Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 324

‫ﺠﺎﻤﻌﺔ ﺍﻟﻨﺠﺎﺡ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ‬

‫ﻜﻠﻴﺔ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ‬

‫ﺍﻟﺠﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‬

‫ﺇﻋﺩﺍﺩ ﺍﻟﻁﺎﻟﺒﺔ‬
‫ﺤﻠﻴﻤﺔ ﺨﺎﻟﺩ ﺭﺸﻴﺩ ﺼﺎﻟﺢ‬

‫ﺇﺸﺭﺍﻑ‬
‫ﺩ‪ .‬ﺇﺤﺴﺎﻥ ﺍﻟﺩﻴﻙ‬

‫ﻻ ﻟﻤﺘﻁﻠﺒﺎﺕ ﺩﺭﺠﺔ ﺍﻟﻤﺎﺠﺴﺘﻴﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ‪ ،‬ﺠﺎﻤﻌـﺔ ﺍﻟﻨﺠـﺎﺡ‬


‫ﻗﺩﻤﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻻﻁﺭﻭﺤﺔ ﺍﺴﺘﻜﻤﺎ ﹰ‬
‫ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ – ﻨﺎﺒﻠﺱ – ﻓﻠﺴﻁﻴﻥ‪.‬‬

‫‪1426‬ﻫـ ‪2005 -‬ﻡ‬

‫أ‬
‫ﺍﻹﻫﺪﺍﺀ‬
‫ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺭﻭﺍﺡ ﺍﻟﻄﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺭﻓﺮﻓﺖ ﻓﻮﻕ ﻓﻜﺮﻱ ﺑﺄﺟﻨﺤﺔ ﻣﻼﺋﻜﻴﺔ‪ ،‬ﻓﻮﺟّﻬـﺖ‪ ،‬ﻭﺣـﺪّﺩﺕ‬
‫ﻭﺃﻏﻨﺖ‪ ،‬ﻭﺷﺠﻌﺖ‪ ،‬ﻓﺼﻨﻌﺖ…‪..‬ﺇﻟﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﺭﻭﺍﺡ ﺍﻟﺒﺎﻗﻴﺔ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺑﺪ‪ ،‬ﺭﻭﺡ ﻭﺍﻟـﺪﻱﱠ‬
‫ﻭﺃﺟﺪﺍﺩﻱ ‪-‬ﺭﺣﻤﻬﻢ ﺍﻟﻠﻪ‪ ،-‬ﻭﺃﺳﻜﻨﻬﻢ ﻓﺴﻴﺢ ﺟﻨّﺎﺗﻪ‪ ،‬ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻏﺮﺳﻮﺍ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻲ ﺍﻹﻧﺴـﺎﻧﻴﺔ‪،‬‬
‫ﻭﺣﺐﱠ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ…‪.‬‬

‫ﺇﻟﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺰﻫﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺫﺑﻠﺖ ﻭﻣﺎ ﺯﺍﻟﺖ ﺭﺍﺋﺤﺘﻬﺎ ﺗﻌﻄﹼﺮ ﺃﻧﻔﺎﺳﻨﺎ‪ ،‬ﺍﻟﻄﻔﻠﺔ "ﺁﻣﻨﺔ"‪.‬‬

‫ﺇﻟﻰ ﻣﻦ ﺭﺳﻤﻮﺍ ﻟﻲ ﺩﺭﺑﻲ؛ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺃﻣﻨﻴﺎﺗﻲ‪ ،‬ﺇﺧﻮﺍﻧﻲ ﻭﻓﻠﺬﺍﺕ ﺃﻛﺒـﺎﺩﻫﻢ…‪.‬ﺍﻟـﺬﻳﻦ‬


‫ﻛﺎﻧﻮﺍ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﺍﻟﺸﻌﺎﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻧﺎﺭ ﻟﻲ ﺍﻟﺪّﺭﺏ‪ ،‬ﺭﻏﻢ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﻇﻼﻡ…‬

‫ﺇﻟﻰ ﻋﻤﺎﺗﻲ ﻭﺧﺎﻟﺘﻲ ﺍﻟﻠﻮﺍﺗﻲ ﻟﻢ ﻳﺒﺨﻠﻦ ﻋﻠﻲّ ﺑﺪﻋﻮﺍﺗﻬﻦ‪.‬‬

‫ﺇﻟﻰ ﺭﻓﻴﻘﺔ ﺩﺭﺑﻲ ‪ ...........‬ﺃﺧﺘﻲ ﺍﻟﻐﺎﻟﻴﺔ)ﺧﻀﺮﺓ( ﺍﻟﺘﻲ ﻣﻨﺤﺘﻨﻲ ﺍﻟﻌﺰﻡ ﻭﺍﻟﻘﻮّﺓ‪.‬‬

‫ﺇﻟﻰ ﺑﻨﺎﺕ ﺇﺧﻮﺗﻲ ﻭﺃﺧﺺ )ﺯﺍﻫﺮﺓ ﻭﻓﺎﻃﻤﺔ( ﺍﻟﻠﺘﻴﻦ ﻛﺎﻧﺘﺎ ﻣﻼﺫﻱ ﺍﻟﻮﺣﻴـﺪ ﻓـﻲ ﺳـﺎﻋﺔ‬
‫ﻋﺴﺮﺗﻲ‪.‬‬

‫ﺇﻟﻰ ﺃﺳﺘﺎﺫﻱ ﺍﻟﻔﺎﺿﻞ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺇﺣﺴﺎﻥ ﺍﻟﺪﻳﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻭﻣﺎ ﻳﺰﺍﻝ ﻣﺜـﺎﻟﻲ ﻭﻗـﺪﻭﺗﻲ‬
‫ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺒﺮ‪ ،‬ﻭﺳﻌﺔ ﺍﻟﺼﺪﺭ‪.‬‬

‫ﺇﻟﻰ ﺯﻣﻴﻼﺗﻲ ﻭﻃﺎﻟﺒﺎﺗﻲ ﻓﻲ ﻣﺪﺍﺭﺱ ﻗﺒﺎﻃﻴﺔ ﻭﻋﻘﺎﺑﺎ‪.‬‬

‫ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺍﻟﻔﺎﺿﻞ ﺃﻣﻴﻦ ﺣﻨﺎﻳﺸﺔ ‪.......‬ﺍﻟﺬﻱ ﺿﺮﺏ ﻟﻲ ﻣﺜﻼﹰ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺒﻞﹺ ﻭﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ‬

‫ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺭﻭﻭﺍ ﺑﺪﻣﺎﺋﻬﻢ ﺗﺮﺍﺏ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ؛ ﻟﻴﺮﺳﻤﻮﺍ ﺑﺪﻣﺎﺋﻬﻢ ﺧﺎﺭﻃﺔ ﺍﻟﻮﻃﻦ ‪.‬‬

‫ﺇﻟﻰ ﻛﻞ ﻋﺎﺷﻖ ﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﻣﺤﺐَّ ﻟﻬﺎ‪.‬‬

‫ﺇﻟﻰ ﺃﺳﺮﺍﻧﺎ ﺍﻟﺒﻮﺍﺳﻞ ﻓﻲ ﺳﺠﻮﻥ ﺍﻻﺣﺘﻼﻝ‪.‬‬

‫ﺇﻟﻰ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻗﺮﻳﺒﺎﹰ ﻣﻨّﻲ‪ ،‬ﺑﺪﻋﻮﺍﺗﻪ ﻭﺗﻮﺟﻴﻬﺎﺗﻪ ﺃﻫﺪﻱ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻤﺘﻮﺍﺿﻊ‪.‬‬

‫ت‬
‫ﺷـﻜﺮ ﻭﺗﻘﺪﻳـﺮ‬

‫ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﹼﻪ ﺭﺏﱢ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠـﻰ ﺳـﻴﺪﻧﺎ ﻣﺤﻤـﺪ ﺧـﺎﺗﻢ ﺍﻷﻧﺒﻴـﺎﺀ‬
‫ﻭﺍﻟﻤﺮﺳﻠﻴﻦ ﻭَﺑﻌﺪ‪..‬‬

‫ﻓﺈﻧّﻲ ﺃﺗﻮﺟّﻪ ﺑﺎﻟﺸﻜﺮ ﻭﺍﻟﺜﻨﺎﺀ ﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﻫﺒﻨﻲ ﺍﻟﻘﻮّﺓ ﻭﺍﻟﻘـﺪﺭﺓ ﻭﺍﻟﺼـﺒﺮ‪،‬‬
‫ﻭﺃﻋﺎﻧﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺗﺨﻄﹼﻲ ﺍﻟﻤﺨﺎﻃﺮ ﻭﺍﻟﺼﻌﺎﺏ‪.‬‬

‫ﻭﺃﺗﻮﺟّﻪ ﺑﺎﻟﺸﻜﺮ ﻭﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺮ ﻷﺳﺘﺎﺫﻱ ﺍﻟﻔﺎﺿﻞ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ "ﺇﺣﺴﺎﻥ ﺍﻟﺪﻳﻚ" ﺍﻟـﺬﻱ‬


‫ﺃﻭﺣﻰ ﺇﻟﻲّ ﺑﻔﻜﺮﺓ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺤﺚ‪ ،‬ﻭﺯﻭﺩّﻧﻲ ﺑﻌﻠﻤﻪ ﺍﻟﻮﺍﻓﺮ‪ ،‬ﻭﺭﻓﺪﻧﻲ ﺑﺎﻟﻨﺼﺢ ﻭﺍﻹﺭﺷﺎﺩ‪.‬‬

‫ﻛﻤﺎ ﻭﺃﺗﻘﺪّﻡ ﺑﺠﺰﻳﻞ ﺍﻟﺸﻜﺮ ﻭﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺮ ﺇﻟﻰ ﺃﺳﺎﺗﺬﺗﻲ ﻓﻲ ﻗﺴـﻢ ﺍﻟﻠﻐـﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴـﺔ‪،‬‬
‫ﻭﺇﻟﻰ ﻛﻞﹼ ﻣﻦ ﺃﺳْﺪﻯ ﻟﻲَ ﻧﺼﺤﺎﹰ ﺃﻭ ﻋﻮﻧﺎﹰ ﻻﺳﺘﻜﻤﺎﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺤﺚ‪.‬‬

‫ﻛﻤﺎ ﻭﺃﺗﻮﺟّﻪ ﺑﺎﻟﺸﻜﺮ ﻭﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺮ ﻷﻋﻀﺎﺀ ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﻨﺠﺎﺡ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴـﺔ‪ ،‬ﻭﻷﻋﻀـﺎﺀ‬
‫ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺑﻠﺪﻳﺔ ﺟﻨﻴﻦ‪ ،‬ﻭﻟﻸﺳﺘﺎﺫ ﺍﻟﻔﺎﺿﻞ "ﺃﻣﻴﻦ ﺣﻨﺎﻳﺸﺔ"؛ ﻟﻤﺎ ﻗﺪّﻣﻮﻩ ﻟﻲ ﻣﻦ ﻣﺴﺎﻋﺪﺓ ﻭﺩﻋﻢ‪.‬‬

‫ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ‪ ،‬ﺃﺗﻮﺟّﻪ ﺑﺎﻟﺸﻜﺮ ﻭﺍﻟﻌﺮﻓﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﻋﻀـﻮﻱ ﻟﺠﻨـﺔ ﺍﻟﻤﻨﺎﻗﺸـﺔ‬


‫ﺍﻟﻠﺬﻳﻦ ﺳﻴﻜﺴِﺒﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻗﻴﻤﺔﹰ ﺃﺧﺮﻯ ﺑﺂﺭﺍﺋﻬﻤﺎ ﻭﺗﻮﺟﻴﻬﺎﺗﻬﻤﺎ ﺍﻟﺴﺪﻳﺪﺓ‪.‬‬

‫ﺟﺰﺍﻛﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻲ ﻛﻞﹼ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻭﺣﺴﻦ ﺍﻟﺠﺰﺍﺀ‪.‬‬

‫ث‬
‫ﻓﻬﺭﺱ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻋﺎﺕ‬
‫ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ‬ ‫ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻉ‬
‫ﺝ‬ ‫ﺍﻹﻫﺩﺍﺀ‬
‫ﺩ‬ ‫ﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﺸﻜﺭ‬
‫ﻫـ‬ ‫ﻓﻬﺭﺱ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻋﺎﺕ‬
‫ﺯ‬ ‫ﺍﻟﻤﻠﺨﺹ‬
‫‪4-1‬‬ ‫ﺍﻟﻤﻘﺩﻤﺔ‬
‫‪5‬‬ ‫ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻷﻭل‪ :‬ﺍﻟﺠﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻭﺭﻭﺙ ﺍﻟﻘﺩﻴﻡ‪:‬‬
‫‪41-6‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺒﺤﺙ ﺍﻷﻭل‪ :‬ﺍﻟﺠﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻭﺭﻭﺙ ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻲ ﺍﻟﻘﺩﻴﻡ‬
‫‪61-42‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺒﺤﺙ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ‪ :‬ﺍﻟﺠﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻭﺭﻭﺙ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﻘﺩﻴﻡ‬
‫‪62‬‬ ‫ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ‪:‬ﺍﻟﺠﻥ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺍﻻﺼﻁﻼﺡ‬
‫‪66-63‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺒﺤﺙ ﺍﻷﻭل‪ :‬ﺍﻟﺠﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﻠﻐﻭﻱ ﻭﺍﻻﺼﻁﻼﺤﻲ‬
‫‪73-67‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺒﺤﺙ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ‪ :‬ﺃﺼﻨﺎﻑ ﺍﻟﺠﻥ ﻭﻤﺭﺍﺘﺒﻬﺎ‬
‫‪82-74‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺒﺤﺙ ﺍﻟﺜﺎﻟﺙ‪ :‬ﺘﺸﻜﻼﺕ ﺍﻟﺠﻥ ﻭﺘﻠﻭﻨﺎﺘﻬﺎ‬
‫‪86-83‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺒﺤﺙ ﺍﻟﺭﺍﺒﻊ‪ :‬ﺃﺸﻜﺎﻟﻬﺎ ﻭﺼﻭﺭﻫﺎ‪.‬‬
‫‪101-87‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺒﺤﺙ ﺍﻟﺨﺎﻤﺱ‪ :‬ﺃﻨﻭﺍﻉ ﺍﻟﺠﻥ‬
‫‪102‬‬ ‫ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻟﺜﺎﻟﺙ‪ :‬ﺍﻟﺠﻥ ﻭﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‬
‫‪112-103‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺒﺤﺙ ﺍﻷﻭل‪ :‬ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺠﻥ ﻭﺍﻹﻨﺱ‬
‫‪121-113‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺒﺤﺙ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ‪ :‬ﺍﻟﻭﻗﺎﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺠﻥ ﻭﺍﻻﺴﺘﻌﺎﻨﺔ ﺒﻬﺎ‬
‫‪125-122‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺒﺤﺙ ﺍﻟﺜﺎﻟﺙ‪ :‬ﺍﻟﺯﻭﺍﺝ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺠﻥ ﻭﺍﻹﻨﺱ‬
‫‪133-126‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺒﺤﺙ ﺍﻟﺭﺍﺒﻊ‪ :‬ﺘﺴﺨﻴﺭ ﺍﻟﺠﻥ‪.‬‬
‫‪136-134‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺒﺤﺙ ﺍﻟﺨﺎﻤﺱ‪ :‬ﻤﻜﺎﻓﺄﺓ ﺍﻟﺠﻥ ﻟﻺﻨﺱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻴﺭ ﻭﺍﻟﺸ ّﺭ‪.‬‬
‫‪152-137‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺒﺤﺙ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ‪ :‬ﺸﻴﺎﻁﻴﻥ ﺍﻟﺸﻌﺭﺍﺀ‬
‫‪164-153‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺒﺤﺙ ﺍﻟﺴﺎﺒﻊ‪ :‬ﺍﻟﺠﻥ ﻭﺍﻟﻜﻬﺎﻨﺔ ﻭﺍﻟﺴﺤﺭ‪.‬‬
‫‪165‬‬ ‫ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻟﺭﺍﺒﻊ‪ :‬ﺍﻟﺠﻥ ﻭﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‬
‫‪171-166‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺒﺤﺙ ﺍﻷﻭل‪ :‬ﺍﻟﺠﻥ ﻭﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‬
‫‪175-172‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺒﺤﺙ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ‪ :‬ﺍﻟﺠﻥ ﻭﺍﻟﻜﻠﺏ ﺍﻷﺴﻭﺩ‬
‫‪181-176‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺒﺤﺙ ﺍﻟﺜﺎﻟﺙ‪ :‬ﺍﻟﺠﻥ ﻭﺍﻹﺒل‬

‫ج‬
‫ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ‬ ‫ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻉ‬
‫‪187-182‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺒﺤﺙ ﺍﻟﺭﺍﺒﻊ‪ :‬ﺍﻟﺠﻥ ﻭﺍﻟﺨﻴل‬
‫‪194-188‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺒﺤﺙ ﺍﻟﺨﺎﻤﺱ‪ :‬ﺍﻟﺠﻥ ﻭﺍﻟﻁﻴﺭ‬
‫‪201-195‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺒﺤﺙ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ‪ :‬ﺍﻟﺠﻥ ﻭﺍﻟﺤﻴﺔ‬
‫‪206-202‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺒﺤﺙ ﺍﻟﺴﺎﺒﻊ‪ :‬ﺍﻟﺠﻥ ﻭﺍﻟﻐﺯﺍل‬
‫‪211-207‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺒﺤﺙ ﺍﻟﺜﺎﻤﻥ‪ :‬ﺍﻟﺠﻥ ﻭﺍﻟﺜﻭﺭ‬
‫‪212‬‬ ‫ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻟﺨﺎﻤﺱ‪ :‬ﺍﻟﺠﻥ ﻭﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‬
‫‪221-213‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺒﺤﺙ ﺍﻷﻭل‪ :‬ﺍﻟﺠﻥ ﻭﺍﻟﺼﺤﺎﺭﻱ‬
‫‪225-22‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺒﺤﺙ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ‪ :‬ﺍﻟﺠﻥ ﻭﺍﻟﺸﺠﺭ‬
‫‪231-226‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺒﺤﺙ ﺍﻟﺜﺎﻟﺙ‪ :‬ﺍﻟﺠﻥ ﻭﺍﻟﺨﻴﺎل‬
‫‪235-232‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺒﺤﺙ ﺍﻟﺭﺍﺒﻊ‪ :‬ﺍﻟﺠﻥ ﻭﺍﻵﺒﺎﺭ ﻭﺍﻷﻭﺩﻴﺔ‬
‫‪236‬‬ ‫ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ‪ :‬ﺃﺒﻌﺎﺩ ﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﺠـﻥ ﻭﺩﻻﻻﺘﻬـﺎ ﻓـﻲ ﺍﻟﺸـﻌﺭ‬
‫ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‬
‫‪239-237‬‬ ‫ﺘﻤﻬﻴﺩ‬
‫‪258-240‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺒﺤﺙ ﺍﻷﻭل‪ :‬ﺍﻟﺒﻌﺩ ﺍﻟﻤﻴﺜﻭﻟﻭﺠﻲ‬
‫‪272-259‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺒﺤﺙ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ‪ :‬ﺍﻟﺒﻌﺩ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ‬
‫‪284-273‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺒﺤﺙ ﺍﻟﺜﺎﻟﺙ‪ :‬ﺍﻟﺒﻌﺩ ﺍﻟﻨﻔﺴﻲ‬
‫‪287-285‬‬ ‫ﺍﻟﺨﺎﺘﻤﺔ‬
‫‪310-288‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﺭ ﻭﺍﻟﻤﺭﺍﺠﻊ‬
‫‪313-311‬‬ ‫ﺍﻟﺩﻭﺭﻴﺎﺕ‬
‫‪314‬‬ ‫ﺍﻟﺭﺴﺎﺌل ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﻴﺔ‬
‫‪b‬‬ ‫ﺍﻟﻤﻠﺨﺹ ﺒﺎﻟﻠﻐﺔ ﺍﻹﻨﻠﺠﻴﺯﻴﺔ‬

‫ح‬
‫ﺍﻟﺠﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‬
‫ﺇﻋﺩﺍﺩ‬
‫ﺤﻠﻴﻤﺔ ﺨﺎﻟﺩ ﺭﺸﻴﺩ ﺼﺎﻟﺢ‬
‫ﺇﺸﺭﺍﻑ‬
‫ﺩ‪ .‬ﺇﺤﺴﺎﻥ ﺍﻟﺩﻴﻙ‬
‫ﺍﻟﻤﻠﺨﺹ‬

‫ﻴﺘﻨﺎﻭل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻤﻭﻀﻭﻉ ﺍﻟﺠﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﻭﺘﻜﻤـﻥ ﺃﻫﻤﻴـﺔ ﺩﺭﺍﺴـﺔ ﻫـﺫﺍ‬

‫ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻉ‪ ،‬ﻓﻲ ﺃﻨﻪ ﻴﻜﺸﻑ ﻋﻥ ﺠﻭﺍﻨﺏ ﻤﻥ ﻓﻜﺭ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻌ ﱡﺩ ﺠـﺯﺀﹰﺍ ﻤـﻥ ﻓﻜـﺭ‬

‫ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﻘﺩﻴﻡ ﻭﺍﻟﺤﺩﻴﺙ‪ ،‬ﻭﻋﻥ ﺘﺸﺎﺒﻪ ﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﻟﺩﻯ ﺸـﻌﻭﺏ ﺍﻟﻌـﺎﻟﻡ ﺍﻟﻘـﺩﻴﻡ‪،‬‬

‫ﻭﺘﺩﺍﺨﻠﻬﺎ ﻭﺍﻨﻌﻜﺎﺴﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻷﺩﺏ‪ ،‬ﻜﻤﺎ ﻴﺒﻴﻥ ﺃﺼل ﻫﺫﻩ ﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ ﻭﺍﻟﺨﺭﺍﻓـﺎﺕ‪ ،‬ﻭﻗـﺩﺭﺓ ﺍﻟﺸـﺎﻋﺭ‬

‫ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﺘﻭﻅﻴﻑ ﻫﻭﺍﺠﺴﻪ ﻭﺨﻴﺎﻻﺘﻪ ﻓﻲ ﺸﻌﺭﻩ‪.‬‬

‫ﻭﺍﻗﺘﻀﺕ ﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻓﻲ ﻤﻘﺩﻤﺔ ﻭﺴﺘﺔ ﻓﺼﻭل ﻭﺨﺎﺘﻤﺔ‪.‬‬

‫ﻋﺭﻀﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻷﻭل ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤـﻭﺭﻭﺙ ﺍﻟﻘـﺩﻴﻡ )ﺍﻹﻨﺴـﺎﻨﻲ ﻭﺍﻟﻌﺭﺒـﻲ(‪،‬‬


‫ﻭﺘﻭﺼﻠﺕ ﺇﻟﻰ ﺃﻨﻪ ﻜﺎﻥ ﻟﻠﺠﻥ ﻤﻜﺎﻨﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻟﺩﻯ ﺘﻠﻙ ﺍﻷﻤﻡ؛ ﻷﻨﻬﻡ ﻨﻅـﺭﻭﺍ ﺇﻟﻴﻬـﺎ ﻨﻅـﺭﺓ ﻤﻠﺅﻫـﺎ‬

‫ﺍﻟﺘﻘﺩﻴﺱ ﻭﺍﻟﺭﻫﺒﺔ ﻭﺍﻟﺭﻏﺒﺔ‪ ،‬ﻓﻨﺴﺒﻭﺍ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻜل ﻤﺎ ﻴﻼﺤﻅﻭﻨﻪ ﻤﻥ ﻅﻭﺍﻫﺭ ﻁﺒﻴﻌﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻤﺎ ﻴﻠﺤـﻕ ﺒﻬـﻡ‬

‫ﻤﻥ ﻤﺭﺽ ﻭﻏﻴﺭﻩ‪ ،‬ﻓﻲ ﻅل ﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻹﻟﻬﻲ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﻲ‪ .‬ﻜﻤﺎ ﺍﺤﺘﻠﺕ ﺍﻟﺠﻥ ﻤﻜﺎﻨﺔ ﻫﺎﻤﺔ ﻋﻠـﻰ‬
‫ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﺩﻴﺎﻨﺎﺕ )ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻴﻬﻭﺩﻴﺔ(‪ ،‬ﺇﺫ ﻨﺴﺒﻭﺍ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﺴﻘﻭﻁ‪ ،‬ﻭﻤﺎ ﺘﺭﺘﺏ ﻋﻠﻴﻬـﺎ ﻤـﻥ‬

‫ﺸﺭﻭﺭ ﻭﻤﺘﺎﻋﺏ‪ ،‬ﻭﺨﻠﻁﻭﺍ ﺒﻴﻨﻬﺎ ﻭﺒﻴﻥ ﺁﻟﻬﺘﻬﻡ‪.‬‬

‫ﻭﻋﺭﻀﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺒﺤﺙ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﻨﻅﺭﺓ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﻴﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻥ‪ ،‬ﻭﻤﺎ ﻜﺎﻨﻭﺍ ﻴﻤﺎﺭﺴـﻭﻨﻪ‬

‫ﺕ ﻤـﻥ ﺨﻼﻟـﻪ ﺤﻠﻘـﺔ‬


‫ﻑ ﺃﺫﺍﻫﺎ‪ ،‬ﻭﺃﺜﺒ ﱡ‬
‫ﻤﻥ ﺍﻟﻁﻘﻭﺱ ﻭﺍﻟﺸﻌﺎﺌﺭ؛ ﻟﻨﻴل ﺭﻀﺎﻫﺎ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺘﻘﺭﺏ ﻤﻨﻬﺎ‪ ،‬ﻭﻜ ﱢ‬

‫ﺍﻟﺘﻭﺍﺼل ﺍﻟﻔﻜﺭﻱ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻲ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺸﻌﻭﺏ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ‪.‬‬

‫ﻭﺨﺼﺼﺕ ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﻟﻠﺤﺩﻴﺙ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﻠﻐﻭﻱ ﻭﺍﻻﺼﻁﻼﺤﻲ‪ ،‬ﻭﺒﻴﻨﺕ ﻤﺎ ﻴﺤﻤﻠﻪ‬


‫ﻜل ﻤﻨﻬﻤﺎ ﻤﻥ ﻤﻌﺎﻨﻲ ﺍﻟﺘﺴﺘﺭ ﻭﺍﻻﺨﺘﻔﺎﺀ‪ ،‬ﻤﺩﻋّﻤﺔ ﺒﺂﺭﺍﺀ ﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺅﺭﺨﻴﻥ‪ ،‬ﺜﻡ ﺘﻨﺎﻭﻟﺕ ﺃﺼـﻨﺎﻑ‬

‫ﺍﻟﺠﻥ ﻭﻤﺭﺍﺘﺒﻬﺎ‪ ،‬ﻭﻻﺤﻅﺕ ﺃﻨﻬﺎ ﺘﺸﻜل ﻋﺎﻟﻤﹰﺎ ﻤﻤﺎﺜل ﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻹﻨﺱ‪ ،‬ﻤـﻥ ﺤﻴـﺙ ﺍﻟﺒﻨـﺎﺀ ﺍﻟﺘﺸـﻜﻴﻠﻲ‬

‫خ‬
‫ﻭﺍﻟﻁﺒﻘﻲ‪ ،‬ﻭﺘﺤﺩﺜﺕ ﻋﻥ ﺃﺸﻜﺎﻟﻬﺎ ﻭﺼﻭﺭﻫﺎ ﻭﺘﺸﻜﻼﺘﻬﺎ‪ ،‬ﺍﻟﺘﻲ ﻋﻜﺴﺕ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﺍﻟﺒﺩﺍﺌﻴﺔ ﺍﻟﺴﺎﺫﺠﺔ‬

‫ﺍﻟﺘﻲ ﻨﺴﺠﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﻭﻫﺎﻡ ﻭﺍﻟﻤﺯﺍﻋﻡ‪.‬‬

‫ﺃﻤﺎ ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻟﺜﺎﻟﺙ‪ ،‬ﻓﻘﺩ ﺒﺩﺃﺘﻪ ﺒﺎﻟﺤﺩﻴﺙ ﻋﻥ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻟﺠﻥ ﺒﺎﻹﻨﺴﺎﻥ‪ ،‬ﻤﻥ ﺨﻼل ﻤﺎ ﻭﺭﺩ ﻓﻲ‬

‫ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺒﺩﺀﹰﺍ ﺒﺼﺭﺍﻉ ﺍﻟﺠﻥ ﻭﺍﻹﻨﺴﺎﻥ‪ ،‬ﻭﻤﺭﻭﺭﹰﺍ ﺒﺘﺴﺨﻴﺭ ﺍﻹﻨﺱ ﻟﻠﺠﻥ‪ ،‬ﻭﻤﺤﺎﻭﻟﺘﻪ ﺍﻟﺘﻘﺭﱡﺏ‬

‫ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺒﻜل ﺍﻟﻭﺴﺎﺌل‪ ،‬ﺜﻡ ﻋﺭﻀﺕ ﻹﻤﻜﺎﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﺯﺍﻭﺝ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺠﻥ ﻭﺍﻹﻨﺱ‪ ،‬ﻭﻤﺎ ﻨﺠﻡ ﻋﻥ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ‬
‫ﻤﻥ ﻨﺘﺎﺝ ﻤﺭﻜﺏ‪ ،‬ﻭﺍﻨﺘﻘﻠﺕ ﺇﻟﻰ ﻤﺎ ﻟﻌﺒﺘﻪ ﺍﻟﺸﻴﺎﻁﻴﻥ ﻤﻥ ﺩﻭ ﹴﺭ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻹﺒﺩﺍﻉ ﺍﻟﺸـﻌﺭﻱ‪ ،‬ﻭﻓـﻲ‬

‫ﺍﻟﺴﺤﺭ ﻭﺍﻟﻜﻬﺎﻨﺔ‪ ،‬ﻭﺩﻭﺭ ﻜل ﻤﻥ ﺍﻟﺴﺎﺤﺭ ﻭﺍﻟﻜﺎﻫﻥ ﻭﻋﻼﻗﺘﻬﻡ ﺒﺎﻟﺠﻥ‪.‬‬

‫ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻟﺭﺍﺒﻊ ﺘﺤﺩﺜﺕ ﻋﻥ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻟﺠﻥ ﺒﺎﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،‬ﻭﺍﺘﺨﺎﺫﻫـﺎ ﻤـﻥ ﺒﻌـﺽ ﻫـﺫﻩ‬
‫ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻨﺎﺕ ﻤﻁﺎﻴﺎ ﻟﻬﺎ‪ ،‬ﻭﻤﺎ ﻨﺠﻡ ﻋﻥ ﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﺘﻘﺩﻴﺱ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﻴﻥ ﻟﺘﻠﻙ ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻨﺎﺕ‪ ،‬ﻭﺇﻤﻜﺎﻨﻴﺔ ﺘﺸـﻜﹼل‬

‫ﺍﻟﺠﻥ‪ ،‬ﻭﺘﻘﻤﺼﻬﺎ ﻷﺸﻜﺎل ﺒﻌﺽ ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻨﺎﺕ‪ ،‬ﻭﻤﺎ ﻴﺘﺒﻊ ﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﺸﻌﺎﺌﺭ ﻭﻁﻘﻭﺱ ﻜﺎﻟﺘﻨﻔﻴﺭ‪ ،‬ﻭﺘﻌﻠﻴـﻕ‬

‫ﻜﻌﺏ ﺍﻷﺭﻨﺏ ﻭﻏﻴﺭﻫﺎ‪.‬‬

‫ﺜﻡ ﺍﻨﺘﻘﻠﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻟﺨﺎﻤﺱ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﻋﻥ ﺃﻤﺎﻜﻥ ﺘﻭﺍﺠﺩ ﺍﻟﺠﻥ ﻭﺍﻟﻐﻴﻼﻥ‪ ،‬ﻭﻋﺭﻀﺕ‬

‫ﺇﻟﻰ ﺃﺜﺭ ﺍﻟﺼﺤﺭﺍﺀ ﻓﻲ ﻨﻔﺱ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ ﻭﻋﻘﻠﻴﺘﻪ‪ ،‬ﻭﻤﺩﻯ ﺍﻨﻌﻜﺎﺱ ﺫﻟﻙ ﺍﻷﺜﺭ ﻋﻠﻰ ﻫﻭﺍﺠﺴـﻪ‬

‫ﻭﺨﻴﺎﻻﺘﻪ‪ ،‬ﻤﻤﺎ ﺩﻓﻌﻪ ﺇﻟﻰ ﺨﻠﻕ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﻭﻫﺎﻡ‪ ،‬ﻭﺘﺨﻴل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻜﺎﺌﻨﺎﺕ‪.‬‬

‫ﻭﻭﻗﻔﺕ ﻋﻨﺩ ﻋﻼﻗﺘﻬﺎ ﺒﺎﻵﺒﺎﺭ ﻭﺍﻟﺠﺒﺎل ﻭﺍﻷﻭﺩﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻨﻅﺭﺓ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﺇﻟﻰ ﺘﻠﻙ ﺍﻷﻤﺎﻜﻥ‪ ،‬ﻭﻤـﺎ‬

‫ﺘﺭﺘﺏ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﺘﻘﺩﻴﺴﻬﺎ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺨﻭﻑ ﻤﻥ ﺍﺨﺘﺭﺍﻗﻬﺎ‪ ،‬ﻭﺒﻴّﻨـﺕ ﺃﺜـﺭ ﺍﻟﺨﺭﺍﻓـﺎﺕ ﻭﺍﻷﺴـﺎﻁﻴﺭ‪،‬‬

‫ﻭﺍﻟﻤﻌﺘﻘﺩﺍﺕ ﻭﺍﻟﺩﻴﺎﻨﺎﺕ ﺍﻟﻘﺩﻴﻤﺔ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ‪.‬‬

‫ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﺘﻭﻗﻔﺕ ﻋﻨﺩ ﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﺸﻌﺭﻴﺔ ﻭﺃﺒﻌﺎﺩﻫـﺎ‪ ،‬ﻭﺍﻨﺘﻘﻠـﺕ ﺇﻟـﻰ‬

‫ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﻋﻥ ﺃﺒﻌﺎﺩ ﻭﺩﻻﻻﺕ ﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﺠﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺒﺩﺀﹰﺍ ﺒﺎﻟﺒﻌـﺩ ﺍﻟﻤﻴﺜﻭﻟـﻭﺠﻲ‪ ،‬ﻭﻤـﺎ‬

‫ﻴﻨﻁﻭﻱ ﺘﺤﺘﻪ ﻤﻥ ﺃﻤﻭﺭ ﺩﻴﻨﻴﺔ‪ ،‬ﺃﺜﺒﺕ ﻤﻥ ﺨﻼﻟﻬﺎ ﻗﺩﺭﺓ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﺴﺘﻘﺎﺀ ﻤﺎﺩﺘـﻪ ﻤـﻥ‬

‫ﺃﺼﻭل ﻤﻴﺜﻭﻟﻭﺠﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﻭﺩﻴﻨﻴﺔ‪ .‬ﺜﻡ ﺍﻟﺒﻌﺩ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻭﺼﻠﺕ ﻤﻥ ﺨﻼﻟﻪ ﺇﻟﻰ ﻤﺤﺎﻭﻟـﺔ‬

‫ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ ﺇﻗﺎﻤﺔ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻤﺘﻨﻭﻋﺔ ﻤﻊ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺨﻠﻭﻗﺎﺕ‪ ،‬ﻭﺘﺤﺩﺜﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻌﺩ ﺍﻟﻨﻔﺴﻲ‬

‫د‬
‫ﻋﻥ ﺍﻷﺜﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺜﺎﺭﺘﻪ ﺍﻟﺠﻥ ﻓﻲ ﻨﻔﻭﺱ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﻴﻥ ﻤﻥ ﺭﻫﺒـﺔ ﻭﺨـﻭﻑ‪ ،‬ﻭﺘﻘـﺩﻴﺱ ﻭﺇﻋﺠـﺎﺏ‪،‬‬

‫ﻭﻋﺭﻀﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺎﺘﻤﺔ ﻷﻫﻡ ﺍﻟﻨﺘﺎﺌﺞ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺼل ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﻟﺒﺤﺙ‪.‬‬

‫ذ‬
‫المقدمة‬

‫لقد استھوتني فكرة البحث‪ ،‬رغم ما فيھا من مخ اوف ومخ اطر ومص اعب؛ ربم ا لم ا فيھ ا‬

‫من إث ارة وتش ويق‪ ،‬فاالعتق اد بوج ود الج ن‪ ،‬وم ا يتعل ق ب ه موغ ل ف ي الق دم‪ ،‬ومعاص ر لكثي ر م ن‬

‫معتقداتنا وسلوكنا‪ ،‬وحقيقة راسخة في عقي دتنا الروحي ة‪ ،‬ال تقب ل ج دالً‪ ،‬ولك ن االعتق اد بالمس ميات‬

‫المحسوس ة والغيبي ات‪ ،‬يداخل ه كثي ر م ن اإلض افات واالنحراف ات‪ ،‬وينس ج خي ال الن اس حولھ ا‬
‫حكايات وتصورات مع مرور الزمن‪ ،‬مم ا يقتض ي الوق وف عل ى األص ول األول ى للمعتق د‪ ،‬وھ ي‬

‫عملية ليست يسيرة‪.‬‬

‫ومن دواعي البحث ومبرراته‪ ،‬إضافة إلى غرابة موضوعه وجدته؛ ّ‬


‫أن الموضوع ل م ين ل‬
‫م ن الدراس ة حظ ا ً واف راً‪ ،‬ول م يح ظ بدراس ة س ابقة ش املة ومتخصص ة م ن ھ ذا الن وع‪ ،‬وإنم ا‬

‫اقتص رت الدراس ات الس ابقة عل ى بع ض الدراس ات النظري ة التقليدي ة المبعث رة ف ي ثناي ا الكت ب‬

‫التراثية القديمة وكتب األساطير‪.‬‬

‫ويس عى البح ث إل ى تنقي ة الفك ر مم ا عل ق ب ه م ن ش وائب‪ ،‬وتھذيب ه مم ا ط رأ علي ه م ن‬

‫إض افات‪ ،‬وإل ى إع ادة األص الة والعذري ة ل ه؛ لم ا ل ج في ه الن اس‪ ،‬واختلف وا حول ه‪ ،‬وإل ى تج اوز‬

‫الطريق ة التقليدي ة ف ي دراس ة الش عر‪ ،‬وتتب ع ت أثير الفك ر ف ي الش عر‪ ،‬فيم ا يتعل ق ب الجن والرم وز‪،‬‬

‫والدالالت التي استخدمت لھا‪ ،‬وإثبات عالقة الفكر بالشعر‪.‬‬

‫وما يميز الموضوع أن ه يتمت ع بقيم ة أدبي ة ومعرفي ة‪ ،‬تكش ف بطريق ة مباش رة زي ف كثي ر‬

‫م ن معتق داتنا ع ن الج ن ف ي الوق ت الحاض ر‪ ،‬ويثب ت أن الفك ر المعاص ر امت داد وتواص ل للفك ر‬
‫اإلنس اني الب دائي‪ ،‬وذل ك بن ا ًء عل ى مفھ وم الالش عور الجمع ي‪ ،‬إالّ أن ه تواص ل يتع رض للتغيي ر‬

‫والتحوير‪ ،‬مع المحافظة على البذور األولى لذلك المعتقد‪.‬‬

‫كم ا أن ه يتن اول موض وع )الج ن( تن اوالً ش امالً ومفص الً عل ى مس توى الش عر الج اھلي‪،‬‬

‫معتمداً على الموروث القديم في األساطير العالمية والتوراة واإلنجيل وعند العرب‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫واعتم ُ‬
‫دت عل ى الم نھج التك املي؛ فأخ ذت م ن الم نھج الت اريخي والوص في واالجتم اعي‬

‫والنفس ي‪ ،‬واتك أت كثي راً عل ى الم نھج األس طوري؛ بغي ةَ الكش ف ع ن الص لﱠة ب ين النت اج الش عري‬

‫والطقوس الشعائرية البدائية‪.‬‬

‫وقد استعنت بالمصادر التاريخية للتزود بأخبار الع رب ومعتق داتھم‪ ،‬ووج دت ف ي دواوي ن‬

‫الشعراء‪ ،‬وما تف ّرق م ن أش عارھم زاداً ال ينف د‪ ،‬ومعين ا ً ال ينض ب‪ ،‬وك ان اعتم ادي عل ى المص ادر‬
‫العربية القديمة كلسان الع رب‪ ،‬والحي وان‪ ،‬وحي اة الحي وان الكب رى‪ ،‬و األص معيات‪ ،‬والمفض ليات‪،‬‬

‫واألغ اني‪ ،‬وعجائ ب المخلوق ات وغرائ ب الموج ودات‪ ،‬وم ن المراج ع م ا ك ان مھم ا ً مث ل بل وغ‬

‫األرب في معرفة أح وال الع رب‪ ،‬والمفص ل ف ي ت اريخ الع رب قب ل اإلس الم‪ ،‬وبع ض الكت ب الت ي‬
‫تتحدث في أساطير الشعوب القديمة‪ ،‬بدءاً بـ لغ ز عش تار‪ ،‬وكت ب الماج دي وخاص ة بخ ور اآللھ ة‪،‬‬

‫وانتھاء بكتب األساطير العربية‪ ،‬أشھرھا أساطير العرب عن الجاھلي ة ودالالتھ ا‪ ،‬واألس طورة ف ي‬

‫الشعر العربي قبل اإلسالم‪ ،‬وغيرھا‪.‬‬

‫ثم تتبع ت الدراس ات النقدي ة واألدبي ة الحديث ة الت ي اعتن ت بجزئي ات ع ن موض وع الج ن‪،‬‬

‫أھمھا الص ورة الفني ة ف ي الش عر الج اھلي ف ي ض وء النق د الح ديث‪ ،‬والص ورة ف ي الش عر العرب ي‬

‫حتى نھاية آخر القرن الثاني الھجري‪ ،‬والحقت قدر المستطاع ما كتبه النقاد في الدوريات‪.‬‬

‫وقسمت الموضوع إلى مقدمة وستة فصول وخاتمة‪.‬‬

‫أم ا الفص ل األول فق د تناول ت في ه " الج ن ف ي الم وروث الق ديم"‪ ،‬وقس مته إل ى مبحث ين‪،‬‬

‫تناولت في األول الجن في الموروث اإلنساني " بدءاً بالسومريين‪ ،‬ومروراً بالبابليين والكنع انيين‪،‬‬
‫والمص ريين الق دماء‪ ،‬واليون انيين والعب ريين‪ ،‬وانتھ اء باإلنجي ل‪ ،‬وف ي المبح ث الث اني " الج ن ف ي‬

‫الم وروث الج اھلي عن د الع رب" وبين ت م دى ت أثرھم ب األمم الس ابقة ف ي معتق داتھم وطقوس ھم‪،‬‬

‫وعالقتھم بالجن‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫وتناولت في الفصل الثاني المفھوم اللغوي واالصطالحي للج ن‪ ،‬وبين ت عالق ة ك ل منھم ا‬

‫باآلخر‪ ،‬وعرضت ألصناف الجن‪ ،‬وتشكالتھا وأشكالھا‪ ،‬وتحدثت ع ن أنواعھ ا‪ ،‬وقوف ا ً عن د إبل يس‬

‫والشيطان والغول والرئي‪ ،‬وأبرز مالمح كل منھا‪.‬‬

‫أما الفصل الثالث فقد وقفت فيه على مواطن الج ن ف ي الش عر الج اھلي م ن حي ث عالقتھ ا‬

‫باإلنس ان‪ ،‬ب دءاً بالص راع ب ين الج ن واإلنس ان‪ ،‬والوقاي ة م ن الج ن‪ ،‬واالس تعانة بھ ا‪،‬ثم االس تعاذة‬
‫منھ ا‪ ،‬وم روراً بالعالق ات اإليجابي ة بينھم ا م ن حي ث زواج اإلن س م ن الج ن‪ ،‬والج ن م ن اإلن س‪،‬‬

‫وتسخير اإلنس للجن‪ ،‬ثم مكافأة الجن لإلنس واإلنس للجن‪.‬‬

‫وختم ت الفص ل بالح ديث ع ن قض ية اإللھ ام ف ي الش عر‪ ،‬ودور الج ن والش ياطين فيھ ا‪،‬‬
‫والعالق ة اللغوي ة ب ين أس ماء ش ياطين الش عراء‪ ،‬وم ا اس تقرت علي ه أذھ ان الع رب ع ن الج ن‪ ،‬ث م‬

‫انتقلت إلى الحديث عن السحر‪ ،‬وعن الكھانة والجن‪ ،‬والعالقة بينھما من خالل الحديث عن الش عر‬

‫وبدايته‪ ،‬وصلة الجن بالكاھن‪.‬‬

‫وق د عرض ت ف ي الفص ل الراب ع عالق ة الج ن ب الحيوان‪ ،‬فتح دثت ع ن مطاي ا الج ن‬

‫وتشكالته‪ ،‬بدءاً بالجن والكلب األسود‪ ،‬ثم الجن واإلب ل‪َ ،‬و ِم ن ث م الج ن والخي ل‪َ ،‬و َوقَف ت مليّ ا ً عن د‬

‫الجن والحية؛ لما لھا من حض ور ب ارز ف ي ع الم الج ن‪ ،‬و ف ي عقلي ة الج اھليين‪ ،‬وأخي راً عرض ت‬

‫والجن بالطير‪ ،‬متحدثةً ً◌ عن الطيرة‪ ،‬وبعض المعتقدات المتعلقة بھا‪.‬‬


‫ﱠ‬ ‫ﱠ‬
‫الجن بالغزال‪،‬‬ ‫إلى عالقة‬

‫ثم عرضت ف ي الفص ل الخ امس إل ى الج ن والطبيع ة‪ ،‬وخاص ة أم اكن تواج دھا وتخيلھ ا‪،‬‬

‫فبدأت بعالقة الجن بالصحاري‪ ،‬ثم الجن والشجر‪ ،‬معلّلة تقديس العرب لبعض األشجار‪ ،‬ونظ رتھم‬
‫إليھا‪ ،‬ثم الجن واآلبار واألودية‪ ،‬ونظرة العرب إليھا‪ ،‬وتقديسھم لھا‪ ،‬وبع ض المعتق دات والطق وس‬

‫المتعلقة بكل منھا‪ ،‬كل ذلك من خالل استقراء ما ور َد في الشعر الجاھلي‪ .‬وقصرت الفصل األخي ر‬

‫على ماھي ة الص ورة وأبعادھ ا‪ ،‬ودالالتھ ا‪ ،‬ث م انتقل ت إل ى أبع اد ودالالت ص ورة الج ن ف ي الش عر‬
‫الجاھلي‪ ،‬بدءاً بالبعد المثيولوجي‪ ،‬ثم البعد االجتماعي فالنفسي‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫يل ي ذل ك خاتم ة اش تملت عل ى النت ائج الت ي خل ص إليھ ا البح ث‪ ،‬وإن كن ت ال أخف ي‬

‫الص عوبات الت ي واجھتن ي ف ي عملي ة البح ث والدراس ة‪ ،‬وم ن أھمھ ا تن اثر الم ادة ف ي مص ادر‬

‫ومراجع عديدة‪ ،‬إذ لم تكن أكثر من مالحظات سريعة‪ ،‬يتطلب الحصول عليھا الجھد المض ني‪ ،‬فل م‬

‫يحظ موضوع ذكر الجن والشياطين في الش عر العرب ي‪ ،‬وبخاص ة الج اھلي بال ذكر والتو ّس ع‪ ،‬كم ا‬

‫حظي غيره من الموضوعات األخرى‪.‬‬

‫وح ده‪ ،‬وحس بي أنن ي اجتھ دت‪ ،‬وأنّھ ا خط وة‬ ‫وال أ ّدعي الكمال لبحثي ھ ذا؛ ألن الكم ال‬

‫على الطريق‪ ،‬عسى أن تتبعھا خطوات تكمل ما اعتراه من نقص أو خلل‪ .‬وال ب د م ن اإلش ارة إل ى‬

‫تع الى ال ذي أع انني‪،‬‬ ‫شعوري باللذة واالستمتاع كثيراً في مادة البحث‪ ،‬ويرجع الفض ل ف ي ذل ك‬
‫كما وأعترف بفضل أستاذي الكريم األستاذ الدكتور إحس ان ال ديك ال ذي ل م يبخ ل عل ّي بوقت ه‪ ،‬وال‬

‫بنصحه وتوجيھاته‪ ،‬وساندني خطوة خطوة‪ ،‬فجزاه ﷲ عني كل خير‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫الفصل األول‬

‫الجن في الموروث القديم‬

‫المبحث األول‪ :‬الجن في الموروث اإلنساني القديم‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الجن في الموروث العربي القديم‬

‫‪5‬‬
‫المبحث األول‬

‫الجن في الموروث اإلنساني القديم‬

‫منذ أن حطﱠ اإلنسان على سطح األرض‪ ،‬أخذ يتأمل ظواھر الطبيعة‪ ،‬وم ن خ الل ص راعه‬

‫معھا‪ ،‬أحسّ بأن في تلك الظواھر قوى خفية‪ ،‬أو أرواحا ً تسبب أصواتاً‪ ،‬وحرك ات غربي ة‪ ،‬كھب وب‬
‫الريح والعواصف‪ ،‬وحدوث البرق‪ ،‬والرعد وھطول األمطار‪ ،‬وحدوث الفيضان‪ ،‬فحاول التو ّ‬
‫صل‬
‫إلى مصدرھا‪ ،‬األمر الذي دفعه إلى ربطھا بغريزة دينية عظم ى‪ ،‬وق د ع زا إل ى ھ ذه الق وى جمي ع‬

‫مظاھر التجدد والعطاء‪ ،‬ثم ما لبث أن ربط ھذه القوى بكائنات غيبية أو خفية‪ ،‬ق ادرة عل ى التش كل‬

‫في ھيئات متعددة‪ ،‬سيطرت على مشاعره‪ ،‬فرسم لھ ا ص وراً مثي رة مرعب ة‪ ،‬ممزوج ة بص ور م ن‬
‫واقعه‪.‬‬

‫أن ھناك قوة خارقة تح ّل فيما حوله‪ ،‬وتص ّور عالم ا ً ُ◌ م ن‬


‫وقد الحظ إنسان ما قبل التاريخ ّ‬

‫األرواح‪ ،‬يجھ ل طبعھ ا وغاياتھ ا‪ ،‬ونس ب إليھ ا ك ل م ا يلح ق ب ه م ن األذى والض رر‪ ،‬واعتق د أن‬

‫بقدرتھا دفع ھذا األذى عنه‪ ،‬فراح يتوسّل إليھا بإقام ة الطق وس؛ ل درء أذاھ ا أو لتس خيرھا ل ه‪ ،‬وق د‬

‫عمل على استرضائھا‪ ،‬واجتالبھا في صفه لمعونته)‪ ،(1‬يتولى ذل ك أش خاص يمتلك ون ق وة خارق ة‪،‬‬

‫ولھ م الق درة عل ى الت أثير فيھ ا‪ ،‬فس ّخروھا ألعم ال كثي رة كالص يد واس تنزال المط ر‪ ،‬والش فاء م ن‬

‫بع ض األم راض‪ ،‬ومواجھ ة الك وارث‪ ،‬وح ّل النزاع ات)‪ ،(2‬فھ ي تمث ل بالنس بة إل يھم ص ورة اإلل ه‬

‫ال ذي بي ده الخي ر والش رّ‪ ،‬ث م م ا لب ث ھ ذا اإلنس ان أن أخ ذ يتص ورھا ويتخيلھ ا بأش كال حيواني ة‬

‫وشيطانية متعددة‪ ،‬فبدت بأشكال بدينة مترھلة‪ ،‬مبالغا ً ف ي حجمھ ا‪ ،‬وبخاص ة ف ي من اطق األعض اء‬
‫الجنسية‪ ،‬عديمة المالمح من ناحية الوجه)‪.(3‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺎﺠﺩﻯ‪ ،‬ﺨﺯﻋل‪ :‬ﺃﺩﻴﺎﻥ ﻭﻤﻌﺘﻘﺩﺍﺕ ﻤﺎ ﻗﺒل ﺍﻟﺘـﺎﺭﻴﺦ‪ -‬ﻁ‪ -1‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺸﺭﻭﻕ‪ ،‬ﻋﻤﺎﻥ‪ ،1997 ،‬ﺹ‪ ،64‬ﺩﻴﻭﺭﺍﻨـﺕ‪ ،‬ﻭل‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫ﻭﺍﻴﺯﻴل‪ :،‬ﻗﺼﺔ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ )ﻨﺸﺄﺓ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺭﻕ ﺍﻷﺩﻨﻰ(‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪ ،‬ﺘﻭﻨﺱ‪ ،‬ﺘﻘﺩﻴﻡ ﻤﺤﻲ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﺼـﺎﺒﺭ‪ ،‬ﺘﺭﺠﻤـﺔ‬
‫ﻨﺠﻴﺏ ﻤﺤﻤﻭﺩ‪ ،‬ﺩ‪.‬ﺕ‪.110/1 ،‬‬
‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺎﺠﺩﻱ‪ :‬ﺃﺩﻴﺎﻥ ﻭﻤﻌﺘﻘﺩﺍﺕ ﻤﺎ ﻗﺒل ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ‪ ،‬ﺹ‪.64‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-‬ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.122‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪6‬‬
‫وقد أوحت ھذه الصور بأفكار كثيرة منھا‪ ،‬وجود أنواع ّ‬
‫شاذة م ن المخلوق ات الت ي اتخ ذت‬

‫صفة اإلنسان‪ ،‬يؤك د ذل ك م ا َو َرد ف ي قص ة الك اھن الب ابلي)برغوش ا( الت ي كتبھ ا ع ن تأمالت ه ف ي‬

‫فت رة م ا قب ل الت اريخ‪ ،‬وج اء فيھ ا "وق د ظھ ر رج ال م زودون بجن احين‪ ....‬وك ان لبعض ھم أربع ة‬

‫أجنح ة ووجھ ان‪ ،‬ولل بعض األخ ر جس د واح د ورأس ان‪ ،‬رأس ام رأة ورأس رج ل‪ ....‬وأعض اء‬

‫آن واحد‪ ،‬وھناك رج ال آخ رون‪ ،‬لھ م ق وائم م اعز‪ ،‬وبعض ھم عل ى ش كل إنس ان‬
‫مذكرة ومؤنثة في ِ‬
‫في مقدمته‪ ،‬وعلى ش كل حص ان ف ي مؤخرت ه‪ ،‬وك ذلك ثي ران ب رؤوس إنس انية‪ ،‬كم ا يوج د أس ماك‬

‫وأفاع‪ ،‬ومخلوقات أخرى غريبة لھا أشكال متبادلة فيما بينھا")‪ ،(4‬وتعك س ھ ذه الكائن ات‬
‫ٍ‬ ‫وزواحف‬

‫خيال اإلنسان المضطرب‪ ،‬وعقائده وأفكاره التي أوج دھا داف ع الرع ب والف زع م ن تل ك الكائن ات‪،‬‬
‫وتد ّل على وجود مخلوقات غريبة‪ ،‬قبل وجود اإلنس ان‪ ،‬ويتف ق ھ ذا م ع م ا ج اء ف ي الق رآن الك ريم‬

‫م ن خل ق الج ان قب ل آدم علي ه الس الم‪ ،‬إذ ق ال تع الى‪Í‘$¯Ρ ⎯ÏΒ ã≅ö6s% ⎯ÏΒ çμ≈uΖø)n=yz ¨β!$pgø:$#uρ" :‬‬

‫‪.(5)"∩⊄∠∪ ÏΘθßϑ¡¡9$#‬‬

‫ويع د الس ومريون م ن أق دم األم م الت ي آمن ت بوج ود مث ل ھ ذه الق وى وتل ك األرواح؛ إذ‬

‫اعتق دوا "أن الك ون مل يء بالعفاري ت الطيبّ ة والخبيث ة‪ ،‬وص وروھا وحوش ا ً مخيف ة‪ ،‬أو كائن ات‬

‫مركبة‪ ،‬أو أشباحا ً ك أرواح الم وتى‪ ،‬منھ ا م ا يخف ى وال يظھ ر ألح د‪ ،‬ومنھ ا م ا يخف ى عل ى أن اس‪،‬‬

‫ويظھر آلخرين بالرّقى والع زائم‪ ،‬ومنھ ا م ا يتل بس جس م اإلنس ان")‪" ،(6‬ومنھ ا الش ياطين الطيبّ ون‬

‫ال ذين ينتم ون ألص ل س ماويّ؛ وھ م أبن اء اآللھ ة ال ذين ال يس ببون األذى‪ ،‬أش ھرھم "الش يدو"‬

‫و"الماس و")‪ ،(7‬وھ م كالمالئك ة ح رّاس ال ي رون‪" ،‬يتول ون حراس ة المعاب د‪ ،‬وھ م ق وم م ن الج ن‬

‫واألرواح الطيبّة‪ ،‬يتوسطون ب ين اآللھ ة واإلنس ان‪ ،‬ويتخ ذون أش كال الثي ران المجنح ة م ع رؤوس‬

‫البشر")‪.(8‬‬

‫‪ -‬ﻓﺭﻴﺸﺎﺩﻭ‪ :‬ﺍﻟﺠﻨﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻘﺩﻴﻡ‪ ،‬ﺘﺭﺠﻤﺔ ﻓﺎﺌﻕ ﺩﺤﺩﻭﺡ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﻨﺩﻱ ﻟﻠﺘﺭﺠﻤﺔ ﻭﺍﻟﻨﺸﺭ‪ ،‬ﺴﻨﺔ ‪ ،1988‬ﺹ‪.26‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪-‬ﺴﻭﺭﺓ ﺍﻟﺤﺠﺭ‪ ،‬ﺁﻴﺔ ‪.27‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪-‬ﺍﻟﻨﻌﻴﻤﻲ‪ ،‬ﺃﺤﻤﺩ ﺇﺴﻤﺎﻋﻴل‪ :‬ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪ -‬ﻁ‪ -1‬ﺴﻴﻨﺎ ﻟﻠﻨﺸﺭ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ‪1995 ،‬ﻡ ﺹ‪.326‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺎﺠﺩﻱ ﺨﺯﻋل‪ :‬ﻤﺘﻭﻥ ﺴﻭﻤﺭ‪ -‬ﻁ‪ -1‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻷﻭل‪ ،‬ﻤﻨﺸﻭﺭﺍﺕ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ‪ ،‬ﻋﻤﺎﻥ‪ ،‬ﺴﻨﺔ ‪.1998‬ﺹ‪.135‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪ -‬ﺸﺎﺒﻴﺭﻭ‪ ،‬ﻤﺎﻜﺱ ﺭﻭﺩﺍ ﻫﻨﺩﺭﻟﻜﺱ‪ :‬ﻤﻌﺠﻡ ﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ‪ ،‬ﺘﺭﺠﻤﺔ ﺤﻨﺎ ﻋﺒﻭﺩ‪ ،‬ﻤﻨﺸﻭﺭﺍﺕ ﺩﺍﺭ ﻋﻼﺀ ﺍﻟـﺩﻴﻥ‪ ،‬ﺩﻤﺸـﻕ‪ ،‬ﺴـﻨﺔ‬ ‫‪8‬‬

‫‪1999‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪.224‬‬

‫‪7‬‬
‫اﻟﺤﻤﺪِﷲ‪،‬‬
‫ُ‬ ‫وھذه الصورة تقربھم من صورة المالئكة التي وردت ف ي قول ه تع الى‪" :‬‬

‫ُوﻟِﻲ أﺟﻨ ﺤﺔ‬


‫ٍ‬ ‫ِ ر‬
‫ُﺳُﻼً أ‬ ‫ض ﺟﺎﻋِﻞ‬
‫ِ اﻟﻤﻼﺋ ﻜﺔ‬ ‫ِ اﻟ ﺴﻤﻮاتِ وا‬
‫ِﻷرِ‬ ‫ِﺮ‬‫ﻓﺎﻃ‬

‫َ")‪ ،(9‬وق د غلب ت عل ى ص ورة الج ن عن د الس ومريين ص ورة‬


‫ُﺑـﺎع‬
‫َر‬‫ﻟـﺚ و‬‫ُ◌‬
‫ََ‬ ‫َث‬
‫َﻰ و‬
‫ﻣﺜْﻨ‬
‫َ‬
‫الطائر؛ لما يمتاز به من قدرة على الصعود والھبوط‪ ،‬فكأنه واسطة بين العالمين الس فلي والعل وي‪.‬‬

‫وھناك نوع آخر ينتمي إلى أصل بشري‪ ،‬وھم أشباح الموتى‪ ،‬ويسمون)األطيم و(‪ ،‬ويمثل ون الن اس‬

‫ت◌َ ِعس وا ف ي حي اتھم أو ال ذين ل م ي دفنوا دفن ا ً ص حيحاً‪ ،‬أو ل م يجل ب لھ م أھلھ م الن ذور‬
‫ال ذين َ‬

‫الجنائزي ة‪ ،‬ويثب ت ذل ك إيم انھم أن أرواح الم وتى تخ رج عل ى ش كل ط ائر‪ ،‬وتطي ر باتج اه مغ رب‬

‫الشمس‪ ،‬ثم تتّحول إلى أرواح شريرة في النھار‪ ،‬تھ اجم األحي اء‪ ،‬وتلح ق بھ م األذى ورب ّم ا الم وت‬
‫)‪ ،(10‬وقد أطلق وا عليھ ا "اس م )ك دم(‪ ،‬أي مخلوق ات الظ الم")‪" ،(11‬وھن اك الش ياطين المركب ة الت ي‬

‫تتكون من تزاوج البش ر والش ياطين مث ل )الليل و( الت ي تتص ف ب العنف والش ّر‪ ،‬فھ ي تثي ر الرع ب‬

‫وتط ارد النس اء )‪" ،(12‬ويش كل الع الم الس فلي عن د الس ومريين مكان ا ً ومرك زاً للش ياطين واألرواح‬
‫الذي م ا لب ث أن أص بح اس ما ُ ً◌ للمخلوق ات المتوحش ة الت ي‬ ‫)‪(13‬‬
‫الشريرة‪ ،‬وقد أطلقوا عليه )‪(kur‬‬

‫تقيم في العالم السفلي‪ ،‬وال وحش الس فلي الجب ار ال ذي يختط ف اآللھ ةإلى ع الم األم وات)‪ (14‬ومھم ا‬

‫يكن من أمر‪ ،‬فإن ھذه الشياطين ھي "عفاريت عالم األموات وجنوده‪ ،‬الت ي تنس ب إليھ ا األم راض‬
‫والشرور")‪.(15‬‬

‫وأھ م ھ ذه الش ياطين ف ي معتق داتھم "الك اال" "الك الو" ال ذين يُع ﱡدون جن و َد ھ ذا الع الم‪،‬‬
‫وش رطته وحّراس ه؛ إذ ّ‬
‫أن مھم تھم تكم ن ف ي تنفي ذ األوام ر الص ادرة‪ ،‬وم ن ص فاتھم القس وة‬

‫والطغيان‪ ،‬ومن أعمالھم ھدم اللذات‪ ،‬وتفريق الجماعات‪ ،‬ويؤك د ذل ك ال دور ال ذي ق اموا ب ه عن دما‬

‫‪ -‬ﺴﻭﺭﺓ ﻓﺎﻁﺭ‪ ،‬ﺁﻴﺔ ‪.1‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺎﺠﺩﻱ‪ ،‬ﺨﺯﻋل‪ :‬ﺒﺨﻭﺭ ﺍﻷﻟﻬﺔ‪) ،‬ﺩﺭﺍﺴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻁﺏ ﻭﺍﻟﺴﺤﺭ ﻭﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻭﺍﻟﺩﻴﻥ(‪ -‬ﻁ‪ -1‬ﻤﻨﺸﻭﺭﺍﺕ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ‪ ،‬ﻋﻤﺎﻥ‪،‬‬ ‫‪10‬‬

‫ﺴﻨﺔ ‪ ،1998‬ﺹ‪.212‬‬
‫‪ -‬ﻤﺘﻭﻥ ﺴﻭﻤﺭ‪ ،‬ﺹ‪.135‬‬ ‫‪11‬‬

‫‪ -‬ﺒﺨﻭﺭ ﺍﻵﻟﻬﺔ‪ ،‬ﺹ‪ -214‬ﺹ‪.215‬‬ ‫‪12‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺎﺠﺩﻱ‪ ،‬ﺨﺯﻋل‪ :‬ﺍﻟﺩﻴﻥ ﺍﻟﺴﻭﻤﺭﻱ‪-‬ﻁ‪ -1‬ﻤﻨﺸﻭﺭﺍﺕ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ‪ ،‬ﻋﻤﺎﻥ‪ ،‬ﺹ‪.113‬‬ ‫‪13‬‬

‫‪ - 14‬ﺍﻟﺴﻭﺍﺡ‪ ،‬ﻓﺭﺍﺱ‪ :‬ﻤﻐﺎﻤﺭﺓ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻷﻭﻟﻰ‪ -‬ﻁ‪ -1‬ﺩﺍﺭ ﻋﻼﺀ ﺍﻟﺩﻴﻥ‪ ،‬ﺩﻤﺸﻕ‪1988 ،‬ﻡ‪ ،‬ﺹ ‪.216-215‬‬
‫‪ -‬ﺍﻟﺩﻴﻥ ﺍﻟﺴﻭﻤﺭﻱ‪ ،‬ﺹ ‪.113‬‬ ‫‪15‬‬

‫‪8‬‬
‫خرجوا بصحبة "إنانا" بمھمة اإلتيان ببديل تعّينً ُ◌ه اإللھة؛ ليح ّل محلّھا حسب قانون العالم الس فلي‬
‫)‪(17‬‬
‫)‪ ،(16‬وقد جاء وصفھم وبيان دورھم في ملحمة جلجامش كما يلي‪:‬‬

‫عفاريت صغيرة‪ ،‬كأنﱠھا من القصب‬


‫ٌ‬

‫وعفاريت ھائلةٌ‪ ،‬كأنﱠھا‪( )...‬‬


‫ٌ‬

‫ت معھا )جميعا ً(‪.....‬‬


‫َم َش ْ‬

‫ُص ّي‪.‬‬
‫فالماشونَ أما َمھا كانوا بال ) ( وفي أيديھم الع ِ‬

‫العفاريت إلنّانا‪:‬‬
‫ُ‬ ‫فقالت‬

‫إي "إنّان ا" امض ي إل ي م دينتك‪ ،‬ودعين ا نحمل ه معن ا‪ ،‬فأجاب ت "إنّانّ ا" الط اھرة‬
‫العفاريت‪ ،‬قائلة‪:‬‬

‫إنّهُ رسولي ذو الكلمات الطيبّة‬

‫ُ‬
‫العفاريت‬ ‫ورفضت أن تسلّم أحداً حتى وصلت دموزي‪ ...‬انقضّت عليه‬

‫وجﱠر ْتهُ من س اقي ِه‪ ،‬ك انوا مخلوق ا ٍ‬


‫ت ال تأك ُل الطع ا َم وال تع ُ‬
‫رف الش راب‪ ،‬ھ رب إل ى أخت ه‬

‫ق ائالً‪" :‬أنق ذيني م ن العفاري ت‪ ،‬وال ت دعيھم يأخ ذونني"‪ ،‬وتس تمر العفاري ت ف ي مالحقت ه‪ ،‬وإلق اء‬

‫الق بض علي ه م رة‪ ،‬ويفل ت منھ ا أخ رى‪ ،‬حت ى اس تطاعت ف ي النھاي ة أخ ذه )‪ ،(18‬وق د ج اء ذل ك ف ي‬
‫)‪(19‬‬
‫الملحمة أيضا ً‪:‬‬

‫‪ -‬ﻤﺘﻭﻥ ﺴﻭﻤﺭ‪ ،‬ﺹ‪ ،136‬ﺒﺨﻭﺭ ﺍﻵﻟﻬﺔ‪ ،‬ﺹ‪ ،215‬ﺍﺩﺯﺍﺭﺩ‪ :‬ﻗﺎﻤﻭﺱ ﺍﻵﻟﻬﺔ ﻭﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ)ﻓﻲ ﺒﻼﺩ ﺍﻟﺭﺍﻓـﺩﻴﻥ( ﺘﻌﺭﻴـﺏ‬ ‫‪16‬‬

‫ﻤﺤﻤﺩ ﻭﺤﻴﺩ ﺨﻴﺎﻁﺔ‪-‬ﻁ ‪ -1‬ﺩﺍﺭ ﻤﻜﺘﺒﺔ ﺴﻭﻤﺭ‪ ،‬ﺤﻠﺏ‪116/1 ،‬‬


‫‪ -‬ﻤﻐﺎﻤﺭﺓ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻷﻭﻟﻰ‪ ،‬ﺹ ‪.326-324‬‬ ‫‪17‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.326-324‬‬ ‫‪18‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪ ،331‬ﻜﺭﻴﻤﺭ‪ ،‬ﺼﻤﻭﺌﻴل ﻨﻭﺡ‪ :‬ﺃﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻘﺩﻴﻡ‪ ،‬ﺘﺭﺠﻤﺔ‪ ،‬ﺃﺤﻤﺩ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺤﻤﻴﺩ ﻴﻭﺴـﻑ‪ ،‬ﺍﻟﻬﻴﺌـﺔ‬ ‫‪19‬‬

‫ﺍﻟﻤﺼﺭﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎﺏ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ ‪ ،1974‬ﺹ‪95.-94‬‬

‫‪9‬‬
‫دخل الحظيرة العفريت األول‬

‫ار طويل نفّاذ‪.....‬‬


‫وضرب خدود "دموزي" بِ ُم ْس َم ٍ‬

‫ثم دخل العفريت الخامس ‪ ......‬فحطّم الممخضة الخاوية لبنھا‬

‫وكسر الكوب‪ ،‬فدموزي لم يعد بين األحياء‪ ،‬وحظيرته قد راحت نھبا ً للرياح‪.‬‬

‫وھكذا فقد بدا في أعمالھا وصفاتھا ما يد ّل على وحشيتھا وھمجيتھا‪ .‬وھناك ن وع آخ ر م ن‬

‫الش ياطين يس كن الع الم األس فل‪ ،‬يت ولى عملي ة نق ل األم راض م ن اآللھ ة إل ى البش ر‪ ،‬وخاص ة إذا‬

‫ص َر ف ي أداء واجب ه‪ ،‬وأش ھرھا "أس اج" ال ذي "يع ُد عفري ت‬


‫ارتك ب أح دھم بع ض األخط اء‪ ،‬أو ق ّ‬
‫العالم السفلي وإله العل ل واألم راض‪ ،‬والس اعد األيم ن "لك ور")‪" ،(20‬ونمت ار" ال ذي "يمث ل روح ا ً‬

‫شريرة ترسل األوبئة‪ ،‬وتنفذ الخط ط التدميري ة "لنرج ال"‪ ،‬ويجس ّد ق در اإلنس ان ونص يبَهُ‪ ،‬موطن ه‬

‫"أرال و" )‪ ،(21‬يق وم ب دور س فير الم وت المقاب ل" لِعزرائي ل" فق د أُم ر م ن قب ل إلھ ة الع الم األس فل‬

‫"اريشكيجال" برمي "عشتار"‪ ،‬عندما نزلت تبحث عن "دم وزي" بس تين مرض اً‪ ،‬وفع ل‪ ،‬إالّ أنھ ا‬

‫شفيت منھا وخرجت")‪.(22‬‬

‫وال ب د م ن الح ديث ع ن الش يطانة "ليلي ث" الت ي احتل ت المرك ز األول عن د الس ومريين‪،‬‬

‫والت ي مثل ت رم زاً للش ّر والع داء‪ ،‬وھ ي إِلھ ة الظ الم‪ ،‬وس يّدة الس حر األس ود‪ ،‬تظھ ر ف ي األعم ال‬
‫التش كيلية عل ى ص ورة ام رأة جميل ة الجس د‪ ،‬مكتن زة الص در مجنّح ة‪ ،‬واقف ة عل ى لب وتين‪ ،‬ممس كة‬

‫بالعصا والصولجان‪ ،‬تسكن األماكن المھجورة‪ ،‬لھا مخالب الطير‪ ،‬وتنتمي إلى قوى العالم الس فلي‪،‬‬

‫وتظھر صورتھا في القصيدة السومرية "جلجامش وأنكيدو في العالم اآلخر"‪ ،‬وقد توحدت بالحي ة‪،‬‬
‫واتخذتا مسكنا ً لھم ا عن د قاع دة ش جرة اإللھ ة "إنّان ا"‪ ،‬بقص د القض اء عليھ ا‪ ،‬فھم ا تم ثالن عنص ر‬

‫ب الممثّ ل بالش جرة‪،‬‬


‫الش ّر وال دمار‪ ،‬والعم اء والفوض ى‪ ،‬العنص ر المقاب ل للنظ ام والحي اة‪ َ،‬والخص ِ‬

‫‪ -3‬ﻨﻌﻤﺔ‪ ،‬ﺤﺴﻥ‪ :‬ﻤﻭﺴﻭﻋﺔ ﺍﻷﺩﻴﺎﻥ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﻴﺔ ﻭﺍﻟﻭﻀﻌﻴﺔ‪) ،‬ﻤﻴﺜﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﻭﺃﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﺸـﻌﻭﺏ ﺍﻟﻘﺩﻴﻤـﺔ(‪-‬ﻁ‪ -1‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﻜـﺭ‬
‫ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻨﻲ‪1994 ،‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪ ،142‬ﻗﺎﻤﻭﺱ ﺍﻵﻟﻬﺔ ﻭﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ‪.117/1 ،‬‬
‫‪ -‬ﺸﺎﺒﻴﺭﻭ‪ ،‬ﻤﺎﻜﺱ ﺭﻭﺩﺍ ﻫﻨﺩﺭﻟﻜﺱ‪ :‬ﻤﻌﺠﻡ ﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ‪ ،‬ﺹ‪ ،174‬ﻗﺎﻤﻭﺱ ﺍﻵﻟﻬﺔ ﻭﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ‪.134/1 ،‬‬ ‫‪21‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.174‬‬ ‫‪22‬‬

‫‪10‬‬
‫تق ول األس طورة‪ (23) :‬عن دما حاول ت "إنّان ا" قط ع الش جرة‪ ،‬ول م تس تطع‪ ،‬أرادت معرف ة األم ر‪،‬‬
‫وجدت ّ‬
‫أن‪:‬‬

‫طائر الصاعقة "زو" قد بنى ع ّشه ووضع‬

‫األرض ال ُم ْقفرة ليليث"‬


‫ِ‬ ‫فراخه في أعالھا‪ّ ،‬‬
‫وأن عذرا َء‬

‫ت و َسطھا‪ ،‬وس َك ْنت في ِه‬


‫اإللھة التي تھيم في البراري ليالً‪ ،‬قد نَ َخ َر ْ‬

‫وأن الحيّة استقرّت في قاعدتھا‪.‬‬

‫يبدو من النص الصراع الذي دار بين اآللھ ة المتمثل ة ف ي "جلج امش" البط ل األس طوري‬

‫الذي قضى على الش ّر والفوضى‪ ،‬ممثالً في الشيطانة "ليليث" والحي ة‪" ،‬فق د قت ل جلج امش الحي ة؛‬

‫فقوض ت الش يطانة بيتھ ا عائ دة إل ى الب راري حي ث اعت ادت أن تص يد )‪ .(24‬وتظھ ر فك رة ع داء‬

‫"ليليث" للحياة من خالل الدور الذي تقوم به مع أختھا الشيطانة نعامة أو )نعمة( في خنق األطف ال‬

‫حديثي الوالدة‪ ،‬واإلضرار بھم‪ ،‬وإصابة البشر ب الجنون "إذ تع ّد )نعام ة( المص در األساس ي لنش ر‬
‫الشياطين‪ ،‬فقد نسب إليھا نشر ما ال يُع ّد وال يحصى من الشياطين والجن")‪.(25‬‬

‫وتشاركھا في الدور نفسه‪ ،‬الشيطانة "الماشتو" التي تظھر بصورة وحش غري ب الش كل‪،‬‬

‫ذي رأس أسد َو َجسد امرأة‪ ،‬وتنصب العداء لألطفال‪ ،‬واألمھ ات المرض عات‪ ،‬وتفت ك بھ م‪ ،‬وتع ذب‬
‫المرض ى‪ ،‬وتق ذف الرع ب ف ي القل وب )‪ ،(26‬فھ ي "ش يطانة ح ّم ى األطف ال" )‪ ،(27‬وك ذلك "دم ة"‬
‫عفريت ة حم ّى األطف ال الرّض ع‪" ،‬وتظھ ر بص ورة ام رأة عاري ة الص در‪ ،‬ترض ع م ن ث دييھا كلب ا ً‬

‫وخنزيراً‪ ،‬وتحمل في يديھا مشطا ً ومغزالً" )‪ ،(28‬ويُعد شيطان الحم ّى أھ ول ھ ذه الش ياطين‪ ،‬ويب دو‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺎﺠﺩﻱ‪ ،‬ﺨﺯﻋل‪ :‬ﺇﻨﺠﻴل ﺴﻭﻤﺭ‪-‬ﻁ‪ -1‬ﻤﻨﺸﻭﺭﺍﺕ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ‪ ،‬ﻋﻤﺎﻥ‪ ،1998 ،‬ﺹ‪.224-223‬‬ ‫‪23‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.225-224‬‬ ‫‪24‬‬

‫‪ -‬ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺤﻜﻴﻡ‪ ،‬ﺸﻭﻗﻲ‪ :‬ﻤﺩﺨل ﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ﺍﻟﻔﻭﻟﻜﻠﻭﺭ ﻭﺍﻷﺴـﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴـﺔ‪-‬ﻁ‪ -1‬ﺩﺍﺭ ﺍﺒـﻥ ﺨﻠـﺩﻭﻥ‪ ،‬ﺒﻴـﺭﻭﺕ‪،1978 ،‬‬ ‫‪25‬‬

‫ﺹ‪.136‬‬
‫‪ -‬ﺒﺨﻭﺭ ﺍﻵﻟﻬﺔ‪ ،‬ﺹ‪ ،222‬ﻨﻌﻤﺔ‪ ،‬ﺤﺴﻥ‪ :‬ﻤﻴﺜﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﻭﺃﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﺸﻌﻭﺏ ﺍﻟﻘﺩﻴﻤﺔ‪ ،‬ﺹ‪.264‬‬ ‫‪26‬‬

‫‪ -‬ﻨﻌﻤﺔ‪ ،‬ﺤﺴﻥ‪ :‬ﻤﻴﺜﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﻭﺃﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﺸﻌﻭﺏ ﺍﻟﻘﺩﻴﻤﺔ‪.135 ،‬‬ ‫‪27‬‬

‫‪ -‬ﻗﺎﻤﻭﺱ ﺍﻵﻟﻬﺔ ﻭﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ‪.116/1 ،‬‬ ‫‪28‬‬

‫‪11‬‬
‫"برأس أسد وأسنان حم ار‪ ،‬وأط راف نم ر أو ق ط‪ ،‬وص وته كص وت النم ر أو األس د‪ ،‬يمس ك بيدي ه‬

‫أفاعي ھائلة‪ ،‬وي داعب ثديي ه كل ب أس ود وخنزي ر")‪ ،(29‬وكلھ ا تمث ل رم ز الع داء للحي اة اإلنس انية؛‬

‫وتأسيس ا ً عل ى ذل ك أخ ذ الس ومريون يفك رون ف ي وس ائل ل ر ّد أذى ھ ذه الكائن ات ع نھم‪ ،‬وحماي ة‬

‫أنفسھم من ش رّھا‪" ،‬فاس تخدموا التم ائم الت ي ج اءت عل ى ش كل وح ش ب رأس أس د‪ ،‬وجس د ام رأة"‬
‫)‪ ،(30‬وقد اعتادت المرأة أن تقدم منذ بداية حملھا تق ّدمات من اللح وم للعفريت ة )الم ا ش تو(‪ ،‬وكثي راً‬

‫من الھدايا والﱡ دمى‪ ،‬ك ي تھ رب دون أن تت ربص بھ ا‪ ،‬وتوق ع طفلھ ا )‪ ،(31‬وھن اك )األوتوك و( وھ م‬

‫س بعة ش ياطين أش رار‪ ،‬يعيش ون ف ي الص حاري والجب ال‪ ،‬ينس ب إل يھم الس حر األس ود‪ ،‬قس اة‪ ،‬ال‬

‫يعرفون الرحمة‪ ،‬وال يسمعون التماسا ً وال دع ا ًء‪ ،‬مع ادون لآللھ ة‪ ،‬يعرقل ون الط رق)‪ ،(32‬وينط وي‬
‫تحت ھذه الفئة‪َ ،‬من يمثل دور الطبيب الذي يستعمل مضاداً للسحر األسود‪ ،‬وھ م "أوتوك و‪ ،‬ش يدو‪،‬‬

‫لماسو")‪ ،(33‬وينسب إل ى بع ض ھ ذه الش ياطين أم راض التش نجات العص بية والص رع؛ وق د أطل ق‬

‫عليھا قبضة الشياطين‪ ،‬وتحدث بسبب دخول الشيطان إلى الجسم عن طري ق الخطيئ ة‪ ،‬ويعل ن ع ن‬
‫وجودھ ا بظ واھر كريھ ة مختلف ة‪ ،‬كاِألص وات الت ي تت ردد ف ي البي ت‪ ،‬أو لفح ات ال ريح‪ ،‬وال رؤى‬

‫المفزع ة )‪ ،(34‬وق د م ارس الس ومريون الكھان ة‪ ،‬كوس يلة لط رد ھ ذه العفاري ت‪ ،‬وال تخلص منھ ا‪،‬‬

‫وأش ھر كھن تھم "األش يبو" ال ذي ك ان ينط ق كلم ات خاص ة‪ ،‬مس تمدة م ن وح ي اآللھ ة‪ ،‬ويم ارس‬
‫الشعائر الالزمة؛ لطرد العفاريت المسببة للمرض‪ ،‬فيقوم بدور الوس يط ب ين اآللھ ة والبش ر‪ ،‬ولك ي‬

‫يظھ ر بمظھ ر ممي ز‪ ،‬ك ان يل بس الل ون األحم ر؛ ألن الش ياطين تح ب ذل ك الل ون وتھ واه‪ ،‬وق د‬

‫استخدموا قراءة التعاويذ والرقى؛ لطرد العفاريت؛ والس تدعاء الش ياطين الطيب ة)‪ ،(35‬ويتجلّ ى ذل ك‬

‫‪ -‬ﺒﺨﻭﺭ ﺍﻵﻟﻬﺔ‪ ،‬ﺹ‪.207‬‬ ‫‪29‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﺤﻤﺩ‪ ،‬ﺴﺎﻤﻲ ﺴﻌﻴﺩ‪ :‬ﻤﻌﺘﻘﺩﺍﺕ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻴﻴﻥ ﺍﻟﻘﺩﻤﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺤﺭ ﻭﺍﻟﻌﺭﺍﻓﺔ ﻭﺍﻷﺤﻼﻡ ﻭﺍﻟﺸﺭﻭﺭ‪ ،‬ﻤﺠﻠﺔ ﺍﻟﻤﺅﺭﺥ ﺍﻟﻌﺭﺒـﻲ‪،‬‬ ‫‪30‬‬

‫ﺒﻐﺩﺍﺩ ‪1975‬ﻡ‪،‬ﺹ‪ ، 62‬ﺒﺨﻭﺭ ﺍﻵﻟﻬﺔ‪،‬ﺹ‪.222‬‬


‫‪ -‬ﺍﻟﺩﻴﻥ ﺍﻟﺴﻭﻤﺭﻱ‪ ،‬ﺹ‪.157‬‬ ‫‪31‬‬

‫‪ -‬ﺒﺨﻭﺭ ﺍﻵﻟﻬﺔ‪ ،‬ﺹ‪.215‬‬ ‫‪32‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪ ،215‬ﻤﻌﺘﻘﺩﺍﺕ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻴﻴﻥ ﺍﻟﻘﺩﻤﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺤﺭ ﻭﺍﻟﻌﺭﺍﻓﺔ ﻭﺍﻷﺤﻼﻡ ﻭﺍﻟﺸﺭﻭﺭ‪ ،‬ﺹ‪.64‬‬ ‫‪33‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.207-206‬‬ ‫‪34‬‬

‫‪ -‬ﺒﺨﻭﺭ ﺍﻵﻟﻬﺔ‪ ،‬ﺹ‪.203‬‬ ‫‪35‬‬

‫‪12‬‬
‫من خالل الدور الذي قامت ب ٍه "انّانا"‪ ،‬عندما حاولت قطع ش جرة الصفص اف‪ ،‬ول م تس تطع‪ ،‬تق ول‬
‫)‪(36‬‬
‫الملحمة‪:‬‬

‫لت وترا َج َع ْ‬
‫ت‪،‬‬ ‫حاولت قطعھا إال أنھا َجفَ ْ‬

‫ْ‬
‫فقرأت التعاوي َذ والرّقى لتكسرھا‪ ،‬فلم تستطع‪.‬‬

‫وإل ى جان ب ھ ذه الش ياطين الخيّ رة والش ريرة‪ ،‬ھن اك "ش ياطين بقي ت حياديّ ة مث ل )أالد(‬
‫ال ذي يع ّد شخص ية حيادي ة غل ب عليھ ا ط ابع الخي ر")‪" ،(37‬واس تخدم ف ي التنب ؤ بالغي ب‪ ،‬ومعرف ة‬

‫الفأل‪ ،‬وتفسير األحالم‪ ،‬ورؤية الطالع")‪.(38‬‬

‫ولم يقتص ر أث ر ھ ذه الكائن ات عل ى اإلنس ان‪ ،‬ب ل تع ّداه إل ى تجس يد ك وارث الطبيع ة‪ ،‬وظواھرھ ا‬

‫المؤذي ة ف ي اللي ل خاص ة‪ ،‬فق د وج دت ش ياطين ش ريرة ت ؤذي الطبيع ة‪ ،‬وتس بب ع دم توازنھ ا‪،‬‬

‫ف الكوارث وال زالزل والفيض انات والقح ط كلھ ا بفع ل ھ ذه الش ياطين‪ ،‬فق د نس بوا خس وف القم ر‪،‬‬

‫وكسوف الشمس إلى ن وع م ن الش ياطين‪ ،‬منھ ا)س بيتو( الت ي تق وم بس رقة القم ر واحتج ازه مؤقت اً‪،‬‬

‫ويتم فك أسره بتقديم القرابين‪ ،‬وتأدية الطق وس لھ ا )‪ ،(39‬وھ ذا م ا س نجده عن د معظ م الش عوب)‪،(40‬‬

‫وقد ظھرت كائنات خرافية ش بيھة بھ ذه العفاري ت‪" ،‬منھ ا )خمباب ا( الم ارد أو العفري ت ال ذي يب دو‬

‫رمزاً للشرّ‪ ،‬وعقبة من العقبات التي اعترضت جلجامش‪ ،‬حينما سعى إل ى تحقي ق أھداف ه‪ ،‬ويظھ ر‬
‫بصورة وحش ھائل‪ ،‬مثير للرعب‪ ،‬عم الق كاس ر‪ ،‬س لحّه "إنلي ل" بس بعة أل وان م ن الرع ب")‪،(41‬‬
‫)‪(42‬‬
‫وتتضح شخصية "خمبابا" في حديث أنكيدو‪ ،‬لصاحبه‪ ،‬عندما قال‪:‬‬

‫‪ -‬ﺇﻨﺠﻴل ﺴﻭﻤﺭ‪ ،‬ﺹ‪.223‬‬ ‫‪36‬‬

‫‪ -‬ﻗﺎﻤﻭﺱ ﺍﻵﻟﻬﺔ ﻭﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ‪.117/1 ،‬‬ ‫‪37‬‬

‫‪ -‬ﺃﺩﻴﺎﻥ ﻭﻤﻌﺘﻘﺩﺍﺕ ﻤﺎ ﻗﺒل ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ‪ ،‬ﺹ‪.61‬‬ ‫‪38‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺩﻴﻥ ﺍﻟﺴﻭﻤﺭﻱ‪ ،‬ﺹ‪.78-77‬‬ ‫‪39‬‬

‫‪ -‬ﻗﺼﺔ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ‪ ،104/1 ،‬ﺍﻟﺒﺎﺵ‪ ،‬ﺤﺴﻥ‪ :‬ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﺩﺍﺕ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺭﺍﺙ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪) ،‬ﺩﺭﺍﺴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺠـﺫﻭﺭ ﺍﻷﺴـﻁﻭﺭﻴﺔ‬ ‫‪40‬‬

‫ﻭﺍﻟﺩﻴﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺴﻠﻜﻴﺔ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ(‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺠﻠﻴل‪ ،‬ﺩ‪ .‬ﺕ‪ ،‬ﺹ‪.29‬‬


‫‪ - 41‬ﺃﺤﻤﺩ‪ ،‬ﻤﺤﻤﺩ ﺨﻠﻴﻔﺔ ﺤﺴﻥ‪ :‬ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻭﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺭﺍﺙ ﺍﻟﺸﺭﻗﻲ ﺍﻟﻘﺩﻴﻡ‪) ،‬ﺩﺭﺍﺴﺔ ﻓﻲ ﻤﻠﺤﻤـﺔ ﺠﻠﺠـﺎﻤﺵ(‪-‬ﻁ‪ -1‬ﺩﺍﺭ‬
‫ﺍﻟﺸﺅﻭﻥ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ‪ ،‬ﺒﻐﺩﺍﺩ ‪ ،1988‬ﺹ‪.116-114‬‬
‫ﻟﻤﺭﺠﻊ‬
‫ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.116-114‬‬ ‫‪-‬ﺍ‬ ‫‪42‬‬

‫‪13‬‬
‫كيف سندخ َل غابةَ األَرْ ز يا "جلجامش"‬

‫ﱠ‬
‫إن حار َسھا مقاتلٌ‪ ،‬وھوقويﱞ ال ينام‪.‬‬

‫النفوس‪.‬‬
‫ِ‬ ‫عب في‬ ‫ُ‬
‫تبعث الرﱡ َ‬ ‫ھيئُتهُ‬

‫ُ‬
‫العفريت الذي عينه اإللهُ لحراس ِة غاب ِة األرز‪.‬‬ ‫إذ أنّه المار ُد‬

‫وھناك كائنات تثير الرعب في النف وس‪ ،‬تح رس األم اكن األس طورية‪" ،‬مخلوق ات مركب ة‬

‫من اإلنسان والعقرب‪ ،‬يطلق عليھا " الرجال العقارب"‪ ،‬وتب دو بأش كال مخيف ة‪ ،‬وتش ير "س اندوز"‬

‫إلى أن الرجل العقرب نصفه بشر‪ ،‬ونصفه تنين‪ ،‬وله ذنب عقرب‪ ،‬نظراته تقذف الموت في قل وب‬

‫الن اس‪ ،‬وھاالتھ ا المتأللئ ة تعن ي الجب ال الت ي تح رس الش مس ف ي الش رق‪ ،‬وھ ي تح رس الط رق‬

‫المؤدية إلى مكان " أوتونبشتم" الذي يمتلك نبتة الخلود")‪.(43‬‬

‫يتبين مما س بق أن الك ون مل يء بالش ياطين‪ ،‬إض افة إل ى اآللھ ة "منھ ا الطيب ة‪ ،‬وھ ي أبن اء‬

‫وبنات اآللھة العظام‪ ،‬يتميزون بوجود أجنحة على أكتافھم‪ ،‬ووج وه كوج وه اآللھ ة‪ ،‬يس كنون الع الم‬
‫األس فل‪ ،‬يس تخدمھم الن اس كمالئك ة حارس ة لھ م شخص ياً‪ ،‬أو لبي وتھم وم دنھم‪ ،‬ومنھ ا الش ياطين‬

‫الخبيث ة والش ريرة‪ ،‬وھ ي مخلوق ات ال نس ب لھ ا‪ ،‬ب ل ھ ي كائن ات ظھ رت ف ي األم اكن المھج ورة‬
‫والمظلم ة‪ ،‬وأص بح بعض ھا جن وداً ف ي الع الم األس فل‪ ،‬ومنھ ا أرواح الم وتى‪ ،‬وق د اتخ ذت ص وراً‬

‫كثيرة‪ ،‬منھا وحوش مخيفة‪ ،‬أو حيوانات مركبة‪ ،‬أو كائنات مرعبة‪ ،‬كانت لھا أطراف غريب ة‪ ،‬وق د‬

‫تكسو جلودھا األشواك واألصداف")‪.(44‬‬

‫أما البابليون فقد أخذوا كل ما خلفّه السومريون في المجال الروح ي م ن معتق دات‪ ،‬لدرج ة‬

‫أنه يصعب التمييز بينھما؛ فكالھما يعتقد بوجود عالم سفلي يع ّج بشياطين تمتلك أجنحه‪ ،‬لھ ا أجس ا ٌد‬

‫مركبة من الحيوانات المختلفة أو من الحيوان واإلنسان‪ ،‬وتعمل على ِخد َمة اآللھة‪ ،‬وتنفذ أوامرھ ا‪،‬‬

‫ومعظمھا ذات أصل إلھي‪ ،‬إذ ينتمي بعضھا إلى اإلله "أنو" "وكي"‪ ،‬ومنھم من ينتمي إلى "أي ا" و‬

‫‪ - 43‬ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻭﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺭﺍﺙ ﺍﻟﺸﺭﻗﻲ ﺍﻟﻘﺩﻴﻡ‪ ،‬ﺹ‪.116‬‬


‫‪ -‬ﻤﺘﻭﻥ ﺴﻭﻤﺭ‪ ،‬ﺹ‪.343-342‬‬ ‫‪44‬‬

‫‪14‬‬
‫"نرج ال")‪ ،(45‬وق د ورد أن "اإلل ه م ردوخ ص رع "تيام ت" وش ق جس دھا ش قين‪ ،‬ث م م زج دمھ ا‬

‫بالتراب‪ ،‬وخلق منه اإلنسان")‪ ،(46‬فالمخلوقات إذن كلھا ش يطانية؛ ألنھ ا خلق ت م ن ت راب مم زوج‬

‫بدم شيطانة؛ ويتض ح أنھ ا مص در الش ياطين المؤذي ة‪ ،‬واألش باح الش ريرة؛ ألنھ ا ش كلت جيش ا ً م ن‬

‫ھ ذه المخلوق ات الجبّ ارة العتًّي ة لمواجھ ة "م ردوخ" ال ذي اس تخدم الري اح الش يطانية‪ ،‬والعواص ف‬

‫الم دمرة؛ لمص ارعة تيام ت وجنودھ ا)‪ ،(47‬ويب دو ذل ك م ن خ الل م ا ج اء ف ي الملحم ة البابلي ة‬
‫)‪(48‬‬
‫"اإلينوماإِيليش"‪:‬‬

‫األم "ھابور" تعامة" خالقة األشياء جميعا ً‬

‫أفاع ھائلة‬
‫أتت بأسلحة ال تقاوم‪ٍ ،‬‬

‫خلقت األفعى الخبيثة‪ ،‬والتنين‪ ،‬وأبا الھول‬

‫أتت بتنانين ضاربة تبعث الھلع‬

‫عفاريت العاصفة‪ ،‬الذبابة العمالقة‬

‫وھك ذا تب دو "تيام ت" وجنودھ ا عنص ر الش ر ال ذي اس تطاع "م ردوخ" القض اء علي ه‪ ،‬و تخل يص‬

‫اآللھة الفتية من شروره؛ فھي تمثل بداية الصراع الثنائي بين الخير والشر)‪.(49‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﺩﺍﺕ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺭﺍﺙ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪ ،‬ﺹ‪ ،59‬ﺍﻟﺠﻭﻫﺭﻱ‪ ،‬ﻤﺤﻤﺩ‪ :‬ﻋﻠﻡ ﺍﻟﻔﻭﻟﻜﻠﻭﺭ‪) ،‬ﺩﺭﺍﺴﺔ ﺍﻟﻤﻌﻘﺘـﺩﺍﺕ ﺍﻟﺸـﻌﺒﻴﺔ(‪،‬‬ ‫‪45‬‬

‫ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻹﺴﻜﻨﺩﺭﻴﺔ‪.364/2 ،1988 ،‬‬


‫‪ -‬ﺍﻟﺴﻭﺍﺡ‪ ،‬ﻓﺭﺍﺱ‪ :‬ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻭﺍﻟﻤﻌﻨﻰ‪) ،‬ﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻴﺜﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﻭﺍﻟﺩﻴﺎﻨﺎﺕ ﺍﻟﺸﺭﻗﻴﺔ(‪-‬ﻁ‪ -1‬ﺩﺍﺭ ﻋﻼﺀ ﺍﻟﺩﻴﻥ‪ ،‬ﺩﻤﺸﻕ‪،‬‬ ‫‪46‬‬

‫‪،1997‬ﺹ‪.37‬‬
‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺎﺠﺩﻱ‪ ،‬ﺨﺯﻋل‪:‬ﺇﻨﺠﻴل ﺒﺎﺒل‪-‬ﻁ‪ -1‬ﻤﻨﺸﻭﺭﺍﺕ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ‪ ،‬ﻋﻤﺎﻥ‪ ،‬ﺴﻨﺔ‪ ،1998‬ﺹ‪ 29‬ﺒﺨﻭﺭ ﺍﻵﻟﻬـﺔ‪ ،209‬ﻫـﻭﻙ ‪،‬‬ ‫‪47‬‬

‫ﺼﻤﻭﺌﻴل ﻫﻨﺭﻱ‪ :‬ﻤﻨﻌﻁﻑ ﺍﻟﻤﺨﻴﻠﺔ ﺍﻟﺒﺸﺭﻴﺔ ) ﺒﺤﺙ ﻓﻲ ﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ(‪-‬ﻁ‪ -2‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﻟﻠﻨﺸـﺭ ﻭﺍﻟﺘﻭﺯﻴـﻊ ﺍﻟﻼﺫﻗﻴـﺔ‪،‬‬
‫‪1995‬ﻡ‪،‬ﺹ‪ ،13‬ﺒﺎﺭﻨﺩﺭ‪ ،‬ﺠﻔﺭﻱ‪ :‬ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﺩﺍﺕ ﺍﻟﺩﻴﻨﻴﺔ ﻟﺩﻯ ﺍﻟﺸﻌﻭﺏ‪،‬ﺘﺭﺠﻤﺔ ﺇﻤﺎﻡ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻔﺘﺎﺡ ﺇﻤﺎﻡ‪-‬ﻁ‪ -2‬ﻤﻜﺘﺒﺔ ﻤـﺩﺒﻭﻟﻲ‬
‫ﻟﻠﻨﺸﺭ ﻭﺍﻟﺘﻭﺯﻴﻊ ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ‪1996 ،‬ﻡ‪ ،‬ﺹ ‪.42‬‬
‫‪ -‬ﻤﻐﺎﻤﺭﺓ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻷﻭﻟﻰ‪ ،‬ﺹ‪ ،61‬ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻭﺍﻟﻤﻌﻨﻰ‪ ،‬ﺹ‪.38‬‬ ‫‪48‬‬

‫‪- 49‬‬
‫ﻗﻠﻌﻴﺔ‪ ،‬ﻤﻲ ﻏﺎﻟﻴﺔ‪ :‬ﺃﺴﻁﻭﺭﺓ ﺍﻟﺘﻜﻭﻴﻥ ﺍﻟﺒﺎﺒﻠﻴﺔ‪ ،‬ﺩﺭﺍﺴﺔ ﻤﻘﺎﺭﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﻀﻭﺀ ﺍﻟﻠﻐﺎﺕ ﺍﻟﺴﺎﻤﻴﺔ‪ ،‬ﺭﺴـﺎﻟﺔ ﻤﺎﺠﺴـﺘﻴﺭ ﻏﻴـﺭ‬
‫ﻤﻨﺸﻭﺭﺓ‪ ،‬ﺠﺎﻤﻌﺔ ﺤﻠﺏ‪ ،‬ﻜﻠﻴﺔ ﺍﻵﺩﺍﺏ ﻭﺍﻟﻌﻠﻭﻡ ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ‪2003 ،‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪104-103‬‬

‫‪15‬‬
‫ويب دو أن ھن اك عالق ة ب ين الش ياطين وال ريح؛ فق د ك ان الب ابليون يس مون‪ ،‬ھب وب ال ريح الجنوبي ة‬

‫"أولوجن"‪ ،‬والش رقية "ك ورجن"‪ ،‬والغربي ة "م ارجن" والش مالية "س جن")‪ ،(50‬مم ا ي د ّل عل ى أن‬

‫الريح لھا أجنحة‪ ،‬تستطيع أن تنتقل من مكان إل ى آخ ر‪ ،‬فتش به ب ذلك الج ن‪ ،‬كم ا أنھ ا تمث ل عنص ر‬
‫الشر والدمار‪ ،‬ويتبين من خالل التسمية ّ‬
‫أن الجن ھي المسؤولة عن ھبوب الرياح‪.‬‬

‫وق ّس مت الش ياطين والم ردة ال ذين يجوب ون الع الم األس فل‪ ،‬ويحرس ونه إل ى أقس ام‪ ،‬حس ب‬
‫وظيف ة ك ل منھ ا ودوره‪ ،‬فم نھم اآلخ ذ والمت ربص‪ ،‬والمخ رﱠب‪ ،‬وروح اللي ل‪ ،‬وش يطان "الليل و"‪،‬‬

‫وأنثاه "ليليث")‪.(51‬‬

‫ت ذكر األس طورة أن "نرج ال" ك ان إلھ ا ً س ماوياً‪ ،‬ھ بط إل ى الع الم األس فل؛ بس بب رفض ه‬
‫إظھ ار االحت رام والطاع ة لرس ول اإللھ ة "أريش كيجال"‪ ،‬فت ّح ول إل ى إل ه ع الم الظ الم والم وت‪،‬‬

‫ولقّ ب إبل يس الب ابلي)‪(52‬؛ نظ راً لتش ابه قص ته م ع قص ة إبل يس ف ي الفك ر اإلس المي‪ ،‬وم ع قص ة‬

‫لوسيفر‪.‬‬

‫وقد حظيت الشياطين والجن بعبادة البابليين‪ ،‬وتقديسھم‪ ،‬من ذل ك" "اإلل ه " موت ا بري ك"‪،‬‬

‫وھو من العفاريت التي َو َرد اسمھا في نصّ وج د ف ي ت ّل العمارن ة")‪ ،(53‬ومنھ ا "أرداتليل ي" وھ ي‬

‫من عفاريت الليل‪ ،‬ومعناھ ا فت اة ال ريح")‪ ،(54‬ويب دو أن عب ادتھم لھ ا عب ادة خ وف ورع ب؛ لتالف ي‬

‫تكف عن قتل الناس‪ ،‬وتص ّد ش رورھا ع نھم‪،‬‬


‫ﱠ‬ ‫غضبھا‪ ،‬وليس حبا ً لھا؛ فقد ق ّدموا لھا األضاحي؛ كي‬

‫"وظھر "نمتار" وزير القضاء والق در بش كل عفري ت‪ ،‬يس ت ّل س يفه بي ده‪ ،‬ويق بض ش عر رأس أح د‬

‫ضحاياه باليد األخرى")‪.(55‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺎﺠﺩﻱ‪ ،‬ﺨﺯﻋل‪ :‬ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﺩﺍﺕ ﺍﻵﺭﺍﻤﻴﺔ‪-‬ﻁ‪ -1‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺸﺭﻭﻕ‪ ،‬ﻋﻤﺎﻥ‪ ،2000‬ﺹ‪.111‬‬ ‫‪50‬‬

‫‪ -‬ﻤﻌﺘﻘﺩﺍﺕ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻴﻴﻥ ﺍﻟﻘﺩﻤﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺤﺭ ﻭ ﺍﻟﻌﺭﺍﻓﺔ ﻭﺍﻷﺤﻼﻡ ﻭ ﺍﻟﺸﺭﻭﺭ‪ ،‬ﺹ‪.69-68‬‬ ‫‪51‬‬

‫‪ -‬ﻤﻐﺎﻤﺭﺓ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻷﻭﻟﻰ‪ ،‬ﺹ ‪292‬‬ ‫‪52‬‬

‫‪ -‬ﻤﻴﺜﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﻭﺃﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﺸﻌﻭﺏ ﺍﻟﻘﺩﻴﻤﺔ‪. 237 ،‬‬ ‫‪53‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.237‬‬ ‫‪54‬‬

‫‪ -‬ﻤﺘﻭﻥ ﺴﻭﻤﺭ‪ ،‬ﺹ‪.133‬‬ ‫‪55‬‬

‫‪16‬‬
‫وتشير النصوص إلى أن "ارداتليلى" ھي عشتار األم الكب رى الت ي تظھ ر ش يطانة‪ ،‬ت دعو‬

‫نفس ھا بس ي ّدة اللي ل‪ ،‬وس ي ّدة الن واح‪ ،‬ونجم ة العوي ل‪ ،‬وس يدة الجن ون‪ ...‬تمتل ك وجھ ين متناقض ين‪،‬‬

‫أحدھما يشير إلى الح بّ والجم ال والخص ب‪ ،‬واألخ ر إل ى القت ل وال دمار)‪ ،(56‬وتجم ع ب ين الحكم ة‬
‫)‪(58‬‬
‫والجنون )‪ ،(57‬ويتجلى ذلك في الترتيلة البابلية؛ إذ يختلط وجھھا األغبر بوجھھا األبيض‪:‬‬

‫أي عشتار‪ ،‬يا مليكة كلﱢ الشعوب‪ ،‬وحاكمة البشر‬

‫أنت سبب العويل والنُواح‪ ،‬تزرعين العداوة‪ ،‬وتفرقين بين اإلخوة‬

‫لذكر اسمك تھتز السماوات واألرض‪.‬‬

‫ترتجف اآللھة‪ ،‬وتترنح أرواح البشر‪.‬‬

‫ويب دو أن ھ ذه ھ ي نفس ھا "ليلي ث" الس ومرية الت ي ل م يب ق م ن ص ورتھا ف ي األذھ ان إالّ‬

‫"صورة الجني ة أو الغول ة‪ ،‬أو الس احرة العج وز")‪ ، (59‬الت ي تمثّ ل "مص در اإللھ ام‪ ،‬ومنب ع اإلب داع‬

‫الفني واألدبي")‪ ،(60‬وقد "مارست "ليليث" دور العرّاف؛ إذ تؤكد قدرتھا عل ى التنب ؤ بالغي ب‪ ،‬مم ا‬
‫يثبت شيطانتھا")‪.(61‬‬

‫ويبدو التشابه بين السومريين والبابليين من خالل نظرة كل منھما إلى ھذه الشياطين أنھا رمز‬

‫الش ﱠر والمرض‪ ،‬ووسيلة لنشر الدمار والخراب‪" ،‬إذ يُع ﱡد "ايرا" إله الطاعون واألوبئة الفتاكة"‬
‫)‪.(62‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺴﻭﺍﺡ‪ ،‬ﻓﺭﺍﺱ‪ :‬ﻟﻐﺯ ﻋﺸﺘﺎﺭ )ﺍﻷﻟﻭﻫﺔ ﺍﻟﻤﺅﻨﺜﺔ ﻭﺃﺼل ﺍﻟﺩﻴﻥ ﻭﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ(‪-‬ﻁ‪ -6‬ﺩﺍﺭ ﻋﻼﺀ ﺍﻟـﺩﻴﻥ‪ ،‬ﺩﻤﺸـﻕ ‪،1996‬‬ ‫‪56‬‬

‫ﺹ‪ ،213-212‬ﻭﺹ‪.251‬‬
‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.251‬‬ ‫‪57‬‬

‫ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ‬
‫ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.214-213‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪58‬‬

‫‪ - 59‬ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ‬
‫ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪97‬‬
‫ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ‬
‫ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.249‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪60‬‬

‫‪ -61‬ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.260‬‬


‫‪ -‬ﺒﺨﻭﺭ ﺍﻵﻟﻬﺔ‪ ،‬ﺹ ‪ ،333‬ﻟﻐﺯ ﻋﺸﺘﺎﺭ‪ ،‬ﺹ‪.313‬‬ ‫‪62‬‬

‫‪17‬‬
‫وتبدو "الماشتو" بالھيئة نفسھا التي ظھرت بھا عند السومريين‪" ،‬عدوة للحي اة واألطف ال‪،‬‬

‫رمز الغواية والض الل‪ ،‬تھ اجم النس اء س اعات ال وال ّدة‪ ،‬واألمھ ات المرض عات‪ ،‬تُع ّذب المرض ى‪،‬‬

‫تق ذف الرع ب ف ي قل وبھم")‪ ،(63‬ونالح ظ غلب ة ش ياطين الش ّر عل ى األرواح الخيّ رة‪ ،‬ألن اآللھ ة‬

‫يمثلون قوة كافية لموازنة األرواح الشريرة‪ ،‬والتصدي لھا؛ وألن األرواح الطيب ة تب دو مزيج ا ً م ن‬

‫البش ر والحيوان ات‪ ،‬تس تخدم لمقاوم ة األرواح الش ريرة‪ ،‬والقض اء عل ى تأثيرھ ا أو التخفي ف م ن‬

‫ح ّدتھا")‪.(64‬‬

‫و َع زَا الب ابليون كثي راً م ن األم راض إل ى ھجم ات األرواح الش ريرة‪ ،‬أو إل ى مك ر‬

‫الس احرات والمش عوذات‪ ،‬وح اولوا اتّق اء خطرھ ا باس تعمال التم ائم والطالس م والكھان ة)‪،(65‬‬
‫واس تخدموا الس حر األس ود واألب يض‪ ،‬ف األبيض اس تخدم لمعالج ة األم راض‪ ،‬ع ن طري ق معرف ة‬
‫أن للم اء بش كل ع ام دوراً‬
‫الشيطان المس بب للم رض‪ ،‬ث م محاول ة ط رده بطريق ة معين ة؛ واعتق دوا ّ‬

‫ھاما ً في التغلب على األرواح الشريرة‪ ،‬باعتباره مضاداً لھا‪ ،‬لذلك "أ ّدع وا أن رشّ جس م الم ريض‬
‫بالم اء المحم ول م ن أح د المج اري المقد ّس ة‪ ،‬يخ رج الش يطان م ن الجس م‪ ،‬وأن عم ل ص ورة‬

‫للش يطان‪ ،‬ووض عھا ف ي ق ارب‪ ،‬وإلقاءھ ا ف ي الم اء بع د ت الوة التعوي ذات عليھ ا‪ ،‬يخ رج‬

‫الشيطان")‪.(66‬‬

‫ويرون "أن الصواعق والرياح الصيفية تنسب إلى الش يطان" ب ازوزو"‪ ،‬وھ و ش يطان ذو‬

‫عضالت قوية‪ ،‬وسواعد مفتولة‪ ،‬يظھر بذيل طويل معقوف‪ ،‬وأربعة أجنحة‪ ،‬تظھر صورته وفوق ه‬

‫ص ف م ن الكھن ة المع ّزمين ال ذين يلبس ون أقنع ةً لحيوان ات مختلف ة‪ ،‬ويحم ل الص اعقة ف ي ي ده‬

‫‪-‬ﺒﺨﻭﺭ ﺍﻵﻟﻬﺔ‪ ،‬ﺹ‪ ،222‬ﻤﻴﺜﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﻭﺃﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﺸﻌﻭﺏ ﺍﻟﻘﺩﻴﻤﺔ‪.264،‬‬ ‫‪63‬‬

‫‪ -‬ﻋﻠﻡ ﺍﻟﻔﻭﻟﻜﻠﻭﺭ‪.365/2 ،‬‬ ‫‪64‬‬

‫‪-‬ﻤﻨﻌﻁﻑ ﺍﻟﻤﺨﻴﻠﺔ ﺍﻟﺒﺸﺭﻴﺔ‪ ،‬ﺹ ‪.51‬‬ ‫‪65‬‬

‫‪ -‬ﺴﻌﻔﺎﻥ‪ ،‬ﻜﺎﻤل‪ :‬ﻤﻌﺘﻘﺩﺍﺕ ﺁﺴﻴﻭﻴﺔ )ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ‪ ،‬ﻓﺎﺭﺱ‪ ،‬ﺍﻟﻬﻨﺩ‪ ،‬ﺍﻟﺼﻴﻥ‪ ،‬ﺍﻟﻴﺎﺒﺎﻥ( ﻤﻭﺴﻭﻋﺔ ﺍﻷﺩﻴـﺎﻥ ﺍﻟﻘﺩﻴﻤـﺔ‪-‬ﻁ‪ -1‬ﺩﺍﺭ‬ ‫‪66‬‬

‫ﺍﻟﻨﺩﻯ‪1419 ،‬ﻫـ ‪ ،1999-‬ﺹ‪.58‬‬

‫‪18‬‬
‫غالبا ً")‪ ،(67‬وقد ورد " ّ‬
‫أن الكاھن والساحر ف ي باب ل كان ا يرت ديان األحم ر‪ ،‬وتع رف مالبس ھم باس م‬

‫"أشيبو"؛ ألنه لون تنفر منه الشياطين")‪.(68‬‬

‫ومن الكائنات الخرافية "الالبِو" الذي يب دو "وحش ا ً جّب اراً خ رج م ن األعم اق المائي ة إل ى‬

‫ديار الحضارة‪ ،‬محاوالً تدمير كل ما بناه اإلنسان")‪ (69‬فھو إله أرضي‪.‬‬

‫ولم يبتعد اآلشوريون عن سابقيھم من حيث اعتقادھم بوجود كائنات مجنّحة مخيف ة‪ ،‬األم ر‬
‫ال ذي ق ادھم إل ى تخيّلھ ا عل ى ش كل مخلوق ات عجيب ة‪ ،‬تس كن األم اكن المھج ورة والمظلم ة‪،‬‬

‫والخرائب والمدافن‪ ،‬وإلى تصورھا بأجسام بش رية‪ ،‬ورؤوس حيواني ة )‪ ،(70‬وزع م اآلش وريون أن‬

‫ھ ذه الكائن ات ھ ي س بب الع دوى‪ ،‬ونق ل األم راض‪ ،‬ورأوا "أن س بب األم راض أجس ام غي ر‬
‫منظ ورة‪ ،‬ت دخل الجس م م ع الھ واء ع ن طري ق ال نفس‪ ،‬وع ن طري ق الجھ از الھض مي‬

‫كالفيروسات")‪.(71‬‬

‫و اعتقد الحثّيّون كذلك "بوجود الشياطين واألرواح الشريرة التي تكون مستعدة الس تغالل‬

‫فرصة غفل ة اإلل ه؛ ك ي تعي ث فس اداً " )‪ ،(72‬وس يطرت ھ ذه الكائن ات عل ى عق ول الكل دانيين حت ى‬

‫اعتقدوا أن الجن إله؛ "فأخذوا يضحون له بنحر الخرفان‪ ،‬ويطبخون ما ًء يستحمون به سراً ل رئيس‬

‫الج ن")‪ ،(73‬وراح وا يتوس لون إلي ه بوس ائل مختلف ة‪ ،‬كتعلي ق الجن اح األيس ر للف راخ عل ى ص دور‬

‫األطف ال والحوام ل؛ اتق ا ًء لش ر "الليلي ث" والج ن‪ ،‬وق رأوا التعاوي ذ ض د آلھ ة الم رض والش ياطين‬

‫‪ -‬ﺒﺨﻭﺭ ﺍﻵﻟﻬﺔ‪ ،‬ﺹ‪.220‬‬ ‫‪67‬‬

‫‪ -‬ﻴﻭﺴﻑ‪ ،‬ﺸﺭﻴﻑ‪ :‬ﺍﻟﺴﺤﺭ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﺒﺎﺒﻠﻴﻴﻥ ﻭﺍﻟﻤﺼﺭﻴﻴﻥ ﻭﺍﻟﻌﺭﺏ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪ ،‬ﻤﺠﻠﺔ ﺍﻟﺘـﺭﺍﺙ ﺍﻟﺸـﻌﺒﻲ‪ ،‬ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓـﺔ‬ ‫‪68‬‬

‫ﻭﺍﻟﻔﻨﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ‪ ،‬ﺍﻟﺴﻨﺔ ‪ ،9‬ﻉ‪1978 ،5‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪.69‬‬


‫‪ -‬ﻤﻐﺎﻤﺭﺓ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻷﻭﻟﻰ‪ ،‬ﺹ‪.226-225‬‬ ‫‪69‬‬

‫‪ -‬ﻋﺯﻴﺯ‪ ،‬ﻜﺎﺭﻡ ﻤﺤﻤﻭﺩ‪ :‬ﺃﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﺘﻭﺭﺍﺓ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ ﻭﺘﺭﺍﺙ ﺍﻟﺸﺭﻕ ﺍﻷﺩﻨﻰ ﺍﻟﻘـﺩﻴﻡ‪-‬ﻁ‪ -1‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﻠﻤـﺔ ﻟﻠﻨﺸـﺭ‪ ،‬ﺩﻤﺸـﻕ‪،‬‬ ‫‪70‬‬

‫‪ ،1999‬ﺹ‪.63‬‬
‫‪ -‬ﺒﺨﻭﺭ ﺍﻵﻟﻬﺔ‪ ،‬ﺹ ‪170‬‬ ‫‪71‬‬

‫‪ -‬ﺃﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﺘﻭﺭﺍﺓ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ‪ ،‬ﺹ‪.145‬‬ ‫‪72‬‬

‫‪ -‬ﻤﺩﺨل ﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ﺍﻟﻔﻭﻟﻜﻠﻭﺭ ﻭﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ‪ ،‬ﺹ‪.140‬‬ ‫‪73‬‬

‫‪19‬‬
‫واألش باح)‪ ،(74‬واس تخدموا الس حر‪ ،‬وق اموا ب بعض األعم ال الرمزي ة‪ ،‬كح رق الم واد الت ي تش به‬

‫األرواح الشريرة‪ ،‬وحل العقد التي يتص ّور الساحر أن ضحيته قد ورط فيھا)‪.(75‬‬

‫ثم ما لبثت أن تداخلت ھذه المعتق دات م ع الثقاف ة اآلرامي ة بفع ل الت داخل الزمن ي؛ ف الفنون‬

‫اآلرامي ة حافل ة بأش كال ع دة للج ن‪ ،‬تظھ ر ككائن ات مجنّح ة‪ ،‬مختلف ة األن واع‪ ،‬منھ ا الحيواني ة‬

‫واإلنس انية‪ ،‬ومنھ ا المركب ة‪ ،‬وآمن وا بوج ود كائن ات طيبّ ة‪ ،‬اس تخدموھا كوس يلة لط رد األرواح‬
‫الشريرة‪ ،‬ور ّد أذاھا)‪ ،(76‬وتبدو الشياطين في لوحاتھم الفنية كائنات ش ريرة بأش كال مختلف ة‪ ،‬تتمث ل‬

