها بالكشف عن‬
‫عالم الثبوت ‪ ،‬وله ان تتعلق ارادته بظهورها في عالمنا المحسوس ‪ ،‬ولكن ليس في‬
‫َّللا تعالى ‪ -‬عند إرادة هذا االنسان لوجودها ‪ -‬يوجدها ‪ .‬ونالحظ‬ ‫طاقته اظهارها ‪ ،‬بل ّ‬
‫انه مهما كان دور االنسان سلبيا في فعل الخلق يظل سببا في اظهار عين الممكن من‬
‫حيث تعلق همته بوجوده ‪.‬‬
‫) ‪( 6‬انظر فيما يتعلق بخلق االيجاد وخلق التقدير ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ص ‪ ( 211 - 210‬االمر اإللهي بالتكوين بين خلقين ‪ :‬خلق‬
‫تقدير وخلق ايجاد ) ‪.‬‬
‫) ‪( 7‬يراجع بشأن خلق عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪ ( 243 - 242‬تخلق ) ‪ ( 246 ،‬تخلق )‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪404‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪ ( 63‬الحق والخلق ) ‪ ( 90 ،‬نسب تعالى الخلق لعبده ) ‪94 ،‬‬
‫( تخلق ) ص ‪ ( 108‬الخلق والتصوير ) ‪ ( 150 ،‬الخلق وفق بين الحق والطبيعة ) ‪،‬‬
‫‪ ( 214 - 210‬الخالق البارىء المصور ) ‪ ( 358 ،‬تخلق ‪) .‬‬
‫‪-‬الفصوص ج ‪ 1‬ص ‪ ( 88‬الخلق بالوهم ‪ -‬الخلق بالهمة ) ‪ ( 136 ،‬تخلق ) ‪،‬‬
‫‪-‬الفصوص ج ‪ 2‬انظر فهرس االصطالحات مادة خلق ‪.‬‬
‫َّللا األسباب والمسببات ) ‪ ،‬ص ‪ ( 141‬ابراز‬ ‫‪-‬رسالة روح القدس ص ‪ ( 128‬خلق ّ‬
‫المعدوم ) ‪،‬‬

‫‪428‬‬
‫“ ‪“ 429‬‬
‫كما يراجع ‪:‬‬
‫‪-‬اصطالحات الصوفية ‪ :‬عز الدين بن عبد السالم بن غانم المقدسي ق ‪ 82‬ب‬
‫‪-‬التوجه األولى ‪ .‬القونوي ق ‪ ( 10‬حق خلق ) ‪.- Islam Jean During . P .‬‬
‫‪P . 202 - 205 ( Le sens de la creation selon Ibn‬‬
‫‪Arabi )Apercu sur l'esoterisme islamique et le Toaisme par‬‬
‫‪Rene guenon ed .gallimard P . P . 88 - 101 ( creation et‬‬
‫‪manifestatiom ) .‬‬

‫‪ - 249‬خلق تقدير ‪ -‬خلق ايجاد‬


‫انظر خلق المعنى ( ‪. ) 4‬‬

‫‪ - 250‬خلق حق‬
‫الخلق الحق هو االنسان ‪.‬‬
‫انظر خلق المعنى ( ‪ ) 4‬الخلق كاسم بمعنى ‪ :‬مخلوق ‪.‬‬

‫‪ - 251‬خلق جديد ‪1‬‬


‫ي حركي يضاهي التصورات العلمية الحديثة‬ ‫ان تصور الشيخ األكبر للعالم ‪ ،‬تصور ح ّ‬
‫بعد استكشاف الذرة وحركتها الدائمة ‪ .‬فالعالم يفنى ويخلق في كل لحظة خلقا أزليا‬
‫أبديا ‪.‬‬
‫اما المقدمات التي الزمت الشيخ ابن العربي بهذه النتيجة فهي ‪:‬‬
‫أوال ‪ -‬ان لكل ظهور في العالم أصال الهيا ‪:‬‬
‫واألصل اإللهي القائل ‪ُ ”:‬ك َّل يَ ْو ٍم ُه َو فِّي شَأ ْ ٍن “[ ‪] 29 / 55‬‬
‫يستدعي التغير والتبدل والتحول المستمر في صور الكائنات ‪.‬‬
‫كما أن األصل اإللهي الثاني ‪ :‬الوسع اإللهي ‪.‬‬
‫يقتضي ان ال يتكرر تجل أصال ‪.‬‬
‫فكل تحول يحدث نتيجة األصل األول ‪ ،‬يؤدي إلى “ مثل “ نتيجة األصل الثاني ‪.‬‬
‫َّللا خالق على الدوام ‪ .‬وهذا يستدعي‬ ‫وثمة أصل ثالث الهي يقول ‪ :‬ان ّ‬

‫‪429‬‬
‫“ ‪“ 430‬‬

‫مضافا إلى األصلين السابقين ‪ :‬دوام ‪ ،‬تحول صور الكائنات إلى أمثالها ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -‬اما من ناحية الممكنات فقد ساعدت صفاتها الخاصة على تحقق األصول الثالثة‬
‫المتقدمة وتتلخص هذه الصفات ‪.‬‬
‫( أ ) ان الممكنات أو األعيان الثابتة هي ثابتة ال تزال في العدم ما ش ّمت رائحة الوجود‬
‫‪ . 2‬ودوام ظهورها في الحس يقتضي دوام ايجادها في كل لحظة ألنها فانية معدومة‬
‫دائما ‪.‬‬
‫( ب ) ان الممكنات لها االفتقار الذاتي ‪ ،‬فلو استمرت زمنين ال تصفت بالغنى عن‬
‫الخالق ‪ ،‬وذلك ينافي التفرقة التي شدد عليها الشيخ ابن العربي بين الصفات الذاتية‬
‫للحق وللخلق ‪ ،‬فالخلق له دوام االفتقار إلى االيجاد والظهور ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ -‬ان التفرقة بين الحق والخلق هي تفرقة اعتبارية محضة ‪ ،‬فالوجود واحد هو‬
‫الحق الذي يتجلى في كل لحظة فيما ال يحصى عدده من الصور ‪.‬‬
‫اذن ‪:‬‬
‫ان الخلق في تغير دائم مستمر أو هو على الدوام في خلق جديد ‪ ،‬بمعنى ان التجلي‬
‫اإللهي الدائم لم يزل وال يزال ‪ ،‬ظاهرا في كل آن في صور الكائنات ‪.‬‬
‫وهذا الظهور مع كثرته ودوامه ال يتكرر ابدا ‪ ،‬فالمخلوقات في كل لحظة تفنى اي‬
‫تذهب صورتها لتظهر مثليتها في اللحظة التالية ‪ ،‬ويجب اال نقول بوجود فاصل أو‬
‫انفصال زمني ‪ .‬بل زمان ذهاب الصورة هو عين زمان وجودها الجديد ‪.‬‬
‫وهذا الخلق الجديد يلتبس على غالبية المخلوقات فيظنون المثل الظاهر في اللحظة‬
‫الثانية هو عين األول ‪.‬‬
‫وال يخلص من هذا اللبس اال أهل الكشف ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫) ‪ “( 1‬ان في العالم الحسي والكون الثابت استحاالت مع األنفاس ‪ ،‬لكن ال تدركها‬
‫االبصار وال الحواس اال في الكالم خاصة وفي الحركات ‪ . . .‬وأصل ذلك كله اعني‬
‫أصل التغير من صورة إلى مثلها أو خالفها ‪ ،‬لتغير األصل الذي يمده وهو التحول‬
‫اإللهي في الصور ‪ . . .‬وهو قوله تعالى ‪ُ ”:‬ك َّل يَ ْو ٍم ُه َو فِّي شَأ ْ ٍن ‪“[ 55 / 29 ] . . .‬‬
‫َّللا كل يوم هو في شأن كان تقليب العالم الذي هو صورة هذا القالب من حال‬ ‫فلما كان ّ‬
‫َّللا ّ‬
‫خالق‬ ‫إلى حال مع األنفاس ‪ ،‬فال يثبت العالم قط على حال واحدة زمانا فردا ألن ّ‬
‫على الدوام ‪ ،‬ولو بقي العالم على‬

‫‪430‬‬
‫“ ‪“ 431‬‬

‫َّللا ‪ ،‬ولكن الناس في لبس من خلق جديد ‪. . .‬‬ ‫حال واحدة زمانين ال تصف بالغنى عن ّ‬
‫“ ( ف ‪. ) 199 - 198 / 3‬‬
‫“ ‪ . . .‬ان جوهر العالم في األصل واحد ال يتغير عن حقيقته ‪ ،‬وان كل صورة تظهر‬
‫فيه فهي عارضة تستحيل في نفس االمر في كل زمان فرد ‪ ،‬والحق يوجد األمثال على‬
‫الدوام ألنه الخالق على الدوام والممكنات في حال عدمها مهيأة لقبول الوجود ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ‪. ) 452 / 3‬‬
‫“ فهو [ الحق ] ّ‬
‫خالق على الدوام ‪ .‬والعالم مفتقر اليه تعالى على الدوام افتقارا‬
‫ذاتيا ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 208 / 2‬‬
‫“ واعلم أنه ليس في العالم سكون البتة ‪ ،‬وانما هو متقلب ابدا دائما من حال إلى حال‬
‫دنيا وآخرة ظاهرا وباطنا ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 304 - 303 / 3‬‬
‫“ ‪ . . .‬فالمخلوق ال يوجد ابدا ‪ ( “ . . . 3‬ف ‪. ) 113 / 2‬‬

‫) ‪ “ ( 2‬تجديد الخلق مع األنفاس ‪ :‬زمان العدم زمان وجود المثل كتجديد االعراض‬
‫في دليل األشاعرة “ ( فصوص ‪. ) 156 / 1‬‬
‫” كل وقت فأنت خلق جديد *** ولهذا لك الفنا والنشور “( ف ‪) 8 / 4‬‬

‫َّللا يتجلى في كل نفس وال يكرر التجلي ‪ ،‬ويرون [ أهل الكشف ] أيضا‬ ‫) ‪ “( 3‬ان ّ‬
‫شهودا ان كل تجل يعطي خلقا جديدا ‪ 4‬ويذهب بخلق ‪ ،‬فذهابه هو عين الفناء عن‬
‫التجلي والبقاء لما يعطيه التجلي اآلخر “ ( الفصوص ‪. )1 / 126‬‬
‫“ فيحدث نشأة االنسان مع األنفاس وال يشعر ‪ ،‬وهو قوله تعالى ”‪َ :‬ونُ ْن ِّشئ َ ُك ْم فِّي ما ال‬
‫ت َ ْعلَ ُمونَ “[ ‪] 61 / 56‬‬

‫يعني مع األنفاس ‪ ،‬وفي كل نفس له فينا انشاء جديد بنشأة جديدة ومن ال علم له بهذا‬
‫فهو في لبس خلق جديد “ [ ‪ [ ، “ ] 15 / 50‬ف ‪. ] 46 / 2‬‬
‫“ والتجدد مع األنفاس في األكوان معقول ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 404 / 3‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬لقد اعتبر دارسو الشيخ ابن العربي عبارة “ خلق جديد “ من الكلمات‬
‫الرئيسة ‪( Termes - Clefs‬‬

‫‪431‬‬
‫“ ‪“ 432‬‬

‫في فلسفته التصوفية فأفاضوا في تأمل جوانبها واستقصوا مصادرها ‪ .‬ولذلك نكتفي‬
‫بان نرجع القارئ إلى أهم ما كتبوه ‪ ،‬متجاوزين به مقارنات تدخل في صميم نظريات‬
‫الشيخ ابن العربي ال مصطلحاته ‪ .‬فليراجع ‪ - :‬عفيفي ‪ “ :‬من اين استقى الشيخ ابن‬
‫العربي فلسفته الصوفية “ مجلة كلية اآلداب جامعة اإلسكندرية سنة ‪ 1933‬ص ‪–39‬‬
‫‪40‬‬
‫–حيث يبين األصول الفكرية لنظرية الشيخ ابن العربي في الخلق الجديد المستمدة من‬
‫مذهب األشاعرة في الجواهر واالعراض التي ال تبقى زمانين ‪.‬‬
‫‪-‬عفيفي ‪ .‬فصوص الحكم ج ‪ ، 2‬فهرس المصطلحات الفنية مادة “ خلق جديد “‬
‫‪-‬التفتازاني ‪ .‬مدخل إلى التصوف االسالمي ص ص ‪، 247 - 245‬‬
‫‪-‬سيد حسين نصر ‪ ،‬ثالثة حكماء مسلمين ص ص ‪. 148 - 146‬‬
‫وننقل منه هذا المقطع ‪:‬‬
‫“ انه [ العالم ] يفنى في كل لحظة ‪ ،‬فيخلق من جديد في اللحظة التالية ‪ ،‬دون انفصال‬
‫زمني بين الحالتين ‪ .‬فهو يعود إلى الذات اإللهية في كل لحظة من لحظات التقلص ‪،‬‬
‫ويعود إلى الظهور والتجلي في حالة التمدد ‪ .‬فالكون إذا تجل للذات اإللهية التي تتجدد‬
‫في كل لحظة دون ان “ تتكرر “ في جوهرها ‪ . . .‬هذا ‪ ،‬كما أن استمراره “ األفقي‬
‫“ الظاهر ‪ ،‬يخترقه “ السبب العمودي “ الذي يدمج كل لحظة من الوجود بمبدئها‬
‫المتعالي “ ‪. . .‬‬
‫‪-‬هنري كوربان‪L'imagination creatrice‬ص ‪ 154 - 149‬حيث يفيض في‬
‫شرح أوجه الشبه بين نظرية األشاعرة في الجواهر واالعراض ومذهب الشيخ ابن‬
‫العربي في الخلق الجديد ‪ .‬كما يربط بالخلق الجديد مصطلحات كالنفس الرحماني ‪،‬‬
‫السببية ‪ ،‬األعيان الثابتة ‪ ،‬الفناء ‪ ،‬البقاء ‪ ،‬القيامة ‪.- Islam . Jean During P .‬‬
‫) ‪P . 208 - 209 ( Le renouvellement continu de la creation‬كما‬
‫أن عبارة “ خلق جديد “ هي قرآنية تتشوف اما بشرا آخرين ‪ ،‬أو خلق البعث ‪.‬‬
‫ق َجدِّي ٍد “[ ‪. ] 16 / 35‬‬ ‫ت ِّبخ َْل ٍ‬ ‫قال تعالى ‪ِّ ” :‬إ ْن يَشَأ ْ يُ ْذ ِّه ْب ُك ْم َويَأ ْ ِّ‬
‫قال تعالى ‪َ ” :‬وقالُوا أ َ ِّإذا ُكنَّا ِّعظاما ً َو ُرفاتا ً أ َ ِّإنَّا لَ َم ْبعُوثُونَ خ َْلقا ً َجدِّيدا ً ‪“ *[ 17 /‬‬
‫‪49 ] .‬‬
‫على أن اآلية التي اورقت في برد ظاللها فلسفة الشيخ ابن العربي بالخلق الجديد هي‬
‫ق َجدِّي ٍد “ ‪[ 50 / 15 ] .‬‬ ‫قال تعالى ‪ ” :‬بَ ْل ُه ْم فِّي لَب ٍْس ِّم ْن خ َْل ٍ‬

‫) ‪( 2‬انظر “ عين ثابتة ‪“ .‬‬


‫) ‪( 3‬المخلوق ال يوجد ابدا ألنه ينزع بشكل تلقائي إلى البقاء في أصله وهو العدم ‪،‬‬
‫فكل ما أوجده الحق غلب عليه أصله اي فني ‪ ،‬ليوجده الحق وهكذا ‪. . .‬‬
‫) ‪( 4‬يراجع بشأن “ خلق جديد “ عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 1‬ص ‪ ( 162 ، 118 ، 79‬االنتقال مع األنفاس إلى األمثال ) ‪188 ،‬‬
‫َّللا خالق على الدوام ) ‪.‬‬
‫( ّ‬

‫‪432‬‬
‫“ ‪“ 433‬‬

‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪ ( 142‬التوبة والخلق الجديد ) ‪ ،‬ص ‪ ( 205‬نفي اإلعادة للوسع‬


‫اإللهي )‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪ ( 254 ، 253‬االستحالة بتجديد األمثال ) ‪348 ، 288 ،‬‬
‫( الخلق مع األنفاس يتجدد ) ‪. 407 ،‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪ ( 146‬جمال جديد ‪ -‬خلق جديد ) ‪320 ،‬‬
‫‪-‬الفصوص ج ‪ 1‬ص ‪ ( 125‬الخلق الجديد ‪ -‬مناقشة الشيخ ابن العربي نظرية‬
‫األشاعرة والحسبانية ) ‪ .‬ص ‪ ( 155‬شرح انتقال عرش بلقيس في ضوء الخلق‬
‫الجديد )‪ ( 157 ،‬تجديد الخلق باألمثال ) ‪.‬‬
‫‪-‬كتاب المسائل ص ‪، 23‬‬
‫‪-‬ترجمان األشواق ص ‪، 86‬‬
‫‪-‬رسالة ال يعول عليه ص ‪، 14‬‬
‫‪-‬رسالة المقنع في ايضاح السهل الممتنع مخطوط الظاهرية رقم ‪ 5570‬ورقة ‪ 143‬أ‬
‫( قلب األعيان ) ‪.‬‬

‫‪ - 252‬الخلق مع األنفاس‬
‫الخلق مع األنفاس هو الخلق الجديد ‪.‬‬
‫انظر “ خلق جديد "‪.‬‬

‫‪ – 253‬التخلّي‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الخاء والالم والحرف المعتل أصل واحد يدل على تعري الشيء من الشئ ‪.‬‬
‫يقال هو خلو من كذا ‪ ،‬إذا كان عروا منه ‪ .‬وخلت الدار وغيرها تخلو ‪ . . .‬والمكان‬
‫الخالء ‪ :‬الذي ال شيء به ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة ‪ .‬مادة “ خلو “ ) ‪.‬‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫نلخص ورود األصل “ خلو “ في القرآن بالنقطتين التاليتين ‪:‬‬
‫( أ ) خال وخلت وخالية بمعنى مضى ومضت وماضية‪.‬‬

‫‪433‬‬
‫“ ‪“ 434‬‬

‫ون ِّم ْن قَ ْب ِّلي ”] ‪[ 46 / 17‬‬ ‫ت ْالقُ ُر ُ‬ ‫قال تعالى ‪ “ :‬أ َ ت َ ِّعدانِّنِّي أ َ ْن أ ُ ْخ َر َج َوقَ ْد َخلَ ِّ‬
‫قال تعالى ‪ُ ":‬كلُوا َوا ْش َربُوا َه ِّنيئا ً ِّبما أ َ ْسلَ ْفت ُ ْم ِّفي ْاألَي َِّّام ْالخا ِّليَ ِّة“ ] ‪. [ 69 / 24‬‬
‫( ب ) خال ‪ ،‬خلوا ‪ :‬بمعنى انفرد وانفردوا ‪.‬‬
‫علَ ْي ُك ْم “[ ‪/ 2‬‬ ‫ض قالُوا أ َ ت ُ َح ِّ ّدثُونَ ُه ْم بِّما فَت َ َح َّ‬
‫َّللاُ َ‬ ‫ض ُه ْم ِّإلى بَ ْع ٍ‬‫قال تعالى ‪َ ”:‬و ِّإذا خَال بَ ْع ُ‬
‫‪. ] 76‬‬
‫نام َل ِّمنَ ْالغَي ِّْظ ‪“[ 3 / 119 ] .‬‬ ‫علَ ْي ُك ُم ْاأل َ ِّ‬
‫عضُّوا َ‬ ‫قال تعالى ‪َ ” :‬و ِّإذا َخلَ ْوا َ‬
‫‪-‬كما أنه لم ترد في القرآن آية تشير لفظا ‪ 1‬إلى الخلوة المعتمدة عند الصوفية ‪.‬‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫*التخلي هو اختيار الخلوة ‪ 2‬لما فيها من تهيئة المحل للتجليات بقطع عالئق األكوان ‪-‬‬
‫وللخلوة شروط تنظر إلى ‪ :‬حال طالبها ‪ ،‬ومكانها ‪ ،‬ومقدماتها من عزلة ومجاهدة ‪،‬‬
‫دون تحديد زمنها ‪ -‬وهي تنتفي بحصول المراد منها ( تهيئة المحل وقطع العالئق ) ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫) ‪ “ ( 1‬الحمد ّّلل الذي ألهم الصفوة من عباده اتخاذ الخلوات ‪ . . .‬ونصبها مثاال‬
‫الحديته من أكثر الوجوه والجهات ‪ ( “ . . .‬كتاب الخلوة ‪ .‬ورقة ‪. ) 149‬‬
‫“ فالخلوة واالعتزال كل ذلك لتهيء المحل بقطع العالئق “ ( وسائل السائل ص‬
‫‪. ) 37‬‬
‫“ ما من نبي اال واستعد وخلي مع ربه ‪ ( “ . . .‬كتاب الخلوة ‪ .‬ورقة ‪. ) 154‬‬
‫تعرف أحدا انك في خلوة أصال‬ ‫) ‪ “ ( 2‬ومن شرط ‪ . . .‬الخلوة ‪ . . .‬ان قدرت ان ال ّ‬
‫“ ( كتاب الخلوة ‪ .‬ورقة ‪. ) 161‬‬
‫“ صفة البيت المخصوص ‪ . . .‬ان يكون ارتفاعه قدر قامتك وطوله قدر سجودك‬
‫وعرضه قدر جلستك ‪ ، 3‬وال يكون فيه ثقب وال كوة أصال ‪ ،‬وال يدخل عليك ضوء‬
‫رأسا ‪ ،‬ويكون بعيدا من أصوات الناس ويكون بابه قصيرا وثيقا في غلقه‪.‬‬

‫وليكن في دار معمورة فيها ناس وان يمكن ان يبيت أحد بقرب باب الخلوة فهو أحسن‬
‫“ ( كتاب “ الخلوة “ ‪ .‬ورقة ‪.) 161‬‬

‫‪434‬‬
‫“ ‪“ 435‬‬

‫“ ‪ . . .‬توجب المجاهدة والرياضة في العزلة قبل الخلوة حتى تصير ذلك طبعا وعادة ‪،‬‬
‫وال تحس النفس به كما ال تحس بالعادات فتدخل الخلوة عقيب ذلك ‪ ،‬مستريحا نشيطا‬
‫مفرغا للذكر‬
‫طيب النفس فارغا من المجاهدة خالي المحل من المكابدة مهيّا ّ‬
‫المذكور ‪ ( “ . . .‬كتاب الخلوة ‪ .‬ورقة ‪. ) 160‬‬

‫“ وال اجعل للخلوة حدا زمانيا معلوما ‪ . . .‬اال الخلوة الصمدانية ‪ . . . 4‬فان األمزجة‬
‫تختلف وفراغ قلوب الخلق من األكوان ليس على مرتبة واحدة ‪ . . .‬فقد يفتح لواحد في‬
‫يومين عين ما يفتح آلخر في شهرين وآلخر في سنتين وال يفتح آلخر ابدا ‪ . . .‬فالحد‬
‫الزماني في الخلوة ال يتصور “ ‪ (. . .‬كتاب الخلوة ‪ .‬ق ق ‪. ) 153 - 152‬‬
‫) ‪ “ ( 3‬قد تحصل الخلوة في الجمع ‪ 5‬لكن لمن قواه ال تفتر وال تفرق ‪“ . 6‬‬
‫( شجون المشجون ‪ .‬ورقة ‪ 18‬ب ) ‪.‬‬
‫“ متى حصل له [ صاحب الخلوة ] ذلك [ اي تهيئة المحل بقطع العالئق ] استغنى عن‬
‫الخلوة وصارت خلوته وجلوته ‪ 7‬كما انشد قائلهم ‪ ”:‬يا مؤنسي بالليل ان هجع الورى‬
‫* ومحدّثي من بينهم بنهار “( وسائل السائل ص ‪) 37‬‬

‫ينقل الشيخ ابن العربي التخلي والخلوة من موقفهما العملي ‪ ،‬المرتكز إلى الممارسة‬
‫المشحونة همة ‪ 8‬التواقة للوصول إلى قطع العالئق والتهيؤ لتجلي الخالق ‪ ،‬إلى موقف‬
‫نظري علمي عقائدي فهو من ناحية ينفي امكان تحقق الخلوة في الوجود ‪ ،‬ألنه ما من‬
‫ي إذ ال مفر من وجود الصور حوله وكلها‬ ‫مكان يمكن ان يختلي فيه االنسان عن كل ح ّ‬
‫وجود وحياة ‪ . . .‬اذن لم يبق بعد استحالة الخلوة اال ممارستها في الجلوة ‪ ،‬اي بين‬
‫الخالئق والكائنات ممارسة ذاتية علمية ‪.‬‬

‫ونورد اآلن نصوصه على أن نشرح ما يغمض منها ‪ ،‬يقول ‪:‬‬


‫) ‪ “ ( 1‬ال خلوة في الوجود ألنه ال بد من شاهد ومشهود ‪ . . .‬ال بد لك من مكان‬
‫تعمره فهو [ المكان ] يبصرك [ ألنه حي انظر “ حياة “ ] وان كنت ال تبصره ‪. . .‬‬
‫“ ( فتوحات ‪. ) 340 / 4‬‬
‫“ واما أهل السلوك ‪ . . .‬فآثروا الخلوة لينفردوا بالحق لما حجبتهم الكثرة‬

‫‪435‬‬
‫“ ‪“ 436‬‬

‫َّللا ‪ ،‬جنحوا إلى التخلي ‪ .‬وهذا مما يدلك على أنهم ما تركوا‬
‫المشهودة في الوجود عن ّ‬
‫األشياء من حيث صورها فإنه ال يتمكن لهم ذلك ‪ ،‬فإنهم في خلوتهم ال بد من أن‬
‫يشاهدوا صور ما تخلو فيه من جدار وباب وسقف ‪ . . .‬فالصور ال يتمكن له التخلي‬
‫عنها فلم يبق اال مما يطرأ من هذه الصور من الكالم المفهوم ‪ . . . 9‬فمن رزق الفهم‬
‫َّللا استوت عنده الخلوة والجلوة ‪ ،‬بل ربما كانت الجلوة ات ّم في حقه وأعظم فائدة‬
‫من ّ‬
‫“ ( فتوحات ‪. ) 485 - 484 / 2‬‬

‫) ‪ “ ( 2‬وعندنا [ التخلي عند الشيخ ابن العربي ] ‪ :‬التخلي عن الوجود المستفاد ألنه‬
‫في االعتقاد ‪ ،‬ليس اال وجود الحق والموصوف باستفادة الوجود ‪ [ -‬المخلوقات ‪،‬‬
‫نحن ] هو على أصله ما انتقل من امكانه ‪.‬‬
‫فحكمه باق وعينه ثابتة ‪ . 10‬والحق شاهد ومشهود ‪ . . .‬وهو ما استفاد الوجود بل هو‬
‫الموجود ‪ [ . . .‬والممكن قبل ] التكوين ‪ ،‬وما هو عندنا قبوله للتكوين كما هو عندك ‪،‬‬
‫وانما قبوله للتكوين ‪ :‬ان يكون مظهرا للحق ‪ .‬فهذا معنى قوله ‪ “ :‬فيكون “ [ ‪/ 2‬‬
‫] ‪ ،117‬ال انه استفاد وجودا ‪ ،‬وانما استفاد حكم المظهرية ‪ . . .‬فلما علمنا أن ثم في‬
‫األعيان الممكنات من هو بهذه المثابة من الجهل باالمر ‪ ،‬تعين علينا مع كوننا على‬
‫حالنا في العدم مع ثبوتنا ان نعلم من ال يعلم ‪ ،‬انه ما استفاد وجودا بكونه مظهرا ‪،‬‬
‫فتخلى عن هذا االعتقاد ال عن الوجود المستفاد ألنه ليس ث ّم ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪/ 2‬‬
‫‪. ) 484‬‬
‫وهكذا ينتقل التخلي ‪ 11‬من مفهوم عملي إلى موقف عقائدي علمي ‪.‬‬
‫َّللا الوجود ‪ ،‬فنحن لسنا سوى مظاهر ‪.‬‬ ‫فالتخلي هو اعتقادنا اننا ال نشارك ّ‬
‫وهذا ليس سلبية يفقد التخلي ممارسته العملية بل الواقع انه العلم الذي يشكل قمة العمل‬
‫‪ ،‬الن االنسان عندنا يتخلى عن االعتقاد بوجوده ويصنّفه مع المظاهر يتخلى في‬
‫اللحظة نفسها عن كل ادعاء ‪ ،‬بمقدرة أو فعل وكل ميل لتصرف ذاتي ويتخلى عن كل‬
‫َّللا ‪،‬‬‫َّللا ‪ .‬انه قمة التخلي ‪ :‬ان يتخلى عن كل فعل لوجوده بإضافته إلى ّ‬ ‫شيء ‪ ،‬إلى ّ‬
‫الفاعل الحقيقي في كل فعل ‪.‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬هناك آيات استند الصوفية إلى معناها في اثبات الخلوة ‪:‬‬
‫ع ْدنا ُموسى ثَالثِّينَ لَ ْيلَةً َوأَتْ َم ْمناها ِّبعَ ْش ٍر] ‪“[ 7 / 142‬‬ ‫قال تعالى ‪َ " :‬ووا َ‬
‫وب َو ُك ًّال‬
‫َّللا َو َهبْنا لَهُ ِّإسْحاقَ َويَ ْعقُ َ‬ ‫قال تعالى ‪” :‬فَلَ َّما ا ْعت َزَ لَ ُه ْم ‪َ ،‬وما يَ ْعبُدُونَ ِّم ْن د ِّ‬
‫ُون َّ ِّ‬
‫َجعَ ْلنا نَ ِّبيًّا “[ ‪. ] 49 / 19‬‬

‫‪436‬‬
‫“ ‪“ 437‬‬

‫) ‪( 2‬بخصوص “ خلوة “ قبل الشيخ ابن العربي فليراجع ‪:‬‬


‫‪-Exegese coranique‬ص ‪303‬‬
‫‪-‬الرسالة القشيرية ص ‪، 52 - 50‬‬
‫‪-‬نشأة التصوف االسالمي ‪ .‬د ‪ .‬إبراهيم بسيوني ص ص ‪ ( 163 - 157‬الخلوة‬
‫والذكر ) ‪.‬‬
‫‪-‬فوائح الجمال ‪ .‬نجم الدين الكبرى ‪ ،‬فهرس االصطالحات الفنية ‪ .‬مادة خلوة ‪.‬‬
‫‪-‬طبقات األولياء ‪ .‬ابن الملقن فهرس االصطالحات الفنية ‪ .‬مادة خلوة ‪.‬‬
‫‪-‬طبقات الصوفية ‪ .‬السلمي ‪ .‬فهرس االصطالحات الفنية مادة خلوة ‪.‬‬
‫‪-‬المدرسة الشاذلية الحديثة ‪ .‬عبد الحليم محمود ‪ .‬ص ‪Le soufisme A . ، 132‬‬
‫‪J . Arberry ed . Bacconniere P . 87 ( solitude etretraite )-‬‬
‫) ‪( 3‬ان هذا الوصف الذي أورده الشيخ ابن العربي ال يصح على منزل أصال ‪ ،‬لم‬
‫يبق اال انه يريد ان مكان الخلوة وبيتها هما جسد االنسان نفسه ‪ ،‬وانه ليس لالنسان اال‬
‫ان يختلي في جسده ‪. . .‬‬
‫وقد قال الشيخ ابن العربي في شجون المشجون ورقة ‪ 18‬ب ‪ “ .‬ليس في هذه الدار‬
‫موضع خلوة فاتخذه في نفسك ‪“ .‬‬
‫“ ) ‪( 4‬الخلوة الصمدانية ‪ :‬أيامها ثالثون يوما ال نوم فيها البتة بليل وال فطر فيها‬
‫بنهار ‪ ،‬وان اتفق ان يكون في رمضان فهو أولى “ ‪ ( . . .‬كتاب الخلوة ورقة‬
‫‪. ) 162‬‬
‫) ‪( 5‬الجمع هنا ليس حال الجمع الذي بحثناه في هذا المعجم ‪ ،‬ولكن المقصود به ‪:‬‬
‫جمع من الناس ‪.‬‬
‫) ‪( 6‬انظر “ فرق “ الن كلمة تفترق هنا إشارة إلى حال “ الفرق ‪“ .‬‬
‫“ ) ‪( 7‬الجلوة ‪ :‬خروج العبد من الخلوة بالنعوت اإللهية إذ عين العبد وأعضاؤه‬
‫ْت ِّإ ْذ‬
‫ممحوة عن انانية واألعضاء مضافة إلى حق بال عبد كقوله تعالى ‪َ :‬وما َر َمي َ‬ ‫ّ‬
‫َّللا َرمى ( “ ‪[ 8 / 17 ] . . .‬تعريفات الجرجاني ‪ .‬مادة “ جلوة ) “‬ ‫ْت َول ِّك َّن َّ َ‬
‫َر َمي َ‬
‫كما يراجع الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪ ( 491‬الخلوة والجلوة ) ‪.‬‬
‫) ‪( 8‬انظر “ همة “‬
‫) ‪( 9‬ان العارف العالم المتحقق ينظر إلى كل كالم من المخلوقات على أنه خطاب‬
‫الهي ‪ ( .‬راجع “ خطاب الهي “ ) ‪ .‬لذلك الجلوة أتم من الخلوة في حقه وأكثر علما ‪.‬‬
‫) ‪( 10‬يراجع “ ثبوت ‪“ .‬‬
‫) ‪( 11‬يراجع بشأن “ تخلي “ و “ خلوة “ عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬كتاب الخلوة ‪ .‬ورقة ‪ ( 154‬الصفات التي ينبغي ان يكون عليها صاحب الخلوة واال‬
‫يكتفي بالعزلة ) ‪.‬‬
‫‪-‬كتاب الخلوة ورقة ‪ ( 157‬يقدم قبل دخول الخلوة ‪ .‬العزلة والصمت وتقليل الطعام‬
‫وترك الماء جملة ) ‪.‬‬
‫‪-‬كتاب الخلوة ق ق ‪ ( 163 - 162‬خلوة الهدهد ‪ -‬الخلوة الصمدانية ‪ -‬خلوة‬
‫القرين ) ‪.‬‬

‫‪437‬‬
‫“ ‪“ 438‬‬

‫‪-‬كتاب صفة جلوس المرتاض والخلوة ‪ .‬الشيخ ابن العربي ‪ .‬مخطوط الظاهرية ‪ -‬رقم‬
‫‪ ( 123‬ق ق ‪ 69‬ب ‪ 70 -‬ب ) ‪.‬‬
‫‪-‬فتوحات ‪ 3‬ص ‪ ( 491‬الخلوة والجلوة ) ‪.‬‬

‫‪ - 254‬خلوة‬
‫انظر “ تخلي "‪.‬‬

‫‪ – 255‬االختيار‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الخاء والياء والراء أصله العطف والميل ‪ ،‬ث ّم يحمل عليه ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس‬
‫اللغة مادة “ خير “ ) ‪.‬‬
‫ولما كان المعنى اللغوي لهذا األصل هو العطف والميل ‪ ،‬أضحى لفظ االختيار في‬
‫الفكر االنساني مرادفا للميل والترجيح ‪ ،‬فاالختيار يفترض ممكنين وبه يرجح أحدهما‬
‫على اآلخر ‪ ،‬فيكون ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫لقد وردت لفظة االختيار بمعنى االصطفاء والحرية ‪.‬‬
‫اخت َ ْرت ُ َك ‪1‬فَا ْست َ ِّم ْع ِّلما يُوحى “ [ ‪. ] 13 / 20‬‬ ‫قال تعالى ‪َ ” :‬وأَنَا ْ‬
‫تار ما كانَ لَ ُه ُم ْال ِّخيَ َرة ُ “‪. ] 68 / 28 [ . 2‬‬
‫قال تعالى ‪َ ” :‬و َرب َُّك يَ ْخلُ ُق ما يَشا ُء َويَ ْخ ُ‬
‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫لقد خرج الشيخ ابن العربي بنفيه لالختيار اإللهي ‪ ، 3‬عن الخطين الصوفي والفلسفي‬
‫في الفكر الذي سبقه ‪.‬‬
‫اما خروجه عن الخط الصوفي ‪ ،‬فذلك الن االختيار مرتبط بالحرية ‪ ،‬والمتصوف‬
‫َّللا ‪ ،‬حتى تع ّم المخلوقات في كلياتها‬ ‫بخالف علماء الكالم والفالسفة يطلق حرية ّ‬
‫وجزئياتها دون ان تتعارض حريته مع عدله ‪.4‬‬

‫‪438‬‬
‫“ ‪“ 439‬‬

‫ويتلخص خروجه عن الخط الفلسفي في أن االختيار يثبت مفهوم الممكن في البنيان‬


‫الفكري ‪ .‬و “ الممكن “ لم يزل موجودا كمفهوم في الفكر االسالمي ‪ ،‬إلى أن اتى‬
‫الشيخ ابن العربي ونفى االختيار فتبعه الممكن ‪ ،‬الذي أصبح عنده واجبا ‪. 5‬‬
‫ان االختيار يقتضي االنتقاء بين شيئين أو فعلين ‪ ،‬وبالتالي رجوعا إلى الذات وهذا‬
‫محال في الجناب اإللهي ‪ ،‬اذن االختيار عند الشيخ ابن العربي ليس انتقاء بين ممكنين‬
‫َّللا نفسها ‪.‬‬
‫بل هو إرادة ّ‬

‫يفرق الشيخ األكبر بين المشيئة واإلرادة ‪ .‬فالمشيئة هي الوجود باسره ما ظهر منه وما‬
‫لم يظهر مما استأثر به الحق في غيبه ‪ .‬في حين ان اإلرادة هي النسبة اإللهية التي‬
‫خصصت شطرا من الغيب بالظهور ‪ . 6‬وهنا على مستوى اإلرادة يبرز االختيار انه‬
‫ليس اختيارا بل إرادة خصصت قسما من الغيب بالظهور ‪.‬‬

‫فالمشيئة اإللهية في شمولها للوجود هي أحدية ‪ .‬اي انها ال اختيار فيها واالختيار يبرز‬
‫على مستوى الظهور ليتحد باإلرادة الن موضوعهما واحد ‪.‬‬

‫وهكذا ينفي الشيخ ابن العربي االختيار اإللهي كانتقاء ‪ ،‬ألنه يفترض رجوعا إلى الذات‬
‫وانقساما في أحدية المشيئة ‪ ،‬ويلصقه بمفهوم “ اإلرادة “ التي من شأنها التخصيص‬
‫‪ . 7‬وهكذا يجب ان نفهم االختيار في وروده عند الشيخ األكبر ‪.‬‬

‫ويمكن تعريف “ االختيار “ كاآلتي ‪:‬‬


‫االختيار هو تعلق الذات اإللهية بالممكنات من حيث ما هي الممكنات عليه ‪ ،‬وال نجد‬
‫ضرورة في االسهاب بشرح موقف الشيخ ابن العربي الن النصوص التي سنوردها‬
‫جلية ‪ ،‬غنية في وضوحها عن كل تفكر ‪.‬‬

‫يقول ‪:‬‬
‫“ ) ‪( 1‬ان الحقيقة تثبت اإلرادة وتنفي االختيار ‪ . . .‬وان كان ورد ‪ “ . . .‬وربك‬
‫يخلق ما يشاء ويختار ‪ [ 28 / 68 ] “ . . .‬انه سبحانه مريد غير مختار ‪ ،‬وانه في‬
‫الوجود ممكن أصال ‪ ،‬وانه [ الوجود ] منحصر في الوجوب واالستحالة ‪. . .‬‬
‫فمهما ذكرت ‪ . . .‬مما يدل على االمكان أو االختيار ‪ . . .‬وغير ذلك مما تأباه الحقائق‬
‫فإنما اسوقه للتوصيل والتفهيم الجاري ‪ ( “ 8‬انشاء الدوائر ص ص ‪. ) 11 - 10‬‬

‫“ أقول بالحكم اإلرادي ‪ ، 9‬لكني ال أقول باالختيار فان الخطاب باالختيار الوارد ‪،‬‬
‫معرى عن علته وسببيته “ ( ف السفر األول‬‫انما ورد من حيث النظر إلى الممكن ‪ّ ،‬‬
‫ص ‪.) 198‬‬

‫‪439‬‬
‫“ ‪“ 440‬‬

‫) ‪ “ ( 2‬ولو كانت المشيئة تقتضي االختيار لجوزنا رجوع الحق إلى نفسه ‪ ،‬وليس‬
‫َّللا‬
‫الحق بمحل للجواز لما يطلبه الجواز من الترجيح من المرجح ‪ ،‬فمحال على ّ‬
‫االختيار في المشيئة ‪ ،‬ألنه محال عليه الجواز ألنه محال ان يكون ّّلل مرجح يرجح له‬
‫امرا دون أمر ‪ ،‬فهو المرجح لذاته ‪ .‬فالمشيئة أحدية التعلق ال اختيار فيها ولهذا ال يعقل‬
‫الممكن ابدا ‪ ( “ . . . 10‬ف ‪. ) 375 / 3‬‬

‫“والحق ليس له اال مشيئته *** وحيدة العين ال شرك يثنيها‬


‫واالختيار محال فرضه فإذا *** اتى فحكمته االمكان تدريها‬
‫وإذا زال االمكان زال االختيار وما بقي سوى عين واحدة ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 356 / 3‬‬

‫“ واما العلم بكونه ( ‪ -‬تعالى ‪ ) -‬مختارا ‪ ،‬فان االختيار تعارضه أحدية المشيئة فنسبته‬
‫( اي االختيار ) إلى الحق ‪ ،‬إذا وصف به انما ذلك من حيث ما هو الممكن عليه ‪ ،‬ال‬
‫من حيث ما هو الحق عليه ‪ ( “ . . .‬ف السفر الثالث ص ‪. ) 57‬‬

‫يتضح من النصوص السابقة ‪ ،‬السبب الذي حدا الشيخ ابن العربي إلى عدم تجويزه‬
‫َّللا ‪.‬‬
‫اطالق نسبة لفظة “ االختيار “ على ّ‬
‫وهذا يتعارض مع ما ذهب اليه الجيلي في نقده ‪. 11‬‬
‫وبينما ال يطلق الشيخ ابن العربي لفظ االختيار على الجناب اإللهي ألنه يتعارض‬
‫واحدية المشيئة نجده يترك فعل االختيار لالنسان ‪.‬‬
‫ولكن اي اختيار ‪ ،‬انه مجبور في اختياره ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ فان كل مؤلف انما هو تحت اختياره ‪ .‬وان كان مجبورا في اختياره ‪. . .‬ونحن ‪ ،‬في‬
‫تواليفنا ‪ . . .‬لسنا كذلك ‪ ( “ .‬ف السفر األول ص ‪. ) 265‬‬

‫) ‪( 3‬ومن خالل تمييز الشيخ األكبر بين االختيار والمشيئة واإلرادة في النص التالي‬
‫استخلصنا التعريف السابق ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ تعلقها [ الذات ] بالممكنات من حيث ما هي الممكنات عليه يسمى ‪ :‬اختيارا ‪ ،‬تعلقها‬
‫بالممكن من حيث تقدم العلم قبل كون الممكن يسمى ‪ :‬مشيئة ‪ ،‬تعلقها بتخصيص أحد‬
‫الجائزين للممكن على التعين يسمى ‪ :‬إرادة ‪ ( “ . . . 12‬ف ‪.) 114 / 1‬‬

‫‪440‬‬
‫“ ‪“ 441‬‬

‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬اخترتك ‪ -‬اصطفيتك للنبوة ‪ .‬انظر أنوار التنزيل ج ‪ 2‬ص ‪، 22‬‬
‫) ‪( 2‬في هذه اآلية يظهر االختيار اإللهي مشابها للحرية ‪.‬‬
‫َّللا يخلق ما يشاء ويختار يكملها البيضاوي ال موجب عليه وال مانع له ‪.‬‬ ‫اي ان ّ‬
‫فاالختيار هنا حرية الفعل ‪.‬‬
‫كما أن اآلية نفسها تنفي االختيار عن العبد فهو فيه منوط بدواع ال اختيار له فيها ‪.‬‬
‫( انظر أنوار التنزيل ج ‪ 2‬ص ‪ ) 102‬ويربط الترمذي بين االختيار والخير بتعريفه‬
‫َّللا للعباد “ ‪ .‬ثم إن االختيار والخير‬
‫للخير قائال ‪ “ :‬فالخير ما وقع عليه اختيار ّ‬
‫مصدرهما اللغوي واحد ‪.‬‬
‫يراجع ‪ :‬تحصيل نظائر القرآن ‪ .‬الترمذي ‪ .‬تحقيق حسني زيدان ص ‪ ، 78‬نوادر‬
‫األصول الترمذي ص ص ‪ ( 95 - 89‬االختيار من الخير ) ‪.‬‬
‫) ‪( 3‬اننا نطرح االختيار هنا على المستوى اإللهي ال على الصعيد االنساني ‪.‬‬
‫) ‪( 4‬يراجع بشأن االختيار على مستوى الفعل االنساني عند المتكلمين ‪ .‬دراسات في‬
‫الفكر العربي ماجد فخري ص ص ‪. 89 - 77‬‬
‫) ‪( 5‬راجع “ ممكن “ ‪،‬‬
‫( ) ‪( 6‬وجود ‪ ،‬امكان ‪ ،‬معلوم ‪)Voir Massignon Passion ed .‬‬
‫) ‪gallimand T 3 P . P . 82 - 83( 7‬راجع “ مشيئة ‪“ .‬‬
‫) ‪( 8‬وهكذا يجب ان نفهم كل ما يورده الشيخ ابن العربي حول ما يتعلق باالختيار ‪.‬‬
‫يقول في ديوانه ‪.‬‬
‫مكتبة المثنى ص ‪ ”. 37‬له التصريف واالحكام فينا * هو المختار يفعل ما يشاء‬
‫“( ‪ ) 9‬اي بدور اإلرادة في تخصيص قسم من الغيب بالظهور ‪.‬‬
‫) ‪( 10‬انظر “ ممكن ‪“ .‬‬
‫) ‪( 11‬ينتقد عبد الكريم الجيلي موقف الشيخ ابن العربي من االختيار قائال ‪:‬‬
‫“ فاعلم أن اإلرادة اإللهية المخصصة للمخلوقات على كل حالة وهيئة صادرة من غير‬
‫علة وال بسبب ‪ ،‬بل محض اختيار الهي ألنها اعني اإلرادة حكم من احكام العظمة أو‬
‫وصف من أوصاف األلوهية ‪ . . .‬وهذا بخالف ما رأى االمام محي الدين بن العربي‬
‫َّللا مختارا ‪ ،‬ألنه ال يفعل شيئا باالختيار‬‫َّللا عنه فإنه قال ‪ :‬ال يجوز ان يسمى ّ‬ ‫رضي ّ‬
‫بل يفعله على حسب ما اقتضاه العالم من نفسه ‪ ،‬وما اقتضى العالم من نفسه اال هذا‬
‫الوجه الذي هو عليه فال يكون مختارا ‪. . .‬‬

‫ولقد تكلم [ الشيخ ابن العربي ] على سر ظفر به من تجلي اإلرادة وفاته منه أكثر مما‬
‫ظفر به ‪ ،‬وذلك من مقتضيات العظمة اإللهية ولقد ظفرنا بما ظفر به ثم عثرنا بعد ذلك‬
‫‪ ،‬في تجلي العزة على أنه مختار‬

‫‪441‬‬
‫“ ‪“ 442‬‬

‫في األشياء متصرف فيها بحكم اختيار المشيئة ‪ ،‬الصادرة ال عن ضرورة وال مريد بل‬
‫شأن الهي ووصف ذاتي ‪ ( “ . . .‬االنسان الكامل ج ‪ 1‬ص ‪. ) 49‬‬
‫ال يبين الجيلي مفهوم االختيار عند الشيخ ابن العربي وكيفية انتقاله من اختيار انتقائي‬
‫إلى إرادة فاعلة معينة ‪ ،‬فالشيخ ابن العربي لم ينف االختيار ليقع في جبرية يريد ان‬
‫َّللا الجيلي ‪ ،‬كال ‪ .‬لقد أوضح الشيخ األكبر ان السبب في نفيه لالختيار هو‬‫ينفيها عن ّ‬
‫ان المشيئة اإللهية واحدة ‪ ،‬اما تعلقها بالعالم فال يوقعها في جبرية تحكمها أعيان‬
‫الممكنات ‪ ،‬بل يشير إلى تعلق االختيار اإللهي أو اإلرادة اإللهية بالعلم اإللهي نفسه ‪.‬‬
‫فاالختيار مرتبط بالعلم وما أعيان الممكنات اال صورة العلم اإللهي ‪ .‬اذن اين الجبرية‬
‫التي ينفيها الجيلي مجال الجناب اإللهي عنها ‪ .‬انها في الحقيقة تعلق اإلرادة بالعلم‬
‫اإللهي ‪.‬‬

‫) ‪( 12‬حرفيا ‪ ،‬التعريفات نفسها لالختيار والمشيئة واإلرادة نراها في كتاب الشيخ‬


‫األكبر ‪ .‬كتاب المسائل ص ‪ 34‬نشر حيدرآباد ‪.‬‬

‫‪ – 256‬الخير‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫الشر‬
‫ّ‬ ‫“ الخاء والياء والراء أصله العطف والميل ‪ ،‬ثم يحمل عليه ‪ ،‬فالخير ‪ :‬خالف‬
‫الن كل واحد يميل اليه ويعطف على صاحبه ‪ .‬والخيرة ‪ :‬الخيار ‪. . .‬‬
‫يصرف الكالم‬ ‫ّ‬ ‫واالستخارة ‪ :‬أن تسأل خير االمرين لك ‪ . . .‬وهي االستعطاف ‪ . . .‬ثم‬
‫فيقال رجل خيّر وامرأة خيّرة ‪ :‬فاضلة ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة مادة “ خير‬
‫“ ) ‪.‬في القرآن ‪:‬‬
‫( أ ) يورد الترمذي خمس نظائر للخير في القرآن ‪ ، 1‬وهي ‪:‬‬
‫‪ - 1‬المال ‪ :‬وانما صار الخير “ المال “ ‪ ،‬ألنه مختار في الدنيا على جميع األشياء ‪،‬‬
‫فاالختيار واقع عليه ‪ ،‬ولذلك سمي “ خيرا “ [“ َوما ت ُ ْن ِّفقُوا ِّم ْن َخي ٍْر فَ ِّأل َ ْنفُ ِّس ُك ْم“ ( ‪2 /‬‬
‫‪. ] )272‬‬
‫‪ - 2‬االيمان واالسالم ‪ :‬وانما سمي الخير ‪ . . .‬االسالم وااليمان ‪ . . .‬ألنه مختاره‬
‫لآلخرة ‪.‬‬
‫َّللا إياه ‪.‬‬
‫‪ - 3‬الوفاء واإلمامة ‪ :‬وانما صار الخير ‪ :‬الوفاء واإلمامة ‪ . . .‬فذاك الختيار ّ‬

‫‪442‬‬
‫“ ‪“ 443‬‬

‫‪ - 4‬السعة والغنى ‪ :‬وانما صار الخير “ السعة والغنى “ ‪ . . .‬فذاك مختاره للدنيا ‪.‬‬
‫‪ - 5‬السرور ‪ :‬وانما صار الخير “ السرور “ ‪ . . .‬ألنه مختاره على األشياء‬
‫“ ( تحصيل نظائر القرآن ص ‪. ) 78‬‬
‫( ب ) والمالحظ ان لفظ “ خير “ يقع اسما بالمعاني السابقة ويقع اسم تفضيل ‪،‬‬
‫بمعنى ‪ :‬أحسن في مقابل الشر الذي هو اسم تفضيل بمعنى ‪ :‬أقبح‬

‫ين “ ‪[ 38 / 76 ] .‬‬ ‫قال تعالى ‪ ”:‬قا َل أَنَا َخي ٌْر ِّم ْنهُ َخلَ ْقت َ ِّني ِّم ْن ٍ‬
‫نار َو َخلَ ْقتَهُ ِّم ْن ِّط ٍ‬
‫قال تعالى ‪َ ":‬و َر ْح َمتُ َر ِّبّ َك َخي ٌْر ِّم َّما يَ ْج َمعُونَ "‪[ 43 / 32 ].‬‬
‫ض ِّل ِّه ُه َو َخيْرا ً ‪2‬لَ ُه ْم بَ ْل ُه َو‬ ‫سبَ َّن الَّذِّينَ يَ ْب َخلُونَ بِّما آتاهذُ ُم َّ‬
‫َّللاُ ِّم ْن فَ ْ‬ ‫قال تعالى ‪َ " :‬وال يَ ْح َ‬
‫ش ٌَّر لَ ُه ْم “ ‪[ 3 / 180 ] .‬‬
‫‪-‬كما أن “ الخير “ في القرآن مصنف في مقابل الشر والسوء ‪ ،‬جامعا تحت لوائه كل‬
‫مقبول ومستحسن شرعا وعقال ‪.‬‬
‫ُ‬
‫ي َخيْرا ً َك ِّثيرا ً “[ ‪. ] 269 / 2‬‬ ‫ت ْال ِّح ْك َمةَ فَقَ ْد أو ِّت َ‬‫قال تعالى ‪َ ” :‬و َم ْن يُؤْ َ‬
‫ِّير “[ ‪. ] 26 / 3‬‬ ‫ش ْيءٍ قَد ٌ‬‫على ُك ِّّل َ‬ ‫ِّك ْال َخي ُْر إِّنَّ َك َ‬
‫قال تعالى ‪ ” :‬بِّيَد َ‬
‫ضرا ً “[ ‪. ] 30 / 3‬‬ ‫ت ِّم ْن َخي ٍْر ُم ْح َ‬ ‫ع ِّملَ ْ‬ ‫قال تعالى ‪ ” :‬يَ ْو َم ت َ ِّج ُد ُك ُّل نَ ْف ٍس ما َ‬
‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫ان نمو الشر وترعرعه إلى جانب الخير ‪ ،‬بل تآلفه معه في مذهب يو ّحد كل المظاهر‬
‫معضلة فكرية ‪. 3‬‬
‫َّللا ‪ 4‬؟‬ ‫إذ كيف يفسر الشيخ ابن العربي صدور الشر ووجوده عن الخير المحض اي ّ‬
‫وهل يعقل ان يتجلى الحق في الشر ؟‬
‫َّللا ‪ ،‬كيف يفعل الشر والمعصية ؟‬ ‫ونظرا الن الفاعل الحقيقي في كل فعل هو ّ‬
‫اذن وجود الشر في فلسفة الوحدة ‪ 5‬والتجليات معضلة كبرى ‪.‬‬
‫فلننظر كيف خلصت عبقرية الشيخ األكبر منها ‪.‬‬
‫وَّللا هو الخير المحض المطلق بمعنى انه وجود محض ‪.‬‬ ‫ان الوجود خير كله ‪ّ ،‬‬
‫اما الشر فال وجود له انه عدم ‪.‬‬
‫وكل ما يحكم عليه بأنه شر ‪ :‬هو حكم نسبي ‪ 6‬يعود إلى األمور التالية ‪:‬‬
‫‪ - 1‬الشرع ‪ :‬ان الفعل في نفسه ال يقال فيه خير أو شر ‪ ،‬فالشرع هو الذي يحكم أحيانا‬
‫على بعض األمور أو االفعال انها شر ‪ .‬مثال ‪ :‬الرجل نفسه يقوم‬

‫‪443‬‬
‫“ ‪“ 444‬‬

‫بالفعل عينه [ عالقة جسدية ] مع زوجته يقال خير ‪ .‬مع أخرى ليست بزوجة له يقال‬
‫زنى اي شر ‪.‬‬
‫‪ - 2‬المجتمع الخلقي أو البيئة الخلقية ‪.‬‬
‫‪ - 3‬عدم المالءمة لطبع االنسان ‪ .‬فكل ما ال يالئم االنسان يصنفه شرا ‪ :‬مثال ‪:‬‬
‫الدواء ‪،‬‬
‫‪ - 4‬العقل ‪ .‬فان العقل يحكم على بعض األمور بنتائجها انها شر ‪.‬‬
‫اذن يتضح ان الخير هو الوجود ‪ ،‬اما الشر فهو عدم يخلقه الشرع والعقل والطبع‬
‫والعادات والمجتمع ‪ .‬وبذلك تخلص الشيخ األكبر من الشر ‪ ،‬فلم يفسح له مكانا في‬
‫تصوره للوجود الذي هو خير كله ‪. 7‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫َّللا اال بصورة ما هو االمر عليه ‪ ،‬وما في األصل شر‬ ‫) ‪ “( 1‬فما ظهر العالم عن ّ‬
‫فإلى من تستند الشرور ‪ ،‬والعالم في قبضه الخير المحض وهو الوجود التام ‪.‬‬
‫غير أن الممكن لما كان للعدم نظر اليه كان بذلك القدر ينسب اليه من الشر ما ينسب‬
‫اليه ‪ 8‬فإنه ليس له من ذاته حكم وجوب الوجود لذاته ‪ ،‬فإذا عرض له الشر فمن هناك‬
‫‪ ،‬وال يستمر عليه وال يثبت فإنه في قبضة الخير المحض والوجود ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 3‬‬
‫‪. ) 315‬‬
‫َّللا عليه وسلم في دعائه يخاطب ربه تعالى ‪ “ :‬والخير كله في يديك‬ ‫“ قال صلى ّ‬
‫والشر ليس إليك “ فإنه ضد الخير فما صدر عن الخير اال الخير‪.‬‬
‫والشر ‪ :‬انما هو عدم الخير ‪ -‬فالخير وجود كله والشر عدم كله ‪ ،‬ألنه ظهور ما ال‬
‫عين له في الحقيقة ‪ ،‬فهو حكم واالحكام نسب ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 373 / 3‬‬
‫َّللا العالم من العدم الذي هو الشر اال للخير الذي اراده به ليس اال‬
‫“ فما اخرج ّ‬
‫الوجود ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 377 / 3‬‬

‫) ‪ “( 2‬فالخير إذا أردت ان تعرفه فاعلم أنه جماع مكارم األخالق وهي معروفة عرفا‬
‫وشرعا “ ( ف ‪. ) 58 / 4‬‬
‫“ واعني بالخير ‪ 9‬ما يوافق غرضه [ العبد ] ويالئم طبعه ومزاجه ‪ ،‬واعني‬

‫‪444‬‬
‫“ ‪“ 445‬‬

‫بالشر ما ال يوافق غرضه وال يالئم طبعه وال مزاجه “ ( فصوص ‪. ) 118 / 1‬‬
‫وال يخفى ما في موقفه من خطورة خلقية تتالمح لنا الوهلة األولى ‪ ،‬إذ اننا ال نتلمس‬
‫عند حكيم مرسية نظرية عادية في االخالق والمعايير الخلقية تنتهجها العامة ‪ .‬فقد‬
‫شاءت عبقريته ان تنفرد في كل شيء ‪ .‬ولكن بنظرة أدق وأعمق نجد انه لن يجدى‬
‫نفعا ان تتمسك العامة بنتائجه قائلة ‪ :‬فألفعل ما أريد إذ كل فعل هو خير ‪ .‬كال ‪ .‬ان‬
‫أخالقه وان ابتعدت عن دروب العامة فقد سلكها الخاصة أهل الشهود والحضور الدائم‬
‫مع الحق ‪ ،‬الذين يراقبون ما يجري على أيديهم من االفعال ونصب أعينهم يقينهم‬
‫الثابت بأنهم محل ومجلى ال أكثر ‪ .‬فأخالقه ‪:‬‬
‫االخالق في قمة نقاوتها كما تتجلى في قلوب العارفين المشاهدين ‪ ،‬أهل الحضور الدائم‬
‫مع الحق ‪.‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫َّللا للعباد “ ( تحصيل‬
‫يعرف الترمذي الخير بقوله ‪ “ :‬ما وقع عليه اختيار ّ‬ ‫)‪ّ (1‬‬
‫نظائر القرآن ص ‪. ) 78‬‬
‫وقد بحث األب نويا موقف الترمذي منوها بابعاده النفسانية واضعا إياه في اطاره‬
‫الفكري االسالمي ‪ ،‬مستخلصا ‪ ،‬بغزارة أفقه االشتقاقات اللفظية القريبة الواضحة‬
‫والبعيدة الغريبة التي ذهب إليها الترمذي ‪.‬‬
‫راجع‪Exegese coranique‬ص ‪. 130 - 128‬‬
‫كما يراجع نوادر األصول للترمذي ص ‪ ( 95 - 89‬األصل السادس والستون ‪ :‬في أن‬
‫االختيار من الخير ) ‪.‬‬
‫) ‪( 2‬لن نعدد اآليات التي فيها الخير اسم تفضيل الن عددها يربو على الخمسين ‪.‬‬
‫فليراجع المعجم المفهرس أللفاظ القرآن مادة “ خير ‪“ .‬‬
‫) ‪( 3‬راجع بخصوص مشكلة الشر من الوجهة الفلسفية ‪:- Etiene borne : Le‬‬
‫) ‪probleme du mal col SUP et surtout chap 4( 4‬يسمى أسوة‬
‫َّللا ‪ :‬الخير المحض ‪.‬‬‫بافالطون ‪ّ ،‬‬
‫) ‪( 5‬تجدر مقارنة موقف الشيخ ابن العربي من الخير والشر مع موقف متصوف من‬
‫فالسفة الوحدة هو ابن سبعين ‪ ،‬الذي يقول إن الخير والشر ال فرق بينهما عند المحقق‬
‫من حيث الحقيقة الوجودية ‪ ،‬الن الوجود قضية واحدة وهو الخير المطلق ‪ ،‬واننا‬
‫بمحض الوهم نفرق في عالم الظواهر بين الخير والشر ‪.‬‬
‫انظر ‪ - :‬ابن سبعين وفلسفته الصوفية ‪ .‬أبو الوفا التفتازاني ص ‪ ، 193‬و ص ‪- 386‬‬
‫‪. 407‬‬
‫‪-‬اما فريد الدين العطار في غمرة “ الحب “ نجده ال يفرق بين الخير والشر ‪ ،‬انظر‬
‫كتابه منطق الطير الترجمة الفرنسية فصل بعنوان الوادي الثاني وادي العشق ‪ .‬ص‬
‫ص ‪. 186 - 185‬‬

‫‪445‬‬
‫“ ‪“ 446‬‬

‫) ‪( 6‬الخير والشر ‪ ،‬سواء أدركا بالعقل أم بالشرع ‪ ،‬هما أمران إضافيان عند أهل‬
‫السنة ‪ ،‬ما داما ال يرجعان إلى صفات ذاتية في االفعال ‪ .‬كما أن عمال قد يكون خيرا‬
‫باإلضافة إلى شيء أو زمن ‪ ،‬وشرا باإلضافة إلى شيء آخر وزمن آخر ‪.‬‬
‫اما المعتزلة فتقول بوجود خير مطلق وشر مطلق ال يتغيران باالعتبارات المختلفة ‪.‬‬
‫وقد اعتمد شيخنا األكبر موقف أهل السنة في نسبية الخير والشر ولكنه حصرها بالشر‬
‫فقط ‪ ،‬وتوغل في نتائجه فانتقل من نفي وجود الشر بذاته إلى نفي وجوده ‪ .‬فالشر‬
‫عدم ‪.‬‬
‫فليراجع بخصوص موقف أهل السنة والمعتزلة من نسبية الخير والشر ‪:‬‬
‫‪-‬جولد تسيهر العقيدة والشريعة في االسالم ص ‪، 85‬‬
‫‪-‬نهاية االقدام ص ‪، 98‬‬
‫‪-‬فلسفة االخالق في االسالم ‪ .‬محمد يوسف موسى ص ص ‪. 45 - 44‬‬
‫) ‪( 7‬يشبه موقف الشيخ ابن العربي موقف اسبينوزا الذي يرى أن الكونية االيجابية‬
‫هي مصدر كل خير والكونية السلبية هي القاعدة لكل شر ‪ ،‬انظر ‪- The mystical‬‬
‫‪Afifi p 157- La morale de Spinoza Sylvain col SUP PP 61 -‬‬
‫) ‪74 ( au dela du bien et du mal )( 8‬ينسب الشر إلى الخلق الن لهم‬
‫وجها للعدم الذي هو أصل الممكن ‪ .‬وعلى هذا األساس يجب ان تفسر كل أقوال الشيخ‬
‫ابن العربي التي ترجع الشر إلى الخلق من أمثال البيت التالي ‪ ”:‬فلو ال وجود الحق ما‬
‫كان خيره * ولوال وجودي لم ير في الورى شر “( ف ‪) 318 / 3‬‬

‫) ‪( 9‬يراجع بشأن الخير والشر عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫‪-‬ف ج ‪ 2‬ص ‪ ( 303 ، 157‬الخير المحض )‬
‫‪-‬ف ج ‪ 3‬ص ‪ ( 389‬الخير المحض ‪ -‬وجود الحق ) ص ‪ ( 528‬الجهل ‪ -‬عدم العلم‬
‫‪ -‬الشر ) ‪ ( 550‬الوجود هو الخير ) ‪.‬‬
‫‪-‬شجون المشجون ورقة ‪ 39‬أ ( الوجود ‪ -‬الخير المحض ‪ ،‬العدم ‪ -‬الشر المحض )‬
‫ص ‪. 339 ، 127‬‬
‫‪-‬الفصوص ‪ .‬المقدمة ص ‪ . 18‬ج ‪ 2‬ص ص ‪، 63 - 62‬‬
‫‪-‬تاج الرسائل ومنهاج الوسائل ورقة ‪ 42‬ب ‪،‬‬
‫‪-‬ختم األولياء ص ‪ ( 279‬الخير العملي ) ‪.‬‬
‫‪-‬عفيفي ‪The mystical-‬ص ص ‪، 163 - 156‬‬

‫‪446‬‬
‫“ ‪“ 447‬‬
‫‪ - 257‬الخيال‬
‫المترادفات ‪ :‬العالم األوسط ‪ -‬البرزخ األعظم ‪ -‬الحضرة الوسطى ‪ -‬حضرة الخيال ‪.‬‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫تلون ‪ .‬فمن ذلك الخيال ‪ ،‬وهو‬ ‫“ الخاء والياء والالم أصل واحد يد ّل على حركة في ّ‬
‫ويتلون ‪ . . .‬والخيل‬
‫ّ‬ ‫الشخص ‪ .‬وأصله ما يتخيله االنسان في منامه ‪ ،‬ألنه يتشبه‬
‫معروفة ‪ . . .‬سميت الخيل خيال ‪ . . .‬الختيالها ‪ . . .‬الن المختال في مشيته يتلون في‬
‫حركته ألوانا ‪ . . .‬ويقال تخيّلت السماء ‪ ،‬إذا تهيأت للمطر ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس‬
‫اللغة مادة “ خيل “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫األصل خيل لم يرد في القرآن بصيغة االسم [ خيال ] ‪ ،‬وانما ورد فعال للداللة على‬
‫الوهم والتشبيه في مقابل الحق والحقيقة ‪.‬‬
‫صيُّ ُه ْم يُ َخيَّ ُل ِّإلَ ْي ِّه ِّم ْن ِّس ْح ِّر ِّه ْم أَنَّها تَسْعى “[ ‪. ] 66 / 20‬‬
‫قال تعالى ‪ ” :‬فَإِّذا ِّحبالُ ُه ْم َو ِّع ِّ‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫*تدفّق “ الخيال “ عند الشيخ ابن العربي سيال مخصبا مثمرا باسطا حكمه على كل‬
‫العوالم ‪ ،‬متداخال في كل الحقائق ‪ ،‬مشكال عالما وسطا وحقيقة برزخية ‪ :‬بين عالم‬
‫المعاني المجردة وعالم المحسوسات ‪.‬‬

‫فالخيال ليس تخيال نزويا عابرا ال قيمة واقعية له ‪ ،‬كما أنه ليس خياال ّ‬
‫خالقا كما عرفه‬
‫الفنانون ‪ ،‬بل طاقة وقوة ذات بعد حقيقي واقعي يسعى إلى التحقق في الحس بشكل دائم‬
‫ابدي أزلي ‪ ،‬ينتمي إلى عالم له مقاييس خاصة به وحقائق وسطية برزخية ‪.‬‬

‫وهاك بعض نصوص الشيخ ابن العربي تبين مدى اتساع رقعة سلطان الخيال ‪،‬‬
‫وصفاته الذاتية‪.‬‬

‫‪447‬‬
‫“ ‪“ 448‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫‪ - 1‬اتساع سلطان الخيال‬
‫“ علم الخيال هو علم البرزخ ‪ ، 1‬وعلم عالم األجساد التي تظهر فيها الروحانية ‪، 2‬‬
‫وهو علم سوق الجنة ‪ ، 3‬وهو علم التجلي اإللهي في القيامة في صور التبدل ‪ ، 4‬وهو‬
‫علم ظهور المعاني التي ال تقوم بنفسها مجسدة مثل الموت في صورة كبش ‪ ، 5‬وهو‬
‫علم ما يراه الناس في النوم ‪ ، 6‬وعلم الموطن الذي يكون فيه الخلق بعد الموت وقبل‬
‫البعث ‪ ، 7‬وهو علم الصور وفيه تظهر الصور المرئيات في األجسام الصقيلة كالمرآة‬
‫‪ ، 8‬وليس بعد العلم باألسماء اإللهية وال التجلي وعمومه أتم من هذا الركن [ ‪-‬‬
‫الخيال ] ‪ ،‬فإنه واسطة العقد اليه تعرج الحواس واليه تنزل المعاني وهو ال يبرح من‬
‫موطنه تجبى اليه ثمرات كل شيء ‪ ،‬وهو صاحب اإلكسير ‪ 9‬الذي تحمله على المعنى‬
‫فيجسده في اي صورة شاء ‪ . . .‬فهو المشهود له بالتصرف التام وله التحام المعاني‬
‫باألجسام ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 309 / 2‬‬

‫َّللا أعظم منه [ من الخيال ] منزلة وال أعم حكما يسري حكمه في‬ ‫“ ‪ . . .‬ما أوجد ّ‬
‫جميع الموجودات والمعدومات من محال وغيره ‪ ،‬فليس للقدرة اإللهية فيما اوجدته‬
‫أعظم وجودا من الخيال منه ظهرت القدرة اإللهية ‪ . . .‬وهو حضرة المجلى اإللهي‬
‫في القيامة وفي االعتقادات [ ‪ -‬اله المعتقدات ] ‪. . . “ .‬‬
‫( ف ‪. ) 508 / 3‬‬

‫‪ - 2‬صفات الخيال الذاتية ‪:‬‬


‫“ ‪ . . .‬فقد ثبت ان الحكم له [ للخيال ] بكل وجه وعلى كل حال في المحسوس‬
‫والمعقول ‪ . . .‬وفي الصور المعاني ‪ . . .‬وحقيقة الخيال التبدل في كل حال والظهور‬
‫َّللا ‪ ،‬فما في الوجود المحقق اال‬
‫في كل صورة ‪ .‬فال وجود حقيقي ال يقبل التبديل اال ّ‬
‫َّللا ‪ ،‬وأما ما سواه فهو في الوجود الخيالي ‪ . . . 10‬فكل ما سوى ذات الحق ‪ :‬خيال‬ ‫ّ‬
‫َّللا ‪ ،‬أعني ذات الحق ‪ ،‬على‬
‫حائل وظل زائل فال يبقى كون ‪ . . .‬وال شيء مما سوى ّ‬
‫حالة واحدة بل تتبدل من صورة إلى صورة دائما ابدا ‪ ،‬وليس الخيال اال هذا ‪. . .‬‬
‫والعماء هو جوهر العالم كله فالعالم ما ظهر‬

‫‪448‬‬
‫“ ‪“ 449‬‬

‫ْت‬
‫اال في خيال ‪ ،‬فهو متخيل لنفسه فهو هو وما هو هو ومما يؤيد ما ذكرناه” َوما َر َمي َ‬
‫ْت “[ ‪ ] 17 / 8‬فنفى عين ما أثبت ‪ ،‬اي تخيلت انك رميت “ ‪ ( . . .‬ف ‪/ 2‬‬ ‫ِّإ ْذ َر َمي َ‬
‫‪. )313‬‬
‫“ ‪ . . .‬الخيال من حقيقته ان يجسد ويصور ما ليس بجسد وال صورة ‪. . .‬‬
‫حس باطن بين المعقول والمحسوس ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 377 / 3‬‬‫فهو ّ‬
‫“ فقد جمع الخيال بين االطالق العام الذي ال اطالق يشبهه ‪ ،‬فان له التصرف العام في‬
‫الواجب والمحال والجائز ‪ . . .‬وهذا هو تصرف الحق في المعلومات بوساطة هذه‬
‫القوة ‪ ،‬كما أن له التقييد الخاص المحض فال يقدر ان يصور امرا من األمور اال في‬
‫صورة حسية قد اخذها من الحس ‪ ( “ . . .‬ف ‪. .) 470 /3‬‬

‫يقسم الشيخ األكبر الخيال اربع مراتب ‪:‬‬


‫الخيال المطلق ‪ -‬الخيال المحقق ‪ -‬الخيال المنفصل ‪ -‬الخيال المتصل ‪.‬‬
‫الخيال المطلق ‪ :‬هو الحضرة الجامعة والمرتبة الشاملة ( ف ‪.) 310 / 2‬‬
‫‪ ،‬يقبل التشكل في صور الكائنات كلها على اختالفها ‪ ،‬وليس ذلك اال “ العماء‬
‫“ ( انظر “ عماء “ ) [ من حيث قابليته للتشكل في صور الكائنات ] ‪.‬‬
‫الخيال المحقق ‪ :‬هو الخيال المطلق أو العماء نفسه ولكن بعد قبوله صور الكائنات ‪.‬‬
‫الخيال المنفصل ‪ :‬هو عالم له حضرة ذاتية يظهر في الحس ويدرك منفصال عن‬
‫شخص المتخيل الناظر ‪ ،‬كتصور جبريل في صورة دحية للنبي ‪.‬‬
‫الخيال المتصل ‪ :‬وهو القوة المتخيلة في االنسان وما لها من طاقة على خلق صور‬
‫تبقى ببقاء المتخيل ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ ) ‪( 1‬الخيال [ الخيال المطلق ‪ -‬العماء ] ‪ . . .‬فإنه أوسع الكائنات وأكمل الموجودات‬
‫ويقبل الصور الروحانيات ‪ ،‬وهو التشكل في الصور المختلفة من االستحالة‬
‫الكائنة ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 311 / 2‬‬
‫“ ان حقيقة الخيال المطلق هو المسمى بالعماء الذي هو أول ظرف قبل كينونة‬

‫‪449‬‬
‫“ ‪“ 450‬‬

‫َّللا تعالى ‪ .‬في ذلك العماء صور كل ما سواه من العالم ‪ ،‬اال ان ذلك‬
‫الحق ‪. . .‬ففتح ّ‬
‫العماء هو الخيال المحقق ‪ .‬اال تراه يقبل صور الكائنات كلها ويصور ما ليس بكائن ‪.‬‬
‫هذا التساعه فهو عين العماء ال غيره ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 310 / 2‬‬
‫“ فالصور [ صور العالم ] بما هي صور هي المتخيالت ‪ .‬والعماء الظاهرة فيه هو‬
‫الخيال ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 311 / 2‬‬

‫) ‪ “ ( 2‬الخيال وله حاالن ‪ :‬حال اتصال وهذا الحال له بوجود االنسان وبعض‬
‫الحيوان ‪ ،‬وحال انفصال وهو ما يتعلق به االدراك الظاهر منحازا عنه في نفس االمر‬
‫كجبريل ‪ ،‬في صورة دحية ومن ظهر من عالم الستر من الجنة من ملك وغيره ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ‪. ) 442 / 3‬‬

‫“ ‪ . . .‬القوة المتخيلة في االنسان وهو الخيال المتصل ‪ . . .‬فالفرقان بين الخيال‬


‫المتصل والخيال المنفصل ان المتصل يذهب بذهاب المتخيل ‪ ،‬والمنفصل حضرة ذاتية‬
‫قابلة دائما للمعاني واألرواح فتجسدها بخاصيتها ال يكون غير ذلك ‪ ،‬ومن هذا الخيال‬
‫المنفصل يكون الخيال المتصل ‪ ،‬والخيال المتصل على نوعين ‪ :‬منه ما يوجد عن‬
‫تخيل ومنه ما ال يوجد عن تخيل كالنائم “ ‪ ( . . .‬ف ‪. ) 311 / 2‬‬

‫َّللا ‪،‬‬
‫يقسم الشيخ ابن العربي الوجود شقين ‪ :‬حقيقي وخيالي ‪ .‬فالوجود الحقيقي هو ّ‬
‫والخيالي هو كل ما سواه ‪ .‬وهذا يرجعنا إلى الحقيقة الواحدة كما تتجلى له بوجهيها ‪:‬‬
‫الحقي والخلقي ‪.‬‬
‫فالوجه الحقي له الوجود الحقيقي والوجه الخلقي وجه ذو وجود خيالي متوهم ‪.‬‬
‫فالعالم ‪ :‬خيال ‪ .‬ولكن ليس بالمعنى السطحي العابر بل بكل ما يحوى الخيال من‬
‫طاقات ايجابية موضوعية ذات فعالية مشهودة في الحس ‪.‬‬

‫وقد استند الشيخ ابن العربي في تصنيفه العالم خياال إلى حديث شريف يقول ‪ “ :‬ان‬
‫الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا “ وال يخفى ان كل ما يرى في حال النوم فهو خيال‪.‬‬
‫اذن العالم خيال ‪ ،‬والخلق نيام ‪ ،‬اي في مواطن الخيال ‪.‬‬

‫وقد افرد في كتابه فصوص الحكم فصا كامال ( الفص التاسع ) تتالمح في سطوره‬
‫تبعية العالم للخيال ( فليراجع ) ‪ .‬نختار منه الجمل التالية ‪:11‬‬

‫‪450‬‬
‫“ ‪“ 451‬‬

‫َّللا عليه وسلم قد قال ‪ “ :‬ان الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا‬
‫َّللا صلى ّ‬ ‫“ ‪ . . .‬ان رسول ّ‬
‫“ وكل ما يرى في حال النوم فهو من ذلك القبيل [ الرؤى ] ‪ . . .‬وكل ما ورد من هذا‬
‫القبيل فهو المسمى عالم الخيال ‪ ، 12‬ولهذا يعبر ‪ . . .‬ثم قال يوسف ‪ ”. . .‬هذا تَأ ْ ِّوي ُل‬
‫ياي ِّم ْن قَ ْب ُل قَ ْد َجعَلَها َر ِّبّي َحقًّا “[ ‪ ، ] 100 / 12‬اي أظهرها في الحس بعدما‬
‫ُر ْء َ‬
‫كانت في صورة الخيال ‪،‬‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ “ :‬الناس نيام “ فكان قول يوسف “ قد جعلها‬ ‫فقال النبي محمد صلى ّ‬
‫ربي حقا “ بمنزلة من رأى في نومه انه قد استيقظ من رؤيا رآها ثم عبرها ‪ .‬ولم يعلم‬
‫أنه في النوم عينه ما برح ‪ .‬فإذا استيقظ يقول رأيت كذا ورأيت كأني استيقظت وأولتها‬
‫َّللا عليه وسلم وبين ادراك‬
‫بكذا ‪ .‬هذا مثل ذلك ‪ ،‬فانظر كم بين ادراك محمد صلى ّ‬
‫يوسف عليه السالم “ ( الفصوص ج ‪ 1‬ص ص ‪. ) 101 - 99‬‬

‫“ فكما ال يزول عنه [ عن العالم ] باختالف الصور اسم الظل ‪ ،‬كذلك ال يزول‬
‫باختالف الصور اسم العالم ‪ ،‬أو اسم سوى الحق ‪ . . .‬فالعالم متوهم ما له وجود حقيقي‬
‫‪ ،‬وهذا معنى الخيال ‪ .‬اي خيّل لك انه أمر زائد قائم بنفسه خارج عن الحق وليس‬
‫كذلك في نفس األمر ‪. . .‬‬
‫فاعلم انك خيال وجميع ما تدركه مما تقول فيه ليس انا ‪ :‬خيال ‪.‬‬
‫َّللا خاصة من حيث ذاته‬ ‫فالوجود كله خيال في خيال ‪ . 13‬والوجود الحق انما هو ّ‬
‫وعينه ال من حيث أسماؤه ‪ . . . 14‬فما في الكون اال ما دلت عليه األحدية ‪ ،‬وما في‬
‫الخيال اال ما دلت عليه الكثرة ‪ ( “ . . .‬فصوص ‪. ) 104 - 103 / 1‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬ان الخيال له كل صفات البرزخ ‪ ،‬الن حقيقته برزخية بتوسطه عالم المعاني‬
‫المجردة وعالم المحسوسات انظر “ برزخ ‪“ .‬‬
‫َّللا عليه وسلم في صورة دحيّة االعرابي الجميل ‪،‬‬ ‫) ‪( 2‬كظهور جبريل للنبي صلى ّ‬
‫هذا التجسد للروح ال يكون اال من عالم الخيال ‪.‬‬
‫) ‪( 3‬انظر “ سوق الجنة “‬
‫) ‪( 4‬ان للحق تجليات يوم القيامة في صور المعتقدات فيقبل وينكر وبما ان الحق ال‬
‫صورة له فتصوره من عالم الخيال ‪ . . .‬انظر “ اله المعتقدات ‪“ .‬‬
‫) ‪( 5‬يوم القيامة يحي عليه السالم ‪ ،‬يذبح الموت في صورة كبش أملح ‪ ،‬والكبش‬
‫األملح يجسد ‪:‬‬
‫معنى ‪ ،‬ال جسد له ( الموت ) ‪ .‬فلذلك ينتمي إلى عالم الخيال ‪ -‬انظر ‪:Exegese‬‬
‫‪coranique pp . 106 - 107.‬‬
‫) ‪( 6‬ان الرؤى واألحالم لها وجود برزخي وسطي بين الواقع الحسي والمعاني‬
‫المجردة ‪ .‬فاالحالم من عالم الخيال ‪.‬‬

‫‪451‬‬
‫“ ‪“ 452‬‬

‫) ‪( 7‬البرزخ في أحد معانيه يشير إلى عالم وسطي بين حياة الدنيا وحياة اآلخرة ‪،‬‬
‫وهذه الحقيقة الوسطية تنسبه إلى عالم الخيال ‪ .‬انظر “ برزخ “ ‪.‬‬
‫) ‪( 8‬ان صورة االشخاص في المرايا لها وجود برزخي بين الحس والمعقول ‪ .‬فهي‬
‫من عالم الخيال ‪.‬‬
‫) ‪( 9‬يرى الشيخ ابن العربي ان الخيال هو “ إكسير التجسيد “ بمعنى ان كل معنى‬
‫يتجسد في عالم الخيال دون استثناء حتى أعلى المعاني مثل األلوهية ‪ .‬فالحق الذي‬
‫ليس كمثله شيء وهو بخالف كل تصوراتنا يتصور في صور المعتقدات في عالم‬
‫الخيال ‪ .‬انظر “ اله المعتقدات ‪“ .‬‬
‫) ‪( 10‬انظر خيال المعنى “ الثالث ‪“ .‬‬
‫َّللا وجودا‬
‫) ‪( 11‬كما سبق أن أوردنا نصا من الفتوحات ينبت وجود كل ما سوى ّ‬
‫خياليا ‪.‬‬
‫( انظر المعنى “ الثاني “ السابق النص األول من الفقرة “ الثانية “ ) ‪.‬‬
‫) ‪( 12‬يراجع بخصوص “ خيال “ عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬فصوص الحكم ‪ :‬الفص التاسع ‪ :‬فص حكمة نورية في كلمة يوسفية ج ‪ 1‬ص ص‬
‫‪ ، 106 - 99‬وص ‪ ، 159‬ج ‪ 2‬ص ‪، 105 ، 77‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪ ( 113‬الخيال والتخيل ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات ‪ 3‬ص ‪ ( 47‬عالقة الخيال المتصل بالمنفصل ) ‪ ( 234 ،‬الخيال ) ‪،‬‬
‫‪ ( 455‬الخيال حق ) ‪ ( 470‬التضاهي اإللهي الخيالي ) ‪ ( 473‬الجوالن في الملكوت‬
‫خياال ) ‪ ( 510 - 509 ،‬حضرة الخيال في الدنيا ) ‪.‬‬
‫‪-‬ف ‪ 4‬ص ‪ ( 19‬الخيال ) ص ‪ ( 108‬موطن الخيال ‪ -‬خزانة الخيال ) ‪.‬‬
‫‪-‬كما اننا نجد فيضا من القول وغزارة في التفهم عند هنري كوربان الذي جذبه مذهب‬
‫الشيخ ابن العربي في الخيال ‪ .‬فكتب كتابه‪L'imagination creatrice‬مدفوعا‬
‫بواقعية الخيال االيجابية التي تفرد بها الشيخ األكبر ‪ .‬فليراجع خاصة ‪ :‬المقدمة ص‬
‫ص ‪ . 8 - 5‬كما يراجع ص ص ‪. 164 - 161‬‬
‫‪-‬ختم األولياء ص ‪ 178‬هامش ‪ ، 65‬ص ص ‪ 180 - 179‬الهوامش ‪ ،‬ص ص‬
‫‪ ، 230 - 229‬ص ‪ ، 292‬ص ‪ ، 315‬ص ‪. 509‬‬
‫‪-‬دراسات فنية في األدب العربي عبد الكريم اليافي ص ص ‪: 378 - 372‬حيث‬
‫يبين ان مكانة الخيال في فلسفة الشيخ ابن العربي تشف عن طبيعة واستعداد ومزاج‬
‫جميعها ذات رؤى وتخيل بعيد ‪ .‬كل ذلك مثبت بحوادث من حياة الشيخ ابن العربي‬
‫الخاصة ‪ .‬فليراجع ‪.‬‬
‫) ‪( 13‬قارن كالم الشيخ ابن العربي في أن العالم متوهم ما له وجود حقيقي وان‬
‫الوجود كله خيال مع نظرة ابن سبعين إلى “ الوهم “ ‪ .‬فهو يصدر كل لوح من الواحه‬
‫َّللا فقط “ بما يتالمح فيها من أن الوجود واحد ‪ :‬فان كل ما عقل أو أحس فهو‬ ‫بعبارة “ ّ‬
‫مرتبة ووجود ‪ ،‬فالعقل مرتبة والحس مرتبة والمراتب زائلة والوجود ثابت والثابت‬
‫حق والزائل وهم باطل ‪.‬‬
‫َّللا هو الوجود والوهم هو المراتب الزائلة والباطلة ‪.‬‬‫اذن ّ‬

‫‪452‬‬
‫“ ‪“ 453‬‬

‫انظر ‪ :‬ابن سبعين وفلسفته الصوفية التفتازاني ص ‪، 201 - 198‬‬

‫) ‪( 14‬انظر “ اسم الهي "‪.‬‬

‫‪ - 258‬الخيال المتصل‬
‫انظر خيال المعنى “ الثاني "‪.‬‬

‫‪ - 259‬الخيال المحقق‬
‫انظر خيال المعنى “ الثاني "‪.‬‬

‫‪ - 260‬الخيال المطلق‬
‫المترادفات ‪ :‬الحضرة الجامعة ‪ .‬المرتبة الشاملة ‪.‬‬
‫الخيال المطلق هو العماء ‪.‬‬
‫انظر خيال المعنى “ الثاني “ الفقرة “ أ “ ‪.‬‬

‫‪ - 261‬الخيال المنفصل‬
‫انظر خيال المعنى “ الثاني “‬

‫‪453‬‬
“ 454 “

454
‫“ ‪“ 455‬‬
‫حرف الدال‬
‫د‬

‫‪455‬‬
“ 456 “

456
‫“ ‪“ 457‬‬
‫‪ - 262‬دخان‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الدال والخاء والنون أصل واحد ‪ ،‬وهو الذي يكون عن الوقود ‪ ،‬ثم يشبّه به ك ّل ما‬
‫يشبهه من عداوة ونظيرها ‪ .‬فالدخان معروف ‪ ،‬وجمعه دواخن على غير قياس ‪. . .‬‬
‫فاما الحديث ‪ “ :‬هدنة على دخن “ فهو استقرار على أمور مكروهة ‪.‬‬
‫والدخنة من األلوان ‪ :‬كدرة في سواد “ ( معجم مقاييس اللغة مادة “ دخن “ )‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫ورد مفرد “ دخان “ في القرآن في موضعين ‪:‬‬
‫) ‪ ( 1‬بالمعنى اللغوي السابق اي الدخان المعروف ‪.‬‬
‫ين ] ‪“[ 44 / 11‬‬ ‫ُخان ُمبِّ ٍ‬
‫سما ُء بِّد ٍ‬ ‫ارت َ ِّقبْ يَ ْو َم تَأْتِّي ال َّ‬
‫قال تعالى ‪ ” :‬فَ ْ‬
‫فهذا اليوم هو إما يوم شدة ومجاعة ‪ ،‬أو هو اليوم المعدود من اشراط الساعة ‪ ،‬أو هو‬
‫يوم القيامة ‪ ، 1‬وعلى كل األحوال لئن كان الخالف على تحديد اليوم قائما فإنه ال‬
‫يشمل “ الدخان ‪“ .‬‬
‫) ‪ ( 2‬لإلشارة إلى كونية معينة للسماء في وقت معين ‪.‬‬
‫ط ْوعا ً أ َ ْو َك ْرها ً‬
‫ض ائْتِّيا َ‬‫ُخان فَقا َل لَها َو ِّل ْأل َ ْر ِّ‬
‫يد ٌ‬ ‫ماء َو ِّه َ‬
‫س ِّ‬ ‫قال تعالى ‪ ” :‬ث ُ َّم ا ْستَوى إِّلَى ال َّ‬
‫‪ ،‬قالَتا أَتَيْنا طائِّ ِّعينَ ‪“[ 41 / 10 ] .‬‬
‫يقول البيضاوي ‪:‬‬
‫“ وهي دخان ‪ :‬أمر ظلماني ولعله أراد به مادتها ‪ ( “ . . .‬ج ‪) 186 / 2‬‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫اطلق الشيخ ابن العربي على السماوات السبع وكل ما دونها اسم “ الدخان “ ‪ ،‬لما في‬
‫الدخان من خاصية كونه جسما يقبل التشكل واالستحاالت ‪ -‬في مقابل “ الجنان “ بما‬
‫فيها من صفات األبدية ‪.‬‬

‫فالكون كما يرسمه حكيم مرسية دوائر ‪ ،‬والسماء السابعة المحيطة بكل ما دونها من‬
‫سماوات وأرضين وعناصر ‪ . . .‬هي منتهى الدخان ‪.‬‬

‫اي نهاية األجسام القابلة لالستحاالت ‪ ،‬وما فوقها [ جنان وخالفه ] ثابت ال يستحيل‪.‬‬

‫‪457‬‬
‫“ ‪“ 458‬‬

‫من الممكن ان الشيخ ابن العربي استفاد مضمون الفكرة [ االستحالة ] دون المصطلح‬
‫َّللا‬
‫[ دخان ]من اآلية الكريمة التي تشير إلى تبدل السماء واألرض في أوقات يحددها ّ‬
‫سماواتُ ‪.‬‬ ‫غي َْر ْاأل َ ْر ِّ‬
‫ض َوال َّ‬ ‫ض َ‬ ‫عز وجل ‪ ”:‬يَ ْو َم تُبَ َّد ُل ْاأل َ ْر ُ‬
‫ار ] ‪“[ 14 / 48‬‬ ‫واح ِّد ْالقَ َّه ِّ‬
‫ّلل ْال ِّ‬
‫قال تعالى ‪َ " :‬وبَ َر ُزوا ِّ َّ ِّ‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ والسماء السابعة ‪ . . .‬منتهى الدخان ‪ ،‬وال بد لها [ للسماء السابعة ] ولمن هو تحتها‬
‫[ األرضون ‪ ،‬العناصر ‪ ] . . .‬من االستحالة إلى صور كانت عليها أو على أمثالها قبل‬
‫أن تكون سماء “ ( ف ‪. ) 280 / 2‬‬

‫كما يراجع بقية النص في الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪ ، 280 - 278‬حيث يصف شيخنا‬
‫األكبر معراج التابع المحمدي [ معراج روحي ] على رفرف العناية ‪ ،‬ووقوف صاحب‬
‫النظر الذي رافقه في معراجه على براق الفكر عند السماء السابعة ‪ ،‬ألنها منتهى‬
‫الدخان أو آخر الدخان ‪ ،‬وال يحق له ان يتخطاها إلى رؤية الجنان ‪.‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬راجع تفسير البيضاوي ج ‪ 2‬ص ‪. 205‬‬

‫الدرة البيضاء ‪1‬‬


‫‪ّ - 263‬‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الدال والراء في المضاعف يدل على أصلين ‪ :‬أحدهما تولد شيء عن شيء ‪.‬‬
‫والثاني اضطراب في شيء ‪. . .‬‬
‫والد ّّر ‪ :‬كبار اللؤلؤ سمي بذلك الضطراب يرى فيه لصفائه ‪ ،‬كأنه ماء يضطرب ‪. . .‬‬
‫در ) ‪.‬‬
‫“ ( معجم مقاييس اللغة ‪ .‬مادة ّ‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫در في القرآن بصيغة الصفة ‪.‬‬ ‫ورد األصل ّ‬
‫بار َك ٍة زَ ْيتُونَ ٍة “[ ‪/ 24‬‬ ‫ي يُوقَ ُد ِّم ْن َ‬
‫ش َج َرةٍ ُم َ‬ ‫الزجا َجةُ َكأَنَّها َك ْو َك ٌ‬
‫ب د ِّ ُّر ٌّ‬ ‫قال تعالى ‪ُّ ” :‬‬
‫‪]35‬‬

‫‪458‬‬
‫“ ‪“ 459‬‬
‫يقول أحمد بن فارس ‪:‬‬
‫“ والكوكب الد ّّري ‪ :‬الثاقب المضيء ‪ .‬شبّه بالدّر ونسب اليه لبياضه “ ( معجم مقاييس‬
‫در ) ‪1.‬‬ ‫اللغة ‪ .‬مادة ّ‬
‫عند الشيخ ابن العربي ‪: 2‬‬
‫الدرة البيضاء ‪ 3‬إشارة إلى العقل األول ‪ 4‬أو النور المحمدي ‪ 5‬في حال الرتق ‪ ،‬وهي‬
‫الحال التي يكون فيها العالم باسره مجتمعا في العقل األول ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪: 6‬‬


‫“ ‪ . . .‬فحال الرتق ‪ 7‬هي كون العالم باسره عقال محضا ‪ . . .‬كما جاءت األخبار‬
‫َّللا عز وجل درة بيضاء ‪.‬‬ ‫َّللا عليه وسلم ‪ :‬ان أول ما خلق ّ‬ ‫الصحيحة حيث اخبر صلى ّ‬
‫الحديث ‪.‬‬
‫َّللا العقل‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ ،‬أول ما خلق ّ‬ ‫فتلك الدرة هي العقل الذي اخبر به صلى ّ‬
‫[ العقل األول ] الحديث ‪.‬‬
‫َّللا عليه وسلم ‪.‬‬
‫َّللا صلى ّ‬‫وذلك العقل [ األول ] هو نور رسول ّ‬
‫َّللا عليه‬
‫َّللا صلى ّ‬‫َّللا عنه ‪ ،‬قال سألت رسول ّ‬ ‫الذي اخبر عنه فيما رواه جابر رضي ّ‬
‫َّللا ثم خلق فيه‬
‫َّللا تعالى فقال ‪ :‬هو نور نبيك يا جابر خلقه ّ‬ ‫وسلم عن أول شيء خلقه ّ‬
‫كل خير وخلق بعده كل شيء ‪. . . 8‬‬
‫َّللا عليه وسلم كل العالم ‪ ،‬وان كل جزء من العالم‬ ‫فقد تبين لك بهذا الحديث انه صلى ّ‬
‫مظهر له من حيث اتحاده ‪ ،‬وجزء منه وبعضه وغيره من حيث امتيازه وانفراده ‪ ،‬إذ‬
‫َّللا عليه وسلم الذي هو العقل أصل العالم ‪ ( “ . . .‬بلغة الغواص ‪.‬‬ ‫نوره صلى ّ‬
‫الورقات ‪. ) 10 - 8‬‬
‫“ أنت [ االنسان الخليفة ] الدرة البيضاء ‪ ،‬بك ترديت وعليك استويت وإليك اتيت ‪،‬‬
‫وبك إلى خلقي تجليت “ ‪ ( .‬كتاب االسرا ‪ .‬ص ‪. ) 69‬‬
‫“ فان قلت ‪ :‬وما الزمردة الخضراء ‪ ،‬قلنا ‪ :‬النفس المنبعثة عن الدرة البيضاء ‪ ،‬فان‬
‫قلت ‪ :‬وما الدرة البيضاء ‪ ،‬قلنا ‪ :‬العقل األول صاحب علم السمسمة [ انظر سمسمة ]‬
‫“ ( فتوحات ‪. ) 130 / 2‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يا درة بيضاء الهوتية *** قد ض ّمنت صدفا من الناسوت‬
‫الدر والياقوت‬
‫جهل الخالئق قدّرها لشقائهم *** وتنافسوا في ّ‬

‫) ‪ ( 2‬افرد الشيخ ابن العربي كتابا للدرة البيضاء سماه ‪ “ :‬جواب عن مسألة الدرة‬
‫البيضاء وهو العقل األول “ ‪ .‬انظر عقلة المستوفز ص ‪ 56‬واالنسان الكلي ورقة ‪. 6‬‬
‫‪-‬الموضوع نفسه ‪ :‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ص ‪. 427 - 421‬‬

‫‪459‬‬
‫“ ‪“ 460‬‬
‫‪-‬انظر عثمان يحيى‪Hist . et class . T 1 R . G 178‬‬
‫) ‪ ( 3‬لم يشر الشيخ ابن العربي إلى السبب في تسمية العقل األول بالدرة البيضاء ‪،‬‬
‫على حين نجد تفسير ذلك في كتاب رشح الزالل في اصطالح المشايخ ‪ .‬يقول في‬
‫ورقة ‪28‬‬
‫أ ‪ -‬ب ‪ “ :‬الدرة البيضاء ‪ :‬العقل األول فإنه نقطة مركز العماء فأول منفصل من سواد‬
‫الغيب ‪ . . .‬ولذلك وصف بالبياض ليقابل بياضه سواد الغيب فيتبين بضده كمال التبيين‬
‫‪ ،‬وأيضا هو أول موجود ترجح وجوده على عدمه والوجود بياض والعدم سواد ‪،‬‬
‫ولذلك قال بعض العارفين في الفقر انه بياض يتبين فيه كل معدوم وسواد ينعدم فيه‬
‫موجود ‪ ،‬فإنه أراد بالفقر فقر االمكان “ ‪.‬‬
‫وفي كتاب النابلسي “ ورد الورود “ شرح لعبارة الشيخ ابن العربي “ الدرة البيضاء‬
‫“ يقول في ورقة ‪ ( “ 19‬والدرة ) بالضم اللؤلؤة الكبيرة ‪ ( . . .‬البيضاء ) اي الصافية‬
‫َّللا تعالى كما ورد في‬
‫النقية كناية عن النور المحمدي الذي هو أول مخلوق من نور ّ‬
‫الحديث الذي رواه جابر “ ‪. . .‬‬
‫) ‪( 4‬راجع “ عقل أول “‬
‫) ‪( 5‬راجع “ النور المحمدي “‬
‫) ‪( 6‬يراجع فيما يتعلق بالدرة البيضاء عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬اصطالحات الشيخ ابن العربي ص ‪ 293‬مادة “ درة بيضاء ‪“ .‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 1‬ص ‪. 46‬‬
‫‪-‬االنسان الكلي ورقة ‪ 6‬أ ‪.‬‬
‫“ ) ‪ (( 7‬الرتق ) اجمال المادة الوحدانية المسماة بالعنصر األعظم المطلق المرتوق‬
‫قبل خلق السماوات واألرض المفتوق بعد تعينها بالخلق ‪ ،‬وقد يطلق على نسب‬
‫الحضرة الواحدية باعتبار ظهورها وعلى كل بطون وغيبة كالحقائق المكنونة في‬
‫الذات األحدية ‪ ،‬قبل تفاصيلها في الحضرة الواحدية مثل الشجرة في النواة “ ( جامع‬
‫األصول ‪ .‬الكمشخانوي ص ‪ 60‬مادة “ رتق “ ) ‪.‬‬

‫صل الحديث كيفية خلق‬


‫) ‪( 8‬راجع تكملة الحديث بلغة الغواص ورقة ‪ . 9‬حيث يف ّ‬
‫العالم بأجمعه من الدرة البيضاء التي هي العقل األول ‪.‬‬

‫‪ - 264‬استدراج‬
‫انظر “ مكر “‬

‫‪460‬‬
‫“ ‪“ 461‬‬
‫‪ - 265‬إدريس‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ إدريس قيل إنه قبل نوح ‪ ،‬قال ابن إسحاق ‪ :‬كان إدريس أول بني آدم أعطي النبوة ‪،‬‬
‫وهو إخنوخ بن يراد بن مهالييل بن انوش بن تينان بن شيت بن آدم ‪ ،‬وهو اسم‬
‫سرياني وقيل عربي مشتق من الدراسة لكثرة درسه الصحف ‪ . . .‬وفي صحيح ابن‬
‫حيان انه كان نبيا رسوال وانه أول من خط بالقلم ‪“ .‬‬
‫( االتقان في علوم القرآن ج ‪ 2‬ص ‪. ) 138‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫َّللا مكانا عليا ‪ ، 1‬وكان من الصابرين‬ ‫إدريس في القرآن نبي صدّيق رفعه ّ‬
‫الصالحين ‪.‬‬
‫ص ّدِّيقا ً نَبِّيًّا َو َرفَ ْعناهُ َمكانا ً َ‬
‫ع ِّليًّا ‪[ “.‬‬ ‫يس ِّإنَّهُ كانَ ِّ‬ ‫قال تعالى ‪َ ” :‬وا ْذ ُك ْر فِّي ْال ِّكتا ِّ‬
‫ب ِّإ ْد ِّر َ‬
‫‪]19 / 56 - 57‬‬
‫صا ِّب ِّرينَ ‪َ .‬وأ َ ْدخ َْلنا ُه ْم فِّي‬
‫يس َوذَا ْال ِّك ْف ِّل ‪ُ ،‬ك ٌّل ِّمنَ ال َّ‬
‫”قال تعالى ‪َ " :‬و ِّإسْما ِّعي َل َو ِّإ ْد ِّر َ‬
‫صا ِّل ِّحينَ “[ ‪] 86 - 85 / 21‬‬ ‫َر ْح َم ِّتنا ِّإنَّ ُه ْم ِّمنَ ال َّ‬
‫في التراث ‪:‬‬
‫يذهب الكتاب المسلمون أمثال القفطي واليعقوبي وابن أبي اصيبعة إلى أن إدريس‬
‫الوارد ذكره في القرآن هو هرميس ‪ 2‬آله الحكمة عند المصريين واليونان ‪ ،‬وانه أيضا‬
‫إخنوخ ‪ 3‬النبي اليهودي ‪ ،‬وقد أدى إلى هذا الخلط العجيب ‪ ،‬التطورات التي مر بها‬
‫تاريخ هرميس اله الحكمة عند قدماء المصريين واليونان ‪ ،‬على يد وثني حران من‬
‫جهة واليهود والمسلمين من جهة ثانية ‪. 4‬‬
‫وهكذا وصلت شخصية النبي إدريس إلى عصر الشيخ ابن العربي مكثفة بالمفاهيم التي‬
‫اكتسبتها من رحلتها ‪ ،‬في الفكر اليوناني والمصري واليهودي والعربي ‪ ،‬وهذا ما‬
‫سنلمسه فور بحثها عنده‪.‬‬

‫‪461‬‬
‫“ ‪“ 462‬‬
‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫لقد افرد الشيخ ابن العربي فصين كاملين لنبي واحد هو إدريس أو الياس ‪:‬‬
‫“ فص حكمة قدوسية في كلمة ادريسية “ [ الفص ‪ ] 4‬و “ فص حكمة ايناسية في كلمة‬
‫الياسية “ [ الفص ‪ ] 22‬وهذا االفراد الذي خص به إدريس ‪،‬‬
‫قد يعود إلى أنه في نظر الشيخ األكبر ينفرد عن األنبياء بنشأتين ‪:‬‬
‫َّللا مكانا عليا ‪ ،‬واعاده في نشأة أخرى رسوال‬
‫األولى كان فيها نبيا قبل نوح ثم رفعه ّ‬
‫وال يزال حيا حتى اليوم ‪. 5‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫َّللا نشأتين ‪، 6‬‬
‫“ فمن أراد العثور على هذه الحكمة االلياسية اإلدريسية الذي أنشأه ّ‬
‫فكان نبيا قبل نوح ثم رفع ونزل رسوال بعد ذلك “ ‪ ( . . .‬الفصوص ‪. ) 186 / 1‬‬
‫ويمكن التمييز بين موقفين للشيخ ابن العربي من إدريس يستتبعان المفهومين التاليين ‪:‬‬
‫أوال ‪ -‬الموقف األول ينظر إلى إدريس كشخص يحده زمان ومكان ‪.‬‬
‫إدريس والياس هما شخص واحد بنشأتين وظهورين على األرض ‪.‬‬
‫األول نشأة جسمانية كان فيها نبيا قبل نوح ‪.‬‬
‫َّللا مكانا عليا ‪ ،‬واعاده في نشأة روحانية في شخص الياس ‪ ،‬وهو ال يزال حيا‬ ‫ثم رفعه ّ‬
‫‪ ،‬ومثله في البناء الفلسفي للشيخ األكبر كمثل عيسى في الفكر االسالمي ‪.‬‬
‫َّللا إلى السماء وسيعود في آخر الزمان ( في شخص ختم الوالية‬ ‫فقد كان نبيا ثم رفعه ّ‬
‫العامة عند الشيخ ابن العربي )‬
‫اال ان عيسى ليس له نشأتان وهو لم يمت بالتأكيد ‪ .‬وليس بامكاننا ان نؤكد ان إدريس‬
‫َّللا في نشأة أخرى ‪.‬‬
‫لم يمت بل ربما مات واعاده ّ‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ فعلو المكان “ ورفعناه مكانا عليا “ وأعلى األمكنة المكان الذي تدور عليه رحى عالم‬
‫األفالك وهو فلك الشمس ‪ ،‬وفيه مقام روحانية إدريس عليه السالم ‪“ .‬‬
‫( فصوص ‪. ) 75 / 1‬‬
‫َّللا مكانا عليا ‪ ،‬فهو في قلب األفالك‬
‫“ الياس هو إدريس كان نبيا قبل نوح ‪ ،‬ورفعه ّ‬
‫ساكن وهو فلك الشمس ‪ ( “ . . . 7‬ف ‪.) 181 / 1‬‬

‫‪462‬‬
‫“ ‪“ 463‬‬

‫َّللا عليه وسلم ] إلى السماء الرابعة فاستفتح‬


‫“ ثم عرج [ جبريل ] به [ بمحمد صلى ّ‬
‫وقال وقيل له ‪ ،‬ففتحت فإذا بإدريس عليه السالم بجسمه فإنه ما مات إلى اآلن ‪ 8‬بل‬
‫َّللا مكانا عليا ‪ ،‬وهو هذه السماء قلب السماوات ‪ 9‬وقطبها ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 3‬‬ ‫رفعه ّ‬
‫‪. ) 341‬‬
‫ثانيا ‪ -‬الموقف الثاني ينظر إلى إدريس كرمز ‪،‬‬
‫وهنا يقسم أيضا قسمين ‪:‬‬
‫القسم األول ‪ -‬إدريس هو رمز للعقل االنساني في حال تجرده التام عن جميع عالقاته‬
‫باّلل ‪. - 10‬‬
‫بالبدن أو هو العقل المحض في تطلعه إلى المعرفة الكاملة ّ‬
‫وهو قطب روحاني يمد األولياء ‪.‬‬
‫( أ ) قد يخيل إلى المفكر الغريب عن جو الشيخ ابن العربي ان قمة ما يسعى اليه‬
‫االنسان في معرفته للحق ‪ ،‬ان يكون عقال محضا متجردا عن جميع عالقاته البدنية ‪،‬‬
‫وهذا طبيعي ومنطقي بالنسبة لمتصوف أوال ‪.‬‬
‫وفيلسوف ثانيا ‪ .‬فالتصوف الوهلة األولى يفترض التجرد عن العالقات بالبدن ‪.‬‬
‫والفلسفة تفترض الوصول إلى صفاء العقل عن كدورات البدن والنفس ‪.‬‬
‫ولكن ال ‪ ،‬ان الشيخ ابن العربي يعطي تقويما مغايرا ‪ .‬فالعقل المحض يصل إلى‬
‫معرفة وجه واحد للحق الذي له وجهان ‪ ،‬ويأخذ مثال ‪ ،‬التشبيه والتنزيه ‪.‬‬
‫فالعقل ينزه والحق ليس منزها فقط ‪ ،‬بل هو منزه مشبه ‪ ،‬أو تنزيه في تشبيه وتشبيه‬
‫في تنزيه ‪. 11‬‬
‫فادريس يشبه إلى حد بعيد نوحا ‪ ،‬وقد خص الشيخ األكبر نوحا بالحكمة السبوحية ‪،‬‬
‫وإدريس بالحكمة القدوسية ‪ ،‬وغني عن البيان ان التسبيح والتقديس هما من فعل العقل‬
‫الذي طغى في دعوة نوح وإدريس ‪.‬‬

‫ويضع الشيخ ابن العربي في مقابل نوح وإدريس ‪:‬‬


‫َّللا عليه وسلم الذي زاوج بعدى المعرفة اإللهية ‪ ،‬فنوح وإدريس للفرقان‬
‫محمدا صلى ّ‬
‫والتنزيه والعقل ‪.‬‬
‫َّللا عليه وسلم للقرآن ‪. 12‬‬
‫ومحمد صلى ّ‬
‫والتنزيه في التشبيه والتشبيه في التنزيه ‪ ،‬والعقل والوهم ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ ثم بعث [ إدريس ] إلى قرية بعلبك ‪ ،‬وبعل ‪ :‬اسم صنم ‪ ،‬وبك ‪:‬‬
‫هو سلطان تلك القرية ‪ ،‬وكان هذا الصنم المسمى بعال مخصوصا بالملك ‪ .‬وكان الياس‬
‫الذي هو إدريس قد مثل له انفالق الجبل المسمى لبنان ‪ -‬من اللبانة وهي الحاجة ‪ -‬عن‬
‫فرس من نار ‪ ،‬وجميع االته من نار فلما رآه ركب عليه فسقطت عنه‬

‫‪463‬‬
‫“ ‪“ 464‬‬
‫الشهوة ‪ ، 13‬فكان عقال بال شهوة ‪ ،‬فلم يبق له تعلق بما تتعلق به االغراض النفسية ‪.‬‬
‫باّلل ‪ ،‬فان العقل إذا تجرد‬
‫فكان الحق فيه منزها فكان على النصف من المعرفة ّ‬
‫باّلل على التنزيه ال على التشبيه ‪.‬‬
‫لنفسه ‪ . . .‬كانت معرفته ّ‬
‫فنزه في موضع وشبّه في‬ ‫باّلل ‪ّ ،‬‬
‫َّللا المعرفة بالتجلي كملت معرفته ّ‬
‫وإذا أعطاه ّ‬
‫موضع ‪. . .‬‬
‫َّللا وحكمت بهذه المعرفة‬
‫وهذه المعرفة التامة التي جاءت بها الشرائع المنزلة من عند ّ‬
‫األوهام ‪ 14‬كلها ‪ [ “ . . .‬فصوص ‪] 181 / 1‬‬

‫َّللا عليه وسلم‬


‫ويقابل الشيخ ابن العربي بين تنزيه إدريس وتنزيه محمد صلى ّ‬
‫باّلل ‪.‬‬
‫فاألول تنزيه عقلي فهو على النصف من المعرفة ّ‬
‫َّللا عليه وسلم فقد اختص بالقرآن وهو يتضمن الفرقان واآلية ‪:‬‬
‫اما محمد صلى ّ‬
‫“ فليس كمثله شيء “ تجمع االمرين ( تشبيه ‪ -‬تنزيه ) في واحد ‪. 15‬‬
‫( ب ) ان إدريس يمثل القطب الروحاني الذي يمد األولياء بالروحانيات ‪، 16‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ ان ث ّم رجاال سبعة يقال لهم االبدال ‪.‬‬
‫َّللا بهم األقاليم السبعة لكل بدل إقليم ‪ ،‬وإليهم تنظر روحانيات السماوات السبع ‪.‬‬‫يحفظ ّ‬
‫ولكل شخص منهم قوة ( منبعثة ) من روحانيات األنبياء الكائنين في هذه السماوات ‪،‬‬
‫وهم ‪ :‬إبراهيم الخليل ‪ ،‬يليه موسى ‪ ،‬يليه هارون ‪ ،‬يتلوه إدريس ‪ ،‬يتلوه يوسف ‪ ،‬يتلوه‬
‫عيسى يتلوه آدم ‪. . .‬‬
‫فكل امر علمي يكون في يوم األحد فمن مادة إدريس عليه السالم ‪ . . .‬فمما يحصل‬
‫لهذا الشخص المخصوص من االبدال ‪ ،‬بهذا اإلقليم ‪ ،‬من العلوم ‪ :‬علم اسرار‬
‫الروحانيات ‪ ( “ . . .‬ف السفر الثاني ص ص ‪. ) 377 - 376‬‬
‫َّللا ] فيها قطب‬
‫“ السماء الرابعة وهي قلب العالم وقلب السماوات ‪ . . .‬واسكن [ ّ‬
‫األرواح االنسانية وهو إدريس عليه السالم “ ‪ ( .‬ف ‪. ) 445 / 2‬‬
‫القسم الثاني ‪ -‬الياس الذي هو إدريس رمز للقبض في مقابل الخضر ‪ ،‬رمز البسط‬
‫‪. 17‬‬
‫“ فان قلت ‪ :‬وما الغوث ؟ قلنا صاحب الزمان ‪ 18‬وواحده ‪ ،‬وقد يكون ما يعطيه على‬
‫يد الياس [ من حيث إنه القطب الروحاني ]‬
‫فان قلت ‪ :‬وما الياس ؟‬
‫قلنا ‪ :‬عبارة عن القبض وقد يكون ما يعطيه على يد الخضر‪.‬‬
‫فان قلت ‪ :‬وما الخضر قلنا عبارة عن البسط ‪ ( “ . . .‬ف ‪.) 131 / 2‬‬

‫‪464‬‬
‫“ ‪“ 465‬‬
‫“ الياس ‪ :‬يعبر به عن القبض ‪ ( “ 19‬اصطالحات الشيخ ابن العربي ص ‪) 293‬‬
‫على اننا لم نجد نصوصا عند الشيخ ابن العربي تبين وجه العالقة بين القبض وبين‬
‫الياس حتى يعبر عنه ‪ ،‬فننقل تعريف الجرجاني ‪.‬‬
‫“ االلياس ‪ ،‬يعبر به عن القبض فإنه إدريس والرتفاعه إلى العالم الروحاني استهلكت‬
‫قواه المزاجية في الغيب وقبضت فيه ‪.‬‬
‫ولذلك عبر عن القبض به “ ( التعريفات ص ‪) 36‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫َّللا ‪ ،‬وقيل الجنة وقيل السماء‬ ‫) ‪( 1‬المكان العلي يفهم منه “ شرف النبوة والزلفى عند ّ‬
‫السادسة أو الرابعة “ ( أنوار التنزيل ج ‪ 2‬ص ‪. ) 18‬‬
‫) ‪( 2‬كان هرمس عند اإلغريق اسما لعطارد الذي سموه فيما بعد باسم “ طوط “ اله‬
‫القمر عند المصريين ‪ ،‬وقد اشتهر بالفلك والحكمة ثم أصبح في وقت من األوقات اله‬
‫العالم العقلي عند اإلغريق والمصريين ‪.‬‬
‫وقد زاد المصريون إلى قوى هرمس مهمة اختبار أرواح الموتى ‪ ،‬لمعرفة مدى‬
‫أهليتها واستحقاقها للدخول في فلك الشمس ‪.‬‬
‫فلما فتح العرب مصر والشام وجدوا مؤلفات منسوبة إلى هرمس ‪ ،‬كان الفكر اليهودي‬
‫قد ترك فيها بصماته ‪ ،‬فاقتبسوا منها وأضحى الهرامسة ثالثة عند العرب يهمنا منها‬
‫األول الذي هو أخنوخ وهو الذي سموه إدريس‬
‫‪-‬راجع أبو العال عفيفي ‪ .‬فصوص الحكم ج ‪ 2‬ص ‪. 45 - 44‬‬
‫‪-‬دائرة المعارف‪Universalis‬الطبعة الفرنسية مادة ‪Hermes-‬كما ينظر اليونان‬
‫إلى هرمس على أنه مخترع األبجدية والموسيقى والفلك ‪ . . .‬انظر ‪- dict . de la‬‬
‫‪mythologie grecque et Romaine . Larousse art .‬‬
‫) ‪Hermes .( 3‬‬
‫يتفق مؤرخونا على أن إدريس هو أخنوخ ‪ ،‬يقول اللوساني في تواريخ األنبياء ص ‪21‬‬
‫‪ “ ،‬وكان الحكماء اليونانيون يسمونه [ إدريس ] هرمس الحكيم ‪.‬‬
‫واسمه في التوراة أخنوخ ‪ “ . . .‬كما يقول البيضاوي في أنوار التنزيل ج ‪ 2‬ص‬
‫“ ‪18 :‬إدريس ‪ :‬وهو سبط شيث وجد أبي نوح ‪ . . .‬واسمه أخنوخ “ ‪. . .‬‬
‫يراجع فيما يتعلق بإدريس النبي تاريخيا ‪:‬‬
‫‪ - 1‬المسعودي ‪ .‬مروج الذهب ج ‪ 1‬ص ‪. 73‬‬
‫‪ - 2‬الديار بكري ‪ .‬تاريخ الخميس ط ‪ .‬القاهرة ص ‪ 66‬وما بعد ‪.‬‬
‫‪ - 3‬ابن األثير طبعة نور تبرغ ج ‪ 1‬ص ‪. 44‬‬
‫) ‪( 4‬فصوص الحكم عفيفي ج ‪ 2‬ص ص ‪. 45 - 44‬‬
‫) ‪( 5‬يقول جامي في شرحه للحكمة االيناسية المتعلقة بالياس ‪:‬‬

‫‪465‬‬
‫“ ‪“ 466‬‬
‫“ انما سميت حكمته عليه السالم ايناسية ‪ ،‬لما انس باالنس بنشأته الجسمانية ‪ ،‬وبالملك‬
‫بنشأته الروحانية ‪ . . .‬وهو كالبرزخ بين النشأة الملكية واالنسانية ‪ . . .‬أو ألن االيناس هو‬
‫ابصار الشيء على وجه االنس وكذا به قال تعالى في حق موسى عليه السالم ‪ . . .‬وكذا‬
‫ابصر الياس عليه السالم فرسا من نار وجميع آالته عليه من نار وانس به فركبه ‪ ،‬فابصاره‬
‫الفرس في صورة نارية مع االنس به إيناس فلذا سميت حكمته ايناسية ‪“ .‬‬
‫( شرح الفصوص ج ‪ 2‬ص ‪)266‬‬

‫) ‪( 6‬ان إلدريس حشرين ‪ :‬يحشر في جماعة األنبياء والرسل بلواء النبوة والرسالة ‪،‬‬
‫َّللا‬
‫وأصحابه تابعون له ‪ ،‬ويحشر أيضا وليا في جماعة األولياء ‪ ،‬تحت لواء محمد صلى ّ‬
‫عليه وسلم ‪ ،‬يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ فله [ عيسى ] ‪ ،‬يوم القيامة ‪ ،‬حشران ‪ ،‬يحشر في جماعة األنبياء والرسل بلواء النبوة‬
‫والرسالة ‪ -‬وأصحابه تابعون له ‪ -‬فيكون متبوعا كسائر الرسل ‪ ،‬ويحشر أيضا معنا ‪ ،‬وليا‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ -‬تابعا له ‪ -‬مقدما‬
‫في جماعة أولياء هذه األمة ‪ ،‬تحت لواء محمد ‪-‬صلى ّ‬
‫َّللا‬
‫على جميع األولياء ‪ . . .‬وما في الرسل ‪ ،‬يوم القيامة ‪ ،‬من يتبعه رسول اال محمد صلى ّ‬
‫عليه وسلم فإنه يحشر يوم القيامة ‪ ،‬في اتباعه ‪ ،‬عيسى والياس عليهما السالم ‪ ( “ . . .‬ف‬
‫السفر الثالث ص ‪ 176 - 175‬نشر عثمان يحيى )‪.‬‬
‫) ‪( 7‬ان الشيخ ابن العربي لم يشر إلى هرميس ‪ ،‬ولكن أبو العال عفيفي يؤكد دون شك‬
‫استفادته من المصادر الهرميسية اليهودية ‪ ،‬الن جملته هذه في الفصوص تنطبق في‬
‫ظاهرها على وصف اليهود الخنوخ ‪.‬‬
‫‪-‬راجع أبو العال عفيفي ‪ .‬فصوص ‪- . 258 / 2‬سفر التكوين ‪.‬‬
‫) ‪( 8‬يورد الثعلبي في كتابه قصص األنبياء طبع محمود الجزائري مطبعة الكاستلية سنة‬
‫‪ 1282‬ه ‪.‬‬
‫ص ص ‪ ، 52 - 51‬الحادثة التالية التي يبين فيها كيف حصل إدريس على استمرار الحياة‬
‫إلى األبد ‪ ،‬في مكانه العلي ‪ ،‬يقول ‪:‬‬
‫“ اني [ إدريس ] أريد ان اعلم من أنت ‪ ،‬قال ‪ :‬انا ملك الموت استأذنت ربي ان أزورك‬
‫واصاحبك فاذن لي في ذلك ‪ ،‬فقال له إدريس ‪ :‬لي إليك حاجة ‪ ،‬قال ‪ :‬وما هي ‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫َّللا تعالى اليه [ إلى ملك الموت ] ان اقبض روحه [ روح إدريس ]‬ ‫اقبض روحي ‪ .‬فأوحى ّ‬
‫َّللا عليه بعد ساعة ‪ ،‬فقال له ملك الموت ‪ :‬فما الفائدة من سؤالك‬ ‫فقبض روحه ثم ردها ّ‬
‫قبض الروح ‪ ،‬قال ‪ :‬الذوق كرب الموت وغمه فاكون له أشد استعدادا ثم قال له ‪ :‬لي إليك‬
‫حاجة أخرى ‪ ،‬قال ‪ :‬ما هي ‪ ،‬قال ‪ :‬ترفعني إلى السماء ‪ ،‬النظر إليها وإلى الجنة فأذن له‬
‫في ذلك ‪ ،‬فلما قرب من النار ‪ ،‬قال ‪ :‬لي إليك حاجة ‪ ،‬قال ‪ :‬وما تريد ‪ ،‬قال ‪ :‬تسأل مالك‬
‫يفتح لي أبواب النار حتى أردها ففعل ذلك ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬فكما أريتني النار فأريني الجنة ‪،‬‬
‫فذهب به إلى الجنة فاستفتحها ففتحت له أبوابها فدخلها فقال له ملك الموت ‪:‬اخرج لتعود‬
‫إلى مقرك فتعلق بشجرة وقال ‪ :‬ال اخرج منها ‪.‬‬
‫َّللا تعالى قال” ُك ُّل‬
‫َّللا ملكا حكما بينهما فقال له الملك ‪ :‬ما لك ال تخرج ‪ ،‬قال ‪ :‬الن ّ‬ ‫فبعث ّ‬
‫ت “( ‪) 185 / 3‬‬ ‫نَ ْف ٍس ذائِّقَةُ ْال َم ْو ِّ‬
‫واردُها[ النار ] “ ( ‪ ) 71 / 19‬وقد وردتها ‪ ،‬وقال‬ ‫وقد ذقته ‪ ،‬وقال تعالى” َو ِّإ ْن ِّم ْن ُك ْم ِّإ َّال ِّ‬
‫تعالى” َوما ُه ْم ِّم ْنها[ الجنة ]‬

‫‪466‬‬
‫“ ‪“ 467‬‬

‫ِّب ُم ْخ َر ِّجينَ “( ‪ ) 48 / 15‬فلست اخرج ‪ ،‬فقال ّ‬


‫َّللا تعالى لملك الموت ‪ ،‬دعه فإنه باذني‬
‫دخل الجنة وبأمري ال يخرج فهو حي هناك “ ‪. . .‬‬

‫) ‪( 9‬قلب السماوات ‪ :‬هي السماء الرابعة من حيث إن السماوات سبع فتشكل الرابعة‬
‫وسطا بينها ‪.‬‬
‫) ‪( 10‬ان رمزية إدريس عند الشيخ ابن العربي هنا تشبه تصوير اإلغريق‬
‫لهرميس ‪.‬‬
‫) ‪( 11‬راجع فصوص الحكم ‪ :‬الفصين الثالث والرابع ‪ :‬فص حكمة سبوحية في كلمة‬
‫نوحية ‪ -‬وفص حكمة قدوسية في كلمة ادريسية ‪ .‬كما يراجع تعليق عفيفي عليهما ‪.‬‬
‫) ‪( 12‬راجع “ قران “ و “ فرقان ‪“ .‬‬
‫) ‪( 13‬تتضح رمزية هذا التمثيل للحدث بالنتيجة التي وصل إليها إدريس ‪ .‬فقد أصبح‬
‫عقال بال شهوة ‪ .‬اذن من خالل النتيجة ‪ ،‬ننظر إلى الحدث على أنه يبين كيفية العالقة‬
‫بين عقل االنسان وجسده ‪ ،‬والمجاهدات التي يمارسها للشهوات حتى يمسك بلجامها ‪.‬‬
‫فجبل لبنان رمز للجسم االنساني ‪ ،‬والفرس الناري هي النفس الحيوانية كما يصفها‬
‫أفالطون ‪ .‬واآلالت النارية هي شهوات البدن وأهواؤه ‪ .‬اما ركوب الفرس فيرمز إلى‬
‫ضبط النفس الشهوانية عن طريق تحكيم النفس الناطقة ( العقل ) فيها ‪.‬‬
‫‪-‬يراجع شرح الفصوص جامي ج ‪ 2‬ص ‪268‬‬
‫‪-‬أبو العال عفيفي ج ‪ 2‬ص ‪. 258‬‬
‫) ‪( 14‬راجع “ وهم “‬
‫) ‪( 15‬راجع فصوص الحكم ج ‪ 1‬ص ‪. 70‬‬
‫) ‪( 16‬ومن حيث إن إدريس يمد األولياء قد يرمز الشيخ ابن العربي بلفظه “ إلى مقام‬
‫الرفعة والعلو “ ‪ .‬انظر عند الشيخ ابن العربي الكتاب التذكاري ‪ .‬محي الدين بن‬
‫العربي ‪ .‬الدكتور زكي نجيب محمود ‪.‬‬
‫مقال بعنوان ‪ :‬طريقة الرمز عند الشيخ ابن العربي ص ‪. 78‬‬
‫) ‪( 17‬يعرف صاحب لطائف االعالم “ الياس “ كما يلي ‪:‬‬
‫“ الياس ‪ :‬يكنى به عن القبض كما يكنى بالخضر عن البسط “ ( ص ‪ 32‬أ ) ‪.‬‬
‫انظر “ الخضر “‬
‫) ‪( 18‬انظر “ صاحب الزمان “‬
‫) ‪( 19‬راجع “ قبض “ في هذا المعجم ‪.‬‬

‫‪467‬‬
‫“ ‪“ 468‬‬
‫‪ - 266‬الدفتر األعظم‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ دفتر ( معربة ‪ .‬يونانية ) ‪ :‬مجموعة أوراق تسجل فيها المطالب أو االشعار أو‬
‫الحسابات ذات جلد ‪ .‬طومار ‪ .‬كتاب تقويم ‪ .‬مكتب ‪ .‬دائرة ‪ .‬ديوان ‪“ .‬‬
‫( المعجم الذهبي فارسي ‪ -‬عربي ‪ .‬د ‪ .‬محمد التونجي مادة “ دفتر “ ) ‪.‬‬
‫معرب ( محيط المحيط ) ‪ .‬واألرجح انه‬ ‫“ ( الدفتر ) ‪ :‬وهو معروف قيل فارسي ّ‬
‫يوناني ‪ ( “ . . .‬كتاب االلفاظ الفارسية المعربة ‪ .‬السيد ادي شير مادة “ دفتر “ ) ‪.‬‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫“ دفتر “ لم ترد في القرآن ‪.‬‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫يستعمل الشيخ ابن العربي الدفتر للداللة على الجمع والضم ‪.‬‬
‫فالدفتر األعظم هو ‪ :‬االمام المبين ‪ ،‬من حيث إنه جمع وضم جميع الحقائق المتفرقة‬
‫في العالم ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ الدفتر األعظم وهو االمام المبين “ ( ف ‪. ) 26 / 4‬‬
‫انظر “ امام مبين "‪.‬‬

‫‪ - 267‬مدفن الحق‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫الداء والفاء والنون أصل واحد يدل على استخفاء وغموض يقال دفن الميت ‪ ،‬وهذه‬
‫بئر دفن ‪ :‬ادّفنت ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة مادة “ دفن “ ) ‪.‬‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫“ دفن “ غير قرآنية‪.‬‬

‫‪468‬‬
‫“ ‪“ 469‬‬
‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫لقد استعار الشيخ ابن العربي صورة الموت والدفن للداللة على ‪ :‬وجود هيكلي شبحي‬
‫ال حكم له اي ال حياة ‪.‬‬
‫قلب االنسان ‪ ،‬محل العلم بالحق وهو الذي وسعه من دون الكائنات جميعا ‪.‬‬
‫ولكن وجوده في قلب الغافل وجود ساكن ال فعالية ايجابية له ‪ ،‬اذن فالحق فيه كأنه‬
‫ليس فيه ‪ ،‬وبالتالي ‪:‬‬
‫قلب الغافل ‪ -‬مدفن الحق ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ فقلوب العارفين ‪ : 1‬مدافن الحق ‪ . . .‬من حيث إن قلوبهم محل العلم به ثم إنهم ال‬
‫يراعون حرمته وال يقفون عند حدوده ‪ ،‬فهو فيهم كالميت في قبره ال حكم له فيه ‪. . .‬‬
‫كذلك حكم الطبع إذا ظهر بخالف الشرع ‪ ،‬فان الشرع ميت في حقه في ذلك‬
‫َّللا عليه وسلم في المنام ميتا في موضع‬
‫َّللا صلى ّ‬
‫الزمان ‪ . . .‬ولقد رأيت رسول ّ‬
‫عاينته بالمسجد الجامع بإشبيلية ‪ ،‬فسألت عن ذلك الموضع فوجدته مغصوبا فكان ذلك‬
‫موت الشرع فيه ‪ . . .‬فاستناد الموت والدفن إلى الحق في قلوب الغافلين فهو فيها كأنه‬
‫ال فيها ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 302 /4‬‬
‫‪-----‬‬
‫) ‪( 1‬يجب ان نقرأ “ غافلين “ بدال عن “ عارفين “ وهذا سيتضح بتكملة النص ‪.‬‬

‫‪ – 268‬دقيقة‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الدال والقاف أصل واحد يدل على حقر وحقارة ‪.‬‬
‫فالدقيق ‪ :‬خالف الجليل ‪.‬‬
‫يقال ‪ :‬ما ادقني فالن وال أجلّني ‪ ،‬اي ما أعطاني دقيقة وال جليلة ‪. . .‬‬
‫والدقيق ‪ :‬الرجل القليل الخير ‪.‬‬
‫والدقيق ‪ :‬االمر الغامض ‪ .‬والدقيق ‪:‬‬
‫الطحين ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة مادة “ دق “ )‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫غير واردة ‪.‬‬

‫‪469‬‬
‫“ ‪“ 470‬‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫الدقيقة هي الحقيقة التي تدق على الفهم وذلك لتسترها وخفاءها ‪ ،‬فال ينتبه إليها اال‬
‫أكابر العلماء ‪. . .‬‬
‫أو هي حقائق وسطية تتمتع بكل ما للحقيقة من خصائص كالتأثير مثال [ انظر “ حقيقة‬
‫“]‪.‬‬
‫ونورد عن “ الدقيقة “ مثال نأخذه من الفتوحات لعله يلقي ضوءا على مفهومها ‪:‬‬
‫ت‬‫ص ْر ُك ْم َويُث َ ِّبّ ْ‬‫َّللا يَ ْن ُ‬
‫ص ُروا َّ َ‬ ‫المؤمن منصور ‪ :‬قال تعالى ‪ ” :‬يا أَيُّ َها الَّذِّينَ آ َمنُوا ِّإ ْن ت َ ْن ُ‬
‫أ َ ْقدا َم ُك ْم “[ ‪] 7 / 47‬‬
‫فمجرد االيمان ليس كافيا ‪ ،‬بل ال بد من قوة االيمان بدليل انه ما انهزم نبي قط لقوة‬
‫َّللا‬
‫ايمانه بالحق ‪ .‬وقوة االيمان بالحق تدفع المؤمن إلى االستماتة في سبيل نصرة ّ‬
‫بار ‪َ .‬و َم ْن‬ ‫قال تعالى ‪ ”:‬يا أَيُّ َها الَّذِّينَ آ َمنُوا ِّإذا لَ ِّقيت ُ ُم الَّذِّينَ َكفَ ُروا زَ ْحفا ً فَال ت ُ َولُّو ُه ُم ْاأل َ ْد َ‬
‫َّللا “[ ‪/ 8‬‬ ‫ب ِّمنَ َّ ِّ‬ ‫ض ٍ‬ ‫يُ َو ِّلّ ِّه ْم يَ ْو َمئِّ ٍذ ُدبُ َرهُ ِّإ َّال ُمت َ َح ِّ ّرفا ً ِّل ِّقتا ٍل أ َ ْو ُمت َ َح ِّيّزا ً ِّإلى فِّئ َ ٍة فَقَ ْد با َء ِّبغَ َ‬
‫‪] 16 - 15‬‬
‫َّللا ينصره ‪ . . .‬لذلك قوي االيمان هو المنصور بال شك ‪.‬‬ ‫ومن ينصر ّ‬
‫َّللا على المؤمن ‪ .‬وهنا يبرز مفهوم الدقيقة‬ ‫نرى في بعض المواقف ان الكافر ينصره ّ‬
‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫َّللا تعالى ال يخصصه اال قرائن األحوال ‪ .‬لذلك نسب الحق‬ ‫فااليمان فعل مطلق ارسله ّ‬
‫إلى الكافر فعل االيمان ونسب إلى المؤمن فعل الكفر ‪ ،‬ليقيم الحجة على المؤمنين لما‬
‫دخلهم من الخلل في ايمانهم ‪ ،‬فانهزموا ‪ .‬فما انتصر الكافر على المؤمن وانما كان‬
‫انتصاره على وجه الخلل في االيمان ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫َّللا أهل الباطل مؤمنين ‪ ، 1‬وأهل الحق كافرين ‪ 2‬فال تغفل‬‫“ ‪ . . .‬فهذه حكمة تسمية ّ‬
‫يا ولي عن هذه الدقيقة ‪ ، 3‬فإنها حقيقة ‪ ،‬وهي المؤثرة في أهل النار الذين هم أهلها في‬
‫المآل إلى الرحمة ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 284 / 4‬‬

‫“ وجعله [ الحسن ] عشقا من العشقة ‪ ،‬للعالقة التي بين العبد والرب في الدقيقة التي‬
‫ينزل فيها إلى قلبه بالمعرفة “ ( ترجمان األشواق هامش ‪ 3‬ص ‪) 107‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫َّللا يَ ْكفُ ُرونَ “[ ‪.] 67 / 29‬‬ ‫) ‪ ( 1‬قال تعالى ‪ " :‬أ َ فَ ِّب ْال ِّ‬
‫باط ِّل يُؤْ ِّمنُونَ َو ِّب ِّن ْع َم ِّة َّ ِّ‬
‫ت‬‫غو ِّ‬ ‫ت َو َّ‬
‫الطا ُ‬ ‫ب يُؤْ ِّمنُونَ بِّ ْال ِّج ْب ِّ‬
‫َصيبا ً ِّمنَ ْال ِّكتا ِّ‬ ‫قال تعالى ‪ " :‬أ َ لَ ْم ت َ َر إِّلَى الَّذِّينَ أُوتُوا ن ِّ‬
‫] ‪“[ 4 / 51‬‬

‫‪470‬‬
‫“ ‪“ 471‬‬
‫س َك‬ ‫ت َويُؤْ ِّم ْن ِّب َّ ِّ‬
‫اّلل فَقَ ِّد ا ْست َ ْم َ‬ ‫) ‪( 2‬إشارة إلى اآلية ‪ :‬قال تعالى ‪ ” :‬فَ َم ْن يَ ْكفُ ْر ِّب َّ‬
‫الطا ُ‬
‫غو ِّ‬
‫ِّب ْالعُ ْر َو ِّة ْال ُوثْقى “[ ‪] 256/ 2‬‬
‫) ‪( 3‬كما يراجع بشأن دقيقة ‪ :‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪ ، 118‬ترجمان األشواق ص‬
‫‪ 107‬هامش ‪. 3‬‬

‫سنبلة‬
‫‪ - 269‬دولة ال ّ‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الدّولة والدّولة ‪ :‬العقبة في المال والحرب سواء ‪ .‬وقيل ‪ :‬الدّولة بالضم ‪ ،‬في المال ‪،‬‬
‫والدّولة ‪ ،‬بالفتح ‪ ،‬في الحرب ‪ . . .‬والدّولة ‪ :‬االنتقال من حال الشدة إلى الرخاء ‪. . .‬‬
‫“ ( لسان العرب مادة “ دول “ )‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫ورد األصل “ دول “ في القرآن مرة واحدة وبالمعنى اللغوي الذي أشار اليه لسان‬
‫العرب في قوله ‪ “ :‬يقال صار الفيء دولة بينهم يتداولونه مرة لهذا ومرة لهذا ‪.‬‬
‫أبو عبيد ‪ :‬الدّولة بالضم اسم للشيء الذي يتداول به بعينه ‪ ( “ . . .‬مادة “ دول “ )‬

‫يقول تعالى ‪َ ”:‬ك ْي ال يَ ُكونَ دُولَةً بَيْنَ ْاأل َ ْغنِّ ِّ‬


‫ياء ِّم ْن ُك ْم‪] 59 / 7 [ “ . . .‬‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫تفتقر نصوص الشيخ األكبر إلى الوضوح فيما يتعلق بعبارة “ دولة السنبلة “ ‪ .‬وانما‬
‫من الممكن استقراء غوامض هذا النص ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬فلما خ ّمر الحق بيديه طينة آدم ‪ . .‬وجعل ظهره [ آدم ] محال لألشقياء والسعداء‬
‫من ذريته ‪ . . .‬وأودع الكل طينة آدم ‪ ،‬وجمع فيه االضداد بحكم المجاورة ‪ ،‬وأنشأه‬
‫[ آدم ] على الحركة المستقيمة وذلك في دولة السنبلة “ ( ف ‪. ) 123 / 1‬‬
‫نستنتج ‪:‬‬
‫‪ - 1‬ان عبارة “ دولة السنبلة “ تنتمي إلى مرحلة من مراحل خلق االنسان كما يظهر‬
‫من سياق النص‬

‫‪471‬‬
‫“ ‪“ 472‬‬

‫‪ - 2‬ان هذه المرحلة من الخلق بايحاءاتها تضع امامنا مرحلة شبيهة بها وهي مرحلة‬
‫الميثاق ‪ .‬ففي هذه المرحلة أودع الحق تعالى في ظهر آدم “ الكل “ من ذريته ‪ ،‬على‬
‫حين في الميثاق ‪ :‬وإذ اخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم واشهدهم الست‬
‫بربكم ‪. . .‬‬
‫[انظر “ ميثاق “ ] ‪.‬‬
‫‪ - 3‬ان عبارة “ دولة السنبلة “ مؤلفة من لفظين ‪ ،‬وسنحاول معرفة سبب هذه‬
‫التسمية ‪:‬‬
‫أ ‪ “ -‬دولة “ ‪ :‬ان الدولة كيان معنوي يتميز بوجوده في االحكام ‪ ،‬لذلك فعلى األرجح‬
‫ان الشيخ ابن العربي عندما وجد أن االضداد بحكم المجاورة ‪ ،‬استبدل صورة الحكم‬
‫بلفظ ‪ :‬الدولة ‪.‬‬
‫ولكن لماذا لم يقل مثال ‪ :‬ارض السنبلة أو عالم السنبلة وهذا أقرب إلى طريقته في خلق‬
‫المفردات ‪! .‬‬
‫‪-‬ان “ األرض “ تشعر القارئ أو المستمع بامكان دخولها “ فأرض الحقيقة “ مثال‬
‫على الرغم من عزتها ‪ ،‬نراه يورد الكثير من األمثلة عن دخولها [ انظر “ ارض‬
‫الحقيقة “ ] ‪.‬‬
‫وإلى “ دولة السنبلة “ ‪ . . .‬مرحلة خلق آدم كيف يتسنى لمخلوق ان يدخل ؟ ! اذن‬
‫انتفت امكانية قوله “ ارض السنبلة ‪“ .‬‬
‫‪-‬ان “ العالم “ وان كان من الممكن ان يعبر كالدولة تماما عن شخصية معنوية ‪ ،‬اال‬
‫انه يفيد الشمول واإلحاطة أكثر مما يفيد الحكم والتعيين ‪.‬‬
‫لذلك جاءت “ دولة السنبلة “ ‪ ،‬واضحة تخدم فكرته أكثر مما لو أنه قال “ عالم السنبلة‬
‫‪“.‬‬
‫ب ‪ “ -‬سنبلة “ ‪ :‬ورد في النص لفظان نستدل منهما على السبب الذي جعل هذه‬
‫الدولة ‪ ،‬دولة السنبلة ‪.‬‬
‫اللفظان هما ‪ - :‬المجاورة [ بحكم المجاورة ]‬
‫‪-‬المستقيمة [ الحركة المستقيمة ]‬
‫فالسنبلة في قامتها المستقيمة وتوزيع حباتها على التجاور ‪ ،‬تشبه آدم في حركته‬
‫المستقيمة [ يمشي على قدميه ] وفي تجاور االضداد فيه دون امتزاج ‪ ،‬تجاور الحبات‬
‫المنفصلة الكاملة كل منها في ذاتها‪.‬‬

‫‪472‬‬
‫“ ‪“ 473‬‬
‫‪ - 270‬ديوان‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ والدّيوان مجتمع الصحف ‪ ،‬أبو عبيدة ‪ :‬هو فارسي معرب ‪ ،‬ابن السكيت ‪:‬‬
‫هو بالكسر ال غير ‪ ،‬الكسائي ‪ :‬بالفتح لغة مولّدة وقد حكاها سيبويه‬
‫وقال ‪ :‬إنما ص ّحت الواو في ديوان ‪ ،‬وان كانت بعد الياء ولم تعتل كما اعتلت في سيد‬
‫دونت ‪. . .‬‬‫‪ ،‬ألن الياء في ديوان غير الزمة ‪ .‬وانما هو فعّال من ّ‬
‫دوان ‪ .‬فعوض من احدى الواوين ياء ألنه يجمع على‬ ‫الجوهري ‪ :‬الدّيوان أصله ّ‬
‫دواوين ‪. . .‬‬
‫قال ابن األثير ‪:‬‬
‫هو الدفتر الذي يكتب فيه أسماء الجيش وأهل العطاء ‪.‬‬
‫َّللا عنه ‪ ،‬وهو فارسي معرب ‪ ( “ . . .‬لسان‬ ‫دون الديوان عمر ‪ ،‬رضي ّ‬ ‫وأول من ّ‬
‫العرب مادة “ دون “ )‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫غير قرآنية ‪.‬‬
‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫لم يكن الشيخ ابن العربي منعزال عن ثقافة عصره ولغتها الحية آنذاك ‪ ،‬فقد تميز القرن‬
‫السادس الهجري بامتصاصه وتفاعله مع الفكر الهلليني ‪ ،‬الذي كان قد تسرب اليه في‬
‫فترة سابقة وساهم في تطوير مفهوم الدولة والتدوين ‪.‬‬
‫وخلق المنشآت الحكومية ‪ .‬ولعل لفظ “ ديوان “ تجد مصدرها في هذا الوسط الثقافي‬
‫‪-‬اللغوي ‪،‬‬
‫وهو لم يخرج عند الشيخ ابن العربي من كونه يعني ‪:‬‬
‫‪-‬إما ما جرى عليه التدوين [ ‪ -‬ديوان ]‬
‫‪-‬واما المكان الذي يعتبر مرجعا ومسؤوال في امر من األمور ‪ ،‬كديوان المحاسبة مثال‬
‫فهو المرجع في امر محاسبة العباد ‪ ،‬وكل محاسبة اليه ترجع ‪.‬‬

‫َّللا اي “ الديوان اإللهي “ ال تأخذ معناها من حيثية اضافتها إلى‬


‫وفي حال اضافتها إلى ّ‬
‫الحق ‪ ،‬بل يقتضي ان نبحث عن إضافة ثانية يعطيها النص‪.‬‬
‫مثال “ الديوان اإللهي الوجودي “ تأخذ معناها باإلضافة إلى مفهوم الوجود ‪ ،‬وليس من‬
‫اضافتها إلى الحق‪.‬‬

‫‪473‬‬
‫“ ‪“ 474‬‬

‫فيكون معنى “ الديوان اإللهي الوجودي “ ‪ :‬الوجود من القلم االعلى أو العقل األول إلى‬
‫آخر الموجودات ليس باشخاصها انما بماهياتها وهكذا ‪. .‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫) ‪ “ ( 1‬فقد بينت لك المقصود من هذا التجلي [ التجلي الشمسي ] الذي يحويه هذا‬
‫المنزل وفوائده ال تحصى لو ذهبنا نذكرها ما وسعها ديوان “ ‪ ( . . .‬ف ‪/ 2‬‬
‫‪. ) 657‬‬
‫) ‪ “( 2‬األدب وهو مشتق من المأدبة وهو االجتماع إلى الطعام ‪ ،‬كذلك األدب عبارة‬
‫َّللا جعل في الدنيا عبده عامال جابيا ‪ ،‬يجبي له سبحانه‬‫عن جماع الخير كله ‪ . . .‬فان ّ‬
‫جميع ما رسم له ‪ . . .‬فما خلقه اال للجمع ‪ ،‬فان جمع ما امر بجمعه وجباه كان‬
‫سعيدا ‪ . . .‬فكانت اجرته عين ما جمعه ‪ ،‬مع الثناء اإللهي الحسن عليه باألمانة‬
‫والعدل ‪ . . .‬وإن كان عبد سوء خان في أمانته ‪ . . .‬فلما انقلب إلى سيده ‪ ،‬وحصل في‬
‫ديوان المحاسبة ‪ ،‬وقعد أهل الديوان يحاسبونه ‪ ،‬ورأى شدة الهول في حسابه ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ‪. ) 640 / 2‬‬

‫“ ‪ . . .‬فإذا استوفى أهل ديوان المحاسبة ما بأيديهم في حق عبد من العباد وفعلوا فيه‬
‫َّللا راجعا ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 4‬‬
‫ما اقتضاه امره معهم ‪ ،‬وفرغ من ذلك ورفع االمر إلى ّ‬
‫‪. ) 302‬‬

‫“ أوقفني من أوقف كل وارث وعارف ‪ ،‬وأمدني باالسرار اإللهية في المشاهد‬


‫والمواقف ‪ ،‬واثبتني في ديوان الكشف والظهور ‪ ،‬وجعلني أتردد بين سدرة المنتهى‬
‫والبيت المعمور ‪ ،‬إذ هي درجة الصديقية ‪ ( “ . . .‬مشاهد االسرار ق ‪.) 4‬‬

‫) ‪ “ ( 3‬فالديوان اإللهي الوجودي رأسه العقل األول وهو القلم ‪ ،‬واما االمام فهو‬
‫الكتاب وهو اللوح المحفوظ ‪ ،‬ثم تنزل الكتبة مراتبها في الديوان باقالمها ‪ ،‬لكل كاتب‬
‫َّللا عليه وسلم كما ذكر حديث االسراء فقال ‪ :‬حتى ظهرت‬ ‫قلم وهو قوله صلى ّ‬
‫لمستوى اسمع فيه صرير األقالم ‪ 1‬فالقلم االعلى الذي بيد راس الديوان ‪ 2‬ال محو فيه‬
‫َّللا‬
‫‪ ،‬كل امر فيه ثابت وهو الذي يرفع إلى الحق ‪ ،‬والذي بأيدي الكتبة فيه ما يمحو ّ‬
‫َّللا من راس الديوان من‬ ‫َّللا من عند ّ‬
‫وفيه ما يثبت ‪ 3‬على قدر ما تأتي به إليهم ‪ ،‬رسل ّ‬
‫اثبات ما شاء ومحو ما شاء ‪ ( “ . . .‬ف ‪) 287 / 4‬‬

‫‪474‬‬
‫“ ‪“ 475‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬انظر فهرس األحاديث حديث رقم ‪. 23 :‬‬
‫) ‪( 2‬يراجع بشأن ديوان عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬ف ‪ 4‬ص ‪ ( 302‬الديوان اإللهي ) ‪ .‬ص ‪ ( 305‬ديوان الحكم اإللهي ) ‪.‬‬
‫ب “( ‪) 39 / 13‬‬ ‫َّللاُ ما يَشا ُء َويُثْبِّتُ َو ِّع ْن َدهُ أ ُ ُّم ْال ِّكتا ِّ‬
‫) ‪( 3‬إشارة إلى اآلية” يَ ْم ُحوا َّ‬

‫‪ – 271‬دين‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الدال والياء والنون أصل واحد اليه ترجع فروعه كلها ‪ .‬وهو جنس من االنقياد‬
‫والذل ‪ .‬فالدين ‪ :‬الطاعة ‪ . . .‬فاما قولهم ان العادة يقال لها دين ‪ ،‬فإن كان صحيحا‬
‫فالن النفس إذا اعتادت شيئا مرت معه وانقادت له‪. . .‬‬
‫ِّين “[ ‪ ] 4 / 1‬اي يوم الحكم ‪،‬‬ ‫ومنه” ما ِّل ِّك يَ ْو ِّم ال ّد ِّ‬
‫وقال قوم ‪ :‬الحساب والجزاء واي ذلك كان فهو أمر ينقاد له ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس‬
‫اللغة ‪ .‬مادة “ دين “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫ان كلمة دين مشتقة من فعل دان اي خضع ‪ ،‬وفي ورودها القرآني حافظت على صفة‬
‫الخضوع بما له من وجوه واشكال ‪.‬‬
‫اما الوجوه القرآنية لها ‪ 1‬فهي [ متتبعين في ذلك الترمذي ] ‪:‬‬
‫َّللا بما تتضمنه من خضوع ّّلل ‪ ”.‬أ َ َم َر أ َ َّال ت َ ْعبُدُوا‬ ‫‪ - 1‬التوحيد ‪ :‬وهو شهادة ال إله ّإال ّ‬
‫ِّين ْالقَ ِّيّ ُم “( يونس ‪. ) 40‬‬ ‫ِّإ َّال ِّإيَّاهُ ذ ِّل َك ال ّد ُ‬
‫ِّين ‪“( 1‬‬ ‫‪ - 2‬الحساب ‪ :‬ألنه إذا جاء الحساب دان العبد فلم يقدران يجحد” ما ِّل ِّك يَ ْو ِّم ال ّد ِّ‬
‫‪/4).‬‬
‫َّللا وقضاؤه‬ ‫‪ - 3‬حكم ّ‬
‫‪ - 4‬حكم الملك الذي حبس يوسف عليه السالم ‪ :‬لما للدين من صفة الخضوع عند‬
‫ِّين ْال َم ِّل ِّك (“ يوسف ‪) 76‬‬ ‫الحكم ‪ ”،‬ما كانَ ِّليَأ ْ ُخذَ أَخاهُ ِّفي د ِّ‬
‫اإلسْال ُم “‪ ( .‬آل عمران‬ ‫َّللا ْ ِّ‬
‫‪ - 5‬االخالص االسالم وااليمان ‪ِّ ”: 2‬إ َّن ال ّدِّينَ ِّع ْن َد َّ ِّ‬
‫‪. ) 19‬‬

‫‪475‬‬
‫“ ‪“ 476‬‬
‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫كانت نظرة الشيخ ابن العربي إلى كلمة دين ذات وجهين ‪ :‬لغوي [ النقطة “ األولى “ ]‬
‫وشرعي [ النقطة “ الثانية “ ‪ ، ] 3‬لذلك سنبحثهما فيما يلي على أن نتبعهما بنقطة ثالثة‬
‫تتضمن حقيقة موقف الشيخ ابن العربي من األديان ‪ ،‬وهل وحدة األديان نظرية لها‬
‫وجود حقيقي في فلسفة الشيخ األكبر ؟‬

‫يفرع الشيخ ابن العربي المعنى اللغوي للدين ثالثة مفاهيم ‪ : 4‬الدين هو الجزاء ‪-‬‬‫ّ‬
‫واالنقياد ‪ -‬والعادة ‪ ) 1 (.‬الدين هو الجزاء ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫يسر ‪ :‬فيما يسر‬
‫سر وبما ال ّ‬ ‫“ الدين جزاء اي معاوضة ‪ 5‬بما ي ّ‬
‫ع ْنهُ “[ ‪ ] 119 / 5‬هذا جزاء بما يسر ‪.‬‬ ‫ضوا َ‬ ‫ع ْن ُه ْم َو َر ُ‬ ‫َّللاُ َ‬
‫ي َّ‬ ‫ض َ‬ ‫قال تعالى ‪َ ”:‬ر ِّ‬
‫عذابا ً َك ِّبيرا ً “[ ‪ ] 19 / 25‬هذا جزاء بما ال ّ‬
‫يسر ‪.‬‬ ‫قال تعالى ‪َ ":‬و َم ْن يَ ْ‬
‫ظ ِّل ْم ِّم ْن ُك ْم نُ ِّذ ْقهُ َ‬
‫س ِّيّئا ِّت ِّه ْم “[ ‪ ] 16 / 46‬هذا جزاء ‪.‬‬ ‫ع ْن َ‬ ‫جاو ُز َ‬ ‫قال تعالى ‪َ ”:‬ونَت َ َ‬
‫فصح ان الدين هو الجزاء “ ( فصوص الحكم ج ‪ 1‬ص ‪. ) 96‬‬
‫َّللا عليه وسلم يقول ‪ :‬من بدل دينه ‪ 6‬وانما لم يسم الشرك دينا الن‬ ‫َّللا صلى ّ‬ ‫“ ورسول ّ‬
‫الدين الجزاء ‪ ،‬وال جزاء في الخير للمشرك ‪ 7‬على الشرك أصال ‪ ،‬ال فيما سلف وال‬
‫فيما بقي ‪ .‬وإذا آل المشرك إلى ما يؤول اليه من النار التي هي موطنه ‪ ،‬الذي ال‬
‫يخرج منه ابدا فان ذلك ليس بجزاء ‪ ،‬وانما ذلك اختصاص سبق الرحمة التي وسعت‬
‫َّللا عليه وسلم ] بالدين اال الذي له جزاء في الخير‬ ‫كل شيء ‪ ،‬فما أراد [ محمد صلى ّ‬
‫والشر ‪“ .‬‬
‫( ف ‪. ) 131 / 4‬‬

‫يتضح من النص السابق ان امكانية الجزاء هي التي توجد الدين ‪ ،‬والعكس الصحيح‬
‫فالدين هو الذي يخلق امكانية الجزاء والسبب في ذلك يعود إلى أن الشرك ال ينفع معه‬
‫عمل ‪.‬‬
‫فمهما اتى المشرك من اعمال صالحة وحسنات ‪ ،‬ال يخلق معها مفهوم الجزاء‬
‫وامكانيته ‪ ،‬ألنه لن يحاسب ‪ 8‬بل يدخل جهنم وذلك ليس جزاء بل اختصاصا ‪) 2 (.‬‬
‫الدين هو االنقياد ‪:‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ وجاء الدين باأللف والالم للتعريف والعهد ‪ ،‬فهو دين معلوم معروف وهو قوله‬

‫‪476‬‬
‫“ ‪“ 477‬‬
‫اإلسْال ُم “[ ‪ ] 19 / 3‬وهو االنقياد‪.‬‬ ‫َّللا ْ ِّ‬
‫تعالى ”‪ِّ :‬إ َّن ال ّدِّينَ ِّع ْن َد َّ ِّ‬
‫َّللا له فذلك الذي قام‬ ‫فالدين عبارة عن انقيادك ‪ . . .‬فمن اتصف باالنقياد لما شرعه ّ‬
‫بالدين وأقامه ‪ ،‬اي أنشأه كما يقيم الصالة ‪ :‬فالعبد هو المنشىء للدين ‪ ،‬والحق هو‬
‫الواضع لالحكام ‪ . 9‬فاالنقياد هو عين فعلك ‪ .‬فالدين من فعلك ‪ ( “ . . .‬فصوص‬
‫الحكم ج ‪ 1‬ص ‪. ) 95 - 94‬‬
‫ان في ارجاع الدين إلى “ االنقياد “ الزاما بمضامين الشريعة كلها ‪ :‬الن االنقياد فعل له‬
‫غاية ووجهة ‪ ،‬بل ال تظهر قيمته اال في الغاية التي هي وجهته ‪ 10‬فمن انقاد للخير‬
‫َّللا فاالنقياد ‪:‬‬ ‫ليس كمن انقاد للشر ‪ .‬اذن الدين الذي هو انقياد انما هو انقياد لما شرعه ّ‬
‫اتباع ‪.‬‬
‫وهذا ما أشار اليه القرآن الكريم بقوله تعالى ‪ ”:‬قُ ْل إِّ ْن ُك ْنت ُ ْم ت ُ ِّحبُّونَ َّ َ‬
‫َّللا فَاتَّبِّعُونِّي يُ ْحبِّ ْب ُك ُم‬
‫َّللاُ َويَ ْغ ِّف ْر لَ ُك ْم ذُنُوبَ ُك ْم “[ ‪] 31 / 3‬‬
‫َّ‬
‫ففي كلمة “ اتبعوني “ اثبات لالتباع وللوجهة ‪ ) 3 (. 11‬الدين هو العادة ‪.‬‬

‫يقول الشيخ األكبر ‪:‬‬


‫“ شرح الدين بالعادة ألنه [ الدين ] عاد اليه [ على الممكن ] ما يقتضيه ويطلبه حاله ‪:‬‬
‫فالدين العادة ‪ . . .‬ومعقول العادة ان يعود االمر بعينه إلى حاله ‪ :‬وهذا ليس ث ّم ‪ ،‬فان‬
‫العادة تكرار ‪ . . .‬فنحن نعلم أن زيدا عين عمر وفي االنسانية وما عادت االنسانية ‪ ،‬إذ‬
‫لو عادت لتكثرت ‪ ،‬وهي حقيقة واحدة فنقول في الحس عادت لهذا الشبه ‪ ،‬ونقول في‬
‫الحكم الصحيح لم تعد “ ‪ (. . .‬فصوص ‪. ) 97 - 96 / 1‬‬

‫يبين الشيخ ابن العربي هنا ان العادة هي معاوضة بالمثل مشتقة من فعل عاد اي رجع‬
‫وتكرر ‪ .‬وليست العادة سوى تكرار المثل ‪ ،‬والدين “ العادة “ بمعنى ‪ :‬ان الدين يعود‬
‫على االنسان بما يقتضيه حاله وهذا المعنى يقارب المعنى األول الذي هو “ الجزاء‬
‫“ ( انظر الفقرة “ ‪. ) “ 1‬‬

‫َّللا ودين عند‬


‫قسم الشيخ األكبر الدين ‪ -‬من الوجهة الشرعية ‪ -‬دينين ‪ :‬دين عند ّ‬
‫الخلق ‪.‬‬
‫َّللا ‪ :‬هو الشرع اإللهي الذي انزله على‬
‫الدين الذي عند ّ‬

‫‪477‬‬
‫“ ‪“ 478‬‬
‫أنبيائه ‪ ،‬هذا الشرع الذي نلمس وحدته عبر تطوره في مراتب الظهور في صور‬
‫الشرائع ‪ :‬فالشرع اإللهي واحد يظهر في كل زمن بصورة شريعة نبي ذلك الزمن ‪.‬‬
‫وما الشرائع كلها اال صور ذلك الشرع اإللهي الواحد [ الذي بدأ بآدم وختم بمحمد‬
‫َّللا عليه وسلم ] ‪ -‬وهو الذي تم بشريعة خاتم األنبياء ( انظر المعنى “ الثالث‬
‫صلى ّ‬
‫“ التالي لكلمة دين ) ‪.‬‬
‫َّللا رسوال ‪ ،‬بل سنّها الخلق‬
‫الدين الذي عند الخلق ‪ :‬هي النواميس التي لم يرسل بها ّ‬
‫َّللا اعتبار ما شرعه ‪: 12‬‬
‫فلما وافقت الحكم اإللهي اعتبرها ّ‬
‫كالرهبانية ‪. 13‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫عرف من عرفه الحق ‪.‬‬ ‫عرفه الحق تعالى ومن ّ‬ ‫َّللا وعند من ّ‬ ‫“ الدين دينان ‪ :‬دين عند ّ‬
‫َّللا ‪.‬‬
‫ودين عند الخلق وقد اعتبره ّ‬
‫َّللا وأعطاه الرتبة العليا على دين الخلق ‪. . .‬‬
‫َّللا هو الذي اصطفاه ّ‬ ‫فالدين الذي عند ّ‬
‫َّللا ْ ِّ‬
‫اإلسْال ُم “وهو االنقياد ‪ .‬فالدين عبارة عن انقيادك‬ ‫وهو قوله تعالى ‪ِّ ”:‬إ َّن ال ّدِّينَ ِّع ْن َد َّ ِّ‬
‫َّللا تعالى ‪. . .‬‬
‫َّللا تعالى هو الشرع الذي شرعه ّ‬ ‫‪ ،‬والذي من عند ّ‬
‫وهي [ النوع الثاني للدين ] النواميس الحكمية التي لم يجيء الرسول المعلوم بها في‬
‫َّللا ‪ ،‬بالطريقة الخاصة المعلومة في العرف ‪.‬‬ ‫العامة من عند ّ‬

‫فلما وافقت الحكمة والمصلحة الظاهرة فيها الحكم اإللهي في المقصود بالوضع‬
‫َّللا اعتبار ما شرعه من عنده تعالى ‪ ( “ . . .‬فصوص ‪/ 1‬‬
‫المشروع اإللهي ‪ ،‬اعتبرها ّ‬
‫‪. ) 95 - 94‬‬

‫وحدة أديان “ أم “ دين واحد “ ؟‬


‫هل قال الشيخ األكبر بوحدة األديان ‪ 14‬؟‬
‫وما حقيقة موقفه من األديان ؟‬
‫ان عبارة “ وحدة األديان “ لم ترد في جملة مؤلفات الشيخ ابن العربي ‪ ،‬بل استخلصها‬
‫متأخرون من اشعار وأقوال أوحت بها ‪.‬‬
‫ولكن قبل ان نبحث هذه األقوال واالشعار ‪ ،‬نبين حقيقة موقف الشيخ ابن العربي من‬
‫األديان ‪.‬‬
‫ثم على ضوء موقفه هذا نتاول أقواله واشعاره ‪ ،‬الموحية بتلك الوحدة المشار إليها ‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬لم يقل الشيخ ابن العربي بوحدة األديان رغم محاوالت الباحثين استنطاقه ذلك ‪،‬‬
‫يفرق بين األديان ‪ ،‬من حيث هي صور متمايزة مختلفة‬ ‫بل على العكس من ذلك أنه ّ‬
‫لذلك “ الدين الواحد “ ‪ ،‬الذي هو الشرع اإللهي المتقلب في مراتب‬

‫‪478‬‬
‫“ ‪“ 479‬‬

‫َّللا ] ‪.‬‬
‫الظهور بصور األديان المختلفة [ ‪ -‬دين عند ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ ،‬وما تلك الشرائع اال كحبات عقد‬
‫فالدين واحد من آدم إلى محمد صلى ّ‬
‫‪ ،‬أو حلقات سلسلة ‪ ،‬وكتاب فصوص الحكم هو خير صورة مثّل فيها الشيخ ابن‬
‫العربي اختالف األديان ‪ :‬فكل نبي له شرعة ومنهاج ‪ ،‬وهو حقيقة متميزة منفصلة عن‬
‫حقيقة أخرى ‪ ،‬هي نبي آخر وشرعة أخرى ‪. . .‬‬
‫وهكذا حتى يصل إلى “ الكلمة الجامعة “ أو “ جوامع الكلم “ الذي هو النبي محمد‬
‫َّللا عليه وسلم وبه ينختم هذا الدين الواحد ‪.‬‬
‫صلى ّ‬
‫وإذا سأل سائل عن الفرق بين “ وحدة األديان “ و “ الدين الواحد “ ؟‬
‫نقول ‪:‬‬
‫انه يفرقهما مفهوم “ الزمن “ ‪ :‬فالدين واحد تقلّب زمنيا في صور األديان المختلفة من‬
‫يهودية ومسيحية ‪.‬‬
‫فلو قبل الشيخ األكبر بوحدة األديان لوجب عليه ان يقبل في هذا الزمن ‪ ،‬الذي هو‬
‫زمن الدين االسالمي ‪ ،‬كل األديان األخرى السابقة يقبلها كحقيقة راهنة حاكمة ‪ ،‬وليس‬
‫كحقيقة سابقة سالفة ‪.‬‬
‫اذن ‪.‬‬
‫القول “ بالدين الواحد “ يلزمه فقط بقبول شريعة واحدة في زمن واحد معين ‪ .‬ونعطي‬
‫لذلك مثال ‪ :‬انه في زمن المسيحية تقبل اليهودية كحكم سابق حيث يفترض االيمان بها‬
‫كدين سالف ‪ ،‬ولكن ال يقبل اليهود في زمن المسيحية مع المسيحين كأصحاب دين‬
‫واحد ‪.‬‬
‫بل تكون المسيحية هي “ الدين “ ‪ ،‬واليهودية تدخل في باب “ تاريخ الدين “ ‪ . .‬وهكذا‬
‫بالنسبة لزمن االسالم واألديان السالفة ‪.‬‬

‫فالشيخ ابن العربي لم يقل بوحدة األديان ‪ ،‬بل أشار إلى عقيدته في “ الدين الواحد‬
‫“ الذي يقبل في الزمن الواحد شريعة واحدة هي شريعة الزمن ‪.‬‬
‫َّللا عليه وسلم ‪.‬‬
‫وهذا الدين الواحد قد ختم بمحمد صلى ّ‬

‫وينتج عن هذه الختمية كل ما تحمله من ابعاد تفترض الجمعية وغيرها [ انظر ختم ] ‪.‬‬
‫لذلك كل ما نصادفه عند الشيخ األكبر من نصوص توحي “ بوحدة األديان “ ‪ -‬التي‬
‫قال بها بعض الباحثين ‪ -‬هي في الواقع نصوص تشير إلى ‪ :‬جمعية الدين المحمدي ‪،‬‬
‫ليس اال ( سنشير إلى هذه النصوص في الفقرة الثانية ) ‪.‬‬

‫‪479‬‬
‫“ ‪“ 480‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“من يرتدد منكم عن دينه ويمت ‪ *** 15‬فإنه كافر بالدين اجمعه‬
‫ألنه احدى العين ‪ 16‬ليس له *** مخالف جاءه من غير موضعه‬
‫مشرعه‬
‫ّ‬ ‫وان اتيانه بالكل شرعته *** بذا اتى الحكم فيه من‬
‫الضمير في أنه [ ألنه احدى العين ] يعود على الدين ‪.‬‬

‫َّللا تعالى ‪ِّ ”:‬ل ُك ٍّل َجعَ ْلنا ِّم ْن ُك ْم ِّش ْر َ‬


‫عةً َو ِّم ْنهاجا ً “[ ‪] 48 / 5‬‬ ‫قال ّ‬
‫فالمراد هنا بضمير “ منكم “ ليس اال األنبياء عليهم السالم ‪ ،‬ال األمم ‪. . .‬‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ :‬من بدل دينه فاقتلوه ‪ ، 17‬فاختلف الناس في اليهودي إذا‬ ‫وقال صلى ّ‬
‫تهود ‪ :‬هل يقتل أم ال ؟‬ ‫صر والنصراني ان ّ‬ ‫تن ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ما جاء يدعو الناس اال إلى االسالم‬ ‫ولم يختلفوا فيه ان اسلم ‪ ،‬فإنه صلى ّ‬
‫‪ ،‬وجعل علماء الرسوم ان هذا التبديل مأمور به ‪ ،‬وما هو عندنا كذلك فان النصراني‬
‫وأهل الكتاب ‪ 18‬كلهم إذا أسلموا ما بدلوا دينهم ‪ ،‬فإنه من دينهم االيمان بمحمد صلى‬
‫َّللا عليه وسلم والدخول في شرعه إذا ارسل وان رسالته عامة ‪ ،‬فما بدل أحد من أهل‬ ‫ّ‬
‫الدين دينه إذا اسلم “ ( ف ‪. ) 131 / 4‬‬

‫ثانيا ‪ :‬اعتمد القائلون بوحدة األديان عند الشيخ ابن العربي غالبا على نصين اشتهرا‬
‫في هذا الموضوع ‪.‬‬
‫وهما ‪ :‬النص األول ‪:‬‬
‫” عقد الخالئق في االله عقائدا *** وانا شهدت [ في نسخة ‪ :‬عقدت ] جميع ما عقدوه‬
‫‪ (“ 19‬ف ‪. ) 132 / 3‬‬
‫النص الثاني ‪:‬‬
‫” لقد صار قلبي قابال كل صورة *** فمرعى لغزالن ودير لرهبان‬
‫وبيت الوثان وكعبة طائف *** وألواح توراة ومصحف قرآن‬
‫أدين بدين الحب أنّي توجهت *** ركائبه فالحب ديني وايماني “‬
‫( ترجمان األشواق ص ص ‪. ) 44 - 43‬‬

‫واآلن لنرى هل يشير هذان النصان إلى وحدة األديان ؟‬


‫وما مراد الشيخ ابن العربي فيهما ‪ -‬طبعا من خالل معرفتنا لمجمل تفكيره ‪ -‬؟‬
‫النص األول‪:‬‬

‫‪480‬‬
‫“ ‪“ 481‬‬

‫يشير الشيخ ابن العربي إلى أن هذا النص هو من المقام الذي ع ّم المعتقدات ‪ ،‬اي المقام‬
‫المحمدي ( الفتوحات ‪. ) 132 / 3‬‬
‫وفي تلك اإلشارة ينبهنا إلى أن المقصود من النص ‪ ،‬ليس وحدة األديان بل ايماء إلى ‪:‬‬
‫ان من يدين بالشرع المحمدي ‪ ،‬البد له من أن يعتقد بكل الشرائع التي سبقته ‪ :‬من‬
‫حيث إنه ال يلغي ما قبله بل العكس جاء متمما ومكمال وخاتما لها ‪.‬‬
‫ومقامه يع ّم جميع المعتقدات الن الختم صفته ‪:‬‬
‫الجمعية ‪ .‬والشرع المحمدي خاتم الشرائع فله جمعيتها ‪:‬‬
‫َّللا عليه وسلم يفترض من ناحية االيمان “ بعيسى “ و “ موسى‬ ‫فااليمان بمحمد صلّى ّ‬
‫“ و “ داود “ عليهم السالم أجمعين ‪ ،‬كما أنه من ناحية ثانية إيمان بهم حقا كجزء من‬
‫َّللا ) ‪ ،‬وهو الذي اكتمل في صورة الشريعة‬ ‫هذا الشرع اإللهي الواحد ( ‪ -‬الشرع عند ّ‬
‫االسالمية ‪.‬‬

‫ففي الشطر األول من النص يثبت الحاتمي ‪ :‬اله المعتقدات ( راجع “ اله المعتقدات “ )‬
‫ويؤكد في الشطر الثاني على أنه ‪ :‬عقدها جميعا ‪ .‬اي يشير إلى كونه “ محمدي‬
‫“ المقام ‪ ،‬له جمعية الشرع المحمدي الذي عم المعتقدات واستوعبها جميعا ‪.‬‬
‫النص الثاني ‪:‬‬
‫لفهم هذا النص تجب اإلشارة إلى نقطتين ‪:‬‬
‫يفرغ‬
‫‪ - 1‬ان الجدل الصوفي في نظرية المعرفة يتلخص في ‪ :‬ان الصوفي بقدر ما ّ‬
‫قلبه من العلوم يحصل عليها ‪ . 20‬بل االستعداد للعلم اإللهي [ على عكس العلوم‬
‫األخرى ] يقتضي نقاوة القلب وفراغه ‪ .‬على حين ان العلوم الكسبية كلها ترتفع بتوافق‬
‫انسجامي مع ارتفاع درجة الثقافة والتحصيل ‪.‬‬

‫‪ - 2‬ان كمال كل عضو من األعضاء عند الشيخ ابن العربي ‪ ،‬ليس بتنمية مواهبه‬
‫واكتساب قدرات جديدة بل العكس رجوع به إلى حالة القبول المحض والقابلية التامة ‪.‬‬
‫اذن ‪ ،‬في الشطر األول يشير الحاتمي إلى ‪ :‬بلوغ قلبه مرتبة الكمال ‪ ،‬من حيث إنه‬
‫صار قابال كل صورة ‪ .‬فهذه القابلية التامة هي ‪ :‬كمال القلب ‪.‬‬
‫والنص صريح لم يقل “ قبل “ كل صورة ‪ ،‬بل “ قابال ‪“ .‬‬

‫فهو هنا يشرح حاله ‪ ،‬وال يفيدنا النص في وحدة األديان ‪ ،‬بل نستفيد منه إشارة الشيخ‬
‫ابن العربي إلى المقام الذي وصله ‪،‬‬
‫مقام ‪ :‬كمال القلب بقابليته التامة ليس أكثر ‪.‬‬
‫ولكن ما الذي دفعه إلى اإلشارة إلى مرتبة قلبه من القابلية المحضة لكل‬

‫‪481‬‬
‫“ ‪“ 482‬‬

‫صورة ؟ نجد الجواب في البيت األخير من النص ‪ .‬الذي نعتقد ان جذوره ترجع إلى‬
‫اآلية الكريمة‬
‫قال تعالى ‪ ”:‬قُ ْل إِّ ْن ُك ْنت ُ ْم ت ُ ِّحبُّونَ َّ َ‬
‫َّللا فَاتَّبِّعُونِّي يُ ْحبِّ ْب ُك ُم َّ‬
‫َّللاُ ] ‪“. [ 3 / 31‬‬
‫َّللا ] ‪.‬‬
‫“ دين الحب قال تعالى ‪“ :‬هو هذا الحب المشار اليه في هذه اآلية [ تحبون ّ‬
‫اما قوله “ اني توجهت ركائبه “ ‪ :‬فذلك الن اآلية لم تحدد بوضوح وجهة االتباع‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ :‬فاتسعت من ناحية الرقعة‬ ‫ومضمون شرعته بل ألصقته بمحمد صلّى ّ‬
‫اي رقعة موضوع االتباع أيما اتساع [ قرآن ‪ -‬سنة ‪ -‬كل ما نعرفه عن شريعته صلّى‬
‫َّللا اال اتباع‬
‫َّللا عليه وسلم ] ‪ ،‬وضاقت من ناحية ثانية ابعد ضيق [ ال سبيل لحب ّ‬ ‫ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ :‬باب واحد فقط ] ‪.‬‬ ‫محمد صلّى ّ‬
‫اذن ‪ ،‬الشيخ ابن العربي يقرر ان قلبه أصبح قابال كل صورة ‪ ،‬فهو يدين بدين الحب‬
‫فليتجل له بما يريد ‪ ،‬وال يتجلى اال في جمعية االتباع المحمدي ‪.‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يورد مقاتل ‪ 3‬نظائر للدين في القرآن ‪ :‬التوحيد ‪ ،‬الحساب ‪ ،‬الحكم والقضاء ‪.‬‬
‫انظر ‪- Exegese coranique p 148-‬اما الترمذي فيورد نظائر للدين وهي ما‬
‫اتبعناه في متن المعجم ‪.‬‬
‫انظر‪- Exegese coranique pp 147 - 149‬تحصيل نظائر القرآن ص ص‬
‫‪. 121 - 119‬‬
‫) ‪( 2‬انظر ) ‪- Exegese coranique p p 148 - 149( 3‬يقول جامي في‬
‫شرحه للفص الثامن ‪ “ :‬اعلم أن الدين في اللغة يطلق على ثالثة معان ‪:‬‬
‫َّللا سبحانه وتعالى لعباده من‬ ‫االنقياد والجزاء والعادة ‪ ،‬وفي الشرع ‪ :‬على ما شرعه ّ‬
‫َّللا عنه قسمه‬ ‫َّللا سبحانه ‪ .‬فالشيخ رضي ّ‬ ‫االحكام أو شرعه بعض عباده فاعتبره ّ‬
‫بالمعنى الشرعي إلى قسمين ونبّه على اعتبار المعاني الثالثة اللغوية فيه ‪. . .‬‬
‫“ ( شرح الفصوص ‪ .‬جامي ج ‪ 2‬ص ‪. ) 22‬‬
‫) ‪( 4‬كثيرا ما نغفل بحث الكلمات التي ال تأخذ معنى جديدا عند شيخنا األكبر ‪ ،‬ولكن‬
‫كلمة “ دين “ رغم انه لم يضف إليها جديدا اال انها حظيت باهتمامه فافرد لها فصا‬
‫كامال ( الفص الثامن ‪ :‬فص حكمة روحية في كلمة يعقوبية ) ‪ ،‬أضف إلى ذلك براعته‬
‫في ربطها بمعانيها الثالثة وهذا ما سنسلمه من خالل النصوص ‪.‬‬
‫) ‪( 5‬انظر معنى الجزاء بين العود والعوض ‪ .‬الفصوص ج ‪ 2‬ص ‪. 102‬‬
‫) ‪( 6‬انظر فهرس األحاديث حديث رقم ‪( 22 ) .‬‬
‫) ‪( 7‬المشرك هو الذي ليس له “ كتاب “ ‪ .‬اذن “ المشركون “ مقابل “ أهل الكتاب‬
‫“ راجع الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪. 131‬‬
‫) ‪( 8‬ان “ الحساب “ في اآلخرة غايته التمهيد لدخول الجنة ‪ ،‬فعند استحالة دخول‬
‫الجنة تبطل‬

‫‪482‬‬
‫“ ‪“ 483‬‬
‫َّللا لن يغفر الشرك [ اآلية ‪ . ] 116 / 4 - 8 / 4‬فلن‬
‫الغاية من الحساب ‪ ،‬ونظرا الن ّ‬
‫يدخل المشرك الجنة فال مبرر اذن لمحاسبته ‪.‬‬

‫) ‪( 9‬يظهر “ الدين “ هنا حقيقة واحدة لها وجهان ‪ :‬حق وخلق ( االنقياد ‪ -‬خلق ‪ ،‬لما‬
‫َّللا ‪ -‬حق ) ولكن دور الخلق رغم جمل الشيخ ابن العربي الموحية بايجابية‬ ‫شرعه ّ‬
‫قصوى ( فالدين من فعلك ) يظل في مضمونه سلبيا ‪ :‬وذلك الن االنقياد الذي هو عين‬
‫فعل “ الخلق “ قهر وعبودية وسلبية ‪ ،‬إذ يتحول “ الخلق “ هنا إلى محل تتغير عليه‬
‫االحكام بتغير االسم اإللهي الحاكم راجع “ اسم الهي “ ( المعنى الرابع ) وينقاد هو‬
‫لهذا التغير ‪.‬‬
‫ولكن هذه السلبية هي نظرية فكرية فقط ( العبد ال يسهم فكريا في الدين ‪ .‬االحكام‬
‫يضعها الحق ) ‪ .‬ألنها تتحول عمليا إلى ايجابية ملموسة من خالل فعل االنقياد الذي‬
‫يتطلب حضورا معينا وسلوكا خاصا ‪.‬‬
‫) ‪( 10‬مثال جامي في تعليقه على معنى “ االنقياد “ لكلمة دين يقول ‪ “ :‬وانما وصاهم‬
‫[ يعقوب لبنيه ] باالنقياد اليه [ إلى الدين ] الن الدين الذي هو األحكام الشرعية‬
‫الوضعية ال يثمر سعادة ما لم ينقد اليه ‪ .‬فهذه الوصية تدل على اعتبار االنقياد إلى‬
‫الدين [ الذي ] ينبغي ان يراد به االحكام الموضوعة ال االنقياد ‪ .‬فإنه ال معنى لالنقياد‬
‫َّللا االنقياد وهذا الحكم قبيل قوله عليه السالم ‪ :‬الحج‬ ‫إلى االنقياد ‪ . . .‬فالدين عند ّ‬
‫عرفة ‪ .‬مبالغة في اعتبار االنقياد في الدين ال انه عين الدين ‪ ( “ . . .‬شرح الفصوص‬
‫ج ‪ 2‬ص ‪. ) 23‬‬
‫) ‪( 11‬وإلى هذا الحب أشار الشيخ ابن العربي بقوله ‪ ”:‬أدين بدين الحب انّى توجهت‬
‫* ركائبه فالحب ديني وايماني “( ترجمان األشواق ص ‪. ) 44‬‬
‫َّللا عليه وسلم ‪:‬‬ ‫َّللا صلى ّ‬‫َّللا لمن سن سنة ‪ .‬قال رسول ّ‬ ‫) ‪( 12‬ومن هذا القبيل جزاء ّ‬
‫سن سنة حسنة فعمل بها كان له أجرها ومثل أجر من عمل بها ال ينقص من‬ ‫“ من ّ‬
‫أجورهم شيئا ‪ .‬ومن سن سنة سيئة فعمل بها كان عليه وزرها ووزر من عمل بها ال‬
‫ينقص من أوزارهم شيئا “ ( سنن ابن ماجة المقدمة الباب رقم ‪ 14‬الحديث رقم‬
‫‪) . 203‬‬
‫) ‪( 13‬وقد ذهب المحاسبي هذا المذهب في اعتبار الحق لما شرعه الخلق ‪ ،‬إذ انه في‬
‫َّللا فَما َر َ‬
‫ع ْوها‬ ‫علَ ْي ِّه ْم ِّإ َّال ا ْبتِّغا َء ِّرض ِّ‬
‫ْوان َّ ِّ‬ ‫عوها ما َكتَبْناها َ‬‫اآلية الكريمة” َو َر ْهبانِّيَّةً ا ْبت َ َد ُ‬
‫َّللا عز وجل عابهم بترك رعاية ما لم يفترض ‪.‬‬ ‫َح َّق ِّرعايَتِّها “[ ‪ ] 27 / 57‬يرى أن ّ‬
‫َّللا ‪ .‬المحاسبي ‪ .‬تحقيق عبد القادر عطا ص ص ‪- 38‬‬ ‫( انظر ‪ :‬الرعاية لحقوق ّ‬
‫‪. ) 39‬‬
‫) ‪( 14‬انظر ما كتبه الدكتور محمد مصطفى حلمي عن وحدة األديان عند الحالج ‪:‬‬
‫كتاب الحياة الروحية في االسالم ص ص ‪. 122 - 121‬‬
‫) ‪( 15‬في األصل “ يموت “ وهو خطأ من الناسخ وينكسر به الوزن ‪.‬‬
‫) ‪( 16‬انظر “ أحدية ‪“ .‬‬
‫) ‪( 17‬انظر فهرس األحاديث حديث رقم ‪( 22 ) .‬‬

‫‪483‬‬
‫“ ‪“ 484‬‬

‫) ‪( 18‬يرى الشيخ ابن العربي ان الدين هو فقط ألهل الكتاب ‪ ،‬الن الشرك ليس‬
‫دينا ‪.‬‬
‫) ‪( 19‬يقول عفيفي ناسبا وحدة األديان إلى الشيخ ابن العربي مستشهدا بهذا النص ‪:‬‬
‫“ وتستولي فكرة الوحدة على قلب الشيخ ابن العربي فيفسر بها كل شيء في عالم‬
‫الوجود واالعتقاد ‪ . . .‬اما في عالم االعتقاد ‪ -‬وهو األديان – فيرى‬
‫[الشيخ ابن العربي ] ان المعبود واحد مطلق في جميع األديان مهما تعددت صوره‬
‫واشكاله ألنه هو المتجلي في هذه الصور واالشكال ‪.‬‬
‫وان العارف الكامل هو الذي يعرف المعبود في كل صورة يتجلى فيها ‪. . .‬‬
‫ولهذا دعا الشيخ ابن العربي إلى القول بوحدة األديان واعتبارها كلها طرقا موصلة إلى‬
‫معبود واحد ال يعبد غيره على الحقيقة ‪.‬‬

‫وفي ذلك يقول ‪:‬‬


‫عقد الخالئق في االله عقائدا *** وانا عقدت جميع ما عقدوه‬
‫لما بدا صورا لهم متحوال *** قالوا بما شهدوا وما جحدوه‬
‫قد اعذر الشرع الموحد وحده *** والمشركون شقوا وان عبدوه”‬
‫[ أبو العال عفيفي ‪ .‬مقال بعنوان “ الفتوحات المكية لمحي الدين بن العربي ‪ ،‬سلسلة‬
‫تراث االنسانية نشر المؤسسة المصرية ‪ . .‬المجلد األول ص ‪. ] 167‬‬
‫نالحظ ان الدكتور عفيفي انتقل من جملة الشيخ ابن العربي “ المعبود واحد في جميع‬
‫األديان “ إلى القول بوحدة األديان ‪ .‬غافال عن االختالف في المستوى الوجودي بين‬
‫القولين ‪.‬‬
‫فاألول يظهر ‪ :‬وحده المعبود والثاني يقول ‪ :‬بوحدة الشرائع والعقائد اما وحدة المعبود‬
‫َّللا هو المعبود في‬
‫فكثيرا ما يؤكدها الشيخ األكبر بل يذهب إلى أكثر من ذلك ‪ :‬إلى أن ّ‬
‫َّللا “ “ معبود “ ) ‪.‬‬
‫كل معبود ( انظر “ ّ‬
‫) ‪ ( 20‬راجع “ أمية ‪“ .‬‬

‫‪484‬‬
‫“ ‪“ 485‬‬
‫حرف الذال‬
‫ذ‬

‫‪485‬‬
“ 486 “

486
‫“ ‪“ 487‬‬

‫‪ – 272‬الذّكر‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الذال والكاف والراء أصالن ‪ ،‬عنهما يتفرع كلم الباب ‪ . . .‬ويقال كم الذكرة من‬
‫ولدك ؟ اي الذّكور ‪ . . .‬واألصل اآلخر ‪ :‬ذكرت الشيء ‪ ،‬خالف نسيته ‪ .‬ثم حمل عليه‬
‫الذكر باللسان ‪ .‬ويقولون ‪ :‬اجعله منك على ذكر ‪ . . .‬اي ال تنسه ‪ .‬والذكر ‪ :‬العالء‬
‫والشرف ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة مادة “ ذكر “ )‪.‬‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫لقد عدد الترمذي نظائر “ الذكر “ في القرآن ‪ ، 1‬حاصرا إياها في تسعة ‪ ،‬وهي ‪:‬‬
‫صالةِّ ِّم ْن يَ ْو ِّم ْال ُج ُمعَ ِّة فَا ْسعَ ْوا ِّإلى ِّذ ْك ِّر َّ ِّ‬
‫َّللا ‪“( 62 /‬‬ ‫‪ - 1‬الصالة ‪ِّ “[ :‬إذا نُود َ‬
‫ِّي ِّلل َّ‬
‫) ‪. ]9‬‬
‫‪ - 2‬الخوف ‪ . . . :‬فمن اجل انه ال يهيج الخوف اال من الذكر ‪ ،‬فإنما نسب إلى الخوف‬
‫ألنه ذكر بالعز والعظمة ‪.‬‬
‫يم ] ‪“[ 19 / 41‬‬ ‫ب إِّبْرا ِّه َ‬ ‫‪ - 3‬الخبر ‪َ ”. . . :‬وا ْذ ُك ْر فِّي ْال ِّكتا ِّ‬
‫س ْرنَا ْالقُ ْرآنَ ِّلل ِّذّ ْك ِّر فَ َه ْل ِّم ْن ُم َّد ِّك ٍر ) ‪. . . ] “( 54 / 17‬‬ ‫‪ - 4‬الحفظ ‪َ “[ :‬ولَقَ ْد يَ َّ‬
‫‪ - 5‬الوعظ ‪ . . . :‬ألنه ال يخلو الوعظ ‪ 2‬من ذلك ‪.‬‬
‫‪ - 6‬الشرف ‪َ “[ . . . :‬و ِّإنَّهُ لَ ِّذ ْك ٌر لَ َك َو ِّلقَ ْو ِّم َك ) ‪] “( 43 / 44‬‬
‫ظونَ ) ‪] “( 15 / 9‬‬ ‫‪ - 7‬القرآن ‪ِّ “ [. . . :‬إنَّا ن َْح ُن ن ََّز ْلنَا ال ِّذّ ْك َر َو ِّإنَّا لَهُ لَحافِّ ُ‬
‫َّللا “ ‪ . . .‬فذلك الفعل هو ذكر ‪.‬‬ ‫‪ - 8‬الجهاد ‪ . . . :‬ألنه انما يجاهد عن “ ال اله اال ّ‬
‫َّللا ‪ 3‬الن جميع الكائنات‬ ‫‪ - 9‬أم الكتاب ‪ :‬وانما صار الذكر “ أم الكتاب “ الذي عند ّ‬
‫إلى قيام الساعة فيها ‪ [ “ . . .‬تحصيل نظائر القرآن الترمذي ص ص ‪. ] 67 - 51‬‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫*نستشف عند شيخنا األكبر ابعاد نظرة من سبقه إلى “ الذكر “ ‪، 4‬‬
‫فالذكر ‪:‬‬
‫حضور ‪ 5‬يورث الشهود ‪ 6‬والفتح ‪ - ( 7‬الكشف ) ‪ -‬وهو القرآن‪.‬‬

‫‪487‬‬
‫“ ‪“ 488‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا المشار اليه ‪ :‬الحضور الذي هو ضد الغفلة ‪ ( “ . . .‬بلغة الغواص ق‬
‫) ‪ “ ( 1‬فذكر ّ‬
‫‪.)3‬‬

‫) ‪ “ ( 2‬فإنه تعالى جليس من ذكره ‪ ، 8‬والجليس مشهود للذاكر ‪ ،‬ومتى لم يشاهد‬


‫َّللا سار في جميع العبد ال من‬
‫الذاكر الحق الذي هو جليسه فليس بذاكر ‪ ،‬فان ذكر ّ‬
‫ذكره بلسانه خاصة ‪ ( “ . . .‬فصوص ‪. ) 169 -168 / 1‬‬

‫َّللا وابتهجا *** والح صبح الهدى للعبد وابتلجا‬ ‫) ‪ ” ( 3‬تاه الفؤاد بذكر ّ‬
‫َّللا من أنوار حكمته *** ومن معارفه في قلبه سرجا‬‫وأسرج ّ‬
‫فظل يفتح من أبواب رحمته *** على خليفته ما كان قد رتجا “‬
‫( الديوان ص ‪) 44‬‬
‫) ‪ “ ( 4‬والذكر ‪ : 9‬القرآن وهو أعظم الذكر ‪ ،‬قال تعالى ”‪ِّ :‬إنَّا ن َْح ُن ن ََّز ْلنَا ال ِّذّ ْك َر‬
‫“[ ‪ ] 9 / 15‬يعني القرآن ‪ ( “ . . .‬ف ‪. )461 / 4‬‬
‫*****‬
‫ال يقف الشيخ ابن العربي عند حدود ما استفاده من التصوف السابق ‪ ،‬بل تأبى اصالته‬
‫المبتكرة اال ان تحلق في افاق لم تصل إليها رؤى غيره ‪ ،‬فتستثمر كل اإلرث الصوفي‬
‫الفكري االسالمي في نزعة توحيدية ‪.‬‬

‫ونستطيع ان ننظر إلى الذكر من خالله نظرات ثالثا تعطي ابعاد موقفه ‪:‬‬
‫( أ ) ال يختص الشيخ ابن العربي موقفا أو تلفظا أو حاال ‪ . .‬مميزا محددا باسم الذكر ‪.‬‬
‫بل كل ما في الوجود يذ ّكر بالحق ‪ :‬إذ نستطيع ان نعبر من خالله إلى الحق ‪ .‬فكل‬
‫موجود هو مجلى يوصل للمتجلى فيه ‪ .‬اذن ‪ :‬كل شيء وضعه الحق في الوجود‬
‫مذ ّكرا ‪.‬‬
‫وهذه أول رتبة من مراتب النظرة التوحيدية عنده ‪ :‬إذ انه هنا يوحد كل المظاهر ( من‬
‫حيث إنها “ ذكر “ ) الحدية الظاهر بها ‪.‬‬

‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا‬
‫َّللا عليه وسلم انه كان يذكر ّ‬
‫َّللا صلى ّ‬
‫َّللا عنها ] عن رسول ّ‬
‫“ قالت عائشة [ رضي ّ‬
‫َّللا ‪،‬‬
‫على كل احيانه مع كونه يمازح العجوز والصغير ‪ ،‬وكل ذلك عند العالم ذكر ّ‬
‫ألنه ‪،‬‬

‫‪488‬‬
‫“ ‪“ 489‬‬

‫َّللا عند رؤيته فما رآه ‪ ،‬فان‬


‫باّلل ‪ .‬فمن رأى شيئا ال يذكر ّ‬
‫ما من شيء اال وهو يذكر ّ‬
‫َّللا ما وضعه في الوجود اال مذكرا ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 10 / 4‬‬
‫ّ‬

‫( ب ) ان الفاعل والمؤثر على كل وجه وفي كل شيء هو الحق ‪.‬‬


‫في نظرية تقول بوحدة الوجود التي تستتبعها وحدة الفعل ‪ ،‬اما الوجه الثاني للحقيقة‬
‫الواحدة فهو وجه الخلق ‪ :‬وهو المتأثر في كل حال ‪.‬‬
‫اذن ‪ :‬الذكر فعل للحق في محل هو العبد ‪ .‬وتنحصر همة العبد في التجرد الكلي عن‬
‫كل تأثير لتهيئة المحل تهيئة كلية ‪ .‬فالحق هو الذاكر [ اسم الفاعل ] والعبد هو المذكور‬
‫[ اسم المفعول ] ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ ‪ . . .‬ومتى ورد على الباطن ذكر ‪ 10‬معين فليكن السالك ساكنا ‪ ،‬ال يساعده بتفعّله‬
‫بل يسكن ليكون المحل مذكورا ال ذاكرا ‪.‬‬
‫فإذا اعطى الوارد قوته ذهب لنفسه ‪ .‬ومتى ساعدت الهمة ‪ 11‬فاتصف العبد بأنه ذاكر‬
‫‪ ،‬فذلك الذكر المعيّن ‪.‬‬
‫فقد تقيد المحل وخرج عن التهيوء الكلي الذي يعطي االطالق “ ‪ ( . . .‬وسائل السائل‬
‫ص ص ‪) 20 - 19‬‬
‫( ج ) في الفقرتين السابقتين استطعنا ان نلمس توحيد الشيخ ابن العربي لكافة مظاهر‬
‫وجهي الحقيقة الواحدة مع احتفاظه بذاك التفريق بين الوجهين ‪.‬‬

‫وهنا نالحظ انه يرفع كل الحواجز الفاصلة بين هذين الوجهين ليتسنى لهما التداخل‬
‫واالمتزاج والتحقق بوحدتهما الشاملة ‪.‬‬
‫فالذكر الذي يحمل في حناياه مفهوم الفقد والبعد واالفتراق والتثنية بين الذاكر‬
‫والمذكور ‪.‬‬
‫ترفضه الوحدة الوجودية المسيطرة على كيان الشيخ األكبر الفكري ‪.‬‬
‫فالذكر هو الحضور مع الحق والفناء فيه والتحقق بالوحدة الذاتية معه ‪ ،‬اذن ينتفي‬
‫الذكر كنسبة بين ذاكر ومذكور ويسقط ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ الذكر حجاب عن المذكور بمنزلة الدليل ‪ ، 12‬والدليل متى أعطاك المدلول سقط‬
‫عنك ‪ . . .‬فمتى كنت مع المذكور فال ذكر‪. . .‬‬

‫‪489‬‬
‫“ ‪“ 490‬‬

‫دع ‪ 13‬الذكر والتسبيح ان كنت عاشقا *** فليس يديم الذكر اال المنافق‬
‫إذا ‪ 14‬كان من تهواه في القلب حاضرا *** وأنت تديم الذكر كنت منافقا ‪15‬‬
‫َّللا تحتجب الذنوب *** وتحتجب البصائر والقلوب‬ ‫بذكر ّ‬
‫وترك الذكر أفضل كل شيء *** فشمس الذات ليس لها غروب ‪“ . . .‬‬
‫( وسائل السائل ص ص ‪) 26 - 25‬‬
‫كما أنه يورد البيتين األخيرين من هذا النص في ديوانه بكلمات مختلفة يقول ‪:‬‬
‫َّللا تزداد الذنوب ‪ *** 16‬وتحتجب البصائر والقلوب‬ ‫” بذكر ّ‬
‫وترك الذكر أفضل منه حاال * فان الشمس ليس لها غروب “( الديوان ص ص ‪- 4‬‬
‫‪)5‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬بخصوص الذكر في القرآن فليراجع‪Exegese coranique‬ص ‪37 - 36‬‬
‫( مقاتل ‪:‬‬
‫الذكر في القرآن ‪ -‬الصالة ‪ ،‬القرآن ‪ ،‬الطاعة ) ‪ -‬ص ص ‪ ( 133 - 130‬الذكر في‬
‫القرآن عند الترمذي وقد لخصنا نظائره التسع في المتن ) ‪ -‬ص ص ‪- 307 306‬‬
‫( الذكر عند الخراز ) كما يراجع فهرس االصطالحات مادة ذكر ‪.‬‬
‫) ‪ ( 2‬ربما أشار إلى اآلية ‪َ ”:‬وذَ ِّ ّك ْر فَإِّ َّن ال ِّذّ ْكرى ت َ ْنفَ ُع ْال ُمؤْ ِّمنِّينَ ‪“( 51 / 55 ) .‬‬
‫ت َوال ِّذّ ْك ِّر ْال َح ِّك ِّيم‬ ‫) ‪ ( 3‬ربما في ذلك إشارة إلى اآلية ‪ ”:‬ذ ِّل َك نَتْلُوهُ َ‬
‫علَي َْك ِّمنَ ْاآليا ِّ‬
‫‪“( 3 / 58 ) .‬‬
‫) ‪ ( 4‬يراجع بشأن “ ذكر “ قبل الشيخ ابن العربي‪ :Exegese coranique‬فهرس‬
‫االصطالحات مادة ذكر ‪.‬‬
‫‪-‬التجريد في كلمة التوحيد “ احمد الغزالي “ مطبعة البابي الحلبي ص ص ‪. 6 - 5‬‬
‫‪-‬الغزالي منهاج العارفين ص ‪. 84‬‬
‫‪-‬الترمذي ‪ .‬نوادر األصول ص ‪. 72‬‬

‫‪490‬‬
‫“ ‪“ 491‬‬
‫‪-‬الرسالة القشيرية ص ‪. 101‬‬
‫‪-‬الحالج ‪ .‬الطواسين نشر ماسينيون باريس ‪ : 1913‬طاسين النقطة‪V‬فقرة ‪، 18‬‬
‫‪. 19‬‬
‫وطاسين األزل وااللتباس‪VI‬فقرة ‪. 15‬‬
‫كما تراجع النصوص التالية التي الحقها ماسينيون في كتابه ‪:( Essai sur les‬‬
‫‪origines du lexique technique )-‬التعرف الكال بأذى فقرة‪، 33 ، : 32‬‬
‫‪. 48 ، 34‬‬
‫‪-‬جوامع آداب الصوفية ‪ .‬السلمي ‪ ،‬فقرة ‪. 3‬‬
‫‪-‬حقائق التفسير ‪ .‬السلمي ‪ .‬فقرة ‪. 150 ، 134 ، 110 ، 72 ، 53 ، 19 ، 2 :‬‬
‫‪-‬الكرماني فقرة ‪. 1‬‬

‫) ‪( 6‬انظر “ شهود ‪“ .‬‬ ‫) ‪( 5‬انظر “ حضور “‬


‫) ‪( 8‬انظر “ جليس الحق ‪“ .‬‬ ‫) ‪( 7‬راجع “ فتح ‪“ .‬‬
‫) ‪( 9‬بخصوص “ ذكر “ عند الشيخ ابن العربي فليراجع ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪ ( 36‬الذكر والحضور ) ‪ ،‬ص ‪ [ 50‬الذكر ‪ -‬القرآن ]‪ ،‬ص‬
‫ص ‪ [ 430 - 429‬الذاكرون ثالثة أقسام ‪ :‬ذاكر قائم ‪ ،‬ذاكر قاعد ‪ ،‬ذاكر على جنبه ‪.‬‬
‫على ُجنُوبِّ ِّه ْم ‪“( 3 /‬‬ ‫وهذا الترتيب قرآني ‪ ”:‬الَّذِّينَ يَ ْذ ُك ُرونَ َّ َ‬
‫َّللا قِّياما ً َوقُعُودا ً َو َ‬
‫) ‪. ]191‬‬
‫باّلل ‪-‬‬
‫َّللا ّ‬
‫َّللا بنفسه ‪ -‬ذكر تنزيه ‪ ،‬ذكر العبد ّ‬ ‫‪-‬وسائل السائل ص ‪ ( 6 - 5‬ذكر العبد ّ‬
‫الذكر طاعة المر الشارع ) ‪ ،‬ص ‪ ( 42‬ال ينبغي للذاكر ان يشتغل بمعاني الذكر ) ‪.‬‬
‫‪-‬رسالة “ سر المحبة “ مخطوط دار الكتب المصرية ‪.‬‬
‫) ‪ ( 10‬يفرق القونوي بين صورة الذكر ومعناه وباطنه يقول ‪:‬‬
‫“ فاالنسان ال يزال مقبال من صورة الذكر إلى معناه وباطنه ‪ ،‬ومن التلفظ به إلى نطق‬
‫القلب بذلك الذكر أو غيره ‪ ،‬وباطن الذكر غير معناه وانه عبارة عن التوجه إلى‬
‫المذكور من كونه مذكورا ومتوجها اليه ‪ ،‬هكذا درجة فوق درجة وفي كل درجة يسقط‬
‫منه جملة من احكام كثرته وصفات امكانه “ ‪ ( . . .‬التوجه األولى ق ‪ 11‬أ ) ‪.‬‬
‫انظر رسالة القونوي المذكورة خصوصا في كيفية االنتقال من ظاهر الذكر إلى‬
‫باطنه ‪ .‬ثم الجمع بين ما بطن وظهر وما يؤدي اليه ذاك الجمع ‪.‬‬
‫) ‪( 11‬انظر “ همة “‬
‫) ‪( 12‬ان الذكر حجاب يتمتع بكل ما للحجاب من صفات سلبية وايجابية انظر‬
‫“ حجاب ‪“ .‬‬
‫) ‪( 13‬األصل “ فدع “ وهو خطأ ينكسر به الوزن ‪.‬‬
‫) ‪( 14‬األصل “ فإذا “ وهو خطأ ينكسر به الوزن ‪.‬‬
‫) ‪( 15‬ان العاشق للجمال اإللهي ال يتسع قلبه لغيره ‪ ،‬فالحق في قلبه متربع ال يترك‬
‫لسواه مدخال فالذكر انتفى في هذا الذاكر ألنه حاضر مع المذكور ‪ ،‬وال يذكر حاضر ‪،‬‬
‫فإن ذكره كان ذلك‬

‫‪491‬‬
‫“ ‪“ 492‬‬
‫مخالفة لحضور قلبه ‪ ،‬اذن ‪ :‬نفاق ‪.‬‬

‫) ‪( 16‬ازدياد الذنوب بالذكر يحتمل معنيين ‪ - :‬ان الذكر يفترض الفقد الذي هو ذنب‪،‬‬
‫‪-‬ان الذكر يفترض تثنية بين الذاكر والمذكور ألنه اشراك المذكور في الوجود الذي‬
‫يقفه الشيخ ابن العربي على الحق ‪ ،‬وهذا االشراك ذنب ‪.‬‬

‫‪ – 273‬الذّوق‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الذال والواو والقاف أصل واحد ‪ .‬وهو اختبار الشيء من جهة تطعّم ‪ ،‬ثم يشتق منه‬
‫مجازا ‪ . . .‬وفي كتاب الخليل ‪ :‬كل ما نزل بانسان من مكروه فقد ذاقه “ ( معجم‬
‫مقاييس اللغة مادة “ ذوق “ )‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫ورد األصل “ ذوق “‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫‪ - 1‬اعتبار الشيء من جهة تطعّم ‪:‬‬
‫س ْوآت ُ ُهما ) ‪“( 7 / 22‬‬ ‫ت لَ ُهما َ‬ ‫قال تعالى ‪ ” :‬فَلَ َّما ذاقَا ال َّ‬
‫ش َج َرة َ بَ َد ْ‬
‫‪ - 2‬الذوق مجازا ‪.‬‬
‫غي َْرها ِّليَذُوقُوا ْالعَ َ‬
‫ذاب “( ‪. ) 56 / 4‬‬ ‫ت ُجلُو ُد ُه ْم بَد َّْلنا ُه ْم ُجلُودا ً َ‬ ‫َض َج ْ‬‫قال تعالى ‪ُ ”:‬كلَّما ن ِّ‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ الذوق “ على بساطته ‪ ،‬له خطورة كبرى في بنيان العرفان الصوفي ألنه ‪:‬‬
‫‪ - 1‬يمثل “ نقطة الفصل “ في كل حوار معهم ‪ .‬من حيث إنه يمت بشكل الصق‬
‫للتجربة الصوفية ‪ ،‬بل كل “ ما ال يمكن المشاركة فيه “ ‪.‬‬
‫في “ الذوق “ ينفصل الصوفية بمنطقهم الخاص جاعلين منه سدا في وجه ‪ :‬غير‬
‫الذائق ‪.‬‬
‫‪“ - 2‬الذوق “ عندهم طريق العرفان ‪ ،‬وحيث إنه ال يمكن معرفة ما ينتج عن الذوق‬
‫إال ‪ :‬بالذوق ‪ ،‬لذلك انحصرت قناعة هذا العلم بالذائق ‪.‬‬
‫ومن ابرز األدلة على هذه النقطة األخيرة ‪ ،‬قصيدة “ ابن بنت الميلق “ الهائية‬

‫‪492‬‬
‫“ ‪“ 493‬‬

‫الشهيرة ‪ ،‬التي ال يدانيها شهرة في األوساط الصوفية إال “ رائية “ أبو مدين ‪. 1‬‬
‫يقول في مطلعها ‪:‬‬
‫” من ذاق طعم شراب القوم يدريه *** ومن دراه غدا بالروح يشريه ‪.‬‬
‫وذو الصبابة لو يسقى على عدد األن *** ‪ -‬فاس ‪ ،‬والكون كأسا ليس يرويه “‬
‫ولم يكن الشيخ ابن العربي بعيدا عن هذا الحوار “ السلوكي “ ومذهب القوم فيه ‪.‬‬
‫****‬
‫يناقش الشيخ ابن العربي أوال “ الذوق “ عند الصوفية ‪ ،‬وماهيته ‪ .‬بما نعهده فيه من‬
‫استيعاب لدقائق سلوكهم وعرفانهم ‪.‬‬
‫يقول في تعريف “ الذوق “ عندهم ‪:‬‬
‫“ أن الذوق عند القوم [ ‪ -‬الصوفية ] ‪ :‬أول مبادئ التجلي ‪ ،‬وهو حال يفجأ العبد في‬
‫قلبه ‪ ،‬فإن أقام نفسين فصاعدا كان ‪ :‬شربا ‪ .‬وهل بعد هذا الشرب ري أم ال ‪ .‬فذوقهم‬
‫[ ‪ -‬الصوفية ] في ذلك مختلف “ ( ف ‪. ) 548 / 2‬‬

‫ويشرح الشيخ ابن العربي مراد الصوفية من تعريفهم الذوق بالتجلي ‪،‬‬
‫قائال ‪:‬‬
‫“ اعلم أن قولهم “ [ الذوق ‪ ] -‬أول مبادي التجلي “ إعالم ‪ ،‬ان لكل تجل مبدأ هو ‪:‬‬
‫ذوق لذلك التجلي ؛ وهذا ال يكون إال إذا كان التجلي اإللهي في الصورة أو في األسماء‬
‫اإللهية أو الكونية ليس غير ذلك ‪.‬‬
‫فإن كان التجلي في المعنى فعين مبدئه ‪ :‬عينه ‪ ،‬ما له بعد المبدأ حكم يستفيده االنسان‬
‫بالتدريج ‪ ،‬كما يستفيد معاني تلك الصورة المتجلى فيها ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 548/ 2‬‬
‫وهكذا يربط الصوفية الذوق بالتجلي ويجعلونه قبل الشرب والري ‪.‬‬
‫***‬
‫ويتابع الشيخ ابن العربي نهج ربط الذوق بالتجلي ‪ ،‬فيقيم عالقة جدلية بينه وبين التجلي‬
‫المحكوم للرياضة والمجاهدة ‪ .‬من ناحية ‪ ،‬الذوق يعطي التجلي ‪:‬‬
‫التنظير ‪ ،‬والتجلي من ناحية ثانية ‪ ،‬يعطي الذوق ‪ :‬صبغته ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ إن الذوق يختلف باختالف التجلي ‪ ،‬فإن كان التجلي في الصور فالذوق ‪:‬‬
‫خيالي ‪ ،‬وإن كان في األسماء اإللهية والكونية فالذوق ‪ :‬عقلي ‪.‬‬
‫فالذوق الخيالي أثره في النفس ‪ ،‬والذوق العقلي أثره في القلب فيعطي حكم اثر ذوق‬
‫النفس المجاهدات البدنية من الجوع والعطش ‪ . . .‬ويعطي حكم ذوق العقل الرياضات‬

‫‪493‬‬
‫“ ‪“ 494‬‬
‫النفسية وتهذيب األخالق “ ( ف ‪. ) 549 - 548 / 2‬‬
‫****‬
‫ينتج عن ارتباط الذوق بالتجلي ‪ ،‬ان العلوم الناتجة عن التجلي كافة هي ‪ :‬علوم‬
‫ذوقية ‪.‬‬
‫“ فالذوق “ أصبح إشارة إلى ‪:‬‬
‫تنظير التجربة ‪ ،‬أو المذهب الناتج عن تجربة صوفية معينة ‪ ،‬أو كل ما يمت إلى‬
‫العلوم التي حصلت بهذا الطريق ‪ [ -‬الذوق ] ‪.‬‬
‫فالذوق ‪ :‬لغة علم مشترك بين أصحاب التجربة الواحدة ‪ ، 2‬وكل علم ال يكون عن‬
‫تجل يبدأ بالذوق فليس من العلوم الذوقية ‪.‬‬
‫يقول ‪.‬‬
‫‪ - 1‬الذوق ‪ :‬تنظير تجربة‬
‫“ وأكثر الناس على خالف هذا الذوق ‪ ،‬ولهذا ال ينتظم كالمهم “ ( ف ‪. ) 548 / 2‬‬
‫“ فذوقهم في ذلك [ الري أو عدمه بعد الشرب ] ‪ ،‬مختلف فيه “ ( ف ‪. ) 548 / 2‬‬

‫‪ - 2‬العلوم الذوقية عن تجل‬


‫“ فإنه قد يتخيل في االنسان انه إذا علم شيئا ‪ ،‬فهو صاحب ذوق له ‪.‬وليس االمر‬
‫كذلك ‪ .‬فان الذوق ال يكون اال عن تجل ‪ .‬والعلم قد يحصل بنقل الخبر الصادق‬
‫الصحيح “ ( ف ‪. ) 546 / 2‬‬

‫ينتج في ضوء ما تقدم ‪ ،‬الختالف األنبياء في تجلياتهم ‪ ،‬اختالف في أذواقهم ‪.‬‬


‫فهناك الذوق العيسوي والموسوي والمحمدي ‪ . . .‬الذي يؤثر بالتالي على اختالف‬
‫أذواق التابعين لألنبياء [ ‪ -‬القدمية ‪ ،‬فلتراجع ] ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ولما علم الخضر ‪ ،‬ان موسى ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬ليس له ذوق في المقام الذي هو‬
‫الخضر عليه ‪.‬‬
‫َّللا ‪. . .‬‬
‫كما أن الخضر ليس له ذوق فيما هو موسى عليه من العلم ‪ .‬الذي علمه ّ‬
‫“ ( ف السفر ‪ 3‬فق ‪. ) 1 - 217‬‬

‫عرفناك ان العيسوي من األقطاب ‪ ،‬هو الذي‬ ‫َّللا بروح القدس ‪ ، -‬انا قد ّ‬


‫“ اعلم ‪ -‬أيدك ّ‬
‫جمع له الميراثان ‪ :‬الميراث الروحاني الذي به يقع االنفعال ‪ ،‬والميراث المحمدي ‪،‬‬
‫ولكن من ذوق عيسى ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬ال ب ّد من ذلك ‪ .‬وقد بينا‬

‫‪494‬‬
‫“ ‪“ 495‬‬

‫مقاماتهم وأحوالهم ‪ .‬فلنذكر ‪ .‬في هذا الباب ‪ ،‬نبذا من اسرارهم “ ( ف السفر ‪ 3‬فق‬
‫‪. ) 338‬‬
‫**‬
‫الذوق من األحوال والمقامات عند الشيخ ابن العربي ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫) ‪ “ ( 1‬الذوق ‪ . . .‬وهو حال يفجأ العبد في قلبه “ ( ف ‪. ) 548 / 2‬‬
‫“ الشرب بين مقام الذوق والري “ ( ف ‪. ) 549 / 2‬‬
‫) ‪ “ ( 2‬ولكن ليس من شرط كل مقام ‪ ،‬إذا دخله االنسان ذوقا ‪ ،‬ان يحيط بجميع ما‬
‫يتضمنه من جهة التفصيل “ ( ف السفر ‪ 6‬فق ‪. ) 606‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬قصيدة أبو مدين مطلعها ‪:‬‬
‫ما لذة العيش اال صحبة الفقرا *** هم السالطين والسادات واألمرا‬
‫( ‪ ) 2‬يقول ابن الفارض ‪:‬‬
‫ي عن التصريح للمتعنت “‬ ‫” وعنّي بالتّلويح يفهم ذائق *** غن ّ‬
‫( ديوان ابن الفارض ص ‪) 70‬‬
‫كما يقول في مكان آخر من تائيته لبيان ان علم الصوفية ال يحصل اال بالذوق‬
‫والشرب ‪:‬‬
‫” منحتك علما ‪ ،‬إن ترد كشفه فرد *** سبيلي ‪ ،‬واشرع في اتباع شريعتي‬
‫ي ‪ .‬فدعني من سراب بقيعة “‬ ‫فمنبع صدّي من شراب ‪ ،‬نقيعه *** لد ّ‬
‫( الديوان ص ‪) 60‬‬

‫‪495‬‬
“ 496 “

496
‫“ ‪“ 497‬‬

‫حرف الراء‬
‫ر‬

‫‪497‬‬
“ 498 “

498
‫“ ‪“ 499‬‬

‫‪ – 274‬مرآة‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫فالراي ‪:‬‬ ‫“ الراء والهمزة والياء أصل يدل على نظر وابصار بعين أو بصيرة ‪ّ .‬‬
‫والرواء ‪ :‬حسن المنظر ‪ .‬والمرآة‬ ‫ما يراه االنسان في االمر ‪ ،‬وجمعه اآلراء ‪ّ . . .‬‬
‫والرؤيا معروفة ‪ ،‬والجمع رؤى ‪“ .‬‬ ‫معروفة ‪ّ . . .‬‬
‫( معجم مقاييس اللغة مادة “ رأى “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫بازغا ً قا َل‬ ‫‪ - 1‬األصل “ رأى “ يدل على ابصار عين أو بصيرة ‪ ”.‬فَلَ َّما َرأَى ْالقَ َم َر ِّ‬
‫هذا َر ِّبّي “( ‪) 77 / 6‬‬
‫ت بِّ ِّه َو َه َّم بِّها لَ ْو ال أ َ ْن َرأى بُ ْرهانَ َر ِّبّ ِّه ) ‪“. ( 12 / 24‬‬ ‫قال تعالى ‪َ ” :‬ولَقَ ْد َه َّم ْ‬
‫‪ - 2‬رئاء ‪ -‬وهو ان يفعل االنسان شيئا ليراه الناس ‪.‬‬
‫اّلل َوال ِّب ْاليَ ْو ِّم ْاآل ِّخ ِّر‬
‫اس َوال يُؤْ ِّمنُونَ ِّب َّ ِّ‬ ‫”قال تعالى ‪َ :‬والَّذِّينَ يُ ْن ِّفقُونَ أ َ ْموالَ ُه ْم ِّرئا َء النَّ ِّ‬
‫‪“( 4 / 38 ) .‬‬
‫‪3 -‬الرؤيا ‪.‬‬
‫لر ْءيا ت َ ْعبُ ُرونَ “( ‪. ) 43 / 12‬‬ ‫قال تعالى ‪ ”:‬يا أَيُّ َها ْال َم َأل ُ أ َ ْفتُونِّي فِّي ُر ْء َ‬
‫ياي إِّ ْن ُك ْنت ُ ْم ِّل ُّ‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫لقد استثمر الشيخ ابن العربي صفة المرآة الوظيفية في صورة تمثيلية ‪ ،‬شرح على‬
‫أساسها أحد اشكال العالقة بين الحق والخلق ‪ :‬مفسرا بذلك سبب الخلق من ناحية ‪،‬‬
‫وكيفية نشوء الكثرة عن الوحدة من ناحية ثانية ‪.‬‬
‫وسرعان ما أينعت هذه الصورة التمثيلية رموزا ومصطلحات ( مرآة الحق ‪ .‬مرآة‬
‫الخلق ) أغنت مفردات شيخنا األكبر الفنية وسندرج مجمل نظرته إلى المرآة في‬
‫نقطتين ‪:‬‬
‫األولى المرآة ‪ :‬صورة تمثيلية ‪ ،‬والثانية المرآة ‪ :‬رمز ذو دالالت وايماءات ‪.‬‬
‫***‬

‫‪499‬‬
‫“ ‪“ 500‬‬

‫*المرآة ‪ -‬صورة تمثيلية ‪ :‬وهي تفسر سبب الخلق ( ‪ ، ) 1‬وكيفية نشوء الكثرة عن‬
‫الوحدة ‪( 2 ) :‬‬
‫) ‪( 1‬استفاد الشيخ ابن العربي من صفة “ الترائي “ في المرآة ليقدم بها إلى الفكر‬
‫االنساني سببا لوجود العالم ‪ ،‬فقد شاء الحق ان يرى عين أسمائه وصفاته فأوجد‬
‫العالم ‪ :‬مرآة ‪.‬‬

‫يقول ‪:‬‬
‫“ لما شاء الحق سبحانه من حيث أسمائه الحسنى ‪ 1‬التي ال يبلغها االحصاء ان يرى‬
‫مسوى ال روح‬‫أعيانها ‪ ،‬وان شئت قلت إن يرى عينه ‪ . . .‬أوجد العالم كله وجود شبح ّ‬
‫فيه ‪ ،‬فكان كمرآة غير مجلوة ‪ . . .‬فاقتضى االمر جالء مرآة العالم ‪ ،‬فكان آدم عين‬
‫جالء تلك المرآة ‪ ( “ . . . 2‬فصوص ‪. ) 49 - 48 / 1‬‬
‫) ‪( 2‬حاول الشيخ األكبر ان يبسط معضلة الوحدة والكثرة المتشاجرة بصورة تمثيلية‬
‫[ الرائي والمرائي ] ‪ :‬فالحق واحد تتعدد صوره في المرائي ‪ ،‬فالمرائي مظاهر لظاهر‬
‫واحد هو الحق ‪.‬‬

‫اذن الحقيقة الوجودية واحدة تتعدد صورها ‪ 3‬وتجلياتها ‪ 4‬ومظاهرها ‪5‬ومرائيها ‪،‬‬
‫فهذه الكثرة هي كثرة اعتبارية ال مستندا حقيقيا لها اي ال وجودا حقيقيا لها ‪. 6‬‬
‫فالحق واحد يتكثر في مراتب التجلي وفي المرائي‪.‬‬
‫فتفاضل المرائي مشأ الكثرة المشهودة في العالم ‪ :‬فمرآة االنسان أفضل من مرآة العالم‬
‫‪ ،‬وهي بذاتها تتفاضل فيما بينها لتفسح المجال في قمة التفاضل للمرآة المحمدية ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ ‪ . . .‬ان االنسان ‪ :‬هو الكون باسره من حيث هو ثمرته ‪ ،‬وهو سره من حيث انفراده‬
‫عنه ‪ ،‬ألنه مرآة تجلي الحق بالعالم بظهور أسمائه وصفاته ‪ . . .‬إذ ال يتم التجلي التام‬
‫الكامل بكل األسماء جملة اال بوجود آدم ‪ 7‬اعني نوع االنسان ‪ ( “ . . .‬بلغة الغواص‬
‫ق ‪. ) 12‬‬
‫“ ‪ . . .‬فان األنبياء عليهم السالم أعدل مرآة منك [ العبد ] ‪ ،‬ثم لتعلم ان األنبياء قد‬
‫فضل بعضهم بعضا فال بد من أن يكون مرائيهم متفاضلة ‪ ،‬وأفضل المرائي واعدلها‬
‫َّللا عليه وسلم فتجلى الحق فيها أكمل من كل تجل يكون ‪،‬‬ ‫وأقومها مرآة محمد صلى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ ،‬لينطبع في‬
‫فاجهد ان تنظر إلى الحق المتجلي في مرآة محمد صلى ّ‬
‫مرآتك فترى الحق في صورة محمدية برؤية محمدية وال تراه في صورتك ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ‪. ) 433 / 4‬‬
‫***‬

‫‪500‬‬
‫“ ‪“ 501‬‬

‫*المرآة رمز ذو دالالت وايماءات ‪:‬‬


‫أوال ‪ :‬يضع الشيخ ابن العربي وجهي الحقيقة الواحدة ( حق ‪ -‬خلق ) في تقابل‬
‫ترائي ‪:‬‬
‫الحق ‪ -‬مرآة الخلق ‪ ،‬والخلق ‪ -‬مرآة الحق ‪.‬‬
‫ونالحظ ان المرآة في اضافتها إلى الخلق تأخذ بعدا عرفانيا ‪ ،‬وفي اضافتها إلى الحق‬
‫تأخذ بعدا انطولوجيا ‪.‬‬
‫( أ ) الحق ‪ -‬مرآة الخلق ‪ -‬مرآة الحادث ‪:‬‬
‫هنا نتعرض إلى مسألة “ رؤية الحق “ وموقف الشيخ ابن العربي منها ‪.‬‬
‫ففي نظرية تؤمن بالوحدة الوجودية ‪ ،‬وفي بنيان وجودي يرجع كل شيء إلى الحق‬
‫حيث ما ثمة اال الحق وأسماؤه وصفاته ‪ .‬ال معنى للسؤال التقليدي ‪ :‬هل رؤية الحق‬
‫جائزة في هذه الدنيا ؟ فالعارف المحقق يرى الحق في كل شيء ‪ ،‬إذ كل شيء هو‬
‫مجلى للحق ‪ .‬ولكن ليست هذه الرؤية هي المقصودة في السؤال التقليدي السابق ‪ ،‬بل‬
‫رؤية الحق في مرتبته وليس في تجلياته ‪ .‬فهل هذه الرؤية حاصلة عند الشيخ ابن‬
‫العربي ؟‬
‫ان رؤية الحق في مرتبة ألوهيته ال تحصل للعبد ‪ ،‬بل في قمة عرفان العبد ‪ ،‬لحظة‬
‫يتهيأ لرؤية الحق ال يرى اال حقيقته وصورته ‪ 8‬هو [ صورة العبد ] ؛ ولذلك يقول‬
‫الشيخ ابن العربي ‪ :‬ان الحق مرآة العبد في رؤية نفسه ‪ .‬وقمة رؤية الحق هي رؤيته ‪:‬‬
‫بالرؤية المحمدية في الصورة المحمدية ‪. 9‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬فص ّح على الحادث من حيث هو حادث فقير متأخر ‪ ،‬وانه مرآة القديم الذي هو‬
‫الواجب في رؤيته أسمائه ‪ ،‬وعلى القديم انه مرآة الحادث في رؤيته نفسه اي في‬
‫بروزه له وليس أحدهما غير اآلخر ‪ ( “ . . .‬بلغة الغواص ورقة ‪. ) 103‬‬
‫“ فهو [ تعالى ] مرآتك في رؤيتك نفسك ‪ ،‬وأنت مرآته في رؤيته أسمائه ‪ ،‬وظهور‬
‫احكامها وليست سوى عينه ‪ ( “ . . .‬فصوص ‪. ) 62 / 1‬‬

‫“ ‪ . . .‬والحق مرآة الرجل الكامل ‪ . . .‬والحق مرآة للخلق ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 430 / 4‬‬
‫“ ان الحق مرآة العالم فال يرون فيها غير ما هي صورهم عليه وهم في صورهم على‬
‫درجات ‪ ( “ . . .‬ف ‪.) 42 / 4‬‬

‫‪501‬‬
‫“ ‪“ 502‬‬

‫( ب ) الخلق ‪ -‬مرآة الحق ‪ -‬مرآة القديم ( انظر المعنى األول )‬


‫ثانيا ‪ :‬استعمل الشيخ ابن العربي عبارة “ مرآة الحق “ التمثيلية ( انظر المعنى‬
‫األول )‬
‫رمزا يدل ‪ :‬على العالم باسره ‪ :‬من حيث إنه مجلى الهي ال يرى فيه العارفون اال‬
‫صورة الحق ‪ -‬وعلى حضرة االنسان بصورة عامة ‪ ،‬واالنسان الكامل أو القطب‬
‫بصورة خاصة ‪ ،‬من حيث إنه مظهر تجلي الحق سبحانه في أسمائه الحسنى ‪ -‬وعلى‬
‫الحقيقة القلبية ‪ :‬من حيث إنها تتسع لتجلي الحق ‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫) ‪ “ ( 1‬العالم مرآة الحق “ ( ف ‪) 430 / 4‬‬
‫“ فالعالم ‪ . . .‬مرآة الحق فما رأى العارفون فيه اال صورة الحق ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 2‬‬
‫‪. ) 449‬‬
‫) ‪ “ ( 2‬والمرآة حضرة االنسان ‪ ( “ . . .‬ف ‪) 239 / 3‬‬
‫“ فالعالم [ االنسان الموصوف بالعلم ] مرآة الحق ‪ ،‬وال يكون العارف وال الفقيه مرآة‬
‫له تعالى ‪ ( “ . . . 10‬ف ‪. ) 54 / 4‬‬
‫“ فاما القطب وهو عبد الجامع فهو المنعوت بجميع األسماء تخلقا وتحققا وهو مرآة‬
‫الحق ‪ 11‬ومجلى النعوت المقدسة ومجلى المظاهر اإللهية “ ‪ ( . . .‬ف ‪. ) 573 / 3‬‬
‫) ‪ ” ( 3‬قلب المحقق مرآة فمن نظر * يرى الذي أوجد األرواح والصورا‬
‫إذا أزل صدا ‪ 12‬األكوان واتحدت * صفاته بصفات الحق فاعتبرا ‪ (“ . . .‬الديوان‬
‫ص ‪. ) 17‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫“ ) ‪( 1‬راجع “ اسم الهي “‬
‫) ‪( 2‬من حيث إن االنسان وحده من دون سائر المخلوقات هو المظهر األتم واألكمل‬
‫للحضرة اإللهية ‪.‬‬
‫) ‪( 3‬انظر “ صورة “‬
‫) ‪( 4‬انظر “ تجلي ‪“ .‬‬
‫) ‪( 5‬انظر “ مظهر “‬
‫) ‪( 6‬انظر “ خلق جديد “‬

‫‪502‬‬
‫“ ‪“ 503‬‬

‫علَّ َم آ َد َم ْاألَسْما َء ُكلَّها “[ ‪2‬‬


‫) ‪( 7‬بهذا المعنى يفهم الشيخ ابن العربي اآلية القرآنية ‪َ ”:‬و َ‬
‫َّللا آدم األسماء ‪ :‬تجلى بها فيه [ تجليا وجوديا ] وعليه [ تجليا عرفانيا ]‬ ‫‪ ، ] 31 /‬علم ّ‬
‫راجع ‪ :‬تجلي ‪.‬‬
‫) ‪( 8‬يراجع للتأكد مما ذهبنا اليه بخصوص “ الرؤية “ عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪. 496 ، 495 ، 129‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪. 479‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪. 2‬‬
‫‪-‬انشاء الدوائر ص ‪. 13‬‬
‫‪-‬فصوص الحكم ج ‪ 1‬ص ‪. 71‬‬
‫‪-‬كتاب الكتب ص ‪. 51 ، 48‬‬
‫‪-‬التجليات ص ‪. 49‬‬
‫‪-‬االسفار ص ‪. 21‬‬
‫) ‪( 9‬يقول الشيخ ابن العربي ‪ “ :‬ورغبتنا ‪ . . .‬في رؤية الحق بالرؤية المحمدية ‪ ،‬في‬
‫الصورة المحمدية ‪ ،‬فإنها أتم رؤية وأصحها وأصدقها “ ( ف ‪/ 203 ) . 4‬‬
‫) ‪( 10‬من حيث إن “ العالم “ من األسماء اإللهية وتطلق على الحق وعلى االنسان ‪،‬‬
‫على حين ان العارف والفقيه أسماء ال تطلق على الحق ‪.‬‬
‫) ‪( 11‬يراجع بشأن “ مرآة “ عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬مشاهد االسرار القدسية ورقة ‪ ، 25‬ورقة ‪ ( ، 51‬أنت مرآتي ) ‪.‬‬
‫‪-‬مرآة العارفين ورقة ‪ ( 4‬مرآة ‪ -‬مظهر ‪ ،‬مجلى ‪ ،‬منصة ‪) . . .‬‬
‫‪-‬بلغة الغواص ورقة ‪ ( 12‬العالم مجرد من آدم مرآة غير مجلوة ) ‪ ،‬ق ‪ [ 21‬محمد‬
‫َّللا ‪) .‬‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ -‬المرآة التامة ] ورقة ‪ ( 58‬مرآة أسماء ّ‬ ‫صلى ّ‬
‫‪-‬ف ج ‪ 1‬ص ‪. 163‬‬
‫‪-‬ف ج ‪ 2‬ص ‪ ( 431‬مرآة الغيب ) ‪ ( 549 ،‬الرائي والمرائي ) ‪.‬‬
‫‪-‬ف ‪ 3‬ص ‪ ( 449‬مرآة الحق )‬
‫‪-‬ف ج ‪ 4‬ص ‪، 203‬‬
‫‪-‬فصوص الحكم ج ‪ 2‬ص ‪. 320 ، 268 ، 267 ، 146 ، 24 ، 7‬‬
‫كما يراجع ‪ - :‬الغزالي ‪ .‬ميزان العمل ص ص ‪. 41 - 40‬‬
‫‪-‬اصطالحات الصوفية ‪ .‬عز الدين عبد السالم بن غانم المقدسي ‪ :‬ق ‪82‬أ ( مرآة‬
‫الكون ) ‪ .‬ق ‪ 87‬أ ( المرآة الروحية والقلبية ) ‪ - .‬تأويالت القيصري ق ‪ 165‬ب ‪.‬‬
‫‪-‬علم التصوف ‪ .‬النوري ورقة ‪ 59‬ب ‪.‬‬
‫‪-‬لطائف االعالم مادة ‪ :‬مرآة الكون ‪ -‬مرآة الوجود ‪ -‬مرآة الحضرتين ‪ -‬مرآة الذات‬
‫واأللوهية معا ‪.‬‬
‫) ‪( 12‬األصل “ صدى ‪“ .‬‬

‫‪503‬‬
‫“ ‪“ 504‬‬

‫‪ - 275‬مرآة تجلي الحق بالعالم‬


‫االنسان هو مرآة تجلي الحق بالعالم ‪ ،‬من حيث كونه مظهرا ومجلى للحضرة‬
‫اإللهية ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ان االنسان هو الكون باسره من حيث هو ثمرته ‪ ،‬وهو سره من حيث انفراده عنه‬
‫ألنه مرآة تجلي الحق بالعالم ‪ . . .‬إذ ال يتم التجلي الكامل بكل األسماء جملة اال بوجود‬
‫آدم ‪ ،‬اعني نوع االنسان “‬
‫انظر “ مرآة “ ‪.‬‬

‫‪ - 276‬مرآة الحادث‬
‫المترادفات ‪ :‬مرآة العالم ‪ ،‬مرآة الخلق‬
‫مرآة الحادث ‪ :‬هو القديم‬
‫انظر “ مرآة "‬

‫ق‬‫‪ - 277‬مرآة الح ّ‬


‫مرادف ‪ :‬مرآة القديم‬
‫مرآة الحق ‪ :‬هي الخلق ‪ .‬وبصورة خاصة القطب واالنسان الكامل‬
‫انظر “ مرآة “ خاصة المعنى الثاني الفقرة “ ب "‪.‬‬

‫‪ - 278‬مرآة الخلق‬
‫المترادفات ‪ :‬مرآة الحادث ‪ ،‬مرآة العالم‬
‫مرآة الخلق ‪ :‬هو الحق‬
‫انظر “ مرآة “‬

‫‪504‬‬
‫“ ‪“ 505‬‬

‫‪ - 279‬مرآة الرجل الكامل‬


‫الحق هو مرآة الرجل الكامل‬
‫انظر “ مرآة “ ‪.‬‬

‫‪ - 280‬مرآة العالم‬
‫مرآة العالم هو الحق ‪ ،‬فال يرون فيها غير ما هي صورهم عليه ‪.‬‬
‫يقول ‪ . . . “ :‬ان الحق مرآة العالم ‪ ،‬فال يرون فيها غير ما هي صورهم عليه ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ‪) 42 / 4‬‬
‫انظر “ مرآة "‪.‬‬

‫‪ - 281‬مرآة القديم‬
‫مرادف ‪ :‬مرآة الحق‬
‫مرآة القديم ‪ :‬هو الحادث‬
‫انظر “ مرآة "‪.‬‬

‫‪ - 282‬مرآة وجود اإلنسان‬


‫مرآة وجود االنسان أو العبد هو ما به أو عليه تنطبع رؤيته للحق ‪ ،‬وحيث إن كل‬
‫انسان يتجلى فيه الحق على قدره ‪ ،‬تتفاضل المرائي ‪ .‬وأفضل مرآة هي مرآة محمد‬
‫َّللا عليه وسلم ‪.‬‬
‫صلى ّ‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ ثم انظر في المرائي واعتدالها واألقوم منها ‪ ،‬وانظر إلى مرآة وجودك فإن كانت‬
‫اعدل المرائي وال تكن ‪ ،‬فإن األنبياء عليهم السالم اعدل مرآة منك ‪ ،‬ثم لتعلم ان‬

‫‪505‬‬
‫“ ‪“ 506‬‬

‫األنبياء قد فضل بعضهم بعضا ‪ ،‬فال بد ان يكون مرائهم متفاضلة ‪ .‬وأفضل المرائي‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ ،‬فتجلى الحق فيها أكمل من كل تجل‬
‫واعدلها وأقومها مرآة محمد صلى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم لينطبع‬
‫يكون ‪ ،‬فاجهد ان تنظر إلى الحق المتجلي في مرآة محمد صلى ّ‬
‫في مرآتك ‪ ،‬فترى الحق في صورة محمدية برؤية محمدية ‪ ( “ . . .‬ف ‪4 / 433 ) .‬‬
‫انظر “ مرآة "‪.‬‬

‫رب – ربوبيّة‬ ‫‪ّ - 283‬‬


‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الراء والباء يدل على أصول ‪ ،‬فاألول ‪ :‬اصالح الشيء والقيام عليه ‪.‬‬
‫وَّللا جل‬
‫فالرب ‪ :‬المالك ‪ ،‬والخالق ‪ ،‬والصاحب ‪ .‬والرب ‪ :‬المصلح للشيء ‪ّ . . .‬‬
‫ثناؤه ‪ :‬الرب ‪ ،‬ألنه مصلح أحوال خلقه ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة مادة “ رب “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫ان لفظة “ رب “ وردت في القرآن في سياق لغوي [ ‪ -‬السيد ‪ ،‬المالك المصلح ‪،‬‬
‫المربي ] ولكن اضافتها ‪ 1‬إلى مربوبيها [ االنسان ‪ ،‬العرش ‪ ،‬العالمين ‪ ،‬كل شيء ]‬
‫حصرها في إطار األلوهية ‪.‬‬
‫ّلل َربّ ِّ ْالعالَ ِّمينَ “‪( 6 / 2‬‬
‫ياي َو َمماتِّي ِّ َّ ِّ‬ ‫س ِّكي َو َم ْح َ‬ ‫صالتِّي َونُ ُ‬ ‫”‪-‬قال تعالى ‪ :‬قُ ْل ِّإ َّن َ‬
‫‪162 ) .‬‬
‫ش ْيءٍ ‪“( 6 / 164 ) .‬‬ ‫َّللا أ َ ْب ِّغي َربًّا َو ُه َو َربُّ ُك ِّّل َ‬ ‫”‪-‬قال تعالى ‪ :‬قُ ْل أ َ َ‬
‫غي َْر َّ ِّ‬
‫َّللا “( ‪. ) 64 / 3‬‬ ‫ضنا بَ ْعضا ً أ َ ْربابا ً ِّم ْن د ِّ‬
‫ُون َّ ِّ‬ ‫”‪-‬قال تعالى ‪َ :‬وال يَت َّ ِّخذَ بَ ْع ُ‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫*لقد افرغ الشيخ ابن العربي في الخطوة األولى مضمون “ رب “ من دالالته الدينية‬
‫َّللا‬
‫وايماءات لفظه إلى األلوهية حاصرا معناه في أفق لغوي ‪ ،‬يقبل االشتراك بين ّ‬
‫واالنسان ‪. 3‬‬
‫فالرب هنا هو ‪ :‬المالك ‪ ،‬والمصلح ‪ ،‬والسيد ‪ ،‬والمربي ‪ ،‬والثابت ‪.4‬‬

‫‪506‬‬
‫“ ‪“ 507‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ أسماء االشتراك كاسمه ‪ :‬المؤمن ‪ 5‬والرب ‪ .‬فالمؤمن ‪ :‬المصدق ‪ ،‬والمؤمن ‪:‬‬
‫معطي األمان ‪ ،‬والرب ‪ :‬المالك ‪ ،‬والرب ‪ :‬المصلح ‪ ، 6‬والرب ‪ :‬السيد والرب ‪:‬‬
‫المربي ‪ ،‬والرب ‪ :‬الثابت ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 303 / 2‬‬

‫وهذا االتجاه اللغوي في تفسير لفظة “ رب “ أدى إلى قول الشيخ األكبر بالربوبية‬
‫العامة التي هي ربوبية األكوان واألسباب ‪. 7‬‬
‫****‬
‫بعد ما أفرغ الشيخ ابن العربي لفظ “ رب “ من دالالته إلى األلوهية نجده في الخطوة‬
‫َّللا من حيث أسمائه ‪.‬‬
‫التالية يحصره في دائرتها ‪ .‬فالرب فقط هو ‪ّ :‬‬
‫ونبين مقدمات وصوله إلى هذه النتيجة بالمعادالت التالية ‪:‬‬
‫الرب ‪ -‬المصلح ‪ ،‬المربي ‪ [ . . .‬انظر المعنى السابق ] ‪.‬‬
‫االسم اإللهي ‪ -‬كل مؤثر في الكون ‪ ،‬وكل ما يفتقر اليه الكون انظر المعنى “ الرابع‬
‫“ لالسم اإللهي في مقابل العبد مؤثر فيه ‪. 8‬‬
‫ولما كان االصالح والتربية إلى غير ما تتضمنه كلمة رب من مفاهيم لغوية تفيد األثر‬
‫والتأثير في الربوب ‪.‬‬
‫اذن ‪ :‬الرب ‪ -‬االسم اإللهي ‪ ( ،‬األرباب ‪ -‬األسماء اإللهية ) ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫) ‪ “ ( 1‬انه ال جامع ‪ . . .‬بين العبودية والربوبية بوجه من الوجوه وانهما أشد األشياء‬
‫في التقابل ‪ ،‬فان المثلين ان تقابال فإنهما يشتركان ‪ . . .‬فان الجامع للبياض والسواد ‪:‬‬
‫اللون ‪ ،‬والجامع للحركة والسكون ‪:‬الكون ‪ ،‬والجامع لألكوان واأللوان ‪ :‬العرضية ‪.‬‬
‫فكل ضدين وان تقابال ‪ . . .‬فال بد من جامع يجتمعان فيه اال العبد والرب فان كل واحد‬
‫ال يجتمع مع اآلخر ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 371 / 3‬‬

‫يضع الشيخ ابن العربي العبودية في موازاة الربوبية من حيث إن الثانية هي صفة‬
‫الفعل والتأثير ‪ ،‬وبذلك يحصر مفهوم لفظ “ رب “ باأللوهية من حيث تعيناتها متجاوزا‬
‫بهذه الخطوة ما ذهب اليه في المعنى السابق ‪.‬‬

‫) ‪ “ ( 2‬اعلم أن ارتباط الموجودات إلى الوجود الواحد الحق ال يكون اال من حيث‬
‫تعيناته التي هي أسماؤه ‪ ،‬فكل موجود مرتبط باسم من األسماء‬

‫‪507‬‬
‫“ ‪“ 508‬‬
‫[ اإللهية ] من جهة انه ‪ ،‬لم يتعين الحصة الوجودية المضافة اليه حتى صار بها‬
‫موجودا اال من حضرة اسم من األسماء ‪ ،‬ولم يصل المدد الواصل الذي به بقاؤه في‬
‫اآلن الثاني ‪ 9‬اليه اال بواسطة ذلك االسم ‪. . .‬‬
‫َّللا ‪ :‬رب جميع الموجودات من جهة‬ ‫فكان ذلك االسم ربه في الحقيقة ‪ . . . 10‬واالسم ّ‬
‫جمعيته ‪ ،‬لكن إضافة ربوبيته إلى غير الكمل من حيث أسمائه وبواسطتها ‪. . .‬‬
‫“ ( مراتب التقوى ق ق ‪ 166‬ب ‪ 167‬أ )‬
‫“ ‪ . . .‬ان كل اسم الهي يتضمن جميع األسماء كلها ‪ ،‬وان كل اسم ينعت بجميع‬
‫األسماء في أفقه ‪. . .‬‬
‫واال فكيف يصح ان يكون ربا لعابده هيهات هيهات ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 101 / 1‬‬
‫َّللا اال ربه‬
‫ي بالذات كل باألسماء ‪ .‬وكل موجود فماله من ّ‬ ‫َّللا أحد ّ‬
‫“ اعلم أن مسمى ّ‬
‫خاصة يستحيل ان يكون له الكل ‪. . .‬‬
‫والسعيد من كان عند ربه مرضيا ‪ ،‬وما ثم اال من هو مرضي عند ربه ألنه الذي يبقى‬
‫عليه ربوبيته ‪ ،‬وال يلزم إذا كان كل موجود عند ربه مرضيا ‪. . .‬‬
‫ان يكون مرضيا عند رب عبد آخر ‪ .‬فما تعين له من الكل اال ما يناسبه فهو ربه ‪. . .‬‬
‫فقد وقع التمييز بين العبيد ‪ ،‬فقد وقع التمييز بين األرباب ‪ ( “ . . . 11‬فصوص ج ‪1‬‬
‫ص ص ‪. ) 93 - 90‬‬

‫حصر الشيخ ابن العربي الربوبية في اطار األلوهية كما رأينا في المعنى السابق ‪.‬‬
‫وهذا ال يعني انه يرادف بينهما ‪ 12‬ويمكن تلخيص موقفه في نقطتين ‪:‬‬
‫‪ - 1‬ان األلوهية تتفق والربوبية من حيث إنهما يطلبان المألوه والمربوب في مقابل‬
‫“ الذات “ الغنية عن العالمين ‪.‬‬
‫للا ‪،‬‬
‫‪ - 2‬ان األلوهية لها التنوع في األسماء والشؤون من حيث الجمعية التي لالسم ّ‬
‫في مقابل الربوبية التي لها الثبوت ( حقيقة كل اسم الهي ثابتة ومتميزة فالمعز غير‬
‫المذل وغير الباسط ) ‪. .‬‬
‫ونلفت النظر إلى أنه ال ينبغي ان نظن الكثرة والتعدد في ذات الحق ‪ .‬فاأللوهية‬
‫والربوبية مجالي ومظاهر لها ‪ ،‬وليستا على الحقيقة إال عينها‪.‬‬

‫‪508‬‬
‫“ ‪“ 509‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫) ‪ “ ( 1‬فاأللوهية تطلب المألوه ‪ ،‬والربوبية تطلب المربوب ‪ ،‬واال فال عين لها اال به‬
‫وجودا أو تقديرا ‪ .‬والحق من حيث ذاته غني عن العالمين ‪.‬‬
‫والربوبية ما لها هذا الحكم ‪.‬‬
‫فبقي االمر بين ما تطلبه الربوبية وبين ما تستحقه الذات من الغنى عن العالمين ‪.‬‬
‫وليست الربوبية على الحقيقة واالتصاف اال عين هذه الذات ‪ ( “ . . .‬فصوص ‪/ 1‬‬
‫‪. ) 119‬‬
‫) ‪ “ ( 2‬قال نوح ربّ ‪ ، 13‬ما قال الهي ‪ ،‬فان الرب ‪ 14‬له الثبوت واالله يتنوع‬
‫باألسماء فهو كل يوم في شأن ‪ . 15‬فأراد بالرب ثبوت التلوين إذ ال يصح اال هو ‪. . .‬‬
‫“ ( فصوص ‪. ) 73 / 1‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬ان لفظة “ رب “ لم ترد في القرآن ّاال مضافة ‪ .‬راجع المعجم المفهرس أللفاظ‬
‫القرآن ‪.‬‬
‫المواد ‪ :‬رب ‪ ،‬ربك ‪ ،‬ربكم ‪ ،‬ربنا ‪. . .‬‬
‫) ‪( 2‬يقول البيضاوي في لفظة رب هنا ‪ “ :‬الرب في األصل مصدر بمعنى التربية‬
‫وهي تبليغ الشيء التي كماله شيئا فشيئا ‪ ،‬ثم وصف للمبالغة كالعدم والعدل ‪ .‬وقيل هو‬
‫نعت من ربّه يربّه فهو رب ‪ . . .‬ثم سمي به المالك ألنه يحفظ ما يملكه ويربيه وال‬
‫يطلق على غيره تعالى اال مقيدا “ ( أنوار التنزيل ج ‪ 1‬ج ‪. ) 3‬‬
‫اما سهل التستري فيقول ‪:‬‬
‫“ ( رب العالمين ) ‪ :‬سيد الخلق المربي لهم والقائم بأمرهم المصلح المدبر لهم قبل‬
‫كونهم وكون فعلهم المتصرف بهم ‪ . . .‬ال رب لهم غيره “ ( تفسير القرآن العظيم ص‬
‫‪.)7‬‬
‫َّللا واالنسان من حيث إنه انسان ال من حيث إنه‬ ‫) ‪( 3‬ان لفظ رب يقبل االشتراك بين ّ‬
‫عبد ‪ ،‬فالعبد يقابل الرب مقابلة موازاة ال تسمح بالتماس في اية صفة ولذلك ال يطلق‬
‫على “ العبد “ لفظ “ رب “ ‪ ،‬ونورد هذا النص من رسالة “ األجوبة عن االنسان‬
‫الكامل “ مخطوط الظاهرية رقم ‪ 6824‬ق ‪224‬ب ‪.‬‬
‫“ فاالنسان ذو نسبتين كاملتين ‪ :‬نسبة يدخل بها إلى الحضرة اإللهية ونسبة يدخل بها‬
‫إلى الحضرة الكيانية ‪ ،‬فيقال فيه عبد ‪ :‬من حيث إنه مكلف ولم يكن ثم كان كالعالم ‪.‬‬
‫ويقال فيه رب من حيث إنه خليفة من الرب ومن حيث إنه أحسن تقويم ‪. . . “ .‬‬
‫‪-‬راجع المعنى الثاني الفقرة ( أ ) لكلمة “ رب ‪“ .‬‬
‫) ‪( 4‬انظر المعنى الثالث من كلمة “ رب ‪“ .‬‬
‫َّللا ‪“ .‬‬
‫) ‪( 5‬راجع “ مؤمن “ “ سمي ّ‬
‫) ‪( 6‬يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫َّللا يصلح بين عباده يوم القيامة ‪ ،‬هكذا جاء في الخبر النبوي‬ ‫“ والرب ‪ :‬المصلح ‪ ،‬فان ّ‬
‫في‬

‫‪509‬‬
‫“ ‪“ 510‬‬
‫َّللا تعالى ‪.‬‬
‫الرجلين يكون ألحدهما حق على اآلخر ‪ ،‬فيقفان بين يدي ّ‬
‫فيقول ‪ :‬رب خذ لي بمظلمتي من هذا ‪ .‬فيقول له ‪ :‬ارفع رأسك ‪ ،‬فيرى خيرا كثيرا ‪.‬‬
‫فيقول المظلوم ‪ :‬لمن هذا يا رب ؟‬
‫فيقول ‪ :‬لمن أعطاني الثمن ‪ .‬فيقول ‪ :‬يا رب ومن يقدر على ثمن هذا ؟‬
‫فيقول له ‪:‬‬
‫أنت بعفوك عن أخيك ‪ .‬فيقول ‪ :‬قد عفوت عنه ‪ .‬فيأخذ بيده فيدخالن الجنة “ ( ف ‪/ 3‬‬
‫‪. ) 383‬‬

‫) ‪( 7‬انظر “ الربوبية العامة “‬


‫) ‪( 8‬كما يراجع “ اثر “ “ مؤثر “ “ مؤثر فيه ‪“ .‬‬
‫) ‪( 9‬ان العبد وبالتالي كل موجود له الفناء والبقاء مع اآلنات انظر “ خلق جديد “‬
‫) ‪( 10‬يرى الشيخ ابن العربي ان كل عبد هو مظهر السم من األسماء اإللهية ‪ ،‬وبذلك‬
‫َّللا عليه وسلم ] وهو أكمل‬ ‫َّللا [ ‪ -‬محمد صلى ّ‬ ‫يختلف العبيد فيما بينهم ‪ ،‬فمنهم ‪ :‬عبد ّ‬
‫َّللا الجامع لألسماء اإللهية كافة ‪.‬‬ ‫المخلوقات من حيث إنه مظهرا السم ّ‬
‫راجع ‪ -‬لطائف االعالم ق ق ‪ 120‬ب ‪ 128 -‬أ “ حيث يبين المؤلف مضمون مظهر كل‬
‫َّللا ‪ -‬عبد الرحمن ‪ -‬عبد الرحيم ‪ -‬عبد الملك ‪ -‬عبد القدوس ‪-‬‬ ‫اسم من األسماء اإللهية ‪ -‬عبد ّ‬
‫عبد السالم ‪ . . .‬حتى يستوفي األسماء اإللهية ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات المكية ج ‪ 4‬ص ص ‪ 326 - 196‬حيث يسترسل الشيخ ابن العربي في شرح‬
‫مضمون كل مظهر من مظاهر األسماء اإللهية التي هي الحضرات ‪ .‬مما ال يتسع المجال‬
‫لتعدادها نظرا لكثافة النصوص وتشعبها ‪ .‬فمن يبغ االستزادة من هذا الموضوع فليراجع‬
‫إلى الفتوحات ‪.‬‬
‫) ‪( 11‬من الغريب ان تفسح نظرية مفكر اسالمي مكانا لكلمة “ أرباب “ ولكن ما الذي‬
‫يجعل موقف الشيخ ابن العربي هذا يتآلف مع منهجه التوحيدي والوحدوي الذي عرف به ‪-‬‬
‫فالشيخ ابن العربي الذي يوحد الوجود ‪ ،‬رافعا بذلك االثنينية بين شقي الحقيقة الوجودية ‪،‬‬
‫هو نفسه الذي يكثر هنا مفهوم األلوهية بتكثر أسمائها وصفاتها ! وما الذي يجعل موقفه‬
‫كذلك يندرج في التفكير االسالمي القائم على التوحيد ؟ ونلخص اإلجابة بما يلي ‪:‬‬
‫َّللا بل العكس لقد واجه ربوبية‬ ‫‪ - 1‬ان الشيخ ابن العربي لم يتخذ “ األرباب “ من دون ّ‬
‫األكوان واألسباب ( فلتراجع ) بشدة حاصرا الربوبية في الحق وحده ‪ ،‬فلم يخالف التنزيل‬
‫َّللا ‪“( 3 / 64 ) .‬‬ ‫ضنا بَ ْعضا ً أ َ ْربابا ً ِّم ْن د ِّ‬
‫ُون َّ ِّ‬ ‫العزيز في قوله ‪َ ”:‬وال يَت َّ ِّخ َذ بَ ْع ُ‬
‫‪ - 2‬ان التمييز بين األرباب ليس تفرقة ذاتية تؤدي إلى تعدد ذوات بل هي اعتبارية مرجعها‬
‫ذات واحدة ‪ ،‬فالحق احدى بالذات كل باألسماء ‪ .‬فاألسماء اإللهية مع الذات هي ذات واحدة‬
‫مع تجلياتها ومظاهرها ‪.‬‬
‫باب ُمتَفَ ِّ ّرقُونَ َخي ٌْر أ َ ِّم َّ‬
‫َّللاُ‬ ‫اذن لم يخالف الشيخ ابن العربي التنزيل من ناحية في قوله” أ َ أ َ ْر ٌ‬
‫ار ) ‪ ، “( 12 / 39‬كما أنه لم يخالف موقفه الوحدوي من ناحية ثانية ( انظر‬ ‫واح ُد ْالقَ َّه ُ‬
‫ْال ِّ‬
‫اسم الهي ) ‪.‬‬
‫) ‪( 12‬راجع ما كتبه كوربان عن الربوبية واأللوهية عند الشيخ ابن العربي ‪:- Hist de‬‬
‫علَى‬
‫”) ‪la philo . Ency . de la pleiade T 3 p 1110( 13‬قا َل نُو ٌح َربّ ِّ ال ت َ َذ ْر َ‬
‫ض ِّمنَ ْالكافِّ ِّرينَ َديَّارا ً ‪“[ 71 / 26 ] .‬‬ ‫ْاأل َ ْر ِّ‬

‫‪510‬‬
‫“ ‪“ 511‬‬
‫) ‪ ( 14‬بخصوص معنى كلمة “ رب “ عند ابن العربي فليراجع ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 1‬ص ‪ 61‬ص ‪ ( 99‬الرب ‪ -‬االسم اإللهي ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪ ( 251‬الرب ‪ -‬المصلح ) ‪ ،‬ص ‪ ( 437‬الرب ‪ -‬الثابت ) ‪،‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪ ( 73‬الرب فيه رائحة تقييد ) ‪ ،‬ص ‪ ( 129‬الرب مقيد‬
‫باإلضافات ) ص ‪ ( 340‬األرباب ) ‪ ( 355 ،‬األرباب ) ص ‪ ( 369‬علم الربوبية )‬
‫ص ‪ ( 383‬الرب ‪ :‬المصلح ‪ ،‬المالك ‪ ،‬السيد ‪ ،‬الثابت ) ‪ .‬ص ‪ ( 387‬الربوبية‬
‫مرتبة ) ‪.‬‬
‫ص ‪ ( 420‬رتبة الربوبية في جغرافية العالم عند ابن العربي ) ص ‪ ( 474‬سريان‬
‫الربوبية ) ‪.‬‬
‫ص ‪ ( 495‬الرب ال يعقل اال مضافا ) ‪ ،‬ص ‪ ( 499‬الربوبية نعت إضافي ) ‪.‬‬
‫ص ‪ ( 526‬الرب ‪ -‬السيد ‪ ،‬المربي ‪ ،‬المصلح ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪ ( 30‬رب ذاتي ‪ ،‬رب مشيئة ) ص ‪ 62‬ص ‪ ( 64‬ربوبية‬
‫االنسان ‪ -‬رب في عين عبد ) ص ‪ ، 97‬ص ‪ ( 165‬االسم الرب ال يكون اال مضافا‬
‫ومقيدا ) ‪ .‬ص ‪ ( 166‬سريان الربوبية في االعتقادات ) ‪ ،‬ص ‪ ( 169‬أرباب‬
‫القوى ) ‪ ،‬ص ‪ ( 200 - 198‬الحضرة الربانية ) ‪ ،‬ص ‪ ، 204‬ص ‪ ، 337‬فقرة ‪9‬‬
‫‪ ،‬ص ‪. 356‬‬
‫‪-‬فصوص الحكم ج ‪ 1‬ص ‪ ، 215‬ج ‪ 2‬ص ‪ ( 19‬الرب ‪ -‬االسم اإللهي ) ‪،‬‬
‫‪. 341 ، 337 ، 325 ، 320 ، 143 ، 92 ، 88 ، 87 ، 85 ، 83 ، 42 ، 41‬‬
‫‪-‬عنقاء مغرب ص ‪ ( 27‬تجلي الربوبية ‪ ،‬تجلي األلوهية ) ‪.‬‬
‫‪-‬إشارات القرآن ق ‪ 61‬ب‬
‫َّللا ‪ -‬الرب ) ‪.‬‬
‫‪-‬كتاب الهوق ‪ّ ( 198‬‬
‫َّللا ‪ -‬الرب ) ‪.‬‬
‫‪-‬تاج الرسائل ق ‪ 33‬أ ( ّ‬
‫‪-‬المقصد األتم في اإلشارات ق ق ‪ 152‬ب ‪ 153 -‬أ ‪.‬‬
‫‪-‬األجوبة الاليقة عن األسئلة الفايقة ق ‪ 4‬ب ( رباني ) ‪.‬‬
‫كما يراجع بشأن الكلمة نفسها في كتابات غيره من المفكرين ‪:‬‬
‫‪-‬رسالة في علم التصوف ‪ .‬مخطوط الظاهرية رقم ‪ 8080‬ق ‪ 60‬ب ‪ .‬إلسماعيل بن‬
‫سودكين النوري ‪.‬‬
‫‪-‬لطائف االعالم ق ‪ 92‬أ ( رب ‪ -‬رب األرباب ) ‪.‬‬
‫‪-‬شرح مشكالت الفتوحات المكية ‪ .‬الجيلي ‪ .‬ق ‪. 11‬‬
‫‪-‬مطلع خصوص الكلم ‪ .‬القيصري ق ‪ ، 4‬ق ‪ ( 24‬رب ‪ -‬رب األرباب ) ‪.‬‬
‫‪-‬رسالة في اصطالحات الصوفية ‪ .‬عز الدين بن غانم المقدسي ق ‪ 87‬ب ‪،‬‬
‫‪-‬المضنون على غير أهله ‪ ،‬الغزالي ص ‪، 125‬‬
‫‪-‬كشاف اصطالحات الفنون ‪ .‬التهانوي ج ‪ 2‬ص ص ‪، 527 - 526‬‬
‫‪-‬نشأة التصوف االسالمي ‪ .‬إبراهيم بسيوني ص ‪ ( 77‬الصوفية ربانيون ) ‪.‬‬

‫‪511‬‬
‫“ ‪“ 512‬‬

‫‪- La mystique et les mystiques pp 629 - 630 art : la mystique‬‬


‫‪musulmane . R .Arnaldez‬‬
‫) ‪( 15‬راجع “ شأن “ ‪.‬‬

‫‪ - 284‬الربوبيّة العا ّمة‬


‫المترادفات ‪ :‬ربوبية األكوان ‪ -‬ربوبية األسباب ‪.‬‬
‫ان الربوبية العامة تتمثل في كل ما يفتقر اليه من األكوان واألسباب ‪ -‬وهي حجب‬
‫للحق تتمتع بكافة صفات الحجب االيجابية ‪ :‬فتحجب وتوصل [ راجع “ حجاب “ ] ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫) ‪ “ ( 1‬وما من شيء من المخلوقات اال وفيه نفس دعوى ربوبية لما يكون عنه في‬
‫الكون من المنافع والمضار ‪ ،‬فما من شيء في الكون اال وهو ضار نافع فهذا القدر فيه‬
‫من الربوبية العامة وبها يستدعي ذلة الخلق اليه ‪ ،‬اال ترى االنسان ‪. . .‬‬
‫كيف يفتقر إلى شرب دواء يكرهه طبعا لعلمه بما فيه من المنفعة له ‪ ،‬فقد عبده من‬
‫حيث ال يشعر ‪. . .‬‬
‫فإنه ما من شيء في الكون اال وفيه ضرر ونفع فاستجلب بهذه الصفة اإللهية نفوس‬
‫المحتاجين اليه ‪ ،‬الفتقارهم إلى المنفعة ودفع المضار ‪ ،‬فأداهم ذلك إلى عبادة األشياء‬
‫وان لم يشعروا ‪. . .‬‬
‫ص “[ ‪] 3 / 39‬‬ ‫ِّين ْالخا ِّل ُ‬ ‫َّللا ما أودعه في خلقه ‪ . . .‬قال ‪ ”. . .‬أَال ِّ َّ ِّ‬
‫ّلل ال ّد ُ‬ ‫ولما علم ّ‬
‫َّللا إذا اعتنى بهم استخلصهم‬ ‫وهو الدين المستخلص من أيدي ربوبية األكوان ‪ . . .‬فان ّ‬
‫من ربوبية األسباب التي ذكرناها ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 221 / 2‬‬

‫َّللا األشياء ‪ . . .‬وضع األسباب وجعلها له كالحجاب ‪ :‬فهي توصل‬


‫“ ) ‪( 2‬ولما خلق ّ‬
‫اليه تعالى كل من علمها حجابا ‪ ،‬وهي تص ّد عنه كل من اتخذها أربابا ‪ ( “ . . .‬ف ‪3‬‬
‫‪. ) 416 /‬‬

‫‪512‬‬
‫“ ‪“ 513‬‬

‫رب في عين عبد‬ ‫‪ّ - 285‬‬


‫انظر “ عبد “ المعنى “ الثاني "‪.‬‬

‫الرب المنعوت في الشرع‬


‫ّ‬ ‫‪- 286‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ فاعبد ربك المنعوت في الشرع حتى يأتيك اليقين فينكشف الغطاء ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 3‬‬
‫‪. ) 311‬‬
‫يظهر من النص ان الرب المنعوت في الشرع هو اله المعتقدات ‪.‬‬
‫انظر “ اله المعتقدات "‪.‬‬

‫‪ - 287‬أربعة ‪ -‬تربيع‬
‫للشيخ األكبر نظرية متكاملة في العدد حيث يأخذ كل رقم دوره في فلسفة متناسقة تفسر‬
‫الوجود وتبينه ‪.‬‬
‫وبالنسبة للعدد “ أربعة “ أو التربيع فهو مخصص للوجود ‪.‬‬
‫َّللا قد أقام الوجود على التربيع ‪.‬‬
‫فقد الحظ الشيخ ابن العربي ان ّ‬
‫فكل موجود في كينونته مربع ‪.‬‬
‫وذلك لما يتمتع به العدد أربعة من اإلحاطة ‪.‬‬
‫ولنترك شيخنا األكبر يشرح كيف يحكم التربيع كل قيومية وجودية ‪،‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫( ‪ ) 1‬الوجود على التربيع ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬ألن العالم من حيث حقيقته قام على أربعة أركان في صورته الجسمية‬
‫والروحانية ‪ ،‬فهو من حيث طبيعته مربع ومن حيث روحه مربع ‪ ،‬فمن حيث جسده ذو‬
‫اربع طبائع عن أركان أربعة ‪ ،‬ومن حيث روحه عن أم وأب ونفخ وتوجه فجاءته‬
‫الرحمة من أربعة وجوه ‪ ( “ . . .‬ف ‪.) 261 / 3‬‬

‫‪513‬‬
‫“ ‪“ 514‬‬

‫“ ‪ . . .‬ومنهم [ المالئكة ] من أعطاه اربع قوى وهي الغاية فان الوجود على التربيع‬
‫َّللا ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 3‬‬
‫قام من غير مزيد ‪ ،‬اال انه كل قوة تضمن قوى ال يعلم عددها اال ّ‬
‫‪. ) 209‬‬
‫( ‪ ) 2‬األربعة عدد محيط ‪:‬‬
‫“ فليس اال أربع فقط ‪ :‬شرق وغرب واستواء وحضيض ‪ .‬أربعة أرباع ‪ ،‬واألربعة‬
‫عدد محيط ‪ ،‬ألنها مجموع البسائط ‪ ( “ . . .‬ف السفر األول فقرة ‪) 657‬‬
‫“ ‪ . . .‬وال يصح ان يكون التركيب أكثر من أربعة أصول ‪ .‬فان األربعة هي أصول‬
‫العدد ‪ . . .‬وركب ما شئت بعد هذا ‪ .‬وما تجد عددا يعطيك هذا اال األربعة ‪ ( “ . . .‬ف‬
‫السفر األول فقرة ‪. ) 408‬‬

‫( ‪ ) 3‬التربيع يتحكم في كل قيومية وجودية ‪:‬‬


‫“ ‪ . .‬فمن اإللهيات ‪ :‬علم وإرادة وقدرة وقول ‪ ،‬عنها ظهر عالم األرواح الخارج عن‬
‫الطبيعة والطبيعة ‪.‬‬
‫ثم اظهر عن هذه األربعة اإللهية الطبيعة على اربع ‪.‬‬
‫وعنها اظهر عالم األجسام كثيفها ولطيفها ‪ ،‬كما اظهر عن هذه األربع اإللهية من عالم‬
‫التدوين والتسطير عقال ونفسا وطبيعة وهيولى قبل ظهور األجسام ‪،‬‬
‫واظهر األركان أربعة وهي ‪ :‬النار ‪ ،‬والهواء والماء والتراب ‪.‬‬

‫واظهر النشأة الحيوانية على أربعة أخالط ‪ ،‬وجعل لهذه االخالط اربع قوى ‪ :‬جاذبة‬
‫وماسكة وهاضمة ودافعة فأقام الوجود على التربيع ‪ ،‬وجعله لنفسه كالبيت القائم على‬
‫أربعة أركان فإنه ‪ :‬األول واآلخر والظاهر والباطن ‪ ( “ . . .‬ف ‪.)198 / 3‬‬

‫الرجاء‬
‫‪ّ - 288‬‬
‫انظر “ الطريق “‬

‫‪514‬‬
‫“ ‪“ 515‬‬
‫الرجل‬ ‫‪ّ – 289‬‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الراء والجيم والالم معظم بابه يدل على العضو الذي هو رجل كل ذي رجل ‪. . .‬‬
‫والر ّجال‬
‫الر ّجالة ‪ .‬وانما سموا رجال ألنهم يمشون على أرجلهم ‪ّ ،‬‬ ‫والرجل ‪ّ :‬‬ ‫ّ‬
‫الرجل ‪:‬‬‫والرجالن ‪ :‬الرجل ‪ . . .‬ومما شذ عن ذلك ّ‬ ‫الرجال ‪ّ .‬‬ ‫والرجالى ‪ّ :‬‬ ‫ّ‬
‫الرجلة ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة مادة‬ ‫الرجال ‪ ،‬وربما قالوا للمرأة ّ‬ ‫الواحد من ّ‬
‫“ رجل “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫األصل “ رجل “ في القرآن ‪:‬‬
‫‪- 1‬الرجل ‪ :‬العضو الذي هو رجل كل ذي رجل ‪ ،‬والراجل ‪ :‬الذي يمشي على‬
‫على أ َ ْربَ ٍع “( ‪”. ) 45 / 24‬‬ ‫على ِّر ْجلَي ِّْن َو ِّم ْن ُه ْم َم ْن يَ ْم ِّشي َ‬ ‫رجليه ‪َ ”.‬و ِّم ْن ُه ْم َم ْن يَ ْم ِّشي َ‬
‫ضام ٍر ‪“( 22 / 27 ) .‬‬ ‫ِّ‬ ‫على ُك ِّّل‬ ‫جاال َو َ‬ ‫وك ِّر ً‬ ‫ج يَأْت ُ َ‬
‫اس ِّب ْال َح ّ ِّ‬
‫َوأَذّ ِّْن فِّي النَّ ِّ‬
‫الرجل وهو ذكر االنسان في مقابل المرأة ( أنثى ) ‪.‬‬ ‫‪ّ -2‬‬
‫داء “( ‪. ) 282 / 2‬‬ ‫ش َه ِّ‬‫ض ْونَ ِّمنَ ال ُّ‬‫تان ِّم َّم ْن ت َ ْر َ‬ ‫” فَإِّ ْن لَ ْم يَ ُكونا َر ُجلَي ِّْن فَ َر ُج ٌل َو ْام َرأ َ ِّ‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫*يضع الشيخ ابن العربي الرجل في مقابل المرأة ‪ ،‬ولكنه تقابل صفاتي مرتبي ال تقابل‬
‫صل صفة “ الرجولة “ وتحقق بمقامها ومرتبتها [ الظهور‬ ‫جنسي ‪ :‬فالرجل هو من ح ّ‬
‫بصورة الحق ‪ :‬التصرف ‪ ،‬الفعل ‪ ،‬العدل ‪ ] . . .‬ذكرا كان أم أنثى [ انظر “ أنثى‬
‫“]‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ وما أراد [ تعالى ] بالرجال في هذه اآليات ‪ 1‬الذكران خاصة وانما أراد هذا الصنف‬
‫االنساني ذكرا كان أو أنثى ‪ ( “ . . .‬ف ‪.) 10 / 4‬‬

‫‪515‬‬
‫“ ‪“ 516‬‬

‫“ فالرجل كل الرجل من ظهر بصورة الحق في عبودة محضة فاعطى كل ذي حق‬


‫حقه ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 112 / 4‬‬
‫“ فإذا خلص االنسان بعد خروجه من ظلمة طبعه وهواه إلى نور عقله وهداه أربعين‬
‫صباحا ‪ ،‬ظهر عنه مثل ما ظهر له واخذ عنه مثل ما أخذ ‪ . . .‬وال يزال فيه [ في هذا‬
‫الحال ] حتى يجب عليه ان يطلب على من يأخذ عنه ‪ ،‬فإذا وجب عليه ذلك وجوبا‬
‫شرعيا كفروض األعيان كلها ‪ [ . . .‬سمي ] رجال عند ذلك ‪ ،‬وان لم يحصل له هذا‬
‫الوجوب فليس برجل ‪ ،‬فكمال الرجولية فيما ذكرناه ‪ ،‬وسواء كان ذكرا أو أنثى ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ‪. ) 588 / 2‬‬
‫وال يسعنا هنا بعد ما ذهبنا مع الشيخ ابن العربي إلى اثبات صفة الفعل للرجل من‬
‫االنسان ‪ ،‬اال ان نعرج من هذا الموقف إلى نظرة توحيدية للفعل عند الشيخ األكبر ‪.‬‬
‫فهو يرى أن الفاعل في كل شيء وبكل شيء هو الحق ‪. 2‬‬
‫اذن ‪ :‬كل من في الكون من المخلوقات هي محل للفعل اإللهي ‪ ،‬هي إناث ‪،‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا ما في الكون من رجل‬
‫” انا إناث لما فينا يولده *** فلنحمد ّ‬
‫ان الرجال الذين العرف عيّنهم *** هم اإلناث وهم نفسي وهم املي “( ف ‪) 445 / 4‬‬
‫****‬
‫بعد ما صنّف الشيخ ابن العربي الرجولة تصنيفا صفاتيا مرتبيا ‪ ،‬يرسم بدقة حدود‬
‫َّللا داخال في أدق التفاصيل بابداع جغرافي كوني ‪ .‬وسنعمد إلى بيان اجمالي‬ ‫دولة أهل ّ‬
‫يلخص هذه الدولة ‪.‬‬
‫وقد يقول قائل ‪ :‬ولم ندخل في زخم دولة الشيخ ابن العربي وهي تتبع نظرياته أكثر من‬
‫تعلقها بمصطلحاته موضوع بحثنا ؟‬
‫نقول ‪ :‬ان هذه الدولة الغارفة في مد نظريات شيخنا األكبر ‪ ،‬هي في الواقع شجرة‬
‫تنمو على فروعها مئات المصطلحات لو توسعنا بها لدخلنا عمق نظرياته ‪ ،‬ولذلك‬
‫نكتفي بالبيان الذي يضع المصطلحات في مكانها ونكون بذلك وضعنا “ الشعلة “ في يد‬
‫من يرغب بالتعمق في هذه النقطة ‪.‬‬
‫يقسم الشيخ ابن العربي الرجال ‪ 3‬في دولته قسمين ‪:‬‬
‫رجال العدد – ‪4‬‬
‫رجال المراتب ‪. 5‬‬
‫بيان أسماء الرجال عند الشيخ ابن العربي‪:‬‬

‫‪516‬‬
‫“ ‪“ 517‬‬

‫) ‪ - ( 1‬رجال العدد ‪:‬‬


‫‪1 -‬القطب أو الغوث ( العدد ‪ ) 1 -‬وهو موضع نظر الحق من العالم ( انظر‬
‫قطب ) ‪.‬‬
‫‪2 -‬االمام ( العدد ‪ [ ) 2 -‬انظر ‪ :‬االمامان ] ‪.‬‬
‫‪3 -‬الوتد ( العدد ‪ : ) 4 -‬يعبر عنهم “ بالجبال “ ‪. 6‬‬
‫َّللا بهم األقاليم السبعة ( انظر “ بدل “‬
‫‪4 -‬بدل ( ج ) ابدال ( العدد ‪ ) 7 -‬يحفظ ّ‬
‫‪5 -‬نقيب ( ج ) نقباء ( العدد ‪ ) 12 -‬على عدد بروج الفلك ‪.‬‬
‫‪6 -‬حواري ( العدد ‪ : ) 1 -‬جمع في نصرة الدين بين السيف والحجة ‪.‬‬
‫‪7 -‬رجبي ‪ ( 7‬ج ) رجبيون ( العدد ‪. ) 40 -‬‬
‫‪8 -‬الختم ( العدد ‪ ، 1 -‬ال في كل زمان بل هو واحد في العالم ) ‪ .‬انظر ‪ :‬ختم ‪.‬‬
‫‪9 -‬المجتبى المصطفى ( العدد ‪ 300 -‬على قلب آدم عليه السالم ) ‪.‬‬
‫‪10 -‬رجال في مقام الغيرة اإللهية ( العدد ‪ 40 -‬على قلب نوح عليه السالم ) ‪.‬‬
‫‪11 -‬رجال في مقام السالمة ( العدد ‪ 7 -‬على قلب الخليل إبراهيم عليه السالم ) ‪.‬‬
‫‪12 -‬ملوك الطريقة ( العدد ‪ 5 -‬على قلب جبريل ) ‪.‬‬
‫‪13 -‬رجال الخير المحض ( العدد ‪ 3 -‬على قلب ميكائيل ) ‪.‬‬
‫‪14 -‬رجال عالم األنفاس ‪ ،‬وهم على قلب داود عليه السالم ‪.‬‬
‫يقسمون إلى ‪:‬‬
‫) ‪( 1‬رجال الغيب ( العدد ‪. ) 10 -‬‬
‫) ‪( 2‬رجال الظاهر ( العدد ‪. ) 18 -‬‬
‫) ‪( 3‬رجال القوة اإللهية ‪ -‬رجال القهر ( العدد ‪. ) 8 -‬‬
‫) ‪( 4‬رجال الحنان ( العدد ‪. ) 15 -‬‬
‫) ‪( 5‬رجال الهيبة والجالل ( العدد ‪. ) 4 -‬‬
‫) ‪( 6‬رجال الفتح ( العدد ‪. ) 24 -‬‬
‫) ‪( 7‬رجال العلى ‪ -‬رجال المعارج ‪ ،‬وهم أعلى عالم األنفاس ( العدد ‪) 7 -‬‬
‫) ‪( 8‬رجال التحت األسفل ‪ -‬أهل النفس ( العدد ‪. ) 21 -‬‬
‫) ‪( 9‬رجال االمداد اإللهي والكوني ( العدد ‪. ) 3 -‬‬
‫) ‪( 10‬اإللهي الرحماني ( العدد ‪. ) 3 -‬‬
‫) ‪( 11‬رجل البرزخ ( العدد ‪. ) 1 -‬‬
‫) ‪( 12‬سقيط الرفرف بن ساقط العرش ‪ ( 8‬العدد ‪. ) 1 -‬‬
‫باّلل ( العدد ‪) .2 -‬‬
‫) ‪( 13‬رجل الغنى ّ‬

‫‪517‬‬
‫“ ‪“ 518‬‬

‫) ‪( 14‬رجل عين التحكيم والزوائد ( العدد ‪. ) 10 -‬‬


‫) ‪( 15‬البدالء ‪ -‬االبدال ( العدد ‪. ) 12 -‬‬
‫) ‪( 16‬رجال االشتياق ( العدد ‪. ) 5 -‬‬
‫) ‪( 17‬رجال األيام الستة ( العدد ‪. ) 6 -‬‬

‫( ‪ - ) 2‬رجال المراتب ‪:‬‬


‫‪1 -‬المالمية ‪ -‬رجال المطلع ‪. 9‬‬
‫‪2 -‬الفقراء‬
‫‪3 -‬الصوفية‬
‫‪4 -‬العباد‬
‫‪5 -‬الزهاد‬
‫‪6 -‬رجال الماء ‪10‬‬
‫‪7 -‬االفراد‬
‫‪8 -‬االمناء‬
‫‪9 -‬القراء‬
‫‪10 -‬األحباب‬
‫‪11 -‬المحدثون‬
‫‪12 -‬االخالء‬
‫‪13 -‬السمراء‬
‫‪14 -‬الورثة‬
‫‪- 15‬األولياء ولهم اقسام هي ‪:‬‬
‫‪1 -‬األنبياء‬
‫‪2 -‬الصديقون‬
‫‪3 -‬الشهداء‬
‫‪4 -‬الصالحون‬
‫‪5 -‬المسلمون والمسلمات‬
‫‪6 -‬المؤمنون والمؤمنات‬
‫‪7 -‬القانتون والقانتات‬
‫‪8 -‬الصادقون والصادقات‬
‫‪9 -‬الصابرون والصابرات‬
‫‪10 -‬الخاشعون والخاشعات‬

‫‪518‬‬
‫“ ‪“ 519‬‬

‫‪11 -‬الصائمون والصائمات‬


‫َّللا والحافظات‬ ‫‪12 -‬الحافظون لحدود ّ‬
‫َّللا كثيرا والذاكرات‬ ‫‪13 -‬الذاكرون ّ‬
‫‪14 -‬التائبون والتائبات والتوابون‬
‫‪15 -‬المتطهرون‬
‫‪16 -‬الحامدون‬
‫‪17 -‬السائحون‬
‫‪18 -‬الراكعون‬
‫‪19 -‬الساجدون‬
‫‪20 -‬الناهون عن المنكر‬
‫‪21 -‬الحلماء‬
‫االواهون‬ ‫‪ّ 22 -‬‬
‫‪23 -‬األجناد اإللهيون‬
‫‪24 -‬األخيار‬
‫األوابون‬ ‫‪ّ 25 -‬‬
‫‪26 -‬المخبتون‬
‫‪27 -‬المنيبون‬
‫‪28 -‬المبصرون‬
‫‪29 -‬المهاجرون والمهاجرات‬
‫‪30 -‬المشفقون‬
‫َّللا‬
‫‪31 -‬الموفون بعهد ّ‬
‫َّللا به ان يوصل‬ ‫‪32 -‬الواصلون ما امر ّ‬
‫‪33 -‬الخائفون‬
‫َّللا باالعراض عنه ‪.‬‬ ‫‪34 -‬المعرضون عمن امرهم ّ‬
‫‪35 -‬الكرماء ‪.‬‬
‫وبعد هذا البيان التصويري نرجع القارئ إلى تفصيل مضمونه في فتوحات الشيخ‬
‫األكبر ج ‪ 2‬ص ص ‪. 39 - 3‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫ْراف ِّرجا ٌل يَ ْع ِّرفُونَ ُك ًّال ِّب ِّسيما ُه ْم “( ‪. ) 46 / 7‬‬‫علَى ْاألَع ِّ‬ ‫”) ‪َ ( 1‬و َ‬
‫َّللا ‪“( 24 / 37 ) .‬‬ ‫ع ْن ِّذ ْك ِّر َّ ِّ‬
‫جارة ٌ َوال بَ ْي ٌع َ‬ ‫” ِّرجا ٌل ال ت ُ ْل ِّهي ِّه ْم ِّت َ‬

‫‪519‬‬
‫“ ‪“ 520‬‬

‫علَ ْي ِّه ‪“( 33 / 23 ) .‬‬


‫َّللا َ‬ ‫قال تعالى ‪ِّ “ :‬منَ ْال ُمؤْ ِّمنِّينَ ِّرجا ٌل َ‬
‫ص َدقُوا ما عا َهدُوا َّ َ‬

‫) ‪( 2‬راجع “ االسم اإللهي “ ‪ “ ،‬األثر والمؤثر والمؤثر فيه “ ‪ “ ،‬رب ‪“ .‬‬


‫َّللا في هذه الطريقة هم المسمون بعالم األنفاس وهو اسم يعم‬ ‫“ ) ‪( 3‬واعلم أن رجال ّ‬
‫الجميع “ ( ف ‪. ) 6 / 2‬‬
‫وّلل رجال‬
‫) ‪( 4‬يرى الشيخ ابن العربي انه ما من امر محصور في العالم في عدد اال ّ‬
‫َّللا بهم ذلك االمر مثال ‪ :‬السماوات سبع ‪.‬هناك من رجال‬ ‫بعدده في كل زمان يحفظ ّ‬
‫َّللا بهم‬
‫العدد صنف عددهم سبعة في كل زمان ال ينقصون وال يزيدون يحفظ ّ‬
‫السماوات ‪ .‬وكذلك مثال الجهات األربع هناك من رجال العدد صنف عددهم‬
‫أربعة ‪ . . .‬وهكذا ‪.‬‬
‫) ‪( 5‬ان المراتب التي يتقلب فيها الرجال في سيرهم كثيرة مثال الزهد ‪ -‬الصالح ‪-‬‬
‫الصبر ‪ -‬الوالية ‪ . . .‬إلى غير ذلك من مراتب الرجال فكل مرتبة من هذه المراتب‬
‫محفوظة برجال في كل زمان غير أنهم ال يتقيدون بعدد مخصوص ‪.‬‬
‫َّللا بهم الجهات األربع ‪ ،‬ولذلك يعبر عنهم بالجبال ‪ ،‬من‬ ‫) ‪( 6‬األوتاد األربعة يحفظ ّ‬
‫حيث إن الجبل يسكن ميد األرض ‪.‬‬
‫ض ِّمهادا ً َو ْال ِّجبا َل أ َ ْوتادا ً ‪. ] “[ 78 / 7‬‬‫قال تعالى ‪ ” :‬أ َ لَ ْم ن َْجعَ ِّل ْاأل َ ْر َ‬
‫) ‪( 7‬نسبة إلى شهر “ رجب ‪“ .‬‬
‫) ‪( 8‬سقيط الرفوف بن ساقط العرش هو اسم رمزي يسمى به عند الشيخ ابن العربي‬
‫مقام معين ‪ ،‬اي هو اسم مقام ‪ .‬وقد أشار اليه في مواضع عديدة من فتوحاته انظر ج ‪2‬‬
‫ص ‪ ، 14‬ج ‪ 3‬ص ص ‪ . 228 - 227‬يقول عنه ‪ . . . “ :‬رأيته في قونية ‪ . . .‬حاله‬
‫ال يتعداه شغله بنفسه وبربه ‪ ،‬كبير الشأن ‪ ،‬عظيم الحال رؤيته مؤثرة في حال من يراه‬
‫‪ ،‬فيه انكسار هكذا شاهدته صاحب انكسار وذل أعجبتني صفته له لسان في المعارف‬
‫شديد الحياء “ ( ف ‪. ) 14 / 2‬‬
‫كما تكلم عليه عبد الكريم الجيلي في كتابه حقيقة الحقائق مخطوط أسعد أفندي رقم‬
‫‪ 7 / 2459‬أ ‪ ،‬ومؤلف كتاب معارج األلباب في كشف مداولة االفراد واألقطاب ‪.‬‬
‫َّللا رقم ‪ 204 - 203 / 1015‬أ ( انظر مجلة المشرق ‪ - 1967‬ص‬ ‫مخطوط جار ّ‬
‫‪ 190‬هامش ‪. ) 645‬‬
‫) ‪( 9‬انظر الفتوحات ج ‪ 1‬ص ‪، 188‬‬
‫َّللا في قعور البحار واألنهار وال يعلم بهم كل‬ ‫) ‪“ ( 10‬رجال الماء وهم قوم يعبدون ّ‬
‫أحد “ ( ف ‪. ) 19 / 2‬‬

‫‪ - 290‬رجال العدد‬
‫راجع “ رجل “‬

‫‪520‬‬
‫“ ‪“ 521‬‬

‫‪ - 291‬رجال المراتب‬
‫انظر “ رجل "‪.‬‬

‫الرحمة‬
‫‪ّ – 292‬‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الراء والحاء والميم أصل واحد يدل على الرقة والعطف والرأفة ‪. . .‬‬
‫والرحم ‪ ،‬عالقة القرابة ‪ ،‬ثم س ّميت رحم األنثى رحما من هذا ‪ ،‬الن منها ما يكون ما‬
‫ّ‬
‫يرحم ويرق له من ولد ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة مادة “ رحم “ ) ‪.‬‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫بخصوص كلمة “ رحمة “ في القرآن نتبنى موقف الترمذي ‪ 1‬الذي أورد عشر نظائر‬
‫لها من سياق ورودها في التنزيل العزيز وهي ‪:‬‬
‫‪1 -‬النبوة‬
‫‪2 -‬االسالم ‪. . .‬‬
‫‪3 -‬الرزق ‪. . .‬‬
‫‪4 -‬النصر ‪. . .‬‬
‫‪5 -‬الفتح ‪. . .‬‬
‫‪6 -‬المودة ‪. . .‬‬
‫‪7 -‬العافية ‪. . .‬‬
‫‪8 -‬المطر‬
‫‪9 -‬القرآن‬
‫‪10 -‬الجنة ‪ ( “ 2‬تحصيل نظائر القرآن ص ص ‪.) 48 - 47‬‬

‫‪521‬‬
‫“ ‪“ 522‬‬

‫ِّي الَّذِّينَ‬
‫ويمكن ان نضيف إلى هذه النظائر ‪ :‬المغفرة ‪ .‬في قوله تعالى ‪ ”:‬قُ ْل يا ِّعباد َ‬
‫على أ َ ْنفُ ِّس ِّه ْم ال ت َ ْقنَ ُ‬
‫طوا ِّم ْن َر ْح َم ِّة َّ ِّ‬
‫َّللا “[ ‪. ] 53 / 39‬‬ ‫أَس َْرفُوا َ‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫*الرحمة هي منح الوجود للموجودات ‪ .‬أو منح كل موجود وجوده الخاص به في‬
‫الصورة التي تقتضيها طبيعته ذاتها ‪.‬‬
‫حار قراء الشيخ ابن العربي المقربون في لمس الخيط الجامع بين كلمتي رحمة ووجود‬
‫‪ ،‬وفي السببية التي اخرج بها الرحمة من دائرة الشفقة والرضى ( ناحية لغوية ‪-‬‬
‫خلقية ) لصبغها صبغة ميتافيزيقية ( رحمة ‪ -‬وجود ) ‪ .‬وإللقاء ضوء على هذه النقطة‬
‫ال بد من الرجوع إلى بدء خلق العالم وايجاده كما يتصوره شيخنا األكبر ‪ ،‬فهناك مفتاح‬
‫تلك النقلة ‪.‬‬
‫ونكتفي من “ بدء الخلق “ بموقف واحد معين يبين مرادنا على أن نقتسمه بين طرفين‬
‫( طبعا قسمة اعتبارية ‪ ،‬فكل ثنائية عند الشيخ ابن العربي هي تمييز اعتباري ال‬
‫أكثر ) ‪ :‬الذات اإللهية من ناحية واألسماء الحسنى من ناحية ثانية ‪.‬‬
‫‪-‬اجتمعت األسماء الحسنى في الحضرة اإللهية الذاتية ‪ ،‬وبعدما اخذ كل اسم فيها‬
‫مرتبته بدأت تتفاخر بحقائقها ‪ .‬ثم لم تلبث ان تعطشت إلى ظهور آثارها في الوجود ‪،‬‬
‫فلجأت مضطرة قاصدة إلى الذات اإللهية سائلة إياها وجود الكون الذي يظهر فيه‬
‫حقائقها ‪.‬‬
‫‪-‬ان الذات اإللهية رحمت ‪ 3‬األسماء وقبلت طلبها بوجود العالم وظهور أعيانها ‪،‬‬
‫وكان ذلك من حضرة الرحمة وفيض المنة ‪. 4‬‬
‫َّللا‬
‫ثم ينسحب هذا الموقف على كل األعيان ‪ ،‬من حيث إن لكل عين وجودا يطلبه من ّ‬
‫َّللا بقبول رغبته في وجود عينه ‪.‬‬
‫‪ ،‬فيرحمه ّ‬
‫نستخلص من هذا “ الموقف “ ان ‪:‬‬
‫‪ - 1‬الرحمة احتفظت بنشأتها اللغوية [ ‪ -‬رأفة ‪ ،‬رضى ] ‪ ،‬فالحق رأف باألعيان ‪،‬‬
‫وقبل اي رضي بوجودها العيني ‪.‬‬
‫‪ - 2‬رغم نشأة الرحمة اللغوية ‪ ،‬يوحدها الشيخ ابن العربي بنتيجتها ‪ ،‬اي ان نتيجة‬
‫رحمة الحق األعيان هو ‪ :‬الوجود ‪ ،‬اذن الرحمة هي الوجود ‪ ،‬ومن هنا جاءت صيغتها‬
‫الميتافيزيقية ‪.‬‬
‫وهذه النقطة األخيرة تترفع بالرحمة عن سذاجتها اللغوية لتعطيها صفات الوجود ‪ :‬من‬
‫حيث سريانه في جميع الموجودات وقبوله لكل المتناقضات ‪ ،‬حتى ما يخيل للناظر انه‬

‫‪522‬‬
‫“ ‪“ 523‬‬

‫يناقض الرحمة نفسها كاآلالم مثال ‪ .‬ولذلك ينتفي المفهوم الخلقي العادي المتعارف في‬
‫موقف كهذا ‪ .‬وننتقل اآلن إلى نصوص تثبت ما أوردناه في “ الرحمة “ ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫َّللا وسعت كل شيء وجودا وحكما ‪ ،‬وان وجود الغضب من‬ ‫) ‪“ ( 1‬اعلم أن رحمة ّ‬
‫َّللا ‪ ،‬لذلك ع ّمت رحمته‬
‫َّللا بالغضب ‪ . . .‬ولما كان لكل عين وجود يطلبه من ّ‬
‫رحمة ّ‬
‫كل عين ‪ ،‬فإنه برحمته التي رحمه بها قبل رغبته في وجود عينه ‪ ،‬فأوجدها ‪ . . .‬وال‬
‫يعتبر فيها [ الرحمة ] حصول غرض وال مالءمة طبع ‪. . .‬‬
‫كله وسعته الرحمة اإللهية وجودا ‪ . . .‬وذكر ‪ 5‬الرحمة األشياء عين ايجادها إياها ‪.‬‬
‫فكل موجود مرحوم ‪ . . .‬واعلم أوال ان الرحمة انما هي في االيجاد عامة ‪6 “ . . .‬‬
‫( فصوص ‪. ) 178 - 177 / 1‬‬
‫) ‪ “ ( 2‬فال أقرب من الرحمة إلى الخلق ألنه ما ثم أقرب إليهم من وجودهم ‪،‬‬
‫ووجودهم رحمة بال شك ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 430 / 3‬‬
‫“ وما ثم اال رحمة سابقة وغضب ال حق ‪ ،‬ثم رحمة شاملة سارية في الكل فهي الحقة‬
‫سابقة ‪.‬‬
‫فيغضب [ الحق ] ويرضى ‪ .‬فيعذب ‪ ،‬رحمة لغضبه ‪ ،‬ليزول الغضب ‪ .‬فانظر ما احكم‬
‫تعذيبه كيف ادرج الرحمة فيه إلزالة الغضب ‪ ،‬حتى يزول حكمه فتشمل الرحمة‬
‫بنفسها من حقّت عليه كلمة العذاب ‪ ،‬فبرحمته عذّب من عذب ‪ ،‬ألنه لوال العذاب‬
‫لتسرمد ‪ . . .‬الغضب ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 70 / 4‬‬

‫“ ولو لم تصحب الرحمة اإللهية العزة وتتنزه عن الشفقة ما عذّب ّ‬


‫َّللا أحدا من خلقه‬
‫أصال ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 48 / 4‬‬

‫“ فللرحمة تجل في صورة العذاب ‪ . . .‬ولها تجل في صورة النعيم ‪ . . .‬فقد قبلت‬
‫الصورتين المتقابلتين وهذا من أعجب األمور ‪ ( 7 “ . . .‬ف ‪. ) 497/ 3‬‬

‫بعد ما جردنا الرحمة من كافة صفاتها وأسمائها بغية بيان مضمونها ‪ ،‬نرجع إلى دفق‬
‫األسماء هذا الذي يغمر الفتوحات وغيره من كتب الشيخ ابن العربي ‪.‬‬
‫َّللا ‪.‬‬
‫ولكن هذه األسماء على كثرتها ترجع إلى رحمات اربع تنقسم إليها رحمة ّ‬
‫وهي ‪ :‬الرحمة االمتنانية ‪ -‬الرحمة الواجبة ‪ -‬الرحمة السابقة ‪ -‬الرحمة الخاصة ‪.‬‬
‫كما اننا نضيف‬

‫‪523‬‬
‫“ ‪“ 524‬‬

‫ان الرحمة في االنسان تقسم إلى رحمتين ‪ :‬الرحمة الطبيعية ‪ -‬الرحمة الموضوعة ‪.‬‬
‫فلتراجع كل من هذه “ الرحمات “ في أماكنها ‪.‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬كما يراجع كتاب األب نويا ‪Exegese coranique:‬ص ‪ ( 57‬مقاتل ‪:‬روح‬
‫‪ -‬رحمة ) ص ‪ ( 89‬مقاتل ‪ :‬رحمة ‪ -‬نعمة ) ‪ ،‬ص ‪ ( 298‬الرحمة عند الخراز ) ‪.‬‬
‫) ‪( 2‬راجع “ المعجم المفهرس أللفاظ القرآن “ مادة “ رحمة ‪“ .‬‬
‫) ‪( 3‬يقول أبو العال عفيفي في اثبات سببية بين الرحمة والوجود “ ‪ :‬اما الوجود ذاته‬
‫الذي يمنحه لحق ألعيان الموجودات فكثيرا ما يشار اليه “ بنفس الرحمان “ أو “ النفس‬
‫الرحماني “ ومن هنا جاء استعمال الرحمة بمعنى منح الوجود “ ( فصوص ‪/ 2‬‬
‫‪ . ) 20‬يالحظ من النص ان عفيفي يفسر مصطلحا مفردا ( رحمة ) بارجاعه إلى‬
‫مصطلح مركب ( نفس الرحمان ) هو بحد ذاته أكثر غموضا ‪ ،‬وقد كان األولى ان‬
‫يبحث عن عالقة سببية تربط الوجود بالرحمة وفي المرحلة الثانية يفسر المركب‬
‫بالبسيط ‪.‬‬
‫انظر “ نفس الرحمان ‪“ .‬‬
‫) ‪ ( 4‬راجع “ عنقاء مغرب “ فصل ‪ “ :‬محاضرة أزلية على نشأة أبدية “ ص ‪- 33‬‬
‫‪. 36‬‬
‫كما يراجع ‪:‬‬
‫ت َر ِّبّ َك‬‫كوربان ) ‪L'imagination pp 86 - 92( 5‬إشارة إلى اآلية ‪ِّ ”:‬ذ ْك ُر َر ْح َم ِّ‬
‫ع ْب َدهُ زَ َك ِّريَّا ‪“. ( 19 / 2 ) .‬‬
‫َ‬
‫) ‪( 6‬انظر شرح المقطع في الجزء الثاني من الفصوص ص ص ‪. 249 - 243‬‬
‫) ‪( 7‬بخصوص رحمة عند الشيخ ابن العربي ‪ .‬فليراجع ‪:‬‬
‫َّللا ) ‪.‬‬ ‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪ ( 4‬دار الرحمة ‪ -‬دار الوجود ) ‪ ،‬ص ‪ ( 126‬رحمة ّ‬
‫ص ‪ ( 153‬رحمة ‪ -‬رحمة ربانية ) ‪ ،‬ص ‪ ( 161‬رحمة الهية ) ‪.‬‬
‫ص ‪ ( 163‬االنسان ‪ -‬رحمة ‪ ،‬وارث رحمة ) ‪ ،‬ص ‪ ( 200‬رحمة االمتنان ) ‪.‬‬
‫ص ‪ ( 274 - 273‬الرحمة ‪ -‬الخير المحض بما فيها من األمور المؤلمة‬
‫المنازعة ‪) . . .‬‬
‫‪-‬فصوص الحكم ‪ .‬فهرس االصطالحات الفنية مادة رحمة ‪.‬‬
‫كما يراجع أيضا ‪:‬‬
‫‪-‬منهاج العابدين الغزالي ص ‪. 79‬‬
‫‪-‬تنبيه الغافلين السمرقندي ص ‪. 47‬‬
‫‪-‬مواقف النفرى ص ‪ ( 8‬الرحمانية ) ‪.‬‬
‫‪-‬مواقف األمير عبد القادر الجزائري الموقف الحادي عشر ‪.‬‬

‫‪524‬‬
‫“ ‪“ 525‬‬

‫صة‬‫الرحمة الخا ّ‬‫‪ّ - 293‬‬


‫ان للحق رحمة عامة ‪ 1‬يرحم بها الخلق جميعهم دون ان تتقيد بصفة أو نعت في‬
‫شخص المرحوم ‪ ،‬وهذه الرحمة العامة الشاملة لجميع الخلق يقابلها رحمة خاصة ‪2‬‬
‫بكل فرد من الموجودات ال يشاركه فيها أحد ‪ ،‬تقتضيها طبيعته نفسها المكونة لمناسبة‬
‫خاصة مع الحق ‪ -‬وهي واجبة ‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫) ‪ “ ( 1‬قال بعض األعراب ‪ :‬يا رب ارحمني ومحمدا وال ترحم معنا أحدا ‪ 3‬والنبي‬
‫َّللا عليه وسلم ‪:‬يا هذا لقد حجرت واسعا‬ ‫َّللا عليه وسلم يسمعه فقال النبي صلّى ّ‬ ‫صلّى ّ‬
‫َّللا يأخذه في‬
‫‪ ،‬يعني حجرته قوال وطلبة ‪ .‬فإذا كان عند العارف مثل هذا الكالم ‪ّ . . .‬‬
‫َّللا بها بين هذا القائل وبين محمد صلّى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ‪،‬‬ ‫الرحمة الخاصة التي يناسب ّ‬
‫َّللا بها التي ال يرحم بها غيره‬
‫فشرك الرسول هذا االعرابي في الرحمة التي يرحمه ّ‬
‫فان الغير ما له تلك المناسبة الخاصة ‪ .‬فان الرسول له مناسبة بكل واحد واحد من‬
‫األمة التي بعث إليها فآمنت به ‪ ،‬فهو مع كل مؤمن من أمته بمناسبة خاصة يعينها ذلك‬
‫المؤمن ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 161 / 4‬‬
‫َّللا ‪ . . .‬العبد اما بالرحمة الخاصة وهي الواجبة ‪ ،‬أو بالرحمة العامة‬ ‫) ‪“ ( 2‬فيرحم ّ‬
‫وهي رحمة االمتنان “ ( ف ‪. ) 147 / 3‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬انظر “ الرحمة االمتنانية “ ‪ .‬المترادف ‪ :‬رحمة العموم ‪.‬‬
‫َّللا العامة هي‬
‫) ‪( 2‬ويرى الكوراني الشهرزوري في شرحه للتحفة المرسلة ان رحمة ّ‬
‫االيجاد ‪ ،‬ورحمته الخاصة هي التوفيق ‪،‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا المنعوت بالرحمة العامة التي هي االيجاد واالمداد ‪ ،‬والخاصة التي هي‬ ‫“ وهو ّ‬
‫التوفيق لما فيه السعادة األبدية ‪ ( “ .‬شرح التحفة المرسلة ق ‪. ) 1‬‬
‫) ‪( 3‬راجع فهرس األحاديث حديث رقم ‪( 24 ) .‬‬

‫‪525‬‬
‫“ ‪“ 526‬‬
‫سابقة‬
‫الرحمة ال ّ‬
‫‪ّ - 294‬‬
‫ان الرحمة السابقة نمت جذورها اللغوية من الحديث الشريف ‪ :‬رحمتي سبقت غضبي‬
‫‪ . . . 1‬ويحصرها الشيخ ابن العربي باالنسان من المخلوقات ‪ ،‬وذلك يفرق بينها وبين‬
‫الرحمة الواسعة الشاملة االمتنانية ‪ 2‬التي تسع كل شيء ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ فان رحمته [ تعالى ] ما سبقت غضبه اال في هذه النشأة االنسانية ‪ ،‬واما ما عداها‬
‫فمن كون رحمته وسعت كل شيء ال من السبق ‪ ،‬فلالنسان دون غيره ‪ :‬الرحمة‬
‫الواسعة والرحمة السابقة ‪ ،‬فتطلبه الرحمة من وجهين ‪ ،‬وليس لغير االنسان هذا الحكم‬
‫من الرحمة ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 565 / 2‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬انظر فهرس األحاديث حديث رقم ‪( 25 ) .‬‬
‫الرحمة الموضوعة‬ ‫الرحمة الطبيعيّة ‪ّ -‬‬ ‫) ‪( 2‬انظر “ الرحمة االمتنانية “ ‪ّ - 295.‬‬
‫هاتان الرحمتان تتعلقان بالراحمين من المخلوقات ‪ ،‬ونكتفي بنص للشيخ ابن العربي‬
‫لجلو مراميه ‪.‬‬
‫يشرحهما دون ان نعلق عليه ّ‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬الراحم منا [ المخلوقات ] من له رحمتان ‪ :‬رحمة طبيعية ‪ ،‬وهي ذاتية له‬
‫َّللا بخلقه على الصورة ‪. . .‬‬ ‫اقتضاها مزاجه ‪ .‬ورحمة موضوعة فيه من ّ‬
‫وبالرحمة الطبيعية تقع الشفاعة من الشافعين ال بالرحمة الموضوعة ‪ ،‬فان الرحمة‬
‫اإللهية الموضوعة يصحبها في العبد العزة والسلطان فهي ال عن شفقة ‪ ،‬والرحمة‬
‫الطبيعية عنها تكون الشفقة ‪. . .‬‬
‫فان الرحمة الموضوعة ال تقوم اال بالخلفاء ‪ ،‬اال ترى االنسان إذا رأى الخليفة يعاقب‬
‫ويظلم ويجور على الناس كيف يجد الشفقة على المظلومين المعاقبين ويقول ‪ :‬ما عنده‬
‫رحمة ولو قمت انا مقامه لرحمتهم ‪. . .‬‬
‫َّللا عن الرحمة الطبيعية التي تورث الشفقة ‪،‬‬ ‫فإذا ولى هذا القائل ذلك المنصب حجبه ّ‬
‫وجعل فيه الرحمة التي تصحبها العزة والسلطان فيرحم بالمشيئة [ انظر “ مشيئة “ ]‬
‫ال بالشفقة ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 48 / 4‬‬

‫‪526‬‬
‫“ ‪“ 527‬‬

‫الرحمة االمتنانيّة‬
‫‪ّ - 296‬‬
‫المترادفات ‪ :‬الرحمة الواسعة ‪ 1‬الرحمة الشاملة ‪ 2‬رحمة العموم ‪ ، 3‬الرحمة المطلقة‬
‫‪ ، 4‬الرحمة العامة ‪.‬‬
‫انظر “ منّة “ ‪ :‬وخاصة الفقرة السادسة ‪ ،‬عنوانها “ الرحمة “‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫يب ِّب ِّه َم ْن أَشا ُء َو َر ْح َمتِّي‬
‫ص ُ‬ ‫عذا ِّبي أ ُ ِّ‬
‫) ‪( 1‬الرحمة الواسعة مستقاة من اآلية” قا َل َ‬
‫ش ْيءٍ ‪“( 7 / 156 ) .‬‬ ‫ت ُك َّل َ‬
‫َو ِّسعَ ْ‬
‫وهذه الرحمة الواسعة هي في الواقع رحمة امتنانية [ انظر “ منّة ] “ ألنه ينالها كل‬
‫شيء دون نظر إلى عمل استحقها به ‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي‬
‫“ ‪:‬والرحمة االمتنانية هي التي وسعت كل شيء ‪ . . .‬وهي التي يترجاها إبليس فمن‬
‫دونه “ ( ف ‪. ) 496 / 3‬‬
‫) ‪( 2‬ان الرحمة الشاملة هي رحمة امتنانية لجمعيتها ‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ وما ثم اال رحمة سابقة وغضب الحق ‪ ،‬ثم رحمة شاملة سارية في الكل فهي الحقة‬
‫سابقة “ ( ف ‪. ) 70 / 4‬‬
‫) ‪( 3‬ان رحمة العموم أو الرحمة العامة يمكن ان نفرد لها مكانا مستقال بين الرحمات‬
‫من حيث إنها تقابل الرحمة الخاصة ( انظر رحمة خاصة ) ولكنها من جهة ثانية‬
‫ترجع إلى الرحمة االمتنانية ‪ ،‬الن كل عام ال يتقيد بصفة خاصة في المرحوم هو من‬
‫عين المنة ‪ .‬يقول الشيخ ابن العربي ‪ . . . “ :‬دار شبهة وهي الدنيا فلها وجه إلى الحق‬
‫بما هي موجودة ‪ ،‬ولها وجه لغير الحق بما ينعدم ما فيها ‪. . .‬‬
‫َّللا على هذه الصفة [ صفة‬ ‫والشبهة نسبة الحل إليها والحرمة على السواء ‪ ،‬وما جعلها ّ‬
‫الشبهة ] اال إلقامة عذر العباد إذا أراد ان يرحمهم رحمة العموم ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 3‬‬
‫‪. ) 377‬‬
‫) ‪( 4‬ان الرحمة المطلقة تشمل كل شيء ال تتقيد بصفة تطلبها في المرحوم ‪ .‬اذن هي‬
‫امتنانية في مقابل الرحمة المقيدة بصفة أوجبتها ‪ .‬يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬فانفلقت الرحمة انفالق الحبّ فتنوعت الرحمة في الصفة إلى ‪ :‬اطالق وتقييد ‪،‬‬
‫فظهرت الرحمة المقيدة ‪ . . .‬وتميزت الرحمة المطلقة ( “ ف ‪. ) 676 / 2‬‬

‫‪ - 297‬الرحمة الواجبة‬
‫المترادفات ‪ :‬الرحمة المكتوبة ‪ - 1‬الرحمة المقيدة ‪ -‬الرحمة الرحيمية ‪. 2‬‬
‫انظر “ منّة “ ‪ :‬وبخاصة الفقرة السادسة ‪ .‬عنوانها ‪ “ :‬الرحمة ‪“ .‬‬

‫‪527‬‬
‫“ ‪“ 528‬‬

‫‪..........................................................................................‬‬
‫على نَ ْف ِّس ِّه‬ ‫علَ ْي ُك ْم َكت َ َ‬
‫ب َربُّ ُك ْم َ‬ ‫) ‪( 1‬الرحمة المكتوبة نجد أصلها في اآليتين ‪ ”:‬فَقُ ْل َ‬
‫سال ٌم َ‬
‫سأ َ ْكتُبُها ِّللَّذِّينَ يَتَّقُونَ “ ‪. ( 7 /‬‬ ‫الر ْح َمةَ ”) ‪َ “( 6 / 54‬و َر ْح َمتِّي َو ِّسعَ ْ‬
‫ت ُك َّل َ‬
‫ش ْيءٍ ‪ ،‬فَ َ‬ ‫َّ‬
‫‪156 ) .‬‬
‫ففي اآلية الثانية قيد الحق رحمته بصفة التقوى في المرحوم‬
‫) ‪( 2‬يقول الشيخ ابن العربي ‪ “ :‬اال ان الرحمة الرحيمية رحمة وحبية “ ( مرآة‬
‫العارفين ق ‪ 127‬أ ) ‪.‬‬
‫ويرجع تسمية هذه الرحمة بالرحيمية نظرا الن متعلقها االسم “ الرحيم “ الذي له تقييد‬
‫الرحمة بصفة مخصوصة في المرحوم ‪ ،‬بخالف االسم “ الرحمن “ الذي له عموم‬
‫الرحمة ‪.‬‬

‫‪ - 298‬الرحمن ‪ -‬الرحيم‬
‫ان االسم الرحمن من حيث إنه جامع لألسماء اإللهية كلها وله مرتبة اإلحاطة والكمال‬
‫َّللا “ ‪ -‬ومن حيث إنه مشتق من الرحمة اي الوجود‬ ‫بالنسبة إليها ‪ ،‬يرادف االسم “ ّ‬
‫يقترب من االسم “ الرحيم “ ويفترق عنه بوهبه لمرحوميه ‪ :‬الرحمة االمتنانية ‪ ،‬في‬
‫مقابل رحمة الرحيم ‪ :‬الواجبة ‪. 1‬‬
‫رحمة الرحمن ‪ -‬امتنانية رحمة الرحيم ‪ -‬واجبة‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫َّللا والرحمن ‪ ،‬مرتبة اإلحاطة والكمال بالنسبة‬‫) ‪ “( 1‬فان لهذين االسمين اللذين هما ّ‬
‫إلى ما سواهما من األسماء “ ‪ ( .‬بلغة الغواص ق ‪. ) 17‬‬
‫) ‪ “ ( 2‬هو اسم الحق تعالى من حيث إنه وجود محض ‪ ،‬ألنه صيغة مبالغة من‬
‫الرحمة التي وسعت كل شيء ‪ . . .‬فكان اسما للوجود من حيث كونه مشتمال غاية‬
‫االشتمال على جميع تعيناته ‪ ،‬وان جميع تعيناته اليه على السوا من حيث تعينه ‪ :‬من‬
‫حيث الهداية واالضالل والعفو واللطف واالنتقام والقهر ‪ . . .‬واما االسم الرحيم ‪ :‬فهو‬
‫أيضا اسم للوجود مشتق من هذه الرحمة الواسعة الشاملة ‪ ،‬لكن من حيث ميل عين‬
‫الوجود من اطالقه الذي نسبته الهداية واالضالل ‪ . . .‬اليه على السوا ‪ ،‬إلى تعينه من‬
‫حيث الهداية والنورية والكشف ‪ ( “ . . .‬مراتب التقوى ق ‪ 166‬ب ) ‪.‬‬
‫“ الرحمان اليجاد األعيان والرحيم لتعيين المراتب “ ‪ ( 2‬المقصد األتم ق ‪152‬‬
‫ب)‪.‬‬

‫‪528‬‬
‫“ ‪“ 529‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬انظر “ الرحمة االمتنانية “ “ الرحمة الواجبة ‪“ .‬‬
‫) ‪( 2‬بخصوص “ الرحمن “ و “ الرحيم “ عند الشيخ ابن العربي ‪ ،‬فيراجع ‪:‬‬
‫‪-‬فصوص الحكم ج ‪ 1‬ص ‪، 153 - 152‬‬
‫ج ‪ 2‬ص ‪، 246 ، 245 ، 205 ، 190 ، 25‬‬
‫‪-‬رسالة الباء ق ‪ 123‬أ ‪،‬‬
‫‪-‬المقصد األتم في اإلشارات ق ق ‪ 154‬أ ‪ 154 -‬ب ‪.‬‬
‫كما يراجع ‪:‬‬
‫‪-‬تأويالت القيصري ‪ 167‬أ ‪،‬‬
‫‪-‬شرح الجاللة ‪ .‬ق ق ‪. 2 - 1‬‬

‫‪ - 299‬رداء ‪1‬‬
‫المترادفات ‪ :‬رداء الكبرياء ‪ -‬رداء الحق‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الراء والدال والياء أصل واحد يدل على رمي أو ترام وما أشبه ذلك ‪ .‬يقال رديته‬
‫الردى ‪ ،‬وهو الهالك ‪ ،‬يقال ردى ‪ ،‬يردى ‪،‬‬‫بالحجارة أرديه ‪ :‬رميته ‪ . . .‬ومن الباب ّ‬
‫الرداء الذي يلبس ‪ .‬ما أدري مما‬
‫َّللا ‪ :‬أهلكه ‪ . . .‬ومما شذ عن الباب ّ‬
‫إذا هلك ‪ .‬وأرداه ّ‬
‫الردية ‪ ،‬من لبس الرداء ‪. . .‬‬
‫اشتقاقه ‪ ،‬وفي اي شيء قياسه ‪ ،‬يقال فالن حسن ّ‬
‫“ ( معجم مقاييس اللغة مادة “ ردى “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫غير واردة في القرآن ‪.‬‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ رداء “ مصطلح يمكن اضافته إلى المفردات التي تشكل عائلة “ حجاب “ ‪ ،‬فالرداء‬
‫حجاب ‪ ،‬ولكن له مواصفات خاصة استفادها الشيخ ابن العربي من موحيات الرداء‬
‫ومواصفاته ؛ ففارق بذلك عمومية “ الحجاب “ إلى خصوصية لم تخرجه عن معناه ‪،‬‬
‫ولم تفقده “ االيجابية “ التي تميز بها عند الشيخ األكبر [ حجاب موصل ‪ ،‬انظر‬
‫“ حجاب “ ] ‪.‬‬

‫‪529‬‬
‫“ ‪“ 530‬‬
‫يرى الشيخ ابن العربي اشتقاقين للرداء يضعهما في خدمة وجهيه ‪:‬‬
‫فالرداء من جهة مستهلك استهالكا كليا في المرتدي فال وجود ذاتي له ‪.‬‬
‫ومن ناحية أخرى الرداء على صورة المرتدي إذ لو لم يكن على صورته لما ارتداه ‪.‬‬
‫وجهان للرداء خاصة وللحجاب عامة يتناوبان الستر والكشف ‪ ،‬بل يجمعان الستر‬
‫والكشف معا على “ المرتدي “ اي الحق ‪.‬‬
‫وسنترك الشيخ األكبر يعبّر بلغته عن “ الرداء “ فنرى اللفظ في سياقه وحركية عالقاته‬
‫؛ يقول ‪:‬‬
‫( ‪ ) 1‬الرداء من الردى ‪ -‬الهالك ‪.‬‬
‫“ ‪ . . .‬وانما سماه رداء ألنه مشتق من الردى المقصور وهو الهالك ‪ ،‬ألنه مستهلك‬
‫في الحق استهالكا كليا ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 104 / 2‬‬
‫“ ‪ . . .‬فان قلت ‪ :‬وما الرداء ‪.‬‬
‫قلنا ‪ :‬الظهور بصفات الحق في الكون ‪ ،‬فان قلت ‪ :‬وما الكون ‪ .‬قلنا ‪ :‬كل امر وجودي‬
‫وهو خالف الباطل “ ‪ ( . . .‬ف ‪. ) 129 / 2‬‬
‫النص الثاني جعل الرداء هو الظهور بصفات الحق في الكون ‪.‬‬
‫وهذا ال يكون اال للفاني أو المستهلك في الحق الذي ظهرت صفات الحق على البدل‬
‫من صفاته ‪.‬‬
‫( ‪ ) 2‬الرداء من التردي ‪ -‬صورة‬
‫“ ‪ . . .‬الكبرياء رداء الحق وليس سواك ‪ .‬فان الحق تردى بك إذ كنت صورته ‪.‬‬
‫فان الرداء بصورة المرتدي ‪ ،‬ولهذا ما يتجلى لك اال بك ‪،‬‬
‫وقال ‪ :‬من عرف نفسه عرف ربه ‪ ،‬فمن عرف الرداء عرف المرتدي ‪ ،‬ما يتوقف‬
‫معرفة الرداء على معرفة المرتدي ‪. . .‬‬
‫فما وصلت األعين اال إلى الرداء وهو الكبرياء ‪ ،‬وما تجلى لك اال بنا فما وصلت‬
‫الرؤية اال الينا ‪ ،‬وال تعلقت اال بنا فنحن عين الكبرياء على ذاته ‪. . .‬‬
‫فإذا قلبت االنسان الكامل رأيت الحق ‪ ،‬واالنسان ال ينقلب فال يرجع الرداء مرتديا لمن‬
‫هو له رداء فهذا معنى الكبير ‪.‬فإنه كبير لذاته والكبرياء نحن ‪ ،‬فمن نازعه منا فينا‬
‫قصمه الحق “ ‪ ( . . .‬ف ‪. ) 245 / 4‬‬
‫“ ‪ . . .‬ما الرداء ‪ .‬الجواب ‪ :‬العبد الكامل المخلوق على الصورة ‪ ،‬الجامع للحقائق‬

‫‪530‬‬
‫“ ‪“ 531‬‬

‫االمكانية واإللهية وهو المظهر األكمل الذي ال أكمل منه ‪ ،‬الذي قال فيه أبو حامد ‪ :‬ما‬
‫في االمكان ابدع من هذا العالم لكمال وجود الحقائق كلها فيه ‪ ،‬وهو العبد الذي ينبغي‬
‫ان يسمى خليفا ونائبا ‪ ،‬وله األثر الكامل في جميع الممكنات وله المشيئة التامة ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ‪. ) 103 / 20‬‬
‫( ‪ ) 3‬الرداء ‪ :‬ستر وكشف‬
‫َّللا ] ‪ ،‬فاثبت‬
‫“ ولما كنا عين كبرياء الحق على وجهه ‪ ،‬والحجاب يشهد المحجوب [ ّ‬
‫انا نراه ‪ ،‬فصدق األشعري وصدق قوله ترون ربكم ‪ ،‬كما صدق [ المعتزلة ] لن‬
‫تراني ‪ .‬وللرداء ظاهر وباطن فيراه [ الحق ] الرداء بباطنه فيصدق ترون ربكم‬
‫ويصدق مثبت الرؤية ‪ ،‬وال يراه ظاهر الرداء فيصدق المعتزلي ويصدق لن تراني ‪،‬‬
‫والرداء عين واحدة ‪ . . .‬فال يشهد العالم سوى االنسان الذي هو الرداء ‪ ،‬والرداء من‬
‫حيث ظاهره يشهد من يشهده وهو العالم “ ‪ ( . . .‬ف ‪. ) 246 / 4‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يراجع بشأن رداء عند الشيخ ابن العربي ‪ - :‬كتاب التراجم ص ‪ ( 61‬الرداء‬
‫واإلزار ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪ ( 40‬الرداء ‪ -‬اإلزار ) ‪ .‬ص ‪ ( 103‬اإلزار ) ‪.‬‬

‫‪ – 300‬الرزق‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الراء والزاء والقاف أصل واحد يدل على عطاء لوقت ‪ ،‬ثم يحمل عليه غير‬
‫الرزق ‪. . .‬‬
‫َّللا رزقا ‪ ،‬واالسم ّ‬ ‫َّللا جل ثناؤه ‪ ،‬ويقال رزقه ّ‬ ‫فالرزق ‪ :‬عطاء ّ‬ ‫الموقوت ‪ّ .‬‬
‫“ ( معجم مقاييس اللغة مادة “ رزق “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫الرزق في القرآن هو ما خصص للموجود [ انسانا أو حيوانا ] من االنعام اإللهي‬
‫[ دون تحديد لمضمون الرزق ] يصله في حتمية ال تقبل التذبذب ‪ ،‬من حيث أن الحق‬
‫وحده هو ‪ :‬الرازق ‪.‬‬
‫َّللا ِّر ْزقُها ‪“( 11 / 6 ) .‬‬ ‫ض إِّ َّال َ‬
‫علَى َّ ِّ‬ ‫( أ ) قال تعالى ‪َ ” :‬وما ِّم ْن َدابَّ ٍة فِّي ْاأل َ ْر ِّ‬
‫ت ما َرزَ ْقنا ُك ْم“ ( ‪/ 2‬‬ ‫س ْلوى ُكلُوا ِّم ْن َ‬
‫ط ِّيّبا ِّ‬ ‫علَ ْي ُك ُم ْال َم َّن َوال َّ‬
‫( ب ) قال تعالى ‪َ ” :‬وأ َ ْنزَ ْلنا َ‬
‫‪. )57‬‬

‫‪531‬‬
‫“ ‪“ 532‬‬

‫ت ِّر ْزقا ً لَ ُك ْم ‪“( 2 / 22 ) .‬‬‫ماء ما ًء فَأ َ ْخ َر َج ِّب ِّه ِّمنَ الث َّ َمرا ِّ‬ ‫س ِّ‬ ‫قال تعالى ‪َ “ :‬وأ َ ْنزَ َل ِّمنَ ال َّ‬
‫الر ْزقَ ِّل َم ْن يَشا ُء َويَ ْقد ُِّر ‪“( 13 / 26 ) .‬‬ ‫ط ِّ ّ‬ ‫س ُ‬ ‫َّللاُ يَ ْب ُ‬
‫( ج ) قال تعالى ‪َّ ”:‬‬
‫َّللاُ “( ‪”. ) 24 / 34‬‬ ‫ض قُ ِّل َّ‬ ‫ت َو ْاأل َ ْر ِّ‬‫سماوا ِّ‬ ‫( ذ ) قال تعالى ‪ ”:‬قُ ْل َم ْن يَ ْر ُزقُ ُك ْم ِّمنَ ال َّ‬
‫ين “( ‪. ) 58 / 51‬‬ ‫اق ذُو ْالقُ َّوةِّ ْال َمتِّ ُ‬
‫الر َّز ُ‬ ‫ِّإ َّن َّ َ‬
‫َّللا ُه َو َّ‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫*أرجع الشيخ ابن العربي “ الرزق “ من شموله ‪ ،‬إلى كل ما يهبه الحق للمخلوق‬
‫فيدخل في ملكيته ‪ ،‬إلى “ الغذاء “ ‪ .‬المحدد بما تتقوم به نشأة الموجود وتدوم قوته‬
‫وحياته ‪ -‬وهو محسوس ومعنوي ‪.‬‬
‫يقول الشيخ األكبر ‪:‬‬
‫) ‪“( 1‬فإنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها ‪ . . .‬وليس رزقك اال ما تقوم به نشأتك‬
‫وتدوم به وقتك وحياتك ‪ ،‬ليس رزقك ما جمعت وادخرت فقد يكون ذلك لك‬
‫ولغيرك ‪ . . .‬فإذا تغذيت به [ رزقك ] وسرى في ذاتك ‪ .‬حينئذ تعلم أنه رزقك ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ‪. ) 114 / 4‬‬
‫يالحظ من النص ‪ ،‬ان الشيخ ابن العربي ال يعترف باي قوت يكسبه االنسان رزقا ‪،‬‬
‫بل ال بد من أن يتحول الرزق إلى المرزوق حتى يصح ان يطلق عليه هذا االسم ‪.‬‬
‫فالرزق هو ما تحول إلى عين المرزوق ‪. 1‬‬
‫) ‪ “( 2‬فالرزق المحسوس للجسوم ‪ ،‬والرزق المعنوي لألرواح “ ( بلغة الغواص ق‬
‫‪. ) 21‬‬
‫“ ‪ . . .‬فان االنسان الحيوان ‪ 2‬يرزق رزق الحيوان وهو للكامل [ لالنسان الكامل ‪] 3‬‬
‫وزيادة ‪ ،‬فان الكامل له رزق الهي ال يناله االنسان الحيوان ‪ ،‬وهو ما يتغذى به من‬
‫علوم الفكر ‪ . . .‬والكشف والذوق والفكر الصحيح ‪ ( “ . . . 4‬ف ‪. ) 357 / 3‬‬

‫الرزق يتلخص في ايصال الغذاء وسريانه في ذات المتغذى به ‪5 .‬وفعل التغذية هذا‬
‫ينطبق على وجهي الحقيقة الوجودية الواحدة ‪ :‬الحق والخلق ‪. 6‬‬
‫الحق يتغذى بالخلق ‪ :‬من حيث إنه ال ظهور للحق اال في صورة خلقية تغذيه باحكامها‬
‫وال بقاء لأللوهية اال ببقاء المألوه ‪ ،‬فاأللوهية غذاؤها وجود مألوهيها‪.‬‬

‫‪532‬‬
‫“ ‪“ 533‬‬

‫والخلق يتغذى بالحق ‪ :‬من حيث إنه ال يتقوم وجوده وكيانه اال بالحق فالخلق مظهر ‪،‬‬
‫الظاهر به هو الحق ‪ .‬فالحق ‪ :‬رزق كيان الخلق ‪ ،‬وغذاؤهم بالوجود ‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫باّلل وكان النعت اإللهي ‪ 7‬ال بقاء له اال بالعالم ‪،‬‬ ‫) ‪“ ( 1‬ولما كان العالم ال بقاء له اال ّ‬
‫كان كل واحد رزقا لآلخر به يتغذى لبقاء وجوده ‪. . .‬فنحن له رزق تغذى بكوننا *‬
‫كما أنه رزق الكيان بال شك‬
‫فيحفظنا كونا ونحفظ كونه *** الها وهذا القول ما فيه من افك” ( ف ‪. ) 363 / 3‬‬
‫“ ‪ . . .‬علّمتك [ علم الحق العبد ] فعلمت ما تستحقه األسماء الحسنى من الرزق ‪8‬‬
‫الذي تقوم به حياتها ونشأتها ‪ . . .‬وجعلتك اآلتي به إليهم ‪. . .‬‬
‫وأسمائي ال بد ان يصل إليها ذلك [ الرزق ] من العالم ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 114 / 4‬‬
‫) ‪ “ ( 2‬فهو [ الحق ] الساري في مسمى المخلوقات والمبدعات ولو لم يكن االمر‬
‫كذلك ما صح الوجود ‪. . .‬فهو الكون كله * وهو الواحد الذي‬
‫قام كوني ‪ 9‬بكونه * ولذا قلت يغتذى‬
‫فوجودي غذاؤه * وبه نحن نحتذى ‪ ( ”. . .‬فصوص ‪ ”) 111 / 1‬إذا شاء االله يريد‬
‫رزقا * له فالكون أجمعه غذاء‬
‫وان شاء االله يريد رزقا * لنا فهو الغذاء كما يشاء “( فصوص ‪) 187 / 1‬‬
‫“ فأنت [ العبد ] غذاؤه باالحكام ‪ ،‬وهو [ الحق ] غذاؤك بالوجود ‪ ( “ 10‬فصوص ‪1‬‬
‫‪. ) 83 /‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬انظر مثل ‪ :‬الفراشة ونور الشمعة ‪ ،‬الهامش رقم ) ‪( 5‬‬
‫) ‪( 2‬انظر “ انسان حيوان “‬
‫) ‪( 3‬انظر “ انسان كامل “‬

‫‪533‬‬
‫“ ‪“ 534‬‬

‫) ‪( 4‬راجع كتاب المواقف لألمير عبد القادر الجزائري ‪ ،‬الموقف ) ‪ ( 16‬ص ‪: 53‬‬
‫ض‪ ) 31 / 10 ( “ . . .‬جاعال‬ ‫ماء َو ْاأل َ ْر ِّ‬ ‫حيث يشرح اآلية” قُ ْل َم ْن يَ ْر ُزقُ ُك ْم ِّمنَ ال َّ‬
‫س ِّ‬
‫الرزق من السماء ‪ :‬ما تنتفع به العقول من العلوم واالسرار ‪ .‬والرزق من األرض ‪ :‬ما‬
‫تنتفع به األجسام ‪.‬‬
‫) ‪( 5‬لكي يتسنى للقارئ ان يقف على مرمى الشيخ األكبر في الغذاء نرجع إلى مثل‬
‫نستعين به من كتاب منطق الطير لفريد الدين العطار [ الفراشة ونور الشمعة ] ‪:‬‬
‫الفراشة تعشق النور ويتأكلها شوق إلى معرفته التي دونها الفناء به ‪ ،‬فتقوم سكرى‬
‫بالحب وتقذف بنفسها على لهيب الشمعة ‪ ،‬وللحظة يزداد نور الشمعة يغذيه جسد‬
‫محبته التي اسعدها أن تكون ‪ ،‬ولو للحظة ‪ ،‬ذات محبوبها ‪ .‬فالفراشة في احتراقها‬
‫كانت غذاء محبوبها ‪ ،‬كانت محبوبها ‪.‬‬
‫انظر ‪ :‬منطق الطير الترجمة الفرنسية ص ص ‪. 223 - 222‬‬
‫كما استعمل الصورة التمثيلية نفسها ( الفراشة والنور ) احمد الغزالي وبالتعابير نفسها‬
‫تقريبا ‪.‬‬
‫راجع ) ‪ :Hist . de la philo Islamique . Corbin P . 281( 6‬ان الحق‬
‫المتغذى بالخلق هو الحق من حيث أسماؤه وصفاته ال من حيث ذاته الغنية عن‬
‫العالمين ‪ ،‬رغم تأكيد عفيفي ان العالم هو غذاء الذات اإللهية ‪ ،‬والذات اإللهية هي‬
‫غذاء العالم ‪.‬‬
‫( انظر فصوص ج ‪ 2‬ص ‪ ) 278‬وهذا سيتضح من النصوص التي سنوردها اللشيخ‬
‫ابن العربي في المتن ‪.‬‬
‫) ‪( 7‬هاتان العبارتان تثبتان ما ذهبنا اليه سابقا من أن الخلق هم غذاء األسماء‬
‫والصفات اإللهية ال غذاء الذات الغنية عنهم ‪.‬‬
‫) ‪( 8‬هاتان العبارتان تثبتان ما ذهبنا اليه سابقا من أن الخلق هم غذاء األسماء‬
‫والصفات اإللهية ال غذاء الذات الغنية عنهم ‪.‬‬
‫) ‪( 9‬كون المخلوق ‪.‬‬
‫) ‪( 10‬راجع الفصوص ج ‪ 2‬ص ‪. 191 ، 190 ، 67 ، 64‬‬

‫الرضى‬
‫‪ّ - 301‬‬
‫انظر “ الطريق "‪.‬‬

‫‪ - 302‬رقاع‬
‫انظر “ طرح الرقاع "‪.‬‬

‫‪ - 303‬المراقبة‬
‫انظر “ الطريق “‬

‫‪534‬‬
‫“ ‪“ 535‬‬
‫‪ - 304‬رقيقة‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الراء والقاف أصالن ‪ :‬أحدهما صفة تكون مخالفة للجفاء ‪ ،‬والثاني اضطراب شيء‬
‫مائع ‪ . . .‬فاألول الرقة ‪ ،‬يقال ‪ :‬رق يرق رقة فهو رقيق ‪. . .‬‬
‫واألصل الثاني ‪ :‬قولهم ترقرق الشيء ‪ ،‬إذا لمع ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة ‪ ،‬مادة‬
‫“ رق “ )‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫المفرد غير وارد في القرآن عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫*الكون في تصور الشيخ ابن العربي ك ّل ‪ . . .‬مندمج ‪ . . .‬متصل غير منقطع ‪.‬فكل‬
‫حقيقة أو مرتبة في العالم متصلة بغيرها تستمد [ من األعلى ] وتم ّد [ األدنى ‪] .‬‬
‫وقد اضطر إلى هذا التصور الستكمال منطق بنيانه الفلسفي ألن القول “ بالخلق الجديد‬
‫“ يحتم عليه تصورا متصال للكون ‪.‬‬
‫ومن اجل هذا االتصال وجدت “ الرقائق “ ‪.‬‬
‫فما هي الرقائق ؟ وما وظيفتها في عالم شيخنا األكبر ؟‬

‫الرقائق هي هذه الصالت الممتدة بين الحقائق أو الذوات ‪ ،‬تشبه في رقتها أشعة الشمس‬
‫في امتدادها إلى البصر ‪ ،‬فهي ليست انتشارا فقط وانما انتشار يتصل ب فكل حقيقة‬
‫يشع منها رقائق تربطها بالحقائق االعلى واألدنى ‪ ،‬على هذه الرقائق يصل االمداد‬
‫العلمي والوجودي من الحقائق االعلى إلى هذه الحقيقة ‪ ،‬وعليها توصل االمداد العلمي‬
‫والوجودي إلى الحقائق األدنى ‪.‬‬

‫وال تخفى أهمية “ االمداد “ في بنيان فكري يقول بالخلق الجديد ‪ .‬فاالمداد هو عصب‬
‫الخلق الجديد ‪ .‬ألن الممكن يسقط من ذاته في العدم لوال امداده بالوجود في كل لحظة‬
‫‪ 1‬لذلك ومن اجل االمداد نرى الشيخ ابن العربي يتصور اتصاال رقيقا بين الحقائق‬
‫والمراتب يشبه في وظيفته األوردة والشرايين في الجسم البشري ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫‪ - 1‬صورة الحقيقة والرقائق ‪:‬‬
‫” تمتد منه إلى قلبي رقائقه *** مثل امتداد شعاع الشمس للبصر “( ف ‪) 2 / 3‬‬

‫“ فان الرقائق الممتدة بين القلوب وبين هذه المناظر متصلة ‪ ،‬اتصال الدخان بالسراج‬
‫من رأس الفتيلة “ ( ترجمان األشواق ص ‪ 41‬هامش ‪.) 3‬‬

‫‪535‬‬
‫“ ‪“ 536‬‬

‫نالحظ في النصين السابقين التركيز على ‪ :‬االمتداد واالتصال ‪ .‬فالرقيقة تمتد ولكن‬
‫االمتداد وحده ال يكفي النجاز مهمتها [ االمداد ] ‪ ،‬لذلك ال بد من االتصال ‪.‬‬

‫وقد استخدم الشيخ ابن العربي صورتين ‪:‬‬


‫الشمس واشعتها ‪ ،‬والنار ودخانها ‪ ،‬ليعبر عن فكرة االنتشار واالتصال معا‪.‬‬
‫‪ - 2‬ماهية الرقيقة ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬وجعل [ تعالى ] االنسان مجموع رقائق العالم كله ‪ 2‬فمن االنسان إلى كل شيء‬
‫في العالم رقيقة ممتدة ‪ ،‬من تلك الرقيقة يكون من ذلك الشيء ‪ -‬في االنسان ‪ -‬ما أودع‬
‫َّللا عليها ليؤديها إلى هذا االنسان ‪ ،‬وبتلك‬
‫َّللا عند ذلك الشيء من األمور التي امنه ّ‬
‫ّ‬
‫الرقيقة يحرك االنسان العارف ذلك الشيء لما يريده ‪ .‬فما من شيء في العالم اال وله‬
‫اثر في االنسان ولالنسان اثر فيه ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 157 / 1‬‬

‫“ ‪ . . .‬وكشف له [ تعالى ] عن ذاته ورأى جميع العالم في حضرته ‪ ،‬ورأى الرقائق‬


‫بينه [ العبد ] وبين كل جزء من العالم ‪ ،‬فعمد يحسن من نفسه على تلك الرقيقة التي‬
‫بين ما يناسب من العالم وبين المناسب له ‪ ( “ . . .‬ف ‪. )30 / 407‬‬
‫يظهر هنا بوضوح ماهية الرقيقة ‪ ،‬من حيث إنها تصل المناسب بالمناسب له ‪ ،‬اتصاال‬
‫له خصوصية يؤمن تبادل التأثر والتأثير ‪.‬‬
‫‪ - 3‬وظيفة الرقيقة ‪:‬‬
‫“ فالحق له تسعة أفالك لاللقاء واالنسان له تسعة أفالك للتلقي ‪ ،‬فتمتد من كل حقيقة‬
‫من التسعة الحقية رقائق إلى التسعة الخلقية [ للنزول ‪ ،‬لاللقاء ] ‪ ،‬وتنعطف من التسعة‬
‫الخلقية رقائق على التسعة الحقية [ للعروج ‪ ،‬للتلقي ] ‪“ . .‬‬
‫( ف ‪. ) 54 / 1‬‬
‫“ ‪ . .‬وبين هذه الصور العلويات الفلكيات وبين الصور السفليات العنصريات رقائق‬
‫ممتدة لألسماء اإللهية والحقائق الربانية ‪ ،‬وهي الوجوه الخاصة التي لكل ممكن الذي‬
‫صدر منه عن كلمة كن ‪ ،‬بالتوجه اإلرادي اإللهي الذي ال يعلمه المسبب عنه من‬
‫غيره ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 260 / 30‬‬

‫“ ‪ . . .‬وبين العالمين [ العالم العلوي والعالم السفلي ] رقائق ممتدة من كل صورة إلى‬
‫مثلها متصلة غير منقطعة على تلك الرقائق يكون العروج والنزول ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 3 -‬‬
‫‪. ) 260‬‬
‫“ الرقائق منه في العروق منك موضع سريان الحياة فحافظ عليها ففيها تشهده ‪3‬‬
‫“ ( تراجم ص ‪.) 8‬‬

‫‪536‬‬
‫“ ‪“ 537‬‬

‫“ ‪ . . .‬وما بقي بأيدي المحققين اال الفقه اإللهي الوارد باالسرار ‪ ،‬وهو المعروف عند‬
‫أهل البصاير المجهول عند أهل االبصار ‪ ،‬وبهذا الفقه تفقه تسبيحات الكاينات رب البر‬
‫هو رب البحر فال تهتم ‪ ،‬فما لك زمام حقيقتك بيد مالك رقيقتك واستسلم ‪. . .‬‬
‫“ ( إشارات القرآن ق ‪ 61‬ب ) ‪.‬‬

‫تظهر في نهاية هذا النص أهمية الرقيقة إذ يقول “ فما لك زمام حقيقتك بيد مالك‬
‫رقيقتك “ من حيث إن الحقيقة في ذاتيتها ال تخرج عن كونها ممكنة والممكن من ذاته‬
‫يسقط في العدم ‪ ،‬لذلك “ فالحقيقة “ من دون “ الرقيقة “ لن تفارق العدم إذ لن يتوفر لها‬
‫االمداد الوجودي أوال والعلمي ثانيا ‪.‬‬

‫يحافظ الشيخ ابن العربي على خاصية االمتداد ‪ -‬االشعاع في الرقيقة ‪ ،‬فيجعلها في مقام‬
‫الرسل ‪ “ ،‬فالحقيقة “ تشبه الذات في مقابل الرقيقة [ اشعاعاتها ‪ -‬رسلها ] ‪.‬‬

‫“ ‪ . . .‬ومنها [ الموجودات ] موجود مجرد عن المادة وهي العقول المفارقة الروحانية‬


‫القابلة للتشكيل والتصوير ‪ ،‬ذوات الرقائق النورية وهي المعبر عنها بالمالئكة ‪. . .‬‬
‫“ ( انشاء الدوائر ص ‪. ) 20‬‬

‫وحيث إن الرقيقة هي في مقام االشعاعات والرسل للحقيقة ‪ ،‬لذلك ليس لها في‬
‫مصطلحات الشيخ األكبر مضمون خاص متميز ‪ ،‬بل تتخذ صفة الذات التي أرسلتها ‪،‬‬
‫وقد تقابل في الواقع وجها من وجوه هذه الذات أو صفة من صفاتها أو نسبة من‬
‫نسبها ‪.‬‬
‫“ ‪ . . .‬كجبريل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل وغيرهم من رؤساء المالئكة الكرام‬
‫عليهم الصالة والسالم ‪ ،‬فإن كال من هؤالء األربعة واقف بين يدي ربه ال يشغله عنه‬
‫بغيره ‪ ،‬فهذه الحقائق الكلية النورانية العلوية التي هي رقائق تلك الحقيقة المحمدية ‪،‬‬
‫عيون تلك األرواح التي هي الرقائق الجزئية ‪ ( “ . . .‬شق الجيب ق ‪. ) 21‬‬

‫َّللا عليه‬
‫“ ‪ . . .‬الرقيقة المحمدية التي تمتد إليهم [ حروف عالم الغيب ] منه صلى ّ‬
‫وسلم من كونه أوتي جوامع الكلم ‪ ،‬اتى إليهم بها رسولهم “ ‪ ( . . .‬ف ‪. ) 80 / 1‬‬
‫****‬
‫الرقيقة هي الصفة أو الجنس في مقابل الماهية أو النوع ( حقيقة ) ‪ .‬يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬الذكر واألنثى وان اجتمعا في الحقيقة وانتظما في دايرة الخليقة ‪ ،‬فقد باتت‬
‫[ بانت ] مراتبها باختالف الرقيقة ‪ ( “ . . .‬إشارات القرآن ق ‪ 61‬أ )‪.‬‬

‫‪537‬‬
‫“ ‪“ 538‬‬

‫َّللا ننشىء الدوائر والجداول ونمد الرقائق والحبائل ‪ ،‬ونبرز األصول‬


‫“ ‪ . . .‬ان شاء ّ‬
‫والفروع ونفرق بين المفروق والمجموع وما يتعلق بينهما من األسماء “ ‪ ( . . .‬انشاء‬
‫الدوائر ص ‪. ) 6‬‬

‫الرقيقة تأخذ أحيانا معنى “ المناسبة “ في فكر الشيخ األكبر ‪ ،‬فيرى مثال ان بين ذاتين‬
‫“ رقيقة “ اي مناسبة ونسبة ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ما أحسن الحقائق إذا أدرجت في مدرجة المناسبة ‪ ،‬فإن الرقائق الواضحة تعجمها‬
‫المخاطبة والمكاتبة ‪ ( “ . . .‬إشارات القرآن ق ‪ 61‬ب ) ‪.‬‬
‫“ فهي [ الرقائق ] معارج ومدارج وقد يعبر عنها بالمناسبات ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 3‬‬
‫‪. ) 260‬‬

