( الأخلاقيات المهنية (سنة ثالثة ليسانس فنون تشكيلية

You might also like

Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 12

‫األستاذة ׃ بوعالم‬

‫قسم ׃ الفنون‬
‫تخصص ׃ فنون تشكيلية (سنة ثالثة ليسانس)‬
‫محاضرات‬
‫مقياس األخالقيات املهنية‬

‫املحاور األساسية ملقياس األخالقيات املهنية‬


‫– م ‪44 4‬دخل ع ‪44 4‬ام لألخالقي ‪44 4‬ات املهني ‪44 4‬ة (التط ور الت اريخي‪ ،‬ماهيته ا من حيث املفه وم وك ذا املب ادئ‬
‫واألهداف ) ‪.‬‬
‫– أسس و مقومات األخالقيات املهنية ( املصادر واملعايير)‬
‫أهمية املقياس ׃‬
‫تتجلى أهمية مقياس (األخالقيات املهنية) في أهمية املوضوع الذي تدور حوله وهو‪:‬‬
‫– أخالقيات املهنة ׃ إذ تعتبر األخالقيات من املصطلحات التي تحمل في طياتها الكثير من الغموض‬
‫والنسبية ‪ ،‬وبالتالي تكتسي دراستها خصوصية ترتبط باملجتمع من جهة وبميدان الدراسة من جهة‬
‫أخرى ‪.‬‬
‫هدف املقياس ׃‬
‫يه دف املقي اس إلى تعري ف طلب ة الفن ون التش كيلية باألخالقي ات املهني ة بمفهومه ا الع ام حيث‬
‫تشمل هذه األخالقيات كل املهن واملمتهنين ‪ ،‬وذلك من اجل إكساب الطلبة القواعد األخالقية املهنية‬
‫التي تعزز التزامهم بها‪ ،‬في مجال عملهم املتوقع بعد التخرج ‪.‬‬
‫مقدمة ׃‬
‫أص بح موض وع األخالقي ات املهني ة من املواض يع ال تي تحظى باهتم ام متزاي د خالل الس نوات‬
‫األخ يرة نظ را لع دة أس باب عدي دة‪ ،‬في مق دمتها تزاي د الفض ائح األخالقي ة والنق د املوج ه لإلدارات‬
‫ملختلف املهن واملعايير التي تعتمدها بعيدا عن اإلطار األخالقي ‪ ،‬حيث أن تنمية االلتزام باملثل والقيم‬
‫األخالقي ة واالعتب ارات القانوني ة والس لوكيات االيجابي ة تعت بر من الفلس فات الرئيس ية ال تي ينبغي‬
‫وضعها في املقام األول وأن تسير في فلكها جميع الفلسفات األخرى املنشودة التي توصل جميعا نحو‬
‫تحسين األداء وبالتالي تحسين رفاهية املجتمع ‪.‬‬
‫إن فعالي ة اإلنس ان وكفاءت ه ترتب ط وتت أثر بإيمان ه العمي ق واقتناع ه ب القيم األص يلة واملث ل‬
‫األخالقية العالية التي تدفعه لتنمية املعارف العلمية ومهاراته السلوكية والعلمية نحو تحسين األداء‬
‫ومن ثم فان القيم األخالقية تؤثر في السلوك تماما كما تمثل املفاهيم العلمية والنظريات ‪ ،‬فما هي‬
‫األخالقيات املهنية ؟‬

‫‪1‬‬
‫ملعالج ة إش كالية البحث املطروح ة ‪ ،‬ارتأين ا أن تش تمل خط ة الدراس ة قس مين ‪ ،‬ومن هن ا ج اء‬
‫تقسيمها إلى مبحثين حيث تم في املقدمة طرح اإلشكالية وتبيان التصور العام ملوضوع األخالقيات‬
‫املهنية ‪ ،‬في مبحث أول والذي تم تقسيمه إلى مطلبين ‪ ،‬املطلب األول تمحور حول ماهية األخالقيات‬
‫املهني ة وفي ه نس تعرض التط ور الت اريخي له ا ‪ ،‬أم ا املطلب الث اني نع رض في ه أهم املف اهيم ال تي له ا‬
‫عالقة باألخالق واألخالقيات وأخالقيات املهنة‪ .‬بينما املبحث الثاني تم التطرق فيه إلى أسس ومعايير‬
‫األخالقيات املهنية ‪ ،‬وهو بدوره تم تقسيمه إلى مطلبين ‪ ،‬األول ركزنا فيه على معرفة أكثر املصادر‬
‫التي تقوم عليها هذه األخالقيات لفهم مضمونها بعمق أكثر أما الثاني خصصناه ملقومات األخالقيات‬
‫املهنية ‪.‬‬
‫املبحث األول ׃ مدخل عام لألخالقيات املهنية‬
‫يع د موض وع األخالقي ات املهني ة موض وع ش ائع في الع الم‪ ،‬وه و مهم وأساسي في حي اة األف راد‬
‫ومن ذ الق دم كان أس اس حي اة األف راد‪ ،‬فه و ال يتعل ق ب الجوانب الفني ة في العم ل‪ ،‬وإنم ا باألس اس‬
‫األخالقي ل ه ‪ .‬كم ا ان ه ال يخ اطب العق ل فق ط ب ل الض مير والوج دان أيض ا‪ ،‬فه و ح وار النفس قب ل‬
‫حوار اآلخرين إذ منذ القدم كان موضوع أخالقيات املهنة محل اهتمام الرتباطه بكل جوانب الحياة‬
‫سواء كانت اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية‪،‬عالوة على ذلك فإن هذه األخالقيات وثيقة الصلة‬
‫بالعقيدة اإلسالمية بل ال تقوم إال بها ‪.‬‬
‫املطلب األول ׃ ماهية األخالقيات املهنية‬
‫س نحاول من خالل ه ذه الدراس ة التع رض إلى أهم املف اهيم املتعلق ة باألخالقي ات املهني ة ب دءا‬
‫ب التطور الت اريخي له ا‪ ،‬ثم تحدي د مفه وم أخالقي ات املهن ة م ع الفص ل بين مفه ومي األخالق‬
‫واألخالقيات وبعض املفاهيم األخرى ‪ ،‬وفيما يلي سنتطرق للتطور التاريخي ألخالقيات املهنة وذلك‬
‫على املنوال التالي ׃‬
‫إن إحدى فضائل التاريخ هي أن يزودنا باستمرار بقدر اكبر من املعرفة في كل مرة جديدة نعود‬
‫فيه ا إلي ه‪ ،‬ثم إن النظ رة إلى املس تقبل في موض وع األخالقي ات املهني ة ال تس اويها في األهمي ة في اغلب‬
‫األحي ان إال نظ رة في املاضي‪ ،‬و إن أي نظ رة إلى املس تقبل ب دون مراجع ة إلى املاضي لس وف يكون‬
‫محكوما عليه أن يعيد هذا املاضي بكل أخطائه‪.‬‬
‫إن األخالقيات وهي مجموعة القيم التي تميز ما هو جيد عما هو سيئ ظهرت مع اإلنسان منذ‬
‫البدء‪ ،‬واستمرت معه إلى وقتنا الحاضر و ستالزمه طاملا ظلت هناك حياة على سطح املعمورة ‪ .‬ومن‬
‫منظ ور ال تراث الغ ربي يع ود تط ور النظري ة األخالقي ة إلى أفالط ون (‪ 347-427‬قب ل امليالد) وتع ود‬
‫ج ذور كلم ة ‪ Ethics‬بمع نى (أخالق ) إلى الكلم ة اليوناني ة (‪ )Ethos‬وال تي تع ني الع ادات والس لوك أو‬
‫الصفات (بودراع أمينة‪ ،‬دور أخالقيات األعمال في تحسين أداء العاملين ‪. )2013 ،‬‬