‫ف ي شخص ية الش يطانة "الليلي ث" الت ي "تب دو بص ورة فت اة جميل ة‪ ،‬تتوس ط ناف ذة‪ ،‬توص ف بأنﱠھ ا‬

‫الوصيفة األولى لـ ِ)عشتار(‪ ،‬وق د ص ورّت مجنّح ة وب دون أجنح ة")‪ ،(77‬ومم ا يؤك د اخ تالف الج ن‬
‫أن الجنّي ة العنق اء ترم ز إل ى الق وة والعن ف‪ ،‬تس تخدم كك ائن‬
‫عن الشيطان في المعتقدات اآلرامي ة " ّ‬

‫ح ٍام للم دن والقص ور")‪ ،(78‬وھك ذا فق د ع رف اآلرامي ون الج ن والش يطان مت أثرين بس ابقيھم‪،‬‬

‫"ورم زوا بھ ا إل ى اإلل ه "ح دد" أحيان ا ً" )‪ ،(79‬ورك زوا عل ى ص ورة الط ائر والحي وان المج نّح‪،‬‬
‫وظھرت الجن بص ورة إيجابي ة‪ ،‬أ ّم ا الش ياطين فق د ش كلت عنص ر الخ وف والف زع لإلنس ان‪" ،‬فق د‬

‫اتخذت الشياطين في الحكايات اآلرامية شكل الغربان" )‪ ،(80‬التي توحي بالتشاؤم‪.‬‬

‫ولم تختلف صورة الجن في المعتقدات الكنعانية عن سابقتھا؛ فقد ظھ رت بص ورة كائن ات‬

‫نقوشھم وتماثيلھم‪ ،‬وعبّرت عن العنف ال ذي يب دو م ن ش كلھا؛ إذ تب دو بأش كال مختلف ة‪،‬‬


‫ِ‬ ‫مجنحة في‬

‫"ومنھا الجن الذي يمسك س وطا ً بي ده اليس رى‪ ،‬وك رةً بي ده اليمن ى‪ ،‬ول ه رأس طي ر وجس د بش ري‪،‬‬

‫وم ّزو ٌد بأجنح ة")‪" ،(81‬ومنھ ا الك روبيم أبالس ة يق ال ب أنھم أبن اء اإلل ه "إي ل"‪ ،‬واإللھ ة "ري ا" إلھ ة‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪ ،140‬ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﺩﺍﺕ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺭﺍﺙ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪ ،‬ﺹ‪.84‬‬ ‫‪74‬‬

‫‪-‬ﻤﻌﺘﻘﺩﺍﺕ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻴﻴﻥ ﺍﻟﻘﺩﻤﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺤﺭ ﻭﺍﻟﻌﺭﺍﻓﺔ ﻭﺍﻷﺤﻼﻡ ﻭﺍﻟﺸﺭﻭﺭ‪ ،‬ﺹ‪.59‬‬ ‫‪75‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﺩﺍﺕ ﺍﻵﺭﺍﻤﻴﺔ‪ ،‬ﺹ‪.111‬‬ ‫‪76‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﺩﺍﺕ ﺍﻵﺭﺍﻤﻴﺔ‪ ،‬ﺹ ‪.121‬‬ ‫‪77‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.117‬‬ ‫‪78‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.122‬‬ ‫‪79‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻌﻨﺘﻴل‪ ،‬ﻓﻭﺯﻱ‪ :‬ﺍﻟﻔﻭﻟﻜﻠﻭﺭ ﻤﺎ ﻫﻭ ؟‪ -‬ﻁ‪ -2‬ﻤﻜﺘﺒﺔ ﻤﺩﺒﻭﻟﻲ ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﺴﻴﺭﺓ ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪1407 ،‬ﻫـ ‪1987 -‬ﻡ‬ ‫‪80‬‬

‫‪ ،‬ﺹ‪.106‬‬
‫ﺍﻟﻤﺎﺠﺩﻱ‪ ،‬ﺨﺯﻋل‪ :‬ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﺩﺍﺕ ﺍﻟﻜﻨﻌﺎﻨﻴﺔ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺸﺭﻭﻕ ﻟﻠﻨﺸﺭ ﻭﺍﻟﺘﻭﺯﻴﻊ‪ ،‬ﻋﻤّﺎﻥ‪2001 ،‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪.192‬‬ ‫‪81‬‬

‫‪20‬‬
‫األرض")‪" ،(82‬ويع ّد اإلله "بعل" من وجھة نظ ر الديان ة اإليلي ة زع يم األبالس ة والش ياطين‪ ،‬وس ي ّد‬

‫الجحيم‪ ،‬والعالم األسفل‪ ،‬يرافقه الشيطان حارس األموات‪ ،‬ودليل المتوفين‪ ،‬كما يرافقه شيطان عل ة‬

‫الم وت ق ابض األرواح")‪ ،(83‬ويتب ع "بع ل" كثي ر م ن الش ياطين‪ ،‬ك ل يحم ل اس مه ال ذي ي د ّل عل ى‬

‫ص فاته وأعمال ه‪ ،‬منھ ا "ال ذي يعم ي البص يرة"‪" ،‬وال ذي يجع ل الش فاء مس تحيالً")‪ ،(84‬وق د ارت بط‬

‫اإلله "بعل" بإبليس؛ لما له من صفات الدھاء‪ ،‬والفتنة‪ ،‬والتحالف مع الشرّ‪ ،‬األمر ال ذي دف ع الن اس‬

‫إلى التوجّه إليه بالتقديس والعبادة؛ ويبدو اإلله "بعل" في المعتق دات الكنعاني ة بص ورة اآلم ر ال ذي‬

‫يأمر الشياطين‪ ،‬ويب دو ق ادراً عل ى إط الق ق وى الغي ب م ن عقالھ ا والس يطرة عليھ ا‪ ،‬وھ و ذو ق وة‬

‫تدميرية قوية )‪.(85‬‬

‫وھكذا فقد خلط الكنعانيون اآللھة بالشياطين‪ ،‬ونسبوا إل ى اآللھ ة ص فات ش يطانية؛ لدرج ة‬
‫اعتقادھم‪ّ " ،‬‬
‫أن األرواح الشريرة تتحالف مع بع ض اآللھ ة ض د البش ر‪ ،‬وتت آمر م ع بع ض األع داء‬
‫ضد البالد")‪ ،(86‬فقد كان "اإلله "إيل زب وب" أمي ر الم ردة والش ياطين‪ ،‬وھ و ك ذلك اإلل ه المعب ود‪،‬‬
‫ربّ الط ب والش فاء‪ ،‬يش في المرض ى ألن ه رئ يس الش ياطين")‪ ،(87‬وق د ذك ر الجبيل ي ف ي ص فات‬
‫"إيل"‪ ،‬أنه "كان يمتلك صفات شيطانية‪ ،‬له أرب ع عي ون‪ ،‬عين ان إل ى األم ام‪ ،‬وعين ان إل ى الخل ف‪،‬‬
‫عين ان مفتوحت ان‪ ،‬وعين ان نائمت ان‪ ،‬أي أن ه ين ام وھ و مت يقظ‪ ،‬ويس تيقظ وھ و ن ائم")‪ ،(88‬وك ان‬
‫مس اعدوه العفاري ت ال ذين يشخص ون الري اح والص واعق‪ ،‬فاتج ه الن اس إل ى تق ديس مص ادر‬
‫الخصوبة التي جس ّدھا "بعل" وجماعته‪.‬‬

‫أن "إي ل" أول م ن ت ّزوج بجنيّ ة مائي ة اس مھا )ع ين عبري ت(‬
‫وق د ورد ف ي أس اطيرھم" ّ‬
‫و"ع ين عفري ت" وأنج ب منھ ا ول داً واح داً")‪ ،(89‬وھ ذا يؤك د ّ‬
‫أن األبالس ة ھ م أبن اء "إي ل"‪ ،‬ومم ن‬
‫ينس ب إلي ه "أبن اء أيل يم" ال ذين يحمل ون غي وم الش قاء عن ه‪ ،‬فالكنع انيون آمن وا بوج ود الش ياطين‪،‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.185‬‬ ‫‪82‬‬

‫‪ -‬ﻟﻐﺯ ﻋﺸﺘﺎﺭ‪ ،‬ﺹ‪.349‬‬ ‫‪83‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﺩﺍﺕ ﺍﻟﻜﻨﻌﺎﻨﻴﺔ‪ ،‬ﺹ‪.185‬‬ ‫‪84‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺒﺎﺵ‪ ،‬ﺤﺴﻥ‪ :‬ﺍﻟﻤﻴﺜﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﺍﻟﻜﻨﻌﺎﻨﻴﺔ ﻭﺍﻻﻏﺘﺼﺎﺏ ﺍﻟﺘﻭﺭﺍﺘﻲ‪ -‬ﻁ‪ -1‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺠﻴل‪ ،‬ﺩﻤﺸﻕ‪ ،1988 ،‬ﺹ‪.45‬‬ ‫‪85‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.45‬‬ ‫‪86‬‬

‫‪ -‬ﺃﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻘﺩﻴﻡ‪ ،‬ﺹ‪.187‬‬ ‫‪87‬‬

‫‪ -‬ﻤﺩﺨل ﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ﺍﻟﻔﻭﻟﻜﻠﻭﺭ ﻭﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ‪ ،‬ﺹ‪ ،47‬ﺍﻟﻤﻴﺜﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﺍﻟﻜﻨﻌﺎﻨﻴﺔ‪ ،‬ﻭﺍﻻﻏﺘﺼﺎﺏ ﺍﻟﺘﻭﺭﺍﺘﻲ‪ ،‬ﺹ‪.30‬‬ ‫‪88‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻴﺜﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﺍﻟﻜﻨﻌﺎﻨﻴﺔ‪ ،‬ﺹ‪ ،29‬ﻤﺩﺨل ﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ﺍﻟﻔﻭﻟﻜﻠﻭﺭ ﻭﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ‪ ،‬ﺹ‪.47‬‬ ‫‪89‬‬

‫‪21‬‬
‫ونسبوا إليھا كل ما يح ّل فيھم من مصائب وكوارث وأخط ار‪ ،‬ويثب ت ھ ذه االعتق ادات م ا ج اء ف ي‬
‫أسطورة "كارت" ملك صيدون‪ ،‬إذ أنّ ه عن دما م رض س أ َل اإلل ه "إي ل"‪َ :‬م ْن ِم ْنكم يق در أن يش في‬
‫كارت ؟ َم ْن منكم يقدر أن يطرد األرواح الشريرة من داخله؟" )‪ (90‬ف ال ي ت ّم ش فاؤه إالّ بخ روج تل ك‬
‫األرواح م ن جس ده؛ وم ن الطق وس الت ي مارس وھا؛ العتق ادھم أنھ ا تط رد الش ياطين واألرواح‪،‬‬
‫ق الطبول‪ ،‬كما ع ّدوا الوش م والخت ان م ن وس ائل الحماي ة م ن‬
‫االغتسال بالماء‪ ،‬وحرق البخور‪ ،‬ود ّ‬
‫تلك األرواح )‪" ،(91‬واستخدموا األقنعة الشيطانية في محاولة طردھا والتغلب عليھا")‪.(92‬‬

‫وق د اعتق د الكنع انيون أن الحي ة إل ه؛ ألنھ ا تنف رد بق وة ھائل ة‪ ،‬فق د عب دھا الفنيقي ون أيض اً‪،‬‬

‫وجعلوھا في معابدھم‪ ،‬وكانوا يصفونھا بالشيطان الصالح )‪.(93‬‬

‫ومن معتقدات الكنعانيين أن القطط والكالب من األرواح الشريرة؛ "فكانوا يتش اءمون م ن‬

‫نب اح الك الب‪ ،‬ويتھمونھ ا باس تدعاء الش ياطين إللح اق األذى بھ م")‪ ،(94‬وف ي مقاب ل ھ ذه األرواح‬

‫والكائنات الشريرة‪ ،‬اعتقد الكنعانيون‪ ،‬بوجود كائن ات طيبّ ة‪ ،‬اكتس بت ص فات إيجابي ة‪ ،‬تمث ل ج نس‬
‫العمالق ة‪ ،‬مث ل عمالق ة الحض ارة‪ ،‬ومنھ ا "رف ائيم" المس ؤولة ع ن الش فاء م ن األم راض‪ ،‬وخاص ة‬

‫العق م‪ ،‬وتش ير إل ى مجم وع س كان الع الم األس فل وأش باح الم وتى)‪ ،(95‬وق د تتش ابه م ع "الك الو"‬

‫السومرية التي قدمت الحضارة للبشر‪ ،‬وقد نُ ِس َ‬


‫ب إل ى كنع ان الج د األول للكنع انين أن ه ك ان ين اجي‬
‫شيطانه في الجبال؛ مما يؤكد وجود الت ابع والھ اتف‪ ،‬حت ى إنّ ه رف ض أن يرك ب م ع وال ده مفض الً‬

‫االلتج اء إل ى ھ ذا الجب ل معتق داً أن في ه نجات ه‪ ،‬فخ اب أمل ه‪ ...‬كم ا اتخ ذ الس حر‪ ،‬وعب ادة الش يطان‬

‫واالتصال به دينا ً له؛ وينسب إليه كثير من شرور العالم‪ ،‬فھ و "رم ز ال وحي ومص در التنب ؤ")‪،(96‬‬

‫وقد نسب إلى ھذه الكائن ات م ا ي دل عل ى أنھ ا تمتل ك ق درات خارق ة؛ إذ كان ت تعل م الن اس ص ناعة‬

‫‪ -‬ﺃﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﺘﻭﺭﺍﺓ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ‪ ،‬ﺹ‪.145‬‬ ‫‪90‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﺩﺍﺕ ﺍﻟﻜﻨﻌﺎﻨﻴﺔ‪ ،‬ﺹ‪.277‬‬ ‫‪91‬‬

‫‪ -‬ﻤﺘﻭﻥ ﺴﻭﻤﺭ‪ ،‬ﺹ‪.131‬‬ ‫‪92‬‬

‫‪ -‬ﻋﻴﺎﺵ‪ ،‬ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ‪ :‬ﺍﻟﺤﻴﺔ ﻓﻲ ﺤﻴﺎﺘﻨﺎ ﻭﺘﺭﺍﺜﻨﺎ‪ ،‬ﺩﻴﺭ ﺍﻟﺯﻭﺭ‪ ،‬ﺴﻭﺭﻴﺎ‪1968 ،‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪.48-44‬‬ ‫‪93‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﺩﺍﺕ ﺍﻟﻜﻨﻌﺎﻨﻴﺔ‪:‬ﺹ‪.184‬‬ ‫‪94‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.185‬‬ ‫‪95‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺴﺎﻋﺎﺘﻲ‪ ،‬ﺴﺎﻤﻴﺔ‪ :‬ﺍﻟﺴﺤﺭ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ‪ ،‬ﺩﺭﺍﺴﺔ ﻨﻅﺭﻴﺔ‪-‬ﻁ‪ -1‬ﺒﺤﺙ ﻤﻴﺩﺍﻨﻲ‪ ،‬ﻤﻜﺘﺒﺔ ﺍﻹﻨﺠﻠﻭ ﺍﻟﻤﺼﺭﻴﺔ‪ ،1998 ،‬ﺹ‪-14‬‬ ‫‪96‬‬

‫‪.15‬‬

‫‪22‬‬
‫الحراب والمدى والدروع‪ .‬يالح ظ مم ا س بق اقت ران ھ ذه الكائن ات بالقداس ة والق وة والخ وف‪ّ ،‬‬
‫وأن‬

‫الكنع انيين ربط وا بينھ ا وب ين ق درتھا الخارق ة‪ ،‬فق ّدس وھا‪ ،‬كم ا ربط وا بينھ ا وب ين الحي ة‪ ،‬كم ا ف ي‬

‫ملحمة جلجامش‪ ،‬وعالقة تلك الكائنات بالشيطانة )ليليث(‪.‬‬

‫وق د آم ن اليون انيون ك ذلك "بوج ود أرواح ش ريرة تس مى )‪ (Alstores‬تت ولى أعم ال‬

‫الش يطان")‪ ،(97‬وق د ع ّدتھا األس اطير اليوناني ة "كائن ات جنيّ ة خفيّ ة م ؤثرة تمتل ك طبيع ة س ريّة‪،‬‬
‫ج اءت م ن الع الم األخ ر‪ ،‬ذات ت أثير حس ن أو س ي ٍء ف ي س لوك البش ر")‪ ،(98‬فأض فوا عل ى آلھ تھم‬

‫صفات شيطانية‪ ،‬ودنّسوھا بالرذائل؛ "إذ يبدو اإلله"زيوس" شيطاناً‪ ،‬ش ھوانياً‪ ،‬نَ ِھم اً‪ ،‬أك والً‪ ،‬ش دي َد‬

‫الطمع‪ ...‬أرسل الص اعقة القاتل ة عل ى "اس كوالب" أب ي الط ب؛ ألن ه يش في المرض ى")‪ ،(99‬فھدف ه‬
‫القض اء عل ى الن اس‪ .‬وال يختل ف ھ ذا ع ن ھ دف الش ياطين عن د األم م األخ رى‪ ،‬فق د ك ان ھ دف‬

‫"تعامة" و"عشتار" السيطرة عل ى اإلنس ان أو إلح اق األذى ب ه‪ ،‬وج اء ف ي األس اطير اإلغريقي ة "‬

‫أن الش ياطين أبن اء"أوران وس وجي ا" ت آلبوا عل ى أب يھم؛ فخلع وه وك ادوا أن يقتل وه‪ ،‬ل وال ت دخل‬
‫"زفس" الذي ظفربھم وطرحھم في وادي الظلمات")‪.(100‬‬

‫ت خرافيّ ةً ش بيھةً ب الجن‪ ،‬تمث ل الق وى الحيوي ة‬


‫"وتب دو الس اتوري "الس اتيرز" مخلوق ا ٍ‬
‫للطبيعة‪ ،‬وترتبط ارتباطا ً وثيقا ً "بديونيسوس"‪ ،‬تعشق الخمر والرقص‪ ،‬وتفرط في الج نس‪ ،‬تط ارد‬

‫عور غزي رة‪ ،‬ووج وه لھ ا لح ًى‪ ،‬وس يقان‬


‫الحوري ات محاول ة إغواءھ ا‪ ،‬وتظھ ر بھيئ ة بش ر لھ م ش ٍ‬
‫وذيول جياد")‪.(101‬‬

‫وتمث ل "الس يرينيات" نوع ا ً م ن الجنّي ات الل واتي يرم زن للغواي ة والض الل والغري زة‬
‫الجنسية والقتل‪ ،‬فھن متعطشات لل دماء‪ ،‬يس كن جزي رة س يرين‪ ،‬يظھ رن بھيئ ة نس اء ب رأس آدم ي‪،‬‬

‫ان‬
‫وجسد طائر‪ ،‬أو على ھيئة نصفھا آدم ي والنص ف اآلخ ر س مكي‪ ،‬ويمت زن بص وت ع ذب‪ ،‬وأغ ٍ‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺒﻨﻌﻠﻲ‪ ،‬ﻴﻭﺴﻑ‪ :‬ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﺸﻴﻁﺎﻥ‪ ،‬ﺃﺨﻁﺭ ﺍﻟﻔﺭﻕ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭﺓ ‪-‬ﻁ‪-1‬ﻁ‪1997 -2‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪.25‬‬ ‫‪97‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﺩﺍﺕ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺭﺍﺙ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪ ،‬ﺹ‪.59‬‬ ‫‪98‬‬

‫‪ -‬ﻋﺒّﺎﺩ ﺍﻟﺸﻴﻁﺎﻥ‪ ،‬ﺹ‪.26‬‬ ‫‪99‬‬

‫‪ -‬ﻤﻌﻠﻭﻑ‪ ،‬ﺸﻔﻴﻕ‪ :‬ﻋﺒﻘﺭ‪-‬ﻁ‪ -3‬ﻤﻨﺸﻭﺭﺍﺕ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺼﺒﺔ ﺍﻷﻨﺩﻟﺴﻴﺔ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻁﺒﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻨﺸﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ‪ ،1949 ،‬ﺹ‪.59‬‬ ‫‪100‬‬

‫‪ -‬ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺤﻤﻴﺩ‪ ،‬ﻴﻭﻨﺱ‪ :‬ﻤﻌﺠﻡ ﺍﻟﻔﻭﻟﻜﻠﻭﺭ‪ ،‬ﺹ‪.140‬‬ ‫‪101‬‬

‫‪23‬‬
‫ساحرة ينشدنھا على القيثارة في الفلوات؛ فتجذب إليھن السفن العابرة‪ ،‬وينقاد الرجال نح وھن دون‬

‫وعي؛ ليلقوا مصيرھم األسود)‪.(102‬‬

‫وق د ظھ رت بع ض الكائن ات الخرافي ة بص ورة إنس ان حك يم يعلّ م اآلخ رين‪ ،‬م ن ذل ك م ا‬

‫يسمى بـ "القنطورس" الذي يبدو بصورة مخلوق نصفه إنسان‪ ،‬ونص فه اآلخ ر حص ان‪ ،‬وأش ھرھا‬

‫"خيرون" معل م "أخي ل" وبقي ة األبط ال‪ ،‬فق د علّ م "اس كوالب" إل ه الط بّ الروم اني فن ون الط ب‪،‬‬
‫ودرّبه عليھا حتى أصبح طبيبا ً )‪.(103‬‬

‫وتنسب إلى ھذا النوع من الكائن ات "ھيق اتي" "إح دى ربّ ات القم ر والع الم الس فلي ف ي آن‬

‫واح د‪ ،‬س يّدة الظ الم‪ ،‬وواھب ة الحكم ة للبش ر‪ ،‬راعي ة الس احرات‪ ،‬س يّدة النب وءة")‪" ،(104‬تظھ ر‬
‫بصورة الجنية عشتار‪ ،‬س يّدة الم وت‪ ،‬وع الم الس حر واألش باح‪ ،‬م ن ألقابھ ا "بريتاني ا" الت ي ترس ل‬

‫عفاريتھا إلى األرض؛ كي تعذب الرجال‪ ،‬وتظھ ر ف ي اللي ل بموك ب مرع ب مص حوبة بحش د م ن‬

‫ش يطاناتھا‪ ،‬وكالبھ ا المتوحش ة تج وس المن اطق المحيط ة بالمق ابر")‪" ،(105‬ك انوا يتص ورون‬

‫صورتھا على شكل ثالثة شخوص‪ ،‬واقفة ظھراً إلى ظھر‪ ،‬تمث ل الح االت الثالث ة المتوالي ة للقم ر‪،‬‬

‫فھ ي يقظ ة؛ ألنھ ا تس تيطع الرؤي ة ف ي اتجاھ ات ث الث ف ي آن واح د‪ ،‬يق دمون لھ ا األض احي؛‬

‫وكف غضبھا")‪.(106‬‬
‫ّ‬ ‫السترضائھا‬

‫وينسب إلى أبناء ھ ذه الفص يلة "دو ُر قطّ اع الط رق ال ذين يح اولون اختط اف النس اء؛ فق د‬
‫حاول ت القنط ورات اختط اف "ھيبودامي ا"‪ ،‬ع روس "بيرثي وس" مل ك الالبث ين" ودار ص را ٌ‬
‫ع‬

‫بينھم ا‪ ،‬انھزم ت القنط ورات عل ى أث ره ھزيم ة س احقة )‪ ،(107‬وق د كان ت تل ك الكائن ات تخ وض‬
‫صراعا ً مع أبطالھا‪ ،‬من ذلك "أن ھرقل ذھب مع زوجته إل ى النھ ر‪ ،‬وطل ب م ن القنط ور نيس وس‬

‫‪ -‬ﻟﻐﺯ ﻋﺸﺘﺎﺭ‪ ،‬ﺹ‪ ،225‬ﺸﺎﺒﻴﺭﻭ‪ ،‬ﻤﺎﻜﺱ ﺭﻭﺩﺍ ﻫﻨﺩﺭﻟﻜﺱ‪ :‬ﻤﻌﺠﻡ ﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ‪ ،‬ﺹ‪.105‬‬ ‫‪102‬‬

‫‪ -‬ﻤﻌﺠﻡ ﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ‪ ،‬ﺹ‪.81-72‬‬ ‫‪103‬‬

‫‪ -‬ﻤﻴﺘﺎﻤﻭﺭ ﻓﻭﺯﺱ‪ :‬ﻤﺴﺦ ﺍﻟﻜﺎﺌﻨﺎﺕ‪ ،‬ﺘﺭﺠﻤﺔ ﺜﺭﻭﺕ ﻋﻜﺎﺸﺔ‪-‬ﻁ‪-2‬ﺍﻟﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﻤﺼﺭﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻟﻠﻜﺘـﺎﺏ‪ ،‬ﺍﻟﻘـﺎﻫﺭﺓ‪1984 ،‬ﻡ‪،‬‬ ‫‪104‬‬

‫ﺹ‪.172‬‬
‫‪ -‬ﻟﻐﺯ ﻋﺸﺘﺎﺭ‪ ،‬ﺹ‪.223‬‬ ‫‪105‬‬

‫‪ -‬ﻤﺴﺦ ﺍﻟﻜﺎﺌﻨﺎﺕ‪ :‬ﺹ‪.172‬‬ ‫‪106‬‬

‫‪ -‬ﻤﻌﺠﻡ ﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ‪ ،‬ﺹ‪.72‬‬ ‫‪107‬‬

‫‪24‬‬
‫أن يحمل زوجته‪ ،‬ويعبر بھا النھر‪ ،‬فأعجب بھا‪ ،‬وحاول أن يھرب بھا‪ ،‬فقضى علي ه ھرق ل بس ھمه‬

‫المسموم لمغازلته لھ ا" )‪ .(108‬وم ن الرواي ات م ا يُش ير إل ى "أن تيس وس" ع رض ل ه ذل ك الحي وان‬

‫الخرافي المسمى "المينوطور" بشكل مخلوق عجيب نصفه األعل ى رج ل‪ ،‬ونص فه األس فل نص ف‬

‫ثور‪ ،‬وله أنياب كأنياب األسود‪ ،‬فقتله كما فعل ھرقل)‪ ،(109‬ويتضح ذلك الصراع بين أبطالھم وتل ك‬

‫الكائنات‪ ،‬من خالل ما فعله "زيوس" مع "طيفون" الذي يظھر بصورة وحش‪ ،‬رھيب المنظر‪ ،‬ل ه‬

‫مئة رأس تنين‪ ،‬وعلى ھيئة أفعى مجنحة‪ ،‬ذراعاه تمت دان م ن مش رق الش مس إل ى مغربھ ا‪ ،‬تنبع ث‬

‫من كتفيه مئات من رؤوس األفاعي التي تم ّد أَلس نة طويل ة يخ رج منھ ا اللھ ب الح ارق‪ ،‬إذا زمج ر‬

‫رددت الجبال صوته الرھيب‪ ،‬واھتزت مساكن اآللھ ة‪ ،‬وإذا تح رك ارتج ت األرض وأض اء لھبھ ا‬
‫أنفاس ه‪ ،‬إالّ أن زي وس أثب ت جدارت ه وتغلّ ب علي ه‪ ،‬فش طره بالص واعق والرع د والب رق‪ ،‬وأح رق‬

‫رؤوس األف اعي‪ ،‬ودف ع ب ه إل ى الع الم األس فل‪ ،‬وبق ي يص در العواص ف الت ي تح رك المحيط ات‪،‬‬

‫وتغرق السفن‪ ،‬وتحطم ما يبنيه البشر على السواحل)‪ ،(110‬ويبدو أن ھذا الكائن يشبه "الالبو" ال ذي‬
‫تغلب عليه "مردوخ" البابلي‪ ،‬في كون كل منھا يشكل مصد َر رُع ب وإزع اج لإلنس ان‪ ،‬ويثب ت ّ‬
‫أن‬

‫الصراع بين األبطال وھذه الكائنات مستمر‪ ،‬والبطل الحقيقي ھو من يتغلب على ھذه الكائنات‪.‬‬

‫و يبرز عداء ھذه الشياطين لإلنسان‪ ،‬وحبھا لقتل األطفال‪" ،‬عندما أرسل "كانسا" ش يطانة‬
‫تس مى "يوثان ا" دھن ت ث ديھا بال ّس م‪ ،‬وأخ ذت ترض ع الطف ل "كرش نا" بقص د قتل ه‪ ،‬إالّ أن ه ام تصّ‬

‫الحي اة منھ ا فمات ت‪،‬ولم يص ب ھ و بض رر‪ ،‬وينس ب إل ى "كرش نا" قت ل ع دد كبي ر م ن العفاري ت‬
‫)‪(111‬‬
‫والشياطين بھذه الطريقة" ‪.‬‬

‫ويبدو أنه كان لھذه الكائنات دو ُر كبير في التنبؤ بالمستقبل‪ ،‬فقد كان "س قراط" يمل ك وحيّ ا ً‬

‫صا ً به يُ ْعلِمه عن المستقبل ھو)‪ (Daiman‬الشھير‪" ،‬وقد أعلن أفالط ون أن معلم ه س قراط ك ان‬
‫خا ّ‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.178‬‬ ‫‪108‬‬

‫‪ -‬ﻤﻌﺠﻡ ﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ‪ ،‬ﺹ‪ ،169‬ﺍﻟﻤﺼﺭﻱ‪ ،‬ﺤﺴﻥ ﻤﺠﻴﺏ‪ :‬ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻭﺍﻟﻔﺭﺱ ﻭﺍﻟﺘـﺭﻙ‪-‬ﻁ‪ -1‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓـﺔ‬ ‫‪109‬‬

‫ﻟﻠﻨﺸﺭ‪1421 ،‬ﻫـ‪2000-‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪.47‬‬


‫‪ -‬ﻟﻐﺯ ﻋﺸﺘﺎﺭ‪ ،‬ﺹ‪.144‬‬ ‫‪110‬‬

‫‪ -‬ﺃﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻘﺩﻴﻡ‪ ،‬ﺹ‪.144‬‬ ‫‪111‬‬

‫‪25‬‬
‫يتنب أ لألش خاص ع ن طري ق نص ائح ھ ذا الش خص")‪ ،(112‬وذك ر أن ه ك ان م ن أص حاب الھوات ف‬

‫الخفي ة‪ ،‬وك ان يس تمع إل ى ھ اتف يخي ل إلي ه أن ه يالزم ه‪ ُ،‬وي وحي إلي ه‪ ،‬وي نفخ ف ي روع ه‪ ،‬ويلھم ه‬

‫الرشد والص واب‪ ،‬وتح دث اليون انيون ع ن جنيّ ات الفن ون الت ي اص طلح عل ى تس ميتھا ب العرائس‪،‬‬

‫وھي منسوبة إلى الجان)‪.(113‬‬

‫وقد عرف اليونانيون الكھانة والعرافة‪" ،‬وأش ھر كھ ان اليون ان "أبول و" إل ه الش مس ال ذي‬
‫ع د إلھ ا ً لإلخب ار بالغي ب؛ ألن ه رم ز الش مس يلق ي ض وءاً عل ى طري ق المس تقبل المظلم ة‪ ،‬ويقت ل‬

‫وحش الظالم "بيسبون" ألنه يقف في سبيل استطالع الغيب في دلف ي")‪ ،(114‬وكان ت العراف ات إ ّم ا‬

‫فتيات‪ ،‬أو عج ائز يعش ن ف ي كھ وف‪ ،‬ويق دمن النص ائح ف ي كلم ات غامض ة؛ عل ى أنھ ا إيح اء م ن‬
‫األرب اب‪ ،‬وأش ھر العرّاف ات )‪ (Cybele‬الت ي عمل ت كوس يلة اتص ال ب ين اإلنس ان واآللھ ة )‪،(115‬‬

‫ويبدو أن اليونانيين أعطوا الشيطان أكثر من حقه‪ ،‬وأنه ك ان ش يطانَ خي ر ورحم ة‪ ،‬ول يس ش يطان‬

‫ش ﱢر ورذيلة‪.‬‬

‫وما زلنا نلحظ خلط ا ً ب ين األرواح الش ريرة واآللھ ة أو أش باحھا‪ ،‬فق د ع ّد المص ريون ھ ذه‬

‫األرواح أش باح اآللھ ة الت ي ان دثرت‪ ،‬وربطوھ ا بإل ه الش ر والظ الم ال ذي ي دعى س ت أو س تان"‪،‬‬

‫ممثل إله األرواح الخبيثة‪ ،‬و َملك الموت والدمار مقابل إله الخير والنور "أورنس"‪ ،‬فـ)س ت( يمث ل‬

‫الشيطان؛ لبش اعة أفعال ه وحب ه للش ر‪ ،‬وبغض ه للخي ر؛ ل ذلك حظ ي بتق ديس المص ريين وعب ادتھم‪،‬‬

‫ص َوره في معاب دھم‪ ،‬وأعم الھم الفني ة ف ي أش كال مخيف ة‪،‬‬


‫فكانت عبادة خوف ورھبة‪ ،‬بدليل ظھور ُ‬
‫"منھا ما ھ و عل ى ھيئ ة حم ار")‪ ،(116‬مم ا ي د ّل عل ى ّ‬
‫أن أرواح الم وتى س يطرت عل ى مش اعرھم‪،‬‬

‫حت ى أدخلوھ ا ض من أن واع الج ن الش ريرة الت ي تعي ث ف ي األرض فس اداً‪ ،‬وتنق ل األم راض إل ى‬

‫األحي اء؛ "إذ تعتب ر المق ابر الفرعوني ة‪ ،‬واألم اكن المظلم ة داخ ل المق ابر المص رية القديم ة م أوى‬

‫‪ -‬ﻤﻌﻠﻭﻑ‪ ،‬ﺸﻔﻴﻕ‪ :‬ﻋﺒﻘﺭ‪ ،‬ﺹ‪.47‬‬ ‫‪112‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻌﻘﺎﺩ‪ ،‬ﻋﺒﺎﺱ ﻤﺤﻤﻭﺩ‪ :‬ﺇﺒﻠﻴﺱ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ‪ ،1955 ،‬ﺹ‪.180‬‬ ‫‪113‬‬

‫‪ -‬ﺤﻤﻴﺩﺓ‪ ،‬ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ‪ :‬ﺸﻴﺎﻁﻴﻥ ﺍﻟﺸﻌﺭﺍﺀ‪ ،‬ﻤﻜﺘﺒﺔ ﺍﻹﻨﺠﻠﻭ ﺍﻟﻤﺼﺭﻴﺔ ﻟﻠﻁﺒﻊ ﻭﺍﻟﻨﺸﺭ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ‪ ،1956 ،‬ﺹ‪.82‬‬ ‫‪114‬‬

‫‪ -‬ﻤﻴﺜﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﻭﺃﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﺸﻌﻭﺏ ﺍﻟﻘﺩﻴﻤﺔ‪ ،‬ﺹ‪.288‬‬ ‫‪115‬‬

‫‪ -‬ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﺸﻴﻁﺎﻥ‪ ،‬ﺹ‪.18‬‬ ‫‪116‬‬

‫‪26‬‬
‫للجان" )‪ ،(117‬وما زال المصري المعاصر يعتق د أن أرواح الم اء أو جنيّ ة البح ر أو عفري ت الم اء‬

‫ھي في الحقيقة عفاريت أفرا ٍد غرقى وأرواحھم‪ ،‬األمر الذي يؤكد "فكرة ارتباط ك ل إنس ان بق رين‬

‫من الجن يسمى "كا" ويرمز له ب ذراعين مرف وعين" )‪ ،(118‬وق د وص ف الع الم األس فل "بأن ه ع الم‬

‫مخيف يشبه مدينة محاطة بأسوار سبعة‪ ،‬يقف على كل منھا شيطان مخيف‪ ،‬وتحكم ھذا العالم آلھ ة‬

‫قاسية" )‪ ،(119‬وھو موطن ھذه األرواح وتلك الشياطين‪.‬‬

‫ويب دو" أن "تيف ون" ھ و االس م المس تعار ل ـ "س ت" ال ذي رم ز ب ه المص ريون إل ى ع الم‬

‫الظالم والشر‪ ،‬ألنه نھق بصوت أشبه بنھيق الحم ار‪ ،‬وبس بب كلمات ه الخبيث ة أص بح ش يطانا ً تو ّح د‬

‫مع الحية فتن")‪.(120‬‬

‫ومن اآللھة التي ظھرت بصورة شيطان‪" ،‬اإللھة المصرية "سخمت" وھي إلھة متوحش ة‬

‫انطلق ت ض ارية‪ ،‬ك ادت تستأص ل الج نس البش ري‪ ،‬ظھ رت بمظھ ر "عن ات" العنيف ة الت ي قتل ت‬

‫الناس‪ ،‬وفرحت حين تطايرت رؤوسھم وأيديھم المقطعة في الھواء")‪.(121‬‬

‫ويتضح العداء بين آلھة الخير وآلھة الش ّر "الش ياطين"‪ ،‬م ن خ الل الص راع المس تمر ب ين‬

‫اإلله "أبيب" الذي يظھر في صورة حية ملتوية تحمل في كل طيّ ة م ن جس مھا مدي ة ح ادة‪ ،‬وتق ود‬

‫زم رة م ن الش ياطين الس وداء المقيم ة ف ي الع الم األس فل وإل ه الش مس ال ذي يھزم ه‪ ،‬كم ا فع ل‬

‫"مردوخ" مع "تعامة"‪ ،‬ويؤكد ذلك ما قاله فريزر "عندما يھبط إله الشمس ف ي مص ر القديم ة إل ى‬

‫موطنه في الغرب المتوھج‪ ،‬فإنه يجتاز قتاالً عنيفا ً ضد زمرة الشياطين ال ذين يغي رون علي ه بقي ادة‬
‫العدو اللدود "أبيب"‪ ،‬ويستمر الصراع طوال الليل‪ ،‬وقد يمتد للنھار‪ ،‬وق د ك انوا يح اولون ك ّ‬
‫ف أذاه‬
‫"بصنع صورة من الشمع للع دو "أبي ب" ف ي ھيئ ة تمس اح قب يح‪ ،‬أو حي ة طويل ة مطوي ة‪ ،‬ويكتب ون‬

‫يلف ھذا التمث ال بغ الف م ن الب ردي موش حا ً برس مة مش ابھة‬


‫عليھا اسم الشيطان بالحبر األحمر‪ ،‬و ّ‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺠﻭﻫﺭﻱ‪،‬ﻤﺤﻤﺩ‪ :‬ﻋﻠﻡ ﺍﻟﻔﻭﻟﻜﻠﻭﺭ‪362/2 ،‬‬ ‫‪117‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ‪.373/2 ،‬‬ ‫‪118‬‬

‫‪ -‬ﻋﺯﻴﺯ‪ ،‬ﻜﺎﺭﻡ ﻤﺤﻤﻭﺩ‪ :‬ﺃﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﺘﻭﺭﺍﺓ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ‪ ،‬ﺹ‪.140‬‬ ‫‪119‬‬

‫‪ -‬ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺤﻜﻴﻡ‪ ،‬ﺸﻭﻗﻲ‪ :‬ﻤﺩﺨل ﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ﺍﻟﻔﻭﻟﻜﻠﻭﺭ ﻭﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ‪ ،‬ﺹ‪.58‬‬ ‫‪120‬‬

‫‪ -‬ﻜﺭﻴﻤﺭ‪ ،‬ﺼﻤﻭﺌﻴل‪ :‬ﺃﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻘﺩﻴﻡ‪ ،‬ﺹ‪.175‬‬ ‫‪121‬‬

‫‪27‬‬
‫ويح ّزم بشعر أسود‪ ،‬ويقوم الكاھن بالبصق علي ه‪ ،‬وض ربه بس كين حجري ة‪ ،‬وإلقائ ه عل ى األرض‪،‬‬

‫بعدئ ٍذ يرفسه بقدمه اليسرى‪ ،‬ويحرقه في نار تتغذى بنباتات معينة‪ ،‬وھكذا يقض ي علي ه‪ ،‬ث م يقض ي‬

‫على جميع الشياطين باألسلوب نفسه )‪ ،(122‬وھذا نوع من السحر التشاكلي؛ إذ يش ير الل ون األحم ر‬

‫إلى ملك الجن األحمر الذي يع ّد أش ّد أنواع الجن‪ ،‬ويمتاز بقدرته عل ى ط رد الش ياطين‪ ،‬وجلبھ ا ف ي‬

‫الوقت نفسه‪ ،‬ويؤكد ذلك ما ورد ع ن الس احرات المص ريات "أَنھَ ن ك ﱠن يَكتُ بن العھ د م ع الش يطان‬

‫بدم الحيض")‪.(123‬‬

‫وقد نسب المصريون األمراض إلى تلك األرواح الشريرة التي تتسلط بقواھا الخبيثة عل ى‬

‫األجسام‪ ،‬فتصيبھا األمراض‪ ،‬وإذا قوبلت بت أثيرات أق وى منھ ا تنھ زم أمامھ ا‪ ،‬وتخ رج م ن الجس م‬
‫فيش في الم ريض‪ ،‬وك ان ذل ك م ن وظيف ة الس احر‪ ،‬إذ ينظ ر إل ى الم رض عل ى أن ه م ن فع ل روح‬
‫ش ريرة دخل ت الجس م‪ ،‬ويرك ز الس احر عليھ ا إ ّم ا ب األمر‪ ،‬ك ْ‬
‫أن يق ول لھ ا‪ :‬اخرج ي ي ا كاش رة‪ ..‬أو‬

‫بادعاء عدم اإلذع ان لل روح الض ارة‪ ،‬اختف ي أيتّھ ا الميت ة‪ ،‬ف المرض ھ و تقم ص الش يطان للجس م‪،‬‬
‫وعالج ه ت الوة ال ﱡدقي)‪" ،(124‬وق د اس تخدم المص ريون التم ائم ذات الل ون األزرق؛ لط رد األرواح‬

‫الشريرة والحماية من الحسد")‪.(125‬‬

‫وقد ع ّد المصريون األفاعي نوعا ً من الجن يتشكل بشكل األفعى؛ إليم انھم بق درة ك ل منھ ا‬

‫على التشكل والتنقل السريع؛ ولذلك شكلت األفعى مص در رع ب وف زع لھ م؛ فأخ ذوا يفك رون ف ي‬

‫طريق ة يس يطرون بھ ا عليھ ا‪" ،‬فلج أوا إل ى التع زيم؛ كوس يلة للتخفي ف م ن ِح ّدة فاعلي ة َس ّمھا أو‬

‫توجيھھ ا أي جھ ة يري دونھا")‪ ،(126‬كم ا قدس وھا وجعلوھ ا رم زاً للق وة والس لطان‪ ،‬تح ت اس م‬

‫)أوديس()‪ (127‬ولم تقتصر أساطيرھم على الشياطين واآللھة‪ ،‬وإنما تع دتھا إل ى الكائن ات الخرافي ة‪،‬‬

‫"ومن ھ ذه الكائن ات الت ي اعتق دوا بوجودھ ا" آك ل الم وتى" ال ذي "يظھ ر بص ورة حي وان خراف ي‬

‫‪ -‬ﻓﺭﻭﻴﺩ‪ ،‬ﺴﻴﺠﻤﻭﻨﺩ‪ :‬ﺍﻟﻁﻭﻁﻡ ﻭﺍﻟﺘﺎﺒﻭ‪-‬ﻁ‪ -1‬ﺘﺭﺠﻤﺔ ﺃﺒﻭ ﻋﻠﻲ ﻴﺎﺴﻴﻥ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﻟﻠﻨﺸﺭ ﻭﺍﻟﺘﻭﺯﻴـﻊ‪ ،‬ﺴـﻭﺭﻴﺎ‪،‬ﺩ‪.‬ﺕ‪،‬‬ ‫‪122‬‬

‫ﺹ‪.102‬‬
‫‪ -‬ﻴﻭﺴﻑ‪ ،‬ﻋﻤﺭﻭ‪ :‬ﺤﻘﺎﺌﻕ ﻤﺜﻴﺭﺓ ﻋﻥ ﺍﻟﺴﺤﺭ‪ ،‬ﺍﻟﻤﺭﻜﺯ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻟﻠﻨﺸﺭ ﻭﺍﻟﺘﻭﺯﻴﻊ‪ ،‬ﻤﺼﺭ‪ ،‬ﺩ‪.‬ﺕ‪ ،‬ﺹ‪.26-21‬‬ ‫‪123‬‬

‫‪ -‬ﻗﺼﺔ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ‪ ،123/2 ،‬ﺍﻟﺴﺤﺭ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ‪ ،‬ﺹ‪.38‬‬ ‫‪124‬‬

‫‪ -‬ﺴﻴﺩ‪ ،‬ﻜﺭﻴﻡ‪ :‬ﺘﻔﺴﻴﺭ ﺍﻷﺤﻼﻡ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﻤﺼﺭﻴﻴﻥ ﺍﻟﻘﺩﻤﺎﺀ‪ ،‬ﻤﺠﻠﺔ ﺍﻟﻬﻼل‪ ،‬ﻉ ‪ ،10‬ﺍﻟﺴﻨﺔ ‪ 83‬ﺍﻜﺘﻭﺒﺭ‪ ،1975 ،‬ﺹ‪.61‬‬ ‫‪125‬‬

‫‪ -‬ﺃﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﺘﻭﺭﺍﺓ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ‪ ،‬ﺹ‪.183‬‬ ‫‪126‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﺔ ﻓﻲ ﺤﻴﺎﺘﻨﺎ ﻭ ﺘﺭﺍﺜﻨﺎ‪ ،‬ﺹ‪.48-44‬‬ ‫‪127‬‬

‫‪28‬‬
‫على شكل تمساح من األم ام‪ ،‬وأس د م ن الوس ط‪ ،‬وف رس نھ ر م ن الخل ف‪ ،‬ويس مى "أعمع م" )‪،(128‬‬

‫وقد يكون ھو بعبع الذي يخ ّوف اإلنسان‪" .‬كما ظھر عند المصريين إل ه غري ب يش به الحم ار لون ه‬

‫أحمر‪ ،‬وعيناه حمراوتان‪ ،‬كان يقوم بأعمال شريرة" )‪.(129‬‬

‫واعتقد المصريون بالرئي والھ اتف والعراف ة‪ ،‬م ن ذل ك م ا حص ل م ع ام رأة اب ن فرع ون‬

‫)أسانتى( الذي كان عقيماً‪ ،‬فذھبت زوجته إلى المعبد‪ ،‬ودعت ربھ ا أن يرزقھ ا ول داً‪ ،‬ونام ت ليلتھ ا‬
‫في المعبد‪ ،‬فرأت في منامھا أن دعوتھا مس تجابة‪ ،‬وس معت ف ي ليل ة أخ رى ھاتف ا ً يخبرھ ا أن ابنھ ا‬

‫سيكون من أصحاب الكرامات‪ ،‬ويطلب منھا أن تس ميه "س يتوفرديس")‪ ،(130‬مم ا يؤك د عالق ة تل ك‬

‫القوى واألرواح بالمعابد‪...‬‬

‫وھك ذا ف إن آلھ ة المص ريين الق دماء تحّول ت إل ى ج ن وش ياطين ف ي معتق داتھم)‪،(131‬‬

‫واعتبروا اآلبار والكھوف‪ ،‬واألماكن الخرب ة م ن األم اكن الت ي يكث ر فيھ ا تواج د الج ن؛ ألنھ ا تع د‬

‫إحدى المنافذ إلى العالم الس فلي‪ ،‬ول م تختل ف معتق دات المص ريين ع ن س ابقيھم‪ ،‬ح ول اعت داء تل ك‬

‫األرواح عل ى القم ر‪ ،‬وم ن حي ث إيم انھم بوج ود الھوات ف‪ ،‬كم ا ال نس تطيع أن ننف ي وج ود آلھ ة‬

‫للشعر عند المصريين؛ ألنه كان للشعر عندھم منزلة عالية)‪.(132‬‬

‫" وق د آمن ت الش عوب الفارس ية بوج ود أرواح وق وى خفي ة‪ ،‬منھ ا م ا ھ و ن افع‪ ،‬وھ و إل ه‬

‫النور والخير )ھرمز(‪ ،‬ومنھا ما ھو ضار‪ ،‬وتُ ْن َس َ‬


‫ب إل ى إل ه الش ر "أھريم ان" ال ذي ق ام بخل ق ك ل‬

‫الكائن ات الض ارة والش ريرة‪ ،‬بم ا فيھ ا الش ياطين‪ ،‬وأخ ذ ي ؤثر ف ي أتباع ه األش رار لينض موا إلي ه‪،‬‬

‫ويلحق وا األض رار ببن ي البش ر)‪ ،(133‬ونس بت إل يھم األم راض والم وت والق ذارة والتش ويش؛ وق د‬
‫حظيت بعض ھ ذه األرواح بالعب ادة والتق ديس‪ ،‬وم ن الش ياطين الت ي حظي ت بعب ادتھم "ماركوش ا"‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺎﺠﺩﻱ‪ ،‬ﺨﺯﻋل‪ :‬ﺍﻟﺩﻴﻥ ﺍﻟﻤﺼﺭﻱ‪-‬ﻁ‪ -1‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺸﺭﻭﻕ‪ ،‬ﻟﻠﻨﺸﺭ ﻭﺍﻟﺘﻭﺯﻴﻊ‪ ،‬ﻋﻤﺎﻥ‪ ،‬ﺍﻷﺭﺩﻥ‪1999 ،‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪.221‬‬ ‫‪128‬‬

‫‪ -‬ﺃﺭﻤﺎﻥ‪ ،‬ﺃﺩﻭﻟﻑ‪ :‬ﺩﻴﺎﻨﺔ ﻤﺼﺭ ﺍﻟﻘﺩﻴﻤﺔ‪ ،‬ﺘﺭﺠﻤﺔ‪ ،‬ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻤﻨﻌﻡ ﺃﺒﻭ ﺒﻜـﺭ‪-‬ﻁ‪ -1‬ﺍﻟﻘـﺎﻫﺭﺓ‪ ،‬ﻤﻜﺘﺒـﺔ ﻤـﺩﺒﻭﻟﻲ‪1995 ،‬ﻡ‪،‬‬ ‫‪129‬‬

‫ﺹ‪.70‬‬
‫‪ -‬ﺸﻴﺎﻁﻴﻥ ﺍﻟﺸﻌﺭﺍﺀ‪ ،‬ﺹ‪.80‬‬ ‫‪130‬‬

‫‪ -‬ﻋﻠﻡ ﺍﻟﻔﻭﻟﻜﻠﻭﺭ‪.374/2 ،‬‬ ‫‪131‬‬

‫‪ -‬ﺸﻴﺎﻁﻴﻥ ﺍﻟﺸﻌﺭﺍﺀ‪ ،‬ﺹ‪.114-113‬‬ ‫‪132‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻘﻤﻨﻲ‪ ،‬ﺴﻴﺩ‪ :‬ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻭﺍﻟﺘﺭﺍﺙ‪-‬ﻁ‪ -3‬ﺍﻟﻤﺭﻜﺯ ﺍﻟﻤﺼﺭﻱ ﻟﺒﺤﻭﺙ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ‪1999 ،‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪.35-34‬‬ ‫‪133‬‬

‫‪29‬‬
‫شيطان خبيث‪ ،‬سبّب خبثهُ طوفان ا ً مأس اويا ً دم ر ك ل المخلوق ات الحي ة )‪(134‬؛ و"يازات ا" "مجموع ة‬

‫من‬

‫الجن ق ّدست على اعتبار أنھا كائنات إلھية")‪ ،(135‬و"ديفاس" أرواح شريرة "جن الش ّر")‪.(136‬‬

‫ومن الشياطين التي عرفھا الفرس "النسناس" الذي يعيش على ضفاف األنھ ار‪ ،‬ويع رض‬

‫رم طالب ا ً إلي ه إعانت ه عل ى عب ور مج رى النھ ر‪ ،‬ف إذا حمل ه المس افر عل ى‬
‫للمسافر بصورة ش يخ ھَ ِ‬
‫كتفيه وبلغ به وسط النھر‪ ،‬ش ّد النسناس على عنقه وأھلكه)‪ ،(137‬فيظھر بصورة الخائن الغ ّدار‪.‬‬

‫ﱠ‬
‫الجن الذكور ھم األرواح الشريرة المؤذية فقط‪ ،‬ف ي ح ين‬ ‫ومما يلفت النظر في المعتقد الفارسي أن‬

‫تظھر اإلناث بصورة حوري ات حس ناوات‪ ،‬وخي رّات جم يالت؛ فل م يَ ُع دن أرواح ا ً ش ريرة مش ّوھة‬

‫الش كل‪ ،‬قبيح ة الخل ق‪ ،‬فق د ج اء ف ي الملحم ة الفارس ية )الش اھنامة( "أن ك ل )‪ (Divs‬أي األرواح‬

‫الشريرة من الذكور‪ ،‬بينما كل )‪ (Peris‬حوريات جميالت")‪.(138‬‬

‫وقد اعتقد الفرس أن حروبا ً وصراعات جرت بين الملوك والشياطين‪ ،‬من ذلك " ّ‬
‫أن المل ك‬

‫)ھوشنكا( عمل على طرد الشياطين حتى ألجأھم إل ى الجب ال‪ ،‬ومن ع ش رّھم ع ن البش ر")‪ ،(139‬كم ا‬

‫نسب إلى أح د مل وكھم الق دامى "جمش يد" "أن ه ناش ب الش ياطين حروب ا ً تطاول ت‪ ،‬وك اد يلح ق بھ م‬

‫ھزيمة ساحقة‪ ،‬فاس تطاع أن يط ردھم م ن الم دن؛ فھ اموا عل ى وج وھھم ف ي الص حراء‪ ،‬فق د أذلّھ م‬
‫وكلفّھم بشاق األعمال؛ "فكان منه أن أمر بتعليق أحجار الطواحين في أعناقھم‪ ،‬ودفعھ م ف ي الج و‪،‬‬

‫فتعلقوا بين السماء واألرض")‪.(140‬‬

‫‪ -‬ﻤﻴﺜﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﻭﺃﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﺸﻌﻭﺏ ﺍﻟﻘﺩﻴﻤﺔ‪ ،‬ﺹ‪.267‬‬ ‫‪134‬‬

‫‪ -‬ﻤﻴﺜﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﻭﺃﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﺸﻌﻭﺏ ﺍﻟﻘﺩﻴﻤﺔ‪ ،‬ﺹ‪.301‬‬ ‫‪135‬‬

‫‪.‬‬
‫ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ ‪ ،‬ﺹ‪209‬‬ ‫‪- 136‬‬

‫‪ -‬ﻋﺒﻘﺭ‪ ،‬ﺹ‪.84‬‬ ‫‪137‬‬

‫‪ -‬ﻋﻠﻡ ﺍﻟﻔﻭﻟﻜﻠﻭﺭ‪ ،387/2 ،‬ﺍﻟﺴﻴﺩ‪ ،‬ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺤﻠﻴﻡ ﻤﺤﻤﻭﺩ‪ :‬ﺍﻟﺜﻨﻭﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ‪ ،‬ﻤﺠﻠﺔ ﻋـﺎﻟﻡ ﺍﻟﻔﻜـﺭ‪ ،‬ﻡ‪3‬ﺍ‪ ،‬ﻉ ‪-1972 ،2‬‬ ‫‪138‬‬

‫‪1973‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪.195‬‬
‫‪ -‬ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻭﺍﻟﻔﺭﺱ ﻭﺍﻟﺘﺭﻙ‪ ،‬ﺹ‪.98‬‬ ‫‪139‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.99‬‬ ‫‪140‬‬

‫‪30‬‬
‫وقد سجّل الشعر ھذه األح داث‪ ،‬م ن ذل ك أن الش اعر "أس دى" أورد محارب ة "كرشاس ب"‬

‫للجن في منظومة طويلة نظمھا‪ ،‬وقف فيھا على صفاته‪" ،‬كم ا اعت ّز الف رس بالبط ل )رس تم( ال ذي‬

‫قاتل الشيطان األبيض وقھره")‪ ،(141‬وقتل ملك الجن‪ ،‬وأَخرج كبده‪ ،‬ومسح به على عين ي الض رير‬
‫فارتد إليه بصره‪ ،‬وبعد ّ‬
‫أن فك أسر الملك "كيكاوس" من أسر الجن‪ ،‬بلغ من شدة إعج اب قوم ه ب ه‬

‫أن س ّموا قوس قزح )رستم(‪ ،‬تعظيما ً لمكانت ه ورفع وه إل ى عن ان الس ماء)‪ ،(142‬وق د ورد "أن قبائ ل‬

‫الجن بم ا فيھ ا المل وك والش عب تجمع ت لمھاجم ة رس تم‪ ،‬ج اءت بك ل الوس ائل‪ ،‬وأح دثت األمط ار‬

‫والثلوج والبرد بالسحر والشعوذة التي حجبت الرؤي ة‪ ...‬إالّ أن ذل ك ل م ي ؤثر في ه فق د ھج م وقض ى‬

‫عل يھم")‪ .(143‬رغ م ھ ذا الع داء والص راع ال ب ّد م ن اإلش ارة إل ى "أن ھن اك م ن ي ؤازر المل وك‬
‫ويناصرھم في حروبھم ببطولة ال مثيل لھا‪ ،‬من ذلك أن الملك "كيكاوس" لما عقد "رآم ين" الع زم‬

‫على غزو إقليم "مازندران" استعان عليه ملكه بحليف له من الج ن يس مى "س بيدوديو" مل ك الج ن‬

‫والشيطان األبيض‪ ،‬فش ّد على اإليرانيين بع ّدته وعتاده ورجاله وخيوله؛ فب ّدد شملھم")‪.(144‬‬

‫وھ م كم ن س بقھم اعتق دوا بوج ود عالق ة ب ين الحي ة والش يطان؛ إذ تش كل إل ه الش ر بھيئ ة‬

‫الحية التي مألت العالم بسمومھا )‪(145‬؛ لما تمتلكه من ق درات خارق ة‪ ،‬كم ا تمث ل الش يطان آلدم ف ي‬

‫صورة الحية؛ ليغريه باقتراف اإلثم و الخطيئة )‪.(146‬‬

‫وع ّدت الغيالن والعفاريت في المعتقد الفارسي أخبث أن واع الج ن‪ ،‬وھ ي كائن ات ش ريرة‪،‬‬

‫تتع رض للمس افر‪ ،‬فتقص يّه ع ن رفاق ه‪ ،‬تظھ ر بھيئ ة الص ديق‪ ،‬طالب ة النج دة واإلغاث ة حت ى إذا‬

‫أنج دَھا‪ ،‬ع ادت إل ى ھيئتھ ا األول ى‪ ،‬وافترس ته )‪ ،(147‬فھ ي ق ادرة عل ى التش كلّ‪ ،‬مم ا جعلھ ا رم ز‬

‫الحيلة والخداع‪ .‬ومن أشھر الكائنات الخرافية التي ورد ذكرھا‪َ ،‬وترمز إلى الش ّر والم وت‪" ،‬ك ائن‬

‫‪ -‬ﻋﺒﻘﺭ‪ ،‬ﺹ‪.81‬‬ ‫‪141‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻭﺍﻟﻔﺭﺱ ﻭﺍﻟﺘﺭﻙ‪ ،‬ﺹ‪.105‬‬ ‫‪142‬‬

‫‪ -‬ﺸﺎﻁﺭ‪ ،‬ﺇﺤﺴﺎﻥ ﺒﺎﻴﺭ‪ :‬ﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻹﻴﺭﺍﻨﻴﺔ ﺍﻟﻘﺩﻴﻤﺔ‪-‬ﻁ‪ -1‬ﺘﺭﺠﻤﺔ ﻤﺤﻤﺩ ﺼﺎﺩﻕ ﻨﺸﺄﺕ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺠﻴل ﻟﻠﻁﺒﺎﻋﺔ‪ ،‬ﻤﺼـﺭ‪،‬‬ ‫‪143‬‬

‫ﺴﻨﺔ ‪ ،1965‬ﺹ‪.91-90‬‬
‫‪ -‬ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻭﺍﻟﻔﺭﺱ ﻭﺍﻟﺘﺭﻙ‪ ،‬ﺹ‪.68‬‬ ‫‪144‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻭﺍﻟﺘﺭﺍﺙ‪ ،‬ﺹ‪.47‬‬ ‫‪145‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.50‬‬ ‫‪146‬‬

‫‪ -‬ﻋﺒﻘﺭ‪ ،‬ﺹ‪.81‬‬ ‫‪147‬‬

‫‪31‬‬
‫خرافي يدعى "الحس القدم" يبدو شيطانا ً يتسلل إلى النائم ف ي الص حراء‪ ،‬ويم تص دم ه م ن خ الل‬

‫إحكام فمه على أخمص قدميه ويميته" )‪.(148‬‬

‫وقد رسخ في أذھان الف رس "أن الش يطان أس اس الم رض وأن ه خل ق )‪ (99.999‬مرض اً‪،‬‬

‫فلجأوا إلى السحر لعالج المرضى‪ ،‬وكان ذلك م ن أعم ال الكھن ة ال ذين اعتم دوا عل ى الرﱠق ى أكث ر‬

‫من اعتمادھم على العقاقير" )‪.(149‬‬

‫وإذا انتقلن ا إل ى الھن ود فإنن ا نالح ظ أن شخص ية الش يطان تك اد تك ون معدوم ة؛ ألنھ ا‬

‫انحصرت في شخصيات شريرة متمثلة في نوعين الراكشا و"البيشاش")‪" ،(150‬أ ّم ا "الراكش ا" فق د‬

‫نس بوھا إل ى الش راذم المش ردة م ن أبن اء ال بالد األص الء ال ذين ص مدوا لألري ين زمن ا ً ط ويالً ث م‬
‫)‪(152‬‬
‫استكانوا على مضض وتربص‪ ،‬أو على ھوان واستسالم")‪ ،(151‬فأطلقوا عليھا الھمج األولي ين‬

‫‪ ،‬وتظھر الشياطين التي تنتمي لـ "راكشا" في صورة شياطين ساخرة في شكل حي وان أص غر م ن‬

‫القط‪ ،‬داكن اللون‪ ،‬يتص ّدى للمسافرين‪ ،‬ويضلّھم عن الطريق‪ ،‬قادراً على التشكل بصور ع دة‪ ،‬وق د‬

‫يظھر في صورة إنسان قوي شديد البأس‪ ،‬خارق القوى‪ ،‬ف ي وس عه تحري ك الجب ال‪ ،‬ونق ل الم دن‪،‬‬

‫رمز الكيد والعبث‪ ،‬تظھر ليالً‪ ،‬تصيد من تراه وحيداً في األماكن النائية المھجورة )‪.(153‬‬

‫ويتجس ّد الشر في رئ يس "الراكش ا" الش يطان "رافان ا" ال ذي يب دو "خارج ا ً عل ى الق انون‪،‬‬

‫ھاتكا لعرض النساء‪ ،‬ل ه عش رة رؤوس وعش رون ذراع اً‪ ،‬طوي ل القام ة‪ ،‬خ اض مع ارك ع دة م ع‬

‫اآللھة‪ ،‬يتحكم في الظواھر الكونية‪ ،‬كإيقاف الشمس والقمر بأذرعه")‪" ،(154‬وتمث ل "البيش اش" ق ي‬

‫أرواح الن اس الخبث اء‪ ،‬أو م ن م ات حرق ا ً أو غرق ا‪ ً،‬وتش كل ف ي ص ورة إنس ان أو ق ط‪ ،‬يعت رض‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.82‬‬ ‫‪148‬‬

‫‪ -‬ﻗﺼﺔ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ‪.445/2 ،‬‬ ‫‪149‬‬

‫‪ -‬ﻋﺒّﺎﺩ ﺍﻟﺸﻴﻁﺎﻥ‪ ،‬ﺹ‪.24‬‬ ‫‪150‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻌﻘﺎﺩ‪ :‬ﺇﺒﻠﻴﺱ‪ ،‬ﺹ‪64 -59‬‬ ‫‪151‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.59‬‬ ‫‪152‬‬

‫‪ -‬ﻋﻠﻡ ﺍﻟﻔﻭﻟﻜﻠﻭﺭ‪.57/2 ،‬‬ ‫‪153‬‬

‫‪ -‬ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺤﻤﻴﺩ‪ ،‬ﻴﻭﻨﺱ‪ :‬ﻤﻌﺠﻡ ﺍﻟﻔﻭﻟﻜﻠﻭﺭ‪ ،‬ﺹ‪.128‬‬ ‫‪154‬‬

‫‪32‬‬
‫طري ق اإلنس ان‪ ،‬ويص يده إذا التف ت خلف ه")‪ ،(155‬فھ ي رم ز الش ر والض الل والفس اد‪ .‬ول م يختل ف‬

‫الھنود عن غيرھم؛ إذ جعلوا الشيطان بمنزلة المشجب الذي تعلق عليه كل الذنوب والخطاي ا‪ ،‬وھ م‬

‫يطلق ون عل ى ك ل م ن يح اول أن يلح ق بھ م األذى أو يعت رض ط ريقھم ش يطاناً‪ ،‬ويزعم ون أن‬

‫الشياطين تتمثل بصور الحيوانات‪" ،‬فقد تمثل الشيطان"ھيرانيكشا" بصورة خنزير ب ري‪ ،‬تع رّض‬

‫له "فشنو" اإلله فقتله")‪ ،(156‬مما يؤك د الص راع ب ين اآللھ ة والش ياطين‪ ،‬ويب دو ذل ك فيم ا قام ت ب ه‬

‫األم الھندي ة تح ت اس م "ك الي ‪ -‬م ا " أي األم الس وداء عن دما تص ّدت للش يطان "ماھيش ا" وتغلب ت‬

‫عليه‪ ،‬كما تص ّدت لجيش العفاريت‪ ،‬وأبادته عن آخره عدا قائده الذي ما لبثت أن قض ت علي ه‪ ،‬بع د‬

‫أن اكتشفت أنه أصل العفاريت‪ ،‬وشربت دمه؛ كي تقضي عل ى ھ ذه العفاري ت‪ ،‬ورمت ه جث ة ھام دة‬
‫)‪ ،(157‬فھي تبدو بصورة عشتار البابلية التي تمتلك وجوھا ً متعددة‪ ،‬فھي مص در الخ وف والرع ب‪،‬‬

‫كما أنھا ھي اآللھة الحامية في أزمات الشدائد والمصاعب والكوارث‪.‬‬

‫اعتق د الھن ود أن الحي ة م ن األرواح المتش كلة؛ "فك انوا إذا رأوھ ا ف ي بي وتھم‪ ،‬احترموھ ا‬
‫وتوسّلوا إليھ ا أن تخ رج‪ ،‬ف إن ل م تخ رج أحض روا إليھ ا لبن ا ً ونح وه‪ ،‬واس تدعوا البراھم ة لِيُكلﱢمھَ ا‪،‬‬

‫وحظيت بعبادتھم؛ ألنھا تشكل عنصر الخوف بالنسبة لھم" )‪.(158‬‬

‫وت أثّر الھن ود باليون انيين‪ ،‬ففس روا الموھب ة اإلبداعي ة ب أن براھم ا وزوجت ه "سارس واتي"‬

‫إِلھي الشعر والحكمة والخطابة والفن الجميل ھما اللذان يمدانھما به)‪.(159‬‬

‫وم ن معتق دات الھن دوس أن ص ياح الديك ة عن د الغ روب‪ ،‬يُ ْنب ى ُء الن اس ب أن األرواح‬

‫الش ريرة تغلب ت عل ى الش مس‪ ،‬ولك ن ص ياحھا عن د الص باح‪ ،‬يعل ن أن الش مس اس تر ّدت ق ّوتھ ا‪،‬‬

‫‪ -‬ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﺸﻴﻁﺎﻥ ﺃﺨﻁﺭ ﺍﻟﻔﺭﻕ ﺍﻟﺩﻴﻨﻴﺔ‪ ،‬ﺹ‪.24‬‬ ‫‪155‬‬

‫‪ -‬ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﺸﻴﻁﺎﻥ ﺃﺨﻁﺭ ﺍﻟﻔﺭﻕ ﺍﻟﺩﻴﻨﻴﺔ‪ ،‬ﺹ‪.24‬‬ ‫‪156‬‬

‫‪ -‬ﻟﻐﺯ ﻋﺸﺘﺎﺭ‪ ،‬ﺹ‪.229‬‬ ‫‪157‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﺔ ﻓﻲ ﺤﻴﺎﺘﻨﺎ ﻭﺘﺭﺍﺜﻨﺎ‪ ،‬ﺹ‪.46‬‬ ‫‪158‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻌﻁﺎﻨﻲ‪ ،‬ﻋﺒﺩ ﺍﷲ ﺴﺎﻟﻡ‪" :‬ﻗﻀﺎﻴﺎ ﺍﻹﺒﺩﺍﻉ "ﻗﻀﻴﺔ ﺸﻴﺎﻁﻴﻥ ﺍﻟﺸﻌﺭﺍﺀ ﻭﺃﺜﺭﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻘﺩ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ" ﻤﺠﻠـﺔ ﻓﺼـﻭل‪ ،‬ﻡ‪،4‬‬ ‫‪159‬‬

‫ﻉ‪1984 ،2‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪.14‬‬

‫‪33‬‬
‫وانتص رت عل ى األرواح الش ريرة)‪ ،(160‬مم ا ي ّدل عل ى س يطرة ھ ذه األرواح عل ى الش مس‪ ،‬كم ا‬

‫نسبوا حدوث الزالزل إلى تلك األرواح‪" ،‬فاألرض مستقرة على كتف عمالق جبار‪ ،‬ف إذا م ا تع ب‬

‫من حملھا على الكتف الواحدة‪ ،‬ح ّولھا إلى األخر‪ ،‬فجعلھا تھت ز‪ ،‬حينئ ذ يص رخون؛ ك ي يُعْلم وه أن‬

‫األرض ما زالت مسكونة‪ ،‬وإالّ فإنھم يخشون أنه قد يضيق بعبئه ذرعاً‪ ،‬فيلقي به في البحر")‪.(161‬‬

‫ثم ما لبثت حكاي ات الج ن والعفاري ت أن انتقل ت م ن أس اطير ف ارس إل ى الت رك‪ ،‬إذ اعتق د‬
‫األتراك بوجود جنيات في الماء خلقت من إله الش ر ال ذي ي رون أن ه يس كن األرض‪ ،‬ويغ وص ف ي‬

‫أعم اق الم اء‪ ،‬وين ازع إل ه الخي ر؛ ل ذلك خل ق لنفس ه أتباع ا ً م ن الش ياطين‪ ،‬ووص ف بأن ه خبي ث‬

‫السريرة‪ ،‬شديد الميل إلى الشر‪ ،‬ويذكر أن بعض األتراك عبد الشياطين اتّقاء لشرھا)‪.(162‬‬

‫وإذا انتقلنا م ن معتق دات الش عوب إل ى الش رائع واألدي ان الس ماوية‪ ،‬فإنن ا نالح ظ أن ه كلم ا‬

‫تق ّدمت الشعوب في تنزيه اإلله‪ .‬استنكرت أن يصدر عن ه الش ّر ال ذي يص در ع ن الش يطان‪ ،‬وكلم ا‬

‫ع ال ش أن األخ الق ف ي ديان ة م ا اتﱠض حت شخص ية الش يطان‪ ،‬وأعطي ت ل ه ص الحيات ووظ ائف؛‬

‫لذلك لم يَ ْشعُر العبريّون األوائ ل بش ي ٍء ي دعوھم إل ى ع زل الش يطان أو إِس ناد الش رور إلي ه؛ ألنھ م‬

‫ك انوا يخلط ون الش يطان باإلل ه‪ ،‬فينس بون العم ل إل ى الش يطان ت ارة‪ ،‬وإل ى اإلل ه ت ارة آخ رى‪ ،‬فق د‬
‫توحّد الشيطان مع اإلل ه‪ ،‬وأس بغ علي ه ص فاته‪ ،‬فأص بحت أعمال ه ش يطانية‪ ،‬وأص بح ش ريراً حق وداً‬

‫يكره جميع األمم التي خلقھا؛ )‪ (163‬فلم تستقل شخصية الشيطان‪ ،‬ولم تتضح معالمھا في أذھ انھم إالّ‬

‫بعد أن نسبوا إليه ما حدث بينھم في سيناء م ن ص راع دم وي‪ ،‬فظھ رت ص ورته كإل ه مس ا ٍو إللھ م‬

‫‪ -‬ﻋﺒﻭﺩ‪ ،‬ﻤﺤﻤﻭﺩ ﺴﻠﻴﻤﺎﻥ‪ :‬ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻭﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻨﺎﺕ ﻤﻥ ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻭﺘﻘﺩﻴﺱ ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻨﺎﺕ ﻭﻋﺒﺎﺩﺘﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺩﺍﺭﻭﻴـﻥ ﻭﺤﻤﺎﻴـﺔ‬ ‫‪160‬‬

‫ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﻭﺍﻻﺴﺘﺜﻤﺎﺭ ﺍﻷﻤﺜل ﻟﻘﻭﻯ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺤﻴﺔ‪ ،‬ﺘﺭﺠﻤﺔ ﻤﺤﻤﻭﺩ ﺴﻠﻴﻤﺎﻥ ﻋﺒﻭﺩ‪-‬ﻁ‪ -1‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻨﻤﻴـﺭ ﻟﻠﻁﺒﺎﻋـﺔ ﻭﺍﻟﻨﺸـﺭ‬
‫ﻭﺍﻟﺘﻭﺯﻴﻊ‪ ،‬ﺩﻤﺸﻕ‪1413 ،‬ﻫـ‪1993 -‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪.45‬‬
‫‪ -‬ﻓﺭﻴﺯﺭ‪ ،‬ﺠﻤﻴﺱ‪ :‬ﺃﺩﻭﻨﻴﺱ ﺃﻭﺘﻤﻭﺯ‪ ،‬ﺘﺭﺠﻤﺔ ﺠﺒﺭﺍ ﺇﺒﺭﺍﻫﻴﻡ ﺠﺒﺭﺍ‪-‬ﻁ‪ -3‬ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻟﻠﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﻭﺍﻟﻨﺸﺭ‪،1982 ،‬‬ ‫‪161‬‬

‫ﺹ‪.143-142‬‬
‫‪ -‬ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻭﺍﻟﻔﺭﺱ ﻭﺍﻟﺘﺭﻙ‪ ،‬ﺹ‪.69‬‬ ‫‪162‬‬

‫‪ -‬ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﺸﻴﻁﺎﻥ‪ ،‬ﺹ‪ ،27‬ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻭﺍﻟﺘﺭﺍﺙ‪ ،‬ﺹ‪ .37‬ﻭﻗﺩ ﺠﺎﺀ ﻓﻲ ﺴﻔﺭ ﺍﻟﺨﺭﻭﺝ "ﺃﻥ ﺍﻹﻟﻪ ﻴﻘﺭ ّﺭ ﺍﺒﺎﺩﺓ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﻜﻠـﻪ‬ ‫‪163‬‬

‫ﻼ‪ " :‬ﺍﺭﺠﻊ ﻋﻥ ﺤﻤﻭ ﻏﻀﺒﻙ‪،‬‬


‫ﺏ ﻋﻥ ﻓﻌل ﺫﻟﻙ‪ ،‬ﻓﻴﺼﺭﺥ ﻗﺎﺌ ﹰ‬
‫ﻓﻲ ﻟﺤﻅﺔ ﻏﻀﺏ‪ ،‬ﻟﻭﻻ ﺘﺩﺨل ﻤﻭﺴﻰ‪ ،‬ﻭﻤﺤﺎﻭﻟﺘﻪ ﺭ ّﺩ ﺍﻟﺭ ّ‬
‫ﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸ ّﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻗﺎل ﺇﻨﻪ ﻴﻔﻌﻠﻪ ﺒﺸﻌﺒﻪ"‪ ،‬ﺍﻟﻌﻬﺩ ﺍﻟﻘـﺩﻴﻡ‪ ،‬ﺴـﻔﺭ ﺍﻟﺨـﺭﻭﺝ‪،‬‬
‫ﻭﺍﻨﺩﻡ ﻋﻠﻰ ﺇﻟﺤﺎﻕ ﺍﻟﺸﺭ ﺒﺸﻌﺒﻙ‪ ،‬ﻓﻨﺩﻡ ﺍﻟ ﱠﺭ ُ‬
‫ﺍﻹﺼﺤﺎﺡ ‪ ،32‬ﺃﻴﺔ ‪.14-13‬‬

‫‪34‬‬
‫"يھوه" في القدرة‪ ،‬وأطلقوا عليه اسم "عزازيل"‪ ،‬وراحوا يقربون إليه القرابين تحاشيا ً لش رّه)‪،(164‬‬

‫وقد تأثر اليھود بالزرادش تية‪ ،‬وأخ ذوا ك ل تص ورات الف رس ومعتق داتھم ع ن المالئك ة والش ياطين‬

‫والجن بمعالمھا وأسمائھا الفارسية‪ ،‬ويبدو ذلك في إطالقھم على إله الش ّر لقب ش يطان وإبل يس‪ ،‬ث م‬

‫ما لبثت أن تطورت الكلم ة "‪ "Diabolos‬حت ى أص بحت علم ا ً عل ى إل ه الش ر‪ ،‬وم الك الم وت أو‬

‫زعيم الھاوية السفلى فقط)‪ ،(165‬فأصبح الشيطان اليھودي يشبه " نمتار" وزير "اريشكيجال" ال ذي‬
‫يع ّد إله الق در والنص يب‪ ،‬وق د أك د العق اد ّ‬
‫أن العب رانيين ل م يك ن عن دھم ف ارق ب ين خالئ ق الكائن ات‬
‫العلوية وخالئق الكائنات األرضية من إنس انية أو حيواني ة‪ ،‬ول م يك ن بينھم ا وب ين الش يطان ف ار ٌ‬
‫ق‪،‬‬

‫بدليل أن الشيطان كان يحضر بين يدي ﷲ مع المالئكة)‪.(166‬‬

‫وي رى اليھ ود أن "عزازي ل" اس م إل ه الخ راب والقف ار‪" ،‬وھ و عفري ت م ن عفاري ت‬

‫الصحراء‪ ،‬تلقى على كاھله الخطايا والمصائب في يوم الغفران‪ ،‬وي روى أنھ م ك انوا يرس لون إلي ه‬

‫يوم الغفران عنزة مح ّملة بخطايا الشعب اليھودي")‪ ،(167‬ويؤكد ذلك ما يروونه من "أنه كان زع يم‬
‫المالئكة الذين ھبطوا‪ ،‬وزنوا ببنات البشر‪ ،‬ثم انھزموا أمام جنود الخير‪ ،‬فالذوا بالصحراء")‪.(168‬‬

‫وتظھر صورة الشيطان ف ي اللوح ات الفني ة م زوداَ بق رنين وح وافر وذن ب‪ ،‬مم ا يؤك د ّ‬
‫أن‬

‫عزازيل اليھود ھو عزازي ل ال ذي ك ان يلق ب إل ه الھ الل الب ابلي)س ين( ث م ھ بط إل ى األرض )‪،(169‬‬

‫ويؤكد ذلك تأثر النبي "حزقيال" في وصفه لطائفة الكروبين بما رآه إبّان األسر الب ابلي م ن تماثي ل‬

‫وصور الكائنات الجنيّة المجنحة التي كانت تح رس معاب د باب ل وقص ورھا)‪ ،(170‬مم ا يب ين الت داخل‬

‫الذي حدث لبعض األلھة المتحولة إلى مالئكة‪ ،‬وتأثر اليھود بالبابليين‪.‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻭﺍﻟﺘﺭﺍﺙ‪ ،‬ﺹ‪.37‬‬ ‫‪164‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺠﻭﺯﻭ‪ ،‬ﻤﺼﻁﻔﻰ‪ :‬ﻤﻥ ﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﺨﺭﺍﻓﺎﺕ‪-‬ﻁ‪ -2‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻁﻠﻴﻌﺔ‪ ،‬ﺒﻴـﺭﻭﺕ‪ ،1980،‬ﺹ‪ ،21‬ﺍﻷﺴـﻁﻭﺭﺓ‬ ‫‪165‬‬

‫ﻭﺍﻟﺘﺭﺍﺙ‪ ،‬ﺹ‪.37‬‬
‫‪ -‬ﺍﻟﻌﻘﺎﺩ ‪:‬ﺇﺒﻠﻴﺱ‪ ،‬ﺹ‪ ،99‬ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﺍﻟﺘﺭﺍﺙ ‪ ،‬ﺹ‪.45‬‬ ‫‪166‬‬

‫‪ -‬ﺴﻔﺭ ﺍﻟﻸﻭﺒﻴﻥ‪ ،‬ﺍﻹﺼﺤﺎﺡ ‪ ، 6‬ﺁﻴﺔ ‪.10-8‬‬ ‫‪167‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻭﺍﻟﺘﺭﺍﺙ‪ ،‬ﺹ‪.37‬‬ ‫‪168‬‬

‫‪ -169‬ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.37‬‬


‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.44‬‬ ‫‪170‬‬

‫‪35‬‬
‫أم ا بالنس بة لكلم ة الج ن فق د وردت عن د العب رانيين بمعن ى كائن ات وس طى ب ين المالئك ة‬

‫والبشر‪ ،‬ذوات أجنحة‪ ،‬تستطيع قطع األرض من أعالھا إلى أدناھا ف ي لم ح البص ر‪ ،‬وھ ي طبق ات‬

‫وأنواع‪ ،‬منھا الجن الطي ارة‪ ،‬ومنھ ا م ا يش به المالئك ة أو الن اس أو الحيوان ات‪ ،‬وتتش كل ف ي ص ور‬

‫القطط والكالب)‪.(171‬‬

‫واعتبر اليھود الحية من الجن‪ ،‬معتقدين أن أصل اإلنسان م ن الحي ة؛ ْإذ تو ّح دت الش يطانة‬
‫)ليليث( حواء األولى عند السامريين بالحية التي توحّدت بالجن‪ ،‬ويرون أن الحية كانت السبب ف ي‬
‫إخراج آدم من الجنة )‪ ،(172‬ويب دو ذل ك ف ي العب ارة التالي ة "فقال ت الحي ة للم رأة‪ :‬ل ن تموت ا‪ ،‬ب ل ﷲ‬
‫عالم أنه يوم تأكالن منھا تنفتح أعينكما‪ ،‬وتكون ان ك ا ع ارفين الخي ر والش ر")‪ ،(173‬وق د ج اء ف ي‬
‫رؤيا "اشعبا" النبي أن طائفة من المالئكة تسمى " السيرافيم" كانت تحرس عرش الرب وتس بحه‪،‬‬
‫"وسيرافيم" مفردھا "الساراف" و"سيراف" وتعني الحية‪ ،‬والشيطان واحد من ھذه المالئك ة‪ ،‬مم ا‬
‫أن ھذه الحية ليست إالّ شيطانا ً )‪ ،(174‬وھكذا توحّدت الحية والش يطان؛ إذ تعتب ر مص در الش ّر‬
‫يؤكد ّ‬
‫واإليع از ب ه‪ ،‬ص احبة الغواي ة‪ ،‬فھ ي إذن تجم ع ب ين الض رر الحس ي والخطيئ ة األخالقي ة‪ ،‬كم ا‬
‫"حظيت الحي ة بعب ادة اإلس رائيليين تح ت اس م "س يرافيم"‪ ،‬م ع أنھ ا كان ت س ببا ً ف ي م وتھم‪ ،‬عن دما‬
‫ّبت خروج الحيات‪ ،‬عليھم حتى رفع موسى حية النحاس")‪.(175‬‬
‫سب ْ‬

‫وم ن الش ياطين الت ي تع ّد رم زاً للك ذب والخ داع "بليع ا َل" ال ذي يقاب ل "بالع ول" ف ي‬
‫العربي ة‪ ،‬وتعن ى ال مع و َل علي ه‪ ،‬وال أخ الق ل ه‪ ،‬وال خي ر في ه‪ ،‬وم ن ھن ا يظھ ر دور الج ن‬
‫والشياطين‪ ،‬فقد "تمثّل بصورة الواشي الموغر للصدور‪ ،‬كم ا ف ي قص ة أي وب علي ه الس الم")‪.(176‬‬
‫إالّ أن ه ل م ي ؤثر في ه رغ م ك ل المح اوالت‪ ،‬مم ا يثب ت أن س لطته مح دودة‪ ...‬ويب دو الش يطان رم ز‬
‫الم وت وس ببه؛ إذ ج اء ف ي كت اب الحكم ة" أن الم وت ن از ٌل عل ى ال دنيا م ن ج رّاء حس د‬
‫الشياطين")‪.(177‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺠﻭﻫﺭﻱ‪ :‬ﻋﻠﻡ ﺍﻟﻔﻭﻟﻜﻠﻭﺭ‪.376/2 ،‬‬ ‫‪171‬‬

‫‪-‬ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﺸﻴﻁﺎﻥ‪ ،‬ﺹ‪ ،33‬ﺍﻟﻌﻘﺎﺩ‪ :‬ﺇﺒﻠﻴﺱ‪ ،‬ﺹ‪.94‬‬ ‫‪172‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻤﻘﺩﺱ‪ ،‬ﺍﻟﻌﻬﺩ ﺍﻟﻘﺩﻴﻡ‪ ،‬ﺴﻔﺭ ﺍﻟﺘﻜﻭﻴﻥ‪ ،‬ﺍﻹﺼﺤﺎﺡ ‪ ،3‬ﺁﻴﺔ‪.6 -3 ،‬‬ ‫‪173‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻭﺍﻟﺘﺭﺍﺙ‪ ،‬ﺹ‪ ،47‬ﻟﻐﺯ ﻋﺸﺘﺎﺭ‪ ،‬ﺹ‪ ،153‬ﺒﺨﻭﺭ ﺍﻵﻟﻬﺔ‪ ،‬ﺹ‪.145‬‬ ‫‪174‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﺔ ﻓﻲ ﺤﻴﺎﺘﻨﺎ ﻭﺘﺭﺍﺜﻨﺎ‪ ،‬ﺹ‪.25‬‬ ‫‪175‬‬

‫‪ -‬ﺇﺒﻠﻴﺱ‪ ،‬ﺹ‪.98-95‬‬ ‫‪176‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪،‬ﺹ‪.99‬‬ ‫‪177‬‬

‫‪36‬‬
‫ولم تختلف اعتقادات اليھود عن غيرھم‪ ،‬فقد آمنوا بوجود بعض العفاريت الت ي تع ّد ع دوة‬
‫لألطفال‪،‬وترغب في القرابين‪" ،‬منھ ا العفري ت "ش ديم" ال ذي "ورد اس مه ف ي المزامي ر م ن كت اب‬
‫العھد القديم‪ ،‬وكان يضحى من أجله باألطفال")‪ ،(178‬لذلك ح اولوا ال تخلص م ن أث ر ھ ذه العفاري ت‬
‫واألرواح بع دة وس ائل‪ ،‬منھ ا اعتق ادھم بق درة الحدي د عل ى طردھ ا‪ ،‬وممارس ة بع ض الطق وس‬
‫والتعاويذ التي أطلقوا عليھا لفظ "مرط"‪ ،‬وھي أنواع‪ ،‬بعضھا على ھيئة قلب يعلق في السلسلة ف ي‬
‫العن ق‪ ،‬وبعض ھا ي ربط بالعض د‪ ،‬وف ي مواض ع أخ رى م ن الجس م)‪" ، (179‬وآم ن العبراني ون بق درة‬
‫الكلمة التوارتي ة عل ى الحماي ة م ن الج ن؛ وأفعالھ ا الض ارة")‪ ،(180‬وإذا ك ان اليھ ود ق د نس بوا إليھ ا‬
‫المرض واألذى والش ر؛ ف إنھم س خروھا ك ذلك ف ي العراف ة والكھان ة والتنب ؤ؛ ونس بوا إليھ ا قض ية‬
‫اإلبداع الفني)‪ ،(181‬ومما يثبت دور الموسيقى في إحض ار الش ياطين م ا ج رى م ع النب ي "اليش اع"‬
‫"أنه كان بمصاحبة الجيش‪ ،‬ولم يجدوا ما ًء‪ ،‬ودعا مغنية وأمرھا بالعزف‪ ،‬فإذا به يأمر جنوده‪ ،‬ب أن‬
‫يحفروا خن ادق ف ي المج رى الرمل ي لل وادي ففعل وا‪ ،‬وام تألت الخن ادق بالم اء")‪ ،(182‬فاس تطاع أن‬
‫يتع رّف إل ى أم اكن وج ود الم اء‪ ،‬وم اذا يج ب علي ه أن يفع ل‪ ،‬م ن خ الل ت أثير الع زف عل ى تل ك‬
‫الشياطين‪.‬‬

‫ويبدو أن اإلله "شاؤول" كان يحاول نفي أصحاب الجان‪ ،‬والتوابع م ن األرض‪ ،‬وق د أم ر‬
‫بذلك‪ ،‬إالّ أنه سرعان ما احتاج إل ى مس اعدة ام رأة ص احبة الج ان‪ ،‬ف راح يتوس ل إليھ ا بع د أن دبﱠ‬
‫الرﱡ عبُ في قلبه ‪ ،‬قائالً‪" :‬اعرفي لي بالج ان‪ ،‬واص عدي ل ي م ن أق ول ل ك"‪ ،‬أي أن ه أراد تس خيرھا‬
‫لما يريده‪ ،‬وما يعجزه اعترافا ً منه بقدرتھا على تحقيق ماال يس تطيع تحقيق ه‪ ،‬فقال ت ل ه‪" :‬أن ت تعل م‬
‫ما فعل شاؤول‪ ،‬وكيف قَطع أصحاب الجان التوابع من األرض")‪.(183‬‬

‫نخلص من ذل ك إل ى أن الش يطان ف ي اليھودي ة ك ائن روح ي ش رير‪ ،‬ل م تتض ح معالم ه إالّ‬

‫ببط ٍء شديد‪ ،‬وأنه نشأ مرتبطا ً ارتباطا ً وثيقا ً بقوى الشر التي تصيب اإلنسان‪ ،‬ث م م ا لبث ت شخص يته‬

‫‪ -‬ﻤﻴﺜﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﻭﺃﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﺸﻌﻭﺏ ﺍﻟﻘﺩﻴﻤﺔ‪ ،‬ﺹ‪.234‬‬ ‫‪178‬‬

‫‪ -‬ﻋﻠﻲ‪ ،‬ﺠﻭﺍﺩ‪ :‬ﺍﻟﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪-‬ﻁ‪ -2‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻌﻠﻡ ﻟﻠﻤﻼﻴﻥ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪ ،‬ﻤﻜﺘﺒـﺔ ﺍﻟﻨﻬﻀـﺔ‪ ،‬ﺒﻐـﺩﺍﺩ‪،‬‬ ‫‪179‬‬

‫‪405/6 ،1976‬‬
‫‪ -‬ﺍﻟﺠﻭﻫﺭﻱ‪ :‬ﻋﻠﻡ ﺍﻟﻔﻭﻟﻜﻠﻭﺭ‪.379/2 ،‬‬ ‫‪180‬‬

‫‪ -‬ﻓﺭﻴﺯﺭ‪ ،‬ﺠﻴﻤﺱ‪ :‬ﺃﺩﻭﻨﻴﺱ ﺃﻭ ﺘﻤﻭﺯ‪ ،‬ﺹ‪.55-53‬‬ ‫‪181‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.53‬‬ ‫‪182‬‬

‫‪ -‬ﺼﻤﻭﺌﻴل ﺍﻷﻭل‪ ،‬ﺍﻹﺼﺤﺎﺡ‪ 28 ،‬ﺁﻴﺔ ‪ ،10-8‬ﻓﺭﻴﺯﺭ‪ :‬ﺠﻴﻤﺱ‪ :‬ﺍﻟﻔﻭﻟﻜﻠﻭﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻬﺩ ﺍﻟﻘﺩﻴﻡ‪ ،‬ﺘﺭﺠﻤﺔ ﻨﺒﻴﻠﺔ ﺇﺒـﺭﺍﻫﻴﻡ‪،‬‬ ‫‪183‬‬

‫ﺍﻟﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﻤﺼﺭﻴﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎﺏ‪1974 ،‬ﻡ‪.47/2 ،‬‬

‫‪37‬‬
‫أن بدأت تتضح في األناجيل؛ إذ أجمعت كلﱡھا على ك ون الش يطان مالك ا ً س قط بس بب كبريائ ه‪ ،‬بع د‬

‫آالف من المالئكة الذين وقفوا في ص فه‪ ،‬وتحول وا إل ى‬


‫ِ‬ ‫أن عصى ربّه وت ّمرد عليه‪ ،‬فخرج بصحبة‬

‫ش ياطين)‪ ،(184‬وتجم ع عل ى أن ه لق ب "لوس يفر" أي حام ل الن ور والض ياء؛ لكون ه أكث ر المالئك ة‬

‫جماالً وأعظمھا شأنا ً عند ﷲ)‪ ،(185‬وقد جاء في العھد الجديد م ا يؤك د ذل ك "البس وا س الح ﷲ‪ ،‬ك ي‬

‫تقدروا أن تثبتوا ضد مكاي د إبل يس؛ ف إن مص ارعتنا ليس ت م ع دم ولح م‪ ،‬ب ل م ع والدة الع الم‪ ،‬م ع‬

‫أجناد الشر الرﱡ وحيّة في السماويات")‪.(186‬‬

‫ومن أسماء الشيطان في العقيدة المسيحية "مالك الھاوي ة "بعلزب ول"‪ ،‬بليع ال‪ ،‬رئ يس ھ ذا‬
‫العالم‪ ،‬إبليس القتال")‪" ،(187‬وذكر بلف ظ ج ن وج ان")‪ ،(188‬وق د ورد ف ي أح د اإلص حاحات‪ ،‬وأ ّم ا‬
‫قوم م نھم‪ ،‬فق الوا "ببعلزب ول رئ يس الش ياطين يخ رج الش يطان")‪" (189‬وأطلق ت كلم ة ش يطان عل ى‬
‫األرواح الش ريرة الت ي تش كل س ببا ً رئيس ا ً لألم راض‪ ،‬واألألم الجس دية والعقلي ة‪ ،‬واألم راض‬
‫العص بية ك الجنون والش لل والص رع؛ "ف األمراض رُس ُل مرس لهَ م ن الش يطان‪ ،‬وتح ت إمرت ه‬
‫وس لطانه")‪ ،(190‬وھ و رم ز الش ر واإلغ راء والغواي ة؛ إذ أك دت المس يحية أن الحيّ ة الت ي أوع زت‬
‫لحواء لتأكل من الشجرة‪ ،‬لم تكن سوى إبليس متنكراً‪ ،‬أو أنھا ربما حملت إبليس ف ي فمھ ا‪ ،‬فتح ّدث‬
‫م ن خاللھ ا إل ى ح واء‪ ،‬وف ي الح التين يع زا الس بب ف ي إغوائھ ا وإغرائھ ا إلي ه؛ ألن "المس يحيين‬
‫اعتبروا الحية معبوداً شيطانيا ً" )‪ ،(191‬وقد جاء في أعمال الرسل ما يؤكد ذلك‪" :‬إنه التنين العظ يم‪،‬‬
‫الحية القديمة‪ ،‬المدع ّو إبليس‪ ،‬الشيطان الذي يض ّل العالم")‪.(192‬‬

‫ويزعمون ّ‬
‫أن المسيح جاء كي ينقض أعم ال إبل يس‪" ،‬م ن يفع ل الخطيئ ة فھ و م ن إبل يس‪،‬‬
‫ألن إبليس يخطىء‪ ،‬ألجل ھذا أظھر ابن ﷲ‪ ،‬لكي ينقض أعمال إبليس")‪ ،(193‬واستطاع المس يح أن‬

‫‪ -‬ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻭﺍﻟﻤﻌﻨﻰ‪ ،‬ﺹ‪ ،225‬ﺹ ‪.37‬‬ ‫‪184‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪ ،106‬ﻟﻐﺯ ﻋﺸﺘﺎﺭ‪ ،‬ﺹ‪ ،212‬ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﺸﻴﻁﺎﻥ‪ ،‬ﺹ‪.28‬‬ ‫‪185‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻌﻬﺩ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ‪ ،‬ﺭﺴﺎﻟﺔ ﺒﻭﻟﺱ ﺇﻟﻰ ﺃﻫل ﺃﻓﺴﺱ‪ ،‬ﺍﻹﺼﺤﺎﺡ ‪ ،6‬ﺁﻴﺔ ‪ ،12‬ﺇﺒﻠﻴﺱ‪ ،‬ﺹ‪.107‬‬ ‫‪186‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﺴﻤﺭ‪ ،‬ﺭﺍﺠﻲ‪ :‬ﺍﻟﺸﻴﺎﻁﻴﻥ ﺤﻘﻴﻘﺘﻬﺎ‪ ،‬ﺍﻟﺘﺤﺼﻥ ﻤﻨﻬﺎ‪-‬ﻁ‪ -1‬ﺠﺭﻭﺱ ﺒﺭﺱ‪ -‬ﻁﺭﺍﺒﻠﺱ‪ ،‬ﻟﺒﻨﺎﻥ‪1991 ،‬ﻡ ﺹ‪54-53‬‬ ‫‪187‬‬

‫‪ -‬ﺭﺴﺎﻟﺔ ﻴﻭﺤﻨﹼﺎ ﺍﻟﺭﺴﻭل ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺍﻹﺼﺤﺎﺡ ﺍﻟﺜﺎﻟﺙ‪ ،‬ﺁﻴﺔ ‪ ،8‬ﻋﻠﻡ ﺍﻟﻔﻭﻟﻜﻠﻭﺭ‪.408 /2 ،‬‬ ‫‪188‬‬

‫‪ -‬ﺇﻨﺠﻴل ﻟﻭﻗﺎ‪ ،‬ﺁﻴﺔ ‪.16‬‬ ‫‪189‬‬

‫‪ -‬ﺇﻨﺠﻴل ﻤﺘﹼﻰ‪ ،‬ﺍﻹﺼﺤﺎﺡ ‪ ،9‬ﺁﻴﺔ ‪ ،34‬ﺍﻟﺸﻴﺎﻁﻴﻥ ﺤﻘﻴﻘﺘﻬﺎ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺘﺤﺼﻥ ﻤﻨﻬﺎ‪ ،‬ﺹ‪.58‬‬ ‫‪190‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻭﺍﻟﺘﺭﺍﺙ‪ ،‬ﺹ‪.50‬‬ ‫‪191‬‬

‫‪ -‬ﺃﻋﻤﺎل ﺍﻟﺭﺴل‪ ،‬ﺍﻹﺼﺤﺎﺡ‪ ،12 ،‬ﺃﻴﺔ ‪.8‬‬ ‫‪192‬‬

‫‪ -‬ﺭﺴﺎﻟﺔ ﻴﻭﺤﻨﺎ ﺍﻟﺭﺴﻭل ﺍﻷﻭﻟﻰ‪ ،‬ﺍﻹﺼﺤﺎﺡ ‪ ،3‬ﺃﻴﺔ ‪.8‬‬ ‫‪193‬‬

‫‪38‬‬
‫يح ارب الش ياطين‪ ،‬والج ن الس اكنين ف ي رؤوس الممسوس ين؛ ل ذلك اتّھم وه بأن ه يش في المرض ى‬
‫بمعون ة ربّ الش ياطين "بعلزب ول"‪ ،:‬فق ال المس يح منك راً م ا يقولون ه‪ ":‬إن ك ان الش يطان ي ُْخ رج‬
‫الشيطان‪ ،‬فقد انقسم عل ى ذات ه‪ ،‬وإن كن ت أن ا ب روح ﷲ أخ رج الش ياطين‪ ،‬فق د أقب ل عل يكم ملك وت‬
‫ﷲ")‪ .(194‬ويتضح ذلك العداء من خالل ما أظھرته األيقونات المسيحية من صور للسيّدة العذراء‬

‫وھي تدوس الحية القديمة بقدميھا‪ ،‬إذ اختارھا ﷲ لتقھر الحية)‪.(195‬‬

‫وفيما يتعلق بأشكاله وصوره‪ ،‬فيظھر من خالل كتاباتھم وأعمالھم الفني ة عل ى ھيئ ة إنس ان‬
‫مكسو بشعر الماعز‪ ،‬وله ساقا تيس‪ ،‬وقرنان صغيران‪ ،‬وأذن ان مدب دبتان )‪ ،(196‬كم ا ظھ ر بص ورة‬
‫إنسان أسود البشرة‪ ،‬ذي عينين ينبعث منھم ا لھي ب الن ار‪ ،‬وذي ق رنين‪ ،‬وأظ افر معقوص ة‪ ،‬وح افر‬
‫مشقوق‪ ،‬وبعضھا في ھيئة إنسان له حوافر وقرون وذيل )‪،(197‬فيبدو من مالمحه‪ ،‬أنّه مثير للرع ب‬
‫والفزع‪ ،‬كوحش يستد ّل من شكله على صفاته‪.‬‬

‫ولم يقتصر تأثير الش يطان عل ى اإلنس ان‪ ،‬وإنّم ا ح اول إغ واء اإلل ه والتع رض ل ه‪ ،‬عن دما‬
‫نزل ﷲ إلى األرض في شخص "يسوع" المسيح ‪-‬حسب اعتقادھم‪ -‬مما ي د ّل عل ى امتالك ه ق درات‬
‫إلھي ة)‪،(198‬واعتق د الرھب ان أن ه يتعق بھم ف ي الص حراء‪ ،‬حي ث يس يرون‪ ،‬يح اول الني ل م نھم )‪،(199‬‬
‫فالشيطان يبقى شيطانا ً خبيثاً‪ ،‬يعمل ضد البرء والقداسة‪ ،‬مملوءاً بالكبرياء والمكر والقسوة‪.‬‬

‫وإذا عدنا مرة أخرى إلى تقصّي صورة الشيطان عند األم م والش عوب‪ ،‬وج دنا أنھ ا تجم ع‬
‫عل ى وج ود إلھ ين اثن ين أح دھما إل ه الخي ر‪ ،‬واآلخ ر إل ه الش ر؛ فالمانوي ة م ثالً "تعتب ر الم ادة ھ ي‬
‫الشيطان بعينه‪،‬ألنھا في رأيھا ھي أصل الشر)‪ ،(200‬واعتقدوا بوج ود ش ياطين مختلف ة‪ ،‬س ّموا كبي ر‬
‫الش ياطين باس م "أز" )الح رص( أو )أھريم ان( ال ذي يع ّد ش يطانا ً خبيث اً‪ ،‬يق ود مئ ات العفاري ت‬
‫الخبيثة الشريرة‪ ،‬فاصطدم بعالم النور"ھرمزد")‪ .(201‬وق د تمثل ت األرواح الش ريرة ف ي المعتق دات‬

‫‪ -‬ﺇﻨﺠﻴل ﻟﻭﻗﺎ‪ ،11 ،‬ﺁﻴﺔ ‪ ،20-19‬ﺇﺒﻠﻴﺱ‪ ،‬ﺹ‪.103‬‬ ‫‪194‬‬

‫‪ -‬ﻤﻴﺜﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﻭﺃﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﺸﻌﻭﺏ ﺍﻟﻘﺩﻴﻤﺔ‪ ،‬ﺹ‪.39‬‬ ‫‪195‬‬

‫‪ -‬ﻟﻐﺯ ﻋﺸﺘﺎﺭ‪ ،‬ﺹ‪.190‬‬ ‫‪196‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻭﺍﻟﺘﺭﺍﺙ‪ ،‬ﺹ‪.46‬‬ ‫‪197‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.40‬‬ ‫‪198‬‬

‫‪ -‬ﻋﻠﻡ ﺍﻟﻔﻭﻟﻜﻠﻭﺭ‪.408/2 ،‬‬ ‫‪199‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺜﻨﻭﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ‪ ،‬ﻤﺠﻠﺔ ﻋﺎﻟﻡ ﺍﻟﻔﻜﺭ‪ ،‬ﻡ‪ ،3‬ﻉ‪2،1972‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪.189‬‬ ‫‪200‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻹﻴﺭﺍﻨﻴﺔ ﺍﻟﻘﺩﻴﻤﺔ‪ ،‬ﺹ‪.79-78‬‬ ‫‪201‬‬

‫‪39‬‬
‫اإلفريقية في الجن والش ياطين الت ي كان ت تع يش وس ط الغاب ات‪ ،‬وتح اول الس يطرة عل ى األجن اس‬
‫البش رية بك ل وس يلة‪ ،‬فم ارس اإلفريقي ون الكھان ة‪ ،‬وغيرھ ا م ن الطق وس‪ ،‬بھ دف طردھ ا م ن‬
‫اإلنسان أو‬

‫المنازل)‪.(202‬‬

‫وظھر نوع آخر من الجنيات لدى )األشاتني(‪ ،‬لھ ا ق دم ف ي أعل ى رأس ھا‪ ،‬وس اق معكوس ة‬

‫الوض ع‪ ،‬وتص در ص فيراً ب دالً م ن أن ت تكلم‪ ،‬ونظ ر إليھ ا عل ى أنھ ا ع ون لألطب اء ف ي إب راء‬

‫المرضى‪ ،‬ولھا دور إيجابي في الخصب‪ ،‬حيث يعتقد "السارا" بأن ھناك مردة تسمى "سو" تض ع‬

‫قوة النمو في البذور‪ ،‬وتخرج األجنّة من ظلمات األرحام إلى نور الوجود‪ ،‬وتنزل المط ر‪ ،‬مس كنھا‬

‫باطن األرض")‪ ،(203‬فاعتقدوا "أن الساحر قاد ٌر على التعامل معھ ا‪ ،‬وعل ى تعجي ل س قوط المط ر‪،‬‬

‫وإبع اد الوب اء ع ن الماش ية؛ وض مان النص ر للمح اربين"؛)‪ (204‬وق د يلج أ إليھ ا طلب ا ً للش فاء م ن‬
‫مرض‪" ،‬ومنھا ما ھو ضا ّر يستخدمه الساحر إللحاق األذى والضرر بالناس")‪.(205‬‬

‫وق د اعتق د األوروبي ون أن األرواح الش ريرة تھ رب خوف ا ً م ن الديك ة؛ ل ذلك وض عت‬

‫رسومات الديكة ونص بھا التذكاري ة ف وق األب راج وش رفات المن ازل‪ ،‬وف وق البي وت‪ ،‬عل ى اعتب ار‬
‫أنھا حصن مني ع م ن األرواح الش ريرة)‪ ،(206‬كم ا س اد االعتق اد ف ي أرج اء أوروب ا والھن د والياب ان‬

‫"أن ه توج د ف ي مفت رق الط رق ش ياطين وأرواح ش ريرة‪ ،‬وأش باح وس احرات‪ ،‬وم ردة م ن الج ن‪،‬‬

‫وأقزام خرافية‪ ،‬وجني ات تلح ق األذى بالن اس‪ ،‬وتعرق ل س ير القواف ل" )‪ ،(207‬وأك د رھب ان الكنيس ة‬

‫الفرنسية "أن الشيطان ق ادر عل ى أن يتخ ذ ش كل أي حي وان م ن الحيوان ات‪ ،‬وأكث ر م ا يتخ ذ ش كل‬

‫ذكر الغنم أو تيس الماعز الض خم")‪ ،(208‬ورأوا عالق ة ب ين الق ط والش يطان‪َ ،‬وقَ د جس ّدوا الش يطان‬

‫‪ -‬ﺯﻨﺎﺘﻲ‪ ،‬ﻤﺤﻤﺩ ﺴﻼﻡ‪ :‬ﺍﻹﺴﻼﻡ ﻭﺍﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺩ ﺍﻹﻓﺭﻴﻘﻴﺔ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪1969 ،‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪.209‬‬ ‫‪202‬‬

‫‪ -‬ﺍﻹﺴﻼﻡ ﻭﺍﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺩ ﺍﻹﻓﺭﻴﻘﻴﺔ‪ ،‬ﺹ‪.207‬‬ ‫‪203‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.209‬‬ ‫‪204‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.209-206‬‬ ‫‪205‬‬

‫‪ -‬ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻭﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻨﺎﺕ ﻤﻥ ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻭﻁﻘﻭﺱ ﺘﻘﺩﻴﺱ ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻨﺎﺕ‪ ،‬ﺹ‪.46‬‬ ‫‪206‬‬

‫‪ -‬ﻴﻭﻨﺱ‪ ،‬ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺤﻤﻴﺩ‪ :‬ﻤﻌﺠﻡ ﺍﻟﻔﻭﻟﻜﻠﻭﺭ‪ ،‬ﺹ‪.194‬‬ ‫‪207‬‬

‫‪ -‬ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻭﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻨﺎﺕ ﻤﻥ ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻭﻁﻘﻭﺱ ﺘﻘﺩﻴﺱ ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻨﺎﺕ‪ ،‬ﺹ‪.50‬‬ ‫‪208‬‬

‫‪40‬‬
‫بص ورة القط ط واعتبروھ ا ش ريكة ل ه ف ي ك ل أعمال ه‪ ،‬فربط وا ك ل ش يء يش به القط ط بالش يطان‬

‫والساحر والمشعوذ)‪.(209‬‬

‫وھكذا فإننا نلمس تشابھا ً واضحا ً بين أساطير األمم ومعتق داتھا؛ نظ راً لعوام ل الت أثر الت ي‬

‫ش كلت منطلق ا ً ب ارزاً ف ي الحض ارة اإلنس انية‪ ،‬وت اريخ الش عوب‪ ،‬ون رى أن ه ك ان لك ل أم ة ج ن‬

‫وشياطين تلعب دوراً ھاما ً في حياتھا‪ ،‬ال يقل أحيانا ً كثيرة ع ن دور اآللھ ة‪ ،‬وھ ي تختل ف باألس ماء‬
‫واألفع ال‪ ،‬بحس ب عقلي ة الش عب‪ ،‬وم ا ورث ه م ن معتق دات وم ؤثرات وقص ص‪ ،‬وإن وج د تش ابه‬

‫وخلط كثير بين األسماء واألدوار؛ ف إن ذل ك ن اج ٌم ع ن قض ية واح دة‪ ،‬ھ ي قض ية انش غال اإلنس ان‬

‫بقضية الخير والشر التي بدأت مع بدء استقرار المجتمعات البشرية‪ ،‬وواكبت مس يرتھا ف ي ارتق اء‬
‫السلّم الحضاري‪ ،‬وما تزال مستمرة‪ ،‬وسوف تستمر ما استمرت الحياة‪.‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.49‬‬ ‫‪209‬‬

‫‪41‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫الجن في المورث العربي القديم‬

‫الفكر اإلنساني سلسلة متصلة‪ ،‬يرثه جيل عن جيل مع اخ تالف بفع ل التط ورات البش رية‪،‬‬

‫فاألمم الالحقة تتأثر بس ابقتھا ف ي مختل ف الجوان ب‪ ،‬وبخاص ة الفكري ة‪ ،‬وف ي المعتق دات‪ ،‬والع رب‬

‫كغيرھم من الشعوب تأثروا بمن حولھم‪ ،‬فق د آمن وا بأفك ار ومعتق دات‪ ،‬ومارس وا طقوس ا ً وش عائر‪،‬‬
‫ول م يك ن تفكي رھم‪ ،‬بمع زل ع ن تي ارات فكري ة س واء أكان ت موروث ة أم واف دة‪ ،‬وق د أخ ذ الجان ب‬
‫الروحي حيّزاً من تفكيرھم‪ ،‬ومأل الجاھليون فراغھم الروحي باإليم ان باألوث ان واألص نام‪ ،‬فض الً‬

‫عن اإليمان با ‪ ،‬والبحث في الحياة والموت‪.‬‬

‫والمتأمل في أفكار العرب الجاھليين ومعتق داتھم‪ ،‬يج دھا فِك َر إنس ان متط ور‪ ،‬اس تطاع أن‬

‫يرتفع باآللھة من أن تكون مجرد أصنام وأحجار‪ ،‬جاعالً منھا جنا ً ومالئكة‪ ،‬تتصف بقوى خارق ة‪،‬‬

‫قادرة على اإلتيان بالخير والشر‪ ،‬وتتصل بربّ األرباب اتصاالً مباشراً‪.‬‬

‫وقد عاش اإلنسان الجاھلي في عصر تنبعث فيه اآللھة واألرواح ف ي ك ل م ا حول ه؛ ف آمن‬

‫بق وى خفي ة كثي رة‪ ،‬ونس ب إليھ ا ق درات خارق ة تف وق ق درة البش ر‪ ،‬وس لّم بس يطرتھا عل ى ق وى‬

‫الطبيع ة؛ واختفائھ ا وراء ك ل حرك ة أو ظ اھرة تع رض ل ه‪ ،‬فح اول التق رب منھ ا‪ ،‬واسترض اءھا‬
‫بمختلف الوسائل والطرق‪ ،‬واستمالتھا إليه؛ لر ّد شرّھا وأذاھا عن ه‪ ،‬مم ا دفع ه إل ى االعتق اد بوج ود‬

‫كائن ات غي ر مرئي ة وراء ھ ذه الق وى‪ ،‬وص فت بأنھ ا مالئك ة حين اً‪ ،‬وج ن حين ا ً آخ ر‪،‬‬

‫فقاده ذلك إلى عبادتھا)‪ ،(210‬وقد ورد " أن قريشا ً عبدت المالئك ة ب دعوى أنّھ ا بن ات ﷲ" )‪ ،(211‬إذ‬
‫الجن‪ ،‬وول د م نھن بن ات ھ ّن المالئك ة؛ فالمالئك ة حس ب زعمھ م‪،‬‬
‫ّ‬ ‫زعموا أن ﷲ تز ّوج ببنات سراة‬

‫‪ -‬ﺯﻴﺘﻭﻨﻲ‪ ،‬ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻐﻨﻲ‪ :‬ﺍﻟﺠﻥ ﻭﺃﺤﻭﺍﻟﻬﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﻤﺠﻠﺔ ﺍﻟﺘﺭﺍﺙ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪ ،‬ﺍﺘﺤﺎﺩ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻌـﺭﺏ‪ ،‬ﺩﻤﺸـﻕ‪-‬‬ ‫‪210‬‬

‫ﺴﻭﺭﻴﺎ ‪ ،1991‬ﻉ‪ ،44‬ﺹ‪.188‬‬


‫‪ -‬ﺯﻴﺘﻭﻨﻲ‪ ،‬ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻐﻨﻲ‪ :‬ﺍﻟﻭﺜﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﺍﻹﺭﺸﺎﺩ‪ ،‬ﺩﻤﺸﻕ‪ ،1987 ،‬ﺹ‪ ،149‬ﺍﻟﺼﺎﺌﻎ‪ ،‬ﻋﺒﺩ‬ ‫‪211‬‬

‫ﺍﻹﻟﻪ‪ :‬ﺍﻟﺯﻤﻥ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﺸﻌﺭﺍﺀ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺸﺅﻭﻥ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻌـﺭﺍﻕ‪ ،‬ﺒﻐـﺩﺍﺩ‪1986 ،‬ﺹ‪ ،29‬ﻤـﻥ‬
‫ﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﺨﺭﺍﻓﺎﺕ‪ ،‬ﺹ‪ 24‬ﺍﻟﺴﻴﺭﺓ ﺍﻟﻨﺒﻭﻴﺔ ‪.،302/1‬‬

‫‪42‬‬
‫"نس ُل مزدوج من ﷲ والجن")‪ ،(212‬وقد جاء ذلك في قولھم‪" :‬إن بعض العرب كانوا يعبدون ص نفا ً‬

‫من المالئكة‪ ،‬يقال لھم الجن")‪(213‬مما يؤكد تصورّھم ّ‬


‫أن المالئكة م ن الج ن‪ ،‬وأن الج ن آلھ ة ترق ى‬

‫سبحانه وتعالى؛ لذلك اختلطت عبادة الج ن بعب ادة المالئك ة‪ ،‬وج اءت اآلي ات‬ ‫إلى أن تكون أنداداً‬

‫القرآني ة مؤك دة ذل ك ف ي قول ه تع الى)∪®⊂∩ ‪Ï™Iωàσ¯≈yδr& Ïπs3Íׯ≈n=yϑù=Ï9 ãΑθà)tƒ §ΝèO $YèŠÏΗsd öΝèδçà³øts† tΠöθtƒuρ‬‬

‫)‪tβρ߉ç7÷ètƒ (#θçΡ%x. ö≅t/ ( ΝÎγÏΡρߊ ⎯ÏΒ $uΖ–ŠÏ9uρ |MΡr& y7oΨ≈ysö6ß™ (#θä9$s% ∩⊆⊃∪ tβρ߉ç7÷ètƒ (#θçΡ$Ÿ2 ö/ä.$−ƒÎ‬‬

‫الى‪£⎯Ågø:$# u™!%x.uà° ¬! (#θè=yèy_uρ " :‬‬ ‫ه تع‬ ‫‪ .(214) (∩⊆⊇∪ tβθãΖÏΒ÷σ•Β ΝÍκÍ5 ΝèδçsYò2r& ( £⎯Éfø9$#‬وقول‬
‫)‪(215‬‬
‫‪" šχθàÅÁtƒ $£ϑtã 4’n?≈yès?uρ …çμoΨ≈ysö7ß™ 4 5Οù=Ïæ ÎötóÎ/ ¤M≈oΨt/uρ t⎦⎫ÏΖt/ …çμs9 (#θè%tyzuρ ( öΝßγs)n=yzuρ‬‬

‫أن بينھ ا وب ين اآللھ ة نس با ً وقراب ة " ‪ÏMyϑÎ=tã ô‰s)s9uρ 4 $Y7|¡nΣ Ïπ¨ΨÅgø:$# t⎦÷⎫t/uρ …çμuΖ÷t/ (#θè=yèy_uρ‬‬
‫وزعم وا ّ‬
‫)‪(216‬‬
‫‪"∩⊇∈ tβρç|Øósßϑs9 öΝåκ¨ΞÎ) èπ¨ΨÅgø:$#‬‬

‫وذكرت المصادر العربية أسماء بعض القبائل التي عبدت الج ن‪ " ،‬وأش ھرھا قبيل ة طلح ة‬

‫الطلحات؛ وھو طلحة بن خويلد األسدي‪ ،‬وكان خطيبا ً وش اعراً وكاھن ا وناس با ً")‪ ،(217‬وق د "تس ّمى‬
‫بعض األشخاص بأسمائھا‪ ،‬مث ل عم رو ب ن عب د الج ن ب ن عائ د‪ ،‬وعم رو ب ن عب د الج ن التن وخي‪،‬‬

‫وبنومليح من خزاعة")‪.(218‬‬

‫ويب دو أن الھ دف م ن عب ادتھم لھ ا عائ ُد‪ -‬ف ي األغل ب‪ -‬إل ى خ وفھم الش ديد منھ ا؛ ب دليل‬