‫يمتد استعمال مفرد “ رقيقة “ عند الشيخ ابن العربي مستندا إلى صفة االمداد العلمي‬
‫ليشمل أنواع الشهود والتجلي والخواطر ‪ .‬فيقول ‪ :‬رقيقة ملكية ورقيقة شيطانية ‪ ،‬إذا‬
‫ليست الرقيقة هي طريق االمداد النوري فقط بل قد يكون امدادا شيطانيا ‪ ،‬وهذا ال‬
‫يتنافى مع ماهية الرقيقة من حيث كونها موصلة فقط ‪.‬‬
‫فهي طريق وتوصيل بين “ ذات “ مشعة و “ أخرى “ جزئية مستقبلة على أن يكون‬
‫بينهما مناسبة ‪ ،‬تلك وظيفتها وال عالقة لها بمضمون االمداد ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬اال ان الروح الذي يلقى على ذلك النبي تمتد منه رقيقة ملكية لقلب هذا الرجل‬
‫الوارث ‪ ،‬في صورة حالة مشوبة في ظاهرها بصورة ذلك الملك ‪ . . .‬وينطلق على‬
‫تلك الرقيقة اسم ذلك الروح ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 80 / 2‬‬

‫“ ‪ . . .‬أو تراءت له [ الولي أو النبي ] الرقيقة رجال ممثال أو صورة حيوان يخاطبه‬
‫بما جاء به اليه ‪ ،‬فإن كان وليا فيعرضه على الكتاب والسنة ‪ . . .‬وان لم يوافق الكتاب‬
‫والسنة رآه خطاب حق وابتالء ال بد من ذلك ‪ ،‬فعلم قطعا ان تلك الرقيقة ليست برقيقة‬
‫ملك وال بمجلس الهي ولكن هي رقيقة ‪4‬شيطانية ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 39 / 3‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬انظر “ خلق جديد “‬
‫) ‪( 2‬االنسان مجموع حقائق العالم من حيث إنه جمع في ذاته كل الحقائق المتفرقة‬
‫في العالم [ انظر “ مجموع العالم “ ] أضاف الشيخ ابن العربي هنا ان االنسان هو‬
‫مجموع رقائق العالم ‪ ،‬من حيث إن جمع الحقائق هو في الواقع مناسبة ‪.‬‬
‫“ ) ‪( 3‬يشهده “ الن الرقائق للنزول وااللقاء أو التجلي يقابلها من العبد تلقي وعروج‬
‫وشهود كل‬

‫‪538‬‬
‫“ ‪“ 539‬‬
‫ذلك من باب االمداد العلمي ‪.‬‬

‫) ‪( 4‬يراجع بشأن رقيقة عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫‪-‬ف ج ‪ 1‬ص ‪ ( 55‬الرقيقة االسرافيلية ) ج ‪ 4‬ص ‪ ( 328‬للحقيقة رقائق ‪-‬‬
‫الخالئق )‬
‫‪-‬كتاب القربة ص ‪ ( 8‬رقائق )‬
‫‪-‬عنقاء مغرب ص ‪50‬‬
‫‪-‬فصوص الحكم ج ‪ 2‬ص ‪237‬‬
‫‪-‬انشاء الدوائر ص ‪ ( 34‬امتداد الرقائق )‬
‫‪-‬الديوان ص ‪ ( 38‬رقائق تدلت ) ‪.‬‬

‫الروح‬
‫‪ّ – 305‬‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫مطرد ‪ ،‬يد ّل على سعة وفسحة ّ‬
‫واطراد ‪.‬‬ ‫“ الراء والواو والحاء أصل كبير ّ‬
‫وأصل [ ذلك ] كله الريح ‪ .‬وأصل الياء في الريح الواو وانما قلبت ياء لكسرة ما‬
‫الريح ‪ ،‬وكذلك الباب كله ‪.‬‬
‫فالروح روح االنسان ‪ ،‬وانما هو مشتق من ّ‬ ‫قبلها ‪ّ .‬‬
‫الريح ‪ ،‬ويقال أراح االنسان ‪ ،‬إذا تنفّس ‪ّ . . .‬‬
‫والروح ‪ :‬جبرئيل عليه‬ ‫والروح ‪ :‬نسيم ّ‬ ‫ّ‬
‫السالم ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة مادة “ روح “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫لقد بحث األب بولس نويا في كتابه” ‪“ Exegese Coranique‬كلمة “ روح “ في‬
‫القرآن من خالل ثالث رؤى قرآنية لثالثة من متقدمي الصوفية ‪ :‬مقاتل ‪ ،‬الترمذي ‪،‬‬
‫الخراز ‪.‬‬
‫ونلخص مواقفهم بالنقاط التالية ‪:‬‬
‫‪ - 1‬روح ‪ -‬جبرئيل ( ‪ -‬روح القدس ‪) 1‬‬
‫‪ - 2‬روح ‪ -‬وحي ‪2‬‬
‫للا ‪ -‬رحمته ‪3‬‬ ‫‪ - 3‬روح ّ‬
‫‪ - 4‬روح ‪ -‬بدو الخلق يفترق في ‪ :‬النبوة ‪ ،‬القرآن ‪ ،‬الوحي ‪4‬‬
‫‪ - 5‬روح ‪ -‬الذي يفرض على الجسد كلمة ‪ :‬الحياة ‪. 5‬‬
‫ونقف في تقصينا “ الروح “ في القرآن عند بحث األب نويا ‪ ،‬فليراجع ‪. 6‬‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫لن نتشعب في بحث عن “ الروح “ ‪ ،‬فهذا لن يؤدي إلى صيغة ايجابية لم يطرحها‬
‫المفكرون قبل شيخنا األكبر ‪. 7‬‬

‫‪539‬‬
‫“ ‪“ 540‬‬

‫ولكن ال نستطيع ان نمر بهذه الكلمة دون إشارة تومئ إلى نظرة الشيخ ابن العربي‬
‫إليها ‪.‬‬
‫الروح ‪ :‬هو حصول االستعداد من الصورة المسواة لقبول التجلي اإللهي الدائم الذي لم‬
‫يزل وال يزال ‪ ،‬وهو بذلك مبدأ االختالف وكثرة الصور في التجلي الواحد ‪ -‬ويفترق‬
‫“ الروح “ عن “ الحياة “ من حيث الحكم ‪ :‬فالحياة سارية في كل الكائنات دائمة الحكم‬
‫‪ ،‬والروح متقطع الحكم ‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫سوى محال اال ويقبل روحا الهيا عبّر عنه بالنفخ‬ ‫) ‪“ ( 1‬ومن شأن الحكم اإللهي انه ما ّ‬
‫فيه ‪ ،‬وما هو اال حصول االستعداد من تلك الصورة المسواة لقبول الفيض التجلي‬
‫الدائم الذي لم يزل وال يزال ‪ ( “ . . . 8‬فصوص ‪/ 49 ) . 1‬‬
‫“ ‪ . . .‬فالجسم المشهود والحكم للروح ‪ ،‬فالظاهر الحق والحكم للروح ‪:‬‬
‫وهو استعداد العالم الذي أظهر االختالف في الحق الظاهر ‪ ( “ . . . 9‬ف ‪/ 2‬‬
‫‪. ) 396‬‬
‫) ‪ “ ( 2‬فان حكم األرواح في األشياء ما هو مثل حكم الحياة لها ‪ ،‬فالحياة ‪:‬‬
‫دائمة في كل شيء ‪ .‬واألرواح كالوالة ‪ :‬وقتا يتصفون بالعزل ووقتا يتصفون بالوالية‬
‫ووقتا بالغيبة عنها مع بقاء الوالية ‪ ،‬فالوالية ‪ :‬ما دام مدبرا لهذا الجسد الحيواني ‪،‬‬
‫والموت ‪ :‬عزلة ‪ ،‬والنوم غيبته عنه مع بقاء الوالية عليه ‪ ( “ . . . 10‬ف ‪/ 2‬‬
‫‪. ) 540‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬اآليات ‪/ 26 ، 91 / 21 ، 17 / 19 ، 102 / 16 ، 4 / 97 ، 4 / 70 :‬‬
‫‪ ، 193‬وقد حدد الشيخ ابن العربي الروح القدس بجبريل ‪ .‬انظر الفتوحات ج ‪ 1‬ص‬
‫‪ ، 168 ، 31‬ج ‪ 3‬ص ‪ ، 370‬ج ‪ 4‬ص ‪ ، 202 ، 147 ، 51‬انشاء الدوائر ص‬
‫‪. 21 - 15‬‬
‫) ‪( 2‬اآليات ‪52 / 42 ، 15 / 40 ، 2 / 16 :‬‬
‫) ‪( 3‬اآلية ‪، 87 / 12 :‬‬
‫) ‪( 4‬اآليتان ‪، 15 / 40 ، 2 / 16 :‬‬
‫) ‪( 5‬اآلية ‪، 85 / 17 :‬‬
‫‪( 6 )Exegese coranique:‬ص ص ‪ ( 57 - 56‬مقاتل ) ‪ ،‬ص ‪154‬‬
‫( الترمذي ) ‪ ،‬ص ‪ ( 271‬الخراز ) ‪.‬‬

‫‪540‬‬
‫“ ‪“ 541‬‬

‫) ‪( 7‬يراجع بخصوص “ الروح “‬


‫‪-‬مشكاة األنوار ‪ :‬الغزالي ص ‪، 38 ، 35‬‬
‫‪-‬رسالة القشيري ص ‪، 45‬‬
‫‪-‬رسالة بيان الفرق ‪ ،‬الترمذي ص ‪، 96‬‬
‫‪-‬تحصيل نظائر القرآن ‪ .‬الترمذي ص ‪، 141‬‬
‫‪-‬معارج القدس الغزالي ص ‪، 124 ، 114 ، 19‬‬
‫‪-‬كتاب روح العارفين ‪ .‬الكمشخانوي‬
‫‪-‬علم التصوف البن سودكين ق ‪ 60‬ب ‪.‬‬
‫) ‪( 8‬هذا التجلي الدائم الذي لم يزل وال يزال هو الخلق الجديد فليراجع ‪.‬‬
‫) ‪( 9‬راجع “ تجلي “ “ وحده “‬
‫) ‪( 10‬بخصوص “ روح “ عند الشيخ ابن العربي فليراجع ‪:‬‬
‫‪-‬الفصوص ج ‪ 1‬ص ‪ ، 66‬ص ‪ ( 109‬الروح الحقية ) ‪ ( 144 ، 142 ،‬األرواح‬
‫العلمية ‪ -‬أرواح السماوات ) ‪ 176 ،‬ج ‪ 2‬ص ‪. 139‬‬
‫‪-‬عقلة المستوفز ‪، 52 ، 51‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 1‬ص ‪ ( 85‬الروح االمري ) ص ‪، 151 - 143‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪ ( 461 ، 430 ، 385 ، 315‬الروح المدبرة ) ‪، 486 ،‬‬
‫‪، 390 ، 487‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪ 25‬ص ‪، 328 ، 202 ، 109‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪ ، 62‬ص ‪ ( 232‬روح السماع ) ‪ ،‬ص ‪ ( 344‬الروح‬
‫المنفوخ ) ‪.‬‬
‫‪-‬تراجم ص ‪، 41 ، 26‬‬
‫‪-‬شجون المشجون ص ‪ 25‬ب ‪،‬‬
‫‪-‬شق الجيوب ص ‪61 ، 60‬‬
‫‪-‬االنسان الكلي ق ‪ 3‬ب ‪ 5 ،‬ب ‪ ( ،‬األرواح المهيمة ) ‪.‬‬
‫‪-‬رسالة في األرواح مخطوط الظاهرية رقم ‪ 5433‬ق ق ‪ 241‬ب ‪ 242 -‬أ ‪،‬‬
‫( األرواح المهيمة ‪ -‬األرواح المسخرة ‪ -‬األرواح المدبرة ) ‪.‬‬
‫‪-‬انشاء الدوائر ص ‪ ( 33‬الروح العقلي )‬
‫‪-‬ترجمان األشواق ص ‪، 96‬‬
‫‪-‬عنقاء مغرب ص ‪، 68 ، 47‬‬
‫‪-‬وسائل السائل ص ‪، 50‬‬

‫‪541‬‬
‫“ ‪“ 542‬‬

‫‪ - 306‬روح األرواح‬
‫استعمل الشيخ ابن العربي عبارة “ روح األرواح “ للداللة على االنسان الكامل ‪.‬‬
‫وهو بذلك يرادف هذه العبارة بعبارة “ روح العالم ‪ “ 1‬اما مصدر عبارة “ روح‬
‫األرواح “ فتقبل تفسيرين ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬إذا أخذنا “ االنسان الكامل “ على أنه كل من حاز رتبة الكمال من جنس‬
‫االنسان ‪ ،‬فنقول في مصدر روح األرواح ‪:‬‬
‫على األرجح ‪ 2‬ان الشيخ ابن العربي الذي جعل الحياة سارية في كل المخلوقات‬
‫( انسان ‪ -‬حيوان ‪ -‬نبات ‪ -‬جماد ) ‪ ،3‬لم يستطع ان ينفي “ الروح “ عن موجود حي‬
‫ولذلك أثبت روحا لكل شيء ‪ ،‬فنراه يتكلم على أرواح السماوات وروح العرش وروح‬
‫الكرسي وما إلى ذلك من األشياء ‪. 4‬‬
‫وبالتالي فان روح هذه األرواح جميعها هو االنسان الكامل ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬إذا أخذنا “ االنسان الكامل “ على أنه الحقيقة المحمدية خاصة ‪ .‬تصبح عبارة‬
‫َّللا عليه وسلم الجامعة والممدة‬
‫“ روح األرواح “ هنا إشارة إلى روح محمد صلى ّ‬
‫لروح جميع الكمل من أنبياء وأولياء ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫) ‪ “ ( 1‬ففي االنسان الكامل حقائق العالم ‪ . . .‬فاالنسان الكامل ‪5‬هو عين األعيان‬
‫وروح األرواح وصاحب الحجة ‪ ( “ . . .‬رسالة الكنز العظيم ق ‪154‬أ ) ‪.‬‬
‫) ‪ “ ( 2‬فأول موجود ظهر مقيد فقير ‪ . . .‬يسمى العقل األول ‪ 6‬ويسمى ‪. . .‬‬
‫الحقيقة المحمدية ‪ 7‬ويسمى روح األرواح ‪ ( “ . . .‬كتاب المسائل ص ص ‪- 9‬‬
‫‪. ) 10‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬راجع “ روح العالم “‬
‫) ‪( 2‬لم نجد نصا يبين مصدرها السببي ولذلك نعطي تفسيرا من خالل مفهومنا‬
‫اللشيخ ابن العربي ‪.‬‬
‫) ‪( 3‬راجع “ حياة “‬
‫) ‪( 4‬انظر المواضيع التي ارجعنا إليها فيما يتعلق بالروح ‪.‬‬

‫‪542‬‬
‫“ ‪“ 543‬‬

‫) ‪( 5‬راجع “ انسان كامل “‬


‫) ‪( 6‬راجع “ العقل األول “‬
‫) ‪( 7‬راجع “ الحقيقة المحمدية “ ‪ - 307.‬روح العالم‬
‫المترادفات ‪ :‬قلب العالم ‪ ، 1‬قلب الوجود ‪.‬‬
‫يجعل الشيخ ابن العربي االنسان الكامل ‪ ،‬ال االنسان الحيوان ‪ ، 2‬روح العالم‬
‫المقصودة ومعناه ‪ .‬اما سبب اطالق عبارة “ روح العالم “ على االنسان الكامل من‬
‫حيث ‪ :‬ان العالم هو جسد ال ينبض اال بوجود االنسان الكامل ‪ ،‬وبانتقاله عن هذه الدار‬
‫الدنيا إلى اآلخرة يموت العالم ‪.‬‬
‫ونرى ان تحديد “ روح العالم “ باالنسان الكامل يقيده بتعدد مفاهيمه التي يطرحها‬
‫شيخنا األكبر ‪ .‬فاالنسان الكامل هو أحيانا كل انسان تحقق بالكمال االنساني كما تقرره‬
‫َّللا عليه وسلم فقط ‪. 3‬‬
‫مبادئ الشيخ ابن العربي ‪ ،‬وأخرى هو شخص محمد صلى ّ‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫َّللا كمال هذه النشأة االنسانية جمع لها بين يديه وأعطاها جميع‬
‫) ‪ “ ( 1‬فلما أراد ّ‬
‫حقائق العالم ‪ . . .‬وجعلها روحا للعالم ‪ ،‬وجعل أصناف العالم له كاألعضاء من الجسم‬
‫للروح المدبر له ‪ ،‬فلو فارق العالم هذا االنسان مات العالم ‪ . . .‬فالدار الدنيا جارحة‬
‫من جوارح جسد العالم الذي االنسان روحه ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 468 / 2‬‬

‫“ ‪ . . .‬فإنك من العالم ‪ :‬روح العالم ‪ ،‬والعالم ‪ :‬صورتك الظاهرة ‪ ،‬وال معنى للصورة‬
‫بال روح فال معنى للعالم دونك ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 363 / 3‬‬

‫“ فاالنسان ‪ :‬روح العالم ‪ ،‬والعالم ‪ :‬الجسد ‪ ،‬فبالمجموع يكون العالم كله هو االنسان‬
‫الكبير ‪ 4‬واالنسان فيه ‪ .‬وإذا نظرت في العالم وحده دون االنسان وجدته كالجسم‬
‫المسوى بغير روح ‪ ،‬وكمال العالم باالنسان مثل كمال الجسد بالروح ‪ ،‬واالنسان ‪:‬‬
‫منفوخ في جسم العالم فهو المقصود من العالم “ ‪ (. . .‬ف ‪. ) 67 / 2‬‬

‫‪543‬‬
‫“ ‪“ 544‬‬

‫“ واالنسان الكامل ‪ :‬روح العالم ‪ ،‬ومن قرب منه كاألعضاء الرئيسية من المشاعر‬
‫االنسانية وباقي العالم كسائر الصور االنسانية ‪ ،‬وليس من شرط االنسان ان العالم كله‬
‫بالنسبة اليه في هذه الدار شيء واحد حتى يعقل بجميعه ويحس بجميعه في جميع‬
‫الحاالت ‪ ( “ . . . 5‬بلغة الغواص ق ‪. ) 33‬‬
‫َّللا عليه وسلم في ظهوره روحا‬ ‫) ‪ “ ( 2‬واعلم أن العالم اليوم بفقد جمعية محمد صلى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم‬ ‫وجسما وصورة ومعنى نائم ال ميت ‪ ،‬وان روحه الذي هو محمد صلى ّ‬
‫هو من العالم في صورة المحل الذي هو فيه روح االنسان عند النوم ‪ 6‬إلى يوم البعث‬
‫َّللا‬
‫َّللا صلى ّ‬ ‫الذي هو مثل يقظة النائم هنا ‪ . . .‬فالعالم كله نائم من ساعة مات رسول ّ‬
‫عليه وسلم ‪ ( “ 7‬ف ‪. ) 188 - 187 / 3‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يرى الشيخ ابن العربي ان االنسان الكامل هو قلب العالم وسبب التسمية تقلبه‬
‫في كل صورة ‪ .‬واما مضمون الصورة التشبيهية فيرجع إلى األسباب نفسها التي سماه‬
‫ألجلها روحا للعالم ‪:‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬فباالنسان الكامل ظهر كمال الصورة فهو قلب لجسم العالم الذي هو عبارة عن‬
‫َّللا ‪ . . .‬وسماه بالقلب لتقليبه في كل صورة ‪ . . .‬وتصريفه واتساعه في‬ ‫كل ما سوى ّ‬
‫التقليب والتصريف ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 295 / 3‬‬
‫كما يراجع بهذا الموضوع ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪، 199‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪، 143‬‬
‫‪-‬التراجم ص ‪37‬‬
‫وكتاب حقيقة اليقين للجيلي ق ‪. 1‬‬
‫) ‪( 2‬انظر “ انسان كامل “ “ انسان حيوان “‬
‫) ‪( 3‬راجع “ انسان كامل “‬
‫) ‪( 4‬راجع “ انسان كبير “‬
‫) ‪( 5‬ان كل جارحة من جوارح االنسان لها اثر معين وفعالية خاصة هي قوة متميزة‬
‫مثال ‪:‬‬
‫االذن لها قوة السمع ‪ .‬ولكن ال يصل االنسان إلى المرتبة المشار إليها ( روح العالم )‬
‫اال بعد ان يعقل بجميعه اي تستوي لديه كل الجوارح في اعطاء القوة المطلوبة ‪،‬‬
‫فيسمع باي جارحة كانت وذلك الن كل جارحة تكتسب جمعية القوى ‪.‬‬
‫) ‪( 6‬هذا المحل المشار اليه هو البرزخ في أحد معانيه ‪ .‬انظر “ برزخ ‪“ .‬‬
‫) ‪( 7‬بخصوص “ روح العالم “ عند الشيخ ابن العربي فليراجع ‪:‬‬

‫‪544‬‬
‫“ ‪“ 545‬‬

‫‪-‬كتاب أيام الشأن ص ‪، 3‬‬


‫‪-‬الفصوص المقدمة ص ‪ ، 37‬ج ‪ 1‬ص ‪. 199‬‬
‫‪-‬عنقاء مغرب ص ‪، 40‬‬
‫‪-‬التراجم ص ‪، 34‬‬
‫‪-‬نقش الفصوص ص ‪، 1‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ص ‪. 189 - 187‬‬

‫الروح الك ّل‬


‫‪ّ - 308‬‬
‫لن نسهب في شرح الروح الكل وعالقتها باألرواح الجزئية ‪ ،‬فقد استهلكت الفلسفة‬
‫االسالمية قبل الشيخ ابن العربي هذا الموضوع ‪.‬‬
‫ولكن يهمنا فقط ان نشير إلى موازاته في بنيان شيخنا الفلسفي ‪.‬‬
‫فالروح الكل ترادف عنده ‪ :‬النفس الرحماني ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬تعيين األرواح الجزئية المنفوخة في األجسام المسواة المعدلة من الطبيعة‬
‫العنصرية من الروح الكل المضاف اليه ‪ ،‬ولذلك ذكر [ تعالى ] انه خلقها قبل األجسام‬
‫اي قدّرها وعيّنها ‪ ،‬لكل جسم وصورة روحها المدبر لها الموجود بالقوة في هذا الروح‬
‫الكل ‪ . . .‬وذلك هو النفس الرحماني “ ‪ (. . .‬ف ‪. ) 456 / 3‬‬
‫راجع النفس الرحماني ‪1‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬كما يراجع بخصوص “ الروح الكل “ عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪. 516 ، 461 ، 346 ، 12‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪. 394‬‬
‫‪-‬التجليات ص ‪، 25‬‬
‫‪-‬ترجمان األشواق ص ‪، 49‬‬

‫‪545‬‬
‫“ ‪“ 546‬‬

‫دي‬
‫الروح المح ّم ّ‬
‫‪ّ - 309‬‬
‫انظر “ الحقيقة المحمدية "‪.‬‬

‫‪ - 310‬روح الياء‬
‫روح الياء هو الروح المشار اليه في قوله تعالى “ ونفخت فيه من روحي ‪“ .‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ واما قولنا ‪ :‬روح الياء ‪ ،‬فاردنا قوله [ تعالى ] ”‪َ :‬ونَفَ ْختُ فِّي ِّه ِّم ْن ُر ِّ‬
‫وحي “ *[ ‪/ 15‬‬
‫‪ . ] 72 / 38 ، 29‬بياء اإلضافة إلى نفسه ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 569 / 2‬‬

‫‪ - 311‬إرادة‬
‫راجع “ مشيئة "‪.‬‬

‫‪ - 312‬مريد ‪ -‬مراد‬
‫انظر “ الطريق "‪.‬‬

‫‪ - 313‬رياضة‬
‫انظر “ الطريق "‪.‬‬

‫ي‬
‫الر ّ‬
‫‪ّ - 314‬‬
‫انظر “ الشرب “‬

‫‪546‬‬
‫“ ‪“ 547‬‬

‫حرف الزاي‬
‫ز‬

‫‪547‬‬
“ 548 “

548
‫“ ‪“ 549‬‬

‫‪ - 315‬زاجر‬
‫انظر “ قلب "‪.‬‬

‫دي‬
‫‪ - 316‬الزمان المح ّم ّ‬
‫َّللا عليه وسلم إلى يوم‬
‫الزمان المحمدي وهو الزمان الممتد من زمن النبي صلى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم خاتم نبوة التشريع فال نبي بعده ‪ ،‬فنحن‬
‫القيامة ‪ ،‬من حيث إنه صلى ّ‬
‫[ اي المخلوقات ] النزال في زمانه وشرعه إلى يوم القيامة ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا في‬
‫“ فال يزال كذلك [ المؤمن ] إلى أن تكمل ذاته الكمال الذي ينتهي اليه أولياء ّ‬
‫الورث النبوي ‪ ،‬في هذا الزمان المحمدي الذي أغلق فيه باب نبوة التشريع ورسالته ‪،‬‬
‫وبقي باب حكم االختصاص بالعلوم اإللهية واالسرار ‪ :‬مفتوحا ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 4‬‬
‫‪. ) 152‬‬

‫الزمردة الخضراء‬
‫ّ‬ ‫‪- 317‬‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫الزمرد حجر كريم يتميز باللون األخضر الصافي ‪ ،‬على حين ان الزبرجد هو‬
‫األخضر المائل إلى الزرقة والصفرة ‪.‬‬
‫وقد خلط بعض المفكرين أمثال الفارابي والقزويني ‪ 1‬بين‬
‫الزمرد) ‪( Emeraude‬والزبرجد) ‪ ،( Beryl‬وفرق بينهما آخرون أمثال أرسطو‬
‫‪:2‬‬
‫وقد قسم التيفاشي ‪ 3‬الزمرد إلى أربعة ألوان تتدرج في اللون األخضر ‪. 4‬‬
‫‪1 -‬زمرد ذبابي ‪Emeraude vert mouche2 -‬زمرد ريحاني ‪Emeraude‬‬
‫‪couleur de la feuille de myrte vert fonce3 -‬الزمرد‬
‫السلقي ‪Emeraude couleur de bette fraiche4 -‬الزمرد‬
‫الصابوني‪Emeraude couleur de savon‬‬

‫‪549‬‬
‫“ ‪“ 550‬‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫لقد استعمل الشيخ ابن العربي أسماء الحجارة الكريمة ليرمز بها إلى مراتب‬
‫الموجودات ‪ ،‬فاستفاد من ذلك ‪ :‬داللة التشبيه مع ما يحويه اللفظ من ايماء نفاسه ‪. 5‬‬
‫فأول الموجودات ( ‪ -‬العقل األول ) هو الدرة البيضاء ( فلتراجع ) ‪.‬‬
‫ثاني الموجودات ( ‪ -‬النفس الكلية ) هو الزمردة الخضراء ‪. 6‬‬
‫اما سبب تشبيهه النفس بالزمردة فذلك الن الزمرد حجر شفاف شديد الخضرة ‪ ،‬وأشدّه‬
‫خضرة اصفاه جوهرا ‪ .‬والنفس تنزل عن العقل األول في مرتبة النورانية ‪ ،‬فعند ما‬
‫يخالط النور ظلمة يميل لونه إلى األخضر الداكن ‪ .‬فالنفس لذلك زمردة خضراء ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ الزمردة الخضراء ‪ . . . :‬النفس [ الكلية ] المنبعثة عن الدرة البيضاء [ ‪ -‬العقل‬
‫األول ] “ ( ف ‪. ) 130 / 2‬‬

‫“ ‪ . . .‬النفس الكلية ‪ . . .‬المعبر عنها بلسان الشرع باللوح المحفوظ ‪. . .‬‬


‫[ سميت ] الزمردة الخضراء لما نزلت به على العقل في النور ‪ ( “ . . . 7‬ف ‪/ 3‬‬
‫‪. ) 296‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬قال الفارابي في كتابه “ في اللغة “ ‪ “ :‬ان الزبرجد تعريبه الزمرد “‬
‫انظر ‪:Essai sur la mineralogie arabe par M . Clement - Mullet‬‬
‫) ‪paris 1868 Imprimerie imperiale P . 65( 2‬قال أرسطو ‪ “ :‬الزبرجد‬
‫والزمرد وهما حجران يقع عليهما اسمان وهما في الجنس شيء واحد “ ( المرجع‬
‫السابق نفس الصفحة )‬
‫ويرى الدكتور عبد الكريم اليافي ‪:‬‬
‫“ ان الفارابي والقزويني لم يخلطا الزمرد والزبرجد خالفا لما ذكر المستشرق مولى ‪،‬‬
‫ذلك ان الزمرد نوع من الزبرجد وهما بالتحليل الكيمياوي سلكيات االلومنييوم‬
‫والبريليوم ‪ ،‬ومن هنا اتت كلمة‪Beryl‬التي يراد بها الزبرجد ‪.‬‬

‫‪550‬‬
‫“ ‪“ 551‬‬

‫ثم إن التيفاشي ابان ان أحسن أصناف الزمرد صنف يسمى العربي وهو موجود في‬
‫برية العرب ‪ .‬وكالم أرسطو يرجع إلى االعتبار نفسه ‪“ .‬‬

‫) ‪( 3‬هو شهاب الدين أحمد بن يوسف التيفاشي كان يعيش عام ‪ 640‬ه ‪ 1242 -‬م ‪.‬‬
‫له عدة كتب منها ‪ - :‬كتاب األحجار ‪.‬‬
‫‪-‬كتاب يشتمل على خواص األحجار ومنافعها وقيمتها ‪،‬‬
‫‪-‬كتاب أزهار االفكار في جواهر األحجار وهو بالعربية وقد ترجم إلى اللغة اإليطالية‬
‫سنة ‪ 1818‬م ‪.‬‬
‫انظر ‪ -‬المرجع السابق ص ص ‪، 12 - 10‬‬
‫) ‪( 4‬انظر المرجع السابق ‪Essai sur la mineralogie arabe-‬ص ص ‪64‬‬
‫‪ ( 67 -‬مادة زمرد )‬
‫‪-‬ص ص ‪ ( 71 - 67‬مادة زبرجد )‬
‫) ‪( 5‬الشيخ ابن العربي بهذه االستعماالت أللوان الزينة من الحجارة والمعادن أحيانا‬
‫الزجا َجةُ َكأَنَّها‬
‫جان “( ‪ُّ ”. ) 58 / 55‬‬ ‫يقترب من الجو القرآني ‪َ ”:‬كأَنَّ ُه َّن ْالياقُوتُ َو ْال َم ْر ُ‬
‫ي ”‪ “( 24 / 35 ) .‬يُ َحلَّ ْونَ فِّيها ِّم ْن أَسا ِّو َر ِّم ْن ذَ َه ٍ‬
‫ب َولُؤْ لُؤا ً ‪*. . . “ ( 22‬‬ ‫َك ْو َك ٌ‬
‫ب د ِّ ُّر ٌّ‬
‫‪/ 23 ) ( 35 / 33 ) .‬‬
‫) ‪( 6‬وقد رمز بعض الكتب إلى النفس الكلية بالزمردة الخضراء والياقوتة الحمراء ‪،‬‬
‫دون ان تشير إلى كيفية جمعها هذين الرمزين على اختالفهما إلى مرموز واحد ‪.‬‬
‫‪-‬الكمشخانوي ‪ .‬جامع األصول ‪ .‬ص ‪ ( 61‬الزمرد ‪ :‬النفس الكلية ) ص ‪75‬‬
‫( الياقوتة الحمراء ‪ :‬النفس الكلية ) ‪.‬‬
‫‪-‬الجرجاني ‪ .‬التعريفات ‪ .‬ص ‪ ( 120‬الزمرد ‪ :‬النفس الكلية ) ‪ .‬ص ‪ ( 279‬الياقوتة‬
‫الحمراء ‪ :‬النفس الكلية ) ‪.‬‬
‫‪-‬لطائف االعالم ‪ .‬ق ‪ 97‬ب ( الزمردة ‪ :‬النفس الكلية ) ق ق ‪ 203‬ب ‪ 204 -‬أ‬
‫( الياقوتة الحمراء ‪ :‬النفس الكلية ) ‪.‬‬

‫ولكن هل جعل الشيخ ابن العربي الياقوتة الحمراء كذلك رمزا للنفس الكلية ؟ لم نحظ‬
‫بنصوص تثبت ذلك ‪ .‬ولكن على األرجح انه رمز بالياقوتة الحمراء إلى النفس الجزئية‬
‫‪ ،‬وقد يكون اللون األحمر إشارة إلى الشهوات المغروسة فيها ‪.‬‬

‫يقول في الفتوحات ج ‪ 1‬ص ‪ “ : 5‬وانظروا إلى جمال حمرة ياقوتة النفس “ اما‬
‫الياقوت فهو اسم جنس يضم حجارة مختلفة االشكال واأللوان وقد قسمها التيفاشي‬
‫إلى ‪:‬‬
‫‪-‬الياقوت األحمر‪Rubis‬الياقوت األصفر‪Topaze- - - - -‬‬

‫‪551‬‬
‫“ ‪“ 552‬‬

‫‪-‬الياقوت األزرق ‪Saphir-‬الياقوت األبيض‪Corindon limpide‬وقد أضاف‬


‫القزويني إليها الياقوت األخضر‪Saphir vert‬راجع ‪:Essai sur la‬‬
‫‪mineralogie P . P . 30 - 32‬كما يراجع الصفحات من ‪ 32‬إلى ‪ 64‬أنواع‬
‫الياقوت ‪.‬‬

‫) ‪( 7‬يراجع بخصوص زمردة عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫‪-‬االصطالحات ص ‪، 293‬‬
‫‪-‬االسرار ص ‪، 69‬‬
‫‪-‬عقلة المستوفز ص ‪، 56‬‬
‫‪-‬االنسان الكلي ق ‪ 6‬أ ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪. 675‬‬

‫‪ – 318‬الزهد‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الزاء والهاء والدال أصل يدل على قلة الشيء ‪ .‬والزهيد ‪ :‬الشيء القليل ‪.‬‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ “ :‬أفضل الناس مؤمن مزهد “ هو المق ّل ‪. . .‬‬ ‫َّللا صلى ّ‬ ‫وقال رسول ّ‬
‫قال الخليل ‪ :‬الزهادة في الدنيا ‪ ،‬والزهد في الدين خاصة “ ( معجم مقاييس اللغة مادة‬
‫“ زهد “ )‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫لم ترد كلمة “ زهد “ في القرآن ‪ ،‬إال في موضع واحد ”‪َ :‬وش ََر ْوهُ بِّث َ َم ٍن بَ ْخ ٍس َدرا ِّه َم‬
‫َم ْعدُو َدةٍ َوكانُوا فِّي ِّه ِّمنَ َّ‬
‫الزا ِّهدِّينَ “( يوسف ‪. ) 20 /‬‬
‫والمالحظ انه ليس للكلمة في هذه اآلية اي معنى أو داللة روحية ‪.‬‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫ان كلمتي “ زهد “ و “ زهاد “ أصبحتا علما على طائفة مع مطلع النصف‬

‫‪552‬‬
‫“ ‪“ 553‬‬
‫الثاني من القرن الثاني للهجرة ‪.‬‬
‫ويرجع السبب في تأخر ظهورهما كمصطلح ‪ ،‬ان الزهد في القرآن لم يشكل ترغيبا‬
‫لرواد الروح األوائل في اإلسالم ‪. 1‬‬
‫كان هؤالء الرواد ممثلين بطائفتين يصورون الحياة الزاهدة في عصر الرسول ‪ :‬طائفة‬
‫القراء وطائفة أهل الصفّة ‪.‬‬
‫كما أنه وجد إلى جانب هاتين الطائفتين ‪ :‬طائفة التوابين والبكائين ‪.‬‬
‫بصورة أفراد غير منتظمين في حلقات ‪.‬‬
‫صي طوال حكم بني أمية ‪ ،‬ثم تطورت بالتدريج‬ ‫وقد ظهرت حركة الزهد بطابع سني ن ّ‬
‫إلى أقدم صورة نعرفها عن التصوف ‪.‬‬
‫ومع تطور العرفان الصوفي تحول “ الزهد “ أوال إلى أحد مقامات السلوك ليس إال ‪،‬‬
‫ثم في مرحلة ثانية أصبح هو نفسه موضوع جدل وشك ‪.‬‬
‫وقد نقل لنا شيخنا األكبر في فتوحاته صورة “ الزهد “ في عصره ‪.‬‬
‫****‬
‫( أ ) هل يصح اسم الزاهد للفقير ؟ وما هو الزهد في نصوص الصوفية ؟‬
‫أجاب الشيخ ابن العربي على هذين السؤالين بنصوص واضحة ‪،‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ الزهد ال يكون إال في الحاصل في الملك [ ‪ -‬ملكية الشخص الزاهد ]‪ ،‬والطلب [ ‪-‬‬
‫طلب الدنيا ] حاصل في الملك [ في ملك الفقير ] ‪.‬‬
‫فالزهد في الطلب ‪ :‬زهد ‪ .‬ألن أصحابنا [ ‪ -‬الصوفية ] اختلفوا في الفقير الذي ال ملك‬
‫له ‪ ،‬هل يصح له اسم الزاهد ‪ ،‬أو ال قدم له في هذا المقام [ ‪ -‬الزهد ] ؟‬

‫فمذهبنا ‪ :‬أن الفقير متمكن من الرغبة في الدنيا والتعمل في تحصيلها ‪ ،‬ولو لم يحصل‬
‫‪ ،‬فتركه لذلك التعمل والطلب والرغبة عنه يسمى ‪ :‬زهدا بال شك ‪ ( “ 2‬ف ‪/ 2‬‬
‫‪. ) 177‬‬
‫يقرر الشيخ ابن العربي إذن أن ‪ “ :‬الزهد “ من حيث كونه خلق إنساني يعم الباطن ‪،‬‬
‫وينعكس على الظاهر ‪ ،‬فسلطانه في األصل يظهر على ‪ :‬الباطن ‪.‬‬
‫أي على الطلب وليس على الملك [ الذي هو من الظاهر ] ‪.‬‬

‫فالزهد خلق للعبد غير متعدي إلى غيره ‪ ،‬كماله في باطن االنسان ‪ .‬وهو من المقامات‬
‫التي يتصف بها العبد إلى حين موته ‪.‬‬

‫وسنورد نصوص الشيخ ابن العربي التي تثبت ما ذكرناه أعاله يقول ‪:‬‬
‫‪ - 1‬الزهد ‪ -‬خلق غير متعدي‬

‫‪553‬‬
‫“ ‪“ 554‬‬

‫“ والخلق غير المتعدي ‪ -‬كالورع والزهد والتوكل “ ( ف السفر ‪ 1‬فق ‪) 91‬‬

‫‪ - 2‬الزهد ‪ -‬كماله في باطن االنسان ‪:‬‬


‫“ وهذه األمور على قسمين ‪ :‬قسم ‪ -‬كماله في ظاهر االنسان وباطنه ‪ ،‬كالورع والتوبة‬
‫‪ ،‬وقسم كماله في باطن االنسان ‪ ،‬ثم إن تبعه الظاهر فال بأس ‪ ،‬كالزهد والتوكل ‪.‬‬
‫َّللا ‪ -‬تعالى ‪ -‬مقام يكون في الظاهر دون الباطن “ ( ف السفر ‪1‬‬
‫وليس ثم ‪ -‬في طريق ّ‬
‫‪ -‬فق ‪. ) 97‬‬

‫‪ - 3‬الزهد ‪ -‬مقام في الدنيا‬


‫“ فالزهد في الدنيا ولهذا ال يثبت “ ( ف ‪. ) 178 / 2‬‬
‫“ ومنها [ المقامات ] ما يتصف به العبد إلى حين موته ‪ :‬كالزهد والتوبة والورع‬
‫والمجاهدة والرياضة والتخلي والتحلي ‪ ،‬على طريق القربة ‪“ .‬‬
‫( ف السفر ‪ - 1‬فق ‪) 98‬‬

‫وللزهد من حيث كونه مقاما ‪ ،‬وجوه ومراتب تتبع ‪ :‬العوالم [ على مستوى الموضوع‬
‫المزهود فيه ] ‪ ،‬واالنسان [ من حيث كونه في مقام اإلسالم ‪ -‬أو االيمان ‪ .‬أو‬
‫اإلحسان ] ‪.‬‬

‫يقول ‪:‬‬
‫“ فاما في الملك [ ‪ -‬عالم الملك ] من كونه “ مسلما “ ‪ ،‬فالزهد في ‪ :‬األكوان ‪ ،‬وهو‬
‫الحجاب األبعد األقصى ‪ ،‬واما في الجبروت [ ‪ -‬عالم الجبروت ] من كونه “ مؤمنا “ ‪،‬‬
‫فالزهد في ‪ :‬نفسه ‪ :‬وهو الحجاب األدنى األقرب ‪.‬‬

‫وأما في الملكوت [ ‪ -‬عالم الملكوت ] من كونه “ محسنا “ ‪ ،‬فالزهد في ‪ :‬كل ما سوى‬


‫َّللا ‪ ،‬وهنا يرتفع الحجاب عن الطائفة “ ( ف ‪. ) 178 / 2‬‬
‫ّ‬

‫وينفرد الشيخ ابن العربي عن التصوف السابق في النظر إلى الزهد وتعظيمه ‪، 3‬‬
‫باّلل في سلوكهم ‪ ،‬والزهد‬
‫بجعله من بدايات الطريق ‪ ،‬يتركه األكابر ‪ ،‬ألنهم يتخلقون ّ‬
‫ليس له مستند في األلوهية ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ وهو [ الزهد ] من المقامات المستصحبة للعبد ما لم ينكشف له ‪ .‬فإذا كشف الغطاء‬
‫عن عين قلبه لم يزهد ‪ ،‬وال ينبغي ان يزهد ‪ .‬فإن العبد ال يزهد فيما خلق له ‪ ،‬وال‬
‫يكون زاهدا إال من يزهد فيما خلق من أجله [ ‪ -‬الدنيا ] ‪ ،‬وهذا ال يصح كونه ‪ ،‬فالزهد‬
‫من القائل به جهل في عين الحقيقة ‪ ،‬ألنه ما ليس لي ال أتصف‬

‫‪554‬‬
‫“ ‪“ 555‬‬

‫بالزهد فيه ‪ ،‬وما هو لي ال يمكنني االنفكاك عنه ‪ .‬فأين الزهد ! “ ( ف ‪) 178 / 2‬‬
‫َّللا ‪ ،‬فبمن تتخلق في‬‫َّللا ما زهد في الخلق ‪ ،‬وما ث ّم إال ّ‬ ‫“لو رأيت الحق لم تزهد ‪ ،‬فإن ّ‬
‫الزهد ‪ ،‬فالزهد ليس له في العلم مرتبة ‪ ،‬وتركه عند أهل الجمع مفروض “ ( ف ‪/ 2‬‬
‫‪. ) 178‬‬
‫فالزهد على مستوى الحقيقة ‪ ،‬التي هي بنظر الشيخ ابن العربي دائما الواقع الوجودي ‪:‬‬
‫غير موجود ‪.‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫َّللا للزهاد ‪ ،‬كما‬
‫) ‪“ ( 1‬الزهد “ لم يشكل ترغيبا من حيث إنه لم يرد نص قرآني بحب ّ‬
‫ورد في التوابين والمتطهرين وغير ذلك ‪.‬‬
‫) ‪ ( 2‬يعطي الشيخ ابن العربي الدليل على كون الزهد حاصل لهذا الشخص بمجرد‬
‫تركه الطلب ‪ .‬يقول ‪:‬‬
‫“ ان صاحب الذوق ال بد من أن يرى لتركه طلب الدنيا والرغبة فيها اثرا الهيا في‬
‫َّللا واعتبار ‪ ،‬فأصح ان يكون له اثر في التجلي‬ ‫قلبه ‪ .‬فلو لم يكن لألمر وجود عند ّ‬
‫اإللهي لصاحب هذا الحال “ ( ف ‪. ) 178 / 2‬‬
‫) ‪ ( 3‬تتضارب آراء الصوفية في التصوف ‪ ،‬وعلى تضاربها تنقسم ثالثة أصناف ‪:‬‬
‫‪ - 1‬زهد نظره متوجه إلى الظاهر [ الدنيا ] ‪.‬‬
‫‪-‬الحسن البصري ‪ “ :‬الزهد في الدنيا ‪ ،‬ان تبغض أصلها وتبغض ما فيها “ ( الرسالة‬
‫‪. ) 56‬‬
‫باّلل تعالى مع حب الفقر “ ( الرسالة ‪. ) 56‬‬ ‫َّللا بن المبارك ‪ “ :‬الزهد هو الثقة ّ‬ ‫‪-‬عبد ّ‬
‫‪-‬أبو عثمان ‪ “ :‬الزهد ان تترك الدنيا ثم ال تبالي من أخذها “ ( الرسالة ‪. ) 55‬‬
‫‪ - 2‬زهد نظره الظاهر والباطن معا [ اليد والقلب ]‬
‫خلو اليد من الملك والقلب من التتبع “ ( الرسالة ‪. ) 56‬‬ ‫‪-‬الجنيد ‪ “ :‬الزهد ‪ّ :‬‬
‫“ الزهد ‪ :‬خلو القلب عما خلت منه اليد “ ( نفس المرجع )‬
‫‪ - 3‬زهد نظرة الباطن ‪:‬‬
‫‪-‬سفيان الثوري ‪ “ :‬الزهد في الدنيا قصر األمل ‪ ،‬وليس بأكل الغليظ وال بلبس العباء‬
‫“ ( الرسالة ‪. ) 55‬‬
‫‪-‬أبو يزيد البسطامي ‪ “ :‬ليس الزهد عندي بمقام ‪ .‬اني كنت زاهدا ثالثة أيام ‪.‬‬
‫أول يوم زهدت في الدنيا ‪ ،‬واليوم الثاني زهدت في اآلخرة ‪ ،‬واليوم الثالث زهدت في‬
‫َّللا ‪.‬‬
‫كل ما سوى ّ‬
‫فناداني الحق ‪ :‬ماذا تريد ؟ فقلت ‪ :‬أريد ان ال أريد ‪ ،‬ألني انا المراد وأنت المريد‬
‫“ ( ف ‪. ) 178 / 2‬‬
‫يراجع بشأن “ الزهد ‪“ :‬‬
‫‪-‬الرسالة ص ‪57 - 55‬‬

‫‪555‬‬
‫“ ‪“ 556‬‬

‫‪-‬كتاب المسائل في اعمال القلوب ‪ .‬المحاسبي ص ‪. 44‬‬


‫َّللا الخراز ص ‪. 46‬‬
‫‪-‬الطريق إلى ّ‬
‫‪-‬كتاب الزهد ‪ .‬لالمام أحمد بن حنبل‬
‫‪-‬روضة الطالبين ‪ .‬الغزالي ‪. 125‬‬
‫‪-‬االنباه ‪ ،‬لبدر الحبشي ق ‪51‬‬
‫‪-‬كتاب الزهد ‪ ،‬البن المبارك‬

‫‪556‬‬
‫“ ‪“ 557‬‬

‫حرف السين‬
‫س‬

‫‪557‬‬
“ 558 “

558
‫“ ‪“ 559‬‬

‫‪ - 319‬سيّد الوقت‬
‫انظر “ صاحب الوقت "‪.‬‬

‫‪ – 320‬التسبيح‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ السين والباء والحاء أصالن ‪ :‬أحدهما جنس من العبادة ‪ ،‬واآلخر جنس من السعي ؛‬
‫سبحة ‪ ،‬وهي الصالة ‪ ،‬ويختص بذلك ما كان نفال غير فرض ‪.‬‬ ‫فاألول ال ّ‬

‫يقول الفقهاء ‪ :‬يجمع المسافر بين الصالتين وال يسبّح بينهما اي ال يتنفّل بينهما‬
‫َّللا جل ثناؤه من ك ّل سوء ‪ . .‬ومن صفات‬ ‫بصالة ‪ .‬ومن الباب التسبيح ‪ ،‬وهو تنزيه ّ‬
‫تنزه من كل شيء ال ينبغي‬ ‫َّللا ج ّل وعز ‪ :‬سبّوح ‪ .‬وإشتقاقه من الذي ذكرناه أنه ّ‬ ‫ّ‬
‫له ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة مادة “ سبح “ )‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫ورد “ التسبيح “ في القرآن كجنس من العبادة مضاف إلى كل شيء ‪:‬‬
‫الليل ‪ . . .‬المالئكة ‪ . . .‬االنسان ‪ . . .‬الرعد ‪.‬‬
‫ض لَهُ ْال ُم ْلكُ َولَهُ ْال َح ْم ُد “( ‪/ 64‬‬‫ت َوما فِّي ْاأل َ ْر ِّ‬
‫سماوا ِّ‬
‫ّلل ما فِّي ال َّ‬ ‫س ِّبّ ُح ِّ َّ ِّ‬
‫قال تعالى ‪ ”:‬يُ َ‬
‫‪.)1‬‬
‫الر ْع ُد ِّب َح ْم ِّد ِّه َو ْال َمالئِّ َكةُ ِّم ْن ِّخيفَتِّ ِّه‪. ) 13 / 13 ( “ . . .‬‬
‫س ِّبّ ُح َّ‬ ‫قال تعالى ‪ ” :‬يُ َ‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫*اخذ “ التسبيح “ عند الشيخ ابن العربي المعنى اللغوي السابق ‪ :‬جنس من العبادة ‪. 1‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا المرابط ] الليل تسبيحا وقرآنا “ ( الفتوحات ‪ .‬السفر األول‬
‫“ ‪ . . .‬يقطع [ ابن عبد ّ‬
‫‪ -‬فق ‪. ) 52‬‬

‫استفاد الشيخ ابن العربي من اآلية القرآنية التي تنص على تسبيح “ كل شيء “ بحمد‬
‫َّللا ‪ :‬حياة “ كل شيء “ حتى الجماد ‪ . .‬إذ ال يسبح اال حي [ انظر “ حياة “ ]‪.‬‬
‫ّ‬

‫‪559‬‬
‫“ ‪“ 560‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫ي والمؤمن ‪ :‬إذ بالحياة كان التسبيح في‬ ‫“ فإن االيمان والحياة عين الطهارة في الح ّ‬
‫الحي ّّلل تعالى ‪ ( “ . . .‬الفتوحات السفر الخامس فق ‪. ) 353‬‬
‫“ ‪ . . .‬وال يكون التسبيح ‪ 2‬اال من حي “ ( الفتوحات ‪ ،‬السفر الخامس ‪ ،‬فق ‪. ) 585‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يقول الجرجاني في تعريف “ التسبيح ‪“ :‬‬
‫“ التسبيح ‪ :‬تنزيه الحق عن نقائص االمكان والحدوث “ ‪ ( .‬التعريفات ) ‪.‬‬
‫“ اما الحكيم الترمذي فيقول في “ التسبيح “ و “ التقديس ‪“ .‬‬
‫“ الفرق بين التسبيح والتقديس ‪ .‬ان التقديس آلالئه والتسبيح ألسمائه “ ( ختم األولياء‬
‫ص ‪. ) 83‬‬

‫) ‪( 2‬يراجع بشأن “ تسبيح “ عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫‪-‬الفتوحات السفر الخامس ‪:‬‬
‫َّللا ‪ .‬تسبيح الجمادات ) فق ‪ ( ، 585‬تسبيح‬
‫( تسبيح ) فق ‪ ( ، 585 - 353‬تسبيح ّ‬
‫الحجر ) فق ‪ ( ، 585‬تسبيح الحصى ) فق ‪ ( ، 585‬تسبيح الحيوان الذي ال يعقل )‬
‫فق ‪ ( ، 585‬تسبيح النبات ) فق ‪. 585‬‬
‫‪-‬الفتوحات السفر السادس‬
‫فق ‪ ( 420‬التسبيح مضاف لالعتقاد وليس مطلقا ) ‪ ،‬فق ‪ ( 421‬تسبيح العارف ) ‪.‬‬

‫سوداء‬
‫سبحة ال ّ‬
‫‪ - 321‬ال ّ‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ السين والباء والحاء أصالن ‪ :‬أحدهما جنس من العبادة ‪ ،‬واآلخر جنس من السعي ‪،‬‬
‫سبحة ‪ ،‬وهي الصالة ‪ ،‬ويختص بذلك ما كان نفال غير فرض ‪ . . .‬ومن‬ ‫فاألول ال ّ‬
‫َّللا ج ّل وعز ‪ :‬سبّوح ‪ ،‬واشتقاقه من الذي ذكرناه انه تنزه من كل شيء ال‬
‫صفات ّ‬
‫ينبغي له ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة مادة “ سبح “ ) ‪.‬‬
‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫السبحة السوداء ‪ :‬هي “ الهباء “ الذي ظهر فيه صور أجسام العالم ‪ ،‬اي هو الجسم‬
‫الكل ‪ .‬والصفة “ سوداء “ لظلمته الطبيعية ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫) ‪“ ( 1‬السبحة ‪ . . .‬الهباء الذي فتح فيه صور أجسام العالم “ ( ف ‪) 130 / 2‬‬

‫‪560‬‬
‫“ ‪“ 561‬‬

‫“ السبحة ‪ . . .‬الهباء المسمى بالهيولى “ ( االصطالحات ص ‪. ) 293‬‬


‫) ‪ “( 2‬الجسم الكل مظلما ولهذا شبّهوه بالسبحة السوداء لهذه الظلمة الطبيعية ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ‪. ) 296 / 3‬‬
‫انظر “ هباء "‪.‬‬

‫ستر‬
‫‪ – 322‬ال ّ‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ السين والتاء والراء كلمة تدل على الغطاء “ ( معجم مقاييس اللغة ‪ -‬مادة ستر ) ‪.‬في‬
‫القرآن ‪:‬‬
‫وافقت لفظة “ ستر “ في القرآن معناها اللغوي المتقدم ذكره‪.‬‬
‫ت ْالقُ ْرآنَ َجعَ ْلنا بَ ْين ََك َوبَيْنَ الَّذِّينَ ال يُؤْ ِّمنُونَ ِّب ْاآل ِّخ َرةِّ ِّحجابا ً‬‫”قال تعالى ‪َ :‬و ِّإذا قَ َرأْ َ‬
‫َم ْستُورا ً “[ ‪. ] 45 / 17‬‬
‫عند الشيخ ابن العربي ‪: 1‬‬
‫الستر عند الشيخ ابن العربي هو الحجاب بما يحويه من مقومات ايجابية ‪ ،‬حيث إنه‬
‫دليل على المستور به ‪. 2‬‬

‫فالستر حجاب ودليل ‪ ،‬يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ ان األمور كلها ستور بعضها على بعض ‪ . . .‬كون القلب وسع الحق فهو ستر عليه‬
‫‪ ،‬فان القلب محل الصور اإللهية التي أنشأتها االعتقادات بنظرها وأدلتها فهي‬
‫[ االعتقادات ] ستور عليها [ الصور اإللهية ‪ ، ] 3‬لذلك تبصر الشخص وال تبصر ما‬

‫اعتقده ‪ ،‬اال ان يرفع لك الستر بستر آخر وهو العبارة عن معتقده في ربه ‪.‬‬
‫فالعبارة وان دلتك عليه فهي ستر بالنظر إلى عين ما تدل عليه‪. . .‬‬
‫األسماء اإللهية وان دلت على ذات المسمى ‪ ،‬فهي أعيان الستور عليها‪. . .‬‬
‫فالستور وان كانت دالئل فهي دالئل اجمالية ‪ ،‬فالعالم بل الوجود كله ستر ومستور‬
‫وساتر ‪. . .‬‬
‫فان الستر برزخ ‪ 4‬ابدا بين المستور والمستور عنه ‪ ،‬فهو مشهود‬

‫‪561‬‬
‫“ ‪“ 562‬‬

‫ب “( ‪/ 42‬‬ ‫راء ِّحجا ٍ‬ ‫لهما ‪. . .‬قوله ‪َ ”:‬وما كانَ ِّلبَش ٍَر أ َ ْن يُ َك ِّلّ َمهُ َّ‬
‫َّللاُ ِّإ َّال َو ْحيا ً أ َ ْو ِّم ْن َو ِّ‬
‫‪ ) 51‬وهو الستر ‪ ،‬أو يرسل رسوال وهو ستر أيضا ‪ ، 5‬وليس الستر هنا سوى عين‬
‫الصورة التي يتجلى فيها للعبد ‪ . . .‬فهذه كلها صور حجابية ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪/ 4‬‬
‫‪. ) 215 - 214‬‬
‫وهكذا الستر هو الحجاب الدّال على الحق ‪ ،‬فهو مجلى الحق ‪. 6‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يرى الشيخ ابن العربي ان الجنة ‪ :‬ستر ‪ ،‬راجع “ جنة “‬
‫) ‪( 2‬راجع حجاب‬
‫) ‪( 3‬راجع “ اله المعتقدات “‬
‫) ‪( 4‬راجع “ برزخ “‬
‫) ‪( 5‬راجع “ جنة “ المعنى “ الثاني “ الفقرة الثانية ‪.‬‬
‫) ‪( 6‬راجع “ مجلى “ ‪ -‬كما يراجع الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪ ( 257‬الستر العام ) ‪.‬‬

‫‪ - 323‬االستتار بحجب العوائد‬


‫يثبت الشيخ ابن العربي التصريف في العالم لبعض األولياء ‪.‬‬
‫وقوام هذا التصريف ‪ :‬خرق العوائد [ انظر كرامة ] ‪ ،‬وهذا الخرق للعوائد قد يظهر‬
‫على الشخص وقد ال يظهر ‪ ،‬بمعنى ان بعض االشخاص يظهرون بالتصريف وخرق‬
‫العوائد ‪ ،‬والبعض اآلخر ‪ -‬رغم تمكنهم من التصريف ‪ -‬يستترون بحجب العوائد ‪ ،‬لئال‬
‫يعلم الناس مقامهم عند ربهم ‪.‬‬
‫هؤالء هم من نسميهم المالمتية ‪ ،‬التي يضيف إليها الشيخ ابن العربي جملة أسماء ‪:‬‬
‫كاالخفياء واألبرياء ‪ [ . . .‬انظر “ مالمتية “ ]‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ وألصحاب هذا المقام ‪ :‬التصريف والتصريف في العالم ‪.‬‬
‫فالطبقة األولى من هؤالء تركت التصرف ّّلل في خلقه ‪ ،‬مع التمكن وتولية الحق لهم‬
‫إياه تمكنا ‪ :‬ال امرا لكن عرضا ‪.‬‬
‫فلبسوا الستر ‪ ،‬ودخلوا في سرادقات الغيب ‪ ،‬واستتروا بحجب العوائد ‪ ،‬ولزموا‬
‫العبودة واالفتقار ‪ .‬وهم الفتيان ‪ ،‬الظرفاء ‪ ،‬المالمتية ‪ ،‬االخفياء ‪ ،‬األبرياء ‪. . .‬‬
‫“ ( السفر الثالث ‪ -‬فق ‪. )255‬‬

‫‪562‬‬
‫“ ‪“ 563‬‬
‫‪ - 324‬السجدة الكلّيّة‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ سجد ‪ :‬السين والجيم والدال أصل واحد مطرد يدل على تطامن وذل ‪.‬‬
‫يقال سجد ‪ ،‬إذا تطامن ‪ .‬وكل ما ذ ّل فقد سجد ‪ .‬قال أبو عمرو ‪ :‬سجد الرجل ‪ ،‬إذا‬
‫طأطأ رأسه وانحنى “ ( معجم مقاييس اللغة مادة “ سجد “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫لم يخرج المفرد في القرآن عن معناه اللغوي ‪:‬‬
‫يس أَبى “[ ‪] 34/ 2‬‬ ‫قال تعالى ‪َ ”:‬و ِّإ ْذ قُ ْلنا ِّل ْل َمال ِّئ َك ِّة ا ْس ُجدُوا ِّآل َد َم فَ َ‬
‫س َجدُوا ِّإ َّال ِّإ ْب ِّل َ‬
‫ش ْم ِّس َوال ِّل ْلقَ َم ِّر “[ ‪. ] 37 / 41‬‬ ‫قال تعالى ‪ ”:‬ال ت َ ْس ُجدُوا ِّلل َّ‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫السجود تعبير كياني جسدي عن عالقة العابد بالمعبود ‪ ، 1‬لذلك يأخذ السجود وجوها‬
‫تتعدد بتعدد حيثية وجوه الساجد ‪ ،‬فنوعية السجدة اذن تحددها حيثية سجود الساجد ‪.‬‬
‫ويميز الشيخ ابن العربي بين نوعين من السجود ‪:‬‬
‫‪-‬السجود الكلي أو السجدة الكلية ‪.‬‬
‫‪-‬سجود االختصاص أو سجود القلب ‪.‬‬

‫فاالنسان إذا سجد من حيث كونه مجموع العالم [ “ انظر “ مجموع العالم “ ] كانت‬
‫سجدته ‪ :‬السجدة الكلية ‪ ،‬وهي سجدة العبد بجمعية حقائقه التي هي مجموع حقائق‬
‫العالم ‪.‬‬
‫اما إذا سجد من حيث الوجه الخاص الذي يربطه بالحق فهو ‪ :‬سجود االختصاص أو‬
‫سجود القلب ‪ ،‬وهي سجدة العبد حال فنائه بالحق حيث ال اثر لكثرة ‪. 2‬‬

‫ونترك للشيخ األكبر الكالم حيث يبين كيفية كل من هاتين السجدتين ومستلزماتهما ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫‪ - 1‬السجود الكلي ‪ -‬سجود االختصاص‬
‫“ ‪ . . .‬فله [ تعالى ] عليك [ العبد ] سجدتان لكونك على حقيقتين ‪ ،‬فاسجد له من حيث‬
‫كليتك [ السجدة الكلية ] سجود العالم كله ‪ ،‬فتجدك قد استوفيت حقائق‬

‫‪563‬‬
‫“ ‪“ 564‬‬

‫سجودهم [ اشخاص العالم ] في سجدتك ‪ ،‬وان لم تجد ذلك فما سجدت [ السجدة‬
‫الكلية ] ‪.‬‬
‫وإذا أردت ان تعرف ذلك ‪ 3‬فاصغ في سجودك إلى ندائه ‪ ،‬فإنه يناديك في السجدة‬
‫الكلية بلغة كل ساجد ‪ .‬وتعرف أنت ذلك إذا سمعته منه ‪.‬‬
‫واسجد له أيضا السجدة الثانية التي ال تعمم ‪.‬‬
‫هو سجود االختصاص فال يناديك في هذه السجدة ‪ ،‬اال بما تختص به خاصيتك التي ال‬
‫مشاركة فيها ‪ . . .‬وهو سجود القلب “ ‪ ( . . .‬الشاهد ص ‪. ) 2‬‬
‫( ‪ ) 2‬سجود القلب أو سجود االختصاص ‪:‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬فجعل [ تعالى ] القلب من عالم الغيب وجعل الوجه من عالم الشهادة ‪ ،‬وعيّن‬
‫للوجه جهة يسجد لها فسماها بيته وقبلته [ الكعبة ] اي يستقبلها بوجهه إذا صلى ‪.‬‬
‫ّ‬
‫وعين للقلب ‪ ،‬نفسه‬ ‫وجعل استقبالها عبادة وجعل أفضل افعال الصالة السجود ‪. . .‬‬
‫سبحانه فال يقصد غيره ‪ ،‬وامره ان يسجد له فان سجد عن كشف لم يرفع رأسه ابدا من‬
‫سجدته دنيا وآخرة ‪ .‬من سجد من غير كشف رفع رأسه ‪ ،‬ورفعه [ الرأس ] المعبر‬
‫َّللا في األشياء فمن لم يرفع رأسه في سجود قلبه فهو ال‬ ‫َّللا ونسيان ّ‬
‫عنه بالغفلة عن ّ‬
‫َّللا قبل ذلك “ ( ف ‪/ 3‬‬ ‫يزال يشهد الحق دائما في كل شيء ‪ ،‬فال يرى شيئا اال ويرى ّ‬
‫‪. ) 303‬‬
‫” ‪ . . .‬ال يرفع القلب رأسا بعد سجدته * والوجه يرفع والتغير اعالم “( ف ‪/ 3‬‬
‫‪. ) 302‬‬
‫يقارن الشيخ ابن العربي في النصين سجود الوجه بسجود القلب من حيث الجهة‬
‫والديمومة ‪ :‬فسجود الوجه لجهة الكعبة وسجود القلب له تعالى ‪ ،‬ولسجود الوجه زمن‬
‫ال بد من رفعه بعده ‪ ،‬على حين ان سجود القلب ال قيام بعده إذ القيام من سجود القلب‬
‫هو الغفلة بعينها ‪.‬‬
‫فسجود القلب هو في الواقع شهود للحق ‪.‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يقول الشيخ ابن العربي‬
‫“ ‪ . . .‬سجود االختصاص ‪ .‬وهو سجود القلب ‪ ،‬وسجود كل قلب على حد علمه ‪،‬‬
‫وعلمه على حد ما يتجلى له ‪ ( “ . . .‬كتاب الشاهد ص ص ‪. ) 3 - 2‬‬

‫‪564‬‬
‫“ ‪“ 565‬‬

‫) ‪( 2‬ان السجود بما فيه من حني الرأس وحتى يصل األرض هو في الواقع عالمة‬
‫الخضوع ‪ ،‬لذلك يعتبر خفض الرأس ‪ :‬من االنحناء إلى السجود حسب تدرجه نقيضا‬
‫لصفة العلو ‪ ،‬يقول ‪:‬‬
‫“ فان السجود في العرف بعد ع ّما يجب ّّلل من العلو ‪ . . .‬ولهذا شرع [ تعالى ] للعبد‬
‫ان يقول في سجوده ‪ :‬سبحان ربي األعلى ‪ ،‬ينزهه عن تلك الصفة ‪ .‬فالسجود إذا تحقق‬
‫به العبد ‪ ،‬علم نزول الحق من العرش إلى السماء الدنيا ‪ ،‬وذلك سجود القلب ‪ .‬يطلب‬
‫[ تعالى ] العبد في نزوله كما يطلبه العبد في سجوده ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 189 / 4‬‬
‫) ‪( 3‬اي إذا أردت ان تتحقق من كونك قد سجدت السجدة الكلية فاصغ ‪.‬‬

‫‪ - 325‬سجود االختصاص‬
‫نجد مصطلح “ سجود القلب “ عند سهل التستري [ كتاب التراث الصوفي ص‬
‫‪. ] 138‬‬
‫بخصوص “ سجود القلب “ أو “ سجود االختصاص “ عند الشيخ ابن العربي انظر ‪:‬‬
‫“ السجدة الكلية "‪.‬‬

‫الرحمن‬
‫‪ - 326‬سجن ّ‬
‫ير “[ ‪ ، ] 7 / 42‬وهو‬‫س ِّع ِّ‬ ‫يق فِّي ْال َجنَّ ِّة َوفَ ِّر ٌ‬
‫يق فِّي ال َّ‬ ‫يقول الشيخ ابن العربي ‪ ”:‬فَ ِّر ٌ‬
‫سجن الرحمن انا جعلنا جهنم للكافرين حصيرا ‪ 1‬يريد سجنا يحصرهم فيه ‪ ،‬وينزل‬
‫الفريق السعيد في دار كرامته ‪ ،‬وقيم ذلك الدار رضوان فإنها دار الرضوان ‪.‬‬
‫ومتولي الدار األخرى التي هي السجن ‪ :‬مالك ومعناه ‪ :‬الشديد ‪ .‬يقال ملكت العجين إذا‬
‫شددت عجنه “ ( فتوحات ‪. ) 26 / 4‬‬

‫يطلق الشيخ ابن العربي على جهنم والسعير اسم ‪ :‬السجن أسوة بالقرآن ‪،‬‬
‫ولكن القرآن لم يخص السجن باسم من األسماء اإللهية ‪ ،‬على حين ان الشيخ ابن‬
‫العربي خصه باالسم “ الرحمن “ ‪.‬‬
‫واختياره لالسم “ الرحمن “ بما يتضمنه من الرحمة يدعونا إلى الظن ‪. 2‬‬
‫بان الشيخ األكبر يقصد بسجن الرحمن ‪ :‬جهنم بعد ان تسري فيها الرحمة ‪.‬‬
‫ويتحول عذابها عذبا ‪ ،‬وتصبح نعيما مقيما ألهلها ‪ . 3‬أي بعد انتهاء مدة‬

‫‪565‬‬
‫“ ‪“ 566‬‬

‫إقامة الحدود على أهلها ‪ ،‬فيتنعمون فيها دون ان يسمح لهم بمغادرتها ‪ ،‬بل لن‬
‫فرق الشيخ ابن العربي بينها وبين منزل الجنة ‪ ،‬وبين‬ ‫يغادروها ‪ . . .‬وربما لذلك ّ‬
‫نعيمها ونعيم الجنة ‪ ،‬بأنها رغم نعيمها سجن ألهلها ‪.‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫صيرا ً )[ ‪ ] 8 / 17‬سجنا ومحبسا “ ( تفسير ابن‬ ‫) ‪َ (“( 1‬و َجعَ ْلنا َج َهنَّ َم ِّل ْلكافِّ ِّرينَ َح ِّ‬
‫عباس ص ‪. ) 234‬‬
‫) ‪( 2‬ليس بأيدينا نصوص أخرى تبين مقصوده من اطالق اسم “ سجن الرحمن‬
‫“ على جهنم ‪.‬‬
‫) ‪( 3‬راجع “ عذاب “ و “ جهنم “ ‪.‬‬

‫‪ – 327‬السحاب‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫جر شيء مبسوط ومدّه ‪.‬‬ ‫“ السين والحاء والباء أصل صحيح يدل على ّ‬
‫نقول ‪ :‬سحبت ذيلي باألرض سحبا ‪ ،‬وس ّمى السحاب سحابا تشبيها له بذلك ‪ ،‬كأنه‬
‫ينسحب في الهواء انسحاب ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة مادة “ سحب “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫لم يخرج المفرد في القرآن عن معناه اللغوي ‪:‬‬
‫ب‪“[ 27 / 88 ] .‬‬ ‫سحا ِّ‬ ‫جام َدة ً َو ِّه َ‬
‫ي ت َ ُم ُّر َم َّر ال َّ‬ ‫سبُها ِّ‬ ‫قال تعالى ‪َ ” :‬وت َ َرى ْال ِّجبا َل ت َ ْح َ‬
‫ض َآليا ٍ‬
‫ت ِّلقَ ْو ٍم‬ ‫ماء َو ْاأل َ ْر ِّ‬
‫س ِّ‬ ‫س َّخ ِّر بَيْنَ ال َّ‬‫ب ْال ُم َ‬ ‫سحا ِّ‬
‫ياح َوال َّ‬
‫الر ِّ‬ ‫يف ِّ ّ‬ ‫قال تعالى ‪َ ” :‬وت َ ْ‬
‫ص ِّر ِّ‬
‫يَ ْع ِّقلُونَ ‪. ] 164 / 2 [ “ . . .‬‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫تتمتع عناصر الكون من سحاب ونجم وشجر وبحر ونهر الخ ‪.‬‬
‫عند الشيخ ابن العربي بطاقة رمزية ‪.‬‬
‫ولكن كيف يخلق الرمز ؟‬
‫أو كيف يتحول العنصر الكوني إلى رمز ؟‬
‫تتمحور أوال طاقة العنصر الكوني حول صفة ظاهرة فيه ‪ ،‬ثم من ناحية ثانية هذه‬
‫الصفة تقاربه ‪ ،‬من مرتبة وجودية لها فاعليتها في بنيان العالم الوجودي‬
‫واالبستمولوجي ‪.‬‬
‫فمن هذه المقاربة يخلق الرمز ويأخذ قوته [ انظر “ بحر “ ] ‪.‬‬

‫‪566‬‬
‫“ ‪“ 567‬‬

‫كذلك “ السحاب “ يتمحور حول صفة ظاهرة فيه هي ‪ :‬كونه يستر ‪.‬‬
‫ومن هذه الصفة يقارب مفهوم “ الكفر “ ‪.‬‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪.‬‬


‫الن “ كفر “ في اللغة يعني “ ستر “ [ انظر “ كفر “ ] ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬ولهذا وقع التشبيه بأش ّد الظلمات ‪ ،‬فان ظلمة الجو تقترن معها ظلمة البحر‬
‫تقترن معها ظلمة الموج ‪ ،‬تقترن معها ظلمة تراكم الموج تقترن معها ظلمة السحاب‬
‫التي تحجب أنوار الكواكب ‪ ،‬فال يبقى للنور ظهور ال في عينه وال في مجلى من‬
‫مجاليه ‪ ،‬فظلمة الليل ظلمة الطبع ‪ ،‬وظلمة البحر ظلمة الجهل وهو فقد العلم ‪ ،‬وظلمة‬
‫الفكر ظلمة الموج ‪ ،‬وظلمة الموج المتراكم ظلمة تداخل األفكار في الشبه ‪ ،‬وظلمة‬
‫السحاب ظلمة الكفر فمن جمع هذه الظلمات فقد خسر خسرانا مبينا ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 2‬‬
‫‪. ) 660‬‬

‫‪ - 328‬ساذج القلب‬
‫القلب مركز المعرفة والتجلي وااللهام والكشف ( انظر “ قلب “ ) لذلك من حافظ على‬
‫هذه األداة المعرفية بعيدا عن النظر العقلي ‪ ،‬تحقق بسذاجة القلب ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا عليهم ال تأخذ علومها اال من الوحي الخاص اإللهي ‪،‬‬
‫“ ولما كانت األنبياء صلوات ّ‬
‫فقلوبهم ساذجة من النظر العقلي لعلمهم بقصور العقل ‪ . .‬عن ادراك األمور على ما‬
‫هي عليه ‪.‬‬
‫واالخبار أيضا يقصر عن ادراك ما ال ينال اال بالذوق ‪.‬‬

‫فلم يبق العلم الكامل اال في التجلي اإللهي ‪ ( “ . .‬فصوص ‪. ) 133 / 1‬‬
‫“ المراد بالعقل السليم القلب الساذج من العقائد الفاسدة ‪ ،‬الباقي على الفطرة‬
‫األولى ‪ ( “ . . .‬فصوص ‪. ) 264 / 2‬‬
‫انظر “ قلب “‬

‫‪567‬‬
‫“ ‪“ 568‬‬

‫‪ – 329‬السراب‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ سرب ‪ :‬السين والراء والباء أصل مطرد ‪ ،‬وهو يدل على االتساع والذهاب في‬
‫سربة ‪ ،‬وهو القطيع من الظباء والشاة ألنه يتسرب في‬ ‫سرب وال ّ‬ ‫األرض ‪ .‬من ذلك ال ّ‬
‫األرض راعيا ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة مادة “ سرب “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫لم يخرج المفرد في القرآن عن معناه اللغوي ‪:‬‬
‫سبِّيلَهُ فِّي ْالبَ ْح ِّر َ‬
‫س َربا ً “[ ‪18‬‬ ‫قال تعالى ‪ ” :‬فَلَ َّما بَلَغا َم ْج َم َع بَ ْينِّ ِّهما نَ ِّسيا ُحوت َ ُهما فَات َّ َخذَ َ‬
‫‪. ] 61 /‬‬
‫سرابا ً “[ ‪.] / 20 78‬‬ ‫َت َ‬ ‫ت ْال ِّجبا ُل فَكان ْ‬ ‫س ِّيّ َر ِّ‬
‫قال تعالى ‪َ ” :‬و ُ‬
‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫السراب هو احدى الصور التمثيلية الكثيرة التي استعان بها الشيخ ابن العربي ليعبر‬
‫عن عالقة الحق بالخلق في ظل الوحدة الوجودية ‪.‬‬
‫فكما استعمل صورة النور والظل ‪ ،‬الغذاء والمتغذي ‪ ،‬الصور والمرايا ‪ ،‬ليقرب بها‬
‫إلى األذهان فقدان الذاتية في وجود الممكن ‪.‬‬
‫كذلك اآلن يستعمل صورة السراب المعروف عند العرب بايحاءاته المائية على‬
‫فقدانها ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬فإذا كشف لها [ الروح ] الغطاء واحتد بصرها وجدت نفسها كالسراب في شكل‬
‫َّللا عين ما‬
‫َّللا تعالى ‪ ،‬فوجدت ّ‬ ‫َّللا اال خالق االفعال وهو ّ‬ ‫الماء ‪ ،‬فلم تر قائما بحقوق ّ‬
‫تخيلت انه عينها ‪ ، 1‬فذهبت عينها عنه وبقي المشهد الحق بعين الحق ‪ ،‬كما فنى ماء‬
‫السراب عن السراب والسراب مشهود في نفسه وليس بماء ‪ ،‬كذلك الروح موجود في‬
‫نفسه وليس بفاعل ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 339 /2‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬راجع “ وحدة الوجود “‬

‫‪568‬‬
‫“ ‪“ 569‬‬

‫سراج‬‫‪ - 330‬ال ّ‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ والسراج ‪ :‬المصباح الزاهر الذي يسرج بالليل ‪ ،‬والجمع سرج ‪ . . .‬وفي الحديث ‪:‬‬
‫عمر سراج أهل الجنة ‪ ،‬قيل ‪ :‬أراد ان األربعين الذين ت ّموا بعمر كلهم من أهل الجنة ‪،‬‬
‫وعمر فيما بينهم كالسراج ‪ ،‬ألنهم اشتدوا باسالمه وظهروا للناس ‪. . .‬‬
‫سراج ‪ :‬الشمس ‪ ( “ . . .‬لسان العرب مادة “ سرج “ ) ‪.‬‬ ‫وال ّ‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫“ السراج “ في القرآن إشارة إلى الشمس ‪.‬‬
‫ماء بُ ُروجا ً َو َجعَ َل فِّيها ِّسراجا ً َوقَ َمرا ً ُمنِّيرا ً‬ ‫بار َك الَّذِّي َجعَ َل فِّي ال َّ‬
‫س ِّ‬ ‫قال تعالى ‪ ” :‬ت َ َ‬
‫“ ‪[ 25 / 61 ] .‬‬
‫يقول البيضاوي في شرح اآلية ‪:‬‬
‫س ِّسراجا ً “[ ‪71‬‬ ‫ش ْم َ‬‫قال تعالى ‪ “ :‬وجعل فيها سراجا ‪ ،‬يعني الشمس لقوله ‪َ ”:‬و َجعَ َل ال َّ‬
‫‪ ( “ ] 16 /‬أنوار التنزيل ج ‪ 2‬ص ‪. ) 74‬‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ السراج “ إشارة إلى النور الظاهر ‪ ،‬في مقابل “ الزيت “ الذي يشير إلى النور‬
‫الباطن ‪.‬‬
‫يقول ‪ “ :‬فإن نور السراج الظاهر يعلو حسا على نور الزيت الباطن ‪ ،‬وهو المم ّد‬
‫للمصباح ‪.‬‬
‫فلو ال رطوبة الدهن ما تم ّد ( ‪ -‬التي تمد ) المصباح ‪ ،‬لم يكن للمصباح ذلك الدوام‬
‫“ ( ف السفر الثالث فق ‪.) 1 - 184‬‬

‫‪569‬‬
‫“ ‪“ 570‬‬

‫‪ - 331‬مسرح عيون العارفين‬


‫مسرح عيون العارفين ‪ -‬ارض الحقيقة‬
‫انظر “ ارض الحقيقة "‬

‫ي‬
‫السر األعجم ّ‬
‫ّ‬ ‫‪- 332‬‬
‫االسرار األعجمية هي االسرار التي ال تدرك اال بالتعريف اإللهي ‪ ،‬في مقابل االسرار‬
‫العربية القابلة لالدراك بالفهم ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ ‪ . . .‬واما االسرار األعجمية فإنما سميناها أعجمية ألن العربية من االسرار هي التي‬
‫يدركها عين الفهم صورا ‪ :‬كاآليات المحكمات في الكتب المنزلة ‪ ،‬واالسرار األعجمية‬
‫[ ‪ -‬التي ] تدرك بالتعريف ال بالتأويل وهي ‪ :‬كاآليات المتشابهات في الكتب المنزلة ‪،‬‬
‫َّللا ليس للفكر في العلم بها دخول ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 3‬‬
‫َّللا أو من اعلمه ّ‬
‫فال يعلم تأويلها اال ّ‬
‫‪. ) 517‬‬

‫سر القدر‬ ‫‪ّ - 333‬‬


‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ السين والراء يجمع فروعه اخفاء الشيء ‪ ،‬وما كان من خالصه ومستقره ‪ . . .‬ال‬
‫يخرج منه شيء عن هذا ‪ .‬فالسر خالف االعالن ‪.‬‬
‫يقال أسررت الشيء اسرارا خالف أعلنته “ ‪ ( .‬معجم مقاييس اللغة مادة “ سر “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫لم يخرج المفرد في القرآن عن معناه اللغوي ‪:‬‬
‫َّللاُ يَ ْعلَ ُم ما ت ُ ِّس ُّرونَ َوما ت ُ ْع ِّلنُونَ “[ ‪. ] 19 / 16‬‬ ‫قال تعالى ‪َ ” :‬و َّ‬
‫قال تعالى ‪ ” :‬أ َ َوال يَ ْعلَ ُمونَ أ َ َّن َّ َ‬
‫َّللا يَ ْعلَ ُم ما يُ ِّس ُّرونَ َوما يُ ْع ِّلنُونَ ‪“[ 64 / 4 ] .‬‬

‫‪570‬‬
‫“ ‪“ 571‬‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫سر القدر هو القطب صاحب الوقت الظاهر بالصفات اإللهية [ انظر “ قطب‬
‫“ “ صاحب الوقت “ ] ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬وهو مرآة الحق [ القطب ] ومجلى النعوت المقدسة ‪ ،‬ومجلى المظاهر اإللهية‬
‫وصاحب الوقت وعين الزمان وسر القدر ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 573 / 2‬‬
‫ولكن لما ذا اطلق الشيخ ابن العربي على صاحب الوقت عبارة “ سر القدر “ ؟‬
‫الواقع اننا لم نحصل على نص يبرر هذه التسمية انما من الممكن اعطاء تفسير‬
‫شخصي إلى حد ما ‪ ،‬لهذه العبارة ‪.‬‬

‫فالقدر له تعلق بالممكن على حين ان القضاء ال عالقة له بالممكن بتاتا ‪ ،‬لذلك لم يقل‬
‫َّللا يقضي‬
‫الشيخ األكبر عن صاحب الوقت انه سر القضاء ‪ ،‬فالقضاء للحق تعالى [ ّ‬
‫بكذا ‪ ] . . .‬وينزله على الممكن بقدر ‪ .‬فإن كان القضاء ال يمكن رده ‪ ،‬فالقدر قابل‬
‫للزيادة والنقصان ‪.‬‬
‫لذلك جاء في الدعاء ‪:‬‬
‫اللهم ال أسألك رد قضائك وانما أسألك اللطف فيه ‪ .‬وما اللطف فيه سوى “ القدر “‪.‬‬

‫‪ - 334‬إسراء – عروج‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫السرى ‪ :‬كالهدى سير عامة الليل ‪ ( “ . . .‬القاموس المحيط ‪ .‬الفيروزآبادي‬
‫ّ‬ ‫اسراء ‪“ :‬‬
‫ج ‪ 4‬ص ‪. ) 341‬‬
‫سلّم‬
‫عروج ‪ “ :‬عرج ‪ :‬عروجا ومعرجا ارتقى ‪ . . .‬والمعراج والمعرج ‪ :‬ال ّ‬
‫والمصعد ‪ ( “ . .‬القاموس المحيط ‪ .‬ج ‪ 1‬ص ‪. ) 199‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫‪-‬لقد ورد األصل عرج في القرآن بمعنى ارتقى وصعد ‪ ،‬في مقابل نزل‪.‬‬

‫‪571‬‬
‫“ ‪“ 572‬‬

‫ماء َوما يَ ْع ُر ُج فِّيها َو ُه َو‬‫س ِّ‬ ‫ض َوما يَ ْخ ُر ُج ِّم ْنها ‪َ ،‬وما يَ ْن ِّز ُل ِّمنَ ال َّ‬ ‫“ يَ ْعلَ ُم ما يَ ِّل ُج فِّي ْاأل َ ْر ِّ‬
‫َمعَ ُك ْم أَيْنَ ما ُك ْنت ُ ْم ‪“. ( 57 / 4 ) .‬‬
‫‪-‬اما االسراء فلم يشر اليه التنزيل العزيز سوى مرة واحدة في اآلية المعروفة ‪”:‬‬
‫صى ‪“( 17 / 1 ) .‬‬ ‫رام ِّإلَى ْال َمس ِّْج ِّد ْاأل َ ْق َ‬
‫سبْحانَ الَّذِّي أَسْرى بِّعَ ْب ِّد ِّه لَي ًْال ِّمنَ ْال َمس ِّْج ِّد ْال َح ِّ‬ ‫ُ‬

‫وقد حظيت هذه اآلية بالكثير من التفسيرات ‪ ،‬كما سنرى في بحث معنى االسراء عند‬
‫الشيخ األكبر ‪ ،‬وان كان المعنى اللغوي لكلمة االسراء لم يفارق مضمونه ‪ :‬السير‬
‫ليال ‪.‬‬
‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫* االسراء والمعراج النبوي ‪.‬‬
‫لقد جمعنا كلمتي اسراء ومعراج على ما بينهما من تفرقة ‪ :‬الن الفكر االسالمي‬
‫أوردهما مرتبطتين من جهة فال يذكر االسراء اال ويثنى بالمعراج ‪ ،‬والن “ االسراء‬
‫َّللا عليه وسلم ليال عرج‬
‫“ المحمدي هو في الوقت عينه “ معراج “ ففي اسرائه صلى ّ‬
‫إلى السماء ‪ ،‬أو على وجه التحديد االسراء هو المرحلة األولى من الرحلة المحمدية‬
‫“ ‪ -‬إذا أمكن التعبير ‪ -‬والمعراج هو المرحلة الثانية منها ‪.‬‬

‫كما اننا قدمنا بحث المعراج النبوي على بحث المعراج الصوفي عامة ‪ ،‬الن رؤية‬
‫الشيخ ابن العربي لهذا المعراج ستحدد بالتالي أهدافه من اسراآته ومعارجه ‪.‬‬
‫وننقل اآلن نصوصا ثالثة من فتوحات شيخنا األكبر توجه قصدنا في الوصول إلى‬
‫خصائص المعراج النبوي ‪:‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا عبدا من مكان إلى مكان ليراه ‪ ،‬بل‬ ‫“ فهو ‪ ،‬تعالى ‪ ،‬معنا أينما كنا ‪ . . .‬فما نقل ّ‬
‫ليريه من آياته التي غابت عنه ‪،‬‬
‫قال تعالى ‪:‬‬
‫رام ِّإلَى ْال َمس ِّْج ِّد ْاأل َ ْق َ‬
‫صى الَّذِّي َ‬
‫بار ْكنا‬ ‫سبحان الذي اسرى بعبده ليال ‪ِّ 1‬منَ ْال َمس ِّْج ِّد ْال َح ِّ‬
‫َح ْولَهُ ِّلنُ ِّريَهُ ِّم ْن آياتِّنا‪. . . 2‬‬
‫ي فإنه ال يحويني مكان ‪،‬‬ ‫وحديث االسراء يقول ‪ :‬ما اسريت به اال لرؤية اآليات ال ال ّ‬
‫ي نسبة واحدة ‪ . . .‬فلما‬ ‫ونسبة األمكنة ال ّ‬

‫‪572‬‬
‫“ ‪“ 573‬‬

‫َّللا عليه وسلم من آياته ما شاء ‪ ،‬انزل اليه‬


‫َّللا ان يري النبي عبده محمدا صلى ّ‬ ‫أراد ّ‬
‫جبريل عليه السالم ‪ . . .‬بدابة يقال لها البراق اثباتا لألسباب وتقوية له ليريه العلم‬
‫باألسباب ذوقا ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 341 - 340 / 3‬‬
‫َّللا عليه وسلم ] علما علم به ما لم يكن يعلمه قبل‬
‫َّللا في نفسه [ محمد صلى ّ‬ ‫“ وأعطاه ّ‬
‫ذلك عن وحي من حيث ال يدري وجهته ‪. 3‬‬
‫فطلب االذن في الرؤية بالدخول على الحق ‪ ،‬فسمع صوتا يشبه صوت أبي بكر وهو‬
‫َّللا اليه في تلك الوقفة ‪ 4‬ما أوحى‬‫يقول له ‪ :‬يا محمد قف ان ربك يصلي ‪ . . .‬فأوحى ّ‬
‫‪ ،‬ثم أمر بالدخول فرأى عين ما علم ال غير ‪ ،‬وما تغيرت عليه صورة اعتقاده ‪ ،‬ثم‬
‫فرض عليه في جملة ما أوحى به اليه خمسين صالة ‪. . .‬‬
‫َّللا عليه وسلم أربعا وثالثين مرة‬
‫ونزل إلى األرض قبل طلوع الفجر ‪ . . .‬وله صلى ّ‬
‫اسرى به فيها ‪ ،‬اسراء واحد بجسمه ‪ 5‬والباقي بروحه رؤيا رآها ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 3‬‬
‫‪. ) 342‬‬
‫َّللا عليه وسلم في هذا المعراج قد فرضت عليه وعلى أمته‬ ‫“ اال ترى النبي صلى ّ‬
‫خمسون صالة فهو معراج تشريع وليس للولي ذلك ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 55/ 3‬‬
‫يتضح من النصوص الثالثة السابقة ‪:‬‬
‫َّللا عليه وسلم ليريه من آياته ‪ ،‬وليس اليه ‪.‬‬
‫َّللا اسرى بمحمد صلى ّ‬ ‫‪ - 1‬ان ّ‬
‫‪ - 2‬ان االسراء تعليم وعلم ذوقي ‪ :‬فقد ارسل البراق اثباتا لألسباب وليريه للرسول‬
‫العلم بها ذوقا ‪.‬‬
‫‪ - 3‬ان االسراء والمعراج هما في الحقيقة مرحلتان من مراحل “ اليقين ‪“ :‬‬

‫‪-‬االسراء ‪ :‬عبور من “ علم اليقين “ إلى “ عين اليقين “ ‪ ،‬من حيث إن عين اليقين هو‬
‫شهود لعلمه ‪ ،‬وجملة الشيخ ابن العربي السابقة ( النص الثاني ) تؤكد ذلك ‪ “ :‬فرأى‬
‫عين ما علم ال غير ‪“ .‬‬

‫‪-‬المعراج ‪ :‬عبور من “ عين اليقين “ إلى “ حق اليقين ‪ ، “ 6‬من حيث إن حق اليقين‬


‫هو العلم الذي يتبع “ الرؤية “ أو “ العين “ ‪.‬‬
‫ونرى الشيخ ابن العربي يكمل جملته التي تشير إلى كون االسراء عبورا من علم‬
‫اليقين إلى عينه بالتالي ‪:‬‬

‫“ وما تغيرت عليه صورة اعتقاده “ اذن المعراج وصول إلى حق اليقين الن طبيعة ما‬
‫وصل اليه ‪ :‬عقيدة ‪ ،‬اى علم بعد عين‪.‬‬

‫‪573‬‬
‫“ ‪“ 574‬‬

‫ويمكن تلخيص هذه المالحظة الثالثة كاآلتي ‪:‬‬


‫فرأي عين ما علم ‪ :‬علم ‪ -‬عين ‪ ( -‬اسراء ) ‪.‬‬
‫وما تغيرت عليه صورة اعتقاده ‪ :‬عين ‪ -‬علم ‪ -‬حق ( عروج ) ‪.‬‬
‫‪ - 4‬ان المعراج النبوي هو معراج تشريع ‪ :‬كنا قد قارنا في المالحظة السابقة بين‬
‫االسراء والمعراج ومراتب اليقين ‪ ،‬وتوصلنا إلى أن المعراج هو وصول إلى حق‬
‫اليقين ‪ ،‬ولكن “ لكل حق حقيقة ‪ “ 7‬فما حقيقة حق اليقين هنا ؟‬
‫التشريع ‪:‬‬
‫لقد اتخذ التشريع هنا مرتبة “ حقيقة اليقين “ من حيث إنه دليل واضح على كون‬
‫المعراج النبوي معراجا حقيقيا جسميا المن حضرة التمثل ‪8 .‬‬
‫وبتلك الحقيقة ينفرد هذا المعراج النبوي عن بقية االسراءات والمعارج النبوية ( ‪34‬‬
‫اسراء ‪ :‬انظر النص الثاني السابق ) نفسها ‪ ،‬وعن اسراءات ومعارج األولياء ‪.‬‬

‫االسراء والمعراج الصوفي ‪.‬‬


‫اتخذ الصوفية عامة من المعراج النبوي ‪ ،‬أنموذجا ومثاال الهب هممهم ( انظر “ همة‬
‫“ ) فاندفعوا في البداية محاولين السير على القدم المحمدي ( انظر “ قدم “ ) مكتفين‬
‫من “ المعراج “ بالفهم ‪ ،‬فكان جل ما وصلوا اليه الدخول بعمق أكبر إلى حقيقة‬
‫الشخصية المحمدية بما لها من ابعاد انسانية وتجربة فكرية ‪ ، 9‬ولكن مع تقدم التجربة‬
‫الصوفية كان للمتأخرين منهم اسراات ومعارج تنوعت بتنوع رتبهم ومقاماتهم ‪ ،‬وان‬
‫كانت تختلف في طبيعتها ونوعيتها عن المعراج المحمدي ‪.‬‬

‫والشيخ ابن العربي بصورة خاصة وافق “ المعراج “ تكوينه الفكري المشبع بالشعرية‬
‫‪ ،‬فكان له عدة معارج خصص لها الكثير مما كتب ‪ .‬فلم تعوزنا النصوص‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬واما األولياء فلهم اسراآت روحانية برزخية يشاهدون فيها معاني متجسدة في‬
‫صور محسوسة للخيال ‪ ،‬يعطون العلم بما تتضمنه تلك الصور من المعاني ‪ ،‬ولهم‬
‫االسراء في األرض وفي الهواء ‪ ،‬غير أنهم ليست لهم قدم محسوسة في السماء ‪،‬‬
‫َّللا عليه وسلم باسراء الجسم واختراق‬
‫َّللا صلى ّ‬
‫وبهذا زاد على الجماعة رسول ّ‬
‫السماوات واألفالك حسا وقطع مسافات حقيقية محسوسة ‪ ،‬وذلك كله لورثته معنى ال‬
‫حسا ‪.‬‬
‫َّللا خاصة من ذلك فان اسراآتهم ‪ 10‬تختلف‬‫َّللا ما اشهدني ّ‬
‫فلنذكر من اسراء أهل ّ‬

‫‪574‬‬
‫“ ‪“ 575‬‬

‫ألنها معان متجسدة بخالف االسراء المحسوس ‪ ،‬فمعارج األولياء معارج أرواح‬
‫ورؤية قلوب وصور برزخيات ‪ ( “ . . . 11‬ف ‪. ) 343 - 342 / 3‬‬
‫تبرز من النص السابق النقاط التالية التي تفرق بين المعراج النبوي والمعراج‬
‫الصوفي ‪:‬‬
‫‪ - 1‬ان المعراج الصوفي معراج روحاني برزخي ‪ :‬اي انه من ذاك العالم الوسطي‬
‫حيث تتجسد المعاني في صور يحسها الخيال ( راجع “ برزخ “ “ خيال “ ) في مقابل‬
‫المعراج النبوي ‪ ( ،‬حسي بالجسم ‪) .‬‬
‫‪ - 3‬ان المعراج الصوفي معراج “ علم “ “ وتعليم “ ‪ ، 12‬بل هو عروج من علم إلى‬
‫شهود يعطي علما أعلى ‪ ، 13‬على حين ان المعراج النبوي إلى جانب صفته العلمية‬
‫التعليمية فهو معراج تشريع ‪.‬‬

‫ربط الشيخ ابن العربي في الفقرتين السابقتين العروج بالعلو المكاني ‪ ،‬ولكنه في هذه‬
‫الفقرة سيعدل “ بالعروج “ من ارتباطه بالعلو المكاني إلى علو المكانة اي صفة العلو ‪،‬‬
‫وهي للحق وتتبعه أينما كان ‪.‬‬

‫فالعروج ال يفترض االرتقاء والصعود بالحس أو بالخيال بل أضحى تعريفه ‪:‬‬


‫النظر إلى الحق ‪ ،‬في مقابل النزول ‪ :‬النظر إلى الخلق ‪.‬‬

‫يقول الشيخ األكبر ‪:‬‬


‫“ ‪ . . .‬وانما سمي النزول من المالئكة الينا عروجا ‪ ،‬والعروج انما هو لطالب العلو ‪،‬‬
‫الن ّّلل في كل موجود تجليا ووجها خاصا به يحفظه ‪ . . .‬ولما كان للحق سبحانه صفة‬
‫العلو على االطالق ‪ ،‬سواء تجلى في السفل أو العلو ‪ ،‬فالعلو له ‪.‬‬

‫والمالئكة ‪ . .‬إذا توجهوا من مقامهم ال يتوجهون اال ّّلل ال لغيره ‪ ،‬فلهم نظر إلى الحق‬
‫في كل شيء ينزلون اليه ‪ ،‬فمن حيث نظرهم إلى ما ينزلون اليه يقال تتنزل المالئكة ‪،‬‬
‫ومن حيث إنهم ينظرون إلى الحق سبحانه عند ذلك االمر ‪.‬‬

‫يقال تعرج المالئكة ‪ ،‬فهم في نزولهم أصحاب عروج ‪ ،‬فنزولهم إلى الخلق عروج إلى‬
‫الحق ‪ ،‬وإذا رجعوا إلى مقاماتهم يقال إنهم عرجوا بالنسبة الينا وإلى كونهم يرجعون‬
‫إلى الحق ‪. . .‬‬
‫فكل نظر إلى الكون ممن كان فهو ‪ :‬نزول ‪ ،‬وكل نظر إلى الحق ممن كان فهو ‪:‬‬
‫عروج ‪ ( “ . .‬ف ‪. ) 54/ 3‬‬
‫“ ثم سألت الرب سبحانه وتعالى عن المعراج ‪ .‬قال لي ‪ :‬ياغوث األعظم المعراج‬

‫‪575‬‬
‫“ ‪“ 576‬‬

‫هو العروج عن كل شيء ‪ ( “ 14‬الرسالة الغوثية مخطوط األوقاف حلب ورقة ‪3‬‬
‫أ)‪.‬‬

‫المعراج [ الصوفي خاصة ] هو عودة إلى البطون ‪ ، 15‬وتحليل لألركان ( عودة‬


‫وتحليال اعتباريا ) ‪ ،‬في مقابل التنزل الذي هو ظهور وتركيب ‪،‬‬
‫ويمكن تمثيل ذلك بالرسم التالي ‪:‬‬
‫عروج ‪ -‬تحليل أركان‬
‫‪-‬ظاهر باطن‬
‫‪-‬تركيب ‪ -‬تنزل‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫َّللا ان يسري بي [ الشيخ ابن العربي ] ليريني من آياته في أسمائه من‬ ‫“ فلما أراد ّ‬
‫أسمائي ‪ ،‬وهو حظ ميراثنا من االسراء ‪ ،‬ازالني عن مكاني وعرج بي على براق‬
‫إمكاني ‪ ،‬فزج بي في أركاني ‪ ،‬فلم ار أرضي ‪ 16‬تصحبني ‪. . .‬‬
‫فلما فارقت ركن الماء فقدت بعضي ‪ . . .‬فنقص مني جزآن [ األرض ‪ -‬الماء ] فلما‬
‫جئت ركن الهواء تغيرت على األهواء ‪ . . .‬فتركته عنده ‪ ،‬فلما وصلت إلى ركن‬
‫النار ‪ . . .‬فنفذت إلى السماء األولى وما بقي معي من نشأتي البدنية [ أركانه األربعة ]‬
‫اعول عليه ‪ ( “ 17 . . .‬ف ‪. ) 346 - 345 / 3‬‬ ‫شيء ّ‬
‫“ مثل التحليل في االسراء بتركه عند كل عالم ما يناسبه ‪ 18‬إلى أن تبقى اللطيفة‬
‫الربانية المنفوخة ‪ ،‬فيبقى عند الحق بالحق بما شاء الحق ‪ ،‬ثم يردها إلى عرشها‬
‫وملكها فتنفصل فتأخذ من كل عالم ما تركت عنده ‪ ،‬حتى تنزل إلى األرض وقد انتظم‬
‫ملكها وقام عرشها ‪ ،‬فتستوي عليه بالتدبير ‪“ .‬‬
‫(ترجمان األشواق ص ‪ 120‬هامش رقم ‪. )4 – 2‬‬
‫“ ‪ . . .‬فحصلت في هذا االسراء معاني األسماء كلها ‪ . . .‬فما كانت رحلتي اال‬
‫ي ‪ ( “ . . .‬ف ‪) 350 / 3‬‬ ‫ف ّ‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬لقد أثبت الشيخ ابن العربي ان كلمة “ ليال “ تبين ان معراج النبي كان بالجسد ‪.‬‬
‫انظر كتاب االسفار طبع حيدرآباد ص ص ‪. 19 - 18‬‬
‫) ‪( 2‬اآلية ‪1 / 17‬‬

‫‪576‬‬
‫“ ‪“ 577‬‬
‫) ‪( 3‬نالحظ هنا ان العلم الذي يوازي عند الشيخ ابن العربي “ علم اليقين “ والذي‬
‫كان نتيجة الوحي يسبق االسراء والمعراج اللذين سيشكالن في سلم اليقين درجة‬
‫“ العين “ ‪ .‬فاالسراء كما يظهر من النصوص هو رؤية ( ليريه من آياته ) اذن هو‬
‫“ عين اليقين “ ‪ .‬انظر “ علم اليقين “ عين اليقين ‪“ .‬‬

‫َّللا عليه وسلم قف ان ربك يصلي ‪ ،‬لم تكن تلك الوقفة‬


‫) ‪( 4‬عندما قيل لمحمد صلى ّ‬
‫َّللا اليه فيها “ ما أوحى “ ‪ ،‬فالحق ال يشغله شيء‬
‫وقفة انتظار خالية من الوحي أوحى ّ‬
‫عن شيء ‪.‬‬

‫) ‪( 5‬نالحظ ان الشيخ ابن العربي هنا يجمع بين كلمتي اسراء ومعراج ‪ :‬فاالسراء ‪-‬‬
‫الذي هو المرحلة اال ومن الرحلة المحمدية ‪ -‬من المسجد الحرام إلى المسجد األقصى ‪:‬‬
‫هو قطع لمسافات حقيقية األرض ‪ ،‬وهذا يكون لألولياء بالجسم ‪ .‬ولكن ما ال قدم‬
‫َّللا عليه وسلم المعراج بالجسم اي قطع لمسافات حقيقية‬ ‫لمخلوق فيه غير محمد صلى ّ‬
‫في السماء ( وهذا سيظهر في المعنى “ التالي للمعراج فليراجع ) ‪.‬‬
‫) ‪( 6‬راجع “ علم اليقين “ “ عين اليقين “ “ حق اليقين ‪“ .‬‬
‫) ‪( 7‬إشارة إلى الحديث “ لكل حق حقيقة ‪ “ . . .‬انظر فهرس األحاديث حديث رقم ‪:‬‬
‫) ‪( 26‬‬
‫) ‪( 8‬انظر “ حقيقة اليقين ‪“ .‬‬
‫) ‪( 9‬لقد ساهم المعراج بتطور الصورة المحمدية في عقلية التابعين واالنتقال بها من‬
‫شخص تاريخية ‪ ،‬إلى حقيقة فكرية وتجربة انسانية على صعيد فكري ونفسي خاص ‪.‬‬
‫انظر ‪:- Exegese coranique P . P . 90 - 91- Massignon‬‬
‫‪passion P . 847‬اما كيفية االسراء فهذا ما لم يستطع تبيانه المتقدمون ‪ ،‬وقد سأل‬
‫أحدهم جعفر الصادق يصف له المعراج ‪ .‬فقال ‪ :‬كيف أصف لك مقاما كان فوق طاقة‬
‫جبريل نفسه رغم عن قدره ‪ .‬راجع ‪ :- Exegese coranique P . 184-‬كما‬
‫يراجع في نفس المؤلف تفسير جعفر الصادق لآليات القرآنية التي تتكلم على االسراء‬
‫ص ‪185 - 186‬‬
‫‪-‬اما المعراج عند الغزالي فليراجع ‪:‬‬
‫‪-‬في معجم الغزالي ‪ :‬األب فريد جبر ص ‪. 169‬‬
‫‪-‬معراج السالكين للغزالي ‪ .‬مكتبة الجندي ص ‪، 160 - 100‬‬
‫) ‪( 10‬راجع أنواع اسراآت األولياء كما يوردها الشيخ ابن العربي في الفتوحات ج ‪3‬‬
‫ص ص ‪. 344 - 343‬‬

‫‪577‬‬
‫“ ‪“ 578‬‬

‫) ‪( 11‬راجع “ برزخ ‪“ .‬‬


‫) ‪( 12‬ان معراج الشيخ ابن العربي المحمدي المقام ( انظر “ محمدي “ ) نسج على‬
‫منوال معراج من هو على قدمه ‪ ،‬فكان يلتقي في كل سماء نبيا يعلمه علما ‪.‬‬
‫انظر ‪ :‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ص ‪. 350 - 346‬‬
‫) ‪( 13‬هذه النظرة إلى المعراج نتلمس خيوطها عند ابن عجيبه ‪ ( 1266‬ه ) في‬
‫تفسيره لحقائق التصوف ‪ :‬إذ انه جعل “ التأويل “ طريقة يتم من خاللها العروج من‬
‫ظاهر اللفظ أو المصطلح إلى باطنه ‪.‬‬
‫ويسمى ابن عجيبة الكتاب “ معراج التشوف إلى حقائق التصوف “ وفي العنوان نفسه‬
‫إشارة إلى هذا الموقف من المعراج ‪ ،‬الن لفظ “ تشوف “ في اطالقه على ‪ :‬العروج‬
‫إلى الحقائق ‪ ،‬يشير إلى صفة المعراج العلمية ‪ .‬انظر ‪:Le Soufi marocain‬‬
‫‪Ahmad Ibn Ajiba et son miraj . Jean - Louis Michon Lib . J .‬‬
‫) ‪Vrin . P . P . 142 - 143 .( 14‬ان نسخة حلب من الرسالة الغوثية منسوبة‬
‫إلى عبد القادر الجيالني ‪ ،‬على حين ان نسخة الظاهرية من المخطوط نفسه منسوبة‬
‫إلى الشيخ األكبر ( راجع عثمان يحي )‪Hist . et class R . G . 194‬ويختلف‬
‫نص تعريف العروج في مخطوط الظاهرية يقول ‪:‬‬
‫“ ثم سألت عن المعراج ‪ ،‬قال لي ‪ :‬يا غوث هو العروج من كل شيء ( “ الظاهرية ق‬
‫‪ 81‬ب ) وال يخفى ان نص حلب أقرب إلى مجمل فكر الحاتمي وأكثر انسجاما مع‬
‫موقفه من العروج ‪.‬‬
‫الن العروج “ عن “ يثبت وجهة قد تكون صفاتية ‪ ،‬اما العروج “ من “ فتحديد‬
‫النطالق مكاني ‪.‬‬
‫) ‪( 15‬لعل أروع ما كتب الشيخ ابن العربي عن المعراج رسالته ‪ “ :‬االتحاد الكوني‬
‫في حضرة االشهاد العيني “ ولنتركه يوضح نوع عروجه فيبتدر رسالته قائال ‪ “ :‬هذا‬
‫كتاب كريم ‪ . . .‬كتبت به من انتقاصي إلى كمالي ‪ . . .‬ومن شتاتي إلى اجتماعي ‪. . .‬‬
‫ومن شروقي إلى غروبي ‪ ،‬فمن نهاري إلى الليالي ‪ . . .‬واني ال أزال في هذا الكتاب‬
‫اخاطبني وارجع فيهما إلي مني ‪ ( “ . . .‬ق ‪ 141‬وجه أ ‪ ،‬ب ) ‪ .‬وهكذا يمضي في‬
‫وصف عروجه ‪ ،‬وهو في الواقع رجوع من ظاهره إلى باطنه ‪ ،‬من كثرته إلى‬
‫وحدته ‪ .‬وجملة “ من شروقي إلى غروبي “ واضحة جلية‪.‬‬
‫الن الشروق هو الظهور ‪ ،‬والغروب هو البطون عند الشيخ األكبر ‪ ( .‬انظر‬
‫شروق ) ‪.‬‬
‫فليراجع ‪:‬‬
‫‪-‬الرسالة المذكورة ‪ .‬مخطوط من مكتبة السيد رفيق حمدان الخاصة ‪.‬‬
‫‪-‬ديوان الشيخ األكبر ‪ .‬ط ‪ .‬بوالق سنة ‪ 1271‬هـ‪ .‬ص ‪، 36 - 34‬‬
‫‪-‬كتاب االسرا إلى المقام االسرا ‪ ،‬الذي رتب فيه الرحلة من العالم الكوني إلى الموقف‬

‫‪578‬‬
‫“ ‪“ 579‬‬

‫األزلي ‪ .‬وكان اسراء إلى رفع الحجاب ‪.‬‬


‫‪-‬كما كتب الشيخ ابن العربي في الفتوحات معراجا صوفيا كامال تحت عنوان “ كيمياء‬
‫السعادة “ عرض فيه المقابلة بين طريقي النظر العقلي والكشف الذوقي ‪ ( .‬انظر‬
‫الكتاب التذكاري ‪.‬‬
‫محي الدين عربي ص ‪ . 21 - 20‬كما يراجع في نفس الكتاب معراج االنسان الكامل‬
‫عند الجيلي ص ‪. ) 31 - 29‬‬

‫) ‪( 16‬ارضي ‪ -‬ركن األرض من وجودي ‪،‬‬


‫) ‪( 17‬يظهر اثر الفلسفة اليونانية واضحا في أركان الشيخ ابن العربي األربعة التي‬
‫يوردها ‪ :‬األرض ‪ -‬الماء ‪ ،‬الهواء ‪ ،‬النار ‪ .‬وان كان هنا يتكلم على هذه األركان بلغة‬
‫الرمز الن هذا التحليل هو تحليل اعتباري ال اثر له على صعيد الوجود الحسي ‪ ،‬بل‬
‫ينحصر اثره في الوجود البرزخي التمثيلي الخيالي الذي ينتج علما ‪.‬‬
‫) ‪( 18‬االنسان في عروجه إلى السماء األولى يقطع أركانا ثالثة ( على أساس ان‬
‫نقطة انطالقه هي الركن الرابع ‪ :‬األرض ) وهي ‪ :‬الماء ‪ ،‬الهواء ‪ ،‬النار ‪ .‬وعندما يمر‬
‫بكل ركن منها ( الركن هو في الواقع عالم ‪ :‬عالم الماء ‪ ،‬عالم الهواء ‪ ) . . .‬يترك فيه‬
‫مثيله منه ‪ :‬اي يترك في عالم الماء ركن الماء من وجوده وهكذا ‪.‬‬

‫سرير األقدس‬ ‫‪ - 335‬ال ّ‬


‫في اللغة ‪:‬‬
‫واسرة ‪ ،‬والسرير ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫“ ‪ . .‬وأما الذي ذكرنا من االستقرار ‪ ،‬فالسرير ‪ ،‬وجمعه سرر‬
‫خفض العيش ‪ ،‬ألن االنسان يستقر عنده وعند دعته ‪ ،‬وسرير الرأس مستقره “ ( معجم‬
‫مقاييس اللغة مادة “ سر “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫لم يخرج معنى المفرد في القرآن عن معناه اللغوي ‪.‬‬
‫ين “[ ‪. ] 20 / 52‬‬ ‫صفُوفَ ٍة َوزَ َّو ْجنا ُه ْم ِّب ُح ٍ‬
‫ور ِّع ٍ‬ ‫س ُر ٍر َم ْ‬
‫على ُ‬‫قال تعالى ‪ُ ” :‬مت َّ ِّك ِّئينَ َ‬
‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫السرير االقدس هو العرش عند الشيخ ابن العربي ‪.‬‬

‫‪579‬‬
‫“ ‪“ 580‬‬

‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬فلما أوجد [ تعالى ] دائرة الكون المحيطة المعبر عنها بالعرش الذي هو السرير‬
‫االقدس ‪ ( “ . . .‬االسفار ص ‪. ) 10‬‬
‫“ ‪ . . .‬انما دار السرير ليحيط بالكائنات علم التفصيل والتدبير ‪ ،‬فيباشر األمور بذاته‬
‫ويهبها ما يناسبها من هباته ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 329 / 4‬‬
‫راجع “ عرش "‪.‬‬

‫سفر‬‫‪ – 336‬ال ّ‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫سفر ‪ ،‬س ّمي بذلك‬ ‫“ السين والفاء والراء أصل يدل على االنكشاف والجالء من ذلك ال ّ‬
‫الن الناس ينكشفون عن أماكنهم ‪. .‬‬
‫سفر ‪ :‬الكتابة ‪.‬‬‫وال ّ‬
‫والسفرة ‪ :‬الكتبة وتس ّمى بذلك ألن الكتابة تسفر عما يحتاج اليه من الشيء المكتوب “ ‪.‬‬
‫( معجم مقاييس اللغة مادة “ سفر “ )‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫سفَ ٍر فَ ِّع َّدة ٌ ِّم ْن أَي ٍَّام أُخ ََر ‪“( 2 /‬‬
‫على َ‬ ‫( أ ) السفر ‪ :‬قطع المسافة” َو َم ْن كانَ َم ِّريضا ً أ َ ْو َ‬
‫‪185 ) .‬‬
‫ْح ِّإذا أ َ ْسفَ َر ‪. . .‬‬ ‫صب ِّ‬ ‫( ب ) بالمعنى اللغوي السابق ‪ ،‬اي االنكشاف والجالء” َوال ُّ‬
‫‪“ ( 74 / 34 ) .‬‬
‫ضاح َكةٌ ُم ْست َ ْب ِّش َرة ٌ ‪“( 80 / 38 ) .‬‬ ‫ِّ‬ ‫( ج ) مسفر ‪ :‬مشرق” ُو ُجوهٌ يَ ْو َمئِّ ٍذ ُم ْس ِّف َرة ٌ ‪،‬‬
‫رام بَ َر َرةٍ‪“( 80 / 15 ) .‬‬ ‫سفَ َرةٍ ‪ِّ ،‬ك ٍ‬ ‫سفر ‪ :‬الكتابة” بِّأ َ ْيدِّي َ‬ ‫( د ) السفرة ‪ :‬الكتبة ‪ ،‬وال ّ‬

‫‪580‬‬
‫“ ‪“ 581‬‬

‫قال تعالى ‪َ “ :‬ك َمث َ ِّل ْال ِّح ِّ‬


‫مار يَ ْح ِّم ُل أَسْفارا ً “( ‪. ) 5 / 62‬‬
‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫لم يضف الشيخ ابن العربي شيئا يذكر على مضمون “ السفر “ كما وصل اليه من‬
‫اسالفه ‪ ،‬فالسفر ‪ :‬هو سير القلب في توجهه إلى الحق بالذكر ‪.‬‬
‫فالمعنى االصطالحي للمفرد حافظ على مضمونه عند الشيخ ابن العربي ‪ ،‬وان كان قد‬
‫اخذ تفصيالت مراتبية تدخل في نطاق النظريات ‪. 1‬‬
‫يقول ‪ - 1:‬السفر الصوفي ‪.‬‬
‫“ ثم يرحل العبد من “ منزل قوله “ إلى “ منزل سمعه “ ليسمع ما يجيبه الحق تعالى‬
‫على قوله ‪ .‬وهذا هو “ السفر “ ‪ ( .‬السفر الثالث ‪ .‬فق ‪. ) 182‬‬
‫“ والسفر عمل ‪ :‬قلبا وبدنا ‪ ،‬معنى وحسا “ ( السفر الثالث ‪ -‬فق ‪ 229‬ب ) ‪.‬‬

‫‪ - 2‬السفر عامة ‪.‬‬


‫“ المسافر [ هو ] صاحب النظر في الدليل ‪ ،‬فإنه مسافر بفكره في منازل مقدماته‬
‫وطريق ترتيبها ‪ ،‬حتى ينتهج له الحكم في المسألة المطلوبة ( “ الفتوحات ‪ ،‬السفر‬
‫الخامس ‪ -‬فق ‪. ) 520‬‬
‫“ واالخذ للعلم بالمجاهدة ‪ -‬واالعمال أيضا سفر ‪ .‬فكما سافر العقل بنظره الفكري إلى‬
‫العالم ‪ ،‬سافر العامل بعمله واجتمعا في النتيجة ( “ ‪ . . .‬الفتوحات ‪ ،‬السفر الخامس فق‬
‫‪. ) 522‬‬
‫“ والسفر هو التزيه الذي ينتقل من تلفظك به ‪ ،‬في التعليم ‪ ،‬إلى سمع المتعلم السامع ‪،‬‬
‫فيؤثر في نفس السامع حصول ذلك العلم “ ( الفتوحات ‪ ،‬السفر الخامس ‪ -‬فق‬
‫‪. ) 270‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬اتفق كل من اهتم باصطالحات الصوفية على معنى “ السفر “ ومراتبه‬
‫ومقاصده ونهاية حده لذلك ننقل نصوصا منها لالستفادة ‪:‬‬
‫‪-‬كتاب التعريفات الجرجاني ‪:‬‬

‫‪581‬‬
‫“ ‪“ 582‬‬
‫“ السفر لغة قطع المسافة ‪ ،‬وشرعا هو الخروج على قصد مسيرة ثالثة أيام ولياليها‬
‫فما فوقها بسير اإلبل ومشي االقدام ‪ .‬والسفر عند أهل الحقيقة عبارة عن سير القلب‬
‫عند اخذه في التوجه إلى الحق بالذكر ‪ .‬واالسفار أربعة‪.‬‬
‫َّللا من منازل‬ ‫السفر األول وهو رفع حجب الكثرة عن وجه الوحدة وهو السير إلى ّ‬
‫شق من المظاهر واالغيار إلى أن يصل العبد إلى األفق المبين وهو‬ ‫النفس ‪ ،‬بإزالة التع ّ‬
‫نهاية مقام القلب ‪.‬‬
‫السفر الثاني وهو رفع حجاب الوحدة عن وجوه الكثرة العلمية الباطنة ‪ ،‬وهو السير‬
‫َّللا باالتصاف بصفاته والتحقق بأسمائه ‪ ،‬وهو السير في الحق بالحق إلى األفق‬ ‫في ّ‬
‫االعلى وهو نهاية حضرة الوحدانية ‪.‬‬
‫السفر الثالث وهو زوال التقيد بالضدين الظاهر والباطن ‪ ،‬بالحصول في أحدية عين‬
‫الجمع وهو الترقي إلى عين الجمع والحضرة األحدية ‪ -‬وهو مقام قاب قوسين ما بقيت‬
‫األثنينة ‪ ،‬فإذا ارتفعت وهو مقام أو أدنى وهو نهاية الوالية ‪.‬‬
‫السفر الرابع عند الرجوع عن الحق إلى الخلق وهو أحدية الجمع والفرق بشهود‬
‫اندراج الحق في الخلق واضمحالل الخلق في الحق حتى يرى العين الواحدة في‬
‫َّللا للتكميل‬
‫باّلل عن ّ‬
‫صورة الكثرة ‪ .‬وصورة الكثرة في عين الوحدة ‪ .‬وهو السير ّ‬
‫وهو مقام البقاء بعد الفناء والفرق بعد الجمع “ ( ص ‪- . )134‬كتاب جامع‬
‫األصول ‪ .‬الكمشخانوي ‪.‬‬
‫َّللا من‬
‫“ ( السفر ) هو توجه القلب إلى الحق ‪ ،‬واالسفار أربعة ‪ :‬األول هو السير إلى ّ‬
‫منازل النفس إلى الوصول إلى األفق المبين وهو نهاية مقام القلب ومبدأ التجليات‬
‫َّللا باالتصاف بصفاته والتحقق بأسمائه إلى األفق‬ ‫االسمائية ‪ .‬الثاني هو السير في ّ‬
‫االعلى وهو نهاية الحضرة الواحدية ‪ .‬الثالث هو الترقي إلى عين الجمع والحضرة‬
‫األحدية وهو مقام “ قاب قوسين ‪ “ .‬ما بقيت االثنينية ‪ .‬فإذا ارتفعت فهو مقام “ أو أدنى‬
‫َّللا للتكميل وهو مقام البقاء بعد‬
‫باّلل عن ّ‬
‫“ وهو نهاية الوالية ‪ .‬السفر الرابع هو السير ّ‬
‫الفناء والفرق بعد الجمع “ ( ص ‪. ) 62‬‬
‫‪-‬كتاب ختم األولياء ‪ .‬النص لحيدر بن علي العلوي اآلملي ‪:‬‬
‫َّللا في منازل النفس إلى األفق المبين ‪.‬‬ ‫“ واالسفار أربعة عندهم ‪ .‬األول هو السير إلى ّ‬
‫باّلل‬
‫وهو ( األصل ‪ :‬وهي ) نهاية مقام القلب ومبدأ االسمائية ‪ .‬والثاني ‪ ،‬السفر ّ‬
‫باالتصاف بصفاته والتحقق بأسمائه إلى األفق االعلى ونهاية الحضرة الواحدية ‪.‬‬
‫والثالث ‪ ،‬هو الترقي إلى عين الجمع وحضرة األحدية ‪ .‬وهو مقام “ قاب قوسين “ ما‬
‫بقيت االثنينية فإذا ارتفعت فهو مقام “ أو أدنى “ وهو نهاية الوالية ‪ .‬الرابع هو السير‬
‫َّللا للتكميل ‪ .‬وهو مقام البقاء بعد الفناء بعد الجمع ‪ .‬ولكل واحدة من هذه‬ ‫باّلل عن ّ‬
‫ّ‬
‫االسفار نهاية كما كان لها بداية ‪.‬‬
‫“ فنهاية ( السفر ) األول هو رفع حجب الكثرة عن وجه الوحدة ‪ .‬ونهاية السفر الثاني‬
‫هو رفع حجاب الوحدة عن وجوه الكثرة ‪ .‬ونهاية السفر الثالث هو زوال التقييد‬
‫بالضدين ‪ :‬الظاهر والباطن ‪ ،‬بالحصول في أحدية عين الجمع ‪.‬‬
‫ونهاية السفر الرابع ‪ ،‬عند الرجوع عن الحق إلى الخلق في مقام االستقامة ‪ ،‬الذي هو‬
‫أحدية الجمع والفرق ‪ :‬بشهود اندراج الحق في‬

‫‪582‬‬
‫“ ‪“ 583‬‬

‫الخلق واضمحالل الخلق في الحق ‪ ،‬حتى يرى العين الواحدة في صور الكثرة في عين‬
‫الوحدة ! “ ( ص ‪. ) 503‬‬

‫‪ - 337‬سفير الحق‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫سفر ‪ ،‬سمي‬ ‫“ السين والفاء والراء أصل واحد يدل على االنكشاف والجالء ‪ .‬من ذلك ال ّ‬
‫بذلك الن الناس ينكشفون عن أماكنهم ‪ . . .‬ومن الباب ‪ :‬سفرت البيت ‪ :‬كنسته ‪. . .‬‬
‫سفير ‪ . . .‬وانما سمي سفيرا الن الريح‬ ‫ولذلك يسمى ما يسقط من ورق الشجر ال ّ‬
‫سفر ‪ :‬الكتابة ‪ ،‬والسفرة ‪ :‬الكتبة ‪“ .‬‬ ‫تسفره ‪ . . .‬وال ّ‬
‫( معجم مقاييس اللغة مادة “ سفر “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫ورد األصل “ سفر “ في القرآن ‪:‬‬
‫سفر اللغوي السابق ‪.‬‬ ‫‪- 1‬بمعنى ال ّ‬
‫سفَ ٍر فَ ِّع َّدة ٌ ‪“ ( 2 / 184 ) .‬‬
‫على َ‬ ‫قال تعالى ‪ ”:‬فَ َم ْن كانَ ِّم ْن ُك ْم َم ِّريضا ً أ َ ْو َ‬
‫سفر بمعنى الكتاب ‪.‬‬ ‫‪- 2‬ال ّ‬
‫مار يَ ْح ِّم ُل أَسْفارا ً ‪“( 62 / 5 ) .‬‬ ‫قال تعالى ‪َ ”:‬ك َمث َ ِّل ْال ِّح ِّ‬
‫‪- 3‬السفرة بمعنى الكتبة ‪.‬‬
‫سفَ َرةٍ ‪“. ( 80 / 15 ) .‬‬ ‫قال تعالى ‪ِّ ”:‬بأ َ ْيدِّي َ‬
‫يقول البيضاوي في شرح سفرة ‪:‬‬
‫“ كتبة من المالئكة أو األنبياء ينتسخون الكتب من اللوح أو الوحي ‪ ،‬أو سفراء‬
‫َّللا تعالى ورسله أو األمة ( “ ‪ . . .‬أنوار التنزيل ج ‪ 2‬ص‬ ‫يسفرون بالوحي بين ّ‬
‫‪. ) 296‬‬
‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫ان سفير الحق إلى الخلق هو ‪ :‬على األخص “ جبرائيل “ من حيث إنه يسفر‬

‫‪583‬‬
‫“ ‪“ 584‬‬

‫بالوحي إلى الخلق ‪ ،‬ويجلي مراد الحق لهم ‪ -‬وبصورة عامة فان المالئكة هم سفراء‬
‫الحق ينزلون إلى األرض بمصالح العالم ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫َّللا تعالى لما شاء ان يجعل في ارضه خلفاء على من يعمرها ‪. . .‬‬ ‫( أ ) “ ‪ . . .‬ان ّ‬
‫جعل بينه وبينهم سفيرا وهو ‪ :‬الروح األمين ‪ . . .‬وكتب لهم كتبا بذلك [ بالشرائع ]‬
‫نزلت بها السفراء عليهم ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 26 / 4‬‬
‫( ب ) “ فاما المالئكة فهم السفراء النازلون بمصالح العالم الذي ظهر في األركان ‪.‬‬
‫“ ( ف ‪. ) 438 / 3‬‬
‫سفَ َرةٍ “[ ‪ ] 15 / 80‬والسفرة ‪ -‬هم الرسل من المالئكة “ ( ف ‪/ 2‬‬ ‫“ الرسالة” بِّأ َ ْيدِّي َ‬
‫‪. ) 259‬‬

‫سكر‬‫‪ - 338‬ال ّ‬
‫انظر “ وارد "‪.‬‬

‫‪ – 339‬سالك‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ سلك ‪ :‬السين والالم والكاف أصل يدل على نفوذ شيء في شيء ‪ .‬يقول سلكت‬
‫الطريق أسلكه ‪.‬‬
‫وسلكت الشيء في الشيء ‪ :‬انفذته “ ( معجم مقاييس اللغة مادة “ سلك “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫لم يخرج المفرد في القرآن عن معناه اللغوي ‪.‬‬
‫سبُ ًال “[ ‪. ] 53 / 20‬‬ ‫ض َم ْهدا ً َو َ‬
‫سلَ َك لَ ُك ْم فِّيها ُ‬ ‫قال تعالى ‪ ”:‬الَّذِّي َجعَ َل لَ ُك ُم ْاأل َ ْر َ‬
‫ب ْال ُم ْج ِّر ِّمينَ ‪“[ 26 / 200 ] .‬‬ ‫سلَ ْكناهُ ِّفي قُلُو ِّ‬ ‫قال تعالى ‪َ ” :‬كذ ِّل َك َ‬

‫‪584‬‬
‫“ ‪“ 585‬‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫*يرى الشيخ ابن العربي “ للسلوك “ مصدرين للتسمية ‪:‬‬
‫‪-‬االنتظام [ من سلك الآللئ ] ‪.‬‬
‫‪-‬االنتقال [ مشى على المقامات ]‬
‫وهو انتقال بالمعنى وبالصورة وبالعلم ‪.‬‬
‫لذلك تنحصر نصوصه بهذين المعنيين ‪،‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫) ‪ ” ( 1‬ان السلوك هو الطريق األقوم * فإذا استقمت فأنت فيه سالك‬
‫اشتق من سلك الآلليء لفظه * فحسامه عضب المضارب باتك “( ف ‪) 380 / 2‬‬
‫) ‪ “ ( 2‬وما السالك ؟ قلنا ‪ :‬هو الذي مشى على المقامات بحاله ال بعلمه ‪ ،‬وهو [ ‪-‬‬
‫الحال ] العمل فكان له عينا ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 134 / 2‬‬
‫“ السلوك انتقال من منزل عبادة إلى منزل عبادة بالمعنى ‪ ،‬وانتقال بالصورة من عمل‬
‫َّللا بفعل‬
‫َّللا إلى عمل مشروع بطريق القربة إلى ّ‬ ‫مشروع على طريق القربة من ّ‬
‫وترك ‪ . . .‬وانتقال بالعلم من مقام إلى مقام ‪ ،‬ومن اسم [ الهي ] إلى اسم ‪ ،‬ومن تجل‬
‫إلى تجل ومن نفس إلى نفس ‪ ،‬والمنتقل هو السالك ‪ ( “ . . .‬ف ‪- 380 / 2‬‬
‫‪. ) 381‬‬

‫اقسام السالكين ‪:‬‬


‫باّلل ‪ :‬سالك بنفسه‬
‫يقسم الشيخ ابن العربي السالكين أربعة أقسام بحسب رتبتهم في العلم ّ‬
‫‪ ،‬سالك بربه ‪ ،‬سالك بالمجموع ‪ ،‬سالك ال سالك ‪.‬‬

‫َّللا ابتداء ‪.‬‬


‫السالك بنفسه ‪ :‬هو الذي يحاول التقرب إلى ّ‬
‫َّللا تعالى كما ورد في الحديث‬
‫ويكون التقرب بالفرائض والنوافل الموصلة إلى محبة ّ‬
‫الشريف “ ما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه‪. . . “ .‬‬

‫‪585‬‬
‫“ ‪“ 586‬‬

‫َّللا فكانت عينه ثابتة في العدم ‪ ،‬والحق سمعه‬


‫السالك بربه ‪ :‬هو الذي أحبه ّ‬
‫وبصره ‪ . .‬كما ورد في القسم الثاني من الحديث أعاله ‪ “ .‬حتى أحبه فإذا أحببته كنت‬
‫سمعه وبصره “ فالعبد إذا تحقق بقرب النوافل هذا [ انظر قرب النوافل ] كان سالكا‬
‫بربه ‪.‬‬
‫السالك بالمجموع ‪ :‬هو السالك بنفسه أوال ‪ ،‬وبعد تحققه بقرب النوافل ‪ ،‬ذاق كون الحق‬
‫سمعه وبصره فاضحى سالكا بربه ‪ .‬فكان بالعلم سالكا بالمجموع ‪.‬‬

‫سالك ال سالك ‪ :‬وهو من تنطبق عليه اآلية القرآنية كما يفهمها الشيخ ابن العربي “ وما‬
‫َّللا رمى ‪. . “ .‬‬
‫رميت إذ رميت ولكن ّ‬

‫ففي هذه اآلية نفي واثبات ‪ ،‬فمن تحقق من ذاته هذا المقام فهو السالك ال سالك ‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬

‫‪ - 1‬اقسام السالكين ‪:‬‬


‫“ ‪ . . .‬ان السالكين في سلوكهم على أربعة أقسام ‪ :‬منهم سالك يسلك بربه ‪ ،‬وسالك‬
‫يسلك بنفسه ‪ ،‬وسالك يسلك بالمجموع ‪ ،‬وسالك ال سالك ‪ ،‬فيتنوع السلوك بحسب قصد‬
‫باّلل ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 381 / 2‬‬
‫السالك ورتبته في العلم ّ‬
‫‪ - 2‬السالك بنفسه ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬السالك بنفسه وهو المتقرب إلى ربه ابتداء بالفرائض ونوافل الخيرات الموجبين‬
‫لمحبة الحق ‪ ،‬من اتى بهما لتحصيل المحبتين ‪ ،‬فهو يجهد فيما كلفه الحق ويبذل‬
‫استطاعته وقوته فيما امره به ربه ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 381 /2 -‬‬
‫‪ - 3‬السالك بربه ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬فاما السالك الذي يسلك بربه فهو الذي يكون الحق سمعه وبصره وجميع قواه‬
‫فان عينه ثابتة “ ( ف ‪. ) 381 / 2‬‬

‫‪ - 4‬السالك بالمجموع ‪:‬‬


‫“ ‪ . . .‬واما السالك بالمجموع فهو السالك بعد ان ذاق كون الحق سمعه‬

‫‪586‬‬
‫“ ‪“ 587‬‬

‫وبصره ‪ ،‬وعلم سلوكه أوال بنفسه على الجملة من غير شهود نفسه على التعيين ‪ ،‬فلما‬
‫علم أن الحق سمعه وعلم أن السامع بالسمع ما هو عين السمع ‪. .‬‬
‫فسلك بالمجموع “ ( ف ‪. ) 381 / 2‬‬

‫‪ - 5‬سالك ال سالك ‪:‬‬


‫“ ‪ . . .‬واما القسم الرابع وهو سالك ال سالك ‪ ،‬فهو انه رأى نفسه لم تستقل بالسلوك ما‬
‫لم يكن الحق صفة لها ‪ ،‬وال تستقل الصفة بالسلوك ‪ ،‬ما لم تكن نفس المكلف موجودة‬
‫ويكون كالمحل لها ‪ ،‬فيبدو انه سالك بالمجموع فإذا تبين له ان بالمجموع ظهر السلوك‬
‫بان له ان المظهر ال وجود له عينا ‪ ،‬وان الظاهر تقيد بحكم استعداد المظهر ‪ ،‬ورأى‬
‫َّللا رمى ‪ .‬وكذلك لو قال “ وما رمى “ لصح‬‫الحق يقول ‪ :‬وما رميت إذا رميت ولكن ّ‬
‫كما صح في الطرف األول فمن وقف على هذا العلم من نفسه علم أنه سالك ال‬
‫سالك ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 382 / 2 -‬‬

‫كما يقول في معنى يقارب ما ذهب اليه هنا ‪:‬‬


‫َّللا رمى “ فما اسرع ما نفى وما اسرع ما أثبت لعين واحدة ‪ ،‬فلهذا‬
‫“ ‪. . .‬ولكن ّ‬
‫سميت هذه المنازلة ‪ ،‬المسلك السيال ‪ ،‬تشبيها بسيالن الماء الذي ال يثبت على شيء‬
‫من مسلكه اال قدر مروره عليه ‪ ،‬فقدم رجاله غير ثابتة على شيء بعينه الن المقام‬
‫يعطي ذلك ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 505 / 3‬‬

‫‪ - 340‬سالك بالمجموع‬
‫انظر “ سالك "‪.‬‬

‫‪ - 341‬سالك بربّه‬
‫انظر “ سالك “‬

‫‪587‬‬
‫“ ‪“ 588‬‬

‫‪ - 342‬سالك بنفسه‬
‫انظر “ سالك "‪.‬‬

‫‪ - 343‬سالك ال سالك‬
‫انظر “ سالك "‪.‬‬

‫سلوك‬
‫‪ - 344‬التسليك ‪ -‬ال ّ‬
‫انظر “ طريق "‪.‬‬

‫‪ – 345‬التسليم‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ السين والالم والميم معظم بابه من الصحة والعافية ‪ ،‬ويكون فيه ما يشذّ ‪ ،‬والشاذ عنه‬
‫قليل ‪.‬‬
‫َّللا ج ّل ثناؤه هو السالم ‪ ،‬لسالمته مما يلحق المخلوقين من العيب‬ ‫قال أهل العلم ‪ّ :‬‬
‫والنقص والفناء ‪ . . .‬ومن الباب أيضا االسالم ‪ ،‬وهو االنقياد ‪.‬‬
‫ألنه يسلم من االباء واالمتناع ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة مادة “ سلم “ ) ‪.‬‬
‫َّللا تعالى لسالمته من العيب والنقص “ ( لسان‬ ‫“ ‪ . . .‬والتسليم ‪ :‬مشتق من السالم اسم ّ‬
‫العرب مادة “ سلم “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫ورد التسليم في القرآن بمعنى الرضاء التام بالقضاء ‪. . .‬‬
‫س ِّلّ ُموا ت َ ْس ِّليما ً‪“( 4 / 65 ) .‬‬
‫ْت َويُ َ‬ ‫قال تعالى ‪ ”:‬ث ُ َّم ال يَ ِّجدُوا فِّي أ َ ْنفُ ِّس ِّه ْم َح َرجا ً ِّم َّما قَ َ‬
‫ضي َ‬

‫‪588‬‬
‫“ ‪“ 589‬‬

‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫لم يخرج “ التسليم “ عند شيخنا األكبر عما جاء في تعريف المتقدمين ‪ ،‬ولخصه‬
‫الجرجاني بأنه استقبال القضاء بالرضاء ‪ . .‬وانه الثبوت عند نزول البالء ‪ ،‬من تغير‬
‫في الظاهر والباطن ‪. 1‬‬
‫على أن الشيخ ابن العربي اكد على ربط “ التسليم “ “ باألدب “ فال يدخل العبد قطاع‬
‫َّللا في التسليم أو عدمه‬
‫َّللا ‪ ،‬بل يقيم حيث اقامه ّ‬
‫التسليم ابتداء من نفسه ‪ ،‬أدبا مع ّ‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ثم إنه ‪ ،‬في نفس النون الرقمية ‪ ،‬التي هي شطر الفلك ‪ ،‬من العجائب ما ال يقدر على‬
‫يتصور ‪ ،‬ممن قام‬
‫ّ‬ ‫سماعها اال من ش ّد عليه مئزر التسليم وتحقق بروح الموت الذي ال‬
‫به ‪ ،‬اعتراض وال تطلع “ ‪ ( .‬ف السفر األول ‪ -‬فق ‪. ) 388‬‬

‫“ وللتسليم محال ومواضع قد شرعت التزم بها األدباء حاال ‪ .‬وغاب عنها أصحاب‬
‫األحوال ‪ .‬ولعدم التسليم ‪ 2‬محال ومواضع قد شرعت ‪.‬‬
‫فاالديب هو الواقف من غير حكم ‪ ،‬حتى يحكم الشارع الحق وهو خير الحاكمين‬
‫“ ( ف السفر الخامس ‪ -‬فق ‪. )325‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬انظر ‪ .‬التعريفات الجرجاني ص ‪. 59‬‬
‫) ‪( 2‬كما يراجع بشأن “ تسليم “‬
‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات السفر الثاني فق ‪ ( 455‬التسليم للقوم ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات السفر الخامس فق ‪ ( 381‬التسليم ‪ -‬الصبر ) ‪.‬‬

‫‪ - 346‬المسامرة‬
‫انظر “ خطاب الهي “ المعنى “ األول “ الفقرة “ الثانية “ ‪.‬‬

‫سمسمة‬ ‫‪ - 347‬ال ّ‬
‫ان “ السمسمة “ بذر أو ثمرة نبات سنوي أزهاره انبوبية الشكل ‪ ،‬ولكنها‬

‫‪589‬‬
‫“ ‪“ 590‬‬

‫عند الشيخ ابن العربي تتحول إلى رمز لكل ما يكتنفه الخفاء ويدق عن العبارة ‪ ،‬وال‬
‫تدركه حتى اإلشارة ‪. 1‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ السمسمة ‪ . . .‬معرفة دقيقة في غاية الخفاء تدق عن العبارة ‪ ، 2‬وال تدرك باإلشارة‬
‫مع كونها ثمرة شجرة ‪ [ . . .‬هذه الشجرة هي ] االنسان الكامل ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 2‬‬
‫‪. ) 130‬‬
‫لقد ربط الشيخ ابن العربي السمسمة باالنسان الكامل فجعلها ثمرته ‪ .‬ولهذا تفسيران ‪:‬‬
‫أوال ‪ -‬ان السمسمة رمز للمعرفة التي هي ثمرة االنسان ‪.‬‬

‫َّللا عندما خلق آدم الذي هو االنسان الكامل بقيت من طينته قدر “ السمسمة‬
‫ثانيا ‪ -‬ان ّ‬
‫“ هي ما يسميها الشيخ ابن العربي ارض الحقيقة ‪ ،‬وما يسميها الجيلي “ ارض‬
‫السمسمة “ ‪. 3‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫َّللا آدم عليه السالم ‪ . . .‬وفضل من الطينة بعد خلق النخلة قدر‬ ‫“ ‪ . . .‬لما خلق ّ‬
‫السمسمة في الخفاء ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 126 / 1‬‬
‫وواضح من النص ان السمسمة وردت من باب التشبيه بصغر حجمها ‪ 4‬ولكنها‬
‫وعز ادراكه ‪. 5‬‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ودق عن البيان‬ ‫أضحت رمزا لكل ما خفي‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يقول الشيخ ابن العربي في شرحه لكتاب خلع النعلين ورقة ‪ 169‬أ‬
‫“ ‪ :‬قصد [ ابن قسي ] في السمسمة المقدار مما هو االمر في نفسه عليه ال الغموض‬
‫والخفاء “ ‪. . .‬‬
‫) ‪( 2‬هذا التعريف حرفيا تقريبا نجده في ‪:‬‬
‫‪-‬لطائف االعالم ق ‪ 103‬ب‬
‫‪-‬جامع األصول الكمشخانوي ص ‪، 62‬‬
‫‪-‬تعريفات الجرجاني ص ‪. 127‬‬
‫)‪(3‬‬

‫‪590‬‬
‫“ ‪“ 591‬‬

‫) ‪( 4‬راجع كتاب “ كشف الغايات في شرح ما اكتنفت عليه التجليات “ نشر عثمان‬
‫يحي مجلة المشرق ‪ 1967‬ص ص ‪ 458 - 457‬حيث يستعمل الشارح للتجليات‬
‫كلمة سمسمة كاستعمال القرآن الكريم لكلمة ذرة في اآلية” َو َم ْن يَ ْع َم ْل ِّمثْقا َل ذَ َّرةٍ‪. . .‬‬
‫“ ‪ ) 8 - 7 / 99 ( .‬انظر الشرح مع امالء ابن سودكين ‪.‬‬
‫) ‪( 5‬ينتقل الجيلي من “ السمسمة الباقية من طينة آدم “ اي من التشبيه بين الطينة‬
‫الباقية في صغرها بالسمسمة إلى استعمال كلمة سمسمة كرمز لهذه الطينة فتصبح ‪:‬‬
‫ارض السمسمة ‪ .‬يقول ‪:‬‬
‫“ ومن هذا التجلي [ تجلي صفة القدرة ] عجائب “ السمسمة “ الباقية من طينة آدم التي‬
‫ذكرها الشيخ ابن العربي في كتابه “ ( االنسان الكامل ‪/ 41 ) 1‬‬
‫َّللا ان هذا عالم الغيب رجاله جزيلة العدد ‪ . . .‬ينبغي‬ ‫ي رجل ‪ . . .‬وقال ‪ّ :‬‬‫“ فبرز ال ّ‬
‫للواصل إليهم ‪ . . .‬ان يتزيا بزيهم الفاخر ‪ . . .‬قلت [ الجيلي ] ‪ :‬ومن اين أجد تلك‬
‫األثواب ‪ . . .‬فقال ‪ :‬الثياب في سوق السمسمة الباقية واألطياب في ارض ‪. . .‬‬
‫فقلت ‪:‬‬
‫وهل أجد سبيال إلى هذا المحل العجيب [ سوق السمسمة الباقية ] ‪ . . .‬فقال نعم ‪ :‬إذا‬
‫كمل وهمك ‪ . . .‬وتم ّكنت بمشاهدة الحس لمعاني الخيال ‪ . . .‬حينئذ تنسج لك من تلك‬
‫المعاني ثيابا وإذا لبستها فتح لك إلى السمسمة بابا ‪ . . .‬فأشار بيده بعد همهمة فإذا انا‬
‫في ارض السمسمة “ ( االنسان الكامل ج ‪ 2‬ص ص ‪. ) 27 - 26‬‬

‫‪ – 348‬االسم‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ السين والميم والواو أصل يدل على السمو ‪ . . .‬ويقال إن أصل “ اسم “ سمو ‪ ،‬وهو‬
‫من العلو ‪ ،‬ألنه تنويه وداللة على المعنى “ ( معجم مقاييس اللغة مادة “ سمو ‪“ ) .‬‬
‫“ واسم الشيء ‪ . . .‬عالمته ‪ ،‬واللفظ ‪ 1‬الموضوع على الجوهر والعرض للتمييز‬
‫“ ( الفيروزآبادي المحيط ج ‪ 4‬ص ‪. ) 344‬‬
‫“ اعلم أن االسم مشتق اما من السمو على ما هو قول البصريين أو من السمة‬

‫‪591‬‬
‫“ ‪“ 592‬‬

‫على ما هو قول الكوفيين ‪ ( “ . . .‬لوامع البينات في األسماء والصفات ‪ ،‬الفخر‬


‫الرازي ص ‪. ) 10‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫‪-‬لقد وردت كلمة “ اسم “ مفردة مضافة إلى ‪:‬‬
‫َّللا‪/ 28 ] 22 ، / 1186 ، “ [ 5 / 4‬‬ ‫َّللا ‪ “ :‬اسم ّ‬
‫‪ّ -‬‬
‫‪-‬الرب ‪ِّ ”:‬باس ِّْم َر ِّبّ َك‪/ 52 ] 69 ، “ *[ 56 / 74‬‬
‫“ اسم ربه ] ‪“ [ 87 / 15‬‬
‫‪-‬الضمير الذي يعود إلى االنسان ‪ “ :‬اسمه يحي ] ‪“ [ 19 / 7‬‬
‫“ اسمه المسيح ] ‪“ [ 3 / 45‬‬
‫“ اسمه احمد ] ‪“ [ 61 / 6‬‬
‫ّلل ْاألَسْما ُء ْال ُحسْنى “[ ‪/ 17 ، 180 / 7‬‬
‫‪1 -‬كما وردت في الجمع ‪ :‬أسماء ‪َ ”.‬و ِّ َّ ِّ‬
‫‪ ] 110‬والجدير بالذكر انه لم يرد في القرآن عبارة “ اسم الهي “ أو “ أسماء الهية‬
‫َّللا “ ‪ 2‬و “ أسماء حسنى “ ‪.‬‬ ‫“ بل ورد “ اسم ّ‬
‫عند الشيخ ابن العربي ‪: 3‬‬
‫لشرح لفظة “ اسم “ هناك عقبتان ‪ ،‬فمن ناحية ‪ :‬يضمر ‪ ،‬الشيخ ابن العربي لنوع ‪ 4‬أو‬
‫الوجه المقصود من اللفظ دون االفصاح عنه ‪ ،‬مما يوقعنا في اتهامه بالتناقض ‪.‬‬
‫مثال ‪ :‬يقول “ اسم “ ومراده ‪ “ : 5‬حقيقة االسم “ أو “ عين االسم “ أو “ مرتبة االسم‬
‫“ أو “ لفظ االسم “ ‪ 6‬أو “ ماهيته “ ‪ ،‬إلى غير ذلك من الوجوه التي تقبلها لفظة اسم ‪.‬‬

‫ومن ناحية ثانية ‪ :‬ان االسم عامة ‪ ،‬واالسم اإللهي خاصة يشكالن قطبين يدور حولهما‬
‫الشيخ ابن العربي في وقت واحد متداخل ‪ ،‬رغم تباعدهما في الظاهر ‪ ، 7‬فهو ينتقل‬
‫بشكل مفاجئ أشبه بالتداعي بين االسم واالسم اإللهي ‪ ،‬أو كأنه يحاول ان يعطي‬
‫تعريفات عامة لالسم يخلص منها إلى االسم اإللهي ‪.‬‬
‫وهذا االنتقال بين االسم مطلقا واالسم اإللهي يوقع القارئ في حيرة عدم التمييز ‪.‬‬
‫وسنكتفي هنا ببحث االسم مطلقا ( ماهيته ‪ -‬حقيقته ) على أن نفرد لالسم اإللهي فيما‬
‫يلي مادة خاصة به ‪.‬‬
‫***‬

‫‪592‬‬
‫“ ‪“ 593‬‬
‫*ماهية االسم ‪:‬‬
‫االسم هو ما يطلق بالوضع على حقيقة لتمييزها من أخرى ‪ ،‬دون اإلشارة إلى معنى‬
‫قائم في ذات تلك الحقيقة ‪. 8‬‬
‫وبذلك يتميز االسم عن الصفة والنعت ‪، 9‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ فاألسماء انما هي موضوعة ّّلل ‪ . . .‬فان عقل من االسم معنى في المسمى يدل عليه‬
‫االسم فليس هو المقصود باالسم ‪ .‬الن أصل الوضع في األسماء انما هو لتمييز عين‬
‫المسمى من مسمى آخر خاصة ‪ . . .‬واألوصاف انما هي لمعان تكون في الموصوف‬
‫تسمى صفات ‪ :‬كالعالم اسم من قامت به صفة العلم ‪ ،‬وهو وصف للعالم ليس باسم ‪،‬‬
‫واسمه مثال علي أو زيد أو خالد فهذا هو اسمه الذي يدل على عينه خاصة ‪ ،‬فان سمي‬
‫بعالم ابتداء كما سمي بزيد وعلي فليس هو بمقصود للواضع ان سماه عالما لقيام صفة‬
‫العالم [ العلم ] ‪ . . .‬فمتى ما توهمها [ صفة العلم ] واضع االسم فليس بمسم على‬
‫الحقيقة وانما هو واصف ‪ ،‬وهكذا في كل اسم ‪ . . .‬يدل على معنى يقوم بالمسمى فهو‬
‫وصف في الحقيقة ‪ . . .‬والمراد الصفة والعين من حيث تلك الصفة ال من حيث ذاتها ‪:‬‬
‫فهذا هو الفرق بين االسم والصفة ‪ ،‬وهكذا ينبغي أن تكون أسماء ‪ 10‬الباري الخاصة‬
‫ان تدل على مجرد الذات ‪ . . .‬واما النعوت والفرق بينها وبين األسماء واألوصاف‬
‫[ ف ] انها ‪ . . .‬ألفاظ تدل على الذات من حيث اإلضافة ‪ . . .‬كاألول ‪. . .‬‬
‫فاألسماء ‪ . . .‬للعين من غير أن تعطي من الماهية شيئا وال من معانيها القائمة ‪،‬‬
‫والنعت ‪ . . .‬يدل على الماهية بوجه ‪ .‬والوصف ‪ . . .‬يدل على معنى في الذات ‪. . .‬‬
‫“ ( كتاب األزل ص ‪. ) 16 - 13‬‬
‫****‬
‫“ حقيقة االسم “ بالنسبة للمسمى ‪:‬‬
‫ان لالسم ‪ 11‬داللتين ‪ :‬داللة على المسمى ‪ ،‬وداللة على حقيقته هو ‪.3‬‬
‫اما داللته على المسمى فهذا ما سنراه قريبا عند الكالم على عالقة االسم بالمسمى ‪.‬‬
‫واما بالنسبة لداللته على حقيقته فنقول ‪:‬‬
‫ّ‬
‫المعز يفارق المذل ويفارق‬ ‫ان لكل اسم حقيقة تميزه عن غيره من األسماء ‪ ،‬فاالسم‬
‫العالم والمريد وغيره من األسماء بحقيقة ينفرد بها ‪ ، 12‬فاألسماء اإللهية على كثرتها‬
‫ليس فيها مترادفات ‪.13‬‬

‫‪593‬‬
‫“ ‪“ 594‬‬
‫يقول الشيخ األكبر ‪:‬‬
‫“ إذا قصدت حقيقة االسم ‪ ،‬؛ وتميزه عن غيره ‪ ،‬فان له داللتين ‪: 14‬داللة على‬
‫المسمى به ‪ .‬وداللة على حقيقته التي بها يتميز عن اسم آخر ( “ ف ‪) . 210 / 1‬‬
‫“ لألسماء داللتان ‪ . . .‬داللتها على المسمى الواحد الذي يجتمع فيه األسماء كلها‬
‫‪ . . . 15‬والداللة المطلوبة ما تتميز به األسماء من المعاني [ اي حقائق‬
‫األسماء ] ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 369 / 4‬‬

‫“ ان كل اسم ‪ 16‬يدل على الذات ‪ ،‬وعلى المعنى الذي سيق له ويطلبه [ يطلب حقيقة‬
‫االسم ] ‪ ،‬فمن حيث داللته على الذات له جميع األسماء ‪ 17‬ومن حيث داللته على‬
‫المعنى الذي ينفرد به ‪ ،‬يتميز عن غيره ‪ :‬كالرب والخالق والمصور ‪. . .‬‬
‫“ ( الفصوص ج ‪ / 1‬ص ‪. ) 79‬‬
‫“ فالمعز [ االسم اإللهي ] هو المذل من حيث المسمى ‪ ،‬والمعز ليس المذل من حيث‬
‫نفسه وحقيقته “ ‪ ( .‬الفصوص ص ‪. ) 93 / 1‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يقول صاحب “ لطائف االعالم “ ‪ “ :‬اال ان االسم في اللغة منحصر في اللفظ‬
‫القولي ‪ ،‬بل وفي االصطالحات النحوية على ما يكون قسما مقابال للفعل والحرف ‪،‬‬
‫واما على قواعد أهل الحقيقة فان اللفظ انما هو اسم االسم ‪ .‬وان االسم الحقيقي انما هو‬
‫وجود متعين ‪“ .‬‬
‫( ص ‪ 21‬ب ) ‪.‬‬
‫راجع “ اسم االسم “‬
‫َّللا “ في هذا المعجم ‪.‬‬‫) ‪( 2‬راجع كلمة “ اله “ و “ ّ‬
‫) ‪( 3‬قبل البدء بشرح االسم عند الشيخ ابن العربي ‪ ،‬نرى من األفضل ان نورد‬
‫اقسامه وان كنا بذلك نخالف التسلسل المنطقي ‪ ،‬وذلك ان معرفتنا هذه االقسام تجعلنا‬
‫نضع كل تعريف يرد لالسم في اطاره المناسب ‪.‬‬

‫فاألسماء خمسة أقسام ‪:‬‬


‫َّللا ‪.‬‬
‫‪ - 1‬اسم علم ‪ :‬يدل على الذات بحكم المطابقة مثال ‪ّ :‬‬
‫‪ - 2‬اسم يدل على تنزيه ‪ ،‬يطلب الذات لذاتها مثال ‪ :‬االحد ‪.‬‬
‫‪ - 3‬اسم يثبت عين الصفة ‪ :‬يعطي عين الصفة الثبوتية الذاتية ‪ :‬العالم ‪ ،‬القادر ‪،‬‬
‫المريد ‪. . .‬‬
‫‪ - 4‬اسم يعطي النعت ‪ :‬يفهم منه النسب واإلضافات ‪ :‬األول اآلخر الظاهر‬
‫الباطن ‪. . .‬‬
‫‪ - 5‬اسم يعطي الفعل ‪ :‬يفيد صدور الفعل مثل ‪ :‬الخالق الرازق الباري ‪. . .‬‬
‫نورد هنا نصا اللشيخ ابن العربي يبين األقسام الخمسة التي ذكرناها يقول ‪:‬‬

‫‪594‬‬
‫“ ‪“ 595‬‬
‫َّللا يدل على الذات‬
‫َّللا ‪ ،‬فاالسم ّ‬
‫“ وما بأيدينا اسم مخلص علم للذات سوى هذا االسم ّ‬
‫بحكم المطابقة كاألسماء االعالم على مسمياتها ‪ ،‬وثم أسماء تدل على تنزيه ‪ ،‬وثم‬
‫أسماء تدل على اثبات أعيان صفات وان لم تقبل ذات الحق قيام االعداد ‪ ،‬وهي‬
‫األسماء التي تعطي أعيان الصفات الثبوتية الذاتية كالعالم والقادر والمريد‬
‫والسميع ‪ . . .‬وأسماء تعطى النعوت فال يفهم منها في االطالق اال النسب واإلضافات‬
‫كاألول واآلخر ‪ . . .‬وأسماء تعطي االفعال كالخالق والرازق ‪ . . .‬وانحصر االمر‬
‫وجميع األسماء اإللهية بلغت ما بلغت ال بد ان ترجع إلى واحد من هذه االقسام أو إلى‬
‫أكثر من واحد ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 197/ 4‬‬
‫َّللا‬
‫اللشيخ ابن العربي نص آخر يخالف فيه ما ذهب اليه هنا ‪ ،‬حيث يرى أن االسم “ ّ‬
‫“ ال يدل على الذات بحكم المطابقة ‪ ،‬بل اسم الذات هو “ الواحد االحد “ [ “ راجع‬
‫َّللا “ ] ‪.‬‬
‫“ اسم الذات “ “ اسم مرتبة “ “ ّ‬
‫كما نالحظ ان الشيخ ابن العربي لم يوضح في النص السابق األسماء التي تدل على‬
‫التنزيه فننقل مقطعا آخر من الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪: 57‬‬
‫“ فاألسماء التي تطلب التنزيه هي األسماء التي تطلب الذات لذاتها ‪ . . .‬فأسماء التنزيه‬
‫كالغنى واالحد وما يصح ان ينفرد به ‪. . . “ .‬‬
‫وهكذا نجد ان الشيخ ابن العربي قسم األسماء إلى أصول خمسة ‪.‬‬
‫واعتبار التقسيم عنده يشبه إلى حد بعيد كالم الفخر الرازي في االعتبار األول لتقسيم‬
‫األسماء في كتابه مفاتيح الغيب ‪.‬‬
‫ونستخلص من كالم الفخر الرازي ان االعتبارات المرعية في تقسيم األسماء ستة ‪:‬‬
‫االعتبار األول ‪ :‬االسم اما ان يكون اسما للذات ‪ ،‬أو لجزء من اجزاء الذات أو لصفة‬
‫خارجة عن الذات قائمة بها ‪.‬‬
‫َّللا تعالى ‪ ،‬يبقى اسم‬
‫َّللا ‪ ،‬واما اسم الجزء فهو محال في حق ّ‬ ‫اما الذات فهو االسم ّ‬
‫الصفة التي تقسم أربعا ‪ :‬حقيقية مثل الوجود والحياة ‪ ،‬إضافية مثل الخالق ‪ . . .‬سلبية‬
‫مثل قدوس ‪ ،‬وما يتركب عن هذه ( االقسام ) الثالثة ‪.‬‬
‫وينتهي إلى القول بان اإلضافات والسلوب غير متناهية “ فيحصل بسبب هذين النوعين‬
‫من االعتبارات [ اإلضافات والسلوب ] أسماء ال نهاية لها ّّلل تعالى ‪ ،‬الن مقدوراته‬
‫غير متناهية ‪“ .‬‬
‫وغني عن المقارنة تقسيم الرازي في هذا االعتبار األول بتقسيم الشيخ ابن العربي‬
‫األسماء إلى خمسة ‪.‬‬
‫اما االعتبارات الخمسة الباقية التي يوردها الفخر الرازي فمنها تقسيمات للمتكلمين‬
‫والفالسفة ‪. . .‬‬
‫فالمتكلمون قسموا الصفات إلى ثالثة أنواع ‪ :‬ما يجب وما يجوز وما يستحيل ‪ ،‬وهذا‬
‫التقسيم في الصفات أدى إلى وجود أسماء محصوصة لكل نوع ‪.‬‬
‫اما التجربة العقلية الفلسفية فتمدنا بأسماء للخالق فهو محدث لألشياء ‪ . . .‬مرجح‪. . .‬‬

‫‪595‬‬
‫“ ‪“ 596‬‬
‫واجب الوجود “ وهنا ليس العلم بصفاته تعالى وأسمائه واقعا في درجة واحدة ‪ ،‬بل العلم بها‬
‫علوم مترتبة يستفاد بعضها من بعض ‪“ .‬‬
‫فليراجع كتاب مفاتيح الغيب للفخر الرازي ج ‪ 4‬ص ص ‪ 320 - 319‬الطبعة األولى سنة‬
‫‪ 1308‬هـ المطبعة الخيرية المنشأة بجمالية قصر المحمية ‪ .‬كما يقول الفخر الرازي ‪:‬‬
‫“ فثبت ‪ . . .‬ان االسم جنس تحته أنواع ثالثة ‪ :‬أسماء االعالم ‪ ،‬وأسماء األجناس ‪،‬‬
‫واألسماء المشتقة‬
‫‪“.‬‬
‫اما االسم العلم فهو الذي يفيد الشخص المعين من حيث إنه ذلك المعين ‪.‬‬
‫واسم الجنس يفيد الماهية التي هي القدر المشترك بين االشخاص في غير داللة على شخص‬
‫معين ‪ ،‬واالسم المشتق يدل على كون الشيء موصوفا بالصفة الفالنية كالعالم والقادر ‪. . .‬‬
‫يراجع مفاتيح الغيب ج ‪ 1‬ص ص ‪ 53 - 40‬الباب الرابع طبع المطبعة البهية مصر ‪.‬‬

‫) ‪( 4‬النوع يقصد بها األنواع الخمسة التي أوردناها في الهامش السابق ‪.‬‬
‫) ‪( 5‬هذا االضمار للوجه المقصود من اللفظ ليس غريبا على جماعة المتصوفة ‪ ،‬يقول‬
‫صاحب لطائف االعالم ‪ “ :‬ثم إن االسم قد يطلق ويراد به عين اللفظ القولي ‪ ،‬وقد يذكر‬
‫ويراد به االسم الحقيقي الذي هو مسمى هذا اللفظ ‪ ،‬وقد يذكر ويراد به عين المسمى ‪. . .‬‬
‫“ ( لطائف االعالم ‪ 21‬ب ‪ 22 -‬أ ) ‪.‬‬
‫) ‪“ ( 6‬لفظ االسم “ هو اسم االسم عند الشيخ ابن العربي ‪ ،‬راجعه في هذا المعجم ‪.‬‬
‫فيعرف االسم ‪ “ :‬االسم ما‬
‫ّ‬ ‫) ‪( 7‬يفرد الجيلي فصال في “ االنسان الكامل “ لالسم عامة ‪،‬‬
‫يعيّن المسمى في الفهم ‪ ،‬ويصوره في الخيال ‪ ،‬ويحضره في الوهم ‪ ،‬ويدبره في الفكر ‪،‬‬
‫ويحفظه في الذكر ‪ ،‬ويصوره في العقل ( ‪ “ .‬ص ‪) . 16‬‬
‫) ‪( 8‬يالحظ ان هذا التعريف لالسم ‪ ،‬هو في الواقع تعريف لالسم العلم ‪ .‬ألنه يقول في‬
‫مكان آخر ‪ “ :‬كل اسم يعطي االشتقاق ويدل على معنى يقوم بالمسمى فهو وصف في‬
‫الحقيقة ‪. . .‬‬
‫كاّلل والهو ‪. . .‬‬
‫[ وهكذا ] ينبغي أن تكون أسماء الباري الخاصة ان تدل على مجرد الذات ّ‬
‫َّللا ] االسم األعظم ألنه ال يتقيد بمعنى ما في الذات ‪. . .‬‬
‫ولهذا جعلوه [ جعل المحققون اسم ّ‬
‫وانما داللته على عين الذات بخالف اسمه “ القادر “ فإنه يدل على معنى في الذات يسمى‬
‫القدرة ‪ ( “ . . .‬كتاب األزل ‪. )14- 13‬‬
‫) ‪( 9‬اللشيخ ابن العربي رسالة خاصة عنوانها “ كتاب الفرق بين االسم والنعت والصفة‬
‫“ وردت في فهرست مؤلفات الشيخ ابن العربي ‪ ،‬نشر أبو العال عفيفي ‪ ،‬مجلة كلية‬
‫اآلداب ‪ .‬جامعة اإلسكندرية سنة ‪ 1954‬ص ‪ 207‬رقم ‪. 248‬‬
‫كما يراجع أيضا بشأنها عثمان يحي ‪Hist . et class T . 1 p . p 320 - R . G .‬‬
‫‪310‬اال ان هذه الرسالة مفقودة ‪ ،‬وقد جرت العادة عند عثمان يحي في حال فقدان كتاب من‬
‫كتب الشيخ ابن العربي ان يشير ‪ -‬حسب ظنه ‪ -‬إلى نفس المعنى في الفتوحات أو غيره ‪.‬‬
‫ونعتمد طريقته ونرجح الظن بان موضوع كتاب “ الفرق بين االسم والنعت والصفة‬
‫“ موجود في آخر كتاب األزل ‪ :‬فصل‬

‫‪596‬‬
‫“ ‪“ 597‬‬
‫بعنوان ‪ “ :‬تنبيه “ ص ص ‪ 16 - 12‬نشر حيدرآباد ‪.‬‬

‫َّللا ‪ ،‬فإنه‬ ‫) ‪( 10‬يرى الشيخ ابن العربي انه من إساءة األدب اطالق لفظ صفة على ّ‬
‫َّللا أسماء وليس صفات ‪.‬‬ ‫سبحانه نزه نفسه عما يصفون ‪ ،‬اذن كل ما يطلق على ّ‬
‫َّللا حيث يطلق‬ ‫“ وهكذا كل ما تسميه به أو تصفه أو تنعته ‪ ،‬ان كنت ممن يسيء األدب مع ّ‬
‫ح‬
‫س ِّبّ ِّ‬ ‫لفظ صفة على ما نسب اليه أو لفظ نعت ‪ ،‬فإنه ما اطلق على ذلك اال لفظ اسم ‪ .‬فقال” َ‬
‫سبْحانَ َر ِّبّ َك َربّ ِّ ْال ِّع َّزةِّ‬ ‫اس َْم َر ِّبّ َك “[ ‪ ] 1 / 87‬و” ت َ َ‬
‫بار َك ا ْس ُم َر ِّبّ َك “[ ‪ُ ”. . . ] 78 / 55‬‬
‫َّللا نفسه عن الوصف لفظا ومعنى ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 1‬‬ ‫صفُونَ “[ ‪ ] 18 / 37‬فنزه ّ‬ ‫ع َّما يَ ِّ‬‫َ‬
‫‪. ) 204‬‬
‫وسنبحث ذلك بشيء من التفصيل عند الكالم على “ الصفة “ راجع “ صفة ‪“ .‬‬
‫) ‪( 11‬يناسب االسم هنا جميع االقسام الواردة عند الشيخ ابن العربي ما عدا االسم العلم ‪.‬‬
‫كما يناسب االسم مطلقا واالسم اإللهي الن ضمير الشيخ ابن العربي في االسم اإللهي يظهر‬
‫من األمثلة التي يشرح بها النص ‪.‬‬
‫) ‪( 12‬ننقل هنا نصا للشيخ ابن العربي يتكلم فيه على أبي يزيد ويظهر اختالف األسماء‬
‫ش ُر ْال ُمت َّ ِّقينَ‬ ‫من حيث حقائقها ‪ . . . “ :‬سمع أبو يزيد البسطامي قارئا يقرأ هذه اآلية” يَ ْو َم نَحْ ُ‬
‫من َو ْفدا ً “[ ‪/ 85 ] 19‬فبكى حتى ضرب الدمع المنبر ‪ ،‬بل روى أنه طار الدم من‬ ‫الرحْ ِّ‬ ‫ِّإلَى َّ‬
‫عينيه حتى ضرب المنبر وصاح وقال ‪ :‬يا عجبا كيف يحشر اليه من هو جليسه ‪ .‬فلما جاء‬
‫زماننا سئلنا عن ذلك فقلت ‪ :‬ليس العجب اال من قول أبي يزيد ‪ .‬فاعلموا انما كان ذلك الن‬
‫المتقي جليس “ الجبار “ فيتقي سطوته ‪ ،‬واالسم “ الرحمن “ ما له سطوة ‪ . . .‬فلذلك يحشر‬
‫اليه [ المتقي ] من االسم “ الجبار “ الذي يعطي السطوة والهيبة فإنه جليس المتقين في‬
‫الدنيا ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 210 / 1‬‬
‫) ‪( 13‬يرى الغزالي انه ال يمكن ان يكون هناك اسمان مترادفان من األسماء التسعة‬
‫والتسعين [ راجع “ أسماء االحصاء “ ] ويذهب إلى ابعد من ذلك يقول ‪ “ :‬فإذا رأينا لفظين‬
‫متقاربين فال بد من أحد امرين ‪ :‬أحدهما ‪ ،‬ان نبين ان أحدهما خارج عن التسعة‬
‫والتسعين ‪ . . .‬الثاني ان يتكلف اظهار مزية الحد اللفظين على اآلخر ببيان اشتماله على‬
‫داللة ال يدل عليها اآلخر ‪“ .‬‬
‫يراجع الغزالي المقصد األسنى ‪ ،‬تحقيق فضلة شحادة ‪ ،‬نشر دار المشرق ‪ ، 1971‬الفصل‬
‫الثاني ص ص ‪. 38 - 36‬‬
‫وهناك كتب كثيرة تتناول شرح هذه األسماء وتظهر من الشروحات أوجه التمييز ‪ .‬فليراجع‬
‫َّللا الحسنى ‪ ،‬تحقيق احمد يوسف الدقاق‬ ‫كتاب الزجاج ( ‪ 311 - 241‬ه ) تفسير أسماء ّ‬
‫مطبعة محمد هاشم الكتبي ‪ 1975‬م ‪.‬‬
‫) ‪( 14‬راجع “ اعجاز البيان “ ص ‪. 108‬‬
‫) ‪( 15‬من الواضح ان المسمى بكل هذه األسماء اإللهية واحد ‪ ،‬فالذات واحدة لها أسماء‬
‫كثيرة ‪ ،‬فمن ناحية هذه األسماء تشترك جميعها في داللتها على الذات ‪ ،‬وفعل الداللة نفسه‬
‫طريق فجميع األسماء طرق توصل إلى الذات اي المسمى الواحد ‪ .‬وعندما توصل إليها‬
‫فبالتالي تجتمع جميعها فيها ‪ .‬وللشيخ ابن العربي في عنقاء مغرب باب اسمه “ محاضرة‬
‫أزلية على نشأة أبدية “ يبدأه كالتالي ‪ “ :‬اجتمعت األسماء بحضرة المسمى اجتماعا ‪. . .‬‬
‫“ ( فلتراجع ص ص ‪- 36 ) . 33‬‬

‫‪597‬‬
‫“ ‪“ 598‬‬

‫ومن ناحية ثانية ‪ :‬ان هذه األسماء اإللهية تتميز فيما بينها بحقائقها وال يجمعها اال‬
‫االشتراك في داللتها على الذات ‪ ،‬فالذات هي التي تجمع ‪ ،‬وتجتمع فيها األسماء ‪.‬‬

‫) ‪( 16‬األسماء اإللهية هي نفسها األسماء الحسنى الواردة في القرآن المحصاة في‬


‫األحاديث ‪ ،‬والشيخ ابن العربي يستعملها بتطابق كلي ‪.‬‬
‫راجع مادة “ اسم “ فقرة “ االسم في القرآن ‪“ .‬‬
‫) ‪( 17‬ان “ االسم “ يقبل الجمع عند الشيخ ابن العربي ‪ “ :‬أسماء “ اما المسمى فهو‬
‫دائما واحد ‪ ،‬وكل اسم من هذه األسماء يدل على الذات المسماة بكل األسماء ‪ .‬ولذلك‬
‫يكون في طاقة كل اسم عنده ان يتسمى بجميع األسماء الن المسمى في الحقيقة واحد ‪،‬‬
‫يقول في ترجمان األشواق ص ‪: 153‬‬
‫“ وقد أشار صاحب الخلع [ ابن قسي ] إلى شيء من هذا في قوله ‪ :‬اي اسم اخذته من‬
‫األسماء كان مسمى بجميع األسماء وسبب ذلك التوحيد العين ‪ ،‬وعدم التشبيه بالكون‬
‫‪“.‬‬
‫يقول ابن قسي ‪:‬‬
‫“ وكل اسم من أسمائه العظام عز وجهه ‪ ،‬رحمان ‪ . . .‬عليم حكيم ‪ . . .‬إلى آخر تعداد‬
‫أسمائه ‪ . . .‬كل اسم منها جامع األسماء ‪ [ “ . . .‬خلع النعلين مخطوط شهيد على رقم‬
‫‪ 1174‬ق ‪ 77‬ب ] ‪.‬‬
‫وقد افرد أبو العال عفيفي دراسة ألبي القاسم بن قسي وكتابه خلع النعلين ‪ ،‬في مجلة‬
‫كلية اآلداب جامعة اإلسكندرية سنة ‪ 1957‬وتعرض في شرحه لمذهب ابن قسي ‪،‬‬
‫البرز آرائه في مسائل اإللهيات والكونيات والمعرفة وأولى هذه المسائل ‪ :‬نظريته في‬
‫األسماء اإللهية ‪ ،‬حيث يبين عفيفي كيف ان كل اسم من األسماء اإللهية عند ابن قسي‬
‫مسمى بجميع األسماء ‪ ،‬وكيف استفاد الشيخ ابن العربي من هذه الفكرة واستغلها إلى‬
‫أقصى ح ّد ‪.‬‬
‫فليراجع ص ص ‪.76 – 75‬‬

‫ي‪1‬‬ ‫‪ - 349‬االسم اإلله ّ‬


‫ال يمكن فهم االسم اإللهي عند الشيخ ابن العربي اال من خالل موقف خاص ‪ ،‬وهو‬
‫عالقته بالمسمى ‪.‬‬
‫اذن االسم والمسمى هما بابنا الوحيد لتحديد االسم اإللهي ‪.‬‬
‫ولكن ما عالقة االسم بالمسمى ‪ 2‬في مذهب يدين بالوحدة ؟‬
‫االسم ‪ :‬هو الدليل على المسمى ‪ -‬والطريق إلى المسمى ‪ -‬وهو المسمى وإليك نصوصا‬
‫تبين ما أوردناه ‪.‬‬
‫) ‪“ ( 1‬ان لكل اسم داللتين ‪ : 3‬داللة على المسمى ‪ [ “ . . .‬راجع “ اسم “ فقرة حقيقة‬
‫االسم بالنسبة للمسمى ] ‪.‬‬

‫‪598‬‬
‫“ ‪“ 599‬‬

‫) ‪“ ( 2‬ما أعجب مرتبة االسم ‪ ،‬وما أعطى من األثر في الرسم ‪ ،‬ال يجيب الحق اال‬
‫من دعاه وال يدعى اال بأسمائه ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 393 / 4‬‬
‫“ االسم سلّم إلى المسمى ‪ ( “ . . .‬ف السفر الثاني فقرة ‪. ) 237‬‬
‫) ‪“ ( 3‬فاالسم المسمى من حيث الذات ‪ ( “ 4‬الفصوص ‪. ) 79 / 1‬‬
‫“ واالسم هو المسمى “ ‪ ( 5‬ف ‪. ) 216 / 2‬‬
‫“ االختالف في االسم والمسمى والتسمية ‪ ،‬اختالف في اللفظ “ ( ف ‪ .‬السفر األول‬
‫ص ‪) 205‬‬
‫وبعد هذا االيجاز في عالقة االسم والمسمى نستطيع ان نخلص إلى تحديدات االسم‬
‫دون ان نؤخذ بعروج المصطلح تبعا لموقفه من المسمى ‪.‬‬
‫****‬
‫االسم هو المتحول والمتغير في مقابل الثابت ( ذات ) ‪ ،‬وأصل الكثرة في مقابل الوحدة‬
‫( ذات ) ‪ ، 6‬والنسب في مقابل العين ( ذات ) ‪.‬‬
‫) ‪( 1‬ننقل هنا نصين للشيخ ابن العربي يظهر فيهما تغير االسم للذات الواحدة‬
‫بتغير ‪:‬‬
‫العوالم والحضرات والمراتب ‪ ،‬فالمسمى واحد تتوالى عليه األسماء ‪ :‬محسوسات‬
‫متخيالت ‪ ،‬مذكورات ‪ ،‬محفوظات ‪ ،‬متفكرات ‪ ،‬معقوالت ‪ ،‬اسرار ‪ ،‬أو كما يحلو‬
‫للشيخ ابن العربي دائما ان يشرح نظريته في الوحدة بطريقة حسابية ‪ :‬الواحد والعدد ‪.‬‬
‫فالحقيقة واحدة بالذات كثيرة باألسماء ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬اما الحضرة الحسية فإنها تجبي المحسوسات ‪ . . .‬والخيال أميرها وصاحب‬
‫خراجه ‪ :‬الحس ‪ ،‬فتأخذ الحواس جميع المحسوسات على اختالف أصنافها وتؤديها إلى‬
‫الحس صاحب الخراج ‪ ،‬فيرفعها في خزانة الخيال فتكسب هناك اسما من جنس ما‬
‫رفعت اليه ‪ ،‬وزال عنها اسم المحسوسات وانطلق عليها اسم المتخيالت ‪ ،‬ثم يكون‬
‫الخيال أيضا صاحب خراج تحت سلطان الذكر فيحفظها ‪ ،‬وينتقل هناك اسم المتخيالت‬
‫عنها إلى المذكورات والمحفوظات ‪ . . .‬فتنتقل عليها األسماء بانتقالها وهي واحدة في‬
‫ذاتها “ ‪ ( .‬التدبيرات اإللهية ص ‪. )187 - 189‬‬
‫“ فترى العدد واحدا ‪ ،‬لكن له سير في المراتب ‪ ،‬فيظهر بسيره أعيان االعداد ‪. . .‬‬
‫فتختلف عليه األسماء باختالف المراتب ‪ . . .‬وسمي في تلك المرتبة بما تعطيه حقيقة‬
‫تلك المرتبة ‪ ( “ . . .‬الفناء في المشاهدة ص ‪. )2 – 3‬‬
‫) ‪ ( 2‬يقول الشيخ ابن العربي في الفصوص ‪:‬‬
‫“ فوجود الكثرة في األسماء ‪ ،‬وهي النسب ‪ ،‬وهي أمور عدمية ‪ ، 7‬وليس اال‬

‫‪599‬‬
‫“ ‪“ 600‬‬

‫العين ‪ ،‬الذي هو الذات “ ‪ ( .‬ج ‪ 1‬ص ‪. ) 76‬‬


‫“ فمن وقف مع الكثرة كان مع العالم ومع األسماء اإللهية ‪ . . .‬ومن وقف مع األحدية‬
‫َّللا من حيث األسماء اإللهية التي تطلبنا‬
‫كان مع الحق من حيث ذاته ‪ . . .‬فاحدية ّ‬
‫َّللا من حيث الغنى عنا وعن األسماء أحدية العين “ ‪ ( .‬ج ‪1‬‬ ‫أحدية الكثرة ‪ ،‬وأحدية ّ‬
‫ص ‪. ) 105 - 101‬‬
‫****‬
‫االسم هو المرتبة الوجودية ‪ ،‬التي تتجلى فيها الذات ‪ 8‬بحيث تكون حقيقة الهية معقولة‬
‫مميزة ‪ . 9‬يقول ‪:‬‬
‫“ اعلم أن االسم كل تجل ظهر من غيب الوجود وتميز عنه ‪ . . . 10‬فهو عالمة ‪11‬‬
‫على مسماه ‪ ،‬ليعرف بحسبها ‪.‬‬
‫واللفظ الدال على الظاهر المتميز ‪ ،‬الدال على المسمى ( هو ) اسم االسم ‪. 12‬‬
‫َّللا “ هو الظاهر المتميز عن الحق باعتبار تعينه في شأن كلي ‪ . . .‬والملحوظ‬ ‫“ فاالسم ّ‬
‫باّلل “ الوجود مع المرتبة ‪ ،‬و “ بالرحمن “ الوجود من حيث انبساطه‬ ‫في التسمية “ ّ‬
‫على العموم ‪ ،‬و “ بالرحيم “ ‪ ( “ . . .‬كشف الغايات ‪ .‬المشرق ‪ 1966‬ص ‪. ) 419‬‬
‫“ ففي االنسان قوة كل موجود في العالم ‪ ،‬فله جميع المراتب ‪ ،‬ولهذا اختص وحده‬
‫بالصورة ‪ 13‬فجمع بين الحقائق اإللهية وهي األسماء “ ‪ ( . . .‬ف ‪. ) 396 / 2‬‬
‫“ األسماء اإللهية ‪ ،‬أعني حقائق النسب “ ( الفصوص ‪. ) 153 / 1‬‬
‫“ انها نسب وأسماء [ األسماء الحسنى ] على حقائق معقولة غير وجودية ‪ ،‬فالذات‬
‫غير متكثرة بها ‪ ،‬الن الشيء ال يتكثر اال باألعيان الوجودية ال باالحكام واإلضافات‬
‫والنسب ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 294 / 4‬‬
‫****‬
‫المعنى الثالث لالسم اإللهي يتناول مظهره ‪ :‬فالوجود باسره مظهر ومجلى لألسماء‬
‫اإللهية ‪. 14‬‬
‫ولذلك نطلق تجاوزا على العالم لفظ األسماء اإللهية ‪ 15‬فالعالم بأسره هو األسماء التي‬
‫َّللا على نفسه ‪ -‬ويذهب الشيخ ابن العربي إلى أبعد من ذلك فكل اسم حتى اسم‬ ‫أطلقها ّ‬
‫العبد هو من األسماء اإللهية ‪ ،‬وال يطلق على الكون اال تخلقا ‪.‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫) ‪ “ ( 1‬لما شاء الحق سبحانه من حيث أسماؤه الحسنى التي ال يبلغها االحصاء ان‬
‫يرى أعيانها ‪ . . .‬أوجد العالم ‪ . . .‬فكان كمرآة غير مجلوة ‪ . . .‬فاقتضى‬

‫‪600‬‬
‫“ ‪“ 601‬‬

‫االمر جالء مرآة العالم ‪ ،‬فكان آدم عين جالء تلك المرآة ‪ . . .‬فظهر جميع ما في‬
‫الصور اإللهية من األسماء في هذه النشأة االنسانية ‪ ( “ 16‬الفصوص ج ‪ 1‬ص ص‬
‫‪. )48 - 50‬‬
‫“ فإنه ال يحمد وال يمجد اال بأسمائه ‪ ،‬وال تعقل مدلوالت أسمائه اال بنا “ ( ف ‪/ 4‬‬
‫‪. ) 314‬‬
‫“ وانما وقع التكليف والخطاب من اسم الهي على اسم الهي في محل عبد كياني “ ( ف‬
‫‪. ) 403 / 3‬‬
‫“ فالعالم كله ‪ :‬أسماؤه الحسنى “ ( ف ‪. ) 405 / 3‬‬
‫“ ثم قال [ الحق ] لي ‪ :‬لوالك ما ظهرت المقامات وال ترتيب [ ترتبت ] المنازل ‪. . .‬‬
‫فأنت أسمائي ودليل ذاتي ‪ . . .‬من رآك فقد رآني “ ‪ ( . . .‬رسالة مشاهد االسرار‬
‫القدسية ص ‪. ) 50‬‬
‫) ‪( 2‬ننقل هنا مقطعا للشيخ ابن العربي على طوله نظرا ألهميته ووضوحه ‪:‬‬
‫َّللا ] بأسمائه ‪ ،‬وذلك أنه تجلى له في‬
‫“ نعته [ نعت المحب ] بأنه سائر اليه [ إلى ّ‬
‫أسماء الكون وتجلى له في أسمائه الحسنى ‪ ،‬فتخيل في تجليه بأسماء الكون انه نزول‬
‫َّللا من‬
‫من الحق في حقه ‪ ،‬فلما تخلق بأسمائه الحسنى غلبه ما جرت عليه طريقة أهل ّ‬
‫التخلق ‪.‬‬
‫وهو يتخيل ان أسماء الكون خلقت له ال ّّلل ‪ ،‬وان منزلة الحق فيها بمنزلة العبد في‬
‫أسمائه الحسنى ‪،‬‬
‫َّللا ] اال باسمائي [ أسماء الكون ] ‪ ،‬وإذا خرجت إلى خلقه‬ ‫فقال ‪ :‬ال ادخل عليه [ على ّ‬
‫اخرج إليهم بأسمائه الحسنى تخلقا ‪.‬‬

‫فلما دخل عليه بما يظن أنها أسماؤه وهي أسماء الكون عنده ‪ ،‬رأى ما رأته األنبياء من‬
‫اآليات في اسرائها ومعارجها في اآلفاق وفي أنفسهم ‪ 17‬فرأى أن الكل أسماؤه تعالى‬
‫‪ ،‬وان العبد ال اسم له ‪ ، 18‬حتى أن اسم العبد ليس له ‪ ،‬وانه متخلق به كسائر األسماء‬
‫الحسنى ‪ ،‬فعلم أن السير اليه والدخول عليه والحضور عنده ليس اال بأسمائه ‪ ،‬وان‬
‫أسماء الكون أسماؤه ‪ . . . 19‬وهذا مجلى عزيز ‪ . . . 20‬وهذه طريقة أخرى ما‬
‫رأيتها الحد من األولياء ذوقا اال لألنبياء والرسل خاصة ‪. . .‬‬
‫وهذا المشهد يعطي ‪ :‬ان كل اسم للكون فأصله للحق حقيقة ‪ ،‬وهو للخلق لفظا دون‬
‫معنى ‪ ،‬وهو به متخلق ‪ ( “ . . . .‬ف ‪. ) 350 / 2‬‬
‫****‬
‫االسم اإللهي هو كل مؤثر في الكون ‪ - 21‬وكل ما يفتقر اليه الكون‪.‬‬

‫‪601‬‬
‫“ ‪“ 602‬‬
‫يقول الحاتمي ‪:‬‬
‫“ ) ‪( 1‬فإنه [ العبد ] محل لظهور اثر كل اسم الهي ‪ . . .‬والعبد ال بد ان يكون تحت‬
‫حكم اسم الهي ‪ ،‬فهو بحسب ذلك االسم وما تعطيه حقيقته ( “ ‪ . . .‬ف ‪- 98 / 4‬‬
‫‪) . 99‬‬
‫َّللا تعالى على‬ ‫“ هللف األسماء الحسنى ولها آثار وتحكم في خلقه ‪ ،‬وهي المتوجهة من ّ‬
‫ايجاد الممكنات ‪ ( “ . . . 22‬ف ‪. ) 268 / 1‬‬
‫“ واالسم الحاكم ‪ 23‬على حال العبد في الوقت من األسماء اإللهية ‪24‬‬
‫“ ( اصطالحات الشيخ ابن العربي ص ‪. ) 293‬‬
‫“ ) ‪( 2‬واألسماء اإللهية كل اسم يفتقر العالم اليه من عالم مثله أو [ من ] عين الحق‬
‫‪ ( “ 25‬الفصوص ج ‪ 1‬ص ص ‪. ) 106 - 105‬‬
‫“ ‪ . . .‬فكل ما يفتقر اليه فهو اسم ّّلل تعالى إذ ال فقر اال اليه ‪ . . .‬فهو تعالى المسمى‬
‫بكل اسم لمسمى في العالم مما له اثر في الكون ( “ ‪ . . .‬ف ‪) . 196 / 4‬‬
‫‪...........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬األسماء اإللهية هي نفسها األسماء الحسنى الواردة في القرآن ‪ .‬والشيخ ابن‬
‫العربي يستعملها بتطابق كلي ‪.‬‬
‫راجع مادة “ اسم “ ‪ .‬فقرة “ االسم في القرآن ‪“ .‬‬
‫) ‪( 2‬ان “ االسم “ وما يتفرع عنه من قضايا ‪ ،‬مشكلة تقع على مفترق بين علم‬
‫التفسير وعلم الحديث والفقه والتصوف وعلم الكالم والفلسفة ‪.‬‬
‫ال يخلو كتاب تفسير للقرآن من بحث في االسم وهذا طبيعي ‪ ،‬فأول سورة نزلت” ا ْق َرأْ‬
‫َّللا ‪“ .‬‬
‫ِّباس ِّْم َر ِّبّ َك‪ “ . . .‬وكل سورة في القرآن تبدأ “ بسم ّ‬
‫وال نستطيع ان نلمس خطا موحدا لهذه األبحاث المتوافرة في كتب التفاسير ‪ ،‬الن كل‬
‫من آنس في نفسه مقدرة على تفسير القرآن وبرع في علم من العلوم ‪ ،‬فسر القرآن‬
‫وجاء تفسيره مملؤا باتجاهه الفكري والفن الذي برع فيه ( راجع كشف الظنون ‪.‬‬
‫حاجي خليفة ج ‪ 1‬ص ‪. ) 431‬‬
‫تمت لموضوعنا بصلة يراجع ‪:‬‬ ‫ومن األبحاث القيمة والتي ّ‬
‫‪-‬األلوسي ‪ .‬روح المعاني ‪ .‬ج ‪ 1‬ص ‪ 49‬وما بعد ‪ :‬مبحث في لفظ االسم واشتقاقه ‪.‬‬
‫‪-‬الفخر الرازي ‪ :‬مفاتيح الغيب ‪ :‬ج ‪ 8‬ص ‪ 378 - 377‬طبع المطبعة البهية‬
‫المصرية حيث يشرح “ سبح اسم ربك “ ويتعرض لالسم وعالقته بالمسمى وتسبيح‬
‫االسم ‪.‬‬
‫وج ‪ 1‬ص ‪ 53 - 40‬الباب الرابع في تقسيمات االسم وأنواعه ‪.‬‬
‫وص ‪ 70‬وما بعد “ مباحث االسم العقلية والنقلية ‪“ .‬‬
‫‪-‬تفسير النسفي ج ‪ 1‬ص ‪ 5 - 3‬طبع دار الكتاب العربي بيروت ‪.‬‬

‫‪602‬‬
‫“ ‪“ 603‬‬
‫‪-‬أنوار التنزيل واسرار التأويل ‪ .‬البيضاوي ( ت ‪ 791‬هـ ) ج ‪ 1‬ص ص ‪. 3 - 2‬‬
‫اما الفقهاء فقد خاضوا غمار البحث في االسم من خالل تصديهم للفرق الكالمية ‪ .‬فها‬
‫هو أبو حنيفة النعمان المتوفى سنة ‪ 150‬هـ ‪.‬‬
‫أول األئمة وأول من أرسى قواعد الفقه يعرض في حلقاته المتعددة آراءه الكالمية‬
‫والعقائدية ‪ ،‬وقد تنبه البغدادي إلى هذا فذكر انه أول متكلم من الفقهاء ‪.‬‬
‫َّللا لم يزل وال يزال بأسمائه وصفاته الذاتية والفعلية‪.‬‬ ‫وكان يقول “ ان ّ‬
‫“ومعنى لم يزل وال يزال انه تعالى مع أسمائه وصفاته كلها أزلي ال مبدأ له وأبدي ال‬
‫نهاية له ‪.‬‬
‫( يراجع علي سامي النشار ‪ .‬نشأة الفكر الفلسفي في االسالم ج ‪ 1‬ص ‪- 257‬‬
‫‪. ) 262‬‬
‫كما يراجع نفس المرجع ج ‪ 1‬ص ‪ 273‬بخصوص مالك بن انس ‪ .‬وص ‪ 277‬فيما‬
‫يتعلق بالشافعي وص ‪ 281 - 278‬بشأن ابن حنبل ‪.‬‬
‫وننتقل من الفقه إلى علم الكالم حيث اتخذت مسألة االسم طابعا كالميا ومن ثّم فلسفيا ‪،‬‬
‫ودخلت التصوف مشبعة بالكالم والفلسفة ‪ .‬فالمعتزلة وهي أولى الفرق الكالمية‬
‫الكبرى تدين بنشأتها وظهورها “ لالسم ‪“ .‬‬
‫فالمعروف ان واصل بن عطاء كان في مجلس الحسن البصري ‪ ،‬عندما سئل هذا‬
‫األخير عن صاحب الكبيرة ومصيره في اآلخرة ‪ .‬وقد كان الناس في عهد وأصل‬
‫مختلفين طوائف متعددة ‪ ،‬فكان الخوارج يرون ان مرتكب الكبيرة كافر يخلد في‬
‫النار ‪ .‬اما علماء الحديث فكانوا يقولون إنه مؤمن ولكنه فاسق عاص بعمله ‪ .‬ففسقه ال‬
‫ينفي عنه اسم االيمان واالسالم ‪ ،‬وهؤالء هم مرجئة السنة ‪ . . .‬وكأنما أراد وأصل بن‬
‫عطاء ان يتوسط هذه الفرق فقال بان مرتكب الكبيرة فاسق ‪ .‬والفسق عنده في منزلة‬
‫بين المنزلتين بين منزلة الكفر وااليمان ‪.‬‬
‫فالفاسق هو اسم صحيح لصاحب الكبيرة وقد ورد في القرآن ”‪َ :‬والَّذِّينَ يَ ْر ُمونَ‬
‫‪.‬وأُولئِّ َك ُه ُم ْالفا ِّسقُونَ “( اآلية ‪. ) 4 / 24‬‬ ‫ت ث ُ َّم لَ ْم يَأْتُوا ِّبأ َ ْربَعَ ِّة ُ‬
‫ش َهدا َء‪َ . .‬‬ ‫صنا ِّ‬‫ْال ُم ْح َ‬
‫وهكذا أصبحت هذه الفكرة أصال من األصول الخمسة التي قامت عليها المعتزلة‬
‫[ األصل الرابع ] ‪ ،‬حيث يفردون لها الصفحات ويسهبون في تبيان مضمون كل اسم‬
‫وانطباقه على مسماه ‪ ،‬حتى يخلصوا إلى االسم “ فاسق “ فيثبتون ان مسماه ليس مؤمنا‬
‫وليس كافرا ‪ .‬وقد سمي هذا األصل الرابع عندهم “ بالمنزلة بين المنزلتين “ أو‬
‫“ األسماء واالحكام “ ومعنى قولهم انه كالم في األسماء ‪ ،‬هو ان صاحب الكبيرة له‬
‫اسم بين االسمين وحكم بين الحكمين ‪ ،‬ال يكون اسمه اسم كافر وال اسمه اسم المؤمن‬
‫وانما يسمى فاسقا ‪ . . .‬وهكذا تجعل المعتزلة االسم عين التسمية وغير المسمى ‪. . .‬‬
‫يراجع بهذا الشأن ‪:‬‬
‫‪-‬نشأة الفكر الفلسفي في االسالم ج ‪ 1‬ص ‪. 443 - 442‬‬
‫‪-‬شرح األصول الخمسة للقاضي عبد الجبار نشر مكتبة وهبة الطبعة األولى ‪1965‬‬
‫م ‪ .‬مطبعة االستقالل الكبرى القاهرة ص ‪.729 - 697‬‬

‫‪603‬‬
‫“ ‪“ 604‬‬
‫‪-‬ماسينيون‪Massignon P . P . 706 - 710‬ويكاد يكون طرح مسألة االسم بهذا‬
‫الشكل المميز عند المعتزلة ايذانا ببدء افراد الصفحات لها كقضية منفردة في الفكر‬
‫االسالمي ‪ .‬وتتالت الكتب ‪ ،‬وأدلى كل مفكر برأيه ‪.‬‬
‫وطلبا لالختصار نقول ‪ ،‬ان مسألة االسم وعالقته بالمسمى وصلت إلى زمن الشيخ ابن‬
‫العربي مثقلة ‪ ،‬ولم يكن التصوف بعيدا عنها ‪ .‬فقد افرد القشيري لها كتابا يكاد يكون‬
‫أول كتاب تصوف عالج قضية األسماء وعالقتها بالمسمى ‪ ،‬دون ان يكون غريبا عن‬
‫اآلراء الكالمية ‪.‬‬
‫[التحبير في التذكير للقشيري ‪ ،‬فليراجع ] ‪.‬‬
‫وكتتمة لكتاب التحبير المذكور يبرز كتاب المقصد األسنى للغزالي ‪ ،‬حيث ‪ ،‬يناقش فيه‬
‫معنى االسم والمسمى والتسمية ‪ ،‬ويرى أن االسم غير المسمى ‪.‬‬
‫ويورد الغزالي عدة أسباب توضح التفريق بين االسم والمسمى منها ان االسم لفظ دا ّل‬
‫والمسمى مدلول ‪ .‬وقد يكون غير لفظ ‪ .‬واالسم قد يكون مجازا والمسمى ال يكون‬
‫مجازا واالسم قد يبدل ‪ . . .‬والمسمى ال يتبدل ‪. . .‬‬
‫َّللا الحسنى للغزالي ‪ ،‬تحقيق فضلة‬‫( يراجع المقصد األسنى في شرح معاني أسماء ّ‬
‫شحادة نشر دار المشرق ‪ . 1971‬الفصل األول ص ص ‪. ) 35 - 17‬‬
‫وخير مثال عن حجم االبعاد التي وصلت إليها هذه المسألة في زمن الشيخ ابن العربي‬
‫هو كتاب الفخر الرازي “ لوامع البينات في األسماء والصفات “ ‪ ،‬حيث يلخص هذا‬
‫الكتاب آراء كل من تقدمه من الفالسفة والمتكلمين فيرد على المعتزلة ويناصر‬
‫األشاعرة ‪ ،‬ألنه أشعري المذهب ‪ ،‬فيما يتعلق باالسم والمسمى والتسمية ‪.‬‬
‫ونستطيع ان نعتبر هذا الكتاب متمما زمنيا وفكريا لكتاب الغزالي الذي تكلمنا عليه‬
‫[ اي المقصد األسنى ] ‪ ،‬كما اعتبرنا كتاب الغزالي متمما زمنيا وفكريا لكتاب التحبير‬
‫للقشيري ‪.‬‬
‫يتكلم الرازي في الفصل األول على حقيقة االسم والمسمى والتسمية وبعد ان يحدد كال‬
‫منها يتكلم على عالقتها فيما بينها ‪ .‬ويورد خمس حجج لتبيان ان االسم غير المسمى‬
‫كما يورد حجج القائلين بان االسم نفس المسمى ‪ ،‬وعددها ستة ويدحضها ‪.‬‬
‫(يراجع لوامع البينات في األسماء والصفات الفخر الرازي الطبعة األولى ‪ .‬المطبعة‬
‫الشرقية بمصر سنة ‪ 1323‬ه ‪ .‬الفصل األول ص ص ‪) . 10 - 3‬‬
‫كما يراجع دراسة األستاذ قنواتي كتاب الفخر الرازي الوارد هنا ‪:- Etudes de‬‬
‫‪philosophie musulman . Anawati lid J . Vrin Paris P . P . 365‬‬
‫‪- 366 ( Le nom le nomme et la nomination ) P . P . 370 - 372‬‬
‫‪( division des noms ) .-‬ونرجع إلى ما كتبه كوربان في نظرية األسماء‬
‫اإللهية عند الشيخ ابن العربي وعالقتها بموقف اإلسماعيلية واالثني عشرية ‪:‬‬
‫انظر ‪Hist de la philo . Ency de la pleiade T 3 P . P . 1108 -‬‬
‫‪1109‬‬
‫) ‪( 3‬يراجع بهذا الشأن الفصوص ج ‪ 2‬ص ‪. 254‬‬

‫‪604‬‬
‫“ ‪“ 605‬‬

‫) ‪( 4‬يقول الشيخ ابن العربي ‪ “ :‬وان تعددت األسماء فالمسمى واحد والمفهوم ليس‬
‫بواحد ‪ . . .‬فالمفهوم من العالم ما هو عين المفهوم من الحي ‪ .‬والحي هو العالم ‪،‬‬
‫فالحي عين العالم ‪ ،‬والمفهوم من الحي ما هو المفهوم من العالم ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 4‬‬
‫‪( 5 ) . ) 22‬يقسم القونوي االسم إلى ‪ “ :‬اسم االسم “ و “ االسم الحقيقي “ ( لطائف‬
‫االعالم ‪ 22‬أ ) ‪ .‬راجع “ اسم االسم ‪“ .‬‬
‫) ‪( 6‬يراجع ‪ - :‬القيصري “ مطلع خصوص الكلم “ ص ص ‪ 27 - 26‬حيث يورد‬
‫نصا نادر الوضوح “ في بيان الروح األعظم ومراتبه وأسمائه في العالم االنساني ‪. . .‬‬
‫َّللا ‪ . . .‬وهي [ مراتب الروح األعظم ] السر والخفي والروح‬ ‫في اصطالح أهل ّ‬
‫والقلب والكلمة والروع والفؤاد والصدر والعقل والنفس “ عشرة أسماء لحقيقة واحدة‬
‫تسير في المراتب ‪ ،‬يبين القيصري الوجه في تسمية كل منها ‪ .‬فلتراجع هناك ‪.‬‬
‫‪-‬المشرق ‪.‬تعليق عثمان يحي على التجليات سنة ‪ 1967‬ص ‪ 193‬رقم ‪ 651‬أ ‪.‬‬
‫) ‪( 7‬ان األسماء عند الشيخ ابن العربي نسب معقولة بين الذات والعالم ‪ ،‬والنسب بحد‬
‫ذاتها ال تقبل معنى الحدوث وال القدم ألنها معدومة ‪ ،‬ومن حيث إنها نسبة تقبل صفة‬
‫االمرين المعقولة بينهما أو تتبع أحدهما على األقل ‪ .‬راجع “ نسبة “‬
‫) ‪( 8‬يقول القيصري ‪ “ :‬والذات مع صفة معينة واعتبار تجل من تجلياته تسمى‬
‫باالسم فان الرحمن ذات لها الرحمة ‪ ،‬والقهار ذات لها القهر ‪ ،‬وهذه األسماء الملفوظة‬
‫هي أسماء األسماء ‪ .‬من هنا يعلم أن المراد باالسم عين المسمى ‪ . . .‬وقد يقال االسم‬
‫للصفة ‪ ،‬إذ الذات مشتركة بين األسماء كلها ( “ ‪. . .‬مطلع خصوص الكلم في معاني‬
‫فصوص الحكم ص ‪) . 9‬‬
‫يقول الجيلي ‪ “ :‬واعلم أن ظهور األسماء هو في الحقيقة ظهور الذات ‪،‬ألنها اي‬
‫األسماء أمور عدمية ‪،‬والظهور وجودي” (االسفار عن رسالة األنوار ص‪. ) 44‬‬
‫) ‪( 9‬هذه الحقيقة اإللهية المميزة هي اسم الهي ‪ ،‬وهي رب لمظاهرها ( راجع “ رب‬
‫“ ) ‪ .‬يقول القيصري ‪ “ :‬ان لكل اسم من األسماء اإللهية صورة في العلم مسماة‬
‫بالماهية والعين الثابتة ‪ ،‬وان لكل منها صورة خارجية مسماة بالمظاهر والموجودات‬
‫العينية ‪ ،‬وان تلك األسماء أرباب تلك المظاهر وهي مربوبها ‪ ( “ . . .‬مطلع خصوص‬
‫الكلم ص ‪. ) 24‬‬
‫) ‪( 10‬يقول صدر الدين في “ االعجاز “ ‪ “ :‬فكل ما ظهر في الوجود وامتاز من‬
‫الغيب على اختالف أنواع الظهور واالمتياز فهو ‪ :‬اسم “ ( ص ‪. ) 108‬‬
‫“ اعلم أن االسم في التحقيق هو التجلي المظهر لعين الممكن الثابتة في العلم ‪. . .‬‬
‫فالعين الممكنة التي هي المظهر اسم للتجلي المتعين به وفي مرتبته ‪ . . .‬والتسمية‬
‫عبارة عن نفس داللة االسم على األصل الذي تعين منه “ ( ص ‪. ) 35‬‬
‫) ‪( 11‬ان االسم هنا عالمة على مسماه بمعنى انه من االسم يمكن العبور إلى المسمى‬
‫ألنه العالمة والدليل اذن طريق ‪ . . .‬راجع فيما تقدم عالقة االسم بالمسمى ( ‪ ) 1‬و‬
‫‪( 12 ) ( 2 ) .‬راجع “ اسم االسم “ ) ‪( 13‬راجع “ صورة “‬
‫) ‪( 14‬يقول القيصري في كتابه مطلع خصوص الكلم ‪:‬‬

‫‪605‬‬
‫“ ‪“ 606‬‬
‫“ ‪ . . .‬ان األعيان الثابتة في العلم [ راجع عين ثابتة ] من حيث الباطن أسماؤه تعالى ‪،‬‬
‫والموجودات الخارجية مظاهرها “ ‪ ( .‬ص ‪. ) 11‬‬
‫“ ان األسماء اإللهية صور معقولة في علمه تعالى ‪ . . .‬وتلك الصور العلمية من حيث‬
‫إنها عين الذات المتجلية بتعين خاص ونسبة معينة هي المسماة ‪ :‬باألعيان الثابتة‬
‫“ ( ص ‪. ) 12‬‬

‫) ‪( 15‬يراجع بهذا الشأن ‪:‬‬


‫‪-‬الفصوص ج ‪ 1‬ص ‪ 79‬فقرة ‪ 9‬مع شرح عفيفي حيث يقول ‪ “ :‬وإذا كانت‬
‫الموجودات معتبرة صورا للذات الواحدة ‪ ،‬كما هي صور لألسماء اإللهية ‪ ،‬أمكننا ان‬
‫نقول إنها هي الذات ‪ . . .‬اي انها هي هو بمعنى انها مجال أو مظاهر لوجوده ‪ ،‬ال‬
‫بمعنى ان اي مجلى منها هو الذات اطالقا كما قال المسيحيون في المسيح ‪ ،‬وفي‬
‫الوقت نفسه ال معنى لقولنا ان اي مجلى من المجالي هو غير الذات ألنه ال يوجد‬
‫غير ‪ ( “ . .‬ج ‪ / 2‬ص ‪. ) 55‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪ “ : 641‬ثم لتعلم انك [ االنسان ] من جملة أسمائه بل من‬
‫اكملها “ ‪. . .‬‬
‫‪-‬الفصوص ج ‪ 2‬ص ص ‪. 250 - 249‬‬
‫‪-‬كتاب وسائل السائل ص ‪ 31‬نشر ‪ ، 1973‬حيث يرى الشيخ ابن العربي “ ان‬
‫َّللا تعالى بل كلها طرق موصلة اليه سبحانه دالة عليه ‪“ .‬‬ ‫األشياء ال تحجب عن ّ‬
‫‪-‬كتاب حقيقة اليقين ‪ .‬عبد الكريم الجيلي ص ‪ ، 5‬حيث جذبته حضرة العين من‬
‫األين ‪:‬‬
‫“ واعلم أنه ال فرق بيننا [ بين الفقير المجذوب إلى حضرة العين ‪ ،‬والعين ] اال في‬
‫األلقاب ‪ “ . . .‬وقارن ذلك بكالم الشيخ ابن العربي في رسالة االتحاد الكوني ص ص‬
‫‪ 142‬أ ‪ 142 -‬ب ‪.‬‬
‫‪-‬كتاب “ اعجاز البيان “ للقونوي ص ‪ “ : 195‬كل فرد من افراد العالم عالمة ودليل‬
‫على امر خاص مثله ‪ ،‬فمن حيث وجوده المتعين هو عالمة على نسبة من نسب‬
‫األلوهية المسماة أسماء ‪ ،‬الذي هذا الشيء الدال مظهر له “ ‪. . .‬‬
‫وص ‪ “ : 103‬فكل موجود فحكمه مع األسماء ‪ ،‬حكمها مع المسمى “ ‪. . .‬‬
‫‪-‬مطلع خصوص الكلم للقيصري ص ‪ 17‬وما بعد ‪ “ :‬إذ بكل فرد من افراد العالم يعلم‬
‫اسم من األسماء اإللهية ألنه مظهر خاص منها “ ‪. . .‬‬
‫“ ) ‪( 16‬أليس ذلك الوجود اال مظهر تلك األسماء ومجاليها ؟ بل أليس الكون كما‬
‫َّللا على نفسه ؟ ( “ ‪ . . .‬عفيفي‬‫يقول الشيخ ابن العربي سوى األسماء التي أطلقها ّ‬
‫الفصوص ‪) . 6 / 2‬‬
‫‪-‬راجع فصوص الحكم ج ‪ 1‬ص ص ‪ 7 - 6‬مع شرح عفيفي لمطلع الفص األول ‪.‬‬
‫) ‪( 17‬انظر “ اسراء “ ) ‪( 18‬راجع “ عبد “‬
‫) ‪( 19‬الموضوع نفسه في الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪ 13‬حيث يزيد الشيخ ابن العربي على‬
‫أن األسماء جميعها حتى أسماء الكون هي أسماء الهية ‪ ،‬بان صفات العبد كذلك هي ّّلل‬
‫حقيقة ‪ ،‬وقبل العبد النعت بها تأدبا ‪. .‬‬

‫‪606‬‬
‫“ ‪“ 607‬‬
‫) ‪( 20‬يضيف الشيخ ابن العربي في نفس النص ‪ “ :‬وهذا مجلى عزيز ‪ . . .‬كانت‬
‫غاية أبي يزيد البسطامي دونها ‪ ،‬فان غايته ما قاله عن نفسه ‪ :‬تقرب إلي بما ليس لي ‪،‬‬
‫فهذا كان حظه من ربه ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 350 / 2‬‬
‫) ‪( 21‬يقول القيصري ‪ “ :‬وان األسماء تنقسم إلى ما له التأثير وإلى ما له التأثر ‪،‬‬
‫فيجعل البعض منها فاعال مطلقا ‪ ،‬واآلخر قابال مطلقا ( ‪ “ .‬مطلع خصوص الكلم ص‬
‫‪. ) 14‬‬
‫يؤيد كالم القيصري ‪ ،‬ما ورد في المعنى الثالث لالسم اإللهي ‪ ،‬الفقرة ب ‪ .‬حيث يرى‬
‫الشيخ ابن العربي ان االسم “ عبد “ نفسه هو من األسماء اإللهية وال تطلق على الكون‬
‫اال تخلقا ‪( 22 ) .‬يراجع ‪ - :‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪. 328‬‬
‫‪-‬عنقاء مغرب ‪ “ :‬محاضرة أزلية على نشأة أبدية “ ص ص ‪. 36 - 33‬‬
‫) ‪ ( 23‬يقول القيصري في شرحه لفصوص الحكم ‪ “ :‬اعلم أن أسماء االفعال بحسب‬
‫احكامها تنقسم اقساما ‪ ،‬منها أسماء ال ينقطع حكمها وال ينتهي اثرها أزل االزال وأبد‬
‫اآلباد ‪. . .‬‬
‫ومنها ما ال ينقطع حكمها ابد اآلباد وان كان منقطع الحكم أزل االزال كاألسماء‬
‫الحاكمة على اآلخرة ‪ . . .‬ومنها ‪ . . .‬ما ينقطع احكامها اما ان ينقطع مطلقا ويدخل‬
‫الحكم عليه في الغيب المطلق ‪ . . .‬واما ان يستتر ويختفي تحت حكم االسم الذي يكون‬
‫أتم حيطه منه عند ظهور دولته ‪ ،‬إذ لألسماء دول بحسب ظهوراتها وظهور احكامها‬
‫وإليها تستند ‪ . . .‬الشرائع ‪ ،‬إذ لكل شريعة اسم من األسماء تبقى ببقاء دولته ‪. . .‬‬
‫وتنسخ بعد زوالها ‪ ( “ . . .‬مطلع خصوص الكلم ص ‪) 10‬‬
‫“ وان لألسماء والصفات دوال يظهر حكمها وسلطنتها في العالم حين ظهور تلك الدول‬
‫“ ( نفس المرجع السابق ص ‪. ) 27‬‬
‫) ‪ ( 24‬يقول الجيلي في شرحه لرسالة األنوار ‪ “ :‬السلوك عبارة عن االنتقال من‬
‫منزل عباده إلى منزل عباده بالمعنى ‪ . . .‬وانتقال بالعلم من مقام إلى مقام ومن اسم‬
‫إلى اسم ومن تجل إلى تجل ‪ ( “ . . .‬االسفار عن رسالة األنوار ص ‪ 40‬ط الشيخ‬
‫رجب دمشق ‪ 1929‬م ) ‪.‬‬
‫َّللا‬
‫) ‪“ ( 25‬ليست األسماء اإللهية قاصرة على مجموعة األسماء المعروفة بأسماء ّ‬
‫الحسنى ‪. . .‬‬
‫ولكنها تشمل أيضا كل اسم يفتقر العالم اليه من عالم مثله ‪ ،‬أو [ من ] عين الحق اي‬
‫انها تشمل أسماء كل األشياء التي تحدث اثارا علية في غيرها ‪ . . .‬وبهذا المعنى‬
‫َّللا “ ‪ ( . . .‬عفيفي الفصوص ج ‪ 2‬ص ص‬ ‫يصبح العالم كله كتابا ال نهائيا من أسماء ّ‬
‫‪. ) 118 - 117‬‬

‫‪ - 350‬اسم االسم ‪1‬‬


‫ان “ اسم االسم “ هو اللفظ الموضوع للداللة على االسم ‪ ،‬ويالحظ ان “ االسم “ هنا‬
‫يقوم مقام “ المسمى “ ‪ “ ،‬اسم االسم “ هو اللفظ كما تفهم اللغة معنى االسم ‪. 2‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪ “ :‬هذه األسماء اللفظية والمرقومة التي عندنا أسماء تلك‬
‫األسماء [ اإللهية ] “ ( ف ‪. ) 214 / 4‬‬

‫‪607‬‬
‫“ ‪“ 608‬‬

‫“ فاعلم أن هذه األسماء اإللهية التي بأيدينا هي أسماء األسماء اإللهية ‪ ،‬التي سمى‬
‫َّللا ] بها نفسه ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 56 / 2‬‬ ‫[ ّ‬
‫“ وله [ لالسم ] صورتان ‪ ،‬صورة عندنا من انفاسنا وتركيب حروفنا ‪ ،‬وهي التي‬
‫ندعوه بها ‪ ،‬وهي أسماء األسماء اإللهية “ ‪ ( .‬ف ‪. ) 396 / 2‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫يعرف صدر الدين “ االسم “ و “ اسم االسم “ في “ االعجاز “ قائال ‪:‬‬ ‫)‪ّ (1‬‬
‫“ فكل تميز وتعدد يعقل بحيث يعلم منه حقيقة االمر المتميز بذلك التميز ‪ . . .‬فهو اسم‬
‫‪ ،‬ألنه عالمة على األصل ‪ . . .‬واللفظ الدال على المعنى المميز الدال على األصل‬
‫هو ‪:‬‬
‫اسم االسم “ ‪ ( .‬ص ‪. ) 110‬‬
‫) ‪( 2‬يقترب هذا التعريف من تعريف االسم في اللغة من حيث التركيز على كلمة ‪:‬‬
‫لفظ ‪.‬‬
‫راجع ‪:‬‬
‫“ ‪-‬االسم “ فقرة “‬
‫في اللغة “‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪ . 419‬وج ‪ 2‬ص ‪. 684‬‬
‫‪-‬كتاب لطائف االعالم ق ‪ 22‬أو ‪ 83‬أ ‪.‬‬

‫‪ - 351‬االسم األعظم ‪1‬‬


‫ان عبارة “ االسم األعظم “ معلومة عند الخاصة والعامة ‪ ،‬وقد تكثفت مفاهيمها بفعل‬
‫النقل والتداول فيما بينهم ‪ .‬وكان سؤال شيخ من الصوفية عن “ االسم األعظم “ أول ما‬
‫يتبادر إلى ذهن السائل ‪ ، 2‬بل لقد أضحى هذا السؤال مقياسا لفهم ‪ :‬مقام المجيب ‪.‬‬
‫ويمكن تقسيم معنى االسم األعظم عند الشيخ ابن العربي إلى شقين ‪ ،‬المعنى األول‬
‫يقارب المنقول في األوساط الصوفية ‪ ،‬والمعنى الثانية ينفرد بابتداعه ‪.‬‬
‫****‬
‫االسم األعظم بالمعنى األول ‪ :‬هو االسم اإللهي المتمم أسماء االحصاء ‪ 3‬للعدد ماية ‪-‬‬
‫َّللا “ الذي يفعل بصدق ‪ 5‬المتلفظ به ‪.‬‬ ‫وهو يفعل بالخاصية ‪ ، 4‬وبذلك يغاير “ االسم ّ‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ ) ‪( 1‬ومعلوم عند الخاص والعام ان ثّم اسما عاما يسمى ‪ :‬االسم األعظم ‪ ،‬وهو في‬
‫آية الكرسي وأول سورة آل عمران “ ( ف ‪. ) 300 / 2‬‬

‫‪608‬‬
‫“ ‪“ 609‬‬

‫َّللا ] في كل جنة مائة درجة بعدد األسماء الحسنى واالسم األعظم ‪6‬‬ ‫“ وجعل [ ّ‬
‫المسكوت عنه ‪ . . .‬وهو االسم الذي يتميز به الحق عن العالم “ ‪ ( .‬ف ‪. ) 435 / 3‬‬
‫“ ‪ . . .‬باالسم األعظم الن به تمام المائة ( ‪ ( “ . . . ) 7‬ف ‪. ) 158 / 4‬‬
‫َّللا ‪ ، 8‬قلت ‪ :‬ال أدري فان يفعل‬
‫“ ) ‪( 2‬االسم األعظم ‪ . . .‬فان قلت فهو االسم ّ‬
‫َّللا ] انما تفعل بالصدق ‪ ،‬إذا كان صفة للمتلفظ بها‬
‫بالخاصية ‪ ،‬وهذه اللفظة [ االسم ّ‬
‫بخالف ذلك االسم “ ( ف ‪. ) 120 / 2‬‬
‫****‬
‫االسم األعظم بالمعنى الثاني الخاص بالشيخ ابن العربي هو عبارة تنقسم إلى كلمتين‬
‫اسم وأعظم ‪.‬‬
‫) ‪ ( 1‬إذا اعتبرنا ان االسم هنا معناه ‪ :‬دليل على المسمى ‪ ،‬يكون اسم أعظم هو أعظم‬
‫دليل على المسمى ‪.‬‬
‫كما يأتي ‪:‬‬
‫اسم ‪ -‬دليل أو داللة على المسمى ‪9‬‬
‫اسم أعظم ‪ -‬أعظم دليل على المسمى‬
‫ولما كان كل فرد من افراد العالم دليال على المسمى الذي هو الحق واالنسان أكمل‬
‫افراد العالم فهو أكمل دليل ‪.‬‬
‫كل فرد في العالم ‪ -‬دليل أو داللة على المسمى‬
‫االنسان ‪ -‬أعظم دليل على المسمى‬
‫واذن ينتج مما تقدم ان ‪.‬‬
‫َّللا األعظم ‪.‬‬
‫االنسان ‪ :‬هو اسم ّ‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ ثم لتعلم انك من جملة أسمائه ‪ ،‬بل من اكملها اسما ‪ . . .‬ولقيت الشيخ أحمد بن‬
‫َّللا األعظم ‪ ،‬فرماه بحصاة يش اليه ‪ ،‬انك اسم‬‫سيدبون بمرسية وسأله انسان عن ‪ :‬اسم ّ‬
‫َّللا األعظم ‪ . . .‬وذلك ان األسماء وضعت للداللة ‪ . . .‬وان [ االنسان ] ‪ :‬أدل دليل‬
‫ّ‬
‫َّللا ‪ . . .‬انك أكمل دليل عليه وأعظمه في األكوان “ ( ف ‪. ) 641 / 2‬‬
‫على ّ‬

‫َّللا ؟‬
‫) ‪ ( 2‬ولكن هل يستوى البشر في الداللة على ّ‬
‫هل يستوى” الَّذِّينَ يَ ْعلَ ُمونَ َوالَّذِّينَ ال يَ ْعلَ ُمونَ “[ ‪ ] 9 / 39‬؟‬
‫َّللا عليه وسلم با مرتبة انسانية ويكون بالتالي هو‬‫كال ! لذلك ينفرد النبي محمد صلى ّ‬
‫َّللا على التخصيص ‪10‬‬ ‫أعظم دليل على ّ‬

‫‪609‬‬
‫“ ‪“ 610‬‬
‫َّللا وهو اسم أعظم ّّلل [ دون تعريف ] ‪ ،‬اما النبي فهو وحده‬ ‫فاالنسان أعظم دليل على ّ‬
‫االسم األعظم مع “ ال “ التعريف ‪.‬‬
‫وبالنتيجة ‪:‬‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ -‬االسم األعظم ‪. 11‬‬ ‫النبي محمد صلى ّ‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫َّللا على االسم األعظم ‪ ، 12‬والرداء المعلم ‪ ،‬والممد للهمم ‪ ، 13‬بالقيل‬ ‫“ ‪ . . .‬وصلى ّ‬
‫األقوم محمد الذي فتح به الكتاب وختم “ ( مرآة العارفين في ملتمس دين العابدين ق‬
‫‪.)1‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يورد صاحب لطائف االعالم ثالثة تعريفات لالسم األعظم ‪:‬‬
‫“ االسم األعظم [ ‪ ] 1‬يعني به كل واحد من األسماء الذاتية األولية المسمى مجموعها‬
‫َّللا تعالى وتقدس لكونه هو‬ ‫بمفاتح الغيب ‪ ] 2 [ ،‬ويطلق االسم األعظم ويراد به اسم ّ‬
‫االسم الجامع [ ‪ ] 3‬ويعني باالسم األعظم كل واحد من أسماء االله تعالى وتقدس ‪،‬‬
‫َّللا روحه ‪،‬‬
‫عند من يتحقق بمظهريتها وهو المشار اليه فيما أجاب به أبو يزيد قدس ّ‬
‫حين سئل عن االسم ( األعظم ) ‪ ،‬فقال ‪ :‬واي اسم من أسمائه تعالى ليس بأعظم ‪ ،‬ان‬
‫هو اال أنت ‪ ،‬ان صدقت فخذ اي اسم شئت من أسمائه فإنك تجده األعظم “ ‪ ( .‬ص‬
‫‪ 22‬ب ) ‪.‬‬
‫‪-‬راجع تعريفات الجرجاني ص ‪. 24‬‬
‫) ‪ ( 2‬راجع ‪- :‬الهامش السابق حيث سئل أبو يزيد عن االسم األعظم ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات المكية ج ‪ 2‬ص ص ‪ 122 - 120‬أسئلة الترمذي وأجوبة الشيخ ابن‬
‫العربي ‪.‬‬
‫‪-‬كتاب ختم األولياء ‪ ،‬الحكيم الترمذي تحقيق عثمان يحي المطبعة الكاثوليكية بيروت‬
‫ص ص ‪. 306 - 305‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪ ( 641‬حيث سأل أحدهم الشيخ ابا أحمد بن سيدبون بمرسية عن‬
‫االسم األعظم ‪. ) . . .‬‬
‫‪-‬طبقات الصوفية السلمي تحقيق نور الدين شريبه الطبعة األولى مصر ‪ . 1953‬ص‬
‫َّللا األعظم “ واستخدامها في تحقيق‬ ‫ص ‪ 31 - 30‬ص ‪ 34‬حيث تظهر عبارة “ اسم ّ‬
‫ما يطلبه الداعي ‪ ،‬في قصة إبراهيم بن أدهم والخضر ‪.‬‬
‫‪-‬كتاب فوائح الجمال وفواتح الجالل للشيخ نجم الدين الكبرى ‪ ،‬فصل كامل من ص‬
‫‪ 65‬إلى ص ‪ 73‬في االسم األعظم الذي هو حرف الهاء ‪ .‬ويراجع كالم الجنيد عن‬
‫االسم األعظم ص ‪.- Etudes de philosophie musulmane . 71‬‬
‫َّللا األعظم ‪Supreme de‬‬ ‫(‪Anawati p . p . 381 - 410 ( Le nom‬اسم ّ‬
‫‪Dieu-‬‬
‫) ‪( 3‬راجع “ أسماء االحصاء ‪“ .‬‬
‫) ‪( 4‬ان االسم األعظم يفعل بالخاصية بمعنى انه في حال تركيب حروفه تنفعل عنه‬
‫األشياء التي‬

‫‪610‬‬
‫“ ‪“ 611‬‬
‫يتوجه إليها ‪ ،‬يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫“ واعلم أن الحروف كالطبائع وكالعقاقير ‪ ،‬بل كاألشياء كلها لها خواص بانفرادها ‪ ،‬ولها‬
‫خواص بتركيبها ‪ ،‬وليس خواصها بالتركيب ألعيانها ‪ ،‬ولكن الخاصية الحدية الجمعية ‪“ .‬‬
‫والجدير بالذكر ان هذا االسم األعظم ال يصل إلى معرفته اال كبار األولياء ‪ ،‬وان حدث ان‬
‫تسرب إلى دخيل ‪ ،‬استطاع هذا الدخيل ان يتصرف بخاصية االسم األعظم كما يريد ‪ ،‬الن‬
‫صدق المتلفظ به ليس شرطا الزما ‪ ،‬والحل الوحيد لمنعه من ذلك يكون بسلبه معرفته ‪ ،‬اي‬
‫بجعله ينسى حروف االسم األعظم “ ( راجع الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪. ) 300‬‬
‫‪-‬يراجع مقاالت االسالميين لألشعري تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد ‪ :‬ص ‪ 67‬حيث‬
‫يدعي بيان بن سمعان التميمي بأنه يدعو ّ‬
‫الزهرة فتجيبه ‪ ،‬وانه يفعل ذلك باالسم األعظم ‪،‬‬
‫ص ‪ : 72‬حيث زعم المغيرية لرئيسهم بأنه يحي الموتى باالسم األعظم ‪. .‬‬
‫‪-‬بخصوص حروف االسم األعظم فليراجع الشيخ ابن العربي في فتوحاته ج ‪ 2‬ص‬
‫“ ‪122 :‬ما حروفه [ االسم األعظم ] الجواب ‪ :‬األلف والم األلف والواو والزاي والرأي‬
‫والدال والذال ‪“ .‬‬
‫اما نجم الدين الكبرى فيرى ان حروفه “ افتحبحنين “ ( فوائح الجمال ص ‪ - 84‬و ‪. ) 87‬‬
‫يراجع كذلك فوائح الجمال ص ‪ 35‬الفقرة ‪. 75‬‬
‫َّللا األعظم ‪ ،‬فليراجع كتابه‬
‫‪-‬يرى نجم الدين الكبرى ان من عالمات الولي انه يعطي اسم ّ‬
‫َّللا األعظم في بيئة‬
‫فوائح الجمال ص ص ‪ ، 85 - 84‬حيث تظهر المرتبة العالية السم ّ‬
‫السالكين والمتصوفين ‪ .‬وتقارن مع كالم الشيخ ابن العربي نقال عن امرأة من المحبات‬
‫بإشبيلية “ فاطمة بنت ابن المثنى “ حيث قالت ‪ “ :‬لقد أعطاني حبيبي فاتحة الكتاب تخدمني‬
‫“ ( ف ‪. ) 347 / 2‬‬

‫َّللا األعظم بان كال منهما ‪ :‬تنفعل عنه األشياء ‪ ،‬لذلك ‪ ،‬يأخذ‬
‫) ‪( 5‬يشترك الصدق واسم ّ‬
‫الصدق عند بعض العارفين مكان االسم األعظم واسمه أحيانا ‪.‬‬
‫َّللا األعظم ‪ .‬فقال ‪. . .‬‬
‫“ واما تأثير الصدق فمشهود ‪ . . .‬وقيل ألبي يزيد ‪ :‬أرنا اسم ّ‬
‫َّللا كلها عظيمة ‪ .‬فما هو اال الصدق ‪ .‬أصدق وخذ اي اسم شئت فإنك تفعل به ما‬ ‫أسماء ّ‬
‫شئت “ ‪ ( .‬ف ‪. ) 329 / 3‬‬
‫) ‪ (( 6‬و ‪ ) 7‬إشارة إلى الحديث ‪ “ :‬ان ّّلل تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل‬
‫الجنة ‪ “ . . .‬صحيح بخاري ‪ .‬نشر دار احياء التراث العربي بيروت ج ‪ 9‬ص ‪. 145‬‬
‫) ‪( 8‬للشيخ ابن العربي نص في عنقاء مغرب يخالف فيه ما ذهب اليه هنا ‪ ،‬حيث يرى أن‬
‫َّللا “ هو االسم األعظم ‪ ،‬ولكن نستطيع ان نلمس من روح النص ‪ ،‬انه ال يقصد‬ ‫اسم “ ّ‬
‫“ االسم األعظم “ المتعارف عليه صوفيا ‪ ،‬ولكن لفظة “ أعظم “ أطلقها على “ االسم‬
‫“ لتمييزه وتفضيله عن باقي األسماء اإللهية من حيث إنه أعظمها واكملها ‪.‬‬
‫َّللا األعظم ‪ . . .‬فلجأ االسم األعظم إلى الذات كما لجأت‬
‫“ فلجأت األسماء كلها إلى اسم ّ‬
‫األسماء والصفات ‪ ( “ . . .‬عنقاء مغرب ص ص ‪- 36 ) . 35‬‬
‫) ‪( 9‬راجع “ اسم الهي ‪“ .‬‬

‫‪611‬‬
‫“ ‪“ 612‬‬

‫) ‪( 10‬ان كل اسم هو دليل على الذات ‪ ،‬وأعظم األسماء داللة على الذات هو االسم‬
‫َّللا ‪.‬‬
‫ّ‬
‫والحقيقة المحمدية هي مظهر االسم الجامع ‪ ،‬يقول القيصري ‪ “ :‬ان الحقيقة المحمدية‬
‫َّللا يدعوه اآلية [ ‪ ] 19 / 72‬فسماه‬‫صورة االسم الجامع اإللهي ‪ . . .‬وانه لما قام عبد ّ‬
‫َّللا تنبيها على أنه مظهر لهذا االسم دون اسم آخر “ ( مطلع خصوص الكلم ص‬ ‫عبد ّ‬
‫‪. ) 34‬‬
‫‪( 11 ) -‬يقول الجرجاني ‪ “ :‬الحقيقة المحمدية ‪ . . .‬وهو االسم األعظم “ ( التعريفات‬
‫ص ‪) 95‬‬
‫انظر نقل عبد الرحمن الجامي للتعريف مع التعليق في كتابه “ ترجمة اللوائح “ ص‬
‫‪. 24‬‬
‫‪-‬راجع اعجاز البيان ‪ .‬للقونوي ص ص ‪. 196 - 195‬‬
‫‪-‬عفيفي ‪ .‬فصوص الحكم ج ‪ 2‬ص ص ‪ . . . “ : / 320 - 319‬فان محمدا قد انفرد‬
‫بأنه مجلى لالسم الجامع ‪ . . .‬وهو االسم األعظم ‪. . . “ .‬‬
‫) ‪( 12‬يورد القيصري نفس الكالم في مقدمة شرحه للفصوص ‪:‬‬
‫َّللا على من هو االسم األعظم الناطق بلسان مرتبة انا سيد ولد آدم ‪. . .‬‬ ‫“ وصلى ّ‬
‫“ ( كتاب مطلع خصوص الكلم ص ‪. ) 1‬‬
‫) ‪( 13‬راجع مترادفات االنسان الكامل ‪ :‬مترادف “ ممد “ كما يراجع “ ختم “ من‬
‫حيث إن الختم هو الممد لهمم األولياء ‪.‬‬

‫للا ‪1‬‬
‫ي ّ‬‫‪ - 352‬سم ّ‬
‫َّللا واالنسان ‪ :‬كاسم “ المؤمن ‪ “ 2‬اذن المؤمن‬
‫من األسماء ما هو مشترك بين ّ‬
‫َّللا ‪.‬‬
‫( االنسان ) هو ‪ :‬س ّمي ّ‬
‫يقول ‪:‬‬
‫) ‪“ ( 1‬فان المؤمن للمؤمن كالبنيان ‪ 3‬يشد بعضه بعضا ‪ . . .‬والمؤمن من أسمائه‬
‫“ ( ف ‪. ) 438 / 4‬‬
‫َّللا تعالى ‪ ،‬والمؤمن اسم لالنسان ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 147 / 4‬‬‫“ والمؤمن من أسماء ّ‬
‫“ أسماء االشتراك كأسمه المؤمن ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 303 / 3‬‬
‫َّللا له سكنا ‪ ، 4‬واتخذ قلبه وطنا ‪ 5‬وجعله سميه ‪،‬‬
‫) ‪“ ( 2‬وال شك ان المؤمن قد جعله ّ‬
‫واتخذه وليه ‪. . . “ . 6‬‬

‫َّللا “ لم ترد قبل ابن العربي ‪ ،‬بل أكثر من ذلك انها لم ترد‬ ‫) ‪( 1‬ان عبارة “ سمي ّ‬
‫سوى مرة واحدة في كل الكتب والرسائل التي طالعتها البن العربي نفسه ‪:‬‬
‫والسبب في ذلك انها عبارة تفاجئ القارئ مخالفتها ألول وهلة نص القرآن ‪.‬‬
‫ص َ‬
‫ط ِّب ْر‬ ‫إذ ورد في التنزيل العزيز ‪ ”:‬فَا ْعبُ ْدهُ َوا ْ‬

‫‪612‬‬
‫“ ‪“ 613‬‬
‫س ِّميًّا ‪“. [ 19 / 65 ] .‬‬ ‫ِّل ِّعبا َدتِّ ِّه ه َْل ت َ ْعلَ ُم لَهُ َ‬
‫َّللا “ خاصة ‪،‬‬
‫َّللا “ في اآلية الكريمة مسمى “ ّ‬ ‫ولكن الواضح من “ سمي ّ‬
‫للا واالنسان‬
‫وابن العربي يقصد اسما من أسماء االشتراك بين ّ‬
‫يقول صدر الدين ‪:‬‬
‫َّللا ‪ . . .‬قد خص بسبع خواص ‪ ،‬ال توجد في غيره من األسماء‬ ‫“ ‪ . .‬االسم ّ‬
‫( أحدها ) ‪:‬‬
‫ان جميع أسماء الحق تنسب إلى هذا االسم وال ينسب هو إلى شيء منها ‪. . .‬‬
‫( ومنها ) كونه لم يسم به أحد من الخلق بخالف باقي األسماء‪.‬‬
‫واستدلوا [ أهل العربية ] بقوله (ه َْل ت َ ْعلَ ُم لَهُ َ‬
‫س ِّميًّا ) ] ‪[ 19 / 65‬‬
‫باّلل غيره “ ‪ ( .‬اعجاز البيان ص ‪. ) 176‬‬ ‫اي هل تعلم شيئا يسمى ّ‬

‫) ‪( 2‬راجع “ مؤمن ‪“ .‬‬


‫) ‪( 3‬يشرح ابن العربي ما يقصد اليه بهذه الجملة في الفتوحات فيقول ‪:‬‬
‫“ وقد ورد ان المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا من كونه مؤمنا ‪ ،‬فالمؤمن‬
‫المخلوق يستعين بالمؤمن الخالق ‪ ،‬فيشد منه ويقوى ما ضعف عنه من كونه‬
‫مخلوقا ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 482 / 4‬‬
‫يراجع بشأن حديث “ ان المؤمن للمؤمن ‪ “ . . .‬فهرس األحاديث الحديث رقم ‪:‬‬
‫) ‪( 27‬‬
‫َّللا “‬
‫) ‪( 4‬راجع “ بيت ّ‬
‫) ‪( 5‬المرجع السابق ‪.‬‬
‫) ‪( 6‬راجع “ ولي “ ‪.‬‬

‫‪ - 353‬االسم الجامع‬
‫المترادفات ‪ :‬االمام المقدم الجامع ‪ -‬جامع األسماء ‪ -‬دليل الذات ‪.‬‬
‫ان كل اسم من األسماء اإللهية هو دليل على الذات ولكن بنسبة معينة وحقيقة مميزة ‪1‬‬
‫‪ ،‬فالقادر غير المريد غير العليم ‪. . .‬‬
‫َّللا “ جامعا كل الحقائق اإللهية‬‫فبينما ينفرد كل اسم بحقيقة خاصة ‪ ،‬يبرز االسم “ ّ‬
‫واألسماء ‪ ،‬داال على الذات ليس بنسبة معينة أو حقيقة منفردة ‪ ، 2‬لذلك يكون االسم‬
‫َّللا ‪.‬‬
‫الجامع لألسماء هو االسم ‪ّ :‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫َّللا ‪ ،‬فهو الجامع لمعاني األسماء كلها ‪ ،‬وهو دليل‬ ‫“ فاالمام المقدم الجامع ‪ ،‬اسمه ّ‬
‫الذات ‪ . . .‬جامع األسماء “ ‪. . .‬‬
‫َّللا هو االسم الجامع ‪ ، 3‬فله معاني جميع األسماء اإللهية “ ‪ ( .‬ف ‪. ) 122 / 4‬‬ ‫“ ّ‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬راجع “ االسم “ عند ابن العربي “ حقيقة االسم ومرتبته ‪“ .‬‬

‫‪613‬‬
‫“ ‪“ 614‬‬

‫) ‪( 2‬يقول القونوي ‪:‬‬


‫َّللا ] اسم جامع كلي ال يتعين له من حيث هو حكم ‪ . . .‬وكل توجه‬ ‫“ وهذا االسم [ اسم ّ‬
‫وسؤال والتجاء يضاف إلى هذا االسم ‪ ،‬فإنه انما يضاف اليه بنسبة جزئية مقيدة بحسب‬
‫حال المتوجه ‪. . .‬‬
‫َّللا فإنما يلتجىء إلى هذا االسم من كونه شافيا ‪. . .‬‬
‫فإنه إذا قال المريض مثال ‪ :‬يا ّ‬
‫َّللا ‪ ،‬فإنما يتوجه إلى هذا االسم الجامع لألسماء من كونه‬
‫وكذا الغريق إذا قال ‪ :‬يا ّ‬
‫مغيثا ومنجيا “ ( اعجاز البيان ص ‪. ) 168‬‬
‫َّللا تعالى وتقدس ألنه اسم الذات المسماة بجميع‬
‫) ‪“ ( 3‬االسم الجامع ‪ :‬هو اسم ّ‬
‫األسماء والموصوفة بجميع الصفات “ ( لطائف االعالم ص ص ‪22‬ب ‪ 23‬أ ) ‪.‬‬
‫كما يراجع بشأن االسم الجامع ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات المكية ج ‪ 4‬ص ‪ 99‬وص ‪. 347‬‬
‫‪-‬مواقع النجوم ص ‪. 11‬‬

‫‪ - 354‬أسماء اإلحصاء‬
‫ال تنتمي عبارة أسماء االحصاء في فكرتها ومضمونها إلى مصطلحات ابن العربي‬
‫ولكنها في صيغتها الخاصة تنتسب اليه ‪ ،‬فاألرجح انه أول من أطلقها ‪.‬‬
‫وأغلب الظن ‪ 1‬ان المنبع الذي نهل منه ابن العربي مضمون هذه الكلمة هو الحديث‬
‫الشريف ‪:‬‬
‫“ ان ّّلل تسعة وتسعين اسما مائة اال واحدا ‪ ، 2‬من أحصاها ‪ 3‬دخل الجنة ‪. 4‬‬
‫“ ودليلنا في هذا الرجوع هو لفظ “ االحصاء “ المشترك بين مصطلح ابن العربي‬
‫والحديث الشريف ‪.‬‬
‫اما نص ابن العربي الذي نعتمد عليه في تحديد المضمون فهو ‪:‬‬
‫“ ان األسماء الحسنى ‪ 5‬التي تبلغ فوق أسماء االحصاء عددا ‪ ،‬وتنزل دون أسماء‬
‫االحصاء سعادة ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 99 / 1‬‬
‫وهكذا بعد ان ربطنا بين أسماء االحصاء والحديث الشريف نستطيع ان نعرفها قائلين ‪:‬‬
‫انها األسماء التي وعد الحق سبحانه وتعالى محصيها بدخول الجنة ‪ ،‬وعددها تسعة‬
‫وتسعون اسما ‪. 6‬‬
‫وهذا مقطع للقونوي ‪ ،‬نلمح فيه عدد أسماء االحصاء ومطابقتها لما أشرنا اليه ‪،‬‬
‫يطمئننا ‪ 7‬إلى صحة ما ذهبنا اليه من ربط الحديث الشريف بنص ابن العربي ‪:‬‬

‫‪614‬‬
‫“ ‪“ 615‬‬
‫“ ثم اعلم أن الرحمة حقيقة واحدة كلية والتعدد المنسوب إليها المشار اليه في الحديث‬
‫“ بان ّّلل مائة رحمة “ ‪ 8‬راجع إلى مراتبها ‪ ،‬واختصاصها بالمائة إشارة إلى األسماء‬
‫المحرض على احصائها ‪ ،‬وهكذا االمر في الدرجات الجنانية ‪ ،‬فما من اسم من‬ ‫ّ‬ ‫الكلية‬
‫أسماء االحصاء اال وللرحمة فيه حكم “ ( اعجاز البيان ص ‪. ) 202‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬نعتمد في بيان هذا المصطلح على “ الظن “ ألنه ليس بأيدينا نصوص توضح‬
‫مضمونه ‪ ،‬فابن العربي يشير اليه عرضا دون بيان أو شرح ‪ .‬اما اعتمادنا على‬
‫الحديث في معرفة مصدره فلسببين ‪ :‬األول هو ان األسماء عند ابن العربي مبدأ الكثرة‬
‫‪ ،‬وعندما يريد ان يشير إلى األصول التي تجمعها يستعمل لفظ “ أمهات “ راجع‬
‫“ أمهات األسماء “ ‪ .‬اذن أسماء االحصاء هي في مضمونها ال تمت إلى التركيب‬
‫البنائي الفكري البن العربي فاألسماء اإللهية عنده غير محصاة ‪ ،‬والسبب الثاني ‪ :‬ان‬
‫ابن العربي استمد معظم ألفاظه من القرآن والحديث وأعطاها ابعادا تناسب تفكيره ‪،‬‬
‫وربما استمد هذه المرة اللفظ والمضمون ‪.‬‬
‫) ‪( 2‬راجع ما قاله الفخر الرازي عن الفائدة من التكرار في الحديث حيث أعاد‬
‫التسعة والتسعين بعبارة مائة اال واحدا ‪ :‬لوامع البينات في األسماء والصفات ص‬
‫‪( 3 ) . 54‬يراجع بخصوص معنى “ االحصاء “ في اصطالح القوم ‪:‬‬
‫‪-‬جامع األصول الكمشخانوي ص ‪ “ 54‬احصاء األسماء اإللهية ‪ :‬هو التحقق بها في‬
‫الحضرة الواحدية بالفناء من رسوم الخليقة ‪ ،‬والبقاء بقاء الحضرة األحدية ‪. . . “ -‬‬
‫لطائف االعالم ق ق ‪ 16‬أ ‪ -‬ب ( االحصاء ‪ -‬تعلق ‪ ،‬تخلق ‪ ،‬تحقق ‪) . . .‬‬
‫َّللا الحسنى ‪ ،‬ألبي اسحق الزجاج ( ت ‪ 311‬ه ) وهو يورد عدة معان‬ ‫‪-‬تفسير أسماء ّ‬
‫لكلمة احصاء ‪ ،‬تكاد تكون نفسها التي أوردها الفخر الرازي في لوامع البينات‬
‫“ ( الطبعة األولى ‪ 1323‬ه ص ص ‪ ) 58 - 56‬حيث يشير إلى أربعة وجوه لكلمة‬
‫“ أحصاها “ ‪ ( .‬االحصاء ‪ :‬العد ‪ -‬االحصاء بالعقل ‪ -‬الطاقة ‪ -‬الطلب في القرآن‬
‫والحديث والعقل حتى يحصل ال ‪. ) 99‬‬
‫) ‪( 4‬الحديث ‪ “ :‬ان ّّلل تسعة وتسعين اسما ‪ “ . . .‬انظر فهرس األحاديث حديث رقم‬
‫‪( 28 ) .‬‬
‫) ‪( 5‬يأخذ ابن العربي األسماء الحسنى هنا بالمعنى الثالث لالسم اإللهي ‪ .‬فليراجع ‪.‬‬
‫وهكذا عندما تكون األسماء الحسنى هي ‪ -‬مظاهرها في األكوان ‪ ،‬يكثر عددها بتعداد‬
‫مظاهرها ‪ .‬وهنا تظهر أسماء االحصاء بمنزلة أمهات هذه المظاهر التي هي األسماء‬
‫الحسنى ‪ ،‬وتكون دونها عددا وأكثر منها سعادة ‪.‬‬
‫) ‪( 6‬يراجع ‪ : -‬فيض القدير للمناوي وهو شرح الجامع الصغير للسيوطي ‪ .‬الطبعة‬
‫األولى مصر ‪ 1938‬م ‪ .‬ج ‪ 2‬ص ص ‪. 495 - 488‬‬
‫َّللا التسعة والتسعين ‪ .‬وفي‬‫حيث نجد في المتن حديثا عن أبي هريرة فيه أسماء ّ‬
‫الحاشية شرح كل اسم من أسماء االحصاء هذه ‪.‬‬
‫َّللا‬
‫‪-‬كما أن البن العربي مخطوطا في الظاهرية رقم ‪ 7457‬بعنوان “ دعوة أسماء ّ‬
‫الحسنى “ حيث‬

‫‪615‬‬
‫“ ‪“ 616‬‬

‫َّللا بأسمائه الحسنى ‪ ،‬ويأخذ كل نداء صفة االسم الذي يدعو به‬‫نجد الشيخ األكبر يدعو ّ‬
‫‪ ،‬وهكذا في كل اسم من أسمائه التسعة والتسعين ‪ .‬ونورد مثال يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬يا نور أنت نور السماوات واألرض ‪ . . .‬فأسألك ان تجعل لي نورا في قلبي ‪،‬‬
‫ونورا في سمعي ‪ ،‬ونورا في بصري استضيء به في الدنيا واآلخرة ‪ . . .‬يا متعالي‬
‫أسألك بعلوك ان ترفعني وال تضعني “ ‪ ( . . .‬المخطوط المذكور ص ‪. ) 2‬‬

‫) ‪( 7‬ان القونوي تلميذ ابن العربي وربيبه ‪ ،‬وما فلسفته اال صورة لتفكيره ولذلك‬
‫نطمئن إلى نصوص القونوي في حال فقدان النصوص الواضحة للشيخ األكبر ‪.‬‬
‫) ‪( 8‬انظر فهرس األحاديث حديث رقم ‪. ) 29 ( :‬‬

‫‪ - 355‬اسم كياني‬
‫المترادفات ‪ :‬اسم الكون ( ج ) أسماء الكون ‪ 1‬أو أسماء كونية ‪ -‬اسم العالم ( ج )‬
‫أسماء العالم ‪ - 2‬اسم خلق ( ج ) أسماء الخلق ‪. 3‬‬
‫***‬
‫لقد وردت عبارة “ اسم كياني “ أو “ اسم العالم ‪ “ 4‬عند ابن العربي في مقابل “ اسم‬
‫الحق “ أو “ اسم الهي “ ‪ ،‬فدائرة الوجود مقسومة ‪ 5‬بين الخلق ( اي العالم ) والحق ‪.‬‬
‫ومن هنا نبعت كل الثنائيات ‪ 6‬التي يحلو البن العربي تعدادها ‪ :‬حق خلق ‪ -‬عبد رب ‪-‬‬
‫قديم حادث ‪ . . .‬ولكن بلمحة مميزة تذوب هذه الثنائية وتتحد في العين ‪ ،‬فالذات واحدة‬
‫‪ ،‬والوجود واحد له وجهان‪.‬‬
‫يقول الشيخ األكبر ‪:‬‬
‫“ فلم يكن الخط الذي قسم الدائرة اال عين تميزي [ تميز العبد ] عنه [ عن الحق ] ‪،‬‬
‫وتميزه عني ‪ ،‬من الوجه الذي كان به الها ‪ ،‬وكنت به عبدا ‪ . . .‬قد علمنا أن الدائرة‬
‫قابلة للقسمة بال شك ‪ . . .‬فإذا اتصلت الدائرة فال يزول العلم منا انها ذات قسمين ‪. . .‬‬
‫وقع االشتراك بالتفصيل في أسماء الحق ‪ ،‬ولم يقع االشتراك بالتفصيل ‪ 7‬في أسماء‬
‫العالم “ ( ف ‪. ) 544 / 3‬‬

‫“ فكل من له عليك والدة من اي نوع وفي اي صورة كان من ظاهر وباطن واسم‬
‫الهي وكياني ‪ ،‬فهو أبوك ‪. . . “ 8‬‬

‫“ ‪ . . .‬األسماء الكونية التي تنطلق على الصور الكائنة في عين الوجود ‪ ،‬هي أسماء‬
‫للعين الوجودية [ الواحدة ] قال تعالى ‪ ”:‬قُ ْل َ‬
‫س ُّمو ُه ْم “[ ‪ ] 33 / 13‬في معرض الداللة‬
‫‪ ،‬فإذا سموهم قالوا ‪ :‬هذا حجر ‪ ،‬هذا شجر ‪ . . .‬والكل اسم عبد أو اي اسم كان من‬
‫َّللا ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 11 / 4‬‬ ‫المعبودين ‪ ،‬الذين ما لهم اسم ّ‬

‫‪616‬‬
‫“ ‪“ 617‬‬

‫يظهر من خالل النصوص التي أوردناها البن العربي ‪ .‬كيف ان قسمي دائرة الوجود‬
‫المشار اليهما في مقدمة كالمنا ‪ ،‬هما بلمحة مميزة وجها حقيقة واحدة ‪ ،‬بل حقيقة‬
‫واحدة تقبل كل األسماء وتتسمى بها ‪ ،‬فلها األسماء اإللهية واألسماء الكونية ‪ ، 9‬وهي‬
‫الرب وهي العبد ‪.‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬فيما يتعلق بأسماء الكون يراجع ‪ - :‬المعنى الثالث لالسم اإللهي فقرة ب‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪ 350‬وج ‪ 3‬ص ‪. 415‬‬
‫) ‪( 2‬فيما يتعلق بأسماء العالم يراجع ‪ :‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪ 89‬وص ‪. 250‬‬
‫) ‪( 3‬راجع “ أسماء الخلق “ وعالقتها بأسماء الحق في الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪. 366‬‬
‫) ‪( 4‬ان اسم الكون المقصود به اسم المرتبة الكونية كما سيظهر من خالل النصوص‬
‫‪ ،‬وهو في الواقع صفة ونعت ‪ “ ،‬فالعبد “ مثال هو اسم للمرتبة الكونية أو الحد وجهي‬
‫الحقيقة ‪ ،‬وهو في الواقع صفة لشخص اسمه زيد ‪.‬‬

‫“ ) ‪( 5‬اخذ ابن العربي ‪ . . .‬الفكرة الحالجية ‪ ،‬ولكنه اعتبر الالهوت والناسوت‬


‫مجرد وجهين ال طبيعتين منفصلتين لحقيقة واحدة ‪ ،‬إذا نظرنا إلى صورتها الخارجية‬
‫سميناها ناسوتا ‪ ،‬وإذا نظرنا إلى باطنها وحقيقتها سميناها الهوتا ‪ ،‬فصفتا الالهوت‬
‫والناسوت ‪ . . .‬مرادفتان لصفتي الظاهر والباطن ‪ ( “ . . .‬مقدمة الفصوص ص‬
‫‪. ) 36‬‬
‫) ‪( 6‬يراجع أبو العال عفيفي ‪ - :‬الكتاب التذكاري ص ‪27 - 15‬‬
‫‪-‬مقدمة الفصوص ص ص ‪. 30 - 27‬‬

‫) ‪( 7‬يشرح ابن العربي ذاك االشتراك بالتفصيل ‪:‬‬


‫“ الخلق الذي هو العالم يقبل أسماء الحق وصفاته ‪ ،‬وكذلك الحق يقبل صفات الخلق ال‬
‫أسماءه بالتفصيل ‪ . . .‬وكونه ال يقبل أسماء العالم بالتفصيل فأعني بذلك األسماء‬
‫االعالم ‪ ،‬وهو قوله قل سموهم [ فإذا سموهم قالوا هذا حجر ‪ .‬هذا شجر ] ‪ . . .‬وما‬
‫عدا األسماء االعالم فيقبلها الحق على التفصيل ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 544 / 3‬‬
‫َّللا تعالى “ ( الفصوص ‪. ) 106 / 1‬‬
‫“ ‪-‬فاسماؤنا [ أسماء العالم ] أسماء ّ‬
‫‪-‬راجع المعنى الثالث لالسم اإللهي ‪.‬‬
‫) ‪( 8‬راجع المعنى الثاني لكلمة أب ‪.‬‬
‫) ‪( 9‬طبعا ما عدا أسماء االعالم ‪ .‬راجع الهامش رقم ‪. 4‬‬

‫‪617‬‬
‫“ ‪“ 618‬‬
‫‪ - 356‬اسم ذات ‪ -‬اسم مرتبة‬
‫نورد نصا البن العربي على أن نعرف من خالله ماهية ‪ :‬اسم الذات واسم المرتبة ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ أول األسماء [ اإللهية ] ‪ :‬الواحد االحد ‪ ،‬وهو اسم مركب ‪ . . .‬ال نريد بذلك اسمين ‪،‬‬
‫وانما كان الواحد االحد أول األسماء الن االسم موضوع للداللة ‪ ،‬وهي العلمية الدالة‬
‫على عين الذات ال من حيث ما يوصف بها كاألسماء الجوامد لألشياء ‪ .‬وليس أخص‬
‫في العلمية من الواحد االحد ‪. 1‬‬
‫فاّلل أولى باألولية من‬
‫ألنه اسم ذاتي له يعطيه هذا اللفظ بحكم المطابقة ‪ ،‬فان قلت ‪ّ :‬‬
‫باّلل ‪ ،‬قلنا مدلول‬
‫َّللا ينعت بالواحد الواحد [ بالواحد االحد ] وال ينعت ّ‬
‫الواحد االحد الن ّ‬
‫َّللا يطلب العالم بجميع ما فيه فهو له كاسم الملك أو السلطان فهو اسم للمرتبة ال للذات‬
‫ّ‬
‫َّللا‬
‫‪ ،‬واالحد اسم ذاتي ال يتوهم معه داللة على غير العين ‪ ،‬فلهذا لم يصح ان يكون ّ‬
‫أول األسماء ‪ ،‬فلم يبق اال الواحد حيث ال يعقل منه اال العين من غير تركيب ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ‪. ) 57 - 56 / 2‬‬

‫يتضح من خالل النص السابق ان اسم المرتبة ‪ :‬هو اللفظ الموضوع للداللة على مرتبة‬
‫َّللا “ ليس اسما للذات وانما لمرتبة األلوهية التي‬ ‫المسمى ال على عينه ‪ .‬كاالسم “ ّ‬
‫َّللا “ ] ‪ ،‬اما اسم الذات ‪ ،‬فهو اللفظ الموضوع للداللة على عين‬ ‫تطلب المألوه [ راجع “ ّ‬
‫المسمى دون اإلشارة إلى مرتبة أو نسبة أو صفة [ راجع “ صفة “ ] ‪ ،‬مثال االسم‬
‫اإللهي “ الواحد االحد “ يدل على الذات اإللهية ‪ ،‬وال يعقل منه اال العين من غير‬
‫تركيب ‪.‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬راجع “ اسم “ عند ابن العربي ‪ ،‬حاشية رقم ( ‪ ، ) 1‬اقسام االسم ‪.‬‬
‫َّللا “ وحده في القسم المخصص لالسم العلم ‪ .‬فيجعله يدل على الذات‬ ‫حيث يضع اسم “ ّ‬
‫بحكم المطابقة ‪.‬‬
‫وقارنه بكالمه هنا على “ الواحد االحد “ ‪.‬‬

‫****‬

‫‪ - 357‬السماء ‪1‬‬
‫انظر “ ارض “‬

‫‪618‬‬
‫“ ‪“ 619‬‬

‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬كما يراجع ‪:‬‬
‫‪-‬عنقاء مغرب ص ‪. 46‬‬
‫‪-‬تحرير البيان ق ‪. 5‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪ ( 341 - 340‬السماء الدنيا ) ‪.‬‬
‫ص ‪ ( 419‬السماء جسم شفاف صلب ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪. 360‬‬

‫‪ - 358‬سوق الجنّة‬
‫مترادف ‪ :‬سوق الصور ‪.‬في اللغة ‪:‬‬
‫“ السين والواو والقاف أصل واحد ‪ ،‬وهو حدو الشيء ‪ .‬يقال ساقه يسوقه سوقا ‪. . .‬‬
‫سوق مشتقة من هذا ‪ ،‬لما يساق إليها من كل شيء ‪ ،‬والجمع أسواق ‪ ( “ . . .‬معجم‬ ‫وال ّ‬
‫مقاييس اللغة مادة “ سوق “ ) ‪.‬‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫ورد األصل “ سوق “ في القرآن بالمعنيين اللغويين السابقين ‪.‬‬
‫وق ْال ُم ْج ِّر ِّمينَ ِّإلى َج َهنَّ َم ِّو ْردا ً ‪“[ 19 / 86 ] .‬‬ ‫س ُ‬ ‫( أ ) قال تعالى ‪َ ” :‬ونَ ُ‬
‫شونَ‬‫عام َويَ ْم ُ‬ ‫س ِّلينَ ِّإ َّال ِّإنَّ ُه ْم لَيَأ ْ ُكلُونَ َّ‬
‫الط َ‬ ‫س ْلنا قَ ْبلَ َك ِّمنَ ْال ُم ْر َ‬
‫( ب ) قال تعالى ‪َ ” :‬وما أ َ ْر َ‬
‫ق ‪. . . “[ 25 / 20 ] .‬‬ ‫ِّفي ْاألَسْوا ِّ‬
‫اما عبارة “ سوق الجنة “ فلم ترد في القرآن اال ان لها مستندا نبويا ‪ .‬ننقله من سنن‬
‫الترمذي ( أبو عيسى الترمذي ‪ 279 - 209‬هـ )‬
‫َّللا عليه‬‫َّللا صلى ّ‬
‫الحديث رقم “ ‪2553 :‬حدثنا أحمد بن منيع ‪ . . .‬قال رسول ّ‬
‫وسلم ‪ :‬ان في الجنة لسوقا ما فيها شراء وال بيع اال الصور من الرجال والنساء ‪ .‬فإذا‬
‫اشتهى الرجل صورة دخل فيها ‪ .‬قال أبو عيسى ‪ :‬هذا حديث غريب ‪“ . 1‬‬

‫عند ابن العربي ‪:‬‬


‫اعتمد ابن العربي حديث الترمذي السابق بخصوص “ سوق الجنة “ وأوسع‬

‫‪619‬‬
‫“ ‪“ 620‬‬

‫له مكانا في جغرافية الجنات عنده ‪ :‬وهو مكان في الجنة ‪ 2‬يحوي كل “ الصور “ ال‬
‫بيع فيه وال شراء ‪ ،‬يدخله أهل الجنان ‪ ،‬ويتشكلون فيه في اية صورة يشتهونها ‪.‬‬
‫واالن نفسح في المكان لكالم شيخنا األكبر ‪ ،‬فهو واضح في حديثه عن هذا السوق ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬تأتي أهل الجنة إلى هذا السوق [ سوق الجنة ] ‪ . . .‬فإذا دخلوا هذا السوق فمن‬
‫اشتهى صورة دخل فيها وانصرف بها إلى أهله ‪ ،‬كما ينصرف بالحاجة يشتريها من‬
‫السوق ‪ ،‬فقد يرى جماعة صورة واحدة ‪ . . .‬فيشتهيها كل واحد من تلك الجماعة ‪،‬‬
‫فعين شهوته فيها التبس بها ودخل فيها وحازها ‪ ،‬فيحوزها كل واحد من تلك‬
‫الجماعة ‪ . . .‬وانصرف بها إلى أهله والصورة كما هي في السوق ما خرجت منه ‪،‬‬
‫فال يعلم حقيقة هذا االمر ‪ . . .‬اال من علم نشأة اآلخرة ‪ . . . 3‬وتجلي الحق في صور‬
‫متعددة يتحول فيهن من صورة إلى صورة والعين واحدة ‪ ( “ . . . 4‬ف ‪/ 3‬‬
‫‪. ) 518‬‬

‫“ [ يتحول ] الناس بالصور في سوق الجنة من غير نزع وال خلع ‪ ،‬والباطن على حاله‬
‫كما تتحول البواطن هنا بالصور والظاهر على حاله “ ‪ ( .‬بلغة الغواص ق ‪. ) 109‬‬
‫“ ‪ . . .‬التنوع في الصور التي يدخل فيها في سوق الجنة ‪ 5‬مثل تنوع األحوال علينا‬
‫اليوم في بواطننا ‪ ( “ . . .‬كتاب أيام الشأن ص ‪. ) 17‬‬

‫“ كما أن االنسان في الجنة في سوق الصور إذا اشتهى صورة دخل فيها ‪ ،‬كما تشكل‬
‫الروح هنا عندنا ‪ ( “ . . . 6‬ف ‪. ) 142 / 1‬‬

‫“ فإذا دخل [ الروح االنساني ] سوق الجنة ورأى ما فيه من الصور ‪ ،‬فأية صورة‬
‫رآها واستحسنها حشر فيها ‪ ،‬فال يزال في الجنة دائما يحشر من صورة إلى صورة ‪،‬‬
‫إلى ما ال نهاية له ليعلم بذلك االتساع اإللهي ‪ ( “ .‬ف ‪/ 628 ) . 2‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬راجع سنن الترمذي ‪ .‬طبع عزت عبيد الدعاس ‪ .‬مطابع الفجر حمص ‪ .‬طبعة‬
‫أولى سنة ‪ 1967‬م ‪ .‬ج ‪ 7‬ص ص ‪ . 229 - 227‬الحديثين رقم ‪ ، 2552‬و‬
‫‪2553 .‬‬

‫‪620‬‬
‫“ ‪“ 621‬‬

‫) ‪( 2‬يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫“ ففي جنة الفردوس سوق معين به نشر الرحمن من صوره ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 16 / 4‬‬
‫) ‪( 3‬من حيث إن االنسان ينشأ في اآلخرة على خالف هذه النشأة الدنيوية ‪ ،‬فظاهره‬
‫هنا باطنه هناك والعكس بالعكس ‪.‬‬
‫) ‪( 4‬ان الحق واحد يتحول في الصور الكثيرة ‪ .‬فتشهد العين كثرة الصور ويعلم‬
‫العقل وحدة الحق فيها ‪.‬‬
‫) ‪( 5‬يراجع بخصوص “ سوق الجنة “ عند ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬المقصد األتم في اإلشارات ق ‪ 153‬ب ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 1‬ص ‪. 149‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪، 275 ، 183 ، 86‬‬
‫‪-‬ترجمان األشواق ص ‪، 106‬‬
‫‪-‬بلغة الغواص ق ‪، 14‬‬
‫) ‪( 6‬في هذه الجملة إشارة إلى ما سبق ان تكلمنا عليه من نشأة اآلخرة ‪.‬‬
‫****‬
‫سوى‬ ‫للا – ال ّ‬ ‫‪ - 359‬سوى ّ‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ السين والواو والياء أصل يدل على استقامة واعتدال بين شيئين ‪ .‬يقال هذا ال يساوي‬
‫كذا ‪ ،‬اي ال يعادله ‪ . . .‬واما قولهم ‪ :‬هذا سوى ذلك ‪ ،‬اي غيره ‪ ،‬فهو من الباب ‪. . .‬‬
‫“ ( معجم مقاييس اللغة مادة “ سوى “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫ورد األصل “ سوى “ في القرآن بمعنى االستقامة واالعتدال بين شيئين ‪ ،‬اما “ السوى‬
‫“ بمعنى الغير فلم ترد ‪.‬‬
‫س ِّبي ِّل ‪“( 5 / 12 ) .‬‬ ‫ض َّل َ‬
‫سوا َء ال َّ‬ ‫( أ )” فَ َم ْن َكفَ َر بَ ْع َد ذ ِّل َك ِّم ْن ُك ْم فَقَ ْد َ‬
‫علَ ْي ِّه ْم أ َ أ َ ْنذَ ْرت َ ُه ْم أ َ ْم لَ ْم ت ُ ْنذ ِّْر ُه ْم ال يُؤْ ِّمنُونَ “( ‪. ) 10 / 26‬‬
‫سوا ٌء َ‬
‫( ب )” َو َ‬

‫عند ابن العربي ‪:‬‬


‫َّللا من المخلوقات ب “ السوى “ ‪،‬‬
‫درجت الصوفية على تسمية كل ما عدا ّ‬

‫‪621‬‬
‫“ ‪“ 622‬‬

‫َّللا الرب ‪.‬‬


‫فكل مربوب هو “ سوى “ و “ غير “ في مقابل ‪ّ :‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا ‪“ .‬‬
‫َّللا من ّ‬ ‫“ فإن كل علم أصله من العالم اإللهي ‪ ،‬إذا كان كل ما سوى ّ‬
‫( ف السفر الثالث ‪ -‬فق ‪. ) 55‬‬
‫” الهي كيف يعلمكم سواكم *** ومثلك من تبارك أو تعالى‬
‫الهي كيف يعرفكم سواكم *** وهل شيء سواكم ؟ ال ! وال ‪ .‬ال‬
‫الهي ! ال أرى نفسي سواكم *** وكيف أرى المحال أو الضالال ؟ ‪.‬‬
‫“( ف السفر الثالث ‪ -‬فق ‪) 1‬‬
‫َّللا يقول ‪ [ :‬ادعوني استجب لكم ] فإذا علمت هذا ‪ ،‬علمت أن‬ ‫َّللا ‪ -‬ان ّ‬
‫“ إعلم ‪ -‬أيدك ّ‬
‫َّللا مربوب لهذا الرب ‪ ،‬وملك لهذا الملك‬ ‫َّللا رب كل شيء ومليكه ‪ .‬فكل ما سوى ّ‬ ‫ّ‬
‫الحق ‪ -‬سبحانه ‪. . . “ .‬‬
‫(ف السفر الثالث ‪ -‬فق ‪. ) 133‬‬
‫َّللا ‪ 1‬ال يمكنه الخروج عن قبضة الحق ‪ ،‬فهو موجدهم ‪. . .‬‬ ‫“ فان كل ما سوى ّ‬
‫“ ( ف السفر السادس فق ‪. ) 206‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يراجع بشأن “ سوى “ عند ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات السفر األول فق ‪ ( 196‬السوى ) ‪ .‬فق ‪ ( 358‬الحضرة تعطي ان ال يشهد‬
‫سواها ) ‪.‬‬
‫َّللا مركب ) ‪.‬‬ ‫‪-‬الفتوحات السفر الثالث فق ‪ ( 1 - 39‬كل موجود سوى ّ‬
‫فق ‪ ( 45‬ال يحمده سواه ) ‪.‬‬
‫َّللا ‪ :‬جميع المخلوقات ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات السفر السادس فق ‪ ( 4‬سوى ّ‬
‫****‬
‫‪ – 360‬االستواء‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ السين والواو والياء أصل يدل على استقامة واعتدال بين شيئين ‪ ( “ .‬معجم مقاييس‬
‫اللغة مادة “ سوى “ ) ‪.‬‬

‫‪622‬‬
‫“ ‪“ 623‬‬
‫كما أن المعاني الواردة في القرآن لكلمة االستواء هي مفاهيم لغوية وليست اصطالحية‬
‫( انظر الفقرة التالية ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫لقد وردت كلمة استوى في القرآن بالمعاني التالية ‪:‬‬
‫‪ - 1‬استوى ‪ -‬قصد بإرادته ‪.‬‬
‫ت “ ‪. ] 29 / 2 [ .‬‬ ‫سماوا ٍ‬ ‫س ْب َع َ‬ ‫س َّوا ُه َّن َ‬ ‫ماء فَ َ‬ ‫س ِّ‬ ‫قال تعالى ‪ ”:‬ث ُ َّم ا ْستَوى ‪ِّ 1‬إلَى ال َّ‬
‫ُخان ‪“ [ 41 / 11 ] .‬‬ ‫يد ٌ‬ ‫ماء َو ِّه َ‬ ‫س ِّ‬ ‫قال تعالى ‪ ” :‬ث ُ َّم ا ْستَوى ‪ِّ 2‬إلَى ال َّ‬
‫‪ - 2‬استوى – استقام‪.‬‬
‫سوقِّ ِّه “ [ ‪/ 48‬‬ ‫على ُ‬ ‫ظ فَا ْستَوى ‪َ 3‬‬ ‫َطأَهُ فَآزَ َرهُ فَا ْست َ ْغلَ َ‬ ‫قال تعالى ‪َ ” :‬كزَ ْرع أ َ ْخ َر َج ش ْ‬
‫ٍ‬
‫‪. ] 29‬‬
‫ق ْاألَعْلى ] ‪“ [ 53 / 6‬‬ ‫قال تعالى ‪ ” :‬ذُو ِّم َّرةٍ فَا ْستَوى ‪َ 4‬و ُه َو بِّ ْاألُفُ ِّ‬
‫‪ - 3‬استوى ‪ -‬اكتمل وقوى ‪،‬‬
‫ش َّدهُ َوا ْستَوى ‪5‬آتَيْناهُ ُح ْكما ً َو ِّع ْلما ً ‪“ [ 28 / 14 ] .‬‬ ‫قال تعالى ‪َ ” :‬ولَ َّما بَلَ َغ أ َ ُ‬
‫‪ - 4‬استوى على العرش ‪ -‬بالحفظ والتدبير ‪ -‬داللة على كمال القدرة واإلرادة ‪.‬‬
‫علَى ْالعَ ْر ِّش‬
‫ع َم ٍد ت َ َر ْونَها ث ُ َّم ا ْستَوى ‪َ 6‬‬
‫ت بِّغَي ِّْر َ‬ ‫سماوا ِّ‬ ‫َّللاُ الَّذِّي َرفَ َع ال َّ‬ ‫قال تعالى ‪َّ ”:‬‬
‫“ [ ‪. ] 2 / 13‬‬
‫علَى ْالعَ ْر ِّش ا ْستَوى “‪. ] 5 / 20 [ 7‬‬ ‫من َ‬ ‫الر ْح ُ‬ ‫قال تعالى ‪َّ ”:‬‬

‫عند ابن العربي ‪8 :‬‬


‫ان االستواء فعل والفعل نسبة بين الفاعل والمفعول ‪ .‬اي بين المؤثر والمؤثر فيه ‪،‬‬
‫وهنا بين المستوى والمستوى عليه ‪ ،‬وتتعدد االستواءات بتعدد المستوين والمستوى‬
‫عليهم ‪ ، 9‬وتتنوع ‪ ،‬وبالتالي ال يمكن اعتبار االستواء كمصطلح مفرد له مضمون‬
‫ثابت ‪ ،‬ولكن سنحاول ان نعدد جملة الصفات التي يجمعها خط واحد فتؤلف معنى‬
‫متكامال منفردا ‪.‬‬
‫وهنا يمكن تقسيم مجموع مرادفات االستواء إلى شقين ‪ :‬األول يجنح فيه ابن العربي‬
‫إلى التأويل واخذ اآليات العرشية بالمعنى المجازي متابعا بذلك خط المعتزلة ‪.‬‬
‫والثاني ينفرد به الشيخ األكبر ألنه ثمرة من ثمار مذهبه في وحدة الوجود ‪ ،‬وهاك‬
‫التعريفين ‪:‬‬
‫***‬

‫‪623‬‬
‫“ ‪“ 624‬‬

‫*االستواء صفة الحق على العرش ‪ ، 10‬لذلك تقبل التأويل ‪ 11‬وقد يراد بها‬
‫االستقرار أو القصد أو االستيالء أو الثبوت ‪. . . 12‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫) ‪ “ ( 1‬الحمد ّّلل الكائن في العماء الموصوف باالستواء ‪ ( “ . . .‬االسفار عن نتائج‬
‫االسفار ص ‪. ) 1‬‬
‫“ ولما كان االستواء صفة للحق على العرش ‪ ،‬وخلق االنسان على صورته جعل له‬
‫مركبا سماه فلكا كما كان العرش فلكا ‪ ،‬فالفلك مستوى االنسان الكامل وجعل لمن هو‬
‫دون االنسان الكامل مركبا غير الفلك من االنعام “ ‪ ( . . .‬ف ‪. ) 162 / 3‬‬

‫) ‪ ( “ ( 2‬واالستواء ) أيضا ينطلق على االستقرار والقصد واالستيالء ‪ ،‬واالستقرار‬


‫َّللا تعالى اال إذا كان على وجه الثبوت ‪ ،‬والقصد‬ ‫من صفات األجسام فال يجوز على ّ‬
‫ماء “ *[ ‪29 / 2‬‬ ‫هو اإلرادة وهي من صفات الكمال قال تعالى ‪ ” :‬ث ُ َّم ا ْستَوى ِّإلَى ال َّ‬
‫س ِّ‬
‫‪ ] 11 / 41 ،‬اي قصد ‪.‬‬
‫علَى ْالعَ ْر ِّش “ *[ ‪ ] 2 / 13‬اي استولى ‪ ( “ . . 13‬ف ‪/ 1‬‬ ‫وقال تعالى ‪ ”:‬ا ْستَوى َ‬
‫‪. ) 98‬‬
‫والمالحظ ان هذا التعريف لكلمة “ االستواء “ ال يغني مضمون الكلمة في الفكر‬
‫االسالمي فهو لم يفارق كثيرا المعنى اللغوي ‪.‬‬
‫****‬
‫االستواء هو الظهور والتجلي في المستوى عليه ‪ .‬فالمستوى حق ‪ ،‬والمستوى عليه‬
‫عرش ‪ -‬خلق ‪.‬‬
‫واالستواء ‪ :‬تجلي وظهور ‪.‬‬
‫هذا االتجاه لتفسير االستواء بالظهور ال يتضح بدقة من خالل نصوص الشيخ األكبر ‪،‬‬
‫وان كان تلمسه ممكنا عبر الجو المحيط بكالمه والمشبع بهذا المضمون ‪.‬‬

‫ففي كتابه “ االسفار عن نتائج االسفار “ يذكر أنواع االسفار ‪ ،‬ويهمنا هنا السفران‬
‫األوالن وهما ‪ :‬سفر رباني من العماء إلى عرش االستواء الذي تسلمه االسم الرحمن ‪-‬‬
‫وسفر الخلق واالمر وهو سفر االبداع ‪.‬‬

‫ونالحظ من الجو المكتنف كلمة االستواء انها تعني ظهورا وتجليا ‪ ،‬وخاصة ان هذين‬
‫السفرين فقط يبينان مرحلتي الظهور ‪ ،‬فاألول الفيض االقدس والثاني الفيض المقدس‬
‫‪ . 14‬اما بقية االسفار فإنها بعد الوجود أو الظهور‪.‬‬

‫‪624‬‬
‫“ ‪“ 625‬‬

‫واآلن بعدما لفتنا النظر إلى عالقة السفرين ‪ ،‬بمرحلتي الفيض المشار اليهما وهما‬
‫اللذان ساهما في ايضاح مضمون االستواء ‪. . .‬‬
‫نورد النصوص اآلتية ‪:‬‬
‫“ وكان سفر الرحمانية من العما الرباني إلى االستواء العرشي موجودا عن الجود ‪،‬‬
‫وما دون العرش موجود عن ‪ ،‬المستوى على العرش وهو ‪ ،‬االسم الرحمن ‪ . . .‬وهذا‬
‫السفر روحه ومعناه السفر من التنزيه إلى سدرة التشبيه “ ‪ ( . . .‬كتاب االسفار ص‬
‫ص ‪. ) 11 - 10‬‬

‫“ ‪ . . .‬فلما كملت األرض البدنية [ في االنسان بالتسوية ] وقدر فيها أقواتها وحصل‬
‫فيها قواها الخاصة بها من كونها حيوانا نباتا ‪ ،‬كالقوة الجاذبة والهاضمة والماسكة‬
‫والدافعة ‪ . . .‬استوى السر اإللهي الساري فيه [ االنسان ] ‪ . . .‬فهذا سفر أسفر عن‬
‫محياه ودل على تنزيه مواله ونتج ظهور العالم العلوي ‪ ( “ . . .‬كتاب االسفار ص‬
‫ص ‪. ) 14 - 13‬‬

‫في حين ان ابن العربي ألغز وأشار ‪ 15‬نجد الجيلي استفاد من إشاراته ثم أوضح‬
‫فظهر معنى االستواء والمستوى عند الشيخ األكبر ‪،‬‬

‫يقول في كتابه االنسان الكامل ‪:‬‬


‫“ وكان االسم الرحمن هو الظاهر فيها [ في الربوبية ] بجميع مقتضيات الكمال على‬
‫نظر تمكنه واعتبار سريانه في الموجودات ‪ ،‬واالستيالء حكمه عليها وهو استواؤه‬
‫َّللا سبحانه وتعالى بحكم االستيالء ‪،‬‬
‫على العرش ‪ ،‬الن كل موجود يوجد فيه ذات ّ‬
‫فذلك الموجود هو العرش لذلك الوجه الظاهر فيه من ذات الحق سبحانه وتعالى ‪. . .‬‬
‫واما استيالء الرحمن فتمكنه سبحانه وتعالى بالقدرة والعلم واإلحاطة من موجوداته ‪،‬‬
‫مع وجوده فيها بحكم االستواء المنزه عن الحلول والمماسة ‪ ،‬وكيف يجوز الحلول‬
‫والمماسة وهو عين الموجودات نفسها فوجوده تعالى في موجوداته بهذا الحكم‬
‫[ االستواء ] ‪ ( “ . . .‬ج ‪1‬ص ‪. )28‬‬

‫كما يقول في نفس المرجع ‪:‬‬


‫“ فكانت الربوبية عرشا ‪ ،‬اي مظهرا ظهر فيها ‪ ،‬وبها نظر الرحمن إلى الموجودات‬
‫“ ( ج ‪ 1‬ص ‪. ) 29‬‬
‫ونجد إشارة مشابهة عند روزبهان البقلي الشيرازي حيث يقول‪:‬‬

‫‪625‬‬
‫“ ‪“ 626‬‬
‫علَى ْالعَ ْر ِّش ا ْستَوى “( ‪ ) 5 / 20‬؟‬ ‫الر ْح ُ‬
‫من َ‬ ‫“ فقلت ‪ :‬الهي ! ما معنى قولك ‪َّ ”:‬‬
‫فقال تعالى ‪ :‬إذا تجليت فلذلك استوى عليه “ ‪. 16‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يقول البيضاوي في شرح االستواء ‪ “ :‬ثم استوى إلى السماء ‪ ،‬قصد إليها‬
‫بإرادته من قولهم استوى اليه كالسهم المرسل إذا قصده قصدا مستويا من غير أن يلوى‬
‫على شيء ‪ .‬وأصل االستواء طلب السواء واطالقه على االعتدال لما فيه من تسوية‬
‫وضع االجزاء ‪ . . .‬ومثل استوى اي استولى وملك [ “ ‪ . .‬أنوار التنزيل ج ‪ 1‬ص‬
‫‪] . 19‬‬
‫) ‪( 2‬راجع أنوار التنزيل ج ‪ 2‬ص ‪، 186‬‬
‫) ‪( 3‬انظر المرجع السابق ج ‪ 2‬ص ‪، 224‬‬
‫) ‪( 4‬المرجع السابق ج ‪ 2‬ص ‪، 235‬‬
‫) ‪( 5‬انظر المرجع السابق ج ‪ 2‬ص ‪، 96‬‬
‫) ‪( 6‬انظر المرجع السابق ج ‪ 1‬ص ‪، 254‬‬
‫) ‪( 7‬المرجع السابق ج ‪ 2‬ص ‪. 21‬‬
‫) ‪( 8‬لقد توسع علم الكالم في مسألة االستواء التي يسميها “ العرشية “ ‪ ،‬وهي‬
‫مرتبطة عند علماء الكالم والفقهاء بموقفهم من الصفات ‪.‬‬
‫فبينما يعارض ابن حنبل المعتزلة التي تؤول كل اآليات التي تشير إلى العرشية‬
‫واالستواء ‪.‬‬
‫نجد الجهم بن صفوان يتشدد في انتقاد مقاتل بن سليمان وآرائه المشبهة ويجنح إلى‬
‫التأويل فيفسر االستواء باالستيالء ‪ ،‬وغيره من التأويالت التي تقبلها اللغة ‪.‬‬
‫واثر موقف الجهم من مقاتل اتسعت رقعة الخالف والجدل في هذه المسألة ‪ ،‬وانقسم‬
‫َّللا سبحانه وتعالى ال يجوز ان‬ ‫الفرقاء شقين ‪ :‬األول وعلى رأسه المعتزلة يرى أن ّ‬
‫يحده مكان ‪ ،‬واالستواء تحديد في مكان وان كان يعلو البشر وقد اقتفى اثر المعتزلة‬
‫الجويني واالمامية والحالج ‪ .‬والشق الثاني وفي مقدمتهم أحمد بن حنبل ‪ -‬يتبعه‬
‫المشبهة والحشوية ‪ -‬يعارض المعتزلة ويرفض اال االخذ بحرفية اآليات التي تشير إلى‬
‫العرشية ‪.‬‬
‫اما موقف ابن العربي كما سنرى ‪ ،‬فقد تميز وانفرد عن الخط المتجانس الذي سبقه‬
‫وان كان في جذوره يعود إلى تأويالت المعتزلة ‪ .‬فالمعتزلة في موقفها من االستواء‬
‫َّللا في مكان ‪.‬‬
‫مهدت لوحدة الوجود ‪ ،‬ألنها أشارت إلى عدم جواز حصر ّ‬
‫بل هو في كل مكان ‪ .‬وهذا ما بذر الوحدة الوجودية في الفكر االسالمي ‪.‬‬
‫فليراجع ‪:‬‬
‫‪-‬ماسينيون ‪:La passion d'Al Hallaj lib . Orientaliste Paul‬‬
‫‪Geuthner T 2 P . 597 et P 634-‬سيف الدين اآلمدي ‪ ،‬غاية المرام في علم‬
‫الكالم ‪ ،‬تحقيق حسن محمود عبد اللطيف القاهرة‬

‫‪626‬‬
‫“ ‪“ 627‬‬
‫‪1971 .‬ص ‪ 141‬وص ‪. 180‬‬
‫‪-‬نشأة الفكر الفلسفي في االسالم تأليف علي سامي النشار ج ‪ 1‬ص ص ‪293 - 290‬‬
‫وص ص ‪ 379 - 377‬وص ‪. 492 - 489‬‬
‫‪-‬الغزالي ‪ .‬الجام العوام عن علم الكالم تحقيق محمد مصطفي أبو العال ‪ .‬نشر مكتبة‬
‫الجندي ‪ .‬مصر ‪ .‬ج ‪ 2‬ص ص ‪. 110 - 109‬‬
‫حيث يتبنى الغزالي موقف االمام مالك من االستواء ‪ .‬وهكذا لم يعط الغزالي جديدا في‬
‫االستواء ‪ ،‬وربما لذلك لم يبحث األب فريد جبر كلمة “ استواء “ في كتابه الذي‬
‫أصدره عن الغزالي بعنوان ‪ :‬في معجم الغزالي ‪ .‬نشر الجامعة اللبنانية ‪.‬‬
‫‪-‬علم القلوب ‪ .‬ألبي طالب المكي ص ‪ 126 - 124‬تحقيق عبد القادر احمد عطا‬
‫مكتبة القاهرة ‪ -‬الطبعة األولى ‪ 1964‬م ‪.‬‬
‫‪-‬كتاب االرشاد ‪ -‬الجويني ص ‪ 40‬وما بعد ‪،‬‬
‫‪-‬فرق وطبقات المعتزلة ‪ .‬القاضي عبد الجبار الهمذاني ( ت ‪ 415‬هـ ) ‪ .‬تحقيق علي‬
‫النشار ص ‪. 185‬‬

‫) ‪( 9‬يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫“ فال تعجز في طلب أعلى الغايات وال تحجب بالمستوى عن االستواآت ‪ ( “ .‬إشارات‬
‫القرآن ص ‪ 59‬أ ) ‪.‬‬
‫“ وذلك أنه لما رفعت إلى أعلى المشاهدة ‪ ،‬ووضعت عنا آالم المجاهدة ‪ . . .‬فسمعت‬
‫الخطاب مني ‪ ،‬ال داخال وال خارجا عني ‪ . . .‬اين أنت واالستواءات ‪ ( “ . .‬رسالة‬
‫االتحاد الكوني ص ‪ 141‬ب ) ‪.‬‬
‫) ‪( 10‬راجع عرش ‪.‬‬
‫) ‪( 11‬يقول البرزنجي في الجاذب الغيبي ق ‪ “ : 299‬االستواء حقيقة معقولة معنوية‬
‫تنسب إلى كل ذات بحسب ما تعطيه حقيقة تلك الذات ‪ ،‬وال حاجة إلى التكليف في‬
‫صرف االستواء عن ظاهره “ ‪.‬‬
‫) ‪( 12‬يقول الجيلي في االنسان الكامل ج ‪ 1‬ص ‪ “ : 37‬إذا تجلت ذات الحق سبحانه‬
‫وتعالى على عبده بصفة من صفاتها ‪ ،‬سبح العبد في فلك تلك الصفة إلى أن يبلغ حدها‬
‫‪ ،‬بطريق االجمال ال بطريق التفصيل ‪ . . .‬فإذا سبح العبد في فلك صفة واستكملها‬
‫بحكم االجمال ‪ ،‬استوى على عرش تلك الصفة فكان موصوفا بها ‪. . . “ .‬‬
‫) ‪( 13‬وقد ربط ابن القيم بين االستواء واالسم “ الرحمن “ يقول ‪ “ :‬أال ترى انهم‬
‫يقولون ‪:‬‬
‫غضبان للممتلئ غضبا ‪ ،‬وندمان وحيران وسكران ولهفان لمن ملئ بذلك ‪ ،‬فبناء‬
‫فعالن للسعة والشمول ولهذا يقرن استواءه على العرش بهذا االسم كثيرا ‪ .‬كقوله‬
‫علَى ا ْلعَ ْر ِّش ا ْستَوى “ )( ”‪ 26 : 59‬ث ُ َّم ا ْستَوى َ‬
‫علَى‬ ‫الر ْح ُ‬
‫من َ‬ ‫تعالى ‪َّ ”5 : 20 ( :‬‬
‫من “ )فاستوى على عرشه باسم الرحمن ‪ ،‬الن العرش محيط بالمخلوقات‬ ‫ْالعَ ْر ِّش َّ‬
‫الر ْح ُ‬
‫قد وسعها ‪ .‬والرحمة محيطة بالخلق واسعة‬

‫‪627‬‬
‫“ ‪“ 628‬‬

‫ت ُك َّل َ‬
‫ش ْيءٍ “ ) فاستوى على أوسع‬ ‫لهم ‪.‬كما قال تعالى ‪َ ”156 : 7 ( :‬و َر ْح َمتِّي َو ِّسعَ ْ‬
‫المخلوقات بأوسع الصفات ‪ [ “ . . .‬مدارج السالكين ج ‪ 1‬ص ‪33 ] .‬‬

‫) ‪( 14‬راجع “ فيض أقدس “ و “ فيض مقدس “‬


‫) ‪( 15‬يراجع فيما يتعلق باالستواء عند ابن العربي كتاب الشعراني ‪ ،‬اليواقيت‬
‫والجواهر ص ص ‪، 90 - 89‬‬
‫) ‪( 16‬من كتاب االسرار ومكاشفات األنوار نشر األب بولس نويا مجلة المشرق‬
‫تموز ‪ -‬تشرين األول ‪ 1970‬ص ‪. 399‬‬
‫****‬

‫الرحماني‬
‫ي ‪ -‬االستواء ّ‬
‫‪ - 361‬االستواء اإلله ّ‬
‫نورد نص ابن العربي لوضوحه ثم نستخلص منه الفرق بين االستوائين ‪:‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ االستواء اإللهي على العرش االنساني وهو بخالف االستواء الرحماني ‪ ،‬فان‬
‫االستواء اإللهي في نقطة الدائرة ‪ ،‬وهو قوله تعالى “ ما وسعني ارضي وال سمائي‬
‫ووسعني قلب عبدي المؤمن ‪. “ 1‬‬

‫علَى ْالعَ ْر ِّش ا ْستَوى‬ ‫الر ْح ُ‬


‫من َ‬ ‫واالستواء الرحماني ‪ :‬محيط للدائرة ‪ ،‬وهو قوله تعالى” َّ‬
‫“[ ‪ ، ] 5 /20‬فالعرش في االستواء الرحماني بمنزلة الحق في االستواء االنساني ‪،‬‬
‫والقلب في االستواء اإللهي بمنزلة الحق في االستواء الرحماني “ ‪ ( . . .‬كتاب الجالل‬
‫والجمال ص ص ‪. ) 12 - 11‬‬

‫قبل ان نفرق بين نمطي االستواء نرسم هذه الدوائر التي تجسد االستوائين ‪.‬‬
‫االستواء اإللهي ‪.‬‬
‫االستواء الرحماني ‪.‬‬

‫‪628‬‬
‫“ ‪“ 629‬‬

‫وهكذا يتضح انه في االستواء اإللهي حصل االستواء في نقطة الدائرة ‪ ،‬بينما في‬
‫االستواء الثاني كان الحق محيطا بالدائرة التي هي العرش ‪.‬‬
‫ففي األول ‪ :‬القلب وسع الحق ‪ ،‬بينما في الثاني الحق وسع العرش واستوى عليه ‪،‬‬
‫فالحق في االستواء اإللهي بمثابة العرش في االستواء الرحماني ‪ ،‬والقلب بمثابة‬
‫الحق ‪.‬‬
‫اذن ‪:‬‬
‫‪ - 1‬االستواء اإللهي ‪ :‬هو تجلي الحق على القلب االنساني ‪ ،‬واتساع هذا األخير له‬
‫‪ . 2‬فالحق يتجلى على قلب العبد ‪ .‬وقلب العبد يدور مع الحق أينما دار ‪ ،‬وهذا التقلب‬
‫الذي هو صفة للقلب م ّكنه من االتساع للحق ‪ ،‬فال مخلوق يتسع لتوالي تجليات الحق‬
‫سوى هذا القلب االنساني ‪.‬‬
‫‪ - 2‬االستواء الرحماني ‪ :‬هو استقرار واستيالء الحق على العرش ‪.‬‬
‫وقد خص ابن العربي االستواء الرحماني بالعرش ‪ ،‬الن العرش هو الموجودات ‪،‬‬
‫والرحمن هو معطي الوجود ‪ 3‬للكائنات ‪ .‬اذن يستوى على الموجودات التي يمدها‬
‫بالوجود ‪.‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬انظر فهرس األحاديث ‪ .‬حديث رقم ‪: ( 30 ) .‬‬
‫) ‪( 2‬راجع “ قلب “‬
‫) ‪( 3‬راجع “ رحمن "‪.‬‬
‫****‬

‫الرحمن ‪ -‬مستوى األسماء المقيّدة‬‫‪ - 362‬مستوى ّ‬


‫ان مستوى الرحمن واألسماء المقيدة هو ‪ :‬العرش ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ العرش مستوى الرحمن “ ( ف ‪. ) 283 / 2‬‬
‫“ فان قلت ‪ :‬وما العرش ؟ قلنا ‪ :‬مستوى األسماء المقيدة “ ( ف ‪. ) 129 / 2‬‬
‫انظر “ عرش "‪.‬‬
‫****‬

‫الرب‬
‫ّ‬ ‫‪ - 363‬مستوى‬
‫“ العماء هو مستوى االسم الرب “ ( ف ‪. ) 283 / 2‬‬
‫اذن مستوى الرب ‪ :‬هو العماء ‪.‬‬

‫‪629‬‬
‫“ ‪“ 630‬‬

‫راجع ‪ “ :‬عماء "‪.‬‬


‫****‬
‫‪ - 364‬سيف التوكّل‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫” فما سلت كف خضيب ومعصم *** إذا لم يلح سيف التوكل منتضى “‬
‫( ف السفر الخامس ‪ -‬فق ‪. ) 120‬‬
‫انظر “ توكل “‬

‫‪630‬‬
‫“ ‪“ 631‬‬
‫حرف الشين‬
‫ش‬

‫‪631‬‬
“ 632 “

632
‫“ ‪“ 633‬‬
‫‪ – 365‬المشيئة‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫اما اللغة فقد أوردت اإلرادة والمشيئة على الترادف ‪.‬‬
‫يقول الفيروزآبادي “ شئته أشاؤه شيأ مشيئة ومشاءة ومشائية ‪ :‬أردته ‪“ .‬‬
‫( المحيط ج ‪ 1‬ص ‪. ) 19‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫نجد في القرآن قسطا من التمييز بين اإلرادة والمشيئة ‪ ،‬كما أوردها أحيانا على‬
‫الترادف ‪.‬‬
‫طفى ِّم َّما يَ ْخلُ ُق ما يَشا ُء ‪“( 39‬‬ ‫ص َ‬ ‫َّللاُ أ َ ْن يَت َّ ِّخذَ َولَدا ً َال ْ‬
‫) ‪ ( 1‬إرادة ‪ -‬مشيئة ‪ ”.‬لَ ْو أَرا َد َّ‬
‫‪. )/ 4‬‬
‫ع َّج ْلنا لَهُ فِّيها ما نَشا ُء ِّل َم ْن نُ ِّري ُد “( ‪/ 17‬‬
‫عاجلَةَ َ‬‫) ‪ ( 2‬إرادة ‪ -‬مشيئة” َم ْن كانَ يُ ِّري ُد ْال ِّ‬
‫َّللا يَ ْفعَ ُل ما يُ ِّري ُد ‪“( 2 / 253 ) .‬‬ ‫َّللاُ َما ا ْقتَتَلُوا ‪َ .‬ول ِّك َّن َّ َ‬
‫‪َ ”. ) 18‬ولَ ْو شا َء َّ‬
‫فليراجع ‪ :‬المعجم المفهرس أللفاظ القرآن الكريم ‪.‬‬
‫مادتي ‪ :‬إرادة ومشيئة ‪ .‬كما سيتبين ان ابن العربي استلهم الفرقان القرآني بين هاتين‬
‫اللفظتين للتمييز بينهما ‪.‬‬
‫عند ابن العربي ‪:‬‬
‫لقد درجنا في هذه المعجم ‪ -‬قدر االمكان ‪ -‬على عزل كل مصطلح عن غيره من‬
‫المصطلحات حتى يتسنى للقارئ االلمام به بايجاز ‪ ،‬دون ان يتحول إلى شرك يوقعه‬
‫في عالم ابن العربي بأكمله ‪ ،‬ويوقعنا في الترديد ‪.‬‬

‫ولكن “ المشيئة “ تتداخل مع غيرها من المفاهيم مما يجعل قابلية عزلها غير ممكنة ‪،‬‬
‫فهي تتداخل مع “ اإلرادة “ و “ االمر “ و “ العلم “ وغيرهما من النسب اإللهية ‪،‬‬
‫وسنحاول من خالل مالمسة المشيئة لهذه النسب ان نتوصل إلى حصرها في مضمون‬
‫متميز ‪.‬‬
‫ونلفت النظر إلى أنه قبل البدء بالمقارنات المشار إليها سنتعمد االختصار‬

‫‪633‬‬
‫“ ‪“ 634‬‬

‫فيها الن هدفنا في هذا المعجم الوصول إلى تعريفات لكلمات الشيخ األكبر وكل ما يرد‬
‫من نظرياته وأفكاره هما في الواقع تقدمة بين يدي تعريفاته ‪ ،‬ومن أراد االستزادة من‬
‫الفكر الحاتمي فليراجع ما أحلنا اليه في الهوامش ‪.‬‬
‫****‬
‫المشيئة واإلرادة‬
‫لم تميز اللغة العربية بين مضموني هاتين الكلمتين بوضوح يسمح للباحث بالركون اليه‬
‫‪ ،‬وقد غاب عن مفكرينا االنتباه إلى ضرورة التمييز بينهما ‪. 1‬‬
‫فكانوا يترجحون بين التسوية والتمييز ‪ .‬حتى أن ابن العربي نفسه لم يسلم من هذا‬
‫الترجح فنجد نصوصا تميز وأخرى توحد ‪. 2‬‬
‫وهذا التمييز بين اإلرادة والمشيئة ربما استفاده ابن العربي من القرآن ‪ ،‬أو من الحالج‬
‫الذي سبقه إلى التمييز بينهما دون ان يوضح مضمونهما ‪.‬‬
‫اذن لن نطمح بنصوص من مؤلفات الشيخ األكبر ترسم بجالء صورة التمييز بينهما ‪،‬‬
‫بل سنكتفي بإشارات وردت وبمكانة كل منهما من البنيان الفكري له لنتوصل إلى‬
‫النقاط التالية ‪:‬تتفق المشيئة واإلرادة في ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬انهما نسبتان من النسب اإللهية ‪.‬‬
‫ان وحدة ابن العربي ال تفسح في مجال الوجود اال للذات اإللهية ونسبها ‪ ،‬فما ثمة اال‬
‫الذات من جهة ونسبها أو صفاتها أو أسمائها أو مجاليها من جهة ثانية ‪.‬‬
‫فالمشيئة واإلرادة‪.‬‬
‫‪ . 3‬نسبتان من نسب هذه الذات ‪،‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫“ فبالمشيئة ظهر اثر الطبيعة وهي غيب ‪ ،‬فالمشيئة مفتاح ذلك الغيب والمشيئة نسبة‬
‫الهية ال عين لها ‪ ،‬فالمفتاح ‪ 4‬غيب ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 397/ 3‬‬
‫ثانيا ‪ :‬ان المشيئة واإلرادة صفتا الفعل ‪.‬‬
‫ترتبط المشيئة واإلرادة ارتباطا مباشرا بالتكوين وما الوجود بأسره اال مظهر لهما‬
‫ومجلى ‪.‬‬
‫وهذا ما يميز هاتين النسبتين عن االمر اإللهي ‪،‬‬
‫فاالمر اإللهي الذي يقسمه ابن العربي قسمين ‪ :‬تكليفي وتكويني ‪،‬‬
‫ال ينفذ دائما بل تنفذ اإلرادة والمشيئة ‪. 5‬‬
‫وهذا مطابق للتنزيل الذي الصق الفعل بهما جاعال إياه صفة الزمة تابعة بالضرورة ‪6‬‬
‫يقول ابن العربي‪:‬‬

‫‪634‬‬
‫“ ‪“ 635‬‬

‫“ ال يغرنك قوله “ لو شئنا ‪ “ “ 7‬لو شاء ‪ . “ 8‬فان المشيئة منه ال تتبدل وال تتردد فقد‬
‫شاء ما شاء ‪ ،‬وهي نافذة ‪ .‬فاثبت واسكن تحت مجاري االقدار “ ‪ ( . . .‬كتاب الكتب‬
‫ص ‪. ) 53‬‬
‫تختلف المشيئة واإلرادة في ‪:‬‬
‫شمولهما الظاهر في اتساع رقعة تعلقهما ‪:‬‬
‫يميز ابن العربي بين المشيئة اإللهية والقدرة اإللهية ‪.‬‬
‫فالمشيئة ‪ :‬تشبه القانون العام للوجود ‪ ،‬أو القوة اإللهية التي تقضي بان يكون كل ما في‬
‫َّللا أو‬
‫الوجود مما هو بالفعل أو بالقوة على النحو الذي هو عليه ‪ ،‬فهي في الحقيقة عين ّ‬
‫القوة الخالقة السارية في الوجود بأسره ‪ ،‬الظاهرة في صور ما ال يحصى عدده من‬
‫مظاهر الكون ‪ ،‬أو هي الذات اإللهية نفسها وهي الوجود ‪.‬‬

‫اما اإلرادة فهي النسبة التي تخص الشيء بالوجود ‪ ،‬فهي أداة الخلق اي اظهار أعيان‬
‫الممكنات الثابتة في العدم ‪. 9‬‬
‫وهكذا تشمل المشيئة كل الوجود ‪ ،‬بينما ينحصر تعلق اإلرادة بالمعدوم ‪ ،‬فال شيء في‬
‫الوجود يخرج عن سلطان المشيئة ‪.‬‬
‫انها “ عرش الذات “ بينما ال تظهر سلطة اإلرادة اال في االيجاد والخلق ‪ ،‬بمعنى‬
‫تخصيص الظهور لبعض الممكنات من عوالم ثبوتها ‪. 10‬‬
‫اما كون المشيئة “ عرش الذات “ و “ الوجود “ فهذا سنبحثه عند تعريفها فيما‬
‫سيأتي ‪.‬‬
‫****‬
‫المشيئة واالمر ‪:‬‬
‫ع ّل اغرب نقطة في المنهج األخالقي الذي تعطيه فلسفة الشيخ األكبر هي ‪ :‬المعصية ‪.‬‬
‫فهي لم تصدر عن العبد دون موافقة الهية ‪ ،‬كما انها قد تكون أحيانا ليس عقبة في‬
‫َّللا‬
‫َّللا ‪ ،‬بل العكس قد تتحول إلى “ براق “ يعرج به العبد إلى ّ‬‫طريق الوصول إلى ّ‬
‫‪. 11‬‬
‫ففي فكر تتحول فيه المعصية إلى ما ذكرنا ‪ ،‬ما هو محل المشيئة واألمر ؟‬
‫َّللا سبحانه وتعالى “ يأمرنا “ بعدم المعصية ‪ ،‬ثم “ يشاء “ هذه المعصية ‪.‬‬
‫ان ّ‬
‫فكيف يتوافق امره مع مشيئته ؟‬
‫يقسم ابن العربي االمر اإللهي قسمين ‪ :‬تكليفي وتكويني‪.‬‬

‫‪635‬‬
‫“ ‪“ 636‬‬

‫االمر التكليفي يتوجه على الفعل عامة وهو أشبه بقانون عام قد ينفذه كل فرد وقد ال‬
‫ينفذه ‪ ،‬اما االمر التكويني فهو أمر فردي ينفذ بالضرورة ‪. 12‬‬
‫اما المشيئة اإللهية فليس عندها اال أمر واحد في األشياء ‪ .‬ينفذ دائما ‪.‬‬
‫فأمر المشيئة هو عين ما هي األمور عليه ‪ ،‬فيكون بالتالي موازيا لالمر التكويني ‪،‬‬
‫فاالمر التكويني هو عين المشيئة ‪.‬‬
‫اما االمر التكليفي فاحكامه وتقاريره فقط من المشيئة ‪ ،‬ولذلك تنفذ ( االحكام‬
‫والتقارير ) ‪.‬‬

‫ولنترك االن نصوص ابن العربي تثبت ما أوردناه ‪:‬‬


‫يقول ‪:‬‬
‫“ االمكان حكم وهمي ال معقول ‪ . . .‬فما ثم اال واجب بذاته أو واجب ‪ 13‬به ‪.‬‬
‫فمشيئة الحق في األشياء واحدة ‪ . . .‬المشيئة اإللهية ما عندها اال امر واحد في‬
‫األشياء ‪ . . .‬وما شاء الحق اال ما هو االمر عليه في نفسه ‪ ،‬فمشيئة الحق في األمور‬
‫ما هي األمور عليه ‪ . . .‬فان المشيئة ان جعلتها خالف عين االمر ‪ 14‬فاما ان تتبع‬
‫االمر وهو محال ‪ ،‬واما ان يتبعها االمر وهو محال وبيان ذلك ان االمر ‪ . . .‬غير‬
‫مشاء بمشيئة ليست عينه ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 356 /3‬‬

‫َّللا عز وجل ‪ ،‬وان خالف الحكم المقرر في‬ ‫“ ان كل حكم ينفذ اليوم في العالم انه حكم ّ‬
‫الظاهر المسمى شرعا إذ ال ينفذ حكم اال ّّلل في نفس االمر ‪ ،‬الن االمر الواقع في‬
‫العالم انما هو على حكم المشيئة اإللهية ال على حكم الشرع المقرر ‪ ،‬وان كان تقريره‬
‫من المشيئة ‪ .‬ولذلك نفذ تقريره خاصة ‪15 . . .‬فال يقع في الوجود شيء وال يرتفع‬
‫خارجا عن المشيئة ‪ ،‬فان االمر اإللهي إذا خولف هنا بالمسمى معصية ‪ ،‬فليس اال‬
‫االمر بالواسطة [ ) ‪ ( 16‬االمر التكليفي فليراجع ] ال االمر التكويني ‪.‬‬
‫َّللا أحد قط في جميع ما يفعله من حيث امر المشيئة ‪ . . .‬وعلى الحقيقة فامر‬ ‫فما خالف ّ‬
‫المشيئة انما يتوجه على ايجاد عين الفعل ‪ ،‬ال على من ظهر على يديه فيستحيل اال‬
‫يكون ‪ ( . . . “ 17‬الفصوص ج ‪ 1‬ص ‪. ) 165‬‬
‫****‬
‫المشيئة والعلم ‪:‬‬
‫ان المشيئة في شمولها للوجود تغاير اإلرادة كما سبق ‪ ،‬وتالمس بذلك العلم اإللهي ‪،‬‬
‫ألن العلم اإللهي يشمل كل الموجودات ونراه يبسط سلطته على الممكنات ما ظهر منها‬
‫وما لم يظهر ‪ ،‬شأنه في ذلك شأن المشيئة ‪.‬‬

‫ولكن ما يميز بينهما إذا استثنينا صفة “ الفعل “ ‪ 18‬هو ان المشيئة تابعة‬

‫‪636‬‬
‫“ ‪“ 637‬‬

‫للعلم ‪ ،‬الن الحق عز وجل يشاء األشياء على ما يعلمها ‪ ،‬ويعلمها على ما تعطيه من‬
‫ذواتها ‪ ،‬وال يخفى ما في ذلك من جبرية أثارت نقد الباحث في ابن العربي ‪. 19‬‬

‫ولكن ال يجب ان نغفل اننا إزاء نظرية تجد وحدة الوجود من البديهيات ‪ ،‬فالمعلوم ال‬
‫يخرج عن كونه مجلى للعلم ومظهرا ‪ ،‬وهذا العلم نسبة معدومة موجودة الحكم ‪ ،‬ترجع‬
‫َّللا وحده ‪.‬‬
‫َّللا ‪ ،‬اال ّ‬
‫إلى الذات ‪ . 20‬فما حكم على ّ‬

‫فعند الشيخ األكبر ‪ :‬العالم والمعلوم والعلم واحد ‪، 21‬‬


‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫قال تعالى ‪ “ :‬ولهذا قال” ِّإ ْن يَشَأ ْ يُ ْذ ِّه ْب ُك ْم “[ ‪. . . ] 133 / 4‬‬
‫لو شاء ‪ ،‬لكنه ما شاء فليس االمر اال كما هو ‪ ،‬فإنه ال يشاء اال ما هي األمور عليه ‪،‬‬
‫الن اإلرادة ال تخالف العلم ‪ ،‬والعلم ال يخالف المعلوم ‪ ،‬والمعلوم ما ظهر ووقع ‪ ،‬فال‬
‫َّللا فإنها على ما هو عليه ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 240 /4‬‬ ‫تبديل لكلمات ّ‬

‫“ فان قلت فما فائدة قوله تعالى” فَلَ ْو شا َء لَ َهدا ُك ْم أ َ ْج َم ِّعينَ “[ ‪. ] 149 / 6‬‬
‫قلنا “ لو شاء “ لو حرف امتناع المتناع ‪ :‬فما شاء اال ما هو األمر عليه ‪ ،‬ولكن عين‬
‫الممكن ‪ 22‬قابل للشيء ونقيضه في حكم دليل العقل ‪ ،‬واي الحكمين المعقولين وقع ‪.‬‬
‫ذلك هو الذي كان عليه الممكن في حال ثبوته ‪.‬‬
‫فمشيئته أحدية التعلق وهي نسبة تابعة للعلم ‪ ،‬والعلم نسبة تابعة للمعلوم ‪ ،‬والمعلوم أنت‬
‫وأحوالك ‪ ( “ . . .‬فصوص ‪. ) 83 - 82 / 1‬‬

‫تعريف المشيئة ‪:‬‬


‫ويمكن الخلوص مما تقدم إلى التعريف التالي للمشيئة ‪ :‬المشيئة ‪ :‬هي نسبة الهية أحدية‬
‫التعلق تمثل القوة الفاعلة السارية في الوجود بأسره ‪ ،‬القاضية بان يكون كل ما في‬
‫الوجود مما هو بالقوة أو بالفعل على ما هو عليه ‪ -‬وهي الوجود ‪ ،‬أو كما يسميها أبو‬
‫طالب المكي “ عرش الذات ‪“ .‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫) ‪ “ ( 1‬فمشيئته أحدية التعلق ‪ 23‬وهي نسبة تابعة للعلم ‪ ،‬والعلم نسبة تابعة للمعلوم ‪،‬‬
‫والمعلوم أنت وأحوالك ‪ ( “ . . .‬فصوص ‪.) 83 - 82 / 1‬‬

‫‪637‬‬
‫“ ‪“ 638‬‬

‫“ تعلقها [ الذات اإللهية ] بالممكن من حيث سبق العلم قبل كون المكون يسمى‬
‫مشيئة ‪ ( “ . . .‬كتاب المسائل ص ‪. ) 34‬‬
‫“ فالمشيئة أحدية التعلق ال اختيار فيها ‪ ( “ 24‬ف ‪. ) 375 / 3‬‬
‫) ‪ “ ( 2‬ان المشيئة عرش الذات ليس لها في غيرها نسبة تبدو وال اثر ‪ ،‬وهي الوجود‬
‫فال عين تغايرها تفنى وتعدم ال تبقى وال تذر ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 45 /4‬‬
‫ان المشيئة هي عرش الذات من حيث إن المتصوفة وخاصة أصحاب وحدة الوجود‬
‫يرمزون إلى الوجود بالعرش ‪ ،‬فالمشيئة هي النسبة اإللهية التي استوت عليها الذات‬
‫‪ 25‬فظهرت الوجود باسره ‪. 26‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬راجع الكشاف التهانوي ج ‪ 3‬ص ‪، 730‬‬
‫) ‪( 2‬يستعمل ابن العربي أحيانا “ المشيئة “ و “ اإلرادة “ على الترادف ‪ .‬وذلك يعود‬
‫إلى أن المشيئة واإلرادة نسبتان الهيتان يلتقيان في الذات الواحدة التي تجمع كل النسب‬
‫‪ ،‬فعندما يستعملها على سبيل الترادف يكون قاصدا النسبة اإللهية التي صفتها الفعل ‪.‬‬
‫) ‪( 3‬راجع “ صفة “ الن اإلرادة صفة ‪.‬‬
‫) ‪( 4‬انظر “ مفاتح ‪“ .‬‬
‫) ‪( 5‬راجع “ امر ‪“ .‬‬
‫) ‪( 6‬راجع المعجم المفهرس أللفاظ القرآن الكريم مادة “ إرادة “ و "مشيئة " ‪.‬‬
‫ض‬ ‫) ‪( 7‬إشارة إلى اآليات ‪ :‬قال تعالى ‪َ ” :‬ولَ ْو ِّشئْنا لَ َرفَ ْعناهُ ِّبها َول ِّكنَّهُ أ َ ْخلَ َد ِّإلَى ْاأل َ ْر ِّ‬
‫َواتَّبَ َع هَواهُ ) ‪. “( 7 / 176‬‬
‫قال تعالى ‪َ ” :‬ولَ ْو ِّشئْنا َآلتَيْنا ُك َّل نَ ْف ٍس ُهداها “( ‪. ) 13 / 32‬‬
‫قال تعالى ‪َ ” :‬ولَ ْو ِّشئْنا لَبَعَثْنا فِّي ُك ِّّل قَ ْريَ ٍة نَذِّيرا ً ‪“. ( 25 / 51 ) .‬‬
‫) ‪( 8‬هناك خمس عشرة آية تبدأ ب ‪ :‬لو شاء ‪ .‬فليراجع المعجم المفهرس أللفاظ‬
‫القرآن ‪.‬‬
‫) ‪( 9‬راجع “ خلق ‪“ .‬‬
‫) ‪ ( 10‬يراجع فيما يتعلق بتباين المشيئة واإلرادة ‪:‬‬
‫‪ - 1‬مجلة كلية اآلداب جامعة اإلسكندرية سنة ‪ 1933‬مقال ‪ :‬من اين استقى ابن‬
‫العربي فلسفته الصوفية ص ‪. 36 - 34 ،‬‬
‫‪ - 2‬تعليقات أبو العال عفيفي على فصوص الحكم ج ‪ 2‬ص ‪ 166 - 165‬؛ ج ‪ 2‬ص‬
‫‪ ، 229 - 227‬ج ‪ 2‬ص ‪. 278 - 276‬‬
‫‪ - 3‬كتاب أبو العال عفيفي‪ .The mystical‬ص ‪، 163 - 160‬‬
‫‪ - 4‬شرح الفصوص لجامي ج ‪ 2‬ص ‪ 288 - 286‬حيث يشرح األبيات الخمسة التي‬
‫استهل بها ابن العربي الفص الثالث والعشرين ‪.‬‬
‫‪ - 5‬الحالج ‪.La passion.‬‬

‫‪638‬‬
‫“ ‪“ 639‬‬

‫‪- 6‬األب نويا‪ .Exegese coranique‬ص ‪. 244‬‬

‫) ‪( 11‬راجع “ معصية ‪“ .‬‬


‫) ‪( 12‬راجع “ امر تكليفي “ و “ امر تكويني ‪“ .‬‬
‫) ‪( 13‬راجع “ ممكن “ “ اختيار “ ‪ :‬ألن ابن العربي ينفي االختيار عن الحق فزال‬
‫بالتالي الممكن من بنيانه الفكري فالكل واجب ‪.‬‬
‫) ‪( 14‬يالحظ ان “ االمر “ المراد هنا هو االمر التكويني ‪ .‬راجع “ امر تكويني ‪“ .‬‬
‫) ‪( 15‬و ( ‪ ) 16‬ان حكم المشيئة في االمر التكليفي نافذ ولكن ليس على مستوى‬
‫الفرد الذي ال ينفذ فيه اال االمر التكويني ‪ ،‬بل على مستوى االحكام العامة ‪.‬‬

‫مثال ‪ :‬ان الحق فرض صلوات خمس كل يوم [ ‪ -‬امر تكليفي ] فال تنفذ الزاما في كل‬
‫فرد ‪ ،‬بل تنفذ كحكم عام فتقام صلوات خمس كل يوم ‪.‬‬
‫) ‪( 17‬راجع شرح عفيفي على هذا المقطع ‪ .‬الفصوص ج ‪ 2‬ص ص ‪- 227‬‬
‫‪. 229‬‬
‫كما يراجع كتاب عفيفي‪The mystical‬ص ‪ ، 163 - 161‬وتعليقه على الفصوص‬
‫ج ‪ 2‬ص ‪ ، 62‬والمقال من اين استقى محي الدين ابن العربي فلسفته الصوفية ‪.‬ص‬
‫ص ‪. 36 - 34‬‬
‫“ ) ‪( 18‬العلم “ يختلف في درجة حركيته عن “ المشيئة “ ‪ ،‬فهو أقرب إلى السكون‬
‫بينما المشيئة تتوق نحو التحقق اي الفعل ‪.‬‬
‫) ‪( 19‬راجع عبد الكريم الجيلي االنسان الكامل ج ‪ 1‬ص ‪. 49‬‬
‫كما يراجع أبو العال عفيفي‪The Mystical‬ص ‪. 159 - 155‬‬
‫) ‪( 20‬العلم صفة ‪ .‬انظر “ صفة ‪“ .‬‬
‫) ‪( 21‬راجع “ علم ‪“ .‬‬
‫) ‪( 22‬راجع “ ممكن ‪“ .‬‬
‫“ ) ‪( 23‬اي ال تتعلق بالممكن اال من ناحية واحدة هي ناحية ايجاده على ما هو‬
‫عليه ‪ “ .‬راجع فصوص الحكم ج ‪ 2‬ص ‪. 63‬‬
‫) ‪( 24‬راجع “ اختيار ‪“ .‬‬
‫) ‪ ( 25‬راجع “ استواء ‪“ .‬‬
‫) ‪( 26‬راجع أبو العال عفيفي فصوص الحكم ج ‪ 2‬ص ‪. 227‬‬
‫****‬
‫ي‬
‫‪ - 366‬الشأن اإلله ّ‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الشين والهمزة والنون أصل واحد يدل على ابتغاء وطلب ‪ . . .‬ومن ذلك قولهم ‪ :‬ما‬
‫هذا من شأني ‪ ،‬اي ما هذا من طلبي والذي ابتغيه ( “ ‪ . . .‬معجم مقاييس اللغة مادة‬
‫“ شأن ‪“ ) .‬‬

‫‪639‬‬
‫“ ‪“ 640‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫وردت كلمة شأن في القرآن في أربعة مواضع ‪ :‬ثالثة منها أضافت الشأن إلى االنسان‬
‫وموضع واحد نسبها إلى الجناب اإللهي ‪.‬‬
‫‪-‬في اضافتها إلى االنسان لم تخرج في مفهومها عن معنى “ الحال ‪ “ 1‬اآلخذ‬
‫باالهتمام كله ‪ :‬فالشأن االنساني عبارة عن قبلة اله ّم الشاغلة في اللحظة الراهنة ‪.‬‬
‫آن َوال ت َ ْع َملُونَ ِّم ْن َ‬
‫ع َم ٍل ِّإ َّال ُكنَّا‬ ‫ون فِّي شَأ ْ ٍن َوما تَتْلُوا ِّم ْنهُ ِّم ْن قُ ْر ٍ‬ ‫قال تعالى ‪َ ” :‬وما ت َ ُك ُ‬
‫ش ُهودا ً “) ‪.( 10 / 61‬‬ ‫علَ ْي ُك ْم ُ‬
‫َ‬
‫ْ‬
‫ئ ِّم ْن ُه ْم يَ ْو َم ِّئ ٍذ شَأ ٌن يُ ْغ ِّني ِّه“ ‪( 80 / 37 ).‬‬ ‫قال تعالى ‪ِّ " :‬ل ُك ِّّل ْام ِّر ٍ‬
‫ت ِّم ْن ُه ْم ‪“( 24 / 62 ) .‬‬ ‫ض شَأْنِّ ِّه ْم فَأْذَ ْن ِّل َم ْن ِّشئْ َ‬ ‫قال تعالى ‪ " :‬فَإِّذَا ا ْستَأْذَنُ َ‬
‫وك ِّلبَ ْع ِّ‬
‫‪-‬اما اآلية التي تضيف الشأن إلى الحق فقد ذهب فيها كل فريق مذهبه ‪ ”. 2‬يَ ْسئَلُهُ َم ْن‬
‫ض ُك َّل يَ ْو ٍم ُه َو فِّي شَأ ْ ٍن “‪. ) 29 / 55 ( .‬‬ ‫ت َو ْاأل َ ْر ِّ‬
‫سماوا ِّ‬‫فِّي ال َّ‬

‫عند ابن العربي ‪:‬‬


‫*ينتقل ابن العربي في الكالم من الشأن إلى صورته دون اشعار القارئ بذلك مما‬
‫يجعله في حيرة من حقيقة معنى الشأن عنده ‪ :‬فهو مثال في نصوص يفسر الشأن‬
‫اإللهي باالسم اإللهي ‪ .‬وفي نصوص أخرى يشير إلى أن الشؤون اإللهية هي ‪:‬‬
‫الممكنات ‪ .‬اذن ‪:‬‬
‫( أ ) الشأن اإللهي ‪ :‬التجلي الدائم ‪:‬‬
‫) ‪( 1‬هو التجلي اإللهي الدائم بالوجود ‪ ،‬فالحق شأنه ان يتجلى ‪ 3‬مع األنفاس في‬
‫صور الكائنات ( راجع “ خلق جديد “ ) ‪.‬‬
‫) ‪( 2‬ان هذا التجلي مداره األسماء اإللهية ‪ ، 4‬الن الحق يتجلى من حيث أسمائه في‬
‫الوجود ‪ ،‬لذلك يعبر ابن العربي باالسم اإللهي عن الشأن اإللهي ‪.‬‬

‫صورة الشأن اإللهي ‪:‬‬


‫هي صورة التجلي اإللهي أو صورة االسم اإللهي ‪ ،‬فتكون بذلك ‪ :‬الممكن‬

‫‪640‬‬
‫“ ‪“ 641‬‬

‫[ وشؤونه ‪ ] 5‬ألنه الصورة والمحل الذي يتجلى فيه الحق بأسمائه ‪.‬‬
‫وهكذا تكون الشؤون اإللهية هي أحد وجهي الحقيقة الواحدة [ الوجه الخلقي ] اللذين‬
‫عبر ابن العربي عنهما بالثنائيات التي برع في ابداعها ‪:‬‬
‫الذات وأسماؤها ‪ -‬الذات وتجلياتها ‪ -‬الذات وشؤونها ‪ -‬الحق والخلق ‪. . .‬‬
‫ب ‪ -‬اما شأن الممكن فهو ‪ :‬التغير ‪ .‬إذ ان الممكن ال يثبت على حال واحد نفسين‬
‫فصاعدا ( انظر “ خلق جديد “ ) ‪.‬‬
‫صورة شأن الممكن ‪ :‬حاله ‪،‬‬

‫يقول الشيخ األكبر‬


‫“ ) ‪( 1‬فبالتجلي تغير الحال على األعيان الثابتة [ انظر “ عين ثابتة “ ] من الثبوت‬
‫إلى الوجود ‪ ،‬وبه ظهر االنتقال من حال إلى حال في الموجودات ‪. . .‬‬
‫فشأن [ تعالى ] ‪ :‬التجلي ‪ ،‬وشأن الموجودات التغيير باالنتقال من حال إلى حال ‪”. . .‬‬
‫ُك َّل يَ ْو ٍم ُه َو ِّفي شَأ ْ ٍن ‪( 55 / 29 )".‬‬
‫أحوال الهية في أعيان كيان بأسماء نسبية عينتها تغييرات كونية ‪ ،‬فتجلي أحدي العين‬
‫في أعيان مختلف الكون ( راجع كون ) “ ( ف ‪. ) 305 - 304 / 2‬‬

‫“ ‪ . . .‬فشؤون الحق هي أحوال المسافرين ‪ ،‬يجدد خلقها لهم في كل زمان فرد ‪ ،‬فال‬
‫يتمكن للعالم استقرار على حال واحدة وشأن واحد ‪ . . .‬فا في شؤون ابدا ‪ ،‬فإنه لكل‬
‫عين حال ‪ ،‬فللحق شؤون ‪ ،‬ولنا أحوال ‪ ( “ . . .‬ف ‪) 267/ 4‬‬

‫“ قال تعالى عن نفسه ‪ُ ”:‬ك َّل يَ ْو ٍم ُه َو فِّي شَأ ْ ٍن “[ ‪ ، ] 29 /55‬فهو في شأن كل جزء‬
‫من العالم بان يخلق فيه ما يبقيه ‪ ،‬وتلك الشؤون أحوال المخلوق وهم المحال لوجودها‬
‫فيهم ‪ ،‬فإنه فيهم يخلق تلك الشؤون دائما ‪.‬‬

‫َّللا ‪ ،‬يخلقها فيهم عبر عنها بالشأن الذي هو‬


‫واألحوال اعراض تعرض للكائنات من ّ‬
‫فيه دنيا وآخرة ‪ .‬هذا أصل األحوال الذي يرجع اليه اإللهيات “ ‪ ( .‬ف ‪- 384 / 2‬‬
‫‪. ) 385‬‬

‫“ ) ‪( 2‬اسرى به [ العبد ] الحق في أسمائه ليريه من آياته فيه ‪ ،‬فيعلم انه المسمى بكل‬
‫اسم الهي ‪ . . .‬وبها يظهر الحق في عباده وبها يتلون العبد في حاالته في‬

‫‪641‬‬
‫“ ‪“ 642‬‬

‫في الحق أسماء ‪ ،‬وفينا تلوينات ‪ ،‬وهي عين الشؤون التي هو فيها ‪“ .‬‬
‫( ف ‪. )344 / 3‬‬
‫“ وتقلب العالم هو عين اآليات وليست غير شؤون الحق التي هو فيها ‪ ،‬وقد رفع‬
‫بعضها فوق بعض درجات ألنه بتلك الصورة ظهر في أسمائه ‪ ،‬فعلمنا تفاضل بعضها‬
‫على بعض “ ( ف ‪. ) 450 / 3‬‬
‫****‬
‫نالحظ من النصوص المتقدمة ان الشأن اإللهي أضحى مبدأ التغير في صور العالم ‪،‬‬
‫واألصل الذي ترجع اليه أحوال الممكنات ‪ .‬كما تقدمت إشارة الشيخ األكبر بقوله “ هذا‬
‫أصل األحوال الذي يرجع اليه في اإللهيات ‪“ .‬‬
‫ولكن هذا المبدأ ما طبيعة وجوده ؟‬
‫عهدنا ابن العربي يرجع الحقيقة الوجودية في أول مرحلة إلى وجهين [ حق خلق ] ‪،‬‬
‫ثم في مرحلة ثانية يلغي أحد هذين الوجهين ‪ ،‬أو على األصح يضيفه إلى األول على‬
‫اعتبار انه نسبة مفقودة العين موجودة الحكم ‪ ، 6‬ونراه يعتمد هذا األسلوب في الشأن‬
‫اإللهي فهو الوجه الثاني للحقيقة الوجودية الواحدة ‪ ،‬وهو نسبة مفقودة العين موجودة‬
‫الحكم ‪ ،‬اذن طبيعته “ خيال “ الن “ الخيال “ ال يغير حقيقة الشيء ‪ ،‬بل يظهره للناظر‬
‫في صور متنوعة ‪. 7‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫“ فحكم الخيال مستصحب لالنسان في اآلخرة وللحق ‪.‬‬
‫وذلك هو المعبر عنهما بالشأن الذي هو فيه الحق ‪ ،‬من قوله ‪ “ :‬كل يوم هو في شأن‬
‫“ فلم يزل وال يزال وانما سمي ذلك خياال ألنا نعرف ان ذلك راجع إلى الناظر ال إلى‬
‫الشيء في نفسه ‪ ،‬فالشيء في نفسه ثابت على حقيقته ال يتبدل ‪ ،‬الن الحقائق ال تتبدل‬
‫ويظهر إلى الناظر في صور متنوعة ‪. . .‬‬
‫فال تقبل الثبوت على صورة واحدة بل حقيقتها ‪:‬‬
‫الثبوت على التنوع ‪ . . .‬فنقول قد تغير فالن من حال إلى حال ومن صورة إلى‬
‫صورة ‪ ،‬ولوال ما هو االمر على هذا لكان إذا تبدل الحال عليه لم نعرفه ‪ ( “ . . .‬ف‬
‫‪. ) 470 / 3‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬ان كلمة “ حال “ غير واردة في القرآن ‪ .‬وان كان الشأن بالنسبة لالنسان يعبر‬
‫عنها ‪.‬‬
‫) ‪( 2‬يراجع في شرح اآلية ‪ - :‬البيضاوي ‪ .‬أنوار التنزيل ج ‪ 2‬ص ‪. 241‬‬
‫‪-‬النسفي ج ‪ 4‬ص ‪، 210‬‬

‫‪642‬‬
‫“ ‪“ 643‬‬

‫نالحظ في الشرحين السابقين يعتمد البيضاوي والنسفي شرح التنزيل بالحديث الشريف‬
‫‪ ،‬اال ان المتصوفة أو غلت بمفهوم الشأن اإللهي ‪ .‬انظر التهانوي الكشاف ج ‪ 3‬ص‬
‫‪787‬طبعة خياط بيروت ‪.‬‬

‫) ‪ ( 3‬وقد اقتفى الجيلي اثر الشيخ األكبر في “ الشأن “ يقول ‪:‬‬


‫“ أيام الحق تجلياته وظهوره بما تقتضيه من أنواع الكماالت ‪ ،‬ولكل تجل من تجلياته‬
‫سبحانه وتعالى حكم الهي ‪ ،‬هو المعبر عنه بالشأن ولذلك الحكم في الوجود اثر الئق‬
‫بذلك التجلي ‪ ،‬فاختالف الوجود اعني تغيره في كل زمان انما هو اثر للشأن اإللهي‬
‫“ ( االنسان الكامل ج ‪ 1‬ص ‪. ) 63‬‬
‫) ‪( 4‬راجع “ تجلي “ “ اسم الهي ‪“ .‬‬
‫) ‪( 5‬الشأن اإللهي يشمل الممكن وشؤونه من حيث إنه األصل الذي يحفظ على هذا‬
‫األخير وجوده وأحواله ( شأن الممكن ‪ -‬حاله ) ‪.‬‬
‫) ‪( 6‬راجع “ صفة ‪“ .‬‬
‫) ‪( 7‬راجع “ خيال “ ‪.‬‬
‫****‬

‫‪ – 367‬الشجرة‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الشين والجيم والراء أصالن متداخالن ‪ ،‬يقرب بعضهما من بعض ‪ ،‬وال يخلو‬
‫علو في شيء وارتفاع ‪. . .‬‬ ‫معناهما من تداخل الشيء بعضه في بعض ‪ ،‬ومن ّ‬
‫شجر معروف ‪ ،‬الواحدة شجرة وهي ال تخلو من ارتفاع وتداخل أغصان ‪. . .‬‬ ‫فال ّ‬
‫شجر كل نبت له ساق ‪ . . .‬وسميت مشاجرة لتداخل كالمهم بعضه في بعض ‪. . .‬‬ ‫وال ّ‬
‫“ ( معجم مقاييس اللغة ‪ .‬مادة “ شجر “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫ورد األصل “ شجر “ في التنزيل بالمعنيين اللغويين السابقين ‪:‬‬
‫‪ - 1‬شجر بين القوم االمر إذا اختلف وتشاجروا فيه ‪.‬‬
‫ش َج َر بَ ْينَ ُه ْم “( ‪. ) 65 / 4‬‬ ‫وك فِّيما َ‬ ‫قال تعالى ‪ ”:‬فَال َو َر ِّبّ َك ال يُؤْ ِّمنُونَ َحتَّى يُ َح ِّ ّك ُم َ‬
‫ض ِّر نارا ً فَإِّذا أ َ ْنت ُ ْم ِّم ْنهُ‬
‫ش َج ِّر ْاأل َ ْخ َ‬‫‪ - 2‬بمعنى شجرة ‪ .‬قال تعالى ‪ ”:‬الَّذِّي َجعَ َل لَ ُك ْم ِّمنَ ال َّ‬
‫تُوقِّدُونَ ‪“( 36 / 80 ) .‬‬

‫‪643‬‬
‫“ ‪“ 644‬‬

‫ط ِّيّبَةً َك َ‬
‫ش َج َرةٍ‬ ‫‪ - 3‬كما أن القرآن قد استعمل صورة الشجرة تشبيها ‪ .‬قال تعالى ‪َ ”:‬ك ِّل َمةً َ‬
‫َ‬
‫ط ِّيّبَ ٍة “( ‪. ) 24 / 14‬‬
‫عند ابن العربي ‪:‬‬
‫*لقد استفاد ابن العربي من صفة التشاجر واالرتفاع في الشجرة ليكني بها عن‬
‫االنسان الكامل ‪.‬‬
‫ونذهب إلى ابعد من ذلك فنقول ان الشجرة بما تتمتع به من كونها وحدة ذاتية الحظها‬
‫ابن العربي ‪ ،‬دفعته إلى تشبيه االنسان الكامل بها ‪.‬‬
‫فالشجرة هي وحدة متكاملة في نوعها ‪ :‬فيها الجذر والساق واألغصان واألوراق‬
‫والزهر والثمر ‪ ،‬بل أكثر من ذلك فيها “ بذر “ شجر يتولد منها ‪.‬‬
‫اذن هي كاملة في نوعها النباتي ‪ .‬وهذا على األرجح ما دفع ابن العربي إلى تشبيه‬
‫االنسان الكامل بها ‪.‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫) ‪ “( 1‬ا ال ترى انه ما وقع التحجير على آدم اال في الشجرة ‪ ،‬اي ال تقرب التشاجر‬
‫والزم طريقة انسانيتك ‪ . . .‬وال تزاحم أحدا في حقيقته “ ( ف ‪. ) 218 / 2‬‬
‫) ‪ “ ( 2‬الشجرة ‪ :‬االنسان الكامل “ ( االصطالحات ص ‪. ) 293‬‬
‫“ ‪ . . .‬تشبيه االنسان بالنبات من حيث ما هو شجر ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 415 / 3‬‬
‫“ فظهرت هذه الصورة المحمدية والشجرة االنسانية الجامعة الكلية ‪. . .‬‬
‫وقال لسان حالها ‪ :‬غرستني يد االحد ‪.‬‬
‫في بستان األبد ‪ . . .‬انا شجرة النور والكالم وقرة عين موسى عليه السالم ‪ .‬لي من‬
‫الجهات اليمين األنفس ‪ ،‬ومن األمكنة الواد المقدس ‪ ،‬ولي من الزمان اآلن ‪ ،‬ومن‬
‫المسالك خط االستواء واعتدال األركان ‪ . . . 1‬فانا الظل الممدود ‪ . . .‬وكلمة‬
‫الوجود ‪ . . .‬جوامع الكلم ‪ ،‬معدن االسرار والحكم ‪ ( “ .‬تذكرة الخواص فقرة ‪. ) 57‬‬
‫*****‬
‫وقد استخدم الشيخ األكبر رمز الشجرة للداللة على الكون ‪ ،‬فإذا هو يرى أن الكون كله‬
‫شجرة ‪.‬‬
‫وقد تكلم على ذلك في براعة فنية وطريقة رمزية مفصلة بديعة ‪.‬‬
‫يقول‪:‬‬

‫‪644‬‬
‫“ ‪“ 645‬‬

‫“ فاني نظرت إلى الكون وتكوينه وإلى المكنون وتدوينه ‪ ،‬فرأيت الكون كله شجرة ‪،‬‬
‫وأصل نورها في حبة “ كن “ ‪ ، 2‬قد لقحت كاف الكونية بلقاح حبة “ نحن خلقناكم “ ‪،‬‬
‫ش ْيءٍ َخلَ ْقناهُ بِّقَ َد ٍر “‪، 3‬‬ ‫فانعقد من ذلك البزر ثمرة قال تعالى ‪ ”:‬إِّنَّا ُك َّل َ‬
‫وظهر من هذا غصنان مختلفان ‪ ،‬اصلهما واحد وهو اإلرادة وفرعها القدرة ‪،‬‬
‫فظهر عن جوهر الكاف معنيان مختلفان ‪ :‬كاف الكمالية” ْاليَ ْو َم أ َ ْك َم ْلتُ لَ ُك ْم دِّينَ ُك ْم “‪4‬‬
‫وكاف الكفرية” فَ ِّم ْن ُه ْم َم ْن آ َمنَ َو ِّم ْن ُه ْم َم ْن َكفَ َر “‪5‬‬
‫وظهر جوهر النون ‪ :‬نون النكرة ‪ .‬ونون المعرفة‪.‬‬

‫فلما أبرزهم من العدم ‪ 6‬على حكم مراد القدم ‪ ،‬ورش عليهم من نوره ‪ ،‬فاما من اصابه‬
‫سر‬
‫ذلك النور فحدق إلى تمثال شجرة الكون ‪ ،‬المستخرجة من حبة “ كن “ فالح له في ّ‬
‫ص ْد َرهُ‬ ‫كافها تمثال” ُك ْنت ُ ْم َخي َْر أ ُ َّم ٍة “‪ ، 7‬واتضح له في شرح نونها” أ َ فَ َم ْن ش ََر َح َّ‬
‫َّللاُ َ‬
‫ور ِّم ْن َر ِّبّ ِّه‪ . . . “ 8‬وكان حظ كل مخلوق من كلمة كن ما علم من‬ ‫على نُ ٍ‬ ‫ْالم فَ ُه َو َ‬ ‫ِّل ْ ِّ‬
‫إلس ِّ‬
‫هجاء حروفها “ ‪ ( . . .‬شجرة الكون ص ‪. )2‬‬

‫ثم ال يلبث ابن العربي ان ينساق مع رمزه إلى النهاية فيفرع على هذه الشجرة ‪9‬‬
‫المراتب الكونية بأجمعها ‪ :‬عالم الملك ‪ ،‬عالم الملكوت ‪ ،‬عالم الجبروت ‪ ،‬العرش ‪،‬‬
‫النور المحمدي ‪ . . .‬كل ذلك بأسلوبه الرمزي الذي اقتطفنا منه الفقرة السابقة ‪. 10‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬راجع مقدمة تذكرة الخواص بقلم روجر دوالدرير ص ‪ ، 90 - 89‬حيث يقارن‬
‫بين هذه الشجرة المحمدية ‪ ،‬والشجرة المباركة الزيتونة الواردة في القرآن ‪.‬‬
‫) ‪( 2‬اآليات ‪، 82 / 36 ، 35 / 19 ، 40 / 16 ، 59 / 3 ، 47 / 3 ، 117 / 2‬‬
‫‪، 68 / 40‬‬
‫) ‪( 4‬اآلية ‪، 3 / 5‬‬ ‫) ‪( 3‬اآلية ‪، 49 / 54‬‬
‫) ‪( 5‬اآلية ‪، 253 / 2‬‬
‫) ‪( 7‬اآلية ‪، 100 / 3‬‬ ‫) ‪( 6‬انظر “ عدم ‪“ .‬‬
‫) ‪( 8‬اآلية ‪22 / 39‬‬
‫) ‪( 9‬يراجع بخصوص “ شجرة “ عند ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪ - 420 ، 315‬االتحاد الكوني ق ‪ 143‬أ ( الشجرة الكلية ) ‪.‬‬
‫كما يراجع في نفس الموضوع عند غيره ‪:‬‬
‫‪-‬لطائف االعالم ق ‪ 95‬ب ‪ “ :‬الشجرة ‪ :‬يعنون بها ‪ . . .‬االنسان الكامل ‪. . .‬‬
‫ويطلقون‬

‫‪645‬‬
‫“ ‪“ 646‬‬

‫الشجرة على األسماء اإللهية ‪ ،‬لتشاجرها وتقابلها ‪ ،‬كالغفور والمنتقم ‪ ،‬والضار‬


‫والنافع ‪. . . “ .‬‬
‫‪-‬طواسين الحالج ) ‪، ( 3 / 6 - 7‬‬
‫‪-‬شرح التجليات ‪ .‬نشر عثمان يحي المشرق ‪ ،‬شرح التجلي رقم ‪ 73‬بعنوان تجلي‬
‫الشجرة يقول المصنف ‪ “ :‬الشجرة هي االنسان الكامل ‪ ،‬مدبر هيكل الجسم الكل ‪.‬‬
‫وانما سمي بالشجرة ‪ ،‬النبعاث الرقائق المنتشرة منه إلى ما في سعة الوجوب واالمكان‬
‫من األسماء واألجناس ‪ . . .‬فهو بحقيقته الجامعة ومرتبته االحاطية ‪ ،‬شجرة وسطية ‪:‬‬
‫ال “ شرقية “ وجوبية ‪ “ ،‬وال غربية “ امكانية ‪ “ . . .‬مجلة المشرق سنة ‪ 1967‬ص‬
‫‪، 300‬‬
‫‪-‬سر االسرار ‪ .‬عبد القادر الجيالني ص ‪، 26‬‬
‫‪-‬التبر المسبوك الغزالي ص ‪، 30 ، 12‬‬
‫‪-‬هنري كوربان‪Terre Celeste‬ص ‪ 224‬هامش رقم ‪ ( 3‬يونغ ورمزية‬
‫الشجرة ) ‪.- Vocabulaire de Theologie Biblique art : Arbre‬‬

‫) ‪( 10‬انظر المقال الذي كتبه الدكتور محمد مصطفى حلمي بعنوان ‪ :‬كنوز في‬
‫رموز ‪.‬‬
‫الفصل الثالث عنوانه ‪ :‬كنوز نورية محمدية في رموز حرفية نباتية ‪.‬‬
‫الكتاب التذكاري محي الدين بن العربي ص ص ‪ 66 - 59‬حيث يحلل في هذا الفصل‬
‫كتاب شجرة الكون ورمزية الشجرة ‪ ،‬وكيفية تفريع ابن العربي عنها للمراتب‬
‫الكونية ‪.‬‬

‫‪ – 368‬الشّرب‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫مطرد ‪ ،‬وهو الشرب المعروف ‪ ،‬ثم يحمل‬ ‫ّ‬ ‫“ الشين والراء والباء أصل واحد منقاس‬
‫عليه ما يقاربه مجازا أو تشبيها ‪.‬‬
‫تقول ‪ :‬شربت الماء ‪ :‬اشربه شربا ‪ ،‬وهو المصدر ‪.‬‬
‫والشرب القوم الذين يشربون ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫والشرب االسم ‪.‬‬‫ّ‬
‫الحظ من الماء ‪ . . .‬والمشربة ‪ :‬الموضع الذي يشرب منه الناس ‪. . .‬‬ ‫ّ‬ ‫والشرب ‪:‬‬
‫ّ‬
‫واالشراب ‪ :‬لون قد أشرب من لون ‪ . . .‬ويقال أشرب فالن حبّ فالن ‪ ،‬إذا خالط‬
‫شرب الفهم ‪ ،‬يقال شرب يشرب شربا ‪ ،‬إذا فهم ‪. . .‬‬ ‫قلبه ‪ . . .‬قال الشيباني ‪ :‬ال ّ‬
‫“ ( معجم مقاييس اللغة مادة “ شرب “ )‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫ورد األصل “ شرب “ في القرآن ‪:‬‬

‫‪646‬‬
‫“ ‪“ 647‬‬

‫‪ - 1‬بمعنى شرب يشرب الماء ( صيغة الفعل ) ‪.‬‬


‫قال تعالى ‪ ”:‬أ َ فَ َرأ َ ْيت ُ ُم ْالما َء الَّذِّي ت َ ْش َربُونَ ‪“( 56 / 68 ) .‬‬
‫ب ْال ِّه ِّيم ‪“( 56 / 55 ) .‬‬‫ش ْر َ‬ ‫شاربُونَ ُ‬ ‫شرب ( صيغة االسم )” فَ ِّ‬ ‫‪ - 2‬ال ّ‬
‫‪ - 3‬اإلشراب ‪ :‬الحب حين يخالط القلب ‪.‬‬
‫قال تعالى ‪َ ”:‬وأ ُ ْش ِّربُوا فِّي قُلُو ِّب ِّه ُم ْال ِّع ْج َل ِّب ُك ْف ِّر ِّه ْم “( ‪. ) 93 / 2‬‬
‫عند ابن العربي ‪:‬‬
‫استفاد ابن العربي من تمثيل “ الشرب “ المعروف في التصوف قبله وتوسطه بين‬
‫الظمأ والري ‪ ، 1‬للداللة على أوسط التجليات التي أولها الذوق ( الذي ينقل إلى مقام‬
‫أعلى ) ‪ .‬ونهايتها الري ‪.‬‬
‫ويبدأ مثال ‪ :‬ذوق [ حال المقام االعلى ] ‪ ،‬فشرب ‪ ،‬فري [ يثبت في مقامه ] ‪ . . .‬فذوق‬
‫[ حال المقام االعلى ] وشرب وري وهكذا ‪. . .‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ الذوق ‪ :‬أول مبادئ التجليات اإللهية ‪ .‬الشرب ‪ :‬أوسط التجليات التي غاياتها في كل‬
‫مقام “ ( االصطالحات ص ‪. ) 288‬‬
‫“ وأكثر علماء الرسوم عدموا علم ذلك ذوقا وشربا “ ( ف السفر الرابع فق ‪. ) 303‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يقول “ الطوسي “ في اللمع ص ‪: 449‬‬
‫“ والشرب ‪ ،‬تلقي األرواح واالسرار الطاهرة لما يرد عليها من الكرامات وتنعمها‬
‫شرب ‪ ،‬لتهنّيه وتنعمه بما يرد على قلبه من أنوار مشاهدة قرب‬ ‫بذلك ‪ .‬فشبه ذلك بال ّ‬
‫سيده ‪.‬‬
‫َّللا ‪ :‬وردت قلوبهم على بحر المحبة فاغترفت منه ريّا من‬ ‫قال ‪ :‬ذو النون رحمه ّ‬
‫الشراب ‪ ،‬فشربت منه بمخاطرة القلوب فسهل عليهم كل عارض عرض لهم دون لقاء‬
‫المحبوب ‪. . .‬‬
‫والذوق ‪ .‬ابتداء الشرب ‪.‬‬
‫َّللا ‪ :‬لما أراد ان يسقيهم من كأس محبته ذوقّهم من لذاذته والعقهم‬ ‫قال ذو النون رحمه ّ‬
‫من حالوته “ ‪.‬‬