‫‪2‬‬
‫– الحض‪44‬ارة البابلي‪44‬ة ׃ تعتبر الحضارة البابلية أول محطة في مسار األخالقيات عبر التاريخ إذ تعد‬
‫مدونة حمو رابي أقدم مدونة قانونية وجدت منذ أكثر من أربعة أالف سنة في وادي الرافدين ‪ ،‬وقد‬
‫تض من ه ذا الق انون ‪ 282‬م ادة اش تملت على إرش ادات وقواع د للتج ار وواجب ات للمهن يين كالبن ائين‬
‫واألطباء وغيرهم ‪ ،‬وكذلك العقوبات املترتبة على عدم االلتزام بهذه الواجبات بشكل صحيح ( نجم‬
‫عبود نجم ‪ ،‬أخالقيات اإلدارة في عالم متغير‪. )2000 ،‬‬
‫وب ذلك يعت بر الب ابليون أول من اهتم ب األخالق املهني ة للبن ائين واألطب اء وغ يرهم ‪ ،‬وهي املهن ال تي‬
‫انتشرت آنذاك ‪ ،‬وهو ما دل على وعي اإلنسان منذ القدم بضرورة تقنين األخالق املهنية‪.‬‬
‫– الحض ‪44‬ارة الروماني ‪44‬ة ׃ ترج ع أص الة الروم ان في تفك يرهم االجتم اعي والسياسي إلى ال دور الكب ير‬
‫الذي لعبته روما في تطبيق املبادئ القانونية والسياسية واإلدارة العامة تطبيقا عمليا في الشعوب‬
‫التي أخضعوها‪ ،‬ولهذا اتصفوا بالصرامة في الخلق‪ ،‬وقوة العزيمة ‪ ،‬وخضوع تصرفاتهم لنظام دقيق‬
‫في ظل القانون ‪.‬‬
‫وقد أقام الرومان أنساقا من القوانين يستلزم احترامها‪ ،‬اعت برت مقياسا للتنظيم االجتماعي في‬
‫العالم الذي عرفوه ‪ ،‬هدف الجميع فيها تأدية الواجب مما يؤدي إلى العظمة وسيادة الوطن والذي‬
‫يصبح محور جميع القيم ‪ ،‬فاإلنسان كان يعمل من اجل هذا الوطن خاضعا لقوانينه والتي تحكم‬
‫تصرفاته في األسرة واملجتمع والعمل ‪.‬‬
‫وق د ع رف رج ال الفك ر والسياس ة في روم ا عن تن اول م ا ه و مث الي‪ ،‬وم ا ينبغي أن يكون علي ه‬
‫املجتم ع و اإلنس ان كم ا فع ل رج ال الفك ر اليون انيين‪ ،‬وإنم ا اتجه وا إلى املالحظ ة ووص ف أخالق‬
‫الرجال ‪ ،‬ودوافعهم وتحليل نفسيتهم في محيط الواقع ‪ ،‬حيث أن الدولة كي يكتب لها البقاء عندهم‬
‫البد أن تلتزم بااللتزامات والحقوق املتبادلة والتي تربط بين املواطنين وفي ضوء هذا فالدولة مجتمع‬
‫أخالقي ‪ ،‬أو جماع ة من األشخاص ال ذين يمتلكون الدول ة وقوانينه ا ملكي ة مش تركة ‪ ،‬وهي توح د‬
‫لتحقق للناس مزايا املعونة املتبادلة والحكم العادل ‪.‬‬
‫ويستخلص من ذلك أن نظرة الرومانيين كانت تتوسع لتتجه إلى العاملية وفكرة الدولة العظمى ‪،‬‬
‫فيشقى اإلنسان من اجل عظمة هذا الكيان الذي يكون هدفه األسمى العدالة وتحقيق سعادة هذا‬
‫اإلنس ان ال ذي يجب أن يس مو بأخالق ه كله ا ب دءا من األس رة والعم ل واملجتم ع لتحقي ق األه داف‬
‫املشتركة لإلنسان ودولته ‪.‬‬
‫– األخالقي‪4‬ات املهني‪4‬ة في اإلس‪4‬الم ׃ البد وقبل الخوض في موضوع األخالقّي ات املهنّي ة في اإلسالم أن‬
‫نوضح كيف يتمّي ز املجتمع برقّي ه وحضارته ؟‬
‫الشّك أّن تمّي ز املجتمعات وورقيها نابع من الفكر املنتشر والسائد فيه‪ ،‬ولكي يتمّي ز أي مجتمع عن‬
‫غ يره يجب أن يق وم على مكارم األخالق ال تي به ا تتحّض ر الش عوب واألمم‪ .‬وألن املجتم ع املس لم ق د‬
‫ًا‬ ‫ًا‬
‫تمّي ز بأش مل وأدق ش ريعة عرفته ا ال دنيا على م ر العص ور نتج عن ذل ك رقي حض اري ليس ل ه مثي ل‬
‫ًال‬ ‫ًا‬ ‫ًا‬ ‫ًا‬ ‫ًا‬ ‫ًال‬
‫متمث بنموذج اجتماعيا راقياً‪ ،‬وأسرة متحاّب ة متماسكة فمجتمع حضاري مستقر متوادا متكاف ‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫وقد تحقق ذلك في زمن رسول هللا صلى هللا عليه سلم بإنشاء ذلك املجتمع املتمّي ز والفريد الذي‬
‫جمعته رابطة العبودّي ة هلل وحده‪ ،‬ال املنصب وال الشهرة وال املال‪ ،‬وال الهوى‪ ،‬وامللذات والشهوات‪،‬‬
‫وال حتى املصالح الشخصّي ة‪.‬‬
‫ه ذا املجتم ع املتكاف ل ال ذي يحق ق لكل م واطن في ه العيش املح ترم واألمن والحرّي ة واملس اواة‬
‫وحفظ الحقوق‪ ،‬هذا املجتمع الذي يقوم على الشورى ال على األهواء‪ .‬و اإلنسانية اليوم أحوج ما‬
‫تكون إلى ه ذا النم ط من املجتمع ات إلى مجتم ع مس لم ص ادق راٍق فّع ال يس وده الع دل والحب‬
‫ّل‬
‫والنصيحة والتكافل واإليثار‪ ،‬وينتفي منه الظلم والكراهية والغش واألنانّي ة والتس ط والِك بر‪.‬‬
‫فمن هنا البد من اإلخالص في العمل واإلتقان واالستقامة واألمانة في املجتمع ألن املسألة مسألة‬