‫تح ريمھم ألم اكن شاس عة بكاملھ ا‪ ،‬وع دم االقت راب منھ ا؛ اعتق اداً م نھم أنھ ا محط ة أس الفھم م ن‬

‫الج ن‪ ،‬مث ل وادي "برھ وت "و"يب رين" و"ص ھيد" الت ي كان ت دي اراً لقبائ ل ع اد وثم ود وطس م‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺴﻌﻭﺩﻱ‪ ،‬ﺃﺒﻭ ﺍﻟﺤﺴﻥ ﻋﻠﻲ ﺒﻥ ﺍﻟﺤﺴﻴﻥ ﺒﻥ ﻋﻠﻲ‪ :‬ﻤﺭﻭﺝ ﺍﻟﺫﻫﺏ ﻭﻤﻌﺎﺩﻥ ﺍﻟﺠﻭﻫﺭ‪ ،‬ﻗﺩﻡ ﻟﻪ ﺍﻟـﺩﻜﺘﻭﺭ ﻤﻔﻴـﺩ ﻤﺤﻤـﺩ‬ ‫‪212‬‬

‫ﻗﻤﺤﻴﺔ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺏ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪ ،‬ﻟﺒﻨﺎﻥ ‪ ،‬ﺩ‪.‬ﺕ‪ ،138/2 ،‬ﺍﻟﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪.709/6 ،‬‬
‫‪ -‬ﻤﻥ ﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﺨﺭﺍﻓﺎﺕ‪ ،‬ﺹ‪. 11‬‬ ‫‪213‬‬

‫‪ -‬ﺴﻭﺭﺓ ﺴﺒﺄ‪ ،‬ﺁﻴﺔ ‪.41-40‬‬ ‫‪214‬‬

‫‪ -‬ﺴﻭﺭﺓ ﺍﻷﻨﻌﺎﻡ‪ ،‬ﺁﻴﺔ‪.100‬‬ ‫‪215‬‬

‫‪ -‬ﺴﻭﺭﺓ ﺍﻟﺼﺎﻓﺎﺕ‪ ،‬ﺁﻴﺔ ‪.158‬‬ ‫‪216‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺠﺎﺤﻅ‪ ،‬ﺃﺒﻭ ﻋﺜﻤﺎﻥ‪ ،‬ﻋﻤﺭﻭ ﺒﻥ ﺒﺤﺭ‪ :‬ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻭﺍﻟﺘﺒﻴﻴﻥ‪ ،‬ﺘﺤﻘﻴﻕ ﻋﺒـﺩ ﺍﻟﺴـﻼﻡ ﻫـﺎﺭﻭﻥ‪-‬ﻁ‪ -4‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﻜـﺭ‪ ،‬ﺩ‪.‬ﺕ‪،‬‬ ‫‪217‬‬

‫‪ ،359/1‬ﺍﺒﻥ ﺍﻟﻜﻠﺒﻲ‪ ،‬ﺃﺒﻲ ﺍﻟﻤﻨﺫﺭ‪ ،‬ﻫﺸﺎﻡ ﺒﻥ ﻤﺤﻤﺩ ﺒﻥ ﺍﻟﺴﺎﺌﺏ‪ :‬ﺍﻷﺼﻨﺎﻡ‪ ،‬ﺘﺤﻘﻴﻕ‪ ،‬ﺃﺤﻤﺩ ﺯﻜﻲ‪ ،‬ﺍﻟﺩﺍﺭ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﻟﻠﻁﺒﺎﻋـﺔ‬
‫ﻭﺍﻟﻨﺸﺭ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ‪1384 ،‬ﻫـ‪1965-‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪.34‬‬
‫‪ -‬ﻋﺠﻴﻨﺔ‪ ،‬ﻤﺤﻤﺩ‪ :‬ﻤﻭﺴﻭﻋﺔ ﺃﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻋﻥ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﻭﺩﻻﻻﻟﺘﻬﺎ‪ -‬ﻁ‪ -1‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﺎﺭﺍﺒﻲ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪ ،‬ﻟﺒﻨـﺎﻥ‪،1994 ،‬‬ ‫‪218‬‬

‫‪ ،12/2‬ﺍﻷﺼﻨﺎﻡ‪ ،‬ﺹ‪.34‬‬

‫‪43‬‬
‫وجديس‪ ،‬والتي سكنھا الجن بعد ھالكھم )‪ ،(219‬ومنھم من عبدھا إكب اراً لھ ا )‪ ،(220‬ب دليل أنھ م ك انوا‬

‫يتأثرون لموت ملوكھم‪ ،‬فقد أورد فريزر حكاي ة ع ن حادث ة م وت مل ك الج ن‪ ،‬وكي ف " أن الش عب‬

‫ك انوا يض ربون عل ى ط ول الش رق األوس ط م ن تركي ا حت ى إي ران وبغ داد بال دفوف‪ ،‬وينوح ون‬

‫ويشقون مالبسھم مھيلين على رؤوسھم الطين والرﱡغام ")‪(221‬؛ نستدل من ھذه الحادث ة عل ى مكان ة‬

‫الجن ومنزلتھا عند العرب‪ ،‬وقد عبدھا العرب؛ لتكون واسطة بينھم وبين ﷲ‪ ،‬وم ن أج ل الش فاعة‪،‬‬

‫بدليل قوله تعالى على لسانھم "‪.(222)" #’s∀ø9ã— «!$# ’n<Î) !$tΡθç/Ìhs)ã‹Ï9 ωÎ) öΝèδ߉ç6÷ètΡ $tΒ‬‬

‫ونتبين من شعائرھم وطقوسھم أن عبادتھم لألصنام والظواھر الكونية‪ ،‬ومظاھر الطبيع ة‪،‬‬

‫لم تك ن ل ذاتھا؛ وإنم ا ألنھ م يظن ون أن أرواح ا ً تح ّل فيھ ا‪ ،‬ومم ا عب ده الع رب اإلل ه )قُ زح(‪ ،‬وك ان‬
‫يُسمى بـ)قُزاح(‪ ،‬إله الرعد والخصب والمط ر والب رق‪ ،‬ك ان موقع ة ق رب مك ة‪ ،‬وق الوا‪ ":‬إن ق زح‬

‫اسم ملَك موكل بالسحاب")‪ ،(223‬ويذكر الحموي "أنه اسم للشيطان‪ ،‬وھو الموضع الذي كانت توق د‬

‫فيه نيران االستمطار في الجاھلية")‪.(224‬‬

‫وعب دوا ال الت والع زى ومن اة‪ ،‬وك انوا يظن ون ّ‬


‫أن ف ي ك ل واح دة م نھن ش يطانة تكلمھ م‪،‬‬
‫وتتراءى للسدنة‪ ،‬وال دليل عل ى ذل ك أن الرس ول "علي ه الس الم" عن دما بُ ِع ث بَع َ‬
‫ث خال د ب ن الولي د‬

‫ليھدم العزى‪ ،‬وكان ت ش يطانة ت أتي ث الث ش َجرات ب بطن نخل ة‪ ،‬فوج د تح ت أص لھا ام رأة س وداء‬

‫ن اثرة ش عرھا قائم ة كأنھ ا تن وح عل يھن‪ ،‬ويؤك د ذل ك م ا ج رى ب ين خال د والس ادن م ن ح وار‬

‫وخطاب)‪.(225‬‬

‫‪ -‬ﻤﺩﺨل ﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ﺍﻟﻔﻭﻟﻜﻭﺭ ﻭﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ‪ ،‬ﺹ‪.131‬‬ ‫‪219‬‬

‫‪ -‬ﺸﻴﺎﻁﻴﻥ ﺍﻟﺸﻌﺭﺍﺀ‪ ،‬ﺹ‪.67‬‬ ‫‪220‬‬

‫‪ -‬ﻤﺩﺨل ﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ﺍﻟﻔﻭﻟﻜﻭﺭ ﻭﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ‪ ،‬ﺹ‪.146‬‬ ‫‪221‬‬

‫‪ -‬ﺴﻭﺭﺓ ﺍﻟﺯﻤﺭ‪ ،‬ﺁﻴﺔ‪.3‬‬ ‫‪222‬‬

‫‪ -‬ﻤﻴﺜﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﻭﺃﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﺸﻌﻭﺏ ﺍﻟﻘﺩﻴﻤﺔ‪ ،‬ﺹ‪.256‬‬ ‫‪223‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻤﻭﻱ‪ ،‬ﺸﻬﺎﺏ ﺍﻟﺩﻴﻥ‪ ،‬ﺃﺒﻭ ﻋﺒﺩ ﺍﷲ ﻴﺎﻗﻭﺕ ﺒﻥ ﻋﺒﺩ ﺍﷲ ﺍﻟﺒﻐﺩﺍﺩﻱ‪ :‬ﻤﻌﺠﻡ ﺍﻟﺒﻠﺩﺍﻥ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺼﺎﺩﺭ ﻟﻠﻁﺒﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻨﺸـﺭ‪ ،‬ﺩﺍﺭ‬ ‫‪224‬‬

‫ﺒﻴﺭﻭﺕ‪ ،‬ﻟﻠﻁﺒﺎﻋﺔ‪1376 ،‬ﻫـ‪1957 -‬ﻡ‪.341/4 ،‬‬


‫‪ -‬ﺍﻷﺯﺭﻗﻲ‪ ،‬ﺃﺒﻭ ﺍﻟﻭﻟﻴﺩ‪ ،‬ﻤﺤﻤﺩ ﺒﻥ ﻋﺒﺩ ﺍﷲ ﺒﻥ ﺃﺤﻤﺩ‪ :‬ﺃﺨﺒﺎﺭ ﻤﻜﺔ‪ ،‬ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺭﺸﺩﻱ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ ﻤﻠﺤﺱ‪-‬ﻁ‪ -3‬ﺩﺍﺭ ﺍﻷﻨﺩﻟﺱ‪،‬‬ ‫‪225‬‬

‫ﺒﻴﺭﻭﺕ‪1983 ،‬ﻡ‪ 126/1 ،‬ﻭﻤﺎ ﺒﻌﺩﻫﺎ‪ ،‬ﺍﻷﺼﻨﺎﻡ‪ ،‬ﺹ‪.25‬‬

‫‪44‬‬
‫ومما يرج ّح العالقة بين الجن واألوثان‪ ،‬ما ورد من ّ‬
‫أن الرسول "عليه السالم "حينم ا ك ان‬

‫بمكة يدعو القبائل العربية إلى اإلس الم ف ي أثن اء الح ج‪ ،‬ك ان يتبع ه عم ه أب و لھ ب‪ ،‬ويح ذر الع رب‬

‫منه و ِم ْن دعوته قائالً "إن ھذا إنما يدعوكم أن تسلخوا الالت والع ّزى ومناة من أعناقكم‪ ،‬وحلف اءكم‬

‫من الجن‪ ،‬من بني أُقيش إلى ما جاء به من البدعة والضاللة‪ ،‬فال تطيع وه‪ ،‬وال تس معوا من ه")‪،(226‬‬

‫فالالت والعزى ومناة إذن شيطانة‪ ،‬وما الشيطانة إالّ جنيّة م ن المالئك ة الت ي ت زعم ق ريش وبع ض‬

‫القبائ ل األخ رى "أنھ ا بن ات ﷲ تح ّل ف ي تل ك األص نام" )‪ ،(227‬ويش ير الق رآن إل ى ھ ذه المعتق دات‬

‫بقوله "&‪.(228)"∩⊄⊃∪ #“t÷zW{$# sπsWÏ9$¨W9$# nο4θuΖtΒuρ ∩⊇®∪ 3“¨“ãèø9$#uρ |M≈¯=9$# ãΛä⎢÷ƒu™tsùr‬‬

‫ولم يقف األمر عند ھذا الح ّد‪ ،‬وإنم ا اعتق د الع رب أن اآللھ ة واألرواح‪ ،‬تح ّل ف ي مظ اھر‬
‫الطبيعة‪ ،‬وتس تق ّر فيھ ا‪ ،‬ويمك ن أن تس تجيب لل دعاء والتوس ل والص الة "فك انوا إذا غ ّم عل يھم أم ر‬

‫ج اءوا إل ى بئ ر قديم ة بعي دة الغ ور‪ ،‬ون ادوا ث الث م رات‪ ،‬ف إن ك ان ميْت ا ً ل م يس معوا ف ي اعتق ادھم‬

‫صوتاً‪ ،‬وكانوا يظنون أن بعض اآلبار لھا ربّ يحميھا‪ ،‬فيمارس ون إزاءھ ا الش عائر؛ رغب ة ورھب ة‬
‫)‪.(229‬‬
‫من القوى التي تح ّل بھا"‬

‫وزعموا أن الشياطين ت دخل ف ي بع ض الكواك ب؛ فعب دوھا‪ ،‬وأق اموا لھ ا أص ناماً‪ ،‬وأخ ذوا‬

‫يخاطبون من داخلھا‪ ،‬ويستطلعون على ما سوف تنكشف عنه األيام من خاللھ ا )‪ ،(230‬وتوھّم وا أن‬

‫األص نام ت تكلم م ن خ الل م ا فيھ ا م ن ش ياطين؛ وال دليل ق ولھم "إنھ م ك انوا يس معون م ن أج واف‬

‫األصنام ھمھمة" )‪ ،(231‬وبھذا قد تكون الھمھمة صوت الشيطان‪.‬‬

‫‪ -‬ﺍﺒﻥ ﻫﺸﺎﻡ‪ ،‬ﺃﺒﻭ ﻤﺤﻤﺩ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻤﻠﻙ‪ :‬ﺍﻟﺴﻴﺭﺓ ﺍﻟﻨﺒﻭﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻤﻌﺭﻭﻓﺔ ﺒﺴﻴﺭﺓ ﺍﺒﻥ ﻫﺸﺎﻡ‪-‬ﻁ‪ -2‬ﺍﻟﻤﻜﺘﺒـﺔ ﺍﻟﻌﺼـﺭﻴﺔ‪ ،‬ﺼـﻴﺩﺍ‪،‬‬ ‫‪226‬‬

‫ﺒﻴﺭﻭﺕ ‪1419‬ﻫـ‪1999-‬ﻡ‪.62/2 ،‬‬


‫‪ -‬ﺍﻟﻭﺜﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺹ‪.173‬‬ ‫‪227‬‬

‫‪ -‬ﺴﻭﺭﺓ ﺍﻟﻨﺠﻡ‪ ،‬ﺁﻴﺔ ‪.20 -19‬‬ ‫‪228‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﻟﻭﺴﻲ‪ ،‬ﻤﺤﻤﻭﺩ ﺸﻜﺭﻱ‪ :‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ ﻓﻲ ﻤﻌﺭﻓﺔ ﺃﺤﻭﺍل ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﺸﺭﺡ ﻤﺤﻤﺩ ﺒﻬﺠﺔ ﺍﻷﺜﺭﻱ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺏ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴـﺔ‪،‬‬ ‫‪229‬‬

‫ﺒﻴﺭﻭﺕ‪ ،‬ﺩ‪.‬ﺕ‪.30/3 ،‬‬


‫‪ -‬ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻭﺍﻟﻔﺭﺱ ﻭﺍﻟﺘﺭﻙ‪ ،‬ﺹ‪.35‬‬ ‫‪230‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺠﺎﺤﻅ‪ ،‬ﺃﺒﻭ ﻋﺜﻤﺎﻥ‪ ،‬ﻋﻤﺭﻭ ﺒﻥ ﺒﺤﺭ‪ :‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،‬ﺘﺤﻘﻴﻕ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻤﺤﻤﺩ ﻫﺎﺭﻭﻥ‪-‬ﻁ‪ -3‬ﻤﻨﺸﻭﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺠﻤﻊ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ‬ ‫‪231‬‬

‫ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺇﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﺘﺭﺍﺙ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ – ﻟﺒﻨﺎﻥ ‪1388‬ﻫــ‪1969 ،‬ﻡ‪ ،201/6 ،‬ﺍﻷﺼـﻨﺎﻡ‪ ،‬ﺤﺎﺸـﻴﺔ‬
‫ﺹ‪.12‬‬

‫‪45‬‬
‫وعرف عن العرب معرفتھم بالنجوم ومطالعھا وأنوائھا‪ ،‬واعتقادھم أنّھا شياطين وأش باح‪،‬‬

‫فقد وصفت األعراب النجوم بعدة أوصاف تؤكد عالقتھ ا بالش ياطين‪ ،‬فمنھ ا نج وم األن واء‪ ،‬ونج وم‬

‫االھت داء والس عود والنح وس‪ ...‬وس ّخرت "لمعرف ة األم ور الخافي ة عل يھم م ن حاض ر‬

‫ومس تقبل")‪" ،(232‬فك ان الكھ ان يتنب أون بم ا س يقع م ن أم ور وأح داث‪ ،‬باالس تدالل بحرك ات تل ك‬

‫األج رام")‪ ،(233‬واعتق دوا بق درة الك اھن عل ى معالج ة المرض ى ع ن طري ق "ط رد الش ياطين م ن‬

‫جس م الم ريض بالتعاوي ذ والتراتي ل واألناش يد المقدس ة")‪ ،(234‬فك ان عملھ م ھ ذا بمنزل ة أھ ل العل م‬

‫والفلسفة والطب والقضاء واليقين‪.‬‬

‫وم ن الع ادات الجاھلي ة الت ي ارتبط ت ب الجن والش ياطين التطي ر "ال ذي يب دو عل ى ص لة‬
‫بعقيدة استحالة األرواح طيوراً بعد مفارقتھا األجساد")‪ ،(235‬على اعتبار "أن الجن والش ياطين ھ ي‬

‫النفوس البشرية المفارقة عن األبدان بحسب الخير والش ّر" )‪ ،(236‬فالغرض من الطيرة ھو دفع تل ك‬

‫القوى التي تتلبّس ببعض الحيوانات المرتبطة ب الجن‪ ،‬إذ آم ن الع رب بتل بس األرواح ف ي الطي ور‪،‬‬
‫شريرة كانت أم خيّرة‪ ،‬فتفاءلوا ببعض ھا وتش اءموا م ن ال بعض اآلخ ر )‪،(237‬وق د يك ون الس بب ف ي‬

‫تشاؤمھم من الب ارح‪ ،‬اعتق ادھم "أن جھ ة اليس ار ناف ذة تط ّل منھ ا الج ن والش ياطين؛ لتوس وس ف ي‬

‫نفوس البشر‪ ،‬أو مصدر شؤم وأذى")‪ ،(238‬ومن األمور التي ارتبطت بالشيطان )الس حر( "إذ يع ّده‬

‫البعض عمالً يقّرب فيه إلى الشيطان‪ ،‬وبمعونة منه‪ ،‬ي ؤدي إل ى الخ داع وفس اد العق ل")‪ ،(239‬ول ذلك‬

‫ع زوا الس حر إل ى ك ل م ن ي أتي بش يء م دھش‪ ،‬كم ا ع زوا رس الة رس ول ﷲ "علي ه الس الم" إل ى‬

‫‪ -‬ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻭﺍﻟﻔﺭﺱ ﻭﺍﻟﺘﺭﻙ‪ ،‬ﺹ‪.35‬‬ ‫‪232‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ‪.30/6،‬‬ ‫‪233‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪.434/8 ،‬‬ ‫‪234‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﺤﻤﺩ‪ ،‬ﺴﺎﻤﻲ ﺴﻌﻴﺩ‪ :‬ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﺩﺍﺕ ﺍﻟﺩﻴﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﺍﻟﻘﺩﻴﻡ‪ ،‬ﻤﻁﺎﺒﻊ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺸﺅﻭﻥ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤـﺔ‪ ،‬ﺒﻐـﺩﺍﺩ‪1988 ،‬ﻡ‪،‬‬ ‫‪235‬‬

‫ﺹ‪.44‬‬
‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪.788/6 ،‬‬ ‫‪236‬‬

‫‪ -‬ﻋﺒﻘﺭ‪ ،‬ﺹ‪.60‬‬ ‫‪237‬‬

‫‪-‬ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪ ،‬ﺹ‪.206-201‬‬ ‫‪238‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺯﺒﻴﺩﻱ‪ ،‬ﻤﺤﻤﺩ ﻤﺭﺘﻀﻰ ﺍﻟﺤﺴﻴﻨﻲ‪ :‬ﺘﺎﺝ ﺍﻟﻌﺭﻭﺱ ﻤﻥ ﺠﻭﺍﻫﺭ ﺍﻟﻘﺎﻤﻭﺱ‪ ،‬ﺘﺤﻘﻴﻕ ﻋﻠﻲ ﺸﻴﺭﻱ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﻜـﺭ ﻟﻠﻁﺒﺎﻋـﺔ‬ ‫‪239‬‬

‫ﻭﺍﻟﻨﺸﺭ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪ ،‬ﺩ‪.‬ﺕ‪ ،‬ﻤﺎﺩﺓ)ﺴﺤﺭ(‪.740/6 ،‬‬

‫‪46‬‬
‫الس حر )‪ ،(240‬وق د أش ار الق رآن الك ريم إل ى ارتب اط الس حر بالش يطان‪ ،‬وإل ى أن الش ياطين ك انوا‬

‫يعلّمون الناس السحر؛ ليفرقوا بين المرء وزوجه)‪.(241‬‬

‫ومما يؤكد ذل ك أنھ م اس تخدموا ف ي الس حر بع ض الم واد الت ي تألفھ ا الش ياطين‪ ،‬ك البخور‬
‫والملح والعظام‪ ،‬إضافة إلى حركات وتمتمات خاصة بھم‪ ،‬تشير إلى أن الس احر يخاط ب أشخاص ا ً‬

‫من الج ن‪ ،‬كم ا ك انوا ي دفنونھا ف ي المق ابر؛ ألنھ ا عل ى ‪-‬ح د زعمھ م‪ -‬أنس ب األم اكن للس حر)‪،(242‬‬
‫ومن ھنا ارتبط السحر باألرواح الخفية التي تھوى ھذه األماكن‪.‬‬

‫وزع م الع رب ك ذلك أن الش عر وح ي ي وحى‪ ،‬وف ن تلقي ه الق وى العلي ا عل ى المص طفين‬

‫األخيار من بني آدم؛ فينطقون بلسان ھذه الق وى‪ ،‬وي ذيعون ف ي الن اس م ا تلھمھ م ب ه تل ك األرواح‪،‬‬
‫وأن مع كل فحل من الشعراء شيطانا ً يقول الش عر عل ى لس انه‪ ،‬وق د يك ون ذل ك م ن ب اب اعتق ادھم‬

‫بتفوق الجن‪ ،‬وأنھا تس تطيع م ا ال يس تطيعون؛ ل ذلك جعل وا ب ين الش عراء والش ياطين ص لة ونس باً‪،‬‬

‫وآمنوا بقدرة الجن على نظم الشعر‪ ،‬ورووا أشعاراً على ألسنتھا‪ ،‬كما ذكرواً أسماء ش ياطين معظ م‬

‫الشعراء)‪ ،(243‬ونظراً لعالقة الشعر بالغناء فقد نسبوه إلى الجن ايضاً؛ فتخيل إل يھم أن الج ن ت وحي‬

‫إليھم الغناء في اليقظة والمنام‪ ،‬وتلقنونھم أصول الفطنة)‪ ،(244‬فسيطرت الجن على ألحانھم‪ ،‬وإن ل م‬

‫يبلغ ھذا األمر مبلغ الشعر؛ فقد كان للشعر أث ر ال يق ّل ع ن أث ر الس حر وخاص ة الھج اء‪ ،‬و أطلق وا‬

‫عليه رُق ى الش يطان؛ تش بيھا ً ل ه بالرقي ة الت ي ك ان يمارس ھا الك اھن والس احر‪ ،‬مم ا يثب ت "أن لك ل‬

‫منھم رئيا ً أو تابعا ً ينفذ أوامره")‪ ،(245‬وقد بيّنت الروايات أنھم كانوا يعتقدون بأن الھدف من الس حر‬

‫ٌ آـﺬاب"‪،‬‬ ‫‪ -‬وﻋﺠﺒﻮا أن ﺟﺎءهﻢ ﻣﻨﺬر‬


‫ٌ ﻣﻨﻬﻢ‪ ،‬وﻗﺎل اﻟﻜﺎﻓﺮون‪ ،‬هـﺬا ﺳـﺎﺣﺮ‬ ‫‪240‬‬

‫ﺴﻭﺭﺓ )ﺹ( ‪ ،‬ﺁﻴﺔ ‪.4‬‬


‫ﺳــﻠﻴﻤﺎن وﻟﻜــﻦ اﻟﺸــﻴﺎﻃﻴﻦ آﻔــﺮوا ﻳﻌﻠﻤــﻮن اﻟﻨــﺎس‬ ‫‪" -‬وﻣــﺎ آﻔــﺮ‬ ‫‪241‬‬

‫اﻟﺴﺤﺮ‪ ......‬ﻓﻴﺘﻌﻠﻤﻮن ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻣﺎ ﻳﻔﺮﻗﻮن ﺑﻪ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺮء وزوﺟﻪ" ﺍﻟﺒﻘـﺭﺓ‪،‬‬


‫ﺁﻴﺔ ‪.101‬‬
‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪.745-744/6 ،‬‬ ‫‪242‬‬

‫‪ -243‬ﺍﻟﺜﻌﺎﻟﺒﻲ‪ ،‬ﺃﺒﻭ ﻤﻨﺼﻭﺭ ﻤﺤﻤﺩ ﺒﻥ ﺇﺴﻤﺎﻋﻴل ﺍﻟﻨﻴﺴﺎﺒﻭﺭﻱ‪ :‬ﺜﻤﺎﺭ ﺍﻟﻘﻠﻭﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻀﺎﻑ ﻭﺍﻟﻤﻨﺴﻭﺏ‪ ،‬ﺘﺤﻘﻴﻕ ﻤﺤﻤـﺩ ﺃﺒـﻭ‬
‫ﺍﻟﻔﻀل‪-‬ﻁ‪ -1‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ‪1965 ،‬ﻡ‪ ،‬ﺹ ‪ ،71-70‬ﺸﻴﺎﻁﻴﻥ ﺍﻟﺸﻌﺭﺍﺀ‪ ،‬ﺹ‪.31‬‬
‫‪ -244‬ﺸﻴﺎﻁﻴﻥ ﺍﻟﺸﻌﺭﺍﺀ‪ ،‬ﺹ‪.190‬‬
‫‪ -245‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪ ،366/2 ،‬ﺜﻤﺎﺭ ﺍﻟﻘﻠﻭﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻀﺎﻑ ﺍﻟﻤﻨﺴﻭﺏ‪ ،‬ﺹ‪.74‬‬

‫‪47‬‬
‫والش عر واح د‪" ،‬وھ و ال تحكم بق وى الطبيع ة الخفي ة‪ ،‬والس يطرة عليھ ا‪ ،‬وتس خيرھا لخدم ة البش ر‬

‫ومصالحھم")‪.(246‬‬

‫و َر ّد بع ض الكھّ ان األح الم المزعج ة إل ى فع ل األرواح الش ريرة‪ ،‬ف زعم الق دماء "أن‬

‫األح الم نوع ان‪ :‬أح الم م ن فع ل الش يطان واألرواح الخبيث ة‪ ،‬وأح الم م ن قب ل اإللھ ام‪ ،‬أي م ن‬

‫اآللھة")‪ .(247‬وقد مارس الجاھليون شعائر دالّة على خوفھم من ھ ذه األرواح‪ ،‬وتقديس ھم لھ ا‪ ،‬منھ ا‬
‫أنھ م ك انوا إذا أرادوا أن يس كنوا بيت ا ً جدي داً‪ ،‬أو يحف روا بئ ر م اء‪ ،‬تقرب وا إل ى تل ك األرواح الت ي‬

‫يعتق دون أنھ ا تح ّل فيھ ا وق د ت ؤذيھم‪ ،‬بتق ديم ال ذبائح لھ ا؛ ك ي يط ردوا ش ّرھا وأذاھ ا‪ ،‬وق د س ّماھا‬

‫الرسول عليه السالم "ذبائح الجن" ونھى عنھا)‪.(248‬‬

‫وم ن س لوكياتھم أنھ م "إذا ھبط وا وادي ا ً وأرادوا المبي ت في ه‪ -،‬إذ كان ت األودي ة مظ ان‬

‫الجان‪ -‬توجھّوا إليه‪ ،‬قائلين‪ :‬نعوذ بسيد ھذا الوادي من سفھاء قومه؛ ف ال ي ؤذيھم أح د‪ ،‬وتص ير لھ م‬

‫بذلك خفارة‪ (249)،‬وكان الرجل م نھم "إذا رك ب مف ازة وخ اف عل ى نفس ه م ن ط وارق اللي ل‪ ،‬عم د‬

‫إلى وا ٍد ذي شجر‪ ،‬فأناخ راحلته في قراراته‪ ،‬وعقلھ ا‪ ،‬وخ طّ عليھ ا خط اً‪ ،‬ث م ق ال‪ :‬أع وذ بص احب‬

‫ھذا الوادي‪ ،‬أو بعظيم ھذا الوادي من الجن الليلة‪ ،‬ومن ش ﱠر ما فيه" )‪.(250‬‬

‫وذل ك اعتق اداً م نھم أن الج ان يص يبون اإلنس ان بض روب م ن األذى‪ ،‬ويلحق ون ب ه أن واع‬

‫الشرور‪ ،‬فإذا أراد أن يتحصن منھم‪ ،‬وال يصيبه شيء‪ ،‬عليه أن يس تنجد بعظ يم المك ان ال ذي ينزل ه‬

‫كي يحميه‪ ،‬ويجعله في جواره‪.‬‬

‫‪ -246‬ﺍﻟﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪.784/6 ،‬‬


‫‪ -247‬ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،785-784/6 ،‬ﺍﺒﻥ ﺨﻠﺩﻭﻥ‪ :‬ﻤﻘﺩﻤﺔ ﺍﺒﻥ ﺨﻠﺩﻭﻥ‪-‬ﻁ‪ -3‬ﺩﺍﺭ ﺇﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﺘﺭﺍﺙ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪ ،‬ﻟﺒﻨـﺎﻥ‪،‬‬
‫ﺩ‪.‬ﺕ‪ ،‬ﺹ‪.104‬‬
‫‪ -248‬ﺍﺒﻥ ﻤﻨﻅﻭﺭ‪ ،‬ﺃﺒﻭ ﺍﻟﻔﻀل‪ ،‬ﺠﻤﺎل ﺍﻟﺩﻴﻥ ﻤﺤﻤﺩ ﺒﻥ ﻤﻜﺭﻡ‪ :‬ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﺘﺤﻘﻴﻕ ﻋﺒﺩ ﺍﷲ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻜﺒﻴﺭ‪ ،‬ﻭﻤﺤﻤـﺩ ﺃﺤﻤـﺩ‬
‫ﺤﺴﺏ ﺍﷲ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ‪)،‬ﺩ‪.‬ﺕ( ﻤﺎﺩﺓ)ﺫﺒﺢ(‪ ،‬ﺍﻟﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،747/6 ،‬ﺜﻤﺎﺭ ﺍﻟﻘﻠﻭﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻀﺎﻑ‬
‫ﻭﺍﻟﻤﻨﺴﻭﺏ‪ ،‬ﺹ‪.69‬‬
‫‪ -249‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،217/6 ،‬ﺍﻟﻘﺭﻁﺒﻲ‪ ،‬ﺃﺒﻭ ﻋﺒﺩ ﺍﷲ ﻤﺤﻤﺩ ﺒﻥ ﺃﺤﻤﺩ ﺍﻷﻨﺼﺎﺭﻱ‪ :‬ﺍﻟﺠـﺎﻤﻊ ﻷﺤﻜـﺎﻡ ﺍﻟﻘـﺭﺁﻥ‪-‬ﻁ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘـﺏ‬
‫ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ‪ -‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺏ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻟﻠﻁﺒﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻨﺸﺭ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ‪1387 ،‬ﻫـ‪1967 -‬ﻡ‪.10/19 ،‬‬
‫‪ -250‬ﺍﻟﺴﻴﺭﺓ ﺍﻟﻨﺒﻭﻴﺔ‪ ،153/1 ،‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪ ،325/2 ،‬ﺍﻟﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪.807/6 ،‬‬

‫‪48‬‬
‫وم ن معتق دات الع رب الج اھليين أن الج ن قبائ ل وعش ائر‪ ،‬تتقات ل وتتص الح‪ ،‬وتعق د‬

‫األحالف‪ ،‬وقد تخوض صراعا ً مع اإلنس‪ ،‬كما ح دث م ع بن ي س ھم‪ ،‬إذ ي روى "أن رج الً م ن بن ي‬

‫سھم قتل ابن امرأة من الجن‪ ،‬فوقعت الحرب بين قبيلة الجني المتوفى وبن ي س ھم‪ ،‬وقت ل الج ن م ن‬

‫بن ي س ھم خلق ا ً كثي رين‪ ،‬فنھض ت بنوس ھم وحلفاؤھ ا وعبي دھا‪ ،‬وص عدت إل ى رؤوس الجب ال‬
‫وشعابھا‪ ،‬فما تركوا حية‪ ،‬وال عقرباً‪ ،‬وال عضاضة‪ ،‬وال خنفساء‪ ،‬وال ھام ة ت دبّ عل ى األرض إالّ‬

‫قتلوھا‪ ،‬حتى ضجّت الجن‪ ،‬فصاح صائحھا يطلب وساطة ق ريش بي نھم وب ين بن ي س ھم‪ ،‬فتوس طت‬

‫ق ريش‪ ،‬وانتھ ى الن زاع بينھم ا )‪ ،(251‬وق د ُس م ّوا "بالغياطل ة قتل ة الج ن" )‪ .(252‬وق د تخ وض الج ن‬

‫ص راعا ً ب ين قبائلھ ا؛ ل ذلك اعتق دوا "أن الزواب ع عب ارة ع ن الظ واھر المرئي ة لمعرك ة ت دور ب ين‬
‫عشيرتين من الجن")‪ ،(253‬كما قتلت الجن ع دداً م ن اإلن س‪ ،‬م نھم م رداس ب ن أب ي ع امر الس لمي‪،‬‬
‫وحرب بن أمية ‪ ..‬وعلقمة بن صفوان ب ن أمي ة‪ ،‬إذ ذك روا أن ه خ رج ف ي بع ض اللي الي‪ ،‬يري د م االً‬

‫بمكة‪ ،‬ف انتھى إل ى الموض ع المع روف "بح ائط حرم ان"‪ ،‬ف إذا ھ و بش ﱢ‬
‫ق ق د ظھ ر ل ه‪ ،‬ف دار بينھم ا‬
‫حوار شعري‪ ،‬وضرب كلﱞ منھما األخر‪ ،‬فخرّا ميتين)‪.(254‬‬

‫ول م يقتص ر األم ر عل ى الص راع والقت ال‪ ،‬وإنم ا زعم وا أن الج ن تخط ف اإلنس ان‬
‫وتستھويه‪ ،‬من ذلك على سبيل المثال ال الحصر م ا يحك ى م ن أن الج ن خطف ت رج الً م ن ع ذرة‪،‬‬
‫واسمه خرافة‪ ،‬استھوته‪ ،‬فلبث فيھم زمناً‪ ،‬ثم رجع‪ ،‬وأخبر بما رأى فك ّذبوه‪ ،‬وص اروا كلم ا س معوا‬
‫حكاية أو نادرة من الغرائب‪ ،‬قالوا "حديث خرافة"‪ ،‬أي حديث مستملح ك ذب)‪ ،(255‬ومم ن اس تھوته‬

‫‪ -251‬ﺃﺨﺒﺎﺭ ﻤﻜﺔ‪ ،16-15/2 ،‬ﻤﺩﺨل ﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ﺍﻟﻔﻠﻜﻠﻭﺭ ﻭﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ‪ ،‬ﺹ‪.141‬‬


‫‪-252‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪.16-15/2 :‬‬
‫‪ -‬ﻓﻲ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﻤﻴﺜﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﺹ‪.224‬‬ ‫‪253‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،207-602/6 ،‬ﻤﻭﺴﻭﻋﺔ ﺃﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻋﻥ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﻭﺩﻻﻻﺘﻬﺎ‪.321-320/1 ،‬‬ ‫‪254‬‬

‫‪ -‬ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﻤﺎﺩﺓ )ﺨﺭﻑ(‪ ،‬ﺜﻤﺎﺭ ﺍﻟﻘﻠﻭﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻀﺎﻑ ﻭﺍﻟﻤﻨﺴﻭﺏ‪ :‬ﺹ‪ ،130‬ﺯﻜـﻲ‪ ،‬ﺃﺤﻤـﺩ ﻜﻤـﺎل‪ :‬ﺍﻟﺘﺸـﻜﻴل‬ ‫‪255‬‬

‫ﺍﻟﺨﺭﺍﻓﻲ ﻓﻲ ﺸﻌﺭﻨﺎ ﺍﻟﻘﺩﻴﻡ‪ .‬ﻤﺠﻠﺔ ﻜﻠﻴﺔ ﺍﻵﺩﺍﺏ‪ ،‬ﺠﺎﻤﻌﺔ ﺍﻟﺭﻴﺎﺽ‪ ، 200/5 ،1978 ،‬ﺍﻟﻤﻴﺩﺍﻨﻲ‪ ،‬ﺃﺒـﻭ ﺍﻟﻔﻀـل ﻤﺤﻤـﺩ‪:‬‬
‫ﻤﺠﻤﻊ ﺍﻷﻤﺜﺎل‪-‬ﻁ‪ -1‬ﺘﺤﻘﻴﻕ ﻤﺤﻤﺩ ﺍﻟﻠﺤﺎﻡ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﻟﻠﻁﺒﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻨﺸـﺭ ﻭﺍﻟﺘﻭﺯﻴـﻊ‪1422 ،‬ﻫــ‪2002 -‬ﻡ‪،‬‬
‫‪.243/1‬‬

‫‪49‬‬
‫الجن‪ ،‬طالب بن أب ي طال ب‪ ،‬وس نان ب ن حارث ة‪ ،.....‬وق د تع د ّدت معتق دات الع رب ف ي الج ن‪ ،‬إل ى‬
‫درجة زعمھم‪ًّ ،‬‬
‫أن الجن احتكموا في خالفاتھم لإلنس)‪.(256‬‬

‫وم ن معتق دات الج اھليين أن الج ن تخ الطھم‪ ،‬وت تكلم معھ م‪ ،‬وتت زاوج م نھم وتناس لھم؛‬

‫فيرون "أن الجنيات إنما تعرض لصرع رج ال اإلن س عل ى جھ ة التعش ق والس فاد‪ ،‬وك ذلك رج ال‬

‫الجن قد يعرضون لنساء بني آدم" )‪ ،(257‬ويؤك د ذل ك انتس اب بع ض القبائ ل للج ن مث ل بن ي مال ك‪،‬‬
‫وبني شيصبان‪ ،‬وبن ي يرب وع ال ذين تس موا ببن ي الس عالة؛ إذ ي روى أن "عم رو ب ن يرب وع ت ز ّوج‬

‫الغ ول وأول دھا بن ين وبن ات‪ ،‬ومكث ت عن ده دھ راً‪ ،‬فكان ت تق ول ل ه‪ ،‬إذا الح الب رق م ن جھ ة ب الد‬

‫قومي‪ ،‬فاستره عني‪ ،‬فإني إن لم تستره‪ ،‬تركت ولدك عليك‪ ،‬وطرت إل ى ب الد ق ومي‪ ،‬فك ان عم رو‬
‫كلم ا بَ رق الب رق‪ ،‬غطّ ى وجھھ ا بردائ ه‪ ،‬ف ال تبص ره‪ ،‬فغف ل عَنھ ا ليل ة وق د لم ع الب رق‪ ،‬فل م يس تر‬

‫وجھھا‪ ،‬فطارت‪ ،‬ومن ھنا أصبح بنو عمرو‪ ،‬يدعون ببني السعالة")‪.(258‬‬

‫وزعموا أن للجن دوراً كبيراً في تعليم اإلنس أنواعا من الطبّ أو غيره‪ ،‬من ذلك ما ح دث‬

‫مع أمية بن أبي الصلت‪ ،‬وقد كان له قرين أو تابع من الجن‪" ،‬فخ رج ف ي عي ر م ن ق ريش‪ ،‬فم رّت‬

‫بھم حية فقتلوھا‪ ،‬فاعترضت لھم حية أخرى‪ ،‬تطلب بثأرھا‪ ،‬وقالت قتلتم فالناً‪ ،‬ثم ض ربت األرض‬

‫بقضيب‪ ،‬فنفرت اإلبل‪ ،‬فلم يقدروا عليھا إالّ بعد عناء شديد‪ ،‬فلم ا جمعوھ ا‪ ،‬ج اءت فض ربت ثاني ة‪،‬‬

‫فنفرت‪ ،‬فلم يقدروا عليھا إالّ بعد نصف الليل‪ ،‬ثم جاءت فضربت ثالث ة‪ ،‬فنف رت فل م يق دروا عليھ ا‪،‬‬

‫حتى كادوا أن يھلكوا بھا عطشا ً وعناء‪ ،‬وھم في مفازة ال م اء فيھ ا‪ ،‬فق الوا ألمي ة ب ن أب ي الص لت‪:‬‬

‫ھل عندك من حيلة؟ قال‪ :‬لعلھا‪ ،‬ثم ذھب حتى جاوز كثيباً‪ ،‬فرأى ضوء نار على بعد‪ ،‬فاتبعه‪ ،‬حت ى‬

‫أت ى عل ى ش يخ ف ي خب اء‪ ،‬فش كا إلي ه م ا ن زل ب ه وبص حبه‪ ،‬وك ان الش يخ جني ا‪ ً،‬فق ال‪ :‬اذھ ب‪ ،‬ف إن‬

‫جاءتكم فقولوا "باسمك اللھم سبعا ً" فرجع وقد أش رفوا عل ى الھلك ة‪ ،‬ف أخبرھم ب ذلك‪ ،‬فل ّم ا ج اءتھم‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺸﺒﻠﻲ‪ ،‬ﺒﺩﺭ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﺃﺒﻭ ﻋﺒﺩ ﺍﷲ ﻤﺤﻤﺩ ﺒﻥ ﻋﺒﺩ ﺍﷲ‪ :‬ﺁﻜﺎﻡ ﺍﻟﻤﺭﺠﺎﻥ ﻓﻲ ﻏﺭﺍﺌﺏ ﺍﻷﺨﺒﺎﺭ ﻭﺃﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﺠﺎﻥ‪ ،‬ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺃﻴﻤـﻥ‬ ‫‪256‬‬

‫ﺍﻟﺒﺤﻴﺭﻱ‪-‬ﻁ‪ -1‬ﻤﺅﺴﺴﺔ ﺍﻟﻜﺘﺏ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪ ،‬ﻟﺒﻨﺎﻥ‪ ،1995 ،‬ﺹ‪.112‬‬


‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪.218-217/6 ،‬‬ ‫‪257‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪.218-217/6 ،‬‬ ‫‪258‬‬

‫‪50‬‬
‫الحية‪ ،‬قالوا ذلك‪ ،‬فقالت‪ْ :‬تبا ً لكم‪ ،‬من علّمكم ھذا؟! ثم ذھب ت‪ ،‬وأخ ذوا إبلھ م‪ ،‬وك ان ف يھم ح رب ب ن‬
‫)‪(259‬‬
‫أمية بن عبد شمس جد معاوية‪ ،‬فقتلته الجن بعد ذلك بثأر الحية‪".‬‬

‫وھكذا تعلّم أمية بن أبي الص لت كلم ة س حريّة )باس مك اللھ م( تغل بّ بھ ا عل ى الج ن‪ ،‬وتتض ح م ن‬
‫خالل القصة عالقة الجن بالحية‪ ،‬فقد كانت الحية التي قتلوھا جناً‪ ،‬والحية التي اعترضت لھم جنا ً‬

‫آخر جاء يأخذ بثأره‪.‬‬

‫لذلك كانوا يتجنبون قتل الحية خوف ا ً م ن ث أر الج ن لھ ا؛ ف إذا قت ل ش خص م ا ثعبان اً‪ ،‬ف إنھم‬

‫يأخذون رُوثهُ ويفتونه على رأسه‪ ،‬ويقولون َروْ ثةُ را ِ‬


‫ث ثائرك‪ ،‬وقد يُ َذ ُر عل ى الحي ة المقتول ة يس ي ٌر‬

‫من الرماد‪ ،‬ويقال لھا قَ ْتلُ ِ‬


‫ك العين فال ثائ َر لك)‪.(260‬‬

‫وكانوا كذلك إذا مرض شخص‪ ،‬وطال مرض ه‪ ،‬ر ّدوا ط ول مرض ه إل ى م سّ الج ن ال ذي‬
‫يھاجمه بسبب قتله حيّة‪" ،‬عملوا جماالً من الطين‪ ،‬وجعل وا عليھ ا جوال ق‪ ،‬وملئوھ ا حنط ة وش عيراً‬

‫وتمراً‪ ،‬وجعلوا تلك الجمال في باب جح ر إل ى جھ ة المغ رب وق ت غ روب الش مس‪ ،‬وب اتوا ليل تھم‬

‫تل ك‪ ،‬ف إن أص بحوا‪ ،‬نظ روا إليھ ا‪ ،‬ف إذا رأوا أنھ ا بحالھ ا‪ ،‬ق الوا‪ :‬ل م تقب ل الديّ ة‪ ،‬ف زادوا فيھ ا‪ ،‬وإن‬

‫رأوھا تساقطت‪ ،‬وتبدد ما عليھا من الميرة‪ ،‬ق الوا‪ :‬ق د قبل ت الديّ ة‪ ،‬واس تدلّوا عل ى ش فاء الم ريض‪،‬‬

‫دف")‪ (261‬وم ن م زاعم الع رب الج اھليين‪ ،‬أن الغ يالن تعت رض الطري ق‬
‫وفرح وا‪ ،‬وض ربوا بال ّ‬

‫عليھم‪ ،‬وتوقد النيران باللي ل؛ للعب ث والتخي ل‪ ،‬وإض الل الس ابلة‪ ،‬فق د روي "أن عم ر ب ن الخط اب‬
‫)‪.(262‬‬
‫شاھد في بعض أسفاره إلى الشام غوالً‪ ،‬وأن الغول كانت تتغول له‪ ،‬وأنه ضربھا بسيفه"‬

‫ويتجسّد جانب ال ّش ر فيم ا ينس بون إليھ ا م ن األم راض الخبيث ة والخطي رة‪ ،‬فق د زعم وا أن‬
‫الجن ون وس ائر األم راض العص بية تح دث بس بب دخ ول الج ن والش ياطين ف ي جس د اإلنس ان‪،‬‬

‫وسيطرتھا عليه؛ لذلك ال يمكن شفاء من أصابه مس من الجن‪ ،‬أو لوث ة ف ي العق ل إالّ ب إخراج تل ك‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺴﻌﻭﺩﻱ‪ :‬ﻤﺭﻭﺝ ﺍﻟﺫﻫﺏ ﻭﻤﻌﺎﺩﻥ ﺍﻟﺠﻭﻫﺭ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻷﻨﺩﻟﺱ ﻟﻠﻁﺒﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻨﺸﺭ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪.135/2 ،1965 ،‬‬ ‫‪259‬‬

‫‪ -‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ ‪ ،313/2‬ﺍﻟﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ ‪.812/6‬‬ ‫‪260‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،358/2 ،‬ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ‪.812/6 ،‬‬ ‫‪261‬‬

‫‪ -‬ﻤﺭﻭﺝ ﺍﻟﺫﻫﺏ ﻭﻤﻌﺎﺩﻥ ﺍﻟﺠﻭﻫﺭ‪ ،135/2 ،‬ﺯﻜﻲ‪ ،‬ﺃﺤﻤﺩ ﻜﻤﺎل‪ :‬ﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ ﺩﺭﺍﺴﺔ ﺤﻀﺎﺭﻴﺔ ﻤﻘﺎﺭﻨﺔ‪-‬ﻁ‪ -2‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻌﻭﺩﺓ‪،‬‬ ‫‪262‬‬

‫ﺒﻴﺭﻭﺕ‪1979 ،‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪.68-66‬‬

‫‪51‬‬
‫األرواح المسيطرة على المريض م ن جس ده‪ ،‬فك ان عالجھ ا م ن واج ب الكھن ة)‪ .(263‬وزعم وا‪ ،‬أن‬

‫الط اعون وخ ز الش يطان‪ ،‬وك انوا يس مونه رم اح الج ن)‪ ،(264‬وق د ق ال الرس ول "ص لى ﷲ علي ه‬

‫وسلم"‪" :‬الطاعون رجز أو عذابٌ أرسل على بني إسرائيل‪ ،‬أو على َم ْن كان قبلكم‪ ،‬فإذا س معتم ب ه‬

‫ف ي أرض ف ال تق دموا عليھ ا")‪ ،(265‬و ال يخف ى أن ال رجس م ن الش يطان‪ .‬وم ن معتق داتھم "أن‬

‫الشيطان يلطم اإلنسان على وجھه فيع ّوج شدقه‪ ،‬وعلى عين ه فينقل ب جفن ه ويتش نج؛ فك انوا ين ادون‬

‫من به لقوة أو شتر‪ ،‬يا لطيم الشيطان" )‪ ،(266‬وزعموا أن ع ين الج ن اش ّد ت أثيراً م ن أع ين اإلن س‪،‬‬

‫وأن الشيطان يعشق المرأة من اإلنس‪ ،‬وأن نظرته إليھا عن طريق العجب بھا أش ّد عليھا من ح ّم ى‬

‫أي ام)‪ ،(267‬وق د أثب ت الق رآن الك ريم ھ ذه المعتق دات‪ ،‬بقول ه‪" :‬أو‪’Îû ß⎦⎫ÏÜ≈u‹¤±9$# çμø?uθôγtFó™$# “É‹©9$%x.‬‬
‫‪.(268)" tβ#uöym ÇÚö‘F{$#‬‬

‫واعتق د الع رب "أن الس فعة )‪ (269‬ھ ي نظ رة الج ن‪ ،‬والمس فوع ھ و المعي ون")‪ ،(270‬وم ن‬

‫معتقدات العرب أن الكالب م ن الج ن؛ ل ذلك ق د تص يب عيونھ ا اإلن س‪ ،‬فق د أورد الش بلي ع ن اب ن‬
‫ً"‬
‫عباس‪ ،‬قوله‪" :‬الكالب من الجن‪ ،‬فإن غشيتكم عند طعامكم؛ فألقوا لھن‪ ،‬فإن لھا أ ْعين ا‪ ،‬وقي ّل نفس ا‬
‫)‪.(271‬‬

‫وق د تج ّس د عنص ر الش ر ف ي الع زى؛ إذ اعتق دوا "أنھ ا ش يطانة )إلھ ة ض ارة( ت ؤذي م ن‬
‫يسيء إليھ ا‪ ،‬فربم ا ج دعت األذن‪ ،‬وش لّت األي دي‪ ،‬وس لبت العق ول")‪ ،(272‬فق د أخ ذ س ادنھا يخ ّ‬
‫وف‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪.410/8 ،‬‬ ‫‪263‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،219/6 ،‬ﺜﻤﺎﺭ ﺍﻟﻘﻠﻭﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻀﺎﻑ ﺍﻟﻤﻨﺴﻭﺏ‪ ،‬ﺹ‪ ،68‬ﺁﻜﺎﻡ ﺍﻟﻤﺭﺠﺎﻥ ﻓﻲ ﻏﺭﺍﺌﺏ ﺍﻻﺨﺒﺎﺭ ﻭﺃﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﺠﺎﻥ‪،‬‬ ‫‪264‬‬

‫ﺹ‪.139‬‬
‫‪ -‬ﺍﻟﻨﻴﺴﺎﺒﻭﺭﻱ‪ ،‬ﺃﺒﻭ ﺍﻟﺤﺴﻴﻥ‪ ،‬ﻤﺴﻠﻡ ﺒﻥ ﺍﻟﺤﺠﺎﺝ ﺍﻟﻘﺸﻴﺭﻱ‪ :‬ﺼﺤﻴﺢ ﻤﺴﻠﻡ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺇﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻜﺘﺏ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ‪ ،‬ﺒﻴـﺭﻭﺕ‪ ،‬ﻟﺒﻨـﺎﻥ‪،‬‬ ‫‪265‬‬

‫ﺩ‪.‬ﺕ‪.1737/4 ،‬‬
‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪.178/6 ،‬‬ ‫‪266‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪.218-217/6 ،‬‬ ‫‪267‬‬

‫‪ -‬ﺴﻭﺭﺓ ﺍﻷﻨﻌﺎﻡ‪ ،‬ﺁﻴﺔ‪.71‬‬ ‫‪268‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺴﻔﻌﺔ‪ :‬ﺍﻟﻌﻴﻥ‪ ،‬ﻭﻴﻘﺎل ﺒﻪ ﺴﻔﻌﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﻴﻁﺎﻥ؛ ﺃﻱ ﻤﺱٌ‪ ،‬ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﻤﺎﺩﺓ )ﺴﻔﻊ(‪.‬‬ ‫‪269‬‬

‫‪ -‬ﺁﻜﺎﻡ ﺍﻟﻤﺭﺠﺎﻥ ﻓﻲ ﻏﺭﺍﺌﺏ ﺍﻷﺨﺒﺎﺭ ﻭﺃﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﺠﺎﻥ‪ ،‬ﺹ‪ ،141‬ﺍﻟﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪.753/6 ،‬‬ ‫‪270‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،131/2 ،‬ﺍﻟﺸﺒﻠﻲ‪ ،‬ﺒﺩﺭ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﺃﺒﻭ ﻋﺒﺩ ﺍﷲ ‪ ،‬ﻤﺤﻤﺩ ﺒﻥ ﻋﺒﺩ ﺍﷲ‪ :‬ﻏﺭﺍﺌﺏ ﻭﻋﺠﺎﺌﺏ ﺍﻟﺠـﻥ ﻜﻤـﺎ ﻴﺼـﻭﺭﻫﺎ‬ ‫‪271‬‬

‫ﺍﻟﻘﺭﺁﻥ ﻭ ﺍﻟﺴﻨﺔ‪ ،‬ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺇﺒﺭﺍﻫﻴﻡ ﻤﺤﻤﺩ ﺍﻟﺠﻤل‪ ،‬ﻤﻜﺘﺒﺔ ﺍﻟﻘﺭﺁﻥ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ‪ ،‬ﺩ‪.‬ﺕ‪ ،‬ﺹ‪.،36‬‬
‫‪ -‬ﺍﻟﻭﺜﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺹ‪.140‬‬ ‫‪272‬‬

‫‪52‬‬
‫خال د اب ن الولي د‪ ،‬عن دما أراد ت دميرھا‪ ،‬وقط ع ش جرتھا‪ ،‬ق ائالً‪" :‬ي ا خال د‪ ،‬اح ذرھا‪ ،‬فإنھ ا تج دع‪،‬‬

‫وتكتّ ع‪ ،‬أي أنھ ا تقط ع األعض اء‪ ،‬وتش ّل األي دي")‪ ،(273‬وعن دما أخ ذت ق ريش تص يح "ي ا ع ّزى‬

‫خبليه‪ ،‬يا ع ّزى ع ّزريه‪ ،‬وھو ال ينثني عن تھاويلھم‪ ،‬كما قيل إنّھا حرقت فخ ذه")‪ ،(274‬وش اع "أنھ ا‬

‫تفشي في جسم اإلنسان أخبث األمراض‪ ،‬وتسمه بأشنع العاھات‪ ،‬وتؤدي به إلى الصرع والجن ون‪،‬‬

‫أو تذھب ببصره")‪ ،(275‬ويؤي د ذل ك أيض ا م ا روي ع ن ض مام ب ن ثعلب ة " أن ه لم ا أس لم ق دم عل ى‬

‫قومه‪ ،‬فاجتمعوا إليه‪ ،‬فك ان أول الجن ون" )‪ ،(276‬وق د روي ع ن ام رأة رومي ة ت دعى زني رة‪ ،‬كان ت‬

‫بمكة‪ ،‬فأسلمت ثم عميت‪ ،‬فقال المشركون‪ :‬أعمتھا ال الت والع زى‪ ،‬وق الوا‪" :‬م ا أذھ ب بص رھا إال‬

‫الالت والعزى")‪.(277‬‬

‫وھك ذا نس بوا إل ى الج ن والش ياطين معظ م األم راض وأخبثھ ا‪ ،‬األم ر ال ذي دفعھ م إل ى‬

‫التفكي ر بإيج اد وس ائل للتغل ب عل ى تل ك الق وى‪ ،‬والح ّد م ن ض ررھا؛ فوج دوا أن اس تخدام الرق ى‬

‫والتمائم والتعاويذ خير وسيلة لتنفير الجن وإبعاد العين‪ ،‬مع ثقتھم التامة بأن ھ ذه المعتق دات يتوق ف‬
‫مفعولھا عندما يأتي الموت)‪ ،(278‬وھذا يؤكد قداسة الكلمة‪ ،‬وأثرھا في تلك األرواح والمخلوقات‪.‬‬

‫ومن التعاويذ التي اعتقدوا أنھا ت ؤثر فيھ ا م ا يس مى ب ـ النﱡش رة‪" ،‬وھ ي ض رب م ن الرقي ة‬

‫والعالج‪ ،‬يعالج به من كان يظن أن به مسا ً من الجن‪ ،‬وس ميت ب ذلك ألن ه ينش ر بھ ا عن ه؛ أي يح ّل‬

‫عنه ما خامره من الداء‪ ،‬وتبعد عنه األرواح الشريرة المسبّبة له‪ ،‬وھ ي ن وع م ن الس حر‪ (279)،‬كم ا‬

‫"أنھ ا م ن عم ل الش يطان" )‪ ،(280‬ومم ا ي دل عل ى إيم انھم بق درة التم ائم عل ى ر ّد أذى األرواح‬

‫الشريرة ودفع العين ع نھم؛ " أنھ م ك انوا يض عون خ رزة س وداء ف ي عن ق الص بي تس مى الكحل ة؛‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.140‬‬ ‫‪273‬‬

‫‪-‬ﺜﻤﺎﺭ ﺍﻟﻘﻠﻭﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻀﺎﻑ ﻭﺍﻟﻤﻨﺴﻭﺏ‪ ،‬ﺹ‪ ،23 -22‬ﻋﺒﻘﺭ‪ ،‬ﺹ‪.30‬‬ ‫‪274‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻭﺜﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺹ‪.141‬‬ ‫‪275‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.141‬‬ ‫‪276‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪ ،183/6 ،‬ﺍﻟﻭﺜﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺹ‪.144‬‬ ‫‪277‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻘﺭﻁﺒﻲ‪ :‬ﺍﻟﺠﺎﻤﻊ ﻷﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﻘﺭﺁﻥ ‪.10/19 ،‬‬ ‫‪278‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ‪ ،185/4‬ﺘﺎﺝ ﺍﻟﻌﺭﻭﺱ‪ ،‬ﻤﺎﺩﺓ )ﻨﺸﺭ(‪ ،‬ﺍﻟﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،747/6 ،‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪.9/3‬‬ ‫‪279‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻠﺒﻲ‪ ،‬ﻋﻠﻲ ﺤﺴﻥ ﻭﺁﺨﺭﻭﻥ‪ :‬ﻤﻭﺴﻭﻋﺔ ﺍﻷﺤﺎﺩﻴﺙ ﻭﺍﻷﺜﺎﺭ ﺍﻟﻀﻌﻴﻔﺔ ﻭﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻋﺔ‪-‬ﻁ‪ -1‬ﻤﻜﺘﺒﺔ ﺍﻟﻤﻌـﺎﺭﻑ ﻟﻠﻨﺸـﺭ‬ ‫‪280‬‬

‫ﻭﺍﻟﺘﻭﺯﻴﻊ‪ ،‬ﺍﻟﺭﻴﺎﺽ‪1419 ،‬ﻫـ‪1999-‬ﻡ‪.179 /5 ،‬‬

‫‪53‬‬
‫لحمايته من الع ين")‪" ،(281‬وكان ت النس اء "تتخ ذ حوط ا م ن خ يط مفت ول م ن ل ونين أس ود وأحم ر‪،‬‬

‫يض عن في ه ش يئا ً م ن الخ رز‪ ،‬فيش ددنه عل ى وس طھن ح رزاً م ن إص ابة الع ين‪ ،‬وم ن تل ك‬

‫األرواح")‪ ،(282‬وقد يكون ذلك من باب السحر التشاكلي؛ ألن اللون األسود واألحمر أح ب األل وان‬

‫إلى الشيطان‪.‬‬

‫ومن الوسائل التي استخدمت لحماية الوليد من الجنون واألمراض‪ ،‬أنھ م ك انوا "إذا ول دت‬
‫المرأة يأخذون من دم الس مرة‪ ،‬وينقف ون ب ين عين ي النفس اء‪ ،‬ث م يخط ون عل ى وج ه الص بي خط اً‪،‬‬

‫أن الجن يرھبون منه‪ ،‬وال يؤذونه ")‪(283‬؛ ألنھم اعتق دوا أن ال َس َمرة ھ ي ش جرة الع زى‪،‬‬
‫فيزعمون ْ‬

‫وھذا ھو دم الع ّزى‪.‬‬

‫وقد اتخ ذ الج اھليون م ن الحيوان ات ذات العالق ة ب الجن وس ائل وتعاوي ذ ل دفع ش رّھا‪ ،‬م ن‬

‫ذلك اعتقادھم "أن كع ب األرن ب وس ن الثعل ب‪ ،‬وس ن الھ ّرة‪ ،‬وح يض الس مرة م ن منف رات الج ن‪،‬‬

‫فقالوا من علق عليه كعب األرنب لم تصبه عين‪ ،‬وال سحر‪ ،‬وقيل لم تَصبه جنان الح ّي‪ ،‬وال ُعم ار‬

‫ال ديار‪ ،‬وال ش يطان الحماط ة‪ ،‬وال غ ول القف رة‪ ،‬وتطف ىء عن ه ني ران الس عالي وال يُص يبه ج ان‬

‫العشرة‪ ،‬وذلك ألن الجن تھرب من األرنب؛ ألنھا تحيض وليست م ن مطاياھ ا" )‪ ،(284‬فك أن لكع ب‬
‫األرنب ق وة س حرية تمن ع وص ول أ ّ‬
‫ي ن وع م ن أن واع الج ن‪ ،‬ول م يقتص ر تعليقھ ا عل ى الم ريض‪،‬‬

‫وإنما علقوھا عل ى الس ليم دفع ا ً ل ألذى‪ ،‬وعل ى الم ريض أم الُ بالش فاء‪ ،‬ويق ول القلقش ندي " وك انوا‬

‫يزعمون أن الصبي إذا خيف عليه نظرة أو خطف ه‪ ،‬فعل ق علي ه ش يء م ن ذل ك س لم م ن آفت ه‪ ،‬وأن‬

‫الجنيّ ة إذا أرادت ه ل م تق در علي ه")‪ ، (285‬وال ت زال ھ ذه الع ادات األس طورية القديم ة‪ ،‬منتش رة ف ي‬

‫بالدنا‪ ،‬كتعويذ الطفل م ن الع ين بخ رزة زرق اء‪ ،‬وك ف عليھ ا ش عار "ع ين الحاس د تبل ى ب العمى"‪،‬‬

‫الذي يماثله تعويذ األطفال بسن ثعلب وسن ھرةً‪.‬‬

‫‪ -‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪ ،7/3 ،‬ﺘﺎﺝ ﺍﻟﻌﺭﻭﺱ‪ ،‬ﻤﺎﺩﺓ )ﻜﺤل(‪ ،‬ﺍﻟﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪.352/5 ،751/6 ،‬‬ ‫‪281‬‬

‫‪ -‬ﻋﺒﻘﺭ‪ ،‬ﺹ‪.71‬‬ ‫‪282‬‬

‫‪ -‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪ ،325/2 ،‬ﺍﻟﻭﺸﻡ ﻭﺍﻟﻭﺸﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺹ‪.24‬‬ ‫‪283‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،357/6 ،‬ﺍﻷﺒﺸﻴﻬﻲ‪ ،‬ﺸﻬﺎﺏ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﻤﺤﻤﺩ ﺒﻥ ﺃﺤﻤﺩ‪ :‬ﺍﻟﻤﺴﺘﻁﺭﻑ ﻓﻲ ﻜل ﻓﻥ ﻤﺴﺘﻅﺭﻑ‪-‬ﻁ ﺠﺩﻴﺩﺓ ﻭﻤﻨﻘﺤﺔ‪-‬‬ ‫‪284‬‬

‫ﺩﺍﺭ ﻤﻜﺘﺒﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪ ،‬ﻟﺒﻨﺎﻥ‪ ،‬ﺩ‪.‬ﺕ‪.85/2 ،‬‬


‫‪ -‬ﺍﻟﻘﻠﻘﺸﻨﺩﻱ‪ ،‬ﺃﺒﻭ ﺍﻟﻌﺒﺎﺱ ﺃﺤﻤﺩ ﺒﻥ ﻋﻠﻲ‪ :‬ﺼﺒﺢ ﺍﻷﻋﺸﻰ ﻓﻲ ﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﻹﻨﺸﺎ‪-‬ﻁ‪ -1‬ﺸﺭﺤﻪ ﻭﻋﻠﻕ ﻋﻠﻴﻪ‪ ،‬ﻤﺤﻤﺩ ﺤﺴـﻴﻥ‬ ‫‪285‬‬

‫ﺸﻤﺱ ﺍﻟﺩﻴﻥ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺏ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪ ،‬ﻟﺒﻨﺎﻥ‪1407 ،‬ﻫـ‪1987 -‬ﻡ‪.462/1 ،‬‬

‫‪54‬‬
‫ومن معتقدات الجاھليين تجاه السليم تعلي ق الحل ّي والجالج ل علي ه؛ ليش فى ب ذلك‪ ،‬حت ى ال‬

‫ينام بوجودھا‪ ،‬وال يستطيع الس ّم السريان في جسمه فيھلك‪ ،‬وللم ادة المص نوع منھ ا الحل ي أث ر ف ي‬

‫الحياة والموت؛ "فإن كانت الحلي ذھبا ً شفي‪ ،‬وإن كانت رصاصا ً مات")‪.(286‬‬

‫ومن المنف رات الت ي اس تخدمھا الع رب‪ ،‬ليحفظ وا أبن اءھم م ن أع ين اإلن س والج ن "ع ادة‬
‫تغريب األسماء‪ ،‬فقد قال عبد الرحمن ابن أخي األصمعي ّ‬
‫أن بع ض الع رب ق ال ألب ي‪ :‬إذا ول د ل ك‬
‫ولد فنفّر عنه‪ ،‬فقال له أبي‪ :‬وما التنفي ر؟ ق ال‪" :‬غ رّب اس مه‪ ،‬فول د ل ه ول د‪ ،‬فس ماه قنف ذا‪ ،‬وكن اه أب ا‬

‫العداء")‪(287‬؛ وذلك ألن القنفذ من مطايا الجن‪ ،‬فيعتقدون أنھا ال تؤذيه‪ ،‬ف التنفير إذن تس مية األبن اء‬

‫أسماء غريبة‪ ،‬وال سي ّما حي وان تركب ه الج ن؛ لتنف ر منھ ا الج ن‪ ،‬وال تقت رب من ه‪ ،‬وم ن ھن ا ج اءت‬
‫أسماء القبائل كلب وثور وضب وأسد وغيرھا)‪.(288‬‬

‫ومن معتقداتھم "أن الملك غير منتسب إلى اإلنس‪ ،‬وإنما ھو ملك نزل من الس ماء‪ ،‬وفعال ه‬
‫عظيم ة ال يق در عل ى مثلھ ا أح د ")‪" (289‬وأن أبط ال المالح م كائن ات إنس انية ذوو ق درات خارق ة‬
‫لمعاونة اآللھة وأشباه اآللھ ة لھ م ")‪ ،(290‬ل ذلك اعتق دوا "أن دم اء س اداتھم ش فاء م ن ال َكلَ ب" )‪(291‬؛‬
‫فك انوا إذا أص اب الرج ل الكل ب‪ ،‬قط روا ل ه دم ر ِج ِل م ن بن ي م اء الس ماء؛ ك ي يط ردوا األرواح‬
‫الشريرة عنه)‪.(292‬‬

‫واعتقدوا "أن شرب دم الملوك يشفي من الخبل" )‪(293‬؛ مما يثبت " ّ‬
‫أن الملوك والرؤس اء واألبط ال‬
‫والسادة يمتلكون قوى سحرية‪ ،‬يستطيعون بھا دفع األذى والمرض عن الم ريض" )‪ ،(294‬وبل غ بھ م‬
‫الحد إلى تقديس ھذه الفئات من الناس‪.‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ‪ ،247/4‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪ ،304/2 ،‬ﺍﻟﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪.812/6 ،‬‬ ‫‪286‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪.520/1 ،‬‬ ‫‪287‬‬

‫‪ -‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪.325/2 ،‬‬ ‫‪288‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪ ،‬ﺹ‪.83‬‬ ‫‪289‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.126‬‬ ‫‪290‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟ ﹶﻜﹶﻠﺏْ‪ :‬ﺩﺍﺀ ﻴﺼﻴﺏ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻭﺍﻹﺒل‪ ،‬ﺴﺒﺒﻪ ﺭﻭﺡ ﺸﺭﻴﺭﺓ ﺘﺤل ﻓﻴﻪ‪ ،‬ﺸﺒﻴﻪ ﺒﺎﻟﺠﻨﻭﻥ‪ ،‬ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ :‬ﻤﺎﺩﺓ ) ﹶﻜﻠﹶﺏ(‪.‬‬ ‫‪291‬‬

‫‪-‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،5/2 ،‬ﺍﺒﻥ ﺩﺭﻴﺩ‪ ،‬ﺃﺒﻭ ﺒﻜﺭ ﻤﺤﻤﺩ ﺒﻥ ﺍﻟﺤﺴﻥ‪ :‬ﺍﻻﺸﺘﻘﺎﻕ‪ ،‬ﺘﺤﻘﻴﻕ ﻭﺸﺭﺡ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻤﺤﻤﺩ ﻫﺎﺭﻭﻥ‪-‬ﻁ‪ -1‬ﺩﺍﺭ‬ ‫‪292‬‬

‫ﺍﻟﺠﻴل‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪1991 ،‬ﻡ‪.20/1 ،‬‬


‫‪ -‬ﺍﻟﺨﺒل‪ :‬ﻤﺭﺽ ﻴﺤﺩﺙ ﺒﺴﺒﺏ ﻨﻭﻉ ﻤﻥ ﺍﻟﺠﻥ‪ ،‬ﻴﺴﻤﻰ ﺍﻟﺨﺒل ﻭﺍﻟﺨﺎﺒل‪ ،‬ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﻤﺎﺩﺓ )ﺨﺒل(‪.‬‬ ‫‪293‬‬

‫‪ -‬ﺃﻤﻴﻥ‪ ،‬ﺃﺤﻤﺩ‪ :‬ﻓﺠﺭ ﺍﻹﺴﻼﻡ ‪-‬ﻁ‪ -11‬ﻤﻜﺘﺒﺔ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﺍﻟﻤﺼﺭﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ‪ ،‬ﺹ‪.39‬‬ ‫‪294‬‬

‫‪55‬‬
‫وك انوا يخش ون الظ واھر الطبيعي ة؛ لم ا فيھ ا م ن أرواح ش ريرة وش ياطين؛ فق د وقف وا‬
‫بخشوع للھالل عند ظھوره‪ ،‬وس جدوا للش مس عن د طلوعھ ا‪ ،‬وتوس طھا وغروبھ ا‪ ،‬فك ّ‬
‫أن الش يطان‬

‫يقارنھا ف ي ھ ذه األوق ات؛ ليم نعھم م ن عبادتھ ا والس جود لھ ا‪ ،‬وتق ع عب ادتھم وس جودھم ل ه ول يس‬

‫لھا)‪.(295‬‬

‫وقد أثبت الرسول الكريم ذلك‪ ،‬بقوله عن الشمس "إنھا تطل ع ب ين قرن ي ش يطان‪ ،‬وتغ رب‬
‫بين قرني شيطان")‪ ،(296‬وتتجلى مظاھر خوفھم م ن الظ واھر الكوني ة ف ي عب ادتھم لھ ا‪ ،‬وخاص ة‬
‫الب رق فق د عب دوه؛ معتق دين ّ‬
‫أن في ه ق وى خفي ة ت تحكم ف ي س قوط المط ر‪ ،‬فك انوا إذا امتن ع المط ر‬

‫يتقدمون له بأنواع الشعائر الستنزاله‪ ،‬وقد أش ار الج احظ إل ى ذل ك بقول ه‪":‬ك انوا إذا تتابع ت عل يھم‬
‫األزم ات‪ ،‬ورك د عل يھم ال بالء‪ ،‬واش تد الج دب‪ ،‬واحت اجوا إل ى االس تمطار‪ ،‬اجتمع وا‪ ،‬وجمع وا م ا‬

‫قدروا عليه من البقر‪ ،‬ثم عقدوا في أذنابھا وبين عراقيبھ ا الس لع)‪ ،(297‬و ال ُع ُش ر)‪ ،(298‬وص عدوا بھ ا‬

‫جبالً وعراً‪ ،‬وأش علوا فيھ ا الني ران‪ ،‬وض جّوا بال دعاء والتض رع؛ ألنھ م ي رون أن ذل ك م ن أس باب‬
‫السقيا)‪ ،(299‬وتشير بعض المصادر إلى أنھم "كانوا يُص عدون البق ر ف ي جھ ة الغ رب دون الجھ ات‬

‫األخرى‪ ،‬وذلك كي تقترب من اآللھة التي تسكن السحب الغربية‪ ،‬حيث تثور األمط ار‪ ،‬وھ ي جھ ة‬

‫الجن والشياطين")‪ .(300‬وقد عللّوا إضرام النيران في أذناب البقر‪ ،‬بق ولھم‪" :‬إنم ا فعل وه عل ى س بيل‬

‫التفاؤل؛ ألن النار إشارة إلى البرق‪ ،‬والبرق مجلبة للمطر" )‪ ،(301‬ومھما يكن فإن ھذه الطق وس م ا‬

‫ھي إالّ تطو ّر لطقوس واحتفاالت قديمة‪ ،‬تتصل باالستسقاء‪ ،‬وعباده الثيران المقدسة‪ ،‬وك ون الث ور‬

‫‪ -‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪ ،216/2 ،‬ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪ ،‬ﺹ‪ ،146‬ﻗﻭﻟﻪ ﺘﻌﺎﻟﻰ‪":‬ﻻ ﺘﺴـﺠﺩﻭ ﻟﻠﺸـﻤﺱ ﻭﻻ‬ ‫‪295‬‬

‫ﻟﻠﻘﻤﺭ" ﺴﻭﺭﺓ ﻓﺼﻠﺕ ﺁﻴﺔ ‪.37‬‬


‫‪ -‬ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ‪ ،‬ﺍﻹﻤﺎﻡ ﺃﺒﻭ ﻋﺒﺩ ﺍﷲ ﻤﺤﻤﺩ ﺒﻥ ﺇﺴﻤﺎﻋﻴل ﺒﻥ ﺇﺒﺭﺍﻫﻴﻡ ﺒﻥ ﺍﻟﻤﻐﻴﺭﺓ‪ :‬ﺼﺤﻴﺢ ﺍﻟﺒﺨـﺎﺭﻱ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺇﺤﻴـﺎﺀ ﺍﻟﺘـﺭﺍﺙ‬ ‫‪296‬‬

‫ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪ ،‬ﻟﺒﻨﺎﻥ‪.149/4 ،‬‬


‫‪ -‬ﺍﻟﺴّﻠﻊ‪ :‬ﻨﺒﺎﺕ‪ ،‬ﻭﻗﻴل ﺸﺠﺭ ﻤ ّﺭ‪ ،‬ﻟﻪ ﻭﺭﻗﺔ ﺼﻐﻴﺭﺓ‪ ،‬ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﻤﺎﺩﺓ )ﺴﻠﻊ(‪.‬‬ ‫‪297‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻌﺸﺭ‪ :‬ﻤﻥ ﻜﺒﺎﺭ ﺸﺠﺭ ﺍﻟﻌﻀﺎﺀ‪ ،‬ﻭﻫﻭ ﺫﻭ ﺼﻤﻎ ﺤﻠﻭ ﻭﺤﺭﺍﻕ ﻴﻘﺘﺩﺡ ﺒﻪ‪ ،‬ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ‪ ،‬ﻤﺎﺩﺓ )ﻋﺸﺭ(‪.‬‬ ‫‪298‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،466/4 ،‬ﺍﻟﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪.815/6 ،‬‬ ‫‪299‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪341/5 ،‬‬ ‫‪300‬‬

‫‪ -‬ﺃﺒﻭ ﺴﻭﻴﻠﻡ‪ ،‬ﺃﻨﻭﺭ‪ :‬ﺍﻟﻤﻁﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪-‬ﻁ‪ -1‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺠﻴل‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪1407 ،‬ﻫـ ‪1987‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪.93‬‬ ‫‪301‬‬

‫‪56‬‬
‫رمز الخصب والخير والعطاء‪ (302) ..‬واعتقد العرب الجاھليون ّ‬
‫أن في النيران ق وى س حرية ق ادرة‬

‫على إشفاء المرضى‪ ،‬من ذلك "نار السّليم التي توقد للملدوغ والمج روح وم ن عض ه الكل ب؛ لك ي‬

‫ال ينام‪ ،‬فيشتد به األلم فيھلك")‪ ،(303‬ومما يؤكد القوى السحرية الموجودة في النار‪" ،‬ما زعموه ف ي‬
‫الع ّزى أنھا ر َم ْ‬
‫ت خال د ب ن الولي د بالش رر‪ ،‬وقذفت ه بنيرانھ ا الكامن ة فيھ ا‪ ،‬وق الوا‪ :‬إنّھ ا عقوب ة عل ى‬

‫ترك عبادتھا وإنكارھا")‪ ،(304‬وكذلك ما َو َر َد عن نار السعالي والج ن والغ يالن الت ي توق دھا‪ -‬عل ى‬

‫ح ّد زعمھ م‪ -‬للعب ث والتخي ل‪ ،‬وإض الل الس ابلة‪ ،‬وأنھ ا ترف ع للمتقف ر ويتبعھ ا؛ فتھلك ه وتھ وي ب ه‬

‫الغول )‪.(305‬‬

‫ويع ﱡد الوش م واح دة م ن التعاوي ذ الت ي مارس ھا العرب ي‪ ،‬لط رد األرواح الش ريرة‪ ،‬ودفع ا ً‬

‫ألذاھا‪ ،‬مما يؤكد "أن الوشم ھو إفراز لعالم السحر‪ ،‬والغي ب المجھ ول")‪ ،(306‬فوص ف بقاي ا ال ديار‬

‫بالوش م م ا ھ و إال "تعوي ذة س حرية تحم ي الطل ِل م ن ال زوال واالن دثار")‪ ،(307‬ويؤك د ذل ك نھ ي‬

‫الرسول "عليه السالم" عنه بقوله"لعن ﷲ الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة")‪.(308‬‬

‫وم ن معتق داتھم "أن الجب ال كان ت مس كونة ب األرواح الت ي ق د تس بب األذى لم ن ال يعم ُل‬

‫على اتقاء أذاھا‪ ،‬وترضيتھا ")‪ ،(309‬لذا نظروا إليھا نظرة مقدس ة ممزوج ة ب الخوف‪ ،‬وم ن م زاعم‬

‫العرب "أن الجن تركب الثيران‪ ،‬وتص ّدھا ع ن الم اء حت ى تمس ك البق ر ع ن الش رب فتھل ك؛ ل ذلك‬

‫يض ربون الث ور إذا امتنع ت البق ر ع ن الش رب‪ ،‬ك ي تھ رب الج ن ويش رب‪ ،‬فتلحق ه البق ر )‪،(310‬‬

‫وي رون أن الش يطان يرك ب قرن ي الث ور؛ " فاتخ ذوا م ن الثي ران تعوي ذة س حرية ف ي طق وس‬

‫‪ -‬ﺃﺒﻭ ﺴﻭﻴﻠﻡ‪ ،‬ﺃﻨﻭﺭ‪ :‬ﻤﻅﺎﻫﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﻭﺍﻟﻤﻌﺘﻘﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪،‬ﺩﺍﺭ ﻋﻤـﺎﺭ‪ ،‬ﻋﻤـﺎﻥ‪1410 ،‬ﻫــ‪1991 ،‬ﻡ‪،‬‬ ‫‪302‬‬

‫ﺹ‪.158‬‬
‫‪ -‬ﺍﻟﻨﻭﻴﺭﻱ‪ ،‬ﺸﻬﺎﺏ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﺃﺤﻤﺩ ﺒﻥ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻭﻫﺎﺏ‪ :‬ﻨﻬﺎﻴﺔ ﺍﻷﺭﺏ ﻓﻲ ﻓﻨﻭﻥ ﺍﻷﺩﺏ‪ .‬ﻁﺒﻌﺔ ﻤﺼﻭﺭﺓ ﺒﺎﻷﻭﻓﺴﺕ ﻋـﻥ ﺩﺍﺭ‬ ‫‪303‬‬

‫ﺍﻟﻜﺘﺏ ﺍﻟﻤﺼﺭﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ‪336/2 .1983 ،‬‬


‫‪ - 304‬ﺜﻤﺎﺭ ﺍﻟﻘﻠﻭﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻀﺎﻑ ﻭﺍﻟﻤﻨﺴﻭﺏ‪ ،‬ﺹ‪ ،22‬ﻋﺒﻘﺭ‪ ،‬ﺹ‪30‬‬
‫‪- 305‬‬
‫ﺼﺒﺢ ﺍﻷﻋﺸﻰ ﻓﻲ ﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﻹﻨﺸﺎ‪.467/1 ،‬‬
‫‪ -‬ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪ ،‬ﺹ‪.271‬‬ ‫‪306‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪..269‬‬ ‫‪307‬‬

‫‪-‬ﺼﺤﻴﺢ ﻤﺴﻠﻡ‪.1677/3 ،‬‬ ‫‪308‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪ ،‬ﺹ‪.168‬‬ ‫‪309‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪.160/1:‬‬ ‫‪310‬‬

‫‪57‬‬
‫االستسقاء")‪ ،(311‬وك انوا يض عون ف ي الواح ات جمجم ة ث ور قائم ة عل ى م داخل البي وت‪ ،‬أو عل ى‬

‫الجدران المحيطة ببساتين النخيل؛ لحمايتھا من الحسد‪ ،‬وھ ذا يُ َدلﱢل عل ى عب ادة الثي ران الت ي تجم ع‬

‫ب ين الس حر وال دين")‪ ،(312‬وعل ى م ا يرم ز إلي ه الث ور م ن الخص ب و الحي اة والق وة وعالقت ه‬

‫بالشيطان‪.‬‬

‫كما اعتقدوا أن األشجار مس كونة ب الجن والمالئك ة‪ ،‬ل ذلك حرّم وا قط ع أغص انھا‪ ،‬وك انوا‬
‫يحجون إليھا‪ ،‬ويتقربون منھا بالضحايا‪ ،‬ويعلقون على أغصانھا اللحم والخرز‪ ،‬ويعتق دون بق درتھا‬

‫على شفائھم من األمراض )‪ ،(313‬وساد االعتق اد عن دھم أن قط ع األش جار المس كونة‪ ،‬س وف ي ؤدي‬

‫إل ى غض ب األرواح‪ ،‬بخروجھ ا م ن مس كنھا‪ -‬كم ا فعل ت الع ّزى‪ -‬الت ي خ رج منھ ا عن د قطعھ ا‬
‫شيطانة)‪ ،(314‬وكانوا يتقربون إليھا بالقرابين والنذور؛ اتق اء لش رھا‪ ،‬وين درج تح ت ھ ذا المعتق د م ا‬

‫يسمى بـ "تعقاد الرّتم"؛ وھو أن الرجل إذا عزم على س فر‪ ،‬ك ان يعم د إل ى ش جرة؛ فيعق د غص نين‬

‫منھا‪ ،‬أو يعقد خيطا ً في غصن شجرة أو ساقھا‪ ،‬فإذا عاد ووج د الخ يط عل ى حال ه‪ ،‬عل م أن زوجت ه‬
‫حفظت غيبته‪ ،‬ولم تَ ُخ ْنه‪ ،‬وإن لم يجده‪ ،‬أو وجده محلوالً‪ ،‬قال إنھا خانته‪ ،‬وھ ذا م ا يس مى ب الرّتم أو‬
‫الرتيمة‪ ،‬ويعزون ذلك إلى الج ن واألرواح الخفي ة الت ي تس كنھا)‪" ،(315‬فك ان العرب ي يجعلھ ا رقيب ا ً‬

‫وحارسا ً على زوجته في مدة غيابه")‪.(316‬‬

‫ومن الطقوس التي مارسھا الجاھليون‪ ،‬وكان لھا عالقة بالجن أنھم كانوا "إذا َد َخ َل أح دھم‬

‫قري ة‪ ،‬وخ اف م ن ج ن أھلھ ا‪ ،‬أخ ذ يع ّش ر كم ا يع ّش ر الحم ار ف ي نھيق ه‪ ،‬ث م دخلھ ا‪ ،‬ول م يص به‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ‪ ،‬ﻤﺼﻁﻔﻰ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺸﺎﻓﻲ‪ :‬ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ ﺘﻔﺴﻴﺭ ﺃﺴﻁﻭﺭﻱ‪ ،‬ﺍﻟﺸﺭﻜﺔ ﺍﻟﻤﺼﺭﻴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻟﻠﻨﺸـﺭ‪ ،‬ﻟﻭﻨﺠﻤـﺎﻥ‪،‬‬ ‫‪311‬‬

‫‪ ،1996‬ﺹ‪.122‬‬
‫‪ -‬ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ ﺘﻔﺴﻴﺭ ﺃﺴﻁﻭﺭﻱ‪ ،‬ﺹ‪.122‬‬ ‫‪312‬‬

‫‪ -‬ﻓﻲ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﻤﻴﺜﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ :‬ﺹ‪ ،111‬ﺍﻟﻘﻴﺴﻲ‪ ،‬ﻨﻭﺭﻱ ﺤﻤﻭﺩﻱ‪ :‬ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺸـﻌﺭ ﺍﻟﺠـﺎﻫﻠﻲ‪-‬ﻁ‪ -1‬ﺩﺍﺭ‬ ‫‪313‬‬

‫ﺍﻹﺭﺸﺎﺩ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪ ،1970 ،‬ﺹ‪.69‬‬


‫‪ -‬ﺍﻟﻭﺜﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺹ‪140‬‬ ‫‪314‬‬

‫‪ -‬ﺼﺒﺢ ﺍﻷﻋﺸﻰ ﻓﻲ ﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﻹﻨﺸﺎ‪ ،465/1 ،‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪ ،317-316/2 ،‬ﺍﻟﻘﺯﻭﻴﻨﻲ‪ ،‬ﺯﻜﺭﻴﺎ‪ :‬ﻋﺠﺎﺌﺏ ﺍﻟﻤﺨﻠﻭﻗـﺎﺕ‬ ‫‪315‬‬

‫ﻭﻏﺭﺍﺌﺏ ﺍﻟﻤﻭﺠﻭﺩﺍﺕ‪ ،‬ﺘﺤﻘﻴﻕ ﻓﺎﺭﻭﻕ ﺴﻌﺩ‪-‬ﻁ‪ -4‬ﺩﺍﺭ ﺍﻵﻓﺎﻕ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪1981 ،‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪.227‬‬
‫‪ -‬ﺨﺎﻥ‪ ،‬ﻤﺤﻤﺩ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻤﻌﻴﺩ‪ :‬ﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪-‬ﻁ‪ -1‬ﻟﺠﻨﺔ ﺍﻟﺘﺄﻟﻴﻑ ﻭﺍﻟﺘﺭﺠﻤﺔ ﻭﺍﻟﻨﺸﺭ‪ ،‬ﺍﻟﻘـﺎﻫﺭﺓ‪،1973 ،‬‬ ‫‪316‬‬

‫ﺹ‪.52‬‬

‫‪58‬‬
‫شيء")‪ ،(317‬وقد يكون سبب التعشير كون الحمار ينھق إذا رأى ش يطاناً‪ ،‬ب دليل م ا ورد ع ن النب ي‬

‫"عليه السالم" قال‪" :‬إذا سمعتم نھيق الحمار‪ ،‬فتعوذوا با من الشيطان‪ ،‬فإنھا رأت شيطانا ً")‪.(318‬‬

‫وكان اإلنسان الجاھلي "إذا ض ّل بالصحراء رغم خبره بھا‪ ،‬ينسب ضالله إل ى ق وى خفي ة‬

‫شريرة‪ ،‬فأخذ يتعوذ منھا بإسلوب معين‪ ،‬كأن يقلب قميصه‪ ،‬ويصفق بيديه‪ ،‬كأنما ي ومئ إل ى إنس ان‬

‫ليھديه")‪ ،(319‬وقد يكون ذلك من باب التسلية لنفسه‪ ،‬بسماع صدى يديه؛ أو ليت وھم أن إنس انا ً يس مع‬
‫تص فيقة يدي ه‪ ،‬فيس رع إلي ه؛ ليعين ه‪ ،‬أو لتھ رب الق وى الخفي ة؛ ألن الش ياطين تھ رب م ن الص وت‬

‫والضجيج)‪ ،(320‬ويقترب من ھذا ما كان يفعله برقية الحيوان؛ كي يھت دي إل ى طريق ه بع د ض الل‪،‬‬

‫فيق ول متع وذاً ص ائحا ً ف ي أذن ناقت ه "الوح ا الوح ا ‪،‬النج ا النج ا‪ ،‬العج ل العج ل‪ ،‬الس اعة الس اعة‪،‬‬
‫ّ‬
‫يتعوذ بذلك من ش ّر الضالل ومغبته")‪ ،(321‬فكأنه بذلك يضمن الھداية إلى طريقه‪.‬‬ ‫فكأنه‬

‫ومن العادات القديمة الجاھلية التي يقوم بھا الكاھن والساحر "معالج ة المرض ى‪ ،‬بواس طة‬

‫السحر بالنفث على المريض أو ف ي فم ه‪ ،‬وبإمس اك رأس ه أو الج زء الم ريض‪ ،‬لق راءة ش يء علي ه‬

‫يضمن شفاءه")‪ ،(322‬وھي طريقة من طرق السحر الجاھلي‪ ،‬دلّ ت عليھ ا اآلي ة القرآني ة "‪Ìhx© ⎯ÏΒuρ‬‬

‫‪ (323)"∩⊆∪ ωs)ãèø9$# †Îû ÏM≈sV≈¤¨Ζ9$#‬وك ان الس احر يش فع س حره بطق وس‪ ،‬أو بحرك ات خاص ة‪،‬‬

‫أن الس احر يق ول ش يئاً‪ ،‬ويخاط ب أشخاص ا ً ھ م الج ن‪ ،‬واعتق دوا " ب التنبؤ‬
‫وبتمتمة تلقي في ال روع ّ‬

‫بالتفرّس في األشباح التي تظھر عل ى الم اء‪ ،‬أو الزي ت المص بوب ف ي األق داح‪ ،‬أو الحرك ات الت ي‬

‫تظھ ر عل ى س طح الس ائل بع د رم ي ش يء من ه؛ لمعرف ة األس رار والمغيب ات واألج رام‬

‫كالسرقات")‪.(324‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،358/6 ،‬ﺼﺒﺢ ﺍﻷﻋﺸﻰ ﻓﻲ ﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﻹﻨﺸﺎ‪.464/1 ،‬‬ ‫‪317‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ‪ :‬ﺼﺤﻴﺢ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ‪.155/4 ،‬‬ ‫‪318‬‬

‫‪ -‬ﺼﺒﺢ ﺍﻷﻋﺸﻰ ﻓﻲ ﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﻹﻨﺸﺎ‪ ،462-461/1،‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪.316/2 ،‬‬ ‫‪319‬‬

‫‪ -‬ﻓﺭﻴﺯﺭ‪ ،‬ﺠﻴﻤﺱ‪ :‬ﺍﻟﻔﻠﻭﻜﻠﻭﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻬﺩ ﺍﻟﻘﺩﻴﻡ‪.228/2 ،‬‬ ‫‪320‬‬

‫‪ -‬ﺨﻠﻴل‪ ،‬ﺃﺤﻤﺩ ﺨﻠﻴل‪ :‬ﻤﻀﻤﻭﻥ ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪-‬ﻁ‪ -2‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻁﻠﻴﻌﺔ ﻟﻠﻁﺒﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻨﺸﺭ‪ ،‬ﺒﻴـﺭﻭﺕ‪ -‬ﻟﺒﻨـﺎﻥ‪،‬‬ ‫‪321‬‬

‫‪ ،1980‬ﺹ‪.20‬‬
‫‪ -‬ﺘﺎﺝ ﺍﻟﻌﺭﻭﺱ‪ ،‬ﻤﺎﺩﺓ )ﻨﻔﺙ(‪ ،‬ﺍﻟﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ ‪.743/2‬‬ ‫‪322‬‬

‫‪ -‬ﺴﻭﺭﺓ ﺍﻟﻔﻠﻕ‪ ،‬ﺁﻴﺔ ‪.4‬‬ ‫‪323‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪.782/6 ،‬‬ ‫‪324‬‬

‫‪59‬‬
‫"وكانوا يعتقدون بالمسخ وھو تحوي ل ص ورة إل ى أخ رى أق بح منھ ا‪ ،‬وتحوي ل إنس ان إل ى‬

‫حيوان أو حجر‪ ،‬ولھم اعتقادات في مسخ األطفال‪ ،‬وتبديل الجن لھ م ب أوالدھم ذوي العاھ ات‪ ،‬وق د‬
‫زعم وا أن ال الت ص نم ثقي ف‪ ،‬ك ان ف ي األص ل يھودي اً‪ ،‬يل ّ‬
‫ت الس ويق)‪ (325‬ف ي )الط ائف(‪ ،‬فمس خ‬

‫حج راً‪ُ ،‬عبِ دَ‪ ،‬فص ار )ال الت(")‪ ،(326‬وم ن الع ادات الت ي مارس وھا‪" ،‬أنھ م ك انوا إذا بلغ ت إبلھ م‬

‫األلف‪ ،‬فقأوا عين الفحل‪ ،‬فإن زادت اإلبل على األل ف فق أوا الع ين األخ رى")‪ ،(327‬وي رى النعيم ي‬

‫أن ھذه المعتقدات‪ ،‬ال ب ّد أن يكون لھا امتدادات أس طورية ض اعت أص ولھا‪ ،‬ت رتبط ب القوى الخفي ة‬

‫من الجن والشياطين؛ لكون ھذه الق وى قاس ما ً مش تركا بينھ ا )‪،(328‬وم ن طق وس التطھي ر الجماعي ة‬

‫التي ك انوا يمارس ونھا بھ دف ط رد ال ّش ر والش ؤم واألرواح الش ريرة ع ن ك ل م ن القبيل ة والمدين ة‬
‫معاً‪ ،‬ما ذك ره اب ن الكلب ي ف ي مع رض حديث ه ع ن محاول ة اتق ائھم ش ؤم الغ راب‪"،‬أن قبيل ة "ع ك"‬
‫كانوا إذا خرجوا حجاجاً‪ ،‬ق ّدموا أمامھم غالمين أسودين من غلمانھم يصيحان‪ :‬ن ُ‬
‫َحن ُغرابا َع ّ‬
‫ك!‬

‫عَــبا ُد ِ‬
‫ك اليَــ َمانَيِ ْه‬ ‫ك عَانَيِ ْه‬
‫ك إلي ِ‬ ‫فتقول َع ّ‬
‫ك من بعدھما‪ :‬عَـ ٌ‬

‫نـاحيَ ْه)‪!(329‬‬
‫على السّداد ال ُم ِ‬ ‫َكيْما نَحجﱡ الثانِيَ ْه‬

‫مما يؤكد تشاؤمھم من الغ راب‪ ،‬وحرص ھم عل ى لف ت أنظ ار األرواح الش ريرة إل ى ھ ذين‬
‫الغرابين عن القبيلة‪ ،‬وھذا يؤكد ما ذھبت إليه بعض المعتقدات الشعبية من " ّ‬
‫أن الشيطان يظھر ف ي‬

‫ھيئة غراب‪ ،‬وأن بعض الغربان تقوم بمھمة رسول إبليس" )‪.(330‬‬

‫ومن عاداتھم أنھم كانوا "إذا وقع الع ّر في إبلھم‪ ،‬اعترضوا بعيراً صحيحا ً لم يقع ذلك في ه‪،‬‬
‫فك ووا ِمش فره وعض ده وفخ ذه ك ي يَ ُش ﱠم رائحتَ ه ب ريء؛ فيب رأ‪ ،‬وربّم ا زعم وا أنّ ه ي ؤمن مع ه‬
‫العدوى")‪.(331‬‬

‫‪ -‬ﻴﻠﺕ ﺍﻟﺴﻭﻴﻕ‪ :‬ﻴﺨﻠﻁﻪ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺴﻭﻴﻕ‪ :‬ﻤﺎ ﻴﺘﺨﺫ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﻨﻁﺔ ﻭﺍﻟﺸﻌﻴﺭ‪ ،‬ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﻤﺎﺩﺓ )ﺴﻭﻕ(‪.‬‬ ‫‪325‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪.819/6 ،‬‬ ‫‪326‬‬

‫‪ -‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪ ،306/2 ،‬ﺼﺒﺢ ﺍﻷﻋﺸﻰ ﻓﻲ ﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﻹﻨﺸﺎ‪.459/1 ،‬‬ ‫‪327‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪ ،‬ﺹ‪.189‬‬ ‫‪328‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﺼﻨﺎﻡ‪ ،‬ﺹ‪ ،7‬ﺍﻟﺒﻁل‪ ،‬ﻋﻠﻲ‪ :‬ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺤﺘﻰ ﺁﺨﺭ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﻟﻠﻬﺠﺭﺓ )ﺩﺭﺍﺴﺔ ﻓـﻲ ﺃﺼـﻭﻟﻬﺎ‬ ‫‪329‬‬

‫ﻭﺘﻁﻭﺭﻫﺎ(‪-‬ﻁ‪ -3‬ﺩﺍﺭ ﺍﻷﻨﺩﻟﺱ ﻟﻠﻁﺒﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻨﺸﺭ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪1983 ،‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪.50‬‬


‫‪ -‬ﺍﻟﻔﻭﻟﻜﻠﻭﺭ ﻤﺎ ﻫﻭ؟ ‪ ،‬ﺹ‪.107‬‬ ‫‪330‬‬

‫‪60‬‬
‫ومما يؤكد عالقة الجن بالحية‪" ،‬اعتقادھم أن الحيات كانت مصدر مساعدة أو تھديد؛ اعتم اداً عل ى‬
‫طبيعة األرواح التي تحملھا‪ ،‬ونوايا الناس التي تواجھھم")‪(332‬؛ فھ ي تك افئ م ن يفع ل خي راً معھ ا‪،‬‬
‫وال‬

‫تنسى ذلك‪ ،‬كما حدث مع عبيد بن األبرص والشجاع)‪.(333‬‬

‫نخل ص م ن ذل ك إل ى أن العرب ي ف ي عبادت ه لآللھ ة الممثل ة ف ي الج ن والش ياطين أحيان ا ً‬

‫اع إل ى‬
‫والقوى الخفي ة‪ ،‬ورھبت ه منھ ا‪ ،‬وتقديس ه للظ واھر الكوني ة والمظ اھر الطبيعي ة؛ إن ّم ا ھ و س ِ‬
‫تحقيق رغباته‪ ،‬ودفع األذى عنه‪ ،‬وتبدي د مخاوف ه وقلق ه‪ ،‬ف إذا م ا تكف ل أش خاص بعي نھم بتلبي ة تل ك‬

‫البواعث‪ ،‬عظموا في نفسه‪ ،‬فال عجب أن يكفل لھم الثناء‪ ،‬ويحيطھم بھال ة م ن التعظ يم‪ ،‬ش أنھم ف ي‬
‫ذلك شأن آلھته ومعبوداته‪ ،‬وأن يح ّل الشعر مح ّل التراتيل واألدعية‪ ،‬ويح ّل أصحاب الفض يلة مح ّل‬

‫اآللھة‪ ،‬فكأنه في شعره يتوسل إليھم‪.‬‬

‫وق د س يطر الفك ر األس طوري عل ى ك ل من احي الحي اة‪ ،‬فأخ ذ اإلنس ان يفس رھا ويعللھ ا‪،‬‬

‫ويم نح المعتق دين بھ ا األم ن الروح ي‪ ،‬واالس تقرار النفس ي ف ي ع الم مل يء بالمخ اوف واألش باح‪،‬‬

‫مھ دداً بالجف اف والس يول‪ ،‬محاط ا ً بالفت ك والقت ل‪ ،‬ت دبﱡ ف ي مس الكه الحيّ ات الرھيب ة‪ ،‬وتتش كل ف ي‬

‫عتمة الكثبان الغيالن والشياطين‪ ،‬وتھتف في الفراغ المخي ف الجن ان والھوات ف‪ ،‬فحفل ت قصص ھم‬

‫بأخبار عجيبة لس ّد حاجاتھم الروحية‪ ،‬وملء فراغھم النفسي‪ ،‬والتخفيف م ن الت وتر والقل ق‪ ،‬وبع ث‬

‫الطمأنينة والراحة النفسية‪ ،‬وم ّدھم بالقوة والقدرة‪ ،‬ثم المقاومة والبقاء التي يبحثون عنھا)‪.(334‬‬

‫‪ -‬ﺼﺒﺢ ﺍﻷﻋﺸﻰ ﻓﻲ ﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﻹﻨﺸﺎ‪ ،463/1 ،‬ﺍﻟﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪.804/6 ،‬‬ ‫‪331‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻨﻭﺭﻱ‪ ،‬ﻗﻴﺱ‪ :‬ﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ ﻭﻋﻠﻡ ﺍﻷﺠﻨﺎﺱ‪ ،‬ﺠﺎﻤﻌﺔ ﺒﻐﺩﺍﺩ‪ ،‬ﺒﻐﺩﺍﺩ‪ ،1981 ،‬ﺹ‪.149‬‬ ‫‪332‬‬

‫‪ -‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪.362/2 ،‬‬ ‫‪333‬‬

‫‪ -‬ﺃﺒﻭ ﺴﻭﻴﻠﻡ‪ ،‬ﺃﻨﻭﺭ‪ :‬ﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪-‬ﻁ‪ -1‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺠﻴل‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﻋﻤـﺎﺭ‪ ،‬ﻋﻤـﺎﻥ ‪1987-1408‬ﻡ‪،‬‬ ‫‪334‬‬

‫ﺹ‪.104‬‬

‫‪61‬‬
‫الفصل الثاني‬

‫الجن بين اللغة واالصطالح‬

‫المبحث األول‪ :‬الجن في المفھوم اللغوي واالصطالحي‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬أصناف الجن ومراتبھا‪.‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬تشكالت الجن وتلوناتھا‪.‬‬

‫المبحث الرابع‪ :‬أشكال الجن وصورھا‪.‬‬

‫المبحث الخامس‪ :‬أنواع الجن‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫المبحث األول‬

‫الجن في المفھوم اللغوي واالصطالحي‬

‫ت دور الدالل ة اللغوي ة المحوري ة للفع ل ) َج ّن( ح ول معن ى التس تر واالختف اء‪ ،‬نق ول‪َ :‬ج ﱠن‬

‫الشي ُء يَ ِجنّهُ َجنّا‪ :‬ستره‪ ،‬وبه سُم ّي ِ‬


‫الج ﱡن؛ الستتارھم واختفائھم عن األبصار‪ ،‬ومنه س مي الجن ين؛‬

‫يت َجنّا‪ ،‬وأَ َجنﱠه‪ :‬ستره‪.‬‬ ‫واستجن فالن إذا استتر بشيء‪َ ،‬و ﱠ‬
‫جن ال ْم َ‬ ‫ﱠ‬ ‫الستتاره في بطن أمه‪،‬‬

‫وال َجنَ ان ھ و القل ب؛ الس تتاره ف ي الص در‪ ،‬وربّم ا ُس م ّي ال رو ُح َجنَان اً؛ ألن الجس م يَجنﱡ هُ‪،‬‬

‫والُجنّ ةُ م ا واراك م ن الس الح‪ ،‬واس تترت في ه‪ ،‬وال ِجنّ ةُ‪ :‬ال ُس ْترة‪ ،‬وال ُجنَ ةُ‪ :‬ال ُخرق ة تلبس ھا الم رأة‪،‬‬

‫فتغطي رأسھا‪.‬‬

‫وج ﱡن الش باب‪ :‬ح ﱠدتُ ه ونش اطه‪ ،‬و َج ﱠن‬


‫ويفيد الفعل ) َج ّن( معن ى الج ّدة والنش اط وااللتف اف‪ِ ،‬‬
‫أو ُل شيء‪ :‬ھو ش ّدته‪ ،‬و ُجنّ ْ‬
‫ت األرضُ ‪ :‬إذا ج اءت بش يء ُم ْع َج ب‪َ ،‬و ُجنُ ُ‬
‫ون النَ ْب ت‪ :‬التفاف ه‪ ،‬وأرض‬

‫َمجْ نَون ة‪ُ :‬معْش بة‪ ،‬ل م يرعھ ا أح د‪ ،‬وال َجنﱡ ة‪ :‬البس تان‪ ،‬والع ربُ تس مي النخي ل َجنّ ة‪ (335).‬ق ال‬

‫زھير)‪:(336‬‬

‫)‪(337‬‬ ‫ح تَسْقي َجنّةً ُسحُقا ً‬


‫َواض ِ‬
‫ِمنَ الن ِ‬ ‫كأن عَين َي في غَرْ بَ ْي ُمقتﱠل ٍة‬
‫ّ‬

‫)البسيط(‬

‫والج ﱡن‪ :‬ول د ال َج ﱠ‬


‫ان‪ ،‬وھ م ن وع م ن الع الم ُس موا ب ذلك؛ الختف ائھم ع ن األبص ار‪ ،‬وألنھ م‬ ‫ِ‬
‫الج ّن‪ ،‬خل ق م ن ن ار‪ ،‬ث م خل ق من ه نس له‪ ،‬والج ﱡ‬
‫ان‪ :‬ض رب م ن‬ ‫ا ْستُجنﱡوا‪ ،‬فال يُ َرون‪ ،‬والج ﱡ‬
‫ان‪ :‬أب و ِ‬
‫الحيّاتَ ‪ ،‬أكحل العينين يضرب إلى الصفرة‪ ،‬ال يؤذي‪ ،‬وھو كثير في بيوت الناس)‪.(338‬‬

‫‪ -‬ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﻤﺎﺩﺓ )ﺠﻨﻥ(‪.‬‬ ‫‪335‬‬

‫‪ -‬ﺯﻫﻴﺭ ﺒﻥ ﺃﺒﻲ ﺴﻠﻤﻰ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺼﺎﺩﺭ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪ ،‬ﺹ‪.40‬‬ ‫‪336‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺴﺤﻕ‪ :‬ﺍﻟﻭﺍﺤﺩ ﺴﺤﻭﻕ‪ ،‬ﺍﻟﻨﺨﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺫﻫﺒﺕ ﺠﺭﻴﺩﺘﻬﺎ ﺼﻌﺩﹰﺍ ﻭﻁﺎﻟﺕ‪ ،‬ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﻤﺎﺩﺓ )ﺴﺤﻕ(‪.‬‬ ‫‪337‬‬

‫‪ -‬ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﻤﺎﺩﺓ )ﺠﻨﻥ(‪.‬‬ ‫‪338‬‬

‫‪63‬‬
‫ين‪ ،‬ويق ا َل َج نَ ◌َ ّ◌ه اللي لُ‪ ،‬وأَ َجنّ هَ‪ ،‬وأج ﱠن علي ه‪،‬‬ ‫وك لﱡ ُم ْس ت َِجنًّ ‪ ،‬فھ و جنّ ﱞي‪ ،‬وج ﱞ‬
‫ان‪َ ،‬وجنَ ٌ‬

‫وغَطّاه‪ ،‬بمعنى واحد‪ ،‬إذا ستره‪ ،‬وكان أھل الجاھلية يسمون المالئكة ِجنﱠاً؛ الس تتارھم ع ن العي ون‬

‫)‪.(339‬‬

‫)‪(340‬‬
‫)المتقارب(‬ ‫وقد وردت بھذا المعنى في شعر البريق إذ يقول‪:‬‬

‫َوقَ ْد َجنﱠهُ ال ﱠسد ُ‬


‫َف األد َْ◌ھَ ُم‬ ‫وما ٍء َو َر ْد ُ‬
‫ت على ِخ ْيفَ ٍة‬

‫ويقال‪ :‬ھو جنﱠة على خيف ٍة ومحاذر ٍة‪ .‬وقد عرّف الدميري الجن‪ ،‬بقوله‪ ":‬ھي أجسام ھوائية‪ ،‬ق ادرة‬

‫على التشكل بأشكال مختلف ة‪ ،‬لھ ا عق ول وأفھ ام‪ ،‬وق درة عل ى األعم ال الش اقة" )‪ .(341‬ويتط ورون‬

‫ويتشكلون في صور اإلنس والبھائم‪ ،‬ويرى الشبلي أنھم "يتصورن ف ي ص ور الحي ات والعق ارب‬

‫وف ي ص ور اإلب ل والبق ر والغ نم والخي ل‪ ،‬والبغ ال والحمي ر والطي ر")‪ ،(342‬ويق ول القزوين ي‪":‬‬

‫زعموا أن الجن حيوان ناري‪...‬من ش أنه أن يتش كل بأش كال مختلف ة‪ ،‬واختل ف الن اس ف ي وج وده‪،‬‬

‫فم نھم م ن ذھ ب إل ى أن الج ن والش ياطين م ردة الن اس‪ ،‬وم نھم م ن ذھ ب إل ى أن ﷲ تع الى خل ق‬

‫المالئكة من نور النار‪ ،‬وخلق الجن من لھبھا‪ ،‬والشياطين م ن دخانھ ا‪ ،‬وأن ھ ذه األن واع ال يراھ ا‬
‫)‪(343‬‬
‫الناظر"‪.‬‬

‫وأن الج ﱠ‬
‫ان‬ ‫الجان من سموم النار‪ ،‬وخلق من ه زوجت ه‪ ،‬ﱠ‬
‫ﱠ‬ ‫أما المسعودي فيقول‪ ":‬ﱠ‬
‫إن ﷲ خلق‬
‫غشيھا‪ ،‬فحملت منه‪ ،‬وأنھا باضت إحدى وثالثين بيضة‪....‬وأن األبالسة من بيض ة‪ ،‬م نھم الح ارث‬

‫ابن مرة‪ ،‬وأن مسكنھم الجزائر‪ ،‬وأن الغيالن من بيضة أخرى‪ ،‬وسكنوا الحمامات والمزاب ل‪ ،‬وأن‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﻤﺎﺩﺓ )ﺠﻨﻥ(‪.‬‬ ‫‪339‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻬﺫﻟ ّﻴﻭﻥ‪ :‬ﺍﻟﺩﻴﻭﺍﻥ‪،‬ﺍﻟﺩﺍﺭ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﻟﻠﻁﺒﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻨﺸﺭ‪،‬ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ‪1384 ،‬ﻫـ‪1965-‬ﻡ‪.56/3 ،‬‬ ‫‪340‬‬

‫‪-‬ﺍﻟﺩﻤﻴﺭﻱ‪ ،‬ﻜﻤﺎل ﺍﻟﺩﻴﻥ ﻤﺤﻤﺩ ﺒﻥ ﻤﻭﺴﻰ‪ :‬ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻘﺎﻤﻭﺱ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﻟﻠﻁﺒﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻨﺸﺭ‪ ،‬ﻤﻜﺘﺒﺔ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ‪،‬‬ ‫‪341‬‬

‫ﺒﻴﺭﻭﺕ‪ ،‬ﺩ‪.‬ﺕ‪185/1 ،‬‬


‫‪ -‬ﺁﻜﺎﻡ ﺍﻟﻤﺭﺠﺎﻥ ﻓﻲ ﻏﺭﺍﺌﺏ ﺍﻷﺨﺒﺎﺭ ﻭﺃﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﺠﺎﻥ‪ ،‬ﺹ‪.32‬‬ ‫‪342‬‬

‫‪ -‬ﻋﺠﺎﺌﺏ ﺍﻟﻤﺨﻠﻭﻗﺎﺕ ﻭﻏﺭﺍﺌﺏ ﺍﻟﻤﻭﺠﻭﺩﺍﺕ‪ ،‬ﺹ ‪311‬‬ ‫‪343‬‬

‫‪64‬‬
‫الھ وام م ن بيض ة أخ رى‪ ،‬وس كنوا الھ واء ف ي ص ورة الحي ات ذوات األجنح ة‪ ،‬وأن بيض ة منھ ا‬
‫)‪(344‬‬
‫تخلقت عن قطربة‪ ،‬وھي على صورة الھرة‪".‬‬

‫ولم تختلف صورة الجن في الذھنية اإلسالمية عنھ ا ف ي الجاھلي ة‪ ،‬إذ أش ار الق رآن الك ريم‬

‫إلى أن الجن مخلوقات شفافة يرون الناس‪ ،‬ولكن الن اس ال ي رونھم‪ ،‬وذل ك ف ي قول ه تع الى‪…çμ¯ΡÎ)) :‬‬

‫‪ ،(345)(öΝåκtΞ÷ρts? Ÿω ß]ø‹ym ô⎯ÏΒ …çμè=‹Î6s%uρ uθèδ öΝä31ttƒ‬وأثبت ت اآلي ات القرآني ة أن الج ن مخلوق ات‬
‫ناري ة‪ ،‬خلق ت قب ل آدم علي ه الس الم‪ ،‬وذل ك ف ي قول ه تع الى )‪Í‘$¯Ρ ⎯ÏΒ ã≅ö6s% ⎯ÏΒ çμ≈uΖø)n=yz ¨β!$pgø:$#uρ‬‬
‫)‪(347‬‬
‫‪ ،(346)(∩⊄∠∪ ÏΘθßϑ¡¡9$#‬و ) َو َخلَ َ‬
‫ق ‪(∩⊇∈∪ 9‘$¯Ρ ⎯ÏiΒ 8lÍ‘$¨Β ⎯ÏΒ ¨β!$yfø9$#‬‬

‫وھك ذا تب دو ص ورة الج ن‪ ،‬مخلوق ات ش بحية ناري ة‪ ،‬س ريعة التنق ل والحرك ة‪ ،‬تنتم ي إل ى‬
‫ع الم غيب ي‪ ،‬تع يش تح ت األرض‪ ،‬وتح ب زي ارة األرض ل يال‪ ،‬وخاص ة األم اكن المھج ورة‬

‫والمق ابر‪ ،‬وھ ي ج نس يقاب ل اإلن س م ن ناحي ة‪ ،‬وتش مل المالئك ة والش ياطين والغ ول‬

‫والسعالة‪....‬وكل ما ال يق ع علي ه البص ر م ن ناحي ة أخ رى‪ ،‬ويؤك د ذل ك ق ول اب ن عب اس" الخل ق‬

‫كلھ م أربع ة أص ناف‪ ،‬فخل ق ف ي الجن ة كلﱡھ م‪ ،‬وھ م المالئك ة‪ ،‬وخل ق كلھ م ف ي الن ار‪ ،‬وھ م‬
‫)‪(348‬‬
‫الشياطين‪ ،‬وخلق في الجنة والنار‪ ،‬وھم الجن واإلنس"‪.‬‬

‫ويبدو أن تعدد التعريفات والتصورات السابقة للجن‪ ،‬ت وحي بطبيع ة العص ر الثقافي ة ال ذي‬

‫قيلت فيه‪ ،‬وثقاف ة المؤل ف ك ذلك‪ ،‬فبينم ا يقت رب ال دميري م ن التعري ف الموض وعي للج ن؛ لك ون‬

‫كتابه يقترب من الموسوعة العلمية عن الحيوان‪ ،‬فإن الشبلي يتوسع بتعريف ه للج ن مت أثراً بالثقاف ة‬

‫الدينية التي اتّسم بھا كتابه‪ ،‬أ ّما القزويني‪ ،‬فيعمد إلى الجمع بين آراء من سبقه الح ديث ع ن الج ن‪،‬‬
‫ويغ رق المس عودي ف ي الح ديث ع ن أص ل الج ن وخلق ه‪ ،‬معتم داً ف ي ذل ك عل ى الحكاي ات‪،‬‬

‫والخرافات الواردة في اإلسرائيليات‪.‬‬

‫‪ -‬ﻤﺭﻭﺝ ﺍﻟﺫﻫﺏ‪.139-138/2 ،‬‬ ‫‪344‬‬

‫‪-‬ﺴﻭﺭﺓ ﺍﻷﻋﺭﺍﻑ‪ ،‬ﺁﻴﺔ ‪27‬‬ ‫‪345‬‬

‫‪-‬ﺴﻭﺭﺓ ﺍﻟﺤﺠﺭ‪ ،‬ﺁﻴﺔ ‪27‬‬ ‫‪346‬‬

‫‪-‬ﺴﻭﺭﺓ ﺍﻟﺭﺤﻤﻥ‪ ،‬ﺁﻴﺔ ‪15‬‬ ‫‪347‬‬

‫‪-‬ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ‪186/1 ،‬‬ ‫‪348‬‬

‫‪65‬‬
‫ويرى سمث "أن الجن ليست أرواحا خالص ة‪ ،‬ب ل ھ ي أجس ام أكث ر ش بھا ً ب الحيوان‪ ،‬منھ ا‬

‫بالن اس‪ ،‬وأجس امھا ليس ت وھمي ة؛ وذل ك ألن الج ﱠن إذا قت ل ص ار رفات ه جس داً ص لبا ً")‪ ،(349‬وق د‬

‫اعتق د س مث بطوطمي ة الج ن عن د الع رب‪ ،‬ف ي ح ين خالف ه بع ض كت اب العربي ة‪ ،‬أمث ال الج احظ‬

‫ومحمد عبد المعيد خان‪ ،‬الذين رأوا أن الجن لم يكن طوطما ً عن د العرب‪،‬م ع وج ود م ا يش ير إل ى‬

‫الجن م ُخي ف ومنفّ ر للن اس‪ ،‬يس تعيذون من ه‪،‬‬


‫ﱠ‬ ‫ذلك‪ ،‬كعبادة الجن‪ ،‬ونسبة كثير من القبائل إليھا؛ ّ‬
‫ألن‬

‫ولم يروا فيه خيراً‪ ،‬فھو يمثل قوة الشر)‪ ، (350‬ورغم تلك األدلة عل ى حيواني ة الج ن‪ ،‬إال أنھ ا –ف ي‬