‫‪ - 369‬الشروق – المشرق‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الشين والراء والقاف أصل واحد يدل على إضاءة وفتح ‪ .‬من ذلك شرقت‬

‫‪647‬‬
‫“ ‪“ 648‬‬

‫شرق ‪:‬‬‫الشمس إذا طلعت ‪ .‬وأشرقت إذا أضاءت ‪ .‬والشروق ‪ :‬طلوعها ‪ . . .‬وال ّ‬
‫المشرق ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة مادة “ شرق “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫األصل “ شرق “ في القرآن ورد في معرض الداللة ‪:‬‬
‫‪ - 1‬على مكان ‪ :‬وهو المشرق ينسب إلى الجهة التي تشرق منها الشمس ”‪.‬‬
‫ت ِّم ْن أ َ ْه ِّلها َمكانا ً ش َْرقِّيًّا “‪/ 19 [ 1‬‬ ‫قال تعالى ‪َ " :‬وا ْذ ُك ْر فِّي ْال ِّكتا ِّ‬
‫ب َم ْريَ َم ِّإ ِّذ ا ْنتَبَذَ ْ‬
‫‪. ] 16‬‬

‫ب ال إِّلهَ إِّ َّال ُه َو‪. ] 9 / 73 [ “ . . .‬‬‫ق َو ْال َم ْغ ِّر ِّ‬


‫قال تعالى ‪َ ” :‬ربُّ ْال َم ْش ِّر ِّ‬
‫قال تعالى ‪َ ”:‬ربُّ ْال َم ْش ِّرقَي ِّْن ‪َ 2‬و َربُّ ْال َم ْغ ِّربَي ِّْن ‪. . . “ [ 55 / 17 ] .‬‬

‫ق “‪3‬‬ ‫اإل ْشرا ِّ‬ ‫س ِّبّ ْحنَ ِّب ْالعَ ِّش ّ‬


‫ي ِّ َو ْ ِّ‬ ‫س َّخ ْرنَا ْال ِّجبا َل َمعَهُ يُ َ‬
‫‪ - 2‬على زمان قال تعالى ‪ِّ ”::‬إنَّا َ‬
‫[ ‪. ] 18 / 38‬‬
‫ص ْي َحةُ ُم ْش ِّرقِّينَ “‪[ 15 / 73 ] . 4‬‬ ‫قال تعالى ‪ ”:‬فَأ َ َخذَتْ ُه ُم ال َّ‬
‫ض َع‬ ‫ور َر ِّبّها ‪َ 5‬و ُو ِّ‬ ‫ض بِّنُ ِّ‬ ‫ت ْاأل َ ْر ُ‬ ‫‪3 -‬على فعل يظهر معناه من اإلضافة ‪َ ”.‬وأ َ ْش َرقَ ِّ‬
‫تاب “ [ ‪. ] 69 / 39‬‬ ‫ْال ِّك ُ‬
‫عند ابن العربي ‪:‬‬
‫ان الحقيقة الوجودية واحدة عند ابن العربي تظهر بوجهين ‪ :‬الظاهر والباطن أو ما‬
‫ابدع في تعداده من الثنائيات المرادفة لها أمثال ‪ :‬غيب شهادة ‪-‬ليل نهار ‪ -‬ضياء‬
‫( نور ) ظالم ‪ -‬شرق غرب ‪.‬‬
‫اذن الشرق والغرب إشارة ‪ :‬إلى ما ظهر من الوجود ( شرق ‪ -‬ظاهر ) ‪ ،‬وإلى ما‬
‫بطن وخفي منه ( غرب ‪ -‬باطن ) ‪ ،‬فكل ما ظهر يطلق عليه ابن العربي كلمة “ شرقي‬
‫“ ‪ ،‬وكل ما بطن فهو “ غربي ‪“ .‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫“ والشروق للظهور وعالم الملك والشهادة ‪ ،‬والغروب للستر وعالم الغيب والملكوت‬
‫“ ( ف ‪. ) 646 / 2‬‬
‫ب “[ ‪ ]28 / 26‬فجاء بما يظهر ويستر ‪ ،‬وهو الظاهر‬ ‫ق َو ْال َم ْغ ِّر ِّ‬‫” َربُّ ْال َم ْش ِّر ِّ‬
‫والباطن [ انظر “ ظاهر وباطن ‪ ( ] . . . “ 6‬فصوص ‪. ) 208 / 1‬‬
‫“ وهذا البيت [ المعمور ] له بابان يدخل فيه كل يوم سبعون الف ملك ‪ ،‬يدخلون فيه‬
‫من الباب الشرقي ألنه باب ظهور األنوار ‪ ،‬ويخرجون من الباب الغربي ألنه باب‬
‫ستر األنوار ‪ ( “ . . .‬ف ‪.) 443 / 2‬‬

‫‪648‬‬
‫“ ‪“ 649‬‬

‫“ الشروق والغروب وهو الوجدان والفقد “ ( ف ‪. ) 63 / 4‬‬


‫“ ‪ . . .‬هذا كتاب كريم ‪ . . .‬كتبت به من ‪ . . .‬شروقي إلى غروبي ‪ ، 7‬فمن نهاري‬
‫إلى الليالي ‪ ،‬ومن ضيائي إلى ضالمي ‪ ( “ . . .‬االتحاد الكوني ق ‪140‬أ )‬
‫انظر “ ظاهر ‪“ .‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪ ( “ ( 1‬مكانا شرقيا ) شرقي بيت المقدس أو شرقي دارها ولذلك اتخذ النصارى‬
‫المشرق قبله ‪ ( “ . . .‬أنوار التنزيل ج ‪ 2‬ص ‪. ) 15‬‬
‫) ‪ “ ( 2‬مشرقي الشتاء والصيف “ ( أنوار التنزيل ج ‪ 2‬ص ‪. ) 241‬‬
‫) ‪ “ ( 3‬ووقت االشراق وهو حين تشرق الشمس اي تضيء ويصفو شعاعها ‪ ،‬وهو‬
‫وقت الضحى ‪ ( “ . . .‬أنوار التنزيل ج ‪ 2‬ص ‪. ) 163‬‬
‫) ‪ ( “ ( 4‬مشرقين ) داخلين في وقت شروق الشمس “ ( البيضاوي ‪ .‬أنوار التنزيل ‪.‬‬
‫ج ‪ 1‬ص ‪. ) 271‬‬
‫) ‪“ ( 5‬بما أقام فيها من العدل ‪ .‬سماه نور ‪ ،‬ألنه يزين البقاع ويظهر الحقوق كما سمى‬
‫الظلم ظلمة ‪ ( “ . . .‬أنوار التنزيل ج ‪ 2‬ص ‪. ) 175‬‬
‫) ‪( 6‬انظر شرح المقطع في الفصوص ج ‪ 2‬ص ‪، 309 - 308‬‬
‫) ‪( 7‬كما يراجع بخصوص شرق وغرب عند ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪، 2‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪، 29‬‬
‫‪-‬عنقاء مغرب ص ‪، 18‬‬
‫‪-‬ترجمان األشواق ص ص ‪ ، 55 - 54‬ص ‪ ( 66‬ليل ‪ ،‬غيب ) ‪.‬‬

‫الشر‬
‫ّ‬ ‫‪- 370‬‬
‫انظر “ خير "‪.‬‬

‫‪ – 371‬الشطح‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫تحرك ‪ ( “ . . .‬اللمع ‪،‬‬
‫“ الشطح في لغة العرب ‪ :‬هو الحركة ‪ ،‬يقال ‪ :‬شطح يشطح إذا ّ‬
‫الطوسي ص ‪. ) 453‬‬

‫‪649‬‬
‫“ ‪“ 650‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫لم يرد األصل “ شطح “ في القرآن ‪.‬‬

‫عند ابن العربي ‪:‬‬


‫يقف المسلم العادي متحيرا امام “ جمل “ و “ كلمات “ تصدر عن بعض الصوفية في‬
‫حال معين ‪.‬‬
‫“ كلمات “ تفجأ بساطة االسالم واطاللته العقلية المقبولة ‪.‬‬
‫“ كلمات “ حتى الصوفية أنفسهم يتذبذبون ‪ :‬انقبل أم نرفض ؟‬
‫ونرى “ الطوسي “ صاحب “ اللمع “ يلخص موقف معظم الصوفية الذين سبقوا ابن‬
‫العربي ‪ .‬يقول ‪: 1‬‬
‫بقوته ‪ ،‬وهاج بشدّة غليانه‬
‫“ [ الشطح ] معناه عبارة مستغربة في وصف وجد فاض ّ‬
‫وغلبته ‪ . . .‬فالشطح ‪ :‬لفظة مأخوذة من الحركة ألنها حركة اسرار الواجدين إذا قوي‬
‫وجدهم ‪ ،‬فعبّروا عن وجودهم ذلك بعبارة يستغرب سامعها ‪ ،‬فمفتون هالك باالنكار‬
‫والطعن عليها إذا سمعها ‪ ،‬وسالم ناج برفع االنكار عنها والبحث عما يشكل عليه منها‬
‫بالسؤال عمن يعلم علمها ‪ . . .‬اال ترى ان الماء الكثير إذا جرى في نهر ضيق فيفيض‬
‫من حافتيه ؟ ! يقال شطح الماء في النهر ‪،‬‬
‫فكذلك المريد الواجد ‪ :‬إذا قوي وجده ‪ ،‬ولم يطق حمل ما يرد على قلبه من سطوة‬
‫أنوار حقائقه ‪ ،‬سطح ذلك على لسانه ‪ ،‬فيترجم عنها بعبارة مستغربة مشكلة على‬
‫مفهوم سامعيها ‪ ،‬اال من كان من أهلها ‪ ( “ . . .‬اللمع ‪ ،‬الطوسي ‪ ،‬ص ص ‪- 453‬‬
‫‪. ) 454‬‬

‫فعلى حين يجعل الطوسي “ الشطح “ صفة كمالية للوجدان ‪ ،‬ويدين المنكر لهذه‬
‫األحوال ‪ . . .‬ويتوسع في تبيان ما خفي من معاني الشطحات ‪ . . .‬نرى ابن العربي‬
‫يقف في وجه هذا المد الصوفي ‪ ،‬الغريق في غيبة الوجدان ‪ ،‬المتوحش في دروب‬
‫التجربة ‪ ،‬ليعلن عجز “ الشطح “ عن بلوغ مقام “ المحققين ‪“ .‬‬

‫يقول ‪:‬‬
‫“ الشطح عبارة عن كلمة عليها رائحة رعونة ودعوى ‪ ،‬وهي نادرة ان توجد من‬
‫المحققين “ ( االصطالحات ص ‪. ) 285‬‬

‫وليس من شرط “ الدعوى “ الواردة في النص أن تكون ‪ “ :‬ادعاء بالباطل “‬

‫‪650‬‬
‫“ ‪“ 651‬‬

‫بل قد تكون ‪ “ :‬دعوى حق “ ‪ ،‬فابن العربي يدين هذه الدعوى ولو كانت دعوى حق ‪.‬‬
‫‪...........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬انظر “ اللمع “ الطوسي ‪ .‬كتاب تفسير الشطحيات والكلمات التي ظاهرها‬
‫مستشنع وباطنها صحيح مستقيم ‪.‬‬
‫‪-‬كما يراجع “ شطحات صوفية “ عبد الرحمن بدوي ‪.‬‬
‫****‬
‫‪ – 372‬الشعر‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الشين والعين والراء أصالن معروفان يدل أحدهما على ثبات واآلخر على علم‬
‫وعلم ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة ‪ ،‬مادة “ شعر “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫ورد األصل “ شعر “ في القرآن بصيغ عديدة لم يحظ منها الشعر سوى بواحدة ‪ ،‬وفي‬
‫معرض نفي ‪.‬‬
‫آن ُمبِّ ٌ‬
‫ين‪36 ( “ . . .‬‬ ‫علَّ ْمناهُ ال ِّ ّ‬
‫ش ْع َر َوما يَ ْنبَ ِّغي لَهُ إِّ ْن ُه َو إِّ َّال ِّذ ْك ٌر َوقُ ْر ٌ‬ ‫قال تعالى ‪َ ” :‬وما َ‬
‫‪. ) 69 /‬‬

‫عند ابن العربي ‪:‬‬


‫الشعر والشعور عند ابن العربي مرتبة اجمال في مقابل البيان والعلم [ مرتبة تفصيل‬
‫ويقين ] ‪.‬‬
‫ويستخدم على األرجح ‪،‬‬
‫في الخطاب ‪ :‬الشعر [ اجمال ] في مقابل البيان [ تفصيل ] ‪.‬‬
‫في الفتوح ‪ :‬الشعور [ ابهام ] في مقابل العلم [ يقين ] ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫‪ - 1‬الشعر والبيان ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬ما علمناه الشعر ‪ 1‬ألنه [ القرآن ] ‪ ،‬ارسل مبينا مفصال ‪ ،‬والشعر من الشعور‬
‫فمحله االجمال ال التفصيل وهو خالف البيان ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 274 / 2‬‬

‫‪651‬‬
‫“ ‪“ 652‬‬

‫ففي كل مكان يرد فيه الشعر عند ابن العربي يقصد فيه االجمال ال الشرح والتفصيل ‪،‬‬
‫لذلك عندما يريد الشرح بالشعر يشير إلى ذلك ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬وكل قصيدة في أول كل باب من هذا الكتاب ليس المقصود منها اجمال ما يأتي‬
‫مفصال في نثر الباب والكالم عليه ‪ ،‬بل الشعر في نفسه من جملة شرح ذلك الباب ‪،‬‬
‫فال يتكرر في الكالم الذي يأتي بعد الشعر ‪ ،‬فلينظر الشعر في شرح الباب كما ينظر‬
‫النثر من الكالم عليه ‪ ،‬ففي الشعر من مسائل ذلك الباب ما ليس في الكالم عليه بطريقة‬
‫النثر ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 665 / 2‬‬
‫‪ - 2‬الشعور والعلم ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬فالشعور مع غلق الباب والعلم مع فتح الباب ‪ ،‬فإذا رأيت العالم مهتما لما يزعم‬
‫أنه به عالم فليس بعالم ‪ ،‬وذلك هو الشعور ‪.‬‬
‫وان ارتفعت التهمة فيما علم فذلك هو العلم ‪ . . .‬وانما حظ الشعور من العلم ان تعلم‬
‫أن خلف الباب امرا ما على الجملة ال يعلم ما هو ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 458 / 3 -‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫آن ُمبِّ ٌ‬
‫ين‬ ‫علَّ ْمناهُ ال ِّ ّ‬
‫ش ْع َر َوما يَ ْنبَ ِّغي لَهُ إِّ ْن ُه َو إِّ َّال ِّذ ْك ٌر َوقُ ْر ٌ‬ ‫) ‪( 1‬إشارة إلى اآلية ‪َ ”:‬وما َ‬
‫"‪[ 36 / 69 ] .‬‬

‫‪ - 373‬الشعور‬
‫انظر “ شعر "‪.‬‬

‫للا‬
‫‪ - 374‬شعائر ّ‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ شعر ‪ :‬والشعيرة ‪ :‬واحدة الشعائر ‪ ،‬وهي اعالم الحج واعماله ‪.‬‬

‫َّللا “ ( معجم مقاييس اللغة ‪ ،‬مادة‬ ‫َّللا جل جالله ‪ “ :‬ان الصفا والمروة من شعائر ّ‬ ‫قال ّ‬
‫شعر ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫وردت “ شعيرة “ في القرآن بالمعنى اللغوي السابق ‪.‬‬
‫ش ْه َر ْال َح َ‬
‫رام ‪“[ 5 / 2 ] .‬‬ ‫قال تعالى ‪ ” :‬يا أَيُّ َها الَّذِّينَ آ َمنُوا ال ت ُ ِّحلُّوا شَعائِّ َر َّ ِّ‬
‫َّللا َو َال ال َّ‬

‫‪652‬‬
‫“ ‪“ 653‬‬

‫عند ابن العربي ‪:‬‬


‫َّللا هي الدالئل عليه ‪ ،‬الموصلة اليه ‪ .‬ففي مذهب يرى أن كل موجود في العالم‬‫شعائر ّ‬
‫َّللا ‪.‬‬
‫هو تجل الهي ‪ ،‬تتحول بالتالي كل عين في العالم إلى كونها من شعائر ّ‬
‫ثم في مرحلة ثانية نرى ابن العربي يصطفي االنسان من جملة العالم ‪ ،‬جاعال إياه‬
‫َّللا هو االنسان ‪.‬‬
‫أعظم دليل على الحق ‪ ،‬فأعظم شعائر ّ‬

‫ثم في مرحلة ثالثة يتحدد االنسان في كونه مظهرا ‪ ،‬لذلك يبقى الحق هو الدليل على‬
‫نفسه‪.‬‬
‫للا ‪ :‬أعيان العالم ‪.‬‬
‫‪ - 1‬شعائر ّ‬
‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا من حيث ما وضعه الحق دليال عليه‬‫“ ‪ . . .‬فليس في العالم عين اال وهو من شعائر ّ‬
‫َّللا فإنها من تقوى القلوب ‪،‬‬
‫َّللا فقال ‪ ،‬ومن يعظم شعائر ّ‬
‫‪ ،‬ووصف من يعظم شعائر ّ‬
‫َّللا‬
‫َّللا في دار التكليف قد حدها ّ‬
‫اي فان عظمتها من تقوى القلوب ‪ ،‬ثم إن كل شعائر ّ‬
‫للمكلف في جميع حركاته الظاهرة “ ( ف ‪. ) 527 / 3 -‬‬

‫َّللا اعالمه ‪ ،‬واعالمه الدالئل عليه الموصلة اليه ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 4 -‬‬


‫“ ‪ . . .‬شعائر ّ‬
‫‪. ) 109‬‬

‫للا ‪ :‬االنسان‬
‫‪ - 2‬شعائر ّ‬
‫َّللا فإنها من‬
‫“ ‪ . . .‬فقد وصفك بالعظمة وندبك إلى تعظيمه فقال ‪ :‬ومن يعظم شعائر ّ‬
‫تقوى القلوب ‪ ،‬وأنت أعظم الشعائر ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 641 / 2‬‬

‫َّللا عليك عظيما ‪ ،‬فكان الحق في هذا‬


‫َّللا ] ما لم تكن تعلم وكان فضل ّ‬
‫“ ‪ . . .‬وعلمك [ ّ‬
‫الموطن من شعائر نفسك ‪ 1‬فعرفت نفسك به كما عرفته بنفسك فتأمل ‪.‬‬
‫فاجتمعنا في الشعائر ‪ 2‬وافترقنا في السرائر ‪ .‬فلنا منه التجلي ‪ .‬وله منا الضمائر ‪“ .‬‬
‫( ف ‪. ) 110 / 4‬‬

‫“ ‪ . . .‬واحكامنا احكامه فنحن بكل وجه شعائره ‪ 3‬واعالمه ‪ ،‬فتعظيمنا إياها من تقوى‬
‫القلوب وفتح الغيوب ‪ ( “ . . .‬ف ‪.) 335 / 4‬‬

‫‪653‬‬
‫“ ‪“ 654‬‬

‫للا هو الدليل على نفسه ‪:‬‬ ‫‪ّ -3‬‬


‫َّللا ‪.‬‬
‫“ ‪ . . .‬فرأيتم ان الصفة تطلب موصوفها فزلتم أنتم [ االنسان ] من كونكم شعائر ّ‬
‫وصار الحق دليال على نفسه ‪ ،‬إذا كان من المحال ان يدل شيء على شيء داللة علم‬
‫محقق ‪ ،‬فال أدل من الشيء على نفسه ‪ ،‬إذا حددت االمر الظاهر ترده غامضا ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ‪. ) 226 / 2‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬اي دليال على نفسك من حيث إنه علمك من نفسك ما لم تكن تعلمه ‪.‬‬
‫) ‪( 2‬اي في تبادل الداللة بين االنسان والحق ‪ :‬يعرف االنسان نفسه بالحق ‪ ،‬كما‬
‫يعرف الحق بنفسه ‪.‬‬
‫) ‪( 3‬يراجع بشأن شعائر عند ابن العربي ‪:‬‬
‫َّللا ‪ -‬االعالم ) ‪.‬‬
‫‪-‬ف ‪ 2‬ص ‪ ( 672‬شعائر ّ‬
‫َّللا ) ‪.‬‬
‫‪-‬ف ‪ 4‬ص ‪ ( 49‬شعائر ّ‬
‫َّللا ) ‪.‬‬
‫ص ‪ ( 127‬شعائر ّ‬
‫َّللا ) ‪.‬‬
‫ص ‪ ( 241‬شعائر ّ‬
‫َّللا ) ‪.‬‬
‫ص ‪ ( 339‬البدن من شعائر ّ‬

‫‪ – 375‬الشاهد‬

‫في اللغة ‪:‬‬


‫“ الشين والهاء والدال أصل يدل على حضور وعلم واعالم ‪ ،‬ال يخرج شيء من‬
‫فروعه عن الذي ذكرناه ‪.‬‬
‫من ذلك الشهادة تجمع األصول التي ذكرناها من الحضور والعلم واالعالم ‪ ،‬يقال شهد‬
‫يشهد شهادة ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة مادة “ شهد “ ) ‪.‬‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫حافظ لفظ الشاهد على معناه اللغوي فهو ‪ :‬الذي يشهد في قضية”‪.‬‬
‫صهُ قُ َّد ِّم ْن قُبُ ٍل فَ َ‬
‫ص َدقَ ْ‬
‫ت “[ ‪/ 12‬‬ ‫ش ِّه َد شا ِّه ٌد ِّم ْن أ َ ْه ِّلها ِّإ ْن كانَ قَ ِّمي ُ‬ ‫قال تعالى ‪َ ":‬و َ‬
‫‪. ] 26‬‬
‫شرا ً َونَذِّيرا ً ‪“( 33 / 45 ) .‬‬ ‫س ْل َ‬
‫ناك شا ِّهدا ً َو ُمبَ ِّ ّ‬ ‫ي ِّإنَّا أ َ ْر َ‬ ‫قال تعالى ‪ ” :‬يا أَيُّ َها النَّ ِّب ُّ‬

‫‪654‬‬
‫“ ‪“ 655‬‬

‫عند ابن العربي ‪:‬‬


‫*الشاهد هو صورة المشهد التي تبقى في النفس بعد المشاهدة ‪ ،‬وهو الذي يعطي‬
‫اللذة ‪ . . .‬لذة المشاهدة ‪ ،‬ألن هذه األخيرة فناء ال لذة فيها [ انظر “ مشاهدة “ ]‬
‫والشاهد شرط الزم في صحة المشاهدة ‪ ،‬فالمشاهدة التي ال شاهد يبقى بعدها ليست‬
‫بصحيحة ‪.‬‬
‫لكأنما الشاهد استفاد اسمه عند ابن العربي من كونه يشهد على صحة المشاهدة ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫‪ - 1‬الشاهد ‪ :‬صورة المشهد‬
‫“ ‪ . . .‬الشاهد وهو بقاء صورة المشاهد في نفس المشاهد ‪ . . .‬ولما كان الشاهد‬
‫حصول صورة المشهود في النفس عند الشهود ‪ ،‬فيعطى خالف ما تعطيه الرؤية ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ‪. ) 567 / 2 -‬‬

‫‪ - 2‬الشاهد ‪ :‬لذة وعلم‬


‫“ ‪ . . .‬شواهد الحق في القلب من العلوم اإللهية والوصايا الربانية ‪ . . .‬وهذه الشواهد‬
‫هي التي تبقى في قلب العبد بعد االنفصال من مقام المشاهدة ‪ ،‬وبه تقع اللذة للعارفين‬
‫فيتردد الخطاب فيهم ‪ ،‬من وجودهم لوجودهم ‪ ( “ . . .‬كتاب الشاهد ص ‪. ) 1‬‬

‫‪ - 3‬الشاهد يشهد على صحة المشاهدة‬


‫“ ‪ . . .‬لتعلم ان ما من مشهد اال وله اثر يجده صاحب ذلك المشهد عنده ‪ ،‬وذلك األثر‬
‫هو المعبر عنه بالمشاهدة ‪. . .‬‬
‫ألن الفناء عندنا على ضربين ‪ :‬فما وجدنا بعده الشاهد كان الفناء الصحيح ‪ ،‬وما لم‬
‫يوجد بعده الشاهد سميناه ‪ :‬نومة القلب ‪ ( “ . . .‬وسائل السائل ق ‪ 44‬أ ) ‪.‬‬
‫“ ‪ . . .‬وانما سمي شاهدا ألنه يشهد له ما رآه بصحة ما اعتقده ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 2‬‬
‫‪. ) 567‬‬
‫****‬
‫بعد ان فرق ابن العربي بين المشهود والشاهد كما مر معنا في المعنى السابق ‪ ،‬نراه‬
‫يعود إلى وحدته الوجودية ليجمع بينهما في مقولة الهية ‪.‬‬
‫َّللا‪.‬‬
‫فال مشهود وال شاهد اال ّ‬

‫‪655‬‬
‫“ ‪“ 656‬‬

‫‪ - 1‬فرق بين المشهود والشاهد “ ‪ . . .‬فمن اعرض عن هذه المشاهد ولم يفرق بين‬
‫المشهود والشاهد ‪ ،‬فذلك الحائر الخاسر “ ( ف ‪. ) 407 / 3‬‬
‫َّللا ‪ . . . ”:‬ما ثم مشهود وما ثم شاهد * سوى واحد والفرق‬
‫‪-‬ال شاهد وال مشهود اال ّ‬
‫يعقل بالجمع “( ف ‪. ) 105 / 4‬‬

‫“ ‪ . . .‬ولنعلم ان التجلي اإللهي في أعيان الممكنات اعطى النعوت ‪ ،‬فال شاهد وال‬
‫َّللا ‪.‬‬
‫مشهود اال ّ‬
‫فألسنة الشرائع دالئل التجليات ‪ ،‬والتجليات دالئل األسماء اإللهية ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 2 -‬‬
‫‪. ) 307‬‬
‫انظر “ مشاهدة "‪.‬‬
‫****‬
‫‪ – 376‬شهادة‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫انظر “ شاهد “ في اللغة‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫انظر “ شاهد “ في القرآن ‪.‬‬
‫عند ابن العربي ‪:‬‬
‫“ *للشهادة “ في االسالم دور معروف فهي سبيل الحقيقة وطريقها الوحيد تقريبا ‪.‬‬
‫فالقاضي يحكم بوجود شاهدين عدلين ‪ ،‬إذا الشهادة مرتكز االحكام الرئيسي ‪.‬‬
‫ويفاضل ابن العربي بين أنواع الشهادة ‪ ،‬فيجعل الشهادة بالوحي أو الشهادة على الخبر‬
‫‪ ،‬أوثق في الحكم من الشهادة على النظر ‪.‬‬
‫لماذا ؟ وخاصة ان النظر من أقرب الطرق إلى اليقين القلبي ‪ ،‬بدليل طلب إبراهيم في‬
‫القرآن الرؤية في‬

‫‪656‬‬
‫“ ‪“ 657‬‬

‫احياء الموتى ‪ ،‬وعندما قيل له ‪ :‬ا لم تؤمن ؟ قال ‪ :‬بلى ولكن ليطمئن قلبي ‪.‬‬
‫فطمأنينة القلب تبلغ ذروة يقينها بالرؤية اي النظر ‪ .‬فلماذا جعل ابن العربي الشهادة‬
‫على الخبر أوثق من الشهادة على النظر ؟‬
‫السبب بسيط ‪ ،‬فالرؤية أو النظر عرضة للتلبيس ‪ .‬مثال ‪ :‬شهد الصحابة في جبريل انه‬
‫من البشر [ دحية ] ولم يكن من البشر ‪ .‬فهذه الشهادة مرتكزها النظر ‪ ،‬فكانت الشهادة‬
‫على الخبر من النبي انه ‪ :‬جبريل ‪ ،‬أوثق في الحكم ‪.‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫‪ - 1‬الشهادة على الخبر ‪ -‬الشهادة على النظر‬
‫َّللا اعلم بما خلق ‪ .‬وارض االنسان جسده ‪ ،‬وقد‬‫“ ‪ . . .‬فال تحكم على ما لم تر وقل ‪ّ :‬‬
‫شهد عليه ‪ .‬بما يحمل ‪ .‬ا تراه شهد عليه بما لم يعلم ! ا تراه علم من غير وحي الهي‬
‫َّللا تعالى به الينا من‬
‫َّللا عز وجل ! كما نشهد نحن على األمم بما أوحى ّ‬ ‫جاء من عند ّ‬
‫قصص أنبيائه مع أممهم ‪ . . .‬فيوحي بالتكوين فيكون ‪ ،‬ويشهد ما شاء فيرى شهادته‬
‫بالخبر الصادق ‪ ،‬كشهادته بالعيان الذي ال ريب فيه ‪ ،‬مثل شهادة خزيمة فأقامه رسول‬
‫َّللا عليه وسلم في شهادته مقام رجلين ‪ ،‬فحكم بشهادته وحده فكان الشهادة‬ ‫َّللا صلى ّ‬
‫ّ‬
‫بالوحي أتم من الشهادة بالعين ‪. “ . . .‬‬

‫‪ - 2‬الشهادة بالخبر تامة‬


‫“ الشهادة بالوحي أتم ‪ 1‬من الشهادة بالعين ‪ ،‬ألن خزيمة لو شهد شهادة عين لم تقم‬
‫شهادته مقام اثنين ‪ . . .‬إذ لم يقبل الجامع للقرآن آية منه اال بشهادة رجلين ‪ ( “ . . .‬ف‬
‫‪. ) 394 / 3 -‬‬

‫‪ - 3‬التلبس في الشهادة على البصر ‪.‬‬


‫“ ‪ . . .‬العين طريق والعلم تحقيق لوال فضل العلم على العين ‪ . . .‬الشهادة حضور‬
‫ونور على نور ‪ ،‬الشهادة على الخبر أقوى في الحكم من شهادة البصر ‪. . .‬‬
‫لوال التلبيس الداخل على البصر ‪ ،‬ما شهد الصحابة في جبريل عليه السالم انه من‬
‫البشر ‪ ،‬وليس من البشر ‪ . . .‬إذ لم يكن هذا المشهود روحا تجسد واال فهو دحية ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ‪. ) 338 / 4‬‬
‫*****‬
‫َّللا قسم العالم بين‬
‫الشهادة “ ترد عند ابن العربي مضافة إلى عالم ‪ ،‬وذلك ان ّ‬

‫‪657‬‬
‫“ ‪“ 658‬‬

‫غيب وشهادة ‪.‬‬


‫فعالم الغيب هو البطون [ انظر “ غيب “ ] وعالم الشهادة هو العالم المرئي الذي‬
‫يشاهده االنسان اي العالم الظاهر النوراني ‪.‬‬
‫على أن كال العالمين بالنسبة للحق شهادة فهو تعالى ال يغيب عنه شيء ‪.‬‬
‫وعالم الشهادة متنوع في الصور في مقابل الغيب [ غير متنوع ] ‪،‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫‪ - 1‬الشهادة والغيب‬
‫“ ‪ . . .‬فما غاب من العالم عن العالم فهو الغيب ‪ ،‬وما شاهد العالم من العالم فهو‬
‫شهادة ‪ .‬وكله ّّلل شهادة وظاهر ‪ ،‬فجعل [ تعالى ] القلب من عالم الغيب وجعل الوجه‬
‫من عالم الشهادة “ ( ف ‪. ) 303 / 3‬‬

‫“ ‪ . . .‬فحصلت نشأة االنسان بين أمامه وامام الحق ‪ .‬فما قابله كان شهادة وما كان‬
‫وراءه كان غيبا له ‪ .‬فهو في امامه محفوظ بنفسه ‪ ،‬في خلفه محفوظ بربه ‪ ( “ . . .‬ف‬
‫‪. ) 193 / 4‬‬

‫‪ - 2‬الشهادة نور‬
‫“ ‪ . . .‬قال األنوار شهادة والحق نور ‪ .‬ولهذا يشهد ويرى ‪ ،‬واالسرار غيب فلها الهو‬
‫فال يظهر الهو ابدا ‪ ،‬فالحق من حيث الهو ال يشهد وهويته حقيقته ‪ ،‬ومن حيث تجليه‬
‫في الصور يشهد ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 443 / 4 -‬‬

‫‪ - 3‬الشهادة واألول والظاهر‬


‫َّللا في الوجود بين ‪ :‬غيب وشهادة ‪ ،‬وظاهر وباطن وأول‬
‫“ ‪ . . .‬وذلك ان العالم قسمه ّ‬
‫وآخر ‪ ،‬فجعل الباطن واآلخر والغيب نمطا واحدا ‪ ،‬وجعل األول والظاهر والشهادة‬
‫نمطا آخر ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 504 / 2 -‬‬

‫‪ - 4‬تنوع الشهادة‬
‫” ‪ . . .‬لمعت لنا باالبرقين بروق * قصفت لها بين الضلوع رعود “االبرقين ‪ :‬مشهدين‬
‫للذات ‪ ،‬مشهد في الغيب ومشهد في الشهادة ‪ ،‬فالغيب غير متنوع ألنه سلبي ‪،‬‬
‫والشهادي متنوع ألنه في الصور “ ( ترجمان األشواق ص ‪. ) 37‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬الشهادة بالوحي ات ّم ‪ :‬فشهادة رجل واحد تامة بذاتها ال تستلزم شاهدا ثانيا‬
‫يكملها ‪.‬‬

‫‪658‬‬
‫“ ‪“ 659‬‬

‫ق بحق‬ ‫‪ - 377‬شهداء ح ّ‬
‫شهداء حق بحق ‪ :‬هم الذين يشهدون صدقا على الخبر اإللهي ‪.‬‬
‫“ فالحق “ األولى في هذه العبارة تعني ‪ :‬الصدق ‪.‬‬
‫و “ الحق “ الثانية تعني ‪ :‬باخبار الحق لهم ‪ ،‬اي عن طريق الحق ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬ويشهدون العالم ايمانا ‪ 1‬لكون الحق أخبرهم ان ثم عالما فيؤمنون به وال يرونه‬
‫باّلل وال يرونه ‪ ،‬فهم شهداء حق بحق ‪ ،‬وهم في مقعد صدق‬ ‫‪ ،‬كما أن العالم يؤمنون ّ‬
‫فيما تحققوا به ‪ ،‬فان قيل لهم ‪ :‬فقولكم بالشاهد والمشهود فرق ‪.‬‬
‫فيقولون عند ذلك ‪ :‬أليس تشهد ذاتك بذاتك فأنت غيرك ‪.‬‬
‫وكالمهم في هذا كله مع الحق شهود ‪ ،‬ومع االيمان بأن ثم عالما أدبا وايمانا ‪ ،‬فهم‬
‫المؤمنون حقا والعلماء صدقا ‪ ( . “ . . .‬ف ‪. ) 74 / 4 -‬‬
‫انظر “ شهادة “‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬قوله ‪ :‬يشهدون ايمانا ‪ .‬اي يقوم االيمان عندهم بالخبر اإللهي مقام العيان في‬
‫الشهادة ‪.‬‬
‫فالشهادة على االيمان هي شهادة على الخبر ‪.‬‬
‫****‬
‫‪ - 378‬الشهود‬
‫“ الشهود “ عند ابن العربي هو المشاهدة نفسها ‪ ،‬فهو يستعملها على الترادف التام ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬ذلك النور ولوال ما هي النفوس عليه من األنوار ما صحت المشاهدة ‪ ،‬إذ ال‬
‫يكون الشهود ‪ 1‬اال باجتماع النورين ‪ ،‬ومن كان له حظ في النور كيف يشقى شقاء‬
‫األبد ‪ ،‬والنور ليس من عالم الشقاء ‪ ( “ . .‬ف ‪. ) 486/ 2 -‬‬
‫“ ‪ . . .‬ولما كان الشاهد حصول صورة المشهود في النفس عند الشهود ‪ ( “ . .‬ف ‪2 -‬‬
‫‪. ) 567 /‬‬

‫‪659‬‬
‫“ ‪“ 660‬‬

‫انظر “ مشاهدة “‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يراجع بشأن شهود باإلضافة إلى “ مشاهدة “ ومراجعها ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪ [ 392‬النور والشهود ]‬
‫ص ‪ [ 323‬الشهود والمعاينة ]‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪ [ 41‬الشهود والوجود ]‬
‫‪-‬التجليات ص ‪ [ 46‬الوجود والشهود ] ‪.‬‬

‫‪ - 379‬الشهود خلف حجاب‬


‫الشهود من خلف حجاب وهو شهود الحق من خلف حجاب العلم أو االيمان أو ‪. . .‬‬
‫وليس بالضرورة شهود الحق ‪ ،‬بل شهود اي ذات من خلف الحجاب الفاصل لها عن‬
‫المشاهد ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ فإن لم تكن تراه فإنه يراك اي احضر في نفسك انه يراك ‪ ،‬وهو نوع آخر من‬
‫الشهود من خلف حجاب ‪ ،‬تعلم أن معبودك يراك من حيث ال تراه ويسمعك ‪ ( “ . .‬ف‬
‫‪. ) 309 / 3‬‬
‫انظر “ شهود “ و “ مشاهدة "‪.‬‬

‫‪ - 380‬الشهود الذاتي ‪ -‬المشاهدة الذاتيّة‬


‫الشهود الذاتي هو شهود الحق تعالى ‪ .‬فكل مشهد يشهد العبد فيه الحق يسمى شهودا‬
‫ذاتيا ‪ .‬وليس المقصود به شهود ذات الحق تعالى فهذا محال ‪ -‬يشبه ابن العربي البرق‬
‫بالشهود الذاتي لنوره وسرعة زواله ‪.‬‬

‫يقول ‪ ”:‬لست انسى إذا حدا الحادي بهم *** يطلب البين ويبغي االبرقا ‪. . .‬‬
‫وقوله ‪ :‬ويبغي االبرقا ‪،‬‬
‫يقول ‪ :‬ويبغي بهم المكان الذي يقع لهم فيه شهود الحق‬

‫‪660‬‬
‫“ ‪“ 661‬‬

‫تعالى ‪ ،‬وسماه االبرق لما شبه الشهود الذاتي بالبرق لنوره وسرعة زواله عن المكان ‪،‬‬
‫والحضرة التي يقع فيها بعد الشهود ‪ :‬باالبرق ‪ ،‬اي المكان الذي يظهر فيه البرق ‪. . .‬‬
‫“ ( ترجمان األشواق ‪. ) 60‬‬
‫المشهد الذاتي” فيا راعي النجم كن لي نديما *** ويا ساهر البرق كن لي‬
‫سميرا ‪. . .‬قال ‪ :‬ويا ساهر البرق ‪ ،‬الذي هو المشهد الذاتي ‪ ( “ . .‬ترجمان األشواق‬
‫ص ‪. ) 66‬‬
‫“ فتلك سكينة األولياء التي يسكنون إليها وال تحصل لهم دائما ‪ ،‬لكن لهم اختالسات‬
‫فيها كالبروق ‪ ،‬فهي تشبه المشاهد الذاتية في كونها البقاء لها ‪ ( “ . .‬ف ‪. ) 98 / 2 -‬‬

‫‪ - 381‬شهود الرفيق‬
‫الحق هو رفيقنا [ العبيد ] على الحقيقة بدليل اآلية ‪َ ”:‬و ُه َو َمعَ ُك ْم أَيْنَ ما ُك ْنت ُ ْم “فهذه‬
‫المعية هي رفقته تعالى للمخلوقات ‪.‬‬
‫ولكن االنسان حجب عن هذه الرفقة وال يشهد الرفيق اال في الموت ‪ ،‬وبكالم آخر‬
‫شهود الرفيق هو ‪ :‬الموت ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬ألن االنسان خلق في محل الحاجة والعجز فهو يطلب من يرتفق به ‪ ،‬فلما وجد‬
‫الحق نعم الرفيق ‪ ،‬وعلم أن االرتفاق به على الحقيقة ‪ ،‬هو االرتفاق الموجود في العالم‬
‫وان أضيف إلى غيره فلجهل الذي اضافه” َو ُه َو َمعَ ُك ْم أَيْنَ ما ُك ْنت ُ ْم “[ ‪ ] 4 / 57‬فهو‬
‫رفيقنا تعالى في كل وجهة نكون فيها ‪ ،‬غير انا حجبنا ‪ ،‬فسمى انفصالنا عن هذا‬
‫َّللا‬
‫َّللا ‪ ،‬وما هو لقاء وانما هو شهود الرفيق الذي اخذ ّ‬ ‫الوجود الحسي بالموت لقاء ّ‬
‫َّللا لقاءه ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 277 / 4‬‬ ‫َّللا أحب ّ‬
‫بابصارنا عنه فقال ‪ :‬من أحب لقاء ّ‬
‫انظر “ شهود "‪.‬‬

‫‪ - 382‬شهود في وجود‬
‫انظر “ مشاهد ثبوتية “‬

‫‪661‬‬
‫“ ‪“ 662‬‬

‫‪ - 383‬المشاهدة‬
‫مرادف ‪ :‬الشهود‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫انظر “ شاهد “ في اللغة‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫لم يرد األصل “ شهد “ بهذه الصيغة‬

‫عند ابن العربي ‪:‬‬


‫يتلون “ الفتح “ عند الصوفية اشكاال متنوعة ‪ ،‬تختلف درجاتها ووجودها ‪ ،‬خالقة بذلك‬
‫مفردات تتكاثر بمدى التجربة الصوفية نفسها ‪.‬‬
‫فالصوفي في مجاهداته تتوالى فتوحه من كشف ومشاهدة والهام وغيره ‪ . .‬ويشكل‬
‫على غير المختص الموضوع فيحمل كل هذه المفردات على نفس المعنى [ مضمون‬
‫معرفي اشراقي ] ‪.‬‬
‫ولكن في مجال بحث اصطالحي كهذا ال بد من تكريس هذه الفروق باإلشارة إليها ‪،‬‬
‫ومقارنة هذه المفردات بعضها ببعض لكي يظهر “ نوع “ الفتح في كافة تعليقاته ‪ ،‬اي‬
‫في مجاله الحيوي ‪.‬‬
‫والمشاهدة هي أحد هذه “ الفتوح “ ‪ ،‬فلنضعها في مواجهة ما يقاربها من أنواع الفتوح‬
‫لتظهر ماهيتها ‪:‬‬
‫****‬
‫المشاهدة والرؤية ‪:‬‬
‫المشاهدة رؤية في األصل ‪ ،‬اال انها رؤية يسبقها علم بالمرئي ‪ .‬لذلك يحكمها االقرار‬
‫والنفي على حين ان الرؤية ال انكار فيها ‪ .‬كما أن الرؤية ال ثفني بل توفر للرائي العلم‬
‫واللذة ‪ ،‬على عكس المشاهدة [ تفني ‪ -‬ال لذة فيها وال علم ‪ ] . .‬وقد ترد المشاهدة عند‬
‫ابن العربي في سياق علمي يفهم منه انها سبيل المعرفة ‪ ،‬فليس المقصود هنا المشاهدة‬
‫بل الشاهد [ انظر “ شاهد “ ] ‪ ،‬كما أن الشاهد من ناحية أخرى يشكل فرقا جوهر يا‬
‫بين الرؤية والمشاهدة ‪ :‬الرؤية ال شاهد لها ‪ ،‬والمشاهدة ال قيمة لها دون شاهد ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫‪ - 1‬المشاهدة والرؤية ‪1‬‬
‫“ ‪ . . .‬ولما كان الشاهد حصول صورة المشهود في النفس عند الشهود ‪ ،‬فيعطي‬

‫‪662‬‬
‫“ ‪“ 663‬‬

‫خالف ما تعطيه الرؤية ‪ .‬فان الرؤية ال يتقدمها علم بالمرئي والشهود يتقدمه علم‬
‫بالمشهود وهو المسمى بالعقائد ‪ ،‬ولهذا يقع االقرار واالنكار في الشهود وال يكون في‬
‫الرؤية اال االقرار ليس فيها انكار ‪ ،‬سمي شاهدا ألنه يشهد له ما رآه بصحة ما اعتقده‬
‫‪ ،‬فكل مشاهدة رؤية وما كل رؤية مشاهدة “ ( ف ‪. ) 567 / 2 -‬‬
‫“ ‪ . . .‬المشاهدة عند الطائفة رؤية األشياء بدالئل التوحيد ورؤيته في األشياء وحقيقتها‬
‫اليقين من غير شك ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 495 / 2‬‬

‫“ العيان البصري في المشاهدة ال يعول عليه ‪ ،‬فإن كان عيان البصيرة فذلك الذي ال‬
‫يعول عليه ‪ 2‬وهو المسمى برهانا ‪ .‬ومن قال إن العيان يغني عن البرهان ‪ 3‬فال يعول‬
‫عليه ‪ ( “ . . .‬رسالة ال يعول عليه ص ‪ - 2. ) 19‬المشاهدة فناء ‪ :‬فال لذة وال علم‬
‫“ ‪ . . .‬وال تغتر بقول عارف حين قال ‪ :‬ال يشغله شيء عن ربه وال يشغله ربه عن‬
‫شيء ‪ ،‬انما أراد قوة الحضور ال المشاهدة ‪ ،‬فما أشهدك قط اال افناك وابقاك له ‪ ،‬وما‬
‫ابقاك لك فخذ ما لك واترك ما له ‪ ( “ . .‬التجليات ص ‪. )53‬‬
‫“ ‪ . . .‬كل من تنعم انما تنعم بشاهده ‪ 4 ،‬القائم بقلبه ‪ ،‬وهو ما حصل من الحق عندك‬
‫وهو محدث مثلك ‪ ،‬وال يجوز التنعم بالحق عند المشاهدة الن المشاهدة فناء ليس فيها‬
‫لذة ‪ ( “ . . .‬التراجم ص ‪. ) 16‬‬
‫“ ‪ . .‬فلو ال مشاهدة الشاهد فيهم لحزنوا فال فرح عندهم بالمشاهدة ‪ ،‬الستيالء العظمة‬
‫التي افنتهم وهي تمنع من الحركة ‪ ،‬والفرح حركة ( “ ‪. .‬التراجم ص ‪) . 42‬‬
‫“ ليس مع المشاهدة فهم ‪ . . .‬الفهم تفتيش والتفتيش تبديد ‪ ،‬والتبديد ال يكون اال في‬
‫األسماء واالغيار ‪ ،‬كما أن الحيرة ال تكون اال فيمن ال يتكيف ‪ ( “ . . .‬التراجم ص‬
‫‪. ) 54‬‬
‫ويوضح ابن العربي الفرق بين حصول اللذة وادراكها في المشاهدة ‪ ،‬ولكن هل اللذة‬
‫خارج ادراكها موجودة حقا ؟‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬وسأله عن االستغراق في المشاهدة وكون المشاهد ال تحصل له لذة ‪ ،‬ال بعد‬

‫‪663‬‬
‫“ ‪“ 664‬‬

‫َّللا عنه ‪ :‬ان اللذة حاصلة ‪ ،‬وانما استغرقت اللذة جميع‬


‫الرجوع ‪.‬فقال الشيخ رضي ّ‬
‫اجزائك ‪ ،‬لم يبق لك جزء يدرك اللذة لعموم استغراقها لنفسك ‪ .‬ففرق بين حصول اللذة‬
‫واستغراقها لك وبين ادراكك اللذة ‪ ( “ . . .‬وسائل السائل ق ‪ - 3. ) 45‬الشاهد في‬
‫المشاهدة‬
‫“ كل مشاهدة ال يشهد شاهدها ال يعول عليها ‪ ( “ . .‬رسالة ال يعول عليه ص ‪. ) 10‬‬
‫****‬
‫المشاهدة والكشف‬
‫‪ - 1‬تختلف المشاهدة عن الكشف ‪ ،‬بأنها في حقيقتها عبارة عن مشهد لذوات [ روح‬
‫تجسد ‪ -‬أنواع روحانية ] ‪ ،‬على حين ان الكشف هو رفع الحجاب واالطالع على كل‬
‫ما ورائه من معاني واسرار ‪ ، 5‬فان كانت المشاهدة تختص بالذوات ‪ ،‬فالكشف‬
‫يختص بالمعاني واالسرار ‪.‬‬
‫“ اعلم أن المكاشفة متعلقها المعاني والمشاهدة متعلقها الذوات ‪ ،‬فالمشاهدة للمسمى ‪،‬‬
‫والمكاشفة لحكم األسماء ‪ ( “ . .‬ف ‪. ) 496 / 2‬‬
‫‪2 -‬تتفق المشاهدة مع الكشف في أنهما موصالن للمعرفة ‪ . . 6‬المعرفة القابلة‬
‫لالنكار واالقرار على ضوء العقيدة [ بخالف “ الرؤية “ انظر المعنى السابق ] ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬فالمشاهدة طريق إلى العلم والكشف غاية ذلك الطريق ‪ ،‬وهو حصول العلم في‬
‫النفس ‪ ،‬وكذلك إذا خاطبك فقد أسمعك خطابه وهو شهود سمعي ‪ ،‬فان المشاهدة ابدا‬
‫للقوى الحسية ال غير والكشف للقوى المعنوية ‪ ( “ . .‬ف ‪. ) 497/ 2‬‬
‫‪3 -‬الكشف أتم ‪ 7‬من المشاهدة وأعلى ‪ ،‬فكأنه حين يحدث في فعل واحد مع‬
‫المشاهدة ‪ :‬حقيقتها‬

‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬والمكاشفة عندنا أتم من المشاهدة اال لو صحت مشاهدة ذات الحق لكانت‬
‫المشاهدة أتم ‪ ،‬وهي ال تصح فلذلك قلنا المكاشفة أتم ألنها الطف ‪ ،‬فالمكاشفة‬

‫‪664‬‬
‫“ ‪“ 665‬‬

‫تلطف الكثيف والمشاهدة ‪ 8‬تكثف اللطيف ‪ . .‬فالمكاشفة ادراك معنوي فهي مختصة‬
‫بالمعاني ‪ ( “ . .‬ف ‪. ) 496 / 2‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬انها رؤية محكومة بالتوحيد اي بالعقائد ‪ .‬فال يقبل الرائي الرؤية في المشاهدة‬
‫اال بعد عرضها على الكتاب والسنة فما وافق منها العقيدة اخذ به وما خالفها أنكره ‪.‬‬
‫) ‪( 2‬األرجح خطأ في النص من جراء النشر ‪ .‬وال يستقيم النص اال إذا قرأ ‪ :‬فذلك‬
‫الذي يعول عليه ‪.‬‬
‫) ‪( 3‬المقصود بالبرهان في هذا النص ‪ ،‬ما ذهبنا اليه في تفسير “ دالئل التوحيد في‬
‫) ‪( 4‬انظر “ شاهد “‬ ‫النص السابق ‪“ .‬‬
‫) ‪( 5‬يقول القيصري في مطلع خصوص الكلم ق ‪: 21‬‬
‫“ ان الكشف لغة ‪ :‬رفع الحجاب ‪ . . .‬واصطالحا ‪ :‬هو االطالع على ما وراء الحجاب‬
‫من المعاني الغيبية واألمور الحقيقية ‪ ،‬وجودا شهودا وهو معنوي وصوري واعني‬
‫بالصوري ما يحصل في عالم المثال من طريق الحواس الخمس ‪ ،‬وذلك اما ان يكون‬
‫على طريق المشاهدة كرؤية المكاشف صورة األرواح المتجسدة واألنواع الروحانية ‪،‬‬
‫َّللا عليه وسلم الوحي النازل‬ ‫واما ان يكون على طريق السماع كسماع النبي صلى ّ‬
‫عليه كالما منظوما أو مثل صلصلة الجرس ‪ . . .‬إذ الشهود من تجليات االسم ‪. . .‬‬
‫‪“.‬‬
‫) ‪( 6‬المشاهدة طريق للمعرفة بواسطة الشاهد [ انظر “ شاهد “ ] والكشف كذلك ‪،‬‬
‫باّلل على ثالثة أقسام ‪ :‬المعرفة بالدليل والمعرفة بالشهود‬ ‫وعلى الجملة فطريق المعرفة ّ‬
‫والمعرفة باالعالم ‪.‬‬
‫وأعالها االعالم ‪ ،‬يقول ابن العربي في الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪. 32‬‬
‫َّللا بالدليل ‪ ،‬والثلث اآلخر ما يعلم‬
‫باّلل هو ما يعلم من ّ‬‫“ ‪ . . .‬فالثلث ‪ :‬الواحد من العلم ّ‬
‫منه سبحانه بالشهود عند التجلي ‪ ،‬والثلث الثالث هو ما يعلم منه باعالمه سبحانه وهو‬
‫باّلل ‪. . . “ .‬‬
‫أصح االقسام في العلم ّ‬
‫َّللا ق ‪ 50‬ب ‪.‬‬ ‫) ‪( 7‬يقول بدر الحبشي في االنباه على طريق ّ‬
‫" ‪ . .‬المكاشفة الطف من المشاهدة وأتم ولكل مشاهدة كشف ‪ ،‬فما من مشاهدة اال‬
‫وكشفها أتم فيها والطف منها ‪ ،‬وقد تكشف وال تشاهد وقد تشاهد وال تكشف ‪. ".‬‬
‫) ‪( 8‬يراجع بشأن مشاهدة عند ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬التراجم ص ‪ [ 2‬الكشف والمشاهدة ]‬
‫‪-‬ترجمان األشواق ص ‪ [ 17‬مشاهدة الحق فناء ]‬
‫ص ‪ [ 81‬المشاهدة فناء ]‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪ [ 81‬مشاهدة ثبوتية ] ‪.‬‬

‫‪665‬‬
‫“ ‪“ 666‬‬
‫‪ - 384‬مشاهدة ثبوتيّة‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫انظر “ مشاهدة “‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫انظر “ مشاهدة “‬
‫عند ابن العربي ‪:‬‬
‫المشاهدة الثبوتية هي حال األعيان الثابتة في عالم الثبوت ‪ ،‬فاألعيان لم تكتسب الوجود‬
‫الذاتي الحقيقي في اي حال من أحوالها عند ابن العربي ‪ ،‬سواء في حالتها الثبوتية أو‬
‫في حالتها في الوجود الظاهر ‪.‬‬
‫فعندما تكون في عالم الثبوت يكون وجودها هو ‪ :‬شهود ثبوتي وليس وجودا ثبوتيا ؛‬
‫كذلك في عالم الوجود الظاهر فوجودها هو في الحقيقة ‪ :‬شهود في وجود وليس‬
‫وجودا ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬فبقاؤها [ أعيان الممكنات ] على حالة العدم أحب إليها لو خيرت ‪ ،‬فإنها في‬
‫مشاهدة ثبوتية حالية ملتذة بالتذاذ ثبوتي ‪ ،‬منعزلة كل حالة عن الحالة األخرى ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ‪. ) 81 / 4‬‬
‫“ ‪ . . .‬واما العارفون المكملون فليس عندهم غربة ‪ 1‬أصال وانهم أعيان ثابتة في‬
‫أماكنهم لم يبرحوا عن وطنهم ‪ ،‬ولما كان الحق مرآة لهم ظهرت صورهم فيه ظهور‬
‫الصور في المرآة ‪ ،‬فما هي تلك الصور أعيانهم لكونهم يظهرون بحكم شكل المرآة ‪،‬‬
‫وال تلك الصور عين المرآة ألن المرآة ما في ذاتها تفصيل ما ظهر منهم وما هم ‪ ،‬فما‬
‫اغتربوا وانما هم أهل شهود في وجود ‪ 2‬وانما أضيف إليهم الوجود من اجل حدوث‬
‫االحكام ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 529 / 2‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬انظر “ غربة “ في المقدمة ‪ :‬معراج المصطلح‬
‫) ‪( 2‬اي “ يشهدون “ انهم في وجود وهم في الحقيقة ثابتون في العدم ‪ .‬انظر “ ثبوت‬
‫‪“.‬‬

‫‪666‬‬
‫“ ‪“ 667‬‬

‫‪ - 385‬المشاهدون للوجه‬
‫المشاهدون للوجه هم من تجلى لهم وجه الحق في لألشياء ‪ ،‬فال تحيد ابصارهم عنه ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬فإذا تجلى لهم [ العباد ] وجه الحق في األشياء ‪ . . .‬لم تعد عيناه عن هذا الوجه‬
‫وال يتمكن ان تعدو عيناه عنه ‪ ،‬ألنه بذاته يقيد كل ناظر اليه ‪ ،‬وانما جاء بالنهي في‬
‫هذا الذكر ‪ 1‬ألنهم ليسوا عين الوجه بل هم المشاهدون للوجه ‪ ،‬فمن كان منهم قد‬
‫حصل له تجلي الوجه ‪ ( “ . .‬ف ‪. ) 170 / 4‬‬
‫انظر “ مشاهدة “‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫ع ْن ُه ْم ت ُ ِّري ُد ِّزينَةَ ْال َحياةِّ ال ُّد ْنيا “( ‪. ) 28 / 18‬‬
‫ْناك َ‬
‫عي َ‬ ‫) ‪( 1‬إشارة إلى اآلية” َوال ت َ ْع ُد َ‬

‫‪ - 386‬الشيئيّة‬
‫مرادف ‪ :‬شيئية الثبوت ‪ ،‬شيئية الوجود‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الشيء ما يصح ان يعلم ويخبر عنه فيشمل الموجود والمعدوم ممكنا أو محاال قديما‬
‫أو حديثا ‪.‬‬
‫َّللا‬
‫وفي االصطالح خاص بالموجود خارجيا كان أو ذهنيا ‪.‬والشيء أعم العام كما أن ّ‬
‫أخص الخاص ‪ .‬وهو مذكر يطلق على المذكر والمؤنث ويقع على الواجب والممكن‬
‫والممتنع ‪ .‬وهو في األصل مصدر شاء اطلق تارة بمعنى شاء اسم فاعل ‪. . .‬‬
‫“ ( محيط المحيط ‪ .‬بطرس البستاني ج ‪ 1‬ص ‪. ) 1144‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫يقف الباحث على اعتاب لفظ “ شيء “ مبهورا بشموله واتساعه لكل الكائنات‬
‫واالحداث واألمور ‪ .‬فكلمة “ شيء “ من أعم الكلمات وأبعدها عن التعريف بل تكاد‬
‫تكون نكرة باطالق ‪ .‬ونشبهها بشيء من التجوز “ بالماء ‪“ :‬‬

‫‪667‬‬
‫“ ‪“ 668‬‬

‫فكما يتخذ الماء شكل االناء الذي يوضع فيه نراها تتخذ جنس ما تطلق عليه ‪.‬‬
‫َّللا ‪ ،‬مهما تباعدت األجناس ‪.‬‬ ‫ويطلق القرآن العزيز لفظ شيء على كل ما سوى ّ‬
‫ونورد على سبيل المثال ال الحصر المعاني التالية ‪:‬‬
‫يب “[ ‪/ 11‬‬ ‫ع ِّج ٌ‬ ‫ش ْي ٌء َ‬ ‫شيْخا ً ِّإ َّن هذا لَ َ‬ ‫وز َوهذا بَ ْع ِّلي َ‬ ‫ع ُج ٌ‬ ‫) ‪( 1‬شيء ‪ -‬أمر ‪ ”:‬أ َ أ َ ِّل ُد َوأَنَا َ‬
‫دار ‪“( 13 / 8 ) .‬‬ ‫ش ْيءٍ ِّع ْن َدهُ ِّب ِّم ْق ٍ‬
‫‪َ ”. ] 72‬و ُك ُّل َ‬
‫ش ْيءٍ ِّإ َّال يُ َ‬
‫س ِّبّ ُح ِّب َح ْم ِّد ِّه َول ِّك ْن ال ت َ ْفقَ ُهونَ‬ ‫َّللا ‪َ ”.‬و ِّإ ْن ِّم ْن َ‬
‫) ‪( 2‬شيء ‪ -‬كل ما سوى ّ‬
‫ت َ ْس ِّبي َح ُه ْم ‪“. ( 17 / 44 ) .‬‬
‫ش ْيءٍ َحتَّى‬ ‫ع ْن َ‬‫) ‪( 3‬شيء ‪ -‬حدث ‪ ،‬مسألة ‪ ،‬فعل ‪ ”.‬قا َل فَإِّ ِّن اتَّبَ ْعتَنِّي فَال ت َ ْسئ َ ْلنِّي َ‬
‫ِّث لَ َك ِّم ْنهُ ِّذ ْكرا ً “( ‪. ) 7/ 18‬‬ ‫أ ُ ْحد َ‬
‫كما يراجع المعجم المفهرس أللفاظ القرآن الكريم مادة “ شيء “ ‪.‬‬

‫عند ابن العربي ‪:‬‬


‫ان لفظ “ شيء “ يرادف عند ابن العربي مفهوم “ العين “ ‪ ، 1‬فكل ما تعين من الوجود‬
‫وفي الوجود فهو شيء ‪. 2‬‬
‫كما أنه يطابق “ العين “ من حيث اطالقه على الماهية في حال ثبوتها العلمي قبل‬
‫خروجها إلى الوجود العيني ‪،‬‬
‫فالشيئية تطلق ‪:‬‬
‫‪-‬على العين الثابتة ( شيئية ثبوت ) ‪.‬‬
‫‪-‬وعلى العين الموجودة المتحققة في الزمان والمكان ( شيئية وجود )‪.‬‬
‫ولن نكثر من شرح موقف ابن العربي هذا ألننا تكلمنا عليه مطوال عند بحثنا في‬
‫“ عين ثابتة “ ( فلتراجع ) ‪.‬‬

‫اما نصوص ابن العربي في الشيئية بشقيها ‪ ،‬فنوردها فيما يلي ‪:‬‬
‫) ‪ “ ( 1‬اال ترى قوله” َوقَ ْد َخلَ ْقت ُ َك ِّم ْن قَ ْب ُل َولَ ْم ت َكُ َ‬
‫شيْئا ً “[ ‪] 9 / 19‬‬
‫ش ْيءٍ ِّإذا أ َ َر ْدناهُ ] ‪ “[ 36 / 82‬فنفى الشيئية ‪ 3‬عنه وأثبتها له ‪،‬‬ ‫وقوله” ِّإنَّما قَ ْولُنا ِّل َ‬
‫والعين هي العين ال‬

‫‪668‬‬
‫“ ‪“ 669‬‬
‫غيرها “ ( ف ‪. ) 56 / 2‬‬
‫“ ‪ . . .‬فالفكر يقول [ في بدء الخلق ] ما ثم شيء ثم ظهر شيء ال من شيء ‪ ،‬والشرح‬
‫يقول وهو القول الحق ‪ :‬بل ثم شيء فصار كونا ؛ وكان غيبا فصار عينا “ ( ف ‪/ 2‬‬
‫‪. ) 402‬‬
‫“ ) ‪( 2‬فال يتصف [ الوجود ] بالعدم الن العدم نفي الشيئية ‪ ،‬والشيئية معقولة ‪:‬‬
‫وجودا وثبوتا وما ثم رتبة ثالثة ‪ ،‬فإذا سمعت نفي شيئية فإنما ينفي النافي ‪ ،‬عن شيئية‬
‫الثبوت شيئية الوجود خاصة ‪ ،‬فان شيئية الثبوت ال تنفيها شيئية الوجود ‪ 4‬فقوله” َولَ ْم‬
‫شيْئا ً “[ ‪ ] 9 / 19‬هو شيئية الوجود ألنه جاء بلفظ “ تك “ ‪ ،‬وهي حرف وجودي‬ ‫ت َكُ َ‬
‫فنفاه “ بلم “ ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 167 ) . 4‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫َّللا ‪ ،‬يقول “ ‪ :‬اما نحن فال نثبت‬ ‫) ‪( 1‬يطلق ابن العربي لفظ شيء على كل ما سوى ّ‬
‫اطالق لفظ الشيئية على ذات الحق ألنها ما وردت وال خوطبنا بها ‪ ( “ .‬ف ‪/ 2‬‬
‫‪. ) 99‬‬
‫َّللا‬
‫فليراجع كتاب المقاالت االسالميين لألشعري ج ‪ 2‬رقم البحث ‪ ( 241‬هل يسمى ّ‬
‫تعالى شيئا ) ‪ ( 242 -‬اختلفوا في معنى انه شيء على ستة أقوال ‪. . ) .‬‬
‫) ‪( 2‬انظر “ عين ‪“ .‬‬
‫) ‪( 3‬يراجع بخصوص شيئية عند ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬الفصوص ج ‪ 1‬ص ‪ ، 177‬ج ‪ 2‬ص ‪، 344 ، 280‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 1‬ص ‪ . 139‬ج ‪ 2‬ص ‪ 99 ، 95‬ج ‪ ، 3‬ص ‪ ، 267‬ج ‪ ، 4‬ص ‪، 8‬‬
‫‪. 340 - 325‬‬
‫) ‪( 4‬بخصوص “ شيئية الثبوت “ و “ شيئية الوجود “ عند ابن العربي فليراجع ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪. 263 ، 254‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪، 267 ، 68 ، 19‬‬
‫كما يراجع ‪ - :‬علم الحقائق ق ‪ 3‬أ ‪ 4 ،‬ب ‪.‬‬

‫‪ - 387‬شيئيّة العدم‬
‫شيئية العدم هي “ شيئية الثبوت “ في مقابل “ شيئية الوجود ‪“ .‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬فتكون حاله [ العبد ] في شيئية وجوده كحاله في شيئية عدمه “ ( ف ‪/ 2‬‬
‫‪) 263‬‬

‫‪669‬‬
‫“ ‪“ 670‬‬

‫انظر “ شيئية “ وخاصة الفقرة الثانية ‪.‬‬

‫‪ – 388‬الشيخ‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫شيخ ‪ ،‬تقول ‪ :‬هو شيخ ‪ ،‬وهو معروف ‪،‬‬ ‫“ الشين والياء والخاء كلمة واحدة ‪ ،‬وهي ال ّ‬
‫بيّن الشيخوخة ‪ ( “ . .‬معجم مقاييس اللغة مادة شيخ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫لم تفارق كلمة “ شيخ “ في القرآن معناها اللغوي السابق ‪:‬‬
‫شيُوخا ً “( ‪. ) 67 / 40‬‬ ‫قال تعالى ‪ ”:‬ث ُ َّم ِّلت َ ْبلُغُوا أ َ ُ‬
‫ش َّد ُك ْم ث ُ َّم ِّلت َ ُكونُوا ُ‬
‫عند ابن العربي ‪:‬‬
‫فارقت كلمة “ شيخ “ عند الصوفية معناها اللغوي الدال على فترة زمنية في حياة‬
‫االنسان ‪ ،‬إلى كونها مرتبة ووظيفة ‪.‬‬
‫فالتجربة الصوفية المنبثقة عن مجاهدة المريد لنفسه ‪.‬‬
‫تدخل في معركة عدوها فيها يمتلك من األسلحة الخفية الشيء الكثير ‪ ،‬ولعل اخطرها‬
‫مقدرة النفس على تسخير العقل ‪ ،‬لخلق مبررات الفعالها ‪.‬‬
‫فالعقل إذا س ّخر للنفس اخضع االنسان بجمعيته لها ‪.‬‬
‫فكل ما يقوم به االنسان يخيل اليه ان مصدره عقالني ‪ ،‬وهو في الواقع نفساني ‪.‬‬
‫وقد تنبه الصوفية إلى خطر النفس وهيمنتها وسلطانها على كونيات االنسان جميعها ‪.‬‬
‫هذه الهيمنة التي تظهر على مستوى “ اراداتها “ ‪.‬‬
‫فهي تريد كذا ‪ ،‬لذا تزين بالمبررات العقلية أهمية ما تريده وضرورته ‪ ،‬وتنفي بعقالنية‬
‫واضحة كل اثر للنفس في هذه “ اإلرادة “ بل قد تذهب إلى ابعد من ذلك فتظهر انتفاء‬
‫األنانية ووضوح االيثار في هذه “ اإلرادة “ بالذات ‪.‬‬
‫وهذا واضح ومعروف لمن خبر “ النفس “ وتلمس مداخلها ‪.‬‬
‫لذلك رأى الصوفية ان أصوب الطرق في محاربة النفس هو تسليم هذه “ اإلرادة “ إلى‬
‫“ غير “ ‪ ،‬فال يكون للنفس في هذه اإلرادة نصيب ‪.‬‬
‫فتضعف النفس تدريجيا على مستوى الشهوات وتبرز “ الروح “ في االنسان‪.‬‬

‫‪670‬‬
‫“ ‪“ 671‬‬

‫وهذا “ الغير “ الذي تسلمه الذات “ ارادتها “ هو المشار اليه عند الصوفية “ بالشيخ‬
‫“ ‪ ،‬فهو الدليل في سفر الصوفي إلى معرفة الحق ‪. . .‬‬
‫وهو مربي يشذب شطحات النفس ‪ . . .‬وهو مؤدب يع ّد المريد للوقوف بين يدي‬
‫الحضرة بما يليق بآدابها ‪ . . .‬وهكذا ‪.‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫“ واما الخمسة الباطنة [ االعمال الخمسة الباطنة التي تتوجب على المريد قبل وجود‬
‫الشيخ المربي ] فهي الصدق ‪ ،‬والتوكل ‪ ،‬والصبر ‪ ،‬والعزيمة ‪ ،‬واليقين ‪ ،‬فهذه التسعة‬
‫[ ‪ 4‬ظاهرة ‪ 5 +‬باطنة ] أمهات الخير ‪ ،‬تتضمن الخير كله ‪.‬‬
‫والطريقة مجموعة فيها ‪ .‬فالزمها حتى تجد الشيخ “ ‪ ( .‬ف السفر الرابع فق ‪.) 344‬‬

‫‪671‬‬
“ 672 “

672
‫“ ‪“ 673‬‬
‫حرف الصاد‬
‫ص‬

‫‪673‬‬
“ 674 “

674
‫“ ‪“ 675‬‬
‫صبر‬‫‪ – 389‬ال ّ‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الصاد والباء والراء أصول ثالثة ‪:‬‬
‫األول الجنس ‪.‬‬
‫والثاني ‪ :‬أعالي الشيء‬
‫والثالث جنس من الحجارة ‪.‬‬
‫فاألول ‪ :‬الصبر ‪ ،‬وهو الحبس ‪ ،‬يقال صبرت نفسي على ذلك االمر ‪ .‬اي حبستها ‪. .‬‬
‫واما الثاني فقالوا ‪ :‬صبر ك ّل شيء ‪:‬أعاله ‪. . .‬‬
‫صبرة من الحجارة ‪ :‬ما اشتد وغلظ ‪ ،‬والجمع صبار ‪. . .‬‬ ‫واما األصل الثالث فال ّ‬
‫“ ( معجم مقاييس اللغة مادة “ صبر “ )‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫ورد األصل “ صبر “ في القرآن بالمعنى األول اللغوي ‪ ،‬اي الحبس ‪ .‬وأخذ صيغا‬
‫مختلفة ‪:‬‬
‫‪ - 1‬صبر ‪ ،‬اصطبر ‪ ،‬صابر ‪.‬‬
‫ور “( ‪. ) 17 / 31‬‬‫ع ْز ِّم ْاأل ُ ُم ِّ‬
‫على ما أَصابَ َك إِّ َّن ذ ِّل َك ِّم ْن َ‬ ‫صبِّ ْر َ‬ ‫قال تعالى ‪َ ” :‬وا ْ‬
‫علَيْها “( ‪. ) 132 / 20‬‬ ‫طبِّ ْر َ‬‫ص َ‬ ‫صالةِّ َوا ْ‬ ‫قال تعالى ‪َ ” :‬وأْ ُم ْر أ َ ْهلَ َك بِّال َّ‬
‫طوا ‪. “( 3 / 200 ) .‬‬ ‫صبِّ ُروا َوصابِّ ُروا َورابِّ ُ‬ ‫قال تعالى ‪ ” :‬يا أَيُّ َها الَّذِّينَ آ َمنُوا ا ْ‬

‫‪ - 2‬صابر ‪ ،‬صبّار ‪.‬‬


‫اب “( ‪. ) 42 / 38‬‬ ‫قال تعالى ‪ِّ ”:‬إنَّا َو َج ْدناهُ صا ِّبرا ً ِّن ْع َم ْالعَ ْب ُد ِّإنَّهُ أ َ َّو ٌ‬
‫ش ُك ٍ‬
‫ور “( ‪. ) 5 / 14‬‬ ‫َّار َ‬
‫صب ٍ‬ ‫ت ِّل ُك ِّّل َ‬‫َّللا إِّ َّن فِّي ذ ِّل َك َآليا ٍ‬ ‫قال تعالى ‪َ ”:‬وذَ ِّ ّك ْر ُه ْم بِّأَي َِّّام َّ ِّ‬

‫عند ابن العربي ‪:‬‬


‫تفنن الصوفية قبل ابن العربي في استقراء “ الصبر “ ‪ ،‬وتعميم ماهيته‬

‫‪675‬‬
‫“ ‪“ 676‬‬

‫على جزئيات السلوك الصوفي ‪ .‬وتوغلوا في تجربة “ صبر “ خلقت ابعادا ودرجات ‪،‬‬
‫ظهرت في “ حروف الجر “ التي ربطت ذات “ الصابر “ بموضوع صبره ‪.‬‬
‫فكان ‪ :‬الصبر على ‪ -‬والصبر عن ‪ -‬والصبر في ‪. . 1‬‬
‫وضع ابن العربي “ الصبر “ في مجاله المناسب ‪ ،‬فجعله من أمهات اعمال الباطن‬
‫الخمس التي تجمع الخير كله ‪ .‬ويكفي “ الصبر “ شرفا انه من أشد االعمال على‬
‫النفس ‪ ،‬ألنه يحبسها عما تطلب ‪ . .‬أو يجبرها على مداومة فعل منه تتهرب ‪. .‬‬
‫أو يثبتها في مواجهة ما تكره ‪. .‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫“ فإن الصبر حبس النفس ‪ .‬وقد حبستها [ العبد ] ‪ ،‬بأمري [ بنص القرآن على‬
‫الصوم ] عما تعطيه حقيقتها من الطعام والشراب “ ‪ ( .‬ف ‪ ،‬السفر الرابع فق‬
‫‪. ) 176‬‬
‫َّللا ] الباطنة فهي‬
‫“ واما الخمسة [ االعمال التي يأخذ المريد بها نفسه في طريق ّ‬
‫الصدق ‪ ،‬والتوكل ‪ ،‬والصبر ‪ ،‬والعزيمة ‪ ،‬واليقين ‪ ،‬فهذه التسعة [ ‪ 4‬ظاهرة ‪ ،‬السهر‬
‫‪ ،‬الجوع ‪ ،‬العزلة ‪ ،‬الصمت ‪ 5 +‬باطنة ] أمهات الخير ‪ .‬تتضمن الخير كله ‪.‬‬
‫والطريقة مجموعة فيها ‪ .‬فالزمها حتى تجد الشيخ “ ‪ ( . . .‬ف ‪ ،‬السفر الرابع فق‬
‫‪. ) 344‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫“ ) ‪( 1‬الصبر “ كما ظهر في الكتابات السابقة على ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬اللمع ‪ .‬الطوسي ‪ .‬ص ص ‪: 77 - 76‬‬
‫“ وقد سئل الجنيد عن الصبر فقال ‪ :‬حمل المؤن ّّلل تعالى حتى تنقض أوقات‬
‫المكروه ‪.‬‬
‫َّللا ‪:‬‬
‫وقال إبراهيم الخواص رحمه ّ‬
‫هرب أكثر الخلق من حمل أثقال الصبر فالتجئوا إلى الطلب واألسباب ‪ ،‬واعتمدوا‬
‫عليها كأنها لهم أرباب ‪.‬‬
‫َّللا ‪ ،‬فقال له ‪ :‬اي صبر أشد على الصابرين‬ ‫ووقف رجل على الشبلي رحمه ّ‬
‫َّللا تعالى‬
‫فقال ‪ :‬الصبر في ّ‬
‫فقال ‪ :‬ال‬
‫فقال ‪ :‬الصبر ّّلل‬
‫فقال الرجل ‪ :‬ال‬
‫َّللا‬
‫فقال ‪ :‬الصبر مع ّ‬

‫‪676‬‬
‫“ ‪“ 677‬‬

‫فقال ‪ :‬ال‬
‫َّللا وقال ‪ :‬ويحك فأين ؟‬
‫قال ‪ :‬فغضب الشبلي رحمه ّ‬
‫َّللا صرخة كاد‬
‫َّللا عز وجل ‪ ،‬قال ‪ :‬فصرخ الشبلي رحمه ّ‬ ‫فقال الرجل ‪ :‬الصبر عن ّ‬
‫ان يتلف روحه ‪. . .‬‬
‫َّللا ‪ ،‬عن الصبر فقال ‪ :‬مالزمة الواجب في‬
‫‪. . .‬وهذا كما سئل القناد ‪ ،‬رحمه ّ‬
‫َّللا‬
‫اإلعراض عن المنهى عنه ‪ ،‬والمواظبة على المأمور به ‪ ،‬والصابر من يصبر في ّ‬
‫وّلل ‪ ،‬وال يجزع ‪ ،‬وال يتمكن منه الجزع ‪ ،‬ويتوقع منه الشكوى ‪.‬‬
‫‪ّ ،‬‬

‫َّللا ‪ -‬بهذه األبيات إذا سئل عن الصبر ‪.‬‬ ‫وكان يتمثل الشبلي ‪ -‬رحمه ّ‬
‫عبرات خططن في الخد سطرا *** قد قراها من ليس يحسن يقرا‬
‫ان صوت المحب من ألم الشوق *** وخوف الفراق يورث الضرا‬
‫صابر الصبر فاستغاث به الصبر *** فصاح المحب بالصبر ‪ :‬صبرا‬
‫” ‪ -‬الرسالة القشيرية ص ص ‪: 86 - 85‬‬
‫“ وانشد بعضهم ‪:‬‬
‫صبرت ولم اطلع هواك على صبري *** واختفيت ما بي منك موضع الصبر‬
‫مخافة ان يشكو ضميري صبابتي *** إلى دمعتي سرا فتجري وال أدري‬
‫” ‪ “ . . .‬وقيل المصابرة هي الصبر حتى يستغرق الصبر في الصبر فيعجز الصبر‬
‫عن الصبر “‬
‫‪-‬التعريفات ‪ .‬الجرجاني ص ص ‪: 137 - 136‬‬
‫َّللا تعالى اثنى على‬‫َّللا ألن ّ‬‫َّللا ال إلى ّ‬
‫“ الصبر هو ترك الشكوى من ألم البلوى لغير ّ‬
‫أيوب ‪ ( ،‬ع ) بالصبر بقوله إنا وجدناه صابرا ‪ ،‬مع دعائه في دفع الضر عنه ‪ ،‬بقوله‬
‫وأيوب إذ نادى ربه انّى مسنّى الضر وأنت ارحم الراحمين ‪ ،‬فعلمنا ان العبد إذا دعى‬
‫َّللا تعالى‬
‫َّللا تعالى في كشف الضر عنه ال يقدح في صبره ‪ ،‬ولئال يكون كالمقاومة مع ّ‬ ‫ّ‬
‫َّللا تعالى ولقد اخذناهم بالعذاب فما استكانوالر بهم وما‬ ‫ودعوى التحمل بمشاقة ‪ ،‬قال ّ‬
‫َّللا وال إلى غيره وانما يقدح‬ ‫يتضرعون ‪ ،‬فان الرضا بالقضاء ال يقدح فيه الشكوى إلى ّ‬
‫والضر هو المقضي به ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫بالرضا في المقضى ‪ ،‬ونحن ما خوطبنا بالرضا بالمقضي‬
‫َّللا عليه وسلم‬
‫وهو مقتضى عين العبد سواء رضي به أو لم يرضى ‪ .‬كما قال صلى ّ‬
‫يلومن اال نفسه ‪ ،‬وانما لزم الرضاء‬ ‫ّ‬ ‫َّللا ومن وجد غير ذلك فال‬
‫من وجد خيرا فليحمد ّ‬
‫بالقضاء ألن العبد ال بد ان يرضى بحكم سيده “‬
‫‪-‬بشر الحافي ‪:‬‬
‫“ الصبر الجميل ‪ ،‬هو الذي ال شكوى فيه للناس “ ( طبقات الصوفية ‪) 43 ،‬‬
‫‪-‬الحارث المحاسبي ‪:‬‬
‫“ لكل شيء جوهر ‪ ،‬وجوهر العقل الصبر “ ( طبقات الصوفية ‪) 59‬‬

‫‪677‬‬
‫“ ‪“ 678‬‬
‫‪-‬حاتم األصم ‪:‬‬
‫“ لكل قول صدق ‪ ،‬ولكل صدق فعل ‪ ،‬ولكل فعل صبر ‪ ،‬ولكل صبر حسبة ‪ ،‬ولكل‬
‫حسبة إرادة ‪ ،‬ولكل إرادة اثرة “ ( طبقات الصوفية ‪) 94‬‬
‫‪-‬يحيى بن معاذ الرازي ‪:‬‬
‫“ عند نزول البالء ‪ ،‬تظهر حقائق الصبر ‪ ،‬وعند مكاشفة المقدور ‪ ،‬تظهر حقائق‬
‫الرضا “ ( طبقات الصوفية ‪) 113‬‬
‫‪-‬رويم بن أحمد البغدادي ‪:‬‬
‫“ الصبر ترك الشكوى “ ( طبقات الصوفية ‪) 183‬‬

‫‪ - 390‬صاحب العهد‬
‫صاحب العهد هو صاحب الصورة ‪.‬‬
‫انظر “ صورة “ المعنى الثاني‬

‫صاحب المجهول‬ ‫‪ - 391‬ال ّ‬


‫َّللا ‪:‬‬
‫“ الصاحب المجهول “ هو ّ‬
‫َّللا هو مع الخلق أينما كانوا ‪.‬‬ ‫صاحب ‪ :‬من حيث إن ّ‬
‫قال تعالى ‪َ ” :‬و ُه َو َمعَ ُك ْم أَيْنَ ما ُك ْنت ُ ْم “[ ‪] 4 / 57‬‬
‫مجهول ‪ :‬من حيث إن الخلق في غيبة عن شهود هذه الصحبة ‪.‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫فاّلل مع الخلق ‪ ،‬هو الصاحب المجهول لغيبتهم عن شهود هذه الصحبة ‪ ( “ . . .‬ف‬ ‫“ ّ‬
‫‪) 268 / 4‬‬

‫‪ - 392‬صاحب الوقت‬
‫المترادفات ‪:‬‬
‫شخص الوقت ‪ - 1‬سيد الوقت ‪ - 2‬امام الوقت ‪ - 3‬القطب ‪ - 4‬الغوث ‪ -‬صاحب‬
‫َّللا عليه وسلم ‪7 .‬‬
‫الزمان ‪ - 5‬عين الزمان ‪ - 6‬نائب “ محمد “ صلى ّ‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الصاد والحاء والباء أصل واحد يدل على مقارنة شيء ومقاربته ‪.‬‬
‫من ذلك‬

‫‪678‬‬
‫“ ‪“ 679‬‬

‫صحب ‪ . . .‬وكل شيء الءم شيئا فقد استصحبه ‪ ( “ . . .‬معجم‬ ‫الصاحب والجمع ال ّ‬
‫مقاييس اللغة مادة “ صحب “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫‪ - 1‬الصاحب ‪ :‬الصديق ‪ ،‬القرين ‪. . .‬‬
‫َّللا َمعَنا “( ‪. ) 40 / 9‬‬ ‫قال تعالى ‪ِّ ”:‬إ ْذ يَقُو ُل ِّل ِّ‬
‫صاح ِّب ِّه ال ت َ ْحزَ ْن ِّإ َّن َّ َ‬
‫صاحبَةٌ َو َخلَقَ ُك َّل َ‬
‫ش ْيءٍ ‪“( 6 / 101 ) .‬‬ ‫ِّ‬ ‫ون لَهُ َولَ ٌد َولَ ْم ت َ ُك ْن لَهُ‬‫قال تعالى ‪ ”:‬أَنَّى يَ ُك ُ‬
‫‪ - 2‬صاحب مضافة إلى اسم تعني ‪ :‬أهل “ المضافة “ اليه ‪.‬‬
‫حاب ْال َجنَّ ِّة ‪“. ( 59 / 20 ) .‬‬‫ص ُ‬ ‫ار َوأ َ ْ‬ ‫حاب النَّ ِّ‬
‫ص ُ‬ ‫قال تعالى ‪ ”:‬ال يَ ْست َ ِّوي أ َ ْ‬

‫‪ - 3‬اما كلمة “ وقت “ فقد وردت معرفة في موضعين ‪ ،‬وبتطابق حرفي ‪ .‬وتفيد‬
‫اضافتها إلى “ المعلوم “ اإلشارة إلى يوم القيامة ‪.‬‬
‫وم “ *‪.)38 / 18 ، 38 / 15 ( 8‬‬ ‫ت ْال َم ْعلُ ِّ‬
‫ظ ِّرينَ ِّإلى يَ ْو ِّم ْال َو ْق ِّ‬
‫قال” َ فَإِّنَّ َك ِّمنَ ْال ُم ْن َ‬
‫عند ابن العربي ‪:‬‬
‫ان عبارة “ صاحب الوقت “ مؤلفة من لفظين يكمن كل غناها في اللفظة الثانية “ وقت‬
‫“ ‪ ،‬ولذلك نتوقف عندها في محاولة تحديد ‪.‬‬

‫الوقت ‪ :‬هو الحال الحاكم ‪ .‬هاتان الكلمتان تلخصان كل ما قيل في الوقت وتحصران‬
‫كل ما تفنن المتصوفة في تعداده وتوسيعه ‪.‬‬
‫ويشرح ابن العربي ما ذهبنا اليه قائال ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬ان حقيقة الوقت ‪ :‬ما أنت به وعليه في زمان الحال ‪ ،‬وهو امر وجودي بين‬
‫عدمين [ الماضي ‪ -‬اآلتي ] وقيل الوقت ما يصادفهم من تصريف الحق لهم دون ما‬
‫يختارون ألنفسهم ‪، 9‬‬
‫وقيل الوقت ‪ :‬مبرد يسحقك وال يمحقك ‪ ، 10‬وقيل الوقت ‪ :‬كل ما حكم عليك ومدار‬
‫الكل على أنه الحاكم ‪ . . .‬ولما كانت أذواق القوم في الوقت ‪ 11‬تختلف ‪ ،‬لذلك اختلفت‬
‫عباراتهم عنه والوقت حقيقة كل ما عبروا به عنه ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 539 - 538 / 2‬‬

‫ولنرجع إلى عبارة “ صاحب الوقت “ حيث نلخص موقف ابن العربي بالنقاط التالية ‪:‬‬
‫****‬
‫يرى ابن العربي “ صاحب الوقت “ شخصا مفردا متعينا في المكان والزمان ‪ -‬وهو‬
‫بهذا المعنى يتحد “ بالقطب “ من حيث إن هذا األخير ‪ ،‬واحد في وقته‪-‬‬

‫‪679‬‬
‫“ ‪“ 680‬‬

‫وله التحكم في العالم بشرع زمانه ‪.‬‬


‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫) ‪” ( 1‬لكل زمان واحد هو عينه واني ‪ * 12‬ذاك الشخص في العصر أوحد “( ‪) 2‬‬
‫“ ومنهم [ خصوص الخصوص ] من جمعت له الحاالت وأقيم مقام الشفاعة فهو ‪ :‬سيد‬
‫َّللا في ارضه ‪ ، 13‬ونايب سيد المرسلين في أمته ‪14‬‬ ‫القوم وصاحب الوقت وخليفة ّ‬
‫ووارث االصطفا واالجتبا والخصوصية االدمية ‪ . . . “ ( 15‬األجوبة الاليقة عن‬
‫األسئلة الفائقة ص ‪ 9‬أ ) ‪.‬‬
‫“ فالرجل الذي رأى الحق حقا فاتبعه وحكم الهوى وقمعه ‪ . . .‬فذلك سيد الوقت فاقتد‬
‫َّللا صورة جسدية بعيدة المدى ال يبلغ مداها وال‬
‫به ‪ ،‬وذلك صورة الحق ‪ 16‬أنشأها ّ‬
‫يخفى طريق هداها “ ( ف ‪. ) 455 - 454 / 2‬‬

‫“ فإذا اعطى [ االنسان ] التحكم في العالم فهي الخالفة ‪ ،‬فان شاء تحكم وظهر ‪. . .‬‬
‫وان شاء سلم وترك التصرف لربه في عباده ‪ ،‬مع التمكن من ذلك ‪ . . .‬فتلحق األولياء‬
‫األنبياء بالخالفة خاصة ‪ ،‬وال يلحقونهم في الرسالة والنبوة فان بابهما مسدود ‪،‬‬
‫فللرسول الحكم فان استخلف فله التحكم ‪ ،‬فإن كان رسوال فتحكمه بما شرع ‪ ،‬وان لم‬
‫َّللا بحكم وقته ‪ :‬الذي هو شرع زمانه ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 2‬‬‫يكن رسوال فتحكمه عن امر ّ‬
‫‪. ) 308‬‬

‫وهكذا نرى ان ابن العربي لم يغلق أبواب السماء نهائيا في وجه األرض وسكانها‬
‫بانقطاع النبوة ‪.‬‬
‫َّللا عليه وسلم ‪،‬‬
‫بل استبدل بها القطبية والخالفة ‪ .‬فالقطب هو نائب “ محمد “ صلى ّ‬
‫َّللا عليه‬
‫وان لم يرتفع إلى أفق نبوته ورسالته ‪ ،‬اال ان له التحكم بشريعة محمد صلى ّ‬
‫وسلم من خالل زمانه ‪.‬‬
‫وهذه نقطة مهمة ذات فعالية ايجابية بعيدة المدى من حيث إنها تعطي الدين نبضا حيا ‪،‬‬
‫بتفاعله مع زمانه ‪ ،‬وبذلك يتفادى ابن العربي جمود الشرائع وموتها في قوالب القوانين‬
‫الثابتة ‪ .‬فإذا كانت النبوة قمة التفاعل الحي بين الحق والخلق ‪ ،‬فالنيابة عنها هو تفاعل‬
‫حي بشكل آخر محدود ‪ ،‬ولكنه حي ‪.‬‬
‫****‬
‫ان “ صاحب الوقت “ بالمعنى األول انحصر “ بقطب “ الزمان الواحد الذي أعطي‬
‫التصرف في العالم ‪ .‬وهو الخليفة ‪.‬‬
‫ولكن الخالفة بانقسامها قسمين ‪ :‬خالفة ظاهرة وخالفة باطنة ‪.‬‬
‫تشطر مفهوم “ صاحب الوقت “ شطرين‪:‬‬

‫‪680‬‬
‫“ ‪“ 681‬‬

‫‪ - 1‬صاحب الوقت في الباطن ‪:‬‬


‫هو القطب المشار اليه في الفقرة السابقة ‪ ،‬وقد يكون كذلك هو صاحب الوقت في‬
‫الظاهر ‪ ،‬فيجمع بين الخالفتين الظاهرة والباطنة ( صاحب الوقت ‪ :‬مقام والية ) ‪.‬‬
‫‪ - 2‬صاحب الوقت في الظاهر ‪:‬‬
‫وهو الخليفة الذي له التحكم في الظاهر ‪ ( 17‬صاحب الوقت ‪ :‬منصب سياسي ) ‪.‬‬

‫وبعد ان تقررت الخالفة الظاهرة لن نستغرب اطالق ابن العربي عبارة “ صاحب‬
‫الوقت “ بما تحمله من ابعاد القطبية على اشخاص أمثال “ فرعون “ يقول ابن‬
‫العربي ‪:‬‬
‫“ ولما كان فرعون في منصب التحكم صاحب الوقت ‪ ،‬وانه الخليفة بالسيف ‪.‬‬
‫وان جار في العرف الناموسي ‪،‬‬
‫لذلك قال فرعون ‪ ” :‬أَنَا َربُّ ُك ُم ْاألَعْلى “ ] ‪[ 79 / 24‬‬
‫اي وان كان الكل أربابا بنسبة ما ‪ ، 18‬فانا االعلى منهم بما أعطيته في الظاهر من‬
‫التحكم فيكم “ ( فصوص ‪. ) 210 / 1‬‬
‫****‬
‫لقد درجنا في بحثنا على تتبع الشيخ األكبر في تنقله بالمصطلح ‪:‬‬
‫من اسم شخص مفرد متميز ‪ ،‬إلى اسم يطلق على كل من تجلت فيه صفة خاصة ‪.‬‬
‫وكالعادة هنا نراه بعد ان حدد صاحب الوقت “ بشخص القطب “ يعود ليطلقه على‬
‫“ صفة ‪“ .‬‬
‫فالوقت ‪ :‬صفة الحكم ‪.‬‬
‫وصاحب الوقت ‪ -‬صاحب الحكم ‪ -‬الحاكم ‪.‬‬
‫فكل ما حكم على االنسان فهو ‪ :‬صاحب الوقت ‪.‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫“ ‪ . . .‬كما أنه ال تكون غيبة اال بحضور ‪ ،‬فغيبتك من تحضر معه لقوة سلطان‬
‫المشاهدة ‪ .‬كما أن سلطان البقاء يفنيك ألنه صاحب الوقت والحكم “ ‪ ( . . .‬ف ‪/ 2‬‬
‫‪. ) 544‬‬
‫“ ‪ . . .‬فالوقت على الحقيقة ‪ :‬ما أنت به ‪ ،‬وما أنت به هو عين استعدادك فال يظهر‬
‫فيك من شؤون الحق ‪ ،‬التي هو عليها اال ما يطلبه استعدادك ‪ ،‬فالشأن محكوم عليه‬
‫باألصالة ‪ ،‬فان حكم استعداد الممكن باالمكان ‪ ،‬أدى إلى أن يكون شأن الحق فيه‬
‫االيجاد ‪ . . .‬فأصل الوقت من الكون ال من الحق ‪. . .‬‬
‫فصاحب الوقت ‪ 19‬هو الكون ‪ ،‬فالحكم حكم الكون “ ‪ ( .‬ف ‪.) 539 / 2‬‬

‫‪681‬‬
‫“ ‪“ 682‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫“ ) ‪( 1‬سأل بعض العارفين عارفا آخر ‪ . . .‬من شخص الوقت “ ( منزل القطب ص‬
‫‪.)5‬‬
‫) ‪( 2‬انظر الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪ ( 286‬عبد القادر جيالني ‪ -‬سيد وقته ) ‪.‬‬
‫) ‪( 3‬ورد المصطلح في الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪. 297‬‬
‫) ‪( 4‬راجع “ قطب “‬
‫) ‪( 5‬ورد المصطلح في ترجمان األشواق ص ‪ ( 138‬االمام الظاهر ‪ -‬صاحب‬
‫الزمان في عالم الشهادة ) وفي الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪. 519‬‬
‫) ‪( 6‬انظر الديوان ص ‪( 7 ) . 44‬انظر “ نواب محمد ‪“ .‬‬
‫َّللا ‪ .‬أو انقراض الناس كلهم‬ ‫) ‪ . . . ( “ ( 8‬الوقت المعلوم ) المسمى فيه اجلك عند ّ‬
‫وهو النفخة األولى عند الجمهور ‪ ،‬ويجوز ان يكون المراد باأليام الثالثة [ يوم الدين ‪،‬‬
‫يوم يبعثون ( اآليات المتقدمة ‪ ) -‬الوقت المعلوم ] يوم القيامة ‪ ،‬واختالف العبارات‬
‫الختالف االعتبارات ‪“ .‬‬
‫(أنوار التنزيل ج ‪ 1‬ص ‪. ) 269‬‬
‫) ‪( 9‬هذه الجملة للقشيري يشرح بها كالم المتصوفة في الوقت ‪ .‬راجع الرسالة‬
‫القشيرية ص ‪. 31‬‬
‫) ‪( 10‬القول ألبي على الدقاق ‪ -‬انظر الرسالة القشيرية ص ‪. 31‬‬
‫) ‪( 11‬يراجع بخصوص أقوال القوم في “ الوقت ‪“ :‬‬
‫‪-‬الرسالة القشيرية ص ص ‪. 32 - 31‬‬
‫‪-‬طبقات الصوفية ‪ .‬السلمي ‪ .‬فهرس االصطالحات مادة “ وقت “‬
‫‪-‬طبقات األولياء ابن الملقن فهرس االصطالحات مادة “ وقت ‪“ .‬‬
‫‪-‬اللمع ‪ .‬السراج ص ص ‪ ( 442 - 441‬وقتي مسرمد ) ‪.‬‬
‫‪-‬مواقف النفري ص ‪ ، 6‬الموقف الخامس ‪ “ :‬موقف قد جاء وقتي ‪“ .‬‬
‫كما يراجع كتاب األب نويا‪Exegese coranique‬حيث يوضح ص ‪4 - 2‬‬
‫غموض مفهوم النفري للوقت ‪.‬‬
‫) ‪( 12‬واني ‪ ،‬المقصود بها المتكلم ‪ :‬ابن العربي ‪.‬‬
‫) ‪( 13‬راجع “ خليفة “ ) ‪( 14‬راجع “ نواب محمد ‪“ .‬‬
‫) ‪( 15‬انظر “ آدم “‬
‫) ‪( 16‬راجع “ صورة “ ) ‪( 17‬راجع “ خليفة “‬
‫) ‪( 18‬راجع “ رب “‬
‫) ‪( 19‬يراجع بخصوص “ صاحب الوقت “ عند ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪ ( ، 486 ، 133‬نور الوقت ) ص ‪ ( 520 - 519‬التحكم ) ‪،‬‬
‫ص ‪540 - 538‬‬
‫‪-‬فصوص الحكم ج ‪ 2‬ص ‪290 ، 239 ، 21‬‬

‫‪682‬‬
‫“ ‪“ 683‬‬

‫‪-‬االصطالحات ص ‪285‬‬
‫‪-‬االرشاد ق ‪. 147‬‬
‫‪-‬خلوة المرتاض ق ‪ 70‬ب ‪.‬‬

‫صورة‬
‫‪ - 393‬صاحب ال ّ‬
‫انظر “ صورة “ المعنى الثاني ‪.‬‬

‫‪ - 394‬المصحف الكبير‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الصاد والحاء والفاء أصل صحيح يدل على انبساط في شيء وسعة ‪ . . .‬ومن‬
‫صحف أيضا ‪ ،‬كأنه‬ ‫صحيفة ‪ ،‬وهي التي يكتب فيها ‪ ،‬والجمع صحائف ‪ ،‬وال ّ‬ ‫الباب ‪ :‬ال ّ‬
‫جمع صحيف “ ‪ ( .‬معجم مقاييس اللغة مادة “ صحف “ ) ‪.‬‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫ورد األصل “ صحف “ بصيغة الجمع بمعنى الكتب ‪.‬‬
‫يم َو ُموسى “[ ‪.] 19 / 87‬‬ ‫ف ِّإبْرا ِّه َ‬ ‫ص ُح ِّ‬ ‫قال تعالى ‪ُ ”:‬‬
‫ف ‪ْ 1‬األُولى “ [ ‪. ] 133 / 20‬‬ ‫قال تعالى ‪ ”:‬أ َ َولَ ْم تَأْتِّ ِّه ْم بَ ِّيّنَةُ ما فِّي ال ُّ‬
‫ص ُح ِّ‬
‫عند ابن العربي ‪:‬‬

‫يقول الشيخ األكبر ‪:‬‬


‫“ العالم ‪ . . .‬هو عندنا المصحف الكبير الذي تاله الحق علينا تالوة حال ‪ ( “ . . .‬ف‬
‫‪. ) 101 / 1‬‬
‫يستعمل ابن العربي عبارتي ‪ :‬القرآن الكبير والقرآن ( دون صفة ) ‪ ،‬لإلشارة إلى‬
‫المثلية بين العالم الكبير ونسخته ‪ :‬االنسان ( العالم الصغير ) ‪ ،‬وهنا يرادف بين‬
‫المصحف الكبير والقرآن الكبير ‪ .‬انظر “ القرآن الكبير ‪“ .‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪ “( 1‬من التوراة واإلنجيل وسائر الكتب السماوية “ ( البيضاوي أنوار التنزيل ج ‪2‬‬
‫ص ‪. ) 30‬‬

‫‪683‬‬
‫“ ‪“ 684‬‬
‫صحو‬‫‪ - 395‬ال ّ‬
‫انظر “ وارد “‬

‫صدق‬ ‫‪ – 396‬ال ّ‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الصاد والدال والقاف أصل يدل على قوة في الشيء قوال وغيره ‪.‬‬
‫قوة له ‪ ،‬هو‬ ‫صدق ‪ :‬خالف الكذب ‪ ،‬سمي لقوته في نفسه ‪ ،‬والن الكذب ال ّ‬ ‫من ذلك ال ّ‬
‫باطل ‪.‬‬
‫صدق ‪.‬‬ ‫صدّيق ‪ :‬المالزم لل ّ‬ ‫وأصل هذا في قولهم شيء صدق ‪ ،‬اي صلب ‪ . .‬وال ّ‬
‫صداق ‪ :‬صداق المرأة ‪ ،‬سمي بذلك لقوته وانه حق يلزم ‪. . .‬‬ ‫وال ّ‬
‫صدق في المودة ‪ . . .‬ويقال صديق للواحد ولالثنين وللجماعة ‪،‬‬ ‫صداقة مشتقة من ال ّ‬ ‫وال ّ‬
‫وللمرأة ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة مادة “ صدق “ ) ‪.‬‬
‫صديق‬ ‫“ ‪ . . .‬وأقل الصدق استواء السر والعالنية ‪ ،‬والصادق من صدق في قوله ‪ ،‬وال ّ‬
‫من صدق في جميع أقواله وافعاله وأحواله “ ( القشيري ‪ .‬الرسالة ص ‪) 97‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫ورد األصل “ صدق “ في القرآن على عدة وجوه ‪:‬‬
‫َّللا َحدِّيثا ً ) ‪“( 4 / 87‬‬ ‫ص َد ُق ِّمنَ َّ ِّ‬ ‫‪ - 1‬خالف الكذب قال تعالى ‪َ ” :‬و َم ْن أ َ ْ‬
‫علَ ْي ِّه ْم‬ ‫ط ِّ ّه ُر ُه ْم َوتُزَ ِّ ّكي ِّه ْم ِّبها َو َ‬
‫ص ِّّل َ‬ ‫‪ – 2‬الصدقة قال تعالى ‪ُ ”:‬خ ْذ ِّم ْن أ َ ْموا ِّل ِّه ْم َ‬
‫ص َدقَةً ت ُ َ‬
‫“( ‪) 9 / 103‬‬
‫ص ّدِّيقا ً نَ ِّبيًّا“ ( ‪19 /‬‬ ‫يم ِّإنَّهُ كانَ ِّ‬ ‫ب ِّإبْرا ِّه َ‬ ‫صدّيق ‪ :‬قال تعالى ‪َ ”:‬وا ْذ ُك ْر ِّفي ْال ِّكتا ِّ‬ ‫‪ّ -3‬‬
‫‪. )41‬‬
‫صدُقاتِّ ِّه َّن نِّ ْحلَةً) ‪“( 4 / 4‬‬ ‫‪ - 4‬صداق المرأة ‪ :‬قال تعالى ‪َ ” :‬وآتُوا ال ِّنّسا َء َ‬

‫‪684‬‬
‫“ ‪“ 685‬‬

‫عند ابن العربي ‪:‬‬


‫*تصدر “ الصدق “ في أهميته واسبقيته أمهات االعمال والمواجيد ‪ ،‬في السلوك‬
‫االسالمي عامة والصوفي خاصة ‪ .‬فال يكاد نجد صوفيا لم يضعه في اطاره المناسب‬
‫‪1‬‬
‫ويكفي للداللة على مكانته ان الحكيم الترمذي في كتابه المشهور “ ختم األولياء “ حلل‬
‫التجربة الصوفية أو الذوق الصوفي بحسب معيارين ‪ :‬معيار “ الصدق “ ومعيار‬
‫“ المنة “ ‪ : 2‬فالحياة الروحية أو النشاط الروحي عنده يتحقق ويظهر في مجالين ‪:‬‬
‫مجال “ الصدق “ اي المجهود االنساني البحت ‪ .‬ومجال “ المنة “ اي العطاء اإللهي‬
‫الفائق ونعمته السامية ‪. 3‬‬
‫وقد سبق حكيم ترمذ شيخنا األكبر إلى جعل “ الصدق “ بابا “ للصديقية “ ‪ ،‬فالصادق‬
‫يتحول إلى “ صدّيق “ ‪ ،‬و “ الصديقية “ ‪ :‬مقام ‪. 4‬‬
‫“ فالصدق “ وصل إلى القرن السادس الهجري متربعا على عرش الوجدان الصوفي ‪.‬‬
‫فلم يحاول ابن العربي طمس أهميته بحجة بداهته في سلوك الطائفة بل قدمه على كل‬
‫االعمال الباطنة للمريد ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ واما الخمسة [ االعمال ] الباطنة [ التي تتوجب على المريد قبل وجود الشيخ ] ‪:‬‬
‫فهي الصدق ‪ ،‬والتوكل ‪ ،‬والصبر ‪ ،‬والعزيمة واليقين ‪ ،‬فهذه التسعة [ ‪ 4‬ظاهرة‬
‫( الجوع ‪ -‬السهر ‪ -‬الصمت ‪ -‬العزلة ) ‪ 5 +‬باطنة ] أمهات الخير‪.‬‬
‫تتضمن الخير كله ‪ .‬والطريقة مجموعة فيها ‪ .‬فالزمها حتى تجد الشيخ ‪“ .‬‬
‫( ف ‪ -‬السفر الرابع فق ‪) 344‬‬
‫ويكفي “ الصدق “ شرف مكانة انه الطريق إلى “ الصديقية “ التي عرفها ابن العربي‬
‫بقوله ‪:‬‬
‫“ نور اخضر بين نورين ‪ ،‬يحصل بذلك النور شهود عين ما جاء به المخبر من خلف‬
‫حجاب الغيب بنور الكرم “ ( ف ‪. ) 92 / 2‬‬
‫فالصدق أوصل االنسان إلى ‪ :‬شهود عين ما جاء به المخبر ‪ ،‬اي شهود عين الخبر‬
‫الصادق ‪.‬‬
‫وإذا حاولنا تطبيق ذلك على الصحابي الجليل أبو بكر ‪.‬‬
‫وتحرينا سبب نعت الرسول له “ بالصديق “ لرأينا في ظل ما ورد عند ابن العربي‬
‫أعاله ‪ ،‬ان‬

‫‪685‬‬
‫“ ‪“ 686‬‬

‫َّللا خبرا أو قصة أو اي شيء قال ‪ :‬صدقت يا رسول‬ ‫“ الصديق “ كلما روى رسول ّ‬
‫َّللا ‪ .‬ولصدقه في تصديقه شهد عين ما جاء به المخبر ‪ .‬فكان “ الصديق ‪“ .‬‬ ‫ّ‬
‫****‬
‫يجدر التنبيه إلى مفهوم متفرع عن “ الصدق “ وتابع له ‪ :‬االخالص “ فاالخالص‬
‫“ على أهميته التي عرفها في التصوف قبل ابن العربي ‪ ، 5‬ظل فرعا ‪.‬‬
‫وهو ال يوجود اال بعد وجود “ العمل “ أو “ الفعل “ ‪ ،‬فاالخالص عند ابن العربي هو‬
‫أشبه “ بالنية “ لذلك ارتباطه بالعمل ‪. 6‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ وهو ( اي االخالص ) من االستخالص ‪ .‬فإن االنسان قد يخلص نيته للشيطان ‪-‬‬
‫ويسمى مخلصا ‪ -‬فال يكون في عمله ّّلل شيء ‪ ،‬وقد يخلص للشركة ‪ ( -‬للشريك مع‬
‫صينَ لَهُ ال ّدِّينَ ) *ال لغيره ‪ ،‬وال لحكم‬
‫َّللا ) ‪ .‬وقد يخلص ّّلل فلهذا قال تعالى ‪ُ ( :‬م ْخ ِّل ِّ‬
‫ّ‬
‫َّللا ) “ ( ف سفر ‪ 3‬فق ‪ 269‬ب ) ‪.‬‬ ‫الشركة ( ‪ -‬الشريك مع ّ‬

‫َّللا قد قال لهم [ وما‬


‫“ فارتقت همتهم [ هذه الطائفة ] إلى االشتغال بالنيات ‪ ،‬إذ كان ّ‬
‫َّللا مخلصين له ] ‪ .‬واالخالص ( هو ) النية ‪.‬‬
‫أمروا اال ليعبدوا ّ‬
‫ولهذا قيدها بقوله ‪ “ :‬له “ ‪ ،‬ولم يقل “ مخلصين “ ‪ ( “ . . .‬ف سفر ‪ 3‬فق ‪. ) 268‬‬
‫“ ‪ . . .‬واالخالص عين النية “ ( ف سفر ‪ - 5‬فق ‪. ) 532‬‬

‫“ من وافق تأمينه تأمين المالئكة “ ‪ ،‬في الغيب المتحقق ‪ ،‬الذي يسمونه العامة من‬
‫الفقهاء “ االخالص “ ‪ ،‬وتسميه الصوفية “ الحضور “ ‪ ،‬ويسميه المحققون “ الهمة‬
‫“ ونسميه انا وأمثالنا ‪ “ :‬العناية “ ‪ ( “ . . .‬ف السفر ‪ - 1‬فق ‪) . 494‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬ننقل بعض أقوال الصوفية في الصدق من الرسالة القشيرية ص ‪: 97‬‬
‫“ ‪ . . .‬الجنيد يقول ‪ :‬الصادق ينقلب في اليوم أربعين مرة والمرائي يثبت على حالة‬
‫واحدة أربعين سنة ‪،‬‬
‫وقال أبو سليمان الداراني ‪ :‬لو أراد الصادق ان يصف ما في قلبه ما نطق به‬
‫لسانه ‪. . .‬‬
‫َّللا يقول ‪ :‬ال يشم رائحة الصدق عبد داهن نفسه أو غيره ‪. . .‬‬ ‫سهل بن عبد ّ‬
‫وقال الواسطي ‪ :‬الصدق صحة التوحيد مع القصد ‪. . .‬‬
‫الجنيد يقول ‪ :‬حقيقة الصدق ان تصدق في مواطن ال ينجيك منها اال الكذب ‪. . .‬‬
‫َّللا ما وضع على شيء اال قطعه ‪.‬‬ ‫وقال دون النون ‪ :‬الصدق سيف ّ‬
‫َّللا ‪ :‬أول خيانة الصديقين حديثهم مع أنفسهم ‪. . .‬‬ ‫وقال سهل بن عبد ّ‬
‫األستاذ ابا على الدقاق يقول ‪ :‬الصدق أن تكون كما يرى من نفسك أو ترى من نفسك‬
‫كما تكون ‪.‬‬

‫‪686‬‬
‫“ ‪“ 687‬‬
‫وسئل الحارث المحاسبي عن عالمة الصدق فقال ‪ :‬الصدق هو الذي ال يبالي لو خرج‬
‫على قدر له في قلوب الخلق من اجل صالح قلبه وال يحب اطالع الناس على مشاقيل‬
‫الذر من حسن عمله ‪ ،‬وال يكره ان يطلع الناس على السيء من عمله ‪ ،‬فان كراهته‬
‫لذلك دليل على أنه يحب الزيادة عندهم وليس هذا من اخالق الصديقين “ ‪( . . .‬‬
‫الرسالة القشيرية ص ‪. ) 97‬‬

‫ونورد هنا نصا للمحاسبي تبين فعل “ الصدق “ في القلب ‪:‬‬


‫َّللا عز وجل ‪ .‬فإذا وقر في القلب ‪ ،‬انصدع لذلك نور وكان له‬ ‫“ ان الصدق موهبة من ّ‬
‫هياج في القلب واخذ في الرأس وانتشر في سائر الجسد ‪ .‬فتأخذ كل جارحة منه‬
‫بقسطها من الصدق على قدر الكثرة والقلة من هيجان الصدق ‪ ،‬وعلى قدر ما وافق من‬
‫ذلك رقة القلب وصحة العقل ‪ .‬فربما هاج الصدق في القلب فولّهه ‪ . . .‬وربما أبكاه‬
‫واحزنه ‪ . . .‬وربما شهق ‪.‬‬
‫وربما زال عنه العقل ‪ ،‬ساعة ويوما ويومين ‪ . . .‬وربما توحش من الخلق إلى انس‬
‫َّللا ورقة ‪ 24 - 1 - 23‬ب ( )نقال عن ختم‬ ‫الوحدة ‪ ( “ . . .‬القصد والرجوع إلى ّ‬
‫الوالية ص ‪. ) 453‬‬

‫ومن أقوالهم في “ الصدق ‪“ :‬‬


‫‪-‬سمعت ذا النون يقول ‪ “ :‬لم ار شيئا ابعث لطلب االخالص من الوحدة ‪ ،‬ألنه إذا خال‬
‫َّللا ‪ .‬ومن أحب الخلوة فقد‬
‫َّللا تعالى ‪ ،‬فإذا لم ير غيره لم يحركه اال حكم ّ‬
‫‪ ،‬لم ير غير ّ‬
‫تعلق بعمود االخالص ‪ ،‬واستمسك بركن كبير من أركان الصدق ‪ ( “ . . .‬السلمي ‪.‬‬
‫طبقات الصوفية ‪. ) 21 - 20‬‬
‫‪-‬أبو سليمان الداراني‬
‫َّللا تعالى “ ( طبقات الصوفية السلمي‬
‫“ لكل شيء صدق ‪ ،‬وصدق اليقين الخوف من ّ‬
‫‪. ) 82‬‬
‫‪-‬حاتم األصم‬
‫“ لكل قول صدق ‪ ،‬ولكل صدق فعل ‪ ،‬ولكل فعل صبر ‪ ،‬ولكل صبر حسبة ولكل‬
‫حسبة إرادة ‪ ،‬ولكل إرادة إثرة “ ( طبقات الصوفية السلمي ‪. ) 96‬‬
‫“ الشهوة ثالثة ‪ :‬شهوة في االكل ‪ ،‬وشهوة في الكالم ‪ ،‬وشهوة في النظر ‪ .‬فاحفظ‬
‫االكل بالثقة ‪ ،‬واللسان بالصدق والنظر بالعبرة “ ( طبقات الصوفية السلمي ‪. ) 96‬‬
‫َّللا بن خبيق‬
‫‪-‬عبد ّ‬
‫“ ال يستغني حال من األحوال عن الصدق ‪ ،‬والصدق مستغنى عن األحوال كلها ‪ .‬ولو‬
‫َّللا ‪ ،‬حقيقة الصدق ‪ ،‬ألطلع على خزائن الغيب ‪ ،‬ولكان‬
‫صدق العبد فيما بينه وبين ّ‬
‫أمينا في السماوات واألرض “ ( طبقات الصوفية ‪ ،‬السلمي ص ‪. ) 144‬‬
‫‪-‬عمرو بن عثمان المكي‬
‫“ ومعنى الصدق االعتدال والعدل “ ( الطبقات الصوفية السلمي ‪.) 203‬‬

‫‪687‬‬
‫“ ‪“ 688‬‬
‫‪-‬أبو يعقوب النهر جوري‬
‫“ الصدق موافقة الحق في السر والعالنية “ ( طبقات الصوفية ‪. ) 378‬‬
‫) ‪( 2‬انظر ‪ :‬ختم الوالية ص ‪98‬‬
‫) ‪( 3‬المرجع السابق ص ‪105‬‬
‫) ‪( 4‬المرجع السابق ص ‪330‬‬
‫) ‪( 5‬ننقل أقوال الصوفية في االخالص من الرسالة القشيرية ( ص ص ‪) 96 - 95‬‬
‫حيث نالحظ وضعهم “ االخالص “ في مقابل “ الرياء ‪“ :‬‬
‫“ ( قال األستاذ [ القشيري ] ) واالخالص افراد الحق سبحانه في الطاعة بالقصد ‪،‬‬
‫َّللا سبحانه دون شيء آخر ‪ ،‬من تصنع مخلوق أو‬ ‫وهو ان يريد بطاعته التقرب إلى ّ‬
‫اكتساب محمدة عند الناس أو محبة مدح من الخلق أو معنى من المعاني سوى التقرب‬
‫َّللا تعالى ‪ . . .‬قال ذو النون المصري ‪ :‬االخالص ال يتم اال بالصدق فيه‬ ‫به إلى ّ‬
‫والصبر عليه ‪ . . .‬والصدق ال يتم اال باالخالص فيه والمداومة عليه ‪ .‬وقال أبو‬
‫يعقوب السوسي ‪ :‬متى شهدوا في اخالصهم االخالص احتاج اخالصهم إلى‬
‫اخالص ‪. . .‬‬
‫سمعت ابا عثمان المغربي يقول ‪:‬‬
‫االخالص من ما ال يكون للنفس فيه حظ بحال وهذا اخالص العوام ‪ ،‬واما اخالص‬
‫الخواص فهو ما يجري عليهم ال بهم فتبدو منهم الطاعات وهم عنها بمعزل ‪ ،‬وال يقع‬
‫عليهم رؤية وال بها اعتداد فذلك اخالص الخواص ‪.‬‬
‫َّللا‬
‫وقال أبو بكر الدقاق ‪ :‬نقصان كل مخلص في اخالصه رؤية اخالصه ‪ ،‬فإذا أراد ّ‬
‫تعالى ان يخلص اخالصه سقط عن إخالصه رؤيته الخالصه فيكون مخلّصا ال‬
‫مخلصا‪. . .‬‬
‫قال أبو سعيد الخراز ‪ :‬رياء العارفين أفضل من اخالص المريدين ‪. . .‬‬
‫وقال أبو عثمان ‪ :‬االخالص نسيان رؤية الخلق بدوام النظر إلى الخالق ‪. . .‬‬
‫الفضيل يقول ‪ :‬ترك العمل من اجل الناس رياء والعمل من اجل الناس شرك‬
‫َّللا منهما ‪.‬‬
‫واالخالص ان يعافيك ّ‬
‫َّللا وبين العبد ال يعلم ملك فيكتبه وال شيطان فيفسده ‪.‬‬ ‫وقال الجنيد ‪ :‬االخالص سر بين ّ‬
‫وال هوى فيميله ‪. . .‬‬
‫َّللا ‪ :‬أي شيء أشد على النفس ؟‬ ‫وقيل لسهل بن عبد ّ‬
‫فقال ‪ :‬االخالص ألنه ليس لها في نصيب‪. . .‬‬
‫يوسف بن الحسين يقول ‪ :‬أعز شيء في الدنيا االخالص وكم اجتهد في اسقاط الرياء‬
‫عن قلبي فكأنه ينبت عن لون آخر ‪“ .‬‬
‫) ‪( 6‬يقول الجرجاني ‪:‬‬
‫“ االخالص ‪ :‬في اللغة ترك الرياء في الطاعات ‪ ،‬وفي االصطالح تخليص القلب عن‬
‫شائبة الشوب المكدر لصفائه وتحقيقه ان كل شيء يتصور ان يشوبه غيره ‪ ،‬فإذا صفا‬
‫عن شوبه وخلص عنه يسمى خالصا ‪ . . .‬والفرق بين االخالص والصدق ‪ :‬الصدق‬
‫أصل وهو األول ‪ .‬واالخالص فرع وهو تابع ‪ .‬وفرق آخر ‪ :‬االخالص ال يكون اال‬
‫بعد الدخول في العمل ‪( “ .‬التعريفات مادة “ اخالص"‪.‬‬

‫‪688‬‬
‫“ ‪“ 689‬‬
‫الخاص‬
‫ّ‬ ‫صراط‬
‫‪ - 397‬ال ّ‬
‫َّللا عليه وسلم‬
‫مترادف ‪ “ :‬صراط محمد “ صلى ّ‬
‫انظر “ الصراط المستقيم “ المعنى الثاني‬

‫ب‬‫الر ّ‬
‫‪ - 398‬صراط ّ‬
‫انظر “ الصراط المستقيم “ المعنى الثاني‬

‫للا‬
‫‪ - 399‬صراط ّ‬
‫انظر “ الصراط المستقيم “ المعنى الثاني‬

‫‪ - 400‬صراط العزيز‬
‫انظر “ الصراط المستقيم “ المعنى الثاني‬

‫صراط المستقيم‬
‫‪ - 401‬ال ّ‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الصاد والراء والطاء وهو من باب االبدال ‪ . . . 1‬وهو الطريق “ ( معجم مقاييس‬
‫اللغة مادة “ صراط “ ) ‪.‬‬
‫“ القاف والواو والميم أصالن صحيحان ‪ ،‬يدل أحدهما على جماعة ناس ‪ ،‬وربما‬
‫استعير في غيرهم ‪ ،‬واآلخر على انتصاب وعزم ‪.‬‬
‫فاألول ‪ :‬القوم ‪ ،‬يقولون ‪ ،‬جمع امرئ ‪ . . .‬واما اآلخر فقولهم قام قياما ‪،‬‬

‫‪689‬‬
‫“ ‪“ 690‬‬
‫قومت الشيء تقويما ‪. . .‬‬ ‫المرة الواحدة ‪ ،‬إذا انتصب ‪ . . .‬ومن الباب ‪ّ :‬‬ ‫والقومة ّ‬
‫“ ( معجم مقاييس اللغة مادة “ قوم “ )‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫) ‪ ) 1‬ورد لفظ “ صراط “ في القرآن بمعنى الطريق ‪ ،‬يكتسب تحديده من الصفة التي‬
‫ينعت بها ‪.‬‬
‫صراطٍ ُم ْست َ ِّق ٍيم “[ ‪] 87 / 6‬‬ ‫اجتَبَيْنا ُه ْم َو َه َديْنا ُه ْم ِّإلى ِّ‬
‫قال تعالى ‪َ ” :‬و ْ‬
‫راط ْال َج ِّح ِّيم ] ‪“[ 37 / 23‬‬ ‫ص ِّ‬ ‫َّللا فَا ْهدُو ُه ْم ِّإلى ِّ‬ ‫قال تعالى ‪ِّ ” :‬م ْن د ِّ‬
‫ُون َّ ِّ‬
‫) ‪ ) 2‬ورد لفظ “ الصراط “ معرفا دون نعت ‪ ،‬وفي هذه الحالة يشير إلى الصراط‬
‫المستقيم ‪.‬‬
‫راط ‪2‬لَنا ِّكبُونَ ] ‪“ [ 23 / 74‬‬ ‫ص ِّ‬ ‫ع ِّن ال ِّ ّ‬ ‫قال تعالى ‪َ ” :‬وإِّ َّن الَّذِّينَ ال يُؤْ ِّمنُونَ بِّ ْاآل ِّخ َرةِّ َ‬
‫) ‪ ) 3‬الصراط المستقيم ‪ :‬طريق حسي ضيق “ ارفع من الشعرة وأحد من السيف‬
‫“ يمتد يوم القيامة فوق جهنم بين موطن الحشر والجنة ‪ . . .‬يجتازه المؤمن بنوره الذي‬
‫يسعى بين يديه ‪. 3‬‬
‫ط ‪4‬فَأَنَّى يُب ِّ‬
‫ْص ُرونَ ‪“ .‬‬ ‫على أ َ ْعيُ ِّن ِّه ْم فَا ْستَبَقُوا ال ِّ ّ‬
‫صرا َ‬ ‫ط َمسْنا َ‬ ‫قال تعالى ‪َ ” :‬ولَ ْو نَشا ُء لَ َ‬
‫‪[ 36 / 66 ] .‬‬
‫) ‪ ) 4‬ان “ الصراط المستقيم “ هو طريق ‪ :‬صفاتي في جناب الحق ‪ -‬معنوي سلوكي‬
‫‪ 5‬حيوي بالنسبة للبشر ‪.‬‬

‫صراطٍ ُم ْست َ ِّق ٍيم‬ ‫آخذٌ ِّب ِّ‬


‫ناصيَتِّها ِّإ َّن َر ِّبّي َ‬
‫على ِّ‬ ‫) ‪ ( 1‬قال تعالى ‪ ” :‬ما ِّم ْن َدابَّ ٍة ِّإ َّال ُه َو ِّ‬
‫“‪[ 11 / 56 ] 6‬‬
‫س ِّويًّا “‪] 43 / 19 [ .‬‬ ‫صراطا ً َ‬ ‫ِّك ِّ‬ ‫) ‪ ( 2‬قال تعالى ‪ ” :‬فَاتَّبِّ ْعنِّي أ َ ْهد َ‬
‫صراطٍ ُم ْست َ ِّق ٍيم “‪/ 16 ( 7‬‬ ‫على ِّ‬ ‫قال تعالى ‪” :‬ه َْل يَ ْست َ ِّوي ُه َو َو َم ْن يَأ ْ ُم ُر بِّ ْالعَ ْد ِّل َو ُه َو َ‬
‫‪. ) 76‬‬

‫عند ابن العربي ‪:‬‬


‫لقد حافظ ابن العربي على المعنى اللغوي “ للصراط “ ( ‪ -‬طريق ) ‪.‬‬
‫ولكن كل عبقريته تجلت في اضفاء األسماء والصفات على لفظ “ صراط “ ( صراط‬
‫َّللا ‪ ،‬صراط الرب ) ‪ ،‬وبالتالي في ادخاله اتون ذاتيته وتحويله من‬‫الهدى ‪ ،‬صراط ّ‬
‫نظرة عامة إلى نظرة ذاتية ‪ ،‬جدا ‪.‬‬
‫اما عبارة “ الصراط المستقيم “ فهي تخسر كل ذاتية لها من حيث إن كل صراط ‪ ،‬فهو‬
‫مستقيم عند ابن العربي ‪، 8‬‬
‫ولذلك سنبحث كل “ الصراط “ عنده ضمن هذا المصطلح ألنه يجمعها بصفته‬
‫[ االستقامة ] ‪ ،‬وهذا‬

‫‪690‬‬
‫“ ‪“ 691‬‬
‫سيتضح في المعنى الثاني ‪.‬‬
‫****‬
‫ان تصور ابن العربي للصراط الحسي يوم القيامة تصور يزاوج بين شاعريته وموقفه‬
‫الفكري ‪ -‬وهو يسميه صراط الهدى ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا عليه اقدامك ‪ ،‬حتى أوصلك‬
‫“ ‪ . . .‬واعلم أن الصراط الذي إذا سلكت عليه وثبت ّ‬
‫إلى الجنة هو صراط الهدى ‪ 9‬الذي انشأته لنفسك في دار الدنيا من األعمال الصالحة‬
‫الظاهرة والباطنة ‪ ،‬فهو في هذه الدار بحكم المعنى ال يشاهد له صورة حسية ‪ ،‬فيمد لك‬
‫يوم القيامة جسرا محسوسا ‪ 10‬على متن جهنم أوله في الموقف وآخره على باب الجنة‬
‫‪ ،‬تعرف عندما تشاهده انه صنعتك وبناؤك ‪ ،‬وتعلم أنه قد كان في الدنيا ممدودا جسرا‬
‫على متن جهنم طبيعتك ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 32 / 3‬‬

‫وهكذا يتضح من النص ‪ ،‬ان البشر يحشرون في “ الموقف “ ‪ ،‬يفصلهم عن الجنة ‪:‬‬
‫جهنم ‪ ،‬والجتيازها ال بد من “ جسر “ ( ‪ -‬الصراط ) ‪ ،‬هو اعمالهم في الدار الدنيا ‪،‬‬
‫وهكذا كلما كانت اعمالهم الخيرة كثيرة اتسع الجسر وأتاح مرورا سهال مريحا ‪.‬‬
‫****‬
‫" الصراط المستقيم “ عند ابن العربي ‪:‬‬
‫َّللا “ ‪ ،‬اي السبيل أو الطريق الموصل اليه ‪.‬‬
‫هو “ صراط ّ‬
‫َّللا “ ‪ ،‬في نظرية‬
‫وال يخفى ما يفقده الصراط المستقيم من ذاتية صفاتية بنسبته إلى “ ّ‬
‫تقول بالوحدة ‪ :‬من حيث إن كل طريق أو صراط فهو مستقيم في حق سالكه ‪. 11‬‬

‫َّللا ‪ ،‬ولذلك تتعدد الطرق بتعدد الخالئق ‪.‬‬


‫وانها كلها [ الطرق ‪ -‬الصراط ] توصل إلى ّ‬
‫ولكننا لن نبحر في خضمها ‪ ،‬بل سنكتفي بنظرة عامة إلى أهمها‬
‫َّللا ‪ -‬صراط الرب ‪ -‬صراط العزة أو صراط العزيز ‪ -‬الصراط‬ ‫وهي ‪ :‬صراط ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ‪.‬‬
‫الخاص أو صراط “ محمد “ صلى ّ‬

‫للا ‪:‬‬
‫( أ ) صراط ّ‬
‫وهو الصراط المستقيم [ ‪ -‬االستقامة المطلقة ] الذي تقدم الكالم عليه ‪ ،‬وهو صراط‬
‫َّللا ‪ ،‬يعم الشقي والسعيد ‪. 12‬‬
‫عام تمشي عليه جميع “ األمور “ فيوصلها إلى ّ‬

‫َّللا “ ‪ ،‬الجامع لألسماء اإللهية كلها المتقابلة ( ضار‬


‫من حيث نسبته إلى االسم “ ّ‬
‫نافع ‪ ) . . .‬وغير المتقابلة ‪.13‬‬

‫‪691‬‬
‫“ ‪“ 692‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫َّللا ‪ ،‬فيدخل‬
‫َّللا ‪ :‬وهو الصراط العام الذي عليه تمشي األمور فيوصلها إلى ّ‬ ‫“ صراط ّ‬
‫َّللا فيعم الشقي والسعيد ‪. . .‬‬
‫فيه كل شرع الهي وموضوع عقلي ‪ ،‬فهو يوصل إلى ّ‬
‫َّللا على عدد أنفاس‬
‫َّللا ‪ :‬ان الطرق إلى ّ‬
‫وهذا الصراط ‪ . . .‬هو الذي يقول فيه أهل ّ‬
‫َّللا هو الجامع لألسماء المتقابلة وغير المتقابلة ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 3‬‬
‫الخالئق ‪ . . . 14‬فان ّ‬
‫‪. ) 411 - 410‬‬

‫( ب ) صراط الرب ‪:‬‬


‫َّللا ولكن من حيث اسم من أسمائه تعالى ‪ ،‬وهو يطلب‬
‫صراط الرب هو صراط ّ‬
‫المربوب ليجعله مستقيما على ضوء التكليف ‪.‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫َّللاُ أ َ ْن يَ ْه ِّديَهُ يَ ْش َرحْ َ‬
‫ص ْد َرهُ‬ ‫“ واما صراط ربك ‪ ،‬فقد أشار اليه تعالى بقوله ‪ ”:‬فَ َم ْن يُ ِّر ِّد َّ‬
‫ماء “[ ‪/ 6‬‬‫س ِّ‬ ‫صعَّ ُد ِّفي ال َّ‬ ‫ض ِّيّقا ً َح َرجا ً َكأَنَّما يَ َّ‬ ‫ضلَّهُ يَ ْجعَ ْل َ‬
‫ص ْد َرهُ َ‬ ‫ْالم َو َم ْن يُ ِّر ْد أ َ ْن يُ ِّ‬ ‫ِّل ْ ِّ‬
‫إلس ِّ‬
‫‪. ] 125‬‬
‫يقول ‪ :‬كأنما يخرج عن طبعه والشيء ال يخرج عن حقيقته ‪ . . .‬وسمي هذا الصراط ‪:‬‬
‫صراط الرب ‪ ،‬الستدعائه المربوب وجعله مستقيما ‪ ،‬فمن خرج عنه فقد انحرف‬
‫وخرج عن االستقامة ‪ . . .‬وصراط الرب ال يكون اال مع التكليف فإذا ارتفع التكليف ‪،‬‬
‫لم يبق لهذا الصراط عين وجودية ‪15‬ولهذا يكون المآل إلى الرحمة ‪ ( “ . . . 16‬ف‬
‫‪. ) 413 - 412 / 3‬‬

‫( ج ) صراط العزيز أو صراط العزة أو صراط التنزيه ‪:‬‬


‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫يز ْال َح ِّمي ِّد ‪“( 14 / 1 ) . .‬‬
‫راط ْالعَ ِّز ِّ‬
‫ص ِّ‬‫“ واما صراط العزة وهو قوله تعالى ‪ِّ ”:‬إلى ِّ‬
‫فال يناله ذوقا اال من نزه نفسه ان يكون ربا أو سيدا ‪ ،‬من وجه أو من كل وجه ‪.‬‬
‫وهذا عزيز ‪. . .‬‬
‫من حيث إنه عين الحق من خلف حجاب االسم ‪ . . .‬وهذا الصراط العزيز الذي ليس‬
‫َّللا الذي عليه ينزل إلى خلقنا ‪ ،‬وعليه يكون‬ ‫لمخلوق قدم في العلم به ‪ ،‬فإنه صراط ّ‬
‫معنا أينما كنا ‪. . .‬‬
‫وهو صراط نزول ال عروج لمخلوق فيه ‪ ،‬ولو كان لمخلوق فيه سلوك ما كان عزيزا‬
‫‪ ،‬وما نزل الينا اال بنا فالصفة لنا ال له ‪ . . . 17‬فنحن عين ذلك الصراط ‪ . . .‬ولما‬
‫كان االنسان الكامل صراط العزيز ‪ . . .‬فالحق سبحانه يختص بالنزول فيه ‪. . .‬‬
‫والعارف على الحقيقة ما‬

‫‪692‬‬
‫“ ‪“ 693‬‬
‫فاّلل صراطه وذلك شرعه ‪ .‬به رباطي وبنا رباطه ‪ ،‬فهو صراطي‬ ‫َّللا ‪ّ ،‬‬
‫يسلك اال في ّ‬
‫وانا صراطه ‪ . .‬فهو على صراط العزيز ألنه الخالق فال قدم لمخلوق فيه ‪“ .‬‬
‫( ف ‪. ) 412 - 411 / 3‬‬
‫عز ان يكون لمخلوق فيه سلوك وهو ‪:‬‬ ‫يتضح بكلمة “ خالق “ ان الصراط “ العزيز “ ّ‬
‫الخلق ‪ ،‬وبالتالي المخلوقات هي صراط الحق في ظهوره وتجليه ‪.‬‬
‫وبما ان االنسان هو أكمل مجلى ومظهر وهو المقصود من العالم ‪ ،‬فهو صراط‬
‫العزيز ‪.‬‬
‫للا عليه وسلم ‪:‬‬ ‫( د ) الصراط الخاص أو صراط محمد صلى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم الجامع لكل الشرائع ‪ -‬وهو القرآن ‪. 18‬‬ ‫هو شرع محمد صلى ّ‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ ،‬الذي اختص به دون‬ ‫“ واما الصراط الخاص وهو صراط النبي صلى ّ‬
‫َّللا المتين وشرعه الجامع ‪، 19‬‬ ‫الجماعة وهو القرآن ‪ :‬حبل ّ‬
‫راطي ُم ْست َ ِّقيما ً فَات َّ ِّبعُوهُ َوال تَت َّ ِّبعُوا ال ُّ‬
‫سبُ َل فَتَفَ َّرقَ ِّب ُك ْم َ‬
‫ع ْن‬ ‫ص ِّ‬ ‫وهو قوله تعالى ‪َ ”:‬وأ َ َّن هذا ِّ‬
‫س ِّبي ِّل ِّه “[ ‪] 153 / 6‬‬
‫َ‬
‫يعني هذا الصراط ‪ 20‬المضاف اليه ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 413 / 3‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪ ( 1‬يقول البيضاوي ‪ “ :‬والسراط من سرط الطعام إذا ابتلعه ‪ . . .‬والصراط من‬
‫قلب السين صادا ليطابق الطاء في االطباق ‪ . . .‬وقرأ ابن كثير ‪[ 1 / 6 ] . . .‬‬
‫باألصل [ ‪ -‬السين ‪] . . .‬‬
‫والباقون بالصاد وهو لغة قريش ‪ . . .‬وجمعه سرط ككتب “ ‪ ( .‬أنوار التنزيل ج ‪1‬‬
‫ص‪.)4‬‬
‫) ‪ . . . ( “ ( 2‬عن الصراط ) عن الصراط السوي “ ‪ ( .‬أنوار التنزيل ج ‪ 2‬ص‬
‫‪. ) 56‬‬
‫) ‪( 3‬اآلية ‪ . 12 / 57‬كما يراجع‪Exegese coranique‬ص ‪. 112‬‬
‫) ‪( 4‬انظر أنوار التنزيل ج ‪ 2‬ص ‪. 153‬‬
‫) ‪( 5 ) “ ( 36 / 61‬إشارة ‪ . . .‬إلى عبادته ‪ . . .‬فان التوحيد سلوك بعض الطريق‬
‫المستقيم “ ( أنوار التنزيل ج ‪ 2‬ص ‪) 153‬‬
‫) ‪“ ( 6‬اي انه على الحق والعدل ال يضيع عنده معتصم وال يفوته ظالم “ ( أنوار‬
‫التنزيل ج ‪ 1‬ص ‪. ) 233‬‬
‫) ‪( 7‬انظر شرح اآلية أنوار التنزيل ‪ .‬ج ‪ 1‬ص ‪. 280‬‬
‫) ‪( 8‬راجع “ استقامة “‬
‫) ‪( 9‬اما تسمية “ صراط الهدى “ فقد يكون من باب تسمية الشيء بسببه ‪ ،‬ألنه نتيجة‬
‫الهداية في الدار الدنيا ‪ ،‬واألرجح ان بروز هذا المصطلح في مفردات ابن العربي‬
‫يم “ ) ‪( 1 / 6‬‬ ‫ط ْال ُم ْست َ ِّق َ‬
‫صرا َ‬ ‫يرجع إلى اآلية ‪ ”:‬ا ْه ِّدنَا ال ِّ ّ‬
‫َّللا ان يهدينا إياه ‪ ،‬هو صراط الهدى ‪.‬‬ ‫فهذا الصراط المستقيم الذي نطلب من ّ‬

‫‪693‬‬
‫“ ‪“ 694‬‬

‫) ‪( 10‬ان نشأة االنسان في الدار اآلخرة هي خالف نشأته في هذه الدار ‪ :‬فالباطن هنا‬
‫يتحول إلى ظاهر هناك والظاهر هنا هو باطن هناك ‪ .‬وحيث إن اعمال االنسان هي‬
‫باطن معنوي تتجسد في الدار اآلخرة ‪ ،‬وتتحول إلى جسر حي يمتد فوق جهنم ‪ .‬انظر‬
‫“ سوق الجنة ‪“ .‬‬
‫) ‪( 11‬راجع المعنى الخاص “ لالستقامة “ عند الشيخ األكبر ‪.‬‬
‫) ‪( 12‬ان هذه النظرة العامة إلى الصراط المستقيم يرجعها شيخنا األكبر إلى المنبع‬
‫ط ْال ُم ْست َ ِّق َ‬
‫يم‬ ‫صرا َ‬‫االثيرلديه وهو القرآن ‪ ،‬فقد رأى أن التنزيل العزيز في اآلية” ا ْه ِّدنَا ال ِّ ّ‬
‫“[ ‪ ] 6 / 1‬لم يكتف بصفة االستقامة لتخصيص النعمة ‪ ،‬بل جعلها عامة ولذلك اتبعها‬
‫علَ ْي ِّه ْم َو َال الض َِّّالّينَ ‪“[ 1 /‬‬ ‫ب َ‬‫ضو ِّ‬‫غي ِّْر ْال َم ْغ ُ‬
‫علَ ْي ِّه ْم ‪َ ،‬‬
‫ت َ‬ ‫ط الَّذِّينَ أ َ ْنعَ ْم َ‬
‫صرا َ‬ ‫بقوله تعالى” ِّ‬
‫]‪7‬‬
‫يقول القونوي في نفس الموضوع في كتابه اعجاز البيان ‪:‬‬
‫“ واما فصول هذه اآلية [ ‪ ] 7 / 1‬فهي كاألجوبة ألسئلة ربانية معنوية ‪ ،‬فكأن لسان‬
‫ط “[ ‪ / 6 ] : 1‬اي صراط تعني‬ ‫صرا َ‬‫الربوبية يقول عند قول العبد” ا ْه ِّدنَا ال ِّ ّ‬
‫فالصراطات كثيرة وكلها لي ؟ فيقول لسان العبودية ‪ :‬أريد منها المستقيم ‪ .‬فيقول لسان‬
‫الربوبية ‪ :‬كلها مستقيمة من حيث اني غايتها كلها وإلي مصير من يمشي عليها جميعها‬
‫الجميعصرا َ‬
‫ط‬ ‫ِّ‬ ‫‪ ،‬فأي استقامة تقصد في سؤالك ؟ فيقول لسان العبودية ‪ :‬أريد من بين‬
‫علَ ْي ِّه ْم‪ .‬فيقول لسان الربوبية ‪ :‬ومن الذي لم أنعم عليه ‪ ( “ . . .‬ص‬ ‫ت َ‬ ‫الَّذِّينَ أ َ ْنعَ ْم َ‬
‫‪. ) 327‬‬
‫َّللا “ “ االسم الجامع ‪“ .‬‬ ‫) ‪( 13‬راجع “ ّ‬
‫) ‪( 14‬هذا القول ينسب شبيهه إلى أبي بكر الطمستاني الفارسي ( ت ‪:‬بعد ‪ 340‬ه )‬
‫َّللا تعالى‬ ‫انظر طبقات الصوفية ‪ .‬السلمي ص ‪ “ : 472‬وقال أبو بكر ‪ :‬الطريق إلى ّ‬
‫بعدد الخلق ‪“ .‬‬
‫) ‪( 15‬من حيث إنه إذا ارتفع التكليف ‪ ،‬وال يكون ذلك اال بانتهاء الحياة في هذه الدار‬
‫َّللا أو الرحمن ‪ ،‬الجامع لكل‬ ‫الدنيا ‪ ،‬يرتفع اثر األسماء اإللهية ويكون المآل إلى االسم ّ‬
‫المخلوقات شقيها وسعيدها ‪ ،‬وبذلك ينتفي الوجود العيني لصراط الرب باندراجه في‬
‫َّللا ‪( 16 ) “ .‬راجع “ رحمة ‪“ .‬‬ ‫“ صراط ّ‬
‫) ‪( 17‬اي ان صفة “ العزيز “ هي بالنسبة لالنسان ال بالنسبة للحق ‪ .‬فهو صراط‬
‫عزيز على أن يكون لمخلوق فيه سلوك ‪.‬‬
‫) ‪( 18‬راجع “ قرآن “‬
‫َّللا‬
‫) ‪( 19‬إشارة إلى جمعية الشريعة المحمدية لكل الشرائع من حيث جمعيته صلى ّ‬
‫عليه وسلم لكل الحقائق الظاهرة بصور األنبياء ‪ ،‬فهو الكلمة الجامعة ‪ .‬انظر “ جوامع‬
‫الكلم ‪( 20 ) “ .‬اما بخصوص “ الصراط المستقيم “ بوجوهه كافة عند ابن العربي‬
‫فليراجع ‪ : -‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ص ‪ ، 219 - 217‬ص ‪. 222‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪ - 162‬ص ص ‪. 413 - 410‬‬
‫‪-‬فصوص الحكم ج ‪ 1‬ص ص ‪ ، 109 - 106‬ص ص ‪. 158 - 157‬‬
‫ج ‪ 2‬ص ‪. 342 - 218 ، 157 - 119‬‬

‫‪694‬‬
‫“ ‪“ 695‬‬
‫‪ - 402‬صراط الهدى‬
‫انظر “ الصراط المستقيم “ المعنى األول ‪.‬‬

‫‪ – 403‬التصريف‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الصاد والراء والفاء معظم بابه يدل على رجع الشيء ‪ . . .‬ويقال لحدث الدّهر‬
‫يتصرف بالناس ‪ ،‬اي يقلّبهم ويردّدهم‬ ‫ّ‬ ‫صرف ‪ ،‬والجمع صروف ‪ ،‬ويسمى بذلك ألنه‬
‫“ ( معجم مقاييس اللغة مادة “ صرف “ )‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫ع ْن آياتِّ َ‬
‫ي‬ ‫ف َ‬ ‫ص ِّر ُ‬ ‫سأ َ ْ‬
‫ورد األصل “ صرف “ في القرآن بالمعنى اللغوي السابق ”‪َ :‬‬
‫آيات ِّلقَ ْو ٍم يَ ْع ِّقلُونَ “( ‪45‬‬
‫ٌ‬ ‫ياح‬
‫الر ِّ‬
‫يف ِّ ّ‬ ‫ض “( ‪َ / 146 )” 7‬وت َ ْ‬
‫ص ِّر ِّ‬ ‫الَّذِّينَ يَت َ َكب َُّرونَ فِّي ْاأل َ ْر ِّ‬
‫‪)5/‬‬
‫عند ابن العربي ‪:‬‬
‫انظر “ كرامة “ ‪.‬‬

‫صعق‬ ‫‪ – 404‬ال ّ‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫صعق ‪،‬‬
‫“ الصاد والعين والقاف أصل واحد يدل على صلقة وشدّة صوت ‪ .‬من ذلك ال ّ‬
‫وهو الصوت الشديد ‪ . .‬ومنه الصاعقة ‪ ،‬وهي الوقع الشديد من الرعد ‪.‬‬

‫صعاق الصوت الشديد ‪ .‬ومنه قولهم ‪ :‬صعق ‪ ،‬إذا مات ‪ ،‬كأنه اصابته‬
‫ويقال إن ال ّ‬
‫صاعقة “ ( معجم مقاييس اللغة مادة “ صعق “ )‬

‫‪695‬‬
‫“ ‪“ 696‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫ورد األصل “ صعق “‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫ظ ْل ِّم ِّه ْم ‪“( 4 /‬‬ ‫َّللا َج ْه َرة ً فَأ َ َخذَتْ ُه ُم ال َّ‬
‫صا ِّعقَةُ بِّ ُ‬ ‫‪ - 1‬الصاعقة ‪ :‬الوقع الشديد” فَقالُوا أ َ ِّرنَا َّ َ‬
‫) ‪153‬‬
‫ض‬‫ت َو َم ْن فِّي ْاأل َ ْر ِّ‬ ‫سماوا ِّ‬ ‫ص ِّعقَ َم ْن فِّي ال َّ‬ ‫ور فَ َ‬ ‫‪ - 2‬صعق ‪ :‬مات” َونُ ِّف َخ فِّي ال ُّ‬
‫ص ِّ‬
‫) ‪“( 39 / 68‬‬
‫‪ - 3‬الصعق ‪ :‬إشارة إلى حال موسى اثر تجلي ربه للجبل ‪.‬‬
‫ص ِّعقا ً “( ‪/ 143 )7‬‬ ‫قال تعالى ‪ ” :‬فَلَ َّما ت َ َجلَّى َربُّهُ ِّل ْل َجبَ ِّل َجعَلَهُ َد ًّكا َوخ ََّر ُموسى َ‬

‫عند ابن العربي ‪:‬‬


‫تتنوع التجليات والواردات اإللهية فتتنوع تأثيراتها في االنسان ‪ ،‬وال يحدد اثر الوارد‬
‫قوته فقط ‪ ،‬بل يضاف إلى ذلك قابلية المتلقي له ‪.‬‬
‫وتتدرج مظاهر الوارد متأثرة ب ‪ :‬المؤثر ‪ -‬والمؤثر فيه ‪.‬‬

‫وتتكاثر صور التأثير في االنسان ‪ ،‬وتخلق بالتالي مفردات تعبر كل منها عن صورة ‪:‬‬
‫كالغشية والذهاب والغيبة والسحق والمحق [ انظر السحق المحق ] وما اليه ‪. .‬‬
‫والصعق أحد االشكال التي يتخذها التأثير في االنسان عند التجلي الرباني [ ‪ -‬التجلي‬
‫اإللهي ] ‪ ،‬وهو فناء يظهر على مستوى الجسد ‪.‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫“ الصعق ‪ :‬فناء عن التجلي الرباني “ ( االصطالحات ص ‪) 294‬‬
‫يالحظ في النص ان ابن العربي ربط الصعق بالتجلي الرباني مشيا على الهدى القرآني‬
‫في اآلية قال تعالى ‪ ” :‬فَلَ َّما ت َ َجلَّى َربُّهُ ِّل ْل َجبَ ِّل َجعَلَهُ َد ًّكا َوخ ََّر ُموسى َ‬
‫ص ِّعقا ً“ (‪/ 7‬‬
‫‪. )143‬‬
‫فالقرآن صور “ الصعق “ فناء مخصوص نتج عن التجلي الرباني ‪ ،‬انظر “ رب‬
‫“ عند ابن العربي‪.‬‬

‫‪696‬‬
‫“ ‪“ 697‬‬
‫صالة‬
‫‪ - 405‬ال ّ‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الصاد والالم والحرف المعتل أصالن ‪ :‬أحدهما النار وما أشبهها من ال ّحمى ‪،‬‬
‫واآلخر جنس من العبادة ‪.‬‬
‫فاما األول فقولهم ‪ ،‬صليت العود بالنار ‪. . .‬‬
‫واما الثاني ‪ :‬فالصالة هي الدعاء ‪ . . .‬والصالة هي التي جاء بها الشرع من الركوع‬
‫َّللا تعالى ‪ :‬فالرحمة ‪. . .‬‬ ‫والسجود ‪ . . .‬فأما الصالة من ّ‬
‫ومما شذ من الباب كلمة جاءت في الحديث ‪:‬‬
‫“ ان للشيطان فخوخا ومصالى “ ‪ .‬قال هي االشراك ‪ ،‬واحدتها مصالة ‪“ .‬‬
‫( معجم مقاييس اللغة مادة “ صلى “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫) ‪( 1‬ورد األصل “ صلى “ بالمعنيين اللغويين السابقين ‪:‬‬
‫حاميَةً “( ‪. ) 4 / 88‬‬ ‫صلى نارا ً ِّ‬ ‫قال تعالى ‪ ” :‬ت َ ْ‬
‫ار ْال ُكبْرى ‪“( 87 / 22 ) .‬‬ ‫قال تعالى ‪َ ”:‬ويَت َ َجنَّبُ َها ْاأل َ ْشقَى ‪ ،‬الَّذِّي يَ ْ‬
‫صلَى النَّ َ‬

‫) ‪( 2‬أ ‪ -‬صالة العبد ‪:‬‬


‫مات أَبَدا ً َوال تَقُ ْم َ‬
‫على قَب ِّْر ِّه “( ‪. ) 84 / 9‬‬ ‫على أ َ َح ٍد ِّم ْن ُه ْم َ‬ ‫ص ِّّل َ‬ ‫قال تعالى ‪َ ” :‬وال ت ُ َ‬
‫علَى ْال ُمؤْ ِّمنِّينَ ِّكتابا ً َم ْوقُوتا ً ‪“( 4 / 103 ) .‬‬ ‫َت َ‬ ‫صالة َ كان ْ‬ ‫قال تعالى ‪ِّ ”:‬إ َّن ال َّ‬
‫َّللا ‪:‬‬
‫ب ‪ -‬صالة ّ‬
‫وات ِّم ْن َر ِّبّ ِّه ْم َو َر ْح َمةٌ ‪“( 2 / 157 ) .‬‬ ‫صلَ ٌ‬ ‫قال تعالى ‪ ” :‬أُول ِّئ َك َ‬
‫علَ ْي ِّه ْم َ‬
‫َّللا ) في القرآن ‪ ،‬فليراجع كتاب‬ ‫وللوقوف على معنى الصالتين ( صالة العبد وصالة ّ‬
‫األب نويا‪Exegese coranique‬ص ص ‪. 136 - 134‬‬
‫حيث يبين موقف الترمذي في كتابه ‪ :‬تحصيل نظائر القرآن ‪. 1‬‬
‫عند ابن العربي ‪:‬‬
‫ان ابن العربي ال يغفل عن وجهي الصالة اللذين أثبتهما القرآن ‪ :‬صالة الحق ‪ -‬صالة‬
‫الخلق ‪ .‬ونرى انه أحيانا يفسرهما بمألوف يقبله بداهة الفكر االسالمي السابق ‪ ،‬وأحيانا‬
‫أخرى يحصرهما بمفهوم يلتصق بنظرياته الفكرية ‪ ،‬ولذلك نشطر معنى الصالة عنده‬
‫شطرين ‪:‬‬
‫***‬

‫‪697‬‬
‫“ ‪“ 698‬‬
‫*صالة الحق ‪ :‬رحمته لعبده ‪ ،‬وصالة العبد ‪ :‬مشاهدته الحق ‪.‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫َّللا ‪ :‬الرحمة ‪ ( “ . . . 2‬ف ‪. ) 275 / 4‬‬
‫) ‪“ ( 1‬والصالة من ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ) ‪ :‬وجعلت قرة عيني في الصالة ‪.‬‬
‫) ‪“ ( 2‬فقال ( صلى ّ‬
‫تقربها عين المحب ‪ ،‬من االستقرار‪. . .‬‬
‫وليس اال مشاهدة المحبوب التي ّ‬
‫ولذلك نهي عن االلتفات في الصالة ‪ ،‬وان االلتفات شيء يختلسه الشيطان من صالة‬
‫العبد فيحرمه مشاهدة محبوبه ‪ ( “ . . .‬فصوص ‪. ) 225 - 224 / 1‬‬

‫“ ‪ . . .‬ابن آدم صمتك عن الباطل صوم ‪ ،‬وكفك عن الشر صدقة ‪ ،‬ويأسك من الخلق‬
‫صالة ‪ ( “ . . .‬بلغة الغواص ق ‪. ) 2‬‬
‫نالحظ من النصين السابقين ان صالة العبد تفترض انقطاعه عن الخلق ‪ ،‬لتتحقق‬
‫“ وصلته “ بالحق ‪.‬‬
‫فالصالة عبارة عن نسبة أو “ صلة “ ‪ 3‬بين العبد وربه خالية من كل التفات إلى “ غير‬
‫“‪.4‬‬

‫لقد شرح ابن العربي صالة الحق وصالة الخلق من خالل فكره ‪ ،‬بارجاعهما إلى‬
‫الفعل ‪ :‬يصلي ‪.‬‬
‫اسم الفاعل منه ‪ :‬مصل ‪ ،‬والمصلي هو المتأخر عن السابق في الحلبة ‪.‬‬
‫ى ( األول ) ‪.‬‬
‫في مقابل المجل ّ‬
‫فالحق ‪ :‬مصل ‪ ،‬والخلق ‪ :‬مصل ‪ ،‬ولكن من وجهين مختلفين ‪.‬‬
‫الحق مصل ‪ :‬اي تأخر العلم به عن العلم بالمخلوق ‪ ،‬اذن تأخر علم ‪.‬‬
‫الخلق مصل ‪ :‬اي تأخر بالرتبة عن رتبة ربه ‪ ،‬اذن تأخر رتبة ‪.‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫“ فإنه تعالى أمرنا ان نصلي له وأخبرنا انه يصلي علينا ‪ ،‬فالصالة مناومنه ‪ ،‬فإذا كان‬
‫هو المصلي فإنما يصلي باسمه اآلخر ‪ ،‬فيتأخر عن وجود العبد ‪ :‬وهو عين الحق الذي‬
‫يخلقه العبد في قلبه بنظره الفكري أو بتقليده ‪.‬‬
‫وهو االله المعتقد ‪. . . 5‬‬
‫فان المصلي هو المتأخر عن السابق في الحلبة ‪.‬‬
‫صالتَهُ َوت َ ْس ِّبي َحهُ “[ ‪] 41 / 24‬‬ ‫وقوله تعالى ‪ُ ”:‬ك ٌّل قَ ْد َ‬
‫ع ِّل َم َ‬
‫اي رتبته في التأخر في عبادته ربه ‪ ( “ . . . 6‬فصوص ‪. ) 225 / 1‬‬

‫َّللا تعالى ‪ . . .‬وهو الذي يصلي ‪ ،‬فوصف نفسه بالتأخر في الذكر عن ذكر‬
‫“ قال ّ‬
‫العبد ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 190 / 4‬‬
‫“ ‪ . . .‬فأوجب [ الحق ] على عباده التأخر عن ربوبيته ‪ ،‬فشرع له [ للعبد ] الصالة‬

‫‪698‬‬
‫“ ‪“ 699‬‬
‫ليسميه بالمصلي ‪ :‬وهو المتأخر عن رتبة ربه ‪ ،‬ونسب الصالة اليه تعالى ليعلم ان‬
‫االمر يعطي تأخر العلم الحادث به ‪ ،‬عن العلم الحادث بالمخلوق ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 3‬‬
‫‪. )378‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪ ( 1‬وقد بيّن األب نويا عالقة الصالة بالمغفرة والثناء والدعاء والذكر ‪ .‬فليراجع‬
‫كتابه المذكور فهرس االصطالحات مادة “ صالة ‪“ .‬‬
‫انظر كذلك ‪ - :‬نظائر القرآن الترمذي ص ص ‪. 75 - 71‬‬
‫‪-‬التفسير العظيم ‪ .‬سهل التستري ص ‪14‬‬
‫( لصالة على ثالثة أوجه ‪ :‬المفروضة ‪ -‬الترحم ‪ -‬الدعاء ) ‪.‬‬
‫) ‪ ( 2‬روى الترمذي الحديث التالي عن الحسن البصري ‪:‬‬
‫َّللا عليه وسلم“ ؛‬
‫َّللا صلى ّ‬‫“ ‪ . . .‬عن الحسن ‪ :‬قال قال رسول ّ‬
‫قالت بنو إسرائيل لموسى ‪ :‬أيصلي ربك ؟‬
‫َّللا يا بني إسرائيل ‪،‬‬
‫قال ‪ :‬اتقوا ّ‬
‫َّللا اليه ‪ :‬انما بعثتك لتبلغني عنهم ‪ ،‬وتبلغهم عني ‪ ،‬فماذا قالوا لك ؟‬ ‫فأوصى ّ‬
‫قال ‪ :‬قالوا ‪ :‬أيصلي ربك ؟‬
‫قال ‪ :‬فأخبرهم اني أصلي ‪ ،‬وان صالتي ‪ ،‬لتسبق رحمتي غضبي “ ( نظائر القرآن‬
‫ص ‪. ) 74‬‬
‫كما يراجع الحديث الثاني رواه عن عطاء بن أبي رياح القرشي ( ت ‪ 114‬هـ ) ‪.‬‬
‫) ‪ ( 3‬انها “ صلة “ ولكنها ال تتحقق اال بالصالة المفروضة المعروفة ‪ ،‬فابن العربي‬
‫حين يقول إن الصالة ‪ :‬مشاهدة المحبوب ‪ ،‬ال يسقط الصالة المفروضة بحجة ان كل‬
‫ما أوصل إلى مشاهدة المحبوب فهو صالة ‪ .‬بدليل انه استشهد الثبات ما تقدم بالصالة‬
‫المفروضة فقال “ ولذلك نهي عن االلتفات في الصالة “ ‪ ( .‬راجع النص األول ) ‪.‬‬

‫) ‪( 4‬يقول الترمذي في كتابه الصالة ومقاصدها ص ‪ ، 5‬تحقيق حسن نصري زيدان‬


‫دار الكتاب العربي مصر ‪: 1965‬‬
‫َّللا ووالئمه وضيافاته ‪ ،‬فمن‬ ‫َّللا من دخلها دخل في عرش [ عرس ] ّ‬ ‫“ والصالة دار ّ‬
‫الوقوف والركوع والسجود ضيافاته ‪ ،‬ومن التالوة اعراسه ‪ ،‬ومن الثناء والتشهد‬
‫َّللا‬
‫والئمه ‪ .‬واالعراس في الدار والمساكن والوالئم في البساتين ‪ ،‬ولذلك قال صلى ّ‬
‫َّللا قرة عيني في الصالة “ ولم يقل بالصالة ولكن في الصالة ‪. . .‬‬ ‫عليه وسلم “ جعل ّ‬
‫“‬
‫) ‪( 5‬انظر “ اله المعتقدات “‬
‫) ‪( 6‬انظر شرح المقطع في الفصوص ج ‪ 2‬ص ‪. 344‬‬

‫صمت‬ ‫‪ – 406‬ال ّ‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الصاد والميم والتاء أصل واحد يدل على إبهام واغالق ‪ .‬من ذلك صمت‬

‫‪699‬‬
‫“ ‪“ 700‬‬

‫الرجل ‪ ،‬إذا سكت ‪ . . .‬ومنه قولهم ‪ “ . .‬لقيت فالنا ببلدة إصمت “ وهي القفر التي ال‬
‫أحد بها ‪ . . .‬ويقال ‪ “ :‬ما له صامت وال ناطق “ فالصامت ‪ :‬الذهب والفضة ‪،‬‬
‫والناطق ‪ :‬اإلبل والغنم والخيل ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة مادة “ صمت) “ في‬
‫القرآن ‪:‬‬
‫ع ْوت ُ ُمو ُه ْم أ َ ْم أ َ ْنت ُ ْم‬
‫علَ ْي ُك ْم أ َ َد َ‬
‫سوا ٌء َ‬
‫ورد األصل “ صمت “ مرة واحدة في القرآن” َ‬
‫صامتُونَ ‪“( 7 / 193 ) .‬‬ ‫ِّ‬
‫على أن الصمت المعروف بالسكوت كثيرا ما وردت اإلشارة اليه في القرآن بنفي‬
‫ص ْوما ً فَلَ ْن أ ُ َك ِّلّ َم ْاليَ ْو َم إِّ ْن ِّسيًّا “( ‪) 26 / 19‬‬
‫من َ‬ ‫الكالم ‪ ”:‬إِّ ِّنّي نَذَ ْرتُ ِّل َّ‬
‫لر ْح ِّ‬

‫عند ابن العربي ‪:‬‬


‫فصل االمام القشيري في رسالته أقوال الصوفية في الصمت ‪ ،‬ويمكن تصنيف هذه‬
‫األقوال في جدول بياني حسب منابع الصمت ودرجاته‬

‫فمنابع الصمت كما ورد في أقوالهم يمكن ارجاعها إلى اربع ‪:‬‬
‫صمت أدب ‪ -‬صمت بسبب ‪ -‬صمت عبادة ‪ -‬صمت رياضة ‪.‬‬

‫‪ -‬صمت أدب ‪ :‬فالصمت من آداب الصوفية وأخالقهم ‪.‬‬


‫‪ -‬صمت بسبب ‪ :‬إذ ربما كان صمت المريد سببه كشف أو فيض الهي اخرس لسانه‬
‫فال نطق وال كالم ‪.‬‬

‫‪ -‬صمت عبادة ‪ :‬وهو صمت االنسان عندما يأخذ قوم في الغيبة والنميمة ‪.‬‬
‫‪ -‬صمت رياضة ‪ :‬وهو قول بشر بن الحارث ‪ :‬إذا أعجبك الكالم فاصمت ‪ ،‬وإذا‬
‫أعجبك الصمت فتكلم ‪.‬‬

‫اما درجات الصمت فهي ‪:‬‬


‫صمت اللسان ‪،‬‬
‫وصمت القلب ‪،‬‬
‫وصمت السر‬
‫انظر نص القشيري في الهامش ‪1‬‬

‫وال يكاد يخرج ابن العربي عن قواعد الصمت الموضوعة قبله ‪ ،‬وعن كون الصمت‬
‫أحد أركان الطريق ‪ ،‬كما ربعّها المكي في قوت القلوب ( الصمت ‪ -‬السهر ‪ -‬العزلة ‪-‬‬
‫الجوع )‪.‬‬

‫‪700‬‬
‫“ ‪“ 701‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫“ فاجعل [ الداخل في هذه الطريقة ] منها [ االعمال ] أربعة في ظاهرك ‪ ،‬وخمسة في‬
‫باطنك ‪ .‬فالتي في ظاهرك ‪ :‬الجوع ‪ -‬والسهر ‪ -‬والصمت ‪ -‬والعزلة ‪.‬‬

‫فأثنان فاعالن ‪ -‬وهما الجوع والعزلة ‪ .‬واثنان منفعالن ‪ ،‬وهما السهر والصمت ‪.‬‬
‫واعني بالصمت ترك كالم الناس ‪ ،‬واالشتغال بذكر القلب ‪ ،‬ونطق النفس عن نطق‬
‫َّللا عليه ‪ ،‬مثل قراءة أم القرآن ‪ . . .‬وما شرع من التسبيح‬
‫اللسان ‪ ،‬اال فيما أوجب ّ‬
‫واألذكار ‪ ( “ . . .‬ف السفر الرابع فق ‪. ) 343‬‬

‫“ واما الصمت ‪ ،‬فهو ان ال يتكلم مع مخلوق من الوحوش والحشرات التي لزمته في‬
‫سياحته ‪ ،‬أو في موضع عزلته ‪ . .‬واما صمته في نفسه عن حديث نفسه ‪ :‬فال يحدّث‬
‫عود نفسه بحديث نفسه ‪ ،‬حال بينه‬ ‫َّللا ‪ . . .‬وإذا ّ‬
‫نفسه بشيء ‪ ،‬مما يرجو تحصيله من ّ‬
‫َّللا في قلبه ‪ ،‬فان القلب ال يتسع للحديث والذكر معا ‪ ( “ . . .‬ف السفر‬ ‫وبين ذكر ّ‬
‫الرابع فق فق ‪ 351‬أوب ) ‪.‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪ ( 1‬نص القشيري ص ص ‪: 59 - 57‬‬
‫“ والصمت سالمة وهو األصل وعليه ندامة إذا ورد عنه الزجر ‪ ،‬فالواجب ان يعتبر‬
‫فيه الشرع واالمر والنهي ‪ ،‬والسكوت في وقته صفة الرجل كما أن النطق في موضعه‬
‫من أشرف الخصال ‪. .‬‬
‫سمعت األستاذ ابا علي الدقاق يقول من سكت عن الحق فهو شيطان اخرس ‪،‬‬
‫والصمت من آداب الحضرة ‪ ( . . .‬والسكوت على قسمين ) سكوت بالظاهر وسكوت‬
‫بالقلب والضمائر ‪ ،‬فالمتوكل يسكت بقلبه عن تقاضي االرزاق والعارف يسكت قلبه‬
‫مقابلة للحكم بنعت الوفاق ‪ ،‬فهذا بجميل صنعه واثق وهذا بجميع حكمه قانع ‪ ،‬وفي‬
‫معناه قالوا ‪ :‬تجري عليك صروفه وهموم سرك مطرقة ‪. . .‬‬
‫‪. . .‬فاما ايثار أرباب المجاهدة السكوت فلما علموا ما في الكالم من اآلفات ‪ ،‬ثم ما فيه‬
‫من حفظ النفس وإظهار صفات المدح والميل ‪ . . .‬وذلك نعت أرباب الرياضة ‪ ،‬وهو‬
‫أحد أركانهم في حكم المنازلة وتهذيب الخلق ‪ . . .‬بشر بن الحارث يقول إذا أعجبك‬
‫الصدق فاصمت وإذا أعجبك الصمت فتكلم ‪،‬‬
‫َّللا ال يصح الحد الصمت حتى يلزم نفسه الخلوة وال تصح له التوبة‬ ‫وقال سهل بن عبد ّ‬
‫حتى يلزم نفسه الصمت ‪ ،‬وقال أبو بكر الفارسي من لم يكن الصمت وطنه فهو في‬
‫الفضول وان كان صامتا ‪ ،‬والصمت ليس بمخصوص على اللسان لكنه على القلب‬
‫والجوارح كلها ‪. . .‬‬
‫ممشاد الدينوري يقول ‪ :‬الحكماء ورثوا الحكمة بالصمت والتفكير ‪ .‬وسئل أبو بكر‬
‫الفارسي عن صمت السر فقال ‪ :‬ترك اشتغال بالماضي والمستقبل ‪. . .‬‬
‫وقال ابن مسعود ‪ :‬ما من شيء بطول السجن أحق من اللسان ‪. . .‬‬
‫وقيل إن ابا حمزة البغدادي كان حسن الكالم فهتف به هاتف ‪ :‬تكلمت فأحسنت‬

‫‪701‬‬
‫“ ‪“ 702‬‬

‫بقي ان تسكت فتحسن ‪ ،‬فما تكلم بعد ذلك حتى مات ‪ ،‬ومات قريبا من هذه الحالة على‬
‫رأس أسبوع أو أقل أو أكثر ‪. . .‬‬
‫وسئل أبو حفص اي الحالين للولي أفضل الصمت أو النطق ‪ ،‬فقال لو علم الناطق ما‬
‫َّللا‬
‫آفة النطق لصمت ان استطاع عمر نوح ‪ ،‬ولو علم الصامت ما آفة الصمت لسأل ّ‬
‫تعالى ضعفي عمر نوح حتى ينطق ‪.‬‬
‫وقيل صمت العوام بألسنتهم وصمت العارفين بقلوبهم وصمت المحبين من خواطر‬
‫اسرارهم ‪“ ..‬‬

‫صورة‬ ‫‪ – 407‬ال ّ‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الصاد والواو والراء كلمات كثيرة متباينة األصول ‪ . . .‬ومما ينقاس منه قولهم‬
‫صور يصور ‪ ،‬إذا مال ‪ . . .‬وسوى ذلك فكل كلمة منفردة بنفسها ‪.‬من ذلك الصورة‬
‫وَّللا تعالى الباريء‬
‫صورة كل مخلوق ‪ ،‬والجمع صور ‪ ،‬وهي هيئة خلقته ‪ّ .‬‬
‫المصور ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة مادة “ صور “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫) ‪( 1‬صورة االنسان ‪ :‬هيئة خلقته ‪.‬‬
‫ْف يَشا ُء “( ‪. ) 6 / 3‬‬‫حام َكي َ‬ ‫قال تعالى ‪ُ ”:‬ه َو الَّذِّي يُ َ‬
‫ص ّ ِّو ُر ُك ْم فِّي ْاأل َ ْر ِّ‬
‫ورةٍ ما شا َء َر َّكبَ َك ‪“( 82 / 8 ) .‬‬ ‫ص َ‬ ‫قال تعالى ‪ ” :‬فِّي أ َ ّ‬
‫ي ِّ ُ‬
‫ئ ْال ُم َ‬
‫ص ّ ِّو ُر “( ‪. ) 24 / 59‬‬ ‫َّللاُ ْالخا ِّل ُق ْال ِّ‬
‫بار ُ‬ ‫َّللا ‪ُ ”.‬ه َو َّ‬‫) ‪( 2‬المصور ‪ّ -‬‬
‫عند ابن العربي ‪:‬‬
‫*استعمل ابن العربي ثالث عبارات تتضمن لفظ “ صورة “‬
‫‪-‬صورة ( مفردة ‪ ،‬مضافة ) [ بشكل عام تتخذ معناها الخاص من اضافاتها ] ‪.‬‬
‫‪-‬صورة الحق [ وهي ترد عنده في أكثر األحيان معرفة دون إضافة ‪:‬‬
‫الصورة ] ‪.‬‬
‫‪-‬صورة العالم ‪.‬‬
‫وسنتعرض لكل منها باختصار على أن نفرد النقاط الباقية لمضمون “ صورة الحق‬
‫“ فقط ‪.‬‬
‫( أ ) ‪ -‬صورة [ مفردة ‪ -‬مضافة ]‪.‬‬

‫‪702‬‬
‫“ ‪“ 703‬‬

‫سار ابن العربي على الخط االرسطي في التفريق بين الصورة والهيولي ‪ ،‬أو الجسم‬
‫والروح في االنسان الواحد ‪ ،‬ولكنه توغل بها ولم يحصرها باالنسان بل عممها على‬
‫مستويات الوجود كافة ‪ :‬العالم ‪ ،‬الحق ‪ ،‬الخلق ‪ ،‬المعاني ‪. . .‬‬
‫فكانت الصورة ‪ :‬وجودا عينيا للشيء في مقابل حقيقته وماهيته ‪ ،‬أو مظهرا له في‬
‫مقابل الباطن ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫) ‪ “ ( 1‬ثم أوجد [ الحق ] في هذا العماء ‪ 1‬جميع صور العالم الذي قال فيه انه هالك ‪،‬‬
‫يعني من حيث صورة [ الصورة ] “ اال وجهه] ‪“[ 18 / 88‬‬
‫‪ ،‬يعني اال من حقيقته فإنه غير هالك ‪ ،‬فالهاء في وجهه تعود على الشيء ‪. . .‬‬
‫ومثال ذلك ‪ . . .‬ان صورة االنسان إذا هلكت ولم يبق لها في الوجود اثر لم تهلك‬
‫حقيقته التي يميزها الحد ‪ ،‬وهي عين الحد له ‪.‬‬
‫فنقول ‪ :‬االنسان حيوان ناطق ‪ . . .‬فان هذه الحقيقة ال تزال له ‪ ،‬وان لم تكن له صورة‬
‫في الوجود “ ‪ ( . . .‬ف ‪. ) 420 / 3‬‬

‫ق ] ‪ “[ 41 / 53‬وهو ما خرج عنك” َوفِّي أ َ ْنفُ ِّس ِّه ْم‬ ‫سنُ ِّري ِّه ْم آياتِّنا فِّي ْاآلفا ِّ‬
‫وقال تعالى ‪َ “ :‬‬
‫“[ ‪] 53 / 41‬‬
‫وهو عينك ‪َ ”،‬حتَّى يَتَبَيَّنَ لَ ُه ْم “اي للناظر” أَنَّهُ ْال َح ُّق “من حيث إنك صورته ‪ .‬وهو‬
‫روحك ‪ .‬فأنت له كالصورة الجسمية لك ‪.‬‬
‫وهو لك كالروح المدبر ‪.‬لصورة جسدك “ ( فصوص ‪. ) 69 / 1‬‬
‫) ‪ “( 2‬فكانت صورة القاء موسى في التابوت ‪ ،‬والقاء التابوت ‪ 2‬في اليم صورة هالك‬
‫وفي الباطن كانت نجاة له من القتل “ ‪ ( .‬فصوص ‪. ) 199 / 1‬‬

‫( ب ) ‪ -‬صورة الحق ‪ 3‬المترادفات ‪ :‬صورة الحق الظاهر ‪ ،‬ظاهر الحق ‪.‬‬


‫سنترك بحث مضمون “ صورة الحق “ إلى النقاط التالية ‪ ،‬وسنكتفي هنا باظهار‬
‫مكانتها ‪ ،‬ومكانها بين المصطلحات المتشابهة من خالل القاء ضوء على نشأتها‬
‫واثرها ‪ :‬أراد الحق ان يرى أعيان أسمائه الحسنى ‪ ،‬فخلق العالم مرآة ‪ ،‬ولكن صورته‬
‫لم يستطعها اي جزء من هذا العالم بمفرده ‪ ،‬لذلك خلق بيديه آدم ‪ ،‬االنسان الكامل ‪،‬‬
‫وصحت له الصورة لخلقه باليدين ‪ ،‬ومن ثم صحت له الخالفة لكونه على الصورة ‪. 4‬‬
‫وبذلك أضحت الصورة مسبوقة بخلق “ اليدين “ بكل ما تحويه هذه الكلمة من ابعاد‬
‫‪.5‬‬
‫متبوعة بالخالفة بكل ما تفترضه في الخليفة من الظهور بالصورتين ‪ :‬صورة الحق‬

‫‪703‬‬
‫“ ‪“ 704‬‬

‫[ المستخلف ] صورة الخلق [ المستخلف عليه ] ‪.‬‬


‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫“ وما حاز المؤمن ‪ . . .‬السعة اال بكونه على صورة العالم وعلى صورة الحق ‪ ،‬وكل‬
‫جزء من العالم ما هو على صورة الحق ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 8 / 4‬‬
‫“ وانما صحت الصورة آلدم لخلقه باليدين ‪ ،‬فاجتمع فيه حقائق العالم بأسره والعالم‬
‫يطلب األسماء اإللهية ‪ .‬فقد اجتمع فيه األسماء اإللهية ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 263 / 1‬‬
‫َّللا تعالى‬
‫“ انما كانت الخالفة آلدم عليه السالم دون غيره من أجناس العالم ‪ ،‬لكون ّ‬
‫خلقه على صورته ‪ ،‬فالخليفة ال بد ان يظهر فيما استخلف عليه ‪ ،‬بصورة مستخلفه‬
‫واال فليس بخليفة له فيهم “ ‪ ( .‬ف ‪. ) 263 / 1‬‬
‫“ العالم على صورة الحق ‪ . . .‬االنسان الكامل على صورة العالم وصورة الحق‬
‫“ ( ف ‪. ) 21 / 4‬‬

‫( ج ) ‪ -‬صورة العالم ‪:‬‬


‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫“ االنسان الحيوان ‪ :‬خليفة االنسان الكامل ‪ ،‬وهو الصورة الظاهرة التي بها جمع‬
‫حقائق العالم ‪ .‬واالنسان الكامل هو الذي أضاف إلى جميعة حقائق العالم ‪ ،‬حقائق الحق‬
‫‪ ،‬التي بها صحت له الخالفة ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 437 / 3‬‬
‫يتضح من النص ان “ صورة العالم “ هي مرادف لمختصر العالم ‪ ،‬فليراجع‬
‫“ مختصر العالم ‪“ .‬‬
‫****‬
‫ان “ صورة الحق “ ليست ضرورة في صيغة االنسان الحدية ‪ ،‬ينالها كل من دخل في‬
‫نوع االنسان ‪ ،‬بل هي مرتبة وصفة ‪ ،‬ال يأخذها اال الكامل من هذا النوع ( وعندها‬
‫يسمى ‪ :‬صاحب الصورة أو صاحب العهد ) ‪. 6‬‬
‫مرتبتها ‪ :‬التصرف في المراتب الكونية كلها ‪ ،‬ألنها مرتبة الخالفة ‪.‬‬
‫صفتها ‪ :‬كاملة جامعة ‪ :‬كاملة من حيث إن كل انسان ينالها هو عالم مستقل وكل ما‬
‫عداه هو جزء من العالم ‪ ،‬جامعة من حيث إن االنسان المذكور يجمع في حقيقته كافة‬
‫حقائق الخلق والحق‪.‬‬

‫‪704‬‬
‫“ ‪“ 705‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫( أ ) “ ‪ . . .‬وانما هي [ الصورة ] للنفس الكاملة كنفوس األنبياء ومن كمل من الناس‬
‫“ ‪ ( .‬ف ‪. ) 195 / 2‬‬
‫“ االنسان ‪ . . .‬بما هو انسان هو قابل للصورة ‪ ،‬إذا اعطيها لم يمتنع من قبولها ‪. . .‬‬
‫الخليفة وهو صاحب الصورة ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 85 / 4‬‬
‫َّللا خلق آدم على صورته بالنشأة من اجل اليدين‬
‫( ب ) “ قال ‪ ،‬عليه السالم ‪ “ :‬ان ّ‬
‫وجعله بالخالفة على صورته ‪ ،‬وهي المنزلة “ ( ختم األولياء ‪ .‬الهامش ص ‪. ) 208‬‬
‫“ ‪ . . .‬فهو انسان من حيث الصورة ومنها يتصرف في المراتب كلها ‪. . .‬‬
‫فبالصورة نال الخالفة والتصريف واسم االنسانية ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 643 / 2‬‬

‫َّللا خلق آدم على صورته ‪، 7‬‬‫َّللا عليه وسلم ‪ :‬ان ّ‬


‫( ج ) “ وان شئت قول النبي صلى ّ‬
‫فهذه صفته فإنه لما جمع له في خلقه بين يديه ‪ ،‬علمنا أنه قد أعطاه صفة الكمال فخلقه‬
‫كامال جامعا ولهذا قبل األسماء ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 67/ 2‬‬
‫****‬
‫االنسان الكامل هو “ صورة الحق “ ‪ :‬تعني هذه العبارة ان االنسان الكامل ( وحده‬
‫دون سائر المخلوقات ) يمكن ان نطلق عليه جميع األسماء اإللهية ‪ ،‬ما عدا الوجوب‬
‫الذاتي ‪ ،‬فصورة الحق اذن هي مظهره الصفاتي االسمائي ‪.‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫َّللا ] االنسان عبثا بل خلقه ليكون وحده على صورته ‪ ،‬فكل من في‬ ‫( أ ) “ وال خلق [ ّ‬
‫َّللا علمه األسماء كلها‬
‫العالم جاهل بالكل عالم بالبعض ‪ ،‬اال االنسان الكامل وحده فان ّ‬
‫‪ ،‬وآتاه جوامع الكلم فكملت صورته فجمع بين صورة الحق وصورة العالم ‪ ،‬فكان‬
‫برزخا بين الحق والعالم ‪ ،‬مرآة منصوبة يرى الحق صورته في مرآة االنسان ‪. . .‬‬
‫ومعنى رؤية صورة الحق فيه ‪ :‬اطالق جميع األسماء اإللهية عليه ‪ . . .‬فاالنسان‬
‫متصف ‪ ،‬يسمى بالحي العالم المريد السميع البصير المتكلم القادر وجميع األسماء‬
‫اإللهية ‪ . . .‬تحت إحاطة هذه األسماء السبعة “ ( ف ‪. ) 398 / 3‬‬

‫“ ‪ . . .‬ولما كان استناده [ الحادث ] إلى من ظهر عنه لذاته ‪ ،‬اقتضى ان يكون على‬
‫صورته فيما ينسب اليه من كل شيء من اسم وصفة ما عدا الوجوب الذاتي فان ذلك ال‬
‫يصح في الحادث ‪ ( “ . . .‬فصوص ‪.) 53 / 1‬‬

‫‪705‬‬
‫“ ‪“ 706‬‬
‫( ب ) “ اعلم أن المثلية الواردة في القرآن لغوية ال عقلية ‪ ،‬الن المثلية العقلية تستحيل‬
‫َّللا ‪ -‬تعالى ‪ .‬زيد األسد شدة ‪ ،‬زيد زهير شعرا ‪ ،‬إذا وصفت موجودا بصفة أو‬ ‫على ّ‬
‫صفتين ثم وصفت غيره بتلك الصفة ‪ ،‬وان كان بينهما تباين من جهة حقائق آخر ‪،‬‬
‫ولكنهما مشتركان في روح تلك الصفة ومعناها ‪ :‬فكل واحد منهما على صورة اآلخر‬
‫في تلك الصفة خاصة ‪“ .‬‬
‫( الفتوحات السفر الثاني الفقرة ‪. ) 123‬‬
‫****‬
‫لقد استعمل ابن العربي جملة تمثيالت لتفسير نشوء الكثرة عن الوحدة ( ظالل ‪ ،‬مرايا‬
‫‪ ،‬صور ‪ ، ) . . .‬فكل ما سوى الحق هو صورة له ‪ ،‬وتتفاضل الصور نظرا الستعداد‬
‫المحل المنظور به ‪ ،‬من حيث إن كل موجود يظهر بصورة الحق التي تقتضيها عينه‬
‫الثابتة ‪ . . . 8‬اذن “ الصور “ هي مبدأ الكثرة والتفاضل في الوحدة الوجودية ‪.‬‬

‫فالوجود المطلق ( الحق ) يتجلى فيما ال يتناهى عدده من الصور ‪ ،‬التي ال تقوم بذاتها‬
‫بل تفتقر في وجودها إلى الحق مع األنفاس ‪. 9‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫للا قد ظهر على صورة موجوده ‪ ،‬فما أظهر اال نفسه ‪ ،‬فالعالم‬ ‫( أ ) “ وكل ما سوى ّ‬
‫َّللا اختصر من هذا العالم مختصرا مجموعا ‪،‬‬
‫مظهر الحق على الكمال ‪ . . .‬ثم إن ّ‬
‫يحوي على معانيه كلها من أكمل الوجوه سماه آدم ‪ ،‬وقال إنه خلقه على صورته ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ‪. ) 11 / 3‬‬
‫“ فان رؤية الشيء نفسه بنفسه ما هي مثل رؤيته نفسه في أمر آخر يكون له كالمرآة ‪،‬‬
‫فإنه يظهر له نفسه في صورة يعطيها المحل المنظور فيه “ ‪ ( . . .‬فصوص ‪48 / 1‬‬
‫‪. )- 49‬‬

‫( ب ) “ الشخص وان كان واحدا فال تقل له ظل واحد وال صورة واحدة ‪. . .‬‬
‫فعلى عدد ما يقابله من األنوار يظهر للشخص ظالالت ‪ ،‬وعلى عدد المراي تظهر له‬
‫صور ‪ ،‬فهو واحد في ذاته متكثر من حيث تجليه في الصور ‪ ،‬أو ظالالته في األنوار‬
‫فهي المتعددة ال هو ‪ ،‬وليست الصور غيره “ ( كتاب التراجم ص ‪. ) 31‬‬

‫‪706‬‬
‫“ ‪“ 707‬‬
‫“ المتحقق منا بالحق تظهر صورة الحق ‪ 10‬فيه أكثر مما تظهر في غيره ‪ .‬فمنا من‬
‫يكون الحق سمعه وبصره وجميع قواه ‪ ( “ . . .‬فصوص ‪. ) 104 / 1‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬راجع “ عماء “ ) ‪( 2‬راجع “ تابوت “‬
‫َّللا من حيث ذاته ‪ ،‬بل الحق‬ ‫َّللا “ ال يقصد بها ّ‬
‫“ ) ‪( 3‬صورة الحق “ أو “ صورة ّ‬
‫كما هو في االعتقادات ‪.‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫َّللا لما خلق آدم على صورته علمنا أن الصورة هنا في الضمير العائد على‬ ‫“ واعلم أن ّ‬
‫َّللا الذي يخلقه االنسان في نفسه من نظره أو توهمه ‪. . .‬‬ ‫َّللا انها ‪ :‬صورة االعتقاد في ّ‬ ‫ّ‬
‫“ ( ف ‪. ) 212 / 4‬‬
‫راجع اله “ المعتقدات “‬
‫) ‪( 5‬انظر “ يدين “ ‪.‬‬ ‫) ‪( 4‬انظر “ خالفة “‬

‫) ‪( 6‬يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫َّللا [ انظر “ حيرة “ ] فحينئذ تعرف انه قد‬
‫“ فتحار فيه [ العالم اإللهي ] حيرتك في ّ‬
‫حصل الصورة وانه فارق االنسان الحيوان ‪ ،‬ومتى لم يعرف االنسان هذا من نفسه‬
‫ذوقا وحاال وكشفا وشهودا ‪ ،‬فليس باالنسان المخلوق على الصورة ‪ ،‬الذي له اإلمامة‬
‫َّللا ال ينال عهده الظالمون ‪ ،‬وليس‬
‫[ انظر “ امامة “ ] في الكون ‪ ،‬صاحب العهد ‪ :‬فان ّ‬
‫عهده سوى صورته ‪ ( “ .‬ف ‪. ) 56 / 4‬‬

‫) ‪( 7‬يقول الغزالي في معنى الحديث الوارد ‪ “ :‬الصورة اسم مشترك قد يطلق على‬
‫ترتيب االشكال ‪ ،‬ووضع بعضها من بعض واختالف تركيبها وهي الصورة‬
‫المحسوسة ‪ .‬وقد يطلق على ترتيب المعاني التي ليست محسوسه بل للمعاني ترتيب‬
‫أيضا وتركيب وتناسب ويسمى ذلك صورة ‪ ،‬فيقال صورة المسئلة كذا وكذا وصورة‬
‫الواقعة ‪ . . .‬والمراد بالتسوية في هذه الصورة هي الصورة المعنوية واإلشارة به إلى‬
‫المضاهاة ‪“ .‬‬
‫( المضنون الصغير بهامش االنسان الكامل ج ‪ 2‬ص ‪. ) 96‬‬

‫) ‪( 8‬انظر “ عين ثابتة “‬


‫) ‪( 9‬انظر “ خلق جديد “ ألنه المشار اليه بقوله الوجود مع األنفاس ‪.‬‬
‫) ‪( 10‬بخصوص “ صورة “ عند ابن العربي فليراجع ‪:‬‬
‫‪ - 1‬فصوص الحكم ‪ :‬ج ‪ 1‬ص ‪ ، 96 ، 87 ، 72 ، 38 ، 24‬ص ‪ ، 112‬ص ‪172‬‬
‫‪ ( 186 ،‬الصورة الدنيا ‪ -‬صورة نشأة الدنيا ) ‪ .‬ص ‪ ( 201‬صورة الشرع ) ‪.‬‬
‫فصوص الحكم ج ‪ 2‬ص ‪ ( 28‬صورة ‪ -‬مجلى ) ‪ ،‬ص ‪ ، 34‬ص ‪ ( 55‬صورة ‪-‬‬
‫مجلى ) ‪ ،‬ص ‪ 142‬ص ص ‪ ، 129 - 128‬ص ‪ 168‬ص ‪. 329 - 328‬‬

‫‪707‬‬
‫“ ‪“ 708‬‬

‫‪ - 2‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪ ( 201‬الخالفة والصورة ) ‪ ( 208 ،‬الخالفة والصورة ) ‪،‬‬


‫ص ‪ (321‬صورة الحضرة اإللهية ‪ -‬االنسان ) ‪ ،‬ص ‪ ( 403‬صورة كن ) ‪ ،‬ص‬
‫‪ ( 474‬صور الشؤون ‪ -‬صور العالم ) ‪ .‬ص ‪ ( 479‬سيد في صورة عبد ) ‪.‬‬

‫‪ - 3‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪ ( 32‬الصورة اآلدمية العنصرية ‪ -‬آخر صورة ظهر فيها‬


‫االنسان ) ص ‪ ( 42‬التحول في الصور ) ‪ ،‬ص ‪ ، 109‬ص ‪ ( 113‬صورة مثالية‬
‫متجلية في حضرة خيالية ) ‪ ،‬ص ص ‪ ( 199 - 198‬التحول اإللهي في الصور ) ‪،‬‬
‫ص ‪ ( 319‬التحول في الصور ) ‪ ،‬ص ‪ ( 343‬صورة العالم ‪ -‬االنسان ‪ ،‬صورة‬
‫الحق ‪-‬العالم ‪ ،‬االنسان ) ‪ ،‬ص ‪ ( 396‬الصور منها ‪ :‬معنوي ‪ ،‬روحاني ‪ ،‬ملكي ‪،‬‬
‫طبيعي عنصري ) ‪ ،‬ص ‪ ( 409‬صورة الحق ‪ -‬العالم ) ‪ ،‬ص ‪ ، 453‬ص ‪466‬‬
‫( صورة األسماء اإللهية ‪ -‬العالم ) ص ‪. 471‬‬

‫‪ - 4‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪ ( 2‬صورة حق ) ‪ ،‬ص ‪ ( 9‬الصور االمكانية ) ‪29 ،‬‬


‫( الصور ) ص ‪ ( 56‬الخالفة والصورة ) ‪ ،‬ص ‪ ( 100 ، 62‬صور الوجود ‪-‬‬
‫َّللا ‪ -‬االنسان الكامل ) ‪ ،‬ص ‪ ( 206 ، 160‬الصورة‬
‫األشياء ) ‪ ،‬ص ‪ ( 111‬صورة ّ‬
‫اإللهية الجامعة ) ‪ ،‬ص ‪ ( 219‬تصور المعاني ) ‪ ،‬ص ‪ ( 332‬صور االلهة ) ‪ ،‬ص‬
‫‪ ، 338‬ص ‪ ( 448‬صور األسماء ) ‪.‬‬

‫‪ - 5‬ترجمان األشواق ص ‪ ( 67 - 66‬الصورة الذاتية ) ‪ ( 75 ،‬بالتضمين ) ‪.‬‬


‫‪ - 6‬المقنع في ايضاح السهل الممتنع ‪ ،‬ورقة ‪ 142‬ب ( التحول في الصور )‬
‫‪ - 7‬مرآة العارفين في ملتمس دين العابدين ق ‪ 120‬ب ( صور ‪ -‬لتميز كليات‬
‫المراتب ) ‪.‬‬
‫‪ - 8‬انشاء الدوائر ص ‪. 13‬‬
‫كما يراجع بخصوص صورة أيضا ‪: -‬‬
‫‪-‬في التصوف االسالمي نيكلسون ترجمة عفيفي ص ‪ ( 133‬صورة كما يفهمها‬
‫الحالج ) ‪.‬‬
‫‪-‬ختم األولياء ‪ ،‬نشر عثمان يحيى فهرس االصطالحات مادة “ صورة ‪“ .‬‬
‫‪-‬مشكاة األنوار الغزالي ص ‪. 71‬‬
‫‪-‬األسماء والصفات البيهقي فهرس الموضوعات ‪ :‬انظر “ صورة ‪“ .-‬‬
‫‪Vocabulaire de Theologie Biblique Art . Image408 -‬صورة الحق‬
‫أو صورة الحق الظاهرة‬
‫انظر “ صورة “ المعنى األول الفقرة‪( 2 ) .‬‬

‫‪708‬‬
‫“ ‪“ 709‬‬

‫‪ - 409‬صورة العالم‬
‫انظر “ صورة “ المعنى األول الفقرة‪( 3 ) .‬‬

‫‪709‬‬
“ 710 “

710
‫“ ‪“ 711‬‬
‫حرف ض‬
‫ض‬

‫‪711‬‬
“ 712 “

712
‫“ ‪“ 713‬‬

‫‪ - 410‬المضجع‬
‫المضجع ‪ 1‬هو المخدع‬
‫انظر “ مخدع “‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬ورد اللفظ في إشارات القرآن ابن العربي ورقة ‪. 52‬‬

‫ضالل‬‫‪ - 411‬ال ّ‬
‫الضالل عند ابن العربي يرادف “ الحيرة “‬
‫انظر “ حيرة “ ‪1‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬كما يراجع الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪335 ، 279 ، 150 ، 106‬‬

‫‪ - 412‬ضالل الهدى‬
‫ضالل الهدى هو “ الحيرة المحمودة “ عند الشيخ األكبر‬
‫انظر “ حيرة "‪.‬‬

‫للا‬
‫‪ - 413‬ضيف ّ‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الضاد والياء والفاء أصل واحد صحيح ‪ ،‬يدل على ميل الشيء إلى الشيء ‪.‬‬

‫‪713‬‬
‫“ ‪“ 714‬‬

‫وضافت الشمس تضيف ‪ :‬مالت ‪ ،‬وكذلك تضيّفت ‪ ،‬إذا مالت للغروب ‪. . .‬‬
‫تعرضت له ليضيفني ‪ ،‬وأضفّته ‪ :‬أنزلته‬ ‫الرجل ‪ّ :‬‬ ‫والضيّف من هذا ‪ ،‬يقال ضفت ّ‬
‫علي ‪ . . .‬والضيف يكون واحدا وجمعا ‪.‬‬
‫ويقال أيضا أضياف وضيفان ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة مادة “ ضيف “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫ورد األصل “ ضيف “ في القرآن بمعنى نزل على مضيفه ضيفا ‪ ،‬وهو واحد أو‬
‫جمع ‪.‬‬
‫يم ْال ُم ْك َر ِّمينَ ] ‪“[ 51 / 24‬‬
‫ْف إِّبْرا ِّه َ‬
‫ضي ِّ‬‫ِّيث َ‬ ‫تاك َحد ُ‬ ‫قال تعالى ‪ ”:‬ه َْل أ َ َ‬
‫ض ِّيّفُو ُهما “[ ‪. ] 77 / 18‬‬ ‫”قال تعالى ‪ :‬ا ْست َ ْ‬
‫طعَما أ َ ْهلَها فَأَبَ ْوا أ َ ْن يُ َ‬
‫َّللا فهذا لم يرد في التنزيل ‪.‬‬ ‫اما نسبة “ الضيف “ إلى ّ‬

‫عند ابن العربي ‪:‬‬


‫يقول ابن العربي في شرح لفظ “ ضيف “ الوارد في ابيات قالها الحالج يوم وقعته ‪:‬‬
‫َّللا وليي ‪:‬‬
‫“سقاني مثل ما يشرب * كفعل الضيف بالضيف ‪1 .‬الصوفية ‪ ، 2‬وفق ّ‬
‫َّللا تعالى في األرض ‪ ،‬وردوا عليه من االغيار ونزلوا بحضرته ‪ ،‬فأضافهم‬ ‫أضياف ّ‬
‫بمعرفته ‪ ( “ . . .‬رسالة االنتصار ص ص ‪. ) 15 - 14‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬األبيات الكاملة هي ‪:‬‬
‫نديمي غير منسوب *** إلى شيء من الحيف‬
‫سقاني مثلما يشرب *** ‪ ،‬فعل الضيف بالضيف‬
‫فلما دارت الكأس *** دعا بالنطع والسيف‬
‫كذا من يشرب الراح * مع التنين في الصيف‪ -‬وقد بحث الدكتور عبد الكريم اليافي هذه‬
‫األبيات بما عرف عنه من صدق االتصال بتاريخنا الفكري واألدبي العربي القديم ‪،‬‬
‫كل ذلك من خالل نظرة معاصرة حديثة ‪ ،‬إذ انه بعد ان درسها بمنطق التاريخ يرجع‬
‫إليها مرة ثانية بمنظار أدبي بحت ‪ ،‬ويبحثها من ناحية األسلوب ليتأكد من نسبتها إلى‬
‫الحالج ‪،‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ثمة ابيات جميلة كلها استعارات وتمثيل نسبت إلى الحالج وإلى أبي نواس وإلى‬
‫الحسين بن ضحاك ‪ ،‬وقد نبه على ذلك األستاذ المستشرق ( ماسينيون ) وآثر نسبتها‬
‫إلى الحالج بحجة انها ليست‬

‫‪714‬‬
‫“ ‪“ 715‬‬
‫في ديواني الخليع وأبي نواس ‪ ،‬وان الرواة الذين ينسبونها اليهما متأخرون عنه‬
‫ويكرهونه ‪. . .‬‬
‫وكذلك يذكر ابن العربي األبيات األربعة في رسالة االنتصار على لسان الحالج ‪،‬‬
‫ويتبين من هذا كله ان الرواة يذكرون ان الحالج انما انشد هذه األبيات قبيل مصرعه ‪،‬‬
‫دون اإلشارة إلى أنها من نظمه ‪ ،‬ونحن نعلم أن المتصوفين جرت عاداتهم على التمثل‬
‫بأبيات الشعراء اآلخرين ‪ ،‬وتحميلها المعاني التي تجول في خواطرهم وتوائم‬
‫أحوالهم ‪ .‬ونحن نقدر صدق تمثل الحالج بهذه األبيات وعمق مأساته ولكنا نميل مع‬
‫ذلك إلى نسبة األبيات للخليع مع انشاد الحالج لها يوم قتل ‪.‬‬
‫جاء في محاضرات األدباء للراغب األصبهاني ‪ “ :‬قال الحسين بن خليع نادمت يوما‬
‫إبراهيم بن المهدي فسكر وعربد علي ‪ ،‬فدعا بالنطع والسيف فتكلم في أصحابه فتجافى‬
‫عني ثم تأخرت عنه ‪ ،‬فدعاني فكتبت اليه ( األبيات ) فدعاني وأرضاني ‪.‬‬
‫ثم كان المأمون يضاحك إبراهيم بهذه األبيات ويولع بها “ هذا وإبراهيم بن المهدي‬
‫أخو هارون الرشيد اسود حالك اللون عظيم الجثة ‪ ،‬بليغ شاعر مشهور بالعربدة يلقب‬
‫بالتنين ‪.‬‬
‫قال أبو يوسف القزويني في كتابه “ اخبار الحالج “ ‪ :‬وقد ظن قوم ان هذه األبيات‬
‫للحالج وانما هي ألبي نواس كان ينادم األمين إلى آخر القصة ‪. .‬‬
‫“ قال حمزة االصفهاني في مقدمة ديوان أبي نواس ‪ :‬بل هذه األبيات هي للحسين بن‬
‫الضحاك الخليع الباهلي كان ينادم إبراهيم بن المهدي “ ‪.‬‬
‫هذا وقد مات أبو نواس سنة ‪ 198‬هـ والحسين بن الضحاك سنة ‪ 250‬هـ وإبراهيم بن‬
‫المهدي سنة ‪. 224‬‬
‫فاسلوب األبيات الرمزي يختلف عن أسلوب الحالج المجرد ‪ ،‬ولفظ التنين الذي هو‬
‫لقب إلبراهيم بن المهدي الصق انطباقا عليه في هذه األبيات ‪ ،‬وان كان تمثل الحالج‬
‫بهذا الشعر يعطيه روعة كروعة الطلسم “ ‪ ( .‬دراسات فنية في األدب العربي ص ص‬
‫‪. ) 332 - 330‬‬
‫هذا ويذكر الدكتور اليافي بعض األبيات من ديوان الحالج الذي جمعه ماسينيون ويؤكد‬
‫نسبتها إلى غيره ‪ .‬مثال القصيدة التي مطلعها ‪:‬‬
‫سكنت قلبي وفيه منك اسرار *** فليهنك الدار بل فليهنك الجار‬
‫فهي للبهاء زهير المتوفي سنة ‪ 656‬هـ‪.‬‬
‫فليراجع بشأن هذه األبيات ‪:‬‬
‫‪-‬د ‪ .‬كامل الشيبي ‪ :‬شرح ديوان الحالج ص ‪ 351‬م ‪ 357 -‬م مع الهامش رقم ‪29‬‬
‫( ونالحظ وجود المعلومات نفسها في كتاب الدكتور اليافي المتقدم ذكره والمنشور عام‬
‫‪ ) 1963‬حيث يورد كافة المصادر األدبية والصوفية والتاريخية التي اهتمت بهذه‬
‫األبيات ‪.‬‬
‫‪-‬ديوان الحالج نشر كامل الشيبي ص ‪. 82‬‬
‫‪-‬اخبار الحالج ‪ .‬ماسينيون ص ‪ ( 35‬األصول الكثيرة التي نشرت هذه األبيات )‬
‫‪-‬رسالة االنتصار ابن العربي ص ص ‪ 18 - 14‬حيث شرح هذه األبيات من خالل‬
‫موقفه ‪.‬‬

‫‪715‬‬
‫“ ‪“ 716‬‬

‫) ‪( 2‬يراجع بشأن صوفي عند ابن العربي ‪:‬‬


‫‪-‬مشاهد االسرار القدسية ق ‪ ، 18‬ق ‪24‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪. 358‬‬

‫‪716‬‬
‫“ ‪“ 717‬‬
‫حرف الطاء‬
‫ط‬

‫‪717‬‬
“ 718 “

718
‫“ ‪“ 719‬‬
‫‪ - 414‬طرح الرقاع‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الراء والقاف والعين أصل يد ّل على س ّد خلل لشيء ‪ .‬يقال رقعت الثوب رقعا ‪.‬‬
‫والخرقة رقعة ‪ .‬فأما قولهم لواهي العقل ‪ :‬رقيع ‪ ،‬فكأنه قد رقع ‪ ،‬ألنه ال يرقع اال‬
‫الواهي الخلق ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة مادة “ رقع “ )‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫غير واردة عند ابن العربي ‪:‬‬
‫تفاوت الصوفية في آدابهم في الملبس فمنهم من اتخذ المرقعات ‪ ،‬ومنهم من لبس الخز‬
‫َّللا في‬
‫واللين ‪ 1‬على أن ابن العربي لم يشجع ظاهرة المرقعات ‪ ،‬بل حصرها باهل ّ‬
‫موتاتهم األربع ‪.‬‬

‫يقول ‪:‬‬
‫“ والطائفة تسمى الجوع ‪ ،‬في “ الموتات األربع “ ‪:‬‬
‫َّللا اربع موتات ‪:‬‬
‫الموت األبيض ‪ ،‬وهو مناسب للضياء ‪ ،‬فان ألهل ّ‬
‫موت ابيض وهو الجوع ‪،‬‬
‫وموت احمر ‪ ،‬وهو مخالفة النفس في هواها ‪.‬‬
‫وموت اخضر وهو طرح الرقاع في اللباس ‪ ،‬بعضها على بعض‬
‫وموت أسود وهو تحمل أذى الخلق بل مطلق األذى‬
‫وإنما سميت لبس المرقعات موتا أخضر ألن حالته حالة األرض في اختالف النبات‬
‫فيه واألزهار فأشبه اختالف الرقاع‬
‫وأما الموت األسود الحتمال األذى فإن في ذلك غم النفس والغم ظلمة النفس والظلمة‬
‫تشبه في األلوان السواد‬
‫والموت األحمر مخالفة النفس شبيه بحمرة الدم فإنه من خالف هواه فقد ذبح نفسه “ ‪.‬‬
‫( ف السفر الرابع فق ‪. ) 18‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يذكر “ الطوسي “ آداب الصوفية في اللباس في كتابه اللمع ص ‪294 - 248‬‬
‫حيث يظهر اختالفهم ‪:‬‬
‫َّللا تعالى ‪ :‬انه لبس قميصا ابيض ‪ ،‬يعني‬ ‫“ حكى عن أبي سليمان الداراني رحمه ّ‬
‫غسيال ‪ ،‬فقال له احمد ‪ :‬لو لبست قميصا أجود من هذا ‪. . .‬‬
‫فقال له ‪ :‬يا أحمد ‪ ،‬ليت قلبي في القلوب مثل قميصي في الثياب ‪. . .‬‬
‫َّللا تعالى ‪ ،‬وعليهم المرقعات ‪،‬‬ ‫ودخل جماعة على بشر بن الحارث رحمه ّ‬
‫َّللا وال تظهروا هذا الزي ‪ ،‬فإنكم تعرفون به‬ ‫فقال لهم بشر ‪ :‬يا قوم ‪ ،‬اتقوا ّ‬

‫‪719‬‬
‫“ ‪“ 720‬‬

‫وتكرمون له ‪ ،‬فسكتوا كلهم ‪ . . .‬فقام شاب من بينهم فقال ‪ :‬الحمد ّّلل الذي جعلنا ّ‬
‫ممن‬
‫وَّللا لنظهرن هذا الزي حتى يكون الدين كله ّّلل ‪ . . .‬فقال له‬
‫يعرف به ويكرم له ‪ّ ،‬‬
‫بشر ‪:‬‬
‫أحسنت يا غالم مثلك من يلبس المرقعة ‪. . .‬‬
‫َّللا ‪ ،‬كان يلبس قميصا ّ‬
‫خزا وثيابا‬ ‫‪. . .‬ويقال إن ابا حفص النيسابوري ‪ ،‬رحمه ّ‬
‫َّللا تعالى ‪ :‬وآداب الفقراء في اللباس ‪ ،‬ان‬
‫فاخرة ‪ . . .‬قال الشيخ [ الطوسي ] رحمه ّ‬
‫يكونوا مع الوقت ‪ ،‬إذا وجدوا الصوف أو اللبد أو المرقعة لبسو ‪ ،‬وإذا وجدوا غير ذلك‬
‫لبسوا ‪ ،‬والفقير الصادق أيش ما لبس يحسن عليه ‪ . . .‬وال يتكلف وال يختار “ ‪.‬‬

‫‪ – 415‬طريق‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الطاء والراء والقاف أربعة أصول ‪:‬‬
‫أحدها ‪ :‬االتيان مساء ‪.‬‬
‫ضرب ‪.‬‬ ‫والثاني ‪ :‬ال ّ‬
‫والثالث ‪ :‬جنس من استرخاء الشيء ‪.‬‬
‫والرابع ‪ :‬خصف شيء على شيء ‪.‬‬
‫الطروق ‪. . .‬‬ ‫فاألول ‪ّ :‬‬
‫قالوا ‪ :‬ورجل طرقة ‪ ،‬إذا كان يسري حتى يطرق أهله ليال ‪ . . .‬تسميتهم النجم طارقا‬
‫يتورد ‪ .‬ويجوز ان يكون‬ ‫ّ‬ ‫الطريق ‪ ،‬ألنه‬ ‫وَّللا اعلم ‪ّ :‬‬ ‫‪ ،‬ألنه يطلع ليال ‪ . .‬ومن الباب ‪ّ ،‬‬
‫من أصل آخر ‪ ،‬وهو الذي ذكرناه من خصف الشيء فوق الشيء ‪ ( “ . . .‬معجم‬
‫مقاييس اللغة ‪ ،‬مادة “ طرق “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫ب ‪“( 86 / 2 ) .‬‬ ‫ار ُق ‪ .‬النَّ ْج ُم الثَّاقِّ ُ‬ ‫راك َما َّ‬
‫الط ِّ‬ ‫‪ - 1‬الطارق ‪ :‬النجم” َوما أ َ ْد َ‬
‫‪ - 2‬الطريق ‪ .‬مجازا بمعنى السلوك ‪.‬‬
‫ق ُم ْست َ ِّق ٍيم“ ( ‪/ 46‬‬ ‫ق َو ِّإلى َ‬
‫ط ِّري ٍ‬ ‫ص ّدِّقا ً ِّلما بَيْنَ يَ َد ْي ِّه يَ ْهدِّي ِّإلَى ْال َح ّ ِّ‬
‫قال تعالى ‪ُ ” :‬م َ‬
‫‪.)30‬‬
‫عند ابن العربي ‪:‬‬
‫َّللا “ ‪ .‬لذلك كان‬ ‫ان لفظ “ طريق “ في التصوف يختصر جملة “ الطريق إلى ّ‬

‫‪720‬‬
‫“ ‪“ 721‬‬

‫من الشمول بحيث تندرج تحته التجربة الصوفية بكاملها ‪ .‬ابتداء من تنبه القلب من‬
‫غفلته ‪ . .‬مرورا بمجاهدة النفس ورياضتها ‪ ،‬وصوال إلى النشاط الروحي وتفتح‬
‫فعاليته ‪.‬‬
‫ويخلق وينمو من داخل هذا النشاط الروحي جملة مصطلحات تشكل مفردات التصوف‬
‫العملي ‪ .‬ومن الممكن التوقف عند أهم مفاتيحها ‪ ،‬لنكون فكرة عن التجربة الصوفية‬
‫من داخل ‪.‬‬

‫التسليك ‪:‬‬
‫الصوفي في ارادته الوصول إلى “ الحضرة اإللهية “ يضع قدمه على اعتاب تجربة‬
‫جوانية ‪ ،‬تتطلب شمول الوعي والدراية للنفس االنسانية في غرائزها ونزواتها ‪،‬‬
‫جموحها وقهرها ‪ .‬وال يخفى ما للنفس من سلطان يظهر بوجوه مختلفة ‪ ،‬تتدرج في‬
‫المكر من الضعف إلى قمة القوة ‪.‬‬

‫لذلك كان فيه متخصصون مرشدون مهمتهم توصيل “ الصوفي الذي أراد الوصول “ ‪،‬‬
‫وتأهيله ألدب “ الحضرة اإللهية ‪“ .‬‬
‫فالتسليك هو هذه العملية التي يتولى فيها “ المرشد “ أو “ الشيخ “ مهمة توصيل‬
‫“ الفرد “ أو “ المريد “ ‪ ،‬إلى “ الحضرة اإللهية ‪“ .‬‬

‫وهي عملية تخضع لجملة عوامل ‪ ،‬تتجاذبها قوى مختلفة ‪:‬‬


‫نوعية المريد ‪ -‬طاقته ‪ -‬قوى نوزاع نفسه وطغيان غرائزها ‪ -‬أهليته الروحية ‪ -‬مقدرة‬
‫“المرشد “ ‪ -‬درجة اجازته ‪. . .‬‬

‫والتسليك بنظرة أخرى ‪ ،‬هو تربية االنسان الروحية الذهنية كما تظهر على مستوى‬
‫السلوك النفسي ‪.‬‬
‫“ فالنفس “ أسهل “ المداخل “ لجوانية االنسان كما انها من ناحية ثانية ‪ ،‬أقرب تعبير‬
‫عن هذه الجوانية ‪.‬‬
‫لذلك برز اهتمام الصوفية باألحالم والرؤى كمؤشرات ومفاتيح العماق النفس ‪ ،‬وعلى‬
‫أساسها يتدرج التسليك ‪.‬‬

‫والتسليك ‪ ،‬بلغة عصرية ‪ ،‬هو “ تدريس “ على المستوى العملي يتمتع بكل ما للتدريس‬
‫من مناهج وثوابت ‪ ،‬لذلك تعددت الطرق الصوفية ‪.‬‬
‫فكل طريقة لها منهجها وثوابتها ‪.‬‬
‫َّللا ‪.‬‬
‫سواء فيما يتعلق “ بالمريد “ أو بالمراحل نفسها للطريق إلى ّ‬
‫هذه المراحل التي يسميها الصوفية ‪ :‬األحوال والمقامات‪.‬‬

‫‪721‬‬
‫“ ‪“ 722‬‬

‫فاألحوال والمقامات في السلوك الصوفي خاضعة لثوابت معينة ‪ ،‬إذ يرى الصوفية ان‬
‫كل “ عمل “ يقوم به المريد من الفرائض والنوافل أو المجاهدات والرياضات ‪ ،‬له‬
‫“حال “ و “ مقام “ واستنادا إلى أن كل “ عمل “ له “ حال “ و “ مقام “ اخذ السلوك‬
‫من تحكمه “ باالعمال “ يخطو نحو منهجية شبه علمية ‪.‬‬

‫ويقسم هذا السلوك كالتدريس تماما [ ابتدائي ‪ -‬تكميلي ‪ -‬ثانوي ‪ -‬جامعي ] إلى مراحل‬
‫‪ ،‬ولكل مرحلة مرشد متخصص ‪ .‬فمرشد أو شيخ البدايات ال يستطيع ان يتابع مع‬
‫مريد انهى هذه المرحلة ‪ ،‬بل يحيله إلى مرشد أو شيخ أعلى وهكذا ‪. . .‬‬
‫ولذلك تتعدد النصوص الصوفية التي يذكر فيها صوفي مشهور [ كالشاذلي ‪-‬‬
‫َّللا تعالى ‪. . .‬‬
‫والرفاعي ‪ -‬وابن العربي ] شيوخه إلى ّ‬
‫ويؤكد ما ذهبنا اليه ‪ ،‬تعدد أنواع اإلجازات للمشايخ ‪. . .‬‬
‫فكل “ شيخ “ عنده إجازة تحدد امكاناته ‪ ،‬فمنهم المجاز “ باعطاء العهد “ ومنهم‬
‫المجاز بتسليم زاوية وما إلى ذلك ‪.‬‬
‫حتى نصل إلى أعلى المشايخ وهو الشيخ صاحب منهج التسليك نفسه [ الرفاعي –‬
‫الشاذلي – القادري ‪ ، ] . .‬وهذا األخير ال تنص عليه اإلجازة بل يدخل حلقة في‬
‫مشايخ “ السلسلة “ ‪ ،‬وهي تبدأ من الرسول إلى “ الشيخ “ صاحب المنهج ثم تنتشر بين‬
‫مريديه واتباعه على شكل إجازات ‪.‬‬

‫ولم يهتم الصوفية ‪ ،‬قبل القرن السابع الهجري بتدوين مصنفات في “ السلوك “ ‪ ،‬بل‬
‫دونوا في الفكر الصوفي وعاشوا وفقا للسلوك الصوفي ‪ .‬ولم تتعدد المؤلفات في‬
‫ّ‬
‫التصوف العملي والسلوك اال بعد القرن السادس – السابع الهجري ‪ ،‬حيث دخل‬
‫التصوف مرحلة التربية الصوفية ومناهج التسليك ‪ . . .‬فكثر مريد والصوفية وق ّل‬
‫مفكروها ‪.‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫َّللا‬
‫‪ - 1‬لفظ “ الطريق “ يشمل التجربة الصوفية بكاملها “ ‪ . . .‬ان الطريق إلى ّ‬
‫تعالى ‪ . . .‬على اربع شعب ‪ :‬بواعث ‪ ،‬ودواع ‪ ،‬واخالق ‪ ،‬وحقائق ‪. . .‬‬
‫الدواعي خمسة ‪ :‬الهاجس السببي ويسمى “ نقر الخاطر “ ثم اإلرادة ‪ ،‬ثم العزم ثم‬
‫الهمة ‪ ،‬ثم النية ‪.‬‬
‫والبواعث لهذه الدواعي ثالثة أشياء ‪ :‬رغبة أو رهبة أو تعظيم ‪.‬‬
‫والرغبة رغبتان ‪ :‬رغبة في المجاورة ورغبة في المعاينة ‪.‬‬
‫وان شئت قلت ‪ :‬رغبة فيما عنده ‪ ،‬ورغبة فيه ‪.‬‬
‫والرهبة رهبتان ‪ :‬رهبة من العذاب ورهبة من الحجاب ‪.‬‬
‫والتعظيم ‪ :‬إفراده عنك وجمعك به ‪.‬‬
‫واالخالق على ثالثة أنواع ‪ :‬خلق متعد [ إلى الغير بمنفعة أو‬

‫‪722‬‬
‫“ ‪“ 723‬‬

‫دفع مضرة ] وخلق غير متعد [ إلى الغير ‪ :‬كالتوكل ] ‪ ،‬وخلق مشترك ‪. . .‬‬
‫واما الحقائق فعلى أربعة ‪:‬‬
‫حقائق ترجع إلى الذات المقدسة ‪،‬‬
‫وحقائق ترجع إلى الصفات المنزهة ‪. . .‬‬
‫وحقائق ترجع إلى األفعال‪. . .‬‬
‫وحقائق ترجع إلى المفعوالت ‪. . .‬‬
‫وجميع ما ذكرناه يسمى األحوال والمقامات “ ‪ ( . . .‬ف السفر األول فق ‪- 88‬‬
‫‪. ) 96‬‬
‫‪ - 2‬منهجية السلوك ‪:‬‬
‫“ فإن لكل عمل من هذه االعمال الرياضية والمجاهدات له نتائج مخصوصة ‪.‬‬
‫لكل عمل ‪ :‬حال ومقام “ ( ف السفر الرابع فق ‪. ) 162‬‬

‫‪ - 3‬ضرورة الشيخ ‪:‬‬


‫” ومن طلب الطريق بال دليل * الهي ‪ ،‬لقد طلب المحاال “( ف السفر الثالث فق ‪) 1‬‬
‫****‬
‫المريد ‪ -‬المراد ‪:‬‬
‫“ المريد “ اسم فاعل من “ أراد “ ‪ ،‬وقد اكتسب “ المريد “ في التصوف هذا االسم ‪1‬‬
‫لسببين ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬انه أراد الوصول إلى معرفة الحق أو إلى الحضرة اإللهية ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬انه يحرر هذه اإلرادة من نفسه ‪ ،‬بتسليمها ‪.‬‬
‫لذلك “ المريد “ هو اسم فاعل ‪.‬‬
‫َّللا ‪.‬‬
‫وتسليم اإلرادة ‪ :‬تقنية الوصول إلى ّ‬

‫فالوصول إلى معرفة الحق في المنهج الصوفي قائم على سلوك معين ‪ ،‬يبدأ باإلرادة‬
‫الذاتية للفرد [ الذي يريد الوصول ] ‪ ،‬مرورا بتقنية معينة على مستوى اإلرادة‬
‫[ تحرير اإلرادة من النفس وسلطانها بتسليمها إلى الغير ‪ -‬المجاهدات والرياضات ] ‪،‬‬
‫وصوال إلى أدب الحضرة اإللهية [ يصبح “ المريد “ مؤهال للتلقي ] ‪.‬‬

‫وهنا ينتهي عمل االنسان إذ يستطيع ان يكتسب اإللهية ‪ ،‬اما التلقي ‪ ،‬فهو من الحق ‪.2‬‬

‫‪723‬‬
‫“ ‪“ 724‬‬

‫وقد كان السلوك حتى هذه المرحلة واحدا ينطبق على الجميع ‪ ،‬فالرياضات‬
‫والمجاهدات التي أكسبت المريد األحوال والمقامات يمارسها جميع المريدين ‪ .‬ولكن‬
‫رغم السلوك الواحد تظهر شخصيات صوفية مميزة كالشاذلي وابن العربي وغيره ‪.‬‬

‫وفي هذا دليل على امرين ‪:‬‬


‫األول ‪ :‬ان االنسان يكتسب األهلية للتلقي اإللهي ‪ ،‬اي انه بممارسة السلوك الصوفي‬
‫من مجاهدة ورياضة ال يكتسب منها ّإال التعرض للنفحات اإللهية ‪ ،‬ال يكتسب النفحات‬
‫نفسها ألنها عطاء الهي ‪.‬‬

‫الثاني ‪ :‬ان تسليم اإلرادة إلى الغير في السلوك الصوفي ‪ ،‬ال يؤثر سلبيا على شخصية‬
‫المريد ‪ .‬فها هي تظهر في ذاتيتها وتميزها بعد المجاهدة والرياضة ‪.‬‬

‫تفنن الصوفية في التمييز بين لفظي “ المريد “ و “ المراد “ عند اطالقهما على‬
‫السالك ‪. 3‬‬
‫فالمريد كما سبق الكالم عليه هو من أراد السلوك ابتداء [ في مقابل “ المراد “ هنا هو‬
‫الحق ] ‪.‬‬
‫اما “ المراد “ فيطلق على السالك عندما يكون موضوع إرادة الحق [ في مقابل‬
‫“ المريد “ هنا هو الحق ] ‪ ،‬فهو منجذب إلى الحق الذي اراده ‪.‬‬
‫وال يخفي أهمية هذا االنجذاب في موقف قائم على العطاء اإللهي ‪.‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫“ المريد ‪ :‬هو المتجرد عن ارادته ‪ . . . 3‬المراد ‪ :‬عبارة عن المجذوب عن ارادته مع‬
‫تهيؤ األمور له ‪ ،‬فجاوز الرسوم كلها والمقامات من غير مكابدة “ ( االصطالحات‬
‫‪. ) 284‬‬
‫****‬
‫الرياضة والمجاهدة ‪:‬‬
‫يتفق الصوفية في كل نصوصهم على ضرورة بل حتمية الرياضة والمجاهدة في‬
‫َّللا ‪. 4‬‬
‫طريق أهل ّ‬
‫فهي المدخل الوحيد للتحكم في النفس االنسانية والسيطرة عليها ‪ ،‬كما يؤكد ذلك الحكيم‬
‫الترمذي حيث يقول في “ كتاب الرياضة وأدب النفس ‪“ :‬‬
‫رض ‪ ،‬وهو الكسر ‪.‬‬‫“ فاما الرياضة فهي مشتقة عربيتها من ال ّ‬
‫وذلك ان النفس اعتادت اللذة والشهوة ‪.‬‬
‫وان تعمل بهواها ‪ ،‬فهي متحيرة ‪ ،‬قائمة على قلبك باالمرة ‪ ،‬وهي االمرة بالشهوة ‪،‬‬
‫فيحتاج إلى أن يفطمها ‪ ،‬فإذا فطمها عن العادة‬

‫‪724‬‬
‫“ ‪“ 725‬‬

‫انفطمت ‪ . . .‬فهذه النفس إذا فطمتها انكسرت عن االلحاح عليك ‪ ( “ . . .‬ص ص‬


‫‪. ) 105 - 104‬‬
‫فمتى تحكم المريد بنفسه لم يبق فيه من الشهوات وال من الهوى ما يثقل عليه قبوله من‬
‫ربه ‪ ، 5‬فيصبر ويرضى ‪.‬‬
‫َّللا تعالى ومشيئاته على حد‬
‫ولكن متى “ عجز عن الرياضة ‪ ،‬فإنما يقبل احكام ّ‬
‫االيمان ‪ . .‬على ثقل من نفسه ‪ ،‬وتنغيص وتكدير من عيشه ‪“ . 6‬‬
‫فالرياضة والمجاهدة هما المدخل الوحيد للوصول إلى نتائج السلوك الصوفي بشقيه ‪:‬‬
‫العلمي والعملي ‪ .‬اي الوصول إلى العلم الصوفي [ الشق العلمي ]واألحوال والمقامات‬
‫[ الشق العملي ] ‪.‬‬
‫وال يفارق المريد الرياضة والمجاهدة مهما تقدم به الطريق ‪ ،‬بل يالزمه ذلك مالزمة‬
‫نفسه له ‪ ،‬أي إلى الموت ‪.‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫‪ - 1‬الرياضة والمجاهدة مدخل الوصول إلى نتائج السلوك الصوفي بشقيه ‪:‬‬
‫العلمي والعملي ‪.‬‬
‫َّللا قد طلب منها أن تعرفه بعد أن‬
‫باّلل تعالى ‪ ،‬ان ّ‬
‫“ ولما رأت عقول أهل االيمان ّ‬
‫باّلل ‪ ،‬ال تصل اليه من طريق الفكر ‪.‬‬
‫عرفته بأدلتها النظرية ‪ ،‬علمت أن ثم علما آخر ّ‬
‫فاستعملت الرياضات والخلوات ‪ ،‬والمجاهدات ‪ ،‬وقطع العالئق ‪ ،‬واالنفراد ‪ ،‬والجلوس‬
‫َّللا بتفريغ المحل ‪ ،‬وتقديس القلب عن شوائب االفكار ‪ . . .‬واتخذت هذه الطريقة‬‫مع ّ‬
‫من األنبياء والرسل ‪ ( “ . . .‬ف السفر الرابع فق ‪. ) 441‬‬
‫“ وذلك هو العلم ‪ ،‬الشرعي ‪ ،‬اللدني ‪ ،‬فإنه عن رياضة ومجاهدة ‪ ( “ . . .‬ف السفر‬
‫الخامس فق ‪. ) 142‬‬

‫‪ - 2‬المجاهدة أقسى من الرياضة ‪:‬‬


‫“ الرياضة ‪ :‬رياضة األدب وهو الخروج عن طبع النفس ورياضته طلب وهو صحة‬
‫المراد به ‪ ،‬وبالجملة ‪ .‬وهي عبارة عن تهذيب االخالق النفسية‪.‬‬

‫‪725‬‬
‫“ ‪“ 726‬‬

‫المجاهدة ‪ :‬حمل النفس على المشاق البدنية ومخالفة الهوى على كل حال ‪. . .‬‬
‫“ ( االصطالحات ص ‪. ) 290‬‬
‫‪ - 3‬الرياضة والمجاهدة تالزم المريد إلى حين الموت ‪:‬‬
‫“ ثم إن هذه المقامات منها ما يتصف به االنسان في الدنيا واآلخرة ‪:‬‬
‫كالمشاهدة والجالل والجمال واالنس والهيبة والبسط ‪ . . .‬ومنها ‪ ،‬ما يتصف به العبد‬
‫إلى حين موته ‪ :‬كالزهد والتوبة والورع والمجاهدة والرياضة ‪ 7‬والتخلي والتحلي ‪،‬‬
‫على طريق القربة ‪ ( “ . . .‬ف السفر األول ‪ -‬فق ‪. ) 98‬‬
‫****‬
‫الخوف والرجاء ‪:‬‬
‫تتدرج التجربة الصوفية في مجاهداتها ورياضاتها بين حدين ‪ :‬الخوف والرجاء [ طبعا‬
‫َّللا ] ‪ .‬وهما مطلوبان لتكاملهما ‪ 8‬وليس لتقابلهما ‪.‬‬
‫َّللا ورجاء ّ‬
‫الخوف من ّ‬
‫ألن الخوف يقابله “ االمن “ والرجاء يقابله “ اليأس “ ‪.‬‬
‫فالمريد في “ االمن “ تستقر نفسه وتستكين فتفارق المجاهدة والرياضة ‪.‬‬
‫فمن ناحية ثانية ضرورية يظهر “ الخوف “ كمنبه لحال “ االمن “ وباعث ومحرك‬
‫للمجاهدة ‪.‬‬
‫ومهما كبر “ الخوف “ ال يجب ان يصل درجة “ اليأس “ ألنه “ كاالمن “ تماما ركود‬
‫وجمود ‪ .‬لذلك يتدخل “ الرجاء “ ليوازن بين الخوف واليأس ‪.‬‬

‫حدود أربعة ‪ :‬الخوف ‪ -‬االمن ‪ .‬الرجاء ‪ -‬اليأس ‪.‬‬


‫تتحرك بين قطبيهما “ الخوف والرجاء “ نفس الصوفي ‪ ،‬فال يأخذه حد يعوق حركة‬
‫سيره ‪ .‬بل يظل سلوكه حيا بفضل هذه الحركة ‪9‬‬
‫وقد ال تظهر هذه الحركة في كتابات الصوفية التي غالبا ما تطغى عليها صفة حال‬
‫قائلها ‪ .‬ففي القرنين األول والثاني للهجرة ظهر “ الخوف “ محتال مكانا بارزا مع‬
‫الحسن البصري ‪ ،‬ثم لم تلبث ان خفت حدته مع تطور التجربة الصوفية إلى الطمأنينة‬
‫في القرنين الثالث والرابع للهجرة ‪ ،‬واحتلت ألفاظ المحبة والشوق نصوص الصوفية‬
‫بدل الخوف ‪.‬‬
‫ومع اكتمال التجربة الصوفية في نصوص القرنين الخامس والسادس للهجرة توازن‬
‫الخوف والرجاء “ جناحي “ المريد ‪ ،‬بهما يقطع الطريق إلى الحق ‪ 10‬ويالزمان‬
‫االنسان إلى ما بعد الموت ‪ ،‬إلى أن يضع أول قدم في الجنة‪.‬‬

‫‪726‬‬
‫“ ‪“ 727‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫“ فإن المؤمن من استوى خوفه ورجاؤه ‪ ( “ . . .‬ف السفر السادس فق ‪. ) 44‬‬
‫“ الخوف وهو عذاب نفسي ال حسي “ ( ف السفر الثالث فق ‪. ) 52‬‬

‫“ ثم إن هذه المقامات منها ما يتصف به االنسان في الدنيا واآلخرة ‪ . . .‬ومنها ما‬


‫يتصف به العبد إلى حين موته ‪ ،‬إلى القيامة ‪ ،‬إلى أول قدم يضعه في الجنة ‪ ،‬ويزول‬
‫عنه ‪ : 11‬كالخوف ‪ . .‬والرجاء “ ( ف السفر األول فق ‪. ) 98‬‬

‫المراقبة والحياء ‪:‬‬


‫َّللا كأننا نراه فإن لم نكن نراه فإنه يرانا ‪.‬‬
‫نجد الحديث الشريف الذي يأمر بأن نعبد ّ‬
‫صورة تفسر المراقبة عند الصوفية ‪.‬‬
‫َّللا عليه في جميع أحواله ‪.‬‬
‫فالمراقبة هي علم العبد باطالع ّ‬
‫وحيث إنه “ علم “ فقط فهو دون المشاهدة والمكاشفة ‪. 12‬‬
‫اال انه يضع العبد في حال الطاعة وموافقة الشرع في جميع أحواله ‪ ،‬ألن الحق مطلع‬
‫عليه ‪.‬‬
‫وهذا يؤهله ألدب المشاهدة والمكاشفة ‪ ،‬والمراقبة تورث الحياء ‪ ،‬صفة ال بد منها‬
‫الستكمال أدب الحضرة اإللهية‪.‬‬
‫فالشيخ أو المرشد مهمته تأهيل المريد ألدب الحضرة بمداومة المراقبة والحياء ‪.‬‬
‫فالمراقبة استحضار ‪ ،‬اليمان بحضور ‪ .‬والحياء نتيجة الزمة عن هذا الحضور ‪13‬‬
‫وال يكتفي ابن العربي بوصف النفس بها بل يعممها على كل عضو فللسمع حياؤه‬
‫وللبصر ‪. . .‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫‪ – 1‬المراقبة‬
‫َّللا *** كنت المراقب لم أكن بالالهي‬ ‫” لما لزمت قرع باب ّ‬
‫حتى بدت للعين سبحة وجهه *** وإلى هل ّم لم تكن اال هي “( ف السفر األول فق‬
‫‪. ) 56‬‬
‫نفرغ قلوبنا من النظر الفكري ‪ ،‬ونجلس مع الحق ‪ -‬تعالى ‪ -‬بالذكر ‪،‬‬ ‫“ ‪ . . .‬وذلك بأن ّ‬
‫على بساط األدب والمراقبة والحضور ‪ ،‬والتهيء بقبول ما يرد علينا منه ‪ -‬تعالى ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ‪ -‬السفر الثاني ‪ -‬فق ‪.) 45‬‬

‫‪727‬‬
‫“ ‪“ 728‬‬

‫َّللا في السر والعلن ‪ ،‬مع األنفاس ‪ ،‬فالمواالة ‪،‬‬


‫“ ‪ . . .‬فليس في مقدور البشر مراقبة ّ‬
‫على العموم ‪ ،‬ال تحصل اال انه يبذل المجهود من نفسه في االستحضار والمراقبة ‪ ،‬في‬
‫جميع افعاله “ ( ف ‪ -‬السفر الخامس ‪ -‬فق ‪. ) 258‬‬
‫‪ - 2‬الحياء ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬وان ف ّكر [ المرء ] فيما ليس عنده ‪ ،‬فهو ‪ ،‬عند الطائفة ‪ ،‬عديم العقل ‪ ،‬ال دواء‬
‫َّللا ‪ ،‬الذين الغالب على ظواهرهم المراقبة‬
‫له اال المداومة على الذكر ‪ ،‬ومجالسة أهل ّ‬
‫َّللا “ ‪ ( . . .‬ف السفر الرابع فق ‪. ) 321‬‬
‫والحياء من ّ‬

‫صل له [ العبد ] طعم هذه اللذة [ لذة األمان ] ‪ ،‬وشرع في األعمال‬


‫“ فعند ما تح ّ‬
‫الصالحة ‪ ،‬وتطهر محله ‪ ،‬واستعد لمجالسة الملك ‪ . . .‬وعلم ما يستحقه جالله ‪ ،‬وعلم‬
‫قدر من عطاه ‪ ،‬استحيا كل الحياء ‪ ( “ . .‬ف ‪ -‬السفر الرابع ‪ -‬فق ‪. ) 160‬‬

‫َّللا ان يراك حيث نهاك ‪ ،‬أو يفقدك حيث أمرك ‪ .‬واما‬ ‫“ فأما الفرض ‪ ،‬فالحياء من ّ‬
‫فاّلل أولى ان تستحي منه‬
‫َّللا ان تكشف عورتك في خلوتك ‪ّ ،‬‬ ‫السنة منه ‪ ،‬فالحياء من ّ‬
‫“ ( ف ‪ -‬السفر الخامس ‪ -‬فق ‪. ) 203‬‬
‫‪ - 3‬الحياء يعم األعضاء ‪:‬‬
‫َّللا ان‬
‫َّللا ‪ .‬كذلك يلزمه الحياء من ّ‬
‫“ فكما انه من الحياء غض البصر عن محارم ّ‬
‫يسمع ما ال يحل له سماعه ‪ ،‬من غيبة ‪ ( “ . . .‬ف ‪ -‬السفر الخامس ‪ -‬فق ‪. ) 206‬‬
‫صرفه في بصره ‪“ .‬‬
‫يصرف حياءه في سمعه كما ّ‬ ‫ّ‬ ‫“ فاألولى باالنسان ان‬
‫( ف ‪ -‬السفر الخامس فق ‪. ) 205‬‬
‫****‬
‫الرضا ‪:‬‬
‫َّللا ‪ 14‬وان‬‫لم يختلف الصوفية على ضرورة الرضا وأهميته في السلوك والسير إلى ّ‬
‫كان اختالفهم في الجزئيات ‪ :‬هل الرضا حال أم مقام ؟‬
‫هل الرضا يسبق القضاء أم يلحقه ؟‬
‫هل الرضا يفترض ان يشمل القضاء والمقضي به معا ؟‬
‫وهكذا ‪. . .15‬‬

‫‪728‬‬
‫“ ‪“ 729‬‬

‫فالرضاء يرتبط بالقضاء من ناحية ‪ ،‬وطاقة الفرد على الصبر عليه وبالتالي الرضاء‬
‫فاّلل ‪ :‬عادل‬
‫به ‪ .‬ومن ناحية ثانية يرتبط الرضا بحقيقة وجدّية االيمان بالعدل اإللهي ‪ّ ،‬‬
‫في قضائه في كل األحوال ‪.‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫“ ‪ . . .‬األحوال والمقامات ‪ .‬فالمقام ‪ . . .‬كل صفة يجب الرسوخ فيها ‪ ،‬وال يصح‬
‫التنقل عنها كالتوبة ‪ .‬والحال ‪ . . .‬كل صفة تكون فيها في وقت دون وقت ‪.‬‬
‫كالسكر والمحو والغيبة والرضا ‪ ،‬أو يكون وجودها مشروطا بشرط ‪ ،‬فتنعدم لعدم‬
‫شرطها ‪ ،‬كالصبر مع البالء ‪ ،‬والشكر مع النعماء ‪“ .‬‬
‫( ف ‪ -‬السفر األول فق ‪. ) 96‬‬
‫َّللا [ عز‬
‫“ يقول الشيخ أبو طالب المكي صاحب “ قوت القلوب “ وغيره من رجال ّ‬
‫َّللا ما تجلى قط في صورة واحدة لشخصين ‪ ،‬وال في صورة واحدة‬ ‫وجل ] ‪ :‬ان ّ‬
‫مرتين ‪ . . .‬ولهذا اختلفت اآلثار في العالم وكنى عنها بالرضاء والغضب “ ( ف ‪-‬‬
‫السفر الرابع فق ‪. ) 248‬‬
‫“ ‪ . . .‬وقد يخرج “ الضحك “ و “ الفرح “ إلى القبول والرضا ‪ .‬فان من فعلت له فعال‬
‫‪ ،‬اظهر لك من اجله الضحك والفرح ‪ ،‬فقد قبل ذلك الفعل ورضى به ‪.‬‬
‫فضحكه وفرحه ‪ -‬تعالى ‪ ( -‬هو ) قبوله ورضاه عنّا ‪“ .‬‬
‫( ف السفر الثاني ‪ -‬فق ‪. ) 117‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪ ( 1‬لعبت اإلرادة في التصوف دورا كبيرا ‪ ،‬وقد افرد لها القشيري بابا هو ‪ :‬باب‬
‫اإلرادة ‪.‬‬
‫ولكن على عادته من مزج الخصائص باالحكام بالصفات بالتعريفات لكل موضوع‬
‫يطرحه ‪ :‬يتمم نصه تعريفات هذا المعجم ‪ ،‬باعطاء صورة عن اهتمامات الصوفية‬
‫بالموضوع المطروح وطريقة معالجتهم له ‪،‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا تعالى ‪،‬‬
‫“ ‪ . . .‬واإلرادة بدء طريق السالكين وهي اسم ألول منزلة القاصدين إلى ّ‬
‫وانما سميت هذه الصفة إرادة ألن اإلرادة مقدمة كل امر ‪ ،‬فلما لم يرد العبد شيئا لم‬
‫َّللا عز وجل سمى اإلرادة ‪ ،‬تشبيها‬ ‫يفعله فلما كان هذا أول األمر لمن سلك طريق ّ‬
‫بالقصد في األمور الذي هو مقدمتها ‪ ،‬والمريد على موجب االشتقاق من له إرادة ‪ ،‬كما‬
‫أن العالم من له علم ‪ ،‬ألنه من األسماء المشتقة ولكن المريد في عرف هذه الطائفة من‬
‫ال إرادة له ‪ ،‬فمن لم يتجرد عن ارادته ال يكون مريدا ‪ ،‬كما أن من ال إرادة له على‬
‫موجب االشتقاق ال يكون مريدا ‪ . . .‬فأكثر‬

‫‪729‬‬
‫“ ‪“ 730‬‬
‫المشايخ قالوا اإلرادة ترك ما عليه العادة ‪ . . .‬فأما حقيقتها فهي نهوض القلب في طلب‬
‫الحق سبحانه ولهذا يقال إنها لوعة تهون كل روعة ‪ . . .‬ممشاد الدينوري أنه قال مذ‬
‫علمت أن أحوال الفقراء جد كلها لم امازح فقيرا ‪ . . .‬فهو [ المريد ] في الظاهر ‪. . .‬‬
‫فارق الفراش والزم االنكماش وتحمل المصاعب وركب المتاعب ‪ ،‬وعالج األخالق‬
‫ومارس المشاق وعانق األهوال وفارق االشكال ‪ . . .‬الكتاني يقول ‪ :‬من حكم المريد‬
‫ان يكون فيه ثالثة أشياء نومه غلبة واكله فاقة وكالمه ضرورة ‪ . . .‬وقال الواسطي‬
‫أول مقام المريد إرادة الحق باسقاط ارادته “ ( الرسالة القشيرية ص ‪. ) 93 - 92‬‬

‫) ‪( 2‬لالستزادة من موضوع اإلرادة في التصوف ‪ :‬آداب المريد ‪ ،‬أركان الطريق ‪،‬‬


‫الشيخ ‪ ،‬وامل المريد ‪ ،‬شرط المريد الصادق ‪ . . .‬إلى غير ذلك من مواضيع التصوف‬
‫العملي فليراجع كتاب ‪ :‬عبد الوهاب الشعراني “ األنوار القدسية في معرفة قواعد‬
‫الصوفية “ ج ‪ 1‬وج ‪( 3 ) 2‬‬
‫) ‪( 3‬ننقل بعض نصوص الصوفية في الفرق بين المريد والمراد ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬فأما الفرق بين المريد والمراد فكل مريد على الحقيقة مراد إذ لو لم يكن مراد‬
‫َّللا تعالى ‪ ،‬وكل مراد‬
‫َّللا عز وجل بأن يريده لم يكن مريد ‪ ،‬إذ ال يكون اال ما اراده ّ‬
‫ّ‬
‫مريد ألنه إذا اراده الحق سبحانه بالخصوصية وفقه ‪ .‬ولكن القوم فرقوا بين المريد‬
‫والمراد فالمريد عندهم هو المبتدي والمراد هو المنتهي ‪ ،‬والمريد هو الذي نصب بعين‬
‫التعب والقي في مقاساة المشاق والمراد الذي كفى باالمر من غير مشقة فالمريد متعن‬
‫والمراد مرفوق به مرفّه ‪ . . .‬ابا علي الدقاق يقول المريد متحمل والمراد محمول ‪،‬‬
‫وسمعته يقول كان موسى عليه السالم مريدا فقال رب اشرح لي صدري ‪ ،‬وكان نبينا‬
‫َّللا تعالى ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك‬ ‫َّللا عليه وسلم ) مرادا فقال ّ‬
‫( صلى ّ‬
‫وزرك الذي انقض ظهرك ورفعنا لك ذكرك ‪ ،‬وكذلك قال موسى عليه الصالة والسالم‬
‫َّللا عليه وسلم ) ا لم تر إلى‬
‫رب أرني انظر إليك قال لن تراني ‪ ،‬وقال لنبينا ( صلى ّ‬
‫ربك كيف مد الظل ‪ . . .‬وسئل الجنيد عن المريد والمراد فقال ‪ :‬المريد تتواله سياسة‬
‫العلم والمراد تتواله رعاية الحق سبحانه ‪ ،‬ألن المريد يسير والمراد يطير فمتى يلحق‬
‫السائر الطائر ‪ ( “ . . .‬الرسالة القشيرية ص ‪) . 94 - 93‬‬
‫النص نفسه تقريبا نجده في الباب الثالث والستين من “ التعرف لمذهب أهل التصوف‬
‫“ ( قولهم في المريد والمراد ‪ ،‬فليراجع ) ‪.‬‬
‫) ‪( 4‬يراجع فيما يتعلق بضرورة المجاهدة والرياضة عند الصوفية ونصوصهم في‬
‫ذلك ‪:‬‬
‫‪-‬الرسالة القشيرية ص ص ‪. 50 - 49‬‬
‫‪-‬جامع األصول الكمشخانوي ص ص ‪ “ 134 - 133‬واعلم أن العزيمة والرياضة‬
‫َّللا “ ‪. . .‬‬
‫والمجاهدة هي باب الوصول إلى ّ‬
‫‪-‬نشأة التصوف االسالمي ‪ .‬د إبراهيم بسيوني ص ص ‪ ( 23 - 20‬المجاهدات ) ‪.‬‬
‫‪-‬الغنية لطالبي طريق الحق ‪ .‬الشيخ عبد القادر الجيالني ج ‪ 2‬ص ص ‪183 - 182‬‬
‫( فصل في المجاهدة وآفات النفس ) ‪.‬‬

‫‪730‬‬
‫“ ‪“ 731‬‬
‫حقائق عن التصوف ‪ .‬عبد القادر عيسى ‪ .‬ص ‪. 129 - 112‬‬
‫وقد عرف المؤلف المجاهدة نقال عن الراغب االصفهاني مادة جهد ص ‪101‬في‬
‫كتابه المفردات في غريب القرآن ‪.‬‬
‫بقوله ‪ “ :‬الجهاد والمجاهدة ‪ ،‬استفراغ الوسع في مدافعة العدو ‪ .‬والجهاد ثالثة‬
‫اضرب ‪ :‬مجاهدة العدو الظاهر ‪.‬ومجاهدة الشيطان ‪ ،‬ومجاهدة النفس ‪. . “ .‬‬
‫ويجدر مراجعة فصل “ مجاهدة النفس وتزكيتها “ في كتاب “ حقائق عن التصوف‬
‫“ المذكور هنا ‪ ،‬نظرا لشموليته ‪ :‬دليل المجاهدة من الكتاب والسنة ‪ -‬حكمها ‪ -‬قابلية‬
‫صفات النفس للتغيير ‪ -‬طريقة المجاهدة ‪ -‬أقوال العارفين والمربين والمرشدين في‬
‫المجاهدة ‪ -‬رد الشبهات حول المجاهدة ‪. . .‬‬
‫كتاب المسائل في اعمال القلوب والجوارح ‪،‬المحاسبي ‪ .‬ص ‪. 132 - 127‬‬
‫‪-----‬‬
‫) ‪( 5‬انظر نص الحكيم الترمذي في “ كتاب الرياضة وأدب النفس “ ص ‪99‬‬
‫) ‪( 6‬المرجع السابق الصفحة نفسها ‪.‬‬
‫) ‪( 7‬كما يراجع بشأن رياضة ومجاهدة عند ابن العربي‬
‫‪-‬الفتوحات السفر الثاني فقرة ‪ ( 139‬مجاهدة بغير همة )‬
‫السفر الثالث فقرة ‪ ( 1 - 115‬نار المجاهدة ‪ -‬جنة المشاهدة )‬
‫السفر الرابع فق ‪ ( 162‬رياضة ) فق ‪ ( 386‬أهل الرياضات ) ‪.‬‬
‫السفر الخامس فق ‪ ( 522‬االخذ للعلم بالمجاهدة )‬
‫) ‪( 8‬يقول الجنيد في اللمع ص ‪: 420‬‬
‫َّللا في معنى “ القبض “ و “ البسط “ ‪ :‬يعني الخوف والرجاء ‪.‬‬ ‫“ قال الجنيد رحمه ّ‬
‫فالرجاء يبسط إلى الطاعة ‪ ،‬والخوف يقبض على المعصية ‪“ .‬‬
‫) ‪( 9‬ننقل بعض نصوص الصوفية لنتلمس نبض تجربتهم الحية في خوفهم‬
‫َّللا تعالى اما في الدنيا‬
‫َّللا تعالى هو ان يخاف ان يعاقبه ّ‬ ‫ورجائهم ‪ . . " :‬والخوف من ّ‬
‫َّللا سبحانه على العباد ان يخافوه فقال تعالى ‪ :‬وخافون‬ ‫واما في اآلخرة ‪ ،‬وقد فرض ّ‬
‫ان كنتم مؤمنين ‪ . . .‬سمعت األستاذ ابا علي الدقاق يقول الخوف على مراتب ‪:‬‬
‫َّللا تعالى ‪:‬‬
‫الخوف ‪ ،‬الخشية ‪ ،‬والهيبة ‪ .‬فالخوف من شرط االيمان وقضيته قال ّ‬
‫َّللا من‬
‫َّللا تعالى ‪ :‬انما يخشى ّ‬‫وخافون ان كنتم مؤمنين ‪ ،‬والخشية من شرط العالم قال ّ‬
‫َّللا تعالى ‪:‬‬
‫عباده العلماء ‪ . . .‬والهيبة من شرط المعرفة قال ّ‬
‫َّللا نفسه ‪. . .‬‬
‫ويحذركم ّ‬
‫‪-‬سمعت ابا حفص يقول ‪ :‬الخوف سراجع القلب به يبصر ما فيه من الخير والشر ‪،‬‬
‫سمعت األستاذ ابا علي الدقاق يقول ‪ :‬الخوف ان ال تعلل نفسك بعسى وسوف ‪. . .‬‬
‫وقال يحيى بن معاذ ‪ :‬مسكين ابن آدم لو خاف من النار كما يخاف من الفقر لدخل‬
‫الجنة ‪.‬‬
‫وقال شاه الكرماني ‪ :‬عالمة الخوف الحزن الدائم ‪ .‬وقال أبو القاسم الحكيم ‪ :‬من خاف‬
‫َّللا عز وجل هرب اليه ‪ .‬وسئل ذو النون المصري‬ ‫من شيء هرب منه ومن خاف من ّ‬
‫َّللا تعالى متى‬
‫رحمه ّ‬

‫‪731‬‬
‫“ ‪“ 732‬‬
‫يتيسر على العبد سبيل الخوف ؟ فقال ‪ :‬إذا انزل نفسه منزلة السقيم يحتمي من كل‬
‫شيء مخافة طول السقام ‪ . . .‬سمعت النوري يقول ‪ :‬الخائف يهرب من ربه إلى ربه ‪،‬‬
‫وقال بعضهم ‪:‬‬
‫عالمة الخوف التحير على باب الغيب ‪ . . .‬سمعت الجنيد يقول وسئل عن الخوف‬
‫فقال ‪ :‬توقع العقوبة مع مجاري األنفاس ‪ . . .‬سمعت ابا عثمان يقول ‪ :‬صدق الخوف‬
‫هو الورع عن اآلثام ظاهرا وباطنا ‪.‬‬
‫وقال الواسطي ‪ . . .‬الخوف والرجاء زمامان على النفوس لئال تخرج إلى رعونتها ‪.‬‬
‫وقال الواسطي إذا ظهر الحق على السرائر ال يبقى فيها فضلة لرجاء أو لخوف ‪. .‬‬
‫َّللا عز وجل أو رجا سواه‬ ‫‪. .‬وقال الحسين بن منصور من خاف من شيء سوى ّ‬
‫أغلق عليه أبواب كل شيء ‪ ،‬وسلط عليه المخافة وحجبه بسبعين حجابا أيسرها الشك‬
‫“ ( الرسالة القشيرية ص ‪. ) 61 - 59‬‬
‫َّللا آلت ‪ . . .‬الرجاء تعلق القلب‬
‫َّللا فان اجل ّ‬
‫َّللا تعالى ‪ :‬من كان يرجو لقاء ّ‬‫“ قال ّ‬
‫بمحبوب سيحصل في المستقبل ‪ ،‬وكما أن الخوف يقع في مستقبل الزمان فكذلك‬
‫الرجاء يحصل لما يؤول في االستقبال ‪ ،‬وبالرجاء عيش القلوب واستقاللها ‪. . .‬‬
‫والفرق بين الرجاء وبين التمني ان التمني يورث صاحبه الكسل وال يسلك طريق‬
‫الجهد والجد وبعكسه صاحب الرجاء ‪. . .‬‬
‫قال شاه الكرماني عالمة الرجاء حسن الطاعة ‪ . . .‬وكلموا ذا النون المصري وهو في‬
‫َّللا تعالى معي ‪ .‬وقال يحيى بن‬
‫النزع فقال ال تشغلوني ‪ ،‬فقد تعجب من كثرة لطف ّ‬
‫معاذ ‪ :‬الهي أحلى العطايا في قلبي رجاؤك وأعذب الكالم على لساني ثناؤك وأحب‬
‫الساعات إلي ساعة يكون فيها لقاؤك ( “ ‪ . . .‬الرسالة القشيرية ص ‪) . 63 - 62‬‬

‫) ‪( 10‬نفس المعنى نجده عند أبي علي الروذباري يقول ‪:‬‬


‫“ الخوف والرجاء هما كجناحي الطائر إذا استويا استوى الطير وتم طيرانه ‪ .‬وإذا‬
‫نقص وقع فيه النقص وإذا ذهبا صار الطائر في حد الموت “ ( الرسالة القشيرية ص‬
‫‪. ) 62‬‬
‫) ‪( 11‬وقد سبق ابن العربي إلى ذلك معاذ بن جبل ‪ .‬يقول ‪ “ :‬ان المؤمن ال يطمئن‬
‫قلبه وال يسكن روعه حتى يخلف جسر جهنم وراءه “ ( الرسالة القشيرية ص ‪. ) 60‬‬
‫) ‪( 12‬المراقبة تتحدد بكونها ايمان وعلم فقط باطالع الرب على العبد في جميع‬
‫أحواله ‪ ،‬وهي هذا الحضور االيماني العلمي مع الحق ‪ ،‬اما في المشاهدة فهو ان‬
‫ينكشف له ما كان ايمانا وعلما في المراقبة ‪ .‬يقول الكمشخانوي في تعريف‬
‫المشاهدة ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬فالمشاهدة شهود الذات بارتفاع الحجب مطلقا ‪ .‬وصورتها في البدايات ‪ :‬اعتقاد‬
‫ف بِّ َر ِّبّ َك أَنَّهُ َ‬
‫على‬ ‫حضور الحق بذاته لكل شيء وااليمان بذلك لقوله‪ : “ . . .‬أ َ َولَ ْم يَ ْك ِّ‬
‫ش ِّهي ٌد “[ ‪ ، ] 53 / 41‬وفي األبواب ‪ :‬االيمان بأنه موجود بالحق وهو القيوم‬ ‫ُك ِّّل َ‬
‫ش ْيءٍ َ‬
‫َّللا تعالى ‪ .‬وفي االخالق ‪:‬‬ ‫بذاته له ‪ .‬وفي المعامالت ‪ :‬ايقان كون االعمال كلها لوجه ّ‬
‫وباّلل‬
‫ّ‬ ‫َّللا‬
‫َّللا وفي ّ‬ ‫تيقن ان الكماالت الخلقية ّّلل ‪ .‬وفي األصول ‪ :‬ان سيره ليس اال إلى ّ‬

‫‪732‬‬
‫َّللا ‪ .‬وفي األدوية ‪ :‬ادراك الحق بنور البصيرة المكحلة بنوره ‪.‬‬
‫ووجهه مسلم ّّلل إلى ّ‬
‫وفي األحوال ‪ :‬شهود تجليات‬
‫“ ‪“ 733‬‬
‫أنوار الجمال وخلوص الحب للجميل ‪ ،‬وفي الواليات ‪ :‬كشف سبحات الجالل عن‬
‫جمال الذات ‪ ،‬ودرجتها في النهايات ‪ :‬شهود الحق ذاته بذاته لفناء العبد بكليته في عين‬
‫الجمع “ ( جامع األصول ص ‪. ) 211‬‬

‫) ‪( 13‬ومن أقوالهم في “ الحياء ‪“ : .‬‬


‫َّللا عليه وسلم ) قال ذات يوم ألصحابه ‪:‬‬ ‫َّللا ( صلى ّ‬‫“ ‪ . . .‬عن ابن مسعود ان نبي ّ‬
‫َّللا والحمد ّّلل ‪ ،‬قال ليس ذلك ولكن‬
‫َّللا حق الحياء قالوا انا نستحي يا نبي ّ‬‫استحوا من ّ‬
‫َّللا حق الحياء ‪ ،‬فليحفظ الرأس وما وعى وليحفظ البطن وما حوى‬ ‫من استحيا من ّ‬
‫وليذكر الموت والبلى ‪ ،‬ومن أراد اآلخرة ترك زينة الحياة الدنيا فمن فعل ذلك فقد‬
‫َّللا حق الحياء ‪.‬‬
‫استحيا من ّ‬
‫‪. . .‬ذو النون المصري يقول ‪ :‬الحياء وجود الهيبة في القلب مع وحشة ما سبق منك‬
‫إلى ربك تعالى ‪ .‬وقال ذو النون الحب ينطق والحياء يسكت والخوف يقلق ‪.‬‬
‫‪. . .‬قال السري ان الحياء واالنس يطرقان القلب فإن وجدا فيه الزهد والورع حطا‬
‫وإال رحال ‪ . . .‬الجريري يقول ‪ :‬تعامل القرن األول من الناس فيما بينهم بالدين حتى‬ ‫ّ‬
‫رق الدين ‪ ،‬ثم تعامل القرن الثاني بالوفاء حتى ذهب الوفاء ‪ ،‬ثم تعامل القرن الثالث‬
‫بالمروءة حتى ذهبت المروءة ‪ ،‬ثم تعامل القرن الرابع بالحياء حتى ذهب الحياء ‪ ،‬ثم‬
‫صار الناس يتعاملون بالرغبة والرهبة ‪.‬‬
‫‪. . .‬وقيل رؤى رجل يصلي خارج المسجد فقيل له لم ال تدخل المسجد فتصلي فيه‬
‫فقال استحي منه ان ادخل بيته وقد عصيته ‪ . . .‬وقيل الحياء على وجوه ‪ ) 1 ( :‬حياء‬
‫الجناية كآدم عليه السالم لما قيل له افرارا منا فقال ال بل حياء منك ( ‪ ) 2‬وحياء‬
‫التقصير كالمالئكة يقولون سبحانك ما عبدناك حق عبادتك ( ‪ ) 3‬وحياء االجالل‬
‫َّللا عز وجل ( ‪ ) 4‬وحياء الكرم‬ ‫كإسرافيل عليه السالم تسربل بجناحيه حياء من ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ) كان يستحي من أمته ان يقول اخرجوا ( ‪ ) 5‬وحياء‬ ‫كالنبي ( صلى ّ‬
‫َّللا عنه حين سأل المقداد ‪. . .‬‬
‫حشمة كعلي رضي ّ‬
‫( ‪ ) 6‬وحياء االستحقار كموسى عليه السالم قال إني لتعرض إلي الحاجة من الدنيا‬
‫فاستحي ان أسألك يا رب ‪ ) 7 ( . . .‬وحياء االنعام هو حياء الرب سبحانه يدفع إلى‬
‫العبد كتابا مختوما بعد ما عبر الصراط وإذا فيه فعلت ما فعلت ولقد استحييت ان اظهر‬
‫َّللا مطيعا‬
‫عليك فاذهب فاني غفرت لك ‪ . . .‬وقال يحيى بن معاذ من استحيا من ّ‬
‫َّللا تعالى منه وهو مذنب ‪ ( “ .‬الرسالة القشيرية ص ‪. ) 99 - 98‬‬ ‫استحيا ّ‬
‫َّللا عز وجل ‪ ،‬أزال عن قلوب أوليائه سرور المنة ‪“ .‬‬ ‫‪-‬قال الجنيد ‪ “ :‬الحياء من ّ‬
‫( طبقات الصوفية ‪. ) 162‬‬
‫‪-‬بندار بن الحسين الشيرازي “ بندار يقول [ وقد سئل عن الفرق بين المحبة‬
‫والحياء ] ‪ :‬ان المحبة رغبة ‪ ،‬وهي مزعجة ‪ ،‬والحياء خجلة ‪ ،‬والمحب طالب غائب ‪.‬‬
‫والمستحي حاضر ‪ .‬وبينهما فرقان ‪ :‬ألن المحبة تصح‬

‫‪733‬‬
‫“ ‪“ 734‬‬
‫مع الغيبة والحياء يصح مع المشاهدة ‪ .‬فشتان بين غائب غريب ‪ ،‬وحاضر قريب‬
‫“ ( طبقات الصوفية ‪. ) 469 - 468‬‬

‫) ‪( 14‬يراجع بشأن “ طريق “ عند ابن العربي ‪:‬‬


‫( الطريقة ) سفر ‪ 1‬فق ‪ ( ، 649 - 332‬طريقتي ) سفر ‪ - 1‬فق ‪( ، 332‬الطريقة )‬
‫َّللا مقاماته وأحواله ) السفر األول فق ‪، 99 - 87‬‬ ‫سفر ‪ - 1‬فق ‪ ( ، 649‬الطريق إلى ّ‬
‫َّللا ) سفر ‪ - 1‬فق ‪ ( . 88‬منازل الطريق ) سفر ‪ - 1‬فق ‪، 99‬‬ ‫( الطريق إلى ّ‬
‫( الطريق ) سفر ‪ - 1‬فق ‪ ( ، 333‬سلوك الطريق ) سفر ‪ 1‬فق ‪ ( ، 335‬طريق )‬
‫سفر ‪ - 1‬فق ‪ ( ، 336‬الطريق ) السفر الرابع فق ‪( ، 354‬الطريق ) السفر الرابع‬
‫َّللا ) السفر‬
‫فق ‪ ( ، 370‬أهل الطريقة ) السفر الخامس ‪ ،‬فق ‪( ، 234‬أهل طريق ّ‬
‫الخامس ‪ -‬فق ‪ ( ، 160‬الطريق ) السفر الخامس ‪ ،‬فق ‪ ( ، 458‬هذا الطريق ‪،‬‬
‫التصوف ) السفر السادس ‪ ،‬فق ‪ ( ، 34‬أهل الطريق ) السفر السادس ‪ -‬فق ‪، 57‬‬
‫( هذا الطريق ) السفر السادس ‪ ،‬فق ‪ ( ، 66‬الطريق ) السفر السادس فق ‪، 68‬‬
‫َّللا ) السفر السادس ‪ .‬فق ‪ ( . 542‬أهل هذه الطريقة ) السفر الثالث ‪-‬‬ ‫( الطريق إلى ّ‬
‫فق ‪ ( ، 332‬أهل هذه الطريقة ) السفر الثالث ‪ -‬فق ‪ ( ، 1 - 330‬أهل هذه الطريقة )‬
‫السفر الثالث ‪ -‬فق ‪ ( ، 266‬أهل الطريق ) السفر الثالث فق ‪ ( ، 4‬أهل طريقنا )‬
‫السفر الثالث ‪ ،‬فق ‪ ( ، 6‬الطريق اإللهي ) السفر الثالث ‪ -‬فق ‪ ، 1‬الطريق اإللهي‬
‫( السفر الثالث ‪ -‬فق ‪( ، 94‬طريق االعتدال ) ‪ ،‬السفر الثالث فق ‪ ( ، 95‬طريق‬
‫االعتدال ) السفر الثالث فق ‪ ( ، 95‬الطريق األقوم ) السفر الثالث ‪ -‬فق ‪، 115‬‬
‫َّللا ) السفر الثالث فق ‪ ( ، 65‬طريق التكليف ) السفر الثالث ‪ -‬فق ‪183‬‬ ‫( طريق أهل ّ‬
‫‪ ( ،‬طريق الخضر ) السفر الثالث ‪ ،‬فق ‪ ( ، 331‬طريق السعادة ) السفر الثالث ‪ -‬فق‬
‫‪ ( ، 1 - 261 - 260‬طريق الشقاء ) السفر الثالث فق ‪ ( ، 1 - 261 - 260‬طريق‬
‫عبد القادر ) السفر الثالث ‪ -‬فق ‪ ( ، 1 - 371‬طريق القربة ) السفر الثالث ‪ -‬فق ‪178‬‬
‫( طريق المثال ) السفر الثالث فق ‪ ( ، 1 - 323‬الطريق المشروع ) السفر الثالث فق‬
‫‪ (115 - 1 .‬الطريق الموصول ) السفر الثالث ‪ -‬فق ‪ ( ، 40‬طريق الوجه الخاص )‬
‫السفر الثالث ‪ -‬فق ‪. 1 - 224‬‬
‫) ‪( 15‬ننقل بعض أقوالهم في الرضا التي تبين ما ذهبنا اليه ‪:‬‬
‫َّللا عنهم ورضوا عنه ‪ . . .‬وقد اختلف العراقيون‬ ‫َّللا عز وجل ‪ :‬رضي ّ‬
‫“ قال ّ‬
‫والخراسيون في الرضا ‪ ،‬هل هو من األحوال أو من المقامات ‪ ،‬فأهل خراسان قالوا‬
‫الرضا من جملة المقامات وهو نهاية التوكل ومعناه انه يؤول اي انه مما يتوصل اليه‬
‫العبد باكتسابه ‪ .‬واما العراقيون فإنهم قالوا الرضا من جملة األحوال وليس ذلك كسبا‬
‫للعبد بل هو نازلة تحل بالقلب كسائر األحوال ‪ .‬ويمكن الجمع بين اللسانين فيقال بداية‬
‫الرضا مكتسبة للعبد وهي من المقامات ونهايته من جملة األحوال وليست‬
‫بمكتسبة ‪ . . .‬وتكلم الناس في الرضا فكل عبر عن حاله وشربه ‪ .‬فهم في العبارة عنه‬
‫مختلفون كما أنهم في الشرب والنصيب في ذلك متفاوتون ‪ ،‬فاما شرط العلم الذي هو‬
‫باّلل تعالى هو الذي ال يعترض على تقديره ‪.‬‬‫ال بد منه فالراضي ّ‬

‫‪734‬‬
‫“ ‪“ 735‬‬

‫سمعت أبا سليمان الداراني يقول إذا سال العبد عن الشهوات فهو راض ‪ ،‬وسمعته يقول‬
‫َّللا رضاه فيه‬
‫سمعت النصر اباذي يقول ‪ :‬من أراد ان يبلغ محل الرضا فيلزم ما جعل ّ‬
‫َّللا جهنم على يمينه ما سأل ان يحولها إلى يساره ‪.‬‬
‫‪ ،‬وقال رويم الرضا ان لو جعل ّ‬
‫وقال أبو بكر بن طاهر الرضا اخراج الكراهية من القلب حتى ال يكون فيه إال فرح‬
‫وسرور ‪ ،‬وقال الواسطي استعمل الرضا جهدك وال تدع الرضا يستعملك فتكون‬
‫محجوبا بلذته ورؤيته عن حقيقة ما تطالع ‪ . . .‬وسئلت رابعة العدوية متى يكون العبد‬
‫راضيا فقالت إذا سرته المصيبة كما سرته النعمة ‪ . . .‬وقال الجنيد الرضا رفع‬
‫َّللا للعبد ‪ . . .‬وقال‬
‫االختيار ‪ ،‬وقال ابن عطاء الرضا نظر القلب إلى قديم اختيار ّ‬
‫المحاسبي الرضا سكون القلب تحت مجاري االحكام “ ( الرسالة القشيرية ص ‪- 89‬‬
‫‪. ) 90‬‬

‫‪ - 416‬الطلسم األعظم‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ ( طلسم ) كلمة أعجمية يستعملها العرب بمعنى الخفاء والكتم “ ( عبد الغني النابلسي‬
‫في شرح الصالة الكبرى البن العربي )‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫لم يرد المفرد في القرآن ‪.‬‬
‫عند ابن العربي ‪:‬‬
‫ان االنسان هو طلسم العالم اي سر العالم ‪ .‬فلو رفع االنسان من العالم لتهدم العالم [ ‪-‬‬
‫القيامة ] ‪ ،‬فبموت آخر انسان تنتقل عمارة الكون إلى الدار اآلخرة ‪ ،‬لذلك هو سر‬
‫العالم والطلسم األعظم ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ان هذا النوع الشريف [ االنسان ] طلسم العالم ‪ ( “ . .‬بلغة الغواص ق ‪. ) 93‬‬
‫“ ان االنسان بنفسه هو الطلسم األعظم والقربان األكرم ‪ ،‬الجامع لخصائص العالم ‪،‬‬
‫فهو قربة إلى مكوكب الكواكب سبحانه ‪ ،‬ومن اجل هذا الطلسم خدمته الكواكب ‪. . .‬‬
‫“ ( بلغة الغواص ق ‪. ) 89‬‬

‫َّللا العالم‬
‫“ ولما كان الرسول قد جا [ جاء ] بحل هذا الطلسم األعظم ‪ ،‬الذي جعل ّ‬
‫ممسوكا به وألجله ‪ ،‬وجعله مغناطيسا للعالم ‪ ( “ . .‬بلغة الغواص ق ‪.) 93‬‬

‫‪735‬‬
‫“ ‪“ 736‬‬

‫‪ – 417‬مطلع‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الطاء والالم والعين أصل واحد صحيح ‪ ،‬يدل على ظهور وبروز ‪ ،‬يقال طلعت‬
‫الشمس طلوعا ومطلعا ‪ .‬والمطلع ‪ :‬موضع طلوعها ‪. . .‬‬
‫ويقال طلع علينا فالن ‪ :‬إذا هجم ‪. . .‬‬
‫والطالع ‪ :‬ما طلعت عليه الشمس من األرض ‪.‬‬ ‫ّ‬
‫وفي الحديث ‪ “ :‬لو أن لي طالع األرض ذهبا “ ‪.‬‬

‫ّ‬
‫األطالع ‪.‬‬ ‫ونفس طلعة ‪ ،‬تتطلع للشيء ‪ ،‬وامرأة طلعة ‪ ،‬إذا كانت تكثر‬
‫والطلع ‪ :‬طلع النخلة ‪ ،‬وهو الذي يكون في جوفه الكافور ‪. . .‬‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫والمطلع ‪ :‬المأتي ‪ ،‬يقال اين مطلع هذا االمر ‪ ،‬اي مأتاه ‪.‬‬
‫ّ‬
‫المطلع ‪“ . 1‬‬ ‫فاما قوله عليه السالم ‪ “ :‬ال فتديت به من هول‬
‫( معجم مقاييس اللغة مادة “ طلع “ ) ‪.‬‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫( أ ) ورد األصل “ طلع “ مضافا إلى الشمس بصيغة ‪ :‬الفعل ‪ ،‬والمصدر ‪،‬‬
‫والموضع ‪.‬‬
‫ذات ْاليَ ِّم ِّ‬
‫ين “[ ‪] 17 / 18‬‬ ‫ع ْن َك ْه ِّف ِّه ْم َ‬ ‫زاو ُر َ‬‫ت تَ َ‬ ‫س ِّإذا َ‬
‫طلَعَ ْ‬ ‫ش ْم َ‬ ‫قال تعالى ‪َ ” :‬وت َ َرى ال َّ‬
‫ب “[ ‪] 39 / 50‬‬ ‫ش ْم ِّس َوقَ ْب َل ْالغُ ُرو ِّ‬‫طلُوعِّ ال َّ‬ ‫س ِّبّ ْح ِّب َح ْم ِّد َر ِّبّ َك قَ ْب َل ُ‬
‫قال تعالى ‪َ ” :‬و َ‬
‫على قَ ْو ٍم ‪. “[ 18 / 90 ] .‬‬ ‫طلُ ُع َ‬ ‫ش ْم ِّس َو َج َدها ت َ ْ‬ ‫قال تعالى ‪َ ” :‬حتَّى إِّذا بَلَ َغ َم ْ‬
‫ط ِّل َع ال َّ‬

‫( ب ) كما ورد هذا األصل بصيغة طلع واطلع ‪ ،‬يفيد رؤية أو علم ما يمت إلى الغيب‬
‫في العموم ‪.‬‬
‫ب‪. ] 179 / 3 [ “ 2‬‬ ‫علَى ْالغَ ْي ِّ‬ ‫ط ِّلعَ ُك ْم َ‬ ‫َّللاُ ِّليُ ْ‬
‫قال تعالى ‪َ ” :‬وما كانَ َّ‬
‫ع ْهدا ً ] ‪. “[ 19 / 78‬‬
‫من َ‬‫الر ْح ِّ‬ ‫طلَ َع ْالغَي َ‬
‫ْب أ َ ِّم ات َّ َخذَ ِّع ْن َد َّ‬ ‫قال تعالى ‪ ” :‬أ َ َّ‬

‫( ج ) طلع النخل ( انظر الفقرة السابقة ‪ :‬في اللغة ) ‪.‬‬


‫ط ْل ٌع ن ِّ‬
‫َضي ٌد‪“. [ 50 / 10 ] .‬‬ ‫ت لَها َ‬
‫قال تعالى ‪َ ” :‬والنَّ ْخ َل با ِّسقا ٍ‬

‫‪736‬‬
‫“ ‪“ 737‬‬
‫عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫يتبنى ابن العربي الحديث الشريف ‪ “ :‬لكل آية ظهر وبطن وحد ومطلع ‪ “ 3‬ويعممه‬
‫على كل الموجودات واألكوان ‪.‬‬
‫فكل شيء عنده له ‪ :‬ظهر وبطن وحد ومطلع ‪.‬‬
‫اما ظاهر الشيء وباطنه ‪ ،‬فقد أفردنا لهما مكانا في رسالتنا ( انظر “ ظاهر “ ) ‪.‬‬
‫وحدّه ‪ :‬هو ماهيته أو حقيقته أو عينه الثابتة ‪. 4‬‬
‫ومطلع “ الشيء ‪“ :‬‬
‫هو وجه الحق فيه ‪ ،‬فهنا يتحول “ الشيء “ من حجاب ورمز يعوق مرأى الحق إلى‬
‫طريق موصل اليه ‪ ،‬وننتقل من المظهر إلى الظاهر به ومن كثرة اعتبارية في‬
‫الموجودات إلى وحدة الحق ‪ ،‬حيث يطلق ابن العربي على “ المشاهدين “ لها األسماء‬
‫التالية ‪ :‬أهل المطلع ‪ ، 5‬أصحاب مشاهدة الوجه ‪ ، 6‬المالمية ‪. 7‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫“ لما كانت األمور كلها لها أربعة احكام ‪ :‬حكم ظاهر وحكم باطن وحكم حد وحكم‬
‫مطلع ‪ . . .‬وجه الحق في كل شيء وهو المطلع ‪ :‬فاطلع فما وقعت عينه على األشياء‬
‫وانما وقعت عينه على وجه الحق فيها ‪ ،‬الذي ارتبطت في وجودها به والذي ظهرت‬
‫عنه ‪ ( “ . . 8‬ف ‪. ) 177 / 2‬‬

‫“ المطلع ‪ :‬النظر إلى عالم الكون والناظر حجاب العزة ‪ .‬هو العماء ‪ 9‬والحيرة ‪10‬‬
‫“ ‪ ( .‬اصطالحات ص ‪. ) 297‬‬
‫“ أهل المطلع ‪ . . 11‬الناظر إلى الكون بعين الحق ‪ ( “ . . .‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص‬
‫‪. ) 129‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬الكالم بعده مبتور ‪ .‬في اللسان ‪ “ :‬يريد به الموقف يوم القيامة أو ما يشرف‬
‫عليه من امر اآلخرة عقب الموت ‪“ .‬‬
‫) ‪( 2‬يقول البيضاوي في شرح “ اطلع “ هنا ‪:‬‬
‫َّللا ليؤتي أحدكم علم الغيب فيطلع على ما في القلوب من كفر وايمان ‪. . .‬‬ ‫“ وما كان ّ‬
‫“ ( أنوار التنزيل ج ‪ 1‬ص ‪. ) 81‬‬
‫) ‪( 3‬انظر فهرس األحاديث حديث رقم ‪( 31 ) .‬‬
‫) ‪( 4‬انظر “ عين ثابتة ‪“ .‬‬
‫َّللا في فهم القرآن أربعة ‪ :‬رجال الظاهر ‪ -‬رجال‬ ‫) ‪( 5‬قسم ابن العربي مراتب رجال ّ‬
‫الباطن ‪ -‬رجال‬

‫‪737‬‬
‫“ ‪“ 738‬‬

‫الحد ‪-‬رجال المطلع ‪ .‬وقد استطرد في شرح صفاتهم ومقامهم ومجال تصرفهم كما أنه‬
‫أورد مشاهيرهم ‪ .‬انظر الفتوحات السفر الثالث نشر عثمان يحي الفقرات ‪- 153 :‬‬
‫‪158‬ب ‪.‬‬

‫) ‪( 6‬وردت عبارة “ أصحاب مشاهدة الوجه “ في الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪. 177‬‬


‫) ‪( 7‬رجال المطلع ‪ -‬المالمية ‪ .‬انظر الفتوحات السفر الثالث الفقرة ‪ . 158‬راجع‬
‫“ مالمية ‪“ .‬‬
‫) ‪( 8‬يقول الجيلي في المعنى نفسه شعرا ‪ ”:‬تجلى حبيبي في مرائي جماله * ففي كل‬
‫مرأى للحبيب طاليع‬
‫فلما تبدى حسنه متنوعا * تسمى بأسماء فهن مطالع “راجع مخطوط المكتبة الوطنية‬
‫باريس رقم ‪ 3430‬ورقة ‪ 37‬ب ‪.‬‬
‫) ‪( 9‬ليس المراد هنا “ العماء “ بل “ بحر “ العماء عند ابن العربي ‪ ،‬من حيث إنه‬
‫حجاب العزة للحق وللخلق انظر “ بحر العماء ‪“ .‬‬
‫) ‪( 10‬المطلع هو الحيرة ( حيرة عرفان ) من حيث إنه نهاية الفهم للشيء ‪ ،‬يأتي بعد‬
‫الظاهر والباطن والحد ‪.‬‬
‫وقد رأينا عند بحث الحيرة انها نهاية المعرفة ‪ .‬انظر “ حيرة ‪“ .‬‬

‫) ‪( 11‬يراجع بشأن “ مطلع “ عند ابن العربي ‪:‬‬


‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪. 254 ، 5‬‬
‫‪-‬كتاب الشاهد ص ‪17‬‬
‫‪-‬كتاب مشاهد االسرار القدسية ومطالع األنوار اإللهية ‪ .‬خاصة ‪ :‬المشهد السادس‬
‫حيث يتكلم على الظاهر والباطن والحد والمطلع ‪.‬‬
‫كما يراجع ‪:‬‬
‫‪-‬شرح تائية ابن الفارض ق ‪ “ : 19‬ان للقرآن ظهرا وبطنا ‪. . .‬‬
‫وظهره ‪ :‬ما يفهم من ألفاظه ‪ . . .‬وبطنه ‪ :‬المفهومات الالزمة للمفهوم األول ‪ ،‬وحده ‪:‬‬
‫ما اليه ينتهي غاية ادراك الفهوم والعقول ‪.‬‬
‫ومطلعه ‪ :‬ما يدرك منه على سبيل الكشف والشهود من االسرار ‪. . . “ .‬‬
‫‪-‬االصطالحات الصوفية عز الدين المقدسي ق ‪ 83‬أ ‪:‬‬
‫“ الظهر ‪ :‬التفسير ‪ ،‬والبطن ‪ :‬التأويل والحد ‪ :‬ما يتناهى اليه الفهم ‪ ،‬والمطلع ‪ :‬ما‬
‫يصعد منه اليه فيطلع على شهود الملك العالم ملك الملوك ‪. . . “ .‬‬

‫‪738‬‬
‫“ ‪“ 739‬‬
‫‪ - 418‬طوالع‬
‫انظر “ لوائح “‬

‫‪ – 419‬الطائفة‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الطاء والواو والفاء أصل واحد صحيح يد ّل على دوران الشيء على الشيء ‪ ،‬وأن‬
‫يحف به ‪ ،‬ثم يحمل عليه ‪. .‬‬ ‫ّ‬
‫فأما الطائفة من الناس فكأنها جماعة تطيف بالواحد أو بالشيء ‪ .‬وال تكاد العرب تحدّها‬
‫أن الفقهاء والمفسرين يقولون فيها مرة ‪ :‬انها أربعة فما فوقها ‪. . .‬‬ ‫بعدد معلوم ‪ ،‬اال ّ‬
‫ويقولون ‪ :‬هي الثالثة ‪ ،‬ولهم في ذلك كالم كثير “ ‪ ( .‬معجم مقاييس اللغة مادة “ طوف‬
‫“)‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫وردت “ الطائفة “ في القرآن بمعنى الجماعة من الناس‪:‬‬
‫عد ّ ُِّو ِّه ْم‪“( 61 / 14 ) .‬‬ ‫ت طا ِّئفَةٌ فَأَيَّ ْدنَا الَّذِّينَ آ َمنُوا َ‬
‫على َ‬ ‫قال تعالى ‪َ ” :‬و َكفَ َر ْ‬
‫عند ابن العربي ‪:‬‬
‫تختلف كلمة “ طائفة “ عند ابن العربي إذا وردت “ منكرة “ أم “ معرفة ‪“ .‬‬
‫‪ - 1‬منكرة ‪:‬‬
‫الطائفة هي فئة من الناس جمعها عقيدة واحدة في أمر ما ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا امرا ما ‪ ،‬ان تجلى لها في خالفه أنكرته ‪. . .‬‬ ‫“ فإن كل طائفة قد اعتقدت في ّ‬
‫“ ( ف السفر الرابع فق ‪. ) 250‬‬

‫معرفة ‪:‬‬
‫‪ّ -2‬‬
‫الطائفة عندما ترد معرفة عند ابن العربي فهي تعني طائفة “ الصوفية “ فقط‪.‬‬

‫‪739‬‬
‫“ ‪“ 740‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا يقطع كل ما دونه ‪ ،‬حتى يكون االنسان يأخذ عن ربه ‪ ،‬فهذا ال‬ ‫“ بل الوصول إلى ّ‬
‫تمنعه الطائفة ؛ بال خالف “ ( ف السفر الرابع فق ‪. ) 122‬‬
‫“ والطائفة ‪ 1‬تسمى الجوع ‪ ،‬في “ الموتات األربع “ “ الموت األبيض “ ( ف السفر‬
‫الرابع فق ‪) 181‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يراجع بشأن “ طائفة “ معرفة ومنكرة عند ابن العربي ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات السفر الرابع فق ‪ ( 40‬الطائفة ) ‪ ( 86 ،‬الطائفة ) ‪ (247 ،‬الطائفة ) ‪،‬‬
‫‪ ( 250‬طائفة ‪ -‬طوائف ) ‪ ( 254 ،‬طائفة ) ‪ ( 293 ،‬الطائفة ) ‪ ( 296 ،‬الطائفة ) ‪،‬‬
‫‪ ( 321‬الطائفة ) ‪ ( 346 ،‬الطائفة ) ‪ ( 357 ،‬الطائفة ) ‪ ( 367 ،‬الطائفة ) ‪374 ،‬‬
‫( طائفة ) ‪ ( 375 ،‬الطائفة ) ‪ ( 383 ،‬طائفة ) ‪ (384 ،‬طائفة ) ‪388 ،‬‬
‫( الطائفتين ) ‪ ( 412 ،‬طائفة ) ‪ ( 485 ،‬طائفة ) ‪ ( 599 ،‬طائفة ) ‪ ( 606‬الطائفة ‪،‬‬
‫التي “ ال يحزنهم الفزع األكبر “ ) ‪.‬‬

‫المطول البسيط‬ ‫ّ‬ ‫‪- 420‬‬


‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الطاء والواو والالم أصل صحيح يدل على فضل وامتداد في الشيء ‪ ،‬من ذلك ‪:‬‬
‫طال الشيء يطول طوال ‪ . . .‬ويقولون ‪ :‬ال أكلمه طوال الدهر “ ‪ ( . . .‬معجم مقاييس‬
‫اللغة مادة “ طول “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫ورد األصل “ طول “ بالمعنى اللغوي السابق ‪.‬‬
‫اما اللفظ “ مطول “ فلم يرد ‪.‬‬
‫علَ ْي ِّه ُم ْالعُ ُم ُر “( ‪. ) 45 / 28‬‬ ‫قال تعالى ‪ ” :‬فَت َ َ‬
‫طاو َل َ‬
‫يال “( ‪. ) 7 / 73‬‬ ‫سبْحا ً َ‬
‫ط ِّو ً‬ ‫قال تعالى ‪ِّ ” :‬إ َّن لَ َك فِّي النَّ ِّ‬
‫هار َ‬

‫عند ابن العربي ‪:‬‬


‫ان الفكرة اليونانية القائلة االنسان ‪ :‬عالم صغير ‪ ،‬والعالم ‪ :‬انسان كبير ‪،‬‬
‫‪-----‬‬

‫‪740‬‬
‫“ ‪“ 741‬‬

‫بسقت وازهرت جملة مصطلحات اغنى بها الشيخ األكبر مفرداته ‪.‬‬
‫وعبارة “ المطول البسيط “ هي اسم آخر للعالم ‪ :‬االنسان الكبير ‪ ،‬في مقابل االنسان‬
‫المختصر ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ االنسان ‪ . . .‬مجموع حقائق العالم وهو المختصر الوجيز والعالم هو المطو البسيط‬
‫‪ ( “ . . . 1‬ف ‪. ) 307 / 2‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬راجع في هذا الكتاب “ المختصر “ “ صورة “ “ نسخة “ “ انسان كبير “ وما‬
‫إلى ذلك من المرادفات لهذه العبارة ‪.‬‬

‫‪ - 421‬الطيور األربعة‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫ّ‬
‫والطير ‪ :‬معروف اسم لجماعة ما يطير ‪ ،‬مؤنث ‪ ،‬والواحد طائر واألنثى طائرة ‪. . .‬‬ ‫“‬
‫“ ( لسان العرب مادة “ طير “ ) ‪.‬‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫ورد األصل “ طير “ بالمعنى اللغوي السابق ‪:‬‬
‫ت َويَ ْق ِّبضْنَ ‪“[ 67 - 19 ] .‬‬
‫الطي ِّْر فَ ْوقَ ُه ْم صافَّا ٍ‬ ‫قال تعالى ‪ ” :‬أ َ َولَ ْم يَ َر ْوا ِّإلَى َّ‬
‫َّللا “[ ‪. ] 49 / 2‬‬ ‫طيْرا ً ِّبإِّ ْذ ِّن َّ ِّ‬
‫ون َ‬‫قال تعالى ‪” :‬فَأ َ ْنفُ ُخ ِّفي ِّه فَيَ ُك ُ‬

‫عند ابن العربي ‪:‬‬


‫يرمز ابن العربي إلى مراتب وجودية أربع بأسماء أربعة من الطيور ‪.‬‬
‫ولم يكن رمزه هذا عن عبث بل لصفة قاربت بين الطير والمرتبة الوجودية‪.‬‬
‫فالطيور األربعة هي ‪ :‬العنقاء ‪ ،‬والورقاء ‪ ،‬والغراب ‪ ،‬والعقاب ‪.‬‬

‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬وسميت هذه الرسالة باالتحاد الكوني في حضرة االشهاد العيني ‪ ،‬بحضرة‬

‫‪741‬‬
‫“ ‪“ 742‬‬

‫الشجرة االنسانية والطيور األربعة الروحانية ‪ ( “ . . .‬االتحاد الكوني ق ‪ 140‬ب ) ‪.‬‬

‫“ اين أنت والغريبة العنقاء ‪،‬‬


‫اين أنت والمطوقة الورقاء ‪،‬‬
‫اين أنت والغراب الحالك ‪،‬‬
‫اين أنت والعقاب المالك ‪“ . . .‬‬
‫( االتحاد الكوني ق ‪142‬أ ) ‪.‬‬
‫انظر “ عنقاء “ “ ورقاء “ “ الغراب “ “ العقاب “‬

‫‪742‬‬
‫“ ‪“ 743‬‬
‫حرف الظاء‬
‫ظ‬

‫‪743‬‬
“ 744 “

744
‫“ ‪“ 745‬‬
‫‪ – 422‬الظ ّل‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬قال رؤبة ‪ :‬كل موضع يكون فيه الشمس فتزول عنه ‪ ،‬فهو ظ ّل وفيء ‪. . .‬‬
‫الظل أظالل وظالل وظلول ‪. . .‬‬ ‫وجمع ّ‬
‫والظالل ‪ :‬ما اظلّك من سحاب ونحوه ‪. .‬‬
‫شعاع ‪. .‬‬ ‫الظل في الحقيقة انما هو ضوء شعاع الشمس دون ال ّ‬ ‫ّ‬
‫يقال أظ ّل يومنا هذا إذا كان ذا سحاب أو غيره وصار ذا ظ ّل ‪ ،‬فهو مظل ‪. . .‬‬
‫والعرب تقول ‪:‬‬
‫ليس شيء أظ ّل من حجر ‪ ،‬وال أدفأ من شجر ‪ . . .‬وك ّل ما كان أكثر عرضا وأشد‬
‫اكتنازا كان أشد لسواد ظلّه ‪. .‬‬
‫بالغدو‬
‫ّ‬ ‫وّلل يسجد من في السماوات واألرض طوعا وكرها وظاللهم‬ ‫وقوله عز وجل ‪ّ :‬‬
‫َّللا وظلّه‬
‫واآلصال ‪ .‬أي ويسجد ظاللهم ‪ ،‬وجاء في التفسير ‪ :‬ان الكافر يسجد لغير ّ‬
‫يسجد ّّلل ‪ .‬وقيل ظاللهم اي اشخاصهم ‪.‬‬
‫ور[ ‪] 21 / 35‬‬‫الظ ُّل َو َال ْال َح ُر ُ‬
‫‪:‬و َال ِّ ّ‬ ‫وهذا مخالف للتفسير ‪ . . .‬وقوله عز وجل َ‬
‫الظل هنا الجنة ‪ ،‬والحرور ‪ :‬النار ‪. . .‬‬ ‫قال ثعلب ‪ :‬قيل ّ‬
‫َمام[ ‪. ] 57 / 2‬‬ ‫علَ ْي ُك ُم ْالغ َ‬
‫ظلَّ ْلنا َ‬ ‫وقوله عز وجل ‪َ ”:‬و َ‬
‫َّللا لهم السحاب يظلهم متى خرجوا إلى األرض المقدسة ‪ ،‬وأنزل عليهم‬ ‫قيل ‪ :‬سخر ّ‬
‫المن والسلوى ‪ . . .‬وكل شيء اظلّك فهو ظلّه ‪. .‬‬ ‫ّ‬
‫الظ َّل[ ‪] 45 / 25‬‬ ‫ْف َم َّد ِّ ّ‬
‫وفي التنزيل العزيز ‪:‬أ َ لَ ْم ت َ َر ِّإلى َر ِّبّ َك َكي َ‬
‫وظ ّل كل شيء ‪:‬‬
‫شخصه لمكان سواده ‪ ( “ . . .‬لسان العرب مادة “ ظلل “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫انظر ‪ :‬في اللغة‬

‫عند ابن العربي ‪:‬‬


‫استعان ابن العربي بصورة الشيء والنور وظله أو ظالله ‪،‬‬

‫المثلثة العناصر ليفسر ‪:‬‬


‫‪ - 1‬الخلق والتكثر‬
‫‪ - 2‬نمطية العالقة بين الحق والخلق‬
‫‪ - 3‬أحدية الفعل‪.‬‬

‫‪745‬‬
‫“ ‪“ 746‬‬

‫فالظل ال يتمتع بمضمون ذاتي عند شيخنا األكبر ‪ ،‬وما هو اال صورة استعارها ليقرب‬
‫إلى األذهان فكرته في الوجود الواحد المتكثر في المظاهر ‪.‬‬
‫وقد استطاعت هذه الصورة التمثيلية ان تتكيف مع نظريته فطبقها في الكليات ‪،‬‬
‫وطوعها في الجزئيات ‪.‬‬
‫فلنر إلى اي مدى وفق في استعارته هذه ‪.‬‬
‫****‬
‫الخلق والتكثر الوجود واحد يتكثر في الصور التي يعبر عنها ابن العربي بالمظاهر أو‬
‫المجالي أو الظالل ‪ .‬فالظل هو شكل الشيء عند مقابلته النور ‪.‬‬
‫فلذلك الظل وان كان على الصورة فنسبته إلى األصل نسبة بعيدة ‪ ،‬نسبة ما بين‬
‫الشخص وظله ‪.‬‬
‫فالظل تدن في المرتبة الوجودية ‪ ،‬وإشارة إلى المرتبة األدنى دائما ‪ ،‬جسم الشخص‬
‫مثال ظل حقيقته وهكذا ‪. . .‬‬
‫يقول ‪ :‬التكثر ‪.‬‬
‫“ ‪ . . .‬ظل االشخاص اشكالها فهي أمثالها وهي ساجدة بسجود اشخاصها ‪ ،‬ولوال‬
‫النور الذي هو بإزاء االشخاص ما ظهرت الظالل ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 435 / 4‬‬
‫“ ‪ . . .‬الشخص وان كان واحدا فال تقل له ظل واحد وال صورة واحدة ‪. . .‬‬
‫فعلى عدد ما يقابله من األنوار يظهر للشخص ظالالت وعلى عدد المراي تظهر له‬
‫صور ‪.‬‬
‫فهو واحد من حيث ذاته متكثر من حيث تجليه في الصور ‪ ،‬أو ظالالته في األنوار‬
‫فهي المتعددة ال هو وليست الصور غيره ‪ ( “ . . .‬التراجم ‪. ) 31‬‬

‫األدنى ظل لألعلى ‪:‬‬


‫“ ‪ . . .‬واعلم أن الطبيعة ظل النفس الكلية الموصوفة بالقوتين المعبر عنها بلسان‬
‫الشرع باللوح المحفوظ ‪ ،‬فما لم يمتد من ظل النفس وبقي فيها فهو الذي نزلت به‬

‫‪746‬‬
‫“ ‪“ 747‬‬

‫على العقل في درجة النورية واإلضاءة ‪ ،‬وما امتد من ظل النفس سمي طبيعة ‪ ،‬وكان‬
‫امتداد هذا الظل على ذات الهيولى الكل ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 296 / 3 -‬‬
‫“ ‪ . . .‬إذا كان جسمك ظل حقيقتك وهو ظل غير ظليل ال يغنيها من اللهب ‪ ،‬بل هو‬
‫الذي يقودها إلى لهب الجهالة ويضرم فيها نارها ‪ ( “ . . .‬ف ‪- 3 / 32 ) .‬‬
‫****‬
‫الظل ‪ :‬نمطية عالقة بين الحق والخلق يتصور ابن العربي العالقة بين الحق والخلق‬
‫كالعالقة بين الصورة واألصل ‪ ،‬فالصورة ال وجود لها في عينها وانما تكتسب‬
‫وجودها بوجود األصل ‪ ،‬وهي وان كانت غير األصل ‪ ،‬اال انها موصلة اليه بشكل من‬
‫االشكال ‪ ،‬ودالة عليه ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫) ‪ “ ( 1‬وانما جعل النهار ظال لليل ألن الليل هو األصل ‪ ،‬وكذلك الجسم هو األصل‬
‫فإنه بعد التسوية انسلخ منه النهار عند التفتح ‪ ،‬فكان مدرجا فيه من اجل الحجاب ‪ ،‬فلما‬
‫أحس بالنفخة اإللهية سارع إليها فظهر ما كان مسلوخا منه ‪ ( “ . . .‬أيام الشأن ص‬
‫‪.)9‬‬

‫) ‪ “ ( 2‬فان الظالل ال يكون لها عين بعدم النور ‪ ”.‬ث ُ َّم قَبَضْناهُ ِّإلَيْنا قَبْضا ً يَ ِّسيرا ً “[ ‪25‬‬
‫‪ ] 46 /‬وانما قبضته اليه ألنه ظله ‪ ،‬فمنه ظهر واليه يرجع االمر كله ‪ ،‬فهو هو ال‬
‫غيره ‪ .‬فكل ما ندركه فهو وجود الحق في أعيان الممكنات ‪. . .‬‬
‫فكما ال يزول عنه باختالف الصور اسم الظل ‪ . . .‬فمن حيث أحدية كونه ظال هو‬
‫الحق ‪ ،‬ألنه الواحد االحد “ ‪ ( . . .‬فصوص ‪. ) 103 / 1‬‬

‫) ‪ “ ( 3‬انبعاث الظل من الشخص إذا قابله النور ‪ ،‬فال تنظر إلى النور نظرا يغنيك‬
‫عن ظلك فتدعي انك هو ‪ ،‬وال إلى ظلك بحيث ينسيك النور “ ( رسالة القواعد الكلية‬
‫ق ‪ 15‬أ ) ‪.‬‬

‫) ‪ “ ( 4‬ما مد الظالل للراحة وانما مدها لتكون لك سلما إلى معرفته ‪ ،‬فأنت ذلك‬
‫الظل وسيقبضك اليه ‪ ( “ . . .‬الشاهد ص ‪.) 3‬‬

‫‪747‬‬
‫“ ‪“ 748‬‬

‫الظالل ال تؤثر في أحدية الفعل يوحد ابن العربي الفعل في الكون بأجمعه وينسبه إلى‬
‫الحق فقط ‪ .‬فهو فاعل تعالى في كل فعل ‪ .‬وليس أكمل من استعارة الظالل في التعبير‬
‫عن تبعية كل الصورة لفعل األصل ‪ .‬فالحركة المرئية في الظل هي في الحقيقة‬
‫لألصل ‪.‬‬

‫لذلك كل فعل في الكون تنطبق عليه اآلية التي تنفي وتثبت “ ‪ . . .‬وما رميت إذ رميت‬
‫َّللا رمى ‪ “ . .‬فنفى وأثبت واكد نسبته إلى الحق ‪.‬‬
‫ولكن ّ‬

‫يقول ‪:‬‬
‫“ ظلك على صورتك وأنت على الصورة ‪ ،‬فأنت ظل ‪ .‬قام الدليل على أن التحريك‬
‫للحق ال لك ‪ ،‬كذلك التحريك لك ال للظل ‪ ( “ 1‬التراجم ص ‪. ) 30‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪ ( 1‬يراجع بشأن “ ظل “ عند ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪ ( 299‬مد الظل ) ص ‪ ( 303‬كالظل المنبعث )‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪ ( 47‬الظالالت الحقيقية ) ص ‪ ( 106‬مد الظل ) ص ‪304‬‬
‫( عدم الممكن ظل )‬
‫‪-‬مشاهد االسرار القدسية ق ‪ ( 25‬الظل )‬
‫‪-‬مطلع فصوص الكلم ق ‪. 3‬‬
‫‪-‬شرح مشكالت الفتوحات ص ‪14 - 13‬‬
‫‪-‬الصالة الكبرى ق ‪. 19‬‬

‫للا‬
‫‪ - 423‬ظ ّل ّ‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫انظر “ ظل “‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫انظر “ ظل “‬

‫‪748‬‬
‫“ ‪“ 749‬‬
‫عند ابن العربي ‪:‬‬
‫*كل مظهر أو صورة للحق فهي ظل له تعالى ‪. .‬‬
‫َّللا “ هنا يقصد بها ابن العربي االسم الجامع لألسماء كلها ‪.‬‬
‫و“ ّ‬
‫َّللا “ ليس مظهرا للذات اإللهية بل مظهرا للحق من حيث جمعيته لألسماء ‪.‬‬ ‫ان “ ظل ّ‬
‫َّللا “ هنا هو العالم ‪ ،‬أو ما يسميه “ سوى الحق “ ‪.‬‬
‫فيكون “ ظل ّ‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬اعلم أن المقول عليه “ سوى الحق “ أو مسمى العالم هو بالنسبة إلى الحق‬
‫َّللا ‪ ،‬وهو عين نسبة الوجود إلى العالم الن الظل موجود‬‫كالظل للشخص ‪ ،‬وهو ظل ّ‬
‫بال شك في الحس ‪ . . .‬فمحل ظهور هذا الظل اإللهي المسمى بالعالم انما هو أعيان‬
‫الممكنات ‪ :‬عليها امتد هذا الظل ‪ ،‬فتدرك من هذا الظل بحسب ما امتد عليه من وجود‬
‫هذه الذات ‪.‬‬

‫ولكن باسمه النور وقع االدراك وامتد هذا الظل على أعيان الممكنات في صورة الغيب‬
‫المجهول ‪ .‬اال ترى الظالل تضرب إلى السواد تشير إلى ما فيها من الخفاء لبعد‬
‫المناسبة بينها وبين اشخاص من هي ظالله ‪ ( “ 1‬فصوص ‪. )1 / 101 - 102‬‬
‫****‬
‫َّللا هو الظاهر بصفة من صفاته أو أسمائه تعالى ‪ ،‬على االستخالف فالخليفة إذا‬ ‫ظل ّ‬
‫َّللا ‪.‬‬
‫[ الخالفة الباطنة والخالفة الظاهرة ( انظر خالفة ) ] هو ‪ :‬ظل ّ‬
‫يقول ‪:‬‬
‫الخالفة الظاهرة ‪:‬‬
‫َّللا في األرض ‪ ،‬فالظل ال محالة تابع لمن هو ظله ‪ ( “ . . .‬بلغة‬
‫“ ‪ . . .‬السلطان ظل ّ‬
‫الغواص ق ‪. ) 62‬‬

‫الخالفة الباطنة ‪:‬‬


‫َّللا حجب الجميع عنه وما ظهر اال لالنسان الكامل ‪ ،‬الذي هو ظله الممدود‬
‫“ ‪ . . .‬فإن ّ‬
‫وعرشه المحدود ‪ ،‬وبيته المقصود الموصوف بكمال الوجود “ ‪ ( . . .‬ف ‪/ 3 -‬‬
‫‪. ) 282‬‬
‫“ ‪ . . .‬فجعل االنسان الكامل خليفة عن االنسان الكل الكبير ‪ ،‬الذي هو ظل‬

‫‪749‬‬
‫“ ‪“ 750‬‬
‫َّللا في خلقه ‪ ،‬من خلقه ‪.‬‬
‫ّ‬
‫فعن ذلك هو خليفة ‪ .‬ولذلك هم خلفاء عن مستخلف واحد فهم ظالله ‪ .‬لألنوار اإللهية‬
‫التي تقابل االنسان األصل ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 297 / 3‬‬

‫َّللا ‪، 2‬‬
‫َّللا ] به ‪ .‬مفتاح غيب االنسان الكامل الذي هو ظل ّ‬ ‫“ ‪ . . .‬فأول مفتاح فتح [ ّ‬
‫َّللا ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 279 / 3‬‬ ‫في كل ما سوى ّ‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬انظر شرح المقطع ‪ .‬الفصوص ج ‪ 2‬ص ‪111 - 110‬‬
‫) ‪( 2‬يراجع بشأن “ ظل “ عند ابن العربي‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪ ( 27‬الظلة )‬
‫ص ‪ ( 190‬ظل الصورة اإللهية )‬
‫ص ‪ ( 282‬ظله الممدود )‬
‫ص ‪ ( 430‬ظل الشخص ) ‪.‬‬

‫‪ - 424‬ظ ّل الرحمن‬

‫في اللغة ‪:‬‬


‫انظر “ ظل “‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫انظر “ ظل “عند ابن العربي ‪:‬‬
‫ظل الرحمن هو صورة ومظهر االسم الرحمن ‪ ،‬وإذا علمنا أن االسم الرحمن عند ابن‬
‫العربي يعني الوجود ‪.‬‬

‫فيكون ظل الرحمن هو ‪ :‬الجامع للموجودات كلها اي العرش ‪.‬‬


‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا العرش ‪ ،‬غير أنه ليس كل ظل يمتد ‪ ،‬والعرش في‬
‫“ لكل شيء ظل ‪ ،‬وظل ّ‬
‫األلوهية ظل غير ممتد ‪ ،‬لكنه غيب اال ترى األجسام ذوات الظل المحسوس إذا‬

‫‪750‬‬
‫“ ‪“ 751‬‬

‫أحاطت بها األنوار كان ظلها فيها ‪ ،‬والنور ظله فيه والظلمة ضياؤها فيها ‪. . .‬‬
‫َّللا ‪ ( “ . . .‬الجاللة ص‬
‫فالعرش الظاهر ‪ :‬ظل الرحمن ‪ ،‬والعرش االنساني ‪ :‬ظل ّ‬
‫‪.)4‬‬
‫انظر “ عرش "‪.‬‬

‫‪ - 425‬الظ ّل الممدود‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫انظر “ ظل “‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫انظر “ ظل “‬
‫عند ابن العربي ‪:‬‬
‫يقسم ابن العربي الظل إلى نوعين ‪ :‬نوع مستهلك في الشخص ال يمتد خارجه ‪ ،‬ونوع‬
‫آخر يمتد خارج الشخص ‪.‬‬
‫فهذا الممتد خارج الشخص هو الظل الممدود ‪.‬‬
‫اما المستهلك في الشخص فهو ظل غير ممدود ‪.‬‬
‫بعد ما علمنا الظل الممدود وغير الممدود ‪.‬‬
‫ما أو من هو الظل الممدود ؟‬
‫انه االنسان الكامل ‪.‬‬

‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا حجب الجميع عنه وما ظهر اال لالنسان الكامل الذي هو ظله الممدود ‪،‬‬
‫“ ‪ . . .‬فإن ّ‬
‫وعرشه المحدود وبيته المقصود الموصوف بكمال الوجود ‪ ،‬فال أكمل منه ألنه ال‬
‫أكمل من الحق تعالى “ ( ف ‪. ) 282 / 3 -‬‬

‫‪ - 426‬الظاهر ‪-‬الباطن‬
‫مرادف الظاهر ‪ :‬العماء ‪1‬‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الظاء والهاء والراء أصل صحيح واحد يدل على قوة وبروز ‪.‬‬
‫من ذلك ظهر‬

‫‪751‬‬
‫“ ‪“ 752‬‬

‫الشيء يظهر ظهورا فهو ظاهر ‪ ،‬إذا انكشف وبرز ‪ .‬ولذلك سمي وقت الظهر‬
‫والظهيرة ‪ ،‬وهو اظهر أوقات النهار وأضوؤها ‪.‬‬
‫واألصل فيه كله ظهر االنسان ‪ ،‬وهو خالف بطنه ‪ ،‬وهو يجمع البروز والقوة ‪. . .‬‬
‫“ ( معجم مقاييس اللغة مادة “ ظهر “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪: 2‬‬
‫صبَ ُحوا ظا ِّه ِّرينَ ‪“[ 61 / 14 ] .‬‬ ‫( أ ) الظهور ‪ :‬الغلبة ‪ ”.‬فَأ َ ْ‬
‫ي ‪ :‬كل شيء تجعله بظهر ‪ ،‬اي تنساه ‪ .‬كأنك قد جعلته خلف ظهرك‬ ‫(ب) ّ‬
‫الظهر ّ‬
‫اعراضا عنه وتركا له ‪.‬‬
‫قال تعالى ‪َ ” :‬وات َّ َخ ْذت ُ ُموهُ َورا َء ُك ْم ِّظ ْه ِّريًّا “ ‪[ 11 / 92 ] .‬‬
‫( ج ) الظهار ‪ :‬قول الرجل المرأته ‪ :‬أنت علي كظهر أمي ‪.‬‬
‫يريد بها الفراق ‪.‬‬
‫الالئِّي تُظا ِّه ُرونَ ِّم ْن ُه َّن أ ُ َّمهاتِّ ُك ْم “( ‪. ) 4 / 33‬‬
‫قال تعالى ‪َ ” :‬وما َجعَ َل أ َ ْزوا َج ُك ُم َّ‬
‫عند ابن العربي ‪:‬‬
‫يعد ابن العربي بحق من أبرع من مشى على درب الحرف بحديه ‪ :‬الظاهر والباطن ‪3‬‬
‫يتكلم بلسان الظاهر صفحات حتى يقول قارئه ‪ :‬انه ظاهري المذهب‪.‬‬
‫ثم ال يلبث ان يتوغل في البطون مسترسال مع غيب صوفيته حتى نقول ‪ :‬انه باطني‬
‫المذهب ‪.‬‬
‫واألولى ان ال نتسرع مع دارسيه فننعته بإحدى هاتين الصفتين ‪ ،‬ونضيف إلى تسرعنا‬
‫سوء الظن به فنقول ‪ :‬انه يخفي معتقده الباطن بظاهر يذره امام العامة ‪. 4‬‬
‫بل نبحث حقيقة موقفه من الظاهر والباطن ‪.‬‬
‫يردد الحاتمي دائما انه “ محمدي “ المقام ‪ ، 5‬وهذا يستتبع القدمية المعروفة ‪ ،‬ولما‬
‫َّللا عليه وسلم عامة إلى جميع البرية عامتها وخاصتها ‪،‬‬ ‫كانت رسالة محمد صلى ّ‬
‫كذلك يتوجه ابن العربي في كتاباته إلى العامة والخاصة على حد سواء ال يخفي الباطن‬
‫في الظاهر بل يدعم الباطن الظاهر ويكمله ‪ ،‬إذ ان مضمون فلسفته ال يكمل اال بوجود‬
‫الظاهر والباطن فيها ‪. 6‬‬

‫ولن نتوقف طويال امام نسبته إلى الظاهر والباطن بل ندع ذلك إلى دارسي نظرياته ‪،‬‬
‫وننتقل إلى نصوصه لنرى معنى الظاهر والباطن فيها ‪.‬‬
‫***‬

‫‪752‬‬
‫“ ‪“ 753‬‬

‫*نظر شيخنا األكبر إلى “ األول “ و “ اآلخر “ نظرة قبلية بعدية خارجة عن طبيعة‬
‫الموضوع المطروح ‪ ،‬فهما ال يدخالن في حده ‪.‬‬
‫مثال ‪ :‬إذا أخذنا االنسان فاألول واآلخر ‪ ،‬ان أمكن التشبيه ‪ ،‬هو بمثابة النبع والمصب ‪.‬‬
‫على حين ان الظاهر والباطن يدخالن في ح ّد االنسان ‪ ،‬وبالتالي نظرة ابن العربي‬
‫اليهما نظرة تكوينية ‪.‬‬
‫فكل شيء في الوجود له ظاهر وباطن ‪ :‬الحق ‪ -‬الكون ‪ -‬االنسان ‪ -‬المعاني ‪-‬‬
‫االفعال ‪. . .‬‬
‫اذن يجب االنتباه إلى كل جملة ترد فيها عند الحاتمي عبارة الظاهر أو الباطن ‪،‬‬
‫لمعرفة اي ظاهر واي باطن هو المقصود ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫) ‪ “ ( 1‬ان الحق وصف نفسه بأنه ظاهر باطن ‪ ،‬فأوجد العالم عالم غيب وشهادة ‪،‬‬
‫لندرك الباطن بغيبنا والظاهر بشهادتنا ‪ ( “ . . . 7‬فصوص ‪. ) 54 /1‬‬
‫َّللا سبحانه الباطن باالمر والظاهر‬
‫“ ان الكون ينقسم إلى ظاهر وباطن ‪ ،‬وقد سمى ّ‬
‫بالخلق ‪.‬‬
‫قال تعالى ‪ ”:‬أَال لَهُ ْالخ َْل ُق َو ْاأل َ ْم ُر “[ ‪] 54/ 7‬‬
‫الرو ُح ِّم ْن أ َ ْم ِّر َر ِّبّي “[ ‪] 85 / 17‬‬
‫قال تعالى ‪ ” :‬قُ ِّل ُّ‬
‫فعالم االمر هو عالم الغيب ‪ ( “ . . . 8‬بلغة الغواص ق ‪. ) 128‬‬

‫) ‪ “ ( 2‬فالكل نعمته ظاهرة وباطنة ‪. 9‬‬


‫فظاهرة ‪ :‬ما شوهد منها [ النعمة ] وباطنة ‪ :‬ما علم ولم يشهد “ ( ف ‪. ) 97 / 4‬‬
‫“ ) ‪( 3‬وأراه أيضا خرق السفينة ‪ 10‬التي ظاهرها هالك وباطنها ‪ 11‬نجاة من يد‬
‫الغاصب ‪ ( “ . . .‬فصوص ‪. ) 202 / 1‬‬
‫****‬
‫نبحث فيما يلي ظاهر وباطن الحق دون جميع األشياء نظرا ألنهما اتخذا بعدا في‬
‫تفسير ابن العربي للوجود والخلق ‪:‬‬
‫‪ - 1‬ان االسم الظاهر هو مبدأ الصور وأصلها في العالم ‪ ،‬في مقابل االسم الباطن مبدأ‬
‫المعاني وأصلها ‪ .‬ونالحظ ثنائية الصورة والمعنى‪.‬‬

‫‪753‬‬
‫“ ‪“ 754‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ االسم الظاهر اإللهي ‪ . . .‬يعطي الصور في العالم كله ‪ ،‬والباطن ‪. . .‬‬
‫يعطي المعاني التي تسترها الصور الظاهرة ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 214 / 4‬‬
‫‪ - 2‬لم يواظب ابن العربي على موقفه بان الظاهر مبدأ الصور الوجودية والباطن مبدأ‬
‫المعاني ‪ ،‬بل ها هو هنا يجعل الظاهر عين الصور الوجودية والباطن المعاني نفسها ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ صور العالم ‪ . . .‬هي ظاهر الحق ‪ 12‬إذ هو الظاهر ‪ ،‬وهو باطنها إذ هو‬
‫الباطن ‪ ( “ . . .‬فصوص ‪. ) 112 / 1‬‬
‫َّللا هو الظاهر الذي تشهده العيون ‪ ، 13‬والباطن الذي تشهده العقول ‪“ .‬‬
‫“ ان ّ‬
‫( ف ‪. ) 485 - 484 / 3‬‬
‫“ ان اختالف الصور الظاهرة في الدنيا واآلخرة في جميع الموجودات كلها ليس غير‬
‫تنوعه ‪ 14‬فهو الظاهر إذ هو عين كل شيء ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 470 / 3‬‬

‫‪ - 3‬في الفقرتين السابقتين نلمس ثنائية الظاهر والباطن وتميزهما كال بمضمون‬
‫يختلف عن اآلخر ‪.‬‬
‫ولكن ال يلبث الحاتمي ان تأخذه النغمة التوحيدية السارية في كيانه الفكري ‪ ،‬فيعبر من‬
‫ثنائية اعتبارية إلى وحدته المنشودة ‪ ،‬ويصبح كل من الظاهر والباطن مرحلة يمر بها‬
‫الوجود الواحد ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬ولهذا الوجود الواحد ظهور وهو العالم ‪ ،‬وبطون ‪ 15‬وهو األسماء ‪، 16‬‬
‫وبرزخ ‪ 17‬جامع فاصل ‪ 18‬بينهما يتميز به الظهور عن البطون ‪ 19‬وهو االنسان‬
‫الكامل ‪ ، 20‬فالظهور ‪ :‬مراة ‪ 21‬البطون ‪،‬‬
‫والبطون ‪ :‬مرآة الظهور ‪ ،‬وما كان بينهما فهو مرآة لهما جمعا وتفصيال ‪ ( “ . . .‬مراة‬
‫العارفين ق ‪ 6‬ب ) ‪.‬‬
‫يشير ابن العربي في النص إلى أن العالم هو الظاهر ‪ ،‬واألسماء هي الباطن ‪،‬‬
‫واالنسان هو الظاهر بحقائق األسماء ‪.‬‬
‫ونقف هنا حيارى كيف يكون الظاهر هو العالم والباطن هو األسماء أليس الظاهر اسما‬
‫من األسماء ؟‬
‫وكيف يكون الظاهر هو العالم في نص ويتبع الباطن من‬

‫‪754‬‬
‫“ ‪“ 755‬‬
‫حيث كونه اسما الهيا ؟‬
‫انظر الفقرة الخامسة فيما يلي ‪:‬‬
‫‪ - 4‬يتوغل الحاتمي في وحدته ‪ ،‬وبدل ان يجعل كال من الظاهر والباطن مرحلة من‬
‫مراحل الوجود الواحد ‪ ،‬لما يستشف من اثنينية في هذه المراحل ‪ :‬يرجع كل منهما إلى‬
‫اآلخر ‪ ،‬فالظاهر عين الباطن والباطن عين الظاهر ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ وهو سبحانه ظاهر في عين بطونه ‪ ،‬وباطن في عين ظهوره وأول في عين اآلخر‬
‫َّللاُ ِّم ْن‬
‫‪ . . . 22‬وهو محيط باألول واآلخر والظاهر والباطن كما قال تعالى ”‪َ :‬و َّ‬
‫يط “[ ‪ ( “ ] 20 / 85‬التذكرة فقرة ‪. ) 60‬‬ ‫َورائِّ ِّه ْم ُم ِّح ٌ‬

‫‪ - 5‬هل يتناقض ابن العربي بجعله العالم حينا هو الظاهر وحينا آخر هو المظاهر ؟‬
‫كال ‪ ،‬ولكن كما رأينا في المعنى “ األول “ السابق ان كل شيء في الوجود له ظاهر‬
‫وباطن ‪ .‬كذلك االسم الظاهر له ظاهر وباطن ‪.‬‬
‫فظاهر االسم الظاهر هو مظهره ‪ ،‬اي العالم أو ظاهر االنسان ‪.‬‬
‫وباطن االسم الظاهر هو حقيقته كاسم الهي وهو باطن االنسان ‪. 23‬‬
‫وقد يتكلم ابن العربي على ظاهر االسم الظاهر ‪ ،‬أو باطنه ‪ ،‬دون اإلشارة إلى ذلك‬
‫فيوقع قارئه في حيره ‪.‬‬

‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا خلق آدم على صورته ‪. 24‬‬ ‫َّللا عليه وسلم ) ‪ :‬ان ّ‬
‫َّللا ( صلى ّ‬
‫“ قال رسول ّ‬
‫فله التنوع في باطنه وله الثبوت في ظاهره ‪ ،‬فال يزيد فيه عضو لم يكن عنده في‬
‫الظاهر وال يبقى على حال واحد في باطنه فله التنوع والثبوت ‪.‬‬
‫والحق موصوف بأنه الظاهر والباطن فالظاهر له التنوع والباطن له الثبوت ‪ ،‬فالباطن‬
‫الحق عين ظاهر االنسان ‪ ،‬والظاهر الحق عين باطن االنسان ‪. . .‬‬
‫فظاهرك أيها المخلوق على صورة اسمه الباطن وباطنك اسم الظاهر له “ ‪ ( . . .‬ف‬
‫‪. ) 136 - 135 / 4‬‬

‫نستخلص من النص المعادالت التالية التي قررها ابن العربي ‪:‬‬


‫) ‪( 1‬ظاهر االنسان ‪ :‬له الثبوت‬
‫باطن االنسان ‪ :‬له التنوع‬

‫) ‪( 2‬الظاهر الحق ‪ :‬له التنوع‬

‫‪755‬‬
‫“ ‪“ 756‬‬
‫الباطن الحق ‪ :‬له الثبوت‬
‫اذن ‪ ،‬ظاهر االنسان ‪ :‬على صورة االسم الباطن ‪.‬‬
‫باطن االنسان ‪ :‬على صورة االسم الظاهر‬
‫فاالسم الظاهر هو باطن االنسان ‪ ،‬وفي نصوص سابقة قرر ابن العربي ان صور‬
‫العالم هي االسم الظاهر ‪.‬‬
‫نستطيع بقليل من التعمق ان نالحظ انه يشير إلى نسبتين لالسم الظاهر ‪ :‬ظاهره‬
‫وباطنه ‪ ،‬أو صورته ومعناه ‪.‬‬
‫****‬
‫الظاهر والمظاهر ‪: 25‬‬
‫لقد ميز الشيخ األكبر بين الظاهر والمظاهر وبهذا التفريق خرج عن الوحدة الوجودية‬
‫الصرف المطلقة ‪ ،‬ليثبت اثنينية ولو اعتبارية بين الحق والخلق ‪ 26‬وهذه االثينية لن‬
‫يلبث ان يرجعها إلى وحدة حقيقية الن الوجه الثاني للحقيقة اي الخلق ‪ ،‬ال يطلق عليه‬
‫اسم الوجود اال مجازا ‪.‬‬
‫وهذه المظاهر هي الموجودات وهي سبب الكثرة ‪ 27‬المشهودة ‪ ،‬على حين ان الظاهر‬
‫في جميع المظاهر هو واحد وهو الحق ‪. 28‬‬
‫وهنا يجب ان نستحضر مفهوم “ الخلق الجديد “ فالمظهر معدوم العين لم يفارق العدم‬
‫‪ ،‬له الفناء الدائم ‪ .‬والحق له التجلي الدائم فيه ‪ ،‬اي له الظهور الدائم فيه ‪. 29‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫) ‪ “ ( 1‬وهو الظاهر في عين كل مظهر من الممكنات “ ( ف ‪. ) 209 / 2‬‬
‫“ عين الممكنات ‪ . . .‬مظاهر للحق الظاهر فيها ‪ ،‬فال وجود اال ّّلل وال اثر اال لها‬
‫‪ . . . 30‬فهي أشبه شيء بالعدد فإنها معقول ‪ 31‬ال وجود له وحكمه صار ثابتا في‬
‫المعدودات ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 215 / 2‬‬

‫) ‪ ( 2‬المظاهر سبب الكثرة ‪:‬‬


‫“ فهذا [ الحق ] الظاهر في عين الممكن ‪ ،‬والممكن له مظهر ‪ . . .‬وبوساطة استعداد‬
‫المظهر بما هو عليه في نفسه ‪ ،‬حكم على الظاهر بما سمى به فهو أعطاه ذلك االسم‬
‫‪ ( “ . . . 32‬ف ‪.) 166 / 2‬‬

‫‪756‬‬
‫“ ‪“ 757‬‬

‫“ ‪ . . .‬ظهور الحق في مظاهر أعيان الممكنات بحكم ما هي الممكنات عليه من‬


‫االستعدادات ‪ ،‬فاختلفت الصفات على الظاهر الن األعيان التي ظهر فيها‬
‫َّللا والكون ظاهر” ( ف ‪/ 2‬‬‫َّللا والكون حادث * وما ثم اال ّ‬
‫مختلفة ‪. . .‬فما ثم اال ّ‬
‫‪.)160‬‬
‫“ فهو [ تعالى ] الظاهر من حيث المظاهر وهو الباطن من حيث الهوية ‪.‬‬
‫فالمظاهر متعددة من حيث أعيانها ال من حيث الظاهر فيها‪.‬‬
‫فاالحدية من ظهورها والعدد من أعيانها ‪ . . .‬وان تعددت المظاهر فما تعدد الظاهر‬
‫‪ ( “ . . . 33‬ف ‪. ) 94 - 93 / 2‬‬

‫“ انه الحق الظاهر في مظاهر أعيان العالم ‪ . . .‬وليس في قوة العالم ان يدفع عن نفسه‬
‫هذا الظاهر فيه ‪ ،‬وال ان ال يكون مظهرا وهو المعبر عنه باالمكان ‪ ، 34‬فلو لم يكن‬
‫حقيقة العالم االمكان لما قبل النور وهو ظهور الحق فيه ‪. . .‬‬
‫وكانت أعيان شيئيات العالم على استعدادات في أنفسها حكمت على الظاهر فيها ‪ ،‬بما‬
‫تعطيه حقائقها فظهرت صورها في المحيط وهو الحق ‪،‬‬
‫َّللا “ ‪( . . .‬‬
‫فقيل ‪ :‬عرش وكرسي وأفالك وامالك وعناصر ومولدات ‪ . . .‬وما ثم اال ّ‬
‫ف ‪. ) 151 / 2‬‬
‫) ‪ ( 3‬الظاهر عين المظهر ‪:‬‬
‫“ فإنه عين ما ظهر وليس ما ظهر هو عينه ‪ . 35‬فإنه الباطن كما هو الظاهر ‪ 36‬في‬
‫حال ظهوره ‪ ،‬هو مثل األشياء وليست األشياء مثله ‪ ،‬إذ كان عينها وليست عينه ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ‪. ) 488 / 2‬‬
‫“ فسبحان من اظهر األشياء وهو عينها ‪ ( “ 37‬فصوص ‪. ) 25 / 1‬‬

‫) ‪ ( 1‬يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫“ العماء ‪ . . .‬وهو المعبر عنه بظاهر الحق في قوله تعالى ‪ُ ” :‬ه َو ْاأل َ َّو ُل َو ْاآل ِّخ ُر‬
‫الظا ِّه ُر َو ْال ِّ‬
‫باط ُن ‪[ 57 / 3 ] “ .‬‬ ‫َو َّ‬

‫‪757‬‬
‫“ ‪“ 758‬‬
‫انظر “ عماء “‬

‫) ‪( 2‬يبحث األب نويا في كتابه المفردات القرآنية في ضوء التجربة الصوفية الواقعة‬
‫في فترة تمتد من مقاتل بن سليمان إلى النفرى ‪ ،‬ونلمس بحق انه يترجم التجربة لغة ‪،‬‬
‫بل تاريخ التجربة الصوفية هو في الواقع تاريخ خلق لغة وتطورها ‪ .‬ويتجلى الحق‬
‫للسالك في التنزيه والتشبيه تماما كما يتجلى في كتابه ظاهرا وباطنا ‪ -‬باطنا في غيبه‬
‫وظاهرا في كالمه ‪.‬‬
‫ويتخذ النص القرآني وجهي الظاهر والباطن ‪ ،‬تتدرج التفاسير والشروح على كثرتها‬
‫بينهما ‪ :‬انظر ‪:Exegese coranique P : 34 , 110 , 111 , 210 , 233 ,‬‬
‫) ‪351 , 401 , 407( 3‬الظاهر لسان الشريعة والباطن لسان الحقيقة ‪.‬‬
‫وال‬‫س ً‬ ‫ث فِّي ِّه ْم َر ُ‬ ‫ويرادفهما ابن العربي مع الحكمة والكتاب في قوله تعالى ‪َ ”:‬ربَّنا َوا ْبعَ ْ‬
‫تاب َو ْال ِّح ْك َمةَ “[ البقرة ‪ ] 129‬اي يعلمهم ظاهر‬ ‫علَ ْي ِّه ْم آياتِّ َك َويُعَ ِّلّ ُم ُه ُم ْال ِّك َ‬
‫ِّم ْن ُه ْم يَتْلُوا َ‬
‫الشرع وباطنه ‪ .‬كما يرادفهما مع العلم ( الظاهر ) والفهم ( الباطن ) انظر الكتاب‬
‫التذكاري ص ص ‪. 10 - 9‬‬
‫) ‪( 4‬راجع ما كتبه عفيفي عن أسلوب ابن العربي في الظاهر والباطن ‪ .‬الكتاب‬
‫التذكاري ص ص ‪14 - 13‬‬
‫) ‪( 5‬راجع “ الحقيقة المحمدية “ “ جوامع الكلم ‪“ .‬‬
‫) ‪( 6‬انظر “ كمال “‬
‫) ‪( 7‬يظهر في هذا النص ظاهر وباطن ‪ :‬الحق ‪ -‬العالم ‪ -‬االنسان ‪ .‬راجع “ غيب‬
‫‪( 8 ) “ .‬انظر “ غيب “‬
‫باطنَةً ‪“( 31 / 20 ) .‬‬ ‫) ‪( 9‬إشارة إلى اآلية ‪َ ”:‬وأ َ ْسبَ َغ َ‬
‫علَ ْي ُك ْم نِّعَ َمهُ ظا ِّه َرة ً َو ِّ‬
‫) ‪( 10‬خرق السفينة فعل وهو يقسم إلى ظاهر وباطن ‪.‬‬
‫) ‪( 11‬إشارة إلى اآليتين ‪:‬‬
‫س ِّفينَ ِّة خ ََرقَها ‪ ،‬قا َل أ َ خ ََر ْقتَها ِّلت ُ ْغ ِّرقَ أ َ ْهلَها لَقَ ْد‬
‫طلَقا َحتَّى ِّإذا َر ِّكبا فِّي ال َّ‬ ‫قال تعالى ‪ ”:‬فَا ْن َ‬
‫شيْئا ً ِّإ ْمرا ً “( الكهف ‪. ) 71 /‬‬ ‫ت َ‬ ‫ِّجئْ َ‬
‫َت ِّل َمسا ِّكينَ يَ ْع َملُونَ ِّفي ْالبَ ْح ِّر فَأ َ َردْتُ أ َ ْن أ َ ِّعيبَها َوكانَ‬ ‫س ِّفينَةُ فَكان ْ‬ ‫قال تعالى ‪ ” :‬أ َ َّما ال َّ‬
‫صبا ً “‪ ( .‬الكهف‪. ) 79 /‬‬ ‫غ ْ‬ ‫س ِّفينَ ٍة َ‬ ‫َورا َء ُه ْم َم ِّل ٌك يَأ ْ ُخذُ ُك َّل َ‬
‫) ‪( 12‬ابن العربي في هذا النص ال يميز الظاهر عن المظهر ‪ .‬انظر المعنى‬
‫“ الثالث ‪“ .‬‬
‫) ‪( 13‬راجع المعنى الثالث ‪.‬‬
‫) ‪( 14‬راجع “ شأن الهي ‪“ .‬‬
‫) ‪( 15‬يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫“ فالظاهر ‪ :‬خلق ‪ .‬والباطن ‪ :‬حق ‪ .‬والباطن منشأ الظاهر “ ( ف ‪. ) 563 / 2‬‬
‫) ‪( 16‬ال يخفى ما لألسماء من شأن في الخلق بحثناه عند كالمنا على االسم اإللهي ‪،‬‬
‫وعند ابن العربي ليس الخلق سوى تجلي األسماء وظهورها ‪ .‬فتصبح األسماء مع‬
‫المخلوقات كالباطن مع الظاهر ‪.‬‬

‫‪758‬‬
‫“ ‪“ 759‬‬
‫كما يقول ‪ . " :‬ألنه [ الرسول ] السفير بين الخلق والخالق ‪ ،‬بين الظاهر والباطن ‪،‬‬
‫بين ما يدرك وبين ما ال يدرك ‪ ،‬يعبر عما في الباطن ويوصله إلى الظاهر ألنه‬
‫الرسول باسرار التنزيل ‪ .‬ويعبر عما في الظاهر ويوصله إلى الباطن ‪ ( “ . . .‬التذكرة‬
‫فقرة ‪ . ) 73‬راجع “ انسان كامل “ ودوره العرفاني ‪.‬‬

‫) ‪( 17‬انظر “ برزخ ‪“ .‬‬


‫) ‪( 18‬انظر “ الخط الجامع الفاصل ‪“ .‬‬
‫) ‪( 19‬اي يمنع الظهور من االندراج في البطون انظر “ انسان كامل ‪“ .‬‬
‫) ‪( 20‬يقول صاحب “ األجوبة عن االنسان الكامل “ ق ‪ 22‬ب ‪،‬‬
‫“ فحضرة الكون صورة الظاهر المطلق ‪ ،‬وحضرة الذات األحدية مرتبة الباطن‬
‫المطلق ‪ ،‬وحضرة األسماء [ مظهرها ‪ :‬االنسان الكامل ] ‪ :‬ظاهر باإلضافة إلى‬
‫المسمى ‪ ،‬وباطن بالنسبة إلى الكون ‪. . . “ .‬‬
‫كما يقول ق ‪ 22‬أ ‪ “ :‬االنسان الكامل ‪ . . .‬برزخ بين الظاهر والمطلق وبين الباطن‬
‫المطلق ‪“ .‬‬
‫) ‪( 21‬راجع “ مرآة ‪“ .‬‬
‫) ‪( 22‬راجع “ أول ‪ -‬آخر ‪“ .‬‬
‫) ‪( 23‬إذا جعلنا باطن االنسان ‪ :‬ظاهر الحق ‪.‬‬
‫ظاهر االنسان ‪ :‬مظهر الحق ‪.‬‬
‫ويقول ابن العربي ‪ “ :‬الظاهر والباطن اخوان مزدوجان ال ينفصالن فمن عرف‬
‫الواحد عرف اآلخر “ ( كتاب الشاهد ص ‪ ) 17‬فإذا علم االنسان ظاهره علم بالتالي‬
‫باطنه ‪ ،‬اذن علم ظاهر الحق ومن ظاهر الحق علم باطن الحق ‪.‬‬
‫وهنا نستطيع ان نقول مع األثر الوارد “ من عرف نفسه عرف ربه “ ‪.‬‬
‫ونالحظ مدى مطابقة كلماته لكلمات ابن العربي ‪.‬‬
‫) ‪( 24‬راجع فهرس األحاديث ‪ .‬حديث رقم ‪( 32 ) .‬‬
‫) ‪( 25‬خير مثال على التفريق بين الظاهر والمظهر ما قاله الجيلي في الثلج والماء ‪”.‬‬
‫وما الخلق في التمثال اال كثلجة * وأنت لها الماء الذي هو نابع “( العينية ق ‪) 155‬‬
‫مخطوط الظاهرية رقم ‪6169‬‬
‫فالظاهر ‪ :‬الماء والمظهر ‪ :‬الثلجة‬
‫‪-‬فالظاهر ‪ ،‬هو عين المظهر كما أن الماء هو عين الثلجة ‪.‬‬
‫‪-‬والمظهر ليس على التحقيق غير الظاهر كما أن الثلجة ليست على التحقيق غير‬
‫الماء ‪.‬‬
‫) ‪( 26‬وهذا ما تنبه اليه ابن تيمية إذ قال ‪ “ :‬انه [ ابن العربي ] أقرب القائلين بوحدة‬
‫الوجود إلى االسالم وأحسن منهم كالما في مواضع كثيرة فإنه يفرق بين الظاهر‬
‫والمظاهر ‪ . . .‬ويأمر‬

‫‪759‬‬
‫“ ‪“ 760‬‬
‫بالسلوك بكثير مما امر به المشايخ من االخالق والعبادات ‪“ .‬‬
‫( رسائل ابن تيمية طبعة المنار ج ‪ 1‬ص ‪. ) 176‬‬

‫) ‪( 27‬راجع “ كثرة “ ‪( 28 ) .‬راجع “ وحدة وجود “‬


‫) ‪( 29‬راجع “ خلق جديد “ “ فناء ‪“ .‬‬
‫) ‪( 30‬ان الوجود الحقيقي هو ّّلل ‪ ،‬ولكن المظاهر لها األثر من حيث إن استعداد‬
‫المظهر هو الذي يصف الوجود الواحد ‪.‬‬
‫) ‪( 31‬اي له وجود عقلي وهو غير موجود في العين ‪.‬‬
‫) ‪( 32‬ان المظهر اعطى االسم للظاهر ‪ .‬فالظاهر في جميع األشياء واحد ‪ ،‬اي ان‬
‫الظاهر في العرش والكرسي واالنسان واحد ‪ ،‬ولكن استعداد المظهر اعطى االسم‬
‫الخاص لألشياء السالفة ‪.‬‬
‫) ‪( 33‬ان الكثرة سببها المظاهر ‪ .‬راجع “ كثرة ‪“ .‬‬
‫) ‪( 34‬يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬فالعين الممكنة انما هي ممكنة الن تكون مظهرا ال الن تقبل االتصاف بالوجود‬
‫فيكون الوجود عينها ‪ ،‬اذن فليس الوجود في الممكن عين الموجود بل هو حال لعين‬
‫الممكن ‪ ،‬به يسمى الممكن موجودا مجازا ال حقيقة ( “ ‪ . . .‬ف ‪) . 99 / 2‬‬
‫) ‪( 35‬ان الحق هو عين األشياء ولكن هذه المعادلة ال تعكس فال نستطيع ان نقول إن‬
‫األشياء عين الحق ‪ .‬وهذا يظهر ان ابن العربي فرق بين الحق والخلق وان وحدته‬
‫الوجودية ليست صرفة ‪.‬‬
‫) ‪( 36‬يراجع بشأن ظاهر وباطن عند ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬ف ‪ 2‬ص ‪ ( 113‬الظاهر والمظاهر ) ‪ ( 116 ،‬المظهر ‪ -‬المحل ) ‪177 ،‬‬
‫( الظاهر والباطن والحد والمطلع ) ‪ ،‬ص ‪ ( 179‬األعيان ‪ -‬المظاهر ) ص ‪378‬‬
‫( الظاهر والمظاهر ) ص ‪ ( 379‬الظاهر في المظاهر ‪ -‬الوجود الحق ) ‪ .‬ص ‪390‬‬
‫( الظاهر والباطن ) ص ‪ ( 391‬االنسان ‪ :‬الظاهر بحقائق الكون كله ) ‪.‬‬
‫‪ -‬ف ‪ 3‬ص ‪ ( 255‬الظهور من البطون ) ‪ ( 287 ،‬المشرق ‪ :‬الظاهر ‪ -‬المغرب ‪:‬‬
‫الباطن ) ‪ ( 321‬الظاهر ‪ :‬حاجب الباطن ) ‪ ( 323‬ظاهر االحكام ) ‪376 ،‬‬
‫( الظاهر والباطن ) ‪ ( 451 ، 441 ، 440 ،‬الباطن الظاهر ) ‪. 477 ،‬‬
‫‪-‬ف ج ‪ 4‬ص ‪ ( 202‬الظاهر والمظهر )‬
‫‪-‬مرآة العارفين ق ‪ 17‬أ ( ظاهر ‪ -‬باطن ) ‪.‬‬
‫‪-‬بلغة الغواص ق ‪ ( 50‬الظهور ) ‪.‬‬
‫‪-‬ترجمان األشواق ص ‪ 106‬هامش رقم ‪، 1‬‬
‫‪-‬كتاب الشاهد ( البطون والفناء )‬

‫‪760‬‬
‫“ ‪“ 761‬‬

‫‪-‬فصوص ج ‪ 1‬المقدمة ص ‪ 37 ، 35 ، 25‬ص ‪152 ، 69‬‬


‫ج ‪ : 2‬ص ‪. 145 ، 142 ، 128 ، 85 - 50 ، 34 - 33 ، 26‬‬

‫) ‪( 37‬راجع “ وحدة وجود ‪“ .‬‬

‫‪761‬‬
“ 762 “

762
‫“ ‪“ 763‬‬
‫حرف العين‬
‫ع‬

‫‪763‬‬
“ 764 “

764
‫“ ‪“ 765‬‬

‫‪ - 427‬العبد‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ العين والباء والدال أصالن صحيحان ‪ ،‬كأنهما متضادان ‪ ،‬و [ األول ] من ذينك‬
‫األصلين يد ّل على لين وذل ‪ ،‬واآلخر على شدة وغلط ‪.‬‬
‫فاألول العبد ‪ ،‬وهو المملوك ‪ ،‬والجماعة العبيد ‪ ،‬وثالثة أعبد وهم العباد ‪.‬‬
‫َّللا والعبيد المملوكين ‪.‬‬‫قال الخليل ‪ :‬اال ان العامة اجتمعوا على تفرقة ما بين عباد ّ‬
‫يقال ‪ :‬هذا عبد بيّن العبودة ‪ ،‬ولم نسمعهم يشتقون منه فعال ‪ ،‬ولو اشتق لقيل عبد ‪ ،‬اي‬
‫صار عبدا وأقر بالعبودة ‪ ،‬ولكنه أميت الفعل فلم يستعمل ‪.‬‬
‫َّللا تعالى ‪ . . .‬وتعبّد يتعبّد تعبّدا ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬واما عبد يعبد عبادة فال يقال اال لمن يعبد ّ‬
‫فالمتعبّد ‪:‬‬
‫المتفرد بالعبادة ‪ . . .‬واما عبد في معنى خدم مواله فال يقال عبده ‪ ،‬وال يقال يعبد‬ ‫ّ‬
‫مواله ‪ . . .‬والمعبّد ‪ :‬الذلول ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة مادة “ عبد “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫َّللا والبشر ‪ ،‬فإذا هي عالقة عبادة ونسبة كل ما‬ ‫لقد حدد القرآن بوضوح العالقة بين ّ‬
‫َّللا اليه نسبة العبد إلى مالكه وسيده ‪،‬‬
‫سوى ّ‬
‫فجميع البشر من آدم إلى يوم القيامة هم ‪:‬‬
‫َّللا ‪ ،‬ولم يطلق الحق عليهم هذا االسم اذالال بل كثيرا ما يطلقه في معرض‬ ‫عباد ّ‬
‫التشريف ‪ .‬فيخص بلفظ ‪ “ :‬عبدي “ المقربين واألنبياء ‪.‬‬

‫وقد ورد في التنزيل العزيز ‪: 1‬‬


‫ُون “[ ‪] 56 / 51‬‬ ‫س ِّإ َّال ِّليَ ْعبُد ِّ‬ ‫( أ ) قال تعالى ‪َ ”:‬وما َخلَ ْقتُ ْال ِّج َّن َو ْ ِّ‬
‫اإل ْن َ‬
‫َّللا ‪“[ 16 / 36 ] .‬‬ ‫وال أ َ ِّن ا ْعبُدُوا َّ َ‬ ‫س ً‬ ‫قال تعالى ‪َ ”:‬ولَقَ ْد بَعَثْنا فِّي ُك ِّّل أ ُ َّم ٍة َر ُ‬
‫( ب ) قال تعالى ‪ِّ ” :‬إ َّن ه ِّذ ِّه أ ُ َّمت ُ ُك ْم أ ُ َّمةً ِّ‬
‫واح َدة ً َوأَنَا َربُّ ُك ْم فَا ْعبُد ِّ‬
‫ُون “[ ‪] 56 / 29‬‬
‫قال تعالى ‪ ”:‬قُ ْل يا ِّعبا ِّد الَّذِّينَ آ َمنُوا اتَّقُوا َربَّ ُك ْم “[ ‪. ] 10 / 39‬‬
‫ون ] ‪“[ 39 / 16‬‬ ‫َّللاُ ِّب ِّه ِّعبا َدهُ يا ِّعبا ِّد فَاتَّقُ ِّ‬ ‫ف َّ‬ ‫قال تعالى ‪ ”:‬ذ ِّل َك يُخ ّ َِّو ُ‬
‫ُّوب إِّ ْذ نادى َربَّهُ “[ ‪] 41 / 38‬‬ ‫ع ْب َدنا أَي َ‬ ‫( ج ) قال تعالى ‪َ ” :‬وا ْذ ُك ْر َ‬
‫سبْحانَ الَّذِّي أَسْرى بِّعَ ْب ِّد ِّه لَي ًْال‪“[ 17 / 1 ] .‬‬ ‫قال تعالى ‪ُ ” :‬‬

‫‪765‬‬
‫“ ‪“ 766‬‬

‫على أن القرآن أشار كذلك إلى المملوك باسم العبد في مقابل ‪ :‬الحر ‪ ،‬وقد ورد ”‪ْ :‬ال ُح ُّر‬
‫ِّب ْال ُح ِّ ّر َو ْالعَ ْب ُد ِّب ْالعَ ْب ِّد “[ ‪] 178 / 2‬‬
‫عند ابن العربي ‪:‬‬
‫قبل شرح لفظ عبد عند ابن العربي تستحسن اإلشارة إلى أن مقصوده منه ال ينحصر‬
‫َّللا ‪ :‬مالئكة ‪ -‬انسان ‪ -‬حيوان ‪-‬‬
‫باالنسان ‪ ،‬بل ينسحب على كل مخلوق خلقه ّ‬
‫َّللا ‪،‬‬
‫َّللا أو بعبارة صوفية ‪ :‬كل ما سوى ّ‬
‫جماد ‪ . . .‬فالعبد ‪ :‬كل مخلوق خلقه ّ‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ واعني بالعبد ‪ :‬العالم كله واالنسان “ ( ف ‪. ) 243 / 2‬‬
‫****‬
‫لفظة “ عبد “ هي صفة وليست اسما ‪ ،‬وان أطلقها الشيخ األكبر كاسم على محل معين‬
‫فذلك لصفة به ‪.‬‬
‫فالعبد صفة تجد مقوماتها ‪ ،‬الذل واالفتقار والجبر والجهل ‪.‬‬
‫وكل هذه الصفات تتلخص في كونها تشير إلى أحد وجهي [ حق ‪ -‬خلق ] الحقيقة‬
‫الوجودية الواحدة ‪ :‬وجه الخلق ‪ .‬فكل صفة ذاتية للخلق هي العبودية من أحد‬
‫وجوهها ‪.‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫َّللا عز وجل ‪ :‬وما خلقت االنس والجن اال‬ ‫) ‪ “ ( 1‬فالعبد معناه الذليل ‪ . . .‬قال ّ‬
‫ليعبدون ‪ . . .‬وانما تفسيره ليذلوا لي ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 214/ 2‬‬
‫والعبادة “‪ :‬ذلة وخضوع ومسكنة “ ( ف ‪. ) 445 / 4‬‬
‫س ِّإ َّال ِّليَ ْعبُد ِّ‬
‫ُون‪. "،‬‬ ‫) ‪ “( 2‬قوله تعالى ‪َ " :‬وما َخلَ ْقتُ ْال ِّج َّن َو ْ ِّ‬
‫اإل ْن َ‬
‫فاتى بوصف العبودية الذي هو التذلل واالفتقار ‪ ،‬يقال ارض معبدة اي مذللة “ ( كتاب‬
‫وسائل السائل ص ‪. ) 7‬‬
‫كما يراجع “ عبادة “ بشأن ‪ ،‬العبد ‪ -‬صفة االفتقار ‪.‬‬