‫ّن‬
‫عبادة وليست مج ّر د أداء عمل يحاسبك عليه املسؤول عنك أو يؤ بك ضميرك إذا قّص رت فيه‪ .‬وما‬
‫أروع انتش ار روح الص دق واألمان ة واإلخالص في نف وس الع املين حّت ى ي ؤثر على أعم الهم وينتج من‬
‫ج ّر اء ذلك قيام مجتمع متمّي ز وراقي‪ ،‬من هنا يمكن أن نستنتج بعض املمّي زات لألخالقيات املهنية من‬
‫بينها ׃‬
‫‪ -‬الصدق ‪ :‬الصدق عدا عن كونه أساس الفضائل النفس ّي ة فهو ضرورة من ضرورات املجتمع عامة‬
‫ّن‬
‫والعمل خاصة‪ ،‬فالعامل الصادق أنجح ما يكون في عمله أل ه بصدقه يكسب ثقة من حوله ‪ ،‬وبالتالي‬
‫يؤّم ن الجو املريح في تعاطي اآلخرين له ألّن فقدان الصدق في العمل وانتشار الكذب إما في األقوال‬
‫أو األعم ال أو في النّي ات أو الك ذب في املظ اهر ه ذا ي ؤدي إلى الفس اد وانتش ار الرذيل ة‪ .‬واإلس الم ق د‬
‫ّث‬
‫ح على الصدق وذّم الكذب لقول رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪" :‬كبرت خيانة أن تح ّد ث أخاك‬
‫ًا‬
‫حديث هو لك مص ّد ق وأنت له كاذب" (رواه أحمد وأبو داوود)‪ .‬بل هو من آية النفاق الذي قال عنه‬
‫ًا‬
‫النبي أيض ‪ :‬آية املنافق ثالث‪ " :‬إذا حّد ث كذب‪ ،‬وإذا وعد أخلف‪ ،‬وإذا أؤتمن خان" ‪( .‬رواه البخاري)‬
‫‪ -‬ع‪44‬دم الغش والخ‪44‬داع والغ‪44‬در‪ :‬ذلك أنه من مقتضى الصدق النصيحة واإلنصاف والوفاء ال الغش‬
‫والخ داع والغ در‪ ،‬ألّن العام ل ال ذي غلب علي ه الص دق في أقوال ه وأعمال ه يس تحيل علي ه أن يكون‬
‫ّذ‬
‫عكس ذل ك‪ .‬وق د ح ر رس ول هللا ص لى هللا علي ه وس لم من الغش والخديع ة والغ در فق ال‪..." :‬من‬
‫ّل‬ ‫ّش‬
‫غ نا فليس مّن ا‪( ".‬رواه مسلم)‪ .‬وقال صلى هللا عليه وس م "لكّل غادر لواء يوم القيامة‪ ،‬يقال ‪ :‬هذه‬
‫غدرة فالن‪( ".‬مّت فق عليه)‪.‬‬
‫ًا‬ ‫ًا‬
‫‪ُ -‬ح س‪44‬ن الخل‪44‬ق‪ :‬أن يكون العامل خلوق سمح ‪ ،‬ألّن التواصل مع اآلخرين يلزمه الكثير من األخالق‬
‫ًا‬ ‫ًا‬
‫فل و كان العام ل مجد في عمل ه‪ ،‬نشيط ‪ ،‬يلّب ي ما يطلب من ه ولكن ينقص ه التعام ل الحس ن لنف ر من‬
‫ًا‬ ‫ًا‬
‫حول ه وكره ه زمالؤه‪ .‬ف النبي علي ه الص الة والس الم يق ول‪" :‬أكم ل املؤم نين إيمان أحس نهم أخالق "‬
‫(رواه الترمذي) ‪ " .‬وإّن هللا يبغض الفاحش البذيء"‪( .‬رواه الترمذي)‬
‫ّن‬
‫والسماحة صفة مطلوبة للعمل أل ه بخلقه السمح اللّي ن الرضّي ينفذ إلى قلوب زمالئه فيحّب ونه‪.‬‬
‫ًا‬
‫‪ -‬الص ‪44 4‬راحة وع ‪44 4‬دم الغم ‪44 4‬وض‪ :‬ألّن االنفت اح على اآلخ رين يعطي شيئ من الطمأنين ة والثق ة ل دى‬
‫العاملين واملدراء والغموض يؤدي إلى الشك والريبة‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫ّف‬
‫هذه بعض األخالقّي ات الضرورّي ة التي ال ب ّد أن تتو ر في أي عمل أو وظيفة لكي تتحقق األهداف‬
‫ال تي من جّر ائه ا أنشئ العم ل‪ .‬ولكن ال ب ّد من تنمي ة ه ذه األخالقّي ات من حين آلخ ر ح تى ال يطغى‬
‫ّث‬
‫الركون والجمود ويغفل اإلنسان املسلم عن قيمه ومبادئه فيؤ ر على عمله وطريقة أدائه‪.‬‬
‫كيف ننّم ي هذه األخالقيات؟‬
‫ًا‬ ‫ًا‬
‫● ع بر استش عار رقاب ة هللا ع ّز وج ّل دائم وأب د لكي يس تقر الص دق في النف وس واإلخالص في‬
‫ًا‬
‫العم ل ‪ .‬ويبقى الض مير الحّي مهيمن على النفس ال ب ّد من وج ود عام ل مهم يراف ق ه ذا املوظ ف في‬
‫ّل‬ ‫ّن‬
‫مسيرة عمله أال وهو الشعور برقابة هللا تعالى له ‪ ،‬أل ه بتالزم هذا األمر تضبط النفس وتس م من‬
‫كل العيوب وتؤمن الفتنة‪.‬‬
‫● اإلتقان في العمل‪ :‬أن يخلص العامل في عمله فيتقنه حق إتقان‪ ،‬ألّن اإلتقان وسيلة لتط ّو ر العمل‬
‫ًا‬ ‫ّل‬
‫وتنميت ه ‪ .‬ق ال ص لى هللا علي ه وس م مرك ز على ض رورة إتق ان األعم ال وأدائه ا ح ق األداء‪" :‬إّن هللا‬
‫ًال‬
‫يحب إذا عمل أحدكم عم أن يتقنه"‪.‬‬
‫● تغليب املص لحة العام ة على املص لحة الخاص ة وذل ك باإليث ار وحب الخ ير فه ذا يبع د األنانّي ة‬
‫وحظوظ النفس‪.‬‬
‫ًا‬
‫وأيض ال ب ّد من الش عور باملس ؤولّي ة تج اه أي عم ل فاملس ؤولّي ة تس اعد على اإلتق ان واإلخالص‪،‬‬
‫والصدق وحسن التعاطي‪ .‬فاهلل سبحانه وتعالى يقول‪" :‬وقفوهم إّن هم مسؤولون"‪.‬‬
‫ّظ‬