‫األغل ب‪ -‬مخلوق ات مس تترة ق ادرة عل ى التص ور بص ور الحيوان ات‪ ،‬ولھ ا عالق ة قوي ة ببعض ھا‪،‬‬

‫وت دخل ف ي ع الم الماورائي ات المرع ب‪ ،‬ك ان لطبيع ة الص حراء‪ ،‬وم ا فيھ ا م ن تغي رات‪ ،‬تثي ر‬
‫الرعب والقلق‪ ،‬دور كبير في االعتقاد بھا‪.‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪ ،‬ﺹ‪ ،65‬ﺸﻴﺎﻁﻴﻥ ﺍﻟﺸﻌﺭﺍﺀ‪ ،‬ﺹ‪.56‬‬ ‫‪349‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪ ،‬ﺹ‪.76 -75‬‬ ‫‪350‬‬

‫‪66‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫أصناف الجن ومراتبھا‬

‫ذك رت بع ض المظ ان العربي ة أص ناف الج ن‪ ،‬فق ال أب و القاس م الس ھلي "الج ن ثالث ة‬

‫أصناف‪ ،‬كما جاء في حديث‪ ،‬صنف على ص ور الحي ات‪ ،‬وص نف عل ى ص ور الك الب‪ ،‬وص نف‬

‫ري ح طيّ ارة أو ق ال ھفاف ة ذو أجنح ة وزاد بع ض ال رواة ص نفا ً يحل ون ويظعن ون وھ م‬
‫"السعالى")‪ (351‬وقال‪" :‬لعل ھذا الصنف ھو ال ذي ال يأك ل وال يش رب‪ ،‬إن ص ّح أن الج ن ال تأك ل‬

‫وال تشرب‪ ،‬يعني الريح الطيارة " )‪ ،(352‬ويروى ع ن رس ول ﷲ"ص لى ﷲ علي ه وس لم" م ا يثب ت‬

‫ذلك وھو "أن الج ن ثالث ة أص ناف‪ ،‬ص نف حي ات وعق ارب‪ ،‬وخش اش األرض‪ ،‬وص نف ك الريح‬
‫)‪(353‬‬
‫في الھواء‪ ،‬وصنف كبني آدم عليھم الحساب والعقاب"‪.‬‬

‫ومم ا ج اء ف ي أص ناف الج ان‪" ،‬أن ﷲ تع الى خل ق الج ان م ن ن ار الس موم‪ ،‬وخل ق من ه‬

‫زوجت ه‪ ،‬كم ا خل ق ح واء وآدم‪ ،‬وأن الج ان غش يھا‪ ،‬فحمل ت من ه‪ ،‬وأنھ ا باض ت إح دى وثالث ين‬

‫بيض ة‪ ،‬وأن بيض ة م ن ذل ك الب يض تفلق ت ع ن قطرب ة‪ ،‬وھ ي أم القط ارب‪ ،‬وأن القط رب عل ى‬

‫ص ورة الھ رة‪ ،‬وأن األبالس ة م ن بيض ة أخ رى‪ ،‬وم نھم الح ارث ب ن م رة‪ ،‬ومس كنھم البح ر‪ ،‬وأن‬

‫الم ردة م ن بيض ة أخ رى‪ ،‬ومس كنھم جزائ ر البح ر‪ ،‬وأن الغ يالن م ن بيض ة أخ رى‪ ،‬مس كنھم‬

‫الخرابات والفلوات‪ ،‬وأن السعالى من بيضة أخرى‪ ،‬ومس كنھا الجب ال‪ ،‬وأن الوس اويس م ن بيض ة‬

‫أخ رى‪ ،‬س كنوا الھ واء ف ي ص ورة الحي ات ذوات األجنح ة‪ ،‬يطي رون ھن اك‪ ،‬وم ن بيض ة أخ رى‬
‫)‪(354‬‬
‫الدواسق‪ ،‬ومن أخرى الحماميص"‪.‬‬

‫وقد ذكر ال دميري‪ّ " :‬‬


‫أن الج ﱠن ي أكلون ويش ربون‪ ،‬ويتن اكحون‪ ،‬كم ا تفع ل اإلن س‪ ،‬وظ اھر‬

‫العمومات أن جميع الجن كذلك‪ ،‬وھو رأي قوم‪ ،‬ثم اختلفوا‪ ،‬فقال بعضھم‪ " :‬أكلھ م وش ربھم تش مم‬

‫‪ -‬ﺁﻜﺎﻡ ﺍﻟﻤﺭﺠﺎﻥ ﻓﻲ ﻏﺭﺍﺌﺏ ﺍﻷﺨﺒﺎﺭ ﻭﺃﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﺠﺎﻥ‪ ،‬ﺹ‪ ،24‬ﻏﺭﺍﺌﺏ ﻭﻋﺠﺎﺌﺏ ﺍﻟﺠﻥ ﻭﺍﻟﺸﻴﺎﻁﻴﻥ‪ ،‬ﺹ‪.31‬‬ ‫‪351‬‬

‫‪ -‬ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ‪.185/1 ،‬‬ ‫‪352‬‬

‫‪-‬ﺍﻷﻟﺒﺎﻨﻲ‪ ،‬ﻤﺤﻤﺩ ﻨﺎﺼﺭ ﺍﻟﺩﻴﻥ‪ :‬ﺼﺤﻴﺢ ﺍﻟﺠﺎﻤﻊ ﺍﻟﺼﻐﻴﺭ ﻭﺯﻴﺎﺩﺘﻪ ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﻜﺒﻴﺭ‪ ،‬ﻁ‪ ،3‬ﺍﻟﻤﻜﺘـﺏ ﺍﻹﺴـﻼﻤﻲ‪ ،‬ﺒﻴـﺭﻭﺕ‬ ‫‪353‬‬

‫‪1988‬ﻡ‪ ،85/3 ،‬ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ‪.185/1 ،‬‬


‫‪ -‬ﻤﺭﻭﺝ ﺍﻟﺫﻫﺏ‪ ،138/2 ،‬ﻤﻭﺴﻭﻋﺔ ﺃﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻋﻥ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﻭﺩﻻﻻﺘﻬﺎ‪.18-17/2 ،‬‬ ‫‪354‬‬

‫‪67‬‬
‫واسترواح‪ ،‬ال مضغ وال بلع‪ ،‬وقال أكثرھم مضغ وبلع‪ ،‬وذھب قوم إلى أن جمي ع الج ن ال ي أكلون‬

‫أن ص نفا ً م نھم ي أكلون ويش ربون‪ ،‬وص نفا ً ال‬


‫وال يش ربون‪ ،‬وھ ذا ق ول س اقط‪ ،‬وذھ ب ق وم إل ى ّ‬

‫ي أكلون وال يش ربون‪ ،‬وأخ رج اب ن جري ر ع ن وھ ب ب ن منب ه‪ ،‬أن ه س ئل ع ن الج ن‪ :‬ھ ل ي أكلون‬

‫ويش ربون ويموت ون ويتن اكحون‪ ،‬فق ال‪ :‬ھ م أجن اس‪ .‬فأم ا خ الص الج ن فھ م ري ح‪ ،‬ال ي أكلون وال‬

‫يش ربون‪ ،‬وال يموت ون وال يتوال دون‪ ،‬وم نھم أجن اس ي أكلون ويش ربون‪ ،‬ويموت ون‬
‫)‪(355‬‬
‫ويتناكحون"‪.‬‬

‫وقد اَتّضح من خالل قصة "ج ذع ب ن س نان الغ ّس اني")‪ (356‬أنھ م ي أكلون ويش ربون‪ ،‬ألنھ م‬

‫َحلّوا ضيوفا ً على الشاعر‪ ،‬وأكرمھم‪ ،‬ونحر لھم‪ ،‬ودعاھم إلى الطعام‪ ،‬إالّ أنھم ت رددوا ف ي تناول ه‪،‬‬
‫)الوافر(‬ ‫)‪(357‬‬
‫فأل ّح عليھم‪ ،‬وقال مصوراً ذلك‪:‬‬

‫ھيت لَ ُكم َسماحا‬


‫ُكلوا ِمما طَ ُ‬ ‫رت لھم‪َ ،‬وقُ ُ‬
‫لت‪ :‬أالَ ھَل ّم ُوا‬ ‫نَ َح ُ‬

‫ت لھم بِھا َع َسالً و َراحا‬


‫َمزَجْ ُ‬ ‫فَنَا َزعَني ﱡ‬
‫الز َجاجةَ بَع َد َو ْھ ٍن‬

‫فالشاعر يترك المجال مفتوحا ً أمام القارئ‪ ،‬ولم يذكر إجابة الجن لدعوته‪ ،‬وما ذاك إالّ ليبين‬

‫اختالف العرب في طعام الجن وشرابھم‪ .‬ويشير إلى تلك المعتقدات شاعر أخر ھو شمير ابن‬
‫)‪(358‬‬
‫)الوافر(‬ ‫الحارث الضبي بقوله‪:‬‬

‫َس الطَعاما‬
‫َز ِعي ٌم نَحْ ِس ُد اإلن َ‬ ‫الطعام‪ ،‬فقا َل ِمنھُم‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫فقلت إلى‬

‫ك يَعْقبُ ُكم ِسقَاما‬ ‫َولَ ْ‬


‫كن ذا َ‬ ‫لقد فُضﱢ لتم باألَك ِل فينا‬

‫ِآلكل ِه النﱠقاصةَ والسﱠقاما‪.‬‬ ‫فإن فيه‬ ‫أَ ِم ْ‬


‫ط عنّا الطعا َم ﱠ‬

‫‪-‬ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ‪ ،192/1‬ﺍﻟﺤﻭﺕ‪ :‬ﻓﻲ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﻤﻴﺜﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﺹ‪.217‬‬ ‫‪355‬‬

‫ﺏ ﻟﺒﺎﺏ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﺘﺤﻘﻴﻕ‬


‫‪ -‬ﺠﺫﻉ ﺒﻥ ﺴﻨﺎﻥ ﺍﻟﻐﺴّﺎﻨﻲ‪ :‬ﺸﺎﻋﺭ ﺠﺎﻫﻠﻲ ﻗﺩﻴﻡ‪ ،‬ﺍﻟﺒﻐﺩﺍﺩﻱ‪ ،‬ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ‪ :‬ﺨﺯﺍﻨﺔ ﺍﻷﺩﺏ َﻭﹶﻟ ّ‬ ‫‪356‬‬

‫ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻤﺤﻤﺩ ﻫﺎﺭﻭﻥ‪ -‬ﻁ‪ -4‬ﻤﻜﺘﺒﺔ ﺍﻟﺨﺎﻨﺠﻲ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ‪1420 ،‬ﻫـ‪2000 -‬ﻡ‪.180/6 ،‬‬
‫‪ -‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪.352/2 ،‬‬ ‫‪357‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،482/4 ،‬ﻭ‪ ،197-196/6‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪.350/2 ،‬‬ ‫‪358‬‬

‫‪68‬‬
‫فق د رف ض ض يوف الش اعر تن اول الطع ام‪ ،‬وبين وا ل ه س بب ذل ك‪ ،‬فھ م يحس دون اإلن س‪،‬‬

‫ويرون أن الطعا َم سبب المرض والمذلة‪ ،‬وھذا يثبت ما ذھب إليه الشبلي والدميري وغيرھم‪ ،‬م ن‬

‫خالف حول أكل الجن وشربھم‪.‬‬

‫ولم يكتف المؤلفون بذلك‪ ،‬بل أنزلوا الجن مرات ب‪ ،‬ف إذا ذك روا الجن ّي س الماً‪ ،‬ق الوا جن ّي‪،‬‬

‫فإذا أرادوا أنّه ممن َسكن مع الناس‪ ،‬قالوا عامر‪ ،‬والجمع ُع ّمار‪ ،‬وإن كان ممن يع رض للص بيان‪،‬‬
‫فھم أرواح‪ ،‬فإن خبث أح دھم وتع رّم‪ ،‬فھ و ش يطان‪ ،‬ف إذا زاد عل ى ذل ك فھ و م ارد‪ ،‬ف إن زاد عل ى‬

‫ذلك في القوة‪ ،‬فھو عفريت‪ ،‬والجمع عفاريت‪ ،‬فإن طَھُ َر ونظُ ف ونقِ ي فھ و َملَ ك)‪" ،(359‬وجم يعھم‬

‫وخواف")‪ ،(360‬وقد عرض القرآن الكريم لكثير من ھذه االنواع‪ ،‬من ذل ك م ثالً‪ ،‬قول ه تع الى‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫ِج ﱞن‬
‫ً ﻣﻦ آﻞ ﺷﻴﻄﺎن ﻣﺎرد")‪ (361‬وقول ه تع الى‪ " :‬ﻗﺎل ﻋﻔﺮﻳـﺖ ﻣـﻦ‬
‫" وﺣﻔﻈﺎ‬

‫اﻟﺠﻦ")‪ ،(362‬وقد أشار الشاعر أعشى باھله الى أن الجن ھم الخوافي ال ذين ال يظھ رون‪ ،‬بقول ه‬
‫)‪(363‬‬
‫مص وراً جرأت ه وقدرت ه عل ى اقتح ام الص حراء الت ي ال أث ر فيھ ا لغي ر الج ن‪:‬‬
‫)البسيط(‬

‫وال يُ َحسﱡ خال الخَافِي ِبھا أَ◌َ ث ُر‬ ‫يَ ْمشي ِببَيْدا َء ال ي ْمشي ِبھا أَ َح ٌد‬

‫وج اء ف ي األخب ار ّ‬
‫أن الج ﱠن ھ م س كان األرض‪ ،‬قب ل الن وع البش ري‪ ،‬أربع ون فرق ة‪ ،‬ك ل‬

‫فرقة ستمائة ألف‪ ،‬أكثروا في األرض فساداً‪ ،‬وث اروا عل ى اآللھ ة‪ ،‬فالحق تھم المالئك ة‪ ،‬وح اربتھم‬

‫ثم شتتتھم‪ ،‬وطردتھم إلى أطراف الجزائر المھجورة‪ ،‬بعد أن أسرت منھم الكثير‪ ،‬كل ذلك وآدم ل م‬

‫يخلق بعد )‪.(364‬‬

‫‪-‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪.191-190/6 ،‬‬ ‫‪359‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪.190/6 ،‬‬ ‫‪360‬‬

‫‪ - 361‬ﺍﻟﺼﺎﻓﺎﺕ‪ ،‬ﺁﻴﺔ ‪.7‬‬


‫‪- 362‬‬
‫ﺍﻟﻨﻤل‪ ،‬ﺁﻴﺔ ‪.39‬‬
‫‪-‬ﺍﻟﻘﺭﺸﻲ‪ ،‬ﺃﺒﻭ ﺯﻴﺩ ﻤﺤﻤﺩ ﺒﻥ ﺃﺒﻲ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ‪ :‬ﺠﻤﻬﺭﺓ ﺃﺸﻌﺎﺭ ﺍﻟﻌـﺭﺏ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺼﺎﺩﺭ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪ ،‬ﺩ‪.‬ﺕ‪ ،‬ﺹ‪ ،255‬ﺍﻟﺤﻴـﻭﺍﻥ‪،‬‬ ‫‪363‬‬

‫‪.190/6‬‬
‫‪ -‬ﻤﺩﺨل ﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ﺍﻟﻔﻭﻟﻜﻭﺭ ﻭﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ‪ ،‬ﺹ‪.65‬‬ ‫‪364‬‬

‫‪69‬‬
‫وقد أشار بعض ال ُكتّاب إلى ملك الجن األحمر أو األحمر فقط‪ ،‬ال ذي يع د أح د مل وك الج ن‬
‫السبعة الذي يأتمر بأمره نفر كبير من الجن الحمر الذين يُع ﱡدون أش ﱠر أنواع الجن‪ ،‬وأكثرھم أذى‬

‫)‪(365‬‬
‫وأشدھم خطراً‪.‬‬

‫واألع راب تجع ل الخ وافي والمس تجنات‪ ،‬م ن قب ل أن ترت ب المرات ب جنس ين‪ ،‬يقول ون ِج ﱡن‬
‫)‪(367‬‬
‫)السريع(‬ ‫و ِح ﱞن‪ (366)،‬بالجيم والحاء‪ ،‬وينشدون‪:‬‬

‫وج ّْن‬
‫لف نَجواھُم ِح ﱞن ِ‬
‫ُمختَ ِ◌ ٍ‬ ‫أَ ُ‬
‫بيت أ ْھ ِوي في شياطينَ تُ ِر ْن‬

‫الج ﱠن‬ ‫الج ّن‪ ،‬يقال‪ :‬منھم الكالب الس ود ال بُھم‪ ،‬وقي ل‪ِ " :‬‬
‫الح ﱡن‪ :‬ض ربٌ ِم نَ ِ‬ ‫والح ﱡن بالكسر‪ :‬ﱞ‬
‫حي ِمنَ ِ‬ ‫ِ‬

‫وج ﱠن"‪ ،‬والحنﱢ ُ◌‪َ :‬سفَلةُ ِ‬


‫الج ﱠن وض عفاؤھم‪ ،‬وقي ل الس ود م ن الك الب‬ ‫وأنشد‪ ":‬يلعبن حولي من ِح ﱠن ِ‬
‫الح ﱡن)‪ .(368‬والسو ُد أقوى؛ ألن السواد أجمع للقوى الشيطانية‪.‬‬
‫الجن‪ ،‬والبقع منھا ِ‬

‫وج ﱠن‪ ،‬وھ م يتف اوتون ق وة‪ ،‬فم نھم الجن ﱡي‪،‬‬ ‫ح ِ◌نًّ ‪ ،‬وھ م َ‬
‫ض َعفةُ الج ﱠن‪ِ ،‬‬ ‫ثم صنفوا الجن إل ى ِ‬
‫الح ﱡن)‪ ،(369‬ويتضح ذلك من خالل قول أعشى س ليم‪ ،‬نافي ا ً كون ه‬
‫والج ﱡن إذن فوق ِ‬
‫وفوقه الشيطان‪ِ ...‬‬
‫من الجن‪ ،‬حتى ولو كان خافياً‪ ،‬مما يثب ت أن ھن اك م ن الخ وافي‪ ،‬م ا ھ و أعل ى مرتب ة م ن الج ن‪:‬‬
‫)‪(370‬‬

‫)الطويل(‬ ‫اس في ُع ْنص ِ‬


‫ُر البَ َش ِر‬ ‫ْت ِمن النﱠ ْسنَ ِ‬
‫َولَس ُ‬ ‫ت َخافِيا ً‬
‫فما أنا ِم ْن ِج ﱟن إذا ُك ْن ُ‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺒﺎﺵ‪ ،‬ﺤﺴﻥ‪ :‬ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﺩﺍﺕ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺭﺍﺙ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪ ،‬ﺹ ‪.60‬‬ ‫‪365‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪.193/6 ،292/1 ،‬‬ ‫‪366‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺘﻠﻤﺱ ﺍﻟﻀﺒﻌﻲ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺸﺭﺡ ﻭﺘﺤﻘﻴﻕ ﻤﺤﻤّـﺩ ﺍﻟﺘـﻭﻨﺠﻲ ‪-‬ﻁ‪ -1‬ﺩﺍﺭ ﺼـﺎﺩﺭ‪ ،‬ﺒﻴـﺭﻭﺕ‪1998 ،‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪،186‬‬ ‫‪367‬‬

‫ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،292/1 ،‬ﻭ‪.193/6‬‬


‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،291/1 :‬ﻤﻭﺴﻭﻋﺔ ﺃﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻋﻥ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﻭﺩﻻﻻﺘﻬﺎ‪ ،9/2 ،‬ﺍﻟﻤﺘﻠﻤﺱ ﺍﻟﻀﺒﻌﻲ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.186‬‬ ‫‪368‬‬

‫‪-‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪.293/1 ،‬‬ ‫‪369‬‬

‫‪-‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪193/6 ،‬‬ ‫‪370‬‬

‫‪70‬‬
‫ول م يكتف وا ب ذلك‪ ،‬ب ل جعل وا الج ن قبائ ل وعش ائر‪ ،‬ولھ م س ادة ورؤس اء وعظم اء‪ ،‬وم ن‬
‫قبائلھم "بنو غزوان")‪ ،(371‬ومنھم "بنو الشيص بان"‪ ،‬وھ م أكث ر الج ن ع دداً وأق واھم ش وكة )‪،(372‬‬
‫)‪(373‬‬
‫وھم عامة جنود إبليس الذين كان لِ َحسان بن ثابت صاحبٌ منھم‪ ،‬فھو يقول‪:‬‬

‫صبان فَطَوراً أقو ُل َوطَوراً ھُ َوه )المتقارب(‬


‫صاحبٌ ِم ْن بَني ال َش ْي َ‬
‫ِ‬ ‫َولِي‬

‫)‪(374‬‬
‫ومن قبائلھم بنو زوبعة الجني‪ ،‬وھم أصحاب الرھج والقتام والتنوير‪ ،‬يقول الراجز في ذلك‪:‬‬

‫)الرجز(‬ ‫ه‬
‫ش اللﱠيل‪َ ،‬وفِي ِ‬
‫ْھم ز َْوبَعه‬ ‫في َغبَ ِ‬ ‫إن الشياط ِينَ أَت َْوني أَرْ بَ َع ْه‬
‫ّ‬

‫ومن القبائ ل "آل الع ذام" ال ذين ك انوا ب أرض الش ام‪ ،‬وك ان م نھم "شص ار" رئ ي "خن افر‬

‫الحميري"‪ ،‬ومن قبائلھم‪ ،‬بنو مالك)‪ ،(375‬ومنھم "بنو أُقيش" الذين ذكرھم النابغة في شعره‪ ،‬وذل ك‬
‫)‪(376‬‬
‫بقوله واصفا ً فرسهُ‪:‬‬

‫يُقَ ْعقَ ُع ْ‬ ‫مال بَني أُقَ ْي ٍ‬


‫َكأَنّك ِم ْن ِج ِ‬
‫)‪(377‬‬
‫)الوافر(‬ ‫خَلفَ ِرجْ لَي ِه ِبشَنﱢ‬ ‫ش‬

‫)‪(378‬‬
‫)الوافر(‬ ‫وقد ذكرھم لبيد بن ربيعة بقوله‪:‬‬

‫ي بَني أُقَ ْي ٍ‬
‫)‪(379‬‬
‫إذا ما جئتَ نا ِديَھُم تُھا ُل‬ ‫ش‬ ‫كأنّي في نَد ﱠ‬

‫)‪(380‬‬
‫وھذا األعشى يذكر اسم شيطانه في شعره‪ ،‬فيقول‪:‬‬

‫‪ -‬ﺩﺍﻭﺩ‪ ،‬ﺠﺭﺠﺱ ﺩﺍﻭﺩ‪ :‬ﺃﺩﻴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ )ﻭﻭﺠﻬﻬﺎ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻱ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤـﺎﻋﻲ( –ﻁ‪ -1‬ﺍﻟﻤﺅﺴﺴـﺔ ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﻴـﺔ‬ ‫‪371‬‬

‫ﻟﻠﺩﺭﺍﺴﺔ ﻭﺍﻟﻨﺸﺭ ﻭﺍﻟﺘﻭﺯﻴﻊ‪1402 ،‬ﻫـ‪1981-‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪.354‬‬


‫‪ -‬ﺍﻟﻘﺭﻁﺒﻲ‪ :‬ﺍﻟﺠﺎﻤﻊ ﻷﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﻘﺭﺁﻥ‪.3/19 ،‬‬ ‫‪372‬‬

‫‪ -‬ﺤﺴﺎﻥ ﺒﻥ ﺜﺎﺒﺕ‪ :‬ﺸﺭﺡ ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪-‬ﻁ‪ -1‬ﻀﺒﻁﻪ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺤﻤﻥ ﺍﻟﺒﺭﻗﻭﻗﻲ‪ ،‬ﺭﺍﺠﻌﻪ ﻴﻭﺴﻑ ﺍﻟﺸﻴﺦ‪ ،‬ﻤﺤﻤﺩ ﺍﻟﺒﻘـﺎﻋﻲ‪ ،‬ﺩﺍﺭ‬ ‫‪373‬‬

‫ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪ ،‬ﻟﺒﻨﺎﻥ‪1424 ،‬ﻫـ‪2004 -‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪.296‬‬


‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪.231/6 ،‬‬ ‫‪374‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪.631/2 ،‬‬ ‫‪375‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻨﺎﺒﻐﺔ ﺍﻟﺫﺒﻴﺎﻨﻲ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨـﻪ‪ ،‬ﺸﺭﺡ ﻭﺘﻌﻠﻴﻕ ﺤﻨﺎ ﻨﺼﺭ ﺍﻟﺤﺘﻲ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻌﺭﺒـﻲ‪ ،‬ﺒﻴـﺭﻭﺕ‪1416 ،‬ﻫــ‪1996-‬ﻡ‪،‬‬ ‫‪376‬‬

‫ﺹ‪.194‬‬
‫‪ -377‬ﺠﻤﺎل ﺒﻨﻲ ﺃﻗﻴﺵ‪ :‬ﺠﻤﺎل ﻏﻴﺭ ﻋﺘﺎﻕ‪ ،‬ﺘﻨﻔﺭ ﻤﻥ ﻜل ﺸﻲﺀ‪ ،‬ﻗﻌﻘﻊ ﺍﻟﺸﻲﺀ‪ :‬ﺼﻭﺕ‪ ،‬ﻴﻘﻌﻘﻊ ﻟﻪ ﺒﺎﻟﺸﻨﺎﻥ‪ :‬ﻴﺭﻭﻋﻪ ﻤﺎ ﻻ ﺤﻘﻴﻘﺔ‬
‫ﻟﻪ‪.‬‬
‫‪ -‬ﻟﺒﻴﺩ ﺒﻥ ﺭﺒﻴﻌﺔ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺸﺭﺡ ﺍﻟﻁﻭﺴﻲ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪ ،‬ﻟﺒﻨﺎﻥ‪1424 ،‬ﻫـ‪2004 -‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪.149‬‬ ‫‪378‬‬

‫ﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﺠﻥ‪ ،‬ﺘﹸﻬﺎل‪ :‬ﻴﺼﻴﺒﻙ ﺍﻟﻬﻭل ﻭﺍﻟﺨﻭﻑ‪.‬‬


‫‪ -‬ﺒﻨﻭ ﺃﻗﻴﺵ‪ :‬ﻗﻴل ﺤ ﱡ‬ ‫‪379‬‬

‫‪71‬‬
‫ُجھُنّا َم َج ْدعا ً لِ ْلھَ ِج ِ‬
‫ين ال ُم َذ ّم ِم )الطويل(‬ ‫ْحالً َودَعوا لَهُ‬ ‫َدعَوْ ُ‬
‫ت َخلِيْلي ِمس ِ‬

‫وم ن الش ياطين ال ذين ذك رت أس ماؤھم ف ي الجاھلي ِة "دح رش" ال ذي ك انَ أب ا ً لقبيل ة م ن‬

‫الجن‪ ،‬ومن الشياطين الذين ذكروا في اإلسالم‪ ،‬وفد نصيبين الذين أتوا مكة إلى رسول ﷲ "ص لى‬

‫وجن نينوى الذين أتوه بنخلة )‪،(381‬وأشار الشعراء إلى الزواج المرك ب ال ذي ت ّم‬
‫ﱡ‬ ‫ﷲ عليه وسلم" ‪،‬‬

‫بين اإلنس والجن‪ ،‬فَتَسّمت بعض القبائل باسم الجن‪ ،‬مثل بني يربوع الذين تَس ﱠموا ببني السعالة‪،‬‬

‫)‪(382‬‬
‫)الرجز(‬ ‫وھذا ما جاء في ھجاء علياء بن أرقم لبني تميم ‪:‬‬

‫رار النﱠا ِ‬
‫ت‬ ‫َع ْمر َو بِنَ يَرْ بو َع ِش َ‬ ‫يا قات َل ﷲُ بنَي ال ﱢسعْالة‬

‫ال َوالَ أَ ْكيا ِ‬


‫ت‬ ‫ليسوا بِأ َ ْبطَ ٍ‬

‫وجاء في قصة بلقيس "أن والدھا تزوج امرأة من الجن‪ ،‬يقال لھا‪" :‬ريحانة بن ت الس كن"‪ ،‬فول دت‬

‫بلقيس‪َ ،‬وتُ َس ّمى )بَ ْلقَم ة( ")‪ ،(383‬ويؤك دون ذل ك‪ ،‬ب أنھم يزعم ون أن للج ن أنس ابا ً وص الت قراب ة‪،‬‬

‫وروابط أس رية وعالق ات أخوي ة‪ ،‬وليس ت مخلوق ات‪ ،‬ال يع رف لھ ا نس ب أو أص ل‪ ،‬فق د ورد ف ي‬
‫)‪(384‬‬
‫قول جذع بن سنان الغساني‪:‬‬

‫)الوافر(‬ ‫َوقَ ْد َج ﱠن ال ﱡد ّجى واللي ُل الَحا‬ ‫أتَاَني "قَا ِش ٌر" َوبَنُو أَبي ِه‬

‫فالشاعر يبين النظام األسري االجتماعي للجن‪ ،‬إذ كان لھم زع يم ين وب ع نھم‪ ،‬وي أتمرون ب أمره‪،‬‬
‫ش أنھم ف ي ذل ك ش أن اإلن س‪ ،‬ال يخرج ون إالّ جماع ات‪ .‬ويض رب عل ى ال وتر نفس ه‬
‫)‪(385‬‬
‫الشاعر شمير بن الحارث الضبي‪ ،‬بقوله‪:‬‬

‫)الوافر(‬ ‫ظالما‬ ‫الجنﱢ ‪ ،‬قُ ْل ُ‬


‫ت‪ِ :‬ع ُموا َ‬ ‫سُراةُ ِ‬ ‫أَتَوا ناري فَقُ ْل ُ‬
‫ت‪َ :‬منُونَ ؟ قالوا‪:‬‬

‫‪-‬ﺍﻷﻋﺸﻰ‪ ،‬ﻤﻴﻤﻭﻥ ﺒﻥ ﻗﻴﺱ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺼﺎﺩﺭ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪ ،‬ﺩ‪.‬ﺕ‪ ،‬ﺹ ‪183‬‬ ‫‪380‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻘﺭﻁﺒﻲ‪ :‬ﺍﻟﺠﺎﻤﻊ ﻷﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﻘﺭﺁﻥ‪ ، 3/19 ،‬ﺘﻔﺴﻴﺭ ﺴﻭﺭﺓ ﺍﻟﺠﻥ‪.‬‬ ‫‪381‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،161/6 ،‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪ ،341/2 ،‬ﺍﻟﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪.715/6 ،‬‬ ‫‪382‬‬

‫‪ -‬ﻤﻭﺴﻭﻋﺔ ﺃﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻋﻥ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﻭﺩﻻﻻﺘﻬﺎ‪.45/2 ،‬‬ ‫‪383‬‬

‫‪ -‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪.352/2 ،‬‬ ‫‪384‬‬

‫ﻋﻤُﻭﺍ ﺼﺒﺎﺤﺎﹰ‪ ،‬ﻟﺠـﺫﻉ ﺒـﻥ ﺴـﻨﺎﻥ‬


‫ﺕ‪ِ :‬‬
‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،171/6 ،‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪ ،350/2 ،‬ﻜﻤﺎ ﻭﺭﺩ ﺒﺭﻭﺍﻴﺔ ﻗﺎﻟﻭﺍ‪ :‬ﺍﻟﺠﻥﱡ‪ ،‬ﻗﻠ ﹸ‬ ‫‪385‬‬

‫ﺍﻟﻐﺴّﺎﻨﻲ‪ ،‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪.352/2 ،‬‬

‫‪72‬‬
‫الج ﱠن‪ ،‬ذوات الحيوات المس تقرة‪ ،‬فمنھ ا ج ن‬
‫ويكشف البيت نفسه عن إيمان راسخ بطوائف ِ‬
‫المدر‪ ،‬وجن الوبر‪ ،‬ومنھا من يس ير ل يال‪ ،‬وم ن يس ير نھ اراً‪ ،‬فق د ك ان ض يوف الش اعر م ن س ادة‬

‫الجن‪ .‬وقد أورد الج احظ قص ة "س عيد ب ن خال د" ال ذي ك ان يم وت نص ف س نة‪ ،‬ويص حو نص ف‬

‫نت ِم ْلحان سﱢيد الجن")‪ ،(386‬مما يؤك د أن لھ م‬


‫سنة‪ ،‬فلما سئل‪ ،‬أجابت امرأة على لسانه‪" :‬أنا ُرقَيّةُ بِ ُ‬

‫سادة وزعماء ورؤساء‪.‬‬

‫وزعموا أن شياطين بعض المناطق أكثر عدداً وقوة من غيرھ ا‪ ،‬فق الوا‪" :‬إن الع دد والق وة‬

‫ف ي الج ن والش ياطين لنازل ة الش ام والھن د‪ ،‬وأن عظ يم ش ياطين الھن د‪ ،‬يق ال ل ه تنك وير‪ ،‬وعظ يم‬
‫)‪(387‬‬
‫شياطين الشام‪ ،‬يقال له دركاذاب"‪.‬‬

‫نالحظ أن عالم الجن ‪ -‬فيما زعم الجاھليون‪ -‬أشبه ما يكون بع الم البش ر‪ ،‬خاص ة ب العرب‪،‬‬

‫فيھم قبائل وعشائر‪ ،‬ولھم زعماء وسادة‪ ،‬يتحالفون ويتفاخرون‪.‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪.171/6 ،‬‬ ‫‪386‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،232/6 ،‬ﻋﺒﻘﺭ‪ ،‬ﺹ‪58-57‬‬ ‫‪387‬‬

‫‪73‬‬
‫المبحث الثالث‬

‫تشكالت الجن وتلوناتھا‬

‫ورد في تعريف الجن" أنھا أجسام ھوائية‪ ،‬قادرة على التشكل بأشكال مختلف ة")‪ ،(388‬فھ ي‬

‫غير متحددة بھيئة واحدة‪ ،‬وإنّم ا يتط ورون‪ ،‬ويتش كلون ف ي ص ور اإلن س والبھ ائم‪" ،‬فيتص ورون‬

‫ف ي ص ور الحي ات والعق ارب‪ ،‬وف ي ص ور اإلب ل والبق ر‪ ،‬والغ نم والخي ل‪ ،‬والبغ ال والحمي ر‬
‫والطي ر")‪ .(389‬فق د ظھ ر إبل يس بص ور متع ددة‪ ،‬فت ارة ف ي ص ورة "دحي ة ب ن خليف ة الكلب ي"‪،‬‬

‫وأخرى في صورة "سُراقة بن مالك بن جعشم"‪ ،‬ويروى أنه تمثل في صورة ش يخ نج دي‪ ،‬وج اء‬
‫)‪(390‬‬
‫قريشا ً بھذه الھيئة‪.‬‬

‫كما يروى أنه تصور لفرعون بمصر في الحمام بصورة اإلنس‪ ،‬فأنكره فرعون‪ ،‬فق ال ل ه‬

‫إبل يس‪ :‬ويح ك‪ ،‬أم ا تعرفن ي؟ ق ال‪ :‬ال‪ ،‬ق ال‪ :‬فكي ف وأن ت خلقتن ي‪ ،‬ألس ت القائ ل‪ :‬أن ا ربك م‬

‫األعلى؟)‪ .(391‬ويثبت ذلك ما ذكره عمار بن ياسر عن نفس ه‪ ،‬ق ائالً‪" :‬أرس لني رس ول ﷲ إل ى بئ ر‬

‫استقي منھا‪ ،‬فرأيت الشيطان في صورته‪ ،‬فص ارعني فص رعته‪ ،‬ث م جعل ت أدم ي أنف ه بفھ ر ك ان‬
‫)‪(392‬‬
‫معي أو حجر"‪.‬‬

‫وتبدو الحي ة بص ورة الرئ ي ال ذي يخب ر حج راً "آك ل الم رار" بم ا حاول ت امرأت ه إخف اءه‬
‫عليه‪ ،‬إذ ورد " أن ه ك ان نائم ا ف ي ي وم الب ردان‪ ،‬ف إذا بثعب ان أس ود يظھ ر‪ ،‬وزوج ه ت راه‪ ،‬فيھ وي‬

‫عليه يريد عضّه‪ ،‬وھو يتحرك فال ينيله من نفسه‪ ،‬والم رأة ال ت زال ت رى‪ ،‬وترج و أن ي تّم الع ض؛‬

‫ليموت الملك كما تريد‪ ،‬حتى إذا رأى الثعبان عسﱠ الملك المملو َء لبناً‪ ،‬سعى إليه‪ ،‬وشربه ثم م ّج ه‪،‬‬
‫فقال ت‪ :‬يس تيقظ‪ ،‬فيش رب‪ ،‬فيم وت‪ ،‬فأس تريح‪ ،‬ولم ا انتب ه حج ر َجلَ ب ال ِع سﱠ ‪ ،‬ول م يك د يرفع ه إل ى‬

‫‪ -‬ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ‪185/1 ،‬‬ ‫‪388‬‬

‫‪ -‬ﺃﺨﺒﺎﺭ ﻤﻜﺔ‪ ،16-15/2 ،‬ﺁﻜﺎﻡ ﺍﻟﻤﺭﺠﺎﻥ‪ ،‬ﺹ‪ ،25‬ﻤﻭﺴﻭﻋﺔ ﺃﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻋﻥ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﻭﺩﻻﻻﺘﻬﺎ‪.22/2 ،‬‬ ‫‪389‬‬

‫‪ -‬ﺁﻜﺎﻡ ﺍﻟﻤﺭﺠﺎﻥ ﻓﻲ ﻏﺭﺍﺌﺏ ﺍﻷﺨﺒﺎﺭ ﻭﺃﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﺠﺎﻥ‪ ،‬ﺹ‪ ،25‬ﻭﺹ‪ ،280‬ﻓﻲ ﻁﺭﻴـﻕ ﺍﻟﻤﻴﺜﻭﻟﻭﺠﻴـﺎ ﻋﻨـﺩ ﺍﻟﻌـﺭﺏ‪،‬‬ ‫‪390‬‬

‫ﺹ‪.223‬‬
‫‪ -‬ﺍﻟﺜﻌﻠﺒﻲ‪ ،‬ﺃﺒﻭ ﺍﺴﺤﺎﻕ ﺃﺤﻤﺩ ﺒﻥ ﻤﺤﻤﺩ ﺒﻥ ﺇﺒﺭﺍﻫﻴﻡ ﺍﻟﻨﻴﺴﺎﺒﻭﺭﻱ‪ :‬ﻗﺼﺹ ﺍﻷﻨﺒﻴﺎﺀ )ﻋـﺭﺍﺌﺱ ﺍﻟﻤﺠـﺎﻟﺱ(‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘـﺏ‬ ‫‪391‬‬

‫ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪ -‬ﻟﺒﻨﺎﻥ‪1414 ،‬ﻫـ‪1994 -‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪.42‬‬


‫‪ -‬ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ‪ ،189/1 ،‬ﻏﺭﺍﺌﺏ ﻭﻋﺠﺎﺌﺏ ﺍﻟﺠﻥ ﻜﻤﺎ ﻴﺼﻭﺭﻫﺎ ﺍﻟﻘﺭﺁﻥ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ‪ ،‬ﺹ‪.146‬‬ ‫‪392‬‬

‫‪74‬‬
‫شفتيه حتى اضطربت يداه‪ ،‬وأريق اللبن‪ ،‬فنظ ر إليھ ا؛ ليس ألھا ع ن الثعب ان‪ ،‬أي ن ذھ ب‪ ،‬فقال ت م ا‬

‫رأيته‪ ،‬فقال‪ :‬كذبت وﷲ؛ فيبدو أنه تكھن‪ ،‬أو لعل الثعبان كان رئيه فأخبره")‪.(393‬‬

‫ويتضح ذلك من خالل قصة عبيد بن األب رص ال ذي الق ى ش جاعاً‪ ،‬يتقل ب ف ي الص حراء‪،‬‬

‫فسقاه ماء‪ ،‬ث م مض ى ف ي طريق ه‪ ،‬فأض اع بعي ره‪ ،‬فق ّدم ل ه الش جاع بعي راً؛ ليركب ه ففع ل‪ ،‬وعن دما‬
‫)‪(394‬‬
‫)البسيط(‬ ‫سأله عن نفسه‪ ،‬أجابه‪:‬‬

‫ار َوأَعقَا ِد‬


‫في قَ ْفر ٍة بَين أحْ َج ٍ‬ ‫ضا ً‬ ‫أنا ال ﱡش َجا ُ‬
‫ع الذي ألفيتَهُ َر ِم َ‬

‫فقد تمثل له الھاتف بصورة شجاع‪ ،‬مما يؤكد إمكانية تل ّون الجن وتشكلھا‪ .‬ويؤك د تل ك اإلمكاني ة م ا‬

‫حدث مع ) مالك بن حريم الدالني( وجماعته ال ذين أث اروا ش جاعاً‪ ،‬فأقب ل حت ى دخ ل رح ل مال ك‪،‬‬

‫واستنجد به‪ ،‬فأنقذه مالك‪ ،‬وأخلى س بيله‪ ،‬فم ا ك ان م ن الش جاع إالّ أن أرش دھم إل ى موض ع الم اء‪،‬‬

‫)البسيط(‬ ‫)‪(395‬‬
‫وقال معرفا ً بنفسه ‪:‬‬

‫إن ال ُشكر َم ْقسُو ُم‬


‫ت َذلكَ‪ّ ،‬‬
‫َش َكرْ ُ‬ ‫أنا ال ُشجاع الذي أَن َجيْتَ ِم ْن َرھَ ٍ‬
‫ق‬

‫ويبدو ذلك من خالل ما كانوا يقدمونه من ق رابين للحي ة إذا اعت ّل أح دھم‪ ،‬واعتق دوا أن ب ه‬

‫م ّسا ً من الجن؛ ألنه قتل الحية)‪ ،(396‬ويتجلى ذلك من خالل قصة أمية بن أب ي الص لت‪ ،‬عن دما قت ل‬

‫وجماعته حية اعترض ت ط ريقھم‪ ،‬ف اعترض ط ريقھم حي ة ثاني ة‪ ،‬فَنَفّ رّت إبلَھ م‪ ،‬وبق وا عل ى ھ ذه‬
‫الحال‪ ،‬حتى رأى أمية بن أبي الصلت ش يخاً‪ ،‬فش كا إلي ه حال ه‪ ،‬وك ان جني ا ً ‪ ..‬فعلم ه عب ارة يقولھ ا‬

‫للحي ة إذا ع ادت‪ ،‬وھ ي )باس مك اللھ م( فك ان كم ا ق ال ل ه )‪ ،(397‬وھ ذا يثب ت أن الج ن تتش كل ف ي‬

‫صورة الحية‪ ،‬ويؤكد ذلك أن الجن قتلت حرب بن أمية ثأراً للحية‪ ،‬وقالت فيه شعراَ ً◌‪.‬‬

‫‪ -‬ﺯﻜﻲ‪ ،‬ﺃﺤﻤﺩ ﻜﻤﺎل‪ :‬ﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻘﺩ ﺍﻷﺩﺒﻲ‪-‬ﻁ‪ -1‬ﺍﻟﺸﺭﻜﺔ ﺍﻟﻤﺼﺭﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻟﻠﻨﺸﺭ‪ ،‬ﻟﻭﻨﺠﻤﺎﻥ‪ ،‬ﻟﺒﻨﺎﻥ‪ ،‬ﺹ‪،322‬‬ ‫‪393‬‬

‫ﺍﻟﺘﺸﻜﻴل ﺍﻟﺨﺭﺍﻓﻲ ﻓﻲ ﺸﻌﺭﻨﺎ ﺍﻟﻘﺩﻴﻡ‪ ،‬ﺹ ‪.213‬‬


‫‪ -394‬ﻋﺒﻴﺩ ﺒﻥ ﺍﻷﺒﺭﺹ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺼﺎﺩﺭ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪1418 ،‬ﻫـ ‪1998 -‬ﻡ‪ ،‬ﺹ ‪ ،15‬ﻭﺭﺩ ﻓﻲ ﺠﻤﻬﺭﺓ ﺃﺸﻌﺎﺭ ﺍﻟﻌﺭﺏ‬
‫ﻤﻊ ﺘﻐﻴﻴﺭ ﺒﺴﻴﻁ‪ ،‬ﺹ‪.50‬‬
‫‪ -395‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪363/2 ،‬‬
‫‪ - 396‬المصدر نفسه‪ ،359/2 ،‬المفصل في تاريخ العرب‪.812/6 ،‬‬
‫‪ -397‬ﻤﺭﻭﺝ ﺍﻟﺫﻫﺏ‪.141/2 ،‬‬

‫‪75‬‬
‫ويبدو الجن في صورة شق له يد واحدة‪ ،‬وعين واحدة‪ ،‬ويتضح ذل ك ف ي قص ة علقم ة اب ن‬

‫صفوان الذي تعرّض له الجن في صورة شق‪ ،‬في موضع يقال له )رحا حرمان( وكان معه سيف‬

‫)‪(398‬‬
‫وأخذ يقول ‪:‬‬

‫وإِ ّن لَحْ مي َمأْ ُكولْ‬ ‫ع َْلقَ ُم إِنّي َم ْقتُو ٌل‬

‫ب ُغالَ ٍم َش ْملُولْ‬
‫ضرْ َ‬
‫َ‬ ‫أَضْ ِر ْبھُم بالھ ُْذلُول‬

‫راع بُھلُولْ‬
‫ب ال ﱢذ ِ‬
‫َرحْ َ‬

‫ا ْغ ِم ْد عنّي ِم ُ◌ ْنصُلك‬ ‫ق ما لِ َي ْ‬
‫ولك‬ ‫يا ٍش ﱡ‬ ‫فقال له علقمة‪:‬‬

‫تقتُ ُل َم ْن الَ يقتُلُك‬

‫َكيْما أُبي ُح َم ْقتَلَك‬ ‫ُ‬


‫عبيت لك‬ ‫َعبَ ُ‬
‫يت لك ‪،‬‬ ‫فقال شق‪:‬‬

‫فاصبر لِ َما ق ْد ُح ّم لَك‬

‫فضرب كل واحد منھما اآلخر‪ ،‬فخرّا ميتين‪.‬‬

‫وزعموا أن الغول سُميت ب ذلك؛ "ألنھ ا تتغ ول لھ م‪ ،‬أي تتل ّ‬


‫ون‪ ،‬وتتش كل بص ور ش تى‪ ،‬أو‬
‫)‪(400‬‬
‫ألنھا تغتالھم")‪ ،(399‬قال كعب بن زھير في وصف تل ّون امرأة‪:‬‬

‫)البسيط(‬ ‫كما تَلَ ّو ُن في أَ ْثوا ِبھا ال ُغو ُل‬ ‫حال تَ ُ‬


‫كون ِبھا‬ ‫فما تد ُو ُم على ٍ‬

‫وھ ذا التل ّون وإن ك ان وھم ا ً وخي االً‪ ،‬فإن ه ال ش ك يعك س تص ورات الع رب الج اھليين‬
‫)‪(401‬‬
‫للغول‪ ،‬ويتفق مع ھذا‪ ،‬ما ورد عن عباس بن مرداس ال ﱡسلَمي‪:‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،207-206/6 ،‬ﻤﺭﻭﺝ ﺍﻟﺫﻫﺏ‪.140/2 ،‬‬ ‫‪398‬‬

‫‪ -399‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪.158/6 ،‬‬


‫‪ -400‬ﻜﻌﺏ ﺒﻥ ﺯﻫﻴﺭ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺤﻘﻘﻪ ﻭﺸﺭﺤﻪ ﻭﻗﺩّﻡ ﻟﻪ ﻋﻠﻲ ﻓﺎﻋﻭﺭ‪ -‬ﻁ‪ -1‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺏ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪-‬ﻟﺒﻨﺎﻥ‪1407،‬ﻫــ‪-‬‬
‫‪1987‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪ ،61‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪.159/6 ،‬‬
‫‪ -401‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،161/6 ،‬ﺍﻟﺴﻴﺭﺓ ﺍﻟﻨﺒﻭﻴﻪ‪.72/4 ،‬‬

‫‪76‬‬
‫أَ َ‬
‫)‪(402‬‬
‫)البسيط(‬ ‫ُ‬
‫ألوان‬ ‫ول‬ ‫ت َولَ ُ‬
‫ون ال ُغ ِ‬ ‫َو ْس َ‬
‫ط البيو ِ‬ ‫صابَ ْ‬
‫ت العا َم ِرعالَ ً◌ ُغو ُل قَوْ م ِھم‬

‫وربما ج اءت تس مية الغ ول )خيتع ور(‪ ،‬وھ و ك ل ش يء ال ي دوم عل ى ح ال واح د‪ ،‬وإنم ا يض محل‬
‫)‪(403‬‬
‫)الخفيف(‬ ‫ويتالشى كالسراب‪ ،‬من تلونه وتش ﱡكله‪ ،‬فالشاعر يقول‪:‬‬

‫آيةُ الحُبﱢ ُحبﱡھا َخ ْيتَعو ُر‬ ‫ك ِم ْنھا‬ ‫كلﱡ أُ ْنثَى ْ‬


‫وإن بدا لَ َ‬

‫وقد ظھر الغول في قصة تأبط شراً بصورة كب ٍ‬


‫ش‪َ ،‬ح َمله وعاد به‪ ،‬فإذا ب ه غ ول‪ ،‬فق ال ل ه أص حابه‬
‫)الطويل(‬ ‫)‪(404‬‬
‫‪":‬لقد تأبطت شراً" فقال في ذلك ‪:‬‬

‫)‪(405‬‬
‫يُوائِ ُم ُغ ْنما ً أو يَسيِ ُ‬
‫ف على ذحْ ِل‬ ‫تأَبّط شرّ اً ثم را َح أَو ا ْغتَدى‬

‫)الطويل(‬ ‫ويؤكد "الحرث بن ظالم" الصلة بين الدھر والغول في تقلبه‪ ،‬بقوله )‪:(406‬‬

‫الحوادث يَعثُر‬
‫َ‬ ‫ق ﷲُ‬
‫َو َمن ال يَ ِ‬ ‫أصابھُم ال ﱠدھ ُر ال َختُو ُر بِ َخ ْت ِر ِه‬

‫بصور مختلفة‪ ،‬فم رة ظھ ر نص فه ف ي ص ورة كل ب‬


‫ٍ‬ ‫أما الشيطان "فقد ظھر لسيدنا سليمان‬
‫)‪(407‬‬
‫والنصف اآلخر سنور‪ ،‬ول ه خرط وم طوي ل‪ ،‬وأخ رى ف ي ص ورة ق رد‪ ،‬ل ه أظ افر كالمنج ل"‬
‫وھذا يتماثل مع صورة الغول الذي ظھر لعنترة‪ ،‬بصورة حيوان خف ي‪ ،‬يظھ ر ويختف ي كم ا يش اء‪،‬‬

‫كضوء المشعل‪ ،‬يسطع ثم يخبو‪ ،‬وقد يطفأ ثم يعود للسطوع‪ ،‬فھو كالوھم‪ ،‬أو كالطيف في سرعة‬

‫)الكامل(‬ ‫حركته‪ ،‬وفي ذلك يقول عنترة)‪:(408‬‬

‫ضوْ ِء ال ِم ْش َع ِل‬ ‫َويَعُو َد يَ ْ‬


‫ظھَ ُر ِم ْث َل َ‬ ‫ي يَ ْخفَى تا َرةً‬
‫وال ُغو ُل بَيَنَ يد ﱠ‬

‫ﺴﻠﹶﻡ‪.‬‬
‫‪ -‬ﹺﺭﻋل‪ :‬ﻗﺒﻴﻠﺔ ﻤﻥ َ‬ ‫‪402‬‬

‫‪ -403‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪ ،347/2،‬ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ‪.170/2 ،‬‬


‫‪ -404‬ﺘﺄﺒﻁ ﺸﺭﹰﺍ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺇﻋﺩﺍﺩ ﻁﻼل ﺤَﺭﺏ‪ -‬ﻁ‪ -1‬ﺩﺍﺭ ﺼﺎﺩﺭ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪1996 .‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪ ،6‬ﺍﻷﻏﺎﻨﻲ‪ ،‬ﻡ‪.210/18 ،9‬‬
‫‪ -‬ﺍﻟﺫﺤل‪ :‬ﺍﻟﺜﺄﺭ‪ ،‬ﻭﻗﻴل ﻁﻠﺏ ﻤﻜﺎﻓﺄﺓ ﺒﺠﻨﺎﻴﺔ ﺠﻨﻴﺕ ﻋﻠﻴﻙ ﺃﻭ ﻋﺩﺍﻭﺓ ﺃﺘﺕ ﺇﻟﻴﻙ‪ ،‬ﻭﻗﻴل‪ ،‬ﻫﻲ ﺍﻟﻌﺩﺍﻭﺓ ﻭﺍﻟﺤﻘﺩ‪.‬‬ ‫‪405‬‬

‫‪ -406‬ﺍﻷﻏﺎﻨﻲ‪ ،‬ﻡ‪.18/10 ،5‬‬


‫‪ -‬ﻋﺠﺎﺌﺏ ﺍﻟﻤﺨﻠﻭﻗﺎﺕ ﻭﻏﺭﺍﺌﺏ ﺍﻟﻤﻭﺠﻭﺩﺍﺕ‪ ،‬ﺹ‪ ،274-272‬ﻓﻲ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﻤﻴﺜﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﺹ ‪.211‬‬ ‫‪407‬‬

‫‪-‬ﻋﻨﺘﺭﺓ ﺒﻥ ﺸﺩﺍﺩ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺸﺭﺡ ﻴﻭﺴﻑ ﻋﻴﺩ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺠﻴل‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪2001 ،‬ﻡ‪ ،‬ﺹ ‪.134-133‬‬ ‫‪408‬‬

‫‪77‬‬
‫وتقترب صورة الجن عند حسّان بن ثابت‪ ،‬من وصف عنترة‪ ،‬إذ تبدو الجنيّة كالطيف الذي يل ّم به‬
‫)‪(409‬‬
‫)السريع(‬ ‫في نومه‪ ،‬ثم يغادره في اليقظة‪ ،‬فيقول حسان‪:‬‬

‫نام‬ ‫تَ ْذھَبُ ُ‬


‫صبْحا ً َوتُرى في ال َم ِ‬ ‫جنﱢيةٌ أرﱠقني َ‬
‫ط ْيفُھا‬

‫ي النساء‪ ،‬وتتراءى للرج ال‪ ،‬إذ حك ي‬ ‫الجن في صورة السﱢعالة التي تتزيا بز ﱠ‬
‫ويتجلى تلون ِ‬
‫أن أحدھم تزوج امرأة منھم فنظرت‪ ،‬فرأت ناراً من بعي د فاض طربت‪ ،‬وقال ت ل ه‪ :‬أل م ت رى ني ران‬
‫السعالي‪َ ،‬وتَغيّر لونِھا‪ ،‬ثم طارت‪ ،‬ولم تَ ُع د إلي ه)‪ ،(410‬وھ ذا يؤك د م ا ي ذھبون إلي ه‪ ،‬م ن أن الس عالة‬
‫ساحرة الجن‪ ،‬فقد تحولت في القص ة نفس ھا إل ى طي ر‪ ،‬ط ارت إل ى بالدھ ا‪ ،‬ول م تع د‪ ،‬كم ا ظھ رت‬
‫)‪(411‬‬
‫بصورة المرأة‪ ،‬في قول عميرة بن جُعل‪:‬‬

‫)الطويل(‬ ‫)‪(412‬‬
‫أخي َسلﱠ ٍة قَـ ْد َكانَ ِم ْنهُ َسلِيـلُھا‬
‫ِ‬ ‫ف‬ ‫الحاصنَ ال ّغرا َء ِم ْنھُم لِ َش ِ‬
‫ار ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ترى‬

‫)‪(413‬‬
‫أرض َو ُغوْ لُھا‬
‫ٍ‬ ‫ان‬ ‫إذا ا ْستَ ْس َعلَ ْ‬
‫ت ِجنﱠ ُ‬ ‫قلــيالً تَبَ ﱢغيھا الفُحُـولَةَ َغــيْرهُ‬

‫ويبدو تلونھا‪ ،‬فيما يزعمون "أنھا تتصور في أحسن صورة‪ ،‬إالّ ّ◌ أنه ال ب د أن تك ون رجلھ ا رج ل‬
‫حم ار")‪ (414‬أو عن ٍز)‪ ،(415‬ب دليل أنھ م ك انوا‪ ،‬إذا اعترض تھم الغ ول ف ي الفي افي‪ ،‬يرتج زون‪،‬‬
‫)‪(416‬‬
‫ويقولون‪:‬‬

‫)الرجز(‬ ‫)‪(417‬‬
‫يا ِرج َل َع ْن ٍز ا ْنھَقي نَ ِھيقا ً لَ ْن تَ ْن ِزلي ال َسبي َل والطﱠ ِريقَا‬

‫وقد كانت تشرد عنھم في بطون األودية‪ ،‬ورؤوس الجبال عند س ماعھا ذل ك‪ ،‬وق د روي البي ت ف ي‬
‫)‪(418‬‬
‫)البسيط(‬ ‫موضع آخر‪:‬‬

‫‪ -409‬ﺤﺴﺎﻥ ﺒﻥ ﺜﺎﺒﺕ‪ :‬ﺸﺭﺡ ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.271‬‬


‫‪ -410‬ﺍﻟﻤﺴﺘﻁﺭﻑ ﻓﻲ ﻜل ﻓﻥ ﻤﺴﺘﻅﺭﻑ‪.156/2 ،‬‬
‫‪-‬ﺍﻟﻀﺒﻲ‪ ،‬ﺍﻟﻤﻔﻀل ﻤﺤﻤﺩ ﺒﻥ ﻴﻌْﻠﻰ‪ :‬ﺍﻟﻤﻔﻀﻠﻴﺎﺕ‪ -‬ﻁ‪ -10‬ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺃﺤﻤﺩ ﻤﺤﻤﺩ ﺸـﺎﻜﺭ ﻭ ﻋﺒـﺩ ﺍﻟﺴـﻼﻡ ﻫـﺎﺭﻭﻥ‪ ،‬ﺩﺍﺭ‬ ‫‪411‬‬

‫ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ‪1994 ،‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪.258‬‬


‫ﺴﻠﹼﺔ‪ :‬ﺍﻟﺴﺭﻗﺔ‪ ،‬ﺴَﻠﻴﻠﻬﺎ‪َ :‬ﻭﻟﹶﺩﻫﺎ‪.‬‬
‫‪ -‬ﺍﻟﺤﺎﺼِﻥ‪ :‬ﺍﻟﻜﺭﻴﻤﺔ ﺍﻟﻌﻔﻴﻔﺔ‪ ،‬ﺍﻟﺸﺎﺭﻑ‪ :‬ﺍﻟﻜﺒﻴﺭ‪ ،‬ﺍﻟ َ‬ ‫‪412‬‬

‫‪ -‬ﺍﺴﺘﺴﻌﻠﺕ‪ :‬ﺼﺎﺭﺕ ﻜﺎﻟﺴ َّﻌﺎﺓ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﺃﺸ ﱡﺩ ﺸﺭﺍﺭﺓ ﻤﻥ ﺍﻟﻐﻭل ﻭﺍﻟﺠﻥ‪.‬‬ ‫‪413‬‬

‫‪-‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،214/6،‬ﻭ‪.220‬‬ ‫‪414‬‬

‫‪ -415‬ﻤﺭﻭﺝ ﺍﻟﺫﻫﺏ‪.135/2 ،‬‬


‫‪ -416‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،135/2 ،‬ﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪ ،‬ﺹ‪.74‬‬
‫‪ -‬ﻭﻓﻲ ﺭﻭﺍﻴﺔ ﺃﺨﺭﻯ "ﻴﺎ ﺭﺠﻼ ﻋﻴﺭ"‪ ،‬ﻤﺭﻭﺝ ﺍﻟﺫﻫﺏ‪.135/2 ،‬‬ ‫‪417‬‬

‫‪78‬‬
‫ول‬ ‫س في ﱡ‬
‫الط ِ‬ ‫ق ُم َد ْملَج ٍة َو َج ْف ِن َعي ٍْن ِخالفَ ِ‬
‫اإل ْن ِ‬ ‫َو َحافِ ِر ال َع ْن ِز في سا ٍ‬

‫ق خدلجة")‪ ،(419‬فكلھا روايات تدل على إمكاني ة تش كل‬


‫في حين رواه الجاحظ "وحافر العير في سا ٍ‬
‫الغ ول‪ ،‬ال ذي ق د "يظھ ر بص ورة حم ار" )‪ ،(420‬أو ربم ا ك ان ھ ذا ال دافع ال ذي دفعھ م إل ى تش بيه‬

‫الم راة‪ ،‬خاص ة إذا كان ت ذميم ة ب الغول والس عالة‪ ،‬فق الوا‪ :‬الس عالة أخب ث الغ يالن‪ ،‬واستس علت‬

‫الم رأة؛ "أي تحول ت وص ارت س عالة؛ أي ص ارت ص اخبة وبذيئ ة" )‪ .(421‬والب د م ن اإلش ارة إل ى‬
‫الص ور الت ي ظھ رت بھ ا الش يطانة ال ُع ّزى‪ ،‬إذ "ب دت بص ورة عج وز ش مطاء‪ ،‬نافش ة ش عرھا‪،‬‬

‫واضعة يديھا على عاتقھا‪ ،‬تصرف بأنيابھا‪ ،‬ترتدي قناعا ً")‪ ،(422‬وذلك عن دما قط ع خال د ب ن الولي د‬

‫شجرتھا‪ ،‬وقيل‪ " :‬خرج ت إلي ه ام رأة س وداء عريان ة ن اثرة ش عرھا")‪ ،(423‬وورد "أن الع زى عن د‬
‫العرب مثلت امرأة حسناء في ص ورة الزھ رة‪ ،‬كم ا كان ت عن د الب ابليين‪ ،‬وق د وص ف ك وك تمث ال‬

‫عشتار بأنّھا امرأة تَ ْل َ‬


‫بس القالئ د والق راط والقن اع‪ ،‬فالقن اع ال ذي م ن ممي زات عش تار‪ ،‬ك ان للع زى‬
‫)‪(425‬‬
‫عند العرب")‪ ،(424‬بدليل قول الشاعر‪:‬‬

‫أع ﱠزى أَ ْلقِي القِنَا َع َو َش ﱢمري! )الطويل(‬ ‫أع ﱠزى ِشـدﱢي َشـ ّدةً ال تـ ُ َك ﱢذبي!‬

‫عاجل َو تَنَصﱠري!‬
‫ٍ‬ ‫تَبُوئي ٍ‬
‫بإثم‬ ‫إن لَ ْم تَ ْقتُلي المر َء خَالداً!‬
‫أع ﱠزى‪ْ ،‬‬

‫ف العزى ش يطانة‪ ،‬تقلب ت ف ي كاف ة الطق وس‪ ،‬األرض ية والس ماوية الت ي تمتع ت بھ ا عش تار عن د‬
‫البابليين‪ ،‬وھي بنت إله الخصب وال رزق‪" ،‬ومثﱠلَ ت فص َل ال ﱢش تاء‪ ،‬مقاب ل ال الت الت ي مثﱠل ت فص ل‬
‫الصيف")‪.(426‬‬

‫‪ -‬ﻤﺭﻭﺝ ﺍﻟﺫﻫﺏ‪.139/2 ،‬‬ ‫‪418‬‬

‫‪-‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،214/6 ،‬ﺨﹶﺩﻟﺠﺔ‪ :‬ﺍﻟﻘﻭﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻤﻤﺘﻠﺌﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻀﺨﻤﺔ‪..‬‬ ‫‪419‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﺸﻘﺭ‪ ،‬ﻋﻤﺭ ﺴﻠﻴﻤﺎﻥ‪ :‬ﻋﺎﻟﻡ ﺍﻟﺠﻥ ﻭﺍﻟﺸﻴﻁﺎﻥ‪ ،‬ﻤﻜﺘﺒﺔ ﺍﻟﻔﻼﺡ ﻟﻠﻨﺸـﺭ ﻭﺍﻟﺘﻭﺯﻴـﻊ‪ ،‬ﺍﻟﻜﻭﻴـﺕ‪1409 ،‬ﻫــ‪1989-‬ﻡ‪،‬‬ ‫‪420‬‬

‫ﺹ‪.16‬‬
‫‪ -421‬ﻓﻲ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﻤﻴﺜﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﺹ ‪258‬‬
‫‪ -422‬ﺃﺨﺒﺎﺭ ﻤﻜﺔ‪.128-126/1 ،‬‬
‫‪ -423‬ﺍﻷﺼﻨﺎﻡ‪،‬ﺹ‪ ،25‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪.202/2،‬‬
‫‪ -424‬ﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪ ،‬ﺹ‪.123‬‬
‫‪ -‬ﺍﻷﺼﻨﺎﻡ‪ ،‬ﺹ‪ ،26‬ﺃﺨﺒﺎﺭ ﻤﻜﺔ‪ ،127/1 ،‬ﺍﻟﺴﻴﺭﺓ ﺍﻟﻨﺒﻭﻴﺔ‪.69/4 ،‬‬ ‫‪425‬‬

‫‪ -‬ﺃﺨﺒﺎﺭ ﻤﻜﺔ‪.126/1 ،‬‬ ‫‪426‬‬

‫‪79‬‬
‫وقد "تبدو البقرة في بعض الروايات األسطورية المبشرة بالبعثة المحمدية ش يطاناً‪ ،‬تھت ف‬

‫من داخله شياطين األصنام‪ ،‬داعيةً إلى نبذھا‪ ،‬واتباع ھدي الدين الجديد ")‪.(427‬‬

‫وھكذا نالحظ أن الخيال البشري‪ ،‬تصور الجن ف ي ك ل األش كال والص ور‪ ،‬الت ي يمك ن أن‬

‫يرسمھا خيال مليء بالذعر‪ ،‬من ھذه المخلوقات الخفية التي لم يرھا أحد على التحدي د‪ ،‬وھ ذا يؤك د‬

‫م ا ذھ ب إلي ه الش بلي م ن أنھ م "ق و ُم لھ م أجنح ة‪ ،‬وخ راطيم دقيق ة‪ ،‬يمش ون عل ى رجل ين‪ ،‬أو عل ى‬
‫أربعة‪ ،‬ويطيرون")‪.(428‬‬

‫وزعم الجاھليون أنھم يسمعون أصواتا ً غريبة‪ ،‬نسبوھا إل ى تل ك الكائن ات‪ ،‬وأطلق وا عليھ ا‬
‫عدة أس ماء‪ ،‬أش ھرھا )العزي ف(‪ ،‬ول م ت أت ھ ذه التس مية م ن ف راغ؛ ألن العزي ف ف ي اللغ ة ص وت‬
‫الرمال إذا ھبت بھا الرياح‪ ،‬وعزف الرياح أصواتھا‪ ،‬والعزف صوت في الرمل ال يَ درى م ا ھ و‪،‬‬
‫وفي حديث ابن عباس – رضي ﷲ عنھما‪ ":-‬كانت الج نﱡ تَ ْع ِزفُ اللي ل كلﱠ ه ب ين الص فا والم روة"‬
‫)‪ (429‬وقي ل ھ و ص وت يس مع باللي ل كالطب ل‪ ،‬وھ و ص وت الري اح ف ي ال َج ّو‪ ،‬فت ﱠوھ َم ه أھ ل البادي ة‬
‫صوت الجن)‪ ،(430‬ف الوھم ھ و األس اس‪ ،‬وي ر ﱡد الس بب ف ي ذل ك‪"،‬لع ل ال ذي َخيّ ل إل يھم ذل ك‪ ،‬رج ع‬
‫األصوات‪ ،‬وصدى الريح المتناوحة‪ ،‬والرعود القاصفة‪ ،‬والوحوش المصوتة‪ ،‬في بيداء كلﱠھا وھ اد‬
‫)‪(432‬‬
‫ونج اد")‪ ،(431‬وس جل الش عراء ذل ك ف ي أش عارھم‪ ،‬فھ اھو عبي د ب ن األب رص‪ ،‬يق ول‪:‬‬
‫)الطويل(‬

‫ِعراراً ِز َماراً ِم ْن َغيَا ِھي ِ‬ ‫عوازفا ً‬ ‫األصوات إالﱠ‬


‫)‪(433‬‬
‫آجال‬
‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫قليالً بھا‬

‫)البسيط(‬ ‫)‪(434‬‬
‫ويرد عزيف الجن في قول نابغة بني شيبان‪ ،‬مقرونا ً بالصحراء والليل‪:‬‬

‫‪ -‬ﻤﻭﺴﻭﻋﺔ ﺃﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻋﻥ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﻭﺩﻻﻻﺘﻬﺎ‪.25/2 ،‬‬ ‫‪427‬‬

‫‪ -‬ﻏﺭﺍﺌﺏ ﻭﻋﺠﺎﺌﺏ ﺍﻟﺠﻥ ﻜﻤﺎ ﻴﺼﻭﺭﻫﺎ ﺍﻟﻘﺭﺁﻥ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ‪ ،‬ﺹ ‪.190‬‬ ‫‪428‬‬

‫‪ -‬ﺼﺤﻴﺢ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ‪.176/3 ،‬‬ ‫‪429‬‬

‫‪ -430‬ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﻤﺎﺩﺓ )ﻋﺯﻑ(‪.‬‬


‫‪ -431‬ﺍﻟﺤﻭﻓﻲ‪ ،‬ﺃﺤﻤﺩ ﻤﺤﻤﺩ‪ :‬ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ -‬ﻁ‪ -3‬ﻤﻜﺘﺒﺔ ﻨﻬﻀﺔ ﻤﺼﺭ ﻭﻤﻁﺒﻌﺘﻬﺎ‪ ،‬ﺒﺎﻟﻔﺠﺎﻟﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ‪،‬‬
‫ﺹ‪.373‬‬
‫‪ -432‬ﻋﺒﻴﺩ ﺒﻥ ﺍﻷﺒﺭﺹ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.117‬‬
‫‪ -‬ﺍﻟﻌِﺭﺍﺭ‪ :‬ﺼﻴﺎﺡ ﺍﻟﻅﻠﺒﹺﻡ‪ ،‬ﺍﻟﺯﻤﺎﺭ‪ :‬ﺼﻭﺕ ﺍﻟﻨﻌﺎﻡ‪ .‬ﺍﻟﻐﻴﺎﻫﻴﺏ‪ :‬ﻭﺍﺤﺩﻫﺎ ﻏﻴﻬﺏ‪ ،‬ﻴﺭﻴﺩ ﺍﻟﻨﻌﺎﻡ ﺍﻟﺴﻭﺩ‪ ،‬ﺍﻵﺠﺎل‪ :‬ﻭﺍﺤﺩﻫﺎ ﺇﺠل‬ ‫‪433‬‬

‫ﻭﻫﻭ ﺍﻟﻘﻁﻴﻊ ﻤﻥ ﺍﻟﺒﻘﺭ ﻭﺍﻟﻅﺒﺎﺀ‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫قوم إذا َما أُ ْ‬
‫ظل ِموا ھَتَفوا‬ ‫ُ‬
‫أصوات ٍ‬ ‫ّ‬
‫كأن أصدا َءھا واللي ُل كاربُھا‬

‫أصواتَ ِجنًّ إذا ما أَ ْعتَموا َعزَفوا‬ ‫يَ ْس َم ُع فيھا الذي يجتابُ قفرتَھا‬

‫فھذه القفرة لخلوھا من البشر؛ تبدو مأھولة بالجن‪ ،‬فال يسمع فيھ ا إالّ عزيفھ ا‪ ،‬وربم ا ك ان‬

‫ھذا ھو الدافع الذي دفع شا ِعراً آخر‪ ،‬إلى ربط الموسيقى المص احبة للش عر المرت ل بص وت الج ن‪،‬‬
‫)‪(435‬‬
‫)الطويل(‬ ‫إذ يقول‪:‬‬

‫اخ ُد‬
‫ص َو ِ‬ ‫ف ِجنّ ٍ‬
‫ان َوھا ٌم َ‬ ‫َواز ُ‬
‫ع ِ‬ ‫وإنّي ألَجْ تَابُ الفَالَةَ َوبَ ْينَھا‬

‫وقد كانت الموسيقى وس يلة تخاط ب الج ن‪ ،‬ولعب ت دوراً كبي راً‪ ،‬ف ي حي اة الش اعر الك اھن‬

‫ف ي الفك ر ال ديني الج اھلي‪ ،‬ل ذلك اقت رن الع زف الموس يقي المص احب للس فر المرت ل‪ ،‬بص وت‬

‫الجن)‪.(436‬‬

‫ويع رض األعش ى لن وع آخ ر م ن أص وات الج ّن‪ ،‬وھ و الزج ل‪ ،‬ذل ك الص وت ال ذي يعب ر ع ن‬
‫)‪(437‬‬
‫)البس يط(‬ ‫الط رب‪ ،‬ويعق د س ماع ھ ذا الص وت باللي ل‪ ،‬فيق ول‪:‬‬

‫لل ِجنﱢ باللﱠي ِل في حافا ِ‬


‫ت ِ◌ھا َز َج ُل‬ ‫َوبَ ْلد ٍة ِم ْث ِل ظَھ ِْر التﱡ ِ‬
‫رس ُم ْو ِح َش ٍة‬

‫ويعبر عنترة عن نوع أَ◌َ خر من أصوات الجن‪ ،‬وھو "الھماھم وال دمادم"‪ ،‬وھ ي أص وات‬
‫مس موعة وغي ر واض حة أو غي ر مفھوم ة)‪ ،(438‬ت دل ّ‬
‫ّ◌ عل ى اض طراب الج ن‪ ،‬وخوفھ ا من ه‪،‬‬
‫اھم‬
‫بِھَ َم ٍ‬ ‫ت الفَ ال‬ ‫والج ﱡن تَ ْف ُر ُ‬
‫ق ُ◌ َح ْو َل غَاب ا ِ‬ ‫ِ‬
‫)‪(439‬‬
‫فيقول‪:‬‬

‫)الكامل(‬ ‫َودَما ِد ٍم لم تُ َغفل‬

‫‪ -‬ﻨﺎﺒﻐﺔ ﺒﻨﻲ ﺸﻴﺒﺎﻥ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺸﺭﺡ ﻭﺘﻘﺩﻴﻡ‪ ،‬ﻋﺒﺩ ﺍﷲ ﺒﻥ ﻤﺨﺎﺭﻕ ﺒﻥ ﺴﻠﻴﻡ‪ ،‬ﺸﺭﺡ ﻭﺘﻘـﺩﻴﻡ‪ ،‬ﻗـﺩﺭﻱ ﻤـﺎﻴﻭ‪ -‬ﻁ‪ -1‬ﺩﺍﺭ‬ ‫‪434‬‬

‫ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ ‪1415 ،‬ﻫـ ‪1995 -‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪.119‬‬


‫‪ -‬ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﻤﺎﺩﺓ)ﻋﺯﻑ(‪.‬‬ ‫‪435‬‬

‫‪ -‬ﻓﺎﺩﻤﺭ‪ ،‬ﻫﻨﺭﻱ ﺠﻭﺭﺝ‪ :‬ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻤﻭﺴﻴﻘﻰ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺤﺘﻰ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﺜﺎﻟﺙ ﻋﺸﺭ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻱ‪ ،‬ﺘﻌﺭﻴﺏ ﻭﺘﻌﻠﻴﻕ ﺠﺭﺠﺱ‪ ،‬ﻓﺘﺢ‬ ‫‪436‬‬

‫ﺍﷲ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﻤﻜﺘﺒﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪ ،‬ﻟﺒﻨﺎﻥ‪ ،‬ﺹ‪.45‬‬


‫‪ -437‬ﺍﻷﻋﺸﻰ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.146‬‬
‫‪ -‬ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﻤﺎﺩﺓ )ﻫﻤﻬﻡ( ﻭ)ﺩَﻤﺩﻡ(‪.‬‬ ‫‪438‬‬

‫‪ -439‬ﻋﻨﺘﺭﺓ ﺒﻥ ﺸﺩﺍﺩ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.134‬‬

‫‪81‬‬
‫)‪(440‬‬
‫أما عمرو بن معد يكرب‪ ،‬فيعبر عن أصوات الجن "بالھواھى"‪ ،‬فيقول‪:‬‬

‫ان َسرْ بَ ُخھا َمليِع )‪)(441‬الوافر(‬


‫من ال ِجنﱠ ِ‬ ‫وأرض قد قَطَع ُ‬
‫ْت‪ ،‬بھا الھَ َواھى‬ ‫ٍ‬

‫وق د نق د الج احظ م ا يتص ل ب ذكر عزي ف الج ن‪ ،‬وتغ ول الغ يالن‪ ،‬وأع اده إل ى الوحش ة‬

‫والوسوسة أو إلى الكذب)‪ .(442‬كم ا ميّ ز الع رب ب ين ص وتين مختلف ين للج ن‪ ،‬العزي ف ال ذي يس مع‬

‫ل يالً ف ي الص حاري‪ ،‬وال يُفھ م من ه ش يء‪ ،‬والھ اتف ال ذي يس مع ويفھ م‪ ،‬فيخاط ب الج ن اإلن س‪،‬‬

‫ويناشدھم ش عراً‪ ،‬ويخب رھم بم ا ال يعرف ون‪ ،‬وق د يك ون في ه إنق اذ لھ م م ن الض الل ف ي الص حراء‪،‬‬

‫ومفرج لھم من شدة وقعوا فيھا‪.‬‬

‫وكثر ھذا النوع زمن الدعوة اإلسالمية‪ ،‬والقصص والروايات ف ي ذل ك كثي رة‪ ،‬منھ ا عل ى‬
‫)‪(443‬‬
‫سبيل المثال ال الحصر‪ ،‬حديث األعشى بن نباش بن زرارة األس دي‪ ،‬أن ه س مع ھاتف اً‪ ،‬يق ول‪:‬‬
‫اع والمج ِد الرﱠفي ِع وذو الفَخ ِر‬
‫ِ‬ ‫وذو الب‬ ‫ك الغيﱠاضُ غ ُ‬
‫َيث بني فَھ ٍْر‬ ‫لقَ ْد ھَل َ‬
‫)الطويل(‬

‫قال‪ :‬فقلت مجيبا ً له‪:‬‬

‫)الطويل(‬ ‫أالَ أيﱡھا النّاعي أَ َخا الجُو ِد والتﱡقى ِمنَ الَمرْ ِء ت ْن َعاهُ لَنا ِم ْن بَني فَھ ِْر‬

‫إلى آخر القصة‪ ،‬حيث أخبرت بموت ابن ج دعان‪ .‬وي أتي ض من ھ ذا الب اب م ا ح دث م ع عبي د ب ن‬
‫األبرص والشجاع)‪.(444‬‬

‫‪ -440‬ﺍﻷﺼﻤﻌﻲ‪ ،‬ﺃﺒﻭ ﺴﻌﻴﺩ‪ ،‬ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻤﻠﻙ ﺒﻥ ﻗﺭﻴﺏ‪ :‬ﺍﻷﺼﻤﻌﻴﺎﺕ‪ -‬ﻁ‪ -5‬ﺘﺤﻘﻴﻕ‪ ،‬ﺃﺤﻤﺩ ﻤﺤﻤﻭﺩ ﺸﺎﻜﺭ‪ ،‬ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺴـﻼﻡ ﻤﺤﻤـﺩ‪،‬‬
‫ﻫﺎﺭﻭﻥ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ‪ ،‬ﻤﺼﺭ‪ ،‬ﺹ‪.176‬‬
‫‪ -‬ﺍﻟﻬﻭﺍﻫﻰ‪ :‬ﻀﻭﻀﺎﺓ ﺍﻟﺤﻥ‪ ،‬ﺍﻟﺴﺭﺒﺦ‪ :‬ﻤﺎ ﺒﻴﻨﻬﺎ ﻭﺒﻴﻥ ﺃﺭﺽ ﺃﺨﺭﻯ‪ ،‬ﻤﻠﻴﻊ‪ :‬ﺍﻟﻭﺍﺴﻊ ﻤﻥ ﺍﻷﺭﺽ‪.‬‬ ‫‪441‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪.251-249/6 ،‬‬ ‫‪442‬‬

‫‪ -443‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،202/6 ،‬ﺁﻜﺎﻡ ﺍﻟﻤﺭﺠﺎﻥ ﻓﻲ ﻏﺭﺍﺌﺏ ﺍﻻﺨﺒﺎﺭ ﻭﺃﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﺠﺎﻥ‪ ،‬ﺹ ‪.169‬‬
‫‪ -444‬ﻴﻨﻅﺭ‪ ،‬ﺃﺤﺩﺍﺙ ﺍﻟﻘﺼﺔ‪ ،‬ﻋﺒﻴﺩ ﺒﻥ ﺍﻷﺒﺭﺹ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪ ،15‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪ ،355/2 ،‬ﺠﻤﻬﺭﺓ ﺃﺸﻌﺎﺭ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﺹ‪.50‬‬

‫‪82‬‬
‫المبحث الرابع‬

‫أشكال الجن وصورھا‬

‫ّ‬
‫الجن وصورتھا الحقيقية في أذھ ان الع رب الج اھليين‪ ،‬فإنن ا ال نك اد نعث ر‬ ‫إذا أردنا معرفة‬

‫على نص يوضح ھذا األمر‪ ،‬وإنما توج د ھن اك ص فات عام ة‪ ،‬لص قھا بعض ھم ب الجن‪ ،‬وم ع ذل ك‪،‬‬

‫فإن صورته تبقى مبھمة‪ ،‬غير واضحة المعالم‪ ،‬ال سيما أنھا مخلوقات خفية‪ ،‬غيبية ال ت رى‪ ،‬ب دليل‬
‫قوله تعالى‪" :‬إﻧﻪ ﻳﺮاآﻢ هﻮ وﻗﺒﻴﻠﻪ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻻ ﺗﺮوﻧﻬﻢ")‪ ،(445‬واختل ف‬

‫ف ي تحدي د ماھيتھ ا‪ ،‬فم نھم م ن ق ال "إنھ ا مخلوق ات ناري ة")‪ ،(446‬وم نھم م ن ق ال "إنھ ا أجس ام‬

‫ھوائية")‪(447‬والقرآن يثبت أنھا نارية‪ ،‬بقوله تعالى‪" :‬واﻟﺠﺎن ﺧﻠﻘﻨـﺎﻩ ﻣـﻦ ﻗﺒـﻞ‬
‫ﻣﻦ ﻧـﺎر اﻟﺴـﻤﻮم")‪ ،(448‬فھ ي تختل ف ع ن غيرھ ا م ن الكائن ات المرئي ة‪ ،‬ولك ن ع الم‬

‫الرعب والخوف الذي شكلته‪ ،‬بالنسبة لإلنسان الج اھلي‪ ،‬دفع ه إل ى تجس يم أفك اره ومعتقدات ه فيھ ا‪،‬‬

‫بتحويلھ ا إل ى ش خوص حي ة‪ ،‬كم ا ش ّخص المخلوق ات‪ ،‬والظ واھر الكوني ة بأش كال وھيئ ات منافي ة‬

‫لھيئة البشر‪ .‬ويستدل على غرابة أشكالھم‪ ،‬من خ الل ق ول القزوين ي‪" :‬ق وم لھ م أجنح ة‪ ،‬وخ راطيم‬

‫دقيقة‪ ،‬يمشون على رجلين‪ ،‬وعلى أربعة‪ ،‬ويطيرون")‪.(449‬‬

‫وقد وقف الشعراء الج اھليون عن د ل ون الغ ول‪ ،‬ووص فوه بالس واد‪ ،‬مم ا يؤك د "أن الس واد‬

‫قرين عالم الجن")‪ ،(450‬وقد يكون ھذا سببا ً في أن الجن أكثر م ا تظھ ر ل يالً‪ ،‬ويص ف عنت رة لونھ ا‬
‫)‪(451‬‬
‫)الكامل(‬ ‫بالسواد‪ ،‬وعيونھا بالزرقة‪ ،‬فيقول‪:‬‬

‫ضوْ ِء ال ِم ْش َع ِل‬ ‫َويَعُو َد يَ ْ‬


‫ظھَ ُر ِمث َل َ‬ ‫ي يَ ْخفى تَارةً‬
‫وال ُغو ُل بيَنَ يَ َد ﱠ‬

‫‪ -445‬ﺴﻭﺭﺓ ﺍﻷﻋﺭﺍﻑ‪ ،‬ﺁﻴﺔ‪.27‬‬


‫‪-446‬ﺍﻟﻘﺯﻭﻴﻨﻲ‪ :‬ﻋﺠﺎﺌﺏ ﺍﻟﻤﺨﻠﻭﻗﺎﺕ ﻭﻏﺭﺍﺌﺏ ﺍﻟﻤﻭﺠﻭﺩﺍﺕ‪ ،‬ﺹ‪.387‬‬
‫‪ -447‬ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ‪.185/1 ،‬‬
‫‪ -448‬ﺴﻭﺭﺓ ﺍﻟﺤﺠﺭ‪ ،‬ﺁﻴﺔ ‪.27‬‬
‫‪ -449‬ﻋﺠﺎﺌﺏ ﺍﻟﻤﺨﻠﻭﻗﺎﺕ ﻭﻏﺭﺍﺌﺏ ﺍﻟﻤﻭﺠﻭﺩﺍﺕ‪ ،‬ﺹ‪.387‬‬
‫‪ -450‬ﻤﻭﺴﻭﻋﺔ ﺃﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻋﻥ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﻭﺩﻻﻻﺘﻬﺎ‪.200/2 ،‬‬
‫‪ -451‬ﻋﻨﺘﺭﺓ ﺒﻥ ﺸﺩﺍﺩ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.134-133‬‬

‫‪83‬‬
‫َوأَظَافِ ٍر يُ ْشبِ ْھنَ َح ﱠد ال ِم ْنـــ َج ِل‬ ‫َواظ ٍر ُزرْ ٍ‬
‫ق‪ ،‬ووج ٍه أسو ٍد‬ ‫بِن ِ‬

‫كم ا وص ف األعش ى الج ن المحيط ة بص احبته بالس واد‪ ،‬ليزي د م ن حص انة جانبھ ا‪ ،‬وذل ك بقول ه‪:‬‬
‫)‪(452‬‬

‫ْش في ِمحْ َرابِھا )مجزوء الكامل(‬


‫كال ُحب ِ‬ ‫ف َح ْولَھا‬
‫ْز ُ‬ ‫ﱡ‬
‫والجن تَع ِ‬

‫ويصف الجن ّي المس ؤول ع ن حراس ته ب القوة‪ ،‬إذ جعل ه م ارداً‪ ،‬م ن حي ث ش كله وحجم ه‪ ،‬فيق ول‪:‬‬
‫)‪(453‬‬

‫)‪(454‬‬
‫)البسيط(‬ ‫ذو نِ ْيقَة‪ُ ٍ،‬م ْستَ ِع ﱞد ُدونَھا‪ ،‬تَ َرقَا‬ ‫ومار ٌد من ُغ َوا ِة ال ِجنﱢ يَحْ ِرسُھا‬

‫)‪(455‬‬
‫شرقة جميلة‪ ،‬في قول جذع بن سنان الغساني‪:‬‬
‫وتبدو الجن بصورة ُم ِ‬

‫أيت ُوجُوھَھُم َوسْما ً َ‬


‫صبَاحا )الوافر(‬ ‫َر ُ‬ ‫ت أَ ْھالً‬
‫أَت َْونِي َسافِرينَ ‪ ،‬فَقُ ْل ُ‬

‫إذ يبين الھيئ ة العام ة للج ن ال ذين نزل وا ف ي ض يافته‪ ،‬فك انوا ذوي وج و ٍه مش رقة‪ ،‬مض يئة‬
‫كإشراقة الصبح‪ ،‬ولم تكن أجسامھم مخيفة أو غريبة‪ ،‬بل ھم إنس تشكلوا في أبھى صورة‪ ،‬جعل ت‬
‫الشاعر يزداد بھم طمأنينة وأنساً‪ ،‬فقال‪" :‬أتوني سافرين"‪ ،‬فھم ﱞ‬
‫جن سافرون‪ ،‬ال ش ك وال غم وض‬
‫فيھم‪ ،‬ويخالفون في ذلك ما زعمه بعض األع راب‪ ،‬م ن أن الج ن كان ت تُس مع وال تُ رى‪ ،‬أو تُ رى‬
‫أجساما ً وأشكاالً‪ ،‬وال تُميز مالمحھا‪ ،‬أ ّما ھؤالء‪ ،‬فقد كان ت مالمحھ م واض حة‪ ،‬وأجس امھم مرئي ة‪،‬‬
‫بص ورة تبع ث الطمأنين ة ف ي ال نفس‪ .‬وق د ق دم الش اعر الص علوك " ت أبط ش راً " وص فا ً تفص يليا ً‬
‫)‪(456‬‬
‫)الوافر(‬ ‫للغول‪ ،‬إذ يقول‪:‬‬

‫وق اللﱢ َس ِ‬
‫ان‬ ‫أس ال ِھرﱢ َم ْشقُ ِ‬
‫َك َر ِ‬ ‫إذا َع ْينَا ِن في َر ْأ ٍ‬
‫س قَبِ ٍ‬
‫يح‬

‫‪ -452‬ﺍﻷﻋﺸﻰ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.16‬‬


‫‪ -453‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.124‬‬
‫‪ -‬ﻨﻴﻘﺔ‪ ،‬ﺍﻟﺘﺠﻭّﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻠﺒﺱ ﻭﺍﻟﻤﻁﻌﻡ‪ ،‬ﺍﻟﹶﺘﺭَﻕ‪ :‬ﺍﻟﺘﺩﺭﺝ‪ ،‬ﺍﻟﻤﺎﺭﺩ‪ :‬ﺍﻟﻌﺎﺘﻲ ﺍﻟﺨﺒﻴﺙ ﻤﻥ ﺍﻟﺠﻥّ‪ ،‬ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﻤﺎﺩﺓ )ﻤﺭﺩ(‪.‬‬ ‫‪454‬‬

‫‪ -455‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪ ،352/2 ،‬ﺨﺯﺍﻨﺔ ﺍﻷﺩﺏ‪.180/6 ،‬‬


‫‪ -456‬ﺘﺄﺒﻁ ﺸﺭﹰﺍ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.107‬‬

‫‪84‬‬
‫َج َو ُشواةُ َك ْل ٍ‬
‫)‪(457‬‬
‫َوثَ ْوبٌ ِم ْن َعبَا ٍء أو ِشن ٍ‬
‫َــان‬ ‫ب‬ ‫َو َساقا ُمخد ٍ‬

‫فقد كانت صورته منفرة مخيفةً‪ ،‬مالئمة لما استقر في ذھن العربي‪ ،‬عن ش كل الغ ول‪ ،‬فھ ا‬

‫ھو يستعير أعض اء لحيوان ات مختلف ة ذات ص لة ب الجن‪ ،‬ف رأس الغ ول ال ذي اعترض ه‪ ،‬وھ و أھ م‬
‫عضو في الكائن الحي‪ ،‬يشبه رأس الھر‪ ،‬وعيناه قبيحتان‪ ،‬ولسانه مشقوق‪ ،‬ورجاله رجال ول د ناق ة‬

‫مشوه وغير مكتمل الخلق‪ ،‬وجلد رأسه كجلد الكلب‪ ،‬وما تبقى من جسده مستور بثوب ب ٍ‬
‫ال قص ير‪،‬‬

‫َرقة‪ .‬وتبدو ع ين الغ ول مش قوقة ط والً ً◌‪ ،‬بخ الف عي ون اإلن س‪ ،‬ويتض ح ذل ك ف ي‬
‫يشبه القربة الخ ِ‬
‫ول"‪ (458).‬وھ ذه ھ ي ص ورة الغ ول ف ي المعتق د‬ ‫س في ﱡ‬
‫الط ِ‬ ‫قول الشاعر‪َ " :‬و َج ْف ُن َع ي ِن ِخ الفَ ِ‬
‫اإل ْن ِ‬
‫الش عبي‪ ،‬إذ تب دو ذات عي ون مش قوقة ط وال‪ ،‬وأق دام تش به ح وافر الحيوان ات‪ ،‬وبخاص ة الحمي ر‪،‬‬

‫وتبدو في صورة أخرى‪ ،‬سود حفاة‪ ،‬ذات أعقاب مشقوقة‪ ،‬وينبت على جس دھا ش عر كثي ف‪ ،‬وھ ذه‬

‫األوصاف ھي التي دفعت سيدنا سليمان إلى االعتقاد‪ ،‬بأن "بلقيس" ما ھ ي إال العفريت ة "ليلي ث"‪،‬‬

‫وخاصة عندما كشفت عن ساقيھا‪ ،‬فكانت كرجلي عنزة‪ ،‬شعرھما كثيف‪ ،‬علما ً أن أمھا جنية)‪.(459‬‬

‫وق د ع رض أم رؤ الق يس ألني اب الغ ول‪ ،‬ف ي مع رض حديث ه ع ن س يفه‪ ،‬فجعل ه حيوان ا ً‬
‫)‪(460‬‬
‫مفترسا ً ذا أنياب حادة‪ ،‬قادرة على القضاء على فريستھا‪ ،‬بقوله‪:‬‬

‫)الطويل(‬ ‫)‪(461‬‬
‫ب أَ ْغوا ِل‬
‫ق َكأ َ ْنيَا ِ‬
‫َو َم ْسنُونةٌ ُزرْ ٌ‬ ‫اجعي‬
‫ض ِ‬‫أَيَ ْقتُلُني وال َم ْش َرفِ ﱡي ُم َ‬

‫أم ا ھيئ ة الج ن العام ة‪ ،‬وش كلھا الخ ارجي‪ ،‬فتب دو ذات أجس ام ض خمة‪ ،‬وقام ات مدي دة‪،‬‬
‫)‪(462‬‬
‫وأرجل طويلة‪ ،‬كما رسمھا لبيد بن ربيعة بقوله‪:‬‬

‫)الكامل(‬ ‫)‪(463‬‬
‫اسيا ً أَ ْقدَا ُمھا‬ ‫ِج ﱡن البَد ﱢ‬
‫ي َر َو ِ‬ ‫تشذ َر ﱡ‬
‫بالذحُول كأنﱠھا‬ ‫ُغلبٌ ﱠ‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤُﺨﺩﺝ‪ :‬ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻠﺩ ﻗﺒل ﺘﻤﺎﻡ ﺃﻴﺎﻤﻪ‪ ،‬ﻨﺎﻗﺹ ﺍﻟﻨﻤﻭ ﻀﻌﻴﻑ‪ ،‬ﺸﻭﺍﺓ ﻜﻠﺏ‪ :‬ﻗﺤﻑ ﺭﺃﺱ ﺍﻟﻜﻠﺏ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺤﻑ‪ :‬ﺍﻟﻌﻅﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﻓـﻭﻕ‬ ‫‪457‬‬

‫ﺍﻟﺩﻤﺎﻍ‪ ،‬ﺍﻟﺸﻥ‪ :‬ﺍﻟﻘﺭﺒﺔ ﺍﻟﺼﻐﻴﺭﺓ ﺍﻟﺒﺎﻟﻴﺔ‪.‬‬


‫‪ -458‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،214/6 ،‬ﻤﺭﻭﺝ ﺍﻟﺫﻫﺏ‪.139/2 ،‬‬
‫‪ -459‬ﺨﻭﺭﺸﻴﺩ‪ ،‬ﻓﺎﺭﻭﻕ‪ :‬ﻋﺎﻟﻡ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﺸﻌﺒﻲ ﺍﻟﻌﺠﻴﺏ‪-‬ﻁ‪ -1‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺸﺭﻭﻕ‪1991 ،‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪.157‬‬
‫‪ -460‬ﺍﻤﺭﺅ ﺍﻟﻘﻴﺱ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺘﺤﻘﻴﻕ ﻤﺼﻁﻔﻰ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺸﺎﻓﻲ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺏ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴـﺔ‪ ،‬ﺒﻴـﺭﻭﺕ‪ ،‬ﻟﺒﻨـﺎﻥ‪1423 ،‬ﻫــ‪2002 ،‬ﻡ‪،‬‬
‫ﺹ‪.125‬‬
‫‪ -‬ﻤﺴﻨﻭﻨﺔ‪ :‬ﻴﻌﻨﻲ ﺴﻬﺎﻤ ﹰﺎ ﻤﺤﺩﺩﺓ‪ ،‬ﺯﺭﻕ‪ :‬ﺼﺎﻓﻴﺔ ﻤﺠﻠﻭﺓ‪ ،‬ﺃﻏﻭﺍل‪ :‬ﻫﻤﺭﺠﺔ‪ ،‬ﺍﻟﺘﺒﺎﺱ ﻭﺍﺨﺘﻼﻁ‪.‬‬ ‫‪461‬‬

‫‪ -462‬ﻟﺒﻴﺩ ﺒﻥ ﺭﺒﻴﻌﺔ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.234‬‬

‫‪85‬‬
‫بالجن‪ ،‬وذلك‬
‫وتبدو الجن بصورة مماثلة‪ ،‬في تشبيه الشاعر نفسه الرجال غالظ األعناق ِ‬
‫)‪(464‬‬
‫)الكامل(‬ ‫بقوله‪:‬‬

‫َو ُمقَام ٍة ُغ ْل ِ‬
‫)‪(465‬‬
‫صير ِقيَا ُم‬
‫ِ‬ ‫ِج ﱞن لدى طَرْ ِ‬
‫ف ال َح‬ ‫ب كأنﱠھُ ْم‬
‫ب الرﱠقا ِ‬

‫)‪(466‬‬
‫وتبدو أعناقھا طويلة‪ ،‬وقاماتھا عالية‪ ،‬في قول الخطفي ج ّد جرير‪:‬‬

‫)الرجز(‬ ‫أَ ْعنا َ‬


‫ق ِجنﱟا ٍن َوھَاما ً ُرجﱠفا‬ ‫يل إذا ما أَ ْسدَفا‬
‫يَرْ فَ ْعنَ باللّ ٍ‬

‫وھكذا فقد كان لحي اة الش عب الفطري ة‪ ،‬ف ي الص حراء دور كبي ر ف ي ھ ذه التخ يالت‪ ،‬الت ي‬

‫دفعتھم الى ادعاء رؤية ھذه الكائنات‪ ،‬ووصفھا‪ ،‬والتحدث معھا‪ ،‬وقد رد جواد علي ذلك إل ى "أنھ ا‬

‫باب من أبواب التسلية‪ ،‬التي كان يتسلى بھا الجاھليون")‪ (467‬ولم تزل ھ ذه القص ص إل ى الي وم م ن‬

‫القصص المستملحة المطلوب سماعھا‪ ،‬وان كنا نرى في ذلك‪ ،‬ما يبعدنا عن عالق ة ھ ذه االس اطير‬
‫بالديانة الجاھلية‪.‬‬

‫ﻏﻠﹾﺏ‪ :‬ﻏﻼﻅ ﺍﻷﻋﻨﺎﻕ‪ ،‬ﺍﻟﺫﺤﻭل‪ :‬ﺍﻷﺤﻘﺎﺩ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩ ﹶﺫﺤْلٌ‪ ،‬ﺘﺸﺫﹼﺭ‪ :‬ﻴﻭﻋﺩ ﺒﻌﻀﻬﺎ ﺒﻌﻀ ﹰﺎ‪.‬‬
‫‪ -‬ﹸ‬ ‫‪463‬‬

‫‪ -‬ﻟﺒﻴﺩ ﺒﻥ ﺭﺒﻴﻌﺔ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.199‬‬ ‫‪464‬‬

‫‪ -‬ﻤﻘﺎﻤﺔ‪ :‬ﺃﻫل ﻤﺠﻠﺱ‪ ،‬ﻏﹸﻠﺏ ﺍﻟﺭﻗﺎﺏ‪ :‬ﻏﻼﻅ ﺍﻷﻋﻨﺎﻕ‪.‬‬ ‫‪465‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،173/6 ،‬ﺨﺯﺍﻨﺔ ﺍﻷﺩﺏ‪ ،79/1 ،‬ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻭﺍﻟﺘﺒﻴﻴﻥ‪.366/1 ،‬‬ ‫‪466‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪390/9 ،‬‬ ‫‪467‬‬

‫‪86‬‬
‫المبحث الخامس‬

‫أنواع الجن‬

‫‪ -1‬إبليس‪َ :‬علَم جنس للشيطان‪ ،‬قي ل‪" :‬ھ و م ن أبل س‪ ،‬بمعن ى ي ئس وتحي َر ون دم‪ ،‬وھ و اس م يطل ق‬

‫عل ى نَفَ ر ينتم ي إل ى طائف ة م ن المالئك ة‪ ،‬يق ال لھ ا الج ن‪ ،‬وك ان اس مه عزازي ل" )‪" (468‬ك ان م ن‬

‫خ ّزان الجنة‪ ،‬ورئيس المالئكة وسلطانھا‪ ،‬فعصى وكفر‪ ،‬فمسخه ﷲ شيطانا ً ملعون ا ً")‪ ،(469‬ويتض ح‬
‫ذلك في قول ه تع الى‪" :‬وإذ ﻗﻠﻨﺎ ﻟﻠﻤﻼﺋﻜﺔ اﺳﺠﺪوا ﻵدم‪ ،‬ﻓﺴﺠﺪوا إﻻ‬

‫إﺑﻠﻴﺲ أﺑﻰ واﺳﺘﻜﺒﺮ")‪ ،(470‬والثانية "ﻓﺴﺠﺪوا إﻻ إﺑﻠﻴﺲ آـﺎن ﻣـﻦ‬

‫اﻟﺠﻦ")‪ ،(471‬وھكذا فقد كان إبليس ملكا ً من المالئكة‪ ،‬عصى ربّه‪ ،‬فھبط إلى األرض‪ ،‬وقد ّس جل‬
‫)‪(472‬‬
‫الشعراء ھذه القضية‪ ،‬فھذا أميّة بن أبي الصلت يقول‪:‬‬

‫)المتقارب(‬ ‫أ ِن اخرُجْ دَحيراً لعينا ً َذؤوما ً‬ ‫إلبليس ربﱡ ِ‬


‫الع◌َ با ِد‬ ‫َ‬ ‫وقال‬

‫أما تكاثر إبليس‪ ،‬فھ و أن ه "عن دما ھ بط‪ ،‬نك ح نفس ه‪ ،‬فب اض أرب َع بيض ات‪ ،‬فف رّق ف ي ك ل‬

‫قطر من أقطار األرض بيض ة‪ ،‬فجمي ع الش ياطين م ن تل ك البيض ة")‪ ،(473‬مم ا يؤك د أن إبل يس أب و‬
‫الج ن‪ ،‬كم ا ّ‬
‫أن آدم أب و البش ر‪ ،‬وق د خل ط معظ م الكت اب ب ين الش يطان وإبل يس‪ ،‬واعتب روا ھ اتين‬

‫الكلمتين من المترادفات‪ ،‬إالّ أنه يمك ن التفرق ة بينھم ا‪ ،‬م ن خ الل ك ون الش يطان مالزم ا ً لإلنس ان‪،‬‬
‫أن مع كل إنسان شيطاناً‪ ،‬وليس معه إبليس")‪.(474‬‬
‫"إذ ّ‬

‫وإض افة إل ى الش يطان‪ ،‬ف ّ‬


‫إن إلبل يس ع دة أس ما ٍء وألق اب منھ ا "أب و الج ان‪ ،‬والح ارث‬

‫وعزازيل‪ ،‬و سوميا أو شوميا‪ ،‬ونائل‪ ،‬وأبو مرة‪ ،‬وشمازيل‪ ،‬وأب و ك دوس‪ ،‬وأب و لبين ى‪ ،‬كم ا أن ل ه‬

‫ﺱ(‪ ،‬ﺘﺎﺝ ﺍﻟﻌﺭﻭﺱ‪ ،‬ﻤﺎﺩﺓ)ﺒﻠﺱ(‪ ،‬ﻋﺒﻘﺭ‪ ،‬ﺹ‪.55‬‬


‫‪ -‬ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻤﺎﺩﺓ )ﺒﻠ ﹺ‬ ‫‪468‬‬

‫‪ -‬ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ‪.191/1 ،‬‬ ‫‪469‬‬

‫‪ -‬ﺴﻭﺭﺓ ﺍﻟﺒﻘﺭﺓ‪ ،‬ﺁﻴﺔ ‪.34‬‬ ‫‪470‬‬

‫‪ -‬ﺴﻭﺭﺓ ﺍﻟﻜﻬﻑ‪ ،‬ﺁﻴﺔ ‪.50‬‬ ‫‪471‬‬

‫‪ -‬ﺃﻤﻴﺔ ﺒﻥ ﺃﺒﻲ ﺍﻟﺼﻠﺕ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺴﺠﻴﻊ ﺠﻤﻴل ﺍﻟﺠﺒﻴﻠﻲ – ﻁ‪ -1‬ﺩﺍﺭ ﺼﺎﺩﺭ ﺒﻴﺭﻭﺕ‪1998 ،‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪.113‬‬ ‫‪472‬‬

‫‪ -‬ﻤﻀﻤﻭﻥ ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪ ،‬ﺹ‪.60‬‬ ‫‪473‬‬

‫‪ -‬ﻤﻭﺴﻭﻋﺔ ﺃﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻋﻥ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﻭﺩﻻﻻﻟﺘﻬﺎ‪.64/2 ،‬‬ ‫‪474‬‬

‫‪87‬‬
‫ذري ة وأبن اء‪ ،‬عبّ ر ع نھم الق رآن الك ريم‪ ،‬بلف ظ جن ود إبل يس وذريت ه‪ ،‬وذل ك بقول ه "&‪…çμtΡρä‹Ï‚−GtFsùr‬‬

‫‪ ،(475)" Bρ߉tã öΝä3s9 öΝèδuρ ’ÎΤρߊ ⎯ÏΒ u™!$uŠÏ9÷ρr& ÿ…çμtF−ƒÍh‘èŒuρ‬وم ن أبنائ ه "ثبي ر" ص احب المص ائب‪،‬‬
‫واألع ور ص احب ﱢ‬
‫الزن ا‪ ،‬ومبس وط ص احب الك ذب‪ ،‬وداس م ال ذي ي دخل ب ين ال زوجين‪ ،‬ويوق ع‬

‫الخصومة بينھما‪ ،‬وزلنبور صاحب السوق‪ ،‬ومنھم الالفس والولھان‪ ،‬ويقال‪ :‬إن بي دخ الت ي اتخ ذت‬

‫لقب أناھيد والزھرة‪ ،‬فيما بعد ھي ابنته لبينى)‪.(476‬‬

‫ويبدو إبليس منذ أن ُخلق محبّا ً للدمار والشرّ‪ ،‬إذ نسب إليه أنه ھو الذي دفع قابيل إل ى قت ل‬

‫"ھابيل"‪ ،‬كما لعب دوراً رئيسا ً في قصة الخطيئ ة والمعص ية‪ ،‬إذ دخ ل إل ى الجن ة بمس اعدة الحي ة‪،‬‬

‫فكلّم حواء ووسوس إليھا‪ ،‬ق ال تع الى‪" :‬ﻓﻮﺳﻮس ﻟﻬﻤﺎ اﻟﺸﻴﻄﺎن")‪ ،(477‬فك ان س ببا ً ف ي‬
‫أمر م ن ﷲ تع الى‪ ،‬إذ ق ال‪" :‬اهﺒﻄﻮا ﺑﻌﻀﻜﻢ ﻟـﺒﻌﺾ ﻋـﺪو")‪،(478‬‬
‫خروجه منھا‪ ،‬ب ٍ‬
‫ومن ھنا جاء مبدأ العداء والصراع في األرض‪ ،‬بين ھذه العناصر الحية وإبليس وآدم ‪،‬وحواء‪.‬‬

‫ويشبه إبل يس الج ن ف ي الق درة عل ى التص ّور والتش كل‪ ،‬فق د يظھ ر ف ي ص ورة إنس ان‪ ،‬أو‬

‫حيوان‪ ،‬ويوحي بالدونية‪ ،‬واالنحطاط والسفاھة )‪.(479‬‬

‫‪ -2‬الشيطان‪-:‬‬

‫الشيطان لغة‪ ،‬ھو‪ :‬روح ِشرﱠي ٌر ُم ْغ ٍو‪ ،‬والشاطن الخبيث‪ ،‬والش يطان‪ ،‬فَ ْي َع ال م ن ش طن‪ ،‬إذا‬
‫ت ُمتَم ﱢر ٍد م ن ال ِج نﱢ واإلن س‪ ،‬وال دواب وك ل ش ي ٍء‪،‬‬
‫بَعُد‪ ،‬والشيطان البعيد عن الحق‪ ،‬وھ و ك لﱡ ع ا ٍ‬
‫والش يطان اس م يطل ق عل ى ن وع م ن الحيّ ات‪ ،‬ل ه ع رف قب يح المنظ ر‪ ،‬وق د تس مى الحي ة الدقيق ة‬

‫الخفيفة شيطانا ً وجانا ً)‪ ،(480‬وقيل الشيطان الحي ة الخبيث ة‪ ،‬وق د ورد ع ن الرس ول "ص لى ﷲ علي ه‬

‫‪ -‬ﺴﻭﺭﺓ ﺍﻟﻜﻬﻑ‪ ،‬ﺁﻴﺔ ‪.50‬‬ ‫‪475‬‬

‫‪ -‬ﻗﺼﺹ ﺍﻷﻨﺒﻴﺎﺀ )ﻋﺭﺍﺌﺱ ﺍﻟﻤﺠﺎﻟﺱ(‪ ،‬ﺹ‪ ،36‬ﻋﺠﺎﺌﺏ ﺍﻟﻤﺨﻠﻭﻗﺎﺕ ﻭﻏﺭﺍﺌﺏ ﺍﻟﻤﻭﺠﻭﺩﺍﺕ‪ ،‬ﺹ‪.388 -387‬‬ ‫‪476‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﻋﺭﺍﻑ‪ ،‬ﺁﻴﺔ‪.20 ،‬‬ ‫‪477‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺒﻘﺭﺓ‪ ،‬ﺁﻴﺔ‪. 36 ،‬‬ ‫‪478‬‬

‫‪ -‬ﺨﻠﻴل‪ ،‬ﺃﺤﻤﺩ ﺨﻠﻴل‪ :‬ﻤﻀﻤﻭﻥ ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪ ،‬ﺹ‪.90‬‬ ‫‪479‬‬

‫‪ -‬ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻤﺎﺩﺓ) ﺸﻁﻥ( ‪ ،‬ﺜﻤﺎﺭ ﺍﻟﻘﻠﻭﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻀﺎﻑ ﺍﻟﻤﻨﺴﻭﺏ‪ ،‬ﺹ‪ ،422‬ﺍﻟﻘﺭﻁﺒﻲ‪ :‬ﺍﻟﺠﺎﻤﻊ ﻷﺤﻜـﺎﻡ ﺍﻟﻘـﺭﺁﻥ‪،‬‬ ‫‪480‬‬

‫‪.87/15‬‬

‫‪88‬‬
‫وسلم" قوله‪" :‬حرجوا عليه فإن امتنع‪ ،‬وإالّ ف اقتلوه فإن ه ش يطان")‪ ،(481‬والش يطان ھ و )‪(satan‬‬

‫في اإلنكليزية و "‪ "Diabolos‬في اإلغريقية‪ ،‬وھو "ساطان" في العبراني ة‪ ،‬ومعن اه ع د ﱞو َو ُم ْش ت ٍَك‬

‫ف ي ھ ذه اللغ ة)‪ ،(482‬فتلتق ي مع اني كلم ة ش يطان ف ي اللغ ات المختلف ة عن د معن ى الخب ث والتم رد‪،‬‬

‫والبعد عن رحمة ﷲ‪ ،‬وبسبب خبثه أطلق عليه شيطاناً‪ ،‬وإنّما سُم ّي المتمرد من ك ّل ش يء ش يطاناً؛‬

‫لمفارقة أخالقه وأفعاله أخالق سائر جنسه وأفعالھم‪ ،‬وبع ده م ن الخي ر‪ ،‬وق د قي ل إن ه أخ ذ م ن ق ول‬
‫)‪(484‬‬
‫القائل‪" :‬شطنت الدار‪ ،‬بمعنى بَعُدت")‪ ،(483‬ومن ذلك قول النابغة الذبياني‪:‬‬

‫)‪(485‬‬
‫ت‪ ،‬والفُ ؤا ُد بِھَ ا َرھ يِ ُن‬
‫فبانَ ْ‬ ‫ى َشطُ ُ‬
‫ون‪،‬‬ ‫ك نو ً‬ ‫ن ْ‬
‫َأت بِسُعا َد عن َ‬
‫)الوافر(‬

‫فالنوى‪ :‬البعد‪ ،‬وال َشطُون‪ :‬البعيد‪ ،‬وتأتي بالمعنى نفسه في قول أمية بن أبي الصلت‪)(486) :‬الخفيف(‬

‫)‪(487‬‬
‫ثُ ّم ي ُْلقَى في السﱢجْ ِن واألَ ْغالَ ِل‬ ‫شاط ٌن عَصاهُ َع َكاهُ‬
‫أيّما ِ‬

‫ومن المعاني التي تحملھا ھذه الكلمة‪ ،‬والتي رسخت في أذھان العرب "القبح"‪ ،‬فمن ع ادة‬

‫اإلنسان إذا استقبح شيئا ً َش بّھهُ بالش يطان؛ استش عاراً من ه أن ه أق بح م ا يك ون م ن األش ياء)‪ ،(488‬وق د‬
‫خاطب القرآن الكريم اإلنسان العربي‪ ،‬بم ا ي تالءم وعقليت ه‪ ،‬حي ث ش بّه ثم ر أش جار الن ار ب رؤوس‬

‫ياطين‪È⎦⎫ÏÜ≈u‹¤±9$# â¨ρâ™â‘ …çμ¯Ρr(x. $yγãèù=sÛ ∩∉⊆∪ ÉΟŠÅspgø:$# È≅ô¹r& þ’Îû ßlãøƒrB ×οtyfx© $yγ¯ΡÎ)" :‬‬ ‫الش‬

‫∪∈∉∩ )‪ ،(489‬أي كأن طلع ھذه الشجرة في قبحه‪ ،‬وسماجته رؤوس الشياطين‪ ،‬في قبحھ ا وس ماجتھا‪،‬‬

‫‪ -‬ﺼﺤﻴﺢ ﻤﺴﻠﻡ‪.1757/4 ،‬‬ ‫‪481‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪.730/6 ،‬‬ ‫‪482‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،295 ،153/1 ،‬ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﻤﺎﺩﺓ)ﺸﻁﻥ(‪ ،‬ﺍﻟﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪.730/6 ،‬‬ ‫‪483‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻨﺎﺒﻐﺔ ﺍﻟﺫﺒﻴﺎﻨﻲ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.186‬‬ ‫‪484‬‬

‫‪ -‬ﺃﻤﻴﺔ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.106‬‬ ‫‪485‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.106‬‬ ‫‪486‬‬

‫‪ -‬ﻋﻜﺎﻩ‪ :‬ﺸ ّﺩﻩ ﺒﺎﻟﺤﺩﻴﺩ‪ ،‬ﺍﻟﺸﺎﻁﻥ‪ :‬ﺍﻟﺒﻌﻴﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﻕ‪.‬‬ ‫‪487‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪.731/6 ،‬‬ ‫‪488‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺼﺎﻓﺎﺕ‪ ،‬ﺁﻴﺔ‪.65-64‬‬ ‫‪489‬‬

‫‪89‬‬
‫وقد يكون المقصود برؤوس الشياطين رأس حيّ ة معروف ة عن د الع رب‪ ،‬تس مى ش يطانا ً)‪ ،(490‬وھ ذا‬
‫)‪(491‬‬
‫)الرجز(‬ ‫ما عناه الشاعر بقوله‪:‬‬

‫اط أَ ْع َر ُ‬
‫ف)‪.(492‬‬ ‫ثل َش ْيطَ ِ‬
‫ان ال َح َم ِ‬ ‫لف ِحينَ أَحلِ ُ‬
‫ف َك ِم ِ‬ ‫َع ْن َج ِر ٌد تَ ِح ُ‬

‫وھذا ما يرد في األمثال العربية "ما ھو إال شيطان الحماطة")‪ (493‬أي مثاالً في القبح‪.‬‬

‫في حين جاء في اللسان أن رؤوس الشياطين نبت معروف قبيح )‪.(494‬وتحمل كلمة الشيطان مع اني‬
‫أُ َخ ر‪ ،‬منھ ا الكب ر والطغي ان والخنزوان ة أو الغض ب الش ديد‪ ،‬وق د أورد الج احظ ع ن عم ر اب ن‬

‫الخطاب قوله‪" :‬ألضربنه حتى أنزع شيطانه من نخرته")‪ ،(495‬ومنھا أيض ا ً الفطن ة وال ذكاء‪ ،‬وش دة‬

‫العارض ة)‪ ،(496‬مم ا يجس د فك رة الثنائي ة القائم ة عل ى الخي ر والش ر ف ي شخص ية الش يطان‪ ،‬فيق ال‬

‫ف الن ش يطان‪ ،‬إذا تف ّوق عل ى أبن اء جنس ه‪ ،‬ف ي ال ذكاء والفطن ة‪ ،‬وش يطان إذا فس د وس اء خلق ه‪،‬‬

‫ويتضح معنى الغضب في قول م رة أب و الوجي ه العكل ي" وك ان ذل ك ح ين ركبن ي ش يطاني")‪،(497‬‬


‫)‪(498‬‬
‫ويرد المعنى نفسه‪ ،‬عن منظور بن رواحة في قوله‪:‬‬

‫)الطويل(‬

‫ين َر ْأسي وا ْنت َ‬


‫َش◌َ ْينَ ِمنَ ال َخ ْم ِر‬ ‫َشيَ ِ‬
‫اط ُ‬ ‫ت‬ ‫فل ّما أتاني ما يَقو ُل تَ َرقﱠ َ‬
‫ص ْ‬

‫ومم ا يزي د ف ي ق بح الش يطان‪ ،‬أن اإلنس ان العرب ي تص ور الش يطان‪ ،‬بص ورة قريب ة م ن‬
‫صورة الثور؛ لِما له من قرون‪ ،‬بدليل ما ورد من قوله "عليه الس الم" ع ن الش مس)‪ ،(499‬وق د ورد‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪.733/6 ،‬‬ ‫‪490‬‬

‫‪ -‬ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﻤﺎﺩﺓ )ﺸﻁﻥ(‪ ،‬ﺜﻤﺎﺭ ﺍﻟﻘﻠﻭﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻀﺎﻑ ﻭﺍﻟﻤﻨﺴﻭﺏ‪ ،‬ﺹ‪.422‬‬ ‫‪491‬‬