‫سبْحانَ الَّذِّي أَسْرى بِّعَ ْب ِّد ِّه “[ ‪ ،. . . ] 1 /17‬فجعله عبدا‬‫َّللا تعالى ‪ُ :‬‬
‫) ‪ “ ( 3‬قال ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ) ] وجرده عن كل شيء حتى عن االسراء‪. . .‬‬ ‫محضا [ محمد ( صلى ّ‬

‫‪766‬‬
‫“ ‪“ 767‬‬

‫فجعله مجبورا الحظ له من الربوبية في فعل من االفعال “ ( ف ‪. ) 371 / 2‬‬


‫“ ) ‪( 4‬فالجهل صفة ذاتية للعبد ‪ ،‬والعالم كله عبد ‪ ،‬والعلم صفة ذاتية ّّلل ‪ ( “ . . .‬ف‬
‫‪. ) 412 / 2‬‬
‫****‬
‫كما أن العبد ليس اسما بل صفة كما سبق الكالم ‪ ،‬نرى كذلك ان ابن العربي يجعله‬
‫“ مرتبة “ وليس ذاتا ‪ ،‬فالعبد هو مرتبة العبودية في مقابل الرب ( مرتبة الربوبية ) ‪،‬‬
‫وهاتان المرتبتان هما بخالف كل المراتب لهما التقابل المطلق فال يلتقيان ابدا من وجه‬
‫واحد ‪.‬‬
‫ومرتبة الربوبية يميزها التصرف والفعل في مقابل مرتبة العبد التي لها االنفعال‬
‫والتأثر ‪ ،‬وفي جعل العبودية “ مرتبة “ استطاع الشيخ األكبر ان يستنبط المصطلحات‬
‫الخاصة ‪ .‬أمثال ‪ :‬عبد رب ‪ -‬رب في عين عبد ‪ ،‬وما إلى ذلك من التعابير التي تشعر‬
‫بربوبية االنسان ‪.‬‬
‫كما أنه ظل منسجما مع وحدته الوجودية حتى في موقفه من التكليف ‪ ،‬فالتكليف ال يدل‬
‫بالضرورة على ذاتين ‪ :‬ذات مكلّفة ‪ ،‬بل يدل على مرتبتين‪.‬‬
‫يكون فيهما المكلف اسما الهيا في محل عبد كياني ‪.‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫) ‪ “( 1‬انه ال جامع ‪ . .‬بين العبودية والربوبية بوجه من الوجوه وانهما أشد األشياء في‬
‫التقابل ‪. . .‬‬
‫فالعبد ‪ :‬من ال يكون فيه من الربوبية وجه ‪ ،‬والرب ‪ :‬من ال يكون فيه من العبودية‬
‫وجه ‪ ،‬فال يجتمع الرب والعبد ابدا ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 371 / 2‬‬

‫“ وأعظم المراتب ‪ :‬األلوهية ‪ ،‬وانزل المراتب ‪ :‬العبودية ‪ ،‬فما ثم اال مرتبتان ‪ ،‬فما ثم‬
‫اال رب وعبد “ ( ف ‪. ) 408 / 2‬‬
‫َّللا ما كنا عبيدا *** ولوال العبد لم تك أنت انتا‬
‫قال تعالى ‪ ” :‬فلو ال ّ‬
‫فأثبتني لنثبتكم الها * وال تنف األنا فيزول أنتا “( ف ‪) 40 / 4‬‬

‫) ‪ “( 2‬فمن عرف صورة التصريف عرف مرتبة السيد من مرتبة‬

‫‪767‬‬
‫“ ‪“ 768‬‬

‫العبد ‪ . . .‬فإذا علمت هذا ‪ ،‬علمت قدرك ومرتبتك ومعنى ربوبيتك ‪ .‬وعلى من تكون‬
‫ربا في عين عبد ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 64 / 4‬‬
‫ضلُّوا ِّعبا َد َك “[ ‪ / 27 ] 71‬أي يحيروهم‬
‫“ انك ان تذرهم “ اي تدعهم وتتركهم” يُ ِّ‬
‫فيخرجوهم من العبودية إلى ما فيهم من اسرار الربوبية فينظرون أنفسهم أربابا بعد ما‬
‫كانوا عند أنفسهم عبيدا ‪ ،‬فهم العبيد األرباب “ ( فصوص ‪. ) 74 / 1‬‬

‫“ فالعبد الرب “ أو “ الرب في عين عبد “ ‪ :‬عبارات تشير إلى مرتبة “ التصرف‬
‫“ التي ينالها العبد وهي مرتبة ربوبية ‪ ،‬وبما انها ليست ذاتية لالنسان فال تنفي في‬
‫إطالقها عليه صفة العبد عنه ‪ ،‬بل تضاف إلى عبوديته ‪ 2‬ولعل مصدر هذه العبارات‬
‫عبارة “ العبد الرباني “ الواردة في األثر القائل ‪ :‬يا عبدي أطعني أجعلك عبدا ربانيا‬
‫تقول للشيء كن فيكون ‪.‬‬

‫) ‪ “ ( 3‬وانما وقع التكليف والخطاب من اسم الهي على اسم الهي ‪ ،‬في محل عبد‬
‫كياني فسمى العبد مكلفا وذلك الخطاب تكليفا ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 403 / 2‬‬
‫وحيث إن التكليف قد وقع من اسم الهي ‪ ،‬فلذلك نجد لكل اسم الهي عبودية تخصه‬
‫يتعبد بها متعبدوه ‪.‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫“ لكل اسم الهي عبودية تخصه ‪ ،‬بها يتعبد له من يتعبد من المخلوقين ‪ ( “ . . . 3‬ف‬
‫‪. ) 92 / 2‬‬
‫****‬
‫ونتساءل االن اين الحرية االنسانية في نظام العبودية الساري عند ابن العربي في كل‬
‫َّللا ؟‬
‫ما سوى ّ‬
‫في الواقع ‪ ،‬ان الشيخ األكبر ال يترك امام االنسان مجال الفعل الحر كما تنظر اليه‬
‫الفلسفات الحديثة ‪ ،‬بل هو أكثر من اي فلسفة قديمة الزم االنسان بنظام جبري محدد ‪،‬‬
‫أخضعه فيه للعلم اإللهي المتمثل في استعدادات الممكن الثابتة في عالمها الخاص‬
‫( انظر “ عين ثابتة “ ) ‪.‬‬

‫فاالنسان في افتقار ذاتي أزلي ‪ 4‬وهذا االفتقار هو عبودية ‪.‬‬


‫اذن انه في عبودية أزلية ‪.‬‬
‫ولكن هل يطمع االنسان في “ العتق “ ؟‬
‫وهنا تكمن براعة الشيخ األكبر ‪.‬‬
‫في جعله العتق من العبودية ‪ :‬هو كمال العبودية‪.‬‬

‫‪768‬‬
‫“ ‪“ 769‬‬

‫فالعبد ال يخرج من العبودية اال بوصوله إلى مرتبة العبد الكامل ‪ ،‬فالعبد في هذه‬
‫المرتبة ‪ :‬خلق يصبح حقا كله ‪.‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫) ‪ “( 1‬فإذا وقف الممكن مع عينه كان حرا ال عبودية فيه ‪ ،‬وإذا وقف مع استعداداته‬
‫كان عبدا فقيرا ‪ ،‬فليس لنا مقام في الحرية المطلقة “ ‪ (. . .‬ف ‪. ) 227 / 2‬‬

‫َّللا ‪ ،‬فالحرية‬ ‫“ فالحرية عند القوم من ال يسترقّه كون اال ّ‬


‫َّللا ‪ ،‬فهو حر عن ما سوى ّ‬
‫َّللا “ ‪ ( . . .‬ف ‪. ) 227 / 2‬‬
‫عبودة محققة ّّلل ‪ ،‬فال يكون عبدا لغير ّ‬

‫فالحرية هي تحرر من رق األكوان واألسباب ‪ ،‬وان كان تحررا شهوديا ال واقعيا‬


‫حسيا ‪ ،‬إذ ال بد من عبودية األسباب في هذا العالم ( طعام ‪ -‬شراب ) فتكون تلك‬
‫العبودية عن شهود انها عبودية للحق من خلف حجاب السبب ‪.‬‬
‫وتتمثل تلك الحرية في فراغ القلب من األسباب ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫ي العبد الذي كان له الوالد والولد وقلبه فارغ‬ ‫“ ‪ . . .‬يا غوث ‪ ،‬ان أفضل العباد ال ّ‬
‫منهما ‪ . . .‬فإذا بلغ العبد ‪ 5‬هذه المرتبة والمنزلة فهو عندي بال والد وال ولد ‪ ،‬ولم يكن‬
‫له كفوا أحد ‪ ( “ . . .‬الرسالة الغوثية ق ‪81‬أ ) ‪.‬‬
‫) ‪ ( 2‬العتق ‪ -‬عبودية كاملة ‪.‬‬
‫انظر “ العبد الكامل “‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪ ( 1‬انظر المعجم المفهرس أللفاظ القرآن األصل ‪ :‬عبد ‪.‬‬

‫) ‪ ( 2‬فاالنسان هو المخلوق الوحيد الذي له صفة برزخية بين الحق والخلق ‪.‬‬
‫يقول صاحب رسالة “ األجوبة عن االنسان الكامل “ ورقة ‪ 224‬أ “ ‪:‬‬
‫فاالنسان ‪ :‬ذو نسبتين كاملتين نسبة يدخل بها إلى الحضرة اإللهية ‪ ،‬ونسبة يدخل بها‬
‫إلى الحضرة الكيانية ‪.‬‬
‫فيقال فيه عبد ‪ :‬من حيث إنه مكلف ولم يكن ثم كان كالعالم ‪،‬‬
‫ويقال فيه رب ‪ :‬من حيث إنه خليفة من الرب ومن حيث إنه أحسن تقويم ‪ ،‬فكأنه برزخ‬
‫بين العالم والحق وجامع الحق والخلق “ ‪. . .‬‬

‫) ‪ ( 3‬لقد توسع ابن العربي في عبودية األسماء اإللهية ‪.‬‬


‫وافرد الصفحات لها مبينا أوجه التمييز بين عبودية كل اسم واسم آخر ‪ :‬فعبد الكريم‬
‫هو غير عبد القاهر غير ‪. . .‬‬

‫‪769‬‬
‫“ ‪“ 770‬‬
‫‪-‬انظر الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪، 318 - 198‬‬
‫َّللا ‪ -‬عبد الصبور ) ‪.‬‬
‫كما يراجع لطائف االعالم ق ‪ 120‬ب ‪ 128 -‬أ ( عبد ّ‬

‫) ‪( 4‬من حيث إن االنسان في حال عدمه ( عالم الثبوت ) يفتقر إلى الوجود ‪ ،‬اذن‬
‫عبودية ذاتية ‪.‬‬
‫انظر ( عبادة ) ‪.‬‬
‫) ‪( 5‬بخصوص “ عبد “ وما يتفرع عنه من مصطلحات عند ابن العربي فليراجع ‪:‬‬
‫‪ - 1‬مواقع النجوم ‪ ،‬ص ‪ ( 89‬عبد كلي ‪ -‬عبودية االختصاص ) ‪ ،‬ص ‪ ( 91‬عبد كلي‬
‫‪ -‬جزء عبد ) ص ‪ ( 104‬العبد الخصوصي ) ‪ ،‬ص ‪ ( 138‬العبد المقدس ) ‪.‬‬
‫‪ - 2‬بلغة الغواص ورقة ‪ ( 95‬أفضل العبادة انتظار الفرج ‪ -‬العبودية وسؤال الحق )‬
‫ورقة ‪ ( 98‬أفضل العبادة ) ‪.‬‬
‫‪ - 3‬كتاب الكتب ص ‪ ( 48‬العبد المحمدي ) ‪.‬‬
‫‪ - 4‬فصوص الحكم ‪ .‬ج ‪ 1‬ص ‪ ( 59‬العبد المحض ) ‪ ،‬ص ‪ ( 89‬العبد والحق ) ‪،‬‬
‫ص ‪ ( 186‬عبد رب ‪ -‬عبد نظر ) ‪ ،‬ص ‪ ( 195‬المعبود ) ‪ ،‬ص ‪ ( 197‬عباد‬
‫الوقت ) ‪.‬‬
‫فصوص الحكم ج ‪ 2‬ص ‪ ( 83‬العبد الرب ) ‪ ،‬ص ‪ ( 144‬ابن العربي واسبينوزا )‬
‫‪ (284 - 285‬المعبود ) ‪ ،‬ص ص ‪ ( 290 ، 287‬عبادة تأله ‪ -‬عبادة تسخير ) ‪.‬‬
‫‪ - 5‬االصطالحات ص ‪ ( 297‬العبودة ) ‪.‬‬
‫‪ - 6‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪ ( 97‬العبودة ‪ -‬العبودية ) ‪ ،‬ص ‪ ( 216‬الذلة ‪ -‬عين‬
‫العبودية ) ‪ ،‬ص ‪ ( 228‬عبد الشهوة ‪ -‬رق األسباب ) ‪ ،‬ص ‪ ( 255‬عبيد‬
‫اختصاص ) ‪ ،‬ص ‪ ( 383‬العبادة الذاتية ) ‪ ،‬ص ‪ ( 487‬عبودية االضطرار ‪،‬‬
‫عبودية االختيار ) ‪ ،‬ص ‪ ( 616‬العبد الكلي ) ‪.‬‬
‫‪ - 7‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪ ( 309‬العبادة على الغيب ) ‪ ،‬ص ‪ ( 310‬عبادة غيب ) ص‬
‫‪ ( 321‬العبد والحق ) ‪ ،‬ص ‪ ( 387‬رتبة الرب ‪ -‬رتبة العبد ) ‪ .‬ص ‪ ( 402‬عبادة‬
‫أمرية أو عبادة امر ‪ -‬عبادة ذاتية ) ص ‪ ( 409‬العبد الكامل ) ص ‪ ( 437‬عبادة ذاتية‬
‫‪ ،‬عبادة امرية ) ‪.‬‬
‫‪ - 8‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪ ( 42‬مقام العبد ) ‪ ،‬ص ‪ ( 61‬العبد السيد ) ‪ ،‬ص ‪ ( 65‬عبد‬
‫َّللا بنفسه ‪ -‬عبد اختصاص ) ‪ ،‬ص ‪ ( 87‬عبد طبيعي ‪-‬عبد الهي ) ‪ ،‬ص‬ ‫َّللا به ‪ -‬عبد ّ‬
‫ّ‬
‫‪ ( 98‬العبد ) ‪ ،‬ص ‪ ، 104‬ص ‪ ( 111‬العبد الجامع ‪ -‬جزء من الجامع ) ‪ ،‬ص ‪117‬‬
‫( العبد محل ) ‪ ،‬ص ‪ ( 140‬العبد ) ‪ ،‬ص ‪ ( 144‬عبد مختار ‪ -‬عبد اضطرار ) ص‬
‫‪ ( 154‬عبد الدليل ) ‪ ،‬ص ‪ ( 172‬عبادة ذاتية ) ‪ ،‬ص ‪ ( 191‬عبد اختصاص ) ‪،‬‬
‫ص ‪ ( 213‬العبد ) ص ‪ ( 449‬عبد اضطرار ‪ -‬عبد اختيار ) ‪ ،‬ص ‪ ( 482‬عبد‬
‫محض ) ‪.‬‬
‫كما يراجع ‪:‬‬
‫‪-‬الرسالة ص ‪، 90‬‬
‫‪-‬أيها الولد ‪ .‬الغزالي ص ‪. 174‬‬
‫‪-‬خالصة التصانيف الغزالي ص ‪. 174‬‬

‫‪770‬‬
‫“ ‪“ 771‬‬

‫‪-‬ختم األولياء ص ‪ 120‬هامش رقم ‪ ، 16‬وفهرس المصطلحات الفنية األصل “ عبد‬


‫“‬
‫‪-‬رسالة “ تحقيق معنى المعبود في صورة كل معبود “ للنابلسي ‪ ،‬مخطوط الظاهرية‬
‫رقم ‪ 4008‬ورقة ‪ 114‬أ ( العبادة كلها ّّلل ان عرف العبد العابد وان لم‬
‫يعرف ‪. ) . . .‬‬

‫‪ - 428‬عبد االختصاص ‪ -‬عبد العموم‬


‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫َّللا عبدان ‪ :‬عبد ليس للشيطان عليه سلطان ‪ ، 1‬وهو عبد االختصاص ‪،‬‬ ‫“ ‪ . . .‬وعبيد ّ‬
‫باّلل ‪. . .‬‬
‫باّلل وال يسمع اال ّ‬ ‫وهو الذي ال ينطق اال ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ) ‪:‬‬
‫َّللا ( صلى ّ‬ ‫واما عبد العموم ‪ :‬فهو الذي قال [ تعالى ] عنهم لرسول ّ‬
‫يب أ ُ ِّج ُ‬
‫يب َدع َْوة َ الدَّاعِّ ِّإذا َد ِّ‬
‫عان[ ‪/ 2‬‬ ‫سأَلَ َك ِّعبادِّي َ‬
‫ع ِّنّي فَإِّ ِّنّي قَ ِّر ٌ‬ ‫قال تعالى ‪َ ” :‬و ِّإذا َ‬
‫‪] 186‬‬
‫فما خص عبيدا من عبيد وأضافهم اليه ‪،‬‬
‫ِّي الَّذِّينَ أَس َْرفُوا “[ ‪] 53 / 39‬‬ ‫قال تعالى ‪ ”:‬يا ِّعباد َ‬
‫فأضافهم اليه مع كونهم مسرفين ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 4 / 4‬‬
‫يميز ابن العربي في نسبة العباد إلى الحق بين نوعي نسبة ال يظهرهما اللفظ ‪.‬‬
‫وهما ‪ :‬نسبة اختصاص وتخصيص ‪ ،‬ونسبة عامة شاملة ‪:‬‬
‫‪-‬األولى تظهر في اآلية ‪:‬‬
‫طان“ [ ‪]15 / 42‬‬ ‫س ْل ٌ‬ ‫علَ ْي ِّه ْم ُ‬
‫ْس لَ َك َ‬‫قال تعالى ‪ ” :‬إِّ َّن ِّعبادِّي لَي َ‬
‫ففي نسبة العباد إلى الحق في هذه اآلية اختصاص يدل على تميز عن مجموع ‪ ،‬وان‬
‫كان هذا المجموع كذلك ال يخرج عن دائرة العبودية للحق ‪.‬‬
‫‪-‬والثانية تظهر في اآليتين ‪:‬‬
‫يب “[ ‪] 186 / 2‬‬ ‫سأَلَ َك ِّعبادِّي َ‬
‫ع ِّنّي فَإِّ ِّنّي قَ ِّر ٌ‬ ‫قال تعالى ‪َ ”:‬و ِّإذا َ‬
‫على أ َ ْنفُ ِّس ِّه ْم ] ‪. . “ [ 39 / 53‬‬ ‫ِّي الَّذِّينَ أَس َْرفُوا َ‬ ‫قال تعالى ‪ ” :‬قُ ْل يا ِّعباد َ‬
‫ان نسبة العباد إلى الحق في هاتين اآليتين نسبة عامة ‪ ،‬ال تخرج من دائرتها أحدا من‬
‫المخلوقين فالكل هنا عباده ‪.‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬اإلشارة إلى اآلية ‪( 15 / 42 ) .‬‬

‫‪771‬‬
‫“ ‪“ 772‬‬

‫‪ - 429‬عبد اضطرار ‪ -‬عبد اختيار‬


‫يقسم ابن العربي العبادة شقين ‪:‬‬
‫َّللا فيها فرضه عليه ‪ ،‬وهذه العبادة هي عبادة‬
‫عبادة فرائض ‪ :‬وهي ان يتعبد االنسان ّ‬
‫جبرية العبد فيها مضطر ‪ .‬اذن انها عبودية اضطرار ‪ .‬والعبد فيها عبد اضطرار ‪.‬‬
‫َّللا في اعمال يختارها من جنس الفرائض تسمى‬ ‫وعبادة نوافل ‪ :‬وهي ان يتعبد االنسان ّ‬
‫نوافل ‪ ،‬وهذه العبادة هي عبادة اختيارية العبد فيها مختار ( صوم ‪ -‬صالة ) ‪ ،‬اذن انها‬
‫عبودية اختيار والعبد فيها عبد اختيار ‪.‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫“ ان عبادة الفرائض ‪ :‬عبادة حقيقية جبرية وعبادة النوافل ‪ :‬عبادة اختيارية فيها رائحة‬
‫ربوبية ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 102 / 4‬‬
‫“ ‪ . . .‬ونحن [ افراد االنسان ] عبيد اضطرار من فرائضنا ‪ ،‬وعبيد اختيار من‬
‫نوافلنا ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 30 / 4‬‬
‫“ كان [ العبد ] في الفرض عبد اضطرار بال شك مجبورا ‪ .‬فأدركه االنكسار في‬
‫نفسه ‪ . . .‬وليس في الكون اال الرب والمربوب ‪ ،‬ثم أعطاه [ اعطى الحق العبد ] ‪. . .‬‬
‫في ‪ . . .‬المسمى نفال ‪ ،‬حكم االختيار اإللهي ‪ . . .‬فكساه حلته ‪ ،‬بل العبد أولى بصفة‬
‫االختيار من صفة االضطرار ‪ ، 1‬الن له التردد بالحقيقة إلمكانه “ ‪ ( .‬ف ‪/ 4‬‬
‫‪. ) 103‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬انظر “ اختيار "‪.‬‬

‫ي‬
‫‪ - 430‬العبد اإلله ّ‬
‫ان كل ما سوى الحق هو عبد للحق ‪ ،‬ويتفاوت العبيد في الصورة اإللهية ‪ ،‬وال‬
‫يحوزها من جميع الوجوه اال االنسان الخليفة ‪ ، 1‬فهو العبد اإللهي ‪ ،‬وقد اكتسب صفة‬
‫“ اإللهي “ للصورة التي خلق عليها ‪.‬‬

‫‪772‬‬
‫“ ‪“ 773‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫“ العبد اإللهي ‪ . . .‬خلق على الصورة من جميع الوجوه “ ( ف ‪. ) 224 / 2‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬انظر “ انسان خليفة “ “ انسان حيوان "‪.‬‬

‫‪ - 431‬العبد الخالص‬
‫َّللا ‪ ،‬فكان خالص العبودية ‪.‬‬
‫وهو العبد الذي استخلص نفسه من عبودية كل ما سوى ّ‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫َّللا كان عبدا خالصا ّّلل ‪“ .‬‬
‫“ ‪ . . .‬فإذا لم يتعبد [ العبد ] أحدا من عباد ّ‬
‫( ف ‪. ) 64 / 4‬‬

‫رب‬
‫‪ - 432‬عبد ّ‬
‫انظر “ عبد “ المعنى‪ " .‬الثاني “‬

‫‪ - 433‬العبد الكامل أو العبد الجامع الكامل‬


‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫“ العبد الجامع الكامل ‪ :‬الظاهر بصورة الحق ‪ . . .‬فالعبد الكامل مجموع الحق وال‬
‫يقال الحق مجموع العبد الكامل ‪ . . .‬مع هذا فللحق خصوص نعت ليس للعالم أصال ‪،‬‬
‫وللعالم خصوص وصف ليس للحق أصال كالذلة واالفتقار “ (ف ‪/ 132 - 4‬‬
‫‪. )133‬‬
‫“ ‪ . . .‬العبد الكامل الذي الحق ‪ :‬لسانه وسمعه وبصره وقواه وجوارحه “ ( ف ‪/ 4‬‬
‫‪. ) 11‬‬

‫‪773‬‬
‫“ ‪“ 774‬‬

‫“ والعتق انما هو أمر يخرج العبد من العبودية ‪ ،‬وال يخرج من العبودية اال ان يكون‬
‫الحق سمعه وبصره وجميع قواه ‪ .‬فيكون حقا كله ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 95 / 4‬‬
‫يتضح من النصوص السابقة ‪ ،‬ان كمال العبودية يتيح العتق منها ‪ ،‬فيخرج العبد من‬
‫دائرة الخلق ليكون حقا كله ‪.‬‬
‫وذلك مقام “ قرب النوافل “ الذي يتحقق العبد فيه ‪ :‬ان الحق سمعه وبصره وسائر‬
‫قواه ‪ .‬وهنا يبطش العبد بيد الحق ويرى ببصره ‪ . . .‬فالعبد الكامل اذن هو المتحقق‬
‫بمقام قرب النوافل ‪.‬‬
‫( انظر “ مقام قرب النوافل “ ) ‪.‬‬

‫‪ - 434‬العبد المحض‬
‫وهو العبد الذي ال رائحة ربوبية فيه على أحد من المخلوقات ‪ .‬فهو عبد محض ‪.‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬من حمى نفسه من أن يقوم به وصف رباني ‪ [ . . .‬فهو ] العبد المحض ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ‪. ) 230 / 4‬‬
‫“ ‪ . . .‬عبدا محضا ليس فيه شيء من السيادة على أحد من المخلوقين ‪ ،‬ويرى نفسه‬
‫فقيرة إلى كل شيء من العالم ‪ ،‬من حيث إنه عين الحق من خلف حجاب االسم ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ‪. ) 411 / 2‬‬

‫‪ - 435‬عبادة‬
‫جعل ابن العربي العبادة فعال متبادال بين وجهي الحقيقة الوجودية ‪ :‬الحق والخلق ‪.‬‬
‫وهذا ما جعل بعض شراحه يستنكرون ‪ ،‬ودفع “ عفيفي “ إلى اظهار امتعاضه‬
‫والتصريح بشناعة استعمال كلمة عبادة في جناب الحق ‪. 1‬‬
‫والواقع انه ألول وهلة ‪ ،‬لعدم وجود نصوص قرآنية تتيح هذا اللفظ في جناب الحق ‪،‬‬
‫ونظرا لمجانبته للمفهوم العام ‪ ،‬يتوقف القارئ امام هذا اللفظ مترددا ‪.‬‬
‫هل يعبد الحق الخلق ؟‬

‫‪774‬‬
‫“ ‪“ 775‬‬

‫يقول ابن العربي ‪ ”:‬فيحمدني واحمده *** ويعبدني وأعبده “( فصوص ‪. ) 83 / 1‬‬
‫عبادة الخلق ‪:‬‬
‫ان عبادة الخلق هي عبادة ذاتية ‪ ،‬غير مخلوقة ‪ ،‬ألنها عبارة عن افتقار الممكنات ‪،‬‬
‫افتقار في حال عدمها ( ثبوتها ) إلى مرجح ‪ ،‬وافتقار في حال وجودها العيني إلى‬
‫مرجح كذلك الستمرار هذا الوجود ‪.‬‬
‫اذن الخلق في افتقار ذاتي دائم أزلي ‪ .‬ووعيهم لهذا االفتقار يقودهم إلى معرفة من‬
‫افتقروا اليه ‪ ،‬وبالتالي إلى عبادته عبادة ذاتية فطرية وبحكم االستحقاق ‪.‬‬
‫انظر “ عبادة ذاتية ‪“ .‬‬

‫عبادة الحق ‪:‬‬


‫ان عبادة الحق ليست بوجه من الوجوه كعبادة الخلق ‪ ،‬وتقريبا لألذهان ‪ ،‬فكما نضيف‬
‫َّللا يصلي ‪ ،‬وان االنسان يصلي‬
‫إلى االنسان وإلى الحق فعل “ الصالة “ ‪ ،‬فنقول ‪ :‬ان ّ‬
‫‪ ،‬ولكن الصالة في هاتين الحالتين تختلف أصال وتفصيال ( انظر “ صالة “ ) ‪ .‬كذلك‬
‫عبادة الحق وعبادة الخلق تختلفان جملة وتفصيال ‪.‬‬

‫فالخلق يعبد الحق بمعنى انه يفتقر إلى موجده ومبقيه في الوجود العيني ‪ ،‬اما عبادة‬
‫الحق فهي إفاضة الوجود على الممكنات ‪،‬‬
‫وفي الواقع ان عبادة الحق في نظرية تقول بالوحدة الوجودية ليست امرا غريبا ألنها‬
‫تتمثل في عبادة اسم الهي السم الهي ‪.‬‬
‫فالباطن يعبد الظاهر ‪ ،‬من حيث إنه يتوق إلى ظاهره ‪ ،‬فيظهره ‪.‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫( أ ) “ ‪ . . .‬ان العبادة ‪ :‬حال ذاتي لالنسان ال يصح ان يكون لها اجر مخلوق ألنها‬
‫َّللا مخلوقة موجودة حادثة والعبادة‬
‫ليست بمخلوقة أصال ‪ ،‬فاألعيان من كل ما سوى ّ‬
‫فيها ليست بمخلوقة ‪.‬‬
‫فإنها لهذه األعيان اعني أعيان العالم في حال عدمه وفي حال وجوده ‪ ،‬وبها صح له‬
‫َّللا بالتكوين ‪. . .‬‬
‫ان يقبل أمر ّ‬
‫فحكم العبادة للممكن في حال عدمه ‪ ،‬أمكن فيه منها في حال وجوده ‪ ،‬إذ ال بد له في‬
‫حال وجوده ‪ . . .‬من دعوى في سيادة بوجه ما “ ‪ ( . . .‬ف ‪. ) 539 / 2‬‬
‫“ واما العبادة فمن حيث هي ذاتية فليست سوى افتقار الممكن إلى المرجح ‪ ( “ . . .‬ف‬
‫‪.) 197 / 4‬‬

‫‪775‬‬
‫“ ‪“ 776‬‬

‫“ فان العبادة ال تصح من غير شهود وان صح العمل ‪ .‬فالعمل غير العبادة ‪:‬‬
‫فان العبادة ذاتية للخلق ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 119 - 118 / 4‬‬
‫َّللا هو المعبود في كل معبود من خلف حجاب الصورة ‪“ .‬‬ ‫( ب ) “ ‪ . . .‬ان ّ‬
‫( ف ‪. ) 353 / 2‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬انظر فصوص الحكم ج ‪ 2‬ص ‪66 - 65‬‬

‫‪ - 436‬عبادة ذاتيّة ‪ -‬عبادة أمريّة‬


‫مترادفات ‪ :‬عبادة فطرية وعبادة وضعية ‪ -‬عبادة عامة وعبادة خاصة ‪ -‬عبادة أصلية‬
‫وعبادة فرعية ‪.‬‬
‫العبادة الذاتية ‪ :‬هي العبادة الفطرية التي يقوم بها “ الممكن “ أو “ العبد “ من غير‬
‫تكليف ‪ ،‬وهي سارية في األكوان ‪.‬‬
‫وقد سبقت اإلشارة إليها في “ عبادة الخلق “ ( انظر “ عبادة “ ) ‪،‬‬
‫وتتلخص في ‪:‬‬
‫افتقار الممكن في حال عدمه ( انظر “ عدم “ ) ‪ ،‬ووعيه لهذا االفتقار في حال وجوده‬
‫العيني ‪.‬‬
‫العبادة االمرية ‪ :‬وهي العبادة التي يقوم بها الممكن بأمر تكليفي وضعي من خالل‬
‫النبوات والرساالت ‪.‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫س َو ْالقَ َم ُر‬ ‫ض َوال َّ‬
‫ش ْم ُ‬ ‫ت َو َم ْن فِّي ْاأل َ ْر ِّ‬ ‫”) ‪( 1‬أ َ لَ ْم ت َ َر أ َ َّن َّ َ‬
‫َّللا يَ ْس ُج ُد لَهُ َم ْن فِّي ال َّ‬
‫سماوا ِّ‬
‫َوالنُّ ُجو ُم َو ْال ِّجبالُ‪. . . ] 18 / 22 [ “ . . .‬‬
‫وهذا تسبيح فطري ذاتي عن تجل ‪ ،‬تجلى لهم فأحبوه فانبعثوا إلى الثناء عليه ‪ ،‬من‬
‫َّللا فيها بحكم‬ ‫غير تكليف بل اقتضاء ذاتي ‪ ،‬وهذه هي العبادة الذاتية التي أقامهم ّ‬
‫االستحقاق الذي يستحقه “ ‪ ( . . .‬ف ‪. ) 328 / 2‬‬

‫ُون “[ ‪ ] 56 / 51‬وال يعبدونه حتى يعرفوه فإذا عرفوه عبدوه‬ ‫“ ‪ . . .‬قال ‪ ”:‬إِّ َّال ِّليَ ْعبُد ِّ‬
‫عبادة ذاتية ‪ ،‬فإذا امرهم عبدوه عبادة خاصة مع بقاء العبادة العامة الذاتية “ ( ف ‪/ 2‬‬
‫‪. ) 410‬‬

‫‪776‬‬
‫“ ‪“ 777‬‬

‫“ ‪ . . .‬فان العبادة األصلية هي التي تطلبها ذوات الممكنات بما هي ممكنات ‪،‬‬
‫والعبادات الفرعية هي اعمال يفتقر فيها العبد إلى اخبار الهي من حيث ما يستحقه‬
‫سيده وما تقتضيه عبوديته ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 308 / 2‬‬

‫َّللا ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 309 / 2‬‬


‫“ العبادة الذاتية وهي عبادة سارية في كل ما سوى ّ‬
‫َّللا على قسمين ‪ :‬عبادة ذاتية وهي العبادة‬
‫) ‪ “ ( 2‬واعلم أن العبادة في كل ما سوى ّ‬
‫التي تستحقها ذات الحق وهي عبادة عن تجل الهي ‪.‬‬
‫وعبادة وضعية امرية ‪ :‬وهي النبوة ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 256 / 2‬‬

‫“ وكانت عبادته [ العبد ] ذاتية لم يقترن بها امر “ ( ف ‪. ) 591 / 2‬‬

‫‪ - 437‬العبوديّة ‪ -‬العبودة‬
‫يميز ابن العربي بين العبودية والعبودة ‪ ،‬كما فعل من قبله حكيم ترمذ ‪ ، 1‬ونحاول‬
‫تحديدها كالتالي ‪:‬‬
‫العبودية ‪ :‬هي “ نسبة “ إلى صفة االفتقار والتذلل الذاتية في العبد ‪ ،‬فالعبودية هي‬
‫نسبة إلى “ الصفة “ من دون النظر إلى شخص “ السيد “ ‪ ،‬أو بمعنى آخر هي نسبة‬
‫ذاتية بين العبد وصفة العبودية فيه ‪ ،‬ال تؤدي مفهوم “ العالقة “ الكائنة بين موجودين‬
‫( عبد ‪ -‬سيد ) ‪.‬‬
‫َّللا “ ‪ ، ،‬ولذلك صفة العبودة‬
‫العبودة ‪ :‬هي نسبة العبودية إلى “ السيد “ الذي هو هنا “ ّ‬
‫للحق أكمل ‪.‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫َّللا إلى العبودة ال إلى العبودية ‪،‬‬
‫“ ‪ . . .‬والعبودية صفة للعبد ‪ . . .‬ولهذا ينسب عباد ّ‬
‫َّللا من غير نسبة بخالف نسبتهم إلى العبودية ‪ . . .‬فمن شاهد العبودية فلم‬‫فهم عبيد ّ‬
‫َّللا ‪. . .‬‬
‫َّللا ‪ ،‬ففرق بين ما ينسب إلى الصفة وبين ما يضاف إلى ّ‬ ‫يشاهد كونه عبد ّ‬
‫والعبودية نسبة إليها والعبودة نسبة إلى السيد ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 519 / 2‬‬

‫َّللا وال إلى‬


‫“ العبودية نسب إلى العبودة ‪ ،‬والعبودة مخلصة عن غير نسب ال إلى ّ‬

‫‪777‬‬
‫“ ‪“ 778‬‬

‫نفسها ‪2 . . .‬ولذلك لم تجيء بيا النسب ‪.‬‬


‫فاذل األذالء من ينتسب إلى ذليل على جهة االفتخار به ‪ ،‬ولهذا قيل في األرض‬
‫ذلول ‪ . . .‬الن األذالء يطئونها فهي أعظم في الذلة منهم ‪.‬‬
‫فمقام العبودية ‪ :‬مقام الذلة واالفتقار ‪ ( “ . . . 3‬ف ‪. )2 / 24‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬ميز الترمذي بين العبودية والعبودة ‪ .‬انظر كتاب ختم األولياء ‪ .‬فهرس‬
‫االصطالحات الفنية مادة عبودة وعبودية ‪ .‬كما يراجع كتابه الفروق بين العبادة‬
‫والعبودية ‪.‬‬
‫) ‪( 2‬انظر اقسام العبودة ( عبودة ّّلل ‪ -‬للخلق ‪ -‬للمال ) في الفتوحات الجزء الرابع‬
‫ص ‪. 199‬‬
‫) ‪( 3‬يتكلم ابن العربي في العبودية والعبد على الترادف وذلك الن العبودية هي صفة‬
‫العبد فكل ما يقوله في العبودية ينطبق على مفهوم العبد ومقامه ‪ .‬انظر “ عبد “ ‪.‬‬

‫‪ – 438‬العدل‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ العين والدال والالم أصالن صحيحان ‪ ،‬لكنهما متقابالن كالمتضادين ‪:‬‬
‫أحدهما يدل على استواء ‪ ،‬واآلخر يدل على اعوجاج ‪.‬‬
‫فاألول العدل من الناس ‪ :‬المرضّى المستوى الطريقة ‪ ،‬يقال ‪ :‬هذا عدل ‪ ،‬وهما‬
‫عدل ‪ . . .‬وتقول ‪ :‬هما عدالن أيضا ‪ ،‬وهم عدول ‪ . . .‬والعدل ‪ :‬الحكم باالستواء ‪.‬‬
‫ويقال للشيء يساوي الشيء ‪ :‬هو عدله ‪ . . .‬والعدل ‪ :‬قيمة الشيء وفداؤه ‪ . . .‬وكل‬
‫ذلك من المعادلة ‪ ،‬وهي المساواة ‪ .‬والعدل ‪ :‬نقيض الجور ‪. . .‬‬
‫فاما األصل اآلخر فيقال في االعوجاج ‪ :‬عدل ‪ ،‬وانعدل ‪ ،‬اي انعرج ‪ ( “ . . .‬معجم‬
‫مقاييس اللغة مادة “ عدل “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪: 1‬‬
‫( أ ) العدل ‪ -‬الفدية ‪ ،‬الفداء أو البدل ‪.‬‬
‫عةٌ َوال يُؤْ َخذُ ِّم ْنها َ‬
‫ع ْد ٌل “‪[ 2 / 48 ] . 2‬‬ ‫قال تعالى ‪َ ” :‬وال يُ ْقبَ ُل ِّم ْنها شَفا َ‬
‫( ب ) العدل ‪ -‬المثل والجزاء ‪.‬‬

‫‪778‬‬
‫“ ‪“ 779‬‬

‫صياما ً ِّليَذُوقَ َوبا َل أ َ ْم ِّر ِّه “‪[ 5 / 95 ] . 3‬‬ ‫“ أ َ ْو َ‬


‫ع ْد ُل ذ ِّل َك ِّ‬
‫( ج ) العدل ‪ -‬االنصاف ‪ ،‬نقيض الجور ‪.‬‬
‫اس أ َ ْن ت َ ْح ُك ُموا بِّ ْالعَ ْد ِّل ‪“[ 4 / 58 ] .‬‬ ‫قال تعالى ‪َ ” :‬وإِّذا َح َك ْمت ُ ْم بَيْنَ النَّ ِّ‬
‫( د ) العدل ‪ :‬المرضي المستوى الطريقة ‪ ،‬والفعل من ذلك “ عدل “ وقد ورد في‬
‫التنزيل بعد “ التسوية “ للداللة على خلق الحق البنية معدلة ‪ :‬متناسبة األعضاء أو‬
‫معدلة بما يسعدها من القوى ‪.‬‬
‫اك فَعَ َدلَ َك “ ‪4‬‬ ‫سان ما غ ََّر َك ِّب َر ِّبّ َك ْال َك ِّر ِّيم ‪ .‬الَّذِّي َخلَقَ َك فَ َ‬
‫س َّو َ‬ ‫اإل ْن ُ‬ ‫قال تعالى ‪ ” :‬يا أَيُّ َها ْ ِّ‬
‫‪[ 82 / 7 ] .‬‬
‫( هـ ) يقال للمشرك انه يعدل بربه اي كأنه يسوي به غيره أو يشرك به عدال اي مثال‬
‫‪.5‬‬
‫قال تعالى ‪ ” :‬ث ُ َّم الَّذِّينَ َكفَ ُروا ِّب َر ِّبّ ِّه ْم يَ ْع ِّدلُونَ “‪[ 6 / 1 ] . 6‬‬
‫عند ابن العربي ‪: 7‬‬
‫*لقد اخذ ابن العربي األصل الثاني اللغوي “ للعدل “ ( االعوجاج ) ‪ ،‬فنراه يفسره‬
‫بالميل ‪ .‬فالعدل هو الميل ‪ .‬ويكون بذلك أساس الخلق ‪ ( 8‬اسما وفعال ) ‪.‬‬
‫ولنترك ابن العربي يبين بكالمه ما أوردناه ‪،‬‬
‫“ ان العدل هو الميل ‪ ،‬يقال ‪ :‬عدل عن الطريق إذا مال عنه ‪ ،‬وعدل اليه إذا مال اليه ‪،‬‬
‫وسمي الميل إلى الحق عدال ‪ ،‬كما سمي الميل عن الحق ‪ :‬جورا ‪ ،‬بمعنى [ ومعنى ]‬
‫َّللا خلق الخلق بالعدل ‪ ،‬اي ان الذات لها استحقاق من حيث هويتها ولها استحقاق‬ ‫ان ّ‬
‫من حيث مرتبتها وهي األلوهية ‪ ،‬فلما كان الميل مما تستحقه الذات لما تستحقه‬
‫األلوهية التي تطلب المظاهر لذاتها سمي ذلك ‪ :‬عدال ‪.‬‬
‫اي ميال من استحقاق ذاتي إلى استحقاق الهي ‪ ،‬لطلب المألوه ذلك الذي يستحقه ‪.‬‬

‫ومن اعطى المستحق ما يستحق سمي ‪ :‬عادال ‪ ،‬وعطاؤه عدال ‪ ،‬وهو الحق ‪ ، 9‬فما‬
‫َّللا الخلق اال بالحق ‪ :‬وهو اعطاؤه خلقه ما يستحقونه “ ‪ ( . . .‬ف ‪. ) 60 / 2‬‬
‫خلق ّ‬
‫َّللا العالم على صورته ‪ ، 10‬ومن‬
‫“ ومن هذه الحضرة العجيبة [ حضرة العدل ] خلق ّ‬
‫هنا كان عدال ‪ ،‬ألنه تعالى عدل من حضرة الوجوب الذاتي إلى الوجوب‬

‫‪779‬‬
‫“ ‪“ 780‬‬

‫بالغير أو إلى حضرة االمكان ‪ . . .‬وعدل أيضا بالممكنات من حضرة ثبوتها إلى‬
‫وجودها ‪ ، 11‬فال يعقل في الوجود اال العدل ‪ ،‬فإنه ما ظهر الوجود اال بالميل وهو ‪:‬‬
‫العدل “ ‪ ( .‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪. ) 236‬‬
‫على أن هذا “ الميل “ الذي يثبته ابن العربي مرادفا للعدل ‪ ،‬ال يلغي ‪ “ ،‬االستقامة‬
‫“ الحاصلة في العالم بل هو عينها ‪. 12‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ والعدل ‪ :‬الميل ‪ ،‬فالميل عين االستقامة فيما ال تكون استقامته اال عين الميل ‪. . .‬‬
‫فأغصان األشجار وان تداخل بعضها على بعض فهي كلها مستقيمة في عين ذلك‬
‫العدول والميل ‪ ،‬ألنها مشت بحكم العادة على مجراها الطبيعي “ ‪ ( . . .‬ف ‪236 / 4‬‬
‫‪. ) 237 -‬‬
‫****‬
‫العدل هو المثل ‪.‬‬
‫يقول ابن العربي ‪.‬‬
‫“ ‪ . . .‬فما في الكون اال عدل حيث فرضته ‪ ، 13‬وبالعدل ظهرت األمثال ‪ 14‬وسمي‬
‫المثل عدال ‪ ( “ . .‬ف ‪. ) 236 / 4‬‬
‫****‬
‫نالحظ من التعريفين السابقين ان لفظ “ عدل “ فيهما كان نكرة ‪ ،‬اما هنا فهو معرف ‪:‬‬
‫“ العدل “ ‪.‬‬
‫معرف ) ‪.‬‬
‫ويختلف موقف ابن العربي من اللفظ في حالتيه ( نكره ‪ّ ،‬‬
‫ففي األولى تتميز نظرته بكونها عامة تطرق الناحية اللغوية والصفاتية الفعلية ‪.‬‬
‫اما في الحال الثانية فقد يحدده بشخص له حقيقة خاصة وبالتالي مكانة خاصة في‬
‫صرح الحاتمي الوجودي ‪.‬‬
‫فالعدل هو الحق المخلوق به وهو العقل األول ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا ‪ 15‬وغيره‬‫“ العدل هو الحق المخلوق به السماوات واألرض ‪ ،‬فسهل بن عبد ّ‬
‫يسميه العدل ‪ ،‬وأبو الحكم عبد السالم بن برجان يسميه ‪ :‬الحق المخلوق به ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ‪. ) 60 / 2‬‬
‫“ القلم اإللهي ‪ . . .‬وهو العقل األول ‪ . . .‬وهو الحقيقة المحمدية والحق المخلوق به‬
‫والعدل ‪ . . . 16‬وهو الروح القدس الكل ‪ ( “ . . .‬ف ‪.) 444 /3‬‬

‫‪780‬‬
‫“ ‪“ 781‬‬
‫انظر “ العقل األول “ و “ الحقيقة المحمدية “‬
‫كما يراجع ‪ :‬انسان كامل ‪ :‬المترادفات ‪ ،‬والسبب في نشأة كثرة المترادفات عند ابن‬
‫العربي ‪.‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫َّللا يَأ ْ ُم ُر بِّ ْالعَ ْد ِّل‬
‫) ‪( 1‬ويفسر مقاتل “ العدل “ في القرآن بالتوحيد في اآلية ‪ِّ ”:‬إ َّن َّ َ‬
‫‪“( 16 / 90 ) .‬‬
‫وال يخفى ما في هذه النظرة من رمزية ال مستند لغوي لها ‪.‬‬
‫انظر‪ :Exegese coranique‬ص ‪. 45‬‬
‫) ‪( 2‬انظر شرح اآلية أنوار التنزيل ج ‪ 1‬ص ‪ 25‬الهامش ‪.‬‬
‫) ‪( 3‬انظر شرح اآلية ‪ :‬أنوار التنزيل ج ‪ 1‬ص ‪ 25‬الهامش ‪.‬‬
‫) ‪( 4‬انظر شرح التسوية والعدل في أنوار التنزيل ج ‪ 2‬ص ‪ 298‬الهامش ‪.‬‬
‫القراءة بالتخفيف وبالتشديد ‪.‬‬
‫) ‪( 5‬ومن هذه اآلية يثبت الترمذي “ العدل “ نظيرا من نظائر “ الشرك “ في القرآن‬
‫انظر‪Exegese coranique‬ص ‪. 125‬‬
‫) ‪( 6‬انظر شرح اآلية كما يفسره ابن العربي في الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪. 236‬‬
‫) ‪( 7‬راجع كالم الترمذي في التفريق بين العدل والفضل والجود ‪Exegese‬‬
‫‪coranique‬ص ‪، 298‬‬
‫) ‪( 8‬انظر “ خلق “ ) ‪( 9‬انظر حق المعنى “ الرابع ‪“ .‬‬
‫) ‪( 10‬انظر “ صورة “ ) ‪( 11‬انظر “ عين ثابتة ‪“ .‬‬
‫) ‪( 12‬انظر “ االستقامة “ كما يراها ابن العربي ‪.‬‬
‫) ‪( 13‬من حيث إن “ الكون “ يفترض “ الميل “ حتى يظهر في الوجود ‪.‬‬
‫) ‪( 14‬إشارة إلى الخلق الجديد ‪ .‬انظر “ خلق جديد ‪“ .‬‬
‫) ‪( 15‬اذن لفظ “ العدل “ استفاده من التستري وهذه ليست استفادة بالمعنى الحقيقي‬
‫فابن العربي هنا لم يستفد صفة يضيفها إلى صفات العقل األول أو الحقيقة المحمدية ‪.‬‬
‫بل هو هنا يقرر موازاة ليس أكثر ‪ ،‬فالعدل عند التستري يوازي الحقيقة المحمدية عنده‬
‫‪ ،‬والحق المخلوق به عند ابن برجان ‪ .‬والعقل األول عند الفالسفة وهكذا ‪. . .‬‬
‫) ‪( 16‬يراجع بشأن “ عدل “ عند ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪، 308‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪، 77‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ص ‪ ( 237 - 23 ،‬حضرة العدل ) ‪.‬‬

‫‪781‬‬
‫“ ‪“ 782‬‬
‫‪ - 439‬العدم األمكاني‬
‫المترادفات ‪ :‬العدم في القدم ‪ - 1‬عدم الممكن ‪ -‬الثبوت ‪ -‬العدم الثبوتي ‪.‬‬
‫ابن العربي تابع المعتزلة فيما ذهبوا اليه من أن المعدوم ‪ “ :‬شيء “ وذات وعين ‪ ،‬وان‬
‫له خصائص وصفات ‪.‬‬
‫َّللا القديم ‪ ،‬معدومة اي‬
‫فالمعدوم عنده عين ثابتة معدومة ‪ :‬ثابتة في وجودها في علم ّ‬
‫مسلوب عنها الوجود الخارجي في زمان ومكان ‪.‬‬
‫َّللا ‪.‬‬
‫اذن المعدوم له وجود عقلي متميز في علم ّ‬
‫والعدم االمكاني ‪ :‬هو الثبوت ‪. 2‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫“ ذلك ان الموجودات ‪ . . .‬لها أعيان ثابتة في حال اتصافها بالعدم الذي هو للممكن ال‬
‫للمحال ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪. ) 608 / 2‬‬
‫“ والممكنات في حال عدمها مهيأة لقبول الوجود ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪. ) 452 / 3‬‬
‫“ ا ال ترى الممكن في حال عدمه يفتقر إلى المرجح ‪ ( “ . . . 3‬فتوحات ‪/ 2‬‬
‫‪. ) 264‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫َّللا القديم ‪.‬‬
‫) ‪( 1‬العدم في القدم ‪ ،‬هو عدم األعيان الثابتة اي ثبوتها في علم ّ‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫“ فمن كان وطنه العدم في القدم كانت غربته الوجود “ ( ف ‪. ) 370 / 4‬‬
‫) ‪( 2‬انظر “ عين ثابتة “ فلقد توسعنا بشرح الثبوت وعالم الثبوت عند الشيخ‬
‫األكبر ‪.‬‬
‫) ‪( 3‬انظر فيما يختص بالعدم بمعنى الثبوت ‪.‬‬
‫‪-‬فتوحات ‪ 4‬ص ‪ . 132‬ص ‪، 150‬‬
‫‪-‬فصوص ‪. 128 / 1‬‬

‫‪782‬‬
‫“ ‪“ 783‬‬
‫‪ - 440‬العدم ( المطلق )‬
‫المترادفات ‪ “ :‬العدم المطلق ‪ -‬عدم المحال ‪. 1‬‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ العين والدال والميم أصل واحد يدل على فقدان الشيء وذهابه من ذلك العدم وعدم‬
‫فالن الشيء ‪ .‬إذا فقده ‪ ( “ . .‬معجم مقاييس اللغة ‪ .‬مادة عدم ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫الكلمة غير قرآنية ‪.‬‬
‫عند ابن العربي ‪:‬‬
‫يطلق ابن العربي لفظ “ العدم “ دون تحديده باطالق أو امكان ‪.‬‬
‫ويترك للقارئ ان يفهمه من خالل مضمون النص ‪.‬‬

‫لذلك نقسم العدم قسمين ‪:‬‬


‫عدم مطلق أو عدم المحال وهو ما سنبحثه هنا ‪ ،‬وعدم امكاني أو عدم الممكن وهو ما‬
‫بحثناه في المصطلح السابق ( فليراجع ) ‪.‬‬
‫العدم المطلق هو المحال ‪ ،‬هو الشر المحض والظلمة المحضة ‪ ، 2‬وهو الباطل في‬
‫مقابل الوجود ( الخير المحض ‪ -‬النور المحض ‪ -‬الحق ) ‪.‬‬
‫وهكذا بدل ان يوضح ابن العربي مفهوم العدم يحيلنا إلى صور ثالث [ شر ‪ ،‬ظلمة ‪،‬‬
‫باطل ] لنستنتج من خاللها مقصده ‪ ،‬وكل ما نصل اليه هو ان العدم سلب ‪ ،‬وان‬
‫الكونية السلبية هي القاعدة لكل شر ‪. 3‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫) ‪ “ ( 1‬فأعطيت [ االنسان ] اسم الممكن والجائز لحقيقة معقولة تسمى االمكان ‪4‬‬
‫والجواز ‪ ،‬وحصل اسم الموجود للواجب بالذات لحقيقة تسمى الوجود وهي عين‬
‫الموجود ‪ ،‬كما أن االمكان عين الممكن من حيث ما هو ممكن ‪. . .‬‬
‫وحصل اسم المعدوم ‪ 5‬للمحال وهو الذي ال يقبل الوجود لذاته ‪ ،‬لحقيقة تسمى العدم‬
‫المطلق وهو اإلحالة “ ( فتوحات ‪.) 154 / 4‬‬

‫‪783‬‬
‫“ ‪“ 784‬‬

‫) ‪ “ ( 2‬ان العدم هو الشر المحض ‪ . . .‬وهو قول المحققين ‪ 6‬المتقدمين والمتأخرين ‪،‬‬
‫ولكن أطلقوا هذا اللفظ ولم يوضحوا معناه ‪ ،‬قال لنا بعض سفراء الحق [ ‪-‬‬
‫وارد ] ‪ . . .‬ان الخير في الوجود والشر في العدم في كالم طويل ‪ ،‬علمنا أن الحق‬
‫تعالى له اطالق الوجود من غير تقييد ‪ ،‬وهو الخير المحض ‪ 7‬الذي ال شر فيه ‪،‬‬
‫فيقابله اطالق العدم الذي هو الشر المحض الذي ال خير فيه ‪ ،‬فهذا هو معنى قولهم ان‬
‫العدم هو الشر المحض “ ( فتوحات ‪. ) 47 - 46 / 1‬‬
‫“ فالجهل انما هو عبارة عن عدم العلم ال غير ‪ ،‬فليس بأمر وجودي ‪ ،‬والعدم هو الشر‬
‫‪ ،‬والشر قبيح لنفسه ‪ ( “ . .‬فتوحات ‪. ) 528 / 3‬‬
‫) ‪ “ ( 3‬فان العدم المحال ظلمة وعدم الممكن ظل ال ظلمة ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪/ 2‬‬
‫‪. ) 304‬‬
‫“ فالوجود نور والعدم ظلمة ‪ ،‬فالشر عدم ونحن في الوجود فنحن في الخير ‪. .‬‬
‫“ ( فتوحات ‪. ) 486 / 2‬‬
‫) ‪ “ ( 4‬والباطل هو العدم بال شك والوجود كله حق “ ( فتوحات ‪. ) 33 / 2‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬في مقابل “ عدم الممكن “ اي الثبوت انظر “ عدم االمكان ‪“ .‬‬
‫) ‪( 2‬يستعمل ابن العربي مفردي النور والظلمة ‪.‬‬
‫أسوة بكل من استعملها في الفكر العربي مستمدا من الزرداشتية التي تأخذ بمبدأ التثنية‬
‫وتردهما إلى أصلين متضادين ‪ :‬هما مبدأ الوجود ‪ - :‬النور والظلمة ‪.‬‬
‫وهما ‪ :‬يزدان واهرمن ‪ ،‬فالموجودات مزيج من نور وظلمة أو من شر وخير ‪ ،‬والعالم‬
‫في صراع دائم بين القوتين ‪ ،‬قوة الظالم وقوة النور ( انظر نشأة الفكر الفلسفي د ‪.‬‬
‫علي النشار ج ‪ 1‬ص ‪. ) 203‬‬

‫ولكن ‪ ،‬رغم استعمال ابن العربي لمفردات الزرادشتية اال انه يخالفها ‪ :‬فالشر عنده‬
‫عدم ال طاقة صراع عنده ‪ ،‬فهو ال يجعل العدم في مقابل الوجود كأصلين للعالم بل‬
‫العدم هو مجرد عدم ‪ ،‬بكل ما تحوى الكلمة من سلوب انه عدم الوجود ‪.‬‬
‫وهكذا الفرق بين النور والظلمة ( انظر شر ) ‪.‬‬

‫) ‪( 3‬انظر كتاب أبو العال عفيفي‪- The mystical -‬ص ‪ 157‬حيث يبين التشابه‬
‫بين اسبينوزا وابن العربي ‪.‬‬

‫) ‪( 4‬هذا االمكان نفسه يسميه ابن العربي “ عدم االمكان “ كما يسمى الممكن معدوما‬
‫( انظر “ عين‬

‫‪784‬‬
‫“ ‪“ 785‬‬

‫ثابتة “ ) ولكنه سماه هنا امكانا ليحتفظ باسم “ المعدوم “ للمحال ‪.‬‬

‫) ‪( 5‬المعدوم يطلقه ابن العربي عادة على “ ثابت العين “ فاألعيان الثابتة هي‬
‫المعدومات ‪ .‬ولكن هنا اشتقه من العدم المطلق فهو المحال ( ‪ .‬انظر عين ثابتة ‪) .‬‬
‫) ‪( 6‬يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫“ ما قال بان العدم هو الشر اال من جهل االمر ‪ ،‬انما ذلك العدم الذي ما فيه عين وال‬
‫يجوز على المتصف به كون وليس اال المحال ‪ .‬فذلك العدم هو الشر المحض على كل‬
‫حال ‪ .‬واما العدم الذي يتضمن األعيان فذلك عدم االمكان ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪/ 4‬‬
‫‪. ) 370‬‬
‫) ‪( 7‬ابن العربي هنا يذكر بافالطون من حيث إن الحق هو الخير المحض عنده ‪.‬‬

‫‪ - 441‬عدم العدم‬
‫عدم العدم هو الوجود ‪ .‬ألنه انتفاء نسبة العدم ‪،‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫“ الحمد ّّلل الذي أوجد األشياء عن عدم وعدمه ‪ . 1‬وعدم العدم ‪ :‬وجود ‪ ،‬فهو نسبة‬
‫كون األشياء ‪ . . .‬موجودة ّّلل ثابتة ألعيانها غير موجودة النفسها ‪ ،‬فبالنظر إلى‬
‫َّللا في هذه الخزائن [ خزائن‬
‫أعيانها هي موجودة عن عدم ‪ .‬وبالنظر إلى كونها عند ّ‬
‫الجود ] هي موجودة عن عدم العدم وهو وجود ‪ ( . . . “ 2‬فتوحات ‪. ) 281 / 2‬‬

‫َّللا الذي يحوى أعيان‬


‫ان عدم العدم هو الوجود ‪ ،‬إذ أطلقه ابن العربي على علم ّ‬
‫الممكنات الثابتة والتي عنها وجد العالم ‪ .‬فالعالم ظهر من وجود علمي إلى وجود عيني‬
‫‪.3‬‬
‫) ‪( 1‬ان جملة ابن العربي “ الحمد ّّلل الذي أوجد األشياء عن عدم وعدمه “ هي مطلع‬
‫فتوحاته المكية وقد حظيت بالكثير من االهتمام ‪.‬‬
‫انظر نقد الجيلي البن العربي ‪ .‬االنسان الكامل ج ‪ 1‬ص ‪ 49‬حيث يؤكد الجيلي ان‬
‫الحق سبحانه وتعالى ما أوجد األشياء اال من العدم المحض ‪.‬‬
‫‪-‬كما يراجع كتاب الدكتور التفتازاني ‪ “ :‬ابن سبعين وفلسفته الصوفية “ ‪ .‬ص ‪، 205‬‬
‫) ‪( 2‬الموضوع نفسه ‪ .‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪، 310‬‬
‫) ‪( 3‬انظر االنسان الكامل ج ‪ 1‬ص ‪، 49‬‬

‫‪785‬‬
‫“ ‪“ 786‬‬
‫‪ – 442‬العذاب‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ العين والذال والباء أصل صحيح ‪ ،‬لكن كلماته ال تكاد تنقاس ‪ ،‬وال يمكن جمعها إلى‬
‫شيء واحد ‪. . .‬‬
‫فمن الباب ‪ :‬عذب الماء ‪ . . .‬فهو عذب ‪ :‬طيّب ‪ . . .‬وباب آخر ‪. . .‬‬
‫عذب ويقال ‪ :‬أعذب عن الشيء ‪ :‬إذا لها عنه وتركه ‪. . .‬‬
‫وباب آخر ال يشبه الذي قبله ‪ :‬العذاب ‪ ،‬يقال منه ‪ :‬عذّب تعذيبا ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس‬
‫اللغة مادة “ عذب “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫لقد ورد في القرآن العذاب مفردا موصوفا أو معرفا ومضافا ‪ ،‬كما ورد الفعل أيضا ‪:‬‬
‫ب أ َ ْن يُعَ َّم َر ‪“[ 2 / 96 ] .‬‬ ‫( أ ) قال تعالى ‪َ ” :‬وما ُه َو بِّ ُمزَ ْح ِّز ِّح ِّه ِّمنَ ْالعَذا ِّ‬
‫ذاب النَّ ِّ‬
‫ار “[ ‪/ 2‬‬ ‫ع َ‬ ‫سنَةً َوقِّنا َ‬
‫سنَةً َوفِّي ْاآل ِّخ َرةِّ َح َ‬ ‫( ب ) قال تعالى ‪ ” :‬آتِّنا فِّي ال ُّد ْنيا َح َ‬
‫‪. ] 201‬‬
‫ذاب أ َ ِّلي ٌم‪“[ 2 / 174 ] .‬‬
‫ع ٌ‬ ‫َّللاُ يَ ْو َم ْال ِّقيا َم ِّة َوال يُزَ ِّ ّكي ِّه ْم َولَ ُه ْم َ‬
‫قال تعالى ‪َ ” :‬وال يُ َك ِّلّ ُم ُه ُم َّ‬

‫عند ابن العربي ‪:‬‬


‫*استعمل ابن العربي لفظ “ عذاب “ متتبعا المفهوم اللغوي القرآني ‪ .‬في مقابل النعيم ‪.‬‬
‫وهو غير المالئم للطبع وسببه التطهير ‪ ،‬الن الحق لم يبتدئ العبد بالعذاب ‪. 1‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫“ فليس النعيم اال الماليم وليس العذاب اال غير الماليم ‪ 2‬كان ما كان ‪ ،‬فكن حيث كنت‬
‫إذا ‪ . . .‬لم يصبك اال ما ال ياليم مزاجك فأنت في عذاب “ ‪ ( . . .‬فتوحات ‪/ 4‬‬
‫‪.) 15‬‬

‫‪786‬‬
‫“ ‪“ 787‬‬
‫“ فإنه تعالى ما يعذب ابتداء ولكن يعذب جزاء ‪ ،‬فان الرحمة ال تقتضي في العذاب اال‬
‫الجزاء للتطهير ‪ ،‬ولوال التطهير ما وقع العذاب “ ( فتوحات ‪. ) 352 /3‬‬
‫****‬
‫ان العذاب والنار وكل مشتقاتهما الموحية باأللم وجزاء اآلخرة على سوء االعمال ‪،‬‬
‫ليس لها االستمرارية الزمنية إلى ما ال نهاية مثل النعيم والجنة ‪ .‬فال بد ان تنسحب‬
‫عليها سعة الرحمة فتنقلب نعيما ‪ :‬فيتنعم أهل النار في النار ‪. 3‬‬
‫وكذلك العذاب بعد ان تقام الحدود وينتهي زمن التطهير بالذنوب ال يخرج أهل النار‬
‫من النار ألنهم أهلها ‪.‬‬
‫بل ينقلب عذابهم عذبا ‪ ،‬وما سمي العذاب عذابا اال لعذوبته ‪. 4‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫“ العذاب فإنه من العذوبة وهي التلذذ باالمر ‪ ،‬وهو قول أبي يزيد في بعض أحواله ‪.‬‬
‫وكل مآربي قد نلت منها *** سوى ملذوذ وجدى بالعذاب ‪5‬‬
‫ولم يقل باآلالم ‪ ،‬وانما قال بالعذاب لما فيه من العذوبة ‪ ،‬وهي اللذة باللذة اي انه يلتذ‬
‫باللذة ال انه يلتذ باألشياء ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪. ) 185 / 4‬‬
‫“ ولهذا سمي [ العذاب ] عذابا ألنه يعذب في حال ما عند قوم ماء لمزاج يطلبه ‪. . .‬‬
‫“ ( فتوحات ‪. ) 673 / 3‬‬
‫” يسمى عذابا من عذوبة طعمه *** وذاك له كالقشر والقشر صاين ‪“ 6‬‬
‫( فصوص ‪) 94 / 1‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬ال يوجد عذاب من عين المنة ‪ ،‬أسوة بنعيم عين المنة واالختصاص ‪ .‬راجع‬
‫“ منة ‪“ .‬‬
‫) ‪( 2‬راجع عذاب إبليس في برد جهنم ‪ .‬فتوحات ج ‪ 3‬ص ‪. 368‬‬
‫) ‪( 3‬راجع “ جهنم “ و “ نار ‪“ .‬‬
‫) ‪( 4‬يخلط ابن العربي بين األصلين ‪ “ :‬عذب “ بمعنى ترك ومنع ‪.‬‬
‫و “ عذب “ بمعنى طاب ‪.‬‬
‫) ‪( 5‬منسوب أيضا إلى الحالج انظر ديوانه ‪.‬‬
‫) ‪( 6‬يراجع بخصوص عذاب عند ابن العربي ‪:‬‬

‫‪787‬‬
‫“ ‪“ 788‬‬

‫‪-‬الفصوص ج ‪ 1‬ص ‪، 109‬‬


‫‪-‬الفصوص ج ‪ 2‬ص ص ‪، 96 - 95‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪ 315‬وص ‪ 463‬وص ‪. 466‬‬

‫‪ – 443‬عذراء‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫َّللا تعالى فيه وجه قياس‬
‫“ العين والذال والراء بناء صحيح له فروع كثيرة ‪ ،‬ما جعل ّ‬
‫بتّة ‪ ،‬بل كل كلمة منها على نحوها وجهتها مفردة‪. . .‬‬
‫سها رجل ‪. . .‬‬
‫العذرة ‪ :‬عذرة الجارية العذراء ‪ ،‬جارية عذراء ‪ :‬لم يم ّ‬
‫العذرة ‪:‬نجم إذا طلع اشتد الحر ‪. . .‬‬
‫العذرة ‪ :‬خصلة من شعر ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة مادة “ عذر “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫كلمة “ عذراء “ غير قرآنية‬
‫عند ابن العربي ‪:‬‬
‫العذراء ‪ 1‬عند ابن العربي صفة وليست شخصا ‪ :‬انها كل حقيقة عالية لم يكشفها أحد ‪،‬‬
‫أو كل شخص خبأه الحق عن خلقه وحجبه عنهم ‪.‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫“ واما الكبريت األحمر واإلكسير األكبر الفعال المنزه عن القافات ‪ ،‬والمالك لجميع‬
‫الصفات والعرى عن جميع اآلفات فهو العروس العذراء ‪ ،‬المخبو عن العين في‬
‫حجاب الصون في غيابات الكون ‪. . .‬‬
‫تجده في الدكان مضطجعا تنوشه الكالب أو بهلوال يرمى بالحجارة ال يعبأ به وال ينظر‬
‫عزه منّة ‪ ( “ . .‬مواقع النجوم ص ‪. ) 138‬‬ ‫اليه ‪ ،‬حجبه [ الحق ] غيرة بل ّ‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬انظر بشأن عذراء ‪ ،‬ابن العربي ‪ :‬الفتوحات ج ‪ 1‬ص ‪ ( 5‬العذراء الخليفة ) ‪،‬‬
‫ص ‪ ( 9‬العذراء ) ‪.‬‬

‫‪788‬‬
‫“ ‪“ 789‬‬
‫‪ - 444‬األعراس األلهيّة‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫انظر “ عرائس الحق “ ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫المفرد غير وارد في القرآن ‪.‬‬
‫عند ابن العربي ‪:‬‬
‫االعراس اإللهية هي التجليات أو الواردات بالحقائق والمعاني حين تنزل بقلب العبد ‪.‬‬
‫‪-‬وسميت “ االعراس “ من التعريس ‪ ،‬وهو نزول المسافر في منزلة معلومة ‪.‬‬
‫َّللا هو الذي اسفرها وانزلها ‪.‬‬
‫‪-‬وسميت “ الهية “ الن ّ‬

‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬واما االعراس اإللهية ‪ 1‬فهي مشتقة من التعريس وهو نزول المسافر في منزلة‬
‫معلومة في سفر ‪.‬‬
‫واالسفار معنوية وحسية ‪ ،‬فالسفر المحسوس معلوم والسفر المعنوي ما يظهر للقلب ‪.‬‬
‫أبدا على التتالي ‪ ،‬والتتابع ‪.‬‬
‫عرست به فكان منزال لتعريسها ‪ ،‬انما عرست به لتفيده حقيقة ما‬ ‫فإذا مرت بهذا القلب ّ‬
‫َّللا هو الذي اسفرها وأظهرها لهذا القلب ‪ ،‬وجعله‬ ‫َّللا ألن ّ‬
‫جاءت به ‪ ،‬وانما نسبت إلى ّ‬
‫منزال لها تعرس فيه ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 541 / 3‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يراجع بشأن “ االعراس اإللهية “‬
‫عند ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬مواقع النجوم ص ‪ ( 45‬عرسه )‬
‫‪-‬تاج الرسائل ق ‪ 48‬ب ( االعراس اإللهية )‬
‫َّللا المعرس )‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪ّ ( 515‬‬
‫ص ‪ ( 516‬االعراس الفرح )‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪ ( 32‬التعريس )‬
‫كما يراجع بشأن “ عرس ‪“ :‬‬

‫‪789‬‬
‫“ ‪“ 790‬‬

‫‪-‬الحكيم الترمذي كتاب الصالة ص ‪20‬‬


‫كتاب الرياضة ص ‪ ( 37‬الفرح ) ‪ ،‬ص ‪ ( 63‬اتقاء الفرح )‬
‫‪-‬عبد القادر الجيالني ‪ :‬سر االسرار ص ‪. 42‬‬
‫‪-‬قول البسطامي في طبقات المناوي ج ‪ 1‬ص ‪. 250‬‬

‫‪ - 445‬عرائس الحق‬
‫مرادف ‪ :‬ضنائن الحق – األمناء‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ عرس ‪ :‬العين والراء والسين أصل واحد صحيح تعود فروعه اليه وهو المالزمة ‪،‬‬
‫قال الخليل عرس به ‪ ،‬إذ لزمه فمن فروع هذا األصل العرس ‪ :‬امرأة الرجل ‪ ،‬ولبؤة‬
‫األسد ‪. . .‬‬
‫قال يعقوب ‪ :‬العرس من الرجال ‪ :‬الذي ال يبرح القتال “ ( معجم مقاييس اللغة مادة‬
‫“ عرس “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫المفرد غير وارد في القرآن ‪.‬عند ابن العربي ‪: 1‬‬
‫يخص ابن العربي فئة من األولياء بعبارة عرائس الحق ‪.‬‬
‫فما الذي دعا ابن العربي إلى تخصيص هذه الفئة بالعرائس ؟‬
‫األولياء ‪ :‬منهم الظاهر بالوالية ‪ ،‬يعرفهم الخاص والعام ‪.‬‬
‫ومنهم من ستره الحق فال يعلم بمقامه مخلوق ‪.‬‬
‫هؤالء المستورون يضن الحق من الغيرة ان يعرفهم غيره ‪ ،‬فهم ‪ :‬ضنائن الحق‬
‫وعرائسه ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬واما حال الغيرة من الحق وهي ضنته بأوليائه ‪ ،‬حيث سترهم عن سائر عباده‬
‫فحبب إليهم الستر ‪ ،‬ووفقهم للمعرفة بحكم المواطن فاتصفوا بصفة سيدهم فكانوا عنده‬
‫َّللا وعرائسه “ ‪ ( . . .‬ف ‪. ) 501 / 2‬‬
‫خلف حجب العوائد فهم ‪ :‬ضنائن ّ‬

‫“ ويعلم [ الشيخ ] بالشم أهل الطريق الذين يصلحون له من الذين ال يصلحون ‪،‬‬

‫‪790‬‬
‫“ ‪“ 791‬‬

‫ويعلم التحلية التي يحلى بها نفوس المريدين الذين هم عرائس الحق “ ( ف ‪/ 2‬‬
‫‪. ) 365‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يراجع بشأن عرائس الحق عند ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬مواقع النجوم ص ‪ ( 42‬عرس ‪ -‬عروس )‬
‫‪-‬الديوان ص ‪ ( 48‬عروس )‬
‫ص ‪ ( 49‬العرس ‪ -‬العروس )‬
‫َّللا ‪:‬‬
‫كما يراجع فهارس أسفار الفتوحات االجزاء الستة تحت عبارة ‪ ،‬عرائس ّ‬
‫االمناء ‪.‬‬
‫قارن “ عرائس الحق “ عند ابن العربي بقول روزبهان بقلي مجلة المشرق ص‬
‫‪. 389‬‬

‫‪ - 446‬عرش‬
‫يرد مفرد “ عرش “ عند ابن العربي معرفا ومنكرا ‪:‬‬
‫المعرف ‪ :‬هو عرش الرحمن المشار اليه في اآلية “ الرحمن على العرش استوى‬ ‫ّ‬ ‫(أ)‬
‫“ [ انظر “ عرش الرحمانية “ ] وهي مرتبة وجودية ‪ ،‬أول عالم الخلق ‪ ،‬يتلوها‬
‫الكرسي ‪.‬‬
‫( ب ) المنكر ‪ ،‬ال يتمتع بمضمون ذاتي يدل على ذات واحدة متميزة ‪ ،‬بل يأخذ معناه‬
‫من المضاف اليه ‪.‬‬
‫وله نسبتان ‪:‬‬
‫‪-‬ففي نسبته إلى االعلى يتحول “ عرش “ إلى اسم محل ( مستوى ) للتنزل والظهور‬
‫والتجلي ‪ ،‬مثال ‪ :‬عرش الفصل والقضاء [ فليراجع ] الذي هو تنزل الهي ومظهر ‪.‬‬
‫‪-‬وفي نسبته إلى األدنى يتحول عرش إلى صفة تفيد الهيمنة واإلحاطة واالستيالء‬
‫والملك ‪.‬‬
‫مثال ‪ :‬عرش الرحمن ‪ ،‬اي العرش معرفا ‪ ،‬يحيط بكل الموجودات والحاطته اخذ اسم‬
‫عرش ‪.‬‬
‫وسنحاول ايراد بعض النصوص التي توضح ما أشرنا اليه ‪ ،‬يقول ‪:‬‬
‫المعرفة ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫‪ - 1‬عرش‬
‫“ فانقسمت الكلمة الواحدة التي هي في العرش واحدة ‪ ،‬فهي في العرش رحمة‬

‫‪791‬‬
‫“ ‪“ 792‬‬

‫واحدة إليها مآل كل شيء ‪ ،‬وانقسمت في الكرسي إلى رحمة وغضب مشوب‬
‫برحمة ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 432 / 3 -‬‬
‫َّللا جعل من السماء إلى األرض معارج على عدد الخالئق ‪ . . .‬وجعل من‬ ‫“ ان ّ‬
‫العرش إلى الكرسي معارج لمالئكة ‪ ،‬ينزلون إلى الكرسي بالكلمة الواحدة غير منقسمة‬
‫إلى الكرسي ‪ ،‬فإذا وصلت الكلمة واحدة العين إلى الكرسي انفرقت فرقا ‪ ،‬على قدر ما‬
‫أراد الرحمن ان يجري منها في عالم الخلق واالمر ‪. . .‬‬
‫فاختلفت على ذلك االمر اإللهي الصور بحسب الموطن الذي ينزل اليه ‪ ،‬فينصبغ في‬
‫كل منزل صبغة ثم ينزل ذلك االمر اإللهي في الرقائق النفسية بصورة نفسية ‪. . .‬‬
‫فينصبغ في العرش صورة عرشية ‪. . .‬‬
‫فلما انصبغ بأول عالم الخلق ‪ ،‬وهو العرش ظهر في وحدانية الخلق ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 3‬‬
‫‪. ) 29‬‬

‫نالحظ في النصين ان كلمة عرش وردت معرفة ‪ ،‬دون ان يحدد ابن العربي تمييزها‬
‫عن باقي العروش عنده ‪ ،‬اذن عرش المعرفة يقصد بها دائما تلك المرتبة الوجودية ‪،‬‬
‫أول عالم الخلق المتبوعة بالكرسي ‪ .‬انظر “ عرش الرحمانية “‬
‫‪ - 2‬عرش المنكّرة ‪:‬‬
‫“ مستوى ‪“ :‬‬
‫“ ‪ . .‬قلت وما العرش ‪ ،‬قلنا مستوى األسماء المقيدة وفيه ظهرت صورة المثل ‪ ،‬من‬
‫ليس كمثله شيء واحد ‪ ،‬وهذا هو المثل الثابت ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 129 ) . 2 -‬‬

‫“ ‪ . . .‬وهو [ القلم االعلى ‪ -‬العقل األول ‪ ] . .‬العرش من حيث االستواء ‪. . .‬‬


‫“ ( االنسان الكلي ق ‪ 4‬ب ) ‪.‬‬

‫الملك ‪:‬‬
‫ي الحميم ان العرش في لسان العرب يطلق ويراد به الملك ‪،‬‬‫َّللا الول ّ‬
‫“ ‪ . . .‬اعلم أيد ّ‬
‫يقال ث ّل عرش الملك إذ دخل في ملكه خلل ‪ ،‬ويطلق ويراد به السرير فإذا كان العرش‬
‫عبارة عن الملك فتكون حملته هم القائمون به ‪ ،‬وإذا كان العرش السرير فتكون حملته‬
‫ما يقوم عليه من القوائم أو من يحمله على كواهلهم ‪ ،‬والعدد يدخل في حملة‬
‫العرش ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 147 / 1 -‬‬

‫“ ‪ . . .‬ويكون العرش ‪ . . .‬عبارة عن الملك ‪ ( “ . . .‬عقلة ‪.) 58‬‬

‫‪792‬‬
‫“ ‪“ 793‬‬

‫االستيالء ‪:‬‬
‫“ ‪ ( . . .‬واالستواء ) أيضا ينطلق على االستقرار والقصود واالستيالء ‪ ،‬واالستقرار‬
‫َّللا تعالى اال إذا كان على وجه الثبوت ‪.‬‬
‫من صفات األجسام ‪ ،‬فال يجوز على ّ‬
‫والقصد هو اإلرادة وهي من صفات الكمال قال ‪ ،‬ثم استوى إلى السماء ‪ ،‬اي قصد‬
‫واستوى على العرش اي استولى ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 98 / 1‬‬

‫الظهور والتجلي ‪:‬‬


‫“ ‪ . . .‬وإذا اتخذك اهال جعلك محال اللقائه وعرشا الستوائه ‪ 1‬وسماء لنزوله وكرسيا‬
‫لقدميه فظهر لك فيك منه ما لم تره مع كونه فيك ‪. . . “ .‬‬
‫“ ‪ . . .‬الن الخليفة ال بد له من مكان يكون فيه حتى يقصد بالحاجات ‪ ،‬اال ترى من ال‬
‫يقبل المكان كيف اقتضت المرتبة له ان يخلق سماء جعلها عرشا ‪ ،‬ثم ذكرانه استوى‬
‫عليه حتى يقصد بالدعاء وطلب الحوائج ‪ ،‬وال يبقى العبد حائرا ال يدري اين يتوجه ‪،‬‬
‫َّللا ذا جهة ‪ .‬فنسب الحق الفوقية لنفسه من سماء وعرش واحاطه بكل‬ ‫ألن العبد خلقه ّ‬
‫الجهات ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 408 / 3 -‬‬

‫اإلحاطة ‪:‬‬
‫“ فلما أوجد دائرة الكون المحيطة المعبر عنها بالعرش ‪ 2‬الذي هو السرير‬
‫االقدس ‪ ( “ . . .‬االسفار ص ‪. ) 10‬‬

‫راجع متفرعات عرش ‪ :‬مثال ‪ ،‬عرش الحياة ‪ ،‬العرش الكريم ‪ ،‬العرش العظيم‬
‫الخ ‪ . . .‬في أبوابها ألنها أضواء على مضمون “ عرش “ عند ابن العربي ‪.‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يقول ابن سودكين في كتابه علم التصوف ق ‪ 62‬ب ‪:‬‬
‫“ الطور السابع طور خفاء مطلق وفناء في الفناء ‪ ،‬وأحدية ال نسب وال إضافة وال‬
‫تعين بل التعين فيه عين ذاته ‪ ،‬ويجوز ان يقال له طور عرشي ألنه مظهر‬
‫الرحمن ‪. . .‬‬
‫َّللا‬
‫َّللا الذي خلق السماوات واألرض في ستة أيام ثم استوى على العرش ‪ ،‬أي تجلى ّ‬ ‫ّ‬
‫تعالى بالقلب المحمدي بالتجليات التامة ‪. . . “ .‬‬

‫) ‪( 2‬يراجع بشأن “ عرش “ عند ابن العربي ‪:‬‬


‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 1‬ص ‪ ( 36‬العرش حد االستواء ) ‪ ،‬ص ‪ ( 62‬فالعرش مجموع ) ‪.‬‬
‫ص ‪ ( 121‬عرش آدم ‪:‬ذاته ‪) .‬‬
‫‪-----‬‬

‫‪793‬‬
‫“ ‪“ 794‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪ ( 102‬العرش ‪ :‬الملك ) ‪ ،‬ص ‪ ( 174‬العرش ) ‪ ،‬ص ‪436‬‬
‫( العرش العظيم ‪ ،‬العرش الكريم ‪ ،‬العرش المجيد ‪ ،‬مستوى الرحمن ) ‪ ،‬ص ‪676‬‬
‫( عرش التكوين) ‪.‬‬

‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪ ( 420‬العرش ‪ :‬ربع ) ص ‪ ( 421‬عرش االستواء ) ‪ ،‬ص‬


‫‪ ( 429‬عرش االستواء ‪ ،‬ص ‪ ( 430‬العرش ‪ :‬استوى عليه االسم الرحمن ) ص‬
‫‪ ( 438‬عرش الفصل والقضاء ) ص ‪ ( 444‬مستوى األسماء اإللهيات ) ص ‪482‬‬
‫( العرش اإللهي المجيد ) ‪.‬‬

‫َّللا ) ‪،‬‬
‫َّللا ) ‪ ،‬ص ‪ ( 99‬العرش ‪ :‬ما سوى ّ‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪ ( 8‬العرش ‪ :‬ملك ّ‬
‫ص ‪ ( 111‬االنسان الكامل ‪ :‬قلبه كالعرش ) ‪ ،‬ص ‪ ( 128‬عرش القرآن ) ‪.‬‬

‫‪-‬االنسان الكلي ‪ ،‬ورقة ‪ 6‬أ ( العرش الرحماني ) ‪ ،‬ورقة ‪ 6‬ب ( العرش الكريم ) ‪.‬‬
‫‪-‬عقلة المستوفز ص ‪ ( 52‬العقل ‪ :‬العرش ) ‪ ،‬ص ‪ ( 52‬العرش خمسة ‪ :‬عرش‬
‫الحياة ‪ ،‬عرش الهوية ‪ ،‬عرش الرحمانية ‪ ،‬العرش الكريم ‪ ،‬العرش المجيد ) ‪.‬‬
‫‪-‬التراجم ص ‪ ( 29‬لطفيتك عرش محيط بك )‬
‫‪-‬االصطالحات ص ‪ ( 297‬العرش ‪ :‬مستوى األسماء )‬
‫‪-‬ترجمان األشواق ص ‪ ( 17‬حملة العرش )‬
‫‪-‬مواقع النجوم ص ‪ ( 182‬العرش الكريم ‪ -‬العرش المجيد ) ‪.‬‬
‫‪-‬شق الجيوب ورقة ‪ ( 72‬عرش االسم اإللهي )‬
‫كما يراجع ‪:‬‬
‫‪-‬مكاشفة القلوب للغزالي ص ‪81‬‬
‫‪-‬أبو العالء ‪ ،‬ابن قسي ص ‪82‬‬
‫‪-‬أبو العالء من اين استقى ابن العربي ص ‪21 ، 14‬‬
‫‪-‬فصوص الحكم ج ‪ 2 /‬ص ‪337 ، 68‬‬
‫‪-‬مطلع خصوص الكلم ورقة ‪7‬‬
‫‪-‬األجوبة عن االنسان الكامل ورقة ‪217‬‬
‫أ ‪ -‬تأويالت القرآن ورقة ‪ 166‬ب‪.‬‬

‫‪794‬‬
‫“ ‪“ 795‬‬
‫للا‬
‫‪ - 447‬عرش ّ‬
‫َّللا ‪ :‬ملكه عامة فهو اذن كل ما سواه ‪.‬‬
‫*عرش ّ‬
‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا عرش له علو قدر ومكانة في قلوب العارفين به ‪ ،‬من علماء النظر‬
‫“ وكل ما سوى ّ‬
‫وغيرهم من العلماء ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 243 / 4 -‬‬
‫****‬
‫َّللا ] ‪،‬‬
‫َّللا على التخصيص هو االنسان من حيث كونه مظهرا لالسم الجامع [ ّ‬ ‫عرش ّ‬
‫فهو مستوى االسم الجامع‬
‫انظر “ االسم الجامع “ ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا اعني باالنسان هاهنا الوجود المطلق من حيث اعتبار‬
‫“ فكان ‪ . . .‬االنسان عرش ّ‬
‫الصور االنسانية فيه ‪ ،‬واالنسان الكامل وإلي هذا التأليف وألجله سجدت األكوان ‪. . .‬‬
‫“ [ بلغة الغواص ق ‪) 11‬‬
‫انظر “ عرش "‪.‬‬

‫‪ - 448‬العرش المحدود‬
‫َّللا المحدود هو االنسان الكامل ‪ ،‬مظهر جميع األسماء اإللهية ‪ ،‬لذلك جعل ابن‬
‫عرش ّ‬
‫َّللا ) ‪.‬‬
‫العربي العرش هنا الستواء االسم الجامع ( ّ‬
‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا حجب الجميع عنه وما ظهر اال لالنسان الكامل ‪ ،‬الذي هو ظله الممدود‬‫“ ‪ . . .‬فان ّ‬
‫وعرشه المحدود وبيته المقصود الموصوف بكمال الوجود “ ‪ ( . . .‬ف ‪/ 3 -‬‬
‫‪. ) 282‬‬
‫انظر “ عرش “‬

‫‪795‬‬
‫“ ‪“ 796‬‬

‫‪ - 449‬عرش الحياة‬
‫مرادف ‪ :‬عرش المشيئة ‪ -‬مستوى الذات ‪ -‬عرش الهوية ‪.‬‬
‫عرش الحياة عبارة يطلقها ابن العربي على العرش المشار اليه في اآلية‬
‫علَى ْال ِّ‬
‫ماء ‪. “[ 11 / 7 ] .‬‬ ‫ع ْر ُ‬
‫شه ُ َ‬ ‫قال تعالى ‪َ ”:‬وكانَ َ‬

‫فهو عرش الهوية ألنه جاء مضافا إلى الهوية [ عرشه ] ‪ ،‬وهو عرش الحياة ألنه في‬
‫الماء ‪.‬‬
‫ي ٍ“ [ ‪/ 21‬‬
‫ش ْيءٍ َح ّ‬ ‫والماء أصل الحياة بدليل اآلية قال تعالى ‪َ ” :‬و َجعَ ْلنا ِّمنَ ْال ِّ‬
‫ماء ُك َّل َ‬
‫‪]30‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬عرش الحياة وهو عرش الهوية ‪ . . .‬هو عرش المشيئة ‪ ،‬وهو مستوى‬
‫الذات ‪. . .‬‬
‫ماء “[ ‪] 7 /11‬‬ ‫علَى ْال ِّ‬
‫شه ُ َ‬‫ع ْر ُ‬
‫قال تعالى ‪َ ”. . . :‬وكانَ َ‬
‫فاضافه إلى الهوية ‪ ،‬وجعله على الماء فلهذا قلنا إنه عرش الحياة ‪ .‬قال تعالى ‪”:‬‬
‫ي ٍ ] ‪“[ 21 / 30‬‬ ‫ش ْيءٍ َح ّ‬ ‫َو َجعَ ْلنا ِّمنَ ْال ِّ‬
‫ماء ُك َّل َ‬
‫وقال فيه ‪ :‬وكان عرشه على الماء ‪ ،‬اي اظهر الحياة فيكم ليبلوكم “ ‪ ( . . .‬عقلة ص‬
‫‪. ) 53 - 52‬‬

‫“ “ ‪ . . .‬وكان عرشه على الماء “ “ على “ هنا ‪ ،‬بمعنى ‪ “ :‬في “ اي ‪ :‬كان العرش‬
‫في الماء ‪.‬‬
‫كما أن االنسان في الماء اي منه تكون ‪ ،‬فان الماء أصل الموجودات كلها وهو عرش‬
‫الحياة اإللهية ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 65 / 3‬‬

‫“ ‪ . . .‬وأول شكل قبل هذا الجسم الشكل الكلي المستدير فكان الفلك‪.‬‬
‫فسماه العرش واستوى عليه سبحانه باالسم الرحماني ‪ ،‬االستواء الذي يليق به الذي ال‬
‫يعلمه اال هو من غير تشبيه وال تكييف ‪ ،‬وهو أول عالم التركيب وكان االستواء عليه‬
‫‪ ،‬وهو عرش الحياة وهو العرش السادس وهو عرش نسبي ليس له وجود اال بالنسبة ‪،‬‬
‫لذلك لم نجعله في العرش وهذا البحر هو الفاصل بين الحق والخلق هو حجاب العزة ‪1‬‬
‫[ انظر “ بحر العماء “ ] “ ( االنسان الكلي ق ‪ 6‬أ ) ‪.‬‬

‫‪796‬‬
‫“ ‪“ 797‬‬
‫انظر “ عرش “‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬النص نفسه تجده تقريبا في كتاب عقلة المستوفز ص ‪. 57‬‬

‫‪ - 450‬عرش الذات‬
‫عرش الذات هي المشيئة اإللهية التي ليس لها إلى غيرها نسبة ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬ان المشيئة هي عرش الذات اي ملكها ‪ ،‬أي بالمشيئة ظهر كون الذات ملكا‬
‫لتعلق االختيار بها ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 48 / 3 -‬‬
‫“ ‪ . . .‬ان المشيئة عرش الذات ليس لها في غيرها نسبة تبدو وال أثر “ ( ف ‪/ 4 -‬‬
‫‪. ) 45‬‬
‫انظر “ عرش "‪.‬‬

‫الرحمن‬‫‪ - 451‬عرش ّ‬
‫معرفة ] ‪ ،‬عرش االستواء ‪ ،‬العرش المحيط ‪ ،‬العرش الرحماني ‪،‬‬ ‫مرادفات ‪ :‬العرش [ ّ‬
‫العرش الظاهر ‪. 1‬‬
‫علَى ْالعَ ْر ِّش ا ْستَوى “‪،‬‬ ‫الر ْح ُ‬
‫من َ‬ ‫عرش الرحمن هو العرش المشار اليه في اآلية ” َّ‬
‫وقد اخذ هذا العرش عند ابن العربي مكانا محددا في ترتيب عوالمه ‪:‬‬
‫‪ -‬فهو أول شكل قبل الهباء [ انظر هباء ] الفلك األول ‪.‬‬
‫وهو ألوليته الشكل المحيط بكل اشكال الموجودات ‪ ،‬اليه تنتهي االشكال والموجودات‬
‫المتشكلة ‪.‬‬
‫‪-‬والستواء الحق عليه باسم “ الرحمن “ استفاد الوجود [ رحمة – وجود] ‪.‬‬
‫انظر [“ رحمة “ ] واحاطته بالموجودات ‪.‬‬
‫فكان ‪ :‬المرتبة الوجودية المحيطة ‪.‬‬
‫‪-‬وحيث إنه أول عالم الخلق فالكلمة فيه أو االمر لم ينقسم بعد ‪ ،‬أول انقسام لالمر‬
‫اإللهي في الكرسي موضع القدمين ‪.‬‬

‫‪797‬‬
‫“ ‪“ 798‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫‪ - 1‬العرش ‪ :‬أول شكل قبل الهباء‬
‫“ وأول شكل قبل هذا الجسم [ الهباء ] الشكل الكرى ‪ ،‬فكان الفلك فسماه العرش‬
‫واستوى عليه سبحانه باالسم الرحمن ‪ ،‬باالستواء الذي يليق به الذي ال يعلمه اال هو‬
‫من غير تشبيه وال تكييف “ ( عقلة ص ‪. ) 57‬‬

‫‪ - 2‬العرش ‪ -‬مستوى الرحمن‬


‫“ ‪ . . .‬ومن ذلك صورة عرش االستواء والكرسي والقدمان والماء الذي عليه العرش‬
‫والهواء الذي يمسك الماء والظلمة ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 422 / 3 -‬‬
‫“ العرش الرحماني الجامع للموجودات األربع وهي الطبيعة والهباء والجسم‬
‫والفلك ‪ ( “ . . .‬عقلة ص ‪. ) 56‬‬

‫“ فال يجوز ان يرى من صور العالم في هذه المرآة اال ما تراءى له منها ‪ ،‬فكان مما‬
‫رآه فيها صورة العرش الذي استوى الرحمن عليه ‪ ،‬وهو سرير ذو أربعة أركان‬
‫ووجوه أربعة ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 431 / 3‬‬

‫‪ - 3‬العرش ‪ -‬العرش المحيط ‪ -‬أعظم المخلوقات‬


‫“ ‪ . . .‬فالعناية الكبري التي ّّلل بالعالم كون استوائه على العرش المحيط بالعالم ‪،‬‬
‫باسمه الرحمن واليه يرجع االمر كله ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 463 ) . 3‬‬
‫“ ‪ . . .‬فإنه ال فرق بين أعظم المخلوقات وهو العرش المحيط ‪ ،‬وبين الذرة في الخلق‬
‫والبعوضة واخراجها من العدم إلى الوجود ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 4 / 4‬‬

‫‪- 468‬العرش ‪ :‬أحدية الكلمة‬


‫“ ‪ . . .‬فان الكرسي نفسه به ظهرت قسمة الكلمة ألنه الثاني بعد العرش المحيط من‬
‫صور األجسام الظاهرة في الجوهر األصل ‪ ( “ . . .‬ف ‪ .” . . . ) 462 / 3‬العرش‬
‫يفرد ما الكرسي يقسمه * من الخطاب لما في القول من قدمه “( ف ‪/ 104 )4‬‬

‫‪798‬‬
‫“ ‪“ 799‬‬

‫انظر “ عرش “‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬وردت عبارة “ العرش الظاهر “ في النص التالي البن العربي ‪:‬‬
‫َّللا العرش ‪.‬‬
‫“ لكل شيء ظل ‪ ،‬وظل ّ‬
‫غير أنه ليس كل ظل يمتد ‪ ،‬والعرش في األلوهية ظل غير ممتد لكنه غيب ‪. . .‬‬
‫َّللا ‪ ( “ . .‬الجاللة ص ‪. ) 4‬‬ ‫فالعرش الظاهر ظل الرحمن والعرش االنساني ظل ّ‬

‫الروح‬
‫‪ - 452‬عرش ّ‬
‫“ عرش الروح “ عبارة مؤلفة من لفظين ‪:‬‬
‫‪-‬اللفظ األول ( عرش ) مأخوذ في النسبة األولى ( مستوى ) ‪.‬‬
‫انظر “ عرش ‪“ .‬‬
‫‪-‬اما اللفظ الثاني ( روح ) يقصد بها الروح االنسانية ‪.‬‬
‫إذا مستوى الروح االنساني ومحل ظهورها هو ‪ :‬النفس الناطقة ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬فسماها النفس الناطقة وهي عرش الروح والعقل صورة االستواء فافهم ‪ ،‬واال‬
‫وَّللا يقول الحق وهو يهدي السبيل “ ‪ ( . . .‬ف ‪. ) 115 / 1 -‬‬‫فسلم تسلم ّ‬
‫راجع “ عرش “ ‪.‬‬

‫‪ - 453‬العرش العظيم‬
‫تختلف الذات التي يشير إليها على ضربين ‪:‬‬
‫****‬
‫العرش العظيم عبارة مؤلفة من لفظين ‪،‬‬
‫معرفة اي عرش الرحمن‬ ‫األول ‪ :‬هو العرش ّ‬
‫والثاني ‪ :‬العظيم ‪.‬‬
‫صفة للعرش أطلقت عليه لعظم جرمه ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬فالعرش أعظم األجسام من حيث اإلحاطة ‪ ،‬فهو العرش العظيم جرما‬
‫وقدرا ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 436 / 2‬‬

‫‪799‬‬
‫“ ‪“ 800‬‬

‫وهكذا العرش العظيم هنا هو عرش الرحمن‬


‫****‬
‫العرش العظيم عبارة اصطالحية يطلقها ابن العربي على ‪ :‬اللوح المحفوظ ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ العرش العظيم وهو اللوح المحفوظ وهو النفس الناطقة الكلية الثابتة ‪ ( “ . . 1‬عقلة‬
‫ص ‪. ) 53‬‬
‫انظر “ عرش “ “ عرش الرحمن ‪“ .‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬النص نفسه نجده في رسالة االنسان الكلي ورقة ‪ 4‬ب ‪.‬‬

‫‪ - 454‬عرش العماء‬
‫ان للحق تنزال في العماء ومظهرا ‪ ،‬فمن هذه النسبة يطلق ابن العربي على العماء اسم‬
‫العرش ‪.‬‬
‫ومضمون ذلك مأخوذ من الحديث الذي يشير إلى أينية عمائية للحق ‪ “ .‬انظر عماء “‬
‫يقول ‪ ”:‬وجاءت به االرسال من عرش *** العما ليحير األلباب واالفكارا‬
‫ويفوز أهل الذكر من ملكوته *** بالذكر حين يشاهدوا االخبارا “‬
‫( ف ‪. ) 205 / 4 -‬‬

‫َّللا عليه وسلم ] علم األولين وعلم اآلخرين علم أن ّّلل‬


‫“ ‪ . . .‬قد علم [ محمد صلى ّ‬
‫كنوزا في الطبيعة التي تحت عرش العماء اكتنز فيها أمورا فيها سعادة العباد كاختزان‬
‫الذهب في المعدن ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 520 / 3‬‬
‫انظر “ عرش “‬

‫‪800‬‬
‫“ ‪“ 801‬‬

‫‪ - 455‬عرش الفصل والقضاء‬


‫عرش الفصل والقضاء هو ‪ :‬المظهر أو العرش الذي يتجلى فيه الحق للفصل والقضاء‬
‫يوم الحشر ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬ومن ذلك صورة ارض المحشر وما يحوي عليه من األعيان والمراتب وعرش‬
‫الفصل والقضاء وحملته صفوف المالئكة ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 425 / 3 -‬‬

‫“ ‪ . . .‬والعرش الذي يتجلى فيه الحق للفصل والقضاء ‪ ،‬والمالئكة في تلك األرض‬
‫سبعة صفوف بين يدي ذلك العرش ‪ ،‬والناس والجان بين العرش وصفوف المالئكة‬
‫والصراط منصوب كالخط الذي يقسم الدائرة نصفين “ ( ف ‪. ) 421 / 3‬‬
‫“ انظر “ عرش "‪.‬‬

‫‪ - 456‬عرش القران‬
‫عرش القرآن هو قلب المؤمن الذي وسع استواء الحق ‪.‬‬
‫ونترك ابن العربي يشرح لنا بنفسه هذا المقام ‪،‬‬
‫حيث يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬والقلب المؤمن به التقي الورع قد وسعه ‪ ،‬فهذا هو العرش الذي وسع استواء‬
‫َّللا على صاحب هذا‬
‫الحق الذي هو رفيع الدرجات ذو العرش ‪ ،‬وما أحسن ما نبه ّ‬
‫المقام الذي كان قلبه عرشا للقرآن ذوقا وتجليا ‪. . .‬‬
‫ثم استوى على العرش الرحمن فاسئل به خبيرا ‪ ،‬أي فالمسؤول الذي هو بهذه الصفة‬
‫من الخبرة يعلم االستواء كما يعلمه العرش الذي استوى عليه الرحمن ‪ ،‬ألن قلبه كان‬
‫عرشا الستواء القرآن “ ‪ ( .‬ف ‪. ) 128 / 3 -‬‬

‫‪ - 457‬العرش الكريم‬
‫يمكن ان نشير إلى ذاتين مختلفتين عند ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬العرش ‪ :‬معرفة [ عرش الرحمن ] ‪ .‬انظر “ عرش “‬
‫‪-‬الكريم ‪ :‬صفة لعرش الرحمن‪.‬‬

‫‪801‬‬
‫“ ‪“ 802‬‬

‫المعرف ‪ ،‬أو “ عرش الرحمن “ الكريم لعطائه ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫إذا العرش الكريم ‪ :‬هو العرش‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ فالعرش أعظم األجسام من حيث اإلحاطة فهو العرش العظيم جرما وقدرا ‪،‬‬
‫وبحركته اعطى ما في قوته لمن هو تحت احاطته فهو العرش الكريم “ ‪ ( . . .‬ف ‪2 -‬‬
‫‪. ) 436 /‬‬
‫كما يقول في نظم يحتوي على ذكر العالم العلوي والسفلي وترتيبه ‪:‬‬
‫” الحمد ّّلل الذي بوجوده *** ظهر الوجود وعالم الهيمان‬
‫والعنصر االعلى الذي بوجوده *** ظهرت ذوات عوالم االمكان‬
‫ثم الهباء وثم الجسم قابل *** لعوالم األفالك واألركان‬
‫فأدار فلكا عظيما واسمه *** العرش الكريم ومستوى الرحمن ‪“ . . .‬‬
‫( عقلة ‪) 44 - 43‬‬
‫****‬
‫العرش الكريم عبارة يطلقها اصطالحا على الكرسي موضع القدمين ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ العرش الكريم وهو الكرسي موضع القدمين ‪ . . .‬فالكلمة واحدة في العرش ألنه أول‬
‫عالم التركيب ‪ ،‬وظهر لها في الكرسي نسبتان ألنه الفلك الثاني فانقسمت به الكلمة‬
‫فعبّر عنها بالقدمين ‪ ،‬كما ينقسم الكالم وان كان واحدا إلى امر ونهي ‪. . .‬‬
‫وعن هذين الفلكين [ العرش ‪ -‬الكرسي ] تحدث االشكال الغريبة ‪ [ ،‬خرق العوائد ‪-‬‬
‫الخيال ‪ ] . . .‬في عالم األركان “ ‪ ( . . .‬عقلة ‪. ) 59‬‬

‫‪ - 458‬عرش التكوين‬
‫هو الفلك المحيط بكل تكوين ‪ .‬عنه يتكون جميع ما في الجنة ‪.‬‬
‫فكأنما االنسان هناك استوى على عرش التكوين يتكون من مجرد شهوته مراده ‪.‬‬
‫يقول‪:‬‬

‫‪802‬‬
‫“ ‪“ 803‬‬

‫“ ‪ . . .‬وعن هذا الفلك يتكون جميع ما في الجنة ‪ ،‬وعنه يكون الشهوة ألهلها وهو‬
‫عرش التكوين ‪." . . .‬‬

‫‪ - 459‬العرش المجيد‬
‫عبارة تشير إلى ذاتين أو عرشين عند ابن العربي ‪:‬‬
‫العرش المجيد تتألف من لفظين ‪،‬‬
‫معرفة اي عرش الرحمن ‪.‬‬‫* األول ‪ :‬هو العرش ّ‬
‫* واللفظ الثاني ‪ :‬المجيد ‪ ،‬صفة أطلقها على عرش الرحمن لشرفه ‪.‬‬
‫فالعرش المجيد هو العرش نفسه موصوفا بإحدى صفاته ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬فالعرش أعظم األجسام من حيث اإلحاطة ‪ ،‬فهو العرش العظيم جرما‬
‫وقدرا ‪ . . .‬وبنزاهته ان يحيط به غيره من األجسام كان له الشرف فهو العرش المجيد‬
‫‪ ،‬ثم إنه ما استوى عليه االسم الرحمن إال من أجل ‪ ( “ . . .‬ف‪. ) 436 / 2‬‬
‫****‬
‫العرش المجيد عبارة اصطالحية ال تقبل التفكيك إلى اسم وصفة ‪ ،‬وانما هي اسم واحد‬
‫مركب من لفظين يطلقهما ابن العربي على العقل ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬والعرش المجيد هو العقل ‪ ( “ . . .‬عقلة ص ‪. ) 53‬‬
‫انظر “ عرش “ “ عرش الرحمن "‪.‬‬

‫‪ – 460‬األعراف‬

‫في اللغة ‪:‬‬


‫“ ‪ . . .‬وعرف الرمل والجبل وك ّل عال ظهره وأعاليه ‪ ،‬والجمع أعراف‬

‫‪803‬‬
‫“ ‪“ 804‬‬
‫علَى ْاألَع ِّ‬
‫ْراف ِّرجا ٌل “[ ‪، ] 46 / 7‬‬ ‫وعرفه ‪.‬وقوله تعالى ‪َ ”:‬و َ‬
‫األعراف في اللغة ‪:‬‬
‫جمع عرف وهو كل عال مرتفع وقال الزجاج ‪ :‬األعراف أعالي السور ‪.‬‬
‫قال بعض المفسرين ‪:‬‬
‫األعراف أعالي سور بين أهل الجنة وأهل النار ‪ ،‬واختلف في أصحاب األعراف‬
‫فقيل ‪ :‬هم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم فلم يستحقوا الجنة بالحسنات وال النار‬
‫بالسيئات فكانوا على الحجاب الذي بين الجنة والنار ‪،‬‬
‫وَّللا اعلم ‪ ،‬على األعراف على معرفة أهل الجنة وأهل‬ ‫قال ‪ :‬ويجوز ان يكون معناه ّ‬
‫النار هؤالء الرجال ‪،‬‬
‫َّللا تعالى يدخلهم الجنة وقيل ‪ :‬أصحاب األعراف أنبياء‬ ‫فقال قوم ‪ :‬ما ذكرنا أن ّ‬
‫وقيل ‪ :‬مالئكة ومعرفتهم كال بسيماهم انهم يعرفون أصحاب الجنة بان سيماهم إسفار‬
‫الوجوه والضحك واالستبشار‬
‫كما قال تعالى ‪ :‬وجوه يومئذ مسفره ضاحكة مستبشرة ‪ ،‬ويعرفون أصحاب النار‬
‫بسيماهم وسيماهم سواد الوجوه وغبرتها‬
‫تبيض وجوه وتسو ّد وجوه ووجوه يومئذ عليها غبرة ترهقها‬ ‫ّ‬ ‫كما قال تعالى ‪ :‬يوم‬
‫فترة ‪. . .‬‬
‫وجبل أعرف ‪ :‬له كالعرف ‪ ،‬وعرف األرض ‪ :‬ما ارتفع منها والجمع أعراف ‪.‬‬
‫الرياح والسحاب ‪ :‬أوائلها وأعاليها واحدها عرف ‪.‬‬ ‫وأعراف ّ‬
‫وحزن أعرف ‪ :‬مرتفع ‪ [ “ . . .‬لسان العرب مادة عرف ] ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫انظر ‪ :‬في اللغة ‪.‬‬
‫عند ابن العربي ‪:‬‬
‫يتفق ابن العربي مع المفسرين بوجود األعراف المنصوص عليه في القرآن ‪ ،‬ويجعله‬
‫الموطن الخامس من مواطن القيامة السبعة ‪ -‬اما “ رجال األعراف “ فإنه يستفيد من‬
‫برزخية [ انظر “ برزخ “ ] سور األعراف بين الجنة والنار ليجعل أهله ال صفة‬
‫لهم ‪.‬‬

‫يقول ‪:‬‬
‫‪ - 1‬األعراف ‪:‬‬
‫“ و “ األعراف “ سور حاجز ‪ ،‬بين الجنة والنار ‪ ،‬مبرزخ ‪ [ :‬باطنه فيه الرحمة‬
‫وظاهره من قبله العذاب ] ‪.‬‬
‫فهو حد بين دار السعداء ودار األشقياء ‪ ،‬دار أهل الرؤية ودار الحجاب ‪ ( “ . . .‬ف‬
‫السفر الثالث فق ‪) 157‬‬

‫‪804‬‬
‫“ ‪“ 805‬‬

‫“ ( الموطن ) الخامس ‪:‬‬


‫األعراف ‪ ،‬واما األعراف ‪ ،‬فسور بين الجنة والنار “ باطنه فيه الرحمة “ ‪ -‬وهو ما‬
‫يلي الجنة منه ‪ “ ،‬وظاهره ‪ ،‬من قبله ‪ ،‬العذاب ‪ “ -‬وهو ما يلي النار منه ‪.‬‬
‫يكون عليه من تساوت كفتا ميزانه ‪.‬‬
‫فهم ينظرون إلى النار ‪ ،‬وينظرون إلى الجنة وما لهم رجحان بما يدخلهم أحد الدارين‪.‬‬
‫فإذا دعوا إلى السجود ‪ -‬وهو الذي يبقى يوم القيامة من التكليف ‪ -‬فيسجدون ‪ .‬فيرجح‬
‫ميزان حسناتهم ‪ ،‬فيدخلون الجنة ‪.‬‬
‫وقد كانوا ينظرون إلى النار بما لهم من السيئات ‪.‬‬
‫وينظرون إلى الجنة بما لهم من الحسنات ‪ ( “ . .‬ف السفر الرابع فق ‪. ) 660‬‬

‫‪ - 2‬رجال األعراف ‪ -‬رجال الحد ‪:‬‬


‫“ و “ رجال األعراف “ وهم رجال الح ّد قال ّ‬
‫َّللا ‪ [ :‬وعلى األعراف ‪ ،‬رجال ] ‪.‬‬
‫أهل الشم والتمييز ‪ ،‬والسراح عن األوصاف ‪ ،‬فال صفة لهم ‪“ .‬‬
‫( ف السفر الثالث فق ‪. ) 154‬‬
‫“ وهؤالء الرجال ( رجال الحد ) أسعد الناس بمعرفة هذا السور ‪ ،‬ولهم شهود‬
‫الخطوط المتو ّهمة بين كل نقيضين “ ( ف السفر الثالث فق ‪. ) 157‬‬

‫“ ‪ . . .‬فقيل ‪ “ :‬همته عرشية “ ومقام هذا الشخص ‪ ،‬باطن األعراف‪.‬‬


‫وهو السور الذي بين أهل السعادة والشقاوة ‪.‬‬
‫و “ لألعراف رجال “ سيذكرون ‪.‬‬
‫وهم الذين لم تقيدهم صفة ‪ ،‬كأبي يزيد وغيره ‪.‬‬
‫وانما كان مقامه باطن األعراف ‪ ،‬الن “ معرفته رحمانية “ وهمته عرشية ‪.‬‬
‫فإن العرش مستوى الرحمن ‪.‬‬
‫كذلك باطن األعراف فيه الرحمة ‪ ،‬كما أن ظاهره فيه العذاب ‪ ( “ . . .‬ف السفر‬
‫الثالث فق ‪. ) 276‬‬

‫‪ – 461‬عساكر‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫عسكر غير عربية ( فارسية ) ‪ ،‬عسكر القوم ‪ :‬تجمعوا ‪.‬‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫غير واردة‪.‬‬

‫‪805‬‬
‫“ ‪“ 806‬‬

‫عند ابن العربي ‪:‬‬


‫يستعمل ابن العربي عساكر بمعنى جند ‪ ،‬وهي تختلف باختالف اضافتها فجند الرياح‬
‫تختلف عن جند الطير ‪ ،‬عن جند المعاني ‪ .‬وهذه العساكر تجند لفعل معين شديد في‬
‫أغلب األحيان ‪ .‬جند المعاني مثال تجند لتثير في نفوس األعداء الروع والجبن ‪.‬‬

‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬فان العساكر تختلف ‪ :‬فان جند الرياح ما هي جند الطير وجند الطير ما هو جند‬
‫المعاني الحاصلة في نفوس األعداء كالروع والجبن ‪ ،‬فمنتهى كل عسكر إلى فعله الذي‬
‫وجد اليه ‪ ،‬من حصار قلعة وضرب مصاف أو غارة أو كبسة ‪ ،‬كل عسكر له خاصية‬
‫في نفس االمر ال يتعداه “ ‪ ( .‬ف ‪. ) 43 / 2 -‬‬

‫“ ‪ . . .‬فاعلم أن العساكر قد يطلقونها ويريدون بها شدائد االعمال والعزائم‬


‫والمجاهدات ‪ ،‬كما قال القائل ظل في عسكرة من حبها اي في شدة ‪ ،‬واعلم أن مبنى‬
‫َّللا ‪ ،‬فحاز هؤالء العساكر بالتخلق باسم الملك ‪ ،‬فان‬
‫هذا الطريق على التخلق بأسماء ّ‬
‫الملك هو الذي يوصف بأنه يحوز العساكر والملك معناه أيضا الشديد ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 2‬‬
‫‪. ) 42‬‬

‫‪ - 462‬العشق‬
‫انظر “ حب "‪.‬‬

‫‪ – 463‬العصمة‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ العين والصاد والميم أصل واحد صحيح يدل على امساك ومنع ومالزمة ‪.‬‬
‫والمعنى في ذلك كله معنى واحد ‪.‬‬
‫باّلل‬
‫َّللا تعالى عبده من سوء يقع فيه ‪ ،‬واعتصم العبد ّ‬
‫من ذلك العصمة ‪ :‬ان يعصم ّ‬
‫تعالى ‪ ،‬إذا امتنع “ ‪ ( . . .‬معجم مقاييس اللغة مادة “ عصم “ )‪.‬‬

‫‪806‬‬
‫“ ‪“ 807‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫ورد األصل “ عصم “ في القرآن بالمعنى اللغوي السابق للداللة على ‪ :‬منع وامساك‬
‫والتجاء وحماية ‪. . .‬‬
‫ص َم “[ ‪. / 32 ] 12‬‬ ‫ع ْن نَ ْف ِّس ِّه فَا ْست َ ْع َ‬ ‫راو ْدتُهُ َ‬ ‫( أ ) قال تعالى ‪َ ” :‬ولَقَ ْد َ‬
‫عاص َم ْاليَ ْو َم ِّم ْن أ َ ْم ِّر َّ ِّ‬
‫َّللا ِّإ َّال َم ْن َر ِّح َم “ ‪[ 11 / 43 ] .‬‬ ‫ِّ‬ ‫قال تعالى ‪ ”:‬قا َل ال‬
‫َّللا َج ِّميعا ً َوال تَفَ َّرقُوا ‪“[ 3 / 103 ] .‬‬ ‫ص ُموا ِّب َح ْب ِّل َّ ِّ‬ ‫( ب ) قال تعالى ‪َ ” :‬وا ْعت َ ِّ‬
‫ص ُمنِّي ِّمنَ ْال ِّ‬
‫ماء ‪“[ 11 / 43 ] .‬‬ ‫سآ ِّوي ِّإلى َجبَ ٍل يَ ْع ِّ‬ ‫( ج ) قال تعالى ‪ ” :‬قا َل َ‬

‫اما “ العصمة “ التي اختلف فيها المتكلمون والفالسفة ‪ ،‬فلم يشر القرآن العزيز إلى‬
‫وجودها ‪ ،‬بل بقي الذنب مالزما للخلق حتى األنبياء”‪.‬‬
‫َّللاُ ما تَقَد ََّم ِّم ْن ذَ ْنبِّ َك َوما تَأ َ َّخ َر “[ ‪. ]2 / 48‬‬
‫قال تعالى ‪ِّ " :‬ليَ ْغ ِّف َر لَ َك َّ‬
‫وبديهي ان ال تكون مغفرة دون ذنب ‪.‬‬
‫فإن لم يحصل الذنب فال معنى للمغفرة ؛ والعصمة كما يقررها المنادون بها ال تقبل‬
‫الذنب ‪.‬‬
‫عند ابن العربي ‪: 1‬‬
‫*توقف ابن العربي عند النظرة الكالسيكية إلى “ العصمة “ ورأى انها كمال التوفيق‬
‫َّللا ‪ .‬وضمنها عدة وجوه‬ ‫من ّ‬
‫) ‪- 1‬عصمة المحل من القاء الشيطان ( وهي لألنبياء ‪ -‬والحفظ لألولياء )‬
‫َّللا عليه‬
‫) ‪- 2‬عصمة الصورة من أن يتمثل بها الشيطان [ وهي لمحمد ( صلى ّ‬
‫وسلم ) فقط ]‬
‫) ‪- 3‬عصمة القلب من خاطر السوء ( لألولياء )‬
‫) ‪- 4‬عصمة المحل ( االنسان ) من أن يقوم به ذنب [ نص عليها القرآن في حق‬
‫َّللا عليه وسلم ) ] ‪.‬‬ ‫محمد ( صلى ّ‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫) ‪ “ ( 1‬سأل العبد من مواله كمال التوفيق ‪ ،‬يريد استصحابه له في جميع أحواله كلها‬
‫حتى ال تكون منه مخالفة أصال ‪ .‬فإذا كمل التوفيق للعبد على ما ذكرناه فهو المعبر‬
‫عنه بالعصمة والحفظ اإللهي “ ( مواقع النجوم ‪. ) 13 -12‬‬
‫“ وال معنى للمعصوم في الحكم اال انه ال يخطئ “ ( ف ‪.) 335 / 3‬‬

‫‪807‬‬
‫“ ‪“ 808‬‬

‫) ‪ “ ( 2‬فسمي ذلك [ ‪ -‬تنزل األرواح النورية لترصد مسالك الشيطان فيحتمي بها‬
‫الملقي اليه ] عصمة ان كان نبيا ‪ ،‬وحفظا ان كان وليا ‪.‬‬
‫والفرق بين العصمة والحفظ ‪ :‬ان النبي ال يكون ابدا محال اللقاء الشيطان في‬
‫القلب “ ‪ ( . . .‬مفتاح الغيب ورقة ‪. ) 85‬‬
‫َّللا عليه وسلم ) في المنام فقد رآه في اليقظة ‪ ،‬ما لم تتغير‬ ‫) ‪ “ ( 3‬فمن رآه ( صلى ّ‬
‫عليه الصورة ‪:‬‬
‫فان الشيطان ال يتمثل على صورته أصال فهو معصوم الصورة حيا وميتا “ ( ف ‪/ 4‬‬
‫‪. ) 28‬‬
‫) ‪ “ ( 4‬فان االنسان ما في قوته ان يمنع عن قلبه الخواطر ‪ ،‬فمن لم يخطر الحق له‬
‫خاطر سوء فذلك هو المعصوم ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 35 / 4‬‬
‫َّللاُ ما تَقَد ََّم ِّم ْن ذَ ْن ِّب َك َوما تَأ َ َّخ َر “[ ‪] 2 / 48‬‬
‫) ‪ ( 5‬قال تعالى ‪ِّ ” :‬ليَ ْغ ِّف َر لَ َك َّ‬
‫فيسترك عما يستحقه صاحب الذنب من العتب والمؤاخذة ‪َ ”،‬وما تَأ َ َّخ َر “ يسترك عن‬
‫عين الذنب حتى ال يجدك فيقوم بك ‪ ،‬فاعلمنا بالمغفرة في الذنب المتأخر انه معصوم‬
‫بال شك ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 153 / 3‬‬
‫لم يفهم ابن العربي من اآلية السابقة ‪ ،‬وجود ذنب ومغفرته بل العكس رأى أن هذه‬
‫فسرها كعادته بالستر ( غفر ‪-‬‬ ‫اآلية تؤكد عدم قيام الذنب ‪ ،‬وحتى ال تفقد معناها ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ) تعني بلغة ابن‬ ‫ستر ) ‪ :‬فالحق غفر ما تأخر من ذنب محمد ( صلى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ) عن عين الذنب فال يجده ليقوم‬ ‫العربي ان الحق ستر محمد ( صلى ّ‬
‫به ‪.‬‬
‫****‬
‫بعد ما اكد شيخنا األكبر فيما تقدم مناقضة العصمة للذنب نجده هنا يؤالف بينهما ‪،‬‬
‫فالعصمة ال تنفي بالضرورة حدوث الذنب ‪ ،‬بل تنفي استمرار وصف المذنب به ‪،‬‬
‫فالمعصوم قد يحدث عنه ذنب ولكنه ذنب له قابلية المغفرة ‪ ،‬بل أكثر من ذلك يحمل في‬
‫طياته بذور التبديل إلى حسنات ‪.‬‬

‫وهذا يعني انه ال ينطوي كل ذنب على امكان المغفرة هذه ‪ ،‬بل ال بد من صفات‬
‫خاصة للمعصية حتى تتحول إلى حسنة ‪.‬‬
‫ويطلق ابن العربي على هذه المعصية اسم ‪ :‬المعصية الحيّة ‪.‬‬
‫وهي التي ال تحدث عن غفلة ‪ ،‬بل يصاحبها حضوره ويفسر حدوثها قدر المذنب‪.‬‬

‫‪808‬‬
‫“ ‪“ 809‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫) ‪“ ( 1‬وتسمع التنزيل ينادي ‪ :‬بلوال ان ثبتناك لقد كدت تركن إليهم ‪ 2‬اآلية إلى قوله ‪:‬‬
‫َّللا‬
‫ضعف الحياة وضعف الممات ‪ .‬وان تطع أكثر من في األرض يضلوك عن سبيل ّ‬
‫َّللا‬
‫َّللا عنك لم أذنت لهم ‪ 4‬ولقد تاب ّ‬‫‪ ، 3‬وكم في التنزيل من أشباه ذلك كقوله ‪ :‬عفا ّ‬
‫على النبي ‪. . 5‬‬
‫َّللا عليه وسلم ) ؟ “ ( بلغة‬
‫وإذا كان هذا الرسول ‪ ،‬فمن المعصوم بعده ( صلى ّ‬
‫الغواص ورقة ‪. )65‬‬
‫) ‪ “ ( 2‬قلت [ الغوث ] ‪ :‬اي عصمة أفضل عندك ؟ قال [ الحق ] ‪ :‬عصمة التائبين‬
‫“ ( الرسالة الغوثية ورقة ‪ 80‬ب ) ‪.‬‬
‫َّللا ‪ ،‬حيّة ذات روح الهي‬
‫“ ‪ . . .‬وتكون المعصية بحضوره [ العارف ] فيها مع ّ‬
‫َّللا سيئها حسنا كما بدل عقوبتها مثوبة ‪ ( “ . . .‬ف‬ ‫يستغفر له إلى يوم القيامة ‪ ،‬ويبدل ّ‬
‫‪. ) 652 / 2‬‬

‫َّللا سيآته [ المسئ ] حسنات حتى يود لو أنه اتى جميع‬


‫“ للعمل الصالح التبديل ‪ :‬فيبدل ّ‬
‫الكبائر الواقعة في العالم من العالم كله ‪ ،‬على شهود منه عين التبديل “ ‪ ( .‬ف ‪/ 4‬‬
‫‪. ) 123‬‬
‫****‬
‫يميز ابن العربي بين صورة “ المعصية “ وحقيقتها ‪ .‬فالمعصوم قد تظهر فيه صورة‬
‫المعصية اال انه في الواقع ال اثر للمخالفة فيه ‪ ،‬وهذا يعني ان المعصوم هو من تحقق‬
‫باالفتقار المحض فلم يفارق عدمه الثبوتي في وجوده العيني ‪. 6‬‬

‫بل بقي محال تتقلب فيه الصور دون ان تؤثر فيه ‪ .‬فهذا العبد وان وقع منه معصية‬
‫فلقدر استوجبها ‪ ،‬فيأتيها عن شهود وحضور ال عن غفلة ‪.‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫“ واعلم أن المعصية ال تقع ابدا اال عن غفلة أو تأويل ال غير ذلك في حق المؤمن ‪،‬‬
‫َّللا وان انطلق‬
‫وإذا وقع عين ذلك العمل من صاحب الشهود فال يسمى معصية عند ّ‬
‫عليه لسان الذنب في العموم ‪. . .‬‬

‫وهو في نفس االمر ليس بعاص ‪:‬‬


‫مسئلة الخضر مع موسى في قتل النفس ‪ . . .‬هذا حال أهل الشهود ‪ :‬يشهدون‬

‫‪809‬‬
‫“ ‪“ 810‬‬

‫المقدور قبل وقوعه في الوجود فيأتونه على بصيرة ‪ ،‬فهم على بينة من ربهم “ ( ف ‪4‬‬
‫‪. ) 125 /‬‬
‫“ ان الحق ‪ . . .‬ينظر في شهود ‪ . . .‬المكلف فيراه ذا عبادة ‪ ،‬والعمل تابع لها‬
‫[ للعبادة ] فيه [ في العبد ] ‪ ،‬وهو ال يتصف باالعراض عن االعمال وال باالقبال عليه‬
‫‪ ،‬وانه على الحال الذي كان عليه في حال عدمه لم يتغير ‪ 7‬فيبقيه على حاله ويحجب‬
‫الغفلة عنه ‪. . .‬‬
‫وهذه هي العصمة العامة ‪ :‬فإذا وقعت منه مخالفة فإنما تقع بحكم القضاء والقدر من‬
‫تكوينهما فيه ‪ ،‬كما وقعت الطاعة ‪. . .‬‬
‫َّللا عين تكوين لذلك الواقع في هذا المحل ‪ ،‬ظاهره‬ ‫فإذا وقع منه ما وقع فهو من ّ‬
‫صورة معصية ‪. . .‬‬
‫َّللا في هذا المحل ‪. . .‬‬
‫وهي في نفس االمر عين تلك الواقعة موجود أوجده ّ‬
‫فال اثر لهذه المخالفة فيه كما ال اثر للطاعة فيه ‪. . .‬‬
‫وانما ذلك ‪ :‬انشاء صور في هذا المحل ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 540 ) . 3‬‬
‫‪-----‬‬
‫) ‪( 1‬يراجع بشأن “ عصمة “ عند الحكماء والمتكلمين كتاب التهانوي ‪:‬‬
‫الكشاف ج ‪ 4‬ص ص ‪ ( 1048 - 1047‬العصمة عند الحكماء واألشاعرة والخوارج‬
‫والحشوية والمعتزلة والفقهاء ) ‪.‬‬
‫) ‪( 2‬اآلية ‪، 74 / 17‬‬
‫) ‪( 3‬اآلية ‪، 116 / 6‬‬
‫) ‪( 4‬اآلية ‪، 43 / 9‬‬
‫) ‪( 5‬اآلية ‪، 117 / 9‬‬
‫) ‪( 6‬انظر “ عين ثابتة “ “ عدم ‪“ .‬‬
‫) ‪( 7‬اي ان العبد هنا لم يفارق ثبوته العدمي ‪.‬‬
‫ولكن الثبوت [ انظر “ ثبوت “ ] عند ابن العربي ينسحب على الموجودات كافة ‪.‬‬
‫فماذا يميز هذا العبد عن غيره ؟ انه شهود هذا الثبوت ‪.‬‬
‫ففي حين يشترك العبيد عامة في االفتقار وعدم مفارقة العدم ‪ ،‬ينفرد هذا العبد بشهوده‬
‫لهذا االفتقار وذاك العدم ‪ ،‬فيسكن تحت مجاري االقدار ‪.‬‬

‫‪810‬‬
‫“ ‪“ 811‬‬

‫‪ - 464‬المعصية الحيّة‬
‫انظر “ عصمة “ المعنى “ الثاني "‪.‬‬

‫‪ – 465‬العقاب‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ العين والقاف والباء أصالن صحيحان ‪ :‬أحدهما يدل على تأخير شيء واتيانه بعد‬
‫غيره ‪ .‬واألصل اآلخر يدل على ارتفاع وشدة وصعوبة ‪ . . .‬ومن الباب [ األصل‬
‫الثاني ] ‪ :‬العقاب من الطير ‪ ،‬سميت بذلك لشدتها وقوتها ‪ ،‬وجمعه اعقب وعقبان ‪،‬‬
‫وهي من جوارح الطير ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة مادة “ عقب “ ) ‪.‬‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫الكلمة غير قرآنية ‪.‬‬

‫عند ابن العربي ‪:‬‬


‫لقد كنّى ابن العربي عن “ العقل األول “ أو “ القلم االعلى “ بالعقاب ‪.‬‬
‫ويمكن ان يكون سبب هذه الكناية صفتي ‪:‬‬
‫االمتناع والعزة ‪ ،‬المتمثلتين في العقاب والمطابقتين للعقل األول أو القلم االعلى ‪.‬‬
‫انظر “ العقل األول “ القلم االعلى ‪“ .‬‬
‫كما يراجع ‪:‬‬
‫‪-‬االصطالحات ص ‪. 293‬‬
‫‪-‬ديوان ابن العربي ص ص ‪، 39 - 38‬‬
‫‪-‬رسالة االتحاد الكوني ق ‪، 147 - 146 - 145 - 142‬‬

‫‪811‬‬
‫“ ‪“ 812‬‬

‫‪ - 466‬العقل ( األول )‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ العين والقاف والالم أصل واحد قياس مطرد ‪ ،‬يدل عظمه على حبسة في الشيء أو‬
‫ما يقارب الحبسة ‪ .‬من ذلك العقل ‪ ،‬وهو الحابس عن ذميم القول والفعل ‪.‬‬
‫قال الخليل العقل ‪ :‬نقيض الجهل ‪ .‬يقال عقل يعقل عقال ‪ ،‬إذا عرف ما كان يجهله قبل‬
‫‪ ،‬أو انزجر عما كان يفعله ‪ . . .‬ومن الباب العقل ‪ ،‬وهي الدّية ‪.‬‬

‫يقال ‪ :‬عقلت القتيل أعقله عقال ‪ ،‬إذا أدّيت ديته ‪ . . .‬قالوا ‪ : . . .‬سميت الدية ‪.‬‬
‫عقال الن اإلبل التي كانت تؤخذ في الديات كانت تجمع فتعقل بفناء المقتول فسميت‬
‫الدية عقال وان كانت دراهم ودنانير ‪ .‬وقيل سميت عقال ألنها تمسك الدم ‪. . .‬‬
‫فاما قولهم ‪ :‬فالنه عقيلة قومها ‪ ،‬فهي كريمتهم وخيارهم ‪ ،‬ويوصف بذلك السيد أيضا‬
‫فيقال ‪ :‬هو عقيلة قومه ‪ .‬وعقيلة كل شيء ‪ :‬أكرمه ( “ ‪ . . .‬معجم مقاييس اللغة مادة‬
‫“ عقل “ ) ‪.‬‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫ورد األصل “ عقل “ في القرآن بصيغة الفعل ( تعقلون ‪ -‬يعقلون ‪ -‬يعقل ‪ ) . . .‬على‬
‫حين ان صيغة االسم ‪ “ :‬العقل “ لم ترد ‪ ،‬وهو يشير إلى “ الفهم “ المبني على تجربة‬
‫معينة ( سمع ‪ -‬رؤية ‪) . . .‬‬
‫والمؤدي إلى االمتناع عن الغي وسلوك طريق الصواب ‪:‬‬
‫عقَلُوهُ “( ‪. ) 75 / 2‬‬
‫َّللا ث ُ َّم يُ َح ِّ ّرفُونَهُ ِّم ْن بَ ْع ِّد ما َ‬ ‫قال تعالى ‪ ” :‬يَ ْس َمعُونَ َك َ‬
‫الم َّ ِّ‬
‫َّللاُ لَ ُك ْم آياتِّ ِّه لَعَلَّ ُك ْم ت َ ْع ِّقلُونَ “( ‪. ) 242 / 2‬‬
‫قال تعالى ‪َ ” :‬كذ ِّل َك يُبَ ِّيّ ُن َّ‬
‫ع َر ِّبيًّا لَعَلَّ ُك ْم ت َ ْع ِّقلُونَ ) ‪. “( 43 / 3‬‬ ‫قال تعالى ‪ِّ ” :‬إنَّا َجعَ ْلناهُ قُ ْرآنا ً َ‬
‫ي فَ ُه ْم ال يَ ْع ِّقلُونَ ‪“( 2 / 171 ) .‬‬ ‫ص ٌّم بُ ْك ٌم ُ‬
‫ع ْم ٌ‬ ‫قال تعالى ‪ُ ” :‬‬

‫وقد جعل القرآن العقل صفة “ القلب “ ويمكن ان نقولها بالشكل التالي ‪:‬‬
‫ان حاسة “ العقل “ عضوها “ القلب‪“ .‬‬

‫‪812‬‬
‫“ ‪“ 813‬‬

‫وب يَ ْع ِّقلُونَ ِّبها “‪. ) 46 / 22 ( .‬‬


‫ض فَت َ ُكونَ لَ ُه ْم قُلُ ٌ‬ ‫“ أ َ فَلَ ْم يَ ِّس ُ‬
‫يروا فِّي ْاأل َ ْر ِّ‬
‫عند ابن العربي ‪:‬‬
‫*سنستخلص هذه النقطة “ أ “ من بحث “ العقل األول “ لنلقي فيها نظرة إلى موقف‬
‫الحاتمي من العقل كقوة من قوى االنسان ‪.‬‬
‫انه على خالف المفكرين والفالسفة ‪ ،‬سائر في ذلك على درب التصوف والصوفية ‪،‬‬
‫يحعل العقل أسير مجال محدود ال يتخطى نطاق الظاهر المحسوس ‪ ،‬ويقف بالتالي‬
‫عاجزا امام الحقائق الكبرى “ العالية ‪“ .‬‬

‫من الناحية اللغوية يرجع اشتقاقه إلى العقال ‪ ،‬وهو ما يعقل به البعير ‪ ،‬اثباتا لصفة‬
‫“ القيد “ التي تميزه ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا فاعتبروا *** فإنه خلف باب الفكر مطروح‬
‫” العقل افقر خلق ّ‬
‫ان العقول قيود ان وثقت بها **** خسرت فافهم فقولي فيه تلويح “‬
‫( ف ‪) 112 / 4‬‬
‫“ فان العقل يأبى اال الفضائل ‪ ،‬فإنه يقيد صاحبه عن التصرف فيما ال ينبغي ‪ ،‬ولهذا‬
‫سمي عقال من العقال “ ( ف ‪. ) 333 / 3‬‬
‫****‬
‫اطلق ابن العربي على أول مخلوق ظهر في الوجود عشرات األسماء ‪1‬‬
‫فهو ‪:‬‬
‫العقل األول ‪ ،‬القلم االعلى ‪ ،‬الحق المخلوق به ‪ ،‬العدل ‪ ،‬االمام المبين ‪ ،‬الحقيقة‬
‫َّللا عليه وسلم ) ‪ . . .‬الخ ‪2‬‬
‫المحمدية ‪ ،‬الدرة البيضاء ‪ ،‬نور محمد ( صلى ّ‬
‫وهذه الكثرة في األسماء أضحت من معالم تفكير شيخنا األكبر البارزة ‪ ،‬فبنيانه‬
‫الفلسفي قائم على حقيقة واحدة تتعدد أسماؤها بتعدد وجوهها دون ان تتعدد هي في‬
‫ذاتها ‪.‬‬
‫ولكن هذه الكثرة االسمائية ليست سفسطة كالمية قوامها الترادف التام الكامل ‪ ،‬بل‬
‫نشأت من اختالف النظرة إلى هذه الحقيقة ‪ ،‬ومن صلة هذه الوجوه بوجوه حقائق‬
‫أخرى ‪.‬‬
‫فالحقيقة الوجودية وان كانت واحدة اال انها كل نسب وإضافات ووجوه ‪:‬‬
‫فأول مخلوق هو “ قلم “ من وجه يغاير الوجه الذي يسمى من اجله عقال ‪ ،‬وهكذا ‪.3‬‬

‫‪813‬‬
‫“ ‪“ 814‬‬

‫اما السبب في اطالق عبارة العقل األول على هذه الحقيقة فمن حيث إنه ‪:‬‬
‫أول من عقل عن الحق من األرواح المهيمة ( عقل نفسه وموجده والعالم ‪) . . .‬‬
‫فانتقش به بذلك التجلي علم ما يكون إلى يوم القيامة ‪ ،‬ففارق صفة الهيمان ليكتسب اسم‬
‫العقل ‪.‬‬
‫َّللا العقل ‪. 4‬‬
‫وهذه التسمية منشؤها الحديث الشريف ‪ :‬أول ما خلق ّ‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫) ‪ “ ( 1‬فأول موجود ظهر مقيد فقير موجود يسمى ‪ :‬العقل األول ‪،‬‬
‫ويسمى ‪ :‬الروح الكلي ‪ . . .‬ويسمى القلم ‪ . . .‬العدل ‪ . . .‬العرش ‪ . . .‬الحق المخلوق‬
‫به ‪ . . .‬الحقيقة المحمدية ‪ . . .‬روح األرواح ‪ . . .‬االمام المبين ‪ . . .‬كل شيء ‪ ،‬وله‬
‫أسماء كثيرة باعتبار ما فيه من وجوه “ ‪ ( . . .‬كتاب المسائل ص ص ‪. ) 10 - 9‬‬

‫“ وهذا القلم له ثالثمائة وستون سنّا من حيث ما هو قلم ‪ ،‬وثالثمائة وستون وجها‬
‫ونسبة من حيث ما هو عقل ‪ ( “ . . .‬انشاء الدوائر ص ‪. ) 55‬‬

‫َّللا تعالى من عالم العقول المدبرة جوهر بسيط ال صفة له ‪ ،‬مقامه‬


‫“ فأول ما أوجد ّ‬
‫الفقر والذلة واالحتياج إلى باريه وموجده ومبدعة ‪ ،‬له نسب وإضافات ووجوه كثيرة ال‬
‫يتكثر في ذاته بتعددها ‪ ،‬فياض بوجهين من الفيض ‪ :‬فيض ذاتي ‪ ،‬وفيض إرادي‬
‫‪ . . . 5‬وله افتقار ذاتي لموجده سبحانه ‪. . .‬‬
‫وسماه الحق سبحانه وتعالى في القرآن ‪ :‬حقا ‪ ،‬وقلما ‪ ،‬وروحا ‪ ،‬وفي السنة ‪ :‬عقال ‪6‬‬
‫وغير ذلك من األسماء ‪ ( “ . . .‬انشاء الدوائر ص ص ‪. 7 ) 52 - 51‬‬

‫) ‪ “ ( 2‬فأول صورة قبل نفس الرحمن صورة العماء [ راجع “ عماء “ ] ‪. . .‬‬
‫ثم إن جوهر ذلك العماء قبل صور األرواح من الراحة واالسترواح إليها ‪ ،‬وهي ‪:‬‬
‫األرواح المهيمة ‪ ،‬فلم تعرف غير الجوهر الذي ظهرت فيه وبه وهو أصلها ‪. . .‬‬
‫فهامت في نفسها ‪ ،‬ثم إن واحدا من هذه الصور الروحية بتجل خاص علمي انتقش فيه‬
‫علم ما يكون إلى يوم القيامة ‪ ،‬مما ال تعلمه األرواح المهيمة ‪. . .‬‬
‫وعلم ‪ . . .‬هذا العقل ان الحق ما أوجد العالم اال في العماء ‪. . .‬‬
‫ورأى في جوهر العماء صورة االنسان الكامل [ راجع “ انسان كامل “ ] الذي هو‬
‫للحق بمنزلة ظل الشخص من الشخص ‪ ،‬ورأى نفسه‬

‫‪814‬‬
‫“ ‪“ 815‬‬

‫ناقصا عن تلك الدرجة ‪ . . .‬فان الكمال في االنسان الكامل بالفعل وهو في العقل األول‬
‫بالقوة ‪ .‬وما كان بالقوة والفعل أكمل في الوجود ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 430 / 3‬‬

‫يتضح من النص الثاني حقيقة جديدة ‪ ،‬وهي ‪ :‬ان العقل األول وان كنا نستطيع ان نثبت‬
‫انه يرادف االنسان الكامل ‪ ،‬بطريق االستدالل ‪ ، 8‬اال انه لم يصل إلى مرتبته ‪. 9‬‬
‫وذلك ان االنسان الكامل له الصورة ‪ ،‬اي صورة الحق ‪ ،‬على حين ان العقل األول هو‬
‫جزء من الصورة ‪. 10‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫َّللا االنسان الكامل أعطاه مرتبة العقل األول ‪ ،‬وعلمه ما لم يعلمه العقل من‬
‫“ فلما خلق ّ‬
‫الحقيقة الصورية التي هي الوجه الخاص له من جانب الحق ‪ ،‬وبها زاد على جميع‬
‫المخلوقات وبها كان المقصود من العالم ‪ ،‬فلم تظهر صورة موجود اال باالنسان ‪،‬‬
‫والعقل األول على عظمه جزء من الصورة “ ‪ ( . . .‬ف ‪. ) 642 / 2‬‬
‫****‬
‫العقل األول هو مرتبة الفعل في مقابل النفس واللوح ( مرتبة االنفعال ) ‪ ،‬أو هو مرتبة‬
‫الذكورة في مقابل مرتبة األنوثة ( النفس ‪ -‬اللوح ) ‪. 11‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫“ ‪ . . .‬واين مرتبة الفاعل من المنفعل أال ترى النفس الكلية التي هي أهل للعقل األول‬
‫َّللا بينهما لظهور العالم ‪ ،‬كان أول مولود ظهر عن النفس الكلية ‪:‬‬
‫ولما زوج ّ‬
‫الطبيعة ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 99 / 3‬‬

‫َّللا لما انكح العقل النفس الظهار األبناء ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 231 / 3‬‬
‫“ واعلم أن ّ‬

‫َّللا ما علمه وامره‬


‫“ وأول متعلم قبل العلم بالتعلم ال بالذات ‪ :‬العقل األول ‪ ،‬فعقل عن ّ‬
‫ان يكتب ما علمه في اللوح المحفوظ الذي خلقه منه ‪. . .‬‬
‫فأول أستاذ من العالم هو العقل األول ‪،‬‬
‫وأول متعلم اخذ عن أستاذ مخلوق هو اللوح المحفوظ ‪. . .‬‬
‫واسم اللوح المحفوظ عند العقالء النفس الكلية وهي أول موجود انبعاثي منفعل عن‬
‫زوج فثنى ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 3‬‬‫العقل ‪ ،‬وهي للعقل بمنزلة حواء آلدم منه خلق وبه ّ‬
‫‪. ) 399‬‬

‫كما يراجع باإلضافة إلى ما ذكرناه عن العقل األول ‪. 12‬‬


‫‪-‬معاني “ القلم االعلى “ في هذا المعجم ‪ ،‬ألنهما مترادفان‪.‬‬

‫‪815‬‬
‫“ ‪“ 816‬‬
‫“ ‪-‬الحقيقة المحمدية “ من حيث إن العقل األول له الموقف نفسه الوجودي العلمي‬
‫االمدادي بين الحق والخلق ‪.‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬نالحظ ان نصوص تصوف القرون األولى للهجرة نبتت في ارض التجربة‬
‫الصوفية وازهرت في ظل المواجيد ‪ ،‬فكانت بالتالي مصطلحاتها لغوية تكثفت فيها‬
‫مرائي وابعاد نفسية ( المحبة ‪ -‬المحق ‪ ) . . .‬أو ثمرات مشاهدة وكشف ( لوامع ‪-‬‬
‫بوارق ) ‪.‬‬
‫اذن ال نجد في تلك الفترة المصطلحات “ الكونية “ التي ستغرق كتب الصوفية مع‬
‫مطلع التصوف الفكري ‪.‬‬
‫وبعد ما كان “ تصوف المواجيد “ يكاد يصل إلى وضع اسم لما يصادفه ‪ ،‬يتدفق‬
‫“ التصوف الفكري “ سيال من المصطلحات والتسميات فيضع للمسمى الواحد عشرات‬
‫األسماء ‪.‬‬
‫وها هو عبد الحق بن سبعين يجاري ابن العربي في هذا المضمار ‪.‬‬
‫فيطلق أحيانا على المرتبة الوجودية الواحدة تسميات كثيرة تختلف في ظاهرها وتتفق‬
‫في مدلولها ‪ ،‬مثال ذلك المبدع األول أو العقل الكلي ‪.‬‬
‫يقول “ ‪ . . .‬العقل الكلي هو أول موجود أوجده الحق سبحانه ‪ ،‬وهو جوهر بسيط فيه‬
‫صورة كل شيء ‪ . . .‬وهو الكلمة المرددة ‪ ،‬أو هو الفصل المانع ‪ ،‬أو هو المحب‬
‫بذاته ‪. . .‬‬
‫أو هو االنية المتعلقة ‪ ،‬أو هو نديم الدهر ‪ ،‬أو هو والد النفس وهو المفارق على‬
‫االطالق ‪ ،‬أو هو صاحب الوجهين إذا استفاد أفاد ‪ . . .‬أو االنفصال الصادق ‪ ،‬أو‬
‫االنزعاج المتعدي ‪ ،‬أو العلم المتصل الخ ‪ ( “ . . .‬بد العارف لوحه ‪ . 33‬نقال عن ابن‬
‫سبعين وفلسفته الصوفية التفتازاني ص ‪. ) 208‬‬
‫) ‪( 2‬انظر مترادفات االنسان الكامل ‪،‬‬
‫) ‪( 3‬انظر كال من هذه األسماء في أماكنها ‪.‬‬
‫َّللا القلم “ انظر الترمذي تفسير سورة ‪ ، 68‬كما يراجع فهرس‬ ‫“ ) ‪( 4‬أول ما خلق ّ‬
‫األحاديث حديث رقم ‪( 12 ) . :‬‬
‫) ‪( 5‬ان عبارة “ العقل األول “ وان كان ابن العربي يرجعها إلى منشأ “ سني‬
‫“ فطابعها االفلوطيني ال ينكر ( انظر من اين استقى ابن العربي فلسفته الصوفية مجلة‬
‫كلية اآلداب ص ص ‪ ، ) 25 - 24‬اال ان فيوضات الواحد عند ابن العربي هي‬
‫مظاهر لهذا الواحد وحجب ‪ ،‬وبذلك ال تنفصل عنه بل هي وجه ظاهر له ‪ .‬ومهما بعد‬
‫الشق بينها وبين الواحد في الترتيب الوجودي اال ان لها “ وجها خاصا “ مباشرا‬
‫يصلها “ بالواحد ‪“ .‬‬
‫يقول ابن العربي ‪ “ :‬ونسبة األولية له [ للحق ] ال تكون اال في المظاهر ‪ ،‬فظهوره‬
‫َّللا ‪ ،‬فهو [ الحق ] األول من‬ ‫في العقل األول الذي هو القلم االعلى وهو أول ما خلق ّ‬
‫حيث ذلك المظهر ألنه أول الموجودات عنه ‪ . . .‬وأول مظهر ظهر [ هو ] القلم‬
‫اإللهي وهو العقل األول ‪ ،‬والعين ما كانت مظهرا اال‬

‫‪816‬‬
‫“ ‪“ 817‬‬

‫بظهور الحق فيها ‪ ،‬فهي أول ‪ .‬والكالم في الظاهر في المظهر الن به يتميز فاألول هو‬
‫َّللا والعقل حجاب عليه ‪ ( “ . . .‬ف ‪ ( . ) 95 / 2‬راجع “ أول “ ) ‪.‬‬
‫ّ‬

‫) ‪( 6‬النص نفسه حرفيا في “ االنسان الكلي “ ورقة ‪ 4‬ب ‪.‬‬


‫َّللا عز‬
‫َّللا عليه وسلم ) ان أول ما خلق ّ‬ ‫) ‪( 7‬يقول ابن العربي ‪ . . . “ :‬اخبر ( صلى ّ‬
‫َّللا عليه‬
‫وجل درة بيضاء الحديث ‪ ،‬فتلك الدرة هي العقل الذي اخبر به ( صلى ّ‬
‫َّللا‬
‫َّللا صلى ّ‬ ‫َّللا العقل الحديث ‪ ،‬وذلك العقل هو نور رسول ّ‬ ‫وسلم ) ‪ :‬أول ما خلق ّ‬
‫َّللا‬
‫َّللا عنه قال ‪ :‬سألت رسول ّ‬ ‫عليه وسلم الذي اخبر عنه فيما رواه جابر رضي ّ‬
‫َّللا تعالى ‪ ،‬فقال ‪ :‬هو نور نبيك يا‬‫َّللا عليه وسلم ) عن أول شيء خلقه ّ‬ ‫( صلى ّ‬
‫جابر ‪ ( “ . . .‬بلغة الغواص ق ‪) 8‬‬
‫َّللا عليه وسلم ) ‪.‬‬
‫راجع ‪ :‬درة بيضاء ‪ -‬نور محمد ( صلى ّ‬
‫) ‪( 8‬انظر مترادفات االنسان الكامل ‪،‬‬
‫) ‪( 9‬لقد رتب ابن العربي العالم اي الممكنات ( االنسان الكامل ‪ -‬العماء ‪ -‬العقل ‪-‬‬
‫النفس ‪ ) . . .‬ترتيبا ثالثيا ‪ :‬ترتيب على أساس الظهور ‪ -‬ترتيب على أساس المكان‬
‫الوجودي ‪ -‬ترتيب على أساس المكانة ‪ -‬انظر الفتوحات ج ‪3‬ص ‪، 443‬‬
‫كما يراجع ص ‪ 421‬الرسم التصويري للوجود كما يثبته ابن العربي ‪.‬‬
‫) ‪( 10‬راجع “ صورة “ ) ‪( 11‬راجع “ انوثة “ “ لوح “‬
‫) ‪( 12‬بخصوص “ العقل األول “ عند ابن العربي فليراجع ‪:‬‬
‫‪-‬انشاء الدوائر ص ‪ ( 20‬العقول المفارقة )‬
‫‪-‬األجوبة عن االنسان الكامل ق ‪ 222‬أ ( روح العقل األول ) ‪.‬‬
‫‪-‬شجون المشجون ق ‪ 25‬ب ( العقل ‪ -‬التصور ‪ ،‬التمثل ) ‪.‬‬
‫‪-‬عقلة المستوفز ص ص ‪، 52 - 50‬‬
‫‪-‬ف ج ‪ 2‬ص ‪ ( 319‬العقل قوة في النفس الناطقة ) ‪.‬‬
‫ص ‪ ( 394‬اختالف أسماء العقل األول الختالف االعتبارات ) ‪.‬‬
‫ص ‪ ( 395‬العقل األول ‪ -‬القلم االعلى ) ‪.‬‬
‫‪-‬ف ج ‪ 3‬ص ‪ ( 364‬العقل قوة من قوى االنسان ) ‪.‬‬
‫ص ‪ ( 419‬العقل األول ) ‪.‬‬
‫‪-‬ف ج ‪ 4‬ص ‪ ( 30‬العقل والفكر ) ‪.‬‬
‫ص ‪ ( 77‬العقل والقلب )‬
‫كما يراجع ‪ - :‬كتاب “ العقل “ للمحاسبي‬
‫‪-‬معارج القدس الغزالي ص ‪. 198 ، 137 ، 62 ، 28‬‬

‫‪817‬‬
‫“ ‪“ 818‬‬
‫‪ - 467‬عالم األنفاس‬
‫َّللا ‪.‬‬
‫عالم األنفاس هو اسم لرجال ّ‬
‫انظر “ رجل “ المعنى الثاني ‪.‬‬

‫‪ - 468‬العالم الكبير ‪ -‬العالم الصغير‬


‫مترادف ‪ :‬العالم األكبر والعالم األصغر ‪.‬‬
‫العالم الكبير هو العالم الخارجي في مقابل العالم الصغير ( االنسان ) ‪.‬‬
‫انظر “ انسان “ “ انسان كبير ‪“ .‬‬
‫كما يراجع ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 1‬ص ‪152 - 118‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪، 151 - 150 - 124‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪11‬‬
‫‪-‬مرآة المعاني ورقة ‪ 42‬أ ‪.‬‬
‫‪-‬الفصوص ج ‪ 2‬ص ‪333 ، 297‬‬

‫‪ - 469‬المعلّم ّ‬
‫األول‬
‫المعلم األول هو االنسان الكامل‬
‫انظر “ االنسان الكامل “ وخصوصا في وظيفته االبستمولوجية ‪.‬‬

‫‪ - 470‬العمد أو الماسك‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ العين والميم والدال أصل كبير ‪ ،‬فروعه كثيرة ترجع إلى معنى ‪ ،‬وهو االستقامة في‬
‫الشيء ‪ ،‬منتصبا أو ممتدا ‪ ،‬وكذلك في الرأي وإرادة الشيء ‪. . .‬‬
‫والعمد ‪ :‬ان تعمد الشيء بعماد يمسكه ويعتمد عليه ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة مادة‬
‫“ عمد “ )‪.‬‬

‫‪818‬‬
‫“ ‪“ 819‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫ورد “ العمد “ في القرآن بالمعنى اللغوي السابق ولكنه غير مرئي ‪ ،‬ولكن ال نستطيع‬
‫ان نقول إنه غير حسي ‪ ،‬فقد يكون حسيا غير مرئي ‪.‬‬
‫ع َم ٍد ت َ َر ْونَها “[ ‪. ] 2 / 13‬عند ابن‬
‫ت بِّغَي ِّْر َ‬ ‫َّللاُ الَّذِّي َرفَ َع ال َّ‬
‫سماوا ِّ‬ ‫قال تعالى ‪َّ ” :‬‬
‫العربي ‪:‬‬
‫*يجعل ابن العربي للكون عمدا يحفظ نظامه ويمسكه عن الزوال ‪.‬‬
‫وهذا العمد ليس حسيا بل هو معنوي هو ‪ :‬االنسان ‪ ،‬من حيث إن العالم وجد من أجله‬
‫‪ ،‬ويبقى ببقائه وينتقل بانتقاله إلى دار اآلخرة ‪ ،‬اذن ‪ :‬االنسان هو عمد العالم ‪. 1‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫َّللا السماء به ان تقع على األرض لرحمته بمن فيها ‪“ .‬‬ ‫) ‪ “ ( 1‬والعمد الذي يمسك ّ‬
‫( ف ‪. ) 436 / 3‬‬
‫“ فالعمد هو المعنى الماسك ‪ . . .‬ومن مسكت من أجله فهو ماسكها ومن وجدت له‬
‫بسببه فهو مالكها ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 4 / 1‬‬
‫“ العمد ‪ . . .‬وهو االنسان “ ( ف ‪. ) 125 / 1‬‬

‫) ‪ “ ( 2‬إذا تجسدت المعاني في عالم المثال وظهرت صورا في الجسم المشترك ‪. . .‬‬
‫كالدين في صورة القيد ‪ ،‬والعلم في صورة اللبن ‪ ،‬واالنسان في صورة العمد ‪. . .‬‬
‫“ ( ترجمان األشواق ص ‪ 92‬هامش ‪. ) 3‬‬
‫****‬
‫بعد ما ض ّمن ابن العربي العمد الجنس االنساني بكامله ‪ ،‬نجده هنا يتدرج بشكل هرمي‬
‫َّللا عليه وسلم ) ] ‪ . . .‬ويحصر‬
‫[ فرد ‪ . .‬وتد ‪ ] -‬إلى قمة هذا الجنس [ محمد ( صلى ّ‬
‫مفهوم “ العمد “ به ‪:‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا بهمته العالم “ ( رسالة األقطاب ورقة ‪ 119‬أ ) ‪.‬‬
‫( أ ) “ مفرد يحفظ ّ‬
‫َّللا العالم بهم “ ( روح القدس ص ‪. ) 106‬‬
‫( ب ) “ األربعة األوتاد الذين يمسك ّ‬
‫( ج ) “ واختار [ الحق ] ‪ . .‬الرسل [ من األنبياء ] ‪ . . .‬واصطفى واحدا من خلقه‬

‫‪819‬‬
‫“ ‪“ 820‬‬

‫هو منهم وليس منهم هو المهيمن على جميع الخالئق جعله عمدا ‪ ، 2‬أقام عليه قبة‬
‫َّللا عليه وسلم ) ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 74/ 2‬‬ ‫َّللا ( صلى ّ‬‫الوجود ‪ . . .‬وهو محمد رسول ّ‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬وفي المعنى نفسه يستعمل الجيلي جملة “ حافظ العالم الناسوتي ‪“ .‬‬
‫( راجع االنسان الكامل ج ‪ 2‬ص ‪. ) 28‬‬
‫) ‪( 2‬يراجع بشأن “ عمد ‪“ :‬‬
‫‪-‬ف ج ‪ 2‬ص ‪ ( 340‬بالتضمين ) ‪.‬‬
‫‪-‬ف ج ‪ 3‬ص ‪ ( 424‬صورة الفلك حيث يظهر العمد ) ‪ ،‬ص ‪، 438‬‬
‫‪-‬الفصوص ج ‪ 1‬ص ‪ ، 38‬والفص اآلدمي ( بالتضمين ) ‪.‬‬

‫‪ - 471‬العماء‬
‫المترادفات ‪:‬‬
‫نفس الرحمن ‪ -‬الحق المخلوق به ‪ - 1‬الخيال المطلق ‪ -‬عين البرزخ ‪ -‬مرتبة االنسان‬
‫الكامل ‪ -‬حقيقة الحقائق ‪.‬‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ العين والميم والحرف المعتل أصل واحد يدل على ستر وتغطية‪. . .‬‬
‫ومن الباب العماء ‪ :‬السحاب الكثيف المطبق ‪ ،‬والقطعة منه عماءة ‪.‬‬
‫وقال الكسائي ‪ :‬هو في عماية شديدة وعماء ‪ ،‬اي مظلم ‪. . .‬‬
‫ويقال ‪ :‬العماء ‪ :‬الغبار “ ( معجم مقاييس اللغة مادة “ عمى “ ) ‪.‬‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫لفظ “ عماء “ لم يرد في القرآن ‪.‬عند ابن العربي ‪: 2‬‬
‫*مصدر لفظ “ عماء ‪“ :‬‬
‫ان لفظ “ عماء “ بما يحويه من إشارات فهمها شيخنا األكبر ‪ ،‬وحاول بالتالي تبيان‬
‫ايماءاتها ومدلوالتها ‪ ،‬برز في الفكر الصوفي من حديث شريف هو بالواقع جواب‬
‫لسؤال عن ‪ :‬أينية الرب قبل الخلق ‪.‬‬

‫‪820‬‬
‫“ ‪“ 821‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫َّللا‬
‫“ [ العماء ] الذي هو أول ظرف قبل كينونة الحق ورد في الصحيح انه قيل لرسول ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ) ‪ :‬اين كان ربنا قبل ان يخلق خلقه ؟‬
‫( صلى ّ‬
‫قال ‪ :‬كان في عماء ما فوقه هواء وما تحته هواء ‪. 3‬‬
‫وانما قال هذا من اجل ان العماء عند العرب ‪ :‬هو السحاب الرقيق الذي تحته هواء‬
‫وفوقه هواء ‪ ،‬فلما سماه بالعماء أزال ما يسبق إلى فهم العرب من ذلك ‪.“ . . .‬‬
‫( ف ‪. ) 310 / 2‬‬

‫****‬
‫العماء اسم لنفس الرحمن ‪ ،‬سبب التسمية ‪:‬‬
‫كان الحق كنزا مخفيا لم يعرف ‪ ،‬أحب ان يعرف فبهذا الحب وقع التنفس وظهر نفس‬
‫الرحمن ‪. 4‬‬
‫فكان صورته “ العماء “ من حيث إن العماء الذي هو السحاب يتولد من األبخرة ‪،‬‬
‫ونفس الرحمن بخار رحماني ‪.‬‬
‫اذن أول صورة قبلها النفس هي “ العماء “ ‪ ،‬بل العماء هو عين النفس الرحماني ‪.‬‬
‫َّللا ‪ 5‬فتظهر‬
‫َّللا من حيث إن المخلوقات كلمات ّ‬
‫ومن العماء وفيه ظهر كل ما سوى ّ‬
‫كظهور الكلمة في نفس المتكلم ‪.‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫) ‪ “ ( 1‬وانتشاء هذا العماء من نفس الرحمن من كونه الها ال من كونه رحمانا فقط ‪،‬‬
‫فجميع الموجودات ظهر في العماء بكن أو باليد اإللهية [ جنة عدن ] أو باليدين [ آدم ]‬
‫اال العماء فظهوره بالنفس خاصة ‪ . . .‬وكان أصل ذلك حكم الحب ‪. . .‬‬
‫كما ورد كنت كنزا لم اعرف فأحببت ان اعرف ‪ 6‬فبهذا الحب وقع التنفس فظهر‬
‫النفس فكان العماء ‪ ،‬فلهذا أوقع عليه اسم العماء الشارع ‪ ،‬الن العماء الذي هو السحاب‬
‫يتولد من األبخرة ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 310 / 2‬‬

‫“ فأول صورة قبل نفس الرحمن صورة العماء فهو بخار رحماني فيه الرحمة بل هو‬
‫عين الرحمة ‪ ،‬فكان ذلك أول ظرف قبله وجود الحق ‪ ( “ .‬ف ‪. ) 430/ 3‬‬

‫) ‪ “ ( 2‬ألنه [ الحق ] خلقهم [ المخلوقات ] وأظهرهم في العماء ‪ ،‬وهو نفس الرحمن‬


‫‪ ،‬فهم كالحروف في نفس المتكلم في المخارج وهي مختلفة “ ‪ ( . . .‬ف ‪. ) 465 / 3‬‬

‫‪821‬‬
‫“ ‪“ 822‬‬
‫*العماء هو الحق المخلوق به ‪:‬‬
‫َّللا ‪.‬‬
‫ان العماء هو ‪ :‬الحق المخلوق به كل موجود سوى ّ‬
‫العماء ‪ -‬الحق ‪ .‬من حيث إن العماء هو صورة تنفسه ‪ ،‬وتنفس الحق حق ‪.‬‬
‫َّللا ‪ ،‬من حيث إنه جوهر العالم الذي قبل صورها‬
‫العماء ‪ -‬مخلوق به كل ما سوى ّ‬
‫جميعا ‪.‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫“ فكان العماء المسمى بالحق المخلوق به ‪ ، 7‬فكان ذلك العماء جوهر العالم فقبل‬
‫صور العالم وارواحه وطبائعه كلها وهو قابل إلى ما ال يتناهى ‪. . .‬‬
‫فالعماء من تنفسه [ الحق ] والصور المعبّر عنها بالعالم من كلمة كن ‪“ . . .‬‬
‫( ف ‪. ) 331 / 2‬‬

‫“ فالعماء أصل األشياء والصور كلها ‪ ،‬وهو أول فرع ظهر من أصل ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 3‬‬
‫‪. ) 420‬‬
‫“ والعماء هو جوهر العالم كله ‪ ،‬فالعالم ما ظهر اال في خيال ‪ ،‬فهو متخيل لنفسه‬
‫‪ ( “ . . . 8‬ف ‪. ) 313 / 2‬‬
‫****‬
‫العماء هو عالم “ الثبوت “ بالنسبة للممكنات جميعا إذ فيه تثبت صور الموجودات كلها‬
‫‪ ،‬ولكن ثبوت صور الممكنات فيه أعطاه الوجود العيني ‪.‬‬
‫اذن العماء “ ثبوت “ بالنسبة للممكنات ‪ ،‬ووجود عيني بالنسبة له في حال ثبوتها ‪-‬‬
‫ومن هذه الحيثية ( العماء ‪ -‬ثبوت بالنسبة للممكنات ) ذهب البعض ‪ 9‬إلى أن العماء‬
‫هو علم الحق ( عالم الثبوت ‪ -‬علم الحق ) ‪. 10‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫“ والعماء هو أول االينيات ومنه ظهرت الظروف المكانيات والمراتب ‪. . .‬وهو‬
‫المعنى الذي ثبتت فيه واستقرت أعيان الممكنات “ ( ف ‪. ) 283 / 2‬‬

‫“ فلما سمعنا [ الممكنات ] كالمه [ كالم الحق ‪ -‬كن ] ونحن ثابتون في جوهر العماء ‪،‬‬
‫لم نتمكن ان نتوقف عن الوجود ‪.‬‬
‫فكنا صورا في جوهر العماء ‪ ،‬فأعطينا بظهورها في العماء الوجود للعماء بعدما كان‬
‫معقول الوجود حصل له الوجود العيني “ ( ف ‪. ) 331 / 2‬‬
‫***‬

‫‪822‬‬
‫“ ‪“ 823‬‬
‫*يتميز العماء بالنقاط التالية ‪:‬‬
‫‪ - 1‬انه أصل العالم ‪ ،‬إذ عنه ظهر ( انظر المعنيين الثاني والثالث السابقين ) ‪.‬‬
‫‪ - 2‬انه عالم الثبوت بالنسبة للممكنات ‪ ،‬عالم الحقائق الثابتة ( انظر المعنى الرابع ) ‪.‬‬
‫‪ - 3‬أنه يكون في القديم قديما وفي المحدث محدثا ( سيرد هذا النص ) ‪.‬‬

‫وهذه النقاط تبين بوضوح ان العماء هو “ حقيقة الحقائق “ كما يراها ابن العربي ‪. 11‬‬

‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬العماء هو ‪ . . .‬الذي ‪ . . .‬يكون في القديم قديما وفي المحدث محدثا ‪ ،‬وهو‬
‫مثل قولك أو عين قولك في الوجود إذا نسبته إلى الحق قلت قديما وإذا نسبته إلى الخلق‬
‫قلت محدثا ‪. . .‬‬
‫فالعماء من حيث هو وصف للحق هو وصف الهي ‪ ،‬ومن حيث هو وصف للعالم هو‬
‫وصف كياني ‪ ،‬فتختلف عليه األوصاف الختالف أعيان الموصوفين “ ( ف ‪/ 2‬‬
‫‪. ) 63‬‬
‫****‬
‫ان العماء هو “ الخيال المطلق “ وذلك التساعه لصور الكائنات كلها ‪. 12‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫َّللا تعالى في ذلك العماء‬
‫“ ان حقيقة الخيال المطلق هو المسمى بالعماء ‪ . . .‬ففتح ّ‬
‫صور كل ما سواه من العالم ‪ ،‬اال ان ذلك العماء هو الخيال المطلق اال تراه يقبل صور‬
‫ويصور ما ليس بكائن ‪ ،‬هذا التساعه فهو عين العماء ال غيره “ ( ف ‪2‬‬‫ّ‬ ‫الكائنات كلها‬
‫‪. ) 310 /‬‬
‫****‬
‫العماء هو أول كينونة وأينية للحق ‪ -‬وأول مظهر الهي ظهر ‪ ،‬ومنه ظهر كل ما سوى‬
‫َّللا ‪ -‬وهو مستوى االسم الرب ‪.‬‬ ‫ّ‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫) ‪“ ( 1‬فهو [ العماء ] أول موصوف بكينونة الحق فيه فان للحق على ما اخبر خمس‬
‫كينونات ‪ :‬كينونة في العماء ‪. . .‬‬
‫علَى ْالعَ ْر ِّش ا ْستَوى “[ ‪] 5 / 20‬‬ ‫من َ‬ ‫الر ْح ُ‬
‫وكينونة في العرش وهو قوله ”‪َّ :‬‬
‫وكينونة في السماء في قوله “ ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا “‬
‫ض “[ ‪] 3 / 6‬‬‫ت َوفِّي ْاأل َ ْر ِّ‬
‫سماوا ِّ‬ ‫وكينونة في األرض وهو قوله ”‪َ :‬و ُه َو َّ‬
‫َّللاُ فِّي ال َّ‬
‫وكينونة عامة وهو مع الموجودات على مراتبها ‪. . .‬‬
‫فقال‪:‬‬

‫‪823‬‬
‫“ ‪“ 824‬‬
‫“ َو ُه َو َمعَ ُك ْم أَيْنَ ما ُك ْنت ُ ْم “[ ‪. “ ] 4 / 57‬‬
‫( ف ‪. ) 310 / 2‬‬
‫“ واختار [ الحق ] من االينيات العماء ‪ 13‬فكان له قبل خلق الخلق ‪ ،‬ومنه خلق‬
‫المالئكة المهيمة ‪ . . .‬فجعل العماء أينية له “ ( ف ‪. ) 174 / 2‬‬
‫) ‪ ( 2‬كان جل وتعالى في عماء ما تحته هواء وما فوقه هواء ‪ ،‬وهو أول مظهر الهي‬
‫ظهر فيه ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 148 / 1‬‬
‫) ‪ “ ( 3‬العماء ‪ 14‬وهو مستوى ‪ - 15‬االسم الرب ‪– 16‬‬
‫كما كان العرش ‪ 17‬مستوى الرحمن ‪ ( “ 18‬ف ‪. ) 283 / 2‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬عبارة “ الحق المخلوق به “ استفادها شيخنا األكبر من ابن برجان انظر الفرق‬
‫بين موقفيهما من هذه العبارة ‪ :‬مجلة كلية اآلداب جامعة اإلسكندرية سنة ‪ ، 1933‬ص‬
‫‪( 2 ) . 10‬يراجع بشأن “ العماء “ ‪ - :‬تعريفات الجرجاني ص ‪، 163‬‬
‫‪-‬مطلع خصوص الكلم ‪.‬‬
‫القيصري ‪ :‬ورقة ‪ 4‬أ ‪ . . . “ :‬حقيقة الوجود إذا اخذت بشرط ان ال يكون معها شيء‬
‫فهي المسماة عند القوم بالمرتبة األحدية ‪ ،‬المستهلكة جميع األسماء والصفات فيها‬
‫وتسمى جمع الجمع وحقيقة الحقائق والعماء ‪ ،”. .‬ورقة ‪ 4‬ب( مرتبة االنسان الكامل ‪-‬‬
‫المرتبة العمائية ) ‪،‬ورقة ‪5‬أ ‪،‬ورقة ‪ 24‬ب ‪.‬‬
‫‪-‬اصطالحات الصوفية ‪ .‬عز الدين عبد السالم بن غانم المقدسي ‪ .‬ورقة ‪86‬‬
‫( العماء ) ‪- .‬شرح تائية ابن الفارض ‪ .‬القيصري ‪ .‬ورقة ‪ ( 7‬العماء ‪ -‬األحدية ) ‪.‬‬
‫‪-‬تنبيه العقول الشهرزوري ‪ ،‬ورقة ‪ 62‬ب‬
‫(العماء ‪ -‬ظاهر الحق ‪ -‬الخيال المطلق ‪ -‬صورة النفس الرحماني) ‪.‬‬
‫َّللا تعالى ) ‪،‬‬
‫‪-‬ورد الورود النابلسي ‪ .‬ورقة ‪ ( 3‬العماء كناية عن حضرة علم ّ‬
‫‪-‬اما الجيلي فيفرد للعماء الباب التاسع ص ص ‪ 32 - 30‬من االنسان الكامل حيث‬
‫يشرحه قائال ‪ “ :‬ان العماء عبارة عن حقيقة الحقائق التي ال تتصف بالحقية وال‬
‫بالخلقية ‪ ،‬فهي ذات محض ألنها ال تضاف إلى مرتبة ال حقية وال خلقية ‪ ،‬فال تقتضي‬
‫لعدم اإلضافة وصفا وال اسما ‪،‬‬
‫َّللا عليه وسلم ) ‪ :‬ان العماء ما فوقه هواء وال تحته هواء يعني‬ ‫هذا معنى قوله ( صلى ّ‬
‫ال حق وال خلق ‪ ،‬فصار العماء مقابال لالحدية ‪ :‬فكما ان األحدية تضمحل فيها األسماء‬
‫واألوصاف ‪. . .‬‬
‫فكذلك العماء ليس لشيء من ذلك فيه مجال وال ظهور ‪ .‬والفرق بين العماء واألحدية‬
‫ان األحدية حكم الذات في الذات بمقتضى التعالي وهو الظهور الذاتي االحدي ‪،‬‬
‫والعماء حكم الذات ‪ ،‬بمقتضى االطالق فال يفهم منه تعال وتدان وهو البطون الذاتي‬
‫العمائي ‪. . . “ .‬‬
‫‪-‬اما صاحب لطائف االعالم فيقول في العماء ‪ “ :‬العماء هو الحضرة العمائية التي‬
‫عرفت بأنها هي النفس الرحماني والتعين الثاني ‪ ،‬وانها هي البرزخية الحايلة بكثرتها‬
‫النسبية بين الوحدة والكثرة الحقيقيتين [ ‪ . . .‬وانها ] محل تفصيل الحقائق التي كانت‬
‫في المرتبة األولى شيونا [ انظر‬

‫‪824‬‬
‫“ ‪“ 825‬‬

‫شأن ] مجملة في الوحدة ‪ ،‬فسميت بهذا االعتبار بالعماء وهو الغيم الرقيق وذلك لكون‬
‫هذه الحضرة برزخا حايال بين إضافة ما في هذه الحضرة من الحقائق إلى الحق والى‬
‫الخلق ‪ ،‬كما يحول العماء الذي هو الغيم الرقيق بين الناظر وبين نور الشمس ‪. . .‬‬
‫“ ( ق ق ‪ 132‬ب ‪ 133 -‬أ ) ‪.‬‬
‫‪-‬كشاف التهانوي ج ‪ 5‬ص ‪ ، 81‬وقد عرف العماء بكالم الجيلي في االنسان الكامل‬
‫بنص شبه حرفي ‪.‬‬

‫) ‪( 3‬راجع فهرس األحاديث حديث رقم ‪: ( 33 ) .‬‬


‫) ‪( 4‬نسبة إلى الرحمة من حيث إنه يتعلق بايجاد الخلق ‪ .‬انظر “ رحمة “‬
‫) ‪( 5‬انظر “ كلمة ‪“ .‬‬
‫) ‪( 6‬راجع فهرس األحاديث حديث رقم ‪: ( 34 ) .‬‬
‫) ‪( 7‬انظر رسم العماء وما يحويه من حقائق ‪ .‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪، 421‬‬
‫) ‪( 8‬انظر “ خيال “‬
‫) ‪( 9‬انظر ‪ :‬ورد الورود النابلسي ورقة ‪ ، 3‬لطائف االعالم ورقة ‪ 133‬أ ‪.‬‬
‫) ‪( 10‬انظر “ عين ثابتة ‪“ .‬‬
‫) ‪( 11‬انظر “ حقيقة الحقائق “ كما يراجع انشاء الدوائر ص ص ‪. 17 - 15‬‬
‫) ‪( 12‬انظر “ الخيال المطلق “ كما يراجع تنبيه العقول للشهرزوري ورقة ‪ 62‬ب‬
‫حيث يشرح موقف ابن العربي هنا ‪.‬‬
‫َّللا بعد ان خلق الخلق اختار من كل صنف واحدا ‪.‬‬ ‫) ‪( 13‬ان ّ‬
‫مثال ‪:‬اختار من الناس الرسل ومن الليالي ليلة القدر ‪ . . .‬انظر الفتوحات ج ‪ 2‬ص‬
‫‪169 .‬‬
‫) ‪( 14‬يراجع بشأن “ عماء “ عند ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬عقلة المستوفز ص ‪، 57‬‬
‫‪-‬فصوص الحكم ج ‪ 1‬ص ‪ - 111‬ج ‪ 2‬ص ‪ ( 43‬العماء ‪ -‬اسم لعالم الغيب ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪ ( 104‬الحق المخلوق به ) ‪ ،‬ص ‪ ( 311‬العماء ‪ -‬الخيال‬
‫المطلق ‪ ،‬عين البرزخ ) ‪ .‬ص ‪ ( 312‬العماء ‪ -‬الحق المخلوق به ‪ -‬الممكنات ) ‪ ،‬ص‬
‫‪ ، 318‬ص ‪ ( 391‬العماء ‪ -‬النفس ‪ -‬الحق المخلوق به ) ص ‪ ( 395‬العماء ‪ -‬نفس‬
‫الرحمن ) ‪ ،‬ص ‪ ( 396‬االنسان الكامل ‪ -‬الحق المخلوق به ) ‪ ،‬ص ‪ (400‬العماء ‪-‬‬
‫قابل لصور حروف العالم ) ص ‪ ( 423‬النفس والعماء ) ‪ ،‬ص ‪. 469‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪ ( 77‬الحق المخلوق به ) ‪ ،‬ص ‪ ( 92‬الحق المخلوق به ) ‪ ،‬ص‬
‫‪299‬‬

‫‪825‬‬
‫“ ‪“ 826‬‬

‫( العماء ) ص ‪ ( 355‬الحق المخلوق به ) ‪ ،‬ص ‪ ( 399‬العماء ) ‪ ،‬ص ‪443‬‬


‫( العماء والصور الظاهرة فيه ) ‪ ،‬ص ‪ ( 444‬الحق المخلوق به ) ص ‪ ( 459‬العماء‬
‫‪ -‬نفس الرحمن ) ‪ ،‬ص ‪ ( 506‬العماء ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪ ( 211‬العماء ‪ -‬نفس الرحمن ) ‪.‬‬

‫) ‪( 15‬راجع “ االستواء ‪“ .‬‬


‫َّللا عليه وسلم ) ‪ :‬كان في عماء ما‬
‫) ‪( 16‬يقول ابن العربي ‪ . . . “ :‬فقال ( صلى ّ‬
‫فنزه ان يكون تصريفه لألشياء على األهواء فإنه لما كنى‬‫فوقه هواء وما تحته هواء ّ‬
‫عن ذلك الوجود ‪ ،‬بما هو اسم للسحاب محل تصريف األهواء نفى ان يكون فوق ذلك‬
‫العماء هواء أو تحته هواء ‪ ،‬فله الثبوت الدائم ال على هواء وال في هواء ‪ ،‬فان السؤال‬
‫وقع باالسم الرب ومعناه ‪ :‬الثابت ( “ ف ‪) . 63 / 2‬‬
‫) ‪( 17‬انظر “ عرش ‪“ .‬‬
‫) ‪( 18‬انظر “ رحمة “ ‪.‬‬
‫****‬
‫‪ - 472‬بحر العماء‬
‫فلتراجع في “ بحر "‬
‫****‬
‫‪ - 473‬العنصر األعظم‬
‫مرادف ‪ :‬العنصر االعلى ‪ ،‬الركن األعظم ‪.‬‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ ( العنصر ) ‪ :‬أصل الحسب وهذا م ّما زيدت فيه النون ‪ ،‬وهو في األصل العصر‬
‫وهو الملجأ ‪ . . . 1‬الن كال يئل في االنتساب إلى أصله الذي هو منه “ ( معجم‬
‫مقاييس اللغة مادة “ عنصر “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫الكلمة غير قرآنية ‪.‬‬

‫عند ابن العربي ‪:‬‬


‫*لم يكن ابن العربي غريبا عن محاوالت الفالسفة المتكررة ارجاع العناصر‬

‫‪826‬‬
‫“ ‪“ 827‬‬

‫األربعة إلى عنصر واحد يجعلونه مبدأ خلق العالم ومادته األولى ‪ ،‬بل منبع‬
‫االستحاالت ومصبها كلها ‪.‬‬
‫وها هو ذا يقرر ان “ العنصر األعظم “ هو ‪ :‬الماء ‪ ،‬من حيث إنه أصل الحياة‬
‫ي ٍ ‪“[ 21 / 30 ] .‬‬ ‫ش ْيءٍ َح ّ‬ ‫ومنشؤها بالسند القرآني ‪َ ”:‬و َجعَ ْلنا ِّمنَ ْال ِّ‬
‫ماء ُك َّل َ‬
‫وهنا نلفت النظر إلى الحقائق التالية ‪ ،‬وهي تفرق بين موقف الحاتمي وموقف‬
‫الفالسفة ‪:‬‬
‫‪1 -‬ان الماء الذي يجعله عنصرا أعظم ‪ ،‬يشبه باالسم فقط الماء الذي في عالمنا‬
‫( عالم الكون والفساد ) ‪ ،‬وقد سمي هذا األخير باسمه لصفة قامت به ( االحياء ) ‪. 2‬‬
‫‪2 -‬ان العنصر األعظم عند الفالسفة هو مادة أولى لعالم الكون والفساد ‪.‬‬
‫ولكن ابن العربي يجعله صفة سارية في المخلوقات جميعها ( السماوات ‪.‬‬
‫العالم العلوي واألرض ‪) .‬‬
‫‪3 -‬ان العنصر األعظم هو في الواقع ‪ “ :‬الحياة “ التي سببها “ الماء “ ‪ ،‬وبنظرة ثاقبة‬
‫نرى ان كل حياة متجلية في المخلوقات هي مظاهر ومجالي لالسم اإللهي ‪ :‬الحي ‪،‬‬
‫فهو على الحقيقة “ العنصر األعظم ‪“ .‬‬
‫ونورد فيما يلي نصوص ابن العربي اال انها تتميز بغموض مقصود ينم عن رغبة في‬
‫التكتم لم ينكرها ‪ ، 3‬يقول ‪:‬‬
‫ع ْر ُ‬
‫شهُ‬ ‫ي ٍ “[ ‪/ 31 ] 21‬وقال فيه ‪َ ”:‬وكانَ َ‬ ‫ش ْيءٍ َح ّ‬ ‫ماء ُك َّل َ‬ ‫“ قال تعالى” َو َجعَ ْلنا ِّمنَ ْال ِّ‬
‫ماء “[ ‪ ] 7 / 11‬اي اظهر الحياة فيكم ليبلوكم ‪ ،‬كذلك قال تعالى في موضوع‬ ‫علَى ْال ِّ‬ ‫َ‬
‫ت َوال َحياة َ ِّليَ ْبلُ َو ُك ْم “[ ‪ ] 2 / 67‬فجعل ليبلوكم إلى جانب الحياة‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫آخر ‪ ”:‬الَّذِّي َخلَقَ ال َم ْو َ‬
‫ي ٍ “فهو العنصر‬ ‫ش ْيءٍ َح ّ‬ ‫فان الميت ال يختبر ‪ . . .‬قوله تعالى” َو َجعَ ْلنا ِّمنَ ْال ِّ‬
‫ماء ُك َّل َ‬
‫األعظم ‪ ،‬اعني فلك الحياة وهو اسم األسماء ‪ 4‬ومقدمتها وبه كانت ‪ ، 5‬قوله تعالى”‬
‫ي ٍ “من حيث هو حي ال من حيث هو جوهر “ ( عقلة‬ ‫ش ْيءٍ َح ّ‬‫ماء ُك َّل َ‬ ‫َو َجعَ ْلنا ِّمنَ ْال ِّ‬
‫المستوفز ص ‪. ) 53‬‬
‫“ واما اختياره ‪ [ 6‬الحق ] من األركان ركن الماء ألنه من الماء جعل كل شيء حي‬
‫حتى العرش لما خلقه ما كان اال على الماء ‪ .‬فسرت الحياة فيه منه ‪ :‬فهو الركن‬
‫األعظم ‪ . . .‬وان كان سبب الحياة أشياء معه ولكنه الركن األعظم من تلك‬
‫األشياء ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 174 / 2‬‬
‫***‬

‫‪827‬‬
‫“ ‪“ 828‬‬

‫*ان العنصر األعظم الذي يشكل مادة العالم األولى يوازي عند شيخنا األكبر “ حقيقة‬
‫الحقائق “ ( فلتراجع ) ‪.‬‬
‫وسنورد النصوص التي تشير من خالل مرتبة العنصر األعظم إلى كونه حقيقة‬
‫الحقائق ‪.‬‬
‫يقول ‪ ”:‬الحمد ّّلل الذي بوجوده * ظهر الوجود وعالم الهيمان‬
‫والعنصر االعلى الذي بوجوده * ظهرت ذوات عوالم االمكان “( عقلة المستوفز ‪.‬‬
‫مخطوط دار الكتب المصرية رقم ‪ 9‬مجاميع ق ‪ 145‬أ )‬
‫“ ‪ . . .‬العنصر األعظم ‪ . . .‬له التفاتة مخصوصة إلى عالم التدوين والتسطير ‪ ،‬وال‬
‫وجود لذلك العالم في العين ‪ . . .‬فاوجد سبحانه ‪ . . .‬عند تلك االلتفاتة العقل األول ‪7‬‬
‫“ ( عقلة المستوفز ص ‪. ) 50‬‬
‫“ ‪ . . .‬العنصر األعظم ‪ 8‬الشريف الذي هو لكرة العالم كالنقطة والقلم [ االعلى ] لها‬
‫كالمحيط واللوح [ المحفوظ ] ما بينهما ‪ ،‬وكما أن النقطة تقابل المحيط بذاتها كذلك هذا‬
‫العنصر يقابل بذاته جميع وجوه العقل ‪ . . .‬فهي في العنصر واحدة وهي في العقل‬
‫تتعدد وتتكثر لتعدد قبوله منه ‪ ،‬فللعنصر التفاتة واحدة وللعقل وجوه كثيرة في‬
‫القبول ‪ ( “ . . .‬عقلة المستوفز ص ‪) . 82‬‬
‫“ الرتق المكنى بالعنصر األعظم “ ( مرآة العارفين ق ‪. ) 1‬‬
‫‪-----‬‬
‫) ‪( 1‬راجع في الكتاب نفسه مادة “ عنصر “ األصل الثالث ‪.‬‬
‫) ‪( 2‬اطالق االسم نفسه على اشخاص مختلفين التفاق في صفة ‪ ،‬وارد عند الشيخ‬
‫األكبر ‪.‬‬
‫“ فتجلي الحق سبحانه بنفسه لنفسه بأنوار السبحات الوجهية من كونه عالما ومريدا‬
‫فظهرت األرواح المهيمة بين الجالل والجمال ‪ . . .‬ثم إنه سبحانه وتعالى أوجد دون‬
‫هؤالء األرواح بتجل آخر من غير تلك المرتبة فخلق أرواحا متحيزة في ارض‬
‫بيضاء ‪ . . .‬والشتراكهم مع األول في نعت الهيمان لذلك لم نفصل بل قلنا األرواح‬
‫باّلل والحال ‪ ( “ . . .‬عقلة‬
‫المهيمة على االطالق وكل منهم على مقام من العلم ّ‬
‫المستوفز ص ‪. ) 49‬‬
‫) ‪( 3‬يقول في عقلة المستوفز ص ‪: 50 - 49‬‬
‫“ وخلق [ تعالى ] في الغيب المستور الذي ال يمكن كشفه لمخلوق العنصر‬
‫األعظم ‪ . . .‬ان هذا العنصر األعظم المخزون في غيب الغيب ‪ . . .‬أكمل موجود في‬
‫العالم ‪ ،‬ولوال عهد الستر‬
‫‪-----‬‬

‫‪828‬‬
‫“ ‪“ 829‬‬

‫َّللا‬
‫الذي اخذ علينا في بيان حقيقته لبسطنا الكالم فيه وبينا كيفية تعلق كل ما سوى ّ‬
‫به ‪. . . “ .‬‬

‫) ‪( 4‬راجع “ األسماء اإللهية ‪“ .‬‬


‫) ‪( 5‬راجع بخصوص االسم “ الحي “ الفتوحات ج ‪ 1‬ص ‪ 100‬حيث يقول ‪:‬‬
‫“فالحي رب األرباب والمربوبين وهو االمام ويليه في الرتبة العالم ‪ . . .‬والمريد ‪. . .‬‬
‫القائل “ ‪. . .‬‬
‫) ‪ “( 6‬ولما كانت األمور في أنفسها تقبل االختيار كما فعل سبحانه في جميع‬
‫الموجودات فاختار من كل امر في كل جنس امرا ما ‪ :‬كما اختار من األسماء الحسنى‬
‫َّللا ‪ ،‬واختار من الناس الرسل واختار من العباد المالئكة ‪ ،‬واختار من األفالك‬ ‫كلمة ّ‬
‫العرش ‪ ،‬واختار من األركان الماء ‪ ،‬واختار من الشهور رمضان ‪ . . .‬واختار من‬
‫الليالي ليلة القدر ‪ . . .‬واختار من االعداد التسعة والتسعين ‪ . . .‬واختار من‬
‫البيوت ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 169 / 2‬‬
‫) ‪( 7‬راجع “ العقل األول ‪“ .‬‬
‫) ‪( 8‬يراجع بشأن العنصر األعظم عند ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬مرآة العارفين ورقة ‪ ( 1‬العنصر األعظم ‪ :‬كناية عن حالة الرتق )‬
‫‪-‬عقلة المستوفز ص ‪، 71 ، 49 ، 41‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 1‬ص ‪ ( 133‬وهنا ابن العربي ال يتكلم على “ العنصر األعظم‬
‫“ المعرف بل يتكلم على العنصر األعظم في مخلوق مثال ‪ :‬العنصر األعظم في‬
‫االنسان أو العنصر األعظم في الجان ) ‪.‬‬
‫كما يراجع ‪:‬‬
‫‪-‬لطائف االعالم ورقة ‪ 134‬أ ( العنصر األعظم ) ‪.‬‬
‫‪-‬كشاف التهانوي ج ‪ 4‬ص ص ‪ ( 962 - 960‬العنصر ) ‪.‬‬
‫‪-‬تعريفات الجرجاني ( العنصر ‪ ،‬العنصر الخفيف ‪ ،‬العنصر الثقيل ) ‪.‬‬
‫****‬
‫‪ - 474‬العنقاء‬
‫مرادف ‪ :‬عنقاء مغرب‬
‫‪ - 1‬استفاد ابن العربي من فقدان وجود “ العنقاء “ الحسي ‪ ،‬ليطلقه تشبيها على‬
‫“ الهباء “ الذي ال وجود لعينه ‪.‬‬
‫يقول ‪ “ :‬فإن قلت وما العنقاء ‪ ،‬قلنا ‪ :‬الهباء ال موجود وال معدوم على أنها تتمثل في‬
‫الواقعة ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 130 / 2‬‬

‫‪829‬‬
‫“ ‪“ 830‬‬

‫“ ‪ . . .‬فأنا الذي ال عين لي موجود *** وانا الذي ال حكم لي مفقود‬


‫عنقاء مغرب قد تعورف ذكرها *** عرفا وباب وجودها مسدود “‬
‫( الديوان ‪. ) 39‬‬

‫“ ‪ . . .‬وليس لهذا الجوهر الهبائي مثل هذا الوجود وهذا االسم الذي اختص به منقول‬
‫َّللا عنه ‪ ،‬واما نحن فنسميه العنقاء فإنه يسمع بذكره‬
‫عن علي بن أبي طالب رضي ّ‬
‫ويعقل وال وجود له في العين وال يعرف على الحقيقة اال باألمثلة المضروبة ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ‪. ) 432 / 2‬‬
‫انظر “ هباء “‬

‫‪ - 2‬خصائص العنقاء ‪:‬‬


‫“ ‪ . . .‬انا الغريبة العنقاء ‪ ، 1‬أمي المطوقة الورقا ‪ ،‬ووالدي العقاب المالك ‪،‬‬
‫وولدي الغراب الحالك ‪،‬‬
‫انا عنصر النور والظلم ومحل األمانة والتهم ال اقبل النور المطلق فإنه ضدي‬
‫ي فهو بعيد الفهم مقهور تحت‬ ‫وال اعرف العلم فاني ما أعيد وال ابدي ‪ ،‬كل من اثنى عل ّ‬
‫سلطان الوهم ما لي عزة فاحتمي ‪. . .‬‬
‫انا الحقيقة لما عندي من السعة البس لكل حالة لبوسها‪. . .‬‬
‫ال اعجز عن حمل صورة ‪. . .‬‬
‫وهبت ان أهب العلوم ولست بعالمة ‪ ،‬وامنح االحكام ولست بحاكمة ‪ ( “ . . .‬االتحاد‬
‫الكوني ق ‪ 146‬ب ) ‪.‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يراجع بشأن “ عنقاء “‬
‫‪-‬االتحاد الكوني ورقة ‪ 141‬ب ‪ 142 -‬أ ( الغريبة العنقاء )‬
‫ق ‪ 144‬ب ( العنقاء ) ‪.‬‬
‫‪-‬كما يراجع ‪ :‬رسالة الطير الغزالي ص ‪. 50‬‬

‫****‬
‫‪ - 475‬العهد اإللهي‬
‫مرادف ‪ :‬الميثاق‬
‫َّللا على بني آدم ‪ ،‬ساعة اشهدهم على أنفسهم انه‬
‫العهد اإللهي هو العهد الذي اخذه ّ‬
‫ربهم ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬

‫‪830‬‬
‫“ ‪“ 831‬‬

‫“ ‪ . . .‬وثم دعاء بصفة لين وعطف وفيه عموم العهد اإللهي الذي اخذه على بني آدم ‪،‬‬
‫وفيه علم الجوالن في الملكوت حسا وخياال وعقال بثلث النشأة اإللهية ( “ ‪ . . .‬ف ‪3 -‬‬
‫‪. ) 473 /‬‬
‫َّللا من بني آدم من ظهورهم ذريتهم واشهدهم‬ ‫“ ‪ . . .‬فالعهد الخالص هو الذي لما اخذ ّ‬
‫َّللا عليه وسلم كل‬ ‫على أنفسهم ‪ 1‬ثم ولد كل بني آدم على الفطرة ‪ ،‬وهو قوله صلى ّ‬
‫مولود يولد على الفطرة وهو الميثاق الخالص لنفسه ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 57 / 4‬‬
‫انظر “ الميثاق “‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫ور ِّه ْم ذُ ِّ ّريَّت َ ُه ْم‬ ‫) ‪( 1‬اإلشارة إلى اآلية قال تعالى ‪َ ” :‬وإِّ ْذ أ َ َخذَ َرب َُّك ِّم ْن بَنِّي آ َد َم ِّم ْن ُ‬
‫ظ ُه ِّ‬
‫ع ْن َهذَا‬ ‫ش ِّه ْدنَا أ َ ْن تَقُولُوا يَ ْو َم ْال ِّقيَا َم ِّة ِّإنَّا ُكنَّا َ‬
‫علَى أ َ ْنفُ ِّس ِّه ْم أَلَ ْستُ بِّ َر ِّبّ ُك ْم قَالُوا بَلَى َ‬
‫َوأ َ ْش َه َد ُه ْم َ‬
‫غَافِّ ِّلينَ (‪[ ." )172‬األعراف ‪.] 172 :‬‬

‫****‬
‫‪ - 476‬عين ثابتة‬
‫المترادفات ‪ :‬الممكن ‪ - 1‬المعدوم‬
‫ابن العربي أول مفكر اسالمي طرح عبارة “ عين ثابتة “ االصطالحية‬
‫وان كان قد استقاها من مصادر شتى ‪ :‬فلسفية ( أفالطون ‪ ،‬أرسطو ‪ ،‬ابن سينا )‬
‫وكالمية ( المعتزلة ) ‪ ، 2‬ووسمها بصبغته الشخصية ذات الفعالية الموحدة ‪.‬‬

‫عبارة “ عين ثابتة “ مركبة من لفظين ‪،‬‬


‫يقصد ابن العربي بالعين ‪ :‬الحقيقة والذات أو الماهية ‪. 3‬‬
‫ويقصد “ بالثبوت “ هنا ‪ :‬الوجود العقلي أو الذهني كوجود ماهية االنسان أو ماهية‬
‫المثلث في الذهن ‪،‬‬
‫في مقابل “ الوجود “ الذي يقصد به التحقق خارج الذهن في الزمان والمكان ‪، 4‬‬
‫كوجود افراد االنسان وافراد المثلث في العالم الخارجي ‪. 5‬‬
‫اذن ‪ ،‬عندما يتكلم ابن العربي على “ األعيان الثابتة “ انما يقرر وجود عالم معقول‬
‫توجد فيه حقائق األشياء أو أعيانها المعقولة ‪.‬‬
‫إلى جانب العالم الخارجي المحسوس الذي توجد فيه اشخاص الموجودات ‪. 6‬‬
‫وهذه األعيان الثابتة في وجودها العقلي المسلوب عنه صفة الوجود الخارجي ‪ ،‬كثيرا‬
‫ما يصفها ابن العربي “ بالمعدومات “ ‪ ، 7‬أو “ باألمور العدمية ‪“ .‬‬

‫‪831‬‬
‫“ ‪“ 832‬‬

‫ولنفصل اآلن نظرية ابن العربي “ باألعيان الثابتة “ وعالمها اي عالم الثبوت ‪.‬‬
‫****‬
‫ان الوجود والعدم الثبوتي نسبتان وإضافتان تطلقان على “ العين “ وليستا صفتين‬
‫ترجعان إلى الموجود ‪ -‬فالثبوت امر وجودي عقلي العيني ‪.‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫“ إذ ثبت عين الشيء أو انتفى فقد يجوز عليه االتصاف بالعدم والوجود معا ‪،‬‬
‫وذلك بالنسبة واإلضافة ‪ ،‬فيكون زيد الموجود في عينه موجودا في السوق معدوما في‬
‫الدار ‪،‬‬
‫فلو كان العدم والوجود من األوصاف التي ترجع إلى الموجود كالسواد والبياض‬
‫الستحال وصفه بهما معا ‪. . .‬‬
‫وقد ص ّح وصفه بالعدم والوجود معا في زمان واحد ‪ ،‬وهذا هو الوجود اإلضافي‬
‫والعدم مع ثبوت العين ‪. . .‬‬
‫فان قيل كيف يصح ان يكون الشيء معدوما في عينه يتصف بالوجود في عالم ما أو‬
‫بنسبة ما ‪ ،‬فيكون موجودا في عينه معدوما بنسبة ما‬
‫فنقول ‪ :‬نعم لكل شيء في الوجود اربع مراتب ‪. . .‬‬
‫المرتبة األولى ‪ :‬وجود الشيء في عينه ‪. . .‬‬
‫والمرتبة الثانية ‪ :‬وجوده في العلم ‪. . .‬‬
‫والمرتبة الثالثة ‪ :‬وجوده في االلفاظ ‪،‬‬
‫والمرتبة الرابعة ‪ :‬وجوده ‪ ،‬في الرقوم ‪“ . . .‬‬
‫( انشاء الدوائر ص ص ‪. ) 8 - 7‬‬
‫“ فما من صورة موجودة اال والعين الثابتة عينها والوجود كالثوب عليها ‪. . .‬‬
‫“ ( فتوحات ‪. ) 47 / 3‬‬
‫“ والثبوت امر وجودي عقلي ال عيني بل نسبي ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪. ) 302 / 1‬‬
‫****‬
‫تشكل األعيان الثابتة مرتبة بين الحق في غيبه المطلق وبين العالم المحسوس ‪. 8‬‬
‫فهي من ناحية أول تنزل من تنزالت الحق من مرتبة بطونه ‪،‬‬
‫انها “ الفيض االقدس “ الذي يمثل ظهور الحق بنفسه لنفسه في صور األعيان‬
‫الثابتة ‪9 .‬‬
‫َّللا المعدوم في العالم الخارجي والذي‬
‫وهي من ناحية ثانية “ المثال “ الثابت في علم ّ‬
‫له األثر في كل موجود بل هو أصل الموجودات ‪.‬‬

‫يقول ابن العربي‪:‬‬

‫‪832‬‬
‫“ ‪“ 833‬‬

‫“ فأنت [ العبد ] من حيث صفاتك عين الحق ال صفته ‪ ،‬ومن حيث ذاتك عينك الثابتة‬
‫َّللا مظهرا اظهر نفسه فيها لنفسه ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 513 / 2‬‬
‫التي اتخذها ّ‬

‫“ ‪ . . .‬فقد ثبت كونه [ الحق تعالى ] مخترعا لنا بالفعل ال انه اخترع مثالنا في نفسه‬
‫الذي هو صورة علمه بنا ‪ ،‬إذ كان وجودنا على ح ّد ما كنا في علمه ولو لم يكن كذلك‬
‫لخرجنا إلى الوجود على ح ّد ما لم يعلمه ‪ ،‬وما ال يعلمه ال يريده وما ال يريده وال‬
‫يعلمه ال يوجده ‪ ،‬فنكون اذن موجودين بأنفسنا أو باالتفاق ‪. . .‬‬
‫وقد د ّل البرهان على وجودنا عن عدم ‪ 10‬وعلى أنه علمنا وأراد وجودنا واوجدنا‬
‫على الصورة الثابتة في علمه بنا ونحن معدومون في أعياننا ‪ ،‬فال اختراع في المثال‬
‫فلم يبق اال االختراع في الفعل وهو صحيح لعدم المثال الموجود في العين ‪. . .‬‬
‫“ ( فتوحات ‪. ) 91 / 1‬‬

‫“ ومعلوم انه يخلق األشياء ويخرجها من العدم إلى الوجود ‪ . . .‬فهو يخرجها من‬
‫وجود لم ندركه إلى وجود ندركه ‪. . .‬‬
‫ان عدمها من العدم اإلضافي ‪ ،‬فان األشياء في حال عدمها مشهودة له يميّزها بأعيانها‬
‫مفصل بعضها عن بعض ما عنده فيها اجمال ‪. . .‬‬
‫الن األشياء ال وجود لها في أعيانها بل لها الثبوت والذي استفادته من الحق الوجود‬
‫َّللا تفصيال ثبوتيا ‪ ،‬ثم لما‬
‫العيني ‪ :‬فتفصلت للناظرين والنفسها ولم تزل مفصلة عند ّ‬
‫ظهرت في أعيانها ‪ . . .‬فان االمكان ما فارقها حكمه ‪. . .‬‬
‫فلما كان االمكان ال يفارقها طرفة عين وال يصح خروجها منه ‪. . .‬‬

‫فما لها خروج من خزائن امكانها وانما الحق سبحانه فتح أبواب هذه الخزائن حتى‬
‫نظرنا إليها ونظرت الينا ونحن فيها وخارجون عنها “ ‪ ( . . .‬فتوحات ‪. ) 193 / 3‬‬
‫“ ان األثر ال يكون اال للمعدوم ال للموجود ‪ ( “ . . .‬فصوص ‪. ) 177 / 1‬‬

‫يتضح من النصوص السابقة ان األعيان الثابتة رغم ظهورها في الوجود الخارجي لم‬
‫َّللا ما ش ّمت رائحة‬
‫تفارق امكانها ‪ ،‬فهي رغم كونها أزلية ‪ 11‬من حيث ثبوتها في علم ّ‬
‫الوجود ‪.‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫“ للممكنات ‪ . . .‬ان لها أعيانا ثبوتية ال موجودة مساوقة لواجب الوجود في‬
‫األزل ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪.) 429 / 3‬‬

‫‪833‬‬
‫“ ‪“ 834‬‬

‫“ ‪ . . .‬ما كنت به في ثبوتك ظهرت به في وجودك ‪ ،‬هذا ان ثبت ان لك وجودا‬


‫“ ( فصوص ‪. ) 83 / 1‬‬
‫“ الن األعيان التي لها العدم الثابتة فيه ما ش ّمت رائحة من الموجود ‪ ،‬فهي على حالها‬
‫مع تعداد الصور في الموجودات “ ( فصوص ‪. ) 76 / 1‬‬
‫****‬
‫ان عالم الثبوت هو العلم اإللهي أو الحضرة العلمية ‪ ،‬التي ظهر عنها كل موجود في‬
‫العالم ‪ -‬وهو عالم بسيط مفرد يحوي كل موجود ( كلي ‪ -‬معنوي ‪ -‬عقلي ‪ -‬جزئي )‬
‫ظهر في عالمنا المحسوس ‪.‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫“ [ في الثبوت ] كل حالة [ منعزلة ] عن الحالة األخرى ال تجمع األحوال عين واحدة‬
‫في حال الثبوت ‪ [ ،‬على حين انه في الوجود ] فإنها [ األحوال ] تظهر في شيئية‬
‫الوجود في عين واحدة ‪ ،‬فزيد مثال الصحيح في وقت هو العليل في وقت آخر ‪. . .‬‬

‫وفي الثبوت ليس كذلك ‪:‬‬


‫فان األلم في الثبوت ما هو في عين المتألم وانما هو في عينه [ عين األلم ] ‪ ،‬فهو ملتذ‬
‫بثبوته كما هو ملتذ بوجوده في المتألم والمحل المتألم به ‪.‬‬
‫وسبب ذلك ‪ :‬ان الثبوت بسيط مفرد غير قائم شيء بشيء ‪.‬‬
‫وفي الوجود ليس اال التركيب فحامل ومحمول ‪ .‬فالمحمول ابدا منزلته في الوجود مثل‬
‫منزلته في الثبوت في نعيم دائم ‪ ،‬والحامل ليس كذلك ‪. . .‬‬
‫فكل حال تكون عليها [ في وجودها ] هو إلى جانبها [ في ثبوتها ] ناظر إليها ال‬
‫محمول فيها ‪ ،‬فالعين ملتذة بذاتها والحال ملتذ بذاته ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪. ) 81 / 4‬‬
‫“ فمن كان مؤمنا في ثبوت عينه وحال عدمه ظهر بتلك الصورة في حال وجوده‬
‫‪ ( “ . . . 12‬فصوص ‪. ) 130 / 1‬‬
‫“ ولهذا رأت [ الرحمة ] الحق المخلوق في االعتقادات عينا ثابتة في العيون الثابتة‬
‫فرحمته بنفسها بااليجاد ‪ ( “ . . .‬فصوص ‪. ) 178 / 1‬‬
‫نالحظ من النصوص السابقة ان الجزئيات كلها ثابتة في عالم الثبوت بشكل مفرد ‪،‬‬
‫منفصل عن حاملها ‪.‬‬
‫كلمة أخيرة ‪: 13‬‬
‫ان العالم الحسي الذي يمثل تنزال ثانيا من تنزالت الحق في طريق ظهوره ‪14‬‬

‫‪834‬‬
‫“ ‪“ 835‬‬
‫ال يلغي بوجوده عالم األعيان الثابتة ‪ ،‬اذن ‪ ،‬ابن العربي احتفظ في تركيبه الميتافيزيقي‬
‫للعالم بعالمين متوازيين حتى في الجزئيات ‪: 15‬‬
‫أحدهما ( عالم الثبوت ) األصل في كل ما يظهر في االخر ( العالم المحسوس ) ‪.‬‬
‫وقد استنتجنا وجود العالمين عنده في آن واحد ‪ ،‬من نصوص تشعر بهذه االزدواجية ‪.‬‬

‫يقول ‪:‬‬
‫“ واما ان يكشف له [ العبد ] عن عينه الثابتة وانتقاالت األحوال عليها إلى ما ال‬
‫يتناهى ‪ ( “ . . .‬فصوص ‪. ) 61 - 60 / 1‬‬

‫فالعبد له وجود في هذا العالم المحسوس ‪ ،‬وله ثبوت في عالم األعيان الثابتة في آن‬
‫واحد ‪ ،‬وان كان ال يحس ثبوت عينه ‪.‬‬
‫فالحق يتجلى على الدوام ومع األنفاس ‪ 16‬في صور األعيان الثابتة ( فيض أقدس )‬
‫وفي صور األعيان الموجودة ( فيض مقدس ) ‪.‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يطلق ابن العربي لفظ الممكن على معنى مغاير لمفهوم الفالسفة فالممكن عنده‬
‫واجب الوجود بغيره ‪ ،‬فاالمكان ليس له صفة اختيارية بل هو واجب ‪ .‬انظر “ اختيار‬
‫‪“.‬‬
‫َّللا سبحانه‬
‫َّللا عليه وسلم عن ّ‬ ‫َّللا صلى ّ‬‫) ‪( 2‬يقول ابن العربي “ ‪ :‬روى عن رسول ّ‬
‫أنه قال ‪ “ :‬كنت كنزا مخفيا لم اعرف ‪ . . .‬ففي قوله كنت كنزا اثبات األعيان الثابتة‬
‫التي ذهبت إليها المعتزلة ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 232 / 2‬‬

‫) ‪( 3‬لم نفرد لكلمة “ عين “ بحثا خاصا بها ‪ ،‬وذلك الن اصالة ابن العربي وابتكاره‬
‫الفكري ال يكمنان في لفظة “ عين “ بل في اللفظة المضافة إليها ‪ .‬مثال ‪ :‬عين ثابتة ‪،‬‬
‫تأخذ أهميتها من مفهوم الثبوت الذي وسعه الشيخ األكبر ‪ ،‬وهكذا ‪. . .‬‬
‫ولذلك نكتفي بان نعطي مراجع موسعة عند ابن العربي ‪ ،‬لمن أراد ان يستزيد من لفظة‬
‫“ عين “ التي ال تخرج في مفهومها عن معنى الذات والحقيقة أو الجوهر والماهية ‪:‬‬
‫‪ - 1‬الفتوحات ج ‪ 1‬ص ‪ ، 45‬ص ‪ ( 89‬المعاينة ) ‪ ،‬ص ‪ ( 108‬المعاينة ) ‪ ،‬ص‬
‫‪. 168 ، 162‬‬

‫‪ - 2‬الفتوحات ج ‪ 2‬الصفحات ‪ ( 220 ، 155 ، 54 ، 5 :‬عين الوجود ) ‪226 ،‬‬


‫( عين الممكن ) ‪ ( 346 ،‬عين القرآن ) ‪ ( 475 ، 473 ، 459 ،‬عين الحق ) ‪،‬‬
‫‪ (603‬العين المقصودة ) ‪ ( 608 ،‬العين الواحدة ) ‪. 646 ،‬‬

‫‪ - 3‬الفتوحات ج ‪ 3‬الصفحات ‪ ( 318 ، 314 :‬عين الجمع ‪ ،‬عين الفرق ‪ -‬عين‬


‫القرآن ‪ ،‬ذو عين ) ‪ ( 323 ،‬عين البصيرة ‪ ،‬عين الخيال ‪ ،‬عين البصر ‪ ،‬العيان )‬
‫‪ ( 404 ، 398 ، 397 ، 376 ، 328 ، 327‬العين الوجودية ) ‪ ( 417‬العين‬
‫الموجودة ) ‪ ( 418‬العين ‪ -‬عين‬

‫‪835‬‬
‫“ ‪“ 836‬‬
‫الوجود ) ‪ ( 465 ،‬العين الواحدة ) ‪ ( 507 ، 470‬عين الخيال ‪ ،‬عين الحس ) ‪،‬‬
‫‪ ( 547‬العين الوجودية ) ‪.‬‬
‫‪ - 4‬الفتوحات ج ‪ 4‬الصفحات ‪ ( 8 - 6 :‬عين الوجود ) ‪ ( 9 ،‬عين الممكن ) ‪- 19 ،‬‬
‫‪ ( 22‬عين الحق ) ‪ ( 26 - 21‬عين القلب ) ‪ ( 29 ،‬العين الواحدة ) ‪ ( 30‬العين‬
‫المخلوقة ) ‪ ( 31‬عين الشهود ) ‪ ( 45 ،‬عين الوجود ) ‪ (54 ،‬عين الجمع ) ‪، 62 ،‬‬
‫‪ ( 63‬عين السوى ) ‪ ( 65 ،‬عين الحقيقة ) ‪ ( 69 ،‬عين الوجود ) ‪ ( 106 ،‬عين‬
‫َّللا في خلقه ) ‪ ( 304 ،‬عين الوجود ‪-‬‬‫القرآن ) ‪ ( 153 ، 143 ، 120 ،‬عين رحمة ّ‬
‫عين المرتبة ) ‪ ( 202‬عين المرآة ) ‪ ( 213 ،‬عين العبد ) ‪ ( 219 ،‬عين الكون ‪) .‬‬
‫‪ - 5‬الفصوص ج ‪ 1‬الصفحات ‪ ( 61 :‬العين الموجودة ) ‪ ( 76 ، 66 ،‬عين الشيء )‬
‫‪ ( 125 ، 122 ، 91 ، 82 ،‬عين الجوهر ) ‪ ،‬ص ‪ ( 78‬العين الواحدة ‪ -‬العين‬
‫الطبيعية ) ‪ ( 110 ، 108‬عين الحواس ) ‪ ( 111 ،‬عين الوجود ) ‪125 ، 122 ،‬‬
‫( عين الهوية ) ‪. 209 ، 189 ، 188 ، 184 ، 179‬‬
‫‪ - 6‬الكنز العظيم ورقة ‪ 154‬أ ( عين األعيان ) ‪.‬‬
‫‪ - 7‬التجليات ص ‪ ( 7‬العيان )‬
‫‪ - 8‬مواقع النجوم ص ‪ ( 67 ، 26 ، 23‬عين البصيرة ) ‪.‬‬
‫‪ - 9‬كتاب الكتب ص ‪. 52‬‬
‫‪ - 10‬المسائل ص ‪. 22‬‬
‫‪ - 11‬االتحاد الكوني ق ‪ ( 142‬حضرة العين )‬
‫‪ - 12‬إشارات القرآن ق ‪ 50‬أ ‪.‬‬
‫كما يراجع ‪:‬‬
‫‪ - 1‬الصالة الكبرى شرح النابلسي ق ‪. 16‬‬
‫‪ - 2‬مطلع خصوص الكلم ‪ ،‬القيصري ق ‪. 7‬‬
‫‪ - 3‬تأويالت القرآن القيصري ق ‪ 164‬ب ‪.‬‬

‫) ‪( 4‬ظهر في الفكر االسالمي تحت تأثير الفلسفة االرسطية هذا التفريق بين الماهية‬
‫والوجود ‪ :‬اي بين الشيء من حيث هو حقيقة معقولة يمكن ان تتحقق في الخارج‬
‫ويمكن ان ال تتحقق ‪ .‬وبين الشيء من حيث وجوده في العالم الخارجي ‪ .‬وقد قال‬
‫أرسطو ان تعريف الشيء بشرح ماهيته ال يقتضي وجوده ‪ :‬إذ ماهية الشيء غير‬
‫وجوده ‪ ( .‬راجع الكتاب التذكاري ص ‪. ) 213 - 212‬‬
‫) ‪( 5‬راجع “ ثبوت ‪“ .‬‬
‫) ‪( 6‬ابن العربي هنا يذكرنا بافالطون ‪ .‬وسوف نلمس مدى تغلغل نظرية المثل‬
‫األفالطونية في نظرية ابن العربي في “ األعيان الثابتة “ ولكنها رغم التشابه تختلف‬
‫عنها اختالفا جوهريا ‪.‬‬

‫‪836‬‬
‫“ ‪“ 837‬‬
‫يقول أبو العال عفيفي ‪:‬‬
‫“ فاألعيان الثابتة تشبه المثل في أنها أمور معقولة ثابتة في العلم اإللهي أو في العالم‬
‫المعقول على حد تعبير أفالطون ‪ ،‬وانها أصول ومبادئ للموجودات الخارجية‬
‫المحسوسة ولكنها تختلف عنها من وجهين ‪:‬‬
‫األول ‪ ،‬انها ليست صورا أو معاني كلية كالمثل األفالطونية ‪ ،‬بل هي صور جزئية‬
‫لكل منها ما يقابله في العالم المحسوس ‪.‬‬
‫والوجه الثاني انها تعينات في ذات الواحد الحق ‪ ،‬بمعنى ان الحق إذ يعقل ذاته يعقل‬
‫في الوقت نفسه ذوات هذه األعيان ‪ ،‬وليس شيء من هذا في نظرية المثل األفالطونية‬
‫بل هو أقرب إلى مذهب افلوطين اإلسكندري في طبيعة “ الواحد “ و “ العقل األول‬
‫‪“.‬‬
‫ان العقل األول في مذهبه هو مجموع العالم العقلي الذي هو ذات العقل األول “ الواحد‬
‫“ ( الكتاب التذكاري ص ‪. ) 219‬‬

‫) ‪( 7‬هذا اصطالح ال شك استفاده من المعتزلة الذين ذهبوا إلى أن المعدوم “ شيء‬


‫“ وذات وعين وان له خصائص وصفات ‪.‬‬
‫يقول فخر الدين الرازي في “ محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين “ في تفصيل قول‬
‫المعتزلة في “ المعدومات “ ‪ . . . “ :‬ان المعدومات الممكنة قبل دخولها في الوجود‬
‫َّللا ) ليس في جعلها ذوات ‪ ،‬بل في جعل‬
‫ذوات وأعيان وحقائق ‪ ،‬وان تأثير الفاعل ( ّ‬
‫تلك الذوات موجودة ‪. . .‬‬
‫اما الفالسفة فقد اتفقوا على أن الممكنات ماهيات قبل وجودها ‪ ،‬واتفقوا على أنه يجوز‬
‫ان تعرى عن الوجود الخارجي ‪ ( “ . . .‬ص ‪. ) 37‬‬
‫ويقول ابن حزم في “ الفصل “ ج ‪ 4‬ص ‪ “ 42‬وقد اختلف الناس في المعدوم أهو‬
‫شيء أم ال ‪.‬‬
‫فقال أهل السنة وطوائف من المرجئة كاالشعرية وغيرهم ‪ :‬ليس شيئا وبه يقول هشام‬
‫بن عمرو أحد شيوخ المعتزلة وقال سائر المعتزلة المعدوم شيء ‪. . . “ .‬‬

‫يفرقون بين الوجود‬‫يقول الشهرستاني في “ نهاية االقدام “ ص ‪ “ : 151‬فاألشعرية ال ّ‬


‫والثبوت والشيئية والذات والعين ‪ .‬والشحام من المعتزلة احدث القول بان “ المعدوم‬
‫“ شيء وذات وعين ‪.‬‬
‫وأثبت له خصائص المتعلقات في الوجود ‪ . . .‬وتابعه على ذلك أكثر المعتزلة ‪. . .‬‬
‫وخالفه جماعة ‪ ،‬فمنهم من لم يطلق اال اسم الشيئية ومنهم من امتنع من هذا االطالق‬
‫أيضا مثل أبي الهذيل العالف وأبي الحسين البصري ‪. . “ .‬‬
‫كما يقول الشهرستاني في المرجع نفسه ص ‪ “ : 169‬ان مذهب المعتزلة في المعدوم‬
‫شيء‬

‫‪837‬‬
‫“ ‪“ 838‬‬
‫هو بعينه مذهب بعض الفالسفة في أن الهيولى موجودة قبل وجود الصورة ‪“ .‬‬
‫فليراجع ‪- :‬المحصل للفخر الرازي ص ‪، 38 - 34‬‬
‫‪-‬الفصل ابن حزم ج ‪ 4‬ص ‪46 - 42‬‬
‫‪-‬نهاية االقدام ‪ .‬الشهرستاني ص ‪، 169 - 150‬‬
‫‪-‬كما يراجع بخصوص اقسام المعدومات األربعة عند ابن العربي ‪ :‬انشاء الدوائر ص‬
‫‪، 10‬‬
‫‪-‬الرسالة الفقيرية ‪ .‬ابن سبعين نشر عبد الرحمن بدوي ص ص ‪ ( 9 - 6‬المعدوم ‪-‬‬
‫اقسام المعدومات ) ‪.‬‬

‫) ‪( 8‬راجع الفتوحات ج ‪ 3‬ص ص ‪ 47 - 46‬حيث يظهر الثبوت أو االمكان برزخ‬


‫بين الوجود والعدم ‪.‬‬
‫) ‪( 9‬راجع “ فيض أقدس ‪“ .‬‬
‫) ‪( 10‬عن “ عدم “ ‪ :‬اي عن مثال ثابت معدوم العين في الوجود ‪ .‬راجع “ عدم ‪“ .‬‬
‫) ‪( 11‬يرى ابن العربي ان “ األعيان الثابتة “ أزلية قديمة ألنها موجودة منذ األزل‬
‫في العلم اإللهي ‪.‬‬
‫وبذلك نتساءل ‪ :‬هل يقول ابن العربي بقدم العالم كما قالت به الفالسفة ؟ ان العالم عند‬
‫ابن العربي “ قديم حادث “ ‪ :‬قديم في ثبوته حادث في وجوده ‪ .‬انظر مقارنة نظرة ابن‬
‫العربي بالمعتزلة وبابن سينا في قدم العالم ( ‪ :‬الكتاب التذكاري ص ‪) . 214 - 213‬‬
‫) ‪( 12‬نالحظ ان عالم الثبوت يحوي الجزئيات ‪ :‬العبد ‪ -‬ايمان العبد ‪ . . .‬وهذا ما‬
‫يخالف به ابن العربي نظرية أفالطون في المثل كما سبق الكالم عليه ‪.‬‬
‫) ‪( 13‬يراجع بخصوص عين ثابتة في نصوص تالمذة ابن العربي والمتأثرين به ‪:‬‬
‫‪-‬رسالة في علم الحقائق ‪ .‬للقيصري ‪ .‬مخطوط الظاهرية رقم ‪ 9420‬ورقة ‪ 3‬أو ‪4‬‬
‫ب‪.‬‬
‫‪-‬رسالة في ايضاح بعض اسرار تأويالت القرآن ‪ .‬القيصري ‪ .‬مخطوط الظاهرية رقم‬
‫‪ 6824‬ورقة ‪ 164‬ب و ‪ 165‬ب ‪،‬‬
‫‪-‬ورد الورود للنابلسي وهو شرح الصالة الكبرى البن العربي ورقة ‪، 2‬‬
‫‪-‬شرح ابيات ابن العربي لكمال الدين عبد الرزاق الكاشي ‪ .‬مخطوط الظاهرية رقم‬
‫‪ 5963‬ورقة ‪ 7‬ب ‪،‬‬
‫‪-‬تنبيه العقول ‪ .‬الشهرزوري ‪ .‬مخطوط الظاهرية رقم ‪ 8138‬ورقة ‪ 61‬ب و ‪62‬‬
‫أ‪.‬‬
‫‪-‬جامع األصول الكمشخانوي ص ‪، 65‬‬

‫‪838‬‬
‫“ ‪“ 839‬‬
‫) ‪( 14‬راجع “ فيض مقدس “‬
‫) ‪( 15‬يراجع بخصوص “ عين ثابتة “ عند ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬الفصوص المقدمة ص ‪، 39‬‬
‫‪-‬فصوص ‪ / 1‬ص ‪ ، 102‬ص ‪، 203‬‬
‫‪-‬فصوص ‪ / 2‬ص ‪ ، 9‬ص ‪ . 21‬ص ‪ 51 ، 50‬ص ‪ ، 64‬ص ‪ ، 110‬ص ‪، 164‬‬
‫ص ‪، 223‬‬
‫‪-‬فتوحات ‪ 4‬ص ‪ ، 86‬ص ‪ ، 126‬ص ‪ ، 210‬ص ‪ ( 410‬ما ثم عدم ) ‪ .‬ص ‪420‬‬
‫‪،‬‬
‫‪-‬كتاب الهو ورقة ‪ ( 190‬المعدوم ) ‪.‬‬
‫‪-‬الكتاب التذكاري ‪ .‬الفصل التاسع ‪ .‬األعيان الثابتة في مذهب ابن العربي ‪ ( .‬ألبي‬
‫العال عفيفي ص ص ‪. ) 220 - 209‬‬
‫) ‪( 16‬راجع “ خلق جديد “ ‪.‬‬
‫****‬
‫‪ - 477‬عين القلب‬
‫فلتراجع في “ قلب "‪.‬‬
‫****‬
‫‪ - 478‬عين اليقين‬
‫فلتراجع في “ يقين “‬

‫‪839‬‬
“ 840 “

840
‫“ ‪“ 841‬‬
‫حرف الغين‬
‫غ‬

‫‪841‬‬
“ 842 “

842
‫“ ‪“ 843‬‬
‫‪ - 479‬غذاء‬
‫انظر “ رزق "‬
‫****‬
‫‪ - 480‬غذاء األغذية‬
‫مترادف ‪ :‬الغذاء األول‬
‫غذاء األغذية هي الذات المطلقة من حيث إنها أول ما ابتدأ به الحياة والغذاء ‪ ،‬فهي‬
‫سابقة لألسماء اإللهية [ ‪ -‬غذاء كيان المخلوق ] ‪ ،‬وسابقة للخلق [ غذاء األسماء ] ‪،‬‬
‫فهي أرفع مقاما وأعلى من جميع األغذية [ انظر “ رزق “ ] ‪.‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫“ وكل غذاء أعلى في حياته المتولدة عنه ‪ ،‬فال يزال في العالم األدنى يرتقي في أطوار‬
‫العالم أغذية وحياة ‪ ،‬حتى ينتهي إلى الغذاء األول الذي هو غذاء األغذية ‪ :‬وهي الذات‬
‫المطلقة ‪ ( “ . . .‬مواقع النجوم ص ‪.. ) 121‬‬
‫****‬
‫‪- 481‬غروب ‪ -‬المغرب‬
‫انظر “ شروق "‪.‬‬
‫****‬
‫‪ - 482‬غربة‬
‫انظر مقدمة المعجم ‪ “ :‬معراج المصطلح “‬
‫((‪ “ - 4‬معراج “ الكلمة ‪ :‬أنّى نجد معنى محددا مصطلحا في نظام فكري كل ما فيه‬
‫يتحرك ‪ ،‬يعرج ‪ .‬فالكلمة ال ترتاح عنده في تحديد واحد وانما تتعدد في تيار يلونها‬
‫بألوان متعددة ‪ ،‬كل لون هو مرحلة من مراحل التجربة ‪ .‬نشبه حركة الكلمة عنده‬
‫بالمعراج ‪ ،‬انسجاما مع دراستنا الصوفية ‪ ،‬وان كان األجدر ان نقول “ جدلية‬
‫“ الكلمة ‪ .‬فالكلمة “ تعرج “ من مضمون أدنى إلى مضمون ارقى ‪ ،‬ثم إلى مضمون‬
‫أعلى ‪ . .‬ال تستقر في مضمون بل تتركه دوما إلى مضمون أعلى دون ان تصل‬
‫ابدا ‪ . .‬كل ذلك بديناميكية جدلية خاصة ‪ ،‬تلتقط في كل مضمون ما يحمله في حناياه ‪،‬‬
‫من بذور إلغائه ‪ .‬وهكذا إلى ما ال نهاية ألنه ‪ “ :‬ليس للترقي انتهاء “ ‪.‬‬
‫ويشير الشيخ ابن العربي إلى موقفه هذا بأنه يتكلم ‪ “ :‬بلسان أعلى من لسان “ ‪.‬‬
‫ونورد لذلك مثال بسيطا ‪ ،‬نلمس فيه ديناميكية الكلمة في ترقيها بالمضامين ‪ ،‬ونختار‬
‫كلمة لم تبتدعها عبقرية الشيخ ابن العربي ‪ .‬وان كانت لغته قد دمغتها ‪ :‬الغربة ‪.‬‬
‫حيث نالحظ انها في معناها األول تقارب المفهوم العادي لطائفة المتصوفة ‪،‬‬
‫اما في معناها الثاني فقد لبست خلعة مقام ارقى ‪.‬‬
‫وفي المعنى الثالث تطوعت لتالئم تفكير الشيخ ابن العربي في وحدة الوجود ‪.‬‬
‫المعنى األول ‪ “ :‬مفارقة الوطن في طلب المقصود “ ( ف ‪) 527 / 2‬‬
‫َّللا “ ( ف ‪) 528 / 2‬‬
‫“ يطلبون بالغربة وجود قلوبهم مع ّ‬
‫المعنى الثاني ‪ “ :‬واما غربة العارفين ‪ . . .‬فهي مفارقتهم إلمكانهم ‪ ،‬فان الممكن‬
‫وطنه ‪ :‬اإلمكان “ ( ف ‪ “ . ) 528 / 2‬موطن الممكن ‪ :‬العدم أوال ‪ ،‬وهو وطنه‬
‫الحقيقي ‪ ،‬فإذا اتصف بالوجود فقد اغترب عن وطنه “ ( ف ‪. ) 529 / 2‬‬

‫‪843‬‬
‫“ ‪“ 844‬‬
‫المعنى الثالث ‪ “ :‬اما العارفون المكملون فليس عندهم غربة أصال ‪ ،‬وانهم أعيان ثابتة‬
‫في أماكنهم لم يبرحوا عن وطنهم [ االمكان ] ‪ ،‬ولما كان الحق مرآة لهم ‪ ،‬ظهرت‬
‫صورهم فيه ‪ ،‬ظهور الصور في المرآة ‪ . . .‬هم [ العارفون المكملون ] أهل شهود في‬
‫وجود ‪ . . .‬فمرتبة الغربة ليست من منازل الرجال ‪ . . .‬والغربة عند العلماء‬
‫بالحقائق ‪ . . .‬غير موجودة وال واقعة ‪ ( “ . . .‬ف ‪. )) . ) 529 / 2‬‬
‫*****‬
‫‪ – 483‬الغراب‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫سو ٌد “‬‫يب ُ‬ ‫“ الغراب معروف ‪ ،‬وسمي بذلك لسواده ومنه قوله تعالى” َوغَرابِّ ُ‬
‫َّللا عليه وسلم )‬ ‫هما لفظان بمعنى واحد ‪ .‬ومن أحاديث راشد بن سعد ان النبي ( صلى ّ‬
‫سره راشد بن سعد بالذي يخضب‬ ‫َّللا تعالى يبغض الشيخ الغربيب ‪ .‬ف ّ‬
‫قال ‪ :‬ان ّ‬
‫بالسواد ‪.‬‬
‫جمعه غربان واغربة واغرب وغرابين وغرب ‪ . . .‬وكنيته أبو حاتم وأبو جحادف أبو‬
‫الجراح ‪ ( 1 “ . . .‬حياة الحيوان ‪ .‬الدميري ج ‪ 2‬ص ‪. ) 189‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫غرابا ً يَ ْب َح ُ‬
‫ث فِّي‬ ‫َّللاُ ُ‬
‫ث َّ‬ ‫الغراب هو الطائر المشار اليه في المعنى اللغوي السابق ”‪ :‬فَبَعَ َ‬
‫ض “( ‪. ) 31 / 5‬‬ ‫ْاأل َ ْر ِّ‬

‫عند ابن العربي ‪2‬‬


‫ان دفق شعرية ابن العربي تتسرب إلى كل األشياء ‪ :‬غيم ‪ ،‬نجم ‪ ،‬شجر ‪ ،‬طير ‪،‬‬
‫حيوان ‪ . . .‬وتقتبسها ‪.‬‬
‫فإلى جانب ذلك العدد الكبير من مصطلحاته الصوفية والفلسفية الخاصة ‪ ،‬يتبنى الغيم‬
‫والنجم والطير والشجر ‪ . . .‬كنايات ‪.‬‬
‫جرد‬
‫ولكن هذه الكنايات لم يتخذها اعتباطا وال اصطالحا محضا ‪ ،‬بل في الواقع لقد ّ‬
‫هذه األشياء من كينونتها وجعلها صفات ‪.‬‬
‫فالغراب مثال لم يعد طائرا ‪ ،‬بل إشارة إلى السواد والغربة ‪.‬‬
‫ومن ناحية ثانية ‪ ،‬يتميز الجسم الكل في فلسفته بهاتين الصفتين ‪ :‬اذن الغراب كناية‬
‫عن الجسم الكل ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ الغراب ‪ :‬الجسم الكل “ ( االصطالحات ص ‪. ) 293‬‬
‫“ فقام الغراب وقال ‪ :‬أنا هيكل األنوار ‪ . . .‬ومحل الكيف والكم ‪ . . .‬وأنا الرئيس‬
‫المروس ولي الحس والمحسوس ‪ ،‬بي ظهرت الرسوم ‪ ،‬ومني قام عالم الجسوم ‪ ،‬أنا‬
‫أصل االشكال وبمراتب صوري تضرب األمثال ‪ . . .‬انا صورة‬

‫‪844‬‬
‫“ ‪“ 845‬‬
‫ي صح االستواء ‪ ،‬وعني كنى بالمستوى ‪ ،‬وانا الالحق الذي ال‬ ‫الفلك ومحل الملك ‪ ،‬عل ّ‬
‫ألحق ‪ ،‬كما العقاب ‪ 3‬السابق الذي ال يسبق ‪ ،‬هو األول وانا اآلخر ‪ ، 4‬وله الباطن‬
‫عزه وكونه “ ‪ ( . . .‬رسالة‬ ‫ولي الظاهر ‪ ، 5‬قسم الوجود بيني وبينه وانا أظهرت ّ‬
‫االتحاد الكوني ق ق ‪ 146‬ب ‪ 147 -‬أ ) ‪.‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يراجع بشأن الغراب ‪ .‬حياة الحيوان الكبرى ‪ .‬كمال الدين الدميري ‪.‬‬
‫المطبعة العامرة ‪ 1292‬ه ‪ .‬ج ‪ 2‬ص ‪. 198 - 189‬‬
‫) ‪( 2‬ننقل تعريف “ الغراب “ من المراجع التالية ‪:‬‬
‫‪-‬تعريفات الجرجاني ص ‪ 167‬الغراب ‪:‬‬
‫“ الجسم الكل وهو أول صورة قبله الجوهر الهبائي وبه عم الخالء ‪ ،‬وهو امتداد‬
‫متوهم من غير جسم وحيث قبل الجسم الكل من االشكال االستدارة علم أن الخالء‬
‫مستدير ‪ ،‬ولما كان هذا الجسم أصل الصور الجسمية الغالب عليها غسق االمكان‬
‫وسواده ‪ ،‬فكان في غاية البعد من عالم القدس وحضرة األحدية يسمى بالغراب الذي‬
‫هو مثل في البعد والسواد ‪“ .‬‬
‫‪-‬لطائف االعالم ورقة ‪ 137‬ب ‪:‬‬
‫“ الغراب هو الجسم الكلي يسمى بذلك اشتقاقا من الغربة فإنه موضع غربة النفوس‬
‫عن عالمها القدسي ‪ ،‬والغراب مشهور بالبعد والغربة وهو ينعق بين ورق الحمام وهي‬
‫النفوس ‪“ .‬‬
‫‪-‬جامع األصول ‪ .‬الكمشخانوي ص ‪: 65‬‬
‫“ الغراب ‪ :‬هو كناية عن الجسم الكلي لكونه في غاية البعد من عالم القدس والحضرة‬
‫األحدية ‪ ،‬ولخلوه عن االدراك والنورانية ‪ ،‬سمي بالغراب الذي هو مثل في البعد‬
‫والسواد ‪“ .‬‬
‫) ‪( 3‬انظر “ عقاب “‬
‫) ‪( 4‬انظر “ أول ‪ -‬آخر “‬
‫) ‪( 5‬راجع “ ظاهر ‪ -‬باطن “ ‪.‬‬
‫****‬
‫‪ - 484‬غراب البين‬
‫“ غراب البين “ عبارة استعملها ابن العربي في سياق شعري [ كتاب “ ترجمان‬
‫األشواق “ ] ‪ ،‬متأثرا بمح ّمالت صورة “ الغراب “ ليشير ‪:‬‬
‫‪-‬إما إلى المراكب ‪ ،‬اي اإلبل التي تحمل أحبابه بعيدا عنه ‪.‬‬
‫[ لست أنسى إذ حدا الحادي بهم *** يطلب البين ويبغي إال برقا‬
‫َّللا غرابا نعقا‬
‫نعقت أغربة البين بهم *** ال رعى ّ‬
‫ما غراب البين إال جمل *** سار باألحباب نصا عنقا (محاضرة األبرار ومسامرة‬
‫األخيار)]‬
‫‪-‬وإما إلى لطائف الهمم ‪ ،‬التي ترتحل بالعبد المحقق عن مواطن وجوده إلى تقريب‬
‫شهوده ‪.‬‬

‫‪845‬‬
‫“ ‪“ 846‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬ليس “ غراب البين “ طائرا يطير باالحباب ‪ ،‬وانما حمولتهم التي تحملهم عنا‬
‫هي اغربة البين ‪ ،‬وهي في الحسن [ الحس ] المراكب التي هي اإلبل وأشباهها ‪.‬‬
‫وفي لطائف الهمم التي ترتحل بالعبد المحقق عن موطن وجوده إلى تقريب شهوده ‪.‬‬
‫فلو عاينت سير اللطائف االنسانية على نجائب الهمم ‪ ،‬وهي تخترق سرادق الغيوب ‪،‬‬
‫وتقطع مفازات الكيان لرأيت عجبا ‪.‬‬
‫ولهذا قال العارف ‪ :‬والهمم للوصول ‪ .‬اي ان عليها يوصل إلى المطلوب ‪. . .‬‬
‫“( ترجمان األشواق ص ‪. ) 61‬‬
‫****‬
‫‪ – 485‬غفر‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الغين والفاء والراء عظم بابه الستر ‪ ،‬ثم يشذّ عنه ما يذكر ‪.‬‬
‫فالغفر ‪ :‬الستر ‪.‬‬
‫َّللا ذنبه غفرا ومغفرة وغفرانا ‪ ( “ . . .‬معجم‬
‫والغفران والغفر بمعنى يقال ‪ :‬غفر ّ‬
‫مقاييس اللغة مادة “ غفر “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫ورد األصل غفر في القرآن بصيغة الفعل ‪ ،‬فاعله الحق فهو وحده الغفور والغفار ‪.‬‬
‫ويقع هذا الفعل على الذنب ‪ ،‬وبذلك يتضمن فعل المغفرة الرحمة والعفو ‪ ،‬مبنيا على‬
‫طلب المذنب المغفرة ( االستغفار ) ‪.‬‬
‫وكل ذلك من باب الستر ‪ ( .‬انظر المعنى اللغوي ) ‪.‬‬

‫َّللا يَ ْغ ِّف ُر الذُّنُ َ‬


‫وب َج ِّميعا ً ) ‪“( 39 / 53‬‬ ‫طوا ِّم ْن َر ْح َم ِّة َّ ِّ‬
‫َّللا ِّإ َّن َّ َ‬ ‫( أ ) قال تعالى ‪ ” :‬ال ت َ ْقنَ ُ‬
‫ور َر ِّحي ٌم “( ‪. ) 218 / 2‬‬‫غف ُ ٌ‬‫َّللاُ َ‬ ‫ت َّ ِّ‬
‫َّللا َو َّ‬ ‫( ب ) قال تعالى ‪ ” :‬أُولئِّ َك يَ ْر ُجونَ َر ْح َم َ‬
‫ور ‪“( 22 / 60 ) .‬‬ ‫غف ُ ٌ‬ ‫َّللا لَعَفُ ٌّو َ‬
‫قال تعالى ‪ِّ ” :‬إ َّن َّ َ‬
‫س ِّبّ ْح ِّب َح ْم ِّد َر ِّبّ َك َوا ْست َ ْغ ِّف ْرهُ ِّإنَّهُ كانَ ت َ َّوابا ً‪“( 110 / 3 ) .‬‬
‫( ج ) قال تعالى ‪ ” :‬فَ َ‬

‫‪846‬‬
‫“ ‪“ 847‬‬
‫عند ابن العربي‬
‫لقد تقيد ابن العربي بالمعنى اللغوي حرفيا لألصل غفر [ الغفر ‪ -‬الستر ] في مقابل‬
‫الكشف والشهود ‪.‬‬

‫يقول ‪:‬‬
‫) ‪ ( 1‬قال تعالى ‪َ ” :‬و ِّإ ْن ت َ ْغ ِّف ْر لَ ُه ْم “[ ‪ ] 118 / 5‬اي تسترهم عن ايقاع العذاب الذي‬
‫يستحقونه بمخالفتهم ‪ ،‬اي تجعل لهم غفرا يسترهم عن ذلك ويمنعهم منه ‪“ .‬‬
‫( فصوص ‪. ) 149 / 1‬‬
‫“ مثل قوله ‪ :‬افعل ما شئت فقد غفرت لك ‪ ،‬اي سترت نفسي عنك من اجلك ‪ .‬فال‬
‫تؤاخذك إذا آخذت غيرك بذلك ‪ ،‬لما سبقت لك عندي من العناية ‪ ،‬فقدّم المغفرة للذنب‬
‫قبل وقوع الذنب ‪ ،‬وهو قوله ‪َ ”:‬وما تَأ َ َّخ َر “[ ‪. ] 2 / 48‬‬
‫فيأتي الذنب مغفورا اي مستورا ‪ ،‬اي بحجاب بينه وبين من يقع منه فال يؤثر فيه‬
‫حكمه ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 145 / 4‬‬
‫غفُورا ً َر ِّحيما ً* “ [‪ ] / 5 . . 33 ، 25 / 70‬غفورا أي يستر ‪،‬‬ ‫َّللاُ َ‬‫قال تعالى ‪َ ”:‬وكانَ َّ‬
‫رحيما بذلك الستر “ ( ف ‪. ) 352 / 3‬‬

‫) ‪ “ ( 2‬دعاهم [ دعا نوح قومه ] ليغفر لهم ‪ ، 1‬ال ليكشف لهم‪. . .‬‬
‫لذلك ” َجعَلُوا أَصا ِّبعَ ُه ْم فِّي آذانِّ ِّه ْم َوا ْست َ ْغش َْوا ثِّيابَ ُه ْم “ ] ‪[ 71 / 7‬‬
‫وهذه كلها صورة الستر التي دعاهم إليها فأجابوا دعوته بالفعل “ ‪ ( . . .‬فصوص ‪/ 1‬‬
‫‪. ) 71‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يراجع بشأن “ غفر “ عند ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬الفصوص ج ‪ 1‬ص ‪ ، 74‬ج ‪ 2‬ص ‪، 38‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪، 309‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪، 155 ، 107‬‬

‫‪847‬‬
‫“ ‪“ 848‬‬

‫‪ – 486‬الغوث‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الغين والواو والثاء كلمة واحدة ‪ ،‬وهي الغوث من اإلغاثة ‪ ،‬وهي اإلعانة والنصرة‬
‫عند الشدة ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة مادة “ غوث “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫ورد األصل “ غوث “ بصيغة الفعل ولم يرد اسما وذلك بالمعنى اللغوي السابق ‪:‬‬
‫قال تعالى ‪ِّ ” :‬إ ْذ ت َ ْست َ ِّغيثُونَ َربَّ ُك ْم فَا ْست َ َ‬
‫جاب لَ ُك ْم “( ‪.) 9/ 81‬‬

‫عند ابن العربي ‪:‬‬


‫انظر “ قطب "‪.‬‬
‫****‬
‫‪ – 487‬الغيب‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الغين والياء والباء أصل صحيح يدل على تستر الشيء عن العيون ‪ ،‬ثم يقاس من‬
‫َّللا ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة مادة “ غيب‬
‫ذلك الغيب ‪ :‬ما غاب ‪ ،‬مما ال يعلمه اال ّ‬
‫“)‪.‬‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫يظهر اللفظ “ غيب “ في القرآن بصورة مجملة ‪ ،‬وان ارتدى ثوب االصطالح اللغوي‬
‫‪ ،‬اال ان سياقه الموحى بشيوع استعماله حصره في دائرة النسب واإلضافات ‪ ،‬فلم‬
‫يصل إلى ح ّد ذاتي له ‪.‬‬

‫وتجلى دون تكثيف اصطالحي ‪ ،‬وهذه البساطة الحدية ظلت واضحة في نصوص‬
‫صوفية القرون األولى للهجرة‪.‬‬

‫‪848‬‬
‫“ ‪“ 849‬‬

‫ويمكن تلخيص كل النقاط التي سترد بالجملة التالية ‪ :‬الغيب هو ستر ‪ 1‬مكاني ‪2‬‬
‫وزماني ‪. 3‬‬
‫( أ ) الغيب ‪ -‬ما يكون ‪:4‬‬
‫ض ‪“( 16 / 77 ) .‬‬ ‫ت َو ْاأل َ ْر ِّ‬ ‫سماوا ِّ‬ ‫ْب ال َّ‬ ‫غي ُ‬ ‫ّلل َ‬ ‫قال تعالى ‪َ ” :‬و ِّ َّ ِّ‬
‫ويظهر “ غيب الساعة “ خير مثال على الغيب بهذا المعنى ‪.‬‬
‫ع ِّة أَيَّانَ ُم ْرساها قُ ْل ِّإنَّما ِّع ْل ُمها ِّع ْن َد َر ِّبّي“ ( ‪/7‬‬ ‫سا َ‬‫ع ِّن ال َّ‬ ‫قال تعالى ‪ " :‬يَ ْسئَلُون ََك َ‬
‫‪. )187‬‬
‫باء ْالغَ ْي ِّ‬
‫ب نُ ِّ‬
‫وحي ِّه‬ ‫( ب ) الغيب ‪ -‬البطون والستر في مقابل الظهور والشهادة” ذ ِّل َك ِّم ْن أ َ ْن ِّ‬
‫إِّلَي َْك “‪. ) 102 / 12 ( 5‬‬
‫ب “‪.)11 / 36 ( 6‬‬ ‫الر ْحمنَ بِّ ْالغَ ْي ِّ‬ ‫قال تعالى ‪ِّ ” :‬إنَّما ت ُ ْنذ ُِّر َم ِّن اتَّبَ َع ال ِّذّ ْك َر َو َخ ِّش َ‬
‫ي َّ‬
‫يز ْال َح ِّكي ُم “( ‪. ) 18/ 64‬‬ ‫شها َدةِّ ْالعَ ِّز ُ‬ ‫ب َوال َّ‬ ‫قال تعالى ‪ " :‬عا ِّل ُم ْالغَ ْي ِّ‬
‫( ج ) الغيب ‪ -‬القرآن ‪.‬‬
‫صالة َ ‪“( 2 / 3 ) .‬‬ ‫ب َويُ ِّقي ُمونَ ال َّ‬ ‫قال تعالى ‪ ” :‬الَّذِّينَ يُؤْ ِّمنُونَ ِّب ْالغَ ْي ِّ‬

‫يفسر مقاتل الغيب في هذه اآلية بالقرآن ‪،‬‬


‫ويكون معناها قال تعالى ‪ “ :‬الذين يؤمنون بالقرآن “ ‪7‬‬
‫ولعل السبب الذي دفع مقاتل إلى تفسير الغيب بالقرآن ‪ ،‬قوله تعالى ‪ ”:‬ذ ِّل َك ِّم ْن أ َ ْن ِّ‬
‫باء‬
‫وحي ِّه ِّإلَي َْك “(‪) 102/ 12‬‬ ‫ْالغَ ْي ِّ‬
‫ب نُ ِّ‬
‫‪.‬‬
‫( د ) وتجدر المالحظة ان التنزيل العزيز لم يطلق على الحق لفظ الغيب فال نجد آية‬
‫َّللا غيب ‪ ،‬بل له الغيب وهو عالم الغيب ‪.‬‬ ‫تفيد ‪ :‬ان ّ‬

‫عند ابن العربي ‪:‬‬


‫*لم يخلص ابتكار الشيخ األكبر من كبوة في مزالق النظرة العامة الكالسيكية إلى‬
‫الغيب ‪ .‬وهذا ما يحدث في غالب المصطلحات التي لم يبتدعها بل كساها من تفكيره‬
‫حلة ‪.‬‬
‫إذ انه على الرغم من التفرد بمضمون يميزه ال يسلم من استعماالت شاعت وتركزت‬
‫بمفاهيم عامة ‪. 8‬‬
‫ولذلك نشعر من إشاراته إلى الغيب انه يقصد به ‪ :‬القرآن ‪ ،‬وما يكون ‪. 9‬‬

‫يقول‪:‬‬

‫‪849‬‬
‫“ ‪“ 850‬‬

‫َّللا عليه وسلم ) يستمد من الفيض االقدس ‪ 10‬االعلى ‪ ،‬ويمد العالم ‪11‬‬
‫“ وهو ( صلى ّ‬
‫أجمع ‪ ،‬ألنه الرسول المنبأ باسرار الغيب ‪ ( “ . . .‬تذكرة الخواص فقرة ‪. ) 54‬‬

‫َّللا تعالى اآلدمي ‪ . . .‬ور ّكب سبحانه في رأسه عينين واذنين يبصر ويسمع‬ ‫“ خلق ّ‬
‫ظاهر األشياء ‪ ،‬وجعل في الصدر بضعة لها عينان واذنان باطنان نافذان إلى الغيب ‪،‬‬
‫ب‬‫وسماها قلبا وفؤادا ‪ . . .‬والعينان على الفؤاد ‪ ،‬والرؤية له لقوله تعالى ‪ ”:‬ما َكذَ َ‬
‫ْالفُؤا ُد ما َرأى “ ] ‪ ( “[ 53 / 11‬تذكرة الخواص فقرة ‪. ) 64‬‬

‫َّللا‬
‫َّللا عنه ] لربه ‪ 12‬قال النبي ( صلى ّ‬ ‫“ ‪ . . .‬ولما كثرت موافقته [ عمر رضي ّ‬
‫عليه وسلم ) ان عمر لمحدث ‪ ،‬وكأنما ينظر إلى الغيب من ستر ‪ 13‬رقيق ‪ :‬وقال‬
‫َّللا عليه وسلم ) انه كان في األمم السالفة مكلمون ومحدثون وليسوا أنبياء وان‬ ‫( صلى ّ‬
‫يكن في أمتي فعمر ‪ ( “ 14‬تذكرة الخواص فقرة ‪. ) 112‬‬
‫****‬
‫يفرق ابن العربي بين الغيب والمغيب ‪ ،‬ويجعلهما كالستر والمستور أو كالباب والدار ‪.‬‬
‫فليس الباب الدار نفسه ‪ ،‬وليس الغيب المغيب نفسه ‪.‬‬
‫فالغيب ماهية محددة متميزة ‪.‬‬
‫والغيب صفة أو مجموعة صفات مشتركة بين ماهيات متباينة مختلفة متباعدة ‪.‬‬
‫فالغيب صفة عالم ضم ماهيات غير متجانسة ‪ ،‬غيابها وسترها عن الخلق يجعلها‬
‫بالنسبة لهم غيبا ‪.‬‬
‫ونعطي لذلك مثال ‪ :‬عالم الشهادة ‪ ،‬انه يضم اشخاص ماهيات متباينة ‪:‬‬
‫انسان ‪ -‬حيوان ‪ -‬نبات ‪. . .‬‬
‫يجمعها صفة كونها مشهودة لنا ‪ ،‬فلذلك انتسبت إلى عالم الشهادة ‪ ،‬كذا في عالم الغيب‬
‫‪. 15‬‬
‫والخصائص التي إن اجتمعت لشيء أصبح غيبا هي ‪ :‬كل ما غاب من العالم عن العالم‬
‫‪ -‬وكل ما ال يمكن ان يدركه الحس ‪.‬‬
‫ولكن الجميع بالنسبة إلى الحق شهادة ‪ ،‬فالغيب ليس صفة ذاتية للمغيب بل هو في‬
‫الواقع نسبة ستره عن الخلق ‪.‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫) ‪ “ ( 1‬فالغيب حجاب كالباب وكالستر ‪ ،‬ليس الباب نفس الدار وليس الستر نفس‬
‫المستور ‪ ( “ . . .‬مفتاح الغيب ق ‪. ) 79‬‬
‫َّللا العالم جعل له ظاهرا وباطنا ‪ ،‬وجعل منه غيبا وشهادة لنفس‬
‫) ‪ “ ( 2‬لما خلق ّ‬

‫‪850‬‬
‫“ ‪“ 851‬‬

‫العالم ‪ ،‬فما غاب من العالم عن العالم فهو الغيب ‪ .‬وما شاهد العالم من العالم فهو‬
‫شهادة ‪ .‬وكله ّّلل شهادة وظاهر ‪.‬‬
‫فجعل القلب من ‪ 16‬عالم الغيب وجعل الوجه من عالم الشهادة “ ( ف ‪. ) 303 / 3‬‬
‫ع َّال ُم ْالغُيُو ِّ‬
‫ب“ [ التوبة ‪. . . ] 78 /‬‬ ‫قال تعالى ‪ ”:‬أ َ َّن َّ َ‬
‫َّللا َ‬
‫فهو سبحانه المنفرد بادراك الغيب والغيب ضد الحضور ‪.‬‬
‫َّللا ليطلعكم على الغيب ‪ [ ،‬آل عمران ‪ ، ] 179 /‬ألنه ليس في طاقة المخلوق‬ ‫وما كان ّ‬
‫ذلك االدراك ‪ ،‬فإذا اطلعه على ما غاب عنه أوجده له فلم يكن غائبا “ ‪ ( . . .‬التذكرة‬
‫فق ‪. ) 44 - 43‬‬

‫) ‪ “( 3‬والعالم عالمان ‪ ،‬ما ث ّم ثالث ‪:‬‬


‫عالم يدركه الحس وهو المعبر عنه بالشهادة ‪ ،‬وعالم ال يدركه الحس وهو المعبر عنه‬
‫بعالم الغيب ‪ ،‬فإن كان مغيبا في وقت وظهر في وقت للحس فال يسمى ذلك غيبا ‪،‬‬
‫وانما الغيب ‪:‬ما ال يمكن ان يدركه الحس لكن يعلم بالعقل ‪ ،‬اما بالدليل القاطع واما‬
‫بالخبر الصادق ‪ ( “ . . . 17‬ف ‪. ) 78 / 3‬‬
‫“ إذ لو أدرك الغيب ما كان غيبا “ ‪ ( .‬ف ‪. ) 218 / 2‬‬

‫نالحظ من نصوص المعنى السابق ‪ ،‬أن ابن العربي نظر إلى الغيب على أنه ستر على‬
‫المغيب ‪ ،‬ولكن ال نلبث في نصوص أخرى ان نرى انه يجعله سر المغيب ‪.‬‬
‫وكأني به قلب الصورة األولى جاعال المغيب سترا على الغيب ‪ ،‬أي سترا على غيبه‬
‫هو ‪.‬‬
‫وها هو في الفص التاسع عشر من فصوص الحكم يبحث بوجه عام عالم الغيب ‪،‬‬
‫ويرمز اليه بالماء من حيث إنه سر الحياة ‪.‬‬
‫وقد خص الكلمة األيوبية لورود اسم الماء في ذكرها القرآني ‪ 18‬بالحكمة الغيبية ‪.‬‬

‫يقول ‪:‬‬
‫“ [ العنوان ] فص حكمة غيبية في كلمة ايوبية ‪:‬‬
‫اعلم أن سر الحياة سرى في الماء فهو أصل العناصر ‪“ . 19‬‬

‫استعمل ابن العربي لفظ الغيب بمعنى الباطن في مقابل الشهادة ( الظاهر )‪:‬‬

‫‪851‬‬
‫“ ‪“ 852‬‬

‫وهو بذلك يجعل الغيب عين الشهادة ‪ .‬يقول ‪:‬‬


‫“ ‪ . . .‬األلوهية غيبا في االنسان فشهادته إنسان وغيبه إله ‪ ( “ . . .‬الجاللة ص ‪. ) 5‬‬
‫َّللا في الوجود بين غيب وشهادة ‪ ،‬وظاهر وباطن ‪ ،‬وأول وآخر‬ ‫“ ‪ . . .‬ان العالم قسمه ّ‬
‫‪ ،‬فجعل الباطن واآلخر والغيب نمطا واحدا ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 405/ 3‬‬

‫ولعل من أجمل ما كتبه في الغيب والشهادة ‪ ،‬تلك التعريفات التي يعطيها للواصل‬
‫والمشاهد والعارف والمحب ‪. . .‬‬
‫تعريفات يعطيها من خالل مواقفهم من الظاهر والباطن ‪ ،‬وهذا يدل على غناه الفكري‬
‫واللغوي ‪ ،‬وعلى عمقه وابداعه ‪ .‬وننقل النص على طوله لجماله ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ الواصل هو الذي اتصل غيبه بشهادته حتى صار شيئا واحدا ‪ ،‬والمشاهد هو الذي‬
‫شهد بعينه غيبه وشهادته ‪.‬‬
‫والعارف هو الذي عرف شهادته وغيبه ‪ ،‬واعطى كل ذي حق حقه ‪.‬‬
‫والمحب هو الذي أحب ما احتجب عنه وهو غيبه ‪.‬‬

‫والكامل هو الذي شهد في الغيب الشهادة وفي الشهادة الغيب ‪.‬‬


‫والسالك هو الذي سافر من شهادته إلى غيبه ‪.‬‬
‫والمكاشف هو الذي استوى غيبه وشهادته في اللطافة ‪.‬‬
‫والمتصرف هو الذي غلب غيبه على شهادته ‪.‬‬
‫ّ‬
‫والفاني هو الذي غلب عليه الغيب على الشهادة ‪.‬‬
‫والمو ّحد هو الذي ال غيب له وال شهادة ‪.‬‬
‫والمحجوب هو الذي وقف مع الشهادة عن الغيب ‪.‬‬
‫واعلم أن الغيب هو الحق ‪ 20‬والشهادة هي الخلق ‪.‬‬
‫الغيب هو هويتك والشهادة هي انانيتك ‪ ،‬الغيب هو باطنك والشهادة هي ظاهرك ‪،‬‬
‫الغيب هو عالم االمر والشهادة هي عالم الخلق والمعنى واحد ‪ ( “ . . .‬رسالة الحكم‬
‫ص ‪. ) 12 - 11‬‬
‫انظر “ أول ‪ -‬آخر “ “ ظاهر ‪ -‬باطن “‬
‫****‬
‫بعد ما تلمسنا عالم غيب ابن العربي من خالل الصفات والخصائص تتجمع هذه‬
‫الصفات لتكون عوالم ‪ ،‬نتساءل ما هو عالم الغيب في سلم عوالمه ؟‬
‫يقسم الغيب إلى قسمين ‪:‬‬
‫الغيب المطلق أو الغيب االقدس ‪ ،‬وهو ال يدرك ابدا وليس إال هويّة الحق ‪.‬‬
‫وغيب إضافي امكاني يخرج منه المغيب إلى‬

‫‪852‬‬
‫“ ‪“ 853‬‬

‫الظهور والشهادة ‪ ،‬وليس اال عالم الثبوت عنده ‪.‬‬


‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫) ‪ “ ( 1‬ان الغيب على قسمين ‪:‬‬
‫غيب ال يعلم ابدا وليس اال هوية الحق ونسبته الينا فهذا غيب ال يمكن وال يعلم ابدا ‪.‬‬
‫والقسم اآلخر غيب إضافي فما هو مشهود الحد قد يكون غيبا آلخر ‪ ،‬فما في الوجود‬
‫غيب أصال ال يشهده أحد ‪ ،‬وأدقه ‪ :‬ان يشهد الموجود نفسه الذي هو غيب عن كل أحد‬
‫سوى نفسه ‪ ،‬فما ث ّم غيب اال وهو مشهود في حال غيبته عمن ليس بمشاهد له ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ‪. ) 128/ 4‬‬
‫) ‪ ( 2‬الغيب المطلق ‪ -‬هوية الحق ‪. 21‬‬
‫َّللا هو الغيب المطلق ‪ ( “ . . .‬الجاللة ص ‪. ) 3‬‬ ‫“ ّ‬
‫سمت ال تسوق اال طيبا ‪ ،‬فإنها تهب من الحضرة الذاتية من‬ ‫“ ‪ . . .‬فاألرواح إذا ن ّ‬
‫الغيب االقدس ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 392 / 2‬‬
‫) ‪ ( 3‬الغيب االمكاني ‪ -‬عالم الثبوت ‪. 22‬‬
‫“ ‪ . . .‬فكل معدوم العين ظاهر الحكم واألثر فهو على الحقيقة المعبر عنه بالغيب ‪،‬‬
‫فإنه من غاب في عينه فهو الغيب ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 397 / 3‬‬

‫َّللا تعالى ‪ ،‬مما‬


‫“ ان الغيب ظرف لعالم الشهادة ‪ ،‬وعالم الشهادة هنا كل موجود سوى ّ‬
‫وجد ولم يوجد أو وجد ثم رد إلى الغيب ‪. . .‬‬
‫وهو مشهود ّّلل تعالى ‪ ،‬ولهذا قلنا إنه عالم الشهادة ‪.‬‬
‫وَّللا يخرجها‬
‫وال يزال الحق سبحانه يخرج العالم من الغيب شيئا بعد شيء ‪ّ . . .‬‬
‫[ األجسام واالعراض ] من الغيب إلى شهادتها أنفسها ‪ ،‬فهو عالم الغيب والشهادة ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ‪. ) 11- 10 / 3‬‬

‫“ ‪ . . .‬مقام الغيب الذي خرج [ الممكن ] منه [ ‪ -‬عالم الثبوت أو عالم االمكان ] هو‬
‫الغيب االمكاني “ ( ف ‪. ) 78 / 3‬‬
‫“ فصارت [ المعدومات ] شهادة [ بظهورها في الحس ] بعد ما كانت غيبا [ في‬
‫ثبوتها ] ‪ ( “ . . .‬مفتاح الغيب ص ‪. ) 81‬‬
‫“ ‪ . . .‬أول نور برز من خدر الغيب ‪ 23‬من العلم ‪ 24‬إلى العين ‪ ،‬نور نبينا‬

‫‪853‬‬
‫“ ‪“ 854‬‬
‫َّللا عليه وسلم ) يعني ذاته النورانية الباطنة في عالم المعاني ‪. . .‬‬ ‫محمد ‪ ( 25‬صلى ّ‬
‫“ ( تذكرة الخواص فقرة ‪. ) 51‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬انه ستر بالنسبة لالنسان اما في الجناب اإللهي فالكل شهادة ‪.‬‬
‫) ‪( 2‬هو كل ما ال يدركه الحس ‪ :‬ذات الصدور ( ‪ - ) 38 / 3‬اليوم اآلخر وأحواله ‪-‬‬
‫الجنة ‪. . .‬‬
‫) ‪( 3‬اتخذ الغيب في القرآن ‪ ،‬معنى ‪ :‬ما سيكون ( مستقبل ‪ :‬الساعة ) ‪.‬‬
‫أو ‪ :‬ما كان ( الماضي القديم ) ‪ .‬وهذا سيظهر فيما يلي ‪.‬‬
‫) ‪( 4‬وهو المعنى الذي فهمه مقاتل بن سليمان من الغيب في مواضع عدة من‬
‫القرآن ‪ .‬ويرجع األب نويا جذور هذا االصطالح إلى مفردات كهان مشركي الجاهلية ‪.‬‬
‫انظر ) ‪ :Exegese coranique P . 38 - 39( 5‬تشعر تلك اآلية ان ما يظهره‬
‫الوحي من الغيب يصبح شهادة على حين يبقى ما ال يشمله الوحي غيبا ‪.‬‬
‫راجع ) ‪Mohamed . Gaudefroy - Demombynes P . 305( 6‬يقسم‬
‫التهانوي الغيب قسمين ‪ .‬واصفا غيب هذه اآلية في القسم الثاني يقول ‪:‬‬
‫“ الغيب ‪ . . .‬هو االمر الخفي الذي ال يدركه الحس وال يقتضيه بديهة العقل وهو‬
‫قسمان ‪:‬‬
‫قسم ال دليل عليه ال عقلي وال سمعي وهذا هو المعنى بقوله تعالى ”‪َ :‬و ِّع ْن َدهُ َمفاتِّ ُح‬
‫ب ال يَ ْعلَ ُمها ِّإ َّال ُه َو ‪ “( 6 / 59 ) .‬وقسم نصب عليه دليل عقلي أو سمعي‬ ‫ْالغَ ْي ِّ‬
‫كالصانع وصفاته واليوم اآلخر وأحواله وهو المراد بالغيب في قوله تعالى ‪ ”:‬الَّذِّينَ‬
‫ب “( ‪ / 3 ) “ ( 2‬الكشاف ج ‪ 5‬ص ‪. ) 109‬‬ ‫يُؤْ ِّمنُونَ ِّب ْالغَ ْي ِّ‬
‫) ‪( 7‬انظر ) ‪ -Exegese coranique P 39( 8‬ال نستطيع ان نضم الحالج إلى‬
‫التصوف الكالسيكي بل يعد بحق أول من فتح أبواب المطلق امام الصوفية ‪ ،‬وخطا في‬
‫عوالم الكلمة بجرأة كان ثمنها حياته ‪.‬‬
‫فليراجع بخصوص “ غيب “ عنده ‪:‬‬
‫‪-‬السلمي حقائق التفسير ‪ :‬الفقرات ‪ ( 41‬غيب الهو ) ‪ ( 84 -‬غيب الغيب ‪ -‬عيان‬
‫َّللا ) ] ‪ ( 152 -‬غيب الهوية ‪) .‬‬ ‫العيان ) ‪ [ 108 -‬غيبه ( ّ‬
‫اخبار الحالج ‪ :‬المقاطع ‪ ( . 53 - 46 - 17 - 3 - 1 :‬لسان الغيب ) ‪ ( 64 -‬غيب‬
‫الهو ) ‪.‬‬
‫) ‪( 9‬راجع ‪ :‬معنى الغيب في القرآن عند مقاتل ‪:Exegese coranique P .‬‬
‫) ‪38 - 39( 10‬راجع “ الفيض االقدس ‪“ .‬‬
‫) ‪( 11‬راجع “ انسان كامل “ ووظائفه ‪.‬‬
‫َّللا عنه كان يقول القول ويشير بالرأي‬ ‫) ‪( 12‬ينوه ابن العربي إلى أن عمر رضي ّ‬
‫فينزل القرآن به ‪.‬‬
‫ي ٍ أ َ ْن‬ ‫وخص بالذكر ثالث آيات أولها ما أشار به في االسرى ونزول اآلية” ما كانَ ِّلنَبِّ ّ‬
‫ض “( األنفال ‪) 67 /‬‬ ‫يَ ُكونَ لَهُ أَسْرى َحتَّى يُثْ ِّخنَ فِّي ْاأل َ ْر ِّ‬
‫وثانيها ‪ :‬كثرة الحاحه على النبي في ضرب‬

‫‪854‬‬
‫“ ‪“ 855‬‬
‫الحجاب على نسائه ونزول آية الحجاب ( األحزاب ‪) 53 /‬‬
‫صلًّى “ ( البقرة‬
‫يم ُم َ‬ ‫وثالثها ‪ :‬طلبه الكعبة قبله ‪ .‬ونزول اآلية” َوات َّ ِّخذُوا ِّم ْن َم ِّ‬
‫قام ِّإبْرا ِّه َ‬
‫‪ . )125/‬راجع تذكرة الخواص فقرة ‪. 112‬‬

‫) ‪( 13‬فرق ابن العربي في هذا النص بين الغيب والستر وجعل الغيب هنا يقابل‬
‫المستور ‪ ،‬وهذه النظرة الماهوية إلى الغيب سرعان ما يتخلى عنها ليدعم نظرة‬
‫صفاتية نتبينها في المعنى الثاني التالي ‪.‬‬
‫) ‪( 14‬راجع فهرس األحاديث حديث رقم ‪( 35 ) .‬‬
‫) ‪( 15‬لم نعط المثال من عالم الغيب ‪ ،‬ألننا نتكلم عبر رؤيتنا البن العربي ‪،‬‬
‫ومضمون عالم الغيب عنده سوف نراه في الفقرة “ الخامسة “ فيما يلي ؛‬
‫) ‪( 16‬تظهر هذه الجملة ان الغيب ليس ماهية تقبل التحقق في افرادها بل هي صفات‬
‫مشتركة بين افراد متباينة ‪ .‬فالقلب مثال ال يطابق الغيب ولكن صفته تجعله في عالم‬
‫الغيب ‪.‬‬
‫) ‪( 17‬يرى ابن العربي الغيب هنا ما ال يمكن ان يدركه الحس وبالتالي ما ال يمكن‬
‫ان يكون في العالم المحسوس ‪ ،‬وبذلك فارق النظرة األولى التي جعلت من الغيب أسوة‬
‫بالتصوف السابق “ ما يكون “ ولكن هل يمكن ان يتحقق هذا الغيب ويدرك بغير الحس‬
‫؟ نعم العقل يدركه بالدليل أو بالخبر الصادق ‪.‬‬
‫وقد نستطيع ان نعطي مثاال على ذلك ‪ :‬االيمان بالبعث والنشور ‪ ،‬والجنة والنار‬
‫َّللا‬
‫َّللا صلى ّ‬ ‫وأحوالهما انه ايمان بالغيب ادركه العقل بالخبر الصادق ( اخبار رسول ّ‬
‫عليه وسلم ) وبالدليل القاطع ( الذي بدأ الخلق يستطيع ان يعيده ) ‪.‬‬
‫شي ُ‬
‫ْطان‬ ‫ي ال َّ‬ ‫ُّوب إِّ ْذ نادى َربَّهُ أ َ ِّنّي َم َّ‬
‫سنِّ َ‬ ‫ع ْب َدنا أَي َ‬‫) ‪( 18‬إشارة إلى اآليتين ‪َ ”:‬وا ْذ ُك ْر َ‬
‫َراب “( ص ‪. ) 42 / 41‬‬ ‫بار ٌد َوش ٌ‬ ‫س ٌل ِّ‬ ‫ار ُك ْ‬
‫ض بِّ ِّر ْج ِّل َك هذا ُم ْغت َ َ‬ ‫ب‪ْ .‬‬
‫عذا ٍ‬
‫ب َو َ‬ ‫بِّنُ ْ‬
‫ص ٍ‬
‫) ‪( 19‬راجع “ العنصر األعظم ‪“ .‬‬
‫) ‪( 20‬يقصد الغيب المطلق ‪ .‬انظر المعنى “ الخامس “ الفقرة “ ‪“ . 2‬‬
‫) ‪( 21‬راجع “ ثبوت ‪“ .‬‬
‫) ‪( 22‬يراجع بشأن الغيب بهذا المعنى ‪ :‬لطائف االعالم ق ق ‪ 147‬أ ‪- 147‬ب‬
‫( غيب الهوية ‪ -‬الغيب المطلق ‪ -‬الغيب المكنون ‪ -‬الغيب المصون ) ‪.‬‬
‫) ‪( 23‬يراجع بشأن “ غيب “ عند ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬االنسان الكلي ق ‪ 4‬أ ( غيب الغيب ) ‪.‬‬
‫‪-‬مفتاح الغيب ص ‪ ( 82‬اقسام الغيب بالنظر إلى المخلوقات )‬
‫‪-‬الجاللة ص ‪ ( 3‬غيب الغيب )‬
‫‪-‬رسالة الشيخ إلى اإلمام الرازي ( الغيب الذاتي ) ‪.‬‬
‫َّللا ‪ -‬عالم الثبوت ) ‪ ،‬ص ‪ ( 78‬الغيب المحالي ) ‪ .‬ص‬ ‫‪-‬ف ج ‪ 3‬ص ‪ ( 12‬غيب ّ‬
‫‪ ( 79‬الغيب الصحيح ) ‪ ،‬ص ‪ ( 279‬غيب االنسان ) ‪ ،‬ص ‪ ( 350‬الغيب ) ‪ ،‬ص‬
‫‪ ( 441‬غيب االنسان ‪ -‬باطنه ) ‪ ،‬ص ‪ ( 470‬الغيب ‪ -‬الثابت ) ص ‪( 488‬‬
‫الغيب ) ‪.‬‬

‫‪855‬‬
‫“ ‪“ 856‬‬

‫‪-‬ف ج ‪ 4‬ص ‪ ، 50‬ص ‪ ( 172‬غيب الطبع ) ‪ ( 443 ، 193 ،‬الحق ‪ -‬شهادة ‪،‬‬
‫الهو ‪ -‬غيب ) ‪.‬‬
‫‪-‬تذكرة الخواص ‪ ،‬فقرة ‪ ( 37‬قاموس غيب البحار ) فقرة ‪ ( 69‬غيب روح القدس )‬
‫فقرة ‪ ( 45‬مهود الغيب ‪ -‬مقصورة الغيب ‪ -‬علم الغيب ) فقرة ‪ ( 41‬بحر الغيب )‬
‫فقرة ‪ ، 52‬فقرة ‪ ( 57 ، 55‬خدر الغيب ) فق ‪ ، 59‬فق ‪ ( 62‬سر الغيب ) ‪ ،‬فق ‪69‬‬
‫( غيب روح القدس ) ‪ ( 88 ،‬مهود الغيب ) ‪ ،‬فق ‪ ( 159‬خزان الغيب ) ‪.‬‬
‫‪-‬منهاج التراجم مخطوط دار الكتب المصرية رقم ‪ 9‬مجاميع ق ‪ 143‬أ ‪ 143 -‬ب‬
‫( ترجمة الغيب )‬
‫‪-‬فصوص الحكم ج ‪ 1‬ص ‪ ( 74‬أهل الغيب ) ص ‪ ( 102‬الغيب المجهول ) ‪.‬‬
‫ج ‪ 2‬ص ‪ ( 109‬الغيب المجهول ‪ -‬عالم الثبوت ) ص ‪ ( 132‬الغيب ‪ -‬الذات‬
‫اإللهية ) ‪.‬‬

‫) ‪( 24‬الغيب بمقابلته العلم اإللهي مرادف الثبوت ‪ -‬انظر “ ثبوت ‪“ .‬‬


‫) ‪( 25‬راجع “ نور محمد “ “ الحقيقة المحمدية “ ‪.‬‬
‫****‬
‫‪ - 488‬الغيب األمكاني‬
‫مترادف ‪ :‬الغيب اإلضافي‬
‫انظر “ الغيب “ المعنى “ الخامس "‪.‬‬
‫****‬
‫‪ - 489‬غيب الغيب‬
‫تكمن براعة ابن العربي في استعمال عبارة غيب الغيب ‪ ،‬باللفظ األول منها ‪ ،‬وعلى‬
‫ذلك يكون لها معنيان قد يصالن إلى حد التناقض ‪:‬‬

‫يقابل ابن العربي عالمي الشهادة والغيب ‪ ،‬ويجعل كال منهما غيبا لآلخر ‪ ،‬من حيث‬
‫إنه ما غاب عن اآلخر ( انظر غيب المعنى “ الثاني “ ) ‪.‬‬

‫وحيث إن ‪ :‬عالم الغيب هو غيب الشهادة ‪،‬‬


‫اذن ‪ :‬عالم الشهادة هو غيب الغيب ‪،‬‬

‫يقول ‪:‬‬
‫“ عالم الشهادة غيب الغيب “ ( الجاللة ص ‪. ) 4‬‬
‫***‬

‫‪856‬‬
‫“ ‪“ 857‬‬

‫*يأخذ الغيب األول بمعنى سر ( راجع غيب المعنى “ الثالث “ ) ‪ ،‬وعلى ذلك يكون‬
‫معنى غيب الغيب على النقيض من الشهادة هو ‪ :‬بطون البطون ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ان هذا العنصر األعظم ‪ 1‬المخزون في غيب الغيب ‪ ( “ . . .‬االنسان الكلي ق‬
‫‪.)4‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬راجع “ العنصر األعظم "‪.‬‬
‫****‬
‫‪ - 490‬الغيب المطلق‬
‫مترادف ‪ :‬الغيب االقدس‬
‫انظر “ الغيب “ المعنى “ الخامس "‪.‬‬
‫****‬
‫‪ - 491‬الغيبة‬
‫*يستعمل ابن العربي مفرد “ الغيبة “ بالمضمون الذي سبقه اليه الصوفية ‪،‬‬
‫اي ‪ :‬غيبة القلب عن علم ما يجري من أحوال الخلق ‪ ،‬الشتغال الحس بما ورد عليه ‪،‬‬
‫ثم قد يغيب عن احساسه بنفسه وغيره بوارد قوي ‪ . . 1‬وهو من األحوال ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ومنهم [ الرجال ] من ينفّس الرحمن عنه ذلك الضيق بمشاهدته عالم الخيال ‪،‬‬
‫يستصحبه ذلك دائما ‪ . . .‬وال تكليف عليه ما دام في تلك الحال [ الغيبة ] ‪ :‬لغيبته عن‬
‫احساسه في الشاهد ‪ ( “ . . .‬ف السفر الرابع فق ‪. ) 318‬‬

‫“ وجميع ما ذكرناه يس ّمى األحوال والمقامات ‪ ،‬فالمقام ‪ ،‬كل صفة يجب الرسوخ فيها ‪،‬‬
‫وال يصح التنقل عنها ‪ ،‬كالتوبة ‪.‬‬
‫والحال منها كل صفة تكون فيها في وقت دون وقت ‪ ،‬كالسكر والمحو والغيبة والرضا‬
‫‪ ،‬أو يكون وجودها مشروطا بشرط‬

‫‪857‬‬
‫“ ‪“ 858‬‬
‫فتنعدم لعدم شرطها كالصبر مع البالء ‪ ،‬والشكر مع النعماء “ ( ف السفر األول ‪ -‬فق‬
‫‪. ) 96‬‬

‫الغيبة “ من المفردات التي تشكل حدا في عالقة جدلية مع مفرد آخر ‪ .‬فما هو هذا‬
‫المفرد اآلخر ؟ انه “ الحضور ‪“ .‬‬
‫الغيبة والحضور كالفناء والبقاء تماما [ راجع “ الفناء والبقاء ] “ معنيان متضايفان ‪،‬‬
‫إذ كلما كانت الغيبة كلية كان الحضور كليا ‪ .‬كلما غاب العبد عن الخلق كلما حضر مع‬
‫الحق ‪2‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫“ اال اني كنت في أوقات في حال غيبتي ‪ 3‬أشاهد ذاتي في النور األعم ‪ .‬والتجلي‬
‫ي عن الحركة ‪ ،‬بمعزل عن نفسي ‪. . .‬‬ ‫األعظم ‪ ،‬بالعرش العظيم ‪ ،‬يصلّى بها وانا عر ّ‬
‫“ ( ف السفر الرابع فق ‪. ) 114‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬انظر “ الرسالة القشيرية “ ص ‪ ، 38‬ويروي القشيري في الصفحة نفسها ان إذ‬
‫النون المصري بعث انسانا من أصحابه إلى أبي يزيد ليصف له حال أبي يزيد ‪.‬‬
‫فلما جاء الرجل إلى بسطام دخل عليه فقال له أبو يزيد ‪ :‬ما تريد ؟‬
‫فقال ‪ :‬أريد أبا يزيد ‪.‬‬
‫فقال ‪ :‬من أبو يزيد ‪ ،‬وأين أبو يزيد ‪ ،‬انا في طلب أبي يزيد ‪ ،‬فرجع الرجل وقال ‪ :‬هذا‬
‫مجنون ‪.‬‬
‫فبكى ذو النون وقال ‪:‬‬
‫َّللا ‪.‬‬
‫أخي أبو يزيد ‪ . .‬ذهب في الذاهبين إلى ّ‬
‫فهذا حال أبي يزيد ‪ ،‬ينطبق على مفهوم “ الغيبة “ عند الصوفية انها غيبة عن الخلق‬
‫وعن االحساس بالذاتية ‪ ،‬دون ان يمس االحساس نفسه والحضور ‪.‬‬
‫فاالنسان في الغيبة عنده حضور خاص ‪.‬‬
‫وقد فصل الكمشخانوي “ الغيبة “ متنقال معها في مراحلها من البدايات إلى النهايات ‪،‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ( الغيبة ) وهي ‪ . . .‬غيبة السالك عن رسوم العلم لقوة نور الكشف وصورتها في‬
‫البدايات الغيبة عن رسوم العادات ‪،‬‬
‫وفي األبواب ‪ :‬الغيبة عن تمتعات الدنيا ولذاتها والميل إلى زخارفها ومشتهياتها ‪،‬‬
‫وفي المعامالت ‪ :‬الغيبة عن الخلق وافعالهم والنظر إلى أمورهم وأقوالهم ‪،‬‬
‫وفي االخالق ‪ :‬الغيبة عن النفس وأهوائها وعن صفاتها ودواعيها وآرائها ‪،‬‬
‫وفي األصول ؛ الغيبة عن القصد عما سوى المقصود وقصر الهمة في السير على‬
‫سمت الورد المورود ‪،‬‬
‫وفي األودية ‪ :‬الغيبة عن ظلمات وألم النفس باالستغراق في نور القدس ‪،‬‬
‫وفي األحوال ‪ :‬الغيبة عما يجول بينه وبين المحبوب في تباريق تجلي المطلوب ‪،‬‬
‫ودرجتها في الحقائق ‪ :‬الغيبة عن األكوان واالمكان‬

‫‪858‬‬
‫“ ‪“ 859‬‬

‫بشهود نور األزل بالعيان ‪،‬‬


‫وفي النهايات ‪ :‬الغيبة عن الغيبة لسقوط التنويه من الحضرة “ ( جامع األصول ص‬
‫ص ‪. ) 211 - 210‬‬

‫) ‪( 2‬يقول الكمشخانوي في جامع األصول ص ‪: 181‬‬


‫“ واما الحضور فهو حضور العبد بالحق بعد غيبته عن الخلق وذلك بسبب استيالء‬
‫ذكر الحق على قلبه ودوامه فيه ‪ ،‬وقدر حضوره بالحق بقدر غيبته عن الخلق ‪ ،‬فإن‬
‫كان بالكلية كان حضوره كذلك ‪ .‬ثم يكون مكاشفا في حضوره على حسب رتبته بمعان‬
‫يخصه الحق بها ‪ ،‬وقد يقال ‪ :‬حضر العبد بمعنى ‪ :‬عاد من غيبته وعدم احساسه‬
‫بأحوال نفسه وأحوال الخلق ‪“ .‬‬

‫) ‪( 3‬يراجع بشأن “ غيبة وحضور “ عند ابن العربي ‪:‬‬


‫‪-‬الفتوحات السفر الثالث فق ‪ ( 1 - 272‬الحضور الدائم ) ‪ ،‬فق ‪ ( 1 - 274‬الحضور‬
‫التام على الدوام ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات السفر الرابع فق ‪ ( 47‬الحضور ) ‪ ( 112 ،‬غائب في شهود الحق ) ‪296‬‬
‫( الحضور والمراقبة ) ‪ ( 318 ،‬الغيبة عن االحساس في الشاهد ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات السفر السادس فق ‪ ( 33‬االستغراق والحضور )‪.‬‬

‫‪ – 492‬الغين‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫ي ‪ ،‬عليه‬
‫شته الشهوة ‪ ،‬وقيل ‪ :‬غين على قلبه غط ّ‬ ‫“ ‪ . . .‬وغين على قلبه غينا ‪ :‬تغ ّ‬
‫ي عليه ‪.‬‬
‫وألبس ‪ :‬وغين على الرجل كذا أي غط ّ‬
‫َّللا في اليوم سبعين مرة ‪.‬‬
‫وفي الحديث ‪ :‬إنه ليغان على قلبي حتى استغفر ّ‬

‫الغين ‪ :‬الغيم ‪ ،‬وقيل ‪ :‬الغين شجر ملتف ‪ ،‬أراد ما يغشاه من السهو الذي ال يخلو منه‬
‫باّلل تعالى ‪.‬‬
‫البشر ‪ ،‬ألن قلبه ابدا كان مشغوال ّ‬
‫فإن عرض له وقتا ما عارض بشري يشغله من أمور األمة والملة ومصالحهما ع ّد‬
‫ذلك ذنبا وتقصيرا ‪ ،‬فيفزع إلى االستغفار ‪ ( “ . .‬لسان العرب مادة “ غين “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫لم يرد المصطلح في القرآن ‪.‬‬

‫عند ابن العربي ‪:‬‬


‫يستعمل الصوفية “ الغين “ و “ الرين “ للداللة على حجب القلب ‪ ،‬اال ان‬

‫‪859‬‬
‫“ ‪“ 860‬‬

‫الغين حجاب رقيق يشبه الصدأ على حين أن “ الرين “ حجاب كثيف ‪1‬‬
‫ويستعمل ابن العربي “ الغين “ في مقابل “ العين “ للداللة على “ السوى “ في مقابل‬
‫“ الذات “ ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫” وعظت النفس ال تنظر إليهم *** فما التفتت بخاطرها لوعظي‬
‫لفظتهم عسى أحظى بكون *** فكانوا غين كوني عين ّ‬
‫حظي “‬
‫( ف ‪ -‬السفر الثالث فق ‪) 13‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫“ ) ‪ (( 1‬الغين ) ‪ :‬دون الرين وهو الصدأ حجاب رقيق ينجلي بالتصفية ويزول بنور‬
‫التجلي لبقاء االيمان معه ‪ ،‬واما الرين فهو الحجاب الكثيف الحائل بين القلب وااليمان‬
‫بالحق ‪ ،‬والغين ذهول عن الشهود واحتجاب عنه مع صحة االعتقاد “ ( جامع األصول‬
‫ص ‪. ) 65‬‬

‫‪860‬‬
‫“ ‪“ 861‬‬
‫حرف الفاء‬
‫ف‬

‫‪861‬‬
“ 862 “

862
‫“ ‪“ 863‬‬
‫‪ – 493‬فتح‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الفاء والتاء والحاء أصل صحيح يدل على خالف االغالق ‪ .‬يقال ‪ :‬فتحت الباب‬
‫وغيره فتحا ‪ .‬ثم يحمل على هذا ‪. .‬‬
‫وَّللا تعالى الفاتح اي الحاكم ‪ . . .‬والفتح ‪ :‬النصر واألظفار ‪،‬‬
‫فالفتح والفتاحة ‪ :‬الحكم ‪ّ ،‬‬
‫واستفتحت ‪ :‬استنصرت ‪. . .‬‬
‫وفواتح القرآن ‪ :‬أوائل السور ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة مادة “ فتح “ ) ‪.‬‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫( أ ) الفتح ‪ -‬خالف االغالق ‪،‬‬
‫ماء ‪“( 7 / 40 ) .‬‬ ‫س ِّ‬ ‫ْواب ال َّ‬‫قال تعالى ‪ ” :‬ال تُفَت َّ ُح لَ ُه ْم أَب ُ‬
‫( ب ) فتح ‪ -‬حكم ‪ .‬الفتّاح ‪ -‬الحاكم ‪.‬‬
‫ق َو ُه َو ْالفَتَّا ُح ْالعَ ِّلي ُم “ ‪/ 34 (1‬‬ ‫قال تعالى ‪ ” :‬قُ ْل يَ ْج َم ُع بَ ْينَنا َربُّنا ث ُ َّم يَ ْفت َ ُح بَ ْينَنا ِّب ْال َح ّ ِّ‬
‫‪)26‬‬
‫( ج ) فتح ‪ -‬ارسل واطلق ‪.‬‬
‫اس ِّم ْن َر ْح َم ٍة فَال ُم ْم ِّس َك لَها “‪( 35 / 2 ) . 2‬‬ ‫َّللاُ ِّللنَّ ِّ‬
‫ح َّ‬‫قال تعالى ‪ ” :‬ما يَ ْفت َ ِّ‬
‫( د ) فتح ‪ّ -‬‬
‫بين ‪.‬‬
‫علَ ْي ُك ْم ِّليُ َحا ُّجو ُك ْم ِّب ِّه ِّع ْن َد َر ِّبّ ُك ْم “‪( 2 / 76 ) . 3‬‬ ‫َّللاُ َ‬ ‫قال تعالى ‪ ” :‬أ َ ت ُ َح ِّ ّدثُونَ ُه ْم ِّبما فَت َ َح َّ‬
‫( هـ ) الفتح ‪ -‬النصر وقيل القضاء ‪ ،‬استفتح – استنصر‪.‬‬
‫قال تعالى ‪ِّ ” :‬إنَّا فَت َ ْحنا لَ َك فَتْحا ً ُم ِّبينا ً “‪.) 1 / 48 ( 4‬‬
‫قال تعالى ‪ ” :‬إِّ ْن ت َ ْست َ ْفتِّ ُحوا فَقَ ْد جا َء ُك ُم ْالفَتْ ُح “‪( 8 / 19 ) 5‬‬
‫( و ) يوم الفتح ‪ -‬يوم القيامة‪.‬‬
‫ظ ُرونَ “‪/ 32 ( 6‬‬ ‫ح ال يَ ْنفَ ُع الَّذِّينَ َكفَ ُروا ِّإيمانُ ُه ْم َوال ُه ْم يُ ْن َ‬ ‫قال تعالى ‪ ” :‬قُ ْل يَ ْو َم ْالفَتْ ِّ‬
‫‪. )29‬‬
‫( ز ) مفاتح ‪ :‬وهي اما ‪ - :‬جمع مفتح بفتح الميم وهو المخزن اذن مفاتح ‪ -‬خزائن‬

‫‪863‬‬
‫“ ‪“ 864‬‬

‫‪-‬أو جمع مفتح بكسر الميم وهو المفتاح ‪ ،‬اذن مفاتح ‪ -‬مفاتيح ‪َ ”.‬و ِّع ْن َدهُ َمفاتِّ ُح ْالغَ ْي ِّ‬
‫ب ال‬
‫يَ ْعلَ ُمها ِّإ َّال ُه َو‪. ) 59 / 6 ( “ . . 7‬‬

‫عند ابن العربي ‪:‬‬


‫نظر ابن العربي إلى الفتح نظرتين ‪:‬‬
‫‪ - 1‬نظرة “ عرفانية “ لم يتخط بها أفق من سبقه من المتصوفين ‪ ،‬وكانت بالتالي‬
‫عباراته فيها مستمدة منهم ‪ :‬فتح حالوة ‪ -‬فتح عبارة ‪ -‬فتح مكاشفة ‪. . .‬‬
‫وهذا الفتح هو انساني علمي انه ‪ “ :‬فتح عرفان ‪“ .‬‬
‫‪ - 2‬نظرة “ ايجادية “ ‪ ،‬تذكرنا بالتجلي الوجودي عنده ‪ ، 8‬وهي نظرة خاصة ‪،‬‬
‫شديدة اللصوق بمذهبه في التجليات والفيوضات ‪.‬‬
‫ولذلك جاءت عباراته فيها اصطالحية خاصة ‪:‬‬
‫المفاتح األول ‪ -‬المفاتح الثواني ‪ -‬مفاتح األسباب ‪. . .‬‬
‫وهذا الفتح هو إلهي إيجادي ال قدم لمخلوق فيه ‪ .‬انه ‪ “ :‬فتح خلق وايجاد “ ‪.‬‬
‫وسنبحث فيما يلي كلتا النظرتين ‪ ،‬على أن نبدأ بالفتح االيجادي ألهميته وتجانسه مع‬
‫مجمل تفكير ابن العربي ‪:‬‬
‫الفتح االيجادي ‪:‬‬
‫" لقد استعمل ابن العربي صورة تمثيلية قوامها ‪ :‬الفاتح ‪ -‬المفتاح ‪ -‬الفتح ‪ -‬المفتوح ‪.‬‬
‫وذلك ضرب تشبيه لعملية الخلق كما يصورها مذهبه في التجليات ‪ ،‬وسنضع هنا تجاه‬
‫كل ركن من أركان الصورة التمثيلية ‪ ،‬مقابلها ‪ .‬لتظهر بالتالي قيمتها الرمزية ‪.‬‬
‫َّللا دائما ‪.‬‬
‫‪-‬الفاتح ‪ّ :‬‬
‫‪-‬المفتاح ‪ :‬يتغير بتغير المفتوح ‪ ،‬وال يفتح اال ما اختص به فقط ( المفاتح األول ‪-‬‬
‫المفاتح الثواني ‪ -‬مفاتح األسباب ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفتح ‪ :‬حركة الهية هي حركة المفتاح عند الفتح ‪ .‬وهو حال تعلق التكوين باألشياء‬
‫باّلل فقط ” ال يَ ْعلَ ُمها ِإ َّال ُه َو “ (‪.) 59 / 6‬‬
‫انه فعل الخلق ‪ .‬ومن هنا اختصاصه ّ‬
‫‪-‬المفتوح ‪ :‬الغيب ‪ .‬ولكن الغيب عبارة عن باب أو ستر ليس هو المقصود بالفتح بل‬
‫المقصود ما وراءه اي المغيب ‪.‬‬
‫فالفتح يسعى إلى اظهار المغيب وان كان متعلق المفتاح هو الباب‪.‬‬

‫‪864‬‬
‫“ ‪“ 865‬‬

‫اما نصوص ابن العربي التي تثبت ما ذهبنا اليه فسنوردها على أن نحتفظ بأنواع‬
‫المفاتح نفرد لها نقاطا مستقلة ‪،‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫) ‪ “ ( 1‬والممكنات كلها ‪ . .‬هي في ظلمة الغيب فال يعرف لها حالة وجود ‪ ،‬ولكل‬
‫َّللا هو خالق كل شيء‬ ‫َّللا ‪ ،‬فال موجود اال ّ‬
‫ممكن منها مفتاح ‪ ،‬ذلك المفتاح ال يعلمه اال ّ‬
‫‪ ،‬اي موجده “ ( ف ‪. ) 279 / 3‬‬
‫) ‪ “ ( 2‬فان المفاتح تعلو بعلو مغاليق غيبها ‪ ،‬وتسفل بذلك “ ( مفتاح الغيب ق‬
‫‪. ) 78‬‬
‫“ فالغيب ال يعلمه اال هو ‪ ،‬وهذه كلها [ النور ‪ ،‬الظلمة ] مفاتيح الغيب ‪ ،‬ولكن ال يعلم‬
‫َّللا ‪،‬‬‫كونها مفاتح اال ّ‬
‫ب ال يَ ْعلَ ُمها ِّإ َّال ُه َو “( ‪) 59 / 6‬‬‫يقول تعالى ”‪َ :‬و ِّع ْن َدهُ َمفاتِّ ُح ْالغَ ْي ِّ‬
‫وان كانت موجودة بيننا ‪ ،‬لكن ال نعلم أنها مفاتح للغيب ‪ ،‬وإذا علمنا باالخبار انها‬
‫مفاتح ‪ ،‬ال نعلم الغيب حتى نفتحه بها ‪.‬‬
‫فهذا بمنزلة من وجد مفتاح بيت وال يعرف البيت الذي يفتحه به ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 2‬‬
‫‪. ) 648‬‬
‫“ فمن المغيبات ما يكون لها مفتاح واحد فصاعدا ‪ ،‬ويكون كل مفتاح غيبا لمفتاح آخر‬
‫‪ ،‬حتى ينتهي إلى المفتاح األول “ ( مفتاح الغيب ورقة ‪. ) 79‬‬
‫) ‪ “ ( 3‬وما أوجد [ الحق ] العالم ‪ . . .‬اال عن حركة الهية وهي حركة المفتاح عند‬
‫الفتح “ ( ف ‪. ) 279 / 3‬‬
‫“ واعلم أنها ال تسمى مفاتح اال في حال الفتح ‪ ،‬وحال الفتح ‪ :‬هو حال تعلق التكوين‬
‫َّللا في ذلك ‪ ،‬فال‬
‫باألشياء ‪ ،‬أو قل ان شئت حال تعلق القدرة بالمقدور وال ذوق لغير ّ‬
‫يقع فيها تجل وال كشف ‪ ،‬إذ ال قدرة وال فعل اال ّّلل خاصة ‪ ( “ . . .‬فصوص ‪/ 1‬‬
‫‪. ) 134‬‬
‫) ‪ “ ( 4‬فثم مفتاح وفتح ومفتوح يظهر عند فتحه ما كان هذا الفتوح حجابا عنه “ ( ف‬
‫‪. ) 542 / 3‬‬
‫“ ‪ . . .‬واعلم أن الغيب ليس نفس الغيب [ المغيّب ] ‪ ،‬والمفاتيح انما تفتح الغيب فيبدو‬
‫المغيب من خلف حجاب الغيب ‪ ،‬فالغيب حجاب كالباب وكالستر ‪ ،‬ليس الباب نفس‬
‫الدار وليس الستر نفس المستور ‪ ،‬والمفتاح متعلقه الباب ال ما [ وراءه ] ‪. . .‬‬
‫“ ( مفتاح الغيب ق ‪.) 79 - 78‬‬

‫‪865‬‬
‫“ ‪“ 866‬‬

‫وننتقل االن إلى أنواع المفاتح كما يقررها الشيخ األكبر ‪:‬‬
‫المفاتح األول ‪ - 9‬المفاتح الثواني وهي مفاتيح غيب االيجاد العيني ‪. 10‬‬
‫ان “ الوجود المطلق “ تدرج في تعيناته من الوحدة المطلقة إلى الكثرة الوجودية ‪،‬‬
‫تدرجا اقتضاه المنطق الوجودي ال الواقع الموجود فكان ‪ :‬الفيض االقدس ثم الفيض‬
‫المقدس ‪.‬‬
‫‪-‬الفيض االقدس وهو تجلي الذات األحدية لنفسها في الصور المعقولة للكائنات ‪ ،‬اي‬
‫في “ القوابل “ أو األعيان الثابتة ( انظر فيض أقدس ‪-‬عين ثابتة )‬
‫وهذا الفيض هو في الواقع بتعبير آخر من تعبيرات الشيخ األكبر ‪ :‬فتح ‪.‬‬
‫فهو أول فتح ‪ ،‬من حيث أنه أول فيض وأول تجل ‪،‬‬
‫وبالتالي مفاتحه هي “ المفاتح األول “ وال يعلمها اال الحق ‪ ،‬ألنها في وحدانيته حيث‬
‫ال قدم لمخلوق ؛ وهي أسماؤه الذاتية ‪.‬‬
‫‪-‬الفيض المقدس ‪ :‬وهو تجلي الحق في صور الكثرة الوجودية ‪ ،‬أو بتعبير آخر هو‬
‫ظهور األعيان الثابتة ‪ ،‬التي كانت نتيجة أول فتح ‪ ،‬في العالم المحسوس بعدما كانت‬
‫معقولة ‪.‬‬
‫وهذا الفيض هو فتح لغيب ‪ ،‬ومفاتحه هي المفاتح الثواني من حيث إنه ثاني فتح ‪.‬‬
‫وهذه المفاتح هي األسماء اإللهية التي أظهرت الوجود من عقلي إلى عيني وهي‬
‫المؤثرة في الكون ‪. 11‬‬
‫ولذلك يسميها ابن العربي بمفاتيح غيب االيجاد العيني ‪. 12‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫) ‪“ ( 1‬ان األسماء الحسنى التي تبلغ فوق أسماء االحصاء عددا ‪ ،‬وتنزل دون أسماء‬
‫االحصاء سعادة ‪ ،‬هي المؤثرة في هذا العالم ‪.‬‬
‫وهي المفاتح األول التي ال يعلمها اال هو “ ( ف ‪. ) 99 / 1‬‬
‫“ الحمد ّّلل المنفرد بمفاتيح األول ‪ ،‬المنعوت بها سبحانه عن كونه متكلما في األزل ‪،‬‬
‫الفاتح بها مغاليق القلوب فبرزت األعيان وظهرت النحل ‪ ( “ . . .‬مفتاح الغيب ورقة‬
‫‪. ) 76‬‬

‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬


‫“ ‪ . . .‬فسأل ( العزيز ) عن القدر الذي ال يدرك اال بالكشف لألشياء في حال ثبوتها‬
‫في عدمها ‪ ،‬فما أعطي ذلك ‪ ،‬فان ذلك من خصائص االطالع اإللهي ‪ .‬فمن المحال ان‬
‫يعلمه اال هو ‪ ،‬فإنها المفاتح األول اعني مفاتح الغيب التي ال يعلمها اال هو ‪. . .‬‬
‫“ ( فصوص ‪.) 133 / 1‬‬
‫قال تعالى ‪َ " :‬و ِّع ْن َدهُ َمفَاتِّ ُح ْالغَ ْي ِّ‬
‫ب َال يَ ْعلَ ُم َها ِّإ َّال ُه َو " [االنعام ‪]59 :‬‬

‫‪866‬‬
‫“ ‪“ 867‬‬
‫) ‪ “ ( 2‬واعلم أن المفاتيح األول "ال يعلمها اال هو" ‪ ،‬واما المفاتيح الثواني ‪13‬‬
‫فمعلومه لنا ‪ ،‬وهي أسماؤه ‪ ،‬وبها فتح غيوب الممكنات ‪ ،‬فظهرت في أعيانها بعدما‬
‫كانت غيبا عدميا “ ( مفتاح الغيب ورقة ‪. ) 93‬‬

‫َّللا من النفس [ الرحماني ] الذي هو العماء القابل لفتح صور‬


‫“ فكان أول خلق خلقه ّ‬
‫العالم فيه ‪ :‬العقل وهو القلم ثم النفس وهو اللوح “ ‪ ( . . .‬ف ‪. ) 395 / 2‬‬

‫الفتح العرفاني ‪: 14‬‬


‫نستخلص مما تقدم ان الخلق عند ابن العربي هو سلسلة من الفتوحات أو التجليات ‪،‬‬
‫وبما ان االنسان هو آخرها ‪ ، 15‬نراها تنقلب عنده ومعه من فتح إيجادي إلى فتح‬
‫عرفاني ‪ ،‬وينقلب الغيب مفتاحا ‪ ،‬والمفتاح غيبا ‪.‬‬
‫فكل “ فتح “ يتنزل من الحق إلى االنسان ‪ :‬فتح ايجادي ‪.‬‬
‫وكل “ فتح “ يعرج به االنسان إلى الحق ‪ :‬فتح عرفاني ‪.‬‬

‫ويمكن تلخيص ذلك بالرسم التالي ‪:‬‬


‫فتح ايجادي ‪.‬‬
‫فتح عرفاني ‪.‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫“ ونزلت [ وما نزل ] من المفاتيح عن هذه المفاتيح الثواني ‪ ،‬درجة بعد درجة ‪ ،‬فهو‬
‫مفاتيح األسباب ‪ ،‬وما أشبه ذلك ‪ ،‬إلى آخر سبب ‪.‬‬
‫فهذه تسمى ‪ :‬مفاتيح غيب االيجاد العيني ‪.‬‬
‫ثم ينعكس االمر بعد الوجود ‪ ،‬فان آخر موجود االنسان ‪ ،‬وهو الذي يعكس فير ّد الغيب‬
‫مفتاحا ‪ ،‬والمفتاح غيبا ‪.‬‬
‫فيأخذ آخر سبب مفتاحا فيفتح به غيب سببه ‪ . . .‬هكذا حتى ينتهي إلى آخر سبب ‪. . .‬‬
‫فهذه تسمى ‪ :‬مفاتيح غيب الوجود العرفاني عند الصوفية ‪ ،‬ومفاتيح الوجود العلمي‬
‫والوجودي عند المحققين “ ( مفتاح الغيب ق ‪. ) 94 - 93‬‬

‫اما مفاتح الغيب العرفاني فهي استعدادات القوابل ‪،‬‬


‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا ‪ ،‬وان كانت تعلم فال تعلم أنها‬
‫“ واما مفاتح الغيب ‪ . .‬فال تعلم اال باعالم ّ‬

‫‪867‬‬
‫“ ‪“ 868‬‬

‫مفاتح الغيب ‪ ،‬فننبه لهذا ‪.‬‬


‫واعلم أن االعالم أظهر لنا ان االستعدادات من القوابل هي مفاتح الغيب ‪ ،‬ألنه ما ث ّم‬
‫اال وهب مطلق عام ‪ ،‬وفيض جود ‪.‬‬
‫ما ث ّم غيب في نفس االمر وال شهود ‪ ،‬بل معلومات ال نهاية لها ‪. . .‬‬
‫فالمفتاح ‪:‬‬
‫استعدادك للتعلم وقبول العلم ‪ ،‬والفتح ‪ :‬التعليم ‪ ،‬والفتوح ‪ :‬الباب الذي كنت واقفا‬
‫َّللا ‪ .‬فيعلم‬
‫معه ‪ . . .‬فاالستعداد غير مكتسب ‪ ،‬بل هو منحة الهية ‪ ،‬فلهذا ال يعلمه اال ّ‬
‫ان ث ّم مفاتح غيب ‪ ،‬لكن ال يعلم ما هو مفتاح غيب خاص في مفرد من الغيب ‪ ،‬فإذا‬
‫َّللا تعالى حصل المفتاح وبقي الفتح حتى يقع التعليم ‪ . . .‬فالتعليم‬ ‫حصل االستعداد من ّ‬
‫هو عين الفتح “ ‪ ( . . .‬ف ‪. ) 543 - 542 / 3‬‬

‫وبعد ما رأينا ان ابن العربي يجعل االستعداد مفتاحا للفتح ‪ ،‬فلنتركه يبين الفرق بين‬
‫الفتح والفتوح يقول ‪:‬‬
‫“ وإذا ورد الفتح على اختالف ضروبه [ سنذكرها فيما بعد ] ‪. . .‬‬
‫تعين على هذا العبد إقامة الوزن بالقسط ‪ . . .‬فيقيم الوزن هذا العبد بين حاله الذي هو‬
‫عليه ‪ ،‬وبين الفتح ‪ :‬فإذا كان الفتح مناسبا للحال فهو نتيجة حاله ‪ ،‬فيقيم عند ذلك وزنا‬
‫آخر ‪ ،‬وهو ان ينظر في مقدار الفتح وقوة الحال ‪ :‬فان ساواه ‪ ،‬فهو نتيجة بال شك ‪،‬‬
‫َّللا في هذا الفتح ‪ ،‬فإنه نتيجة في غير موطنها [ اآلخرة موطن‬
‫فليحذر هذا العبد مكر ّ‬
‫النتائج ] ‪. . .‬‬
‫َّللا تعالى بهذا‬
‫فإن كان الفتح مما يعطي أدبا وترقيا ‪ ،‬فليس بمكر ‪ ،‬بل هو عناية من ّ‬
‫العبد حيث زاده فتحا ‪. .‬‬
‫وان أقام الوزن بين مقدار الفتح وقوة الحال ‪ ،‬ورأى الفتح فوق الحال ‪ ،‬فينزل منه‬
‫مقدار الحال وما زاد فذلك هو ‪ :‬الفتوح “ ( ف ‪. ) 505/ 2‬‬

‫اما أنواع “ الفتوح “ و “ الفتح “ التي يعددها فبحثها سيجعلنا نتوغل في مجاهل‬
‫نظرياته مبتعدين عن معجمه ‪.‬‬
‫ونكتفي بتعدادها على أن نثبت مراجعها عنده ‪:‬‬
‫أنواع الفتوح ‪:‬‬
‫‪ - 1‬فتوح العبارة في الظاهر ‪.‬‬
‫‪ - 2‬فتوح الحالوة في الباطن ‪.‬‬
‫‪ - 3‬فتوح المكاشفة بالحق ‪:‬‬
‫فالمكاشفة سبب معرفة الحق في األشياء ‪ ،‬فال يعرف في األشياء اال مع ظهورها‬
‫وارتفاع حكمها‪.‬‬

‫‪868‬‬
‫“ ‪“ 869‬‬
‫أنواع الفتح ‪:‬‬
‫‪ - 1‬فتح عن قرع ‪ :‬وهو ليس مطلوب القوم ‪،‬‬
‫‪ - 2‬فتح ابتداء ال عن قرع ‪،‬‬

‫وبخصوص أنواع الفتح والفتوح ‪ .‬فليراجع ‪: 16‬‬


‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ص ‪ ، 508 - 505‬ص ‪، 556‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪، 153‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ص ‪ ( 221 - 220‬حضرة الفتح ) ‪.‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬انظر أنوار التنزيل ج ‪ 2‬ص ‪، 140‬‬
‫) ‪( 2‬أنوار التنزيل ج ‪ 2‬ص ‪ ( 143‬يفتح ‪ -‬يطلق ‪ ،‬يرسل ) ‪.‬‬
‫) ‪( 3‬انظر أنوار التنزيل ج ‪ 1‬ص ‪، 29‬‬
‫) ‪( 4‬أنوار التنزيل ج ‪ 2‬ص ‪ ( 220‬وقيل الفتح بمعنى القضاء ) ‪.‬‬
‫) ‪( 5‬انظر أنوار التنزيل ج ‪ 1‬ص ‪. 184‬‬
‫) ‪( 6‬انظر أنوار التنزيل ج ‪ 2‬ص ‪ ( 126‬يوم الفتح ‪ -‬يوم القيامة فإنه يوم نصر‬
‫المؤمنين على الكفرة والفصل بينهم ) ‪.‬‬
‫) ‪( 7‬انظر “ أنوار التنزيل “ ج ‪ 1‬ص ‪ ، 139‬كما يراجع البخاري ج ‪ 9‬ص ‪، 144‬‬
‫) ‪( 8‬انظر “ تجلي وجودي ‪“ .‬‬
‫) ‪( 9‬بخصوص “ المفاتح األول “ نرجع إلى ‪:‬‬
‫‪-‬رسالة في علم الحقائق ‪ .‬القيصري ‪ .‬ورقة ‪ 4‬أ ‪ “ :‬ان حضرة األسماء أعلى‬
‫الحضرات واقدمها ‪ ،‬وأعالي هذه الحضرة هي أمهات األسماء اإللهية التي هي الحياة‬
‫والعلم واالراد والقدرة والقول والجود واالحسان ‪. . .‬‬
‫وهذه كالظالالت والسدنة لألسماء الذاتية التي هي المفاتح األول ‪ ،‬وهي الحقائق الكلية‬
‫التي ليس فوقها اال الحقيقة المطلقة والهوية الكبرى وهي أحدية جمع تلك الحقائق ‪“ .‬‬

‫‪-‬شرح مشكالت الفتوحات المكية ‪ .‬الجيلي ‪ .‬ق ق ‪ “ : 6 - 5‬مفاتيح غيب الغيب وهي‬
‫َّللا‬
‫أمهات األسماء دائمة الصفات ‪ . . .‬وهذه األسماء هي التي يسميها االمام رضي ّ‬
‫عنه بالمفاتيح األول ‪“ .‬‬

‫‪-‬لطائف االعالم ق ‪ 186‬أ ‪ “ :‬المفاتح األول هي مفاتح الغيب ( اي هي معاني أصول‬


‫األسماء أو هي باطن أصول أئمة األسماء اي األسماء األول الذاتية ‪ ،‬التي هي عين‬
‫التجلي األول ‪ :‬تجلي الحق لنفسه بنفسه في نفسه ‪ ،‬وراء عالم المعاني أو الصور )‬
‫وسميت هذا‬

‫‪869‬‬
‫“ ‪“ 870‬‬

‫المفاتح األول باعتبار كينونتها في وحدانية الحق ‪ ،‬ونظير ذلك ‪ :‬التصور النفساني قبل‬
‫تعينات صور ما يعلمه االنسان ‪ .‬ولهذا سميت المفاتح األول بالحروف األصلية ‪. .‬‬
‫‪“.‬‬

‫) ‪( 10‬بخصوص “ المفاتح الثواني “ نرجع إلى ‪:‬‬


‫‪-‬شرح مشكالت الفتوحات المكية ‪ .‬الجيلي ‪ .‬ق ‪ 5‬ب ‪ “ :‬مفاتيح الغيب وهي األسماء‬
‫التي أظهرت صور الكائنات من الغيب إلى الشهادة ‪ . . .‬وهي أسماء االفعال ‪. . .‬‬
‫ويسميها الشيخ المفاتيح الثواني ‪“ .‬‬
‫) ‪( 11‬انظر “ فيض مقدس “ “ اسم الهي ‪“ .‬‬
‫) ‪( 12‬وردت العبارة في “ مفتاح الغيب “ ورقة ‪. 93‬‬
‫) ‪( 13‬يراجع بشأن مفاتح الغيب ‪:‬‬
‫‪-‬ف ج ‪ 3‬ص ‪ ( 321‬مفاتح الغيب ) ‪.‬‬
‫‪-‬إشارات القرآن ق ‪ 56‬أ ( المفاتيح األول ‪ -‬المفاتيح الثواني ) ‪.‬‬
‫كما يراجع ‪:‬‬
‫‪-‬لطائف االعالم ‪ :‬ق ‪ 181‬أ ( مشارق الفتح ) ‪ 186 ،‬أ ( مفاتح الغيب ) ‪.‬‬
‫‪-‬مطلع خصوص الكلم ‪ :‬ق ‪ 7‬ب ( مفاتيح الغيب ‪ -‬مفاتيح الشهادة ) ‪.‬‬
‫‪-‬رسالة في علم الحقائق ‪ .‬القيصري ‪ .‬ق ‪ 5‬أ ‪.‬‬
‫) ‪( 14‬ان عبارة “ مفاتح الغيب “ يطلقها ابن العربي على المفاتح االيجادية والعرفانية‬
‫‪ ،‬وذلك ألنه في كلتا الحالتين الغيب هو غيب بالنسبة للمخلوق ال للخالق إذ ال غيب في‬
‫حق الحق ‪.‬‬
‫) ‪( 15‬ان خلق العالم باسره سبق خلق “ آدم “ أو جنس االنسان وذلك لعدة اعتبارات‬
‫منها ‪:‬‬
‫ليكون له جمعية الصورتين ‪ -‬خلقه خليفة ‪ :‬فال تمر ساعة ال يكون فيها خليفة وال‬
‫خالفة دون مستخلف عليه ‪ . . .‬انظر ‪ “ :‬آدم “ “ انسان “ “ خليفة “ “ صورة ‪“ .‬‬
‫) ‪( 16‬كما يراجع ‪ :‬لطائف االعالم ق ق ‪ 141‬أ ‪ 141 -‬ب ‪ :‬الفتوح ‪ -‬فتوح العبارة‬
‫‪ -‬فتوح الحالوة ‪ -‬فتوح المكاشفة ‪ -‬فتوح المضيق ‪ -‬فتح التولد ‪ -‬فتح الفهم ‪ -‬فتح‬
‫االسالم ‪ -‬فتح العقل ‪ -‬فتح النفس ‪ -‬فتح الروح ‪ -‬فتح القلب ‪-‬الفتح المبين ‪- 494.‬‬
‫الفتوح‬
‫انظر “ فتح “ المعنى “ األول والثاني “‬

‫‪870‬‬
‫“ ‪“ 871‬‬

‫‪ - 495‬المفاتح األول‬
‫انظر “ فتح “ المعنى “ األول “ عنوان ‪ :‬الفتح االيجادي ‪.‬‬
‫فقرة عنوانها ‪ :‬المفاتح األول ‪.‬‬
‫****‬
‫‪ - 496‬المفاتح الثواني‬
‫انظر “ فتح “ المعنى “ األول “ عنوان ‪ :‬الفتح االيجادي ‪.‬‬
‫فقرة عنوانها ‪ :‬المفاتح الثواني ‪.‬‬

‫****‬
‫الفتوة‬
‫ّ‬ ‫‪– 497‬‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫شباب ‪ .‬والفتى والفتيّة ‪ :‬الشاب والشابة “ ( لسان العرب مادة “ فتا “ ) ‪.‬‬‫“ الفتاء ‪ :‬ال ّ‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫ورد “ فتى “ في القرآن بالمعنى اللغوي السابق ‪ ”:‬قالُوا َ‬
‫س ِّم ْعنا فَتًى يَ ْذ ُك ُر ُه ْم يُقا ُل لَهُ‬
‫ِّإبْرا ِّهي ُم “( ‪. ) 60 / 20‬‬

‫عند ابن العربي ‪:‬‬


‫شغل موضوع الفتوة االسالمية ونظامها المستشرقين ‪ ،‬فكتبوا مقاالت ومؤلفات تهتم‬
‫بهذا النظام ‪ ،‬من ناحية صلته بالفروسية المسيحية ( كما فعل فون هامر ) ‪ ،‬أو من‬
‫ناحية ما تمتاز به الفتوة من صفات عامة ‪.‬‬
‫ثم ظهورها في صورة الفتوة االريستقراطية في عهد الخلفاء العباسيين ‪.‬‬
‫ثم انتشارها بين طبقات الشعوب االسالمية الوسطى في ندوات أهل الحرف‬
‫والصناعات ( كما فعل فون هامر وتور ننج ) ‪ ،‬أو من ناحية صلة الفتوة بالتصوف في‬
‫كلمات عابرة قد تخلو‬

‫‪871‬‬
‫“ ‪“ 872‬‬

‫أحيانا من دقة التحليل كما فعل “ هورتن “ ‪ ،‬أو من ناحية الصلة بين الفتوة والمالمتية‬
‫كما فعل ريتشارد هارتمان ‪. 1‬‬
‫ويبقى كتاب أبو العال عفيفي “ المالمية والصوفية وأهل الفتوة “ خير دليل إلى اآلن في‬
‫هذا الموضوع ‪.‬‬
‫ولكن ابن العربي لم يهتم بنظام الفتوة هذا ‪ ،‬بل استعار صفات هذه الفئة [ الكرم ‪-‬‬
‫المروءة ‪ -‬الشجاعة ] ليجعلها صفات مقام خاص سماه مقام “ ‪ :‬الفتوة ‪“ .‬‬

‫فالفتوة عنده ال تدل على طائفة معينة ‪ ،‬أو وجهة نظر معينة في التصوف والدين ‪ ،‬بل‬
‫هي ‪ :‬مقام القوة ‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫) ‪ “ ( 1‬واالخالق على ثالثة أنواع ‪:‬‬
‫خلق متع ّد ‪ ،‬وخلق غير متع ّد ‪ ،‬وخلق مشترك ‪.‬‬
‫فالمتعدي على قسمين ‪:‬‬
‫متعد بمنفعة ‪ ،‬كالجود والفتوة ‪،‬‬
‫ومتعد بدفع مضرة ‪ ،‬كالعفو والصفح واحتمال األذى ‪ ،‬مع القدرة على الجزاء والتمكن‬
‫منه ‪ ( “ . . .‬ف ‪ -‬السفر الثالث ‪ -‬فق ‪. ) 91‬‬

‫“ فالفتى من ال خصم له ‪ :‬ألنّه فيما عليه يؤديه ‪ ،‬وفيما له يتركه ‪ .‬فليس له خصم ‪.‬‬
‫والفتى من ال تصدر منه حركة عبثا جملة واحدة ( “ ‪ . . .‬ف السفر الرابع ‪ -‬فق‬
‫‪. ) 46‬‬
‫) ‪ “ ( 2‬اعلم أن للفتوة مقام القوة “ ( ف ‪ -‬السفر الرابع فق ‪. ) 36‬‬
‫“ فإن “ الفتوة “ ليس فيها شيء من الضعف إذ هي حالة بين الطفولة والكهولة ‪ ،‬وهو‬
‫عمر االنسان من زمان بلوغه إلى تمام األربعين من والدته ‪. . .‬‬
‫ض ْعفٍ قُ َّوة ً‬ ‫َّللاُ الَّذِّي َخلَقَ ُك ْم ِّم ْن َ‬
‫ض ْعفٍ ث ُ َّم َجعَ َل ِّم ْن بَ ْع ِّد َ‬ ‫َّللا تعالى في هذا المقام ‪َّ ”:‬‬
‫يقول ّ‬
‫“[ ‪] 54 / 30‬‬
‫وذلك حال “ الفتوة “ وفيها يس ّمى “ فتى “ ( ف ‪ -‬السفر الرابع فق ‪. ) 38‬‬
‫“ ومن ال قوة له ‪ ،‬ال فتوة ‪ 3‬له ‪ ،‬كما أنه من ال قدرة له ‪ ،‬ال حلم له “ ( ف ‪ -‬السفر‬
‫الرابع فق ‪. ) 61‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪ - ( 1‬عفيفي ‪ “ .‬المالمتية والصوفية وأهل الفتوة “ ص ‪. 12‬‬
‫) ‪ - ( 2‬يميز عفيفي بين المالمتية وأهل الفتوة بالدعاوى ‪.‬‬
‫فالفتى الصوفي في نظر الصوفية ‪ -‬من كانت‬

‫‪872‬‬
‫“ ‪“ 873‬‬

‫له دعوى يدافع عنها ويضحي بنفسه في سبيلها كالحسين بن منصور الحالج يقول ‪:‬‬
‫“ان رجعت عن دعواي وقولي سقطت من بساط “ الفتوة “ [ الطواسين ص ‪] 50‬‬
‫“(المرجع السابق ص ‪. ) 27‬‬

‫) ‪( 3‬يراجع بشأن “ فتوة “ عند ابن العربي ‪:‬‬


‫أهل الفتوة ( ف السفر الرابع ‪ -‬فق ‪ - ) 41‬الفتى في منزل التسخير ( ف السفر الرابع‬
‫فق ‪ - ) 61‬القطبية في الفتوة ( ف ‪ -‬السفر الرابع فق ‪- ) 58‬الفتوة ( ف السفر الرابع‬
‫فق ‪. ) 65 - 35‬‬
‫****‬
‫‪ – 498‬الفرديّة‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الفاء والراء والدال أصل صحيح يدل على وحدة ‪ .‬من ذلك الفرد وهو الوتر ‪. . .‬‬
‫وظبية فارد ‪ :‬انقطعت عن القطيع ‪ . . .‬وافراد النجوم ‪ :‬الدراري في آفاق السماء ‪. . .‬‬
‫“ ( معجم مقاييس اللغة مادة “ فرد “ ) ‪.‬في القرآن ‪:‬‬
‫لم يفارق األصل “ فرد “ في القرآن معناه اللغوي السابق ”‪َ .‬وزَ َك ِّريَّا إِّ ْذ نادى َربَّهُ َربّ ِّ‬
‫وارثِّينَ “ ( ‪. ) 89 / 21‬‬ ‫ت َخي ُْر ْال ِّ‬ ‫ال تَذَ ْرنِّي فَ ْردا ً ‪َ 1‬وأ َ ْن َ‬
‫ّلل َمثْنى َوفُرادى “‪. ) 46 / 34 ( 2‬‬ ‫واح َدةٍ أ َ ْن تَقُو ُموا ِّ َّ ِّ‬
‫ظ ُك ْم ِّب ِّ‬‫” قُ ْل ِّإنَّما أ َ ِّع ُ‬

‫عند ابن العربي ‪:‬‬


‫*أصل اشتقاق اللفظ ‪:‬‬
‫يرى ابن العربي ان لفظ “ فرد “ استحق هذه التسمية لنعت انفرد به عن أمر آخر ‪.‬‬
‫فع ّم انفرد ؟ وبماذا ؟ لقد انفرد عن الشفع بالتشبه باألحدية ‪.‬‬
‫يشبه األحدية بأنه مرتبة متميزة في االعداد ‪ ،‬وبأنه الواحد الذي يعطي لالثنين مرتبة‬
‫الفردية ‪.‬‬
‫ويختلف عن األحدية ‪ ،‬بأنه ال يكون اال بعد ثبوت‬

‫‪873‬‬
‫“ ‪“ 874‬‬

‫االثنين ‪ .‬ونوضح كالمنا بنصوص ابن العربي ‪.‬‬


‫يقول ‪:‬‬
‫“ ) ‪( 1‬ان الفردية ال يعقلها المنصف ‪ ،‬اال بتعقل امر آخر عنه انفرد هذا المسمى فردا‬
‫بنعت ال يكون فيمن انفرد عنه ‪ ،‬إذ لو كان فيه ما صح له ان ينفرد به ‪ . . .‬فال بد من‬
‫ذلك الذي انفرد عنه ان يكون معقوال وليس اال الشفع ‪ ،‬واالمر الذي انفرد به الفرد انما‬
‫هو التشبه باألحدية ‪ .‬وأول االفراد الثالثة فالواحد ليس بفرد ‪ ( “ . . .‬ف ج ‪ 3‬ص‬
‫‪. ) 499‬‬
‫“ ) ‪ ( 2‬فان الفرد ال يظهر اال من الثالثة فصاعدا في كل عدد ‪ ،‬ال يصح ان ينقسم‬
‫‪ . . . 3‬الفرد يتميز في المراتب مثل الواحد ‪ . . .‬فأول االفراد الثالثة ‪ ،‬ولهذا فردانية‬
‫اللطيفة االنسانية تخالف وحدانيتها ‪ ،‬فان فردانيتها تثبت له بتقدم االثنين ‪ ،‬وهو تسوية‬
‫البدن ‪ ،‬وتوجه الروح الكلي ‪ ،‬فظهرت النفس الجزئية ‪ ،‬التي هي اللطيفة االنسانية‬
‫فكانت ‪ :‬فردا “ ‪ ( . . .‬كتاب األلف ص ص ‪) . 7 - 6‬‬

‫“ ) ‪ ( 3‬جميع النتائج ال تكون اال عن الفردية ‪ ، 4‬اال ترى إلى المقدمتين عند المنطقي‬
‫مركبة من ثالثة ‪ ،‬يتكرر الواحد في المقدمتين ‪ ،‬فتظهر أربعة وهي ثالثة ‪.‬‬
‫ولوال هذا الواحد الذي اعطى الفردية لهذين االثنين ‪ ،‬ما صح نتاج أصال ‪.‬‬
‫وكذلك الذكر واألنثى ال ينتجان أصال ‪ ،‬ما لم تقم بينهما حركة الجماع ‪ ،‬وهي الفردية‬
‫‪ ( “ . . . 5‬كتاب الميم والواو والنون ص ص ‪. ) 4 - 3‬‬

‫“ ) ‪( 4‬ولما كان الفرد ال يكون اال بعد ثبوت االثنين ‪ ،‬ضعف عن ّ‬


‫عزة‬
‫الوحدانية ‪ ( “ . . .‬كتاب األلف ص ‪. ) 9‬‬
‫***‬
‫يجعل ابن العربي الفردية مبدأ وأصل كل نتاج في العالم المحسوس والمعقول ‪.‬‬
‫وهو يرادف بينها وبين التثليث بهذا المعنى ‪.‬‬
‫وقد توسعنا في شرح التثليث بكالم ينطبق حرفيا على الفردية هنا ‪.‬‬
‫فليراجع ؛ ونورد نصوص ابن العربي التي تتعلق بالفردية والتي تثبت كالمنا السابق‬
‫في التثليث يقول‪:‬‬

‫‪874‬‬
‫“ ‪“ 875‬‬

‫“ ) ‪ ( 1‬والثالثة أول االفراد فظهر التكوين عن الفرد ال عن الواحد ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 4‬‬


‫‪. ) 89‬‬
‫“ فما وجد الخلق اال عن الفردية ال عن األحدية ‪ ،‬الن أحديته ال تقبل الثاني ‪ . . .‬فكان‬
‫ظهور العالم في العلم اإللهي عن ثالث حقائق معقولة ‪ ، 6‬فسرى ذلك في توالد الكون‬
‫‪ 7‬بعضه عن بعض ‪ ،‬لكون األصل على هذه الصورة “ ( ف ‪. ) 171 / 1‬‬
‫“ ) ‪ ( 2‬ولما أعطت الحقائق ان النتيجة ال تكون اال عن الفردية ‪ ،‬والثالثة أول‬
‫َّللا ايجاد العالم عن ‪ :‬نفسه وارادته وقوله‪.‬‬
‫االفراد ‪ .‬جعل ّ‬

‫ش ْيءٍ إِّذا أ َ َر ْدناهُ أ َ ْن نَقُو َل لَهُ ُك ْن فَيَ ُك ُ‬


‫ون‬ ‫والعين واحدة والنسب مختلفة ‪ .‬فقال” إِّنَّما قَ ْولُنا ِّل َ‬
‫“[ ‪ . . . ] 40 / 16‬فالتثليث معتبر في االنتاج والعالم نتيجة بال شك ‪“ .‬‬
‫( نقش الفصوص ص ‪. ) 6‬‬

‫“ واالنسان الكامل أول في الفردية ‪. . .‬‬


‫ين “[ ‪ ] 12 / 23‬وهذه أول مرتبة ‪،‬‬ ‫ساللَ ٍة ِّم ْن ِّط ٍ‬ ‫قال تعالى‪َ ”:‬خلَ ْقنَا ْ ِّ‬
‫اإل ْنسانَ ِّم ْن ُ‬
‫ين “[ ‪ ] 13 / 23‬هذه ثانية‪.‬‬ ‫طفَةً فِّي قَ ٍ‬
‫رار َم ِّك ٍ‬ ‫قال تعالى‪ ”:‬ث ُ َّم َجعَ ْلناهُ نُ ْ‬
‫علَقَةً “[ ‪ ] 14 / 23‬وهي المرتبة الفردية ‪ 8‬ولها‬ ‫طفَةَ َ‬‫قال تعالى‪ ”:‬ث ُ َّم َخلَ ْقنَا النُّ ْ‬
‫الجمع ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 642 - 641 / 2‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يقول البيضاوي ‪ . . . (“ :‬ال تَذَ ْر ِّني فَ ْردا ً )وحيدا بال ولد يرثني “ ( أنوار‬
‫التنزيل ج ‪ 2‬ص ‪. ) 38‬‬
‫وقد فرق ابن العربي بين الفرد والواحد انظر شرحه لآلية كتاب األلف ص ‪. 9‬‬
‫) ‪( 2‬يشرح البيضاوي فرادى قائال ‪ ( “ :‬مثنى وفرادى ) متفرقين اثنين اثنين وواحدا‬
‫واحدا فان االزدحام يشوش الخاطر ويخلط القول “ ( أنوار التنزيل ج ‪ 1‬ص ‪) 142‬‬
‫ولكن نتساءل عن السبب الذي من اجله قدم الحق المثنى على الفرد ‪ ،‬وهل يمكن ان‬
‫يكون الفرد ثالثة فيستقيم وروده بعد التثنية هنا ‪ ،‬ويوافق موقف ابن العربي من الفرد‬
‫كما نرى فيما يلي ‪.‬‬
‫) ‪ ( 3‬أول االفراد الثالثة يتبعها الخمسة فالسبعة فالتسعة فالحادي عشر ‪ . . .‬وهكذا‬
‫تظهر الفردية في االعداد وبذلك تشبه األحدية التي تظهر في االعداد ‪ ،‬من حيث إن‬
‫الواحد ليس عددا وانما له ظهور في االعداد ‪.‬‬
‫) ‪( 4‬انظر المعنى “ الثاني “ التالي ‪.‬‬
‫) ‪( 5‬نالحظ ان الواحد الذي يثلث الثالثة هو الفرد ‪.‬‬
‫) ‪( 6‬وهي ذات وإرادة وقول ‪.‬‬
‫ش ْيءٍ ِّإذا أ َ َر ْدناهُ أ َ ْن نَقُو َل‬
‫استنبطها ابن العربي من اآلية ‪ِّ ”:‬إنَّما قَ ْولُنا ِّل َ‬

‫‪875‬‬
‫“ ‪“ 876‬‬
‫لَهُ ُك ْن فَيَ ُك ُ‬
‫ون “ *[ ‪ ] 40 / 16‬انظر تثليث ‪.‬‬

‫) ‪( 7‬ان كل أول سار عند ابن العربي ولما كان التثليث أول منتج فهو يسري في كل‬
‫انتاج ‪.‬‬
‫) ‪( 8‬يراجع بشأن “ فرد “ عند ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬االصطالحات ص ‪ ( 289‬التفريد )‬
‫‪-‬كتاب األلف ص ‪ ( 9‬فردانية الرجل ووحدانية المرأة ) ‪.‬‬
‫‪-‬رسالة إلى الشيخ الرازي ص ‪ ( 12‬الفردية األولى ) ‪.‬‬
‫‪-‬ف ج ‪ 1‬ص ‪ ( 168‬عن الفرد وجد الكون ) ‪.‬‬
‫‪-‬ف ج ‪ 2‬ص ‪ ( 69‬الفردية ‪ ،‬هي الثالثة ) ص ‪ ( 641‬األحدية ّّلل والفردية‬
‫لالنسان ) ‪.‬‬
‫‪-‬ف ج ‪ 4‬ص ‪ ( 32‬التثليث فرد ) ‪ ،‬ص ‪ ( 158‬الفردية واألحدية ) ‪.‬‬
‫‪-‬ف ج ‪ 3‬ص ‪ ( 172‬أهل التثليث ربما لحقوا بالموحدين في حضرة الفردانية ) ‪،‬‬
‫‪ ( 318‬الفردية واألحدية ) ‪ ،‬ص ‪ ( 326‬الفرد األول ‪ -‬أول االفراد ) ‪ ،‬ص ‪358‬‬
‫( المفرد العين ‪ ،‬المفرد الحكم ) ‪ ،‬ص ‪ ( 462‬الثالثة أول االفراد ‪) .‬‬
‫‪-‬فصوص ج ‪ 1‬ص ‪ ( 115‬الفردية الثالثية ) ‪ ( 214 ،‬حكمة فردية ) ‪218‬‬
‫( الفردية األولى ) ‪ ( 222 ،‬الفردية ) ‪.‬‬
‫ج ‪ 2‬ص ‪ ( 133‬الفردية ‪ ،‬األولى ) ‪ “ 322 ،‬التثليث والفردية ‪ -‬االعداد الفردية ‪“ .‬‬
‫‪-‬كتاب الهو ص ‪ ( 186‬الفرد بال فردانية )‬
‫‪-‬رسالة المقنع في ايضاح السهل الممتنع ص ‪ ( 141‬الفرد ‪ -‬التفريد ) ‪.‬‬
‫****‬
‫‪ - 499‬األفراد‬
‫مرادف ‪:‬‬
‫االخفياء ‪ ، 1‬افراد الوقت ‪ ، 2‬أعيان األولياء ‪ ، 3‬األبرياء ‪4‬‬
‫االفراد هم من “ رجال المراتب “ عند ابن العربي ‪،‬‬
‫فالسالك يتقلب في المراتب ‪ :‬كالزهد والوالية ‪. .‬‬
‫فكل مرتبة من هذه المراتب ‪ ،‬ال تخلو من رجال يحفظونها في كل زمان ‪ .‬وهم ال‬
‫يتقيدون بعدد مخصوص في مقابل رجال العدد ( انظر “ رجل “ ) ‪.‬‬

‫وتتوالى األسماء عند ابن العربي على هذه الطائفة ‪ ،‬فهم االفراد ‪ :‬ألنه ليس لهم حكم‬
‫العموم ‪ . . .‬وهم االخفياء ‪ :‬ألنهم الذين ال يعرفهم االبدال وال يشهدهم األوتاد ‪. .‬‬
‫وهم افراد الوقت ‪ :‬ألنهم خارجون عن نظر القطب صاحب الوقت ‪ ،‬فال يحكمهم وال‬
‫يتصرف بهم ‪ ،‬بل القطب منهم ‪،‬‬
‫وهم أعيان األولياء ‪ :‬ألنهم الخاصة فيهم ‪.‬‬
‫وهم في جنس البشر كالمالئكة المهيمون في جنس المالئكة ‪ . .‬وهم األبرياء ‪ :‬فال يرى‬
‫العالم عليهم من اثر‬

‫‪876‬‬
‫“ ‪“ 877‬‬
‫التقريب شيئا ‪. . .‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫‪ - 1‬االفراد ‪ -‬رجال المراتب ‪.‬‬
‫“ ومنهم رضي عنهم االفراد ‪ ،‬ال عدد يحصرهم ‪ ،‬وهم المقربون بلسان الشرع ‪. . .‬‬
‫وهم رجال خارجون عن دائرة القطب ‪ ،‬والخضر منهم ونظيرهم من المالئكة األرواح‬
‫َّللا ‪ ،‬وهم الكروبيون ‪ ( “ . .‬ف ‪. ) 19/ 2 -‬‬
‫المهيمة في جالل ّ‬

‫‪ - 2‬االفراد ‪ -‬العامة ‪.‬‬


‫“ ‪ . . .‬ولذلك سموا افرادا ‪ ،‬اي ليس لهم حكم العموم ‪ .‬ولكن من هذا مقامه له قوة‬
‫التستر [ ‪ -‬االخفياء ] عن أعين الخلق ‪ ،‬حتى ال يتسلط الخلق على فساد بنيته ‪. . .‬‬
‫“ ( القربة ص ‪. ) 4‬‬

‫‪ - 3‬االفراد ‪ -‬االخفياء ‪.‬‬


‫“ ‪ . . .‬فهم االفراد الذين ال يعرفهم االبدال ‪ ،‬وال يشهدهم األوتاد ‪ ،‬وال يحكم عليهم‬
‫الغوث والقطب واالمام ‪ ( “ . . .‬القربة ص ‪. ) 3‬‬

‫‪ - 4‬االفراد ‪ -‬افراد الوقت ‪.‬‬


‫َّللا في قلوب االفراد على مثل ذلك ‪ ،‬فال يشهدون سوى الحق ‪ ،‬وهم خارجون‬
‫“ فجالل ّ‬
‫عن حكم القطب ‪ ،‬الذي هو االمام ‪ ،‬وهو واحد منهم ‪ ( “ . .‬ف ‪. )675 / 2‬‬

‫‪ - 5‬االفراد مع القطب ‪ -‬المهيمون مع العقل األول ‪.‬‬


‫“ واعلم أن العالم المهيم ال يستفيد من العقل األول شيئا ‪ ،‬وليس له على المهيمين‬
‫سلطان ‪ ،‬بل هو وإياه في مرتبة واحدة ‪ .‬كاالفراد منا الخارجين عن حكم القطب ‪ ،‬وان‬
‫كان القطب واحدا من االفراد ‪ ،‬لكن خصص العقل باإلفادة كما خصص القطب من بين‬
‫االفراد ‪ 5‬بالتولية ‪ ( “ . .‬ف ‪. ) 93 / 1‬‬

‫‪ - 6‬االفراد ‪ -‬األبرياء ‪.‬‬


‫َّللا ‪ ،‬ولهذا‬
‫“ والنفس مجبولة على حب الشفوف على أبناء الجنس ‪ ،‬واظهار قدرها عند ّ‬
‫أكابر األولياء اخفياء أبرياء ال ترى عليهم من اثر المكانة والتقريب ‪ . . .‬بل ال نفرق‬
‫بينهم وبين العامة ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 178 / 4‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬ورد المصطلح عند ابن العربي في الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪ 78‬يقول ‪:‬‬
‫َّللا عليه وسلم جوامع الكلم ‪ . . .‬اال انه ما ث ّم أحد على قدم‬ ‫“ ‪ . . .‬أوتي محمد صلى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم اال بعض‬ ‫محمد صلى ّ‬

‫‪877‬‬
‫“ ‪“ 878‬‬

‫االفراد األكابر وال يعرف لهم عدد وهم اخفياء في الخلق ‪. . “ .‬‬

‫) ‪( 2‬ورد المصطلح في الفتوحات ‪.‬‬


‫يقول ‪:‬‬
‫“ نقل إلي والعهدة على الناقل ‪ ،‬فان ابن القائد زعم أنه ما رأى هناك امامه سوى قدم‬
‫نبيه وهذا ال يكون اال الفراد الوقت ‪ ،‬فإن لم يكن من االفراد فال بد من أن يرى قدم‬
‫قطب وقته امامه زائدا على قدم نبيه “ ‪ ( .‬ف ‪- 1 / 201 ) .‬‬
‫افراد الوقت هنا اي الخارجون عن حكم القطب صاحب الوقت ‪.‬‬
‫) ‪( 3‬ورد المصطلح عند ابن العربي في كتاب المسائل ص ‪ . 28‬يقول ‪ “ :‬االفراد‬
‫وهم أعيان األولياء “‬
‫) ‪( 4‬ورد المصطلح في الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪ 178‬انظر آخر نص في هذا‬
‫المصطلح ‪.‬‬
‫) ‪( 5‬يراجع بشأن “ افراد “ عند ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 1‬ص ‪ ( 199‬االفراد وحكم القطب )‬
‫ص ‪ ( 229‬االفراد ‪ -‬أصحاب الركاب ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪ ( 19‬االفراد ال عدد يحصرهم )‬
‫ص ‪ ( 53‬االفراد ‪ -‬المهيمون )‬
‫ص ‪ ( 340‬اآلحاد ‪ -‬االفراد )‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪ ( 178 ، 78‬االخفياء )‬
‫‪-‬المسائل ص ‪ ( 28‬أعيان األولياء ‪ .‬الفرد )‬
‫‪-‬رسالة “ مقام القربة “ مخطوط رقم ‪ 9‬مجاميع القاهرة‬
‫‪-‬االصطالحات ص ‪ ( 286‬االفراد )‬
‫‪-‬رسالة األقطاب ق ‪ 118‬أ ( المفردون )‬
‫كما يراجع ‪:‬‬
‫‪-‬شرح تائية ابن الفارض ق ‪ ( 23‬االفراد )‬
‫‪-‬اصطالحات الصوفية ‪ ،‬المقدسي ق ‪ ( 177‬االفراد )‬
‫****‬
‫‪ - 500‬التفريد‬
‫“ التفريد “ مرحلة يصلها السالك بعد “ التجريد “ ‪.‬‬
‫جرد “ السالك عن قلبه وسره الكون والسوى ‪ “ ،‬أفرد “ الواحد ‪.‬‬ ‫فإذا “ ّ‬
‫عرفهما الطوسي [ ت‬ ‫وقد توقف الصوفية قبل ابن العربي ‪ 1‬عند هذين المفردين ‪ّ ،‬‬
‫‪ 378‬هـ ] بقوله ‪:‬‬

‫‪878‬‬
‫“ ‪“ 879‬‬

‫“ التفريد “ إفراد المفرد برفع الحدث وإفراد القدم بوجود حقائق الفردانية ‪ .‬قال‬
‫والمفردون من الموحدين قليل ‪“ .‬‬‫ّ‬ ‫بعضهم ‪ “ :‬المو ّحدون ّّلل من المؤمنين كثير‬
‫قال ‪ :‬الحسين بن منصور ( الحالج ) ‪ . . .‬عند قتله ‪ :‬حسب الواجد إفراد الواحد ‪.‬‬
‫“ والتجريد “ ‪ :‬ما تجرد للقلوب من شواهد األلوهية إذا صفا من كدورة البشرية ‪،‬‬
‫وقال ‪ :‬بعض الشيوخ وقد سئل عن التجريد ‪ ،‬فقال ‪ “ :‬إفراد الحق من كل ما يجري ‪،‬‬
‫وإسقاط العبد في كل ما يبدي ‪ ( “ . . .‬اللمع ص ‪. ) 425‬‬
‫اما ابن العربي فيعرفهما بقوله ‪:‬‬
‫“ التجريد “ إماطة السوى والكون عن القلب والسر ‪ .‬والتفريد ‪:‬‬
‫وقوفك بالحق معك “ ( االصطالحات ص ‪. ) 289‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يعطينا الكمشخانوي صورة متكاملة عن التجريد والتفريد كما وصلته من كل‬
‫التصوف السابق ‪:‬‬
‫“ ( التجريد )‬
‫وهو في النهايات ‪ :‬تجريد االخالص عن شهود التجريد ‪.‬‬
‫وصورته في البدايات ‪ :‬التجريد عن المخالفات واللذات ودعوات الهوى ‪.‬‬
‫وفي المعامالت ‪ :‬تجريد النفس عن رؤية تأثير الكائنات ‪ ،‬ونسبة االفعال إلى‬
‫المخلوقات ‪.‬‬
‫وفي االخالق ‪ :‬تجريدها عن الهيئات النفسانية والملكات الرديئة الشيطانية ‪.‬‬
‫وفي األصول ‪ :‬التجريد عن الفتور في السير وااللتفات إلى الغير ‪.‬‬
‫وفي األدوية ‪ :‬التجريد عن العلوم االستداللية بااللهامات اإللهية والعلوم اللدنية ‪،‬‬
‫وفي األحوال ‪ :‬التجريد عن محبة السوى واالصطبار مع النوى ‪،‬‬
‫وفي الواليات ‪ :‬التجريد عن األسماء والصفات وعن رسوم جميع الكائنات ؛‬
‫وفي الحقائق ‪ :‬تجريد عين الجمع عن درك العلم ‪.‬‬