‫ومنه ال بّد من وجود قواسم مشتركة مابين املدير واملو ف‪:‬‬
‫بالنسبة للمدير فعليه األتي‪:‬‬
‫‪ -‬أن يّت صف بصفة التواضع ‪.‬‬
‫‪ -‬أن يحرص على أن ال يكلف موظفيه ما ال يطيقون‪.‬‬
‫‪ -‬أن يقّد م املساعدة املطلوبة لهم لتأدية عملهم ‪.‬‬
‫‪ -‬أن يحرص على أن ال يظلم أحدا أو يسيء إلى أحد‪.‬‬
‫‪ -‬أن يعدل بين الجميع وأن يعاملهم سواسية‪.‬‬
‫أما املوظف فمن واجباته‪:‬‬
‫* أن يكون أمينا على تأدية عمله كما ينبغي ‪.‬‬
‫* أن يتقّب ل النصيحة والنقد ‪.‬‬
‫ًا‬
‫* أن يكون متعاون مع زمالئه لتحقيق مصلحة املؤسسة‪.‬‬
‫* اإلخالص والتفاني في العمل‪.‬‬
‫هكذا وللوصول ملثل هذه األخالقّي ات التي يجب أن تسود في املجتمعات على الصعيد االجتماعي‬
‫ّث‬ ‫ّل‬
‫واألسري والعملي ال ب ّد من التح ي بمكارم األخالق التي ح عليها اإلسالم ‪ ،‬إذ أن اإلنسان هو أكرم‬
‫املخلوق ات في الوج ود وكرام ة اإلنس ان بمعاملت ه املعامل ة الحس نة واملتمّي زة‪ .‬وم ا بذلت ه الحض ارات‬
‫ًا‬ ‫ًا‬
‫البشرّي ة سابق وحاضر إال من أجل سعادته ورقّي ه وتشريفه وسعادته ورقّي ه عبر إنسانّي ته‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫وق د تمّي زت الحض ارة اإلس المّي ة عن غيره ا من الحض ارات أنه ا اعتنت باإلنس ان س واء من‬
‫الج وانب اإلنس انّي ة واألخالقّي ة أك ثر من الج وانب الغريزّي ة واملادّي ة ال تي هي ب دورها ج وانب مهّم ة‬
‫ًا‬
‫يجب أن يعم ل على ته ذيبها وض بطها ‪ ،‬ولم يغف ل عنه ا اإلس الم ب ل اعت نى به ا وأعطاه ا شيئ من‬
‫ّك‬
‫األهمّي ة ‪ .‬واإلس الم لم ير ز فق ط على الج وانب األخالقّي ة في كّل املج االت ألّن رقي املجتمع ات ال‬
‫ًا‬ ‫ّن‬
‫يق اس فق ط ب األخالق واآلداب االجتماعي ة‪،‬إ م ا على املنج زات واالكتش افات العلمّي ة أيض ولكن‬
‫األص ل أن ال تطغى املاّد ة على القيم ب ل س يادة القيم اإلنس انية هي األس اس في نش ر الحب واإليث ار‬
‫ّمل‬
‫والتضحية واالستقامة والسلوك واملعاملة ‪ .‬و ا كان األفراد هم دعائم املجتمعات والدعائم أساس‬
‫في كل نهض ة اجتماعي ة كان الب ّد من الترك يز على مكارم األخالق لتنم و فيه ا ج وانب الخ ير و البن اء‬
‫والعطاء وتنحدر عوامل الشر والهدم والفساد‪ .‬لذا فموضوع األخالقّي ات موضوع في غاية األهمّي ة‬
‫يجب الترك يز علي ه والعناي ة ب ه كمنظوم ة ش املة حّت ى تتأص ل في الف رد واألس رة واملجتم ع والعم ل‬
‫فتؤتي ثمارها على الجميع‪.‬‬
‫املطلب الثاني ׃ مفهوم األخالقيات املهنية‬
‫نتناول بشيء من التفصيل بعض املفاهيم املتعلقة باألخالقيات املهنية ׃‬
‫– األخالق لغة‪ :‬جمع خلق وهي مأخوذة من الطبع و السجية والعادة )ابن منظور( ‪.‬‬
‫فالطبع هو الصفة الراسخة التي جبل عليها اإلنسان دون إرادة منه )فطرة( ‪ ،‬والعادة هي‬
‫الصفة الراسخة التي يكتسبها اإلنسان بالتمرن والتدريب ‪ ،‬أما السجية فهي الصفة الدائمة‬
‫املكتسبة أو غير املكتسبة )سجى يعني دام( ‪.‬‬
‫– الخلق اصطالحا‪ :‬هو حال في النفس راسخة تصدر عنها األفعال من خير أو شر‪.‬‬
‫ويعرفها ابن مسكويه‪ :‬أنها حال النفس داعية إلى أفعالها من غير فكر وال روية ‪ ،‬حيث يرى‬
‫أنه يقسمها إلى ما هو فطري طبيعي من أصل املزاج كاإلنسان الذي يحركه شيء نحو الغضب ويهيج‬
‫من أقل سبب‪ ،‬وكالذي يفرط في الضحك من أدنى شيء يعجبه‪ ،‬وكالذي يحزن من أدنى شيء يناله‪ .‬و‬
‫إلى ما هو مكتسب بالعادة والتدريب كالحلم واألناة‪.‬‬
‫ومن أركان حسن الخلق‪ :‬الصبر‪ ،‬العفة‪ ،‬الشجاعة‪ ،‬الكرم‪ ،‬العدل‪ ،‬الحياء‪ ،‬الحلم‪.‬‬
‫– العم ‪44‬ل )ال ‪44‬واجب( ׃ ه و كل موق ف يب ذل في ه اإلنس ان مجه ود فك ري أوعض لي )ب دني( لتحقي ق‬
‫هدف معين‪.‬‬
‫– مفه‪44 4‬وم األخالقي‪44 4‬ات׃ كلم ة أخالقي ات تع ني وثيق ة تح دد املع ايير األخالقي ة والس لوكية املهني ة‬
‫املطلوب أن يتبعها أفراد جماعة مهنية‪ .‬وتعرف بأنها بيان املعايير املثالية ملهنة من املهن تتبناه جماعة‬
‫مهني ة أو مؤسس ة لتوجي ه أعض ائها لتحم ل مس ؤولياتهم املهني ة‪ .‬ولكل مهن ة أخالقي ات وآداب عام ة‬
‫ح ددتها الق وانين والل وائح الخاص ة به ا‪ ،‬ويقص د ب آداب و أخالقي ات املهن ة مجموع ة من القواع د‬