‫ﺠﺭﹺﺩ‪ :‬ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ ﺍﻟﻘﻭﻴﺔ ﺍﻟﻔﺘﻴّﺔ‪ ،‬ﺃﻋﺭﻑ‪ :‬ﺍﻟﺫﻱ ﻟﻪ ﻋُﺭﻑ‪ ،‬ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﻤﺎﺩﺓ )ﻋﻨﺠﺭﺩ(‪.،‬‬
‫ﻋﻨﹾ َ‬
‫‪َ -‬‬ ‫‪492‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻴﺩﺍﻨﻲ‪ :‬ﻤﺠﻤﻊ ﺍﻷﻤﺜﺎل‪.446/1 ،‬‬ ‫‪493‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ‪ ،‬ﻤﺎﺩﺓ )ﺸﻁﻥ(‪.‬‬ ‫‪494‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،193/6 ،‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ‪.299/1‬‬ ‫‪495‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪.300/1 ،‬‬ ‫‪496‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪.300/1 ،‬‬ ‫‪497‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪.299/1 ،‬‬ ‫‪498‬‬

‫‪ -‬ﻴﻨﻅﺭ‪ ،‬ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ‪ :‬ﺼﺤﻴﺢ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ‪.149/4 ،‬‬ ‫‪499‬‬

‫‪90‬‬
‫للشيطان عدة أسماء منھا الحبُاب‪ ،‬ويقع على الحية‪ ،‬ألنه يق ال للحي ة ش يطان‪ ،‬والحُب اب والش يطان‪:‬‬

‫الحية الخبيثة )‪ ،(500‬وزوبعة الذي قيل إنّه رئ يس الج ن‪ ،‬ومن ه س مي اإلعص ار زوبع ة)‪ ،(501‬ومنھ ا‬

‫أزب العقب ة‪ ،‬وقي ل ھ و حي ة)‪ ،(502‬ومنھ ا ش يطان الحماط ة‪ ،‬ال ذي قي ل "إن ه الحي ة‪ ،‬ألن الحماط ة‬

‫ش جرة ش بيھة بش جرة الت ين‪ ،‬وھ ي أح بّ الش جر إل ى الحي ات")‪ ،(503‬ومنھ ا الش يطان ھ راء‪ ،‬وھ و‬
‫"ش يطان قب يح األح الم")‪ ،(504‬وم ن أس مائه األج دع ب دليل ق ول عم ر ب ن الخط اب‪" ،‬إنّم ا األج د ُ‬
‫ع‬
‫)‪(505‬‬
‫شيطان"‪.‬‬

‫ومن ھنا تأتي المفارقة‪ ،‬والتن اقض‪ ،‬ف ي المع اني الت ي تحملھ ا كلم ة الش يطان؛ إذ أنھ ا ت د ّل‬

‫على الفطنة والذكاء والقوة‪ ،‬ويتضح ذلك من خالل وصف أ ﱠم تأبط ش راً البنھ ا " إن ه وﷲ ش يطان‪،‬‬
‫م ا رأيت ه ق ط مس تثقالً وال ض احكاً‪ ،‬وال ھ ّم بش يء‪ ،‬م ذ ك ان ص بيا ً إالّ فعل ه")‪ ،(506‬فھ ذا ي د ّل عل ى‬

‫جرأته وشجاعته‪ ،‬وسرعة بديھت ه‪ .‬ويب دو ھ ذا المعن ى‪ ،‬فيم ا تحمل ه ھ ذه الكلم ة م ن معن ى الموھب ة‬

‫والقريحة الشعرية؛ إذ لعبت الشياطين دوراً كبي راً ف ي إلق اء الش عر عل ى ألس نة الش عراء‪ ،‬وتلقي نھم‬
‫إيّاه‪ ،‬وقد أورد الجاحظ رواية‪ ،‬تدل عل ى تف وق الش يطان عل ى اإلنس ان وھ ي "أن بع ض الش عراء‪،‬‬

‫قال لرجل‪ :‬أنا أقول في ك ل س اعة قص يدة‪ ،‬وأن ت تعرض ھا ف ي ك ل ش ھر‪ ،‬فَلِ َم ذل ك؟ ق ال‪ :‬ألن ي ال‬

‫أقب ل م ن ش يطاني مث ل ال ذي تقبل ه م ن ش يطانك")‪ ،(507‬و ت د ّل كلم ة ش يطان عل ى البش اعة والق بح‬

‫والسماجة من ناحية‪ ،‬كما تدل على الفصاحة والنشاط‪ ،‬من ناحية أخرى‪ ،‬فإذا رأوا فص يحا ً نش يطاً‪،‬‬

‫قالوا‪ ،‬شيطان‪ ،‬وإذا رأوا قبيحاً‪ ،‬قالوا‪ :‬شيطان‪ ،‬ويؤكد الجاحظ ھذا القول برواي ة "ع ن الم رأة الت ي‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺜﻌﺎﻟﺒﻲ‪،‬ﺃ ﺒﻭ ﻤﻨﺼﻭﺭ‪ ،‬ﻤﺤﻤﺩ ﺒﻥ ﺇﺴﻤﺎﻋﻴل ﺍﻟﻨﻴﺴﺎﺒﻭﺭﻱ‪ :‬ﻓﻘﻪ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ‪ -‬ﻁ ﺍﻷﺨﻴﺭﺓ‪ -‬ﺘﺤﻘﻴﻕ ‪ ،‬ﻤﺼـﻁﻔﻰ‬ ‫‪500‬‬

‫ﺍﻟﺴﻘﺎ ﻭﺁﺨﺭﻭﻥ‪،1972-1392 ،‬ﺹ‪.179‬‬


‫‪ -‬ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﻤﺎﺩﺓ)ﺯﺒﻊ( ‪ ،‬ﻭﺘﺎﺝ ﺍﻟﻌﺭﻭﺱ‪ ،‬ﻤﺎﺩﺓ )ﺯﺒﻊ(‪.‬‬ ‫‪501‬‬

‫ﺏ(‪ ،‬ﺍﻟﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪.731/6 ،‬‬


‫‪ -‬ﺘﺎﺝ ﺍﻟﻌﺭﻭﺱ‪ ،‬ﻤﺎﺩﺓ)ﺍ ﹺﺯ َ‬ ‫‪502‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،192/6 ،‬ﺜﻤﺎﺭ ﺍﻟﻘﻠﻭﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻀﺎﻑ ﻭﺍﻟﻤﻨﺴﻭﺏ‪ ،‬ﺹ‪.422‬‬ ‫‪503‬‬

‫‪ -‬ﻋﺒﻘﺭ‪ ،‬ﺹ‪.220‬‬ ‫‪504‬‬

‫‪ -‬ﺒﺎﺒﺘﻲ‪ ،‬ﻋﺯﻴﺯﺓ ﻓﻭّﺍل‪ :‬ﻤﻌﺠﻡ ﺍﻟﺸﻌﺭﺍﺀ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﻴﻥ –ﻁ‪ -1‬ﺩﺍﺭ ﺼﺎﺩﺭ ﻟﻠﻁﺒﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻨﺸﺭ‪ ،‬ﺠﻭﺭﺝ ﺒﺭﺱ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪ ،‬ﻟﺒﻨﺎﻥ‪،‬‬ ‫‪505‬‬

‫‪1988‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪.7‬‬
‫‪ -‬ﺨﻠﻴﻑ‪ ،‬ﻴﻭﺴﻑ‪:‬ﺍﻟﺸﻌﺭﺍﺀ ﺍﻟﺼﻌﺎﻟﻴﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺼﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ ‪-‬ﻁ‪ -2‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ‪ ،‬ﻤﺼﺭ‪ ،‬ﻤﻜﺘﺒﺔ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴـﺎﺕ ﺍﻷﺩﺒﻴـﺔ‪،‬‬ ‫‪506‬‬

‫‪1959‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪.96‬‬
‫‪ -‬ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻭﺍﻟﺘﺒﻴﻴﻥ‪.150/1 ،‬‬ ‫‪507‬‬

‫‪91‬‬
‫يطان‪ ،‬فل م يتخي ل الص ائغ ص ورته‪ ،‬ف ذھبت تبح ث ع ن‬
‫ٍ‬ ‫طلبت من الص ائغ أن يرس م لھ ا ص ورة ش‬

‫شبيه له‪ ،‬فوجدت الجاحظ‪ ،‬تنطبق عليه صفات الشيطان‪ ،‬فأخذته إليه‪ ،‬وطلبت منه‪ ،‬أن يرس مه لھ ا؛‬

‫لبشاعة منظره")‪ ،(508‬ونظراً لما تمتاز ب ه النس اء‪ ،‬م ن الخب ث والل ؤم‪ ،‬وص فھن عم ر ب ن الخط اب‬

‫بالشياطين‪،‬‬

‫)‪(509‬‬
‫)البسيط(‬ ‫فقال‪:‬‬

‫ين‬ ‫نَعُو ُذ با ِم ْن َشرﱢ ال ﱠش ِ‬


‫ياط ِ‬ ‫ياطين ُخلِقنَ لنا‬
‫ٌ‬ ‫إن النﱢسا َء َش‬
‫ّ‬

‫وق َد وق َر في أذھان الشعراء خبث الشيطان‪ ،‬وقدرته على إلحاق األذى باإلنسان‪ ،‬فھذا‬

‫المزرّد بن ضرار الذبياني‪ ،‬يَ ُر ّد ما لحق بناقته إلى فعل مؤثر‪ ،‬ويشبه ھذا الفعل بقذيفة الشيطان‪،‬‬
‫)‪(510‬‬
‫)الطويل(‬ ‫بقوله‪:‬‬

‫قذيفةُ َشي ٍ‬
‫)‪(511‬‬
‫ضرز َِم‬ ‫ضواةً في لَھَ ِ‬
‫از ِم ِ‬ ‫فصا َر ْ‬
‫ت َ‬ ‫جيم َرمى ِبھا‬
‫ْطان َر ٍ‬

‫وتتجسد في الشيطان صورة الجن‪ ،‬من خالل مالزمت ه لإلنس ان‪ ،‬وتلبس ه ل ه‪ ،‬ويظھ ر ذل ك‬
‫)‪(512‬‬
‫في قول أوس بن حجر‪:‬‬

‫)الوافر(‬ ‫◌ِ‬
‫تَنفقَناهُ بال َح ْب ِل التﱡؤام◌ِ ِ◌‬ ‫إِ َذا ال ﱠش ْيطَ ُ‬
‫ان قَصﱠع في قَفَاھا‬

‫الن فالن ا ً غيل ة‪ ،‬أي قتل ه ف ي اغتي ال‬


‫‪ -3‬الغول‪ :‬غال في اللغة‪ :‬ھلك‪ ،‬والغول‪ :‬المني ة‪ ،‬فيق ال‪ :‬قتِ ل ف ٌ‬
‫وخفية‪ ،‬ويقال لكل ما يُھلك اإلنسان‪ :‬غول‪ ،‬والغول‪ :‬الحبس‪ ،‬والتغ ول‪ :‬التل ّ‬
‫ون‪ ،‬ف المرأة تتغ ول؛ أي‬
‫تتلون‪ ،‬وكل ما يغتال اإلنسان من ﱠ‬
‫جن أو شيطان أو سبع‪ :‬غول‪ ،‬ومن مع اني الغ ول المف ازة؛ ألنھ ا‬

‫تغتال كلﱡ من يمرﱡ بھا‪ ،‬ويقال امرأة ذات غول أو طويلة‪ ،‬لذلك تغ ول الثي اب‪ ،‬فتقص ر عنھ ا‪ ،‬ويق ال‬

‫‪ -‬ﺤﻤﻴﺩﺓ‪ ،‬ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ‪ :‬ﺸﻴﺎﻁﻴﻥ ﺍﻟﺸﻌﺭﺍﺀ‪ ،‬ﺹ‪.207‬‬ ‫‪508‬‬

‫‪ -‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪ ،13/3،‬ﺜﻤﺎﺭ ﺍﻟﻘﻠﻭﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻀﺎﻑ ﻭﺍﻟﻤﻨﺴﻭﺏ‪ ،‬ﺹ‪ 270‬ﺒﺩﻭﻥ ﻨﺴﺏ ﻤﻊ ﺘﻐﻴﻴﺭ ﺒﺴﻴﻁ‪.‬‬ ‫‪509‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﻓﻭﻩ ﺍﻷﻭﺩﻱ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺸﺭﺡ ﻭﺘﺤﻘﻴﻕ‪ ،‬ﻤﺤﻤﺩ ﺍﻟﺘﻭﻨﺠﻲ‪ -‬ﻁ‪ -1‬ﺩﺍﺭ ﺼﺎﺩﺭ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪1998 ،‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪.34‬‬ ‫‪510‬‬

‫ﺴﻨﹼﺔ ﻭﻓﻴﻬﺎ ﺒﻘﻴﺔ ﺸﺒﺎﺏ‪.‬‬


‫‪ -‬ﻀﻭﺍﺓ‪ :‬ﻏﹸﺩﺓ ﺘﺤﺕ ﺸﺤﻤﺔ ﺍﻷﺫﻥ‪ ،‬ﻟﻬﺎﺯﻡ‪ :‬ﻋﻅﻡ ﻨﺎﺘﺊ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﺤﻰ ﺘﺤﺕ ﺍﻷﺫﻥ‪ .‬ﻀِﺭﺯﻡ‪ :‬ﺍﻟﻨﺎﻗﺔ ﺍﻟ ُﻤ ِ‬ ‫‪511‬‬

‫‪ -‬ﺃﻭﺱ ﺒﻥ ﺤﺠﺭ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺘﺤﻘﻴﻕ‪ ،‬ﻤﺤﻤﺩ ﻴﻭﺴﻑ ﻨﺠﻡ‪ -‬ﻁ‪ -3‬ﺩﺍﺭ ﺼﺎﺩﺭ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪1399 ،‬ﻫـ‪1979 -‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪.126‬‬ ‫‪512‬‬

‫‪92‬‬
‫ك ذلك للمنطق ة المنخفض ة م ن األرض‪ :‬غ ول‪ ،‬والغ ول‪ :‬الص داع وال ُس كر‪ ،‬والمش قة‪ ،‬والخيان ة‪،‬‬

‫والذكر من الجن‪ ،‬ويقال الغول ساحرة الجن والحيّة‪ ،‬والجمع أغوال)‪.(513‬‬

‫أم ا ف ي االص طالح ف الغول م ن أھ م أن واع الج ن الت ي س يطرت عل ى مخيل ة اإلنس ان الج اھلي‬
‫خاصة‪ ،‬وھ و "اس م لك ل ش يء م ن الج ن يع رض لل ّس فار‪ ،‬ويتل ون ف ي ض روب الص ور والثي اب‪،‬‬
‫وان ش ّ‬
‫اذ‬ ‫ذكراً كان أم أنثى‪ ،‬إالّ ّ‬
‫أن أكثر الكالم على أنه أنثى" )‪(514‬؛ ويرى القزوبني "أن الغول حي ٌ‬
‫ُم َش ﱠوه‪ ،‬لم تحكمه الطبيعة‪ ،‬وأنه خرج منفرداً‪ ،‬ولم يس تأنس‪ ،‬وت وحّش‪ ،‬وطل ب القف ار‪ ،‬يت راءى لم ن‬
‫يسافر وحده في الليالي‪ ،‬وأوقات الخلوات؛ فيتوھم ه إنس اناً‪ ،‬فيص ّده ع ن الطري ق")‪ ،(515‬وق د َج ّس َد‬
‫الش عر الج اھلي ھ ذه المع اني لكلم ة الغ ول‪ ،‬بمختل ف االش تقاقات‪ ،‬م ن ذل ك ق ول الم رقّش‬
‫)‪(517‬‬
‫ي ا ابن ةَ َعجْ النَ ِم ْن َوق ِع ال ُحتُ و ْم‬ ‫َولِ ْلفتى َغائ ٌل ي ُغولُهُ‬ ‫)‪(516‬‬
‫األصغر‪:‬‬
‫)مجزوء البسيط(‬

‫)‪(518‬‬
‫)المتقارب(‬ ‫وقول بُشامة بن عمرو‪:‬‬

‫ث لِلمر ِء ُغوال‬
‫َكفَى بالحوا ِد ِ‬ ‫وال تَ ْقعُدوا َوبِ ُكم ُمنﱠةٌ‬

‫فكل معانيھا‪ ،‬تلتقي عند القت ل وال دمار والھ الك؛ ألن الج ن والس باع مخلوق ات ت ؤدي إل ى‬
‫قتل اإلنسان‪ ،‬وتحطيمه ماديا ً ومعنوياً‪ ،‬كما ھو الحال بالنسبة للش يطان ال ذي يقت ل اإلنس ان‪ ،‬بإبع اده‬
‫عن الحق والخير‪ ،‬وتتّجسد ھذه الصفات في الغول التي ي زعم كثي ر م ن الن اس‪ ،‬أنھ ا ك ائن خراف ي‬
‫)‪(520‬‬
‫َو ْھم ّي‪ ،‬ال وجود له)‪ ،(519‬وقد أورد األلوسي قول الشاعر الذي يثبت ذلك‪:‬‬

‫)البسيط(‬ ‫أسما ُء أشيا َء لَ ْم تُ ْو َج ْد َولَم تَ ُكن‬ ‫ال ُغو ُل وال ِخلﱡ وال َع ْنقا ُء ثالثِةٌ‬

‫‪ -‬ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﻤﺎﺩﺓ )ﻏﻭل(‪ ،‬ﺘﺎﺝ ﺍﻟﻌﺭﻭﺱ‪ ،‬ﻤﺎﺩﺓ)ﻏﻭل(‪ ،‬ﺍﻻﺸﺘﻘﺎﻕ‪.188/2 ،‬‬ ‫‪513‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،158/6 :‬ﺍﻟﺤﻭﺕ‪ :‬ﻓﻲ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﻤﻴﺜﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ :‬ﺹ‪.221‬‬ ‫‪514‬‬

‫‪ -‬ﻋﺠﺎﺌﺏ ﺍﻟﻤﺨﻠﻭﻗﺎﺕ‪ ،‬ﻭﻏﺭﺍﺌﺏ ﺍﻟﻤﻭﺠﻭﺩﺍﺕ‪ ،‬ﺹ‪ .391‬ﻋﺒﻘﺭ‪ ،‬ﺹ‪ ،77‬ﻤﺭﻭﺝ ﺍﻟﺫﻫﺏ‪.135/2 ،‬‬ ‫‪515‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻔﻀﻠﻴﺎﺕ‪ ،‬ﺹ‪.249‬‬ ‫‪516‬‬

‫ﺤﺘﹸﻭﻡ‪ :‬ﺠﻤﻊ ﺤﺘ ﹴﻡ ﻭﻫﻭ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ‪.‬‬


‫‪ -‬ﺍﻟ ُ‬ ‫‪517‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻔﻀﻠﻴﺎﺕ‪ ،‬ﺹ‪.59‬‬ ‫‪518‬‬

‫‪ -‬ﻋﺒﻘﺭ‪ ،‬ﺹ‪.76‬‬ ‫‪519‬‬

‫‪ -‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪ ،347/2 ،‬ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ‪.167/2 ،‬‬ ‫‪520‬‬

‫‪93‬‬
‫في حين ذھب ال دميري إل ى " ّ‬
‫أن الغ يالن س حرة الج ن؛ ألنھ ا ق ادرة عل ى التش كل بأش كال‬
‫مختلف ة‪ ،‬وأنھ ا س بع م ن س باع الج ن")‪ ،(521‬ويؤك د الج احظ ذل ك بقول ه‪ّ " :‬‬
‫إن الجنيّ ة إذا تعرّض ت‪،‬‬
‫وتلونت‪ ،‬وعبثت باإلنسان شيطانة‪ ،‬ث ّم غ ول؛ أي أن الغ ول م ن الش ياطين")‪ ،(522‬وق د أطل ق عليھ ا‬
‫الع رب "خيتع ور" لم ا لھ ا م ن ق درة عل ى التل ّون والتش ّكل‪ ،‬وھ و ك ّل ش يء‪ ،‬ال ي دوم عل ى حال ة‬
‫واحدة‪ ،‬ويضمحل‪ ،‬ويتالشى كالسﱠراب")‪.(523‬‬

‫وق د رس خ ف ي أذھ ان العام ة ّ‬


‫أن الغ ول تعن ي الداھي ة‪ ،‬إذ يق ال‪ :‬غالت ه غ ول‪ ،‬أي أھلكت ه‬
‫المصيبة)‪ (524‬والغول جنس من الشيطان‪ ،‬بدليل قوله "عليه السالم‪ " :‬عل يكم بال ﱡدلج ة‪ ،‬ف إن األرض‬
‫تط وى باللﱠي ل‪ ،‬وإذا تغ ّول ت لك م الغ يالن فب ادروا ب األذان؛ وال تنزل وا ج وا َد الطري ق‪ ،‬وال تُص لّوا‬
‫عليھا؛ فإنھا مأوى الحيات والسباع ")‪ ،(525‬فھي إذن نوع من الجن شريّرة‪ ،‬تظھر عادة في ص ورة‬
‫حي وان‪ ،‬أو وح ش رھي ب‪ ،‬تس كن المق ابر‪ ،‬واألم اكن المھج ورة‪ ،‬تملؤھ ا بالرع ب والف زع‪ ،‬تأك ل‬
‫الجثث‪ ،‬وتھاجم المارّة بھدف أكلھم‪ ،‬كما حصل م ع عم ر ب ن الخط اب )‪ ،(526‬وم ع ت أبط ش راً ح ين‬
‫لقيھا وقتلھا )‪ ،(527‬ومن غرائب ما يروى عن الغول "أنھا إذا ض ربت ض ربة واح دة مات ت‪ ،‬إِالّ أن‬
‫)‪(528‬‬
‫يعي د عليھ ا الض ارب‪ ،‬قب ل أن يقض ي عليھ ا ض ربة أخ رى‪ ،‬فإنّ ه إن فع ل ذل ك ل م تم ت"‪،‬‬
‫وللشعراء الصعاليك قصص ونوادر كثيرة معھا سنعرض لھا في مواضعھا‪.‬‬

‫سعالة‪ :‬من أنواع الجن التي تتماث ل م ع الغ ول‪ ،‬ف ي كونھ ا عن وان الخط ر المجھ ول‪ ،‬وھ ي "‬ ‫‪ -4‬ال ﱢ‬
‫من نساء الجن‪ ،‬تَتغ ول لتف تن الس فّار‪ ،‬والم رأة إذا كان ت حدي دة الط رف وال ذھن‪ ،‬س ريعة الحرك ة‪،‬‬
‫ص ة‪ ،‬س ميت س عالة ")‪" ،(529‬والس عالة س احرة الج ن")‪ ،(530‬وي رى ال دميري " أنّھ ا‬
‫ممش وقة ممح ّ‬
‫أخبث الغيالن")‪ ،(531‬وأكثر ما تتواجد بالغياض‪ ،‬وأنھا إذا ظفرت بإنسان ترقصهُ‪ ،‬وتلع ب ب ه‪ ،‬كم ا‬
‫تلع ب الھ رة بالف أر‪ ..‬وق د يص طادھا ال ذئب ل يالً فيأكلھ ا‪ ،‬وإذا افترس ھا ترف ع ص وتھا‪ ،‬وتق ول‪:‬‬

‫‪ -‬ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ‪ ،167/2 ،‬ﻤﺭﻭﺝ ﺍﻟﺫﻫﺏ‪.135/2 ،‬‬ ‫‪521‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪.233/6 ،‬‬ ‫‪522‬‬

‫‪-‬ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ‪.170/2 ،‬‬ ‫‪523‬‬

‫‪ -‬ﺩﻏﻴﻡ‪ ،‬ﺴﻤﻴﺢ‪ :‬ﺃﺩﻴﺎﻥ ﻭﻤﻌﺘﻘﺩﺍﺕ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪ -‬ﻁ‪ -1‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻨﻲ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪1995 ،‬ﻡ‪ ،‬ﺹ ‪.159‬‬ ‫‪524‬‬

‫‪-‬ﺼﺤﻴﺢ ﺍﻟﺠﺎﻤﻊ ﺍﻟﺼﻐﻴﺭ ﻭﺯﻴﺎﺩﺘﻪ ﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﻜﺒﻴﺭ‪.47/4 ،‬‬ ‫‪525‬‬

‫‪ -‬ﻴﻨﻅﺭ‪ ،‬ﻤﺭﻭﺝ ﺍﻟﺫﻫﺏ‪.141/2 ،‬‬ ‫‪526‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﻏﺎﻨﻲ‪ ،‬ﻡ‪.210-209/18 ،9‬‬ ‫‪527‬‬

‫‪ -‬ﻤﻭﺴﻭﻋﺔ ﺃﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻋﻥ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﻭﺩﻻﻻﺘﻬﺎ‪ ،15/2 ،‬ﻤﺩﺨل ﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ﺍﻟﻔﻭﻟﻜﻠﻭﺭ ﻭﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ‪ ،‬ﺹ‪.131‬‬ ‫‪528‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،160/6 :‬ﻤﻭﺴﻭﻋﺔ ﺃﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻋﻥ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﻭﺩﻻﻻﺘﻬﺎ‪.14/2 ،‬‬ ‫‪529‬‬

‫‪ -‬ﺃﺩﻴﺎﻥ ﻭﻤﻌﺘﻘﺩﺍﺕ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪ ،‬ﺹ‪.159‬‬ ‫‪530‬‬

‫‪ -‬ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ‪.18/2 ،‬‬ ‫‪531‬‬

‫‪94‬‬
‫أدرك وني ف إن ال ذئب ق د أكلن ي‪ ،‬أو تح اول إغ راءھم‪ ،‬بقولھ ا‪ :‬م ن يُخلص ني‪ ،‬ومع ي أل ف دين ار‬
‫يأخذھا‪ ،‬إالّ أنھم يعرفون أنھا السعالة؛ فال يُخلصھا أحد‪ ،‬فيأكلھا الذئب")‪.(532‬‬

‫ع م ن المتش يطنة‪ ،‬مغ ايرة للغ ول")‪ ،(533‬وم ن الع رب م ن ي رى أن‬


‫وذھ ب القزوين ي إل ى "أنّھ ا ن و ٌ‬
‫السّعالة ما يتراءى للناس بالنھار‪ ،‬والغول ما يتراءى لھم بالليل)‪ ،(534‬وقد زعم بعض العرب‬

‫أنه تزوج من السﱠعالة‪ ،‬كما ح دث م ع عم رو ب ن يرب وع ب ن حنظل ه التميم ّي‪ ،‬وعم رو ذي األذك ار‬
‫ابن أبرھة ذي المنار‪ ،‬وأمه الجنيّة العيوف)‪.(535‬‬

‫‪ -5‬جنّانُ البيوت‪ :‬بجيم مكسورة ونون مفتوحة مش ددة‪ ،‬جم ع ج ان‪" ،‬وھ ي الحيّ ة الص غيرة‪ ،‬وقي ل‬

‫الدقيقة الخفيفة البيضاء")‪ ،(536‬وھي ما يطلق عليھ ا ّعم ار البي وت‪ ،‬وھ م س كان البي وت م ن الج ن‪،‬‬
‫إن لھ ذه البي وت ع وامر‪ ،‬ف إذا رأي تم منھ ا ش يئاً‪،‬‬
‫كم ا ج اء ف ي ق ول رس ول ﷲ "علي ه الس الم‪ّ " :‬‬

‫فحرّج وا عليھ ا ثالث اً‪ ،‬ف إن ب دا لك م بع د ذل ك‪ ،‬ف اقتلوه" )‪ ،(537‬والع وا ِمر‪ :‬الحي ات الت ي تك ون ف ي‬

‫البيوت‪ ،‬واحدھا عام ٌر وعامرة‪ ،‬وقيل سميت عوا ِمر لطول أَ ْع َمارھ ا)‪ ،(538‬وق د تن زل ف ي األودي ة‪،‬‬
‫إذ حكى بعض الرعاة " أنه نزل بوا ٍد بغنمه‪ ،‬فسلب ذئب شأة من غنمة‪ ،‬فقام ورفع صوته‪ ،‬ون ادى‪:‬‬

‫ي ا ع امر ال وادي‪ ،‬فس مع ص وتا‪ ً،‬يق ول‪ :‬ي ا س رحان‪ ،‬ر ّد علي ه غنم ه‪ ،‬فج اء ال ذئب بالش اة‪ ،‬وتركھ ا‬

‫وذھ ب")‪ ،(539‬ويب دو أن ه يتمي ز بم ا يمت از ب ه العرب ي م ن الك رم‪ ،‬وحس ن الض يافة‪ ،‬وتس كين روع‬

‫المحتاج؛ فقد ت ّدخل ھنا لفائدة الراعي‪.‬‬

‫‪ -‬ﻋﺠﺎﺌﺏ ﺍﻟﻤﺨﻠﻭﻗﺎﺕ ﻭﻏﺭﺍﺌﺏ ﺍﻟﻤﻭﺠﻭﺩﺍﺕ‪ ،‬ﺹ‪ ،392‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ ‪.346/2‬‬ ‫‪532‬‬

‫‪-‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.392‬‬ ‫‪533‬‬

‫‪-‬ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ‪ ،20/2 ،‬ﻋﺒﻘﺭ‪ ،‬ﺹ‪.75‬‬ ‫‪534‬‬

‫‪ -‬ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ‪ ،18/2 ،‬ﻤﺩﺨل ﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ﺍﻟﻔﻭﻟﻜﻠﻭﺭ ﻭﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ‪ ،‬ﺹ‪.141‬‬ ‫‪535‬‬

‫‪ -‬ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ‪.196/1 ،‬‬ ‫‪536‬‬

‫‪ -‬ﺼﺤﻴﺢ ﻤﺴﻠﻡ‪1757/4 ،‬‬ ‫‪537‬‬

‫‪ -‬ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﻤﺎﺩﺓ )ﻋﻤﺭ(‪.‬‬ ‫‪538‬‬

‫‪ -‬ﻋﺠﺎﺌﺏ ﺍﻟﻤﺨﻠﻭﻗﺎﺕ ﻭﻏﺭﺍﺌﺏ ﺍﻟﻤﻭﺠﻭﺩﺍﺕ‪ ،‬ﺹ‪ ،398‬ﻤﻭﺴﻭﻋﺔ ﺃﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻋﻥ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴـﺔ ﻭﺩﻻﻻﺘﻬـﺎ‪-45/2 ،‬‬ ‫‪539‬‬

‫‪.46‬‬

‫‪95‬‬
‫وقال النضر بن شميل في جنان البيوت" ھو صنف من الحيات أزرق‪ ،‬مقط وع ال ذنب‪ ،‬ال‬

‫تنظر إليه حامل‪ ،‬إالّ ألقت ما في بطنھا‪ ،‬وفي كتاب الحشرات‪ ،‬قال ابن خالوي ه‪ :‬س معت اب ن عَرف ة‬

‫ّات إذا َم َشت رفعت رأسھا عند المشي " )‪.(540‬‬


‫ان حي ٌ‬
‫يقول‪ :‬الجنﱠ ُ‬

‫‪ -6‬التابع‪ :‬الجن أو الشيطان يتبع اإلنسان أينما كان‪ ،‬يقدم له م ا يري ده‪ ،‬إن ك ان خيّ راً‪ ،‬ويص رعه‪،‬‬

‫إن ك ان ش ريراً‪ ،‬وال ت زال ھ ذه المعتق دات ش ائعة ف ي األوس اط‬


‫ص َرع والجن ون‪ْ ،‬‬
‫ويس بب ل ه ال َ‬
‫أن لك ل إنس ان َملَك ا ً م و ّكالً ب ه‪ ،‬ل ه‬
‫العربية‪ ،‬فالجن مخلوقات خفية‪ُ ،‬س ّخرت لفتنة البشر )‪ ،(541‬وكما ّ‬

‫كذلك قرناء من الشياطين؛ بدليل م ا ورد م ن ح ديث لعائش ة‪ّ " ،‬‬
‫أن النب ي "علي ه الس الم" خ رج م ن‬

‫ك يا عائش ة‪ ،‬أَ ِغ رْ ِ‬
‫ت؟ فقال ت‪ :‬وم الي ال يغ ا ُر مثل ي‬ ‫عندھا ليالً ورجع‪ ،‬فتوسّم فيھا الغيرة‪ ،‬فقال‪َ :‬مالَ ِ‬
‫ش ْيطَانك‪ ،‬فقالت‪ :‬يا رسول ﷲ‪ ،‬أو مع ي ش يطان‪،‬‬
‫على مثلك‪ ،‬فقال "صلى ﷲ عليه وسلم"‪ :‬لعن ﷲ َ‬
‫ق ال‪ :‬نعم‪،‬وم ع ك ّل إنس ان‪ ،‬قال ت‪ :‬ومع ك ي ا رس ول ﷲ‪ ،‬ق ال نع م‪ ،‬ولك ّن رب ي ع ّز وج ل أع انني‬
‫أن لك ل إنس ان قرين ا ً م ن الش يطان‪ ،‬إالّ ّ‬
‫أن المقص ود بالت ابع ف ي المفھ وم‬ ‫علي ه")‪ ،(542‬فق د أجمع وا ّ‬

‫الجاھلي قد يختلف عن ھذا؛ ألنه ھو "الذي يتبع الكاھن يُ َعلّمه كھانة أو سحراً‪ ،‬ويتبع الش اعر يلقن ه‬

‫شعراً)‪.(543‬‬

‫وقد يتجلّى التابع لإلنسان في صورة إنس ان‪ ،‬م ن ذل ك م ا ذك ر ع ن "الغيطل ة" كاھن ة بن ي‬

‫أسد "أنه كان لھا تاب ٌع من الجن‪ ،‬يفد إليھا‪ ،‬ويدخل غرفتھا‪ ،‬ويجلس معھا ")‪ ،(544‬كما "ك ان لفاطم ة‬

‫بن ت النعم ان النجادي ة ت ابع‪ ،‬إذا جاءھ ا اق تحم عليھ ا بيتھ ا‪ ،‬فلم ا ك ان أو ُل البع ث‪ ،‬أتاھ ا فقع د عل ى‬

‫حائط الدار‪ ،‬ولم يدخل‪ ،‬فقالت‪ ،‬له‪ :‬لِ َم ال تدخل؟ فقال‪ :‬قد بعث ﷲ نبيا ً بتحريم الزنا")‪.(545‬‬

‫وقد يلحق التابع أشخاصا ً لم يكونوا شعراء وال كھنة‪ ،‬وإنّما عرفوا بح ّدة ذك ائھم ومع رفتھم‬
‫بعواقب األمور‪ ،‬مثل "أحيحة بن الجالح" الذي اشتھر بص وابه‪ ،‬وس رعة إدراك ه للعواق ب‪ ،‬فعلل ّوا‬

‫‪ -‬ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ‪.196/1 ،‬‬ ‫‪540‬‬

‫‪ -‬ﻓﻲ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﻤﻴﺜﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﺹ‪.225‬‬ ‫‪541‬‬

‫‪ -‬ﺁﻜﺎﻡ ﺍﻟﻤﺭﺠﺎﻥ ﻓﻲ ﻏﺭﺍﺌﺏ ﺍﻷﺨﺒﺎﺭ ﻭﺃﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﺠﺎﻥ‪ ،‬ﺹ‪.26‬‬ ‫‪542‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻔﺼّل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪.759/6 ،‬‬ ‫‪543‬‬

‫‪-‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪.765/6 ،‬‬ ‫‪544‬‬

‫ﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪.137/1 ،‬‬


‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻔ ّ‬ ‫‪545‬‬

‫‪96‬‬
‫ذلك "بوجود تابع من الجن يعلّم ه المغيب ات")‪ ،(546‬وك ذلك أمي ة ب ن أب ي الص لت ال ذي عل ّم ه تابع هُ‬
‫كلمة سحرية تغلّب بھا على الجن‪ ،‬وھي )باسمك اللّھم()‪.(547‬‬

‫‪ -7‬الرئ ي‪ :‬وھ و جن ي يتع رّض للرج ل‪ ،‬يري ه كھان ة وطب اً‪ ،‬فھ و الت ابع ال ذي ي رون أن ه "إذا أل ف‬

‫الجني إنسانا ً وتعطﱠف عليه‪ ،‬وخبّره ببعض األخبار‪ ،‬وجد ِح ّس ه‪ ،‬ورأى خيال ه‪ ،‬ق الوا مع ه رئ ي م ن‬
‫ﱡ‬
‫الجن ")‪ (548‬وھو مخ دوم م ن قبل ه‪ ،‬يخب ره بم ا وق ع‪ ،‬ويق ع م ن األس رار‪ ،‬فالمخ دوم ھ و م ن تجيب ه‬

‫الجن‪ ،‬وإذا عزم على الجن‪ ،‬أجابوه‪ ،‬وم ن ھ ؤالء المخ دومين "عب د ﷲ ب ن ھ الل الحمي ري" ال ذي‬

‫ك ان يق ال ل ه ص ديق إبل يس)‪ ،(549‬فك انوا يقول ون‪" :‬م ن أراد أن تجيب ه الج ن‪ ،‬فليتبخ ر باللبّ ان‪،‬‬

‫ويراع ي س ير المش تري‪ ،‬ويغتس ل بالم اء الق راح‪ ،‬ويكث ر م ن دخ ول الخراب ات")‪ ،(550‬ألن ھ ذه‬

‫األمور تألفھا الجن والشياطين‪ ،‬فقد "كان مسيلمة الكذاب ي ّدعي أن معه رئي ا ً م ن الج ن‪ ،‬يخب ره بم ا‬

‫وقع‪ ،‬ويقع من األسرار")‪ ،(551‬وعندما رأى القرشيون الرسول "عليه السالم"‪ ،‬وسمعوا ما جاء ب ه‬

‫"اتّھموه أن معه رئيا ً من الجن‪ ،‬فقالوا‪ :‬إنھم مستعدون أن يلتمسوا له الطبّ والتعاويذ؛ كي يَب رأ م ن‬
‫ِعلّته" )‪ ،(552‬واستق ّر في أذھانھم ّ‬
‫أن مع ك ّل واح د م ن الكھ ان رئي ا ً يخب ره‪ ،‬وج ّس د تل ك العالق ة ب ين‬
‫)‪(553‬‬
‫)الطويل(‬ ‫اإلنس والجن‪ ،‬قول الشاعر‪:‬‬

‫يل طَائِ ِر‬


‫ص ِ‬‫َو ُخلﱠ ِة ِجنﱢ ّي َوتَو ِ‬ ‫ض ِة قَار ٍ‬
‫ُور َو َراي ِة َشا ِد ٍن‬ ‫ِببَ ْي َ‬

‫‪ -8‬الھاتف‪ :‬ن وع م ن الج ن "يھت ف بص وت مس موع‪ ،‬وجس م غي ر مرئ ي‪ ،‬يق دم النص ح واإلرش اد‬

‫للناس‪ ،‬أو يحذرھم من أضرار‪ ،‬توشك أن تلحق بھم")‪ ،(554‬وينسب إليه ما يد ّل على أنه يق در عل ى‬

‫ﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،760/6 ،‬ﺍﻟﺒﺼﺭﻱ‪ ،‬ﺼﺩﺭ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﻋﻠﻲ ﺒﻥ ﺃﺒﻲ ﺍﻟﻔﺭﺝ ﺒﻥ ﺍﻟﺤﺴﻥ‪ :‬ﺍﻟﺤﻤﺎﺴـﺔ ﺍﻟﺒﺼـﺭﻴﺔ‪،‬‬
‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻔ ّ‬ ‫‪546‬‬

‫ﺘﺤﻘﻴﻕ ﻋﺎﺩل ﺴﻠﻴﻤﺎﻥ ﺠﻤﺎل –ﻁ‪ -1‬ﻤﻜﺘﺒﺔ ﺍﻟﺨﺎﻨﺠﻲ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ‪1420 ،‬ﻫـ‪1999 ،‬ﻡ‪.877/2 ،‬‬
‫‪ -‬ﻤﺭﻭﺝ ﺍﻟﺫﻫﺏ‪..141/2 ،‬‬ ‫‪547‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،203/6 ،‬ﺸﻴﺎﻁﻴﻥ ﺍﻟﺸﻌﺭﺍﺀ‪ ،‬ﺹ‪.54‬‬ ‫‪548‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪.198/6 ،‬‬ ‫‪549‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪.199/6 ،‬‬ ‫‪550‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،206-205/6 ،‬ﺸﻴﺎﻁﻴﻥ ﺍﻟﺸﻌﺭﺍﺀ‪ ،‬ﺹ‪.74‬‬ ‫‪551‬‬

‫‪ -‬ﻓﻲ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﻤﻴﺜﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﺹ‪.225‬‬ ‫‪552‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،206/6 ،‬ﺍﻟﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪.737/6 ،‬‬ ‫‪553‬‬

‫‪-‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،202/6 ،‬ﺍﻟﻤﻔﺼّل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪.736/6 ،‬‬ ‫‪554‬‬

‫‪97‬‬
‫ما ال يقدر عليه اإلنسان‪ ،‬فينقل األخبار عبر الجبال والقفار‪ ،‬بسرعة غريبة‪ ،‬ويأسى عل ى م ا ين زل‬

‫ب الكرام م ن ح وادث‪ ،‬وق د يُبش ّر بم يالد)‪ ،(555‬كم ا ف ي رواي ة مول د كاھن ة ق ريش األم س وداء بن ت‬

‫زھ رة م ن بن ي ك الب‪ ،‬إذ ك ان م ن ع ادة الع رب وأد البن ت‪ ،‬إذا م ا ج اءت إل ى الوج ود ناقص ة‬

‫التك وين‪ ،‬ولم ا كان ت تل ك الكاھن ة‪ ،‬ق د ول دت عل ى بع ض ھ ذه الص فات‪ ،‬ولم ا ّ رأوھ ا ك ذلك؛ أم ر‬

‫وال دھا بوأدھ ا‪ ،‬فأرس لھا م ع م ن جھ ّز لھ ا ف ي الخ الء‪ ،‬وھ ّم ب دفنھا‪ ،‬وإھال ة الت راب عليھ ا‪ ،‬فس مع‬

‫ھاتف اً‪ ،‬يق ول‪ :‬ال تئ د الص بيّة وخلﱢھ ا البريّ ة‪ ،‬فالتف ت إل ى الخف اء‪ ،‬فل م ي ر ش يئا ً فع اد لي دفنھا‪ ،‬فس مع‬

‫الھاتف يسجع سجعا ً كھنوتياً‪ ،‬يمنعه من وأدھا‪ ،‬فكان أن ع اد بھ ا إل ى أبيھ ا‪ ،‬وأخب ره بم ا أش ار إلي ه‬

‫الھاتف‪ ،‬فتركھا حتى صارت وأصبحت كاھنة قريش)‪ ،(556‬وتحفل الكت ب التراثي ة بأخب ار وأش عار‬
‫جاھلية‪ ،‬تتحدث عن ذلك‪.‬‬

‫‪ -9‬العفري ت‪" :‬ھ و الخبي ث الم ارد م ن الش ياطين")‪ ،(557‬وقي ل بأن ه ش يطان عفري ة‪ ،‬ومن ه ف ي‬

‫إن ﷲ تع الى يُ ْب ِغضُ ال ِعفري ة النفريّ ة‪ ،‬وھ و ال داھي الخبي ث الش رير" )‪َ ،(558‬و َورد ف ي‬
‫الح ديث‪ّ " :‬‬

‫القرآن الكريم ما يثب ت ش يطانيته‪ ،‬وخبث ه وتم رده‪ ،‬وقدرت ه عل ى اإلتي ان بخ وارق األم ور‪ .‬وتجّس َد‬

‫عمل العفريت‪ ،‬في قدرته على نقل عرش بلقيس‪ ،‬حينما وف دت زائ رة لس ليمان "علي ه الس الم" ف ي‬

‫بيت المقدس‪ ،‬وطلب سلميان من الجن أن يحضروا عرشھا)‪ ،(559‬فق ال تع الى عل ى لس ان عفري ت‪:‬‬
‫ﱡ‬
‫يعتز ويفتخر بقدرت ه‪،‬‬ ‫" أﻧﺎ أﺗﻴﻚ ﺑﻪ ﻗﺒﻞ أن ﺗﻘﻮم ﻣﻦ ﻣﻘﺎﻣﻚ")‪ (560‬فھو‬
‫والعفري ت ھ و الداھي ة‪ ،‬ال ذي يعف ر أقران ه‪ ،‬وھ و عني د ن ّ‬
‫ص ات إل ى الن اس‪" ،‬ال يس ترق الس مع إال‬

‫جھ اراً ")‪ ،(561‬وھ و م ن الم ردة ال ذين يس تمعون أخب ار الس ماء م ن المالئك ة‪ ،‬ويلقونھ ا إل ى‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪.736/6 ،‬‬ ‫‪555‬‬

‫‪ -‬ﻤﺩﺨل ﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ﺍﻟﻔﻭﻟﻜﻠﻭﺭ ﻭﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ‪ ،‬ﺹ‪.122-121‬‬ ‫‪556‬‬

‫‪ -557‬ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ‪ ،107/2 ،‬ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﻤﺎﺩﺓ )ﻋﻔﺭ(‪ ،‬ﺸﻴﺎﻁﻴﻥ ﺍﻟﺸﻌﺭﺍﺀ‪ ،‬ﺹ‪.54‬‬
‫‪ -558‬ﺼﺤﻴﺢ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ‪.136/3 ،‬‬
‫‪ -‬ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ‪.108/2 ،‬‬ ‫‪559‬‬

‫‪ -560‬ﺍﻟﻨﺤل‪ ،‬ﺁﻴﺔ ‪.39‬‬


‫‪ -‬ﺃﺩﻴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ )ﻭﻭﺠﻬﻬﺎ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻱ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ(‪ ،‬ﺹ‪.368‬‬ ‫‪561‬‬

‫‪98‬‬
‫)‪(562‬‬
‫در‬
‫الكھنة ‪ ،‬ومنھا قولھم للخبيث المنكر ِعفرٌ‪ ،‬والعفارة‪ :‬الخبث والشيطنة‪ ،‬ومنه "غش يھم ي و َم ب ٍ‬
‫لَيْثا ً ِعفريّا ً")‪.(563‬‬

‫و ُع رف باختط اف النس اء‪ ،‬وأورد األبش يھي قص ة رج ل‪ ،‬اختطف ت ابنت ه‪ ،‬وحكاي ة أح د‬

‫المسافرين الذي م ّر بھا في خيمة العفريت‪ ،‬وكيف استطاع أن ينقذ الفت اة من ه‪ ،‬ويعي دھا إل ى أھلھ ا‪،‬‬

‫ويتزوجھ ا‪ ،‬وق د ق ال ف ي ذل ك ش عراً )‪(564‬؛ ويب دو أن ه ك ان حريص ا ً عل ى مط اردة الم ؤمنين م ن‬


‫الرجال‪ ،‬بدليل م ا أورده ال دميري م ن ح ديث ع ن رس ول ﷲ " إنّ عفريت ا ً م ن الج ن‪ ،‬تفلّ ت عل ّي‬

‫البارحة؛ ليقطع عل ّي صالتي‪ ،‬فقذعته أي خنقته")‪.(565‬‬

‫‪ -10‬القُ ْطرب‪ :‬ھو الذكر من السعالي‪ ،‬وقيل ھو من صغار الجن‪ ،‬وقي ل القط ارب ص غار الك الب‪،‬‬
‫وقيل القطربة عل ى ص ورة الھﱢ رة )‪ ،(566‬وھ و ط ائر يج ول اللي ل كل ه‪ ،‬ال ين ام‪ ،‬فق الوا‪" :‬أج و ُل م ن‬

‫قط رب")‪ ،(567‬وورد ذك ره ف ي الح ديث ع ن أص ناف الج ن‪" ،‬وھ م أجن اس‪ ،‬م نھم أجن اس ي أكلون‬

‫ويش ربون‪ ،‬ويتن اكحون‪ ،‬وھ م الس عالي والغ يالن والقط ارب‪ ،‬وأش باه ذل ك")‪ ،(568‬وذك ر األبش يھي‬

‫"أنه نوع من األشخاص المتشيطنة")‪ ،(569‬ويبدو أنه خلط بينه وبين الغدار من حيث الصفات‪.‬‬

‫‪ -11‬الغدّار‪ :‬نوع آخر م ن المتش يطنة‪ ،‬يلح ق اإلنس ان‪ ،‬في دعوه إل ى نفس ه‪ ،‬فيق ع علي ه‪ ،‬ف إذا ص اب‬
‫اإلنسان منه‪ ،‬يسأله‪ :‬أمنكو ٌح أم مذعور؟ فإن كان منكوحاً‪ ،‬يئسوا منه؛ ألن ل ه قض يبا ً كق رن الث ور‪،‬‬
‫يقت ل اإلنس ان بغ رزه في ه‪ ،‬وإن ك ان م ذعوراً‪ ،‬س كن َر ْوع ه و َش جع‪ ،‬واإلنس ان إذا ع اين ذل ك خ ّر‬
‫مغشيا ً عليه)‪.(570‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪.230/6 ،‬‬ ‫‪562‬‬

‫‪ -‬ﺍﺒﻥ ﺍﻷﺜﻴﺭ‪ ،‬ﺃﺒﻭ ﺍﻟﺤﺴﻥ ﻋﻠﻲ ﺒﻥ ﺃﺒﻲ ﺍﻟﻜﺭﻡ‪ :‬ﺍﻟﻨﻬﺎﻴﺔ ﻓﻲ ﻏﺭﻴﺏ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ‪ -‬ﻁ‪ -1‬ﺩﺍﺭ ﺇﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﺘﺭﺍﺙ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪،‬‬ ‫‪563‬‬

‫ﻟﺒﻨﺎﻥ‪ ،‬ﺩ‪.‬ﺕ‪ ،262/2 ،‬ﻤﺎﺩﺓ )ﻋﻔﺭ(‪ ،‬ﻫﻜﺫﺍ ﻭﺭﺩ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ‪.‬‬


‫‪ -‬ﻴﻨﻅﺭ‪ ،‬ﺃﺤﺩﺍﺙ ﺍﻟﻘﺼﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻤﺴﺘﻁﺭﻑ ﻓﻲ ﻜل ﻓﻥ ﻤﺴﺘﻅﺭﻑ‪.158-157/2 ،‬‬ ‫‪564‬‬

‫‪ -‬ﺼﺤﻴﺢ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ‪.197/4 ،‬‬ ‫‪565‬‬

‫‪ -‬ﻤﺭﻭﺝ ﺍﻟﺫﻫﺏ‪.138/2 ،‬‬ ‫‪566‬‬

‫‪-‬ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ‪ ،222/2 ،‬ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ :‬ﻤﺎﺩﺓ )ﻗﻁﺭﺏ(‬ ‫‪567‬‬

‫‪ - 568‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،55/1 ،‬ﻭ‪.44/2‬‬


‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺴﺘﻁﺭﻑ ﻓﻲ ﻜل ﻓﻥ ﻤﺴﺘﻅﺭﻑ‪.84/2 ،‬‬ ‫‪569‬‬

‫‪ -‬ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ‪ ،155/2 ،‬ﻤﺭﻭﺝ ﺍﻟﺫﻫﺏ‪.137/2 ،‬‬ ‫‪570‬‬

‫‪99‬‬
‫‪ -12‬الدّلھاب‪ :‬وھو من المتشيطنة‪ ،‬يوجد في جزائر البحار‪ ،‬ويبدو على صورة إنس ان راكب ا ً عل ى‬

‫نعام ة‪ ،‬يأك ل لح وم الن اس ال ذين يق ذفھم البح ر‪ ،‬وإذا تع رّض لمرك ب ف ي البح ر‪ ،‬وأراد أخ ذ أح د‬

‫ركاّبه‪ ،‬فحاربوه‪ ،‬صاح بھم صيحة‪ ،‬خر ّوا على وجوھھم‪ ،‬فأخذھم)‪.(571‬‬

‫‪ -13‬الشق‪ :‬جنس من المتشيطنه‪ ،‬صورة الواحد منھم على نصف صورة اإلنسان‪ ،‬له عين واح دة‬

‫ورجل واح دة‪ ،‬أو ھ و حي وان كاإلنس ان‪ ،‬ل ه ع ين واح دة‪ ،‬يخ رج م ن الم اء وي تكلم‪ ،‬وقي ل إن هُ لك ل‬
‫واحد م نھم نص ف ب دن‪ ،‬ونص ف رأس‪ ،‬وي د ورج ل‪ ،‬كأن ه إنس ان‪ ،‬ش ق نص فين‪ ،‬يقف ز عل ى رج ل‬

‫واح دة قف زاً ش ديداً‪ ،‬وكثي راً م ا يع رض للرج ل المس افر إذا ك ان وح ده‪ ،‬فربم ا ھل ك فزع ا ً‪ ،‬وربم ا‬

‫أھلكه ضربا ً وقتالً‪ ،‬من ذلك ما حدث مع علقمة بن صفوان الذي عَرض له الش ق‪ ،‬فقت ل ك لﱞ منھم ا‬
‫األخر)‪.(572‬‬

‫ض عفة النﱡس اك وأغبي اء ال ُعبّ اد‪ ،‬يُ ْس ِرج لھ م الني ران‪ ،‬ويض يء لھ م الظلم ة؛‬
‫‪ -14‬الم ذھب‪ :‬ش يطان َ‬
‫ليفت نھم‪ ،‬وي ريھم العج ب‪ ،‬وقي ل إن بع ض العب اد ن زل ص ومعة‪ ،‬يتعب ّد فيھ ا‪ ،‬فأت اه ش خص بس راج‬
‫وطعام‪ ،‬فَتعجّب العاب د م ن ذل ك‪ ،‬فق ال ل ه ش خص بالص ومعة‪ :‬إن ه لَ َم ْذھب‪ ،‬يري د ْ‬
‫أن ي ُخي ل ل ك‪ ،‬أن‬
‫)‪(573‬‬
‫ذلك من كرمه‪ ،‬وﷲ إني ألعلم أنه شيطان‪.‬‬

‫‪ -15‬الخاب ل والخب ل‪ :‬الخَب ل فس اد األعض اء‪ ،‬حت ى ال ي دري كي ف يمش ى‪ ،‬و َخبَ ل الح ب قلب ه‪ ،‬إذا‬

‫ب ْ◌ل بالتحري ك الج ن‪ ،‬وال َخ ْب ل‪:‬‬


‫أفسده بخبله‪ ،‬وأصابه َخبَل أي ف الج‪ ،‬وفس اد أعض اء وعق ل‪ ،‬وال َخ َ‬

‫اإلنس‪ ،‬و ُخبَلت يده‪ ،‬إذا ُش لّت‪ ،‬وال َخبَ ُل‪َ :‬‬
‫ض رْ بٌ م ن الج ن‪ ،‬يق ال لھ م الخَاب ل)‪ ،(574‬ومن ه ق ول ح اتم‬
‫)‪(575‬‬
‫الطائي‪:‬‬

‫‪ -‬ﻋﺠﺎﺌﺏ ﺍﻟﻤﺨﻠﻭﻗﺎﺕ ﻭﻏﺭﺍﺌﺏ ﺍﻟﻤﻭﺠﻭﺩﺍﺕ‪ ،‬ﺹ‪ ،392‬ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ‪.155/2 ،‬‬ ‫‪571‬‬

‫‪ -572‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،206/6 :‬ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ‪ ،46/2 ،‬ﺤﺎﺸﻴﺔ ‪.155/2‬‬


‫‪ -573‬ﺍﻟﻤﺴﺘﻁﺭﻑ ﻓﻲ ﻜل ﻓﻥ ﻤﺴﺘﻅﺭﻑ‪ ،157/2 ،‬ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ‪ ،‬ﺤﺎﺸﻴﺔ ‪.155/2‬‬
‫‪ -‬ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﻤﺎﺩﺓ "ﺨﺒل"‪ ،‬ﺘﺎﺝ ﺍﻟﻌﺭﻭﺱ‪ ،‬ﻤﺎﺩﺓ )ﺨﺒل(‪.‬‬ ‫‪574‬‬

‫‪ -‬ﺤﺎﺘﻡ ﺍﻟﻁﺎﺌﻲ‪:‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺘﺤﻘﻴﻕ ﻤﻔﻴﺩ ﻤﺤﻤﺩ ﻗﻤﺤﻴﺔ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﻁﺒﻭﻋﺎﺕ ﺍﻟﺤﺩﻴﺜﺔ‪ ،‬ﺍﻟﺴﻌﻭﺩﻴﺔ‪1408 ،‬ﻫـ‪1987-‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪76‬‬ ‫‪575‬‬

‫‪100‬‬
‫)البس يط(‬ ‫ت أُ ْعط ي ِ‬
‫الج ﱠن والَخ بَال‬ ‫وإن ُك ْن ُ‬
‫َم ْھالً‪ْ ،‬‬ ‫وال تقولي لِما ٍل ُك ْن ُ‬
‫ت ُمھلِ َكهُ‬
‫أي ال تع ذليني ف ي م ال أنفقت ه‪ ،‬ول و كن ت أعطي ه الج ن‪ ،‬و َم ن ال يثن ى علي ه‪ ،‬والخاب ل‪ :‬الش يطان‬
‫)‪(576‬‬
‫وال ٌمفسد‪ ،‬ومنه قول معقل بن خويلد‪:‬‬

‫)الطويل(‬ ‫بھم خَبالً ِم ْن الش ﱠر خَابال‬


‫فَ َعلتم ِ‬ ‫نُ ِداف ُع قَو ْما ً ُم ْغ َ‬
‫ضبينَ َعلَ ْي ُكم‬

‫والَخبْل وال َخبَ ُل‪ :‬الجنون‪ ،‬يقال به َخب ٌل أي َمسﱡ ‪ ،‬وھذه المعاني تشترك في معنى واحد‪ ،‬وھ و الفس اد‬
‫واإلت الف والجن ون‪ ..‬فالخاب ل والخب ل‪ :‬ن وع م ن الج ن يخبل ون الن اس)‪ ،(577‬أي ي ذھبون بعق ولھم‬

‫ويفس دونھا‪ ،‬ويتف ق ھ ذا م ع ق ول أوس ب ن حج ر ال ذي ع زل الج ن ال ذين يخبل ون ع ن غي رھم‪،‬‬

‫بقوله)‪" :(578‬تناوح جن ان بھ ن و ُخبُ ّل"‪ .‬وتل ك عالم ة أھ ل الرب ا ي وم القيام ة‪ ،‬بعثُ وا وبھ م خب ٌل م ن‬
‫الشيطان‪ ،‬وقيل ھو التخبل الذي يتخبله الشيطان من الجنون )‪ ،(579‬والمختبل الذي اختبل عقل ه‪ ،‬أي‬

‫ج ﱠُن‪ ،‬وقد خبله الشيطان وال َحزنَ ‪ ،‬والحبﱡ والدا ُء خ بالً‪ ،‬فالمع اني المتماثل ة والمش تركة‪ ،‬تؤك د ك ون‬

‫الخبل الذي تقوم به ھ ذه الكائن ات‪ ،‬ھ و الم سﱡ ‪ ،‬والم سّ ن وع م ن الجن ون‪ ،‬ب دليل م ا قال ه نابغ ة بن ي‬
‫)‪(580‬‬
‫الطويل‬ ‫شيبان‪:‬‬

‫)‪(581‬‬
‫جن أم َدھَاهُ المر ّو ُ‬
‫ق‬ ‫أتخبي ُل ﱟ‬ ‫يقو ُل ال ﱡشروبُ ‪ :‬أيﱡ دا ٍء أصابه؟‬

‫فھو يتساءل ماذا دھاه؟ أھو الجنون والخبل أم ھي مصيبة من يولع بال ّشرب!‪.‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻬﺫﻟﻴﻭﻥ‪ :‬ﺍﻟﺩﻴﻭﺍﻥ‪71/3،‬‬ ‫‪576‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪.195/6 ،‬‬ ‫‪577‬‬

‫‪ -‬ﺃﻭﺱ ﺒﻥ ﺤﺠﺭ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.94‬‬ ‫‪578‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻁﺒﺭﻱ‪ ،‬ﺃﺒﻭ ﺠﻌﻔﺭ ﻤﺤﻤﺩ ﺒﻥ ﺠﺭﻴﺭ‪ :‬ﺠﺎﻤﻊ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻋﻥ ﺘﺄﻭﻴل ﺁﻱ ﺍﻟﻘﺭﺁﻥ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﻜﺭ‪) ،‬ﺩ‪.‬ﺕ(‪.10/14 ،‬‬ ‫‪579‬‬

‫‪ -‬ﻨﺎﺒﻐﺔ ﺒﻨﻲ ﺸﻴﺒﺎﻥ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.122‬‬ ‫‪580‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺸﱡﺭﻭﺏ‪ :‬ﺠﻤﻊ ﺸﺭﺏ ﻭﻫﻡ ﺠﻤﺎﻋﺔ ﺍﻟﺸﱡﺭﺍﺏ‪ ،‬ﺍﻟﻤﺭﻭّﻕ‪ :‬ﺍﻟﺸﺭﺍﺏ ﺍﻟﻤﺼﻔﹼﻰ‪.‬‬ ‫‪581‬‬

‫‪101‬‬
102
‫الفصل الثالث‬

‫الجن واإلنسان في الشعر الجاھلي‬

‫المبحث األول‪ :‬الصراع بين الجن واإلنس‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الوقاية من الجن واالستعانة بھا‬

‫المبحث الثالث‪ :‬الزواج بين الجن واإلنس‬

‫المبحث الرابع‪ :‬تسخير الجن‬

‫المبحث الخامس‪ :‬مكافأة الجن لإلنس على الخير والشر‬

‫المبحث السادس‪ :‬شياطين الشعراء‪.‬‬

‫المبحث السابع‪ :‬الجن والكھانة و السحر‪.‬‬

‫‪103‬‬
‫المبحث األول‬

‫الصراع بين الجن واإلنس‬

‫ال تخلو أمة من األمم القديمة‪ ،‬من وجود عالم غير مرئ ي‪ ،‬يزخ ر بمخلوق ات‪ ،‬تمتل ك ق وى‬

‫خارقة‪ ،‬تصنع الخير والشر‪ ،‬دعيت تارة باآللھة‪ ،‬وتارة بالجن‪ ،‬وثالث ة ب األرواح‪ ،‬ف العرب أم ة م ن‬

‫ھ ذه األم م‪ ،‬تخيل ت وج ود تل ك الكائن ات الت ي م ألت ب واديھم وفل واتھم‪ ،‬واتّص فت بق درة عظيم ة‪،‬‬
‫وس طوة جب ارة تنف ع حين اً‪ ،‬وتض رﱡ أحيان ا ً كثي رة‪ ،‬دعوھ ا جن اً؛ وش كلت ھ ذه الكائن ات عالم ا ً آخ ر‪،‬‬

‫مقاب ل ع الم اإلن س‪ ،‬عالم ا ً يتض من ثنائي ة الخي ر والش ر‪ ،‬تب دو شخص ياته غامض ة‪ ،‬وغريب ة ف ي‬

‫مقدرتھا على التشكل‪ ،‬والتعرض للمسافرين ف ي الص حراء‪ ،‬وتتن وع عالق ة اإلن س بھ ا‪ ،‬فھ ي تق وم‬
‫على العداء والصراع لبني البشر‪ ،‬أكثر مما تحمله من المحبة والخير‪.‬‬

‫ولو عدنا إلى كنه ھذا العداء؛ لوجدناه قديماً‪ ،‬وصراعا ً أزلياً‪ ،‬مثﱠ ل في ه الش يطان الشخص ية‬

‫الرئيسة‪ ،‬على مسرح األح داث‪ ،‬من ذ أن تس لل إبل يس إل ى الجن ة‪ ،‬ووس وس إل ى آدم وح واء باألك ل‬

‫َــﺎ‬
‫ﻬﻤ‬‫َسَ ﻟُ‬
‫َﺳْــﻮ‬
‫َﻮ‬‫م ن ش جرة المعرف ة‪ ،‬كم ا أق رت اآلي ات القرآني ة‪ ،‬ف ي قول ه تع الى‪ " :‬ﻓ‬
‫)‪(582‬‬
‫اﻟﺸﻴﻄﺎن " ‪ ،‬ولم يقتصر دور الشيطان على ذلك‪ ،‬وإنما نُ ِس َ‬
‫ب إلي ه أن ه‪ ،‬ھ و ال ذي وس وس‬

‫إلى قابيل‪ ،‬كي يقتل آخاه ھابيل‪.‬‬

‫وربّما نجد في قول المزرد أخ ي الش ماخ ب ن ض رار م ا يؤك د وسوس ة الش يطان لإلنس ان‪ ،‬وت زيين‬
‫)‪( 583‬‬
‫)الطويل(‬ ‫فعل السوء له‪ ،‬ودفعه إليه‪ ،‬وذلك في قوله‪:‬‬

‫وأَ◌َ ْيقَنَ ْإذ َماتا بِج ٍ‬


‫)‪(584‬‬
‫ْطان إنّ َ‬
‫ك َعائِ ُل‬ ‫وقا َل لهُ الشي ُ‬ ‫ُوع و َخ ْيبَ ٍة‬

‫فالشيطان في رأي الشاعر‪ ،‬يوسوس لإلنسان؛ كي يبعده عن الصدقة‪ ،‬فيوحي ل ه بأن ه فقي ر‪ ،‬ول يس‬
‫عليه صدقة‪ ،‬ويتضح عداء الشيطان لإلنسان‪ ،‬من خالل قول عنترة بن ش داد مص وراً ك ل ع د ٍو ل ه‬
‫)‪(585‬‬
‫)البسيط(‬ ‫بالشيطان‪:‬‬

‫‪ -‬ﺴﻭﺭﺓ ﺍﻷﻋﺭﺍﻑ‪ ،‬ﺍﻵﻴﺔ ‪.20‬‬ ‫‪582‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻔﻀﻠﻴﺎﺕ‪ ،‬ﺹ‪.101‬‬ ‫‪583‬‬

‫ل‪ :‬ﻜﺜﻴﺭ ﺍﻟﻌﻴﺎل‪.‬‬


‫‪ -‬ﻋﺎﺌل‪ :‬ﻋﺎل ﻴُﻌﻴل‪ :‬ﺍﻓﺘﻘﺭ‪ ،‬ﻋﺎل ﻴَﻌﻭ َ‬ ‫‪584‬‬

‫‪104‬‬
‫)‪(586‬‬
‫ث َشيْطانا ً أُحاربُهُ‬
‫َعنّي ويَ ْب َع ُ‬ ‫َك ْم يُ ْب ِع ُد ال ّدھ ُر َم ْن أرْ جو أقَ ِ‬
‫اربُهُ‬

‫وھكذا فقد رسخ في ذھن العربي‪ ،‬أن كل ما يبح ث ع ن الص راع والع داء‪ ،‬يك ون ش يطاناً‪،‬‬

‫والغريب أن يعترف إبليس‪ ،‬أن ه وراء ك ل ھ ذه التغي رات‪ ،‬ويق ﱠر بمك ره‪ ،‬ومكاي ده لإلنس ان‪ ،‬بأبي ات‬
‫)‪(587‬‬
‫)الوافر(‬ ‫ير ﱡد فيھا على آدم على ح ﱠد زعم الجاھليين‪ ،‬منھا‪:‬‬

‫ك الفَسي ُح‬
‫ق بِ َ‬
‫دوس ضا َ‬
‫ِ‬ ‫فَفي الفِرْ‬ ‫تَنَ ّح عن ال ِجنَ ِ‬
‫ان وسا ِكنيھا‬

‫وقَ ْلبُ َ‬
‫ك ِمن أذى ال ﱡدنيا ُمريِــ ُح‬ ‫َو ُك ْن ُ‬
‫ت بِھا وز َْو ُج َ‬
‫ك في َرخَا ٍء‬

‫ك الثﱠ ُ‬
‫من الرﱠبــيـ ُح‬ ‫إلى ْ‬
‫أن فاتَ َ‬ ‫ت ُم َكايدتي و َم ْكري‬
‫فَما بَ ِر َح ْ‬

‫َان ال ُخ ْل ِد ِريْـــ ُح‬ ‫بِ َكفّ َ‬


‫ك ِم ْن ِجن ِ‬ ‫ولوال َرحْ َمةُ الرﱠحْ َم ِن أَ ْم َسى‬

‫تعكس ھ ذه األبي ات دور إبل يس ف ي قص ة المعص ية والخطيئ ة‪ ،‬وم ا لح ق ب آدم وح واء‪ ،‬م ن ج راء‬
‫مكره ومكايده؛ لذلك ارتبط عداء الشيطان لإلنسان بالجنة‪ ،‬منذ أن سعى إلى طرد آدم وحواء منھ ا‪،‬‬
‫)‪(588‬‬
‫وقد سجل الشعر الجاھلي تلك العالقة‪ ،‬فالش اعر أمي ة ب ن أب ي الص لت يش ير إل ى ذل ك‪ ،‬بقول ه‪:‬‬

‫)‪( 589‬‬
‫الجنّ ﱢي أَرْ َس لهُ يُس ـابُ‬
‫َو ِذيْ ِ‬ ‫َكذي األَ ْفعى يُربﱢبھَا لَ َد ْي ِه‬

‫)الوافر(‬

‫الجنﱢ ﱡي أصْ بَ َح يُ ْستَتَـابُ‬


‫وال ِ‬ ‫فال َربﱡ ال َمنِيﱠ ِة يأ َمـنَ ْنھا‬

‫ويتعھد إبليس باستمرار عدائه لبني آدم‪ ،‬فقد جاء في قوله تعالى على لسانه‪ ،‬م ا يؤك د ذل ك‬

‫" قال ‪.(590)" tΛ⎧É)tFó¡ãΚø9$# y7sÛ≡uÅÀ öΝçλm; ¨βy‰ãèø%V{ ‘ÏΖoK÷ƒuθøîr& $yϑÎ6sù‬‬

‫‪ -‬ﻋﻨﺘﺭﺓ ﺒﻥ ﺸﺩﺍﺩ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.51‬‬ ‫‪585‬‬

‫‪ -‬ﻴﺭﻴﺩ ﺇﻨﺴﺎﻨ ﹰﺎ ﻴﺒﻐﻀﻪ ﻜﻤﺎ ﻴﺒﻐﺽ ﺍﻟﺸﻴﻁﺎﻥ‪ ،‬ﺃﻋﺎﺩﻴﻪ ﻓﻴﺤﺎﺭﺒﻪ ﻜﺭﺍﻫﻴﺔ ﻟﻪ‪.‬‬ ‫‪586‬‬

‫‪ -‬ﺠﻤﻬﺭﺓ ﺃﺸﻌﺎﺭ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﺹ‪ ،26‬ﻤﺭﻭﺝ ﺍﻟﺫﻫﺏ‪.32/1 ،‬‬ ‫‪587‬‬

‫‪ -‬ﺃﻤﻴﺔ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.25‬‬ ‫‪588‬‬

‫‪ -‬ﺫﻱ ﺍﻟﺠﻨﻲ ‪ :‬ﺇﺒﻠﻴﺱ ‪ ،‬ﺍﻷﻓﻌﻰ ‪ :‬ﺍﻟﺤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﻠﻡ ﺇﺒﻠﻴﺱ ﺁﺩﻡ ﻤﻥ ﺠﻭﻓﻬﺎ ‪.‬‬ ‫‪589‬‬

‫‪105‬‬
‫وال بد من اإلشارة‪ ،‬إلى أن بعض الروايات‪ ،‬تنسب ذلك العداء إلى الحية التي توح دت م ع‬

‫الش يطان‪ ،‬وكان ت الوس يلة الت ي دخ ل بھ ا إل ى الجن ة‪ ،‬إلغ واء ح واء‪ ،‬ويثب ت ذل ك م ا لح ق بھ ا‪ ،‬إذ‬

‫مسخھا ﷲ‪ ،‬فبعد أن كانت بحجم الناق ة أو الجم ل‪ ،‬تمش ي عل ى أرب ع ق وائم‪ ،‬أص بحت تزح ف عل ى‬

‫بطنھا‪َ ،‬وتﱡسف التراب)‪ ،(591‬وتتلخص عالقة العداء بين الشيطان واإلنسان‪ ،‬من خ الل أبي ات ألمي ة‬
‫)‪(592‬‬
‫)الطويل(‬ ‫بن أبي الصلت‪ ،‬يقول فيھا‪:‬‬

‫فخَرﱡ وا له طَ ْوعــــــا ً ُسجُوداً و َك ﱠد ُدوا‬ ‫آلد َم لّما ك ّم َل ﷲُ خ َْلقَــــهُ‬

‫ّموم فســــ ّو ُدوا‬


‫نــار الس ِ‬
‫ِ‬ ‫طين على‬
‫لِ ٍ‬ ‫عدو ﷲ للِكب ِْر وال ﱠشقـــا‬
‫وقال ﱡ‬

‫سالف ال ﱠد ِ‬
‫ھـر يَحْ ــــقِ ُد‬ ‫ِ‬ ‫ك الذي في‬
‫فذا َ‬ ‫يان ِم ْن خَ يْر َم ْن ِز ٍل‬
‫رجهُ ال ِعصْ ُ‬ ‫ْ‬
‫فأخ َ‬

‫)‪(593‬‬
‫وردَھــا ناراً عليھا سيَـُـــــ َور ُد‬
‫ِ◌ لنُ ِ‬ ‫علينا والَ ْيألوْ ا َخباالً َو ِحــ ْيلَـةً‬

‫صليْتَ النﱠا َر بل أَ ْنتَ أَبْـــــ َع ُد‬


‫إذا ما َ‬ ‫فَمالكَ في ال ﱠش ْيطَا ِن والنﱠار أُسْوةٌ‬

‫لِيوردَنا ْمنھا وال َيتَـــــــــو ﱠر ُد‬ ‫ار الَبِـثا ً‬


‫ھو القائ ُد ال ﱠداعي إلى النﱠ ِ‬

‫صلِـــيتَ بــھا يَ ُد‬ ‫و َمـَـالكَ في نَ ٍ‬


‫ار ُ‬ ‫ذر َوطَاع ِة فاسـِــ ٍ‬
‫ق‬ ‫فمالكَ في ُع ٍ‬

‫)‪(594‬‬
‫)المتقارب(‬ ‫ويقول أمية بن أبي الصلت في عقاب إبليس‪:‬‬

‫أَ ِن ْ‬
‫اخرُجْ َد ِحيراً لَعينا ً َذ ُؤوما‬ ‫إلبـليس ربﱡ ال ِعـبَـا ِد‬
‫َ‬ ‫وقال‬

‫وھذا يتف ق م ع قول ه تع الى‪s tFs? βr& y7s9 ãβθä3tƒ $yϑsù $pκ÷]ÏΒ ñÝÎ7÷δ$$sù tΑ$s% " :‬‬
‫‪y7¨ΡÎ) ólã÷z$$sù $pκÏù t¬63‬‬

‫‪.(595)" t⎦⎪ÌÉó≈¢Á9$# z⎯ÏΒ‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﻋﺭﺍﻑ‪ ،‬ﺁﻴﺔ ‪.16‬‬ ‫‪590‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻘﺭﻁﺒﻲ‪ :‬ﺠﺎﻤﻊ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻋﻥ ﺘﺄﻭﻴل ﺁﻱ ﺍﻟﻘﺭﺁﻥ‪ ،527-526/1،‬ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻭﺍﻟﺘﺭﺍﺙ‪ ،‬ﺹ‪.51‬‬ ‫‪591‬‬

‫‪ -‬ﺃﻤﻴﺔ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.48-47‬‬ ‫‪592‬‬

‫‪ -‬ﻨﺄﻟﻭ ‪ :‬ﻨﻘﺼﺭ ‪ ،‬ﺍﻟﺨﺒﺎل ‪ :‬ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ‪.‬‬ ‫‪593‬‬

‫‪ -‬ﺃﻤﻴﺔ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.113‬‬ ‫‪594‬‬

‫‪106‬‬
‫ونخلص مما سبق‪ ،‬إلى أن الع داء مس تمر‪ ،‬ب ين أط راف الص راع ال ى ي وم ال دين‪ ،‬خاص ة وأن‬

‫الحية صورة من صور الشيطان‪ ،‬فيبق ى التوح د بينھم ا قائم اً‪ ،‬م ن حي ث الماھي ة والكيفي ة والغائي ة‬

‫لك ل منھم ا‪ ،‬ويتض ح ذل ك ف ي قول ه تع الى‪t CÙ÷èt7Ï9 ö/ä3àÒ÷èt/ (#θäÜÎ7÷δ$# tΑ$s% " :‬‬
‫‪’Îû ö/ä3s9uρ ( Aρ߉ã‬‬

‫‪.(596)"&⎦⎫Ïm 4’n<Î) ìì≈tFtΒuρ @s)tGó¡ãΒ ÇÚö‘F{$#‬‬

‫فالعداء والصراع مستمر‪ .‬وھناك كثير من القص ص والحكاي ات الت ي تؤك د م ا نس بوه إل ى‬
‫الجن‪ ،‬من أمور غير طبيعي ة‪ ،‬ك األمراض واألوبئ ة‪ ،‬والص رع واالس تھواء والجن ون‪ ،‬وتش ير ال ى‬

‫ھذا الصراع والعداء‪ ،‬منھا على سبيل المث ال ال الحص ر‪ ،‬م ا ح دث لعلقم ة ب ن ص فوان م ع الش ق‪،‬‬
‫)‪(597‬‬
‫حين لقيه بـ "رحا حرمان" وكيف قتل كل منھما اآلخر‪.‬‬

‫وقد تقتل الجن أحدھم‪ ،‬فيحاول ذوو المقتول األخذ بث أره‪ ،‬أو يقت ل إنس ان جن ا ً ع ن طري ق‬

‫الخطأ‪ ،‬وھو متصور بصورة الحيوان‪ "،‬فيروى أن رجالً من كلب‪ ،‬يقال له مري ر‪ ،‬ك ان ل ه أخ وان‬

‫أكبر منه يقال لھما "مرارة ومرة" قد اختطفھما الجن‪ ،‬فلما عرف "مرير" أقس م أال يش رب خم راً‪،‬‬

‫وأن ال يمس رأسه غسل حتى يطلب بأخويه‪ ،‬فتنكب قوسه‪ ،‬وأخذ أسھماً‪ ،‬ثم انطلق إل ى ذل ك الجب ل‬

‫الذي ھلك فيه أخواه‪ ،‬فمكث فيه سبعة أيام‪ ،‬ال يرى شيئاً‪ ،‬حتى إذا كان اليوم الث امن‪ ،‬إذا ھ و بظل يم‪،‬‬

‫فرماه فأصابه‪ ،‬فوقع في أسفل الجبل‪ ،‬فلما وجبت الشمس تبصر بشخص على صخرة ينادي‪:‬‬

‫ك التي لم تُرْ َش ْد‬ ‫تَب ْ‬


‫ّت َم َرامي َ‬ ‫يا أيﱡھا الرامي الظَلي َم األَسْو َد‬

‫فأجابه مرير‪:‬‬

‫َك ْم َع ْب َر ٍة ھَيّجتَھا َوعـْـب َره‬ ‫ق الص ْﱠخر ِة‬ ‫ُ‬


‫الھاتف فو َ‬ ‫يا أيﱡھا‬

‫فَرﱠقتَ َج ْمعا ً َوتَ َر ْكتَ َحسْره‬ ‫ِ◌بقَ ْتلِ ُكم ُم َرارةً َو ُمــــ ّرةً‬

‫الجنى فاحتمله‪ ،‬وقال‬


‫ﱡ‬ ‫الجني عنه ھويا ً من الليل‪ ،‬وأصاب مريراً حمى‪ ،‬فغلبته عيناه‪ ،‬فأتاه‬
‫ﱡ‬ ‫فتوارى‬

‫‪ -‬ﺴﻭﺭﺓ ﺍﻷﻋﺭﺍﻑ‪ ،‬ﺍﻵﻴﺔ ‪.13‬‬ ‫‪595‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﻋﺭﺍﻑ‪ ،‬ﺁﻴﺔ ‪.24‬‬ ‫‪596‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،207-206/6 ،‬ﻤﺭﻭﺝ ﺍﻟﺫﻫﺏ‪.140/2 ،‬‬ ‫‪597‬‬

‫‪107‬‬
‫)‪(599‬‬
‫له‪ :‬ما أنامك وقد كنت حذراً‪ ،‬فقال‪" :‬الحمى أضرعتني للنوم")‪ ،(598‬فذھب مثالً‪.‬فقال مرير‪:‬‬

‫ْت بَ ْع َدھُم َجميعا ً )الوافر(‬


‫ِبما الَقَي ُ‬ ‫أَالَ َم ْن ُمبْل ٌغ فتيانَ قَ ْومـي‬

‫ألَسْ ِ◌قيَھُم بِه ُس ﱠما ً نَـقِيعا ً‬ ‫الج ﱠن أَطلُ◌َ بھُم بِثَأْري‬


‫ت ِ‬ ‫َغز َْو ُ‬

‫فَأَرْ ِميَه فَأ َ ْت ُر ُكهُ َ‬


‫ص ِريعا ً‬ ‫فَيَع ِ‬
‫ْرضُ لي ِظلي ٌم بَع َد َسب ٍْع‬

‫فالقصة وإن لم تكن حقيقة؛ ألن الميداني أوردھا‪ ،‬ليؤك د بھ ا معن ى المث ل‪ ،‬فإنھ ا ت دل عل ى‬

‫ق وة اعتق اد الج اھليين بالق درة عل ى مخاطب ة الج ن‪ ،‬والتعام ل معھ ا‪ ،‬وعل ى الع داء والص راع ب ين‬

‫اإلنس والجن‪ ،‬ومحاولة اإلنس الثأر منھا‪.‬‬

‫وممن نسب قتلھم إلى الجن‪ ،‬حرب بن أمية الذي قتلته الجن؛ ثأراً للحية الت ي اعت رض لھ ا‬

‫وجماعته‪ ،‬وقتلوھا‪ ،‬وما زالت حية أخ رى تالحقھ م‪ ،‬وتنف ر إبلھ م‪ ،‬حت ى ص ادفوا ش يخا ً م ن الج ن‪،‬‬
‫)‪(601‬‬
‫علمھم كيف يتغلبون عليھا)‪ ،( 600‬فقتلت حرب بن أمية انتقاما ً‪ ،‬وقالت في ذلك شعراً ‪:‬‬

‫ب قَ ْب ُر )الرجز(‬ ‫ْس قُرْ َ‬


‫ب قَب ِْر َحرْ ٍ‬ ‫َولَي َ‬ ‫ان قَ ْف ٍر‬ ‫َوقَ ْب ُر َحرْ ٍ‬
‫ب بِ َم َك ٍ‬

‫ويقول أمية ب ن أب ي الص لت مش يراً إل ى مكان ة ح رب ب ن أمي ة‪ ،‬ومؤك داً ض رورة االنتق ام ل ه‪ ،‬م ن‬
‫)‪(602‬‬
‫)الوافر(‬ ‫الجن‪:‬‬

‫الكرام‬
‫ِ‬ ‫واإلنس‬
‫ِ‬ ‫الجنﱠا ِن‬
‫من ٍ‬ ‫ألف‬ ‫فلو قتلوا بِ َحرْ ٍ‬
‫ب ألفَ ٍ‬

‫أَروْ نا مث َل َحرْ ٍ‬
‫ب في األَنـ َ ِام‬ ‫َرأَ ْينَاھُم لَه َذحْ الً وقُلنا‬

‫وكل ھذا يشير إلى أن العالقة بين الجن واإلن س‪ ،‬كالعالق ة ب ين القبائ ل بعض ھا ب بعض‪ .‬واس تمرت‬

‫ھذه المعتقدات حتى العصر اإلسالمي؛ إذ نسب إل ى الج ن أنھ ا قتل ت "س عد ب ن عب ادة"‪ ،‬ب دليل أن ه‬

‫‪ - 598‬ﺍﻟﻤﻴﺩﺍﻨﻲ‪ :‬ﻤﺠﻤﻊ ﺍﻷﻤﺜﺎل‪.256/1 ،‬‬


‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪.256-255/1 ،‬‬ ‫‪599‬‬

‫‪ -‬ﻤﺭﻭﺝ ﺍﻟﺫﻫﺏ‪. 141/2 ،‬‬ ‫‪600‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ‪ ،207 / 6‬ﻤﺭﻭﺝ ﺍﻟﺫﻫﺏ‪.141/2 ،‬‬ ‫‪601‬‬

‫‪ -602‬ﺃﻤﻴﺔ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ ‪ ،‬ﺹ‪132‬‬

‫‪108‬‬
‫بقي في مغتسله‪ ،‬حتى اخض ﱠر جس ده‪ ،‬ول م يش عر بموت ه أح د‪ ،‬حت ى س معوا ق ائالً‪ ،‬يق ول وال ي رون‬
‫)‪(603‬‬
‫أحداً‪:‬‬

‫ج َس ْع َد بنَ عبَادة ) مجزوء الرمل (‬ ‫قد َْ◌◌َ قتَلَنَا سيﱠ َد ال َخ ْز َر‬

‫فَلَ ْم نُ ْخــِط فُؤَا َدهُ‬ ‫َو َر َم ْينَاه ِب َس ْھ َمي ِْن‬

‫وخي ر م ا يمث ل ذل ك الص راع ف ي الش عر الج اھلي م ا ورد ع ن"ثاب ت ب ن ج ابر"ت أبط ش راً‪ ،‬إذ‬
‫)‪(604‬‬
‫يقول‪:‬‬

‫)‪(605‬‬
‫)الوافر(‬ ‫القيت ِعن َد َرحى بِطَا ِن‬
‫ُ‬ ‫بِ َما‬ ‫أال َم ْن ُمبْل ٌغ فِ ْتيانَ فَھ ٍْم‬

‫)‪(606‬‬
‫صحْ َ‬
‫ص َحا ِن‬ ‫ﱠحيف ِة َ‬
‫ب كالص ِ‬
‫ب ِ◌سْھ ٍ‬
‫َ‬ ‫بأنﱢي قَد لَ ُ‬
‫قيت الغو َل تَھوي‬

‫ت لھا‪ِ :‬كالنا ِنضْ ُو أَي ٍ‬


‫َفقلُ ُ‬
‫)‪(607‬‬
‫أ ُخـو َسفَ ٍر ف َخ◌َ ل ﱠ‬
‫ي ِلي َم َكاني‬ ‫ْــن‬

‫لَھا َكفﱠي بِ ْمصْ قُ ٍ‬


‫ول يَ َماني‬ ‫ت ﱠشدةً نَحْ وي فأھ َوى‬
‫َ َش ّد ْ‬

‫صريعا ً لليَ َديْن‬ ‫فَأ َ ِ‬


‫)‪( 608‬‬
‫ان‬
‫وللج َر ِ‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ش فَ َخر ْ‬
‫ّت‬ ‫ضربُھا ِبالَ َد ْھ ٍ‬

‫الجنَ ِ‬
‫ان‬ ‫ْت َ‬‫ك إننّي ثَب ُ‬
‫َمكانَ ِ‬ ‫ت‪ُ :‬ع ْد‪ ،‬فَقُ ْل ُ‬
‫ت لَھا‪ :‬ر َُويْداً‬ ‫قَالَ ْ‬

‫ألَ ِ◌ ْنظُ َر ُمصْ ِب َحا ً َماذا أتَانِي‬ ‫ك ُمتﱠ ِكئــا ً عليھا‬


‫فَلَ ْم أ ْنفَ َ‬

‫يس جل الش اعر م ا ح دث ل ه م ع الغ ول‪ ،‬ويبح ث ع ن مبل غ لخب ره‪ ،‬ويح دد المك ان "رح ى‬
‫بطان" الذي التق ى في ه معھ ا‪ ،‬ويح اول أن يجع ل الحادث ة حقيق ة‪ ،‬لھ ا شخوص ھا ومكانھ ا‪ ،‬ويص ف‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،209/6 ،‬ﺁﻜﺎﻡ ﺍﻟﻤﺭﺠﺎﻥ ﻓﻲ ﻏﺭﺍﺌﺏ ﺍﻻﺨﺒﺎﺭ ﻭﺃﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﺠﺎﻥ‪ ،‬ﺹ‪.165‬‬ ‫‪603‬‬

‫‪ -‬ﺘﺄﺒﻁ ﺸﺭﹰﺍ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪ ،106‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪ 342/2 ،‬ﻤﻊ ﺘﻐﻴﻴﺭﺍﺕ ﺒﺴﻴﻁﺔ‪.‬‬ ‫‪604‬‬

‫‪ -‬ﻓﻬﻡ ‪ :‬ﻗﺒﻴﻠﺔ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ‪.‬‬ ‫‪605‬‬

‫‪ -‬ﺼﺤﺼﺤﺎﻥ ‪ :‬ﺠﺭﺩﺍﺀ ‪ ،‬ﺍﻟﺴﻬﺏ ‪ :‬ﺍﻻﺭﺽ ﺍﻟﺒﻌﻴﺩﺓ‬ ‫‪606‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻨﻀﻭ ‪ :‬ﺍﻟﻀﻌﻴﻑ ‪ ،‬ﺍﻷﻴﻥ ‪ :‬ﺍﻟﺘﻌﺏ ‪.‬‬ ‫‪607‬‬

‫‪ -‬ﺩﻫﺵ ‪ :‬ﺫﻫﺏ ﻋﻘﻠﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﻭﻑ ‪ ،‬ﺍﻟﺠﺭﺍﻥ ‪ :‬ﺒﺎﻁﻥ ﺍﻟﻌﻨﻕ‬ ‫‪608‬‬

‫‪109‬‬
‫المكان‪ ،‬بأنه صحراء مستوية مالئمة لصراعه معھ ا‪ ،‬مم ا يثب ت اعتق اد الع رب بظھ ور الغ ول ف ي‬

‫الصحراء المقفرة‪ ،‬وتَعﱡرضھا للمسافرين‪ ،‬ويجعل الغ ول ھ ي البادئ ة ب الھجوم؛ لي وحي بع دوانيتھا‪،‬‬

‫كما رسخت في أذھان العرب‪ ،‬ويعمد إلى إبراز شجاعته وبطولته‪ ،‬إذ لم يتردد لحظة ف ي التص دي‬
‫لھا‪ ،‬ولم يفكر في الھرب‪ ،‬فما ْ‬
‫إن ھجمت عليه‪ ،‬حتى بادرھا بس يف يم اني ق اطع‪ ،‬وض ربھا ض ربة‬

‫الموت‪ ،‬فتسقط أرضا ً تتخبط بدمائھا‪ ،‬وفيھا بقية من روح‪ ،‬فتطلب منه أن يتركھ ا ويع ود م ن حي ث‬

‫أتى‪ ،‬ث م تطل ب من ه أن يع ود؛ فيض ربھا ض ربة ثاني ة‪ ،‬في رفض؛ العتق اده أن ه إذا ض ربھا الض ربة‬

‫الثاني ة ع ادت الحي اة إليھ ا)‪ ،(609‬وھ ذا م ا يت ردد ف ي الحكاي ات الخرافي ة "ثنّ ي‪ ،‬م ا عَلﱠمتن ي أم ي‪،‬‬

‫ض ربة الرج ل م ا تتثنﱠ اش ")‪ ،( 610‬وف ي ھ ذا اس تجداء الحي اة للمھ زوم‪ ،‬وھ و ال يأب ه لطلبھ ا‪ ،‬وال‬
‫يخاف عاقبة قتلھا‪ ،‬فيرد عليھا بلغة المنتصر المتمكن‪ ،‬طالبا ً منھا أن تلزم مكانھا ص امتة؛ ألن لدي ه‬

‫قلب الشجاع الذي ال يھاب‪ ،‬ويبقى جاثما ً على صدرھا ‪ ،‬حتى الح الصباح‪ ،‬وبدأ بوصف جسدھا‪.‬‬

‫فالقصة التي سردھا الشاعر شعراً‪ ،‬تعكس شعوره بالمطاردة‪ ،‬ذلك الشعور الذي كان ثقي ل الوط أة‬

‫على نفس ه‪ ،‬ف أقضّ مض جعه‪ ،‬وأرّق ه‪ ،‬وبع ث في ه القل ق والت وحش‪ ،‬فجعل ه ف ي خ ٍ‬
‫وف دائ ٍم م ن ك ل‬

‫شيء‪ ،‬حتى بلغ به حد الوھم‪ ،‬وتصور أعداء ال وجود لھم‪ ،‬ومخلوقات لم تخلق قط ـ إال ف ي خيال ه‪،‬‬

‫وخيال األساطير‪ ،‬كاألغوال والجن وغيرھا)‪.(611‬‬

‫وي روى ع ن الش اعر نفس ه قص ة أخ رى م ع الغ ول‪ ،‬مض مونھا‪ ،‬أن ه راودھ ا ع ن نفس ھا‬

‫إعجابا ً وفتنة بھا‪ ،‬ول ّما رفضت قتلھا‪ ،‬وصاغ ذلك شعراً‪ ،‬فقال)‪):(612‬المتقارب(‬

‫ت ما أَ ْھ َوال‬
‫جارتا أن ِ‬
‫فيـا َ‬ ‫فأصبحت والغو ُل لي جارةٌ‬
‫ُ‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪.235/6 ،‬‬ ‫‪609‬‬

‫‪ -‬ﻤﺩﺨل ﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ﺍﻟﻔﻠﻜﻠﻭﺭ ﻭﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ‪ ،‬ﺹ‪.131‬‬ ‫‪610‬‬

‫‪ -‬ﺤﻔﻨﻲ‪ ،‬ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺤﻠﻴﻡ‪ :‬ﺸﻌﺭ ﺍﻟﺼﻌﺎﻟﻴﻙ‪ ،‬ﻤﻨﻬﺠﻪ ﻭﺨﺼﺎﺌﺼﻪ‪ ،‬ﺍﻟﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﻤﺼﺭﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎﺏ‪ ،1979 ،‬ﺹ‪.282‬‬ ‫‪611‬‬

‫‪ -‬ﺘﺄﺒﻁ ﺸﺭﺍ ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ ‪،‬ﺹ‪ ، 60‬ﺍﺒﻥ ﻗﺘﻴﺒﺔ‪ ،‬ﺃﺒﻭ ﻤﺤﻤﺩ ﻋﺒﺩ ﺍﷲ ﺒﻥ ﻤﺴﻠﻡ‪ :‬ﺍﻟﺸﻌﺭ ﻭﺍﻟﺸﻌﺭﺍﺀ‪ -‬ﻁ‪ -2‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻟﻠﻨﺸﺭ‬ ‫‪612‬‬

‫ﻭﺍﻟﺘﻭﺯﻴﻊ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪ ،‬ﻟﺒﻨﺎﻥ‪1964 ،‬ﻡ ‪. 230/1 ،‬‬

‫‪110‬‬
‫)‪(613‬‬
‫بِ َوجْ ٍه تَھَــ ﱠو َل فا ْستَ ْغوال‬ ‫وطالَب ْتھُا بُض َعھا فالــتَ َو ْ‬
‫ت‬

‫)‪(614‬‬
‫نت لَـھا أَ ْغوال‬ ‫فَ َولﱠ ْ‬
‫ت فَ ُك ُ‬ ‫فقُ ْل ُ‬
‫ت لَھا يا ا ْنظُري كي تَ َريْ‬

‫)‪(615‬‬
‫ق قد أَ ْخلَ َ‬
‫ق ال ِمحْ َمال‬ ‫َسفَا ِس َ‬ ‫الج ﱠ‬
‫ـن ذو‬ ‫فطَار بِقَحْ ِ‬
‫ف ابن ِة ِ‬

‫فَ َح ﱠد ولم أَ ُ◌ ِر ِه َ‬
‫)‪(616‬‬
‫صـ ْيقَــالَ‬ ‫إذا َك ّل ا ْمھَيتُهُ بُالصﱠفا‬

‫ق الطﱠ ْل ِ‬ ‫َعظَاءةُ قَ ْف ٍر لھا حُلﱠتـــا‬


‫)‪(617‬‬
‫ح لَ ْم تُ ْغزَال‬ ‫ِن ِم ْن َو َر ِ‬

‫فإن لـــھا باللﱢوى َم ِ‬


‫)‪( 618‬‬
‫نزال‬ ‫ّ‬ ‫فَ َمن سائ ٌل أ ْينَ ثَ َو ْ‬
‫ت جارتي‬

‫أن أَ ْفعالَ‬
‫)‪(619‬‬
‫ت ْ‬ ‫ح ْ◌ ِر إذا قُ ْ‬
‫ــل ُ‬ ‫َوأَ◌َ ِ‬ ‫ت ا ْع◌َ تَ َز ْم ُ‬
‫ت‬ ‫َو ُك ْن ُ‬
‫ت إذا ما ھَ َم ْم ُ‬

‫فالشاعر يقص علينا ما حدث مع "جارته الغول" ويؤكد اعتقاد العرب ّ‬


‫بأن الغو َل ن وع م ن الج ن‪،‬‬

‫تتشكل بھيئ ة جميل ة " فط ار بقح ف ابن ة الج ن"‪ ،‬ويص ف س يفه بالح دة والقط ع؛ ليب ين معتق داً ك ان‬

‫سائداً‪،‬وھو أن ضربته أطاحت برأسھا عن جس دھا‪ ،‬مم ا يع زز اعتق ادھم بم وت الغ ول م ن ض ربة‬
‫)‪(620‬‬
‫)الطويل(‬ ‫واحدة‪ ،‬فإذا ضربت ضربة أخرى‪ ،‬عاشت‪،‬فينشد الجاحظ قول الشاعر‪:‬‬

‫ك ُشلﱠ ْ‬
‫ت‬ ‫فَلَي َ‬
‫ْت يَميني قب َل ذل َ‬ ‫ثنيت والمقدا ُر يَحْ ِرسُ أھلَهُ‬
‫فَ ُ‬

‫فالشاعر يندم على ض ربه الغ ول ض ربة ثاني ه؛ ألنھ ا عاش ت ول م تم ت‪ ،‬ويثب ت ت أبط ش راً اقتراب ه‬
‫منھ ا‪ ،‬ومحاولتھ ا التمن ع علي ه‪ ،‬حت ى ق در عل ى قتلھ ا‪ ،‬فقص ة ت أبط ش راً‪ ،‬تب ين نظ رة اإلنس ان إل ى‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺒﻀﻊ ‪ :‬ﺍﻟﺯﻭﺍﺝ‪.‬‬ ‫‪613‬‬

‫‪ -‬ﺃﻏﻭﻻ‪ :‬ﺃﺸﺩ ﺇﻫﻼﻜ ﹰﺎ ﻭﺃﻜﺜﺭ ﻤﺼﻴﺒﺔ‪.‬‬ ‫‪614‬‬

‫‪ -‬ﺫﻭ ﺍﻟﺴﻔﺎﺴﻕ‪ :‬ﺍﻟﺴﻴﻑ‪ ،‬ﺃﺨﻠﻕ‪ :‬ﺃﺒﻠﻰ ﻭﺃﺘﻠﻑ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺤﻑ‪ :‬ﺍﻟﻌﻅﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﻓﻭﻕ ﺍﻟﺩﻤﺎﻍ‪.‬‬ ‫‪615‬‬

‫‪ -‬ﺃﻤﻬﻴﺘﻪ‪ :‬ﺴﻨﻨﺘﻪ‪.‬‬ ‫‪616‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻌﻅﺎﺀﺓ‪ :‬ﺩﺍﺒﺔ ﺼﻐﻴﺭﺓ ﻤﻥ ﺍﻟﺯﻭﺍﺤﻑ‪.‬‬ ‫‪617‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻠﻭﻯ‪ :‬ﻤﻭﻀﻊ ﺒﻌﻴﻨﻪ‪ ،‬ﻭﻤﺎ ﺍﺴﺘﺭﻕ ﻭﺍﻟﺘﻭﻯ ﻤﻥ ﺍﻟﺭﻤل‪.‬‬ ‫‪618‬‬

‫ﺕ ﺍﻟﻨﻔﺱ‪ ،‬ﺃﺤﺭ‪ :‬ﺃﺠﺩﺭ‪.‬‬


‫ﻁﻨ ﹸ‬
‫‪ -‬ﺍﻋﺘﺯﻤﺕ‪ :‬ﻭ ﹼ‬ ‫‪619‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ‪.234/6 :‬‬ ‫‪620‬‬

‫‪111‬‬
‫الغ ول‪ ،‬وطبيع ة العالق ة بينھم ا‪ ،‬وق درة الج ن عل ى التش كل والتل ون‪ ،‬عل ى الص عيدين الجس دي‬

‫والنفسي‪ ،‬فقد استخدم كلمة جارتي أكثر من مرة‪ ،‬ليؤكد قربھا منه‪.‬‬

‫ويع ﱡد عنترة بن شداد من الشعراء الذين وقف وا عل ى تل ك العالق ة‪ ،‬وإن ل م يفص ح‪ ،‬أو يوض ح‪ ،‬ول م‬

‫)الكامل(‬ ‫)‪(621‬‬
‫يطل الوقوف عليھا‪ ،‬كما فعل تأبط شراً‪ ،‬فيقول عنترة‪:‬‬

‫و َس لَ ْكتَهُ تح تَ ال ﱡدجى ف ي َجحْ ف ِل‬ ‫إن كن تَ أنَ تَ قَطَع تَ بَ ّراً ُمقِفُ راُ ً◌‬
‫ْ‬

‫ال ُم ْؤنسٌ ل ي غ ْي َر َح دَ◌َ ّ◌ ال ُمنصْ ِل‬ ‫فأن ا س ريت م ع الثريﱠ ا ُم◌َ ف ردا‬

‫ويع و َد يَظھَ ُر مث َل َ‬
‫ض وْ ِء المش َعل‬ ‫والغ و ُل ب ينَ يﱠ د ﱠ‬
‫ي يخف ى ت ارة‬

‫ِل‬ ‫ﱠد ال ِمن َج‬ ‫بھنَ َح‬ ‫افر يُش‬


‫ٍ‬ ‫وأظ‬ ‫و ٍد‬ ‫ٍه أس‬ ‫ق َو َوجْ‬
‫واظر زرْ ٍ‬
‫ٍ‬ ‫بن‬

‫ِل‬ ‫م تغف‬ ‫ادم ل‬


‫ٍ‬ ‫اھم ودم‬
‫ٍ‬ ‫بِھَم‬ ‫ت الف ال‬ ‫وال ِج ﱡن تف ر ُ‬
‫ق َح و َل غاب ا ِ‬

‫وق الح ﱢي ح و َل ال َم ْن ْ◌ ِزل‬


‫يج ن ِ‬
‫ض ِج ِ‬
‫ك َ‬ ‫وإذا رأت َس يفي تض جﱡ مخاف ة‬

‫اب قَب َل ال ِمحْ َم ِ◌ ِل‬


‫َ‬ ‫بِولي ِد قَ وْ ٍم ش‬ ‫تل ك اللﱠي الي ل و يَ ُم رﱡ ح ِديثُھا‬

‫فالشاعر يثبت أنه لقي الغول‪ ،‬ويظھر شجاعته في ذلك الموقف المرعب‪ ،‬الذي ظھرت ل ه‬

‫به‪ ،‬إذ كانت في صورة مرعبة ومخيفة‪ ،‬ويؤكد ما اعتقده الع رب‪ ،‬م ن ظھورھ ا ل يالً‪ ،‬واعتراض ھا‬
‫للمسافرين في األماكن المقفرة‪ ،‬ويقرن الغول بالجن‪ ،‬كما فعل تأبط شراً‪ ،‬إال أنه جعل الج ن تخ اف‬

‫من ه وتض ج لرؤيت ه‪ ،‬وجعلھ ا تص وت وتتح رك بحرك ات تش به حرك ات الن وق ح ول المن ازل‪،‬‬

‫ويصف شدة ھول تلك الليلة‪ ،‬بأن الوليد يشيب من سماع الح ديث عنھ ا‪ ،‬وق د اكتف ى بوص ف أثرھ ا‬
‫يوح بأنه خ اض ص راعا ً معھ ا أو قتلھ ا‪ ،‬وإنم ا جعلھ ا تض ج م ن رؤيت ه‬
‫في نفسيته‪ ،‬ولم يصرّح أو ِ‬
‫فقط‪ .‬تعكس األشعار السابقة عداء تلك الكائنات الذي تمث ل ف ي قت ل الج ن لإلن س‪ ،‬ومحاول ة أخ ذھا‬

‫‪-‬ﻋﻨﺘﺭﺓ ﺒﻥ ﺸﺩﺍﺩ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.134-133‬‬ ‫‪621‬‬

‫‪112‬‬
‫بثأرھ ا من ه‪ ،‬وقت ل اإلن س للج ن‪ ،‬ويتجل ى خ وف اإلن س م ن الج ن‪ ،‬وھروبھ ا منھ ا‪ ،‬ف ي ق ول‬
‫)‪(622‬‬
‫الحطيئة‪:‬‬

‫ان واألَبَ ُ‬
‫ق )البسيط(‬ ‫يُل َوى بأعناقِھا الكتّ ُ‬ ‫خافوا الجنَانَ َوفرّوا ِم ْن ُمس ّوم ٍة‬

‫ول م يقتص ر األم ر عل ى ذل ك‪ ،‬ب ل تع ّداه إل ى اختط اف الج ن لإلنس ان‪ ،‬فق د روي أنھ ا‬

‫اختطفت عمرو بن عدي‪ ،‬وعم ارة ب ن الولي د‪ ،‬وطال ب ب ن أب ي طال ب)‪ ،( 623‬فل م يج دوا لھ م أث راً‪،‬‬
‫)‪(624‬‬
‫)الوافر(‬ ‫وخرافة الذي قال فيه الشاعر‪:‬‬

‫َح ُ‬
‫ديث ُخراف ٍة يا أ ﱠم َع ْمرو‬ ‫موت ثم بَع ٌ‬
‫ْث‬ ‫ٌ‬ ‫حياةٌ ث ﱠم‬

‫وإن اختل ف الش عراء ف ي نس بة ھ ذا البي ت‪ ،‬فإن ه يبق ى دل يالً عل ى اختط اف الج ن لإلن س‪،‬‬

‫فالجن مثل البشر‪ ،‬تتصادق مع البشر‪ ،‬وتتباغض‪ ،‬وقد تختطفھم وتصرعھم‪.‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻁﻴﺌﺔ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺼﺎﺩﺭ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪1401 ،‬ﻫـ‪1981 -‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪.264‬‬ ‫‪622‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪.210 - 209/6 ،‬‬ ‫‪623‬‬

‫‪ -‬ﺜﻤﺎﺭ ﺍﻟﻘﻠﻭﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻀﺎﻑ ﻭﺍﻟﻤﻨﺴﻭﺏ‪ ،‬ﺹ‪ ،130‬ﻤﺠﻤﻊ ﺍﻷﻤﺜﺎل‪.243/1 ،‬‬ ‫‪624‬‬

‫‪113‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫الجنّ واالستعانة بھا‬


‫الوقاية من ِ‬

‫شكلت الجن ھاجس الرعب‪ ،‬بالنسبة للجاھليين‪ ،‬فنراھم ينسبون إليھا كل ما يلح ق بھ م م ن‬

‫أم راض‪ ،‬وبخاص ة العقلي ة والعص بية‪" ،‬فالخب ل أح د األم راض الت ي نس بوھا إل ى الج ن‪ ،‬إذ يخب ل‬
‫)‪(626‬‬
‫)الطويل(‬ ‫الناس ويسلب ُعقولَھم")‪ ،(625‬يقول أوس بن حجر‪:‬‬

‫)‪( 627‬‬
‫خَال ٌء تَنادَى أَ ْھلُهُ فَتَح ﱠملوا‬ ‫ك م ْن ِز ٌل‬ ‫لِلَيْلى بأعلى ذي َم َع ِ‬
‫ار َ‬

‫تَنَاو َح ِجـنﱠ ٌ‬
‫ان بِ ِھ ّن و ُخبّ ُل‬ ‫تَبَ ﱠد َل حاالً بَ َعد ٍ‬
‫حال َع ِھ ْدتُه‬

‫تبدو ليلى في الشعر الج اھلي "مث ل "ديان ا" رب ة الص يد عن د الروم ان‪ ،‬يھ يم عل ى ديارھ ا‬

‫ال ذين خ بلھم حبھ ا؛ فأفق دھم عق ولھم")‪ ،(628‬وال عج ب ف ي ذل ك‪ ،‬فق د رب ط الق رآن الك ريم الخب ل‬

‫بالشيطان؛ فجعل الذين يأكلون الربا‪ ،‬ال يقوم ون‪ ،‬إال كم ا يق وم ال ذي يتخبط ه الش يطان م ن الم س‪،‬‬

‫فھو كالمجنون)‪.(629‬‬

‫ويشبه عامر بن الطفيل األعداء الذين غلبوه وقومه على أمرھم‪ ،‬بطائفة الجن التي تص يب‬
‫)‪( 630‬‬
‫)الطويل(‬ ‫اإلنسان بالخبل‪ ،‬فيقول‪:‬‬

‫ولكن أتانا كلﱡ ِج ّنً وخابِ ُل‬


‫َ ْ‬ ‫فَلَو كانَ جم ٌع ْم ِ◌ثلُنا‪ ،‬لَ ْم يَ ﱡ‬
‫بزنَا‬

‫)‪(631‬‬
‫البسيط‬ ‫وقد أشار األعشى إلى ذلك بقوله‪:‬‬

‫‪ -‬ﺘﺎﺝ ﺍﻟﻌﺭﻭﺱ‪ :‬ﻤﺎﺩﺓ ) ﺨﺒل (‪ ،‬ﺍﻟﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪.724-722/6 ،‬‬ ‫‪625‬‬

‫‪ -‬ﺃﻭﺱ ﺒﻥ ﺤﺠﺭ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.94‬‬ ‫‪626‬‬

‫‪ -‬ﺫﻭ ﻤﻌﺎﺭﻙ‪ :‬ﻤﻭﻀﻊ ﻓﻲ ﺩﻴﺎﺭ ﺒﻨﻲ ﺘﻤﻴﻡ‪.‬‬ ‫‪627‬‬

‫‪ -‬ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺤﻤﻥ‪ ،‬ﻨﺼﺭﺕ‪ :‬ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﻓﻲ ﻀﻭﺀ ﺍﻟﻨﻘﺩ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ‪ ،‬ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻷﻭﻗﺎﻑ ﻭﺍﻟﻤﻘﺩﺴﺎﺕ‬ ‫‪628‬‬

‫ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ‪ ،‬ﻤﻜﺘﺒﺔ ﺍﻷﻗﺼﻰ‪ ،‬ﻋﻤﺎﻥ‪ ،1976 ،‬ﺹ‪.149‬‬


‫ﺱ"‪ ،‬ﺍﻟﺒﻘﺭﺓ‪ ،‬ﺁﻴﺔ ‪.275‬‬
‫‪ -‬ﻗﺎل ﺘﻌﺎﻟﻰ‪ " :‬ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺄﻜﻠﻭﻥ ﺍﻟﺭﺒﺎ ﻻ ﻴﻘﻭﻤﻭﻥ ﺇﻻ ﻜﻤﺎ ﻴﻘﻭﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺘﺨﺒﻁﻪ ﺍﻟﺸﻴﻁﺎﻥ ﻤﻥ ﺍﻟ َﻤ ّ‬ ‫‪629‬‬

‫‪ -‬ﻋﺎﻤﺭ ﺒﻥ ﺍﻟﻁﻔﻴل‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺼﺎﺩﺭ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪1399 ،‬ﻫـ ‪1979 -‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪.91‬‬ ‫‪630‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﻋﺸﻰ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.146‬‬ ‫‪631‬‬

‫‪114‬‬
‫نا ٍء ودا ٍن‪ ،‬و َم ْخبو ٌل و ُمخ ْتبَ ٌل‬ ‫احبه‬
‫ص ِ‬‫فَ ُكلﱡنا ُم ْغر ٌم يَھْذي بِ َ‬

‫ٌ‬
‫جنون‪ .‬ويقول أبو خراش الھذلي‬ ‫فقد أصبح كلﱞ منھم فاقِداً عقله من ش ﱠدة الحبًّ ‪ ،‬فكأنه أصابه‬

‫)الطويل(‬ ‫)‪(632‬‬
‫مشيراً إلى أثر الجن‪ ،‬وما تلحقه باإلنسان‪:‬‬

‫أَ ُخ ِ‬
‫وجنّ ٍة يعتا ُدهُ الخَ ْب ُل في ِ‬
‫الجس ِْم‬ ‫شدي ُد األسى بادي ال ﱡشحُو ِ‬
‫ب كأننّي‬

‫كأن به جنوناً‪ ،‬وھكذا فقد نسبوا الجنون إلى الجن‪ ،‬وجعلوه تلبس‬
‫فقد أصبح ساھ َم ال َوجْ ِه شاِحبَه‪ّ ،‬‬

‫الجن لإلنسان‪ ،‬ودخولھا جسمه‪.‬‬

‫)‪(633‬‬
‫ول م يقتص ر الجن ون عل ى اإلنس ان‪ ،‬وإنم ا نس بوا إل ى الج ن جن ونَ الحي وان‪ ،‬فاألعش ى يق ول‪:‬‬
‫ف ال ِج ﱠن أَ ْولَ ُ‬
‫)‪(634‬‬
‫ق‬ ‫أل ﱠم بِھ ا ِم ْن طَ ائِ ِ‬ ‫َوتُصبِ ُح ِم ْن َغبﱢ السﱡرى وكأنّما‬

‫)الطويل(‬

‫فھو يصف ناقته بالجنون‪ ،‬من نشاطھا واجتماع قوتھا‪ ،‬إذ لم يضعفھا طول الس رى‪ ،‬مم ا ي دل عل ى‬

‫أن النشاط ف ي رأي الج اھليين م ن الجن ون‪ .‬ألن "الطي ف ھ و الغض ب‪ ،‬ويس مى الجن ون والغض ب‬
‫والوسوسة طيفاً؛ ألنه لمةٌ من الشيطان")‪ ،(635‬وقد يص رع الج ﱡن‪ ،‬والص رع م ن الجن ون‪ ،‬وھ ذا م ا‬
‫)‪(636‬‬
‫ورد في قول ِ ِدعلج الحكم‪:‬‬

‫َو َش َي ْ◌طَانُه عن َد األَھلﱠ ِة يُصْ َر ُ‬


‫ع )الطويل(‬ ‫ب‬ ‫ق ال ﱠدھ َر كعبُ ُ‬
‫بن ناش ٍ‬ ‫َوك ْيفَ يُفي ُ‬

‫وم ن م زاعم الع رب‪ ،‬أن الط اعون رم اح الج ن‪ ،‬ويعتبرون ه عقاب ا ً م ن الج ن لإلن س‪ ،‬ق ال‬

‫)الوافر(‬ ‫)‪(638‬‬
‫األسدي)‪ (637‬مخاطبا ً الحارث الملك الغساني‪:‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻬﺫﻟﻴﻭﻥ‪ :‬ﺍﻟﺩﻴﻭﺍﻥ‪.152/2 ،‬‬ ‫‪632‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﻋﺸﻰ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.118‬‬ ‫‪633‬‬

‫‪ - 634‬ﺃﻭﻟﻕ ‪ :‬ﺠﻨﻭﻥ‪.‬‬
‫‪ -‬ﺍﻟﻘﺭﻁﺒﻲ‪ :‬ﺍﻟﺠﺎﻤﻊ ﻷﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﻘﺭﺁﻥ‪" ،350/7 ،‬ﺇﻥ ﺍﻟﺫﺒﻥ ﺍﺘﻘﻭﺍ ﺇﺫﺍ َﻤﺴّﻬﻡ ﻁﺎﺌﻑ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﻴﻁﺎﻥ"‪ ،‬ﺍﻷﻋﺭﺍﻑ‪ ،‬ﺁﻴﺔ ‪.201‬‬ ‫‪635‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﺼﺒﻬﺎﻨﻲ‪ ،‬ﺃﺒﻭ ﺍﻟﻘﺎﺴﻡ ﺤﺴﻴﻥ ﺒﻥ ﻤﺤﻤﺩ ﺍﻟﺭﺍﻏﺏ‪ :‬ﻤﺤﺎﻀﺭﺍﺕ ﺍﻷﺩﺒﺎﺀ ﻭﻤﺤﺎﻭﺭﺍﺕ ﺍﻟﺸﻌﺭﺍﺀ ﻭﺍﻟﺒﻠﻐﺎﺀ‪ -‬ﻁ‪ -1‬ﺍﻟﻤﻜﺘﺒﺔ‬ ‫‪636‬‬

‫ﺍﻟﺤﻴﺩﺭﻴﺔ‪1416 ،‬ﻫـ‪.615/2 ،‬‬


‫ﻻ ﺸﺩﻴﺩﺍﹰ‪ ،‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪.218/6 ،‬‬
‫‪ -‬ﺍﻷﺴﺩﻱ‪ :‬ﺃﺤﺩ ﺃﺒﻨﺎﺀ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﺒﻨﻲ ﺃﺴﺩ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻏﺎﺭ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺤﺎﺭﺙ ﺍﻟﻐﺴّﺎﻨﻲ‪ ،‬ﻭﻗﺎﺘل ﺃﻫﻠﻬﺎ ﻗﺘﺎ ﹰ‬ ‫‪637‬‬

‫‪115‬‬
‫ْت على أُ ﱟ‬
‫)‪(639‬‬
‫مار‬ ‫ِرما َح بَني ُمـَقيﱠ َد ِة ِ‬
‫الح ِ‬ ‫بي‬ ‫لَ َع ْم ُر َ‬
‫ك ما َخ َشي ُ‬

‫حار‬
‫ك ِ‬ ‫رما َح الِ ﱠ‬
‫جن أو إيﱠا َ‬ ‫يت على أُبَ ﱠ‬
‫ي‬ ‫ولكنّي َخ َش ُ‬

‫فالشاعر يرى أن ثّمة خط رين يُھ ددان أُبي اً‪َ ،‬وھُم ا َحريّ ان ب ْ‬
‫أن يھَابھُم ا الم ر ُء‪ ،‬أم ا األولﱡ ‪،‬‬

‫الملك الحارث‪.‬‬
‫ِ‬ ‫فھو الطاعون الذي تسببه الجن‪ ،‬والثاني فھو َغ َ‬
‫ضبُ‬

‫)‪(640‬‬
‫)البسيط(‬ ‫وقد أرْ َجع حسان بن ثابت طاعونا‪ ،‬ح ّل بالشام إلى وخز الجن‪ ،‬بقوله‪:‬‬

‫)‪641‬‬
‫بأرض الرﱡ ِ‬
‫وم مذكو ُر‬ ‫ِ‬ ‫ِم ْن َو ْخ ِز ِج ﱟن‬ ‫فأ َ ْع َج َل القو َم عن حاجاتِھم ُش ُغ ٌل‬
‫(‬