‫َّللا‬
‫( التفريد ) تفريد اإلشارة عن الحق بان ال يشير إلى الخلق في الهداية والدعوة إلى ّ‬
‫َّللا مع الخلق ظاهرا ‪ ،‬ليدعوهم اليه ‪.‬‬‫اال عن الحق ‪ ،‬وذلك حال بسط ّ‬
‫وقبضه عنهم باطنا ‪ ،‬لئال يقول اال ما قال الحق ‪.‬‬
‫وصورته في البدايات ‪ :‬تخليص اإلشارة إلى الحق بالعبادة ‪.‬‬
‫وفي األبواب ‪ :‬تخليص اإلشارة إلى الحق بالعقيدة ‪.‬‬
‫وفي المعامالت ‪ :‬تفريد اإلشارة إلى الحق بالتأثير والتصريف ‪.‬‬
‫وفي االخالق ‪ :‬تصريف اإلشارة إلى الحق بالحق والبعث ‪،‬‬
‫وفي األصول ‪ :‬تخليص اإلشارة إلى الحق قصدا وسلوكا ‪.‬‬
‫وفي األدوية ‪ :‬تخليص اإلشارة بالحق محبة‬

‫‪879‬‬
‫“ ‪“ 880‬‬

‫وغيرة ‪،‬‬
‫وفي الواليات ‪ :‬تخليص اإلشارة بالحق افتخارا وبوحا ‪،‬‬
‫وفي الحقائق ‪ :‬تخليص اإلشارة بالحق شهودا واتصاال “‬
‫( جامع األصول ‪ -‬ص ‪. ) 214‬‬
‫****‬
‫‪ - 501‬الفراسة‬
‫الفراسة تم ّكن العبد ان يرى في المتفرس فيه عالمات يستدل بها ‪.‬‬
‫وهي على ثالثة أنواع ‪ ،‬فراسة حكمية وفراسة ايمانية وفراسة الهية ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا “ ‪ . . .‬ويقول [ تعالى ] “ ان في ذلك آيات للمتوسمين‬
‫‪ - 1‬الفراسة ‪ :‬رؤية بنور ّ‬
‫َّللا عليه وسلم “ ‪ :‬اتقوا فراسة المؤمن فإنه يرى‬
‫“ اي للمتفرسين ويقول الرسول صلى ّ‬
‫َّللا ‪ ( “ 1‬بلغة الغواص ‪. ) 31‬‬
‫بنور ّ‬

‫‪ - 2‬الفراسة الحكمية ‪ :‬عالمات طبيعية مزاجية “ ‪ . .‬فاعلم أن الفراسة إذا اتصف بها‬
‫العبد ‪ ،‬له في المتفرس فيه عالمات ‪ ،‬بتلك العالمات يستدل ‪ .‬والعالمات منها طبيعية‬
‫مزاجية ‪ ،‬وهي الفراسة الحكيمة ‪ ( “ . . .‬ف ‪. )235 / 2‬‬

‫‪ - 3‬الفراسة االيمانية ‪ :‬نور الهي “ فاعلم أوال ان الفراسة االيمانية وبها نبدأ ‪ ،‬انها‬
‫نور الهي يعطاه المؤمن لعين البصيرة ‪ ،‬يكون كالنور لعين البصر ‪ .‬وتكون العالمة‬
‫في المتفرس فيه ‪ ،‬كنور الشمس الذي تظهر به المحسوسات للبصر ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 2 -‬‬
‫‪. ) 235‬‬
‫‪ - 4‬الفراسة اإللهية ‪ :‬نور الهي “ ‪ . . .‬ومنها [ العالمات ] روحانية نفسية ايمانية ‪،‬‬
‫وهي الفراسة ‪ 2‬اإللهية ‪.‬‬
‫وهي نور الهي في عين بصيرة المؤمن يعرف به إذ يكشف له ما وقع في المتفرس‬
‫فيه ‪ ( “ .‬ف ‪. ) 235 / 2 -‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫َّللا “ انظر فهرس األحاديث ‪.‬‬ ‫) ‪( 1‬الحديث “ اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور ّ‬
‫حديث رقم ‪: ( 36 ) .‬‬
‫) ‪( 2‬يراجع بشأن “ فراسة ‪“ :‬‬
‫‪-‬روض الرياحين اليافعي ص ‪170 ، 169‬‬
‫‪-‬كشف الظنون ج ‪ 2‬ص ‪ 1241‬مادة فراسة‬

‫‪880‬‬
‫“ ‪“ 881‬‬

‫‪-‬الرسالة القشيرية ص ‪105‬‬


‫‪-‬علم القلوب للمكي ص ‪197 ، 20 ، 19‬‬
‫****‬
‫‪ - 502‬الفرق‬
‫راجع “ جمع “ المعنى ‪ :‬األول ‪ ،‬الثاني ‪ ،‬الثالث ‪1‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬كما يراجع بخصوص “ فرق “ عند ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 1‬ص ص ‪، 115 - 114‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪، 632 - 133‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪، 105 ، 54‬‬
‫‪-‬ترجمان األشواق ص ‪، 59‬‬
‫‪-‬رسالة ال يعول عليه ص ‪، 10‬‬
‫‪-‬االصطالحات ص ‪، 287‬‬
‫‪-‬االرشاد ورقة ‪، 148‬‬
‫‪-‬شرح تائية ابن الفارض ‪ .‬القيصري ورقة ‪، 8‬‬
‫‪-‬فصوص الحكم ‪ .‬فهرس االصطالحات ‪ .‬مادة فرق ‪،‬‬
‫اما بالنسبة للفظة “ فرق “ قبل ابن العربي ‪ .‬فليراجع نفس مراجع لفظة “ جمع “ الن‬
‫الفرق من ثنائيات الفكر الصوفي ‪.‬‬
‫كما يراجع ‪:‬‬
‫‪-‬ترجمة اللوائح ‪ .‬عبد الرحمن الجامي ص ‪ 4‬الالئحة الثانية ( التفرقة عند القوم ) ‪.‬‬
‫****‬
‫‪ - 503‬الفرق الثاني‬
‫وهو الحال الذي يشعر فيه العبد بتميزه عن الرب ‪ ،‬بعد تحققه بوحدته معه ‪.‬‬
‫انه شهود للكثرة في الوحدة ‪ ،‬والوحدة في الكثرة ‪. 1‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫“ ‪ . . .‬مقام الفرق الذي تميز فيه العبد من الرب ‪.‬‬
‫باّلل ‪ ،‬من المقام في‬
‫وهو الفرق الثاني المطلوب ‪ ،‬وهو أعلى عند المحققين العارفين ّ‬
‫عين الجمع ‪،‬‬
‫فان الجمع على الحقيقة إذن بالتفرقة ‪ ،‬فإنه يؤذن بالكثرة وال كثرة في العين ‪.‬‬
‫فهو راجع إلى جمعك‬

‫‪881‬‬
‫“ ‪“ 882‬‬

‫به عند اخذك منك ‪ ( “ . 2‬ترجمان األشواق هامش ‪. ) 3‬‬


‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬لم يهتم ابن العربي كثيرا باأللفاظ التي كثر تداولها بين طائفة المتصوفة ‪ ،‬اللهم‬
‫اال االلفاظ التي ألبسها جديدا من فلسفته ‪.‬‬
‫) ‪ ( “ ( 2‬الفرق الثاني ) ‪ . . .‬الفرق الثاني هو جمع الجمع بمعنى رؤية الكثرة في‬
‫الوحدة والوحدة في الكثرة ‪ ،‬ويسمى بالفرق الثاني لكون الفرق األول عبارة عن رؤية‬
‫خلق بال حق فهو حال من الحجب برؤية الكثرة عن رؤية الواحد المقيم لجميعها‬
‫“ ( لطائف االعالم ‪ .‬ورقة ‪ 142‬أ ) ‪.‬‬
‫كما يراجع ‪:‬‬
‫‪-‬لطائف االعالم ‪ :‬ص ‪ 142‬أ ( الفرق ‪ -‬الفرق األول ‪ -‬فرق الجمع ‪ -‬فرق‬
‫الوصف ) ‪.‬‬
‫‪-‬االصطالحات الصوفية ‪ .‬القاشاني ‪ .‬ورقة ‪ 86‬ب ‪،‬‬
‫‪-‬االرشاد ‪ .‬ابن العربي ‪ .‬ورقة ‪. 148‬‬
‫****‬
‫‪ - 504‬الفرقان‬
‫انظر “ قرآن “‬
‫****‬

‫‪ - 505‬فرقان في قرآن ‪1‬‬


‫انظر “ قرآن “ المعنى األول‬
‫) ‪( 1‬وردت هذه العبارة في الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪ ، 156‬وهي ال تقبل العكس فال‬
‫نقول ‪ :‬قرآن في فرقان الن التفرقة ال تتضمن الجمع ‪ .‬انظر “ جمع “‬
‫****‬
‫صل‬
‫‪ - 506‬المف ّ‬
‫صل والمجمل لإلشارة إلى العالقة بين االنسان والعالم ‪،‬‬ ‫يستعمل ابن العربي كلمتي المف ّ‬
‫من حيث أن األول هو مجمل حقائق الثاني ‪.‬‬
‫والعكس بالعكس الثاني هو تفصيل حقائق األول ‪.‬‬

‫‪882‬‬
‫“ ‪“ 883‬‬

‫انظر “ عالم صغير “ و “ عالم كبير “‬


‫“ انسان صغير “ و “ انسان كبير “ ‪.‬‬

‫‪ - 507‬فضيحة الدهر‬
‫المحب مهتوك الستر فال يستطيع كتمانا ‪ ، 1‬لذلك ينعته ابن العربي ب “ فضيحة‬
‫الدهر ‪“ .‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬نعت المحب بأنه مهتوك الستر ‪ ،‬سره عالنية ‪ ،‬فضيحة الدهر ‪ ،‬ال يعلم‬
‫الكتمان ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 361 / 2 -‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬ال يخفى أهمية الكتمان في الحب والدور الذي لعبه في اشعار الصوفية ‪ ،‬مما ال‬
‫يتسع المجال لذكره ‪.‬‬
‫****‬
‫‪ - 508‬الفطرة‬
‫الفطرة التي يولد كل مولود عليها ‪ ،‬هي االقرار بالربوبية ‪.‬‬
‫وهي أول ميثاق اخذه الحق على البشر ‪ ،‬حين اشهدهم على ربوبيته فقالوا ‪ :‬بلى ‪.‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫َّللا الخلق عليها ‪ ،‬حين اشهدهم ‪ ،‬حين‬
‫“ و “ الفطرة “ علم التوحيد ‪ ، 1‬التي فطر ّ‬
‫قبضهم من ظهورهم ( وقال لهم ) ‪ “ :‬ا لست بربكم ؟ "‬
‫‪ -‬قالوا ‪ ":‬بلى “ فشاهدوا الربوبية قبل كل شيء “ ( ف السفر األول فق ‪. ) 437‬‬

‫َّللا عليه وسلم ) ‪ :‬كل مولود يولد على الفطرة ‪ ، 2‬وهو الميثاق‬
‫“ وهو قوله ( صلى ّ‬
‫الخالص لنفسه ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 57 / 4‬‬

‫“ فالعبد طاهر األصل ‪ ،‬في عبوديته ‪ ،‬ألنه مخلوق على الفطرة ‪ ،‬وهي اقرار‬
‫بالعبودية للرب سبحانه “ [ ف السفر الخامس فق ‪. ] 583‬‬
‫يراجع “ ميثاق “ ‪.‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬قارن بين أهمية الميثاق في التوحيد عند ابن العربي والجنيد في رسائله ‪.‬‬
‫إذ بنى الجنيد تصوفه‬

‫‪883‬‬
‫“ ‪“ 884‬‬
‫وبخاصة في التوحيد على فكرة الميثاق وحال االنسان عندها ‪.‬‬
‫) ‪( 2‬راجع الحديث في فهرس األحاديث رقم ‪. ) 37 ( :‬‬

‫****‬
‫‪ – 509‬الفقر‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الفاء والقاف والراء أصل صحيح يدل على انفراج في شيء ‪ ،‬من عضو أو غير‬
‫ذلك ‪.‬‬
‫للظهر ‪ ،‬الواحدة ‪ -‬فقارة ‪ ،‬سميت للحزوز والفصول التي بينها ‪.‬‬ ‫من ذلك ‪ :‬الفقار ّ‬
‫والفقير ‪ :‬المكسور فقار الظهر ‪.‬‬
‫اشتق اسم الفقير ‪ ،‬وكأنه مكسور فقار الظهر من ذلّته‬
‫ّ‬ ‫وقال أهل اللغة ‪ :‬منه‬
‫ومسكنته ‪. . .‬‬
‫واما قولهم ‪ :‬أفقرك الصيد ‪ ،‬فمعناه انه أمكنك من فقاره حتى ترميه ‪ ( “ . . .‬معجم‬
‫مقاييس اللغة مادة “ فقر “ ) ‪.‬‬
‫“ فان اشتقاق الفقر لغة من ‪ :‬أرض فقراء ‪ ،‬وهي التي ال نبات فيها ‪ ،‬وال شيء أصال‬
‫فهو من المقلوب ‪ ( “ .‬لطائف االعالم مادة “ الفقر “ ورقة ‪143‬أ ) ‪.‬‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫الفقر في القرآن يشير إلى الحاجة وهو نعت للخلق في مقابل الغنى ( نعت للحق ) ‪.‬‬
‫ير ‪“( 28 / 24 ) .‬‬ ‫ي ِّم ْن َخي ٍْر فَ ِّق ٌ‬ ‫( أ )” فَقا َل َربّ ِّ ِّإ ِّنّي ِّلما أ َ ْنزَ ْل َ‬
‫ت ِّإلَ َّ‬
‫ي ْال َح ِّمي ُد “( ‪. ) 15 / 35‬‬
‫َّللاُ ُه َو ْالغَنِّ ُّ‬
‫َّللا ‪َ ،‬و َّ‬‫اس أ َ ْنت ُ ُم ْالفُقَرا ُء إِّلَى َّ ِّ‬
‫( ب )” يا أَيُّ َها النَّ ُ‬

‫عند ابن العربي ‪: 1‬‬


‫يقف الباحث امام نصوص ابن العربي في الفقر سائال ‪ :‬هل يتناقض هذا المفكر العظيم‬
‫‪ ،‬فيرى ‪ :‬من ناحية ان الفقر صفة ذاتية للممكن ‪ ،‬ومن ناحية ثانية يؤكد انه ينالها ‪،‬‬
‫وطبعا ال ينال االنسان ما هو ذاتي له ‪ .‬اذن ؟‬

‫اذن ‪ :‬ابن العربي ينظر إلى الفقر من وجهتين مختلفتين دون ان ينبه إلى ذلك ‪.‬‬
‫إذ انه ينظر اليه من الوجهة الوجودية ومن الوجهة السلوكية‪.‬‬
‫فهناك ‪ ،‬إذا جاز التعبير ‪ :‬فقر وجود ‪ -‬وفقر سلوك ‪.‬‬

‫‪ - 1‬الفقر الوجودي ‪:‬‬


‫الفقر هنا هو صفة ذاتية للممكن في جميع أحواله ( ثبوت ‪ -‬وجود عيني ‪، ) 2‬‬

‫‪884‬‬
‫“ ‪“ 885‬‬

‫فهو في حال ثبوته يفتقر إلى مر ّجح ‪ ،‬وإذا وجد افتقر إلى مر ّجح الستمرار وجوده ‪، 3‬‬
‫وإلى كل ما يحويه عالمه لحفظ وجوده ( طعام ‪ ،‬دواء ‪. ) . . .‬‬
‫اذن الفقر نعت ذاتي للمعدوم ‪ 4‬والموجود ‪ ،‬يشمل كل الخلق فهو عام الحكم شامله ‪.‬‬

‫‪ – 2‬الفقر السلوكي ‪:‬‬


‫ان الفقر األول هو فقر عام واجب ‪ ،‬اما الفقر السلوكي فهو فقر خاص عرضي ‪ ،‬وان‬
‫كان في الواقع شهودا للفقر األول ‪.‬‬
‫َّللا ‪ .‬فهي عامة بدليل اآلية ”‪َ :‬و ُه َو َمعَ ُك ْم أَيْنَ ما‬ ‫وتقريبا لألذهان نعطي مثال ‪ :‬معية ّ‬
‫صابِّ ِّرينَ ‪] 46 / 8 [“ . . .‬‬ ‫ُك ْنت ُ ْم “[ ‪ ] 4 / 57‬وهي خاصة بدليل اآلية ”‪:‬إِّ َّن َّ َ‬
‫َّللا َم َع ال َّ‬
‫‪ ،‬فمعية الحق العامة لم يستحقها العبد بفعل أو صفة انها ‪ :‬معية وجود ‪ ،‬اما الثانية فهي‬
‫معية خاصة استحقها العبد لصفة نفسية قامت به ‪.‬‬
‫وكذلك الفقر األول العام ‪ ،‬فقر ذاتي الفضل فيه للعبد وال تعمل يفترض مثوبة خاصة‬
‫أو “ ثمرة “ معينة ‪.‬‬
‫اما الفقر الثاني الخاص ‪ ،‬فهو في الواقع ‪:‬‬
‫‪ - 1‬شهود للفقر الذاتي ‪ :‬كل موجود متحقق بالفقر ولكنه ال يشعر بذلك ‪ ،‬فمن اختار‬
‫الفقر ‪ ،‬يخيل اليه انه اختاره ‪ ،‬ولكن العارف يستطيع ان يميز أنه يشهد فقط ويعي فقرة‬
‫األصلي ‪.‬‬
‫َّللا “ ‪.‬‬
‫‪ - 2‬ان الفقر الخاص له إضافة واحدة ‪ :‬إلى “ ّ‬
‫َّللا ‪.‬‬
‫َّللا “ وهذا ما يكتسبه السالك ‪ ،‬فال يفتقر اال إلى ّ‬ ‫فالفقر السلوكي هو “ فقر إلى ّ‬
‫َّللا من حيث أسماؤه ‪.‬‬ ‫وإذا افتقر إلى اي شيء من العالم ‪ ،‬فهو في الواقع افتقار إلى ّ‬
‫فالحق تسمى بكل اسم يفتقر اليه العبد ‪.‬‬
‫فالعارف عنده هذا الشهود ‪ :‬اي ان كل افتقار إلى كون هو افتقار إلى اسم الهي ‪. 5‬‬
‫‪ - 3‬ان الفقر الخاص هو سلوك نفسي ومجاهدة ‪ ،‬بل هو ثمن القرب اإللهي وبابه ‪.‬‬
‫ومن تحقق بالفقر الكامل تحققا تاما نال ثمرته ‪ :‬القرب اإللهي‪.‬‬
‫وهو هنا قرب النوافل ‪ :‬اي يكون الحق سمعه وبصره فيقول للشيء كن ‪ ،‬فيكون ‪.‬‬
‫اما نصوص ابن العربي فنوردها فيما يلي ‪:‬‬
‫( أ )” الفقر حكم يع ّم الكون أجمعه * وال احاشي من األعيان من أحد “( ف ‪/ 2‬‬
‫‪. ) 263‬‬
‫َّللا العالم على قدم واحدة اال في شيء واحد ‪ ،‬وهو االفتقار ‪.‬‬ ‫“ فما خلق ّ‬
‫فالفقر له ذاتي ‪ ،‬والغنى له أمر عرضي “ ‪ ( .‬ف ‪. ) 373 / 3‬‬

‫َّللا “ أولى من النسبة‬


‫باّلل فقير اليه فالنسبة بلفظ “ الفقر إلى ّ‬
‫( ب ) “ الغني ّ‬

‫‪885‬‬
‫“ ‪“ 886‬‬

‫بالغنى ‪ ،‬الن الغنى نعت ذاتي يرفع المناسبة بين ذات الحق والخلق ‪ ،‬وكل طلب فيؤذن‬
‫بمناسبة ‪ . . .‬ما في الكون اال طالب ‪ ،‬فما في الكون اال فقير لما طلب ‪ .‬ويتميز الفقر‬
‫عن سائر الصفات بأمر ال يكون لغيره وهو انه صفة للمعدوم والموجود ‪ ،‬وكل صفة‬
‫وجودية من شرطها ان تقوم بالموجود ‪ ،‬أال ترى الممكن في حال عدمه ‪ ،‬يفتقر إلى‬
‫المرجح ‪ ،‬فإذا وجد افتقر أيضا إلى استمرار الوجود له وحفظه عليه ‪ ،‬فال يزال فقيرا‬
‫ذا فقر في حال وجوده ‪ ،‬وفي حال عدمه ‪ .‬فهو اع ّم المقامات حكما [ ‪ -‬الفقر‬
‫الوجودي ] ‪ ،‬فالذي يكتسب من هذه الصفة ‪ [ -‬الفقر السلوكي ] إضافة خاصة ‪ ،‬وهي‬
‫َّللا ال إلى غيره ‪ ( “ .‬ف ‪. ) 263 - 264/ 2‬‬ ‫الفقر إلى ّ‬

‫ي ْال َح ِّمي ُد “[ ‪/ 35‬‬


‫َّللاُ ُه َو ْالغَنِّ ُّ‬ ‫اس أ َ ْنت ُ ُم ْالفُقَرا ُء ِّإلَى َّ ِّ‬
‫َّللا َو َّ‬ ‫َّللا تعالى ‪ ”:‬يا أَيُّ َها النَّ ُ‬
‫“ قال ّ‬
‫‪ ]15‬يعني بأسمائه ‪ ،‬كما نحن فقراء إلى أسمائه ‪ ،‬ولذلك أتى باالسم الجامع لألسماء‬
‫اإللهية ‪ . . . 6‬وباب الفقر ليس فيه ازدحام التساعه وعموم حكمه ‪ ،‬والفقر صفة‬
‫مهجورة وما يخلو عنها أحد ‪ . 7‬وهي في كل فقير بحسب ما تعطيه حقيقته ‪ ،‬وهي ألذ‬
‫ما ينالها العارف ‪. 8‬‬
‫فإنها تدخله على الحق ويقبله الحق ‪ ،‬وتقرب منها أختها وهي ‪ :‬الذلة ‪.‬‬
‫ي بما ليس لي الذلة واالفتقار ‪ . . .‬نعتان‬ ‫تقرب ال ّ‬ ‫قال أبو يزيد ‪ :‬قال لي الحق ‪ّ :‬‬
‫للممكنات ‪ ،‬ليس لواجب الوجود منهما نعت في اللسان ‪. . .‬‬
‫وفي هذه اآلية اعني آية قوله ‪ ”:‬أ َ ْنت ُ ُم ْالفُقَرا ُء “) ‪( 35 / 15‬‬
‫تسمى الحق لنا باسم كل ما يفتقر اليه ‪ ،‬غيرة منه أن يفتقر إلى غيره ‪.‬‬
‫فالفقير هو الذي يفتقر إلى كل شيء وال يفتقر اليه شيء ‪ ،‬وهذا هو العبد المحض ‪. . .‬‬
‫فتكون حاله في شيئية وجوده ‪ ،‬كحاله في شيئية عدمه “ ( ف ‪. )263 /2‬‬

‫( ج ) “ فكل موجود إضافي متحقق بالفقر وان ولم يشعر بذلك [ ‪ -‬فقر وجودي ] ‪،‬‬
‫وان وجده فال يعلم أن ذلك هو المسمى فقرا ‪ . . .‬ان الفقر نعت واجب ‪ . . .‬وجوبا‬
‫ذاتيا “ ( ف ‪. ) 264 / 2‬‬

‫“ وقال [ رب العرش ] لي ‪ :‬ياغوث ‪ ،‬ليس الفقير عندي من ليس له شيء ‪ ،‬بل الفقير‬
‫الذي له امر في كل شيء ‪ ،‬إذا قال لشيء كن فيكون ‪. . .‬‬
‫وقال ‪ :‬ياغوث ‪ ،‬قل ألصحابك واحبابك ‪ ،‬فمن أراد منكم صحبتي فعليه اختيار‬

‫‪886‬‬
‫“ ‪“ 887‬‬
‫الفقر ‪ ، 9‬ثم فقر الفقر ‪ ،‬ثم فقر عن فقر الفقر ‪ ،‬فإذا ت ّم فقرهم فال هم اال انا ‪10‬‬
‫“ ( الرسالة الغوثية ق ق ‪ 79‬أ ‪ 79 -‬ب ) ‪.‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يراجع بشأن “ فقر ‪“ :‬‬
‫‪-‬لطائف االعالم ق ق ‪ 143‬ب ‪ 145 -‬أ ( الفقر ‪ -‬الفقر التام ‪ -‬فقر الغني ‪ -‬الفقير ‪-‬‬
‫فقير الرضى ‪ -‬فقر الفقر ) ‪.‬‬
‫‪-‬كتاب المسائل ‪ .‬المحاسبي ص ‪، 51‬‬
‫‪-‬الرسالة القشيرية ص ‪، 122‬‬
‫‪-‬اللمع ‪ .‬السراج ص ‪، 74‬‬
‫‪-‬روضة الطالبين الغزالي ص ‪، 124‬‬
‫‪-‬رسائل ابن سبعين نشر بدوي الرسالة الفقيرية ص ‪ 22 - 1‬حيث توسع بشرح الفقر‬
‫من ناحية ‪ :‬اللغة والفقه ‪ ،‬والعقل ‪ ،‬والطريق ‪.‬‬
‫كما يراجع ‪:‬‬
‫‪-Exegese coranique‬األب نويا ص ‪ ( 27‬مقاتل ‪ :‬الفقير والمسكين ) ‪.‬‬
‫‪-‬اما الجيلي فننقل عنه هذا المقطع من رسالته “ حقيقة اليقين “ ورقة ‪ “ : 8‬فان كنت‬
‫ممن يطرأ عليه الخوف والرجا وقتا ما أو لفعل ما أو لشهود ما فلست من الفقر بشيء‬
‫‪ ،‬وكذلك ان كنت ترجو امرا ما مما يتعلق بالفتح عليك ‪. . .‬‬
‫فأنت مشرك مبعد ليس لك في الحقيقة قدم ‪ .‬والعارف عندنا من ال يتغير بوجه من‬
‫الوجوه ‪ . . .‬إذا كل متغير ليس من الفقر على أصل ‪“ .‬‬
‫) ‪( 2‬راجع “ عين ثابتة “‬
‫) ‪( 3‬ان الخلق عند ابن العربي يتجدد مع األنفاس وال بد من مرجح في كل خلق ‪.‬‬
‫انظر “ خلق جديد “‬
‫) ‪( 4‬اي معدوم الوجود العيني انظر “ عدم “ “ عين ثابتة ‪“ .‬‬
‫) ‪( 5‬راجع “ اسم الهي ‪“ .‬‬
‫) ‪( 6‬انظر “ االسم الجامع ‪“ .‬‬
‫) ‪( 7‬يعني هنا الفقر الوجودي ‪.‬‬
‫) ‪( 8‬يتكلم هنا على الفقر السلوكي ‪ .‬ونالحظ كيف ان ابن العربي ينتقل في كالمه بين‬
‫نظرتين إلى الفقر دون ان ينبه القارئ إلى هذه النقلة ‪.‬‬
‫) ‪( 9‬بخصوص “ فقر “ عند ابن العربي ‪ ،‬فليراجع ‪:‬‬
‫‪-‬فصوص الحكم ج ‪ 1‬ص ‪ ( 105‬الفقر الكلي ‪ .‬الفقر النسبي ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪ ( 170‬االفتقار الذاتي ) ‪ ،‬ص ‪ ( 264 - 262‬باب في معرفة‬
‫الفقر واسراره ) ‪.‬‬

‫‪887‬‬
‫“ ‪“ 888‬‬

‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪. 460‬‬

‫) ‪( 10‬انظر “ قرب النوافل “ ‪.‬‬

‫‪ - 510‬الفهوانية‬
‫انظر “ خطاب الهي “ ‪ :‬المعنى األول الفقرة “ ‪." 1‬‬

‫‪ - 511‬الفناء‬
‫انظر “ بقاء "‪.‬‬

‫‪ - 512‬فوق‬
‫انظر “ تحت "‪.‬‬

‫‪ – 513‬الفيض‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الفاء والياء والضاد أصل صحيح واحد ‪ ،‬يدل على جريان الشيء بسهولة ‪ ،‬ثم يقاس‬
‫عليه ‪ .‬من ذلك فاض الماء يفيض ‪ . . .‬ومنه ‪ :‬أفاض القوم من عرفة ‪ ،‬إذ ادفعوا وذلك‬
‫كجريان السيل ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة مادة “ فيض “ ) ‪.‬‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫ورد األصل فيض بالمعنى اللغوي السابق ‪.‬‬
‫( أ ) جريان الشيء بسهولة ‪.‬‬
‫ع َرفُوا ِّمنَ ْال َح ّ ِّ‬
‫ق ‪“( 5 / 83 ) .‬‬ ‫” تَرى أ َ ْعيُنَ ُه ْم ت َ ِّف ُ‬
‫يض ِّمنَ الد َّْم ِّع ِّم َّما َ‬

‫‪888‬‬
‫“ ‪“ 889‬‬

‫( ب ) أفاض القوم من عرفة ‪ :‬إذ اذفعوا‬


‫اس َوا ْست َ ْغ ِّف ُروا َّ َ‬
‫َّللا ‪“( 2 / 199 ) .‬‬ ‫ْث أ َ َ‬
‫فاض النَّ ُ‬ ‫ضوا ِّم ْن َحي ُ‬ ‫قال تعالى ‪ ” :‬ث ُ َّم أ َ ِّفي ُ‬
‫( ج ) أفاض القوم في الحديث ‪ :‬إذا اندفعوا فيه ‪.‬‬
‫ش ُهودا ً ِّإ ْذ ت ُ ِّفيضُونَ فِّي ِّه ‪“( 10 / 61 ) .‬‬ ‫قال تعالى ‪ِّ ” :‬إ َّال ُكنَّا َ‬
‫علَ ْي ُك ْم ُ‬
‫والجدير بالذكر ان القرآن العزيز لم يضف الفيض إلى الحق كما أنه لم يربطه بفعل‬
‫الخلق مطلقا ‪.‬‬

‫عند ابن العربي ‪:‬‬


‫حاول ابن العربي ان يفسر فعل الخلق ‪ ،‬ووجود المخلوقات إلى جانب الحق في‬
‫الوجود ‪ ،‬دون ان يخرج عن الوحدة الوجودية ‪.‬‬
‫فأتى بمفردات وصور تحافظ على وحدة الوجود عبر اثنينيته المشهودة ( خالق ‪-‬‬
‫خلق ) ‪ :‬المرايا ‪ ، 1‬الصور ‪ ، 2‬المجالي ‪ ، 3‬الفيوضات ‪. . .‬‬
‫فالخلق في مذهب ابن العربي ليس ايجادا من العدم ‪ ، 4‬بل هو ظهور وتجل الهي فيما‬
‫ال يحصى عدده من صور الموجودات ‪.‬‬
‫فالحق يخلق المخلوقات بلغة ابن العربي ‪ :‬يتجلى في صورتها ‪.‬‬
‫وهذا الفيض ‪ 5‬اإللهي على نوعين ‪ ،‬يشكالن مرحلتين في منطق النظام الوجودي ال‬
‫في واقع االمر ‪ :‬الفيض االقدس والفيض المقدس ‪. 6‬‬
‫فالفيض االقدس يسبق الفيض المقدس في منطق الوجود ‪ ،‬على أن حقيقة االمر عند‬
‫الشيخ األكبر هو ان الفيض دائم مستمر ‪.‬‬

‫وسنعرض فيما يلي هذه العبارات الثالث باختصار ‪:‬‬


‫الفيض االقدس ‪:‬‬
‫الفيض االقدس ‪ :‬هو مرتبة العماء ‪ - 7‬وهو تجلي الذات األحدية لنفسها في صور‬
‫جميع الممكنات التي يتصور وجودها فيها بالقوة ‪.‬‬
‫فهو أول درجة من درجات التعينات في طبيعة “ الوجود المطلق “ ‪ ،‬ولكنها تعينات‬
‫معقولة ال وجود لها في عالم األعيان الحسية ‪ ،‬بل هي مجرد قوابل للوجود ‪.‬‬
‫وهذه الحقائق المعقولة ‪ ،‬أو الصور المعقولة للممكنات هي التي يطلق عليها ابن‬
‫العربي اسم “ األعيان الثابتة “ ‪ 8‬للموجودات ‪. 9‬‬

‫ويضيف ابن العربي أحيانا على عبارة الفيض االقدس كلمة “ الساري “‬

‫‪889‬‬
‫“ ‪“ 890‬‬

‫فيقول ‪ “ :‬الفيض االقدس الساري “ وذلك الن الفيض االقدس هو أول بالنسبة للمقدس‬
‫‪ ،‬وكل أول سار ‪. 10‬‬

‫الفيض المقدس ‪:‬‬


‫وقد سبق الكالم عليه في “ التجلي الوجودي ‪ ، “ 11‬وهو تجلي الواحد في صور‬
‫الكثرة الوجودية ‪ ،‬اي ظهور األعيان الثابتة من العالم المعقول إلى العالم المحسوس ‪،‬‬
‫أو ظهور ما بالقوة في صورة ما بالفعل ‪ ،‬وظهور الموجودات الخارجية على نحو ما‬
‫هي عليه في ثبوتها األزلي ‪.‬‬
‫وكما قلنا إن الفيض االقدس هو تجلي الحق لذاته في الصور المعقولة للكائنات ‪،‬‬
‫نستطيع ان نقول هنا ان الفيض المقدس هو تجلي الحق في صور أعيانها ‪.‬‬
‫فهو بذلك الدرجة الثانية من درجات التعين في طبيعة الوجود المطلق ‪. 12‬‬

‫الفيض الدائم ‪:‬‬


‫ال يصل فعل الخلق إلى غايته بالفيض المقدس ‪ ،‬إذ لو توقف عنده ال تصف المخلوق‬
‫بالغنى عن الخالق ‪ :‬فالفيض المقدس يوجد أعيان المخلوقات في العالم المحسوس ‪،‬‬
‫ولكن طبيعة هذه المخلوقات ‪ ،‬الفناء ‪ ،‬فهي ال تلبث ان تفنى ‪ ،‬من حيث أن لها الثبوت‬
‫في العدم ‪ ، 13‬اذن ال بد من خلق مستمر وفيض دائم يوجد هذه المخلوقات في كل‬
‫لحظة ألنها تفنى في كل لحظة ‪ ( .‬خلق جديد ) ‪. 14‬‬
‫فالفيض الدائم هو تجلي الحق المستمر في صور العالم المحسوس ‪ ،‬أو بتعبير آخر هو‬
‫استمرار ودوام الفيض المقدس ‪.‬‬
‫فابن العربي لم يجرد فعل الخلق من فعاليته ‪ ،‬كما يظن البعض ‪ ، 15‬بل على العكس‬
‫هو الفعل الوحيد المستمر ‪.‬‬
‫فاّلل خالق على الدوام ‪. 16‬‬
‫ّ‬
‫ونورد فيما يلي النصوص التي تظهر فيها هذه الفيوضات الثالث وهي على اقتضابها‬
‫معبرة ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫سوى محال ‪ ،‬إال ويقبل روحا الهيا ‪ ،‬عبر عنه‬
‫( أ ) “ ومن شأن الحكم اإللهي انه ما ّ‬

‫‪890‬‬
‫“ ‪“ 891‬‬

‫بالنفخ فيه ‪ ،‬وما هو اال حصول االستعداد من تلك الصورة المسواة ‪ ،‬لقبول الفيض‬
‫التجلي الدائم الذي لم يزل وال يزال ‪ .‬وما بقي اال قابل والقابل ال يكون اال من فيضه‬
‫االقدس ‪ ( “ . . . 17‬فصوص ‪. ) 49 / 1‬‬

‫وكون األكوان ‪19‬‬


‫( ب ) “ فسبحان من عيّن األعيان ‪ 18‬بالفيض االقدس ‪ّ . . .‬‬
‫بالفيض المقدس “ ( مرآة العارفين ق ‪. ) 1‬‬

‫( ج ) “ والحق تعالى وهاب على الدوام ‪ ،‬فياض ‪ 20‬على االستمرار ‪ ،‬والمحل قابل‬
‫على الدوام “ ( ف ‪. ) 57 / 1‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬راجع “ مرآة “ ) ‪( 2‬راجع “ صورة “‬
‫) ‪( 3‬راجع “ تجلى “ ) ‪( 4‬راجع “ خلق “‬
‫) ‪( 5‬على الرغم من استعمال ابن العربي لغة الفلسفة األفالطونية المحدثة وأساليبها‬
‫في التعبير عن الخلق باصطالح الفيض ‪ ،‬اال ان مذهبه في الفيض متميز عن هذه‬
‫الفلسفة من حيث إن الفيوضات عنده ليست اال تجليات لحقيقة واحدة في صور مختلفة‬
‫‪ ،‬على حين انها عند افلوطين سلسلة من الوجودات يفيض كل منها عن الوجود السابق‬
‫عليه ويتصل به اتصال المعلول بعلته ‪ ،‬فالفيوضات االفلوطينية وان كانت ترجع إلى‬
‫أصل واحد فهي ليست هذا الواحد وال مظهرا له ‪.‬‬
‫انظر فصوص الحكم ج ‪ 2‬ص ‪ ، 10 - 9‬ص ‪. 151‬‬
‫) ‪( 6‬الفيض االقدس والفيض المقدس يرادفان تجلي الغيب وتجلي الشهادة ‪ :‬فالتجلي‬
‫اإللهي في الغيب هو تجليه لذاته في ذاته في الصور المعقولة ألعيان الممكنات ‪،‬‬
‫وتجليه في الشهادة هو ظهوره في صور أعيان الممكنات في العالم الخارجي ‪.‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫“ ان ّّلل تجليين ‪ :‬تجلي غيب وتجلي شهادة ‪ .‬فمن تجلي الغيب يعطي االستعداد الذي‬
‫يكون عليه القلب ‪ . . .‬فإذا حصل له ‪ .‬اعني القلب ‪ -‬هذا االستعداد تجلى له التجلي‬
‫الشهودي في الشهادة فرآه ‪ ،‬فظهر بصورة ما تجلى له “ ‪ (. . .‬فصوص ‪- 120 / 1‬‬
‫‪. ) 121‬‬
‫انظر شرح المقطع الفصوص ج ‪ 2‬ص ‪ . 146 - 145‬كما يراجع “ تجلي غيب‬
‫وتجلي شهادة ‪“ .‬‬
‫) ‪( 7‬انظر “ عماء “‬
‫) ‪( 8‬راجع “ عين ثابتة “‬
‫) ‪( 9‬عفيفي فصوص الحكم ج ‪ 2‬ص ص ‪، 9 - 8‬‬

‫‪891‬‬
‫“ ‪“ 892‬‬
‫) ‪( 10‬راجع “ أول “‬
‫) ‪( 11‬راجع “ تجلي وجودي “‬
‫) ‪( 12‬عفيفي فصوص الحكم ج ‪ 2‬ص ‪، 9‬‬
‫) ‪( 13‬راجع “ عين ثابتة “‬
‫) ‪( 14‬راجع “ خلق جديد “‬
‫) ‪( 15‬لقد نظر الباحثون إلى فعل الخلق عند ابن العربي عبر الوجود الواحد ‪.‬‬
‫فالمخلوقات ال وجود حقيقي لها اذن الفعل خلق حقيقي للخالق وبالتالي يخسر فعل‬
‫الخلق معناه ‪ ( .‬راجع كالم عفيفي فصوص الحكم ج ‪ 2‬ص ‪- 8 ) . 7‬‬
‫على حين يظن ابن العربي ان فعل الخلق يكتسب كل معناه باتصاف المخلوقات‬
‫باالفتقار إلى الخالق ‪ .‬فالمخلوقات ان استقلت بوجودها اتصفت بالغنى عن الخالق‬
‫وبالتالي يكون فعل الخلق فعال ماضيا ال يحمل في طياته هذه الفعالية المستمرة ‪.‬‬
‫) ‪( 16‬وهذا يذكرنا بالتصور الديكارتي ّّلل ‪.‬‬
‫) ‪( 17‬راجع شرح المقطع ‪ .‬الفصوص ج ‪ 2‬ص ص ‪. 10 - 8‬‬
‫) ‪( 18‬اي األعيان الثابتة ‪،‬‬
‫) ‪( 19‬إشارة إلى قوله” ُك ْن “[ ‪ ] 40 / 16‬لألعيان الثابتة فتكونت في العالم‬
‫المحسوس ‪،‬‬
‫) ‪( 20‬يراجع بخصوص “ فيض “ عند ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬االتحاد الكوني ق ‪ 145‬أ ( الفيض السامي )‬
‫‪-‬كتاب الحق ق ‪ ( 29‬الفيض االقدس الساري )‬
‫‪-‬كتاب التراجم ص ‪ ( 1‬الفيض )‬
‫‪-‬كتاب المسائل ص ‪ ( 11‬الفيض الذاتي ‪ -‬الفيض اإلرادي ) ‪.‬‬
‫‪-‬ف ج ‪ 4‬ص ‪ ( 62‬الفيض الدائم ) ‪.‬‬
‫‪-‬فصوص الحكم ج ‪ 2‬ص ص ‪ ( 179 ، 151 - 28 - 27‬خالف الفالسفة المشائين‬
‫من المسلمين بان الكثرة قد صدرت عن الواحد ) ‪ ( 197 ،‬فيض أقدس ‪ ،‬فيض‬
‫مقدس ) ‪ ( 244 ،‬فيض ) ‪ ( 245 ،‬فيض أقدس ‪ -‬فيض مقدس ) ‪ ( 337 ،‬فيوضات‬
‫ابن العربي وافلوطين ‪) .‬‬
‫‪-‬الديوان ص ‪ ( 38‬الفيض السامي ) ‪.‬‬
‫****‬
‫‪ - 514‬الفيض األقدس‬
‫مرادف ‪ :‬تجلي غيب‬
‫انظر “ فيض “ الفقرة األولى‬
‫((الفيض االقدس ‪ :‬هو مرتبة العماء ‪ -‬وهو تجلي الذات األحدية لنفسها في صور‬
‫جميع الممكنات التي يتصور وجودها فيها بالقوة ‪.‬‬
‫فهو أول درجة من درجات التعينات في طبيعة “ الوجود المطلق “ ‪ ،‬ولكنها تعينات‬
‫معقولة ال وجود لها في عالم األعيان الحسية ‪ ،‬بل هي مجرد قوابل للوجود ‪.‬‬
‫وهذه الحقائق المعقولة ‪ ،‬أو الصور المعقولة للممكنات هي التي يطلق عليها ابن‬
‫العربي اسم “ األعيان الثابتة “للموجودات ‪.‬‬

‫‪892‬‬
‫ويضيف ابن العربي أحيانا على عبارة الفيض االقدس كلمة “ الساري “‬
‫فيقول ‪ “ :‬الفيض االقدس الساري “ وذلك الن الفيض االقدس هو أول بالنسبة‬
‫للمقدس ‪ ،‬وكل أول سار ‪. )) .‬‬
‫“ ‪“ 893‬‬

‫‪ - 515‬الفيض المقدّس‬
‫مرادف ‪ “ :‬تجلي شهادة “‬
‫انظر “ فيض “ الفقرة الثانية‬
‫((الفيض المقدس ‪:‬‬
‫وقد سبق الكالم عليه في “ التجلي الوجودي ‪ ، “ 11‬وهو تجلي الواحد في صور‬
‫الكثرة الوجودية ‪ ،‬اي ظهور األعيان الثابتة من العالم المعقول إلى العالم المحسوس ‪،‬‬
‫أو ظهور ما بالقوة في صورة ما بالفعل ‪ ،‬وظهور الموجودات الخارجية على نحو ما‬
‫هي عليه في ثبوتها األزلي ‪.‬‬
‫وكما قلنا إن الفيض االقدس هو تجلي الحق لذاته في الصور المعقولة للكائنات ‪،‬‬
‫نستطيع ان نقول هنا ان الفيض المقدس هو تجلي الحق في صور أعيانها ‪.‬‬
‫فهو بذلك الدرجة الثانية من درجات التعين في طبيعة الوجود المطلق ‪.)) . 12‬‬

‫****‬
‫‪ - 516‬المفيض‬
‫المفيض ‪ -‬االنسان الكامل‬
‫انظر “ االنسان الكامل “‬

‫‪893‬‬
“ 894 “

894
‫“ ‪“ 895‬‬
‫حرف القاف‬
‫ق‬

‫‪895‬‬
“ 896 “

896
‫“ ‪“ 897‬‬

‫‪ - 517‬قبّة أرين‬
‫تتردد في نصوص ابن العربي عبارة “ قبة ارين “ أو “ ارين “ وهو يشير بها ؛‬
‫أوال ‪ :‬إلى نقطة في األرض يستوي معها ارتفاع القطبين فال يأخذ هناك الليل من‬
‫النهار وال النهار من الليل ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬إلى “ صفة “ في األشياء عامة بمعنى ‪ :‬االعتدال أو محل االعتدال ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫( أ ) “ قال الشادي ‪ :‬اجتمع أربعة نفر من العلماء في “ قبة ارين “ تحت خط‬
‫االستواء ‪ ( “ . . .‬ف السفر األول فق ‪. ) 184‬‬
‫( ب ) “ ارين ‪ :‬محل االعتدال في األشياء “ ( االصطالحات ‪. ) 296‬‬

‫‪ – 518‬القبض‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ قبض ‪ :‬القبض ‪ :‬خالف البسط ‪ :‬قبضه يقبضه قبضا وقبّضه ‪ ،‬واالنقباض ‪ :‬خالف‬
‫االنبساط ‪ . . .‬وتقبّضت الجلدة في النار اي انزوت ‪.‬‬
‫َّللا تعالى ‪ :‬القابض ‪ ،‬هو الذي يمسك الرزق وغيره من األشياء عن العباد‬ ‫وفي أسماء ّ‬
‫بلطفه وحكمته ويقبض األرواح عند الممات ‪.‬‬
‫َّللا األرض ويقبض السماء اي يجمعها ‪ . . .‬والقبض ‪ :‬االنقباض‬ ‫وفي الحديث ‪ :‬يقبض ّ‬
‫‪ ،‬وأصله في جناح الطائر ‪،‬‬
‫من “[ ‪. ] 19 / 67‬‬ ‫َّللا تعالى ‪َ ”:‬ويَ ْق ِّبضْنَ ما يُ ْم ِّس ُك ُه َّن ِّإ َّال َّ‬
‫الر ْح ُ‬ ‫قال ّ‬
‫وقبض الطائر جناحه ‪ .‬جمعه ‪. . . .‬‬
‫ص ُ‬
‫ط “[ ‪/ 2‬‬ ‫ض َويَ ْب ُ‬ ‫وقوله تعالى ‪َ ”:‬ويَ ْقبِّضُونَ أ َ ْي ِّديَ ُه ْم ] ‪َ ”،. . . “ [ 9 / 67‬و َّ‬
‫َّللاُ يَ ْقبِّ ُ‬
‫‪ ] 245‬اي يضيق على قوم ويوسع على قوم ‪.‬‬
‫والقبضة ‪ :‬ما أخذت بجمع كفك كله ‪ ،‬فإذا كان بأصابعك فهي القبصة ‪ ،‬بالصاد ‪. . .‬‬
‫سو ِّل “ ‪[ 20 / 96 ] .‬‬ ‫ضةً ِّم ْن أَث َ ِّر َّ‬
‫الر ُ‬ ‫ضتُ قَ ْب َ‬ ‫وفي التنزيل ‪ ”:‬فَقَبَ ْ‬
‫وصار الشيء في قبضي وقبضتي اي في ملكي ‪.‬‬
‫ضتُهُ يَ ْو َم ْال ِّقيا َم ِّة “[ ‪. ] 67 / 39‬‬ ‫ض َج ِّميعا ً قَ ْب َ‬ ‫وقوله عز وجل ‪َ ”:‬و ْاأل َ ْر ُ‬
‫قال ثعلب ‪ :‬هذا‬

‫‪897‬‬
‫“ ‪“ 898‬‬

‫كما تقول هذه الدار في قبضتي ويدي اي في ملكي “ ( لسان العرب مادة “ قبض “ ) ‪.‬‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫انظر “ في اللغة “‬
‫عند ابن العربي ‪:‬‬
‫“ القبض “ و “ البسط “ حاالن لالنسان بعد ترقيه عن “ الخوف والرجاء “ ‪ ،‬وقبل‬
‫تحققه “ بالهيبة واالنس “ ‪. 1‬‬
‫يتميز القبض والبسط انهما يتعلقان في وقتهما بحسب الوارد ‪ ،‬على حين ان الخوف‬
‫والرجاء لهما تعلق بالمستقبل ‪. 2‬‬
‫ويرى ابن العربي ان “ البسط “ من المقامات التي يتصف االنسان بها في الدنيا‬
‫واآلخرة ‪.‬‬
‫اما القبض فيالزم االنسان إلى أول قدم يضعه في الجنة ‪ ،‬ويزول عنه ‪ .‬وبديهي ان‬
‫“ البسط “ يالزم االنسان في الجنة من اثر واردات الجمال ‪.‬‬
‫اما “ القبض “ فال معنى له في دار النعيم اال انه يستبدل من مشاهدة الجالل ‪ ،‬بالهيبة‬
‫‪.‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫”) ‪( 1‬كان الرجاء يشاهد إجالال *** من كان من خوف شاهد االفضاال‬
‫فانظر إلى قبض وبسط فيهما *** يعطيك ذا صدّا وذاك وصاال ‪3‬‬
‫ى من سناه جماال “‬
‫ى لذا إجالله *** ولذاك جل ّ‬
‫َّللا قد جل ّ‬
‫ّ‬
‫( ف السفر األول فق ‪. ) 560‬‬

‫“ العارف يجد قبضا وبسطا ‪ -‬في حال من األحوال ‪ -‬ال يعرف سببه ‪ ،‬وهو امر خطير‬
‫عند أهل الطريق ‪ .‬فيعلم ان ذلك لغفلة منه عن مراقبة قلبه في ارادته ‪ ، 4‬وقلة نفوذ‬
‫بصيرته في مناسبة حاله مع االمر الذي أورثه تلك الصفة “ ( ف السفر الخامس ‪ -‬فق‬
‫‪. ) 442‬‬
‫“ ثم لتعلم ان هؤالء البهاليل ‪ . . .‬منهم المسرور ومنهم المحزون ‪.‬‬
‫وهم في ذلك بحسب الوارد الذي ذهب بعقولهم ‪ .‬فإن كان وارد قهر قبضهم ‪. . .‬‬
‫وان كان وارد لطف بسطهم “ ( ف ‪ ،‬السفر الرابع فق ‪.) 110‬‬

‫‪898‬‬
‫“ ‪“ 899‬‬
‫‪( 2 ) “ . . .‬المقامات منها ما يتصف به االنسان في الدنيا واآلخرة ‪ :‬كالمشاهدة‬
‫والجالل والجمال واألنس والهيبة والبسط ‪ .‬ومنها ما يتصف به العبد إلى حين موته ‪،‬‬
‫إلى القيامة ‪ ،‬إلى أول قدم يضعه في الجنة ‪ ،‬ويزول عنه ‪ :‬كالخوف والقبض والحزن‬
‫والرجاء ‪ ( “ . . .‬ف السفر األول فق ‪. ) 98‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يقول القشيري في رسالته ‪:‬‬
‫“ الهيبة واالنس وهما فوق القبض والبسط ‪ ،‬فكما ان القبض فوق رتبة الخوف ‪،‬‬
‫والبسط فوق منزلة الرجاء ‪ ،‬فالهيبة أعلى من القبض واالنس أتم من البسط‬
‫“ ( الرسالة القشيرية ص ‪. ) 33‬‬
‫ويقول الجرجاني في تعريفاته ص ‪: 178‬‬
‫“ القبض والبسط ‪ :‬وهما حالتان بعد ترقي العبد عن حالة الخوف والرجاء ‪ ،‬فالقبض‬
‫للعارف كالخوف للمستأمن ‪“ .‬‬
‫) ‪( 2‬يقول القشيري ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬ومن الفصل بين القبض والخوف ‪ ،‬والبسط والرجاء ‪ .‬ان الخوف إنما يكون من‬
‫شيء من المستقبل ‪ . . .‬واما القبض فالمعنى حاصل في الوقت ‪ .‬كذلك البسط ‪.‬‬
‫فصاحب الخوف والرجاء تعلق قلبه في حالتيه بآجله ‪ ،‬وصاحب القبض والبسط أخيذ‬
‫وقته بوارد غلب عليه في عاجله ‪ ( “ . . .‬الرسالة ص ص ‪. ) 33 - 32‬‬
‫) ‪( 3‬يقول الجنيد ‪:‬‬
‫َّللا يقبضني ‪ ،‬والرجاء منه يبسطني ‪ ،‬والحقيقة تجمعني ‪ ،‬والحق‬ ‫“ الخوف من ّ‬
‫ي ‪ ،‬فإذا‬‫يفرقني ‪ .‬إذا قبضني بالخوف أفناني عني ‪ ،‬وإذا بسطني بالرجاء ردني عل ّ‬
‫فرقني بالحق اشهدني غيري فغطاني عنه ‪.‬‬ ‫جمعني بالحقيقة احضرني ‪ ،‬وإذا ّ‬
‫فهو تعالى في ذلك كله محركي غير ممسكي ‪ ،‬وموحشي غير مؤنسي ‪.‬‬
‫فانا بحضروي أذوق طعم حضوري ‪ ( “ . . .‬الرسالة القشيرية ص ‪. ) 33‬‬

‫) ‪( 4‬يتكهن الصوفية في موجبات القبض والبسط دون الوصول إلى قطع ‪ .‬يقول‬
‫القشيري ‪ “ :‬ومن أدنى موجبات القبض ان يرد على قلبه وارد موجبه إشارة إلى‬
‫كتاب ورمز باستحقاق تأديب ‪ ،‬فيحصل في القلب ال محالة قبض ‪.‬‬

‫وقد يكون موجب بعض الواردات إشارة إلى تقريب أو اقبال بنوع لطف وترحيب ‪،‬‬
‫فيحصل للقلب بسط ‪.‬‬
‫وفي الجملة قبض كل أحد على حسب بسطه ‪ ،‬وبسطه على حسب قبضه ‪ .‬وقد يكون‬
‫قبض يشكل على صاحبه سببه ‪ ،‬يجد في قلبه قبضا ال يدري موجبه وال سببه ‪ ،‬فسبيل‬
‫صاحب هذا القبض التسليم حتى يمضي ذلك الوقت ‪ . . .‬وقد يكون بسط يرد بغتة ‪. .‬‬
‫ال يعرف له سببا يهز صاحبه ويستفزه ‪ ،‬فسبيل صاحبه السكون ومراعاة األدب ‪ ،‬فإن‬
‫في هذا الوقت له خطر عظيم فليحذر صاحبه مكرا خفيا كذا قال بعضهم ‪ :‬فتح علي‬
‫باب‬

‫‪899‬‬
‫“ ‪“ 900‬‬

‫من البسط فزللت زلة فحجبت عن مقامي ‪ . . .‬وقد ع ّد أهل التحقيق حالتي القبض‬
‫والبسط من جملة ما استعاذوا منه “ ( الرسالة ص ‪. ) 33‬‬

‫‪ - 519‬قدم ‪ -‬على قدم‬


‫في اللغة ‪:‬‬
‫يفرع منه ما يقاربه ‪.‬‬‫“ القاف والدال والميم أصل صحيح يدل على سبق ورعف ‪ ،‬ثم ّ‬
‫يقولون القدم ‪ :‬خالف الحدوث ‪. . .‬‬
‫قال ابن دريد ‪ :‬وقادم االنسان ‪ :‬رأسه ‪ ،‬والجمع قوادم ‪. . .‬‬
‫ومقدّمة الجيش ‪ :‬أوله ‪ . . .‬وقدم االنسان معروفة ‪ ،‬ولعلها سميت بذلك ألنها آلة للتقدم‬
‫سبق ( “ ‪ . . .‬معجم مقاييس اللغة مادة “ قدم “ ) ‪.‬‬‫وال ّ‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫( أ ) قدّم ‪ ،‬قدّمت ‪ ،‬تقدّم ‪ ،‬كل هذه أفعال ‪ ،‬تدل على السبق في مقابل التأخر ‪:‬‬
‫ت “[ ‪. ] 5 / 82‬‬ ‫ت َوأ َ َّخ َر ْ‬
‫س ما قَ َّد َم ْ‬‫ت نَ ْف ٌ‬ ‫ع ِّل َم ْ‬
‫ت‪َ .‬‬ ‫قال تعالى ‪َ ”:‬وإِّذَا ْالقُبُ ُ‬
‫ور بُ ْعثِّ َر ْ‬
‫عةً َوال ت َ ْست َ ْق ِّد ُمونَ “ [ ‪. ]34 / 30‬‬‫ع ْنهُ سا َ‬ ‫قال تعالى ‪ ”:‬قُ ْل لَ ُك ْم ِّميعا ُد يَ ْو ٍم ال ت َ ْستَأ ْ ِّخ ُرونَ َ‬
‫( ب ) قدم االنسان ‪ :‬ولكن بمعنى مجازي فيه إشارة إلى الرسوخ والثبوت ‪.‬‬
‫ت أ َ ْقدا َمنا “ [ ‪.] 250/ 2‬‬ ‫صبْرا ً َوث َ ِّبّ ْ‬
‫علَيْنا َ‬ ‫غ َ‬ ‫قال تعالى ‪َ ” :‬ربَّنا أ َ ْف ِّر ْ‬
‫ت أ َ ْقدا َم ُك ْم “ ‪1 [ 47 / 7 ] .‬‬ ‫ص ْر ُك ْم َويُث َ ِّبّ ْ‬ ‫َّللا يَ ْن ُ‬
‫ص ُروا َّ َ‬ ‫قال تعالى ‪ِّ ” :‬إ ْن ت َ ْن ُ‬
‫( ج ) قدم ‪ -‬اقبل ‪.‬‬
‫ع َم ٍل فَ َجعَ ْلناهُ هَبا ًء َم ْنثُورا ً “[ ‪. ] 23 / 25‬‬ ‫ع ِّملُوا ِّم ْن َ‬‫قال تعالى ‪َ ”:‬وقَد ِّْمنا إِّلى ما َ‬

‫عند ابن العربي ‪: 2‬‬


‫*ان القدم ليست عضوا بل “ صفة “ وهي ‪ :‬الثبوت‪.‬‬

‫‪900‬‬
‫“ ‪“ 901‬‬

‫يقول ‪:‬‬
‫“ يضع الجبار فيها قدمه ‪ ، 3‬القدم ‪ :‬الجارحة ‪ .‬ويقال لفالن في هذا االمر قدم اي‬
‫َّللا تعالى وجل “ ( ف ‪. ) 98/ 1‬‬ ‫ثبوت ‪ . . .‬الجارحة تستحيل على ّ‬
‫“ والقدم ‪ :‬الثبوت “ ( ف ‪. ) 422 / 3‬‬
‫****‬
‫استعمل ابن العربي عبارة “ على قدم “ و “ قدم “ لإلشارة إلى القدمية ‪ ،‬وهي اقتفاء‬
‫األثر للتحقق بمماثلة صفاتية ‪.‬‬
‫َّللا عليه وسلم ) وهذا يعني ان المذكور هو‬‫مثال يقول ‪ :‬فالن على قدم محمد ( صلى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ) في الطريق‬‫“ محمدي ‪ ، “ 4‬أي انه سار على أثر اقدام محمد ( صلى ّ‬
‫َّللا‬
‫إلى الحق ‪ ،‬وذلك بغية الوصول إلى التحقق “ بعينه ‪ “ 5‬فيصبح عين محمد ( صلى ّ‬
‫عليه وسلم ) ‪ “ :‬عين صفات “ ال “ عين ذات ‪“ .‬‬

‫َّللا عليه وسلم ) ؛ ‪ -‬أو فالن‬


‫ونقول على الترادف ‪ :‬فالن “ على قدم “ محمد ( صلى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ) الصفاتية طبعا ‪ -‬وهذا‬
‫“ محمدي “ ‪ -‬أو فالن “ عين محمد “ ( صلى ّ‬
‫الموقف له ارتباط وثيق بنظرة ابن العربي إلى األنبياء فكل نبي هو “ كلمة “ ‪ 6‬تضم‬
‫جملة حروف أو “ حقيقة “ تجمع عدة حقائق مفردة ‪.‬‬
‫ولكن هذا الجمع لم يؤثر في وضوح السمات التي اتاحت القدمية والمماثلة الصفاتية ‪.‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫َّللا كالخضر وأمثاله ‪ ،‬وهم على قدم محمد‬‫‪( 1 ) “ . . .‬قلوب االفراد ‪ 7‬من رجال ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ) ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 31 / 3‬‬
‫( صلى ّ‬

‫“ ‪ . . .‬وله [ صاحب مقام النبوة العامة ‪ -‬الولي ‪ ] 8‬درجات االتباع وهو تابع ال متبوع‬
‫‪ ،‬ومحكوم ال حاكم ‪ ،‬وال بد له في طريقه من مشاهدة قدم رسول وإمامه ال يمكن ان‬
‫يغيب عنه حتى في الكثيب ‪ ( “ 9‬ف ‪. ) 254 / 2‬‬

‫َّللا عنه ‪ :‬أوصيك بوصية‬


‫“ ) ‪( 2‬وقال [ ابن العربي ] لي [ ابن سودكين ] رضي ّ‬
‫َّللا تعالى ‪ ،‬وهي ان ال تفارق عبوديتك‬
‫وأحب منك ان تحافظ عليها ‪ ،‬وهي قدمي مع ّ‬
‫ابدا ‪ ( “ . . .‬وسائل السائل ص ‪. ) 6‬‬

‫َّللا‬
‫ويتضح من هذا النص ان “ القدم ‪ “ 10‬هو ‪ :‬الصفة أو الحال التي ثبت فيها مع ّ‬
‫تعالى ‪ ،‬وهذا يناسب ما ذهبنا اليه فيما تقدم‪.‬‬

‫‪901‬‬
‫“ ‪“ 902‬‬

‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬انظر “ أنوار التنزيل “ ج ‪ 2‬ص ‪، 216‬‬
‫“ ) ‪( 2‬القدم ‪ :‬يشيرون به إلى ما ثبت للعبد في علم الحق ‪ ،‬يكنى به عن آخر صورة‬
‫من تعيناته سبحانه الكاملة وتنوعات ظهوراته الكلية الشاملة تعالى وتقدس ‪ . . .‬وهو‬
‫المشار اليه بقوله عليه السالم ‪ :‬حتى يضع الجبار فيها [ النار ] قدمه “ ( لطائف‬
‫االعالم ق ‪ 148‬ب ) ‪ ،‬كما يراجع في الورقة نفسها ‪ :‬قدم الصدق ‪.‬‬
‫) ‪( 3‬انظر فهرس األحاديث حديث رقم ‪( 38 ) .‬‬
‫) ‪( 4‬انظر “ محمدي “‬
‫) ‪( 5‬انظر “ عين “‬
‫) ‪( 6‬انظر “ كلمة “‬
‫) ‪( 7‬انظر “ فرد “‬
‫) ‪( 8‬انظر “ نبوة عامة “‬
‫) ‪( 9‬انظر “ جنة الكثيب ‪“ .‬‬
‫) ‪( 10‬يراجع بشأن “ قدم “ عند ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪ ( 281‬قدم الصدق ‪ -‬قدم الجبروت )‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪، 463 ، 252‬‬
‫‪-‬عقلة المستوفز ص ‪، 59‬‬
‫‪-‬رسالة األقطاب ق ‪ 118‬ب ‪.‬‬

‫‪ - 520‬مقدّمات التكوين‬
‫مرادف ‪ :‬مقدمات الكون‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫َّللا تعالى إذا أراد ان يحدث أمرأ أشار اليه بعالمات لمن فهمهما ‪ ،‬يتقدم على‬
‫“ ان ّ‬
‫وجود الشيء ‪ ،‬تسمى ‪ :‬مقدمات الكون ‪ ،‬يشعر بها أهل الشعور ‪.‬‬
‫وكثيرا ما يطرأ هذا في الوجود في عالم الشهادة ‪ ،‬وال سيما إذا ظهر في موضع ما ‪،‬‬
‫ال يليق بذلك الموضع ‪ ،‬فإنه يخاف من ظهور ما يناسب ما ظهر “ ‪ ( . . .‬كتاب‬
‫االسفار ص ‪. ) 22‬‬

‫ويعطي ابن العربي على هذه المقدمات ‪ 1‬مثال ‪:‬‬


‫التحجير على آدم االكل من‬

‫‪902‬‬
‫“ ‪“ 903‬‬

‫الشجرة ‪.‬وحيث إن موطن الجنة ال يقتضي التحجير ‪ ،‬كانت تلك إشارة إلى ‪ :‬حتمية‬
‫ظهور حقيقة التحجير ‪.‬‬
‫فكانت ‪ :‬المعصية ‪ ،‬اذن كان التحجير إشارة إلى وقوع المعصية ‪. . .‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا عليه [ آدم ] االكل من الشجرة ‪ ،‬وموطن الجنة ال يقتضي التحجير ‪ ،‬فإنه‬ ‫“ كتحجير ّ‬
‫يأكل منها فيها ما يشاء ‪ . . .‬فلما وقع التحجير ‪ . . .‬عرفنا انه ال بد ان تظهر حقيقة‬
‫ذلك األثر ‪ .‬وانه يستنزل من عالم السعة والراحة إلى عالم الضيق والتكليف ‪ ،‬ولو‬
‫عرفها آدم ‪ 2‬ما تهنأ زمان مقامه في الجنة ‪ ( “ . . .‬االسفار ص ‪. ) 24‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يراجع بشأن مقدمات الكون ‪ :‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪، 324 - 259‬‬
‫) ‪( 2‬ان عدم المعرفة هذا ال ينقص من مقام آدم العلمي ‪ ،‬بل إن طبيعة هذه المعرفة‬
‫تتأتى من حكم العادة والتجربة ‪ ،‬ولم يتقدم آلدم عليه السالم عادة وال تجربة ( انظر‬
‫االسفار ص ‪. ) 24‬‬

‫‪ – 521‬القرآن‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫َّللا فهو‬
‫“ واما القرآن فاختلف فيه ‪ .‬فقال جماعة ‪ :‬هو اسم علم غير مشتق خاص بكالم ّ‬
‫غير مهموز ‪ . . .‬وهو مروى عن الشافعي ‪. . .‬‬

‫وقال قوم ومنهم األشعري ‪ :‬هو مشتق من قرنت الشيء بالشيء ‪ ،‬إذا ضممت أحدهما‬
‫إلى اآلخر وسمي به ‪ :‬القرآن ‪. . .‬‬
‫وقال الفراء ‪ :‬هو مشتق من القرائن الن اآليات منه يصدق بعضها بعضا ‪. . .‬‬

‫وقال آخرون منهم الزجاج ‪ :‬هو وصف على فعالن ‪ ،‬مشتق من القرء بمعنى الجمع ‪،‬‬
‫ومنه قرأت الماء في الحوض أي جمعته ‪ ( . . . 1‬وحكى ) قطرب ‪ . . .‬انما سمي‬
‫قرآنا الن القارئ يظهره ويبينه من فيه ‪. . .‬‬

‫قلت [ االمام السيوطي ] والمختار عندي في هذه المسئلة ما نص عليه الشافعي “ (‬


‫االتقان في علوم القرآن ‪ .‬السيوطي ج ‪ 1‬ص ص ‪. ) 51 - 50‬‬

‫‪903‬‬
‫“ ‪“ 904‬‬
‫في القرآن ‪: 2‬‬
‫َّللا عليه‬
‫َّللا ‪ ،‬خاتم النبيين صلى ّ‬
‫َّللا محمد بن عبد ّ‬ ‫هو علم للكتاب المنزل على رسول ّ‬
‫وسلم ‪.‬‬
‫وهو آخر الكتب السماوية نزوال ‪.‬‬
‫بدأ نزول القرآن بمكة ‪ ،‬ثم توالى حتى تم في ثالث وعشرين سنة ‪ ،‬وقيل في عشرين‬
‫سنة ‪.‬‬
‫َّللا عليه وسلم يتعبد وحده في غار‬ ‫َّللا صلى ّ‬ ‫وأول ما نزل منه عندما كان رسول ّ‬
‫ق ‪. “[ 96 / 1 - 2 ] .‬‬‫علَ ٍ‬ ‫حراء ‪ ”:‬ا ْق َرأْ ِّباس ِّْم َر ِّبّ َك الَّذِّي َخلَقَ ‪َ ،‬خلَقَ ْ ِّ‬
‫اإل ْنسانَ ِّم ْن َ‬

‫َّللا قد اتخذ كتابا ‪ ،‬يكتبون ما ينزل‬


‫ثم توالى نزوله على حسب الحوادث ‪ .‬وكان رسول ّ‬
‫منه أوال فأوال ‪. 3‬‬
‫منهم ‪ :‬أبو بكر ‪ ،‬وعمر ‪ ،‬وعثمان ‪ ،‬وعلي ‪ ،‬والزبير بن العوام ‪ ،‬وخالد وابان ابنا‬
‫سعيد بن العاص ‪ ،‬وعالء بن الحضرمي ‪ ،‬وأبي بن كعب ‪ ،‬وغيرهم وهم كثيرون ‪.‬‬
‫َّللا ان يضع آية كذا في موضع كذا ‪ ،‬على الترتيب الذي عليه‬‫وكان جبريل يعلم رسول ّ‬
‫آيات السور اآلن ‪.‬‬

‫اما ترتيب السور ‪ ،‬فقد قال أكثر المسلمين انه أمر اجتهادي من الصحابة ‪ ،‬وكان من‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ ،‬منهم ‪ :‬أبي‬
‫َّللا صلى ّ‬
‫الصحابة من جمع القرآن كله على عهد رسول ّ‬
‫َّللا بن مسعود‬
‫بن كعب ‪ ،‬ومعاذ بن جبل ‪ ،‬وزيد بن ثابت ‪ ،‬وأبو زيد بن سعيد ‪ ،‬وعبد ّ‬
‫‪ ،‬وعلي بن أبي طالب ‪ ،‬وعثمان بن عفان ‪ ،‬وأبو بكر الصديق ‪ ،‬وعمر بن الخطاب ‪،‬‬
‫وعمرو بن العاص ‪ ،‬وعائشة ‪ ،‬وحفصة ‪ ،‬وأم سلمة ‪ ،‬وغيرهم كثيرون ‪.‬‬
‫َّللا عليه وسلم ‪.‬‬
‫ولكن بعض هؤالء اآلخر اكملوا جمعه بعد وفاته صلى ّ‬

‫َّللا عليه وسلم ‪ ،‬مسيلمة الذي ادّعى‬


‫َّللا صلى ّ‬
‫لما ظهر في اليمامة ‪ ،‬بعد وفاة رسول ّ‬
‫النبوة ‪ ،‬وفتن كثيرا من العرب ‪ .‬أرسل أبو بكر اليه جيشا ‪ ،‬فقاتله ودمره ‪ .‬ومات في‬
‫تلك الوقعة سبعون من قراء القرآن ‪ .‬فقال عمر ألبي بكر ‪ ،‬أخشى ان يستح ّر القتل في‬
‫القراء ‪ ،‬فيذهب كثير من القرآن ‪ ،‬واني أرى ان يجمع ‪.‬‬

‫وكان أبو بكر قبل موت هؤالء السبعين يتردد في قبول مشورة عمر بذلك ‪ ،‬فلما قتل‬
‫هؤالء ارسل لزيد بن ثابت وعهد اليه جمع القرآن ‪.‬‬
‫فجمع زيد جميع الحفاظ ‪ ،‬وكل ما كتب من القرآن ‪ ،‬وأوعى كل ذلك بين دفتي كتاب‬
‫واحد ‪ ،‬فحفظه أبو بكر عنده ‪ ،‬ثم عنه عمر في حياة أبي بكر ‪ ،‬ثم أودعه عمر عند‬
‫حفصة ابنته ‪.‬‬
‫فلما انتشر المسلمون في اآلفاق ‪ ،‬اختلف الناس في القراءة على قدر اختالف لغاتهم ‪.‬‬
‫مثل التابوت كان يقرأها بعضهم بالتاء وبعضهم بالهاء ‪ ،‬فأخبر عثمان‬

‫‪904‬‬
‫“ ‪“ 905‬‬

‫بذلك ‪ ،‬وكان أمير المؤمنين ‪ .‬فاستعار مصحف أبي بكر من عند حفصة ‪ ،‬وكتب منه‬
‫اربع نسخ ‪ ،‬وضبطها بلغة قريش التي نزل بها القرآن ‪ .‬فأرسل إلى كل مصر‬
‫بمصحف ‪ ،‬وأمر الناس بان ينسخوا مصاحفهم منها ‪ ،‬وأوعز باحراق كل ما خالفها‬
‫وكان ذلك سنة ( ‪ ) 30‬من الهجرة ‪. 4‬‬

‫والقرآن في مجمله هو دستور المسلمين ‪ ،‬ينظم عالقاتهم ‪ :‬بالحق ‪ ،‬بالنبي ‪ ،‬بأنفسهم ‪،‬‬
‫بغيرهم من البشر كل ذلك بمرونة متحركة تجعله مناسبا لالنسان في تطوره عبر‬
‫مراحل البشرية ‪ .‬ولو اتسع المجال لبينا ذلك بالرجوع إلى االلزام في القرآن وحدوده ‪.‬‬

‫عند ابن العربي ‪:‬‬


‫ورد اللفظان “ قرآن “ و “ فرقان “ في الكتاب العزيز للداللة على التنزيل ( راجع‬
‫الفقرة السابقة ) ‪ .‬ولكن ابن العربي يفرق بينهما كما سنرى ‪.‬‬
‫****‬
‫القرآن هو الجمع في مقابل الفرقان ( التفرقة ) ‪ ،‬ويرى ابن العربي ان اختصاص‬
‫َّللا عليه وسلم ) من دون سائر الحقائق ‪ 5‬بالقرآن ‪ ،‬يعود إلى ما في‬
‫محمد ( صلى ّ‬
‫دعوته إلى الحق ‪ ،‬من الجمع بين التنزيه والتشبيه ‪ ،‬في مقابل دعوة غيره ( فرقان ‪-‬‬
‫تنزيه ) ‪.‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫ع ْوتُ قَ ْو ِّمي لَي ًْال َونَهارا ً فَلَ ْم يَ ِّز ْد ُه ْم دُعائِّي إِّ َّال فِّرارا ً‬
‫“ وقال [ التنزيل بلسان نوح ]” َد َ‬
‫“ ‪[ 71 / 6 ] . . .‬‬
‫باّلل ] انهم [ قوم نوح ] انما لم يجيبوا دعوته لما فيها من الفرقان ‪،‬‬ ‫وعلم [ العلماء ّ‬
‫واالمر قرآن ال فرقان ‪ .‬ومن أقيم في القرآن ال يصغي إلى الفرقان وان كان فيه ‪ .‬فان‬
‫القرآن يتضمن الفرقان والفرقان ال يتضمن القرآن ‪. 6‬ولهذا ما اختص بالقرآن اال‬
‫َّللا عليه وسلم ) ‪ . . .‬انه أوتي جوامع الكلم ‪. 7‬‬ ‫محمد ( صلى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ) قومه ليال ونهارا ‪ ،‬بل دعاهم ليال في نهار ‪،‬‬ ‫فما دعا محمد ( صلى ّ‬
‫ونهارا في ليل ‪ ( “ . . .‬فصوص ‪. ) 71 - 70 / 1‬‬
‫****‬
‫ان القرآن هو االجمال في مقابل الفرقان ( بيان ‪ -‬تفصيل ) ‪.‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫يفرق به بين الحق‬
‫َّللا جعل له فرقانا ‪ ،‬وهو علم ّ‬
‫“ ‪ . . .‬كالمتقي إذا اتقى ّ‬

‫‪905‬‬
‫“ ‪“ 906‬‬

‫والباطل ‪8‬في غوامض األمور ومهماتها عند تفصيل المجمل ‪ ،‬وإلحاق المتشابه‬
‫َّللا أنزله متشابها ومجمال ‪ ،‬ثم اعطى التفصيل من شاء من‬
‫بالمحكم في حقه ‪ ،‬فان ّ‬
‫عباده ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪. ) 220 - 219 / 4‬‬

‫َّللا يقول” ْاليَ ْو َم أ َ ْك َم ْلتُ لَ ُك ْم دِّينَ ُك ْم “[ ‪ / 3 ] 5‬هذا هو الفرقان عند أهل ّ‬


‫َّللا بين‬ ‫“ فان ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ) في كشفهم ‪ ،‬فيصحح‬
‫َّللا ] قد يرونه ( صلى ّ‬ ‫االمرين ‪ ،‬فإنهم [ أهل ّ‬
‫لهم من االخبار ما ضعف عندهم بالنقل ‪ ،‬وقد ينفون من االخبار ما ثبت عندنا‬
‫بالنقل ‪ ( . . .‬فتوحات ‪.” )28 / 4‬‬

‫علَّ َمهُ ْالبَيانَ “ [ ‪ ] 4 / 55‬وهو الفرقان “ ( فتوحات ‪. ) 360 / 4‬‬ ‫َخلَقَ ْ ِّ‬
‫اإل ْنسانَ َ‬
‫****‬
‫تفرق من حقائق العالم ‪.‬‬ ‫ان القرآن ‪ 9‬هو االنسان ‪ .‬من حيث إنه جامع في ذاته لما ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ) ‪،‬‬‫وهو على األخص ‪ “ :‬االنسان الكامل “ ‪ 10‬أو “ محمد “ ( صلى ّ‬
‫للجمعية التي يتصف بها ‪. 11‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫“ فإذا قرأت القرآن ‪ ،‬فكن أنت ‪ :‬القرآن لما في القرآن “ ( فتوحات ‪. ) 461 / 4‬‬
‫“ ‪ . . .‬وال يعرف ما قلناه ‪ ،‬اال من كان قرآنا في نفسه ‪ ( “ 12‬فصوص ‪) 89 / 1‬‬
‫َّللا عليه وسلم ) ممن لم يدركه من أمته ‪،‬‬ ‫َّللا ( صلى ّ‬ ‫“ فمن أراد ان يرى رسول ّ‬
‫فلينظر إلى القرآن ‪.‬‬
‫َّللا عليه‬
‫َّللا ( صلى ّ‬‫فإذا نظر فيه فال فرق بين النظر اليه وبين النظر إلى رسول ّ‬
‫وسلم ) ‪.‬‬
‫َّللا بن عبد المطلب ‪.‬‬
‫فكأن القرآن انتشأ صورة جسدية يقال لها محمد بن عبد ّ‬
‫َّللا وهو صفته ‪ ،‬فكان محمد صفة الحق ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪. ) 61 / 4‬‬ ‫والقرآن كالم ّ‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬وبهذا االشتقاق قال ابن العربي ‪ .‬انظر الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪. 318‬‬
‫“ ) ‪( 2‬وقال أبو المعالي عزيزي بن عبد الملك المعروف بشيدلة ‪ . . .‬في كتاب‬
‫َّللا سمى القرآن بخمسة وخمسين اسما ‪ ،‬سماه ‪ :‬كتابا ومبينا [ ‪/ 44‬‬ ‫البرهان ‪ :‬اعلم أن ّ‬
‫‪ . . . ] 2‬وقرآنا وكريما [ ‪ . . . ] 77 / 56‬وكالما [ ‪/ 6 ] . . . 9‬ونورا [ ‪/ 4‬‬
‫‪ . . . ] 174‬وهدى ورحمة [ ‪ ] . . . 77 / 27‬وفرقانا [ ‪ . . . ] 1 / 25‬وشفاء [ ‪17‬‬
‫‪ . . . ] 82 /‬وموعظة ‪ [ 10 / 57 ] . . .‬وذكرا ومباركا [ ‪ . . . ] 50 / 21‬وعليا‬

‫‪906‬‬
‫“ ‪“ 907‬‬
‫‪[ 43 / 4 ] . . .‬وحكمة [ ‪ . . . ] 5 / 54‬وحكيما [ ‪ . . . ] 1 / 10‬ومهيمنا ] ‪[ 5 / 48‬‬
‫وحبال [ ‪ . . . ] 103 / 3‬وصراطا مستقيما [ ‪ . . . ] 153 / 6‬وقيما ‪[ 18 / 2 ] . . .‬‬
‫وقوال وفصال [ ‪ . . . ] 13 / 86‬ونبأ عظيما ‪ [ 78 / 2 ] . . .‬وأحسن الحديث ومثاني‬
‫ومتشابها [ ‪ . . . ] 23 / 39‬وتنزيال ‪ [ 26 / 192 ] . . .‬وروحا [ ‪. . . ] 52 / 42‬‬
‫ووحيا [ ‪ . . . ] 45 / 21‬وعربيا ‪ [ 12 / 2 ] . . .‬وبصائر [ ‪ . . . ] 203 / 7‬وبيانا [ ‪3‬‬
‫‪ . . . ] 138 /‬وعلما ‪ [ 13 / 37 ] . . .‬وحقا [ ‪ . . . ] 62 / 3‬وهاديا ‪[ 17 / 9 ] . . .‬‬
‫وعجبا ‪ . . . ] [ 44 / 41‬وتذكرة [ ‪ . . . ] 48 / 69‬والعروة الوثقى [ ‪. . . ] 256 / 2‬‬
‫وصدقا [ ‪ . . . ] 33 / 39‬وعدال ‪ [ 6 / 115 ] . . .‬وامرا [ ‪ . . . ] 5 / 65‬ومناديا [ ‪/ 3‬‬
‫‪ . . . ] 193‬وبشرى ‪ [ 2 / 97 ] . . .‬ومجيدا [ ‪ . . . ] 21 / 85‬وزبورا [ ‪/ 21‬‬
‫‪ . . . ] 105‬وبشيرا ونذيرا [ ‪ . . . ] 41 / 3‬وعزيزا [ ‪ . . . ] 41 / 41‬وبالغا [ ‪/ 14‬‬
‫‪ . . . ] 52‬وقصصا [ ‪ . . . ] 3/ 12‬وسماء أربعة أسماء في آية واحدة في صحف مكرمة‬
‫مرفوعة مطهرة [ ‪/ 13 ] “ ( 80‬االتفان في علوم القرآن ‪ .‬السيوطي ج ‪ 1‬ص ص ‪- 51‬‬
‫‪) . 52‬‬
‫كما يراجع مرادفات “ الفرقان “ في التنزيل [ ‪ -‬النور ‪ ،‬الخروج من الشبهة ‪ ،‬النصر ] ‪،‬‬
‫كتاب الترمذي “ تحصيل نظائر القرآن “ ص ص ‪، 50 - 48‬‬

‫) ‪( 3‬وذلك بخالف “ الحديث “ الذي منع الرسول من كتابته ووصلنا بالتواتر اللفظي‬
‫السمعي‬
‫) ‪( 4‬انظر دائرة المعارف االسالمية النسخة العربية مادة “ قرآن ‪“ .‬‬
‫كما يراجع ‪:- Comprendre l'Islam . Schuon P . P . 11 - 23- Le‬‬
‫‪coran , Blachere Introduction P . P . 11 - 23-‬مباحث في علوم القرآن ‪.‬‬
‫صبحي الصالح ص ص ‪20 - 18‬‬
‫َّللا عليه وسلم ) ارث يرثه “ المحمديون‬ ‫) ‪( 5‬هذا االختصاص بالقرآن لمحمد ( صلى ّ‬
‫“ راجع “ محمدي ‪“ .‬‬
‫) ‪( 6‬ان القرآن يتضمن الفرقان ‪ ،‬والفرقان ال يتضمن القرآن ‪ .‬كما أن الجمع يتضمن‬
‫التفرقة ‪.‬‬
‫والتفرقة ال تتضمن الجمع ‪ ( .‬راجع “ جمع “ ) ‪.‬‬
‫) ‪( 7‬راجع “ جوامع الكلم ‪“ .‬‬
‫) ‪( 8‬الموضوع نفسه ‪ .‬انظر ‪:Mahomet . Maurice gaudefroy -‬‬
‫) ‪Demombynes P . 305( 9‬يراجع بخصوص “ قرآن “ و “ فرقان “ عند ابن‬
‫العربي ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 1‬ص ‪ ( 56‬قرآن ‪ -‬جمع ) ‪،‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪ ( 329‬ختم الوالية المحمدية ‪ -‬أخ القرآن ) ‪.‬‬
‫ص ‪ ، 366‬ص ‪ ( 402‬الفرقان ‪ -‬البيان ) ‪ ،‬ص ‪. 472‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪ ( 51‬عين القرآن ) ‪ ،‬ص ‪ ( 133‬القرآن فرقان )‬
‫ص ‪ ( 151‬الفرقان في عين القرآن ) ‪.‬‬
‫) ‪( 10‬يقول القيصري “ ‪ :‬فالدالة منهما [ الحقائق العلمية ] على جملة مفيدة آية ‪ ،‬والبعض‬
‫الجامع لتلك الجمل سورة‪،‬‬

‫‪907‬‬
‫“ ‪“ 908‬‬
‫ومجموع المعقوالت أو الموجودات باعتبار التفصيل فرقانا وباعتبار الجمع قرآنا ‪،‬‬
‫ولكون جمعها في االنسان الكامل يسمي نفسه أيضا قرآنا ‪ ( “ . . .‬رسالة في علم‬
‫الحقائق ‪ .‬ق ق ‪ 3‬ب ‪ 4 -‬أ ) ‪.‬‬
‫راجع “ انسان كامل ‪“ .‬‬

‫) ‪( 11‬انظر “ مجمع الحقائق “ “ مختصر “ “ نسخة “ “ صورة “ “ حقيقة الحقائق‬


‫“ ‪ .‬كلها ألفاظ يوردها ابن العربي للداللة على جمعية الحقيقة المحمدية لحقائق‬
‫الحضرتين ‪ :‬اإللهية والكونية ‪.‬‬

‫) ‪( 12‬يقول عفيفي في شرح المقطع ‪ “ :‬اي وال يفهم هذه المسألة اال “ االنسان‬
‫الكامل “ الذي هو الكون الجامع لحقائق الوجود كلها في نفسه ‪ ،‬والتي تتمثل فيه جميع‬
‫الصفات واألسماء اإللهية فهو كالقرآن يحوى كل شيء “ ‪ ( .‬فصوص ‪. ) 82 / 2‬‬
‫****‬
‫‪ - 522‬القرآن الكبير‬
‫لقد استعمل ابن العربي لفظ “ قرآن “ كمرادف لكلمة “ جامع “ ‪ ، 1‬فاالنسان قرآن ‪.‬‬
‫اي جامع في ذاته لكل الحقائق [ نسخة الحق ‪ .‬نسخة العالم ‪.] . . .‬‬
‫وهو قرآن صغير في مقابل القرآن الكبير [ العالم ] ‪. 2‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫“ فالوجود كله حروف ‪ 3‬وكلمات وسور وآيات فهو ‪ :‬القرآن الكبير “ ( فتوحات ‪/ 4‬‬
‫‪. ) 167‬‬
‫“ ‪ . . .‬وال يحجب عن مالحظة المختصر الشريف من هذا المسطور ‪ ،‬الذي هو عبارة‬
‫عنك ‪ .‬فان الحق تارة يتلو عليك من الكتاب الكبير الخارج ‪ ،‬وتارة يتلو عليك من‬
‫نفسك ‪ ،‬فاستمع ‪ ( “ . . . 4‬مواقع النجوم ص ‪. ) 72‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪ ( 1‬لقد استعمل صوفي متأخر لفظ “ قرآن “ بالمعنى نفسه في جملة واضحة بسيطة‬
‫‪ ،‬لإلشارة إلى الحقيقة المحمدية ‪ ،‬يقول “ اللهم ص ّل على ‪ . . .‬قرآن الحقائق اإللهية “ ‪.‬‬
‫( احزاب النصر ‪.‬‬
‫أحمد بن إدريس ط ‪ .‬بيروت ‪ 1389‬هـ ‪ .‬ص ص ‪. ) 85 - 84‬‬
‫) ‪( 2‬راجع “ العالم الصغير “ “ االنسان الكبير ‪“ .‬‬
‫) ‪( 3‬راجع “ حرف “‬
‫ق َو ِّفي أ َ ْنفُ ِّس ِّه ْم ‪“( 41 / 53 ) .‬‬
‫سنُ ِّري ِّه ْم آيا ِّتنا ِّفي ْاآلفا ِّ‬
‫) ‪( 4‬إشارة إلى اآلية ‪َ ”:‬‬
‫فالعالم هنا الكتاب الكبير في مقابل االنسان ( المختصر الشريف ) ‪.‬‬

‫‪908‬‬
‫“ ‪“ 909‬‬

‫‪ - 523‬القربان األكرم‬
‫َّللا عز وجل ‪ ،‬فبه يتقرب المخلوقات ‪ -‬مما هم دونه‬‫ان االنسان هو القربان األكرم إلى ّ‬
‫‪ -‬إلى الحق ‪ .‬وكل ذلك لجمعيته لحقائق العالم وحقائق الحضرة اإللهية ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ان االنسان بنفسه هو الطلسم األعظم ‪ ،‬والقربان األكرم ‪ ،‬الجامع لخصائص العالم ‪،‬‬
‫فهو قربة إلى مكوكب الكواكب سبحانه ‪ ( “ . . .‬بلغة الغواص ق ‪. ) 89‬‬
‫****‬
‫‪ - 524‬القطب ‪1‬‬
‫المترادفات ‪:‬‬
‫الغوث ‪ -‬الخليفة ‪ - 2‬قطب الزمان ‪ - 3‬قطب الوقت ( ‪ - ) 4‬واحد الزمان ‪ - 5‬شخص‬
‫للا ‪ - 8‬الحجاب االعلى ‪ - 9‬مرآة الحق ‪. 10‬‬ ‫الوقت ‪ - 6‬صاحب الوقت ( ‪ - ) 7‬عبد ّ‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ القاف والطاء والباء أصل صحيح يدل على الجمع ‪.‬‬
‫يقال ‪ :‬جاءت العرب قاطبة ‪ ،‬إذا جاءت بأجمعها ‪. . .‬‬
‫الرحى ‪ ،‬ألنه يجمع امرها إذ كان دوره عليها ‪ .‬ومنه قطب‬ ‫ومن الباب القطب ‪ :‬قطب ّ‬
‫السماء ‪ ،‬ويقال إنه نجم يدور عليه الفلك ‪ ،‬ويستعار هذا فيقال ‪ :‬فالن قطب بني فالن ‪،‬‬
‫اي سيّدهم الذي يلوذون به ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة مادة “ قطب “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫الكلمة غير قرآنية ‪.‬‬

‫عند ابن العربي ‪:‬‬


‫*يستعمل ابن العربي لفظة “ قطب “ ‪ :‬نكرة مضافة ‪ ،‬وهي في هذه الحال تكتسب‬

‫‪909‬‬
‫“ ‪“ 910‬‬

‫معناها وشخصها من اضافتها ‪ .‬والقطب هنا يؤخذ بالمعنى اللغوي الهندسي فيكون ‪:‬‬
‫كل شخص يدور عليه امر من األمور ‪ .‬أو مقام من المقامات أو حال من األحوال ‪.‬‬
‫مثال الزهد والتوكل وكل ما توصل إلى تعداده المتصوفة من المقامات واألحوال ‪ ،‬لكل‬
‫منها قطب تدور عليه ‪ .‬فللزهد قطب ‪. . .‬‬
‫والقطب بهذا المعنى يقبل الكثرة والتعدد في الزمان الواحد ‪ ،‬وال يقبلها في االمر‬
‫الواحد ( الزهد ‪ -‬التوكل ) ‪ .‬كما أنه ال يطلق عليه مترادفات القطب التي أشرنا إليها‬
‫أعاله ‪.‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫“ ‪ . . .‬وما أعني األقطاب الذين ال يكون في كل عصر اال واحد ‪ ،‬وانما ‪. . .‬‬
‫كل من دار عليه امر جماعة من الناس في إقليم وجهة ‪ :‬االبدال في األقاليم السبعة ‪،‬‬
‫لكل إقليم بدل ‪ 11‬هو قطب ذلك اإلقليم ‪،‬‬
‫َّللا بهم ‪. . .‬‬
‫وكاألوتاد األربعة ‪ 12‬لهم اربع جهات فحفظها ّ‬
‫وكذلك أصحاب المقامات فال بد للزهاد من قطب يكون المدار عليه في الزهد في أهل‬
‫زمانه ‪ ،‬وكذلك في التوكل والمحبة والمعرفة وساير المقامات واألحوال ‪ ،‬ال بد في كل‬
‫صنف صنف من أربابها من قطب يدور عليه ذلك المقام ‪“ . . .‬‬
‫( رسالة األقطاب ق ق ‪ 117‬ب ‪ - 118‬أ ) ‪.‬‬

‫َّللا تعالى على قطب المتوكلين ‪ ،‬فرأيت التوكل يدور عليه كأنه‬ ‫“ ‪ . . .‬ولقد اطلعني ّ‬
‫الرحى حين تدور على قطبها ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 76 / 4‬‬
‫****‬
‫معرفة مطلقة اي غير مضافة ‪ ،‬وهي هنا‬ ‫كما يستعمل ابن العربي لفظة “ قطب “ ‪ّ :‬‬
‫تفيد شخصا معينا ( القطب ) في مرتبة معينة ( القطبية ) ‪،‬‬
‫ونقسم موقف الحاتمي منها شقين ‪:‬‬
‫أوال ‪ -‬القطب هو واحد من آدم إلى يوم القيامة ‪ ،‬لم يتلق القطبية من قطب سبقه بل‬
‫هو القطب الواحد ‪ ،‬وهو رسول حي بجسمه في هذه الدار الدنيا ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -‬القطب هو واحد في الزمان الواحد ‪ ،‬يتعدد على مر األزمنة ‪ ،‬يتلقى‬

‫‪910‬‬
‫“ ‪“ 911‬‬

‫مرتبة “ القطبية “ ‪ 13‬من القطب الذي ينتقل بالموت إلى العالم اآلخر ‪ ،‬وهو ليس‬
‫برسول بل من األولياء بصورة عامة ‪ ،‬ومن “ االفراد “ بصورة خاصة ‪. 14‬‬

‫وهذا القطب هو “ الغوث “ و “ صاحب الوقت “ إلى غير ذلك من المصطلحات التي‬
‫سبق ان أشرنا إلى مرادفتها للقطب ‪.‬‬

‫ولكن الواقع هو ان هذا القطب ليس القطب حقيقة ‪ ،‬بل نائب له ‪ ،‬وهو يعلم بتلك‬
‫النيابة ‪.‬‬
‫أما القطب الحق ‪ ،‬فهو الرسول المشار اليه في الفقرة السابقة ‪ ،‬فكل قطب ينال القطبية‬
‫عن قطب سابق ‪ ،‬هو نائب للرسول القطب الواحد من آدم إلى يوم القيامة ‪.‬‬

‫نورد فيما يلي نصوص ابن العربي التي تثبت القطب الواحد ونائبه ‪ ،‬يقول ‪:‬‬
‫َّللا بهم العالم ‪ ،‬كما يحفظ‬
‫( أ ) “ وهم [ الرسل ] األقطاب واألئمة واألوتاد الذين يحفظ ّ‬
‫البيت باركانه ‪. . .‬‬
‫َّللا ‪. . .‬‬
‫فال يخلو هذا النوع [ االنساني ] ان يكون فيه رسول من رسل ّ‬
‫اال ان ذلك الرسول هو ‪ :‬القطب المشار اليه الذي ينظر الحق اليه ‪ ،‬فيبقي به هذا النوع‬
‫في هذه الدار ‪. . .‬‬
‫َّللا به هذا النوع االنساني [ ‪ -‬القطب ]‬
‫فال بد من أن يكون الرسول الذي يحفظ ّ‬
‫موجودا ‪ . . .‬في هذه الدار بجسده وروحه يتغذى ‪ ،‬وهو مجلى الحق من آدم إلى يوم‬
‫القيامة ‪ . . .‬واألرض ال تخلو من رسول حي بجسمه فإنه قطب العالم االنساني ‪. . .‬‬
‫“(ف‪.)5/2‬‬
‫( ب ) “ ولكل واحد من هؤالء األربعة [ إدريس ‪ ،‬الياس ‪ ،‬عيسى ‪ ،‬الخضر ] من هذه‬
‫األمة في كل زمان ‪ ،‬شخص على قلوبهم [ ‪ -‬على قدم ‪ :‬فلتراجع ]‬
‫نوابهم ‪ ،‬فأكثر األولياء من عامة أصحابنا ‪ ،‬ال يعرفون القطب‬ ‫مع وجودهم ‪ :‬هم ّ‬
‫واالمامين والوتد اال النواب ال هؤالء المرسلين ‪. . .‬‬
‫ولهذا يتطاول كل واحد من األمة لنيل هذه المقامات [ القطبية ‪ ،‬اإلمامة ‪ ،‬الوتدية ] ‪،‬‬
‫فإذا حصلوا أو خصوابها ‪ ،‬عرفوا عند ذلك انهم نواب لذلك القطب ‪ ،‬ونائب االمام‬
‫يعرف ان االمام غيره وانه نائب عنه ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 6 / 2‬‬

‫“ ‪ . . .‬إدريس عليه السالم وهو القطب الذي لم يمت إلى اآلن ‪ ،‬واألقطاب فينا نوابه‬
‫“ ( ف ‪. ) 455 / 2‬‬
‫***‬

‫‪911‬‬
‫“ ‪“ 912‬‬
‫*القطبية هي مرتبة ومقام ‪ ،‬نستطيع ان نعرفها بلغة عصرية ‪ ،‬إذا أمكن التعبير ‪،‬‬
‫فنقول ‪ :‬انها بمثابة السلطة التنفيذية للعلم اإللهي الذي يمثل السلطة التشريعية ‪.‬‬

‫وشرح ذلك يتبدى فيما أشرنا اليه غير مرة في هذا المعجم ‪ ،‬من أن المتصوفة اثبتوا‬
‫دولة روحية فاعلة باطنة على غرار الدولة الظاهرة ‪،‬‬
‫وكان فيها ‪:‬‬
‫الخليفة وهو القطب ‪ ،‬في مقابل خليفة الظاهر ‪ ، 15‬واالمامان وهما وزيران للخليفة‬
‫القطب ‪. . 16‬‬
‫والقطبية أو خالفة هذه الدولة الباطنة ‪ ،‬هي مرتبة ينالها القطب ( المعنى “ الثاني‬
‫“ ثانيا ) ‪ ،‬تخوله التصرف في الكون ‪ ،‬ولكنه تصرف تنفيذي يحكمه العلم اإللهي ‪.‬‬

‫فالقطب هو واحد في الزمان ‪ ،‬وله رقائق ممتدة إلى جميع قلوب الخالئق ‪ ،‬يستطيع‬
‫من خاللها ان يمارس صالحياته ‪ ،‬من حيث إن حوائج العالم أجمعه تتوقف عليه ‪ -‬وما‬
‫ان يولى القطب القطبية حتى يبايعه في مبايعة عامة ‪ ،‬كل مكلف أعلى وأدنى ‪ ،‬ما عدا‬
‫المهيمين من المالئكة واالفراد من األولياء ‪ ،‬الذين ال يدخلون تحت دائرة تصريفه ‪.‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫( أ ) “ ‪ . . .‬ال يكون في الزمان اال واحد يسمى ‪ :‬الغوث والقطب ‪.‬‬
‫وهو الذي ينفرد به الحق ويخلو به دون خلقه ‪ ،‬فإذا فارق هيكله المنور انفرد [ الحق ]‬
‫بشخص آخر ‪.‬‬
‫َّللا في كل زمان ‪ ،‬ال ينظر‬
‫ال ينفرد بشخصين في زمان واحد ‪ . . .‬وذلك العبد عين ّ‬
‫الحق في زمانه اال اليه وهو الحجاب االعلى ‪ ( . . “17‬ف ‪. ) 555 / 2‬‬

‫“ ‪ . . .‬وواحد منهم [ األوتاد ] القطب الذي هو موضع نظر الحق من العالم ‪. . .‬‬
‫“(ف‪.).5/2‬‬

‫َّللا وهو عبد الجامع ‪ 18‬فهو المنعوت بجميع األسماء تخلقا‬


‫“ القطب وهو عبد ّ‬
‫وتحققا ‪ .‬وهو مرآة الحق ‪ ،‬ومجلى النعوت المقدسة ‪ ،‬ومجلى المظاهر اإللهية ‪،‬‬
‫وصاحب الوقت ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 573 / 2‬‬

‫( ب ) “ القطب مركز الدائرة ومحيطها ومرآة الحق ‪ ،‬عليه مدار العالم ‪ .‬له رقائق‬
‫ممتدة إلى جميع قلوب الخالئق ‪ ،‬بالخير والشر على حد واحد ‪ ،‬ال يترجح واحد‬

‫‪912‬‬
‫“ ‪“ 913‬‬
‫على صاحبه ‪.‬‬
‫وهو عنده ال خير وال شر ‪ ،‬ولكن وجود ‪ ( “ . . .‬منزل القطب ص ‪. ) 2‬‬

‫“ فمنزل القطب حضرة االيجاد الصرف فهو الخليفة ‪ ،‬ومقامه ‪ :‬تنفيذ االمر وتصريف‬
‫الحكم ‪ . . .‬وبيده خزائن الجود ‪ ،‬والحق له متجل على الدوام ‪ . . .‬وال بد لكل قطب‬
‫عندما يلي مرتبة القطبية ‪ [ ،‬من ] ان يبايعه كل سر وحيوان وجماد ما عدا االنس‬
‫والجان اال القليل منهم ‪ . . .‬القطب الذي توقفت عليه حوائج العالم من أوله إلى‬
‫آخره ‪. . . “ .‬‬
‫(منزل القطب ص ص ‪. ) 4 - 3‬‬

‫َّللا سبحانه إذا ولى من واله النظر في العالم ‪ ،‬المعبر عنه بالقطب ‪ ،‬وواحد‬ ‫( ج ) “ ان ّ‬
‫الزمان ‪ ،‬والغوث ‪ ،‬والخليفة ‪ ،‬نصب له في حضرة المثال سريرا أقعده عليه ‪. . .‬‬
‫فإذا نصب له ذلك السرير ‪ ،‬خلع عليه جميع األسماء التي يطلبها العالم وتطلبه ‪،‬‬
‫فيظهر بها حلال وزينة ‪. . .‬‬
‫َّللا العالم ببيعته على السمع والطاعة ‪. . .‬‬
‫فإذا قعد عليه بالصورة اإللهية ‪ ،‬وامر ّ‬
‫فيدخل في بيعته كل مأمور أعلى [ المأل االعلى ‪ -‬العقل األول ‪ -‬النفس ] ‪. . .‬‬
‫وأدنى [ الحيوان ‪ -‬النبات ] ‪ . . .‬اال العالمين [ من المالئكة ] ‪.‬‬

‫وهم المهيمون العابدون بالذات ال باالمر ‪ . . .‬واالفراد من البشر الذين ال يدخلون‬


‫تحت دائرة القطب وما له فيهم تصرف ‪ ،‬وهم ك ّمل مثله مؤهلون لما ناله هذا الشخص‬
‫من القطبية ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 137 - 136 / 3‬‬

‫“ ‪ . . .‬ان المبايعة العامة ال تكون اال لواحد الزمان خاصة ‪ .‬وان واحد الزمان ‪ 19‬هو‬
‫الذي يظهر بالصورة اإللهية في األكوان ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 136 / 3‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬لقد خص الدكتور محمد مصطفى حلمي “ القطبية “ عند ابن الفارض ببحث قيم‬
‫متكامل ‪:‬‬
‫بدأه بوقفة عند لفظ “ قطب “ ومعناه في التصوف االسالمي ( للقطب في التصوف‬
‫معنيان ‪:‬‬
‫قطب معنوي قديم واحد منذ آدم إلى يوم القيامة وهو قطب األقطاب أو الحقيقة‬
‫المحمدية ‪ -‬قطب حسي حادث يتلقى القطبية عن قطب آخر سبقه ) ‪ . . .‬وثنى بموقف‬
‫ابن الفارض من القطبية الصوفية ‪ ،‬ثم اتبع ذلك بمقارنة موقف ابن الفارض من القطب‬
‫مع موقفي ابن العربي والجيلي ‪.‬‬
‫‪-‬كما افرد الدكتور التفتازاني فصلين كاملين في كتابه ابن سبعين وفلسفته الصوفية‬
‫ص ‪268‬‬

‫‪913‬‬
‫“ ‪“ 914‬‬
‫وما بعد ‪ .‬لبحث معنى “ المحقق “ أو “ الوارث “ عند ابن سبعين ومقارنة مفهومه‬
‫بالقطب أو االنسان الكامل ‪ ،‬عند كل من ابن العربي وابن الفارض والجيلي ‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن هاتين الدراستين ترادفان بين القطب واالنسان الكامل عند ابن‬
‫العربي ‪ ،‬على حين ان الشيخ األكبر لم يرادف بينهما ‪ .‬فمرتبة القطبية عنده تختلف‬
‫عن مرتبة االنسان الكامل ‪.‬‬
‫انظر “ انسان كامل ‪“ .‬‬

‫انظر كتاب ‪- :‬ابن الفارض والحب اإللهي دار المعارف بمصر ص ‪381 - 352‬‬
‫فصل بعنوان ‪ :‬الحب والقطبية ‪.‬‬
‫‪-‬ابن سبعين وفلسفته الصوفية التفتازاني ص ص ‪، 285 - 268‬‬
‫كما يراجع بشأن قطب ‪:‬‬
‫‪-‬كشاف التهانوي الجزء الخامس ص ص ‪ 1170 - 1166‬مادة ‪ :‬قطب ‪.‬‬
‫‪-‬لطائف االعالم ق ق ‪ 140‬ب ‪ 141 -‬أ ( القطب ‪ -‬القطبية الكبرى ‪ -‬قطب‬
‫األقطاب )‬
‫‪-‬شرح التجليات ‪ -‬نشر عثمان يحي ‪ :‬مجلة المشرق سنة ‪ 1967‬ص ‪ ( 30‬القطب ‪-‬‬
‫صاحب الوقت ‪ ،‬قلب الكون ) ‪.‬‬

‫) ‪( 2‬انظر الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪ ( 136‬القطب ‪ -‬الغوث ‪ ،‬الخليفة ) ‪.‬‬


‫) ‪( 3‬و ( ‪ ) 4‬وردت عبارتا ‪ :‬قطب الزمان وقطب الوقت في الفتوحات ج ‪ 4‬ص‬
‫‪، 76‬‬
‫) ‪( 5‬ورد مصطلح “ واحد الزمان “ في الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪ . 136‬فليراجع ‪.‬‬
‫) ‪( 6‬و ( ‪ ) 7‬انظر رسالة ‪ :‬منزل القطب ص ‪ ( 5‬القطب ‪ -‬شخص الوقت ‪ -‬صاحب‬
‫الوقت ) ‪.‬‬
‫َّللا ) ‪.‬‬
‫) ‪( 8‬انظر الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪ ( 6‬القطب ‪ -‬عبد ّ‬
‫) ‪( 9‬انظر الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪ ( 555‬القطب ‪ -‬الحجاب االعلى ) ‪.‬‬
‫) ‪( 10‬انظر الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪ ( 573‬القطب ‪ -‬مرآة الحق ) ‪.‬‬
‫) ‪( 12‬راجع “ وتد “‬ ‫) ‪( 11‬راجع “ بدل “‬
‫) ‪( 13‬القطبية “ كمرتبة “ سنشرحها في الفقرة التالية‬
‫) ‪( 15‬انظر “ خليفة “‬ ‫) ‪( 14‬انظر “ فرد “‬
‫) ‪( 16‬انظر “ امام “‬
‫) ‪( 17‬القطب هو “ الحجاب االعلى “ على الحق ‪ ،‬من حيث إنه آخر حجاب ال‬
‫يستطيع االنسان ان يتخطاه ‪ :‬فالحق ينفذ احكامه وعلمه من خلف حجاب “ القطب‬
‫“ أيضا ‪ ،‬اذن القطب هو أعلى حجاب اي آخر الحجب ‪ .‬ومن ناحية ثانية ‪ .‬يمكن‬
‫تفسير العلو هنا بعلو المكانة ‪ ،‬فمن حيث المكانة العليا التي يتمتع بها القطب نطلق‬
‫عليه صفة أعلى ‪ :‬فهو أعلى الحجب على الحق مكانة‬

‫‪914‬‬
‫“ ‪“ 915‬‬

‫َّللا ‪ .‬انظر االسم الجامع ‪.‬‬


‫) ‪( 18‬اي عبد االسم الجامع ‪ّ -‬‬
‫) ‪( 19‬يراجع بشأن “ قطب “ عند ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 1‬ص ‪ ( 59‬قطب ‪ -‬قوام الفلك وعلة وجوده ) ‪ ،‬ص ‪ ( 78‬مقام القطب‬
‫‪ -‬الحياة القيومية ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪ ( 131‬الغوث ) ‪ ،‬ص ‪ ( 182‬قطب الوقت ) ‪ ،‬ص ص ‪571‬‬
‫وما بعد ‪ ،‬ص ‪ ( 675‬القطب ) ‪.‬‬
‫‪-‬ولعل أهم ما كتب ابن العربي عن القطب نجده في الفتوحات الجزء الثاني ص ص‬
‫‪ 574 - 573‬وتكمن أهميته في العناصر المشخصة التي أوردها ابن العربي للقطب ‪،‬‬
‫إذ تكلم في جزئيات شخصية جاعال بذلك القطبية إلى جانب كونها مقاما في الوالية ‪،‬‬
‫مقومات نفسية مشخصه ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪ ( 86‬األقطاب ) ‪ ،‬ص ‪ ( 89‬القطبية للنساء ) ‪.‬‬
‫ص ‪ ( 138‬مبايعة النبات القطب ‪ -‬ان تبايعه نفسه ) ‪،‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ص ‪ ( 78 - 74‬القطب ‪ -‬القطب المحمدي ) ‪ ،‬ص ‪194‬‬
‫( قطب ) ‪.‬‬
‫‪-‬منزل القطب ص ‪ ( 6‬التفاضل بين األقطاب في المعارف ) ‪.‬‬
‫َّللا عليه وسلم ) ] ‪.‬‬
‫‪-‬رسالة األنوار ص ‪ [ 16‬القطب على قلب محمد ( صلى ّ‬
‫‪-‬مواقع النجوم ص ‪ ( 18‬القطب ‪ -‬صاحب الوقت ) ‪ ،‬ص ‪ ( 151‬وزير القطب ) ‪،‬‬
‫‪-‬رسالة في معرفة األقطاب مخطوط الظاهرية رقم ‪ 123‬ق ق ‪ 118 - 117‬ب‬
‫( قطب ‪ -‬قطب محمدي ) ‪.‬‬
‫‪-‬كتاب التراجم ص ‪ ( 25‬االنسان ‪ :‬قطب الفلك ) ‪.‬‬
‫****‬
‫‪ - 525‬قطب األقطاب‬
‫قطب األقطاب هو “ الحقيقة المحمدية “ ‪ ،‬ألنه القطب الذي تدور عليه حقائق األقطاب‬
‫كلها ‪ ،‬من حيث إنه مصدر كل شيء ‪ ،‬ومنبع كل علم ‪ ،‬وهو المفيض ‪ ،‬والممد لكل‬
‫األقطاب ‪.‬‬
‫انظر “ الحقيقة المحمدية “ ‪1‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬كما يراجع ‪:‬‬
‫‪-‬فصوص الحكم ج ‪ 1‬ص ص ‪ ( 39 - 38‬القطب ‪ -‬الحقيقة المحمدية )‬
‫‪-‬مجلة كلية اآلداب المجلد الثاني ص ‪ ، 70‬مقال عفيفي نظريات االسالميين في‬
‫الكلمة ‪.‬‬
‫‪-‬لطائف االعالم ورقة ‪ 140‬ب ‪ :‬قطب األقطاب ‪.‬‬

‫‪915‬‬
‫“ ‪“ 916‬‬
‫‪-‬ابن الفارض والحب اإللهي ‪ .‬دكتور محمد حلمي ص ص ‪ ( 381 - 352‬الحب‬
‫والقطبية ) ‪.‬‬
‫****‬
‫‪ – 526‬القلب‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ القلب ‪ :‬تحويل الشيء عن وجهه ‪ . . .‬وقلّب األمور ‪ :‬بحثها ‪ ،‬ونظر في‬
‫عواقبها ‪ . . .‬وفي التنزيل العزيز” َوقَلَّبُوا لَ َك ْاأل ُ ُم َ‬
‫ور‪“[ 9 / 48 ] . . .‬‬

‫تصرف فيها كيف شاء ‪ .‬وفي التنزيل العزيز ‪ ”:‬فَال‬ ‫ّ‬ ‫وتقلّب في األمور وفي البالد ‪:‬‬
‫يَ ْغ ُر ْر َك تَقَلُّبُ ُه ْم فِّي ْالبِّال ِّد ] ‪“[ 40 / 4‬‬
‫معناه ‪ :‬فال يغررك سالمتهم في تصرفهم فيها ‪ ،‬فإن عاقبة امرهم الهالك ‪ .‬ورجل‬
‫قلّب ‪ :‬يتقلب كيف شاء ‪. . .‬‬
‫ْصار “[ ‪] 37 / 24‬‬ ‫وب َو ْاألَب ُ‬ ‫ب فِّي ِّه ْالقُلُ ُ‬ ‫وقوله تعالى ‪ ”:‬تَتَقَلَّ ُ‬
‫قال الزجاج ‪ :‬معناه ترجف وتخف من الجزع والخوف ‪ . . .‬والمنقلب ‪ :‬مصير العباد‬
‫ب يَ ْنقَ ِّلبُونَ ) ‪]“( 26 / 227‬‬ ‫ي ُم ْنقَلَ ٍ‬‫ظلَ ُموا أ َ َّ‬ ‫سيَ ْعلَ ُم الَّذِّينَ َ‬ ‫إلى اآلخرة [“ َو َ‬
‫والقلب ‪:‬مضغة من الفؤاد معلّقة بالنياط ‪. . .‬‬
‫على قَ ْلبِّ َك “[ ‪، ] 194 / 26‬‬ ‫ين َ‬ ‫الرو ُح ْاأل َ ِّم ُ‬
‫وقوله تعالى ‪ ”:‬نَزَ َل بِّ ِّه ُّ‬
‫قال الزجاج ‪ :‬معناه نزل به جبريل ‪ ،‬عليه السالم ‪ ،‬عليك ‪ ،‬فوعاه قلبك ‪. . .‬‬
‫ب ] ‪ “[ 50 / 37‬اي‬ ‫قال الفراء في قوله تعالى ‪ِّ ”:‬إ َّن فِّي ذ ِّل َك لَ ِّذ ْكرى ِّل َم ْن كانَ لَهُ قَ ْل ٌ‬
‫عقل ‪.‬‬
‫قال الفراء ‪ :‬وجائز في العربية ان تقول ‪ . . . :‬وما قلبك معك ‪ . . .‬ما عقلك معك ‪. . .‬‬
‫وقال بعضهم ‪ :‬سمي القلب قلبا لتقلبه ‪،‬‬
‫وانشد ‪:‬ما سمي القلب اال من تقلبه * والرأي يصرف باالنسان أطواراوروي عن النبي‬
‫َّللا عليه وسلم ) ‪،‬‬ ‫( صلى ّ‬
‫أنه قال ‪ :‬سبحان مقلب القلوب !‬
‫ْصار ُه ْم “[ ‪ ( “ . . . ] 110 / 6‬لسان العرب مادة‬ ‫ب أ َ ْف ِّئ َدت َ ُه ْم َوأَب َ‬ ‫َّللا تعالى ”‪َ :‬ونُقَ ِّلّ ُ‬‫وقال ّ‬
‫“ قلب “ ) ‪.‬‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫انظر “ في اللغة “‬

‫‪916‬‬
‫“ ‪“ 917‬‬

‫عند ابن العربي ‪:‬‬


‫سار الصوفية على النهج القرآني في جعل القلب محل الكشف وااللهام ‪. . .‬‬
‫أداة المعرفة ‪ . . .‬المرآة التي تتجلى فيها معاني الغيب وتتنزل عليها الحكم ‪. . .‬‬
‫فهو باختصار تلك القوة الخفية التي تدرك الحقائق اإللهية ادراكا واضحا جليا ال‬
‫يخالطه شك ‪.‬‬
‫ب أ َ ْقفالُها؟ “ [ ‪] 24 / 47‬‬
‫على قُلُو ٍ‬ ‫ألم يقل عز وجل ‪ ”:‬أ َ فَال يَت َ َدب َُّرونَ ْالقُ ْرآنَ أ َ ْم َ‬
‫فجعل تعالى القلب محل االيمان والفهم والتدبر ‪.‬‬
‫َّللا ‪.‬‬
‫فالقلب في القرآن ‪ ،‬هو العقل الذي يعقل عن ّ‬
‫وبالتالي ابن العربي لم يخرج عن هذا الخط القرآني ‪ -‬الصوفي ‪ ،‬بل تابعه جاعال‬
‫للقلب ‪ :‬عينا ‪ ،‬ووجها ‪. . .‬‬
‫وسنترك نصوصه تتكلم فهي واضحة جلية ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫‪ - 1‬سبب التسمية ‪ :‬القلب ‪ -‬العقل [ أحدي النظرة ]‬
‫“ والقلب ما سمى اال بتقلبه في األحوال واألمور دائما مع األنفاس “ ( ف ‪. ) 77 / 4‬‬

‫” ِّإ َّن فِّي ذ ِّل َك لَ ِّذ ْكرى ِّل َم ْن كانَ لَهُ قَ ْل ٌ‬


‫ب “[ ‪] 37 / 50‬‬
‫لتقلبه في أنواع الصور والصفات ‪ ،‬ولم يقل لمن كان له عقل ‪ ،‬فان العقل قيد ‪ ،‬فيحصر‬
‫االمر في نعت واحد ‪ ،‬والحقيقة تأبى الحصر في نفس االمر ‪.‬‬
‫فما هو ذكرى لمن كان له عقل ‪ ،‬وهم أصحاب االعتقادات‪. . .‬‬
‫ب “فعلم تقلب الحق في الصور بتقليبه في االشكال ‪. . .‬‬ ‫فلهذا قال ‪ِّ ”:‬ل َم ْن كانَ لَهُ قَ ْل ٌ‬
‫“ ( فصوص ‪. ) 122 / 1‬‬
‫فالتقليب هو سبب تسمية القلب قلبا ‪ .‬وعلى قدر خوف العبد المؤمن من تقليب القلب ‪،‬‬
‫المشار اليه في حديث األصابع ‪ “ :‬قلب المؤمن بين إصبعي الرحمن “ ‪ ،‬تأتيه‬
‫الطمأنينة ‪ ،‬من اسمه تعالى “ الرحمن “ ‪ ،‬فال يكون تقليبه اال من رحمة إلى رحمة ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬فمن عرف نفسه عرف ربه ‪ ،‬وفي حديث األصابع ‪ 1‬بشارة الهية ‪ ،‬حيث‬

‫‪917‬‬
‫“ ‪“ 918‬‬

‫أضافهما إلى الرحمن ‪ ،‬فال يقلبه اال من رحمة إلى رحمة ‪.‬‬
‫وان كان في أنواع التقليب بالء ‪ ،‬ففي طيه رحمة غائبة عنه ‪ ،‬يعرفها الحق ‪.‬‬
‫فإن اإلصبعين إصبعا الرحمن ‪ ،‬فافهم ‪ .‬فإنك إذا علمت ما ذكرناه ‪ ،‬علمت من هو قلب‬
‫الوجود “ ( ف ‪. )199 / 3 -‬‬

‫‪ - 2‬مكانة القلب من االنسان ‪:‬‬


‫“ فقد ثبت ان القلب رئيس البدن ‪ ،‬وهو المخاطب في االنسان ‪ ،‬وهو العقل الذي يعقل‬
‫َّللا عليه وسلم ] ‪ :‬ان في‬
‫َّللا [ صلى ّ‬
‫َّللا ‪ ،‬وهو الملك المطاع الذي قال فيه رسول ّ‬
‫عن ّ‬
‫الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد ‪ ،‬وان فسدت فسد الجسد ‪ ،‬اال وهي القلب ‪. . .‬‬
‫“ ( مواقع النجوم ص ‪. ) 144‬‬

‫وحيث إن “ القلب “ هو المخاطب في االنسان ‪ ،‬لذلك جعل ابن العربي “ الزاجر “ أو‬
‫َّللا في‬
‫“ الزواجر “ ‪ ،‬هذا المصطلح القرآني ‪ -‬الصوفي ‪ ، 2‬واعظ الحق والداعي إلى ّ‬
‫قلب المؤمن ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا “ ( االصطالحات‬
‫“ الزاجر ‪ :‬واعظ الحق في قلب المؤمن وهو الداعي إلى ّ‬
‫‪. ) 290‬‬

‫‪ - 3‬القلب ‪ -‬محل الكشف وااللهام ‪.‬‬


‫“ فهذه الحقيقة القلبية اإللهية األحدية الجمعية الكمالية ‪ ،‬والمرآة المجلية ‪. . .‬‬
‫التي وسعت الحق سبحانه ‪. . .‬‬
‫ولذلك مدحها بقوله تعالى ‪ “ :‬لم يسعني سمائي وال ارضي ووسعني قلب عبدي المؤمن‬
‫“ ( شق الجيوب ف ‪. ) 59 - 58‬‬

‫“ ‪ . . .‬فان القلب محل الصور اإللهية ‪ ، 3‬التي أنشأتها االعتقادات بنظرها وأدلتها ‪،‬‬
‫فهي ستور عليها ‪ .‬لذلك تبصر الشخص وال تبصر ما اعتقده ‪ ،‬اال ان يرفع لك الستر‬
‫بستر آخر ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 214 / 4‬‬

‫‪ - 4‬القلب ‪ -‬محل السعة اإللهية [ ‪ -‬البيت العتيق ‪ -‬البيت المعمور ( فليراجعا ) ] ‪.‬‬
‫“ ‪ . . .‬واعلم أن القلب وان كان محل السعة اإللهية ‪ ،‬فان الصدر محل السعة‬
‫القلبية ‪ ( “ . . .‬ف ‪.) 651 / 2‬‬

‫‪918‬‬
‫“ ‪“ 919‬‬

‫“ قلب العبد الذي وسعه ‪ . . .‬فيكون خاليا من األكوان كلها ‪ ،‬فيظهر فيه بذاته ‪.‬ونسبة‬
‫القلب إلى الحق ‪ ،‬ان يكون على صورته فال يسع فيه سواه ‪ ( “ . . .‬ف ‪- 2 /‬‬
‫‪. )150‬‬
‫“ ‪ . . .‬ثم رأيت البيت المعمور فإذا به قلبي “ ( ف ‪. ) 350 / 3‬‬
‫“ البيت العتيق القديم ‪ ،‬وهو قلب العبد العارف التقي النقي ‪ ،‬الذي وسع الحق سبحانه‬
‫حقيقته “ ‪ ( .‬ترجمان األشواق ص ‪ 115‬هامش ‪. ) 1‬‬

‫‪ - 5‬القلب ‪ -‬كتاب الحسنات والسيئات [ ‪ -‬أم الكتاب ( فلتراجع ) ] ‪.‬‬


‫ظ قُلُوبِّ ِّه ْم “[ ‪] 15 / 9‬‬ ‫ُور قَ ْو ٍم ُمؤْ ِّمنِّينَ َويُ ْذهِّبْ َ‬
‫غ ْي َ‬ ‫صد َ‬‫ف ُ‬‫قال سبحانه ‪َ ”:‬ويَ ْش ِّ‬
‫والقلوب هي الكتب ‪ ،‬التي سطر فيها الحسنات والسيئات ‪“ .‬‬
‫( بلغة الغواص ق ‪. ) 109‬‬
‫“ وعنده أم الكتاب ‪ ،‬وهو القلب ‪ ( “ . . .‬شق الجيوب ق ‪. ) 67‬‬

‫‪ - 6‬وجه القلب ‪ -‬مرآة تجلي ‪.‬‬


‫“ ‪ . . .‬فتبسمت جذال ‪ ،‬وقلت مرتجال ‪ . . .‬قلت ثم صرفت عنه وجه قلبي ‪ ،‬وأقبلت به‬
‫على ربي ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 50 / 1‬‬
‫“ ان القلب على خالف بين أهل الحقائق والمكاشفات ‪ ،‬كالمرآة المستديرة لها ستة‬
‫أوجه ‪ ،‬وقال بعضهم ثمانية ‪. .‬‬
‫َّللا في مقابلة كل وجه من وجوه القلب ‪ ،‬حضرة من أمهات‬ ‫‪. . .‬ثم نقول ‪ ،‬وقد جعل ّ‬
‫الحضرات االالهية ‪ ،‬تقابله ‪ .‬فمتى جلي وجه من هذه الوجوه ‪ ،‬تجلت تلك الحضرة‬
‫فيه ‪ ( “ . . .‬مشاهد االسرار ق ق ‪. ) 72 - 71‬‬

‫‪ - 7‬عين القلب ‪:‬‬


‫“ عين قلبك ‪ 4‬في المثال ‪ ،‬كعين وجهك ‪ .‬فال يرى اال بعد نفوذه السبع الطباق ‪ ،‬التي‬
‫جعلت جنّة بينه وبين اآلفات ‪ . .‬فإذا نفذ هذه الطباق ‪ ،‬وتصفح هذه األوراق ‪ ،‬حينئذ‬
‫ينفذ إلى أول منزل من منازل الغيب ‪ ( “ . . .‬الشاهد ص ص ‪.) 16 - 15‬‬

‫‪919‬‬
‫“ ‪“ 920‬‬

‫انظر “ ساذج القلب “ “ القلبية “‬


‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬انظر فهرس األحاديث حديث رقم ‪( 39 ) .‬‬
‫“ ) ‪( 2‬زجر “ في اللغة كلمة تدل على االنتهار ‪ .‬يقال زجرت البعير حتى مضى‬
‫أزجره ‪ .‬وزجرت فالنا عن الشيء فانزجر ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة مادة “ زجر‬
‫“)‪.‬‬
‫وفي القرآن ورد األصل “ زجر “ بنفس المعنى ‪:‬‬
‫ازد ُِّج َر “( القمر ‪. ) 9 /‬‬ ‫ون َو ْ‬ ‫ع ْب َدنا َوقالُوا َم ْجنُ ٌ‬ ‫قال تعالى ‪ ”:‬فَ َكذَّبُوا َ‬
‫قال تعالى ‪َ ”:‬ولَقَ ْد جا َء ُه ْم ِّمنَ ْاأل َ ْن ِّ‬
‫باء ما فِّي ِّه ُم ْز َد َج ٌر “( القمر ‪. ) 4 /‬‬

‫اما الصوفية فقد نظرت إلى “ الزاجر “ على أنه تنبيه للمريد الصادق يأتيه في شكل‬
‫واعظ في القلب يبين له الباطل ليتجنبه ‪ .‬فيعمل العبد الصادق في ضوء هذا الواعظ‬
‫غير منقاد لشهوة أو معصية ‪.‬‬
‫) ‪( 3‬ال ننسى قصيدته المشهورة “ لقد صار قلبي قابال كل صورة “ ‪. . .‬‬
‫) ‪( 4‬يراجع بشأن قلب عند ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪ ( 155‬كان عينا فصار قلبا ) ص ‪ ( 394‬القلب )‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪ ( 25‬أم القلب ‪ -‬أبو القلب ) ص ‪ ( 136‬قلبه )‬
‫‪-‬ترجمان األشواق ص ‪ ( 43‬قابلية القلب للصور )‬
‫َّللا ) ص ‪ ( 31‬قلب الحق )‬
‫‪-‬الديوان ص ‪ ( 30‬قلب كتاب ّ‬
‫‪-‬فصوص الحكم ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص ‪ ( 128‬قلوبنا ) ص ‪ ( 133‬ساذج القلب ) ‪.‬‬
‫‪-‬مواقع النجوم ص ‪ ( 100‬مرآة القلب ) ص ‪ ( 101‬سماء القلب ‪ ،‬أكوان القلب ‪،‬‬
‫قلبه ‪ -‬كعبته ) ‪.‬‬
‫كما يراجع ‪:‬‬
‫‪-‬التوجه األولى ‪ .‬صدر الدين القونوي ق ‪4‬‬
‫‪-‬األجوبة عن االنسان الكامل ق ‪219‬‬
‫أ ‪ -‬علم التصوف النوري ق ‪ 59‬ب‬
‫َّللا ق ‪ 112‬ب‬ ‫‪-‬بقية ّ‬
‫‪-‬الغزالي ‪ :‬مدخل السلوك [ يدور حول القلب ]‬

‫‪920‬‬
‫“ ‪“ 921‬‬
‫‪-‬معارج القدس ‪108 - 19‬‬
‫‪-‬الحكيم الترمذي ‪ .‬رسالة بيان الفرق ص ‪. 36‬‬
‫****‬
‫‪ - 527‬قلب الوجود‬
‫مرادف ‪ :‬قلب العالم ‪ ، 1‬قلب الجمع ‪.‬‬
‫قلب الوجود ‪ 2‬هو االنسان الكامل بالمعنيين ( األول ) و ( الثاني ) الواردين عند ابن‬
‫العربي‬
‫كما أن له الوظيفة نفسها من امداد لصور العالم ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬قلب الوجود الذي يمد عالم صورته ‪ ،‬التي هو لها قلب واجزاؤها كلها ‪ ،‬وانه‬
‫هو قلب الجمع ‪.‬‬
‫وهو ما جمعته هذه الصورة الوجودية من الحقائق الظاهرة والباطنة ‪ ( “ . .‬ف ‪/ 3 -‬‬
‫‪. ) 199‬‬
‫انظر “ انسان كامل “ “ روح العالم “‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬ورد المصطلح عند ابن العربي في الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪295‬‬
‫) ‪( 2‬ورد المصطلح عند ابن العربي في كتاب التراجم ص ‪ 37‬والفتوحات ج ‪ 4‬ص‬
‫‪ 143‬ويتفق الجيلي مع ابن العربي في مضمون قلب الوجود فيقول في كتابه “ حقيقة‬
‫اليقين ‪“ :‬‬
‫َّللا عليه وسلم قطب رجاء الموحدين ‪ . . .‬قلب الوجود ‪،‬‬ ‫“ وأشهد أن محمدا صلى ّ‬
‫وروح كل موجود “ ‪.‬‬

‫****‬
‫‪ - 528‬القلبيّة‬
‫القلبية هي نفسها “ القدمية “ عند ابن العربي فلتراجع ‪.‬‬
‫اما النصوص التي تثبت ذلك فهي ‪:‬‬
‫“ اما األقطاب االثنا عشر ‪ ،‬فهم على قلوب األنبياء ‪ .‬فالواحد منهم على قلب فالن ‪،‬‬
‫وان شئت قلت ‪ :‬على قدم ‪ ،‬وهو أولى ‪ . . .‬وهو أعظم في األدب مع الرسل ‪. . .‬‬
‫“ ( رسالة األقطاب ‪ 118‬ب ) ‪.‬‬

‫‪921‬‬
‫“ ‪“ 922‬‬

‫“ وكذلك كل روح بهذه المثابة [ مرتبة إسرافيل ] له رجل أو امرأة على مقامه ‪ ،‬وهو‬
‫الذي تسميه الطائفة ‪ . .‬على قلب آدم “ ( ف ‪. ) 14 / 3 -‬‬
‫انظر “ قدمية “ “ قلب "‪.‬‬
‫****‬
‫‪ - 529‬القلم ( األعلى )‬
‫المترادفات ‪ :‬القلم اإللهي ‪ -‬القلم االعلى اإللهي ‪ -‬لوح األلوهية ‪. 1‬‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ القاف والالم والميم أصل صحيح يدل على تسوية شيء عند بريه واصالحه ‪.‬‬
‫من ذلك ‪ :‬قلمت الظفر وقلّمته ‪ .‬ويقال للضعيف ‪ :‬هو مقلوم األظفار ‪.‬‬
‫والقالمة ‪ :‬ما يسقط من الظفر إذا قلم ‪.‬‬
‫ومن هذا الباب سمي القلم قلما ‪.‬‬
‫قالوا ‪ :‬سمى به ألنه يقلم منه كما يقلم من الظفر ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة مادة “ قلم‬
‫“)‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫ورد القلم في القرآن بصيغة المفرد ( في آيتين ) والجمع ( آيتين ) ‪.‬‬
‫( أ ) لم يبين التنزيل العزيز بوضوح معنى القلم ‪ ،‬بل اتى به مجمال مبهما وان كان‬
‫القسم به أعطاه قدسية خاصة ‪.‬‬
‫ط ُرونَ “ ( ‪. ) 1 / 68‬‬ ‫قال تعالى ‪ ” :‬ن َو ْالقَلَ ِّم ‪َ 2‬وما يَ ْس ُ‬
‫قال تعالى ‪ ” :‬ا ْق َرأْ َو َرب َُّك ْاأل َ ْك َر ُم ‪ .‬الَّذِّي َ‬
‫علَّ َم ِّب ْالقَلَ ِّم “‪. ( 96 / 4 ) . 3‬‬

‫( ب ) القلم ‪ :‬أداة الكتابة‪.‬‬


‫ش َج َرةٍ أ َ ْقال ٌم َو ْالبَ ْح ُر يَ ُم ُّدهُ ِّم ْن بَ ْع ِّد ِّه َ‬
‫س ْبعَةُ أ َ ْب ُح ٍر‬ ‫قال تعالى ‪َ ” :‬ولَ ْو أ َ َّن ما فِّي ْاأل َ ْر ِّ‬
‫ض ِّم ْن َ‬
‫َّللا ‪. “( 31 / 27 ) .‬‬ ‫ما نَ ِّف َد ْ‬
‫ت َك ِّلماتُ َّ ِّ‬

‫( ج ) القلم – القدح‪.‬‬
‫ت لَ َد ْي ِّه ْم إِّ ْذ يُ ْلقُونَ أ َ ْقال َم ُه ْم ‪4‬أَيُّ ُه ْم يَ ْكفُ ُل َم ْريَ َم‪“ ( 3 / 44 ) .‬‬
‫قال تعالى ‪َ ” :‬وما ُك ْن َ‬

‫‪922‬‬
‫“ ‪“ 923‬‬
‫عند ابن العربي ‪:‬‬
‫*التسمية وسببها ‪:‬‬
‫ان أول موجود عقل عن الحق ‪ 5‬ومنه انبعث العالم باسره ‪ ،‬يسميه ابن العربي جملة‬
‫أسماء ال تؤثر في وحدة عينه ‪ ،‬فهو ‪:‬‬
‫العقل األول ‪ ،‬الحق المخلوق به ‪ ،‬القلم االعلى ‪ ، 6‬الروح الكلي ‪ ،‬العدل ‪ ،‬مستوى‬
‫األسماء اإللهية ‪ ،‬سلطان عالم التدوين والتسطير ‪ . . .‬إلى غير ذلك من أسماء ‪.‬‬
‫وهي على كثرتها ال تقدح في وحدة عين المسمى ‪ ،‬كما ال تؤثر في وحدة الحق كثرة‬
‫أسمائه ‪. 7‬‬
‫وهذه األسماء خلقتها الوجوه أو النسب المتكثرة لهذه العين الواحدة ‪ ،‬فهذا المخلوق‬
‫يسمى عقال ‪ ،‬من وجه يغاير الوجه الذي من اجله يسمى قلما ‪.‬‬
‫تماما كأسماء الحق تعالى ‪ :‬المعز والمذل ‪. . . 8‬‬
‫فمن اي الوجوه استحق هذا المخلوق اسم القلم ؟‬
‫لقد نظر الشيخ األكبر إلى الوجود على أنه كتاب مسطور ‪ ،‬كل حقيقة مفردة فيه هي‬
‫حرف ‪ ، 9‬وكل حقيقة مركبة هي كلمة ‪ 10‬ويسمى هذا العالم ‪ :‬عالم التدوين والتسطير‬
‫‪ ،‬فاألول في هذا العالم بطبيعة الحال هو القلم ‪ ،‬وبواسطته حصل األثر ‪ 11‬وكان‬
‫الوجود ( ‪ -‬الكتاب ) ‪.‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫) ‪( 1‬مسمى واحد وأسماء عديدة ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬نقول في العقل األول عقال ‪ ،‬لمعنى يخالف المعنى الذي ألجله نسميه قلما ‪،‬‬
‫يخالف المعنى الذي ألجله نسميه روحا ‪ ،‬يخالف المعنى الذي ألجله نسميه قلبا ‪.‬‬
‫والعين واحدة والحكم مختلف ‪ ،‬ولذا تنوعت األرواح والصور ‪ . . .‬كذا الحق ‪. . .‬‬
‫وان كان واحد العين ‪ ،‬فهو المسمى بالحي القيوم العزيز المتكبر الجبار ‪ ،‬إلى تسعة‬
‫وتسعين اسما لعين واحدة واحكام مختلفة ‪ ( “ . . . 12‬ف ‪.) 394 - 395/ 2‬‬

‫‪923‬‬
‫“ ‪“ 924‬‬
‫) ‪ ( 2‬فعل الكتابة أعطاه االسم ‪:‬‬
‫َّللا ما علّمه ‪ ،‬وأمره‬
‫“ وأول متعلم قبل العلم بالتعلم ال بالذات العقل األول ‪ ،‬فعقل عن ّ‬
‫ان يكتب ما علمه في اللوح المحفوظ ‪ ،‬الذي خلقه منه فسماه قلما ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 3‬‬
‫‪. ) 399‬‬
‫“ وهو القلم من حيث التدوين والتسطير “ ( االنسان الكلي ق ‪ 4‬ب )‬
‫) ‪( 3‬ونورد االن نصا نقتطفه لجماله ‪ ،‬وروعة تصويره بدء وجود عالم التدوين‬
‫والتسطير ‪ ،‬اي عالمنا ‪.‬‬

‫يقول ‪:‬‬
‫“ ثم غمس [ الحق ] قلم اإلرادة ‪ ،‬في مداد العلم ‪ ، 13‬وخط بيمين القدرة ‪ ،‬في اللوح‬
‫المحفوظ المصون ‪ ،‬كل ما كان وما هو كائن وسيكون وما ال يكون ‪ ،‬مما لو شاء ‪،‬‬
‫وهو ال يشاء ‪ ،‬ان يكون ‪ ،‬لكان ‪ ،‬كيف يكون ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 3 /1‬‬

‫القلم هو محل التفصيل بالنسبة للمداد ( محل االجمال ) ‪ ،‬وهو محل االجمال بالنسبة‬
‫إلى اللوح ( محل التفصيل ) ‪.‬‬
‫من يقرأ ابن العربي جاعال حينا القلم محل التفصيل ‪ ،‬وحينا آخر محل االجمال ‪ ،‬يظن‬
‫أنه يتناقض ‪ .‬فيجب االنتباه دائما للوجه والنسبة اللذين يقصدهما ‪.‬‬

‫فكأني بفلسفته كلها فلسفة نسب وإضافات ال تستقل حقيقة عنده بماهية محددة ثابتة ‪ ،‬بل‬
‫كل حقيقة هي مجموعة أسماء ونسب وإضافات ‪ ،‬وهذا ما سنلمسه بوضوح أكثر عندما‬
‫نتكلم على “ القلم “ بالمعنى التالي ‪:‬‬

‫يقول ‪:‬‬
‫“ ) ‪( 1‬القلم ‪ :‬محل التفصيل ‪ . . .‬النون ‪ : 14‬محل االجمال ‪ . . .‬اللوح ‪ :‬محل‬
‫التدوين “ ( االصطالحات ص ص ‪. ) 295 - 294‬‬

‫“ ) ‪( 2‬وليس فوق القلم موجود محدث يأخذ منه يعبر عنه بالدواة وهي النون ‪. . .‬‬
‫وانما نونه التي هي الدواة ‪ ،‬عبارة عما يحمله في ذاته من العلوم بطريق االجمال ‪ ،‬من‬
‫غير تفصيل ‪ ،‬فال يظهر لها تفصيل اال في اللوح ‪،‬‬

‫‪924‬‬
‫“ ‪“ 925‬‬

‫الذي هو اللوح المحفوظ ‪ .‬فهو [ القلم ] محل التجميل ‪ ،‬والنفس [ ‪ -‬اللوح المحفوظ ]‬
‫محل التفصيل ‪ ( “ . . .‬عقلة ص ‪. ) 55‬‬
‫****‬
‫لقد احتفظ القلم في المعنيين السابقين بذاتية وشخصية خاصة ‪ ،‬إذ كان عبارة عن حقيقة‬
‫منفردة ‪ ،‬لها صفات وخصائص معينة ‪ .‬ولكن ‪ ،‬في هذا المعنى ‪ ،‬يخسر القلم شخصيته‬
‫‪ ،‬ليصبح “ صفة “ تطلق على كل من تحقق بها ‪15 .‬وهي صفة الفعل في مقابل صفة‬
‫االنفعال ( لوح ) ‪ ،‬أو صفة الذكورة في مقابل صفة األنوثة ( لوح ) ‪. 16‬‬

‫كل من حاز صفة الفعل فهو “ قلم “ وان كان لوحا ‪ ،‬حتى القلم المعروف اي االعلى‬
‫يصبح لوحا إذا نظرنا اليه ‪ ،‬من حيث تأثير الحق به وانفعاله عنه ‪.‬‬

‫وهكذا كل “ اثر “ في الكون هو نتيجة عن مقدمتين ‪ 17‬هما بلغة ابن العربي ‪:‬‬
‫فاعل ومنفعل أو قلم ولوح ‪ .‬وال يكون األثر اال بحركة مخصوصة بين القلم واللوح ‪،‬‬
‫يعبر عنها الشيخ األكبر بلفظ ‪ :‬نكاح ‪ .‬وتتعدد األقالم واأللواح في الوجود ‪ ،‬إذ أنها‬
‫تخلق عند كل فعل أو أثر ‪.‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫) ‪( 1‬القلم ‪ :‬صفة الفعل ‪.‬‬
‫“ وهذا ‪ . .‬اللوح المحفوظ هو أيضا قلم لما دونه ‪ ،‬وهكذا كل فاعل ومنفعل ‪ :‬لوح وقلم‬
‫“ ‪ ( .‬عقلة ‪. ) 56‬‬

‫“ والطلبة والتالمذة للشيخ المتحقق ‪ . . .‬ألواح منحوتة منصوبة لرقمه وكتابته ‪ ،‬وقبائل‬
‫مستعدة لنفخه ‪ ،‬فال يزال ينفخ فيهم أرواح االسرار ‪ ،‬ويخط فيهم حروف المعاني‬
‫القدسية ‪ ( “ .‬مواقع النجوم ص ‪. ) 126‬‬

‫) ‪( 2‬القلم ‪ :‬صفة الذكورة ‪:‬‬


‫“ اللوح محل االلقاء العقلي ‪ ،‬هو للعقل [ العقل األول ‪ :‬القلم االعلى ]بمنزلة حواء‬
‫َّللا بها عن العقل ‪ ،‬إذ‬
‫آلدم ‪ . . .‬وسميت نفسا ألنها وجدت من نفس الرحمن ‪ ،‬فنفس ّ‬
‫جعلها محال لقبول ما يلقى إليها ‪ ،‬ولوحا لما يسطره فيها ‪ ( “ . . .‬عقلة ص ‪.) 55‬‬

‫‪925‬‬
‫“ ‪“ 926‬‬

‫“ ‪ . . .‬والقلم المخطط لهذا الشخص االنساني [ في لوح الوجود ] ‪. . .‬‬


‫قلمان ‪:‬‬
‫قلم يسمى النفخ والقلم الذي هو الذكر ‪ ،‬وأول من كتب به أبو البشر في لوح أم‬
‫البشر ‪. . .‬‬
‫والقلم ‪ :‬الرجل ‪ ،‬واللوح ‪ :‬المرأة ‪ ،‬وقد يكون الرجل لوحا ‪ ، 18‬للقلم المعبر عنه‬
‫َّللا وسلم عليهم أجمعين ‪.‬‬
‫بالنفخ كمريم وعيسى ‪ ، 19‬صلى ّ‬
‫فما سلم من خط هذا القلم المحسوس في اللوح المحسوس ‪ 20‬خاصة اال ثلثه‬
‫[ ثالثة ] ‪. . .‬‬
‫َّللا تعالى بيده ‪ . . .‬وحواء وعيسى عليهما السالم من نصف هذا‬
‫آدم عليه السالم خلقه ّ‬
‫الخط ‪ ( “ . . .‬مواقع النجوم ص ‪. ) 125‬‬

‫“ ‪ [ . . .‬كان ] ذلك اللوح موضعا ومحال لما يكتب فيه هذا القلم االعلى اإللهي ‪. . .‬‬
‫فكان بين القلم واللوح نكاح ‪ 21‬معنوي معقول ‪ ،‬واثر حسي مشهود [ ‪ -‬الطبيعة‬
‫الكلية ] ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 139 / 1‬‬
‫****‬
‫فرق الشيخ األكبر بين القلم [ بصيغة المفرد ] واألقالم [ بصيغة الجمع ] ‪ ،‬وهو بذلك‬
‫منسجم مع القرآن الكريم والحديث الشريف ‪.‬‬
‫وقد جعل القلم االعلى في موازاة اللوح المحفوظ ‪ ،‬كما جعل األقالم في موازاة ألواح‬
‫المحو واالثبات ‪ ،‬فما يكتبه القلم االعلى محفوظ عن المحو ‪ ،‬وما تكتبه األقالم يتردد‬
‫بين المحو االثبات ‪ :‬كالخاطر مثال ‪.‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫َّللا عليه وسلم ] انه اسرى به حتى ظهر لمستوى يسمع فيه‬ ‫َّللا صلى ّ‬
‫“ فذكر [ رسول ّ‬
‫صريف األقالم ‪. . . 22‬‬
‫َّللا في العالم من االحكام ‪ ،‬وهذه األقالم رتبتها دون رتبة القلم‬
‫وهي تجري بما يحدث ّ‬
‫االعلى ‪ ،‬ودون اللوح المحفوظ ‪ ،‬فان الذي كتبه القلم االعلى ‪ 23‬ال يتبدل ‪.‬‬
‫وسمى اللوح بالمحفوظ من المحو فال يمحى ما كتب فيه ‪.‬‬

‫وهذه األقالم تكتب في ألواح المحو واالثبات ‪ . . . 24‬وعدد هذه األقالم ‪ ،‬التي يجري‬
‫على حكم كتابتها الليل والنهار ‪ ،‬ثالثمائة قلم وستون قلما ‪ ( “ . . . 25‬ف ‪- 61 / 3‬‬
‫‪. ) 62‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫“ ولما ظهر هذا الحق المخلوق به السماوات واألرض الذي هو لوح األلوهية وقلمها‬

‫‪926‬‬
‫“ ‪“ 927‬‬
‫االعلى ‪ ( “ . . .‬كتاب المسائل ص ‪. ) 11‬‬
‫نالحظ ان القلم االعلى هنا يسمى بلوح األلوهية وذلك من حيث إنه منفعل لأللوهية ‪.‬‬
‫انظر المعنى “ الثالث “ للقلم فيما يلي ‪.‬‬

‫“ ) ‪ (( 2‬والقلم ) وهو الذي خط اللوح أو الذي يخط به ‪ ،‬اقسم به تعالى لكثرة‬


‫فوائده ‪ ( “ . . .‬أنوار التنزيل البيضاوي ج ‪ 2‬ص ‪. ) 273‬‬
‫“ ) ‪ (( 3‬الذي علم بالقلم ) اي الخط بالقلم وقد قرىء به لتقيد به العلوم ويعلم به البعيد‬
‫“ ( المرجع السابق ج ‪ 2‬ص ‪. ) 310‬‬
‫“ ) ‪ . . . (( 4‬أقالمهم ) اقداحهم لالقتراع وقيل اقترعوا بأقالمهم التي كانوا يكتبون‬
‫بها التوراة تبركا ‪ ( “ . . .‬المرجع السابق ج ‪ 1‬ص ‪) . 67‬‬
‫) ‪( 5‬يراجع “ العقل األول ‪“ .‬‬
‫) ‪( 6‬يعرف الجيلي القلم االعلى قائال ‪ “ :‬ان القلم عبارة عن أول تعينات الحق في‬
‫المظاهر الخلقية على التمييز ‪ ،‬وقولي على التمييز هو الن الخلق له تعين ابهامي أوال‬
‫في العلم اإللهي ‪ . . .‬ثم له وجود هو مجمل حكمي في العرش ‪ . . .‬ثم له ظهور‬
‫تفصيلي في الكرسي ‪ . . .‬ثم له ظهور على التمييز في القلم االعلى ‪ ،‬الن ظهوره في‬
‫تلك المجالي األول جميعها غيب ‪ ،‬ووجوده في القلم وجود عيني مميز عن الحق ‪.‬‬
‫وهو اعني القلم االعلى ‪ ،‬أنموذج ينتقش ما يقتضيه في اللوح المحفوظ كالعقل فإنه‬
‫أنموذج ينتقش ما يقتضيه في النفس ‪ ،‬فالعقل بمكانة القلم والنفس بمكانة اللوح ‪. . .‬‬
‫“ ( االنسان الكامل ج ‪ 2‬ص ‪. ) 5‬‬
‫) ‪( 7‬راجع “ اسم الهي “ فقرة “ االسم والمسمى ‪“ .‬‬
‫) ‪( 8‬راجع “ اسم الهي “‬
‫) ‪( 9‬راجع “ حرف “‬
‫) ‪( 10‬راجع “ كلمة “‬
‫) ‪( 11‬سنتوسع في هذه النقطة في المعنى التالي ‪ .‬فليراجع ‪.‬‬
‫) ‪( 12‬راجع “ اسم الهي ‪“ .‬‬
‫) ‪( 13‬جعل ابن العربي القلم والمداد بمثابة اإلرادة والعلم ‪ .‬وال يخفى ما في هذا‬
‫التشبيه من داللة تصويرية ‪ .‬فالعلم اإللهي ( ‪ -‬المشيئة ) أشمل وأوسع من اإلرادة ‪ ،‬إذ‬
‫ان اإلرادة لها التخصيص بالوجود من معلومات العلم ‪.‬‬
‫كذلك القلم ليس له شمول المداد بل يخص من ذاك المداد بعض الكلمات بالوجود‬
‫العيني ‪ .‬راجع “ مشيئة “ فقرة “ المشيئة واإلرادة ‪“ .‬‬
‫) ‪( 14‬النون ‪ -‬الدواة أو المداد انظر النص التالي ‪.‬‬
‫كما يراجع بشأن النون ‪:‬‬
‫‪-‬االصطالحات ص ‪، 294‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪، 130‬‬

‫‪927‬‬
‫“ ‪“ 928‬‬
‫‪-‬االصطالحات الصوفية ص ‪ 85‬ب ‪،‬‬
‫َّللا ) ‪.‬‬
‫‪-‬التفسير العظيم ‪ .‬سهل ص ‪ ( 106‬النون اسم من أسماء ّ‬
‫‪-‬ابن قسي ‪ .‬عفيفي ص ‪، 83‬‬

‫) ‪( 15‬نالحظ ان القلم هنا فارق صفته “ االعلى “‬


‫) ‪( 16‬راجع “ انوثة “ “ لوح “‬
‫) ‪( 17‬راجع “ اثر “ “ تثليث “‬
‫) ‪( 18‬لوحا اي منفعال أو أنثى ‪ ،‬راجع “ انوثة ‪“ .‬‬
‫) ‪( 19‬ان عيسى وجد عن امرين هما ‪ :‬النفخ اإللهي ومريم ‪ .‬فهو وان كان رجال اال‬
‫انه منفعل عن النفخ اإللهي الذي اتخذ هنا المرتبة “ القلمية “ ‪ -‬ان أمكن التعبير ‪.‬‬
‫) ‪( 20‬يقصد ابن العربي بالقلم المحسوس واللوح المحسوس ‪ ،‬الفاعل والمنفعل‬
‫المحسوسين أو الرجل والمرأة وهذا يتضح باألمثلة الثالثة التي أوردها ‪ :‬آدم ‪ ،‬حواء ‪،‬‬
‫عيسى ‪ ،‬آدم لم يخلق عن أم وأب محسوسين اي رجل وامرأة ‪ ،‬وحواء وجدت عن‬
‫أصل واحد محسوس هو آدم فسلمت من نصف هذا الخط ‪ .‬وعيسى وجد عن أصل‬
‫واحد محسوس كذلك وهي مريم فسلم من نصف هذا الخط ‪.‬‬
‫) ‪( 21‬يستعمل ابن العربي على سبيل التشبيه الصور الحسية وااللفاظ المتداولة في‬
‫أمور العشق االنساني ‪ ،‬وهو بذلك ليس غريبا عن موضوع دراسات التحليل النفساني‬
‫في العصر الحديث ‪ .‬وال يسعنا اال ان ننقل هذه األسطر عن الدكتور عبد الكريم‬
‫اليافي ‪ .‬يقول ‪:‬‬
‫“ لقد صنعت دراسات في العصر الحديث على التصوف المسيحي بعد اشتهار مدارس‬
‫التحليل النفسي وانتشار كتب أقطابها أمثال فرويد وادلر ويونغ ومن جرى على‬
‫غرارهم ‪ . . .‬فوجد الباحثون ان أولئك المتصوفة أرادوا ان يتغلبوا على نزعات‬
‫اللبيدو ؛ على حد تعبيرهم وقصدوا ان يسيطروا على رغباتهم الجنسية ‪ ،‬فاتبعوا سبل‬
‫الورع والعبادة والتأمل الروحي ‪ ،‬ولكن تلك النزعات والرغبات األولى ‪ . . .‬قد تغلبت‬
‫عليهم وتزعمت أصول تعبيرهم وظهرت على اسالت ألسنتهم ‪ ،‬وتالمحت في‬
‫تضاعيف ابتهاالتهم دون ان يشعروا بذلك ‪. . .‬‬
‫وقد رد على ذلك فريق من آباء الكنيسة ‪“ .‬‬
‫ويرجعنا الدكتور اليافي إلى المرجع القيمة التي تصدت للرد على هذه االتهامات ننقلها‬
‫فيما يلي ‪:- Psycholohie du mysticisme religieux . James‬‬
‫‪leuba .‬مقال ماري نونابرت ‪- Revu Francaise de psychanalyse‬‬
‫‪1948 No 2- Le mysticimse : Emmanuel Aegerter . ed .‬‬
‫(‪Flammarion .‬وفي هذا الكتاب فصل بعنوان ‪Le mysticisme‬‬
‫‪psychologique-‬‬
‫يلخص فيه المؤلف أقوال األطباء الذين يقربون بين حاالت االنجذاب الروحي‬
‫والهستيريا ‪،‬‬

‫‪928‬‬
‫“ ‪“ 929‬‬
‫وفي الكتاب نفسه فصل آخر عن االعراس “ الصوفية “ يذكر فيها بعض التعابير‬
‫المفرطة فيما يشبه الوصال جرت على السنة القديسات والقديسين ‪) ) .‬‬
‫وخاصة الفصل بعنوان ‪:‬‬
‫‪-- Mystique et contnenceLa signification du symbolisme‬‬
‫‪conjugal dans la vie mystique‬‬
‫(وهو يضم بحوثا الفها كبار الكاثوليك المتدينين بمناسبة مؤتمر ديني ) ‪.‬‬
‫راجع ‪ :‬دراسات فنية في األدب العربي الدكتور عبد الكريم اليافي ص ص ‪- 306‬‬
‫‪ ( 314‬وقد أشار الدكتور اليافي في هذه الصفحات باإلضافة إلى مشكلة التعابير‬
‫الحسية عند المتصوف المسيحي ‪ ،‬إلى مدى انطباق هذه المشكلة على المتصوف‬
‫المسلم وهو متزوج وال يشكو اي كبت ‪ .‬ثم اختتم ببيان السبب الحقيقي لهذه اإلشارات‬
‫بشكل علمي كما عهدناه دائما ‪.‬‬
‫فليراجع ) ‪.‬‬

‫) ‪( 22‬راجع فهرس األحاديث حديث رقم ‪( 23 ) .‬‬


‫) ‪( 23‬يراجع بشأن “ قلم “ عند ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬االنسان الكلي ق ‪ ( 4‬القلم ‪ -‬العقل األول ‪ -‬الحق المخلوق به ) ‪ ،‬ق ‪ ( 5‬القلم‬
‫االعلى ) ‪.‬‬
‫‪-‬الميم والواو والنون ص ‪ ( 13‬القلم ‪ -‬الواو ) ‪.‬‬
‫‪-‬بلغة الغواص ق ‪ ( 9‬القلم ) ‪ ،‬ق ق ‪ ( 132 - 131‬القلم االعلى ‪ ،‬األقالم ) ‪.‬‬
‫‪-‬عقلة المستوفز ص ‪ ( 52‬القلم ) ‪،‬‬
‫‪-‬ف ج ‪ 1‬ص ‪ ( 148‬عالم التدوين والتسطير ‪ -‬القلم اللوح ) ‪.‬‬
‫‪-‬ف ج ‪ 2‬ص ‪ ( 95‬العقل األول ‪ :‬القلم االعلى ) ‪ ،‬ص ‪ ( 130‬القلم والنون ) ‪250‬‬
‫( القلم االعلى ‪ :‬سلطان عالم التدوين والتسطير ) ‪.‬‬
‫‪-‬ف ج ‪ 3‬ص ‪ ( 28‬القلم ‪ :‬العقل ) ‪ ،‬ص ‪ ( 342‬القلم ‪ ،‬األقالم ) ( ‪444‬القلم اإللهي‬
‫؛ العقل األول ؛ الحقيقة المحمدية ؛ الحق المخلوق به ؛ العدل ؛ الروح القدسي الكلي ؛‬
‫مستوى األسماء اإللهيات ‪) .‬‬
‫‪-‬ف ج ‪ 4‬ص ‪ ( 387‬قلم ‪ -‬أقالم ) ‪.‬‬
‫‪-‬الديوان ص ‪، 46‬‬
‫‪-‬الدرة البيضاء ‪ ،‬وقد تكلم فيه على مقام القلم االعلى ( اتى على ذكر هذا الكتاب في‬
‫كتابه عقلة المستوفز ص ‪. ) 56‬‬
‫‪-‬مواقع النجوم ص ‪ ( 79‬وقد استعمل لفظ “ قلم “ بما يوحي انها تعني “ ترجمان‬
‫“ يقول اللسان قلم القلب ‪ .‬انظر “ ترجمان “ )‬
‫) ‪( 24‬انظر “ لوح “ المعنى “ الثاني “ الفقرة “ ‪ “ 3‬مع الهامش ‪،‬‬
‫) ‪( 25‬يجعل ابن العربي هنا عدد األقالم ‪ / 360 /‬وهو الرقم نفسه الذي يجعله في‬
‫موضع آخر وجوه‬

‫‪929‬‬
‫“ ‪“ 930‬‬
‫القلم االعلى ‪ .‬فاالقالم هي وجوه القلم االعلى ‪ ( .‬ف ج ‪ 1‬ص ‪. ) 148‬‬
‫****‬
‫‪ - 530‬القوت‬
‫انظر “ رزق "‪.‬‬
‫****‬
‫ي‬
‫‪ - 531‬القول األله ّ‬
‫انظر “ خطاب الهي “ المعنى “ األول “ الفقرة “ أ “ ‪.‬‬
‫****‬
‫‪ – 532‬المقام‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ القاف والواو والميم أصالن صحيحان ‪ ،‬يدل أحدهما على جماعة ناس ‪. . .‬‬
‫واالخر على انتصاب أو عزم “ ( معجم مقاييس اللغة ‪ .‬مادة “ قوم “ ) ‪.‬‬
‫“ وأقام بالمكان إقامة وقامة ‪ :‬دام ‪ . . .‬والمقامة ‪ :‬المجلس ‪ ،‬والقوم وبالضم اإلقامة‬
‫كالمقام والمقام ويكونان للموضع ‪ ( “ . . .‬القاموس المحيط ‪ .‬الفيروزآبادي مادة “ قوم‬
‫“)‪.‬‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫ورد لفظ “ مقام “ في القرآن اما مضافا واما موصوفا ‪ ،‬وهو يشير إلى ‪:‬‬
‫( أ ) موضع مكاني ‪ ،‬مجلس‬
‫صلًّى “[ ‪. ] 125 / 2‬‬ ‫يم ُم َ‬ ‫قال تعالى ‪َ ” :‬وات َّ ِّخذُوا ِّم ْن َم ِّ‬
‫قام ِّإبْرا ِّه َ‬
‫وم ِّم ْن َم ِّ‬
‫قام َك ] ‪“[ 27 / 39‬‬ ‫يك بِّ ِّه قَ ْب َل أ َ ْن تَقُ َ‬
‫قال تعالى ‪ ” :‬أَنَا آتِّ َ‬
‫( ب ) مرتبة معينة معلومة ‪ :‬صفاتية ال مكانية ‪.‬‬
‫قال تعالى ‪َ ” :‬وما ِّمنَّا ِّإ َّال لَهُ َمقا ٌم َم ْعلُو ٌم “[ ‪] 164 / 37‬‬
‫عسى أ َ ْن يَ ْبعَث َ َك َرب َُّك َمقاما ً َم ْح ُمودا ً‪“[ 17 / 79 ] .‬‬ ‫قال تعالى ‪َ ” :‬‬

‫‪930‬‬
‫“ ‪“ 931‬‬
‫عند ابن العربي ‪: 1‬‬
‫نستخلص مما تقدم بحثه لدى الكالم على “ الحال “ ان المقام يتحدد ‪ 2‬كاآلتي ‪:‬‬
‫انه تحصيل شهود أو كشف لحقيقة معينة مميزة ‪ ،‬والترسخ في هذا التحصيل ترسخا‬
‫علميا بحيث ال يصح االنتقال عنه ‪. 3‬‬

‫وسنحاول ان نختصر في نقطتين كل أقوال شيخنا األكبر في “ المقام ‪“ :‬‬


‫النقطة األولى يتفق بها مع سلفه ‪ ،‬والنقطة الثانية نتجرأ فيها ان نلخص بأسطر‬
‫معدودات مثات الصفحات من الفتوحات تتعلق بالمقام ‪.‬‬
‫****‬
‫المقام مكتسب ثابت في مقابل الحال ( وهب ) ‪ -‬وهو يوجد بوجود المقيم ‪.‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫َّللا تعالى فهو مكتسب ثابت ‪ ،‬وكل حال فهو موهوب‬ ‫“ ) ‪( 1‬وكل مقام في طريق ّ‬
‫غير مكتسب غير ثابت ‪ ،‬انما هو مثل بارق برق ‪ ،‬فإذا برق اما يزول لنقيضه ‪ ،‬واما‬
‫ان تتوالى أمثاله ‪ ( “ . . . 4‬فتوحات ‪. ) 176 / 2‬‬

‫“ وهكذا كل مأمور به فهو مقام ‪ 5‬يكتسب ‪ ،‬ولهذا قالت الطائفة ‪ :‬ان المقامات مكاسب‬
‫‪ 6‬واألحوال مواهب ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪. ) 157 / 2‬‬

‫صل ما هو أعلى‬‫“ فان النقلة في المقامات ما هي بان تترك المقام ‪ ،‬وانما هو بان تح ّ‬
‫منه ‪ ،‬من غير مفارقة للمقام الذي تكون فيه ‪ ،‬فهو انتقال إلى كذا ‪ ،‬ال من كذا ‪ ،‬بل مع‬
‫كذا ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪. ) 225 / 3‬‬

‫ان النص األخير الذي يثبت ان المقام “ ثابت “ ‪ ،‬بالفعل نفسه يميز نظرة ابن العربي‬
‫إلى المقام من نظرة السلف ‪ ،‬فالسالك في مقام معين ال يخلف وراءه المقامات التي‬
‫تحقق بها ‪ ،‬بل يحملها في أعماقه ‪ ،‬انه ال يخلف شيئا ‪.‬‬

‫“ ) ‪( 2‬المناظر العلى ‪ :‬من حيث هي مناظر ال وجود لها اال بوجود الناظر ‪،‬‬
‫كالمقامات ال وجود لها اال بوجود المقيم ‪ ،‬فإذا لم يكن ث ّم مقام ‪ ،‬لم يكن ث ّم مقيم ‪.‬‬
‫“ ( ترجمان األشواق ص ‪.) 13‬‬

‫‪931‬‬
‫“ ‪“ 932‬‬

‫النص ان المقام حقيقة معنوية يوجدها المقيم ‪ ،‬فالتوبة مثال ال وجود لها بمعزل‬
‫ّ‬ ‫يوضح‬
‫عن التائب ‪ ،‬بل التائب هو الذي يخلقها بإقامته فيها ‪.‬‬
‫****‬
‫لواردنا ان نستقصي مقامات الشيخ األكبر الستوجب ان نفرد لها بحثا خاصا فهو قد‬
‫أضاف إلى منازل السائرين المئة مئات ‪ ، 7‬ومن االجدى ان ننبه إلى نقطة مهمة ‪،‬‬
‫وهي ان ابن العربي يناقش آراء المتقدمين في المقامات ويشرحها ‪ ،‬دون ان يتنصل‬
‫من النصوص بل العكس ‪ ،‬طريقته في شرحها توحي بأنها جزء ال ينفصل من فتوحاته‬
‫‪ ،‬أو انها في الواقع بدايات مقاماته ‪.‬‬

‫مثال ‪ :‬يشرح ويحدد مقام التوبة ‪ 8‬عند السلف دون ان ينتقد أو يتنصل من الصاق‬
‫الكالم به ‪ ،‬ثم في مرحلة ثانية ينتقل بالمقام إلى مرتبة أعلى ‪.‬‬

‫ونحن امام خيارين ‪ :‬اما ان المقام له ترق ‪ .‬فيكون مقام السلف بدء مقاماته ‪.‬‬
‫واما ان ابن العربي يورد المقامات عند السلف ليدحضها ويبين سذاجتها ‪.‬‬

‫ونميل إلى جمع الرأيين معا ‪ :‬فابن العربي من ناحية ‪ ،‬بنزعته الموحدة يستوعب كل‬
‫كثرة ظاهرة ‪ .‬ومن ناحية ثانية ‪ ،‬يتميز عن السلف بنظرة خاصة إلى األمور ‪.‬‬
‫ونستطيع ان نلخص بجرأة مئات المقامات ‪ ،‬التي يوردها ابن العربي للخلق بمقام‬
‫واحد ‪.‬‬
‫ودليلنا في هذا التلخيص ‪ ،‬صفة واحدة مشتركة بين المقامات جميعا ‪ ،‬في آخر مرحلة‬
‫من مراحل تطورها وترقيها ‪.‬‬

‫يتكلم ابن العربي على ‪ :‬مقام التوكل ومقام ترك التوكل ‪ -‬مقام الشكر ومقام ترك الشكر‬
‫‪ -‬مقام اليقين ومقام ترك اليقين ‪ -‬مقام الصبر ومقام ترك الصبر ‪. . .‬‬
‫وهكذا يعدد المقامات جميعا ‪ ،‬مع المقامات التي تعلوها ‪ ،‬وهي مقامات تركها ‪. 9‬‬

‫اما السبب الذي يدعو السالك إلى الترقي عن المقام ‪ ،‬بتركه ‪ ،‬فهو رؤيته الفتقاره‬
‫وامكانه ‪.‬‬
‫فالسالك ثابت في العدم ‪ ، 10‬ال وجود له مع الحق ‪ .‬اذن ‪ ،‬ترك المقام أولى ‪.‬‬

‫ويمكن على هذا األساس تلخيص كل المقامات بمقام واحد ‪ :‬هو مقام االفتقار أو‬
‫العبودية‪.‬‬

‫‪932‬‬
‫“ ‪“ 933‬‬
‫فالسالك إلى الحق في “ مقام عبد “ ‪. 11‬‬
‫َّللا ال نهاية له ‪ ،‬مع أن‬
‫مهما تنوعت األسماء ‪ .‬ولذلك يجد ابن العربي ان الطريق إلى ّ‬
‫المقامات تتناهى ‪. 12‬‬
‫“ فمقام العبد “ هو نهاية المقامات وأعالها ‪ ،‬وهو الذي ينطبق عليه حرفيا قول ابن‬
‫العربي ‪ “ :‬ال يصح التنقل عنه “ ‪ ،‬فالعبودية لالنسان ال يصح ان ننتقل عنها ‪.‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬لقد سبق وتحدثنا على المقام عند بحث “ الحال “ في فلسفة الشيخ األكبر ‪ .‬راجع‬
‫“ حال “ المعنى ‪ :‬الثاني ‪ ،‬الرابع ‪ ،‬السادس ‪ ،‬السابع ‪.‬‬
‫وبخصوص مراجع “ المقام “ تراجع مراجع “ الحال “ نفسها الن الفكر الصوفي‬
‫بحثهما بالمقارنة ‪.‬‬
‫) ‪( 2‬يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫“ ولشيوخنا في هذا المقام ( ‪ -‬التوبة ) حدود اذكر منها ما تيسر ‪ . . .‬وهكذا افعل ان‬
‫َّللا في كل مقام إذا وجدنا لهم فيه كالما ‪ .‬على أنه إذا سئلوا عن ماهية الشيء لم‬ ‫شاء ّ‬
‫يجيبوا بالحد الذاتي انما يجيبون بما ينتج ذلك المقام فيمن اتصف به ‪ ،‬فعين جوابهم يدل‬
‫على أن المقام حاصل لهم ذوقا وحاال ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪) 143 / 2‬‬
‫) ‪( 3‬ان هذا التحديد هو خالصة المعاني المتعلقة بالحال والمتقدم ذكرها ‪.‬‬
‫) ‪( 4‬راجع “ خلق جديد ‪“ .‬‬
‫َّللا به في القرآن من التقوى والتوبة والتوكل وغيره ‪. . .‬‬ ‫) ‪( 5‬اي ان كل ما أمرنا ّ‬
‫إشارة إلى أنها مقامات يكتسبها العبد ‪ ،‬حيث إنه ال معنى من أن يأمرنا الحق بفعل ال‬
‫يحصل اال بالوهب ‪.‬‬
‫) ‪( 6‬ولكن هل المقامات كلها كسب عند ابن العربي ‪.‬‬
‫فلنستمع اليه يقول ‪:‬‬
‫“ والنبوة والوالية مقامان وراء طور العقل ليس للعقل فيهما كسب ‪ ،‬بل هما‬
‫َّللا تعالى لمن يشاء “ ( كتاب التراجم ‪ -‬ص ‪. ) 4‬‬ ‫اختصاصان من ّ‬
‫) ‪( 7‬يكفي للداللة على اتساع الموضوع عنده ان نورد تقسيم الفتوحات ‪:‬‬
‫“ وقد اكتمل له في هذا الكتاب ( الفتوحات ) ‪ 560‬بابا موزعة على ستة أقسام كبرى‬
‫هي ‪:‬‬
‫المعارف ( ‪ 73‬بابا ) ‪ ،‬والمعامالت ( ‪ 116‬بابا ) ‪ ،‬واألحوال ( ‪ 80‬بابا ) والمنازل‬
‫( ‪ 114‬بابا ) ‪ ،‬والمنازالت ( ‪ 78‬بابا ) ‪ ،‬والمقامات ( ‪ 99‬بابا ) ‪ ( “ .‬عثمان يحي ‪.‬‬
‫مقدمة الفتوحات المكية ج ‪ 1‬ص ‪. ) 30‬‬
‫) ‪( 8‬راجع “ توبة ‪“ .‬‬
‫) ‪( 9‬انظر الفتوحات ج ‪ 2‬ص ص ‪ 370 - 139‬؛ ففي هذه الصفحات يتكلم ابن‬
‫العربي على كل مقام بمفرده ومقام تركه ‪.‬‬
‫) ‪( 10‬انظر “ عين ثابتة ‪“ .‬‬
‫) ‪( 11‬راجع “ عبد “‬

‫‪933‬‬
‫“ ‪“ 934‬‬

‫) ‪( 12‬يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫َّللا ] وما ثم االبداية ‪.‬‬
‫“ ولقد اتفق لي في بدايتي [ في طريق ّ‬
‫واما النهاية فمقولة غير معقولة “ ( فتوحات ‪. ) 177 / 2‬‬
‫“ وان كانت الواردات اإللهية ال تتناهي ‪ ،‬فالمقامات بال شك تتناهى ‪ ( “ . . .‬ترجمان‬
‫األشواق ص ‪. ) 21‬‬

‫ي‬
‫‪ - 533‬مقام اله ّ‬
‫المقام اإللهي ‪ :‬هو كل مقام أو اسم للحق من حيث نسبة “ االلوهة “ ‪. 1‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫َّللا ‪ ،‬ان الحب مقام الهي ‪ .‬فإنه وصف به نفسه ‪ ،‬وتسمى بالودود ‪. . . 2‬‬ ‫“ اعلم وفقك ّ‬
‫َّللا به إلى موسى ‪ ،‬في التوراة ‪ :‬في التوراة ‪ :‬يا ابن آدم ‪ ،‬اني وحقي لك‬ ‫ومما أوحى ّ‬
‫َّللا‬
‫محب ‪ ،‬فبحقي عليك كن لي محبا ‪ .‬وقد وردت المحبة في القرآن والسنة ‪ ،‬في حق ّ‬
‫وفي حق المخلوقين “ ‪ ( . . .‬فتوحات ‪. ) 322 / 2‬‬
‫انظر مقام رحماني مقام رباني‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫َّللا ‪“ .‬‬
‫) ‪( 1‬راجع “ ّ‬
‫) ‪( 2‬راجع “ حب "‪.‬‬

‫****‬
‫‪ - 534‬مقام ذاتي‬
‫المقام الذاتي ‪ :‬هو كل مقام للحق من حيث “ الذات “ الغنية عن العالمين ‪ ،‬ال من حيث‬
‫نسبة معينة كااللوهة ‪ ،‬وال من حيث اسم ‪ ،‬أو صفة معينان ‪.‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫َّللا ‪ ،‬ان الحرية مقام ذاتي ‪ 1‬ال الهي ‪. 2‬‬
‫“ اعلم وفقك ّ‬
‫وال يتخلص للعبد مطلقا ‪ ،‬فإنه عبد ّّلل عبودية ال تقبل العتق ‪ . . . 3‬فال حرية مع‬
‫اإلضافة والربوبية ‪.‬‬

‫ي‬
‫واأللوهية إضافة ‪ ،‬ولما لم يكن بين الحق والخلق مناسبة ‪ ،‬وال إضافة ‪ ،‬بل هو الغن ّ‬
‫عن العالمين ‪ ،‬وذلك ال يكون لذات موجودة اال لذات الحق ‪ ،‬فال يربطها كون ‪. . .‬‬
‫“ ( فتوحات ‪. ) 226 / 2‬‬
‫انظر مقام رحماني ‪ -‬مقام رباني‬

‫‪934‬‬
‫“ ‪“ 935‬‬

‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬راجع “ اختيار “‬
‫) ‪( 2‬راجع “ مقام الهي “‬
‫) ‪( 3‬راجع “ عبودية "‪.‬‬

‫****‬
‫‪ - 535‬مقام رحماني ‪ -‬مقام ربّاني‬
‫المقام الرباني ‪ :‬هو دون المقام اإللهي ‪ ، 1‬وهو يتعلق بالحق من حيث االسم “ الرب‬
‫“‪.2‬‬
‫المقام الرحماني ‪ :‬هو مقام الحق من حيث االسم “ الرحمن “ ‪. 3‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫“ وكل مقام فاما ‪ :‬الهي ‪ 4‬أو رباني أو رحماني ‪ ،‬غير هذه الثالث الحضرات ال‬
‫يكون ‪.‬‬
‫وهي تع ّم جميع الحضرات ‪ ،‬وعليها يدور الوجود ‪ ،‬وبها تنزلت الكتب ‪ ،‬وإليها ترتقي‬
‫المعارج ‪. 5‬‬
‫َّللا والرب والرحمن ‪ ،‬من حكم اسم ما من األسماء‬ ‫والمهيمن عليها ثالثة أسماء الهية ‪ّ :‬‬
‫اإللهية ‪ ،‬ينعت به في ذلك الوقت أحد هذه األسماء الثالثة ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪/ 2‬‬
‫‪. ) 176‬‬

‫َّللا ‪ ،‬الرب ‪ ،‬الرحمن ‪ .‬يعتبرها ابن العربي‬


‫يتضح من النص ان األسماء اإللهية ‪ّ :‬‬
‫أمهات ترجع إليها بقية األسماء اإللهية الموحية بصفات معينة [ اسم صفة ‪. ] 6‬‬

‫وأغلب الظن ان كل اسم من أسماء الصفات هذه ‪ ،‬يرجع إلى أحد األسماء األمهات‬
‫الثالث ‪ ،‬وفي رجوعه إلى أحدها يتحدد اسم المقام ‪.‬‬

‫َّللا ‪ ،‬يطلق عليه اسم ‪ :‬مقام الهي ‪ .‬وفي‬


‫مثال ‪ :‬ان االسم الودود في رجوعه إلى االسم ّ‬
‫طاقته ان يرجع إلى االسم الرب ‪ ،‬فيقال ‪ :‬مقام رباني ‪ .‬وقد ابتدرنا كالمنا ‪ ،‬بأغلب‬
‫الظن ‪ ،‬ألنه ليس بأيدينا نصوص تفصح عما أجمله ابن العربي ‪.‬‬

‫) ‪ ( 1‬يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫“ ‪ . . .‬فطائفة قالت ‪ :‬مقام المعرفة رباني ومقام العلم الهي وبه أقول [ ابن‬
‫العربي ] ‪. . .‬‬
‫وطائفة قالت ‪ :‬مقام المعرفة الهي ومقام العلم دونه وبه أيضا أقول ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 2‬‬
‫‪. ) 318‬‬

‫‪935‬‬
‫“ ‪“ 936‬‬
‫) ‪( 2‬راجع “ رب “‬
‫) ‪( 3‬راجع “ رحمن “‬
‫) ‪( 4‬راجع “ مقام الهي “‬
‫) ‪( 5‬راجع “ اسراء “‬
‫) ‪( 6‬راجع “ صفة “ ‪ - 536.‬مقام العبودة والعبوديّة‬
‫انظر “ عبد “‪ - 537‬مقام القربة‬
‫مقام القربة ‪ :‬هو مرتبة بين مقام “ الصديقية ‪ “ 1‬و “ النبوة “ ‪ ،‬انه “ النبوة العامة “ ال‬
‫“ نبوة التشريع “ ‪ ،‬وهو المشار اليه “ بالسر “ ‪ ،‬يتحقق به “ االفراد ‪“ .‬‬
‫وسنترك الكالم البن العربي ‪ ،‬الن نصوصه فيما يتعلق بمقام القربة ‪ ،‬في منتهى‬
‫الوضوح ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ فليس بين النبوة التي هي نبوة التشريع والصديقية مقام وال منزلة ‪ ،‬فمن تخطى رقاب‬
‫َّللا‬
‫الصديقين وقع في “ النبوة الرسالية “ ‪ ،‬ومن ادعى نبوة التشريع بعد محمد ( صلى ّ‬
‫عليه وسلم ) فقد كذب ‪ . .‬وكفر ‪ . . .‬غير أن ث ّم مقام القربة وهي النبوة العامة ‪ ، 2‬ال‬
‫نبوة التشريع ‪. . . 3‬‬
‫وهذا المقام ‪ . . .‬الذي هو مقام القربة ‪ ،‬وهو لالفراد ‪ ،‬دون نبوة التشريع في المنزلة‬
‫َّللا ‪ ،‬وهو المشار اليه بالسر ‪ ،‬الذي وقر في‬ ‫َّللا ‪ ،‬وفوق الصديقية في المنزلة عند ّ‬
‫عند ّ‬
‫صدر أبي بكر ففضل به الصديقين ‪ ( “ . . . 4‬فتوحات ‪. ) / 24 - 25 2‬‬

‫كما يقول في جوابه عن السؤال الثاني الذي طرحه حكيم ترمذ ‪ 5‬بخصوص أهل‬
‫القربة ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬منازل أهل القربة ‪ . . .‬بين الصديقية ونبوة التشريع ‪ ،‬فلم تبلغ منزلة نبي‬
‫التشريع من النبوة العامة ‪ ،‬وال هو من الصديقين ‪ ،‬الذين هم اتباع الرسل ‪. . .‬‬
‫كالخضر وأمثاله المقربين واالفراد ‪ ،‬وفي هذا المقام يلتحق البشر بالمأل االعلى ‪. . .‬‬

‫‪936‬‬
‫“ ‪“ 937‬‬

‫واعلم أن منزل أهل القربة ‪ ،‬يعطيهم اتصال حياتهم باآلخرة ‪ ،‬فال يدركهم الصعق ‪6‬‬
‫الذي يدرك األرواح ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪7 ) 41 / 2‬‬

‫وقد خصص ابن العربي رسالة لهذا المقام سماها “ كتاب مقام القربة “ [ فلتراجع ]‬
‫يحدوه في ذلك ان السلف لم يشر إلى هذا المقام ‪ ، 8‬بل أنكره بعضهم كالغزالي ‪. 9‬‬
‫ولن يتضح تماما هذا المقام ‪ 10‬اال بمعرفة “ االفراد “ ومقامهم عند الشيخ األكبر ‪.‬‬
‫راجع “ فرد ‪“ .‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬ان مقام القربة هو بين الصديقية والنبوة ال بين شخص الصديق والنبي ‪ .‬إذ ال‬
‫شخص بينهما ‪ ،‬فالصديق في مقام القربة ‪.‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫َّللا عليه وسلم ) رجل ألنه [ أبو بكر ]‬ ‫َّللا ( صلى ّ‬ ‫“ ‪ . . .‬فليس بين أبي بكر ورسول ّ‬
‫صاحب صديقية وصاحب سر ‪ ،‬فهو من كونه صاحب سر بين الصديقية ونبوة‬
‫التشريع [ ‪ -‬مقام القربة ] “ ( ف ‪. ) 25 / 2‬‬
‫) ‪( 2‬راجع “ نبوة عامة “‬
‫) ‪( 3‬راجع “ نبوة التشريع “‬
‫) ‪( 4‬إشارة إلى قوله عليه الصالة والسالم ‪ :‬ما فضلكم أبو بكر بكثرة صالة وصيام‬
‫بل بسر وقر في صدره ‪ .‬انظر فهرس األحاديث حديث رقم ‪( 40 ) .‬‬
‫) ‪( 5‬للحكيم الترمذي رسالة عنوانها “ منازل القربة “ ضمن مجموع رسائل ‪ .‬مكتبة‬
‫ولي الدين ( إسطنبول ) رقم ‪ ( - 770‬راجع ختم األولياء ‪ .‬ص ‪84 ) .‬‬
‫ض ِّإ َّال‬ ‫ت َو َم ْن فِّي ْاأل َ ْر ِّ‬ ‫ص ِّعقَ َم ْن فِّي ال َّ‬
‫سماوا ِّ‬ ‫ور فَ َ‬ ‫) ‪( 6‬إشارة إلى اآلية” َونُ ِّف َخ فِّي ال ُّ‬
‫ص ِّ‬
‫َّللاُ “( ‪) . 68 / 39‬‬ ‫َم ْن شا َء َّ‬
‫) ‪( 7‬كما يراجع ختم األولياء ص ص ‪ ، 145 - 144‬مع الهامش رقم ‪ ، 42‬سؤال‬
‫الترمذي وجواب ابن العربي من كتابيه ‪ :‬الجواب المستقيم والفتوحات ‪.‬‬
‫) ‪( 8‬يقول ابن العربي في خاتمة “ كتاب مقام القربة “ مخطوط دار الكتب المصرية‬
‫رقم ‪ “ 9‬مجاميع ق ‪ 156‬أ ‪:‬‬
‫“ انتهى بعض الغرض من هذا الكتاب وبيان هذا المقام [ القربة ] وكنت ما رأيت أحدا‬
‫من أصحابنا نبّه عليه وال ندب اليه ‪ ،‬بل منع من ذلك أكثرهم لعدم الذوق فبقيت به‬
‫وحيدا وبين اقراني فريدا ال أستطيع ان افوه به من اجل منكريه ‪ ،‬إلى أن وقفت ألبي‬
‫عبد الرحمن السلمي في بعض كتبه [ أغاليط الصوفية ] عليه نصا وسماه مقام القربة‬
‫فسررت “ ‪. . .‬‬
‫انظر كتاب ماسينيون‪Index - Essai P . 32‬مادة قربة ‪.‬‬
‫) ‪( 9‬انظر ترجمان األشواق ص ‪ 132‬هامش ‪، 6 - 3‬‬
‫) ‪( 10‬يراجع بخصوص القربة ‪:‬‬

‫‪937‬‬
‫“ ‪“ 938‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪، 103‬‬
‫‪-‬ختم األولياء فهرس المفردات الفنية ‪ .‬المواد ‪ :‬القربة ‪ -‬محل القربة ‪ -‬منزل القربة ‪-‬‬
‫منزلة القربة ‪ -‬القربة العظمى [ مرتبة االفراد ] ‪.‬‬
‫‪-‬رسالة مقام القربة ‪ .‬مخطوط دار الكتب المصرية رقم ‪ 9‬مجاميع تصوف ق ق ‪154‬‬
‫أ ‪ 156 -‬أ ‪.‬‬

‫****‬
‫‪ - 538‬مقام قرب النوافل ‪ -‬مقام قرب الفرائض ‪1‬‬
‫هذان المقامان هما ‪ :‬كما يشير إلى ذلك اسماهما ‪ ،‬نتيجتان إلتيان العبد فرائضه ( قرب‬
‫فرائض ) ‪ ،‬وتطوعه بالنوافل ( قرب نوافل ) ‪.‬‬
‫وال تكون نافلة حتى يكمل الفرض ‪ .‬ويمكن تلخيص سماتهما بالنقاط التالية ‪:‬قرب‬
‫النوافل ‪:‬‬
‫‪ - 1‬قرب أنتجته عبودية االختيار ‪ :‬من حيث إن النوافل لم تفرض على العبد ‪ ،‬بل‬
‫اختارها فهو فيها عبد اختيار ( انظر “ عبد اختيار “ ) ‪ -‬ولذلك هذا القرب هو دون‬
‫قرب الفرائض ‪.‬‬
‫‪ - 2‬صورة قرب النوافل ‪ :‬ان يصبح الحق سمع العبد وبصره وسائر قواه ( يوجد نص‬
‫صريح من الحديث ) ‪.‬‬
‫‪ - 3‬اذن ‪ ،‬هو مقام اتصاف المخلوق بصفات الحق ‪.‬‬

‫قرب الفرائض ‪:‬‬


‫‪ - 1‬قرب أنتجته عبودية االضطرار ‪ :‬من حيث إن الفريضة واجبة على العبد ‪ ،‬ال‬
‫مندوحة له عنها ‪ .‬فهو فيها عبد اضطرار ( انظر “ عبد اضطرار “ ) ‪ -‬ولذلك هذا‬
‫المقام هو أعلى من مقام قرب النوافل ‪ ،‬الن االضطرار في العبودية أعلى وأرفع‬
‫والحاكم فيها هو الحق ‪.‬‬
‫‪-‬صورة قرب الفرائض ‪ :‬ان يصبح العبد سمع الحق وبصره ‪ . . .‬بل ويريد الحق‬
‫بإرادة العبد ‪.‬‬
‫فصورة هذا المقام هي عكس صورة قرب النوافل ( ال يوجد نص جلي في القرآن‬
‫والحديث بل إشارات ) ‪.‬‬
‫‪-‬اذن هو مقام اتصاف الحق بصفات المخلوق ‪.‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫ي بالنوافل حتى‬
‫( أ ) “ قال تعالى في الخبر الصحيح ‪ : . . .‬وال يزال العبد يتقرب ال ّ‬
‫أحبه ‪ ،‬فإذا أحببته ‪ ،‬كنت سمعه الذي يسمع به ‪ ،‬وبصره الذي يبصر به ‪ ،‬الحديث‬
‫بكامله ‪ ، 2‬هذا ما تعطيه محبة الفرائض ‪ ،‬وعبودية‬

‫‪938‬‬
‫“ ‪“ 939‬‬

‫االضطرار ‪.‬هم أهل السبحات المحرقة ‪ ،‬والمقامات المحققة ‪ ،‬هم عكس المقام األول‬
‫[مقام قرب النوافل ] ‪ ،‬وفي صورتهم يكون التنزل ‪ ،‬فهم سمع الحق وبصره ويده‬
‫ولسانه ‪ ،‬فبهم يسمع وبهم يبصر وبهم يتكلم وبهم يبطش إلى غير ذلك ‪ ( “ .‬رسالة‬
‫تنقيح الفهوم ‪ .‬ورقة ‪ 30‬ب ) ‪.‬‬

‫َّللا بأحب األمور‬ ‫تقربت إلى ّ‬ ‫( ب ) “ واعلم انك إذا ثابرت على أداء الفرائض ‪ ،‬فإنك ّ‬
‫المقربة اليه ‪ ،‬وإذا كنت صاحب هذه الصفة ‪ ،‬كنت سمع الحق وبصره ‪ ،‬فال يسمع اال‬
‫بك ‪ ،‬وال يبصر اال بك ‪ ،‬فيد الحق يدك ‪ ”:‬إِّ َّن الَّذِّينَ يُبايِّعُون ََك إِّنَّما يُبايِّعُونَ َّ َ‬
‫َّللا يَ ُد َّ ِّ‬
‫َّللا‬
‫فَ ْوقَ أ َ ْيدِّي ِّه ْم ‪“. [ 48 / 10 ] . . .‬‬

‫فبايديهم بايع تعالى وهم المبايعون ‪ . . .‬وهذه هي المحبة العظمى [ محبة الفرائض ]‬
‫ي ‪ ،‬كما ورد في النوافل ‪ :‬فان للمثابرة على النوافل حبا الهيا‬ ‫التي ما ورد فيها نص جل ّ‬
‫منصوصا عليه ‪ ،‬يكون الحق سمع العبد وبصره ‪ ،‬كما كان االمر بالعكس في حب أداء‬
‫الفرائض ‪ .‬ففي الفرض عبودية االضطرار وهي األصلية ‪ ،‬وفي الفرع وهو النفل ‪،‬‬
‫عبودية االختيار ‪ ،‬فالحق فيها سمعك وبصرك ‪. . .‬ففي أداء الفرض أنت له ‪ ،‬وفي‬
‫النفل أنت لك ‪“ .‬‬
‫( ف ‪. ) 449 / 4‬‬
‫( ج ) “ ‪ . . .‬ما تقرب إلى أحد بأحب مما افترضته عليه ‪ ،‬فجعله أحب اليه ‪ ،‬ثم قال ‪:‬‬
‫وال يزال العبد يتقرب ‪ . . .‬الحديث ‪ . . .‬فهذا نتيجة النوافل فما ظنك بنتيجة الفرائض‬
‫‪ 3‬وهي ان يكون العبد سمع الحق وبصره ‪. . .‬‬
‫فيريد الحق بإرادة العبد ‪ . . .‬وفي النوافل يريد العبد بإرادة الحق ‪ ،‬ويظهر معنى ما‬
‫ذهبنا اليه في اتصاف الحق بنعوت المخلوق ‪ ،‬وفي الوجه اآلخر اتصاف العبد بصفات‬
‫الحق ‪ ،‬وهذا في الشرع موجود “ ( ف ‪. ) 24 / 4‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬انظر فيما يتعلق بالقرب اإللهي من الخلق ‪ ،‬وبقرب الخلق من الحق ‪:‬‬
‫كتاب األب نويا ‪Exegese coranique.‬‬
‫َّللا قريب بعلمه من الخلق ) ‪.‬‬ ‫‪-‬ص ‪ ( 52 - 50‬مقاتل بن سليمان ‪ :‬ان ّ‬
‫‪-‬ص ص ‪ ( 255 - 253‬القرب كما نظر اليه الخراز في كتابه “ الصفات “ ) ‪.‬‬
‫‪-‬ص ص ‪ ( 253 - 252‬موقف المتصوفة األوائل ‪ ،‬أمثال مقاتل وغيره ‪ :‬فقد حذر‬
‫َّللا بعلمه من الخلق ‪.‬‬‫هؤالء الكالم الصريح بقرب الهي واكتفوا بقرب ّ‬
‫اما قرب الخلق من الحق فلم‬

‫‪939‬‬
‫“ ‪“ 940‬‬

‫يبحثوه ‪-‬ثم متى بدأ القرب اإللهي من ناحية الخلق ‪ ،‬وبالتالي نشأة السلوك الذي اعطى‬
‫صورة واضحة عن رحلة إلى الحق تقتطعها مقامات ومنازل ‪ ،‬وبذلك تبنى المتصوفة‬
‫لغة “ القرب “ التي قدمها القرآن وبعض األحاديث ) ‪.‬‬
‫كما يراجع بخصوص “ القرب ‪“ :‬‬
‫‪-‬الرسالة القشيرية ص ‪ - 42‬اللمع ص ‪ - 84‬روضة الطالبين ‪ .‬الغزالي ص ‪- 59‬‬
‫ميزان العمل الغزالي ص ‪ - 169‬مواقف النفرى ص ‪، 2‬‬

‫) ‪( 2‬راجع فهرس األحاديث حديث رقم ‪( 41 ) .‬‬


‫) ‪( 3‬انظر فيما يتعلق بقرب النوافل وقرب الفرائض عند ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪ ( 173‬قرب النوافل )‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪ ( 14‬قرب النوافل ‪ -‬معنى الكسب في الوالية ) ‪ ،‬ص ‪143‬‬
‫( قرب الفرائض ‪ -‬أعلى مراتب اإللهية ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪ ( 22‬قرب الفرائض وقرب النوافل بالتضمين ) ص ‪103‬‬
‫( عبد اضطرار ‪ -‬حب فرائض ‪ -‬عبد اختيار ‪ -‬حب نوافل ) ‪.‬‬
‫‪-‬بلغة الغواص ورقة ‪ ( 18‬القرب )‬
‫‪-‬تحرير البيان ورقة ‪ ( 9‬قرب النوافل )‬
‫‪-‬الرسالة الغوثية ورقة ‪ 80‬أ ( القرب بين الطاعات والمعاصي ) ‪.‬‬
‫‪-‬ترجمان األشواق ص ‪ ( 125‬قرب النوافل ) ‪.‬‬
‫‪-‬علم التصوف ‪ .‬النوري ورقة ‪ 61‬أ ( قرب الفرائض ‪ -‬قرب النوافل ) ‪- 539.‬‬
‫المقام المح ّمدي‬
‫انظر “ محمدي "‪.‬‬
‫****‬
‫‪ - 540‬االستقامة ‪1‬‬
‫نالحظ ان هناك نوعين من االستقامة عند ابن العربي ‪،‬‬
‫استقامة أولى ‪ :‬يتفق بها مع من سبقه من مفكري االسالم ‪.‬‬
‫واستقامة ثانية ‪ :‬ينفرد بها تناسب مذهبه ومنهاجه الفكري ‪.‬‬
‫***‬
‫االستقامة بالمعنى األول ‪ ،‬هي استقامة على الشرع والمنهاج المحمدي ‪ ،‬اي‬

‫‪940‬‬
‫“ ‪“ 941‬‬

‫على الصراط المحمدي ‪ ،‬الذي يؤدي إلى النجاة في اآلخرة ‪ ،‬وهي استقامة لم يخرج‬
‫بها ابن العربي عمن سبقه من المفكرين المسلمين ‪. 2‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا عليه وسلم ) خطا ‪ ،‬وخط عن جنبتي ذلك الخط خطوطا ‪،‬‬ ‫َّللا ( صلى ّ‬ ‫خط رسول ّ‬ ‫“ ّ‬
‫فكان ذلك الخط شرعه ومنهاجه الذي بعث به ‪ .‬وقيل له ‪ :‬قل المتك تسلك عليه وال‬
‫تعدل عنه ‪ ،‬وكانت تلك الخطوط شرائع األنبياء التي تقدمته ‪ ،‬النواميس الحكمية‬
‫الموضوعة ‪ ،‬ثم وضع يده على الخط ‪ ،‬وتال ‪ :‬وان هذا صراطي مستقيما ‪ .‬فاضافه‬
‫َّللا ‪ . . . 3‬هذا معنى االستقامة المتعلقة بالنجاة “ ( ف ‪/ 2‬‬ ‫اليه ولم يقل صراط ّ‬
‫‪. ) 217‬‬
‫يالحظ من هذا النص كيف ان االستقامة هي السير على الصراط المحمدي للوصول‬
‫إلى النجاة بالنفس في اآلخرة ‪.‬‬
‫****‬
‫َّللا ‪ ، 4‬وهي نعت الهي وكوني سار في كل‬ ‫االستقامة بالمعنى الثاني ‪ :‬تطلبها حكمة ّ‬
‫كون ‪ -‬فاالستقامة ‪ :‬ظهور حقيقة المستقيم ‪ ،‬واستقامة الشيء ‪ :‬ما خلق له ‪.‬‬
‫) ‪( 1‬نورد هنا نصا يبين كيف ان االستقامة نعت الهي وكوني بسند قرآني‬
‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا أخبر نبيه ورسوله عليه السالم ‪ ،‬في كتابه أنه قال ‪ِّ ”:‬إ َّن َر ِّبّي‬ ‫َّللا ‪ ،‬ان ّ‬ ‫“ اعلم وفقك ّ‬
‫صراطٍ ُم ْست َ ِّق ٍيم ] ‪“[ 11 / 56‬‬‫على ِّ‬‫َ‬
‫فوصف نفسه بأنه على صراط مستقيم ‪. . .‬‬
‫ناصيَتِّها “[ ‪] 56 / 11‬‬‫آخذٌ بِّ ِّ‬
‫ثم إنه ما قال ذلك اال بعد قوله ”‪ :‬ما ِّم ْن َدابَّ ٍة إِّ َّال ُه َو ِّ‬
‫فما ثم اال من هو مستقيم على الحقيقة “ “ ( ف ‪. ) 217 / 2‬‬

‫يظهر هذا النص كيف ان االستقامة على الحقيقة تع ّم كل كون ‪ ،‬الن الرب على صراط‬
‫مستقيم وكل دابة ناصيتها بيده ‪ ،‬فتتبعه في االستقامة ‪،‬‬
‫كما يقول في الموضوع نفسه ‪:‬‬
‫“ فينسب االعوجاج واالستقامة للماشي بالممشي به ‪ ،‬ال إلى من مشى به ‪.‬‬
‫والماشي بالخلق انما هو الحق ‪ ،‬وذكر انه على صراط مستقيم ‪ ،‬فاالعوجاج قد يكون‬
‫استقامة في الحقيقة ‪ ،‬كاعوجاج القوس ‪ ،‬فاستقامته التي أريد لها اعوجاجه ‪.‬‬
‫فما في العالم اال مستقيم ‪ ،‬الن اآلخذ بناصيته هو الماشي به ‪ ،‬وهو على صراط‬
‫مستقيم ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 563 / 2‬‬

‫‪( 2 ) “ . . .‬فكل شيء في استقامة حاصلة ‪ .‬فاستقامة النبات ‪ ،‬أن تكون حركته‬

‫‪941‬‬
‫“ ‪“ 942‬‬

‫منكوسة ‪.‬واستقامة الحيوان ‪ ،‬أن تكون حركته افقيه ‪.‬‬


‫وان لم يكن كذلك ‪ ،‬لم ينتفع بواحد منهما ‪ ،‬الن حركة النبات ان لم تكن منكوسة حتى‬
‫يشرب الماء ‪ ،‬بأصولها ‪ ،‬لم تعط منفعة ‪. . .‬‬
‫وكذلك الحيوان لو كانت حركته إلى العلو ‪ ،‬وقام على رجلين مثلنا ‪ ،‬لم يعط فائدة‬
‫الركوب وحمل األثقال على ظهره ‪. . .‬‬
‫فاستقامته [ الشيء ] ما خلق له ‪ ،‬فهي الحركة المعتبرة التي تقع بها المنفعة‬
‫المطلوبة ‪. . .‬‬
‫فما ثم اال استقامة ال سبيل إلى المخالفة ‪ . . .‬اعوجاج القوس استقامته لما أريد له ‪.‬‬
‫فما في الكون اال استقامة “ ( ف ‪. ) 218 - 217 / 2‬‬

‫“ فان القوم جهلوا معنى االستقامة في األشياء ما هي ‪ ،‬فاالستقامة [ في ] الدائرة أن‬


‫تكون دائرة صحيحة ‪ ،‬بحيث ان يكون كل خط يخرج من النقطة إلى المحيط منها ‪،‬‬
‫مساويا لصاحبه ‪ ،‬وسائر الخطوط ‪ .‬كما أن االستقامة في الشكل المربع والمثلث ‪، 5‬‬
‫ان يكون متساوي األضالع بتساوي الزوايا ‪ ،‬كما أن االستقامة في الشكل المثلث‬
‫المتساوي الساقين ‪ ،‬ان يكون متساوي الساقين ‪ .‬وكل شيء لم يخرج عما وضع له‬
‫فهي استقامته “ ‪ ( .‬ف ‪. ) 65 / 3‬‬

‫“ العارف من عرف االستقامة في االعوجاج “ ( إشارات القرآن ص ‪ 65‬أ ) ‪.‬‬


‫يظهر من هذه النصوص نظرة ابن العربي إلى األشياء بعين حكمة ‪ ،‬مراعيا المراتب‬
‫الكونية ‪ ،‬فهو ال ينطلق من مفهوم عام سابق لالستقامة ‪ ،‬بل كل شيء يعطي حقيقته ‪،‬‬
‫التي هي عين استقامته ‪ . 6‬فاعوجاج القوس استقامته ‪.‬‬
‫كما نالحظ ان االستقامة هنا ‪ ،‬على صعيد الوجود ‪ ،‬ال عالقة لألخالق والشرع بها كما‬
‫هو المفهوم العام لهما ‪.‬‬

‫وهذه النظرة من الخطورة بمكان ‪ ،‬ألنها إظهار لحقيقة المستقيم ‪ ،‬فإن كان الكائن‬
‫شريرا فاستقامته عين اظهار شره ‪ ، 7‬ولكن ابن العربي يسرع إلى الخروج من‬
‫المأزق الفكري بهذا الدعاء ‪:‬‬
‫َّللا ممن لم يعدل عن استقامته ‪ 8‬اال باستقامته ‪ 9‬آمين بعزته ‪ ( “ 10‬ف ‪/ 2‬‬ ‫“ جعلنا ّ‬
‫‪. ) 218‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫يعرف صاحب لطائف االعالم االستقامة ق ق ‪ 23‬أ ‪ -‬ب‬ ‫)‪ّ (1‬‬
‫كاآلتي ‪:‬‬
‫“ االستقامة ‪ -‬هي روح يحي بها االعمال ويزكو بها األحوال ‪.‬‬
‫االستقامة على ثالثة أقسام ‪:‬‬

‫‪942‬‬
‫“ ‪“ 943‬‬
‫استقامة العامة هي االجتهاد في االقتصاد في االعمال ‪. . .‬‬
‫استقامة الخاصة هي استقامة األحوال بان يشهد الحقيقة كشفا ال كسبا ‪. . .‬‬
‫استقامة خاصة الخاصة هي ترك رؤية االستقامة والغيبة عن مطلب االستقامة بمشاهدة‬
‫قيام الحق بذاته ‪-" . .‬‬
‫) ‪( 2‬يراجع بشأن االستقامة ‪:‬‬
‫‪-‬الرسالة القشيرية ص ‪ ، 95 - 94‬طبع مطبعة محمد على صبيح بمصر ‪.‬‬
‫‪-‬كما ويعرف القشيري االستقامة في كتابه “ منثور الخطاب في مشهور األبواب‬
‫“ نشر الدكتور قاسم السامرائي في مجلة المجمع العلمي العراقي ‪.‬المجلد الثامن عشر‬
‫‪ 1969‬م ‪ .‬ص ‪ 277 - 276‬كما يلي ‪:‬‬
‫“ االستقامة ‪ :‬وقوف بال انتفاء وعكوف على الصفاء ‪ ،‬إقامة على بابه بايثار محابه ‪،‬‬
‫بذل الروح على السدّة وتبديل الروح بالشدة ‪ ،‬ان ال تتصرف بالكرامة وال تلتفت إلى‬
‫المالمة ‪ ،‬اتمام الصحبة بدوام الكرامة ‪“ .‬‬
‫‪-‬التمكين في شرح منازل السائرين ‪ ،‬تأليف محمود أبو الفيض المنوفي ‪ .‬حيث يشرح‬
‫كالم الهروي في االستقامة ودرجاتها ‪ ،‬وفي كونها روح تحيابها األحوال كما تربو‬
‫للعامة عليها االعمال وبرزخ بين وهاد ‪.‬‬
‫‪-‬اما الكمشخانوي فيقول عن حقيقة االستقامة في كتابه جامع األصول ما يلي ‪:‬‬
‫“ ( واما حقيقة االستقامة ) ففي اللغة ضد االعوجاج ‪ ،‬وفي اصطالح أهل الحقيقة هي‬
‫الوفاء بالعهود كلها ‪ ،‬ومالزمة الصراط المستقيم ‪ .‬والصراط المستقيم رعاية حد‬
‫التوسط والعدل في كل األمور ‪ ( . . .‬وقال الشبلي ) هي [ االستقامة ] ان تشهد الدنيا‬
‫قيامة ‪ ( . . .‬وقال ) أبو علي الدقاق ؛ االستقامة لها ثالثة مدارج أولها التقويم وهو‬
‫تأديب النفس ‪ ،‬وثانيها اإلقامة وهي تهذيب القلوب ‪ ،‬وثالثها االستقامة وهي تقريب‬
‫الرب “ [ جامع األصول ص ‪ 101‬طبع دار الكتب العربية الكبرى بمصر ‪1331‬‬
‫ه]‪.‬‬
‫َّللا بن سعيد ) ‪ ،‬ثنا أبو خالد األحمر ‪ ،‬قال ‪ :‬سمعت‬ ‫“ ) ‪( 3‬حدثنا أبو سعيد ( عبد ّ‬
‫َّللا عليه‬ ‫َّللا قال ‪ :‬كنا عند النبي ( صلى ّ‬ ‫مجالدا يذكر عن الشعبي ‪ .‬عن جابر بن عبد ّ‬
‫وسلم ) فخط خطا ‪ .‬وخط خطين عن يمينه ‪ .‬وخط خطين عن يساره ‪ . . .‬ثم وضع يده‬
‫راطي ُم ْست َ ِّقيما ً‬
‫ص ِّ‬ ‫َّللا “ ثم تال هذه اآلية( َوأ َ َّن هذا ِّ‬
‫في الخط األوسط فقال “ هذا سبيل ّ‬
‫سبِّي ِّل ِّه )[ االنعام ‪] “ ( 153 /‬سنن ابن ماجة‬ ‫ع ْن َ‬ ‫فَاتَّبِّعُوهُ َوال تَتَّبِّعُوا ال ُّ‬
‫سبُ َل فَتَفَ َّرقَ بِّ ُك ْم َ‬
‫تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي طبع عيسى البابي الحلبي ‪1952‬م ‪ .‬ج ‪ 1‬ص ‪ 6‬رقم‬
‫الحديث ‪. ) 11‬‬
‫) ‪( 4‬يجعل ابن العربي “ الحكمة “ ‪ ،‬من اسمه تعالى “ الحكيم “ ‪ ،‬هي الحاكمة في‬
‫عالمنا هذا الحسي ‪.‬‬
‫وأكثر ما نلمسها في البديهيات العقلية ‪ .‬ونستطيع ان نقول إن عالمنا هو “ عالم الحكمة‬
‫“ على حين تظهر “ القدرة “ حاكمة في عوالم ثانية مثل “ ارض الحقيقة “ ‪ ،‬التي‬
‫تتحقق فيها كل ما يرفضه العقل ‪ .‬مثال ‪ :‬دخول الجمل في سم الخياط ‪ .‬ونستطيع ان‬
‫نسمي هذا العالم في مقابل “ عالم الحكمة “ ‪ “ :‬عالم القدرة ‪“ .‬‬

‫‪943‬‬
‫“ ‪“ 944‬‬
‫انظر “ ارض الحقيقة ‪“ .‬‬

‫) ‪( 5‬يريد المثلث المتساوي األضالع ‪.‬‬


‫) ‪( 6‬لمفهوم العام السابق لالستقامة هي االستقامة بالمعنى األول ‪ ،‬الن الشرع‬
‫المحمدي هو طريق واحد من تحقق به تحقق باالستقامة ‪ ،‬اما مراعاة المراتب الكونية‬
‫فقد أدت بابن العربي إلى القول بان طرق االستقامة ال تحصى ‪ ،‬ألنها اظهار لحقيقة‬
‫المستقيم والحقائق تتعدد بتعدد الكائنات ‪.‬‬
‫“ وطريق االستقامة ال تتقيد مراتبه وال تنضبط ‪ . . .‬لن تحصوا طرق االستقامة فإنها‬
‫كثيرة “ ( ف ‪. ) 219 / 2‬‬
‫) ‪( 7‬ان الفعل نفسه يصدر من شخصين مختلفين يؤدي إلى نتائج مغايرة والسبب في‬
‫ذلك هو الشخص محل الفعل ‪ “ .‬فالوعي “ هو ما يميز بين شخص وآخر ‪ ،‬فإن كان‬
‫الفعل ذنبا “ ثبت “ لالنسان في “ عينه الثابتة “ فال مفر له منه ‪ ،‬ولكن مراقبته لوقوع‬
‫الفعل ووعيه للمخالفة ‪ ،‬هو استقامة ‪.‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫“ فمن ازداد علما ازداد حكما ‪ ،‬فانظر فيما أمرت به أو نهيت عنه ‪ ،‬من حيث إنك‬
‫محل لوجود عين ما أمرت به أو نهيت عنه ‪. . .‬‬
‫فمتعلق االمر عند صاحب هذا النظر ان يهيء محله باالنتظار ‪ ،‬فإذا جاء االمر اإللهي‬
‫تكونت في قلبه فيعلم انه مخذول ‪،‬‬ ‫‪ . . .‬فينظر اثره في قلبه أوال فان وجد اإلباية قد ّ‬
‫وان خذ ألنه منه ألنه على هذه الصورة في حضرة ثبوت عينه التي أعطت العلم ّّلل‬
‫به ‪. . .‬‬
‫فال نزال نراقب حكم العلم فينا من الحق ‪ ،‬حتى نعلم ما كنا فيه ‪ ،‬فإنه ال يحكم فينا اال‬
‫بنا ‪ . . .‬ومن كان هذا حاله في مراقبته وان وقع منه خالف ما امر به ‪ ،‬فإنه ال يضره‬
‫َّللا فان المراد قد حصل الذي يعطي السعادة وهو المراقبة ّّلل في‬ ‫وال ينقصه عند ّ‬
‫تكوينه ‪ . . .‬وهذا سر القدر لمن فهمه ‪. . .‬‬
‫فمن كان هذا حاله فقد فاز بدرجة االستقامة ‪ ( “ . . .‬ف ‪4 / 182 ) .‬‬
‫راجع “ امر الهي “ “ عين ثابتة ‪“ .‬‬
‫) ‪( 8‬استقامة هنا المقصود منها “ حقيقته “ ابن العربي نفسه ‪.‬‬
‫) ‪( 9‬االستقامة هنا تعني “ الشرع اإللهي ‪“ .‬‬
‫) ‪( 10‬هذا العدول عن “ حقيقته “ إلى “ الشرع اإللهي “ هو في الحقيقة فناء ‪ ،‬اذن‬
‫االستقامة من المستقيم بالشرع اإللهي فناء ‪.‬‬
‫يقول ”‪ :‬المستقيم الذي قامت قيامته * من غير موت وال يدري به أحد‬
‫وليس يعرفه من امر خالقه * من الخالئق ال أهل وال ولد “( ف ‪. ) 182 / 4‬‬

‫‪944‬‬
‫“ ‪“ 945‬‬

‫صغرى ‪ -‬القيامة الكبرى‬ ‫‪ - 541‬القيامة ال ّ‬


‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ قوم ‪ :‬القيام ‪ ،‬نقيض الجلوس ‪ ،‬قام يقوم قوما وقياما وقومة وقامة ‪. . .‬‬
‫ويوم القيامة ‪ :‬يوم البعث ‪ ،‬وفي التهذيب ‪ :‬القيامة يوم البعث ‪ ،‬يقوم فيه الخلق بين يدي‬
‫الحي القيوم ‪ . . .‬قيل ‪ :‬أصله مصدر قام الخلق من قبورهم قيامة “ ( لسان العرب مادة‬
‫“ قوم “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫وردت “ القيامة “ أكثر من سبعين مرة في القرآن ‪.‬‬
‫وفي كافة ورودها كانت مضافة إلى يوم ‪ :‬يوم القيامة ‪.‬‬
‫وفي اضافتها لم تخرج عن المعنى اللغوي السابق اي يوم البعث ‪.‬‬
‫عند ابن العربي ‪:‬‬
‫يميز ابن العربي بين قيامتين للعبد ‪ :‬القيامة الكبرى والقيامة الصغرى ‪.‬‬
‫‪-‬القيامة الكبرى ‪ :‬هي القيامة العامة حيث يبعث كل البشر ‪ ،‬وهو يوم الحشر‬
‫األعظم ‪.‬‬
‫‪-‬القيامة الصغرى ‪ :‬تطلق عنده على وجهين ‪:‬‬
‫أولهما ‪ :‬موت العبد فقط إذ عندما يموت العبد فكأنما حدثت قيامته الخاصة ‪. . .‬‬
‫من حياة القبر‬
‫وثانيهما ‪ :‬وهي القيامة يشهدها السالكون في المشاهدات التي تعطي مثال الدار‬
‫اآلخرة ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫‪ - 1‬القيامة الكبرى ‪ :‬الحشر األعظم ‪.‬‬
‫َّللا عز وجل ‪ ،‬قد جعل في الكون قيامتين ‪ :‬قيامة صغرى وقيامة كبرى ‪.‬‬ ‫“ ‪ . . .‬فان ّ‬
‫فالقيامة الصغرى ‪ :‬انتقال العبد من الحياة الدنيا إلى حياة البرزخ ‪ ،‬في الجسد‬
‫الممثل ‪. . .‬‬
‫والقيامة الكبرى ‪ :‬هي قيامة البعث والحشر األعظم ‪ ،‬الذي يجمع الناس فيه ‪ ،‬وهو‬
‫عرض االعمال على العبد من غير مناقشة ‪ ( “ . . .‬ف ‪.) 389 / 3 -‬‬

‫‪ - 2‬القيامة الصغرى ‪ :‬موت العبد ‪ ،‬مثال الدار اآلخرة ‪.‬‬


‫“ ‪ . . .‬فالقيامة الصغرى ‪ :‬انتقال العبد من الحياة الدنيا إلى حياة البرزخ ‪ ،‬في‬

‫‪945‬‬
‫“ ‪“ 946‬‬

‫الجسد الممثل ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 389 / 3‬‬


‫ين “[ ‪] 99 / 15‬‬‫قال تعالى ‪َ ” :‬وا ْعبُ ْد َرب ََّك َحتَّى يَأ ْ ِّتيَ َك ْاليَ ِّق ُ‬
‫بمعاينة هذه األشياء [ التي يراها السالك في تجلي نعوت تنزل الغيوب على المؤمنين ‪-‬‬
‫وهي تعطي مثال الدار اآلخرة ] ‪ ،‬وهذه هي القيامة الصغرى ‪ ( “ . . .‬التجليات ص‬
‫‪.)6‬‬
‫انظر “ جنة “ “ نعيم "‪.‬‬
‫****‬
‫‪ - 542‬قيّوم الحروف‬
‫انظر “ األلف “‬

‫‪946‬‬
‫“ ‪“ 947‬‬
‫حرف الكاف‬
‫ك‬

‫‪947‬‬
“ 948 “

948
‫“ ‪“ 949‬‬
‫‪ - 543‬كتاب‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ كتب ‪ :‬الكتاب ‪ :‬معروف ‪ ،‬والجمع كتب وكتب ‪ ،‬كتب الشيء يكتبه كتبا وكتابا‬
‫وكتابة ‪ ،‬وكتّبه ‪ :‬خطه ‪. . .‬‬
‫األزهري ‪ :‬الكتاب اسم لما كتب مجموعا ‪.‬‬
‫ص ً‬
‫يال “[ ‪ ] 25 / 5‬اي‬ ‫علَ ْي ِّه بُ ْك َرة ً َوأ َ ِّ‬ ‫وفي التنزيل العزيز ‪ ”:‬ا ْكتَتَبَها فَ ِّه َ‬
‫ي ت ُ ْملى َ‬
‫استكتبها ‪. .‬‬
‫وفي الحديث ‪ :‬ال تكتبوا عني غير القرآن ‪. . .‬‬

‫يق ِّمنَ الَّذِّينَ أُوتُوا‬


‫والكتاب مطلق ‪ :‬التوراة وبه فسر الزجاج قوله تعالى ‪ ”:‬نَبَذَ فَ ِّر ٌ‬
‫تاب “[ ‪] 2 / 101‬‬‫ْال ِّك َ‬
‫َّللا ‪ ،‬جاز ان يكون القرآن ‪ ،‬وان يكون التوراة ‪ ،‬ألن الذين كفروا بالنبي‬ ‫وقوله ‪ :‬كتاب ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ ،‬قد نبذوا التوراة ‪.‬‬ ‫‪ ،‬صلى ّ‬
‫ور “[ ‪] 52 / 2‬‬ ‫ب َم ْس ُ‬
‫ط ٍ‬ ‫ور َو ِّكتا ٍ‬ ‫وقوله تعالى ‪َ ”:‬و ُّ‬
‫الط ِّ‬
‫وقيل ‪ :‬الكتاب ما أثبت على بني آدم من أعمالهم‪.‬‬
‫والكتاب ‪ :‬الصحيفة والدواة ‪ ،‬عن اللحياني ‪.‬‬

‫والكتّاب ‪ :‬الكتبة ‪ .‬ابن االعرابي ‪ :‬الكاتب عندهم العالم ‪.‬‬


‫ْب فَ ُه ْم يَ ْكتُبُونَ ؟ “[ الطور ‪]52 / 41‬‬ ‫َّللا تعالى ‪ ”:‬أ َ ْم ِّع ْن َد ُه ُم ْالغَي ُ‬
‫قال ّ‬
‫الكتاب ‪ :‬العرض والحكم والقدر ‪. . .‬‬
‫صيا ُم “[ ‪] 2 / 183‬‬ ‫علَ ْي ُك ُم ال ِّ ّ‬
‫ب َ‬ ‫وقال عز وجل ‪ُ ”:‬كتِّ َ‬
‫معناه ‪:‬‬
‫َّللا‬ ‫فرض ‪ ،‬وفي حديث انس بن النّضر ‪ ،‬قال له ‪ :‬كتاب ّ‬
‫َّللا ‪ ،‬القصاص اي فرض ّ‬
‫على لسان نبيه “ ( لسان العرب مادة “ كتب “ )‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫انظر في اللغة ‪.‬‬

‫عند ابن العربي ‪:‬‬


‫*استعمل ابن العربي األصل “ كتب “ بصيغة الفعل ‪ ،‬بمعنى أوجب ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا تعالى ‪ ،‬الذي بيده ملكوت كل شيء ‪ ،‬ثابت وموجود ‪.‬‬ ‫“ ‪ . . .‬فالفقر إلى ّ‬
‫ب ما قالُوا] ‪“[ 3 / 181‬‬
‫سنَ ْكت ُ ُ‬
‫ولذلك اإلشارة بقوله تعالى ‪َ ”:‬‬
‫اي سنوجبه ‪ ،‬اي سيعلمون ان الفقر نعت واجب ال يشكون فيه وجوبا ذاتيا “ ‪ ( . . .‬ف‬
‫‪) 264 / 2 -‬‬
‫***‬

‫‪949‬‬
‫“ ‪“ 950‬‬

‫*الكتاب ‪ :‬هو مرتبة الجمع والضم ‪ . 1‬فكل ما ضم وجمع فهو كتاب ‪.‬‬
‫َّللا تعالى ‪ ،‬اسم فاعل‬
‫يقول ‪ “ :‬سميت فاتحة الكتاب ‪ ،‬اي انها تفتح عليك معاني كتاب ّ‬
‫من “ فتحت “ “ تفتح “ ‪.‬‬
‫والكتاب ضم الحروف بعضها إلى بعض ‪ ،‬وفي انضمامها فهم المعاني ‪ ( “ . . .‬رسالة‬
‫في كليات سورة الفاتحة ق ‪ 127‬أ )‬
‫****‬
‫الكتاب هو حروف مرقومة ‪ .‬أضيفت صفة “ الرقم “ هنا على المعنى السابق ‪ ،‬فال‬
‫يكفي الجمع والضم ‪ .‬يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬اعلم أن الكالم على قسمين ‪ :‬كالم في مواد تسمى حروفا ‪ ،‬وهو على قسمين ‪:‬‬
‫اما مرقومة ‪ ،‬اعني الحروف وتسمى كتابا ‪ .‬أو متلفظا بها ‪ ،‬وتسمى قوال وكالما ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ‪) 25 / 4‬‬
‫****‬
‫الكتاب يفيد أحيانا االمر ‪ ،‬أو القضاء وأجله ‪ .‬يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬وكل شيء إلى أصله يعود وان طالت المدة ‪ .‬فإنها أنفاس معدودة ‪ ،‬وآجال‬
‫مضروبة ‪ ،‬محدودة ‪ ،‬يبلغ الكتاب فيها اجله ‪ ،‬ويرى كل مؤمل ما امله ‪ ( “ . . .‬ف ‪3‬‬
‫‪) 440 /‬‬
‫****‬
‫تتعدد الكتب عند ابن العربي نظرا للمعاني السابقة ‪ :‬فكل مرتبة جمع وضم هي‬
‫َّللا في خلقه فهو ‪ :‬كتاب ‪. . .‬‬
‫كتاب ‪ . . .‬وكل مرقوم ‪ :‬كتاب ‪ . . .‬وكل علم الهي ينفذه ّ‬
‫يضاف إلى ذلك الكتب المنزلة وهكذا ‪. . .‬‬
‫وسنحاول ان نختصر قدر االمكان هذه الكتب ‪:‬‬

‫‪ - 1‬الكتاب اإللهي ‪:‬‬


‫‪-‬الكتاب اإللهي هو العلم اإللهي ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا ‪ :‬علمه ‪ ،‬وله تنفيذ الحكم في خلقه ‪.‬‬ ‫“ وقال [ الشاهد ] كتاب ّ‬
‫فما حكم عليك به ‪ ،‬فأنت له “ ‪ ( .‬الشاهد ص ‪) 9‬‬
‫“ ‪ . . .‬فال حكم لخالق وال مخلوق ‪ ،‬اال بما سبق به الكتاب اإللهي ‪.‬‬
‫ظ َّال ٍم ِّل ْلعَ ِّبي ِّد ‪ “[ 50 / 29 ] .‬فما نجري عليهم ‪ ،‬اال ما سبق به‬
‫ولذا قال ‪َ ”:‬وما أَنَا ِّب َ‬
‫العلم ‪.‬‬
‫وال أحكم فيهم ‪ ،‬اال بما سبق به ‪ .‬فهذا موقف السواء الذي يوقف فيه‬

‫‪950‬‬
‫“ ‪“ 951‬‬

‫العبد ‪ ( “ . . .‬ف ‪) 15 / 4‬‬


‫‪-‬الكتاب اإللهي هو الموجودات ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬ألنه ما كل مفصل حكيم ‪ ،‬دليل على أنه أتى بالحكمة [ الحكيم ] ‪ ،‬وعلم احكام‬
‫اآليات ‪ ،‬ورحمته باآليات والموجودات ‪ ،‬التي هي الكتاب اإللهي ‪ ،‬وليس اال العالم‬
‫دليل على علمه بمن انزله ‪ ،‬وليس اال الرحمن الرحيم ‪ ( “ . . .‬ف ‪) 455 / 3‬‬

‫‪ - 2‬الكتاب الجامع‬
‫الكتاب الجامع هو آدم الذي جمع بذاته الحقائق المتفرقة في العالم ‪ .‬يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬فالعالم كله تفصيل آدم ‪ ،‬وآدم هو الكتاب الجامع ‪ .‬فهو للعالم كالروح من الجسد‬
‫‪ ،‬فاالنسان روح العالم والعالم الجسد ‪ ( “ . . .‬ف ‪. )/ 67 2‬‬

‫‪ - 3‬كتاب الوجود‬
‫كتاب الوجود هو الوجود نفسه من حيث إن ابن العربي يشبهه بالكتاب ‪.‬‬
‫“ ‪ . .‬فهي فاتحة الكتاب ‪ ،‬ألن الكتاب عبارة من باب اإلشارة عن المبدع األول ‪،‬‬
‫فالكتاب يتضمن الفاتحة وغيرها ‪ ،‬ألنها منه ‪ .‬وانما صح لها اسم الفاتحة ‪ ،‬من حيث‬
‫إنها أول ما افتتح بها كتاب الوجود ‪ ( “ . . .‬ف ‪) 11/ 1 -‬‬

‫‪ - 4‬كتاب الرب‬
‫االنسان أو ذاته على الخصوص هي كتاب الرب‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬وان االنسان في نفسه ‪ ،‬كتاب ربه “ ( ف ‪. ) 352 / 3‬‬
‫ّ‬
‫مسطر ‪ ،‬اال فامح منك الكل ‪ ،‬ان شئت ان تقرأ ‪.‬‬ ‫“ فأنت كتاب فيك كل‬
‫وما ث ّم اال أنت ‪ . . .‬فظاهرك الدنيا ‪ ،‬وباطنك األخرى ‪ ( “ . . .‬شجون المشجون ق‬
‫‪ 21‬أ )‬
‫” ال يقرأ األقوام غير نفوسهم * في حالهم مع ربهم“ ‪ ( . . .‬الديوان ص ‪) 25‬‬

‫‪ - 5‬الكتاب الكبير‬
‫الكتاب الكبير هو العالم ‪ ،‬في مقابل القرآن ( ‪ -‬الكتاب الصغير )‪.‬‬

‫‪951‬‬
‫“ ‪“ 952‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ وال تظن ان تالوة الحق عليك ‪ ،‬وعلى أبناء جنسك ‪ ،‬من هذا القرآن العزيز خاصة ‪.‬‬
‫ليس هذا حظ الصوفي ‪ ،‬بل الوجود باسره ( كتاب مسطور في رق منشور ) ‪ ،‬تاله‬
‫عليك سبحانه وتعالى ‪ ،‬لتعقل عنه ان كنت عالما ‪. . . ،‬‬
‫وال يحجب عن مالحظة المختصر الشريف ‪ ،‬من هذا المسطور ‪ ،‬الذي هو عبارة عنك‬
‫‪ .‬فان الحق تعالى ‪ ،‬تارة يتلو عليك من الكتاب الكبير الخارج ‪ ،‬وتارة يتلو عليك من‬
‫نفسك “ ( مواقع النجوم ص ‪. ) 72‬‬

‫‪ - 6‬الكتاب المرقوم‬
‫المعرفة ‪ :‬تشير إلى‬
‫ّ‬ ‫ومنكرة ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫يستعمل ابن العربي عبارة “ كتاب مرقوم “ معرفّة‬
‫الوجود بأسره ‪ .‬والمنكرة ‪ :‬هو الكالم المرقوم ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫معرفة “ ‪ . . .‬والوجود كتاب مرقوم ‪ ،‬يشهده المقربون ‪ ،‬ويجهله من ليس بمقرب ‪.‬‬ ‫ّ‬
‫وتتويج هذا الكتاب ‪ ،‬انما يكون بمن جمع الحقائق كلها ‪ .‬وهي عالمة موجده ‪،‬‬
‫فاالنسان الكامل الذي يدّل بذاته ‪ ،‬من أول البديهة ‪ ،‬على ربه ‪ ،‬هو ‪ :‬تاج الملك‬

‫“ [ راجع “ تاج الملك “ ] ‪ .‬وليس اال ‪ :‬االنسان الكامل “ ‪ ( . . .‬ف ‪) 104 / 2 -‬‬
‫َّللا القلب ؛ الذي في داخل الجسم في صدره ‪ :‬مصحفا وكتابا مرقوما ‪،‬‬‫منكرة “ فجعل ّ‬
‫تنظر فيه النفس الناطقة ‪ ،‬فتتصف بالعلم وتتحلى به ‪ ،‬بحسب اآلية التي تنظر فيها ‪.‬‬
‫فتفتقر إلى هذا المحل لما تستفيده بسببه ‪ ،‬لكون الحق اتخذه محال لكالمه ‪ ،‬ورقمه‬
‫فيه ‪ ( “ . .‬ف ‪. ) 157 / 3‬‬

‫“ فهذه النفس هو الكتاب المرقوم ‪ ،‬لنفوذ الخط ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 111 / 1‬‬

‫‪ - 7‬كتاب مسطور‬
‫يستعمل ابن العربي عبارة “ كتاب مسطور “ بالمضمون نفسه ‪ ،‬الذي استخدم فيه‬
‫معرفة ‪ -‬الوجود ‪ ،‬ومنكرة ‪ -‬الكالم الموصوف بالتسطير‬
‫عبارة “ كتاب مرقوم “ ‪ :‬فهي ّ‬

‫‪952‬‬
‫“ ‪“ 953‬‬
‫معرفة ‪:‬‬
‫يقول ّ‬
‫“ ان الوجود ‪ . .‬كتاب مسطور في رق منشور ‪ ،‬وهو الكتاب الذي قرأه المحققون ‪،‬‬
‫واقراه المطرقون ‪ ،‬وفهمه العارفون ‪ . .‬فاسرار الحق في حروف الكتاب ‪ ،‬وال يعرفها‬
‫أحد سوى أهل اللباب ‪ ( “ . . .‬ايضاح السهل الممتنع ق ‪142‬أ )‪.‬‬

‫َّللا ‪ ،‬ان العالم كتاب مسطور ‪ ،‬في رق منشور ‪ .‬وهو الوجود ؛ فهو‬
‫“ ‪ . .‬اعلم أيدك ّ‬
‫ظاهر مبسوط ‪ ،‬غير مطوي ‪ ،‬ليعلم ببسطه انه مخلوق للرحمة ‪ ،‬وبظهوره يعقل ويعلم‬
‫ما فيه وما يدل عليه ‪ ،‬وجعله [ تعالى ] كتابا لضم حروفه بعضها إلى بعض “ ( ف ‪3‬‬
‫‪. ) 455 /‬‬
‫من ّكرة “ واعلم أن كل قلب كتاب مسطور ‪ ،‬لكل ما فيه ‪ ،‬من الخواطر والعلوم ‪ .‬وله‬
‫طبقات ‪ ،‬نظير أوراق المصحف ‪ ( “ . . .‬مواقع النجوم ص ‪) 67‬‬

‫‪ - 8‬الكتاب المبين‬
‫انظر “ أم الكتاب "‪.‬‬

‫‪ - 9‬الكتب المنزلة‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫“ الكتب المنزلة ‪ :‬الكتاب المنير ‪ ،‬والمبين ‪ ،‬والمحصي ‪ ،‬والعزيز ‪ ،‬والمرقوم ‪،‬‬
‫والمسطور الظاهر ‪ ،‬والمسطور الباطن ‪ ،‬والجامع ( تعيين ) أربابها القائمين بها ‪.‬‬
‫( فالمنير ) ‪ :‬ألهل الحجج ‪ ( .‬والمبين ) ‪ :‬ألهل الحقائق ‪.‬‬
‫( والمحصي ) ‪ :‬ألهل المراقبة ‪ ( .‬والعزيز ) ‪ :‬ألهل العصمة ‪.‬‬
‫( والمرقوم ) ‪ :‬الحكم للمرسلين والورثة ‪.‬‬
‫( والمسطور الظاهر ) ‪ :‬تأويال واعتبارا ‪ ،‬ألهل االيمان ‪.‬‬
‫( والمسطور الباطن ) ‪ :‬اعتبارا أيضا ‪ ،‬ألهل اإلباحة ‪ ( ،‬الجامع ) ‪:‬للروحانيين‬
‫الملكيين ‪ ( “ .‬مواقع النجوم ‪) 87‬‬

‫‪ - 10‬الكتب كثيرة‬
‫“ وقال الكتب كثيرة ‪ :‬كتاب الرحمة المطلقة ‪ ،‬وكتاب الغضب المطلق ‪،‬‬

‫‪953‬‬
‫“ ‪“ 954‬‬

‫وكتاب الرحمة المقيدة ‪ ،‬وكتاب الغضب المقيد ‪ ،‬والكتاب المحفوظ ‪ ،‬وكتاب المحو ‪،‬‬
‫وكتاب أسماء المرحومين ‪ ،‬وكتاب أسماء األشقياء ‪ ،‬وكتاب االحصاء ‪ ،‬والكتاب المبين‬
‫‪ ،‬والكتاب الحكيم ‪ ،‬والكتاب المرقوم ‪ ،‬والكتاب المسطور ‪ ،‬والكتاب العزيز ‪ ،‬والكتاب‬
‫الناطق ‪ . . .‬وما منها من كتاب ‪ 2‬اال المر ينفذه في خلقه ‪ ،‬فيحفظ عنده فإنه ال‬
‫يبدل ‪ ( “ . . .‬الشاهد ص ‪) 9‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يقول القيصري في مطلع فصوص الكلم ص ‪: 22‬‬
‫“ والكتب اإللهية من العرش والكرسي والسماوات ‪ ،‬والعناصر والمركبات ألن كال من‬
‫هذه المراتب ‪ :‬كتاب الهي ‪ ،‬مشتمل على ما تحته من الحقائق واألعيان “ ‪. .‬‬
‫) ‪( 2‬يراجع بشأن كتاب عند ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 1‬ص ‪ ( 63‬الكتاب المجهول ‪ ،‬الكتاب المسطور ) ‪ ،‬ص ‪111‬‬
‫( الكتاب المرقوم ‪ ،‬الكتاب المسطور )‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪ ( 163‬كتاب مسطور الهي ) ‪ ،‬ص ‪ ( 473‬الكتاب المسطور )‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪ ( 122‬مراتب الكتب ‪ :‬المبين ‪ ،‬المنير ‪ ،‬الحكيم ‪ ،‬الكريم ‪،‬‬
‫المحصي ‪ ،‬المسطور ‪ ،‬المرقوم ‪ ،‬المعنوي ‪ ،‬الحسي ) ‪ ،‬ص ‪ ( 308‬كتاب الذات ) ‪،‬‬
‫ص ‪ ( 366‬القرآن والكتاب ) ‪ ،‬ص ‪ ( 402‬الكتاب اإللهي ) ‪ ،‬ص ‪ (454‬يبلغ‬
‫الكتاب اجله ) ‪ ،‬ص ‪ ( 466‬أصناف الكتب المنزلة ) ‪ ،‬ص ‪ ( 526‬كتاب مسطور )‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪ ( 16‬كتابي ) ‪ ،‬ص ‪ ( 24‬الكاتب ) ‪ ،‬ص ‪ ( 26‬كتاب مكنون )‬
‫ص ‪ ( 106‬كتاب مسطور ‪ .‬مرقوم ) ‪ ،‬ص ‪ ( 165‬الكتاب الذي ينطق بالحق ) ‪ ،‬ص‬
‫‪ ( 371‬الكتاب المكنون ) ‪.‬‬
‫‪-‬مرآة العارفين ق ق ‪( 1 - 10 ) .‬‬
‫‪-‬الفصوص ج ‪ 1‬ص ‪ ( 173‬كتاب مسطور ) ‪.‬‬
‫‪-‬االسرار ص ‪ ( 29‬الكتاب المسطور )‬
‫كما يراجع‬
‫‪-‬تحقيق نظائر القرآن الترمذي ص ‪- Comprendre l'Islam Schuon 77‬‬
‫– ‪P . 55‬‬
‫****‬
‫‪ - 544‬الكاتب المطلق‬
‫الكاتب المطلق هو ‪ :‬الحق ‪.‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬الكاتب نيابة ‪ ،‬وذلك أنه لما ضم المعاني ‪ ،‬إلى القوالب المحسوسة وادرجها‬

‫‪954‬‬
‫“ ‪“ 955‬‬
‫فيها ‪ ،‬كان كاتبا ‪.‬‬
‫الكاتب المطلق من كان مداده نفس قلمه ‪ ،‬وقلمه إصبعه ‪ ،‬وإصبعه عين ذاته ‪ ،‬فيكون‬
‫هو هو ‪ ،‬ليس غيره ‪.‬‬
‫وكل كاتب يفتقر إلى آلة ‪ ،‬فهو كاتب كون الوجودات ‪ :‬منشور ‪ ،‬والعالم منه كتاب‬
‫مسطور ‪ ( “ . . .‬المقصد األتم في اإلشارات ق ‪ 156‬أ )‬
‫****‬
‫‪ – 545‬الكثرة‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الكاف والثاء والراء أصل صحيح يدل خالف القلة ‪ .‬من ذلك الشيء الكثير ‪ ،‬وقد‬
‫كثر ثم يزاد فيه لزيادة في النعت فيقال ‪ :‬الكوثر ‪ :‬الرجل المعطاء وهو فوعل من‬
‫الكثرة ‪ . . .‬والكوثر نهر في الجنة ‪ . . .‬قالوا هذا ‪ ،‬وقالوا أراد الخير الكثير ‪.‬‬
‫ي بذلك لكثرته وثورانه “ ‪ ( . . .‬معجم مقاييس اللغة مادة “ كثر‬ ‫الكوثر ‪ :‬الغبار ‪ .‬وسم ّ‬
‫“)‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫( أ ) كثرة ‪ -‬خالف قلة ‪.‬‬
‫شيْئا ً) ‪. “( 9 / 25‬‬ ‫قال تعالى ‪َ ” :‬ويَ ْو َم ُحنَي ٍْن إِّ ْذ أ َ ْع َجبَتْ ُك ْم َكثْ َرت ُ ُك ْم فَلَ ْم ت ُ ْغ ِّن َ‬
‫ع ْن ُك ْم َ‬
‫يال َو ْليَ ْب ُكوا َكثِّيرا ً َجزا ًء بِّما كانُوا يَ ْك ِّسبُونَ ‪“( 9 / 82 ) .‬‬ ‫ض َح ُكوا قَ ِّل ً‬ ‫قال تعالى ‪” :‬فَ ْليَ ْ‬
‫( ب ) الكوثر ‪ :‬نهر في الجنة ‪ ،‬أو الخير الكثير ‪.‬‬
‫ْناك ْال َك ْوث َ َر ‪. “( 108 / 1 ) .‬‬ ‫طي َ‬ ‫قال تعالى ‪ِّ ” :‬إنَّا أ َ ْع َ‬

‫والجدير بالذكر ان القرآن الكريم لم يضع الكثرة في مقابل الوحدة ‪ ،‬بل جعلها دائما من‬
‫ثنائيات القلة ‪.‬‬

‫عند ابن العربي ‪:‬‬


‫ال تكاد تخلو فلسفة من مشكلة الوحدة والكثرة ‪ ،‬بل الواقع ان نظرة المفكر إلى هذه‬
‫المشكلة تحدد منهجه ‪ ،‬وطريقته ‪ ،‬وطبيعة تفكيره نفسه ‪.‬‬
‫فالمفكر الفيلسوف ينظر إلى الوحدة والكثرة ‪ ،‬ويحاول جاهدا ‪ ،‬ان يفسر صدور الثانية‬

‫‪955‬‬
‫“ ‪“ 956‬‬

‫عن األولى دون ان يتعارض مع مبدأ “ ال يصدر عن الواحد اال واحد “ ‪ .‬أما المفكر‬
‫الصوفي ‪ ،‬فإنه ينظر إلى الوحدة والكثرة ‪ ،‬نظرة مختلفة تصنفه بالتالي بين المتصوفين‬
‫‪.1‬‬
‫وهكذا انتقلت مشكلة الفلسفة ‪ ،‬التي تتلخص بتفسير صدور الكثرة ‪ ،‬إلى تصوف ابن‬
‫العربي ‪ .‬آخذة شكل اتفاق الكثرة مع الوحدة في الوجود ‪.‬‬
‫فكيف يفسر الشيخ األكبر وجود الكثرة إلى جانب الوحدة دون ان يتكثر الوجود ؟‬
‫هذا يتضح برؤيته للكثرة وموقفه منها ‪.‬‬
‫****‬
‫هل الكثرة موجودة عند ابن العربي ؟ وان وجدت فما طبيعة وجودها ؟‬
‫ال يستطيع الشيخ األكبر ان ينفي الكثرة المرئية في الوجود ‪ ،‬فهي أظهر من أن تنكر ‪،‬‬
‫كما أنه لم يتخلص منها بجعلها وهما ‪ ،‬ال مستندا حقيقيا له ‪ :‬اذن ‪:‬‬
‫الكثرة موجودة ‪ ،‬ولكن في مراتب وجودية ال تتنافي ووحدة الوجود عنده ‪.‬‬

‫توجد الكثرة في مرتبتين ‪:‬‬


‫األولى ‪ :‬مرتبة الوجود المعقول ‪ ،‬وهي هنا كثرة معقولة [ ‪ -‬كثرة األسماء اإللهية ] ‪.‬‬
‫والثانية ‪ :‬مرتبة الوجود الظاهر الحسي ‪ ،‬وهي هنا كثرة مشهودة [ ‪ -‬كثرة صور‬
‫الموجودات ‪ -‬كثرة المظاهر ‪.‬‬
‫اذن الكثرة معقولة ومشهودة ‪ ،‬ولكنها ليست موجودة ‪ ،‬كما يفهم الشيخ األكبر الوجود‬
‫الحق ‪.‬‬
‫وبذلك حافظ الحاتمي على وحدته المعشوقة التي هي في الواقع أحدية كثرة ‪. 2‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫“ ‪ . . .‬والكثرة معقولة بال شك ‪ ،‬ولكن هل لها وجود عيني أم ال ؟ فيه نظر ‪.‬‬
‫فمن قال ‪ :‬ان هذه الكثرة الظاهرة في العين ‪ ،‬أحوال مختلفة قائمة بعين واحدة ‪ ،‬ال‬
‫وجود لها ‪ ،‬اال في تلك العين ‪ ،‬فهي نسب ‪ ،‬فال حقيقة لها عينية في الوجود العيني ‪. 3‬‬

‫ومن قال ‪ :‬ان لها أعيانا لم يقل بالعين الواحدة ‪ ،‬وال بالظاهر في المظاهر ‪ ،‬الن الكثير‬
‫مشهود ال الكثرة ‪ .‬فالكثرة معقولة ‪ ،‬والكثير موجود مشهود ‪ ( “ . . .‬ف ‪- 500 / 2‬‬
‫‪. ) 501‬‬

‫“ ‪ . . .‬فاثبت الكثرة في الثبوت وانفها في الوجود ‪ ،‬وأثبت الوحدة في الوجود وانفها‬


‫في الثبوت “ ( ف ‪.) 502 / 2‬‬

‫‪956‬‬
‫“ ‪“ 957‬‬

‫“ ‪ . . .‬وصاحب التحقيق يرى الكثرة في الواحد ‪ ،‬كما يعلم أن مدلول األسماء اإللهية ‪،‬‬
‫وان اختلفت حقائقها وكثرت ‪ ،‬انها عين واحدة ‪ .‬فهذه كثرة معقولة في واحد العين [ ‪-‬‬
‫الذات اإللهية ] ‪ .‬فتكون في التجلي كثرة مشهودة في عين واحدة [ ‪ -‬عين الممكن ]‬
‫‪ ( “ . . . 4‬فصوص ‪. ) 125 - 124 / 1‬‬
‫****‬
‫استفاد الشيخ األكبر من اثباته للكثرة المعقولة والكثرة المشهودة ‪ ،‬تفسيرا لمنشأ الكثرة‬
‫المشهودة في العالم من ناحية ‪ ،‬وظل منسجما مع أقواله التي تؤكد كون االنسان صورة‬
‫ونسخة ‪.‬‬

‫فالكثرة المشهودة الظاهر لألعيان ‪ ،‬سببها الكثرة المعقولة ‪ ،‬وهي كثرة األسماء اإللهية‬
‫والصفات ‪ .‬فعن الواحد ال يصدر اال واحد ‪ ،‬اذن ما صدر عن الواحد اال عين الممكن‬
‫[ واحدة ] ‪ ،‬اما كثرة الخلق فمنشؤها كثرة الحق اي كثرة أسمائه ‪.‬‬

‫كل من قال بالكثرة ‪ ،‬فقد نظر إلى الحقيقة الوجودية ‪ :‬من حيث ظهورها في العالم ‪،‬‬
‫وهي كثرة في األعيان ‪ .‬ومن حيث تجليها في األسماء اإللهية ‪ ،‬وهي أيضا كثرة‬
‫معقولة ‪.‬‬

‫واما من قال بالوحدة ‪ ،‬فقد نظر إلى الحقيقة الوجودية ‪ :‬من حيث ذاتها التي ال كثرة‬
‫فيها ‪ ،‬بوجه من الوجوه ‪ ،‬فهي تتعالى ‪ ،‬حتى عن الكثرة االعتبارية العقلية ‪ ،‬التي هي‬
‫كثرة االتصاف باألسماء ‪ ،‬فهي غنية حتى عن األوصاف ‪.‬‬

‫اذن ‪ :‬كل من قال بالكثرة وحدها ‪ ،‬فهو محجوب ‪ ،‬ألنه ال يرى سوى وجه واحد من‬
‫الحقيقة ‪ .‬وكذلك كل من قال بالوحدة ‪ ،‬دون الكثرة ‪ ،‬ألنه ال يرى سوى الوجه االخر‬
‫من الحقيقة ‪ .‬اما العارف باالمر ‪ ،‬على ما هو عليه ‪ ،‬فيشاهد الوحدة في الكثرة ‪،‬‬
‫والكثرة في الوحدة ‪ .‬أو وحدة الكثرة وكثرة الوحدة ‪.‬‬

‫وان كان في خاتمة االمر يقرر الوحدة فقط ‪ ،‬من حيث إن الكثرة ال وجود لها في ذاتها‬
‫‪ ،‬وال من ذاتها ‪.‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫) ‪( 1‬العالم ‪ :‬وحدته ‪ - [ :‬عينه ] ‪ ،‬كثرته ‪ - [ :‬احكامه ] ‪ .‬الحق ‪ :‬وحدته ‪:‬‬
‫[ ‪ -‬ذاته ] ‪ ،‬كثرته ‪ - [ :‬أسماؤه ] ‪.‬‬
‫“ ‪ . . .‬اال ترى ان الحكماء قد قالوا ‪ :‬ال يوجد عن الواحد اال واحد ‪ ،‬والعالم‬

‫‪957‬‬
‫“ ‪“ 958‬‬

‫كثير فال يوجد اال عن كثير ‪ ،‬وليست الكثرة اال األسماء اإللهية ‪ ،‬فهو واحد أحدية‬
‫الكثرة ‪ . . . 5‬ثم إن الحكماء مع قولهم في الواحد الصادر عن الواحد ‪ ،‬ل ّما رأوا منه‬
‫صدور الكثرة عنه ‪ ،‬وقد قالوا فيه انه واحد في صدوره ‪ ،‬اضطرهم إلى أن يعتبروا في‬
‫هذا الواحد ‪ ،‬وجوها متعددة عنه ‪.‬‬
‫بهذه الوجوه صدرت الكثرة ‪ ،‬فنسبة الوجوه لهذا الواحد الصادر ‪ ،‬نسبة األسماء اإللهية‬
‫َّللا ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 231 / 4‬‬
‫إلى ّ‬

‫“ والعالم منفصل عن الحق بحدّه ‪ ،‬وحقيقته ‪ .‬فهو منفصل متصل ‪ ،‬من عين واحدة ‪.‬‬
‫فإنه ال يتكثر في عينه ‪ ،‬وان تكثرت احكامه ‪ ،‬فإنها نسب وإضافات عدمية معلومة ‪.‬‬
‫فخرج [ العالم ] على صورة حق ‪ .‬فما صدر عن الواحد اال واحد ‪ ،‬وهو عين‬
‫الممكن ‪ .‬وما صدرت الكثرة أعني احكامه ‪ ،‬اال من الكثرة ‪ ،‬وهي االحكام المنسوبة‬
‫إلى الحق ‪ ،‬المعبر عنها باألسماء والصفات ‪. 6‬‬
‫فمن نظر العالم من حيث عينه ‪ ،‬قال ‪ :‬باحديته ‪.‬‬
‫ومن نظره من حيث احكامه ونسبه ‪ ،‬قال بالكثرة في عين واحدة ‪.‬‬
‫وكذلك نظره في الحق فهو الواحد الكثير ‪ ( . . . “ 7‬ف ‪. ) 325 / 3‬‬
‫“ الحق واحد في الوجود ‪ ، 8‬االنسان واحد في الكون “ ‪ ( 9‬التراجم ص ‪. ) 31‬‬

‫) ‪( 2‬كثرة في وحدة ‪ .‬وحدة في كثرة ‪:‬‬


‫“ فمن وقف مع الكثرة ‪ ،‬كان مع العالم ‪ ،‬ومع األسماء اإللهية ‪ ،‬وأسماء العالم ‪ .‬ومن‬
‫وقف مع األحدية ‪ ،‬كان مع الحق ‪ ،‬من حيث ذاته الغنية عن العالمين ‪.‬‬
‫وإذا كانت غنية عن العالمين ‪ ،‬فهو عين غنائها عن نسبة األسماء لها ‪ ( “ .‬فصوص ‪1‬‬
‫‪. ) 105 - 104 /‬‬
‫“ كل مشهد ال يريك الكثرة في العين الواحدة ‪ ،‬ال تعول عليه “ ( رسالة ال يعول عليه‬
‫ص ‪. ) 14‬‬
‫“ فالوحدة التي ال كثرة فيها ‪ ،‬محال “ ( ف ‪. ) 483 / 3‬‬

‫) ‪( 3‬الكثرة ال وجود لها في ذاتها ‪:‬‬


‫“ الشخص وان كان واحدا ‪ ،‬فال تقل له ظل واحد ‪ ،‬وال صورة واحدة ‪ ،‬في المرء ‪.‬‬
‫فعلى عدد ما يقابله من األنوار ‪ ،‬يظهر للشخص ظالالت ‪ ،‬وعلى عدد‬

‫‪958‬‬
‫“ ‪“ 959‬‬

‫المراي ‪ ،‬تظهر له صور ‪ .‬فهو واحد ‪ ،‬من حيث ذاته ‪ .‬متكثر ‪ ،‬من حيث تجليه في‬
‫الصور ‪ ،‬أو ضالالته في األنوار ‪ .‬فهي المتعددة ‪ ،‬ال هو ‪ .‬وليست الصور غيره ‪.‬‬
‫“(التراجم ص ‪. ) 31‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬مثال ‪ :‬قد يقول أحدهم باثنينية الحق والعالم ‪ .‬وبالتالي الوحدة للحق والكثرة‬
‫للعالم ‪.‬‬
‫وأصحاب مذاهب الوحدة يرون الكثرة في الوحدة والوحدة في الكثرة وهذا ما سنراه‬
‫عند الشيخ األكبر ‪.‬‬
‫) ‪( 2‬راجع “ وحدة “ “ أحدية الكثرة ‪“ .‬‬
‫) ‪( 3‬وبهذا الرأي يقول الشيخ األكبر ويتضح موقفه هذا في النص التالي ‪.‬‬
‫) ‪( 4‬راجع المعنى “ الثالث ‪“ .‬‬
‫) ‪( 5‬راجع “ أحدية الكثرة ‪“ .‬‬
‫) ‪( 6‬راجع فيما يتعلق بكثرة الصفات مع أحدية الذات ‪.‬‬
‫‪-‬المضنون الكبير ‪ ،‬الغزالي هامش االنسان الكامل ج ‪ 2‬ص ‪. 64‬‬
‫كما يراجع ‪ “ :‬صفة “ في هذا المعجم ‪.‬‬
‫) ‪( 7‬انظر “ الواحد الكثير ‪“ .‬‬
‫) ‪( 8‬انظر “ وجود ‪“ .‬‬
‫) ‪( 9‬انظر “ كون “ ‪.‬‬

‫****‬
‫‪ - 546‬الكثير الواحد‬
‫وضع ابن العربي عبارة “ الكثير الواحد “ في مقابل عبارة “ الواحد الكثير ‪“ .‬‬
‫ففي األولى ينظر إلى الوحدة في الكثرة ‪ ،‬على حين انه في الثانية ينظر إلى الكثرة في‬
‫الوحدة ‪.‬‬

‫وعبارة “ الكثير الواحد “ يطلقها على الحق ‪ ،‬وعلى االنسان ‪.‬‬


‫فهي تنطبق على الحق ‪ ،‬إذا نظرنا إلى وحدة ذاته ‪ ،‬من خالل كثرة أسمائه وصفاته‪.‬‬
‫وتنطبق على الخلق ‪ ،‬إذا نظرنا إلى وحدة عينه ‪ ،‬من خالل كثرة صوره ‪.‬‬

‫وقد شبه النسبة بين العين الوجودية الواحدة ‪ ،‬والصور المتكثرة المتغايرة ‪ ،‬بالنسبة بين‬
‫النفس الواحدة الشخصية ‪ ،‬وبين بدنها المتكثر بصور أعضائه ‪.‬‬
‫فزيد مثال الكثير بصور أعضائه ‪ ،‬هو حقيقة واحدة فهو ‪ “ :‬الكثير الواحد ‪“ .‬‬

‫‪959‬‬
‫“ ‪“ 960‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫“ فكما ان للكثرة أحدية تسمى ‪ :‬أحدية الكثرة ‪ 1‬كذلك للواحد كثرة تسمى ‪:‬‬
‫كثرة الواحد ‪ . . .‬فهو [ الحق ] الواحد الكثير ‪ ،‬والكثير الواحد ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 4‬‬
‫‪. ) 232‬‬
‫“ ‪ . . .‬فمعلوم ان زيدا حقيقة واحدة شخصية ‪ ،‬وأن يده ليست صورة رجله ‪ ،‬وال‬
‫رأسه ‪ ،‬وال عينه ‪ ،‬وال حاجبه ‪ ،‬فهو الكثير الواحد ‪ :‬الكثير بالصور ‪ ،‬الواحد بالعين ‪.‬‬
‫وكاالنسان ‪ :‬واحد بالعين بال شك ‪ ،‬وال نشك ان عمرا ما هو زيد ‪ ،‬وال خالد ‪ ،‬وال‬
‫جعفر ‪ ،‬وان اشخاص هذه العين الواحدة ‪ ،‬ال تتناهى وجودا ‪ .‬فهو وان كان واحدا‬
‫بالعين ‪ ،‬فهو كثير بالصور واالشخاص “ ( فصوص ‪. ) 184 - 183 / 1‬‬

‫يتضح في النص الثاني ان ابن العربي ‪ ،‬أعطى تمثيلين يفسر في ضوئهما كثرة الوحدة‬
‫الحقية ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬زيد وأعضاؤه ‪ .‬والثاني ‪ :‬االنسان واشخاصه ‪. 2‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬انظر “ أحدية الكثرة ‪“ .‬‬
‫) ‪( 2‬يقول عفيفي في تعليقه على هذا المقطع ‪:‬‬
‫“ وفي هذا التمثيل من التضليل ما فيه ‪ :‬أوال ‪ ،‬ألنه يصور المسألة تصويرا ماديا ‪،‬‬
‫ويجعل النسبة بين الحق والخلق ‪ ،‬أشبه بنسبة الكل المادي إلى اجزائه ‪.‬‬

‫وهذا ما ال يرضاه ابن العربي نفسه ‪ ،‬ألنه ال يرمي مطلقا إلى هذا التفسير المادي‬
‫للوجود ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ ،‬ان من الصعب ان نفهم ‪ ،‬ان صورة يد زيد ‪ ،‬أو صورة رجله ‪ ،‬أو اي عضو‬
‫من أعضائه ‪ ،‬انما هي مجلى لزيد ‪ ،‬بنفس المعنى الذي به يقال ‪ ،‬ان صورة كيت‬
‫وكيت من صور الممكنات مجلى للحق ‪. . .‬‬

‫والتمثيل الثاني الذي أورده ‪ ،‬هو ان نسبة العين الوجودية الواحدة ‪ ،‬إلى الصور‬
‫المتكثرة ‪ ،‬كنسبة الكلي إلى جزئياته ‪ ،‬اي كنسبة “ االنسان “ مثال إلى زيد وعمر وبكر‬
‫وغيرهم ‪ ،‬فمن ال يحصى عددهم من بني االنسان ‪.‬‬

‫وهذا وان كان أدنى إلى ما يرمي اليه المؤلف في فهمه ‪ ،‬للنسبة بين الحق والخلق ‪،‬‬
‫وأبعد عن المادية من التمثيل السابق ‪ ،‬اال انه ال يمكن ان يعد تصويرا دقيقا لفكرة‬
‫وحدة الوجود ‪ ( “ .‬فصوص ج ‪ 2‬ص ص ‪. ) 267 - 266‬‬

‫‪960‬‬
‫“ ‪“ 961‬‬
‫‪ – 547‬كرامة‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ والتكريم واالكرام بمعنى ‪ ،‬واالسم منه ‪ :‬الكرامة ‪. . .‬‬
‫قال سيبويه ‪ :‬ومما جاء من المصادر على اضمار الفعل المتروك اظهاره ‪ ،‬ولكنه في‬
‫َّللا وادام لك كرما ‪.‬‬
‫معنى التعجب قولك كرما وصلفا ‪ ،‬كأنه يقول أكرمك ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ ،‬ان رجال اهدى اليه راوية خمر‬ ‫‪. . .‬وروي عن النبي ‪ ،‬صلى ّ‬
‫حرمها ‪ ،‬فقال الرجل ‪ :‬أفال أكارم بها اليهود ؟‬
‫َّللا ّ‬
‫فقال ‪ :‬إن ّ‬
‫حرمها حرم ان يكارم بها ‪.‬‬‫فقال ‪ :‬إن الذي ّ‬
‫والمكارمة ‪ :‬ان تهدي النسان شيئا ليكافئك عليه ‪ ،‬وهي مفاعلة من الكرم ‪.‬‬
‫وأراد بقوله ‪ :‬أكارم بها يهود ‪ ،‬اي اهديها إليهم ليثيبوني عليها ‪.‬‬
‫َّللا فما له من مكرم “ ‪ .‬بفتح الراء ‪ ،‬اي إكرام ‪ ،‬وهو‬‫‪. . .‬وقرأ بعضهم “ ومن يهن ّ‬
‫ي كرامة ‪ ،‬أي عزازة ‪.‬‬ ‫مصدر مثل مخرج ومدخل ‪ .‬وله عل ّ‬

‫وقال اللحياني ‪ :‬أفعل ذلك وكرامة لك ‪ . . .‬ويقال ‪ :‬نعم وحبّا وكرامة ‪ . . .‬والكرامة ‪:‬‬
‫اسم يوضع لالكرام ‪ ،‬كما وضعت الطاعة موضع اإلطاعة ‪ ،‬والغارة موضع اإلغارة‬
‫“ ( لسان العرب مادة “ كرم “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫األصل “ كرم “ لم يرد في القرآن بصيغة االسم “ كرامة “ ‪.‬‬
‫َّللا أَتْقا ُك ْم‪. “( 49 / 13 ) .‬‬
‫الوارد صيغة الفعل ‪ِّ ”.‬إ َّن أ َ ْك َر َم ُك ْم ِّع ْن َد َّ ِّ‬

‫عند ابن العربي‬


‫لم تختلف نصوص المؤرخين للصوفية في اقرار الكرامة لألولياء ‪ ، 1‬مع تمييزها عن‬
‫فرق‬
‫المعجزة ‪ ،‬فالطوسي والقشيري إلى آخر من نقل عنهما ‪ ،‬من متأخر ومعاصر ‪ّ ،‬‬
‫المعجزة عن الكرامة ‪ ،‬مستمدا ذلك من دور كل منهما في النبوة والوالية ‪. 2‬‬

‫ومن ابرز أخطائهم ‪ :‬ربط الكرامة بالوالية ‪ ،‬مع أنهم يناقضون أنفسهم في‬

‫‪961‬‬
‫“ ‪“ 962‬‬

‫غير مكان ‪ ،‬بايرادهم ان الكرامة قد تحتوي المكر واالستدراج ‪ ،‬وان الوالية ليس من‬
‫شروطها الكرامة الظاهرة ‪. 3‬‬
‫ويرجع سبب هذا الخطأ إلى ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬مفهوم “ الوالية “ نفسه ‪.‬‬
‫فالوالية قد أطلقت جزافا في نصوص الصوفية ‪ -‬خاصة بعد القرن السابع الهجري ‪-‬‬
‫على مظاهر وافراد ‪.‬‬
‫فكل من ظهر بصالح وتقوى ‪ ،‬أو خرق عادة وتقريب ‪ ،‬أو تصدى لتربية المريدين ‪،‬‬
‫يطلق عليه ‪ “ :‬الولي “ وما هو “ بولي “ ‪ ،‬ألن الوالية ‪ :‬تعيين الهي ‪.‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫“ فينبغي ان ال ينطلق ذلك االسم [ ‪ -‬الولي ] على العبد ‪ ،‬وان أطلقه الحق عليه فذلك‬
‫اليه ‪ -‬تعالى “ ( ف السفر ‪ 3‬فق ‪. ) 357‬‬
‫انظر “ والية ‪“ .‬‬

‫ثانيا ‪ :‬ان “ الكرامة “ نشأت وتر عرعت في أوساط العامة ‪ ،‬بعيدا عن الحس النقدي‬
‫الصوفي ‪ .‬فالكرامة في أغلب األحيان ‪ ،‬من “ المرويات “ التي تتناقلها مجالس‬
‫المريدين ‪ .‬ويرجع سبب نشأتها هذه إلى أن “ الولي “ أو “ الصالح “ يكتم الكرامة ‪. 4‬‬
‫فبالتالي تتناقل وتتسرب بعيدا عنه ‪ ،‬محملة بالكثير من األساطير والخرافات ‪ ،‬مما‬
‫يجعل هذه الطائفة مجاال للنقد ‪.‬‬
‫ولنبحث اآلن “ الكرامة “‬
‫عند الشيخ األكبر ‪:‬‬
‫* تتعدد العوالم في تصور ابن العربي ‪ ،‬فعالم مبني على صفة القدرة [ انظر “ ارض‬
‫الحقيقة “ ] وعالم مبني على الحكمة وربط األسباب بمسبباتها [ عالمنا الذي نعيش‬
‫عليه ] ‪.‬‬
‫“ فالعادة “ في عالمنا هذا ‪ ،‬هو النظام المرتب المعروف ‪ ،‬من زمان ومكان وتوالي ‪.‬‬
‫وهذا النظام هو بالوضع اإللهي ‪.‬‬
‫لذلك تبقى القدرة اإللهية هي الوحيدة الحاكمة ‪ .‬فكما تضع النظام ‪ ،‬تخرقه ‪.‬‬
‫وخرق العوائد اقسام ثالثة مختلفة عند ابن العربي ‪ :‬المعجزة ‪ ،‬الكرامة ‪ ،‬السحر ‪.‬‬
‫المعجزة لألنبياء ‪ ،‬الكرامة لألولياء والصالحين [ ليست محصورة باألولياء ] ‪.‬‬
‫والسحر للعامة‪.‬‬

‫‪962‬‬
‫“ ‪“ 963‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫‪ - 1‬السببية وعالم الحكمة ‪:‬‬
‫“ فانظر في سر هذا االمر [ سريان األحوال ] ‪ :‬انه ما ظهر شيء من ذلك ‪ ،‬اال‬
‫بحركة محسوسة [ مثال ‪ :‬المالمسة ‪ -‬المعانقة ‪ -‬الغرف ] ‪ ،‬ل “ اثبات األسباب “ التي‬
‫َّللا ‪ ،‬ليعلم ان االمر اإللهي ال ينخرم ‪ ،‬وانه ‪ ،‬في نفسه ‪ ،‬على هذا الحد ‪،‬‬
‫وضعها ّ‬
‫فيعرف العارف ‪ ،‬من ذلك “ نسب األسماء اإللهية “ وما ارتبط بها من وجود الكائنات‬
‫‪ ،‬وان ذلك تقتضيه الحضرة اإللهية لذاتها‪.‬‬
‫فيعرف العالم المحقق ‪ ،‬بهذه األمور والتنبيهات اإللهية ‪ ،‬على أن الحكمة فيما ظهر ‪،‬‬
‫وان ذلك ال يتبدل ‪ ،‬وان “ األسباب “ ال ترفع ابدا “ ( ف السفر ‪- 3‬فق ‪. ) 340‬‬

‫لذلك يستعمل الصوفية وابن العربي جملة “ خرق العادة “ وليس “ رفع العادة “ أو‬
‫ازالتها ‪ .‬فما هو اال خرق لهذا النظام ‪ ،‬بتدخل سبب ظاهر ‪ ،‬ال عالقة له بهذا النظام ‪.‬‬
‫كما في النص السابق ‪ ،‬وكما سيرد في نص “ سريان األحوال ‪“ .‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬سرى االقتدار اإللهي ‪ . . .‬في كل شيء ‪ :‬فال شيء ينفع اال به ‪ ،‬وال يضر اال‬
‫َّللا ] العالم بالصور ‪ ،‬فنسبوا كل‬
‫به ‪ ،‬وال ينطق اال به ‪ ،‬وال يتحرك اال به ‪ .‬وحجب [ ّ‬
‫َّللا‬
‫وَّللا يقول ‪ “ :‬يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى ّ‬
‫ذلك إلى أنفسهم ‪ ،‬وإلى األشياء ‪ّ ،‬‬
‫“ ( ف السفر ‪ 3‬فق ‪ - 343‬أ‪. ) 343 -‬‬

‫‪ - 2‬خرق العوائد ‪ :‬المعجزة ‪ -‬الكرامة ‪ -‬السحر ‪.‬‬


‫“ الثالثة اقسام في خرق العوائد هي ‪ :‬المعجزات ‪ ،‬والكرامات ‪ ،‬والسحر ‪ .‬وما ث ّم‬
‫خرق عادة أكثر من هذا ‪ ( “ . . .‬ف السفر ‪ 3‬فق ‪. ) 383‬‬

‫‪ - 3‬الكرامة ثمرة العبادة ‪ :‬الكرامة للعابد كذلك ‪ ،‬ليست محصورة باألولياء ‪.‬‬
‫َّللا تعالى لعباده ‪ ،‬اال وهي مرتبطة باسم الهي ‪ . . .‬من ذلك‬
‫“ فما من عبادة شرعها ّ‬
‫َّللا في عبادته تلك ‪ ،‬ما يعطيه في الدنيا‬
‫االسم ‪ ،‬يعطيه ّ‬
‫( ‪ ) 1‬في قلبه ‪ :‬من منازله وعلومه ومعارفه ‪.‬‬
‫( ‪ ) 2‬وفي أحواله ‪ :‬من كراماته ‪ 5‬وآياته ‪.‬‬
‫وفي آخرته في جناته ‪ ،‬في درجاته ‪ ( “ . . .‬ف ‪ -‬السفر الرابع فق ‪. )165‬‬
‫***‬

‫‪963‬‬
‫“ ‪“ 964‬‬
‫*المعجزة ‪ ،‬الكرامة ‪ ،‬السحر ‪:‬‬
‫يميز ابن العربي بين الكرامة والمعجزة من ناحية ‪ ،‬وبين الكرامة والسحر من ناحية‬
‫أخرى ‪.‬‬
‫الفرق بين الكرامة والمعجزة ‪ ،‬ان الكرامة تصدر عن قوة همة العبد وعلى علم منه ‪،‬‬
‫على حين ان المعجزة ال نصيب لهمة النبي فيها ‪ ،‬فهو [ النبي ]العبد المحض الكامل‬
‫العبودية ‪ .‬وال يتدخل النبي مطلقا في منشأ المعجزة وال علم له بها ‪ ،‬اال بالتعريف‬
‫اإللهي [ موسى والعصا ‪ ،‬سيرد النص ] ‪.‬‬

‫اما الفرق بين الكرامة والسحر ‪ ،‬ان للكرامة حقيقة وجودية ‪ ،‬على حين ان السحر ليس‬
‫له حقيقة وجودية ‪ .‬وانما يظهر على مستوى الصورة والرائي [ عصي وحبال سحرة‬
‫فرعون ‪ -‬صور في بصر الرائي ‪ -‬خيال ‪ .‬سيرد النص ] ‪.‬‬

‫يقول ابن العربي ‪ ،‬في نص طويل يبين فيه ما ذهبنا اليه أعاله ‪:‬‬
‫“ اعلم أن خرق العوائد على ثالثة أقسام ‪ :‬قسم منها [ السحر ] يرجع إلى ما يدركه‬
‫البصر ‪ ،‬أو بعض القوى ‪ . . .‬وهو ‪ ،‬في نفسه ‪ ،‬على غير ما أدركته تلك القوة ‪. . .‬‬

‫وهذا القسم داخل تحت قدرة البشر ‪ .‬وهو على قسمين ‪ :‬منه ما يرجع إلى قوة نفسية ‪،‬‬
‫ومنه ما يرجع إلى خواص أسماء ‪ ،‬إذا تلفّظ بتلك األسماء ‪ ،‬ظهرت تلك الصور ‪ ،‬في‬
‫عين الرائي أو في سمعه ‪ ،‬خياال ‪ . . .‬وهو فعل الساحر ‪.‬‬
‫وهو على علم أنه ما ث ّم شيء م ّما وقع في األعين واالسماع ‪ . . .‬ويعلم أن ما ث ّم شيء‬
‫من خارج ‪ ،‬وانما لها سلطان على خيال الحاضرين ‪ ،‬فتخطف ابصار الناظرين ‪.‬‬
‫فيرى صورا في خياله ‪ ،‬كما يرى النائم في نومه ‪ ،‬وما ث ّم في الخارج ‪ ،‬شيء م ّما‬
‫يدركه ‪ ( “ . . .‬ف السفر الثالث فق ‪. ) 374‬‬

‫ثم ال يلبث ابن العربي ان يستشهد على هذا الموضوع ‪ ،‬بمثال من السلمي في كتاب‬
‫“ مقامات األولياء “ حتى يصل إلى موسى وعصاه وسحرة فرعون ‪ ،‬كخير مثال من‬
‫القرآن على السحر والمعجزة ‪. . .‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ قال تعالى في عصا موسى ‪ -‬عليه السالم ‪َ -‬وما تِّ ْل َك ِّبيَ ِّمينِّ َك يا ُموسى ؟‬
‫صاي “[ ‪] 18 - 17 / 20‬‬‫َ‬ ‫ع‬
‫ي َ‬‫قا َل ‪ِّ :‬ه َ‬
‫ثم قال ‪ ”:‬أ َ ْل ِّقها ‪ ،‬يا ُموسى ‪ .‬فَأ َ ْلقاها “[ ‪] 20 - 19 / 20‬‬
‫من يده في األرض “ فإذا هي حية تسعى “ [ نفس اآلية السابقة ] ‪.‬‬
‫فلما خاف موسى ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬منها ‪ ،‬على مجرى العادة في النفوس انها تخاف من‬
‫الحيات إذا‬

‫‪964‬‬
‫“ ‪“ 965‬‬

‫يرت َ َها ْاألُولى “ [ نفس‬


‫سنُ ِّعيدُها ِّس َ‬ ‫َّللا تعالى له ‪ُ ”:‬خ ْذها َوال تَخ ْ‬
‫َف ‪َ ،‬‬ ‫فاجأتها ‪. . . ،‬فقال ّ‬
‫اآلية ] اي ترجع عصا كما كانت ‪ ،‬أو ترجع [ أنت ] تراها عصا ‪ ،‬كما كانت ‪ ،‬اآلية‬
‫محتملة ‪ . . .‬فلما وقع من السحرة ما وقع‪. . .‬‬
‫وامتأل الوادي من حبالهم وعصيّهم ‪ ،‬ورآها موسى ‪ . . .‬أوجس في نفسه خيفة‬
‫‪ . . .‬ولما ظهر للسحرة خوف موسى مما رآه ‪ ،‬وما علموا متعلق هذا الخوف ‪ ،‬اي‬
‫شيء هو ؟‬
‫علموا انه ليس عند موسى من علم السحر شيء ‪.‬‬
‫فان الساحر ال يخاف مما يفعله لعلمه انه ال حقيقة له من خارج ‪ . . .‬فلما القى موسى‬
‫عصاه ‪ ،‬فكانت حية ‪.‬‬

‫َّللا ‪ ،‬الذي يدعوهم إلى االيمان‬


‫علمت السحرة بأجمعها ‪ . . .‬عند ذلك أنه أمر غيب من ّ‬
‫به ‪ ،‬وما عنده [ موسى ] من علم السحر خبر ‪ .‬فتلقفت تلك الحية [ ‪ -‬عصا‬
‫موسى ] ‪ . . .‬صور الحيات ‪ . . .‬فبدت حباال وعصيا كما هي‪.‬‬
‫صنَعُوا “[ ‪ [ ] 69 / 20‬ما صنعوا ‪ -‬صور الحيات ] ‪. . .‬‬ ‫ف ما َ‬ ‫َّللا يقول” ت َ ْلقَ ْ‬
‫فان ّ‬
‫فإنه من قال ‪ “ . . .‬تلقف حبالهم وعصيهم “ ‪. . .‬‬
‫فإن موسى ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬لو كان انفعال العصا حية ‪ ،‬عن قوة همته أو عن أسماء‬
‫أعطيها ‪ ،‬ما” َولَّى ُم ْد ِّبرا ً َولَ ْم يُعَ ِّقّبْ “[ ‪. ] 10 / 27‬‬
‫فعلمنا ان ث ّم أمورا [ الكرامات ] تختص بجانب الحق في علمه ‪ ،‬ال يعرفها من ظهرت‬
‫على يده تلك الصورة ‪.‬‬
‫فهذا المنزل مجاور لمن جاءت به األنبياء ‪ ،‬من كونه ليس عن حيلة ‪ .‬ولم يكن مثل‬
‫معجزات األنبياء ‪ -‬عليهم السالم ‪ -‬ألن األنبياء ال علم لهم بذلك ‪ .‬وهؤالء ظهر ذلك‬
‫عنهم بهمتهم أو قوة نفوسهم ‪ ،‬أو صدقهم ‪ ،‬قل كيف شئت ‪ .‬فلهذا اختصت باسم‬
‫“ الكرامات “ ولم تس ّم “ معجزات “ وال سميت “ سحرا “‬
‫( ف السفر ‪ 3‬فق فق ‪.) 380 - 376‬‬

‫المعجزة ‪ ،‬الكرامة ‪ ،‬السحر “ وان “ السحر “ هو الذي يظهر فيه وجه إلى الحق ‪،‬‬
‫وهو ‪ ،‬في نفس االمر ‪ ،‬ليس حقا ‪.‬‬
‫سحر “ الزماني ‪ :‬وهو اختالط الضوء والظلمة ‪.‬‬ ‫مشتق من “ ال ّ‬
‫فما هو بليل ‪ :‬لما خالطه من ضوء الصبح ‪ ،‬وهو ليس بنهار ‪ :‬لعدم طلوع الشمس‬
‫لالبصار ‪.‬‬
‫فكذلك هو الذي يس ّمى “ سحرا “ ‪ :‬ما هو باطل متحقّق ‪ ،‬فيكون عدما ‪ ،‬فان العين‬
‫أدركت امرا ما ‪. . .‬‬
‫وما هو حق محض ‪ ،‬فإن له وجود في عينه ‪ ،‬فإنه ليس [ له حقيقة ] في نفسه ‪ ،‬كما‬
‫تشهده العين ويظنه الرائي‪. . .‬‬

‫‪965‬‬
‫“ ‪“ 966‬‬
‫سحر ‪ ،‬فان لها حقيقة في نفسها ‪ ،‬وجودية ‪.‬‬ ‫و “ كرامات األولياء “ ليست من قبيل ال ّ‬
‫وليست بمعجزة ‪ ،‬فإنه على علم وعن قوة همة ‪. . .‬‬
‫ك ّل ولي ظهر عليه خرق عادة عن غير همته ‪ ،‬فيكون إلى النبوة أقرب ممن ظهر عنه‬
‫خرق العادة بهمته ‪ .‬واألنبياء هم العبيد على أصلهم [ راجع “ نبوة “ ] “ ( ف السفر ‪3‬‬
‫فق فق ‪. ) 1 - 383 - 1 - 380‬‬
‫****‬
‫يمثل “ اإلرث “ مكانا بارزا في تصوف الشيخ األكبر ‪ .‬فنراه يتكلم على العلم‬
‫الموروث ‪ ،‬وال يخفى أهمية العلم النفعال األشياء عنه ‪.‬‬
‫يك بِّ ِّه قَ ْب َل أ َ ْن يَ ْرت َ َّد إِّلَي َْك َ‬
‫ط ْرفُ َك “[ ‪] 27 / 40‬‬ ‫”‪ :‬قا َل الَّذِّي ِّع ْن َدهُ ِّع ْل ٌم ِّمنَ ْال ِّكتا ِّ‬
‫ب ‪ ،‬أَنَا آتِّ َ‬
‫فهذا علم انفعل عنه الشيء ‪.‬‬

‫وهكذا “ الكرامات “ ‪ ،‬فالولي فيها ‪ -‬ان جاز التعبير ‪ -‬مع النبي بحكم التبعية [ ‪-‬‬
‫القدمية ‪ .‬فلتراجع ] ‪ ،‬وهي تتنوع في التابعين ‪ ،‬بتنوع معجزات األنبياء المتبوعين ‪:‬‬
‫فهناك العيسوي والموسوي والمحمدي ‪. . .‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫‪ - 1‬معجزة األنبياء “ فإن “ المعجزة “ ما يعجز الخلق عن االتيان بمثلها ‪ ،‬إما صرفا‬
‫وإما أن تكون ليست من مقدورات البشر ‪ .‬إلى عدم قوة النفس وخواص األسماء ‪-‬‬
‫وتظهر على أيديهم “ ( ف السفر الثالث فق ‪. ) 1 - 380‬‬

‫‪ - 2‬اإلرث في الكرامة ‪ :‬ظهور األمثال “ وليس للعيسوي ‪ ،‬من هذه األمة ‪ ،‬من‬
‫الكرامات ‪ ،‬المشي في الهواء ‪ ،‬ولكن لهم المشي على الماء ‪ ،‬والمحمدي يمشي في‬
‫َّللا عليه وسلم ]ليلة أسري به ‪ ،‬وكان‬
‫الهواء ‪ .‬بحكم التبعية ‪ ،‬فإن النبي [ صلى ّ‬
‫محموال ‪،‬‬
‫قال في عيسى عليه السالم ‪ “ :‬لو ازداد يقينا لمشى في الهواء “ وال نشك [ في ] ان‬
‫عيسى ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬أقوى في اليقين منا بما ال يتقارب ‪.‬‬

‫فإنه من أولي العزم من الرسل ‪ .‬ونحن نمشي في الهواء ‪. . .‬‬


‫فعلمنا ‪ ،‬قطعا ‪ ،‬ان مشينا في الهواء ‪ ،‬انما هو بحكم صدق المقام ‪ ،‬ال من قوة‬
‫اليقين ‪. . .‬‬
‫َّللا ‪ ،‬وظهر أمثالها علينا‬
‫فنحن مع الرسل ‪ ،‬في خرق العوائد ‪ ،‬التي اختصوا بها من ّ‬
‫بحكم التبعية “ ( ف السفر الثالث فق فق ‪.) 334 - 1 - 333‬‬

‫‪966‬‬
‫“ ‪“ 967‬‬
‫‪- 3‬صور من خرق العادة [ على سبيل المثال ال الحصر ] تضاف إلى الصور‬
‫المعروفة من طي األرض ‪ ،‬المشي على الماء ظهور الشيء في غير موضعه‬
‫ووقته ‪.‬‬

‫أ ‪ -‬سريان الحال ‪:‬‬


‫“ فمنها [ الكرامات ] ‪ :‬انهم [ العيسويون ] إذا أرادوا ان يعطوا “ حاال “ من األحوال ‪،‬‬
‫التي هم عليها ‪ ،‬وهي تحت سلطانهم ‪ ،‬لما يرون في ذلك الشخص من االستعداد ‪ ،‬إما‬
‫بالكشف أو بالتعريف اإللهي ‪ -‬فيلمسون ذلك الشخص ‪ ،‬أو يعانقونه ‪ ،‬أو يقبلونه ‪ ،‬أو‬
‫يعطونه ثوبا من لباسهم ‪،‬‬
‫أو يقولون لهم “ ‪ :‬ابسط ثوبك “ ثم يغرفون له مما يريدون ان يعطوه ‪ -‬والحاضر ينظر‬
‫انهم يغرفون في الهواء “ ( ف السفر الثالث فق ‪. ) 1 - 338‬‬

‫ب ‪ -‬خرق العادة في االدراك ‪ :‬السمعي البصري ‪. . .‬‬


‫“ كما اخذ [ الحق ] بابصارنا عن ادراك حياة الجماد والنباتات ‪ّ ،‬اال لمن خرق ّ‬
‫َّللا له‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ -‬ومن حضر من أصحابه ‪ ،‬حين اسمعهم‬ ‫َّللا ‪ -‬صلى ّ‬
‫العادة ‪ ،‬كرسول ّ‬
‫َّللا تسبيح الحصى ‪ .‬فما كان خرق العادة في تسبيح الحصى ‪ . . .‬وانما انخرقت العادة‬‫ّ‬
‫في تعلّق اسماعهم به ‪ ( “ . . .‬ف السفر الخامس ‪ -‬فق ‪. ) 585‬‬

‫َّللا عليه وسلم ) ] الدراك تسبيح الحصى‬‫“ ومن حضر من أصحابه [ النبي ( صلى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ -‬وانما قلنا “ فتح سمعه “ ‪ ،‬إذا كان‬
‫في كفه الطاهرة الطيبة ‪ -‬صلى ّ‬
‫َّللا ‪ ،‬مسبحا بحمد موجده ‪ .‬فكان خرق العادة في االدراك‬‫الحصى ما زال ‪ ،‬مذ خلقه ّ‬
‫السمعي ‪ .‬ال فيه “ ( ف السفر الثاني ‪ -‬فق ‪. ) 486‬‬

‫ج ‪ -‬التصريف “ ‪ . . .‬وألصحاب ‪ -‬هذا المقام ‪ -‬التصريف والتصرف في العالم ‪.‬‬


‫فالطبقة األولى من هؤالء ‪ ،‬تركت التصرف ّّلل في خلقه ‪ ،‬مع التمكن وتولية الحق لهم‬
‫ستر ‪ ،‬ودخلوا في سرادقات الغيب ‪،‬‬ ‫إياه تمكنا ‪ :‬ال امرا لكن عرضا ‪ .‬فلبسوا ال ّ‬
‫واستتروا بحجب العوائد ‪ ،‬ولزموا العبودة واالفتقار ‪ .‬وهم الفتيان ‪ ،‬الظرفاء ‪،‬‬
‫المالمتية ‪ ،‬االخفياء ‪ ،‬األبرياء “ ( ف السفر الثالث ‪ -‬فق ‪.) 225‬‬

‫‪967‬‬
‫“ ‪“ 968‬‬

‫والمالمية أكثر الصوفية المتشددين بالتستر بحجب العوائد فال يظهر عنهم كرامة أو‬
‫خرق عادة ابدا ‪، 6‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫“ فحبس [ تعالى ] ظواهرهم [ المالمية ] في “ خيمات العادات والعبادات “ من‬
‫االعمال الظاهرة ‪ ،‬والمثابرة على الفرائض منها والنوافل ‪ .‬فال يعرفون بخرق عادة ‪7‬‬
‫يعظمون ‪ ،‬وال يشار إليهم بالصالح ‪ ،‬الذي في عرف العامة ‪ ،‬مع كونهم ال يكون‬ ‫‪ ،‬فال ّ‬
‫منهم فساد ‪ ( “ . . .‬ف السفر الثالث ‪ -‬فق ‪125 ) .‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يجمع الصوفية على اثبات كرامات األولياء ‪ ،‬ويرجعون في ذلك إلى أدلة من‬
‫القرآن والحديث ‪:‬‬
‫يك ِّب ِّه قَ ْب َل أ َ ْن يَ ْرت َ َّد ِّإلَي َْك‬
‫‪-‬الكالباذي في التعرف ( ص ‪ ) 44‬يجد في اآليتين ‪ ”:‬أَنَا آتِّ َ‬
‫َّللا “( ‪. ) 37 / 3‬‬ ‫ط ْرفُ َك “( ‪ ”) 40 / 27‬أَنَّى لَ ِّك هذا ‪ ،‬قالَ ْ‬
‫ت ‪ُ :‬ه َو ِّم ْن ِّع ْن ِّد َّ ِّ‬ ‫َ‬
‫السند القرآني للكرامة ‪.‬‬
‫‪-‬مسألة “ القسم “ المتعلقة بمنزلة الصوفي عند ربه ‪ .‬وقد ظهرت ألول مرة عند‬
‫معروف الكرخي ت ‪ 200‬هـ ( انظر التصوف في مدرسة بغداد ص ص ‪- 134‬‬
‫‪135 ) .‬‬
‫َّللا عليه وسلم ) أنه قال ‪:‬‬ ‫َّللا ( صلّى ّ‬ ‫فقد روي عن رسول ّ‬
‫َّللا البره منهم البراء بن مالك‬ ‫“ كم من ضعيف مستضعف ذي طمرين ‪ ،‬لو اقسم على ّ‬
‫“ ( صفة الصفوة ابن الجوزي ج ‪ 1‬ص ‪. ) 256‬‬
‫َّللا ‪.‬‬ ‫فالكرامة هنا تأييد للوالية وتعريف بمنزلة الشخص عند ّ‬
‫) ‪( 2‬يعدد الطوسي في اللمع الفرق بين المعجزة والكرامة من جهات شتى ‪ ،‬نلخصها‬
‫فيما يلي ‪:‬‬
‫‪ - 1‬ان األنبياء عليهم السالم مستعبدون باظهار المعجزة للخلق ‪ ،‬حجة ال تقبل‬
‫الكتمان ‪.‬‬
‫واألولياء مستعبدون بكتمان الكرامة عن الخلق ‪.‬‬

‫َّللا ‪ ،‬واالقرار بوحدانيته ) ‪،‬‬


‫‪ - 2‬ان المعجزة حجة النبي على المشرك ( للداللة على ّ‬
‫ان الكرامة حجة الولي على نفسه حتى تطمئن وتؤمن ألنها امارة بالسوء [ تأديب‬
‫للنفس وتهذيب وزيادة لها ] ‪.‬‬

‫‪ - 3‬ان المعجزات كلما زيدت لألنبياء يكون أتم لمعانيهم وفضلهم ‪ ،‬اما الكرامات‬
‫فكلما زيدت لألولياء يكون وجلهم أكثر حذرا من المكر واالستدراج ‪.‬‬
‫ويضيف الكالباذي إلى هذه الفروق بين المعجزة والكرامة ان كرامات األولياء تجري‬
‫عليهم من حيث ال يعلمون [ خوف الفتنة ] ‪ ،‬واألنبياء تكون لهم المعجزات وهم بها‬
‫عالمون وباثباتها ناطقون ‪.‬‬

‫‪968‬‬
‫“ ‪“ 969‬‬
‫َّللا السكندري في الحكم ] ‪ :‬ربما رزق‬
‫َّللا عنه [ ابن عطاء ّ‬
‫“ ) ‪( 3‬قال رضي ّ‬
‫الكرامة من لم تكمل له االستقامة ‪“ .‬‬

‫قلت [ الشيخ زروق ‪ ،‬في شرحه للحكم ] ‪ :‬الكرامة امر خارق للعادة غير مقرون‬
‫َّللا تعالى على يد من‬
‫بالتحدي ‪ :‬وال خال عن االستقامة وال مستند لألسباب ‪ ،‬يظهره ّ‬
‫أراد اختصاصه من أهل طاعته في البداية ‪ ،‬أو في النهاية ‪ ،‬أو بينهما ‪.‬‬
‫فهي تدل على اختصاص صاحبها ‪ ،‬ال على استقامته ‪ ،‬فيتعين تعظيمه واحترامه ‪ ،‬ال‬
‫تقديمه واتباعه ‪ ،‬اال ان يظهر عليه كمال االستقامة ‪ ،‬وهي ‪ :‬االستواء في اتباع الحق‬
‫ظاهرا وباطنا على منهج السواد بال علة ‪.‬‬

‫فهي [ االستقامة ] إذن توبة بال اصرار ‪ .‬وعمل بال فتور ‪ ،‬واخالص بال التفات ‪،‬‬
‫ويقين بال تردد ‪ ،‬وتوكل بال وهن ‪ ،‬مالزمتها وأصل قطعا ‪ ،‬فهي الكرامة الحقيقية ال‬
‫غيرها ‪. .‬‬
‫َّللا عنه ‪ “ :‬انما هما كرامتان جامعتان‬
‫وقد قال الشيخ أبو الحسن الشاذلي رضي ّ‬
‫محيطتان ‪:‬‬
‫كرامة االيمان بمزيد االيقان وشهود العيان ‪ ،‬وكرامة العمل على االقتداء والمتابعة‬
‫ومجانبة الدعاوى والمخادعة ‪ .‬فمن اعطيهما ثم جعل يشتاق إلى غيرهما فهو عبد فقر‬
‫كذاب مغتر ‪ “ . . .‬والحاصل ان ظهور الكرامة وان دل على االستقامة فال يدل على‬
‫َّللا ‪ ،‬شرحه الشيخ احمد زروق ص ‪. ]296 – 295‬‬ ‫كمالها ‪ [ “ . . .‬حكم ابن عطاء ّ‬
‫يظهر من هذا النص مكانة “ الكرامة “ في الفكر الصوفي ‪ ،‬وكيف انها حتى ليست‬
‫دليال على كمال االستقامة ‪ ،‬فكيف بالتالي ‪ :‬الوالية ‪.‬‬

‫) ‪( 4‬قال أبو حفص النيسابوري ( وقد سئل ‪ :‬من الولي ؟ ) ‪ “ :‬من أيّد بالكرامات ‪،‬‬
‫وغيّب عنها “ ( طبقات الصوفية ‪ ،‬السلمي ‪. ) 121‬‬
‫‪-‬قال أحمد بن أبي الورد ‪:‬‬
‫“ وصل القوم بخمس ‪ :‬بلزوم الباب ‪ ،‬وترك الخالف ‪ ،‬والنفاذ في الخدمة ‪ ،‬والصبر‬
‫على المصائب ‪ ،‬وصيانة الكرامات “ ( طبقات الصوفية ‪ ،‬السلمي ‪. )250‬‬

‫‪-‬قال أبو عمرو الدمشقي ( ت ‪ 320‬هـ ) ‪.‬‬


‫َّللا على األنبياء اظهار اآليات والمعجزات ‪ ،‬كذلك فرض على األولياء‬
‫“ كما فرض ّ‬
‫كتمان الكرامات ‪ ،‬حتى ال يفتتن الخلق بها “ ( طبقات الصوفية السلمي ‪. ) 277‬‬
‫‪-‬يقول محمد بن عليان النسوي ‪:‬‬
‫“ من اظهر كراماته فهو مدّع ومن ظهرت عليه الكرامات فهو ولي “ ( طبقات‬
‫الصوفية ‪ ،‬السلمي ص ‪. ) 418‬‬
‫‪-‬يقول الجنيد ‪ “ :‬الحجب ثالثة ‪ :‬حجاب النفس ‪ ،‬وحجاب الخلق ‪ ،‬وحجاب الدنيا ‪،‬‬
‫وهذه الثالثة هي‬

‫‪969‬‬
‫“ ‪“ 970‬‬
‫الحجب العامة ‪ .‬وهناك ثالثة حجب تسمى بالحجب الخاصة وهي ‪ :‬مشهد الطاعة ‪،‬‬
‫ومشهد الثواب ‪ ،‬ومشهد الكرامة ‪ .‬وقال أيضا ‪ :‬زلة العارف ميله عن الكريم إلى‬
‫الكرامة “ ( تذكرة األولياء ج ‪ 2‬ص ص ‪. ) 35 - 34‬‬

‫َّللا “ من زهد في الدنيا أربعين يوما‬


‫) ‪( 5‬ينقل الطوسي في اللمع قوال لسهل بن عبد ّ‬
‫َّللا عز وجل ‪ ،‬ومن لم يظهر له ذلك‬ ‫صادقا مخلصا في ذلك ‪ ،‬تظهر له الكرامات من ّ‬
‫فلما عدم في زهده من الصدق واالخالص ‪“ .‬‬
‫يظهر من النص ان الكرامة تكون ثمرة العبادة وليست بالضرورة مرتبطة بمفهوم‬
‫“ الوالية “ ‪ ،‬ألن الولي ال يكون وليا بعبادته أربعين يوما أو زهد أربعين يوما بل هو‬
‫تعيين الهي ‪.‬‬

‫) ‪( 6‬يراجع بشأن “ كرامة “ في الفكر الصوفي ‪.‬‬


‫‪ - 1‬كتب التاريخ الصوفي المشبعة بقصص الكرامات مما يقف معه القارئ مدهوشا‬
‫امام هذا السيل من الغرائب ‪ ،‬في حيرة كيف يصدق !‬
‫يضاف إلى ذلك غياب الحس النقدي لدى الناقل ‪.‬‬
‫من اشهر هذه الكتب ‪:‬‬
‫‪-‬حلية األولياء ‪ :‬أبو نعيم األصبهاني‬
‫‪-‬صفة الصفوة ‪ :‬ابن الجوزي‬
‫‪-‬الرسالة القشيرية ‪ :‬القشيري‬
‫‪-‬طبقات الصوفية ‪ :‬السلمي‬
‫‪-‬نفحات االنس ‪ :‬الجامي‬
‫‪-‬تاريخ بغداد ‪ :‬الخطيب البغدادي‬
‫هذا وال تخلو الفتوحات من رواية بعض الكرامات التي استطاع الشيخ األكبر ان‬
‫يبررها ويفسرها ‪.‬‬
‫‪ - 2‬الصلة بين التصوف والتشيع ‪ .‬الشيبي ص ص ‪ ( 397 - 391‬حيث يقارن بين‬
‫كرامات األئمة والصوفية فيبين اتصال التصوف بالتشيع ) ‪.‬‬
‫‪ - 3‬الحضارة االسالمية ‪ :‬آدم متز ج ‪ 2‬ص ‪ ( 32‬حيث تعرض للوالية الصوفية ) ‪.‬‬
‫‪ - 4‬تاريخ التصوف في االسالم ‪ .‬قاسم غني ص ص ‪ ( 376 - 335‬الكرامات‬
‫وخوارق العادات ) ‪.‬‬
‫حيث يرى أن الكرامة وخرق العادة واحد ‪ .‬كما يعتبر القدرة على اتيان الكرامة وخرق‬
‫العادات آية الوالية ‪ .‬كما يؤكد ان الكرامة تظهر عن الولي في حال الفناء ‪.‬‬
‫) ‪( 7‬فلتراجع بشأن “ كرامة “ عند ابن العربي ‪- :‬الفتوحات السفر األول ‪:‬‬
‫أفالك الكرامات فق ‪ - 26‬األحوال والكرامات فق ‪ - 553‬الخلق والكرامات فق ‪556‬‬
‫‪ -‬األحوال والكرامات فق ‪ ، 564‬األحوال والكرامات فق ‪ . 579‬األحوال والكرامات‬
‫فق ‪. 684 - 607 - 604 - 602 - 600 - 595 - 585‬‬

‫‪970‬‬
‫“ ‪“ 971‬‬

‫‪-‬الفتوحات السفر الثاني ‪ ،‬خرق العادة فق ‪ ، 327‬التصريف المطلق فق ‪. 113‬‬


‫‪-‬الفتوحات السفر الثالث ‪ ،‬االدراك الخارق العادة فق ‪، - 283 - 1282 - 281‬‬
‫المعجزات والكرامات والسحر فق ‪ - 283‬التصريف فق ‪ - 1 - 225‬كرامة فق ‪333‬‬
‫‪ 375 -‬أ ‪ 380 - 380 ،‬أ ‪ -‬خرق العوائد فق ‪ - 105‬أ ‪ 151 -‬ب ‪- 374 334 ،‬‬
‫‪- 383 - 383 -‬أ ‪ - 385 ،‬المعجزات والكرامات والسحر ‪ ،‬الهمة فق ‪. 383‬‬
‫‪-‬الفتوحات السفر الرابع ‪ ،‬الكرامة للولي ‪ ،‬المعجزة للنبي فق ‪ ، 131‬خرق العوائد فق‬
‫‪. 308 - 307‬‬
‫‪-‬الفتوحات السفر الخامس ‪ ،‬كرامة ونعمة فق ‪. 38‬‬
‫‪-‬الفتوحات السفر السادس ‪ -‬فق ‪، 125 - 124‬التصريف ‪. 365‬‬

‫****‬
‫‪ - 548‬كشف‪1‬‬
‫انظر “ مشاهدة “‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬لإلستزادة من موضوع الكشف وأنواعه عند ابن العربي فليراجع ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 1‬ص ‪ ( 41‬الكشف االعتصامي ) ص ‪ ( 55‬الكشف ‪ -‬مشهده )‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪ ( 498‬المكاشفة بالوجد ) ص ‪ ( 65‬الكشف )‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪ ( 456‬كشف علم ‪ ،‬كشف عين ‪ ،‬كشف حق ) ‪.‬‬
‫ص ‪ ( 473‬الكشف ‪ :‬جوالن بالحس في الملكوت )‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪ ( 19‬الكشف والشهود ) ص ‪ ( 49‬لذة الكشف ) ص ‪56‬‬
‫( الكشف العرفاني )‬
‫‪-‬مواقع النجوم ص ‪ ( 70‬الكشف الملكي ‪ -‬الكشف الوهبي ‪ ،‬الكشف القلمي ‪ ،‬الكشف‬
‫النوني ‪ ،‬الكشف الحقيقي ‪ ،‬الكشف اإلرادي ‪ ،‬الكشف العلمي ‪ ،‬الكشف الذاتي )‬
‫‪-‬رسالة ال يعول ص ‪ ( 2‬الكشف الصوري )‬
‫‪-‬شجون المشجون ورقة ‪ 31‬أ ( الكشف واالستار )‬
‫‪-‬انشاء الدوائر ص ‪ ( 35‬الكشف العقلي ‪ ،‬الكشف النفساني ‪ ،‬الكشف الروحاني ‪،‬‬
‫الكشف الرباني )‬
‫‪-‬المسائل ص ‪ ( 28‬الكشف والحجاب )‬

‫‪971‬‬
‫“ ‪“ 972‬‬

‫‪-‬الفصوص ج ‪ 1‬ص ‪ ( 66‬فأي “ صاحب كشف “ شاهد صورة ‪ . . .‬فتلك الصورة‬


‫عينه ) ج ‪2‬ص ‪ ( 170‬الكشف والعلم ) ص ‪ ( 309‬أهل الكشف وأهل العقل ) ص‬
‫‪ ( 310‬أهل الكشف والوجود )‬
‫كما يراجع ‪:‬‬
‫‪-‬مطلع فصوص الكلم ورقة ‪ ( 22‬المكاشفات المعنوية )‬
‫‪-‬األجوبة الاليقة ورقة ‪ 4‬ب‬
‫( الكشف لالسرار ‪ ،‬الكشف من مواريث الصدق بقدر القسمة األزلية ) ‪.‬‬
‫****‬
‫‪ - 549‬كفر‬
‫افرغ ابن العربي لفظ “ كفر “ من كل مضمون ديني ايماني ‪،‬‬
‫وحصره بالمعنى اللغوي الحرفي ‪:‬‬
‫كفر ‪ -‬ستر‬
‫كافر ‪ -‬ساتر‬
‫اذن كل من ستر شيئا فهو كافر ‪ -‬فمن ستر نعمة ربه فقد كفر بها ‪. . .‬‬
‫والمالمتية كبار األولياء في سترهم مقامهم عن الخلق هم كافرون وهكذا ‪. . .‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫‪ - 1‬الكفر ‪ -‬االيمان [ امر عام ] ‪.‬‬
‫َّللا قد سمى‬
‫“ ‪ . . .‬واما االيمان ‪ 1‬فهو امر عام ‪ ،‬وكذلك الكفر الذي هو ضده ‪ .‬فان ّ‬
‫“ مؤمنا “ من آمن بالحق ‪ ،‬وسمى “ مؤمنا “ من آمن بالباطل ‪ ،‬وسمى “ كافرا “ من‬
‫باّلل ‪ .‬وسمى “ كافرا “ من يكفر بالطاغوت “ ‪ ( . . .‬ف ‪. ) 388 / 3 -‬‬ ‫يكفر ّ‬

‫‪ - 2‬كفر ‪ -‬ستر‬
‫َّللا على عبد‬
‫“ ‪ . . .‬بأنه [ تعالى ] ال يحب الكافرين ‪ ،‬والكافر ‪ :‬الساتر ‪ . . .‬وإذا أنعم ّ‬
‫َّللا ‪ ،‬فقد كفر بها ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 4 -‬‬
‫نعمة ‪ ،‬أحب ان ترى عليه نعمه ‪ .‬ومن ستر نعمة ّ‬
‫‪. ) 104‬‬
‫“ ‪ . . .‬ولهذا طمع إبليس في الرحمة اإللهية ‪ ،‬التي وسعت كل شيء ‪ .‬وطمعه فيها‬

‫‪972‬‬
‫“ ‪“ 973‬‬

‫من عين المنة ‪ ،‬الطالقها ‪ .‬ألنه علم في نفسه ‪ ،‬انه موحد ‪ ،‬وانما سماه كافرا ‪ ،‬في‬
‫قوله تعالى ‪َ ”:‬وكانَ ِّمنَ ْالكا ِّف ِّرينَ “ *ألنه يستر عن العباد ‪ ،‬طرق سعادتهم التي جاء‬
‫بها الشرع ‪ ،‬في حق كل انسان ‪ ،‬بما يقدر عليه من ذلك ‪ .‬فقال فيه ‪ “ :‬أبى واستكبر‬
‫وكان من الكافرين “ ولم يقل من المشركين ‪ ( “ . .‬ف‪. ) 382 / 3‬‬

‫“ ‪ . . .‬ومنهم الكافرون ‪ ،‬وهم الساترون مقامهم ‪ ،‬مثل المالمتية ‪ ،‬والكفار ‪:‬‬


‫َّللا على قلبه ‪،‬‬
‫الزراعون ‪ ،‬ألنهم يسترون البذر في األرض ‪ . . .‬فالكافر من ختم ّ‬
‫وسمعه ‪ ،‬وجعل على بصره غشاوة ‪ ،‬والكافر من األولياء ‪ ،‬من كان ختم الحق على‬
‫قلبه ‪ ،‬ألنه اتخذه بيته ‪ . . .‬وختم على سمعه ‪ ،‬فال يصغي إلى كالم أحد ‪ ،‬اال كالم‬
‫ربه ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 136 / 2 -‬‬
‫****‬
‫يأخذ لفظ “ كفر “ في مرحلة ثانية صبغة دينية ‪ ،‬ولكن من وجهة تتفق ومذهب ابن‬
‫العربي ‪ ،‬في الوجود الواحد الحق وصوره الكثيرة ‪ .‬فكل “ صورة “ تستر “ الحق “ ‪،‬‬
‫وهي حجاب على الحق ‪ .‬كل من ستر الحق بصورة الخلق ‪ ،‬فقد كفر ‪.‬‬

‫يقول ‪:‬كفر ‪ -‬ستر الربوبية‬


‫“ خاف الرسول صلّى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم على أمته السحر ‪ ،‬الذي هو الكفر ‪ ،‬أعني اعتقاد‬
‫ربوبية األسباب استقالال ‪ ،‬لظهور التأثير والتأثر “ ‪ ( . . .‬بلغة الغواص ص ‪. ) 83‬‬

‫َّللا ُه َو ْال َم ِّسي ُح اب ُْن َم ْريَ َم “وكفرها هنا ‪ ،‬من باب‬ ‫“ قوله تعالى ‪ ”:‬لَقَ ْد َكفَ َر الَّذِّينَ قالُوا إِّ َّن َّ َ‬
‫وَّللا اعلم “ ( وسائل السائل‬ ‫اإلشارة خاصة ‪ ،‬بمعنى ‪ ،‬ستر ‪ ،‬اي ستر الحق المسيح ‪ّ ،‬‬
‫‪. ) 48‬‬
‫َّللا ‪ ،‬الذي أحيا الموتى ‪ ،‬بصورة‬ ‫“ لذلك نسبوا إلى الكفر ‪ 2‬وهو الستر ‪ .‬ألنهم ستروا ّ‬
‫َّللا ُه َو ْال َم ِّسي ُح اب ُْن َم ْريَ َم ‪. . . [ 5 /‬‬
‫بشرية عيسى ‪ .‬فقال تعالى” لَقَ ْد َكفَ َر الَّذِّينَ قالُوا ِّإ َّن َّ َ‬
‫“ ] ‪ (17‬الفصوص ‪. ) 141 / 1‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬راجع “ ايمان ‪“ .‬‬
‫) ‪( 2‬يراجع بشأن “ كفر “ عند ابن العربي ‪:‬‬

‫‪973‬‬
‫“ ‪“ 974‬‬

‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪ ( 406‬كفر ‪ -‬ستر )‬


‫‪-‬أسفار الفتوحات مادة كفر‬
‫‪-‬عقلة المستوفز ص ‪ ( 65‬كافرا ‪ -‬ساترا )‬
‫كما يراجع‬
‫‪-‬فصوص الحكم ج ‪ 2‬ص ‪ ( 43‬ستر الذات اإللهية ) ص ص ‪ ( 203 ، 202‬كفر ‪-‬‬
‫ستر الحق )‬
‫****‬
‫‪ - 550‬ك ّل شيء‬
‫انظر “ مجموع العالم “ المعنى “ األول "‪.‬‬
‫****‬
‫‪ - 551‬ك ّل العالم‬
‫كل العالم ‪ -‬نور محمد ( صلّى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم )‬
‫انظر “ الدرة البيضاء “ النص األول‬
‫****‬
‫‪ - 552‬الكالم اإللهي‬
‫انظر “ خطاب الهي “ المعنى األول ‪ :‬الفقرة “ ‪. “ 1‬‬
‫****‬
‫‪ – 553‬الكلمة‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الكاف والالم والميم أصالن ‪ :‬أحدهما يدل على نطق مفهم ‪ ،‬واالخر على جراح ‪.‬‬
‫فاألول ‪ :‬الكالم ‪.‬‬
‫نقول ‪ :‬كلمته أكلمه تكليما ‪ ،‬وهو كليمي إذا كلمك أو كلمته ‪ ،‬ثم يتسعون فيسمون اللفظة‬
‫الواحدة المفهمة ‪ :‬كلمة ‪ ،‬والقصة ‪ :‬كلمة‪.‬‬

‫‪974‬‬
‫“ ‪“ 975‬‬

‫والقصيدة بطولها ‪ :‬كلمة ‪ ،‬ويجمعون الكلمة ‪ :‬كلمات وكلما ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس‬


‫اللغة مادة “ كلم “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫( أ ) الكالم ‪ :‬النطق المفهم‪.‬‬
‫َّللاُ أ َ ْو تَأْتِّينا آيَةٌ“ ( ‪. ) 2 / 118‬‬ ‫قال تعالى ‪َ ” :‬وقا َل الَّذِّينَ ال يَ ْعلَ ُمونَ لَ ْو ال يُ َك ِّلّ ُمنَا َّ‬
‫( ب ) الكلمة ‪ :‬االخبار واالحكام ‪.‬‬
‫ع ْد ًال “‪. ) 6 / 115 ( 1‬‬ ‫ص ْدقا ً َو َ‬ ‫ت َك ِّل َمةُ َر ِّبّ َك ِّ‬ ‫قال تعالى ‪َ ” :‬وت َ َّم ْ‬
‫للا ‪ :‬القرآن ‪.‬‬ ‫( ج ) كالم ّ‬
‫َّللا ث ُ َّم يُ َح ِّ ّرفُونَهُ “( ‪. ) 75 / 2‬‬ ‫يق ِّم ْن ُه ْم يَ ْس َمعُونَ َك َ‬
‫الم َّ ِّ‬ ‫قال تعالى ‪َ ” :‬وقَ ْد كانَ فَ ِّر ٌ‬
‫ب َر ِّبّ َك ال ُمبَ ِّ ّد َل ِّل َك ِّلماتِّ ِّه “( ‪/ 27 ) . 18‬‬ ‫ي ِّإلَي َْك ِّم ْن ِّكتا ِّ‬‫وح َ‬‫قال تعالى ‪َ ” :‬واتْ ُل ما أ ُ ِّ‬
‫( د ) الكلمة ‪ :‬عيسى‪.‬‬
‫َّللا َو َك ِّل َمتُهُ ‪. “( 4 / 171 ) .‬‬ ‫سو ُل َّ ِّ‬ ‫سى اب ُْن َم ْريَ َم َر ُ‬ ‫قال تعالى ‪ِّ ” :‬إنَّ َما ْال َم ِّسي ُح ِّعي َ‬

‫( هـ ) وقد ورد لفظ “ الكلمة “ باجمال يستشف منه إبهام ‪ ،‬استفاد منه المفكرون ‪،‬‬
‫ليطوعوه إلى نظرياتهم ‪ .‬فكانت عند ابن العربي مثال تشير إلى الموجود [ الكلمات ‪:‬‬
‫الموجودات ] ‪.‬‬
‫ت َر ِّبّي لَنَ ِّف َد ْالبَ ْح ُر قَ ْب َل أ َ ْن ت َ ْنفَ َد َك ِّلماتُ َر ِّبّي‬
‫قال تعالى ‪ ” :‬قُ ْل لَ ْو كانَ ْالبَ ْح ُر ِّمدادا ً ِّل َك ِّلما ِّ‬
‫َولَ ْو ِّجئْنا ِّب ِّمثْ ِّل ِّه َم َددا ً “( ‪. ) 109 / 18‬‬

‫عند ابن العربي ‪: 2‬‬


‫يختلف معنى “ الكلمة “ عند ابن العربي بالنظر إلى أوجه ورودها مثال ‪:‬‬
‫معرفة ‪ ،‬جمع ‪.‬‬
‫مفردة نكرة ‪ ،‬مفردة ّ‬
‫ونتعرض فيما يلي لكل من هذه الحاالت الثالث ‪:‬‬
‫***‬

‫‪975‬‬
‫“ ‪“ 976‬‬

‫*مفردة نكرة ‪:‬‬


‫) ‪( 1‬يستعمل شيخنا األكبر لفظ “ كلمة “ مفردة نكرة ‪ ،‬يجمعها كلمات ويقصد بها ‪:‬‬
‫َّللا ‪ ،‬ألنه المظهر الخارجي لكلمة‬
‫الموجود ‪ ،‬فكل موجود هو كلمة من كلمات ّ‬
‫التكوين ‪ “ :‬كن “ ‪ . . .‬يقول ‪:‬‬
‫َّللا سوى أعيان الموجودات ‪ ( “ . . .‬فصوص ‪. ) 211 / 1‬‬ ‫( أ ) “ وليست كلمات ّ‬
‫َّللا التي ال تنفد ‪ ( “ . . . 3‬ف ‪.) 65/ 4‬‬ ‫“ ان الممكنات هي كلمات ّ‬
‫وحي‪] 29 / 15 [ “ . . .‬‬ ‫س َّو ْيتُهُ َونَفَ ْختُ ِّفي ِّه ِّم ْن ُر ِّ‬
‫” قال تعالى ‪ :‬فَإِّذا َ‬
‫وهو ورود الحركات على هذه الحروف بعد تسويتها ‪ ،‬فتقوم نشأة أخرى تسمى كلمة ‪،‬‬
‫كما يسمي الشخص الواحد منا انسانا ‪ .‬فهكذا انتشأ عالم الكلمات وااللفاظ من عالم‬
‫الحروف ‪ ،‬فالحروف للكلمات مواد ‪ ،‬كالماء والتراب والنار والهواء إلقامة نشأة‬
‫أجسامنا ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 85 - 84 / 1‬‬

‫َّللا “ ‪.‬‬
‫َّللا التي ال تنفد ‪ ،‬فإنها عن “ كن “ وكن كلمة ّ‬
‫( ب ) “ فالموجودات كلها كلمات ّ‬
‫( فصوص ‪. ) 142 / 1‬‬
‫ونالحظ ان ابن العربي يظل بذلك منسجما مع تسميته لعالمنا ‪ :‬بعالم التدوين‬
‫والتسطير ‪.‬‬
‫فأول مخلوق ‪ :‬هو القلم ‪ ،‬وعنه بالرقم في اللوح ‪ ،‬انتشأت المخلوقات ‪ .‬وهل ينشأ عن‬
‫القلم ‪ 4‬اال الحروف والكلمات ؟ !‬

‫يقول ‪:‬‬
‫“ فالوجود كله حروف وكلمات وسور وآيات فهو القرآن ‪ 5‬الكبير “ ( ف ‪/ 4‬‬
‫‪. ) 167‬‬
‫) ‪( 2‬كما يستعمل أيضا لفظ “ كلمة “ مفردة نكرة ‪ ،‬ويقصد بها حقيقة نبي من األنبياء‬
‫‪ ،‬وهي تمثل صفة من صفات الحق ‪.‬‬
‫مثال ‪ :‬صفة األلوهية عبر عنها في الكلمة اآلدمية ‪ ،‬وصفة السبوحية في الكلمة النوحية‬
‫‪ ،‬وهكذا‪. . .‬‬
‫وليس كتابه “ فصوص الحكم “ اال صورة واضحة متكاملة تمثل جوانب نظريته في‬
‫الكلمة بهذا المعنى ‪ .‬فليراجع ‪.‬‬
‫***‬

‫‪976‬‬
‫“ ‪“ 977‬‬
‫*مفردة معرفة ‪:‬‬
‫لفظ “ الكلمة “ باأللف والالم يقصره ابن العربي على ‪ :‬الحقيقة المحمدية ‪.‬‬
‫( أ ) إذا أخذنا “ كلمة “ المفردة النكرة بالمعنى األول [ كلمة ‪ :‬موجود ] ‪.‬‬
‫تأخذ “ الكلمة “ باأللف والالم ‪ ،‬دورها االنطولوجي ‪ ،‬اي تصبح بمعنى ‪:‬‬
‫البرزخ بين الحق والمخلوقات وواسطة الخلق ‪.‬‬
‫وقد سبق لنا الكالم على هذا الموضوع عند كالمنا على االنسان الكامل [ فليراجع‬
‫الدور االنطولوجي لالنسان الكامل ] ‪.‬‬
‫ويصف ابن العربي الكلمة هنا بأنها الجامعة الفاصلة ‪ :‬فهي جامعة لكل ما تفرق في‬
‫العالم من الحقائق ‪ ،‬اي انها صورة ونسخة [ راجع “ صورة “ نسخة ] ‪.‬‬

‫وهي فاصلة ‪ 6‬بين الحق والمخلوقات ‪ ،‬أو بين الغيب والشهادة تمنع الثاني عن‬
‫االندراج في األول ‪ .‬يقول ‪:‬‬
‫َّللا من القوة بحيث انه ينظر في‬
‫“ هو [ االنسان الكامل ] الكلمة الجامعة ‪ ،‬وأعطاه ّ‬
‫النظرة الواحدة إلى الحضرتين ‪ ،‬فيتلقى من الحق ‪ ،‬ويلقي إلى الخلق ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 2‬‬
‫‪. ) 446‬‬
‫“ االنسان هو الكلمة الجامعة ‪ ،‬ونسخة العالم ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 136 / 1‬‬
‫“ فهو [ الخليفة ] االنسان الحادث األزلي ‪ ،‬والنشء الدائم األبدي ‪ ،‬والكلمة الفاصلة‬
‫الجامعة ‪ ( “ . . .‬فصوص ‪. ) 50 / 1‬‬

‫( ب ) إذا أخذنا “ كلمة “ المفردة النكرة بالمعنى الثاني [ كلمة ‪:‬حقيقة نبي ] ‪ ،‬تأخذ‬
‫“ الكلمة “ باأللف والالم دورها االبستمولوجي ‪ ،‬اي تصبح مصدر كل وحي ‪ ،‬ومعرفة‬
‫‪ ،‬وواسطة عرفانية ‪ ،‬ال يستمد األنبياء اال من مشكاتها ‪.‬‬
‫وقد سبق لنا الكالم على هذا الموضوع عند كالمنا على االنسان الكامل ( فليراجع‬
‫الدور االبستمولوجي لالنسان الكامل ) ‪.‬‬
‫ويطلق ابن العربي على الكلمة هنا اسم “ جوامع الكلم “ ‪ ،‬من حيث إنها تجمع في ذاتها‬
‫حقائق كل الكلمات ‪ ،‬اي حقائق األنبياء وهي بعينها ‪:‬‬
‫“ الحقيقة المحمدية ‪“ .‬‬
‫راجع “ جوامع الكلم “ “ الحقيقة المحمدية ‪“ .‬‬

‫( ج ) إذا أخذنا “ كلمة “ المفردة النكرة في اي معنى من المعنيين المتقدمين ‪،‬‬

‫‪977‬‬
‫“ ‪“ 978‬‬

‫تأخذ “ الكلمة “ باأللف والالم معنى ‪ “ :‬االنسان الكامل “ ‪ ،‬من حيث مفهوم ابن العربي‬
‫الخاص للكمال ‪ .‬إذ الكامل هو من تحققت فيه معاني الوجود وصفاته ‪ ،‬سواء أكانت‬
‫خيرا أم شرا ‪.‬‬
‫أو كما يقول ‪ :‬كمال الشيء متوقف على عدد الصفات اإللهية التي تتجلى فيه ‪ ،‬أو في‬
‫استطاعته ان تتجلى فيه ‪.‬‬
‫وهنا يطلق على الكلمة صفة تفيد الكمال الذي يقصده إذ يسميها “ الكلمة التامة ‪“ .‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬االنسان الكامل اشرف الموجودات ‪ ،‬وأتم الكلمات المحدثات ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 3‬‬
‫‪. ) 444‬‬
‫راجع “ كمال ‪“ .‬‬
‫****‬
‫الكلمة بصيغة الجمع ‪:‬‬
‫لفظ “ الكلمة “ يقبل الجمع إذا اخذ بالمعنى ( األول ) بشقيه األول والثاني ‪.‬‬
‫على حين انه ال يقبل الجمع اطالقا بالمعنى ( الثاني ) ‪.‬‬

‫ونالحظ ان ابن العربي يجمع “ كلمة “ على صيغتين ‪ :‬كلم وكلمات ‪.‬‬
‫واألرجح انه إذا استعمل “ كلمة “ بمعنى “ موجود “ يجمعها ‪ “ :‬كلمات “ ‪ ،‬وإذا‬
‫استعملها بمعنى ‪ ،‬حقيقة نبي أو ولي ‪ ،‬يجمعها ‪ “ :‬كلم “ ‪.‬‬
‫اذن إذا أراد جمعا مقصودا محددا يجمعه ‪ :‬كلم ‪ ،‬وإذا أراد اطالق الجمع يستعمل ‪:‬‬
‫“ كلمات ‪“ .‬‬

‫يقول ‪:‬‬
‫“ الكلمات هي الموجودات ‪ ،‬وكل جوهر فرد من البحار كله ‪ ،‬فال تكتب بالنقطة سوى‬
‫نفسها ‪ ( “ . . .‬التراجم ص ‪. ) 41‬‬
‫“ الحمد ّّلل منزل الحكم على قلوب الكلم ‪ ( “ . . . 7‬فصوص ‪. ) 47 / 1‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬راجع أنوار التنزيل ج ‪ 1‬ص ‪147‬‬
‫) ‪( 2‬تضمنت لفظة “ كلمة “ الكثير من الغموض ‪ ،‬ليس في الفلسفة االسالمية وحدها‬
‫‪ ،‬بل في‬

‫‪978‬‬
‫“ ‪“ 979‬‬
‫الفلسفات األخرى التي تقدمتها ‪ .‬وذلك لكثرة ما توارد عليها من المعاني المختلفة ‪ ،‬في‬
‫العصور الفلسفية المختلفة ‪ ،‬ونلخص فيما يلي أهم معانيها ‪ ،‬في الفكر الذي تقدم ابن‬
‫العربي ‪:‬‬
‫‪-‬الفلسفة اليونانية ‪:‬‬
‫اتخذت الكلمة في الفلسفة اليونانية القديمة ‪ ،‬معنى ‪ :‬القوة العاقلة المنبثة في جميع انحاء‬
‫العالم ‪ .‬ومن اشهر الذين يستعملونها في هذا المعنى هرقليط) ‪( Heraclites‬المتوفى‬
‫سنة ‪ 475‬ق ‪ .‬م ‪.‬‬
‫فإنه يعني بها ‪ :‬الروح اإللهي الظاهر اثره في كل ما في الوجود الخارجي من حياة‬
‫وصيرورة وكون واستحالة ‪،‬‬
‫اي انها ‪ :‬مبدأ الحياة واإلرادة اإللهية التي يخضع لها كل ما في الوجود ‪.‬‬

‫ومعناها في فلسفة انكساغوراس ‪( Anaxa - goras ):‬العقل) ‪( Nous‬اإللهي ؛ أو‬


‫القوة المدبرة للكون ‪ ،‬أو الواسطة بين الذات اإللهية والعالم ‪ .‬ومعناها في عرف‬
‫الرواقيين ؛ العقل الفعال المدبر للكون ‪ ،‬أو العقل الكلي الذي يمد العقول الجزئية بكل‬
‫ما فيها من نطق وعلم ‪ ،‬وال يختلف رأيهم في “ الكلمة “ كثيرا عن رأي سلفهم ‪ ،‬وانما‬
‫تمتاز نظريتهم بميزة خاصة ‪ ،‬هي انهم فرقوا بين “ العقل بالقوة “ ‪ ،‬اي العقل الكامن ‪،‬‬
‫والعقل بالفعل الذي قصدوا به العقل الظاهر المتجلي في المخلوقات ‪.‬‬
‫وهي تفرقة انتفع بها من بعد الرواقيين فالسفة اليهود ‪ ،‬والمسيحية ‪ ،‬ثم فالسفة‬
‫المسلمين ‪.‬‬

‫‪-‬الفلسفة اليهودية ‪:‬‬


‫َّللا “ التي من آثارها الخلق ‪،‬‬
‫ومعنى “ الكلمة “ في الفلسفة اليهودية القديمة ‪ “ :‬كلمة ّ‬
‫َّللا “ بأنها حافظة للكون ‪ ،‬مدبرة له ‪ ،‬وبأنها مصدر الوحي ‪،‬‬ ‫وهم يصفون “ كلمة ّ‬
‫والنبوة ‪ ،‬ومصدر الشرائع ‪ .‬ويقرب وجه الشبه جدا بين معنى هذه الكلمة في الفلسفة‬
‫اليهودية ‪ ،‬ومعناها في الفلسفة اليونانية ‪ ،‬فيما نجده من كتابات المتأخرين من فالسفة‬
‫اليهود ‪ ،‬الذين ال يكادون يفرقون بين الكلمة ‪ ( :‬بمعنى العلم والعقل )‬
‫وبين الكلمة ‪ ( :‬بمعنى اللفظ ) ‪ ،‬بل اننا نجد فيلو على الخصوص يحاول ما استطاع‬
‫التوفيق بين معنى “ الكلمة “ عند اليهود ‪ ،‬ومعناها عند الرواقيين ‪ .‬ويدخل إلى هذين‬
‫المعنيين عنصرا ثالثا ‪ ،‬يستمده من الفلسفة األفالطونية ‪ ،‬فيزيد االمر تعقيدا ‪ .‬إذ انه‬
‫يصفها بأوصاف متعددة ‪ ،‬يشير كل منها إلى ناحية خاصة ‪،‬‬
‫َّللا األول ‪ -‬واالبن األكبر ‪ -‬والصورة‬
‫َّللا والعالم ‪ -‬وابن ّ‬
‫فيسميها “ ‪ :‬البرزخ “ بين ّ‬
‫اإللهية ‪ -‬وأول المالئكة ‪ -‬والخليفة ‪ -‬وحقيقة الحقائق ‪ -‬والشفيع ‪ -‬واالمام األعظم‬
‫وهكذا ‪. . .‬‬

‫‪-‬الفلسفة المسيحية ‪:‬‬


‫َّللا ‪ ،‬وصورته ‪ ،‬أو الروح السارية في‬
‫معنى “ الكلمة “ في الفلسفة المسيحية ‪ :‬ابن ّ‬

‫‪979‬‬
‫“ ‪“ 980‬‬
‫الكون ‪ ،‬والواسطة في خلق العالم مشخصة في صورة المسيح ‪ ،‬باالبن وعن االبن‬
‫وفي االبن ظهر كل شيء ‪ .‬وهو الكون الجامع ‪ ،‬وهو مبدأ الحياة ‪ ،‬والظاهر بروحه‬
‫في كل اتباعه ‪ ،‬والممد لهم بكل علم ومعرفة ‪ .‬وإذا رجعنا إلى إنجيل يوحنا بوجه‬
‫خاص ‪ ،‬وجدنا “ الكلمة “ تكاد تتفق في جميع أوصافها ‪ ،‬مع ما وصفها به “ فيلو “ ‪،‬‬
‫إذا استثنينا بالطبع ان يوحنا يعني “ بالكلمة “ ‪ “ :‬المسيح “ ‪ .‬و “ فيلو “ يطلقها اطالقا ‪،‬‬
‫وال يحصر مدلولها في شخص بعينه ‪.‬‬

‫ويرجع “ كلمنت ”) ‪ “( Clement‬بالكلمة “ إلى المعنى الذي استعملها فيه فالسفة‬


‫اليونان ‪ ،‬ممزوجا بفلسفة “ فيلو “ ‪ ،‬فيستعملها في معنى ‪:‬القوة العاقلة المدبرة ‪ ،‬أو‬
‫القوة األزلية القديمة ‪ ،‬السابق وجودها وجود المسيح ‪ ،‬وعليه “ فاالبن “ في نظر‬
‫كلمنت ‪ ،‬هو هذه القوة العاقلة التي كانت في العالم قبل تجسيدها في الصورة الناسوتية‬
‫‪ ،‬وهي مصدر الحياة والوجود في الكون ‪ ،‬كما أنه مصدر العلم والوحي ‪ .‬وهو الذي‬
‫تكلم بلسان موسى وغيره من األنبياء ‪ ،‬وهو الذي نطق بلسان فالسفة اليونان ‪ ،‬وأوحى‬
‫إليهم حكمتهم وهلم جرا ‪. . .‬‬

‫ظهر اذن من هذا الشرح الموجز مقدار ما أصاب معنى “ الكلمة “ من التغير ‪ ،‬في‬
‫الفلسفات التي سبقت الفلسفة االسالمية ‪ ،‬وتبين كيف بعدت “ الكلمة “ عن معناها‬
‫اللغوي األصلي حتى أصبحت ال تكاد تمت اليه بصلة ‪.‬‬
‫( نقال عن أبي العال عفيفي مقال بعنوان ‪ :‬نظريات االسالميين في الكلمة ص ص ‪34‬‬
‫‪. ) 36 -‬‬

‫ت َر ِّبّي لَنَ ِّف َد ْالبَ ْح ُر قَ ْب َل أ َ ْن ت َ ْنفَ َد‬


‫) ‪( 3‬إشارة إلى اآلية” قُ ْل لَ ْو كانَ ْالبَ ْح ُر ِّمدادا ً ِّل َك ِّلما ِّ‬
‫َك ِّلماتُ َر ِّبّي ‪. . . “ ( 18 / 109 ) .‬‬
‫) ‪( 5‬راجع “ قرآن ‪“ .‬‬ ‫) ‪( 4‬راجع “ قلم “ “ لوح ‪“ .‬‬
‫) ‪( 6‬وهذه الصفة ترجعنا إلى ما سبق ان أشرنا اليه من تسمية فيلو اليهودي للكلمة‬
‫َّللا والعالم ‪.‬‬ ‫بالنسبة العتبار خاص ‪ :‬البرزخ بين ّ‬
‫) ‪( 7‬يراجع بشأن “ كلمة “ عند ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬فصوص الحكم المقدمة ص ‪. 38 ، 24‬‬
‫ج ‪ 2‬ص ‪. 337 ، 319 ، 221 ، 187 ، 181 ، 12‬‬
‫‪-‬إشارات القرآن ق ‪ 64‬ب ( الكلمة الفعالة في جميع العالم )‬
‫‪-‬بلغة الغواص ق ‪ ( 96‬األرواح ‪ -‬الكلم ) ق ‪ ( 125‬الكلمات أرواح )‬
‫‪-‬عقلة ص ‪43‬‬ ‫‪-‬روح القدس ص ‪155‬‬
‫‪-‬عنقاء مغرب ص ‪ ( 47‬الكلمة اإللهية ) ‪.‬‬
‫‪-‬ف ج ‪ 1‬ص ‪ ( 113‬الكلمة رب عالم الملكوت )‬
‫‪-‬ف ج ‪ 2‬ص ‪ ( 259‬أحدية الكلمة ) ‪ ( 331 ،‬نحن الكلمات التي ال تنفد ) ‪390 ،‬‬

‫‪980‬‬
‫“ ‪“ 981‬‬

‫َّللا ‪:‬‬
‫َّللا ) ‪ ( 400 ،‬النفس ‪ ،‬الكالم ‪ ،‬القول ) ‪ ( 552 ،‬كلمات ّ‬ ‫( الموجودات كلمات ّ‬
‫أعيان موجوداته )‬
‫َّللا ) ‪،‬‬
‫َّللا ) ‪ ( 413 ،‬العالم ‪ :‬كلمات ّ‬
‫‪-‬ف ج ‪ 3‬ص ‪ ( 284‬الموجودات ‪ :‬كلمات ّ‬
‫‪ ( 432‬الكلمة واحدة في العرش تنقسم في الكرسي ) ‪ ،‬ص ص ‪- 454 453‬‬
‫( الكالم ‪ :‬عبارة ولفظ ) ‪ ( 481 ،‬الكلمتين ) ‪ ( 488 ،‬لكل شيء من المخلوقات كالم‬
‫يخصه ) ‪ ( 532 ،‬كلمة عناية ‪ ،‬كلمة تحقيق )‬
‫كما يراجع المقال المتكامل ‪ ،‬الذي كتبه الدكتور عفيفي عن نظريات االسالميين في‬
‫الكلمة ‪ ،‬وقدم له بنظرة اجمالية تاريخية ‪ ،‬لفكرة الكلمة في الفلسفة اليونانية ‪ ،‬واليهودية‬
‫‪ ،‬والمسيحية ‪ ،‬انتقل منها إلى بوادرها وتطورها عند المسلمين ‪ ،‬ليتوجها بنظرة‬
‫متكاملة للشيخ األكبر ‪.‬‬
‫فليراجع ‪:‬‬
‫مجلة كلية اآلداب ‪ .‬المجلد الثاني الجزء األول ‪1934‬‬
‫“ نظريات االسالميين في الكلمة “ ص ص ‪73 – 33‬‬

‫****‬
‫‪ - 554‬كلمة الحضرة‬
‫انظر “ كن "‪.‬‬
‫****‬
‫‪ – 555‬الكمال‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الكاف والميم والالم أصل صحيح يدل على ‪ :‬تمام الشيء ‪ .‬يقال ‪ :‬كمل الشيء وكمل‬
‫فهو كامل ‪ ،‬اي تام ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة مادة “ كمل “ )‪.‬‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫ورد األصل “ كمل “ في القرآن بمعنى ‪ :‬ت ّم ‪ ،‬وكامل بمعنى ‪ :‬تام ‪.‬‬
‫” قال تعالى ‪ْ :‬اليَ ْو َم أ َ ْك َم ْلتُ لَ ُك ْم دِّينَ ُك ْم َوأَتْ َم ْمتُ َ‬
‫علَ ْي ُك ْم نِّ ْع َمتِّي “( ‪. ) 3 / 5‬‬
‫كاملَةٌ ) ‪“( 2 / 196‬‬ ‫عش ََرة ٌ ِّ‬ ‫قال تعالى ‪ ” :‬تِّ ْل َك َ‬
‫والجدير بالذكر ان التنزيل العزيز لم يضف الكمال إلى االنسان ‪ ،‬بالسياق‬

‫‪981‬‬
‫“ ‪“ 982‬‬

‫اللفظي ‪.‬وان كان ضمنه اآليات الكثيرة ‪ ،‬فيما يتعلق بالرسل ‪ ،‬وخاصة النبي “ محمد‬
‫ع ِّظ ٍيم “( ‪) 4 / 68‬‬
‫ق َ‬ ‫“صلّى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ‪َ ”.‬و ِّإنَّ َك لَعَلى ُخلُ ٍ‬

‫عند ابن العربي ‪:‬‬


‫كانت رؤية ابن العربي للكمال رؤية ‪ :‬انطولوجية وعرفانية ‪ ،‬ال رؤية خلقية ‪.‬‬
‫فالكمال ‪ :‬هو التحقيق الوجودي ‪ ،‬ال الكمال الخلقي ‪.‬‬
‫أي االمر المحمود عرفا وعقال وشرعا ‪ ،‬وعلى ذلك يكون الكامل هو من كان في‬
‫ذاته ‪ :‬صورة جامعة ‪ 1‬لكل الحقائق ‪.‬‬
‫وهذا الكمال االنطولوجي يستتبع كماال عرفانيا ‪ ،‬من حيث إن التجلي له وجهان ‪:‬‬
‫وجودي وعرفاني ‪. 2‬‬
‫وان الكمال العرفاني هو في الواقع ‪ :‬وعي الكمال االنطولوجي ‪.‬‬
‫وقد أشبعنا القول في الكمال عند ابن العربي عند كالمنا على اإلنسان الكامل ‪ ،‬وال داع‬
‫للتكرار ‪ ،‬فليراجع ‪.‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫( أ ) “ ان كمال الوجود ‪ ،‬وجود النقص فيه ‪ .‬إذ لو لم يكن ‪ ،‬لكان كمال الوجود ناقصا‬
‫‪ ،‬بعدم النقص فيه ‪ .‬والكمال المطلق ّّلل سبحانه تعالى ( “ رسالة القواعد الكلية ‪16 -‬‬
‫أ‪).‬‬
‫“ ‪ . . .‬ان النقص من كمال الوجود ‪ ،‬ال من كمال الصورة ‪. . .‬لو لم يكن في الوجود‬
‫نقص * لزال عن رتبة الكمالوان كان كذلك ‪ ،‬فاجهد ان ال تصدر منك صورة ‪ ،‬اال‬
‫مخلقة في غاية الكمال ‪ ،‬في قول وعمل ‪ ،‬وال يغرنك كون النقص من كمال الوجود ‪،‬‬
‫الن ذلك من كمال الوجود ‪ ،‬ما هو من كمال ما وجد عنك ( “ ‪. . .‬ف ‪) . 188 / 4‬‬
‫( ب ) “ فالعلي لنفسه هو الذي يكون له الكمال ‪ ،‬الذي يستغرق به جميع األمور‬
‫الوجودية والنسب العدمية ‪ ،‬بحيث ال يمكن ان يفوته نعت منها ‪ ،‬وسواء كانت محمودة‬
‫عرفا وعقال وشرعا ‪ ،‬أو مذمومة عرفا وعقال وشرعا ‪ .‬وليس‬

‫‪982‬‬
‫“ ‪“ 983‬‬

‫َّللا تعالى خاصة “ ‪ ( .‬فصوص ‪. ) 79 / 1‬‬ ‫ذلك [ العلو والكمال ] اال لمسمى ّ‬
‫انظر “ الكمال االنطولوجي ‪ “ 3‬و “ الكمال العرفاني “ عند كالمنا في “ االنسان‬
‫الكامل ‪“ .‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬انظر “ صورة “‬
‫) ‪( 2‬راجع “ تجلي وجودي “ “ تجلي عرفاني “‬
‫) ‪( 3‬كما يراجع بشأن “ كمال “ عند ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬وسائل السائل ص ‪ ( 51‬كمال النشأة وجمعيتها )‬
‫‪-‬بلغة الغواص ص ‪ ( 5‬الكامل من اجتمع فيه ما تفرق في الكمل قبله )‪ ،‬ص ‪15‬‬
‫( كمال النفوس ) ‪ ( 28 ،‬الكمال المحمدي ) ‪ ( 51 ،‬كمال الظهور ‪ :‬آدم ) ‪125 ،‬‬
‫( كمال االنسان ‪ :‬الخالفة )‬
‫‪-‬ف ج ‪ 2‬ص ‪ ( 129‬الكمال ) ‪ ( 137 ،‬الكامل ) ‪ ( 244 ،‬كمال العالم ) ‪272 ،‬‬
‫( كمال االنسان ‪ :‬الخالفة ) ‪ ( 525 ،‬الكمال ) ‪ ( 588 ،‬الكمال العرضي ‪ -‬الكمال‬
‫الذاتي ) ‪ ( 589 ،‬الكمال الذاتي ‪ -‬الكمال اإللهي ) ‪.‬‬
‫‪-‬ف ج ‪ 3‬ص ‪ ( 177‬الكامل يصطبغ بكل صورة في العالم ) ‪ ( 187 ،‬كمال االنسان‬
‫بالصورة األهلية ) ‪ ( 405 ،‬الكمال والتمام ) ‪ ( 459 ،‬كمال العالم )‬
‫‪-‬مواقع النجوم ص ‪ ( 12‬كمال التوفيق )‬
‫‪-‬االسفار ص ‪ ( 26‬كمال المرتبة )‬
‫كما يراجع ‪:‬‬
‫‪-‬أجوبة عن االنسان الكامل ق ‪ 219‬أ ( الكمال ‪ 3‬مراتب ) ‪ ( 224 ،‬الكمال‬
‫المطلق )‬
‫‪-‬مشارق أنوار القلوب ابن الدباغ ص ‪39‬‬
‫****‬
‫ي‬
‫‪ - 556‬الكنز الخف ّ‬
‫المعراة عن النسب‬
‫ّ‬ ‫الكنز الخفي ‪ :‬هو البطون ‪ ،‬وهو ذات الحق األزلية القديمة ‪،‬‬
‫واإلضافات ‪.‬‬
‫المصطلح حديثي ورد في الحديث القدسي ‪:‬‬
‫“ كنت كنزا مخفيا فأحببت ان اعرف فخلقت الخلق فبه عرفوني ‪“ . 1‬‬

‫لماذا صفة الخفي ؟‬


‫وهل تظل منطبقة على هذا الكنز حتى بعد ظهور العالم ؟‬
‫الواقع ‪ :‬نعم ‪.‬‬
‫فالحق ال يعرف من حيث ذاته ‪ ،‬فهي دائما ‪ :‬الكنز‬

‫‪983‬‬
‫“ ‪“ 984‬‬

‫الخفي ‪ .‬ولكن يعرف من حيث صفاته وأسمائه المتجلية في الوجود ‪.‬‬


‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬معنى كون الحق ‪ :‬كنزا ‪ ، 2‬اي باطنا ‪ .‬هو اتحاد األسماء في الداللة على‬
‫مسمى واحد ‪ ،‬هو الذات عريّة عن االحكام والنسب واإلضافات “ ‪ ( . . .‬بلغة الغواص‬
‫ق ‪) 98‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬انظر فهرس األحاديث ‪ .‬حديث رقم ) ‪: ( 34‬‬
‫) ‪( 2‬كما يراجع ‪ :‬فصوص الحكم ج ‪ 2‬ص ‪91 ، 61‬‬
‫‪-‬مرآة العارفين ق ‪ - 1557‬الكنز المطلسم‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫َّللا على أول األوائل في التعيين ‪ . . .‬صاحب الحقيقة الذاتية ‪ ،‬والذات‬ ‫“ ‪ . . .‬وصلى ّ‬
‫الكلية ‪ ،‬والرتبة العلية ‪ ،‬والحضرة السنية ‪ ،‬والدنيا والدين ‪ ،‬اللؤلؤ المعظم المكنون ‪،‬‬
‫والكنز المطلسم المخزون “ ‪ ( . .‬شق الجيوب ‪. ) 17‬‬
‫فالكنز المطلسم عبارة أطلقها ابن العربي على الحضرة المحمدية‪. .‬‬
‫يقول عبد الغني النابلسي في شرحه الصالة الكبرى البن العربي ‪ ،‬مبينا المقصود من‬
‫الكنز المطلسم ‪:‬‬
‫“ الكنز ‪ :‬اي االمر المختفى في صور الكائنات الفانية العديمة ‪. . . .‬‬
‫المطلسم ‪ :‬من الطلّسم ‪ ،‬كلمة أعجمية ‪ ،‬يستعملها العرب بمعنى ‪ :‬الخفاء والكتم ‪،‬‬
‫وطلسم مقلوب حروفه ‪ ،‬مسلط ‪.‬‬
‫والمسلط ‪ :‬الرصد ‪ ،‬فإن هذا الكنز اإللهي واجب مخفي بأستار االمكان ‪ ،‬مرصود‬
‫بالمهالك الردية ‪ . . .‬فكأن هذه الكلمة األعجمية التي هي الطلسم ‪. . .‬‬
‫رصد على الكنز ‪ ،‬فال ينفك اال بمتابعة الشريعة والحقيقة ‪“ . . .‬‬
‫( الصالة الكبرى ‪. ) 11‬‬

‫‪984‬‬
‫“ ‪“ 985‬‬
‫‪ - 558‬الكون الجامع‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الكاف والواو والنون أصل يدل على االخبار عن حدوث شيء ‪ ،‬اما في زمان ماض‬
‫أو زمان راهن ‪ ،‬يقولون ‪ :‬كان الشيء يكون كونا ‪ ،‬إذا وقع وحضر‬
‫عس َْرةٍ “[ ‪] 280 / 2‬‬ ‫َّللا تعالى” َو ِّإ ْن كانَ ذُو ُ‬ ‫قال ّ‬
‫اي حضر وجاء ‪ .‬ويقولون ‪ :‬قد كان الشتاء ‪ ،‬اي جاء وحضر واما الماضي فقولنا ‪:‬‬
‫كان يزيد أميرا ‪ ،‬يريد ان ذلك كان في زمان سالف‬
‫وقال القوم ‪ :‬المكان اشتقاقه من كان يكون فلما كثر تو ّهمت الميم أصلية فقيل‬
‫تمكن ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة مادة “ كون “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫كثر ذكر األصل “ كون “ في القرآن ‪،‬‬
‫وهو على كثرته ينحصر في أمهات ثالث ‪:‬‬
‫( أ ) يفيد حدوثا في الماضي ‪.‬‬
‫قال تعالى ‪ ” :‬قالُوا أ َ ِّجئْتَنا ِّلنَ ْعبُ َد َّ َ‬
‫َّللا َو ْح َدهُ َونَذَ َر ما كانَ يَ ْعبُ ُد آباؤُنا ‪“. ( 7 / 70 ) .‬‬