‫‪6‬‬
‫واألص ول املتع ارف عليه ا عن د أصحاب املهن ة الواح دة‪ ،‬بحيث تكون مراعاته ا محافظ ة على املهن ة‬
‫وشرفها ‪.‬‬
‫عرفت دائرة املعارف البريطانية األخالقيات بأنها ׃‬
‫● النظ ام املوض وع لتوض يح القواع د املتعلق ة بممارس ة مهن ة معين ة بم ا يحق ق مص لحة املجتم ع و‬
‫يحق ق املمارس ة الصحيحة له ذه املهن ة ويس اعد في تحقي ق أه دافها الرش يدة ويش مل ذل ك مواثي ق‬
‫الشرف التي تنظم املمارسة وحدودها بين الصواب والخطأ ‪.‬‬
‫● األخالقي ات هي عملي ة تنظيمي ة تقتضي وج ود هيئ ة متخصص ة تت ولى وض ع مب ادئ ه ذا النظ ام‬
‫واإلشراف على تنفيذه ‪ ،‬كما يتضح الهدف من وضع هذا النظام وهو تحقيق التوازن بين مصلحة‬
‫املجتمع وممارسة املهنة في أن واحد ‪.‬‬
‫– مفه ‪44‬وم أخالقي ‪44‬ات املهن ‪44‬ة‪ :‬هي مجم وع املع ايير األخالقي ة والس لوكية املهني ة ال تي يتبعه ا املوظ ف‬
‫لتحم ل مس ئولياته املهني ة حس ب اآلداب العام ة ال تي تح ددها ق وانين ول وائح املؤسس ة حيث أن كل‬
‫مؤسسة تكون بحاجة إلى ميثاق أخالقيات للمهنة والذي يتميز ب‪:‬‬
‫● حماية املهنة واألفراد بقواعد أخالقية لتسهل التعامل ‪.‬‬
‫● تقديم قواعد أخالقية تشمل معايير سلوكية ‪.‬‬
‫● مرونة القواعد أمام املواقف واألزمات الجديدة ‪.‬‬
‫● إنشاء لجنة تقصي املخالفات إن وجدت مثل ميثاق شرف مهنة األرشيف ‪.‬‬
‫– مفه ‪44 4‬وم املهن ‪44 4‬ة ‪ :‬املهن ة كلم ة ذات م دلول وص في تش ير إلى مجموع ة من الس مات األساس ية‬
‫ال تي تتص ف به ا كث ير من املهن مث ل الطب واملحام اة وتتطلب درج ة عالي ة من امله ارة القائم ة على‬
‫املعرف ة املتخصص ة‪ .‬ويعرفه ا" ‪ : "Blackington‬بأنه ا عم ل منظم يقتن ع ب ه اإلنس ان ويح اول أن ينهض‬
‫من خالله بمطالب وظيفية محددة ‪.‬‬
‫أو هي عمل منهي راقي يتطلب نوعا من القدرات الفنية التي يمكن تحقيقها عن طريق إعداد منهي‬
‫خاص يشمل على إعداد أكاديمي و تدريب عملي‪.‬‬
‫وهي تختلف عن مفهوم الحرف‪44‬ة التي هي عمل يدوي يمارسه العامل إما في ورشة يمتلكها أو في‬
‫ورشة يملكها شخص آخر أو في مؤسسة أو شركة وال يحتاج إلي إعداد مسبق بل من خالل تدريب‬
‫قصير‪.‬‬
‫وعلى العموم ُي مكن تعريف املهنة على أنها نوع من أنواع العمل الذي يحتاج إلى تدريب خاص أو‬
‫مه ارة معين ة في مج ال م ا (‪ ،)1‬وبش كٍل أدق هي عب ارة عن ممارس ة تتطلب مجموع ة من املع ارف‬
‫واملهارات التي يتم اكتسابها من خالل التعليم والخبرة العملية (‪.)2‬‬
‫وعلى الرغم من وجود العديد من الطرق لتحديد املهنية‪ ،‬إال أن كلمة مهنة تحتاج إلى استرداد‬
‫معناه ا الحقيقي بسبب االس تخدام املضخم له ا ‪ ،‬حيث أص بحت غ ير دقيق ة خالل ال وقت ال راهن ‪،‬‬