‫)‪(642‬‬
‫)الطويل(‬ ‫ويقول زيد بن جندب اإليادي‪:‬‬

‫صيح وأَ ْع َج ِم‬


‫ٍ‬ ‫ِرما ُح األعادي ِمنَ فَ‬ ‫لوال رما ُح ال ِج ﱠن ما كانَ ھَ ﱠزھُم‬
‫َو ْ‬

‫وتأتي السّفعة ضمن ھذه المعتقدات‪ ،‬إذ تعتبر نظرة الج ن‪ ،‬وتب دو ع ين الج ن أكث ر ض رراً‬
‫)‪(643‬‬
‫)الطويل(‬ ‫من عين اإلنس‪ ،‬بدليل قول بعضھم‪:‬‬

‫صبﱡوا علي ِه ال َما َء من أَلَ ِم النﱠ ْك ِ‬


‫س‬ ‫َو َ‬ ‫◌َ و ْق َد عالجُوهُ بالتﱠ ِم ِ‬
‫ائم والرﱡ قَى‬

‫َولَ ْو عَل ِموا داووهُ ِم ْن أ ْعي ُِن اإل ْن ِ‬


‫س‬ ‫الج ﱠن أَ ْعيَ ٌن‬
‫وقالوا أصابَ ْتهُ ِمنَ ِ‬

‫فانطالقا ً من ھذه التصورات‪ ،‬شعر الجاھلي بضرورة التقرب إلى الج ن؛ بالتح الف معھ ا‪،‬‬
‫وعق د الص لح والمعاھ دات‪ .‬وتع د االس تعاذة ب الجن وس يلة أخ رى‪ ،‬اتبعھ ا الج اھليون لل تخلص م ن‬

‫أذاھا؛ ألن االستعاذة تكون بقوة غيبي ة خارق ة‪ ،‬م ن أج ل التغل ب عل ى ش ر ق وة أخ رى‪ ،‬وذل ك ف ي‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،219 /6 ،‬ﺁﻜﺎﻡ ﺍﻟﻤﺭﺠﺎﻥ ﻓﻲ ﻏﺭﺍﺌﺏ ﺍﻷﺨﺒﺎﺭ ﻭﺃﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﺠﺎﻥ‪ ،‬ﺹ‪.139‬‬ ‫‪638‬‬

‫‪ -‬ﻤﻘﻴﺩﺓ ﺍﻟﺤﻤﺎﺭ‪ :‬ﺍﻟﺤﺭﺓ ﻤﻥ ﺍﻷﺭﺽ‪ ،‬ﻷﻨﻬﺎ ﺘﻌﻘل ﺍﻟﺤﻤﺎﺭ‪ ،‬ﻓﻜﺄﻨﻬﺎ ﻗﻴﺩ ﻟﻪ‪.‬‬ ‫‪639‬‬

‫‪ -‬ﺤﺴﺎﻥ ﺒﻥ ﺜﺎﺒﺕ‪ :‬ﺸﺭﺡ ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.170‬‬ ‫‪640‬‬

‫‪ - 641‬ﺍﻟﻭﺨﺯ ‪ :‬ﺍﻟﻁﻌﻥ ‪.‬‬


‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪.219/6 ،‬‬ ‫‪642‬‬

‫‪ -‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪ ،365 / 2 ،‬ﺍﻟﻭﺜﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺹ‪.170‬‬ ‫‪643‬‬

‫‪116‬‬
‫س ياق ص راع اإلنس ان العرب ي م ع الطبيع ة‪ ،‬أو ق وى بش رية أخ رى‪ ،‬ول يس أدل عل ى ذل ك‪ ،‬م ن‬

‫اعتقادھم‪ ،‬أن من لطخ بدنه بشحم األسد‪ ،‬ھربت منه السباع)‪ ،(644‬فم ن ذل ك م ا يحك ى ع ن "حج اج‬

‫ابن عالط السلمي" أنه قدم مكة في ركب‪ ،‬فأجنّھم الليل ب واد مخ وف م وحش‪ ،‬فق ال ل ه الرك ب‪ :‬ق م‬
‫)‪(645‬‬
‫وخذ لنفسك أمانا ً وألصحابك‪ ،‬فجعل يطوف بالركب‪ ،‬ويقول‪:‬‬

‫ِمن كلﱢ ِجن ًّي بِھذا النّق ِ‬


‫ب ) الرجز (‬ ‫أُعي ُذ نَ ْفسي وأُعي ُذ َ‬
‫صحْ بِي‬

‫أؤوب سالما ً َو َر ْكبي‬


‫َ‬ ‫حتى‬

‫وحينما كانوا يعوذون بالجن‪ ،‬فإنھم كانوا يخاطبونھم‪ ،‬بلھجة فيھ ا الت ذلل لھ م‪ ،‬والتمجي د لس يد الج ن‬

‫وتعظيمه‪ ،‬كي يمن عليھم بالرعاية والحماية‪ ،‬قال أحدھم‪ ،‬وقد نزل أرضا ً موحشة ‪)( 646) :‬الرجز(‬

‫بَ َسيّ ٍد ُم َعظﱠ ٍم َمجي ٍد‬ ‫أَعو ُذ ِم ْن َش ﱢر البال ِد الب ْي ِد‬

‫ِذي ِع ّز ٍة َو َكا ِھ ٍل َش ِدي ٍد‬ ‫أصب َح يأوي بِلَ َو ً‬


‫ى زَرْ ُود‬

‫فالعرب كانت في خوف دائم من الجن؛ فل ذلك ك انوا إذا احت وتھم ھوج ل)‪ ،(647‬يس تجيرون‬
‫منھ ا رھب ة ال رغب ة‪ ،‬فق د‪ :‬ك ان الع رب إذا س ار أح دھم ف ي تي ه م ن األرض‪ ،‬وخ اف الج ن‪ ،‬يق ول‬

‫رافعا ً صوته‪ ،‬مستجيراً بسيﱠد ھذا الجن‪:‬أنا مستجي ٌر بسيّد ھذا الوادي‪ ،‬فيقدم له الخفارة")‪.(648‬‬

‫وقد أشار القرآن الكريم إلى تلك المعتق دات‪ ،‬بقول ه‪":‬وأﻧﻪ آـﺎن رﺟـﺎل‬
‫ٌ ﻣـﻦ‬
‫ً")‪.(649‬‬
‫ِ ﻣﻦ اﻟﺠﻦ‪ ،‬ﻓﺰادوهﻢ رهﻘﺎ‬
‫اﻹﻧﺲ ﻳﻌﻮذون ﺑﺮﺟﺎل‬

‫ويبدو تفاوت إيمان الجاھليين بھذه المعتقدات‪ ،‬فھذا رجل يستعيذ بعظيم ال وادي م ن الج ن؛‬
‫)‪(650‬‬
‫ليحميه وولده‪ ،‬فلم يمنعه ذلك‪ ،‬من أن يأتي أسد‪ ،‬ويفترس ابنه‪ ،‬فيقول‪:‬‬

‫‪ -‬ﻤﻀﻤﻭﻥ ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪ ،‬ﺹ‪.21‬‬ ‫‪644‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ ‪ ، 720/6 ،‬ﻭ‪.136/1‬‬ ‫‪645‬‬

‫‪ - 646‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪ ،326/3 ،‬ﺍﻟﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪.721/6 ،‬‬


‫‪ -‬ﺍﻟﻬﻭﺠل‪ :‬ﺍﻟﻤﻔﺎﺯﺓ ﺍﻟﺒﻌﻴﺩﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻴﺴﺕ ﺒﻬﺎ ﺃﻋﻼﻡ‪ ،‬ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﻤﺎﺩﺓ )ﻫﺠل(‪.‬‬ ‫‪647‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺴﻴﺭﺓ ﺍﻟﻨﺒﻭﻴﺔ‪.153/1،‬‬ ‫‪648‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺠﻥ‪ ،‬ﺁﻴﺔ ‪.6‬‬ ‫‪649‬‬

‫‪117‬‬
‫من ش ﱢر ما فيه من األعادي )الرجز(‬ ‫بعظيم الوادي‬
‫ِ‬ ‫قد ا ْستَ َع ْذنَا‬

‫فَلَ ْم ي ُِجرنا ِم ْن ِھزبَ ٍر عادي‬

‫ّ‬
‫الجن لدى العرب قد ينفعون‪ ،‬وق د يض رون‪ ،‬ولھ م س ادة وعظم اء‪ ،‬يرتق ون ف ي‬ ‫يالحظ ّ‬
‫أن‬

‫أذھان العرب إلى مكانة تقترب م ن مكان ة اآللھ ة‪ ،‬بم ا يملكون ه م ن ق درات فائق ة‪ ،‬األم ر ال ذي ق ا َد‬
‫بعض الجاھليين إلى عبادتھا‪ ،‬وربطھا بعبادة األوثان‪ ،‬وذلك ألنھم ك انوا يعتق دون‪ ،‬ﱠ‬
‫أن ك ل م ا يح لﱡ‬

‫في األوثان مرتبطٌ بالجن‪ ،‬فكم ا ج اء ف ي إح دى الرواي ات‪ ،‬أن ه ك ان ف ي ك ّل م ن " ال الت والع ّزى‬

‫ومناةَ شيطانة‪ ،‬تكلّ م الع َرب الج اھليين‪ ،‬وتت راءى للِس دَنة‪ ،‬وم ا الش يطانة إال جنّي ة")‪ ،(651‬وإن ك ان‬

‫بعضٌ منھم‪ ،‬قد رف ض عب ادة الج ن‪ ،‬كم ا رف ض عب ادة األوث ان‪ ،‬وھ ذا م ا فَ َعل ه زي ُد ب ُن عم رو ب ن‬
‫نفيل‪ ،‬وعبّر عنه في شعر يُ ْن َسب إليه‪ ،‬في رواية مرفوعة إلى أسماء بنت أب ي بك ر‪ ،‬وك ان ق د س عى‬
‫)‪(652‬‬
‫في تحطيم ھذه العبادة‪ ،‬وإسقاط ھذا الصنف الروحي من اآللھة‪ ،‬فيقول في ذلك‪:‬‬

‫َكذلك يَ ْف َع ُل ال َجلَ ُد الصﱠبو ُر )الوافر(‬ ‫َلت ال ِج ﱠن والجنﱠانَ عنّي‬


‫َعز ُ‬

‫)‪(653‬‬
‫مي بني طَس ٍْم أُدي ُر‬
‫ط ْ‬‫وال أُ ْ‬ ‫فال ال ُع ّزى أَ ِ◌ ُ‬
‫دين وال ا ْبنَتَيْھا‬

‫وقد مدح ورقة بن نوفل ما فعله َزيْد ُ‬


‫بن عمرو‪ ،‬من ترك عبادة األوث ان‪ ،‬وم ا يَ ِح لﱡ فيھ ا م ن الج ن‪،‬‬

‫مشيراً إلى أن العرب‪ ،‬كانت تضع رجاءھا في تلك اآللھة من الجان؛ لما لھا في نفوس ھم م ن َر ْھبَ ة‬
‫وأن الحماي ةَ‬ ‫عف‪ ،‬م ن أن يتع و َذ بھ ا اإلنس ُ‬
‫ان‪ّ ،‬‬ ‫وخش ية‪ ،‬ويعبّ ر ع ن إيمان ه‪ ،‬ب ّ‬
‫أن الج ﱠن ھ ي أض ُ‬
‫)‪(654‬‬
‫) الطويل(‬ ‫الحقيقيةَ‪ ،‬إنما تكون في جنب ﷲ‪ ،‬وينسب إليه قوله‪:‬‬

‫تَ َجنّبَت تنﱡوراً من النﱠ ِ‬


‫ار حاميا‬ ‫َر َشدْتَ وأَ ْن َع ْمتَ ابنَ عمرو وإنّما‬

‫ك جنّانَ ال َخبا َ ِل كما ھيا‬


‫وتَرْ ِك َ‬ ‫ك ربّا ً لَي َ‬
‫ْس ربﱞ َك ِمثـــل ِه‬ ‫بدين َ‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪ 325/2 ،‬ﺍﻟﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ ‪.721/6 ،‬‬ ‫‪650‬‬

‫‪ -‬ﺃﺨﺒﺎﺭ ﻤﻜﺔ‪.127/ 1 ،‬‬ ‫‪651‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻭﺜﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺹ ‪.172‬‬ ‫‪652‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﻁﻡ‪ :‬ﻜل ﺒﻴﺕ ﻤﺭﺒﻊ ﻤﺴﻁﺢ ﻜﺄﻨﻪ ﺍﻟﻭﺜﻥ‪ ،‬ﺃﺩﻴﺭ‪:‬ﺃﻁﻭﻑ‪.‬‬ ‫‪653‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﻏﺎﻨﻲ‪ ،‬ﻡ‪ ،16/3 ،2‬ﻭﺭﺩﺕ ﺍﻷﺒﻴﺎﺕ ﻓﻴﻤﺎ ﻨﺴﺏ ﺇﻟﻰ ﺃﻤﻴﺔ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.167-165‬‬ ‫‪654‬‬

‫‪118‬‬
‫َحنَانَيْك ال تُظھر عل ّي األعَاديا‬ ‫ضا ً َم ُخ ْوفَةً‬ ‫ُ‬
‫اوزت أرْ َ‬‫أقو ُل إذا َج‬

‫َ‬
‫وأنت إلھي َربﱠـــنا و َرجائيا‬ ‫ﱠ‬
‫الجن كانت رجاءھم‬ ‫َحنَانَيك ّ‬
‫إن‬

‫)الطويل(‬ ‫)‪(655‬‬
‫ويبدو ذلك في قول األعشى‪ ،‬داعيا ً إلى عبادة ﷲ‪ ،‬وترك عبادة الشيطان‪:‬‬

‫فاحمداَ‬
‫وال تَحْ م ِد الشيطانَ ‪ ،‬وﷲَ َ‬ ‫ت والضﱡحى‬
‫َوص ﱢل على حي ِن العشيّا ِ‬

‫ونلمح ذلك في قول عب د ﷲ ب ن الح ارث‪ ،‬وھ و ف ي الحبش ة‪ ،‬ذاك راً نف ي ق ريش إيّ اھم م ن بالدھ م‪،‬‬
‫)‪(656‬‬
‫ومعاتبا ً بعض قَوْ مه في ذلك‪:‬‬
‫)الطويل(‬

‫أمر شدي ِد الَ ِ‬


‫بالبل‬ ‫أرضھم فأضْ َحوا على ٍ‬
‫ِ‬ ‫نَفَ ْتھُم ِعبا ُد ال ِج ﱠن ِمن َح ﱠر‬

‫وھكذا فقد آم ن بع ضُ الج اھليين‪ ،‬ﱠ‬


‫أن تل ك الكائن ات‪ ،‬ھ ي الق وى العظم ى الت ي بي دھا النف ع‬
‫والضر‪ ،‬فلجأوا إليھا في ال َملَ ّمات‪ْ ،‬‬
‫وإن َرفَض بعضُھم ذلك االعتقاد‪.‬‬

‫ويبدو التفاوت في إيمانھم بقدرتھا على حمايتھم‪ ،‬وخوفھم منھا‪ ،‬أنھم كانوا إذا دخل أح دھم‬
‫قريةً‪ ،‬خاف من ِج ّن أھلھا‪ ،‬ومن وباء الحاضرة أش ﱠد الخوف‪ ،‬إال أن يَقِفَ على ب اب القري ة‪ ،‬فَيُ َع ّش ر‬
‫كعب أرنب‪ ،‬وقاية من العين والس حر)‪ ،(657‬وھ ذا الش اعر‬
‫َ‬ ‫كما يُ َعشر الحمار في نَھيقه‪ ،‬ويعلّ ُ‬
‫ق عليه‬
‫)الطويل(‬ ‫)‪(658‬‬
‫يقول منكراً قدرة ھذه الطقوس على الحماية في ذلك‪:‬‬

‫ع يُغنى وال َكعْبُ أَرْ نَ ِ‬


‫)‪(659‬‬
‫ب‬ ‫وال َد ْع َد ٌ‬ ‫ج ِ◌رْ م ٍة‬ ‫وال يَنفَ ُع التّعشي ُر في َج ْن ِ‬
‫ب ِ‬
‫)‪(660‬‬
‫وقد أنكره "عروة بن الورد"‪ ،‬ور ّد على الذين عشروا بالقرب من خيبر‪ ،‬فقال‪:‬‬

‫َو َذلك‪ِ ،‬م ْن ِدي ِن اليَھود‪ُ ،‬ولُو ُ‬


‫ع )الطويل(‬ ‫ك خَيب ٌر‬ ‫وان◌َ ھ ْق‪ ،‬ال تَ ِ‬
‫ضي ُر َ‬ ‫وقالوا‪ :‬احْ بُ ْ‬

‫‪ -‬ﺍﻷﻋﺸﻰ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.46‬‬ ‫‪655‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺴﻴﺭﺓ ﺍﻟﻨﺒﻭﻴﺔ‪.247/1 ،‬‬ ‫‪656‬‬

‫‪ -‬ﻨﻬﺎﻴﺔ ﺍﻷﺭﺏ‪.125/3 ،‬‬ ‫‪657‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،358/6 ،‬ﺼﺒﺢ ﺍﻷﻋﺸﻰ ﻓﻲ ﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﻹﻨﺸﺎ‪ ،463/1 ،‬ﺒﺭﻭﺍﻴﺔ)ﻭﻻ َﻭﺩَﻉ(‪.‬‬ ‫‪658‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺠﺭﻤﺔ‪ :‬ﻤﺎ ﺠﺭﻡ ﻭﺼﺭﻡ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﺨل‪.‬‬ ‫‪659‬‬

‫‪ -‬ﻋﺭﻭﺓ ﺒﻥ ﺍﻟﻭﺭﺩ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪-‬ﻁ‪ -1‬ﺸﺭﺡ ﺴﻌﺩﻱ ﻀﻨﺎﻭﻱ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺠﻴل‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪1416 ،‬ﻫـ ‪1996 -‬ﻡ‪ ،‬ﺹ ‪-177‬‬ ‫‪660‬‬

‫‪.178‬‬

‫‪119‬‬
‫مار‪ ،‬إنﱠني لَ َجــ ُزو ُ‬
‫ع‬ ‫نُھا َ‬
‫ق ِح ٍ‬ ‫رت‪ ،‬من َخ ْشيَ ِة الِ ﱠردَى‪،‬‬
‫لَ َع ْم ِري‪ ،‬لَئِ ْن َع ﱠش ُ‬

‫على روض ِة األجدا ِد‪ ،‬وھي َجمي ُع‬ ‫ك النفوسُ ‪ ،‬وال أَتـَـ َ ْ‬
‫ت‪،‬‬ ‫فال َوأَلَ ْ‬
‫ت تل َ‬

‫فھ و ينك ر ذل ك‪ ،‬ويع ّده م ن ك ذب اليھ ود ال ذين آمن وا بق درة الكلم ة وتأثيرھ ا عل ى الج ن‬

‫والشياطين؛ "وكان صحبه قد ع ّشروا وماتوا‪ ،‬و َسلِ َم ھو")‪ (661‬ويستدلﱡ م ن أبيات ه "أن الرج ل ك ان‬

‫إذا َد َخ َل خيبر أ َكبّ على أربع‪ ،‬وع ّشر تعشير الحمار‪ ،‬وھو أن ينھق عشر نھق ات متتابع ات‪ ،‬لي دفع‬
‫ع ن نفس ه حم ى خيب ر")‪(662‬؛ ويرج ع ذل ك إل ى اعتق ادھم " أن الش ياطين تھ رب م ن نھي ق‬
‫)‪(664‬‬
‫الحمار"‪ (663).‬وقال شاعر آخر يؤيد عروة بن الورد في إنكار التعشير‪:‬‬

‫)الرجز(‬ ‫َكعْبٌ تُ َعلﱠقهُ وال تَع ِ‬


‫ْشي ُر‬ ‫واقع‬
‫ٍ‬ ‫مام‬ ‫ال يُ ْنجينك ِ‬
‫من ْ◌ ِح ٍ‬

‫فھذا يؤكد تفاوت الناس في تقبل ھذه الممارسات والمعتقدات‪ .‬ومم ا اس تخدموه تعلي ق األق ذار عل ى‬

‫الرجل الذي يخافون عليه الجنون‪ ،‬وتعرﱡض األرواح الخبيثة له‪ ،‬فك انوا يعم دون إل ى تعلي ق ِخرْ ق ِة‬
‫)‪(665‬‬
‫)الطويل(‬ ‫الحيض‪ ،‬وعظام الموتى‪ ،‬فيقول المم ّزق العبدي‪:‬‬

‫ق أَ ْن َجاسا ً عَل ﱠ‬
‫ي المن ﱢجسُ‬ ‫وعلﱠ َ‬ ‫َولَو كان عندي حازيا ِن َو َك ٌ‬
‫اھن‬

‫وي زع ُم الج اھليون‪ ،‬أن التنج يس يش في إال م ن العش ق‪ ،‬ال ذي اعتق دوا أن ه م ن األرواح‬
‫)‪(666‬‬
‫)الطويل(‬ ‫الشريرة‪ ،‬وفي ذلك يقول أعرابي‪:‬‬

‫عاشقا‬
‫ِ‬ ‫وھَلْ ي ْنفع التنﱠجيسُ َم ْن كانَ‬ ‫يَقولونَ علّق يا ل َ‬
‫ك الخي ُر ُر ّمةً‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،359/6 ،‬ﻤﻌﺠﻡ ﺍﻟﺒﻠﺩﺍﻥ‪.84/3 ،‬‬ ‫‪661‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻘﺯﻭﻴﻨﻲ‪ ،‬ﺯﻜﺭﻴﺎ ﺒﻥ ﻤﺤﻤﺩ ﺒﻥ ﻤﺤﻤﻭﺩ‪ :‬ﺁﺜﺎﺭ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻭﺃﺨﺒﺎﺭ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺼﺎﺩﺭ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪1960 ،‬ﻡ‪ ،‬ﺹ ‪.92‬‬ ‫‪662‬‬

‫‪ -‬ﺼﺤﻴﺢ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ‪ ،155/4 ،‬ﺁﻜﺎﻡ ﺍﻟﻤﺭﺠﺎﻥ ﻓﻲ ﻏﺭﺍﺌﺏ ﺍﻷﺨﺒﺎﺭ ﻭﺃﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﺠﺎﻥ‪ ،‬ﺹ‪.239‬‬ ‫‪663‬‬

‫‪ -‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪.316/2 ،‬‬ ‫‪664‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺒﺤﺘﺭﻱ‪ ،‬ﺃﺒﻭ ﻋﺒﺎﺩﺓ‪ ،‬ﺍﻟﻭﻟﻴﺩ ﺒﻥ ﻋﺒﻴﺩ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻥ ﺍﻟﺤﻤﺎﺴﺔ‪ ،‬ﻁ‪ ،1‬ﻭﻀﻊ ﺤﻭﺍﺸﻴﻪ‪ ،‬ﻤﺤﻤﻭﺩ ﺭﻀﻭﺍﻥ ﺩﻴّﻭﺏ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘـﺏ‬ ‫‪665‬‬

‫ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪ ،‬ﻟﺒﻨﺎﻥ‪1420 ،‬ﻫـ‪1999 -‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪.118‬‬


‫‪ -‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪.319/2 ،‬‬ ‫‪666‬‬

‫‪120‬‬
‫فالش اعر يخ الف معتق داتھم‪ ،‬وينف ي ق درةَ التنج يس عل ى تخفي ف م ا ب ه‪ ،‬مم ا يؤك د تف اوت‬

‫الجاھلين فيما بينھم‪ ،‬في إيمانھم بھذه المعتقدات‪.‬‬

‫ومن طرق الوقاي ة الت ي اس تخدمھا الج اھليون‪ ،‬وس جلھا الش عراء ف ي أش عارھم‪ ،‬م ا ك انوا‬
‫)‪(667‬‬
‫يفعلونه‪ ،‬إذا طالت علة المريض‪ ،‬وظنوا أن به مسا ً من الجن‪ ،‬من ذلك ما قال بعضھم‪:‬‬

‫ض ْم )الرجز(‬ ‫احْ ِملْ إلى الجنﱢ َج َماال ِ‬


‫تو َ‬ ‫قَالوا وقَد طَا َل عَنائي وال ﱠسقَ ْم‬

‫فَبِالذي يَ ْمل ُ‬
‫ك بُرْ ئي أ ْعت ِ‬
‫َصــم‬ ‫فَقَ ْد فَ َع ْل ُ‬
‫ت والسﱡــقا ُم لم يُ َر ْم‬

‫)‪(668‬‬
‫)الطويل(‬ ‫وقال آخر‪:‬‬

‫و ُزحْ ِز َح عنّي ما عَناني ِم ْن السﱠق ْم‬ ‫ليت أَ ﱠن ا ﱠ‬


‫لجن جازوا َج َمالتي‬ ‫فيا َ‬

‫س وفي َسل ْم‬ ‫يمينُ َ‬


‫ك في َحـرْ ِ‬
‫ب غَما ٍ‬ ‫ويا ليتَھم قالوا أَ ْنطنا ك ﱠل ما َح َوت‬

‫ـيت في ذلك ال ّز َع ْم‬


‫فَيَا لَ ْيتَني ُعوْ فِ ُ‬ ‫أعلﱠ ُل قَ ْلبي بالذي يَ ْز َع ُمونُهُ‬
‫)‪(669‬‬
‫ويقول آخر‪:‬‬
‫)الطويل(‬

‫)‪(670‬‬
‫ف‬ ‫َوھُم بَ ْينَ غَضْ بِـا ٍن عَل ﱠ‬
‫ي وآ ِس ِ‬ ‫إن ِجنَانَ النﱡوير ِة أصْ بَحوا‬
‫أال ّ‬

‫ب ِم ْن ال ﱠس ْق ِم تَالِ ِ‬
‫ف‬ ‫تُس ﱢك ُن ع َْن قلـ ِ‬ ‫َح َم ْل ُ‬
‫ت َولَ ْم أ ْقبل إلَيْھم َح َمالةً‬

‫َو َم ْن لي ِم ْن أَ ْمـثَالِھم بالتَناص ِ‬


‫ُف‬ ‫صفوا لَ ْم يَ ْ‬
‫طلَبوا َغي َر َحقَ◌َ ّ◌ ِ◌ھم‬ ‫ولو أَ ْن َ‬

‫ألصبحت ِم ْنھُم آمـِنا ً غي َر خائِف‬


‫ُ‬ ‫األرض َعنّي ولو بَدَوا‬
‫ِ‬ ‫تَ َغطَوا بِثِ ْو ِ‬
‫ب‬

‫‪ -‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪ ،359/2 ،‬ﺍﻟﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪.812/6 ،‬‬ ‫‪667‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪.359/2 ،‬‬ ‫‪668‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪.359 /2 ،‬‬ ‫‪669‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻨﻭﻴﺭﺓ‪ :‬ﺍﻟﺒﻭﺭ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻡ ﺘﺯﺭﻉ‪ ،‬ﺍﻟﺘﺎﻟﻑ‪ :‬ﺍﻟﻬﺎﻟﻙ‪.‬‬ ‫‪670‬‬

‫‪121‬‬
‫فالنصوص تشير إلى الشكوى والت ذمر‪ ،‬م ن ع دم ش فاء الم ريض‪ ،‬عل ى ال رﱡ غم مم ا ق اموا‬

‫به‪ ،‬من استرضاء للج ن‪ ،‬ف الجن ل م تقب ل م ا ق دموه لھ ا‪ ،‬وبق ي الم ريض عل ى حال ه‪ ،‬والقائ ل يب دي‬

‫اس تعداده‪ ،‬إلعط ائھم م ا يري دون‪ ،‬ليرض وا عن ه‪ ،‬فيش فى م ن مرض ه‪ ،‬ويع زو خوف ه م نھم لس بب‬

‫اختفائھم عن األعين في أرض مقفرة ) النويرة (‪ ،‬فلو أنھم ظھروا لذھب الخوف من قلبه‪.‬‬

‫نستنتج من ذلك‪ ،‬أنھم نظروا إلى ھذه الكائنات‪ ،‬عل ى أنھ ا ذات ق درات خارق ة‪ ،‬وكثي راً م ا‬
‫تس تخدمھا إللح اق األذى ببن ي البش ر‪ ،‬فق د تفت ك باإلنس ان وتختطف ه‪ ،‬ناھي ك ع ّم ا تلح ق ب ه م ن‬

‫األمراض‪ ،‬مما دفعھم إلى تسخيرھا في العالج‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫المبحث الثالث‬

‫الزواج بين الجن واإلنس‬

‫نشأت بين اإلنس والجن عالقات تآلف‪ ،‬منھا التزاوج والمعاش رة‪ ،‬فق د زع م الج اھليون أن‬

‫التناكح والتالقح‪ ،‬قد يقع بين الجن واإلنس‪ ،‬كما زعموا أن المجنونة إذا صرعھا الجني‪ ،‬وذلك ع ن‬

‫طري ق ال ِع ْش ق والھ وى‪ ،‬وش ھوة النك اح‪ ،‬وأن الش يطان يعش ق الم رأة من ا‪ ،‬وأن نظ ره إليھ ا‪ِ ،‬م ن‬

‫وأن الجنيات إنّما تَع ِ‬


‫ْرض لص رع رج ال اإلن س عل ى‬ ‫طريق ال َع َجب بھا‪ ،‬أش ﱡد عليھا من ُح ّمى أيام‪ّ ..‬‬

‫الجن لنساء بن ي آدم‪ (671) ،‬ويؤك د تل ك العالق ة‪ ،‬انتس اب‬


‫ﱠ‬ ‫جھة التَ َع ُشق‪ ،‬وطلب السّفاد‪ ،‬وكذلك رجال‬

‫بع ض القبائ ل للج ن‪ ،‬مث ل بن ي مال ك‪ ،‬وبن ي شيص بان‪ ،‬وبن ي يرب وع ال ذين تس موا ببن ي‬
‫السعالة)‪،(672‬وتتضح إمكانية التالقح والتناكح بين الجن واإلنس‪ ،‬ف ي قول ه تع الى‪":‬وﺷـﺎرآﻬﻢ‬
‫)‪(673‬‬
‫ﻓﻲ اﻷﻣﻮال واﻷوﻻد"‬

‫وھناك من يَ ُع ﱡد الزواج ب ين ع الم الج ن واإلن س‪ ،‬ج زءاً م ن الص راع ب ين ھ ذين الع المين‪،‬‬

‫وليس تعبيراً عن استرضاء وتوفيق)‪ ،(674‬ويبين الجاحظ تلك الحقيقة من خالل تعريفه الغول)‪.(675‬‬

‫ويب دو ذل ك ف ي تص ويرھم الم رأة حدي دة الط رف وال ذھن‪ ،‬الس ريعة الحرك ة‪ ،‬الممش وقة‬
‫)‪(676‬‬
‫)الخفيف(‬ ‫بالسعالة‪ ،‬يقول األعشى‪:‬‬

‫ُوخ َحرْ بَى بِ َشطﱠي أَري ٍ‬


‫)‪(677‬‬
‫َونِسا ٍء كأنّھ ﱠُن ال ﱠس َعالي‬ ‫ك‬ ‫و ُشي ٍ‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،218-217/6 ،‬ﻓﻲ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﻤﻴﺜﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﻌﺭﺏ ‪ ،‬ﺹ‪.228‬‬ ‫‪671‬‬

‫‪ -‬ﻤﺩﺨل ﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ﺍﻟﻔﻭﻟﻜﻠﻭﺭ ﻭﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ‪ ،‬ﺹ ‪.141‬‬ ‫‪672‬‬

‫‪ -‬ﺍﻹﺴﺭﺍﺀ‪ ،‬ﺁﻴﺔ ‪.64‬‬ ‫‪673‬‬

‫‪ -‬ﻜﺎﺜﻤﺎﻥ‪ ،‬ﺘﺴﻴﺒﻭﺭﺍ‪ :‬ﺍﻟﺘﺯﺍﻭﺝ ﺒﻴﻥ ﺍﻹﻨﺱ ﻭﺍﻟﺠﻥ ﻓﻲ ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻭﺍﻟﻘﺼﺔ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ‪ ،‬ﺘﺭﺠﻤﺔ ﻤﺤﻤـﻭﺩ ﻋﺒـﺎﺱ‪ ،‬ﻤﺠﻠـﺔ‬ ‫‪674‬‬

‫ﺍﻟﺸﺭﻕ‪ ،‬ﺍﺍﻟﺴﻨﺔ ‪ ،6‬ﺤﺯﻴﺭﺍﻥ ﺃﻴﻠﻭل ‪،‬ﻉ ‪1975 ،4 – 1‬ﻡ‪ ، ،‬ﺹ ‪.76‬‬


‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪.158/6 ،‬‬ ‫‪675‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﻋﺸﻰ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.169‬‬ ‫‪676‬‬

‫‪-‬ﺍﻟﺤﺭﺒﻰ‪ :‬ﻤﻔﺭﺩﻫﺎ ﺤﺭﻴﺏ‪ ،‬ﻭﻫﻭ ﻤﻥ ﺴُﻠﺏ ﻤﺎﻟﻪ‪ .‬ﺃﺭﻴﻙ‪ :‬ﻤﻭﻀﻊ‪.‬‬ ‫‪677‬‬

‫‪123‬‬
‫وھكذا ارتبطت السعالة في الذھني ة الجاھلي ة ب المرأة‪ ،‬فالش اعر )ج رّان الع ود( يَجْ م ُع ب ين‬
‫)‪(678‬‬
‫)الطويل(‬ ‫الغول والسعالة في بيت‪ ،‬يتحدث فيه عن زوجتيه‪ ،‬وما ألحقتاه به‪ ،‬فيقول‪:‬‬

‫وع ّما أُالقي منھما ُمتَزَحْ ِز ُح‬ ‫لَقَ ْد كان لي عن ُ‬


‫ضرﱠتين َع ِد ْمنِنَي‬

‫ُمخ ﱠدشٌ ما بينَ التﱠراقِي ُم َج ﱠر ُح‬ ‫ھما الغو ُل والسﱠعالةُ َح ْلقي ِم ْنھُما‬

‫وقد يأتي ضمن ھذا الباب‪ ،‬تشبيه الحسناوات من النساء بالجنيات في باب الفتن ة‪ ،‬والس حر‬
‫المنبعث من حسنھن ووسامتھن‪ ،‬فيقول )حسان بن ثابت ( في وصف المرأة‪) (679) :‬السريع(‬

‫تَ ْذھَبُ ُ‬
‫ص بْحا ً وتُ رى ف ي الَمن ا ْم‬ ‫ا‬ ‫ي طَيفُھ‬ ‫ةٌ أرّقن‬ ‫جنّيَ‬

‫ض ھم‪ ،‬أنّ هُ تَ َز ّوجھ ا‪ ،‬وأنج ب منھ ا‪ ،‬م ن‬


‫وما دامت السعالة قد تمثلت حس ناء‪ ،‬فق د ا ّدع ى بع ُ‬
‫ذل ك م اورد ع ن )عم رو ب ن يرب وع( ال ذي ت زوج الغ ول‪ ،‬وم ا لبث ت أن ط ارت إل ى أھلھ ا‪ ،‬وھ ي‬
‫)‪(680‬‬
‫تقول‪:‬‬

‫)الرجز(‬ ‫أرض السّعالي آ ِل ُ‬


‫ق‬ ‫ِ‬ ‫بَرْ ٌ‬
‫ق عَلى‬ ‫ك عَمر ٌو إنّي آب ٌ‬
‫ق‬ ‫أ ْم ِس ْك بني َ‬

‫)الوافر(‬ ‫)‪(681‬‬
‫ومنھم من يقول‪ :‬ركبت بعيراً وطارت عليه‪ ،‬وھذا ما قاله عمر بن يربوع‪:‬‬

‫فال بك ما أسا َل وما أغاما‬ ‫بكر‬


‫ق ٍ‬ ‫رأى برقا ً فأوض َع فو َ‬

‫وقد نُ ِسب إلى الجن ذو القرنين‪ ،‬الذي يَ ُع ُد َونه خليطا ً من الج ن واإلن س؛ ألن أُم ه " قب رى"‬
‫آدمي ة‪ ،‬وأب وه " عب رى " م ن المالئك ة‪ ،‬وزعم وا أن "النس ناس" تركي ب م ا ب ين الش ق واإلن س‪،‬‬

‫و"الغملوق" نتاج ما بين اآلدمي والسعالة‪ ،‬ويق ال للمتول د ب ين اإلن س والجني ة " ال ِخ س" )‪ (682‬كم ا‬

‫‪ -‬ﺠﺭﺍﻥ ﺍﻟﻌﻭﺩ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺭﻭﺍﻴﺔ ﺃﺒﻲ ﺴﻌﻴﺩ ﺍﻟﺴﻜﺭﻱ‪-‬ﻁ‪ -3‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺏ ﺍﻟﻤﺼـﺭﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻘـﺎﻫﺭﺓ‪2000 ،‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪ ،4‬ﺨﺯﺍﻨـﺔ‬ ‫‪678‬‬

‫ﺍﻷﺩﺏ‪.18/10 ،‬‬
‫‪ -‬ﺤﺴﺎﻥ ﺒﻥ ﺜﺎﺒﺕ‪:‬ﺸﺭﺡ ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪271‬‬ ‫‪679‬‬

‫‪ -‬ﺃﺤﺩﺍﺙ ﺍﻟﻘﺼﺔ‪،‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،197/6 ،‬ﻭ‪ ،186/1‬ﻤﻭﺴﻭﻋﺔ ﺃﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻋﻥ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﻭﺩﻻﻻﺘﻬﺎ‪.44/2 ،‬‬ ‫‪680‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪.198/6 ،‬‬ ‫‪681‬‬

‫‪ -‬ﻤﻭﺴﻭﻋﺔ ﺃﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻋﻥ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﻭﺩﻻﻻﺘﻬﺎ‪.45/2 ،‬‬ ‫‪682‬‬

‫‪124‬‬
‫أن بلق يس ك ان أبوھ ا م ن عظم اء المل وك‪ ،‬وق د ت ز ّوج ام رأة م ن الج ن‪ ،‬يُق ا ُل لھ ا "ريحان ة بن ت‬

‫السكن"‪ ،‬فولدت له بلقيس‪ ،‬وتسمى "بلقمة")‪.(683‬‬

‫ص وا ف ي الس ماء‪ ،‬فَ أ ْن ِزلوا إل ى‬


‫ومن مزاعم الجاھليين‪ ،‬أن أبا ج رھم م ن المالئك ة ال ذين َع َ‬
‫)‪(684‬‬
‫)الرجز(‬ ‫األرض‪ ،‬يقول عامر بن الحارث بن مضاض الجرھمي‪:‬‬

‫الناسُ ِطرْ ٌ‬
‫ف َوھُ ْم تِال ُدكا‬ ‫الھُ ّم ّ‬
‫إن جُرْ ھُ َما ِعبا ُدكا‬

‫)‪(685‬‬
‫قديما ً َع ُم َر ْ‬
‫ت بِال ُدك‬

‫وتتبين إمكانية زواج اإلنس من الجن‪ ،‬من خالل ما جرى مع " تأبط شراً " )‪ ،(686‬فالزواج لم يك ن‬
‫بالضرورة يدل على األلفة والمحب ة واالتف اق‪ ،‬ول يس عجيب ا ً عل ى ذل ك الش اعر الملھ م‪ ،‬أن يص ور‬

‫معاناته وعذابه ومكابدته – بسبب رف ض النس اء ال زواج من ه‪ -‬ف ي ش عره مفتخ راً‪ ،‬ومتباھي ا ً بنك اح‬
‫)‪(687‬‬
‫)البسيط(‬ ‫الغيالن‪:‬‬

‫)‪(688‬‬
‫ما َك ّل فيه سماك ﱞي وال َجادَا‬ ‫أنا الذي نَ َكح الغيالنَ في بل ٍد‬

‫)‪(689‬‬ ‫وال ﱡ‬
‫الظلـْـ ُم به يَبغى ْتھْبادا‬ ‫يعمت الغادي َع َمالَتَهُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫حيث ال‬ ‫في‬

‫وھو بھذا يعكس حالته النفسية‪ ،‬ويسقطھا على ما حوله م ن كائن ات‪ ،‬خاص ة أن الص علوك‬

‫حين تزداد على كاھله وطأة الحياة‪ ،‬يحاول االنشغال عن التفكير فيھا بحل ٍم لذي ذ م ن أح الم اليقظ ة‪.‬‬

‫وتعك س ھ ذه الرواي ات م ا ك ان‪ ،‬يش يع ف ي المجتمع ات م ن خراف ات وأس اطير‪ ،‬يلقنھ ا الطف ل م ع‬

‫فطام ه‪ ،‬وتبق ى عالق ة بذاكرت ه‪ ،‬مھم ا أنس ته األي ام إي اه‪ ،‬ف إذا م ا أح اط ب ه ظ رف‪ ،‬يس اعد عل ى‬

‫‪ -‬ﻓﻲ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﻤﻴﺜﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﺹ‪.230‬‬ ‫‪683‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ‪ ،198/6‬ﺍﻟﻁﺒﺭﻱ‪ ،‬ﺃﺒﻭ ﺠﻌﻔﺭ‪ ،‬ﻤﺤﻤﺩ ﺒﻥ ﺠﺭﻴﺭ‪ :‬ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻷﻤﻡ ﻭﺍﻟﻤﻠﻭﻙ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻘﻠﻡ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪ ،‬ﻟﺒﻨـﺎﻥ )ﺩ‪.‬ﺕ(‪،‬‬ ‫‪684‬‬

‫‪.199/2‬‬
‫‪ -‬ﺍﻟﻁﺭﻑ‪ :‬ﺃﺼﻠﻪ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﺩﺙ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺎل‪ ،‬ﺍﻟﺘﻼﺩ‪ :‬ﻤﺎ ﻭﺭﺜﺘﻪ ﺍﻵﺒﺎﺀ ﻗﺩﻴﻤ ﹰﺎ‬ ‫‪685‬‬

‫‪ -‬ﻴﻨﻅﺭ‪ ،‬ﺘﺄﺒﻁ ﺸﺭﹰﺍ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ ‪ ،106‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪.344/2 ،‬‬ ‫‪686‬‬

‫‪ -‬ﺴﻠﻴﻤﺎﻥ‪ ،‬ﻋﻠﻲ‪ :‬ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ ﻭﺃﺜﺭﻩ ﻓﻲ ﺘﻐﻴﻴﺭ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ‪ ،‬ﻗﺭﺍﺀﺓ ﻓﻲ ﺍﺘﺠﺎﻫﺎﺕ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺽ‪ ،‬ﻤﻨﺸـﻭﺭﺍﺕ ﻭﺯﺍﺭﺓ‬ ‫‪687‬‬

‫ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ‪ ،‬ﺩﻤﺸﻕ‪ ، 2000 ،‬ﺹ‪ ،259‬ﻟﻡ ﺃﺠﺩﻫﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻴﻭﺍﻥ‪.‬‬


‫ﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺴﻤﺎﻜﻴﺎﻥ‪ ،‬ﺍﻟﺭﺍﺠﺢ ﻭﺍﻷﻋﺯل‪.‬‬
‫‪ -‬ﺍﻟﺴﱠﻤﺎﻜﻲ‪ :‬ﺍﻟﻤﻨﺴﻭﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻤﺎﻙ‪ ،‬ﻭﻫﻤﺎ ﻨﺠﻤﺎ ﹺ‬ ‫‪688‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟ ﹶﺘّﻬﺒﱠﺎﺩ‪ :‬ﺃﻜل ﺍﻟﻬﺒﻴﺩ‪ ،‬ﻭﻫﻭ ﺍﻟﺤﻨﻅل‪.‬‬ ‫‪689‬‬

‫‪125‬‬
‫ظھورھا‪ ،‬برزت في ذاكرته‪ ،‬وخياله إلى الوجود‪ ،‬وأھمھا الغ يالن)‪ ،(690‬وھ ذا م ا عرض ه الج احظ‬

‫بقوله "إذا استوحش اإلنسان‪ ،‬تمثل ل ه الش يء الص غير كبي راً‪ ،‬وارت اب وتف رق ذھن ه‪ ،‬ف رأى م ا ال‬

‫يرى‪ ،‬وسمع ما ال يسمع‪ ،‬وتوھم على اليسير الحقير‪،‬أن ه عظ يم جلي ل" )‪ ،(691‬وق د أورد اب ن الن ديم‬

‫في الفھرست ما يؤكد إمكانية زواج اإلنس من الجن وبالعكس ‪ ،‬حيث أفرد س جالً يثب ت في ه أس ماء‬

‫عش اق اإلن س للج ن‪ ،‬وع ّش اق الج ن لإلن س‪ ،‬وعَلﱠ ق عليھ ا بقول ه‪ " :‬وكان ت األس ماء والخراف ات‬
‫َمرْ ُغوبا ً فيھا مشتھاة" )‪ ،(692‬كما أورد المعري‪ ،‬على لسان اب ن الق ارح مح اوراً ت أبط ش راً‪ " :‬أح ٌ‬
‫ق‬

‫ما روي عنك عن نكاح الغيالن؟ فيقول‪ :‬لقد كنا في الجاھلية نتقول ونتخرّص‪ ،‬فم ا ج اءك عنّ ا مم ا‬

‫يُ ْن ِكره ال َم ْعقُ ول‪ ،‬فإنّ ه م ن األكاذي ب‪ ،‬وال زم ُن كلﱡ ه عل ى َس ِجيﱠة واح دة" )‪ ،(693‬ف المعري يعك س أراء‬
‫عصره في ھذه القصص‪،‬إذ ترت ُد كلھا إلى ما اختزنته الذاكرة الشعبية‪ ،‬عن ھ ذه الكائن ات الخرافي ة‬

‫الوھمية‪.‬‬

‫‪ -‬ﺸﻌﺭ ﺍﻟﺼﻌﺎﻟﻴﻙ‪ ،‬ﻤﻨﻬﺠﻪ ﻭﺨﺼﺎﺌﺼﻪ‪ ،‬ﺹ‪.304‬‬ ‫‪690‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪.250/6 ،‬‬ ‫‪691‬‬

‫‪ -‬ﺍﺒﻥ ﺍﻟﻨﺩﻴﻡ‪ ،‬ﺃﺒﻭ ﺍﻟﻔﺭﺝ‪ ،‬ﻤﺤﻤﺩ ﺒﻥ ﺍﺴﺤﺎﻕ ﺒﻥ ﻴﻌﻘﻭﺏ‪ :‬ﺍﻟﻔﻬﺭﺴﺕ‪ ،‬ﻤﻁﺒﻌﺔ ﺍﻻﺴﺘﻘﺎﻤﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ‪ ،‬ﺩ‪.‬ﺕ‪ ،‬ﺹ‪.428‬‬ ‫‪692‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻌﺭﻱ‪ ،‬ﺃﺒﻭ ﺍﻟﻌﻼﺀ‪ :‬ﺭﺴﺎﻟﺔ ﺍﻟﻐﻔﺭﺍﻥ‪ ،‬ﺤﻘﻘﻬﺎ ﻭﺸﺭﺤﻬﺎ ﻤﺤﻤﺩ ﻋ ّﺯﺕ ﻨﺼﺭ ﺍﷲ‪ -‬ﻁ‪ -3‬ﺍﻟﻤﻜﺘﺒـﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴـﺔ‪ ،‬ﺒﻴـﺭﻭﺕ‪،‬‬ ‫‪693‬‬

‫ﻟﺒﻨﺎﻥ‪ ،1968 ،‬ﺹ ‪.168‬‬

‫‪126‬‬
‫المبحث الرابع‬

‫تسخير الجن‬

‫يبدو من شعر األعشى‪ ،‬ذلك اإليمان المطلق بوجود ﱟ‬


‫جن‪ ،‬كان العرب الج اھليون يتح دثون‬

‫معھا‪ ،‬ويحاورونھا‪ ،‬فاألعشى يخاطب متلقيه جھراً‪ ،‬وبك ﱢل ثق ة‪ ،‬دون خ وف م ن رف ض أو تك ذيب‪،‬‬

‫ويجعل الجن مرساالً له؛ كي يتفاوض مع عش يقته‪ ،‬ويس تد ّل من ه عل ى طري ق آم ٍن يص ل إليھ ا م ن‬


‫خالل ه‪ ،‬دون أن ي راه الرقب اء‪ ،‬وھ ي معش وقة لھ ا مح راب تلع بُ في ه الثعال ب‪ ،‬وت دور م ن حولھ ا‬

‫الجنان‪ ،‬وينجح جن ّي األعشى ف ي الوص ول إليھ ا‪ ،‬والتف اوض معھ ا‪ ،‬ويقنعھ ا بمالقات ه‪ ،‬بع د ح ديث‬

‫طوي ل‪ ،‬حي ث أخ ذ م ن خالل ه س ر الوص ول إل ى ذل ك المح راب‪ ،‬المك ان ال ذي تمك ث في ه)‪،(694‬‬


‫)‪(695‬‬
‫فيقول‪:‬‬

‫أَ َوصلتَ صُرْ َم ال َحبْل ِم ْن َس ْلمـى لِطُ ِ‬


‫)‪(696‬‬
‫)لكامل(‬ ‫ول ِجنَابِھا‬

‫يَ ْلـ َع ْبـنَ في ِمحْ رابھا‬ ‫ب بالضﱡ َحى‬ ‫* ّ‬


‫إن الثعالِــ َ‬

‫َكال ُحبْش فـي ِمحْ رابِھا‬ ‫ْزف حولَھَا‬


‫والــ ِج ﱡن تَع ِ‬

‫ــن َو ْقتِھا ِ‬
‫وحسابِھا‬ ‫ِم ْ‬ ‫فَـــ َخال لِذل َ‬
‫ك ما َخال‬

‫ُ‬
‫ُطــاف بِبَابِھا‬ ‫* َح َذراً عليــھا أن تُرى أو ْ‬
‫أن ي‬

‫يأتي بِ َرجْ ِع جـوابھا‬ ‫فَبَ َع ْث ُ‬


‫ت جـِــــنّيّا ً لنا‬

‫)‪(697‬‬
‫ث فَأ ْنـ َك ْ‬
‫رت‪ ،‬فَنَزا بِھا‬ ‫ـ ِ‬ ‫*فتنا َزعَا ِس ﱠر الحديـــ‬

‫‪ -‬ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺤﻤﻥ‪ ،‬ﺇﺒﺭﺍﻫﻴﻡ‪ :‬ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﻗﻀﺎﻴﺎﻩ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻋﻴﺔ‪ ،‬ﻤﻜﺘﺒﺔ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ‪ ،1979 ،‬ﺹ‪ 342‬ﻭﻤﺎ‬ ‫‪694‬‬

‫ﺒﻌﺩﻫﺎ‪.‬‬
‫‪ -‬ﺍﻷﻋﺸﻰ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪،‬ﺹ ‪.17 – 16‬‬ ‫‪695‬‬

‫‪ -‬ﺠﻨﺎﺒﻬﺎ‪ :‬ﺘﺠﻨﺒﻬﺎ‪.‬‬ ‫‪696‬‬

‫‪ -‬ﻨﺯﺍ ﺒﻬﺎ‪ :‬ﻭﺜﺏ ﺒﻬﺎ‪.‬‬ ‫‪697‬‬

‫‪127‬‬
‫*فأ َرادَھــا َك ْيفَ ال ﱠدخو لُ‪،‬وكيفَ مـا يُؤتى لھا‬

‫حارس ا ً قوي اً‪ ،‬يح رس تل ك الم رأة الت ي ش بھھا بلؤل ؤة‬
‫وف ي قص يدة أخ رى يجع ل الجن ّي ِ‬
‫زھراء‪ ،‬ويبين م دى إعجاب ه بقوت ه واس تعداده لل ذود عنھ ا‪ ،‬فھ و دائ م الط واف بھ ا َخ ْش يَةَ أن ينالھ ا‬
‫)‪(698‬‬
‫سار أو يصلھا سارق‪ ،‬فيقول‪:‬‬
‫ٍ‬

‫)البسيط(‬ ‫ُذو نِيْق ٍة‪ُ ،‬م ْستَــــ ِع ﱞد ُدوْ نَھا تَ َرقا‬ ‫ومار ٌد من ُغوا ِة ِ‬
‫الجنﱢ يَحْ رُسھا‬

‫يَ ْخشى َعلَيْھا َس َرى السّارينَ والسﱢ ◌َ رقَا‬ ‫ت لَهُ غ ْفلةٌ عنھا ي ُ‬
‫ُطيف بھا‬ ‫لَ ْي َس ْ‬

‫يبدو من ھذه األبيات أنه ينظر إليھا نظرة إيجابية‪ ،‬ويسخرھا لحاجته وم ا ذاك إال إيم ٌ‬
‫ان من ه بق درة‬

‫الجن ّي‪ ،‬على تلبية مطالبه‪.‬‬

‫وقد جاء في قصيدة "جذع بن سنان الغسّاني" ما ي د ّل عل ى إع الم الج ن اإلن س ب األمور الغيبي ة‪،‬إذ‬
‫)‪(699‬‬
‫)الوافر(‬ ‫يقول‪:‬‬

‫الصوار َم وال ﱠر َماحــــا‬


‫ِ‬ ‫ﱠ‬
‫أھذ لھا‬ ‫َو َح ﱠذرني أُموراً َسوفَ تَأْتــي‬

‫فقد بدت الجن بمنزلة الناصح الحكيم‪ ،‬المحذر ال ذي يعل م م ا تخفي ه األي ام‪ ،‬ويخب ر الش اعر‬
‫ّ‬
‫وحذرني " فھو يحذره من أمور عجيبة ستحدث له‪ ،‬ومن قت ا ٍل ش دي ٍد سيخوض ه‬ ‫به‪ ،‬وذلك بقوله‪" :‬‬
‫)‪(700‬‬
‫ويھ ﱡز له السيف والرمح ‪ِ ،‬‬
‫فالج ﱡن تكشف عن خفايا األيام القادمة‪ ،‬وتخب ره بالغيبي ات‪ ،‬وم ا يلب ث‬

‫أن يص دق ك ل م ا أخب ره ب ه قاش ر‪ ،‬ويؤك د بأن ه س يعمل ب ه‪ ،‬بك ل م ا أُوت ي م ن عزيم ة وإص رار‪،‬‬
‫)‪(701‬‬
‫وسيتخلى عن ضرب القداح‪ ،‬ألنه آمن بأن غاية العلم فيما تقوله الجن‪ ،‬ال بالقداح‪ ،‬بقوله‪:‬‬

‫)الوافر(‬ ‫وال أَب ِ‬


‫ْغي لذل ُكم قِداحا‬ ‫َسأ َ ْمضي لِلﱠذي قالوا بِع ٍ‬
‫ْزم‬

‫‪ -‬ﺍﻷﻋﺸﻰ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.125-124‬‬ ‫‪698‬‬

‫‪ -‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪ ،352/2،‬ﺨﺯﺍﻨﺔ ﺍﻷﺩﺏ ‪.180/6‬‬ ‫‪699‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ ﻨﻔﺴﻬﺎ‪.‬‬ ‫‪700‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪.352/2 ،‬‬ ‫‪701‬‬

‫‪128‬‬
‫وتبدو قدرة الجن على كشف الغيب‪ ،‬واإلخبار به‪ ،‬في ق ول الح ارث ب ن حل زة‪ ،‬ف ي حديث ه‬

‫عن الملك عمرو بن ھند‪ ،‬إذ يرى أن الجن كاشفت الناس بمثله‪ ،‬ورجعت‪ ،‬وقد ت ّغلبت على ك ّل م ن‬
‫)‪(702‬‬
‫)الخفيف(‬ ‫خاصمھا‪ ،‬فيقول‪:‬‬

‫مي بِ ِم ْثل ِه َجالَ ِ‬


‫)‪(703‬‬
‫فَ ْ‬
‫آبت لِخَصْ ِمھا األجْ ال ُء‬ ‫الج ﱡن‬
‫ت ِ‬ ‫إ َر ﱞ‬

‫وتتجلّى عالقة الجن باإلنس‪ ،‬من خالل قصص سليمان‪ ،‬إذ تبدي الج ن ق وةً مماثل ةً لل ريح‪،‬‬
‫يتحقق من خاللھا حلم اإلنسان‪ ،‬بالسيطرة على جميع مظاھر الطبيعة‪ ،‬ما ظھ ر منھ ا وم ا خف ي‪ ،‬إذ‬

‫ورد في األساطير القديمة‪ ،‬المرتكزة على فكرة الجن األخيار الذين يقومون باألعم ال الخارق ة‪ ،‬أن‬

‫س ليمان "علي ه الس الم" ك ان يُ َس ﱢخر اإلن س والج ن‪ ،‬والش ياطين والطي ر وال ريح‪ ،‬يفعل ون ل ه م ا‬
‫يريد)‪ ،(704‬ويؤكد ذلك ما ورد في القرآن الكريم)‪ ،(705‬وما أشار إلي ه الش عراء‪ ،‬فالنابغ ة ي ذكر كي ف‬

‫س خر س ليمان الج ن ف ي مج ال مدح ه للنعم ان‪ ،‬وي رى أن س ليمان اس تطاع أن يقي د الج ن‪ ،‬بع د م ا‬

‫عرف عن تكبيد الجن لإلنسان‪ ،‬كما استطاع النعمان أن يسيطر عل ى البش ر‪ ،‬فيق ول‪ :‬إن الج ﱠن ھ ي‬
‫)‪(706‬‬
‫)البسيط(‬ ‫التي بنت مدينة تدمر‪:‬‬

‫األقوام ِم ْن أَ َح ِد‬
‫ِ‬ ‫وال أُحاشي‪ِ ،‬منَ‬ ‫اس يُ ْشبِھُهُ‬
‫ى فا ِعالً في النﱠ ِ‬
‫وال أر َ‬

‫قُ ْم في البريّ ِة فاحْ ددھا عن الفَنَ ِد‬ ‫إالّ سليمانَ ‪ ،‬إذ قا َل اإللهُ لهُ‪:‬‬

‫)‪(707‬‬
‫يَبنُونَ تَ ْد ُم َر بالصّفاح وال َع َم ِد‬ ‫الج ِ◌ ﱠن! أنﱠي قد أ ِذ ْن ُ‬
‫ت لَھم‬ ‫ﱠس ِ‬‫َوخي ِ‬

‫)‪(708‬‬
‫ومن الشعراء الذين ذكروا ِج ّن سليمان‪ ،‬وربطوا بينھا وبين اإلنس‪ ،‬األعشى في قوله‪:‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﺎﺭﺙ ﺒﻥ ﺤﻠﺯﺓ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺠﻤﻌﻪ ﻭﺤﻘﻘﻪ ﻭﺸﺭﺤﻪ ﺇﻤﻴل ﺒﺩﻴﻊ ﻴﻌﻘـﻭﺏ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘـﺎﺏ ﺍﻟﻌﺭﺒـﻲ‪ ،‬ﺒﻴـﺭﻭﺕ‪ ،‬ﻟﺒﻨـﺎﻥ‪،‬‬ ‫‪702‬‬

‫‪1424‬ﻫـ‪2004 -‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪ ،26‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪.174/6 ،‬‬


‫ﻰ‪ :‬ﻨﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﺇﺭﻡ ﻋﺎﺩ‪ ،‬ﺃﻱ ﻤﻠﻜﻪ ﻗﺩﻴﻡ‪ ،‬ﺠﺎﻟﺕ‪ :‬ﻜﺎﺸﻔﺕ‬
‫‪ -703‬ﺇﺭﻤ ّ‬
‫‪ -‬ﻗﻁﺏ‪ ،‬ﺴﻴﺩ‪ :‬ﻓﻲ ﻅﻼل ﺍﻟﻘﺭﺁﻥ – ﻁ‪ -4‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻟﻠﻁﺒﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﺘﻭﺯﻴﻊ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪ ،‬ﻟﺒﻨﺎﻥ‪ ،‬ﺩ‪.‬ﺕ‪.138/29 ،‬‬ ‫‪704‬‬

‫ﻥ ﻜ ﱠل ﺒﻨﺎﺀ ﻭﻏﻭﺍﺹ " ﺴﻭﺭﺓ ﺹ‪ ،‬ﺁﻴﺔ ‪36- 35‬‬


‫ﺴﺨﹼﺭﻨﺎ ﻟﻪ ﺍﻟﺭﻴﺢ ﺘﺠﺭﻱ ﺒﺄﻤﺭﻩ ﺭﺨﺎﺀ ﺤﻴﺙ ﺃﺼﺎﺏ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺸﻴﺎﻁﻴ َ‬
‫‪ " -‬ﹶﻓ َ‬ ‫‪705‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻨﺎﺒﻐﺔ ﺍﻟﺫﺒﻴﺎﻨﻲ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.52‬‬ ‫‪706‬‬

‫ﻥ‪ :‬ﺫﻟﻠﻬﻡ‪ ،‬ﺍﻟﺼﻔﺎﺡ‪ :‬ﺍﻟﺤﺠﺎﺭﺓ ﺍﻟﻌﺭﻴﻀﺔ‪.‬‬


‫ﺨ َّﻴﺱ ﺍﻟﺠ ﱠ‬
‫‪ -‬ﹶ‬ ‫‪707‬‬

‫‪ -‬ﺘﺎﺝ ﺍﻟﻌﺭﻭﺱ‪ ،‬ﻤﺎﺩﺓ)ﺠﻨﻥ(‪ ،‬ﺍﻟﻤﻔﺼّل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،722/6 ،‬ﻟﻡ ﺃﻋﺜﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻴﺕ ﻓﻲ ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪.‬‬ ‫‪708‬‬

‫‪129‬‬
‫قِياما ً ل ّدي ِه يعملونَ َم َحاربا)الطويل(‬ ‫ك تسعةً‬
‫وس ّخر ِمن ِجنﱢ المالئِ ِ‬

‫)‪(709‬‬
‫وقد ذكر تسخير سليمان للجن والرياح‪ ،‬في قوله بعد وصفه بنات الدھر‪:‬‬

‫)‪(710‬‬
‫)الطويل(‬ ‫مراخيا‬
‫ِ‬ ‫والجنﱢ الرّيا ُح الَ‬
‫ِ‬ ‫اإلنس‬
‫ِ‬ ‫مع‬ ‫ْمان الذي س ﱢُخ ْ‬
‫رت لهُ‬ ‫ك سُلي ُ‬
‫فذا َ‬

‫ويتض ح ذل ك ف ي ق ول زھي ر ب ن جن اب الكلب ي‪ ،‬إذ أش ار إل ى تس خير الج ن لس ليمان‪ ،‬ف ي‬


‫)‪(711‬‬
‫) الطويل(‬ ‫حديثه عن األيام‪ ،‬وفتكھا بالبشر‪:‬‬

‫ث أي ٍﱠام تَحُطُ الرّوابيا‬


‫َحوا ِد َ‬ ‫ضالالً لِ َم ْن يَرْ جُو الفال َح َوقَ َد رأى‬
‫َ‬

‫شياطين يَحْ ْ‬
‫ملنَ ال ِجبّا َل الرﱠواسيا‬ ‫ُ‬ ‫أص ْبنَ سليمانَ الذي ُس ﱠخ َر ْ‬
‫ت لَهَ‬

‫)‪(712‬‬
‫)البسيط(‬ ‫ويشير أمية بن أبي الصلت إلى ذلك‪ ،‬بقوله‪:‬‬

‫ﱡ‬
‫والجن واإلنسُ فيما بينھا َم َر ُد‬ ‫وال ُسلَيْما َ ُن ْإذ تَجْ ري الرﱠيا ُح ب ِه‬

‫ويشير رجل من حمير إلى تسخير الجن لسليمان‪ ،‬في مع رض حديث ه ع ن الزم ان وإفنائ ه‬
‫)‪(713‬‬
‫)البحر الطويل(‬ ‫األمم‪ ،‬بقوله‪:‬‬

‫جن ِم ْن بَري ٍء َوذي جُرْ ِم‬


‫ين ﱠ‬
‫شياط ُ‬ ‫ط ْفنَ ُسلَ ْيمانَ الذي ُس ﱠخ َر ْ‬
‫ت لَهُ‬ ‫َخ َ‬

‫وھكذا وق ر ف ي أذھ ان الج اھليين‪ ،‬أن الج ن ق ادرةٌ عل ى حماي ة اإلنس ان م ن الم وت‪ ،‬وأن‬
‫بإمكان اإلنسان تسخيره لمصالحه‪ ،‬وقد كثر الحديث عن ذلك في مجاالت عدة كالس حر‪ ،‬ومعالج ة‬

‫المرض ى‪ ،‬وص ناعة الس يوف واألس لحة‪ ،‬وق د نس بوا إليھ ا ص ناعة الس يوف الم أثورة‪ ،‬والق وارير‬

‫والحمام ات لس ليمان‪ ،‬مم ا يؤك د تل ك العالق ة)‪.(714‬ويب دو تس خير اإلن س للج ّن ف ي بع ض الش عائر‬
‫والطقوس التي أوردھا الشعراء‪ ،‬إذ أورد الممزق العبدي التنجيس الذي يُع ﱡد من أھم الطق وس الت ي‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺒﺤﺘﺭﻱ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻥ ﺍﻟﺤﻤﺎﺴﺔ‪ ،‬ﺹ‪ ،110‬ﻟﻡ ﻴﺭﺩ ﺍﻟﺒﻴﺕ ﻓﻲ ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪.‬‬ ‫‪709‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺭﺍﺨﻴﺎ‪ :‬ﺍﻟﺠﺎﺭﻴﺔ‬ ‫‪710‬‬

‫‪ -‬ﺯﻫﻴﺭ ﺒﻥ ﺠﻨﺎﺏ ﺍﻟﻜﻠﺒﻲ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ -‬ﻁ‪ -1‬ﺼﻨﻌﺔ‪ ،‬ﻤﺤﻤﺩ ﺸﻔﻴﻕ ﺍﻟﺒﻴﻁﺎﺭ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺼﺎﺩﺭ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪1999 ،‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪.111‬‬ ‫‪711‬‬

‫‪ -‬ﺃﻤﻴﺔ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.161‬‬ ‫‪712‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺒﺤﺘﺭﻱ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻥ ﺍﻟﺤﻤﺎﺴﺔ‪ ،‬ﺹ‪.107‬‬ ‫‪713‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪.187/6 ،‬‬ ‫‪714‬‬

‫‪130‬‬
‫مارس ھا الج اھليون‪ ،‬للوقاي ة م ن األم راض الت ي يس بﱡبھا الش يطان‪ ،‬وذل ك بتعلي ق خرق ة الح يض‪،‬‬
‫)‪(715‬‬
‫وعظام الموتى‪ ،‬وذلك بقوله‪:‬‬

‫ق أَ ْن َجاس ا ً عل ﱠ‬
‫وعَلّ َ‬
‫)‪(716‬‬
‫ي ال ُم نجﱠسُ‬ ‫حازيان َو َكا ِھ ٌن‬
‫ِ‬ ‫َولَوْ كانَ ِع ْندي‬

‫)الطويل(‬

‫ويتض ح م ن خ الل أش عار الج اھليين م ا يش ير إل ى أن إيم انھم بق درة ھ ذه الطق وس عل ى‬


‫معالجة المرضى‪ ،‬كان متفاوتاً‪ ،‬وكان يبطل مفعولھا إزاء الموت‪ ،‬وھذا م ا ج اء عل ى لس ان ام رأة‪،‬‬
‫)‪(717‬‬
‫ز(‬ ‫)الرج‬ ‫نجست ولدھا‪ ،‬فلم ينفعه ذلك‪ ،‬ومات‪ ،‬فقالت‪:‬‬

‫والموت ال تُف ﱠوتُهُ النﱡفوسُ‬


‫ُ‬ ‫نَجﱠستهُ ال ينف ُع التّنجّيسُ‬

‫)‪(718‬‬
‫)البسيط(‬ ‫ونجد ھذا المعنى في قول الممزق العبدي‪:‬‬

‫ق‬ ‫أ َم ھلْ لَهُ ِمن ِح َم ِام ال ِمو ِ‬


‫ت ِمن َرا ٍ‬ ‫ق‬ ‫ھلْ ْللفتَى من بنا ٍ‬
‫ت ال ﱠد ْھ ِر ِمن وا ٍ‬

‫كم ا نج ده ف ي ق ول أح د الع رب الج اھليين‪ ،‬مخاطب ا ً ام رأة‪ ،‬منك راً ق درة الرق ى عل ى دف ع‬
‫)‪(719‬‬
‫)الرجز(‬ ‫القدر‪ ،‬والحماية من الموت‪:‬‬

‫وال التھاوي ُل على ِج ﱠن الفَال‬ ‫لَ ْن يَ ْدفَ َع المقدا َر أسبابُ الرﱞ قى‬

‫ولم يقتصر استخدام ھذه الشعائر على معالجة اإلنسان‪ ،‬وإنّما كانوا يع الجون الحيوان ات بھ ا‪ ،‬فھ ذا‬
‫ي" يشير إل ى تعوي ذه فرس ه ب الرقى‪ ،‬وتقلي دھا عق داً م ن التم ائم‪ ،‬ق ائالً‪:‬‬
‫" َسلَمهُ بن الخَرْ َشب األنمار ّ‬
‫تُ َع ﱠو ُذ بالرﱡ قى ِمن َغي ِْر ْخ ٍ‬
‫)‪(720‬‬
‫وتُعق ُد في قالئ ِدھا التﱠمي ُم‪) .‬الوافر(‬ ‫بل‬

‫وھذا يؤكد حرصه على فرسه‪ ،‬وإيمانه بقدرة الرقى والتمائم على شفائه‪ ،‬ويقول خفاف‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺒﺤﺘﺭﻱ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻥ ﺍﻟﺤﻤﺎﺴﺔ‪ ،‬ﺹ‪.118‬‬ ‫‪715‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﺎﺯﻱ‪ :‬ﺍﻟﺨﺒﻴﺭ ﺃﻭ ﺍﻟﻜﺎﻫﻥ‪ ،‬ﺍﻷﻨﺠﺎﺱ‪ :‬ﺍﻟﺤُﺭﺯ ﻭﺍﻟﺤﺠﺎﺏ‪.‬‬ ‫‪716‬‬

‫‪ -‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪.319/2 ،‬‬ ‫‪717‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻔﻀﻠﻴﺎﺕ‪ ،‬ﺹ‪.300‬‬ ‫‪718‬‬

‫‪ -‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪.8/3 ،‬‬ ‫‪719‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻔﻀﻠﻴﺎﺕ‪ ،‬ﺹ‪.40‬‬ ‫‪720‬‬

‫‪131‬‬
‫)‪(721‬‬
‫ابن ندبة في حديثه عن رٌقى الفرس والخيل‪ ،‬التي كان يعقدھا على فرسه خشية الحسد‪:‬‬

‫اس ِد )السريع(‬ ‫ِم ْن ِخيفَ ِة األَ ْنفُ ِ‬


‫س وال َح ِ‬ ‫يُعْق ُد في الجي ِد َعلَ ْي ِه الرﱡ قى‬

‫وينس ب إل ى الس احر الق درة عل ى إخ راج الج ن م ن المج انين‪ ،‬فالس احر ھ و الطبي ب‪،‬‬

‫والسحر ھو الط ب‪ ،‬وإذا كان ت الج ن س بب األم راض العص بية والجن ون‪ ،‬فھ ي أيض ا ً ع ال ٌج لھ ذه‬
‫)‪(722‬‬
‫)الوافر(‬ ‫األمراض‪ ،‬وھذا ما أشار إليه أبو قيس بن األسلت بقوله‪:‬‬
‫ك أم ج ُ‬
‫ُنون؟!‬ ‫أ ِطبٌ كان داؤ َ‬ ‫أَالَ َمن ُم ْبلِ ٌغ َح ّسانَ َعنّي‬

‫فالش اعر غي ر ق ادر عل ى التميي ز ب ين الم رض والجن ون؛ لم ا بينھم ا م ن عالق ة‪ .‬وم ن‬
‫معتق دات الج اھليين الت ي ك انوا يمارس ونھا ف ي ھ ذا المج ال النف ث‪ ،‬إذ ك انوا يؤمن ون بقدرت ه عل ى‬
‫)‪(724‬‬
‫)الوافر(‬ ‫شفاء المريض أو المطعون )‪ ،(723‬من ذلك قول عنترة‪:‬‬

‫العير ُم ْعتَ ِد ٌل شدي ُد‬


‫ِ‬ ‫سدي ُد‬ ‫ي في ِه‬ ‫ُ‬
‫تركت ُج َريﱠةَ ال َع ْمر ﱠ‬

‫وإن يُ ْفقَ ْد فَ ُح ﱠ‬
‫ق لهُ الفقُ ُو ُد‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ث َعلَ ْي ِه‬ ‫فإن يَ ْ‬
‫برأ فَلم أَنفِ ْ‬ ‫ْ‬

‫والنف ث‪ ،‬ھ و أنھ م ك انوا إذا رم ى أح دھم بَ ْس ھم‪ ،‬وأراد س المة الرقي ة من ه‪ ،‬رم ى س ھمه‪،‬‬

‫ونفث عليه‪ ،‬وإن أراد إھالكه لم يفعل‪ ،‬مما يبين اعتقادھم بالتأثير الفعال للرقية‪ ،‬أو النف ث بالس المة‬
‫)‪(725‬‬
‫للمطعون‪ ،‬حسب نيّة الراقي‪.‬‬

‫وھك ذا ف إن الس حر ي تم بمعون ة الش يطان‪ ،‬ويثب ت ذل ك‪ ،‬أن ه يق وم عل ى الخ داع وفس اد‬
‫)‪(727‬‬
‫العقل‪ (726)،‬بدليل قول النابغة الذبياني‪:‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﺼﻤﻌﻴﺎﺕ‪ ،‬ﺹ‪.30‬‬ ‫‪721‬‬

‫‪ -‬ﺃﺒﻭ ﻗﻴﺱ ﺒﻥ ﺍﻷﺴﻠﺕ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺠﻤﻊ ﻭﺩﺭﺍﺴﺔ ﻭﺘﺤﻘﻴﻕ ﺤﺴﻥ ﻤﺤﻤﺩ ﺒﺎﺠﻭﺩﺓ‪ ،‬ﻤﻜﺘﺒﺔ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺘـﺭﺍﺙ‪ ،‬ﺍﻟﻘـﺎﻫﺭﺓ‪1973 ،‬ﻡ‪،‬‬ ‫‪722‬‬

‫ﺹ‪.91‬‬
‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ ‪ ،743/6 ،‬ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻔﺘﺎﺡ‪ ،‬ﻓﺎﻁﻤﺔ‪ :‬ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﻟﻠﻨﺸـﺭ‬ ‫‪723‬‬

‫ﻭﺍﻟﺘﻭﺯﻴﻊ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪ ،‬ﻟﺒﻨﺎﻥ‪1414 ،‬ﻫـ‪1994 -‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪.181‬‬


‫‪ -‬ﻋﻨﺘﺭﺓ ﺒﻥ ﺸﺩﺍﺩ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.36‬‬ ‫‪724‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺹ‪.181‬‬ ‫‪725‬‬

‫‪ -‬ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﺩﻴﻨﻲ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪ ،‬ﺹ‪.289‬‬ ‫‪726‬‬

‫‪132‬‬
‫ك م َسحْ ُوراً‪ ،‬يمينُ َ‬
‫ك فَ ِ‬
‫اجرة )الطويل(‬ ‫رأيتُ َ‬ ‫يمين ﷲِ أفعلُ‪ ،‬إننّي‬
‫ُ‬ ‫فقالَ ْ‬
‫ت‪:‬‬

‫ويؤك د عالق ة تل ك الق وى ب الجن‪ ،‬م ا ك ان يمارس ه الس احر م ن طق وس‪" ،‬إذ ك ان يل بس‬

‫المسوح‪ ،‬ويتوضأ باللّبان‪ ،‬ويظھر قبيل ممارسة عمله بمظھر خاص‪ ،‬على أس اس أنھ ا ض رب م ن‬
‫)‪(729‬‬
‫السحر التشاكلي")‪ . (728‬ويبدو ھذا في وصف عبيد بن األبرص للحاوي‪ ،‬إذ يقول‪:‬‬

‫ق اذو َرةٌ فائ ٌل ُم َغ ْذ ِم ٌر قَطَ ط‬


‫ُ)‪(730‬‬
‫ُم َش ِم◌َ ّ◌ ٌر َخل ٌ‬
‫ق سْ ِ◌ربَالُ◌َ هُ َم ِش ٌ‬
‫ق‬
‫)البسيط(‬

‫فھو يظھر بص ورة نتن ة؛ ك ي تتقب ل الج ّن َمس يَره‪ ،‬ف ي تل ك الفي افي المقف رة‪ ،‬ف ال يتع رض‬

‫لألذى‪ ،‬وھو بذلك يحمي نفسه ومن َم َعه‪ ،‬كل ذلك كي يقترب من صورة الشيطان الذي يحلو ل ه أن‬

‫يكون قبيح المنظر‪ ،‬ب ِشع الصورة‪ ،‬ق ِذراً‪" ،‬إذ كان الساحر في العصور التاريخية القديمة‪ ،‬ينف ر م ن‬

‫النظافة‪ ،‬وال يقدم على االغتسال؛ ألن بينه وبين الشيطان عھداً على ذلك" )‪.(731‬‬

‫وتبدو خدمة الجن للبشر‪ ،‬فيما ينسب إليھا من تعليم اإلنس‪ ،‬من ذلك ما ح دث م ع أمي ة اب ن‬

‫أبي الصلت الذي تعلم كلمة سحريةً ) باسمك اللھم (‪ ،‬تغلب بھا على الج ن‪ ،‬وھ ي الكلم ة الت ي ك ان‬

‫يفتتح بھا الكالم‪ ،‬وال سيما الرسائل)‪ ،(732‬ويظھر ھنا دور التابع أو الق رين‪ ،‬واس تخدامه ف ي معرف ة‬

‫األمور الغيبي ة ونق ل األخب ار‪ ،‬واالستفس ار ع ن خفي ات األم ور‪ ،‬ويتض ح ذل ك ف ي قص ة الك اھن )‬
‫خطر بن مالك ( مع قومه‪ ،‬عندما توجھوا إليه‪ ،‬وسألوه عن النجوم الت ي يرم ى بھ ا‪ ،‬فم ا ك ان من ه‪،‬‬

‫إالّ أن توجّه إلى تابعه‪ ،‬فأرشده‪ ،‬وبيﱠن له سبب ذلك)‪.(733‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻨﺎﺒﻐﺔ ﺍﻟﺫﺒﻴﺎﻨﻲ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.78‬‬ ‫‪727‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ ‪.86-85/6‬‬ ‫‪728‬‬

‫‪ -‬ﻋﺒﻴﺩ ﺒﻥ ﺍﻷﺒﺭﺹ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.93‬‬ ‫‪729‬‬

‫‪ -‬ﻗﺎﺫﻭﺭﺓ‪ :‬ﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﻴﺨﺎﻟﻁ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻟﺴﻭﺀ ﺨﻠﻘﻪ‪ ،‬ﺍﻟﻔﺎﺌل‪ :‬ﺍﻟﻀﻌﻴﻑ ﺍﻟﺭﺃﻱ‪ ،‬ﺍﻟﻤﻐﺫﻤِﺭ‪ :‬ﺍﻟﻐﻀﻭﺏ‪ ،‬ﺍﻟﻤﺸﻕ‪ :‬ﻤﻥ ﻴﺤﺘـﻙ ﺃﺤـﺩ‬ ‫‪730‬‬

‫ﺃﺼﻭل ﻓﺨﺩﻴﻪ ﺒﺎﻷﺨﺭ ﻓﻴﺼﻴﺒﻪ‪ ،‬ﻓﻴﺤﺘﺭﻕ‪ ،‬ﺍﻟﻘﻁﻁ‪ :‬ﺍﻟﻘﺼﻴﺭ ﺍﻟﺸﻌﺭ‪ ،‬ﺍﻟﺠﻌﺩﻩ‪.‬‬


‫‪ -‬ﺤﻘﺎﺌﻕ ﻤﺜﻴﺭﺓ ﻋﻥ ﺍﻟﺴﺤﺭ‪ ،‬ﺹ‪.30-29‬‬ ‫‪731‬‬

‫‪ -‬ﻤﺭﻭﺝ ﺍﻟﺫﻫﺏ‪.141/2 ،‬‬ ‫‪732‬‬

‫‪ -‬ﺁﻜﺎﻡ ﺍﻟﻤﺭﺠﺎﻥ ﻓﻲ ﻏﺭﺍﺌﺏ ﺍﻷﺨﺒﺎﺭ ﻭﺃﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﺠﺎﻥ‪ ،‬ﺹ‪.153‬‬ ‫‪733‬‬

‫‪133‬‬
‫وين درج تح ت ھ ذا الب اب التواب ع ال ذين يلق ون الش عر عل ى ألس نة الفح ول م ن الش عراء‪،‬‬

‫ويعرفون بشياطين الشعراء‪ ،‬فقد كان الشاعر إذا َعسُر عليه قو ُل الشعر‪ ،‬أو ال ّر ُد عل ى ھج ا ٍء ُوجﱢ ه‬

‫ل ه‪ ،‬يتوج ه إل ى ش يطانه أو تابع ه‪ ،‬فيُلق ي علي ه م ا يري ده)‪ ،(734‬وق د ح دث ذل ك م ع مجموع ة م ن‬

‫الشعراء‪ ،‬سنذكرھا في مواضعھا‪.‬‬

‫ّ‬
‫الجن‪ ،‬أنھا حين س معت ب َعياف ة بن ي‬ ‫ويبدو تبادل األدوار بين اإلنس والجن‪ ،‬فيما رُوي عن‬
‫أسد ‪-‬إذ أنھم اشتھروا بالعيافة‪َ -‬ع ِجبت منھا‪ ،‬فق دمت إليھ ا؛ لتمنحھ ا ھ ذا العل م)‪ ،(735‬وي ورد )ج واد‬

‫ت لنا ناقة‪ ،‬فلو أَرْ َس ْلتُم‬


‫ضل ّ ْ‬
‫علي( القصة "بأن قوما ً من الجن تذكروا عيافة بني أسد فأتوھم‪ ،‬فقالوا‪َ :‬‬
‫معنا من يعيف‪ ،‬فقالوا ل ُغليم منھم‪ :‬انطلق معھم‪ ،‬فاستردفه أحدھم‪ ،‬ثم ساروا‪ ،‬فلق يھم عق ابٌ ‪ ،‬كاس رة‬
‫ورفعت جناحاً‪ ،‬و َح ْلفُ ت‬
‫ُ‬ ‫ت جناحاً‪،‬‬
‫إحدى جناحيھا‪ ،‬فاقشع ﱠر الغالم‪ ،‬وبكى‪ ،‬فقالوا‪َ :‬مالكَ؟ فقال‪َ :‬ك َسرْ ُ‬

‫بإنسي‪ ،‬وال تبغي لقاحا ً")‪.(736‬‬


‫ﱟ‬ ‫صراحاً‪ ،‬ما أنت‬
‫َ‬ ‫با‬

‫وم ن العالق ات اإليجابي ة ب ين اإلن س والج ن‪ ،‬م ا روي ع ن جري ر ب ن عب د ﷲ البجل ي‪ ،‬إذ‬

‫أمسى وحده في واد من األودي ة‪ ،‬ف إذا ھ و ب ين جم ع م ن الج ن‪ ،‬يستنش دونه ش عراً فينش دھم‪ ،‬وبق ي‬

‫يحدثھم إلى الصبح‪ ،‬فانتھى أمره إلى أن تعلّم منھم دوا ًء ال أح ٌد يَع ِ‬
‫ْرفُه إلى اليوم)‪.(737‬‬

‫‪ -‬ﺠﻤﻬﺭﺓ ﺃﺸﻌﺎﺭ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﺹ‪.44-43‬‬ ‫‪734‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ ‪.775/6 ،‬‬ ‫‪735‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪.775/6 ،‬‬ ‫‪736‬‬

‫‪ -‬ﻋﺠﺎﺌﺏ ﺍﻟﻤﺨﻠﻭﻗﺎﺕ ﻭﻏﺭﺍﺌﺏ ﺍﻟﻤﻭﺠﻭﺩﺍﺕ‪ ،‬ﺹ‪.396‬‬ ‫‪737‬‬

‫‪134‬‬
‫المبحث الخامس‬

‫مكافأة الجن لإلنس على الخير والشر‬

‫ومم ا ينس ب للج ن‪ ،‬مكاف أة اإلن س عل ى الخي ر والش ر‪ ،‬ويتجلّ ى ذل ك ف ي قص ة عبي د اب ن‬

‫األبرص والشجاع‪ ،‬إذ تذكر القصة أن عبيد بن األبرص كان وأص حاب ل ه ف ي س فر‪ ،‬فم روا بحي ة‬

‫تتقلب في الرمضاء‪ ،‬وتلھث عطشاً‪ ،‬فھ ﱠم بعضُھم بقتلھا‪ ،‬فقال عبيد‪ :‬ھي إلى من يَ ُ‬
‫ص بﱡ عليھ ا نقط ة‬
‫م اء أح وج‪ ،‬ق ال‪ :‬فن زل فص بﱠه عليھ ا‪ ،‬ق ال فمض وا‪ ،‬وأص ابه ض الل ش ديد‪ ،‬حت ى ذھ ب ع نھم ف ي‬

‫الطريق‪ ،‬فبيناھم كذلك‪ ،‬فإذا بھاتف يھتف‪:‬‬

‫ك ھذا البَ ْك َر منّا فارْ َكبَ ْه )الرج ز(‬


‫د َون َ‬ ‫ضلﱡ َم ْذھب ْه‬
‫يا أَيﱡھا السﱠاري ال ُم ِ‬
‫حتّى إذا الﱠلي ُل تجنﱠى غيْھبُ ْه‬ ‫ار َد أَيضا ً فا َجنب ْه‬ ‫َوبَ ْك َر َ‬
‫ك ال ﱠش ِ‬

‫)‪(738‬‬
‫فَحُطّ َع ْنهُ َرحْ لَهُ َوس ﱢي ِ◌ب ْه‬

‫)‪(739‬‬
‫قال فسار به من الليل حتى طلع الفجر‪ ،‬مسيرة عشرة أيام بلياليھن‪ ،‬فقال عبيد بن األبرص‪:‬‬

‫)البسيط(‬ ‫ْكر قَ ْد أُنقِ ْذتَ ِمنَ بلَ ٍد يَحا ُر في َحافَتيَھْا ال ُم ْ◌دل ُج الھَادي‬
‫ب الَب ِ‬
‫يا صا ِح َ‬

‫َم ْن ذا الذي َجا َد بالَمع‬


‫ْروف ِ◌ في الوادي‬
‫ِ‬ ‫ق نَع ِ‬
‫ْرفهُ‬ ‫ھالّ أَبَ ْن َ‬
‫ت لنا بال َح ﱠ‬

‫رائح غَادي‬
‫ٍ‬ ‫ب ُْو ِر ْكتَ ِمن ذي َس ٍ‬
‫نام‬ ‫ار َج ْع َحميداً‪ ،‬فقد أَبْ ◌َ لغتَ َمأ َمننَا‬

‫)‪(740‬‬
‫فقال مجيبا ً له‪:‬‬

‫)البسيط(‬ ‫)‪(741‬‬
‫ار وأَ ْعقَا ِد‬
‫في قَ ْفر ٍة بَ ْينَ أَحْ َج ٍ‬ ‫ع الذي ألَ ْفيَتهُ َر ِمضا ً‬
‫أنا ال ﱡشجا ُ‬

‫)‪(742‬‬
‫ت فِي ِه َولَ ْم تَ ْبخَلْ بِأ َ ْن َكا ِد‬
‫َوز ْد َ‬ ‫ض ﱠن حاملُهُ‪،‬‬ ‫فَ ُج ْد َ‬
‫ت بال َما ِء ل ّما َ‬

‫‪ -‬ﻋﺒﻴﺩ ﺒﻥ ﺍﻷﺒﺭﺹ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.15‬‬ ‫‪738‬‬

‫‪ -‬ﺠﻤﻬﺭﺓ ﺍﺸﻌﺎﺭ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﺹ‪50‬‬ ‫‪739‬‬

‫‪ -‬ﻋﺒﻴﺩ ﺒﻥ ﺍﻷﺒﺭﺹ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ ﺹ‪.15‬‬ ‫‪740‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺭﻤﺽ‪ :‬ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺤﺭﻗﻪ ﺍﻟﺤ ّﺭ‪ :‬ﺍﻷﻋﻘﺎﺩ‪ :‬ﻤﺎ ﺘﻌﻘﺩ ﻭﺘﺭﺍﻜﻡ ﻤﻥ ﺍﻟﺭﻤل‪.‬‬ ‫‪741‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﻨﻜﺎﺩ‪ :‬ﻤﺎﺀ ﻨﻜﺩ‪ :‬ﺃﻱ ﻗﻠﻴل‪.‬‬ ‫‪742‬‬

‫‪135‬‬
‫بث ما أَوْ َعيتَ ِم ْن زا ِد‬
‫أخ◌َ ُ‬
‫الزمان ب ِه والشرﱡ ْ‬
‫ُ‬ ‫الخي ُر يَب ْقى‪ْ ،‬‬
‫وإن طا َل‬

‫تبدو مكافأة الجن لإلنس‪ ،‬ب أن ق دم الش جاع لعبي د ب ن األب رص مطيّ ة ليركبھ ا‪ ،‬وال نع رف م ا ھ ي؟‬

‫ھل ھي ناقة‪ ،‬أم فرس‪ ،‬أم شيء آخر من مطايا الجن‪ ،‬وس رعة ھ ذه المطي ة تف وق تص ور العرب ي؛‬

‫ليال‪ ،‬ف ي أق ل م ن ليل ة واح دة‪ .‬ويب دو ذل ك ف ي قص ة أخ رى ش بيھة بالقص ة‬


‫إذ قطعت مسافة عشر ٍ‬
‫السابقة‪ ،‬وھي ما حدث مع مالك بن حريم الدالني والش جاع ال ذي الذ ب ه لحمايت ه‪ ،‬فحم اه‪ ،‬وانس اب‬
‫)‪(743‬‬
‫)الوافر(‬ ‫الشجاع إلى مأمنه‪ ،‬وأخذ مالك‪ ،‬يقول‪:‬‬

‫وليس به امتنا ُ‬
‫ع‬ ‫َ‬ ‫َوأَ ْمن ُعهُ‬ ‫وأوصاني الحري ُم بع ﱠز جاري‬

‫وأَ ْمن ُعهُ إذا ُمن َع المتا ُ‬


‫ع‬ ‫وأَ ْدف ُع َ‬
‫ضيْمهُ وأذبﱡ عَنَ ْ◌هُ‬

‫)‪(744‬‬
‫)البسيط(‬ ‫فارتحلوا‪ ،‬واشتد بھم العطش‪ ،‬فإذا ھاتف يھتف بھم‪:‬‬

‫حتّى تُسوموا ال َمطايا يَ َو َمھا التﱠعبا‬ ‫يا أيﱡھا القو ُم ال ما َء أما َم ُك ْم‬

‫ّعي ٌُن رُوا ٌء وما ٌء ي ُْذ ِھبُ اللﱠغبا‬ ‫ثم اعدلوا شامةً فالما ُء عن َكث ٍ‬
‫ب‬

‫فا ْسقُوا ال َمطايا َو ِم ْنهُ فاملئوا القِ َربا‬ ‫حتّى إذا ما أَ َ‬


‫ص ْبتُم ْمنهُ رﱠي ُك ُم‬

‫فنزلوا شامة فإذا ھم في عين خرارة‪ ،‬في أصل جبل‪ ،‬فشربوا وسقوا إبلھم‪ ،‬وحمل وا ريّھ م‪،‬‬
‫)‪(745‬‬
‫حتى أتوا عكاظ‪ ،‬ثم أقبلوا‪ ،‬حتى انتھوا إلى ذلك الموضع‪ ،‬فلم يروا شيئاً‪ ،‬وإذا ھاتف يقول‪:‬‬

‫ع لَ ُك ْم ِمنّي وتَسلي ُم )البسيط(‬


‫ھذا ودا ٌ‬ ‫صالحةً‬ ‫يا ما ِل َعنّي َجزا َ‬
‫ك ﷲُ َ‬

‫ﱠ‬
‫إن الذي يَحْ ِر ُم ال ُمعروفَ َمحْ رو ُم‬ ‫الخير م َع أح ٍد‬
‫ِ‬ ‫اصطناع‬
‫ِ‬ ‫ال ت َْزھد َْن في‬

‫عاش وال ُك ْف ُر بع َد الغَبﱠ َم ْذمو ُم‬


‫َ‬ ‫ما‬ ‫َم ْن يَ ْفعلْ ال َخ ْي َر ال يَعْد ْم َمغبﱠتهُ‬

‫‪ -‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪ ،362/2 ،‬ﺁﻜﺎﻡ ﺍﻟﻤﺭﺠﺎﻥ ﻓﻲ ﻏﺭﺍﺌﺏ ﺍﻷﺨﺒﺎﺭ ﻭﺃﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﺠﺎﻥ‪ ،‬ﺹ‪.145-144‬‬ ‫‪743‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪.362/2 ،‬‬ ‫‪744‬‬

‫‪ -‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪.363-362/2 ،‬‬ ‫‪745‬‬

‫‪136‬‬
‫إن ال ُشك َر م ْقسو ُم‪.‬‬ ‫َش َك ُ‬
‫رت ذلك ﱠ‬ ‫أنا ال ﱡشجا ُ‬
‫ع الذي أنجيْتَ ِم ْن َرھَ ٍ‬
‫ق‬

‫فطلبوا العين فلم يجدوھا‪ ،‬وھكذا تصور الجن لعبيد بن األبرص وجماعت ه‪ ،‬بص ورة الش جاع ال ذي‬

‫أرشدھم إلى عين ماء‪ ،‬شربوا منھا‪ ،‬وسقوا إبلھم؛ وما ذاك إال مقابل حمايته له‪.‬‬

‫وكم ا تك افئ الج ن اإلن س عل ى الخي ر‪ ،‬فإنھ ا تكافئ ه عل ى الش ر أيض اً‪ ،‬ويب دو ذل ك ف ي قص ة اب ن‬

‫الحمارس‪ ،‬وما حدث له مع شيھمة وولدھا‪ ،‬والھاتف الذي ھتف به‪ ،‬واتھمه بإساءة الجوار‪ ،‬فقال‪:‬‬

‫ْت ِم ْنھا َمشرْ با ً َو َمناما )الكامل(‬


‫فأصب َ‬ ‫مارس قد نَ َز ْل َ‬
‫ت بِالدنَا‬ ‫ِ‬ ‫يا ابنَ ال َح‬

‫وأسأْتَ ل ّما ْ‬
‫أن نَطَ ْقتَ َكالما‬ ‫فبدأتنا ظُلما ً بِع ْق ِر لَقُ ْو ِحنا‬

‫ك حُرْ مةً َو ِذماما‬


‫إنّا نَرى لَ َ‬ ‫فا ْعم ْد ألَ ِ◌ ِ‬
‫مر الرﱡش ِد واجْ تَ ْن ِ‬
‫ب الرﱠدى‬

‫فَلقَ ْد أَصبْتَ بِ َما فَ َع ْلتَ أثاما‬ ‫صاحبنا لَقُوحا ً متﱠبعا ً‬


‫وا ْغ ِر ْم لِ َ‬

‫وأجابه ابن الحمارس شعراً‪:‬‬

‫صيب أَثَاما )البسيط(‬


‫َ‬ ‫إنﱢي ألكرهُ أَ ْن أُ‬ ‫ُ‬
‫حيث يَرْ فَ ُع َعرْ َشه‬ ‫ﷲُ يَ ْعلَ ُم‬

‫جئت البال َد وال أُري ُد َمقاما‬


‫ُ‬ ‫َيت فإننّي‬
‫ك ما ا ّدع َ‬
‫أ ّما ادﱢعاؤ َ‬

‫ألري َح فيھا ظُھْرنا أيّاما‬ ‫فَأ َس ْمت فيھا ما لنا َون ْ‬


‫َزلتھا‬

‫َ‬
‫سألت وال نَراهُ َغ َراما‬ ‫ما قَ ْد‬ ‫ْفليغ ُد صا ِحبُكم عَليَ ْنا نُع ِ‬
‫ْطه‬

‫ويستمر الحوار بين الطرفين‪ ،‬إلى أن يسمع شيخ م ن الج ن م ا دار بينھم ا‪ ،‬فيق ول‪ :‬ال وﷲ‬
‫ال نرى قتل إنسان مثل ھذا‪ ،‬ثابت القلب ماض ي العزيم ة‪ ..‬وتنتھ ي القص ة‪ ،‬ب أن يغ رم للج ن لقوح ا ً‬

‫متبعا ً للقنفذ وولدھا)‪ ،(746‬فھ ذه الحكاي ة‪ -‬وإن كان ت ك ذبا ً‪ ،-‬إالّ أنھ ا تب ين عالق ة الج ن ب اإلنس‪ ،‬وم ا‬

‫يدور بينھما من معامالت‪.‬‬

‫‪ -‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪357/2 ،‬‬ ‫‪746‬‬

‫‪137‬‬
‫المبحث السادس‬

‫شياطين الشعراء‬

‫رأى اإلنسان القديم في الكلمة مفتاحاً‪ ،‬سحريا ً يفتح جميع األقفال)‪ ،(747‬وقوة حية‪ ،‬يس تطيع أن‬

‫ي دفع بھ ا أذى الطبيع ة الحي ة‪) ،‬الص امته والناطق ة(‪ ،‬وأن يع يش معھ ا ف ي انس جام‪ ،‬وح ين أدرك‬
‫أن لمظاھر الطبيعة قوى كامنة فيھا؛ لھا القدرة على ضرّه‪ّ ،‬‬
‫وأن الكلمة ھ ي الق ادرة عل ى‬ ‫بتجربته‪ّ ،‬‬

‫التحكم فيھا‪ ،‬وعلى منعھا من العمل ضره‪ ،‬حافظ على قدسيتھا)‪.(748‬‬

‫وھذه الكلمة ھي األسطورة التي ن ّغمت‪ ،‬وصاحبتھا حركة إيقاعية وأدائية‪ ،‬ومن إيق اع ھ ذا‬

‫الصوت‪ ،‬ولدت الشعيرةُ األولى المصاحبة لألسطورة‪ ،‬وكانت ھذه الش عيرة ھ ي الش عر)‪ ،(749‬ولِ َم ا‬

‫كان للشعر من أثر في نفوس القدماء‪ ،‬وقدرة على امتالك وجدانھم‪ ،‬نظ روا إلي ه عل ى أن ه ملك ة‪ ،‬ال‬

‫تُ ْؤتى إال لشاعر تفوق على أبناء جنسه‪ ،‬والعرب كغيرھم من األمم‪َ ،‬ع زوا الق وة الخارجي ة لإللھ ام‬

‫الش عري إل ى الش ياطين‪ ،‬وربط وا ھ ذه النظ رة بعوام ل نفس ية‪ ،‬وظ روف اجتماعي ة‪ ،‬تفاعل ت م ع‬

‫ت حيّة‪ ،‬أثّرت في نظرتھم‪ ،‬تجاه الشاعر‪ ،‬وموھبته اإلبداعية )‪.(750‬‬


‫المفھوم‪ ،‬فشكلت تصورا ٍ‬

‫وربما "ارتبط الشعر بالشعيرة لعالقة كل منھما ب الرأس‪ ،‬م وطن الھام ة")‪ (751‬فق الوا‪ :‬ب أن‬
‫لك ل ش اعر ش يطانا ً يلھم ه الش عر؛ إذ ي زعم الش عراء‪ّ ،‬‬
‫أن الش ياطين تلق ي الش عر عل ى أف واھھم‪،‬‬
‫وتلقنھم إياه‪ ،‬وتعينھم عليه‪ ،‬وي ﱠدعون أن لكل فحل منھم شيطاناً‪ ،‬يقول الشعر على لس انه‪ ،‬فم ن ك ان‬

‫شيطانه أمرد‪ ،‬كان شعره أجود)‪ ،(752‬فحاكوا القصص والخرافات حول ھ ذا التص ور‪ ،‬ف ي العص ر‬

‫الجاھلي الذي كان مجاالً خصباً‪ ،‬لتقبل مثل ھذه االعتق ادات‪ ،‬والت ي بقي ت عالق ة ف ي األذھ ان عل ى‬
‫م ﱠر العص ور‪ ،‬م ع تن ّوع طرائ ق التحلي ل واالس تنتاج‪ ،‬بن اء عل ى مق دار المواق ف وتطورھ ا‪،‬‬

‫‪ -‬ﻤﻭﺴﻭﻋﺔ ﺃﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻋﻥ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﻭﺩﻻﻻﺘﻬﺎ‪.47/2 ،‬‬ ‫‪747‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﺠﺎﺠﻲ‪ ،‬ﺃﺤﻤﺩ ﺸﻤﺱ ﺍﻟﺩﻴﻥ‪ :‬ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻭﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪ ،‬ﺍﻟﻤﻜﻭﻨﺎﺕ ﺍﻷﻭﻟـﻰ‪ ،‬ﻤﺠﻠـﺔ ﻓﺼـﻭل‪ ،‬ﻡ‪ ،4‬ﻉ‪1984 ،2‬‬ ‫‪748‬‬

‫‪،‬ﺹ‪.42‬‬
‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.43‬‬ ‫‪749‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻌﻁﺎﻨﻲ‪ :‬ﻗﻀﻴﺔ ﺸﻴﺎﻁﻴﻥ ﺍﻟﺸﻌﺭﺍﺀ ﻭﺃﺜﺭﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻘﺩ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪ ،‬ﺹ‪.14‬‬ ‫‪750‬‬

‫‪ -‬ﻤﻭﺴﻭﻋﺔ ﺃﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻋﻥ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﻭﺩﻻﻻﺘﻬﺎ‪.47/2 ،‬‬ ‫‪751‬‬

‫‪ -‬ﺜﻤﺎﺭ ﺍﻟﻘﻠﻭﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻀﺎﻑ ﺍﻟﻤﻨﺴﻭﺏ‪ ،‬ﺹ‪.70‬‬ ‫‪752‬‬

‫‪138‬‬
‫فتأرجح ت فك رة ش ياطين الش عراء ب ين ال رفض والقب ول‪ ،‬والج ﱠد والھ زل‪ ،‬وتع ﱠددت حولھ ا‬

‫االفتراضات والتأويالت‪ ،‬فأدخلھا البعض ف ي دائ رة الحقيق ة‪ ،‬ف ي ح ين أخرجھ ا آخ رون إل ى ع الم‬

‫الخيال)‪.(753‬‬

‫فالعق اد يُ ْغلِ بُ أن يك ون ش يطان الش عر م ن خل ق الش عراء أنفس ھم‪ ،‬وأن يك ون الك الم عن ه‬

‫فإن لم يَ ُك ْن ھذا الش ع ُر مخلوق ا ً ش عرياً‪ ،‬فھ و مخل وق خي الي‪ ،‬أبدع ه‬


‫الحقا ً لظھور الشعر وانتشاره‪ْ ،‬‬

‫كاھن قديم‪ ،‬أو مفكر من مفكري الجاھلية الغابرة‪ ،‬له خيال الشاعر)‪.(754‬‬

‫ومھما يك ن م ن اخ تالف ف إن الع رب ت زعم أن ش عراءھا تس توحي الج ن‪ّ ،‬‬


‫وأن ك ل ش اعر‬

‫ْرفُ ه باس مه‪ ،‬ف ـ" ھبي د " اس م ش يطان عبي د‪ ،‬و" ِم ْس حل الس كران‬
‫منھم يستعين بشيطان يص احبه‪ ،‬يَع ِ‬
‫اب ن جن دل" اس م ش يطان األعش ى و" ُجھُن ام " اس م ش يطان َع ْم رو ب ن قط ن‪ ،‬وم نھم‬

‫" الفظ بن الحظ " شيطان امرئ القيس و" حاطب " شيطان النابغة و" ھاذر ب ن م اذر " ص احب‬

‫زي اد ال ذبياني‪ ،‬وأس ماء أخ رى غريب ة ُم ْن َك رة‪ ،‬مث ل ُم ْد ِرك ب ن واغ ِم‪ ،‬واب ن الص الدم‪ ،‬وھيّ اب‪.....‬‬
‫)‪(755‬‬
‫وغيرھم‪..‬‬

‫وقد ذكر بعض الش عراء‪ ،‬أس ماء ش ياطينھم ف ي أش عارھم‪ ،‬ف ذكر األعش ى‪ " ،‬مس حالً " ح ين ھج اه‬
‫)‪(756‬‬
‫)الطويل(‬ ‫" ُجھُنّام "‪ ،‬بقوله‪:‬‬

‫صـــيح وأَ ْع َج ِم‬


‫ٍ‬ ‫وثابُوا إلينا ِمن فَ‬ ‫‪،‬‬ ‫الناس لل ﱠش ﱠر أ ْقبلَــوا‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫رأيت‬ ‫فل ّما‬

‫ُجھُنّام َج ْدعا ً للـــھَ ِج ِ‬


‫ين ال ُم َذ ﱠمم‬ ‫ت خليلي ِمسْحالً‪ ،‬و َدعَوا لَهُ‬
‫* َدع َْو ُ‬

‫بناھا قُ َ‬ ‫ب اللﱡ ِ‬
‫)‪(757‬‬
‫بن جُرْ ھُ ِم‬
‫ص ﱞي وال ُمضاضُ ُ‬ ‫ج‪ ،‬والـتي‬ ‫فإنّي وثَوْ بي را ِھ ِ‬
‫)‪(758‬‬
‫لَتَرْ تَ ِحلَ ْن منﱢي على ظَـھ ِْر َش ْيھَ ِم‬ ‫لَئِ ْن َج ﱠد أسبابُ ال َعدَاو ِة بيــننا‪،‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻌﻁﺎﻨﻲ‪ :‬ﻗﻀﻴﺔ ﺸﻴﺎﻁﻴﻥ ﺍﻟﺸﻌﺭﺍﺀ ﻭﺃﺜﺭﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻘﺩ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪ ،‬ﺹ ‪.14‬‬ ‫‪753‬‬

‫‪ -‬ﺇﺒﻠﻴﺱ‪ ،‬ﺹ ‪.182‬‬ ‫‪754‬‬

‫‪ -‬ﺠﻤﻬﺭﺓ ﺃﺸﻌﺎﺭ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﺹ‪.44-43‬‬ ‫‪755‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﻋﺸﻰ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.184 -183‬‬ ‫‪756‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻠﺞ‪ :‬ﻏﺩﻴﺭ ﻋﻨﺩ ﺩﻴﺭ ﻫﻨﺩ ﺃﻡ ﻋﻤﺭﻭ ﺒﻥ ﻫﻨﺩ‪.‬‬ ‫‪757‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺸﻴﻬﻡ‪ :‬ﺍﻟﻘﻨﻔﺫ‪ ،‬ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﻤﺎﺩﺓ )ﺸﻬﻡ(‪.‬‬ ‫‪758‬‬

‫‪139‬‬
‫ت خـِ ْ◌ ِ‬
‫ضر ِم‪.‬‬ ‫بأ ْفيَ َح جي ِ‬
‫ّاش ال َعشيّا ِ‬ ‫* َحبَاني أخي ال ِجنﱠ ﱡي‪ ،‬نَ ْف ِسي فداؤهُ‪،‬‬

‫فالش اعر ي دعو ص ديقه الش يطان " مس حالً "‪ ،‬ف ي َم ْع ِرض ھجائ ه عمي ر ب ن عب د ﷲ اب ن‬

‫المنذر)‪ ،(759‬ويذكر شيطان خصمه " ُجھُنام "‪ ،‬وقد حشد مجموعة من الرموز الديني ة‪ ،‬فأقس م بھ ا‪،‬‬

‫ض اضُ اب ن‬
‫منھ ا الراھ ب‪ ،‬والكعب ة الت ي بناھ ا قص ي ب ن ك الب‪ ،‬بع د إب راھيم علي ه الس الم‪ ،‬وال ُم َ‬
‫جُرْ ھُم‪ ،‬الذي كان قَيّما على الكعبة قبل قريش‪.‬‬

‫ويَتوعد األعش ى خص مه‪ ،‬ب أن يحمل ه عل ى ظھ ر َش ْيھَم‪ ،‬وھ و القنف ذ‪ ،‬و ِذ ْك ُر القنف ذ م رتبط‬

‫بالجن؛ ألن القنافذ من مطايا الجن‪ ،‬فقد ربط الشاعر بين الشياطين أو الجن ومطاياھا ف ي تراكي ب‪،‬‬

‫تشيع فيھا الرموز الدينية‪ ،‬وقد َحبَاه‪ ،‬و َمنَ َحه ش يطانهُ ال ذي دع اه أخ ي‪ ،‬بالش عر‪ ،‬لمواجھ ة خص مه‪،‬‬
‫فالص لة بينھم ا ص داقة وأخ وة‪ ،‬ل ذلك فھ و يفتدي ه بنفس ه‪ ،‬فاألبي ات الت ي تح دد العالق ة ب ين مس حل‬

‫واألعش ى‪ ،‬ليس ت مج رد أبي ات‪ ،‬تعب ر ع ن عالق ة األعش ى الفني ة بمس حل‪ ،‬وإنم ا تعب ر أيض ا ً ع ن‬

‫عالقة عاطفية بينھما‪ ،‬تقوم أساسا ً على معرفة األعش ى الكامل ة بمس حل)‪ ،(760‬فھ و م دين ل ه بقدرت ه‬

‫)الطويل(‬ ‫)‪(761‬‬
‫الشعرية الفائقة‪ ،‬معترفا ً بفضله‪ ،‬ويقول الشاعر نفسه في مكان آخر‪:‬‬

‫)‪(762‬‬
‫إذا ِمسْح ٌل َس ّدى لِ َي القو َل أ ْنط ُ‬
‫ق‬ ‫شاحرْ َداً َولَ ْ‬
‫كن َحسبتُني‬ ‫ت ِ‬ ‫وما ُك ْن ُ‬

‫جني‪ ،‬وإنـــسٌ ُم َوف ُ‬


‫ق‬ ‫ﱞ‬ ‫ﱠان‬
‫صفي ِ‬ ‫شريكا ِن فيما بيننا ِم ْن ھواد ٍة‬

‫كـــفَاني ال َع ﱞي‪ ،‬وال ھو أَ ْخ َر ُ‬


‫ق‬ ‫يقولُ‪ ،‬فال أَ ْعـــيَا لشي ٍء أقولهُ‬

‫ك الھَوى في ال َغ ﱢي أ ْن َجى وأوْ ف ُ‬


‫ق‬ ‫وتَرْ ُ‬ ‫ع الھوى في الرﱡشد أدنى إلى التﱠقى‬
‫ِجما ُ‬

‫ف ُخذ طَ َر ْ◌فا ً ِم ْ‬
‫ــن َغي ِْرھا حينَ تسب ُ‬
‫ق‬ ‫إذا حاجةٌ ولّ ْت َ‬
‫ك ال تستطـــــيعُھا‬

‫‪ -‬ﺍﻷﻋﺸﻰ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.180‬‬ ‫‪759‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﺠﺎﺠﻲ‪:‬ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻭﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪ ،‬ﺹ‪.45‬‬ ‫‪760‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﻋﺸﻰ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.119‬‬ ‫‪761‬‬

‫‪ -‬ﺸﺎﺤﺭﺩﹰﺍ‪ :‬ﻟﻔﻅﺔ ﻓﺎﺭﺴﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺘﻠﻤﻴﺫ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻡ‪.‬‬ ‫‪762‬‬

‫‪140‬‬
‫يبدو الشاعر لسان شيطانه‪ ،‬ال يقول إال ما يلھم ه إي اه‪ ،‬فاإلب داع للش يطان‪ ،‬واألعش ى خ اد ٌم‬

‫مطيعٌ‪ ،‬يردد ما يقول ه ل ه‪ ،‬وھم ا ش ريكان وص فيّان‪ ،‬فالش عر م و ّزع ب ين اإللھ ام والق ول‪ ،‬وش يطانه‬

‫حكيم و ُم َجرّب‪ ،‬لذلك تداعت الحكم ة ف ي أبي ات القص يدة‪ ،‬ويب دو اعت راف الش عراء أنفس ھم بتلق يھم‬

‫الشعر من الشياطين‪ ،‬وھي صورة تحم ل ط ابع التف اخر بش ياطينھم‪ ،‬واالعت راف بق وتھم‪ ،‬وتف وقھم‬

‫على شياطين غيرھم من الشعراء‪.‬‬

‫ومن الشعراء الذين ذكروا ش ياطينھم ف ي أش عارھم‪ ،‬حس ان ب ن ثاب ت‪ " :‬إذ ُ‬
‫ت ُ◌روى عن ه‬
‫قصةٌ مع السﱢعالة‪ْ ،‬‬
‫يذ ُكر من خاللھا اسم شيطانه‪ ،‬وھي أن السعالة لقيته في بعض طرق ات المدين ة‪،‬‬

‫ص ْد ِره‪ ،‬وقال ت‪ :‬أن ت ال ذي يَرْ ُج و قوم ك‪ ،‬أن تك ون‬ ‫وھو غالم‪ ،‬قبل أن يقول الشعر‪ ،‬فَبَ َر َك ْ‬
‫ت عل ى َ‬
‫ش اعرھم‪ ،‬ق ال‪ :‬نع م‪ ،‬قال ت‪ :‬فأنش دني ثالث ة أبي ات عل ى روي واح د‪ ،‬وإال قتلت ك‪ ،‬فق ال‪ (763):‬إذا م ا‬

‫إن يُقــا ُل له َم ْن ھُ َو ْه )المتدارك(‬


‫فما ْ‬ ‫ت َر ْع َر َع فينـــا ال ُغال ُم‬

‫فَذلِـــ َ‬
‫ك فينا الذي ال ھُ َو ْه‬ ‫إذا لَ ْم يَ ُس ْد قَب َل شـَــ ﱠد اإلزَار‬

‫فطـوراً أقو ُل َوطَوْ َراً ھُ َو ْه‬ ‫صاحبٌ ِم ْن بني ال ﱠش ْي َ‬


‫صبا ِن‬ ‫َولِي ِ‬

‫والشيصبان قبيلة من الجن‪ ،‬فزعم أنه وشيطانه يتناوبان القول في الشعر‪.‬‬

‫ويَ ْزعَم ف ي موض ع آخ ر‪ ،‬أن ل ه ِجنّي ا ً ي ُْل ِھم ه الش عر‪ ،‬ويوش يه ل ه أحس ن وش ايه‪ ،‬ويج وده‪،‬‬
‫فيظفر به على الشعراء‪ ،‬ويترفع عن السرقة‪ ،‬فھو يفتخ ر بأخي ه الجن ي‪ ،‬ال ذي يُلَقن ه أفض ل الك الم‪،‬‬
‫)‪(764‬‬
‫بقوله‪:‬‬

‫)الكامل(‬ ‫بل ال يُوافق ِشع َْرھُم ِشعري‬ ‫ق ال ﱡشعرا َء ما نطقوا‬ ‫ال أَ ِ‬


‫سر ُ‬

‫ومقالةٌ َك َمقَ ِ‬
‫اطـــع الص ْﱠخ ِر‬ ‫إنّي أَبى ْ‬
‫لي ذل ُكم َح َسـبي‬

‫)‪(765‬‬
‫حا َل الكــال َم بأَحْ َس ِن ال ِحبْر‬ ‫الج ﱠن البَصي ُر إذا‬
‫وأخي ِمن ِ‬

‫‪ -‬ﺤﺴﺎﻥ ﺒﻥ ﺜﺎﺒﺕ‪ :‬ﺸﺭﺡ ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.296‬‬ ‫‪763‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.142‬‬ ‫‪764‬‬

‫‪ -‬ﺤﺎل ﺍﻟﻜﻼﻡ‪ :‬ﻤﻥ ﺍﻟﺤﻠﻲ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺤﺒﺭ ﺒﻜﺴﺭ ﺍﻟﺤﺎﺀ‪ :‬ﺍﻟﻭﺸﻲ‪.‬‬ ‫‪765‬‬

‫‪141‬‬
‫)‪(766‬‬
‫)الطويل(‬ ‫ويعترف امرؤ القيس صراحةً بوجود توابع له‪ ،‬في قوله‪:‬‬

‫ِمنَ ال ِج ﱠن تَروي ما أقو ُل َوت ِ‬


‫َعز ُ‬
‫ف‬ ‫أنا ال ﱠشاع ُر الموھوبُ حولي توابِعي‬

‫)‪(767‬‬
‫ويبين أن الجن تخيره من أشعارھا‪ ،‬فيختا ُر أفضلھا‪ ،‬فھذا ھو سبب تفوقه‪ ،‬وذلك بقوله‪:‬‬

‫)المتقارب(‬ ‫عرھن اصطَفي ُ‬


‫ْت‬ ‫ّ‬ ‫شئت من ْش‬
‫ُ‬ ‫فما‬ ‫ﱡ‬
‫الجن أشعا َرھا‬ ‫تُخيﱢرُني‬

‫ﱠ‬
‫الجن واإلنس‪،‬‬ ‫وھذا بدر بن عامر يعترف بقدرة الجن على نظم القوافي‪ ،‬ويبين التشابه بين لغة‬
‫)‪(768‬‬
‫)الكامل(‬ ‫فيقول‪:‬‬

‫جنين‬
‫ِ‬ ‫قت قوافي ﱠ‬
‫الت◌َ‬ ‫ولَقَ ْد نَطَ ُ‬ ‫ت قوافيا ً إنسيّةً‬
‫َولَق ْد نَطَ ْق ُ‬

‫وقد قَسّم العرب شياطين الشعراء إلى فئتين من حيث مستوى اإلجادة في الشعر‪ ،‬فالشيطان الذي‬
‫يلھم شعراً جيداً اسمه " الھوبر " والذي يلھم شعراً فاسداً اسمه " الھوجل ")‪.(769‬‬

‫وق د ورد ف ي كت ب األدب‪ ،‬بع ض األخب ار ع ن وج ود ش ياطين للعدي د م ن الش عراء‬

‫الجاھليين‪ ،‬ولكنھم لم يذكروا أسماءھا ف ي ش عرھم‪ ،‬ف أورد الج احظ ف ي كتاب ه قص يدة " الحك م اب ن‬
‫عمرو البھراني " التي احتوت على أخبار متنوعة‪ ،‬ع ن عالق ات الع رب ب الجن والغ يالن‪ ،‬إض افة‬