‫( ب ) يفيد حصول واستمرار شيء أو صفة ‪ ،‬كما يفيد االخبار بشيء له صفة‬
‫االستمرار ‪.‬‬
‫ع ِّليًّا َك ِّبيرا ً ) ‪“( 4 / 34‬‬ ‫”) ‪( 1‬قال تعالى ‪ِّ :‬إ َّن َّ َ‬
‫َّللا كانَ َ‬
‫يال ) ‪“( 17 / 32‬‬ ‫شةً َوسا َء َ‬
‫س ِّب ً‬ ‫الزنى ِّإنَّهُ كانَ ِّ‬
‫فاح َ‬ ‫”) ‪( 2‬قال تعالى ‪َ :‬وال ت َ ْق َربُوا ِّ ّ‬

‫( ج ) كن فيكون ‪ :‬أحدث فيحدث‬


‫قال تعالى ‪َ ”:‬و ِّإذا قَضى أ َ ْمرا ً فَإِّنَّما يَقُو ُل لَهُ ُك ْن فَيَ ُك ُ‬
‫ون “( ‪) 117 / 2‬‬

‫عند ابن العربي ‪:‬‬


‫*قبل ان نبحث مضمون عبارة “ الكون الجامع “ ‪ ،‬نود ان نلفت النظر إلى أن الشيخ‬
‫األكبر يفرق بين ‪ “ :‬الكون “ و “ العين “ و “ الوجود‪“ .‬‬

‫‪985‬‬
‫“ ‪“ 986‬‬

‫) ‪( 1‬الكون والعين ‪:‬‬


‫الكون هو كل ما تكون في الوجود الظاهر ‪ ،‬على حين ان “ العين “ لفظ يشمل األعيان‬
‫الثابتة ‪ ، 1‬واألعيان المتعينة في الوجود الظاهر ‪ .‬فالكون يستشف منه ‪:‬‬
‫وجود متحيز ‪ ،‬في حين ان العين يستشف منها ‪ :‬ماهية ‪.‬‬
‫) ‪( 2‬الكون والوجود ‪:‬‬
‫ان الوجود واحد ‪ ،‬يتكثر في صور األكوان ‪.‬‬

‫) ‪( 3‬الكون هو الصفات الخلقية ‪ ،‬في مقابل مجموع الصفات الحقية ( الحضرة‬


‫اإللهية ) ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫( أ ) “ الكون ‪ . . .‬كل امر وجودي وهو خالف الباطل ‪ ، 2‬فان قلت ‪ :‬وما يريد أهل‬
‫َّللا بالباطل ‪ ،‬قلنا ‪ :‬العدم ‪ ( “ 3‬ف ‪. ) 129 / 2‬‬
‫ّ‬
‫“ فالمنازلة األصلية تحدث األكوان ‪ ،‬وتظهر صور الممكنات في األعيان [ أعيان‬
‫الوجود الخارجي ] “ ( ف ‪. ) 525 / 3‬‬

‫َّللا ‪ . . . 4‬فقام أصل التكوين على‬


‫“ فنسب التكوين للشيء نفسه ‪ ،‬عن امر ّ‬
‫التثليث ‪ . . .‬فأصل الكون ‪ 5‬التثليث ‪ ( “ 6‬فصوص ‪. ) 117 - 116 / 1‬‬

‫( ب ) “ إذا ظهر لك بعد فنائك ‪ ،‬أبقاك بظهوره ‪ ،‬لرؤيته ‪ ،‬وخلع عليك الخلع ‪ ،‬ألنك‬
‫في حضرة مشاهدته ‪ ،‬فكنت بال كون ‪ ،‬لوجود خلعته عليك ( “ التراجم ص ‪”. ) 7‬‬
‫فهو الكون كله * وهو الواحد الذي‬
‫قام كوني بكونه ‪ * 7‬ولذا قلت يغتذى ‪ (“ 8‬فصوص ‪. ) 111 / 1‬‬

‫( ج ) “ والباري تعالى ‪ . . .‬ليس بكون ‪ ، 9‬وال يتكون “ ( مشاهد االسرار ق ‪) 28‬‬


‫َّللا ] بين ما يستحقه الكون من الصفات ‪ ،‬وبين ما تستحقه الذات من الصفات‬ ‫فرق [ ّ‬‫“ ّ‬
‫“ ‪ ( .‬ف ‪. ) 191 / 4‬‬
‫ِّي لَهُ “[ ‪] 186 / 7‬‬
‫َّللاُ فَال هاد َ‬ ‫“ ان الهداية اثر الهي ‪ ،‬في قوله ‪َ ”:‬م ْن يُ ْ‬
‫ض ِّل ِّل َّ‬
‫واثر كوني ‪ ،‬في قوله ‪َ ”:‬و ِّل ُك ِّّل قَ ْو ٍم ها ٍد ‪( .‬ف ‪) 498 / 3‬‬

‫‪986‬‬
‫“ ‪“ 987‬‬

‫"فتقتضيك صفة القهر الخروج من الحضرة اإللهية إلى الكون ‪ ( “ . . .‬وسائل السائل‬
‫ص‪)6‬‬
‫****‬
‫الكون الجامع ‪:‬‬
‫الكون الجامع عبارة يطلقها ابن العربي على ‪:‬‬
‫االنسان الكامل ‪ ،‬من حيث إنه جمع في كونه ‪ ،‬جميع حقائق الحضرتين ‪ :‬الحقية‬
‫والخلقية ‪.‬‬
‫والكون الجامع يرادف في فلسفته ‪ :‬المختصر الشريف ‪ ، 10‬والكلمة الجامعة ‪، 11‬‬
‫وصورة الحضرتين ‪ ، 12‬ونسخة الحق والعالم ‪ ، 13‬وما إلى ذلك من العبارات ‪،‬‬
‫التي استخدمها للتعبير عن صفة ‪ :‬الجمعية ؛ التي تحقق بها االنسان الكامل ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ لما شاء الحق سبحانه ‪ . . .‬ان يرى عينه ‪ ،‬في كون جامع ‪ ، 14‬يحصر االمر‬
‫مسوى ‪ ،‬ال روح فيه ‪ ،‬فكان كمرآة غير‬ ‫كله ‪ . . .‬أوجد العالم كله ‪ ،‬وجود شبح ّ‬
‫مجلوة ‪ . . .‬فكان آدم عين جالء تلك المرآة ‪ ( . . . “ 15‬فصوص ‪. ) 49 - 48 / 1‬‬

‫“ فاالنسان أكمل مجالي الحق ‪ ،‬ألنه “ المختصر الشريف “ ‪ ،‬و “ الكون الجامع “ ‪،‬‬
‫لجميع حقائق الوجود ومراتبه ‪ ،‬وهو العالم األصغر ‪ ،‬الذي انعكست في مرآة وجوده ‪،‬‬
‫كل كماالت العالم األكبر ‪ ( “ . . .‬فصوص ‪) 36 / 1‬‬
‫“ ‪ . . .‬الكون الجامع وهو االنسان الكامل “ ( مرآة العارفين ‪) 8‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬راجع “ عين ثابتة “‬
‫) ‪( 2‬انظر “ باطل “‬
‫) ‪( 3‬راجع “ عدم “‬
‫ون ‪“( 16 /‬‬ ‫ش ْيءٍ ِّإذا أ َ َر ْدناهُ أ َ ْن نَقُو َل لَهُ ُك ْن فَيَ ُك ُ‬
‫) ‪( 4‬إشارة إلى اآلية ‪ِّ ”:‬إنَّما قَ ْولُنا ِّل َ‬
‫) ‪40‬‬
‫) ‪( 5‬نالحظ ان الكون هنا هو األعيان المتحققة في الوجود الخارجي والتي كان‬
‫وجودها مسبوقا بوجود األعيان الثابتة التي توجه إليها الحق بأمره “ كن “ ‪ :‬راجع‬
‫“ عين ثابتة “ “ معدوم ‪“ .‬‬
‫) ‪( 6‬راجع “ تثليث “‬
‫) ‪( 7‬انظر شرح المقطع في الفصوص ج ‪ 2‬ص ‪69‬‬
‫) ‪( 8‬راجع “ رزق “‬
‫) ‪( 9‬ان الحق ليس بكون ‪ ،‬ولكن يستعمل ابن العربي أحيانا لفظ الكون مضافا إلى‬
‫الحق وهو في‬

‫‪987‬‬
‫“ ‪“ 988‬‬

‫اضافته هذه يأخذ معنى الكينونة وليس التكوين ‪.‬‬


‫يقول ‪ ”:‬فكونه فينا وجود ثابت * وكوننا فيه وجود حاصل “( ف ‪) 42 / 4‬‬

‫) ‪( 10‬انظر “ مختصر “‬
‫) ‪( 11‬انظر “ الكلمة الجامعة “‬
‫) ‪( 12‬انظر “ صورة “‬
‫) ‪( 13‬انظر “ نسخة “‬
‫) ‪( 14‬يراجع بشأن “ كون “ و “ كون جامع “ عند ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬بلغة الغواص ق ‪ ( 101‬الكون ‪ -‬الحدث ) ‪ ،‬ق ‪ ( 12‬الكون ‪ -‬الخلق ) ‪.‬‬
‫‪-‬فصوص ج ‪ 1‬ص ‪ ( 48‬كون جامع )‬
‫ج ‪ 2‬ص ‪ ( 82‬الكون الجامع ‪ -‬االنسان الكامل ) ‪ ( 141 ،‬الكون الجامع ) ‪195 ،‬‬
‫( كون جامع ) ‪ ( 231 ،‬الكون الجامع األصغر ‪ ،‬الكون الجامع األكبر ) ‪296‬‬
‫( الكون الجامع ‪) .‬‬
‫‪-‬ف ج ‪ 2‬ص ‪ ( 55‬الكون )‬
‫‪-‬ف ج ‪ 3‬ص ‪ ( 374‬الكون ) ‪ ( 407 ،‬التكوين اإللهي التكوين الكياني ) ‪ ،‬ص‬
‫‪ ( 497‬الكوني ‪ -‬الخلقي ) ‪.‬‬
‫‪-‬ف ج ‪ 4‬ص ‪ ( 31‬كون الرب في كون العبيد ‪ -‬الكون ‪ :‬ما سوى الحق ) ‪74 ،‬‬
‫( الكون القولي ‪ :‬الكالم ) ‪ ،‬ص ‪ ( 190‬تأثير الكون في الوجود الحق )‬
‫‪-‬التراجم ص ‪ ( 11‬كل علم متصور فهو كون )‬
‫‪-‬إشارات القرآن ص ‪ 50‬أ ( الكون والعين بمعنى الوجود والثبوت ) ‪.‬‬
‫كما يراجع ‪:‬‬
‫“ ‪-‬أمهات األكوان “ في هذا المعجم ‪.‬‬
‫‪-‬شرح مشكالت الفتوحات المكية ق ‪11‬‬
‫‪-‬االصطالحات الصوفية ق ‪ 82‬ب‬
‫) ‪( 15‬انظر “ مرآة "‪.‬‬

‫‪ - 559‬الكون األكبر‬
‫المترادفات ‪:‬‬
‫‪ -‬الكون األول والكون الثاني‬
‫‪ -‬مختصر الحق ومختصر العالم‬
‫‪ -‬العالم الكبير والعالم الصغير‬
‫‪ -‬العالم األكبر والعالم األصغر ‪.‬‬

‫‪988‬‬
‫“ ‪“ 989‬‬

‫سبق لنا الكالم على المثلية ‪ ،‬التي الحظها الفالسفة بين ‪ :‬العالم واالنسان ‪ ،‬مما دفعهم‬
‫إلى اختالق مصطلحات ‪ ،‬تعبر عنها ‪.‬‬
‫فكانت عبارتي ‪:‬‬
‫العالم الكبير والعالم الصغير ‪ ، 1‬التي أضاف إليها ابن العربي ‪ ،‬بما يتمتع به من غنى‬
‫لغوي ‪ ،‬الكثير من المترادفات أمثال ‪ :‬الكون األكبر والكون األصغر ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬فوجود اسرار الكون األكبر ‪ 2‬في العالم األصغر إعادة ‪ ( “ . . .‬عنقاء مغرب‬
‫ص ‪) 39‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬لقد توسعنا بهذا الموضوع عند بحثنا “ المختصر “ فليراجع ‪.‬‬
‫) ‪( 2‬كما يراجع بشأن الكون األكبر والكون األصغر ‪ :‬كتاب التراجم ص ‪40‬‬
‫( الكون األكبر )‬

‫****‬
‫‪ - 560‬كن ‪1‬‬
‫مرادف ‪ :‬كلمة الحضرة ‪ ، 2‬كلمة التكوين‬
‫****‬
‫كن ‪ :‬هي لفظة امر وجودي ‪ ،‬ال يكون عنها اال الوجود ‪ -‬وهي واحدة تتعدد‬
‫باشخاصها ‪.‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫“ ) ‪( 1‬وكن حرف وجودي ‪ ،‬فال يكون عنه اال الوجود ‪ ،‬ما يكون عنه عدم ‪ ،‬الن‬
‫العدم ال يكون الن الكون وجود “ ( ف ‪ 2‬ص ص ‪. ) 281 - 280‬‬

‫“ ) ‪( 2‬ولذلك لم تزد كلمة الحضرة في كل كائن عنها ‪ ،‬على كلمة كن ‪ ،‬شيئا آخر ‪،‬‬
‫بل انسحب على كل كائن ‪ ،‬عين كن ‪ ،‬ال غير ‪ .‬فلو وقفنا مع كن ‪ ،‬لم نر اال عينا‬
‫واحدة ‪ ،‬انما وقفنا مع اثر هذه الكلمة ‪ ،‬وهي المكونات ‪ ،‬فكثرت ‪ ،‬وتعددت ‪ ،‬وتميزت‬
‫باشخاصها ‪. . . ،‬‬
‫وكن امر وجودي ال يعلم منه اال االيجاد ‪ ،‬والوجود ‪.‬‬
‫ولهذا ال يقال للموجود ‪ :‬كن عدما ‪ ،‬وال يقال له ‪ :‬كن معدوما ‪ ،‬الستحالة ذلك ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ‪) 284 / 3‬‬
‫****‬
‫لفظة “ كن “ إشارة إلى اليدين ‪ ، 3‬التي يرى ابن العربي انهما تعبران عن ‪:‬‬

‫‪989‬‬
‫“ ‪“ 990‬‬

‫صفتي الفاعلية والمفعولية ‪ ،‬أو حضرتي الوجوب واالمكان ‪. 4‬‬


‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫“ فان الحق سبحانه قد عبّر عنهما ‪ ،‬اعني هاتين الصفتين المتكررتين ‪ :‬بفاعلية‬
‫ومفعولية ‪ ،‬باليدين تارة ‪ ،‬والحرفين اللذين هما ‪ :‬كن تارة ‪ ( “ . . .‬بلغة الغواص ق‬
‫‪) 125‬‬
‫كما ننقل نصا للحاتمي من كتابه شجرة الكون ‪ ،‬نلمس فيه تقابل الخلق في مواجهة‬
‫“ كن “ ‪ ،‬وهو على طوله مهم في تعبيره على صفة التقابل هذه ‪،‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ فاني نظرت إلى الكون وتكوينه ‪ ،‬وإلى المكنون وتدوينه ‪ ،‬فرأيت الكون كله ‪:‬‬
‫شجرة ‪ ،‬وأصل نورها ‪ ،‬من حبة كن ‪. . .‬‬
‫فظهر عن جوهر الكاف معنيان مختلفان ‪:‬‬
‫كاف الكمالية” ْاليَ ْو َم أ َ ْك َم ْلتُ لَ ُك ْم دِّينَ ُك ْم ] ‪ “[ 5 / 3‬وكاف الكفرية” فَ ِّم ْن ُه ْم َم ْن آ َمنَ َو ِّم ْن ُه ْم‬
‫َم ْن َكفَ َر ] ‪، “[ 2 / 253‬‬
‫وظهر جوهر النون ‪ :‬نون النكرة ونون المعرفة فلما أبرزهم [ ابرز الحق المخلوقات ]‬
‫من العدم ‪ ، 5‬على حكم مراد القدم ‪ ،‬رش عليهم من نوره ‪.‬‬
‫فاما من اصابه ذلك النور ‪ ،‬فحدق إلى تمثال شجرة الكون المستخرجة من حبة كن ‪،‬‬
‫فالح له في سر كافها تمثال” ُك ْنت ُ ْم َخي َْر أ ُ َّم ٍة “[ ‪، ] 110 / 3‬‬
‫ور ِّم ْن َر ِّبّ ِّه‬
‫على نُ ٍ‬ ‫ْالم فَ ُه َو َ‬ ‫ص ْد َرهُ ِّل ْ ِّ‬
‫إلس ِّ‬ ‫واتضح له من شرح نونها” أ َ فَ َم ْن ش ََر َح َّ‬
‫َّللاُ َ‬
‫“[ ‪. ] 22 / 39‬‬
‫وأما من اخطأه ذلك النور ‪ ،‬فطولب بكشف المعنى المقصود ‪ .‬من حرف كن ‪ ،‬فإنه‬
‫غلط في هجائه ‪ . . .‬فنظر إلى مثال كن ‪ ،‬فظن أنها كاف كفرية ‪ ،‬بنون نكرة ‪ ،‬فكان‬
‫من الكافرين ‪.‬‬
‫وكان حظ كل مخلوق ‪ ،‬من كلمة كن ‪ ، 6‬ما علم من هجاء حروفها ‪ . . .‬فواحد شهد‬
‫كاف الكمالية ونون المعرفة ‪ ،‬وواحد شهد كاف الكفر ونون ‪ 7‬النكرة ‪ ( “ . . .‬شجرة‬
‫الكون ص ‪. ) 3- 2‬‬
‫نرى ان ابن العربي جعل “ كن “ ‪ ،‬أصل الكون ‪ .‬منسجما مع موقفه من الموجودات ‪،‬‬
‫َّللا ‪ .‬فالكلمة ‪ :‬عين الموجودات ‪ .‬ولذلك رأى في “ كن “ الصفتين ‪،‬‬ ‫التي هي كلمات ّ‬
‫التي ينتج عن تقابلهما ‪،‬‬
‫انقسام المخلوقات بين ‪ :‬الهدى والضالل ‪ ،‬بين الكفر وااليمان ‪.‬‬
‫وما إلى ذلك من المواقف المتقابلة ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫‪( 1 ) “ . . .‬كلمة الحضرة [ ‪ -‬كن ] قد تكون أعيان الذوات ‪ ،‬إذا كانت من أهل‬
‫االختصاص وتنفعل عنها ما ينفعل عن كلمة الحضرة ‪ ،‬فتكون هذه الذات رداء على‬
‫الكلمة ‪ ،‬وتكون الكلمة مرتدية لها ‪ ،‬فينطلق على هذه‬

‫‪990‬‬
‫“ ‪“ 991‬‬

‫الذات اسم الكلمة ‪ ،‬لتحقيق ظهور آثارها عند توجهها على ايجاد األثر ‪ ،‬ولهذا قال‬
‫َّللا َو َك ِّل َمتُهُ‬ ‫سى اب ُْن َم ْريَ َم َر ُ‬
‫سو ُل َّ ِّ‬ ‫تعالى في حق عيسى عليه السالم” ِّإنَّ َما ْال َم ِّسي ُح ِّعي َ‬
‫‪8‬أ َ ْلقاها إِّلى َم ْريَ َم َو ُرو ٌح ِّم ْنهُ “ [ ‪ ( “ ] 171/ 4‬كتاب الحق ق ‪ 33‬أ )‬
‫َّللا التي ال تنفد ‪ ،‬فإنها عن “ كن “ ‪ .‬و “ كن ‪“ :‬‬ ‫“ ) ‪( 2‬فالموجودات كلها كلمات ّ‬
‫َّللا ‪ ( “ . . .‬فصوص ‪. ) 142 / 1‬‬ ‫كلمة ّ‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يراجع بشأن األصل “ كون “ في اللغة وفي القرآن عبارة ‪ :‬الكون الجامع ‪.‬‬
‫) ‪( 2‬وردت العبارة في الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪280‬‬
‫) ‪( 3‬يراجع بشأن اليدين عند ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬الفصوص ج ‪ 1‬ص ص ‪55 ، 54‬‬
‫‪-‬ف ج ‪ 3‬ص ‪ ( 379‬اليد اليمنى ‪ ،‬اليد اليسرى )‬
‫َّللا )‬
‫‪-‬ف ج ‪ 4‬ص ‪ ( 445 ، 335‬يد ّ‬
‫) ‪( 4‬انظر ‪ :‬جامع األصول الكمشخانوي ص ‪75‬‬
‫) ‪( 5‬راجع “ عدم “‬
‫) ‪( 6‬يراجع بشأن “ كن “ عند ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ص ‪ ، 47 - 46‬ص ‪ ( 525‬كن ‪ :‬لفظة امر وجودي ) ‪ ،‬ص‬
‫‪ ( 531‬كن والسمع الثبوتي )‬
‫‪-‬شجرة الكون ص ‪ ( 3‬كاف الكنزية ونون األنانية )‬
‫) ‪( 7‬األصل ‪ :‬يكونون‬
‫) ‪( 8‬راجع “ كلمة "‪.‬‬
‫****‬
‫سعادة‬‫‪ - 561‬كيمياء ال ّ‬
‫انظر “ إكسير العارفين “‬

‫‪991‬‬
“ 992 “

992
‫“ ‪“ 993‬‬

‫حرف الالم‬
‫ل‬

‫‪993‬‬
“ 994 “

994
‫“ ‪“ 995‬‬

‫‪ - 562‬اللوح ( المحفوظ )‬
‫المترادفات ‪ :‬كل شيء ‪ - 1‬النفس الكلية ‪.‬‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الالم والواو والحاء أصل صحيح ‪ ،‬معظمه مقاربة باب اللّمعان ‪.‬‬
‫يقال ‪ :‬الح الشيء يلوح ‪ ،‬إذا لمح ولمع ‪ .‬والمصدر الّلوح ‪. . .‬‬
‫ويقال ‪ :‬أالح بسيفه ‪ :‬لمع به ‪ .‬وأالح البرق ‪ :‬أو مض ‪. . .‬‬
‫األلواح ‪ :‬ما الح من السالح ‪ ،‬وأكثر ذلك السيوف ‪ . . .‬ومن الباب الّلوح ‪ :‬الكتف ‪،‬‬
‫واللوح ‪ :‬الواحد من ألواح السفينة ‪ ،‬وهو أيضا ‪ :‬كل عظم عريض ‪ . . .‬ومن الباب‬
‫اللّوح بالضم وهو ‪ :‬الهواء بين السماء واألرض ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة مادة‬
‫“لوح “ ) ‪.‬‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫( أ ) ذكر اللوح المحفوظ في التنزيل الكريم مرة واحدة ‪ ،‬وقد جعل محال ‪ :‬للقرآن‬
‫المجيد ‪.‬‬
‫قال تعالى ‪ ” :‬بَ ْل ُه َو قُ ْر ٌ‬
‫آن َم ِّجي ٌد ‪ .‬فِّي لَ ْو ٍ‬
‫ح َم ْحفُوظٍ ‪“ . ( 85 / 22 ) . 2‬‬
‫وجريا على عادتنا من تتبع ظاهر النص القرآني دون الدخول في نظريات المفسرين‬
‫والمؤولين ‪ ،‬نقف امام ابهام هذه العبارة دون االدالء برأي خاص ‪ ،‬قد يكون نظرية‬
‫تضاف إلى النظريات التي نتجنب الوقوع في شباكها ‪.‬‬

‫( ب ) ورد اللوح بصيغة الجمع في آيات ثالث تضيفها إلى موسى عليه السالم ‪.‬‬
‫ظةً “‪( 7 / 145 ) .‬‬ ‫ش ْيءٍ َم ْو ِّع َ‬ ‫واح ‪ِّ 3‬م ْن ُك ِّّل َ‬ ‫قال تعالى ‪َ " :‬و َكت َبْنا لَهُ فِّي ْاأل َ ْل ِّ‬
‫” قال تعالى ‪َ :‬وأ َ ْلقَى ْاأل َ ْلوا َح ‪َ 4‬وأ َ َخذَ ِّب َرأْ ِّس أ َ ِّخي ِّه يَ ُج ُّرهُ ِّإلَ ْي ِّه “ ( ‪. ) 150 / 7‬‬
‫ب أ َ َخذَ ْاأل َ ْلوا َح ‪“( 7 / 154 ) .‬‬ ‫ض ُ‬‫سى ْالغَ َ‬ ‫ع ْن ُمو َ‬ ‫ت َ‬ ‫س َك َ‬‫قال تعالى ‪َ ” :‬ولَ َّما َ‬
‫( ج ) اللوح ‪ :‬لوح السفينة ‪.‬‬
‫س ٍر “‪( 54 / 13 ) .5‬‬ ‫واح َو ُد ُ‬ ‫ت أ َ ْل ٍ‬ ‫على ذا ِّ‬ ‫قال تعالى ‪َ ”:‬و َح َم ْلناهُ َ‬

‫‪995‬‬
‫“ ‪“ 996‬‬

‫عند ابن العربي ‪:‬‬


‫سبق لنا الكالم على نظرة الشيخ األكبر إلى الوجود ‪ ،‬على أنه ‪ :‬كتاب مسطور ‪ ،‬وما‬
‫يستتبع تلك النظرة من مفردات تتعلق بفعل الكتابة ‪ ،‬من ‪ :‬قلم ولوح ومداد وأحرف‬
‫وكلمات ‪ ،‬وإلى غير ذلك ( راجع القلم االعلى المعنى “ األول “ ) ‪.‬‬
‫ولنر االن بماذا انفرد ‪ :‬اللوح المحفوظ ‪.‬‬
‫****‬
‫اللوح المحفوظ هو مرتبة وجودية تثني القلم االعلى ‪ ،‬فتكون بذلك أول مخلوق‬
‫انبعاثي يتبوأ مرتبة االنفعال في مقابل القلم ( فاعل ) ‪-‬واألنوثة في مقابل القلم‬
‫( الذكورة ) ‪ -‬ومحل التفصيل في مقابل القلم ( محل اجمال ) ‪.‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫“ ) ‪( 1‬واسم اللوح المحفوظ عند العقالء ‪ :‬النفس الكلية ‪ ،‬وهي أول موجود انبعاثي ‪،‬‬
‫منفعل عن العقل ‪ ،‬وهي للعقل بمنزلة حواء آلدم ‪ ،‬منه خلق ‪ ،‬وبه زوج فثنى “ ( ف ‪3‬‬
‫‪. ) 399 /‬‬
‫“ ‪ [ . . .‬كان ] اللوح موضعا ومحال لما يكتب فيه هذا القلم االعلى اإللهي ‪. . .‬‬
‫[ وهو ] أول موجود انبعاثي ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 139 / 1‬‬

‫“ ) ‪( 2‬فكان بين القلم واللوح نكاح معنوي معقول ‪ ،‬وأثر حسي مشهود ‪ . . .‬وكان ما‬
‫أودع في اللوح من األثر ‪ ،‬مثل الماء الدافق الحاصل في رحم األنثى ‪ ،‬وما حصل من‬
‫تلك الكتابة من المعاني المودعة في تلك الحروف الجرمية ‪ ،‬بمنزلة أرواح األوالد‬
‫المودعة في أجسامهم “ ‪ ( 6‬ف ‪. ) 129 / 1‬‬

‫“ ) ‪( 3‬اللوح محل االلقاء العقلي هو للعقل بمنزلة ‪ :‬حواء آلدم ‪ . . .‬وسميت نفسا ‪:‬‬
‫َّللا بها عن العقل ‪ ،‬إذ جعلها محال لقبول ما يلقى‬
‫ألنها وجدت من نفس الرحمن ‪ ،‬فنفس ّ‬
‫ّ‬
‫يسطره فيها “ ‪ ( .‬عقلة ‪. ) 55‬‬ ‫إليها ‪ ،‬ولوحا لما‬

‫“ ) ‪( 4‬فهو [ القلم ] محل التجميل ‪ ،‬والنفس محل التفصيل “ ( عقلة ‪. ) 55‬‬


‫****‬
‫اللوح المحفوظ محل حصر ما في العالم من العلوم إلى يوم القيامة ‪ ،‬وهو موضع‬

‫‪996‬‬
‫“ ‪“ 997‬‬

‫تنزيل الكتب ‪ ،‬يمد األلواح [ ألواح المحو واالثبات ] التي تتنزل منها الشرائع‬
‫والصحف ‪:‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ) ‪( 1‬وتجلى [ الحق ] له [ للقلم ] ‪ ،‬في مجلى التعليم الوهبي ‪ ،‬بما يريد ايجاده من‬
‫خلقه ‪ . . .‬فقبل بذاته علم ما يكون ‪ ،‬وما للحق من األسماء اإللهية الطالب صدور هذا‬
‫العالم الخلقي ‪ .‬فاشتق من هذا العقل موجودا آخر سماه اللوح ‪ ،‬وامر القلم ان يتدلى اليه‬
‫‪ ،‬ويودع فيه جميع ما يكون إلى يوم القيامة ال غير ‪ . . .‬فهذا [ اللوح ] حصر ما في‬
‫العالم من العلوم إلى يوم القيامة ‪ ( “ . . . 7‬ف ‪. ) 148 / 1‬‬

‫“ ) ‪( 2‬اللوح المحفوظ ‪ . . .‬فهو موضع تنزيل الكتب ‪ ،‬وهو أول كتاب سطر فيه‬
‫الكون “ ‪ ( .‬عقلة ص ‪. ) 54‬‬

‫َّللا ‪ :‬باللوح‬
‫َّللا عليه وسلم عن ّ‬
‫“ ) ‪( 3‬النفس الكلية التي عبر عنها الشارع صلى ّ‬
‫َّللا عليه ما كتب فيه ‪ ،‬فلم ينله محو بعد ذلك ‪ ،‬وال تبديل ‪.‬‬ ‫المحفوظ ‪ ،‬حفظ ّ‬
‫َّللا‬
‫فكل شيء فيه ‪ ،‬وهو المسمى في القرآن ‪ :‬بكل شيء ‪ ،‬تسمية الهية ‪ .‬ومنه كتب ّ‬
‫كتابا وصحفه المنزلة على رسله وأنبيائه ‪،‬‬
‫ش ْيءٍ “[ ‪ / 145 ] 7‬وهو اللوح‬ ‫مثل قوله تعالى ‪َ ”:‬و َكتَبْنا لَهُ فِّي ْاأل َ ْل ِّ‬
‫واح ِّم ْن ُك ِّّل َ‬
‫المحفوظ ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 260 / 3‬‬

‫َّللاُ ما‬
‫“ وهذه األقالم تكتب في ألواح المحو واالثبات ‪ ، 8‬وهو قوله تعالى ‪ ”:‬يَ ْم ُحوا َّ‬
‫يَشا ُء َويُثْبِّتُ “[ ‪ ] 39 / 13‬ومن هذه األلواح تتنزل الشرائع والصحف والكتب على‬
‫َّللا عليهم وسالمه ‪ ،‬ولهذا يدخل في الشرائع النسخ “ ( ف ‪/ 3‬‬ ‫الرسل صلوات ّ‬
‫‪. ) 61‬‬
‫****‬
‫يفارق اللوح المحفوظ القلم االعلى بان له عند الفعل صفتين ‪ :‬صفة علم وصفة عمل أو‬
‫الفاعلية واالنفعالية ‪.‬‬
‫وذلك أنه عند الفعل ‪ :‬منفعل بالنسبة للقلم ‪ ،‬وفاعل ‪ :‬بالنسبة لما يليه وهو الطبيعة ‪.‬‬
‫على حين يظهر القلم ‪ :‬فاعال ‪.‬‬
‫ولذلك جعل ابن العربي شهود الحق في المرأة أكمل شهود ألنه ‪ :‬شهود الحق من حيث‬
‫هو فاعل منفعل ‪.9‬‬

‫‪997‬‬
‫“ ‪“ 998‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫“ ثم أوجد [ الحق ] فيه [ في اللوح ] صفتين ‪ :‬صفة علم وصفة عمل ‪ . . .‬فالصفة‬
‫العالمة أب ‪ 10‬فإنها المؤثرة ‪ .‬والصفة العاملة أم ‪ 11‬فإنها المؤثر فيها ‪ ،‬وعنها‬
‫ظهرت الصور [ صور العالم ] ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 140 - 139 / 1‬‬
‫****‬
‫أشار ابن العربي “ باللوح المحفوظ “ إلى االنسان ‪ ،‬من حيث إنه جمع في كونه كل‬
‫األسماء والنعوت ‪ ،‬فكان مختصرا شريفا ‪.‬‬
‫والمالحظ انه يعني ‪ “ :‬االنسان الكامل “ الذي حفظ هذا “ الجمع “ عن المحو واالثبات‬
‫‪. 12‬‬
‫يقول‬
‫“ فقال ‪ ”:‬بَ ْل ُه َو قُ ْر ٌ‬
‫آن َم ِّجي ٌد “[ ‪] 21 / 85‬‬
‫اي جمع ‪ 13‬شريف ‪ ،‬يعني ما هو عليه من األسماء والنعوت” فِّي لَ ْو ٍ‬
‫ح َم ْحفُوظٍ “[ ‪5‬‬
‫] ‪/ 22‬وهو ‪ :‬أنت ‪ ،‬إشارة واعتبارا ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 193 / 4‬‬
‫****‬
‫جعل ابن العربي اللوح صفة االنفعال في مقابل القلم [ صفة الفاعل ] ‪ ،‬فكل منفعل في‬
‫الكون ‪ :‬لوح ‪ ،‬وكل فاعل هو ‪ :‬قلم ‪.‬‬
‫ونالحظ ان اللوح هنا خسر ذاتيته وشخصيته الفردية ‪ ،‬فبعدما كان ‪ “ :‬اسم علم‬
‫“ أصبح “ ‪ :‬اسم جنس “ ‪ -‬إن أمكن التعبير ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ اللوح المحفوظ هو أيضا ‪ :‬قلم لما دونه ‪ ،‬وهكذا كل فاعل ومنفعل ‪ :‬لوح وقلم ‪. . .‬‬
‫“ ( عقلة ‪. ) 56‬‬

‫“ التالمذة للشيخ المتحقق ‪ . . . :‬ألواح منحوتة ‪ ،‬منصوبة لرقمه وكتابته ‪ ،‬وقبائل‬


‫[ جمع ‪ :‬قابل ] مستعدة لنفحه ‪ ( “ . . .‬مواقع النجوم ص ‪. )126‬‬
‫****‬
‫يتردد كثيرا عند الشيخ األكبر ان كل أول يسري فيما بعده ‪ ، 14‬وبما ان القلم واللوح‬
‫هما ‪ :‬أول عالم التدوين والتسطير ‪ ، 15‬فلذلك حقيقتهما سارية في كل المخلوقات ‪.‬‬
‫فكل مخلوق دونهما يجمع في ذاته ‪ ،‬حقيقة األنوثة وحقيقة‬

‫‪998‬‬
‫“ ‪“ 999‬‬
‫الذكورة ‪ ، 16‬حقيقة الفعل وحقيقة االنفعال ‪.‬‬
‫يقول ‪ " :‬القلم واللوح ‪ : 17‬أول عالم التدين [ التدوين ] والتسطير ‪ ،‬وحقيقتهما ‪،‬‬
‫[ وحقيقتاهما ] ‪ :‬ساريتان في جميع الموجودات ‪ ،‬علوا وسفال ومعنى وحسا ‪“ .‬‬
‫( ف ‪. ) 221 / 3‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يقول ابن العربي ‪ “ :‬هذه النفس التي هي اللوح المحفوظ وهي من المالئكة‬
‫الكرام ‪ ،‬وهو المشار اليه ‪ :‬بكل شيء ‪ ،‬في قوله تعالى” َو َكتَبْنا لَهُ فِّي ْاأل َ ْل ِّ‬
‫واح ِّم ْن ُك ِّّل‬
‫ش ْيءٍ “[ ‪ ] 145 / 7‬وهو اللوح المحفوظ “ ( عقلة ص ‪. )54‬‬ ‫َ‬

‫) ‪( 2‬يقول البيضاوي ‪:‬‬


‫“ ( في لوح محفوظ ) من التحريف ‪ ،‬وقرأ نافع ‪ ،‬محفوظ بالرفع صفة للقرآن ‪،‬‬
‫وقرىء في لوح وهو الهواء يعني ما فوق السماء السابعة الذي فيه اللوح “ ( أنوار‬
‫التنزيل ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص ‪. ) 302‬‬

‫‪( 3 ) “ . . .‬واختلف في أن األلواح كانت عشرة أو سبعة ‪ ،‬وكانت من زمرد أو‬


‫َّللا لموسى فقطعها بيده وسقفها‬
‫زبرجد أو ياقوت احمر أو صخرة صماء ‪ ،‬لينها ّ‬
‫بأصابعه ‪ ،‬وكان فيها التوراة ‪ ( “ . . .‬أنوار التنزيل ج ‪ 1‬ص ‪. )173‬‬
‫“ ) ‪( 4‬روى أن التوراة كانت سبعة أسباع في سبعة ألواح ‪ ،‬فلما ألقاها انكسرت فرفع‬
‫ستة أسباعها ‪ ،‬وكان فيها تفصيل كل شيء ‪ ،‬وبقي سبعة كان فيه المواعظ واالحكام‬
‫“ ( أنوار التنزيل ج ‪ 1‬ص ‪. ) 174‬‬
‫“ ) ‪ (( 5‬ذات ألواح ) ‪ :‬ذات أخشاب عريضة “ ( أنوار التنزيل ج ‪ 2‬ص ‪. ) 238‬‬
‫) ‪( 6‬راجع التعليق الوارد في “ القلم االعلى “ المعنى “ الثالث “ الفقرة “ ‪ “ 2‬النص‬
‫األخير ‪.‬‬
‫) ‪( 7‬يقول الجيلي بهذا المعنى ‪ ”:‬نفس حوت بالذات علم العالم * هي لوحنا المحفوظ‬
‫يا ابن اآلدمي‬
‫صور الوجود جميعها منقوشة * في قابليتها بغير تكاتم “( االنسان الكامل ج ‪ 2‬ص‬
‫‪)6‬‬
‫) ‪( 8‬ويتضح معنى “ ألواح المحو واالثبات “ بما يقابلها في العالم األصغر اي‬
‫االنسان ‪.‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫“ العبد هو ‪ :‬محل االلقاء اإللهي ‪ ،‬من خير وشر شرعا [ راجع “ خير “ ] ‪.‬‬
‫وهو ‪:‬‬
‫َّللاُ ما يَشا ُء َويُثْبِّتُ ] ‪“[ 13 / 39‬‬
‫لوح المحو واالثبات” يَ ْم ُحوا َّ‬
‫وعنده أم الكتاب [ انظر “ أم الكتاب “ ] ‪ ،‬فيخطر للعبد خاطر أن يفعل أمرا ما من‬
‫األمور ‪ ،‬ثم ينسخه خاطر آخر ‪،‬‬

‫‪999‬‬
‫“ ‪“ 1000‬‬
‫فيمحو األول ويثبت الثاني ‪ .‬هذا ما دام العبد مهتما لخواطره محجوبا ‪ . . .‬فإذا أيّد‬
‫بالعصمة [ راجع “ عصمة “ ] ان كان نبيا ‪ ،‬وبالحفظ ان كان وليا ‪ ،‬عاد قلبه لوحا‬
‫محفوظا مقدسا عن المحو ‪ . . .‬فال يقال فيه أنه لوح محو واثبات ألنه صاحب‬
‫كشف ‪ . . .‬سمينا هذه المقامات بهذه االسمية لكون االنسان نسخة من العالم الكبير ‪،‬‬
‫فاردنا ان نعرفك اين موضع اللوحين في االنسان ‪ ،‬المقابلين للوحي العالم األكبر ‪. . .‬‬
‫“ ( مواقع النجوم ص ص ‪. ) 80 - 79‬‬

‫“ وللقلب وجهان ‪ :‬ظاهر وباطن ‪ ،‬فباطنه ‪ :‬ال يقبل المحو بل هو اثبات مجرد محقق ‪،‬‬
‫وظاهره ‪ :‬يقبل المحو ‪ ،‬وهو لوح المحو واالثبات فيثبت فيه وقتا امر ما “ ( كتاب‬
‫الفناء ص ‪. ) 7‬‬
‫كما يراجع ‪- :‬دراسات فنية ‪ .‬الدكتور عبد الكريم اليافي ص ‪ ( 391‬االنسان ‪ :‬لوح‬
‫المحو واالثبات )‬

‫) ‪( 9‬لقد بحثنا ذلك عند كالمنا على الحب ‪ .‬انظر الحب المعنى “ الرابع ‪“ .‬‬
‫) ‪( 11‬راجع “ أم ‪“ .‬‬ ‫) ‪( 10‬راجع “ أب ‪“ .‬‬
‫) ‪( 12‬انظر ما سبق الكالم عليه ‪ ،‬من أن العبد هو ‪ :‬محل االلقاء اإللهي ‪ ،‬وان‬
‫صاحب الكشف قلبه ‪ :‬لوح محفوظ مقدس عن المحو والظاهر في تردد الخواطر ‪.‬‬
‫المعنى “ الثاني “ الفقرة “ ‪ “ 3‬مع الهامش ‪.‬‬
‫) ‪( 13‬القرآن ‪ -‬الجمع ‪ ،‬انظر “ قرآن ‪“ .‬‬
‫) ‪( 15‬راجع “ قلم ‪“ .‬‬ ‫) ‪( 14‬راجع “ أول ‪“ .‬‬
‫) ‪( 16‬لقد كان علم النفس الحديث إلى سنوات خلت ‪ ،‬يفصل بين حقيقة األنوثة‬
‫وحقيقة الذكورة في االنسان إلى أن توصل االن إلى النتيجة التالية ‪ “ :‬ان كل انسان‬
‫ذكرا أو أنثى يحمل في ذاته صفتي األنوثة والذكورة معا “ كم من السنين سبق ابن‬
‫العربي علم النفس الحديث ‪ ،‬وكم يكون دين الصوفية كبيرا على علم النفس لو عرف‬
‫هذا األخير كيف يستفيد من ارثهم الفكري !‬
‫) ‪( 17‬يراجع بشأن “ لوح محفوظ “ عند ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬ف ج ‪ 1‬ص ‪ ( 46‬علوم العقل المسطره في اللوح المحفوظ ) ‪.‬‬
‫‪-‬ف ج ‪ 2‬ص ‪ ( 130‬اللوح ) ‪ ( 282 ،‬قوتي العلم والعمل للوح ) ‪ ( 427 ،‬اللوح‬
‫المحفوظ ‪:‬‬
‫النفس الكلية ) ‪ ( 428‬القلم ‪ :‬محل االلقاء ‪ ،‬اللوح ‪ :‬محل القبول ) ‪.‬‬
‫‪-‬ف ج ‪ 3‬ص ‪ ( 12‬اللوح ‪ :‬حضرة التفصيل ) ‪ ( 28 ،‬النفس ‪ :‬اللوح ‪ ،‬العقل ‪:‬‬
‫القلم ) ‪.‬‬
‫‪ (317‬اللوح المحفوظ ) ‪ ( 322 ،‬اللوح المحفوظ ) ‪ ( 342 ،‬صريف األقالم في‬
‫األلواح ) ‪ ( 430 ،‬اللوح المحفوظ ‪ :‬النفس ) ‪ ( 444 ،‬اللوح المحفوظ ‪ :‬النفس‬
‫المنفعلة ) ‪.‬‬

‫‪1000‬‬
‫“ ‪“ 1001‬‬

‫‪-‬ف ج ‪ 4‬ص ‪ ( 26‬اللوح المحفوظ ) ‪.‬‬


‫‪-‬مراتب التقوى ق ‪ 168‬أ ‪.‬‬
‫‪-‬االنسان الكلي ق ‪ 5‬ب ( لوح ‪ :‬منفعل ‪ -‬قلم ‪ :‬فاعل ) ‪.‬‬
‫‪-‬بلغة الغواص ق ‪ ( 132‬اللوح ثالثة أصناف ) ‪.‬‬
‫صن‬‫‪-‬مواقع النجوم ص ص ‪ ( 99 - 98‬لوح الوجود المحفوظ ) ‪ ،‬ص ‪ ( 126‬ح ّ‬
‫فرجه ‪ :‬طهر لوحه ومحاه ) ‪.‬‬
‫كما يراجع بشأن “ اللوح ‪“ :‬‬
‫‪-‬من اين استقى ابن العربي فلسفته ص ‪، 21‬‬
‫‪-‬علم التصوف النوري ق ‪ 59‬أ ‪،‬‬
‫‪-‬شرح الجاللة ق ‪، 3‬‬
‫‪-‬اليواقيت والجواهر ج ‪ 1‬ص ص ‪، 102 - 99‬‬
‫‪-‬المضنون الصغير ص ‪. 186‬‬
‫****‬
‫‪ - 563‬األلواح‬
‫مترادف ‪:‬ألواح المحو واالثبات ‪.‬‬
‫انظر “ لوح “ المعنى “ الثاني “ ‪.‬‬
‫****‬
‫‪ - 564‬اللوائح ‪ -‬الطوالع ‪ -‬اللوامع‬
‫“ اللوائح “ و “ الطوالع “ و “ اللوامع “ متقاربة في المعنى ‪ ،‬ال يكاد يحصل بينها فرق‬
‫وكلها من صفات أصحاب البداية ‪. . .‬‬
‫فتكون أوال “ لوائح “ ثم “ لوامع “ ثم “ طوالع ‪“ .‬‬
‫فاللوائح ‪ :‬كالبروق ما ظهرت حتى استترت ‪.‬‬
‫واللوامع ‪ :‬اظهر منها وليس زوالها بتلك السرعة فقد تبقى وقتين وثالثة ‪.‬‬
‫والطوالع ‪ :‬أبقى وقتا وأقوى سلطانا واذهب للظلمة ‪.‬‬
‫وجميعها بدايات الطريق قبل ان يتضح ضياء من شموس المعارف ‪1‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫“ اللوائح “ ‪ :‬هي ما يلوح من االسرار الظاهرة من السمو من حال إلى حال‪.‬‬

‫‪1001‬‬
‫“ ‪“ 1002‬‬

‫وعندنا ‪:‬ما يلوح للبصر إذا لم تتقيد بالخارجة ومن األنوار الذاتية ال من جهة القلب ‪.‬‬
‫الطوالع ‪ :‬أنوار التوحيد تطلع على قلوب أهل المعرفة فيطمس سائر األنوار ‪.‬‬
‫اللوامع ‪ :‬ما ثبت من أنوار التجلي وقتين وقريب من ذلك “ ‪ ( . . .‬االصطالحات‬
‫‪. ) 291‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يختصر الطوسي والقشيري موقف الصوفية من اللوائح والطوالع واللوامع ‪.‬‬
‫‪-‬يقول القشيري ‪:‬‬
‫“ وهي [ اللوائح ‪ ،‬اللوامع ‪ ،‬الطوالع ] من صفات أصحاب البدايات الصاعدين في‬
‫الترقي بالقلب ‪ ،‬فلم يدم لهم بعد ضياء شموس المعارف ‪. . .‬‬
‫وهم في زمان سترهم يرقبون فجأة اللوائح منهم‬
‫كما قال القائل ‪:‬‬
‫يا أيها البرق الذي يلمع *** من اي كناف السماء تسطع‬
‫فتكون أوال اللوائح ثم لوامع ثم طوالع ‪،‬‬
‫فاللوائح ‪ :‬كالبروق ما ظهرت حتى استترت‬
‫كما قال قائل ‪:‬‬
‫افترقنا حوال فلما التقينا *** كان تسليمه علي وداعا‬
‫واللوامع اظهر من اللوائح ‪ ،‬وليس زوالها بتلك السرعة ‪ ،‬فقد تبقى اللوامع وقتين‬
‫وثالثة ‪.‬‬
‫ولكن كما قالوا ‪ :‬والعين بالكية لم تشبع النظرا ‪ ،‬فإذا لمع قطعك عنك ‪ ،‬وجمعك به ‪،‬‬
‫لكن لم يسفر نور نهاره حتى كبر عليه عساكر الليل ‪ ،‬فهؤالء بين روح ونوح ‪ ،‬ألنهم‬
‫بين كشف وستر ‪.‬‬
‫الطوالع ‪ :‬أبقى وقتا ‪ ،‬وأقوى سلطانا وأدوم مكثا وأذهب للظلمة ‪ ،‬وأنفى للتهمة ‪.‬‬
‫لكنها موقوفة على خطر األفول ‪ ،‬وهذه المعاني ‪ ،‬التي هي اللوائح واللوامع والطوالع ‪،‬‬
‫تختلف في القضايا ‪ ،‬فمنها ما إذا فات لم يبق عنها اثر ‪ ،‬كالشوارق ‪.‬‬
‫إذا أفلت ‪ ،‬فكان الليل ‪ ،‬كان دائما ‪.‬‬
‫ومنها ‪ ،‬ما يبقى عنه اثر ‪ ،‬فان زال رقمه بقي المه ‪ ،‬وان غربت أنواره بقيت آثاره ‪،‬‬
‫فصاحبه بعد سكون غلباته ‪ ،‬يعيش في ضياء بركاته “‬
‫‪-‬كما يراجع ‪ :‬اللمع ‪ ،‬الطوسي ص ‪. 422 - 412‬‬

‫‪1002‬‬
‫“ ‪“ 1003‬‬

‫ظم‬‫‪ - 565‬اللؤلؤ المع ّ‬


‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ ألأل ‪ :‬اللؤلؤة ‪ :‬الد ّّرة ‪ ،‬والجمع اللؤلؤ والآللىء ‪ . . .‬وألأل ‪ :‬أضاء ولمع ‪ . . .‬وفي‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ :‬يتألأل وجهه تأللؤ القمر اي يستنير ويشرق ‪ .‬مأخوذ من‬ ‫صفته صلى ّ‬
‫اللؤلؤ ‪ ( “ . . .‬لسان العرب مادة “ ألأل “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫وردت “ لؤلؤ “ في القرآن بالمعنى اللغوي السابق ‪:‬‬
‫ون] ‪“[ 52 / 24‬‬ ‫علَ ْي ِّه ْم ِّغ ْل ٌ‬
‫مان لَ ُه ْم َكأَنَّ ُه ْم لُؤْ لُ ٌؤ َم ْكنُ ٌ‬ ‫وف َ‬
‫ط ُ‬ ‫قال تعالى ‪َ ” :‬ويَ ُ‬
‫ون “[ ‪. ] 23 / 56‬‬ ‫ين َكأ َ ْمثا ِّل اللُّؤْ لُ ِّؤ ْال َم ْكنُ ِّ‬
‫ور ِّع ٌ‬
‫”‪.‬قال تعالى ‪َ :‬و ُح ٌ‬

‫عند ابن العربي ‪:‬‬


‫اللؤلؤ المعظم هو إشارة إلى ‪ :‬االنسان الكامل ‪ ،‬وقد أطلقها ابن العربي من الحيثية‬
‫نفسها التي سماه بها ‪ “ :‬درة بيضاء ‪“ .‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬صاحب الحقيقة الذاتية ‪ ،‬والذات الكلية ‪ ،‬والرتبة العلية ‪ ،‬والحضرة السنية ‪،‬‬
‫والدنيا والدين ‪ ،‬اللؤلؤ المعظم المكنون ‪ ،‬والكنز المطلسم المخزون ‪ ،‬والسر المكتم‬
‫المصون ‪ ( “ . . .‬شق الجيوب ق ‪ - 17‬ب ) ‪.‬‬
‫انظر “ درة بيضاء “ “ انسان كامل “ ‪.‬‬

‫‪ - 566‬المالميّة‬
‫مرادف ‪:‬‬
‫للا ‪ ، 2‬االخفياء ‪ ،‬األبرياء ‪ ،‬االفراد ‪ ،‬مقام القربة في‬
‫الضنائن ‪ ،‬االمناء ‪ 1‬عرائس ّ‬
‫الوالية ‪ ، 3‬رجال المطلع ‪. 4‬‬
‫المالمية مفرد لم يبتكره ابن العربي ‪ ، 5‬فهل أخذه بمضمونه السابق نفسه‬

‫‪1003‬‬
‫“ ‪“ 1004‬‬

‫أم أضاف اليه جديدا ؟‬


‫المالمية ‪ :‬قبل ابن العربي ‪ :‬فرقة صوفية حاربت تشوف النفس االنسانية ‪ ،‬بمداومة‬
‫مالمتها ‪ ،‬واجتالب المالمة لها ‪ .‬ال يظهر عليهم [ المالميون ] من تقواهم شيء ‪،‬‬
‫َّللا ‪ ،‬وقربهم ‪ ،‬عن أعين الخلق مخافة رضى النفس وكبرها ‪. 6‬‬ ‫يخفون تقربهم إلى ّ‬

‫هل استمرت المالمتية تتمثل هذه الطائفة أم خرجت عن ذلك في اصطالح ابن العربي‬
‫؟‬
‫ركز ابن العربي على صفة هذه الطائفة وهي ‪ :‬محاولة اخفائهم مقامهم عن الخلق ‪،‬‬
‫ليجعلهم في ترتيب رجاله مرادفين لالخفياء ‪.‬‬
‫أي انه أضاف إلى محاولتهم إخفاء مقامهم عن الخلق ‪ ،‬ان الحق من جانبه سترهم عن‬
‫خلقه ‪ ،‬فكان سترهم مقامهم عن الخلق يقابله ‪ :‬ستر الحق لهم ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬المالمية ‪ :‬فهم الذين لم يظهر على ظواهرهم مما في بواطنهم اثر البتة ‪ ،‬وهم‬
‫أعلى الطائفة ‪ ،‬وتالمذتهم يتقلبون في أطوار الرجولية ‪ ( “ . . .‬االصطالحات‬
‫‪. ) 286‬‬
‫َّللا بشيء ‪ ،‬فهم المجهولون ‪ ،‬حالهم‬
‫“ ‪ . . .‬والمالمية ال يتميزون عن أحد من خلق ّ‬
‫حال العوام ‪ ،‬واختصوا بهذا االسم المر واحد يطلق على تالمذتهم ‪:‬‬
‫َّللا ‪ ،‬وال يخلصون لها عمال تفرح به ‪،‬‬
‫لكونهم ال يزالون يلومون أنفسهم في جنب ّ‬
‫تزكية لهم ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 35 / 3 -‬‬

‫“ ‪ . . .‬فحبس [ تعالى ] ظواهرهم [ المالمتية ] في خيمات العادات والعبادات من‬


‫االعمال الظاهرة ‪ ،‬والمثابرة على الفرائض منها ‪ ،‬والنوافل ‪ ،‬فال يعرفون بخرق عادة‬
‫يعظمون ‪ ،‬وال يشار إليهم بالصالح الذي في عرف العامة ‪ ،‬مع كونهم ال يكون‬ ‫‪ ،‬فال ّ‬
‫منهم فساد ‪.‬‬
‫فهم ‪ :‬االخفياء األبرياء االمناء في العالم ‪ ،‬الغامضون في الناس ‪ . . .‬وال يدوم التجلي‬
‫اال لهذه الطائفة ‪ 7‬على الخصوص ‪ ،‬فهم مع الحق في الدنيا واآلخرة على ما ذكرناه ‪،‬‬
‫من دوام التجلي وهم ‪ :‬االفراد ‪ ( “ . .‬ف ‪. ) 181 / 1 -‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬االمناء ‪ :‬وهم المالمية ( االصطالحات ص ‪. ) 286‬‬

‫‪1004‬‬
‫“ ‪“ 1005‬‬

‫َّللا المخبؤون‬
‫“ ) ‪( 2‬االمناء أهل هذا المقام [ مقام االمناء الورثة ] ‪ . .‬هم عرائس ّ‬
‫عنده ‪ ( “ . . .‬الفتوحات السفر الثاني فق فق ‪. ) 178/ 176‬‬

‫) ‪( 3‬ورد المصطلح في الفتوحات ‪ .‬يقول ‪:‬‬


‫َّللا المسمين ‪ :‬بالمالمية ‪،‬‬
‫َّللا ‪ ،‬ان هذا الباب يتضمن ذكر عباد ّ‬
‫“ ‪ . . .‬اعلم ‪ ،‬أيدك ّ‬
‫وهم الرجال الذين حلوا في الوالية في أقصى درجاتها ‪ ،‬وما فوقهم اال درجة النبوة ‪،‬‬
‫وهذا ما يسمى ‪ :‬مقام القربة في الوالية “ ‪ ( . . .‬ف ‪. ) 181 / 1 -‬‬

‫) ‪( 4‬ورد المصطلح في الفتوحات ‪ .‬يقول ‪:‬‬


‫“ ‪ . . .‬واما رجال المطلع ‪ :‬فهم الذين لهم التصرف في األسماء اإللهية ‪ ،‬فيستنزلون‬
‫َّللا ‪ ،‬وهذا ليس لغيرهم ‪ .‬ويستنزلون بها كل ما هو تحت تصريف‬ ‫بها منها ما شاء ّ‬
‫الرجال الثالثة ‪ ،‬رجال الحد والباطن والظاهر ‪ .‬وهم أعظم الرجال ‪ ،‬وهم المالمية ‪.‬‬
‫هذا في قوتهم وما يظهر عليهم من ذلك شيء “ ‪ ( . . .‬ف ‪. ) 188 / 1 -‬‬

‫) ‪( 5‬أشار ابن العربي في كتابه مواقع النجوم ص ‪ 30‬إلى كتاب السلمي في‬
‫المالمية ‪ .‬فليراجع ‪.‬‬

‫َّللا عنهم ‪ :‬المالمية ‪ ،‬وقد يقولون ‪ :‬المالمتية ‪ ،‬وهي لغة‬


‫‪( 6 ) “ . . .‬فمنهم رضي ّ‬
‫ضعيفة ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 16 / 2‬‬
‫) ‪( 7‬انظر “ االفراد ‪“ .‬‬
‫‪-‬كما يراجع بخصوص هذه الطائفة عند ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 1‬ص ‪ ( 6‬رتبة االمناء ) ص ‪ ( 8‬االمناء ) ص ‪ ( 115‬امنائي على‬
‫خلقي ) ص ‪ ( 242‬المالمية ‪ :‬السالطين في صور العبيد ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪ ( 16‬المالمية ‪ ،‬المالمتية ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪ ( 396‬االمناء ‪ -‬امين على االسرار )‬
‫‪-‬الفتوحات السفر الثاني فق فق ‪ ( 294 - 293‬امنائي على خلقي ) ‪.‬‬
‫فق فق ‪ ( 299 - 295‬االمناء ‪ -‬األولياء في صفة األعداء ) ‪.‬‬
‫َّللا ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات السفر الثاني ص ص ‪ ( 159 - 152‬االمناء ‪ -‬عرائس ّ‬
‫‪-‬مواقع النجوم ص ‪ ( 48‬امين االمناء ) ‪.‬‬
‫كما يراجع ‪:‬‬
‫‪-‬رسالة في اصطالحات الصوفية ‪ .‬عز الدين عبد السالم بن غانم ت ‪ 678‬هـ‪.‬‬
‫مخطوطة الظاهرية رقم ‪ 5524‬ق ‪ 77‬ب [ تعريف االمناء ‪ -‬االمناء من أكابر‬
‫المالمية ] ‪.‬‬

‫‪1005‬‬
‫“ ‪“ 1006‬‬

‫‪ – 567‬التلوين‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫فتلون ‪ .‬ولون كل شيء ‪.‬‬ ‫ولونته ّ‬ ‫“ الّلون ‪ :‬هيئة كالسواد والحمرة ‪ّ ،‬‬
‫ما فصل بينه وبين غيره ‪. . .‬‬
‫متلون إذا كان ال يثبت على خلق واحد‬ ‫واأللوان ‪ :‬الضروب ‪ ،‬واللون ‪ :‬النوع ‪ ،‬وفالن ّ‬
‫“ ( لسان العرب مادة “ لون “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫ورد األصل “ لون “ بالمعنيين اللغويين السابقين ‪:‬‬
‫‪ - 1‬اللون ‪ -‬هيئة كالسواد والحمرة ‪:‬‬
‫ع لَنا َرب ََّك يُبَ ِّيّ ْن لَنا ما لَ ْونُها ] ‪“[ 2 / 69‬‬ ‫قال تعالى ‪ ” :‬قالُوا ا ْد ُ‬
‫‪ - 2‬اللون – النوع‬
‫ف أ َ ْلوانُهُ َكذ ِّل َك “[ ‪. ] 28 / 35‬‬ ‫اس َوالد ََّوابّ ِّ َو ْاأل َ ْن ِّ‬
‫عام ُم ْخت َ ِّل ٌ‬ ‫قال تعالى ‪َ ” :‬و ِّمنَ النَّ ِّ‬

‫عند ابن العربي ‪:‬‬


‫*يتلخص موقف السابقين البن العربي من التلوين والتمكين باآلتي ‪:‬‬
‫التلوين ‪ :‬مقام الطلب لطريقة االستقامة في مقابل التمكين [ الثبات على االستقامة ] ‪.‬‬
‫وهو صفة أرباب األحوال في مقابل التمكين [ صفة أهل التحقيق ] ‪ ،‬وصاحب‬
‫التلوين ‪ :‬يترقى من حال إلى حال ‪ ،‬وينتقل من وصف إلى وصف في مقابل صاحب‬
‫التمكين [ وصل واتصل ] ‪. 1‬‬
‫وعلى حين يظهر “ التلوين “ نقص في حق المتلون ‪ ،‬في النصوص السابقة البن‬
‫العربي ‪ -‬نجده عند شيخنا األكبر أكمل المقامات ‪.‬‬
‫وهو ال يقابل التمكين ألن هذا األخير ليس سوى ‪ :‬تمكين في التلوين ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ التلوين ‪ :‬تنقل العبد في أحواله ‪ ،‬وهو عند األكثرين مقام ناقص ‪ ،‬وعندنا هو‬

‫‪1006‬‬
‫“ ‪“ 1007‬‬

‫أكمل المقامات ‪ ،‬وحال العبد فيه حال قوله تعالى ‪ُ ”:‬ك َّل يَ ْو ٍم ُه َو فِّي شَأ ْ ٍن “ [ ‪/ 55‬‬
‫‪. ] 29‬‬
‫التمكين ‪ :‬عندنا هو التمكين في التلوين وقيل حال أهل الوصول “ ( االصطالحات ص‬
‫ص ‪. ) 292 - 291‬‬
‫****‬
‫َّللا “ بمعنى العارف الواصل ‪،‬‬ ‫يستعمل ابن العربي لفظ ‪ “ :‬المتمكن من أهل ّ‬
‫في مقابل ‪ :‬المبتدىء يقول ‪:‬‬
‫َّللا ‪ ،‬فعل امر‬
‫“ ويأتي [ الشيطان ] العارفين بالواجبات فال يزال بهم حتى ينووا ‪ ،‬مع ّ‬
‫ما من الطاعات ‪ . . .‬وعزم ‪ . . .‬وما بقي اال الفعل ‪ ،‬أقام له [ الشيطان ] عبادة أخرى‬
‫أفضل منها شرعا ‪.‬‬
‫فيرى العارف ان يقطع زمانه باألولى ‪ ،‬فيترك األول ‪ ،‬ويشرع في الثاني ‪ .‬فيفرح‬
‫َّللا بعد ميثاقه ‪.‬‬
‫إبليس حيث جعله ينقض عهد ّ‬
‫والعارف ال خبر له بذلك ‪.‬‬
‫فلو عرف ‪ ،‬من أول ‪ ،‬ان ذلك من الشيطان ‪ ،‬عرف كيف يرده ‪.‬‬
‫وكيف يأخذه ‪ :‬كما فعل عيسى ‪ ،‬عليه السالم ‪ ،‬وك ّل متمكن ‪ 2‬من أهل ّ‬
‫َّللا ‪. . .‬‬
‫“ ( السفر الرابع فق ‪. ) 394‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫‪( 1 ) -‬يقول السراج في تعريف التلوين ‪:‬‬
‫تلون العبد في أحواله ‪ ،‬قال قوم ‪ :‬عالمة الحقيقة التلوين ‪ ،‬ألن‬ ‫“ التلوين “ معناه ‪ّ :‬‬
‫التلوين ظهور قدرة القادر ويكتسب منه الغيرة ‪ ،‬التلوين ‪ . . . :‬التغيير ‪ ،‬فمن أشار إلى‬
‫تلوين القلوب وتغير األحوال فقال ‪ :‬عالمة الحقيقة رفع التلوين ‪ .‬ومن أشار إلى تلوين‬
‫القلوب واالسرار الخالصة ّّلل تعالى في مشاهدتها وما يرد عليها ‪ :‬من التعظيم والهيبة‬
‫وغير ذلك من تلوين الواردات فقال ‪ :‬عالمة الحقيقة التلوين ‪ ( “ . . .‬اللمع ص‬
‫‪. ) 443‬‬
‫‪-‬اما الكمشخانوي فيزيد على ما أوردناه في المتن بنقله عن المشايخ ‪:‬‬
‫“ ( وقال ) أبو علي [ الدقاق ] ‪ :‬كان موسى عليه السالم ‪ -‬صاحب تلوين ‪ ،‬ألنه رجع‬
‫َّللا تعالى ‪ ،‬وطلب الرؤية ‪ ،‬إلى ستر وجهه لما اثرت فيه الحال ‪.‬‬ ‫من سماع كالم ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ) كان صاحب تمكين ‪ ،‬فرجع كما ذهب ليلة المعراج ‪،‬‬ ‫ومحمد ( صلى ّ‬
‫لم يؤثر فيه ما شاهده وال ما سمعه تلك الليلة ‪،‬‬
‫وكان [ أبو علي ] يقول ‪ :‬مثال حالهما [ صاحب التلوين وصاحب التمكين ] امرأة‬
‫العزيز والنسوة ‪.‬‬
‫فالنسوة [ ‪ -‬تلوين ] لما رأيناه أكبرنه وقطعن أيديهن ‪ ،‬وقلن ‪ ،‬ما قلن ‪ ،‬ألنهن لم يكن‬
‫لهن في حبه مقام تمكين ‪ .‬وامرأة العزيز كانت بيوسف أتم بالء منهن ولم يجد عليها‬
‫ذلك اليوم ‪ ،‬شيء مما جرى ‪ ،‬على النسوة ‪ ،‬لكونها صاحبة تمكين في حبه ‪ . . .‬واما‬

‫‪1007‬‬
‫“ ‪“ 1008‬‬

‫المسلوب عن نفسه واحساسه بالكلية فهو في المحو المحض ‪ ،‬فال تلوين له وال تمكين‬
‫له ‪ ،‬وال مقام وال حال ‪ ( “ . . .‬جامع األصول ص ‪. ) 157‬‬

‫) ‪( 2‬يراجع بشأن “ تلوين “ عند ابن العربي ‪:‬‬


‫‪-‬الفتوحات السفر األول فق ‪ ( 334‬مقام التمكين )‬
‫‪-‬الفتوحات السفر الثاني فق ‪ ( 20‬التلوين والتمكين ) ‪ ،‬فق ‪ ( 21‬التمكين ) ‪ ،‬فق ‪25‬‬
‫( التلوين ) ‪ ،‬فق ‪ ( 27‬التمكن ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات السفر الثالث فق ‪ ( 38‬التلوين ‪ ،‬التمكين في التلوين ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات السفر الخامس فق ‪ ( 328‬التمكن ) ‪ ،‬فق ‪ ( 229‬التمكن ) ‪.‬‬
‫****‬
‫‪ - 568‬ليل ‪ -‬الليل‬
‫*الليل والنهار من الثنائيات التي يكثر ابن العربي من استعمالها ‪ ( ،‬ليل نهار ‪ -‬غيب‬
‫شهادة ‪ -‬بطون ظهور ‪ -‬جسم روح ) والتي يجعلها وجهي كل نشأة أو حقيقة ‪.‬‬

‫‪ - 1‬الليل والنهار ‪ -‬الجسم والروح يقول في وجهي النشأة االنسانية ‪:‬‬


‫“ فليل هذه النشأة ‪ :‬جسمه الطبيعي ‪ ،‬ونهاره ‪ :‬ما نفخ فيه الروح العقلي “ ( ف ‪/ 4‬‬
‫‪. ) 344‬‬
‫“ وموسى أعطاني الكشف وااليضاح وتقليب الليل والنهار ‪ ،‬فلما حصل عندي ‪ ،‬زال‬
‫الليل وبقي النهار في اليوم كله ‪ ،‬فلم تغرب لي شمس ‪ ،‬وال طلعت‬
‫َّللا انه الحظ لي في الشقاء في اآلخرة “ ( ف ‪4 -‬‬
‫‪ .‬فكان لي هذا الكشف ‪ ،‬إعالما من ّ‬
‫‪. ) 77 /‬‬
‫‪ - 2‬الليل والنهار ‪ -‬الحس والعقل ‪ ،‬الصورة والروح ‪ ،‬الغيب والظهور‪:‬‬
‫يقول في شرح اآلية القرآنية ‪ ،‬التي دعا فيها نوح قومه ‪:‬‬
‫“ ونوح دعا قومه ‪ ”:‬لَي ًْال “[ ‪ : ] 5 / 71‬من حيث عقولهم وروحانيتهم ‪ ،‬فإنها‬

‫‪1008‬‬
‫“ ‪“ 1009‬‬

‫غيب ؛” َونَهارا ً “[ ‪ ] 5 / 71‬دعاهم أيضا ‪ :‬من حيث ظاهر صورهم وحسهم ‪ .‬وما‬
‫َّللا عليه وسلم قومه ‪،‬‬
‫جمع [ نوح ] في الدعوة ‪ [ . . .‬على حين ] فما دعا محمد صلى ّ‬
‫ليال ونهارا بل دعاهم ‪ :‬ليال في نهار ‪ ،‬ونهارا في ليل “ ‪ ( . . .‬فصوص ‪- 70 / 1‬‬
‫‪. ) 71‬‬

‫“ فان الليل ال يعطي للناظر في نظره ‪ ،‬سوى نفسه ‪ .‬فهو يدرك وال يدرك به ‪ ،‬فإنه ‪:‬‬
‫غيب وظلمة ‪ ،‬والغيب والظلمة يدركان وال يدرك بهما “ ‪ ( . . .‬ف ‪. ) 379 / 2‬‬
‫“ ‪ . . .‬هذا كتاب كريم ‪ .‬كتبت به من التقاصي إلى كمالي ‪ . . .‬ومن شروقي إلى‬
‫غروبي ‪ ،‬فمن نهاري إلى الليالي ‪ ( “ . . .‬االتحاد الكوني ق ‪140‬أ ) ‪.‬‬
‫****‬
‫الليل بمعنى الغروب [ انظر “ غروب “ و “ شروق “ ] ‪.‬‬
‫وتأخذ وجهين ‪ :‬فإما بغروب الليل يحدث ‪ :‬ضده [ وهذا خاصة في المفاهيم والمعاني ‪.‬‬
‫فليل العدل ‪ -‬الظلمة ] ‪.‬‬
‫واما يحتفظ غروب الليل بمعنى ‪ :‬الغيب ‪ ،‬دون نظر إلى ظلمة ‪.‬‬
‫‪ - 1‬الوجه األول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬ثم جاء بينهما فترات [ القرن األول ‪ -‬القرن الرابع ] وحدثت أمور ‪ ،‬وانتهت‬
‫أهواء ‪ ،‬وسفكت دماء ‪ ،‬وعاثت ذئاب في البالد وكثر الفساد إلى أن طم الجور ‪ ،‬وطما‬
‫سيله ‪ ،‬وأدبر نهار العدل ‪ ،‬بالظلم ‪ ،‬حين أقبل ليله ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 328 / 3‬‬

‫‪ - 2‬الوجه الثاني ‪:‬‬


‫“ فإن مثل هذا النور المصباحي ينفر ظلمة الليل ‪ ،‬بل هو عين نفور ظلمة الليل ‪ ،‬مع‬
‫بقاء الليل ليال ‪.‬‬
‫فإنه ليس من شرط وجود الليل وجود الظلمة ‪،‬‬
‫وانما عين الليل ‪ :‬غروب الشمس إلى حين طلوعها ‪ ،‬سواء أعقب المحل نور آخر‬
‫سوى نور الشمس أو ظلمة ‪ ،‬فوقع ‪ .‬الغلط في ماهية الليل ما هي ‪،‬‬
‫سجى “[ ‪] 2 / 93‬‬ ‫ولهذا قال ‪َ ”:‬واللَّ ْي ِّل إِّذا َ‬
‫فلو كان عين الليل ‪ :‬ظلمة ‪ :‬ما نعته بأنه ‪ :‬اظلم ‪.‬‬
‫فقد يكون الليل وال ظلمة ‪ ،‬كما أنه قد يكون وال ضوء ‪ ( “ . . .‬ف ‪.) 390 / 4 -‬‬

‫‪1009‬‬
‫“ ‪“ 1010‬‬

‫*تتردد عند ابن العربي عبارتان ‪ :‬الليل االنساني ‪ -‬الثلث األخير أو الثلث الباقي من‬
‫الليل االنساني ‪ ،‬أو الثلث األخير من الليل ‪.‬‬

‫فما هو الليل االنساني ؟‬


‫يرى ابن العربي ان النشأة االنسانية بجميعها ‪ :‬ليل ‪،‬‬
‫وقد قسمه ثالثة أثالث ‪:‬‬
‫الثلث األول ‪ :‬هو الهيكل الترابي ‪ ،‬اي الجسد‬
‫الثلث الثاني ‪ :‬روحه الحيواني ‪ ،‬اي النفس ‪،‬‬
‫الثلث األخير ‪ :‬هو الروح المنفوخ ‪ ،‬اي الروح‬

‫وهذا الثلث األخير فيه يتنزل الحق ‪ ،‬يسأل عباده التائبين المستغفرين ليجود عليهم‬
‫بالمنح ( حديث النزول اإللهي في الثلث الباقي من الليل االنساني ) ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ النشأة االنسانية بجميعها ‪ :‬ليل ‪ ، 1‬وفي الثلث اآلخر منها يكون النزول اإللهي ‪،‬‬
‫لينيله أجزل النيل ‪ ،‬ولم يكن الثلث االخر اال ‪ :‬الروح المنفوخ ‪ ،‬الذي له الثبات‬
‫والرسوخ والعلو على الثلثين ‪. . .‬‬
‫فالثلث األول ‪ :‬هيكله الترابي ‪،‬‬
‫والثلث الثاني ‪ :‬روحه الحيواني ‪،‬‬
‫والثلث األخير به كان انسانا ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 344 / 4‬‬

‫“ ‪ . . .‬إلى حديث النزول اإللهي ‪ ،‬في الثلث الباقي من الليل االنساني ‪ 2‬وسؤاله عباده‬
‫‪ ،‬التائبين والداعين المستغفرين ليجود عليهم بالمنح ‪ ،‬وأنواع الطرف والملح ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ‪. ) 347 / 4 -‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يراجع بشأن ليل عند ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪ ( 660‬ظلمة الليل )‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪ ( 61‬ليل هيكله )‬
‫‪-‬تاج الرسائل ق ‪ 48‬ب ( الثلث اآلخر من الليل )‬
‫‪-‬كيمياء السعادة ق ‪ ( 3‬النهار والليل ) ‪.‬‬
‫) ‪( 2‬انظر فهرس األحاديث حديث رقم ‪42 :‬‬
‫****‬

‫‪1010‬‬
‫“ ‪“ 1011‬‬

‫‪ - 569‬الليل اإلنساني‬
‫انظر “ ليل “ المعنى “ الثالث "‪.‬‬
‫(( فما هو الليل االنساني ؟‬
‫يرى ابن العربي ان النشأة االنسانية بجميعها ‪ :‬ليل ‪،‬‬
‫وقد قسمه ثالثة أثالث ‪:‬‬
‫الثلث األول ‪ :‬هو الهيكل الترابي ‪ ،‬اي الجسد‬
‫الثلث الثاني ‪ :‬روحه الحيواني ‪ ،‬اي النفس ‪،‬‬
‫الثلث األخير ‪ :‬هو الروح المنفوخ ‪ ،‬اي الروح‬

‫وهذا الثلث األخير فيه يتنزل الحق ‪ ،‬يسأل عباده التائبين المستغفرين ليجود عليهم‬
‫بالمنح ( حديث النزول اإللهي في الثلث الباقي من الليل االنساني ) ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ النشأة االنسانية بجميعها ‪ :‬ليل ‪ ، 1‬وفي الثلث اآلخر منها يكون النزول اإللهي ‪،‬‬
‫لينيله أجزل النيل ‪ ،‬ولم يكن الثلث االخر اال ‪ :‬الروح المنفوخ ‪ ،‬الذي له الثبات‬
‫والرسوخ والعلو على الثلثين ‪. . .‬‬
‫فالثلث األول ‪ :‬هيكله الترابي ‪،‬‬
‫والثلث الثاني ‪ :‬روحه الحيواني ‪،‬‬
‫والثلث األخير به كان انسانا ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 344 / 4‬‬

‫“ ‪ . . .‬إلى حديث النزول اإللهي ‪ ،‬في الثلث الباقي من الليل االنساني ‪ 2‬وسؤاله عباده‬
‫‪ ،‬التائبين والداعين المستغفرين ليجود عليهم بالمنح ‪ ،‬وأنواع الطرف والملح ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ‪)) . ) 347 / 4 -‬‬
‫****‬
‫‪ - 570‬ليلة القدر‬
‫باإلضافة إلى مضمونها العام الوارد في القرآن ‪ :‬يضيف ابن العربي معنى جديدا ‪،‬‬
‫فليلة القدر هي ‪ :‬االنسان المتحقق بانسانيته الجامعة للصورة اإللهية والحقائق‬
‫الكونية ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬فأنت ليلة القدر ألنك ‪ :‬من طبيعة وحق ‪ .‬فشهد لك بعظم القدر قبل نزول القرآن‬
‫عليك ‪ ( “ . . .‬ف ‪.) 44 / 4‬‬

‫‪1011‬‬
“ 1012 “

1012
‫“ ‪“ 1013‬‬
‫حرف الميم‬
‫م‬

‫‪1013‬‬
“ 1014 “

1014
‫“ ‪“ 1015‬‬

‫ق‬
‫ق المح ّ‬‫ق ‪ -‬مح ّ‬ ‫‪ - 571‬المح ّ‬
‫السحق ‪ :‬احساس العبد بذهاب تركيبه تحت قهر سلطان التجلي ‪ ،‬والمحق ‪ :‬أعلى من‬
‫السحق ‪ 1‬هو فناء العبد في الحق ‪ ، 2‬فال يظهر في الكون اال خلق في حق ‪ ،‬بطريق‬
‫النيابة واالستخالف ‪.‬‬
‫اما محق المحق ‪ 3‬فهو كما نقول ‪ :‬عدم العدم ‪ ،‬اي الوجود ‪ .‬إشارة إلى ظهور خلق في‬
‫حق ‪.‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫“ السحق ‪ :‬ذهاب تركيبك تحت القهر ‪ .‬المحق ‪ :‬فناؤك في عينه “ ( االصطالحات‬
‫‪. ) 290‬‬
‫“ ‪ . . .‬اعلم أن المحق ‪ :‬ظهورك في الكون به بطريق االستخالف والنيابة عنه ‪ ،‬فلك‬
‫التحكم في العالم ‪ .‬ومحق المحق ‪ :‬ظهورك بطريق الستر عليه ‪ ،‬والحجاب ‪ ،‬فأنت‬
‫تحجبه في محق المحق ‪ . . .‬فيقع شهود الكون عليك ‪ :‬خلقا بال حق ‪. . .‬‬
‫فمحق المحق يقابل ‪ ،‬ما هو مبالغة في المحق ‪ ،‬انما هو ‪ :‬عدم العدم ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 2‬‬
‫‪. ) 554‬‬
‫كما يراجع “ فناء “‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يقول السراج في اللمع ص ص ‪: 432 - 431‬‬
‫“ المحق “ ‪ :‬بمعنى المحو ‪ ،‬اال ان المحق أت ّم ‪ .‬ألنه اسرع ذهابا من المحو ‪ .‬قال رجل‬
‫َّللا ‪ :‬ما لي أراك قلقا أليس هو معك وأنت معه ؟ !‬ ‫للشبلي رحمه ّ‬
‫َّللا ‪ :‬لو كنت انا معه فاتني [ فأثنّي ] ‪ ،‬ولكني محو فيما هو ‪.‬‬ ‫فقال الشبلي رحمه ّ‬
‫يعني ‪ :‬ليس مني شيء ‪ ،‬وال بي شيء ‪ ،‬وال عني شيء ‪ ،‬والكل منه ‪ ،‬وبه وله ‪“ .‬‬

‫“ ) ‪( 2‬المحق “ أعلى من “ السحق “ ‪ ،‬الن العبد تخلص من سلبية ذهاب تركيبه ‪،‬‬
‫ليستفيد من ايجابيات الفناء ‪ .‬انظر “ فناء ‪“ .‬‬

‫) ‪( 3‬المحق مفرد لم يبتدعه ابن العربي بل نكاد نراه في جميع مؤلفات الصوفية قبله‬
‫[ فلتراجع ] ‪ ،‬على حين ان “ محق المحق “ عبارة ابتدعها ‪ ،‬لينطبق مفهوم المحق‬
‫أكثر على فلسفته الصوفية ‪.‬‬

‫كما يراجع بشأن “ محق “ ‪ :‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪ ( 132‬المحق ‪ -‬والسحق ) ‪.‬‬


‫ص ‪ ( 554‬محق المحق ‪ -‬البدار ) ‪.‬‬

‫‪1015‬‬
‫“ ‪“ 1016‬‬
‫‪ - 572‬المحو واألثبات‬
‫المحو واالثبات من ثنائيات السلوك الصوفي ‪ ،‬كالفناء والبقاء ‪ .‬فعندما يذهب المحو‬
‫العبد عن نفسه ‪ ،‬يثبته عند ربه ‪ . 1‬وربما تجد هذه الثنائية مصدرها في اآلية‬
‫َّللاُ ما يَشا ُء َويُثْبِّتُ “( الرعد ‪. ) 39 /‬‬
‫الكريمة ‪ ”:‬يَ ْم ُحوا َّ‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫“ المحو ‪ :‬رفع أوصاف العادة ‪ .‬وقيل ‪ :‬إزالة العلة ‪ .‬وقيل ‪ :‬ما نشره [ ما ستره ] الحق‬
‫وفناؤه [ ونفاه ] ‪ .‬االثبات ‪ :‬إقامة احكام العبادة وقيل اثبات مواصالت ‪3 “ . . . 2‬‬
‫( االصطالحات ص ‪. ) 288‬‬

‫والمحو من األحوال عند ابن العربي يقول ‪:‬‬


‫“ فاأللف ‪ ،‬كاملة من جميع وجوهها ‪ ،‬والنون ناقصة ‪.‬‬
‫فالشمس كاملة والقمر ناقص ‪ :‬ألنه محو ‪ .‬فصفة ضوئه معارة ‪ ،‬وهي “ األمانة التي‬
‫حملها“ ‪.‬‬
‫وعلى قدر محوه وسراره ‪ [ ،‬يكون ] اثباته وظهوره “ ( ف السفر األول ‪ -‬فق‬
‫‪. )479‬‬
‫“ وجميع ما ذكرناه يسمى األحوال والمقامات ‪ .‬فالمقام منها ‪ :‬كل صفة يجب الرسوخ‬
‫فيها وال يصح التنقل عنها ‪ ،‬كالتوبة ‪.‬‬
‫والحال منها ‪ :‬كل صفة تكون فيها في وقت دون وقت ‪ ،‬كالسكر والمحو والغيبة‬
‫والرضا ‪ ،‬أو يكون وجودها مشروطا بشرط ‪ ،‬فتنعدم لعدم شرطها ‪ ،‬كالصبر مع البالء‬
‫والشكر مع النعماء “ ( ف السفر األول ‪ -‬فق ‪. ) 96‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يقول الطوسي في اللمع ص ‪: 431‬‬
‫“ المحو “ ‪ :‬ذهاب الشيء إذا لم يبق له اثر ‪ ،‬وإذا بقي له اثر فيكون طمسا ‪.‬‬
‫َّللا ‪ :‬الخاص والعام في قميص العبودية ‪ ،‬إال من يكون منهم ارفع ‪،‬‬ ‫قال النوري رحمه ّ‬
‫جذبهم إلى الحق ‪ ،‬ومحاهم عن نفوسهم في حركاتهم واثبتهم عند نفسه ‪.‬‬
‫َّللاُ ما يَشا ُء َويُثْ ِّبتُ “ ( الرعد ‪) 39 /‬‬
‫َّللا تعالى ‪ ”:‬يَ ْم ُحوا َّ‬
‫قال ّ‬
‫معنى قولهم جذبهم الحق ‪ :‬يعني جمعهم بين يديه ‪ ،‬ومحاهم عن نفوسهم ‪ :‬يعني عن‬
‫رؤية نفوسهم في حركاتهم ‪.‬‬
‫َّللا لهم في افعالهم وحركاتهم “‬ ‫واثبتهم عند نفسه ‪ :‬بنظرهم إلى قيام ّ‬

‫‪1016‬‬
‫“ ‪“ 1017‬‬

‫) ‪( 2‬هذا النص البن العربي مستقى من الرسالة القشيرية ‪ .‬فلتراجع ص ‪ ( 39‬المحو‬


‫واالثبات )‬
‫) ‪( 3‬يقول الكمشخانوي مفصال ‪ :‬المحو واالثبات ‪ ،‬الذي نراه مجمال مقتضبا في نص‬
‫ابن العربي ‪:‬‬
‫“ ‪ ( . . .‬واما المحو واالثبات ) فالمحو ‪ :‬في رفع أوصاف العادة ‪ ،‬واالثبات ‪ :‬إقامة‬
‫احكام العبادة ‪ .‬فمن محا عن نفسه وأحواله الخصال المذمومة وأتى بدلها بالخصال‬
‫المحمودة ‪ .‬فهو صاحب محو واثبات ‪ .‬وقيل ‪ ،‬المحو ‪ :‬انسالخ العارف عن كل وجود‬
‫غير وجود الحق ‪.‬‬
‫واالثبات ‪ :‬تصفية السر عن كدورات االنسانية ‪ .‬ثم المحو واالثبات على ثالثة أقسام ‪:‬‬
‫محو العوام واثباتهم ‪ .‬وهو محو الزلة عن الظواهر واثبات الطاعة عليها ‪ ،‬وفيه اثبات‬
‫المعامالت ‪.‬‬
‫ومحو الخواص واثباتهم ‪ :‬وهو محو الغفلة عن الضمائر ‪ ،‬واثبات اليقظة فيها ‪ ،‬وفيه‬
‫اثبات المنازالت ‪ .‬ومحو العارفين واثباتهم ‪ :‬وهو محو السرائر واثبات الموجد فيها ‪،‬‬
‫وفيه اثبات المواصالت ‪ .‬وهذا كله [ األقسام الثالثة ] محو واثبات بشرط العبودية ‪.‬‬
‫واما حقيقة المحو واالثبات ‪ .‬فصادران عن القدرة ‪ ،‬فالمحو ‪ :‬ما ستره الحق ونفاه ‪.‬‬
‫َّللا تعالى ‪:‬‬
‫واالثبات ‪ :‬ما أظهره الحق وابداه ‪ .‬فهما مقصوران على المشيئة ‪ .‬قال ّ‬
‫َّللا ما يشاء ويثبت ‪ ،‬وعنده أم الكتاب ‪ .‬قيل ‪ :‬يمحو عن قلوب العارفين ذكر‬
‫يمحو ّ‬
‫غيره ‪ ،‬ويثبت على السنة المريدين ذكره ‪.‬‬
‫والمحق ‪ :‬فوق المحو ‪ ،‬الن المحو يبقى معه اثر بخالف المحق ‪ ،‬فإنه ال يبقى معه اثر‬
‫َّللا تعالى عن شاهدهم‬ ‫بالكلية ‪ .‬فغاية همة القوم [ الصوفية ] المحق ‪ .‬وهو ان يمحقهم ّ‬
‫ثم ال يردهم إليهم بعدما محقهم عنهم ( “ جامع األصول ص ‪. ) 180‬‬

‫****‬
‫دي‬
‫‪ - 573‬المح ّم ّ‬
‫انظر “ الوارث المحمدي "‪.‬‬
‫****‬
‫األول‬
‫‪ - 574‬المم ّد ّ‬
‫الممد األول ‪ -‬االنسان الكامل‬
‫انظر “ االنسان الكامل “‬

‫‪1017‬‬
‫“ ‪“ 1018‬‬

‫‪ - 575‬مم ّد الهمم‬
‫َّللا عليه‬
‫ممد الهمم ‪ :‬هو أحد األسماء الوظيفية لالنسان الكامل ‪ [ -‬النبي محمد صلى ّ‬
‫وسلم ]‬
‫انظر “ انسان كامل “ ‪ :‬الكمال االبستيمولوجي رقم ‪2‬‬
‫كما يراجع ‪:‬‬
‫‪-‬الفصوص ج ‪ 1‬ص ‪ ( 47‬ممد الهمم ) ‪ ،‬ص ص ‪ ( 66 - 65‬الممد ) ‪.‬‬
‫‪-‬عنقاء مغرب ص ‪ ( 51‬الممد األول )‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪ ( 66‬االمداد الوجودي ‪ -‬االمداد العلمي )‬
‫‪-‬انشاء الدوائر ص ‪ ( 19‬المادة األولى )‬
‫****‬
‫‪ - 576‬المدينة الفاضلة‬
‫“ المدينة الفاضلة “ عبارة أشار بها ابن العربي إلى ‪ :‬االنسان الكامل المخلوق على‬
‫الصورة ‪ .‬وقد اختار عبارة “ المدينة الفاضلة “ ‪1‬‬
‫ألن اللفظ األول منها يتضمن إشارة إلى ‪ :‬تمامه وجمعيته [ ‪ -‬االنسان ] ‪،‬‬
‫واللفظ الثاني منها يتضمن إشارة إلى ‪ :‬شرفه على بقية المخلوقات ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬ال يخفى على ذي عينين الفرق بين ‪ :‬الذهب واللجين ‪ ،‬اي االنسان الحيوان من‬
‫االنسان المخلوق على صورة الرحمن ‪ ،‬هو ‪ :‬النسخة الكاملة ‪ ،‬والمدينة الفاضلة ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ‪) 398 / 4‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يمكن ان تشير عبارة “ المدينة الفاضلة “ إلى موقف خاص البن العربي ‪ ،‬يتميز‬
‫عن موقف الفالسفة ‪.‬‬
‫فعلى حين اختار الفالسفة كالفارابي وغيره مدينة أفالطون وأرسطو وحدة االصالح‬
‫المرجوة في فلسفة سياسية ‪ ،‬جعل ابن العربي الفرد هو نواة االصالح ووحدته في‬
‫فلسفة اجتماعية ‪ -‬انسانية ‪.‬‬
‫ومن اصالح الفرد ينتشر اصالح المجموع ‪،‬‬

‫‪1018‬‬
‫“ ‪“ 1019‬‬

‫فاالنسان هو ‪ :‬المدينة الفاضلة ‪ ،‬واالصالح لن يكون اال على مستوى الفرد ‪ ،‬وانطالقا‬
‫منه ‪.‬‬
‫****‬
‫‪ - 577‬مركز الدائرة‬
‫مركز الدائرة ‪ -‬االنسان الكامل‬
‫انظر “ االنسان الكامل “‪.‬‬
‫****‬
‫‪ - 578‬الماسك‬
‫انظر “ العمد “‪.‬‬
‫****‬
‫‪ - 579‬المكر‬
‫“ المكر “ تستعمل في معظم النصوص الصوفية ‪ ،‬لإلشارة إلى ‪ :‬المكر من جانب‬
‫الحق تعالى ‪ ،‬وهو ‪ :‬ايصال النعم منه تعالى مع المخالفة من العبد ‪ -‬وابقاء الحال عليه‬
‫[ العبد ] مع سوء األدب [ من العبد ] ‪.‬‬
‫واظهار الكرامات من غير جهد واستحقاق [ من العبد ] ‪.‬‬
‫وهذا المكر ‪ :‬هو “ استدراج “ الهي للعبد من باب االبتالء واالختبار ‪ ،‬اللذين لهما دور‬
‫ووظيفة سلوكية في تكوين السالك ‪.‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫“ المكر ‪ :‬أداء النعم مع المخالفة [ من العبد ] ‪ ،‬وابقاء الحال مع سوء األدب [ من‬
‫العبد ] ‪ ،‬واظهار اآليات والكرامات من غير أمن وال ح ّد “ ( االصطالحات ص‬
‫‪. ) 292‬‬

‫“ الثالثة اقسام في خرق العوائد ‪ :‬وهي المعجزات والكرامات والسحر‪.‬‬


‫وما ثم خرق عادة أكثر من هذا ‪ .‬ولست أعني بالكرامات اال ما ظهر عن قوة الهمة ‪.‬‬
‫ال أني أريد بهذا االصطالح ‪ ،‬في هذا الموضع “ التقريب اإللهي “ لهذا الشخص ‪،‬‬

‫‪1019‬‬
‫“ ‪“ 1020‬‬

‫فإنه قد يكون ذلك استدراجا ومكرا ‪ .‬وانما أطلقت عليه اسم “ الكرامة “ ألنه الغالب ‪،‬‬
‫“ والمكر “ فيه قليل جدا ‪ ( “ . .‬ف السفر الثالث فق ‪. ) 383‬‬
‫كما يراجع “ كرامة “ وخاصة في عالقتها مع “ االستقامة “ ‪.‬‬
‫****‬
‫‪ - 580‬المنّة واالستحقاق‬
‫المرادفات ‪:‬‬
‫المنة والجزاء ‪ -‬المنة والوجوب ‪ -‬العناية واالكتساب ‪ -‬الكرامة والجزاء ‪ -‬الرضا‬
‫والفضل ‪ -‬الوهب والجزاء الوفاق ‪ -‬الفضل ‪ 1‬والعدل ‪ - 2‬االبتداء والجزاء ‪.‬‬
‫َّللا على العبد ‪ ،‬من توبة أو رحمة أو جزاء أو عطاء‬ ‫يقسم ابن العربي كل ما يرد من ّ‬
‫أو اجر أو نعيم أو غير ذلك قسمين ‪:‬‬
‫قسم يعطيه الحق العبد “ ابتداء “ من عين المنة ‪،‬‬
‫وقسم يعطيه الحق العبد “ استحقاقا “ جزاء عن عمل قام به ‪. 3‬‬
‫ثم ال يلبث ابن العربي بعد ان يقسم العطاء اإللهي ‪ 4‬قسمين ‪ ،‬ان يض ّمن أحدهما اآلخر‬
‫ويرجع الجزاء إلى عين المنة ‪ ،‬وذلك الن كل عمل استحق به العبد الجزاء هو في‬
‫الواقع امتنان الهي ‪. 5‬‬
‫وبعد ما أشرنا إلى سبيلي العطاء الرئيسين ‪ ،‬ننتقل إلى النصوص على أن نفرد لكل‬
‫نوع من أنواع العطاء عنوانا جانبيا ونبين وجهيه ‪.‬‬
‫***‬
‫المحبة ‪:‬‬
‫َّللا للعبد هي في الحقيقة محبتان ‪ ،‬ككل عطاء الهي ‪ ،‬ويسمى ابن العربي هاتين‬ ‫محبة ّ‬
‫المحبتين باألسماء التالية ‪ :‬حب منة وحب جزاء ‪ ،‬أو محبة امتنان ومحبة جزاء ‪ -‬حب‬
‫عناية وحب كرامة ‪ -‬حب ابتداء وحب جزاء ‪ .‬يقول ‪:‬‬
‫َّللا تعالى ان ّّلل عبادا يحبهم ويحبونه ‪ ، 6‬فجعل محبتهم [ العباد ] وسطا بين‬‫“ قد اخبر ّ‬
‫محبتين منه لهم ‪.‬‬
‫فأحبهم فوفقهم بهذه المحبة التباع رسوله فيما جاءهم به من الواجبات عليهم ‪. . .‬‬
‫ثم أعلمهم انهم إذا اتبعوه فيما جاء به أحبهم ‪ ،‬فهذا الحب اإللهي الثاني ما هو عين‬
‫األول ‪.‬‬
‫فاألول ‪ :‬حب عناية ‪،‬‬
‫والثاني ‪ :‬حب جزاء‬

‫‪1020‬‬
‫“ ‪“ 1021‬‬

‫وكرامة ‪. . .‬في األصل حب الكرامة دون حب العناية ‪ ،‬فإنه حب جزاء فال يخلص‬
‫خلوص الحب األول [ اي حب العناية ] ‪ . . .‬الن الحب األول [ العناية ] ابتداء ‪.‬‬
‫والحب الثاني [ الكرامة ] جزاء ‪ ( “ . . .‬ف ‪ / 4‬ص ‪. ) 103 - 102‬‬

‫َّللا فَات َّ ِّبعُونِّي يُ ْح ِّب ْب ُك ُم َّ‬


‫َّللاُ “‪ 7‬فهذه محبة جزاء واما‬ ‫“ فقال [ تعالى ]” ِّإ ْن ُك ْنت ُ ْم ت ُ ِّحبُّونَ َّ َ‬
‫َّللا بين حبين‬
‫محبته األولى ‪ . . .‬فهي المحبة التي وفقك بها لالتباع ‪ ،‬فحبك قد جعله ّ‬
‫الهيين ‪ :‬حب منة وحب جزاء ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 456 / 4‬‬

‫َّللا‬
‫“ ثم ينتج له [ العبد ] هذا العمل الذي هو نافلة [ من صالة أو صوم ] ‪ . . .‬محبة ّ‬
‫إياه ‪ ،‬وهي محبة خاصة جزاء ‪ ،‬ليست هي محبة االمتنان ‪ ،‬فان محبة االمتنان‬
‫َّللا تعالى “ ‪ (. . .‬ف ‪. )203 / 1‬‬‫األصلية اشترك فيها جميع أهل السعادة عند ّ‬
‫َّللا للعبد ‪ :‬محبة أولى ‪ ،‬هي ابتداء عامة لكل‬‫وهكذا تظهر من النصوص محبتان من ّ‬
‫أهل السعادة ‪.‬‬
‫والثانية ‪ ،‬جزاء استحقها العبد نتيجة نافلة أو عمل قام به وهي خاصة ‪.‬‬
‫****‬
‫التوبة ‪:‬‬
‫َّللا للعبد كذلك توبتان يسميهما ابن العربي ‪ :‬توبة امتنان وتوبة‬ ‫التوبة التي يمنحها ّ‬
‫علَ ْي ِّه ْم ِّليَتُوبُوا‪ ، 8‬فهذه [ التوبة ] األولى ‪ :‬توبة امتنان فإذا تاب‬ ‫جزاء ‪ .‬يقول ‪ ”:‬ث ُ َّم َ‬
‫تاب َ‬
‫عليهم بالمغفرة بعد توبتهم ‪ ،‬كانت هذه التوبة [ الثانية ] اإللهية ‪ :‬جزاء ‪ ( “ . . .‬ف ‪4‬‬
‫‪. ) 303 /‬‬
‫َّللا ‪ :‬ابتداء يهب بها للعبد العمل على استغفاره ‪ ،‬حتى يصل بهذا‬ ‫اذن التوبة األولى من ّ‬
‫العمل إلى التوبة الثانية ‪ ،‬التي استحقها على عمله ‪.‬‬
‫****‬
‫االجر والجزاء ‪:‬‬
‫ان مفهوم االجر والجزاء يتضمن في حقيقته معنى ‪ :‬االستحقاق ‪.‬‬
‫وقد رأينا في “ التوبة والمحبة “ كيف ان ابن العربي يضع الجزاء في مقابل المنة‪.‬‬
‫اذن الجزاء هو في الواقع ‪ :‬استحقاق‪.‬‬

‫‪1021‬‬
‫“ ‪“ 1022‬‬

‫ولكن هنا يضيف ابن العربي إلى كلمة “ جزاء “ كلمة “ وفاقا “ ‪ ،‬فيصبح الجزاء‬
‫الوفاق ‪ :‬هو االستحقاق ‪ ،‬في مقابل ‪ “ :‬الهبة والكرم “ اللذين يأخذان مفهوم ‪ :‬المنة‬
‫‪.9‬‬
‫كما في “ الجزاء “ كذلك الشأن في “ االجر “ ‪ ،‬فاالجر ‪ :‬عوض عن عمل ‪ .‬اذن‬
‫االجر ‪ :‬استحقاق ‪.‬‬
‫ولكن هنا يضع ابن العربي االجر الذي يقتضيه الكرم في مقابل “ اجر االستحقاق “ ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا سبحانه وتعالى ]‬
‫“ ) ‪( 1‬وفيه [ منزل الرؤية ] علم الجزاء الوفاق ‪ ،‬وإذا اعطى [ ّ‬
‫ما هو خارج عن الجزاء ‪ ،‬فذلك [ العطاء ] من االسم الواهب والوهاب ‪ ( “ . . .‬ف ‪3‬‬
‫‪. ) 468 /‬‬
‫كذلك نجد عنوان الباب الرابع والسبعين وثلثماية من الفتوحات كاآلتي ‪:‬‬
‫“ في معرفة منزل الرؤية ‪ ،‬والرؤية ‪ ،‬وسوابق األشياء في الحضرة الربية ‪ ،‬وان‬
‫للكفار قدما كما أن للمؤمنين قدما ‪ ،‬وقدوم كل طائفة على قدمها وآتية بامامها عدال‬
‫وفضال من الحضرة المحمدية ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 462 / 3‬‬

‫َّللا من عين‬
‫“ وقوله ‪ :‬يا عبادي الذين اسرفوا ‪ . . . 10‬وأمثاله اطمع إبليس في رحمة ّ‬
‫َّللا ال انقطاع له ألنه خارج عن الجزاء الوفاق ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 4‬‬
‫المنة ‪ . . .‬وفضل ّ‬
‫‪.)4‬‬

‫اذن الجزاء الوفاق ‪ 11‬هو كل عطاء الهي بحسب طبيعة الممكن ‪ ،‬فإن كان ابتداء فهو‬
‫َّللا ومنة ‪.‬‬
‫فضل من ّ‬

‫‪( 2 ) “ . . .‬فان االجر قد يقتضيه الكرم من غير وجوب ‪ ،‬وقد يقتضيه الوجوب‬
‫والذي يقتضيه الوجوب أعلى ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 24 / 4‬‬

‫َّللا تعالى له المنة على عباده ‪ ،‬بان هداهم لاليمان برسله ‪ ،‬فوجب عليهم‬
‫“ فاعلم أن ّ‬
‫َّللا عنهم ‪ . . .‬فمن جمع شعب االيمان كلها‬‫َّللا ‪ ،‬وحالوة الرسول فيضمنها ّ‬
‫شكر ّ‬
‫َّللا عن هذا الشخص الجامع [ لشعب االيمان ] ‪. . .‬‬
‫فجزاء الرسول من ّ‬
‫فانظر ما للرسول عليه السالم من األجور فاجر التبليغ ‪ :‬اجر استحقاق “ ‪ ( . . .‬ف ‪4‬‬
‫‪. ) 23 /‬‬
‫وهكذا يجد ابن العربي ان اجر االستحقاق هو الذي اقتضاه عمل ما ‪ ،‬كالتبليغ بالنسبة‬
‫للرسول عليه السالم ‪ ،‬وهناك اجر اخر لم يستوجبه عمل بل‬

‫‪1022‬‬
‫“ ‪“ 1023‬‬

‫اقتضاه ‪ :‬الكرم اإللهي ‪.‬‬


‫****‬
‫العطاء ‪:‬‬
‫“ والعطاء ‪ :‬منه واجب ومنه امتنان ‪ ،‬فإعطاء الحق العالم الوجود ‪ :‬امتنان ‪.‬‬
‫وإعطاء كل موجود من العالم خلقه ‪ :‬واجب ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 274 / 4‬‬
‫“ ومن اعطى المستحق ما يستحقه سمي ‪ :‬عادال ‪ ،‬وعطاؤه ‪ :‬عدال ‪“ 12‬‬
‫( ف ‪. ) 60 / 2‬‬
‫” العدل ال يصلح اال لمن *** يفصل في الخلق إذا يعدل‬
‫فان أبى اكوانه عدله *** فإنه بحقه يفضل “‬
‫( ف ‪) 236 / 4‬‬
‫وهكذا يكون العطاء ‪ :‬عطاء وجوب وعطاء امتنان ‪ .‬عطاء وجوب ‪ :‬هو الذي يناسب‬
‫فيه العطاء المعطى له ‪.‬‬
‫اما في عطاء االمتنان فيعم العطاء الجميع كما في الوجود ‪.‬‬
‫فاعطاء الحق العالم الوجود ‪ :‬امتنان ‪ ،‬كما يقول ابن العربي‪.‬‬
‫وليست هذه الجملة اال إشارة إلى رحمة الوجوب ‪ ،‬التي وسعت كل شيء ‪ ،‬وهي‬
‫اعطاء كل موجود الوجود ‪ .‬كما سيأتي في الرحمة ‪.‬‬
‫ويقول الشيخ األكبر ‪:‬‬
‫“ والوجود ‪ :‬كرم الهي امتناني “ ( ف ‪. ) 365 / 4‬‬
‫****‬
‫الجنة والنعيم ‪:‬‬
‫الجنة والنعيم هما نمطان من أنماط العطاء اإللهي ‪ ،‬لذلك يتبعان العطاء في شقيه ‪:‬‬
‫الوجوب واالمتنان ‪.‬‬
‫فجنة االعمال ‪ :‬هي الجنة التي يكتسبها المؤمن باعماله ‪ .‬اما جنة االختصاص ‪:‬‬
‫فإنها عناية وفضل الهي ال تكتسب بعمل ‪.‬‬

‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬ينبغي لك ان تحزن على ما يفوتك من جنة االعمال ‪. . . ، 13‬ال تعتمد اال‬
‫على جنة االختصاص فإنها مثل التوفيق لألعمال الصالحة في هذه الدار ‪ ،‬ال تنال اال‬
‫بالعناية ال باالكتساب ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 402 / 4‬‬

‫“ ‪ . . .‬السعيد والشقي فهما في نتائج اعمالهما هذه المدة المعينة [ مدة بقاء السماوات‬
‫واألرض ] ‪ ،‬فإذا انتهت انتهى نعيم الجزاء الوفاق وعذاب الجزاء ‪،‬‬

‫‪1023‬‬
‫“ ‪“ 1024‬‬

‫صها بقوم‬‫َّللا باالعمال ‪ ،‬وال خ ّ‬


‫وانتقل هؤالء إلى نعيم المنن اإللهية التي لم يربطها ّ‬
‫غي َْر َم ْجذُو ٍذ “( ‪ ، ] ) 108/ 11‬ماله‬
‫عطا ًء َ‬
‫دون قوم ‪ ،‬وهو عطاء مجذوذ [ اآلية” َ‬
‫مدة ينتهي بانتهائها كما ‪ [ . . .‬و ] انتهت إقامة الحدود في األشقياء والنعيم الجزائي في‬
‫السعداء ‪ ،‬بانتهاء مدة السماوات واألرض “ ‪ ( . . .‬ف ‪. ) 387 / 3‬‬
‫يظهر من النص السابق ان نعيم المنن اإللهية ‪ :‬نعيم لم يربطه الحق بعمل وال خصه‬
‫بقوم دون قوم ‪ .‬وهو يتبع نعيم الجزاء الوفاق في المدة ‪ ،‬أي بعد ان تنتهي مدة نعيم‬
‫الجزاء الوفاق بانتهاء مدة السماوات واألرض ‪ ،‬ينتقل السعيد إلى نعيم المنن اإللهية‬
‫الذي ال نهاية له ‪.‬‬
‫****‬
‫الرحمة [ رحمة االمتنان ورحمة الوجوب ‪ -‬رحمة الفضل ورحمة الرضى ]‬
‫الرحمة عند ابن العربي رحمتان ‪ :‬رحمة عامة تفضّل بها االسم الرحمن ‪.‬‬
‫هي رحمة االمتنان أو رحمة الفضل ‪.‬‬
‫ورحمة خاصة أوجبها االسم الرحيم هي رحمة الوجوب أو رحمة الرضى ‪. 14‬‬
‫ثم ال يلبث الشيخ األكبر ان يرجع رحمة الوجوب إلى رحمة االمتنان ‪ ،‬فكل وجوب‬
‫َّللا في البدء ‪.‬‬
‫كان ‪ :‬بعمل امتنه ّ‬
‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا سبحانه وتعالى ] سليمان بالرحمتين ‪ :‬رحمة االمتنان ورحمة الوجوب‬ ‫“ فأتى [ ّ‬
‫فامتن بالرحمن ‪ ،‬وأوجب بالرحيم ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫اللتان هما ‪ :‬الرحمن والرحيم ‪.‬‬
‫وهذا الوجوب من االمتنان ‪ .‬فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمن ‪.‬‬
‫فإنه كتب على نفسه الرحمة سبحانه ‪ ،‬ليكون ذلك للعبد بما ذكره للحق من االعمال‬
‫َّللا تعالى أوجبه له على نفسه يستحق بها هذه‬ ‫التي يأتي بها هذا العبد ‪ ،‬حقا على ّ‬
‫الرحمة ‪ -‬اعني رحمة الوجوب ‪ ( “ . . .‬فصوص الحكم ‪. ) 151/ 1‬‬
‫كما يقول ‪:‬‬
‫َّللا قاصرة على أعيان مخصوصين ‪ ،‬كما تكون بالوجوب في قوم منعوتين‬ ‫“ رحمة ّ‬
‫بنعت خاص ‪.‬‬
‫وفيمن ال ينالها بصفة مقيدة وجوبا ‪ ،‬تناله الرحمة من باب االمتنان ‪ ،‬كما نالت هذا‬
‫الذي استحقها ‪ ،‬ووجبت له الصفة التي أعطته فاتصفت بها ‪ ،‬فوجبت له الرحمة ‪.‬‬
‫فالكل على طريق االمتنان نالها ونالته فما ثم اال ‪ :‬منة الهية أصال وفرعا ‪ ( “ . . .‬ف‬
‫‪. ) 526 / 3‬‬

‫َّللا تعالى ] رحمن ‪ :‬بالرحمة العامة وهي رحمة االمتنان ‪ ،‬وهو رحيم‪:‬‬
‫“ فهو [ ّ‬

‫‪1024‬‬
‫“ ‪“ 1025‬‬
‫سأ َ ْكتُبُها ِّللَّذِّينَ يَتَّقُونَ “‪15‬‬ ‫بالرحمة الخاصة وهي الواجبة في قوله” فَ َ‬
‫الر ْح َمةَ “‪. 16‬‬ ‫على نَ ْف ِّس ِّه َّ‬
‫ب َربُّ ُك ْم َ‬‫وقوله ‪َ ”:‬كت َ َ‬
‫واما رحمة االمتنان فهي التي تنال من غير استحقاق بعمل ‪ . . .‬وهي رحمة‬
‫عناية‪. . .‬‬
‫َّللا عليه ‪ :‬امتن علينا بالرحمة التي مننت بها على أولئك [ غير‬ ‫يقول من غضب ّ‬
‫المغضوب عليهم ] ابتداء من غير استحقاق ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 551 - 550 / 3‬‬
‫كما يظهر من النص التالي كيف ان رحمة االمتنان ‪ :‬رحمة عامة مطلقة ‪ ،‬ورحمة‬
‫الوجوب ‪ :‬رحمة مقيدة ‪. 17‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬الرحمتان اللتان ذكرهما سليمان في االسمين اللذين تفسيرهما بلسان العرب ‪:‬‬
‫الرحمن الرحيم ‪ .‬فقيد ‪ :‬رحمة الوجوب ‪ .‬وأطلق ‪ :‬رحمة االمتنان ‪ ( “ . . .‬فصوص‬
‫الحكم ج ‪ 1‬ص ‪. ) 153 - 152‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يشرح الحكيم الترمذي كلمة “ فضل “ في القرآن في كتابه “ نظائر القرآن‬
‫َّللا يُؤْ تِّي ِّه َم ْن يَشا ُء( آل عمران ‪/‬‬ ‫“ يقول ‪ “ :‬واما قوله “ الفضل “ [قُ ْل إِّ َّن ْالفَ ْ‬
‫ض َل بِّيَ ِّد َّ ِّ‬
‫َّللا خلق الخلق في‬‫‪ ] ) 73‬على كذا وجه ‪ :‬فالفضل ما كان قبل القسمة ‪ ،‬وذلك ان ّ‬
‫ظلمة قبل خلق السماوات واألرض بخمسين الف سنة ‪ ،‬فقدر المقادير وقسم الحظوظ ‪.‬‬
‫فمن كانت له مشيئة قبل المقادير فإنما ناله ذلك من الفضل الذي ابرزه الحبابه وأوليائه‬
‫قبل القسمة والتقدير ‪ ،‬وعدل بينهم في القسمة يوم المقادير وسوى الحظوظ ‪ ،‬ثم‬
‫أعطاهم من فضله هذه الزيادات التي نراها في الدين والدنيا “ ‪ ( .‬تحصيل نظائر‬
‫القرآن ص ‪. )126‬‬
‫) ‪( 2‬يجعل الحكيم الترمذي “ العدل “ من نظائر “ الشرك “ و “ السواء “ في القرآن‬
‫الكريم ( راجع تحصيل نظائر القرآن ص ‪. ) 28 - 27‬‬
‫) ‪( 3‬هذه من أمهات االفكار عند الشيخ األكبر ‪ ،‬ونستطيع ان نعممها على كل عطاء‬
‫الهي وان لم ترد في نص محدود ‪ .‬وهذا الموقف هو في الواقع موقف صوفي ‪ ،‬ألنه‬
‫بخالف المتكلمين الذين كثيرا ما يختلفون في الفضل اإللهي ومدى انسجامه في الوجود‬
‫مع مفهومهم للعدل اإللهي ‪.‬‬
‫ونجد في “ الكتاب األوسط في المقاالت “ اختالف آراء أهل الصالة في العدل‬
‫والفضل ‪: “ . . .‬‬
‫َّللا‬
‫َّللا [ الناشئ األكبر ت ‪293‬هـ ] ‪ :‬كل جزاء من ّ‬ ‫َّللا كلها عدل ‪ . . .‬قال عبد ّ‬ ‫افعال ّ‬
‫فضل وليس كل فضل منه جزاء ‪. . .‬‬
‫َّللا انما هو في العدالة بين ايالم الحيوان والذاذه وبين وعده ووعيده‬ ‫والعدل من ّ‬
‫َّللا عز وجل وليس كل جود عدال ‪. . .‬‬ ‫ومجازاته فقط ‪ ،‬والفضل فيما جاد به ّ‬
‫“(مقتطفات من الكتاب األوسط في المقاالت للناشيء األكبر ‪ .‬جمعها ابن العسال‬
‫النصراني نشر يوسف فان اس ‪ -‬سلسلة نصوص ودراسات المعهد األلماني في بيروت‬
‫ص ص ‪. ) 103 - 102‬‬

‫‪1025‬‬
‫“ ‪“ 1026‬‬
‫حتى النبوة يراها المتكلمون عطاء فيختلفون فيها هل هي ثواب أم ابتداء ؟ وهذه فكرة‬
‫ابن العربي نفسها في المنة والوجوب فالثواب وجوب واالبتداء منة ‪.‬‬
‫راجع مقاالت االسالميين ‪ ،‬األشعري ج ‪ 2‬ص ‪ 137‬بحث رقم ‪. 162‬‬
‫‪-‬كما يراجع كتاب “ اللمع في الرد على أهل الزيغ والبدع “ ‪ ،‬لألشعري ص ‪- 115‬‬
‫‪ 116‬حيث يقابل بين الفضل والبخل ‪.‬‬
‫وبينما نجد المتكلمين حذرين فيما يتعلق بالفضل اإللهي نظرا لتشديدهم على العدل ‪،‬‬
‫نرى الصوفية أوسع ادراكا لمفهوم العدل اإللهي فيثبتون “ الفضل “ دون ان يؤثر ذلك‬
‫على “ العدل “ ‪ ،‬يقول إبراهيم بن أدهم ‪.‬‬
‫“ خال المطاف ليلة فطفت وصرت أقول يا رب أسئلك الحفظ من المعاصي ‪ ،‬فهتف بي‬
‫هاتف ‪ :‬يا إبراهيم أنت تسئلني الحفظ وكل عبادي يسألونني ذلك ‪ ،‬فإذا حفظتهم من‬
‫المعاصي فعلى من أتفضل ؟ “ ( طبقات األولياء ‪ -‬المناوي ج ‪ 1‬ص ‪. ) 76 - 75‬‬
‫‪-‬كما يراجع كتاب “ التجريد في كلمة التوحيد “ الحمد الغزالي ص ص ‪12 - 10‬‬
‫وص ‪ 26‬وص ‪ 32‬حيث يتكلم باسهاب على عالم العدل وعالم الفضل ‪.‬‬
‫اما نجم الدين كبرى فيجعل الصفات اإللهية شقين ‪ :‬صفات الفضل وصفات العدل‬
‫بمعنى صفات الجمال وصفات الجالل يقول ‪:‬‬
‫“ ثم التجلي باالتصاف وهو ان يتخلق القلب بهذه االخالق ويتصف بهذه الصفات‬
‫يكون ويوجد ويحيي ويميت ويرحم ويعاقب إلى غير ذلك من صفات‬ ‫[ اإللهية ] ‪ ،‬بان ّ‬
‫الفضل والعدل ‪ ( “ . . .‬فوائح الجمال ص ‪. ) 29‬‬

‫) ‪( 4‬نجد فكرة الجزاء واالبتداء تمت إلى الكيان الفكري البن العربي نفسه ‪ .‬فكل ما‬
‫يكون مبنيا على فكرة المعاوضة والعوض فهو جزاء ‪ .‬وهنا نشير إلى أن هذه الفكرة‬
‫تترك أحيانا مجال العطاءات اإللهية التي سنتكلم عليها بالتفصيل لتنسحب على افعال‬
‫االنسان فالسيئة مثال منها شرعية ومنها جزائية ‪.‬‬
‫َّللا ‪ ،‬اما السيئة‬
‫السيئة الشرعية هي التي يقوم بها العبد ابتداء ‪ ،‬ويكون بها مأثوما عند ّ‬
‫الجزائية فهي شرعا ليست سيئة وال يحاسب عليها وان كانت سيئة ألنها ليست ابتداء‬
‫بل جزاء ‪.‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫” ان القبيح القسام مقسمة * عرفية والتي التشريع بيّنها‬
‫فمن عفا عن مسيئ نفسه انفت * عن الجزاء الن السوء عينهاوهنا قال [ تعالى ] سيئة‬
‫س ِّيّئَةٌ ِّمثْلُها ) ‪ ]( 42 / 40‬فالسيئة األولى ‪:‬‬
‫س ِّيّئ َ ٍة َ‬
‫مثلها [ َجزا ُء َ‬
‫َّللا ‪.‬‬
‫سيئة شرعية صاحبها مأثوم عند ّ‬
‫والسيئة الثانية الجزائية ليست بسيئة شرعا وانما هي سيئة من حيث إنها تسوء‬
‫المجازي بها ‪ ( “ . . .‬ف ‪. )171/ 4‬‬
‫كما يقول أبو العباس محمد بن يزيد المبرد النحوي ت ‪ 285‬هـ في كتابه “ ما اتفق‬
‫لفظة واختلف معناه من القرآن المجيد “ ‪ :‬المطبعة السلفية ‪ -‬القاهرة ‪ 1350‬هـ ص‬
‫‪. 13‬‬

‫‪1026‬‬
‫“ ‪“ 1027‬‬
‫علَ ْي ِّه “المعنى ‪ :‬فاقتصوا منه‬
‫علَ ْي ُك ْم فَا ْعتَدُوا َ‬
‫“ وقوله تعالى ( ‪ ”) 190 / 2‬فَ َم ِّن ا ْعتَدى َ‬
‫‪ ،‬يخرج اللفظ كلفظ ما قبله كقول العرب الجزاء بالجزاء ‪ ،‬واألول ليس بجزاء فالفعالن‬
‫متساويان والمخرجان متباينان ‪ ،‬إذ كان األول ظالما والثاني انما اخذ حقه ‪ .‬ومثله‬
‫س ِّيّئَةٌ ِّمثْلُها “‪ .‬والثانية ليست بسيئة تكتب على صاحبها ‪،‬‬ ‫س ِّيّئ َ ٍة َ‬
‫( ‪َ ”) 38 : 42‬و َجزا ُء َ‬
‫ولكنها مثلها في المكروه الن بالثاني يقتص “ ‪. . .‬‬

‫) ‪( 5‬اما كون العمل الذي استحق به العبد الجزاء امتنانا الهيا ‪ ،‬فالن العبد لم يكن‬
‫َّللا عليه بالهداية لفعله ‪ ،‬وهذه الهداية هي ابتداء لم يستحقها العبد بفعل‬ ‫ليفعله لو لم يمن ّ‬
‫َّللا بها عليه ‪ .‬اذن ‪ :‬منة ‪.‬‬ ‫بل تفضل ّ‬
‫علَى ْال ُمؤْ ِّمنِّينَ “ [ ‪5‬‬ ‫َّللاُ بِّقَ ْو ٍم يُ ِّحبُّ ُه ْم َويُ ِّحبُّونَهُ أَذِّلَّ ٍة َ‬ ‫ْ‬
‫ف يَأتِّي َّ‬ ‫س ْو َ‬‫) ‪( 6‬إشارة إلى اآلية” فَ َ‬
‫‪. ]/ 54‬‬
‫) ‪( 7‬اآلية ‪31 / 3‬‬
‫الر ِّحي ُم ‪“( 9 / 118 ) .‬‬ ‫اب َّ‬ ‫علَ ْي ِّه ْم ِّليَتُوبُوا ِّإ َّن َّ َ‬
‫َّللا ُه َو الت َّ َّو ُ‬ ‫”) ‪( 8‬ث ُ َّم َ‬
‫تاب َ‬
‫) ‪( 9‬والجدير بالذكر ان كلمة “ الجزاء الوفاق “ هي قرآنية يقول تعالى ‪ِّ ”:‬إ َّال َح ِّميما ً‬
‫ساقا ً َجزا ًء ِّوفاقا ً ‪“( 78 / 26 ) .‬‬ ‫َو َ‬
‫غ َّ‬
‫َّللا ‪“( 39 /‬‬ ‫طوا ِّم ْن َر ْح َم ِّة َّ ِّ‬ ‫على أ َ ْنفُ ِّس ِّه ْم ال ت َ ْقنَ ُ‬ ‫ِّي الَّذِّينَ أَس َْرفُوا َ‬ ‫) ‪” (10‬قُ ْل يا ِّعباد َ‬
‫‪. )53‬‬
‫) ‪( 11‬يراجع بشأن الجزاء الوفاق الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪. 265‬‬
‫) ‪( 12‬راجع المعاني المختلفة لكلمة “ عدل “ في هذا المعجم ‪.‬‬
‫) ‪( 13‬جنة االعمال هي نفسها جنة الجزاء انظر ف ‪ . 599 / 2‬حيث يسميها “ جنة‬
‫جزاء العمل ‪“ .‬‬
‫) ‪( 14‬يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫“ رحمة الرضى ورحمة الفضل وأنواع الرحموتيات “ ( ف ‪. ) 474 / 3‬‬
‫َّللا عن العبد استنادا الفعاله ‪،‬‬ ‫رحمة الرضى هي رحمة الوجوب ألنها رضاء من ّ‬
‫َّللا على عبده ابتداء ‪.‬‬ ‫ورحمة الفضل امتن بها ّ‬
‫الزكاة َ ‪“( 7 / 156 ) .‬‬ ‫سأ َ ْكتُبُها ِّللَّذِّينَ يَتَّقُونَ َويُؤْ تُونَ َّ‬ ‫) ‪” ( 15‬فَ َ‬
‫ْب فِّي ِّه ‪“( 6 / 12 ) .‬‬ ‫الر ْح َمةَ لَيَ ْج َمعَنَّ ُك ْم إِّلى يَ ْو ِّم ْال ِّقيا َم ِّة ال َري َ‬ ‫على نَ ْف ِّس ِّه َّ‬ ‫ب َ‬ ‫) ‪َ ” ( 16‬كت َ َ‬
‫) ‪( 17‬يراجع بخصوص الرحمتين عند ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪ 163‬حيث يقول ‪ “ :‬فمنا [ الممكنات ] من يأخذها [ الرحمة ]‬
‫بطريق الوجوب ‪ . . .‬ومنا من يأخذها بطريق االمتنان من عين المنة والفضل اإللهي‬
‫‪“.‬‬
‫‪-‬فصوص الحكم ج ‪ 1‬ص ‪. 180‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪ 57‬وص ‪. 274‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪. 485‬‬

‫‪1027‬‬
‫“ ‪“ 1028‬‬
‫‪-‬تعليق أبو العال عفيفي على الرحمتين فصوص الحكم ج ‪ 2‬ص ص ‪. 207 - 205‬‬
‫حيث يجد ان رحمة االمتنان العامة هي الوجود ‪.‬‬
‫‪-‬راجع كلمة “ رحمة “ في هذا المعجم ‪.‬‬
‫****‬
‫‪ - 581‬الموت‬
‫مرادف ‪ :‬شهود الرفيق‬
‫ال يحلو الكالم في الموت اال عند الصوفية ‪ ،‬فهم الطائفة الوحيدة تقريبا التي نظرت‬
‫اليه باشتياق وحنين ‪ ،‬ودغدغ وجدانها فترقبته فرحة وجلة‪.‬‬
‫ا ليس اطالقا من قيد الجسد واألكوان واالندراج في المطلق والرحمن ‪.‬‬
‫أليس تتويجا لطريقهم إلى الحق ؟‬
‫وكم هي مؤثرة تلك البساطة امام الموت !‬
‫انه مجرد “ نفس “ يخرج من الرئتين وال يدخل ثانية ‪ ،‬ويبدأ التفريق بين الروح‬
‫والجسد ‪.‬‬
‫وال يكاد يخرج ابن العربي على هذا الخط الصوفي ‪ ،‬وان كان قد ساهم في غناه‬
‫بصور شعرية رائعة ‪.‬‬
‫****‬
‫يصور ابن العربي الجسم والروح ‪ .‬كالمدينة والقرية بالنسبة ‪:‬لواليها ‪ .‬فهو [ الوالي ‪-‬‬
‫الروح ] المحكم فيها ‪ ،‬يدبر أمورها ويرعى مصالحها ‪.‬‬
‫والموت ‪:‬‬
‫عزل لهذا الوالي ‪ .‬وفي عزله ‪ :‬إطالقه من قيد الحدود دون انقطاع اثره في الوجود ‪.‬‬
‫فما الموت اال ‪ :‬انتقال مخصوص على وجه مخصوص ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ وليس الموت بإزالة الحياة ‪ . . .‬ولكن الموت ‪ :‬عزل الوالي ‪ ( “ . . .‬ف ‪) 289 / 4‬‬
‫“ والموت فينا ‪ :‬فراغ ألرواحنا من تدبير أجسامها ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 351 / 2‬‬
‫“ ‪ . . .‬والموت عبارة عن االنتقال من منزل الدنيا إلى منزل اآلخرة ‪ ،‬ما هو‬
‫[ الموت ] عبارة عن إزالة الحياة ‪ . . .‬فالموت انتقال خاص على وجه‬

‫‪1028‬‬
‫“ ‪“ 1029‬‬
‫مخصوص ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 290 / 4‬‬
‫“ ‪ . . .‬الموت وال بد منه بأي وجه كان ‪ ،‬ولست اعني بالموت اال االنتقال عن هذه‬
‫الدار ‪ .‬فإن الشهيد منتقل وان لم يتصف بالموت ‪ ( “ . . . 1‬ف ‪. ) 67/ 4‬‬
‫ويقول في نص صريح بتأثير األرواح بعد انتقالها ‪ّّ . . . ”:‬لل قوم وجود الحق عينهم *‬
‫هم االحياء ان عاشورا وان ماتوا‬
‫ال يأخذ القوم نوم ال وال سنة * وال يؤدهم حفظ ولو ماتوا “( ف ‪) 395 / 4‬‬
‫****‬
‫الموت تفريق الجزاء االنسان ور ّد كل جزء إلى أصله‪.‬‬
‫ونترك الكالم لشيخنا األكبر ‪ .‬يبدع بحروفه صورة كمون النفس في العظم بعد الموت‬
‫‪ ،‬مثل كمون النار في الحجر ‪.‬‬

‫يقول ‪:‬‬
‫ّ‬
‫وفرق بين الروح والجسد ‪ ،‬ورد كل شيء‬ ‫“ ‪ . . .‬جاء الموت بما فيه ‪ . .‬فاخلى البلد‬
‫إلى أصله ‪ . . .‬فالحق الجسم مع اترابه بترابه ‪ ،‬وعرج بالروح ‪ ( “ . .‬ف ‪/ 4‬‬
‫‪. ) 381‬‬
‫“ ‪ . .‬ان الموت حياة مطموسة ‪ ،‬وذلك ان الحياة انقسمت قسمين ‪ :‬أحدهما الحياة‬
‫المبصرة ‪ ،‬وهي حياة التأليف ‪ .‬واألخرى الحياة المطموسة ‪ ،‬وهي حياة التفريق‬
‫المسماة موتا ‪ ( “ . . .‬بلغة الغواص ‪. ) 84‬‬
‫“ ‪ . . .‬ولما كان الموت مسببا لتفريق المجموع ‪ :‬وفصل االتصاالت ‪ ،‬وشتات الشمل ‪،‬‬
‫سمي التفريق الذي هو بهذه المثابة ‪ :‬موتا “ ( ف ‪. ) 24 / 3‬‬

‫“ ‪ . . .‬فإذا انقطع غذاؤها [ النفس ] ضعفت حركتها ‪ ،‬فحينئذ ‪ :‬ينقطع هواها ‪ ،‬فإذا‬
‫انقطع هواها [ عنصر الهواء ] ‪ ،‬انقطعت نار [ عنصر النار ] شهواتها ‪ ،‬فماتت ‪.‬‬

‫وموتها ‪ :‬كمونها في العظم الرميم ‪ ،‬ككمون النار في الحجر ‪.‬فكما ان النار كامنة في‬
‫الحجر ال تخرج اال بقدح الزناد ‪ ،‬فكذلك الحياة الكامنة في العظم الرميم ال تخرج ‪ ،‬اال‬
‫بالنفخة الثانية وهي ‪ :‬نفخة‬

‫‪1029‬‬
‫“ ‪“ 1030‬‬
‫البعث ‪ ( “ . . .‬شق الجيوب ‪) 25‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫َّللا أ َ ْمواتا ً “( ‪. ) 169 / 3‬‬ ‫سبَ َّن الَّذِّينَ قُ ِّتلُوا ِّفي َ‬
‫س ِّبي ِّل َّ ِّ‬ ‫) ‪( 1‬إشارة إلى اآلية ‪َ ”:‬وال ت َ ْح َ‬
‫****‬
‫‪ - 582‬الموت األبيض‬
‫“ الموت األبيض “ إلى جانب ألوان أخرى من الموت ‪ “ :‬األسود ‪ ،‬األحمر ‪ ،‬األخضر‬
‫“ ‪ ،‬من المصطلحات الموروثة في السلوك الصوفي عند ابن العربي‪.‬‬
‫أول من أطلقها حاتم األصم ( ت ‪ 237‬هـ ) إذ يقول ‪:‬‬
‫“ من دخل في مذهبنا فليجعل في نفسه اربع خصال من الموت ‪ :‬موتا ابيض ‪ ،‬وموتا‬
‫اسود ‪ ،‬وموتا احمر ‪ ،‬وموتا اخضر ‪.‬‬
‫فاألبيض ‪ :‬الجوع ‪،‬‬
‫واألسود ‪ :‬احتمال األذى ‪،‬‬
‫واألحمر ‪ :‬مخالفة النفس ‪،‬‬
‫واألخضر ‪ :‬طرح الرقاع بعضها على بعض “ ‪ 1‬ولم يضف ابن العربي جديدا ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫‪ - 1‬الموتات األربع‬
‫َّللا اربع موتات ‪ ،‬موت ابيض ‪ :‬وهو الجوع ‪.‬‬ ‫“ ‪ . . .‬فإن ألهل ّ‬
‫وموت احمر ‪:‬‬
‫وهو مخالفة النفس في هواها ‪ ،‬وموت اخضر ‪ :‬وهو طرح الرقاع في اللباس بعض‬
‫على بعض ‪ .‬وموت اسود ‪ :‬وهو تحمل اذى الخلق ‪ ،‬بل مطلق األذى “ ‪ ( . . .‬ف ‪/ 1‬‬
‫‪. ) 258‬‬

‫“ ‪ . . .‬سر الموت كرباته وكشف حسراته ‪ ،‬فأبيضه ‪ :‬ألم حسي ‪ ،‬وأحمره ‪ :‬ألم نفسي ‪،‬‬
‫واسوده ‪ :‬مرض عقلي ‪ ،‬واخضره ‪ :‬مثل زهر النبات لما فيه من شتات ‪ ( “ . . .‬ف ‪4‬‬
‫‪) 352 /‬‬

‫‪1030‬‬
‫“ ‪“ 1031‬‬

‫‪ - 2‬الموت األبيض ‪ . . . ”:‬الجوع موت أبيض * وهو من اعالم الهدى الجوع حلية‬
‫َّللا ‪ ،‬واعني بذلك جوع العادة وهو الموت األبيض “ ( ف ‪) 187 / 2‬‬ ‫أهل ّ‬
‫‪ - 3‬الموت األسود ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬واما الموت األسود الحتمال األذى فإن في ذلك غم النفس ‪ ،‬والغم ظلمة النفس ‪،‬‬
‫والظلمة تشبه في األلوان ‪ :‬السواد ‪ ( “ . . .‬ف ‪.4 ) 258 / 1‬‬
‫‪ - 4‬الموت األحمر ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬والموت األحمر مخالفة النفس ‪ ،‬شبيه بحمرة الدم ‪ ،‬فإنه من خالف هواه ‪:‬‬
‫فقد ذبح نفسه ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 258 / 1‬‬
‫“ ‪ . . .‬وموت احمر وهو مخالفة النفس في اغراضها ‪ ،‬وهو ألهل المالمية ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ‪) 187 / 2‬‬
‫‪ - 5‬الموت األخضر ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬وموت اخضر وهو لباس المرقعات اال المشهرات ‪ ،‬كان لعمر بن الخطاب‬
‫ثوب يلبسه فيه ثالث عشرة رقعة ‪ ،‬إحداها قطعة جلد ‪ ،‬وهو أمير المؤمنين “ ( ف ‪/ 2‬‬
‫‪) 187‬‬
‫“ ‪ . . .‬وانما سميت لبس المرقعات موتا اخضر ‪ 2‬الن حاله حال األرض في اختالف‬
‫النبات فيه واألزهار ‪ ،‬فاشبه اختالف الرقاع ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 258/ 1‬‬
‫انظر ‪ “ :‬الجوع “ “ طرح الرقاع “‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬نجد النص في طبقات المناوي ص ‪ . 96‬والنص نفسه نجده في طبقات السلمي‬
‫ص ‪. 93‬‬
‫) ‪( 2‬يراجع بشأن أنواع الموت هذه ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪ ( 187‬الموت األسود )‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪ ( 352‬الموت األخضر ‪ -‬الموت األسود ‪ -‬الموت األبيض )‬
‫ص ‪ ( 354‬الموت األحمر )‬
‫‪-‬روح القدس ص ‪ ( 23‬الموت األخضر )‬

‫‪1031‬‬
‫“ ‪“ 1032‬‬
‫‪ - 583‬الموت األحمر‬
‫انظر “ الموت األبيض "‪.‬‬
‫****‬
‫‪ - 584‬الموت األخضر‬
‫انظر “ الموت األبيض "‪.‬‬
‫****‬
‫‪ - 585‬الموت األسود‬
‫انظر “ الموت األبيض "‬
‫****‬
‫‪ - 586‬الموت األصغر‬
‫الموت األصغر هو ‪ :‬انتقال النوم ‪ ،‬في مقابل الموت األكبر [ انتقال الموت ] ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬والنوم ‪ :‬موت أصغر ‪ ،‬فهو عين الموت ‪ :‬من حيث إن الحضرة التي ينتقل إليها‬
‫النائم ‪ ،‬هي بعينها التي ينتقل إليها الميت سواء ‪ ،‬اليقظة بعد النوم كالبعث بعد‬
‫الموت ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 424 / 4‬‬

‫“ ‪ . . .‬ا ال تراه إذا انتقل [ العبد ] بالموت األكبر ‪ ،‬أو بالموت األصغر ‪ ،‬إلى البرزخ ‪.‬‬
‫كيف يرى في الموت األصغر أمورا كان يحيلها عقال في حال اليقظة ‪ ،‬وهي له في‬
‫البرزخ محسوسة ‪ ،‬كما هي له في حال اليقظة ما يتعلق به حسه فال ينكره ‪ ( “ . . .‬ف‬
‫‪) 99 / 4‬‬
‫انظر “ موت “‬

‫‪1032‬‬
‫“ ‪“ 1033‬‬

‫‪ - 587‬الموت األكبر‬
‫انظر “ الموت األصغر "‪.‬‬
‫****‬
‫المعنوي‬
‫ّ‬ ‫‪ - 588‬الموت‬
‫الموت المعنوي ‪ :‬هو وصول العبد إلى مقام تنقطع عنه أوصافه ‪ ،‬ويقوم الحق مقامه‬
‫في جميع الحاالت ‪ ،‬بل هو ‪ :‬فناء العبد وبقاء الحق ‪ ،‬في مقابل الموت الحسي‬
‫( انتقال ) ‪.‬‬

‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬فكما ان من مات بصورته ‪ ،‬انقطعت جميع أوصافه المحمودة والمذمومة ‪،‬‬
‫َّللا‬
‫كذلك بالموت المعنوي تنقطع عنه جميع أوصافه المحمودة والمذمومة ‪ ،‬ويقوم ّ‬
‫تعالى مقامه في جميع الحاالت ‪.‬‬
‫َّللا ‪ ،‬ومقام صفاته صفاته ‪.‬‬
‫ويقوم مقام ذاته ذات ّ‬
‫ولذلك قال عليه السالم ‪ :‬موتوا قبل ان تموتوا ‪.‬‬
‫َّللا تعالى ال يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه‬ ‫وقال صلّى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ :‬قال ّ‬
‫فإذا أحببته كنت له سمعا وبصرا ويدا إلى آخره ‪ - [ . . .‬مقام قرب النوافل ‪،‬‬
‫فليراجع ] ‪ ( “ . . .‬كتاب الهو ق ‪.) 198 - 197‬‬

‫‪1033‬‬
“ 1034 “

1034
‫“ ‪“ 1035‬‬

‫حرف النون‬
‫ن‬

‫‪1035‬‬
“ 1036 “

1036
‫“ ‪“ 1037‬‬
‫‪ - 589‬نون‬
‫“ نون “ هي ‪ :‬علم االجمال ‪ .‬الدواة التي تحوي في مدادها اجماال ‪ :‬الحروف [ ‪ -‬صور‬
‫العالم ] ‪ ،‬في مقابل القلم [ حضرة التفصيل ] ‪.‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫“ القلم ‪ :‬علم التفصيل ‪ . . .‬النون ‪ :‬علم االجمال ‪“ . 1‬‬
‫( االصطالحات ص ‪. ) 294‬‬
‫“ ‪ . . .‬فالنون جسماني ‪ ،‬محل ايجاد مواد الروح والعقل والنفس ووجود الفعل ‪.‬‬
‫وهذا كله مستودع في النون ‪ .‬وهي كليّة االنسان الظاهرة ‪ ،‬ولهذا ظهرت “ ( ف السفر‬
‫الثاني ‪ ،‬فق ‪. ) 212‬‬
‫”نون الوجود ‪ 2‬تدل نقطة ذاتها *** في عينها عينا على معبودها‬
‫فوجودها من جوده ويمينه *** وجميع أكوان العلى من جودها‬
‫فانظر بعينك نصف عين وجودها *** من جودها تعثر على مفقودها “‬
‫( ف السفر األول فق ‪. ) 577‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬تقابل النون والقلم نجد مصدره في اآلية الكريمة ‪ ”:‬ن َو ْالقَلَ ِّم َوما يَ ْس ُ‬
‫ط ُرونَ‬
‫“[ القلم ‪. ] 1 / 68‬‬
‫َّللا‬
‫يقول سهل التستري في “ التفسير العظيم “ ص ‪ “ : 106‬النون اسم من أسماء ّ‬
‫تعالى ‪ ،‬إذا جمعت بين أوائل السور ‪ :‬الر وحم ون فهو اسم ‪ :‬الرحمن ‪“ .‬‬
‫) ‪( 2‬يراجع بشأن “ نون “ عند ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات السفر األول فق ‪ ( 369‬النون ‪ -‬حرف ) ‪ ( 373 ،‬النون ‪ -‬حرف ) فق‬
‫‪ ( 381‬النون ‪ :‬مرتبة خط االنسان من عالم الحروف ) ‪ ،‬فق ‪ ( 387 ، 386‬النون‬
‫حرف للحضرة االنسانية ) ‪ ،‬فق ‪ ( 388‬النون الرقمية ) ‪ ،‬فق ‪ ( 389‬النون‬
‫الروحانية ‪ -‬النون السفلية ‪ ،‬النون المرقومة ) ‪ ،‬فق ‪ ( 390‬النون تعطي األزل‬
‫االنساني ) ‪ ،‬فق ‪ ( 394‬النون ترجع حقائقها للعبد ) ‪ ،‬فق ‪ ( 426‬النون ‪:‬ثنائية ) ‪،‬‬
‫فق ‪ ( 577‬نون الوجود ) ‪ ،‬فق ‪ ( 584‬النون ) ‪ ،‬فق ‪ ( 610‬الميم كالنون ‪) .‬‬
‫‪-‬الفتوحات السفر الثاني فق ‪ ( 205‬النون من االسم الرحمن ‪ -‬النون الغيبية ) ‪ ،‬فق‬
‫‪ ( 209‬النون ) ‪ .‬فق ‪. 216 ، 215 ، 213 ، 212‬‬

‫‪1037‬‬
‫“ ‪“ 1038‬‬
‫نبوة‬
‫‪ّ – 590‬‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫ي ‪ :‬ما ارتفع من األرض ‪. . .‬‬‫“ والنّبوة ‪ :‬االرتفاع ‪ . .‬والنّبوة والنّباوة والنب ّ‬
‫ي‪:‬‬‫ومنه الحديث ‪ :‬ال تصلّوا على النّبي أي على األرض المرتفعة المحدودبة ‪ .‬والنب ّ‬
‫العلم من اعالم األرض التي يهتدى بها ‪.‬‬
‫َّللا ‪ ،‬وذلك ألنه يهتدى به ‪ . . .‬ابن‬
‫قال بعضهم ‪ :‬ومنه اشتقاق النبي ألنه ارفع خلق ّ‬
‫َّللا ‪ ،‬فترك همزه ‪،‬‬‫السكيت ‪ :‬النبي هو الذي أنبأ عن ّ‬
‫قال ‪ :‬وإن اخذت النبي من النّبوة والنّباوة ‪ ،‬وهي االرتفاع من األرض ‪ ،‬الرتفاع قدره‬
‫شرف على سائر الخلق ‪ ،‬فأصله غير الهمز ‪ ،‬وهو فعيل بمعنى مفعول ‪،‬‬ ‫وألنه ّ‬
‫ي ‪ ،‬والجمع أنبياء ‪. . . ،‬‬ ‫وتصغيره نب ّ‬
‫ي الطريق ‪ ،‬واألنبياء طرق الهدى‬ ‫وقال الكسائي ‪ :‬النّب ّ‬
‫قال أبو معاذ النحوي ‪ :‬سمعت أعرابيا يقول ‪ :‬من يدلني على النبي اي على الطريق‪.‬‬
‫وقال الزجاج ‪ :‬القراءة المجتمع عليها في النبيين واألنبياء طرح الهمز ‪ ،‬وقد همز‬
‫جماعة من أهل المدينة جميع ما في القرآن من هذا ‪ ،‬ترك الهمز ‪ . . .‬فإذا همزت قلت‬
‫نبيء ونبآء ‪ . . .‬فيجوز ان يكون نبي من أنبأت مما ترك همزه لكثرة االستعمال ‪،‬‬
‫الرفعة “ ‪ ( .‬لسان العرب‬‫ويجوز ان يكون من نبا ينبو إذا ارتفع ‪ ،‬فيكون فعيال من ّ‬
‫مادة “ نبا “ )‪.‬‬

‫في القرآن ‪: 1‬‬


‫يظهر األنبياء في القرآن بأنهم صفوة البشر ‪ :‬عقليا ‪ ،‬وخلقيا وعمليا ‪.‬‬
‫َّللا بالمحبة والرضا ‪ -‬وهم السبيل الوحيد لمعرفته تعالى وتوحيده ‪. .‬‬ ‫صهم ّ‬ ‫خ ّ‬
‫ولمعرفة صفاته ‪ .‬وهذه المعرفة ال تكون اال بالتعريف اإللهي ال نتيجة ذكاء وفهم‬
‫وفلسفة ‪ ،‬لما فيها من االيمان بالغيب ‪.‬‬
‫‪ - 1‬األنبياء صفوة البشر ‪:‬‬
‫ْث يَ ْجعَ ُل ِّرسالَتَهُ “[ االنعام ‪. ] 124 /‬‬ ‫َّللاُ أ َ ْعلَ ُم َحي ُ‬
‫قال تعالى ‪َّ ” :‬‬
‫َّللا َوخات َ َم النَّ ِّب ِّيّينَ‬ ‫قال تعالى ‪ ” :‬ما كانَ ُم َح َّم ٌد أَبا أ َ َح ٍد ِّم ْن ِّرجا ِّل ُك ْم ‪َ ،‬ول ِّك ْن َر ُ‬
‫سو َل َّ ِّ‬
‫“[ األحزاب ‪. ] / 40‬‬
‫يال “[ النساء ‪.] 125 /‬‬ ‫يم َخ ِّل ً‬ ‫”قال تعالى ‪َ :‬وات َّ َخذَ َّ‬
‫َّللاُ ِّإبْرا ِّه َ‬

‫‪1038‬‬
‫“ ‪“ 1039‬‬

‫ضيًّا “[ مريم ‪. ] 55 /‬‬ ‫“ َوكانَ ِّع ْن َد َر ِّبّه ِّ[ إسماعيل ] َم ْر ِّ‬


‫طنَ ْعت ُ َك [ موسى ] ِّلنَ ْف ِّسي “[ طه ‪. ] 41 /‬‬ ‫ص َ‬
‫” َوا ْ‬
‫ع ْينِّي “[ طه ‪. ] 29 /‬‬
‫على َ‬
‫صنَ َع َ‬ ‫” َوأ َ ْلقَيْتُ َ‬
‫علَي َْك[ موسى ] َم َحبَّةً ِّم ِّنّي َو ِّلت ُ ْ‬

‫‪ - 2‬األنبياء رسل توحيد ‪:‬‬


‫يم ُر ْش َدهُ ِّم ْن قَ ْب ُل َو ُكنَّا ِّب ِّه عا ِّل ِّمينَ ‪.‬‬ ‫” َولَقَ ْد آتَيْنا ِّإبْرا ِّه َ‬
‫ِّإ ْذ قا َل ِّأل َ ِّبي ِّه َوقَ ْو ِّم ِّه ‪ :‬ما ه ِّذ ِّه التَّما ِّثي ُل الَّ ِّتي أ َ ْنت ُ ْم لَها عا ِّكفُونَ !‬
‫ين‬
‫ضال ٍل ُمبِّ ٍ‬ ‫قالُوا ‪َ :‬و َج ْدنا آبا َءنا لَها عابِّدِّينَ ‪ .‬قا َل ‪ :‬لَقَ ْد ُك ْنت ُ ْم أ َ ْنت ُ ْم َوآبا ُؤ ُك ْم فِّي َ‬
‫“ [ األنبياء ‪. ] 54 - 51 /‬‬
‫وفي سورة العنكبوت نرى إبراهيم عليه السالم ينتقل في دعوته ‪ ،‬من اظهار ضالل‬
‫الوثنية إلى توحيد العالمين ‪.‬‬
‫َّللا َواتَّقُوهُ ‪ ،‬ذ ِّل ُك ْم َخي ٌْر لَ ُك ْم ِّإ ْن ُك ْنت ُ ْم ت َ ْعلَ ُمونَ ‪ِّ .‬إنَّما‬ ‫يم ِّإ ْذ قا َل ِّلقَ ْو ِّم ِّه ‪ :‬ا ْعبُدُوا َّ َ‬ ‫” َو ِّإبْرا ِّه َ‬
‫َّللا ال يَ ْم ِّل ُكونَ لَ ُك ْم‬
‫ُون َّ ِّ‬ ‫َّللا أ َ ْوثانا ً َوت َ ْخلُقُونَ ِّإ ْفكا ً ‪ِّ ،‬إ َّن الَّذِّينَ ت َ ْعبُدُونَ ِّم ْن د ِّ‬ ‫ُون َّ ِّ‬ ‫ت َ ْعبُدُونَ ِّم ْن د ِّ‬
‫الر ْزقَ َوا ْعبُدُوهُ‪ ( “ . . .‬العنكبوت ‪) 17 - 16 /‬‬ ‫ِّر ْزقا ً ‪ ،‬فَا ْبتَغُوا ِّع ْن َد َّ ِّ‬
‫َّللا ِّ ّ‬
‫ودعوة إبراهيم إلى التوحيد هي دعوة كل الرسل مما ال يتسع المجال لذكرها [ فليراجع‬
‫“ القرآن “ ]‬
‫للا ‪:‬‬ ‫‪ - 3‬دور التعريف اإللهي في معرفة ّ‬
‫يمان ‪َ ،‬ول ِّك ْن‬‫اإل ُ‬ ‫تاب َو َال ْ ِّ‬ ‫ت ت َ ْد ِّري َما ْال ِّك ُ‬ ‫” َو َكذ ِّل َك أ َ ْو َحيْنا ِّإلَي َْك ُروحا ً ِّم ْن أ َ ْم ِّرنا ‪ ،‬ما ُك ْن َ‬
‫َجعَ ْلناهُ نُورا ً نَ ْهدِّي ِّب ِّه َم ْن نَشا ُء ِّم ْن ِّعبادِّنا “[ الشورى ‪. ] 52 /‬‬
‫ي يُوحى “[ النجم ‪. ] 4 - 3 /‬‬ ‫ع ِّن ْال َهوى ‪ ،‬إِّ ْن ُه َو إِّ َّال َو ْح ٌ‬ ‫” َوما يَ ْن ِّط ُق َ‬
‫‪ - 4‬األنبياء وااليمان بالغيب ‪:‬‬
‫ب“ ( البقرة ‪- 1 /‬‬ ‫ى ِّل ْل ُمت َّ ِّقينَ الَّذِّينَ يُؤْ ِّمنُونَ ِّب ْالغَ ْي ِّ‬
‫ْب فِّي ِّه ‪ُ ،‬هد ً‬ ‫تاب ال َري َ‬ ‫” ألم ‪ .‬ذ ِّل َك ْال ِّك ُ‬
‫‪.)3‬‬
‫عند ابن العربي ‪:‬‬
‫“ النبوة “ من المفردات واالفكار التي جلبت للشيخ األكبر مختلف التهم ‪ ،‬تدرجت في‬
‫ألوانها من االستياء إلى التكفير ‪.‬‬
‫فإذا أخذنا بعين االعتبار ‪ -‬نظرا لصورته التي أضحت واضحة في هذا‬

‫‪1039‬‬
‫“ ‪“ 1040‬‬
‫المعجم ‪ -‬ان هذا الشيخ الجليل ال يقع في خطأ اسالمي شرعي فما هو مصدر الغلط‬
‫ومنشأه ؟‬

‫‪ - 1‬ان المطالع لكتبه أخذ عبارة مثل ‪ “ :‬الولي أعلى من النبي “ ‪ ،‬قاطعا إياها عن‬
‫سياقها الفكري ‪.‬‬
‫صالة َ “بمعزل عن بقيتها ‪ ،‬جاعال منها ‪ :‬نصا شرعيا ‪.‬‬ ‫كمن يأخذ اآلية ‪ ”:‬ال ت َ ْق َربُوا ال َّ‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬وإذا سمعتم لفظة من عارف محقق مبهمة وهو ان يقول ‪ :‬الوالية هي النبوة‬
‫الكبرى ‪ ،‬والولي العارف مرتبته فوق مرتبة الرسول ‪ . .‬فالنبي صلّى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم له‬
‫مرتبة الوالية والمعرفة ‪ ،‬والرسالة‪.‬‬
‫ومرتبة الوالية والمعرفة ‪ :‬دائمة الوجود ‪ ،‬ومرتبة الرسالة ‪ :‬منقطعة ‪ .‬فهو صلّى ّ‬
‫َّللا‬
‫عليه وسلم من كونه وليا وعارفا أعلى واشرف من كونه رسوال ‪.‬‬
‫باّلل من‬
‫وهو الشخص بعينه واختلفت مراتبه ‪ ،‬ال ان الولي منا ارفع من الرسول نعوذ ّ‬
‫الخذالن ‪ ( “ . . .‬القربة ص ‪. ) 9‬‬

‫‪ - 2‬ان “ النبوة “ “ والوالية “ عند ابن العربي‬


‫كلتاهما اخذت معنى له أصوله اللغوية ‪ -‬الدينية بعيدا عن محمالته المعهودة‬
‫والمعروفة ‪.‬‬
‫لذلك وانطالقا من هاتين النقطتين ‪ ،‬فال بد قبل الحكم على موقفه من النبوة والوالية ان‬
‫نتعرض لمضامينهما عند شيخنا األكبر ‪ ،‬ألن المفكر العربي االسالمي يحكم عليه ‪،‬‬
‫في اطار اللغة التي وضعها وفي ضوء توافقها من اللسان العربي ‪ ،‬والتشريع‬
‫االسالمي ‪.‬‬

‫ما هي محمالت “ النبوة “ و “ الوالية “ ؟‬


‫( أ ) ان “ النبوة “ ال تفهم عامة خارج اشخاص أنبياء الشرائع واألنبياء المرسلين ‪.‬‬
‫انها “ مضمون “ و “ نمط “ اتصال بين الحق والخلق بعدي ‪( a - posteriori ).‬‬
‫على حين انها عند ابن العربي مضمون ونمط قبلي ‪( a priori )-‬ان أمكن القول ‪-‬‬
‫تحقق في االشخاص ‪،‬‬
‫فهي موجودة في بنيانه الفكري ‪:‬‬
‫كمرتبة وجودية وامكانية نمط وجودها في االنسان ‪ :‬تحقيق [ ‪ -‬تحققت في األعيان ] ‪،‬‬
‫وبلغتنا المعاصرة ‪ ،‬تجسيد ‪.‬‬
‫لذلك يظل قبلة نظر ابن العربي هذه المرتبة الوجودية ‪ ،‬وليس اشخاصها ‪.‬‬
‫فعند ما يتكلم على “ النبوة “ فهو يقصد ‪ “ :‬مرتبة “ و “ مقاما “ وليس ‪:‬‬
‫“ عيسى “ و “ موسى “ الخ عليهما السالم ‪. . .‬‬
‫وان أطلقها على “ عيسى “ و “ موسى “ ‪ -‬عليهما السالم ‪ -‬مثال فهي ال تحتويهما بل‬
‫نسبة ووجه من وجوههما‪. . .‬‬

‫‪1040‬‬
‫“ ‪“ 1041‬‬

‫( ب ) ان “ الوالية “ تفهم عامة منسوبة إلى هذا النمط من الرجال الذين مارسوا‬
‫التدين والتقوى والورع ‪ ،‬فظهرت عليهم من اآلثار ما لفت نظر العموم ‪ ،‬فخصوهم‬
‫باأللقاب ومنها ‪ “ :‬الولي “ ‪ ،‬التي تجد جذرها القرآني في اآلية” أَال إِّ َّن أ َ ْو ِّليا َء َّ ِّ‬
‫َّللا ال‬
‫علَ ْي ِّه ْم َوال ُه ْم يَ ْحزَ نُونَ ‪.“[ 10 / 62 ] .‬‬
‫ف َ‬
‫خ َْو ٌ‬
‫ففصلت “ الوالية “ عن “ النبوة “ وحصرت باألتقياء من البشر من غير األنبياء ‪.‬‬
‫على حين ان ابن العربي جعل “ الوالية “ كالنبوة ‪ :‬مرتبة وجودية لها خصائص مميزة‬
‫تتحقق في األنبياء المرسلين ‪ ،‬واألنبياء غير المرسلين ‪ ،‬واألتقياء من عامة‬
‫المسلمين ‪.‬‬

‫فالوالية بهذا المضمون هي ما أشار اليه ‪ :‬بالنبوة العامة ‪ ،‬فموسى وعيسى مثال عليهما‬
‫السالم هما ‪ :‬أولياء ‪ -‬في نسبة تختلف عن النسبة ‪ ،‬التي يطلق من اجلها عليهما لفظ ‪:‬‬
‫“ أنبياء “ ‪ .‬وهكذا ‪. .‬‬

‫ولنحاول اآلن ان نحصر بنقاط جملة مفهوم ابن العربي للنبوة ‪:‬‬
‫* * * *أشار ابن العربي إلى “ النبوة “ بمعناها اللغوي السابق ‪ ،‬اي ‪ :‬الرفعة ؛‬
‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا منها‬
‫“ ‪ . . .‬واما النبوة ‪ ،‬التي هي غير مهموزة ‪ ،‬فهي ‪ :‬الرفعة ‪ .‬ولم يطلق على ّ‬
‫اسم [ ال يتسمى عز وجل بالنبي ] ولها في االله اسم ‪ :‬رفيع الدرجات ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 2‬‬
‫‪. ) 253‬‬
‫****‬
‫النبوة ‪ :‬هي االنباء اإللهي واالنزال الرباني ‪ ،‬أو التنزل الملكي عموما ‪.‬‬
‫فالنبوة عامة ‪ ،‬بهذه الصفة غير منقطعة تستمر في الظهور بصورتين ‪:‬‬
‫‪ - 1‬الوالية‬
‫‪ - 2‬الوراثة‬
‫ومن ابرز خصائصها انها ‪ :‬دون تشريع ‪ ،‬يحكمها شرع آخر األنبياء [ محمد صلّى ّ‬
‫َّللا‬
‫عليه وسلم ] ‪.‬‬

‫وهنا يستعمل ابن العربي جملة مفردات لإلشارة إلى هذه النبوة فيسميها ‪:‬‬
‫النبوة الباطنة ‪ ،‬نبوة عموم ‪ ،‬نبوة االخبار ‪ ،‬نبوة عامة ‪ ،‬الوراثة النبوية ‪ ،‬النبوة‬
‫المطلقة ‪ ،‬النبوة السارية ‪ ،‬نبوة الوارث ‪ ،‬نبوة الولي ‪ ،‬النبوة القمرية ‪.‬‬

‫ويطلق ابن العربي هذه األسماء كلها على “ نبوة “ غير األنبياء من ‪ :‬األولياء‬

‫‪1041‬‬
‫“ ‪“ 1042‬‬

‫والورثة ‪ ، 2‬في مقابل ‪ :‬نبوة األنبياء [ لها شرع مخصوص ] ‪ .‬التي يطلق عليها أيضا‬
‫جملة مفردات هي ‪:‬‬
‫نبوة التشريع ‪ ،‬نبوة التكليف ‪ ،‬النبوة الخاصة ‪ ،‬النبوة المقيدة ‪ ،‬نبوة مكملة ‪ ،‬نبوة‬
‫رسالية ‪ ،‬نبوة شمسية ‪ ،‬النبوة الظاهرة ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫‪ - 2‬النبوة ‪ -‬انزال رباني ‪ -‬انباء الهي ‪ -‬تنزل ملكي ( أ ) ‪ “ . . .‬فالنبوة الظاهرة [ ‪-‬‬
‫نبوة األنبياء ] هي التي انقطع ظهورها ‪ ،‬واما الباطنة [ ‪ -‬نبوة األولياء والورثة ] فال‬
‫تزال في الدنيا واآلخرة ‪ ،‬ألن الوحي اإللهي ‪ ،‬واالنزال الرباني ال ينقطعان إذ كان‬
‫بهما حفظ العالم “ ( ف ‪. ) 285/ 3‬‬
‫( ب ) “ فتلك [ النبوة ] منزلة ‪ :‬االنباء اإللهي المطلق ‪ ،‬لكل من حصل في تلك‬
‫المنزلة “ ‪ ( .‬ف ‪. ) 90 / 2‬‬
‫“ لئن لم تنته ألمحون اسمك من ديوان النبوة ‪ .‬اي ‪ :‬أرفع عنك طريق الخبر ‪،‬‬
‫وأعطيك األمور على التجلي ‪ .‬والتجلي ال يكون اال بما أنت عليه من االستعداد الذي‬
‫به يقع االدراك الذوقي ‪ ( “ 3‬فصوص ‪. ) 134 / 1‬‬
‫للا لهم المشي عليها ‪ّ ،‬‬
‫تتنزل عليهم‬ ‫( ج ) “ ثم استقاموا على طريقهم التي شرع ّ‬
‫المالئكة ‪ ،‬وهذا التنزل ‪ ،‬هو النبوة العامة ‪ ،‬ال نبوة التشريع ‪ ،‬تتنزل عليهم بالبشر‬
‫‪ . . . ،‬اي ال تخافوا وال تحزنوا ‪ ( . “ . .‬ف ‪.) 217 / 2‬‬

‫‪ - 2‬النبوة العامة غير منقطعة ‪ ،‬ال تشريع فيها ‪ -‬نبوة التشريع ‪ “ . . .‬واما النبوة‬
‫العامة ‪ :‬فأجزاؤها ال تنحصر ‪ ،‬وال يضبطها عدد ‪ ،‬فإنها غير مؤقتة ‪ ،‬لها االستمرار‬
‫دائما دنيا وآخرة ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 90 / 2‬‬

‫َّللا إلى عبده من غير روح‬


‫“ ‪ . . .‬اعلم أن النبوة البشرية على قسمين ‪ : 4‬قسم من ّ‬
‫َّللا وبين عبده ‪ ،‬بل اخبارات الهية يجدها في نفسه من الغيب ‪ ،‬أو في‬
‫ملكي بين ّ‬
‫تجليات ال يتعلق بذلك اإلخبار ‪ ،‬حكم تحليل وال تحريم ‪ .‬بل تعريف الهي ومزيد علم‬
‫باالله ‪ ،‬أو تصديق بصدق حكم مشروع ثابت ‪. .‬‬
‫وله [ العبد ] درجات االتباع ‪ ،‬وهو تابع ال متبوع ‪ ،‬ومحكوم ال حاكم ‪ ،‬وال بد له في‬
‫طريقه من مشاهدة قدم رسوله وإمامه ‪ ،‬ال يمكن ان يغيب عنه حتى في الكثيب‬

‫‪1042‬‬
‫“ ‪“ 1043‬‬

‫[ انظر “ كثيب “ ] ‪ . . .‬والقسم الثاني من النبوة البشرية ‪ :‬هم [ األنبياء ] الذين‬


‫َّللا ‪ ،‬في‬
‫يكونون مثل التالمذة بين يدي الملك ‪ ،‬ينزل عليهم الروح األمين بشريعة من ّ‬
‫حق نفوسهم يتعبدوه بها ‪ ،‬فيحل لهم ما شاء ويحرم عليهم ما شاء ‪ ،‬وال يلزمهم اتباع‬
‫الرسل ‪ .‬وهذا كله كان قبل مبعث محمد صلّى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم فأما اليوم فما بقي لهذا‬
‫المقام أثر ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 255- 254 / 2 -‬‬

‫“ ‪ . . .‬والنبوة في نفسها ‪ :‬اختصاص الهي ‪ ،‬يعطيه لمن يشاء من عباده ‪ ،‬وما عنده‬
‫خبر بشرع وال غيره ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 595 / 2‬‬

‫‪ - 3‬النبوة العامة ‪ -‬الوالية “ فالوالية ‪ :‬الفلك المحيط الجامع للكل [ األنبياء‬


‫واألولياء ] ‪ ،‬فهم وان اجتمعوا في منصب الوالية ‪ ،‬فالوالة لهم مراتب ‪ ( “ . . .‬ف ‪3‬‬
‫‪. ) 14 /‬‬

‫“ ‪ . . .‬فقد يكون الولي ‪ :‬بشيرا ونذيرا ‪ ،‬ولكن ال يكون ‪ :‬مشرعا‪.‬‬


‫فإن الرسالة والنبوة والتشريع قد انقطعت ‪ ،‬فال رسول بعده [ صلّى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ]‬
‫وال نبي اي ‪ :‬ال مشرع وال شريعة ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 376 / 2‬‬

‫“ والوالية لها األولية ثم تنصحب وتثبت وال تزول ‪ ،‬ومن درجاتها ‪ :‬النبوة والرسالة ‪.‬‬
‫فينالها بعض الناس ‪ . . .‬واما اليوم ‪ ،‬فال يصل إلى درجة النبوة ‪ ،‬نبوة التشريع ‪ ،‬أحد‬
‫‪ ،‬ألن بابها مغلق ‪ ،‬والوالية ال ترتفع دنيا وال آخرة ‪. . .‬‬
‫ومن أسمائه “ الولي “ ‪ ،‬وليس من أسمائه ‪ :‬نبي وال رسول‪.‬‬
‫فلهذا انقطعت النبوة والرسالة ‪ ،‬ألنه ال مستند لها في األسماء اإللهية ‪ ،‬ولم تنقطع‬
‫الوالية ‪ ،‬فإن االسم الولي ‪ ،‬يحفظها ‪ ( “ . .‬ف ‪. ) 101 / 3‬‬
‫انظر “ والية “ ‪.‬‬

‫‪ - 4‬النبوة العامة ‪ -‬الوراثة “ فاعبد ربك المنعوت في الشرع حتى يأتيك اليقين ‪،‬‬
‫فينكشف الغطاء ‪ ،‬ويحتد البصر ‪ ،‬فترى ما رأى ‪ ،‬وتسمع ما سمع ‪ ،‬فتلحق به في‬
‫درجته [ النبوة العامة ] من غير نبوة تشريع ‪ ،‬بل وراثة محققة لنفس مصدقة متبعة‬
‫“ ( ف ‪. ) 311 / 3‬‬

‫“ ‪ . . .‬فالولي ال يأخذ النبوة من النبي ‪ ،‬اال بعد ان يرثها الحق منهم‬

‫‪1043‬‬
‫“ ‪“ 1044‬‬

‫[األنبياء ] ‪ ،‬ثم يلقيها [ تعالى ] إلى الولي ‪ ،‬ليكون ذلك ات ّم في حقه [ الولي ] ‪ ،‬حتى‬
‫َّللا ال إلى غيره ‪ .‬وبعض األولياء يأخذونها وراثة عن النبي وهم ‪:‬‬ ‫ينتسب إلى ّ‬
‫الصحابة ‪ ( “ . .‬ف ‪. ) 253 / 2‬‬
‫“ ‪ . . .‬فنبوة الوارث ‪ :‬قمرية ‪ ،‬ونبوة النبي والرسول ‪ :‬شمسية ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 4‬‬
‫‪. ) 330‬‬
‫يتضح من النص األخير ‪ ،‬ان النبوة العامة التي هي ‪ :‬مقام يرثه الولي من النبي ‪،‬‬
‫تكون باألصالة للنبي وبالتبعية للولي كنور القمر [ ‪ -‬مثال نبوة الوارث ] يتبع نور‬
‫الشمس [ ‪ -‬مثال نبوة النبي ] ‪.‬‬
‫انظر المعنى التالي للنبوة ‪.‬‬

‫‪ - 5‬نبوة التشريع ‪ -‬نبوة األنبياء ‪ ،‬وهي منقطعة ‪:‬‬


‫َّللا صلّى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم بانقطاع الرسالة فقط لئال يتوهم ان‬ ‫“ ‪ . . .‬لم يكتف رسول ّ‬
‫النبوة باقية في األمة ‪ ،‬فقال عليها السالم ‪ :‬ان النبوة والرسالة قد انقطعت فال نبي بعدي‬
‫وال رسول ‪ ( “ 5‬ف ‪. ) 38 / 3‬‬

‫“ األنبياء [ ‪ -‬نبوة عامة ] على نوعين ‪ :‬أنبياء تشريع وأنبياء ال تشريع لهم ‪.‬‬
‫وأنبياء التشريع على قسمين ‪ :‬أنبياء تشريع في خاصتهم [ غير رسل ] ‪،‬‬
‫كقوله تعالى ‪ِّ ” :‬إ َّال ما َح َّر َم ِّإسْرائِّي ُل َ‬
‫على نَ ْف ِّس ِّه" ‪[ 3 / 93 ] .‬‬
‫كقوله تعالى ‪“ :‬وأنبياء تشريع في غيرهم وهم ‪ :‬الرسل ‪ ( . “ . . . 6‬ف ‪. ) 76 / 2‬‬

‫“ فان تلك النبوة [ ‪ -‬نبوة التشريع ] ليس لنا [ ‪ -‬المؤمنين بعد النبي محمد صلّى ّ‬
‫َّللا‬
‫عليه وسلم ] فيه قدم ‪ ( “ . . .‬روح القدس ص ‪. ) 32‬‬
‫****‬
‫َّللا يناله الخاصة من البشر ‪ ،‬يعطى للنبي المشرع ‪ ،‬ويعطى إرثا للتابع‬
‫النبوة مقام عند ّ‬
‫لهذا النبي ‪.‬‬
‫والنبوة هنا لم تعط معناها الخصوصي الذي انقطع بل حافظت على معنى ‪ “ :‬النبوة‬
‫العامة “ السابق ‪.‬‬

‫اما النبوة التي انقطعت والتي يشملها الحديث الشريف ‪ “ :‬فال نبي بعدي “ ‪.‬‬
‫فهي ‪ :‬ذوق العبودية الكاملة التامة ‪ .‬يقول ابن العربي‪:‬‬

‫‪1044‬‬
‫“ ‪“ 1045‬‬

‫‪ - 1‬مقام النبوة للنبي والتابع ‪:‬‬


‫“ وأعلى الخواص فيه من العباد الرسل عليهم السالم ‪ .‬ولهم [ الرسل ] مقام ‪:‬‬
‫النبوة والوالية وااليمان ‪ .‬فهم أركان بيت هذا النوع ‪ ،‬والرسول أفضلهم مقاما وأعالهم‬
‫حاال ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 5 / 2‬‬

‫َّللا الذين هم في زمانهم بمنزلة ‪ :‬األنبياء في زمان النبوة ‪ ،‬وهي‬


‫“ األكابر من عباد ّ‬
‫النبوة العامة ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 3 / 2‬‬

‫“ ‪ . .‬ونبوة عيسى عليه السالم ثابتة له محققة ‪ ،‬فهذا نبي ورسول قد ظهر بعده صلّى‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ ،‬وهو الصادق في قوله ‪ :‬انه ال نبي بعده ‪ ،‬فعلمنا قطعا انه يريد‬ ‫ّ‬
‫َّللا يناله البشر ‪ ،‬وهو مختص باألكابر من البشر‬ ‫التشريع خاصة ‪ . .‬فالنبوة مقام عند ّ‬
‫المشرع ‪ ،‬ويعطى للتابع لهذا النبي المشرع الجاري على سنته ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يعطى للنبي‬
‫قال تعالى ‪َ ”:‬و َو َهبْنا لَهُ [ ِّم ْن َر ْح َم ِّتنا ] أَخاهُ ُ‬
‫هارونَ نَ ِّبيًّا “[ ‪ . . . ] 53 / 19‬فسددنا‬
‫[ ابن العربي ] باب اطالق لفظ النبوة على هذا المقام ‪ ، 7‬مع تحققه ‪ ،‬لئال يتخيل‬
‫متخيل ان المطلق لهذا اللفظ يريد ‪ :‬نبوة التشريع ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 3 / 2‬‬

‫‪ - 2‬انقطاع النبوة وبقاء مقامها ‪:‬‬


‫َّللا صلّى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم انما هي ‪ :‬نبوة‬ ‫“ ‪ . . .‬فإن النبوة التي انقطعت بوجود رسول ّ‬
‫التشريع ‪ ،‬ال مقامها ‪ ( “ . .‬ف ‪. ) 3 / 2‬‬

‫َّللا عليه‬
‫‪3 -‬النبوة المنقطعة ‪ -‬ذوق العبودية الكاملة التامة “ ‪ . . .‬وفي محمد صلى ّ‬
‫مشرعا له ‪ ،‬وال‬
‫ّ‬ ‫وسلم قد انقطعت [ نبوة التشريع ] ‪ ،‬فال نبي بعده ‪ .‬يعني مش ّرعا أو‬
‫َّللا ألنه يتضمن انقطاع ذوق‬‫رسول وهو المشرع ‪ .‬وهذا الحديث قصم ظهور أولياء ّ‬
‫العبودية الكاملة التامة ‪.‬‬
‫فال ينطلق عليه [ العبد ] اسمها الخاص بها ‪ ،‬فان العبد يريد ّاال يشارك سيده ‪ -‬وهو ّ‬
‫َّللا‬
‫سم بنبي وال رسول ‪ ،‬وتس ّمى بالولي ‪ ،‬واتصف بهذا االسم ‪،‬‬ ‫وَّللا لم يت ّ‬ ‫‪ -‬في اسم ‪ّ ،‬‬
‫ي الَّذِّينَ آ َمنُوا‪] 257/ 2 [ “ . . .‬‬
‫‪َّ.‬للاُ َو ِّل ُّ‬‫فقال ‪َّ . . “ :‬‬
‫ي ْال َح ِّميدُ[ ‪ ( “ . . . ] 28 / 42‬فصوص ‪. ) 135/ 1‬‬ ‫وقال ‪َ ”:‬و ُه َو ْال َو ِّل ُّ‬
‫جرعت األولياء مرارته ‪.‬‬ ‫“ فهذا الحديث ‪ [ .‬فال رسول بعدي ‪ ،‬وال نبي ] من أشد ما ّ‬
‫فإنه قاطع للوصلة بين االنسان وبين عبوديته ‪.‬‬
‫وإذا انقطعت الوصلة بين االنسان وبين عبوديته من أكمل الوجوه ‪ ،‬انقطعت الوصلة‬
‫بين االنسان وبين‬

‫‪1045‬‬
‫“ ‪“ 1046‬‬

‫َّللا ‪.‬فإن العبد على قدر ما يخرج به عن عبوديته ‪ ،‬ينقصه من تقريبه من سيده ‪ ،‬ألنه‬ ‫ّ‬
‫يزاحمه في أسمائه ‪ .‬وأصل المزاحمة ‪ ،‬االسمية ‪ .‬فأبقى [ تعالى ] علينا [ بعد انقطاع‬
‫النبوة ] اسم “ الولي “ ‪ .‬وهو من أسمائه سبحانه ‪.‬‬
‫وكان هذا االسم قد نزعه من رسوله ‪ ،‬وخلع عليه وسماه بالعبد والرسول ‪ .‬وال يليق‬
‫باّلل ان يسمى بالرسول ‪.‬‬ ‫ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ] أن‬
‫َّللا [ صلى ّ‬‫فهذا االسم من خصائص العبودية ‪ . . .‬ولما علم رسول ّ‬
‫يجرع مثل هذا الكأس ‪ . . .‬لذلك رحمهم ‪ ،‬فجعل لهم نصيبا ليكونوا ‪،‬‬ ‫في أمته من ّ‬
‫بذلك ‪ “ ،‬عبيد العبيد “ ‪ ،‬فقال للصحابة ‪ “ :‬ليبلغ الشاهد الغائب “ فأمرهم بالتبليغ ‪ ،‬كما‬
‫َّللا بالتبليغ ‪ ،‬لينطلق عليهم أسماء “ الرسل “ التي هي مخصوصة بالعبيد ‪. . .‬‬ ‫امره ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ . . .‬ولهذا اشتد‬ ‫َّللا صلى ّ‬
‫فإن مقام الرسالة ال يناله أحد ‪ ،‬بعد رسول ّ‬
‫َّللا قد طردنا من حال العبودية‬ ‫علينا غلق هذا الباب [ النبوة والرسالة ] ‪ ،‬وعلمنا أن ّ‬
‫االختصاصية ‪ ( “ . . . 8‬ف السفر الثالث فق فق ‪. ) 351- 348‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬فليراجع بشأن النبوة واألنبياء في القرآن ‪ .‬كتاب أبو الحسن علي الحسني‬
‫الندوي ‪ :‬النبوة واألنبياء في ضوء القرآن ‪.‬‬
‫) ‪( 2‬اطلق الغزالي على هذه النبوة العامة ‪ ،‬اسما مماثال ‪ :‬النبوة المكتسبة ‪.‬‬
‫‪-‬انظر فصوص الحكم ج ‪ 2‬ص ‪176‬‬
‫‪-‬معارج القدس الغزالي ص ‪. 151 ، 145 ، 143‬‬
‫) ‪( 3‬انظر شرح المقطع في الفصوص ج ‪ 2‬ص ‪. 174‬‬
‫) ‪( 4‬يقول الكمشخانوي في جامع األصول ص ‪: 72‬‬
‫“ النبوة ‪ :‬هي االخبار عن الحقائق اإللهية ‪ ،‬أي عن معرفة ذات الحق ‪ ،‬وأسمائه ‪،‬‬
‫وصفاته ‪ ،‬واحكامه ‪.‬‬
‫وهي على قسمين ‪ :‬نبوة التعريف ‪ ،‬ونبوة التشريع ‪.‬‬
‫فاألولى ‪ :‬هي االنباء عن معرفة الذات والصفات واألسماء ‪ ،‬والثانية ‪ :‬هي جميع ذلك‬
‫مع تبليغ األحكام ‪ ،‬والتأديب باألخالق ‪ ،‬والتعليم بالحكمة ‪ ،‬والقيام بالسياسة ‪.‬‬
‫وتخص هذه [ نبوة التشريع ] بالرسالة ‪“ .‬‬
‫) ‪( 5‬انظر فهرس األحاديث حديث رقم ‪( 43 ) .‬‬
‫) ‪( 6‬يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬والرسالة في البشر ال تكون اال في الدنيا ‪ ،‬ينقطع حكمها في اآلخرة ‪.‬‬
‫وكذلك تنقطع في اآلخرة بعد دخول الجنة والنار نبوة التشريع ؛ ال النبوة العامة ‪.‬‬
‫وأصل الرسالة في األسماء اإللهية وحقيقة الرسالة ابالغ كالم من متكلم إلى سامع ‪،‬‬
‫فهي حال ال مقام ‪ ،‬وال بقاء‬

‫‪1046‬‬
‫“ ‪“ 1047‬‬

‫لها بعد انقضاء التبليغ “ ( ف ‪. ) 257 / 2‬‬

‫) ‪( 7‬يتضح هنا ‪ ،‬ان ابن العربي عندما يريد نبوة التشريع ‪ ،‬يطلق لفظ نبوة ‪ .‬وعندما‬
‫يريد نبوة األولياء أو الوراثة ‪ ،‬نراه يتبع لفظ نبوة ‪ ،‬بإشارة إلى ذلك ‪ .‬فيأتي اللفظ مقيدا‬
‫بالنص على حين ان األول مطلقا ‪.‬‬

‫) ‪( 8‬يراجع بشأن “ نبوة “ عند ابن العربي ‪:‬‬


‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪ ( 5‬مقام النبوة ) ‪ ،‬ص ‪ ( 19‬النبوة المطلقة ) ‪ ،‬ص ‪ ( 24‬مقام‬
‫القربة ‪ -‬النبوة العامة ) ‪ ،‬ص ‪ ( 41‬نبوة التشريع ‪ ،‬النبوة العامة ) ‪ ،‬ص ‪ ( 58‬نبوة‬
‫التشريع ) ‪ ،‬ص ‪ ( 90‬النبوة منزلة ) ‪ ،‬ص ‪ ( 125‬أنبياء تشريع ‪ -‬أنبياء علم‬
‫وسلوك ) ‪ ،‬ص ‪ ( 252‬النبوة ) ‪ ،‬ص ‪ ( 254‬النبوة إخبار ألرواح ) ‪ ،‬ص ‪255‬‬
‫َّللا تعالى) ‪.‬‬
‫( النبوءة ) ‪ ،‬ص ‪ ( 375‬النبوة خطاب ّ‬

‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪ ( 14‬النبوة اختصاص ) ‪ ،‬ص ‪ ( 38‬النبوة والرسالة ) ‪ ،‬ص‬


‫‪ ( 311‬نبوة تشريع ) ‪ ،‬ص ‪ ( 326‬النبوة العامة والنبوة الخاصة )‪ ،‬ص ‪456‬‬
‫( رسالة التشريع ‪ ،‬نبوة التكليف ) ‪ ،‬ص ‪ ( 513‬النبوة العامة ) ‪ ،‬ص ( ‪326‬النبوة‬
‫العامة ‪ -‬النبوة الخاصة ) ‪.‬‬

‫ص ‪ ( 456‬رسالة التشريع ‪ ،‬نبوة التكليف ) ‪ ،‬ص ‪ ( 513‬النبوة العامة ) ‪ ،‬ص ‪326‬‬


‫( النبوة العامة ‪ -‬النبوة الخاصة ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪ ( 115‬النبوة األولى ) ‪ ،‬ص ‪ ( 116‬النبوة بالجعل ‪ ) ،‬ص‬
‫‪ ( 369‬نبوة مكملة ) ‪.‬‬

‫‪-‬فصوص الحكم ج ‪ 1‬ص ‪ ( 62‬الرسالة والنبوة ) ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص ‪ ( 171‬النبي‬


‫والرسول والولي ) ‪ ،‬ص ‪ ( 217‬النبوة العامة والتنزيل والتالوة ) ‪.‬‬
‫‪-‬شق الجيوب ق ق ‪ ( 54 - 53‬صورة النبي البشرية المثالية وحقيقته األصلية ) ‪.‬‬
‫‪-‬مشاهد االسرار القدسية ق ‪ ( 10‬النبي من أصل نبا أو نبأ ) ‪ ،‬ق ‪ ( 11‬مقام النبي‬
‫غير المرسل ‪ -‬الفرق بين النبي وبين الولي والوارث ) ‪.‬‬

‫‪-‬رسالة األنوار ص ‪ ( 15‬اشتراك النبوة والوالية في ثالث ) ‪.‬‬


‫‪-‬ترجمان األشواق ص ‪ ( 16‬الميراث النبوي ‪ -‬األنبياء واألولياء ) ‪.‬‬
‫كما يراجع ‪:‬‬
‫‪-‬شرح التائية ق ‪ ( 17‬النبوة الخاصة )‬
‫‪-‬مطلع خصوص الكلم ق ق ‪ ( 29 - 28‬النبوة ) ‪- Islam . Jean During .‬‬
‫‪P . 213 ( la prophetie ) .- - - - -‬‬

‫‪1047‬‬
‫“ ‪“ 1048‬‬
‫النبوة البرزخيّة‬
‫ّ‬ ‫‪- 591‬‬
‫النبوة البرزخية ‪ :‬هي االخبار بأحوال اآلخرة في البرزخ ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ واما حكمة خالد بن سنان فإنه اظهر بدعواه ‪ :‬النبوة البرزخية ‪ ،‬فإنه ما ادعى‬
‫االخبار بما هنالك اال بعد الموت ‪ :‬فأمر ان ينبش عليه ‪ ،‬ويسأل ‪ ،‬فيخبر ان الحكم في‬
‫البرزخ على صورة الحياة الدنيا ‪. . .‬‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ ،‬ايمان العالم كله ‪ ،‬بما جاءت به الرسل ليكون‬‫فكان غرض خالد صلى ّ‬
‫رحمة للجميع “ ( فصوص ‪. ) 213 / 1‬‬

‫فليراجع شرح المقطع في الفصوص ج ‪ 2‬ص ‪ 318‬كما يراجع “ نبوة “ ‪.‬‬


‫****‬
‫ي شريعة‬ ‫ي اتباع ‪ -‬نب ّ‬
‫‪ - 592‬نب ّ‬
‫“ نبي اتباع “ ‪ :‬هو الولي الوارث للنبوة العامة في مقابل “ نبي شريعة “ [ النبي‬
‫صاحب الشريعة ]‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬فاألنبياء على رتبتين ‪ :‬أنبياء شرائع ‪ ،‬وأنبياء اتباع‪.‬‬
‫فأنبياء الشرائع في الرتبة الثانية من الرسل ‪ ،‬واألنبياء االتباع في الرتبة الثالثة ‪،‬‬
‫والرتبة الثالثة تنقسم قسمين ‪:‬‬
‫قسم يسمى أنبياء ‪ ،‬وقسم يسمى أولياء ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 84 / 2‬‬
‫انظر تفصيل ذلك في “ نبوة “ ‪.‬‬
‫****‬
‫نبوة التشريع‬‫نبوة األخبار ‪ّ -‬‬ ‫‪ّ - 593‬‬
‫“ نبوة االخبار “ ‪ :‬هي النبوة العامة التي ال تشريع فيها في مقابل “ نبوة التشريع‬
‫“ الخاصة ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬وله ان يعطي تعيين السعيد ‪ ،‬ال من حيث العمل ‪ ،‬فيقول في الكافر وهو في‬
‫حال كفره ‪ ،‬انه سعيد ‪ ،‬وفي المؤمن في حال ايمانه ‪ ،‬انه شقي‪.‬‬
‫فيختم لكل واحد بالسبب الموجب لسعادته أو شقاوته ‪ ،‬تصديقا لقول الولي ‪.‬‬
‫هذا القدر ‪،‬‬

‫‪1048‬‬
‫“ ‪“ 1049‬‬

‫بقي لألولياء ‪ ،‬من نبوة االخبار ‪ ،‬ال من نبوة التشريع ‪ ( “ . .‬ف ‪. ) 258 / 2‬‬
‫انظر تفصيل ذلك في “ نبوة “ ‪.‬‬

‫النبوة الرساليّة‬
‫ّ‬ ‫‪- 594‬‬
‫“ النبوة الرسالية “ ‪ :‬هي نبوة األنبياء المرسلين في مقابل “ النبوة العامة “ [ نبوة‬
‫األولياء والورثة ] ‪.‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫“ ‪ . . .‬فليس بين النبوة ‪ ،‬التي هي نبوة التشريع ‪ ،‬والصديقية ‪ ،‬مقام وال منزلة ‪ ،‬فمن‬
‫تخطى رقاب الصديقين ‪ ،‬وقع في النبوة الرسالية ‪ ،‬ومن ادعى نبوة التشريع بعد محمد‬
‫َّللا صلى‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ ،‬فقد كذب ‪ .‬بل كذب وكفر ‪ ،‬بما جاء به الصادق رسول ّ‬ ‫صلى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 24 / 2‬‬
‫ّ‬
‫انظر تفصيل ذلك في “ نبوة “ ‪.‬‬

‫النبوة السارية‬
‫ّ‬ ‫‪- 595‬‬
‫“ النبوة السارية “ ‪ :‬هي النبوة الباطنة في الخلق ‪ ،‬هي الوجه الذي يوصل به الحق لكل‬
‫مخلوق نصيبه من اإلخبار اإللهي ‪.‬‬
‫هي المشار إليها بقوله تعالى ‪َ ”:‬وأ َ ْوحى َرب َُّك ِّإلَى النَّ ْح ِّل ‪“.‬‬
‫هذه النبوة السارية ال تعطى ان يطلق من اجلها اسم ‪ “ :‬النبوة ‪“ .‬‬

‫يقول ‪:‬‬
‫“ فالنبوة سارية إلى يوم القيامة في الخلق ‪ ،‬وان كان التشريع قد انقطع ‪.‬‬
‫َّللا وإخباره من العالم ‪،‬‬
‫فالتشريع جزء من اجزاء النبوة ‪ ،‬فإنه يستحيل ان ينقطع خبر ّ‬
‫إذ لو انقطع لم يبق للعالم غذاء يتغذى به في بقاء وجوده ‪ ( “ . .‬ف ‪. ) 90 / 2‬‬
‫علَّ ْمناهُ ِّم ْن لَ ُدنَّا ِّع ْلما ً “[ ‪. ] 65 / 18‬‬
‫” آتَيْناهُ َر ْح َمةً ِّم ْن ِّع ْندِّنا َو َ‬
‫وهذه النبوة سارية في الحيوان‬
‫مثل قوله تعالى ‪َ ”:‬وأ َ ْوحى َرب َُّك ِّإلَى النَّ ْح ِّل “ ] ‪ [ 16 / 68‬لكنه ال‬

‫‪1049‬‬
‫“ ‪“ 1050‬‬

‫ينطلق من ذلك ‪ :‬اسم نبي وال رسول ‪ ،‬على واحد منهم ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 254 / 2‬‬
‫فلتراجع “ نبوة “ ‪.‬‬

‫النبوة الباطنة‬
‫ّ‬ ‫النبوة الظاهرة ‪-‬‬
‫ّ‬ ‫‪- 596‬‬
‫“ النبوة الظاهرة “ ‪ :‬هي نبوة التشريع التي انقطعت [ نبوة األنبياء والرسل ] ‪ ،‬في‬
‫مقابل النبوة الباطنة [ نبوة األولياء والورثة ‪ -‬ال تشريع فيها ] ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا أخفى النبوة في خلقه ‪ ،‬وأظهرها في بعض خلقه ‪ .‬فالنبوة الظاهرة هي‬ ‫“ ‪ . . .‬فإن ّ‬
‫التي انقطع ظهورها ‪ ،‬واما الباطنة فال تزال في الدنيا واآلخرة ‪ ،‬ألن الوحي اإللهي‬
‫واالنزال الرباني ال ينقطع إذ كان به حفظ العالم “ ( ف ‪. ) 285 / 3‬‬

‫انظر ‪ “ :‬النبوة العامة “ ‪ “ ،‬نبوة التشريع “ ‪ “ ،‬نبوة “ ‪.‬‬


‫****‬
‫صة‬
‫النبوة الخا ّ‬
‫ّ‬ ‫النبوة العا ّمة ‪-‬‬
‫ّ‬ ‫‪- 597‬‬
‫“ النبوة العامة “ ‪ :‬هي النبوة التي ال تشريع فيها وال تنقطع [ نبوة األولياء والورثة ] ‪،‬‬
‫في مقابل النبوة الخاصة [ نبوة الشرائع المنقطعة ‪-‬نبوة األنبياء والرسل ] ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ فالنبوة العامة ‪ :‬ال تشريع معها ‪ ،‬والنبوة الخاصة ‪ . . . :‬هي نبوة الشرائع فبابها‬
‫مغلق ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 513 / 3‬‬

‫“ ‪ . . .‬فالوالية ‪ :‬نبوة عامة ‪ :‬والنبوة التي بها التشريع ‪ :‬نبوة خاصة ‪ ( “ . .‬ف ‪/ 2‬‬
‫‪. ) 24‬‬

‫“ ‪ . . .‬فأبقى [ الحق ] لهم [ لعباده ] النبوة العامة التي ال تشريع فيها ‪ ،‬وأبقى لهم‬
‫التشريع في االجتهاد ‪ ( “ . .‬فصوص ‪. ) 135 / 1‬‬

‫انظر شرح هذين المصطلحين ‪ [ :‬نبوة عامة ‪ -‬نبوة خاصة ] في كلمة “ نبوة‪“ .‬‬

‫‪1050‬‬
‫“ ‪“ 1051‬‬

‫نبوة شمسيّة‬
‫نبوة قمريّة ‪ّ -‬‬
‫‪ّ - 598‬‬
‫استعمل ابن العربي مثال نور الشمس ونور القمر ‪ ،‬للداللة على نبوة النبي [ نبوة‬
‫شمسية ] ‪ ،‬ونبوة الولي والوارث [ نبوة قمرية ] ‪.‬‬
‫فنبوة الولي والوارث ‪ :‬قمرية ‪ ،‬من حيث إن نورها مستمد من النبوة الشمسية ‪ ،‬وال‬
‫يستقل دونه ‪.‬‬
‫يقول ‪ “ :‬فنبوة الوارث ‪ :‬قمرية ‪ ،‬ونبوة النبي والرسول ‪ :‬شمسية “ ( ف ‪/ 4‬‬
‫‪. ) 330‬‬
‫انظر تفصيل ذلك في “ نبوة “ ‪.‬‬

‫النبوة المطلقة‬
‫ّ‬ ‫النبوة المقيّدة ‪-‬‬
‫ّ‬ ‫‪- 599‬‬
‫“ النبوة المقيدة “ ‪ :‬هي النبوة المقيدة بشرع مخصوص [ ‪ -‬نبوة األنبياء والرسل ] في‬
‫مقابل النبوة المطلقة [ عامة ‪ -‬ال تشريع فيها ‪ -‬نبوة األولياء والورثة] ‪.‬‬

‫يقول ‪:‬‬
‫“ واما من أعطي النبوة المقيدة بالشرع الخاص به ‪ [ ،‬نبوة تشريع دون رسالة ] ‪ ،‬فما‬
‫على األرض منهم اليوم أحد ‪ ،‬وال يراهم أحد اال في الموافقة وهي المبشرات ‪.‬‬
‫واما النبوة المقيدة بالشرائع [ نبوة تشريع مرسلة ] ففي الزمان منهم اليوم ‪:‬‬
‫الياس “ وان الياس لمن المرسلين “ ‪ ،‬وإدريس وعيسى “ ‪(. . .‬ف ‪. ) 76 / 2 -‬‬

‫“ ‪ . . .‬فأما الدائرة العظمى العامة التي هي النبوة المطلقة فمن اعطيها من حيث‬
‫اطالقها ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 76 / 2‬‬
‫انظر تفصيل ذلك في “ نبوة‪“ .‬‬

‫‪1051‬‬
‫“ ‪“ 1052‬‬
‫نبوة التكليف‬
‫‪ّ - 600‬‬
‫“ نبوة التكليف “ ‪ :‬هي نبوة التشريع التي انقطعت ‪ ،‬يوردها ابن العربي في مقابل‬
‫النبوة العامة [ ال تكليف فيها ] ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا‬
‫َّللا محمد صلى ّ‬‫“ ‪ . . .‬فإن رسالة التشريع ونبوة التكليف ‪ ،‬قد انقطعت عند رسول ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ ،‬وال نبي يشرع وال يكلف ‪ ،‬وانما‬
‫عليه وسلم ‪ .‬فال رسول بعده صلى ّ‬
‫هو علم وحكمة وفهم ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 456 / 3‬‬
‫انظر “ نبوة “ ‪.‬‬

‫نبوة مك ّملة‬
‫‪ّ - 601‬‬
‫“ النبوة المكملة “ ‪ :‬هي نبوة األنبياء والرسل المكملة بالتشريع في مقابل النبوة العامة‬
‫[ غير مكملة بالتشريع ] ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬فمن ال مبشرة له ال نبوة له ‪ ،‬وان لم تكن نبوة مكملة ‪ ،‬وان كانت بالمقام الرفيع‬
‫وهو التشريع ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 369 / 4‬‬
‫انظر تفصيل ذلك في “ نبوة “ ‪.‬‬

‫نبوة الوارث‬
‫‪ّ - 602‬‬
‫“ نبوة الوارث “ ‪ :‬هي النبوة العامة ال تشريع فيها ‪ ،‬في مقابل نبوة النبي [ نبوة خاصة‬
‫‪ -‬نبوة تشريع ] ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬فنبوة الوارث ‪ :‬قمرية ‪ ،‬ونبوة النبي والرسول ‪ :‬شمسية ‪“ .‬‬
‫(ف ‪) 330 / 4‬‬
‫انظر تفصيل ذلك في “ نبوة‪“ .‬‬

‫‪1052‬‬
‫“ ‪“ 1053‬‬
‫‪ - 603‬أنبياء األولياء‬
‫“ أنبياء األولياء “ هم ‪ :‬األولياء ‪ ،‬ورثة النبوة العامة ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا عليهم ‪ . . .‬فالوالية ‪ :‬نبوة عامة‬
‫َّللا عنهم ‪ :‬األنبياء صلوات ّ‬
‫“ فمن األولياء رضي ّ‬
‫‪ ،‬والنبوة التي بها التشريع ‪ :‬نبوة خاصة ‪ ( “ . .‬ف ‪.) 24 / 2‬‬

‫ي‬
‫“ ‪ . .‬ما حظوظ األنبياء من النظر اليه [ الحق ] ؟ الجواب ‪ :‬ال أدري ‪ ،‬فاني لست بنب ّ‬
‫َّللا بالتشريع العام‬
‫‪ ،‬فذوق األنبياء ال يعلمه سواهم ‪ ،‬ان أراد األنبياء الذين خصهم ّ‬
‫والخاص بهم ‪ ،‬فإن أراد أنبياء األولياء “ ‪ ( . . .‬ف ‪. ) 85 / 2‬‬
‫انظر تفصيل ذلك في “ نبوة “ ‪.‬‬

‫‪ - 604‬نجيب‬
‫النجباء ثمانية في كل زمان ال يزيدون وال ينقصون ‪ .‬وهم من رجال العدد عند ابن‬
‫العربي ‪.‬‬
‫“ النجباء وهم ثمانية في كل زمان ال يزيدون وال ينقصون ‪ ،‬وهم الذين تبدو منهم‬
‫وعليهم اعالم القبول من أحوالهم ‪ ،‬وان لم يكن لهم في ذلك اختيار لكن الحال يغلب‬
‫عليهم ‪ ،‬وال يعرف ذلك منهم إال من هو فوقهم ال من دونهم ‪ ،‬وهم أهل علم الصفات‬
‫الثمانية ‪ :‬السبع المشهورة ‪ ،‬واالدراك الثامن ‪ ،‬ومقامهم ‪:‬‬
‫الكرسي ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 8 / 2‬‬
‫انظر “ رجل “ ‪.‬‬

‫‪ - 605‬المنازلة‬
‫المنازلة ‪ :‬فعل فاعلين [ حقائق األسماء اإللهية ‪ -‬الحقائق االنسانية ] ‪.‬‬
‫فهي تنزل من اثنين ‪ ،‬كل واحد يطلب اآلخر لينزل عليه فيجتمعان في الطريق في‬
‫موضع معين ‪ ،‬فعلى ذلك ‪ ،‬المنازالت كلها برزخية لوقوعها قبل بلوغ المنزل‪.‬‬

‫‪1053‬‬
‫“ ‪“ 1054‬‬
‫ونترك الكالم للشيخ األكبر فبيانه غني عن الشرح والتفصيل ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫‪ - 1‬تعريف المنازلة ‪:‬‬
‫“ والمنازلة ‪ :‬ان يريد هو النزول إليك ‪ ،‬ويجعل في قلبك طلب النزول عليه ‪ ،‬فتتحرك‬
‫الهمة ‪ ،‬حركة روحانية لطيفة للنزول عليه فيقع االجتماع به بين نزولين ‪:‬‬
‫نزول منك عليه قبل ان تبلغ المنزل ‪ ،‬ونزول منه إليك اي توجه اسم الهي قبل ان يبلغ‬
‫المنزل ‪ .‬فوقوع هذا االجتماع في غير المنزلين يسمى ‪ :‬منازلة ‪“ .‬‬
‫( ف ‪. ) 577 / 2‬‬

‫“ ان المنازلة فعل فاعلين هنا ‪ ،‬وهي ‪ :‬تنزل من اثنين كل واحد يطلب اآلخر لينزل‬
‫اليه ‪ ،‬أو به كيف شئت ‪.‬‬
‫فيجتمعان في الطريق في موضع معين ‪ ،‬فتسمى تلك ‪ :‬منازلة ‪.‬‬
‫لهذا الطلب من كل واحد ‪ ،‬وهذا النزول على الحقيقة من العبد ‪:‬‬
‫صعود ‪ ،‬وانما سميناه ‪ :‬نزوال ‪ ،‬لكونه يطلب بذلك الصعود النزول بالحق ‪ ( “ . . .‬ف‬
‫‪. ) 523 / 3‬‬

‫‪ - 2‬المنازلة الصيغة الوحيدة لرؤية الحق‬


‫“ ‪ . . .‬ال تكون رؤية الحق ابدا حيث كانت اال في منازلة ‪ ،‬بين عروج ونزول ‪.‬‬
‫فالعروج ‪ :‬منا ‪ ،‬والنزول ‪ :‬منه ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 117 / 3‬‬
‫“ فإذا أراد االعلى ان يعرفه األدنى ألن األدنى ال قدم له في العلو ‪ ،‬واالعلى له إحاطة‬
‫يتعرف االعلى إلى األدنى ‪.‬وال يمكن ذلك اال بأن يتنزل اليه‬
‫ّ‬ ‫باألدنى ‪ ،‬فال بد من أن‬
‫االعلى ‪ ،‬ألن األدنى ال يمكن ان يترقى اليه ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 409 / 3‬‬

‫‪ - 3‬المنازالت برزخية ‪:‬‬


‫“ ‪ . . .‬فالمنازالت كلها برزخية ‪ :‬بين األول واآلخر ‪ ،‬والظاهر والباطن ‪ ،‬وصور‬
‫العالم وصور التجلي ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 526 / 3‬‬

‫َّللا تعالى ثم” َدنا فَت َ َدلَّى “[ ‪ ] 8 / 53‬فهذه عين المنازلة ‪ ،‬ألن كل صورة منها‬
‫“ قال ّ‬
‫فارقت مكانها ‪ ،‬فكانت كل صورة أدنى قاب قوسين لكل واحدة من الصورتين ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ‪.) 543 / 3‬‬

‫‪1054‬‬
‫“ ‪“ 1055‬‬
‫‪ - 4‬تعدد المنازالت بتعدد التوجهات واألسماء ‪:‬‬
‫“ ان المنازالت التي بين حقائق األسماء اإللهية وبين الحقائق االنسانية في االنسان‬
‫الكامل ‪ -‬امرأة كان أم رجال ‪ -‬تتعدد بتعدد التوجهات واألسماء ‪ . . .‬فمنازلة الحقائق‬
‫االنسانية للطلب بالذلة واالفتقار وخلو محلها عن الفكر ‪ ( “ . .‬التراجم ص ‪. ) 1‬‬

‫‪ - 606‬المنازلة األصليّة‬
‫استعمل ابن العربي عبارة “ المنازلة األصلية “ بمعنى ‪ :‬الفيض المقدس أو التجلي‬
‫الوجودي ‪ ،‬المظهر لألعيان الثابتة من العالم المعقول إلى العالم المحسوس ‪.‬‬
‫أو ظهور ما هو بالقوة في صورة ما هو بالفعل ‪.‬‬

‫فلما ذا اطلق ابن العربي عبارة “ المنازلة األصلية “ على الفيض المقدس وليس على‬
‫الفيض االقدس ؟‬
‫الفيض االقدس ‪ :‬هو تجلي الحق لذاته في الصور المعقولة للكائنات ‪.‬‬
‫فهو أول تنزل للحق من الذات إلى األسماء ‪.‬‬
‫وحيث إن المنازلة تفترض وجود األسماء اإللهية من جهة ‪ ،‬والحقائق االنسانية من‬
‫جهة ثانية [ انظر منازلة ] ‪ ،‬يكون التنزيل األول سابقا للمنازلة ‪.‬‬
‫والتنزيل الثاني أو الفيض المقدس يمكن ان يتمتع بعناصر “ المنازلة “ التي افترضها‬
‫الشيخ األكبر ‪.‬‬
‫ولكن لماذا نعتها “ باألصلية “ ؟‬
‫هذه المنازلة ‪ :‬أصلية ‪ ،‬من حيث إنها أول تنزل لألسماء اإللهية في صور الممكنات ‪،‬‬
‫هذا التنزل الموجه ألعيانها ‪.‬‬

‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬فالمنازلة األصلية تحدث األكوان ‪ ،‬وتظهر صور الممكنات في األعيان ‪.‬‬
‫فمن علم ما قلناه ‪ ،‬علم العالم ما هو ‪ ،‬ومن هو ‪.‬‬
‫فسبحان من اخفى هذه االسرار في ظهورها ‪ .‬وأظهرها في خفائها ‪.‬‬
‫فهي ‪ :‬الظاهرة الباطنة ‪ ،‬واألولى واآلخرة ‪ ،‬لقوم يعقلون ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 525 / 3‬‬
‫انظر “ منازلة “‬

‫‪1055‬‬
‫“ ‪“ 1056‬‬

‫“ فيض “ الفقرة األولى والثانية ‪ :‬الفيض االقدس والفيض المقدس‪.‬‬

‫‪ - 607‬منزل‬
‫“ *المنزل “ ‪ :‬هو المقام الذي ينزل الحق فيه إلى العبد ‪ ،‬ويختلف عن المنازلة بأنه‬
‫ليس تنزال من الطرفين ‪ ،‬بل نزول من الحق إلى العبد ‪.‬‬
‫انظر “ منازلة “‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . .‬وذلك ان المنزل ‪ :‬عبارة عن المقام الذي ينزل الحق فيه إليك ‪ ،‬أو تنزل أنت فيه‬
‫عليه ‪ ،‬ولتعلم الفرق بين إليك وعليه ‪ ( “ . .‬ف ‪.) 577 /2‬‬

‫“ فتلك المنازلة فإن وصلت إلى العماء ‪ ،‬أو جاءها االمر إلى األرض ‪ ،‬فذلك ‪:‬‬
‫نزول ‪ .‬ال منازلة ‪ .‬والمحل الذي وقع فيه االجتماع ‪ :‬منزل ‪ ،‬وتسمى هذه الحضرة‬
‫التي منها يكون الخطاب اإللهي لمن شاء من عباده “ ‪ ( . . .‬ف ‪. )524 / 3‬‬
‫****‬
‫لكل عمل نتيجة من الكون ‪ ،‬ونتيجة من الحق ‪ .‬نتيجته من الكون سيسميها ابن‬
‫العربي ‪ :‬كرامة ‪ ،‬ونتيجته من الحق ‪ :‬منزل ‪ -‬والمنازل مقامات التحقق ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . .‬لكل عمل نتيجة تخصه من الكون ‪ ،‬تسمى ‪ :‬كرامة ‪ ،‬ينتجها حال ذلك العمل ‪،‬‬
‫تناسب الكرامة العضو المكلف ‪ ،‬وحال العمل ‪ ،‬يختص بذلك العضو ويقع في عمل كل‬
‫عضو تفصيل ‪.‬‬

‫وله أيضا اعني العمل نتيجة تخصه من الحق تسمى ‪ :‬منزال ‪ ،‬ينتجه مقام ذلك العمل ‪،‬‬
‫َّللا العضو المكلف ‪ ،‬وتفاصيل المقام الذي يختص بذلك العضو‬‫يناسب ذلك المنزل عند ّ‬
‫‪ ،‬يفصل المنازل على اختالفها “ ‪ ( . .‬ف ‪. )169 / 4‬‬

‫“ ‪ . . .‬فيقول الحق قصدت بالنزول إليك ‪ ،‬لنريحك من التعب ‪ ،‬فنعطيك ونهبك من‬
‫غير مشقة ‪ ،‬وال نصب في أهلك مستريح ‪ ،‬لم يكن لي قصد غير هذا“ ‪ ( . . .‬ف ‪/ 3‬‬
‫‪.) 155‬‬

‫‪1056‬‬
‫“ ‪“ 1057‬‬

‫“ والتحقق له مقامات متفاضلة وهو الذي أردناه ‪ : :‬بالمنازل ‪ ( “ . . 1‬مواقع النجوم )‬


‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يراجع بشأن “ منزل “ عند ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪ ( 67‬منزل الحيرة ) ‪ ،‬ج ‪ 3‬ص ‪ ( 421‬المنازل ) ‪ ،‬ص ‪433‬‬
‫( المنازل ثالثة ) ‪ ،‬ج ‪ 4‬ص ‪ ( ، 81‬منزل النداء ‪ ،‬طبقات المنازل وكمياتها ) ص‬
‫‪ ( ، 364‬المنزل األقرب المعنوي ) ص ‪ ( 370‬منزل الحق ‪ :‬التوحيد )‪.‬‬
‫****‬
‫‪ - 608‬الناسوت‬
‫انظر “ تابوت “‬
‫“ كما يراجع ‪:‬‬
‫‪-‬الفصوص ج ‪ 1‬ص ‪ ( 138‬الالهوت والناسوت ) ص ‪ ( 198‬التابوت والناسوت )‬
‫ج ‪ 2‬ص ‪ ( 180‬الالهوت والناسوت )‬
‫****‬
‫‪ – 609‬نسخة‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ النون والسين والخاء أصل واحد ‪ ،‬اال انه مختلف في قياسه ‪.‬‬
‫قال قوم ‪ :‬قياسه رفع شيء واثبات غيره مكانه ‪.‬‬
‫وقال آخرون ‪ :‬قياسه تحويل شيء إلى شيء ‪.‬‬
‫قالوا ‪ :‬النّسخ ‪ :‬نسخ الكتاب ‪.‬‬
‫والنّسخ ‪ :‬امر كان يعمل به من قبل ثم ينسخ بحادث غيره ‪ ،‬كاآلية ينزل فيها أمر ثم‬
‫تنسخ بآية أخرى ‪.‬‬
‫وكل شيء خلف شيئا فقد انتسخه ‪ ،‬وانتسخت الشمس الظل ‪ ،‬والشيب الشباب ‪. . .‬‬
‫النّسخ ‪ :‬ان تحول ما في الخلية من العسل والنحل في أخرى ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬ومنه نسخ الكتاب “ ( معجم مقاييس اللغة مادة “ نسخ “ ) ‪.‬‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫( أ ) نسخ اآلية بآية غيرها ‪.‬‬

‫‪1057‬‬
‫“ ‪“ 1058‬‬

‫ت ِّب َخي ٍْر ِّم ْنها أ َ ْو ِّمثْ ِّلها ‪“. ( 2 / 106 ) .‬‬‫س ْخ ِّم ْن آيَ ٍة أ َ ْو نُ ْن ِّسها نَأ ْ ِّ‬
‫“ ما نَ ْن َ‬
‫ب أ َ َخذَ ْاأل َ ْلوا َح ‪َ ،‬و ِّفي نُ ْس َخ ِّتها‬ ‫سى ْالغَ َ‬
‫ض ُ‬ ‫ع ْن ُمو َ‬
‫ت َ‬ ‫س َك َ‬‫( ب ) نسخ ‪ -‬كتب ‪َ ”.‬ولَ َّما َ‬
‫ى َو َر ْح َمةٌ ِّللَّذِّينَ ُه ْم ِّل َر ِّبّ ِّه ْم يَ ْر َهبُونَ “ ‪ ( .‬األعراف ‪. ) 154 /‬‬ ‫‪ُ 1‬هد ً‬
‫عند ابن العربي ‪:‬‬
‫استعمل ابن العربي لفظي ‪ “ :‬صورة “ و “ مختصر “ ‪ ،‬على الترادف الكامل مع لفظ‬
‫“ نسخة ‪“ .‬‬
‫فال نكاد نلمس ميزة الحدها على اآلخر ‪ .‬حتى العبارات االصطالحية المتفرعة عنها‬
‫هي واحدة ‪:‬‬
‫‪ - 1‬النسخة الظاهرة ‪ -‬نسخة العالم ‪ -‬الصورة الظاهرة ‪ -‬صورة العالم ‪ -‬مختصر‬
‫العالم ‪ .‬راجع “ صورة “ ‪ :‬المعنى “ األول “ الفقرة “ ‪ “ 3‬و “ مختصر العالم ‪“ .‬‬
‫‪ - 2‬النسخة الباطنة ‪ -‬نسخة عن الحق ‪ -‬الصورة الباطنة ‪ -‬صورة الحق ‪ -‬مختصر‬
‫الحق ‪ ،‬راجع “ صورة “ ‪ :‬المعنى “ الثالث “ و “ مختصر الحق ‪“ .‬‬
‫‪ - 3‬النسخة الكاملة ‪ -‬النسخة الجامعة ‪ -‬النسخة العظمى ‪ -‬االنسان الكامل ‪ -‬الصورة‬
‫الجامعة الكاملة ‪ -‬المختصر الشريف ‪ -‬مختصر الحق والعالم ‪ .‬راجع “ صورة‬
‫“ المعنى “ الثاني “ و “ مختصر ‪“ .‬‬
‫ولذلك ال نرى داعيا من ترديد مكانة “ الصورة “ و “ النسخة “ ‪ 2‬من فلسفة الشيخ‬
‫األكبر ‪ .‬فلتراجع “ صورة “ و “ مختصر ‪“ .‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يقول البيضاوي ‪ ( “ :‬وفي نسختها ) وفيما نسخ فيها اي كتب فعلة بمعنى‬
‫مفعول ‪“ .‬‬
‫( أنوار التنزيل ج ‪ 1‬ص ‪. )174‬‬
‫) ‪( 2‬كما يراجع بخصوص نسخة عند ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬انشاء الدوائر ص ‪ ( 21 ، 1‬نسخة ظاهرة ‪ ،‬نسخة باطنة ) ‪.‬‬
‫‪-‬عقلة المستوفز ص ‪ ( 42‬النسخة ‪ -‬حقائق المحدث ‪ +‬أسماء القديم ) ‪ ،‬ص ‪45‬‬
‫( النسخة الجامعة ) ص ‪ ( 51‬النسخة العظمى ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 1‬ص ‪ ( 136‬نسخة العالم ) ‪ ( 216 ،‬النسخة الجامعة )‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪ ( 496‬نسخة ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪ ( 398‬النسخة الكاملة ) ‪ ( 417 ،‬النسخة الجامعة ) ‪.‬‬

‫‪1058‬‬
‫“ ‪“ 1059‬‬

‫‪-‬التجليات ص ‪ ( 11‬االنسان ‪ :‬نسخة جامعة للموجودات ) ‪.‬‬


‫‪-‬عنقاء مغرب ص ‪ ( 18‬النسخة الصغرى والنسخة الكبرى ) ‪ ( 38 ،‬نسخة من‬
‫الحق ) ‪ ( 57 ،‬االنسان في نفسه نسختان )‬
‫‪-‬مواقع النجوم ( نسخة العالم ‪ -‬النسخة ‪ -‬االستعداد )‬
‫‪-‬االنسان الكلي ق ‪ 2‬أ ( النسخة الجامعة ) ‪ ،‬ق ‪ 4‬أ ( النسخة العظمى )‬
‫‪-‬رسالة في معرفة الكنز العظيم ق ‪ 153‬ب ( ظاهر صورة آدم ‪ :‬نسخة حقائق صورة‬
‫العالم ‪ ،‬باطنه ‪ -‬نسخة االسم األعظم ) ‪.‬‬
‫‪-‬مرآة العارفين ق ‪ 121‬ب ( االنسان الكامل ‪ :‬النسخة الجامعة ) ‪.‬‬
‫كما يراجع ‪:‬‬
‫‪-‬األجوبة عن االنسان الكامل ق ‪ 223‬ب ( نسخة ظاهرة ‪ ،‬نسخة باطنة ) ‪.‬‬
‫‪-‬مدخل السلوك الغزالي ص ‪. 30‬‬
‫‪-‬ميزان العمل الغزالي ص ‪. 27‬‬
‫****‬
‫صة‬
‫‪ – 610‬من ّ‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ النون والصاد أصل صحيح يدل على ‪ :‬رفع وارتفاع وانتهاء في الشيء ‪.‬‬
‫صة العروس منه أيضا ‪. . .‬‬‫نص الحديث إلى فالن ‪ :‬رفعه اليه ‪ . . .‬ومن ّ‬
‫منه قولهم ‪ّ :‬‬
‫“ ( معجم مقاييس اللغة مادة “ نص “ ) ‪.‬‬

‫عند ابن العربي ‪:‬‬


‫انظر “ مجلى “ ‪.‬‬
‫****‬
‫‪ - 611‬المنظر األعلى‬
‫“ المنظر االعلى “ هو ‪ “ :‬جنة الرؤية “ أو “ الكثيب “ ‪ ،‬حيث يتجلى الحق ‪ ،‬ويدعو‬
‫جميع الخلق ‪ ،‬من السعداء نزلة الجنان ‪ ،‬إلى رؤيته ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا ان يتجلى لعباده في ّ‬
‫الزور العام ‪ ،‬نادى منادي الحق في الجنات‬ ‫“ فإذا أراد ّ‬

‫‪1059‬‬
‫“ ‪“ 1060‬‬

‫ي على المنة العظمى ‪ ،‬والمكانة الزلفى ‪ ،‬والمنظر االعلى !‬ ‫كلها “ ‪:‬يا أهل الجنان ! ح ّ‬
‫هلموا إلى زيارة ربكم في جنة عدن ! “ ( ف السفر الخامس ‪ -‬فق ‪) 29‬‬
‫انظر “ جنة الكثيب “ ‪.‬‬
‫****‬
‫‪ – 612‬نعيم‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ النون والعين والميم فروعه كثيرة ‪ ،‬وعندنا انها على كثرتها ‪ ،‬راجعة إلى أصل‬
‫واحد يدل على ‪ :‬ترفّه وطيب عيش وصالح ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة مادة “ نعم‬
‫“)‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫لقد ورد النعيم في القرآن مصاحبا ‪ “ :‬للجنة “ ‪ ،‬ومرادفا لها ‪ ،‬في مقابل ‪:‬‬
‫الجحيم ‪.‬‬
‫ت النَّ ِّع ِّيم “[ ‪] 9 / 10‬‬ ‫هار ِّفي َجنَّا ِّ‬ ‫قال تعالى ‪ ” :‬ت َ ْج ِّري ِّم ْن ت َ ْح ِّت ِّه ُم ْاأل َ ْن ُ‬
‫ظ ُرونَ “[ ‪] 22 / 83‬‬ ‫علَى ْاألَرائِّ ِّك يَ ْن ُ‬ ‫ْرار لَ ِّفي نَ ِّع ٍيم َ‬‫قال تعالى ‪ ” :‬إِّ َّن ْاألَب َ‬
‫ار لَ ِّفي َج ِّح ٍيم “[ ‪] 13 / 82‬‬ ‫ْرار لَ ِّفي نَ ِّع ٍيم َوإِّ َّن ْالفُ َّج َ‬
‫قال تعالى ‪ ” :‬إِّ َّن ْاألَب َ‬

‫عند ابن العربي ‪:‬‬


‫لم يستعمل ابن العربي كلمتي “ نعيم “ و “ جنة “ ‪ 1‬على الترادف ‪ ،‬وعلى الرغم من‬
‫أن الجنة هي ‪ “ :‬موطن نعيم خالص “ ‪ ،‬اال انها ال تحدّه باسوارها وال تحصره في‬
‫منازلها ‪.‬‬
‫فالنعيم يتسرب في كل العوالم وله وجه في كل “ موافق للمزاج “ ‪. 2‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫“ فليس النعيم اال الماليم ‪ ،‬وليس العذاب اال غير الماليم ‪ ،‬كان ما كان ‪ ،‬فكن حيث‬
‫كنت إذا لم يصبك اال ما ياليمك فأنت في ‪ :‬نعيم ‪ ،‬وإذا لم يصبك اال ما ال ياليم مزاجك‬
‫فأنت في ‪ :‬عذاب ‪.‬‬
‫حبّبت المواطن إلى أهلها ‪ ،‬وأهل النار الذين هم أهلها هي موطنهم ومنها خلقوا وإليها‬
‫رجعوا ‪ . . .‬فلذة الموطن ذاتية ألهل الموطن ‪ ( “ . . .‬ف ‪) 15 / 4‬‬

‫‪1060‬‬
‫“ ‪“ 1061‬‬
‫وبعدما حدد الشيخ األكبر النعيم ‪ “ :‬بالماليم “ ‪ ،‬ح ّل االشكال الذي تطرحه فكرة ‪:‬‬
‫الرحمة التي وسعت كل شيء ‪ ،‬إذ كيف يكون المال إلى الرحمة مع خلود أهل النار‬
‫في النار ؟‬
‫يرى ابن العربي انه بعد انتهاء إقامة الحدود على أهل النار ‪ ،‬تعمهم الرحمن وتسري‬
‫في نارهم فتصبح كنار إبراهيم عليه السالم ‪ ،‬اي تتحول بردا وسالما على أهلها‬
‫فيتنعمون بها ‪.‬‬
‫اذن أهل النار في نعيم دون ان يفارقوها ‪.‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫“ واما أهل النار فمآلهم إلى النعيم ‪ .‬ولكن في النار إذ ال بد لصورة النار بعد انتها مدة‬
‫العقاب ‪ [ ،‬من ] أن تكون بردا وسالما على من فيها ‪.‬‬

‫َّللا حين ألقي في‬


‫وهذا ‪ :‬نعيمهم فنعيم أهل النار بعد استيفاء الحقوق ‪ : 3‬نعيم خليل ّ‬
‫النار فإنه عليه السالم تعذب برؤيتها وبما تعود في علمه وتقرر ‪ ،‬من أنها صورة تؤلم‬
‫من جاورها من الحيوان ‪ ( “ . . .‬فصوص ‪. ) 170 - 169 / 1‬‬

‫“ ان أهل النار بعد ان يعذبوا تدركهم الرحمة ‪ ،‬وتسري إليهم حقيقة االسم الرحيم ‪،‬‬
‫فتصير النار ‪ :‬نعيما ‪ ،‬يتنعمون فيها كنعيم أصحاب الجنة ‪ ،‬حتى أن هؤالء المتنعمين‬
‫بالنار لو ادخلوا الجنة لتألموا بذلك “‬
‫( وسائل السائل ص ‪. ) 13 - 12‬‬

‫“ ‪ . . .‬ثم [ بعد انتهاء إقامة الحدود ] تع ّم المنن والرضى اإللهي على الجميع في اي‬
‫منزل كانوا ‪ ،‬فان النعيم ليس سوى ما يقبله المزاج ‪ ،‬وغرض النفوس ‪ ،‬ال اثر لألمكنة‬
‫في ذلك ‪ .‬فحيثما وجد ماليمة طبع ونيل الغرض كان ذلك ‪ :‬نعيما لصاحبه ‪ ( “ . . .‬ف‬
‫‪. ) 387 / 3‬‬

‫وهكذا يحدد الحاتمي النعيم ‪ :‬بالمالئم للطبع ‪ ،‬ال كما ينقل عنه البعض من أنه ‪ :‬القرب‬
‫‪ . 4‬فالنعيم ليس قربا ‪ ،‬وان كان للقرب نعيم ‪.‬‬
‫فالقرب مالئم لطبع أهل الجنة ‪ ،‬ولذلك يكون القرب في حق بعضهم ‪ :‬نعيما ‪.‬‬

‫اما القرب اإللهي من االنسان فهو مصاحب لالنسان في كل أحواله دن وآخرة ‪ ،‬وال‬
‫عالقة للنعيم به ‪ .‬فليس في القرب اإللهي ‪ :‬اختصاص ‪.‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫“ جهنم ‪ ،‬وهي البعد الذي كانوا يتوهمونه [ انظر “ جهنم “ ] فلما ساقهم إلى‬

‫‪1061‬‬
‫“ ‪“ 1062‬‬

‫ذلك الموطن حصلوا في عين القرب ‪ ،‬فزال البعد ‪ ،‬فزال مسمى جهنم في حقهم ‪،‬‬
‫ففازوا “ بنعيم القرب “ من جهة االستحقاق ألنهم مجرمون ‪ . . .‬فما مشوا بنفوسهم‬
‫وانما مشوا بحكم الجبر إلى أن وصلوا إلى عين القرب ‪.‬‬
‫ْص ُرونَ ‪“[ 56 / 85 ] . . .‬‬ ‫قال تعالى ‪َ ” :‬ون َْح ُن أ َ ْق َر ُ‬
‫ب ِّإلَ ْي ِّه ِّم ْن ُك ْم َول ِّك ْن ال تُب ِّ‬
‫ب ِّإلَ ْي ِّه ِّم ْن َح ْب ِّل ْال َو ِّري ِّد “[ ‪ ] 16 / 50‬وما خص انسانا من‬ ‫قال تعالى ‪َ ” :‬ون َْح ُن أ َ ْق َر ُ‬
‫انسان ‪.‬‬
‫فالقرب اإللهي من العبد الخفاء به في االخبار اإللهي “ ‪ ( . . .‬فصوص ‪- 107 / 1‬‬
‫‪. ) 108‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬راجع “ جنة “‬
‫) ‪( 2‬ان النعيم في الدنيا واآلخرة ‪ ،‬انظر الفتوحات ج ‪ 4‬ص ص ‪125 - 124‬‬
‫) ‪( 3‬في أغلب الظن ان ابن العربي يقرر نعيما وعذابا ( راجع عذاب ) حسيا في‬
‫منزلي اآلخرة ‪.‬‬
‫ولكن بعد استيفاء الحقوق ينقلب الجميع إلى الرحمة ‪ ،‬وينتقل الخلق من نعيم وعذاب‬
‫حسي إلى نعيم عقلي ‪ .‬ولذلك كل ما يوحي بالحس والحسية هو قبل استيفاء الحقوق ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ فالعالم كله في نعيم ‪ ،‬من كان منه في الجنة ومن كان منه في الجحيم ‪ ،‬نعيما علميا‬
‫وسرورا عقليا ال حسيا “ ( تاج الرسائل ورقة ‪ 42‬ب ) ‪.‬‬
‫) ‪( 4‬راجع فصوص الحكم ج ‪ 2‬ص ص ‪. 124 - 123‬‬
‫****‬
‫‪ - 613‬النفث‬
‫النفث ‪ :‬أحد طرق العلم اإللهي ‪ ،‬كااللقاء واالمالء والوحي والنفخ ‪. .‬‬
‫الخ ‪ .‬محله ‪ :‬الروع ‪ ،‬ويكون لألنبياء ولألولياء ‪.‬‬
‫نفث األنبياء ‪ :‬بواسطة روح القدس ‪ ،‬اما نفث األولياء ‪ :‬فهو روحاني ‪ ،‬يختلف عن‬
‫االمالء والوحي وااللقاء ‪ :‬باالجمال واالبهام ‪ ،‬ويختلف عن النفخ ‪:‬‬
‫بنسبة من النشأة الطبيعية [ النفخ ‪ -‬ريح مجرد ] ‪.‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬

‫‪ - 1‬نفث األنبياء ‪:‬‬


‫َّللا عليه وسلم يقول ‪ :‬ان روح القدس [ جبريل ] نفث في روعي وال‬‫“ فإن النبي صلى ّ‬
‫يكون النفث اال ريحا بريق ‪ ،‬ال بد من ذلك ‪ ،‬حتى يعم ‪ ،‬فكما أعطاه [ الروح القدس ]‬
‫من روحه بريحه ‪.‬‬
‫أعطاه [ الروح القدس ] في نشأته الطبيعية من‬

‫‪1062‬‬
‫“ ‪“ 1063‬‬
‫ريقه ‪.‬‬
‫فجمع له الكل في النفث ‪ ،‬بخالف النفخ فإنه ‪ :‬ريح مجرد ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 370 / 3‬‬

‫‪ - 2‬نفث األولياء ‪:‬‬


‫َّللا ما كتبت منه حرفا اال عن امالء‬ ‫“ ‪ . . .‬وهذا الكتاب من ذلك النمط عندنا ‪ ،‬فو ّ‬
‫الهي ‪ ،‬والقاء رباني ‪ ،‬أو نفث ‪ 1‬روحاني ‪ ،‬في روع كياني “ ‪ ( . . .‬ف ‪/ 3‬‬
‫‪. ) 456‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يراجع بشأن “ نفث “ عند ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬مواقع النجوم ص ‪ ( 5‬نفث في روعي روحه القدسي )‬
‫الروع النفسي )‬‫‪-‬الفصوص ج ‪ 1‬ص ‪ ( 47‬النفث الروحي في ّ‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪ ( 370‬نفث في روعي ) ص ‪ ( 400‬ينفث الروح اإللهي‬
‫القدسي ) ج ‪ 4‬ص ‪ ( 327‬النفثات الروحية والقابالت الروعية ) ص ‪ ( 363‬النفث ال‬
‫يكون له مكث ) ‪.‬‬
‫****‬
‫الرحماني‬‫‪ - 614‬النفس ّ‬
‫المترادفات ‪ :‬نفس الرحمن ‪ -‬العماء ‪.‬‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬النّفس ‪ :‬الفرج من الكرب ‪ .‬وفي الحديث ‪ :‬ال تسبّوا الريح فإنها من نفس‬
‫يفرج الكرب وينشئ السحاب ‪ ،‬وينشر الغيث ويذهب‬ ‫الرحمن ‪ ،‬يريد انه بها ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ‪،‬‬
‫الجدب ‪ . . .‬وفي الحديث ‪ :‬انه ‪ ،‬صلى ّ‬
‫قال ‪ :‬أجد نفس ربكم من قبل اليمن‪. . . . . .‬‬
‫سع ‪.‬‬
‫ويقال ‪ :‬بين الفريقين نفس اي مت ّ‬
‫ويقال ‪ :‬لك في هذا االمر نفسة اي مهلة ‪.‬‬
‫ي تبل ّج وامت ّد حتى يصير نهارا بينا ‪.‬‬ ‫وتنفّس الصبح ا ّ‬
‫وتنفس النهار وغيره ‪ :‬امت ّد وطال “ ‪ ( .‬لسان العرب مادة “ نفس “ ) ‪.‬‬ ‫ّ‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫غير واردة ‪.‬‬

‫‪1063‬‬
‫“ ‪“ 1064‬‬
‫عند ابن العربي‬
‫*ماهية النفس الرحماني ‪:‬‬
‫النفس الرحماني ‪ :‬عبارة عن الجوهر ‪ ،‬الذي تفتحت فيه صور الوجود بأجمعها ‪،‬‬
‫وهو يحتويها [ صور الوجود ] بالقوة ‪ ،‬كما يحتوي نفس االنسان جميع ما يصدر عنه‬
‫من كلمات وحروف ‪.‬‬
‫النفس الرحماني أطلقه ابن العربي على الوجود في صورته األولى قبل ان تظهر فيه‬
‫أعيان الممكنات ‪.‬‬
‫اي هو سابق لمرحلتي وجود الممكن ‪ :‬الثبوت ‪ ،‬عالم الثبوت [ انظر “ ثبوت “ ] ‪،‬‬
‫والظهور في األعيان [ ‪ -‬العالم الخارجي ] ‪.‬‬

‫وال يخفي أهمية اطالق ابن العربي عبارة ‪ “ :‬النفس الرحماني “ ‪ ،‬على الجوهر الذي‬
‫سيتفتح فيه الوجود لما للنفس من عالقة ‪ :‬بالكالم من جهة ‪ -‬وبالنفخ من جهة ثانية‬
‫[ الكالم والنفخ فسر بهما الخلق والمخلوقات ] ‪.‬‬

‫يقول ‪:‬‬
‫‪ - 1‬النفس الرحماني ‪ -‬جوهر العالم “ ‪ . . .‬وليست الطبيعة على الحقيقة اال ‪ :‬النفس‬
‫الرحماني ‪ ،‬فإنه فيه انفتحت صور العالم أعاله وأسفله ‪ ،‬لسريان النفخة في الجوهر‬
‫الهيوالني في عالم االجرام خاصة ‪ ( “ . . . 1‬فصوص‪. )219 / 1‬‬
‫“ ان جوهر العالم ‪ :‬النفس الرحماني ‪ ،‬الذي ظهرت فيه صور العالم “ ( ف ‪/ 3‬‬
‫‪. ) 452‬‬

‫“ ان الحق وصف نفسه بالنفس الرحماني ‪ ،‬وال بد لكل موصوف بصفة ‪ ،‬ان يتبع‬
‫الصفة جميع ما تستلزمه تلك الصفة ‪ .‬وقد عرفت ان النفس في المتنفس ما يستلزمه ‪.‬‬
‫فلذلك قبل النفس اإللهي صور العالم ‪ .‬فهو لها كالجوهر الهيوالني وليس اال عين‬
‫الطبيعة “ ( فصوص ‪. ) 144 - 143 / 1‬‬

‫‪ - 2‬النفس الرحماني ‪ :‬أول غيب ظهر لنفسه ‪ -‬العماء “ والكلمات كظهور العالم من‬
‫العماء ‪ ،‬الذي هو نفس الحق الرحماني ‪ ،‬في المراتب المقدرة في االمتداد المتوهم ال‬
‫في جسم ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 395 / 2‬‬
‫“ ‪ . . .‬فالنفس أول غيب ظهر لنفسه ‪ ،‬فكان فيه الحق من اسم الرب ‪ ،‬مثل‬

‫‪1064‬‬
‫“ ‪“ 1065‬‬
‫العرش اليوم الذي استوى عليه ‪ :‬باالسم الرحمن “ ( ف ‪. ) 420 / 3‬‬

‫‪ - 3‬النفس الرحماني والكلمات [ ‪ -‬المخلوقات ] “ فالكلمات عن الحروف ‪،‬‬


‫والحروف عن الهواء ‪ ،‬والهواء عن النفس الرحماني ‪ ( “ . .‬ف ‪. ) 168 / 1‬‬
‫“ الكالم ‪ :‬صفة مؤثرة نفسية رحمانية ‪ ،‬مشتقة من الكلم ‪ ،‬وهو الجرح ‪.‬‬
‫فلهذا قلنا ‪ :‬مؤثرة ‪ ،‬كما اثر الكلم في جسم المجروح ‪ ،‬فأول ما شق اسماع الممكنات ‪،‬‬
‫كلمة “ كن “ ‪.‬‬
‫فما ظهر العالم اال عن صفة الكالم ‪ ،‬وهو توجه نفس الرحمن على عين من األعيان ‪،‬‬
‫ينفتح في ذلك النفس ‪ ،‬شخصية ذلك المقصود ‪ .‬فيعبر عن ذلك الكون بالكالم ‪ ،‬وعن‬
‫المتكون فيه بالنفس ‪ ،‬كما ينتهي النفس من المتنفس المريد ايجاد عين حرف ‪ ،‬فيخرج‬
‫النفس المسمى ‪ :‬صوتا ‪ ،‬ففي اي موضع انتهى أمد قصده ‪ ،‬ظهر عند ذلك ‪ :‬عين‬
‫الحرف المقصود ‪ ( “ . . .‬ف ‪.) 181 / 2‬‬

‫َّللا ‪ ،‬التي هي العالم ‪ ،‬هي ‪ :‬نفس الرحمن ‪.‬‬


‫“ ‪ . . .‬والمادة التي ظهرت فيها كلمات ّ‬
‫ولهذا عبر عنه “ بالكلمات “ وقيل في عيسى عليه السالم‪.‬‬
‫َّللا ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 65 / 4‬‬
‫انه ‪ :‬كلمة ّ‬

‫‪ - 4‬النفس الرحماني والنفخ [ النفخ إشارة إلى أن االنسان من نفس الرحمن ] “ ولما‬
‫كانت نشأته [ االنسان ] من هذه األركان األربعة ‪ ،‬والمسماة في جسده اخالطا ‪.‬‬
‫حدث عن نفخه [ تعالى ] ‪ ،‬اشتعال بما في جسده من الرطوبة ‪،‬‬
‫فكان روح االنسان ‪ :‬نارا ‪ ،‬ألجل نشأته ‪. . .‬‬
‫فلو كانت نشأته طبيعية ‪ ،‬لكان روحه ‪ ،‬نورا ‪.‬‬
‫وكنى عنه ‪ :‬بالنفخ ‪ ،‬يشير إلى أنه من نفس الرحمن ‪ ،‬فإنه بهذا النفس الذي هو النفخة‬
‫ظهر عينه ‪ ،‬وباستعداد المنفوخ فيه كان االشتعال نارا ‪ ،‬ال نورا ‪.‬‬
‫فبطن نفس الرحمن فيما كان به االنسان انسانا “ ( الفصوص ‪. ) 16 / 1‬‬
‫****‬
‫مبررات التسمية يعطينا ابن العربي مبررات تسميته هذه المرتبة بالنفس الرحماني في‬
‫النص التالي ‪:‬‬
‫“ ولهذا الكرب تنفس ‪ ،‬فنسب النفس إلى الرحمن ‪ ،‬ألنه رحم به ما طلبته النسب‬

‫‪1065‬‬
‫“ ‪“ 1066‬‬

‫اإللهية ‪ ،‬من ايجاد صور العالم ‪ ،‬التي قلنا هي ‪ :‬ظاهر الحق ‪ ،‬إذ هو الظاهر ‪ . . .‬فلما‬
‫أوجد الصور في النفس وظهر سلطان النسب المعبر عنها باألسماء “ ‪ ( . . .‬فصوص‬
‫‪. ) 112 / 1‬‬

‫نستخلص منه ما يلي ‪:‬‬


‫‪ - 1‬ان الجملة “ ولهذا الكرب تنفس “ تفيدنا وجود الكرب من جهة ‪ ،‬والتنفس الذي‬
‫اعطى المرتبة اسمه [ النفس ] من جهة ثانية ‪.‬‬
‫“ ‪-‬فالكرب “ ‪ :‬موجود على مستوى األسماء اإللهية ‪ ،‬التي تطلب الكون لظهور‬
‫ربوبيتها ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫نفس عن الربوبية بنفسه ‪ ،‬المنسوب إلى ‪ :‬الرحمن ‪ ،‬بايجاده العالم الذي‬
‫“ فأول ما ّ‬
‫تطلبه الربوبية بحقيقتها وجميع األسماء اإللهية “ ‪ ( . . .‬فصوص ‪. ) 119 / 1‬‬
‫‪ -‬و “ التنفس “ ‪ :‬الذي وقع ‪ ،‬كانت صورته ‪ “ :‬العماء “ ‪ ،‬من حيث إن العماء الذي‬
‫هو السحاب يتولد من األبخرة ‪ ،‬ونفس الرحمن ‪ ،‬بخار رحماني ‪.‬‬
‫فالعماء أول صورة قبلها النفس [ انظر “ عماء “ ] ‪.‬‬

‫‪ - 2‬قوله “ فنسب النفس إلى الرحمن ألنه رحم به ما طلبته النسب اإللهية ‪ “ . . .‬بيّن‬
‫سبب نسبة هذا النفس إلى االسم اإللهي ‪ “ :‬الرحمن “ ‪ ،‬ألن ابن العربي يحصر معناه ‪:‬‬
‫بالوجود وااليجاد ‪ .‬فالفعل ‪ :‬رحم به ‪ ،‬تعنى ‪ :‬أوجد به ‪.‬‬
‫فالنفس الرحماني هو ‪ ،‬ان أمكن التعبير ‪ ،‬النفس االيجادي ‪.‬‬
‫ولذلك اطلق على “ النفس “ هذا االسم ألنها من نفس الرحمن ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ فهذا اللوح ‪ ،‬محل االلقاء العقلي ‪ ،‬هو للعقل بمنزلة ‪ :‬حواء آلدام ‪ ،‬وسميت نفسا ألنها‬
‫وجدت من نفس الرحمن ‪ ،‬فنفّس ّ‬
‫َّللا بها عن العقل إذ جعلها ؛ محال ‪:‬‬
‫لقبول ما يلقى إليها ‪ .‬ولوحا ‪ :‬لما يسطره فيها ‪ ( “ . .‬عقله ص ‪) 55‬‬
‫****‬
‫يستعمل ابن العربي “ النفس “ مضافة إلى “ األلوهية “ ال إلى “ الرحمن “ ويجمعها‬
‫“ أنفاس “ [ “ نفس الرحمن “ ال يقبل الجمع ] ‪.‬‬
‫والنفس هنا لها مدلوالت سلوكية [ نفس الرحمن له إشارات وجودية ] ‪،‬‬

‫‪1066‬‬
‫“ ‪“ 1067‬‬
‫تعرض للعبد يترقى بها ‪.‬‬
‫َّللا على نار القلب ليطفي شررها ‪،‬‬ ‫يقول ‪ “ :‬فإن قلت ‪ :‬وما النفس ؟ قلنا ‪ :‬روح يسلطه ّ‬
‫ألجل سلطان الحقيقة “ ‪ ( .‬ف ‪. ) 132 / 2‬‬
‫“ كل نفس ‪ 2‬ال تنشأ من صورة تشاهدها ال يعول عليه‪( “.‬رسالة ال يعول ص ‪. ) 8‬‬
‫َّللا ‪ ،‬تأتيهم‬
‫“ ‪ . . .‬لالنفاس اإللهية معارج ‪ ،‬تعرج عليها ‪ ،‬إلى المكر ‪ .‬وبين من عباد ّ‬
‫[ األنفاس ] من تحت أرجلهم ‪ ،‬ألنهم طالبون لها ‪ ،‬فهي من اكسابهم ‪ ،‬فلهذا كانت من‬
‫تحت أرجلهم ‪ ( “ . . . 3‬ف ‪. ) 418 / 4‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يراجع شرح المقطع في الفصوص ج ‪ 2‬ص ‪. 334‬‬
‫) ‪( 2‬يراجع بشأن “ نفس رحماني “ عند ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪ ( 400‬النفس للرحمن )‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪ ( 391‬النفس الناطقة ) ‪ ،‬ص ‪ ( 443‬النفس ) ‪ ،‬ص ‪459‬‬
‫( نفس الرحمن )‬
‫‪-‬فصوص الحكم ج ‪ 2‬ص ‪ ( 128‬نسب النّفس إلى الرحمن ) ‪ ،‬ص ص ‪- 192‬‬
‫‪ (193‬النفس والنفس ) ‪ ،‬ص ‪ ( 195‬النفس اإللهي ‪ -‬حضرة األسماء ) ‪ ،‬ص ص‬
‫‪ ( - 198 197‬النفس ‪ -‬الجوهر الهيوالني ) ‪ ،‬ص ‪ ( 234‬النفس الرحماني ‪ -‬هوية‬
‫الحق ) ‪ ،‬ص ‪ ( 337‬النفس الرحماني )‬
‫‪-‬االصطالحات الصوفية ق ‪ 85‬ب ( النفس الرحماني )‬
‫‪-‬االرشاد ق ‪ ( 149‬النفس الرحماني )‬
‫‪-‬مطلع خصوص الكلم ق ‪ ( 15‬النفس الرحماني )‬
‫ت أ َ ْر ُج ِّل ِّه ْم “[ ‪.] 66 / 5‬‬
‫) ‪( 3‬إشارة إلى اآلية ‪َ ”:‬أل َ َكلُوا ِّم ْن فَ ْوقِّ ِّه ْم َو ِّم ْن ت َ ْح ِّ‬

‫****‬
‫‪ - 615‬نقطة الباء‬
‫انظر “ الباء ‪“ .‬‬
‫((الباء دليل الصفة في مقابل األلف دليل الذات ‪.‬‬
‫وهي رمز للتعين األول ‪ ،‬الذي يشكل وسطا بين الواحد والكثير ‪ -‬اما نقطة الباء فتشير‬
‫إلى وجود العالم اي الموجودات ‪.‬‬
‫ووقوعها تحت الباء تمثيل لتبعية الموجودات للتعين األول ‪ ،‬وهي رمز االنسان الكامل‬
‫عند الصوفية ‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫َّللا عنه ‪:‬‬
‫“ بالباء ظهر الوجود ‪ ،‬وبالنقطة تميز العابد من المعبود ‪ .‬قيل للشبلي رضي ّ‬
‫أنت الشبلي ‪ ،‬قال ‪ :‬انا النقطة التي تحت البا وهو قولنا النقطة للتمييز وهو وجود‬
‫العبد بما تقتضيه حقيقة العبودية ‪.‬‬
‫َّللا عنه يقول ‪ :‬ما رأيت شيئا اال رأيت البا عليه مكتوبة ‪.‬‬
‫وكان الشيخ أبو مدين رضي ّ‬
‫فالبا المصاحبة للموجودات من حضرة الحق في مقام الجمع والوجود ‪ ،‬اي بي قام كل‬
‫شيء وظهر ‪ . . .‬ووقع الفرق بين الباء واأللف الواصلة ‪ ،‬فان األلف تعطي الذات ‪،‬‬

‫‪1067‬‬
‫“ ‪“ 1068‬‬
‫أحق من األلف بالنقطة التي تحتها‬ ‫والباء تعطي الصفة ‪ ،‬ولذلك كانت لعين االيجاد ّ‬
‫وهي الموجودات‪( “.‬رسالة االسرار بالباء ظهور الوجود ‪ .‬ورقة ‪ 123‬أ ‪ -‬ب)‪.‬‬
‫“ حرف الباء ‪ . .‬وهو مقام العقل ‪ ،‬الذي هو في ثاني مرتبة من الوجود ‪.‬‬
‫كما أن الباء في المرتبة الثانية من الحروف “‪( .‬شرح ترجمان األشواق ص ‪108‬‬
‫هامش رقم ‪. ) 3‬‬
‫“ فاالنسان الكامل هو عين األعيان ‪ . . .‬ألنه النقطة التي تحت الباء ومحل‬
‫الفيض ‪ ( “ . . .‬معرفة الكنز العظيم مخطوط الظاهرية رقم ‪ 5570‬ق ‪ 154‬أ ) ‪.‬‬
‫“ ومنهم ( الحروف ) خالصة خاصة الخاصة ‪ .‬وهو الباء ‪ ( 8 “ .‬ف ‪ -‬السفر األول ‪-‬‬
‫فقرة ‪)) . ) 454‬‬
‫****‬
‫‪ - 616‬نقيب‬
‫النقباء اثنا عشر في كل زمان ال يزيدون وال ينقصون وهم من ‪ :‬رجال العدد ‪ ،‬عند‬
‫ابن العربي ‪.‬‬
‫المالحظ انه ارجع اللفظ “ نقيب “ إلى الفعل ‪ “ :‬نقب “ ‪.‬‬
‫فكأنما النقيب هو ‪ :‬الذي نقب عن كنز المعرفة واستخرجه من نفسه ‪،‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫باّلل من نفسه لما سمع قوله عز وجل ‪ :‬سنريهم‬ ‫“ النقيب من استخرج كنز المعرفة ّ‬
‫آياتنا في اآلفاق وفي أنفسهم ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 416 / 4 -‬‬
‫***‬
‫‪ – 617‬نكتة‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ نكت ‪ :‬الليث ‪ :‬النّكت أن تنكت بقضيب في األرض ‪ ،‬فتؤثّر بطرفه فيها ‪.‬‬
‫‪. . .‬وفي الحديث ‪ :‬بينما هو ينكت إذ انتبه ‪ ،‬أي يفكر ويحدّث نفسه ‪ ،‬وأصله من‬
‫النكت بالحصى “ ‪ ( .‬لسان العرب مادة “ نكت “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫غير واردة عند ابن العربي ‪:‬‬
‫*النكتة مسألة لطيفة ‪ ،‬أخرجت بدقة نظر وامعان فكر ‪ .‬فمن نكت رمحه بأرض ‪ ،‬إذا‬
‫أثر فيها ‪ .‬وسميت المسألة الدقيقة نكتة ‪ ،‬لتأثير الخواطر في استنباطها ‪1‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫سماءٍ‬‫“ ‪ . . .‬وهنا نكت لمن له قلب وفطنة ‪ ،‬لقوله ‪ ،‬تعالى ‪َ ”:‬وأ َ ْوحى فِّي ُك ِّّل َ‬

‫‪1068‬‬
‫“ ‪“ 1069‬‬
‫أ َ ْم َرها “[ فصلت ‪ ] 12 / 41‬وقوله ‪ :‬انه أودع في اللوح المحفوظ جميع ما يجريه في‬
‫خلقه إلى يوم القيامة ‪ . . . 2‬فتؤخذ من اللوح كشفا واطالعا ‪ ،‬وتؤخذ من السماء نظرا‬
‫واختبارا “ ( ف السفر الخامس فق ‪. ) 88‬‬
‫****‬
‫ويستعمل ابن العربي عبارة “ نكتة الشيء “ بمعنى ‪ :‬السر المقوم له ‪ ،‬أو “ المحور‬
‫َّللا عليه وسلم ) هو سر العالم ونكتته ‪.‬‬ ‫“ ‪ ،‬فيكون النبي ( صلى ّ‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ والصالة على سر العالم ونكتته ‪ ،‬ومطلب العالم وبغيته ‪ .‬السيد الصادق ‪ ،‬المدلج إلى‬
‫ربه ‪ ،‬الطارق ‪ ،‬المخترق به السبع الطرائق ‪ ( “ .‬ف ‪ -‬السفر األول فق ‪. ) 10‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬انظر تعريفات الجرجاني مادة “ نكتة ‪“ .‬‬
‫) ‪( 2‬انظر “ اللوح المحفوظ “ ‪.‬‬

‫****‬
‫‪ - 618‬النكاح‬
‫النكاح عند ابن العربي ‪ :‬هو ازدواج شيئين لنتاج ثالث على اي صعيد كان ‪.‬‬
‫وهو ما يسميه أحيانا بالتثليث ( انظر تثليث ) ‪ ،‬ولذلك تتعدد أنواع النكاح عنده ‪ ،‬بتعدد‬
‫توجهات النتاج بين كل طرفين ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫‪ - 1‬النكاح ‪ -‬التثليث ‪ ،‬النكاح المعنوي ‪ -‬تناسل المعاني ‪ -‬النكاح المعقول ‪:‬‬
‫“ فقام أصل التكوين على التثليث ‪ ،‬اي من الثالثة من الجانبين ‪ :‬من جانب الحق ومن‬
‫جانب الخلق ‪ .‬ثم سرى ذلك في ايجاد المعاني باألدلة ‪ . . .‬وهو ان يركب الناظر دليله‬
‫من مقدمتين ‪ ،‬كل مقدمة تحوي على مفردين ‪،‬‬
‫فتكون ‪ :‬أربعة ‪ ،‬واحد من هذه األربعة يتكرر في المقدمتين ‪ ،‬لترتبط إحداهما باألخرى‬
‫‪ ،‬كالنكاح ‪.‬‬
‫فتكون ثالثة ال غير لتكرار الواحد فيهما ‪ ( “ . . .‬فصوص ‪. ) 116 / 1‬‬

‫“ لما لم يصح وجود العين الحادث المعرض للحوادث اال بوجود االثنين والثالث ‪،‬‬
‫وذلك بتركيب المقدمات ‪ ،‬لظهور المولدات بنكاح محسوس ومعقول ‪ ،‬على وجه‬
‫‪-----‬‬

‫‪1069‬‬
‫“ ‪“ 1070‬‬

‫وشرط معقول ومنقول ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 334 / 4 -‬‬


‫“ ‪ . . .‬هو الذي يصوركم في االرحام كيف يشاء ‪ ،‬فمن االرحام ما يكون خياال ‪،‬‬
‫َّللا في‬
‫فيصور فيه المتخيالت كيف يشاء ‪ ،‬عن نكاح معنوي ‪ ،‬وحمل معنوي ‪ ،‬يفتح ّ‬
‫ذلك الرحم [ ‪ -‬الخيال ] المعاني ‪ ،‬في اي صورة ما شاء ركبها ‪ ،‬فيريك االسالم فيه‬
‫والقرآن ‪ :‬سمنا وعسال ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 508 / 3 -‬‬

‫“ ‪ . . .‬وهو التناسل الذي يكون في العلوم ‪ ،‬بمنزلة التناسل الذي يكون في النبات‬
‫والحيوان ‪ ،‬وهذا هو ‪ :‬تناسل المعاني ‪ ،‬ولهذا قبلت المعاني الصور الجسدية الن‬
‫األجسام ‪ :‬محل التوالد ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 597 / 2 -‬‬

‫هار فِّي اللَّ ْي ِّل “[ ‪] 13 / 35‬‬ ‫“ وقال تعالى ‪ ”. . .‬يُو ِّل ُج اللَّ ْي َل فِّي النَّ ِّ‬
‫هار َويُو ِّل ُج النَّ َ‬
‫فجعله نكاحا معنويا لما كانت األشياء تتولد فيهما معا ‪ ،‬وا ّكد هذا المعنى بقوله ‪ ”:‬يُ ْغ ِّشي‬
‫هار “[ ‪] 54 / 7‬‬ ‫اللَّ ْي َل النَّ َ‬
‫ت َح ْم ًال َخ ِّفيفا ً “[ ‪ ] 189 / 7‬فأراد النكاح ‪ ،‬فكان “ ‪.‬‬ ‫شاها َح َملَ ْ‬ ‫من قوله ‪ ”:‬فَلَ َّما تَغَ َّ‬
‫( كتاب أيام الشأن ص ‪. ) 7‬‬

‫‪- 2‬النكاح الطبيعي‬


‫“ ‪ . . .‬واما النكاح الطبيعي فهو ‪ ،‬ما تطلبه هذه األرواح الجزئية ‪ ،‬المدبرة لهذه‬
‫الصور ‪ ،‬من اجتماع الصورتين الطبيعيتين بااللتحام وباالبتناء المسمى في عالم‬
‫الحس ‪ :‬نكاحا ‪ ،‬فيتولد عن هذا النكاح أمثال الزوجين في كل حيوان ونبات ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ‪. ) 516 / 3‬‬

‫“ واما ما يتولد من النكاح الطبيعي في الشجر ‪ ،‬فهو ما يعطيه من الثمر ‪ ،‬عند هذا‬
‫الحمل ‪ .‬وصورة وقع نكاح األشجار ‪ :‬زمان جري الماء في العود “ ‪ (. . .‬ف ‪/ 3‬‬
‫‪. ) 517‬‬

‫‪ - 3‬النكاح اإللهي ‪ :‬التناسل اإللهي‬


‫“ ‪ . . .‬فأما اإللهي [ النكاح ] فهو ‪ :‬توجه الحق على الممكن في حضرة االمكان‬
‫باإلرادة الحبية [ أحببت ان اعرف الحديث ] ليكون معها االبتهاج ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 3 -‬‬
‫‪. ) 516‬‬
‫“ ‪ . . .‬فاما العالم ‪ :‬نتيجة ‪ ،‬والنتيجة ال تكون اال عن مقدمتين ‪ . . .‬وهذا هو‪:‬‬

‫‪1070‬‬
‫“ ‪“ 1071‬‬

‫التناسل اإللهي ‪ ،‬ولهذا أوجده على الصورة ‪ ،‬كوجود االبن على صورة األب ‪ ،‬من كل‬
‫جنس من المخلوقات ‪ ( “ . .‬ف ‪. ) 106 / 3‬‬
‫“ ‪ . . .‬وال ظهر العالم اال عن هذا التوجه اإللهي ‪ ،‬على شيئية أعيان الممكنات ‪،‬‬
‫بطريق المحبة ‪ ،‬للكمال الوجودي في األعيان ‪ ،‬والمعارف ‪ ،‬وهي حال تشبه ‪:‬‬
‫النكاح ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 167 / 2 -‬‬

‫‪ - 4‬النكاح الغيبي ‪ -‬نكاح المعاني‬


‫“ فنزل النكاح الغيبي وهو ‪ :‬نكاح المعاني واألرواح ‪ ،‬ويختص بهذا المنزل علم‬
‫التجلي اإللهي ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 656 / 2 -‬‬

‫‪ - 619‬نهر‬
‫يتحول كل شيء في عالم ابن العربي إلى ‪ :‬صفة ‪ ،‬أو جمعية صفات ‪ ،‬تعبر به إلى‬
‫الرمز ‪ .‬فإذا عالمه عالم رموز ‪ . . .‬عالم صفاتي ‪.‬‬
‫النهر مثال ليس عنده مجرد ماء جار ‪ ،‬بل يحلل اجزاء هذه الصورة ثم ينظر في كل‬
‫جزء ( الماء ‪ -‬الجريان ) على حدة ‪ . . .‬يستنبط صفات الجزء ‪ ،‬ثم يؤلف صورة‬
‫جديدة تمثل ‪ :‬جمعية صفات اجزائها وسنحاول ان نحصر نصوص ابن العربي في‬
‫“ النهر “ بصفتين ‪:‬‬
‫امكانية الشرب المتمثلة في مياه النهر أعطت هذا المصطلح بعدا ال متناهي االجزاء ‪،‬‬
‫تحدّه طبيعة االنسان فقط ‪.‬‬
‫إذا كل ما لالنسان فيه نصيب من ‪ :‬علم أو عمل ‪ ،‬هو ‪ :‬نهر ‪ ،‬فهو مشرب االنسان‬
‫العلمي والعملي من خير أو شر ‪.‬‬
‫س َّخ َر لَ ُك ُم‬
‫وكان ابن العربي في ذلك منسجما مع الرؤية القرآنية في قوله تعالى ”‪َ :‬و َ‬
‫هار “( ‪) 32 / 14‬‬‫ْاأل َ ْن َ‬
‫تسخيرا مطلقا حدوده االنسان ‪ ،‬على حين جاء تسخيره للبحر مقيدا ‪.‬‬
‫فالنهر مرتبط بالطبيعة االنسانية ‪ ،‬ومشرب لها ‪.‬‬
‫ومما يؤكد هذا ان الجنة فيها “ انهار “ وال بحار ‪.‬‬
‫****‬
‫جريان النهر فال تمسك ماؤه ‪ ،‬أعطت النهر طاقة الفصل عن االنسان ‪ ،‬وعدم قابلية‬
‫االحتواء ‪.‬‬
‫فاالنسان يأخذ نصيبه من “ النهر “ وال يمتلكه‪.‬‬

‫‪1071‬‬
‫“ ‪“ 1072‬‬

‫وهكذا تتكاثر مفردات ابن العربي في النهر ‪ ، 1‬فالدنيا ‪ “ :‬نهر “ يجري نحو‬
‫اآلخرة ‪ . . .‬و “ نهر الدنيا “ ‪ :‬ملذاتها العابرة ‪ . . .‬وهكذا ‪. . .‬‬
‫انظر في هذا المعجم‬
‫‪-‬نحر الحياة ‪ - /‬نهر الماء ‪ -‬نهر البلوى ‪ - /‬نهر اللبن ‪ -‬نهر العسل ‪ - /‬نهر الخمر ‪-‬‬
‫َّللا عليه وسلم )‬
‫نهر القرآن ‪ -‬نهر محمد ( صلى ّ‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يراجع بشأن “ نهر ‪“ .‬‬
‫‪-‬الفتوحات ‪ - :‬ج ‪ 2‬ص ‪ ( 279‬أربعة النهار ) ‪ ،‬ص ‪ ( 550‬انهار الجنة ) ‪.‬‬
‫‪-‬ج ‪ 3‬ص ‪ ( 342‬نهران ظاهران ونهران باطنان )‬
‫‪-‬ج ‪ 4‬ص ‪ ( 353‬النهر ) ص ‪ ( 374‬النهر ) ص ‪ ( 380‬جنات ونهر ) ص ‪397‬‬
‫( علم االسرار في األنهار )‬
‫‪-‬مشاهد االسرار ق ‪ ( 57‬اشهدني الحق األنهار )‬
‫‪-‬المقنع في ايضاح السهل الممتنع ق ‪ 141‬أ ( النهر األعظم ) ‪.‬‬
‫****‬
‫‪ - 620‬نهر البلوى‬
‫“ نهر البلوى “ ‪ :‬هو التعرض للفتنة واالختبار ‪ ،‬لكأنما االبتالء بالنعمة والنقمة ‪ :‬فتنة‬
‫جارية في البشر ‪.‬‬

‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬وما أوتينا من العلم اال قليال ‪ ،‬لما جرى نهر البلوى ‪ 1‬بين العدوتين ‪:‬‬
‫الدنيا والقصوى ‪ ،‬وكان االضطرار ‪ ،‬وقع االبتالء واالختبار ‪ ،‬كما كان الظمأ اختبر‬
‫َّللا كل شيء حي ‪ ( “ 2‬ف ‪. )351 / 4 -‬‬ ‫االنسان بالماء ‪ . . .‬ومن الماء جعل ّ‬

‫‪1072‬‬
‫“ ‪“ 1073‬‬
‫“ وقال جعلنا ما على األرض زينة *** لنبلوهم فانظر لنفسك ما تسعى‬
‫ضرا أو يصحبه نفعا‬ ‫فهذا وجود االمتحان فكن فتى *** يجانبه ّ‬
‫فما فيه إال مبتال وبليّة *** فخذ بالتقا عقال ‪ ،‬وعاص الهوى طبعا “‬
‫( شجون المشجون ‪ 16‬ب )‬
‫انظر “ نهر “‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬كما يراجع بشأن نهر البلوى‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪ ( 395‬الدنيا ‪ -‬محل االختبار ‪ ،‬الدعوى واالمتحان ) ص ‪453‬‬
‫( البالء الفتنة )‬
‫) ‪( 2‬إشارة إلى اآلية [ ‪] 30 / 21‬‬

‫‪ - 621‬نهر الحياة ‪1‬‬


‫“ نهر الحياة “ عبارة رمزية يطلقها ابن العربي من باب التمثيل الوجودي ليصور ‪،‬‬
‫َّللا إلى األنبياء ‪.‬‬
‫تنزيال “ لجبريل “ رسول ّ‬
‫فجبريل ال ينزل اال على قلوب األنبياء ‪ ،‬وحيث إن األولياء علومهم من مشكاة النبوة ‪.‬‬
‫فال بد من أن تكون المالئكة التي تتنزل على قلوبهم ‪ ،‬أدنى في المرتبة الوجودية من‬
‫جبريل مع أنها منه ‪.‬‬
‫َّللا جعل لجبريل كل يوم غمسة في نهر الحياة‬
‫لذلك يصور ابن العربي ذلك فيرى ‪ :‬ان ّ‬
‫[ المحيي ] ‪ ،‬وعندما يخرج من غمسته ينتفض كالطائر ‪ ،‬فتتناثر قطرات ماء نهر‬
‫الحياة خالقة مالئكة [ ‪ 70‬الف ملك ] ‪ ،‬تتنزل على قلب المؤمن [ ‪ -‬البيت المعمور ] ‪.‬‬

‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا في كل يوم ‪ ،‬في نهر الحياة من القطرات التي تقطر من‬
‫“ وهؤالء المالئكة يخلقهم ّ‬
‫َّللا قد جعل له في كل يوم غمسة في نهر الحياة ‪ ( “ . . .‬ف ‪2 -‬‬
‫انتفاض جبريل ‪ ،‬ألن ّ‬
‫‪. ) 443 /‬‬
‫َّللا من قطرات ماء نهر الحياة ‪ ،‬فإن جبريل عليه‬
‫“ ‪ . . .‬وهم مالئكة قد خلقهم ّ‬

‫‪1073‬‬
‫“ ‪“ 1074‬‬

‫السالم ينغمس في نهر الحياة ‪ ، 2‬كل يوم غمسة ‪ .‬فيخرج منه وينتفض ‪ ،‬كما ينتفض‬
‫َّللا في كل قطرة ملكا‬‫الطائر ‪ ،‬فيقطر منه في ذلك االنتفاض سبعون الف قطرة ‪ ،‬يخلق ّ‬
‫‪ -‬كما يخلق االنسان من الماء في الرحم ‪.‬‬
‫فيخلق سبعين الف ملك من تلك السبعين الف قطرة ‪ ،‬بسبعين الف ملك الذين يدخلون‬
‫البيت المعمور “ ‪ ( . . .‬ف ‪. ) 29 / 3 -‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬في اللغة ‪ ،‬في القرآن ‪ :‬انظر “ نهر ‪“ .‬‬
‫) ‪( 2‬يراجع بشأن نهر الحياة ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪ ( 171‬قطرات ماء نهر الحياة ) ص ‪ [ 453‬قطرات ماء نهر‬
‫الحياة ] ج ‪ 3‬ص ‪ ( 32‬نهر الحياة ) ‪ ،‬ص ‪ ( 341‬قطرات ماء نهر الحياة )‪.‬‬

‫‪ - 622‬نهر الخمر‬
‫“ نهر الخمر “ ‪ :‬أحد انهار الجنة األربعة [ خمر ‪ -‬لبن ‪ -‬عسل ‪ -‬ماء ] وهو مؤلف من‬
‫لفظين ‪:‬‬
‫‪ - 1‬نهر ‪ :‬العلم الذي يأخذ االنسان منه نصيبه دون احتواء ( انظر “ نهر “ ) ‪.‬‬
‫‪ - 2‬الخمر ‪ :‬استفاد ابن العربي من تأثير الخمر في االنسان ‪ ،‬من حيث إنها تبدّل حال‬
‫شاربها ‪ ،‬فجعلها إشارة إلى ‪ :‬األحوال ‪.‬‬
‫اذن ‪:‬‬
‫نهر الخمر ‪ :‬علم األحوال المؤثر في ذائقه‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬وانهار من خمر ‪ ،‬لذة للشاربين ‪ .‬وهو ‪ :‬علم األحوال ‪ ،‬ولهذا يكون لمن قام به‬
‫الطرب وااللتذاذ ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 544 / 2‬‬
‫انظر “ نهر ‪“ .‬‬

‫‪1074‬‬
‫“ ‪“ 1075‬‬

‫‪ - 623‬نهر الدّنيا‬
‫الدنيا عند ابن العربي ليست دار قرار ‪ :‬هي نهر يجري إلى اآلخرة‪.‬‬
‫ومن ناحية ثانية فلذاتها عابرة ‪ ،‬تبعدك عن مشاهدة الحق ‪ ،‬هذا ان كانت [ الملذات ]‬
‫ضمن دائرة الشرع ‪ ،‬فما بالك ان كانت محرمة ؟ !‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬فاعبر وال تعمر فان الدنيا نهر وبحر ‪ ،‬ويحكم فيها مد وجزر ‪ ،‬واالنسان على‬
‫نهرها ‪ :‬جسر ‪ ،‬ومن ذلك سر المقامة والكرامة “ ( ف ‪. )338 / 4 -‬‬
‫تعرض لك نهر الدنيا ‪ ،‬فإن لم تشرب فأنت على أسنى مذهب ‪ .‬فإن شربت وال‬ ‫“ فان ّ‬
‫بد فال تزد على غرفة ‪ ( “ . . .‬إشارات القرآن ‪ 52‬أ ) ‪.‬‬
‫انظر “ نهر "‪..‬‬
‫****‬
‫‪ - 624‬نهر القرآن‬
‫َّللا عليه وسلم ) ‪.‬‬
‫مرادف ‪ :‬نهر محمد ( صلى ّ‬
‫نهر القرآن إشارة إلى ‪ :‬علوم القرآن ‪ ،‬التي يأخذ االنسان منها نصيبه ‪ ،‬دون ان‬
‫يستطيع امتالكها كليا ‪ ،‬فكلما ازداد االنسان علما بالقرآن تفتحت في القرآن آفاق ال‬
‫متناهية ‪.‬‬
‫َّللا عليه وسلم ) هو ‪:‬‬
‫ولكن من ناحية أخرى ‪ ،‬عند ابن العربي النبي محمد ( صلى ّ‬
‫القرآن ‪ ،‬وعلم النبي ال يحيط به االنسان ‪ ،‬وال يتحقق فيه كليا ‪ ،‬بل كلما علم من العلوم‬
‫المحمدية شيئا تفتحت في الشخصية المحمدية ‪ ،‬وكينونتها آفاق ال متناهية ‪.‬‬
‫َّللا عليه وسلم ) ‪ ،‬لذلك نهر القرآن ‪ -‬نهر محمد‬ ‫فلم يحط بالقرآن اال محمد ( صلى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ) ‪.‬‬
‫( صلى ّ‬
‫وهو لآلخرين من البشر “ نهر “ يشربون منه دون امتالكه ‪.‬‬

‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا عليه‬
‫“ ‪ . . .‬فاشرع في نهر القرآن ‪ ،‬تفز بكل سبيل للسعادة ‪ ،‬فإنه نهر محمد صلى ّ‬
‫وسلم الذي صحت له النبوة وآدم بين الماء والطين ‪ ( “ . . .‬ف ‪.)280 / 2‬‬

‫‪1075‬‬
‫“ ‪“ 1076‬‬
‫‪ - 625‬نهر اللبن‬
‫“ نهر اللبن “ ‪ :‬أحد انهار الجنة األربعة [ لبن ‪ -‬ماء ‪ -‬عسل ‪ -‬خمر ] ‪.‬‬

‫مؤلفة من لفظين ‪:‬‬


‫‪ - 1‬نهر ‪ :‬العلم الذي يأخذ االنسان منه نصيبه دون احتواء ( انظر “ نهر “ ) ‪.‬‬
‫‪ - 2‬اللبن ‪ :‬مصطلح حديثي يستفيد ابن العربي من ايحاءاته العلمية فيجعله رمزا‬
‫لالسرار ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ونهر اللبن وهو ‪ :‬علم االسرار ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 441 / 2 -‬‬
‫انظر “ نهر “ ‪.‬‬
‫****‬
‫‪ - 626‬نهر العسل‬
‫“ نهر العسل “ ‪ :‬أحد انهار الجنة األربعة [ عسل ‪ ،‬ماء ‪ ،‬لبن ‪ ،‬خمر ] ‪،‬‬
‫وهو مؤلف من لفظين ‪:‬‬
‫‪ - 1‬نهر ‪ :‬العلم الذي يأخذ االنسان منه نصيبه دون احتواء ( انظر “ نهر “ ) ‪.‬‬
‫‪ - 2‬العسل ‪ :‬على األرجح ان ابن العربي ربط العسل بالنحل بالوحي ‪ ،‬متأثرا في ذلك‬
‫باآلية ‪َ ”:‬وأ َ ْوحى َرب َُّك ِّإلَى النَّ ْح ِّل ] ‪، “[ 66 / 68‬‬
‫ومن جهة ثانية النحل يعطي ‪ “ :‬العسل “ ‪ ،‬فأخذ العسل ايحاء الوحي ‪.‬‬
‫إذا ‪ :‬نهر العسل ‪ -‬علم الوحي‬

‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬ونهر العسل وهو ‪ :‬علم الوحي على ضروبه ‪ ،‬ولهذا تصعق المالئكة عندما‬
‫تسمع الوحي ‪ ،‬كما يسكر شارب الخمر ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 441 / 2 -‬‬
‫انظر “ نهر‪“ .‬‬

‫‪1076‬‬
‫“ ‪“ 1077‬‬
‫‪ - 627‬نهر الماء‬
‫“ نهر الماء “ ‪ :‬أحد انهار الجنة األربعة [ ماء ‪ -‬لبن ‪ -‬عسل ‪ -‬خمر ] ‪.‬‬
‫“ نهر الماء “ عبارة من لفظين ‪ ،‬ما مقصود ابن العربي من كل منهما ؟‬
‫‪ - 1‬نهر ‪ :‬العلم الذي يأخذ االنسان منه نصيبه دون احتواء ( انظر “ نهر “ ) ‪.‬‬
‫‪ - 2‬الماء ‪ :‬الماء هو دائما رمز الحياة عند ابن العربي بدليل اآلية” َو َجعَ ْلنا ِّمنَ ْال ِّ‬
‫ماء‬
‫ي ٍ ‪“[ 21 / 30 ] .‬‬ ‫ُك َّل َ‬
‫ش ْيءٍ َح ّ‬
‫اذن ‪ ،‬نهر الماء هو ‪ :‬علم الحياة ‪.‬‬

‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬قد علم كل أناس مشربهم ‪ ،‬النهر الواحد ‪ :‬نهر الماء ‪ ،‬الذي هو غير آسن ‪. 1‬‬
‫يقول غير متغير وهو ‪ :‬علم الحياة ‪ ( “ . . .‬ف ‪. )441 / 2 -‬‬
‫انظر “ نهر “‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬إشارة إلى اآلية ‪َ ”:‬مث َ ُل ْال َجنَّ ِّة الَّ ِّتي ُو ِّع َد ْال ُمتَّقُونَ ِّفيها أ َ ْن ٌ‬
‫هار ِّم ْن ماءٍ َ‬
‫غي ِّْر آ ِّس ٍن‬
‫“[ ‪. ] 15 / 47‬‬
‫****‬
‫‪ - 628‬نهار‬
‫انظر “ ليل "‪.‬‬
‫****‬
‫‪ - 629‬النّيابة‬
‫اخذت النيابة عند ابن العربي مضمون الخالفة نفسه ‪ ،‬حتى أن ابن العربي يستعملها‬
‫على الترادف الكامل ‪ ،‬ويفرعها إلى مصطلحات متقابلة مماثلة ‪:‬‬
‫َّللا‬
‫نائب حق ‪ -‬خليفة عن ّ‬
‫َّللا‬
‫نائب عن الحق ‪ -‬خليفة الخليفة من عند ّ‬

‫‪1077‬‬
‫“ ‪“ 1078‬‬

‫نائب من وراء حجاب ‪ -‬الخليفة الظاهر [ الخالفة الظاهرة ]‬


‫نيابة الحق عن العبد ‪ -‬خالفة الحق عن العبد ‪ ،‬استخالف العبد ربه ‪.‬‬
‫انظر “ خالفة ‪“ .‬‬
‫اما بخصوص نصوص ابن العربي التي تثبت هذه المماثلة فنرجع إليها فيما يلي لمن‬
‫أراد االستزادة ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪ ( 78‬نائب الحق ‪ -‬القطب ) ص ‪ ( 129‬نائب الحق ‪ :‬الظاهر‬
‫بصورته ) ص ‪ ( 365‬الشيوخ ‪ :‬نواب الحق ‪ ،‬الورثة ) ص ‪ ( 605‬نواب الحق في‬
‫عباده ) ‪.‬‬
‫َّللا ونيابة الحق عن العبد ) ص ‪417‬‬ ‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪ ( 326‬النيابة عن ّ‬
‫( خلفاء ونواب ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪ ( 3‬نائب من وراء حجاب ) ‪.‬‬
‫َّللا ) ‪.‬‬
‫ص ‪ ( 27‬نائب عن الحق ‪ -‬خلفاء الخليفة من عند ّ‬
‫ص ‪ ( 114‬نائب الحق ) ‪.‬‬
‫ص ‪ ( 302‬نواب الحق ) ‪.‬‬
‫‪-‬رسالة ال يعول ص ‪ ( 19‬النيابة عن الحق ) ‪.‬‬
‫****‬
‫‪ - 630‬نائب الحق‬
‫انظر “ نيابة "‪.‬‬
‫****‬
‫‪ - 631‬نيابة الحق عن العبد‬
‫انظر “ نيابة "‪.‬‬
‫****‬
‫‪ - 632‬نائب عن الحق‬
‫انظر “ نيابة “‬

‫‪1078‬‬
‫“ ‪“ 1079‬‬

‫‪ - 633‬نائب من وراء حجاب‬


‫انظر “ نيابة "‪.‬‬
‫****‬
‫الرحمن‬‫‪ - 634‬نائب ّ‬
‫نائب الرحمن هو ‪ :‬معلم القران ‪ ،‬من حيث إنه ناب عنه تعالى في تعليم القران ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ وعلّم القرآن ‪ ،‬تكن نائب الرحمن ‪ ،‬فإن الرحمن علم القرآن ‪ ،‬خلق االنسان علمه‬
‫البيان ‪ 1‬وهو القرآن ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 481 / 4‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬إشارة إلى اآلية [ ‪] 4 / 55‬‬

‫‪ - 635‬نواب مح ّمد صلّى ّ‬


‫للا عليه وسلم‬
‫األنبياء والرسل جميعا هم ‪ :‬نواب محمد ‪ ،‬من حيث إنه مبعوث إلى الناس كافة ‪ ،‬فكل‬
‫نبي ناب عنه في زمن من األزمان ‪ .‬وعندما ظهر بنفسه لم يبق لغيره حكم [ انظر‬
‫“ وراثة “ ] ‪.‬‬

‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬فهي شرائع محمد صلّى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ ،‬بأيدي نوابه ‪ ،‬فإنه المبعوث إلى الناس‬
‫كافة ‪ ،‬فجميع الرسل ‪ :‬نوابه بال شك ‪ ،‬فلما ظهر بنفسه لم يبق حكم اال له وال حاكم اال‬
‫رجع اليه ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 134 / 2‬‬

‫َّللا صلّى ّ‬
‫َّللا‬ ‫“ ‪ . . .‬فستر عن األنبياء عليهم السالم في الدنيا كونهم ‪ :‬نوابا عن رسول ّ‬
‫عليه وسلم ‪ ،‬وكشف لهم عن ذلك في اآلخرة ‪.‬‬
‫إذ قال ‪:‬انا سيد الناس يوم القيامة ‪ ،‬فيشفع فيهم صلّى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم “ ‪ ( . . .‬ف ‪/ 2‬‬
‫‪. ) 138‬‬

‫‪1079‬‬
‫“ ‪“ 1080‬‬

‫والمالحظ ان كون األنبياء جميعا ‪ :‬نواب محمد ‪ ،‬يتداخل بشكل رئيسي مع كونه عليه‬
‫الصالة والسالم ‪ “ :‬أبو الورثة “ ‪ ،‬فكل شرع وكل علم انما هو ‪ :‬ميراث محمدي ‪.‬‬

‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ :‬أبو الورثة [ انظر “ أبو الورثة “ ] ‪ ،‬من آدم إلى‬ ‫“ ‪ . . .‬فمحمد صلّى ّ‬
‫خاتم االمر من الورثة ‪ ،‬فكل شرع ظهر وكل علم انما هو ‪ :‬ميراث محمدي ‪ ،‬في كل‬
‫زمان ورسول ‪ .‬ونبي من آدم إلى يوم القيامة ‪ . . .‬فظهر حكم الكل في الصورة‬
‫اآلدمية والصورة المحمدية ‪ ( “ . . .‬ف ‪.) 457 / 3‬‬
‫****‬
‫النبوة‬
‫ّ‬ ‫‪ - 636‬نيابة‬
‫نيابة النبوة ‪ :‬هي خالفة [ النائب ] الرسل ‪ ،‬بالظهور بصفاتهم [ ‪ -‬الرسل ] ‪:‬‬
‫من الدعوة على منهجهم ‪ ،‬وإقامة سياستهم ‪ ،‬وما إلى ذلك ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا سبحانه على مرسوم الرسل ‪ ،‬وحفظ‬ ‫“ فنيابة النبوة تكون بالجمع بين الدعوة إلى ّ‬
‫َّللا وشرائعه وإقامة سياسة الرسل ‪ . . .‬بين األمم فهي رتبة ‪:‬‬ ‫حدود ّ‬
‫الخالفة للرسل ‪ ( “ . . .‬بلغة الغواص ق ‪. ) 57‬‬
‫انظر تفصيل ذلك في “ نيابة “ و “ نبوة "‪.‬‬
‫****‬
‫‪ – 637‬نور‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫َّللا تعالى ‪ :‬النّور ‪ ،‬قال ابن األثير ‪ :‬هو الذي يبصر بنوره ذو‬ ‫“ نور “ في أسماء ّ‬
‫العماية ويرشد بهواه ذو الغواية ‪،‬‬
‫وقيل ‪ :‬هو الظاهر الذي به كل ظهور ‪ ،‬والظاهر في نفسه المظهر لغيره يسمى‬
‫نورا ‪. . .‬‬
‫ض “[ ‪. ] 35 / 24‬‬ ‫ت َو ْاأل َ ْر ِّ‬
‫سماوا ِّ‬ ‫َّللاُ نُ ُ‬
‫ور ال َّ‬ ‫َّللا عز وجل ”‪َّ :‬‬ ‫قال ّ‬
‫وفي المحكم ‪ :‬النور والضوء ‪ ،‬ايّا كان ‪ ،‬وقيل ‪ :‬هو شعاعه‬

‫‪1080‬‬
‫“ ‪“ 1081‬‬
‫ونور ‪. .‬‬
‫وسطوعه ‪ ،‬والجمع أنوار ونيران ‪ .‬عن ثعلب ‪ :‬وقد أنار نورا وأنار واستنار ّ‬
‫األخيرة عن اللحياني ‪ ،‬بمعنى واحد ‪ ،‬اي أضاء “ ( لسان العرب مادة “ نور “ ) ‪.‬‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫انظر ‪ :‬في اللغة ‪.‬‬
‫عند ابن العربي ‪:‬‬
‫َّللا تعالى ‪ ،‬يجعله ابن العربي في رؤيته ‪:‬‬
‫“ *النور “ اسم من أسماء ّ‬
‫‪ - 1‬مبدأ الخلق ‪ ،‬أو مبدأ ظهور التعينات ‪.‬‬
‫‪ - 2‬مبدأ االدراك أو العقل الساري في الوجود ‪.‬‬
‫وعلى هذا يكون االسم “ النور “ المنبسط على جميع الموجودات ‪ ،‬أصل نور الوجود‬
‫ونور الشهود ‪.‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫وَّللا تعالى أخرجنا من ظلمة‬
‫‪ - 1‬النور “ ‪ -‬مبدأ الخلق والظهور ‪ -‬نور الوجود ‪ّ “ . . .‬‬
‫العدم ‪ ،‬إلى نور الوجود ‪ ،‬فكنا نورا ‪ ،‬باذن ربنا ‪ ،‬إلى صراط العزيز الحميد ‪ ،‬فنقلنا‬
‫من النور ‪ ،‬إلى ظلمة الحيرة “ ‪ ( . . .‬ف ‪. ) 412 / 3‬‬

‫َّللا ( صلّى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم )‬ ‫“ ‪ . . .‬ولوال النور ما ظهر للممكنات عين ‪ ،‬قول رسول ّ‬
‫في دعائه ‪:‬‬
‫اللهم اجعل في سمعي نورا ‪ ،‬وفي بصري نورا ‪ ،‬وفي شعري نورا ‪ ،‬حتى قال ‪:‬‬
‫واجعلني نورا ‪ ،‬وهو كذلك [ اي ‪ -‬نور ] ‪.‬‬
‫وانما طلب مشاهدة ذلك [ كونه نورا ] في الحس “ ( ف ‪. ) 392 / 3‬‬

‫“ ‪ . . .‬فإذا عمد االنسان إلى مرآة قلبه وجالها بالذكر تالوة للقرآن ‪ ،‬فحصل له من‬
‫وَّللا نور منبسط على جميع الموجودات يسمى ‪ :‬نور الوجود ‪ ( “ . . .‬ف‬
‫ذلك نور ‪ّ ،‬‬
‫‪. ) 241 / 2‬‬

‫‪ - 2‬النور “ ‪ :‬مبدأ االدراك ‪ -‬نور الشهود ‪ ،‬نور االيمان “ ولكن باسم “ النور “ وقع‬
‫االدراك ‪ ،‬وامتد هذا الظل على أعيان الممكنات في‬

‫‪1081‬‬
‫“ ‪“ 1082‬‬
‫صورة الغيب المجهول ‪ ( “ . . .‬فصوص ‪. ) 102 / 1‬‬

‫“ ‪ . . .‬من عرف نفسه عرف ربه ‪ ،‬فيعلم انه الحق ‪ .‬فيخرج العارف المؤمن الحق‬
‫َّللا ‪ ،‬من ظلمة الغيب ‪ ،‬إلى نور الشهود ‪ .‬فيشهد ما كان غيبا له ‪،‬‬
‫بواليته ‪ ،‬التي أعطاه ّ‬
‫فيعطيه كونه مشهودا ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 147 / 4‬‬

‫َّللا قلبه بنور االيمان ‪ :‬ومتى لم‬


‫“ فلما رأى الرسل ذلك ‪ ،‬وانه ال يؤمن اال من أنار ّ‬
‫ينظر الشخص بذلك النور ‪ ،‬المسمى ايمانا ‪ ،‬فال ينفع في حقه االمر المعجز ‪. . .‬‬
‫“ ( فصوص ‪. ) 130 / 1‬‬
‫****‬
‫حيث إن ابن العربي يجعل االسم “ النور “ مبدأ الوجود واالدراك ‪ ،‬لذلك كل وجود أو‬
‫خير فهو ‪ :‬نور ‪ ،‬ألصله اإللهي في مقابل العدم والشر [ ظلمة ‪ -‬أصل كوني ] ‪.‬‬
‫يقول ‪. . .“ :‬‬
‫فالوجود ‪ :‬نور ‪ ،‬والعدم ‪ :‬ظلمة ‪،‬‬
‫فالشر ‪ :‬عدم ‪ ،‬ونحن في الوجود ‪ :‬فنحن في الخير ‪،‬‬
‫وان مرضنا فانا نصح ‪ ،‬فان األصل جابر ‪ ،‬وهو ‪ :‬النور ‪.‬‬
‫وهكذا صفة كل نور ‪ ،‬انما جاء ليظهر ما طلع عليه ‪ ،‬فال تدركه األشياء اال بك [ ‪-‬‬
‫الممكن ‪ -‬ظل وليس ظلمة ] “ ( ف ‪. ) 486 / 2‬‬

‫َّللا ‪ ،‬وبقي على أصل خلقته ‪ ،‬مستقيما قط ‪.‬ما يكون ابدا اال‬
‫“ ما ترى جسما قط خلقه ّ‬
‫ماثال لالستدارة ‪ ،‬ال من جماد ‪ ،‬وال من نبات ‪ ،‬وال من حيوان ‪ ،‬وال سماء ‪ ،‬وال ارض‬
‫‪ ،‬وال جبل ‪ ،‬وال ورق ‪ ،‬وال حجر ‪ ،‬وسبب ذلك ‪ :‬ميله إلى أصله ‪ ،‬وهو النور ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ‪. ) 647 / 2 -‬‬

‫“ والروح ‪ :‬نور ‪ ،‬والطبيعة ‪ :‬ظلمة “ ( ف ‪. ) 350 / 2‬‬


‫“ ‪ . . .‬وما الظلمة والنور اللذان عنهما الظل والضياء ؟ قلنا ‪ :‬النور كل وارد الهي [ ‪-‬‬
‫نور ] ينفر الكون [ ‪ -‬ظلمة ] عن الظلمة ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 130 / 2‬‬
‫****‬
‫االنسان في فكر ابن العربي تمتع بمكانة خاصة ‪ ،‬فهو صورة للحضرتين ‪ :‬اإللهية‬

‫‪1082‬‬
‫“ ‪“ 1083‬‬
‫والكونية ‪ ،‬لذلك جمع في ذاته صفة الحضرتين فهو ‪ :‬نور وظلمة ‪ ،‬أو هو ‪ :‬النور‬
‫الممتزج ‪.‬‬
‫“ ‪ . . .‬فأفاده التجلي علما ‪ .‬بما رآه ‪ ،‬ال علما بأنه هو الذي أعطاه الوجود ‪ .‬فلما انصبغ‬
‫بالنور ‪ ،‬التفت إلى اليسار ‪.‬‬

‫فرأى العدم ‪ ،‬فتحققه ‪ ،‬فإذا هو ينبعث منه ‪ ،‬كالظل المنبعث من الشخص ‪ ،‬إذا قابله‬
‫النور ‪ .‬فقال ‪ :‬ما هذا ؟ فقال له النور من الجانب األيمن ‪ :‬هذا هو أنت ‪ ،‬فلو كنت أنت‬
‫النور ‪ ،‬لما ظهر للظل عين ‪.‬‬
‫فأنا النور ‪ ،‬وانا مذهبه ‪ ،‬ونورك الذي أنت عليه ‪ ،‬انما هو من حيث ما يواجهني من‬
‫ذاتك ‪ ،‬ذلك لتعلم انك لست انا ‪.‬‬

‫ي ‪ ،‬قبلتك ‪ .‬وان‬
‫فأنا ‪ :‬النور بال ظل ‪ ،‬وأنت النور الممتزج إلمكانك ‪ .‬فان نسبت ال ّ‬
‫نسبت إلى العدم ‪ ،‬قبلك ‪ ،‬فأنت ‪ :‬بين الوجود والعدم ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 304 / 2 -‬‬
‫****‬
‫استفاد ابن العربي من اسم “ النور “ وأهميته ‪ .‬صورتان تخدمان فكرته في الوجود‬
‫الواحد ‪ .‬فالوجود الحقيقي واحد يتكثر في صور الممكنات كما أن ‪:‬‬

‫النور واحد يتكثر في الظالل ‪ ،‬والنور ال لون له يتكثر بالزجاج الملون ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫‪ - 1‬صورة النور والظالل ‪.‬‬
‫“ ‪ . . .‬فما اندرج نور في نور ‪ ،‬وانما هو نور واحد ‪ ،‬في عين صورة خلق ‪ .‬فانظر‬
‫ما أعجب هذا االسم [ النور ] ‪ .‬فالخلق ظلمة ‪ ،‬وال يقف للنور ‪ ،‬فإنه ينفرها ‪ ،‬والظلمة‬
‫ال ترى النور ‪ ،‬وما ثم نور ‪ ،‬اال نور الحق “ ‪ ( . . .‬ف ‪. ) 39 / 4‬‬

‫“ وكذلك أعيان الممكنات ‪ ،‬ليست نيرة ‪ ،‬ألنها معدومة ‪ ،‬وان اتصفت بالثبوت [ ‪-‬‬
‫ظل ] ‪ ،‬لكن لم تتصف بالوجود ‪ ،‬إذ الوجود نور ‪ . . .‬فإن الظالل ال يكون لها عين‬
‫بعدم النور “ ( فصوص ‪. ) 103 - 102 / 1‬‬

‫‪ - 2‬صورة النور والزجاج “ فالحق بالنسبة إلى ظل خاص صغير وكبير ‪ ،‬وصاف‬
‫واصفى ‪ ،‬كالنور بالنسبة إلى حجابه عن الناظر في الزجاج ‪ ،‬يتلون بتلونه ‪ ،‬وفي نفس‬
‫االمر ال لون له “ ( فصوص ‪. ) 103 / 1‬‬
‫***‬

‫‪1083‬‬
‫“ ‪“ 1084‬‬

‫*يستعمل ابن العربي لفظ “ نور “ ‪ ،‬يجمعها “ أنوار “ ‪ ،‬في سياق معرفي انسجاما مع‬
‫اعتباره االسم “ النور “ ‪ :‬مبدأ االدراك ‪ ،‬فتكون “ األنوار “ هنا بمعنى ‪:‬‬
‫“ الحقائق “ ‪.‬‬

‫يقول ‪ “ :‬اعلم أن التجلي عند القوم ‪ :‬ما ينكشف للقلوب ‪ ،‬من أنوار الغيوب ‪ .‬وهو على‬
‫مقامات مختلفة ‪ ،‬فمنها ‪ :‬ما يتعلق بأنوار المعاني المجردة عن المواد ‪ ،‬من المعارف‬
‫واالسرار ‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬ما يتعلق بأنوار األنوار‪.‬‬
‫ومنها ‪ :‬ما يتعلق بأنوار األرواح ‪ ،‬وهم المالئكة ‪.‬‬
‫ومنها ‪ ،‬ما يتعلق بأنوار الرياح ‪ ،‬ومنها ‪ :‬ما يتعلق بأنوار الطبيعة ‪،‬‬
‫ومنها ‪ :‬ما يتعلق بأنوار األسماء ‪ ،‬ومنها ‪ :‬ما يتعلق بأنوار المولدات ‪ ،‬واألمهات ‪،‬‬
‫والعلل ‪ ،‬واألسباب على مراتبها ‪ ،‬فكل نور من هذه األنوار ‪ ،‬إذا طلع من أفق ‪ ،‬ووافق‬
‫عين البصيرة ‪ ،‬سالما من العمى ‪ ،‬والغش ‪ ،‬والصدع ‪ ،‬والرمد ‪ ،‬وآفات األعين ‪،‬‬
‫كشف بكل نور ‪ ،‬ما انبسط عليه ‪ ( “ . .‬ف ‪. ) 485 / 2‬‬
‫****‬
‫النور “ مبدأ الخلق واالدراك ‪ ،‬هو في االمر نفسه ‪ :‬يفني ‪ ،‬وال ادراك فيه ‪ ،‬بل يدرك‬
‫االنسان في الضياء ‪.‬‬
‫‪ - 1‬النور مبدأ الخلق ‪ :‬يفني ‪ ”:‬إذا بدت سبحات الوجه فاستتر ‪ * 1‬فالنور يذهب‬
‫باألعيان واألثر ‪2‬‬
‫وانظر إلى من وراء النور مستترا ‪ * 3‬ترى الضيا ‪ 4‬فامعن فيه بالبصر‬
‫وقل لقلبك امسك عنه شاهده ‪ * 5‬فعند ردك ‪ 6‬تلقى لذة النظر “ ‪ (7‬الديوان ‪. ) 42‬‬

‫‪ - 2‬النور مبدأ االدراك ‪ :‬ال ترى فيه غيره ‪.‬‬


‫“ فقال [ الحق ] لي [ العبد ] ‪ :‬رأيت ما أشد ظالم هذا النور ‪ ،‬اخرج يدك فلن تراها ‪،‬‬
‫فأخرجت يدي فما رأيتها ‪.‬‬
‫فقال لي ‪ :‬هذا نوري ال ترى فيه غير نفسه “ ( مشاهد االسرار ق ‪. ) 39‬‬
‫****‬
‫عودنا الشيخ األكبر ‪ ،‬لغة تجربة صوفية تقرب من حدود النظريات ‪ ،‬لذلك عندما‬
‫يكشف لنا عن وجه تجربته الصوفية الخاصة نتلمس فيه نبضا ‪ ،‬سبق ان‬

‫‪1084‬‬
‫“ ‪“ 1085‬‬

‫احسسناه عند النفري ‪ ،‬وابن الفارض ‪ . .‬لغة وجدان من داخل التجربة ‪ ،‬حيث ال نرى‬
‫اال عابدا ومعبودا ‪ ،‬عاشقا ومعشوقا ‪.‬‬
‫وال وجود للقارئ ‪ ،‬وهو الذي ال يغيب تقريبا في كتب الشيخ األكبر ‪.‬‬
‫والنص الذي سنورده فيما يلي يجمع ‪ :‬لغة النفري في “ مواقفه “ من ناحية ‪.‬‬
‫وتدرج الكالم وصوال إلى لسان الحقيقة المحمدية الذي نجده في “ تائية “ ابن الفارض‬
‫من ناحية ثانية ‪.‬‬

‫المخاطب في هذا النص يتلون متدرجا مع خطاب الحق ‪ .‬يتكشف بعد كل مقطع خطاب‬
‫‪ ،‬وجه له [ للمخاطب ‪ -‬العارف ] ونسبة ‪ .‬فكأن خطاب الحق هو لوجوه ونسب هذا‬
‫العبد العارف ‪ ،‬الذي نالحظ من حركة التدرج الصاعدة الجامعة انه ‪ :‬محمدي المقام ‪،‬‬
‫وهذا يذكرنا بابن الفارض في تائيته حيث يتكلم أحيانا بلسان الحضرة المحمدية ‪.‬‬
‫ونستدل على تلون المخاطب من قوله في بدء النص ‪ “ :‬اآلن أنت أنت “ ‪.‬‬

‫ولم ننقل النص ‪ ،‬اال البراز عميق تجربة الشيخ األكبر الصوفية ‪ ،‬وامتالكه اللغة‬
‫امتالكا استطاع معه ان يعبر بمفردي ‪ :‬النور والظلمة ‪ ،‬عن “ المقام المحمدي‬
‫“ الجامع للمقامات [ ‪ -‬المالحظ انها تبدأ عند كل “ ثم “ من النص ] ‪.‬‬

‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬ثم قال لي ‪ :‬اآلن أنت ‪ ،‬أنت ‪ ،‬ثم قال لي ‪ :‬ترى ما أحسن هذه الظلمة ‪.‬‬
‫وما أشد ضؤها ‪ ،‬وما أسطع نورها ‪ .‬هذه الظلمة مطلع األنوار ‪ ، 8‬ومنبع عيون‬
‫االسرار ‪ ،‬وعنصر المواد ‪.‬‬
‫من هذه الظلمة أوجدك وإليها أردك ولست أخرجك منها ‪. 9‬‬
‫ثم فتح لي قدر سم الخياط فخرجت عليه فرأيت بهاء ونورا ساطعا ‪،‬‬
‫فقال لي ‪ :‬رأيت ما أشد ظالم هذا النور أخرج يدك فلن تراها فأخرجت يدي فما رأيتها‬
‫‪ ،‬فقال لي ‪ :‬هذا نوري ال ترى فيه غير نفسه ‪.‬‬
‫ثم قال ‪ :‬ارجع إلى ظلمتك فأنك مبعود عن أبناء جنسك ‪.‬‬
‫ثم قال لي ‪ :‬ليس في ظلمة غيرك وال أوجدت فيها سواك ‪ .‬منها اخذتك ‪. . .‬‬
‫ثم قال لي ‪ :‬كل موجود دونك خلقته من نور ‪ - [ 10‬من وجود ] ‪ ،‬اال أنت فإنك‬
‫مخلوق من الظلمة [ ‪ -‬عدم ] “ ( مشاهد االسرار ق ‪. ) 39‬‬

‫يالحظ في جملة الخطاب األخير ‪ “ :‬ثم قال لي ‪ :‬كل موجود دونك ‪ . . .‬من الظلمة “ ‪،‬‬
‫ان المخاطب هنا وصل إلى االتحاد ‪.‬‬
‫بمقامه المحمدي ‪ ،‬فكان هو‬

‫‪1085‬‬
‫“ ‪“ 1086‬‬
‫المخاطب فيه ‪ .‬ألن النص ال يستقيم اال بنسبته إلى الحقيقة المحمدية ‪.‬‬
‫فهي وحدها مخلوقة من عدم [ ظلمة ] ‪ ،‬وكل ما دونها مخلوق من وجود [ نور ] ‪،‬‬
‫َّللا نوري ومن نوري خلق كل شيء ‪.‬‬ ‫وفي ذلك إشارة إلى الحديث ‪ :‬أول ما خلق ّ‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬فاستتر ‪ :‬حتى ال تحترق ‪.‬‬
‫) ‪( 2‬النور يذهب باألعيان واألثر ‪ ،‬ألن النور يفني ضده ‪ .‬واألعيان واألثر ضد‬
‫النور ألنهما عدم وظلمة ‪.‬‬
‫) ‪( 3‬إشارة إلى أن الحق حجابه النور‬
‫) ‪( 4‬النور ال يسمح بادراك غيره إذا كان شديدا ‪ ،‬لذلك اتى ابن العربي بالضياء ‪.‬‬
‫) ‪( 5‬انظر “ شاهد ‪" “ .‬‬
‫) ‪ ( 6‬فعند ردك “ من المشاهدة‬
‫) ‪( 7‬ان “ المشاهدة “ تفني ‪ ،‬لذلك العبد ال يلقى فيها لذة ‪ .‬اللذة يلقاها العبد بعد‬
‫خروجه من “ المشاهدة “ ‪ “ ،‬بالشاهد “ الذي بقي ‪ .‬انظر “ مشاهدة “ “ شاهد ‪“ .‬‬
‫) ‪( 8‬األنوار هنا يستعملها بالمعنى “ الخامس “ الذي ورد أعاله ‪ .‬اي ‪ :‬الحقائق “ ‪.‬‬
‫) ‪( 9‬الظلمة “ في هذا النص تقبل ان تفسر ‪ :‬العبودية المحضة في مقابل األلوهية ‪.‬‬
‫أو العدم في مقابل األلوهية [ نور ] ألن االنسان ‪ :‬ال يخرج من عبوديته ‪ ،‬التي هي‬
‫عدمه وامكانه اي ثبوته في العدم ‪.‬‬
‫) ‪( 10‬يراجع بشأن “ نور “‬
‫عند ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪ ( 305‬النور ) ‪ ( 454 ،‬النور األعظم ) ‪ ،‬ص ‪ ( 488‬النور‬
‫العظيم ‪ -‬النور األعظم ) ‪ ،‬ص ‪ ( 632‬النور الشعشعاني ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪ ( 350‬أنوار االعمال ) ‪ ،‬ص ‪ ( 357‬نور الشرع ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪ ( 147‬نور الوجوب ‪ -‬ظلمة االمكان ) ‪ ،‬ص ‪ ( 282‬النور‬
‫الشيبي ) ‪ ،‬ص ‪ ( 313‬النور الذاتي ‪ -‬النور المجهول ) ‪ ،‬ص ‪ ( 363‬نور األنوار ) ‪،‬‬
‫ص ‪ ( 403‬العقل وااليمان ‪ :‬نور على نور ) ‪.‬‬

‫‪-‬الفتوحات السفر الخامس فق ‪ ( 1‬نور الكواكب ‪ -‬نورنا اليوم ) ‪ ،‬فق ‪ ( 31‬النور ) ‪،‬‬
‫فق ‪ ( 33‬النور ‪ -‬نور الجمال االقدس ) ‪ ،‬فق ‪ ( 98‬الصالة نور ) ‪ ،‬فق ‪ ( 194‬نور‬
‫َّللا ‪ -‬نور على نور ) ‪ ،‬فق ‪ (332‬نور الشمس ‪ -‬أنوار‬‫في نور ) ‪ ،‬فق ‪ ( 240‬نور ّ‬
‫الكواكب ‪ -‬أنوار العلوم ) ‪ ،‬فق ‪ ( 333‬نور االيمان ) ‪ ،‬فق ‪ ( 545‬نور العزة ) ‪.‬‬
‫‪-‬فصوص الحكم ج ‪ 2‬ص ‪ ( 105‬عالقة النور بالروحي اللطيف )‬
‫ص ‪ ( 106‬الحكمة النورية )‬

‫‪1086‬‬
‫“ ‪“ 1087‬‬

‫‪-‬كيمياء السعادة ق ق ‪ ( 5 - 4‬نور األنوار ) ‪.‬‬


‫وال نغفل أهمية األصول التي اثرت في رؤية ابن العربي للنور ‪.‬‬
‫يراجع بهذا الشأن ‪:‬‬
‫‪-‬عفيفي ‪ ،‬فصوص الحكم ج ‪ 2‬ص ‪ ( 108‬اثر الفلسفة الزرادشتية في النور‬
‫والتشبيهات ) ‪.‬‬
‫‪-‬الحكيم الترمذي ‪ :‬كتاب بيان الفرق ‪ .‬ص ‪87‬‬
‫‪-‬الحكيم الترمذي ‪ :‬كتاب الرياضة ص ‪41‬‬
‫‪-‬الحكيم الترمذي ‪ :‬ختم األولياء ص ‪121‬‬
‫‪-‬الغزالي ‪ ،‬مشكاة األنوار ص ‪43 ، 23 ، 16 ، 15 ، 14 ، 7 ، 6 ، 5‬‬
‫‪-‬الغزالي ‪ ،‬رسالة معراج السالكين ص ‪151‬‬
‫‪-‬روزبهان بقلي ‪ ،‬مجلة المشرق ص ‪390‬‬
‫‪-‬ابن سبعين وفلسفة الصوفية ‪ ،‬التفتازاني ص ‪79‬‬
‫‪-‬نيكلسون ‪ ،‬في التصوف االسالمي ص ‪134‬‬
‫‪-‬زكي نجيب محمود ‪ .‬المعقول والالمعقول ص ‪20‬‬
‫****‬
‫‪ - 638‬نور األيمان‬
‫انظر “ نور “ المعنى األول‬
‫****‬
‫‪ - 639‬النور األخضر‬
‫النور األخضر ‪ :‬هو الصديقية ‪.‬‬
‫انظر “ صدق "‪.‬‬
‫****‬
‫‪ - 640‬نور الشهود‬
‫انظر “ نور “ المعنى األول‬

‫‪1087‬‬
‫“ ‪“ 1088‬‬

‫‪ - 641‬نور مح ّمد صلّى ّ‬


‫للا عليه وسلم‬
‫انظر “ الحقيقة المحمدية "‪.‬‬
‫****‬
‫‪ - 642‬النور الممتزج‬
‫انظر “ نور “ المعنى الثالث‬
‫****‬
‫‪ - 643‬نور الوجود‬
‫انظر “ نور “ المعنى األول‬
‫****‬
‫‪ – 644‬النار‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ النون والواو والراء أصل صحيح يدل على إضاءة واضطراب وقلة ثبات ‪ ،‬منه‬
‫النور والنار ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة ‪ .‬مادة نور ) ‪.‬‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫النار في القرآن ‪ :‬منزل اآلخرة لألشقياء الظالمين ‪ ،‬نار حقيقية وقودها الناس والحجارة‬
‫‪ ،‬لها دركات في مقابل درجات الجنة ‪ -‬خلق منها إبليس ‪.‬‬
‫حاب ْال َجنَّ ِّة “ ”‪( 59 / 20 ) .‬‬ ‫ص ُ‬ ‫ار َوأ َ ْ‬
‫حاب النَّ ِّ‬‫ص ُ‬ ‫( أ ) قال تعالى ‪ ” :‬ال يَ ْست َ ِّوي أ َ ْ‬
‫الظا ِّل ِّمينَ “( ‪.)/ 151 3‬‬ ‫س َمثْ َوى َّ‬ ‫قال تعالى ‪َ ":‬و َمأْوا ُه ُم النَّ ُ‬
‫ار َو ِّبئْ َ‬
‫جارة ُ “( ‪. ) 24 / 2‬‬ ‫اس َو ْال ِّح َ‬ ‫ار الَّتِّي َوقُو ُدهَا النَّ ُ‬ ‫قال تعالى ‪ ”:‬فَاتَّقُوا النَّ َ‬
‫ار ‪“( 4 / 145 ) .‬‬ ‫قال تعالى ‪ِّ ”:‬إ َّن ْال ُمنافِّ ِّقينَ فِّي الد َّْر ِّك ْاأل َ ْسفَ ِّل ِّمنَ النَّ ِّ‬
‫ين‪“( 7 / 12 ) .‬‬ ‫( ب ) قال تعالى ‪ ” :‬قا َل أَنَا َخي ٌْر ِّم ْنهُ َخلَ ْقتَنِّي ِّم ْن ٍ‬
‫نار َو َخلَ ْقتَهُ ِّم ْن ِّط ٍ‬

‫‪1088‬‬
‫“ ‪“ 1089‬‬

‫عند ابن العربي ‪:‬‬


‫*النار هي أحد منزلي اآلخرة [ منزل األشقياء ] في مقابل الجنة وطريقها ‪ .‬وهي نار‬
‫اعمال االنسان الظاهرة والباطنة ‪ ،‬أو بمعنى آخر هي نتيجة اعمال وليست ابتداء من‬
‫َّللا وال ميراثا كالجنة‬
‫ّ‬
‫‪ - 1‬وهي دار الغضب لها مائة درك ‪.‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫“ ) ‪( 1‬وليس في النار ‪ :‬نار ميراث وال نار اختصاص وانما ث ّم نار اعمال ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ‪. ) 440 / 3‬‬
‫“ والنار موجودة من العظمة ‪ ،‬والجنة موجودة من الكرم “ ‪ ( .‬فتوحات ‪. ) 76 / 3‬‬
‫“ واما من يدخلها [ النار ] ورودا عارضا لكونها طريقا إلى دار الجنان فهم الذين‬
‫يتبرمون بها ‪ . . .‬كما أن الذين هم أهلها في أول دخولهم فيها يتألمون ‪ . . .‬حتى إذا‬
‫انتهى الحد فيهم أقاموا فيها باالهلية ال بالجزاء ‪ ،‬فعادت النار عليهم نعيما ‪ ،‬فلو‬
‫عرضوا عند ذلك على الجنة لتألموا لذلك العرض ‪ ( “ . . . 2‬فتوحات ‪. ) 120 / 4‬‬

‫“ وان لم يخرج [ صاحب الكبيرة ] من النار ألنها موطنه ومنها خلق ‪ ،‬حتى لو اخرج‬
‫باّلل ‪. . . 3‬‬
‫منها في المآل لتضرر ‪ ،‬فله فيها نعيم مقيم ال يشعر به اال العلماء ّ‬
‫“ ( فتوحات ‪. ) 137 / 4‬‬
‫نالحظ ان الفكرة نفسها تتكرر عند ابن العربي ‪ :‬فال يدوم شقاء أهل النار في النار‬
‫وعذابهم ‪ ،‬بل سرعان ما يتحول بالرحمة إلى ‪ :‬نعيم مقيم ‪ ،‬دون ان يخرجوا من النار‬
‫‪.4‬‬

‫”) ‪( 2‬فالنار منك وباالعمال توقدها *** كما بصالحها ‪ 5‬في الحال تطفيها ‪6‬‬
‫فأنت بالطبع منها هارب ابدا *** وأنت في كل حال فيك تنشيها ‪.‬‬

‫النار ‪ . . .‬وهي دار الغضب قال فيضع الجبار فيها قدمه ‪ ،‬فتقول ‪ :‬قط قط ‪.‬‬
‫َّللا ‪ ،‬فإذا وضعه فيها امتألت‬
‫اي قد امتألت وليست تلك القدم اال غضب ّ‬

‫‪1089‬‬
‫“ ‪“ 1090‬‬

‫فإنها دار الغضب ‪ ،‬واتصف الحق بالرحمة الواسعة فوسعت رحمته جهنم بما مألها به‬
‫َّللا من فيها ‪ ،‬اعني في النار ‪ . . .‬فيجعل‬
‫من غضبه ‪ . .‬فهي ملتذة بما اختزنته ورحم ّ‬
‫لهم ‪ . . .‬نعيما فيها ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 386 / 2‬‬

‫“ ودرجات الجنة مائة درجة لكل درجة رحمة ‪ ،‬وللنار مائة درك في كل درك رحمة‬
‫مبطونة ‪ ،‬تظهر لمن هو في ذلك الدرك بعد حين ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪. ) 48 / 4‬‬
‫****‬
‫ان النار تنحصر في أنها ‪ :‬نار اعمال ‪ ،‬وبما ان اعمال االنسان تنقسم ‪ :‬ظاهرة وباطنة‬
‫َّللا ‪“ :‬‬
‫‪ ،‬كذلك جزاء تلك األعمال [ النار ] ينقسم ظاهرا وباطنا ؛ “ ونار ّ‬
‫نار ممثلة نتيجة اعمال معنوية باطنة ‪ ،‬و “ نار جهنم “ ‪ :‬نار لهب نتيجة اعمال حسية‬
‫َّللا ‪ :‬هي وجود االنسان ‪ ،‬من حيث إنها نار معنوية تظهر في باطن‬ ‫ظاهرة ‪ -‬ونار ّ‬
‫االنسان ‪ ،‬نتيجة اعماله الباطنة من كفر ونفاق ‪. . .‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫َّللا واللهب والدار داران ‪ :‬دار الفوز والعطب ‪.‬‬ ‫“ النار ناران ‪ :‬نار ّ‬
‫ار “ *باأللف والالم ‪. . .‬‬ ‫اعلم ‪ . . .‬ان النار جاء بها الحق مطلقة مثل قوله تعالى ”‪ :‬النَّ َ‬
‫َّللا ْال ُموقَ َدة ُ “[ ‪/ 104‬‬
‫نار َّ ِّ‬ ‫َّللا ‪ ،‬مثل قوله ‪ُ ”:‬‬
‫وجاء بها مضافة فمنها نار أضافها إلى ّ‬
‫نار َج َهنَّ َم “[ ‪ . . . ] 109 / 9‬والعبد منشأ النارين في‬ ‫‪ ] 6‬ونار ‪ . . .‬مثل قوله لهم” ِّ‬
‫الحالين ‪ ،‬فما عذبه سوى ما أنشأه [ من االعمال ] ‪“ . . .‬‬
‫( فتوحات ‪. )386 - 385 / 3‬‬
‫َّللا نار ممثلة مجسدة ألنها نتائج‬ ‫“ فنار جهنم لها نضج الجلود وحرق األجسام ‪ ،‬ونار ّ‬
‫اعمال معنوية باطنة ‪ .‬ونار جهنم نتائج اعمال حسية ظاهرة ‪ ،‬ليجمع لمن هذه صفته‬
‫بين العذابين ‪ ( “ . . .‬فتوحات ‪.) 387 / 3‬‬

‫َّللا ليس سوى وجودي * ونار جهنم ذات الوقود “( فتوحات ‪) 386 / 3‬‬ ‫”فنار ّ‬
‫علَى ْاأل َ ْفئِّ َدةِّ “(‪. ) 6 /104‬‬ ‫َّللا ْال ُموقَ َدة ُ الَّتِّي ت َ َّ‬
‫ط ِّل ُع َ‬ ‫نار َّ ِّ‬
‫” ُ‬

‫واألفئدة ‪ :‬باطن االنسان فهي تظهر في فؤاد االنسان ‪ [ . . .‬وهي ] النار الباطنة ‪. . .‬‬
‫“ ( فتوحات ‪. ) 385 / 3‬‬
‫“ والنار انما تطلب من االنسان من لم تظهر عليه صورة حق ‪ ،‬من ظاهر وباطن‪:‬‬

‫‪1090‬‬
‫“ ‪“ 1091‬‬

‫فالعلم للباطن كالعمل للظاهر ‪ ،‬والجهل للباطن كترك الواجب للظاهر ‪ .‬وهنا يتبين‬
‫لإلنسان مراتب وأسباب المؤاخذات اإللهية لعباده في الدار اآلخرة “ ( فتوحات ‪3‬‬
‫‪.)387 /‬‬

‫وهكذا يرى ابن العربي ان سبب المؤاخذات اإللهية في اآلخرة اعمال االنسان في‬
‫الدنيا ‪ :‬الظاهرة والباطنة ‪ ،‬االعمال الظاهرة لها نار جهنم وهي نار لهب ‪.‬‬

‫َّللا وهي نار ممثلة من جنس‬‫واالعمال الباطنة مثل العلم والجهل والكفر وغيره لها نار ّ‬
‫االعمال التي استحقتها ‪ .‬وكما أن االعمال الظاهرة تنتج عن االعمال الباطنة [ العلم‬
‫َّللا ‪.‬‬
‫والجهل ] كذلك تنتج نار جهنم عن نار ّ‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫“ وعن ‪ . . .‬النار الباطنة ظهرت النار الظاهرة والعبد منشأ النارين في الحالين ‪. . .‬‬
‫“ ( فتوحات ‪. ) 386 - 385 / 3‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬راجع “ جنة ميراث “ و “ جنة اختصاص ‪“ .‬‬
‫) ‪( 2‬راجع الموضوع نفسه الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪. 251‬‬
‫) ‪( 3‬يقول ابن العربي ‪ . . . “ :‬فانقلب فريق السعادة إلى الجنة وفريق الشقاوة إلى‬
‫النار الذين هم أهلها ‪ ،‬ان يدخلوا الجنة فما استطاعوا ويجرون إلى النار جر الحديد إلى‬
‫المغناطيس ‪ . . .‬وأخبرنا ثقات ان ببالد اليمن طائفة يسمون أوالد عيسى إذا عاينوا‬
‫الضبع ال يتمالكون ان يرموا أنفسهم عليه حتى يأكلهم ‪ .‬ورأيت انا واحدا من صلحائهم‬
‫‪ ،‬وهو انزعاج يقتضيه طبعهم المناسب للمنجذب اليه كذلك أصحاب النار “ ( نسخة‬
‫الحق ‪ .‬ورقة ‪ 30‬أ ) ‪.‬‬
‫) ‪( 4‬راجع “ جهنم “ و “ عذاب ‪“ .‬‬
‫) ‪( 5‬بصالح االعمال ‪.‬‬
‫) ‪( 6‬تطفي النار‬

‫‪1091‬‬
“ 1092 “

1092
‫“ ‪“ 1093‬‬
‫حرف الهاء‬
‫هـ‬

‫‪1093‬‬
“ 1094 “

1094
‫“ ‪“ 1095‬‬
‫‪ - 645‬الهباء‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الهاء والباء والحرف المعتل ‪ :‬كلمة تد ّل على غبرة ورقّة فيها ‪ . . .‬والهباء ‪:‬‬
‫المنبث الذي تراه في ضوء الشمس ‪ :‬هباء “ ( معجم‬ ‫ّ‬ ‫دقاق التّراب ‪ . . .‬والشيء‬
‫مقاييس اللغة مادة “ هبو “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫ورد “ الهباء “ في القرآن في موضعين ‪ ،‬وبالمعنى اللغوي السابق ”‪َ :‬وقَد ِّْمنا ِّإلى ما‬
‫ع َم ٍل فَ َجعَ ْلناهُ هَبا ًء َم ْنثُورا ً “( ‪. ) 23 / 25‬‬
‫ع ِّملُوا ِّم ْن َ‬
‫َ‬
‫عند ابن العربي ‪:‬‬
‫َّللا فيها صور العالم ‪ ،‬فهي الجوهر المظلم الذي‬ ‫الهباء ‪ :‬هو المادة المحدثة التي خلق ّ‬
‫قبل صور أجسام العالم ‪.‬‬
‫وهي ما يسميها الفالسفة ‪ :‬الهيولي [ في مقابل “ الصورة “ ] ‪ .‬تختلف في ماديتها عن‬
‫الجسم الكل الموجود المتعين ‪ ،‬في أنها غير متعينة ‪ .‬جوهر يقبل المعاني ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا ‪ ،‬انظر “ فتح “ ] فيه‬ ‫‪- 1‬الهباء ‪ :‬مادة صور أجسام العالم “ ‪ . . .‬الهباء الذي فتح [ ّ‬
‫صور أجسام العالم المنفعل عن الزمردة الخضراء [ فلتراجع ] “ ( ف ‪. ) 130 / 2‬‬
‫َّللا ] فيه صور العالم‬ ‫“ وأعلى ما يشبهها [ البحار ] من المحدثات الهباء ‪ ،‬الذي خلق [ ّ‬
‫“ ( ف ‪. ) 78 / 1‬‬
‫“ ‪ . . .‬وأصل الخلوة في العالم الخالء الذي مأله العالم ‪ ،‬فأول شيء مأله ‪:‬‬
‫الهباء ‪ ،‬وهو جوهر مظلم مأل الخالء بذاته ‪ ،‬ثم تجلى له الحق باسم النور ‪ ،‬فانصبغ به‬
‫ذلك الجوهر ‪ ،‬وزال عنه حكم الظلم وهو العدم ‪ ،‬فاتصف بالوجود ‪ ،‬مظهرا لنفسه‬
‫بذلك النور المنصبغ به ‪ ،‬وكان ظهوره به على صورة االنسان ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 2‬‬
‫‪.) 150‬‬

‫‪1095‬‬
‫“ ‪“ 1096‬‬
‫‪ - 2‬الهباء ‪ :‬له التشكل في الصور ولكن ال يتحول عن كونيته ‪.‬‬
‫“ والجسم القابل للشكل هو ‪ :‬هباء ‪ ،‬ألنه الذي يقبل االشكال لذاته ‪ ،‬فيظهر فيه كل شكل‬
‫‪ ،‬وليس في الشكل منه شيء ‪ ،‬وما هو عين الشكل ‪ ( “ .‬ف ‪. ) 433 / 2‬‬
‫“ وأشبه شيء به [ بالهباء ] ‪ :‬الماء والهواء [ لقبولهما التشكل ] ‪ ،‬وان كانا من جملة‬
‫صورة المفتوحة [ انظر “ فتح “ ] فيه “ ( ف ‪. ) 5 / 1‬‬
‫“ ‪ . . .‬كما أن الهباء ما تغير عن كونه هباء ‪ ،‬مع قبوله لجميع الصور ‪ ،‬فهي ‪ :‬معان‬
‫في جوهره ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 19 / 4‬‬
‫‪ - 3‬الهباء ‪ -‬الهيولي ‪ -‬الجسم الكل ‪ . . . “ :‬وفيه علم ما يبدو للمكاشف إذا شاهد‬
‫الهباء ‪ ،‬الذي تسميه الحكماء ‪:‬‬
‫الهيولى ‪ ،‬من صور العالم قبل ظهور أعيانها في ‪ :‬الجسم الكل ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 3‬‬
‫‪. ) 107‬‬
‫“ ‪ . . .‬فالطبيعة والهباء أخ وأخت ألب واحد وأم واحدة ‪ ،‬فانكح الطبيعة الهباء ‪ ،‬فولد‬
‫بينهما ‪ :‬صورة الجسم الكلي ‪ ،‬وهو أول جسم ظهر ‪ ،‬فكان الطبيعة ‪:‬‬
‫األب ‪ ،‬فان لها األثر ‪ ،‬وكان الهباء ‪ : 1‬االم “ ( ف ‪. ) 140 / 1‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يراجع بشأن “ هباء “ عند ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 1‬ص ‪ ( 118‬بدء الخلق الهباء ) ‪ ،‬ص ‪ ( 121‬الهباء ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪ ( 433‬الهباء ‪ :‬الجسم القابل للشكل ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪ ( 420‬الهباء ‪ -‬جوهر الهيولى ) ‪ ،‬ص ‪ ( 444‬الهباء ‪ ،‬الهيولى‬
‫‪ ،‬الطبيعة ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات السفر الثالث فق ‪ ( 636‬الهباء ‪ :‬محدث ) ‪.‬‬
‫‪-‬عقلة المستوفز ص ‪ ( 56‬الهباء ‪ :‬بحر الطبيعة ) ‪ ،‬ص ‪ ( 59‬عالم الهباء ) ‪.‬‬

‫‪1096‬‬
‫“ ‪“ 1097‬‬
‫ي‬
‫صناع ّ‬
‫ي ‪ -‬الهباء ال ّ‬
‫‪ - 646‬الهباء الطبيع ّ‬
‫َّللا فيها صور العالم ‪ ،‬أضحت مرادفا ‪:‬‬
‫الهباء من حيث كونه المادة المظلمة التي أوجد ّ‬
‫لمادة ‪ .‬ويضاف إليها الصفة ‪ :‬طبيعي أو صناعي ‪ ،‬بحسب درجة وجود الصور التي‬
‫قبلتها ‪ ،‬فإن قبلت الصور الطبيعية فهي ‪ :‬الهباء الطبيعي ‪.‬‬
‫وان قبلت الصور الصناعية فهي ‪ :‬الهباء الصناعي ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ والجسم القابل للشكل هو هباء ألنه الذي يقبل االشكال لذاته ‪ ،‬فيظهر فيه كل شكل‬
‫وليس في الشكل منه شيء وما هو عين الشكل ‪ ،‬واألركان هباء للمولدات وهذا هو‬
‫الهباء الطبيعي ‪ ،‬والحديد وأمثاله هباء لكل ما تصور منه من سكين وسيف وسنان‬
‫وقدوم ومفتاح وكلها صور اشكال ومثل هذا يسمى ‪ :‬الهباء الصناعي ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 2‬‬
‫‪. ) 433‬‬

‫‪ – 647‬الهجير‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ ‪ . .‬وهجيره وإهجورته ودأبه وديدنه أي دأبه وشأنه وعادته ‪.‬‬
‫‪. . .‬التهذيب ‪ :‬ه ّجيري الرجل كالمه ودأبه وشأنه ‪.‬‬
‫‪. . .‬الجوهري ‪ :‬الهجير ‪ ،‬مثال الفسيّق ‪ ،‬الدأب والعادة ‪ . . .‬وفي حديث عمر ‪،‬‬
‫َّللا عنه ‪ :‬ما له ه ّجيري غيرها ‪ ،‬هي الدأب والعادة والدّيدن ‪“ .‬‬
‫رضي ّ‬
‫( لسان العرب ‪ ،‬مادة “ هجر “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫غير وارد ‪.‬‬

‫عند ابن العربي ‪:‬‬


‫الهجير هو ما يالزمه العبد من الذكر على طريق االكثار ‪ ،‬بلسان الباطن‬

‫‪1097‬‬
‫“ ‪“ 1098‬‬

‫والقلب ‪ ،‬ال مجرد القول باللسان ‪ ،‬بنيّة الفتح [ انظر فتح ]‬


‫يقول ‪:‬‬
‫“ اعلم أن الهجير هو الذي يالزمه العبد من الذكر ‪ ،‬كان الذكر ما كان ‪ ،‬ولكل ذكر‬
‫نتيجة ال تكون لذكر آخر ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 88 / 4‬‬
‫“ فالهجير هو الكثرة من الذكر دائما “ ( ف ‪. ) 91 / 4‬‬
‫“ ‪ . . .‬فقد أفلح من كان هجيره هذه اآلية ‪ ،‬ألنه ال فائدة للهجير اال ان يفتح لصاحبه‬
‫فيه ‪ ،‬فإذا رأيت ذا هجير ال يفتح له فيه ‪ ،‬فاعلم أنه صاحب هجير لسان ظاهره ال‬
‫يوافقه لسان باطنه ‪ ،‬ومن هو بهذه المثابة فما هو مقصودنا بأصحاب الهجيرات ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ‪. ) 127 / 4‬‬

‫‪ – 648‬الهاجس‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الهاء والجيم والسين ‪ :‬كلمة واحدة ‪ .‬يقال هجس الشيء في النفس ‪ :‬وقع “ ( معجم‬
‫مقاييس اللغة مادة “ هجس “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫غير وارد‬

‫عند ابن العربي ‪:‬‬


‫الهاجس ‪ :‬الخاطر في النفس ‪ ،‬ويطلق أحيانا على ‪ :‬الخاطر األول ‪ .‬وهو يسبق النية‬
‫بالنظر إلى العمل ‪.‬‬
‫يقول ‪ “ :‬الهاجس يعبّرون به [ الصوفية ] عن ‪ :‬الخاطر األول ‪ ،‬وهو الخاطر الرباني‬
‫‪ ، 1‬وهو ال يخطئ ابدا ‪،‬‬
‫وقد يسميه سهل [ التستري ] “ ‪ :‬السبب األول “ و “ نقر الخاطر “ ‪ ، 2‬فإذا تحقق في‬
‫النفس سموه ‪ :‬إرادة ‪ ،‬فإذا تردد الثالث س ّموه ‪ :‬ه ّمة ‪،‬‬
‫وفي الرابعة سموه ‪ :‬عزما ‪ ،‬وعند التوجه إلى القلب ان كان خاطر فعل‬

‫‪1098‬‬
‫“ ‪“ 1099‬‬
‫سموه ‪ :‬قصدا ‪ ،‬ومع الشروع في الفعل سموه ‪ :‬نيّة “ ( االصطالحات ‪. ) 284‬‬ ‫ّ‬
‫“ لهم [ الصوفية ] البحث الشديد ‪ ،‬في النظر في افعالهم ‪ ،‬وافعال غيرهم معهم ‪ ،‬من‬
‫اجل “ النيات “ التي بها يتوجهون وإليها ينسبون‪. . . . . .‬‬
‫فلهم معرفة ‪ “ :‬الهاجس “ و “ الهمة “ و “ العزم “ و “ اإلرادة “ و “ القصد “ وهذه‬
‫كلها ‪ ،‬أحوال مقدّمة للنية ‪ ( “ . . .‬ف السفر ‪ - 3‬فق ‪. ) 276‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يقول الجرجاني في التعريفات ص ‪. 101‬‬
‫“ الخاطر ‪ :‬ما يرد على القلب من الخطاب ‪ ،‬أو الوارد ‪ ،‬بالذي ال يعمل العبد فيه ‪ ،‬وما‬
‫كان خطابا فهو أربعة أقسام ‪:‬‬
‫ربّاني ‪ :‬وهو ّأول الخواطر وهو ال يخطئ ابدا ‪ ،‬وقد يعرف بالقوة والتسلط وعدم‬
‫ي ‪ :‬وهو الباعث على مندوب أو مفروض ويسمى ‪ :‬الهاما ‪،‬‬ ‫االندفاع ‪ ،‬وملك ّ‬
‫ي وهو ما يدعو إلى‬ ‫ي ‪ :‬وهو ما فيه حظ النفس ويس ّمى ‪ :‬هاجسا ‪ ،‬وشيطان ّ‬ ‫ونفسان ّ‬
‫ّ‬
‫الحق‬ ‫مخالفة‬
‫ْطان يَ ِّع ُد ُك ُم ْالفَ ْق َر َويَأ ْ ُم ُر ُك ْم ِّب ْالفَ ْح ِّ‬
‫شاء ‪“.‬‬ ‫شي ُ‬ ‫َّللا تعالى ‪:‬ال َّ‬
‫قال ّ‬

‫) ‪( 2‬يقول ابن العربي في الفتوحات شارحا حال سهل التستري في الهاجس ‪:‬‬
‫َّللا ‪ ،‬يدقق في هذا الشأن‪.‬‬
‫“ وكان عالمنا ‪ ،‬االمام سهل بن عبد ّ‬
‫وهو الذي نبّه على “ نقر الخاطر “ ‪.‬‬
‫ويقول ‪ “ :‬ان النية هو ذلك الهاجس “ وانه “ السبب األول في حدوث الهم والعزم‬
‫واإلرادة والقصد “ فكان يعتمد عليه “ ( ف السفر ‪ - 3‬فق ‪. ) 1 - 276‬‬

‫‪ – 649‬الهجوم‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الهاء والجيم والميم ‪ ،‬أصل صحيح واحد يد ّل على ورود شيء بغتة ‪ ،‬ثم يقاس على‬
‫ذلك ‪ . . .‬وهجمة الشتاء ‪ :‬شدة برده ‪ .‬وهو من ذلك القياس ‪ .‬ألنها تهجم ‪ .‬وهجمة‬
‫الصيف ‪ :‬شدة حره ‪ ( “ .‬معجم مقاييس اللغة مادة “ هجم “ ) ‪.‬في القرآن ‪:‬‬
‫األصل “ هجم “‬
‫لم يرد في القرآن ‪.‬‬

‫عند ابن العربي ‪: 1‬‬


‫الهجوم ‪ :‬ما يرد على القلب منبها على فوت الوقت من غير تصنع من العبد ‪،‬‬

‫‪1099‬‬
‫“ ‪“ 1100‬‬

‫لبواده ‪ :‬ما يفجأ القلب من الغيب على سبيل الوهلة وهو اما موجب فرح أو ترح ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ان البوادة والهجوم ‪ . . .‬وأمثالها ‪ ،‬انما هي واردات الغيب ‪ ،‬ترد على القلوب ‪،‬‬
‫فتؤثر فيها أحواال مختلفة فيمن قامت به ‪ ،‬ويسمون ذلك الحال ‪ :‬بالوارد ‪.‬‬
‫وليس للعبد تعمل في تحصيل هذه الواردات ؛ مع أنها ما ترد إال على قلب مستع ّد‬
‫لقبولها ‪.‬‬
‫فإذا ورد الوارد [ الهجوم ] على القلب فجأة من غير تصنع ‪ ،‬فيعطيه ذلك الوارد‬
‫حسرة فوت الوقت ‪ ،‬فإنه منبه لمن غفل عن حكم وقته فيه ‪ ،‬فلم يتأدب مع وارد وقته ‪،‬‬
‫َّللا يكشف له عن‬‫أراد الحق ان ينبهه عناية منه به ‪ ،‬فبعث اليه هذا الوارد ‪ :‬رسوال من ّ‬
‫فوت وقته ‪. . .‬‬
‫فهذه فائدة الهجوم ‪ :‬يجبر الوقت الذي فاته ‪ . . .‬واما البوادة ‪ :‬فهي أيضا فجأة الهية ‪،‬‬
‫تفجأ القلوب من حضرة الغيب ‪ ،‬بحكم الوقت ‪ [ . . .‬و ] لما كانت البوادة من حضرة‬
‫الهو [ انظر “ الهو “ ] لم يعرف متى تأتي ‪ ،‬فإذا وردت انما ترد فجأة وبغتة ‪ ،‬فتعطي‬
‫ما وردت به وتنصرف ‪ . . .‬ان البوادة إذا وردت ال يخطئ حكمها البتة ‪ ،‬ولها‬
‫اإلصابة في كل ما ترد به “ ( ف ‪. ) 558 - 557 / 2‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬ابن العربي في ‪ :‬البوادة والهجوم ‪ ،‬لم يعط جديدا من حيث التعريف ‪ ،‬تظهر‬
‫فرديته في مناقشة حال العبد عند الهجوم ‪.‬‬
‫انظر الرسالة القشيرية ‪ ،‬نشرد ‪ .‬عبد الحليم محمود ص ‪. 251‬‬
‫الفتوحات المكية ج ‪ 2‬ص ص ‪. 558 - 557‬‬

‫‪ – 650‬هدى‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الهاء والدال والحرف المعتل ‪ :‬أصالن [ أحدهما ] التقدّم لإلرشاد ‪ ،‬واآلخر ؟ ؟ ؟ ثة‬
‫لطف ‪.‬‬
‫فاألول قولهم ‪ :‬هديته الطريق هداية ‪ ،‬اي تقدمته الرشده ‪ ،‬وك ّل متقدم‬

‫‪1100‬‬
‫“ ‪“ 1101‬‬

‫لذلك هاد ‪ . . .‬الهدى ‪ :‬خالف الضّاللة ‪ ،‬نقول ‪ :‬هديته هدى ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس‬
‫اللغة ‪ ،‬مادة “ هدى “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫ورد اللفظ “ هدى “ في القرآن بالمعنى اللغوي السابق [ األصل األول ] بصيغة ‪:‬‬
‫علَيْها ‪“ *( 17 /‬‬ ‫‪ - 1‬الفعل ‪ ”:‬فَ َم ِّن ا ْهتَدى فَإِّنَّما يَ ْهتَدِّي ِّلنَ ْف ِّس ِّه ‪َ ،‬و َم ْن َ‬
‫ض َّل فَإِّنَّما يَ ِّ‬
‫ض ُّل َ‬
‫‪15 ) .‬‬
‫ى ِّل ْل ُمت َّ ِّقينَ ‪“( 2 / 2 ) .‬‬ ‫ْب ِّفي ِّه ُهد ً‬ ‫تاب ال َري َ‬ ‫‪ - 2‬االسم ‪ ”:‬ذ ِّل َك ْال ِّك ُ‬
‫ِّي لَهُ ‪“( 7 / 186 ) .‬‬ ‫َّللاُ فَال هاد َ‬ ‫‪ - 3‬اسم فاعل ‪َ ”:‬م ْن يُ ْ‬
‫ض ِّل ِّل َّ‬
‫َّللاُ فَ ُه َو ْال ُم ْهتَدِّي “( ‪. ) 178 / 7‬‬ ‫‪ - 4‬اسم مفعول ‪َ ”:‬م ْن يَ ْه ِّد َّ‬
‫عند ابن العربي ‪:‬‬
‫الهدى ‪ :‬هو ان يهتدي العبد إلى الحيرة ‪1‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ فالهدى ‪ :‬هو ان يهتدي االنسان إلى الحيرة ‪ ،‬فيعلم ان االمر حيرة ‪ ،‬والحيرة قلق‬
‫وحركة ‪ ،‬والحركة حياة “ ( فصوص ‪. ) 200 - 199 / 1‬‬
‫“ وكل [ أهل الشهود ] قال ما هو االمر عليه [ مع تضارب أقوالهم ] ‪ ،‬ومن هنا نشأت‬
‫الحيرة في المتحيرين ‪ ،‬وهي ‪ :‬عين الهدى في كل حائر ‪،‬‬
‫فمن وقف مع الحيرة ‪:‬‬
‫حار ‪ ،‬ومن وقف مع كون الحيرة ‪ :‬هدي ووصل “ ( ف ‪.”) 43 / 4‬‬
‫كل من حار وصل *** والذي اهتدى انفصل‬
‫فإذا قال فتى *** انه اهتدى غفل “( ف ‪) 42 / 4‬‬

‫‪1101‬‬
‫“ ‪“ 1102‬‬

‫لقد توسعنا في شرح الحيرة فلتراجع في موضعها من المعجم ‪.‬‬


‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يقول ابن الفارض في هذا المعنى ‪ ”:‬ما بين ضال “ المنحنى “ وظالله * ضل‬
‫المتيّم ‪ ،‬واهتدى بضالله “( الديوان ص ‪ - 651) 167‬الهدى التبياني ‪ -‬الهدى‬
‫ي‬
‫التوفيق ّ‬
‫مرادف ‪ :‬هداة البيان ‪ -‬هداة التوفيق‬
‫ان االسم اإللهي الهادي هو أصل الهداية في األكوان ‪ ،‬وهو الهادي على الحقيقة من‬
‫خلف حجب الرسل واألنبياء [ هدى تبياني ‪ +‬هدى توفيقي ] ‪ .‬اما الرسل واألنبياء فمن‬
‫حيث كونهم “ هداة “ لهم ‪ :‬التبليغ واإلبانة فقط [ هدى تبياني ] ‪ ،‬وليس لهم توفيق‬
‫البشر إلى الهداية ‪ ،‬فهذا للحق فقط ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ الهداية التي هي ‪ :‬التوفيق “ ( ف ‪. ) 498 / 3‬‬
‫“ ‪ . . .‬وهو [ تعالى ] اعلم بالمهتدين ‪ ،‬اي ‪ :‬بالقابلين التوفيق ‪ ،‬فإنه على مزاج خاص‬
‫اوجدهم عليه ‪ ،‬فهؤالء الهداة [ من البشر ] هم ‪ :‬هداة البيان الهداة التوفيق ‪ ،‬وللهادي‬
‫َّللا ‪ :‬اإلبانة والتوفيق ‪ ،‬وليس للهادي الذي هو المخلوق اال ‪ :‬اإلبانة‬ ‫الذي هو ّ‬
‫خاصة ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 498 / 3‬‬

‫‪ - 652‬الهادي الكوني ‪ -‬الهادي التبياني‬


‫الهادي الكوني‬
‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا ‪ ،‬فهو ‪ :‬مبلّغ ال هاد ‪،‬‬
‫“ ‪ . . .‬فإن الهادي الكوني ال يكون اال رسوال من عند ّ‬

‫‪1102‬‬
‫“ ‪“ 1103‬‬

‫معناه ‪ :‬ال موفّق ‪ ،‬لكنه هاد بمعنى ‪ :‬مبين “ ( ف ‪. ) 498 / 3‬‬


‫ي‬
‫انظر “ الهدى التبياني ‪ -‬الهدي التوفيقي “ ‪ - 653.‬المهد ّ‬
‫‪- 1‬فكرة المهدي تضرب عمقا في جذور الفكر االنساني ؛ لكأنها محفورة في قوالبه‬
‫الفكر ‪ -‬نفسية ‪ .‬فالكل على اختالف مذاهبهم وتنوع عقائدهم واحدية ميولهم ‪ ،‬ما بين‬
‫مادية وغيبية ينتظر “ يوما موعودا “ يعم فية العدل ويرتفع الظلم من العالم ‪ . . .‬فهذا‬
‫اليوم ينتظره المفكر المادي والمفكر الديني ك ّل من خالل بنيانه الفكري أو‬
‫الفلسفي ‪ . . .‬وسواء ا كان هذا اليوم يتمثل في شخص أم في ارتفاع تناقض ‪. . .‬‬
‫أم ‪ . . .‬أم ‪ . . .‬يبقى هو “ المنتظر ‪“ .‬‬
‫لذلك ال نستطيع ان نقول إن فكرة المهدي هي اسالمية فقط ‪ ،‬أو شيعية أو صوفية‬
‫خاصة ‪ . . .‬وان كانت صيغتها االسالمية بسيطة تتلخص من خالل األحاديث الشريفة‬
‫‪ ،‬بشخص يخرج في آخر الزمان يمال الدنيا عدال بعد ما ملئت جورا ‪ . . .‬ولن‬
‫نتعرض لما تحويه هذه الفكرة لألوساط الفقيرة والمظلومة من جوانب نفسية تعويضية‬
‫‪ ،‬ألننا بذلك نفرغ فكرة “ المهدي “ من داللتها الفلسفية في بنيان افسح لها مكانا فيه ‪.‬‬

‫‪- 2‬اهتم الفكر الشيعي “ بالمهدي “ ‪ .‬والفرق الوحيد بينه وبين الفكر الصوفي ‪ :‬ان‬
‫المهدي في الفكر الشيعي هو شخص معين بالذات وجد في زمن سابق ‪ . . .‬وبالتالي‬
‫طرح امامهم مشكلة هذه “ الغيبة الطويلة “ ‪ . . .‬وما الفائدة منها ؟ والمبرر لها ‪ 1‬؟‬
‫على حين انه احتفظ في الفكر الصوفي بصورة بسيطة نراها عند ابن العربي ‪.‬‬
‫****‬
‫َّللا عليه وسلم ) على إمامته ‪ ،‬فالعالم كله‬
‫َّللا ( صلى ّ‬
‫المهدي ‪ :‬خليفة ّّلل نص رسول ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ) ‪ ،‬وهو من آله ‪.‬‬
‫َّللا ( صلى ّ‬
‫بانتظار ظهوره ‪ ،‬اسمه ‪ :‬اسم رسول ّ‬
‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ .‬من ولد‬
‫َّللا صلى ّ‬‫“ ‪ . . .‬هذا الخليفة [ المهدي ] من عزة رسول ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ ،‬جده ‪ :‬الحسن بن علي بن‬ ‫َّللا صلى ّ‬
‫فاطمة ‪ ،‬يواطئ اسمه اسم رسول ّ‬
‫أبي طالب “ ( ف ‪.) 327 / 3‬‬

‫‪1103‬‬
‫“ ‪“ 1104‬‬

‫َّللا عليه وسلم ‪ ،‬على امام من أئمة الدين يكون بعده‬‫َّللا صلى ّ‬
‫نص رسول ّ‬ ‫“ كما أنه ما ّ‬
‫‪ ،‬يرثه ‪ ،‬ويقفو اثره ‪ ،‬وال يخطئ ‪ ،‬اال المهدي خاصة ‪ .‬فقد شهد بعصمته في احكامه‬
‫“ ( ف ‪. ) 338 / 3‬‬
‫****‬
‫يظهر “ المهدي “ بكل صفات الوالية من فعل ‪ ،‬فيبدل االحكام في العالم ‪:‬‬
‫‪-‬من الجور إلى العدل‬
‫‪-‬من الجهل إلى العلم‬
‫‪-‬من الفقر إلى الغنى‬
‫‪-‬من الضعف إلى القوة‬
‫وهذا التبديل أعطاه الحق القدرة عليه فهو ‪ :‬ولي وخليفة وامام [ فلتراجع ] يضاف إلى‬
‫ذلك طاقة الهداية التي أكسبته االسم ‪ :‬المهدي‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫‪ - 1‬المهدي ‪ :‬يبدل من الجور إلى العدل ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬ان ّّلل خليفة يخرج ‪ ،‬وقد امتألت األرض جورا ‪ ،‬فيملؤها قسطا وعدال ‪.‬‬
‫َّللا ذلك اليوم حتى يلي هذا الخليفة “ ( ف ‪/ 3‬‬‫طول ّ‬‫لو لم يبق من الدنيا اال يوم واحد ّ‬
‫‪. ) 327‬‬
‫“ وإذا خرج هذا اإلمام المهدي ‪ ،‬فليس له عدو مبين اال ‪ :‬الفقهاء خاصة ‪ .‬فإنهم ال تبقى‬
‫لهم رياسة وال تمييز عن العامة “ ( ف ‪. ) 336 / 3‬‬

‫‪ - 2‬المهدي ‪ :‬يبدل من الجهل إلى العلم ‪:‬‬


‫“ ‪ . . .‬ويعلم ما أشار اليه عليه السالم من عموم البركات عند ظهور اإلمام المهدي ‪،‬‬
‫َّللا عليه وسلم‬
‫حتى يكلم الرجل عذبة سوطه وشراك نعله ‪ . . .‬إلى سائر ما ذكر صلى ّ‬
‫لعموم انبساط اللطيف على الكثيف ‪ ( “ . . .‬بلغة ‪.)132‬‬

‫‪ - 3‬المهدي ‪ :‬يبدل من الفقر إلى الغنى ‪:‬‬


‫“ يقسم [ المهدي ] المال بالسوية ‪ ،‬ويعدل بالرعية ‪ ،‬ويفصل في القضية ‪ ،‬يأتيه‬