‫‪7‬‬
‫ُت‬
‫حتى أنها بدأت طلق على العديد من املجاالت الرياضية واملهن والحرف اليدوية وكذلك مجاالت‬
‫تصفيف الشعر‪ ،‬وفي األصل ُي طلق على كلمة املهنة في اللغة اإلنجليزية " " ‪ ،professions‬و هذا االسم‬
‫مستمد من فعل التيني يدل على االعتراف‪ ،‬أو إعالن شيء بشكٍل علني‪ ،‬كما ينطوي هذا االشتقاق‬
‫اللغوي على معنى واضح‪ ،‬وهو السعي وراء سبل العيش التي تعتمد على املعرفة املتخصصة (‪.)3‬‬
‫– تعري‪44‬ف املنهي ׃ املنهي هو ذلك الشخص الذي يقوم بأداء مهام عمله اعتمادا على قدراته وخبراته‬
‫ومواهبه‪.‬‬
‫– تعريف املهنية ׃ هي معتقدات الشخصية املهنية املرتبطة بالسلوك الخاص في اإلنسان على اعتبار‬
‫انه عضو في مهنته‪ ،‬وغالبا ما ترتبط املهنية باملبادئ والقوانين واألخالقيات واالتفاقيات التي تظهر‬
‫على شكل ممارسات‪.‬‬
‫وبشكٍل عام املهنية تتضمن معنى أوسع وأشمل لتمييز األشخاص املحترفين عن األشخاص الهواة‬
‫الغير مدربين‪ ،‬ألنها ترتبط باملمارسات األخالقية التي لها عالقة بممارسة خبرة محددة‪ ،‬واملنهي يعتبر‬
‫عض و في املهن ة‪ ،‬ويخض ع لكاف ة قواع د األخالق‪ ،‬ويجب أن يكون على ق در من الكف اءة والنزاه ة‬
‫واألخالق‪ ،‬كما يجب أن يتميز باإليثار‪ ،‬ويعزز املصلحة العامة على مصلحته الخاصة ‪ ،‬ومن الجدير‬
‫ذكره أنه يقع على كاهل املهنيين مسؤولية أمام املجتمع (‪ ، )4‬وهذه املسؤولية تتجسد في مجموعة‬
‫من املبادئ واألهداف نذكرها على التوالي ׃‬
‫– مبادئ أخالقيات املهنة ׃ وتتمثل في العناصر التالية ׃‬
‫● االستقامة التي تتضمن الثقة واألمانة واملصداقية والشعور باملسؤولية ‪.‬‬
‫● النزاهة واالستقالل واملوضوعية والتجرد والحياد السياسي ‪.‬‬
‫● االلتزام بوقت العمل واملحافظة على أسرار املهنة ‪.‬‬
‫● املعاملة الحسنة )الرفق( ومعالجة سلبيات الوظيفة ( عدم الضرر) ‪.‬‬
‫– أهداف أخالقيات املهنة ׃ يمكن اقتصارها على النقاط التالية ׃‬
‫● فهم السلوك الوظيفي وأهميته في متابعة التزام قوانين العمل ‪.‬‬
‫● معرفة أخالقية املهنة وضرورة مراعاة إتباع الجوانب األخالقية ‪.‬‬
‫● تحديد أساليب تطوير الذات وكيفية التعامل مع الضغوط في العمل ‪.‬‬
‫● تنظيم ورش عمل دورية ‪.‬‬
‫● معرفة سلوك املوظف الصحيح وكيفية فهم سلوك اآلخرين والتمييز بين السلوك األخالقي‬
‫والغير أخالقي‪.‬‬
‫املبحث الثاني ׃ أسس و معايير األخالقيات املهنية‬
‫ملا نتحدث اليوم عن األخالقيات املهنية نفكر دائما في الواجبات التي تفرضها ممارسة املهنة على‬
‫مهنييها‪ ،‬فكل مهنة تفرض واجبات على ممارسيها‪ ،‬وبمفهوم عام لكل مهنة أخالقيات مهنية‪ .‬ملا تنتظم‬