‫إلى أسما ٍء لشياطين شعراء في العصر الجاھلي واإلسالمي)‪.(770‬‬

‫وال بد م ن اإلش ارة إل ى أن الع رب ل م يطلق وا ھ ذه األس ماء جزاف اً‪ ،‬فالعالق ة اللغوي ة بينھ ا‬

‫وبين صورة الجن‪ ،‬التي استقرّت في أذھانھم عالقة وثيق ة‪ ،‬إض افة إل ى أن ِجرْ س ھا الص وتي ي وفّر‬

‫إيقاع ا ً خاص اً‪ ،‬يعم ل عل ى الج ذب النفس ي للمتلق ي‪ ،‬فح ول الدالل ة اللغوي ة لش يطان ام رئ الق يس‬

‫"الفظ بن الحظ" ورد ف ي اللس ان أن " اللف ظ " ھ و أن ترم ي بش يء ك ان ف ي في ك‪ ،‬ويلف ظ البح ر‬

‫‪ -‬ﺍﻤﺭﺅ ﺍﻟﻘﻴﺱ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺘﺤﻘﻴﻕ ﻤﺤﻤﺩ ﺃﺒﻲ ﺍﻟﻔﻀل ﺇﺒﺭﺍﻫﻴﻡ‪ -‬ﻁ‪ -4‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ‪1984 ،‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪.325‬‬ ‫‪766‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.322‬‬ ‫‪767‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻬﺫﻟﻴﻭﻥ‪ :‬ﺍﻟﺩﻴﻭﺍﻥ‪.266/2 ،‬‬ ‫‪768‬‬

‫‪ -‬ﻋﺒﻘﺭ‪ ،‬ﺹ‪.50‬‬ ‫‪769‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪.84-80/6 ،‬‬ ‫‪770‬‬

‫‪142‬‬
‫الش يء يرم ي ب ه إل ى الس احل‪ ،‬والالفظ ة ھ ي الرﱠح ى س ميت ب ذلك؛ ألنھ ا تلف ظ م ا تطحن ه)‪،(771‬‬

‫فالداللة اللغوية للفعل لفظه‪ ،‬تدل على الرمي بشدة وقوة‪ ،‬فكأن الشاعر يرم ي الش عر م ن فم ه‪ ،‬كم ا‬

‫يرمي البحر الش يء إل ى الس احل‪ ،‬وي ؤثر الش اعر ف ي خص مه‪ ،‬كم ا ت ؤثر الرح ى ف ي الح ب ال ذي‬

‫تطحنه‪" .‬والحظ" اسم فاعل من المص در "اللح ظ واللحظ ات" وھ و أن ينظ ر الرج ل بلح اظ عين ه‬

‫إلى الشيء شزراً‪ ،‬وھو شق العين الذي يلي الصدغ‪ ،‬واللح اظ‪ :‬ميس م ف ي م ؤخر الع ين إل ى األذن‪،‬‬

‫وھ و خ ط مح دود‪ ،‬أو لحظ ان م ن ج انبين او لح اظ واح د م ن جان ب واح د)‪ ،(772‬فدالل ة "لح ظ "‬

‫اللغوية تدل على النظر بغضب من طرف العين‪ ،‬وتدل على شكل العين الت ي تب دو مش قوقة‪ ،‬وت دل‬

‫أيضا ً على عالمة " خط " يصل العين باألذن‪ ،‬وھكذا تصور العرب عين الشيطان‪.‬‬

‫أما "ھبيد بن الصالدم"‪ ،‬فھبيد ھو الحنظل‪ ،‬يُ َكسّر ويُ ْستَخ َرج حبه‪ ،‬ويُ ْنقَ ع‪ ،‬لت ذھب مرارت ه‬

‫ويُتﱠخ ُذ منه طعا ٌم‪ ،‬يؤك ل عن د الض رورة)‪ ،(773‬وال َح ْنظ ل وإن ك ان م ﱠر الطﱠع م‪ ،‬إال أن ه طع ام محب ب‬

‫للظباء‪ ،‬والظباء من مطايا الجن‪" ،‬والصلدم والص الدم"‪ :‬الش ديد الح افر‪ ،‬وقي ل‪ :‬ھ و الق وي الش ديد‬
‫وأص الد الجب ين‪ ،‬ھ و الموض ع ال ذي ال ش عر علي ه‪ ،‬فالفع ل "ص لد" ي دل عل ى الش دة والق وة‪،‬‬

‫والموضع الذي ال شعر عليه ‪ ،‬وھذا يتفق مع كون الشاعر يحلق جزءاً من شعره‪ ،‬في َم ْع ِر ِ‬
‫)‪(774‬‬
‫ض‬

‫الھجاء خاصة‪ ،‬ويبدو أن حلق الشعر كان تقربا ً للجن‪ .‬أما " مسحل بن أثاثة " فالمسحل ھو الري اح‬

‫تسحل األرض س حالً‪ ،‬تكش ط م ا عليھ ا‪ ،‬وتن زع عنھ ا أدمتھ ا‪ ،‬والمس حل الث وب النق ي م ن القط ن‪،‬‬

‫والش جاع ال ذي يعم ل وح ده‪ ،‬والغاي ة ف ي الس خاء‪ ،‬والج الد ال ذي يق يم الح دود ب ين ي دي الس لطان‪،‬‬

‫والخطيب الماضي‪ ،‬والفرس الجموح‪ ،‬والشتم باللسان)‪ ،(775‬وال تخفى عالقة ھ ذه المع اني بص فات‬

‫الج ن وخصائص ھا‪ ،‬ولكن ي سأش ير إل ى أح د ھ ذه المع اني‪ ،‬وھ و الث وب النق ي م ن القط ن‪ ،‬ف اللون‬

‫األبيض حمل رمزاً دينيا ً مقدسا ً عند العرب‪ ،‬إضافة إلى أن معنى الشتم‪ ،‬يتوافق مع سالطة‬

‫‪ -‬ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ :‬ﻤﺎﺩﺓ )ﻟﻔﻅ(‪.‬‬ ‫‪771‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﻤﺎﺩﺓ )ﻟﺤﻅ(‪.‬‬ ‫‪772‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﻤﺎﺩﺓ )ﻫﺒﺩ(‪.‬‬ ‫‪773‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﻤﺎﺩﺓ)ﺼﻠﺩ(‪.‬‬ ‫‪774‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﻤﺎﺩﺓ)ﺴﺤل(‪.‬‬ ‫‪775‬‬

‫‪143‬‬
‫لسان الشاعر‪ ،‬أما األثاثة‪ ،‬فھي الكثرة والعظم من كل شيء)‪.(776‬‬

‫ولعل األعشى أسعد الشعراء حظا ً من ھذه الشياطين‪ ،‬فقد لوحظ في شيطانه ص فات ش عره‬

‫ومزاي اه‪ ،‬فش يطانه مس حل م أخوذ م ن معن ى الكلم ة‪ ،‬وذل ك لتجوي ده وتنحل ه لش عره‪ ،‬و "مس حل‬

‫السكران " ألنه أجاد نعت الخمر‪ ،‬وتحدث عنھا كثيراً‪.‬‬

‫أ ّما " ُجھُنّام" فھو شيطان عمرو بن قطن‪ ،‬فق د اختل ف ف ي معن ى ھ ذا االس م وأص له؛ واألغل ب أنھ ا‬
‫كلم ةٌ عبري ة‪ ،‬تترك ب م ن ج زئين ھم ا )ج ي– ھن وم(‪ ،‬ومعناھم ا‪ ،‬وادي الھم س أو األن ين‪ ،‬أو‬

‫الھينمة‪ ،‬أو وادي البكاء والعذاب" وذلك عن دما ي راد ب ه الس عير‪ ،‬وھ و مس كن الش ياطين ومأواھ ا‪،‬‬

‫ولعل األعشى سمع الكلم ة‪ ،‬وفھ م معناھ ا فھم ا ً غي ر دقي ق‪ ،‬أو س معھا غي ره مم ن جعل وا " ُجھُن ام"‬
‫شيطانه‪ ،‬ومن الرواة من جعل "جھنام" لقبا ً لعمرو بن قطن‪ ،‬أو شيطانا ً ل ه‪ ،‬وك ان يھ اجي األعش ى‬

‫)‪.(777‬ومھما يكن من أمر فإن ھناك ارتباطا ً وثيقا ً بين اسم الشيطان‪ ،‬وداللته اللغوية؛ فاختيار االس م‬

‫لم يأت من فراغ‪.‬‬

‫وتكثر أخبار لق اء الش ياطين بالش عراء‪ ،‬ف ي المص ادر التراثي ة األدبي ة‪ ،‬كلق اء األعش ى م ع‬

‫شيطانه‪ ،‬فق د روى األلوس ي‪ " :‬أن األعش ى خ رج يري د ق يس ب ن مع د يك رب بحض رموت‪ ،‬فض ّل‬

‫الطريق‪ ،‬في أوائل أرض اليمن‪ ،‬وأصابه مط ر‪ ،‬فوقع ت عين ه عل ى خب اء م ن ش عر‪ ،‬فقص ده‪ ،‬وإذا‬

‫بشيخ على باب الخباء‪ ،‬فسلم عليه‪ ،‬وأدخل ناقته خبا ًء آخر‪ ،‬وحط َرحله‪ ،‬وجلس‪ ،‬فسأله ع ن اس مه‪،‬‬
‫)‪(778‬‬
‫وعن المكان الذي يقصده‪ ،‬فأجابه‪ ،‬وسأله عن شعره‪ ،‬فقال‪:‬‬

‫)الرمل(‬ ‫غَضْ بى عليكَ‪ ،‬فما تَقو ُل بدا لھا‬ ‫ت سُميّةُ ُغدوةً‪ ،‬أ َج َمالَھا‬
‫َر َحلَ ْ‬

‫وسأله عن سمية‪ ،‬من تكون ؟ فأجابه‪ :‬إنھا اسم ألقي ف ي روع ه‪ ،‬فن ادى الش يخ‪ :‬ي ا س مية‪ ،‬اخرج ي‪،‬‬
‫)‪(779‬‬
‫فخرجت جارية‪ ،‬طولھا خمسة أشبار‪ ،‬وأنشدت القصيدة كاملة‪ ،‬ثم أنشده قوله‪:‬‬

‫‪ -‬ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﻤﺎﺩﺓ )ﺃﺜﺙ(‪.‬‬ ‫‪776‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺭﺍﻓﻌﻲ‪ ،‬ﻤﺼﻁﻔﻰ ﺼﺎﺩﻕ‪ :‬ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺁﺩﺍﺏ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ -‬ﻁ‪ -2‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪ ،‬ﻟﺒﻨﺎﻥ‪1394 ،‬ﻫــ‪1974-‬ﻡ‪،‬‬ ‫‪777‬‬

‫‪.59/3‬‬
‫‪ -‬ﺍﻷﻋﺸﻰ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.150‬‬ ‫‪778‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﻋﺸﻰ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.144‬‬ ‫‪779‬‬

‫‪144‬‬
‫ق وداعا ً أيﱡھا ال ﱠر ُجلُ؟‬
‫َوھَل تُ ِطي ُ‬ ‫كب ُمرْ تَ ِحل ُ‬
‫ٌ◌‬ ‫الر َ‬ ‫و ﱠدع ھُريْ ◌َ رةَ ّ‬
‫إن َ‬
‫)الرمل(‬

‫فنادى الشيخ‪ :‬يا ھريرة‪ ،‬فخرجت جارية‪ ،‬وأكملت القص يدة حت ى نھايتھ ا‪ ،‬فخ اف األعش ى وتحي ر‪،‬‬

‫فلما رأى الشيخ م ا ن زل ب ه‪ ،‬ق ال‪ :‬ليف رج روع ك‪ ،‬ي ا أب ا بص ير‪ ،‬أن ا ھاجس ك " مس حل ب ن أثاث ة "‬

‫ال ذي ألق ى عل ى لس انك الش عر‪ ،‬فس كنت نفس ه‪ ،‬ورجع ت إلي ه‪ ،‬وس كن المط ر‪ ،‬فدل ه الش يخ عل ى‬
‫الطريق)‪.(780‬‬

‫أن األعش ى لق ي ش يطانه ال ذي ي وحي إلي ه‪ ،‬م ن غي ر أن يعرف ه‪ّ ،‬‬


‫وأن‬ ‫يتب ين م ن القص ة ّ‬

‫مس حالً ھ و ش يطان األعش ى‪ ،‬ونس تدل منھ ا عل ى ق درة الج ن عل ى نظ م الش عر‪ ،‬واإليح اء ب ه إل ى‬
‫اإلنس‪ ،‬وقد روي عن العرب حكايات كثيرة‪ ،‬شبيھة بتلك الحادثة)‪.(781‬‬

‫ويصور " س ويد ب ن أب ي كاھ ل " خص ومته م ع ش اعر آخ ر‪ ،‬وق د أعان ه ش يطانه‪ ،‬وظھ ر‬
‫)‪(782‬‬
‫على شيطان خصمه‪ ،‬فجعله يولي ھارباً‪ ،‬فيقول‪:‬‬

‫ُعطي وال َشيئا ً َمنَع )الرمل(‬ ‫ُ‬


‫حيث ال ي ِ‬ ‫ھاربا ً َشــيْطانُهُ‬
‫ف ﱠر ِمنّي ِ‬

‫ان عن َد إ ْنـــفَا ِد القُ َر ْع‬ ‫وأتاني صـاحبٌ ُذو َغيﱠ ٍ‬


‫)‪(783‬‬
‫َزفَيَ ٌ‬ ‫ث‬

‫)‪(784‬‬
‫حاقِراً للنﱠــاس قَ ّوا َل القَ َذع‬ ‫قال‪ :‬لبيﱠكَ‪ ،‬وما استصْ ْ‬
‫رختُهُ‬

‫)‪(785‬‬
‫َخ ِمطُ الــتﱠيﱠار يَرْ مي بالقَلَع‬ ‫ب َزبِ ٌد‪ ،‬آذيﱡه‬
‫ذو ُعـــبا ٍ‬

‫‪ -‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪ ،368/2 ،‬ﺠﻤﻬﺭﺓ ﺃﺸﻌﺎﺭ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﺹ‪.45 – 44‬‬ ‫‪780‬‬

‫‪ -‬ﺠﻤﻬﺭﺓ ﺃﺸﻌﺎﺭ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﺹ‪ 43‬ﻭﻤﺎ ﺒﻌﺩﻫﺎ‬ ‫‪781‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻔﻀﻠﻴﺎﺕ‪ ،‬ﺹ ‪.202-201‬‬ ‫‪782‬‬

‫‪ -‬ﺫﻭ ﻏﻴﺙ‪ :‬ﺫﻭ ﺇﺠﺎﺒﺔ‪ ،‬ﺯﻓﻴﺎﻥ‪ :‬ﺨﻔﻴﻑ ﺴﺭﻴﻊ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺭﻉ‪ :‬ﺍﻟﻤﺯﺍﺩﺓ‪.‬‬ ‫‪783‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟ ﹶﻘﺫﹶﻉ‪ :‬ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﺴﻲﺀ ﺍﻟﻘﺒﻴﺢ‪.‬‬ ‫‪784‬‬

‫‪ -‬ﺨﻤﻁ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ‪ :‬ﻤﻀﻁﺭﺒﻪ‪ ،‬ﻤﺘﻼﻁﻤﻪ‪ ،‬ﺍﻟﻌُﺒﺎﺏ‪ :‬ﺘﻜﺎﺜﻑ ﺍﻟﻤﻭﺝ ﻭﺍﻀﻁﺭﺍﺒﻪ‪ ،‬ﺍﻵﺫﻱ ﻭﺍﻟﺘﻴﺎﺭ ﻭﺍﺤﺩ ﻭﻫﻤﺎ ﺍﻟﻤﻭﺝ‪.‬‬ ‫‪785‬‬

‫‪145‬‬
‫ومم ا يج در ذك ره‪ ،‬أن االعتق اد بش يطان لك ل إنس ان‪ ،‬ل م يك ن مقتص راً عل ى الع رب؛ ب ل‬

‫ارت بط الف ن عن د الق دماء عام ة ارتباط ا ً وثيق ا ً ب الوحي واإللھ ام‪ ،‬فل م تك ن الموھب ة الش عرية عن دھم‬

‫قدرة إنسانية‪ ،‬تعود إلى المبدع‪ ،‬بأي شكل من األشكال؛ بل كانت خارج نطاق العقل البشري‪ ،‬فال‬

‫يدركھا إال من كان على اتصال باآللھة‪ ،‬التي تبث الشعر على ألسنة الشعراء)‪.(786‬‬

‫وقد نسب العرب القوة الخفية التي تم ّد الشعراء بالشعر إلى الشرّ‪ ،‬ولم ينسبوھا إل ى الخي ر‪،‬‬
‫فقالوا‪ :‬شيطان الشعر‪ ،‬أما اليونانيون فقد نسبوا اإللھام في الشعر إلى ربة الشعر‪ ،‬ولك ن الم راد بھ ا‬
‫)‪(788‬‬
‫)الخفيف(‬ ‫ى روحية‪ ،‬توحي بالشعر)‪ ،(787‬فقد جاء في مطلع اإللياذة‪:‬‬
‫في الحالتين قو ً‬

‫أ ْنشدينا واروي احْ تِداما ً َوبِيال‬ ‫ربّةَ ال ﱠش ِ‬


‫عر عن أخي َل ب ِن نيال‬

‫ووجه الشبه بين العرب واليونانيين‪ ،‬يكمن في وجود قوة خفية‪ ،‬تلھم الش عراء الش عر‪ ،‬وكان ت آلھ ة‬

‫الفنون عندھم‪ ،‬تقيم في قمم الجبال‪ ،‬في ھليكون وبرناس وبندوس‪ ،‬واختارت عيونا ً مقدسة أودع ت‬
‫فيھا ِسرّھا‪ ،‬فإذا شرب منھا الشارب‪ ،‬صار شاعراً ملھما ً )‪ ،(789‬أ ّما الع رب فيزعم ون‪ّ ،‬‬
‫أن ش ياطين‬

‫اإللھام تأتي من وادي عبقر ووبار‪ ،‬وأقامت في بيوت األصنام‪ ،‬أحيانا ً تھتف بأوليائھ ا‪ ،‬ويس مع لھ ا‬

‫أن له شيطانا ً خاص اً‪ ،‬ي وحي إلي ه م ا يري د‪ ،‬ث م‬


‫صوت فيھا)‪ ،(790‬وزعم سقراط الفيلسوف اليوناني‪ّ ،‬‬

‫توس عوا ب النظر إل ى الخي ر والش ر‪ ،‬وق الوا ّ‬


‫إن لإلنس ان ش يطانين‪ ،‬للص الح والفس اد‪ ،‬وس موا‬
‫الموحيات بالشعر )‪ (Musa‬موزا‪ ،‬كما اعتقد الفرس بإلھي الخير والشر)‪.(791‬‬

‫وال عجب في نسبة الشعر إلى اآللھة حيناً‪ ،‬وإلى الشياطين حينا ً آخ ر؛ ألن كلم ة عبق ر م ن‬
‫الكلمات التي تحمل المتضادات‪ ،‬فمعناھا صاحب الجنة‪ ،‬أو الشبيه بالجنة في القدرة والتفوق‪ ،‬كائن ا ً‬
‫ما كان العمل الذي يتفوق فيه‪ ،‬وترتبط بالجن الذي يسبب الجن ون‪ ،‬ويلح ق الم رض باإلنس ان)‪،(792‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺭﺍﻓﻌﻲ‪ :‬ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺁﺩﺍﺏ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪.59/3 ،‬‬ ‫‪786‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ‪.59/3 ،‬‬ ‫‪787‬‬

‫‪ -‬ﻫﻭﻤﻴﺭﻭﺱ‪ :‬ﺍﻹﻟﻴﺎﺫﺓ‪ ،‬ﻋﺭّﺒﻬﺎ ﻨﻅﻤ ﹰﺎ ﺴﻠﻴﻤﺎﻥ ﺍﻟﺒﺴﺘﺎﻨﻲ‪ ،‬ﻤﻁﺒﻌﺔ ﺍﻟﻬﻼل‪ ،‬ﻤﺼﺭ‪1904 ،‬ﻡ‪ ،‬ﺹ ‪.203‬‬ ‫‪788‬‬

‫‪ -‬ﺸﻴﺎﻁﻴﻥ ﺍﻟﺸﻌﺭﺍﺀ‪ ،‬ﺹ ‪.115‬‬ ‫‪789‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.115‬‬ ‫‪790‬‬

‫‪ -‬ﻋﺒﻘﺭ‪ ،‬ﺹ‪ ،50-47‬ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺁﺩﺍﺏ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪.60-59/3 ،‬‬ ‫‪791‬‬

‫‪ -‬ﺇﺒﻠﻴﺱ‪ :‬ﺹ‪.167‬‬ ‫‪792‬‬

‫‪146‬‬
‫إن الش عر الع ادي ال يت أتّى بغي ر‬
‫وروى "شيشرون" عن "ديمق راط" م ا يثب ت ذل ك‪ ،‬وھ و قول ه‪ّ " :‬‬
‫الجنون‪ ،‬أو وحي خاص يشبه الجنون" )‪ ،(793‬فھو من وحي الجن‪.‬‬

‫"لو عدنا إلى اشتقاق كلمة جينيوس )‪ (Genius‬في اإلنجليزية‪ ،‬و)‪ (Genie‬في الفرنس ية‪،‬‬

‫وكشفنا عن معناھا‪ ،‬لوجدنا أن الجن عندھم مسؤولون عن التفوق ال ذھني‪ ،‬كم ا ھ م مس ؤولون ع ن‬

‫الخبل العقلي أيضا ً" )‪.(794‬‬

‫ولم تكن الشياطين تابعة لكل الشعراء؛ بل يبدو أنھا اقتصرت على الفح ول فق ط‪ ،‬ب دليل م ا‬

‫ورد عن بعض الشعراء‪ ،‬أنه قال آلخر‪" :‬أنا أقول كل ساع ٍة قصيدةً‪ ،‬وأنت تَع ِ‬
‫ْرضُھا في ك ل ش ھر‪،‬‬

‫فل م ذاك ؟ فق ال‪ :‬ألن ي ال أقب ل م ن ش يطاني‪ ،‬مث ل ال ذي تقبل ه م ن ش يطانك )‪ ،(795‬فالش يطان رم ز‬

‫الموھبة اإلبداعية التي تتفاعل مع الشاعر‪ ،‬وتسيطر على نفسيته فيمت زج بھ ا‪ ،‬وي ذوب ف ي ثناياھ ا‪،‬‬

‫كما يذوب الشيطان في دم اإلنسان‪ ،‬وربما الرابط بينھا‪ ،‬ھو أن كليھما سار على طريق الغواية‪.‬‬

‫وربما كان ھذا ھو السبب الذي دفع الع رب إل ى أن تخ اف م ن الش عر‪ ،‬لدرج ة أنھ م ك انوا‬

‫إذا أسروا شاعراً‪ ،‬ربطوا لسانه بنسعة‪ ،‬لم ا ل ه م ن أث ر س حري‪ ،‬وعالق ة ب الجن والش ياطين‪ ،‬وف ي‬
‫)‪(796‬‬
‫)الطويل(‬ ‫ھذا يقول عبد يغوث القحطاني بن وقاص الحارثي‪:‬‬

‫)‪(797‬‬ ‫أَ َم ْع َش َر تَي ٍْم أَ ْ‬


‫طلقُوا ع َْن لِسانـيِا‬ ‫أَقُو ُل َوقَ ْد َش ﱡدوا لِ َساني بِنِ ْس َع ٍة‬

‫فالش اعر يؤك د أث ر اللس ان ف ي إلح اق الض رر ب اآلخرين‪ ،‬وھ ذا يؤك د عالق ة الش عر بالس حر‪،‬‬

‫إذ ارتبط الشعر بالسحر ارتباطا ً وثيقاً‪ ،‬فكان الشاعر يمارس طقوسا ً سحرية في الجاھلية‪ ،‬وخاص ة‬

‫في معرض الھجاء‪" ،‬فقد كان يلبس حلّة‪ ،‬ويحلق شعر رأسه إالّ ذؤابتين‪ ،‬ويدھن أح د ش قي رأس ه‪،‬‬

‫‪ -‬ﺩﺍﻭﺩ‪ ،‬ﺃﻨﺱ‪ :‬ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ‪ -‬ﻁ‪ -3‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ‪1992 ،‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪.66‬‬ ‫‪793‬‬

‫‪ -‬ﺸﻴﺎﻁﻴﻥ ﺍﻟﺸﻌﺭﺍﺀ‪ ،‬ﺹ‪ ،110‬ﻫﻭﺭﺍﺱ‪ :‬ﻓﻥ ﺍﻟﺸﻌﺭ‪ ،‬ﺘﺭﺠﻤﺔ ﻟﻭﻴﺱ ﻋﻭﺽ‪ ،‬ﺹ ‪.54-53‬‬ ‫‪794‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻭﺍﻟﺘﺒﻴﻴﻥ‪.150/1 :‬‬ ‫‪795‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻔﻀﻠﻴﺎﺕ‪ ،‬ﺹ‪.155‬‬ ‫‪796‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟ ِﻨﺴْﻌَﺔ ‪ :‬ﺒﻜﺴﺭ ﺍﻟﻨﻭﻥ ‪ ،‬ﺍﻟﻘﻁﻌﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﺴﻊ‪ ،‬ﻭﻫﻭ ﺴﻴﺭ ﻴﻀﻔﺭ ﻤﻥ ﺠﻠﺩ ﻭﻴﺸﺩ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﺒـﻪ‪ ،‬ﺇﻤـﺎ ﺤﻘﻴﻘـﺔ ﺃﻭ ﻤﺠـﺎﺯ ‪،‬‬ ‫‪797‬‬

‫ﻭﺃﺭﺍﺩﻭﺍ ﺃﻨﻬﻡ ﻓﻌﻠﻭﺍ ﻤﺎ ﻤﻨﻊ ﻟﺴﺎﻨﻬﻡ ﻋﻥ ﻤﺩﺤﻬﻡ‪ ،‬ﺍﻟﻤﻔﻀﻠﻴﺎﺕ‪ ،‬ﺹ‪.157‬‬

‫‪147‬‬
‫وينتع ل نع الً واح داً")‪ .(798‬وي أتي تب اد ُل المواق ع ب ين الس احر والش اعر‪ ،‬م ن انتمائھم ا إل ى الع الم‬
‫المرتبط بالغيب‪ ،‬ومخلوقاته األثيرية‪ ،‬من ﱠ‬
‫جن وشياطين‪ ،‬مما أضفى على الشاعر صفة‬

‫الساحر والعالم‪ ،‬فھو عالم بقوة شعره السحرية‪ ،‬وباآلراء الروحانية)‪.(799‬‬

‫"فب دا الھج اء طقس ا ً س حرياً‪ ،‬أو ممارس ة قائم ة ب ذاتھا‪ ،‬ي راد بھ ا إلح اق األذى ب المھجو‪،‬‬

‫معتمداً في ذلك على الجن والشياطين")‪ ،(800‬فالس حر والھج اء كلم ات تق ال‪ ،‬تتض من معن ى الش ر‪،‬‬
‫واستمطار اللعنة‪ ،‬فيصيب شرھا المسحور‪.‬‬

‫وبناء على ذلك‪ ،‬عزا العرب القدامى األثر الذي يتركه الھجاء في النفوس‪ ،‬إلى فعل‬

‫السحر‪ ،‬وقارنوا بين السحر والھجاء؛ للغموض الذي يحيط بھما‪ ،‬والرھبة التي يتركھا كل منھما‬

‫في النفوس‪ ،‬وعزوا الھجاء كغيره إلى إيحاء وعون الشياطين؛ فالشاعر الھاجي يستعين بشيطانه‪،‬‬

‫الستمطار اللعنات على خصومه‪ ،‬والساحر يستعين باألرواح الشريرة‪ ،‬إللحاق األذى بمن يريد‬

‫سحرھم )‪ ،(801‬وقد الحظنا‪ ،‬كيف استعان األعشى بشيطانه ) ِمسْحل( على ھجاء خصومه الذين‬

‫دعوا له جھنام)‪ ،(802‬وسويد بن أبي كاھل حين أتاه شيطانه؛ لينصره على شيطان خصمه)‪.(803‬‬

‫وباعتبار الھجاء وسيلة ِسحرية‪ ،‬فإن الشاعر المھج و‪ ،‬يض طر إل ى رد م ا ألح ق ب ه بش عر‬

‫مماث ل‪ ،‬فيك ون الھج اء ف ي ھ ذه الحال ة "تعوي ذة س حرية‪ ،‬ي ر ﱡد بھ ا عل ى خص مه‪ ،‬وي دافع بھ ا ع ن‬
‫نفسه")‪ ،(804‬ويكون "بمنزلة إبطال فعل القوى الشريرة الكامنه فيه" )‪.(805‬‬

‫‪-‬ﺍﻟﻤﺭﺘﻀﻰ‪ :‬ﺃﻤﺎﻟﻲ ﺍﻟﻤﺭﺘﻀﻰ‪ ،‬ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺃﺒﻲ ﺍﻟﻔﻀل ﺇﺒﺭﺍﻫﻴﻡ‪ -‬ﻁ‪ -1‬ﺩﺍﺭ ﺍﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻜﺘﺏ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ‪1954 ،‬ﻡ‪.189/1 ،‬‬ ‫‪798‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻘﻴﺴﻲ‪ ،‬ﻨﻭﺭﻱ ﺤﻤﻭﺩﻱ‪ :‬ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﻟﻠﻁﺒﺎﻋﺔ‪ ،‬ﺒﻐﺩﺍﺩ‪1399 ،‬ﻫـ ‪1979 -‬ﻡ‪،‬‬ ‫‪799‬‬

‫ﺹ ‪.53‬‬
‫‪ -‬ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪ ،‬ﺹ‪.69‬‬ ‫‪800‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺠﺒﻭﺭﻱ‪ ،‬ﻴﺤﻴﻰ‪ :‬ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ "ﺨﺼﺎﺌﺼﻪ ﻭﻓﻨﻭﻨﻪ"‪ ،‬ﻁ‪ ،8‬ﻤﺅﺴﺴﺔ ﺍﻟﺭﺴـﺎﻟﺔ‪ ،‬ﺒﻴـﺭﻭﺕ‪1418 ،‬ﻫــ‪1997 -‬ﻡ‪،‬‬ ‫‪801‬‬

‫ﺹ‪.266‬‬
‫‪ -‬ﺍﻷﻋﺸﻰ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.184 -183‬‬ ‫‪802‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻔﻀﻠﻴﺎﺕ‪ ،‬ﺹ ‪ ،202 – 201‬ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ "ﺨﺼﺎﺌﺼﻪ ﻭﻓﻨﻭﻨﻪ"‪ ،‬ﺹ ‪.343‬‬ ‫‪803‬‬

‫‪ -‬ﺒﻼﺸﻴﺭ‪ ،‬ﺭﻴﺠﻴﺱ‪ ،‬ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪ ،‬ﺘﺭﺠﻤﺔ ﺇﺒﺭﺍﻫﻴﻡ ﺍﻟﻜﻴﻼﻨﻲ‪ ،‬ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ‪ ،‬ﺩﻤﺸﻕ‪.391/1 ،‬‬ ‫‪804‬‬

‫‪ -‬ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﻤﺎﺩﺓ )ﻨﻘﺽ(‪.‬‬ ‫‪805‬‬

‫‪148‬‬
‫ويعد الرثاء عملية سحرية‪ ،‬في أساسھا وھ دفھا‪ ،‬فھ ي ف ي األص ل رق ى وتع ازيم‪ ،‬يمك ن بواس طتھا‬

‫التخلص من الح زن والي أس‪ ،‬وتخط ي ح اجز الخ وف والقل ق)‪ ،(806‬فالس احر والش اعر‪ ،‬ك ل منھم ا‬

‫بمقام الوسيط بين أمته والع والم غي ر المنظ ورة؛ فَھ ﱡم ك ًّل منھم ا أن يحق ق بمواھب ه م ا ينح بس م ن‬

‫رغائب أمته‪ ،‬وھذا م ا ذھ ب إلي ه بروكلم ان "م ن أن ش عر الرث اء‪ ،‬يكم ل الطق وس الجنائزي ة الت ي‬

‫يقصد منھا تھدئة روح الميت‪ ،‬وتحقيق االستقرار له في قبره‪ ،‬وتنھاه أن يرج ع إل ى الحي اة‪ ،‬فيلح ق‬

‫الضرر باألحياء الباقين")‪.(807‬‬

‫ويالحظ الدارس ارتباط التفسير الجاھلي لعملية اإلبداع بش ياطين الش عراء‪ ،‬ف ي فت رة ك ان‬

‫الش عر – كم ا يزعم ون‪ -‬عب ارة ع ن "أناش يد ديني ة‪ ،‬يتجھ ون بھ ا إل ى آلھ تھم‪ ،‬يس تعينون بھ ا عل ى‬
‫حي اتھم‪ ،‬فت ارة يطلب ون بھ ا القض اء عل ى خص ومھم‪ ،‬وأُخ رى يطلب ون بھ ا نص رتھم‪ ،‬ونص رة‬

‫أبطالھم")‪.(808‬‬

‫ولم أجد أحداً يخالف وينكر ذلك إال "محمد صادق حس ن عب د ﷲ" إذ يق ول‪:‬اعتق د بعض ھم‬

‫بمقولة شيطان الشعر‪ ،‬أو النفث الجنّي‪ ،‬وھو ما يفھم باإللھ ام الخف ّي ال ذي يلق ى ف ي روع الش اعر‪،‬‬

‫مستنداً إلى عدة شواھد شعرية‪ ،‬تربط نش أة القص يدة ب ذلك‪" ،‬فل و اعتق دنا بس لطان الش يطان ونفث ه‪،‬‬

‫لم ا أص بح للموھب ة وح دة القريح ة ت أثير ف ي الق ول‪ ،‬ولم ا أص بح ل تعلﱡم الش عر‪ ،‬وتھذيب ه مك ان ف ي‬
‫نظمه‪ ،‬ولكان أمر إنشاء القصيدة توقيف ا ً عل ى الش يطان إالّ أنن ا نظ ن ّ‬
‫أن الش يطان يوس وس للش اعر‬

‫بالسوء في أثناء إنشاده‪ ،‬كما يوسوس لنا أثناء الكالم")‪ ،(809‬فھو ينكر قضية إلھ ام الش ياطين الش عر‬

‫للشعراء‪ ،‬ويرى أن ھذه المقولة أم ٌر متعذر القبول‪ ،‬صعب التأويل‪ ،‬ألن الشيطان والج ن موج ودان‬

‫قبل الفترة التي قيل فيھا الشعر؛ ويعد م ا ورد م ن أش عارھم ف ي مخاطب ة الج ن والغ ول‪ ،‬وغيرھم ا‬

‫‪ -‬ﺃﺩﻭﻨﻴﺱ‪ :‬ﻤﻘﺩﻤﺔ ﻟﻠﺸﻌﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪-‬ﻁ‪ -4‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻌﻭﺩﺓ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪1983 ،‬ﻡ‪ ،‬ﺹ ‪.49‬‬ ‫‪806‬‬

‫‪ -‬ﺒﻼﺸﻴﺭ‪ ،‬ﺭﻴﺠﻴﺱ‪ :‬ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪ ،47/1 ،‬ﺍﻟﻤﻨﺎﻋﻲ‪ :‬ﻓﻲ ﺼﻠﺔ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺒﺎﻟﺴﺤﺭ‪ ،‬ﺹ‪.31‬‬ ‫‪807‬‬

‫‪ -‬ﻀﻴﻑ‪ ،‬ﺸﻭﻗﻲ‪ :‬ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ )ﺍﻟﻌﺼﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ(‪ -‬ﻁ‪ -7‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ‪ ،‬ﻤﺼﺭ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ‪1960 ،‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪.196‬‬ ‫‪808‬‬

‫‪ -‬ﻋﺒﺩ ﺍﷲ‪ ،‬ﻤﺤﻤﺩ ﺼﺎﺩﻕ ﺤﺴﻥ‪ :‬ﺨﺼﻭﺒﺔ ﺍﻟﻘﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﻭﻤﻌﺎﻨﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﺘﺠﺩﺩﺓ‪ -‬ﻁ‪ -2‬ﺩﺍﺭ ﺇﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻜﺘـﺏ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴـﺔ‬ ‫‪809‬‬

‫ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ‪1977 ،‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪.78-77‬‬

‫‪149‬‬
‫تعبي راً واقعي اً‪ ،‬وترجم ة حس ية لم ا يع يش ح ولھم؛ وذل ك إليم انھم بوج ود الج ن‪ ،‬ورؤي تھم لھ ا‪،‬‬

‫ومخاطبتھم إياھا)‪.(810‬‬

‫وإذا عدنا إلى الحديث عن أشعار الجن‪ ،‬فإننا نج ُد كثيراً من القص ص الت ي تُ ْخبِ ر ع ن نظ م‬

‫الجن للشعر‪ ،‬ومخاطبة البشر به‪ ،‬وھتافھا به ف ي األح داث الكب رى والمناس بات‪ ،‬وال نس تغرب م ن‬

‫أن األساطير العربية القديمة‪ ،‬تنسب أشعاراً إلى إبليس أبي الجن )‪ .(811‬وھ ذا ب دوره‬
‫ذلك؛ إذا علمنا ّ‬

‫اف لي ُر ﱠد عل ى م ا ج اء ب ه " محم د ص ادق" فالش عر موج ود‪ ،‬من ذ أن وج د آدم "علي ه الس الم"‬
‫ك ٍ‬
‫وإبليس‪ ،‬وإن كان ت أش عارھم مج االً للش ك‪ ،‬إال أنھ ا تب ين ق درة إبل يس عل ى نظ م الش عر‪ ،‬وتوض ح‬

‫الدور الذي لعبه في قصة سيدنا آدم‪ ،‬وخروجه من الجن ة‪،‬وإن كان ت م ن نظم ه؛ فإنھ ا تثب ت وراث ة‬
‫المواھب األدبية‪ ،‬وتؤكد ق درة الج ن عل ى نظ م الش عر‪ ،‬وإن ك ان م ا ينس ب إليھ ا م ن الش عر يت ّس م‬

‫بالض عف‪ ،‬ب دليل م ا قالت ه تخب ر ب ه ع ن قتلھ ا ح رب ب ن أمي ة )‪ ،(812‬وم ا ورد عل ى لس ان جوش ن‬

‫الكالبي يشير إلى تف ّوق اإلنس على الجن‪ ،‬في ك ل ش يء؛ مم ا أعط ى اإلنس ان الس يادة ف ي الك ون‪،‬‬
‫)‪(813‬‬
‫وھو‪:‬‬

‫)الوافر(‬ ‫أَفُو ُ‬
‫ق بِھا قَوافي كل ِﱠ◌ ِج ﱠن‬ ‫ت قَوْ الً‬ ‫فأ ُ ْق ِس ُم لو بَقي ُ‬
‫ْت لَقُ ْل ُ‬

‫فال عجب إذن‪ ،‬أن نجد كثيراً من األش عار تنس ب إل ى الج ن والش ياطين‪ ،‬وتب ين الھ دف أو‬

‫المناسبة التي قيلت فيھا‪ ،‬فقد بشرت بمولد كثير من الشعراء قبل أن يول دوا‪ ،‬م ن ذل ك ش اعر تغل ب‬

‫)عمرو بن كلثوم( ال ذي يحك ى أن ج ده المھلھ ل عن دما ول دت ل ه ليل ى‪ ،‬ق ال المرأت ه ھن د‪ :‬اقتليھ ا‪،‬‬
‫)‪(814‬‬
‫فأمرت ھند الخدم بإخفائھا‪ ،‬فلما نام ھتف به ھاتف‪ ،‬ينشد شعراً‪:‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.78‬‬ ‫‪810‬‬

‫‪ -‬ﺠﻤﻬﺭﺓ ﺃﺸﻌﺎﺭ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﺹ‪ ،26‬ﻓﻲ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﻤﻴﺜﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﺹ‪.255‬‬ ‫‪811‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،207/6 ،‬ﻤﺭﻭﺝ ﺍﻟﺫﻫﺏ‪.141/2 ،‬‬ ‫‪812‬‬

‫‪ -‬ﺒﺩﻭﻱ‪ ،‬ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺤﻤﻥ‪ :‬ﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﺭﻗﻴﻥ ﺤﻭل ﺼﺤﺔ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺘﺭﺠﻤﺔ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺤﻤﻥ ﺒـﺩﻭﻱ‪ -‬ﻁ‪ -1‬ﺩﺍﺭ‬ ‫‪813‬‬

‫ﺍﻟﻌﻠﻡ ﻟﻠﻤﻼﻴﻴﻥ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪ ،1979 ،‬ﺹ‪.245‬‬


‫‪ -‬ﻋﻤﺭﻭ ﺒﻥ ﻜﻠﺜﻭﻡ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺇﻤﻴل ﺒﺩﻴﻊ ﻴﻌﻘﻭﺏ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪ ،‬ﻟﺒﻨﺎﻥ‪1424 ،‬ﻫـ‪2004-‬ﻡ‪،‬‬ ‫‪814‬‬

‫ﺹ‪.122-121‬‬

‫‪150‬‬
‫)‪(815‬‬
‫)الرجز(‬ ‫َوسيﱠ ٍد َش َمــــر َدلْ‬ ‫َك ْم ِم ْن فَت ًى يُؤ ﱠملْ‬

‫ت ُمھَ ْلـَھلْ‬
‫بطن بِ ْن ِ‬
‫في ِ‬ ‫َو ُع ﱠد ٍة ال تُجْ ھَلْ‬

‫وعندما استيقظ‪ ،‬س أل ع ن البن ت‪ ،‬وطل ب العناي ة بھ ا‪ ،‬ث م تزوجھ ا "كلث وم ب ن مال ك"‪ ،‬فلم ا حمل ت‬
‫)‪(816‬‬
‫)الرجز(‬ ‫ت في المنام‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫بعمرو ابن كلثوم‪ ،‬قالت‪ :‬إنه أتاني آ ٍ‬

‫يُق ِد ُم إِقدا َم األَ َس ْد‬ ‫ك لَيْل َى ِم ْن َولَ ْد‬


‫يا لَ ِ‬

‫أقو ُل قِيالً ال فَن ْد‬ ‫ِم ْن ج ٍ‬


‫ُشم في ِه ال َعدد‬

‫فولدت غالما ً أسمته عمراً‪ ،‬فلما أتت عليه سنة‪ ،‬قالت‪ :‬أت اني ذل ك اآلت ي ل يالً‪ ،‬وأش ار إل ى الص بي‪،‬‬
‫)‪(817‬‬
‫وقال‪:‬‬

‫ريم النﱠ َج ِر‬


‫بِما ِج ِد ال َج ﱠد َك ِ‬ ‫َمرو‬ ‫إنّي َز ِعي ٌم لَ ِ ُ‬
‫ك أ ﱠم ع ِ‬

‫ب َشدي ِد األَ ِ‬
‫اص أَترا ٍ‬
‫)‪(818‬‬
‫سر‬ ‫َو ﱠ‬
‫ق◌َ ِ‬ ‫أشج َع ِمن ِذي لَبِ ٍد ھ َْزبَ ٍر‬

‫يسو ُدھُم فِي خَمس ٍة وع ِ‬


‫َشر‬

‫يبدو أن الشعراء ُرسُل الجن إلى البشر‪ ،‬مما يزيد من مكانة الش اعر‪ ،‬ف الجن تھت ف ش عراً‪،‬‬

‫يبشر بميالدھم‪ ،‬وتتابع أخبار حياتھم‪ ،‬فكانت أخبار عمرو بن كلثوم‪ ،‬كما قالت الجن‪.‬‬

‫وقد شاع أس لوب ح وار الج ن واإلن س ش عراً‪ ،‬م ن ذل ك م ثالً‪ ،‬قص ة "عبي د ب ن األب رص و‬

‫الش جاع" ح ين وج ده ف ي طريق ه‪ ،‬وق د احترق ت جنب اه م ن ش دة الح ر والعط ش)‪ ،(819‬وزعم وا أن‬
‫امرؤ القيس كانت له قصائد‪ ،‬ومطارحات مع عمرو الجن ّي)‪.(820‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺸﹶﻤﺭﺩل‪ :‬ﺍﻟﻔﺘﻲ ﺍﻟﻘﻭﻱ‪ ،‬ﺍﻟﺤﺴﻥ ﺍﻟﹸﺨﻠﻕ‪.‬‬ ‫‪815‬‬

‫‪ -‬ﻋﻤﺭﻭ ﺒﻥ ﻜﻠﺜﻭﻡ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.122-121‬‬ ‫‪816‬‬

‫‪ -‬ﻋﻤﺭﻭ ﺒﻥ ﻜﻠﺜﻭﻡ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.122-121‬‬ ‫‪817‬‬

‫ﺥ‪.‬‬
‫‪ -‬ﺍﻟﻠﺒﺩ‪ :‬ﺸﻌﺭ ﺍﻷﺴﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﻋﻠﻰ ﻜﺘﻔﻴﻪ‪ ،‬ﺍﻟﻭﻗﺎﺹ‪ :‬ﺍﻟﻜﺜﻴﺭ ﺍﻟﻜﺴﺭ ﻭﺍﻟﺩﻕ‪ ،‬ﺸﺩﻴﺩ ﺍﻷﺴﺭ‪ :‬ﻤﻌﺼﻭﺏ ﺍﻟﺨﻠﻕ ﻏﻴﺭ ﻤﺴﺘﺭ ﹴ‬ ‫‪818‬‬

‫‪ -‬ﻴﻨﻅﺭ‪ ،‬ﺃﺤﺩﺍﺙ ﺍﻟﻘﺼﺔ‪ ،‬ﻋﺒﻴﺩ ﺒﻥ ﺍﻷﺒﺭﺹ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.15‬‬ ‫‪819‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪.120/9 ،‬‬ ‫‪820‬‬

‫‪151‬‬
‫ي ال ذي ظھ ر بص ورة‬
‫وتظھر المحاورة الشعرية‪ ،‬من خالل المعركة التي دارت بين الجن ﱠ‬
‫الظليم‪ ،‬وعبيد بن الحمارس‪ ،‬حين اقتحم مكاناً‪ ،‬فحذرته نساؤه الجن من أھله)‪ ،(821‬وتب دو أيض ا ً ف ي‬

‫قصة المثل القائل‪ :‬الح ّمى أضرعتني للنوم‪ ،‬وما جرى ب ين الجن ي ال ذي اختط ف األخ وين "م رارة‬

‫ومرة" وأخيھما مرير الذي ذھب يبحث عنھما)‪.(822‬‬

‫أن ما حدث مع "تأبط شراً" والغول بوصفھا جنسا ً من الجن والش يطان‪ ،‬أو س احرة‬
‫وأظن ّ‬

‫الجن‪ ،‬يؤكد محاورة الشاعر معھا‪ ،‬وإن لم تظھر شخصية الغول بشكل مباشر)‪.(823‬‬

‫وقد نسب إلى الجن قدرتھا عل ى تحوي ل اإلنس ان إل ى ش اعر ف ي س رعة ھائل ة‪ ،‬وذل ك م ن‬

‫خالل ما تلقيه في روع ه‪ ،‬كم ا ح دث م ع عبي د ب ن األب رص‪" ،‬إذ يحك ى أن ه أقب ل ذات ي وم‪ ،‬ومع ه‬
‫غنيم ة ل ه‪ ،‬ومع ه أخت ه ماوي ة لي ورد غنم ه‪ ،‬فمنع ه رج ل م ن بن ي مال ك ب ن ثعلب ة‪ ،‬ف انطلق حزين ا ً‬

‫مھموماً؛ لم ا ص نع ب ه الم الكي‪ ،‬حت ى أت ى ش جرات‪ ،‬فاس تظل ھ و وأخت ه تح تھن‪ ،‬فنام ا‪ ،‬ف زعم أن‬

‫المالكي نظر إليه نائماً‪ ،‬وأخته عل ى جنب ه‪ ،‬فأس اء الظ ن ب ه واتھم ه‪ ،‬فس معه "عبي د ب ن األب رص"‪،‬‬

‫فساءه ذلك‪ ،‬فرف ع يدي ه نح و الس ماء‪ ،‬فابتھ ل‪ ،‬فق ال‪ :‬اللھ م إن ك ان ھ ذا ظلمن ي‪ ،‬ورم اني بالبھت ان‪،‬‬

‫ت ف ي المن ام بكب ٍة م ن ش عر‪ ،‬حت ى ألقاھ ا‬


‫فأدلني منه‪ ،‬ثم نام‪ ،‬ولم يكن يقول الشعر قبل ذلك‪ ،‬فأتاه أ ٍ‬
‫)‪(824‬‬
‫في فيه‪ ،‬ثم قال له‪ :‬قم‪ ،‬فقام وھو يرتجز ببني مالك‪ ،‬وكان يقال لھم بنو الزنية‪ ،‬فقال‪:‬‬

‫)الرمل(‬ ‫)‪(825‬‬
‫لَ ُك ْم الوْ ي ُل ِبسرْ ِ‬
‫بال ُحجُر‬ ‫أَيَا بَني ال ﱠزنيّ ِة َما َغ ّر ُكم‬

‫واستمر بعد ذلك في الشعر‪ ،‬فكان شاعر بني أسد ب ال من ازع‪ ،‬ويب دو أن ش يطانه ھبي د ھ و‬

‫الذي ألقى إليه ذلك؛ ألن ما يلقى للشعراء‪ ،‬يسمى عسﱡ الھبيد‪.‬‬

‫وتقت رب ھ ذه القص ة م ن قص ة "س كيلوس" اليون اني" إذ يق ال إن ه ب دأ يق ول الش عر بمث ل ھ ذه‬

‫الطريقة")‪ ،(826‬وھذا يؤكد تماثل المعتقدات‪ ،‬وإيمان كل منھا‪ ،‬أن مصدر الشعر ھو قوى خفية‪.‬‬

‫‪ -‬ﻴﻨﻅﺭ‪ ،‬ﺃﺤﺩﺍﺙ ﺍﻟﻘﺼﺔ‪ ،‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪.356/2 ،‬‬ ‫‪821‬‬

‫‪ -‬ﻴﻨﻅﺭ‪ ،‬ﺃﺤﺩﺍﺙ ﺍﻟﻘﺼﺔ‪ ،‬ﻤﺠﻤﻊ ﺍﻷﻤﺜﺎل‪.256-255/1 ،‬‬ ‫‪822‬‬

‫‪ -‬ﺘﺄﺒﻁ ﺸﺭﹰﺍ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.207-206‬‬ ‫‪823‬‬

‫‪ -‬ﻋﺒﻴﺩ ﺒﻥ ﺍﻷﺒﺭﺹ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.14‬‬ ‫‪824‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺯﻨﻴﺔ‪ :‬ﺤﻲ ﻤﻥ ﺃﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ .‬ﺍﻟﺴﺭﺒﺎل ‪ :‬ﺍﻟﻘﻤﻴﺹ‪ ،‬ﺍﻟﺤﺠﺭ‪ :‬ﻤﺎﻻ ﻴﺤل ﺍﻨﺘﻬﺎﻜﻪ‪.‬‬ ‫‪825‬‬

‫‪152‬‬
‫وقد أورد القرشي قصيدة‪ ،‬نسبھا إلى ھاتف‪ ،‬ألقاھا في روع رجل‪ ،‬خ اف م ن الح رث اب ن‬

‫ذي ش داد مل ك الجاھلي ة‪ ،‬وك ان ق د طلب ه ف أعجزه‪ ،‬حت ى إذا جن ه اللي ل‪ ،‬فاستض اف إل ى كھ ف ف ي‬
‫)‪(827‬‬
‫)المنسرح(‬ ‫ت قد أتاه‪ ،‬فقعد عند رأسه‪ ،‬وأنشأ يقول‪:‬‬
‫جبل‪ ،‬فأخذته عينه‪ ،‬فإذا ھو بآ ٍ‬

‫ال ﱠدھ َر في ِه لديــ َ‬


‫ك ُمعْتبرْ‬ ‫ب ّ‬
‫إن‬ ‫ال ﱠدھ ُر يأتي َ‬
‫ك بالعجائـ ِ‬

‫عندي ل َم ْن يَستزي ُدھا الخبرْ‬


‫ِ‬ ‫ب‬ ‫إنّي زعي ٌم بِقِ ﱠ‬
‫ص ٍة عَــ َج ٍ‬

‫أيا ُم ﱠ‬
‫إن القضا َء يُنـْــتَظرْ‬ ‫تَأْتي بِتَص ِديقھا الﱠليالي والـ‬

‫عار عل ى ألس نة الج ن‪ ،‬أن الش عر ال ذي ينس ب‬


‫يبدو من خالل استعراضنا‪ ،‬لما ورد م ن أش ٍ‬
‫إل ى الج ن ض عيف‪ ،‬ال يلي ق بمنزلتھ ا ف ي ع الم األدب عام ة‪ ،‬والش عر خاص ة‪ ،‬وال بمق درتھا‪ ،‬وإذا‬

‫كان ت القص ص ض عيفة النس ج أحيان اً‪ ،‬بادي ة الس خف أحيان ا ً أخ رى‪ ،‬فألنھ ا ل م تنض ج م ن الناحي ة‬

‫الفني ة‪ ،‬ول م يك ن ي راد بھم ا ذات القص ة‪ ،‬وإنّم ا أري د بھ ا غاي ات مختلف ة‪ ،‬بعض ھا دين ي‪ ،‬كإخبارھ ا‬

‫بن زول النب ي "ص لى ﷲ علي ه وس لم"‪ ،‬وانتص ار المس لمين ف ي ب در‪ ،‬وبعض ھا سياس ي‪ ،‬أو قبل ي‪،‬‬

‫كبك اء الج ن عل ى ش ھداء ال َح رﱠة‪ ،‬وق د يك ون للعام ل األدب ي أث ٌر ف ي كتاب ة ھ ذه القص ص‪ ،‬وتل ك‬

‫األشعار)‪.(828‬‬

‫وقد أشار الشھرستاني إلى ھذه العوامل‪ ،‬فجعل أخبار الج ن ف ي س ورة )الج ن(‪ ،‬وغيرھ ا‪،‬‬
‫س ببا ً ف ي كثي ر م ن الش عر المنس وب إليھ ا‪ ،‬إذ يق ول‪" :‬فل م يك د القصّاص ون وال رواة يق رأون ھ ذه‬

‫السورة‪ ،‬حتى ذھبوا في تاويلھا كل مذھب‪ ،‬واستغلوھا استغالالً ال حد له‪ ،‬وأنطقوا الج ن بض روب‬

‫من الشعر‪ ،‬وفنون من السجع" )‪.(829‬‬

‫‪ -‬ﺸﻴﺎﻁﻴﻥ ﺍﻟﺸﻌﺭﺍﺀ‪ ،‬ﺹ‪.60‬‬ ‫‪826‬‬

‫‪ -‬ﺠﻤﻬﺭﺓ ﺃﺸﻌﺎﺭ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﺹ ‪.52 – 51‬‬ ‫‪827‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺠﺎﺤﻅ‪ :‬ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻭﺍﻟﺘﺒﻴﻴﻥ‪.75/1 ،‬‬ ‫‪828‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺸﻬﺭﺴﺘﺎﻨﻲ‪ ،‬ﺃﺒﻭ ﺍﻟﻔﺘﺢ ﻤﺤﻤﺩ ﺒﻥ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻜﺭﻴﻡ‪ :‬ﺍﻟﻤﻠل ﻭﺍﻟﻨﺤل‪ -‬ﻁ‪ -2‬ﺼﺤﺤﻪ ﻭﻋﻠﹼﻕ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﺤﻤﺩ ﻓﻬﻤـﻲ ﻤﺤﻤـﺩ‪ ،‬ﺩﺍﺭ‬ ‫‪829‬‬

‫ﺍﻟﻜﺘﺏ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪ ،‬ﻟﺒﻨﺎﻥ‪1413 ،‬ﻫـ‪1992-‬ﻡ‪ ،‬ﺤﺎﺸﻴﺔ ‪.674/ 1‬‬

‫‪153‬‬
‫ويؤكد ذلك أيضا ً ما أورده الجاحظ‪ ،‬إذ أثبت من خالله‪ّ ،‬‬
‫أن كل ما ورد من أخبار عن الجن‬
‫وغيرھا من باب الخرافات‪ ،‬والمزاعم التي ال أصل لھا‪ ،‬ألنه يقول زعموا‪ ،‬ويزعمون)‪.(830‬‬

‫ومھما يكن من أمر‪ ،‬ف إن الش عراء ك انوا يعتق دون‪،‬أن ش عرھم أح رف ناري ة‪ ،‬تلق ي بھ ا الج ن عل ى‬
‫ألسنتھم‪ ،‬وأنھم إنّما يتناولون من الغيب‪ ،‬فھم فوق أن يُعدوا من الناس‪ ،‬ودون أن يُحس بوا م ن الج ن‬
‫)‪.(831‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪.186/6 ،‬‬ ‫‪830‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺭﺍﻓﻌﻲ‪ :‬ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺁﺩﺍﺏ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪.58/3 ،‬‬ ‫‪831‬‬

‫‪154‬‬
‫المبحث السابع‬

‫الجن والكھانة والسحر‬

‫تعتب ر الكھان ة م ن األم ور الت ي ارتبط ت ب الجن‪ ،‬وھيمن ت عل ى عقلي ة الج اھليين‪ ،‬واتص لت‬

‫بمج رى حي اتھم‪ ،‬وتعن ي اس تخدام الج ن ف ي معرف ة األم ور الغيبي ة‪ ،‬والتنب ؤ واس تطالع الغي ب‬

‫بوساطتھم )‪ ،(832‬فكان الج اھليون إذا ن اب أح دھم أم ٌر يري د معرف ة داخليت ه أو مس تقبله‪ ،‬ذھ ب إل ى‬
‫الكاھن‪ ،‬فأخبره بما يھمه‪ ،‬وكانوا "يعتقدون أن لكل كاھن ص احبا ً م ن الج ن‪ ،‬يحض ر إلي ه‪ ،‬فيخب ره‬
‫بما يري د‪ ،‬أو ش يطانا ً يخب ره ب ه")‪ّ " ،(833‬‬
‫وأن الش ياطين تس ترق الس مع‪ ،‬وتلقي ه عل ى ألس نة الكھ ان؛‬

‫فيؤدون إلى الناس األخبار‪ ،‬بحسب ما ترد إليھم")‪.(834‬‬

‫فالكھنة " قوم لھم أذھان حادة‪ ،‬ونفوس شريرة‪ ،‬وطباع نارية‪ ،‬فألفتھم الشياطين؛ لما بي نھم‬

‫م ن التناس ب ف ي ھ ذه األم ور‪ ،‬وس اعدتھم بك ل م ا تص ل ق درتھا إلي ه")‪ ،(835‬فك أن خض وع الن اس‬

‫للكھنة‪ ،‬ب دافع تحقي ق منفع ة لھ م‪ ،‬ق د ال يخ رج ع ن ھ دف ج وھري‪ ،‬ھ و دف ع غوائ ل ال دھر ع نھم‪،‬‬
‫والتي ال يقدر عليھا بحسب زعمھم إال الكھنة‪ ،‬وما يتفرع ع نھم م ن أم ور جانبي ة أخ رى‪ ،‬وتص بﱡ‬

‫ف ي مح ور محافظ ة اإلنس ان عل ى حيات ه‪ ،‬والتمت ع باالس تقرار والھن اء‪ ،‬ور ّد الش ر أي ا ً ك ان‬

‫مصدره)‪.(836‬‬

‫وقد لَبس أمر الرسول "عليه السالم" عل ى المش ركين؛ فنعت وه بالس حر‪ ،‬ورم وه ب الجنون‪،‬‬

‫وقالوا إن له رئيا أو تابعا ً ً◌ من الجن‪ ،‬فخلط وا ب ين ال َملَ ك والرئ ي‪ ،‬وھ ذا م ا ذھب ت إلي ه الخراف ات‬
‫العربية‪ ،‬من ّ‬
‫أن الكاھن ھو الصورة المش ّوھة للنبي في التراث اليھ ودي‪ ،‬فھ و يع رف حك م الغي ب‪،‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻭﺕ‪ :‬ﻓﻲ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﻤﻴﺜﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﺹ ‪.231‬‬ ‫‪832‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻭﺍﻟﺘﺒﻴﻴﻥ‪ ،289/1 ،‬ﻨﻬﺎﻴﺔ ﺍﻷﺭﺏ ﻓﻲ ﻓﻨﻭﻥ ﺍﻷﺩﺏ‪.128/3 ،‬‬ ‫‪833‬‬

‫‪ -‬ﻤﺭﻭﺝ ﺍﻟﺫﻫﺏ‪) ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺏ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ(‪.186/2 ،‬‬ ‫‪834‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻠل ﻭﺍﻟﻨﺤل‪ ،‬ﺤﺎﺸﻴﺔ‪.674/1 ،‬‬ ‫‪835‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻨﻌﻴﻤﻲ‪ :‬ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪ ،‬ﺹ‪.98‬‬ ‫‪836‬‬

‫‪155‬‬
‫ويتنب أ بم ا س يحدث مس تقبالً‪ ،‬والف رق بينھم ا‪ ،‬أن النب ي يس تلھم المالئك ة‪ ،‬والك اھن يس تلھم‬

‫الشياطين)‪.(837‬‬

‫فالشياطين ھم أصحاب الكھنة‪ ،‬ورع اتھم يتكلم ون بألس نتھم‪،‬والقرآن الك ريم خي ر مص در‪،‬‬

‫أش ار إل ى حقيق ة وج ود الكھ ان‪ ،‬ف ي المجتم ع الج اھلي‪ ،‬ورد عل ى م زاعم المش ركين‪ ،‬بقول ه‪:‬‬

‫"‪ (838)" ∩⊄®∪ AβθãΖøgxΧ Ÿωuρ 9⎯Ïδ%s3Î/ y7În/u‘ ÏMyϑ÷èÏΖÎ/ |MΡr& !$yϑsù öÅe2x‹sù‬وقول ه تع الى ‪…çμ¯ΡÎ)" :‬‬
‫‪4 9⎯Ïδ%x. ÉΑöθs)Î/ Ÿωuρ ∩⊆⊇∪ tβθãΖÏΒ÷σè? $¨Β Wξ‹Î=s% 4 9Ïã$x© ÉΑöθs)Î/ uθèδ $tΒuρ ∩⊆⊃∪ 5ΟƒÌx. 5Αθß™u‘ ãΑöθs)s9‬‬

‫‪." (839) ∩⊆⊄∪ tβρã©.x‹s? $¨Β Wξ‹Î=s%‬‬

‫وھكذا قرن القرآن الكريم الكھانة بالجنون؛ وذلك لم ا لك ل منھم ا م ن عالق ة ب الجن‪ ،‬ونف ى‬
‫عن رسول ﷲ تھمة الكھانة‪.‬‬

‫والكھان ة أن واع ت دور ح ول الج ن وتتعل ق بھ ا‪ ،‬فمنھ ا م ا يتلقون ه م ن الج ن مباش رة‪ ،‬إذ‬

‫تص عد الج ن إل ى جھ ة الس ماء‪ ،‬فيرك بُ بعض ھا ف وق بع ض‪ ،‬إل ى أن ي دنو األعل ى بحي ث‬

‫يسمع الكالم؛ فيلقيه إلى الذي يليه‪ ،‬إلى أن يتلقاه من يلي ه‪ ،‬ويلقي ه ف ي أذن الك اھن‪ ،‬فيزي د في ه‪ ،‬فھ ي‬

‫إذن قائمة على استراق الجنّي السم َع‪ ،‬وإلقائه ف ي أذن الك اھن‪ ،‬ث م م ا لبث ت الس ماء أن حرس ت م ن‬
‫الشياطين‪ ،‬وأرسلت عليھم الشھب‪ ،‬وذلك بعد بعثة النبي "عليه الس الم"‪ ،‬فل م يب ق م ن اس تراقھم إالّ‬

‫ما يتخطفه األعلى‪ ،‬فيلقيه إلى األسفل‪ ،‬قبل أن يصيبه الشھب)‪.(840‬‬

‫ويؤكد القرآن الكريم تل ك الحقيق ة بقول ه‪⎯yϑsù ( Æìôϑ¡¡=Ï9 y‰Ïè≈s)tΒ $pκ÷]ÏΒ ß‰ãèø)tΡ $¨Ζä. $¯Ρr&uρ " :‬‬

‫„‪AΟŠÅ_§‘ 9⎯≈sÜø‹x© Èe≅ä. ⎯ÏΒ $yγ≈uΖôàÏymuρ "،(841)" ∩®∪ #Y‰|¹§‘ $\/$pκÅ− …çμs9 ô‰Ågs† tβFψ$# ÆìÏϑtGó¡o‬‬
‫∪∠⊇∩ )‪ ،(842) " ∩⊇∇∪ ×⎦⎫Î7•Β Ò>$pκÅ− …çμyèt7ø?r'sù yìôϑ¡¡9$# s−utIó™$# Ç⎯tΒ ωÎ‬ويتض ح ذل ك م ن خ الل م ا‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ ‪762/6 ،‬‬ ‫‪837‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻁﻭﺭ‪ ،‬ﺁﻴﺔ ‪.29‬‬ ‫‪838‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﺎﻗﺔ‪ ،‬ﺁﻴﺔ ‪.42-40‬‬ ‫‪839‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤِﻠل ﻭﺍﻟ ِﻨﺤَل‪ ،‬ﺤﺎﺸﻴﺔ ﺹ‪674‬‬ ‫‪840‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺠﻥ‪ ،‬ﺁﻴﺔ ‪.9‬‬ ‫‪841‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﺠﺭ‪ ،‬ﺁﻴﺔ ‪.18-17‬‬ ‫‪842‬‬

‫‪156‬‬
‫قال ه عب د ﷲ ب ن عم رو‪ " :‬لم ا ك ان الي وم ال ذي نب ئ ب ه رس ول ﷲ‪ ،‬منع ت الش ياطين‪َ ،‬ورُم وا‬

‫بالشھب")‪.(843‬‬

‫)‪(844‬‬
‫)الكامل(‬ ‫وقد أشار أمية بن أبي الصلت إلى ھذا المعنى بقوله‪:‬‬

‫)‪(845‬‬ ‫َورُوا ُغھا شتﱠى إِذا َما تُ ْ‬


‫ط َر ُد‬ ‫اطينَا ً تَر ُو ُ‬
‫غ ُمضافَهً‬ ‫َوتَرى َشيَ ِ‬

‫)‪(846‬‬
‫َو َكوا ِكبٌ تُر َمى بھا فَتُ َع ﱠر ُد‬ ‫تُ ْلقى َعلَ ْيھَا في السﱠما ِء َمذلﱠةً‬

‫ومن الكھانة‪ ،‬ما يخب ر ب ه الجن ﱡي م ن يوالي ه‪ ،‬بم ا غ اب ع ن غي ره‪ ،‬بم ا ال يطل ع علي ه م ن‬

‫ُب منه‪ ،‬وال من بع د)‪ ،(847‬واختل ف ف ي مص در اس تطالع الغي ب‪ ،‬فم ن ك ان يعتق د التوحي د نس به‬
‫قَر َ‬
‫إلى أفواه المالئك ة‪ ،‬وم ن ك ان م ن عب دة األص نام‪ ،‬اعتق د حل ول األرواح المج ردة داخ ل األص نام‪،‬‬

‫وقدرة الكاھن على مخاطبتھا)‪ ،(848‬ألنه إنسان غير طبيعي‪ ،‬وذو ص لة باآللھ ة والج ن‪ ،‬وھ ذا يؤك د‬

‫ما ذھبوا إليه‪ ،‬من "أنھم كانوا يسمعون من أجواف األصنام ھمھمة")‪ ،(849‬م ن ذل ك م ا ي روى ع ن‬

‫صنم اسمه ضمار‪ ،‬للعباس بن مرداس‪ ،‬كان أبوه قد أوصاه بعبادته‪ ،‬وبقي كذلك‪ ،‬إلى أن ظھر أم ر‬
‫)‪(850‬‬
‫رس ول ﷲ علي ه الس الم‪ ،‬فس مع العب اس ص وتاً‪ ،‬يخاطب ه ش عراً م ن ج وف الص نم‪ ،‬ق ائالً‪:‬‬

‫)الكامل(‬

‫ك األَن يسُ َو َع َ‬
‫اش أھ ُل‬ ‫ھَلَ َ‬ ‫قُلْ ْللقَ ِ‬
‫بائل ِم ْن َسلَ ٍيم كل ِﱠ◌ھا‬
‫ال َمسْج ِد‬

‫ابن َمرْ ي َم ِم ْن قُري ٍ‬


‫ش ُم ْھتَ ٍد‬ ‫بَع َد ِ‬ ‫ث النﱡب ﱠوةَ والھُدى‬
‫إن الذي َو َر َ‬
‫ّ‬

‫‪ -‬ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﻤﺎﺩﺓ)ﺩﺭﺃ(‪.‬‬ ‫‪843‬‬

‫‪ -‬ﺃﻤﻴﺔ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.54‬‬ ‫‪844‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻀﺎﻑ‪:‬ﺍﻟﺨﺎﺌﻑ ﺍﻟﻤﻠﺠﺄ‪.‬‬ ‫‪845‬‬

‫‪ -‬ﺘﻌ َّﺭﺩ ‪ :‬ﺍﻹﺤﺠﺎﻡ ﻭﺍﻟﻔﺭﺍﺭ ‪.‬‬ ‫‪846‬‬

‫‪ -‬ﺸﻴﺎﻁﻴﻥ ﺍﻟﺸﻌﺭﺍﺀ‪ ،‬ﺹ ‪.71‬‬ ‫‪847‬‬

‫‪ -‬ﺯﻴﺩﺍﻥ‪ ،‬ﺠﺭﺠﻲ‪ :‬ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺁﺩﺍﺏ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﻤﻜﺘﺒﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪ ،‬ﺩ‪.‬ﺕ‪.182/1 ،‬‬ ‫‪848‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﺼﻨﺎﻡ‪ ،‬ﺤﺎﺸﻴﺔ ﺹ ‪ ،12‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪.201/6 ،‬‬ ‫‪849‬‬

‫‪ -‬ﺯﻴﺩﺍﻥ‪ ،‬ﺠﺭﺠﻲ‪ ،‬ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺁﺩﺍﺏ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ‪ ،‬ﻁ‪ ،2‬ﻤﺼﺭ‪ ،‬ﻤﻁﺒﻌﺔ ﺍﻟﻬﻼل‪1924 ،‬ﻡ‪.274/1 ،‬‬ ‫‪850‬‬

‫‪157‬‬
‫ب إلى ﱠ‬
‫الن ِ◌ب ّي ُمح ّم ِد‬ ‫قب َل ال ِكتا ِ‬ ‫أودَى الضﱢمارُ؛ وكانَ يُعْب ُد َم ّرةً‬

‫فالقصة تبين العالقة بين الجن والكھنة‪.‬‬

‫وق د ك ان لك ل قبيل ة ك اھن‪ ،‬يستش يرونه ف ي ح وائجھم‪ ،‬ويحتكم ون إلي ه ف ي خص وماتھم‪،‬‬

‫ويستطبونه في أمراضھم‪ ،‬ويستفتونه فيما أشكل عليھم‪ ،‬ويستفس رون من ه ع ن رؤاھ م‪ ،‬ويس تنبئونه‬

‫مستقبلھم)‪ ،(851‬من ذلك ما حدث مع ال ّزباء – صاحبة جذيمة األب رش‪ -‬وكان ت ق د س ألت كھن ة ع ن‬
‫أمرھا‪ ،‬فقالوا لھا‪ :‬نرى ھالكك بسبب عمرو بن عدي‪ ،‬ولكن حتفك بيدك‪ ،‬فحذرت عمراً‪ ،‬واتخ ذت‬

‫نفق ا ً م ن مجلس ھا إل ى حص ٍن لھ ا داخ ل م دينتھا‪ ،‬وذل ك م ا ل ّم ح إلي ه‪ ،‬المخب ّل الس عدي ف ي إح دى‬
‫)‪(852‬‬
‫)الكامل(‬ ‫قصائده التي يقول فيھا ‪:‬‬

‫الج َما َع فُ َرا ُ‬


‫ق‬ ‫ولك ﱢل َم ْن يَھْوى ِ‬ ‫يَا عمرُو إنّي قد ھَ َوي ُ‬
‫ْت ِج َما َعكَ◌َ ُ◌م‬

‫َم ْن ال يُزاي ُل بَيْنهُ األخال ُ‬


‫ق‬ ‫ُ‬
‫رأيت ال ﱠدھ َر زاي َل بينَهُ‬ ‫بَلْ َك ْم‬

‫ُدو َراً َوم ْشربةً لَھَا أَنَفا ُ‬


‫ق‬ ‫َ‬
‫جعلت لھا‬ ‫طابَ ْ‬
‫ت به ال ﱠزبَا ُء َوقد‬

‫)الوافر(‬ ‫)‪(853‬‬
‫ويتّضح دو ُر الكاھن في قول أُحيحة بن ال َجالﱠح‪:‬‬

‫)‪(854‬‬
‫إذا ما حانَ ِم ْن ربﱢ ◌ٍ أُفُو ُل‬ ‫فَھَلْ ِم ْن كا ِھ ٍن أوذي إلَ ٍه‬

‫)‪(855‬‬
‫ني بِ َما أَقو ُل‬ ‫ُ‬
‫وأرھن◌َ هُ بَ ﱢ‬ ‫يُ َرا ِھنُني فَيرھَنُني بَني ِه‬

‫‪ -‬ﺯﻴﺩﺍﻥ‪ ،‬ﺠﺭﺠﻲ‪ :‬ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺁﺩﺍﺏ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ‪ ، 181/1 ،‬ﺍﻟﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪.764/6 ،‬‬ ‫‪851‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺨﺒل ﺍﻟﺴﻌﺩﻱ‪ :‬ﺤﻴﺎﺘﻪ ﻭﻤﺎ ﺘﺒﻘﻰ ﻤﻥ ﺸﻌﺭﻩ‪ ،‬ﺩﺭﺍﺴﺔ ﻭﺘﺤﻘﻴﻕ‪ ،‬ﺤﺎﺘﻡ ﺍﻟﻀﺎﻤﻥ‪ ،‬ﻤﺠﻠـﺔ ﺍﻟﻤـﻭﺭﺩ‪ ،‬ﻡ‪ ،2‬ﻉ‪1973 ،1‬ﻡ‪،‬‬ ‫‪852‬‬

‫ﺹ‪.128-127‬‬
‫‪ -‬ﺠﻤﻬﺭﺓ ﺃﺸﻌﺎﺭﺍ ﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﺹ ‪.231‬‬ ‫‪853‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻜﺎﻫﻥ‪ :‬ﺍﻟﻌّﺭﺍﻑ‪ ،‬ﺍﻷﻓﻭل‪ :‬ﺃﺭﺍﺩ ﺒﻪ ال ّرب‪ :‬السيّد‪.‬‬ ‫‪854‬‬

‫‪ -‬ﻴﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﻴﻘﻭل‪ :‬ﺇﻥ ﺍﻟﻐﻴﺏ ﻻ ﻴﻌﻠﻤﻪ ﺃﺤﺩ‪ ،‬ﻭﻫﻭ ﻴﺭﺍﻫﻥ ﻋﻠﻰ ﺼﺤﺔ ﻗﻭﻟﻪ‪.‬‬ ‫‪855‬‬

‫‪158‬‬
‫ولقد لعب بعض الشعراء دور الكاھن‪ ،‬الحريص على مصلحة قوم ه‪ ،‬يق دم لھ م النص ح واإلرش اد‪،‬‬

‫ويؤكد ذلك‪ ،‬ما ورد عن أبي ذؤيب الھذلي أنه كان كاھنا ً)‪ (856‬يحتل مكانة مرموقة ف ي قوم ه‪ ،‬وھ ذا‬
‫)‪(857‬‬
‫)الطويل(‬ ‫ما أشار إليه ابن عمه خالد في قوله‪:‬‬

‫ض ْ‬
‫اقت بأ ْم ٍر صُدورُھا‬ ‫إَ ْلي َ‬
‫ك إذا َ‬ ‫َو ُكنتَ إماما ً في ال َعشيَر ِة تَ ْنتھَي‬

‫َوأ ﱠو ُل راضي سنّ ٍة َم ْن يَسيرھا‪.‬‬ ‫فال تَجْ زع َْن من ُسنّ ٍة َ‬


‫أنت ِسرْ تُھا‬

‫ومن الكھان الذين عظم شأنھم؛ ورسم القصّاصون لبعضھم صوراً خيالية "ش ق ب ن انم ار‬

‫ابن نزار )‪ .(858‬وقد كانت صورته توحي بصورة الغول عند العرب‪ ،‬وفي أخباره ما يوحي بص لته‬
‫ب الجن‪ ،‬وم نھم س طيح ب ن م ازن ب ن غس ان ال ذي ك ان ي درج كم ا ي درج الث وب‪ ،‬ال عظ م في ه إالّ‬

‫إن وجھ ه ك ان ف ي ص دره‪ ،‬ول م يك ن ل ه رأس‪ ،‬وال عن ق)‪ ،(859‬وق د أش اد ب ه‬


‫الجمجم ة‪ ،‬ويق ال ّ‬
‫)‪(860‬‬
‫الشعراء‪ ،‬منھم األعشى الذي أق ﱠر بصدق ما يسجع به‪ ،‬بقوله‪:‬‬

‫ئبي ْإذ َس َجعا)‪) (861‬البسيط(‬


‫صدَق ال ﱢذ ﱡ‬
‫َحقّا ً َكما َ‬ ‫شفار َكن ْ‬
‫َظ َرتِھا‬ ‫ذات أَ ٍ‬
‫رت ُ‬‫َما نَظَ ْ‬

‫ب فارْ تَفَعا‬ ‫إِ ْذ يَرْ فَ ُع اآل ُل َر َ‬


‫أس ال َكل ِ‬ ‫ت بِ َكا ِذبَ ٍة‬ ‫ْإذ نَظَ ْ‬
‫رت نَظَرةً لَ ْي َس ْ‬

‫وقد كان للكھنة دور كبير في اإلخبار ع ن الح وادث المس تقبلية‪ ،‬والتبش ير بال دعوة اإلس المية‪ ،‬م ن‬

‫ذلك حادثة إسالم "سواد بن قارب")‪ ،(862‬ومن ھؤالء الكھنة‪ ،‬خنافر بن الت وأم الحمي ري ال ذي ك ان‬

‫‪ -‬ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺤﻤﻥ‪ ،‬ﻨﺼﺭﺕ‪ :‬ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﻭﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺸﻌﺭ ﺃﺒﻲ ﺫﺅﻴﺏ ﺍﻟﻬﺫﻟﻲ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﻜـﺭ ﻟﻠﻨﺸـﺭ ﻭﺍﻟﺘﻭﺯﻴـﻊ‪،‬‬ ‫‪856‬‬

‫ﻋﻤﺎﻥ‪ ،1985 ،‬ﺹ‪.136‬‬


‫‪ -‬ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﻭﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺸﻌﺭ ﺃﺒﻲ ﺫﺅﻴﺏ ﺍﻟﻬﺫﻟﻲ‪ ،‬ﺹ‪.136‬‬ ‫‪857‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﻭﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺸﻌﺭ ﺃﺒﻲ ﺫﺅﻴﺏ ﺍﻟﻬﺫﻟﻲ‪،290/1 ،‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪.281- 278/3 ،‬‬ ‫‪858‬‬

‫‪ -‬ﺯﻴﺩﺍﻥ‪ ،‬ﺠﺭﺠﻲ‪ :‬ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺁﺩﺍﺏ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ‪.182/1 ،‬‬ ‫‪859‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﻋﺸﻰ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.106‬‬ ‫‪860‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺫﺌﺒﻲ‪ :‬ﺴﻁﻴﺢ ﺍﻟﻜﺎﻫﻥ‪ ،‬ﺴﺠﻊ‪ :‬ﺍﻱ ﺘﻨﺒﺄ ﺒﻜﻼﻡ ﻤﺴﺠﻊ‬ ‫‪861‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻤﺎﺴﺔ ﺍﻟﺒﺼﺭﻴﺔ‪ ،355/1 ،‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪.302/3 ،‬‬ ‫‪862‬‬

‫‪159‬‬
‫َرئِيﱡهُ ال يتغيب عنه في الجاھلية‪ ،‬فلما شاع اإلسالم‪ ،‬جاء يدعوه إلي ه‪ ،‬ويثن ي عل ى النب ي "ص لى ﷲ‬

‫عليه وسلم")‪.(863‬‬

‫ومن الحوادث الدالة عل ى إيم ان الج اھليين بالكھن ة‪ ،‬وتص ديقھم م ا يقولون ه‪ ،‬م ا ح دث م ع‬

‫الشاعر "أفن ون التغلب ي" إذ س أل كاھن ا ً ع ن موت ه‪ ،‬ف أخبره‪ ،‬وك ان كم ا ق ال ل ه‪ ،‬وح ين ش عر بِ ُدنﱡ ِو‬

‫أجله‪ ،‬في المكان الذي أشار اليه الكاھن‪ ،‬قال لرفيق له‪ :‬احفر لي قبراً‪ ،‬فإني ميت‪ ،‬ث م تغن ى قب ل أن‬
‫) الطويل(‬ ‫)‪(864‬‬
‫يموت‪ ،‬باكيا ً نفسه‪:‬‬

‫ات ْإذ تَبِ ْعنَ ال َح َو ِ‬ ‫أَالَ لَس ُ‬


‫ْت في َشي ٍء فَرُو َحا ً ُم َع ِ‬
‫)‪(865‬‬
‫ازيَا‬ ‫َوال ال ُم ْشفِقَ ُ‬ ‫اويا‬

‫أن يَرْ َحل ال َح ﱡي ُغ ْد َوةً وأصب َح في أَ ْعلى إآلھَةَ ِ‬


‫َكفَى َحزَنا ً ْ‬
‫)‪(866‬‬
‫ثاويَـا‬

‫لذلك كان الكھنة ھدف األعداء‪ ،‬فھذا علقمة بن السبّاح يسخر بمقتل عمرو بن الجعيد‪ ،‬الكاھن ال ذي‬
‫)‪(867‬‬
‫)السريع (‬ ‫قتل في يوم الكالب الثاني‪ ،‬بقوله‪:‬‬

‫)‪(868‬‬
‫مارنا‬ ‫أُ ْكر ْھ ُ‬
‫ت فيه َخرصا ً ِ‬ ‫رأيت األ ْم َر َم ْخلوجةً‬
‫ُ‬ ‫ل ّما‬

‫ف ُر ْمحي الرﱠج َل ال َكا ِھنا‬


‫ْر ُ‬
‫يَع ِ‬ ‫لت لَهُ‪ُ :‬خ ْذھا‪ ،‬فَإنّي ا ِمرْ ٌؤ‬
‫قُ ُ‬

‫وذلك لما له من قدرات عجيبة‪ ،‬فلماذا يسخر إذا لم يكن للكاھن ح ﱡد التألي ة؟ أل م يك ن يتمت ع بك ل م ا‬
‫)‪(869‬‬
‫يعينه على تمكين فكرة اإلنسان القادر على كل شيء‪.‬‬

‫‪ -‬ﺼﻔﻭﺕ‪ ،‬ﺃﺤﻤﺩ ﺯﻜﻲ‪ :‬ﺠﻤﻬﺭﺓ ﺨﻁﺏ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻓﻲ ﻋﺼﻭﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﺯﺍﻫـﺭﺓ )ﺍﻟﻌﺼـﺭ ﺍﻟﺠـﺎﻫﻠﻲ ﻭﻋﺼـﺭ ﺼـﺩﺭ‬ ‫‪863‬‬

‫ﺍﻹﺴﻼﻡ(‪ ،‬ﺍﻟﻤﻜﺘﺒﺔ ﺍﻟﻌﻠﻴﻤﺔ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪ ،‬ﻟﺒﻨﺎﻥ‪1352 ،‬ﻫـ‪1933-‬ﻡ‪.167 /1 ،‬‬


‫‪ -864‬ﺍﻟﻤﻔﻀﻠﻴﺎﺕ‪ ،‬ﺹ ‪ ،261‬ﺨﺯﺍﻨﺔ ﺍﻷﺩﺏ‪.152-151/11 ،‬‬
‫‪ -‬ﻓﹶﺭﻭﺡ‪ :‬ﻜﺜﻴﺭ ﺍﻟﻔﺭﺡ‪ :‬ﺍﻟﻤﺸﺘﻘﺎﺕ‪ :‬ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﺫﻭﺍﺕ ﺍﻟﺸﻔﻘﺔ‪ ،‬ﺍﻟﺤﻭﺍﺯﻱ‪ :‬ﺍﻟﻜﻭﺍﻫﻥ‪.‬‬ ‫‪865‬‬

‫‪ -‬ﺇﻵﻫﺔ‪ :‬ﻗﺎﺭﺓ ﺒﺴﻤﺎﻭﺓ ﻜﻠﺏ‪.‬‬ ‫‪866‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺜﻨﻰ‪ ،‬ﺃﺒﻭ ﻋﺒﻴﺩ ﻤﻌﻤﺭ‪ :‬ﺃﻴﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪ ،‬ﺠﻤﻊ ﻭﺘﺤﻘﻴﻕ ﻋﺎﺩل ﺠﺎﺴﻡ ﺍﻟﺒﻴﺎﺘﻲ – ﻁ‪ -1‬ﻋﺎﻟﻡ ﺍﻟﻜﺘﺏ‪ ،‬ﻤﻜﺘﺒـﺔ‬ ‫‪867‬‬

‫ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪1407 ،‬ﻫـ‪1987-‬ﻡ‪.87-86/1 ،‬‬


‫ﻥ ﻓﻲ ﺼﻼﺒﺔ‪.‬‬
‫‪ -‬ﻤﺨﻠﻭﺠﺔ ﻏﻴﺭ ﻤﺴﺘﻘﻴﻤﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻤﺎﺭﻥ‪ :‬ﺍﻟﻠﻴ ّ‬ ‫‪868‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺘﺸﻜﻴل ﺍﻟﺨﺭﺍﻓﻲ ﻓﻲ ﺸﻌﺭﻨﺎ ﺍﻟﻘﺩﻴﻡ‪ ،‬ﺹ‪.208‬‬ ‫‪869‬‬

‫‪160‬‬
‫ولم تقتصر الكھانة على الرجال؛ بل لقد كانت النساء أقدر عل ى الكھان ة م ن الرج ال)‪،(870‬‬

‫فق د ورد ع ن "عفي راء" الكاھن ة الحميري ة " أن "مرث داً ب ن عب د ك الل" حش ر الكھ ان؛ ليخب روه‬
‫بتفسير رؤيا‪ ،‬فعجزوا‪ ،‬وكانت أمه قد تكھنت‪ ،‬فقالت له‪ :‬أبي ت اللع ن أيھ ا المل ك ّ‬
‫إن الك واھن أھ دى‬

‫إلى ما تسأل عنه؛ ألن أتباع الكواھن من الجان ألطف وأظرف م ن أتب اع الكھ ان‪ ،‬ولك نھن عج زن‬

‫عن ذل ك‪ ،‬حت ى اھت دى إل ى عفي راء الحميري ة‪ ،‬ففس رت ل ه الرؤي ا‪ ،‬وأراد أن يتزوجھ ا‪ ،‬فرفض ت‪،‬‬
‫)‪(871‬‬
‫إن تابعي غيور‪َ ،‬و ِألمري صبور‪ ،‬وناكحي َم ْثب ُور‪ ،‬والكلف بي ثبور"‪.‬‬
‫وقالت‪ّ :‬‬

‫وھذا يبين مكانة المرأة في الجاھلية‪ ،‬إذ تستطيع أَ ّن تنبئ بالغيب‪ ،‬بفضل أَتباعھا من الج ان‬

‫)‪(872‬؛ ألنھ ا تمتل ك ق وة س حرية‪ ،‬تش ھد لھ ا معتق داتھم‪ ،‬فق د ع رف ع ن الج اھليين‪ ،‬أنھ م ك انوا ف ي‬
‫الحرب‪ ،‬ربما أخرجوا النساء‪ ،‬فبلن بين الصفين‪ ،‬فإن ذلك ف ي رأيھ م يطف ئ ن ار الح رب‪ ،‬ويق ودھم‬

‫إلى السلم‪ ،‬وقد سجل الشعراء ذلك في أشعارھم‪ ،‬من ذلك ما يقوله الشاعر‪ ،‬منكراً قدرة بول النس اء‬
‫)‪(873‬‬
‫على إطفاء نار الحرب‪:‬‬

‫ُور السﱠعالي )الكامل(‬ ‫إذا َغد ْ‬


‫َت في ص ِ‬ ‫ْوال‬ ‫ھيھات ر ﱡد َ‬
‫الخي ِْل باألب ِ‬ ‫َ‬

‫ورغم ذلك‪ ،‬فإن المرأة تمل ك ق درة س حرية‪" ،‬كان ت تض رب بھ ا المحب وب ب الجنون؛ فيفق د‬
‫لبّه‪ ،‬ويتشتت عقله‪ ،‬فيستسلم وينقاد لھا حتى الموت")‪ ،(874‬وفي المقابل كانت تمارس طقسا ً س حريا ً‬

‫من شأنه إم داد الرج ل ب القوة‪ ،‬كم ا لھ ا ق درة الت أثير عل ى الحي وان)‪ ،(875‬فق د أش ار "س ويد ب ن أب ي‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻭﺍﻟﺘﺒﻴﻴﻥ ‪ ،195/1‬ﺠﻤﻬﺭﺓ ﺨﻁﺏ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،116/ 1 ،‬ﺯﻴﺩﺍﻥ‪ ،‬ﺠﺭﺠﻲ‪ :‬ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺁﺩﺍﺏ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ‪.183/1‬‬ ‫‪870‬‬

‫‪ -‬ﺠﻤﻬﺭﺓ ﺨﻁﺏ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪.118/1 ،‬‬ ‫‪871‬‬

‫ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪ 283/3 ،‬ﻭﻤﺎ ﺒﻌﺩﻫﺎ‪ ،‬ﺍﻟﺤﻭﻓﻲ‪ ،‬ﺃﺤﻤﺩ ﻤﺤﻤﺩ‪ :‬ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﻨﻬﻀﺔ ﻤﺼﺭ ﻟﻠﻁﺒﺎﻋـﺔ‬ ‫‪-‬‬ ‫‪872‬‬

‫ﻭﺍﻟﻨﺸﺭ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ‪1980 ،‬ﻫـ‪1409 -‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪ ،407‬ﻭﻤﺎ ﺒﻌﺩﻫﺎ‪.،‬‬


‫‪ -‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪.4/3 ،‬‬ ‫‪873‬‬

‫‪ -‬ﻟﻐﺯ ﻋﺸﺘﺎﺭ‪ ،‬ﺹ‪.252‬‬ ‫‪874‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺩﻴﻙ‪ ،‬ﺇﺤﺴﺎﻥ‪ :‬ﺍﻟﻭﻋل‪ ،‬ﺼﺩﻯ ﺘﻤﻭﺯ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﻤﺠﻠﺔ ﺠﺎﻤﻌﺔ ﺍﻟﻘﺩﺱ ﺍﻟﻤﻔﺘﻭﺤـﺔ ﻟﻸﺒﺤـﺎﺙ ﻭﺍﻟﺩﺭﺍﺴـﺎﺕ‪،‬‬ ‫‪875‬‬

‫‪2003‬ﻡ‪،‬ﻉ‪ ،2‬ﺹ‪.69‬‬

‫‪161‬‬
‫كاھل اليشكري" إلى ذلك‪ ،‬بقوله)‪:(876‬‬

‫)الرمل(‬

‫فَفُؤَادي ك ﱠل أوْ ٍ‬
‫ب ما اجْ تَم ْع‬ ‫َخبﱠلَتني ثُ ﱠم لَ ﱠما ُ‬
‫ت ْ◌شفنِ ِي ِ◌‬

‫)‪(877‬‬
‫س الَيفَ ْع‬ ‫ْ‬ ‫تُ ْن ِز ُل األ ْع َ‬ ‫َو َد َع ْتني بِ ُرقَاھا‪ ،‬إنّھا‬
‫ص َم ِم ْن َرأ ِ‬

‫فھ و يعت رف بأثرھ ا‪ ،‬وي رى أَن ه ل م يس تطع مقاوم ة إغرائھ ا‪ ،‬أو الفك اك م ن أس رھا‪ .‬ول م‬
‫يقتصر تأثيرھا عليه‪ ،‬وإنما تعداه إلى الحيوانات‪.‬‬

‫ونتبين ذلك من خالل ما قامت به المرأة من تعلي ق الخ رز‪ ،‬إذ ن ّوع ت ف ي الخ رزات بتنّ وع‬
‫الغرض‪ ،‬والھدف منھ ا‪ ،‬فھ ي ل م تكت ف بس حرھا الجس دي‪ ،‬وإنّم ا لج أت إل ى الرﱡ ق ى والس حر؛ ك ي‬
‫تؤك د إيمانھ ا المطل ق بق درة ھ ذه الخ رزات ف ي الت أثير عل ى ال زوج‪ ،‬وھ ذا أم ٌر ن اب ٌع م ن وثنيتھ ا‪،‬‬
‫القائمة على عبادة األصنام‪ ،‬ويؤكد ذلك ما قاله "الشمردل" منكراً أثر السﱠلوة "وھي خ رزة بيض اء‬
‫ش فافة‪ ،‬ت دفنھا ف ي الرم ل‪ ،‬ث م تفح ص عنھ ا بإص بعك‪ ،‬حت ى تراھ ا س وداء‪ ،‬فتنقعھ ا ف ي الش راب‪،‬‬
‫ان َع ّم ن يحب ه")‪ ،(878‬وق د اس تخدموھا ف ي مج ال‬
‫ويسقى عليھا الحزين فيسلو‪ ،‬ويُص رف بھ ا اإلنس ُ‬
‫)‪(879‬‬
‫)الكامل(‬ ‫العشق‪ ،‬من ذلك قول احدھم‪:‬‬

‫لخيال بھا أ ُزر‬


‫ِ‬ ‫قا َل ال ُمداوي لِ‬ ‫يت بِ َس ْل َو ٍة فكأنﱠما‬
‫َولَقد ُسقِ ُ‬

‫ومن المعتقدات التي لھا عالق ة بالس حر م ا يُس م ّى بطق س َرم ي البع رة )‪ ،(880‬إذ يق ول أح د‬
‫)‪(881‬‬
‫الشعراء الجاھليين مخاطبا ً امرأته‪ ،‬حاثا ً إياھا على عدم ممارسة ھذا الطقس؛ ألنه ال يفيد‪:‬‬

‫صاةَ َو ْترى )الرجز(‬


‫َروْ ثةَ ِعي ٍْر َو َح َ‬ ‫ال تَ ْقذفي َخ ْلفي إذا الرﱠكبُ اغتدى‬

‫وال التھاوي ُل على ِج ّن الفال‬ ‫لَ ْن ينف َع المقدا َر أسبابُ الرﱡ قى‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻔﻀﻠﻴﺎﺕ‪ ،‬ﺹ‪.192‬‬ ‫‪876‬‬

‫ﺨﺒّﻠﺘﻨﻲ‪ :‬ﻤﻥ ﻗﻭﻟﻬﻡ ﺨﺒﻠﻪ‪ ،‬ﻭﺍﺨﺘﺒﻠﻪ‪ :‬ﺇﺫﺍ ﺃﻓﹾﺴ َﺩ ﻋﻘﻠﻪ‪.‬‬


‫ﺼ ُﻡ‪ :‬ﺍﻟﻭﻋل ﺍﻟﺫﻱ ﻓﻲ ﻴﺩﻩ ﺒﻴﺎﺽ‪ ،‬ﺍﻟﻴﻔﻊ‪ :‬ﺍﻟﻤﺭﺘﻔﻊ‪ ،‬ﹶ‬
‫ﻋ َ‬
‫‪ -‬ﺍﻷ َ‬ ‫‪877‬‬

‫‪ -‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪ ،6/3 ،‬ﺍﻟﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ ‪ ،742/6‬ﻋﺒﻘﺭ‪ ،‬ﺹ‪.118‬‬ ‫‪878‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪.6/3 ،‬‬ ‫‪879‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻨﻭﻴﺭﻱ‪ :‬ﻨﻬﺎﻴﺔ ﺍﻷﺭﺏ ﻓﻲ ﻤﻌﺭﻓﺔ ﻓﻨﻭﻥ ﺍﻷﺩﺏ‪ ،120/3 ،‬ﺍﻟﺒﻁل‪ ،‬ﻋﻠﻲ‪ :‬ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪ ،‬ﺹ‪.50‬‬ ‫‪880‬‬

‫‪ -‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪.120/3 ،‬‬ ‫‪881‬‬

‫‪162‬‬
‫كما اعتبر الجاھليون فَ ْقء عين الفح ل م ن العياف ة؛ وذل ك لحماي ة اإلب ل م ن الحس د‪ ،‬فيق ول‬
‫)‪(882‬‬
‫)الطويل(‬ ‫أحد الشعراء‪:‬‬

‫َوفيِ ِھ ﱠن رعال ُء ال َم َس ِ‬
‫امع وال َحامي‬ ‫فقأت لھا عينَ الفُ َحيل ِعيافةً‬
‫ُ‬

‫فالعيافة من القضايا المرتبطة بالجن؛ إذ "أَن العائف ھو الرجل المت ّكھن‪ ،‬الصادق ال َح ْدس والظ ّن‪،‬‬
‫وبنو أسد يذكرون بالعيافة‪ ،‬ويوصفون بھا‪ ،‬وقَ ْد قيل عنھم ّ‬
‫إن الجن كان ت تس تنجد بھ م حينم ا تض ّل‬
‫إبلھا)‪.(883‬‬

‫ولم يقف دور الكھنة عند ھذا الحد؛ بل تج اوز ذل ك إل ى "احت راف مھن ة الط ب‪ ،‬ومعالج ة‬

‫المرض ى‪ ،‬وذل ك ع ن طري ق ط رد الش ياطين م ن جس م الم ريض‪ ،‬بالتعاوي ذ والتراتي ل واألناش يد‬
‫المقدسة‪ ،‬حتى كانت ھذه المھنة حكراً لھم")‪ ،(884‬فاألمراض سببھا في نظ رھم‪ ،‬روح ش ريرة تح لﱡ‬

‫ف ي جس م الم ريض‪ ،‬في ت ﱡم عالج ه بط رد تل ك األرواح‪ ،‬ويش ترك م ع الك اھن والح ازي والع رّاف‬
‫الس احر ف ي ذل ك؛ إذ غ دت كلﱡھ ا تقريب ا ً م ن المترادف ات‪ ،‬وق د ربط وا شخص ية المل ك بالك اھن‪،‬‬

‫وزعم وا أن المل وك يمتلك ون ق وى روحي ة خارق ة‪ ،‬وق درات س حرية‪ ،‬يس تطيعون بواس طتھا ر ﱠد‬

‫الموت عن أنفسھم‪ ،‬فھم ال يموتون‪ ،‬وأرواحھم خالدة‪ ،‬وإن ماتوا فإن دماءھم تستخدم لع الج الكل ب‬
‫والخبل)‪ ،(885‬وقد كثر التعبير عن ھذه المزاعم في أشعارھم‪ ،‬من ذلك م ا يقول ه الم تلمس الض بعي‪:‬‬
‫)‪(886‬‬

‫شفا ٌء من الدا ِء ال َم َجنﱠ ِة وال َخبْل)‪)(887‬الطويل(‬ ‫من ال ﱠد ِ‬


‫ارميﱠين الذينَ دما ُؤھُم‬

‫)‪(888‬‬
‫)الطويل(‬ ‫وھذا عاصم بن القريّة يقول‪:‬‬

‫ُ‬
‫واقف‬ ‫طاسي‬
‫ﱡ‬ ‫ابن ُك ٍ‬
‫ھال والنﱢ‬ ‫د َم ِ‬ ‫َودَاويتُهُ ّمما بِ ِه ِمن َمجﱠن ٍة‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،17/1 ،‬ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻭﺍﻟﺘﺒﻴﻴﻥ‪.96/3 ،‬‬ ‫‪882‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺭﺯﻭﻗﻲ‪ ،‬ﺃﺒﻭ ﻋﻠﻲ‪ :‬ﺍﻷﺯﻤﻨﺔ ﻭﺍﻷﻤﻜﻨﺔ‪ -‬ﻁ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ‪ -‬ﺍﻟﻬﻨﺩ‪1312 ،‬ﻫـ‪.204/2 ،‬‬ ‫‪883‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﺤﻤﺩ‪ ،‬ﺴﺎﻤﻲ ﺴﻌﻴﺩ‪ :‬ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﺩﺍﺕ ﺍﻟﺩﻴﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﺍﻟﻘﺩﻴﻡ‪ ،‬ﺹ‪.44‬‬ ‫‪884‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،7/2 ،‬ﻤﺭﻭﺝ ﺍﻟﺫﻫﺏ‪.95/1 ،‬‬ ‫‪885‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺘﻠﻤﺱ ﺍﻟﻀﺒﻌﻲ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.135‬‬ ‫‪886‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺩﺍﺭﻤ َّﻴﻭﻥ‪ :‬ﻨﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﺩﺍﺭﻡ ﺒﻥ ﻤﺎﻟﻙ ﺍﻟﺘﻤﻴﻤﻲ‪ ،‬ﺍﻟﻤﺠﻨﺔ‪ :‬ﺍﻟﺠﻨﻭﻥ‪.‬‬ ‫‪887‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪.7/2 ،‬‬ ‫‪888‬‬

‫‪163‬‬
‫)‪(889‬‬
‫ار ُ‬
‫ف‬ ‫ص ِ‬‫وليَسْ لِ َشي ٍء َكا َدهُ ﷲُ َ‬ ‫وقلﱠ ْدتُهُ َد ْھراً تميمةَ جدﱢه‬

‫إال أن اإليمان بقدرة الكھان على عالج المرضى‪ ،‬لم يمنع من نظ رة التش اؤم المكنون ة ف ي‬

‫النفس اإلنسانية إزاء الموت‪ ،‬واإليمان بأنه قد ٌر محتوم‪ ،‬على الرغم من محاول ة مواجھت ه وتحدي ه‪،‬‬
‫)‪(890‬‬
‫ل(‬ ‫)الطوي‬ ‫وفي ذلك يقول الممزق العبدي‪:‬‬
‫)‪(891‬‬
‫َح َوال ّي ِم ْن أبْنا ِء بَ ْكرةَ َمجْ لسُ‬ ‫صهُ‬ ‫ت تُ َس ﱡد ُخ َ‬
‫صا ُ‬ ‫َول ُو ُ‬
‫كنت في بي ٍ‬

‫ق أَ ْنجا َسا ً عل ﱠ‬
‫ي ال ُمنجﱠسُ‬ ‫وعَلﱠ َ‬ ‫ٌ‬
‫وكاھن‬ ‫حازيان‬
‫ٍ‬ ‫ولَ ْو كانَ ِع ْندي‬
‫)‪(892‬‬
‫ي ُم َع ْفرسُ‬
‫يَ ُخبﱡ بھا ھا ٍد إل ﱠ‬ ‫ُ‬
‫حيث ُ‬
‫كنت ِمنيﱠتي‬ ‫إذن ألتتني‬

‫فالشاعر ينك ُر قدرة الحازي والكاھن والتنجيس‪ ،‬واألھل والعشيرة على دفع الموت عنه‪،‬‬

‫)الكامل(‬ ‫)‪(893‬‬
‫ويؤكد ذلك قول تأبط شراً‪:‬‬

‫اجز ال يتّقي‬
‫أن ال وفا َء لِ َع ٍ‬ ‫ُ‬
‫الكواھن والسﱠ ِ◌ ِ‬
‫واح ُر والھُنا‬ ‫َك َ‬
‫ذب‬

‫ونجد في ش عر أب ي ذؤي ب الھ ذلي‪ ،‬م ا يش ير إل ى ع دم اعتق اده ب الطرق ال ذي ھ و "ض رب الك اھن‬
‫)‪(895‬‬
‫بالحصى" )‪ ،(894‬وذلك في قصيدة يرثي بھا ابن ع ّمه نشيبة‪ ،‬ويتّھم الطراق بالكذب‪ ،‬منھا‪:‬‬

‫ّان ي ْكذبُ قيلُھا‪) .‬الطويل(‬


‫نشيبةُ وال ُكھ ُ‬ ‫يقولونَ لي‪ :‬لَوْ كانَ بال ّر ِمل لَ ْم يَ ُم ْ‬
‫ت‬

‫)السريع(‬ ‫)‪(896‬‬
‫ويبدو ذلك فيما قاله أفنون التغلبي رافضا ً تصديق ما قاله الكاھن له‪:‬‬

‫ال يَ ْثنك الحازي وال ال ﱠشاح ُج‬ ‫ك النوى‬


‫يا أيّھا ال ُمزم ُع َوش َ‬

‫‪ -‬ﻜﺎﺩﻩ‪ :‬ﺃﺭﺍﺩﻩ‬ ‫‪889‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺒﺤﺘﺭﻱ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻥ ﺍﻟﺤﻤﺎﺴﺔ‪ ،‬ﺹ‪.118‬‬ ‫‪890‬‬

‫ﺨﻠل ﺃﻭ ﺍﻟﺨﺭﻕ‪.‬‬
‫‪ -‬ﺍﻟﺨﹸﺼﺎﺹ‪ :‬ﺍﻟ ﹼ‬ ‫‪891‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻌﻔﺭﺱ‪ :‬ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺼﺭﻉ ﻭﻴﻐﻠﺏ‪.‬‬ ‫‪892‬‬

‫‪ -‬ﺘﺄﺒﻁ ﺸﺭﹰﺍ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.46‬‬ ‫‪893‬‬

‫‪ -‬ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﻤﺎﺩﺓ "ﻁﺭﻕ"‪.‬‬ ‫‪894‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻬﺫﻟﻴﻭﻥ‪ :‬ﺍﻟﺩﻴﻭﺍﻥ‪ ،33/1 ،‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪.307/3 ،‬‬ ‫‪895‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺭﺯﻭﻗﻲ‪ :‬ﺍﻷﺯﻤﻨﺔ ﻭﺍﻷﻤﻜﻨﺔ‪.50/2 ،‬‬ ‫‪896‬‬

‫‪164‬‬
‫ولم يقتصر السحر على خداع اإلنسان‪ ،‬وال تحكم ف ي تص رفاته وش ئونه‪ ،‬وإنّم ا يھ دف إل ى‬

‫التحكم بقوى الطبيعة الخفية‪ ،‬والسيطرة عليھ ا‪ ،‬م ن ذل ك م ا كان ت تق وم ب ه بع ض الش عوب فج راً؛‬

‫إلعان ة الش مس عل ى الش روق‪ ،‬أو ف ي أح وال الكس وف والخس وف‪ ،‬والطق وس الت ي كان ت ت ؤدي‬

‫إليقاظ األرض من سباتھا الشتائي)‪ ،(897‬ويندرج تحتھا التحكم في المطر‪ " ،‬فالساحر كالوسيط ب ين‬

‫أمته‪ ،‬والعوالم غير المنظورة‪ ،‬مھمته تحقيق ما انحبس من رغائبھا بمواھبه الخاصة ")‪.(898‬‬

‫فف ي معتق دات الج اھليين‪ ،‬أن الش ياطين ت تحكم ف ي تل ك الظ واھر‪ ،‬فتص ﱠد الش مس ع ن‬
‫)‪(899‬‬
‫ل(‬ ‫)الكام‬ ‫الشروق‪ ،‬ويسجل أمية بن أبي الصلت ذلك بقوله‪:‬‬
‫حمرا َء يُصْ بِ ُح لَوْ نُھا يَتَو ﱠر ُد‬ ‫آخر لَيْل ٍة‬ ‫والشمسُ ْ‬
‫تطل ُع ك ﱠل ِ‬

‫إالّ معذبةً وإالّ تُجْ لَـــ ُد‬ ‫تَأْبى فَال تَبدو لَنا في رُسلِھا‬

‫ك تدأبُ يو َمھا وتَش ﱠر ُد‬


‫وبذا َ‬ ‫أن تُقَصﱢ َر ساعةً‬
‫ال تستطي ُع بِ ْ‬

‫)‪(900‬‬
‫ويأتي ضمن ھذا الباب ما تأتي به النجوم من الخير وال ّشر‪ ،‬فعبيد بن األبرص يقول‪:‬‬

‫)الكامل(‬ ‫والنﱠج ُم تَجْ ري أ ْنحُسا ً وسُعودا‬ ‫ٌ‬


‫كاسف‬ ‫فال ﱠشمسُ طالعةٌ ولي ٌل‬

‫فھو يؤمن بقدرة النجوم من خالل ما بھا من الشياطين على إلحاق الخير والشر باإلنسان‪.‬‬

‫وي رتبط ب ذلك م ا ك انوا يس مونه بطق وس االستس قاء‪ ،‬فك ل م ا يتص ل بھ ا يع ﱡد م ن الممارس ات‬

‫السحرية‪ ،‬سواء أكانت بالنيران أو بالثور أو البقر)‪ (901‬وغيرھا‪.‬‬

‫ونخل ص م ن ذل ك إل ى أن الس حر عن د الق دماء‪ ،‬ك ان يق وم عل ى مب دأ ال تحكم باآللھ ة‪،‬‬


‫وإجبارھ ا عل ى العم ل‪ ،‬وأن ه طريق ة إلعط اء اإلنس ان نوع ا ً م ن الس يادة عل ى ال رب أو الش يطان‪،‬‬

‫‪ -‬ﺠﻴﻤﺱ ﻓﺭﻴﺯﺭ‪ :‬ﺍﻟﻐﺼﻥ ﺍﻟﺫﻫﺒﻲ‪ ،‬ﺹ‪.249‬‬ ‫‪897‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻨﺎﻋﻲ‪ :‬ﻓﻲ ﺼﻠﺔ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺒﺎﻟﺴﺤﺭ‪ ،‬ﺹ‪30‬‬ ‫‪898‬‬

‫‪ -‬ﺃﻤﻴﺔ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ ‪51- 50‬‬ ‫‪899‬‬

‫‪ -‬ﻋﺒﻴﺩ ﺒﻥ ﺍﻷﺒﺭﺹ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.69‬‬ ‫‪900‬‬

‫‪ -‬ﺒﺸﺭ ﺒﻥ ﺃﺒﻲ ﺨﺎﺯﻡ ﺍﻷﺴﺩﻱ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺘﺤﻘﻴﻕ ﻋ ُﺯﺓ ﺤﺴﻥ‪ ،‬ﻤﺩﻴﺭﻴﺔ ﺇﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﺘﺭﺍﺙ ﺍﻟﻘـﺩﻴﻡ‪ ،‬ﺩﻤﺸـﻕ‪1960 ،‬ﻡ‪ ،‬ﻤﻠﺤـﻕ‬ ‫‪901‬‬

‫ﺹ‪ ،320‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪.266/2 ،‬‬

‫‪165‬‬
‫وتغيير القدر الذي تفرضه النجوم عليه‪ ،‬وأن الكھانة والسحر يلتقي ان ف ي من ابع الموھب ة ومص ادر‬

‫اإللھام‪ ،‬والكاھن والساحر شخص يعيش على شفا عالمين‪ ،‬ع الم الج ن وع الم اإلن س‪ ،‬وإن اختلف ت‬

‫مصادر كل منھما من حيث النوعية‪ ،‬فالساحر ُم ْل ِھمه الجني‪ ،‬أ ّما الكاھن فملھمه الرئي‪.‬‬

‫ّ‬
‫وأن السحر دخل في كل ممارسات الجاھليين وطقوس ھم الحياتي ة‪ ،‬كم ا ك ان عن د األم م القديم ة فق د‬

‫مارست الكھانة والسحر بنفس الوسائل ولنفس األغراض)‪.(902‬‬

‫ويثبت ذلك م ا قال ه جرج ي زي دان" ّ‬


‫أن الكھان ة م ن العل وم الدخيل ة عل ى الع رب‪ ،‬وأن الكل دانيين‬

‫حملوھا إليھم مع علم النجوم‪ ،‬ويؤكد ذلك أن الك اھن يس مى بالعبري ة ح ازي‪ ،‬وھم ا ب نفس المعن ى‪،‬‬

‫وھو الرائي والناظر‪ ،‬والبصير والحكيم والنبي")‪ ،(903‬ويؤكد الجاحظ ھذا التشابه؛ إذ استخدم كلم ة‬
‫ح ازي ف ي حديث ه ع ن تح اكم الع رب عن د بع ض الحك ام‪ ،‬ويق ول‪ " :‬ك ان الع رب يتح اكمون عن د‬

‫حازي جھينة" )‪.(904‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻨﺎﻋﻲ‪ :‬ﻓﻲ ﺼﻠﺔ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺒﺎﻟﺴﺤﺭ‪ ،‬ﺹ‪.27‬‬ ‫‪902‬‬

‫‪ -903‬ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺁﺩﺍﺏ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ‪ ،181/1‬ﻓﻲ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﻤﻴﺜﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﺹ ‪.232‬‬
‫‪ -‬ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻭﺍﻟﺘﺒﻴﻴﻥ ‪ ،289/1‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ‪ ،204/6‬ﺸﻴﺎﻁﻴﻥ ﺍﻟﺸﻌﺭﺍﺀ‪ ،‬ﺹ‪ ،72‬ﺸـﻭﻗﻲ ﻀـﻴﻑ‪) ،‬ﺍﻟﻌﺼـﺭ ﺍﻟﺠـﺎﻫﻠﻲ(‪،‬‬ ‫‪904‬‬

‫ﺹ‪.422‬‬

‫‪166‬‬
‫الفصل الرابع‬

‫الجن و الحيوان في الشعر الجاھلي‬

‫المبحث األول‪ :‬الجن والحيوان‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الجن والكلب األسود‬

‫المبحث الثالث‪ :‬الجن واإلبل‬

‫المبحث الرابع‪ :‬الجن والخيل‬

‫المبحث الخامس‪ :‬الجن والطير‬

‫المبحث السادس‪ :‬الجن والحية‬

‫المبحث السابع‪ :‬الجن والغزال‬

‫المبحث الثامن‪ :‬الجن والثور‬

‫‪167‬‬
‫المبحث األول‬

‫الجن والحيوان‬

‫يَ ُع جﱡ ع الم الص حراء العربي ة بكائن ات روحي ة‪ ،‬وق وى خفي ة ت تحكم ف ي أھ واء البش ر‪،‬‬

‫وتص رفاتھم‪ ،‬ومص ائرھم‪ ،‬منھ ا الھام ة والص دى‪ ،‬والج ن والغ ول واألف اعي الط ائرة‪ ،‬ك ل ھ ذه‬

‫المخلوقات دخلت في أوھام العرب‪ ،‬وشكلت أخيلتھم)‪ ،(905‬وكانت جزءاً من حياتھم‪ ،‬تتعانق م ع م ا‬
‫يعتمدون عليه من حيوانات قريبة إلى نفوسھم‪ ،‬وتشكل عنصراً أساسيا ً في حي اتھم كالخي ل واإلب ل‪،‬‬

‫وما يعترضھم من حيوانات متوحشة‪ ،‬تشكل ھاجس الخوف في نفسية بدائية‪ ،‬فما ك ان م ن اإلنس ان‬

‫الج اھلي إال أن رب ط ب ين ھ ذه الكائن ات‪ ،‬ب روابط أمالھ ا علي ه واقع ه‪ ،‬فت ارة يجع ل م ن الحيوان ات‬
‫األليف ة‪ ،‬وم ا يح يط ب ه م ن حيوان ات متوحش ة‪ ،‬مطاي ا لتل ك الكائن ات‪ ،‬وت ارة يجع ل تل ك الكائن ات‪،‬‬

‫تتصور بأشكال مختلفة غريبة وعجيبة‪ ،‬بل وبلغ به الح ّد‪ ،‬أن جعل بينھ ا عالق ة قراب ة ونَ َس ب حت ى‬

‫الجن حيوانا ً في تص ّور العربي القديم )‪.(906‬‬


‫ﱡ‬ ‫كان‬

‫وھك ذا تراوح ت الحيوان ات الت ي اعتق د الج اھليون ب أن الج ن تركبھ ا‪ ،‬ب ين المتوحش ة‬

‫واألليفة‪ ،‬وبين ضخامة الحجم وصغره‪ ،‬ونظروا إليھا نظرة رھبة وخوف وتقديس‪ ،‬وأحجم وا ع ن‬

‫صيدھا أو قتلھا‪ ،‬ونسجوا حكايات طريفة في ذلك‪ ،‬ونظموا أشعاراً‪ ،‬واتخذوا م ن بع ض الحيوان ات‬

‫الت ي ال يركبھ ا الج ن تعوي ذة وتميم ة؛ ل دفع األذى والش ر ع نھم‪ .‬ويؤك د الج احظ ھ ذه الم زاعم‪،‬‬

‫بقول ه‪ ":‬واألع راب ال يص يدون يربوع اً‪ ،‬وال قنف ذاً‪ ،‬وال ورالً م ن أول اللي ل‪ ،‬وك ذلك ك ل ش يء‪،‬‬

‫يكون عندھم من مطايا الجن‪ ،‬كالنعام والظباء‪ ،‬ف إن قت ل أعراب ي قنف ذاً‪ ،‬أو ورال م ن أول اللي ل‪ ،‬أو‬
‫بعض ھذه المراكب‪ ،‬لم يأمن على فحل إبله‪ ،‬ومتى اعتراه شيء‪ ،‬حكم بأنه عقوبة من قبلھم‪ ،‬ق الوا‪:‬‬

‫ويسمعون الھاتف عند ذلك بالنعي‪ ،‬وبضروب الوعيد")‪.(907‬‬

‫‪ -‬ﺃﺒﻭ ﺴﻭﻴﻠﻡ‪ ،‬ﺃﻨﻭﺭ‪ :‬ﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺹ ‪.84‬‬ ‫‪905‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻘﺯﻭﻴﻨﻲ‪ :‬ﻋﺠﺎﺌﺏ ﺍﻟﻤﺨﻠﻭﻗﺎﺕ ﻭﻏﺭﺍﺌﺏ ﺍﻟﻤﻭﺠﻭﺩﺍﺕ‪ ،‬ﺹ ‪ ،387‬ﻤﻥ ﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﺨﺭﺍﻓﺎﺕ‪ ،‬ﺹ‪.25‬‬ ‫‪906‬‬

‫‪-‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪.47-46/6 ،‬‬ ‫‪907‬‬

‫‪168‬‬
‫وسنتحدث اآلن عن بع ض الحيوان ات ذات الص لة القوي ة ب الجن‪ ،‬م ع اس تعراض م ا يثب ت‬