‫‪1104‬‬
‫“ ‪“ 1105‬‬

‫الرجل فيقول له ‪ :‬يا مهدي أعطني ‪ ،‬وبين يديه المال فيحثى له في ثوبه ما استطاع ان‬
‫يحمله “ ( ف ‪. ) 327 / 3‬‬
‫هذا نص غريب عن ابن العربي ‪ ،‬لسببين ‪:‬‬
‫األول ‪ ،‬ان امداد األولياء عنده هو علمي ‪ -‬روحاني ‪،‬‬
‫الثاني ‪ :‬ان القرن السادس الهجري بعيد عن رؤية “ المال “ أحد مقومات الكمال في‬
‫شخص االمام أو الولي ‪.‬‬
‫فهل اعتبر ابن العربي هنا كمال المهدي هو ‪ :‬كمال جمعيته للقوى في زمن ظهوره ‪.‬‬
‫وال يخفى ‪ ،‬بنظرة صادقة إلى الواقع ‪ ،‬أهمية المال كقوة اقتصادية فعالة من قوى العالم‬
‫المعاصر [ انظر “ كمال “ ] ‪.‬‬

‫‪ - 4‬المهدي يبدل من الضعف إلى القوة ‪:‬‬


‫( أ ) قوة السالح ‪:‬‬
‫“ فهو [ ختم الوالية المحمدية ] والقرآن ‪ :‬اخوان ‪ ،‬كما أن المهدي والسيف ‪:‬‬
‫اخوان “ ( ف ‪. ) 329 / 3‬‬
‫ي‬
‫“ ‪ . . .‬فيا منظور [ المهدي ] الناظر ‪ ،‬ويا من بظهوره بطش الملك القادر ‪ ،‬وياول ّ‬
‫َّللا ‪ ،‬ويا خليفة الملك القاهر ‪ .‬اما انسلخت من االصالب واالرحام ‪ ،‬أما أمرت بتبديل‬ ‫ّ‬
‫هذه األحكام ‪ ،‬السماوات واألرض ومن فيهن بانتظارك ‪ ،‬والوجود متشوق إلى أسفارك‬
‫[ ‪ -‬ظهورك ] ‪.‬‬
‫اللهم انا [ ‪ -‬ابن العربي ] نؤمن بواليته [ انظر “ ولي “ ] ‪ ،‬وخالفته [ انظر “ خليفة‬
‫“ ] ‪ ،‬وإمامته [ انظر “ امام “ ] وهدايته [ ‪ -‬التي استحق من اجلها اسمه ] ‪ ،‬وال نلحد‬
‫فيه إلحاد الغافلين ‪ ،‬وال ننكره انكار العالين ‪ ،‬وننتظره مدة حياتنا ‪ ،‬ايمانا بك ‪،‬‬
‫وتصديقا لرسولك ‪.‬‬
‫فال تحرمنا ان لم تقسم لنا رؤيته أجر اتباعه ‪ .‬واكتبنا في عدد أنصاره وأشياعه‬
‫“ ( بلغة ق ‪. ) 64‬‬
‫( ب ) قوة الجماعة ‪:‬‬
‫“ ينفخ [ المهدي ] الروح في االسالم ‪ ،‬يعز االسالم به بعد ذله ‪ . .‬يظهر من الدين ما‬
‫َّللا عليه وسلم لحكم به ‪ ، 2‬يرفع‬
‫َّللا صلى ّ‬
‫هو الدين عليه في نفسه ‪ ،‬ما لو كان رسول ّ‬
‫المذاهب من األرض ‪.‬‬
‫فال يبقى اال الدين الخالص ‪ ،‬أعداؤه مقلدة العلماء أهل االجتهاد ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 3‬‬
‫‪.) 327‬‬

‫‪1105‬‬
‫“ ‪“ 1106‬‬

‫المذاهب والفرق تمزق وحدة المسلمين ‪ ،‬وبالتالي تضعف قوتهم ‪ ،‬لذلك دور المهدي‬
‫هو في إزالة التمزق الحاصل في صفوف المسلمين ‪ ،‬وبرفع التمزق تحصل القوة التي‬
‫يستتبعها الغنى والعلم ‪. . .‬‬
‫****‬
‫المهدي “ يظهر بالوالية إرثا محمديا ‪ ،‬بكل ما تحويه من ابعاد ‪:‬‬
‫فعل وعرفان ‪ ،‬في مقابل النبي محمد [ ظهر بالنبوة ‪ -‬واليته باطنة ] ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا عليه وسلم ) ‪ . .‬الرحمة للعالمين ذاتا وصفاتا ‪ ،‬وتمام ملكه‬ ‫“ ‪ . . .‬ومحمد ( صلى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ] ‪ 3‬موقوف على ظهور المهدي ‪ ( “ . . .‬بلغة الغواص‬ ‫[ محمد صلى ّ‬
‫ق ‪. ) 60‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪ ( 1‬يراجع بشأن مهدي ‪:‬‬
‫‪-‬من ناحية األصول الحديثية لفكرة المهدي ‪:‬‬
‫*التصريح بما تواتر في نزول المسيح [ خاصة ‪ ] 296 - 294‬للمحدث الكبير الشيخ‬
‫محمد أنور شاه الكشميري الهندي ولد ‪ 1292‬وتوفي ‪ 1352‬هـ‪.‬‬
‫غرة نشر ‪ :‬مكتب المطبوعات االسالمية حلب ‪-‬‬ ‫تحقيق ‪ :‬عبد الفتاح أبو ّ‬
‫‪-‬في الفكر السني ‪:‬‬
‫*يسألونك عن المهدية ‪ .‬الصادق المهدي ‪ .‬دار القضايا ‪ [ 1975‬وفيه يبحث األصول‬
‫االسالمية والتاريخية للفكرة ‪ ،‬كما يتحدث عن الدعوات المهدية ‪] .‬‬
‫‪-‬في الفكر الشيعي ‪:‬‬
‫*بحث حول الوالية ‪ .‬محمد باقر الصدر دار التعارف للمطبوعات بيروت ‪ .‬لبنان‬
‫[ بحث في ‪ 96‬ص من القطع الصغيرة ] ‪.‬‬
‫*المهدي ‪ .‬صدر الدين الصدر ‪ .‬دار الزهراء بيروت ‪ .‬لبنان [ دراسة في ثمانية‬
‫فصول عن المهدي في الشيعة االثنا عشرية ] ‪.‬‬
‫) ‪( 2‬ابن العربي هنا يطرح قضية في منتهى الخطورة اسالميا ‪ .‬يفصل بين الكلمة أو‬
‫النص ‪ ،‬والشخص ‪ -‬االنسان ‪.‬‬
‫فالمسلم اليوم ولو اتبع السنة المحمدية يفهمها على أنها كلمات وافعال ‪ ،‬والمطروح‬
‫هنا ‪ :‬الشخص نفسه ‪.‬‬
‫ألنه روح الكلمة والفعل ‪ ،‬هو الثابت في تحولها ‪.‬‬
‫هذه الروح التي ال يفهمها المسلم اليوم ألنه أسير الكلمات واالفعال ‪.‬‬
‫كما أنه من ناحية ثانية الكلمات واالفعال تأخذنا إلى الماضي فهي عودة إلى الوراء ‪،‬‬
‫على حين ان الشخص ‪ ،‬طاقة حركية متطورة تتفاعل مع الزمن ‪.‬‬
‫انظر “ الوراثة ‪“ .‬‬

‫‪1106‬‬
‫“ ‪“ 1107‬‬
‫) ‪( 3‬ان النبي محمد لم يظهر بالغنى والملك ‪ -‬على استطاعته ‪ -‬كما ظهر سليمان‬
‫مثال ‪.‬‬
‫لذلك يأخذ المهدي وجه سليمان إرثا محمديا ‪ .‬فهو مظهر من مظاهر والية النبي محمد‬
‫َّللا عليه وسلم ) ‪،‬‬
‫( صلى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ) يكون بالمهدي ‪.‬‬
‫ومن هنا يقول ابن العربي ‪ :‬تمام ملكه ( صلى ّ‬

‫‪ - 654‬االستهالك في الحق‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫سقوط ‪ ،‬ولذلك يقال‬‫“ الهاء والالم والكاف ‪ :‬يدل على كسر وسقوط ‪ ،‬منه الهالك ‪ :‬ال ّ‬
‫للميت هلك ‪ .‬واهتلكت القطاة خوف البازي ‪ :‬رمت بنفسها على المهالك ‪. . .‬‬
‫قالوا ‪ :‬مستهلك ‪ :‬جا ّد ‪ ،‬والقياس ال يد ّل اال على هذا ما ذكرناه في صيغة القطاة ‪. . .‬‬
‫والهلك ‪ :‬الشيء الهالك “ ( معجم مقاييس اللغة مادة “ هلك “ ) ‪.‬‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫ورد األصل “ هلك “ في القرآن بالمعنى اللغوي السابق الذي يفيد الهالك والموت ‪.‬‬
‫َّللا ؛” َوما أ َ ْهلَ ْكنا ِّم ْن قَ ْريَ ٍة إِّ َّال َولَها ِّك ٌ‬
‫تاب َم ْعلُو ٌم “( ‪/ 15‬‬ ‫وهو فعل يطول كل ما سوى ّ‬
‫ش ْيءٍ ها ِّل ٌك ِّإ َّال َو ْج َههُ “‪( 28 / 88 ) . 1‬‬ ‫‪ ”. ) 4‬ال ِّإلهَ ِّإ َّال ُه َو ُك ُّل َ‬
‫وقد أورد القرآن فعل “ الهالك “ بصفة عامة في باب العقاب ‪ :‬يقع على الهالك ألمر‬
‫استحقه ‪.‬‬
‫الظا ِّل ُمونَ “( ‪. ) 47 / 6‬‬‫اما صيغة “ االستهالك “ ‪ :‬فلم ترد ‪ ”.‬ه َْل يُ ْهلَكُ ِّإ َّال ْالقَ ْو ُم َّ‬

‫عند ابن العربي ‪:‬‬


‫َّللا ‪ ،‬التي تقارب الفناء في بعض صوره‬
‫يطلق ابن العربي على صفة “ الهيمان “ في ّ‬
‫‪ ،‬اسم ‪ :‬االستهالك في الحق ‪.‬‬
‫فالمستهلك في الحق ‪ :‬مهيّم به تعالى ‪ :‬ال يستطيع إلى غيره التفاتا ‪.‬‬

‫‪1107‬‬
‫“ ‪“ 1108‬‬

‫يقول ‪:‬‬
‫“ كما قيل ألبي يزيد [ البسطامي ] ‪ ،‬حين خلع عليه خلع النيابة [ النيابة عن الحق ‪.‬‬
‫فلتراجع ] ‪ ،‬وقال له ‪ “ :‬اخرج إلى خلقي بصفتي ‪ .‬فمن رآك رآني ‪“ .‬‬
‫فلم يسعه إال امتثال امر ربه ‪ .‬فخطا خطوة ‪ ،‬إلى نفسه من ربه ‪ ،‬فغشي عليه ؛ فإذا‬
‫ي حبيبي ‪ .‬فال صبر له عني “ ‪ ،‬فإنه كان مستهلكا في الحق “ ( ف‬ ‫النداء ‪ “ :‬ردّوا عل ّ‬
‫السفر ‪ 3‬فقرة ‪. ) 36‬‬
‫“ ان الواصلين على مراتب ‪ .‬فمنهم من يكون وصوله إلى اسم ذاتي ‪ . . .‬فهذا‬
‫[ الواصل ] يكون حاله االستهالك ‪ ،‬كالمالئكة المهيمين [ انظر “ مهيّم “ ] في جالل‬
‫َّللا تعالى ‪ ،‬والمالئكة الكروبيين ‪ :‬فال يعرفون سواه ‪ ،‬وال يعرفهم سواه ‪ -‬سبحانه “ ‪.‬‬ ‫ّ‬
‫( ف السفر ‪ 4‬فق ‪. ) 125‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يشرح ابن العربي في الفتوحات هذه اآلية ‪ ،‬جوابا عن السؤال السابع والتسعين ‪:‬‬
‫ش ْيءٍ ها ِّل ٌك ِّإ َّال َو ْج َههُ ‪“[ 28 / 88 ] :‬‬
‫ما حظ المؤمنين من قوله ‪ُ ”:‬ك ُّل َ‬
‫فيبين ‪ :‬الشيئية ‪ ،‬والوجه ‪ ،‬وان الهالك يطول كل ما يطلق عليه اسم شيء [ الهالك ‪-‬‬
‫العدم ] ‪.‬‬
‫انظر الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪. 99‬‬

‫‪ – 655‬اله ّمة‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ وه ّم بالشيء يه ّم ه ّما ‪ :‬نواه واراده وعزم عليه ‪ .‬وسئل ثعلب عن قوله عز وجل ‪”:‬‬
‫ت بِّ ِّه َو َه َّم بِّها لَ ْو ال أ َ ْن َرأى بُ ْرهانَ َر ِّبّ ِّه[ ‪. “ ] 24 / 12‬‬‫َولَقَ ْد َه َّم ْ‬
‫مصرة على ذلك ‪ ،‬وه ّم يوسف عليه السالم ‪ ،‬بالمعصية‬ ‫ّ‬ ‫قال ‪ :‬ه ّمت زليخا بالمعصية‬
‫ولم يأتها ولم يصبّر عليها ‪ ،‬فبين الهمتين فرق ‪.‬‬
‫‪. . .‬ولقد ه ّمت به وه ّم بها ( اآلية ) قال أبو عبيدة ‪ :‬هذا على التقديم والتأخير كأنه‬
‫أراد ‪ :‬ولقد ه ّمت به ‪ ،‬ولوال أن رأى برهان ربّه لّهم بها ‪. . .‬‬
‫وقوله عز وجل” َو َه ُّموا بِّما لَ ْم يَنالُوا “ ‪ [ 9 / 74 ] . .‬كان طائفة عزموا على أن‬
‫يغتالوا سيدنا‬

‫‪1108‬‬
‫“ ‪“ 1109‬‬

‫َّللا عليه وسلم ‪ ،‬في سفر وقفوا له على طريقه ‪ ،‬فلما بلغهم أمر‬ ‫َّللا صلى ّ‬‫رسول ّ‬
‫بتنحيتهم عن طريقه وس ّماهم رجال رجال ‪. . .‬‬
‫واله ّم ‪ :‬ما ه ّم به في نفسه ‪ ،‬نقول ‪ :‬أهمني هذا االمر ‪ .‬واله ّمة واله ّمة ‪ .‬ما ه ّم به من‬
‫أمر ليفعله ‪.‬‬
‫وتقول ‪ :‬انه لعظيم اله ّم وإنه لصغير الهمة ‪ ،‬وانه لبعيد الهمة والهمة ‪ ،‬بالفتح “ ( لسان‬
‫العرب مادة “ همم “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن‬
‫األصل “ هم “ لم يرد بصيغة االسم ‪ “ :‬همة “ ‪.‬‬
‫الوارد صيغة الفعل ‪ :‬ه ّم ‪ ،‬ه ّمت ‪ ،‬ه ّموا ‪.‬‬
‫انظر “ في اللغة “ ‪.‬‬

‫عند ابن العربي ‪:‬‬


‫*الهمة ‪ “ :‬قوة “ فعالة أو “ طاقة “ فعّالة في االنسان ‪ ،‬لها مصدران فيه ‪:‬‬
‫المصدر األول ‪ :‬أصل الجبلة‬
‫المصدر الثاني ‪ :‬التربية ‪ ،‬واالكتساب‬
‫ولم نر ‪ ،‬قبل ابن العربي ‪ ،‬من نبّه على مصدري الهمة ‪ .‬فأعطى االستعداد حقه ‪،‬‬
‫والتربية حقها ‪.‬‬
‫ووجود الهمة في أصل الجبلة ‪ :‬إمكان ‪ ،‬لذلك تمام وجود الهمة في العبد هو ‪ :‬تفتح‬
‫امكاناتها من خالل تعلقاتها ودور العشق فيه [ ‪ -‬موضوع التعلق ]‬
‫يقول ‪:‬‬
‫‪ - 1‬الهمة ‪ :‬قوة ‪ ،‬وطاقة‬
‫أ ‪ -‬قوة “ فقوله [ لوط ‪ ،‬عليه السالم ] ”‪:‬لَ ْو أ َ َّن ِّلي ِّب ُك ْم قُ َّوة ً “[ ‪ ، ] 80 / 11‬أي ه ّمة‬
‫فعّالة “ ( ف ‪. )53 / 4‬‬
‫ب ‪ -‬طاقة قابلة للتحريك‬

‫‪1109‬‬
‫“ ‪“ 1110‬‬

‫“ فأريد بالمستقيمة [ يتكلم ابن العربي على حركات الحروف ‪ ،‬وهذه ‪:‬‬
‫حرك الهمة ‪ 1‬إلى جانب الحق خاصة ‪. . .‬‬ ‫الحركة المستقيمة ] ‪ ،‬كل حرف ّ‬
‫حرك الهمة إلى الكون واسراره “ ( ف السفر‬ ‫و [ الحركة ] المنكوسة ‪ ،‬كل حرف ّ‬
‫األول فق ‪) 683‬‬
‫‪- 2‬الهمة لها مصدران ‪ :‬الجبلة ‪ ،‬واالكتساب “ واعلم أن وجود هذه الهمة في العبد ‪،‬‬
‫على نوعين ‪ ،‬ولها مرتبتان ‪ :‬همة تكون في أصل خلقة العبد وجبلته ‪ .‬وهمة تحصل له‬
‫صرفها فيما أراد من‬‫بعد ان لم تكن ‪ . . .‬فإذا علمها [ االنسان ] من نفسه ‪ّ ،‬‬
‫َّللا ‪ ،‬وهمة مريم ‪ . . .‬انها‬
‫الموجودات ‪ ،‬كنطق عيسى عليه السالم في المهد ‪ ،‬بأمر ّ‬
‫[ الهمة ] عندنا كلها “ أسباب “ يفعل الحق سبحانه وتعالى األشياء عندها ال بها ‪. . . 2‬‬
‫“ ( مواقع النجوم ص ‪) 84‬‬
‫‪- 3‬االكتساب في الهمة يوصلها إلى تمام الوجود ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬االكتساب واالنسان “ وقد نبّه الرسول على الترقي في تأثير الهمم ‪ ،‬بقوله ‪ :‬تعلموا‬
‫اليقين فإني متعلم معكم ‪ . 3‬وبقوله ‪ ،‬في عيسى ‪ ،‬حيث قيل له ‪ ،‬انه كان يمشي على‬
‫الماء ‪.‬‬
‫فقال ‪ :‬ولو ازداد يقينا لمشي في الهواء ‪ ( “ . . . 4‬بلغة الغواص ص ‪) 80‬‬
‫ب ‪ -‬االكتساب والعشق “ اعلم أنه لما اصطحب األلف والالم [ كالم ابن العربي هنا‬
‫في الحرف ‪ :‬ال ] صحب كل واحد منهما ميل ‪ ،‬وهو الهوى والغرض ‪ ،‬والميل ال‬
‫يكون اال عن حركة عشقية ‪ . . .‬فكان الالم ‪ .‬في هذا الباب ‪ ،‬أقوى من األلف ألنها‬
‫اعشق ‪:‬‬
‫فهمتها أكمل وجودا ‪ :‬وأت ّم فعال ‪ .‬واأللف أقل عشقا ‪ ،‬فهمتها أقل تعلقا بالالم ‪ ،‬فلم‬
‫تستطع ان تقيم أودها ‪ . . .‬وهذا كله [ ميل األلف والالم لبعضهما ] ‪ ،‬تعطيه حالة‬
‫العشق ‪ .‬والصدق في العشق ‪ ،‬يورث التوجه إلى طلب المعشوق ‪.‬‬
‫وصدق التوجه يورث الوصال من المعشوق إلى العاشق “ ( ف السفر األول فق فق‬
‫‪. ) 620 ، 618‬‬
‫يتضح هنا ‪ ،‬ان الهمة في األصل ‪ :‬طاقة [ محضة ‪ -‬عامة غير موجهة ] في‬

‫‪1110‬‬
‫“ ‪“ 1111‬‬

‫االنسان تقبل التعلق ‪ .‬ومن قبولها للتعلق يظهر دور االكتساب والتربية فيها ‪ ،‬وامكانية‬
‫التوجيه الموصلة لتفتح امكاناتها كافة ‪.‬‬
‫ويطل من خالل النصوص “ مفهوم “ يحدد تعلقات الهمة اال وهو ‪ :‬إرادة االنسان ‪.‬‬
‫فاالنسان دائما موجود في النصوص السابقة كما لك وموجه لهذه الهمة ‪.‬‬
‫اذن “ اإلرادة “ توجه الهمة في تعلقاتها ‪.‬‬
‫وال يخفي عالقة اإلرادة ‪ :‬بالمريد [ انظر “ مريد “ ] ‪ ،‬وبالتالي دور “ التسليك “ في‬
‫الوصول بالهمة إلى مقام “ الفعل ‪“ .‬‬
‫****‬
‫تبرز مما سبق أهمية “ تعلقات “ الهمة ‪.‬‬
‫إذ هي األساس في ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬اختالف الهمم‬
‫ثانيا ‪ :‬ترقي الهمم‬
‫ثالثا ‪ :‬اسقاط التعلقات نفسها ‪ ،‬الواحد تلو اآلخر‬
‫رابعا ‪ :‬الحكم على الهمم‬
‫‪- 1‬اختالف الهمم ‪:‬‬
‫الهمة طاقة فقط لذلك تتشعب باختالف تعلقاتها ‪ ،‬تبعا إلرادة صاحبها ‪.‬‬
‫فإن علّق صاحب الهمة همته في الدنيا ‪ ،‬نراه يحصل األموال ‪ . .‬وان علقها ‪ :‬في‬
‫باّلل ‪ ،‬تسقط التعلقات وتصير همومه هما‬ ‫صل المقامات ‪ . .‬وان علقها ‪ّ :‬‬ ‫العبادة ‪ ،‬يح ّ‬
‫واحدا ‪.‬‬
‫وهكذا في طاقة الهمة ‪ :‬ان تفعل ‪ ،‬في ميدان تعلقها ‪ . .‬هذا ويجب ّاال نقف مع حدود‬
‫اللفظ ‪ ،‬فنظن من قولنا ان الهمة ‪ :‬طاقة فقط ‪ ،‬انها سلبية ال تؤثر في صاحبها ‪ .‬ألن‬
‫الهمة في وجهها المغروس في جبلة االنسان ‪ ،‬تؤثر فيه ان كانت قوية ‪.‬‬
‫فالهمة القوية ‪ -‬في أصل الجبلة ‪ -‬تدفع صاحبها إلى الترقي والتعلق بعظائم األمور ‪.‬‬
‫كما أن إرادة صاحبها تحكم عليها فال بد من تبادل “ األثر “ بين األصلين في الجبلة ‪.‬‬
‫األصل األول الذي يمثل ‪ :‬حجم طاقتها نفسه ‪.‬‬
‫واألصل الثاني الذي يمثل ‪ :‬اإلرادة والسلوك ‪.‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫“ ان اختالف الهمم باختالف المطامع ألن الهمم متعلقة بها ‪ . . .‬ولوال المطامع ال‬
‫نقطعت الهمم ولوال الهمم لبطلت االعمال ‪ ( “ . . .‬بلغة ص ‪. )15‬‬
‫َّللا عنه ‪ :‬هموا بمعالي األمور ‪ ،‬فإن األمور همم‪.‬‬ ‫“ ‪ . . .‬كما قال معاوية رضي ّ‬

‫‪1111‬‬
‫“ ‪“ 1112‬‬

‫واني هممت بالخالفة ‪ ،‬وما كنت اهال لها “ ‪ ( .‬بلغة ‪) 29‬‬


‫‪- 2‬الترقي بالهمم وترقي الهمم أن الهمم من “ تعلقها ‪“ :‬‬
‫‪-‬باألعلى دون األدنى ‪ :‬تترقى‬
‫صل السعادة ‪.‬‬
‫‪-‬بالثابت دون الفاني ‪ :‬تح ّ‬
‫الهمة تتعلق بمعنى انها ‪ :‬تتوجه كطاقة ‪ ،‬بحركة عشقية [ انظر النص السابق ‪:‬‬
‫االكتساب والعشق ] ‪ ،‬إلى متعلقها ‪ ،‬من توجهها إلى االعلى ‪ ،‬وبالحركة العشقية‬
‫السابقة ‪ ،‬تترقى ‪.‬‬
‫ففي “ توجه “ الهمة ‪ :‬حركة تترقى بها الهمة وبالتالي يترقى بها صاحب الهمة ‪.‬‬
‫فالهمة تحمل صاحبها ‪ :‬تترقى فيترقى ‪.‬‬
‫انها عالقة جدلية بين ‪ :‬همة وإرادة للوصول ‪. 5‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫( أ ) الترقي بالهمم “ فامتطت “ همته “ متون الذاريات ‪ :‬براقا ‪ ( “ . . .‬كتاب الكتب‬
‫ص ‪) 19‬‬
‫“ وكيف ال تخترق هذه المقامات ‪ ،‬وتخص بهذه الكرامات ‪ “ ،‬وهمة “ ذلك الشخص ‪:‬‬
‫مر البراق ببيت مشيد ‪ ،‬اال اخترقه ‪ ،‬وخرقه “ ‪ ( . . .‬كتاب الكتب ص‬ ‫براقك ‪ . . .‬فما ّ‬
‫‪. )3‬‬
‫حتى أن ابن العربي ‪ ،‬يكنى في ديوانه “ ترجمان األشواق “ عن كل ما يحمل ‪:‬‬
‫بالهمة ( العيس ‪ -‬النفس ) ألن الهمة تحمل العبد ‪ ،‬تسوسه ‪.‬‬
‫يقول ‪ “ :‬والعيس ‪ :‬الهمم ‪ . . .‬كنى عن الهمم بالمطايا ‪ ( “ . . .‬األشواق ‪) 68‬‬
‫“ هم نفسي ‪ :‬يريد الهمم ‪ . . .‬فإن انبعاثها من سويدا القلب “ ( األشواق ‪) 70 - 69‬‬
‫“ ‪ . . .‬اين دربوا وأين سارت بهم هممهم ‪ ،‬التي كني عنها بالعيس ؟ “ ( األشواق‬
‫‪) 71‬‬
‫ب ‪ -‬ترقي الهمم كما أن “ ترقي الهمم “ هو ‪ :‬السبب المباشر في تعدد التعريفات‬
‫المتعلقة بالهمة ‪.‬‬
‫فكل تعريف يمس “ الهمة “ ‪ :‬في مرحلة أو مرتبة من مراحل ترقيها‬

‫‪1112‬‬
‫“ ‪“ 1113‬‬
‫وسلوكها ‪.‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫“ ان الهمة يطلقها القوم [ ‪ -‬الصوفية ] بإزاء ‪ :‬تجريد القلب بالمنى [ ‪ -‬همة تنبيه ] ‪،‬‬
‫ويطلق بإزاء ‪ :‬أول صدق المريد [ ‪ -‬همة إرادة ] ‪ ،‬ويطلق بإزاء جمع الهمم لصفاء‬
‫االلهام [ ‪ -‬همة حقيقة ] ‪،‬‬
‫فيقولون الهمة على ثالث مراتب ‪ :‬همة تنبه ‪ ،‬وهمة إرادة ‪ ،‬وهمة حقيقة “ ( ف ‪/ 2‬‬
‫‪. ) 526‬‬
‫وسنورد نصوص ابن العربي في مراتب الهمم الثالث عند القوم ‪،‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫همة تنبه ‪:‬‬
‫“ ان همة التنبه ‪ :‬هي تيقظ القلب لما تعطيه حقيقة االنسان ‪ ،‬مما يتعلق به التمني سواء‬
‫كان محاال أم ممكنا ‪ ،‬فهي تجرد القلب للمنى ‪ ،‬فتجعله هذه الهمة ان ينظر فيما يتمناه ‪،‬‬
‫ما حكمه ‪ . . .‬فإن أعطاه [ النظر ] الرجوع عن ذلك [ التمني ] ‪ ،‬رجع ‪ ،‬وان أعطاه‬
‫العزيمة فيه ‪ ،‬عزم “ ‪ ( .‬ف ‪/ 526 ) . 2‬‬
‫همة إرادة ‪:‬‬
‫“ واما همة اإلرادة ‪ :‬وهي أول صدق المريد ‪ .‬فهي همة جمعية ال يقوم لها شيء ‪. . .‬‬
‫فإن النفس إذا اجتمعت أثّرت في أجرام العالم وأحواله ‪ ،‬وال يعتاص عليها شيء‬
‫“ ( ف ‪. ) 526 / 2‬‬
‫“ فمن جمع همته على ربه ‪ :‬انه ال يغفر الذنب اال هو ‪ ،‬وان رحمته وسعت كل شيء‬
‫‪ ،‬كان مرحوما “ ( ف ‪. ) 526 / 2‬‬
‫همة حقيقة ‪:‬‬
‫“ واما همة الحقيقة ‪ :‬التي هي جمع الهمم بصفاء االلهام ‪ ،‬فتلك همم الشيوخ األكابر‬
‫َّللا ‪ ،‬الذين جمعوا هممهم على الحق ‪ ،‬وصيروها واحدة ألحدية المتعلق ‪،‬‬ ‫من أهل ّ‬
‫هربا من الكثرة ‪ ،‬وطلبا لتوحيد الكثرة أو التوحيد “ ( ف ‪. ) 527 / 2‬‬

‫‪- 3‬اسقاط التعلقات كنتيجة طبيعية لترقي الهمة ‪ :‬تسقط التعلقات ‪ ،‬حتى ال يبقى تعلق‬
‫للهمة ‪ ،‬سوى ‪ :‬الحق ‪ . . .‬تصير الهموم هما واحدا ‪ .‬وهذا ندركه من لغة العشق‬

‫‪1113‬‬
‫“ ‪“ 1114‬‬

‫الظاهرة في هذه المرحلة ‪ .‬انها المرحلة األخيرة ‪ -‬التي تظل “ الهمة “ فيها موجودة ‪،‬‬
‫تؤكد االثنينية ‪ -‬قبل “ الفناء ‪“ .‬‬
‫وفي هذه المرحلة يظهر ‪ :‬الفعل والتأثير بالهمة لقيامها في مقام الجمعية ‪.‬‬
‫[انظر نص ‪ “ :‬االكتساب والعشق “ السابق ‪ .‬ونص ‪ “ :‬جمعية الهمة “ الذي سيرد ] ‪.‬‬

‫‪- 4‬الحكم على الهمم ‪:‬‬


‫ان “ الهمة “ كقوة باطنة في االنسان ال تتحقق إال بتعلقاتها ‪ .‬وبالتالي ظهورها ال يكون‬
‫اال في مستوى “ التعلق “ بالذات ‪ .‬والنص الذي أوردناه للكمشخانوي في الهامش رقم‬
‫“ ‪ “ 5‬يؤكد ذلك ‪ :‬من حيث إن الهمة في البدايات لها صورة ‪ ،‬تختلف عن صورتها‬
‫في الواليات ‪ ،‬عن صورتها في الحقائق‪.‬‬
‫واختالف الصورة كما نالحظ مرجعه اختالف التعلق ‪.‬‬
‫****‬
‫ان “ الهمة “ من حيث كونها طاقة لها ‪ :‬الفعل ‪ .‬وهي موجودة في كل انسان ‪.‬‬
‫و “ فعلها “ في كل انجاز واضح ‪ .‬ولم يزد الصوفية على أنهم استفادوا من “ الهمة‬
‫“ كطاقة ‪ ،‬ونقلوا “ فعلها “ من مستوى الظاهر [ ‪ -‬تأثيرها باالنسان ومن خالله‬
‫باألشياء المحسوسة ] إلى مستوى الباطن [ ‪ -‬االنسان يفعل بالهمة ما ال يمكن فعله اال‬
‫باألسباب ] ‪.‬‬
‫وعندما حقق الصوفية هذه “ النقلة “ ظهرت “ الهمة “ ‪ :‬أداة تأثير وفعل ‪ ،‬بكل ما‬
‫“ للفعل “ من ابعاد عرفانية ووجودية عند الصوفية ‪.‬‬
‫واخذت وجه ‪ “ :‬الكرامة “ و “ خرق العادة “ [ انظر “ كرامة “ ] ‪.‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫‪- 1‬فعل الهمة ‪ :‬نقلة من الظاهر إلى الباطن “ الهمة ‪ . . .‬كل ما ال يتوصل اليه‬
‫شخص اال بجسمه أو بسبب ظاهر ‪ ،‬يتوصل اليه النبي والولي بهمته ‪ ،‬وزيادة ‪ ،‬وهي‬
‫[ الزيادة ] األمور الخارجة ‪ ،‬عن مقدور البشر رأسا “ ‪ ( . .‬مواقع النجوم ‪)84 - 83‬‬

‫‪1114‬‬
‫“ ‪“ 1115‬‬
‫‪ - 2‬تأثير الهمة ‪:‬‬
‫“ ‪ . .‬وقل للسلطان ‪ :‬هذه همة واحدة أثّرت في شجرة مثمرة [ ايبستها ] فكيف همم‬
‫جماعة من المظلومين في قلع الظالمين ! ‪ ( “ . .‬بلغة ‪. ) 69‬‬
‫“ ‪ . .‬فقالت [ شمس أم الفقراء ] ‪ : . .‬تمنيت ان يأتينا غدا أبو الحسن بن قيطون ‪،‬‬
‫َّللا المروزي ] ‪ :‬هكذا تعمل العامة ‪،‬‬
‫فاكتبوا اليه ‪ . .‬فقال أبو محمد [ الشيخ عبد ّ‬
‫فقالت له العجوز ‪ :‬فما ذا تفعل ؟ قال ‪ :‬اسوقه بهمتي ‪.‬‬
‫فقال ‪ :‬أفعل ‪ .‬فقال ‪ :‬قد حركت الساعة خاطره [ تأثير الهمة في خاطر االنسان عن‬
‫َّللا تعالى ‪ ( “ . . .‬روح القدس ص ‪. ) 101‬‬‫بعد ] بالوصول الينا غدا ان شاء ّ‬

‫‪- 3‬الفعل بالهمة ‪ -‬مقام الجمعية “ فصاحب الهمة ‪ ،‬له الفعل ‪ ،‬بالضرورة ‪ ،‬عند‬
‫المحققين ‪ .‬هذا حظ الصوفي ومقامه ‪ ( “ . . .‬ف السفر األول فق ‪) 619‬‬
‫“ بالوهم يخلق كل انسان في قوة خياله ‪ ،‬ما ال وجود له اال فيها ‪ ،‬وهذا هو االمر‬
‫العام ‪ .‬والعارف يخلق بالهمة ما يكون له وجود من خارج محل الهمة ‪ ، 6‬ولكن ال‬
‫تزال الهمة تحفظه “ ‪ ( . 7‬فصوص ‪. ) 88 / 1‬‬
‫“ والهمة “ ال تفعل اال بالجمعية التي ال متسع لصاحبها إلى غير ما اجتمع عليه ‪. .‬‬
‫“ ( فصوص ‪. ) 129 / 1‬‬

‫‪- 4‬الفعل بالهمة ‪ -‬الفعل بالحرف “ ‪ . . .‬وهذا الفعل ب “ الحرف المستحضر “ يعبّر‬
‫عنه بعض من ال علم له ‪:‬‬
‫ب “ الهمة “ وب “ الصدق “ ‪ .‬وليس كذلك ‪ :‬وإن كانت الهمة روحا للحرف‬
‫المستحضر ‪ ،‬ال عين الشكل المستحضر ‪ .‬وهذه الحضرة تعم الحروف كلّها ‪ ،‬لفظيها‬
‫ورقميها “ ( ف سفر ‪ 3‬فق ‪. ) 1 - 174‬‬
‫“ فمن علم ‪ ،‬من المحققين ‪ ،‬حقيقة “ كن ! “ فقد علم “ العلم العيسوي ‪“ .‬‬
‫ومن أوجد ب “ ه ّمته “ شيئا من الكائنات ‪ ،‬فما هو من هذا العلم [ العلم العيسوي ]‬
‫“ ( ف سفر ‪ 3‬فق ‪. ) 48‬‬
‫“ ‪ . .‬ويعلم ما هي خاصيتها [ الحروف المستحضرة ] حتى يستحضرها ‪ ،‬من‬

‫‪1115‬‬
‫“ ‪“ 1116‬‬

‫اجل ذلك ‪ ،‬فيرى اثرها ‪ .‬فهذا [ الفعل بالحرف ] شبيه الفعل بالهمة ‪ ( “ . .‬ف ‪/ 1‬‬
‫‪. ) 191‬‬
‫فالفعل بالحرف ال يستلزم همة الشخص الناطق بالحرف ‪ .‬ومن هنا األسماء التي‬
‫استحقتها الهمة ‪ :‬الصدق ‪ .‬وغيره ‪ ،‬ألن الفعل لها ‪.‬‬

‫‪ - 5‬البعد العرفاني في فعل الهمة ‪:‬‬


‫وهنا تظهر الهمة ‪ :‬أداة معرفة عند الصوفي‬
‫باّلل الرحمن ‪ ،‬حتى تعلم “ ( ف سفر ‪ . 1‬فق ‪”) 622‬‬ ‫“ ‪ . .‬فالزم الخلوة ‪ ،‬علّق الهمة ّ‬
‫وما يعرف ما قلنا * سوى عبد له همة “( فصوص ‪) 122 / 1‬‬
‫َّللا وبه ‪ ،‬جلّت هبته ‪ ،‬وعظمت منّته ‪ ،‬من‬
‫“ ‪ . .‬فيحصل لصاحب ال ّهمة في الخلوة مع ّ‬
‫العلوم ما يغيب عندها كل متكلم على البسيطة ‪ .‬بل كل صاحب نظر وبرهان ليست له‬
‫هذه الحالة ‪ ،‬فإنها وراء ‪ ،‬النظر العقلي “ ( ف سفر ‪ 1‬فق ‪. ) 65‬‬
‫“ ‪ . .‬غير أن الولي يشترك مع النبي ‪ ،‬في ‪ :‬ادراك ما تدركه العامة في النوم ‪ ،‬في‬
‫حال اليقظة ‪ ،‬سواء ‪ .‬وقد أثبت هذا المقام لألولياء أهل طريقنا ‪ ،‬واتيان هذا ‪ ،‬وهو ‪:‬‬
‫َّللا ‪ ( “ . .‬ف ‪. ) 150 / 1‬‬
‫الفعل بالهمة ‪ ،‬والعلم من غير معلم من المخلوقين غير ّ‬
‫“ ومدرك [ ‪ -‬معرفة ] من أين علم هذا [ أمور تتعلق بمقام االبدال ] ‪ ،‬موقوف على‬
‫الكشف ‪ .‬فابحث عليه بالخلوة والذكر والهمة ‪ ( “ . .‬ف السفر ‪ 1‬فق ‪) 643‬‬

‫‪- 6‬الفعل بالهمة ‪ -‬خرق عادة “ ‪ . . .‬ولست اعني بالكرامات اال ما ظهر عن قوة‬
‫الهمة “ ( ف سفر ‪ - 3‬فق ‪. ) 383‬‬
‫ي ظهر عليه خرق عادة عن غير همته ‪ ،‬فيكون‬ ‫“ ‪ . . .‬فأقطاب هذا المنزل ‪ :‬كل ول ّ‬
‫إلى النبوة أقرب م ّمن ظهر عنه خرق العادة بهمته ‪.‬‬
‫واألنبياء هم العبيد على أصلهم “ ( ف سفر ‪ - 3‬فق ‪) 1 - 383‬‬
‫انظر “ كرامة “‬
‫***‬

‫‪1116‬‬
‫“ ‪“ 1117‬‬

‫*ظهرت “ الهمة “ من خالل التعريفات والنصوص السابقة ‪ :‬أداة تأثير وفعل ‪،‬‬
‫يستخدمها الصوفي ‪ “ .‬فالصوفي “ ‪ :‬اذن موجود ‪ ،‬يختار ويفعل ‪.‬‬
‫َّللا ‪ ،‬اي ‪ :‬الفناء ‪ ،‬وترك االختيار ‪.‬‬
‫وهذا ينافي ما يطلبه في سلوكه إلى ّ‬
‫ينتج عن ذلك ان ‪ “ :‬الفعل بالهمة “ و “ العرفان “ في عالقة جدلية ‪ “ ،‬ينقص‬
‫“ أحدهما “ فيزيد “ اآلخر ‪ .‬وهكذا ‪.‬‬
‫حتى نصل إلى ‪ :‬تمام قدرة الفعل بالهمة ‪ ،‬وانتفاء االختيار فيه بتأثير العرفان ‪.‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫“ فإن قلت [ السائل ] ‪ :‬وما يمنعه [ النبي ‪ ،‬لوط عليه السالم ] من الهمة المؤثرة ‪،‬‬
‫وهي موجودة في السالكين من االتباع ‪ -‬والرسل أولى بها ؟‬
‫قلنا [ ابن العربي ] ‪ :‬صدقت ‪ ،‬ولكن نقصك علم آخر ‪ ،‬وذلك أن المعرفة ال تترك‬
‫للهمة تصرفا ‪.‬‬
‫فكلما علت معرفته [ االنسان ] نقص تصرفه بالهمة “ ( فصوص ‪) 128 - 127 / 1‬‬
‫“ واما نحن [ ابن العربي وأمثاله ] فما تركناه [ التصرف ] تظرفا ‪ -‬وهو تركه ايثارا ‪-‬‬
‫وانما تركناه لكمال المعرفة ‪ :‬فإن المعرفة ال تقتضيه بحكم االختيار ‪ .‬فمتى تصرف‬
‫العارف بالهمة في العالم فعن امر الهي وجبر ال اختيار “ ( فصوص ‪. ) 129 / 1‬‬
‫****‬
‫الهمة “ عند ممارستها كونها قوة تحريك ‪ ،‬يعرض لها قواطع عن دورها هذا ‪.‬‬
‫وتنحصر هذه القواطع بكل ما في طاقته ‪ :‬اضعافها ‪ ،‬ومنبعه كله ‪ :‬االحساس بالعجز ‪.‬‬
‫فعندما يحس صاحب الهمة بالعجز ‪ :‬تضعف همته ‪.‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫“ ‪ . .‬فتحفظ من أسباب امراض الهمم ‪ ،‬واعلم أن من أعظمها ‪ :‬نظر أهل البدايات إلى‬
‫أحوال أهل النهايات ‪ ،‬ومطالبتهم أنفسهم [ أهل البدايات ] بأحوالهم [ أهل النهايات ] ‪،‬‬
‫فيصعب عليهم ويستبعدون ذلك ‪ ،‬فتضعف هممهم ( “ ‪ . . .‬بلغة ‪) 46‬‬
‫****‬
‫في نهاية بحثنا “ للهمة “ ال بد من التنويه إلى أنها موجودة بأسماء مختلفة عند كل‬
‫طائفة ‪.‬‬
‫وهذه األسماء منبعها ‪ :‬خاصيتها في الفعل ‪ .‬فهي عند المتكلمين ‪:‬‬
‫“ االخالص “ ‪ ،‬وعند الصوفية “ الحضور “ ‪ ،‬وعند العارفين “ الهمة “ ‪ .‬اما ابن‬

‫‪1117‬‬
‫“ ‪“ 1118‬‬

‫عربي فيفضل ان يسميها ‪ :‬العناية اإللهية ‪ .‬وربما مرجع ذلك إلى أن امكاناتها في‬
‫أصل الجبلة عناية الهية ‪.‬‬
‫يقول ‪ “ :‬من وافق تأمينه [ يقول ‪ :‬آمين ] تأمين المالئكة ‪ ،‬في الغيب المتحقّق ‪ ،‬الذي‬
‫[ الموافقة ‪ -‬التأمين ] يسمونه العامة من الفقهاء “ االخالص “ ‪.‬‬
‫وتسميه الصوفية “ الحضور “ ‪ ،‬ويسميه المحققون “ الهمة “ ونسميه ‪ ،‬انا وأمثالنا ‪:‬‬
‫“ العناية “ [ استجيب له ] “ ( ف سفر ‪ 1‬فق ‪. ) 494‬‬
‫“ ثم نرجع ان هذه االنفعاالت اإللهية ‪ ،‬المختصة بالوجود على يدي هذا الشخص‬
‫االنساني ‪ -‬على مراتبها ‪ -‬أصلها الذي ترجع اليه ‪ :‬قوى نفسية‪.‬‬
‫تسميها الصوفية ‪ :‬الهمة ‪ .‬ويسميها بعضهم ‪ :‬الصدق ‪ ،‬فيقولون ‪ :‬فالن أحال همته على‬
‫أمر ‪ ،‬فانفعل له ‪ ،‬ذلك ‪ .‬وفالن صدق في امر ما ‪ ،‬فكان له ذلك ‪ ( “ .‬مواقع النجوم‬
‫ص ‪. )83‬‬
‫“ ‪ . . .‬لهم [ اشخاص ] القدم الراسخ في الصدق ‪ ،‬فيقتلون بالهمة ‪ ، 8‬وهي الصدق‬
‫“ ( ف ‪) 392 / 3‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬في فكر يرى االنسان ‪ :‬كلمة ‪ .‬تتحول “ الحروف “ إلى رموز يقول فيها ما‬
‫ينطبق على البشر ‪ .‬لذلك نستطيع ان نعتبر نصوص الشيخ األكبر في “ الحروف‬
‫“ نصوصا في “ االنسان ‪“ .‬‬
‫يحرك “ همته “ ‪ .‬أو في عالم االنسان ‪ :‬االنسان يحرك‬ ‫وهنا نرى “ الحرف “ هو الذي ّ‬
‫همته ‪ .‬السؤال الذي يطرح نفسه ‪ ،‬والذي سنلمس أهميته ‪ ،‬عند بحث النقاط المتبقية من‬
‫الهمة ‪.‬‬
‫هل الهمة تحرك االنسان ؟ أم االنسان يحرك الهمة ؟‬
‫اإلجابة عن ذلك ستتضح من بحث المصطلح ‪.‬‬
‫“ ) ‪( 2‬الهمة “ لها الفعل ‪ ،‬وهذا ما سنبحثه في النقاط التالية‬
‫) ‪( 3‬انظر فهرس األحاديث حديث رقم ) ‪: ( 44‬‬
‫) ‪( 4‬انظر فهرس األحاديث حديث رقم ) ‪: ( 45‬‬
‫) ‪( 5‬يرسم الكمشخانوي صورة الهمة في ترقيها ما بين البدايات والنهايات ‪ .‬وستورد‬
‫النص الذي‬

‫‪1118‬‬
‫“ ‪“ 1119‬‬
‫يسمح للقاريء ‪ ،‬بشيء من التمعن ‪ ،‬ان يرى جدلية عالقة الترقي بين ‪ :‬الهمة‬
‫واإلرادة ‪.‬‬
‫يقول ‪ “ :‬الهمة ‪ :‬وهي التوجه إلى الحق بالكلية ‪ ،‬مع االنفة من المباالة ‪ ،‬بحظوظ‬
‫النفس من االغراض واالعواض ‪ ،‬وباألسباب والوسائط كالعمل واالمل والوثوق به ‪،‬‬
‫وصورتها في البدايات ‪:‬‬
‫عقد الهمة بالطاعة ‪ ،‬والوفاء بعهد التوبة ‪.‬‬
‫وفي األبواب ‪ :‬تعلق القلب بالنعيم الباقي ‪ ،‬وصرف الرغبة عن الفاني ‪ ،‬والجد في‬
‫الطلب عند التواني ‪،‬‬
‫وفي المعامالت ‪ :‬همة باعثة على االستقامة في العمل ‪ ،‬مع دوام المراقبة وقوة الثقة‬
‫باّلل في التوكل والتسليم ‪ .‬وفي االخالق ‪:‬‬ ‫ّ‬
‫صرف الهمة بالكلية ‪ ،‬إلى احراز السعادات والكماالت ‪.‬‬
‫وفي األصول ‪:‬همة جاذبة صاحبها إلى جناب الحق ‪ ،‬بقوة اليقين ‪ ،‬وروح االنس ‪،‬‬
‫مانعة عن الفتور في السير ‪ ،‬والزيغ في القصد ‪.‬‬
‫ودرجتها في األحوال ‪ :‬صيرورة الهموم هما واحدا ‪ ،‬باستيالء العشق ‪.‬‬
‫وفي الواليات ‪ :‬همة تتصاعد عن األحوال والمقامات إلى حضرة األسماء والصفات ‪.‬‬
‫وفي الحقائق ‪ :‬همة تعلو الصفات ‪ ،‬وتنحو عن النعوت نحو الذات ‪،‬‬
‫وفي النهايات ‪ :‬ال همة اال التأثر بمؤثرية الحق في جميع الممكنات ‪ ،‬كقوله تعالى ‪:‬‬
‫َّللا رمى ‪.‬‬ ‫وما رميت إذ رميت ‪ .‬ولكن ّ‬
‫وقوله ‪ :‬وإذ تخرج الموتى باذني ‪ .‬وهناك [ في النهايات ] ينمحق التعمل والتكسب ‪،‬‬
‫ويصفو عن شوبة الحدث ‪ ،‬وينفتح الطريق ‪ ،‬ويتسع ‪ ،‬ويترقى القلب ‪ ،‬إلى مقام السر ‪.‬‬
‫فيكون السائر مصحوبا محموال في السير ‪ ،‬كراكب البحر يسار به وال يدري ‪.‬‬
‫سبْحانَ الَّ ِّذي أَسْرى بِّعَ ْب ِّد ِّه “[ ‪ ] 1 / 17‬وتتوالى عليه األحوال بمحض‬
‫َّللا تعالى” ُ‬
‫قال ّ‬
‫الموهبة ‪ ،‬وتتوافر عليه االلطاف ‪ ،‬بحكم السابقة والمتعة “ ‪ ( .‬جامع األصول ‪.‬‬
‫الكمشخانوي ص ‪. ) 207‬‬

‫) ‪( 6‬الهمة تخلق ما يكون له وجود خارجها ‪ ،‬وهذا ما يميزها عن “ السحر‬


‫“ أيضا ‪ . . .‬الصنف الثالث في خرق العادة ‪.‬‬
‫انظر “ كرامة “‬
‫) ‪( 7‬انظر تفسير عفيفي على هذا النص ‪ ،‬فصوص ج ‪ 2‬ص ص ‪82 - 78‬‬
‫) ‪( 8‬يراجع بشأن همة ‪:‬‬
‫‪-‬الطوسي ‪ :‬اللمع ص ‪ ( 425‬الهم )‬
‫‪-‬الغزالي ‪ :‬مدخل السلوك ص ‪42‬‬
‫‪:‬سر العالمين ص ‪114 ، 42‬‬ ‫‪:‬أيها الولد ص ‪165‬‬
‫‪-‬نجم الدين كبرى ‪ :‬فوائح الجمال رقم ‪ ( 13‬الهمة ‪ -‬القدرة ) ‪.‬‬
‫‪-‬ابن الفارض ‪ :‬الديوان ص ‪ [171‬ولي ه ّمة تعلو ‪ ،‬إذا ما ذكرتها * وروح بذكراها ‪،‬‬
‫إذا رخصت ‪ ،‬تغلو ]كما يراجع ‪- :‬هذا المعجم مادة ‪ :‬ممد الهمم ‪.‬‬

‫‪1119‬‬
‫“ ‪“ 1120‬‬
‫‪ - 656‬الهو‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الهاء والواو ‪ . . .‬من العربية ‪ .‬واألصل هاء ض ّمت اليه واو ‪ ،‬من العرب من يثقّلها‬
‫هو ‪ ،‬ومنهم من يقول ‪ :‬هو “ ( معجم مقاييس اللغة مادة “ هو “ )‬ ‫فيقول ‪ّ :‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫ض َوما فِّي ِّه َّن ‪،‬‬ ‫ت َو ْاأل َ ْر ِّ‬
‫سماوا ِّ‬ ‫ّلل ُم ْلكُ ال َّ‬
‫َّللا ‪ِّ َّ ِّ ”:‬‬
‫اطلق التنزيل العزيز لفظ “ هو “ على ّ‬
‫ض يَ ْعلَ ُم‬ ‫ت َوفِّي ْاأل َ ْر ِّ‬ ‫سماوا ِّ‬ ‫ِّير “ ”‪َ ( 5 / 120 ) .‬و ُه َو َّ‬
‫َّللاُ فِّي ال َّ‬ ‫ش ْيءٍ قَد ٌ‬‫على ُك ِّّل َ‬ ‫َو ُه َو َ‬
‫ِّس َّر ُك ْم َو َج ْه َر ُك ْم “( ‪. ) 3 / 6‬‬
‫عند ابن العربي ‪:‬‬
‫الهو ‪ :‬اعتبار الذات اإللهية ‪ 1‬من حيث كونها غيبا ‪ .‬لما يتضمنه الضمير ‪:‬‬
‫“ هو “ من اإلشارة إلى غائب ‪ “ ،‬فالهو “ ‪ :‬دليل الذات التي ال تشهد ابدا وهو الحضرة‬
‫االسمائية ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا كأنك تراه ومن هناك تعلم الهو ‪ ،‬فان قلت ‪ :‬وما‬ ‫‪- 1‬الهو ‪ :‬الغيب “ ‪ . . .‬ان تعبد ّ‬
‫الهو ؟ قلنا ‪:‬‬
‫الغيب الذاتي الذي ال يصح شهوده ‪ ،‬فليس ظاهرا وال مظهرا ‪ ( “ . .‬ف ‪/ 2‬‬
‫‪. ) 128‬‬
‫“ ‪ . . .‬قال ‪ :‬األنوار ‪ :‬شهادة ‪ ،‬والحق ‪ :‬نور ‪ .‬ولهذا يشهد ويرى ‪ ،‬واالسرار ‪ :‬غيب‬
‫فلها ‪ :‬الهو ‪ ،‬فال يظهر الهو ابدا ‪ .‬فالحق من حيث الهو ال يشهد وهويته ‪ :‬حقيقته ‪. .‬‬
‫“ ( ف ‪. ) 443 / 4‬‬
‫وَّللا خاصة‬
‫‪- 2‬الهو ‪ :‬الحضرة االسمائية ‪ّ ،‬‬

‫‪1120‬‬
‫“ ‪“ 1121‬‬

‫َّللا ‪ ،‬األسماء ] ‪ ،‬وال هي غيره “ ( فصوص ‪/ 2‬‬ ‫“ وال يقال هي [ الذات ] هو [ ّ‬


‫‪. ) 55‬‬
‫َّللا ‪ . . .‬فإن الهو ‪ :‬كلمة وجودية ‪ ( “ . . .‬المقصد األتم‬ ‫فاّلل ‪ :‬الهو ‪ “ ،‬والهو “ هو ‪ّ :‬‬‫“ ّ‬
‫في اإلشارات ق ‪ 153‬ب ) ‪.‬‬
‫“ فان الهوية معلومة غير مشهودة ‪ ،‬وهي التي ينطلق عليها اسم ‪ :‬الهو “ ( ف ‪/ 2‬‬
‫‪. ) 579‬‬
‫‪- 3‬الهو ‪ :‬دليل الذات اإللهية “ ‪ . . .‬المسامرة التي هي الحديث بالليل ‪ ،‬والليل ‪ :‬غيب‬
‫والذات [ اإللهية ] ‪:‬‬
‫غيب عن الكون ودليلها [ ‪ -‬الذات ] ‪ :‬الهو ‪ ( “ . . .‬األشواق ‪. ) 66‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫معرفة ‪ .‬على أنه قد‬
‫َّللا لذلك تأتي ّ‬ ‫“ ) ‪( 1‬الهو “ يضيفها ابن العربي دائما إلى ّ‬
‫يستعملها أحيانا لالنسان بمعنى ‪ :‬عماء االنسان ‪.‬‬
‫انظر كتاب الياء ص ‪. 13‬‬

‫‪ - 657‬الهوى‬
‫انظر “ حب "‪.‬‬

‫‪ - 658‬الهيبة واألنس‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الهاء والياء والباء كلمة إجالل ومخافة ‪ .‬من ذلك هابه ‪ ،‬يهابه ‪ ،‬هيبة ‪ .‬ورجل‬
‫هيوب ‪ :‬يهاب ك ّل شيء ‪ . . .‬وتهيّبت الشيء ‪ :‬خفته “ ( معجم مقاييس اللغة مادة‬
‫“ هيب “ )‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫غير واردة‬

‫‪1121‬‬
‫“ ‪“ 1122‬‬

‫عند ابن العربي ‪:‬‬


‫“ الهيبة واالنس “ من ثنائيات مقامات التصوف السلوكي يصلهما السالك بعد الخوف‬
‫والرجاء [ مرحلة أولى ] ‪ ،‬والقبض والبسط [ مرحلة ثانية ] ‪. 1‬‬
‫الهيبة ‪ :‬حال عظمة يجدها قلب العبد من تجلي جالل جمال الحضرة له [ للقلب ] ‪ ،‬اما‬
‫االنس ‪ ،‬فقد كان وجوده نفسه وامكاناته مثار جدل عالجناه عند بحث مفرد ‪ :‬انس‬
‫[ فليراجع ] ‪ ،‬وهو حال القلب من تجلي الجمال ‪.‬‬
‫والهيبة واالنس صفتان تالزمان االنسان دنيا وآخرة ألن التجلي اإللهي دائم دنيا‬
‫وآخرة ‪.‬‬
‫‪ - 1‬الهيبة ‪ :‬حال للقلب “ اعلم أن الهيبة حالة للقلب يعطيها اثر تجلي جالل الجمال‬
‫اإللهي لقلب العبد ‪ ،‬فإذا سمعت من يقول إن الهيبة نعت ذاتي للحضرة اإللهية ‪ ،‬فما هو‬
‫قول صحيح ‪ . . .‬وانما هي اثر ذاتي للحضرة إذا تجلى جالل جمالها للقلب ‪ .‬وهي‬
‫عظمة يجدها المتجلي له في قلبه ‪ ،‬إذا أفرطت تذهب حاله ونعته وال تزيل عينه ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ‪. ) 540 / 2‬‬
‫“ فإذا علمت أن الهيبة عظمة وان العظمة راجعة لحال المعظم “ بكسر الظاء “ اسم‬
‫الفاعل ‪ ،‬علمت أنها حال القلب فهو نعت كياني ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 540 / 2‬‬
‫“ واعلم أن الجالل نعت الهي يعطي القلوب هيبة وتعظيما ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 541 / 2‬‬
‫‪ - 2‬االنس ‪ :‬حال للقلب “ ان االنس لدى القوم ما تقع به المباسطة من الحق للعبد وقد‬
‫تكون هذه المباسطة عن الحجاب وعن الكشف ‪ ،‬واالنس حال القلب من تجلي الجمال‬
‫[ ‪ -‬جمال الجالل ] وهو لدى أكثر القوم من تجلي الجمال ‪ ،‬وهو غلط من جملة ما‬
‫غلطوا فيه ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 540 / 2‬‬
‫‪ - 3‬صفة صاحب مجلس الهيبة ‪ ،‬حضوره ‪:‬‬
‫“ لما كانت الهيبة تورث الوقار ‪ [ . . .‬ما يجب ان يتحلى به صاحب مجلس الهيبة ]‬
‫عدم االلتفات ‪ ،‬واشتغال السر بالمشاهد ‪ ،‬وعصمة القلب من الخواطر ‪ ،‬والعقل من‬
‫االفكار ‪ ،‬والجوارح من الحركات ‪ ،‬وعدم التمييز بين الحسن والقبيح ‪ ،‬وأن تكون أذناه‬
‫مصروفتين اليه ‪ ،‬وعيناه مطرقتين إلى األرض ‪ ،‬وعين بصيرته غير مطموسة ‪،‬‬

‫‪1122‬‬
‫“ ‪“ 1123‬‬

‫وجمع الهم وتضاؤله في نفسه ‪ . . .‬ان ال تعطيه [ صاحب المجلس ] المباسطة االدالل‬
‫‪ ،‬فإن جالسه [ ‪ -‬الحق ] بتقييد جهة ‪ ،‬كما كلمه بتقييد جهة ‪ . . . :‬فليكن سمعه‬
‫[ صاحب المجلس ] بحيث قيده [ الحق ] ‪ ،‬فان اطلق [ صاحب المجلس ] سمعه ألجل‬
‫حقيقة أخرى تعطيه عدم التقييد ‪ . . .‬فقد أساء األدب وليس هو في مجلس هيبة ‪ ،‬وال‬
‫يكون صاحب مجلس الهيبة ‪ ،‬صاحب فناء ‪ ،‬لكنه صاحب حضور ‪ 2‬أو‬
‫استحضار ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 105 / 2‬‬

‫‪ - 4‬الهيبة واالنس ‪ :‬دنيا وآخرة “ ثم إن هذه المقامات منها ما يتصف به االنسان في‬
‫الدنيا واآلخرة ‪ :‬كالمشاهدة والجالل والجمال واالنس والهيبة والبسط ‪ ( “ . .‬ف السفر‬
‫‪ - 1‬فق ‪. ) 98‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يقول القشيري في الرسالة ص ‪ [ 214 - 213‬تحقيق عبد الحليم محمود ] ‪:‬‬
‫“ وهما [ الهيبة واالنس ] ‪ :‬فوق القبض والبسط ‪ .‬فكما ان القبض ‪ :‬فوق رتبة‬
‫الخوف ‪.‬‬
‫والبسط ‪ :‬فوق منزلة الرجاء ‪.‬‬
‫فالهيبة ‪ :‬أعلى من القبض واالنس أتم من البسط ‪ . . .‬وحال الهيبة واالنس ‪ ،‬وان جلتا‬
‫‪ ،‬فأهل الحقيقة يعدونهما ‪:‬نقصا لتضمنهما تغير العبد ‪ ،‬فان أهل التمكين سمت أحوالهم‬
‫عن التغير ‪ .‬وهم محو في وجود العين [ ‪ -‬الحق ] فال هيبة لهم وال انس ‪ ،‬وال علم وال‬
‫حس ‪“ .‬‬
‫) ‪( 2‬يخالف ابن العربي هنا القشيري الذي يرى أن ‪:‬‬
‫“ وحق الهيبة ‪ :‬الغيبة فكل هائب غائب ‪ .‬ثم الهائبون ‪ :‬يتفاوتون في الهيبة على حسب‬
‫تباينهم في الغيبة ‪ ،‬وحق االنس ‪ :‬صحو بحق ‪ ،‬فكل مستأنس ‪ :‬صاح ثم يتباينون حسب‬
‫تباينهم في الشرب “ ( الرسالة القشيرية ص ‪ ، 213‬تحقيق د ‪ .‬عبد الحليم محمود )‬

‫‪ – 659‬المهيم‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الهاء والياء والميم كلمة تدل على عطش شديد ‪.‬‬
‫والهيام ‪ :‬داء يأخذ اإلبل عند عطشها فتهيم في األرض ال ترعوي ‪.‬‬
‫جن من العشق فذهب على وجهه [ على ] غير قصد‬‫وبه س ّمي العاشق الهيمان ‪ ،‬كأنه ّ‬
‫“ ‪ ( .‬معجم مقاييس اللغة مادة “ هيم “ ) ‪.‬‬

‫‪1123‬‬
‫“ ‪“ 1124‬‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫وردت في القرآن ‪ ”:‬أ َ لَ ْم ت َ َر أَنَّ ُه ْم ِّفي ُك ِّّل وا ٍد يَ ِّهي ُمونَ ‪. ] 225 / 26 [ “ . . .‬‬
‫عند ابن العربي ‪:‬‬
‫“ الهيمان “ حال يشترك فيه “ الكروبيون “ من المالئكة ‪ ،‬و “ االفراد “ من جنس‬
‫البشر ‪.‬‬
‫فهم الذين هيّمهم الحق عن كل ما عداه فال يلتفتون إلى غيره ‪ ،‬بل ليس في طاقتهم‬
‫النظر إلى سواه حتى أنفسهم ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا وجالله ‪ ،‬الخارجون‬
‫“ فاالفراد ‪ ،‬في المالئكة ‪ [ ،‬هم ] المالئكة المهيّمون في جمال ّ‬
‫سخرة “ و “ المدبّرة “ اللذين هما في “ عالم التدوين والتسطير “ ‪.‬‬ ‫عن االمالك “ الم ّ‬
‫وهم من “ القلم “ و “ العقل “ إلى ما دون ذلك ‪ ( “ . . .‬ف السفر ‪ - 3‬فق ‪) 1 - 216‬‬
‫“ واعلم أن العالم المهيّم ال يستفيد من العقل األول شيئا ‪ ،‬وليس له [ اي للعقل األول ]‬
‫على المهيّمين سلطان ‪ ،‬بل هم وإياه في مرتبة واحدة ‪ ( “ . . .‬ف سفر ‪ - 2‬فق‬
‫‪. ) 79‬‬

‫فالمهيمون من المالئكة خارجون عن نظر العقل األول ‪ ،‬وهم في مرتبته ‪ ،‬كما هو‬
‫الحال في “ االفراد “ بالنسبة للقطب صاحب الوقت ‪ .‬انظر “ افراد‪“ .‬‬

‫‪1124‬‬
‫“ ‪“ 1125‬‬

‫حرف الواو‬
‫و‬

‫‪1125‬‬
“ 1126 “

1126
‫“ ‪“ 1127‬‬

‫‪ - 660‬وتد‬
‫انظر “ رجل “ وخاصة البيان رقم ( ‪) 1‬‬

‫الذرية‬
‫‪ - 661‬ميثاق ‪ -‬ميثاق ّ‬
‫المترادفات ‪ :‬ايمان الذر ‪ -‬قبضة الذرية ‪ -‬الميثاق األول ‪ -‬فطرة “ بلى “ ‪ -‬الميثاق‬
‫الخالص لنفسه ‪.‬‬

‫في اللغة ‪:‬‬


‫“ الواو والثاء والقاف كلمة تدل على عقد وإحكام ‪ .‬ووثّقت الشيء ‪:‬‬
‫أحكمته ‪ . . .‬والميثاق ‪ :‬العهد المحكم ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة مادة “ وثق “ )‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫الميثاق هو العهد المحكم ‪:‬‬
‫ب َو ِّح ْك َم ٍة“ (آل عمران ‪:‬‬
‫َّللاُ ِّميثاقَ النَّبِّ ِّيّينَ لَما آت َ ْيت ُ ُك ْم ِّم ْن ِّكتا ٍ‬ ‫قال تعالى ‪َ ” :‬وإِّ ْذ أ َ َخذَ َّ‬
‫‪.)81‬‬
‫َّللا َوال يَ ْنقُضُونَ ْال ِّميثاقَ “ ( الرعد‪.) 20 :‬‬ ‫قال تعالى ‪” :‬الَّذِّينَ يُوفُونَ ِّبعَ ْه ِّد َّ ِّ‬
‫َّللا ِّم ْن بَ ْع ِّد ِّميثاقِّ ِّه“ ( الرعد‪. ) 25 :‬‬ ‫ع ْه َد َّ ِّ‬ ‫قال تعالى ‪َ ” :‬والَّذِّينَ يَ ْنقُضُونَ َ‬

‫عند ابن العربي ‪:‬‬


‫ور ِّه ْم ذُ ِّ ّريَّت َ ُه ْم ‪.‬‬ ‫احتلت آية الميثاق قال تعالى ‪َ ” :‬و ِّإ ْذ أ َ َخذَ َرب َُّك ِّم ْن بَنِّي آ َد َم ِّم ْن ُ‬
‫ظ ُه ِّ‬
‫ش ِّه ْدنا “ ( األعراف ‪– ) 172 :‬‬ ‫على أ َ ْنفُ ِّس ِّه ْم ‪ .‬أ َ لَ ْستُ ِّب َر ِّبّ ُك ْم ‪ .‬قالُوا ‪ :‬بَلى َ‬
‫َوأ َ ْش َه َد ُه ْم َ‬
‫مكانا مرقوما في الفكر الصوفي ‪،‬‬
‫فقد أقام الجنيد شيخ الطائفة بنيان تصوفه النظري والسلوكي عليها ‪.‬‬
‫فهذه اآلية تدل داللة واضحة عنده على وجود لالنسان يكون فيه ‪ :‬موجودا لربه فقط‬
‫‪ ،‬مفقودا لكل ما عداه ‪.‬‬
‫فمن الناحية‬

‫‪1127‬‬
‫“ ‪“ 1128‬‬

‫السلوكية أضحى السلوك الصوفي لديه محاولة للعودة باالنسان ‪ ،‬إلى هذه الحالة التي‬
‫كان عليها قبل ان يوجد لنفسه ‪ . . .‬إلى حالة الميثاق ‪.‬‬
‫ومن الناحية النظرية ‪:‬‬
‫الميثاق هو األساس الذي فسر على ضوئه نظريته في الفناء والتوحيد واأللوهية ‪. 1‬‬
‫ولم يكن ابن العربي غريبا على األهمية التي طرحتها آية الميثاق في الفكر الصوفي ‪.‬‬

‫فهو وإن لم يجعلها أساسا في بنية تصوفه الفكري والسلوكي ‪ ،‬فقد تبناها ‪ ،‬جاعال حالة‬
‫العبد في الميثاق بما يميزها من االقرار بالربوبية ‪:‬الفطرة التي يولد عليها االنسان ‪.‬‬
‫وهي فطرة “ بلى “ كما يسميها ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫‪- 1‬الميثاق ‪ :‬االقرار بالربوبية ‪ ،‬والشهادة على النفس بها ‪.‬‬
‫“ انه ال يذكرهم اال بحال اقرارهم بربوبيته تعالى ‪ ،‬عليهم ‪ ،‬حين قبض الذرية من‬
‫ظهور آدم في الميثاق األول “ ( ف ‪. ) 388 / 2‬‬
‫“ كما اخذ الميثاق على بني آدم قبل ايجاده أجسامهم “ ( ف ‪. ) 135 / 1‬‬
‫“ واما الذين اسودت وجوههم ‪ ،‬يقال لهم ‪ :‬أكفرتم بعد ايمانكم ‪ .‬تذوقوا العذاب بما كنتم‬
‫تكفرون ‪ .‬ولم يكن لهم ايمان تقدم اال ايمان الذر ‪ .‬زمان االخذ من الظهر ‪ ،‬فنسي ذلك‬
‫العقد ‪ ،‬لما قدم العهد “ ( ف ‪. ) 349 / 4‬‬
‫اقر له بذلك في قبضة الذرية ‪. . .‬‬
‫“ وتخليص عبوديته [ العبد ] ّّلل من غيره ‪ ،‬كما ّ‬
‫“ ( ف ‪. ) 378 / 3‬‬
‫“ ‪ . . .‬وقبض الحق على ظهره [ آدم ] واستخرج منه كأمثال الذر ‪ ،‬يعني بنيه ‪،‬‬
‫اشهدهم على أنفسهم كما جاء في القرآن فشهدوا “ ( ف ‪. ) 58 / 4 -‬‬

‫‪- 2‬ميثاق الذرية ‪ :‬اقرار بالربوبية وليس بالتوحيد “ لذلك اشهدهم على أنفسهم الست‬
‫بربكم ‪ ،‬قالوا بلى ‪ ،‬ولم يقل لهم الست بواحد ‪ ،‬لعلمه بأنه إذا اوجدهم اشرك بعضهم‬
‫ووحد بعضهم ‪ ،‬واجتمعوا في اإلقرار بالربوبية له ‪ ،‬وزاد المشرك الشريك “ ( ف ‪2 -‬‬
‫‪. ) 247 /‬‬
‫‪- 3‬ميثاق الذرية ‪ -‬فطرة “ بلى “‬

‫‪1128‬‬
‫“ ‪“ 1129‬‬

‫َّللا عليه وسلم ‪ :‬كل مولود يولد على الفطرة وهو الميثاق‬ ‫“ ‪ . . .‬وهو قوله صلّى ّ‬
‫الخالص لنفسه ‪ ،‬الذي ما ملكه أحد غصبا فاستخلص منه ‪ ،‬بل لم يزل خالصا لنفسه‬
‫“ ( ف ‪) 57 / 4 -‬‬
‫‪- 4‬أهمية تجلي الحق في الصورة التي اخذ على خلقه الميثاق بها في االقرار ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬فلو تجلى [ تعالى ] لهم [ للخلق ] في الصورة التي أخذ عليهم الميثاق فيها ‪ ،‬ما‬
‫أنكره أحد ‪.‬‬
‫تحول لهم في الصورة التي اخذ عليهم فيها الميثاق ‪ ،‬فأقروا به ‪،‬‬ ‫فبعد وقوع االنكار ‪ّ ،‬‬
‫ألنهم عرفوه ‪ ،‬ولهم ادالل اقرارهم “ ( ف ‪. ) 465 / 3‬‬
‫انظر “ اله المعتقدات “‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬انظر رسائل الجنيد نشر ‪ :‬علي حسن عبد القادر ‪.‬‬
‫كما يراجع في موضوع الميثاق ‪:‬‬
‫‪-‬كتاب الرياضة للحكيم الترمذي ص ‪40‬‬
‫‪-‬الدرة الفاخرة الغزالي ص ‪119‬‬
‫‪-‬اليواقيت والجواهر ج ‪ 1‬ص ‪. 102‬‬

‫‪ - 662‬وثيقة الحق ‪:‬‬


‫صلت حقوقه تعالى على عباده ‪ ،‬والحقوق‬ ‫وثائق الحق ‪ :‬هي الكتب اإللهية ‪ ،‬التي ف ّ‬
‫التي كتبها على نفسه تجاههم ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬والكتب اإللهية ‪ :‬وثائق الحق على عباده ‪ ،‬وهي كتب مواصفة وتحقيق ‪:‬‬
‫بما له عليهم ‪ ،‬وما لهم عليه مما أوجبه على نفسه لهم ‪ ،‬فضال منه ومنّة ‪ ،‬فدخل معهم‬
‫في العهدة فقال ‪ ”:‬أ َ ْوفُوا ِّبعَ ْهدِّي أ ُ ِّ‬
‫وف ِّبعَ ْه ِّد ُك ْم ‪[ 2 / 40 ] “ .‬‬
‫( ف ‪. ) 406 / 2‬‬
‫“ ‪ . . .‬والوثيقة التي بيننا [ المخلوقات ] وبينه [ تعالى ] ‪ :‬وثيقة مواصفة ‪ ،‬فما له‬
‫فليس لنا ‪ ،‬وما ليس له فهو لنا ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 382 / 4‬‬

‫‪1129‬‬
‫“ ‪“ 1130‬‬

‫‪ - 663‬الوجد‬
‫انظر “ الوجود “ المعنى األول‬

‫‪ – 664‬الوجود‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الواو والجيم والدال ‪ :‬يدل على أصل واحد ‪ ،‬وهو الشيء يلفيه ‪ .‬ووجدت الضالة‬
‫وجدانا ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة مادة “ وجد “ )‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫ورد األصل “ وجد “ بصيغة الفعل الماضي والحاضر والمستقبل ‪ ،‬اما المصدر‬
‫“ الوجود “ فال نجد له ذكرا في القرآن ‪ .‬كما أنه لم يأخذ اي معنى اصطالحيا بل حافظ‬
‫على مضمونه اللغوي السابق ‪:‬‬
‫راب َو َج َد ِّع ْن َدها ِّر ْزقا ً ‪“( 3 / 37 ) .‬‬ ‫علَيْها زَ َك ِّريَّا ْال ِّم ْح َ‬‫”) ‪ُ ( 1‬كلَّما َد َخ َل َ‬
‫َّللا أ َ َح ٌد َولَ ْن أ َ ِّج َد ِّم ْن دُو ِّن ِّه ُم ْلت َ َحدا ً ‪“( 72 / 22 ) .‬‬ ‫”) ‪( 2‬قُ ْل ِّإ ِّنّي لَ ْن يُ ِّج َ‬
‫ير ِّني ِّمنَ َّ ِّ‬
‫ْصي لَ َك أ َ ْمرا ً “( ‪. ) 69 / 18‬‬ ‫َّللاُ صابِّرا ً َوال أَع ِّ‬ ‫ست َ ِّج ُدنِّي إِّ ْن شا َء َّ‬
‫”) ‪( 3‬قا َل َ‬

‫عند ابن العربي ‪: 1‬‬


‫*لقد تكلم ابن العربي على الوجود بلغة التجربة الصوفية والمقامات ‪.‬يقول عن طبقة‬
‫انهم ‪ “ :‬أهل الوجود “ أو “ أهل الكشف والوجود “ ‪ ،‬ويريد بذلك الذين يجدون الحق‬
‫في وجدهم ‪ ،‬فالسماع يوصل الواحد منهم إلى الوجد الذي ال يكون صحيحا حقيقيا ‪ ،‬اال‬
‫بوجود الحق فيه وجودا ذا كيفية مجهولة ‪.‬‬

‫وعلى ضوء هذه النظرة إلى الوجود نستطيع ان نفهم جمل ابن العربي أمثال ‪:‬‬
‫“ ما حصل على الوجود اال من زهد في الموجود “ ( ف ‪. ) 378 / 4‬‬
‫فالوجود هنا مقام قابل للتحصيل ثمنه الزهد في الموجود ‪ ،‬بمعنى الموجودات اي كل‬
‫َّللا‪.‬‬
‫ما سوى ّ‬

‫‪1130‬‬
‫“ ‪“ 1131‬‬

‫يقول الشيخ األكبر في الوجود بهذا المعنى ‪:‬‬


‫“ فالرسالة ‪ . . .‬هي التي ارسل بها [ الرسول ] وبلّغها ‪ . . .‬وال يقبلها الرسول اال‬
‫بوساطة روح قدسي امين ‪ ،‬ينزل بالرسالة على قلبه ‪ .‬وأحيانا يتمثل له الملك رجال ‪،‬‬
‫وكل وحي ال يكون بهذه الصفة ال يسمى ‪ :‬رسالة بشرية ‪ ،‬وانما يسمى ‪ :‬وحيا ‪ ،‬أو‬
‫الهاما ‪ ،‬أو نفثا أو القاء ‪ ،‬أو وجودا “ ‪ ( . . .‬ف ‪. ) 258 / 2‬‬
‫“ ان الوجود ‪ . . . :‬وجدان الحق في الوجد ‪،‬‬
‫يقولون ‪ :‬إذا كنت صاحب وجد ‪ ،‬ولم يكن في تلك الحال الحق مشهودا لك ‪ ،‬وشهوده‬
‫هو الذي يفنيك عن شهودك ‪ ،‬وعن شهودك الحاضرين ‪ ،‬فلست بصاحب وجد ‪.‬‬
‫إذ لم تكن صاحب وجود للحق فيه ‪.‬‬
‫واعلم أن وجود الحق في الوجد ما هو معلوم ‪ [ . . .‬بل هو ] فيه على نعت‬
‫مجهول ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 538 / 2‬‬
‫“ ‪ . . .‬فمن ادعى سماع االيقاع في االسماع وماله وجود ‪ ،‬فهو من أهل الحجاب‬
‫والمحجوب مطرود ‪ .‬هل ظهر عن “ كن “ إال الوجود ‪.‬‬
‫وهذا سار في كل موجود ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 368 / 4‬‬

‫نالحظ في النص األخير ان الحاتمي ينتقل ‪:‬‬


‫من الوجود الحاصل في الوجد الناتج عن السماع ‪ ،‬إلى الوجود الحاصل في التعين‬
‫الخارجي الناتج عن كلمة الحضرة “ كن “ ‪. 2‬‬
‫انتقال المنتقل ضمن الموضوع الواحد المترتبة نتائجه عن مقدماته ‪ ،‬فما هي الموازاة‬
‫التي يقيمها الشيخ األكبر حتى يتسنى له ذاك المزج ؟‬
‫ان الوجود الحاصل في الوجد نتج عن السماع ‪ ،‬كما نتج الوجود الحاصل في التعين‬
‫الخارجي عن السمع ‪ ،‬اي عن سمع الممكن امر الحق بلفظ “ كن “ ‪.‬‬

‫فالسمع يوازي السماع ‪ .‬والوجود في الوجد ‪ ،‬يقابل الوجود في العين الخارجية ‪.‬‬
‫سماع ‪ -‬وجد ‪ -‬وجود‬
‫سمع ‪ -‬وجود ‪ -‬تعين خارجي ‪.‬‬
‫****‬
‫استعمل ابن العربي لفظ “ الوجود “ للداللة على تعين االشخاص في الوجود الخارجي‬
‫في مقابل عالم الثبوت ‪، 3‬‬
‫وبذلك يكون الوجود هنا هو العالم المحسوس في مقابل العالم المعقول [ ثبوت ] ‪.‬‬

‫يقول الشيخ األكبر ‪:‬‬


‫“ ‪ . . .‬فان األلم في الثبوت ما هو في عين المتألم وانما هو في عينه [ عين‬
‫األلم ] ‪ . . .‬وسبب ذلك ان الثبوت بسيط مفرد غير قائم شيء بشيء ‪ ،‬وفي‬

‫‪1131‬‬
‫“ ‪“ 1132‬‬

‫الوجود ليس اال التركيب فحامل ومحمول ‪ . . .‬فالمجاورة في الثبوت حلول في الوجود‬
‫“ ( ف ‪. ) 81 / 4‬‬
‫“ وقد صح وصفه بالعدم والوجود معا في زمان واحد ‪ 4‬هذا هو الوجود اإلضافي ‪5‬‬
‫والعدم مع ثبوت العين “ ( انشاء الدوائر ص ‪) 7‬‬
‫****‬
‫قدمنا النقطتين السابقتين في بحث الوجود ‪ ،‬ألنهما يشكالن موقفا جانبيا بالنظر إلى ما‬
‫قدّمه شيخنا األكبر ‪ ،‬إلى حصيلة الفكر االنساني في موضوع “ الوجود “ ‪.‬‬

‫وللوقوف على حقيقة نظرته إلى الوجود ‪ ،‬نضع بين يدي القارئ النقاط التالية ‪ ،‬التي‬
‫تسمح له برؤية طبيعة نظرة الشيخ األكبر ‪ ،‬هذه النظرة التي انفرد بأسبقية القول بها‬
‫بأسلوب منطقي مترابط ‪.‬‬

‫‪- 1‬الوجود والجنس ‪:‬‬


‫لم يجعل ابن العربي الوجود جنسا يتحقق باشخاصه ‪ ،‬وال يوجد خارجا عنهم ‪ ،‬بل على‬
‫النقيض من ذلك جعل الوجود عكس الجنس ‪:‬‬
‫الجنس ‪ :‬وحدته اعتبارية وكثرته حقيقية ‪ ،‬كما أنه ال يوجد خارج أعيان اشخاصه ‪،‬‬
‫في حين ان الوجود ‪ :‬وحدته حقيقية وكثرته اعتبارية وال يتحدد وجوده بوجود‬
‫اشخاصه ‪.‬‬
‫فالوجود وتعيناته يجب ان يفهما على النقيض من الجنس واشخاصه ‪.‬‬

‫يقول البرزنجي في شرح جملة ابن العربي التي ترد في النص التالي ‪:‬‬
‫ي الصفات واألسماء ‪ : 6‬أي وحدته ذاتية وكثرته‬ ‫ي الذات كل ّ‬
‫“ اسم الجاللة احد ّ‬
‫اعتبارية ‪ ،‬فهو عين كل من تعيناته من حيث الظهور فقط ‪ . . .‬ال من حيث الحقيقة ‪.‬‬

‫إذ الحقيقة ‪ :‬ذاتية ‪ ،‬وعينه تعني تعينه الخارجي ‪ :‬اعتبارية ‪ . . .‬فهو عكس‬
‫الجنس ‪ . . .‬بيانه ان الجنس اعتباري الوحدة والذات ‪ ،‬ذاتي الكثرة والتعينات ‪ ،‬فهو‬
‫عين كل من تعيناته ‪ ،‬بذاته ‪.‬‬
‫والحقيقة ال يعين في نفسه اال اعتباريا ذهنيا فقط فمن قال ‪ :‬الوجود عين تعيناته‬
‫بالحقيقة فقد التبس عليه االمر لعدم الفرق بين التعينين ‪.‬‬

‫ي الوجود والجنس من اللبس الخفي ‪ . . .‬فالوجود ‪:‬‬ ‫ولما بين حكم ّ‬


‫ذاتي ‪ ،‬وتعيناته ‪ :‬اعتبارية ‪ ،‬والكلي ‪ :‬اعتباري ‪ ،‬وتعيناته ‪ :‬ذاتية‪.‬‬
‫فافترقا من حيث الحقيقة والعين يعني التعين ‪ .‬واتحدا من حيث الوحدة في الكثرة‬
‫والكثرة في‬

‫‪1132‬‬
‫“ ‪“ 1133‬‬

‫الوحدة ‪. . . “ 7‬‬
‫اذن الوجود عند ابن العربي ليس جنسا اشخاصه الموجودات ‪.‬‬

‫‪- 2‬الوجود بين القدم والحدوث ‪:‬‬


‫لقد درجت الفلسفة وعلم الكالم على التفريق بين وجود القديم ووجود الحادث ‪ ،‬ولكن‬
‫الشيخ األكبر لم يتابع هذا الخط ‪ ،‬بل نجده يقف الوجود على القديم وينفي وجود‬
‫الحادث ‪.‬‬

‫اذن ليس هناك وجود حادث بل هناك موجودات حادثة ‪. 8‬‬


‫وهنا يفرق بين الوجود والموجود ‪ . 9‬فالموجودات ليست موجودة بوجود حادث ‪ ،‬بل‬
‫هي موجودة بالحق ‪.‬‬
‫اما وجود خاص فليس لها ذلك ‪ .‬وبكالم آخر ‪ ،‬فالموجودات ليس لها وجود ‪ ،‬بل هي‬
‫ثابتة في العدم لم تفارقه ‪ ،‬وقد يطلق ابن العربي على الموجودات أحيانا صفة الوجود ‪،‬‬
‫ولكن يجب ان نفهم اطالقه هذا محض اشتراك لفظي ال معنوي ‪.‬‬
‫فالوجود للحق والعدم للممكن ‪ .‬ومن هنا برزت كل الصفات التي الحقها بلفظ الوجود ‪،‬‬
‫لتعبر عن وجود الممكن ‪ ،‬في مقابل الوجود الحقيقي ‪ ،‬أو الوجود المطلق والصرف‬
‫الذي هو للحق ‪.‬‬
‫مثال ‪:‬‬
‫الوجود الخيالي ‪ ، 10‬الوجود اإلضافي ‪ ،‬الوجود المقيد ‪ ،‬الوجود االمكاني ‪ ،‬الوجود‬
‫المستفاد ‪ ،‬الوجود المستعار ‪ ،‬الوجود المجاز ‪ .‬وما إلى ذلك من عبارات تدل على‬
‫طبيعة وجود الممكن ‪ ،‬وهكذا تخلص ابن العربي من مشكلة وجود المخلوقات ‪ ،‬بان‬
‫جعلها ثابتة في العدم لم تفارقه ‪ ،‬واضعا إياها أمام افتقارها الدائم المستمر إلى الحق ‪،‬‬
‫من حيث إنه خالق على الدوام [ راجع “ خلق جديد “ ] ‪.‬‬
‫ويكون وجودها هو وجود الحق ليس إال ‪. 11‬‬

‫يقول ‪:‬‬
‫( أ ) الوجود للحق والعدم للممكن ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬ليس اال وجود الحق ‪ ،‬والموصوف باستفادة الوجود هو على أصله ‪ ،‬ما انتقل‬
‫من إمكانه ‪ ،‬فحكمه باق وعينه ثابتة ‪ . . . 12‬فقبل التكوين ‪ 13‬وما هو عندنا قبول‬
‫للتكوين كما هو عندك ‪ ،‬وإنما قبوله للتكوين ان يكون ‪ :‬مظهرا للحق ‪ ،‬فهذا معنى‬
‫قوله ‪ “ :‬فيكون “ ‪ ، 14‬ال انه استفاد وجودا ‪ ،‬وانما استفاد حكم المظهرية ‪ . . .‬فهو‬
‫[ تعالى ] عين كل شيء في الظهور ‪ ،‬ما هو عين األشياء في ذواتها سبحانه وتعالى ‪،‬‬
‫بل هو هو ‪ ،‬واألشياء أشياء ‪ ( “ . . .‬ف ‪.)2 / 484‬‬

‫‪1133‬‬
‫“ ‪“ 1134‬‬

‫“ ويتطرق إليهم [ المخلوقات ] ‪ ،‬األفول والشروق ‪ ،‬والتغير والبطالن ‪ ،‬والتنقل من‬


‫حالة إلى حالة ابدا ‪َ ”،‬كما بَ َدأ َ ُك ْم تَعُودُونَ ‪ “[ 7 / 29 ] .‬فهم الموجودن بغيرهم ‪،‬‬
‫والوجود لهم عارية ومجاز ومستعار ‪ ،‬ولو كان الوجود لهم حقيقة ألشبه وجود الحق‬
‫ش ْيءٍ ها ِّل ٌك ِّإ َّال َو ْج َههُ‬‫َّللا باطل ‪ ،‬و” ُك ُّل َ‬
‫َّللا علوا كبيرا ‪ .‬اال كل شيء ما خال ّ‬ ‫تعالى ّ‬
‫“[ ‪ ] 88 / 28‬جل جالله ‪ .‬فبهذا تفهم انه ال يسع مع وجوده تعالى شيء البتة ‪ ،‬الن‬
‫البطالن يتطرق إلى األشياء مع الخطرات ‪.‬‬
‫والذي استفاد الممكنات من الحق تعالى ‪ ،‬انما هو شروق شمس االيجاد عليهم ‪ ،‬ولو‬
‫أمسك تجديد االيجاد عنهم طرفة عين ‪ ،‬النعدموا بال زمان في أسرع من طرف العين‬
‫“ ‪ ( .‬التذكرة فقرة ‪) 47‬‬
‫( ب ) الوجود ‪ -‬الحق “ ‪ . . .‬الحق عين الوجود “ ( ف ‪. ) 193 / 4‬‬
‫َّللا “ ( فصوص ‪. ) 73 / 1‬‬ ‫وباّلل ‪ ،‬بل هو ّ‬
‫ّ‬ ‫“ ‪ . . .‬الكل ّّلل‬
‫“ الحق هو ‪ :‬الوجود ‪ ،‬واألشياء ‪ :‬صور الوجود “ ( ف ‪. ) 100 / 4‬‬
‫” ان الوجود لحرف أنت معناه *** وليس لي امل في الكون اال هو‬
‫َّللا أكبر ال شيء يماثله *** وليس شيء سواه بل هو إياه‬ ‫ّ‬
‫َّللا “‬
‫فما ترى عين ذي عين سوى عدم *** فصح ان الوجود المدرك ّ‬
‫( ف ‪) 321 - 320 / 2‬‬
‫يتضح مما تقدم طبيعة نظرة شيخنا األكبر إلى الوجود ‪ ، 15‬تلك النظرة التي دفعت‬
‫الباحثين فيه إلى تصنيفه ضمن تيار القائلين بوحدة الوجود في الفكر االنساني ‪ ،‬على‬
‫ما في موقفه من تعارض مع هذه التيارات ‪.‬‬
‫ونرجع القارئ هنا إلى عبارة “ وحدة الوجود “ منعا لكل تكرار ‪.‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬الكالم في الوجود يحتاج إلى بيان معنى الوجود أوال ‪ ،‬الذي يتلخص في أن‬
‫الوجود مطلقا نعني سواء أكان صفة للقديم أم كان صفة للحادث ‪ ،‬هل هو عين الذات‬
‫الموجودة أو هو غير الذات ؟ وقد اختلف العلماء في هذه المسألة ‪ :‬فذهب أبو الحسن‬
‫األشعري إلى أن الوجود هو نفس الذات ‪ .‬وعلى هذا ال يقال ‪ :‬ان الوجود صفة ‪ ،‬الن‬
‫الصفة اسم لالمر الزائد على الموصوف ‪ ،‬وعلى هذا يكون عند المتكلمين الوجود من‬
‫الصفات الواجبة له تعالى مشتمال على‬

‫‪1134‬‬
‫“ ‪“ 1135‬‬
‫َّللا تعالى لفظا بما يشتق من‬‫شيء من التسامح ‪ .‬وسببه انهم رأوا انه يصح وصف ذات ّ‬
‫َّللا موجودة “ ‪ ،‬فلما رأوا ان الوجود يكون وصفا في اللفظ‬ ‫الوجود ‪ ،‬فيقال “ ذات ّ‬
‫َّللا تعالى عالم ‪ ،‬وقادر “ ‪ ،‬أطلقوا لفظ الصفة على‬
‫كالصفة الحقيقية في نحو قولنا “ ّ‬
‫الوجود تشبيها له بها ‪ .‬والمراد انه تجوز ‪ ،‬حيث شبهوا الوجود بالصفة الحقيقية كالعلم‬
‫والقدرة ‪ ،‬مع أن كالمنهما يقع صفة في اللفظ ‪.‬ويشرح عبد السالم بن إبراهيم الوجود‬
‫كما ورد في جوهرة التوحيد قائال ( “ فوجب له [ للحق ] ) صفة نفسية هي ( الوجود )‬
‫الذاتي بمعنى انه وجد لذاته ال لعلة ‪ ،‬والمراد بالصفة النفسية صفة ثبوتية يدل الوصف‬
‫بها على نفس الذات دون معنى زائد عليها ‪ ( “ . . .‬ص ص ‪. ) 69 - 68‬‬
‫وقال قوم منهم الرازي ‪ :‬الوجود امر زائد على الذات على معنى انه صفة ثابتة في‬
‫الخارج ‪ ،‬لكنها لم تصل إلى درجة الموجودات التي تشاهد وتحس ‪ .‬فهي واسطة بين‬
‫الموجود الخارجي والمعدوم ‪ .‬وهذا الفريق أثبت واسطة بين الموجود والمعدوم ‪،‬‬
‫وسمي هذه الواسطة حاال ‪.‬‬
‫فاالقسام عنده ثالثة ‪ :‬معدوم ‪ ،‬وموجود ‪ ،‬وحال ‪.‬‬
‫اما الفريق األول فليس عنده اال قسمان ‪ :‬الموجود والمعدوم ‪.‬‬
‫وقد استدل القائلون بان الوجود عين الموجود بحجج كثيرة نجتزىء منها دليلين ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬قالوا لو كان الوجود امرا زائدا على الموجود لكان حال هذا الوجود الزائد ال‬
‫يخلو عن أحد امرين ‪ :‬اما ان يكون موجودا ‪ .‬واما ان يكون معدوما ‪ .‬فإن كان موجودا‬
‫انتقل الكالم إلى وجوده ‪ ،‬وهكذا ‪ .‬فيلزم عليه الدور أو التسلسل ‪ ،‬وكالهما باطل ‪ .‬وان‬
‫كان معدوما لزم اتصاف الشيء الذي هو الوجود بنقيضه ‪ .‬فيقال “ الوجود معدوم‬
‫“ وذلك محال ‪.‬‬
‫والثاني ‪ :‬قالوا لو كان الوجود امرا زائدا على الذات عارضا لها لكانت الذات من‬
‫حيث هي غير موجودة ‪ ،‬على معنى انها ‪ -‬حينئذ ‪ -‬تكون معروضة للوجود صالحة له‬
‫خيالة عنه ‪ ،‬فتكون معدومة فإذا قلت “ الذات موجودة “ كنت قد وصفت المعدوم‬
‫بالوجود ‪ ،‬وهذا تناقض ‪ .‬وقد استدل القائلون بان الوجود امر زائد على الذات بأدلة‬
‫نذكر منها واحدا قالوا ‪ :‬ان ذاته تعالى غير معلومة لنا ‪ ،‬وان وجوده سبحانه معلوم‬
‫لنا ‪ .‬وهذا قياس من الشكل الثاني ‪ .‬ونتيجته “ ان ذاته تعالى غير وجوده ‪“ .‬‬
‫هذا وقد قالت الفالسفة ‪:‬‬
‫ان الوجود غير الموجود في الحادث ‪ .‬واما في القديم فوجوده عينه ‪.‬‬
‫ألنه تعالى واجب الوجود ‪ ،‬وهو واحد من كل وجه فلو كان وجوده غيره لتكثر ‪ ،‬الن‬
‫الموصوف يتكثر عندهم بكثرة الصفات ‪ ،‬وذلك يؤدي إلى التركيب المؤدي إلى‬
‫االمكان ‪ ،‬وهو مناف للوجود ‪.‬‬
‫وقالت الكرامية ‪ :‬الوجود صفة معنى كالقدرة واإلرادة ‪.‬‬
‫راجع شرح جوهرة التوحيد ‪ .‬محمد محي الدين عبد الحميد ص ص ‪71 - 69‬‬
‫( الحاشية رقم ‪.) 1‬‬

‫‪1135‬‬
‫“ ‪“ 1136‬‬

‫) ‪( 2‬راجع “ كن “ ) ‪( 3‬راجع “ ثبوت “‬


‫) ‪( 4‬وهو زيد الموجود في عينه ‪ ،‬موجود في السوق معدوم في الدار ‪ ،‬فهو‬
‫موصوف بالوجود والعدم معا في زمان واحد ‪.‬‬
‫) ‪( 5‬راجع المعنى “ الثالث “ التالي للوجود ‪.‬‬
‫ي بالذات كل باألسماء “ ( فصوص‬ ‫َّللا احد ّ‬
‫) ‪( 6‬يقول ابن العربي ‪ . . . “ :‬ان مسمى ّ‬
‫الحكم ج ‪ 1‬ص ‪. ) 90‬‬
‫) ‪( 7‬الجاذب الغيبي ق ‪319‬‬
‫) ‪( 8‬يقول ابن العربي ‪ . . . “ :‬الموجودات وأصنافها وهي على اقسام ‪) 1 ( . :‬‬
‫َّللا تعالى ‪) 2 ( . . .‬‬
‫وجود مطلق ال يعقل ماهيته وال يجوز عليه الماهية ‪ . . .‬وهو ّ‬
‫موجود مجرد عن المادة وهي العقول المفارقة الروحانية القابلة للتشكيل‬
‫والتصوير ‪ . . .‬وهي المعبر عنها بالمالئكة ) ‪ . . . ( 3‬موجود يقبل التحيز والمكان‬
‫وهي االجرام واألجسام ‪ ) 4 ( . . .‬موجود ال يقبل التحيز بذاته ولكن يقبله‬
‫بالتبعية ‪ . . .‬وهي االعراض ( “ ‪ . . .‬انشاء الدوائر ص ‪ ) 20‬نالحظ كيف ان ابن‬
‫َّللا استعمل لفظ “ الوجود “ وعندما أشار إلى كل ما سواه‬ ‫العربي عندما تكلم على ّ‬
‫اطلق لفظ “ موجود ‪“ .‬‬
‫) ‪( 9‬يرى النابلسي ان المتكلمين خلطوا بين وجود وموجود ‪ .‬راجع “ ايضاح‬
‫المقصود “‬
‫) ‪( 10‬يقول البرزنجي في الجاذب الغيبي ق ‪: 326‬‬
‫َّللا‬
‫“ فال وجود حقيقي ال يقبل التبديل اال ذات الحق تعالى ‪ ،‬فما في الوجود المحقق اال ّ‬
‫تعالى واما ما سواه ففي الوجود الخيالي ‪ .‬فكل ما سوى الحق فهو في مقام االستحالة‬
‫فال شيء ‪ ،‬سوى ذات الحق ‪ ،‬على حالة واحدة ‪ .‬بل يتبدل من صورة إلى صورة دائما‬
‫ابدا وليس الخيال اال هذا “ ‪. . .‬‬
‫) ‪( 11‬راجع “ ايضاح المقصود “ النابلسي ) ‪( 12‬راجع “ ثبوت “‬
‫) ‪( 13‬اي قبل الممكن التكوين في قوله “ كن فيكون “‬
‫) ‪( 14‬إشارة إلى اآليات ‪، 40 / 16 ، 73 / 6 ، 59 / 3 ، 47 / 3 ، 117 / 2 :‬‬
‫‪. 68 / 4 ، 82 / 36 ، 35 / 19‬‬
‫) ‪( 15‬يراجع بشأن وجود عند ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪ ( 70‬الوجود المقيد ) ‪ ( 368 ،‬الوجد ) ‪537 - 535 ،‬‬
‫( التواجد والوجود ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪ ( 46‬المعلومات ‪ : 3‬الوجود المطلق ‪ ،‬العدم المطلق ‪ ،‬الممكن )‬
‫‪ ( 313 ،‬الوجود ) ‪ ( 344 ،‬الوجود ) ‪ ( 361 ،‬الوجود ‪ :‬ظهور الموجود في عينه )‬
‫‪ ( 396 ،‬الوجود‬

‫‪1136‬‬
‫“ ‪“ 1137‬‬

‫والثبوت ) ‪ ( 430 ،‬الوجود الوجودي ‪ ،‬الوجود االمكاني ) ‪ ( 462 ،‬الموجود‬


‫األول ) ‪ ( 511 ،‬الوجود ‪) .‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ص ‪ ( 71 - 70‬الوجود والوجد ) ‪ ( 82 ،‬الوجود والوجد ) ‪،‬‬
‫‪ : 82‬وجود الحق ) ‪ ( 92 ،‬الوجود ) ‪ ( 147‬الوجود والعلم ) ‪ ( 190 ،‬الكون‬
‫والوجود الحق ) ‪ ( 247 ،‬الوجود ) ‪ ( 257 ،‬الوجود ‪ :‬الخير الخالص ) ‪280 ،‬‬
‫( الوجود الخيالي والوجود الحق ‪ -‬الوجود الصرف ) ‪ ( 293‬الوجد ) ‪300 ،‬‬
‫(الوجود ‪ :‬الخير كله ) ‪ ( 331 ،‬السماع والوجود ) ‪ ( 364 ،‬الحق عين كل‬
‫موجود ‪) .‬‬
‫‪-‬مشاهد االسرار ق ‪ ( 22‬الوجود ) ‪ ،‬ق ‪ ( 39‬الوجد ) ‪ ( 43 ،‬الوجود األول ‪،‬‬
‫الوجود الثاني ) ‪.‬‬
‫‪-‬رسالة ال يعول ص ‪ ( 1‬الوجد التواجد والوجود )‬
‫‪-‬التراجم ص ‪ ( 5‬الوجود ) ‪ ( 30 ،‬الوجدان )‬
‫‪-‬فصوص ج ‪ 1‬ص ‪ ( 77‬الوجود العقلي ) ‪ ( 96 ،‬وجود الحق ) ‪ ( 102 ،‬الممكنات‬
‫ثابتة غير موجودة ) ‪ ( 128 ،‬الوجود والثبوت ) ‪ ( 132 ،‬الوجود المطلق ‪ ،‬الوجود‬
‫المقيد ) ‪ ( 203 ،‬الوجود والثبوت ) ‪ ( 204 ،‬الوجود األزلي الوجود غير األزلي ‪،‬‬
‫الوجود الصوري االعلى واألسفل ) ‪ ( 211‬وجود الممكنات)‪.‬‬

‫ي ؛‪:‬‬
‫‪ - 665‬الوجود الحقيق ّ‬
‫مرادف ‪ :‬الوجود المطلق ‪ ،‬الوجود الصرف ‪.‬‬
‫انظر “ وجود “ المعنى الثالث‬

‫ي‪:‬‬‫‪ - 666‬الوجود الخيال ّ‬


‫مرادف ‪ :‬الوجود اإلضافي ‪ ،‬الوجود المقيد ‪ ،‬الوجود االمكاني ‪ ،‬الوجود المستفاد ‪،‬‬
‫الوجود المستعار ‪.‬‬
‫انظر “ وجود “ المعنى الثالث‬

‫‪1137‬‬
‫“ ‪“ 1138‬‬
‫‪ - 667‬أهل الوجود‬
‫انظر “ وجود “ المعنى األول‬

‫‪ - 668‬الوجود الواحد‬
‫انظر “ وحدة وجود “‬

‫‪ - 669‬وجه الحق ‪ -‬وجه الحق في األشياء‬

‫ان “ الممكن “ أو “ المخلوق “ عند ابن العربي ال يقوم بذاته ‪ ،‬لذلك كلما أوجده الحق ‪،‬‬
‫اندرج من ذاته في العدم [ انظر “ خلق جديد “ ]‪.‬‬
‫فالحق له الخلق المستمر على الدوام والمخلوقات لها االندراج في العدم على الدوام ‪.‬‬
‫فالحق هو ‪:‬‬
‫القيوم ‪ ،‬وبه تقوم األشياء ‪ ،‬إذ ال قيومية لها بذاتها ‪ .‬وإلى “ قيومية الحق في األشياء‬
‫“ اإلشارة بقوله ‪ :‬وجه الحق ‪ ،‬أو وجه الحق في األشياء ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬فمن لزم هذا الذكر ‪ ،‬فإنه ينتج له معرفة ‪ :‬وجه الحق في كل شيء ‪ ،‬فال يرى‬
‫شيئا ‪ ،‬اال ويرى وجه الحق فيه ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 170 / 4‬‬
‫“ وجه الحق الذي له في كل شيء ‪ ( “ . . .‬رسالة ال يعول ص ‪) 15‬‬
‫“ ‪ . . .‬فان للحق في كل معبود ‪ :‬وجها ‪ ، 1‬يعرفه من يعرفه ‪ ،‬ويجهله من يجهله ‪. . .‬‬
‫“ ( فصوص ‪. ) 72 / 1‬‬
‫“ ‪ . . .‬فخلو وجه الحق عن شيء من العالم ‪ “ :‬محال “ ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 299 / 2‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬وجه الحق الذي له في كل معبود ‪ ،‬إشارة إلى اآلية” َوقَضى َرب َُّك أ َ َّال ت َ ْعبُدُوا ِّإ َّال‬
‫ِّإيَّاهُ “[ ‪ ] 23 / 17‬وقد توسعنا ببحث ذلك في “ إله المعتقدات “ فلتراجع ‪.‬‬

‫‪1138‬‬
‫“ ‪“ 1139‬‬

‫الخاص ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫‪ - 670‬الوجه‬
‫وردت عبارة “ الوجه الخاص “ عند ابن العربي ‪ :‬نكرة ومعرفة ‪.‬‬
‫****‬
‫معرفة ‪.‬‬
‫الوجه الخاص “ ‪ّ :‬‬
‫ان االمداد اإللهي للممكنات بوجهيه ‪ :‬الوجودي والعلمي ‪.‬‬
‫دائم مستمر مع اآلنات ‪ .‬وهذا االمداد اإللهي يكون إما ‪:‬‬
‫‪-‬بتوسط األسباب بين الحق والعبد ( األنبياء ‪ -‬المالئكة ‪) . . .‬‬
‫‪-‬وإما مباشرة من الحق إلى العبد ‪ ،‬وهو المقصود ‪ :‬بالوجه الخاص‪.‬‬
‫إذ لكل “ ممكن “ أو “ عبد “ وجه خاص بينه وبين الحق يصله منه االمداد الوجودي‬
‫والعلمي ‪ ،‬وهذا الوجه واالمداد غيب ال يعلم كنهه أحد ‪ :‬ألنه ليس بين الحق وعبده من‬
‫هذا الوجه الخاص أحد ‪ ،‬من بشر أو ملك ‪. . .‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫‪- 1‬الوجه الخاص ‪ :‬باب خاص انتفت فيه الوسائط “ ‪ . . .‬وعلمت ما لم تكن تعلم ‪،‬‬
‫وأخذت عن األرواح الملكية علوما لم تكن عندها ‪ ،‬وما علمت أن ث ّم طريقا تصل منه‬
‫َّللا منشيء الكل ‪ ،‬وان بينه وبينها ‪ :‬بابا خاصا‬ ‫إذا سلكت عليه ‪ ،‬إلى االخذ عن ّ‬
‫يخصها ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 176 / 3‬‬

‫“ ‪ . . .‬وهذا العارف همه أبدا مصروف إلى الوجه الخاص اإللهي ‪ ،‬الذي في كل‬
‫موجود ‪ .‬بعين الوجه الخاص اإللهي الذي لهذا العارف المحقق ‪ ،‬فينظر في ذلك االمر‬
‫من حيث الصورة األولى اإللهية ويترك الوسائط ‪ . . .‬وفي كل صورة ما ينظر إليها‬
‫إال من حيث ذلك الوجه الخاص بها ‪ ،‬بوجهه الخاص به “ ‪ ( . . .‬ف ‪- 30 / 3‬‬
‫‪. ) 31‬‬
‫َّللا إلى الرسول البشري ‪ ،‬من الوجه الخاص بارتفاع الوسائط ‪،‬‬
‫“ ‪ . . .‬فإذا أوحى ّ‬
‫وألقاه الرسول علينا ‪ ،‬فهو كالم الحق لنا من وراء حجاب “ ( ف ‪. ) 526 / 3‬‬

‫‪- 2‬امداد خاص من الوجه الخاص ‪.‬‬


‫“ ‪ . . .‬وكل من تواله الحق بنفسه ‪ ،‬من وجهه الخاص بأمر ما من األمور ‪ ،‬فإن له‬

‫‪1139‬‬
‫“ ‪“ 1140‬‬

‫وَّللا يقول الحق‬


‫شفوفا وميزة على من ليس له هذا االختصاص ‪ ،‬وال هذا التوجه ‪ّ ،‬‬
‫وهو يهدي السبيل ‪ ( “ . . .‬ف ‪) 436 / 3‬‬
‫“ ‪ . . .‬والتابع ليس كذلك فإنه يرى الترقي يصحبه حيث كان ‪ ،‬من ذلك الوجه الخاص‬
‫الذي ال يعرفه اال صاحب هذا الوجه ‪ ( “ . . .‬ف ‪) 274 / 2‬‬
‫“ ‪ . . .‬ان ّّلل تعالى في كل موجود وجها خاصا ‪ ،‬يلقي اليه [ إلى الموجود ] منه [ من‬
‫الوجه الخاص ] ما يشاء ‪ ،‬مما ال يكون لغيره من الوجوه ‪ ،‬ومن ذلك الوجه ‪ :‬يفتقر كل‬
‫موجود اليه ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 423 / 2‬‬

‫‪- 3‬الوجه الخاص في الكشف والشهود ‪.‬‬


‫“ ‪ . . .‬فإن لم يكن [ العبد ] من االفراد [ انظر “ االفراد “ ] فال بد ان يرى قدم قطب‬
‫وقته ‪ ،‬أمامه ‪ ،‬زائدا على قدم نبيه ان كان إماما ‪ ،‬وان كان وتدا فيرى امامه ثالثة اقدام‬
‫‪ ،‬وان كان بدال [ انظر “ بدل “ ] يرى أربعة اقدام ‪ ،‬وهكذا ‪ .‬اال انه ال بد ان يكون في‬
‫حضرة االتّباع مقاما ‪ ،‬فإذا لم يقم في حضرات االتّباع ‪ ،‬وعدل به عن يمين الطريق ‪،‬‬
‫بين المخدع [ انظر “ مخدع “ ] وبين الطريق ‪ ،‬فإنه ال يبصر قدما امامه ‪ ،‬وذلك هو‬
‫طريق الوجه الخاص ‪ ،‬الذي من الحق إلى كل موجود ‪ ،‬ومن ذلك الوجه الخاص‬
‫تنكشف لألولياء ‪ ( “ . . .‬ف ف ‪. ) 201 / 1‬‬
‫ي وهو‬ ‫“ ‪ . . .‬وقوله ‪ :‬انا االمام ‪ ،‬يعني شهوده للحق من الوجه الخاص ‪ ،‬الذي منه ال ّ‬
‫الصدر األول ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 178 / 1‬‬

‫‪- 4‬الوجه الخاص في األحوال ‪:‬‬


‫“ ‪ . . .‬إذا وجدت القلوب وإذا لم تجدها ‪ .‬كقلوب العارفين ‪ ،‬الذين هم في ليس كمثله‬
‫َّللا من الوجه‬
‫شيء ‪ ،‬فال تعرف المالئكة إلى اين ذهبوا ‪ ،‬فهؤالء هم الذين يأخذون عن ّ‬
‫الخاص ما هم عليه من األحوال ‪ ( “ . . .‬ف ‪.)385 : 3‬‬
‫‪- 5‬الوجه الخاص ‪ :‬غيب ‪ ،‬سر الهي “ ‪ . . .‬وهذا النوع من الغيب ال يكون اال من‬
‫الوجه الخاص ‪ ،‬ال يعلم ملك وال غيره اال الرسول خاصة ( “ ‪ . . .‬ف ‪) . 128 / 4‬‬
‫“ ‪ . . .‬فالنية في االعمال ال تكون من العبد ‪ ،‬اال من ‪ :‬الوجه الخاص [ ألنها‬

‫‪1140‬‬
‫“ ‪“ 1141‬‬

‫غيب ] “ ‪ ( .‬ف ‪. ) 187 / 4‬‬


‫َّللا اليه ‪ ،‬فإذا بقي وحده‬‫“ حتى يبقى بالسر اإللهي الذي هو الوجه الخاص الذي من ّ‬
‫رفع عنه حجاب السر فيبقى معه تعالى ‪ ( “ . . .‬ف ‪. )343 :3‬‬
‫****‬
‫الوجه الخاص ‪ :‬نكرة استعمل ابن العربي عبارة “ الوجه الخاص “ نكرة لإلشارة إلى‬
‫َّللا [ له جمعية‬
‫تعيين األلوهية ‪ ،‬بوجه من وجوهها اي اسم من أسمائها في مقابل االسم ّ‬
‫الوجوه ‪ -‬ال يتقيد ] ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا ‪ ،‬وأعني بالغير ‪:‬‬
‫“ فعلمنا ان الصبر انما هو ‪ :‬حبس النفس عن الشكوى لغير ّ‬
‫َّللا وهو‬
‫َّللا الحق وجها خاصا ‪ 1‬من وجوه ّ‬ ‫َّللا ‪ ،‬وقد ّ‬
‫عين ّ‬ ‫وجها خاصا من وجوه ّ‬
‫المسمى ‪ :‬وجه الهوية ‪ ،‬فتدعوه من ذلك الوجه في رفع الضر ال من الوجوه األخر‬
‫المسماة أسبابا ‪ ( “ . . .‬الفصوص ‪. ) 175 / 1‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يراجع بشأن “ الوجه الخاص “ عند ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪ ( 273‬العلم بالوجه الخاص ‪ -‬إكسير العارفين )‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪ ( 489‬الوجه الخاص ) ‪ ( 503 ،‬الوجه الخاص ) ‪516 ،‬‬
‫( الوجه الخاص الذي لكل ممكن ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪ ( 31‬الوجه الخاص الذي ّّلل في كل كائن ) ‪ ،‬ص ‪ (116‬الوجه‬
‫الخاص ) ‪ ،‬ص ‪ ( 351‬من عرف وجهه فهو الكامل )‬

‫‪ - 671‬وجه الشيء‬
‫وجه الشيء ‪ :‬ذاته ‪ ،‬عينه ‪ ،‬حقيقته ‪ .‬وكلها بمعنى واحد تقريبا‪.‬‬
‫المفرد “ وجه “ يمكن اطالقه على الحق وعلى المخلوقات ‪ ،‬وفي اطالقه على الحق‬
‫يأخذ معنى ‪ :‬الذات ‪.‬‬
‫وفي اطالقه على المخلوقات يأخذ معنى ‪ :‬حقيقة الشيء ‪.‬‬
‫وال يخفى هنا انه في فكر يحتفظ “ بالحقيقي “ لكل ما هو الهي ‪ ،‬ان وجه الشيء‬
‫المخلوق يتحول إلى ‪ :‬السر اإللهي المودع فيه ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫‪- 1‬وجه الشيء‬

‫‪1141‬‬
‫“ ‪“ 1142‬‬

‫“ فكل شيء وجهه ‪ ،‬ووجه الشيء حقيقته “ ( ف ‪. ) 373 / 3‬‬


‫“ فاعلم أن الحقائق ال تتصف بالهالك ‪ ،‬ووجه الشيء حقيقته “ ( ف ‪. ) 100 / 2‬‬
‫‪- “ 2‬الوجه “ في نسبته إلى الحق ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬ما سبحات الوجه ‪ .‬الجواب وجه الشيء ‪ :‬ذاته ‪ ،‬وحقيقته ‪ ،‬فهي [ سبحات‬
‫ش ْيءٍ ها ِّل ٌك ِّإ َّال‬
‫الوجه ] أنوار ذاتية بيننا وبينها حجب األسماء اإللهية ولهذا قال ‪ُ ”:‬ك ُّل َ‬
‫َو ْج َههُ “[ ‪ ( “ . . . ] 88 / 28‬ف ‪/ 110 ) 2‬‬
‫“ ‪ . . .‬وذلك اليوم الكبير [ القيامة ] انه تعالى يتجلى لعباده ورداء الكبرياء على وجهه‬
‫‪ ،‬ووجه الشيء ‪ :‬ذاته “ ( ف ‪. ) 245 / 4‬‬

‫‪- “ 3‬الوجه “ في اطالقه على المخلوقات ‪:‬‬


‫ي ْالعَ ِّظي ُم ‪“( 2 /‬‬
‫ظ ُهما َو ُه َو ْالعَ ِّل ُّ‬‫“ ‪ . . .‬فانظر ما أعجب هذه اآلية [“ َوال يَ ُؤ ُدهُ ِّح ْف ُ‬
‫] ) ‪255‬ولهذه الصفة [ الحفظ ] عنت الوجوه منا ‪ ،‬والمراد بالوجوه ‪ :‬حقائقنا ‪ ،‬إذ‬
‫وجه الشيء ‪ :‬حقيقته ‪،‬‬
‫ُّوم “[ ‪] 111 / 20‬‬ ‫ي ِّ ْالقَي ِّ‬
‫ت ْال ُو ُجوهُ ِّل ْل َح ّ‬
‫عنَ ِّ‬
‫فقال تعالى ‪َ ”:‬و َ‬
‫ش ْيءٍ ها ِّل ٌك إِّ َّال َو ْج َههُ “[ ‪ ( “ . . ] 88 : 28‬ف ‪. ) 182 : 2‬‬ ‫وقال تعالى ”‪ُ :‬ك ُّل َ‬
‫مسود الوجه في الدنيا واآلخرة ‪،‬‬ ‫‪- 4‬وجه الوجه ‪ :‬ذات الذات “ ‪ . . .‬العارف ‪ّ :‬‬
‫ومبيض “ وجه الوجه “ في النشأة في الحاضرة ‪ ( “ . . .‬ف ‪.) 349 : 4‬‬ ‫ّ‬

‫ي‬
‫‪ - 672‬التو ّجه اإلله ّ‬
‫التوجه اإللهي ‪ :‬هو تعلق خاص اليجاد المخلوقات من كونه تعالى مريدا ‪ ،‬فالتوجه‬
‫اإللهي أحد أركان التثليث المعتبرة في االنتاج عند ابن العربي ( في الحق ‪:‬‬
‫ذات ‪ ،‬قدرة ‪ ،‬توجه إرادي ‪ .‬انظر ‪ :‬تثليث )‬
‫يقول ‪:‬‬
‫‪- 1‬التوجه اإلرادي لاليجاد ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬قال تعالى ‪ُ ”:‬ك ٌّل ِّفي فَلَكٍ يَ ْسبَ ُحونَ “[ ‪ ] 33 / 21‬فكل حركة توجه الهي ‪،‬‬

‫‪1142‬‬
‫“ ‪“ 1143‬‬

‫اي ‪ :‬تعلق خاص من كونه مريدا ‪ ،‬وقولنا انما اختلفت التوجهات الختالف المقاصد ‪. .‬‬
‫“ ( ف ‪. ) 266 / 1‬‬
‫“ فلو ال التوجهات ما ظهرت الكائنات “ ( ف ‪. ) 388 / 4‬‬
‫“ ‪ . . .‬ان الحق إذا انفرد بذاته لذاته لم يكن العالم ‪ ،‬وإذا توجه إلى العالم ظهر عين‬
‫العالم ‪ ،‬لذلك التوجه ‪ .‬فرأى أن العالم كله موجود عن ذلك التوجه المختلف‬
‫النسب ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 165 / 1‬‬

‫“ ‪ . . .‬واالعتدال منزل ‪ :‬حفظ بقاء الوجود على الموجود ‪ ،‬ما هو منزل االيجاد ‪ ،‬الن‬
‫االيجاد ال يكون اال عن انحراف وميل ‪ ،‬ويسمى في حق الحق ‪:‬توجها اراديا ‪. .‬‬
‫“ ( ف ‪. ) 93 / 3‬‬

‫‪- 2‬التوجه ‪ :‬أحد أركان التثليث ‪:‬‬


‫“ ‪ . . .‬ظهرت األشياء ‪ . . .‬بثالث اعتبارات وهي أصل النتاجات كلها ‪ ،‬وهو كون ‪:‬‬
‫الذات ‪ ،‬وكون ‪ :‬القادر ‪ ،‬وكون ‪ :‬التوجه ‪ ،‬فبهذه الثالثة الوجوه ظهرت األعيان ‪. . .‬‬
‫“ ( الميم والواو والنون ص ‪) 4‬‬
‫“ ‪ . . .‬عندنا ‪ :‬ذات ‪ ،‬وكونها ‪ :‬قادرة ‪ ،‬من غير أن تكون ‪ :‬متوجهة لاليجاد ‪ ،‬هل‬
‫يظهر شيء ‪ .‬فكونها متوجهة ‪ ،‬غير كونها قادرة ‪ ،‬وهذا حكم ثالث ‪ ( “ . . .‬كتاب‬
‫األلف ص ‪. ) 12‬‬

‫ش ْيءٍ إِّذا أ َ َر ْدناهُ أ َ ْن نَقُو َل لَهُ ُك ْن ‪“[ 16 / 40 ] .‬‬


‫“ ‪ . . .‬قال تعالى ‪ ”:‬إِّنَّما قَ ْولُنا ِّل َ‬
‫فقوله ‪ :‬إذا أردناه ‪ ،‬هو ‪ :‬التوجه اإللهي اليجاد ذلك الشيء ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 188 / 1‬‬
‫“ من لم ير تكوينه ‪ ،‬وتكوين كل كائن ‪ ،‬من نفس الكوائن ‪ ،‬عند التوجه ‪ 1‬اإللهي ‪،‬‬
‫لقول ‪ :‬كن ‪ ،‬فال يعول عليه ‪ ( “ . . .‬رسالة ال يعول ص ‪) 20‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يراجع بشأن “ توجه “ عند ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 1‬ص ‪ ( 265‬اختالف الحركات الختالف التوجهات )‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪ ( 11‬التوجه ‪ :‬النكاح ) ‪ ،‬ص ‪ ( 171‬توجه النفخ اإللهي ) ‪.‬‬
‫‪-‬كتاب الجاللة ص ‪ ( 8‬خلق التوجه ) ‪.‬‬

‫‪1143‬‬
‫“ ‪“ 1144‬‬

‫‪ – 673‬الوحدة ‪:‬‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الواو والحاء والدال ‪ :‬أصل واحد يدل على االنفراد ‪ .‬من ذلك الوحدة وهو واحد‬
‫قبيلته إذا لم يكن فيهم مثله قال ‪:‬يا واحد العرب الذي * ما في األنام له نظيرولقيت‬
‫القوم موحد موحد ‪ .‬ولقيته وحده ‪.‬‬
‫وال يضاف اال في قولهم ‪ :‬نسيج وحده ‪ . . .‬اي ال ينسج غيره لنفاسته ‪ ،‬وهو مثل ‪:‬‬
‫الواحد ‪ :‬المنفرد ‪ ( “ . . .‬معجم مقاييس اللغة مادة “ وحد “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫َّللا َو ْح َدهُ‬‫( أ ) األصل “ وحد “ يدل على االنفراد ‪ .‬وحده ‪ :‬منفرد ‪ ”.‬قالُوا أ َ ِّجئْتَنا ِّلنَ ْعبُ َد َّ َ‬
‫َونَذَ َر ما كانَ يَ ْعبُ ُد آباؤُنا ) ‪“( 7 / 70‬‬
‫( ب ) ورد بصيغة ‪ :‬واحد وواحدة للداللة على الرقم “ ‪َ ““ 1‬و ِّإ ْذ قُ ْلت ُ ْم يا ُموسى لَ ْن‬
‫ي نَ ْع َجةٌ‬ ‫واح ٍد “( ‪ِّ ”. ) 61 / 2‬إ َّن هذا أ َ ِّخي لَهُ تِّ ْس ٌع َوتِّ ْسعُونَ نَ ْع َجةً َو ِّل َ‬ ‫عام ِّ‬ ‫ط ٍ‬‫على َ‬ ‫ص ِّب َر َ‬
‫نَ ْ‬
‫واح َدة ٌ ‪“( 38 / 23 ) .‬‬ ‫ِّ‬
‫( ج ) ورد األصل “ وحد “ بصيغة ‪ -‬الواحد ‪ ،‬كصفة في األصل لأللوهية تفيد‬
‫ار‬‫واح ُد ْالقَ َّه ُ‬ ‫َّللاُ ْال ِّ‬
‫باب ُمتَفَ ِّ ّرقُونَ َخي ٌْر أ َ ِّم َّ‬
‫التوحيد ‪ .‬ثم كانت من األسماء الحسنى ‪ ”.‬أ َ أ َ ْر ٌ‬
‫واحدا ً‬‫واح ٌد فَلَهُ أ َ ْس ِّل ُموا “( ‪ ”. ) 34 / 22‬أ َ َجعَ َل ْاآل ِّل َهةَ ِّإلها ً ِّ‬ ‫”) ‪“( 12 / 39‬فَإِّل ُه ُك ْم ِّإلهٌ ِّ‬
‫جاب “( ‪) 5 / 38‬‬ ‫ع ٌ‬ ‫ِّإ َّن هذا لَ َ‬
‫ش ْي ٌء ُ‬

‫عند ابن العربي ‪: 1‬‬


‫انظر ‪ “ :‬كثرة “ المعنى “ الثاني “ ‪ “ -‬الواحد “ ‪ “ -‬األحدية “ ‪ “ -‬وحدة وجود ‪“ .‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يراجع ‪:‬‬

‫‪1144‬‬
‫“ ‪“ 1145‬‬

‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪288‬‬


‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪ ، 325‬ص ‪. 488 ، 483‬‬
‫‪-‬الفصوص المقدمة ص ‪ 24‬وما بعد ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص ‪. 145‬‬
‫‪-‬الديوان ص ‪ ( 43‬شرف الوحدة )‬
‫كما يراجع ‪:‬‬
‫‪-‬تنبيه العقول ق ‪ 63‬ب‬
‫‪-‬مطلع خصوص الكلم ق ‪. 2‬‬

‫‪ - 674‬وحدة الوجود ‪1‬‬


‫ان عبارة “ وحدة الوجود “ ابتدعها دارسو ابن العربي ‪ ، 2‬أو باألحرى صنفوه في‬
‫زمرة القائلين بها ‪. 3‬‬
‫إذ ان الباحث ال يلتقط معالم فكر مفكر اال بتحليله إلى عناصره البسيطة ‪ ،‬وإعادة‬
‫تركيبه تركيبا يتالءم وينضبط مع التيارات الفكرية المعروفة ‪.‬‬

‫وبالتالي استدل الملتمس وجه ابن العربي من جمل أمثال ‪:‬‬


‫َّللا “ ‪ ،‬إلى القول‬
‫َّللا “ ‪ “ ،‬وما في الوجود اال ّ‬
‫“ الوجود كله واحد “ ‪ “ ،‬وما ثمة اال ّ‬
‫بأنه من أنصار وحدة الوجود ‪ ،‬وحدة تفارق وحدة الماديين بتغليب الجانب اإللهي‬
‫فيها ‪.‬‬
‫ولكن ما حقيقة موقف ابن العربي من الوحدة الوجودية ؟‬
‫وما نسبة التفكير النظري إلى الشهود الصوفي فيها ؟‬
‫****‬
‫وحدة وجود “ أم “ وحدة شهود “ ؟‬
‫كثيرا ما يتوقف الباحث أمام نتائج ابن العربي متسائال ‪ :‬هل عنده وحدة وجود أم وحدة‬
‫شهود ؟ ثم ال يلبث ان يقرر أنها وحدة وجود ‪ ،‬من حيث إنها لم تبرز في صيحة وجد ‪،‬‬
‫بل كانت نتيجة باردة لتفكير نظري ‪. 4‬‬
‫ويعود تردد الباحث بين الوحدتين إلى أنهما يتطابقان في النتيجة ‪ ،‬فكلتاهما ترى ان‬
‫َّللا ‪.‬‬
‫الوجود الحقيقي واحد وهو ّ‬
‫ولكن صاحب وحدة الشهود يقولها في غمرة الحال ‪ ،‬على حين يدافع عنها ابن العربي‬
‫في صحو العلماء وبرود النظريين ‪.‬‬
‫ولكن الحقيقة أن وحدة ابن العربي تختلف عن وحدة شهود غيره بسبب‬

‫‪1145‬‬
‫“ ‪“ 1146‬‬

‫جوهري ‪ ،‬وهو ان الشيخ األكبر لم يقطفها ثمرة فيض فناء في الحق ‪ ،‬فناء أفناه عن‬
‫رؤية كل ما سوى الحق ‪ ،‬فقال بعدم كل ما سواه ‪ ،‬كال ان ابن العربي يرى الكثرة ‪،‬‬
‫وشهوده يعطيه الكثرة ‪ ،‬وبصره يقع على كثرة ‪.‬‬
‫اذن الكثرة عنده ‪ :‬موجودة ‪.‬‬
‫وهنا نستطيع ان نقول إن “ وحدته “ على النقيض من وحدة الشهود ‪ ،‬تعطي ‪ :‬كثرة‬
‫شهودية ‪ .‬فالنظر يقع على كثرة عنده ‪.‬‬
‫وهذا ما ال يمكن ان ينطبق على وحدة الشهود ‪.‬‬
‫ولكن ابن العربي ال يقف مع الكثرة الشهودية أو ‪ -‬بتعبير أدق ‪ -‬المشهودة ‪ ،‬بل يجعلها‬
‫“ كثرة معقولة “ ال وجود حقيقي لها ‪.‬‬
‫وهي ‪ -‬إذا أمكن التعبير بلغتنا ‪ -‬خداع بصر ‪.‬‬
‫وبلغة ابن العربي ‪ :‬خيال ‪. 5‬‬
‫هذا ‪ ،‬ويستحسن ّأال نفهم موقف ابن العربي على أنه نظرية فلسفية ‪ ،‬قامت على دعائم‬
‫منطقية ومقدمات فكرية ‪ ،‬فهو وان كان قد جعل الكثرة ‪ :‬معقولة مشهودة وغير‬
‫موجودة ‪ .‬فهذا االرجاع ليس تعمال فكريا ‪ ،‬كما يظن البعض ‪. 6‬‬
‫ونقول ردا على من جعل وحدة ابن العربي الوجودية نظرية فلسفية تقررت باستدالل‬
‫نظري ‪ ،‬ان الواقع عكس ذلك ‪ ،‬الن النظر الفكري‬
‫كما يقول شيخنا األكبر يعطي ‪ :‬وجود المخلوقات ‪ ،‬التي من شأنها ان لم تكثّر الوجود‬
‫‪ ،‬فعلى األقل تحدده بثنائية كالسيكية ‪ :‬حق خلق ‪.‬‬
‫وان الذي يعطي الوحدة الوجودية هو ‪ :‬الشهود ‪.‬‬
‫وهنا نالحظ ان ابن العربي من ناحية قد باين “ وحدة الشهود “ باثباته “ الكثرة‬
‫المشهودة “ المرئية ‪ ،‬ومن ناحية ثانية وصل بالشهود ‪،‬‬
‫إلى تقرير ‪ :‬الوحدة الوجودية ‪.‬‬
‫وكان الشهود األول رؤية عادية ‪ ،‬على حين أن الشهود الثاني هو مرتبة من مراتب‬
‫الكشف الصوفي ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫) ‪( 1‬الحقيقة تتكثر في الشهود ‪:‬‬
‫َّللا ‪ ،‬العين وان تكثّرت في الشهود ‪ ،‬فهي أحدية في‬‫“ ‪ . . .‬انه ما في الوجود إال ّ‬
‫الوجود “ ( ف ‪. ) 357 / 4‬‬
‫) ‪( 2‬الشهود ينفي وجود الممكن‪:‬‬

‫‪1146‬‬
‫“ ‪“ 1147‬‬

‫“ دالالت الوجود على وجودي *** تعارضها دالالت الشهود‬


‫فان العين ما شهدت سواه *** بعين شهودها عند الوجود‬
‫فان الدليل يعطي وجودي ‪ ،‬إذ ليس الدليل سوى ‪ :‬عيني ‪،‬‬
‫وال عيني ‪ :‬سوى امكاني ‪ ،‬ومدلولي وجود الحق ‪ . . .‬والشهود ينفي وجودي ‪ ،‬ال ينفي‬
‫حكمي فيمن ظهر فيه ‪ ،‬ما ينسب اليه انه عيني ‪ .‬وهو حكمي ‪ ،‬والوجود ‪ّّ :‬لل ‪.‬‬
‫فاستفدت من الحق ‪ :‬ظهور حكمي بالصور الظاهرة ‪ ،‬ال حكم ظهور عيني ‪ ،‬فيقال وما‬
‫ثم قائل غيري ‪ ،‬ان هذه الصور الظاهرة في الوجود الحق التي هي عين حكمي انها‬
‫عيني ‪ .‬هذا يعطيه الشهود ‪ ،‬فالشهود يعارض األدلة النظرية “ ‪ ( . . .‬ف ‪. ) 31 / 4‬‬
‫ونستطيع ان نلخص موقفه قائلين انه ‪ :‬شهود لوحدة الوجود ‪.‬‬
‫ويستشف من هذه العبارة ان الشيخ األكبر زاوج بين الفكر والتصوف في ذاته ‪ ،‬فاتحدا‬
‫بحيث يشرف كل منهما على اآلخر ‪ ،‬وليس هذا غريبا على القائل بعلم اليقين وعين‬
‫اليقين ‪ .‬فهو وان كان قد توصل إلى الوحدة الوجودية بعلم اليقين ‪ ،‬غير أن دعائمها لم‬
‫تترسخ اال في عين اليقين ‪. 7‬‬
‫ونوضح كالمنا بان نقول ‪ :‬ان وحدة الوجود عند ابن العربي ان كانت ثمرة فكر نظري‬
‫‪ ،‬أرجع الكثرة المشهودة إلى حقيقتها الواحدة ‪ .‬فهي في اللحظة الثانية “ شهود “ لهذا‬
‫النظر الفكري ‪ .‬ولكن تآلف الفكر مع الشهود فدعّم كل منهما اآلخر ‪ ،‬حتى صعب‬
‫التفريق بين حدود كل منهما ‪.‬‬
‫وان كنا نظن بأسبقية الفكر على الشهود ‪ ،‬أسبقية يتطلبها منطقة في تقديم علم اليقين‬
‫على عينه ‪.‬‬
‫ولكن “ علم اليقين “ هذا ليس ثمرة التفكر الفلسفي الحر ‪ ،‬فالواقع ان ابن العربي مفكر‬
‫مقيد بالكتاب والسنة ‪ ،‬وال يمكن ان يقال عنه “ مفكر حر “ ‪.‬‬
‫فعلم اليقين عنده هو ثمرة التفكر في الكتاب والسنة ليس اال ‪ ،‬فتكون وحدة الوجود عنده‬
‫ثمرة تفكره في الكتاب والسنة ‪ ،‬ثم شهوده لهذا التفكر ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬الوجود كله هو واحد في الحقيقة ال شيء معه ‪ . . .‬فما ثم اال غيب ظهر ‪،‬‬
‫وظهور غاب ‪ ،‬ثم ظهر ثم غاب ‪ ،‬ثم ظهر ثم غاب ‪ ،‬هكذا ما شئت‬
‫‪ .‬فلو تتبعت الكتاب والسنة ما وجدت سوى واحد ابدا ‪ ،‬وهو ‪ :‬الهو “ ‪ ( . . .‬الجاللة‬
‫ص‪.)9‬‬
‫***‬

‫‪1147‬‬
‫“ ‪“ 1148‬‬

‫*صورة وحدة الوجود ‪:‬‬


‫حاول كل من خاض غمار الشيخ األكبر أن يظهر غموض وحدته الوجودية ‪،‬‬
‫فقال بعضهم ‪ 8‬ان مفتاح هذا الغموض في تفسير “ سورة االنشراح “ للقاشاني ‪ ،‬إذ‬
‫تتكرر في هذه السورة اآلية ‪ ”:‬فَإِّ َّن َم َع ْالعُس ِّْر يُسْرا ً “ *مرتين على التوالي ‪ ،‬ويشرح‬
‫المفسرون بلسان الظاهر هذا التكرار على أنه ‪ :‬توكيد وتأكيد ‪.‬‬
‫غير أن القاشاني يشير بوضوح إلى تعلق هاتين اآليتين ‪ ،‬بمرحلتين من مراحل التحقق‬
‫الروحي للنبي ‪ :‬الصعود والنزول ‪.‬‬
‫وهما “ للولي “ ‪ ،‬إذ ال يصل إلى مقام “ الوارث الكامل “ للنبي اال بتحققه بهما ‪ .‬وهذه‬
‫حالة ابن العربي ‪.‬‬
‫في مرحلة التحقق الصاعدة ‪ ،‬يكون النبي “ محجوبا “ بمعرفة الكثرة ‪ ،‬وهذا أول‬
‫“ احتجاب “ وأول “ عسر “ ‪.‬‬
‫وعندما يصل إلى معرفة الواحد ‪ ،‬يكون بالنسبة له أول “ يسر “ ‪.‬‬
‫َّللا تحجب عنه معرفة الكثرة ‪ ،‬وهذا ثاني “ احتجاب “ وثاني “ عسر “ ‪،‬‬ ‫وهنا معرفة ّ‬
‫إذ هو هنا محجوب بالحق عن الخلق ‪ .‬وال يستطيع ان يحتمل عبء النبوة ‪.‬‬
‫َّللا صدره ويزيل االحتجاب الثاني بالحق عن الخلق ‪ .‬اي “ العسر “ الثاني ‪،‬‬ ‫فيشرح ّ‬
‫ويحصل ثاني “ يسر “ ويستطيع كونه ان يجمع ‪ :‬الواحد والكثير ‪ ،‬ويسع صدره ‪:‬‬
‫الحق والخلق ‪ ،‬ببعد انطولوجي جديد يسميه القاشاني ‪ :‬الوجود الموهوب الحقاني ‪.‬‬
‫ومعرفة النبي هنا كاملة ‪:‬‬
‫معرفة الكثير بمعزل عن الواحد ‪ ،‬ومعرفة الواحد بمعزل عن الكثير ‪ ،‬ومعرفة جامعة‬
‫للواحد والكثير ‪ .‬وهذه المعرفة الجامعة هي معرفة الوارث الكامل أو االنسان الكامل ‪،‬‬
‫وهنا يكمن تفسير “ وحدة وجود “ ابن العربي ‪ ،‬كما تتجلى في فصوص الحكم وغيره‬
‫من كتبه ‪.‬‬
‫اما النابلسي فيرى ان مفتاح “ وحدة الوجود “ يكمن في مفهوم ‪ :‬الوجود الحقيقي ‪.‬‬
‫فالممكن ال وجود له مستقل عن الحق ‪.‬‬
‫اذن يحاول النابلسي ان يحل معضلة وحدة الوجود على مستوى مفهوم “ الوجود “ ‪،‬‬
‫بتحديده بالحق دون الخلق ‪.‬‬
‫ويتضح موقف النابلسي إذا أعطينا االسم اإللهي “ القيوم “ مثال ‪.‬‬

‫فالحق هو ‪ :‬القيوم في صور الخلق ‪ .‬والممكنات ‪ :‬ال تقوم بذاتها ‪ ،‬بل تقوم “ بالقيوم‬
‫“ اذن الوجود واحد هو الحقيقي ‪ ،‬الذي تتقوم به الممكنات ‪9 .‬‬

‫والواقع ان وحدة الوجود ‪ ،‬هذا إذا كان التعبير ينطبق على وحدة ابن العربي ‪ ، 10‬هي‬
‫ثمرة من ثمار التوحيد عند شيخنا األكبر ‪.‬‬
‫فالتوحيد أع ّم مفهوم في الفكر االسالمي من حيث إنه ركيزة العقيدة ‪ ،‬بل هو العقيدة‬
‫ذاتها ‪،‬‬

‫‪1148‬‬
‫“ ‪“ 1149‬‬

‫ولذلك باشره كل فرد من افراد المسلمين على قدر طاقته واستعداده ‪. 11‬‬
‫مر بأكثر من توحيد ‪ ،‬أو باألحرى بأكثر من صيغة‬ ‫وابن العربي بالذات ال بد انه ّ‬
‫ومفهوم للتوحيد ‪ ، 12‬في تاريخ حياته السلوكية الفكرية‪.‬‬
‫ولذلك ال نستطيع ان نقول عن توحيد شيخنا األكبر انه فكري نظري فلسفي ‪ ،‬وبالتالي‬
‫نبحثه على صعيد الفكر والنظريات ‪.‬‬
‫كما أنه لم يغرق في غيبة الشهود ويتكلم تحت وطأة الوجد ‪ ،‬فنقول ان توحيده ‪ ،‬توحيد‬
‫الفانين ‪ .‬كال ‪ :‬لقد كان توحيده توحيد المشاهد الصاحي ‪.‬‬
‫ومن هنا نشأ الخالف ين دارسيه ‪.‬‬
‫فجعل البعض نتائجه نظرية فلسفية ‪ ،‬والبعض اآلخر جعلها ثمرة سلوك ‪ .‬واالجدى ان‬
‫نعترف بتكامل الشيخ األكبر تكامال يضم في حناياه الفناء والبقاء فال نغلّب حاال على‬
‫حال ‪.‬‬

‫فالتوحيد ‪ ،‬ونظرة ابن العربي اليه ‪ ،‬وفهمه له ‪ ،‬هما مفتاح وحدة الوجود عنده ‪.‬‬
‫إذ لو استقل الممكن بالوجود ‪ ،‬ولو للحظة ‪ ،‬الستغنى في هذه اللحظة عن الخالق ‪ ،‬اي‬
‫الحق ‪ .‬وشاركه من حيث الغنى ‪ ،‬باأللوهية ‪.‬‬
‫اذن توحيد األلوهية ‪ ،‬يقتضي عند ابن العربي توحيد الوجود ‪. 13‬‬
‫وتتلخص وحدة وجود الشيخ األكبر في عدة نقاط نشير إلى أهمها ثم ندعمها‬
‫بالنصوص ‪.‬‬

‫) ‪( 1‬الممكن ‪:‬‬
‫ان الممكن قد يطلق عليه ابن العربي اسم “ الموجود “ ولكن ال ينعته ابدا بالوجود ‪ ،‬بل‬
‫يجعله ثابتا في العدم ‪ .‬وكما يقول ‪ :‬الممكن لم يشم رائحة الوجود ‪.‬‬
‫اذن وحدته الوجودية ليست قائمة على رؤية الوحدة في كثرة المظاهر ‪ ،‬بل على نفي‬
‫وجود الكثرة ‪ ،‬فالكثرة ‪ :‬مشهودة معقولة ‪ ،‬غير موجودة ‪.‬‬

‫) ‪( 2‬الحق ‪:‬‬
‫ان الحق هو الظاهر في كل صورة والمتجلي في كل وجه ‪ .‬وهو “ الوجود الواحد‬
‫“ واألشياء موجودة به ‪ ،‬معدومة بنفسها ‪.‬‬
‫ولكن ال ينحصر وجود الحق ويتحدد بظهوره في المظاهر ‪ ،‬بل له وجود متعال خاص‬
‫به ‪.‬‬
‫وبهذا الوجود المتعال للحق يفارق ابن العربي وحدة الوجود الملحدة ‪. 14‬‬
‫فالحق عند ابن العربي مطلق ليس باالطالق اإلضافي المقابل للتقييد ‪ ،‬ولكن باالطالق‬
‫الحقيقي ‪. 15‬‬
‫) ‪( 3‬الخلق ‪:‬‬
‫ان فعل الخلق لم يحدث في زمن معين ويوجد المخلوقات ‪ .‬بل هو فعل مستمر‬

‫‪1149‬‬
‫“ ‪“ 1150‬‬

‫دائم مع األنفاس ‪ ،‬وهو تجلي الحق الدائم في صور المخلوقات ‪ .‬فالمخلوقات في افتقار‬
‫دائم للحق ‪ ،‬إذ ان لها العدم من ذاتها ‪ ،‬ففي كل نفس ترجع إلى عدمها األصيل ‪ ،‬وفي‬
‫كل نفس يوجدها الحق بظهوره فيها ‪ . . .‬وهكذا ‪ ( . . .‬راجع “ خلق جديد“ ) ‪.‬‬

‫) ‪( 4‬الحق والخلق ‪:‬‬


‫ويظهر غنى شيخنا األكبر في الصور التمثيلية المتعددة ‪ ،‬التي حاول بها ان يقرب إلى‬
‫األذهان عالقة الحق بالخلق ‪ ،‬في مذهب يلغي وجود أحدهما على شهوده ‪ ،‬ونفرد لها‬
‫المعنى الثالث ‪ .‬بالنظر لتعددها ‪ .‬فليراجع ‪.‬‬

‫) ‪( 5‬حقيقة وحدة الوجود ‪:‬‬


‫ان ابن العربي نفسه وان كان قد المس وحدة الوجود ‪ ،‬اال انه في حيرة ‪ 16‬امام‬
‫حقيقتها ‪ ،‬فنراه يتساءل ‪ :‬هل الموجودات انتقلت من حال العدم إلى حال الوجود ؟ أم‬
‫أدركت أعيان الممكنات بعضها بعضا في عين مرآة وجود الحق وهي على ما هي‬
‫عليه من العدم ؟ أم أدركت بعضها البعض عند ظهور الحق فيها فظنت انها استفادت‬
‫الوجود وليس اال ظهور الحق ؟ ‪.‬‬
‫وهكذا نرى ابن العربي في حيرة امام طبيعة ادراك األعيان الثابتة لذاتها ‪ ،‬وادراك‬
‫بعضها لبعض‪.‬‬
‫اال انه لم يشك لحظة في أنها ‪ :‬معدومة العين ثابتة في العدم ‪ ،‬مهما كانت صيغة‬
‫ادراكها لوجودها ‪.‬‬
‫ونورد فيما يلي النصوص التي تثبت ما ذهبنا اليه ‪:‬‬
‫) ‪( 1‬الممكن ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬وهو من حيث الوجود عين الموجودات ‪ .‬فالمسمى محدثات هي العليّة لذاتها ‪،‬‬
‫وليست اال هو ‪ ،‬الن األعيان التي لها العدم الثابتة فيه ‪ ،‬ما ش ّمت رائحة من‬
‫الموجودات “ ‪ ( .‬فصوص ‪. ) 76 / 1‬‬
‫“ ولوال سريان الحق في الموجودات بالصورة ‪ ،‬ما كان للعالم وجود ‪. . .‬‬
‫“ ( فصوص ‪. ) 55 / 1‬‬
‫“ أشهدني الحق نور الوجود وطلوع نجم العيان ‪ ،‬وقال لي ‪ :‬من أنت ‪ ،‬قلت ‪:‬‬
‫العدم الظاهر ‪.‬‬
‫قال لي ‪ :‬والعدم كيف يصير وجودا ‪ ،‬لو لم تكن موجودا ما صح‬

‫‪1150‬‬
‫“ ‪“ 1151‬‬
‫وجودك ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬ولذلك قلت العدم الظاهر ‪ ،‬واما العدم الباطن فال يصح وجوده ‪ ( “ . . .‬مشاهد‬
‫االسرار ق ‪. ) 34‬‬

‫) ‪( 2‬الحق ‪:‬‬
‫فاّلل ‪ :‬موجود ‪ ،‬والممكنات ‪ :‬ثابتة ‪“ ( 4 / 410 ) .‬‬
‫َّللا والممكنات ‪ّ ،‬‬
‫“ ما ث ّم اال ّ‬
‫“ ظهور الحق في كل صورة ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 395 / 4‬‬
‫“ فهو [ تعالى ] المتجلي في كل وجه ‪ ،‬والمطلوب في كل آية ‪ ،‬والمنظور اليه بكل‬
‫عين والمعبود في كل معبود ‪ .‬والمقصود في الغيب والشهود ‪ .‬ال يفقده أحد من خلقه‬
‫بفطرته وجبلته ‪ ،‬فجميع العالم له مص ّل ‪ ،‬واليه ساجد “ ‪ ( . . .‬ف ‪. ) 449 / 3‬‬
‫“ وما ثم اال وجود واحد واألشياء موجودة به ‪ ،‬معدومة بنفسها ‪ ( “ . . .‬مرآة العارفين‬
‫ق ‪ 122‬أ )‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ ،‬وقال في الذين يبايعونه ‪”:‬‬
‫“ ‪ . . .‬فأمر [ الحق ] ببيعة محمد صلى ّ‬
‫ِّإنَّما يُبا ِّيعُونَ َّ َ‬
‫َّللا “[ ‪. ] 10 / 48‬‬
‫ان المبايع من تعنو الوجوه له *** الواحد االحد القيّوم بالصور “( ف ‪”) 122 / 4‬‬
‫َّللا ليس سواه *** وكل بصير بالوجود يراه “ ( ف ‪) 329 / 3‬‬ ‫فما ث ّم اال ّ‬

‫) ‪( 3‬الخلق ‪:‬‬
‫بخصوص نصوص تتعلق بالخلق فليراجع “ خلق جديد “‬
‫) ‪( 4‬حقيقة وحدة الوجود ‪:‬‬
‫” اني رأيت وجودا لست ادريه * وهو الوجود الذي أعياننا فيه “( ف ‪) 33 / 4‬‬
‫“ ‪ . . .‬ولذلك الوجود الخيالي يقول الحق له ‪ “ :‬كن ] ‪ “ [ 16 / 40‬في الوجود العيني‬
‫‪ “ ،‬فيكون “ السامع هذا االمر اإللهي ‪ ،‬وجودا عينيا يدركه الحس ‪. . .‬‬
‫وهنا حارت األلباب ‪ :‬هل الموصوف بالوجود المدرك بهذه االدراكات ‪ ،‬العين‬

‫‪1151‬‬
‫“ ‪“ 1152‬‬

‫الثابتة انتقلت من حال العدم إلى حال الوجود ؟‬


‫أو حكمها تعلّق تعلقا ظهوريا بعين الوجود الحق ‪ ،‬تعلق صورة المرئي في المرآة ‪،‬‬
‫وهي في حال عدمها كما هي ثابتة ‪. . .‬فتدرك أعيان الممكنات بعضها بعضا في عين‬
‫مرآة الوجود الحق واألعيان الثابتة ‪ . . .‬هي على ما هي عليه من العدم ؟‬
‫أو يكون الحق الوجودي ظاهرا في تلك األعيان ‪ ،‬وهي له مظاهر فيدرك بعضها‬
‫بعضا عند ظهور الحق فيها ‪ ،‬فيقال قد استفادت الوجود ‪ ،‬وليس اال ظهور الحق ؟‬
‫وهو أقرب إلى ما هو االمر عليه من وجه ‪ ،‬واآلخر أقرب من وجه آخر ‪ ،‬وهو ان‬
‫يكون الحق محل ظهور احكام الممكنات غير أنها في الحكمين معدومة العين ‪ ،‬ثابتة‬
‫في حضرة الثبوت “ ( ف ‪) 211 / 4‬‬
‫****‬
‫الصور التمثيلية ‪:‬‬
‫استعان ابن العربي بجملة صور تمثيلية ليعبر عن عالقة الحق بالخلق ‪ ،‬في ظل وحدته‬
‫الوجودية ‪.‬‬
‫سد المعاني‬‫ولكنه قد ينساق أحيانا مع صوره التمثيلية ‪ ،‬حتى في أدق التفاصيل ‪ ،‬فيج ّ‬
‫التي ال تقبل التجسيد ‪ ،‬وينقل القارئ من داللة الصورة إلى تفاصيلها ‪ ،‬حتى يظن أنها‬
‫المقصودة ‪.‬‬
‫لذلك ننبه إلى أن هذه التمثيالت ليست اال صورا لتقرب لألذهان ‪ ،‬مقصود الشيخ‬
‫األكبر مع االحتفاظ دائما بفارق المستوى الوجودي ‪ ،‬بين العالقة المراد بيانها ‪ ،‬وبين‬
‫تشبيهها ‪.‬‬
‫ولن نستطيع هنا ان نحصي هذه الصور التمثيلية بكاملها ‪ ،‬في مؤلفات الشيخ األكبر ‪،‬‬
‫بل نكتفي بايراد بعضها ‪.‬‬
‫فإنه يفي بالمقصود ‪:‬‬
‫) ‪( 1‬الغذاء والمتغذي ‪:‬‬
‫لقد سبق لنا الكالم على هذه الصورة التمثيلية عند الكالم على “ الرزق “ انظر “ رزق‬
‫“ المعنى “ الثاني ‪“ .‬‬
‫) ‪( 2‬النور والظل ‪:‬‬
‫استعمل صورة النور والظل ليشير من جهة إلى تبعية وجود الخلق لوجود الحق ‪،‬‬
‫ومن جهة ثانية إلى أن النور واحد ‪ ،‬تتعدد ظالله بتعدد األشياء ‪ ،‬التي انبسط عليها‪.‬‬

‫‪1152‬‬
‫“ ‪“ 1153‬‬

‫يقول ‪ ”:‬فعين وجود الحق نور محقق * وعين وجود الخلق ظل له تبع “( ف ‪/ 4‬‬
‫‪) 279‬‬
‫“ ‪ . . .‬والممكن لعينه اعطى الترتيب الواقع ‪ ، 17‬وأعطاه الحق الوجود لذاته ‪ ،‬فما هو‬
‫اال وقوع عين الممكن على نور التجلي ‪ ،‬فيرى نفسه ‪.‬‬
‫وما انبسط عليه ذلك النور فيسمى وجودا ‪ ،‬وال حكم للنظر العقلي في هذا ‪ ( “ .‬ف ‪/ 4‬‬
‫‪) 425‬‬

‫) ‪ ( 3‬الشمس ونورها ‪:‬‬


‫ننقل نص ابن العربي لوضوحه ‪ ،‬يقول ‪:‬‬
‫“ فالموجودات كلها ‪ :‬نور من أنوار شمس القدرة ‪ ،‬فليس لنور الشمس مع الشمس رتبة‬
‫المعية ‪ ،‬بل رتبة الشمعية ‪ .‬فاعرف حقيقة ذلك ترى ان كل شيء في الحال هالك ‪،‬‬
‫ومثال هالك األشياء في حال وجودها ‪ ،‬كهالك لهيب الشمعة في حال وقودها ‪. . .‬‬
‫وهذا المثال انما هو تقريب للمبتدىء ‪ ،‬إذ يستبعد هالك شيء في حال وجوده ‪ .‬واما‬
‫هالك األشياء في نظر المستغرق ‪ ،‬فمعناه لطيف ال يقع عليه العيان ‪ ،‬وانما يتعارف‬
‫أهله بالرمز وااليماء والذوق ‪ ( “ . . .‬األجوبة الاليقة ق ‪ 6‬ب ) ‪.‬‬

‫) ‪ ( 4‬الحقيقة والخيال ‪:‬‬


‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫للا خاصة ‪ ،‬من حيث‬
‫“ فالوجود كله خيال في خيال ‪ . 18‬والوجود الحق انما هو ّ‬
‫ذاته وعينه ‪ ،‬ال من حيث أسماؤه “ ( فصوص ‪. ) 104 / 1‬‬

‫) ‪ ( 5‬قوس القزح ‪:‬‬


‫لقد استعان ابن العربي بخداع النظر الواقع في رؤيتنا لقوس القزح فنرى تدرج األلوان‬
‫وما هي اال تكسر اللون األبيض ‪،‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬ووجود الحق ما هو بالمرور فيتصف بالتناهي وعدم التناهي ‪ ،‬فإنه عين‬
‫الوجود ‪ ،‬والموجود هو الذي يوصف بالمرور عليه ‪ . . .‬وال يعلم المحدثات ما هي ‪.‬‬
‫اال من يعلم ما هو قوس قزح ‪ ،‬واختالف ألوانه ‪ ،‬كاختالف صور المحدثات‪.‬‬

‫‪1153‬‬
‫“ ‪“ 1154‬‬

‫وأنت تعلم أنه ما ث ّم متلون وال لون ‪ ،‬مع شهودك ذلك ‪ .‬كذلك شهودك صور المحدثات‬
‫في وجود الحق الذي هو الوجود “ ‪ ( .‬ف ‪. ) 167 / 4‬‬

‫) ‪ ( 6‬الصور والمرايا ‪:‬‬


‫لقد فسر وجود الكثرة بتعدد المرايا في مواجهة الوجود الواحد ‪ ، 19‬فتعدد الصور‬
‫بتعدد المرايا ‪ ،‬والرائي واحد ‪.‬‬
‫ولقد تكلمنا على ذلك عند كالمنا على “ الصورة “ “ المرآة “ “ الظاهر “ فليراجع ‪.‬‬
‫ونختتم كالمنا بمقطع البن العربي يظهر فيه نفس النفّري واضحا يتكلم فيه ‪ ،‬على تردد‬
‫الوجود والفقد بين الحق والخلق ‪ ،‬يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬ثم قال لي ‪ :‬الوجود مني ال منك ‪ ،‬وبك ‪ 20‬ألبي ‪، 21‬‬
‫ثم قال لي ‪ :‬من وجدك وجدني ‪ ،‬ومن فقدك فقدني ‪. 22‬‬
‫ثم قال لي ‪ :‬من وجدك فقدني ‪ ،‬ومن فقدك وجدني ‪. 23‬‬
‫ثم قال لي ‪ :‬الوجود والفقد لك ال لي ‪.‬‬
‫ثم قال لي ‪ :‬الوجود والفقد لي ال لك ‪.‬‬
‫ثم قال ‪ :‬كل موجود ال يصح اال بالتقييد فهو لك ‪ ،‬وكل وجود مطلق فهو لي ‪. 24‬‬
‫ثم قال لي ‪ :‬وجود التقييد لي ال لك ‪ ( . . . “ 25‬مشاهد االسرار ق ‪. ) 36‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬ان عبارة “ وحدة الوجود “ ال تدخل ضمن مصطلحات ابن العربي ‪ ،‬إذ انها من‬
‫ناحية لم ترد عنده مطلقا ‪ ،‬ومن ناحية ثانية هي تشكل تيارا فكريا له جذوره البعيدة في‬
‫تاريخ النظريات الفلسفية ‪ ،‬ولكننا لم نستطع ان نتغافل عن بحثها بحجة انها تدخل‬
‫ضمن نظريات شيخنا األكبر بالنظر ألهميتها عنده ‪ ،‬إذ فيها تتبلور مصطلحاته‬
‫وتتكشف ‪ .‬ويتجلى وجه ابن العربي الحقيقي فنلمس فيه الفكر والمنطق إلى جانب‬
‫الشهود والتصوف ‪.‬‬
‫) ‪( 2‬وربما كان ابن تيمية ( ‪ 728‬هـ ) من أول من استعملها ( راجع رسائله طبع‬
‫المنارج ‪ 1‬ص ‪ ، ) 176‬ويستعمل ابن خلدون ( ‪ 807‬هـ ) تعبيرات آخر الداء‬
‫المعنى نفسه وهو الوحدة المطلقة ( انظر مقدمة ابن خلدون ‪ .‬بيروت ‪ 1879‬م ‪ .‬ص‬
‫‪. ) 411 - 410‬‬
‫) ‪ ( 3‬يقول الدكتور إبراهيم مدكور ‪:‬‬
‫“ ليست فكرة وحدة الوجود وليدة التاريخ المتوسط والحديث ‪ ،‬وانما تصعد إلى الفكر‬
‫القديم شرقيا كان أو غربيا ‪ ،‬فعرفت لها صور في البراهمية والكونفوشية كما بدت لها‬
‫مظاهر في الفلسفة االيونية ‪ .‬وأوضح ما تكون لدى الرواقيين واالفلوطينيين الذين‬
‫شاءوا ان يردوا‬

‫‪1154‬‬
‫“ ‪“ 1155‬‬

‫الكون إلى أصل الهي ‪ .‬وأساسها نزعات دينية واتجاهات صوفية ‪ ،‬ال تسلم اال بما هو‬
‫الهي وروحي ثم عمقتها نظرات فلسفية وبحوث عقلية تحاول ان توفق بين الواحد‬
‫والمتعدد ‪ ،‬وان تربط الالنهائي بالنهائي ‪ .‬والمطلق بالنسبي فأضحت بابا من أبواب‬
‫الفلسفة اإللهية ‪ ،‬سبيال لتصوير عقيدة التوحيد تصويرا عقليا ال يسلم اال بوجود واحد‬
‫“ ( الكتاب التذكاري ‪ .‬ابن العربي ص ص ‪) 369 - 368‬‬

‫) ‪ ( 4‬يقول أبو العال عفيفي ‪:‬‬


‫“ ‪ . . .‬ان األقوال المأثورة عن أبي يزيد البسطامي والحالج ‪ ،‬بل عن ابن الفارض‬
‫المعاصر البن العربي ‪ ،‬ليست في نظري دليال على اعتقادهم في وحدة الوجود ‪ ،‬بل‬
‫َّللا فلم يشاهدوا‬
‫على أنهم كانوا رجاال فنوا في حبهم ّّلل عن أنفسهم ‪ ،‬وعن كل ما سوى ّ‬
‫في الوجود غيره ‪ .‬وهذه وحدة شهود ال وحدة وجود ‪.‬وفرق بين فيض العاطفة‬
‫وشطحات الجذب ‪ ،‬وبين نظرية فلسفية في اإللهيات ‪ :‬اي فرق بين الحالج الذي صاح‬
‫في حالة من أحوال جذبه بقوله “ انا الحق “ ‪ ،‬أو ابن الفارض الذي أفناه حبه لمحبوبه‬
‫عن نفسه فلم يشعر اال باالتحاد التام به فقال ‪ ”:‬متى حلت عن قولي انا هي أو أقل *‬
‫ي حلّت [“ التائية الكبرى ‪] . 277‬‬ ‫وحاشا لمثلي انها ف ّ‬
‫أقول ‪ :‬فرق بين هذين الرجلين وبين ابن العربي الذي يقول في صراحة ال مواربة فيها‬
‫وال لبس ‪ ،‬معبرا ال عن وحدته هو بالذات اإللهية وال عن فنائه في محبوبه ‪ ،‬بل عن‬
‫وحدة الحق والخلق ‪ ( “ . . .‬مقدمة فصوص الحكم ص ص ‪. )25 - 26‬‬

‫) ‪( 5‬راجع “ خيال “‬
‫) ‪( 6‬يقول عفيفي في شرح جملة ابن العربي ‪:‬‬
‫( فالعالم بين كثيف ولطيف وهو عين الحجاب على نفسه ‪ ،‬فال يدرك الحق ادراكه‬
‫َّللا ‪ ،‬وال يدرك‬
‫َّللا هو عين الحجاب الذي يستر ّ‬
‫نفسه ) ‪ “ :‬فالعالم الذي هو صورة ّ‬
‫َّللا اال بمقدار ما يتجلى فيه من اسرار الحق ‪ .‬ولهذا ال يدرك شيء من العالم‬
‫العالم من ّ‬
‫الحق كما يدرك الحق نفسه ‪ .‬وهذا اعتراف صريح من ابن العربي بان الوجود المطلق‬
‫بعيد المنال حتى على ذوق الصوفي ‪ ،‬ومنه يتبين ان دعواه في وحدة الوجود ال تقوم‬
‫على الكشف واالستدالل ‪ ،‬وانما هي فرض افترضه وعجز عن تأييده “ ‪.‬‬
‫( فصوص ج ‪ 2‬ص ص ‪. ) 17 - 16‬‬
‫ونرد على عفيفي قائلين ‪ :‬ان القول بوحدة الوجود ال يلزم بشكل قطعي القول بادراك‬
‫العالم الحق ‪ ،‬ولكن يلزم القول بان يدرك العالم انه مظهر للحق ليس اال ‪.‬‬
‫) ‪( 7‬راجع “ علم اليقين “ “ عين اليقين ‪“ .‬‬
‫‪( 8 )Roger Deladriere dans son livre “ la profession de foi‬‬
‫‪d'Ibn Arabi “ Preface P . LXXII .- - - - -‬‬
‫“ ‪“ 1156‬‬

‫‪1155‬‬
‫) ‪( 9‬يراجع ‪:- La profession de foi d'Ibn Arabi . Roger‬‬
‫‪Deladriere preface P . P : LXXII - LXXV-‬تفسير القاشاني المنسوب‬
‫خطأ البن العربي ‪ .‬والذي يتتابع نشره بعنوان “ تفسير ابن العربي ‪“ .‬‬
‫انظر طبعة بيروت ‪ 1968‬ج ‪ 2‬ص ص ‪. 824 - 823‬‬
‫‪-‬ايضاح المقصود من وحدة الوجود النابلسي‬
‫) ‪( 10‬ان لفظ الوحدة يقابل الكثرة ويفترضها في الوقت نفسه‪.‬‬
‫وبما ان الوجود عند ابن العربي واحد ‪ ،‬فاألولى ان يشتق اللفظ منه فنقول “ ‪ :‬واحدانية‬
‫الوجود “ أو “ واحدية الوجود ‪“ . . .‬‬
‫) ‪( 11‬راجع ما كتبه هنري كوربان عن التوحيد في كتابه ‪.En Islam iranien‬‬
‫) ‪T 3 P . P . 127 - 136 ( Tawhid esoterique )( 12‬يدل على ذلك تعدد‬
‫صيغ العقيدة التي افتتح بها فتوحاته ‪ :‬عقيدة العوام ‪ ،‬عقيدة الخواص ‪ ،‬عقيدة ‪. . .‬‬
‫) ‪( 13‬راجع “ توحيد ‪“ .‬‬
‫) ‪( 14‬يرى البرزنجي ان الوجودية طائفتان ‪ ،‬مالحدة وموحدة‪.‬‬
‫المالحدة األولى ‪ “ :‬ان الباري تعالى وتقدس ليس موجودا في الخارج بوجود مستقل‬
‫وَّللا هو‬
‫َّللا ّ‬
‫ممتاز عن عالمي األرواح واألجسام بل هو مجموع العالم ‪ . . .‬فالعالم هو ّ‬
‫َّللا ‪.‬‬
‫العالم وليس ثمة شيء غير العالم يقال له ّ‬
‫وهذا كفر صريح “ ( الجاذب الغيبي ق ‪. ) 296‬‬
‫كما يشير “ دالدرير “ إلى أن الدراسات الحديثة المتعلقة بابن العربي قد برهنت بما ال‬
‫يدع مجاال للشك على صحة ايمانه وعقيدته ‪ .‬وخاصة أبحاث ‪:‬‬
‫بركهارت‪ ،Burckardt‬فالسن ‪ ،‬م ‪.‬‬
‫مال ‪ ،‬ع ‪ .‬يحيى ‪ ،‬ه ‪ .‬كوربان ‪ .‬والمستشرق الياباني ايزتسي‪Izutsu‬في شرحه‬
‫الحديث لفصوص الحكم ‪.‬‬
‫انظر ) ‪:- La profession de foi d'Ibn Arabi P . LX( 15‬‬
‫يقول البرزنجي في شرح مفهوم المطلق عند ابن العربي ‪ “ :‬ومطلق باالطالق الحقيقي‬
‫الذي ال يقابل تقييد القابل لكل اطالق وتقييد ‪ ،‬فاطالقه عدم تقيده بغيره في عين الظهور‬
‫بالقيود ‪ ،‬ال عدم ظهوره في القيود وال عدم ظهوره اال في القيود ‪.‬‬
‫َّللا ولم يكن شيء غيره “ ‪ ،‬وله‬ ‫فله التفرد عن الظهور في األشياء بمقتضى “ كان ّ‬
‫التجلي فيما شاء من المظاهر بمقتضى” َو ُه َو َمعَ ُك ْم أَيْنَ ما ُك ْنت ُ ْم “[ ‪ ] 4 / 57‬ولكن ال‬
‫يط “[ ‪] 20 / 85‬‬ ‫َّللاُ ِّم ْن َورائِّ ِّه ْم ُم ِّح ٌ‬
‫يتقيد بذلك فإنه من وراء ذلك بمقتضى” َو َّ‬
‫“ ( الجاذب الغيبي ق ‪. ) 309‬‬
‫) ‪( 16‬راجع “ حيرة “‬
‫) ‪( 17‬ان النور واحد واختالف أعيان الممكنات يؤدي إلى اختالف الظالل ‪ ،‬وهي‬
‫المراتب الوجودية التي أشار إليها بقوله “ الترتيب الواقع ‪“ .‬‬

‫‪1156‬‬
‫“ ‪“ 1157‬‬

‫) ‪( 18‬راجع “ وجود “ “ خيال ‪“ .‬‬


‫) ‪( 19‬راجع بخصوص “ وحدة الوجود “ عند ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬عفيفي‪The mystical‬ص ص ‪ 15 - 13‬حيث يرى أن نظرية ابن العربي في‬
‫وحدة الوجود مستمدة من ثالثة عناصر واضحة ‪ :‬األشعرية ‪ ،‬الحالج ‪ ،‬األفالطونية‬
‫المحدثة وانها رغم اختالفها عنها تحتويها جميعا ‪.‬‬
‫‪-La profession de foi . Deladriere‬ص ص ‪LXXX - LXXII-‬الكتاب‬
‫التذكاري ‪ .‬الفصل الرابع عشر ص ص ‪ 380 - 367‬مقال بعنوان “ وحدة الوجود‬
‫بين ابن العربي واسبينوزا “ للدكتور إبراهيم مدكور ‪.‬‬

‫‪-‬البرزنجي ‪ .‬الجاذب الغيبي ق ق ‪ 347 - 302‬حيث يتعرض البرزنجي للباحثين في‬


‫وحدة الوجود عند ابن العربي أمثال البقاعي والتفتازاني والعالء البخاري ‪.‬‬

‫) ‪( 20‬ان الوجود في الممكن ليس عينه بل هو قائم به ‪ ،‬لذلك يقول ابن العربي ان‬
‫الوجود مني اي من الحق ‪ ،‬وبك ‪ ،‬اي بالخلق ‪ ،‬قائم بالممكن ألنه غيره ‪.‬‬

‫) ‪( 21‬ان الوجود ال يكون بالحق ألنه عينه فالوجود في واجب الوجود هو عينه ‪،‬‬
‫لذلك يقول ابن العربي “ ألبي “ اي ال يقوم بي ألنه عيني ‪ ،‬فال ثنائية بين الوجود‬
‫وواجب الوجود ‪.‬‬

‫) ‪( 22‬من حيث إن المخلوقات هي فعل الحق وبالتالي دليل يوصل اليه ‪.‬‬
‫) ‪( 23‬من وجدك فقدني ‪ :‬اي من أثبت لك وجودا حقيقيا احتجب به وبالتالي فقدني ‪.‬‬
‫من فقدك وجدني ‪ :‬اي من اثبتك في عدمك رأى انني القيوم في الصور عندها‬
‫وجدني ‪.‬‬
‫) ‪( 24‬اي ان للحق الوجود المطلق في مقابل الوجود المقيد للخلق ‪.‬‬
‫) ‪( 25‬اي ان الوجود أينما ظهر فهو لي بالحقيقة ‪ .‬فالوجود الحق هو ّّلل حتى الوجود‬
‫المقيد ‪.‬‬

‫‪ - 675‬الواحد ‪1‬‬
‫*استعمل ابن العربي لفظ “ واحد “ إشارة إلى ‪ :‬واحد الزمان ‪ ،‬الذي هو القطب ‪.‬‬
‫يقول ‪ ”:‬وليت أمور الخلق إذ صرت واحدا * عزيزا وال فخر لدى وال زهو “‬
‫( الديوان ص ‪) 43‬‬
‫****‬
‫ان الواحد ليس بعدد عند ابن العربي ‪ ، 2‬بل هو أصل االعداد ‪ ،‬ويستصحبها في‬
‫مراتب الظهور ‪ -‬وقد استفاد من عالقة الواحد باالعداد ليفسر عالقة الحق‬

‫‪1157‬‬
‫“ ‪“ 1158‬‬

‫بالخلق ‪ .‬فالحق هو الواحد أصل المخلوقات اي االعداد والظاهر في مراتب‬


‫ظهورها ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬استصحاب الواحد لالعداد ‪ ،‬مثل قوله” َو ُه َو َمعَ ُك ْم أَيْنَ ما ُك ْنت ُ ْم “[ ‪ ] 4 / 57‬اي‬
‫ليس لكم وجود معين دون الواحد ‪ .‬فبالواحد تظهر أعيان االعداد ‪. . .‬‬
‫وفي اي شيء ضربت الواحد لم يتضاعف ذلك الشيء وال زاد ‪ . 3‬فان الواحد الذي‬
‫ضربته في تلك الكثرة ‪ ،‬انما ضربته في احديتها ‪ . 4‬فلهذا لم يظهر فيها زيادة ‪ ،‬فإن‬
‫الواحد ال يقبل الزائد في نفسه ‪ ،‬وال فيما يضرب فيه ‪ . . .‬الن مقام الواحد يتعالى ان‬
‫يحل في شيء أو يحل فيه شيء ‪ . . .‬فهو [ الواحد ] ‪ . . .‬يترك الحقائق على ما هي‬
‫عليه ‪ ،‬ال تتغير عن ذاتها ‪ ،‬إذ لو تغيرت لتغير الواحد في نفسه ‪ ،‬وتغير الحق في نفسه‬
‫‪ ،‬وتغيّر الحقائق محال “ ‪ ( . . .‬ف ‪. ) 494 / 3‬‬
‫“ ‪ . . .‬األلف يسري في مخارج الحروف كلها ‪ ،‬سريان الواحد في مراتب‬
‫االعداد ‪ ( “ . . .‬كتاب األلف ص ‪. ) 12‬‬
‫****‬
‫لقد جعل ابن العربي “ الواحد “ اسما للذات في مقابل “ االحد “ [ صفة ‪. ] 5‬‬
‫وقد يطلق لفظ الواحد على الخلق لصفة األحدية القائمة بهم ‪.‬‬
‫ونلفت النظر إلى أنه يستعمل اسم “ االحد “ ‪ :‬للداللة على الذات اإللهية المجردة عن‬
‫األسماء والصفات [ أحدية العين ] ‪ ،‬وعلى الحق المتصف بهذه األسماء والصفات‬
‫[ أحدية الكثرة ] ‪.‬‬
‫وغني عن البيان ان أحدية العين وقف على الحق ال يتصف بها الخلق ‪ ،‬على حين ان‬
‫هذا األخير يشترك مع الحق في صفة أحدية الكثرة ‪. 6‬‬
‫ولذلك يجب ان نفهم كل نص ينفي فيه الشيخ األكبر امكانية اطالق لفظ األحدية على‬
‫الخلق ‪ ،‬على أنه ‪ :‬أحدية العين ‪ ،‬وفي اطالقه اللفظ نستخلص انها ‪ :‬أحدية كثرة ‪.‬‬
‫دون ان نظن أن نصوصه تتناقض ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫) ‪ “ ( 1‬يدعى صاحبها [ صاحب حضرة التوحيد ] عبد الواحد بالحاء المهملة إذا أراد‬
‫االسم ‪ ،‬وإذا أراد الصفة يقال له عبد االحد “ ( ف ‪. “) 293 / 4‬‬
‫) ‪( 2‬فالذات غير متكثرة بها [ باألسماء اإللهية ] ‪ ،‬الن الشيء ال يتكثر اال‬

‫‪1158‬‬
‫“ ‪“ 1159‬‬

‫باألعيان الوجودية ‪ ،‬ال باالحكام واإلضافات والنسب ‪ ،‬فما من شيء معلوم اال وله‬
‫أحدية بها يقال فيه انه ‪ :‬واحد ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 294 / 4‬‬
‫“ وكالهما [ أحدية الكثرة وأحدية العين ] يطلق عليهما االسم االحد “ ( فصوص ‪/ 1‬‬
‫‪. “ ) 105‬‬
‫) ‪( 3‬اشهدني الحق بمشهد األحدية ‪ . . .‬ثم قال لي ‪ :‬أنت الواحد وانا االحد فمن غاب‬
‫عن األحدية رآك ‪ ،‬ومن بقي معها رأى نفسه ( “ مشاهد األسرار ق ق ‪ 62‬ب ‪63 -‬‬
‫أ‪).‬‬
‫“ ‪ . . .‬فان لفظ األحدية جاءت ثابتة االطالق على من سواه فقال ”‪َ :‬وال يُ ْش ِّر ْك بِّ ِّعبا َدةِّ‬
‫َر ِّبّ ِّه أ َ َحدا ً “[ ‪ ، ] 110 / 18‬وان كان المفهوم منه ‪ ،‬بالنظر إلى تفسير المعاني ‪ ،‬على‬
‫َّللا ‪ ،‬انه ال يعبد من حيث أحديته ‪ . .‬فكأنه يقول ال يعبد اال الرب من حيث‬ ‫طريق أهل ّ‬
‫ربوبيته ‪ ،‬فان الرب أوجدك فتعلق به وتذلل له ‪ ،‬وال تشرك األحدية مع الربوبية في‬
‫العبادة فتتذلل لها كما تتذلل للربوبية ‪ ،‬فان األحدية ال تعرفك وال تقبلك ‪ 7‬فيكون تعبد‬
‫َّللا فال أحدية ‪9‬‬ ‫في غير معبد ‪ . . .‬فان األحدية ال تثبت اال ّّلل مطلقا ‪ ، 8‬واما ما سوى ّ‬
‫له مطلقا ‪.‬‬
‫فهذا هو المفهوم من هذه اآلية عندنا من حيث طريقنا في تفسير القرآن ‪ ( “ . . .‬ف ‪2‬‬
‫‪. ) 581 /‬‬
‫****‬
‫الوحدانية “ و “ الواحدانية “ ‪ :‬نسبة إلى االسم “ الواحد “ ‪ “ .‬فالوحدانية “ هي في‬
‫جناب الحق ‪ :‬كونه واحد بال وحدانية ‪ .‬وتتميز “ الوحدانية “ عن “ األحدية “ في أنها‬
‫كالربوبية تطلب المربوبين ‪ ،‬ففي الوحدانية يشهده الجميع على حين أن األحدية ذاتية‬
‫للذات الهوية ولها الغنى على االطالق ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫‪- “ 1‬الوحدانية “ نسبة إلى االسم “ الواحد “ “ ‪ . . .‬علم التوحيد االسم منه ‪:‬‬
‫وحداني ‪ ،‬فالتوحيد وصفه ‪ ،‬وفوقه علم االتحاد فالوصف منه متحد ‪ ،‬وفوقهما علم‬
‫الوحدانية فاالسم منه واحد ‪ ،‬وفوق ذلك علم األحدية االسم منه أحد ‪ .‬هذه أسماء لها‬
‫صفات ‪ ( “ . . .‬رسالة إلى الرازي ص ‪) 10‬‬

‫‪1159‬‬
‫“ ‪“ 1160‬‬

‫‪- 2‬الحق واحد بال وحدانية “ الحمد ّّلل الذي لم يكن قبل وحدانيته قبل اال والقبل هو ‪.‬‬
‫ولم يكن بعد فردانيته بعد اال والبعد هو ‪ . . .‬هو الواحد بال وحدانية وهو الفرد بال‬
‫فردانية ‪ ،‬ليس مركبا من االسم والمسمى فلهذا هو االسم والمسمى ‪ ( “ . . .‬كتاب الهو‬
‫ق ‪. ) 186‬‬
‫“ حجابه وحدانيته ال يحجبه شيء غيره ‪ ،‬حجابه وجوده ‪ ،‬تستر بوحدانيته ‪. . .‬‬
‫“ ( كتاب الهو ق ‪. ) 188‬‬

‫‪- 3‬الوحدانية ‪ :‬مبدأ التمايز بين األشياء واالشخاص ‪:‬‬


‫“ ‪ . . .‬ال تعرف وحدانية الحق سبحانه اال من وحدانيتك [ العبد ] ‪ ،‬فان لكل شيء في‬
‫نفسه وحدانية ‪ .‬بها يمتاز عن غيره ‪ .‬فمن وقف على هذه الصفة منه وتحققها ‪ ،‬تحقق‬
‫وحدانية الحق وعلم أن ّّلل تعالى وصفا ذاتيا ‪ ،‬ال يصح ان يتصف به سواه ‪ ،‬غير أن‬
‫لكل موجود سواه سبحانه وحدانية ‪ ،‬وله صفات مشتركة اال الحق سبحانه ‪ ،‬فان له‬
‫وصف الوحدانية وليس له من يشاركه فيه سبحانه “ ( وسائل السائل ص ‪. ) 49‬‬
‫“ ‪ . . .‬فاالحدية لك واالتحاد للعبد ال األحدية ‪ ،‬فإنه ال يعقل العبد اال بغيره ال بنفسه فال‬
‫رائحة في األحدية ابدا ‪ ،‬والحق قد تعقل له األحدية وقد تعقل باإلضافة الن الكل له بل‬
‫هو عين الكل ‪ ،‬ال كلية جمع بل حقيقة أحدية تكون عنها الكثرة ‪ ( “ . . .‬ف ‪) 31 / 2‬‬

‫‪- 4‬الوحدانية ‪ -‬األحدية [ لها الغنى ] “ فان األحدية موطن االحد عليها حجاب العزة‬
‫ال يرفع ابدا ‪ ،‬فال يراه في األحدية سواه الن الحقائق تأبى ذلك ‪ . . .‬ان االنسان ‪. . .‬‬
‫مخلوق على الواحدانية ال على األحدية ‪ ،‬الن األحدية لها الغنى على االطالق ‪. . .‬‬
‫الن األحدية ذاتية للذات الهوية والوحدانية اسم لها سمتها بها التثنية ‪ .‬ولهذا جاء االحد‬
‫في نسب الرب ولم يجيء الواحد ‪ . . .‬ثم إن األحدية قد أطلقت على كل موجود من‬
‫انسان وغيره لئال يطمع فيها االنسان ‪ ،‬فقال تعالى” فَ ْليَ ْع َم ْل َ‬
‫ع َم ًال صا ِّلحا ً َوال يُ ْش ِّر ْك‬
‫ِّب ِّعبا َد ِّة َر ِّبّ ِّه أ َ َحدا ً “[ ‪ . . ] 110 / 18‬فصارت األحدية سارية في كل‬

‫‪1160‬‬
‫“ ‪“ 1161‬‬

‫موجود ‪ ( “ . . .‬كتاب األلف ص ‪. ) 2‬‬


‫‪- 5‬الوحداني يطلب الموحدين “ ‪ . . .‬فان كمال الوحدانية في سريان أحديته في العقائد‬
‫‪ ،‬فان الوحداني هو الذي يطلب الموحدين ‪ ،‬واألحدية ال تطلب ذلك ‪ ،‬كالجسماني هو‬
‫الذي يطلب األجسام ليظهر بها حكمه ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 88/ 3‬‬

‫‪- 6‬الوحدانية واالشراك ” وفي كل شيء له آية * تدل على أنه واحد "‬
‫َّللا ‪ ،‬هي وحدانية الشيء ال امر‬
‫وهذه اآلية التي في كل شيء التي تدل على وحدانية ّ‬
‫آخر ‪ .‬وما في الوجود شيء من جمال [ جماد ] وغيره ‪ ،‬وعال وسافل اال عارفا‬
‫بوحدانية خالقه ‪.‬‬
‫فهو واحد وال بد وال تتخيل ان المشرك ال يقول بالواحد ‪. . .‬‬
‫فهذا المشرك قد أثبت وحدانية ذات المعبود وأثبت وحدانية الشريك ‪ ( “ . . .‬كتاب‬
‫األلف ‪) 4‬‬

‫‪- 7‬ال يعرف الواحد اال الواحد “ ‪ . . .‬تعرف [ األرواح ] ان ثم امرا تنفرد به عن‬
‫غيرها على االجمال وهي وحدانيتها ‪ .‬ومنها تعرف وحدانية من أوجدها إذ ال يعرف‬
‫الواحد اال الواحد ‪.‬‬
‫وهي التي أراد القائل بقوله ‪:‬‬
‫وفي كل شيء له آية *** تدل على أنه واحد‬
‫يشير إلى خاصية كل شيء وهي أحديته ‪ . . .‬فجعلها عالمة على أحدية االحد ‪. . .‬‬
‫فان أكثر العارفين ماتوا بحسرة فقد هذه المعرفة ‪ ،‬التي هي أحديتهم فكلهم عرفوا‬
‫وحدانيتهم ‪ .‬واألحدية ال يعرفها اال القليل من أهل العناية والتمكين ‪( “ .‬األشواق‬
‫‪. ) 49‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬الواحد من األسماء اإللهية ‪.‬‬
‫) ‪( 2‬يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫“ اعلم أن االحد ال يكون عنه شيء البتة وان أول االعداد انما هو االثنان ‪ ( “ . . .‬ف‬
‫‪. ) 126 / 3‬‬
‫) ‪( 3‬مثال ‪ 9 - 1 9 :‬أو ‪ 10 - 1 10‬وهكذا في اي شيء نضرب الواحد ال يزيد هذا‬
‫الشيء ‪.‬‬

‫‪1161‬‬
‫“ ‪“ 1162‬‬

‫) ‪( 4‬راجع “ أحدية الكثرة “‬


‫) ‪( 5‬يقول صاحب لطائف االعالم ‪ “ :‬االحد ‪ :‬هو اسم الذات باعتبار سقوط جميع‬
‫االعتبارات وانتفاء جميع التعينات عنها ‪ ،‬وذلك بخالف الواحد فان الذات انما تسمى به‬
‫باعتبار ثبوت جميع االعتبارات والتعينات ‪ ،‬التي ال تتناهى ‪ ( “ . . .‬ق ‪ 13‬ب )‬
‫) ‪( 6‬راجع “ أحدية العين “ “ أحدية الكثرة “‬
‫) ‪( 7‬ال يستمر ابن العربي في موقفه هذا يقول ‪ ”:‬النار تضرم في قلبي وفي كبدي *‬
‫شوقا إلى نور ذات الواحد الصمد‬
‫فجد علي بنور الذات منفردا * حتى أغيب عن التوحيد باألحد “( مواقع النجوم ص‬
‫‪) 46‬‬
‫) ‪( 8‬األحدية هنا تنظر إلى “ أحدية العين “‬
‫) ‪( 9‬يراجع بشأن “ واحد “ و “ أحد “ عند ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬ف ج ‪ 1‬ص ‪ ( 42‬الواحد وكثرة تعلقاته )‬
‫‪-‬ف ج ‪ 2‬ص ‪ ( 31‬األحدية ‪ ،‬االتحاد ) ‪ ( 581 ،‬األحدية والواحد )‬
‫‪-‬ف ‪ 3‬ص ‪ ( 126‬الفرد والواحد ) ‪ ،‬ص ‪ ( 355‬االحد ) ‪ ( 499 ،‬الواحد والوتر‬
‫والشفع ) ‪ ( 500 ،‬الواحد األول ‪ -‬الواحد االحد )‬
‫‪-‬ف ج ‪ 4‬ص ‪ ( 107‬في الواحد ظهرت االضداد ) ‪ ،‬ص ‪ ( 276‬االحد ‪ ،‬الوتر )‬
‫‪-‬فصوص ج ‪ 1‬ص ‪ ( 72‬تعداد الواحد بالوجوه والنسب ) ‪ ( 77 ،‬ظهرت االعداد‬
‫بالواحد ) ج ‪ 2‬ص ‪ ( 53‬الواحد أصل جميع االعداد ) ‪ ( 59 ،‬الواحد ) ‪90 ،‬‬
‫وَّللا ) ‪ ( 322 ،‬الواحد والفرد )‬
‫( الواحد ّ‬
‫‪-‬كتاب األلف ص ‪ ( 6‬الفرد ‪ ،‬الوتر ‪ ،‬الواحد )‬
‫‪-‬كتاب الهو ق ‪ ( 186‬الواحد بال وحدانية )‬
‫‪-‬رسالة معرفة الكنز العظيم ق ‪ 153‬أ ( الواحد صورة الكثرة )‬
‫‪-‬رسالة ايضاح السهل الممتنع ق ‪ ( 141‬الواحد ‪ :‬موجود وال شيء ‪ ،‬الفرد ‪ :‬ظل ‪،‬‬
‫الوتر ‪:‬‬
‫ي)‪.‬‬ ‫ف ّ‬

‫‪ - 676‬الواحد الكثير‬
‫لقد نظر ابن العربي إلى الوحدة الظاهرة في كل واحد ‪ ،‬فرأى أنها في الحقيقة هي‬
‫وحدة كثرته ‪ ،‬ال وحدة صافية نقية ‪ .‬اذن كل واحد هو الواحد الكثير ‪:‬‬
‫الحق ‪ -‬االنسان ‪ -‬العالم ‪ -‬النفس ‪.‬‬

‫‪1162‬‬
‫“ ‪“ 1163‬‬

‫‪- 1‬الحق هو “ الواحد الكثير “ ‪ :‬واحد من حيث ذاته الغنية عن العالمين ‪ ،‬كثير من‬
‫حيث أسماؤه وصفاته ‪.‬‬
‫‪- 2‬االنسان هو “ الواحد الكثير “ ‪ :‬واحد من حيث عينه الواحدة ‪ ،‬كثير من حيث‬
‫أعضاؤه الظاهرة ‪.‬‬
‫‪- 3‬العالم هو “ الواحد الكثير “ ‪ :‬واحد من حيث جوهره الواحد ‪ ،‬كثير من حيث‬
‫صورة الظاهرة ‪.‬‬
‫‪- 4‬النفس هو “ الواحد الكثير “ ‪ :‬واحد من حيث عينه الواحدة ‪ ،‬كثير من حيث مقاطعه‬
‫التي تشكل الحروف ‪.‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫) ‪ ( 1‬الحق ‪ -‬الواحد الكثير ‪:‬‬
‫َّللا هو الحق المبين أي الظاهر ‪ ،‬فهو ‪ :‬الواحد الكثير ‪ ( “ . . .‬ف ‪) 380 / 2‬‬ ‫“ ان ّ‬
‫ْس َك ِّمثْ ِّل ِّه َ‬
‫ش ْي ٌء “[ ‪َ ”] 11 / 42‬و ُه َو ال َّ‬
‫س ِّمي ُع‬ ‫“ فهو [ الحق ] ‪ :‬الواحد الكثير ‪ ”. . .‬لَي َ‬
‫ير “[ ‪ ] 1 / 17‬وأين التنزيه من التشبيه والعين واحدة ‪. . .‬‬ ‫ْالبَ ِّ‬
‫ص ُ‬
‫فهذه احكام مختلفة في عين واحدة “ ( ف ‪. ) 325 / 3‬‬
‫“ فما خرج عنه عز وجل شيء ‪ . . .‬بل الكل منه انبعث واليه ينتهي ‪. . .‬‬
‫فمحيطه ‪ :‬أسماؤه ‪ ،‬ونقطته ‪ :‬ذاته ‪ .‬فلهذا هو الواحد العدد ‪ ،‬والواحد الكثير ‪ .‬فما كل‬
‫عين له ناظر اال عين االنسان ‪ ،‬ولوال انسان العين ‪ ،‬ما نظرت عين االنسان ‪،‬‬
‫فباالنسان نظر االنسان فبالحق ظهر الحق ‪.‬فقلنا فيه حق * وقلنا فيه خلق ‪ (“ . . .‬ف‬
‫‪. ) 451 / 3‬‬
‫َّللا وتر يحب الوتر ‪ .‬فما تس ّمى‬ ‫“ ‪ . . .‬ان ّّلل تسعة وتسعين اسما مئة اال واحد ‪ ،‬فان ّ‬
‫اال ‪ :‬بالواحد الكثير ال بالواحد االحد “ ( ف ‪. ) 55 /4‬‬

‫) ‪( 2‬االنسان ‪ -‬الواحد الكثير ‪:‬‬


‫“ فأنت [ االنسان ] الكثير ‪ ،‬أنت الواحد ‪ ( “ 1‬ف ‪. ) 414 / 2‬‬
‫“ فإذا حصل بيدك اسم من األسماء اإللهية ‪ ،‬فانظر في أية مرتبة هو من هذه المراتب‬
‫‪ ،‬فادع به من حيث مرتبته ‪ ، 2‬ال تخرجه عنها جملة واحدة ‪ ،‬وال تغفل‬

‫‪1163‬‬
‫“ ‪“ 1164‬‬

‫عن داللته على الذات التي لها هذه النعوت ‪ 3‬كلها ‪ ،‬تكن أحدي العين في عين الكثرة ‪،‬‬
‫فتكون ‪ :‬الواحد الكثير ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 303 / 2‬‬
‫) ‪ ( 3‬العالم ‪ -‬الواحد الكثير ‪:‬‬
‫“ جوهر العالم كله واحد بالجوهرية والعين ‪ ،‬يختلف بالصور وما يعرض له من‬
‫االعراض ‪ ،‬فهو المجتمع المفترق ‪ ،‬والواحد الكثير ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 461 ) . 2‬‬
‫“ فما في الوجود اال الواحد الكثير ‪ ،‬وفيه ظهرت المالئكة المهيمة ‪ ،‬والعقل والنفس‬
‫والطبيعة ‪ ( “ . .‬ف ‪. ) 420 / 3‬‬
‫) ‪ ( 4‬النفس ‪ -‬الواحد الكثير ‪:‬‬
‫“ وجعل [ الحق ] النطق في االنسان على أتم الوجود ‪ ،‬فجعل له ثمانية وعشرين‬
‫مقطعا للنفس ‪ ،‬يظهر في كل مقطع حرفا معينا ما هو عين اآلخر ‪ ،‬ميّز المقطع مع‬
‫كونه ليس غير النفس ‪ ،‬فالعين واحدة من حيث إنها نفس وكثيرة من حيث المقاطع‬
‫“ ( ف ‪. ) 391 / 2‬‬
‫وهكذا يتضح ان الواحد الكثير هو ما كانت عين كثرته واحدة ‪ ،‬وال تظهر وحدته اال‬
‫في الكثرة ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ واحد الكثرة ‪ . . .‬عين كثرته واحد “ ( ف ‪. ) 372 / 4‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬اي كثير بأعضائه الظاهرة ‪ ،‬واحد في عينه ‪.‬‬
‫) ‪( 2‬من حيث انفراد كل اسم الهي بمعنى خاص ومرتبة ذاتية ‪ :‬المعز غير المذل‬
‫غير الباسط غير القابض غير المانع ‪. . .‬‬
‫) ‪( 3‬ان كل اسم الهي على انفراده بمعنى ذاتي خاص ‪ ،‬يشترك مع بقية األسماء من‬
‫حيث الداللة على الذات ‪ .‬فالمعز هو المذل من حيث داللتهما على ذات واحدة ‪ .‬راجع‬
‫“ اسم الهي ‪“ .‬‬

‫‪1164‬‬
‫“ ‪“ 1165‬‬

‫‪- 677‬األحديّة ‪ -‬أحديّة األحد ‪ -‬أحديّة الكثرة ‪1‬‬


‫مترادفات أحدية االحد ‪ :‬األحدية ‪ -‬األحدية الذاتية ‪ -‬أحدية العين ‪ -‬أحدية الذات‬
‫مترادفات أحدية الكثرة ‪ :‬أحدية التمييز ‪ -‬أحدية الجمع ‪ -‬أحدية األسماء ‪.‬‬
‫“ األحدية “ نسبة إلى االسم ‪ :‬االحد ‪ ،‬الذي يتتبع ابن العربي النهج القرآني فيطلقه على‬
‫َّللاُ أ َ َح ٌد ] ‪، “[ 112 / 1‬‬
‫َّللا” قُ ْل ُه َو َّ‬
‫ّ‬
‫َّللا ‪َ ”:‬وال يُ ْش ِّر ْك ِّب ِّعبا َدةِّ َر ِّبّ ِّه أ َ َحدا ً “[ ‪ ] 110/ 18‬ولكن كيف يوفق‬
‫وعلى كل ما سوى ّ‬
‫َّللا وبين كل ما سواه في نعت واحد ؟ انه يميز بين احديتين ‪:‬‬ ‫ابن العربي بين ّ‬
‫األحدية [ مع ال التعريف ] ‪ ،‬وأحدية [ نكرة ] ‪.‬‬
‫فللحق ‪ :‬األحدية ‪ .‬وكل ما سواه له ‪ :‬أحدية ‪ ،‬وعلى ذلك تكون “ األحدية “ هي ‪ :‬أحدية‬
‫االحد ‪ ،‬أو أحدية الواحد ‪.‬‬
‫ويسميها الشيخ األكبر ‪ :‬األحدية الذاتية ‪.‬‬
‫وهذه األحدية هي ّّلل فقط ال قدم لمخلوق فيها ‪ ،‬وهي التي ينطبق عليها كل ما قاله‬
‫الجيلي والكمشخانوي وصاحب لطائف االعالم كما تقدم ذكر ذلك في الهامش رقم‬
‫‪(1).‬‬
‫اما األحدية الثانية النكرة فهي ‪ :‬أحدية الكثرة ‪.‬‬
‫إذ الحظ ابن العربي ان كل كثرة ال بد لها لكي يستقيم وجودها ‪ ،‬من أحدية تحفظ لها‬
‫هذا الوجود ‪ ،‬وتميزه عن غيره من الموجودات ‪.‬‬
‫وهي ما أشار إليها الجيلي ب “ الهيئة المخصوصة الجدارية ‪“ .‬‬
‫ونستطيع ان نوضح ما سبق بالتعميمات التالية ‪:‬‬
‫‪-‬ان لكل كثرة أحدية هي “ أحدية الكثرة “ ‪ :‬فالكثرة ال توجد في كونها اال باحديتها ‪،‬‬
‫مثال الجدار ال يوجد بمجموع الطين واآلجر والجص والخشب بل ال بد من تركيب‬
‫خاص يوجده ‪ ،‬هو أحديته المتميزة عن مجموعه ‪.‬‬
‫وتكون األحدية ‪ :‬تركيب المجموع تركيبا خاصا ‪.‬‬
‫‪-‬ان لكل وحدة كثرة هي “ كثرة الواحد ‪“ :‬‬
‫الكثرة في الواحد هي وجوهه ونسبه المتعددة ‪.‬‬
‫فاأللوهية مثال واحدة ‪ ،‬إال أنها متكثّرة بأسمائها ونسبها واعتباراتها‪.‬‬

‫‪1165‬‬
‫“ ‪“ 1166‬‬

‫ولكن ال نستطيع ان نع ّمم قائلين ‪ :‬ان لكل أحدية كثرة ‪ . 2‬فاالحدية ال كثرة فيها ‪ ،‬بل‬
‫هي صرف مطلقة ‪ ،‬ولذلك ال تطلق اال على الذات من حيث انفرادها ‪ ،‬وعدم تعلقها‬
‫بشيء ‪.‬‬
‫اذن ‪ :‬رأى ابن العربي احديتين ‪ :‬رأى أوال أحدية الذات اإللهية فس ّماها ‪:‬‬
‫“ األحدية “ ‪ ،‬النفرادها ‪ .‬ثم نظر إلى الكثرة المشهودة في الكون ‪ ،‬ورأى انها ال تقوم‬
‫اال باحديتها ‪ ،‬فسمى هذه األحدية ‪ “ :‬أحدية “ ‪ .‬وذلك الشتراكها مع أحدية االحد التي‬
‫انفرد بها ‪ ،‬بصفة ‪ :‬التمييز ‪.‬‬
‫فاالحدية في المخلوقات هي أحدية كثرة ‪ ،‬أو أحدية تمييز ‪ ،‬والتمييز بنظرة أدق هو ‪:‬‬
‫انفراد ‪.‬‬
‫اذن سبب تسمية وحدة الكثرة باألحدية لصفة ‪ :‬االنفراد ‪.‬‬
‫“ وأحدية الكثرة “ هذه ضرورية في نظام ابن العربي الفكري ‪ ،‬إذ منها يعبر االنسان‬
‫إلى معرفة “ أحدية الواحد “ ‪ ،‬فاالحدية جعلها الحق سارية في كل ما سواه ‪ ،‬ليتذوق‬
‫منها األحدية ‪ ،‬ويعلم منها ذوقا أحدية الواحد ‪.‬‬
‫معرفة ] ‪.‬‬
‫ونلخص موقف ابن العربي قائلين ‪ :‬ان الذات لها ‪ :‬أحدية االحد أو األحدية [ ّ‬
‫واأللوهية ‪ :‬لها أحدية االحد واحدية الكثرة ‪ .‬واالنسان ‪ :‬له أحدية الكثرة أو أحدية‬
‫التمييز وال يطلق عليه ابدا أحدية االحد ‪.‬‬
‫ونورد فيما يلي نصوص ابن العربي التي تؤكد كالمنا ‪. 3‬‬
‫) ‪( 1‬االحد ‪ :‬نعت الهي ‪ ،‬ونعت كوني ‪:‬‬
‫“ اعلم أن االسم “ االحد “ ينطلق على كل شيء ‪ ،‬من ملك وفلك وكوكب وطبيعة‬
‫َّللاُ أ َ َح ٌد “[ ‪/ 112‬‬
‫وعنصر ومعدن ونبات ‪ . . .‬مع كونه نعتا الهيا في قوله” قُ ْل ُه َو َّ‬
‫‪ ، ] 1‬وجعله نعتا كونيا في قوله ‪َ ”:‬وال يُ ْش ِّر ْك بِّ ِّعبا َدةِّ َر ِّبّ ِّه أ َ َحدا ً “[ ‪. . . ] 110 / 18‬‬
‫َّللاُ أ َ َح ٌد “[ ‪ ] 1 / 112‬فنعته باألحدية ‪ ،‬ولكل جزء من‬ ‫“ ( ف ‪ ”) 221 / 2‬قُ ْل ُه َو َّ‬
‫العالم أحدية تخصه ‪ ،‬ال يشارك فيها ‪ ،‬بها يتميز ويتعين عن كل ما سواه ‪ ،‬مع ماله من‬
‫صفات االشتراك “ ( ف ‪َ ”. ) 181 / 3‬وال يُ ْش ِّر ْك ِّب ِّعبا َد ِّة َر ِّبّ ِّه أ َ َحدا ً “[ ‪] 110 / 18‬‬
‫فن ّكر أحدا ‪ ،‬فدخل تحته كل شيء له أحدية ‪ ،‬وما ثم شيء اال وله أحدية “ ( ف ‪/ 3‬‬
‫‪.) 478‬‬

‫‪1166‬‬
‫“ ‪“ 1167‬‬

‫) ‪( 2‬الذات المقدسة ‪ .‬لها أحدية االحد أو األحدية الذاتية أو أحدية العين ‪.‬‬
‫“ فان الذات المقدسة من حيث احديتها ليست مصدرا لشيء ‪ ، 4‬وال متصفة بصفة ‪،‬‬
‫وال مسماة باسم أصال البتة “ ( بلغة الغواص ق ‪) 100‬‬
‫معراة عن وصفها باأللوهية ‪ ،‬ولم تعبد األلوهية من غير نسبتها‬ ‫“ ‪ . . .‬لم تعبد الذات ّ‬
‫إلى موصوف بها ‪ ،‬فلم تقم العبادة اال على ما تقتضيه حقيقة العبد ‪ ،‬وهو التركيب ال‬
‫على ما تقتضيه حقيقة الحق ‪ ،‬وهو األحدية ‪ . . . 5‬ولهذا كانت األلف في الوضع‬
‫اإللهي ‪ ،‬بالخط العربي ‪ ،‬إذا تقدمت في الكلمة ال تتصل وال يتصل بها ‪ ،‬وإذا تأخرت‬
‫اتصل بها بعض الحروف ‪ ،‬ممن ال علم له باألحدية المطلقة ‪ ،‬التي تستحقها هذه‬
‫الذات ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 591 / 2‬‬
‫“ ‪ . . .‬فان األحدية ‪ :‬موطن االحد ‪ ،‬عليها حجاب العزة ال يرفع ابدا ‪ ،‬فال يراه في‬
‫األحدية سواه ‪ . . .‬األحدية لها الغنى على االطالق ( “ ‪ . . .‬األلف ص ‪) . 3‬‬
‫َّللا فال أحدية له مطلقا “ ( ف ‪/ 2‬‬‫“ فان األحدية ال تثبت اال ّّلل مطلقا ‪ ،‬واما ما سوى ّ‬
‫‪. ) 581‬‬
‫للا ‪ .‬له أحدية العين وأحدية الكثرة ‪.‬‬‫)‪ّ (3‬‬
‫َّللا من حيث‬
‫َّللا من حيث األسماء اإللهية التي تطلبنا ‪ :‬أحدية الكثرة ‪ ،‬وأحدية ّ‬‫“ فاحدية ّ‬
‫الغنى عنا وعن األسماء ‪ :‬أحدية العين ( ‪ “ .‬فصوص ‪) 105 / 1‬‬
‫َّللا من حيث نفسه له أحدية االحد ‪ ،‬ومن حيث أسماؤه له أحدية الكثرة‬ ‫“ واعلم أن ّ‬
‫“ ( ف ‪. ) 465 / 3‬‬
‫َّللا اال ربه‬
‫َّللا احدى بالذات كل باألسماء ‪ ،‬وكل موجود فما له من ّ‬ ‫“ اعلم أن مسمى ّ‬
‫خاصة يستحيل ان يكون له الكل ‪ .‬واما األحدية اإللهية فما لواحد فيها قدم ‪ . . .‬فاحديته‬
‫مجموع كله بالقوة ‪ ( . “ 6‬فصوص ‪. ) 90 / 1‬‬
‫َّللا “ ] ‪ ،‬الذي هو أحدية جمع‬
‫“ ‪ . . .‬اسمه الذاتي العلي االحدي الجمعي [ االسم “ ّ‬
‫جمعيات األسماء الحسنى ‪ ،‬من كونها مشيرة اليه ودالة عليه وتتعلق به ‪ ( “ . .‬شق‬
‫الجيوب ق ‪. ) 62‬‬
‫“ وينفرد الحق باألحدية ‪ :‬أحدية الذات ‪ ،‬ال أحدية الكثرة ‪ ،‬التي هي ‪:‬‬
‫أحدية األسماء “ ( ف ‪.) 274 / 4‬‬

‫‪1167‬‬
‫“ ‪“ 1168‬‬

‫) ‪( 4‬العالم له أحدية الكثرة ‪.‬‬


‫“ فما في الكون ‪ 7‬ان كنت عالما أحدية اال ‪ :‬أحدية المجموع ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 3‬‬
‫‪. ) 193‬‬
‫“ واعلم أن الحروف كالطبائع وكالعقاقير ‪ ،‬بل كاألشياء كلها ‪ ،‬لها خواص بانفرادها‬
‫ولها خواص بتركيبها ‪ ،‬وليس خواصها بالتركيب ألعيانها ‪ ،‬ولكن الخاصية ‪ :‬الحدية‬
‫الجمعية ‪ ( “ .‬ف ‪. ) 300 / 2‬‬
‫“ ثم إن األحدية قد أطلقت على كل موجود من انسان وغيره ‪ ،‬لئال يطمع فيها االنسان‬
‫‪ ،‬فقال تعالى ‪ ”:‬فَ ْليَ ْع َم ْل َ‬
‫ع َم ًال صا ِّلحا ً َوال يُ ْش ِّر ْك بِّ ِّعبا َدةِّ َر ِّبّ ِّه أ َ َحدا ً “[ ‪. . . ] 110 / 18‬‬
‫فصارت األحدية سارية في كل موجود ‪ ( “ . . .‬األلف ص ‪. ) 3‬‬
‫) ‪( 5‬أحدية الكثرة ‪ :‬الطريقة إلى أحدية الواحد “ فان العبد أعطي الكثرة لتكون‬
‫األحدية له تعالى ‪.‬‬
‫وأعطي كل مخلوق أحدية التمييز ‪ ،‬لتكون عنده األحدية ذوقا ‪ ،‬فيعلم ان ثّم أحدية ‪،‬‬
‫ليعلم منها األحدية اإللهية ‪ ،‬حتى يشهد بها ّّلل تعالى ‪ .‬إذ لو لم يكن لمخلوق أحدية ذوقا‬
‫يتميز بها عما سواه ‪ ،‬ما علم أن ّّلل أحدية يتميز بها عن خلقه ‪ ،‬فال بد منها فللكثرة‬
‫أحدية الكثرة ( “ ‪ . . .‬ف ‪) . 378 / 3‬‬
‫“ وعلمت أحدية الواحد ‪ ،‬من أحدية الكثرة ‪ ( “ 8‬ف ‪. ) 404 / 3‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬ننقل كالم الجيلي في األحدية ‪:‬‬
‫“ األحدية عبارة عن مجلى الذات ليس لألسماء وال للصفات وال لشيء من مؤثراتها‬
‫فيه ظهور ‪ ،‬فهي اسم لصرافة الذات المجردة عن االعتبارات الحقية والخلقية ‪ .‬وليس‬
‫لتجلي األحدية في األكوان مظهر أتم منك ‪ ،‬إذا استغرقت في ذاتك ونسيت اعتباراتك‬
‫واخذت بك فيك عن ظواهرك ‪ ،‬فكنت أنت في أنت من غير أن ينسب إليك شيء مما‬
‫تستحقه ‪ . . .‬فهذه الحالة من االنسان أتم مظهر لالحدية في األكوان ‪ . . .‬وهو أول‬
‫تنزالت الذات من ظلمة العماء إلى النور المجالي ‪ ،‬فاعلى تجلياتها هو هذا التجلي‬
‫لتمحضها وتنزهها عن األوصاف واألسماء ‪. . .‬‬
‫بحيث وجود الجميع فيها لكن بحكم البطون في هذا التجلي ال بحكم الظهور ‪ - .‬وهذه‬
‫األحدية في لسان العموم هي عين الكثرة المتبوعة ‪ ،‬فهي في المثل كمن ينظر من بعد‬
‫إلى جدار قد بني ذلك الجدار من طين وآجر وجص وخشب ولكنه ال يرى شيئا من‬
‫ذلك ‪ ،‬وال يرى اال جدارا‬

‫‪1168‬‬
‫“ ‪“ 1169‬‬
‫فقط ‪ ،‬فكانت أحدية هذا الجدار مجموع ذلك الطين واالجر والجص والخشب ال على‬
‫أنه اسم لهذه األشياء ‪ ،‬بل على أنه اسم لتلك الهيئة المخصوصة الجدارية ‪ . . .‬فهي‬
‫[ األحدية ] في الجناب اإللهي عبارة عن صرافة الذات المجردة عن جميع األسماء‬
‫والصفات ‪ . . .‬فاالحدية أول ظهور ذاتي وامتنع االتصاف باألحدية للمخلوق ‪. . .‬‬
‫فهي ّّلل تعالى مختصة به “ ( االنسان الكامل ج ‪ 1‬ص ص ‪.) 26 - 25‬‬

‫ويعرف الكمشخانوي األحدية قائال ‪ “ :‬هي االسم باعتبار الصفة مع اسقاط الجميع‬ ‫‪ّ -‬‬
‫من الصفات واألسماء والنسب والتعينات “ ( جامع األصول ص ‪.) 54‬‬
‫‪-‬ويتكلم صاحب لطائف االعالم على ‪ :‬األحدية ‪ :‬األحدية الذاتية ‪ ،‬األحدية الصفاتية ‪،‬‬
‫قائال ‪ ( “ :‬األحدية ) ‪ :‬اعتبار الذات من حيث ال نسبة بينها وبين شيء أصال ‪. . .‬‬
‫وبهذا االعتبار المسمى باألحدية تقتضي الذات الغنى عن العالمين ‪ . . .‬ومن هذا‬
‫الوجه ‪ . . .‬ال تدرك الذات وال تحاط بها بوجه من الوجوه لسقوط االعتبارات عنها ‪،‬‬
‫وهذا هو االعتبار الذي به يسمى الذات أحدا ‪ . . .‬ومتعلقه بطون الذات واطالقها ‪. . .‬‬
‫( األحدية الذاتية ) ‪ :‬هي ما عرفته من اعتبار الذات من حيث ال نسبة لها إلى شيء‬
‫أصال ‪ ( . . .‬األحدية الصفاتية ) ‪ :‬يعني بها اعتبار الذات من حيث اتحاد األسماء بها‬
‫والصفات وانتشاؤها عنها ‪ ،‬وهذا االعتبار يسمى بواحدية الذات أيضا وبهذا االعتبار‬
‫تتخذ األسماء على اختالفها ويدل كل اسم عليها ‪ ،‬وان فهم منه معنى يتميز به عن‬
‫غيره من األسماء “ ( ق ق ‪ 13‬ب ‪ 14 -‬أ ‪) .‬‬
‫‪-‬كما يراجع كشاف التهانوي ج ‪ 6‬ص ص ‪ ( 1464 - 1463‬األحدية )‬

‫) ‪( 2‬اي اننا نستطيع ان نقول ‪ :‬ان لكل كثرة أحدية ولكن ال نستطيع ان نقول لكل‬
‫أحدية كثرة ‪ ،‬الن أحدية الواحد االحد ال كثرة فيها ‪.‬‬
‫يقول ابن العربي ‪ “ :‬فكما ان للكثرة أحدية تسمى أحدية الكثرة كذلك للواحد كثرة‬
‫تسمى كثرة الواحد ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 232 / 4‬‬
‫) ‪( 3‬يجدر ان نلفت النظر إلى أن ابن العربي يطلق األحدية دون ان يقيدها بصفة‬
‫نعلم منها اي أحدية يريد ‪ .‬والمطالع كتبه قد يرميه بالتناقض ان لم يستشف الصفة‬
‫المضمرة لالحدية ‪.‬‬
‫) ‪( 4‬يقول ابن العربي ‪ . . . “ :‬كان االيجاد بالفردية ال باألحدية ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 4‬‬
‫‪ . ) 89‬راجع “ فردية “ “ تثليث “‬
‫) ‪( 5‬يقول الجيلي في التفريق بين األحدية والواحدية واأللوهية ‪:‬‬
‫“ واعلم أن الفرق بين األحدية والواحدية واأللوهية ان األحدية ‪ :‬ال يظهر فيها شيء‬
‫من األسماء والصفات وذلك عبارة عن محض الذات الصرف في شأنه الذاتي ‪.‬‬
‫والواحدية ‪ :‬تظهر‬

‫‪1169‬‬
‫“ ‪“ 1170‬‬
‫فيها األسماء والصفات مع مؤثراتها لكن بحكم الذات ال بحكم افتراقها ‪ .‬فكل منها فيه‬
‫عين اآلخر ‪ ،‬واأللوهية تظهر فيها األسماء والصفات بحكم ما يستحقه كل واحد من‬
‫الجميع ‪ ،‬ويظهر فيها ان المنعم ضد المنتقم والمنتقم فيها ضد المنعم وكذلك باقي‬
‫األسماء والصفات ‪ ،‬حتى األحدية فإنها تظهر في األلوهية بما يقتضيه حكم األحدية‬
‫وبما يقتضيه حكم الواحدية ‪ ،‬فتشمل األلوهية بمجالها احكام جميع المجالي ‪ . . .‬فلهذا‬
‫كانت األحدية أعلى من الواحدية ‪ ،‬ألنها ذات محض ‪ ،‬وكانت األلوهية أعلى من‬
‫األحدية ألنها أعطت األحدية حقها ( “ ‪ . . .‬االنسان الكامل ج ‪ 1‬ص ‪) 27‬‬

‫) ‪( 6‬انظر شرح المقطع الفصوص ج ‪ 2‬ص ‪. 86‬‬


‫) ‪( 7‬انظر "كون " ‪( 8 ) .‬يراجع بشأن “ أحدية “ عند ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬ترجمان األشواق ص ‪ 49‬هامش ‪ ( 1‬الوحدانية ‪ ،‬األحدية )‬
‫‪-‬شق الجيوب ق ‪ ( 72‬حضرة األحدية )‬
‫‪-‬كتاب أيام الشأن ص ‪ ( 11‬أحدية الشأن ‪ -‬وحدانية اليوم )‬
‫‪-‬رسالة ال يعول ص ‪ ( 12‬أحدية الكثرة )‬
‫‪-‬الفصوص ج ‪ 1‬ص ‪ ( 82‬أحدية المشيئة ) ‪ ( 93 ،‬األحدية ) ‪ ( 153 ،‬أحدية‬
‫العين ) ‪ ( 159 ،‬الحق احدى العين كثير باألسماء ) ‪ ( 195 ،‬أحدية الهوى ) ‪200 ،‬‬
‫( أحدية الكثرة ‪ ،‬احدى العين ‪) .‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 1‬ص ‪ ( 61‬مقام األحدية ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪ ( 31‬األحدية واالتحاد ) ‪ ( 65 ،‬األحدية الذاتية ) ‪110 ،‬‬
‫( أحدية الذات ) ‪ ( 289 ،‬أحدية المخصص ‪ ،‬أحدية الذات ‪ ،‬أحدية الموجودات ) ‪،‬‬
‫‪ ( 290‬أحدية الكثرة ‪ ،‬األحدية ‪ ،‬أحدية الذات ‪ ،‬أحدية األلوهية ) ‪ ( 291‬أحدية االثنين‬
‫وأحدية الثالثة واألربعة ‪ ،‬أحدية األسماء أحدية الحق ) ‪ ( 293 ،‬أحدية المجموع ‪،‬‬
‫أحدية العين ) ‪ ( 440 ،‬أحدية المجموع ‪ ،‬أحدية الواحد ) ‪ ( 582 ،‬األحدية ) ‪641 ،‬‬
‫( األحدية والفردية ‪) .‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪ ( 81‬أحدية الجمع ) ‪ ،‬ص ‪ ( 86‬األحدية ‪ -‬الوحدانية ) ‪194 ،‬‬
‫( أحدية المجموع ) ‪ ( 289 ،‬أحدية الكثرة ) ‪ ( 310 ،‬أحدية األلوهية ) ‪318 ،‬‬
‫( األحدية والجمعية ) ‪ ،‬ص ‪ ( 338‬األحدية ) ‪ ( 344 ،‬أحدية الكثرة ) ‪348 ،‬‬
‫( أحدية المعنى ) ‪ ( 353 ،‬أحدية الواحد ‪ -‬أحدية المجموع ) ‪ (357 ،‬أحدية‬
‫االفعال ) ‪ ( 371 ،‬األحدية والواحدية ) ‪ ( 374‬الكثرة مع أحدية العين ) ‪462 ،‬‬
‫( أحدية الكلمة ) ‪ ( 475 ،‬األحدية ) ‪ ( 483 ،‬أحدية المرتبة ‪ ،‬احدى الكثرة ) ‪505 ،‬‬
‫( أحدية الكثرة ‪ ،‬أحدية الواحد ‪) .‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪ ( 31‬أحدية محضة خالصة ) ‪ ( 55 ،‬أحدية الكثرة ‪ ،‬أحدية‬
‫التمييز أحدية العين ) ‪ ( 80 ،‬األحدية اإللهية ‪ ،‬أحدية الواحد ‪ ،‬أحدية الوحدانية ) ‪88‬‬
‫( أحدية‬

‫‪1170‬‬
‫“ ‪“ 1171‬‬

‫الكثرة أحدية الواحد ) ‪ ( 107 ،‬أحدية الواحد أحدية الكثرة ) ‪ ( 131 ،‬أحد العين ‪) .‬‬
‫‪ (132‬أحدية المجموع وأحدية كل واحد من المجموع ) ‪ ( 136 ،‬أحدية الكثرة ) ‪،‬‬
‫‪ ( 146‬أحدية العين ) ‪ ( 158 ،‬األحدية والفردية ) ‪ ( 176 ،‬أحدية العين ‪ ،‬أحدية‬
‫الكثرة ) ‪ ( 183 ،‬أحدية العين ‪ ،‬أحدية الكثرة ) ‪ ( 197 ،‬أحدية الداللة على الذات ) ‪،‬‬
‫‪ ( 276‬أحدية الخلق ) ‪ ( 294 ،‬أحدية المجموع أحدية الذات ‪ ،‬أحدية الواحد ) ‪335‬‬
‫( أحدية العدد ) ‪ ( 349 ،‬األحدية ) ‪ ( 367‬أحدية الكون في العين ) ‪ ( 376 ،‬أحدية‬
‫الكثرة ) ‪ ( 387 ،‬أحدية العين والكون ‪) .‬‬
‫كما يراجع ‪:‬‬
‫‪-‬علم الحقائق ق ‪ 4‬أ ( أحدية الجمع )‬
‫‪-‬علم التصوف النوري ق ‪ 59‬أ ( األحدية )‬
‫‪-‬االصطالحات الصوفية ق ‪ 76‬ب ( أحدية الجمع ) ‪ 77‬ب ( األحدية )‬
‫‪-‬مطلع خصوص الكلم ق ‪ ( 4‬األحدية )‬
‫‪-‬شرح التائية ق ‪ ( 7‬األحدية )‬
‫‪-‬الصالة الكبرى ق ‪ ( 18‬األحدية )‬
‫‪-‬الفصوص ج ‪ 2‬ص ‪ ( 88‬األحدية الذاتية ) ‪ ( 119 ، 115 ،‬أحدية الذات أحدية‬
‫األسماء ‪ ،‬أحدية االفعال ) ‪ ( 298 ،‬أحدية الكثرة ) ‪.‬‬

‫‪ - 678‬احديّة الوصف‬
‫انظر “ صفة "‪.‬‬

‫‪ - 679‬الوحدانية ‪ -‬الواحدانية‬
‫انظر “ الواحد “ المعنى “ الرابع‪“ .‬‬

‫‪1171‬‬
‫“ ‪“ 1172‬‬

‫‪ - 680‬التوحيد ‪1‬‬
‫ان التوحيد حال ال يمكن االنفكاك عنه للمسلم ‪ ،‬ولذلك ال يجب ان نؤخذ بكالم الحاتمي‬
‫أحيانا ‪ ،‬من أن التوحيد ‪ :‬شرك أو ‪ ،‬أنه معقول غير موجود ‪.‬‬
‫فالتوحيد ‪ :‬موجود حاصل لكل مسلم ‪ ،‬في كل حال من أحواله ‪ .‬اما النفي الذي يرمى‬
‫اليه شيخنا األكبر فهو نفي مقصوده كيفية معينة ‪ .‬اي ان التوحيد كما يرمى اليه يجعل‬
‫ما دونه شركا وهو في ذاته معقول غير موجود ‪ .‬هكذا يجب ان نفهم الكلمات الضخمة‬
‫التي تفجأ المفهوم العام ‪.‬‬
‫وكعادته في ارجاع كل المفاهيم النفسية واألخالقية ‪ ،‬إلى تركيبات وجودية‬
‫انطولوجية ‪ .‬كذلك نقل التوحيد من حقل األلوهية ‪ ،‬إلى حقل الوجود ‪ .‬وهذا يتضح في‬
‫المعنى الثاني ‪.‬‬
‫*****‬
‫ان التوحيد على درجات ثالث ‪ :‬قد تكون درجات يترقى فيها السالك ‪ ،‬وقد تكون عبارة‬
‫عن تنوع الموحدين إليها ‪ .‬وهي ‪:‬‬
‫توحيد الدليل ‪ ،‬وتوحيد الحال ‪ ،‬وتوحيد المشاهدة ‪.‬‬
‫‪-‬فالتوحيد األول ‪ :‬هو توحيد العامة ‪ ،‬من حيث إنهم يصلون باالستدالل إلى وحدانية‬
‫َّللا ‪ .‬وهو توحيد علماء الرسوم كما يقول الحاتمي ‪ .‬ونستطيع ان نضيف نحن انه‬ ‫ّ‬
‫توحيد المبتدئين ‪.‬‬
‫‪-‬التوحيد الثاني ‪ :‬هو في الواقع قرب النوافل ‪ ،‬من حيث إنه حال يصبح فيه الحق‬
‫نعتا للموحد ‪.‬‬
‫‪-‬التوحيد الثالث ‪ :‬هو توحيد وجودي انطولوجي ‪ ،‬تصبح فيه صيغة الشهادة ‪ :‬ال‬
‫َّللا ‪.‬‬
‫موجود اال ّ‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫) ‪( 1‬مقصود ابن العربي من التوحيد ‪:‬‬
‫“ لما كان الدوام لمعيّة الحق مع العالم ‪ ،‬لم يزل حكم الجمع في الوجود وفي العدم ‪.‬‬
‫فاّلل معنا ‪،‬‬
‫فإنه مع الممكن في حال عدمه ‪ ،‬كما هو معه في حال وجوده ‪ .‬فأينما كنا ّ‬
‫فالتوحيد معقول غير موجود ‪ ،‬والجمع موجود ومعقول ‪. . .‬لو أراد [ الحق ] التوحيد‬
‫سن الشرك ‪ ،‬ألنه اشرك معه‬‫ما أوجد العالم ‪ ،‬فهو أول من ّ‬

‫‪1172‬‬
‫“ ‪“ 1173‬‬

‫العالم في الوجود ‪ ،‬فما فتح العالم عينه وال أبصر نفسه اال شريكا في الوجود ‪ -‬فليس‬
‫له في التوحيد ذوق ‪ .‬فمن أين يعرفه ‪.‬‬
‫فلما قيل له ‪ :‬و ّحد خالقك ‪ ،‬لم يفهم هذا الخطاب ‪ .‬فكرر عليه وأ ّكد له ‪ ،‬وقيل له ‪ :‬عن‬
‫الواحد صدرت ‪ ،‬فقال ‪ :‬ما أدري ما تقول ‪ ،‬ال اعقل اال االشتراك ‪ ،‬فان صدوري عن‬
‫ذات واحدة ال نسبة بيني وبينها ال يصح ‪ ،‬فال بد ان يكون مع نسبة علمية أو نسبة‬
‫قادرية ال بد من ذلك ‪ :‬ثم إنه وان كان قادرا فال بد من االشتراك الثاني ‪ ،‬وهو ان‬
‫يكون لي من ذاتي القبول القتداره ‪ ،‬وتأثيره في وجودي ‪ .‬فما صدرت عن واحد ‪،‬‬
‫وانما صدرت عن ذات قادرة في شيء قابل ألثر اقتداره ‪ ،‬أو في مذهب أصحاب العلل‬
‫عن حكم علة وقبول معلول ‪ .‬فلم ادر للوحدة طعما في الوجود ‪.‬‬
‫فقد رمت أن أخلو بتوحيد خالقي ‪ .....‬فكان قبولي مانعا ما أرومه‬
‫فيا ليت شعري هل يقام بمشهد ‪ .....‬ويا ليت شعري هل أرى من يقيمه‬
‫لقد رمت أمرا ال سبيل لنيله ‪ .....‬ويمنع عن تحصيل ذاك رسومه‬
‫فيا أيها الموحد أين تذهب ‪ ،‬وأنت توحد ‪ .‬توحيدك يشهد بأنك أشركت إذ ال يثبت توحيد‬
‫اال من موحد وموحد ‪ ، 2‬فالجمع ال بد منه فاالشتراك ال بد منه ‪(“ . .‬ف ‪. )307/ 4‬‬
‫) ‪ ( 2‬التوحيد ‪ 3 -‬درجات ‪:‬‬
‫“ التوحيد ‪ :‬علم ‪ ،‬ثم حال ‪ ،‬ثم علم ‪.‬‬
‫فالعلم األول ‪ :‬توحيد الدليل ‪ ،‬وهو توحيد العامة ‪ ،‬واعني بالعامة علماء الرسوم ‪.‬‬
‫ْت ِّإ ْذ‬
‫وتوحيد الحال ‪ :‬ان يكون الحق نعتك ‪ ،‬فيكون هو ال أنت في أنت ‪َ ”،‬وما َر َمي َ‬
‫ْت َول ِّك َّن َّ َ‬
‫َّللا َرمى “[ ‪. ] 17 / 8‬‬ ‫َر َمي َ‬
‫والعلم الثاني بعد الحال ‪ :‬توحيد المشاهدة ‪ ، 3‬فترى األشياء من حيث الواحدانية ‪ ،‬فال‬
‫ترى اال الواحد ‪ ،‬وبتجليه في المقامات يكون الوجدان ‪ ،‬والعالم كله وجدان ‪. . .‬‬
‫“ ( كتاب التجليات ص ‪. ) 27‬‬
‫****‬
‫ال يستمر ابن العربي في رؤيته الشاملة للتوحيد ‪،‬‬
‫بل ها هو يتخطى المرتبتين األولى والثانية ‪ ،‬ليغرق في التوحيد الثالث ‪،‬‬
‫أي ‪ :‬توحيد المشاهدة ‪.‬‬
‫فالتوحيد أصبح عنده ‪ :‬وحدة الوجود ‪.‬‬
‫والشرك كل الشرك ان تثبت للحق شريكا ال في األلوهية ‪ ،‬بل في الوجود ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫) ‪( 1‬التوحيد ‪ :‬نفي االثنينية في الوجود‪.‬‬

‫‪1173‬‬
‫“ ‪“ 1174‬‬
‫“ الموحد من جميع الوجوه ‪ ،‬ال يصح ان يكون خليفة ‪.‬‬
‫فان الخليفة ‪ ،‬مأمون بحمل أثقال المملكة كلها ‪ ،‬والتوحيد يفرده اليه ‪ ،‬وال يترك فيه‬
‫متسعا لغيره ‪ . . .‬التوحيد ‪ :‬يجمع ‪ ،‬والخالفة ‪ :‬تفرق “ ‪ ( .‬التجليات ص ‪. ) 30‬‬
‫“ التوحيد ‪ :‬فناؤك عنك ‪ ،‬وعنه ‪ ،‬وعن الكون ‪ ،‬وعن الفناء ‪ ،‬فابحث به ‪ .‬فان كل ما‬
‫سوى الحق ‪ :‬مائل وال يقيمه اال هو ‪ ،‬وال إقامة اال بالتوحيد ‪ ،‬فمن أقام فهو صاحب‬
‫التوحيد ‪ ( “ . . .‬التجليات ص ‪) 33‬‬
‫“ التوحيد ان يكون هو الناظر وهو المنظور ‪ ( “ . . .‬التجليات ص ‪. ) 34‬‬

‫) ‪ ( 2‬الشرك ‪ :‬اشراك غيره في الوجود “ ‪ . . .‬ما كان وحده ال شريك له ‪ .‬وان‬


‫َّللا ‪ .‬ومن كان كذلك لم يكن يحتاج اليه ‪،‬‬ ‫شريكه هو الذي وجوده بذاته ال بوجود ّ‬
‫فيكون ربا ثانيا ‪ .‬وذلك محال ‪.‬‬
‫َّللا شيء يقوم بنفسه ‪. . .‬‬ ‫جوز ان يكون مع ّ‬ ‫فليس ّّلل تعالى شريك ‪ . . .‬ومن ّ‬
‫فهو ‪ :‬مشرك ‪ ( “ . . .‬كتاب الهو ص ‪. ) 191 - 190‬‬
‫“ ‪ . . .‬ففائدة معرفة النفس ان تعلم وتحقق ان وجودك ليس بموجود وال معدوم ‪ .‬وانك‬
‫َّللا ‪ ،‬إذ‬ ‫لست كائنا وال كنت وال تكون قط ‪ ،‬ويظهر لك بذلك معرفة معنى ‪ :‬ال اله اال ّ‬
‫ال إله غيره وال وجود لغيره ‪ . . .‬فان قال قائل ‪ :‬عطلت الربوبية ‪ ،‬فالجواب ‪ :‬لم‬
‫اعطل ربوبيته ‪ ،‬ألنه لم يزل ربا وال مربوبا ‪ ،‬ولم يزل خالقا وال مخلوقا ‪. . .‬‬
‫“ ( كتاب الهو ص ‪. ) 199 - 198‬‬
‫صه الحق ‪ ،‬على ست‬ ‫لقد نظر الشيخ األكبر إلى القرآن ‪ ،‬فوجد فيه ان التوحيد قد ن ّ‬
‫وثالثين صيغة ‪ .‬فجعل كل صيغة توحيدا خاصا له اسم معين ‪.‬‬
‫ونورد فيما يلي على سبيل االختصار هذه األقسام الستة والثالثين الن كل توحيد منها‬
‫هو في الواقع ‪ ،‬عبارة اصطالحية ‪ ،‬ولكن ال يتسع المجال للتوسع بشرحها بل على من‬
‫يريد ذلك الرجوع إلى مصدرها من الفتوحات ‪ 4‬وهي ‪:‬‬
‫الر ْح ُ‬
‫من‬ ‫واح ٌد ال ِّإلهَ ِّإ َّال ُه َو َّ‬
‫‪-‬التوحيد األول ‪ :‬توحيد الواحد وهو قوله” َو ِّإل ُه ُك ْم ِّإلهٌ ِّ‬
‫الر ِّحي ُم ] ‪“[ 2 / 163‬‬
‫َّ‬
‫َّللاُ ال ِّإلهَ ِّإ َّال ُه َو ْال َح ُّ‬
‫ي‬ ‫‪-‬التوحيد الثاني ‪ :‬توحيد الهوية أو توحيد التنزيه وهو قوله” َّ‬
‫ْالقَيُّو ُم ] ‪“[ 2 / 255‬‬
‫‪-‬التوحيد الثالث ‪ :‬توحيد حروف النفس وهو األلف والالم والميم وهو قوله‬

‫‪1174‬‬
‫“ ‪“ 1175‬‬

‫ي ْالقَيُّو ُم ‪“[ 3 / 2 ] .‬‬ ‫َّللاُ ال ِّإلهَ ِّإ َّال ُه َو ْال َح ُّ‬ ‫“ ألم َّ‬
‫حام َكي َ‬
‫ْف‬ ‫ص ّ ِّو ُر ُك ْم ِّفي ْاأل َ ْر ِّ‬ ‫‪-‬التوحيد الرابع ‪ :‬توحيد المشيئة ‪ .‬وهو قوله” ُه َو الَّذِّي يُ َ‬
‫يز ْال َح ِّكي ُم ] ‪“[ 3 / 6‬‬ ‫يَشا ُء ال إِّلهَ إِّ َّال ُه َو ْالعَ ِّز ُ‬
‫َّللاُ أَنَّهُ ال ِّإلهَ ِّإ َّال‬ ‫ش ِّه َد َّ‬ ‫‪-‬التوحيد الخامس ‪ :‬توحيد الشهادة أو توحيد القسط وهو قوله” َ‬
‫ْط ] ‪“[ 3 / 18‬‬ ‫ُه َو َو ْال َمالئِّ َكةُ َوأُولُوا ْال ِّع ْل ِّم قائِّما ً ِّب ْال ِّقس ِّ‬
‫‪-‬التوحيد السادس ‪ :‬توحيد الهوية المنعوت باالسم الجامع للقضاء والفصل ‪.‬‬
‫َّللاُ ال ِّإلهَ ِّإ َّال ُه َو لَيَ ْج َمعَنَّ ُك ْم ِّإلى يَ ْو ِّم ْال ِّقيا َم ِّة ] ‪“[ 4 / 87‬‬ ‫وهو قوله” َّ‬
‫َّللاُ َربُّ ُك ْم ال إِّلهَ إِّ َّال‬ ‫‪-‬التوحيد السابع ‪ :‬توحيد الرب باالسم الخالق ‪ .‬وهو قوله” ذ ِّل ُك ُم َّ‬
‫ش ْيءٍ فَا ْعبُدُوهُ ] ‪“[ 6 / 102‬‬ ‫ُه َو خا ِّل ُق ُك ِّّل َ‬
‫ي ِّإلَي َْك ِّم ْن َر ِّبّ َك ال ِّإلهَ ِّإ َّال ُه َو‬ ‫وح َ‬‫‪-‬التوحيد الثامن ‪ :‬توحيد االتباع وهو قوله” اتَّبِّ ْع ما أ ُ ِّ‬
‫ع ِّن ْال ُم ْش ِّر ِّكينَ ] ‪“[ 6 / 106‬‬ ‫ض َ‬ ‫َوأَع ِّْر ْ‬
‫‪-‬التوحيد التاسع ‪ :‬توحيد الهوية في االسم المرسل أو توحيد الملك ‪ ،‬وهو قوله” ِّإ ِّنّي‬
‫ض ال ِّإلهَ ِّإ َّال ُه َو يُح ِّيي َويُ ِّميتُ‬ ‫ت َو ْاأل َ ْر ِّ‬
‫سماوا ِّ‬ ‫َّللا ِّإلَ ْي ُك ْم َج ِّميعا ً الَّذِّي لَهُ ُم ْلكُ ال َّ‬ ‫سو ُل َّ ِّ‬ ‫َر ُ‬
‫] ‪“[ 7 / 158‬‬
‫واحدا ً‬ ‫‪-‬التوحيد العاشر ‪ :‬توحيد االمر بالعبادة ‪ ،‬في قوله” َوما أ ُ ِّم ُروا إِّ َّال ِّليَ ْعبُدُوا إِّلها ً ِّ‬
‫ع َّما يُ ْش ِّر ُكونَ ] ‪“[ 9 / 31‬‬ ‫سبْحانَهُ َ‬ ‫ال ِّإلهَ ِّإ َّال ُه َو ُ‬
‫َّللاُ ال‬‫ي َّ‬ ‫‪-‬التوحيد الحادي عشر ‪ :‬توحيد االستكفاء ‪ ،‬وهو قوله” فَإِّ ْن ت َ َولَّ ْوا فَقُ ْل َح ْس ِّب َ‬
‫علَ ْي ِّه ت َ َو َّك ْلتُ َو ُه َو َربُّ ْالعَ ْر ِّش ْالعَ ِّظ ِّيم ] ‪“[ 9 / 129‬‬ ‫ِّإلهَ ِّإ َّال ُه َو َ‬
‫‪-‬التوحيد الثاني عشر ‪ :‬توحيد االستغاثة أو توحيد الصلة وهو قوله” َحتَّى ِّإذا أ َ ْد َر َكهُ‬
‫َت بِّ ِّه بَنُوا إِّسْرائِّي َل ] ‪“[ 10 / 90‬‬ ‫ْالغ ََر ُق قا َل آ َم ْنتُ أَنَّهُ ال إِّلهَ إِّ َّال الَّذِّي آ َمن ْ‬
‫‪-‬التوحيد الثالث عشر ‪ :‬توحيد االستجابة أو توحيد الهو ‪ .‬وهو قوله” فَإِّلَّ ْم يَ ْست َ ِّجيبُوا‬
‫َّللا َوأ َ ْن ال ِّإلهَ ِّإ َّال ُه َو فَ َه ْل أ َ ْنت ُ ْم ُم ْس ِّل ُمونَ “ ] ‪[ 11 / 14‬‬ ‫لَ ُك ْم فَا ْعلَ ُموا أَنَّما أ ُ ْن ِّز َل ِّب ِّع ْل ِّم َّ ِّ‬
‫من قُ ْل ُه َو‬ ‫الر ْح ِّ‬ ‫‪-‬التوحيد الرابع عشر ‪ :‬توحيد الرجعة ‪ .‬وهو قوله” َو ُه ْم يَ ْكفُ ُرونَ ِّب َّ‬
‫ب ] ‪“[ 13 / 30‬‬ ‫علَ ْي ِّه ت َ َو َّك ْلتُ َو ِّإلَ ْي ِّه َمتا ِّ‬ ‫َر ِّبّي ال ِّإلهَ ِّإ َّال ُه َو َ‬
‫‪-‬التوحيد الخامس عشر ‪ :‬توحيد االنذار أو توحيد اإلنابة ‪ .‬وهو قوله” يُن ِّ َّز ُل ْال َمال ِّئ َكةَ‬
‫ون “ ‪[ 16 /‬‬ ‫على َم ْن يَشا ُء ِّم ْن ِّعبا ِّد ِّه أ َ ْن أ َ ْنذ ُِّروا أَنَّهُ ال إِّلهَ إِّ َّال أَنَا فَاتَّقُ ِّ‬ ‫وح ِّم ْن أ َ ْم ِّر ِّه َ‬ ‫الر ِّ‬
‫بِّ ُّ‬
‫]‪2‬‬
‫َّللاُ ال ِّإلهَ‬ ‫س َّر َوأ َ ْخفى َّ‬ ‫‪-‬التوحيد السادس عشر ‪ :‬توحيد االبدال وهو قوله” فَإِّنَّهُ يَ ْعلَ ُم ال ِّ ّ‬
‫ِّإ َّال ُه َو لَهُ ْاألَسْما ُء ْال ُحسْنى ] ‪“[ 20 / 8‬‬
‫اخت َ ْرت ُ َك فَا ْست َ ِّم ْع ِّلما‬ ‫‪-‬التوحيد السابع عشر ‪ :‬توحيد االستماع وهو قوله” َوأَنَا ْ‬

‫‪1175‬‬
‫“ ‪“ 1176‬‬

‫َّللاُ ال ِّإلهَ ِّإ َّال أَنَا فَا ْعبُ ْدنِّي ] ‪“[ 20 / 13‬‬ ‫يُوحى ِّإنَّنِّي أَنَا َّ‬
‫َّللاُ الَّذِّي ال ِّإلهَ ِّإ َّال ُه َو‬ ‫‪-‬التوحيد الثامن عشر ‪ :‬توحيد السعة ‪ .‬وهو قوله” ِّإنَّما ِّإل ُه ُك ُم َّ‬
‫ش ْيءٍ ِّع ْلما ً ] ‪“[ 20 / 98‬‬ ‫َو ِّس َع ُك َّل َ‬
‫س ْلنا ِّم ْن قَ ْب ِّل َك ِّم ْن‬ ‫‪-‬التوحيد التاسع عشر ‪ :‬توحيد االقتداء والتعريف وهو قوله” َوما أ َ ْر َ‬
‫ُون ‪“[ 21 / 25 ] .‬‬ ‫وحي ِّإلَ ْي ِّه أَنَّهُ ال ِّإلهَ ِّإ َّال أَنَا فَا ْعبُد ِّ‬ ‫سو ٍل ِّإ َّال نُ ِّ‬ ‫َر ُ‬
‫‪-‬التوحيد العشرون ‪ :‬توحيد الفم أو توحيد المخاطب أو توحيد التنفيس ‪ .‬وهو قوله”‬
‫ت‬ ‫ت أ َ ْن ال ِّإلهَ ِّإ َّال أ َ ْن َ‬ ‫الظلُما ِّ‬ ‫علَ ْي ِّه فَنادى ِّفي ُّ‬ ‫ظ َّن أ َ ْن لَ ْن نَ ْقد َِّر َ‬ ‫غاضبا ً فَ َ‬‫َب ُم ِّ‬ ‫ون ِّإ ْذ ذَه َ‬ ‫َوذَا النُّ ِّ‬
‫الظا ِّل ِّمينَ ] ‪“. [ 21 / 87‬‬ ‫سبْحان ََك إِّ ِّنّي ُك ْنتُ ِّمنَ َّ‬ ‫ُ‬
‫َّللاُ ْال َم ِّلكُ ْال َح ُّق ال إِّلهَ‬ ‫‪-‬التوحيد الحادي والعشرون ‪ :‬توحيد الحق ‪ .‬وهو قوله” فَتَعالَى َّ‬
‫ِّإ َّال ُه َو َربُّ ْالعَ ْر ِّش ْال َك ِّر ِّيم ] ‪“[ 23 / 116‬‬
‫َّللاُ ال ِّإلهَ ِّإ َّال ُه َو َربُّ ْالعَ ْر ِّش‬ ‫‪-‬التوحيد الثاني والعشرون ‪ :‬توحيد الخبء وهو قوله” َّ‬
‫ْالعَ ِّظ ِّيم ] ‪“[ 27 / 26‬‬
‫َّللاُ ال ِّإلهَ ِّإ َّال ُه َو لَهُ ْال َح ْم ُد ِّفي‬ ‫‪-‬التوحيد الثالث والعشرون ‪ :‬توحيد االختيار وهو قوله” َّ‬
‫ْاألُولى َو ْاآل ِّخ َرةِّ َولَهُ ْال ُح ْك ُم َوإِّلَ ْي ِّه ت ُ ْر َجعُونَ ] ‪“[ 28 / 70‬‬
‫َّللا إِّلها ً‬ ‫ع َم َع َّ ِّ‬ ‫‪-‬التوحيد الرابع والعشرون ‪ :‬توحيد الحكم بالتوحيد ‪ .‬وهو قوله” َوال ت َ ْد ُ‬
‫ش ْيءٍ ها ِّل ٌك ِّإ َّال َو ْج َههُ ] ‪“[ 28 / 88‬‬ ‫آخ ََر ال ِّإلهَ ِّإ َّال ُه َو ُك ُّل َ‬
‫َّللا يَ ْر ُزقُ ُك ْم‬ ‫غي ُْر َّ ِّ‬ ‫ق َ‬ ‫‪-‬التوحيد الخامس والعشرون ‪ :‬توحيد العلة وهو قوله” ه َْل ِّم ْن خا ِّل ٍ‬
‫ض ال ِّإلهَ ِّإ َّال ُه َو ] ‪“[ 35 / 3‬‬ ‫ماء َو ْاأل َ ْر ِّ‬ ‫س ِّ‬ ‫ِّمنَ ال َّ‬
‫‪-‬التوحيد السادس والعشرون ‪ :‬توحيد التعجب ‪ ،‬وهو قوله” ِّإنَّ ُه ْم كانُوا ِّإذا ِّقي َل لَ ُه ْم ال‬
‫َّللاُ يَ ْست َ ْكبِّ ُرونَ ] ‪“[ 37 / 35‬‬ ‫إِّلهَ إِّ َّال َّ‬
‫َّللاُ َربُّ ُك ْم لَهُ ْال ُم ْلكُ ال ِّإلهَ‬ ‫‪-‬التوحيد السابع والعشرون ‪ :‬توحيد اإلشارة وهو قوله” ذ ِّل ُك ُم َّ‬
‫ص َرفُونَ ] ‪“[ 39 / 6‬‬ ‫ِّإ َّال ُه َو فَأَنَّى ت ُ ْ‬
‫لط ْو ِّل‬ ‫ب ذِّي ا َّ‬ ‫شدِّي ِّد ْال ِّعقا ِّ‬ ‫‪-‬التوحيد الثامن والعشرون ‪ :‬توحيد الصيرورة ‪ .‬وهو قوله” َ‬
‫ير “ ] ‪[ 40 / 3‬‬ ‫ص ُ‬ ‫ال ِّإلهَ ِّإ َّال ُه َو ِّإلَ ْي ِّه ْال َم ِّ‬
‫ش ْيءٍ‬ ‫َّللاُ َربُّ ُك ْم خا ِّل ُق ُك ِّّل َ‬ ‫‪-‬التوحيد التاسع والعشرون ‪ :‬توحيد الفضل وهو قوله” ذ ِّل ُك ُم َّ‬
‫ال إِّلهَ إِّ َّال ُه َو فَأَنَّى تُؤْ فَ ُكونَ ‪“[ 40 / 62 ] .‬‬
‫ي ال ِّإلهَ ِّإ َّال‬ ‫‪-‬التوحيد الثالثون ‪ :‬توحيد الحياة أو توحيد الكل ‪ .‬وهو قوله ”‪ُ :‬ه َو ْال َح ُّ‬
‫ّلل َربّ ِّ ْالعالَ ِّمينَ ] ‪“[ 40 / 65‬‬ ‫صينَ لَهُ ال ّدِّينَ ْال َح ْم ُد ِّ َّ ِّ‬ ‫عوهُ ُم ْخ ِّل ِّ‬ ‫ُه َو فَا ْد ُ‬
‫‪-‬التوحيد الحادي والثالثون ‪ :‬توحيد البركة ‪ .‬وهو قوله” ال ِّإلهَ ِّإ َّال ُه َو يُ ْح ِّيي َويُ ِّميتُ‬
‫َربُّ ُك ْم َو َربُّ آبا ِّئ ُك ُم ْاأل َ َّو ِّلينَ ] ‪“[ 44 / 8‬‬
‫‪-‬التوحيد الثاني والثالثون ‪ :‬توحيد الذكرى ‪ .‬وهو قوله” فَا ْعلَ ْم أَنَّهُ ال إِّلهَ إِّ َّال‬

‫‪1176‬‬
‫“ ‪“ 1177‬‬
‫ت ] ‪“[ 47 / 19‬‬ ‫َّللاُ َوا ْست َ ْغ ِّف ْر ِّلذَ ْن ِّب َك َو ِّل ْل ُمؤْ ِّمنِّينَ َو ْال ُمؤْ ِّمنا ِّ‬
‫َّ‬
‫َّللاُ الَّذِّي ال ِّإلهَ ِّإ َّال ُه َو عا ِّل ُم‬ ‫‪-‬التوحيد الثالث والثالثون ‪ :‬توحيد العلم ‪ .‬وهو قوله” ُه َو َّ‬
‫الر ِّحي ُم ] ‪“[ 59 / 22‬‬ ‫من َّ‬‫الر ْح ُ‬ ‫شها َد ِّة ُه َو َّ‬ ‫ب َوال َّ‬ ‫ْالغَ ْي ِّ‬
‫َّللاُ الَّذِّي ال إِّلهَ إِّ َّال ُه َو‬
‫‪-‬التوحيد الرابع والثالثون ‪ :‬توحيد النعوت ‪ .‬وهو قوله” ُه َو َّ‬
‫ُّوس ‪“[ 59 / 23 ] .‬‬ ‫ْال َم ِّلكُ ْالقُد ُ‬
‫َّللاُ ال ِّإلهَ ِّإ َّال ُه َو‬ ‫‪-‬التوحيد الخامس والثالثون ‪ :‬توحيد الرزايا والرجوع ‪ .‬وهو قوله” َّ‬
‫َّللا فَ ْليَت َ َو َّك ِّل ْال ُمؤْ ِّمنُونَ ] ‪“[ 64 / 13‬‬ ‫علَى َّ ِّ‬ ‫َو َ‬
‫ب‬‫ق َو ْال َم ْغ ِّر ِّ‬ ‫‪-‬التوحيد السادس والثالثون ‪ :‬توحيد الوكالة ‪ . 5‬وهو قوله” َربُّ ْال َم ْش ِّر ِّ‬
‫يال ] ‪“[ 73 / 9‬‬ ‫ال إِّلهَ إِّ َّال ُه َو فَات َّ ِّخ ْذهُ َو ِّك ً‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬التوحيد محور العقيدة االسالمية وشعارها ‪ ،‬وشغل رجالها ومفكريها منذ فجر‬
‫الدعوة ‪ .‬ولكن يالحظ ان مباحث الالهوت في االسالم عند األشاعرة والماتريدية‬
‫خاصة اكتفت بمعالجة مشكلة التوحيد من الناحية النظرية فقط ‪.‬‬
‫اي دراسة الوحدة اإللهية وإقامة البراهين عليها من الوجهة النقلية والعقلية ‪.‬‬
‫في حين ان هذه المشكلة ذاتها ظهرت في حقل التصوف بمثابة وعي شامل للوحدة‬
‫اإللهية وشهادة صادقة عنها ‪ .‬وحين يستعرض الباحث نظرية التوحيد وتطورها في‬
‫الفكر االسالمي ‪ ،‬وخاصة في األوساط السنية ‪ ،‬يجد انها شغلت دورا هاما عند فرق‬
‫ثالث من االسالميين ‪ ،‬وهم المعتزلة والسلفية والصوفية‬
‫‪ .‬فكل فرقة من هذه الفرق خلفت حول مشكلة التوحيد ‪ ،‬محصوال فكريا وعلميا يمتاز‬
‫حقا بالعمق والشمول واالصالة ‪.‬‬
‫كان رجال االعتزال ‪ ،‬على ما يظهر ‪ ،‬أول من اثار مشكلة التوحيد في العالم السني ‪،‬‬
‫وجاهدوا مخلصين في سبيل تطبيق مبدئهم التوحيدي على مسائل عديدة في اإللهيات‬
‫واالخالقيات واالجتماعيات ‪.‬‬
‫فكانت مقالة التوحيد عندهم لها صالت وثيقة بمسألة ‪ :‬خلق القرآن ونفي الصفات عن‬
‫الباري وعدم امكانية رؤيته في الدار اآلخرة ‪ ،‬كما ترتبط بمقالتهم في العدل اإللهي‬
‫وحرية االنسان ‪ .‬اذن فكرة التوحيد التي هي الهوتية في جوهرها كانت عند المعتزلة‬
‫‪ -‬وغيرهم من المفكرين االسالميين ‪ -‬أساسا لحلول نظرية تتعلق بمسائل أخالقية‬
‫واجتماعية ‪.‬‬
‫وكان جل ما يميز المعتزلة هذا الفهم الخاص لطبيعة الوحدة اإللهية ‪ ،‬بالمدلول الذهني‬
‫الذي أطلقوه عليها ‪ ،‬وألجل ذلك عرفوا بأهل التوحيد ‪ ،‬فقد كان مثار تفكيرهم‬
‫المحافظة على الوحدة اإللهية في صفائها وقداستها ‪.‬‬
‫وعلى الرغم من االعتراف بمجهود االعتزال العظيم في ميادين الفكر والعلوم ‪.‬‬
‫فنظريتهم عن الذات اإللهية ووحدتها تتصف بالسكون) ‪( statique‬أكثر من اتصافها‬
‫بالحركة ‪.‬‬
‫انهم اظهروا لنا صورة اله كأنه مكبل في قيود كماله ‪.‬‬
‫ولئن فشلت نظرية االعتزال في التوحيد في دائرة اإللهيات ‪ ،‬فقد كتب لها النجاح تماما‬
‫في دائرة‬

‫‪1177‬‬
‫“ ‪“ 1178‬‬
‫االجتماعيات واالخالقيات ‪ .‬إذ ان مقالتهم في “ العدل “ ‪ . .‬وهي متفرعة عن‬
‫“ التوحيد ‪ “ -‬كانت أساسا لرأيهم المتعلق بحرية االنسان وتبعاته الدينية ‪.‬‬
‫وكما اعطى التوحيد اسمه للمعتزلة ‪.‬‬
‫نرى كذلك ان الحركة السلفية قائمة في الواقع على فكرة التوحيد ‪.‬‬
‫والتوحيد عند علماء السلف هو عقيدة وعبادة ‪ :‬وهذا هو الجانب اإللهي فيه ‪.‬‬
‫كما هو في الوقت نفسه أيضا ‪ .‬سلوك فردي ‪ ،‬ومعامالت اجتماعية ‪ ،‬وهذا هو الجانب‬
‫االنساني فيه ‪ .‬فالتوحيد هو مبدأ الهي وانساني ‪ ،‬وفكرة دينية ‪ ،‬وزمينة في آن معا ‪.‬‬
‫والتوحيد في نظر ابن تميمية ‪ ،‬ذو مظاهر أو حقائق ثالث ‪:‬‬
‫المظهر األول للتوحيد هو ما يسميه بتوحيد األلوهية وهذا اعتراف بالوحدة الذاتية لالله‬
‫الحق ‪ ،‬وايمان عميق بها ‪ .‬والمسلم في هذا الموطن مكلف بان ينفي األلوهية عما‬
‫َّللا ‪.‬‬
‫سوى ّ‬
‫اما المظهر الثاني للتوحيد فهو توحيد الربوبية ‪ ،‬وهذا اقرار من العبد بوحدة الربوبية‬
‫اي وحدة الذات اإللهية في الخلق والتسوية والتقدير والهداية ‪ .‬فكما ان التوحيد األول‬
‫يفرد الحق بالوجود المطلق ويخصه باأللوهية ‪ ،‬فكذلك هذا التوحيد يفرده بالربوبية‬
‫ويخصه بكمال االبداع واالرشاد ‪.‬‬
‫َّللا ‪ :‬هذا توحيد األلوهية ‪ ،‬وال خالق وال مرشد سواه ‪ :‬وهذا توحيد‬ ‫فال اله اال ّ‬
‫الربوبية ‪.‬‬
‫والمظهر األخير للتوحيد هو توحيد العبودية ‪ :‬وهو ان يسلم المرء ذاته ّّلل رب‬
‫العالمين فال يعبد سواه وال يتقرب اال اليه ‪ .‬ولكن إذا كان التوحيد عند المعتزلة هو‬
‫مشكلة الهوتية وأخالقية وعند السلفية مشكلة دينية واجتماعية ‪ .‬فهو في نظر الصوفية‬
‫مبدأ روجي ‪.‬‬
‫َّللا في‬
‫سئل ذو النون المصري عن التوحيد ما هو ؟ فقال ‪ :‬هو ان تعلم أن قدرة ّ‬
‫األشياء بال مزاج ‪ ،‬وصنعه لألشياء بال عالج ‪ ،‬وعلة كل شيء صنعه ‪ .‬وال علة‬
‫َّللا ‪ ،‬ومهما‬
‫لصنعه ‪ .‬وليس في السماوات العلى وال في األرضين السفلى مدبر غير ّ‬
‫فاّلل ‪ -‬تعالى بخالف ذلك ‪ .‬وسئل الجنيد عن التوحيد الخاص ‪ .‬فقال ‪:‬‬ ‫تصور في وهمك ّ‬
‫َّللا ‪ -‬تبارك وتعالى ‪ -‬تجري عليه تصاريف تدبيره ‪،‬‬ ‫“ ان يكون العبد شبحا بين يدي ّ‬
‫في مجاري احكام قدرته ‪ ،‬في لجج بحار توحيده بالفناء عن نفسه ‪ ،‬وعن دعوة الحق‬
‫له وعن استجابته لحقائق وجود وحدانيته في حقيقة قربه ‪ ( .‬وذلك انما يكون ) بذهاب‬
‫حسه ‪ ،‬وحركته لقيام الحق له فيما أراد منه “ ‪ .‬و ( التوحيد أيضا ) “ ان يرجع آخر‬
‫العبد إلى أوله ‪ :‬فيكون كما كان قبل ان يكون “ ‪ .‬وقال رجل للشبلي ‪ :‬أخبرني عن‬
‫توحيد مجرد بلسان حق مفرد ‪ .‬فقال ‪ “ :‬ويحك ‪ ،‬من أجاب عن التوحيد بالعبارة فهو‬
‫ملحد ‪ .‬ومن أشار اليه فهو ثنوي ‪ .‬ومتى أومأ اليه فهو عابد وثن ‪ .‬ومن نطق فيه ‪ .‬فهو‬
‫جاهل ‪ .‬ومن سكت عنه فهو غافل ‪ .‬ومن أوهم انه ( اليه ) وأصل فليس له‬
‫حاصل ‪ . . .‬ومن تواجد ( فيه ) فهو فاقد ‪ .‬وكل ما ميزتموه بأوهماكم وادركتموه‬
‫بعقولكم في أتم معانيكم ‪ ،‬فهو مصروف ‪ ،‬مردود إليكم ‪ ،‬محدث ‪ ،‬مصنوع مثلكم ‪“ .‬‬
‫هذا وقد ظهرت فكرة التوحيد ‪ ،‬في حقول المعارف الصوفية قبل ابن العربي ‪،‬‬
‫بصورتين كانتا تعبيرا صادقا ألحوال رجال التصوف في شؤونهم الوجدانية وأذواقهم‬

‫‪1178‬‬
‫“ ‪“ 1179‬‬
‫الروحية ‪.‬فهناك أوال ما يمكن تسميته “ بالتوحيد اإلرادي “ ‪ .‬وهو ادراك للوحدة‬
‫اإللهية ووعي بها في مستوى اإلرادة ‪ .‬وصاحب هذا المقام ‪ ،‬تذوب ارادته في إرادة‬
‫َّللا وفي هذا التسامي بإرادة العبد في إرادة الرب يتحقق الكمال لالنسان في اسمى‬
‫ّ‬
‫صوره ومعانيه ‪ .‬ثم هناك “ التوحيد الشهودي “ وهو تحقق بالوحدة المطلقة في ذرى‬
‫المشاهدة والتأمل ‪ .‬والذي يميز هذا اللون من التوحيد عن نظيره األول ‪ .‬هو ان الحقيقة‬
‫اإللهية ال تظهر في هذا المقام في مظهر “ أمر ونهي “ و “ شريعة وقانون “ يخضع‬
‫لها العبد وتتالشى ارادته فيها ‪ ،‬بل تتجلى في “ صورة ذات مقدسة “ يهيم في جمالها ‪،‬‬
‫ويتعشق كمالها ‪ ،‬ويفنى في وجودها ‪.‬‬
‫وكما في التوحيد األول ‪ :‬فناء إرادة العبد في إرادة الرب معناه تسامي اإلرادة البشرية‬
‫إلى قمة اإلرادة اإللهية ‪ ،‬كذلك الشأن في التوحيد الشهودي ‪ :‬ان فناء وجود العبد‬
‫المعنوي في بحر الوجود الحقيقي معناه تسامي الوجود االنساني المحدود إلى سماء‬
‫الوجود اإللهي الالمحدود ‪ .‬وأخيرا ‪.‬‬
‫مع ابن العربي ظهر لون ثالث من التوحيد الصوفي هو “ التوحيد الوجودي “ الذي‬
‫نراه من خالل نصوصه فيما يلي ‪:‬‬
‫‪-‬راجع ‪ :‬الكتاب التذكاري ص ص ‪ 228 - 223‬الفصل العاشر ( ‪ :‬بعنوان )‬
‫نصوص تاريخية خاصة ‪ .‬بنظرية التوحيد في التفكير االسالمي ‪ .‬للدكتور عثمان‬
‫يحي ‪ .‬كما يراجع كشاف التهانوي ج ‪ 6‬ص ص ‪ ( 1470 - 1468‬التوحيد ) ‪.‬‬

‫َّللا عز وجل ؟ فقال‬


‫) ‪( 2‬هذا يذكرنا بكالم الحالج وقد سئل ‪ :‬كيف الطريق إلى ّ‬
‫َّللا أحد ‪“ .‬‬
‫“ الطريق بين اثنين وليس مع ّ‬
‫راجع دراسات فنية الدكتور عبد الكريم اليافي ص ص ‪325 - 324‬‬
‫) ‪( 3‬راجع توحيد المحققين بالمشاهدة عند ابن العربي كتاب “ كيمياء السعادة وبلوغ‬
‫اإلرادة في معنى كلمتي الشهادة “ ق ‪. 6‬‬
‫) ‪( 4‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ص ‪. 420 - 405‬‬
‫) ‪( 5‬يراجع بشأن “ توحيد “ عند ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬كتاب الهو ق ق ‪ ( 205 - 204‬الفناء ‪ -‬شرك ‪ .‬المحو ‪ :‬شرك )‬
‫‪-‬روح القدس ص ‪ ( 76‬علم التوحيد )‬
‫‪-‬رسالة إلى الشيخ الرازي ص ص ‪ ( 11 - 10‬علم التوحيد )‬
‫‪-‬رسالة ال يعول عليه ص ‪ ( 13‬توحيد )‬
‫‪-‬ف ج ‪ 3‬ص ‪ ( 38‬التوحيد العقلي ‪ -‬توحيد االفعال ) ‪ ،‬ص ‪ ( 312 - 311‬توحيد‬
‫االفعال )‬
‫‪-‬ف ج ‪ 4‬ص ‪ ( 133‬توحيد الملك ‪ -‬الموحد ) ‪ ( 137 ،‬التوحيد ) ‪ ( 366 ،‬وح ّد )‬
‫‪-‬التجليات ص ص ‪ ( 30 - 29‬تجلي ال يعلم التوحيد ) ‪ ( 30 ،‬تجلي ثقل التوحيد ) ‪،‬‬
‫ص ‪ ( 32 - 31‬تجلي بحر التوحيد ) ص ‪ ( 32‬تجلي سريان التوحيد )‪ ،‬ص ‪33‬‬
‫( تجلي جمع التوحيد ‪ -‬تجلي جمعية التوحيد ‪ -‬تجلي توحيد الفناء ‪ -‬تجلي توحيد‬
‫الخروج ) ‪ ( 34 ،‬تجلي التوحيد ) ‪- 34 ،‬‬

‫‪1179‬‬
‫“ ‪“ 1180‬‬

‫‪ (35‬تجلي توحيد الربوبية ‪ -‬تجلي ري التوحيد ) ‪ ( 38 ،‬تجلي توحيد االستحقاق ) ‪،‬‬


‫‪ ( 39‬تجلي من تجليات التوحيد ) ‪.‬‬
‫كما يراجع ‪:‬‬
‫‪-‬الرسالة ص ‪134‬‬
‫‪-‬روضة الطالبين الغزالي ص ‪35‬‬
‫‪-‬التصوف بسيوني ص ‪282‬‬
‫‪-‬التجريد في كلمة التوحيد أحمد الغزالي ‪ .‬وخاصة ص ‪ 10‬حيث يجد ان صيغة‬
‫التوحيد أولها كفر وآخرها ايمان ‪ ،‬وان عالم العدل وقفوا مع ال اله ‪ ،‬وعالم الفضل‬
‫َّللا ‪.‬‬
‫عبروا إلى منزل اال ّ‬

‫‪ - 681‬االتحاد‬
‫ان االتحاد الذي يصيّر الذاتين واحدة ‪ ،‬محال عند ابن العربي ‪ .‬وانما قد يرد المفرد‬
‫عنده لإلشارة إلى ‪:‬‬
‫***‬
‫ظهور العبد بصفة الهية ‪ :‬حق في صورة عبد‬
‫***‬
‫التداخل في الصفات ‪ ،‬اي تداخل صفات الحق في الخلق ‪ :‬حق في خلق ‪ ،‬وخلق في‬
‫حق ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬واحذر من االتحاد ‪ . . .‬فإن االتحاد ال يصح ‪ ،‬فإن الذاتين ال تكون واحدة ‪،‬‬
‫وانما هما واحدان ‪ ،‬فهو الواحد في مرتبتين ( “ ‪ . . .‬كتاب األلف ص ‪) 5‬‬
‫“ إذا كان االتحاد يصير الذاتين ذاتا واحدة فهو محال ‪ ،‬ألنه ان كان عين كل واحد‬
‫منهما موجودا في حال االتحاد فهما ذاتان ‪ .‬وان عدمت العين الواحدة وبقيت األخرى‬
‫فليس لألول حد ‪ ،‬فإن كان االتحاد بمنزلة ظهور الواحد في مراتب العدد فيظهر العدد‬
‫‪ ،‬فقد يصح االتحاد من هذا الوجه ‪ ،‬ويكون الدليل مخالفا للحس فيكون له وجها‬
‫كالكناية ‪. . .‬‬
‫وقد يكون االتحاد عندنا عبارة عن حصول العبد في مقام االنفصال عنه‬

‫‪1180‬‬
‫“ ‪“ 1181‬‬

‫بمهمته وتوجه ارادته ال بمباشرة وال معالجة ‪ ،‬فبظهوره بصفة هي للحق تعالى حقيقة‬
‫تسمى ‪ :‬اتحادا ‪ .‬لظهور حق في صورة عبد ولظهور عبد في صورة حق ‪.‬‬
‫وقد يطلق االتحاد في طريقتنا لتداخل الحق في األوصاف والخلق ‪ ،‬فوصفنا بأوصاف‬
‫الكمال من الحياة والعلم ‪ . . .‬وجميع األسماء كلها وهي له [ تعالى ] ‪ ،‬ووصف نفسه‬
‫بأوصاف ما هو لنا ‪ . . .‬فلما ظهر تداخل هذه األوصاف بيننا وبينه سمينا ذلك ‪:‬‬
‫اتحادا لظهورنا به وظهوره بنا فيصح قول القائل عن هذا ‪:‬انا من اهوى * ومن أهوى‬
‫انا “( كتاب المسائل ‪. ) 30 - 29‬‬

‫‪ – 682‬الوحشة‬

‫في اللغة ‪:‬‬


‫“ الواو والحاء والشين ‪ :‬كلمة تدل على خالف األنس ‪ .‬تو ّحش ‪ :‬فارق األنيس ‪.‬‬
‫والوحش ‪ :‬خالف اإلنس ‪ .‬وأرض موحشة ‪ ،‬من الوحش ‪“ .‬‬
‫( معجم مقاييس اللغة مادة “ وحش “ )‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫ورد األصل “ وحش “ يفيد خالف اإلنس ‪ ،‬اما ما خالف منه األنس فلم يرد ‪َ ”.‬و ِّإذَا‬
‫ت “[ ‪. ] 5 / 81‬عند ابن العربي ‪:‬‬ ‫ْال ُو ُح ُ‬
‫وش ُح ِّش َر ْ‬
‫يضع ابن العربي والصوفية ‪ ،‬الوحشة واالستيحاش في مقابل األنس [ وقد توسعنا في‬
‫شرحنا له ‪ .‬فليراجع ] ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬بعضهم [ الزهاد ‪ -‬آثر ] العزلة واالنقطاع عن الناس باتخاذ الخلوات ‪،‬‬

‫‪1181‬‬
‫“ ‪“ 1182‬‬

‫وغلق بابهم عن قصد الناس إليهم ‪ ،‬وآخرون ‪ ،‬بالسياحة في الجبال والشعاب ‪. . .‬‬
‫َّللا عنهم ‪ ،‬من اسمه “ الرحمن “ ‪ ،‬بوجوه مختلفة من األنس به ‪ . . .‬فأسمعهم‬
‫فنفس ّ‬
‫أذكار األحجار ‪ ،‬وخرير المياه ‪ ،‬وهبوب الرياح ‪ ،‬ومناطق الطير ‪ ،‬وتسبيح كل أمة‬
‫من المخلوقات ‪ ،‬ومحادثتهم معه ‪ ،‬وسالمهم عليه فأنس بهم من وحشته ‪ ،‬وعاد في‬
‫جماعة وخلق ‪“ .‬‬
‫( ف السفر الرابع فق ‪. ) 310‬‬

‫‪ – 683‬الوحي‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الواو والحاء والحرف المعتل ‪ :‬أصل يد ّل على إلقاء علم في إخفاء أو غيره ‪ ،‬إلى‬
‫غيرك ‪.‬‬
‫فالوحي ‪ :‬اإلشارة ‪ .‬والوحي ‪ :‬الكتب والرسالة ‪.‬‬
‫وكل ما القيته إلى غيرك حتّى علمه فهو وحي كيف كان ‪.‬‬
‫َّللا تعالى ووحى ‪ . . .‬وكل ما في باب الوحي فراجع إلى هذا األصل الذي‬ ‫وأوحى ّ‬
‫ذكرناه ( “ ‪ . . .‬معجم مقاييس اللغة مادة “ وحي “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫َّللا ‪-‬‬
‫“ الوحي “ في القرآن هو ‪ :‬إلقاء علم يفترض اتباع يتغير فيه شخص الموحي [ ّ‬
‫الشيطان ] ‪ ،‬إال أن جل النصوص القرآنية تجعل الوحي إلهي ‪.‬‬
‫وهذا الوحي اإللهي هو أحد اشكال خطابه تعالى للمخلوقات عامة ‪ ،‬من االنسان‬
‫والحيوان ‪ .‬وهو متعدد المواضيع ‪.‬‬
‫للا ‪ -‬االنسان ‪ -‬الشياطين ] ‪.‬‬ ‫‪ - 1‬الموحي في القرآن [ ّ‬
‫قال تعالى ‪َ ”:‬وأ َ ْو َحيْنا ِّإلى ُموسى أ َ ْن أَس ِّْر ِّب ِّعبادِّي] ‪“.[ 20 / 77‬‬
‫ي َح ِّكي ٌم “[ ‪.] 51 / 42‬‬ ‫ي ِّبإِّ ْذنِّ ِّه ما يَشا ُء ِّإنَّهُ َ‬
‫ع ِّل ٌّ‬ ‫وال فَيُ ِّ‬
‫وح َ‬ ‫س ً‬ ‫قال تعالى ‪ ” :‬أ ْو يُ ْر ِّس َل َر ُ‬
‫ياطينَ لَيُو ُحونَ ِّإلى أ َ ْو ِّليا ِّئ ِّه ْم ِّليُجا ِّدلُو ُك ْم “[ ‪. ] 121 / 6‬‬ ‫ش ِّ‬ ‫قال تعالى ‪َ ”:‬و ِّإ َّن ال َّ‬
‫‪ - 2‬الوحي اإللهي ‪ :‬أحد اشكال الخطاب ‪:‬‬
‫ب‪“[ 42 / 51 ] .‬‬ ‫َّللاُ إِّ َّال َو ْحيا ً أ َ ْو ِّم ْن َو ِّ‬
‫راء ِّحجا ٍ‬ ‫قال تعالى ‪َ ”:‬وما كانَ ِّلبَش ٍَر أ َ ْن يُ َك ِّلّ َمهُ َّ‬

‫‪1182‬‬
‫“ ‪“ 1183‬‬

‫“ َوأَنَا ْ‬
‫اخت َ ْرت ُ َك فَا ْست َ ِّم ْع ِّلما يُوحى “[ ‪. ] 13 / 20‬‬

‫‪ - 3‬الوحي يفترض االتباع” َواتَّبِّ ْع ما يُوحى إِّلَي َْك َوا ْ‬


‫صبِّ ْر َحتَّى يَ ْح ُك َم َّ‬
‫َّللاُ َو ُه َو َخي ُْر‬
‫ْالحا ِّك ِّمينَ “[ ‪. ] 109 / 10‬‬

‫‪ - 4‬الوحي اإللهي عام [ االنسان ‪ -‬الحيوان ‪: ] . .‬‬


‫ض ِّعي ِّه “ ”‪َ [ 28 / 7 ] .‬وأ َ ْوحى َرب َُّك ِّإلَى النَّ ْح ِّل أ َ ِّن‬ ‫” َوأ َ ْو َحيْنا ِّإلى أ ُ ِّ ّم ُموسى أ َ ْن أ َ ْر ِّ‬
‫ت فِّي يَ ْو َمي ِّْن ‪َ ،‬وأ َ ْوحى‬ ‫سماوا ٍ‬ ‫س ْب َع َ‬ ‫ات َّ ِّخذِّي ِّمنَ ْال ِّجبا ِّل بُيُوتا ً “[ ‪ ”. ] 68 / 16‬فَقَضا ُه َّن َ‬
‫سماءٍ أ َ ْم َرها “[ ‪. ] 12 / 41‬‬ ‫فِّي ُك ِّّل َ‬

‫س ْلنا ِّم ْن قَ ْب ِّل َك ِّإ َّال ِّر ً‬


‫جاال‬ ‫‪ - 5‬الوحي اإللهي الخاص لألنبياء ‪ :‬وحي الرسالة” َوما أ َ ْر َ‬
‫سو ٍل ِّإ َّال‬ ‫س ْلنا ِّم ْن قَ ْب ِّل َك ِّم ْن َر ُ‬
‫وحي ِّإلَ ْي ِّه ْم فَ ْسئَلُوا أ َ ْه َل ال ِّذّ ْك ِّر “[ ‪َ ]” 43 / 16‬وما أ َ ْر َ‬ ‫نُ ِّ‬
‫ُون “[ ‪.] 25 / 21‬‬ ‫وحي ِّإلَ ْي ِّه أَنَّهُ ال ِّإلهَ ِّإ َّال أَنَا فَا ْعبُد ِّ‬ ‫نُ ِّ‬
‫‪ - 6‬تعدد مواضيع الوحي [ العمل ‪ -‬انباء الغيب ‪ -‬الحكمة ‪ -‬االمر ‪:] . . .‬‬
‫صن َِّع ْالفُ ْل َك بِّأ َ ْعيُنِّنا َو َو ْحيِّنا ”] ‪َ “[ 23 / 27‬وأ َ ْو َحيْنا إِّلى ُموسى أ َ ْن‬ ‫” فَأ َ ْو َحيْنا إِّلَ ْي ِّه أ َ ِّن ا ْ‬
‫وحيها ِّإلَي َْك‬ ‫ب نُ ِّ‬ ‫ف ما يَأْفِّ ُكونَ “[ ‪ ”] 117 / 7‬تِّ ْل َك ِّم ْن أ َ ْن ِّ‬
‫باء ْالغَ ْي ِّ‬ ‫ي ت َ ْلقَ ُ‬ ‫صاك فَإِّذا ِّه َ‬ ‫َ‬ ‫ع‬
‫ق َ‬ ‫أ َ ْل ِّ‬
‫“[ ‪ ”. ] 49 / 11‬ذ ِّل َك ِّم َّما أ َ ْوحى ِّإلَي َْك َرب َُّك ِّمنَ ْال ِّح ْك َم ِّة “[ ‪. ] 39 / 17‬‬
‫سماءٍ أ َ ْم َرها “[ ‪/ 12 ] .41‬‬ ‫” َوأ َ ْوحى فِّي ُك ِّّل َ‬
‫عند ابن العربي ‪:‬‬
‫*الوحي اإللهي هو الخطاب اإللهي العام الشامل الموجه لكل موجود ‪ .‬وعين الخطاب‬
‫هو عين فهم الفاهم له ‪ ،‬دون فصل أو تعبير ‪.‬‬
‫‪-‬وهذا الوحي العام الشامل الذي يجد ابن العربي له مستندا قرآنيا [ انظر “ في القرآن‬
‫“ ] يسميه ‪ :‬الوحي الذاتي في مقابل الوحي العرضي [ الذي يكون‬

‫‪1183‬‬
‫“ ‪“ 1184‬‬

‫لالنسان في وقت دون وقت ] ‪.‬‬

‫يقول ‪:‬‬
‫‪ - 1‬الوحي اإللهي ‪ :‬شامل ‪ ،‬عام‬
‫“ ‪ . . .‬كل من علم ما لم يعلم فهو ‪ :‬ملهم ‪ ،‬فالوحي ‪ :‬شامل ‪ ،‬ينزل على الناقص‬
‫والكامل “ ( ف ‪. ) 389 / 4‬‬
‫“ وألهل االختصاص الوحي اإللهي من الوجه الخاص ‪ ،‬وهو [ الوحي ] في العموم‬
‫لكن ال تبلغه الفهوم ‪ ،‬فما من شخص اال والحق يخاطبه به [ بالوحي ] منه [ الوجه‬
‫الخاص ] ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 388 / 4‬‬

‫‪ - 2‬الوحي اإللهي عام ‪ :‬لكل موجود‬


‫“ ‪ . . .‬ولما كان االمر هكذا جاز بل وقع وصح ان يخاطب الحق جميع الموجودات‬
‫ويوحي إليها ‪ ،‬من ‪ :‬سماء وارض وجبال وشجر وغير ذلك من الموجودات “ ( ف ‪3‬‬
‫‪. ) 393 /‬‬
‫‪ - 3‬الوحي اإللهي ‪ :‬عين الفهم ‪ ،‬عين االفهام ‪ ،‬عين المفهوم منه‬
‫“ ‪ . . .‬الوحي ‪ . . .‬ما تقع به اإلشارة ‪ ،‬القائمة مقام العبارة ‪ ،‬من غير عبارة ‪ ،‬فإن‬
‫العبارة تجوز [ ‪ -‬تعبر ] منها إلى المعنى المقصود بها ‪ ،‬ولهذا سميت عبارة ‪.‬‬
‫بخالف اإلشارة التي هي الوحي ‪ ،‬فإنها ذات المشار اليه ‪.‬‬
‫والوحي هو المفهوم األول ‪ ،‬واالفهام األول ‪ ،‬وال أعجل من أن يكون ‪ :‬عين الفهم ‪،‬‬
‫عين االفهام ‪ ،‬عين المفهوم منه ‪.‬‬
‫فإن لم تحصل لك هذه النكتة [ انظر “ نكتة ] “ فلست صاحب وحي ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 2‬‬
‫‪. ) 78‬‬
‫يبين هذا النص ان الوحي تلقائي يحصل للموحى اليه من ذاته دون واسطة ؛ حتى‬
‫واسطة الكالم والتعبير نفسه انتفت ‪.‬‬
‫‪ - 4‬الوحي الذاتي ‪ :‬مفطور غير مكتسب ‪ -‬الوحي العرضي‬
‫“ ‪ . . .‬والمفطور عليه كل شيء مما ال كسب له فيه من الوحي أيضا ‪ .‬كالمولود يتلقى‬
‫ثدي ا ّمه ‪ ،‬ذلك من أثر الوحي اإللهي اليه ‪.‬‬
‫ْص ُرونَ ] ‪. “[ 56 / 85‬‬ ‫كما قال ”‪َ :‬ون َْح ُن أ َ ْق َر ُ‬
‫ب ِّإلَ ْي ِّه ِّم ْن ُك ْم َول ِّك ْن ال تُب ِّ‬
‫وات بَ ْل أ َ ْحيا ٌء‬
‫َّللا أ َ ْم ٌ‬ ‫كما قال”‪َ ” :‬وال تَقُولُوا ِّل َم ْن يُ ْقت َ ُل فِّي َ‬
‫س ِّبي ِّل َّ ِّ‬

‫‪1184‬‬
‫“ ‪“ 1185‬‬

‫َول ِّك ْن ال ت َ ْشعُ ُرونَ “[ ‪، ] 154 / 2‬‬


‫وقال تعالى ‪َ ”:‬وأ َ ْوحى َرب َُّك ِّإلَى النَّ ْح ِّل أ َ ِّن ات َّ ِّخذِّي ِّمنَ ْال ِّجبا ِّل بُيُوتا ً َو ِّمنَ ال َّ‬
‫ش َج ِّر َو ِّم َّما‬
‫شونَ “[ ‪، ] 68 / 16‬‬ ‫يَ ْع ِّر ُ‬
‫َّللا وحيه ‪ ،‬لما صدر منها ما صدر ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 78 / 2‬‬ ‫فلو ال ما فهمت من ّ‬
‫“ ‪ . . .‬فما من شيء فيه [ في االنسان ] من شعر وجلد ولحم وعصب ودم وروح‬
‫باّلل تعالى بالفطرة ‪ ،‬بالوحي الذي تجلى له فيه ‪. . .‬‬ ‫ونفس وظفر وناب ‪ ،‬إال هو عالم ّ‬
‫فاالنسان من حيث تفصيله ‪ :‬صاحب وحي [ ‪ -‬الوحي الذاتي ]‪.‬‬
‫ومن حيث جملته ‪ ،‬ال يكون في كل وقت صاحب وحي [ ‪ -‬الوحي العرضي ] ‪ ( “ .‬ف‬
‫‪) 78 / 2‬‬
‫“ ‪ . . .‬الوحي في كل صنف صنف [ من المخلوقات ] ‪ ،‬وشخص شخص ‪.‬‬
‫فهو االلهام ‪ ،‬فإنه ال يخلو عنه [ عن الوحي ] موجود “ ( ف ‪. ) 58 / 2‬‬
‫َّللا ‪ ،‬ال‬‫“ ‪ . . .‬فان الوحي الذاتي الذي تقتضيه ذواتهم ‪ ،‬هو انهم يسبحون بحمد ّ‬
‫يحتاجون في ذلك إلى تكليف ‪ ، 1‬بل هو لهم ‪،‬‬
‫مثل ‪ :‬النفس للمتنفس ‪ ،‬وذلك لكل عين على االنفراد ‪ .‬والوحي العرضي هو لعين‬
‫المجموع ‪ ،‬وهو الذي يجب تارة وال يجب تارة ‪ . . .‬ويكون لعين دون عين ‪،‬‬
‫َّللا ‪ ،‬وهو ‪ :‬شرع األنبياء ‪.‬‬ ‫وهو على نوعين ‪ :‬نوع يكون بدليل انه من ّ‬
‫ومنه ما ال دليل عليه ‪ ،‬وهو ‪ :‬الناموس الوضعي ‪ ،‬الذي تقتضيه الحكمة ‪ ( “ . . .‬ف‬
‫‪. ) 117 / 2‬‬
‫يتضح من النصوص السابقة ان الوحي الشامل العام هو أشبه ‪ :‬بالتنزيل اإللهي “ في‬
‫األنفس “ ‪ ،‬تكليف مباشر تطيعه األشياء [ انظر “ حياة “ ] دون واسطة ‪.‬‬
‫وهذا التوازي بين “ الظاهر “ و “ الباطن “ أو بين “ اآلفاق “ و “ األنفس “ له ما‬
‫يبرره في القرآن ‪.‬‬
‫فعل ضوء هذا التوازي فهم ابن العربي ‪ :‬الوحي للنحل ‪ ،‬ولم تظهر براعته اال في‬
‫تسمية األشياء بأسمائها ‪،‬‬
‫فس ّمى هذا الوحي ‪ :‬الوحي الذاتي في مقابل الوحي العرضي وهو خاص لإلنسان وفي‬
‫وقت دون آخر ‪.‬‬
‫****‬
‫الوحي اإللهي هو خطاب الهي خاص لبعض افراد الجنس البشري ‪.‬‬
‫وهذا الخطاب اإللهي موضعه ‪ :‬القلب ‪.‬‬
‫وهو [ الوحي ] اسم لمسميات كثيرة تشكل أنواعه ودرجاته ‪ :‬كالمبشرات وااللقاء‬
‫واالنزال وااللهام ‪. . .‬‬
‫يتميز الوحي اإللهي عن بقية الواردات اإللهية بصفتين‪:‬‬

‫‪1185‬‬
‫“ ‪“ 1186‬‬

‫األولى ‪ :‬السرعة ‪ .‬فالوحي سريع إذ زمن االلقاء هو زمن الفهم وعين المفهوم منه ‪.‬‬
‫الثانية ‪ :‬السلطان ‪ .‬للوحي سلطان قوي ال يقاوم ‪ ،‬يغلب في االنسان كل شيء حتى‬
‫الطبع ‪.‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫‪- 1‬الوحي اإللهي الخاص ‪ :‬مقام الوحي ‪:‬‬
‫“ فإذا عمد االنسان إلى مرآة قلبه وجالها بالذكر وتالوة القرآن ‪ .‬فحصل له من ذلك ‪:‬‬
‫وّلل نور منبسط على جميع الموجودات ‪ ،‬يسمى ‪ :‬نور الوجود فإذا اجتمع‬ ‫نور ‪ّ .‬‬
‫النوران فكشف المغيبات على ما هي عليه ‪ . . .‬ان النور الذي ينبسط من حضرة‬
‫الجود على عالم الغيب ‪ .‬في الحضرات الوجودية ‪ ،‬ال يعمها كلها ‪ ،‬وال ينبسط منه‬
‫َّللا تعالى وذلك هو ‪ :‬مقام الوحي‬
‫عليها ‪ .‬في حق هذا المكاشف ‪ ،‬اال على قدر ما يريد ّ‬
‫“ ( ف ‪. ) 241 / 2‬‬
‫َّللا عليه وسلم من الوحي ‪ :‬الرؤيا ‪ .‬فكان ال‬
‫َّللا صلى ّ‬
‫“ ‪ . . .‬أول ما بدىء به رسول ّ‬
‫َّللا على المسلمين وهي من‬‫يرى رؤيا إال خرجت مثل فلق الصبح ‪ ،‬وهي التي أبقى ّ‬
‫اجزاء النبوة ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 58 / 2‬‬

‫‪- 2‬وحي األولياء ‪ . . . “ :‬فإذا أراد الحق ان يوحي إلى ولي من أوليائه بأمر ما ‪،‬‬
‫تجلى الحق في صورة ذلك االمر ‪ ،‬لهذه العين ‪ ،‬التي هي حقيقة ذلك الولي الخاص ‪،‬‬
‫فيفهم من ذلك التجلي ‪ ،‬مجرد المشاهدة ‪ ،‬ما يريد الحق ان يعلمه به ‪ ،‬فيجد الولي في‬
‫نفسه ‪:‬‬
‫علم ما لم يكن يعلم ‪ ( “ . . .‬ف ‪.) 47 / 3‬‬

‫‪- 3‬الوحي موضعه القلب ‪:‬‬


‫َّللا اال وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسوال ‪ ،‬فأما‬
‫“ ‪ . . .‬وما كان لبشر ان يكلم ّ‬
‫الوحي من ذلك فهو ما يلقيه في قلوبهم على جهة الحديث فيحصل لهم من ذلك علم‬
‫بأمر ما ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 332 / 3‬‬
‫َّللا تعالى في وحيه إلى قلوب عباده ‪ ( “ . . .‬ف ‪.) 400 / 3‬‬
‫“ ان ّ‬

‫‪1186‬‬
‫“ ‪“ 1187‬‬

‫‪- 4‬الوحي اإللهي ‪ :‬مسمى لمسميات كثيرة “ ‪ . . .‬انه [ تعالى ] أعطاه [ محمد ( صلى‬
‫َّللا عليه وسلم ) ] أنواع ضروب الوحي كلها ‪ ،‬فأوحى اليه بجميع ما سمي وحيا ‪:‬‬
‫ّ‬
‫كالمبشرات ‪ ،‬واالنزال على القلوب ‪ ،‬واآلذان ‪ ،‬وبحالة العروج ‪ ،‬وعدم العروج ‪،‬‬
‫وغير ذلك ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 145 / 3‬‬

‫‪- 5‬الصفة األولى للوحي ‪ :‬السرعة “ ‪ . . .‬والوحي هو المفهوم األول ‪ ،‬واالفهام‬


‫األول ‪ . . .‬وال اعجل من أن يكون عين الفهم عين االفهام عين المفهوم منه ‪ . . .‬اال‬
‫ترى ان الوحي هو ‪ :‬السرعة ‪.‬‬
‫وال سرعة أسرع مما ذكرناه ‪ .‬فهذا الضرب من الكالم يسمى ‪ :‬وحيا ‪. . .‬‬
‫فالوحي ما يسرع أثره من كالم الحق تعالى في نفس السامع ‪. . .‬‬
‫وقد يكون الوحي ‪ :‬إسراع الروح اإللهي األمري بااليمان بما يقع به االخبار “ ‪( . . .‬‬
‫ف ‪. ) 78 / 2‬‬

‫‪- 6‬الصفة الثانية للوحي ‪ :‬السلطان “ ‪ . . .‬ال يتصور المخالف إذا كان الكالم وحيا ‪.‬‬
‫علَ ْي ِّه‬
‫ت َ‬ ‫فان سلطانه أقوى من أن يقاوم ‪َ ”،‬وأ َ ْو َحيْنا إِّلى أ ُ ِّ ّم ُموسى أ َ ْن أ َ ْر ِّ‬
‫ض ِّعي ِّه ‪ ،‬فَإِّذا ِّخ ْف ِّ‬
‫فَأ َ ْل ِّقي ِّه فِّي ْاليَ ِّ ّم “[ ‪ ، ] 7 / 28‬وكذا فعلت ‪ ،‬ولم تخالف ‪ ،‬مع أن الحالة توذن أنها ألقته‬
‫في الهالك ‪ ،‬ولم تخالف وال ترددت ‪ ،‬وال حكمت عليها البشرية بان القاءه في اليم في‬
‫تابوت ‪ ،‬من أخطر األشياء ‪ . . .‬فدل على أن الوحي أقوى سلطانا في نفس الموحي‬
‫اليه من طبعه ‪.‬‬
‫الذي هو عين نفسه ‪ . . .‬فإن حكم [ الوحي ] عليك ‪ ،‬وأعماك واص ّمك ‪ ،‬وحال بين‬
‫فكرك وتدبيرك ‪ ،‬وأمضى حكمه فيك ‪.‬‬
‫فذلك هو ‪ :‬الوحي ‪ ( “ .‬ف ‪. )/ 78 2‬‬

‫َّللا‬
‫‪- 7‬مراتب الوحي يرى ابن العربي ان الوحي يتدرج بدليل قول عائشة رضي ّ‬
‫َّللا عليه وسلم من الوحي ‪ :‬الرؤيا ‪.‬‬
‫َّللا صلى ّ‬
‫عنها ‪ :‬أول ما بدىء به رسول ّ‬
‫َّللا‬
‫فاإلشارة إلى بدء الوحي تتضمن تراتبية موصلة لكمال فيه ‪ ،‬وهو لمحمد ( صلى ّ‬
‫عليه وسلم ) ‪.‬‬
‫لذلك يجد ابن العربي ان الوحي بشقيه ‪ :‬الوحي الذاتي والوحي العرضي الرسالي له‬
‫بدء ‪.‬‬
‫اما بدء الوحي الذاتي [ ‪ -‬الوحي في حق كل صنف مما يوحي اليه كالمالئكة‬

‫‪1187‬‬
‫“ ‪“ 1188‬‬

‫وغير البشر من جنس الحيوان ‪ ] . . .‬فهو ‪ :‬االلهام ‪.‬‬


‫وبدء الوحي العرضي الرسالي [ وحي رسالة التشريع ] فهو ‪ :‬الرؤيا ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا بالكمال في كل فضيلة ‪.‬فمن ذلك ان خصه‬ ‫صه ّ‬‫َّللا عليه وسلم خ ّ‬‫“ ان محمدا صلى ّ‬
‫بكمال الوحي ‪ .‬وهو استيفاء أنواعه وضروبه ‪ . . .‬فما بقي ضرب من الوحي اال وقد‬
‫نزل عليه به “ ( ف ‪. ) 58 / 2‬‬
‫“ بدء الوحي ‪ . . .‬انزال المعاني المجردة العقلية في القوالب الحسية المقيدة في حضرة‬
‫الخيال ‪ :‬في نوم كان ‪ ،‬أو يقظة ‪ .‬وهو من مدركات الحس في حضرة المحسوس مثل‬
‫س ِّويًّا “[ ‪ ]/ 17 19‬وفي حضرة الخيال ‪ ،‬كما أدرك رسول‬ ‫قوله ‪ ”:‬فَت َ َمث َّ َل لَها بَشَرا ً َ‬
‫َّللا عليه وسلم ) العلم في صورة اللبن ‪ ،‬وكذا ّأول رؤياه ‪.‬‬ ‫َّللا ( صلى ّ‬ ‫ّ‬
‫َّللا عليه وسلم )‬
‫َّللا ( صلى ّ‬
‫َّللا عنها ] ‪ :‬أول ما بدىء به رسول ّ‬ ‫قالت عائشة [ رضي ّ‬
‫من الوحي ‪:‬‬
‫الرؤيا ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 58 / 2‬‬
‫“ ‪ . . .‬بدء الوحي في حق كل صنف فمن يوحي اليه كالمالئكة وغير البشر من الجنس‬
‫الحيواني ‪ . . .‬وغير الجنس الحيواني ‪ . . .‬فهو ‪ :‬االلهام ( “ ف ‪. )58 / 2‬‬
‫****‬
‫اما الوحي الخاص بالرسالة البشرية ؛ فهو وحيه تعالى لرسله ال يشاركهم في هذا‬
‫َّللا عليه وسلم ) ‪.‬‬
‫َّللا ( صلى ّ‬
‫الوحي أحد ‪ .‬وهو الوحي المنقطع بعد رسول ّ‬
‫ويتميز عن أنواع الوحي األخرى ب ‪ :‬جبريل ‪ ،‬رسول الحق إلى رسله ‪.‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫‪- 1‬الوحي اإللهي للبشر نوعين ‪:‬‬
‫يشرع في كل أمة ‪ ،‬طريقين ‪:‬‬ ‫َّللا تعالى في وحيه إلى قلوب عباده بما ّ‬ ‫“ ‪ . . .‬ان ّ‬
‫طريقا بارسال الروح األمين ‪ ،‬المسمى جبريل ‪ ،‬أو من كان من المالئكة ‪ ،‬إلى عبد من‬
‫َّللا ‪ ،‬فيسمى ذلك العبد ‪ ،‬لهذا النزول عليه ‪ :‬رسوال ونبيا ‪ .‬يجب على من بعث‬ ‫عباد ّ‬
‫َّللا‬
‫إليهم االيمان به وبما جاء من عند ربه ‪ ،‬وطريقا آخر على يدي عاقل زمانه يلهمه ّ‬
‫في نفسه ‪ ،‬وينفث الروح اإللهي القدسي في روعه ‪ ( “ . . .‬ف ‪.) 400 / 3‬‬

‫‪1188‬‬
‫“ ‪“ 1189‬‬

‫‪- 2‬وحي األنبياء الخاص ‪:‬‬


‫َّللا عليهم ال تأخذ علومها اال من الوحي‬
‫الوحي المنقطع “ ولما كانت األنبياء صلوات ّ‬
‫الخاص اإللهي ‪ ،‬فقلوبهم ساذجة من النظر العقلي ‪ ( “ . . .‬الفصوص ‪. ) 33 / 1‬‬
‫َّللا ‪ ،‬فالنبوة‬
‫“ ‪ . . .‬مع علمنا أن مرتبتهم دون مرتبة الرسل الموحى إليهم من عند ّ‬
‫والرسالة من حيث عينها وحكمها ما نسخت [ انظر “ نبوة ] “ ‪ ،‬وانما انقطع الوحي‬
‫الخاص بالرسول “ ( ف ‪. ) 253 / 2‬‬

‫“ فالرسالة هنا هي التي ارسل بها وبلغها ‪ ،‬وهكذا وردت في القرآن حيثما وردت وال‬
‫يقبلها الرسول اال بواسطة روح قدسي امين ‪ .‬ينزل بالرسالة على قلبه ‪ ،‬وأحيانا يتمثل‬
‫له الملك رجال ‪ .‬وكل وحي ال يكون بهذه الصفة ‪ ،‬ال يسمى ‪:‬‬
‫رسالة بشرية ‪ .‬وانما يسمى ‪ :‬وحيا ‪ ،‬أو الهاما ‪ ،‬أو نفثا ‪ ،‬أو إلقاء ‪ ،‬أو وجود ‪ ،‬وال‬
‫تكون رسالة اال كما ذكرنا ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 258 / 2‬‬
‫َّللا االلهام ال الوحي ‪ ،‬فان سبيل الوحي قد انقطع بموت رسول‬ ‫“ ‪ . . .‬واعلم أن لنا من ّ‬
‫َّللا عليه وسلم “ ( ف ‪. ) 238 / 3‬‬ ‫َّللا صلّى ّ‬
‫ّ‬
‫‪- 3‬جبريل ‪:‬‬
‫مخصوص بالرسل ‪ .‬وهو مبدأ الحياة “ ‪ . . .‬الحقيقة الجبريلية فإنها مخصوصة‬
‫بالرسل على القلوب ‪ . . .‬ال يشاركهم فيها من ليس من جنسهم ‪ ،‬وما عدا جبريل فإنه‬
‫يتنزل على قلوب العباد ‪ ،‬وتنزلهم بضربين “ ‪ ( . . .‬مفتاح الغيب ق ‪. ) 86‬‬

‫“ واعلم أن من خصائص األرواح انها ال تطأ شيئا اال حيي ذلك الشيء وسرت الحياة‬
‫فيه ‪ . . .‬فلما عرف [ السامري ] انه جبريل ‪ ،‬عرف ان الحياة قد سرت فيما وطئ‬
‫عليه ‪ ،‬فقبض قبضة من اثر الرسول ‪ . . .‬فنبذها في العجل فخار العجل ‪ . . .‬فذلك‬
‫القدر من الحياة السارية [ انظر “ حياة “ ]‬
‫في األشياء يسمى ‪:‬‬
‫الهوتا ‪ .‬والناسوت هو المحل القائم به ذلك الروح ‪ .‬فسمي الناسوت روحا بما قام به‬
‫‪ ( “ . . . 2‬فصوص ‪. ) 138 / 1‬‬
‫****‬
‫ونطرح في ختام بحث “ الوحي “ هذا السؤال ‪ :‬ما دور الوحي في فكر يرى‬

‫‪1189‬‬
‫“ ‪“ 1190‬‬

‫الحقيقة المحمدية أول مخلوق ومنه تدرج الوجود ؟ وكيف يتنزل جبريل عليه بالرسالة‬
‫َّللا عليه وسلم ) سابق لوجوده ‪ ،‬وعلمه فيض من علمه ( صلّى ّ‬
‫َّللا‬ ‫ووجوده ( صلّى ّ‬
‫عليه وسلم ) ؟‬
‫هذا السؤال يضعنا امام نظريات ابن العربي ‪ ،‬فنخرج بذلك عن الخط الذي ارتسمناه‬
‫ألنفسنا في المعجم ‪ .‬ولكن يدفعنا إلى هذه اإلشارة ان معظم الدارسين البن العربي‬
‫يعرفون الوحي عنده انطالقا من هذه النقطة ‪ ،‬وينفون وجود الوحي بالتالي ‪ .‬غافلين‬‫ّ‬
‫عن جميع ما أوردناه من تعريفات وأنواع ومراتب فصلها ابن العربي في الوحي ‪.‬‬

‫فهل ينفي ابن العربي وجود الوحي على مستوى الواقع ؟ أم ان وحي الرسالة المحمدية‬
‫فقط ‪ -‬ونشدد على كلمة فقط ‪ -‬هو موضوع الجدال ؟‬
‫الواقع ان التعريفات التي تجعل الوحي عنده ‪ :‬تنزل من مقام الجمع إلى مقام التفصيل ‪،‬‬
‫وما إلى ذلك مما توسع فيه شارحوه ‪ ،‬هو الوحي المحمدي فقط ‪.‬‬
‫َّللا عليه وسلم ) بكل ما يمثل في فكر ابن العربي ( مما‬ ‫وذلك ان النبي محمد ( صلّى ّ‬
‫توسعنا به عند شرحنا “ الحقيقة المحمدية “ و “ االنسان الكامل “ فليراجع ) ‪ ،‬كان‬
‫وحيه فقط ‪:‬‬
‫تنزل من مقام الجمع إلى مقام التفصيل ‪ ،‬ولذلك تستوقفه اآليات التي تتوافق ومنطلقه‬ ‫ّ‬
‫أمثال ‪َ ”:‬وال ت َ ْع َج ْل ِّب ْالقُ ْر ِّ‬
‫آن ِّم ْن قَ ْب ِّل أ َ ْن يُ ْقضى ِّإلَي َْك َو ْحيُهُ ‪“[ 20 / 114 ] .‬‬

‫يقول في هذا السياق ‪:‬‬


‫“ ‪ . . .‬وهو المخصوص باالسم الجبرائيلي ألنه الخيال المطلق ‪ . . .‬ولذلك اختص‬
‫َّللا عليه وسلم من المالئكة بجبريل ‪ .‬فان الوحي ‪ 3‬على ما بينت لك في‬ ‫محمد صلّى ّ‬
‫كل موجود بنصفين ‪ :‬نصفه محمد عليه الصالة والسالم ونصفه جبريل ‪ . . .‬ان‬
‫الوجود كله هو الحقيقة المحمدية ‪ ،‬وان النزول منها إليها ‪ ،‬وبها عليها ‪ ،‬وان الحقيقة‬
‫المحمدية في كل شيء لها وجهان ‪ :‬وجه محمدي ووجه احمدي ‪ ،‬فالمحمدي علمي‬
‫جبرائيلي ‪ ،‬واألحمدي ايماني روحي أمي ‪ . . .‬وان التنزيل للوجه المحمدي والتجلي‬
‫للوجه األحمدي ‪ ( “ . . .‬بلغة الغواص ق ق ‪. )132 - 133‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫ش ْيءٍ ِّإ َّال يُ َ‬
‫س ِّبّ ُح ِّب َح ْم ِّد ِّه َول ِّك ْن ال ت َ ْفقَ ُهونَ ت َ ْس ِّبي َح ُه ْم‬ ‫) ‪( 1‬إشارة إلى اآلية ‪َ ”:‬و ِّإ ْن ِّم ْن َ‬
‫‪“[ 17 / 44 ] .‬‬

‫‪1190‬‬
‫“ ‪“ 1191‬‬

‫) ‪( 2‬انظر شرح المقطع في الفصوص ج ‪ 2‬ص ‪. 181 - 180‬‬


‫) ‪( 3‬يراجع بشأن “ وحي ‪“ .‬‬
‫‪-‬فصوص الحكم ج ‪ 2‬ص ‪. 94‬‬
‫‪-‬تحصيل نظائر القرآن ‪ .‬الترمذي ص ‪141‬‬
‫‪-‬الكبريت األحمر الشعراني ص ‪ 6‬الهامش ( قبل ان يقض إليك وحيه )‬
‫‪-‬دراسات فنية ‪ .‬د ‪ .‬عبد الكريم اليافي ‪ .‬ص ‪. 382‬‬
‫‪-‬االنسان الكامل ‪ :‬بدوي ص ‪ ( 36‬الوحي الواحد ) ‪.‬‬

‫‪ - 684‬الو ّد‬
‫انظر “ حب "‪.‬‬

‫‪ - 685‬اإلرث – الوارث‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫َّللا عز وجل ‪ ،‬وهو الباقي الدائم الذي يرث‬ ‫“ ورث ‪ :‬الوارث ‪ :‬صفة من صفات ّ‬
‫وَّللا عز وجل ‪ ،‬يرث األرض ومن عليها ‪.‬‬ ‫الخالئق ‪ ،‬ويبقى بعد فنائهم ‪ّ ،‬‬
‫وهو خير الوارثين اي يبقى بعد فناء الكل ‪ ،‬ويفنى من سواه فيرجع ما كان ملك العباد‬
‫إليه وحده ال شريك له ‪.‬‬
‫س “[ ‪ . . . ] 10 / 23‬وقال‬ ‫وقوله تعالى ‪ ”:‬أُولئِّ َك ُه ُم ْال ِّ‬
‫وارثُونَ الَّذِّينَ يَ ِّرثُونَ ْال ِّف ْر َد ْو َ‬
‫ث ِّم ْن آ ِّل‬‫َّللا تعالى إخبارا عن زكريا ودعائه إياه ‪ ”:‬فَ َهبْ ِّلي ِّم ْن لَ ُد ْن َك َو ِّليًّا يَ ِّرث ُ ِّني َويَ ِّر ُ‬ ‫ّ‬
‫وب “[ ‪ . ] 1 / 19‬اي يبقى بعدي فيصير له ميراثي ؟‬ ‫يَ ْعقُ َ‬
‫قال ابن سيده ‪ :‬انما أراد يرثني ويرث من آل يعقوب النبوة ‪ ،‬وال يجوز ان يكون خاف‬
‫ان يرثه أقر باؤه المال ‪،‬‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ :‬إنّا معاشر األنبياء ال نورث ما تركنا ‪ ،‬فهو صدقة‬ ‫لقول النبي ‪ ،‬صلّى ّ‬
‫داو َد “[ ‪ ] 16 / 27‬قال الزجاج ‪ :‬جاء في التفسير‬ ‫ْمان ُ‬ ‫سلَي ُ‬‫ث ُ‬ ‫؛ وقوله عز وجل ”‪َ :‬و َو ِّر َ‬
‫ورثه نبوته وملكه ‪.‬‬ ‫أنه ّ‬
‫وروي أنه كان لداود ‪ ،‬عليه السالم ‪ ،‬تسعة عشر ولدا ‪ ،‬فورثه سليمان ‪ ،‬عليه السالم ‪،‬‬
‫من بينهم ‪ ،‬النبوة والملك ‪. . .‬‬
‫ابن االعرابي ‪:‬الورث والورث واإلرث والوراث واإلراث والتّراث واحد ‪. . .‬‬
‫ابن سيده ‪ :‬والورث واإلرث والتراث والميراث ‪ :‬ما ورث ؛ وقيل ‪ :‬الورث والميراث‬
‫في‬

‫‪1191‬‬
‫“ ‪“ 1192‬‬

‫َّللا عليه وسلم ‪،‬‬ ‫المال واإلرث في الحسب ‪ . . .‬وفي الحديث في دعاء النبي ‪ ،‬صلّى ّ‬
‫أنه قال ‪ :‬اللهم أمتعني بسمعي وبصري ‪ ،‬اجعلهما الوارث مني ‪ :‬قال ابن شميل ‪ :‬اي‬
‫ابقهما معي صحيحين سليمين حتى أموت ‪ ،‬وقيل ‪ :‬أراد بقاءهما وقوتهما عند الكبر‬
‫وانحالل القوى النفسانية ‪ ،‬فيكون السمع والبصر وارثي سائر القوى ‪ ،‬والباقيين‬
‫بعدها ‪ ( “ . . .‬لسان العرب مادة “ ورث “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫انظر في “ اللغة “ ‪.‬‬
‫عند ابن العربي ‪:‬‬
‫*تتبع ابن العربي الخط القرآني فجعل ‪ “ :‬الوارث “ من األسماء المشتركة التي‬
‫للا ‪ ،‬وعلى االنسان ‪.‬‬
‫تطلق على ّ‬
‫فالوارث ‪ :‬اسم الهي ‪ .‬والوارث ‪ :‬االنسان ‪.‬‬
‫يقول ‪ ”:‬انا وارث ‪ ،‬والحق وارث ما عندي * من الحب والشوق المبرح والودّيدعى‬
‫ث ْاأل َ ْر َ‬
‫ض‬ ‫َّللا تعالى ”‪ِّ :‬إنَّا ن َْح ُن ن َِّر ُ‬‫صاحبها [ حضرة الورث ] ‪ :‬عبد الوارث ‪ .‬قال ّ‬
‫علَيْها “[ ‪ ، ] 40 / 19‬فورثها [ تعالى ] ليورثها من يشاء من عباده ‪ ( “ . . .‬ف‬ ‫َو َم ْن َ‬
‫‪) . 317 - 316 / 4‬‬
‫“ فهو [ تعالى ] يرثنا بالموت ‪ .‬ونحن نرثه بالتنزيه “ ( ف ‪. ) 317 / 4‬‬
‫“ ‪ . . .‬وقدر ميراث الحق من عباده ‪ ،‬وهو قوله تعالى ”‪َ :‬ولَنَ ْبلُ َونَّ ُك ْم َحتَّى نَ ْعلَ َم “[ ‪/ 47‬‬
‫‪ ] 31‬فاستخدمهم بما ابتالهم ‪ ،‬حتى يعلم المجاهدين من عباده ‪ ،‬والصابرين ‪ ،‬ويبلو‬
‫اخبارهم ‪ ،‬وما عدا هذا النوع في حق الحق ‪ ،‬فهو ‪ :‬علم ‪ ،‬ال علم وراثه “ ( ف ‪/ 4‬‬
‫‪. ) 52‬‬
‫*****‬
‫جعل الصوفية وابن العربي معهم طريقين للعلم الصوفي ‪:‬‬
‫َّللا ‪ :‬طريق الكسب االنساني ‪ :‬بالمجاهدة ‪ . . .‬والتصفية‬ ‫‪-‬االخذ عن ّ‬

‫‪1192‬‬
‫“ ‪“ 1193‬‬

‫والتفكر ‪ . . .‬والتفريغ ‪ . . .‬الموصل إلى كشف ومشاهدات وتجليات ‪. . .‬‬


‫‪-‬االخذ عن األنبياء ‪ :‬طريق الوراثة االنسانية للعلم اإللهي ‪ ،‬وذلك ال يكون اال‬
‫َّللا للعلم النبوي الموروث ‪.‬‬
‫باالتباع ‪ .‬وهو في الواقع اخذ عن ّ‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬العارفين [ قسمين ] ‪ :‬وارث وغير وارث ‪ ( “ . . .‬روح القدس ص ‪. ) 156‬‬
‫“ ‪ . . .‬وال ينبغي ان يقف عليه [ هذا الكتاب ] ‪ ،‬اال الوارثون ‪ ،‬ال العارفون ‪ ،‬وال‬
‫الواقفون ‪ .‬إذ المعرفة ‪ :‬حيرة ‪ ،‬ويثبت الواقف ‪ ،‬غيره “ ‪ ( . . .‬مشاهد االسرار‬
‫القدسية ق ‪. ) 2‬‬
‫باّلل ‪ ،‬من جهة نظر فكري ‪ ،‬فهو وان كان وليا ‪ ،‬فما‬ ‫“ وكل من تقدمه من األولياء علم ّ‬
‫َّللا الكتاب اإللهي ( “ ‪ . . .‬ف ‪) . 402 / 3‬‬‫هو مصطفى ‪ ،‬وال هو ممن أورثه ّ‬
‫****‬
‫ان عملية “ اإلرث “ تفترض ثالثة حدود ‪:‬‬
‫المورث ‪ -‬اإلرث نفسه ‪ -‬الوارث ‪.‬‬
‫ّ‬
‫المورث ‪ :‬هو “ النبي “ ‪ ،‬ولكن ليس مباشرة منه للوارث ‪ .‬بل يرث الحق من النبي‬
‫العلم موضوع اإلرث ‪ ،‬ليورثه للوارث التابع ‪.‬‬
‫موضوع اإلرث ‪ :‬ان األنبياء ال يورثون المال والمتاع بل ما يتركونه صدقة ‪،‬‬
‫وينحصر ارثهم لتابعيهم ‪ :‬بالعلم ؛ فالعلم هو ما يرثه الوارثون من األنبياء بدليل‬
‫المورث من الحياة الدنيا ‪.‬‬‫ّ‬ ‫الحديث ‪ :‬العلماء ورثة األنبياء ‪ .‬وال يصح اإلرث اال بانتقال‬
‫وحيث إنه “ ارث “ مخصوص معنوي فال ينتقص من علم المورث ما يورثه‬
‫الوارث ‪.‬‬
‫الوارث ‪ :‬الوارث هو التابع للنبي المتتبع له في ‪ :‬أقواله ‪ ،‬واعماله وأحواله ‪ ،‬اال ما‬
‫خص به النبي مما ال يجوز مشاركته به ‪.‬‬ ‫ّ‬
‫فالعلم الموروث نتيجة العمل بالنص ‪ :‬ايمانا واتباعا ‪ ،‬وليس اقتناعا وشهودا ‪.‬‬
‫َّللا عليه وسلم ) ‪ ،‬وهو ما يسميه ابن العربي ‪ :‬المحمدي ‪.‬‬ ‫الوارث للنبي محمد ( صلّى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ) بالنسب اليه ( صلّى ّ‬
‫َّللا عليه‬ ‫يشترك مع المسلم من أمة محمد ( صلّى ّ‬
‫وسلم )‪.‬‬
‫ولكن المحمدي اكتسب بالتقليد شكال مخصوصا للنسب ‪ ،‬فأضحى بينه وبين النبي نسب‬
‫باطن روحي خاص ‪ ،‬هو نتيجة االتباع والتقليد ومحاولة التحقق بشخصيته ( صلّى ّ‬
‫َّللا‬
‫عليه وسلم ) ‪ .‬يقول ابن العربي‪:‬‬

‫‪1193‬‬
‫“ ‪“ 1194‬‬

‫‪- 1‬المورث ‪ -‬النبي ‪ ،‬ولكن ليس مباشرة‪:‬‬


‫“ ‪ . . .‬وان كنت وليا ‪ ،‬فأنك ‪ :‬وارث نبي ‪ .‬فما يجيء إلى تركيبك اال بحظك من‬
‫الورث ونصيبك ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 398 / 4‬‬
‫َّللا من العلوم‬ ‫“ ولقد برقت لي بارقة الهية عند تقييدي هذه المسئلة ‪ ،‬رأيت فيها ما شاء ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ) بالمعول الحجر الذي تعرض له في‬ ‫‪ ،‬كما ضرب النبي ( صلّى ّ‬
‫َّللا على أمته ‪ . . .‬هذا رأيته‬‫الخندق ‪ ،‬فبرقت في الضربة منه بارقة رأى بها ما فتح ّ‬
‫َّللا ورأيت فيها وبها “ ( ف ‪. ) 101 / 4‬‬ ‫عند تقييدي هذا الباب وراثة نبوية بحمد ّ‬
‫“ ‪ . . .‬ويقال في الولي ‪ :‬وارث ‪ ،‬وإرثه ‪ :‬نعت الهي ‪ ،‬فإنه قال عن نفسه ‪ :‬انه” َخي ُْر‬
‫ْالو ِّارثِّينَ “[ ‪ . ] 89 / 21‬فالولي ال يأخذ النبوة من النبي ‪ ،‬اال بعد ان يرثها الحق‬
‫منهم ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 253 / 2‬‬
‫‪- 2‬موضوع اإلرث ‪:‬‬
‫َّللا عليه وسلم ) “ ‪ :‬العلماء ورثة األنبياء “ ‪ .‬وما ورثوا‬‫درجة النبوة “ قال ( صلّى ّ‬
‫دينارا وال درهما ‪ ،‬وانما ورثوا ‪ :‬العلم ‪ ،‬فمن اخذ منه ‪ ،‬اخذ بحظ وافر ‪ .‬وقال ‪:‬‬
‫“ نحن معاشر األنبياء ال نرث وال نورث ‪ ،‬وما تركنا صدقة “ ‪ .‬يعني الورث ‪ .‬اي ما‬
‫يورث من الميت من المال ‪ .‬فلم يبق الميراث اال في ‪ :‬العلم والحال ‪ ،‬والعبارة عما‬
‫َّللا في كشفهم ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 322 / 2‬‬‫وجدوه من ّ‬
‫“ ‪ . . .‬ثم قال لنا ربنا لما قضاه ‪ ،‬من أن جعلنا ‪ :‬ورثة النبيين والمرسلين ‪ ،‬في نبوتهم‬
‫َّللا من حفظ دينه ‪ ( “ . . .‬ف ‪. )2 / 155‬‬ ‫ورسالتهم ‪ ،‬ما أعطاه ّ‬
‫“ ‪ . . .‬فاعبد ربك المنعوت في الشرع حتى يأتيك اليقين ‪ ،‬فينكشف الغطاء ‪ ،‬ويحتد‬
‫َّللا عليه وسلم ] ‪ ،‬وتسمع ما سمع [ صلّى ّ‬
‫َّللا عليه‬ ‫البصر ‪ ،‬فترى ما رأى [ صلّى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ] في درجته من غير نبوة تشريع ‪ ،‬بل وراثة‬ ‫وسلم ] ‪ ،‬فتلحق به [ صلّى ّ‬
‫محققة لنفس مصدقة متّبعه ‪ ( “ .‬ف ‪. ) 311 / 3‬‬
‫“ ‪ . . .‬فإنه ال يرث أحد نبيا على الكمال ‪ ،‬إذ لو ورثه على الكمال ‪ ،‬لكان ‪:‬‬
‫رسوال مثله ‪ ،‬أو نبي شريعة تخصه “ ( ف ‪. ) 80 / 2‬‬
‫‪ - 3‬مظاهر درجة النبوة في الوارث المحمدي ( االجتهاد ‪ -‬االسراء )‪.‬‬

‫‪1194‬‬
‫“ ‪“ 1195‬‬

‫َّللا عليه وسلم أعظم خليفة وأكبر امام ‪ ،‬وكانت أمته خير أمة‬ ‫“ ‪ . . .‬فكان محمد صلّى ّ‬
‫َّللا ورثته في منازل األنبياء والرسل ‪ ،‬فأباح لهم ‪ :‬االجتهاد في‬‫أخرجت للناس ‪ ،‬وجعل ّ‬
‫االحكام ‪ ،‬فهو ‪ :‬تشريع “ ( ف ‪. ) 400 / 3‬‬
‫“ وأبقى لهم [ األولياء ] ‪ :‬الوراثة في التشريع ‪ . . .‬وما ثم ميراث في ذلك اال فيما‬
‫فشرعوه [ سن سنّة حسنة ] ( “ فصوص ‪) . 135 / 1‬‬ ‫اجتهدوا فيه من االحكام ّ‬
‫“ ‪ . . .‬ان الشرع قد أباح له [ الفقيه ] ان يسن سنة حسنة وهي جملة ما ورث من‬
‫األنبياء ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 168 / 2‬‬
‫َّللا ان يسري بي ‪ ،‬ليريني من آياته ‪ ،‬من أسمائه من أسمائي ‪ ،‬وهو‬ ‫“ ‪ . . .‬فلما أراد ّ‬
‫حظ ميراثنا من االسراء ‪ ،‬ازالني عن مكاني ‪ ،‬وعرج بي على براق امكاني ‪ ،‬فز ّج بي‬
‫في أركاني ‪ ،‬فلم ار أرضي تصحبني ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 345 ) . 3‬‬
‫“ ‪ . . .‬غير أنهم [ األنبياء ] ليست لهم قدم محسوسة في السماء ‪ ،‬وبهذا زاد على‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ ،‬باسراء الجسم ‪ ،‬واختراق السماوات‬‫َّللا صلّى ّ‬
‫الجماعة رسول ّ‬
‫واألفالك حسا ‪ ،‬وقطع مسافات حقيقية محسوسة ‪ ،‬وذلك كله لورثته ‪ :‬معنى ال حسا من‬
‫السماوات ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 343 / 3‬‬
‫‪- 4‬اإلرث بانتقال المورث‪:‬‬
‫َّللا اال الكتاب لذوي األلباب ‪ ،‬فهم ورثة النبي ‪ ،‬ال ورثة الولي ‪،‬‬
‫ورث ّ‬ ‫“ ‪ . . .‬وما ّ‬
‫فإنه ال يورث اال الميت الراحل عن البيت ‪ ،‬والحق ال يفارق ‪ ،‬فتدبر هذه الحقائق‬
‫“ ( ف ‪. ) 397 / 4‬‬
‫“ وفي زمان انقطاع الرسالة يكون الكامل ‪ :‬وارثا ‪ ،‬وال ظهور للوارث مع وجود‬
‫الرسول ‪ ،‬إذ الوارث ال يكون وارثا ‪ ،‬اال بعد موت من يرثه ( “ ف ‪) . 270 / 3‬‬
‫‪- 5‬توريث دون انتقاص ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬فالوارث ‪ :‬مستخدم بالمعنى من ورث منه ما جمعه ‪ ،‬غير أن الموروث في‬
‫مثل هذا الورث ‪ ،‬ما نقصه شيء من علمه ‪ ،‬بوراثة الوارث منه ‪ ،‬ففارق ميراث‬
‫وَّللا يرث األرض ومن عليها “ ( ف ‪. ) 52 / 4‬‬ ‫الدينار والدرهم ‪ ،‬بهذه الحقيقة ‪ّ .‬‬
‫‪- 6‬الوارث ‪ :‬هو التابع المتتبع ‪:‬‬

‫‪1195‬‬
‫“ ‪“ 1196‬‬

‫“ ‪ . . .‬فهذا من الورث اإللهي النبوي ‪ .‬فإنه ما حصل لنا هذا الشهود ‪ ،‬اال ‪:‬‬
‫باالقتداء واالتباع النبوي “ ( ف ‪. ) 503 / 3‬‬
‫‪- 7‬همية النسب في اإلرث ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬لم يجعل [ تعالى ] الخوة النسب حظا في الميراث مع فقد اخوة االيمان ‪ ،‬فليس‬
‫المدعى اال اخوة االيمان ‪ ،‬اال تراه إذا مات عن أخ له من النسب ‪ ،‬وهو على غير دينه‬
‫‪ ،‬لم يرثه أخو النسب ‪ ،‬وورثه أخو دينه ‪.‬‬
‫والصورة بيننا وبين الحق ‪:‬‬
‫نسب ودين ‪ ،‬فلهذا ما يرث األرض عز وجل اال بعد موت االنسان الكامل ‪ ،‬حتى ال‬
‫يقع الميراث اال في مستحق له ‪ ،‬كما يرث السماء لما فيها حكم أرواح األنبياء عليهم‬
‫السالم ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 135 / 3‬‬
‫****‬
‫اتضح من النقاط السابقة ‪ .‬معنى اإلرث وطريقه في الفكر الصوفي ‪ ،‬واآلن نحاول ان‬
‫نستقرىء نصوصهم لمعرفة ‪ :‬كيفية اإلرث ‪.‬‬
‫وهذه “ الكيفية “ تطرح صعوبة كبرى امام الباحث ‪ ،‬ألنها تعاش وتمارس وال ثقال ‪.‬‬
‫وحتى لو قيلت فهي شروحات ووصف لطريق اكتسابها وليس “ للكيفية “ ‪.‬‬
‫الن “ الوارث “ نفسه غائب عن هذه “ الكيفية “ ‪ ،‬بتحصيلها ‪ ،‬وممارسة طرق‬
‫الوصول إليها ‪.‬‬
‫نتتبع طرق الوصول إلى اإلرث ‪ ،‬الستشفاف كيفيته ‪ ،‬وتقنية حدوثه ‪ .‬فالتابع يقلد النبي‬
‫في األقوال واالفعال واألحوال ‪ ،‬نختصر هذا الموقف بلغتنا المعاصرة ‪ :‬بان التابع‬
‫صلها [ ‪-‬‬‫يعمل على اكتساب “ مظهر صفة “ النبي ‪ ،‬وباكتسابه مظهر الصفة ‪ :‬يح ّ‬
‫الصفة ] ‪.‬‬
‫فاإلرث عن األنبياء ‪ :‬ارث صفاتي ‪ .‬يحصل فيه التابع مظهر الصفة ليحصل عليها ‪.‬‬
‫وحيث إن كل نبي إذا تتبعنا ابن العربي في “ فصوصه “ له صفة مخصوصة ‪ ،‬كذلك‬
‫الوارث لهذا النبي يرث هذه الصفة المخصوصة بكل ابعادها العرفانية ‪.‬‬

‫صل “ صفة “ عيسى ‪ ،‬والوارث الموسوي “ صفة “ موسى ؛‬ ‫فالوارث العيسوي يح ّ‬


‫ونرى ان هذا الوارث يظهر في فتوحات ابن العربي بكل مميزات شخصية النبي‬
‫الموروث ‪ ،‬العرفانية ‪.‬‬
‫فهو في الواقع استمرار لصفته ‪.‬‬
‫ويتميز‬

‫‪1196‬‬
‫“ ‪“ 1197‬‬

‫“ الوارث المحمدي “ عن بقية ورثة األنبياء بتحصيله صفة “ خاتم األنبياء “ ‪ ،‬وكل ما‬
‫تتمتع به هذه الصفة من “ جمعية “ لصفات األنبياء جميعا [ فقد أوتي ( صلّى ّ‬
‫َّللا عليه‬
‫وسلم ( جوامع الكلم ) ‪.‬‬
‫ونالحظ هنا ان “ الوارث “ يتحلى في عالقاته بالمخلوقات بمواقف األنبياء كالدعوة‬
‫َّللا على بصيرة ‪ ،‬والعلم اليقين بطريق االخبار ‪ ،‬مما جعل ابن العربي يطلق على‬ ‫إلى ّ‬
‫الورثة اسم ‪ :‬أنبياء األولياء ‪ ،‬ويجعل الوالية والورث من النبوة العامة ‪ .‬فالوارث ينال‬
‫ما يناله ‪ ،‬ليس من جهة نبوة نفسه وانما من جهة نبوة نبيه [ انظر “ نبوة “ ] ‪.‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫‪- 1‬التابع ‪ :‬تقليد في األقوال واالفعال واألحوال [ ‪ -‬مظهر الصفة ] ‪.‬‬
‫“ ‪ . . .‬فاعلم أن الورث على نوعين ‪ :‬معنوي ومحسوس ‪ ،‬فالمحسوس منه ما يتعلق ‪:‬‬
‫باأللفاظ ‪ ،‬واالفعال ‪ ،‬وما يظهر من األحوال ‪،‬‬
‫َّللا عليه وسلم يفعله ‪ ،‬مما‬ ‫َّللا صلّى ّ‬
‫فاما االفعال ‪ :‬فان ينظر الوارث إلى ما كان رسول ّ‬
‫أبيح للوارث ان يفعله ‪ ،‬اقتداء به ‪ ،‬ال مما هو مختص به عليه السالم ‪ . . .‬ويتبع‬
‫َّللا عليه وسلم ) الموضحة‬ ‫َّللا ( صلّى ّ‬
‫الوارث ذلك كله في االخبار المروية عن رسول ّ‬
‫لما كان عليه في افعاله ‪. . .‬‬
‫َّللا يقول ‪ ”:‬لَقَ ْد كانَ لَ ُك ْم فِّي‬
‫وهذا هو الورث اللفظي ‪ . . .‬فلتتبعه في كل شيء الن ّ‬
‫َّللا أُس َْوة ٌ َح َ‬
‫سنَةٌ “[ ‪. . . ] 21 / 33‬‬ ‫سو ِّل َّ ِّ‬
‫َر ُ‬
‫واعزم على أن ال تخل بشيء من افعاله وما ظهر من أحواله ‪ ،‬مما أبيح لك من ذلك ‪.‬‬
‫والتزم آدابه كلها جهد االستطاعة ‪ . . .‬واما الورث المعنوي ‪ ،‬فما يتعلق بباطن‬
‫َّللا عليه وسلم من ذكر ربه على‬ ‫األحوال ‪ .‬من تطهير النفس ‪ . . .‬وما كان عليه صلّى ّ‬
‫كل احيانه وليس اال الحضور والمراقبة ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 502 - 501 / 3‬‬
‫“ غير أن الوارث بالحال يحس باالنزال ‪ ،‬ويلتذ به التذاذا خاصا ال يجده اال أمثاله ‪،‬‬
‫فذلك صاحب ميراث الحال “ ( ف ‪. ) 414 / 3‬‬

‫“ ‪ . . .‬وما ثم امر آخر لنبي أو رسول يقع فيه ميراث انما هو قول أو فعل أو حال ‪،‬‬
‫فالوارث الكامل من جمع ‪ ،‬والوارث الناقص من اقتصر على بعض هذه المراتب ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ‪.) 414 / 3‬‬

‫‪1197‬‬
‫“ ‪“ 1198‬‬

‫‪- 2‬اإلرث ‪ :‬صفاتي [ يرث الوارث صفة النبي ‪ -‬الكلمة ] ‪.‬‬


‫َّللا هذه الكرامة ‪ ،‬فكان‬
‫“ ‪ . . .‬وكان شيخنا أبو يعزى بالمغرب موسوي اإلرث فأعطاه ّ‬
‫ما يرى أحد وجهه األعمى [ من شدة نوره ] ‪ ،‬فيمسح الرائي اليه وجهه بثوب مما هو‬
‫َّللا عليه بصره ‪ ( “ . . .‬ف ‪.) 51 - 50 / 4‬‬
‫عليه فيرد ّ‬
‫َّللا أنشأ المحمدي ‪ ،‬على ما أنشأ عليه محمد صلّى‬
‫“ ‪ . . .‬فمضمون هذه المنازلة ان ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ ،‬فأنشأه بالمؤمنين رؤوفا رحيما ‪ ،‬وأرسله رحمة للعالمين ‪ ( “ . . .‬ف‬
‫ّ‬
‫‪. ) 48 / 4‬‬
‫َّللا ذاتا وصفاتا ‪ ،‬فهو‬
‫َّللا ‪ ،‬الذي هو ّ‬ ‫“ ‪ . . .‬ومحمد [ صلّى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ] مظهر اسم ّ‬
‫الرحمة للعالمين ذاتا وصفاتا ‪ ،‬وتمام ملكه موقوف على ظهور المهدي ‪ ( “ . . .‬بلغة‬
‫الغواص ق ‪. ) 60‬‬

‫يوضح هذا النص األخير ‪ ،‬كيف ان محمد ( صلّى ّ‬


‫َّللا عليه وسلم ) هو مظهر االسم‬
‫َّللا “ هو االسم الجامع‬
‫َّللا وذلك لجمعيته صفات األنبياء جميعا ‪ .‬كما أن االسم “ ّ‬
‫ّ‬
‫لألسماء اإللهية ‪ .‬فهو [ صلّى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ] ‪ ،‬المظهر الجامع لألسماء اإللهية ‪ .‬وكل‬
‫“ نبي “ هو مظهر اسم الهي هو في الواقع صفته ‪ [ .‬االسم اإللهي ‪ -‬صفة النبي ] ‪.‬‬

‫‪- 3‬الوارث المحمدي يختلف عن ورثة بقية األنبياء [ جمعية الصفات ] ‪.‬‬
‫“ ‪ . . .‬وكلما ازداد المحمدي علما بربه ‪ ،‬ازداد قربا ‪ ،‬فهم المقربون ‪ ،‬وأحوالهم‬
‫َّللا من‬
‫الظاهرة ‪ ،‬تجري بحكم العوائد فيعرفون ‪ ،‬وال يعرفون ‪ ،‬ويأتون بما أعطاهم ّ‬
‫العلم به ‪ ،‬في طريق النصح لهذه األمة ‪ . . .‬ورثة األنبياء يعرفون في العموم بما‬
‫يظهر عليهم من خرق العوائد “ ( ف ‪. ) 50 / 4‬‬
‫َّللا عليه وسلم مجهول في العموم [ ‪ -‬االخفياء ] ‪ ،‬معلوم‬ ‫“ ‪ . . .‬ووارث محمد صلّى ّ‬
‫في الخصوص ‪ ،‬الن خرق عادته انما هو حال وعلم في قلبه فهو في كل نفس ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ‪. ) 50 / 4‬‬
‫َّللا عليه وسلم كما هو في محمد صلّى ّ‬
‫َّللا‬ ‫“ ‪ . . .‬فان العالم كله في وارث محمد صلّى ّ‬
‫عليه وسلم ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 29 / 4‬‬
‫“ ‪ . . .‬واما المحمدي فما له هذا الحكم ‪ ،‬وال هذا الحصر ‪ ،‬فاتساعه ‪ :‬اتساع الحق ‪،‬‬
‫وليس للحق غاية في نفسه ‪ ،‬ينتهي إليها وجوده ‪ ،‬والحق مشهود‬

‫‪1198‬‬
‫“ ‪“ 1199‬‬

‫المحمدي ‪ ،‬فال غاية له في شهوده ‪ ،‬وما سوى المحمدي فإنه مشاهد امكانه ‪ ،‬فما من‬
‫حالة يقام فيها ‪ ،‬وال مقام اال ويجوز عنده انقضاؤه ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 506 / 3‬‬
‫“ ‪ . . .‬والسالم علي يوم ولدت ‪ .‬ويوم أموت ‪ ،‬ويوم ابعث حيا ‪ ،‬وزاد المحمدي‬
‫الوارث ‪ :‬كنت نبيا وآدم بين الماء والطين ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 116 / 4‬‬
‫“ ‪ . . .‬واالمر دائرة ما لها طرف يشهد فيوقف عنده ‪ ،‬فلهذا قيل للمحمدي الذي له مثل‬
‫هذا الكشف ‪ :‬ال مقام لكم ‪ ،‬لكون االمر دوريا ‪ ،‬فارجعوا ‪.‬فال يزال العالم سابحا في‬
‫فلك الوجود دائما إلى غير نهاية ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 14/ 4‬‬

‫‪ - 4‬كل ارث من نبي ‪ :‬فهو ارث محمدي “ ثم اعلم أيها الولي األكرم ‪ ،‬انك وان‬
‫ورثت علما موسويا أو عيسويا أو غيرهما ‪ ،‬فمن كان من الرجال بينهما ‪ ،‬فإنما ورثت‬
‫‪ 1‬علما محمديا ‪ .‬ساويت فيه ذلك النبي ‪ ،‬لعموم ‪ ،‬رسالة محمد [ صلّى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ]‬
‫“ ( ف ‪. ) 398 / 4‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يراجع بشأن “ وارث “ عند ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪ ( 22‬الورثة ‪ ،‬ثالثة أصناف ) ‪ ،‬ص ‪ ( 134‬نواب محمد ) ‪،‬‬
‫ص ‪ ( 135‬نائب محمد ) ‪ ،‬ص ‪ ( 138‬نواب محمد ) ‪ ،‬ص ‪ ( 220‬الوارث ‪) .‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪3‬ص ‪ ( 51‬الوراثة ) ‪ ،‬ص ‪ ( 231‬ورث الحق ) ‪ ،‬ص ‪322‬‬
‫(ميراث ) ‪ ،‬ص ‪ ( 348‬الوارث المحمدي ) ‪ ،‬ص ‪ ( 414‬ورثة األحوال ) ‪ ،‬ص‬
‫‪ ( 414‬ورثة االفعال ) ‪ ،‬ص ‪ ( 502‬الورث اإللهي ) ‪ ،‬ص ‪ ( 503‬الوارث ) ‪ ،‬ص‬
‫‪ ( 507‬محمدي ‪) .‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪ ( 27‬وارث ) ‪ ،‬ص ‪ ( 51‬المحمدي ) ‪ ،‬ص ‪ ( 117‬محمدي )‬
‫‪ ،‬ص ‪ ( 129‬محمدي الشهود ) ‪ ،‬ص ‪ ( 163‬وارث رحمة ) ‪ ،‬ص ‪ ( 179‬الوارث‬
‫الفرد ) ‪ ،‬ص ‪ ( 317‬الوارث ) ‪ ،‬ص ‪ ( 326‬الوارث ) ‪ ،‬ص ‪ ( 417‬الوارث ‪) .‬‬
‫‪-‬ترجمان األشواق ص ‪ ( 97‬ميراث ) ‪ ،‬ص ‪ ( 143‬اإلرث المحمدي ) ‪.‬‬
‫‪-‬بلغة الغواص ق ‪ ( 62‬المحمديين ) ‪.‬‬
‫‪-‬مواقع النجوم ص ‪ ( 154‬وارث الحق ) ‪.‬‬

‫‪1199‬‬
‫“ ‪“ 1200‬‬

‫للا عليه وسلم‬‫‪ - 686‬ورثة جمعيّة مح ّمد صلّى ّ‬


‫َّللا عليه وسلم ) ‪ - :‬ورثة محمد ( صلّى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ) ‪.‬‬ ‫ورثة جمعية محمد ( صلّى ّ‬
‫يقول ‪ . . . “ :‬وكانت لي بذلك البشري بأني محمدي المقام ‪ ،‬من ورثة جمعية محمد‬
‫صلّى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ‪.‬‬
‫َّللا جوامع الكلم ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 350 / 3‬‬
‫فإنه آخر مرسل وآخر من اليه تنزل ‪ ،‬آتاه ّ‬
‫انظر “ وارث “ ‪.‬‬

‫‪ - 687‬وارث المختار‬
‫وارث المختار هو الوارث المحمدي ‪.‬‬
‫يقول ‪ ”:‬كل نور في كل قلب معار *** ما عدى قلب وارث المختار “‬
‫( مواقع النجوم ص ‪) 24‬‬
‫انظر “ الوارث "‪.‬‬

‫دي‬
‫‪ - 688‬وارث القدم المح ّم ّ‬
‫وارث القدم المحمدي ‪ -‬الوارث المحمدي‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ الوارث القدم المحمدي ‪ .‬الذي يأتي على رأس كل قرن ‪ ،‬يعلّم الناس أمور دينهم ‪.‬‬
‫لقوله عليه الصالة والسالم ‪ :‬يأتي على رأس كل قرن رجل من أمتي الخ الحديث ‪.‬‬
‫فهو آدم زمانه ‪ ( “ . . .‬شق الجيوب ‪. ) 28‬‬
‫انظر “ وارث “‬

‫‪1200‬‬
‫“ ‪“ 1201‬‬

‫‪ - 689‬الوارث المك ّمل‬


‫الوارث المكمل ‪ -‬الوارث المحمدي‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬فسلمت على هارون عليه السالم ‪ ،‬فرد وس ّهل ورحب وقال ‪ :‬مرحبا بالوارث‬
‫المكمل ‪ ،‬قلت ‪ :‬أنت خليفة الخليفة ‪ ،‬مع كونك رسوال نبيا “ ‪ ( . . .‬ف ‪. ) 349 / 3‬‬
‫انظر “ وارث "‪.‬‬

‫‪ - 690‬ارث األسماء االلهيّة‬


‫الوارث لألسماء اإللهية ‪ :‬هو االنسان الظاهر بصفة اسم الهي ‪ ،‬فالفعل مثال للحق دائما‬
‫‪ ،‬وان وقع من االنسان فبحكم الوراثة لالسم اإللهي ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬واعلم أن أطيب ما يورث من العلم ‪ ،‬ما يرثه العالم من األسماء اإللهية ‪.‬‬
‫فان قلت ‪ :‬وكيف تورث األسماء اإللهية ‪ .‬وال يكون الورث اال بعد موت ‪.‬‬
‫قلنا ‪ :‬وكذلك أقول ‪ ،‬فاعلم اني أريد بهذا النوع من العلم ‪ ،‬كون الحق سبحانه قادرا‬
‫على أن يفعل ابتداء ما ال يفعله ‪ ،‬وال وقع اال منك ‪ . . .‬فلما كان منك وال بد ‪ ،‬ما يمكن‬
‫ان يكون له دونك ‪ . . .‬فينزل هذا القدر من الكون الظاهر منك ‪ ،‬مما كان له منزلة‬
‫المال الموروث “ ( ف ‪. ) 324 / 3‬‬
‫انظر “ وارث “‬

‫‪1201‬‬
‫“ ‪“ 1202‬‬

‫‪ - 691‬وارد‬
‫“ ‪ . . .‬والورد ‪ :‬الماء الذي يورد ‪ . . .‬والورد ‪ :‬العطش ‪ . . .‬والموارد ‪ :‬المناهل ‪،‬‬
‫واحدها مورد ‪ .‬وورد موردا أي ورودا ‪. . .‬‬
‫الظمأين ‪ ،‬والمصدر الورود ‪ . . .‬ورجل وارد من قوم‬ ‫والورد ‪ :‬وقت يوم الورد بين ّ‬
‫ورادين ‪ ،‬وكل من اتى مكانا منهال أو غيره ‪ ،‬فقد ورده‪.‬‬ ‫ووراد من قوم ّ‬ ‫وراد ‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫واردُها “ [ ‪] 71 / 19‬‬‫وقوله تعالى ‪َ ”:‬و ِّإ ْن ِّم ْن ُك ْم ِّإ َّال ِّ‬
‫فسره ثعلب فقال ‪ :‬يردونها مع الكفار فيدخلها الكفار وال يدخلها المسلمون ‪. . .‬‬

‫ويقال إذا بلغت إلى البلد ولم تدخله ‪ :‬قد وردت بلد كذا وكذا ‪. . .‬‬

‫وفي اللغة ‪:‬‬


‫ورد بلد كذا وماء كذا إذا اشرف عليه ‪ ،‬دخله أو لم يدخله ‪ ،‬قال ‪ :‬فالورود باالجماع ‪،‬‬
‫ليس بدخول ‪.‬‬
‫الجوهري ‪ :‬ورد فالن ورودا حضر ‪ ،‬وأورده غيره واستورده اي أحضره ‪ . . .‬وفي‬
‫وق ْال ُم ْج ِّر ِّمينَ إِّلى َج َهنَّ َم ِّو ْردا ً “[ ‪] 86 / 19‬‬ ‫س ُ‬‫التنزيل العزيز ‪َ ”:‬ونَ ُ‬
‫وقال الزجاج ‪ :‬أي مشاة عطاشا “ ( لسان العرب مادة “ ورد “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫لم تتخط كلمة “ وارد “ في القرآن معناها اللغوي السابق ‪ ،‬الذي يفيد ‪:‬‬
‫علَ ْي ِّه أ ُ َّمةً ِّمنَ النَّ ِّ‬
‫اس يَ ْسقُونَ “ [ ‪28 /‬‬ ‫‪- 1‬الماء الذي يورد ‪َ ”:‬ولَ َّما َو َر َد ما َء َم ْديَنَ َو َج َد َ‬
‫‪. ]23‬‬
‫وق ْال ُم ْج ِّر ِّمينَ ِّإلى َج َهنَّ َم ِّو ْردا ً ] ‪“[ 19 / 86‬‬ ‫س ُ‬‫‪- 2‬العطش” َونَ ُ‬
‫وار َد ُه ْم فَأ َ ْدلى َد ْل َوهُ “[ ‪] 19 / 12‬‬ ‫سلُوا ِّ‬ ‫َّارة ٌ فَأ َ ْر َ‬
‫سي َ‬ ‫ت َ‬ ‫‪- 3‬شخص االنسان” َوجا َء ْ‬

‫عند ابن العربي ‪:‬‬


‫“ *الوارد “ هو ما يرد على قلب العبد من كل اسم الهي ‪ ،‬ثم ينصرف بعد ان يعطي‬
‫المحل “ علما‪“ .‬‬