‫‪8‬‬
‫املهن ة تس عى إلى وض ع دس تور مقنن أو على األق ل أع راف تح دد واجب ات أعض ائها‪ ،‬تس طره في إط ار‬
‫جماعات أو جمعيات مهنية‪ ،‬كما يمكنه أن يشكل قانونا تأديبيا‪ .‬إن التأسيس ألخالقيات املهنة يمكن‬
‫أن يكون أكثر أو أقل تطورا حسب املهن‪ .‬وعليه فلكل مهنة أخالقيات تحكمها تظهر مع تطور املهنة‬
‫وانتظامها‪ ،‬ويمكن أن تسطر في مدونة أو دستور متعارف عليه وقد تصل إلى حد التقنين‪.‬‬

‫ومنه نستنتج أن األخالقيات املهنية ‪:‬‬


‫● مرتبطة باملمارسة العملية لهذه املهنة ‪.‬‬
‫● تف رض واجب ات ومس ؤوليات على املنهي‪ ،‬وتمنح في كث ير من األحي ان حق وق ل رواد وزب ائن تل ك‬
‫الخدمة‪ ،‬أو خصائص و شروط على املنتجات واملخرجات بشكل عام ‪.‬‬
‫● ترتبط في بعض األحيان بنصوص ودساتير تحددها وتوضحها‪.‬‬
‫● تستلزم االحترام والتطبيق إما ذاتيا أو بتدخل هيئات متخصصة مسؤولة على ذلك ‪.‬‬
‫املطلب األول ׃ مصادر األخالقيات املهنية‬
‫هناك مجموعة من املصادر التي تعتبر األساس الذي تنطلق منه أخالقيات املهن كافة في بلورة‬
‫أخالقياته ا‪ ،‬وال تي تعكس واق ع املجتم ع في ش تى ميادين ه‪ ،‬وي رى الب احثون أن هن اك خمس ة مص ادر‬
‫لألخالقيات املهنية (السعود وبطاح‪ ) 1996 ،‬وهي كالتالي ‪:‬‬
‫‪ –1‬املص ‪44‬در ال ‪44‬ديني‪ :‬يمث ل ه ذا املص در في املجتم ع اإلس المي‪ ،‬أهم مص ادر أخالقي ات املهن ة ‪ ،‬إذ ان ه‬
‫ي وِّف ر ألخالقيات املهنة خلق الرقابة الذاتية في الفرد ‪ .‬فاملنهي يمكن أن يتهرب من الرقابة السياسية‬
‫أو االجتماعية أو القانونية لكنه ال يستطيع أن يتهرب من رقابة هللا سبحانه وتعالى (الحوارني‪2005 ،‬‬
‫)‪.‬‬
‫ويش تمل ه ذا املص در على املب ادئ والتنظيم ات ال تي تحق ق س عادة اإلنس ان واملجتم ع في كل‬
‫املجاالت‪ ،‬وعلى القواعد العامة الصالحة لهداية الناس‪ ،‬وتنظيم حياتهم في كل زمان ومكان‪ ،‬ويشتمل‬
‫أيًض ا على الق وانين الوض عية‪ ،‬وهي األوام ر والن واهي ال تي وض عها البش ر أنفس هم‪ ،‬لتنظيم حي اتهم‬
‫باملحافظة على حقوق الناس‪ ،‬وتحديد واجباتهم لنشر العدالة واملساواة بينهم‪ ،‬لذلك تَع د التشريعات‬
‫والقوانين واألنظمة املعمول بها مصدرا من املصادر األخالقية وُي قصد بالتشريعات دستور الدولة‬
‫وكاف ة الق وانين املنبثق ة عن ه‪ ،‬ونظ ام الخدم ة املدني ة‪ ،‬والل وائح والتعليم ات األخ رى على أنواعه ا‬
‫املختلف ة ال تي تحت وي على أخالقي اٍت كث يرة‪ ،‬من حيث االنض باط ب الوقت‪ ،‬والتقي د ب ه واالح ترام ‪،‬‬
‫واالبتع اد عن املحس وبية‪ ،‬وتق ديم املص لحة العام ة على املص لحة الخاص ة ‪ ،‬وع دم إفش اء أس رار‬
‫العمل‪ ،‬وعدم قبول الرشوة (البشري‪.) 2006 ،‬‬
‫‪ – 2‬املص ‪44 4‬در االجتم ‪44 4‬اعي ׃ إن لكل مجتم ع ثقافت ه الخاص ة ب ه‪ ،‬ال تي تنظم حركت ه‪ُ ،‬و تح دد قيم ه‬
‫ومعتقداته وعالقاته‪ ،‬ووالء وانتماء أفراده‪ ،‬ومن املعروف أن أهم ما ُي كِّو ن ثقافة املجتمع الجوانب‬

‫‪9‬‬
‫االجتماعية املتمثلة في القيم‪ ،‬واملعتقدات‪ ،‬والعادات‪ ،‬ونمط العيش وممارسات الحياة االجتماعية‪.‬‬
‫وقد يحمل املهنيون إلى أية مؤسسة يعملون فيها عادات املجتمع األكبر الذي يعيشون فيه‪ ،‬وتقاليده‬
‫وأعرافه ‪ ،‬سواًء كانت هذه العادات والتقاليد اجتماعية ‪ ،‬أم قيم أو تقاليد إيجابية ‪ ،‬فاملجتمع الذي‬
‫يتمسك أفراده بمصالحهم الضيقة فإن ذلك يؤِّث ر في السلوك املنهي‪ ،‬فينقل هذه األنماط من السلوك‬
‫إلى مؤسسة العمل (الحوارني‪. ) 2005 ،‬‬
‫‪ –3‬املص ‪44‬در االقتص ‪44‬ادي ׃ تتحكم الظ روف االقتص ادية الس ائدة في املجتم ع‪ ،‬في جمي ع أف راده ومن‬
‫بينهم املهنيون واإلداريون ‪ ،‬إذ أن الظروف االقتصادية الصعبة تدفع بأفراد املجتمع غالًب ا إلى أنماٍط‬
‫من السلوك بعيًد ة عن املعايير الخلقية (الحوارني‪. ) 2005 ،‬‬
‫فإذا كان الشخص يعيش في وضع اقتصادي مريح‪ ،‬ويمكنه العيش بكرامة مع أفراد أسرته فإنه‬
‫ًا‬
‫من السهل أن تتوقع منه أخالقياٍت رفيعة و التزاما أكيد ‪ ،‬أما إذا كان وضعه االقتصادي ال يمكنه‬
‫من الوف اء بالتزامات ه املتع ددة تج اه أس رته ومجتمع ه فيتوق ع من ه االنح راف والغش واالرتش اء‪،‬‬
‫واستغالل الوظيفة‪ ،‬ولعل أهمية البعد االقتصادي قد تتضاعف بشكل كبير في الوقت الحاضر‪ ،‬إذ‬
‫تط رح التكنولوجي ا في كل ي وم الكث ير من املغري ات و إذ تس ود النزع ة االس تهالكية بين الن اس(ب ني‬
‫خالد‪. ) 2007 ،‬‬
‫‪ –4‬املصدر السياسي ׃ ويقصد به نمط النظام السياسي الذي ُي سِّي ر املجتمع‪ ،‬وانعكاس توجهات هذا‬
‫النظ ام على األف راد ‪ ،‬ف إذا كان النظ ام السياسي ي ؤمن بالتعددي ة‪ ،‬واملش اركة والح وار‪ ،‬واح ترام‬
‫الرأي ‪ ،‬فإنه سوف يتأثر إيجابًي ا بقيم األفراد وقناعاتهم املهنية‪ٕ ،‬و إذا كان النظام دكتاتورًي ا فاس ًد ا ال‬
‫يت ورع عن النهب‪ ،‬ويشجع القيم البالي ة‪ ،‬ف إن ت أثيره س لبي في توجه ات األف راد في كل مؤسس ة (ب ني‬
‫خالد‪. ) 2007 ،‬‬
‫وحين يق وم املنهي ب أداء واجبات ه في ظ ل أوض اع سياس ية قائم ة‪ ،‬ف إن س لوكه يت أثر بطبيع ة ه ذه‬
‫األوضاع وخصائصها ‪ ،‬فالنظام السياسي الذي يتخذ من الصالح العام غاية له يتعين عليه اإليمان‬
‫بالحرية والشفافية والديمقراطية واملساءلة‪ ،‬ومن هنا فإن النظام يؤدي إلى ازدهار األخالق املهنية‪،‬‬
‫أم ا النظ ام السياسي ال ذي يفتق ر إلى الرقاب ة القض ائية واإلداري ة والش عبية‪ ،‬ويمي ل نح و االستبداد‬
‫والظلم؛ فيؤدي إلى تغذية السلوك الالخلقي على مستوى األفراد عامة ومستوى أفراد املهنة خاصة‬
‫(الحوارني‪. ) 2005 ،‬‬
‫‪ –5‬املص‪44 4‬در اإلداري التنظيمي ׃ تع د الق وانين واألنظم ة والتش ريعات من املص ادر الرئيس ية ال تي‬
‫تتحكم في تسيير اإلدارة في املنظمات‪ ،‬ويقصد به البيئة التنظيمية التي يعمل فيها الفرد بكل ما فيها‬
‫من قوانين ولوائح ‪ ،‬وأنظمة‪ ،‬وقيم وتقاليد وُم ثل تحدد سلوك العاملين فيها‪ ،‬وتوجه مسارهم‪ ،‬ومما‬
‫ي ؤثر في قيم الف رد والتزام ه وأس لوب عمل ه ال ذي تطب ق في ه مب ادئ اإلدارة داخ ل التنظيم وأنم اط‬
‫تقسيم العمل‪ ،‬ونظم االستراحة واملكافأة‪ ،‬وأشكال الرقابة والعقاب‪ ،‬وإننا يجب أن ندرك أيًض ا أن‬
‫هناك تفاعال خص ًب ا بين البيئة التنظيمية والبيئة االجتماعية العامة فاللوائح والقوانين املطبقة في‬
‫‪10‬‬
‫املؤسسة تستمد في العادة‪ ،‬أو تتأثر على األقل بالقوانين النافذة في البالد‪ ،‬وأنماط القيم والسلوك‬
‫الس ائد في املؤسس ة‪ ،‬وهي عين ة ممثل ة ألنم اط القيم والس لوك الش ائعة في املجتم ع (ب ني خال د‪،‬‬
‫‪. ) 2007‬‬
‫ويتضح مم ا س بق أن البيئ ة اإلداري ة النموذجي ة ال تي تح دد أس اليب العم ل‪ ،‬وإجراءات ه‬
‫ومس توياته‪ ،‬وت وِّف ر قي ادة إداري ة كفئ ة على جمي ع املس تويات‪ ،‬الب د وأن ت ؤمن بالديمقراطي ة‬
‫والعدالة‪ ،‬واملساواة ‪.‬‬
‫املطلب الثاني ׃ معايير(املقومات) األخالقيات املهنية ‪.‬‬
‫إن املجتمع ات بغض النظ ر عن تق دمها أو تأخره ا تحتض ن كث يرا من املهن كالطب واملحام اة‬
‫والقض اء و الصحافة والتعليم و ك ذلك الفن‪ ،‬وغيره ا في س لم املهن‪ .‬واملتتب ع ملوق ف املجتمع ات من‬
‫ه ذه املهن يالح ظ أن كل مهن ة تل تزم بأخالقي ات ي ؤمن به ا أصحابها ال ذين يع تزون به ا ويس لكون‬
‫بمقتضاها ويعملون على ترسيخها وتعميقها لدى املنتمين إليها منطلقين‬
‫من إيمانهم بأهداف املهنة وأدوارها التي تحقق طموحات املجتمع في التحديث و الرقي ‪.‬‬
‫وق د اختلفت املجتمع ات في موقعه ا من املهن الس ائدة في املجتم ع في ض وء فلس فتها االجتماعي ة‬
‫وأه دافها ال تي تجس د مب ادئ املهن فق د تب نى كل مجتم ع قواع د ومع ايير تع بر عن ه ذه‬
‫األخالقيات وتوصيفها‪ ،‬وفي الوقت نفسه تعد معايير سلوك أفراد املهنة‪.‬‬
‫حيث ي رى بعض املدربين ض رورة ت وفر في مهن ة من املهن منظوم ة مقوم ات و مع ايير هي ‪:‬‬
‫● ثقافة عامة ومتخصصة ومهنية تشكل أساسا معرفيا وقاعدة علمية تشتمل على معلومات نظرية‬
‫و تطبيقية ‪.‬‬
‫● تكوين منهي يؤمن التفاعل املستمر قبل الخدمة وأثناءها مع املستحدثات والتقنيات الجديدة ذات‬
‫العالقة ‪.‬‬
‫● احتراف منهي منظم تصبح فيه املهنة حياة دائمة للعمل والنمو‪.‬‬
‫● أخالقية مهنية تتضح فيها الواجبات والحقوق واألنماط السلوكية ألخالقيات املهنة التي يلتزم بها‬
‫جميع املمارسين للمهنة ‪.‬‬
‫● التمتع ملن ينتمي للمهنة بقدر من االستقاللية ‪.‬‬
‫● التوجه نجو خدمة املجتمع والترفع عن االستغالل والكسب‪.‬‬
‫فاألخالقيات املهنية إذن هي معايير تعد أساسا لسلوك أفراد املهنة املستحب ‪ ،‬والذي يتعهد‬
‫أعضاء املهنة االلتزام بها ‪.‬‬
‫الخاتمة ׃‬
‫إن األخالقي ات املهني ة هي بي ان ش امل للقيم واألخالق واملب ادئ ال تي ينبغي على الشخص التحلي‬
‫به ا ‪ ،‬وممارس تها في ج ل حيات ه املهني ة والعملي ة كونه ا س لوك ه ادف إلى توظي ف واجب ات املهن ة‬

‫‪11‬‬
‫ والتمي يز بين م ا ه و جي د و م ا ه و س يئ فهي تمثي ل ملفه وم الص واب‬، ‫وتق ديمها للشخص املس تفيد‬
. ‫والخطأ في املسار املنهي‬
‫املراجع ׃‬
profession", www.dictionary.cambridge.org, Retrieved 5 – 8 - 2018. Edited. ↑ 1 "profession ","
www.businessdictionary.com, Retrieved 5 – 8 - 2018. Edited. ↑ 2

Mary Ann Glendon, Geoffrey Sawer, William P Alford,"Legal,profession". ↑ 3 www.britannica.com, Retrieved 5 – 8 -


.2018. Edited

Professions", www.encyclopedia.com, Retrieved 5 - 8-2018. Edited " ↑4

12

You might also like