‫‪1202‬‬
‫“ ‪“ 1203‬‬

‫هذا التعريف يفقد لعموميته األهمية المرجوة من التعريفات ‪ .‬لذلك يعطيه ابن العربي‬
‫صفاته الذاتية الخاصة بحسب ‪ :‬مراتبه ‪ ،‬أو كيفية وروده ‪ ،‬أو مضمونه ‪ ،‬أو قوته ‪.‬‬
‫وفي تخصصه هذا يكتسب “ الوارد “ أسماء مختلفة ‪ ،‬كالبوادة والهجوم أو تضاف اليه‬
‫مفاهيم مبينة ‪ :‬وارد قهر وارد بسط ‪ ،‬وهذا ما سنراه بالتفصيل عند تصنيف نصوص‬
‫ابن العربي المتعلقة به ‪.‬‬

‫يقول ‪:‬‬
‫‪- 1‬تعريف الوارد ‪:‬‬
‫“ الوارد عند القوم [ الصوفية ] ‪ ،‬وعندنا [ ابن العربي ] ‪ :‬ما يرد على القلب من كل‬
‫اسم الهي ‪ ،‬فالكالم عليه بما هو وارد ال بما ورد ‪.‬‬
‫فقد يرد بصحو وبسكر وبقبض ‪ . . .‬وبأمور ال تحصى ‪ .‬وكلها واردات ‪ . . .‬وكل‬
‫وارد الهي ال يأتي إال بفائدة ‪ . . .‬والفائدة التي تعم كل وارد ‪ ،‬ما يحصل عند الوارد‬
‫عليه من العلم من ذلك الورود ‪.‬‬
‫وال يشترط فيه ما يسره وال ما يسؤه‪.‬‬
‫فان ذلك ما هو حكم الوارد ‪.‬‬
‫وانما حكم الوارد ما حصل من العلم ‪ . . .‬وينصرف الوارد ‪ ،‬ال بد من انصرافه ‪. . .‬‬
‫يرحل بعد أداء ما ورد به [ تاركا المحل للوارد الثاني ] “ ( ف ‪. ) 566 / 2‬‬

‫“ وانما اعني بالعقالء من كان على طريقتهم [ اي طريقة األنبياء والرسل ] ‪ :‬من‬
‫الشغل بنفسه ‪ ،‬والرياضيات ‪ ،‬والمجاهدات ‪ ،‬والخلوات ‪ ،‬والتهيء لواردات ما يأتيهم‬
‫في قلوبهم عند صفائها من العالم العلوي ‪ ،‬الموحى من السماوات العلى ‪ ( “ . . .‬ف‬
‫السفر ‪ - 5‬فق ‪. ) 75‬‬

‫‪- 2‬أحوال الوارد في االتيان ‪ [ .‬هجوم ‪ ،‬بوادة ‪ “ . . . ] . .‬والوارد قد تختلف أحواله‬


‫في االتيان ‪ .‬فقد يرد فجأة ‪ :‬كالهجوم والبوادة [ انظر “ هجوم “ ] ‪.‬‬
‫وقد يرد غير فجأة ‪ ،‬على شعور من الوارد عليه بعالمات ‪ ،‬وقرائن أحوال ‪ ،‬تدل على‬
‫ورود امر معين يطلبه استعداد المحل ‪( “ .‬ف ‪. ) 566 / 2‬‬
‫المالحظ هنا ان “ الوارد “ الواحد يتعدد في األسماء بحسب أحواله في االتيان ‪ ،‬فهو‬
‫واحد تتكثر أسماءه في األكوان ‪ . . .‬بالنظر في المحل‪.‬‬

‫‪1203‬‬
‫“ ‪“ 1204‬‬

‫‪- 3‬مضمون الوارد “ ‪ . . .‬فقد يرد [ الوارد ] بصحو وبسكر وبقبض وببسط وبهيبة‬
‫وبأنس وبأمور ال تحصى ‪ .‬وكلها واردات “ ( ف ‪. ) 566 / 2‬‬
‫“ فوارد بعلم ‪ ،‬ووارد بعمل ‪ ،‬ووارد جامع لهما ‪.‬‬
‫ووارد بحال ‪ ،‬ووارد بعلم وحال ‪ .‬ووارد بعمل وحال ‪ ،‬ووارد بعلم وعمل وحال ‪. . .‬‬
‫َّللا وبين عبده ‪.‬‬
‫فإذا كان الوارد غير محدث فهو المعبر عنه بارتفاع الوسائط ‪ ،‬بين ّ‬
‫فهو تجل من الوجه الخاص [ انظر “ الوجه الخاص “ ] “ ( ف ‪. ) 567 / 2‬‬

‫“ ثم لتعلم ان هؤالء البهاليل ‪ . . .‬منهم المسرور ومنهم المحزون ‪.‬‬


‫وهم ‪ ،‬في ذلك بحسب الوارد الذي ذهب بعقولهم ‪ .‬فإن كان وارد قهر قبضهم ‪ . . .‬وان‬
‫كان وارد لطف بسطهم “ ( ف السفر الرابع فق ‪. ) 110‬‬

‫“ ول ّما لم يتمكن للتائب ان يرد عليه “ وارد التوبة “ ّاال حتى ينتبه من سنة الغفلة ‪،‬‬
‫فيعرف ما هو فيه من االعمال ‪ . . .‬وانه مقتول بسيف اعماله القبيحة ‪ ( “ . . .‬ف‬
‫السفر الرابع ‪ -‬فق ‪. ) 155‬‬

‫الوارد كما يظهر من النصوص ال يتحدد بمضمون اال انه يتحدد بحكم وهو ‪:‬‬
‫العلم ‪ .‬فمن شرط الوارد ان يعطي “ العلم ‪“ .‬‬

‫‪- 4‬قوة الوارد “ فاعلم أن الناس ‪ ،‬في هذا المقام [ قبول الواردات اإللهية ] ‪ .‬على‬
‫احدى ثالث مراتب [ ‪ ] 1‬منهم من يكون وارده أعظم من القوة التي يكون في نفسه‬
‫عليها ‪ ،‬فيحكم الوارد عليه ‪ ،‬فيغلب عليه الحال ‪ ،‬فيكون بحكمه ‪ ] 2 [ . . .‬ومنهم من‬
‫يكون وارده وتجليه مساويا لقوته ‪ ،‬فال يرى عليه اثر من ذلك حاكم ‪ .‬لكن يشعر ‪،‬‬
‫عندما يبصر ‪ ،‬أن ث ّم امرا طرأ عليه ‪ ،‬شعورا خفيا ‪ .‬فإنه ال بد لهذا ان يصغي اليه ‪.‬‬
‫اي إلى ذلك الوارد ‪ ،‬حتى يأخذ عنه ما جاءه به من عند الحق ‪.‬‬

‫فحاله كحال جليسك ‪ . . .‬يحدثك ‪ ،‬فأخذته فكرة في أمر ‪ ،‬فصرف حسه اليه في خياله‬
‫‪ ،‬فجمدت عينه ونظره ‪ ،‬وأنت تحدثه ‪ .‬فتنظر اليه غير قابل حديثك ‪.‬‬

‫فتشعر ان باطنه متفكر في أمر آخر ‪ ] 3 [ . . .‬ومنهم من تكون قوته أقوى من‬
‫الوارد ‪ .‬فإذا اتاه الوارد ‪ .‬وهو معك في حديث ‪ -‬لم تشعر به وهو يأخذ من الوارد‬

‫‪1204‬‬
‫“ ‪“ 1205‬‬

‫ما يلقي إليه ‪ ،‬ويأخذ عنك ما تحدثه به أو يحدثك به ‪ .‬وما ث ّم امر رابع في واردات‬
‫الحق على قلوب أهل هذه الطريقة ‪ ( “ . . .‬ف السفر الرابع ‪ -‬فق فق ‪. )- 102 97‬‬
‫****‬
‫يرتبط “ الوارد “ في الفكر الصوفي بمفهومين متواليين هما ‪ :‬السكر والصحو وذلك‬
‫يعرفه الصوفية وابن العربي ‪ :‬غيبة بوارد قوي ‪.‬‬ ‫الن “ السكر “ كما ّ‬
‫ولكنه يتميز عن كل أنواع غيبات السلوك الصوفي ‪ :‬من “ غيبة “ و “ فناء “ و‬
‫“ صحو “‬
‫وغيره بنقطتين ‪:‬‬
‫األولى ‪ :‬أن السكر ليس غيبة عن االحساس ‪ ،‬وانما غيبة عن كل ما يتعارض‬
‫والطرب ‪.‬‬
‫فهو يورث في االنسان الطرب والبسط واالدالل وافشاء االسرار اإللهية ‪ ،‬وكل “ غيبة‬
‫“ يغيب فيها االنسان عن احساسه فليست “ بسكر “ وانما فناء أو محق أو ‪. . .‬‬
‫الثانية ‪ :‬ان السكر يتبعه الصحو ‪ .‬وكل صحو ال يكون اال عن سكر متقدم ‪.‬‬
‫مثل النوم مع اليقظة ‪.‬‬
‫وال نرى هذا التوالي في ‪ :‬الغيبة والحضور أو الفناء والبقاء ‪.‬‬
‫يضاف إلى ما تقدم ان السكر مراتب ‪،‬‬
‫فأول مرتبة ‪ :‬السكر الطبيعي وهو سكر المؤمنين وسلطانه في الخيال ‪.‬‬
‫وثاني مرتبة ‪ :‬السكر العقلي وهو سكر العارفين وسلطانه في العقل ‪.‬‬
‫وثالث مرتبة ‪ :‬السكر اإللهي وهو سكر الك ّمل من الرجال ويظهر في الحيرة ‪.‬‬
‫وكل سكر يصحو منه السكران بوارد صحو ؛ هو من نفس رتبة ومستوى وارد السكر‬
‫‪ ،‬إذ لكل “ سكر “ “ صحو “ ‪.‬‬
‫وحيث إن السكر ثالث مراتب يتبعه الصحو بمراتب ثالث ‪.‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫‪- 1‬الفرق بين “ السكر “ وأنواع الغيبات األخرى ‪:‬‬
‫“ واما حدّهم [ الصوفية ] له [ للسكر ] بأنه ‪ :‬غيبة بوارد قوي ‪ .‬فما هو غيبة اال عن‬
‫كل ما يناقض السرور والطرب والفرح “ ( ف ‪. ) 544 / 2‬‬
‫“ فمن أسكره الشهود ‪ ،‬فال صحو له البتة [ البتة ] ‪ ،‬وكل حال ال يورث طربا وبسطا‬
‫وإدالال وافشاء اسرار الهية ‪ ،‬فليس بسكر ‪ .‬وانما هو غيبة أو فناء أو محق‪.‬‬

‫‪1205‬‬
‫“ ‪“ 1206‬‬

‫َّللا على سكر شارب الخمر ‪ ،‬فإنه [ سكر شارب‬ ‫وال يقاس سكر القوم في طريق ّ‬
‫الخمر ]ربما أورث بعض من يشربه غما وبكاء وفكرة ‪.‬‬
‫وذلك لما يقتضيه مزاج ذلك الشارب ‪ . . .‬فغيبة السكران ليست عن احساسه ‪ ،‬وانما‬
‫غيبته عن مقابل الطرب ال غير ‪ . . .‬ويفارق السكر سائر الغيبات ‪ ،‬ألن الصحو ال‬
‫يكون إال عن سكر ‪ .‬والسكر يتقدم صحوه ‪ ،‬وليس الحضور مع الغيبة كذلك ؛ وال‬
‫الفناء مع البقاء كذلك ؛ لكنه مثل الصعق مع اإلفاقة ‪ ،‬والنوم مع اليقظة ‪ . . .‬والسكران‬
‫في هذا الطريق ال يغيب عن احساسه ‪ ،‬فان غاب ‪ . . .‬فقد انتقل عندنا من حال السكر‬
‫إلى حال فناء أو غيبة أو محق ‪ ،‬ولم يعقب سكره صحو ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) / 545 2‬‬

‫‪- 2‬مراتب “ السكر ‪“ :‬‬


‫“ السكر على مراتب ‪ ] 1 [ . . .‬فسكر طبيعي ‪ ،‬وهو ما تجده النفوس من الطرب‬
‫وااللتذاذ والسرور واالبتهاج بوارد األماني ‪ . . .‬فان له أثرا قويا في القوة المتخيلة ‪،‬‬
‫َّللا مع الخيال لهم هذا السكر الطبيعي ‪ ] 2 [ . . .‬واما السكر العقلي‬ ‫فالواقفون من أهل ّ‬
‫‪ ،‬فهو شبيه بالسكر الطبيعي في رد األمور إلى ما تقتضيه حقيقته ‪ ،‬ال إلى ما يقتضيه‬
‫َّللا ‪ ،‬لصاحب هذا المقام بنعوت المحدثات ‪ ،‬انها‬ ‫االمر بنفسه ‪ ،‬ويأتي الخبر اإللهي عن ّ‬
‫نعت ّّلل ‪ .‬فيأبى قبولها ‪ ،‬على هذا الوجه ‪ ،‬ألنه في سكرة دليله وبرهانه ‪ ،‬فير ّد ذلك‬
‫الخبر لما يقتضيه نظره مع جهله بذات الحق ‪ . . .‬فإذا صحا هذا العاقل عن سكره‬
‫بااليمان لم ير ّد الخبر الصدق ‪ . . .‬فهذا سكر عقلي ‪ .‬فالسكر الطبيعي ‪ :‬سكر المؤمنين‬
‫والسكر العقلي ‪ :‬سكر العارفين ‪.‬‬
‫وبقي [ ‪ ] 3‬سكر الكمل من الرجال وهو ‪ :‬السكر اإللهي ‪.‬‬
‫َّللا عليه وسلم ) ‪ :‬اللهم زدني فيك تحيرا ‪.‬‬
‫َّللا ( صلى ّ‬
‫الذي قال فيه رسول ّ‬
‫والسكران ‪ :‬حيران [ انظر “ حيرة “ ] ‪ ،‬فالسكر اإللهي ابتهاج وسرور بالكمال ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ‪. ) 545 - 544 / 2‬‬

‫‪ - 3‬الصحو ومراتبه “ الصحو عند القوم [ الصوفية ] ‪:‬‬


‫رجوع إلى االحساس بعد الغيبة بوارد قوي ‪ . . .‬واعلم أنه ال يكون صحو في هذا‬
‫الطريق اال بعد سكر ‪ ،‬واما قبل السكر فليس [ االنسان ] بصاح ‪ ،‬وال هو صاحب‬
‫صحو ‪ .‬وانما يقال فيه ليس‬

‫‪1206‬‬
‫“ ‪“ 1207‬‬

‫بصاحب سكر ‪ ،‬بل يكون صاحب حضور أو بقاء وغير ذلك ‪ . . .‬ان صحو كل‬
‫سكران بحسب سكره على ميزان صحيح ‪ . . .‬وما ال يعطي علما فليس “ بصحو‬
‫“ الطريق وال “ سكره “ [ انظر المعنى األول للوارد ] ‪ ،‬وقد تقدم تقسيم السكر [ النص‬
‫السابق ]‪ ،‬فذلك التقسيم يرد على الصحو ‪.‬‬
‫فإنه لكل سكر صحو ‪ ،‬ان لم يمت صاحب السكر في حال سكره ‪ ( “ 1‬ف ‪/ 2‬‬
‫‪. ) 546‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يراجع بشأن “ وارد “ عند ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات السفر األول فق ‪ ( 96‬السكر ‪ :‬حال ) ‪ ،‬فق ‪ ( 361‬أيها الغريب‬
‫الوارد ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات السفر الثاني فق ‪ ( 178‬الوارد والواردات )‬
‫‪-‬الفتوحات السفر الثالث فق ‪ ( 266‬حكم الوارد اإللهي القوي ‪ -‬الوارد الطبيعي ) ‪،‬‬
‫فق ‪ ( 267‬الوارد اإللهي ) ‪ ،‬فق ‪ ( 286‬الواردات الطبيعية والروحانية واإللهية ‪) .‬‬
‫‪-‬الفتوحات السفر الرابع فق ‪ ( 14‬الناس سكارى ) ‪ ،‬فق ‪ ( 96‬وارد ) فق ‪102‬‬
‫( وارد الحق على القلب ) ‪ ،‬فق ‪ ( 110‬وارد قهر ‪ -‬وارد لطف ) ‪ ،‬فق ( ‪160‬وارد‬
‫توبة ‪) .‬‬
‫‪-‬الفتوحات السفر الخامس فق ‪ ( 44‬سكر الرؤية ) فق ‪ ( 443‬واردات التقديس ) ‪،‬‬
‫فق ‪ ( 461‬لذة الوارد ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات السفر السادس فق ‪ ( 445‬السكر والصحو ) ‪.‬‬
‫‪-‬كتاب التعريفات ص ‪ ( 388‬السكر ) ‪.‬‬
‫كما يراجع بشأن السكر والصحو ‪ :‬الرسالة القشيرية ‪ ،‬نشر عبد الحليم محمود الجزء‬
‫األول ‪ .‬ص ص ‪ ( 238 - 236‬الصحو والسكر ) ‪ .‬ص ‪ ( 267‬الوارد ) ‪.‬‬

‫‪ - 692‬الورقاء‬
‫الورقاء ‪ :‬هي أحد الطيور األربعة ‪ ، 1‬وهي إشارة إلى المرتبة الوجودية الثانية في‬
‫مقابل العقاب [ إشارة إلى المرتبة الوجودية األولى ] ؛ النفس الكلية في مقابل العقل‬
‫األول [ مرتبة وجودية أولى ] ‪ ،‬واللوح المحفوظ في مقابل القلم االعلى [ مرتبة‬
‫وجودية أولى ] ‪ ،‬وحواء في مقابل آدم [ مرتبة وجودية أولى ] ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫‪1 -‬الورقاء ‪ :‬ثاني المراتب الوجودية “ الورقاء ‪ :‬النفس الكلية وهو اللوح المحفوظ‬
‫“ ( االصطالحات ص ‪. ) 293‬‬

‫‪1207‬‬
‫“ ‪“ 1208‬‬

‫“ ‪ . . .‬والورقاء ‪ :‬النفس التي بين الطبيعة والعقل [ األول ] “ ( ف ‪. ) 130 / 2‬‬


‫” انا ورقاء المثاني *** مسكني روض المعاني‬
‫فيناديني يا ثاني *** وانا لست بثاني‬
‫ينتهي إلى وجودي *** كل شيء في الكيان “ ( الديوان ‪. ) 37‬‬

‫‪- 2‬ظهور المرتبة الوجودية الثانية عن األولى‪:‬‬


‫َّللا تعالى ايجاد كوني [ ‪ -‬الورقاء ] وإشهاد عيني ‪ ،‬وان يطوقني بطوق‬ ‫“ لما أراد ّ‬
‫البها [ البهاء ] ‪ ،‬ويسكنني في سدرة المنتهي ‪ ،‬نادى بعقابه [ العقاب ] اآلمن من عقابه‬
‫وهو بفناء بابه ‪.‬‬
‫فأجابه مطيعا وقال ‪ :‬ناديت سميعا ‪ ،‬فقال له ‪ :‬انك في ارض غربة وان كنت مني في‬
‫محل القربة ‪ ،‬فاني لست من جنسك فال بد من استيحاش نفسك ‪ ،‬وفيك قرة عين‬
‫فاظهرها في العين ‪ .‬فتأنس بمجاورتها ‪.‬‬
‫فإن االنس بي محال [ راجع “ انس “ ] وانا شديد المحال ‪ .‬فقال العقاب ‪ :‬وكيف يظهر‬
‫عني شيء ومقامي العجز ‪. . .‬‬
‫فقال ‪ :‬الزم المناوحة فتظهر عينها في المكافحة [ ‪ -‬كفاحا ] ‪ ،‬وهذا هو االنتظام‬
‫الثاني ‪ . . .‬فظهرت وناداني الحق فبادرت وما عرف العقاب ما جرى به النهر ‪،‬‬
‫لشغله بالمهر ‪ ،‬وكوني منه في الظهر “ ( االتحاد الكوني ‪. ) 144‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬راجع “ الطيور األربعة “ في هذا المعجم‬
‫كما يراجع ‪ :‬رسالة االتحاد الكوني ورقة ‪ ، 142‬وورقة ‪146‬‬
‫حيث يتكلم ابن العربي على ‪:‬‬
‫العنقاء ‪ ،‬والورقاء ‪ ،‬والعقاب ‪ ،‬والغراب ‪.‬‬

‫‪ – 693‬الميزان‬

‫في اللغة ‪:‬‬


‫“ ‪ . . .‬قال أبو منصور ‪ :‬ورأيت العرب يسمون األوزان التي يوزن بها التمر وغيره‬
‫المسواة من الحجارة والحديد ‪ :‬الموازين ‪ ،‬واحدها ‪ :‬ميزان ‪ . . .‬ويقال لآللة‬
‫ّ‬

‫‪1208‬‬
‫“ ‪“ 1209‬‬

‫التي يوزن بها األشياء ميزان أيضا ‪ . . .‬قال الزجاج ‪ :‬اختلف الناس في ذكر الميزان‬
‫ط ِّليَ ْو ِّم ْال ِّقيا َم ِّة “ ] ‪[ 47 / 21‬‬
‫وازينَ ْال ِّق ْس َ‬
‫ض ُع ْال َم ِّ‬‫في القيامة” َونَ َ‬
‫فجاء في التفسير ‪ :‬انه ميزان له كفّتان ‪ ،‬وان الميزان انزل في الدنيا ليتعامل الناس‬
‫بالعدل وتوزن به االعمال ‪ ،‬وروى جويبر عن الض ّحاك ‪ :‬ان الميزان العدل ‪. . . ،‬‬
‫وقال بعضهم ‪:‬‬
‫الميزان الكتاب الذي فيه اعمال الخلق ‪ . . .‬وقوله تعالى ‪ ”:‬فَال نُ ِّقي ُم لَ ُه ْم يَ ْو َم ْال ِّقيا َم ِّة‬
‫َو ْزنا ً “[ ‪ . . . ] 105 / 18‬وزن اي قدر لخسته ‪ . . .‬والميزان ‪ :‬المقدار “‬
‫( لسان العرب مادة “ وزن “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫انظر “ في اللغة “‬
‫عند ابن العربي ‪:‬‬
‫*الميزان ‪ :‬صفة االعتدال في األشياء فهي تحفظ وجود األشياء في مقابل “ الميل “ ‪،‬‬
‫الذي يقود األشياء إلى التحول واالستحالة ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫” لكل شيء من األشياء ميزان *** فكل شيء له نقص ورجحان‬
‫فالصالحون لهم وزن يخصهم *** والطالحون لهم في الحق ميزان‬
‫فمن يقوم بوزن في تقلبه *** يسعد وان جاءه في ذلك برهان‬
‫ألن ميزانه وفي حقيقته *** لو يساعده في ذاك شيطان‬
‫لذاك قال لمن وفي طريقته *** من خلقه ما له عليه سلطان “‬
‫( ف ‪) 123 / 4‬‬
‫*****‬
‫الميزان ‪ :‬صفة حساب الحق للعباد ‪ .‬وهنا الميزان يتغير تبعا إلرادة “ الوازن “ [ ‪-‬‬
‫الحق ] ‪.‬‬
‫فالعدل اإللهي يأبى اال ان يتبع “ الميزان “ عين الشخص صاحب االعمال ‪ ،‬فكما اننا‬
‫ال نزن الحديد بميزان الذهب كذلك لكل انسان “ ميزان “ ‪ ،‬فال يظلم أحد‪.‬‬

‫‪1209‬‬
‫“ ‪“ 1210‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫ض َع ْال ِّميزانَ ] ‪ ، “[ 55 / 7‬فال تتعدى‬
‫“ ‪ . . .‬ولهذه االعمال [ اعمال العباد ]” َو َ‬
‫الميزان الموضع الذي ال يتعداه االعمال ‪ ،‬ثم قال وعامرهن غيري وما لها عامر اال‬
‫َّللا ‪ ،‬فالخبير تكفيه اإلشارة ‪ .‬وفي لسان العموم من علماء الرسوم يعني بالغير الشريك‬ ‫ّ‬
‫َّللا تميل به في‬
‫الذي اثبته المشرك ‪ .‬لو كان له اشتراك في الخلق لكانت ال اله اال ّ‬
‫َّللا‬
‫َّللا األقوى على كل حال ‪ ،‬لكون المشرك يرجح جانب ّ‬ ‫الميزان ‪ ،‬ألن ال اله اال ّ‬
‫َّللا‬
‫تعالى على جانب الذي اشرك به ‪ ،‬فقال فيهم ‪ :‬انهم قالوا ما نعبدهم اال ليقربونا إلى ّ‬
‫َّللا فيه ‪ .‬وقد تدخل‬‫زلفى ‪ ،‬فإذا رفع ميزان الوجود ال ميزان التوحيد دخلت ال اله اال ّ‬
‫َّللا وتميل به ‪ ،‬فإنه‬‫في ميزان توحيد العظمة ‪ ،‬وهو توحيد المشركين فتزنه ال اله اال ّ‬
‫َّللا قال اين تميل وما ثم‬‫َّللا فال تميل ‪ ،‬وعينه ما ذكره انما هو ّ‬ ‫إذا لم يكن العامر غير ّ‬
‫اال واحد في الكفتين ‪ ( “ . . .‬ف ‪. )/ 448 4‬‬

‫‪ - 694‬ميزان العالم‬
‫ميزان العالم هو االنسان ‪ ،‬وذلك للمثلية ‪ .‬فالعالم هو ‪ :‬االنسان الكبير ‪،‬‬
‫واالنسان هو ‪ :‬العالم الصغير ‪ .‬ولهذه المثلية كان االنسان هو ميزان العالم ‪.‬‬
‫كما أنه يحفظ العالم بوجوده من االندراج في العدم ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬فأما من حيث هو [ االنسان ] مماثل للعالم فالعالم مثله ‪ ،‬وانما امتاز عن العالم‬
‫بقبوله جميع اسرار العالم ‪ ،‬فبهذا المعنى كان ميزانا للعالم ‪ ،‬اال تراه سبحانه يقول ‪”:‬‬
‫ض َع ْال ِّميزانَ “[ ‪] 7 / 55‬‬‫سما َء َرفَعَها َو َو َ‬
‫َوال َّ‬
‫فالميزان الموضوع لمقابلة رفع السماء هو االنسان الصغير ‪ ( “ . . .‬بلغة ‪. ) 31‬‬

‫صفة‬
‫‪ – 695‬ال ّ‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الواو والصاد والفاء ‪ :‬أصل واحد ‪ ،‬هو تحلية الشيء ‪ . . .‬والصفة‪:‬‬

‫‪1210‬‬
‫“ ‪“ 1211‬‬

‫االمارة الالزمة للشيء “ ( معجم مقاييس اللغة ‪ .‬مادة “ وصف “ ) ‪.‬‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫ان الصيغة “ صفة “ لم ترد في القرآن ‪ ،‬وانما ورد “ وصف “ في آية واحدة ‪ ،‬وفي‬
‫ع ِّلي ٌم ‪“( 6 / 139 ) .‬‬ ‫صفَ ُه ْم ِّإنَّهُ َح ِّكي ٌم َ‬ ‫سيَ ْج ِّزي ِّه ْم َو ْ‬ ‫معرض الوعيد ‪َ ”:‬‬
‫اما صيغة الفعل فقد وردت كالتالي ‪ :‬تصف ‪ ،‬تصفون ‪ .‬يصفون ‪.‬‬
‫وفي جملة حاالتها اتخذت معنى ‪:‬‬
‫النسبة ‪ 1‬الباطلة والزعم الباطل ‪ ،‬اي المنافي للحق وغير المطابق للواقع ‪.‬‬
‫ِّب أ َ َّن لَ ُه ُم ْال ُحسْنى “( ‪. ) 62 / 16‬‬ ‫ف أ َ ْل ِّسنَت ُ ُه ُم ْال َكذ َ‬
‫ص ُ‬ ‫” َوت َ ِّ‬
‫ب‪،‬‬ ‫يص ِّه بِّ َد ٍم َك ِّذ ٍ‬ ‫على قَ ِّم ِّ‬ ‫قال تعالى ‪َ ” :‬وجا ُؤ َ‬
‫صفُونَ‬
‫على ما ت َ ِّ‬ ‫َّللاُ ْال ُم ْست َ ُ‬
‫عان َ‬ ‫صب ٌْر َج ِّمي ٌل ‪َ ،‬و َّ‬‫س ُك ْم أ َ ْمرا ً ‪ ،‬فَ َ‬ ‫ت لَ ُك ْم أ َ ْنفُ ُ‬ ‫س َّولَ ْ‬‫قال تعالى ‪ :‬بَ ْل َ‬
‫“‪. ) 18 / 12 ( 2‬‬
‫س َرقَ أ َ ٌخ لَهُ ِّم ْن قَ ْب ُل [ يقصدون يوسف ]‬ ‫” قالُوا[ اخوة يوسف ] ِّإ ْن يَس ِّْر ْق[ بنيامين ] فَقَ ْد َ‬
‫ف فِّي نَ ْف ِّس ِّه َولَ ْم يُ ْبدِّها لَ ُه ْم‪.‬‬ ‫س ُ‬ ‫س َّرها يُو ُ‬ ‫قال تعالى ‪ :‬فَأ َ َ‬
‫قال تعالى ‪ :‬أ َ ْنت ُ ْم ش ٌَّر َمكانا ً ‪.‬‬
‫صفُونَ [ بما تنسبون إلي من تهمة السرقة باطال ] “ ( ‪. ) 77 / 12‬‬ ‫َّللاُ أ َ ْعلَ ُم بِّما ت َ ِّ‬
‫َو َّ‬
‫اما بالنسبة للجناب اإللهي ‪ ،‬فلم يرد في التنزيل العزيز ان ّّلل “ صفة “ ‪.‬‬
‫أو انه “ موصوف بحق “ أو أنه “ وصف نفسه “ بل العكس لقد نزه نفسه ‪ ،‬وسبّحها‬
‫عن األوصاف التي ينسبها اليه الخلق ظلما ‪.‬‬
‫صفُونَ “( ‪. ) 100 / 6‬‬ ‫ع َّما يَ ِّ‬ ‫سبْحانَهُ َوتَعالى َ‬ ‫قال تعالى ‪ُ ”:‬‬
‫صفُونَ “( ‪. ) 180 / 37‬‬ ‫ع َّما يَ ِّ‬ ‫سبْحانَ َر ِّبّ َك َربّ ِّ ْال ِّع َّزةِّ َ‬ ‫” ُ‬

‫عند ابن العربي ‪:‬‬


‫َّللا ‪،‬‬
‫لفظ “ صفة “ ان ابن العربي يبتعد قدر االمكان عن اطالق لفظ “ الصفة “ على ّ‬
‫فيجنح في تعبيره عن الصفة إلى لفظ ‪ “ :‬النسبة “ و “ االسم “ ‪،‬‬
‫ثم يرجح ‪ “ :‬االسم “ على “ النسبة “ الن القرآن ورد “ باألسماء “ ‪،‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ فما من اسم اال وله معنى ليس لآلخر ‪ ، 3‬وذلك المعنى منسوب إلى ذات‬

‫‪1211‬‬
‫“ ‪“ 1212‬‬

‫الحق ‪ ،‬وهو المسمى ‪ :‬صفة عند أهل الكالم من النظار ‪ ،‬وهو المسمى ‪ :‬نسبة عند‬
‫المحققين ‪ . . .‬فاسم العليم يعطي ما ال يعطي القدير ‪ ،‬والحكيم يعطي ما ال يعطي غيره‬
‫من األسماء ‪ ،‬فاجعل ذلك كله نسبا ‪ ،‬أو اسما ‪ ،‬أو صفات ‪ ،‬واألولى أن تكون اسما ‪.‬‬
‫وال بد ‪ ،‬الن الشرع اإللهي ما ورد في حق الحق بالصفات ‪ ،‬وال بالنسب ‪ ،‬وانما ورد‬
‫ّلل ْاألَسْما ُء ْال ُحسْنى “ “ ‪ ([ 7 / 180 ] .‬ف ‪. ) 294 / 4‬‬ ‫باألسماء ‪ ،‬قال تعالى ‪َ ”:‬و ِّ َّ ِّ‬
‫عالقة الصفة بالموصوف ‪:‬‬
‫ان الصفات اإللهية ارتبطت في تاريخ الفكر االسالمي بمشكلتين ‪:‬‬
‫التوحيد والتنزيه ‪ ، 4‬وسوف نرى ان ابن العربي تعرض للناحيتين في تقرير عالقة‬
‫الصفة بالموصوف ‪.‬‬
‫فهو ينزه الحق سبحانه وتعالى عن الصفة أدبا من ناحية ‪ ،‬الن الحق لم يطلق على‬
‫نفسه لفظ صفة ‪ ،‬وألن الصفة قيد ‪ ،‬والحق منزه عن القيد ‪ ،‬عن الصفة من ناحية‬
‫ثانية ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ فهو السميع لنفسه ‪ ،‬البصير لنفسه العالم لنفسه ‪ ،‬وهكذا كل ما تسميه به أو تصفه أو‬
‫َّللا ‪ ،‬حيث يطلق لفظ صفة على ما نسب اليه ‪،‬‬ ‫تنعته ‪ ،‬ان كنت ممن يسيء األدب مع ّ‬
‫َّللا ] ما أطلق على ذلك اال لفظ اسم‬ ‫أو لفظ نعت ‪ .‬فإنه [ ّ‬
‫ح اس َْم َر ِّبّ َك “[ ‪] 1 / 87‬‬ ‫س ِّبّ ِّ‬
‫قال تعالى ‪َ ”:‬‬
‫بار َك ا ْس ُم َر ِّبّ َك “[ ‪] 78 / 55‬‬ ‫وقال تعالى ‪ ” :‬ت َ َ‬
‫س ُّمو ُه ْم ] ‪“[ 13 / 33‬‬‫وقال في حق المشركين قال تعالى ‪ ” :‬قُ ْل َ‬
‫وما قال ‪ :‬صفوهم وال انعتوهم ‪،‬‬
‫َّللا ]‬ ‫صفُونَ “( ‪ّ ) 180 / 37‬‬
‫فنزه [ ّ‬ ‫سبْحانَ َر ِّبّ َك َربّ ِّ ْال ِّع َّزةِّ َ‬
‫ع َّما يَ ِّ‬ ‫بل قال تعالى ‪ُ ”:‬‬
‫نفسه عن الوصف ‪ ، 5‬لفظا ومعنى ‪.‬‬
‫ان كنت من أهل األدب ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 204 / 1‬‬

‫َّللا ‪،‬‬
‫“ فان األصل التعري والتنزيه عن الصفات وال سيما في ّ‬
‫إذا كان أبو يزيد يقول ‪ :‬ال صفة لي ‪ ،‬فالحق أولى ان يطلق عن التقييد بالصفات لغناه‬
‫عن العالم ‪ ،‬الن الصفات انما تطلب األكوان ‪ ،‬فلو كان في الحق ما يطلب العالم لم‬
‫يصح كونه غنيا عما هو له طالب ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 319 / 4‬‬

‫وهكذا يبعد ابن العربي لفظ “ صفة “ ‪ ،‬ويفضل في تعابيره لفظ ‪:‬‬
‫“ االسم “ ‪ ،‬وتضحي الصفات عند ابن العربي ‪ “ :‬أسماء صفات “ ‪. 6‬‬
‫ولكن لما ذا ال يتخطى ابن العربي البحث في “ الصفة “ طالما ّ‬
‫ينزه الحق عنها‬

‫‪1212‬‬
‫“ ‪“ 1213‬‬

‫لفظا ومعنى ؟ يرجع السبب في عدم مقدرته على تجاوز “ األوصاف “ ‪ ،‬إلى أن الحق‬
‫سبحانه وتعالى ‪ ،‬س ّمى نفسه بأسماء تطلب معانيها ان تقوم به ‪ :‬فاسمه “ العالم‬
‫“ يتضمن معنى هو “ العلم “ يطلب القيام بالمسمى ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ومن كونه سمى نفسه لنا بأسماء ‪ ،‬تطلب معانيها تقوم به ما هي عين ذاته من حيث‬
‫ما يفهم منها مع اختالفها ‪ ،‬وصفناه ‪ ( “ 7‬ف ‪. ) 322 / 4‬‬
‫وهكذا يجد ابن العربي نفسه امام “ أسماء صفات “ تشير إلى وجود صفات ال يمكن‬
‫تخطيها‬
‫‪ . 8‬ولكن ما عالقة هذه “ األسماء الصفات “ بالذات ؟‬
‫البن العربي موقف من الصفات في عالقتها بالذات ‪ ،‬مغاير منطلقا ومضمونا لموقف‬
‫من سبقه من المفكرين في التاريخ االسالمي ‪ .‬فهو يخالف المعتزلة التي تجعل الصفات‬
‫عين الذات‬
‫‪ . 9‬كما يخالف األشعرية في جعلها الصفات ال هي الذات وال هي غيرها‬
‫‪ ، 10‬ويظهر اختالف منطلقه عمن تقدمه ‪ ،‬ان ابن العربي ينتقل في بحثه من عالقة‬
‫بين موجودين ( ذات ‪ .‬صفات ) ‪ ،‬إلى العالقة نفسها وماهيتها ‪ .‬وهنا يبرز مفهوم‬
‫“ النسبة “‬
‫‪ ، 11‬عنده ‪ ،‬وانها امر عقلي ال وجودا عينيا له ‪ .‬وبالتالي “ الصفة “ ليست موجودة‬
‫‪ ، 12‬ألنها “ نسبة “ وهذا ما سيظهر بعد قليل من تعريفه للصفة ‪.‬‬
‫وهكذا ابن العربي ال يجعل الصفة عين الذات وال غيرها ‪ ،‬بل يغيّر المستوى الوجودي‬
‫لها ‪ ،‬فينقلها من الوجود العيني في الذات أو خارجها ‪ ،‬إلى وجود عقلي ‪.‬‬
‫ولكن ال يقف ابن العربي عند حد جعل الصفة امرا عقليا ‪ ،‬بل يقوده ذلك إلى اثبات‬
‫عالقة بين الذات والصفات ‪ ،‬في جملة ال تقل غرابة عن جملة األشعري ‪ ،‬التي يجعل‬
‫فيها الصفات ال هي الذات وال هي غيرها‬
‫‪ ، 13‬إذ يرى الشيخ األكبر ان الصفات هي ‪ :‬عين الذات وهي غيرها‬
‫‪ ، 14‬وهذا لعمري متفق جدا مع تكوينه الفكري فهو ال يلغي شيئا بل العكس يثبت كل‬
‫شيء‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ان الصفات عين الذات إذا نظر إليها من الوجه الذي يلي الذات ‪ ،‬وهي غير الذات‬
‫إذا نظر إليها من الوجه الذي يلي انقسام الوجود إلى االقسام المتعددة ‪،‬‬
‫ولهذا مثال ‪ :‬ان العشرة قائمة بنفسها فهي بنسبة الثالثين‬
‫‪ :‬ثلثها ‪،‬‬
‫واألربعين‪:‬‬

‫‪1213‬‬
‫“ ‪“ 1214‬‬

‫ربعها ‪ ،‬مع أن العشرة واحدة ‪ ،‬فالعز والذل مثال انما هو لنا بنسبة شيء إلى ‪ . . .‬واما‬
‫من حيث ذاته تعالى فهو ال تغاير بين ما تسميه له علما وإرادة وقدرة ‪ ،‬فذاته كافية‬
‫للكل في الكل ‪ ،‬وهي النسبة إلى المعلومات ‪ :‬علم ‪ ،‬وإلى المقدورات ‪ :‬قدرة ‪ ،‬وهي‬
‫الموصوفة باألحدية ‪ ،‬وال مغايرة هناك ‪ . . .‬وانطالق هذه األسماء عليه [ تعالى ] انما‬
‫هو من حيث االصطالح ‪ ( “ . . .‬شجون المشجون ق ق ‪ 37‬أ ‪ 37 -‬ب) ‪.‬‬
‫تعريف الصفة عند ابن العربي ‪: 15‬‬
‫*الصفة حقيقة عقلية ‪ ،‬معدومة العين ‪ 16‬موجودة الحكم ‪ .‬كلية ال تقبل التجزئة ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ فانظر ما أحدثته اإلضافة من الحكم في هذه الحقيقة المعقولة [ علم الحق ] ‪ ،‬وانظر‬
‫إلى هذا االرتباط بين المعقوالت [ العلم ‪ -‬الحياة ‪ -‬الصفات ] ‪ ،‬والموجودات العينية‬
‫[ الموصوفات ] ‪ ،‬فكما حكم العلم على من قام به ان يقال فيه ‪ :‬عالم ‪ ،‬حكم الموصوف‬
‫به ‪ ،‬على العلم ‪ :‬انه حادث في حق الحادث ‪ ،‬قديم في حق القديم ‪.‬‬
‫فصار كل واحد محكوما به محكوما عليه ‪.‬‬
‫ومعلوم ان هذه األمور الكلية [ الصفات ] ‪ ،‬وان كانت معقولة ‪ ،‬فإنها ‪:‬‬
‫معدومة العين موجودة الحكم ‪ . . .‬وال تقبل التفصيل وال التجزي فان ذلك محال عليها‬
‫‪ ،‬فإنها بذاتها في كل موصوف بها ‪ ( “ . . .‬فصوص الحكم ج ‪1‬ص ‪. ) 52‬‬
‫كما ننقل نصا ثانيا تظهر فيه الصفة كحقيقة مميزة منفصلة محددة ‪ ،‬حيث يستعمل ابن‬
‫العربي كلمة “ صفة “ بدال من “ حقيقة ‪“ .‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا ] الصفة العزرائيلية مغناطيسا ‪ ،‬عند مشاهدتها بنوع اختصاص يتجلى به‬ ‫“ فجعل [ ّ‬
‫تفارق األرواح أشباحها ‪ ،‬وتصعد إلى عالمها ‪ . . .‬وجعل الصفة‬

‫‪1214‬‬
‫“ ‪“ 1215‬‬

‫الروحانية الجبرائيلية العلمية ‪ ،‬مواصلة للنفوس االنسانية مؤثرة فيها وحيا وكشفا‬
‫والهاما ‪ . . .‬وجعل العمل الصالح لها [ للنفوس ] مطهرا من العمل السيء ‪ ،‬ورافعا‬
‫لها إلى الصفة الجبرائيلية ‪ ( “ . . . 17‬بلغة الغواص ق ‪ 105‬ب ) ‪.‬‬
‫****‬
‫الصفة ‪ 18‬هي اسم يعطي االشتقاق ويدل على معنى يقوم بالمسمى ‪.‬‬
‫لقد سبقت اإلشارة إلى أن ابن العربي يجعل كل الصفات اإللهية ‪19‬‬
‫في حقيقة األمر ‪ “ :‬أسماء صفات “ ‪ ،‬ولكن ما يميز هذه األسماء الصفات عن األسماء‬
‫عامة ‪،‬‬
‫هو ‪ :‬اشتقاقها ‪ ،‬وداللتها على معنى وجودي ‪ ،‬يقوم بالمسمى ‪ ،‬يقول ‪:‬‬
‫“ كل اسم يعطي االشتقاق ‪ ،‬ويدل على معنى يقوم بالمسمى ‪ ،‬فهو ‪ :‬وصف في‬
‫الحقيقة ‪ . . .‬والمراد ‪ :‬الصفة ‪ ،‬والعين من حيث تلك الصفة ال من حيث ذاتها ‪. . .‬‬
‫“ ( األزل ص ص ‪. ) 14 - 13‬‬
‫“ الصفة ‪ :‬ما طلب المعنى كالعالم “ ( االصطالحات ص ‪. ) 297‬‬
‫“ الصفة ‪ . . .‬ما طلب المعنى الوجودي كالعالم والعلم “ ( ف ‪. ) 129 / 2‬‬
‫ومن حيث إن الصفة تدل على معنى في الموصوف ‪،‬‬
‫فهي اذن ال تعطي ‪:‬‬
‫ماهية الموصوف ‪ ،‬وال يمكن الوصول إلى ماهيته من خاللها ‪،‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ فان الصفة ال تعطي ماهية الموصوف ‪ ( “ 20‬كتاب األزل ص ‪. ) 16‬‬
‫****‬
‫الصفات اإللهية هي المؤثرة في الكون بل الكون مظهرا ومجلى لها ‪ ،‬لذلك نطلق عليه‬
‫عبارة ‪ :‬الصفات اإللهية ‪ -‬فالعالم باسره هو ‪ :‬صفاته العليا ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا تعالى ‪ ،‬انما هو ‪ :‬األلوهية ‪ ،‬واحكامها ‪،‬‬‫( أ ) “ المتوجه على ايجاد كل ما سوى ّ‬
‫ونسبها ‪ ،‬واضافاتها ‪ ،‬المعبر عنها باألسماء والصفات ‪ ،‬وهي التي استدعت‬
‫اآلثار ‪ ( “ . . .‬كتاب المسائل ‪ -‬ص ‪. ) 9‬‬
‫َّللا تعالى كما وصف نفسه في كتابه العزيز ‪ ،‬بوصف الهداية‬ ‫“ اعلم أن ّ‬

‫‪1215‬‬
‫“ ‪“ 1216‬‬

‫والرضى واللطف واالنعام ‪ . . .‬فكذلك وصفها باالضالل والسخط والقهر ‪ . . .‬فكل‬


‫واحد من هذه األوصاف له اثر خاص ‪ ،‬ونتيجة معينة ‪ ،‬يظهر في نفس العبد ‪. . .‬‬
‫“(رسالة مراتب التقوى ق ق ‪ 167‬أ ‪ 167 -‬ب ) ‪.‬‬
‫“ فالعالم كله ‪ :‬أسماؤه الحسنى ‪ ،‬وصفاته العليا ‪ .‬فال يزال الحق متجليا ظاهرا على‬
‫الدوام ‪ ،‬البصار عباده في صور مختلفة عند افتقار كل انسان إلى كل صورة منها ‪،‬‬
‫فإذا استغنى عن تلك الصورة ‪ ،‬فهي عند ذلك المستغنى خلق ‪ ،‬فإذا عاد افتقاره إليها‬
‫فهي حق ‪ ،‬واسمها هو اسم الحق “ ‪ ( . . .‬ف ‪. ) 405 / 3‬‬
‫( ب ) نالحظ ان هذا التعريف للصفة يتناول مظهرها ‪ ،‬وهنا يجب ان ننتبه إلى أن‬
‫الشيخ األكبر يميز وبشدة ‪ :‬الصفة عن مظهرها ‪،‬‬
‫فصفة الحق ‪ :‬القدرة ‪.‬‬
‫مظهرها ‪ :‬كل المقدورات في العالم ‪ ،‬اي الممكنات ‪ ،‬ولكن من ناحية ثانية هذا المظهر‬
‫يتحد بالظاهر فيه ‪ ،‬ويوصل اليه ‪.‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫“ االنسان منطو على جميع اسرار العالم ‪ ،‬قابل لجميع الصفات والمراتب ‪. . .‬‬
‫“ ( بلغة الغواص في األكوان إلى معدن االخالص ‪ .‬ق ‪ 39‬أ ) ‪.‬‬
‫َّللا عليه وسلم ] )بالعظمة ‪، 21‬‬ ‫َّللا ( صلى ّ‬
‫َّللا ذلك الخلق [ خلق رسول ّ‬ ‫“ ووصف ّ‬
‫َّللا‬
‫كما وصف القرآن في قوله والقرآن العظيم ‪ ، 22‬فكان القرآن خلقه [ خلق رسول ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ) ممن‬
‫َّللا ( صلى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ) ] ‪ ،‬فمن أراد ان يرى رسول ّ‬‫( صلى ّ‬
‫لم يدركه من أمته ‪ ،‬فلينظر إلى القرآن فإذا نظر فيه ‪ ،‬فال فرق بين النظر اليه وبين‬
‫َّللا عليه وسلم ) ‪ ،‬فكأن القرآن انتشأ صورة جسدية ‪،‬‬‫َّللا ( صلى ّ‬
‫النظر إلى رسول ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ) ‪ ،‬والقرآن كالم‬
‫َّللا بن عبد المطلب ( صلى ّ‬
‫يقال لها ‪ :‬محمد بن عبد ّ‬
‫َّللا وهو صفته ‪ ،‬فكان محمد ‪ :‬صفة الحق تعالى ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 61 / 4‬‬ ‫ّ‬
‫وبعد ان اتضح ان العالم باسره صفات الحق العليا ‪ ،‬يجب ان ننبه إلى أن المخلوق‬
‫هو ‪ :‬صفة الخالق ‪ ،‬وليس صفة المخلوق هي صفة الخالق ‪.‬‬
‫فصفات الحق هي صفات الممكن ‪،‬‬
‫وهذه من االفكار الرئيسية عند ابن العربي وهي ما يسميها ‪ :‬باحدية الوصف ‪23‬‬
‫فبصر كل مبصر من الممكنات هو في الحقيقة بصر الحق يقول‪:‬‬

‫‪1216‬‬
‫“ ‪“ 1217‬‬
‫“ ولما كانت هويته [ الحق ] ‪ :‬أحدية الوصف لم يكن فيها كثرة ‪ ،‬وهي بصره في كل‬
‫مبصر ‪ .‬فهو وان تعددت ذوات المبصرين ‪ ،‬فالبصر واحد في الجميع إذ كان البصر‬
‫هوية الحق ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 38 / 4‬‬
‫“ فصفات الحق صفات العبد ‪ ،‬فال تعكس فتنكس “ ( عنقاء مغرب ص ‪. ) 31‬‬
‫نالحظ من النص الثاني كيف ان صفات الحق هي صفات العبد ‪ ،‬فالعبد يتجلى بصفات‬
‫الحق ‪ ،‬ولكن ال نستطيع ان نعكس تلك المعادلة فتصبح صفات العبد هي صفات الحق‬
‫‪ ،‬الن صفات العبد هي صفات نقص ‪ ، 24‬يتنزه الخالق عن االتصاف بها ‪ ،‬وفي‬
‫الواقع ان صفات الحق تظهر في العبد وليست له باألصالة ‪ ،‬فالفرق بين العلم اإللهي‬
‫والعلم االنساني ‪،‬‬
‫هو ان األول ‪ :‬صفة الحق وعين ذاته‬
‫على حين ان الثاني ‪ :‬صفة الخلق وغير ذاته وانما نالها بامتنان الهي ‪.‬‬
‫َّللا في صفة العلم ‪ ،‬وهو ليس في ذاته عالما ‪.‬‬‫فالممكن يقيمه ّ‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬فإذا غفا االنسان أو سها عن عبوديته ‪ ،‬ورأى له فضال على عبد آخر مثله ‪،‬‬
‫وال سيما ان كان العبد اآلخر ملك يمينه ‪ ،‬أو يكون هذا الغافل من اولي االمر‬
‫كالسلطان والوالي ‪ ،‬فيرى لنفسه مزيّة على غيره ما يرى تلك المزية للمرتبة التي أقيم‬
‫فيها ان كان من اولي االمر ‪ ،‬وال للصفة القائمة به من حيث االختصاص اإللهي له بها‬
‫كالعلم وكرم االخالق ‪ ،‬فلم يفرق بين نفسه والمرتبة ‪ ،‬وال بين الصفة والموصوف‬
‫بها ‪ . . .‬بخالف من ليس بغافل عن نفسه فإنه يجعل الفضل للصفة ‪ ،‬والمرتبة ال لنفسه‬
‫‪ ،‬فإنه لم ينلها باستحقاق ‪ ،‬وانما نالها بامتنان الهي ‪ ( . . . “ 25‬ف ‪- 380 / 3‬‬
‫‪. ) 381‬‬
‫****‬
‫ان الصفات اإللهية على تعددها يمكن ارجاعها إلى أصلين ‪ ،‬من حيث آثار تجلياتها‬
‫على قلوب المخلوقات ‪ :‬صفات الجالل وصفات الجمال ‪.‬‬
‫ونترك ابن العربي يبين آثار صفات الجالل في الهيبة ‪ ،‬وآثار صفات الجمال في‬
‫االنس ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫‪- 1‬الجالل والجمال ‪:‬‬
‫“ الجالل ‪ :‬نعوت القهر من الحضرة اإللهية “ ( االصطالحات ‪.) 287‬‬

‫‪1217‬‬
‫“ ‪“ 1218‬‬

‫َّللا العلي ‪ ،‬الظاهر إلى عباده بنعوت الجالل “ ( ف السفر الخامس‬ ‫“ ما ث ّم ّ‬


‫منزه اال ّ‬
‫فقرة ‪. ) 287‬‬
‫“ فهو [ تعالى ] المقيّد ‪ ،‬بما قيّد به نفسه من صفات الجالل ‪ .‬وهو المطلق ‪ .‬بما س ّمى‬
‫به نفسه من أسماء الكمال “ ( ف السفر الرابع فق ‪." ) 445‬‬
‫َّللا قد جلّى لذا اجالله * ولذاك جلّى من سناه جماال “( ف السفر األول فق ‪.) 560‬‬ ‫ّ‬
‫‪- 2‬الهيبة واالنس ‪:‬‬
‫َّللا في القلب وقد يكون عن الجمال الذي هو جمال‬ ‫“ الهيبة ‪ :‬هي اثر مشاهدة جالل ّ‬
‫الجالل ‪ . . .‬االنس ‪ :‬اثر مشاهدة جمال الحضرة اإللهية في القلب ‪. . .‬‬
‫“ ( االصطالحات ص ‪. ) 287‬‬
‫‪...........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬راجع “ نسبة “‬
‫) ‪( 2‬يقول البيضاوي في التعليق على هذه اآلية من سورة يوسف ‪:‬‬
‫“ روى أنه لما سمع [ يعقوب ] بخبر يوسف صاح وسأل عن قميصه فأخذه وألقاه على‬
‫وجهه وبكى ‪ ،‬حتى خضب وجهه بدم القميص وقال ما رأيت كاليوم ذئبا احلم من هذا‬
‫س ُك ْم أ َ ْمرا ً “( اآلية )‬
‫ت لَ ُك ْم أ َ ْنفُ ُ‬‫س َّولَ ْ‬
‫‪ ،‬اكل ابني ولم يمزق عليه قميصه ولذلك” قا َل بَ ْل َ‬
‫“ ( أنوار التنزيل واسرار التأويل ج ‪1‬ص ‪) . 242‬‬
‫يتضح مما سبق ان يعقوب لم يصدق زعم أبنائه في موت يوسف فكيف يأكل الذئب‬
‫يوسف دون ان يمزق قميصه ‪ .‬وان وصفهم زعم باطل ‪.‬‬
‫) ‪( 3‬راجع “ حقيقة االسم “ بالنسبة للمسمى ‪.‬‬
‫) ‪( 4‬لقد انقسم الفكر االسالمي في موقفه من الصفات اإللهية إلى قسمين ‪ .‬فمن ناحية‬
‫نجد القدرية والجبرية والمعتزلة التي عاشت فيما بعد في رحاب المذهب االمامي ‪.‬‬
‫ومن ناحية ثانية الصفاتية واألشعرية التي تتابعت مذهبا ألهل السنة من خالل كتابات‬
‫الموالين بها والمدافعين عنها كالباقالني والجويني والغزالي ‪.‬‬
‫وسنعرض باختصار هذين التيارين ‪:‬‬
‫التيار األول ‪:‬‬
‫القدرية وعلى رأسها معبد الجهني ( قتل بعد عام ‪ 80‬هـ ) ذهبت إلى تأويل الصفات‬
‫الذاتية ‪ ،‬فاليد تعني التأييد والعين تعني الرعاية ‪ . . .‬ونفت الصفات المعنوية بمعنى‬
‫انها اعتبرتها‬

‫‪1218‬‬
‫“ ‪“ 1219‬‬
‫والذات اإللهية واحدا ‪ .‬اما الجبرية وعلى رأسها الجهم بن صفوان ( قتل عام ‪ 128‬ه )‬
‫فهي وان كانت تخالف القدرية فيما يتعلق بمسألة القدر ‪ ،‬اال ان الجهم بن صفوان وقد‬
‫روعته آراء مقاتل بن سليمان المشبهة في التفسير فاتفق مع القدرية في الصفات‬
‫اإللهية ‪ .‬نجد الجهم بن صفوان في سعيه إلى غايته األولى وهي تنزيه الذات ومباينتها‬
‫َّللا بصفة‬
‫للموجودات ينفي جميع الصفات التي تتحمل التشبيه ‪ ،‬فال يجوز ان يوصف ّ‬
‫يوصف بها خلقه الن ذلك يقتضي تشبيها ‪ ،‬اما الصفات األزلية فلم ينفها بل قال‬
‫باتحادها بالذات ‪.‬‬
‫بعد القدرية والجبرية تظهر المعتزلة من الخالف المعروف في مجلس الحسن البصري‬
‫في مسألة المنزلة بين المنزلتين ‪ .‬ويظهر مؤسسها وأصل بن عطاء ( ت عام ‪131‬‬
‫هـ ) وصاحبه عمرو بن عبيد ( ت ‪ 144‬هـ) ‪.‬‬
‫وإذا كانت المعتزلة تخالف الجهم بن صفوان فيما يتعلق بالقدر فالمعتزلة قدرية‬
‫والجهمية جبرية مطلقة ‪ ،‬فإنهم اتفقوا في الصفات ‪ .‬ونجد المعتزلة تتابع خط القدرية‬
‫َّللا وليست‬
‫والجبرية في نفي الصفات الجسمانية وتعليل صفات الفعل بأنها عين ذات ّ‬
‫غيره ‪.‬‬
‫اما الصفات القديمة فقد نفاها وأصل بن عطاء وقال ‪ .‬من أثبت معنى وصفة قديمة‬
‫أثبت الهين وبما ان االتفاق على امتناع وجود الهين قديمين أزليين حاصل ‪ ،‬اذن ‪.‬‬
‫ينتفي وجود الصفة القديمة وهذه الفكرة لم تنضح اال على يد من اتى بعده من المعتزلة‬
‫‪ ،‬حتى أضحت هذه المسألة أصال من األصول الخمسة التي يرتكز إليها الكيان‬
‫المعتزلي ‪.‬‬
‫وهي األصل األول ‪ :‬التوحيد ‪.‬‬
‫وهكذا ظهرت فكرة تعطيل الصفات بجعلها عين الذات ‪ ،‬في ارض التنزيه “ أوال‬
‫“ [ حيث ينزهون الحق عن الصفات التي تتحمل التشبيه ] واتسعت وانضحت في‬
‫ضالل “ التوحيد “ [ حيث يهربون من اثبات صفة قديمة مع الذات خشية اثبات الهين ‪،‬‬
‫فيجعلون الصفة عين الذات] ‪.‬‬
‫التيار الثاني اما السلف من أهل السنة والجماعة فقد اثبتوا الصفات اإللهية وسموا لذلك‬
‫الصفاتية وعلى رأسهم الكالبي والقالنسي والمحاسبي ‪.‬‬
‫عبد هللا بن سعيد بن كالب ( ت بعد عام ‪ 240‬هـ ) كان امام أهل السنة في عصره‬
‫َّللا لم يزل عالما قادرا حيا سميعا بصيرا ‪ . . .‬الخ‬
‫ويرى أن ّ‬
‫بل يزيد على هذه الصفات انه رب واله اي ان من صفاته أيضا الربوبية واأللوهية ‪،‬‬
‫وانه قديم بأسمائه وصفاته ‪ .‬ولكن هذه الصفات ليست هي الذات ‪.‬‬
‫َّللا عالم يعني ان له علما ‪ ،‬وليست صفاته زائدة على مسمى أسمائه‬ ‫فمعنى قولنا ان ّ‬
‫الحسنى ‪.‬‬
‫َّللا وال هي غيره ‪.‬‬
‫َّللا وصفاته لذاته ال هي ّ‬
‫وكان يقول إن أسماء ّ‬
‫َّللا ويداه وعينه وبصره‬ ‫باّلل وال يجوز ان تقوم بالصفات صفات ‪ .‬وجه ّ‬ ‫وانها قائمة ّ‬
‫صفات له ال هي هو وال هي غيره ‪.‬‬
‫باّلل ولكنها ليست هو واال تعطلت الصفة ‪ .‬وليست غيره واال تعدد‬ ‫فالصفات قائمة ّ‬
‫القديم‪.‬‬

‫‪1219‬‬
‫“ ‪“ 1220‬‬
‫وغني عن البيان شبه األشاعرة بكالم عبد هللا بن سعيد بن كالب بخصوص الصفات ‪.‬‬
‫َّللا وليست غيره ‪ ،‬وهي ال تقوم بذاتها‬ ‫فاألشعري يذهب أيضا إلى أن الصفة ليست هي ّ‬
‫َّللا ‪.‬‬
‫َّللا وال هي غير ّ‬ ‫باّلل ولكنها ليست عين ّ‬‫َّللا وهي تقوم ّ‬
‫بل وجودها متعلق بوجود ّ‬
‫َّللا عين ذاته ألصبحت الصفة‬ ‫فرقت بين الذات والصفات ‪ ،‬إذ لو كان علم ّ‬ ‫فاألشعرية ّ‬
‫َّللا ) شيئا واحدا ‪ ،‬وأصبحت الصفة ذاتا وهذا خلف ‪.‬‬ ‫( العلم ) والموصوف ( ّ‬
‫َّللا ‪. . . .‬‬
‫اما الصفات الجسمانية فقد نفتها األشاعرة ‪ ،‬فاليد هي القدرة والوجه هو ّ‬
‫وهكذا انطلق المذهب األشعري وقيض له عدد كبير من المفكرين نذكر منهم ‪:‬‬
‫الباقالني ‪ 403‬هـ ‪ -‬ابا اسحق األسفرائيني ‪ 418‬هـ ‪ -‬ابا المعالي الجويني امام‬
‫الحرمين ‪ 418‬هـ ‪ -‬ابا حامد الغزالي ‪ 505‬هـ ‪ .‬كما ساعد على انتشار هذا المذهب‬
‫تأسيس المدارس النظامية في بغداد ونيسابور ‪.‬‬
‫اما القرن السادس الهجري ‪ ،‬وهو القرن الذي ظهر فيه محي الدين بن العربي فهو‬
‫يمثل الدور المتأخر من ادوار علم الكالم إذ امتزج علم الكالم بالمنطق والفلسفة ‪.‬‬
‫وهذا ما نالحظه في كتب الغزالي والفخر الرازي ( ت ‪ 606‬هـ ) وكتاب “ المواقف‬
‫“ لإليجي يعطي صورة واضحة عن أساليب علم الكالم في هذه الفترة ‪.‬‬
‫وفي حين ان ابن العربي يحاول ان يبقى مع األشعرية اال اننا نراه ينتقدها بشدة أحيانا‬
‫وبلطف أحيانا أخرى فيما يتعلق بمسألة الصفات ( كما سيأتي ) ‪.‬‬
‫يراجع بخصوص الصفات في التيارين الكتب التالية ‪:‬‬
‫‪- 1‬مقاالت االسالميين واختالف المصلين تأليف األشعري ( ت ‪ 330‬هـ )‬
‫ج ‪ 1‬ص ‪. 265 - 264 - 258 - 244 - 243 - 238 - 234 - 112 - 110‬‬
‫ج ‪ 2‬ص ص ‪. 195 - 193 - 185 - 177‬‬
‫‪- 2‬كتاب االرشاد إلى قواطع األدلة في أصول االعتقاد إلمام الحرمين الجويني‬
‫( ‪ 478 - 419‬هـ ) نشر مكتبة الخانجي مصر ‪ .‬مطبعة السعادة ‪1950‬م ‪ .‬ص ص‬
‫‪. 140 - 61‬‬
‫‪- 3‬كتاب األسماء والصفات للحافظ البيهقي ( ت ‪ 458‬ه ) تحقيق محمد زاهد الكوثري‬
‫الحنفي نشر دار احياء التراث العربي ‪ .‬بيروت ‪.‬‬
‫ص ص ‪. 353 - 301 - 281 - 277 - 192 - 175 - 139 - 110‬‬
‫‪- 4‬شرح األصول الخمسة للقاضي عبد الجبار تحقيق عبد الكريم عثمان الطبعة األولى‬
‫‪ 1965‬م ‪ .‬مطبعة االستقالل بمصر ‪ .‬األصل األول ‪ :‬التوحيد ص ص ‪- 151‬‬
‫‪. 213‬‬
‫‪- 5‬شرح جوهرة التوحيد للشيخ عبد السالم بن إبراهيم ‪ ،‬اللقاني ‪ ،‬المالكي ‪ .‬الطبعة‬
‫الثانية ‪ 1955‬م ‪ .‬مطبعة السعادة بمصر تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد ص ص‬
‫‪. 126 - 68‬‬
‫‪- 6‬مشكاة األنوار للغزالي تحقيق أبو العال عفيفي نشر الدار القومية للطباعة والنشر‬
‫القاهرة ‪ 1964‬م الفصل الثالث ص ص ‪. 93 - 85‬‬
‫‪- 7‬نشأة الفكر الفلسفي في االسالم علي سامي النشار ‪ .‬الجزء األول الطبعة الرابعة‬
‫‪ 1966‬دار‬

‫‪1220‬‬
‫“ ‪“ 1221‬‬
‫المعارف ‪.‬‬
‫يراجع فيما يتعلق بالصفات فقط ‪:‬‬
‫‪-‬الباب الثاني ‪ .‬الفصل الثاني والثالث والرابع ‪.‬‬
‫‪-‬الباب الثالث ‪ ،‬الفصل الثاني والثالث ‪.‬‬
‫‪- 8‬تاريخ الفكر الفلسفي في االسالم ‪ .‬الجزء األول ‪ .‬دار النهضة العربية بيروت‬
‫‪ 1970‬ص ص ‪. 210 - 141‬‬

‫) ‪( 5‬المالحظ ان اآلية الكريمة ال تنزه الحق عن الوصف ‪ ،‬بل تنزهه عما يصفون‬
‫اي عن األوصاف الباطلة التي ينسبها الخلق ظلما إلى الحق ‪.‬‬
‫) ‪( 6‬راجع مادة “ اسم “اقسام االسم عند ابن العربي ‪،‬القسم الثالث ‪“ :‬اسم صفة"‬
‫) ‪( 7‬كون الصفة معنى االسم ‪ .‬مفهوم يسبق ابن العربي ‪ .‬راجع قوت القلوب ألبي‬
‫َّللا سبحانه فليدعه‬
‫طالب المكي ( ‪ 386‬ه ) ج ‪ 1‬حيث يقول ‪ “ :‬فإذا دعا [ العبد ] ّ‬
‫بمعاني أسمائه فإنها صفاته “ ‪. . .‬‬
‫) ‪( 8‬ان “ اسم الصفة “ هو في الواقع “ الوصف “ وابن العربي يفرق بينه وبين‬
‫الصفة ‪ .‬فالصفة في ذات الحق منزهة عن معرفتنا لها تنزيه الذات ‪ .‬بينما الوصف هو‬
‫“ اسم الصفة “ وهو بالنسبة إليها كاالسم بالنسبة للمسمى ‪.‬‬
‫) ‪( 9‬يختلف ابن العربي عن المعتزلة بان الصفة عنده ليست عين الذات ‪ ،‬بل نسبة‬
‫بين الذات والعالم كما سيظهر من التعريف ‪.‬‬
‫) ‪( 10‬ليست طريقة ابن العربي الرد على الذين تقدموه ومنازعتهم ولكن يكتفي ببيان‬
‫مآخذه على مذهبهم ووجه مخالفته لهم ‪ .‬وفي الفتوحات ج ‪ 1‬ص ‪204‬يتعرض للتيار‬
‫الثاني في موقفه من عالقة الصفة بالذات وخاصة األشاعرة والباقالني واألسفرائيني‬
‫َّللا ال هي هو وال‬
‫( راجع ما تقدم ) ‪ ،‬وينتقد كيفية جعلهم الصفات معان قائمة بذات ّ‬
‫هي غيره ‪ .‬وليست هذه المرة الوحيدة التي يتعرض فيها لألشاعرة ففي أكثر من مكان‬
‫نراه يشتد في النقد أحيانا ويتلطف أخرى وفي مطلق األحوال يخالف األشاعرة فيما‬
‫يتعلق بالصفات اإللهية يقول ‪ “ :‬فان قلنا إن تلك النسب [ الصفات ] أمور زائدة على‬
‫ذاته وانها وجودية وال كمال له اال بها ‪ ،‬وان لم تكن كان ناقصا بالذات ‪ ،‬كامال بالزائد‬
‫الوجودي ‪ ،‬وان قلنا ‪ :‬ما هي هو وال هي غيره ‪ ،‬كان خلفا من الكالم وقوال ال روح‬
‫فيه ‪ ،‬يدل على نقص عقل قائله وقصوره في نظره أكثر من داللته على تنزيهه ‪. . .‬‬
‫“ ( ف ‪. ) 197 / 4‬‬
‫) ‪( 11‬ان العلم عنده “ نسبة “ بين “ العالم “ و “ المعلوم “ ‪ ،‬وفي جعلها نسبة بين‬
‫ذاتين حرمها الوجود العيني ليضفي عليها وجودا عقليا ‪ .‬راجع بلغة الغواص ق ‪. 99‬‬
‫) ‪( 12‬ان في جعله الصفات غير موجودة في األعيان محاولة تتفق مع روح مذهبه‬
‫في التوحيد ‪.‬‬
‫) ‪( 13‬يقول القيصري في شرح هذه الجملة ‪:‬‬

‫‪1221‬‬
‫“ ‪“ 1222‬‬
‫“ ان صفاته تعالى ليست بزايدة على ذاته بل هي عين الذات ال فرق اال باعتبار‬
‫العقل ‪ [ . . .‬وقد ] عنى من قال صفاته تعالى ال هو وال غيره اي ال هو باعتبار العقل‬
‫‪ ،‬وال غيره بحسب الحقيقة ‪ ( “ . . .‬القيصري ‪ .‬رسالة في ايضاح بعض اسرار‬
‫تأويالت القرآن الظاهرية ‪ 6824‬ق ‪ 169‬أ ) ‪.‬‬
‫كما يراجع شرح الغزالي لهذه العبارة في كتابه المضنون به على غير أهله ‪ .‬نشر‬
‫مكتبة الجندي تحقيق الشيخ محمد مصطفى أبو العال ص ص ‪ - 136 134‬حيث‬
‫يبدأ ‪ “ :‬وقد صح قول من قال في الصفات ال هو وال غيره ‪. . . “ .‬‬

‫) ‪ ( 14‬إذا النوع من العالقات بين الذات والصفات تقود إلى تضارب في نظرية‬
‫المعرفة عند الشيخ األكبر ‪.‬‬
‫فمن ناحية ان الذات عين الصفات ‪ :‬تتنزه الصفات عن المعرفة ‪ ،‬وبالتالي استحالة‬
‫وصول الممكن إلى معرفة الصفات اإللهية ‪.‬‬
‫ومن ناحية ثانية ان الصفات غير الذات وهي الممكنات اذن معرفة الصفات هي أوسع‬
‫األبواب للوصول إلى الذات ‪.‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫أ ‪ “ -‬لما كانت ذاته تعالى ال تمثل وال تعلم وصفاته من لوازم ذاته ‪ ،‬لزم ان صفاته‬
‫أيضا ال تمثل ونحن ال نعرف ما نعرف اال باألمثال وال مثل لصفة من صفاته ‪. . .‬‬
‫وال شك ان لنا قدرة وعلما وسمعا وبصرا وصفاتنا كلها مخلوقة مثلنا فنظن بمشاركة‬
‫االسمية انا فهمنا ‪ ،‬انه سميع بصير عليم قادر وعلمنا ذلك ‪ ،‬وليس كذلك انما علمنا‬
‫صفاتنا وهو العلي العظيم “ ‪ ( . . .‬رسالة شجون المشجون مخطوط الظاهرية رقم‬
‫‪ 9205‬ق ‪ 36‬ب ) ‪.‬‬
‫“ ‪ . . .‬فما عرفت قط صفة على الحقيقة ‪ ،‬من معبودك وانما عرفت ما تحصل من‬
‫األوصاف في أركان وجودك ‪ . . .‬والتحقت صفاته بذاته فتنزهت عن تعلق علمي‬
‫بماهيتها ‪ . . .‬فقد تنزهت الصفات عن تعلق العلم الحادث بها كما تنزهت الذات ‪. . .‬‬
‫“ ( عنقاء مغرب ‪. ) 31 - 30‬‬
‫نورد هنا نصا لعبد الكريم الجيلي يبين فيه ما يخالف أكثر المفكرين ‪ ،‬فهو يرى أن‬
‫معرفة الذات أقرب في ادراكها من معرفة الصفات ‪.‬‬
‫“ ان الصفة عند المحقق هي التي ال تدرك وليس لها غاية ‪ ،‬بخالف الذات فإنه يدركها‬
‫َّللا تعالى ‪ ،‬ولكن ال يدرك ما لصفاتها من مقتضيات الكمال ‪ ،‬فهو على‬ ‫ويعلم أنها ذات ّ‬
‫َّللا ولكن على غير بينة من الصفات ‪ . . .‬فالذات مدركة معلومة محققة‬ ‫بينة من ذات ّ‬
‫والصفات مجهولة غير متناهية ‪ [ . . .‬حتى في المخلوق ] الصفات جميعها منطوية‬
‫فيك [ المخلوق ] غير مدركة وال مشهودة ‪ ( “ . . .‬االنسان الكامل ج ‪ 1‬ص ص ‪20‬‬
‫‪. ) 21 -‬‬
‫ب ‪ “ -‬واما معرفة الصفات فالمجال فيها أفسح [ من مجال معرفة الذات ] ‪. . .‬‬
‫باّلل كذكر‬
‫َّللا وفي كالم العلماء ّ‬ ‫َّللا تعالى وفي اخبار رسول ّ‬
‫ولذلك كثر ذكرها في كالم ّ‬
‫َّللا تعالى ال تشبه‬
‫العلم والقدرة واإلرادة والحياة ‪ . . .‬وعلى الجملة فصفات ّ‬
‫الصفات ‪ . . .‬فاحذر تكن‬

‫‪1222‬‬
‫“ ‪“ 1223‬‬
‫عابدا بالوصف أوثان “ ( األجوبة الالئقة عن األسئلة الفائقة مخطوط الظاهرية ‪4266‬‬
‫قق‪2‬ب‪.)3-‬‬
‫ويقول القيصري ‪ “ :‬فالذات محجوبة بالصفات ‪ ،‬والصفات باالفعال ‪ ،‬واالفعال‬
‫باألكوان واآلثار ‪ ،‬فمن تجلت عليه االفعال بارتفاع حجب األكوان توكل ‪ ،‬ومن تجلت‬
‫عليه الصفات بارتفاع حجب االفعال رضي وسلم ‪ ،‬ومن تجلت عليه الذات بانكشاف‬
‫حجب الصفات فني في الوحدة ‪ ( “ . . .‬رسالة في ايضاح بعض اسرار تأويالت‬
‫القرآن ‪ .‬ق ‪ 168‬أ) ‪.‬‬

‫) ‪( 15‬يجدر بنا ان نلفت النظر إلى نقطة في موقف الشيخ األكبر من الصفة ‪:‬‬
‫الصفات كلها واحدة فيما بينها ومتحدة بالذات ‪ ،‬وهي ال تتميز اال في الممكنات ‪ ،‬فالعلم‬
‫عين القدرة عين اإلرادة ‪ . . .‬ال تختلف اال بآثارها وفي المعلومات والمقدورات ‪. . .‬‬
‫وهي نفسها عين الذات ‪.‬‬
‫راجع شجون المشجون ص ‪ 37‬حيث يقول ‪:‬‬
‫“ ال تغاير بين ما نسميه له علما وقدرة ‪ . . .‬فذاته كافية للكل في الكل ‪ ،‬وهي بالنسبة‬
‫إلى المعلومات علم “ ‪ . . .‬كما يراجع بلغة الغواص ص ص ‪، 99 - 97‬‬
‫وهذا الرأي في الصفات هو للمعتزلة دافع عنه أبو الهذيل العالف ناقال إياه من فلسفة‬
‫انباذ قليس كما فهمهما الشهرستاني والشهرزوري ‪.‬‬
‫راجع ما كتبه أبو العال عفيفي عن هذا الموضوع مجلة كلية اآلداب جامعة اإلسكندرية‬
‫سنة ‪ 1933‬ص ص ‪ 15 - 14‬مع الهامش الخاص بمراجع انباذ قليس ‪.‬‬
‫) ‪( 16‬ان “ المعدوم “ له معنى ثبوتي عند ابن العربي انظر “ عين ثابتة ‪“ .‬‬
‫) ‪( 17‬ان ابن العربي عندما يريد ان يعبر عن جبرائيل يقول الحقيقة الجبرائيلية ‪،‬‬
‫وهنا استعمل الصفة بمعنى حقيقة ‪ .‬انظر بلغة الغواص ق ‪ 131‬ب ‪.‬‬
‫) ‪( 18‬يعرف الجيلي الصفة كما يلي ‪:‬‬
‫“ الصفة ‪ :‬ما تبلغك حالة الموصوف اي ما توصل إلى فهمك معرفة حاله وتكيفه عندك‬
‫وتجمعه في وهمك وتوضحه في فكرك وتقربه في عقلك ‪ ،‬فتذوق حالة الموصوف‬
‫بصفته ‪ ( “ . . .‬االنسان الكامل ج ‪ - 1‬ص ‪. ) 20‬‬
‫) ‪( 19‬يقسم ابن العربي كالمعتزلة من قبله الصفات إلى صفات نفسية وصفات‬
‫معنوية يقول ‪:‬‬
‫“ ان الصفات على نوعين صفات نفسية وصفات معنوية ‪ ،‬فالصفات المعنوية في‬
‫الموصوف هي التي إذا رفعتها عن الذات الموصوفة بها لم ترتفع الذات التي كانت‬
‫موصوفة بها ‪ ،‬والصفات النفسية هي التي إذا رفعتها عن الموصوف بها ارتفع‬
‫الموصوف بها ‪ ،‬ولم يبق له عين في الوجود العيني وال في الوجود العقلي ‪ ( “ . . .‬ف‬
‫‪. ) 218 / 1‬‬
‫اما الفرق بين الصفة والنعت فنورد هذا النص البن العربي ‪:‬‬

‫‪1223‬‬
‫“ ‪“ 1224‬‬
‫“ واما النعوت والفرق بينها وبين ‪ . . .‬األوصاف انها ألفاظ ال تدل على معنى قائم‬
‫بذات المنعوت ‪ . . .‬وانما النعوت ألفاظ تدل على الذات من حيث اإلضافة ‪ ،‬وهكذا‬
‫نسميها أسماء اإلضافة كاألول ‪ ( “ . . .‬كتاب األزل ص ‪. ) 15 -‬‬

‫) ‪ ( 20‬يقول الجيلي ‪:‬‬


‫“ فالذات مرئية واألوصاف مجهولة ‪ ،‬وال ترى من الوصف اال األثر ‪ ،‬اما الوصف‬
‫نفسه فهو الذي ال يرى ابدا البتة البتة ‪ ،‬مثاله ما ترى من الشجاع عند المحاربة اال‬
‫إقدامه وذلك اثر الشجاعة ال الشجاعة ‪ . . .‬الن الصفة كامنة في الذات ال سبيل إلى‬
‫بروزها فلو جاز عليها البروز لجاز عليها االنفصال عن الذات وهذا غير ممكن‬
‫“ ( االنسان الكامل ج ‪ 1‬ص ‪. ) 25‬‬
‫ع ِّظ ٍيم ‪“( 68 / 4 ) .‬‬ ‫ق َ‬ ‫) ‪( 21‬إشارة إلى اآلية” َو ِّإنَّ َك لَعَلى ُخلُ ٍ‬
‫سبْعا ً ِّمنَ ْال َمثانِّي َو ْالقُ ْرآنَ ْالعَ ِّظ َ‬
‫يم“ ( ‪15 /‬‬ ‫) ‪( 22‬إشارة إلى اآلية” َولَقَ ْد آتَي َ‬
‫ْناك َ‬
‫‪. )87‬‬
‫) ‪( 23‬يقول “ سيد حسين نصر “ في كتابه “ ثالثة حكماء مسلمين “ نقله عن‬
‫االنكليزية ‪ .‬صالح الصاوي نشر دار النهار بيروت ‪ 1971‬ص ‪ : “ 142‬ونظرة ابن‬
‫العربي إلى العالقة بين الصفات والذات وسط بين التنزيه والتشبيه ‪ .‬إذ يثبت في الوقت‬
‫نفسه ‪ ،‬التعالي ّّلل واتصافه بصفات ليست جميع صفات الكون اال انعكاسات وصورا‬
‫لها ‪“ .‬‬
‫بل نرى ان الشيخ يجمع في الوقت نفسه بين طرفي التنزيه والتشبيه جمعا أصيال‬
‫مبتكرا ‪ ،‬انظر الفص الثالث من فصوص الحكم ‪.‬‬
‫) ‪( 24‬راجع مخطوط “ النجاة من شر الصفات “ وهي تنسب البن العربي وان كانت‬
‫في الواقع لسعد الدين الحموي ‪ .‬مخطوط الظاهرية رقم ‪ - 6423‬حيث يرى أن‬
‫صفات العبد هي نفسه فيشرح شروط طهارتها ‪.‬‬
‫) ‪( 25‬راجع “ منة واستحقاق "‪.‬‬

‫‪ - 696‬الواعظ الناطق ‪ -‬الواعظ الصامت‬


‫الواعظ الناطق ‪ :‬هو القرآن ‪ ،‬بما فيه من آيات الوعظ الناطقة بالترغيب والترهيب ‪.‬‬
‫اما الواعظ الصامت ‪ :‬فهو الموت ‪ .‬بما فيه من قدرة على وضع االنسان في مواجهة‬
‫مصيره ‪ ،‬وانتشاله من حال غفلة الكون‬
‫قال تعالى ‪ ” :‬أ َ ْلها ُك ُم التَّكاث ُ ُر َحتَّى ُز ْرت ُ ُم ْال َمقا ِّب َر“ [ ‪. ] 102 / 2‬‬
‫يقول ‪ . . . “ :‬ومتنا على ما كنا عليه ‪ ،‬وحشرنا على ما عليه متنا ‪ ،‬كما نصبح على ما‬
‫عليه‬

‫‪1224‬‬
‫“ ‪“ 1225‬‬

‫بتنا ‪ ،‬تركت فيكم واعظين ‪ :‬صامت وناطق ‪ ،‬فالصامت ‪ :‬الموت ‪ ،‬والناطق ‪:‬‬
‫القرآن ‪ ،‬هكذا قال صاحب الحق الترجمان “ ( ف ‪. ) 387 / 4‬‬

‫‪ – 697‬الوقت‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الواو والقاف والتاء ‪ :‬أصل يدل على ح ّد شيء وكنهه في زمان وغيره ‪.‬‬
‫منه الوقت ‪ :‬الزمان المعلوم ‪ .‬والموقوت ‪ :‬الشيء المحدود ‪.‬‬
‫[ و ] الميقات ‪ :‬المصير للوقت وقت له كذا ووقّته ‪ ،‬اي حدده ‪.‬‬
‫علَى ْال ُمؤْ ِّمنِّينَ ِّكتابا ً َم ْوقُوتا ً “[ ‪.]4 /103‬‬ ‫َّللا عز وجل ”‪ :‬إِّ َّن ال َّ‬
‫صالة َ كان ْ‬
‫َت َ‬ ‫قال ّ‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫انظر في اللغة‬
‫عند ابن العربي ‪:‬‬
‫الوقت هو “ الحال “ الحاضر للعبد ‪ ،‬هذا التعريف مؤلف من ثالث حدود ( الحال ‪-‬‬
‫الزمن الحاضر ‪ -‬العبد ) ‪ ،‬كل حد منها يخضع لجملة مكونات ‪ ،‬ويتحرك في مجال‬
‫حيوي يعطي “ الوقت “ مضامين متنوعة تنتقل من مفهوم الزمن الحاضر ‪ ،‬إلى عالقة‬
‫العبد بالتجليات اإللهية الحاكمة عليه في الزمن الحاضر ‪.‬‬
‫فالوقت من هذا المنطلق أصبح هو ‪:‬‬
‫‪ - 1‬اآلن الحاضر دون نظر إلى ماض أو مستقبل ‪ .‬فهو هنا امر وجودي بين‬
‫عدمين ‪.‬‬
‫‪ - 2‬حال العبد الحاكم عليه في اآلن الحاضر ‪ ،‬فالوقت ‪ :‬هو كل ما حكم على‬
‫االنسان ‪.‬‬
‫‪ - 3‬وحيث إنه ال يحكم على االنسان اال بالنظر إلى استعداده ‪،‬‬
‫فالوقت ‪ :‬هو الحال القائم باالنسان بحسب استعداده ‪ ،‬أو هو التجلي اإللهي بحسب‬
‫استعداد الشخص ‪.‬‬
‫يقول ابن العربي‪:‬‬

‫‪1225‬‬
‫“ ‪“ 1226‬‬

‫‪- 1‬الوقت ‪ :‬زمان الحال “ واما الوقت فعبارة عن حالك في زمان الحال ال تعلّق له‬
‫بالماضي وال بالمستقبل “ ( االصطالحات ص ‪. ) 285‬‬
‫“ ‪ . . .‬فان قلت وما الوقت ‪ :‬قلنا ‪ :‬ما أنت به من غير نظر إلى ماض وال إلى‬
‫مستقبل ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 133 / 2‬‬
‫“ ان القوم [ الصوفية ] اصطلحوا على أن حقيقة الوقت ‪ :‬ما أنت به وعليه في زمان‬
‫الحال ‪ ،‬وهو امر وجودي بين عدمين ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 538 / 2‬‬
‫‪- 2‬الوقت ‪ :‬كل ما حكم على االنسان “ ‪ . . .‬واما النور الذي بين أيدينا فهو نور الوقت‬
‫‪ ،‬والوقت ‪ :‬ما أنت به ‪ ،‬فنوره ‪ :‬ما أنت به ‪ ،‬فانظر فيه كيفما كان فهو مشهودك ‪،‬‬
‫الحاكم عليك ‪ ،‬والقائم بك ‪ ،‬وهو عين االسم اإللهي الذي أنت به قائم في الحال ال حكم‬
‫له في ماض وال مستأنف “ ( ف ‪. ) 486 / 2‬‬
‫“ الصوفي ابن وقته ‪ 1‬فإن كان وقته الصحة ‪ ،‬فهو غير مريض ‪ .‬أو غير شديد‬
‫المرض ‪ .‬فال يتيمم ‪.‬‬
‫فان الوهم ال ينبغي ان يقضي على العلم “ ( ف السفر ‪ 5‬فق ‪. ) 531‬‬
‫“ فالوقت المعلوم من جانب الحق هو ‪ :‬عين ما خاطبك به الشرع في الحال “ ( ف ‪/ 2‬‬
‫‪. ) 539‬‬
‫‪- 3‬الوقت ‪ :‬التجلي اإللهي بحسب استعداد العبد “ ‪ . . .‬ومستند “ الوقت “ في اإللهية ‪:‬‬
‫وصفه نفسه تعالى انه كل يوم في شأن ‪.‬‬
‫فالوقت ‪ :‬ما هو به في األصل [ ‪ -‬الشأن اإللهي ] انما يظهر وجوده في الفرع ‪ ،‬الذي‬
‫هو الكون ‪ ،‬فتظهر شؤون الحق في أعيان الممكنات ‪.‬‬
‫فالوقت على الحقيقة ‪ :‬ما أنت [ العبد ] به ‪.‬‬
‫وما أنت به هو عين استعدادك ‪ .‬فال يظهر فيك من شؤون الحق التي هو عليها ‪ ،‬اال ما‬
‫يطلبه استعدادك ‪ .‬فالشأن محكوم عليه باألصالة ‪.‬‬
‫فان حكم استعداد الممكن باالمكان ‪ ،‬أدى إلى أن يكون شأن الحق فيه ‪ :‬االيجاد ‪ .‬اال‬
‫ترى ان‬

‫‪1226‬‬
‫“ ‪“ 1227‬‬

‫المحال ال يقبله ‪ .‬فاصل الوقت في الكون ال من الحق ‪. . .‬‬


‫فالحكم ‪ :‬حكم الكون ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 539 / 2‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يورد القشيري في الرسالة أقوال الصوفية في الوقت ما يتفق وما ذهب اليه‬
‫الشيخ األكبر هنا في نقله عنهم يقول ‪:‬‬
‫“ حقيقة الوقت عند أهل التحقيق ‪ :‬حادث متوهم علق حصوله على حادث متحقق ‪،‬‬
‫فالحادث المتحقق وقت للحادث المتوهم ‪ . . .‬والكيس من كان بحكم وقته ‪ ،‬ان كان‬
‫وقته الصحو فقيامه بالشريعة ‪ ،‬وان كان وقته المحو فالغالب عليه احكام الحقيقة ‪. . .‬‬
‫َّللا تعالى يقول ‪ “ :‬الوقت ما أنت فيه ان كنت‬ ‫سمعت األستاذ ابا علي الدقاق رحمه ّ‬
‫بالدنيا فوقتك الدنيا ‪ ،‬وان كنت بالعقبى فوقتك العقبي ‪ ،‬وان كنت بالسرور فوقتك‬
‫السرور وان كنت بالحزن فوقتك الحزن “ ( الرسالة القشيرية ‪ -‬ص ‪. ) 31‬‬
‫) ‪( 2‬يراجع بشأن “ وقت “ عند ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪ ( 455‬سيد الوقت ) ‪ ،‬ص ص ‪ ( 540 - 538‬الباب الثامن‬
‫والثالثون ومائتان ‪ :‬في الوقت ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات السفر األول فق ‪ ( 36‬الوقت ) ‪ ،‬فق ‪ ( 126‬الوقت ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات السفر الثالث فق ‪ ( 88‬وقت ) ‪ ،‬فق ‪ ( 127‬الوقت الواحد )‬
‫‪-‬الفتوحات السفر الخامس فق ‪ ( 255‬فالحكم للوقت ) ‪ ،‬فق ‪ ، 258 ، 257‬فق ‪523‬‬
‫( خروج الوقت ) ‪ ،‬فق ‪ ( 536‬دخول الوقت ) ‪ ،‬فق ‪ ( 537‬الوقت ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفصوص ج ‪ 2‬ص ‪ ، 21‬ص ‪ ( 239‬الوقت عند ‪ :‬الصوفية ‪ ،‬الفالسفة‬
‫المتكلمين ) ‪.‬‬
‫‪-‬صفة جلوس المرتاض والخلوة ق ‪ 7‬ب ( وقت ) ‪.‬‬
‫‪-‬االرشاد ق ‪ ( 147‬الوقت ) ‪.‬‬
‫كما يراجع‬
‫‪-‬النفري ‪ .‬المواقف ص ‪8‬‬

‫‪ – 669‬الوقفة‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الواو والقاف والفاء ‪ :‬أصل واحد يدل على تم ّكث في شيء ثم يقاس عليه ‪.‬‬
‫منه وقفت أقف وقوفا ‪.‬‬
‫ووقفت وقفي ‪ ،‬اال انهم يقولون للذي يكون في شيء ثم‬

‫‪1227‬‬
‫“ ‪“ 1228‬‬

‫ينزع عنه ‪ :‬قد أوقف “ ( معجم مقاييس اللغة ‪ ،‬مادة “ وقف “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫ورد األصل “ وقف “ بالمعنى اللغوي السابق قال تعالى ‪َ ”:‬وقِّفُو ُه ْم إِّنَّ ُه ْم َم ْس ُؤلُونَ‬
‫“[ ‪. ] 37 / 24‬‬
‫عند ابن العربي ‪:‬‬
‫الوقفة ‪ :‬هي توقف السالك بين مقامين ‪ ،‬وذلك لخروجه من حكمهما ‪.‬‬
‫فقد استوفى حقوق المقام الذي ترقى عنه ‪ ،‬ولم يدخل في آداب المقام الذي يليه ‪.‬‬

‫يقول ابن العربي ‪:‬‬


‫صله تخلقا وذوقا وخلقا ‪ ،‬إلى‬‫“ فإن االنسان السالك إذا انتقل من مقام قد أحكمه ‪ ،‬وح ّ‬
‫مقام آخر ‪ ،‬يريد تحصيله أيضا ‪ ،‬يوقف بين المقامين “ وقفة “ يخرج حكم تلك الوقفة‬
‫يعرف [ السالك ] في تلك الوقفة بين المقامين ‪ . . .‬آداب المقام‬
‫عن حكم المقامين ‪ّ . . .‬‬
‫الذي ينتقل اليه ‪ ،‬وما ينبغي ان يعامل به الحق ‪ ( “ . . .‬ف السفر السادس فق ‪. ) 65‬‬

‫‪ – 699‬التوكّل‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ الواو والكاف والالم ‪ :‬أصل صحيح يد ّل على اعتماد غيرك في أمرك ‪.‬‬
‫والتو ّكل منه ‪ ،‬وهو إظهار العجز في األمر واالعتماد على غيرك ‪ .‬وس ّمي الوكيل ألنه‬
‫يوكل اليه األمر “ ( معجم مقاييس اللغة مادة “ وكل “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫غبهم بحبه للمتوكلين ‪:‬‬ ‫امر الحق العباد في القرآن بالتوكل عليه ‪ ،‬ور ّ‬
‫فاّلل ‪ :‬هو وكيل المؤمن المسلم ‪.‬‬ ‫ّ‬
‫َّللا يُ ِّحبُّ ْال ُمت َ َو ِّ ّك ِّلينَ “[ ‪. ] 159 / 3‬‬ ‫علَى َّ ِّ‬
‫َّللا ‪ِّ .‬إ َّن َّ َ‬ ‫ت فَت َ َو َّك ْل َ‬ ‫عزَ ْم َ‬ ‫قال تعالى ‪ ”:‬فَإِّذا َ‬
‫اّلل فَعَلَ ْي ِّه ت َ َو َّكلُوا ِّإ ْن ُك ْنت ُ ْم ُم ْس ِّل ِّمينَ ] ‪“[ 10 / 84‬‬
‫قال تعالى ‪ِّ ”:‬إ ْن ُك ْنت ُ ْم آ َم ْنت ُ ْم ِّب َّ ِّ‬

‫‪1228‬‬
‫“ ‪“ 1229‬‬
‫عند ابن العربي ‪:‬‬
‫َّللا ‪ ،‬ثقة بما عنده ‪ -‬وهو من األحوال‬ ‫*التوكل هو ‪ :‬اعتماد القلب دون اضطراب على ّ‬
‫والمقامات ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا تعالى ‪ .‬مع عدم االضطراب عند فقد األسباب‬ ‫“ التوكل ‪ :‬اعتماد القلب على ّ‬
‫الموضوعة في العالم ‪ .‬التي من شأن النفوس ان تركن إليها ‪ .‬فان اضطرب فليس‬
‫بمتوكل ‪ “ 1‬ف ‪) . 199 / 2‬‬
‫“ والتوكل ‪ :‬مقام ال يتبعض ‪ . . .‬وله الكشف ودرجاته عند العارفين أربعمائة وسبع‬
‫وثمانون ‪ . . .‬وله نسب إلى العالم كله من ملك وملكوت وجبروت “ ( ف ‪- 200 / 2‬‬
‫‪. ) 201‬‬
‫****‬
‫َّللا قد أعطاه ذلك عندما خلقه على‬ ‫التوكل ‪ :‬ترك العبد التصرف في الكون ‪ ،‬مع أن ّ‬
‫الصورة [ انظر “ صورة “ ] وجعله خليفة [ انظر “ خليفة ‪“ ] .‬‬
‫انظر “ تصريف ‪“ .‬‬
‫****‬
‫الفاعل الحقيقي في كل شيء هو الحق ‪ ،‬من خلف حجب األسباب سواء توكل االنسان‬
‫َّللا بارجاع الفعل اليه ‪ ،‬أم اعتقد كونه فاعال بحكم خالفته ‪.‬‬ ‫على ّ‬
‫فما ثمة “ توكل “ حقيقي الن الفعل والتصريف ‪ ،‬وعلى مستوى الوجود والواقع ‪ّّ ،‬لل ‪.‬‬
‫لم يمتلكه “ الممكن “ ليرجعه اليه تعالى ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ فقال [ تعالى ] ‪ ”:‬ال إِّلهَ إِّ َّال ُه َو فَات َّ ِّخ ْذهُ َو ِّك ً‬
‫يال “[ ‪ ] 9 / 73‬نبه بهذا االمر ‪ ،‬انه ال‬
‫ينبغي الوكالة اال لمن هو إله ‪ ،‬ألنه عالم بالمصالح إذ هو خالقها ‪ . . .‬فاتخذه المؤمن‬
‫العالم وكيال ‪ .‬وسلّم اليه أموره ‪ ،‬وجعل زمامها بيده ‪ .‬كما هو في نفس االمر ‪.‬‬
‫فما زاد شيأ [ شيئا ] مما هو االمر عليه في الوجود “ ( ف ‪. ) 200 / 2‬‬
‫“ ‪ . . .‬فرتبة الوكالة رتبة الهية سرت في الكون سريان الحياة فكما انه ما في الكون‬

‫‪1229‬‬
‫“ ‪“ 1230‬‬

‫اال حي ‪ ،‬فما في الكون اال وكيل موكل ‪ ،‬فمن لم يوكل الحق بلفظه وكله الحال منه ‪،‬‬
‫وتقوم الحجة عليه وان وكله بلفظه فالحجة أيضا عليه ‪ ،‬ألن الوكيل ما تصرف في‬
‫فوض اليه موكله وجعل له ان يوكل من شاء فوكل الرسل في التبليغ “ ( ف ‪4‬‬ ‫غير ما ّ‬
‫‪. ) 281 /‬‬
‫“ والتوكل الحقيقي ‪ :‬غير واقع من الكون في حال وجوده ‪ ،‬فما هو اال للمعدوم في‬
‫حال عدمه ‪ . . .‬فال يزال المعدوم موصوفا بالتوكل حتى يوجد ‪ ،‬فإذا وجد خرج عنه‬
‫التوكل ‪ ( “ 2‬ف ‪. ) 201 / 2‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬أقوال الصوفية في التوكل تكاد تنحصر في هذا المعنى األول الذي أورده ابن‬
‫العربي ‪ .‬ونجد عند القشيري ( باب التوكل ‪ :‬الرسالة ج ‪ 1‬ص ص ) ‪،415 - 435‬‬
‫صورة واضحة عن ابعاد رؤيتهم للتوكل ؛ نقتطف منها ما يلي ‪:‬‬
‫عز وجل‬ ‫َّللا ّ‬
‫َّللا ‪ ،‬أول مقام في التوكل ‪ :‬ان يكون العبد بين يدي ّ‬ ‫“ وقال سهل بن عبد ّ‬
‫كالميت بين يدي الغاسل ‪ ،‬يقلبه كيف شاء ‪ ،‬ال يكون له حركة وال تدبير ‪ .‬وقال‬
‫حمدون ‪:‬‬
‫باّلل تعالى ‪ . . .‬واعلم أن التوكل محله القلب ‪ ،‬والحركة‬ ‫التوكل ‪ ،‬هو االعتصام ّ‬
‫بالظاهر ال تنافي التوكل بالقلب ‪ . . .‬عن انس بن مالك قال ‪ :‬جاء رجل على ناقة له ‪،‬‬
‫َّللا ‪ ،‬ادعها وأتوكل ؟ فقال ‪ :‬اعقلها وتوكل ‪. . .‬‬ ‫فقال ‪ :‬يا رسول ّ‬
‫وقال بشر الحافي ‪ :‬يقول أحدهم ‪:‬‬
‫َّللا به ‪. . .‬‬
‫َّللا لرضي بما يفعله ّ‬ ‫َّللا تعالى ‪ ،‬لو توكل على ّ‬ ‫َّللا ويكذب على ّ‬ ‫توكلت على ّ‬
‫سمعت ابن عطاء وقد سئل عن حقيقة التوكل ‪ ،‬فقال ‪ :‬ان ال يظهر فيك انزعاج إلى‬
‫األسباب مع شدة فاقتك إليها ‪ ،‬وال نزول عن حقيقة السكون إلى الحق مع وقوفك‬
‫السراج يقول ‪ :‬شرط التوكل ما قاله أبو تراب النخشبي ‪ ،‬وهو ‪ :‬طرح‬ ‫ّ‬ ‫عليها ‪. . .‬‬
‫البدن في العبودية ‪ ،‬وتعلق القلب بالربوبية ‪ ،‬والطمأنينة إلى الكفاية ‪ ،‬فان اعطى شكر‬
‫وان منع صبر ‪.‬‬
‫وكما قال ذو النون ‪:‬‬
‫التوكل ‪ :‬ترك تدبير النفس ‪ ،‬واالنخالع من الحول والقوة ‪ ،‬وانما يقوى العبد على‬
‫َّللا سبحانه يعلم ويرى ما هو فيه ‪. . .‬‬ ‫التوكل إذا علم أن ّ‬
‫َّللا تعالى ‪ ،‬على ما يريد ‪ . . .‬وسئل‬ ‫َّللا ‪ ،‬التوكل ‪ :‬االسترسال مع ّ‬ ‫قال سهل بن عبد ّ‬
‫باّلل تعالى في كل حال ‪،‬‬ ‫َّللا القرشي عن التوكل فقال ‪ :‬التعلق ّ‬ ‫أبو عبد ّ‬
‫صل إلى سبب حتى يكون الحق هو‬ ‫فقال السائل ‪ :‬زدني ‪ .‬فقال ‪ :‬ترك كل سبب يو ّ‬
‫المتولي لذلك ‪.‬‬
‫َّللا عليه وسلم ) ‪ ،‬والكسب سنته ؛‬ ‫َّللا ‪ :‬التوكل حال النبي ( صلى ّ‬ ‫وقال سهل بن عبد ّ‬
‫فمن بقي على حاله ‪ ،‬فال يتركن سنته ‪ . . .‬الدقّاق ‪ ،‬رحمة ّ‬
‫َّللا ‪،‬‬
‫يقول ‪ :‬للمتوكل ثالث درجات ‪ :‬التوكل ‪ ،‬ثم التسليم ‪ ،‬ثم التفويض ‪.‬‬

‫‪1230‬‬
‫“ ‪“ 1231‬‬

‫فالمتوكل يسكن إلى وعده ‪ ،‬وصاحب التسليم يكتفي بعلمه وصاحب التفويض يرضى‬
‫بحكمه ‪ .‬التوكل ‪ :‬بداية ‪ ،‬والتسليم ‪ :‬واسطة ‪ ،‬والتفويض نهاية ‪ . . .‬المتوكل ‪ :‬صفة‬
‫المؤمنين ‪ ،‬والتسليم ‪ :‬صفة األولياء ‪ ،‬والتفويض ‪ :‬صفة المو ّحدين ‪ ،‬فالتوكل ‪ :‬صفة‬
‫العوام ‪ ،‬والتسليم ‪ :‬صفة الخواص ‪ ،‬والتفويض ‪ :‬صفة خواص الخواص ‪ . . .‬التوكل‬
‫صفة األنبياء ‪ ،‬والتسليم صفة إبراهيم عليه السالم ‪ ،‬والتفويض ‪ . . .‬صفة نبينا محمد‬
‫َّللا عليه وسلم ) “ [ الرسالة القشيرية ‪ .‬نشر عبد الحليم محمود ] ‪.‬‬
‫( صلى ّ‬

‫) ‪( 2‬يراجع بشأن “ توكل “ عند ابن العربي ‪:‬‬


‫‪-‬الفتوحات السفر األول فق ‪ ( 383‬التوكيل ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات السفر الثالث فق ‪ ( 155‬التوكل ‪ :‬ترك التصرف ) ‪.‬‬
‫َّللا من مقام توكله ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات السفر الرابع فق ‪ ( 21‬المتوكل ‪ .‬حاله مع ّ‬
‫‪-‬الفتوحات السفر الخامس فق ‪ ( 120‬سيف التوكل ) فق ‪ ( 387‬توكله في نفسه ‪،‬‬
‫توكله في غيره ) ‪.‬‬
‫َّللا ) ‪ ،‬فق ‪446‬‬
‫‪-‬الفتوحات السفر السادس فق ‪ ( 527‬التوكل واالعتماد على ّ‬
‫( التوكل في النفس ‪ -‬التوكل في الغير ) ‪.‬‬

‫ي – الوالية‬
‫‪ - 700‬ول ّ‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫ي ألمور العالم‬
‫ي هو الناصر ‪ ،‬وقيل ‪ :‬المتول ّ‬‫َّللا تعالى ‪ :‬الول ّ‬
‫ي ‪ :‬في أسماء ّ‬ ‫“ ول ّ‬
‫والخالئق القائم بها ‪ ،‬ومن أسمائه عز وجل ‪ :‬الوالي ‪ ،‬وهو مالك األشياء جميعها‬
‫المتصرف فيها ‪ .‬قال ابن األثير ‪ :‬وكأن الوالية تشعر بالتّدبير والقدرة والفعل ‪ ،‬وما لم‬
‫يجتمع ذلك فيها لم ينطلق عليه اسم الوالي ابن السكيت ‪ :‬الوالية ‪ ،‬بالكسر ‪ ،‬السلطان ‪،‬‬
‫ي والية أي مجتمعون في النصرة “ ( لسان‬ ‫والوالية والوالية النّصرة ‪ .‬يقال ‪ :‬هم عل ّ‬
‫العرب مادة “ ولي “ ) ‪.‬‬
‫في القرآن ‪:‬‬
‫اخذت الوالية في القرآن معنى ‪ :‬النصرة ‪ ،‬والتولية ‪ .‬وقد أطلقها تعالى على ذاته‬
‫اسما ‪ :‬باالطالق ‪ ،‬أو باإلضافة إلى بعض عباده ‪ .‬كما أطلقها تعالى على عبيده ‪ ،‬أو‬
‫باإلضافة بعضهم إلى بعض ‪.‬‬

‫‪1231‬‬
‫“ ‪“ 1232‬‬

‫للا ‪:‬‬ ‫‪- 1‬الولي هو ّ‬


‫ي ‪َ .‬و ُه َو يُ ْحي ِّ ْال َم ْوتى َو ُه َو‬ ‫اّللُ ُه َو ْال َو ِّل ُّ‬
‫أ ‪ -‬باالطالق ‪ ”:‬أ َ ِّم ات َّ َخذُوا ِّم ْن دُو ِّن ِّه أ َ ْو ِّليا َء ‪ .‬فَ َّ‬
‫َصيرا ً “( النساء‬ ‫اّلل ن ِّ‬ ‫اّلل َو ِّليًّا ‪َ ،‬و َكفى بِّ َّ ِّ‬ ‫ِّير “( الشورى ‪َ ”. ) 9 /‬و َكفى بِّ َّ ِّ‬ ‫ش ْيءٍ قَد ٌ‬‫على ُك ِّّل َ‬ ‫َ‬
‫‪. ) 45 /‬‬
‫ص ُموا‬ ‫ب ‪ -‬باإلضافة إلى بعض عباده [ المؤمنين ‪ -‬الصالحين ‪ -‬المتقين ”] ‪َ . . .‬وا ْعت َ ِّ‬
‫ي الَّذِّينَ آ َمنُوا‬ ‫َّللاُ َو ِّل ُّ‬
‫ير “[ الحج ‪َّ ”. ] 78 /‬‬ ‫ص ُ‬ ‫اّلل ُه َو َم ْوال ُك ْم ‪ .‬فَنِّ ْع َم ْال َم ْولى َونِّ ْع َم النَّ ِّ‬ ‫ِّب َّ ِّ‬
‫صا ِّل ِّحينَ‬‫ور “[ البقرة ‪َ ”. ] 257 /‬و ُه َو يَت َ َولَّى ال َّ‬ ‫ت ِّإلَى النُّ ِّ‬ ‫يُ ْخ ِّر ُج ُه ْم ِّمنَ ُّ‬
‫الظلُما ِّ‬
‫ي ْال ُمت َّ ِّقينَ “[ الجاثية ‪. ] 19 /‬‬ ‫َّللاُ َو ِّل ُّ‬
‫“[ األعراف ‪َ ”. ] 196 /‬و َّ‬
‫‪- 2‬الولي هو االنسان ‪:‬‬
‫علَ ْي ِّه ْم ‪َ ،‬وال ُه ْم يَ ْحزَ نُونَ ‪ ،‬الَّذِّينَ آ َمنُوا َوكانُوا‬ ‫ف َ‬ ‫َّللا ال خ َْو ٌ‬ ‫للا ‪ ”:‬أَال ِّإ َّن أ َ ْو ِّليا َء َّ ِّ‬ ‫أ ‪ -‬ولي ّ‬
‫يَتَّقُونَ “[ يونس ‪. ] 63‬‬
‫ض‬‫ض ُه ْم أ َ ْو ِّليا ُء بَ ْع ٍ‬ ‫ب ‪ -‬المؤمنين بعضهم أولياء بعض ‪َ ”.‬و ْال ُمؤْ ِّمنُونَ َو ْال ُمؤْ ِّمناتُ بَ ْع ُ‬
‫“[ التوبة ‪. ] 71 /‬‬
‫ض “[ األنفال ‪/‬‬ ‫ض ُه ْم أ َ ْو ِّليا ُء بَ ْع ٍ‬ ‫ج ‪ -‬الكافرين بعضهم أولياء بعض ‪َ ”:‬والَّذِّينَ َكفَ ُروا بَ ْع ُ‬
‫ض “[ الجاثية ‪. ] 19 /‬‬ ‫ض ُه ْم أ َ ْو ِّليا ُء بَ ْع ٍ‬ ‫‪َ ”. ] 73‬وإِّ َّن َّ‬
‫الظا ِّل ِّمينَ بَ ْع ُ‬
‫ْطان‬
‫شي ِّ‬ ‫من فَت َ ُكونَ ِّلل َّ‬ ‫الر ْح ِّ‬‫ذاب ِّمنَ َّ‬ ‫ع ٌ‬ ‫س َك َ‬ ‫خاف أ َ ْن يَ َم َّ‬‫ت ِّإ ِّنّي أ َ ُ‬ ‫د ‪ -‬ولي الشيطان ‪ ”:‬يا أَبَ ِّ‬
‫َو ِّليًّا “[ مريم ‪. ] 45 /‬‬
‫‪3 -‬مضمون الوالية ‪ :‬النصرة ‪ -‬االرشاد ‪ -‬التوبة عامة‬

‫‪1232‬‬
‫“ ‪“ 1233‬‬

‫َّللا فَقَ ْد َخ ِّس َر ُخسْرانا ً ُم ِّبينا ً “[ النساء ‪”. ] 119 /‬‬ ‫شيْطانَ َو ِّليًّا ِّم ْن د ِّ‬
‫ُون َّ ِّ‬ ‫“ َو َم ْن يَت َّ ِّخ ِّذ ال َّ‬
‫َصيرا ً “[ النساء ‪َ .” ] 75 /‬و َم ْن يُ ْ‬
‫ض ِّل ْل‬ ‫اجعَ ْل لَنا ِّم ْن لَ ُد ْن َك ن ِّ‬
‫اجعَ ْل لَنا ِّم ْن لَ ُد ْن َك َو ِّليًّا ‪َ ،‬و ْ‬ ‫َو ْ‬
‫فَلَ ْن ت َ ِّج َد لَهُ َو ِّليًّا ُم ْر ِّشدا ً “[ الكهف ‪. ] 17 /‬عند ابن العربي ‪:‬‬
‫ان صورة “ الوالية “ وصلت إلى ابن العربي مكتملة المالمح ‪ .‬فقد نشأت في محيط‬
‫المجتمع االسالمي األول ‪ ،‬متمثلة في األحاديث الشريفة التي وصلتنا والمتضمنة ‪:‬‬
‫مظاهر القرب اإللهي لبعض الصحابة ‪ ،‬من نصرة ورضى وخرق عادة ‪ . 1‬ولم يهتم‬
‫األوائل في صدر االسالم بربط هذه المظاهر بمفهوم الوالية بل كانت تظهر تلقائيا دون‬
‫طلب منهم ‪ ،‬وينحصر دورهم في ‪ :‬التنبه إليها وتناقلها ‪.‬‬
‫وبدايات التنظير لمرتبة الوالية ظهرت مع الفكر الشيعي في شخص “ االمام‬
‫“ فاالمامة أبرزت أنماط خاصة من “ االشخاص “ وجدت لها صدى مع تفتح الفكر‬
‫الصوفي ‪ .‬مما دعا الكثير من المفكرين إلى االهتمام بأوجه الشبه والعالقة بين‬
‫التصوف والتشيع في الوالية واإلمامة ‪. 2‬‬
‫وبدأت فكرة الوالية مع متصوفة القرنين الثاني والثالث الهجريين ‪ ،‬تتلمس طريقها إلى‬
‫الظهور مع ‪ :‬الفضيل بن عياض ( ت ‪ 187‬ه ) ‪ .‬معروف الكرخي ( ت ‪ 200‬ه ) ‪،‬‬
‫الجنيد ( ت ‪ 297‬ه ) ‪ ،‬المحاسبي ( ت ‪ 243‬ه ) ‪ ،‬ذي النون المصري ( ت ‪ 245‬ه )‬
‫‪ ،‬البسطامي ( ت ‪ 261‬ه ) ‪ . 3‬ولم تتأكد إال في جرأة حكيم ترمذ ‪ ،‬الذي جعلها محور‬
‫فلسفته الصوفية ‪ ،‬وقطب معظم انتاجه ؛ وكان ذلك ظاهرا حتى في أسماء كتبه أمثال ‪:‬‬
‫“ علم األولياء “ ‪ “ ،‬ختم األولياء “ ‪ “ ،‬سيرة األولياء “ وهذا االهتمام من الترمذي‬
‫بالوالية أدى به في النهاية إلى أن تصوفه بكامله ليس سوى ‪ :‬نظرية متكاملة في‬
‫الوالية ‪.‬‬
‫ومع ظهور السلوك الصوفي والتسليك بعد القرن الثالث الهجري ‪ ،‬اخذت الوالية أهمية‬
‫خاصة من حيث إنها أضحت الهدف المعلن ‪ ،‬وغير المعلن ‪ ،‬لسلوك السالكين ‪. 4‬‬
‫وهكذا وصلت “ الوالية “ إلى ابن العربي مثقلة بتأثير ‪ :‬القرآن والحديث ‪ ،‬واإلمامة‬
‫الشيعية ‪ ،‬والتصوف النظري والسلوكي ‪ ،‬وطرق علم الكالم ‪. 5‬‬
‫واألهم من هذا كله ‪ :‬نظرية الترمذي في الوالية‪.‬‬

‫‪1233‬‬
‫“ ‪“ 1234‬‬

‫لقد تتبع شيخنا األكبر ‪ ،‬خطى الترمذي في الوالية فلم يقدم إضافات تذكر ‪ ،‬سوى‬
‫اضاءات رسخت مالمح الصورة واكدتها في رؤية شمولية اسالمية ‪ .‬وليس أدل على‬
‫تتبع ابن العربي هذا الخط ‪ ،‬من اجابته على أسئلة الترمذي [ ‪ 155‬سؤاال ] في‬
‫فتوحاته المكية [ ج ‪ - 2‬انظر الفهرس ] ‪ .‬مبرهنا بذلك على عظم علمه الصوفي‬
‫وتجربته ‪ ،‬يقول بهذا الشأن ‪:‬‬
‫“ اعلم أن الدعاوى لما استطال لسانها في هذا الطريق من غير المحققين ‪ ،‬قديما‬
‫جرد االمام صاحب الذوق التام محمد بن علي الترمذي الحكيم ‪ ،‬مسائل‬ ‫وحديثا ‪ّ .‬‬
‫تمحيص واختبار وعددها مائة وخمسة وخمسون سؤاال ‪ ،‬ال يعرف الجواب عنها ‪ ،‬اال‬
‫من علمها ذوقا وشربا ‪ ،‬فإنها ال تنال بالنظر الفكري ‪ ،‬وال بضرورات العقول ‪ .‬فلم‬
‫يبق اال ان يكون حصولها عن تجل الهي في حضرة غيبية بمظهر من المظاهر ‪. . .‬‬
‫َّللا ‪ ( “ . . .‬ف ‪- 39 / 2‬‬
‫فجعلت هذا الباب [ من الفتوحات ] مجالها ان شاء ّ‬
‫‪. ) 40‬‬
‫فهذه الفقرة تضعنا امام صاحب نظرية في الوالية استحق من ابن العربي بفضلها‬
‫لقب ‪ :‬االمام صاحب الذوق التام ‪ . 6‬ولم يكن ابن العربي بعيدا عن تأثره بهذا الذوق‬
‫التام ‪ .‬وهذا ما سيظهر من تعريف الوالية عنده ‪.‬‬
‫* * * *الوالية هي ‪ 7‬مرتبة من مراتب القرب اإللهي ‪ ،‬يتولى فيها الحق ‪ ،‬من حيث‬
‫أسمائه الحسنى ‪ ،‬التي هي أرباب ‪ :‬العبد ‪ .‬هذا القرب اإللهي هو في الواقع ‪:‬‬
‫قرب نسبة خاصة ‪ .‬فالولي يخص الحق هنا وينتسب اليه ‪ ،‬انه ‪ :‬للحق ‪ .‬وليس لذاته ‪.‬‬
‫لذلك الحق يتواله ‪.‬‬
‫وهذه النسبة الخاصة للحق ال تكتسب مطلقا ‪ ،‬وانما هي ‪ :‬تعيين الهي ‪ .‬فالحق سبحانه‬
‫يعين ‪ :‬خاصته ‪ .‬وهذه نقطة في منتهى األهمية في نظرية الوالية ‪.‬‬‫ّ‬
‫وقد يؤخذ بعض الدارسين بنصوص للصوفية تجعل الوالية ‪ :‬منة الهية من ناحية أو‬
‫في الدرجة األولى ‪ ،‬واكتساب انساني بالجهد في الدرجة الثانية ‪ .‬فهذا التقسيم فهم‬
‫خاطئ وبدائي للنصوص الصوفية ‪ .‬فالوالية ابدا ‪ :‬تعيين الهي ‪ ،‬الحق وحده ومن باب‬
‫تعرض “ لهذه المنة اإللهية ؛‬ ‫ّ‬
‫يعين أولياءه ‪ .‬واما الجهد االنساني فما هو إال “ ّ‬ ‫المنة‬
‫ومحاولة استعداد وانتظار لصدورها من الحق ‪.‬‬
‫فالعبد مهما جاهد وسلك ‪ . . .‬و ‪ . . .‬لن يصل إلى الوالية ‪ ،‬فهي الهية المصدر‪. . .‬‬

‫‪1234‬‬
‫“ ‪“ 1235‬‬

‫وهذا ما يميزها عن ثمرات السلوك الصوفي وأنواع القرب األخرى ‪ .‬إذ المجاهدة‬
‫باعمالها تنتج ‪ :‬علما وحاال ومقاما [ انظر “ سلوك “ ] ؛ يخيل للباحث هنا ‪ ،‬أو للمسلم‬
‫العادي ‪ ،‬انها مظاهر الوالية وهي في الواقع مظاهر “ الصالح “ و “ السلوك “ ليس‬
‫اال ‪ .‬اما “ الوالية “ فهي ‪ -‬ان أمكن التعبير بلغة الدولة ‪ ، -‬أشبه بمراسيم تعيين‬
‫اسمية ‪ :‬فالن ‪ . . .‬فالن ‪ . . .‬أوليائي ‪ .‬بعد التعيين ‪ ،‬يتوالهم اسم الهي خاص أو صفة‬
‫الهية تقوم بهم ‪ ،‬إنهم ‪ :‬للحق ‪.‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬إشارة “ الولي “ في اللفظ ‪ “ :‬لي “ ‪ .‬ومن كان “ له “ فقد بلغ امله ‪ ،‬فما حكم به‬
‫الولي في الخلق ‪ ،‬أمضاه الحق ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 376 ) . 4‬‬
‫َّللا ‪:‬‬
‫َّللا ‪ .‬وسموا أولياء ّ‬
‫َّللا هم الذين إذا رآوا ذكر ّ‬
‫“ ‪ . . .‬وقال عليه السالم ‪ :‬ان أولياء ّ‬
‫َّللا بها ‪ ،‬بهم ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 118 / 4‬‬
‫لقيام هذه الصفة ‪ ،‬التي توالهم ّ‬
‫يبين النص األول أهمية النسبة ‪ّّ :‬لل ‪ ،‬ونجد ما يؤيد ذلك في الحديث الشريف الذي‬
‫رواه البخاري عن ابن هريرة ‪ .‬قال ‪:‬‬
‫َّللا قال ‪ :‬من عادى لي وليا فقد آذنته‬
‫َّللا عليه وسلم ) ‪ “ :‬ان ّ‬
‫َّللا ( صلى ّ‬
‫“ قال رسول ّ‬
‫بالحرب ‪ ،‬وما تقرب إلى عبدي بشيء أحب إلى مما افترضت عليه ‪ .‬وما يزال عبدي‬
‫يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه ‪ .‬فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ‪ ،‬وبصره الذي‬
‫يبصر به ‪ .‬ويده التي يبطش بها ‪ .‬ورجله التي يمشي بها ‪ .‬وان سألني ال عطينه ‪.‬‬
‫ولئن استعاذني ألعيذنه ‪ .‬وما ترددت في شيء انا فاعله ترددي في نفس المؤمن يكره‬
‫الموت وانا اكره مساءته ‪“ .‬‬
‫فالحق عز وجل لم يقل ‪ :‬من عادى وليا فقد ‪ . . .‬وانما قال ‪ :‬من عادى لي وليا ‪ .‬فهذه‬
‫ال “ لي “ تثبت النسبة الخاصة للحق ‪ .‬فالولي ‪ :‬يخص الحق ‪ ،‬له ‪ .‬ثم يتدرج هذا‬
‫الحديث مبينا أهمية القرب اإللهي ‪ .‬هذا التقرب بالنوافل الذي أورث ‪ :‬حب الحق ‪ ،‬وما‬
‫يتبع حب الحق من قيامه عن العبد ‪ :‬مقامه ‪ [ .‬انظر “ قرب النوافل “ ] ‪.‬‬
‫****‬
‫يجعل ابن العربي “ الوالية “ متأثرا في ذلك بالترمذي هي الفلك المحيط العام ‪،‬‬
‫ويسميها ‪ :‬النبوة العامة التي ال تشريع فيها في مقابل النبوة الخاصة [ نبوة‬

‫‪1235‬‬
‫“ ‪“ 1236‬‬

‫التشريع ]‪ ،‬وهذه النبوة العامة أو الوالية ارفع من نبوة التشريع في الشخص نفسه ‪،‬‬
‫اي في شخص “ النبي “ ‪ .‬فالولي ال يفضل النبي ابدا ‪ ،‬ونبوته العامة هي ارث لنبوة‬
‫النبي ‪ ،‬وكل ما يناله ليس من جهة نبوة نفسه بل من جهة نبوة نبيه ‪ .‬لذلك ال مجال‬
‫لبحث التفاضل بين ‪ :‬الولي والنبي ‪ .‬ولكن بين ‪ :‬نبوة النبي ووالية النبي نفسه ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫‪ - 1‬الوالية هي الفلك المحيط العام [ للرسل ‪ ،‬واألنبياء ‪ ،‬واألولياء ] ‪.‬‬
‫َّللا ال خوف عليهم وال هم يحزنون مطلقا ‪ ،‬ولم يقل في‬ ‫“ قال تعالى ‪ :‬أال ان أولياء ّ‬
‫اآلخرة ‪ .‬فالولي من كان على بينة من ربه في حاله فعرف مآله باخبار الحق إياه على‬
‫الوجه الذي يقع به التصديق عنده ‪ ،‬وبشارته حق وقوله صدق وحكمه فصل فالقطع‬
‫َّللا كما قال تعالى ‪ :‬لهم البشرى‬ ‫حاصل ‪ .‬فالمراد بالولي من حصلت له البشرى من ّ‬
‫َّللا ذلك هو الفوز العظيم ‪.‬‬
‫في الحياة الدنيا وفي اآلخرة ال تبديل لكلمات ّ‬
‫واي خوف وحزن يبقى مع البشرى بالخير الذي ال يدخله تأويل ‪ ،‬فهذا هو الذي أريد‬
‫بالولي في هذه اآلية ‪ ،‬ثم إن أهل الوالية على اقسام كثيرة ‪ ،‬فإنها اع ّم فلك احاطي‬
‫َّللا ‪ ،‬وهم األصناف الذين نذكرهم مضافا إلى ما تقدم‬ ‫فنذكر أهلها من البشر ان شاء ّ‬
‫في هذا الباب من ذكرهم ‪ ،‬ممن حصرتهم االعداد ولم يحصرهم عدد [ ‪ -‬الرجال عند‬
‫ابن العربي ‪ .‬فليراجع “ رجل “ ] “ ( ف ‪. )2 / 23‬‬
‫َّللا بالنبوة ‪. . .‬‬
‫َّللا عليهم ‪ .‬توالهم ّ‬
‫َّللا عنهم ‪ :‬األنبياء ‪ .‬صلوات ّ‬
‫“ فمن األولياء رضي ّ‬
‫فالوالية ‪ :‬نبوة عامة ‪ .‬والنبوة التي بها التشريع ‪ :‬نبوة خاصة ‪. . .‬‬
‫َّللا‬
‫َّللا وسالم عليهم توالهم ّ‬ ‫َّللا عليهم ‪ :‬الرسل صلوات ّ‬
‫ومن األولياء رضوان ّ‬
‫بالرسالة ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 24 / 2‬‬
‫َّللا وإياك بروح منه ‪ ،‬ان هذا الباب [ من‬ ‫‪ - 2‬الوالية ‪ -‬النبوة العامة “ اعلم أيدنا ّ‬
‫الفتوحات ] يتضمن أصناف الرجال الذين يحصرهم العدد [ انظر “ رجل “ ] والذين ال‬
‫َّللا ‪ ،‬الذين هم في‬ ‫توقيت لهم ‪ ،‬ويتضمن المسائل التي ال يعلمها اال األكابر من عباد ّ‬
‫زمانهم بمنزلة ‪ :‬األنبياء في زمان النبوة ‪ ،‬وهي ‪ :‬النبوة العامة “ ( ف ‪. ) 3 / 2‬‬
‫“ كل “ والية “ ‪ ،‬ال تكون “ نبوة “ ‪ ،‬ال يعول عليها “ ( رسالة ال يعول ص ‪.) 10‬‬

‫‪1236‬‬
‫“ ‪“ 1237‬‬

‫“ فالولي ال يأخذ النبوة [ ‪ -‬العامة ] من النبي ‪ ،‬اال بعد ان يرثها الحق منهم ‪ ،‬ثم يلقيها‬
‫إلى الولي ‪ . . .‬وبعض األولياء يأخذونها وراثة عن النبي ( “ ف ‪) . 253 / 2‬‬
‫راجع “ نبوة “ “ وارث ‪“ .‬‬
‫‪ - 3‬نبوة النبي ووالية النبي [ وتفضيل الثانية ]” بين الوالية والرسالة برزخ * فيه‬
‫النبوة حكمها ال يجهل‬
‫لكنها قسمان ان حققتها *** قسم بتشريع وذاك األول‬
‫عند الجميع وثم قسم آخر *** ما فيه تشريع وذاك األنزل‬
‫في هذه الدنيا واما عندما *** تبدو لنا األخرى التي هي منزل‬
‫فيزول تشريع الوجود وحكمه *** وهناك يظهر ان هذا األفضل‬
‫وهو األعم فإنه األصل الذي *** ّّلل فهو بنا الولي األكمل “‬
‫( ف ‪) 252 / 2‬‬
‫****‬
‫احتفظ ابن العربي بإشارات القرآن للوالية على أنها ‪ :‬النصرة من الخلق للحق ‪ ،‬ومن‬
‫الحق للخلق ‪ .‬وهي خاصة للمؤمن وليس للموحد ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫َّللا وبين المؤمنين‬ ‫‪- 1‬الوالية مشتركة بين الحق والخلق “ ‪ . . .‬فالوالية مشتركة بين ّ‬
‫وَّللا يقول الحق وهو يهدي السبيل “ ( ف ‪. ) 148 / 4‬‬ ‫ّ‬
‫ص ْر ُك ْم‬‫َّللا يَ ْن ُ‬ ‫“ ‪ . . .‬فوالية العبد ربه ‪ ،‬ووالية الرب عبده ‪ ،‬في قوله ‪ِّ ”:‬إ ْن ت َ ْن ُ‬
‫ص ُروا َّ َ‬
‫“[ ‪ ] 7 / 47‬وبين الواليتين فرق دقيق ‪ ،‬فجعل تعالى نصره ‪ :‬جزاء ‪ ،‬وجعل مرتبة‬
‫االنشاء ‪ :‬إليك ‪ .‬كما قدمك في العلم بك على العلم به ‪ ،‬وذلك لتعلم من اين علمك فتعلم‬
‫علمه بك ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 147 ) . 4‬‬
‫َّللا ّّلل ‪ ( “ 8‬ف ‪. ) 249 / 2‬‬ ‫َّللا اي ‪ :‬نصر ما سوى ّ‬ ‫“ ‪ . . .‬والية ما سوى ّ‬
‫“ الوالية التي هي ‪ :‬النصرة “ ( ف ‪. ) 249 / 2‬‬
‫“ الوالية ‪ :‬نصر الولي “ ( ف ‪.) 246 / 2‬‬

‫‪1237‬‬
‫“ ‪“ 1238‬‬

‫للا للمؤمن وليس للموحد ‪:‬‬ ‫‪ - 2‬نصر ّ‬


‫“ ‪ . . .‬ولما كان نعتا الهيا هذا النصر المعبر عنه ‪ :‬بالوالية ‪ .‬وتسمى سبحانه به ‪ ،‬وهو‬
‫ي الَّذِّينَ آ َمنُوا “[ ‪، ] 257 / 2‬‬
‫َّللاُ َو ِّل ُّ‬
‫اسمه ‪ :‬الولي ‪ .‬وأكثر ما يأتي مقيدا ‪ .‬كقوله ”‪َّ :‬‬
‫سرى في كل ما ينسب اليه الهية مما ليس بإله ‪ . . .‬فإذا أوفى [ المشرك ] بما يجب‬
‫لتلك النسبة من الحق والحرمة ‪ ،‬وكان أشد احتراما لها [ ‪ -‬نسبة األلوهية ] من‬
‫الموحد ‪ .‬وتراءى الجمعان ‪ .‬كانت الغلبة للمشرك على الموحد ‪. . .‬‬

‫ص ُر ْال ُمؤْ ِّمنِّينَ “[ ‪ ، ] 47 / 30‬فأي شخص صدق‬ ‫َّللا يقول ‪َ ”:‬وكانَ َحقًّا َ‬
‫علَيْنا نَ ْ‬ ‫فان ّ‬
‫في احترام األلوهية ‪ ،‬واستحضرها ‪.‬وان أخطأ في نسبتها ‪ ،‬ولكن هي مشهودة ‪.‬‬
‫كان النصر اإللهي معه ‪ .‬غيرة الهية على المقام اإللهي ‪ . . .‬فما جعل نصره واجبا‬
‫َّللا العدو ‪ ،‬وانما خذل المؤمن لذلك‬
‫عليه للموحد وانما جعله للمؤمن ‪ . . .‬فما نصر ّ‬
‫الخلل الذي داخله ‪ .‬فلما خذله لم يجد مؤيدا فانهزم ‪ ،‬فبالضرورة يتبعه عدوه ‪ .‬فما هو‬
‫نصر للعدو ‪ ،‬وانما هو خذالن للمؤمن “ ( ف ‪/ 247 ) . 2‬‬
‫****‬
‫والية بمعنى ‪ :‬حكم ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ قال ‪ :‬بوالية النور يكون الظهور ‪ ،‬فتبدو له عين األشياء ‪ ،‬فتفرق همومه وغمومه ‪،‬‬
‫فله في كل منظور اليه تنزه وعلم وفتح ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 439 ) . 4‬‬
‫“ ‪ . . .‬وبوالية الظلمة يهلك الظلمة ‪ ،‬يهلك في حقه كل ما سترته الظلمة واجتمع عليه‬
‫همه ‪ ،‬فإنه ال يتمكن له ‪ ،‬ان يكون من نفسه في ظلم ؛ فنقل لذاته ‪ ،‬فان فتح له فيه بسر‬
‫الغيب ‪ ،‬وعظم مرتبته على الشهادة كان سروره بالظلمة أت ّم ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 4‬‬
‫‪. ) 429‬‬
‫****‬

‫اخذت الوالية عند ابن العربي مظهرين أساسيين ‪ :‬علم ‪ -‬عمل ‪.‬‬
‫على األرجح نجد منبعهما القرآني في قصة بلقيس مع سليمان ‪.‬‬
‫طلب سليمان احضار سرير بلقيس فتصدى لذلك اثنان ‪ :‬أحدهما من الجن اسمه‬
‫“ كوزن “‬

‫‪1238‬‬
‫“ ‪“ 1239‬‬
‫أو “ كودن “ عرض ان يحضره قبل ان يقوم سليمان عليه السالم من مجلسه [ كان‬
‫يجلس للقضاء من أول النهار إلى أن تزول الشمس ] ‪.‬‬
‫اما اآلخر ‪ :‬فهو من االنس ‪ ،‬آصف بن برخيا ‪ ،‬كاتب سليمان ‪ ،‬عرض احضار سرير‬
‫العرش في أقل من ارتداد طرف العين” قا َل الَّذِّي ِّع ْن َدهُ ِّع ْل ٌم ِّمنَ ْال ِّكتا ِّ‬
‫ب ‪ .‬أَنَا آتِّ َ‬
‫يك بِّ ِّه‬
‫قَ ْب َل أ َ ْن يَ ْرت َ َّد ِّإلَي َْك َ‬
‫ط ْرفُ َك “[ ‪. ] 40 / 27‬‬
‫صل في اآلية الواردة اعطى الوالية مظهريها ‪ :‬العلم والعمل ‪.‬‬ ‫فموقف آصف هذا المف ّ‬
‫أو ربط بين “ علم من الكتاب “ و “ االتيان بالعرش ‪“ .‬‬
‫بخصوص نصوص ابن العربي التي تبين مظهري الوالية ‪9‬‬
‫انظر “ نبوة “ “ خرق عادة ‪“ .‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬فليراجع كتاب ‪ :‬الحكيم الترمذي ونظريته في الوالية ‪ .‬د ‪ .‬عبد الفتاح عبد هللا‬
‫بركة ‪ .‬الباب الثاني ص ص ‪. 22 - 14‬‬
‫باّلل ‪ ،‬وبالمأل االعلى من خالل المقامات )‬ ‫(العالقة التي تربط العبد ّ‬
‫) ‪( 2‬انظر ‪ - :‬المرجع السابق ‪ .‬الباب الثاني ص ص ‪ ( 30 - 26‬اإلمامة والوالية ‪:‬‬
‫الكرامة العصمة ‪. ) . . .‬‬
‫‪-‬الصلة بين التصوف والتشيع ‪ .‬د ‪ .‬كامل الشيبي ( انظر فهرس الموضوعات ‪-‬‬
‫وفهرس المصطلحات ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفكر الشيعي والنزعات الصوفية ‪ .‬د ‪ .‬كامل الشيبي ( انظر فهرس‬
‫الموضوعات ) ‪.‬‬
‫‪-‬بين التصوف والتشيع ‪ .‬هاشم معروف الحسني ( انظر فهرس الموضوعات ‪) .-‬‬
‫‪Histoire de la philosophie islamique . Henri corbin P .‬‬
‫) ‪275( 3‬يلخص الدكتور عبد الفتاح عبد هللا بركه ‪ .‬في كتابه الحكيم الترمذي‬
‫ونظريته في الوالية ‪.‬‬
‫مواقف المتصوفة ‪ .‬الذين سبقوا الترمذي ‪ ،‬من الوالية في بيان تفصيلي ‪ .‬يشمل‬
‫الشخصيات من إبراهيم بن أدهم [ رقم ‪ ] 1‬ت ‪ 160‬ه ‪ ،‬إلى الجنيد [ رقم ‪ ] 17‬ت‬
‫‪ 297‬ه ‪ .‬ويشمل المسائل المتعلقة بالوالية من ناحية ‪ :‬فلسفة النظرية ‪ -‬قيمة العمل ‪-‬‬
‫اسقاط التكاليف ‪ -‬العصمة ‪ -‬ارتكاب المعصية ‪ -‬الكسب ‪ -‬المعرفة ‪ -‬الكرامة ‪-‬‬
‫المقامات ‪ -‬المفاضلة ‪ ( .‬فليراجع ‪:‬‬
‫الباب الثاني ص ص ‪) . 61 - 58‬‬
‫) ‪( 4‬انظر نيكلسون ‪ .‬الصوفية في االسالم ‪ .‬ترجمة شريبة ص ‪ ( 120‬التصوف ‪:‬‬
‫مدرسة لتخريج األولياء ) ‪.‬‬
‫) ‪( 5‬انظر ‪ :‬الحكيم الترمذي ونظريته في الوالية ‪ :‬الباب الثاني ص ص ‪33 - 30‬‬
‫( حوار علماء الكالم في ‪ :‬مرتكب الكبيرة ‪ ،‬دفعهم إلى االهتمام بماهية االيمان ‪،‬‬
‫وعالقة االعمال بااليمان ‪.‬‬

‫‪1239‬‬
‫“ ‪“ 1240‬‬
‫نفس البحث دار بين الصوفية في موضوع الوالية ‪ .‬هل تسقط والية مرتكب‬
‫المعصية ‪ .‬حفظ الولي ‪) .‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 6‬انظر بخصوص الوالية عند الحكيم الترمذي ‪:‬‬
‫َّللا بركة ‪.‬‬
‫‪-‬الحكيم الترمذي ونظريته في الوالية ‪ .‬عبد الفتاح عبد ّ‬
‫‪-‬هنري كوربان ‪:Histoire de la philosophie Islamique . P 273 ,‬‬
‫‪275‬الحكيم الترمذي ‪ :‬مذهبه الروحي قائم على نظريته في الوالية ‪ .‬يميز بين الوالية‬
‫العامة ‪ ،‬والوالية الخاصة ( وهذا نجده عند ابن العربي ) ‪.‬‬
‫) ‪( 7‬لم نستفد من كتاب الدكتور عبد الفتاح بركة ‪ “ :‬الحكيم الترمذي ونظريته في‬
‫الوالية وعلى جدارته ‪ ،‬تعريفا للوالية ‪ .‬يقول في تعريف الوالية ( الباب الثاني ص‬
‫‪: ) 65‬‬
‫“ من الصعب جدا ان يظفر االنسان ‪ -‬على طول قراءته ومعاناته في البحث ‪ -‬بتعريف‬
‫محدد لمعنى الوالية المتداول بين الصوفية ‪ ،‬إذ يندر ان يقصدوا لبيان مثل هذا‬
‫المعنى ‪ .‬نعم كانوا يتعرضون لتفصيل أحوال األولياء وأوصافهم مما هو ادخل في‬
‫بيان آثار الوالية أو وسائلها ‪ ،‬اما الوالية بمعنى العالقة الخاصة التي تربط الولي بربه‬
‫‪ ،‬ما هي ‪ ،‬وكيف تكون ‪ ،‬فال نكاد نظفر به ‪ ،‬حتى أن الحديث عن األولياء بلفظ‬
‫األولياء كان قليال ‪ ،‬إذا قيس بالحديث عنهم بلفظ المتصوفين أو الصوفية ‪“ .‬‬
‫فيعرف الوالية بقوله في الرسالة الجزء الثاني ص ‪ . 664‬نشر عبد‬ ‫ّ‬ ‫اما القشيري‬
‫الحليم محمود ‪:‬‬
‫“ فان قيل ‪ :‬فما معنى الولي ؟ قيل ‪ :‬يحتمل امرين ‪ :‬أحدهما ان يكون فعيال مبالغة من‬
‫الفاعل ‪ ،‬كالعليم ‪ ،‬والقدير وغيره ‪ ،‬فيكون معناه ‪ :‬من توالت طاعاته من غير تخلل‬
‫معصية ‪ .‬ويجوز ان يكون فعيال بمعنى مفعول ‪ ،‬كقتيل بمعنى مقتول ‪ ،‬وجريح بمعنى‬
‫مجروح ‪ .‬وهو الذي يتولى الحق سبحانه ‪ ،‬حفظه وحراسته على اإلدامة والتوالي ‪ .‬فال‬
‫يخلق له الخذالن الذي هو قدرة العصيان ‪ ،‬وانما يديم توفيقه الذي هو قدرة الطاعة ‪،‬‬
‫َّللا تعالى ”‪َ :‬و ُه َو يَت َ َولَّى ال َّ‬
‫صا ِّل ِّحينَ ‪“[ 7 / 196 ] “ .‬‬ ‫قال ّ‬
‫َّللا ‪ :‬نصر‬
‫َّللا ّ‬
‫) ‪( 8‬انظر الفتوحات ج ‪ 2‬ص ص ‪ ( 249 - 248‬نصر ما سوى ّ‬
‫َّللا ‪ .‬هو ان توجد ‪ .‬وهي نصرة الوجود على العدم ) ‪.‬‬ ‫الممكنات ّ‬
‫) ‪( 9‬يراجع بشأن “ والية “ عند ابن العربي ‪:‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ص ‪ ( 248 - 246‬مقام الوالية واسرارها ) ‪ ،‬ص ص ‪248‬‬
‫‪ (- 249‬مقام الوالية البشرية وأسرارها ) ‪ ،‬ص ص ‪ ( 252 - 249‬مقام الوالية‬
‫الملكية ‪) .‬‬
‫كما يراجع في الجزء الثاني نفسه أجوبة ابن العربي على أسئلة الحكيم الترمذي ‪:‬‬
‫الجواب األول ( ص ‪ 40‬منازل األولياء ) ‪ ،‬الجواب ‪ ( 13‬ص ‪- 49‬خاتم األولياء )‬
‫‪ ،‬الجواب ‪ ( 19‬ص ‪ - 53‬مقام األنبياء من األولياء ) ‪ ،‬الجواب ‪ ( 21‬ص ‪- 54‬‬
‫حظوظ األولياء من أسمائه ) ‪ ،‬الجواب ‪ ( 29‬فضل األولياء بعضهم على بعض ) ‪،‬‬
‫الجواب ‪ ( 54‬ص ‪ - 76‬خزائن‬

‫‪1240‬‬
‫“ ‪“ 1241‬‬

‫المحدثين من األولياء ) ‪ ،‬الجواب ‪ ( 70‬ص ‪ - 58‬حظوظ األولياء من النظر اليه‬


‫تعالى ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪ ( 60‬أدب الخالفة ‪ ،‬أدب الوالية ) ‪ ،‬ص ‪ ( 152‬ولي العبد ) ‪،‬‬
‫ص ‪ ( 305‬عبد الولي ) ‪ ،‬ص ‪ ( 448‬الوالية العامة ‪ ،‬والية التوحيد ‪ ،‬والية أهل ال‬
‫َّللا ) ‪.‬‬
‫اله اال ّ‬
‫‪-‬رسالة األنوار ص ‪ ( 15‬النبوة والوالية يشتركان في ثالثة أشياء )‬
‫‪-‬رسالة ال يعول ( الوالية التي ال تقبل العزل ) ‪ - 701.‬الوهمفي اللغة ‪:‬‬
‫“ الواو والهاء والميم ‪ :‬كلمات ال تنقاس بل افراد ‪ .‬منها الوهم ‪ ،‬وهو البعير العظيم ‪.‬‬
‫الطريق ‪ .‬والوهم ‪ :‬وهم القلب ‪ :‬يقال ‪ :‬وهمت أهم وهما ‪ ،‬إذا ذهب وهمى‬ ‫والوهم ‪ّ :‬‬
‫إليه ‪ . . .‬ووهمت ‪ :‬غلطت ‪ ،‬أوهم وهما “ ( معجم مقاييس اللغة مادة “ وهم “ ) ‪.‬‬

‫في القرآن ‪:‬‬


‫غير واردة في القرآن عند ابن العربي ‪:‬‬
‫لم يغفل ابن العربي أهمية “ الوهم “ في السلوك النفسي الصوفي ‪ .‬وسلطانه على‬
‫الخيال ‪ ،‬الذي يح ّكمه في النفس فال تستطيع فكاكا ‪ .‬لذلك يرفع قبالته ‪:‬‬
‫“ العلم “ ‪ ،‬الن في طاقته قهر سلطانه بالحقائق ‪.‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ويتسلط عليهم [ أهل النار ] الوهم بسلطانه ‪ ،‬فيتوهمون عذابا أشد مما كانوا فيه ‪.‬‬
‫فيكون عذابهم ‪ ،‬بذلك التوهم في نفوسهم أشد من حلول العذاب المقرون بتسلط النار‬
‫علَى‬ ‫المحسوسة على أجسامهم ‪ ،‬وملك النار التي أعطاها الوهم هي النار التي” ت َ َّ‬
‫ط ِّل ُع َ‬
‫ْاأل َ ْفئِّ َدةِّ “[ ‪ ( “ ] 7 / 104‬ف السفر ‪ -‬فق ‪. ) 47‬‬
‫“ فان “ الوهم “ ال ينبغي ان يقضي على “ العلم “ ( ف السفر ‪ - 5‬فق ‪. ) 531‬‬
‫يظهر في النص الثاني أهمية “ العلم “ في مقابل “ الوهم “ ‪ ،‬وضرورة التنبه إلى هذا‬
‫األخير قبل ان يمتد سلطانه إلى “ العلم “ فيشل فعله‪.‬‬

‫‪1241‬‬
“ 1242 “

1242
‫“ ‪“ 1243‬‬

‫حرف الياء‬
‫ي‬

‫‪1243‬‬
“ 1244 “

1244
‫“ ‪“ 1245‬‬

‫ي‬
‫‪ - 702‬اليثرب ّ‬
‫اليثربي ‪ :‬يطلقه ابن العربي على االنسان الواصل إلى “ الحيرة “ ‪ ،‬فالحائر له الدور ‪،‬‬
‫ال مقام يحده [ انظر “ حيرة “ ]‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ يا “ هو “ [ انظر “ الهو “ ] لما غيّبتنا عنّا حرنا منا ‪ ،‬في غيب ‪ .‬فطمعنا [ األصل ‪:‬‬
‫نوه ‪ -‬بما غاب عنا منك ‪ “ -‬الهو‬ ‫فطعمنا ] من حيث غيبنا ‪ ،‬فيما غاب عنامنك ‪ .‬حين ّ‬
‫“ ‪ . . .‬واستوفينا قالعنا نطلب [ آخر ] فيما ال آخر له ‪ ،‬وأمد فيما ال أمد له ‪ .‬فنودينا ‪:‬‬
‫“ يا أهل يثرب ‪ ،‬ال مقام لكم فارجعوا ‪ “ .‬فنكصنا على أعقابنا ‪ ،‬للساحل الذي كان منه‬
‫اقالعنا ‪ .‬فإذا به عاد بحرا ‪ .‬فكان إدبارنا كإقبالنا ‪ ،‬نطلب ما ال أمد له وال بدو وال أول‬
‫وال آخر ‪ :‬فحرنا [ األصل ‪ :‬فجزنا ] وطلبنا اإلقالة ‪ . . .‬فإذا بالهو ينادي ‪ :‬يا عبادي‬
‫طلبتم مني مقاما ال يراني فيه غيري ‪ . . .‬فإن قطعت “ عماك “ وصلت إلى “ عماي‬
‫“ ‪ ،‬و “ عماك “ ال تقطعه ابدا [ انظر ‪ :‬عماء ] ‪ ( “ . . .‬كتاب الياء ‪12 )” . . .‬‬
‫اليثربي الذي ال نعت يضبطه * وال مقام وال حال يعيّنه “( ف ‪) / 74 4‬‬
‫***‬
‫للا ‪ -‬اليدان‬
‫‪ - 703‬يد ّ‬
‫َّللا “ إشارة إلى ‪ :‬القوة ‪ ،‬فالحق حين وصف نفسه “ باليد “ ‪ ،‬وانه ليس كمثله‬ ‫“ *يد ّ‬
‫شيء ‪ .‬علم االنسان ان ما وصف به نفسه من الصفات الجسدية كاليد واالستواء ‪. . .‬‬
‫ان هي اال إشارات صفاتية من ناحية ‪ .‬وتلميح لتعريف االنسان “ باحدية الوصف‬
‫“ من ناحية ثانية ‪.‬‬

‫أ ‪ -‬إشارات صفاتية ‪ :‬بمعنى ان “ اليد “ هي صفة “ القوة “ مثال في حق الجناب‬


‫اإللهي ‪.‬‬

‫ب ‪ -‬أحدية الوصف ‪ :‬ان ما وصف الحق به نفسه من الصفات الجسدية ليدل انه‬

‫‪1245‬‬
‫“ ‪“ 1246‬‬

‫ْت ِّإ ْذ‬


‫الفاعل الحقيقي من خلف حجب االشخاص ‪ .‬مثال في قوله تعالى ‪َ ”:‬وما َر َمي َ‬
‫َّللا َرمى “[ ‪ ، ] 17 / 8‬ان “ الفعل “ الظاهر من المخلوقات هو في‬ ‫ْت َول ِّك َّن َّ َ‬
‫َر َمي َ‬
‫َّللا ‪ :‬أيدي األكوان مع اختالف األعيان ‪ ،‬فهي ‪:‬‬ ‫الواقع “ فعل “ ّّلل ‪ .‬ويد ّ‬
‫َّللا ‪“[ 48 /‬‬ ‫أحدية وصف ‪ ،‬وليس أحدية عين ‪ِّ ”.‬إ َّن الَّذِّينَ يُبايِّعُون ََك ِّإنَّما يُبايِّعُونَ َّ َ‬
‫‪10 ] .‬‬

‫انظر بشأن موقف ابن العربي الكالمي من الصفة اإللهية وعالقتها بالذات ‪ “ :‬الصفة‬
‫“ في هذا المعجم ‪.‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫َّللا ‪ ،‬وهو القوة ‪ ،‬مع الجماعة “ ( ف ‪/ 4‬‬ ‫‪- 1‬اليد ‪ :‬إشارة صفاتية “ ‪ . . .‬فيد ّ‬
‫‪. ) 445‬‬
‫“ قسم [ تعالى ] الصالة بينه وبين عبده ‪ . . .‬فجزء منها ‪ . . .‬من أول الفاتحة إلى يوم‬
‫الدين ‪ ،‬فهذا بمنزلة اليد اليمنى من العبد الن القوة ّّلل جميعا فأعطيناه اليمين ‪ ،‬والجزء‬
‫اآلخر مخلص للعبد ‪ . . .‬فهذا الجزء بمنزلة اليد اليسرى وهي الشمال فإنه الجناب‬
‫األضعف “ ( ف ‪. ) 379 / 3‬‬
‫‪- 2‬أحدية الوصف “ واما قوله ‪:‬‬
‫ْت ] ‪ “[ 8 / 17‬فقد أثبت لك ما رميت ‪ ،‬ود ّل قوله ‪َ ”:‬ول ِّك َّن َّ َ‬
‫َّللا‬ ‫ْت ِّإ ْذ َر َمي َ‬
‫” َوما َر َمي َ‬
‫َّللا ‪ :‬أيدي األكوان‬ ‫َرمى “[ ‪ / 17 ] 8‬على أمر يستوي فيه البصير واألعمى ‪ ،‬فيد ّ‬
‫وان اختلفت األعيان ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 335 / 4‬‬
‫****‬

‫َّللا فَ ْوقَ أ َ ْيدِّي ِّه ْم ] ) ‪ ،( 48 / 10‬ويدين‬


‫أثبت الحق في القرآن لجنابه تعالى ‪ :‬يدا [يَ ُد َّ ِّ‬
‫ي ‪“( 38 / 75 ) ] .‬‬ ‫[“ ما َمنَعَ َك أ َ ْن ت َ ْس ُج َد ِّلما َخلَ ْقتُ ِّبيَ َد َّ‬
‫وقد بينّا في المعنى السابق مضمون “ اليد “ على أنها ‪ :‬القوة ‪ .‬فلماذا أثبت تعالى لجنابه‬
‫“ اليدين “ و “ أحدية الوصف “ تأبى هذه الثنائية في المصدر ؟‬
‫يرفع ابن العربي هذا االشكال بربطه بين “ اليدين “ وخلق االنسان ‪.‬‬
‫فاالنسان وحده عند ابن العربي ‪ -‬متتبعافي ذلك القرآن ‪ -‬هو المخلوق باليدين ‪.‬‬
‫اذن “ صفتين “ هما في الواقع ‪ :‬األسماء المتقابلة في الحضرة االسمائية ‪ .‬فالحق تعالى‬
‫خلق االنسان بيديه ‪ ،‬اي اظهر فيه كماالت أسمائه وصفاته المتقابلة ( جالل‪-‬‬

‫‪1246‬‬
‫“ ‪“ 1247‬‬
‫جمال ) ‪. 1‬‬
‫يقول ‪:‬‬
‫“ ووصف نفسه [ تعالى ] بأنه جميل وذو جالل ‪ ،‬فأوجدنا على هيبة وأنس ‪.‬‬
‫وهكذا جميع ما ينسب اليه تعالى ويسمى به ‪.‬‬
‫فعبر عن هاتين الصفتين ‪:‬‬
‫باليدين ‪ ،‬اللتين توجهتا منه على خلق االنسان الكامل ‪ ،‬لكونه الجامع لحقائق العالم‬
‫َّللا آلدم بين يديه إال تشريفا ‪ .‬ولهذا قال إلبليس ‪ ”:‬ما َمنَعَ َك أ َ ْن‬‫ومفرداته ‪ . . .‬فما جمع ّ‬
‫ي ؟ “[ ‪ ] 75 / 38‬وما هو اال عين جمعه بين الصورتين ‪ :‬صورة‬ ‫ت َ ْس ُج َد ِّلما َخلَ ْقتُ ِّبيَ َد َّ‬
‫العالم وصورة الحق ‪ ،‬وهما يدا الحق ‪ ( “ . . .‬فصوص ‪. ) 55 - 54 / 1‬‬
‫انظر بشأن موقف ابن العربي الكالمي من الصفة اإللهية وعالقتها بالذات ‪ “ :‬الصفة‬
‫“ في هذا المعجم ‪.‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪( 1‬يقول الجرجاني في شرح “ اليدين ‪“ :‬‬
‫َّللا تعالى المتقابلة ‪ .‬كالفاعلية والقابلية ‪ . . .‬ولما كانت الحضرة‬ ‫“ اليدان ‪ :‬هما أسماء ّ‬
‫االسمائية مجمع الحضرتين ‪ :‬الوجوب واالمكان ‪ .‬قال بعضهم ‪ :‬ان اليدين هما حضرة‬
‫الوجوب واالمكان ‪ .‬والحق ان التقابل اع ّم من ذلك ‪ .‬فإن الفاعلية قد يتقابل ‪ :‬كالجميل‬
‫والجليل ‪ .‬واللطيف والقهار ‪ .‬والنافع والضار ‪ .‬وكذا القابلية ‪ :‬كاالنيس والهائب ‪.‬‬
‫والراجي والخائف ‪ .‬والمنتفع والمتضرر “ ( التعريفات ص ‪. ) 279‬‬

‫‪ - 704‬الياقوتة الحمراء‬
‫انظر “ الزمردة الخضراء “‬
‫[ “ فان قلت ‪ :‬وما الزمردة الخضراء ‪ ،‬قلنا ‪ :‬النفس المنبعثة عن الدرة البيضاء ‪ ،‬فان‬
‫قلت ‪ :‬وما الدرة البيضاء ‪ ،‬قلنا ‪ :‬العقل األول صاحب علم السمسمة [ انظر سمسمة ]‬
‫“ ( فتوحات ‪ . ) 130 / 2‬عند ابن العربي ‪ :‬لقد استعمل ابن العربي أسماء الحجارة‬
‫الكريمة ليرمز بها إلى مراتب الموجودات ‪ .‬فأول الموجودات ( ‪ -‬العقل األول ) هو‬
‫الدرة البيضاء ( فلتراجع ) ‪ .‬ثاني الموجودات ( ‪ -‬النفس الكلية ) هو الزمردة الخضراء‬
‫‪ . . 6‬اما سبب تشبيهه النفس بالزمردة فذلك الن الزمرد حجر شفاف شديد الخضرة ‪،‬‬
‫وأشدّه خضرة اصفاه جوهرا ‪ .‬والنفس تنزل عن العقل األول في مرتبة النورانية ‪،‬‬
‫فعند ما يخالط النور ظلمة يميل لونه إلى األخضر الداكن ‪ .‬فالنفس لذلك زمردة‬
‫خضراء ‪ .‬يقول ‪ “ :‬الزمردة الخضراء ‪ . . . :‬النفس [ الكلية ] المنبعثة عن الدرة‬
‫البيضاء [ ‪ -‬العقل األول ] “ ( ف ‪ . . . “ . ) 130 / 2‬النفس الكلية ‪ . . .‬المعبر عنها‬
‫بلسان الشرع باللوح المحفوظ ‪ [ . . .‬سميت ] الزمردة الخضراء لما نزلت به على‬
‫العقل في النور ‪ ( “ . . . 7‬ف ‪]. ) 296 / 3‬‬
‫‪ – 705‬يقين‬
‫في اللغة ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬واليقين ‪ :‬نقيض الشك ‪ . . .‬وانه لحق اليقين ‪ .‬أضاف الحق إلى‬
‫*‬

‫‪1247‬‬
‫“ ‪“ 1248‬‬

‫اليقين وليس هو من إضافة الشيء إلى نفسه ‪ ،‬ألن الحق هو غير اليقين ‪ ،‬انما هو‬
‫ين “‪ ،‬اي حتى يأتيك‬ ‫خالصه واصحه ‪ . . .‬وقوله تعالى ‪َ ”:‬وا ْعبُ ْد َرب ََّك َحتَّى يَأ ْ ِّتيَ َك ْاليَ ِّق ُ‬
‫الموت ‪ ( “ . . .‬لسان العرب ‪ ،‬مادة “ يقن “ )في القرآن ‪:‬‬
‫‪- 1‬اليقين نقيض الشك‪:‬‬
‫الظ ِّّن ‪َ . . .‬وما قَتَلُوهُ يَ ِّقينا ً ‪“( 4 / 157 ) .‬‬ ‫ع َّ‬ ‫” ما لَ ُه ْم ِّب ِّه ِّم ْن ِّع ْل ٍم ِّإ َّال ا ِّت ّبا َ‬
‫‪ - 2‬اليقين ‪ :‬الموت ‪ .‬من حيث إنه واقع ال يداخله شك” َوا ْعبُ ْد َرب ََّك َحتَّى يَأْتِّيَ َك ْاليَ ِّق ُ‬
‫ين‬
‫‪“( 15 / 99 ) .‬‬
‫‪- 3‬علم اليقين ‪ :‬اليقين السابق للرؤية ‪ ،‬المرتبط بالمعرفة االنسانية ‪َ ”.‬ك َّال لَ ْو ت َ ْعلَ ُمونَ‬
‫يم ‪“( 102 / 5 ) .‬‬ ‫ين ‪ .‬لَت َ َر ُو َّن ْال َج ِّح َ‬ ‫ِّع ْل َم ْاليَ ِّق ِّ‬
‫عيْنَ‬‫‪- 4‬عين اليقين ‪ :‬ربط القرآن اليقين في أحد مراتبه بالرؤية والمعاينة” ث ُ َّم لَت َ َر ُونَّها َ‬
‫ين ‪“( 102 / 7 ) .‬‬ ‫ْاليَ ِّق ِّ‬
‫‪- 5‬حق اليقين ‪ :‬ميز القرآن بين الحق واليقين ‪ -‬جاعال الحق هو خالص اليقين‬
‫ين ‪“( 56 / 95 ) .‬‬ ‫وأصحه ‪ِّ ”.‬إ َّن هذا لَ ُه َو َح ُّق ْاليَ ِّق ِّ‬

‫وقد اخذ الصوفية هذا التمييز القرآني لليقين في مراتبه فجعلوا لليقين ‪ :‬علما ‪ ،‬وعينا ‪،‬‬
‫وحقا ‪.‬‬

‫عند ابن العربي‬


‫يهدف كل نظام فكري إلى تحقيق “ اليقين “ ‪ ،‬يقين ال تداخله إمكانية شك ‪.‬‬
‫وللوصول اليه ‪ ،‬ينظر إلى “ الحقل “ أو “ الميدان “ الذي تحقق فيه هذا اليقين ‪ ،‬كل‬
‫بحسب انطالقته ‪.‬‬
‫مثال ‪ “ :‬الرياضي “ الذي يهتم بالفلسفة ‪ ،‬نجد ان نظامه الفلسفي يعكس منطلقه‬
‫الرياضي ‪ ،‬ويظهر هذا خاصة في تدرجه نحو يقين منهجه ‪ .‬فتستقطب‬

‫‪1248‬‬
‫“ ‪“ 1249‬‬
‫رؤيته لليقين جزئيات أفكاره في بنيان موحد ‪.‬‬
‫“ والعقالني المنطقي “ في اهتمامه بالفلسفة ‪ ،‬تتدرج أفكاره نحو يقين لزم منطقيا من‬
‫مقدمات تعنّى في اختيار حدودها لتحقق غرضه ‪.‬‬
‫وهذه األنماط الفكرية قد توجد في قطاع واحد ‪ :‬كالفكر الديني مثال ‪.‬‬
‫فيقين الغزالي ليس يقين المعتزلة ‪ ،‬ليس يقين الصوفية ‪ .‬ك ّل بحسب طبيعة الرؤية التي‬
‫حققت أو في استطاعتها ان تحقق طبيعة تكوين الفيلسوف نفسه ‪:‬‬
‫من منطقي أو كالمي أو صوفي ‪.‬‬
‫اما “ اليقين الصوفي “ فهو في األصل ال يمتزج بشوائب الشك ‪ . .‬ألنه ليس يقينا‬
‫مخلصا من الشك ‪ .‬وكيف يداخل الشك يقينا مصدره ‪ّّ :‬لل !‬
‫باط ُل ِّم ْن‬ ‫ْ‬
‫َّللا انزله ابتداء في كالم” ال يَأتِّي ِّه ْال ِّ‬
‫اليقين الصوفي ال يتلمس توكيده االنسان ‪ّ ،‬‬
‫بَي ِّْن يَ َد ْي ِّه َوال ِّم ْن خ َْل ِّف ِّه ‪“[ 41 / 42 ] .‬‬
‫وينحصر ه ّم الصوفي في فهم اليقين المنزل ‪ ،‬وليس في البحث عن يقين انساني ‪،‬‬
‫وبالتالي يبدأ “ يقين “ الصوفية من يقين [ ‪ -‬القرآن ‪ ،‬السنة ] ‪ ، . . .‬ثم يتدرج في‬
‫مراتب هي ما اعطوه في اليقين ‪:‬‬

‫أول مراتبه ‪ :‬علم اليقين ‪ .‬وهو بلغتنا ‪ :‬معرفة “ الحقيقة “ معرفة عقلية منطقية من‬
‫خالل النصوص‬
‫ثاني مراتبه ‪ :‬عين اليقين ‪ .‬وهو ‪ :‬شهود “ الحقيقة “ نفسها التي أعطانا إياها علم‬
‫اليقين ‪.‬‬
‫فهو في الواقع “ شهود “ للمعاني اإللهية المستنبطة من النصوص ‪ ،‬بنوع من الكشف‬
‫والتجليات ‪.‬‬
‫ثالث مراتبه ‪ :‬حق اليقين ‪ ،‬فالحقائق ال تظل مشهودة للعبد ‪ ،‬لذلك ال بد بعد شهوده لها‬
‫من امتالكها بصيغ عقلية ‪ .‬فهي هنا من حيث وجودها مماثلة لكونها في علم اليقين ‪.‬‬
‫اي نفس مضمونها في علم اليقين واالختالف في درجة اليقين فقط ‪ ،‬ألنها هنا ‪ “ :‬علم‬
‫“ بعد مشاهدة ‪.‬‬
‫فهي اذن ‪ “ :‬حق ‪“ .‬‬
‫آخر مراتبه ‪ :‬حقيقة اليقين ‪ .‬وهنا يفارق ابن العربي جزئيات اليقين ‪ ،‬ليدخل في “ يقينه‬
‫األوحد “ وهو ما يعبر عنه ‪ “ :‬بالوجود الواحد “ ‪ ،‬أو “ وجه الحق في األشياء “ ‪.‬‬
‫فحقيقة اليقين ‪ :‬هي مشاهدتنا لهذه الحقيقة الشاملة الجامعة لكل الحقائق ‪ ،‬وما هي اال‬
‫رؤيتنا لوجه الحق األشياء ‪.‬‬
‫[ انظر “ وجه الحق في األشياء “ ‪ “ ،‬وحدة وجود “ ]‬

‫‪1249‬‬
‫“ ‪“ 1250‬‬
‫يقول ابن العربي ‪:‬‬
‫‪- 1‬تعريف اليقين ‪:‬‬
‫“ ‪ . . .‬فالعبد في أصله مضطرب ‪ ،‬متزلزل الملك ‪ ،‬فال يقين له من حيث حقيقته ‪ ،‬فإنه‬
‫محل لتجدد االعراض عليه ‪ ،‬واليقين ‪ :‬سكون ‪ ،‬وهو عرض فال ثبوت له زمانين ‪،‬‬
‫َّللا‬
‫وَّللا تعالى ‪ ،‬كل يوم في شأن ‪ ،‬وأصغر األيام الزمن الفرد ‪ ،‬فقد ابنت لك ان أهل ّ‬ ‫ّ‬
‫في نفوسهم بمعزل عما يطلبه اليقين ‪ ،‬وان اليقين هو السائل ‪ ،‬ولهذا قال له ‪َ ”:‬حتَّى‬
‫ين “[ ‪ ] 99 / 15‬فيكون اليقين هو الذي يسأل ويتعب وأنت مستريح ‪. . .‬‬ ‫يَأْتِّيَ َك ْاليَ ِّق ُ‬
‫( “ف ‪) . 206 / 2‬‬
‫“ ان اليقين ‪ :‬عبارة عن استقرار العلم في النفس ‪ .‬واالستقرار ما هو عين المستقر ‪،‬‬
‫بل االستقرار صفة للمستقر ‪ ،‬وهي حقيقة معنوية ال نفسية ‪ ،‬فليست عين نفس العلم ‪،‬‬
‫فجازت اإلضافة ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 629 / 2‬‬
‫َّللا عليه وسلم يقول ‪ :‬تعلموا اليقين فاني متعلم معكم [ حديث رقم ‪( 44 ) ] .‬‬ ‫“ صلّى ّ‬
‫وليس تعلم اليقين اال بمالزمة األعمال على وجهها ‪ .‬فاحكم النظر في مقصدك واسع له‬
‫بالوجه الالئق به ‪ ،‬واعلم أن األسباب هي الباب “ ( بلغة ‪. ) 42‬‬
‫“ وقد نبه الرسول على الترقي في تأثير الهمم بقوله تعلموا اليقين ‪ ،‬فإني متعلم معكم ‪.‬‬
‫وبقوله في عيسى حيث قيل له انه كان يمشي على الماء ‪ .‬فقال ‪ :‬لو ازداد يقينا لمشى‬
‫في الهواء [ حديث رقم ) ‪ “ ( ] ( 45‬بلغة ‪) . 80‬‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ :‬اعبد ربك حتى يأتيك اليقين ‪ .‬يعني ‪ :‬الموت ‪،‬‬ ‫“ ‪ . .‬يقول لنبيه صلّى ّ‬
‫ألنه امر متيقن ‪ ،‬ال اختالف في وقوعه في كل حيوان ‪ ،‬وانما وقع الخالف في‬
‫ماهيته ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 295 / 2‬‬

‫‪ - 2‬مراتب اليقين ‪ :‬علم ‪ ،‬عين ‪ ،‬حق ‪ ،‬حقيقة “ ‪ . . .‬واعلم أن لليقين ‪ :‬علما ‪ ،‬وعينا‬
‫‪ ،‬وحقا ‪ ،‬ولكل حق ‪ ،‬حقيقة ‪ . . .‬وانما جعل له علما وعينا وحقا ‪ ،‬ألنه قد يكون يقينا‬
‫ما ليس بعلم وال عين وال حق ‪ ،‬ويقطع به من حصل عنده ‪ .‬وهو صاحب يقين ال‬
‫صاحب علم يقين ‪ ( “ . .‬ف ‪.) 204 / 2‬‬

‫‪1250‬‬
‫“ ‪“ 1251‬‬

‫‪- 3‬علم اليقين ‪ . . . “ :‬فإن قلت وما علم اليقين ‪ ،‬قلنا ‪ :‬ما أعطاه الدليل الذي ال‬
‫يحتمل الشبه الواردة من الخاطر ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 132 / 2‬‬
‫باّلل الحد حتى يتعرف اليه‬
‫‪- 4‬عين اليقين ‪ ( :‬عين ‪ :‬للمعاينة ) “ ال تصح المعرفة ّ‬
‫ويعرفه بظهوره ‪ ،‬فيبصره من القلب عين اليقين بنور اليقين ‪ ( “ . .‬التراجم ص‬
‫‪”) 20‬‬
‫ولكن للعيان لطيف معنى *** لذا سأل المعاينة الكليم‬
‫وهذا هو عين اليقين الذي يفضل علم اليقين ‪ ( “ . .‬االنتصار ص ‪. ) 18‬‬
‫‪ - 5‬حق اليقين ‪ “ :‬علم اليقين ‪ :‬ما أعطاه الدليل ‪ .‬عين اليقين ‪ :‬ما أعطاه المشاهدة ‪،‬‬
‫حق اليقين ‪ :‬ما حصل من العلم بما أريد له ذلك المشهود ( “ االصطالحات ‪) 289‬‬
‫“ فإن قلت ‪ :‬وما حق اليقين ؟‬
‫قلنا ‪ :‬ما حصل من العلم بالعلة ‪ ،‬ولكن بعد عين اليقين ‪ .‬فإن قلت ‪ :‬وما عين اليقين ؟‬
‫قلت ‪ :‬ما أعطته المشاهدة والكشف ابتداء ‪ ،‬وبعد علم اليقين ‪ ( “ . . .‬ف ‪/ 2‬‬
‫‪. ) 132‬‬
‫“ فمن عرف نفسه عرف ربه ‪ ،‬كذلك من شهد نفسه شهد ربه ‪ ،‬فانتقل من يقين علم‬
‫إلى يقين عين ‪ .‬فإذا ر ّد إلى ضريحه ر ّد إلى ‪ :‬يقين حق ‪ ،‬من يقين عين ‪ ،‬ال إلى يقين‬
‫علم ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 390 / 3‬‬

‫‪ - 6‬حقيقة اليقين ‪:‬‬


‫“ المشاهدة عند الطائفة ‪ :‬رؤية األشياء بدالئل التوحيد ‪ ،‬ورؤيته [ تعالى ] في األشياء‬
‫‪ ،‬وحقيقتها ‪ :‬اليقين من غير شك ‪ . . .‬كما يفعل المكاشف إذا شاهد نفسه في كل طبقة‬
‫من طباق األفالك ‪ ،‬ألن له في كل فلك صورة ‪ ،‬تدبر تلك الصور روح واحدة ‪ ،‬وهي‬
‫روح زيد مثال ‪ .‬وهذا شهود حق في خلق ‪ .‬قالت الطائفة في المشاهدة انها تطلق بإزاء‬
‫ثالثة معان ‪:‬‬
‫منها ‪ ] 1 [ :‬مشاهدة الخلق في الحق ‪ :‬وهي رؤية األشياء بدالئل التوحيد كما قدمناه ‪.‬‬
‫ومنها ‪ ] 2 [ :‬مشاهدة الحق في الخلق ‪ :‬وهي رؤية الحق في األشياء‪.‬‬

‫‪1251‬‬
‫“ ‪“ 1252‬‬

‫ومنها ‪ ] 3 [ :‬مشاهدة الحق بال خلق ‪ :‬وهي حقيقة اليقين ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 495 / 2‬‬
‫َّللا بك إذ أنت عين الدليل عليه ‪ ،‬وهو اثبات ذات غير مكيفة وال‬ ‫“ علم اليقين ‪ :‬معرفة ّ‬
‫معلومة الماهية ‪ ،‬محكوم عليها باأللوهية سلطانا وحجة ال ريب فيه ‪ ،‬عين اليقين ‪:‬‬
‫مشاهدة هذه الذات بعينها ال بعينك فناء كليا ال يعقل معها نسبة ألوهية اثباتا أو نفيا ‪. . .‬‬
‫حق اليقين ‪ :‬نسبة األلوهية لهذه الذات بعد المشاهدة ال قبلها وهو الفرق بين العلم‬
‫والحق ليس اال ‪ .‬وهنا سكت المحققون ‪ ،‬وبعد هذا حقيقة اليقين ‪ : 1‬ظهور االنفعاالت‬
‫عن العبد الكلي ‪ ،‬مع غيبته عنها ‪ ،‬فيه به ‪ ،‬غيبا كليا وفناء محققا ‪ ،‬وهذه غاية‬
‫المراتب ‪ .‬فالثالثة كتابية [ ‪ -‬واردة في القرآن ] ‪ :‬علم وعين وحق ‪ ،‬والرابعة ‪ :‬سنيه‬
‫[ وردت في الحديث التالي ] ‪ :‬قال عليه السالم ‪:‬‬
‫فما حقيقة ايمانك ‪ ،‬لكل حق ‪ “ :‬حقيقة “ ‪ . 2‬فهذه “ الحقيقة “ بها يختبر العبد المحقق‬
‫نفسه في دعواه في معرفة هذا اليقين “ ( المسائل ص ‪.)35‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪ ( 1‬يراجع بشأن “ يقين ‪“ :‬‬
‫‪-‬عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪ 570‬؛ كتاب المسائل ص ‪ 35‬؛ تحفة السفرة ص ‪ 92‬؛ بلغة‬
‫الغواص ق ‪. 124‬‬
‫‪-‬في الفكر االسالمي الصوفي ‪:‬‬
‫‪-‬علم القلوب ‪ :‬المكي ص ‪119‬‬
‫‪-‬رسالة أدب النفس ‪ .‬الترمذي ‪ .‬ص ‪105 ، 93‬‬
‫‪-‬اللمع ‪ .‬السراج ‪ .‬ص ‪102‬‬
‫‪-‬الرسالة ص ‪82 ، 44‬‬
‫‪-‬عوارف المعارف ‪ .‬السهروردي ص ‪528‬‬
‫‪-‬مكاشفة القلوب ‪ .‬الغزالي ص ‪. 143‬‬
‫‪-‬المناظر اإللهية ‪ .‬الجيلي ص ‪. 34‬‬
‫‪-‬المعقول والالمعقول ‪ .‬ص ‪. 326‬‬

‫) ‪( 2‬انظر فهرس األحاديث حديث رقم ‪: ( 26 ) .‬‬


‫*‬

‫‪1252‬‬
‫“ ‪“ 1253‬‬
‫‪ - 706‬اليوم‬
‫ان “ الزمان “ عند الصوفية يتبع “ الحال “ ‪.‬‬
‫لذلك ال يقاس بالساعات والثواني ولكن بتبدل “ الحال “ أو ثبوته ‪ .‬فالزمن يتحرك مع‬
‫حركة االعماق في تأثيرها بالتجليات اإللهية ‪.‬‬
‫وقد أشرنا إلى ذلك عند بحث مصطلح “ الوقت “ فليراجع ‪.‬‬
‫ويتبع “ اليوم “ مفهوم الزمن الصوفي ‪ ،‬فيقصر ويطول مشكال وحدة) ‪( Unite‬وقتية‬
‫اي ‪ :‬وحدة ”) ‪( Unite‬حال “ ‪ .‬وهذا الحال قد يقصر فال يتخطى “ النفس “ وهذا‬
‫أقصر يوم ‪ .‬وقد يطول حتى يبلغ عمره الزمني عمر الدنيا وهو ‪ :‬يوم الدنيا ‪ .‬وقد‬
‫يكون أطول بحسب الحال الحاكم ‪.‬‬
‫يقول الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫‪ - 1‬اليوم ‪ “ :‬وحدة “ حال “ واليوم عندنا [ البشر ] أربع وعشرون ساعة ‪ .‬وإذا كان‬
‫َّللا تعالى انه فيه في شأن ‪ ،‬ولم يقل في شؤون علمنا أن ساعاته تحت‬ ‫اليوم قد اخبر ّ‬
‫حكم واحد ‪ . . .‬فيومنا الصحيح انما هو ‪ :‬ما تكون ساعاته كلها سواء ‪ ،‬فان اختلفت‬
‫فليس بيوم واحد “ ( أيام الشأن ص ‪. ) 10‬‬
‫“ فقد كان اليوم وال ليل وال نهار ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 377 / 3‬‬
‫“ قال أبو يزيد األكبر ‪ :‬ليس الزهد عندي بمقام ‪ ،‬إني كنت زاهدا ثالثة أيام ‪ :‬أول يوم‬
‫زهدت في الدنيا ‪ ،‬واليوم الثاني زهدت في اآلخرة ‪ ،‬واليوم الثالث زهدت في كل ما‬
‫َّللا ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 78 / 2‬‬
‫سوى ّ‬
‫‪ - 2‬األيام ‪ :‬قصيرة وطويلة ‪.‬‬
‫“ ‪ . . .‬واما اختياره [ تعالى ] من االنسان ‪ :‬القلب ‪ ،‬وهو الذي وسعه ‪ ،‬ألنه كل يوم‬
‫هو في شأن [ انظر “ شأن الهي “ ] ‪ ،‬واليوم ‪ :‬قدر نفس المتنفس ‪ ،‬في الزمان الفرد ‪،‬‬
‫وبه سمي قلبا ‪ ،‬لتقلبه ‪ ( . “ . .‬ف ‪. ) 171 / 2‬‬
‫“ “ ‪ . . .‬الشؤون “ التي الحق عليها ‪ ،‬وفيها ‪ ،‬في كل يوم [ انظر “ شأن الهي “ ] اي ‪:‬‬
‫في كل نفس ‪ ،‬الذي هو أصغر األيام ‪ ( “ . . .‬ف ‪) . 520 / 2‬‬
‫“ وأيام الدجال ‪ .‬يوم كسنة ‪ ،‬ويوم كشهر ‪ ،‬ويوم كجمعة ‪ ،‬وسائر أيامه كأيامنا‬

‫‪1253‬‬
‫“ ‪“ 1254‬‬

‫المعهودة “ ( ف ‪. ) 548 / 3‬‬


‫“ ويوم القيامة ‪ : 1‬مدته من خروج الناس من قبورهم ‪ ،‬إلى أن ينزلوا منازلهم من‬
‫الجنة والنار ‪ ( “ . . .‬ف ‪. ) 77 / 2‬‬
‫‪..........................................................................................‬‬
‫) ‪ ( 1‬يراجع بشأن “ يوم “ عند الشيخ ابن العربي ‪:‬‬
‫َّللا ) ‪ ،‬ص ‪121‬‬ ‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 1‬ص ‪ ( 109‬أيام الرب ‪ -‬أيام ذي المعارج ‪ -‬أيام ّ‬
‫( أيام ذي المعارج ‪ -‬يوم الرب ) ‪ ،‬ص ‪ ( 140‬اليوم ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 2‬ص ‪ ( 82‬أيام الدنيا ‪ -‬يوم ذي المعارج ‪ -‬يوم الرب ) ‪ ،‬ص ‪441‬‬
‫( يوم ذي المعارج ‪ -‬يوم االسم الرب ‪ -‬لكل اسم الهي يوم ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 3‬ص ‪ ( 434‬يوم المعارج ‪ -‬يوم الشؤون ) ‪ ،‬ص ‪ ( 438‬الزمان‬
‫واليوم ) ‪ ،‬ص ‪ ( 548‬الزمان الصغير ‪ -‬اليوم الصغير ) ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات ج ‪ 4‬ص ‪ ( 12 - 11‬يوم األبد ) ‪ ،‬ص ‪ ( 134‬أيام األنفاس ) ‪ ،‬ص‬
‫‪ ( 262‬يوم اآلخرة ) ‪ ،‬ص ‪ ( 374‬اليوم ‪ :‬مقداره النفس ) ‪.‬‬
‫‪-‬كتاب الشأن ص ‪ ( 6‬يوم جسماني ‪ -‬يوم روحاني ) ‪ ،‬ص ‪ ( 9‬اليوم له ظاهر‬
‫وباطن ) ‪ ،‬ص ‪ ( 18‬يوم المثل ‪ -‬يوم الرب ‪ -‬يوم معارج الهو ‪ -‬يوم القمر ‪-‬يوم‬
‫زحل ) ‪.‬‬
‫*‬

‫‪1254‬‬
‫“ ‪“ 1255‬‬

‫الفهارس والمصادر والمراجع‬

‫‪1255‬‬
“ 1256 “

1256
‫“ ‪“ 1257‬‬

‫فهرس األحاديث‬
‫َّللا نور نبيك يا جابر ‪ -‬الحديث ‪.‬‬
‫‪ - 1‬أول ما خلق ّ‬
‫َّللا ‪ :‬بأبي أنت‬
‫َّللا بلفظ قال ‪ :‬قلت يا رسول ّ‬‫رواه عبد الرزاق بسنده عن جابر بن عبد ّ‬
‫َّللا تعالى خلق‬‫َّللا قبل األشياء ‪ .‬قال ‪ :‬يا جابر ان ّ‬
‫وأمي أخبرني عن أول شيء خلقه ّ‬
‫َّللا ‪ ،‬ولم‬
‫قبل األشياء نور نبيك ‪ ،‬من نوره ‪ ،‬فجعل ذلك النور يدور بالقدرة حيث شاء ّ‬
‫يكن في ذلك الوقت لوح ‪ ،‬وال قلم ‪ ،‬وال جنة ‪ ،‬وال نار ‪ ،‬وال ملك ‪ ،‬وال سماء ‪ ،‬وال‬
‫َّللا أن يخلق الخلق ‪ ،‬قسم ذلك النور أربعة اجزاء ‪ ،‬فخلق من‬ ‫أرض ‪ . . .‬فلما أراد ّ‬
‫الجزء األول القلم ‪ ،‬ومن الثاني اللوح ‪ ،‬ومن الثالث العرش ‪ - . . .‬الحديث ‪ ،‬كذا في‬
‫المواهب ‪.‬‬
‫أنظر كشف الخفاء للعجلوني رقم الحديث ‪ . 827‬ج ‪ 1‬ص ص ‪. 266 - 265‬‬
‫***‬
‫‪ - 2‬كنت نبيا وآدم بين الماء والطين ‪.‬‬
‫قال السخاوي ‪ :‬وأما الذي يجري على األلسنة بلفظ “ كنت نبيا وآدم بين الماء والطين‬
‫“ فلم نقف عليه بهذا اللفظ ‪ .‬وقال الزركشي ‪ :‬ال أصل له بهذا اللفظ ‪ [ .‬انظر كشف‬
‫الخفاء للعجلوني ‪. ] 129 / 2‬‬
‫‪-‬كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد ‪.‬‬
‫قال العجلوني ‪ :‬وصححه الحاكم بلفظ “ كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد “ ‪ ،‬وفي‬
‫َّللا عليه وسلم متى كنت أو كتبت‬ ‫الترمذي وغيره عن أبي هريرة أنه قال للنبي صلّى ّ‬
‫نبيا ؟ قال ‪ “ :‬كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد “ وقال الترمذي ‪ :‬حسن صحيح ‪،‬‬
‫وصححه الحاكم أيضا ‪ [ .‬انظر كشف الخفاء للعجلوني ‪2 / 129 ] .‬‬
‫***‬

‫‪1257‬‬
‫“ ‪“ 1258‬‬

‫‪ - 3‬بعثت بجوامع الكلم ‪ ،‬ونصرت بالرعب ‪ ،‬وبينا أنا نائم أتيت بمفاتيح خزائن‬
‫األرض فوضعت في يدي ‪.‬‬
‫رواه البخاري ومسلم والنسائي عن أبي هريرة ‪ ،‬حديث صحيح ‪.‬‬
‫‪-‬انظر الجامع الصغير للسيوطي متن فيض القدير ‪ 203 / 3‬رقم الحديث ‪3149‬‬
‫كما رواه البيهقي في الشعب ‪ ،‬وأبو يعلى عن عمر بن الخطاب ‪ .‬وقال ابن شهاب فيما‬
‫َّللا يجمع له األمور الكثيرة ‪،‬‬
‫نقله البخاري في صحيحه ‪ :‬بلغني في جوامع الكلم أن ّ‬
‫التي كانت تكتب في الكتب قبله ‪ ،‬األمر الواحد واألمرين ونحو ذلك ‪.‬‬
‫وقال سليمان النوفلي ‪ :‬كان يتكلم بالكالم القليل يجمع به المعاني الكثيرة ‪.‬‬
‫[ انظر كشف الخفاء للعجلوني ‪ 287 / 1‬حديث رقم ‪. ] 913‬‬
‫***‬
‫َّللا خلق مائة الف آدم ‪.‬‬
‫‪ - 4‬ان ّ‬
‫ورد الحديث في الفتوحات المكية للشيخ ابن العربي ج ‪ 3‬ص ‪. 549‬‬
‫ولم أجده في دواوين الحديث ‪.‬‬
‫***‬
‫َّللا يبعث لهذه األمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها ‪.‬‬ ‫‪ - 5‬إن ّ‬
‫الحديث أورده السخاوي في المقاصد الحسنة ‪ ، 121‬وقال رواه أبو داود في المالحم‬
‫من سننه من حديث ابن وهب والطبراني في األوسط ‪ ،‬وسنده صحيح ورجاله كلهم‬
‫ثقات ‪ .‬والحاكم في المستدرك وصححه ‪.‬‬
‫وقال في أسنى المطالب ص ‪62‬رواه أبو داود وغيره وصححه الحاكم ‪.‬‬
‫وقال الزين العراقي ‪ :‬سنده صحيح ‪.‬‬
‫***‬
‫‪ - 6‬أكرموا عمتكم النخلة ‪ ،‬فإنها خلقت من فضلة طينة أبيكم آدم ‪ ،‬وليس من الشجر‬
‫َّللا تعالى ‪ ،‬من شجرة ولدت تحتها مريم بنت عمران ‪.‬‬ ‫شجرة أكرم على ّ‬
‫فاطعموا نساءكم الولّد الرطب فإن لم يكن رطب ‪ ،‬فتمر ‪.‬‬
‫رواه أبو يعلى وابن أبي حاتم والعقيلي في الضعفاء ‪.‬‬
‫وابن عدي وابن السني وأبو نعيم معا‬

‫‪1258‬‬
‫“ ‪“ 1259‬‬
‫في الطب وابن مردويه عن علي ‪.‬‬
‫انظر الفتح الكبير ‪ .‬النبهاني ‪ .‬ج ‪ 1‬ص ‪ 227‬ط ‪ .‬البابي الحلبي ‪ -‬كما يراجع شرح‬
‫الحديث في الفيض القدير ج ‪ 2‬ص ص ‪. 95 - 94‬‬
‫***‬
‫َّللا جنة عدن ‪ ،‬وغرس أشجارها بيده ‪ .‬فقال لها ‪ :‬تكلمي ‪ .‬فقالت ‪ :‬قد أفلح‬ ‫‪ - 7‬خلق ّ‬
‫المؤمنون ‪.‬‬
‫رواه الحاكم في التفسير عن أنس ‪ ،‬وقال ‪ :‬صحيح ‪ - .‬أنظر فيض القدير ‪. 444 / 3‬‬
‫***‬
‫َّللا يتجلى للخلق في صورة منكرة فيقول ‪ :‬أنا ربكم األعلى ‪ .‬فيقولون ‪ :‬نعوذ‬ ‫‪ – 8‬إن ّ‬
‫باّلل منك ‪. . .‬‬‫ّ‬
‫َّللا صلّى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ ،‬يعني يوم الحشر ‪. . .‬‬ ‫وصدر الحديث ‪ :‬قال رسول ّ‬
‫َّللا تبارك وتعالى ‪ ،‬في غير الصورة التي يعرفون ‪ ،‬فيقول ‪ :‬أنا ربكم ‪.‬‬ ‫فيأتيهم ّ‬
‫باّلل منك ‪ ،‬هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا عز وجل ‪ ،‬فإذا أتانا ربنا‬
‫فيقولون ‪ :‬نعوذ ّ‬
‫عرفناه ‪.‬‬
‫َّللا تبارك وتعالى في الصورة التي يعرفون فيقول ‪ :‬انا ربكم ‪ ،‬فيقولون ‪ :‬أنت‬ ‫فيأتيهم ّ‬
‫ربنا ‪ ،‬فيتبعونه ويضرب جسر جهنم وفيه يقول ‪ :‬من كان يعبد شيئا فليتبعه ‪.‬‬
‫الحديث اخرجه الشيخ ابن العربي في مشكاة األنوار بسنده عن أبي أمامة ص ‪، 46‬‬
‫طبع الخيرية ‪.‬‬
‫وقال المعلق والشارح ‪ :‬أخرجه مسلم عن حديث أبي أمامة ‪.‬‬
‫***‬
‫‪ – 9‬شيبتني هود وأخواتها‪.‬‬

‫‪1259‬‬
‫“ ‪“ 1260‬‬

‫الحديث أخرجه ابن مردويه ‪ ،‬في تفسيره عن انس وابن عساكر في تاريخه عن محمد‬
‫بن علي مرسال هو ابن الحنفية ‪ .‬ورواه أبو الشيخ بن حبان في تفسيره للقرآن عن أبي‬
‫َّللا بن أحمد بن حنبل في زوائد كتاب الزهد ألبيه ‪.‬‬
‫عمران الجوني مرسال ‪ ،‬وعبد ّ‬
‫ورمز له السيوطي بالحسن ‪ -‬انظر الجامع الصغير متن فيض القدير ‪/ 169 . 4‬‬
‫***‬
‫‪ – 10‬كلكم راع ‪ ،‬وكلكم مسؤول عن رعيته ‪ .‬فاالمام راع ‪ ،‬وهو مسؤول عن رعيته‬
‫‪ ،‬والمرأة راعية في بيت زوجها ‪ ،‬وهي مسؤولة عن رعيتها ‪ ،‬والخادم راع في مال‬
‫سيده ‪ ،‬وهو مسؤول عن رعيته ‪.‬‬
‫فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ‪.‬‬
‫الحديث أخرجه أحمد في مسنده ‪ ،‬والبخاري ومسلم أبو داود والترمذي عن ابن عمر ‪،‬‬
‫ورمز لصحته ‪ .‬انظر فيض القدير ‪ ، 38 / 5‬كشف الخفاء ‪ ، 115‬الفتح الكبير ‪/ 2‬‬
‫‪ 330‬وأخرجه ابن حبان في الروضة ص ‪. 244‬‬
‫***‬
‫َّللا عليه وسلم بكتاب‬ ‫َّللا ‪ :‬أن عمر بن الخطاب أتى النبي صلّى ّ‬
‫‪ -11‬عن جابر بن عبد ّ‬
‫َّللا عليه وسلم فغضب فقال ‪:‬‬‫اصابه من بعض أهل الكتب ‪ ،‬فقرأه النبي صلّى ّ‬
‫“ أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب ؟‬
‫والذي نفسي بيده ‪ ،‬لقد جئتكم بها بيضاء نقية ‪ ،‬ال تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق ‪،‬‬
‫فتكذبوا به ‪ ،‬أو بباطل ‪ ،‬فتصدقوا به ‪.‬‬
‫والذي نفسي بيده لو أن موسى صلّى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم كان حيا ما وسعه إال أن يتبعني‬
‫‪ “ .‬مسند أحمد بن حنبل ‪387 / 3‬‬
‫***‬
‫َّللا العقل ‪ ،‬فقال له اقبل ‪ ،‬ثم قال وعزتي وجاللي ما خلقت خلقا‬
‫‪ -12‬أول ما خلق ّ‬
‫أشرف منك ‪ ،‬فبك آخذ ‪ ،‬وبك أعطي ‪ ،‬وبك أثيب ‪ ،‬وبك أعاقب ‪.‬‬
‫الحديث قال الصغاني موضوع باتفاق ‪.‬‬
‫‪ -‬انظر كشف الخفاء للعجلوني ‪. 263 / 1‬‬
‫َّللا عز وجل خلق درة بيضاء ‪ ،‬وخلق من الدرة العنبر األشهب ‪ ،‬كتب بذلك العنبر‬ ‫ان ّ‬
‫َّللا عليه ثمانية‬
‫آية الكرسي ‪ ،‬وحلف بعزته وقدرته من تعلم آية وعرف حقها ‪ ،‬فتح ّ‬
‫أبواب الجنة ‪،‬‬

‫‪1260‬‬
‫“ ‪“ 1261‬‬

‫يدخل من أيها شاء ‪. . .‬‬


‫الحديث أورده ابن عراق في الموضوعات ج ‪ 297 / 1‬وقال ‪ :‬رواه الدارمي من‬
‫وَّللا أعلم ‪ .‬انظر ‪ :‬تنزيه الشريعة‬
‫حديث ابن عباس وقال قلت ‪ :‬فيه جماعة لم اعرفهم ّ‬
‫عن األحاديث الموضوعة البن عراق ‪ 297 / 1‬طبع على نفقة مكتبة القاهرة‬
‫بمصر ‪.‬‬
‫****‬
‫‪ - 13‬من عرف نفسه فقد عرف ربه ‪.‬‬
‫قال ابن تيمية موضوع ‪ .‬وقال النووي قبله ليس بثابت ‪ .‬وقال أبو المظفر بن السمعاني‬
‫في القواطع انه ال يعرف مرفوعا ‪ ،‬وانما يحكى عن يحيى بن معاذ الرازي يعني من‬
‫قوله ‪ .‬وقال ابن الغرس بعد أن نقل عن النووي أنه ليس بثابت ‪ ،‬قال ‪ :‬لكن كتب‬
‫الصوفية مشحونة به ‪ ،‬يسوقونه مساق الحديث ‪ .‬وللحافظ السيوطي فيه تأليف لطيف‬
‫سماه القول األشبه في حديث من عرف نفسه فقد عرف ربه ‪.‬وقال النجم قلت وقع في‬
‫َّللا عليه وسلم من أعرف الناس‬ ‫أدب الدين والدنيا للماوردي ‪ ،‬عن عائشة ‪ ،‬سئل صلّى ّ‬
‫بربه ‪ ،‬قال ‪ :‬أعرفهم بنفسه ‪.‬‬
‫أنظر كشف الخفاء ج ‪ 2‬ص ‪ 262‬حديث رقم ‪2532‬‬
‫***‬
‫َّللا عليه وسلم ذات يوم ‪ ،‬إذ طلع‬ ‫َّللا صلّى ّ‬
‫‪ - 14‬عن عمر قال ‪ :‬بينما نحن عند رسول ّ‬
‫علينا رجل شديد بياض الثياب ‪ ،‬شديد سواد الشعر ‪ ،‬ال يرى عليه اثر السفر وال يعرفه‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ ،‬فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع‬ ‫منا أحد ‪ .‬حتى جلس إلى النبي صلّى ّ‬
‫َّللا صلّى ّ‬
‫َّللا‬ ‫كفيه على فخذيه وقال ‪ :‬يا محمد ! أخبرني عن االسالم ‪ .‬فقال رسول ّ‬
‫َّللا صلّى ّ‬
‫َّللا عليه‬ ‫َّللا وأن محمد رسول ّ‬ ‫عليه وسلم ‪ “ :‬االسالم ان تشهد أن ال إله إال ّ‬
‫وسلم ‪.‬‬
‫وتقيم الصالة ‪ .‬وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان ‪ ،‬وتحج البيت إن استطعت اليه سبيال‬
‫“ قال ‪:‬‬
‫صدقت ‪ .‬قال فعجبنا له يسأله ويصدقه ‪ .‬قال ‪ :‬فأخبرني عن االيمان ‪ .‬قال ‪ “ :‬ان تؤمن‬
‫باّلل ومالئكته وكتبه ورسله واليوم اآلخر ‪ ،‬وتؤمن بالقدر خيره وشره “ قال ‪ :‬صدقت ‪.‬‬ ‫ّ‬
‫َّللا كأنك تراه ‪ ،‬فإن لم تكن تراه ‪ ،‬فإنه‬
‫قال ‪ :‬فأخبرني عن االحسان ‪ .‬قال ‪ “ :‬ان تعبد ّ‬
‫يراك ‪. . . “ .‬‬
‫انظر شرح الحديث في كتاب جامع العلوم والحكم البن رجب الحنبلي ص ‪ 20‬طبع‬
‫البابي الحلبي بمصر سنة ‪ ، 1950‬وفيض القدير ‪. 172 / 3‬‬
‫الحديث أخرجه البخاري في جامعه ‪ ، 192 / 1‬في االيمان برقم ‪ ، 47‬ومسلم ‪1 /‬‬
‫‪18‬في أول كتاب االيمان ‪ ،‬وأبو داود في السنن ‪ 526 / 2‬طبع البابي الحلبي في‬
‫السنة والقدر ‪ ،‬والترمذي في‬

‫‪1261‬‬
‫“ ‪“ 1262‬‬

‫االيمان برقم ‪ ، 2613‬وابن ماجة ‪ 17 / 1‬في االيمان ‪ ،‬واحمد في مسنده ‪ 27 / 1‬و‬


‫‪ 51‬و ‪53‬و ‪ ، 426107 / 2 ، 319‬و ‪ 129 / 4 ، 426‬و ‪ 164‬طبع الميمنية ‪.‬‬
‫أنظر عنه تحفة السفرة اللشيخ ابن العربي ص ‪ ، 81‬طبع دار الكتاب اللبناني ببيروت‬
‫سنة ‪. 1973‬‬
‫***‬
‫‪ - 15‬ان المؤذن يغفر له مد صوته ‪ ،‬ويصدقه كل رطب ويابس سمع صوته ‪،‬‬
‫والشاهد عليه خمس وعشرون درجة ‪.‬‬
‫الحديث رواه أحمد عن أبي هريرة أنظر الفتح الكبير ‪ ، 364 / 1‬وأخرجه السيوطي‬
‫في الجامع الكبير ‪ 1949 / 3‬رقم ‪ 5826‬طبع مجمع البحوث االسالمية بمصر ‪،‬‬
‫وقال ‪ :‬رواه أحمد في مسنده وأخرجه ابن ماجة في السنن ‪ / 240 1‬برقم ‪ 724‬عن‬
‫أبي هريرة ‪.‬‬
‫***‬
‫‪ - 16‬ان النساء شقائق الرجال ‪.‬‬
‫الحديث أخرجه أبو داود في الطهارة ‪ 162 / 1‬برقم ‪ ، 236‬والترمذي في الطهارة ‪1‬‬
‫‪ 127 /‬برقم ‪ ، 113‬والدارمي في الوضوء ‪ 195 / 1‬باب في المرأة ترى في منامها‬
‫ما يرى الرجل عن أنس ‪ ،‬وأحمد في مسنده ‪ 256 / 6‬عن عائشة و ‪ / 377 6‬عن أم‬
‫سليم ‪.‬‬
‫***‬
‫َّللا عليه وسلم هل لكل أحد شيطان ‪ :‬قال ‪ :‬نعم ‪ .‬قيل وأنت‬ ‫َّللا صلّى ّ‬
‫‪ - 17‬سئل رسول ّ‬
‫َّللا عليه فأسلم ‪.‬‬
‫َّللا قال ‪ :‬وأنا ولكن أعانني ّ‬
‫يا رسول ّ‬
‫الحديث أخرجه مسلم في صفات المنافقين ‪ 2168 / 4‬برقم ‪ 2814‬من حديث ابن‬
‫مسعود والترمذي في الرضاع ‪ 152 / 4‬برقم ‪ 1172‬وقال أبو عيسى الترمذي ‪ :‬هذا‬
‫حديث غريب من هذا الوجه ‪.‬‬
‫***‬
‫َّللا ‪.‬‬
‫‪ - 18‬لو أنكم دليتم بحبل إلى األرض السفلى لهبط على ّ‬
‫الحديث رواه الترمذي عن أبي هريرة مرفوعا ‪ ،‬وقال ‪ :‬غريب ‪.‬‬
‫َّللا يشمل جميع األقطار ‪ .‬كشف الخفاء ‪/ 2‬‬‫وقال الحافظ ابن حجر معناه ‪ :‬ان علم ّ‬
‫‪153 .‬‬
‫***‬

‫‪1262‬‬
‫“ ‪“ 1263‬‬
‫‪ - 19‬انا جليس من ذكرني ‪.‬‬
‫رواه الديلمي بال سند عن عائشة مرفوعا ‪ ،‬وعند البيهقي في الشعب عن أبي بن كعب‬
‫‪ ،‬قال ‪ :‬قال موسى عليه الصالة والسالم يا رب أقريب أنت فأناجيك أو بعيد فأناديك ‪،‬‬
‫فقيل له ‪ :‬يا موسى أنا جليس من ذكرني ‪ ،‬ونحوه عند أبي الشيخ في الثواب عن كعب‬
‫َّللا تعالى ‪ :‬عبدي أنا عند ظنك‬
‫والبيهقي ‪ .‬ورواه الحاكم وصححه عن أنس بلفظ ‪:‬قال ّ‬
‫بي وأنا معك إذا ذكرتني ‪ - .‬كشف الخفاء ‪. 202 - 201 / 1‬‬
‫***‬
‫‪ - 20‬اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك ‪ ،‬وبمعافاتك من عقوبتك ‪ ،‬وأعوذ بك منك‬
‫‪ ،‬ال أحصي ثناء عليك ‪ .‬أنت كما أثنيت على نفسك ‪.‬‬
‫َّللا‬
‫الحديث رواه مسلم ‪ ،‬وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة ‪ ،‬عن عائشة رضي ّ‬
‫عنها ‪ .‬الحديث صحيح ‪.‬‬
‫أنظر ‪ /‬الفيض القدير ج ‪ 2‬ص ‪ 139‬حديث رقم ‪ ، 1521‬وكشف الخفاء ج ‪ 1‬ص‬
‫‪ 190‬حديث رقم ‪. 571‬‬
‫***‬
‫‪ - 21‬زدني فيك تحيرا‬
‫أورده الغزالي في مدخل السلوك بلفظ ‪ “ :‬اللهم زدني فيك تحيرا “ ص ‪. 77‬‬
‫***‬
‫‪ - 22‬الخالفة بعدي في أمتي ثالثون سنة ثم ملك بعد ذلك ‪.‬‬
‫الحديث رواه أحمد في مسنده ‪ ،‬والترمذي وأبو يعلى في مسنده ‪ ،‬وابن حبان عن سفينة‬
‫مولى النبي صلّى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ ،‬ورواه أبو داود في السنة والنسائي في المناقب ‪- .‬‬
‫[ انظر فيض القدير للمناوي ‪. ] 509 / 3‬‬
‫ورواه اإلمام أحمد في مسنده ‪ ،‬والترمذي ‪ ،‬وأبو يعلى في مسنده ‪ ،‬وابن حبان في‬
‫صحيحه ‪ ،‬عن سفينة ورمز له السيوطي بالصحة ‪ [ ،‬انظر الجامع الصغير للسيوطي‬
‫متن فيض القدير ‪. ] 509 / 3‬‬
‫قارن ببحث رضوان السيد ‪ :‬الخالفة والملك ‪ /‬مجلة شؤون عربية عدد ‪1981 / 2‬‬
‫***‬
‫َّللا عليه وسلم أنه أسرى به حتى ظهر بمستوى يسمع فيه‬ ‫َّللا صلّى ّ‬
‫‪ – 23‬ذكر رسول ّ‬
‫صريف األقالم‪.‬‬

‫‪1263‬‬
‫“ ‪“ 1264‬‬

‫الحديث أخرجه البخاري في الصالة ‪ 6 / 4‬برقم ‪ 343‬عن ابن عباس ‪ ،‬وبدء الخلق‬
‫‪ 2 / 14‬برقم ‪ 3127‬عن أنس ‪ ،‬ومسلم في االيمان ‪ 148 / 1‬برقم ‪ 163‬عن أنس‬
‫بمثل حديث البخاري ‪ ،‬وأحمد في مسنده ‪ 144 / 5‬من حديث أنس ‪.‬‬
‫وفي خصائص الطالب اللبيب السيوطي ‪ 180 / 1‬ط دار الكتب العلمية لبنان بدون‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ :‬لما انتهيت إلى السماء السابعة لم أسمع اال صريف‬‫تاريخ “ قال صلّى ّ‬
‫األقالم ‪“ .‬‬
‫***‬
‫َّللا صلّى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم‬ ‫‪ - 24‬جاء إعرابي فأناخ راحلته ثم عقلها ‪ ،‬فلما صلّى رسول ّ‬
‫‪ ،‬أتى راحلته فأطلق عقالها ‪ ،‬ثم ركبها ثم نادى ‪ :‬اللهم ارحمني ومحمدا وال تشرك في‬
‫َّللا صلّى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ‪ :‬تقولون هو أضل أم بعيره ‪ ،‬ألم‬ ‫رحمتنا أحدا ‪ .‬فقال رسول ّ‬
‫تسمعوا ما قال ‪ ،‬قالوا بلى ‪،‬‬
‫َّللا عز وجل خلق مائة رحمة ‪ ،‬فانزل رحمة‬ ‫َّللا الواسعة ‪ ،‬إن ّ‬
‫قال ‪ :‬لقد حظرت رحمة ّ‬
‫يتعاطف بها الخالئق جنّها وإنسها وبهائمها وعنده تسعة وتسعون ‪ .‬أتقولون هو أضل‬
‫أم بعيره ‪.‬‬
‫رواه أبو داود باختصار قال الهيثمي في المجمع ‪ 214 / 10‬رواه أحمد والطبراني‬
‫َّللا الجشمي ‪ ،‬ولم يضعفه أحد‬ ‫عن جندب ‪ ،‬ورجال أحمد رجال الصحيح غير أبي عبد ّ‬
‫‪ ،‬وقال في الفتح الكبير ‪ 17 / 3‬رواه النسائي عن أبي هريرة ‪.‬‬
‫***‬
‫َّللا تعالى لما خلق الخلق كتب بيده على نفسه ‪ :‬إن رحمتي سبقت غضبي ‪.‬‬ ‫‪ - 25‬ان ّ‬
‫الحديث أخرجه السيوطي في الجامع الكبير ‪ 1604 / 3‬برقم ‪4983‬‬
‫وقال ‪:‬أخرجه ابن ماجة من حديث أبي هريرة ‪ ،‬وقال المناوي في الفيض ‪259 / 3‬‬
‫رواه الترمذي وابن ماجة عن أبي هريرة ورمز لصحته ‪.‬‬
‫***‬
‫مر بالنبي صلّى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم فقال له ‪:‬‬ ‫‪ - 26‬عن الحارث بن مالك األنصاري أنه ّ‬
‫كيف أصبحت يا حارثه قال ‪ :‬أصبحت مؤمنا حقا ‪ .‬قال ‪:‬أنظر ما تقول فان لكل قول‬
‫حقيقة ‪ ،‬فما حقيقة ايمانك ‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫عزفت نفسي عن الدنيا ‪ ،‬فأسهرت ليلي ‪ ،‬وأظمأت نهاري ‪ ،‬وكأني أنظر إلى عرش‬
‫ربي بارزا ‪ ،‬وكأني أنظر إلى أهل الجنة يتزاورون فيها ‪ ،‬وكأني أنظر إلى أهل النار‬
‫يتضاغون فيها ‪ .‬قال ‪ :‬يا حارثة عرفت فالزم ‪.‬‬
‫أخرجه الطبراني في الكبير وفيه ابن لهيعة وفيه من يحتاج إلى الكشف عنه ‪ ،‬ورواه‬
‫البزار من‬

‫‪1264‬‬
‫“ ‪“ 1265‬‬

‫حديث أنس وفيه يوسف بن عطية ال يحتج به ‪ ،‬ورواه ابن أبي شيبة في كتاب االيمان‬
‫‪37‬برقم ‪ 114‬وفيه أنه لقي عوف بن مالك ورقم ‪ 115‬كاألصل باختالف بعض ألفاظ‬
‫وقال مخرجه ‪ :‬الحديث ضعيف مرسل ‪.‬‬
‫***‬
‫‪ - 27‬المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ‪.‬‬
‫الحديث أخرجه بخاري ومسلم في األدب ‪ ،‬والترمذي والنسائي عن أبي موسى‬
‫األشعري ‪.‬‬
‫فيض القدير ‪. 252 / 6‬‬
‫***‬
‫‪ - 28‬إن ّّلل تعالى تسعة وتسعين اسما ‪ ،‬مائة اال واحدا ‪ ،‬من أحصاها دخل الجنة ‪.‬‬
‫الحديث أخرجه البخاري ومسلم والترمذي ‪ ،‬وابن ماجة عن أبي هريره ‪ ،‬وابن عساكر‬
‫في التاريخ عن عمر بن الخطاب ‪.‬‬
‫وأخرجه السيوطي في جمع الجوامع ‪ 2367 / 4‬برقم ‪6929‬‬
‫وقال ‪ :‬رواه البخاري ومسلم والترمذي وابن ماجة وابن حبان عن أبي هريرة ‪.‬‬
‫***‬
‫َّللا عز وجل خلق مائة رحمة ‪ ،‬رحمة منها قسمها بين الخالئق ‪ ،‬وتسعة‬ ‫‪ - 29‬إن ّ‬
‫وتسعين إلى يوم القيامة ‪.‬‬
‫قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد ‪ : 214 / 10‬رواه الطبراني والبزار عن ابن‬
‫عباس واسناده حسن ‪.‬‬
‫* * *ذ‬
‫‪ - 30‬ما وسعني أرضي وال سمائي ووسعني قلب عبدي المؤمن ‪.‬‬
‫الحديث قال الحافظ السخاوي ‪ :‬ذكره الغزالي في األحياء ‪ ، 15 / 3‬وقال مخرجه‬
‫الحافظ العراقي لم أر له أصال ‪ ،‬وكذا قال ابن تيمية وهو مذكور في اإلسرائيليات ‪،‬‬
‫وليس له اسناد معروف ‪.‬‬
‫َّللا فتح السماوات لحزقيل حتى‬
‫وأخرجه أحمد بن زهد عن وهب بن منبه قال ‪ :‬ان ّ‬
‫نظر إلى العرش فقال حزقيل ‪ :‬سبحانك ما أعظمك يا رب ‪.‬‬
‫َّللا تعالى ‪ :‬ان السماوات والعرش صعقن عن أن يسعني ‪ ،‬ووسعني قلب المؤمن‬ ‫فقال ّ‬
‫الوادع اللين ‪ . . .‬ورأيت بخط الحافظ الزركشي‪:‬‬

‫‪1265‬‬
‫“ ‪“ 1266‬‬

‫حديث باطل ‪ ،‬وله شاهد عند الطبراني عن أبي عتبة الخوالني رفعه “ ان ّّلل آنية من‬
‫أهل األرض ‪ ،‬وآنية ربكم قلوب عباده الصالحين ‪ ،‬وأحبها اليه ألينها وأرقها “ ‪ .‬وفي‬
‫سنده بقية بن الوليد وهو مدلس ‪.‬‬
‫أنظر المقاصد الحسنة للسخاوي ص ‪ 373‬طبع الخانجي سنة ‪1956‬‬
‫***‬
‫‪ - 31‬لكل آية ظهر وبطن وحد ومطلع ‪.‬‬
‫الحديث ورد باألحياء ‪ 99 / 1‬بلفظ “ ان للقرآن ظاهرا وباطنا وحدا ومطلعا “ وقال‬
‫الحافظ العراقي في المغني ‪ :‬أخرجه ابن حبان في صحيحه من حديث ابن مسعود ‪.‬‬
‫َّللا آدم على صورته وطوله ستون ذراعا ‪. . .‬‬‫‪* * * 32 -‬خلق ّ‬
‫الحديث رواه أحمد في مسنده ‪ ،‬والبخاري ومسلم عن أبي هريرة ‪ ،‬ورواه عنه‬
‫الطبراني وغيره ‪.‬‬
‫‪-‬فيض القدير ‪. 447 / 3‬‬
‫وتكلم الحافظ الذهبي في ميزان االعتدال ‪ 603 / 1‬طبع عيسى البابي الحلبي بمصر ‪،‬‬
‫عن حمدان بن الهيثم أحد رواة هذا الحديث في سبب تأويله ‪.‬‬
‫***‬
‫‪ - 33‬أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه ‪ ،‬قال ‪ :‬كان بعماء ما فوقه هواء وما تحته هواء‬
‫وخلق عرشه على الماء ‪.‬‬
‫الحديث أخرجه الترمذي في جامعه في التفسير ‪ 270 / 8‬برقم ‪ 3108‬عن ابن‬
‫رزين ‪ .‬وقال أبو عيسى هذا حديث حسن ‪ .‬وابن ماجة في المقدمة ‪ 64 / 1‬برقم ‪182‬‬
‫وأحمد في مسنده ‪ 11 / 4‬و ‪ 12‬عن أبي رزين ‪.‬‬
‫***‬
‫‪ - 34‬كنت كنزا ال أعرف فأحببت أن أعرف فخلقت خلقا فعرفتهم فبي عرفوني ‪.‬‬
‫قال السخاوي في المقاصد ‪ 327‬ليس من كالم النبي ‪ ،‬وال يعرف له سند صحيح ‪ ،‬وال‬
‫ضعيف ‪ ،‬وقال في كشف الخفاء ‪ : 132 / 2‬قال القاري لكن معناه صحيح مستفاد من‬
‫قوله‬

‫‪1266‬‬
‫“ ‪“ 1267‬‬

‫ُون “‪ .‬أي ليعرفون كما فسره ابن عباس‬ ‫س ِّإ َّال ِّليَ ْعبُد ِّ‬ ‫تعالى ”‪َ :‬وما َخلَ ْقتُ ْال ِّج َّن َو ْ ِّ‬
‫اإل ْن َ‬
‫َّللا عنهما ‪ .‬وهو واقع كثيرا في كالم الصوفية ‪ ،‬واعتمدوه وبنوا عليه أصوال‬ ‫رضي ّ‬
‫لهم ‪.‬‬
‫***‬
‫َّللا باهى‬
‫‪ - 35‬من أبغض عمر فقد أبغضني ‪ ،‬ومن أحب عمر فقد أحبني ‪ ،‬وان ّ‬
‫َّللا نبيا اال كان في أمته‬
‫بالناس عشية عرفة عامة ‪ ،‬وباهى بعمر خاصة ‪ ،‬وان لم يبعث ّ‬
‫محدثا ‪ ،‬وان يكن في أمتي منهم أحد فهو عمر‪.‬‬
‫َّللا كيف المحدث ‪ .‬قال ‪ :‬تتكلم المالئكة على لسانه ‪.‬‬ ‫قالوا ‪ :‬يا رسول ّ‬
‫الحديث رواه الطبراني في األوسط عن ابن سعيد الخدري ‪ ،‬وفيه أبو سعد خادم الحسن‬
‫البصري ‪ ،‬ولم أعرفه وبقية رجال ثقات ‪ .‬قال الهيثمي في مجمع الزوائد ج ‪ 9‬ص‬
‫‪. 69‬‬
‫***‬
‫َّللا ‪.‬‬
‫‪ - 36‬اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور ّ‬
‫‪-‬كشف الخفاء للعجلوني ص ‪ 41‬ج ‪ ، 1‬طبع دار إحياء التراث العربي ببيروت‬
‫‪ 3511‬هـ ‪ 1351‬الطبعة الثانية ‪.‬‬
‫‪-‬المقاصد الحسنة للسخاوي ت ‪ 902‬ه نفس الحديث صفحة ‪ 19‬مكتبة الخانجي مصر‬
‫َّللا محمد الصديق ‪.‬‬ ‫‪ 1956‬م ‪ .‬نشر عبد ّ‬
‫***‬
‫يهودانه‬‫‪ - 37‬كل مولود يولد على الفطرة ‪ ،‬حتى يعرب عنه لسانه ‪ ،‬فأبواه ّ‬
‫صرانه ‪.‬‬‫وين ّ‬
‫الحديث أخرجه الطبراني في الكبير ‪ 260 / 1‬برقم ‪ 826‬و ‪ 27‬و ‪ 28‬و ‪29‬و ‪30‬‬
‫و ‪ 31‬و ‪ 32‬و ‪ 33‬و ‪ 34‬و ‪ 35‬عن األسود بن سريع ‪ ،‬وقال المعلق رواه أحمد ‪/ 3‬‬
‫‪ 435‬و ‪ ، 24 / 4‬وقال في مجمع الزوائد ‪ : 316 / 5‬وبعض أسانيد أحمد رجاله‬
‫رجال الصحيح ‪ ،‬ورواه في األوسط ‪ ،‬ورواه الدارمي برقم ‪ ، 2466‬والحاكم ‪/ 2‬‬
‫‪123‬والبيهقي ‪ ، 77 / 9‬وصححه الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي ‪.‬‬
‫***‬
‫‪ - 38‬يضع الجبار فيها قدمه ‪.‬‬
‫الحديث أخرجه البخاري في التفسير ‪ ، 104 / 18‬برقم ‪ 4528‬عن أنس ‪ ،‬وااليمان‬
‫والتوحيد ‪ ،‬ومسلم في الجنة ‪ 2187 / 4‬برقم ‪ 2848‬عدة أحاديث بألفاظ مختلفة ‪،‬‬
‫والترمذي في‬

‫‪1267‬‬
‫“ ‪“ 1268‬‬

‫التفسير ‪9 / 22‬برقم ‪ 3268‬عن أنس ‪ ،‬وقال ‪ :‬حديث حسن صحيح غريب من هذا‬
‫الوجه ‪ ،‬وأحمد في مسنده ‪ 369 / 2‬و ‪ 507‬عن أبي هريرة و ‪ 13 / 3‬عن أبي سعيد‬
‫الخدري ‪.‬‬
‫انظر شرح وتأويل هذا الحديث في كتاب مشكل الحديث البن فورك ص ‪ 35‬طبع‬
‫الهند ‪.‬‬
‫***‬
‫‪ - 39‬قلب العبد بين إصبعين من أصابع الرحمن ‪.‬‬
‫أورده الغزالي في األحياء ‪ . 102 / 1‬وقال الحافظ العراقي في تخريجه ‪ :‬أخرجه‬
‫َّللا بن عمرو ‪.‬‬
‫مسلم من حديث عبد ّ‬
‫***‬
‫‪ - 40‬ما فضلكم أبو بكر بكثرة صالة وصيام بل بسر وقر في صدره ‪.‬‬
‫الحديث أورده الغزالي في األحياء ‪ ، 23 / 1‬وقال الحافظ العراقي اخرجه الحكيم‬
‫َّللا المزني ‪ ،‬ولم أجده مرفوعا ‪.‬‬
‫الترمذي في النوادر من قول أبي بكر عبد ّ‬
‫***‬
‫َّللا قال ‪:‬من عادى لين وليا فقد آذنته‬ ‫َّللا صلّى ّ‬
‫َّللا عليه وسلم ان ّ‬ ‫‪“ - 41‬قال رسول ّ‬
‫ي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه ‪ .‬وما يزال عبدي‬ ‫بالحرب ‪ ،‬وما تقرب ال ّ‬
‫يتقرب إلي بالنوافل ‪ ،‬حتى أحبه ‪.‬‬
‫فإذا أحببته ‪ ،‬كنت سمعه الذي يسمع به ‪ ،‬وبصره الذي يبصر به ‪ ،‬ويده التي يبطش بها‬
‫‪ ،‬ورجله التي يمشي بها ‪ ،‬وإن سألني ألعطيته ‪ ،‬ولئن استعاذني ألعيذنه ‪ ،‬وما ترددت‬
‫في شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته ‪.‬‬
‫الحديث أخرجه الشيخ ابن العربي في مشكاة األنوار ‪ 77‬برقم ‪. 91‬‬
‫وقال شارحه أخرجه البخاري في الرقاق من حديث أبي هريرة ‪ ،‬وأحمد والحكيم وأبو‬
‫يعلى والطبراني وأبو نعيم وابن عساكر عن عائشة أم المؤمنين ‪ ،‬والطبراني في الكبير‬
‫عن أبي امامه ‪ ،‬وابن السني عن ميمونة ‪ ،‬والقشيري في الرسالة عن أنس والحديث‬
‫صحيح ثابت ‪.‬‬
‫***‬
‫‪ - 42‬ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا ‪ ،‬حين يبقى ثلث الليل اآلخر ‪،‬‬
‫فيقول ‪ :‬من يدعوني فأستجب له ‪ ،‬من يسألني فأعطيه ‪ ،‬من يستغفرني فأغفر له ‪.‬‬
‫رواه االمام ‪ :‬أحمد في مسنده ‪ .‬والبخاري ومسلم وأبو داوود والترمذي وابن ماجة عن‬
‫أبي هريرة ‪ .‬الفتح الكبير ‪. 436 / 3‬‬

‫***‬

‫‪1268‬‬
‫“ ‪“ 1269‬‬

‫‪ - 43‬أيها الناس ‪ :‬إنه ال نبي بعدي وال أمة بعدكم ‪ ،‬أال فاعبدوا ربكم ‪ ،‬وصلوا خمسكم‬
‫‪ ،‬وصوموا شهركم ‪ ،‬وأدوا زكاة أموالكم طيبة بها أنفسكم ‪ ،‬وأطيعوا والة امركم ‪،‬‬
‫تدخلوا جنة ربكم ‪.‬‬
‫الحديث أخرجه الطبراني في الكبير ‪ 136 / 8‬برقم ‪ 7535‬ورقم ‪ 7617‬و ‪ 7622‬و‬
‫‪ 7664‬عن أبي أمامة الباهلي ‪.‬‬
‫وقال المعلق ‪:‬‬
‫رواه أحمد ‪ 251 / 5‬و ‪ 262‬والترمذي رقم ‪ 611‬وابن حبان ‪ 795‬والحاكم ‪ 9 / 1‬و‬
‫‪ 389‬وصححه على شرط مسلم ووافقه الذهبي ‪.‬‬
‫***‬
‫‪ - 44‬تعلّموا اليقين كما تعلّموا القرآن حتى تعرفوه ‪ .‬فإني أتعلمه ‪.‬‬
‫أخرجه أبو نعيم في الحلية ‪ 95 / 6‬من رواية ثور بن يزيد مرسال ‪ ،‬وهو معضل ‪.‬‬
‫ورواه ابن أبي الدنيا في اليقين ‪ ،‬من قول خالد بن معدان ‪ .‬قاله الحافظ العراقي في‬
‫تخريج األحياء ‪. 72 / 1‬‬
‫‪ - 45‬لم أجده فيما اطلعت عليه من دواوين الحديث ‪.‬‬

‫***‬

‫‪1269‬‬
‫“ ‪“ 1270‬‬
‫فهرس المفردات‬
‫أ المصطلح ‪ /‬الصفحة‬ ‫فهرس المفردات‬
‫‪1 /‬إبراهيم ‪29 /‬‬
‫‪2 /‬األب ‪34 /‬‬
‫‪3 /‬آباؤنا ‪36 /‬‬
‫‪4 /‬األب األول ‪38 /‬‬
‫‪5 /‬األب الثاني ‪40 /‬‬
‫‪6 /‬أب علوي ‪43 /‬‬
‫‪7 /‬أبو األجسام االنسانية ‪46 /‬‬
‫‪8 /‬أبو األرواح ‪46 /‬‬
‫‪9 /‬أبو العالم ‪46 /‬‬
‫‪10 /‬أبو الورثة ‪47 /‬‬
‫‪11 /‬األثر ‪ -‬المؤثر ‪ -‬المؤثر فيه ‪48 /‬‬
‫‪12 /‬االيثار ‪51 /‬‬
‫‪13 /‬أجير ‪52 /‬‬
‫‪14 /‬آدم ‪53 /‬‬
‫‪15 /‬آدم األرواح ‪59 /‬‬
‫‪16 /‬آدم الزمان ‪59 /‬‬
‫‪17 /‬االذن اإللهي ‪60 /‬‬
‫‪18 /‬أرض ‪63 /‬‬
‫‪19 /‬األرض اإللهية الواسعة ‪67 /‬‬
‫‪20 /‬ارض الحقيقة ‪69 /‬‬
‫‪21 /‬مخاض األرض ‪73 /‬‬
‫المصطلح ‪ /‬الصفحة‬
‫‪22 /‬أصل الجوهر الفرد ‪74 /‬‬
‫‪23 /‬أصل العالم ‪74 /‬‬
‫‪24 /‬إكسير العارفين ‪74 /‬‬
‫‪25 /‬األلف ‪76 /‬‬
‫َّللا ‪78 /‬‬
‫‪ّ 26 /‬‬
‫‪27 /‬االله المطلق ‪84 /‬‬
‫‪28 /‬االله الحق ‪84 /‬‬
‫‪29 /‬االله المجهول ‪85 /‬‬
‫‪30 /‬األلوهية أو األلوهة ‪85 /‬‬
‫‪31 /‬اله المعتقدات ‪87 /‬‬
‫‪32 /‬االله المخلوق ‪92 /‬‬
‫‪33 /‬االله المجعول ‪92 /‬‬
‫‪34 /‬المألوه المطلق ‪92 /‬‬
‫‪35 /‬االمر ‪ -‬االمر اإللهي ‪93 /‬‬
‫‪36 /‬االمر التكويني ‪ -‬االمر التكليفي ‪95 /‬‬
‫‪37 /‬االمر الخفي ‪ -‬األمر الجلي ‪101 /‬‬
‫‪38 /‬امر المشيئة ‪ -‬امر الواسطة ‪101 /‬‬
‫‪39 /‬االمر الكلي الساري ‪101 /‬‬
‫‪40 /‬اإلمامة ‪ -‬االمام ‪101 /‬‬

‫‪1270‬‬
‫“ ‪“ 1271‬‬
‫‪41 /‬األمامان ‪109 /‬‬
‫‪42 /‬االمام األعظم ‪110 /‬‬
‫‪43 /‬االمام االعلى ‪110 /‬‬
‫‪44 /‬االمام األكبر ‪111 /‬‬
‫‪45 /‬امام مبين ‪111 /‬‬
‫‪46 /‬اإلمام المهدي ‪113 /‬‬
‫‪47 /‬امام الوقت ‪114 /‬‬
‫‪48 /‬االم ‪114 /‬‬
‫‪49 /‬أمهات األسماء اإللهية ‪117 /‬‬
‫‪50 /‬أم سفلية ‪119 /‬‬
‫‪51 /‬االم العالية الكبرى للعالم ‪120 /‬‬
‫‪52 /‬أم الكتاب ‪121 /‬‬
‫‪53 /‬أم الهية ‪124 /‬‬
‫‪54 /‬أم الموجودات ‪125 /‬‬
‫‪55 /‬أمهات األكوان ‪125 /‬‬
‫‪56 /‬أمهات الوجود ‪126 /‬‬
‫‪57 /‬األمية ‪129 /‬‬
‫‪58 /‬األمانة ‪131 /‬‬
‫‪59 /‬االيمان ‪133 /‬‬
‫‪60 /‬المؤمن ‪141 /‬‬
‫‪61 /‬األنثى ‪143 /‬‬
‫‪62 /‬االنس ‪147 /‬‬
‫‪63 /‬االنسان ‪151 /‬‬
‫‪64 /‬االنسان األزلي ‪156 /‬‬
‫‪65 /‬انسان حيوان ‪156 /‬‬
‫‪66 /‬االنسان الكامل ‪158 /‬‬
‫‪67 /‬انسان كبير ‪168 /‬‬
‫‪68 /‬أول ‪ -‬آخر ‪171 /‬‬
‫ب المصطلح ‪ /‬الصفحة‬
‫‪69 /‬الباء ‪ -‬نقطة الباء ‪181 /‬‬
‫‪70 /‬بحر ‪183 /‬‬
‫‪71 /‬البحران ‪187 /‬‬
‫‪72 /‬بدر ‪ -‬االبدار ‪187 /‬‬
‫‪73 /‬بدل ‪189 /‬‬
‫‪74 /‬البرزخ ‪191 /‬‬
‫‪75 /‬البرزخ األعظم ‪196 /‬‬
‫‪76 /‬برنامج ‪ -‬البرنامج الجامع ‪196 /‬‬
‫‪77 /‬البرنامج األكمل ‪198 /‬‬
‫‪78 /‬البرق ‪198 /‬‬
‫‪79 /‬البسط ‪198 /‬‬
‫‪80 /‬بشر ‪199 /‬‬
‫بشر ‪200 /‬‬‫‪ّ 81 /‬‬
‫المصطلح ‪ /‬الصفحة‬
‫‪82 /‬باطل ‪201 /‬‬
‫‪83 /‬باطن ‪201 /‬‬
‫‪84 /‬البقاء ‪201 /‬‬
‫َّللا ‪206 /‬‬
‫‪85 /‬بقية ّ‬
‫‪86 /‬البلد األمين ‪207 /‬‬
‫‪87 /‬إبليس ‪207 /‬‬
‫‪88 /‬بلقيس ‪211 /‬‬
‫‪89 /‬االبن ‪215 /‬‬
‫‪90 /‬ابن الرحمة ‪217 /‬‬
‫‪91 /‬ابن الروح ‪217 /‬‬
‫‪92 /‬ابن الظلمة ‪218 /‬‬
‫‪93 /‬ابن المجموع ‪219 /‬‬
‫‪94 /‬بهيمة ‪220 /‬‬
‫‪95 /‬البيت ‪222 /‬‬

‫‪1271‬‬
‫“ ‪“ 1272‬‬
‫َّللا ‪223 /‬‬
‫‪96 /‬بيت ّ‬
‫‪97 /‬البيت االعلى ‪225 /‬‬
‫‪98 /‬بيت العبد ‪225 /‬‬
‫‪99 /‬البيت العتيق ‪226 /‬‬
‫‪100 /‬البيت المعمور ‪226 /‬‬
‫‪101 /‬بيت الموجودات ‪228 /‬‬
‫َّللا ‪229 /‬‬
‫‪102 /‬بينة ّ‬
‫ت المصطلح ‪ /‬الصفحة‬
‫‪103 /‬تابوت ‪233 /‬‬
‫‪104 /‬تحت ‪ -‬التحتية ‪235 /‬‬
‫المصطلح ‪ /‬الصفحة‬
‫‪105 /‬ترجمان الحق ‪237 /‬‬
‫‪106 /‬التوبة ‪238 /‬‬
‫‪107 /‬تاج الملك ‪243 /‬‬
‫ث المصطلح ‪ /‬الصفحة‬
‫‪108 /‬الثبوت ‪247 /‬‬
‫المصطلح ‪ /‬الصفحة‬
‫‪109 /‬االثبات ‪247 /‬‬
‫‪110 /‬التثليث ‪247 /‬‬
‫ج المصطلح ‪ /‬الصفحة‬
‫‪111 /‬جبريل ‪253 /‬‬
‫‪112 /‬جرس ‪253 /‬‬
‫‪113 /‬تجريد ‪254 /‬‬
‫‪114 /‬الجوع ‪254 /‬‬
‫‪115 /‬جليس الحق ‪256 /‬‬
‫‪116 /‬الجالل ‪257 /‬‬
‫‪117 /‬التجلي ‪257 /‬‬
‫‪118‬التجلي االقدس ‪ -‬التجلي المقدس ‪262 /‬‬
‫المصطلح ‪ /‬الصفحة‬
‫‪119 /‬التجلي الخاص الواحد للواحد ‪262 /‬‬
‫‪120 /‬التجلي الدائم ‪263 /‬‬
‫‪121 /‬التجلي الذاتي ‪263 /‬‬
‫‪122 /‬التجلي العام في الكثرة ‪264 /‬‬
‫‪123 /‬التجلي العام للكثرة ‪265 /‬‬
‫‪124 /‬تجلي غيب ‪ -‬تجلي شهادة ‪265 /‬‬

‫‪1272‬‬
‫“ ‪“ 1273‬‬
‫‪125 /‬التجلي في الشيء ‪266 /‬‬
‫‪126 /‬التجلي للشيء ‪267 /‬‬
‫‪127 /‬المجلى ‪267 /‬‬
‫‪128 /‬مجلى المظاهر اإللهية ‪268 /‬‬
‫‪129 /‬مجلى النعوت المقدسة ‪269 /‬‬
‫‪130 /‬الجمال ‪269 /‬‬
‫‪131 /‬الجمع ‪269 /‬‬
‫‪132 /‬جمع الجمع ‪274 /‬‬
‫‪133 /‬الجمعية ‪274 /‬‬
‫‪134 /‬جوامع الكلم ‪274 /‬‬
‫‪135 /‬المجتمع المفترق ‪276 /‬‬
‫‪136 /‬مجمع البحرين ‪276 /‬‬
‫‪137 /‬مجموع العالم ‪277 /‬‬
‫‪138 /‬مجمع الحقائق ‪278 /‬‬
‫‪139 /‬المجمل ‪279 /‬‬
‫‪140 /‬الجن ‪279 /‬‬
‫‪141 /‬الجنة ‪281 /‬‬
‫‪142 /‬جنة اختصاص ‪287 /‬‬
‫‪143 /‬جنة االعمال ‪288 /‬‬
‫‪144 /‬جنة عدن ‪289 /‬‬
‫‪145 /‬جنة ميراث ‪290 /‬‬
‫‪146 /‬جنة الكثيب ‪291 /‬‬
‫‪147 /‬جنة الوسيلة ‪292 /‬‬
‫‪148 /‬جنس األجناس ‪293 /‬‬
‫‪149 /‬األجناس العالية ‪294 /‬‬
‫‪150 /‬المجاهدة ‪294 /‬‬
‫‪151 /‬جهنم ‪295 /‬‬
‫‪152 /‬جوهر الجواهر ‪297 /‬‬
‫‪153 /‬جوهر الهيولى ‪297 /‬‬
‫ح المصطلح ‪ /‬الصفحة‬
‫‪154 /‬الحب ‪301 /‬‬
‫‪155 /‬حب جزاء ‪ -‬حب عناية ‪310 /‬‬
‫‪156 /‬حب فرائض ‪ -‬حب نوافل ‪311 /‬‬
‫‪157 /‬حبل ‪311 /‬‬
‫‪158 /‬حاجب الحق ‪312 /‬‬
‫‪159 /‬حجاب ‪313 /‬‬
‫‪160 /‬الحجاب االعلى ‪318 /‬‬
‫‪161 /‬الحجاب األقرب ‪318 /‬‬
‫‪162 /‬المحادثة ‪318 /‬‬
‫‪163 /‬الحد الفاصل ‪319 /‬‬
‫‪164 /‬الحر ‪319 /‬‬
‫المصطلح ‪ /‬الصفحة‬
‫‪165 /‬الحرف ‪320 /‬‬
‫‪166 /‬حرف عال ‪322 /‬‬
‫‪167 /‬قيوم الحروف ‪323 /‬‬
‫‪168 /‬الحضرة ‪323 /‬‬
‫‪169 /‬الحضرة اإللهية ‪327 /‬‬
‫‪170 /‬الحضور ‪328 /‬‬
‫‪171 /‬الحال ‪329 /‬‬
‫‪172 /‬الحق ‪337 /‬‬
‫‪173 /‬الحقائق األول ‪342 /‬‬
‫‪174 /‬الحق االعتقادي ‪342 /‬‬
‫‪175 /‬حق الحق ‪343 /‬‬
‫‪176 /‬حق الخلق ‪343 /‬‬
‫‪177 /‬حق خالق ‪343 /‬‬

‫‪1273‬‬
‫“ ‪“ 1274‬‬
‫‪178 /‬حق خلق ‪344 /‬‬
‫‪179 /‬حق في خلق ‪344 /‬‬
‫‪180 /‬حقيقة الحقائق ‪345 /‬‬
‫‪181 /‬الحقيقة المحمدية ‪347 /‬‬
‫‪182 /‬الحق المخلوق ‪352 /‬‬
‫‪183 /‬الحق المخلوق به ‪352 /‬‬
‫‪184 /‬الحق المشروع ‪352 /‬‬
‫‪185 /‬الحق المشهود ‪352 /‬‬
‫‪186 /‬حق اليقين ‪353 /‬‬
‫‪187 /‬الحقيقة ‪353 /‬‬
‫‪188 /‬الحقيقة الخاصة ‪356 /‬‬
‫‪189 /‬الحقيقة الكلية ‪356 /‬‬
‫‪190 /‬حقيقة اليقين ‪357 /‬‬
‫‪191 /‬حكيم الوقت ‪357 /‬‬
‫‪192 /‬حواء ‪357 /‬‬
‫‪193 /‬الحيرة ‪357 /‬‬
‫‪194 /‬الحياء ‪363 /‬‬
‫‪195 /‬الحياة ‪363 /‬‬
‫‪196 /‬الحياة الفطرية ‪367 /‬‬
‫‪197 /‬الحي المايت ‪367 /‬‬
‫‪198 /‬الحيوان ‪ -‬الحيوانية ‪368 /‬‬
‫خ المصطلح ‪ /‬الصفحة‬
‫‪199 /‬الخوف ‪373 /‬‬
‫‪200 /‬الختم ‪373 /‬‬
‫‪201 /‬ختم الختم ‪375 /‬‬
‫‪202 /‬خاتم األوالد ‪376 /‬‬
‫‪203 /‬ختم الوالية أو خاتم الوالية ‪377 /‬‬
‫‪204 /‬ختم الوالية الخاصة ‪378 /‬‬
‫‪205 /‬ختم الوالية العامة ‪378 /‬‬
‫‪206 /‬ختم النبوة المطلقة ‪383 /‬‬
‫‪207 /‬خادم اإلرادة اإللهية ‪383 /‬‬
‫‪208 /‬خادم االمر اإللهي ‪383 /‬‬
‫‪209 /‬المخدع ‪384 /‬‬
‫‪210 /‬خرق عادة ‪385 /‬‬
‫‪211 /‬الخزانة ‪385 /‬‬
‫‪212 /‬الخزائن اإللهية ‪389 /‬‬
‫‪213 /‬الخزانة االنسانية ‪389 /‬‬
‫‪214 /‬خزائن الجود ‪390 /‬‬
‫المصطلح ‪ /‬الصفحة‬
‫‪215 /‬خزائن الحجة ‪390 /‬‬
‫‪216 /‬خزائن الحق ‪391 /‬‬
‫‪217 /‬خزانة حقائق العالم ‪391 /‬‬
‫‪218 /‬خزانة الخيال ‪391 /‬‬
‫‪219 /‬خزائن األشياء ‪392 /‬‬
‫‪220 /‬الخزانة العامة ‪392 /‬‬
‫‪221 /‬خزانة العدل ‪392 /‬‬
‫‪222 /‬خزانة الغيب ‪392 /‬‬
‫‪223 /‬خزانة الفترات ‪393 /‬‬
‫‪224 /‬خزائن القرآن ‪394 /‬‬
‫‪225 /‬خزائن كل شيء ‪394 /‬‬
‫‪226 /‬خزائن االمكانات ‪395 /‬‬
‫‪227 /‬خزائن وجودية ‪395 /‬‬
‫‪228 /‬المختصر ‪395 /‬‬
‫‪229 /‬مختصر الحق ‪397 /‬‬
‫‪230 /‬مختصر العالم ‪397 /‬‬
‫‪231 /‬الخضر ‪398 /‬‬

‫‪1274‬‬
‫“ ‪“ 1275‬‬
‫‪232 /‬الخط الفاصل ‪400 /‬‬
‫‪233 /‬الخطاب اإللهي ‪400 /‬‬
‫‪234 /‬الخاطر ‪405 /‬‬
‫‪235 /‬االخفياء ‪409 /‬‬
‫‪236 /‬االخالص ‪409 /‬‬
‫‪237 /‬الخلة ‪409 /‬‬
‫‪238 /‬خليل ‪411 /‬‬
‫‪239 /‬الخالفة ‪ -‬خليفة ‪412 /‬‬
‫‪240 /‬المتخلّل ‪423 /‬‬
‫‪241 /‬المتخلّل ‪423 /‬‬
‫‪242 /‬الخالفة الباطنية ‪423 /‬‬
‫‪243 /‬الخالفة الصغرى ‪423 /‬‬
‫‪244 /‬الخالفة الظاهرة ‪423 /‬‬
‫‪245 /‬الخالفة الكبرى ‪423 /‬‬
‫َّللا ‪424 /‬‬
‫‪246 /‬خالفة من عند ّ‬
‫‪247 /‬خليفة الملك القاهر ‪424 /‬‬
‫‪248 /‬الخلق ‪424 /‬‬
‫‪249 /‬خلق تقدير ‪ -‬خلق ايجاد ‪429 /‬‬
‫‪250 /‬خلق حق ‪429 /‬‬
‫‪251 /‬خلق جديد ‪429 /‬‬
‫‪252 /‬الخلق مع األنفاس ‪433 /‬‬
‫‪253 /‬التخلي ‪433 /‬‬
‫‪254 /‬خلوة ‪438 /‬‬
‫‪255 /‬االختيار ‪438 /‬‬
‫‪256 /‬الخير ‪442 /‬‬
‫‪257 /‬الخيال ‪447 /‬‬
‫‪258 /‬الخيال المتصل ‪453 /‬‬
‫‪259 /‬الخيال المحقق ‪453 /‬‬
‫‪260 /‬الخيال المطلق ‪453 /‬‬
‫‪261 /‬الخيال المنفصل ‪453 /‬‬
‫د المصطلح ‪ /‬الصفحة‬
‫‪262 /‬دخان ‪457 /‬‬
‫‪263 /‬الدرة البيضاء ‪458 /‬‬
‫‪264 /‬استدراج ‪460 /‬‬
‫‪265 /‬إدريس ‪461 /‬‬
‫‪266 /‬الدفتر األعظم ‪468 /‬‬
‫المصطلح ‪ /‬الصفحة‬
‫‪267 /‬مدفن الحق ‪468 /‬‬
‫‪268 /‬دقيقة ‪469 /‬‬
‫‪269 /‬دولة السنبلة ‪471 /‬‬
‫‪270 /‬ديوان ‪473 /‬‬
‫‪271 /‬دين ‪475 /‬‬
‫ذ المصطلح ‪ /‬الصفحة‬
‫‪272 /‬الذكر ‪487 /‬‬
‫المصطلح ‪ /‬الصفحة‬
‫‪273 /‬الذوق ‪492 /‬‬

‫‪1275‬‬
‫“ ‪“ 1276‬‬
‫ر المصطلح ‪ /‬الصحفة‬
‫‪274 /‬مرآة ‪499 /‬‬
‫‪275 /‬مرآة تجلي الحق بالعالم ‪504 /‬‬
‫‪276 /‬مرآة الحادث ‪504 /‬‬
‫‪277 /‬مرآة الحق ‪504 /‬‬
‫‪278 /‬مرآة الخلق ‪504 /‬‬
‫‪279 /‬مرآة الرجل الكامل ‪505 /‬‬
‫‪280 /‬مرآة العالم ‪505 /‬‬
‫‪281 /‬مرآة القديم ‪505 /‬‬
‫‪282 /‬مرآة وجود االنسان ‪505 /‬‬
‫‪283 /‬رب ‪ -‬ربوبية ‪506 /‬‬
‫‪284 /‬الربوبية العامة ‪512 /‬‬
‫‪285 /‬رب في عين عبد ‪513 /‬‬
‫‪286 /‬الرب المنعوت في الشرع ‪513 /‬‬
‫‪287 /‬أربعة ‪ -‬تربيع ‪513 /‬‬
‫‪288 /‬الرجاء ‪514 /‬‬
‫‪289 /‬الرجل ‪515 /‬‬
‫‪290 /‬رجال العدد ‪520 /‬‬
‫‪291 /‬رجال المراتب ‪521 /‬‬
‫‪292 /‬الرحمة ‪521 /‬‬
‫‪293 /‬الرحمة الخاصة ‪525 /‬‬
‫المصطلح ‪ /‬الصفحة‬
‫‪294 /‬الرحمة السابقة ‪526 /‬‬
‫‪295 /‬الرحمة الطبيعية ‪ -‬الرحمة الموضوعة ‪526 /‬‬
‫‪296 /‬الرحمة االمتنانية ‪527 /‬‬
‫‪297 /‬الرحمة الواجبة ‪527 /‬‬
‫‪298 /‬الرحمن ‪ -‬الرحيم ‪528 /‬‬
‫‪299 /‬رداء ‪529 /‬‬
‫‪300 /‬الرزق ‪531 /‬‬
‫‪301 /‬الرضى ‪534 /‬‬
‫‪302 /‬رقاع ‪534 /‬‬
‫‪303 /‬المراقبة ‪534 /‬‬
‫‪304 /‬رقيقة ‪535 /‬‬
‫‪305 /‬الروح ‪539 /‬‬
‫‪306 /‬روح األرواح ‪542 /‬‬
‫‪307 /‬روح العالم ‪543 /‬‬
‫‪308 /‬الروح الكل ‪545 /‬‬
‫‪309 /‬الروح المحمدي ‪546 /‬‬
‫‪310 /‬روح الياء ‪546 /‬‬
‫‪311 /‬إرادة ‪546 /‬‬
‫‪312 /‬مريد ‪ -‬مراد ‪546 /‬‬
‫‪313 /‬رياضة ‪546 /‬‬
‫‪314 /‬الري ‪546 /‬‬
‫ز المصطلح ‪ /‬الصفحة‬
‫‪315 /‬زاجر ‪549 /‬‬
‫‪316 /‬الزمان المحمدي ‪549 /‬‬
‫المصطلح ‪ /‬الصفحة‬
‫‪317 /‬الزمردة الخضراء ‪549 /‬‬
‫‪318 /‬الزهد ‪552 /‬‬

‫‪1276‬‬
‫“ ‪“ 1277‬‬
‫س المصطلح ‪ /‬الصفحة‬
‫‪319 /‬سيد الوقت ‪559 /‬‬
‫‪320 /‬التسبيح ‪559 /‬‬
‫‪321 /‬السبحة السوداء ‪560 /‬‬
‫‪322 /‬الستر ‪561 /‬‬
‫‪323 /‬االستتار بحجب العوائد ‪562 /‬‬
‫‪324 /‬السجدة الكلية ‪563 /‬‬
‫‪325 /‬سجود االختصاص ‪565 /‬‬
‫‪326 /‬سجن الرحمن ‪565 /‬‬
‫‪327 /‬السحاب ‪566 /‬‬
‫‪328 /‬ساذج القلب ‪567 /‬‬
‫‪329 /‬السراب ‪568 /‬‬
‫‪330 /‬السراج ‪569 /‬‬
‫‪331 /‬مسرح عيون العارفين ‪570 /‬‬
‫‪332 /‬السر األعجمي ‪570 /‬‬
‫‪333 /‬سر القدر ‪570 /‬‬
‫‪334 /‬اسراء ‪ -‬معراج ‪571 /‬‬
‫‪335 /‬السرير االقدس ‪579 /‬‬
‫‪336 /‬السفر ‪580 /‬‬
‫‪337 /‬سفير الحق ‪583 /‬‬
‫‪338 /‬السكر ‪584 /‬‬
‫‪339 /‬سالك ‪584 /‬‬
‫‪340 /‬سالك بالمجموع ‪587 /‬‬
‫‪341 /‬سالك بربه ‪587 /‬‬
‫‪342 /‬سالك بنفسه ‪588 /‬‬
‫المصطلح ‪ /‬الصفحة‬
‫‪343 /‬سالك ال سالك ‪588 /‬‬
‫‪344 /‬التسليك ‪ -‬السلوك ‪588 /‬‬
‫‪345 /‬التسليم ‪588 /‬‬
‫‪346 /‬المسامرة ‪589 /‬‬
‫‪347 /‬السمسمة ‪589 /‬‬
‫‪348 /‬االسم ‪591 /‬‬
‫‪349 /‬االسم اإللهي ‪598 /‬‬
‫‪350 /‬اسم االسم ‪607 /‬‬
‫‪351 /‬االسم األعظم ‪608 /‬‬
‫َّللا ‪612 /‬‬
‫‪352 /‬سمي ّ‬
‫‪353 /‬االسم الجامع ‪613 /‬‬
‫‪354 /‬أسماء االحصاء ‪614 /‬‬
‫‪355 /‬اسم كياني ‪616 /‬‬
‫‪356 /‬اسم ذات ‪ -‬اسم مرتبة ‪618 /‬‬
‫‪357 /‬السماء ‪618 /‬‬
‫‪358 /‬سوق الجنة ‪619 /‬‬
‫َّللا ‪ -‬السوى ‪621 /‬‬
‫‪359 /‬سوى ّ‬
‫‪360 /‬االستواء ‪622 /‬‬
‫‪361 /‬االستواء اإللهي االستواء الرحماني ‪628 /‬‬
‫‪362 /‬مستوى الرحمن ‪ -‬مستوى األسماء المقيدة ‪629 /‬‬
‫‪363 /‬مستوى الرب ‪629 /‬‬
‫‪364 /‬سيف التوكل ‪630 /‬‬

‫‪1277‬‬
‫“ ‪“ 1278‬‬
‫ش المصطلح ‪ /‬الصفحة‬
‫‪365 /‬المشيئة ‪633 /‬‬
‫‪366 /‬الشأن اإللهي ‪639 /‬‬
‫‪367 /‬الشجرة ‪643 /‬‬
‫‪368 /‬الشرب ‪646 /‬‬
‫‪369 /‬الشروق ‪ -‬المشرق ‪647 /‬‬
‫‪370 /‬الشر ‪649 /‬‬
‫‪371 /‬الشطح ‪649 /‬‬
‫‪372 /‬الشعر ‪651 /‬‬
‫‪373 /‬الشعور ‪652 /‬‬
‫َّللا ‪652 /‬‬
‫‪374 /‬شعائر ّ‬
‫‪375 /‬الشاهد ‪654 /‬‬
‫‪376 /‬شهادة ‪656 /‬‬
‫المصطلح ‪ /‬الصفحة‬
‫‪377 /‬شهداء حق بحق ‪659 /‬‬
‫‪378 /‬الشهود ‪659 /‬‬
‫‪379 /‬الشهود خلف حجاب ‪660 /‬‬
‫‪380 /‬الشهود الذاتي ‪ -‬المشاهدة الذاتية ‪660 /‬‬
‫‪381 /‬شهود الرفيق ‪661 /‬‬
‫‪382 /‬شهود في وجود ‪661 /‬‬
‫‪383 /‬المشاهدة ‪662 /‬‬
‫‪384 /‬مشاهدة ثبوتية ‪667 /‬‬
‫‪385 /‬المشاهدون للوجه ‪667 /‬‬
‫‪386 /‬الشيئية ‪667 /‬‬
‫‪387 /‬شيئية العدم ‪669 /‬‬
‫‪388 /‬الشيخ ‪670 /‬‬
‫ص المصطلح ‪ /‬الصفحة‬
‫‪389 /‬الصبر ‪675 /‬‬
‫‪390 /‬صاحب العهد ‪678 /‬‬
‫‪391 /‬الصاحب المجهول ‪678 /‬‬
‫‪392 /‬صاحب الوقت ‪678 /‬‬
‫‪393 /‬صاحب الصورة ‪683 /‬‬
‫‪394 /‬المصحف الكبير ‪683 /‬‬
‫‪395 /‬الصحو ‪684 /‬‬
‫‪396 /‬الصدق ‪684 /‬‬
‫‪397 /‬الصراط الخاص ‪689 /‬‬
‫‪398 /‬صراط الرب ‪689 /‬‬
‫َّللا ‪689 /‬‬
‫‪399 /‬صراط ّ‬
‫المصطلح ‪ /‬الصفحة‬
‫‪400 /‬صراط العزيز ‪689 /‬‬
‫‪401 /‬الصراط المستقيم ‪689 /‬‬
‫‪402 /‬صراط الهدى ‪695 /‬‬
‫‪403 /‬التصريف ‪695 /‬‬
‫‪404 /‬الصعق ‪695 /‬‬
‫‪405 /‬الصالة ‪697 /‬‬
‫‪406 /‬الصمت ‪699 /‬‬
‫‪407 /‬الصورة ‪702 /‬‬
‫‪408 /‬صورة الحق ‪ -‬صورة الحق الظاهرة ‪708 /‬‬
‫‪409 /‬صورة العالم ‪709 /‬‬

‫‪1278‬‬
‫“ ‪“ 1279‬‬
‫ض المصطلح ‪ /‬الصفحة‬
‫‪410 /‬المضجع ‪713 /‬‬
‫‪411 /‬الضالل ‪713 /‬‬
‫المصطلح ‪ /‬الصفحة‬
‫‪412 /‬ضالل الهدى ‪713 /‬‬
‫َّللا ‪713 /‬‬
‫‪413 /‬ضيف ّ‬
‫ط المصطلح ‪ /‬الصفحة‬
‫‪414 /‬طرح الرقاع ‪719 /‬‬
‫‪415 /‬طريق ‪720 /‬‬
‫‪416 /‬الطلسم األعظم ‪735 /‬‬
‫‪417 /‬مطلع ‪736 /‬‬
‫المصطلح ‪ /‬الصفحة‬
‫‪418 /‬طوالع ‪739 /‬‬
‫‪419 /‬الطائفة ‪739 /‬‬
‫‪420 /‬المطول البسيط ‪740 /‬‬
‫‪421 /‬الطيور األربعة ‪741 /‬‬
‫ظ المصطلح ‪ /‬الصفحة‬
‫‪422 /‬الظل ‪745 /‬‬
‫َّللا ‪748 /‬‬
‫‪423 /‬ظل ّ‬
‫المصطلح ‪ /‬الصفحة‬
‫‪424 /‬ظل الرحمن ‪750 /‬‬
‫‪425 /‬الظل الممدود ‪751 /‬‬
‫‪426 /‬الظاهر ‪ -‬الباطن ‪751 /‬‬
‫ع المصطلح ‪ /‬الصفحة‬
‫‪427 /‬العبد ‪765 /‬‬
‫‪428 /‬عبد االختصاص ‪ -‬عبد العموم ‪771 /‬‬
‫‪429 /‬عبد اضطرار ‪ -‬عبد اختيار ‪772 /‬‬
‫المصطلح ‪ /‬الصفحة‬
‫‪430 /‬العبد اإللهي ‪772 /‬‬
‫‪431 /‬العبد الخالص ‪773 /‬‬
‫‪432 /‬عبد رب ‪773 /‬‬

‫‪1279‬‬
‫“ ‪“ 1280‬‬
‫‪433 /‬العبد الكامل ‪ -‬العبد الجامع الكامل ‪773 /‬‬
‫‪434 /‬العبد المحض ‪774 /‬‬
‫‪435 /‬عبادة ‪774 /‬‬
‫‪436 /‬عبادة ذاتية ‪ -‬عبادة امرية ‪776 /‬‬
‫‪437 /‬العبودية ‪ -‬العبودة ‪777 /‬‬
‫‪438 /‬العدل ‪778 /‬‬
‫‪439 /‬العدم االمكاني ‪782 /‬‬
‫‪440 /‬العدم ( المطلق ) ‪783 /‬‬
‫‪441 /‬عدم العدم ‪785 /‬‬
‫‪442 /‬العذاب ‪786 /‬‬
‫‪443 /‬عذراء ‪788 /‬‬
‫‪444 /‬االعراس اإللهية ‪789 /‬‬
‫‪445 /‬عرائس الحق ‪790 /‬‬
‫‪446 /‬عرش ‪791 /‬‬
‫َّللا ‪795 /‬‬
‫‪447 /‬عرش ّ‬
‫‪448 /‬العرش المحدود ‪795 /‬‬
‫‪449 /‬عرش الحياة ‪796 /‬‬
‫‪450 /‬عرش الذات ‪797 /‬‬
‫‪451 /‬عرش الرحمن ‪797 /‬‬
‫‪452 /‬عرش الروح ‪799 /‬‬
‫‪453 /‬العرش العظيم ‪799 /‬‬
‫‪454 /‬عرش العماء ‪800 /‬‬
‫‪455 /‬عرش الفصل والقضاء ‪801 /‬‬
‫‪456 /‬عرش القرآن ‪801 /‬‬
‫‪457 /‬العرش الكريم ‪801 /‬‬
‫‪458 /‬عرش التكوين ‪802 /‬‬
‫‪459 /‬العرش المجيد ‪803 /‬‬
‫‪460 /‬األعراف ‪803 /‬‬
‫‪461 /‬عساكر ‪805 /‬‬
‫‪462 /‬العشق ‪806 /‬‬
‫‪463 /‬العصمة ‪806 /‬‬
‫‪464 /‬المعصية الحية ‪811 /‬‬
‫‪465 /‬العقاب ‪811 /‬‬
‫‪466 /‬العقل ( األول ) ‪812 /‬‬
‫‪467 /‬عالم األنفاس ‪818 /‬‬
‫‪468 /‬العالم الكبير ‪ -‬العالم الصغير ‪818 /‬‬
‫‪469 /‬المعلم األول ‪818 /‬‬
‫‪470 /‬العمد أو الماسك ‪818 /‬‬
‫‪471 /‬العماء ‪820 /‬‬
‫‪472 /‬بحر العماء ‪826 /‬‬
‫‪473 /‬العنصر األعظم ‪826 /‬‬
‫‪474 /‬العنقاء ‪829 /‬‬
‫‪475 /‬العهد اإللهي ‪830 /‬‬
‫‪476 /‬عين ثابتة ‪831 /‬‬
‫‪477 /‬عين القلب ‪839 /‬‬
‫‪478 /‬عين اليقين ‪839 /‬‬
‫غ المصطلح ‪ /‬الصفحة‬
‫‪479 /‬غذاء ‪843 /‬‬
‫‪480 /‬غذاء األغذية ‪843 /‬‬
‫‪481 /‬غروب ‪ -‬المغرب ‪843 /‬‬
‫المصطلح ‪ /‬الصفحة‬
‫‪482 /‬غربة ‪843 /‬‬
‫‪483 /‬الغراب ‪844 /‬‬
‫‪484 /‬غراب البين ‪845 /‬‬

‫‪1280‬‬
‫“ ‪“ 1281‬‬
‫‪485 /‬غفر ‪846 /‬‬
‫‪486 /‬الغوث ‪848 /‬‬
‫‪487 /‬الغيب ‪848 /‬‬
‫‪488 /‬الغيب االمكاني ‪856 /‬‬
‫‪489 /‬غيب الغيب ‪856 /‬‬
‫‪490 /‬الغيب المطلق ‪857 /‬‬
‫‪491 /‬الغيبة ‪857 /‬‬
‫‪492 /‬الغين ‪859 /‬‬
‫ف المصطلح ‪ /‬الصفحة‬
‫‪493 /‬فتح ‪863 /‬‬
‫‪494 /‬الفتوح ‪870 /‬‬
‫‪495 /‬المفاتح األول ‪871 /‬‬
‫‪496 /‬المفاتح الثواني ‪871 /‬‬
‫‪497 /‬الفتوة ‪871 /‬‬
‫‪498 /‬الفردية ‪873 /‬‬
‫‪499 /‬االفراد ‪876 /‬‬
‫‪500 /‬التفريد ‪878 /‬‬
‫‪501 /‬الفراسة ‪880 /‬‬
‫‪502 /‬الفرق ‪881 /‬‬
‫‪503 /‬الفرق الثاني ‪881 /‬‬
‫‪504 /‬الفرقان ‪882 /‬‬
‫المصطلح ‪ /‬الصفحة‬
‫‪505 /‬فرقان في القرآن ‪882 /‬‬
‫‪506 /‬المفصل ‪882 /‬‬
‫‪507 /‬فضيحة الدهر ‪883 /‬‬
‫‪508 /‬الفطرة ‪883 /‬‬
‫‪509 /‬الفقر ‪884 /‬‬
‫‪510 /‬الفهوانية ‪888 /‬‬
‫‪511 /‬الفناء ‪888 /‬‬
‫‪512 /‬فوق ‪888 /‬‬
‫‪513 /‬الفيض ‪888 /‬‬
‫‪514 /‬الفيض األقدس ‪892 /‬‬
‫‪515 /‬الفيض المقدس ‪893 /‬‬
‫‪516 /‬المفيض ‪893 /‬‬
‫ق المصطلح ‪ /‬الصفحة‬
‫‪517 /‬قبة ارين ‪897 /‬‬
‫‪518 /‬القبض ‪897 /‬‬
‫‪519 /‬قدم ‪ -‬على قدم ‪900 /‬‬
‫‪520 /‬مقدمات التكوين ‪902 /‬‬
‫‪521 /‬القرآن ‪903 /‬‬
‫‪522 /‬القرآن الكبير ‪908 /‬‬
‫‪523 /‬القربان األكرم ‪909 /‬‬
‫المصطلح ‪ /‬الصفحة‬
‫‪524 /‬القطب ‪909 /‬‬
‫‪525 /‬قطب األقطاب ‪915 /‬‬
‫‪526 /‬القلب ‪916 /‬‬
‫‪527 /‬قلب الوجود ‪921 /‬‬
‫‪528 /‬القلبية ‪921 /‬‬
‫‪529 /‬القلم ( االعلى ) ‪922 /‬‬
‫‪530 /‬القوت ‪930 /‬‬

‫‪1281‬‬
‫“ ‪“ 1282‬‬
‫‪531 /‬القول اإللهي ‪930 /‬‬
‫‪532 /‬المقام ‪930 /‬‬
‫‪533 /‬مقام الهي ‪934 /‬‬
‫‪534 /‬مقام ذاتي ‪934 /‬‬
‫‪535 /‬مقام رحماني ‪ -‬مقام رباني ‪935 /‬‬
‫‪536 /‬مقام العبودة والعبودية ‪936 /‬‬
‫‪537 /‬مقام القربة ‪936 /‬‬
‫‪538 /‬مقام قرب النوافل ‪ -‬مقام قرب الفرائض ‪938 /‬‬
‫‪539 /‬المقام المحمدي ‪940 /‬‬
‫‪540 /‬االستقامة ‪940 /‬‬
‫‪541 /‬القيامة الصغرى ‪ -‬القيامة الكبرى ‪945 /‬‬
‫‪542 /‬قيوم الحروف ‪946 /‬‬
‫ك المصطلح ‪ /‬الصفحة‬
‫‪543 /‬كتاب ‪949 /‬‬
‫‪544 /‬الكاتب المطلق ‪954 /‬‬
‫‪545 /‬الكثرة ‪955 /‬‬
‫‪546 /‬الكثير الواحد ‪959 /‬‬
‫‪547 /‬كرامة ‪961 /‬‬
‫‪548 /‬كشف ‪971 /‬‬
‫‪549 /‬كفر ‪972 /‬‬
‫‪550 /‬كل شيء ‪974 /‬‬
‫‪551 /‬كل العالم ‪974 /‬‬
‫المصطلح ‪ /‬الصفحة‬
‫‪552 /‬الكالم اإللهي ‪974 /‬‬
‫‪553 /‬الكلمة ‪974 /‬‬
‫‪554 /‬كلمة الحضرة ‪981 /‬‬
‫‪555 /‬الكمال ‪981 /‬‬
‫‪556 /‬الكنز الخفي ‪983 /‬‬
‫‪557 /‬الكنز المطلسم ‪984 /‬‬
‫‪558 /‬الكون الجامع ‪985 /‬‬
‫‪559 /‬الكون األكبر ‪988 /‬‬
‫‪560 /‬كن ‪989 /‬‬
‫‪561 /‬كيمياء السعادة ‪991 /‬‬
‫ل المصطلح ‪ /‬الصفحة‬
‫‪562 /‬اللوح ( المحفوظ ) ‪995 /‬‬
‫‪563 /‬األلواح ‪1001 /‬‬
‫‪564 /‬اللوائح ‪ -‬الطوالع ‪ -‬اللوامع ‪1001 /‬‬
‫المصطلح ‪ /‬الصفحة‬
‫‪565 /‬اللؤلؤ المعظم ‪1003 /‬‬
‫‪566 /‬المالمية ‪1003 /‬‬
‫‪567 /‬التلوين ‪1006 /‬‬
‫‪568 /‬ليل ‪1008 /‬‬

‫‪1282‬‬
‫“ ‪“ 1283‬‬
‫‪569 /‬الليل االنساني ‪1011 /‬‬
‫‪570 /‬ليلة القدر ‪1011 /‬‬
‫م المصطلح ‪ /‬الصفحة‬
‫‪571 /‬المحق ‪ -‬محق المحق ‪1015 /‬‬
‫‪572 /‬المحو واالثبات ‪1016 /‬‬
‫‪573 /‬المحمدي ‪1017 /‬‬
‫‪574 /‬الممد األول ‪1017 /‬‬
‫‪575 /‬ممد الهمم ‪1018 /‬‬
‫‪576 /‬المدينة الفاضلة ‪1018 /‬‬
‫‪577 /‬مركز الدائرة ‪1019 /‬‬
‫‪578 /‬الماسك ‪1019 /‬‬
‫‪579 /‬المكر ‪1019 /‬‬
‫المصطلح ‪ /‬الصفحة‬
‫‪580 /‬المنة واالستحقاق ‪1020 /‬‬
‫‪581 /‬الموت ‪1028 /‬‬
‫‪582 /‬الموت األبيض ‪1030 /‬‬
‫‪583 /‬الموت األحمر ‪1032 /‬‬
‫‪584 /‬الموت األخضر ‪1032 /‬‬
‫‪585 /‬الموت األسود ‪1032 /‬‬
‫‪586 /‬الموت األصغر ‪1032 /‬‬
‫‪587 /‬الموت األكبر ‪1033 /‬‬
‫‪588 /‬الموت المعنوي ‪1033 /‬‬
‫ن المصطلح ‪ /‬الصفحة‬
‫‪589 /‬نون ‪1037 /‬‬
‫‪590 /‬نبوة ‪1038 /‬‬
‫‪591 /‬النبوة البرزخية ‪1048 /‬‬
‫‪592 /‬نبي اتباع ‪ -‬نبي شريعة ‪1048 /‬‬
‫‪593 /‬نبوة االخبار ‪ -‬نبوة التشريع ‪1048 /‬‬
‫‪594 /‬النبوة الرسالية ‪1049 /‬‬
‫‪595 /‬النبوة السارية ‪1049 /‬‬
‫‪596 /‬النبوة الظاهرة ‪ -‬النبوة الباطنة ‪1050 /‬‬
‫‪597 /‬النبوة العامة ‪ -‬النبوة الخاصة ‪1050 /‬‬
‫المصطلح ‪ /‬الصفحة‬
‫‪598 /‬نبوة قمرية ‪ -‬نبوة شمسية ‪1051 /‬‬
‫‪599 /‬النبوة المقيدة ‪ -‬النبوة المطلقة ‪1051 /‬‬
‫‪600 /‬نبوة التكليف ‪1052 /‬‬
‫‪601 /‬نبوة مكملة ‪1052 /‬‬
‫‪602 /‬نبوة الوارث ‪1052 /‬‬
‫‪603 /‬أنبياء أولياء ‪1053 /‬‬
‫‪604 /‬نجيب ‪1053 /‬‬
‫‪605 /‬المنازلة ‪1053 /‬‬
‫‪606 /‬المنازلة األصلية ‪1055 /‬‬
‫‪607 /‬منزل ‪1056 /‬‬
‫‪608 /‬الناسوت ‪1057 /‬‬

‫‪1283‬‬
‫“ ‪“ 1284‬‬
‫‪609 /‬نسخة ‪1057 /‬‬
‫‪610 /‬منصة ‪1059 /‬‬
‫‪611 /‬المنظر األعلى ‪1059 /‬‬
‫‪612 /‬نعيم ‪1060 /‬‬
‫‪613 /‬النفث ‪1062 /‬‬
‫‪614 /‬النفس الرحماني ‪1063 /‬‬
‫‪615 /‬نقطة الباء ‪1067 /‬‬
‫‪616 /‬نقيب ‪1068 /‬‬
‫‪617 /‬نكتة ‪1068 /‬‬
‫‪618 /‬النكاح ‪1069 /‬‬
‫‪619 /‬نهر ‪1071 /‬‬
‫‪620 /‬نهر البلوى ‪1072 /‬‬
‫‪621 /‬نهر الحياة ‪1073 /‬‬
‫‪622 /‬نهر الخمر ‪1074 /‬‬
‫‪623 /‬نهر الدنيا ‪1075 /‬‬
‫‪624 /‬نهر القرآن ‪1075 /‬‬
‫‪625 /‬نهر اللبن ‪1076 /‬‬
‫‪626 /‬نهر العسل ‪1076 /‬‬
‫‪627 /‬نهر الماء ‪1077 /‬‬
‫‪628 /‬نهار ‪1077 /‬‬
‫‪629 /‬النيابة ‪1077 /‬‬
‫‪630 /‬نائب الحق ‪1078 /‬‬
‫‪631 /‬نيابة الحق عن العبد ‪1078 /‬‬
‫‪632 /‬نائب عن الحق ‪1078 /‬‬
‫‪633 /‬نائب من وراء حجاب ‪1079 /‬‬
‫‪634 /‬نائب الرحمن ‪1079 /‬‬
‫َّللا عليه وسلم ) ‪1079 /‬‬
‫‪635 /‬نواب محمد ( صلى ّ‬
‫‪636 /‬نيابة النبوة ‪1080 /‬‬
‫‪637 /‬نور ‪1080 /‬‬
‫‪638 /‬نور األيمان ‪1087 /‬‬
‫‪639 /‬النور األخضر ‪1087 /‬‬
‫‪640 /‬نور الشهود ‪1087 /‬‬
‫َّللا عليه وسلم ) ‪1088 /‬‬
‫‪641 /‬نور محمد ( صلى ّ‬
‫‪642 /‬النور الممتزج ‪1088 /‬‬
‫‪643 /‬نور الوجود ‪1088 /‬‬
‫‪644 /‬النار ‪1088 /‬‬
‫ه المصطلح ‪ /‬الصفحة‬
‫‪645 /‬الهباء ‪1095 /‬‬
‫‪646 /‬الهباء الطبيعي ‪ -‬الهباء الصناعي ‪1097 /‬‬
‫‪647 /‬الهجير ‪1097 /‬‬
‫‪648 /‬الهاجس ‪1098 /‬‬
‫‪649 /‬الهجوم ‪1099 /‬‬
‫‪650 /‬هدى ‪1100 /‬‬
‫‪651 /‬الهدى التبياني ‪ -‬الهدى التوفيقي ‪1102 /‬‬
‫‪652 /‬الهادي الكوني ‪1102 /‬‬
‫‪653 /‬المهدي ‪1103 /‬‬
‫‪654 /‬االستهالك في الحق ‪1107 /‬‬
‫‪655 /‬الهمة ‪1108 /‬‬
‫‪656 /‬الهو ‪1120 /‬‬
‫‪657 /‬الهوى ‪1121 /‬‬
‫‪658 /‬الهيبة واالنس ‪1121 /‬‬
‫‪659 /‬المهيم ‪1123 /‬‬

‫‪1284‬‬
‫“ ‪“ 1285‬‬
‫والمصطلح ‪ /‬الصفحة‬
‫‪660 /‬وتد ‪1127 /‬‬
‫‪661 /‬ميثاق ‪ -‬ميثاق الذرية ‪1127 /‬‬
‫‪662 /‬وثيقة الحق ‪1129 /‬‬
‫‪663 /‬الوجد ‪1130 /‬‬
‫‪664 /‬الوجود ‪1130 /‬‬
‫‪665 /‬الوجود الحقيقي ‪1137 /‬‬
‫‪666 /‬الوجود الخيالي ‪1137 /‬‬
‫‪667 /‬أهل الوجود ‪1138 /‬‬
‫‪668 /‬الوجود الواحد ‪1138 /‬‬
‫‪669 /‬وجه الحق ‪ -‬وجه الحق في األشياء ‪1138 /‬‬
‫‪670 /‬الوجه الخاص ‪1139 /‬‬
‫‪671 /‬وجه الشيء ‪1141 /‬‬
‫‪672 /‬التوجه اإللهي ‪1142 /‬‬
‫‪673 /‬الوحدة ‪1144 /‬‬
‫‪674 /‬وحدة الوجود ‪1145 /‬‬
‫‪675 /‬الواحد ‪1157 /‬‬
‫‪676 /‬الواحد الكثير ‪1162 /‬‬
‫‪677 /‬األحدية ‪ -‬أحدية األحد ‪ -‬أحدية الكثرة ‪1165 /‬‬
‫‪678 /‬أحدية الوصف ‪1171 /‬‬
‫‪679 /‬الوحدانية ‪ -‬الواحدانية ‪1171 /‬‬
‫المصطلح ‪ /‬الصفحة‬
‫‪680 /‬التوحيد ‪1172 /‬‬
‫‪681 /‬االتحاد ‪1180 /‬‬
‫‪682 /‬الوحشة ‪1181 /‬‬
‫‪683 /‬الوحي ‪1182 /‬‬
‫‪684 /‬الود ‪1191 /‬‬
‫‪685 /‬اإلرث ‪ -‬الوارث ‪1191 /‬‬
‫َّللا عليه وسلم ) ‪1200 /‬‬
‫‪686 /‬ورثة جمعية محمد ( صلى ّ‬
‫‪687 /‬وارث المختار ‪1200 /‬‬
‫‪688 /‬وارث القدم المحمدي ‪1200 /‬‬
‫‪689 /‬الوارث المكمل ‪1201 /‬‬
‫‪690 /‬ارث األسماء اإللهية ‪1201 /‬‬
‫‪691 /‬وارد ‪1202 /‬‬
‫‪692 /‬الورقاء ‪1207 /‬‬
‫‪693 /‬الميزان ‪1208 /‬‬
‫‪694 /‬ميزان العالم ‪1210 /‬‬
‫‪695 /‬الصفة ‪1210 /‬‬
‫‪696 /‬الواعظ الناطق ‪ -‬الواعظ الصامت ‪1224 /‬‬
‫‪697 /‬الوقت ‪1225 /‬‬
‫‪698 /‬الوقفة ‪1227 /‬‬
‫‪699 /‬التوكل ‪1228 /‬‬
‫‪700 /‬ولي ‪ -‬الوالية ‪1231 /‬‬
‫‪701 /‬الوهم ‪1241 /‬‬

‫‪1285‬‬
‫“ ‪“ 1286‬‬

‫ي المصطلح ‪ /‬الصفحة‬
‫‪702 /‬اليثربي ‪1245 /‬‬
‫َّللا ‪ -‬اليدان ‪1245 /‬‬
‫‪703 /‬يد ّ‬
‫المصطلح ‪ /‬الصفحة‬
‫‪704 /‬الياقوتة الحمراء ‪1247 /‬‬
‫‪705 /‬يقين ‪1247 /‬‬
‫‪706 /‬اليوم ‪1253 /‬‬

‫‪1286‬‬
‫“ ‪“ 1287‬‬
‫أهم المصادر والمراج‬
‫ع‪I‬المصادرأ ‪ -‬مؤلفات الشيخ ابن العربي ( ‪ ) 1‬المؤلفات المخطوطة‬
‫‪-‬االتحاد الكوني في حضرة االشهاد العيني ‪ .‬مخطوط من مكتبة السيد رفيق حمدان‬
‫الخاصة ‪ /‬دمشق ‪.‬‬
‫‪-‬إجازة للملك المظفر ‪ .‬مخطوط الظاهرية ‪ .‬دمشق ‪ .‬رقم ‪. 4679‬‬
‫‪-‬األجوبة الاليقة على األسئلة الفايقة ‪ .‬مخطوط الظاهرية ‪ .‬دمشق ‪ .‬رقم ‪. 4266‬‬
‫‪-‬رسالة االسرار بالباء ظهر الوجود ‪ .‬مخطوط الظاهرية ‪ .‬دمشق ‪ .‬رقم ‪. 123‬‬
‫‪-‬إشارات القرآن ‪ .‬مكتبة رفيق حمدان الخاصة ‪ /‬دمشق ‪.‬‬
‫‪-‬اإلنسان الكلي ‪ .‬الظاهرية ‪ .‬دمشق ‪ .‬رقم ‪. 4865‬‬
‫‪-‬بلغة الغواص ‪ .‬مكتبة رياض المالح الخاصة ‪ /‬دمشق ‪.‬‬
‫‪-‬تاج الرسائل ‪ .‬مخطوط من مكتبة رفيق حمدان الخاصة ‪ /‬دمشق ‪.‬‬
‫‪-‬تحرير البيان في تقرير شعب االيمان ‪ .‬مخطوط مطيع الحافظ الخاصة ‪ /‬دمشق ‪.‬‬
‫‪-‬رسالة تنقيح الفهوم ‪ .‬مخطوط الظاهرية ‪ .‬دمشق رقم ‪. 4865‬‬
‫‪-‬كتاب الخلوة ‪ .‬مخطوط في مكتبة رفيق حمدان الخاصة ‪ /‬دمشق ‪.‬‬
‫َّللا الحسنى ‪ .‬مخطوط الظاهرية ‪ .‬دمشق ‪ .‬رقم ‪. 7457‬‬‫‪-‬دعوة أسماء ّ‬
‫‪-‬رسالة “ سر المحبة “ ‪ .‬مخطوط دار الكتب المصرية ‪ .‬القاهرة ‪ 320 .‬مجاميع ‪.‬‬
‫‪-‬شرح خلع النعلين ‪ .‬مخطوط شهيد علي ‪ .‬تركيا ‪ .‬رقم ‪. 1174‬‬
‫‪-‬شجون المشجون ‪ .‬مخطوط الظاهرية ‪ .‬دمشق ‪ .‬رقم ‪. 9205‬‬
‫‪-‬كتاب صفة جلوس المرتاض والخلوة ‪ .‬مخطوط الظاهرية ‪ .‬دمشق ‪ .‬رقم ‪. 123‬‬
‫‪-‬الرسالة الغوثية ‪ .‬مخطوط الظاهرية ‪ .‬دمشق ‪ .‬رقم ‪. 6824‬‬
‫‪-‬رسالة في األرواح ‪ .‬مخطوط الظاهرية ‪ .‬دمشق ‪ .‬رقم ‪.5433‬‬

‫‪1287‬‬
‫“ ‪“ 1288‬‬

‫‪-‬رسالة في معرفة األقطاب ‪ .‬مخطوط الظاهرية ‪ .‬دمشق ‪ .‬رقم ‪. 123‬‬


‫‪-‬رسالة القواعد الكلية في معرفة تجلي األسماء اإللهية ‪ .‬مخطوط الظاهرية ‪ .‬دمشق ‪.‬‬
‫رقم ‪. 5963‬‬
‫‪-‬كتاب الحق ‪ .‬مخطوط الظاهرية ‪ .‬دمشق ‪ .‬رقم ‪. 123‬‬
‫‪-‬كيمياء السعادة وبلوغ اإلرادة في معنى كلمتي الشهادة ‪ .‬مكتبة رياض المالح الخاصة‬
‫‪ /‬دمشق ‪.‬‬
‫‪-‬مرآة المعاني في ادراك العالم االنساني ‪ .‬مخطوط الظاهرية ‪ .‬دمشق ‪ .‬رقم ‪. 19‬‬
‫‪-‬مرآة العارفين ‪ .‬مكتبة رفيق حمدان الخاصة ‪ /‬دمشق ‪.‬‬
‫‪-‬مراتب التقوى ‪ .‬مخطوط الظاهرية ‪ .‬دمشق ‪ .‬رقم ‪. 5570‬‬
‫‪-‬مشاهد االسرار القدسية ‪ .‬مخطوط مكتبة رياض المالح ‪ /‬دمشق ‪.‬‬
‫‪-‬معرفة الكنز العظيم ‪ .‬مخطوط الظاهرية ‪ .‬دمشق ‪ .‬رقم ‪. 5570‬‬
‫‪-‬مفاتح الغيب ‪ .‬مخطوط من مكتبة رياض المالح ‪ /‬دمشق ‪.‬‬
‫‪-‬رسالة مقام القربة ‪ .‬مخطوط دار الكتب المصرية ‪ .‬القاهرة ‪ .‬رقم ‪ 9‬مجاميع‬
‫تصوف ‪.‬‬
‫‪-‬المقصد األتم في اإلشارات ‪ .‬مخطوط الظاهرية ‪ .‬دمشق ‪ .‬رقم ‪. 123‬‬
‫‪-‬المقنع في ايضاح السهل الممتنع ‪ .‬مخطوط الظاهرية ‪ .‬دمشق ‪ .‬رقم ‪. 5570‬‬
‫‪-‬منهاج التراجم ‪ .‬مخطوط دار الكتب المصرية ‪ .‬القاهرة ‪ .‬رقم ‪ 9‬مجاميع ‪.‬‬
‫‪-‬نسخة الحق ‪ .‬مخطوط الظاهرية ‪ .‬دمشق ‪ .‬رقم ‪. 5570‬‬
‫‪-‬كتاب الهو ‪ .‬مخطوط من مكتبة رياض المالح ‪ /‬دمشق ‪.‬‬
‫‪-‬كتاب اليقين ‪ .‬مخطوط الظاهرية ‪ .‬دمشق ‪ .‬رقم ‪ ) 2 (. 5517‬المؤلفات‬
‫المطبوعة ‪:‬‬
‫‪-‬كتاب األزل ‪ .‬حيدرآباد ( الهند ) ط ‪ .‬أولى ‪ . 1948‬تصوير دار احياء التراث‬
‫العربي ضمن مجموعة ‪ :‬رسائل الشيخ ابن العربي ‪.‬‬
‫‪-‬االسرا إلى المقام االسرى ‪ .‬حيدرآباد ( الهند ) ط ‪ .‬أولى ‪ . 1948‬تصوير دار احياء‬
‫التراث العربي ‪ .‬ضمن مجموعة ‪ :‬رسائل الشيخ ابن العربي ‪.‬‬
‫‪-‬االسفار عن نتائج االسفار ‪ .‬حيدرآباد ( الهند ) الطبعة األولى ‪ . 1948‬تصوير‬

‫‪1288‬‬
‫“ ‪“ 1289‬‬

‫دار احياء التراث العربي ضمن مجموعة ‪ :‬رسائل الشيخ ابن العربي ‪.‬‬
‫‪-‬األصطالحات ‪ .‬طبع مكتبة لبنان ‪ .‬بيروت ‪ ( . 1969‬مطبوع في نهاية تعريفات‬
‫الجرجاني ) ‪.‬‬
‫‪-‬كتاب األلف طبع حيدرآباد ( الهند ) ط ‪ .‬أولى ‪ . 1948‬تصوير دار احياء التراث‬
‫العربي ضمن مجموعة ‪ :‬رسائل الشيخ ابن العربي ‪.‬‬
‫‪-‬رسالة االنتصار ‪ .‬حيدرآباد ( الهند ) ط ‪ .‬أولى ‪ . 1948‬تصوير دار احياء التراث‬
‫العربي ضمن مجموعة ‪ :‬رسائل الشيخ ابن العربي ‪.‬‬
‫‪-‬إنشاء الدوائر ‪ .‬طبع ليدن ‪ .‬مطبعة بريل ‪ 1336‬ه ‪ .‬يطلب ( تصوير ) من مكتبة‬
‫المثنى ‪ .‬بغداد ‪.‬‬
‫‪-‬رسالة األنوار ‪ .‬حيدرآباد ( الهند ) ‪ ،‬ط ‪ .‬أولى ‪ . 1948‬تصوير دار احياء التراث‬
‫العربي ضمن مجموعة ‪ :‬رسائل الشيخ ابن العربي ‪.‬‬
‫‪-‬أيام الشأن ‪ .‬حيدرآباد ( الهند ) ‪ ،‬ط ‪ .‬أولى ‪ . 1948‬تصوير دار احياء التراث‬
‫العربي ضمن مجموعة ‪ :‬رسائل الشيخ ابن العربي ‪.‬‬
‫‪-‬التجليات ‪ .‬طبع حيدرآباد ( الهند ) ط ‪ .‬أولى ‪ . 1948‬تصوير دار احياء التراث‬
‫العربي ضمن مجموعة ‪ :‬رسائل الشيخ ابن العربي ‪.‬‬
‫‪-‬تحفة السفرة إلى حضرة البررة ‪ .‬تحقيق رياض المالح ‪ .‬دار الكتاب اللبناني ‪.‬‬
‫بيروت ‪. 1973‬‬
‫‪-‬التدبيرات اإللهية في اصالح المملكة اإلنسانية ‪ .‬طبع ليدن ‪ ،‬مطبعة بريل ‪ 1336‬ه ‪.‬‬
‫يطلب من مكتبة المثنى ببغداد‬
‫‪-‬تذكرة الخواص ‪ .‬نشر روجر دوالدرير ‪ .‬ضمن أطروحة دكتوراه ‪ .‬جامعة ليل ‪- 3‬‬
‫‪. 1975‬‬
‫‪-‬التراجم ‪ .‬نشر حيدرآباد ( الهند ) ‪ ،‬ط ‪ .‬أولى ‪ . 1948‬تصوير دار احياء التراث‬
‫العربي ضمن مجموعة ‪ :‬رسائل الشيخ ابن العربي ‪.‬‬
‫‪-‬ترجمان األشواق ‪ .‬دار صادر ‪ .‬بيروت ‪. 1966‬‬
‫‪-‬الجالل والجمال ‪ ،‬حيدرآباد ( الهند ) ‪ ،‬ط ‪ .‬أولى ‪ . 1948‬تصوير دار احياء التراث‬
‫العربي ضمن مجموعة ‪ :‬رسائل الشيخ ابن العربي ‪.‬‬

‫‪1289‬‬
‫“ ‪“ 1290‬‬

‫َّللا ‪ .‬حيدرآباد ( الهند ) ‪ ،‬ط ‪ .‬أولى ‪ . 1948‬تصوير دار احياء‬‫‪-‬الجاللة وهو كلمة ّ‬
‫التراث العربي ضمن مجموعة ‪ :‬رسائل الشيخ ابن العربي ‪.‬‬
‫‪-‬رسالة الحكم ‪ .‬طبعت على نفقة الشيخ عبد القادر الدهان ‪ .‬حلب ‪ .‬دون تاريخ ‪.‬‬
‫‪-‬حلية االبدال ‪ .‬حيدرآباد ( الهند ) ‪ ،‬ط ‪ .‬أولى ‪ . 1948‬تصوير دار احياء التراث‬
‫العربي ضمن مجموعة ‪ :‬رسائل الشيخ ابن العربي ‪.‬‬
‫‪-‬ديوان الشيخ األكبر ‪ .‬ط بوالق ‪ 1271‬ه ‪ .‬تصوير مكتبة المثنى بغداد ‪.‬‬
‫‪-‬رسالة الشيخ إلى اإلمام الرازي ‪ .‬حيدرآباد ( الهند ) ‪ ،‬ط ‪ .‬أولى ‪. 1948‬‬
‫تصوير دار احياء التراث العربي ضمن مجموعة ‪ :‬رسائل الشيخ ابن العربي ‪.‬‬
‫‪-‬رسالة ال يعول عليه ‪ .‬حيدرآباد ( الهند ) ‪ ،‬ط ‪ .‬أولى ‪ . 1948‬تصوير دار احياء‬
‫التراث العربي ضمن مجموعة ‪ :‬رسائل الشيخ ابن العربي ‪.‬‬
‫‪-‬روح القدس في محاسبة النفس ‪ .‬تحقيق عزة حصرية ‪ .‬مطبعة العلم ‪ .‬دمشق‬
‫‪. 1970‬‬
‫‪-‬كتاب الشاهد ‪ .‬حيدرآباد ( الهند ) ‪ ،‬ط ‪ .‬أولى ‪ . 1948‬تصوير دار احياء التراث‬
‫العربي ضمن مجموعة ‪ :‬رسائل الشيخ ابن العربي ‪.‬‬
‫‪-‬شجرة الكون ‪ .‬طبع مكتبة الشمرلي ‪ .‬اإلسكندرية ‪ .‬دون تاريخ ‪.‬‬
‫‪-‬شق الجيوب ‪ .‬الطبعة األولى ‪ .‬مطبعة السعادة مصر ‪ 1325 .‬ه ‪.‬‬
‫‪-‬عقلة المستوفز ‪ .‬طبع ليدن ‪ ،‬مطبعة بريل سنة ‪ 1336‬ه ‪ .‬تصوير مكتبة المثنى‬
‫ببغداد ‪.‬‬
‫‪-‬عنقاء مغرب ‪ .‬البابي الحلبي ‪ .‬مصر ‪ .‬دون تاريخ ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات المكية ‪ .‬تصوير دار صادر ‪ .‬بيروت ‪ .‬دون تاريخ ‪.‬‬
‫‪-‬الفتوحات المكية ‪ .‬نشر عثمان يحي ‪ .‬الهيئة المصرية العامة للكتاب ‪ .‬الطبعة األولى‬
‫[ االجزاء الستة األولى فقط ] ‪.‬‬
‫‪-‬فصوص الحكم ‪ .‬نشر أبو العال عفيفي ‪ .‬دار الكتاب العربي ‪ .‬بيروت ‪ .‬دون‬
‫تاريخ ‪.‬‬
‫‪-‬الفناء في المشاهدة ‪ .‬حيدرآباد ( الهند ) ط ‪ .‬أولى ‪ . 1948‬تصوير دار احياء‬

‫‪1290‬‬
‫“ ‪“ 1291‬‬

‫التراث العربي ضمن مجموعة ‪ :‬رسائل الشيخ ابن العربي ‪.‬‬


‫‪-‬الكتاب التذكاري ‪ .‬محي الدين بن العربي في الذكرى المئوية الثامنة لميالده ‪ .‬نشر‬
‫الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر ‪ .‬القاهرة ‪1969 .‬‬
‫‪-‬كتاب الكتب ‪ .‬حيدرآباد ( الهند ) ‪ ،‬ط ‪ .‬أولى ‪ . 1948‬تصوير دار احياء التراث‬
‫العربي ضمن مجموعة ‪ :‬رسائل الشيخ ابن العربي ‪.‬‬
‫‪-‬المبادئ والغايات فيما تتضمنه حروف المعجم من العجائب واآليات ‪ .‬تحقيق عزة‬
‫حصرية ‪ ،‬مطبعة العلم ‪ .‬دمشق ‪. 1971‬‬
‫‪-‬محاضرة األبرار ومسامرة األخيار في األدبيات والنوادر واألخبار ‪ .‬دار اليقظة‬
‫العربية ‪ .‬بيروت ‪. 1968‬‬
‫‪-‬كتاب المسائل ‪ .‬حيدرآباد ( الهند ) ‪ ،‬ط ‪ .‬أولى ‪ . 1948‬تصوير دار احياء التراث‬
‫العربي ضمن مجموعة ‪ :‬رسائل الشيخ ابن العربي ‪.‬‬
‫‪-‬منزل القطب ‪ .‬ط ‪ .‬حيدرآباد ‪ .‬الطبعة األولى ‪ . 1948‬تصوير دار احياء التراث‬
‫العربي ضمن مجموعة ‪ :‬رسائل الشيخ ابن العربي ‪.‬‬
‫‪-‬مواقع النجوم ‪ .‬مطبعة السعادة ‪ ،‬مصر ‪ 1325‬ه ‪.‬‬
‫‪-‬الميم والواو والنون ‪ .‬حيدرآباد ( الهند ) ‪ ،‬ط ‪ .‬أولى ‪ . 1948‬تصوير دار احياء‬
‫التراث العربي ضمن مجموعة ‪ :‬رسائل الشيخ ابن العربي ‪.‬‬
‫‪-‬نقش الفصوص ‪ .‬حيدرآباد ‪ .‬ط أولى ‪ . 1948‬تصوير دار احياء التراث العربي‬
‫ضمن مجموعة ‪ :‬رسائل الشيخ ابن العربي ‪.‬‬
‫‪-‬وسائل السائل ‪ .‬نشر‪ (Man Fred profitlich‬ألمانيا ) ‪. 1973 .‬‬
‫‪-‬كتاب الياء ‪ .‬حيدرآباد ( الهند ) ‪ ،‬ط ‪ .‬أولى ‪ . 1948‬تصوير دار احياء التراث‬
‫العربي ضمن مجموعة ‪ :‬رسائل أبي عربي‪.‬‬

‫‪1291‬‬
‫“ ‪“ 1292‬‬

‫ب ‪ -‬المصادر األخرى( ‪ ) 1‬المصادر المخطوطة‬


‫ابن سودكين ‪ :‬رسالة في علم التصوف إلسماعيل بن سودكين ‪ .‬مخطوط الظاهرية ‪.‬‬
‫دمشق ‪ .‬رقم ‪. 8080‬‬
‫ابن قسي ‪ :‬خلع النعلين واقتباس األنوار من موضع القدمين البن قسي ‪.‬‬
‫مخطوط شهيد علي ‪ .‬تركيا ‪ .‬رقم ‪. 1174‬‬
‫البرزنجي ‪ :‬رسالة التحقيقات األحمدية في حماية الحقيقة المحمدية الحمد بن إسماعيل‬
‫بن زين العابدين البرزنجي ‪ .‬مخطوط من مكتبة اآلجرية بدمشق ‪ .‬دون ترقيم ‪.‬‬
‫البرزنجي ‪ :‬الجاذب الغيبي في شرح الجانب الغربي في حل مشكالت الشيخ ابن‬
‫العربي لمحمد بن عبد الرسول البرزنجي ‪ .‬نسخة مخطوطة حديثة من مكتبة رياض‬
‫المالح ‪ /‬دمشق ‪.‬‬
‫الجيلي ‪ :‬حقيقة اليقين لعبد الكريم الجيلي ‪ .‬مكتبة رياض المالح الخاصة ‪ /‬دمشق ‪.‬‬
‫‪:‬شرح مشكالت الفتوحات المكية لعبد الكريم الجيلي ‪ .‬مخطوط المكتبة العثمانية ‪.‬‬
‫حلب ‪ .‬رقم ‪. 761‬‬
‫‪:‬شعر ‪ .‬لعبد الكريم الجيلي ‪ .‬مخطوط المكتبة الوطنية ‪ .‬باريس ‪.‬‬
‫رقم ‪. 3430‬‬
‫‪:‬العينية لعبد الكريم الجيلي ‪ .‬مخطوط الظاهرية ‪ .‬دمشق ‪ .‬رقم ‪. 6169‬‬
‫َّللا لبدر الحبشي ‪ .‬مخطوط الظاهرية ‪ .‬دمشق ‪.‬‬‫الحبشي ‪ :‬االنباه على طريق ّ‬
‫رقم ‪. 5517‬‬
‫الحموي ‪ :‬النجاة من شر الصفات لسعد الدين الحموي ‪ .‬مخطوط الظاهرية دمشق ‪.‬‬
‫رقم ‪ . 6423‬وهي تنسب خطأ للشيخ ابن العربي ‪.‬‬
‫الشهرزوري ‪ :‬تنبيه العقول ‪ ،‬للكوراني الشهرزوري ‪ .‬مخطوط الظاهرية ‪.‬‬
‫دمشق ‪ .‬رقم ‪. 8138‬‬
‫َّللا الهندي المسماة بالتحفة المرسلة للكوراني الشهرزوري ‪.‬‬
‫‪:‬شرح رسالة فضل ّ‬
‫مخطوط من مكتبة رياض المالح الخاصة دمشق ‪.‬‬
‫القاشاني ‪ :‬اصطالحات الصوفية لعبد الرزاق القاشاني ‪ .‬مخطوط األوقاف ‪.‬‬
‫حلب ‪ .‬رقم ‪.685‬‬

‫‪1292‬‬
‫“ ‪“ 1293‬‬

‫‪:‬شرح ابيات الشيخ ابن العربي لعبد الرزاق القاشاني ‪ .‬مخطوط الظاهرية ‪.‬‬
‫دمشق ‪ .‬رقم ‪. 5963‬‬
‫القونوي ‪ :‬رسالة التوجه األولى لصدر الدين القونوي ‪ .‬مخطوط مؤرخ في سنة ‪914‬‬
‫ه بخط أبو بكر الذباح الحنبلي ‪ .‬مكتبة رياض المالح ‪ .‬دمشق ‪.‬‬
‫‪:‬لطائف االعالم إلى إشارة أهل االلهام ‪ ،‬منسوبة للقونوي ‪.‬‬
‫مخطوط برلين رقم ‪. 3457‬‬
‫القيصري ‪ :‬تأويالت القرآن لداود القيصري ‪ .‬مخطوط الظاهرية رقم ‪. 6824‬‬
‫‪:‬رسالة في ايضاح بعض اسرار تأويالت القرآن لداود القيصري ‪.‬‬
‫مخطوط الظاهرية ‪ .‬دمشق ‪ .‬رقم ‪. 6824‬‬
‫‪:‬مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم لداود القيصري ‪ .‬مكتبة رياض‬
‫المالح الخاصة ‪ /‬دمشق ‪.‬‬
‫‪:‬رسالة في علم الحقائق لداود القيصري ‪ .‬مخطوط الظاهرية ‪.‬‬
‫دمشق ‪ .‬رقم ‪. 9420‬‬
‫‪:‬شرح تائية ابن الفارض لداود القيصري ‪ .‬مكتبة رياض المالح الخاصة ‪ /‬دمشق ‪.‬‬
‫الكردي ‪ :‬كتاب شرح الجاللة لعبد الرحمن الكردي ‪ .‬مخطوط السيد مطيع الحافظ ‪/‬‬
‫دمشق ‪ .‬وهي نسخة قيمة لعلها بخط المؤلف ‪.‬‬
‫المقدسي ‪ :‬اصطالحات الصوفية لعز الدين عبد السالم بن غانم المقدسي ‪.‬‬
‫مخطوط الظاهرية ‪ .‬دمشق ‪ .‬رقم ‪5524‬‬
‫مؤلف مجهول ‪ :‬رشح الزالل في اصطالح المشايخ ‪ .‬شهيد علي تركيا ‪ .‬رقم‬
‫‪. 1380‬‬
‫َّللا خير بعد الفناء لعبد الغني النابلسي ‪ .‬مخطوط الظاهرية ‪.‬‬
‫النابلسي ‪ :‬بقية ّ‬
‫دمشق ‪ .‬رقم ‪ ، 6069‬بخط تلميذ المؤلف البيتماني ‪.‬‬
‫‪:‬زيادة البسطة في بيان العلم نقطة لعبد الغني النابلسي ‪ .‬مخطوط الظاهرية ‪ .‬دمشق ‪.‬‬
‫رقم ‪. 1417‬‬
‫‪:‬تحقيق معنى المعبود في صوره كل معبود لعبد الغني النابلسي ‪.‬‬
‫مخطوط الظاهرية ‪ .‬دمشق ‪ .‬رقم ‪. 4008‬‬
‫‪:‬ورد الورود وفيض البحر المورود لعبد الغني النابلسي ‪ .‬مخطوط من مكتبة رياض‬
‫المالح الخاصة ‪ .‬وهو شرح كتاب الصالة الفيضية أو الصلوات الكبرى أو الصالة‬
‫الكبرى أو الصلوات المحمدية للشيخ ابن العربي ‪ .‬وهي مطبوعة في إسطنبول سنة‬
‫‪ 1273‬ه لها شروحات عددها‪( 7 ) .‬‬

‫‪1293‬‬
‫“ ‪“ 1294‬‬

‫) ‪( 2‬المصادر المطبوعة‬
‫َّللا بن محمد بن أبي شيبه العبسي ‪.‬‬
‫ابن أبي شيبة ‪ :‬كتاب االيمان للحافظ أبي بكر عبد ّ‬
‫المطبعة العمومية ‪ .‬دمشق ‪ 1385‬ه ‪.‬‬
‫ابن إدريس ‪ :‬أحزاب النصر ألحمد بن إدريس ‪ .‬ط ‪ .‬بيروت ‪ 1389‬ه ‪.‬‬
‫ابن الجوزي ‪ :‬الموضوعات ألبي الفرج عبد الرحمن ابن الجوزي ‪ .‬طبع المدينة‬
‫المنورة سنة ‪ 1386‬ه ‪.‬‬
‫ابن حزم ‪ :‬الفصل في الملل واألهواء والنحل ألبي محمد علي ابن حزم األندلسي ‪.‬‬
‫تصوير مكتبة المثنى ‪ .‬بغداد ‪ .‬دون تاريخ ‪.‬‬
‫ابن حنبل ‪ :‬المسند لإلمام احمد ابن حنبل ‪ .‬طبع الميمنية بمصر ‪ .‬القاهرة ‪ 1313‬ه ‪.‬‬
‫ابن الخطيب ‪ :‬روضة التعريف بالحب الشريف للسان الدين ابن الخطيب ‪.‬‬
‫تحقيق عبد القادر احمد عطا ‪ .‬نشر دار الفكر العربي ‪ .‬القاهرة ‪1968 -‬‬
‫ابن خلدون ‪ :‬شفاء السائل لتهذيب المسائل لعبد الرحمن ابن خلدون ‪ .‬نشر األب عبده‬
‫خليفة ‪ .‬المطبعة الكاثوليكية ‪ .‬بيروت ‪. 1956‬‬
‫‪:‬المقدمة لعبد الرحمن ابن خلدون ‪ .‬الطبعة الرابعة ‪ .‬طبع دار احياء التراث العربي ‪-‬‬
‫بيروت ‪.‬‬
‫ابن الدباغ ‪ :‬مشارق أنوار القلوب ومفاتيح اسرار الغيوب لعبد الرحمن بن محمد‬
‫األنصاري المعروف بابن الدباغ ‪ .‬تحقيق ه ‪ .‬ريتر ‪ .‬نشر دار صادر ‪ .‬بيروت ‪1379‬‬
‫ه‪.‬‬
‫أبو داود ‪ :‬السنن لسليمان بن األشعث األزدي السجستاني أبو داود ‪ .‬تحقيق عزت عبيد‬
‫الدعاس ‪ .‬الطبعة األولى ‪ .‬نشر محمد علي السيد ‪ .‬حمص ‪. 1970‬‬
‫ابن سبعين ‪ :‬الرسالة الفقيرية لعبد الحق ابن سبعين ‪ .‬نشر عبد الرحمن بدوي ‪ .‬تحت‬
‫عنوان ‪ :‬رسائل ابن سبعين ‪ .‬المؤسسة المصرية العامة للتأليف والنشر ‪ .‬القاهرة‬
‫‪. 1965‬‬
‫ابن سودكين ‪ :‬كشف الغايات في شرح ما اكتنفت عليه التجليات ‪ .‬الشرح مع امالء ابن‬
‫سودكين ‪ .‬نشر عثمان يحيى ‪ .‬المشرق بيروت ‪. 1967‬‬
‫ابن طغر بك ‪ :‬النطق المفهوم من أهل الصمت المعلوم ألحمد ابن طغر بك‪.‬‬

‫‪1294‬‬
‫“ ‪“ 1295‬‬

‫المطبعة الميمنية مصر ‪ .‬البابي الحلبي ‪ .‬القاهرة ‪ 1308‬ه ‪.‬‬


‫َّللا بن عبد المطلب ابن‬
‫ابن عباس ‪ :‬تنوير المقباس من تفسير ابن عباس ‪ .‬لعبد ّ‬
‫عباس ‪ .‬المكتبة الشعبية ‪ .‬القاهرة ‪ .‬دون تاريخ ‪.‬‬
‫ابن عجيبة ‪ :‬معراج التشوف إلى حقائق التصوف ألحمد بن محمد بن عجيبة الحسني ‪.‬‬
‫الطبعة األولى ‪ .‬مطبعة االعتدال ‪ .‬دمشق ‪. 1937‬‬
‫ابن عراق ‪ :‬تنزيه الشريعة المرفوعة عن األحاديث الموضوعة لعلي بن محمد ابن‬
‫عراق ‪ .‬تحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف وأحمد صديق الغماري ‪ .‬طبع على نفقة مكتبة‬
‫القاهرة ‪ .‬القاهرة ‪ 1378‬ه ‪.‬‬
‫ابن فارس ‪ :‬معجم مقاييس اللغة ألحمد بن فارس ‪ .‬تحقيق عبد السالم محمد هارون ‪.‬‬
‫الطبعة الثانية ‪ .‬مطبعة مصطفى البابي الحلبي ‪ .‬القاهرة ‪. 1970‬‬
‫ابن الفارض ‪ :‬الديوان لعمر ابن الفارض ‪ .‬تحقيق فوزي عطوي ‪ .‬الشركة اللبنانية‬
‫للكتاب ‪ .‬بيروت ‪. 1969‬‬
‫ابن فورك ‪ :‬مشكل الحديث وبيانه ألبي بكر ابن فورك ‪ .‬الطبعة األولى ‪ .‬حيدرآباد‬
‫الهند ‪ 1362 .‬ه ‪.‬‬
‫ابن القيم ‪ :‬مدارج السالكين البن القيم الجوزية ‪ .‬تحقيق محمد صامد الفقي ‪ .‬دار الكتاب‬
‫العربي ‪ -‬بيروت ‪. 1972‬‬
‫ابن الملقن ‪ :‬طبقات األولياء لسراج الدين ابن الملقن ‪ .‬تحقيق نور الدين شريبة ‪ .‬مكتبة‬
‫الخانجي ‪ .‬القاهرة ‪. 1973‬‬
‫َّللا محمد بن يزيد القزويني ابن ماجة ‪ .‬تحقيق محمد فؤاد‬‫ابن ماجة ‪ :‬السنن ألبي عبد ّ‬
‫عبد الباقي ‪ .‬دار احياء الكتب العربية ‪ .‬عيسى البابي الحلبي ‪ .‬القاهرة ‪. 1952‬‬
‫اخوان الصفا ‪ :‬الرسائل ألخوان الصفاء وخالن الوفاء ‪ .‬نشر دار صادر ودار‬
‫بيروت ‪ .‬بيروت ‪. 1957‬‬
‫أدي شير ‪ :‬كتاب األلفاظ الفارسية المعربة إلدي شير ‪ .‬المطبعة الكاثوليكية بيروت‬
‫‪. 1908‬‬
‫األشعري ‪ :‬اللمع في الرد على أهل الزيغ والبدع ألبي الحسن األشعري ‪.‬‬
‫تحقيق حموده الخانجي ‪ .‬القاهرة ‪. 1955‬‬
‫‪:‬األبانه عن أصول الديانة ألبي الحسن األشعري ‪ .‬طبع حيدرآباد الهند ‪ .‬دون‬
‫تاريخ ‪.‬‬
‫‪:‬مقاالت االسالميين ألبي الحسن األشعري ‪ .‬تحقيق محمد محي‬

‫‪1295‬‬
‫“ ‪“ 1296‬‬

‫الدين عبد الحميد ‪ .‬الطبعة الثانية ‪ .‬مكتبة النهضة المصرية ‪ .‬القاهرة ‪. 1969‬‬
‫األلوسي ‪ :‬روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني لشهاب الدين‬
‫األلوسي ‪ .‬المطبعة المنيرية القاهرة ‪ 1345‬ه ‪ .‬تصوير دار احياء التراث العربي‬
‫بيروت ‪ -‬لبنان ‪ .‬دون تاريخ ‪.‬‬
‫اآلمدي ‪ :‬غاية المرام في علم الكالم لسيف الدين اآلمدي ‪ .‬تحقيق حسن محمود عبد‬
‫اللطيف ‪ .‬لجنة احياء التراث االسالمي ‪ .‬القاهرة ‪. 1971‬‬
‫األنصاري ‪ :‬منازل السائرين ألبي يحي زكريا بن محمد األنصاري ‪ .‬البابي الحلبي ‪.‬‬
‫القاهرة ‪ 1328‬ه ‪.‬‬
‫‪:‬شرح الرسالة القشيرية ألبي يحي زكريا بن محمد األنصاري ‪.‬‬
‫الناشر عبد الوكيل الدروبي وياسين عرفة ‪ .‬جامع الدرويشية ‪.‬‬
‫دمشق ‪ .‬دون تاريخ ‪.‬‬
‫الباقالني ‪ :‬التمهيد في الرد على الملحدة والرافضة ألبي بكر بن علي بن الطيب‬
‫الباقالني ‪ .‬تحقيق الخبيري وأبو ريده ‪ .‬دار الفكر العربي ‪ .‬القاهرة ‪. 1947‬‬
‫بالي أفندي ‪ :‬شرح فصوص الحكم ليالي أفندي ‪ .‬طبع المطبعة النفيسة العثمانية ‪.‬‬
‫‪1309‬ه ‪.‬‬
‫البخاري ‪ :‬الصحيح لمحمد بن إسماعيل البخاري ‪ .‬تصوير دار احياء التراث العربي ‪-‬‬
‫بيروت ‪ .‬دون تاريخ ( صورة عن نشرة الشيخ حسونة النواوي ‪ .‬القاهرة ‪1313‬‬
‫ه‪).‬‬
‫‪:‬صحيح البخاري بشرح الكرماني لمحمد بن إسماعيل البخاري ‪ .‬طبع عبد الرحمن‬
‫محمد ‪ .‬المطبعة البهية بمصر ‪ .‬القاهرة ‪. 1937‬‬
‫البستي ‪ :‬روضة العقالء ونزهة الفضالء البن حبان البستي ‪ .‬طبع البابي الحلبي ‪.‬‬
‫القاهرة ‪. 1955‬‬
‫بقلي ‪ :‬من كتاب كشف األسرار ومكاشفات األنوار لروزبهان بقلي الشيرازي ‪ .‬نشر‬
‫األب بولس نويا ‪ .‬مجلة المشرق ‪ .‬بيروت ‪ .‬تموز تشرين األول ‪1970 .‬‬

‫البيهقي ‪ :‬مختصر شعب األيمان للحافظ أبي بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي ‪.‬‬
‫طبع المطبعة المنيرية ‪ .‬القاهرة ‪ 1355‬ه‪.‬‬

‫‪1296‬‬
‫“ ‪“ 1297‬‬

‫‪:‬األسماء والصفات للحافظ أبي بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي ‪ .‬تحقيق محمد‬
‫زاهد الكوثري الحنفي ‪ .‬نشر دار احياء التراث العربي ‪ .‬بيروت ‪ .‬دون تاريخ ‪.‬‬
‫َّللا محمد بن علي بن‬
‫الترمذي ‪ :‬بيان الفرق بين الصدر والقلب والفؤاد واللب ألبي عبد ّ‬
‫الحسين الترمذي الحكيم ‪ .‬تحقيق نقوال هير ‪ .‬نشر البابي الحلبي ‪ .‬القاهرة ‪. 1958‬‬
‫َّللا محمد بن علي بن الحسين الترمذي‬ ‫‪:‬تحصيل نظائر القرآن الحكيم ألبي عبد ّ‬
‫الحكيم ‪ .‬الطبعة األولى ‪ .‬تحقيق حسني زيدان ‪ .‬مطبعة السعادة ‪.‬القاهرة ‪. 1969‬‬
‫َّللا محمد بن علي بن الحسين الترمذي الحكيم ‪ .‬تحقيق عثمان‬ ‫ختم األولياء ألبي عبد ّ‬
‫يحيى ‪ .‬المطبعة الكاثوليكية ‪ .‬بيروت ‪. 1965‬‬
‫َّللا محمد بن علي بن الحسين الترمذي‬ ‫‪:‬سلوة العارفين وبستان الموحدين ألبي عبد ّ‬
‫الحكيم ‪ .‬ط ‪ .‬إسطنبول ‪ 1294‬ه ‪ .‬وطبعة دار صادر ‪ .‬بيروت دون تاريخ ‪ .‬تحت‬
‫عنوان ‪ :‬نوادر األصول في معرفة أحاديث الرسول ‪.‬‬
‫‪:‬السنن ألبي عيسى محمد بن عيسى الترمذي ‪ .‬طبع عزت عبيد الدعاس ‪ .‬طبعة‬
‫أولى ‪ .‬مطابع الفجر ‪ .‬حمص ‪. 1967‬‬
‫َّللا التستري ‪.‬‬
‫التستري ‪ :‬تفسير القرآن العظيم ألبي محمد سهل بن عبد ّ‬
‫مطبعة السعادة ‪ .‬القاهرة ‪. 1908‬‬
‫الجامي ‪ :‬ترجمة اللوائح لعبد الرحمن الجامي ‪ .‬ط ‪ .‬حيدرآباد الدكن ‪.‬‬
‫دون تاريخ ‪.‬‬
‫‪:‬شرح فصوص الحكم لعبد الرحمن الجامي بهامش شرح النابلسي ‪ :‬جواهر النصوص‬
‫في حل كل الفصوص ‪ .‬طبع مطبعة األمال ‪ 1304 .‬ه ‪.‬‬
‫الجرجاني ‪ :‬التعريفات ‪ .‬طبع مكتبة لبنان ‪ .‬بيروت ‪. 1969‬‬
‫الجزائري ‪ :‬المواقف لألمير عبد القادر الجزائري ‪ .‬نشر دار اليقظة ‪.‬‬
‫العربية ‪ .‬طبع مطابع الف باء األديب ‪ .‬دمشق ‪1976 .‬‬
‫الجويني ‪ :‬االرشاد إلى قواطع األدلة في أصول االعتقاد إلمام الحرمين الجويني ‪ .‬نشر‬
‫مكتبة الخانجي مصر ‪ .‬مطبعة السعادة ‪ ،‬القاهرة ‪.1950‬‬

‫‪1297‬‬
‫“ ‪“ 1298‬‬

‫‪:‬لمع األدلة إلمام الحرمين الجويني ‪ .‬تعليق د ‪ .‬فوقية حسين محمود ‪ .‬ط ‪ .‬أولى ‪.‬‬
‫المؤسسة المصرية العامة للتأليف والنشر ‪.‬‬
‫القاهرة ‪. 1965‬‬
‫الجيلي ‪ :‬األسفار عن رسالة األنوار فيما يتجلى ألهل الذكر من األنوار لعبد الكريم‬
‫الجيلي ‪ .‬مطبعة الفيحاء ‪ .‬دمشق ‪. 1929‬‬
‫‪:‬االنسان الكامل لعبد الكريم الجيلي ‪ .‬مطبعة حجازي ‪ .‬مكتبة محمد علي صبيح‬
‫وأوالده ‪ .‬القاهرة ‪. 1949‬‬
‫‪:‬مراتب الوجود لعبد الكريم الجيلي ‪ .‬مكتبة الجندي ‪ .‬القاهرة ‪.‬‬
‫دون تاريخ ‪.‬‬
‫الحريري ‪ :‬درة الغواص في أوهام الخواص ألبي محمد القاسم بن علي الحريري ‪ .‬ط‬
‫أولى ‪ .‬قسطنطينية ‪ 1299‬ه ‪.‬‬
‫الحالج ‪ :‬الديوان ألبي المغيث الحسين بن منصور الحالج ‪ .‬الطبعة األولى ‪ ،‬نشر‬
‫كامل الشيبي ‪ .‬بغداد ‪. 1974‬‬
‫‪:‬الطواسين ألبي المغيث الحسين بن منصور الحالج ‪ .‬نشر ماسينيون ‪ .‬مكتبة بول‬
‫غوتنر باريس ‪. 1913‬‬
‫َّللا ألبي سعيد أحمد بن عيسى الخراز ‪ .‬تحقيق عبد الحليم‬ ‫الخراز ‪ :‬الطريق إلى ّ‬
‫محمود ‪ .‬مكتبة دار العروبة ‪ .‬القاهرة ‪ 1950‬؟ ‪.‬‬
‫َّللا بن عبد الرحمن الدارمي ‪ .‬طبع االعتدال ‪ .‬بدمشق‬ ‫الدارمي ‪ :‬السنن ألبي محمد عبد ّ‬
‫سنة ‪ 1349‬هـ‪.‬‬
‫الرازي ‪ :‬األربعين في أصول الدين لفخر الدين الرازي ‪ .‬ط ‪ .‬حيدرآباد ‪ 1353‬ه ‪.‬‬
‫‪:‬لوامع البينات في األسماء والصفات لفخر الدين الرازي ‪ .‬الطبعة األولى ‪ .‬المطبعة‬
‫الشرفية بمصر ‪ 1323‬ه ‪.‬‬
‫‪:‬محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين من العلماء والحكماء والمتكلمين لفخر الدين‬
‫الرازي ‪ .‬المطبعة الحسينية ‪ .‬القاهرة ‪ 1323‬ه ‪.‬‬
‫‪:‬معالم أصول الدين لفخر الدين الرازي ‪ .‬بهامش المحصل ط ‪.‬‬
‫الحسينية القاهرة ‪ 1323‬ه ‪.‬‬
‫‪:‬مفاتيح الغيب لفخر الدين الرازي ‪ .‬الطبعة األولى ‪ .‬المطبعة الخيرية المنشأة بجمالية‬
‫مصر المحمية ‪ .‬سنة ‪ 1308‬ه ‪.‬‬
‫الرندي ‪ :‬الرسائل الصغرى البن عباد الرندي ‪ .‬تحقيق ونشر األب بولس نوبا‬
‫اليسوعي ‪ .‬دار المشرق ‪ .‬بيروت ‪.1974‬‬

‫‪1298‬‬
‫“ ‪“ 1299‬‬

‫َّللا الحسنى ألبي إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج ‪ .‬تحقيق‬ ‫الزجاج ‪:‬تفسير أسماء ّ‬
‫أحمد يوسف الدقاق ‪ .‬مطبعة محمد هاشم الكتبي ‪ .‬دمشق ‪. 1975‬‬
‫السلمي ‪ :‬طبقات الصوفية ألبي عبد الرحمن السلمي ‪ .‬تحقيق نور الدين شريبة ‪ .‬مكتبة‬
‫الخانجي بالقاهرة سنة ‪. 1969‬‬
‫السمرقندي ‪ :‬تنبيه الغافلين للشيخ نصر بن محمد بن إبراهيم السمرقندي ‪.‬‬
‫المطبعة الشرفية القاهرة ‪ 1322‬ه ‪.‬‬
‫السهروردي ‪ :‬عوارف المعارف لشهاب الدين أبو حفص عمر بن محمد السهرودي ‪.‬‬
‫الطبعة األولى ‪ .‬نشر دار الكتاب العربي ‪ .‬بيروت ‪. 1966‬‬
‫السيوطي ‪ :‬الجامع الكبير أو جمع الجوامع لعبد الرحمن ابن أبي بكر السيوطي ‪ .‬طبع‬
‫مجمع البحوث االسالمية بمصر ‪. 1973‬‬
‫اللقاني ‪ :‬شرح جوهرة التوحيد للشيخ عبد السالم بن إبراهيم اللقاني المالكي ‪ .‬تحقيق‬
‫محمد محي الدين عبد الحميد ‪ .‬الطبعة الثانية ‪.‬‬
‫مطبعة السعادة ‪ .‬مصر ‪. 1955 .‬‬
‫الشعراني ‪ :‬األنوار القدسية في معرفة قواعد الصوفية لعبد الوهاب الشعراني ‪ .‬تحقيق‬
‫طه عبد الباقي سرور ومحمد عيد الشافعي ‪.‬‬
‫المكتبة العلمية ومطبعتها ‪ .‬القاهرة ‪. 1962‬‬
‫‪:‬اليواقيت والجواهر في بيان عقائد األكابر لعبد الوهاب الشعراني ‪ .‬الطبعة الثانية ‪.‬‬
‫دار المعرفة ‪ .‬بيروت ‪ .‬أعيدت باألوفست دون تاريخ ‪.‬‬
‫الشهرستاني ‪ :‬نهاية األقدام في علم الكالم لعبد الكريم الشهرستاني ‪ .‬نشر الفرد جيوم ‪.‬‬
‫لندن ‪. 1931‬‬
‫الطوسي ‪ :‬اللمع ألبي نصر السراج الطوسي ‪ .‬تحقيق عبد الحليم محمود ‪.‬‬
‫القاهرة ‪. 1960‬‬
‫عبد الجبار ‪ :‬شرح األصول الخمسة للقاضي عبد الجبار الهمذاني ‪ .‬الطبعة األولى ‪.‬‬
‫نشر مكتبة وهبة ‪ .‬مطبعة االستقالل الكبرى ‪ .‬القاهرة ‪. 1965‬‬
‫‪:‬فرق وطبقات المعتزلة للقاضي عبد الجبار الهمذاني ‪ .‬تحقيق علي النشار ‪ .‬دار‬
‫المطبوعات الجامعية مصر ‪. 1972‬‬
‫عجلوني ‪ :‬كشف الخفاء ومزيل االلتباس عما اشتهر من األحاديث على السنة الناس‬
‫إلسماعيل عجلوني ‪ .‬طبع دار احياء التراث العربي‪.‬‬

‫‪1299‬‬
‫“ ‪“ 1300‬‬

‫بيروت ‪ 1351‬هـ‬
‫الغزالي ‪ :‬التجريد في كلمة التوحيد ألحمد الغزالي ‪ .‬الطبعة الثانية ‪ .‬مطبعة مصطفى‬
‫البابي الحلبي ‪ .‬القاهرة ‪. 1976‬‬
‫الغزالي ( أبو حامد ) ‪ :‬احياء علوم الدين ‪ .‬مطبعة االستقالل بالقاهرة ‪ .‬دون تاريخ ‪.‬‬
‫‪:‬االقتصاد في االعتقاد ‪ .‬تحقيق محمد مصطفى أبو العال ‪ .‬مكتبة الجندي ‪ .‬مصر‬
‫‪. 1972‬‬
‫‪:‬أيها الولد ‪ ،‬التبر المسبوك ‪ ،‬روضة الطالبين ‪ .‬نشر مكتبة الجندي ‪ -‬مصر ‪.‬‬
‫‪:‬الجام العوام عن علم الكالم ‪ .‬تحقيق محمد مصطفى أبو العال ‪.‬‬
‫نشر مكتبة الجندي ‪ -‬مصر ‪.‬‬
‫‪:‬مدخل السلوك إلى منازل الملوك ‪ .‬تحقيق رياض المالح ‪ .‬مطبعة العلم ‪ .‬دمشق‬
‫‪. 1965‬‬
‫‪:‬مشكاة األنوار تحقيق أبو العال عفيفي ‪ .‬الدار القومية للطباعة مصر ‪. 1964‬‬
‫‪:‬المضنون الصغير ‪ .‬بهامش االنسان الكامل للجيلي ‪ .‬مكتبة محمد علي صبيح‬
‫وأوالده ‪ .‬القاهرة ‪. 1949‬‬
‫‪:‬المضنون الكبير ‪ .‬بهامش االنسان الكامل للجيلي ‪ .‬مطبعة حجازي ‪ .‬مكتبة محمد‬
‫علي صبيح وأوالده ‪ .‬مصر ‪. 1949‬‬
‫‪:‬معارج القدس مكتبة الجندي ‪ .‬القاهرة ‪.‬‬
‫‪:‬معراج السالكين ‪ .‬تحقيق محمد مصطفى أبو العال ‪ .‬سلسلة القصور العوالي ‪ .‬نشر‬
‫مكتبة الجندي ‪ .‬القاهرة ‪.‬‬
‫َّللا الحسنى ‪ .‬تحقيق فضلة شحادة ‪ .‬نشر دار‬ ‫‪:‬المقصد األسنى في شرح أسماء ّ‬
‫المشرق ‪ .‬بيروت ‪. 1971‬‬
‫‪:‬منهاج العابدين ‪ ،‬ميزان العمل ‪ .‬نشر مكتبة الجندي ‪ -‬القاهرة ‪.‬‬
‫القاشاني ‪ :‬تفسير القرآن الكريم لعبد الرزاق القاشاني ( منسوب خطأ للشيخ ابن‬
‫العربي ) منشورات دار اليقظة العربية ‪ .‬بيروت ‪. 1968‬‬
‫‪:‬شرح فصوص الحكم لعبد الرزاق القاشاني ‪ .‬الطبعة الثانية ‪.‬‬
‫مطبعة مصطفى البابي الحلبي ‪ .‬القاهرة ‪. 1966‬‬
‫القشيري ‪ :‬التحبير في التذكير ألبي القاسم عبد الكريم القشيري ‪ .‬دار الكاتب العربي‬
‫بمصر ‪.1968‬‬

‫‪1300‬‬
‫“ ‪“ 1301‬‬

‫‪:‬الرسالة القشيرية ألبي قاسم عبد الكريم القشيري ‪ .‬نشر دار الكتاب العربي ‪.‬‬
‫بيروت ‪.‬‬
‫‪:‬كتاب مختصر في التوبة ألبي القاسم عبد الكريم القشيري ‪ .‬نشر الدكتور قاسم‬
‫السامرائي ‪ .‬مجلة المجمع العلمي العراقي المجلد السابع عشر ‪ .‬بغداد ‪. 1969‬‬
‫‪:‬لطائف اإلشارات ألبي القاسم عبد الكريم القشيري ‪ .‬تحقيق إبراهيم بسيوني ‪ .‬الهيئة‬
‫المصرية العامة للتأليف والنشر ‪ .‬القاهرة ‪. 1971‬‬
‫‪:‬منشور الخطاب في مشهور األبواب ألبي القاسم عبد الكريم القشيري ‪ .‬نشر الدكتور‬
‫قاسم السامرائي ‪ .‬مجلة المجمع العلمي العراقي ‪ .‬المجلد الثامن عشر بغداد ‪. 1969‬‬
‫القونوي ‪ :‬اعجاز البيان في تأويل أم القرآن لصدر الدين القونوي ‪ .‬الطبعة الثانية ‪.‬‬
‫حيدراباد ( الدكن ) ‪. 1949‬‬
‫القيصري ‪ :‬شرح فصوص الحكم لداود القيصري ‪ .‬طبع الهند ‪ 1299‬ه ‪.‬‬
‫كبرى ‪ :‬فوائح الجمال وفواتح الجالل لنجم الدين كبرى ‪ .‬نشر فريتزماير ‪ .‬مطبعة‬
‫فرانتر شتاينر ‪ .‬ويسبادن ( ألمانيا ) ‪. 1957‬‬
‫الكالباذي ‪ :‬التعرف لمذهب أهل التصوف ألبي بكر محمد الكالباذي ‪ .‬تحقيق عبد‬
‫الحليم محمود وطه عبد الباقي سرور ‪ .‬عيسى البابي الحلبي ‪ -‬القاهرة ‪. 1960‬‬
‫الكمشخانوي ‪ :‬جامع األصول ألحمد ضياء الدين الكمشخاوي ‪ .‬طبع دار الكتب العربية‬
‫الكبرى ‪ .‬مصر ‪ 1331‬ه ‪.‬‬
‫‪:‬راموز األحاديث ألحمد ضياء الدين الكمشخانوي ‪ .‬طبع اسطمبول ‪ 1275‬ه ‪.‬‬
‫الماتريدي ‪ :‬تأويالت أهل السنة ألبي منصور الماتريدي ‪ .‬تحقيق إبراهيم عوضين ‪.‬‬
‫القاهرة ‪. 1971‬‬
‫ماسينيون ‪ :‬اخبار الحالج أو مناجيات الحالج ‪ .‬نشر ل ‪ .‬ماسينيون وب ‪.‬‬
‫كراوس ‪ .‬مطبعة القلم ‪ .‬مكتبة ال روز ‪ .‬باريس ‪. 1936‬‬
‫الماوردي ‪ :‬أدب الدنيا والدين ألبي الحسن علي بن محمد الماوردي ‪ .‬مطبعة السعادة ‪.‬‬
‫القاهرة ‪. 1921‬‬
‫المحاسبي ‪ :‬رسالة المسترشدين للحارث بن أسد المحاسبي ‪ .‬المطبوعات االسالمية ‪.‬‬
‫حلب ‪. 1964‬‬
‫َّللا للحارث بن أسد المحاسبي ‪ .‬الطبعة الثالثة‪.‬‬
‫‪:‬الرعاية لحقوق ّ‬

‫‪1301‬‬
‫“ ‪“ 1302‬‬

‫تحقيق عبد القادر أحمد عطا ‪ .‬دار الكتب الحديثة ‪ .‬القاهرة ‪. 1970‬‬
‫مسلم ‪ :‬الجامع الصحيح ألبي الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري ‪.‬‬
‫تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ‪ .‬دار أحياء التراث العربي ‪ .‬بيروت ‪. 1956‬‬
‫المقرى ‪ :‬نفح الطيب ألحمد المقرى ‪ .‬مطبوعات دار المأمون ‪ .‬عيسى البابي الحلبي‬
‫بمصر ‪. 1936‬‬
‫المكي ‪ :‬علم القلوب ألبي طالب محمد بن علي بن عطيه المكي ‪ .‬الطبعة األولى ‪.‬‬
‫تحقيق عبد القادر أحمد عطا ‪ .‬مكتبة القاهرة ‪. 1964‬‬
‫‪:‬قوت القلوب في معاملة المحبوب ألبي طالب محمد بن علي بن عطية المكي ‪ .‬مكتبة‬
‫ومطبعة مصطفى البابي الحلبي ‪ .‬مصر ‪. 1961‬‬
‫المناوي ‪ :‬فيض القدير لعبد الرؤوف المناوي ‪ .‬الطبعة الثانية ‪ .‬دار المعرفة ‪ .‬بيروت‬
‫‪. 1972‬‬
‫المنوفي ‪ :‬التمكين في شرح منازل السائرين لمحمود أبو الفيض المنوفي ‪.‬‬
‫ط ‪ .‬دار نهضة مصر للطباعة والنشر ‪ .‬القاهرة ‪. 1969‬‬
‫‪:‬التصوف االسالمي الخالص لمحمود أبو الفيض المنوفي ‪ .‬دار نهضة مصر‬
‫للطباعة ‪ .‬القاهرة ‪. 1969‬‬
‫النابلسي ‪ :‬شرح جواهر النصوص في حل كل الفصوص لعبد الغني النابلسي ‪ .‬طبع‬
‫مطبعة اآلمال سنة ‪ 1304‬ه ‪.‬‬
‫الناشئ األكبر ‪ :‬مسائل اإلمامة والكتاب األوسط للناشئ األكبر ‪ .‬نشر يوسف فان اس‬
‫( سلسلة نصوص ودراسات يصدرها المعهد األلماني لألبحاث الشرقية في بيروت )‬
‫فيسبادن ‪ /‬بيروت ‪. 1971 ،‬‬
‫النبهاني ‪ :‬الفتح الكبير في ضم الزيادة إلى الجامع الصغير ليوسف النبهاني ‪ .‬ط ‪.‬‬
‫البابي الحلبي ‪ .‬القاهرة ‪ 1351‬ه ‪.‬‬
‫َّللا بن أحمد بن محمود ‪ .‬نشر دار الكتاب‬
‫النسفي ‪ :‬تفسير النسفي ألبي البركات عبد ّ‬
‫العربي ‪ .‬بيروت ‪ .‬دون تاريخ ‪.‬‬
‫النفرى ‪ :‬المواقف والمخاطبات لمحمد بن عبد الجبار النفرى ‪ .‬طبع آربري دار الكتب‬
‫المصرية ‪ .‬القاهرة ‪. 1934‬‬
‫‪:‬نصوص صوفية للنفري ‪ .‬نشر األب نويا ‪ .‬دار المشرق ‪ .‬بيروت ‪.1972‬‬

‫‪1302‬‬
‫“ ‪“ 1303‬‬

‫نويا ‪ :‬نصوص صوفية غير منشوره لألب بولس نويا ‪ -‬دار المشرق بيروت‬
‫‪. 1972‬‬
‫الهجويري ‪ :‬كشف المحجوب للهجويري ‪ .‬ترجمة اسعاد قنديل ‪ .‬المجلس األعلى‬
‫للشؤون االسالمية ‪ .‬القاهرة ‪. 1974‬‬
‫الهروي ‪ :‬غريبي القرآن والحديث ألحمد بن محمد الهروي ‪ .‬تحقيق محمد الطناحى ‪.‬‬
‫القاهرة ‪. 1970‬‬
‫الهيثمي ‪ :‬الزواجر عن اقتراف الكبائر البن حجر الهيثمي ‪ .‬طبع مطبعة مصطفى‬
‫محمد ‪ .‬مصر ‪ 1356‬ه ‪.‬‬
‫الهيثمي ‪ :‬مجمع الزوائد ومنبع الفوائد للحافظ نور الدين الهيثمي ‪ .‬طبع مكتبة القدسي‬
‫بمصر ‪ 1353‬ه‪.‬‬

‫‪1303‬‬
‫“ ‪“ 1304‬‬

‫** المراجع العربية **‬


‫إبراهيم ‪ :‬مشكلة الحب لزكريا إبراهيم ‪ .‬الطبعة الثانية ‪ .‬مكتبة مصر القاهرة ‪. 1970‬‬
‫بدوي ‪ :‬شطحات صوفية لبعد الرحمن بدوي ‪ .‬القاهرة ‪. 1949‬‬
‫‪:‬اإلنسان الكامل في االسالم لعبد الرحمن بدوي ‪ .‬القاهرة ‪. 1950‬‬
‫‪:‬مذاهب االسالميين لعبد الرحمن بدوي ‪ .‬دار العلم للماليين ‪.‬‬
‫بيروت ‪. 1971‬‬
‫بركة ‪ :‬الحكيم الترمذي ونظريته في الوالية لعبد الفتاح عبد هللا بركة ‪.‬‬
‫مطبوعات مجمع العلوم االسالمية ‪ .‬القاهرة ‪. 1971‬‬
‫بسيوني ‪ :‬نشأة التصوف االسالمي إلبراهيم بسيوني ‪ .‬دار المعارف بمصر ‪.‬‬
‫القاهرة ‪. 1969‬‬
‫البيضاوي ‪ :‬أنوار التنزيل واسرار التأويل لناصر الدين أبي سعيد عبد هللا بن عمر بن‬
‫محمد الشيرازي البيضاوي ‪ .‬الطبعة الثانية ‪ ،‬مطبعة البابي الحلبي ‪ .‬القاهرة ‪. 1955‬‬
‫التفتازاني ‪ :‬ابن سبعين وفلسفته الصوفية ألبي الوفا التفتازاني ‪ .‬طبعة أولى ‪.‬‬
‫دار الكتاب اللبناني ‪ .‬بيروت ‪. 1973‬‬
‫‪:‬مدخل إلى التصوف االسالمي ألبي الوفا التفتازاني ‪ .‬دار الثقافة ‪ .‬القاهرة ‪. 1974‬‬
‫التهانوي ‪ :‬موسوعة اصطالحات العلوم االسالمية لمحمد علي بن علي التهانوي ‪.‬‬
‫منشورات خياط ‪ .‬بيروت ‪. 1966‬‬
‫التونجي ‪ :‬المعجم الذهبي لمحمد التونجي ‪ .‬فارسي عربي ‪ .‬دار العلم للماليين ‪ .‬بيروت‬
‫‪. 1969‬‬
‫جبر ‪ :‬في معجم الغزالي لألب فريد جبر ‪ .‬نشر الجامعة اللبنانية ‪.‬‬
‫بيروت ‪. 1970‬‬
‫الحايك ‪ “ :‬االنسان الكامل وميزته النشورية في االسالم “ لألب ميشال الحايك ‪ .‬في‬
‫مجلة المشرق ‪ .‬بيروت ‪. 1958‬‬
‫الحسيني ‪ :‬المعرفة عند الحكيم الترمذي لعبد المحسن الحسيني ‪ .‬دار الكاتب العربي ‪.‬‬
‫القاهرة دون تاريخ ‪.‬‬
‫حلمي ‪ :‬ابن الفارض والحب اإللهي لمحمد مصطفى حلمي ‪ .‬دار المعارف بمصر ‪.‬‬
‫القاهرة ‪.1971‬‬

‫‪1304‬‬
‫“ ‪“ 1305‬‬

‫“ ‪:‬كنوز في رموز “ لمحمد مصطفى حلمي ‪ .‬في الكتاب التذكاري ‪ .‬محي الدين بن‬
‫العربي ‪ .‬نشر الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر ‪ .‬القاهرة ‪. 1969‬‬
‫خيري ‪ :‬إزالة الشبهات عن قول األستاذ كنا حروفا عاليات ألحمد خيري ‪ .‬طبع مطبعة‬
‫السعادة ‪ .‬القاهرة ‪ 1370‬ه ‪.‬‬
‫سرور ‪ :‬رابعة العدوية والحياة الروحية في االسالم لطه عبد الباقي سرور ‪ .‬دار الفكر‬
‫العربي ‪ .‬القاهرة ‪. 1957‬‬
‫سيد األهل ‪ :‬محي الدين بن العربي من شعره لعبد العزيز سيد األهل ‪ .‬طبع دار العلم‬
‫للماليين ‪ .‬بيروت ‪. 1970‬‬
‫الشرقاوي ‪ :‬رابعة العدوية لمحمود الشرقاوي ‪ .‬دار الشعب القاهرة ‪. 1971‬‬
‫الشيبي ‪ :‬الصلة بين التصوف والتشيع لكامل مصطفى الشيبي ‪ .‬الطبعة الثانية ‪ .‬دار‬
‫المعارف بمصر ‪ .‬القاهرة ‪. 1969‬‬
‫الصالح ‪ :‬مباحث في علوم القرآن للشيخ صبحي الصالح ‪ .‬الطبعة الرابعة ‪ .‬دار العلم‬
‫للماليين ‪ .‬بيروت ‪. 1965‬‬
‫عفيفي ‪ “ :‬الشيخ ابن العربي في دراساتي “ ألبي العال عفيفي ‪ .‬في الكتاب التذكاري‬
‫محي الدين بن العربي ‪ .‬نشر الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر ‪ .‬القاهرة‬
‫‪. 1969‬‬
‫“ ‪:‬أبو القاسم بن قسي وكتابه خلع النعلين “ ألبي العال عفيفي ‪ .‬في مجلة كلية اآلداب ‪.‬‬
‫جامعة اإلسكندرية ‪. 1957‬‬
‫“ ‪:‬األعيان الثابتة في مذهب الشيخ ابن العربي والمعدومات في مذهب المعتزلة‬
‫“ ألبي العال عفيفي ‪ .‬في الكتاب التذكاري محي الدين بن العربي ‪ .‬نشر الهيئة‬
‫المصرية العامة للتأليف والنشر ‪ .‬القاهرة ‪. 1969‬‬
‫‪:‬التصوف الثورة الروحية في االسالم ألبي العال عفيفي ‪ .‬دار الشعب للطباعة‬
‫والنشر ‪ .‬بيروت ‪ .‬دون تاريخ ‪.‬‬
‫“ ‪:‬عذراء في حياة صوفي “ ألبي العال عفيفي ‪ .‬في مجلة الهالل ‪ .‬عدد يوليو‬
‫‪. 1947‬‬
‫“ ‪:‬الفتوحات المكية للشيخ ابن العربي “ ألبي العال عفيفي ‪ .‬في سلسلة تراث‬
‫االنسانية ‪ .‬المجلد األول ‪ .‬نشر المؤسسة المصرية العامة للتأليف والترجمة والطباعة‬
‫والنشر ‪ .‬القاهرة ‪.‬‬
‫“ ‪:‬من اين استقى الشيخ ابن العربي فلسفته الصوفية “ ألبي العال عفيفي ‪.‬‬
‫في مجلة كلية اآلداب ‪ .‬جامعة اإلسكندرية ‪.1933‬‬

‫‪1305‬‬
‫“ ‪“ 1306‬‬
‫“ ‪:‬نظريات االسالميين في الكلمة “ ألبي العال عفيفي ‪ .‬في مجلة كلية اآلداب ‪ .‬جامعة‬
‫فؤاد األول ‪. 1934‬‬
‫عيسى ‪ :‬حقائق عن التصوف لعبد القادر عيسى ‪ .‬الطبعة الثانية ‪ .‬مطبعة البالغة ‪.‬‬
‫حلب ‪. 1970‬‬
‫غني ‪ :‬تاريخ التصوف في االسالم لقاسم غني ‪ .‬ترجمه عن الفارسية صادق نشأت ‪.‬‬
‫مكتبة النهضة المصرية ‪ .‬القاهرة ‪. 1970‬‬
‫فخري ‪ :‬دراسات في الفكر العربي لمساجد فخري ‪ .‬دار النهار للنشر ‪.‬‬
‫بيروت ‪. 1970‬‬
‫اللواساني ‪ :‬تواريخ األنبياء لحسن اللواساني ‪ .‬طبعة أولى بيروت ‪. 1964‬‬
‫محمود ‪ :‬أبو مدين الغوث لعبد الحليم محمود ‪ .‬كتاب الشعب ‪ .‬القاهرة ‪. 1973‬‬
‫‪:‬المدرسة الشاذلية الحديثة وامامها أبو الحسن الشاذلي لعبد الحليم محمود ‪ .‬دار الكتب‬
‫الحديثة ‪ .‬القاهرة ‪ 1387‬ه ‪.‬‬
‫مدكور ‪ “ :‬وحدة الوجود بين الشيخ ابن العربي واسبينوزا “ إلبراهيم مدكور ‪.‬في‬
‫الكتاب التذكاري للشيخ ابن العربي ‪ .‬الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر ‪ .‬القاهرة‬
‫‪. 1969‬‬
‫موسى ‪ :‬فلسفة االخالق في االسالم لمحمد يوسف موسى ‪ .‬الطبعة الثالثة ‪.‬‬
‫مؤسسة الخانجي ‪ .‬القاهرة ‪. 1963‬‬
‫محمود ‪ “ :‬طريقة الرمز عند الشيخ ابن العربي في ديوانه ترجمان األشواق “ لزكي‬
‫نجيب محمود ‪ .‬في الكتاب التذكاري محي الدين بن العربي نشر الهيئة المصرية العامة‬
‫للتأليف والنشر ‪ :‬القاهرة ‪. 1969‬‬
‫النشار ‪ :‬مناهج البحث عن مفكري االسالم لعلي سامي النشار ‪ .‬طبع دار المعارف‬
‫بمصر ‪ .‬القاهرة ‪. 1965‬‬
‫‪:‬نشأة الفكر الفلسفي في االسالم لعلي سامي النشار ‪ .‬طبعة رابعة دار المعارف‬
‫بمصر ‪ .‬القاهرة ‪. 1966‬‬
‫نصر ‪ :‬ثالثة حكماء مسلمين لسيد حسين نصر ‪ .‬نقله عن االنكليزية صالح الصاوي ‪.‬‬
‫نشر دار النهار ‪ .‬بيروت ‪. 1971‬‬
‫نيكلسون ‪ :‬في التصوف االسالمي وتاريخه مجموعة أبحاث لرينولد نيكلسون ‪ .‬عنونها‬
‫المترجم الدكتور أبو العال عفيفي بهذا العنوان ‪ .‬لجنة التأليف والنشر ‪ .‬القاهرة‬
‫‪. 1969‬‬
‫ونسنك ‪ :‬المعجم المفهرس أللفاظ الحديث النبوي ترتيب وتنظيم ونشر أ‪.‬‬

‫‪1306‬‬
‫“ ‪“ 1307‬‬

‫ي ‪ .‬ونسنك ‪ .‬وي ‪ .‬ب ‪ .‬منسنج ‪ .‬مطبعة بريل ‪ .‬في مدينة ليدن ‪. 1962‬‬
‫اليافي ‪ :‬دراسات فنية في األدب العربي لعبد الكريم اليافي ‪ .‬دمشق ‪. 1972‬‬
‫اليافعي ‪ :‬نشر المحاسن الغالية في فضل المشايخ الصوفية ألبي محمد اليافعي ‪.‬‬
‫تحقيق إبراهيم عطوه عوض ‪.‬‬
‫مطبعة البابي الحلبي ‪.‬‬
‫القاهرة ‪. 1961‬‬
‫يحي ‪ “ :‬نصوص تاريخية خاصة بنظرية التوحيد في التفكير االسالمي “ لعثمان يحي‬
‫في الكتاب التذكاري ‪ .‬الشيخ محي الدين ابن العربي ‪.‬‬
‫نشر الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر ‪ .‬القاهرة ‪.1969‬‬
‫‪.‬‬
‫تم‬
‫والحمد هلل رب العالمين‬
‫عبدهللا المسافر باهلل‬

‫‪1307‬‬

You might also like