‫ذلك في الموروث الشعري‪ ،‬بدءاً بمطايا الجن‪.‬‬

‫يُ َع ﱡد القُنفذ من أشھر مطايا الجن‪ ،‬ونوعا ً من الحيوان ات الت ي ال تظھ ر إال ل يالً‪ ،‬وق د كث ر ذك ره ف ي‬

‫أشعار العرب‪ ،‬كما تس ّمى به بعضھم‪ ،‬وذو البُرة ال ذي ذك ره عم رو ب ن كلث وم‪ ،‬ھ و ال ذي يق ال ل ه‪،‬‬
‫)‪(909‬‬
‫)الوافر(‬ ‫"بُرة القنفذ"‪ ،‬وھو كعب بن زھير)‪ ،(908‬فيقول‪:‬‬

‫بِ ِه نُحْ َمى َونَح ْمي ال ُمحْ َجرينا‬ ‫وذا البُر ِة الذي ُحدّثتَ َع ْنهُ‬

‫وقد لقب بذلك ل َشع ٍ‬


‫ْر َخ ٍ‬
‫شن كان على أنفه‪ ،‬تشبيھا بالقنفذ‪ ،‬وقد أورد األلوسي حكاية تدل‬

‫جفاف‬
‫ٍ‬ ‫أن عبيد بن الحمارس‪ ،‬كان نازالً بالسماوة‪ ،‬فارتحل بعد‬
‫على ارتباط القنفذ بالجن‪ ،‬مفادھا " ّ‬

‫ح ّل فيھا إلى وادي تبّل )‪ ،(910‬فرأى روضة وغديراً‪ ،‬فقال‪ :‬روضة وغدير‪ ،‬وخطب يسير‪ ،‬وأنا لما‬
‫)‪(911‬‬
‫حويت مجير‪ ،‬فنزل ھناك‪ ،‬وله امرأتان‪) ،‬رباب وخولة(‪ ،‬فقالت له خولة‪:‬‬

‫)الطويل(‬ ‫إن دَجا اللي ُل أَھلَھا‬


‫وإنّا لنَ ْخشى ْ‬ ‫ى ْ◌ بلدةً قفراً قليالَ أَنيسُھا‬
‫أر َ‬

‫وقالت له رباب‪:‬‬

‫)الطويل(‬ ‫وال تأمنن ّ‬


‫جن العزيف وجھلھا‬ ‫أَ َر ْتك بِ َر ْ‬
‫أيي فاسْت َمع َع ْن َ‬
‫ك قَولَھا‬

‫فقال مجيبا‪:‬‬

‫ـربا)‪) (912‬الطويل(‬ ‫ُش َجاعا ً إذا شب ْ‬


‫ﱠت لَهُ ال َحرْ بُ ِمحْ َ‬ ‫ألست ك ّميا ً في الحُرو ِ‬
‫ب ُم َجرّبا‬ ‫ُ‬

‫فَأ َ ْق َسم ال أَ ْعدو الغـَـديـ َر ُمـنَ ﱠكبا‬ ‫سريعا ً إلى الھَيْجا إذا َح ِم َ‬
‫س الَوغَى‬

‫‪-‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪464/6 ،‬‬ ‫‪908‬‬

‫‪ -‬ﻋﻤﺭﻭ ﺒﻥ ﻜﻠﺜﻭﻡ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.81‬‬ ‫‪909‬‬

‫‪ -‬ﻭﻫﻭ ﻭﺍﺩ ﺒﺎﻟﻘﺭﺏ ﻤﻥ ﺍﻟﻜﻭﻓﺔ‪ ،‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪ ،‬ﻗﺎل ﻟﺒﻴﺩ‪ :‬ﻜ ﱠل ﻴﻭ ﹴﻡ َﻤﻨﹶﻌﻭﺍ ﺠَﺎ ِﻤﻠﹶﻬ ُﻡ ‪َ //‬ﻭ ِﻤ ﱢﺭِﻨﺎﺕ ﻜﺂﺭﺍﻡ ﹸﺘ َﺒلْ ‪ ،‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ ‪،‬‬ ‫‪910‬‬

‫ﺹ‪.130‬‬
‫‪ -‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪.356/2 ،‬‬ ‫‪911‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟ ِﻤﺤْﺭﺏ ﺒﻜﺴﺭ ﺍﻟﻤﻴﻡ‪ :‬ﺼﺎﺤﺏ ﺍﻟﺤﺭﺏ‪.‬‬ ‫‪912‬‬

‫‪169‬‬
‫ث م ص عد إل ى جب ل تُبﱠ ل ف رأى ش يھمة‪ ،‬وھ ي األنث ى م ن القناف ذ‪ ،‬فرماھ ا فأقعص ھا‪ ،‬و َم َعھ ا ول دھا‪،‬‬
‫)‪(913‬‬
‫)الكامل(‬ ‫فارتبطه‪ ،‬فلما كان الليل‪ ،‬ھتف به ھاتف من الجن‪:‬‬

‫بأمر ُم ْفظَ ِع‬


‫ٍ‬ ‫صا ِحبنَا‬ ‫يا ابن الحمارس قد أسأت جوارنا َو َر ِكب َ‬
‫ْت َ‬

‫قَ ْوداً عنيفا في ال ُم ِ‬ ‫َو َعقرْ تَ لَ ْقحتهُ وقُدْتَ فَصيلَھا‬


‫)‪(914‬‬
‫نيف األرفَع‬

‫والظﱠل ُم فَاعلُه َو ِخي ُم الَ ْم ِ‬


‫رتع‬ ‫َونَز َْلتَ َمرعى َشاتنا َوظَلَ ْمتنا‬

‫ّشراً يَجيك َوماَلهُ ِم ْن َم ْدفَع‬ ‫ف َل ْ◌نَ ْ‬


‫ط ِرقنّ َ‬
‫ك بالذي أولَيتنا‬

‫فالھاتف من الجن‪ ،‬يتھم عبيد بن الحمارس بإساءة الجوار‪ ،‬حينما ن زل ب وادي " تب ل "‪ ،‬مم ا يؤك د‬
‫أن الوادي مس ٌ‬
‫كن للج ن‪ ،‬وأن ه عق ر ناق ة الج ن‪ ،‬وھ ي القنف ذ‪ ،‬وق اد فص يلھا‪ ،‬ويص ف الناق ة بالتم ام‬

‫الجن؛ ولذلك فق د تو ّع د الج ن اب ن‬


‫ﱠ‬ ‫والطول والحسن‪ ،‬وأن الروضة التي نزل بھا‪ ،‬ھي مرعى لشياه‬

‫الحمارس‪ ،‬ب أنھم س يعاملونه كم ا ع املھم باإلس اءة إلي ه‪ ،‬فأجاب ه اب ن الحم ارس بأبي ات م ن الش عر‪،‬‬

‫ينفي فيھا التھمة عن نفسه‪ ،‬ويدعو الج ﱠن إل ى االس تماع إل ى قول ه‪ ،‬وتس تمر الحكاي ة‪ ،‬والج دال ب ين‬
‫الجن وابن الحمارس‪ ،‬وبين االتھام والنفي‪ ،‬والتھديد والتحدي‪ ،‬إلى أن يت دخل أح د الج ن الخي رين‪،‬‬

‫ويفضّ النزاع بينھما‪ ،‬بتغريم ابن الحمارس ناقة بدالً م ن الت ي عقرھ ا)‪ .(915‬فالحكاي ة تش ير إل ى أن‬

‫القنفذ من مطايا الجن‪.‬‬

‫وم ن مطاي ا الج ن "ال َعضْ َرفوط" وھ و دويب ة ص غيرة‪ ،‬ض عيفة‪ ،‬ملس اء‪ ،‬تع دو‪ ،‬وتت ردد‬
‫)‪(917‬‬
‫كثيراً‪ ،‬وال تؤذي)‪ ،(916‬وقد وردت في الشعر المنسوب إلى الجن‪:‬‬

‫ب )الطويل(‬
‫الجنا ِد ِ‬
‫ب َ‬ ‫ألذ وأَ ْشھ َى ِم ْن رُكو ِ‬
‫ﱠ‬ ‫كلﱡ ال َمطايا قد َر ْكبنا فَلَ ْم نَجد‬

‫‪ -‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪.356/2 ،‬‬ ‫‪913‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻨﻴﻑ‪ :‬ﺍﻟﺠﺒل‪ .‬ﺍﻟﻠﻘﺤﺔ‪ :‬ﺍﻟﻨﺎﻗﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻨﺘﺠﺕ‪ ،‬ﻓﹶﺼﻴﻠﻬﺎ‪ :‬ﻭﻟﺩﻫﺎ‪.‬‬ ‫‪914‬‬

‫‪ -‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪.357-356/2 ،‬‬ ‫‪915‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪.360/2 ،‬‬ ‫‪916‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪.239/6 ،‬‬ ‫‪917‬‬

‫‪170‬‬
‫ب‬ ‫يُبَا ِدر ُِ◌ ورْ دًا ِم ْن َعظَـاء قِ ِ‬
‫وار ِ‬ ‫وط حطﱠ بِ ْي فأقمتُهُ‬
‫ضرفُ ٍ‬
‫و ِم ْن ع َْ◌ َ‬

‫فالش اعر م ن الج ن‪ ،‬عل ى ‪-‬ح ﱢد زعمھ م‪ -‬يب ين أنَ رك وب الجن ادب والعض رفوط‪ ،‬لمب ادرة‬
‫سرب العظاء ﱡ‬
‫ألذ من ركوب سائر المطايا‪.‬‬

‫وم ن المعتق دات الت ي تتعل ق ب ذلك‪ ،‬أنھ م ك انوا يش دون عل ى أوس اطھم عظ ام ال ذئاب‪،‬‬

‫والضباع؛ معتقدين أنھا تجلب لھم المنفعة والسالمة)‪ ،(918‬وذلك من باب الرغبة ف ي إقام ة عالق ات‬
‫وديّ ة‪ ،‬م ع بع ض الحيوان ات الض ارية‪ ،‬خاص ة ال ذئاب‪ ،‬دالل ة عل ى اعتق اد ط وطمي مترس ب ف ي‬

‫أعماق اإلنسان الجاھلي‪ ،‬فيعتقد بعضھم أن له مع الذئب عالقة متينة‪ ،‬وواسطة وثق ى أم تن وأق وى‬

‫من تلك التي مع البشر)‪ ،(919‬وما ذاك إال لما لھا من عالقة بالجن‪ ،‬وھذا ما نلمحه من خالل ما قال ه‬
‫)‪(920‬‬
‫)المتقارب(‬ ‫امرؤ القيس ُ‬
‫بن حُجْ ر ال ِكنديﱡ ‪:‬‬
‫)‪(921‬‬
‫با‬ ‫هُ أحْ َس‬ ‫ه عَقيقَتَ‬ ‫َعلَ ْي‬ ‫ُد ال ْتنكح ي ب ْْوھ ةً‬ ‫ي ا ھ ْن‬
‫)‪(922‬‬
‫ا‬ ‫ي أرْ نبَ‬ ‫ٌم يبتغ‬ ‫ه َع َس‬ ‫ب‬ ‫اغه‬ ‫َ‬
‫يِنَ أرْ َس‬ ‫ٌ‬
‫عة بَ‬ ‫ُم َر ﱢس‬
‫ا‬ ‫أن يُعْطبَ‬‫ة ْ‬ ‫ذا َر المنيﱠ‬ ‫ِح‬ ‫َل ف ي يَ د ِه َك ْعبَھ ا‬ ‫ليجع‬

‫تشير األبيات إلى أن تعليق كعب األرنب كتعويذة‪ ،‬ك ان للس ليم والم ريض مع اً؛ فالس ليم يعلق ه دفع ا‬
‫لألذى والمرض‪ ،‬والمريض يعلّقه أمالً بالشفاء والعافية‪ ،‬فاالعتق اد بھ ذا األم ر‪ ،‬ينب ع م ن ح اجتين‪،‬‬

‫الوقاية من المرض والشفاء منه‪ .‬وإذا اعتبرنا ھذا من باب الس حر التش اكلي‪ ،‬فإنن ا نج د فيم ا أورده‬

‫الج احظ عل ى لس ان الج ن‪ ،‬م ا يخ الف ذل ك‪ ،‬إذ جع ل الج ن ال ترك ب األرن ب؛ ألنھ ا تح يض‪ ،‬وال‬
‫)‪(924‬‬
‫)الطويل(‬ ‫تغتسل من الحيض‪ (923) ..‬وذلك بقوله‪:‬‬

‫‪ -918‬ﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺹ ‪.97‬‬


‫‪ -919‬ﻨﻬﺎﻴﺔ ﺍﻷﺭﺏ‪120/3 ،‬‬
‫‪ -920‬ﺍﻤﺭﺅ ﺍﻟﻘﻴﺱ‪ :‬ﺸﺭﺡ ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ -‬ﻁ‪ -5‬ﺘﺄﻟﻴﻑ ﺤﺴﻥ ﺍﻟﺴﻨﺩﻭﺒﻲ‪ ،‬ﻤﻁﺒﻌﺔ ﺍﻻﺴﺘﻘﺎﻤﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ‪ ،‬ﺹ‪ ،350‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪-357/6 ،‬‬
‫‪ .358‬ﺍﻟﺒﺤﺘﺭﻱ‪ ،‬ﺩﻴﻭﺍﻨﺎﻟﺤﻤﺎﺴﺔ‪ ،‬ﺹ‪.152‬‬
‫‪ -‬ﺍﻟﺒﻭﻫﻪ‪ :‬ﺍﻟﺭﺠل ﺍﻟﻀﻌﻴﻑ ﺍﻷﺤﻤﻕ‪ .‬ﺍﻷﺤﺴﺏ‪ :‬ﺍﻟﺫﻱ ﺍﺒﻴﻀﺕ ﺠﻠﺩﺘﻪ ﻤﻥ ﺩﺍﺀ؛ ﻓﻔﺴﺩﺕ ﺸﻬﺭﺘﻪ ﻓﺼﺎﺭ ﺃﺤﻤﺭ ﻭﺃﺒﻴﺽ‪،‬‬ ‫‪921‬‬

‫ﺍﻟﻌﻘﻴﻘﺔ‪ :‬ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻭﻟﺩ ﺒﻪ ﺍﻟﻁﻔل‪.‬‬


‫‪ -‬ﻤﺭﺴﻌﺔ‪ :‬ﺍﻟﻔﺎﺴﺩ ﺍﻟﻌﻴﻥ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺴﻡ‪ :‬ﻴﺒﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺭﻓﻕ‪.‬‬ ‫‪922‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،‬ﺹ‪.46‬‬ ‫‪923‬‬

‫‪171‬‬
‫ب‬
‫صاح ِ‬ ‫ضا أَوْ ُ‬
‫ق على ُك ﱠل َ‬ ‫ِوذئبُ ال َغ َ‬ ‫الج ﱠن أرْ نَبُ ُخلﱠ ٍة‬
‫َو َشرﱡ مطايا ِ‬

‫وربم ا ك ان ھ ذا ھ و ال دافع ال ذي جع ل الع رب يتخ ذون م ن أعض اء ھ ذه الحيوان ات تعاوي ذ‬

‫وتمائم)‪.(925‬‬

‫وف ي ھ ذا المج ال ال ب د م ن الح ديث ع ن العالق ة ب ين الج ن وال ّس نور‪ ،‬إذ يعتق دون "أن "الق ط م ن‬

‫الحيوانات التي لھا عالقة بالكائنات الالمرئية ")‪" ،(926‬ف القطّ األس ود م ن الص ور الت ي يتش كل بھ ا‬
‫الجن في بعض األساطير")‪ ،(927‬وفي المعتقد الشعبي يرون أن الق ط األس ود ھ و أح د أف راد الج ن؛‬

‫أن ھن اك ش بھا ً ب ين‬


‫لذلك كانوا وما زال وا يتورع ون ع ن ض ربه وإيذائ ه‪ ،‬وال س يما ف ي اللي ل‪ .‬كم ا ّ‬

‫أن لس انَ الغ ول ورأس ه عل ى ش كل لس ان الھ ّر ورأس ه)‪ ،(928‬وج اء وص ف‬


‫الھ ﱠر والغول‪ ،‬فقد ج اء ّ‬

‫)الوافر(‬ ‫)‪(929‬‬
‫تأبط شراً للغول الذي قتله كذلك‪ ،‬بقوله‪:‬‬

‫وق اللّ ِ‬
‫سان‬ ‫كرأس الِھ ﱠر َم ْشقُ ِ‬
‫ِ‬ ‫قبيح‬
‫ٍ‬ ‫س‬
‫عينان في رأ ٍ‬
‫ِ‬ ‫إذا‬

‫وھذا ما قادھم إلى استخدام س ّن الثعل ب وس ّن الھ رّ‪ ،‬كمنف رات للج ن‪ ،‬إذ كان ت تعلّ ق عل ى‬
‫)‪(930‬‬
‫صدر الصبي‪ ،‬خوفًا من الخطفة والنظرة‪ ،‬فقد جاء‪:‬‬

‫ثَ َعالِبٌ وھ َر َره‬ ‫كان َعلَ ْي ِه نَفره‬

‫والحيضُ حيضُ السﱠمره‬

‫ھذا ما قالته الجني ة‪ ،‬تعت ذر ع ن ع دم ق درتھا عل ى خط ف الص بي‪ ،‬ال ذي علق ت علي ه ھ ذه‬
‫ّ‬
‫بالقط األسود‪ ،‬قد داخلتھا ثنائية متناقض ة‪ ،‬ف الجن تتص ور‬ ‫ال ُمنَفِرات‪ ،‬ويبدو أن االعتقاد بِصلَ ِة الجن‬

‫بالقط األسود‪ ،‬وفي ذات الوقت تخشى م ن س ّن الق ط‪ ،‬إذا عل ق عل ى ص در الص بي‪ ،‬وق د نلم ح ف ي‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪.239/6 ،‬‬ ‫‪924‬‬

‫‪ -925‬ﺍﻷﺒﺸﻴﻬﻲ‪ :‬ﺍﻟﻤﺴﺘﻁﺭﻑ ﻓﻲ ﻜل ﻓﻥ ﻤﺴﺘﻅﺭﻑ‪.85/2 ،‬‬


‫‪ -‬ﻤﻭﺴﻭﻋﺔ ﺃﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻋﻥ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﻭﺩﻻﻻﺘﻬﺎ‪.29/2 ،‬‬ ‫‪926‬‬

‫‪ -‬ﻏﺭﺍﺌﺏ ﻭﻋﺠﺎﺌﺏ ﺍﻟﺠﻥ‪ ،‬ﺹ‪.37‬‬ ‫‪927‬‬

‫‪ -‬ﻤﻭﺴﻭﻋﺔ ﺃﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻋﻥ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﻭﺩﻻﻻﺘﻬﺎ‪.29/2 ،‬‬ ‫‪928‬‬

‫‪ -929‬ﺘﺄﺒﻁ ﺸﺭﹰﺍ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.107-106‬‬


‫‪ -‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪ ،325/2 ،‬ﻨﻬﺎﻴﺔ ﺍﻷﺭﺏ‪.124/3 ،‬‬ ‫‪930‬‬

‫‪172‬‬
‫ّ‬
‫الجن والثعال ب ف ي ص حراء مغب رﱠة‪ ،‬م ا يس تدلﱡ من ه عل ى أن الثعل ب‬ ‫جمع زھير بن أبي سلمى بين‬
‫)‪(931‬‬
‫)المنسرح(‬ ‫من مطايا الجن‪ ،‬وذلك بقوله‪:‬‬

‫تَضب ُح ِم ْن َر ْھبَ ٍة ثعالبُھا‬ ‫َازفينَ بھا‬ ‫تَسْم ُع للْ ِ◌ ّ‬


‫جن ع ِ‬

‫وق د جم ع األعش ى ب ين الثعال ب والج ﱠن ف ي منطق ه حجْ ر‪ ،‬وذل ك بقول ه‪) (932) :‬مج زوء‬
‫الكامل(‬

‫ت ح ِكيمةٌ َولِ َما بھا‬ ‫أو لَ ْم ترى ِحجْ راً وأ ْنـ‬

‫يَ ْل َعبنَ فَي ِمحْ رابھا‬ ‫الثعالب بالضﱡ حى‬


‫َ‬ ‫ّ‬
‫إن‬

‫ْش في ِمحْ رابھا‬


‫كال ُحب ِ‬ ‫َعزف َحولُھا‬
‫والج ﱡن ت ِ‬
‫ِ‬

‫ﱠ‬
‫الجن والثعالب لما جمع الشاعر بينھا‪.‬‬ ‫فلوال أن ھناك عالقة بين‬

‫وسنعرض اآلن إلى أھم الكائنات الحية التي لھا عالقة بالجن عرضا ً تفصيليا ً‪...‬‬

‫‪ -‬ﺯﻫﻴﺭ ﺒﻥ ﺃﺒﻲ ﺴﻠﻤﻰ‪ :‬ﺸﺭﺡ ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺼﻨﻌﺔ ﺍﻷﻋﻠﻡ ﺍﻟﺸﻨﺘﻤﺭﻱ‪ ،‬ﺘﺤﻘﻴﻕ ﻓﺨﺭ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﻗﺒﺎﻭﺓ‪ -‬ﻁ‪ -1‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺏ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ‪،‬‬ ‫‪931‬‬

‫ﺒﻴﺭﻭﺕ‪ ،‬ﻟﺒﻨﺎﻥ‪1413 ،‬ﻫـ‪1992 -‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪.212‬‬


‫‪ -‬ﺍﻷﻋﺸﻰ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.16‬‬ ‫‪932‬‬

‫‪173‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫الجن والكلب األسود‬

‫يرتبط الجن بالكلب األس ود ارتباط ا ً وثيق اً‪ ،‬حت ى ق الوا " الس ود م ن الك الب الج ن ")‪،(933‬‬
‫الحن ضعفة الجن")‪ ،(934‬فالكالب كلھ ا م ن الج ن‪ ،‬وق د أثب ت ذل ك‪ ،‬م ا‬
‫والبقع منھا الحن‪ ،‬وبما أن " ّ‬

‫ورد عن النبي "عليه السالم" قوله‪ " :‬لوال ّ‬


‫أن الكالب أمة‪ ،‬ألمرت بقتلھا‪ ،‬ولكن خفت أن أبيد أم ة‪،‬‬

‫فاقتلوا منھا ك ﱠل أسود بھيم‪ ،‬فإنه جنّھا")‪ ،(935‬وق د أق ر الرس ول "علي ه الس الم" ذل ك بقول ه‪" :‬الكل ب‬

‫األس ود ش يطان")‪ ،(936‬وھن اك م ن الحكاي ات م ا يثب ت ذل ك‪ ،‬فق د روي أن ام رأة أت ت إل ى النب ي "‬

‫صلى ﷲ عليه وسلم " وقالت‪ :‬إن ابني ھذا ب ه جن ون‪ ،‬ويص يبه عن د الغ داء والعش اء‪ ،‬فمس ح النب ي‬

‫"عليه السالم" على صدره‪ ،‬فث ّغ ثغة‪ ،‬فخرج من جوفه‪ ،‬ج رو أس ود‪ ،‬يس عى)‪ ،(937‬وبم ا أن الجن ون‬

‫من الجن‪ ،‬فإن ھذا الجرو الذي خرج من جوفه كان سبب مرضه‪.‬‬

‫ورّبما نلمح العالقة ب ين الج ن والك الب‪ ،‬م ن خ الل إط الق الع رب عل ى الش عراء‪ ،‬ك الب‬

‫الجن؛ وما ذاك إالّ الرتباط الشاعر بشيطانه؛ وألن الكلب من الصور التي يتش ّكل بھ ا الج ن؛ وألن‬
‫)‪(938‬‬
‫الكلب يتبع صاحبه‪،‬كما يتبع الشيطان الشاعر‪ ،‬ويالزمه‪ ،‬فيقول عمرو بن كلثوم‪:‬‬

‫ت تَ ْنفي ال ُموْ ِعدينِا )الوافر(‬


‫إلى ال ﱠشاما ِ‬ ‫البيوت بِ ّدي طُل ُو ٍ‬
‫ح‬ ‫َ‬ ‫َوأَ ْنزلنا‬

‫)‪(939‬‬ ‫ّ‬
‫وشذبنا قتادةَ َم ْن يَلينا‬ ‫الجن منﱠا‬
‫ﱠ‬ ‫َوق ْد ھَرّت ك ِ‬
‫البُ‬

‫ويبدو التشابه بين شكل الغول والكلب‪ ،‬م ن خ الل وص ف ت أبط ش راً للغ ول "وس اقا ُم ْخ ٍ‬
‫دج َو ُش واةُ‬

‫ب" )‪.(940‬‬
‫َكل ٍ‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،291/1،‬ﻋﺠﻴﻨﺔ‪ :‬ﻤﻭﺴﻭﻋﺔ ﺃﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻋﻥ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﻭﺩﻻﻻﺘﻬﺎ‪.298/1 ،‬‬ ‫‪933‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪291/1 ،‬‬ ‫‪934‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﻟﺒﺎﻨﻲ‪ :‬ﺼﺤﻴﺢ ﺍﻟﺠﺎﻤﻊ ﺍﻟﺼﻐﻴﺭ ﻭﺯﻴﺎﺩﺘﻪ‪..74/5 ،‬‬ ‫‪935‬‬

‫‪ -‬ﺼﺤﻴﺢ ﻤﺴﻠﻡ ‪.1200/3 ،‬‬ ‫‪936‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،224/6 ،‬ﻤﻭﺴﻭﻋﺔ ﺃﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻋﻥ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﻭﺩﻻﻻﺘﻬﺎ ‪.298/1‬‬ ‫‪937‬‬

‫‪ -‬ﻋﻤﺭﻭ ﺒﻥ ﻜﻠﺜﻭﻡ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.72‬‬ ‫‪938‬‬

‫‪ -‬ﻫﺭّﺕ‪ :‬ﻨﺒﺤﺕ‪ ،‬ﺸﺫﹼﺒﻨﺎ‪ :‬ﺃﺯﻟﻨﺎ ﺍﻟﺸﻭﻙ ﻭﺍﻷﻏﺼﺎﻥ ﺍﻟﺯﺍﺌﺩﺓ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺘﺎﺩﺓ‪ :‬ﺸﺠﺭﺓ ﺫﺍﺕ ﺸﻭﻙ‪.‬‬ ‫‪939‬‬

‫‪174‬‬
‫ونجد في حكاية الكلب األسود‪ ،‬الذي استخرج من رئام‪ ،‬ما يؤك د ذل ك‪ ،‬إذ "ي رون أن رئ ام‬

‫كان بيتا ً للنصارى‪ ،‬يعظمونه‪ ،‬وينحرون عنده‪ ،‬ويكلﱠمون منه‪ ،‬فقال الحبران لتب ع‪ :‬إنم ا ھ و ش يطان‬

‫يفتنھم‪ ،‬فخ ّل بيننا وبينه‪ ،‬فقال‪ :‬شأنكما به‪ ،‬فاستخرجا منه‪ ،‬فيما يزعم أھل اليمن كلبا ً أسودَ‪ ،‬ف ذبحاه‪،‬‬

‫ثم ھدما ذلك البيت)‪.(941‬‬

‫وقد روى النويري قصة إسالم عبد ﷲ ب ن أب ي ذي اب‪ ،‬الت ي تثب ت أن الكل ب م ن الج ن‪ ،‬إذ‬
‫)‪(942‬‬
‫)الرجز(‬ ‫كان عاثر الحظ في الصيد‪ ،‬فشكا أمره إلى صنم يدعى فراض‪ ،‬قائال‪:‬‬

‫ائر ذي ِم ْخ ْ◌لَ ٍ‬
‫ب ونَابحْ‬ ‫ِم ْن طَ ٍ‬ ‫فَرّاضُ أ ْش ُكو نَ َك َد ال َج ِ‬
‫وارحْ‬

‫فَا ْفتحْ فَقَ ْد ا ْسھَلَ ِ‬


‫ت المفاتحْ‬ ‫وأنتَ لِألَ ْم ِر ال ﱠشدي ِد الفادحْ‬

‫)الرجز(‬ ‫فأجابه الصنم فراض‪:‬‬

‫أ ِع ْد للوحش سالحا ً شابكا ً‬ ‫ارحا ُمباركا ً‬


‫ُد َونك كلبا ً َج ِ‬

‫)‪(943‬‬
‫األرض وال ﱠد َكا ِد َكا‬
‫ِ‬ ‫فر حُزونَ‬
‫يَ ِ‬

‫ولما عاد إلى بيته‪ ،‬وجد كلب صيد‪ ،‬فخرج به ليصطاد‪ ،‬فإذا به يصيد كل حيوان أو طير يراه‪،‬‬

‫فصلح حاله‪ ،‬فنزل عنده ضيف كان قد زار رسول ﷲ "صلى ﷲ عليه وسلم"‪ ،‬وسمع منه القرآن‪،‬‬

‫فحدث الضيف عبد ﷲ بما سمع من الرسول‪ ،‬وكان الكلب الذي سماه صاحبه حيّاضا ينصت‬

‫أن الكلب أحجم عن الصيد‪ ،‬فقال عبد ﷲ مخاطبا ً إياه‪:‬‬


‫للحديث‪ ،‬فخرج في اليوم التالي للصيد‪ ،‬إال ّ‬

‫َرأَى الصي َد َمم ْنوعا ً بِ ُزرْ ق اللﱠھاذم)‪) (944‬الطويل(‬ ‫أَال ما بِحي ٍ‬


‫ﱠاض يَحي ُد كأنﱠما‬

‫)الطويل(‬ ‫فسمع ھاتفا يقول‪:‬‬

‫‪ -‬ﺘﺄﺒﻁ ﺸﺭﹰﺍ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.107‬‬ ‫‪940‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺴﻴﺭﺓ ﺍﻟﻨﺒﻭﻴﺔ‪ ،22/1 ،‬ﻤﻭﺴﻭﻋﺔ ﺃﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻋﻥ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﻭﺩﻻﻻﺘﻬﺎ‪.298/1 ،‬‬ ‫‪941‬‬

‫‪ -‬ﻨﻬﺎﻴﺔ ﺍﻷﺭﺏ ﻓﻲ ﻓﻨﻭﻥ ﺍﻷﺩﺏ‪ ،154-151/18 ،‬ﻤﻭﺴﻭﻋﺔ ﺃﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻋﻥ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﻭﺩﻻﻻﺘﻬﺎ‪.28-25/2 ،‬‬ ‫‪942‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺩﻜﺎﺩﻙ ‪ :‬ﺠﻤﻊ ﺩﻜﺩﻙ‪ .‬ﻭﻫﻭ ﻤﻥ ﺍﻟﺭﻤل ﻤﺎ ﺘﻜﺒﺱ ﺒﺎﻷﺭﺽ ﻭﺍﻟﺘﺒﺩ ﺒﻬﺎ‪ ،‬ﺸﺎﺒﻙ‪ :‬ﺃﻱ ﻨﺎﺸﺏ‪ ،‬ﻋﻥ ﺍﻟﻨﻭﻴﺭﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺎﺸﻴﺔ‬ ‫‪943‬‬

‫ﺃﺴﻔل ﺍﻟﻨﺹ( ‪.154-151/18‬‬


‫‪ -‬ﺍﻟﻠﻬﺫﻡ‪ :‬ﺍﻟﻘﺎﻁﻊ ﻤﻥ ﺍﻷﺴﻨﺔ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺴﺎﺠﻭﺭ‪ :‬ﺨﺸﺒﺔ ﺘﻌﻠﻕ ﻓﻲ ﻋﻨﻕ ﺍﻟﻜﻠﺏ‪ ،‬ﺤﺎﺸﻴﺔ ﻨﺹ ﻤﺤﻘﻕ ﻨﻬﺎﻴﺔ ﺍﻷﺭﺏ‪.152/18 ،‬‬ ‫‪944‬‬

‫‪175‬‬
‫صفُوحا ً عا ِذالً غي َر الَئِم‬ ‫ل ُك َ‬
‫نت َ‬ ‫ك ُ‬
‫عين◌َ هُ‬ ‫ألمر لو بدا لَ َ‬
‫ٍ‬ ‫يحيد‬

‫وعاد عبد ﷲ من الصيد خالي اليدين‪ ،‬فإذا بشخصين‪ ،‬خلفھما عب ٌد أس ود يق ود كلب ا‪ ،‬فأش ار‬
‫)الرجز(‬ ‫أحدھما إلى حيّاض "الكلب" قائال‪:‬‬

‫وح ْد ع ّم ا َح َو ْت ه البِي ُد‬ ‫ْ‬


‫اخ نِس ِ‬ ‫َويْل ك ي ا حيّ اضُ لِ ْم تَص ُد‬
‫دي ُد‬ ‫ُد ال ﱠس‬ ‫ُدهُ محم‬ ‫وعب‬ ‫ُد‬ ‫هُ التوحي‬ ‫ى َولَ‬ ‫ﷲ أعل‬
‫ُد‬ ‫دي وال يُعيِ‬ ‫ّل ال يُ ْب‬ ‫دظ‬ ‫ق‬ ‫ُد‬ ‫ّاض و َم ا يكي‬
‫ُس حقا لف ر ٍ‬

‫فخاف عبد ﷲ‪ ،‬وظھر الذل على الكلب‪ ،‬فلم يرفع رأسه‪ ،‬وبينما عبد ﷲ يتقلب في فراشه ل يال‪ ،‬ف إذا‬
‫بالكلب األسود الذي رأه مع العبد األسود‪ ،‬يقول لـِ " حيّ اض" "الكل ب" ّ‬
‫إن "العف ريتين" الشخص ين‬

‫الل ذين رأھم ا عب د ﷲ عن دما ك ان عائ داً م ن الص يد‪ ،‬ق د أس لما‪ ،‬وق د عھ د إليھم ا بتع ذيب ش ياطين‬

‫األوثان‪ ،‬وأنه سيرحل إلى جزائر الھند‪ ،‬واتفقا معا ً على الذھاب ھناك‪.(945‬‬

‫ت دل أح داث القص ة عل ى أنھ ا وض عت ف ي ص در اإلس الم‪ ،‬وعل ى ال رغم م ن ذل ك؛ فإنھ ا‬

‫تكش ف ع ن اعتق اد الع رب قب ل اإلس الم‪ ،‬ب أن الكل ب األس ود م ن الج ن‪ ،‬فھ ي تتض من إش ارات‬

‫أسطورية كثي رة‪ ،‬ألن ه لج أ إل ى الص نم ف رّاض‪ ،‬ف ي وق ت الض يق والش دة‪ ،‬وھ ذا م ا اعت ادت علي ه‬

‫العرب‪ ،‬وسمع ھاتفا من ج وف الص نم ي ُْخبِ رُه باس تجابته لطلب ه‪ ،‬إذ كان ت الع رب ت ؤمن ب الھواتف‪،‬‬

‫ونالحظ التجانس بين اسمي الصنم والكلب‪ ،‬ف راض وحي اض‪ ،‬وھ و تج انس ال يقتص ر دوره عل ى‬

‫اإلثارة والتشويق في القصة؛ وإنما يشير إلى العالقة الوظيفية بين الصنم والكل ب‪ ،‬عل ى اعتب ار أن‬

‫الكلب ھو شيطان الصنم‪ ،‬كما بدا في الحديث الذي دار بين الكلب األسود وحيّاض‪ ،‬وتظھر القص ة‬

‫مطايا الجن‪ ،‬فالشخصان اللذان القيا عب د ﷲ‪ ،‬وھ و عائ د م ن الص يد‪ ،‬كان ا يركب ان حم اراً وحش ياً‪،‬‬

‫وھ و م ن مطاي ا الج ن‪ ،‬إض افة إل ى " أن ل ون الكل ب‪-‬خالس ي‪ -‬وھ و م ا كان ت أم ه س وداء وأب وه‬

‫أبيض‪ ،‬يحيلنا إلى لون الحي ة الت ي كان ت تح رس أم الك الكعب ة‪ ،‬وإل ى ل ون العق اب ال ذي اختطفھ ا‬
‫)‪(946‬‬
‫"‪.‬‬

‫‪ -‬ﻨﻬﺎﻴﺔ ﺍﻷﺭﺏ‪ ،153-151/18 ،‬ﻭﻤﺎ ﺒﻌﺩﻫﺎ‪.‬‬ ‫‪945‬‬

‫‪ -‬ﺃﺨﺒﺎﺭ ﻤﻜﺔ‪ ،159-158/1 ،‬ﻤﻭﺴﻭﻋﺔ ﺃﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻋﻥ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﻭﺩﻻﻻﺘﻬﺎ‪.321-320/1 ،‬‬ ‫‪946‬‬

‫‪176‬‬
‫وتبدو صورة الكالب قريبة من صورة الجن؛ لما تجمعه من صفات اللؤم‪ ،‬وال بطش والق وة‪ ،‬وذل ك‬

‫في وص ف ام رئ الق يس لھ ا‪ ،‬إذ وص فھا وص فا ً دقيق اً‪ ،‬حت ى ب رز لونھ ا أزرق‪ ،‬وعيونھ ا حم راء‪،‬‬

‫تش به نُ وار العض رس‪ ،‬فق د جمع ت ب ين الل ونين األزرق واألحم ر‪ ،‬تل ك األل وان الت ي تش ير إل ى‬
‫)‪(947‬‬
‫)الطويل(‬ ‫التشاؤم‪ ،‬يقول‪:‬‬

‫)‪(948‬‬ ‫من ﱠ‬
‫الذمر واإليحا ِء نُ ّوا ُر عُضْ رس‬ ‫ُم َغرثةً ُزرقا ً ّ‬
‫كأن عيونَھا‬

‫وھذا يؤكد ارتباط اللون األزرق بالغول والجن‪ ،‬والقوى السلبية في األرض )‪. (949‬‬

‫ويؤكد عالقة الجن بالكلب‪ ،‬اعتقاد العرب أن الكلب داء شبيه بالجنون‪ ،‬على حد معن ى ق ول النابغ ة‬
‫)‪(950‬‬
‫)الرمل(‬ ‫الحعدي‪:‬‬

‫)‪(951‬‬
‫ُ‬
‫وأفانين فؤا ٍد ُمحْ تَ ِمل‬ ‫َك ْلبا ً ِم ْن ِحسﱠ ما قَ ْد َم ّسهُ‬

‫ونالح ظ ف ي ع الج ھ ذا الم رض‪ ،‬م ا ي د ّل عل ى إيم ان الج اھليين ب ذلك‪ ،‬ويجس د ذل ك ق ول المثق ب‬
‫)‪(952‬‬
‫)الرمل(‬ ‫العبدي‪:‬‬

‫)‪(953‬‬
‫ئ ال َكلَ َ‬
‫ب إذا عضﱠ َوھَ ّر‬ ‫يُبْر ُ‬ ‫باحريﱡ ال ﱠد ِم ُمرﱞ طَ ْع ُمهُ‬
‫ِ‬

‫ولوال عالقة الجن بالكلب لما كانت ھذه المعتقدات‪.‬‬

‫‪ -‬ﺍﻤﺭﺅ ﺍﻟﻘﻴﺱ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.88‬‬ ‫‪947‬‬

‫‪ُ -‬ﻤ ﹶﻐﺭّﺜﺔ‪ :‬ﻤﺠﻭﻋﺔ‪ ،‬ﺍﻟﺫﻤﺭ‪ :‬ﺍﻹﻏﺭﺍﺀ‪ ،‬ﺍﻹﻴﺤﺎﺀ‪ :‬ﺍﻟﺼﻴﺩ ﺒﺤﺎﻻﺕ ﺨﻔﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻌﻀﺭﺱ‪ :‬ﻨﺒﺎﺕ ﻟﻪ ﻟﻭﻥ ﺃﺤﻤﺭ‪.‬‬ ‫‪948‬‬

‫ﻋﻤﺭ‪ ،‬ﺃﺤﻤﺩ ﻤﺨﺘﺎﺭ‪ :‬ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺍﻟﻠﻭﻥ‪ ،‬ﺹ‪.164‬‬ ‫‪949‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻨﺎﺒﻐﺔ ﺍﻟﺠﻌﺩﻱ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺠﻤﻌﻪ ﻭﺸﺭﺤﻪ ﻭﺤﻘﻘﻪ‪ ،‬ﻭﺍﻀﺢ ﺍﻟﻌﻤﺩ‪ -‬ﻁ‪ -1‬ﺩﺍﺭ ﺼﺎﺩﺭ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ ‪1998‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪ ،116‬ﻭﻗﺩ‬ ‫‪950‬‬

‫ﻭﺭﺩ ﺍﻟﺒﻴﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ‪ُ ) ،8/2‬ﻤﺨﹾﺘﹶﺒل( ﺒﺩل )ﻤﺤﺘﻤل(‪.‬‬


‫ﺱ ﺒﺎﻟﻌﺭﻕ ﻴﻤﺱ ﺠﻠﺩﻩ ﺸﻬﻭﺓ ﺍﻟﻌﺩﻭ ﻤﺎ ﻴﺸﺒﻪ ﺍﻟﺠﻨﻭﻥ‪.‬‬
‫‪ -‬ﺃﻓﺎﻨﻴﻥ‪ :‬ﻀﺭﻭﺏ‪ ،‬ﻤﺤﺘﻤل‪ :‬ﻤﺴﺘﺨﻑ‪ ،‬ﻤﺴﺘﻬﺘﺭ‪ ،‬ﺃﺤ ّ‬ ‫‪951‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺜﻘﺏ ﺍﻟﻌﺒﺩﻱ‪ :‬ﺸﺭﺡ ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ :‬ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺤﺴﻥ ﺤﻤﺩ‪ -‬ﻁ‪ -1‬ﺩﺍﺭ ﺼﺎﺩﺭ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪1996 ،‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪ ،88‬ﺸﻴﺨﻭ‪ ،‬ﻟﻭﻴﺱ‪:‬‬ ‫‪952‬‬

‫ﺸﻌﺭﺍﺀ ﺍﻟﻨﺼﺭﺍﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ‪ ،‬ﻤﻁﺒﻌﺔ ﺍﻵﺒﺎﺀ ﺍﻟﻤﺭﺴﻠﻴﻥ ﺍﻟﻴﺴﻭﻋﻴﻴﻥ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪.404/2 ،1926 ،‬‬
‫ﻱ‪ :‬ﻓﺎﻗﻊ ﺍﻟﺤُﻤﺭﺓ‪َ ،‬ﻫﺭْ‪ :‬ﺼﻭّﺕ ﻤﻥ ﻗﻠﺔ ﺼﺒﺭﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺭﺩ‪.‬‬
‫ﻱ‪ :‬ﺩﻡ ﺒﺤﺭ ﱞ‬
‫‪ -‬ﺒﺎﺤﺭ ّ‬ ‫‪953‬‬

‫‪177‬‬
‫المبحث الثالث‬

‫الجن واإلبل‬

‫أضفت مخيل ة الج اھليين عل ى اإلب ل طابع ا ً أس طورياً‪ ،‬فزعم وا ّ‬


‫أن فيھ ا ِعرق ا " م ن س فاد‬

‫الجن" )‪ (954‬وأنھا خلقت من "أعنان الشياطين" )‪ ،(955‬فق د ورد أن الرس ول "ص لى ﷲ علي ه وس ل َم‬
‫"نھ ى ع ن الص الة ف ي أعط ان اإلب ل" )‪ ،(956‬وزعم وا ّ‬
‫أن " اإلب ل الحوش ية منس وبة إل ى الح وش‪،‬‬
‫وھ ي الت ي ض ربت فيھ ا فح ول إب ل الج ن‪ ،‬وأن م ن نس ل إب ل الج ن اإلب ل الحوش ية")‪ ،(957‬ويؤك د‬

‫وحش‪ ،‬ويقول ون إنھ ا م ن بقاي ا إب ل‬


‫ِ‬ ‫الدميري ھذه المزاعم بقوله" ومنھ ا إب ل وحش ية‪ ،‬تس مى إب ل ال‬

‫ع اد وثم ود‪ ،‬وم ن لق ب اإلب ل الع يس‪ ،‬وھ ي الش ريرة الص لبة‪ ،‬ومنھ ا الش مالل وھ ي الخفيف ة‪،‬‬
‫واليَعْ◌َ ملة وھي التي تعمل‪ ،‬والوجناء وھي الشريرة")‪ ،(958‬وتلتقي ھذه الصفات مع ما ع رف ع ن‬

‫الجن‪ ،‬فال بد إذن من أن يكون بينھا صلة قرابة ونسب‪ ،‬ويبدو ذلك في قول محمد عب د المعي د خ ان‬

‫" ل م تك ن الس باع وح دھا م ن الج ن‪ ،‬ب ل كان ت اإلب ل أيض اً‪ ،‬ول و أنھ ا ليس ت م ن الحيون ات‬

‫المخيفة")‪ ،(959‬وقد جاء ذلك على لسان أبي العالمية‪ ،‬وذلك قوله‪" :‬إن م ن اإلب ل م ا ك ان أولھ ا م ن‬

‫الجن" )‪.(960‬‬

‫فالحوشية من اإلب ل‪ ،‬إذن ھ ي الت ي ض ربت فيھ ا فح ول إب ل الج ن‪ ،‬والعيدي ة)‪ ،(961‬والمھري ة)‪،(962‬‬
‫)‪(965‬‬
‫والعسجدية)‪ ،(963‬والعمانية ضربت فيھا الحوش)‪ ،" (964‬وفي ذلك يقول ابن ھريم‪:‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪152/1 ،‬‬ ‫‪954‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،.223/6 ،297/1 ،‬ﺃﻋﻨﺎﻥ ‪ :‬ﺠﻭﺍﻨﺏ ‪ ،‬ﻨﻭﺍﺤﻲ‬ ‫‪955‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪.297/1 ،‬‬ ‫‪956‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪.216/6 ،‬‬ ‫‪957‬‬

‫‪ -‬ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ‪ ،14/1،‬ﺸﺎﻜﺭ‪ ،‬ﺸﺎﻜﺭ ﻫﺎﺩﻱ‪ :‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ﻓﻲ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪ -‬ﻁ‪-1‬ﻤﻜﺘﺒﺔ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ‪،‬‬ ‫‪958‬‬

‫ﺒﻴﺭﻭﺕ‪.35/1 ،1985 ،‬‬


‫‪ -‬ﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪ ،‬ﺹ‪.76‬‬ ‫‪959‬‬

‫‪ -‬ﺠﺎﻤﻊ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻋﻥ ﺘﺄﻭﻴل ﺁﻱ ﺍﻟﻘﺭﺁﻥ‪.528/1 ،‬‬ ‫‪960‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻌﻴﺩﻴﺔ‪ :‬ﻨﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻴﺩ‪ ،‬ﻭﻫﻡ ﺤﻲ ﻤﻥ ﺃﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﺃﻭ ﻓﺤل ﻤﻨﺠﺏ ﺃﻭ ﻤﻨﺴﻭﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﻋﺎﺩ ﺒﻥ ﻋﺎﺩ‪ ،‬ﻭﻓﻲ ﺍﻷﺼل‬ ‫‪961‬‬

‫ﺍﻟﻌﺒﺩﻴﺔ‪.‬‬
‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻬﺭﻴﺔ‪ :‬ﻨﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﻤﻬﺭﺓ ﺒﻥ ﻤﻴﺩﺍﻥ ﺃﺒﻭ ﻗﺒﻴﻠﺔ‪ ،‬ﺒﻔﺘﺢ ﺍﻟﻤﻴﻡ‪.‬‬ ‫‪962‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻌﺴﺠﺩﻴﺔ‪ :‬ﻨﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﻓﺤل ﻜﺭﻴﻡ‪ ،‬ﻴﻘﺎل ﻟﻪ ﻋﺴﺠﺩ‪.‬‬ ‫‪963‬‬

‫‪178‬‬
‫)الطويل(‬ ‫الطير وھو ظَلي ُم‬
‫ِ‬ ‫لھا نَ َسبٌ في‬ ‫كأنّي علَ ْى ح ُْوشيﱠ ٍة أو نعام ٍة‬

‫وتتضح العالقة بين اإلبل والجن‪ ،‬أكثر من خالل إطالق الجاھليين عل ى اإلب ل الش ريرة " النّف ار "‬
‫أن طائف ا ً‬
‫الجنّة " معتق دين أن ال َجن ان ق د َر ِكبتھ ا)‪ ،(966‬كم ا وص فوا إبلھ م ب الجنون‪ ،‬أو ّ‬
‫اسم اإلبل " ِ‬
‫)‪(967‬‬
‫)الطويل(‬ ‫من الجن أل ّم بھا‪ ،‬ويبدوذلك في قول األعشى‪:‬‬

‫إذا خــَـبﱠ آ ٌل فوقَه َيتَر ْقرق‬ ‫مخوف قد قَطَع ُ‬


‫ْت بِ َج ْس َر ٍة‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫وخَرْ ٍ‬
‫ق‬

‫الج ﱠن أَوْ لَ ُ‬
‫)‪(968‬‬
‫ق‬ ‫ائف ِ‬ ‫أل ّم بِھا ِم ْن َ‬
‫ط ِ‬ ‫وتُصْ ب ُح ِم ْن ِغبﱢ السﱡرى َو َكأنّما‬

‫وال بد من اإلشارة إلى اعتقادھم بقراب ة اإلب ل م ن الحيّ ات‪ ،‬إذ زعم وا أن الحي ة كان ت ف ي‬
‫ص ورة جم ل ف ُم ِس َخت)‪ ،(969‬وبم ا أن ھن اك عالق ة قوي ة ب ين الج ن والحي ة‪ ،‬ف ال ب د إذن أن تك ون‬
‫)‪(970‬‬
‫العالقة بين الجن واإلبل أقوى‪ ،‬قال عدي بن زيد في مسخ الحية‪:‬‬

‫)البسيط(‬ ‫ق أَ ْو َج َمالً‬
‫َك َما ترى نَاقةً في الخ َْل ِ‬ ‫َت الحيّةُ ال ﱠر ْقشا ُء ْإذ ُخلِقَ ْ‬
‫ت‬ ‫فَ َكان ْ‬

‫ول و استعرض نا الش عر الج اھلي لوج دنا أن الش عراء " أطلق وا عل ى الناق ة أس ماء لھ ا عالق ة‬
‫بحيوان ات ومخلوق ات وھمي ة‪" ،‬كالس عالي والعفاري ت والغ يالن وال دواھي")‪(971‬؛ كم ا ت ردد ف ي‬
‫أش عارھم ذك ر الناق ة العنت ريس وھ ي الداھي ة‪ ،‬والعت رس‪ ،‬وھ و ال ذكر م ن الغ يالن‪ ،‬والداھي ة‬
‫أيضا ً)‪ ،(972‬والناقةالعفرناة من العفرية‪ ،‬وھي الداھي ة)‪ ،(973‬والناق ة العيس جور‪ ،‬وھ ي الس عالة)‪،(974‬‬
‫ومن معنى الداھية‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪.216/6 ،‬‬ ‫‪964‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،217/6 ،‬ﻤﺭﻭﺝ ﺍﻟﺫﻫﺏ‪) ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺏ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ(‪.145/2 ،‬‬ ‫‪965‬‬

‫‪ -‬ﺃﺒﻭ ﺴﻭﻴﻠﻡ‪ ،‬ﺃﻨﻭﺭ ﻋﻠﻴﺎﻥ‪ :‬ﺍﻹﺒل ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ" ﺩﺭﺍﺴﺔ ﻓﻲ ﻀﻭﺀ ﻋﻠﻡ ﺍﻟﻤﺜﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﻭﺍﻟﻨﻘﺩ"‪ -‬ﻁ‪ -1‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻌﻠﻭﻡ‬ ‫‪966‬‬

‫ﻟﻠﻁﺒﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻨﺸﺭ‪1403 ،‬ﻫـ‪1983-‬ﻡ‪.248/1 ،‬‬


‫‪ -‬ﺍﻷﻋﺸﻰ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.118‬‬ ‫‪967‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﻭﻟﻕ‪ :‬ﺍﻟﺠﻨﻭﻥ‪.‬‬ ‫‪968‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪.197/4 ،297/1 ،‬‬ ‫‪969‬‬

‫‪ -970‬ﻋﺩﻱ ﺒﻥ ﺯﻴﺩ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﻱ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺘﺤﻘﻴﻕ ﻤﺤﻤﺩ ﺠﺒﺎﺭ ﺍﻟﻤﻌﻴﺒﺩ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺠﻤﻬﻭﺭﻴﺔ ﻟﻠﻨﺸﺭ ﻭﺍﻟﻁﺒﻊ‪ ،‬ﺒﻐﺩﺍﺩ‪ ،‬ﺩ‪.‬ﺕ‪ ،‬ﺹ‪.159‬‬
‫‪ -‬ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺤﻤﻥ‪ ،‬ﻨﺼﺭﺕ‪ :‬ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﻤﻜﺘﺒﺔ ﺍﻷﻗﺼﻰ‪ ،‬ﻋﻤﺎﻥ‪1976 ،‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪ ،74‬ﻭ ﺍﻟﺸﻌﺭ‬ ‫‪971‬‬

‫ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ ﺘﻔﺴﻴﺭ ﺃﺴﻁﻭﺭﻱ‪ ،‬ﺹ‪.248‬‬


‫‪ - 972‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ﻓﻲ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪.35/1 ،‬‬

‫‪179‬‬
‫)‪(976‬‬
‫س م ّوا ن وقھم ب القرطوس‪ ،‬وال درخمين)‪ ،(975‬فق د ق ال عبي د ب ن األب رص واص فا ناقت ه‪:‬‬
‫)الخفيف(‬

‫أحرْ َج ْتهُ بال َج ّو إحْ دى اللﱠيالي‬ ‫ِعن ْت ِريسٌ َكأنﱠھا ُذو و ُش ِ‬


‫وم‬

‫)‪(977‬‬
‫)البسيط(‬ ‫وھذا األعشى‪ ،‬يذكر الناقة العفرناة في شعره‪ ،‬فيقول‪:‬‬

‫ھم ّي عليھ ا‪ ،‬إذا م ا آلھُ ا لَ َمع ا‬ ‫كلفت مجھولھا نفسي وشايعني‬

‫ْس أَ ْدنَى لَھْا ِم ْن أَ ْن أَقُو َل لَعا‬


‫فالتﱠع َ‬ ‫ث َع ْفرنا ٍة إذا َعثَ ْ‬
‫رت‪،‬‬ ‫بذات لو ٍ‬

‫ويص ور طرف ة ب ن العب د تالع ب زم ام ناقت ه‪ ،‬إذ تتل وى كم ا تتل وى حي ة الش يطان ف ي األرض‪،‬‬
‫)‪(978‬‬
‫)الطويل(‬ ‫بقوله‪:‬‬

‫)‪(979‬‬
‫ْطان ب ِذي ِخرْ ٍوع قَ ْف ِر‬
‫تَ َع ﱡم ُج َشي ٍ‬ ‫تُال ِعبُ َم ْثنَ ًى حضْ َر ًّ‬
‫مي كأنﱠهُ‬

‫وقد كان حسان بن ثابت حريصا ً على تحقيق وجوده‪ ،‬ومقاومة الفناء بواسطة ناقته‪،‬‬
‫)‪(980‬‬
‫)المتقارب(‬ ‫فيصفھا بالسرعة والنشاط‪ ،‬بقوله‪:‬‬

‫)‪(981‬‬
‫ف ِجنّانُھا‬
‫ْز ُ‬
‫ِمنَ البيْد تَع ِ‬ ‫ب َس ْم َل ٍ‬
‫ق‬ ‫وداوية َس ْب َس ٍ‬
‫)‪(982‬‬
‫اآلل شيطانُھا‬
‫ق ي ْم َر ُح في ِ‬
‫ِ‬ ‫ْت ِب ْعيَرانَ ٍة كالفَ ْنيَـ‬
‫قَطَع ُ‬

‫‪ -‬ﺍﻹﺒل ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،248/1 ،‬ﻭﻗﺩ ﺠﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﺍﻟﺸﺭﻴﻑ‪" :‬ﺇﻥ ﺍﷲ ﺘﻌﺎﻟﻰ ﻴﺒﻐﺽ ﺍﻟﻌﻔﺭﻴـﺔ ﺍﻟﻨﻔﺭﻴـﺔ ﻭﻫـﻭ‬ ‫‪973‬‬

‫ﺍﻟﺩﺍﻫﻲ ﺍﻟﺨﺒﻴﺙ ﺍﻟﺸﺭﻴﺭ"‪ ،‬ﺍﻟﻨﻬﺎﻴﺔ ﻓﻲ ﻏﺭﻴﺏ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ‪ ،‬ﻤﺎﺩﺓ )ﻋﻔ َﺭ(‪.262/2 ،‬‬
‫‪ -974‬ﺍﻹﺒل ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪.248/1 ،‬‬
‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ‪.248/1 ،‬‬ ‫‪975‬‬

‫‪ -‬ﻋﺒﻴﺩ ﺒﻥ ﺍﻷﺒﺭﺹ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.116‬‬ ‫‪976‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﻋﺸﻰ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.107-106‬‬ ‫‪977‬‬

‫‪ -‬ﻁﺭﻓﺔ ﺒﻥ ﺍﻟﻌﺒﺩ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺭﺤﺎﺏ ﺨﻀﺭ ﻋﻜﺎﻭﻱ‪ -‬ﻁ‪ -1‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪1993 ،‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪.156‬‬ ‫‪978‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺘﻌﻤﺞ‪ :‬ﺍﻻﻋﻭﺠﺎﺝ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺭ‪ ،‬ﺘﻌﻤﺠّﺕ ﺍﻟﺤﻴﺔ‪ :‬ﺇﺫ ﺘﻠﻭﱠﺕ‪.‬‬ ‫‪979‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،184 /6 ،‬ﺍﻟﺒﻴﺘﺎﻥ ﻟﻡ ﻴﺭﺩﺍ ﻓﻲ ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪.‬‬ ‫‪980‬‬

‫ﺴﻤْﻠﹶﻕ‪ :‬ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻴﺔ ﺍﻟﺠﺭﺩﺍﺀ‪.‬‬


‫‪ -‬ﺍﻟﺩﺍﻭﻴﺔ‪ :‬ﺍﻟﻔﻼﺓ ﺍﻟﺒﻌﻴﺩﺓ ﺍﻷﻁﺭﺍﻑ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﺴﺒﺴﺏ‪ :‬ﺍﻟﻘﻔﺭ ﺍﻟﺒﻌﻴﺩﺓ‪ ،‬ﺍﻟ َ‬ ‫‪981‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻌﻴﺭﺍﻨﺔ‪ :‬ﺍﻟﻨﺎﺠﻴﺔ ﻓﻲ ﻨﺸﺎﻁﻬﺎ‪ ،‬ﺍﻟﻔﻨﻴﻕ‪ :‬ﺍﻟﻔﺤل ﺍﻟﻤﻜﺭﻡ ﻤﻥ ﺍﻹﺒل ﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﻴﺭﻜﺏ ﻭﻻ ﻴﻬﺎﻥ؛ ﻟﻜﺭﺍﻤﺘﻪ ﺍﻟﺫﻱ ﻨﻌﻡ ﻭﺴﻤﻥ‪،‬‬ ‫‪982‬‬

‫ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ﻓﻲ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪.37/1 ،‬‬

‫‪180‬‬
‫فالناق ة تب دو وس يلة انتش ال الش اعر م ن ھموم ه وأحزان ه‪ ،‬وحمايت ه م ن مخ اطر الحي اة‪.‬ويتك رر‬
‫)‪(983‬‬
‫)الطويل(‬ ‫المشھد إيّاه عند ضابئ بن الحارث‪ ،‬إذ يقول‪:‬‬

‫إذا البي ُد ھ ّم ت بال ُ‬


‫ض حى أن تَ َغ ّوال‬ ‫ت إل ى َم ْعرُوفھ ا ُم ْن َكراتِھ ا‬
‫قطع ُ‬

‫تَھَاوي َل ھ ﱟر أو تھاوي َل أَ ْخ يِال‬


‫)‪(984‬‬
‫أن بِ دفَ ً◌ ّ◌ھا‬
‫وج َك ﱠ‬
‫بأدما َء حرج ٍ‬
‫)‪(985‬‬
‫الذ ْفرى على اللّيث شلش ال‬
‫ف ّ‬ ‫إذا وا ِك ُ‬ ‫أن بِھَ ا ش يطانةً ِم ْن نَ َجائھ ا‬
‫ك ّ‬

‫ق تن اھى ع ن ِر َح ال فَ أَرْ قَال‬


‫فَ ِني ٌ‬ ‫وتُصْ بُح ع َْن ِغبّ السﱡرى وكأنّھا‬

‫فالشاعر يصور فالة مقفرة مضللة‪ ،‬ويفتخر بأنه تجاوزھا بناقة نشيطة قوية مسرعة‪ ،‬كأنّ ه أص ابھا‬
‫مس من الشيطان فمنحھا الخفة‪.‬‬

‫ويقرن امرؤ القيس ناقته المتميزة‪ ،‬المتفوق ة ف ي النش اط والس رعة بعبقرال ذي ينس ب إلي ه‪،‬‬
‫)‪(986‬‬
‫)الطويل(‬ ‫كل ما تفوق على أبناء جنسه‪ ،‬فيقول‪:‬‬

‫)‪(987‬‬
‫وف يُ ْنتَقَ ْدن ِب َعبْقرا‬
‫صلي ُل ُزي ٍ‬ ‫صليل ال َمرْ ِو ِحينَ تَ ُش ﱡده‬
‫َ‬ ‫ﱠ‬
‫كأن‬

‫ولن يأبه الجاھلي م ن أن يش رك ناقت ه ف ي أس اطيره ومعتقدات ه‪ ،‬فھ ي ف ي رأي ه"تماثيلھ ا تش في م ن‬


‫الجنون‪ ،‬وسنامھا يشفي من العشاء‪ ،‬والصياح في آذانھا‪ ،‬يھ دي م ن بع د ض الل")‪ ،(988‬ل ذلك ك انوا‬
‫إذا أصاب أحدھم العشاء‪ ،‬عمد إلى سنام ناقته فقط ع من ه قطع ة ‪ ،‬وم ن الكب د قطع ة فقالھم ا‪ ،‬وق ال‬
‫عند‬

‫)‪(989‬‬
‫) مجزوء الرجز(‬ ‫كل لقمة يأكلھا‪ ،‬بعد أن يمسح جفنه األعلى بسبابته ‪:‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﺼﻤﻌﻴﺎﺕ‪ ،‬ﺹ‪181‬‬ ‫‪983‬‬

‫‪ -‬ﺃﺩﻤﺎﺀ‪ :‬ﻨﺎﻗﺔ ﺒﻴﻀﺎﺀ‪ ،‬ﺍﻟﺤﺭﺠﻭﺝ‪ :‬ﺍﻟﺠﺴﻴﻤﺔ ﺍﻟﻁﻭﻴﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻭﺠﻪ ﺍﻷﺭﺽ‪ ،‬ﺍﻷﺨﻴل‪ :‬ﻁﺎﺌﺭ ﻴﺘﺸﺎﺀﻤﻭﻥ ﺒﻪ‪.‬‬ ‫‪984‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺫﻓﺭﻯ‪ :‬ﺍﻟﻤﻭﻀﻊ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻌﺭﻕ ﻤﻨﻪ ﺍﻟﺒﻌﻴﺭ‪ ،‬ﺨﻠﻑ ﺍﻷﺫﻥ‪ ،‬ﺸﻠﺸﻠﺕ‪ :‬ﺃﻱ ﻗﻁﺭﺘﻪ ﻤﺘﺘﺎﺒﻌﹰﺎ‪.‬‬ ‫‪985‬‬

‫‪ -‬ﺍﻤﺭﺅ ﺍﻟﻘﻴﺱ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.63‬‬ ‫‪986‬‬

‫‪ -‬ﺼﻠﻴل ﺍﻟﻤﺭﻭ ‪ :‬ﺼﻭﺕ ﺍﻟﺤﺠﺎﺭﺓ ‪ ،‬ﺍﻟﺯﻴﻭﻑ‪ :‬ﺍﻟﺩﺭﺍﻫﻡ ﺍﻟﺯﺍﺌﻔﺔ ﻻ ﻓﻀﺔ ﻓﻴﻬﺎ‪.‬‬ ‫‪987‬‬

‫‪ -‬ﺍﻹﺒل ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺹ‪.240‬‬ ‫‪988‬‬

‫‪ -‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪ ،340/2 ،‬ﺍﻹﺒل ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺹ‪ ،241‬ﺍﻟﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪.810/6 ،‬‬ ‫‪989‬‬

‫‪181‬‬
‫فيا سناما ً َو َكــبِ َد أَالَ اذھبا بالھُدبد‬

‫إالّ السـنام وال َكب ْد‬ ‫ليس شفاء الھُدبد‬

‫فيزعمون أنه يذھب العشاء‪ ،‬أما بالنسبة لتماثيلھا‪ ،‬فقد ذكرنا ف ي ب اب الوقاي ة م ن الج ن م ا‬

‫كانوا يفعلونه‪ ،‬إذا طالت عل ة الم ريض‪ ،‬وظن وا أن ب ه مس ا ً م ن الج ن)‪.(990‬وق د أش رنا إل ى م ا ك ان‬

‫يفعله من يضل في الصحراء)‪.(991‬‬

‫ومن معتقدات الجاھليين ذات العالقة بالجن والناقة التي أصبحت أمثاال تر ﱢس ُخ مفاھي َم‬

‫ت اجتماعي ٍة في معالجة شؤون الحياة التي يحياھا األفراد‪ ،‬قولھم " كذي العُر يكوى‬ ‫َ‬
‫ذات دالال ٍ‬
‫)‪(993‬‬
‫)الطويل(‬ ‫غَيره َو ْھ َو رات ُع)‪،"(992‬وقد سجل النابغة ذلك في قوله‪:‬‬

‫لَ َكلّف ْتنَي َذ ْن َ‬


‫)‪(994‬‬
‫َكذي ال ُع ّر يُ ْكوى غيرُه َوھُ َو َراتِ ُع‬ ‫امرئ َوتَ َر ْكتَه‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫ب‬

‫وقد رد بعض الشراح ھذا االعتقاد إلى كونه طقسا ً رمزياً‪ ،‬يشعرون بجدواه‪ ،‬وأنھم يلحقون منفعة‬
‫)‪(995‬‬
‫بكي البعير الصحيح عن طريق السحر‪.‬‬
‫حقيقية في اإلبل المريضة‪ّ ،‬‬

‫ومما يشير إلى عالقة الناقة بالش ياطين‪ ،‬ويؤك د اعتق ادھم ب أن ق وى خفي ة تكم ن فيھ ا " أن‬
‫الجاھليين اعتبروھا باعثا من بواعث نظ م الش عر‪ ،‬كم ا ألھ ب البق ر ش عراء الھن د ف ي عص ر الفي دا‬
‫")‪(996‬؛ وذلك إلدراكھم أثر اإلبل في حياة العرب‪ ،‬وش عرھم‪ ،‬كم ا اس تعاروا م ن فك رة اإلب ل فك رة‬
‫اإلبداع في الشعر؛ فسموا الشعراء المجيدين باسم الفحول)‪ ،(997‬مما يوثق العالقة بفحول اإلبل‪.‬‬

‫‪ -‬ﻴﻨﻅﺭ‪ ،‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪.359/2 ،‬‬ ‫‪990‬‬

‫‪ -‬ﻴﻨﻅﺭ‪ ،‬ﻤﻀﻤﻭﻥ ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪ ،‬ﺹ‪.20‬‬ ‫‪991‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻴﺩﺍﻨﻲ‪ :‬ﻤﺠﻤﻊ ﺍﻷﻤﺜﺎل ‪.184/2 ،‬‬ ‫‪992‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻨﺎﺒﻐﺔ ﺍﻟﺫﺒﻴﺎﻨﻲ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.126‬‬ ‫‪993‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻌُﺭ‪ :‬ﻗﺭﻭﺡ ﺘﺨﺭﺝ ﻓﻲ ﻋﻨﻕ ﺍﻟﻔﺼﻴل‪ ،‬ﻓﺈﺫﺍ ﺃﺭﺍﺩﻭﺍ ﺃﻥ ﻴﻌﺎﻟﺠﻭﻩ ﻜﻭﻭﺍ ﺒﻌﻴﺭﹰﺍ ﺴﺎﻟﻤ ﹰﺎ ﻟﻜﻲ ﻻ ﻴﻤﺘﺩ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻤﺭﺽ‪.‬‬ ‫‪994‬‬

‫‪ -‬ﺍﻹﺒل ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺹ‪ ،242‬ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪ ،‬ﺹ‪.189‬‬ ‫‪995‬‬

‫‪ -‬ﺒﺭﻭﻜﻠﻤﺎﻥ‪ ،‬ﻜﺎﺭل‪ :‬ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪ ،‬ﺘﺭﺠﻤﺔ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺤﻠﻴﻡ ﺍﻟﻨﺠﺎﺭ‪ -‬ﻁ‪ -4‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ‪ ،‬ﻤﺼﺭ ‪1977 ،‬ﻡ‪،‬‬ ‫‪996‬‬

‫‪.56/1‬‬
‫‪ -‬ﻨﺎﺼﻑ‪ ،‬ﻤﺼﻁﻔﻰ‪ :‬ﻗﺭﺍﺀﺓ ﺜﺎﻨﻴﺔ ﻟﺸﻌﺭﻨﺎ ﺍﻟﻘﺩﻴﻡ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻷﻨﺩﻟﺱ ﻟﻠﻁﺒﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻨﺸﺭ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪ ،‬ﻟﺒﻨﺎﻥ‪) ،‬ﺩ‪.‬ﺕ( ﺹ‪.97‬‬ ‫‪997‬‬

‫‪182‬‬
‫وال بد في معرض الحديث عن الج ن واإلب ل‪ ،‬م ن اإلش ارة إل ى أن الجم ل ك ان م ن مطاي ا‬

‫الجن‪ ،‬فقد ورد "أن العرب تذكر راكبا على جمل في قدر إنسان‪ ،‬وفد عليھم بس وق عك اظ‪ ،‬ون ادى‬

‫أال من يھبني ثمانين بكرة ھجانا‪ ،‬وأومأ‪ ،‬فلم يجب ه أح د‪ ،‬فلم ا رأى ذل ك‪ ،‬ض رب َج َملَ هُ‪ ،‬وط ار ب ين‬
‫)‪(998‬‬
‫السماء واألرض‪ ،‬فقالوا إنه ﱞ‬
‫جن راكبٌ على جمل‪.‬‬

‫ونخلص من ذلك إلى أن الناقة كانت حيوانا ً أسطورياً‪ ،‬يلج أ إلي ه الش عراء ف ي التعبي ر ع ن‬
‫قوى الشر الغامضة المسّلطة على اإلنسان أوقوى الموت‪.‬‬

‫‪ -‬ﻤﻭﺴﻭﻋﺔ ﺃﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻋﻥ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﻭﺩﻻﻻﺘﻬﺎ‪34/1 ،‬‬ ‫‪998‬‬

‫‪183‬‬
‫المبحث الرابع‬

‫الجن والخيل‬

‫لعبت الخيل دوراً مھما ً في حياة اإلنسان القديم‪ ،‬إذ كانت الركيزة الكبرى ف ي حيات ه‪ ،‬س لما ً‬

‫وحرباً‪ ،‬كم ا كان ت رم زاً م ن رم وز الش مس اإللھ ة‪ ،‬والرب ة "ذات حم يم"‪ ،‬ل ذلك اقترن ت بص ورة‬

‫الم رأة‪ ،‬فك ان الحص ان أو ص ورته يق دم قربان ا لھ ا)‪ ،(999‬ل ذلك أقب ل الش عراء عليھ ا‪ ،‬ووص فوھا‬
‫بجمالھا وسرعتھا‪ ،‬لمشاركتھا في المواقع والمعارك‪.‬‬

‫وإن كنا ال نقف على شعر جاھلي يبين صلة الجن بالخيل‪ ،‬أو يشير إلى أن الخي ل كان ت م ن مطاي ا‬

‫الجن‪ ،‬فإننا ال بد أن نشير إلى أن الشاعر الجاھلي استمد صورته من عالم الالمحسوس‪ ،‬وم ن تل ك‬

‫الكائن ات الغيبي ة؛ إذ ت رتبط الط رق التعبيري ة والتص ويرية ف ي الش عر الج اھلي‪ ،‬إل ى ح د بعي د‬

‫بالمعتق دات‪ ،‬والموروث ات الديني ة القديم ة‪ ،‬إذ ص ور الش عراء خي ولھم بص ور ش تى‪ ،‬لھ ا قدس يتھا‬

‫وأھميتھ ا‪ ،‬ف ي ض مير الف رد والجماع ة‪ ،‬فكان ت مع اني متداخل ة‪ ،‬وص وراً متناس قة منس وجة م ن‬
‫)‪(1000‬‬
‫ضمير الشاعر‪ ،‬وإحساسه الفني المرھف الذي عكس عليه وجدان البيئة الجاھلية‪.‬‬

‫وفعالً ق ّدر اإلنسان الجاھلي الخيل‪ ،‬وقرنھا بالخير‪ ،‬وق دمھا عل ى عيال ه‪ ،‬وق د يك ون ھ ذا ھ و ال دافع‬

‫الذي دفعه إلى أن يعلق عليھا التمائم والخرز‪ ،‬منعا لألرواح الشريرة‪ ،‬فھذا علقم ة ب ن العب د‪ ،‬يق ول‬
‫)‪(1001‬‬
‫)الطويل(‬ ‫في دفع العين عن فرسه‪:‬‬

‫)‪(1002‬‬
‫ِطرا ُد الھَوادي ك ﱠل شأ ٍو ُمغرّ ِ‬
‫ب‬ ‫بِ ُم ْن َج َر ٍد قَ ْي ِد األَواب ِد الَ َح هُ‬
‫العين‬
‫ِ‬ ‫ق َخشيةَ‬ ‫على ْن◌َ ف ِ‬
‫ث را ٍ‬ ‫وج لِبانُ ه يُ تَ ﱡم بري ُم هُ‬ ‫ٍ‬ ‫بِ َغ‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﺴﻴﻥ‪ ،‬ﻗﺼﻲ‪ :‬ﺍﻨﺘﺭﺒﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﻭﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪-،‬ﻁ‪ -1‬ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ ﻟﻠﻨﺸﺭ ﻭﺍﻟﺘﻭﺯﻴﻊ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪،‬‬ ‫‪999‬‬

‫‪1413‬ﻫـ‪1993 -‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪.260‬‬


‫‪ -‬ﺃﺒﻭ ﻴﺤﻴﻰ‪ ،‬ﺃﺤﻤﺩ ﺇﺴﻤﺎﻋﻴل‪ :‬ﺍﻟﺨﻴل ﻓﻲ ﻗﺼﺎﺌﺩ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﻴﻥ ﻭﺍﻹﺴﻼﻤﻴﻴﻥ‪ -‬ﻁ‪ -1‬ﺭﺍﺠﻌﻪ ﻴﺎﺴﻴﻥ ﺍﻷﻴﻭﺒﻲ‪ ،‬ﺍﻟﻤﻜﺘﺒﺔ‬ ‫‪1000‬‬

‫ﺍﻟﻌﺼﺭﻴﺔ‪ ،‬ﺼﻴﺩﺍ‪1417 ،‬ﻫـ‪1997 -‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪.132‬‬


‫‪ -‬ﻋﻠﻘﻤﺔ ﺒﻥ ﻋﺒﺩﺓ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺸﺭﺤﻪ ﻭﻋﻠﻕ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻗﺩﻡ ﻟﻪ ﺴﻌﻴﺩ ﻨﺴﻴﺏ ﻤﻜﺎﺭﻡ‪ -‬ﻁ‪ -1‬ﺩﺍﺭ ﺼﺎﺩﺭ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪،1996 ،‬ﺹ‬ ‫‪1001‬‬

‫‪14-13‬‬
‫‪ -‬ﻤﻨﺠﺭﺩ ‪ :‬ﻓﺭﺱ ﻗﺼﻴﺭ ﺸﻌﺭ‪ .‬ﺍﻟﻬﻭﺍﺩﻱ‪ :‬ﺃﻭﺍﺌل ﺍﻟﻭﺤﻭﺵ‪ ،‬ﺍﻟﺸﺄﻭ‪ :‬ﺍﻟﻐﺎﻴﺔ‪.‬‬ ‫‪1002‬‬

‫‪184‬‬
‫)‪(1003‬‬
‫ُمجلَب‬ ‫رجوان نَ ْشرْ تَه‬
‫ِ‬ ‫ون األُ‬ ‫ُك َميّ ٍ‬
‫ت َكلَ ِ‬
‫)‪(1004‬‬
‫وان ال ُم َك ﱠع ِ‬
‫ب‬ ‫لِبيع الرﱠدا ِء في الصﱡ ِ‬

‫فالشاعر يصف فرسه‪ ،‬وقد وضع حول عنقه خيطا فيه خرزة؛ دفعا ً للعين‪.‬‬

‫وإذا حاولنا استقراء األشعار الجاھلية‪ ،‬التي تشير إلى عالقة الخي ل بتل ك الكائن ات‪ ،‬وج دنا‬

‫أن تعلق الشعراء بالفرس‪ ،‬وقربھم منھا؛ دفعھم إلى تصويرھا بتلك الكائنات الغيبية‪ ،‬وذل ك ليب الغوا‬
‫في تصويرھا‪ ،‬وينقلوا المخاطب إلى عالم الالمحسوس‪ ،‬من ذلك ما فعل ه المھلھ ل اب ن ربيع ة يعل ن‬

‫استعداده للثأر م ن قبيل ة بك ر‪ ،‬وأن ه ل ن يھ دأ حت ى يش في غليل ه منھ ا‪ ،‬ويش به خي ول قبيلت ه بس عا ٍل‪،‬‬


‫تحم ل األس ود م ن أبن اء قبيلت ه؛ ليش يع الرھب ة والخ وف ف ي نف وس خص ومھم‪ ،‬إذ يق ول مفتخ راً‬

‫)الخفيف(‬ ‫)‪(1005‬‬
‫بشجاعة قومه‪ ،‬واصفا ً خيولھم‪:‬‬

‫ق َكليُوث الطﱠريق‬ ‫فِ ْتيَانَ ِ‬


‫ص ْد ٍ‬ ‫َس َعالي يَحْ ملِنَ ِم ْن تَ ْغلِ ٍ‬
‫ب‬

‫وتتكرر الصورة عند امرئ القيس بن عمرو ب ن الح ارث ف ي مج ال الفخ ر بفرس ان قبيلت ه‪ ،‬مش بّھا ً‬

‫)الطويل(‬ ‫)‪(1006‬‬
‫خيولَھم بالسﱠعالي وال ِع ْقبان‪ ،‬بقوله‪:‬‬

‫بان اللﱠوى ِحينَ تُرْ َكبُ‬


‫َس َعا ٍل َو ِع ْق ُ‬ ‫َس ْمونَا لَھ ُم بالَ ْخ ِ‬
‫يل تَرْ دَى كأنھّا‬

‫وما ذاك إالّ ليزيد من سرعتھا‪ ،‬وخفة حركتھا وقوتھا‪ .‬وتستخدم الخنس اء الص ورة إيّاھ ا ف ي مج ال‬
‫)‪(1007‬‬
‫رثائھا أخيھا‪ ،‬وقد تذكرت صفاته‪ ،‬فتقول‪:‬‬

‫َس َعا ٍل َو ِع ْق ٌ‬
‫بان عَليھا َزبَانِي ْه)الطويل(‬ ‫َوقَ ّوا ُد خ َي ْ◌ ٍل نَحو أُ ْخرى كأنﱠھا‬

‫‪ -‬ﺒﻐﻭﺝ ﻟﺒﺎﻨﻪ‪ :‬ﺠﻠﺩ ﺼﺩﺭﻩ ﻭﺍﺴﻊ‪ ،‬ﻴﺘﻡ‪ :‬ﻴﻌﻠﻕ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺘﻤﺎﺌﻡ‪ ،‬ﺒﺭﻴﻡ‪ :‬ﺍﻟﺨﻴﻁ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻌﻠﻕ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺨﺭﺯﺓ ﺩﻓﻌ ﹰﺎ ﻟﻠﻌﻴﻥ‪.‬‬ ‫‪1003‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺼﻭﺍﻥ‪ :‬ﺜﻭﺏ ﺘﺼﺎﻥ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺜﻴﺎﺏ‪ ،‬ﺍﻟﻤﻜﻌﺏ‪ :‬ﻨﻭﻉ ﺍﻟﻭﺸﻲ‪.‬‬ ‫‪1004‬‬

‫‪ -‬ﺠﻤﻬﺭﺓ ﺃﺸﻌﺎﺭ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﺹ‪ .210‬ﺍﻤﺭﺅ ﺍﻟﻘﻴﺱ‪ :‬ﺸﺭﺡ ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﻤﻁﺒﻌﺔ ﺍﻻﺴﺘﻘﺎﻤﺔ‪ ،‬ﺹ‪.285‬‬ ‫‪1005‬‬

‫‪ -‬ﺍﻵﻤﺩﻱ‪ ،‬ﺃﺒﻭ ﺍﻟﻘﺎﺴﻡ ﺍﻟﺤﺴﻥ ﺒﻥ ﺒﺸﺭ ﺒﻥ ﻴﺤﻴﻰ‪ :‬ﺍﻟﻤﺅﺘﻠﻑ ﻭﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻑ‪ ،‬ﺘﺤﻘﻴﻕ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺴﺘﺎﺭ ﺃﺤﻤﺩ ﻓﺭﺡ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺇﺤﻴﺎﺀ‬ ‫‪1006‬‬

‫ﺍﻟﻜﺘﺏ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ‪1381 ،‬ﻫـ‪1961-‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪ ،7‬ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪ ،‬ﺹ‪.255‬‬
‫‪ -‬ﺍﻟﺨﻨﺴﺎﺀ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻬﺎ‪ ،‬ﺍﻟﻤﻜﺘﺒﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪ ،‬ﻟﺒﻨﺎﻥ‪) ،‬ﺩ‪.‬ﺕ(‪ ،‬ﺹ‪.108‬‬ ‫‪1007‬‬

‫‪185‬‬
‫ويب دو أن الش عراء يلج أون إل ى التش بيه الم زدوج ف ي المناس بات القتالي ة الشرس ة الت ي تح تم عل ى‬

‫الش اعر ول وج الخ وارق‪ ،‬فھ ي تص ور الخي ول بحيوان ات خيالي ة‪ ،‬متمثل ة ف ي ض مير الن اس‬

‫ومعتقداتھم‪ ،‬وتضفي عليھا صورة العقبان؛ لما تمتاز به ھذه الطيور من الخفة والسرعة‪.‬‬

‫وال عجب في ذلك‪ ،‬فقد بدت الفرس عند العرب م ن الحيوان ات العلوي ة الت ي ص ّورت بھ ا‬

‫الكواكب)‪ ،(1008‬ألنھم رفعوھا عن المستوى األرضي إلى السماوي‪.‬‬

‫ويع ُد عنترة من الشعراء الذين أكثروا من ھ ذا التص وير؛ ألن ه ي ؤمن باألوھ ام والخراف ات‬

‫واألساطير‪ ،‬فقد شبه خيول قبيلته باألغوال‪ ،‬لم ا لھ ا م ن أث ر ف ي نفس ية الج اھلي ومش اعره‪ ،‬وذل ك‬
‫)‪(1009‬‬
‫بقوله‪:‬‬

‫يج ال ُمقَ ﱠوم)الطويل(‬ ‫َ‬ ‫ارسُ َخ ْيالً للّھَ ِ‬


‫جيم َكأنﱠھا‬ ‫ُ‬
‫َس َعال بأيْديھا الو َش ِ‬ ‫أ َم ِ‬

‫)الكامل(‬ ‫)‪(1010‬‬
‫ويقول مفتخراً بقومه‪:‬‬

‫ُف ع ْن َد تَقَاسُم األ ْنفَال‬


‫ونَع ﱡ‬ ‫إنّا إذا َح ِم َ‬
‫س ال َوغى نَرْ وي القَنا‬
‫ص البطو ِن كأنّ ّ‬
‫ھن َسعالي‬ ‫ُخ ْم ِ‬ ‫نأتي الصﱠري َخ على جيا ٍد ُ‬
‫ض ﱠم ٍر‬

‫نالحظ أنه يركز على صفة الضمور الشديد؛ ليدلل على سرعة جياده‪ ،‬ويكرر الصورة مفتخراً‬

‫)الوافر(‬ ‫)‪(1011‬‬
‫بنفسه‪ ،‬واصفا ً خيول األعداء‪ ،‬بقوله‪:‬‬

‫داك األُل َى طَلَب وا قت الي‬


‫بأع ِ‬ ‫َس لي ي ا َع ْب َل ع ْم راً َع ْن فِ َع الي‬

‫َواص ِر كالسﱠعالي‬
‫ض ّمر ِة الخ ِ‬
‫ُم َ‬ ‫أتوْ نا َ في الظﱠالم على َجيِا ٍد‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺹ‪.140‬‬ ‫‪1008‬‬

‫‪ -‬ﺃﻤﻴﻥ‪ ،‬ﻓﻭﺯﻱ ﻤﺤﻤﺩ‪ :‬ﻋﻨﺘﺭﺓ ﺒﻥ ﺸﺩﺍﺩ ﺍﻟﻌﺒﺴﻲ –ﻁ‪ -1‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﻴﺔ‪،‬ﺍﻹﺴﻜﻨﺩﺭﻴﺔ‪2004 ،‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪.115‬‬ ‫‪1009‬‬

‫‪ -‬ﻋﻨﺘﺭﻩ ﺒﻥ ﺸﺩﺍﺩ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.75‬‬ ‫‪1010‬‬

‫‪-‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.129‬‬ ‫‪1011‬‬

‫‪186‬‬
‫والالفت للنظر‪ ،‬أن معظم التشبيھات الخيلي ة‪ ،‬ت دور ف ي غال ب األحي ان عل ى األش ياء الت ي تخي ف‪،‬‬

‫وتنبعث من نفوس مليئة باألوھ ام واألس اطير الخرافي ة‪ ،‬تع ود إل ى م ا عل ق ف ي أذھ ان الن اس‪ ،‬م ن‬

‫قدرة السّعالي على التلون‪ ،‬والتشكل والتنقل‪.‬‬

‫وتأتي الصورة في مجال المدح‪ ،‬عند األعشى الذي يمدح إياس بن قبيصة‪ ،‬من خالل تصويره‬

‫جيادھم بالسعالي في حدة حوافرھا وقوتھا‪ ،‬لدرجة أنھا تكسّر الحجارة الصلبة‪ ،‬صورة توحي‬
‫)‪(1012‬‬
‫)الوافر(‬ ‫بالسرعة‪ ،‬وذلك بقوله‪:‬‬

‫أَزَا َرھُ ُم المنيﱠ ة وال ِح َما َم ا‬ ‫إذا َم ا َس ا َر نَحْ َو ب ال ِد قَ وْ ِم‬

‫حواف ُرھُ ّن تَھ ِ‬


‫ْتض ُم السﱠالما‬ ‫◌َ ترو ُح ِجيادهُ ِم ْث َل السﱠعالي‬

‫)‪(1013‬‬
‫)رمل مرفل(‬ ‫وقد تطرق إلى ھذا المعنى عبيد بن األبرص في قوله‪:‬‬

‫َحن قُ ْدنا ِم ْن أھاضي ِ‬


‫)‪(1014‬‬
‫َخ ْي َل في األرْ َس ِ‬
‫ان أمثا َل السﱠعالي‬ ‫ب ال َمال الـ‬ ‫ن ُ‬

‫يفتخر الشاعر بقومه وخيولھم‪ ،‬ويشبھھا بالسعالي في سرعة االنقياد والطاع ة‪ .‬ويس تخدم التص وير‬
‫)‪(1015‬‬
‫نفسه في مجال وصف الديار‪ ،‬وما ح ّل بھا بعد رحيل أھلھا‪ ،‬ثم يعود للفخر‪ ،‬بقوله‪:‬‬

‫)الخفيف(‬ ‫)‪(1016‬‬
‫ت ال َو ِجي ِه أَوْ َحالّب‬
‫من بَنا ِ‬ ‫ض ﱠم ٍر كالسﱠعالي‬ ‫أَوحْ َش ْ‬
‫ت بَع َد ُ‬

‫)‪(1017‬‬
‫)الطويل(‬ ‫ويقول لبيد بن ربيعة في ذلك‪:‬‬

‫ال َوع ْق ٌ‬
‫بان عليھا الرﱠحائ ُل‬ ‫س َع ٍ‬ ‫دان الرﱠھا ِن َكأنﱠھا‬
‫ول ُ‬‫◌َ عَل ْيھُن ْ‬

‫‪ -1012‬ﺍﻷﻋﺸﻰ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.193‬‬


‫‪ -‬ﻋﺒﻴﺩ ﺒﻥ ﺍﻷﺒﺭﺹ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪121‬‬ ‫‪1013‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﺭﺴﺎﻥ‪ :‬ﺍﻟﺤﺒل ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻘﺎﺩ ﺒﻪ ﺍﻟﺩﺍﺒﺔ‪ ،‬ﺍﻷﻫﺎﻀﻴﺏ‪ ،‬ﺍﻟﺠﺒﺎل ﺍﻟﻤﻨﺒﺴﻁﺔ‪،‬ﺍﻟﻤﻼ‪ :‬ﺍﻟﺼﺤﺭﺍﺀ‪.‬‬ ‫‪1014‬‬

‫‪-‬ﻋﺒﻴﺩ ﺒﻥ ﺍﻻﺒﺭﺹ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.41‬‬ ‫‪1015‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻭﺠﻴﻪ ﻭﺤﻼﺏ‪ :‬ﻓﺭﺴﺎﻥ ﻤﻥ ﻋﺘﺎﻕ ﺍﻟﺨﻴل‪ ،‬ﺍﻟﻀﻤّﺭ‪ :‬ﺍﻟﺨﻴﻭل ﺍﻟﻤﻀﻤﺭﺓ‪.‬‬ ‫‪1016‬‬

‫‪-‬ﻟﺒﻴﺩ ﺒﻥ ﺭﺒﻴﻌﺔ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ ‪ ،‬ﺹ‪146‬‬ ‫‪1017‬‬

‫‪187‬‬
‫)‪(1018‬‬
‫)الخفيف(‬ ‫وتتكرر الصورة عند عمرو بن األيھم التغلبي‪ ،‬بقوله‪:‬‬

‫يَتَطُلعنَ ِم ْن ثُ ُغ ِ‬
‫)‪(1019‬‬
‫ب‬
‫ور االنقا ِ‬ ‫وتراھُ ّن ُش ﱠزبا كالسّعالي‬

‫وعند دريد بن الصمة الذي يدعو قومه لقتال األعداء‪ ،‬فيجيبه منھم الشباب والش يب‪ ،‬ملب ين ال دعوة‬
‫)‪(1020‬‬
‫)الوافر(‬ ‫على جُرْ ٍد كالسﱠعالي‪ ،‬بقوله‪:‬‬

‫بِ ُش بّا ٍن ذوي َك َر ٍم َو ِش ْي ِ‬


‫ب‬ ‫ي نَصْ راً فا ْس تَھلﱡوا‬ ‫َد ْع ُ‬
‫وت الح ﱠ‬
‫َو َرجْ ٍل مث ِل أھميﱠ ة الكث ِي ِ‬
‫ب‬ ‫عَلى جُرْ ٍد كأ ْمثَا ِل السﱠعالي‬

‫)‪(1021‬‬
‫)الطويل(‬ ‫ويقول عمرو بن شاس األسدي‪:‬‬

‫قِطا ُر َويلّتُھا ُمنَافَ َجةُ ُش ﱠمل‬ ‫ف◌َ راسُنا ِم ْث ُل السﱠعالي أ َ‬


‫َوأَ ْ‬
‫)‪(1022‬‬
‫صابَھا‬

‫)‪(1023‬‬
‫)الرمل(‬ ‫أما النابغة الجعدي فيقول‪:‬‬

‫)‪(1024‬‬
‫أَ◌َ ِرنَ ◌َ ٌ‬
‫ات لَ ْم يُل ﱠوحْ ھَ ا الھَ َم لْ‬ ‫َكةٌ‬ ‫ٌن ُم ْمس‬ ‫ص‬
‫هُ ُح ُ‬ ‫َجا َوبَ ْت‬

‫ت م ْنھ ﱠُن َ‬
‫ص َحل‬ ‫لَي َ‬
‫ْس في األصْ وا ِ‬ ‫ص ْ◌ل َ‬
‫صل ٍة‪،‬‬ ‫الج ّن في َ‬
‫ف ِ‬ ‫ِمث َل ع َْز ِ‬

‫يصور صوت الخيل الذي يعبر عن النشاط والمرح بصوت عزيف الج ن‪ ،‬وھ ي ص ورة ممزوج ة‬
‫بالتفاؤل الممزوج بالخوف‪.‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻘﺎﻟﻲ‪ ،‬ﺃﺒﻭ ﻋﻠﻲ ﺇﺴﻤﺎﻋﻴل ﺒﻥ ﺍﻟﻘﺎﺴﻡ‪ :‬ﻜﺘﺎﺏ ﺍﻷﻤﺎﻟﻲ ‪-‬ﻁ‪ -2‬ﻤﻁﺒﻌﺔ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺏ ﺍﻟﻤﺼﺭﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ‪1344 ،‬ﻫـ‪-‬‬ ‫‪1018‬‬

‫‪1926‬ﻡ‪.44/1 ،‬‬
‫‪ -‬ﺍﻟﻨﻘﺎﺏ‪ :‬ﺠﻤﻊ ﻨﻘﺏ ﻭﻫﻭ ﺍﻟﻁﺭﻴﻕ‪ .‬ﺸﺯّﺒ ﹰﺎ‪ :‬ﻀﻭﺍﻤﺭ‬ ‫‪1019‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﻏﺎﻨﻲ‪ ،‬ﻡ‪ ،13/9 ،5‬ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺤﻤﻥ‪ ،‬ﻋﻔﻴﻑ‪ ،‬ﺍﻟﺸﻌﺭ ﻭﺃﻴﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺼﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪-‬ﻁ‪ -1‬ﺩﺍﺭ ﺍﻷﻨﺩﻟﺱ ﻟﻠﻁﺒﺎﻋﺔ‬ ‫‪1020‬‬

‫ﻭﺍﻟﻨﺸﺭ‪ ،‬ﺍﻷﺭﺩﻥ ‪ 1981‬ﻡ‪ ،‬ﺹ ‪.238‬‬


‫‪ -‬ﻋﻤﺭﻭ ﺒﻥ ﺸﺄﺱ‪ :‬ﺸﻌﺭﻩ ‪ ،‬ﺘﺤﻘﻴﻕ ﻴﺤﻴﻰ ﺍﻟﺠﺒﻭﺭﻱ‪ -‬ﻁ‪ -2‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻘﻠﻡ‪ ،‬ﺍﻟﻜﻭﻴﺕ‪1403 ،‬ﻫـ‪1983-‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪،69‬‬ ‫‪1021‬‬

‫ﺍﻻﺴﻁﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪ ،‬ﺹ‪.255‬‬


‫‪ -‬ﺍﻟﻨﺎﻓﺠﺔ‪ :‬ﺍﻟﺴﺤﺎﺒﺔ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭﺓ ﺍﻟﻤﻁﺭ‪.‬‬ ‫‪1022‬‬

‫‪ -1023‬ﺍﻟﻨﺎﺒﻐﺔ ﺍﻟﺠﻌﺩﻱ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ ‪115‬‬


‫‪ -‬ﺍﻟﻬﻤل‪ :‬ﺍﻟﻜﺴل ﻭﺍﻹﻫﻤﺎل‪ ،‬ﺍﻷﺭﻥ‪ :‬ﺍﻟﻤﺭﺡ ﻭﺍﻟﻨﺸﺎﻁ‪ ،‬ﻤﻤﺴﻜ ﹶﺔ ‪ :‬ﺍﻟﺠﻭﺍﺩ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻤﺤﺠل ﺍﻟﺭﺠل ﻭﺍﻟﻴﺩ ﻟﻠﺠﻬﺔ ﺍﻟﻴﺴﺭﻯ‪.‬‬ ‫‪1024‬‬

‫‪188‬‬
‫ويق ول علقم ة ب ن العب د مش بھا ً فرس ه بالحب اب‪،‬وھو الش يطان والحي ة‪ ،‬بالس رعة وخف ة‬
‫)‪(1025‬‬
‫)الطويل(‬ ‫الحركة ‪:‬‬

‫)‪(1026‬‬
‫عزي َزا علينا كال ُحبَاِ ِ‬
‫ب ال ُمسﱠيب‬ ‫ب قَلَوْ َ‬
‫صنا‬ ‫الجنَا ِ‬
‫ورا َح يُباري في ِ‬

‫يب دو أن تش ابه ص ور الخي ل‪ ،‬وتكرارھ ا ف ي الش عر الج اھلي يَ نﱡم ع ن إعج اب الش عراء الج اھليين‬

‫بالس عالي‪ ،‬إذ أن ه ل م يج د الش اعر مع ادالً لق وة فرس ه إالّ ھ ذه الكائن ات‪ ،‬فج اءت ص وره‪ ،‬تعك س‬

‫نفسيته‪ ،‬مما يوحي بالرھبة والقلق ‪ ،‬ويقرب المعاني‪ ،‬ويقرنھا ببعض‪.‬‬

‫‪ -1025‬ﻋﻠﻘﻤﺔ ﺒﻥ ﻋﺒﺩﺓ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.20‬‬


‫‪ -‬ﻗﹶﻠ ُﻭﺼُﻨﺎ‪ :‬ﻨﺎﻗﺘﻨﺎ ﺍﻟﻘﻭﻴﺔ ﺍﻟﻔﺘﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﺤﺒﺎﺏ‪ :‬ﺍﻟﺤﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻫﻭ ﺸﻴﻁﺎﻥ‪ ،‬ﻷﻨﻪ ﻴﻘﺎل ﻟﻠﺤﻴﺔ ﺸﻴﻁﺎﻥ‪ ،‬ﻓﺎﻟﺤُﺒﺎﺏ‪ :‬ﺍﺴﻡ ﺸﻴﻁﺎﻥ‪،‬‬ ‫‪1026‬‬

‫ﺍﻟﻤﺴﻴﺏ‪ :‬ﺍﻟﺤﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺩﻓﻘﺔ ﻓﻲ ﺍﻨﺴﻴﺎﺒﻬﺎ‪ ،‬ﻓﻘﻪ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺴ ّﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ‪ ،‬ﺹ‪.179‬‬

‫‪189‬‬
‫المبحث الخامس‬

‫الجن والطير‬

‫ي أتي ارتب اط الج ن ب الطير‪ ،‬م ن خ الل م ا ي رد ع ن تش كالت الج ن‪ ،‬فص ورة الطي ر م ن‬

‫الصور التي تظھر بھا الجن‪ ،‬فقد ورد "أن امرأة بالمدينة كان لھا تابع م ن الج ن‪ ،‬فجاءھ ا م رة ف ي‬

‫صورة طائر أبيض‪ ،‬فوقع على حائط لھم‪ ،‬فقالت له‪ :‬لم ال تنزل إلينا‪ ،‬فتحدثنا‪ ،‬ونح ّدثك‪ ،‬وتخب رن‪،‬‬
‫ونخبرك؟ فقال لھا‪ " :‬إنه قد بعث نبي بمكة‪ ،‬وحرّم الزن ا ")‪ ،(1027‬وق د أورد الش بلي ع ن وھ ب ب ن‬

‫منبه والحسن البصري ما يشبه ذلك‪ ،‬وھو" أنھم ا كان ا يص ادفان ف ي موس م الح ج جان ا ً ف ي ص ورة‬

‫طائر‪ ،‬يجمع بين خصائص الھ ﱢر والطائر‪ ،‬فيقول وھب "إنه قعد معه وناول ه ي ده‪ ،‬فم ّدھا‪ ،‬ف إذا ھ ي‬
‫مثل برثن الھرﱠ‪ ،‬وعليھا و ْبرٌ‪ ،‬ثم م ّد يده حتى بلغت منكبيه‪ ،‬فإذا مرجع جناح" )‪.(1028‬‬

‫وقد اعتقد الجاھليون بقدرة الطيور على استش راف الغي ب؛ وم ا ذاك إالّ لم ا لھ ا م ن ق درة‬

‫على الطيران‪ ،‬والتحليق في السماء‪ ،‬ولعالقتھا بالجن‪ ،‬وبعالم األرواح‪ ،‬فھي بمنزلة الش يطان ال ذي‬

‫يس ترق الس مع‪ ،‬وي أتي بأخب ار الس ماء‪ ،‬فالط ائر بجناحي ه‪ ،‬وبقدرت ه عل ى الص عود والن زول ك ان‬

‫مؤھالً‪ ،‬ليكون واسطة بين العالمين العلوي والسفلي‪ ،‬شأن الغراب‪ ،‬دليل نوح‪ ،‬ودليل عب د المطل ب‬

‫عل ى موض ع زم زم‪ ،‬وش أن حمام ة ن وح‪ ،‬وھدھ د س ليمان)‪ ،(1029‬ويب دو ذل ك ف ي ق ول كع ب ب ن‬

‫أ ْمث ِل ِع ْش قي يُالق ي ك لﱡ َم ْن ِعش قَا‬ ‫ت الطﱠي َر تُ ْخبرن ي‬ ‫يا لَ ْي َ‬


‫ت ش عري َولي َ‬ ‫)‪(1030‬‬
‫زھير‪:‬‬

‫)البسيط(‬

‫وقد وردت حكايات كثيرة‪ ،‬يُستدل منھا‪ ،‬على أن بعض الطي ور تع د م ن مطاي ا الج ن‪ ،‬م ن ذل ك م ا‬
‫ح ّدثه أحد األعراب عن النعامة‪ ،‬ق ال‪" :‬لقي ت رج الً ف ي بع ض المف اوز راكب ا ً عل ى نعام ة‪ ،‬وعين اه‬
‫مشقوقتان بطول وجھه‪ ،‬فأخذتني منه روعة ث م اس توقفته‪ ،‬فقل ت ل ه‪ :‬أت روي ش يئا م ن الش عر؟ ق ال‬

‫‪ -‬ﺁﻜﺎﻡ ﺍﻟﻤﺭﺠﺎﻥ ﻓﻲ ﻏﺭﺍﺌﺏ ﺍﻷﺨﺒﺎﺭ ﻭﺃﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﺠﺎﻥ‪ ،‬ﺹ‪ ،159‬ﻤﻭﺴﻭﻋﺔ ﺃﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻋﻥ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﻭﺩﻻﻻﺘﻬﺎ‪،‬‬ ‫‪1027‬‬

‫‪.30/2‬‬
‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.97‬‬ ‫‪1028‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ‪.190/2 ،‬‬ ‫‪1029‬‬

‫‪ -‬ﻜﻌﺏ ﺒﻥ ﺯﻫﻴﺭ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.59‬‬ ‫‪1030‬‬

‫‪190‬‬
‫)‪(1031‬‬
‫وافر(‬ ‫)ال‬ ‫نعم‪ ،‬وأقرضه‪ ،‬وأنشدني‪:‬‬
‫أَ ِ‬
‫تار َكةٌ تحيﱠتَھا قَطَ ِام‬
‫)‪(1032‬‬
‫ضنﱠا بالتﱠحيﱠ ِة والس ِ‬
‫ﱠالم‬ ‫َو ِ‬

‫حتى أتى على آخرھا‪ ،‬فقلت ھيھات‪ ،‬سبقك إليھا أخو بني ذبيان‪ .‬فقال‪ :‬أنا وﷲ ي ا أخ ي نطق ت بھ ا‪،‬‬
‫)‪(1033‬‬
‫على لسانه بسوق عكاظ‪ ،‬وكنت قلتھا قبل ذلك بأربعمائة عام"‪.‬‬

‫ونجد فيما قاله ابن ھُ َريَ ْم ما يؤكد ذلك‪ْ ،‬إذ َجم ع ب ينَ ناقت ه الحوش ية الت ي نس بھا إل ى الج ن‬
‫)‪(1034‬‬
‫)الطويل(‬ ‫وبين النعامة والطيرّ‪ ،‬فيقول‪:‬‬

‫لھا نَسبٌ في ال َج ﱠو َوھُ َو ظَلِ ْي ُم‬ ‫كأنﱠي عَلي ح ُْوشيﱠ ٍة أو نعام ٍة‬

‫ويتجلى في قصة المثل "الح ّمى أضرعتني لك ‪ ،‬أو للن وم" )‪ ،(1035‬م ا يش ير إل ى أن الظل يم‬
‫ذكر النعامة من مطايا الجن‪ْ ’ ،‬إذ جاء ال ِجنﱢ ﱡي ُمطالبا ً بثأره من مري ر ال ذي قتل ه ث اراً ألخوي ه‪ ،‬فأنش أ‬
‫)‪(1036‬‬
‫يقول ‪:‬‬

‫ك التي لَ ْم تُرْ شد‬ ‫تَب ْ‬


‫ﱠت َم َرا ِمي َ‬ ‫يا أيّھا الرﱠامي الظﱠلي َم األَسو َد‬

‫َك ْم َعبْر ٍة ھَيجﱠتھا َو َعبرْ ة‬ ‫ق الص ْﱠخ َر ِة‬ ‫فأجابه مرير‪ :‬يا أيﱡھا الھاتِ ُ‬
‫ف فو َ‬

‫فَرّقتَ جمعا ً وتر ْكتَ َحسْرة‬ ‫بقتلكم مرارة و ُمرّة‬

‫ويؤكد تلك العالقة‪ ،‬ما ورد من صلة في الداللة اللغوية بين االسم )نعم ة( أو الجني ة )نعم ة( الت ي‬
‫تش ارك الليلي ث ف ي خن ق األطف ال الح ديثي ال والدة‪ ،‬واإلض رار بھ م‪ ،‬وب ين ط ائر النعام ة الت ي‬

‫يضرب به المثل‪ ،‬في تخل ي أنث اه ع ن بيض ھا‪ ،‬وأوالدھ ا عن د رؤيتھ ا الطع ام‪ ،‬كم ا أن اس م )نعم ة(‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻨﺎﺒﻐﺔ ﺍﻟﺫﺒﻴﺎﻨﻲ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.171‬‬ ‫‪1031‬‬

‫‪ -‬ﻗﻁﺎﻡ‪ :‬ﺍﺴﻡ ﺤﺒﻴﺒﺔ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ‪ ،‬ﺍﻟﻀﻥ‪ :‬ﺍﻟﺒﺨل‪.‬‬ ‫‪1032‬‬

‫‪ -‬ﺁﻜﺎﻡ ﺍﻟﻤﺭﺠﺎﻥ ﻓﻲ ﻏﺭﺍﺌﺏ ﺍﻷﺨﺒﺎﺭ ﻭﺃﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﺠﺎﻥ‪ ،‬ﺹ‪.228-227‬‬ ‫‪1033‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،217/6 ،‬ﻴﺭﻭﻴﻪ ﻻﺒﻥ ﻫﺭﻴﻡ‪ ،‬ﻴﺭﻭﻴﻪ ﺍﻟﻤﺴﻌﻭﺩﻱ ﻟﻪ‪ ،‬ﻤﺭﻭﺝ ﺍﻟﺫﻫﺏ‪) ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺏ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ(‪،154/2 ،‬‬ ‫‪1034‬‬

‫ﺍﻟﺘﺸﻜﻴل ﺍﻟﺨﺭﺍﻓﻲ ﻓﻲ ﺸﻌﺭﻨﺎ ﺍﻟﻘﺩﻴﻡ‪ ،‬ﺹ‪ ،202‬ﻴﺭﻭﻴﻪ ﺃﺤﻤﺩ ﻜﻤﺎل ﺯﻜﻲ ﻟﺯﻫﻴﺭ‪ ،‬ﻤﻊ ﺃ ﻨﻪ ﻟﻴﺱ ﻓﻲ ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﻭﺒﺭﻭﺍﻴﺔ )ﺃﻭ‬
‫ﻫﻲ ﻁﺎﺌﺭ(‪،‬ﺃﻤّﺎ ﺍﻟﺤﻤﻭﻱ ﻓﻴﺭﻭﻴﻪ ﺒﻼ ﻨﺴﺏ‪ ،‬ﻤﻌﺠﻡ ﺍﻟﺒﻠﺩﺍﻥ‪.393/8 ،‬‬
‫‪ -‬ﻤﺠﻤﻊ ﺍﻷﻤﺜﺎل‪256.-255/1 ،‬‬ ‫‪1035‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ ﻨﻔﺴﻬﺎ ‪.‬‬ ‫‪1036‬‬

‫‪191‬‬
‫ك ان م ن ألق اب آلھ ة الج نس "عش ترت" )‪ .(1037‬وق د ول دت ھ ذه الم زاعم ل دى اإلنس ان الج اھلي‬
‫اعتقادات نفسية كثيرة‪ ،‬لھا عالق ة ب الطير‪ ،‬منھ ا ال ﱢ‬
‫طي َرة والعياف ة والزج ر‪ ،‬وكلھ ا ع ادات ال يمك ن‬

‫فصلھا عن عالم الغيبيات‪ ،‬أو القوى الخفية التي كانت في نظر العربي وراء ك ّل مك روه)‪ ،(1038‬فق د‬

‫سيطرت ھذه العالقة على أذھان الشعراء‪ ،‬فراحوا يتحدثون عنھا‪ ،‬بآراء مختلف ة‪ ،‬م ن ذل ك م ا قال ه‬
‫)‪(1039‬‬
‫لبيد بن ربيعة ينكر تلك المعتقدات‪:‬‬

‫)الطويل(‬

‫الطير ما ﷲُ صان ُع‬


‫ِ‬ ‫ُ‬
‫زاجرت‬ ‫وال‬ ‫صى‬
‫واربُ بال َح َ‬
‫ض ِ‬ ‫لَ َع ْمرُك ما تَدري ال َ‬

‫)‪(1040‬‬
‫)الطويل(‬ ‫وما قاله طرفة بن العبد في ذلك‪:‬‬

‫األلواح ما ُك ْن َ‬
‫ت القيا‬ ‫ِ‬ ‫فقد ُخطﱠ في‬ ‫ك الطي ُر مما أردتَهُ‬
‫وال يَ ْمنعن َ‬

‫وال يخفى أن إنكار الشيء‪ ،‬يدل على وجوده‪ ،‬إذ لو ل م تك ن ھ ذه االعتق ادات موج ودة‪ ،‬لم ا اض طر‬

‫الشعراء إلى نفيھا‪.‬‬

‫ومن الشعراء الذين اشتھروا ب الزجر والعياف ة‪ ،‬أب و ذؤي ب الھ ذلي ال ذي جم ع بينھ ا ف ي بي ت واح د‬
‫)‪(1041‬‬
‫)الطويل(‬ ‫‪:‬‬

‫ك الذي تَھْوى يُص ْبكَ اجتنابھا‬


‫ھوا َ‬ ‫ت لھا طيَر السﱠنيح فان تُصبْ‬
‫َز َجرْ ُ‬

‫)‪(1042‬‬
‫)الطويل(‬ ‫ويق ّر الشنفري بما تحمله الطير من مفاجآت‪ ،‬بقوله‪:‬‬

‫ناص ُر‬
‫ك ِ‬ ‫ك في البَلَوى أ ُخ لَ َ‬
‫آلسا َ‬ ‫فَلَ ْو نَبﱠأ َ ْتني الطي ُر أو ُ‬
‫كنت شاھداً‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،198/1 ،‬ﻤﺩﺨل ﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ﺍﻟﻔﻭﻟﻜﻠﻭﺭ ﻭﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ‪ ،‬ﺹ‪.136‬‬ ‫‪1037‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪ ،‬ﺹ‪.204‬‬ ‫‪1038‬‬

‫‪ -‬ﻟﺒﻴﺩ ﺒﻥ ﺭﺒﻴﻌﺔ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.113‬‬ ‫‪1039‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺒﺤﺘﺭﻱ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻥ ﺍﻟﺤﻤﺎﺴﺔ‪ ،‬ﺹ ‪ ،197‬ﻟﻡ ﺃﺠﺩﻩ ﻓﻲ ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪.‬‬ ‫‪1040‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻬﺫﻟﻴﻭﻥ‪ :‬ﺍﻟﺩﻴﻭﺍﻥ‪.33/1 ،‬‬ ‫‪1041‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺸﻨﻔﺭﻯ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﻁﻼل ﺤﺭﺏ‪ -‬ﻁ‪ -1‬ﺩﺍﺭ ﺼﺎﺩﺭ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪ ،1996 ،‬ﺹ‪.29‬‬ ‫‪1042‬‬

‫‪192‬‬
‫وارتبط العُقاب عند أبي ذؤيب بالعياف ة‪ ،‬إذ أورد ف ي ش عره قص يدةً‪ ،‬يص ور فيھ ا انقض اض عق اب‬
‫أمامه‪ ،‬وما أوحى له انقضاضه‪ ،‬فقال لمن سأله م ن أص حابه‪ :‬م ا تعي ف؟! فأجاب ه‪ :‬إن ه رأى طي راً‪،‬‬
‫)الوافر(‬ ‫)‪(1043‬‬
‫تبشر بالغنيمة‪ ،‬أو تخيف فساداً! فحدث ما توقعه‪ ،‬وقال‪:‬‬

‫ُ‬
‫أعيف‬ ‫العقبان لو أنّي‬
‫ُ‬ ‫به‬ ‫ُ‬
‫خَشيت وأنبأتني‬ ‫فقال‪ :‬لَق ْد‬

‫فال ب ّد أن يكون العقاب الذي أخبره‪ ،‬على عالق ٍة بمصدر غير مرئي‪.‬‬

‫وم ن الطي ور الت ي تش اءم بھ ا الع رب‪ ،‬وكرھ وا إط الق اس مھا مخاف ة الزج ر والطي رة‪ ،‬الغ راب‪،‬‬
‫)‪(1044‬‬
‫)الكامل(‬ ‫فعنترة يشير إلى ذلك بقوله‪:‬‬

‫ب◌َ بَ ْي ِنھَ ُم ال ُغرابُ األسو ُد‬


‫َو َج َرى ِ‬ ‫ظ َعنَ الذينَ فُ َراقُھ ْم أَتَو ﱠ‬
‫ق◌َ ُع‬

‫)‪(1045‬‬
‫)البسيط(‬ ‫ويقول علقمة الفحل في ذلك‪:‬‬

‫عَلى َسالَمت ِه ال بُ ﱠد َم ْشؤو ُم‬ ‫بان يَ ُز ُجرُھا‬


‫ﱠض لل ِغرْ ِ‬
‫َو َمن تَعر َ‬
‫)‪(1046‬‬
‫)الرمل(‬ ‫أما األعشى فيقول‪:‬‬

‫س بَ َرحْ‬ ‫ِم ْن ُغرا ِ‬


‫ب البَي ِْن أو تَ ْي ٍ‬ ‫ير ال ﱠر َوحْ‬‫تعيف اليو َم في ّ‬
‫الط ِ‬ ‫ُ‬ ‫ما‬

‫وما ذاك إال لما وقر في أذھانھم‪ ،‬م ن أن الغ راب يق وم بمھم ة رس ول إبل يس‪ ،‬وق د يظھ ر الش يطان‬
‫)‪(1047‬‬
‫بصورة غراب‪.‬‬

‫ويبدو أثر الشياطين في ذلك؛ "إذ أنھم يتشاءمون بالبارح الذي يأتي م ن جھ ة اليس ار؛ ألنھ ا الناف ذة‬
‫)‪(1049‬‬
‫التي تطلﱡ منھا الشياطين" )‪،(1048‬إالّ أن ھناك من تشاءم بالسانح‪ ،‬أمثال زھير الذي يقول‪:‬‬

‫ى َمشمولةً‪ ،‬فَ َمتى اللقاء؟! )الوافر(‬


‫نو ً‬ ‫لت لھا‪ :‬أَ◌َ ِجيزي‬
‫ت ُسنُحا ً فقُ ُ‬
‫َج َر ْ‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﻭﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺸﻌﺭ ﺃﺒﻲ ﺫﺅﻴﺏ ‪ ،‬ﺹ‪.139-138‬‬ ‫‪1043‬‬

‫‪ -‬ﻋﻨﺘﺭﺓ ﺒﻥ ﺸﺩﺍﺩ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.98‬‬ ‫‪1044‬‬

‫‪ -‬ﻋﻠﻘﻤﺔ ﺒﻥ ﻋﺒﺩﺓ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.56‬‬ ‫‪1045‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﻋﺸﻰ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.38‬‬ ‫‪1046‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻔﻭﻟﻜﻠﻭﺭ ﻤﺎ ﻫﻭ؟ ﺹ‪.107‬‬ ‫‪1047‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪ ،‬ﺹ‪.201‬‬ ‫‪1048‬‬

‫‪ -‬ﺯﻫﻴﺭ ﺒﻥ ﺃﺒﻲ ﺴﻠﻤﻰ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.8‬‬ ‫‪1049‬‬

‫‪193‬‬
‫)‪(1050‬‬
‫)المنسرح(‬ ‫وقد أنكر ربيعة بن مقروم الضبي تلك المعتقدات‪ ،‬بقوله‪:‬‬

‫نيني وال نا ِعبٌ إذا نَ َعبا‬ ‫الطير يَثـ‬


‫ِ‬ ‫سوانح‬
‫ِ‬ ‫ال سان ٌح من‬

‫ّ‬
‫الجن تتراءى لھم ف ي ص ورة النس ر"‬ ‫ويع ُد النسر من الطيور التي ارتبطت بالجن؛ فقد زعموا "أن‬

‫)‪ (1051‬لذلك اتخ ذه الكھن ة والعراف ون ف ي حض ارة الراف دين القديم ة أح د الف ؤول الت ي تعي نھم عل ى‬

‫التنبؤ بالغيب‪ ،‬كما أن الجن تسكن رؤوس الجبال‪ ،‬ولعل ذلك يوضح العالقة بين النسر والجن‪ ،‬م ن‬
‫خالل اتخاذه الجبل مسكنا ً له‪ ،‬وأكثر الشعراء داللة على ذلك‪ ،‬ما جاء على لسان لبيد بن ربيعة ف ي‬
‫)‪(1052‬‬
‫)الكامل(‬ ‫قصة لقمان مع النّسر إذ يقول‪:‬‬

‫َريْبُ ال ﱠز ِ‬
‫مان وكان غي َر ُمثق ِل‬ ‫ولقَد َجرى لُبَ ٌد فأدر َ‬
‫ك َجرْ يَه‬

‫)‪(1053‬‬
‫قير األَ ْع َز ِل‬
‫َرفَ َع القَوا ِد َم كالفَ ِ‬ ‫لما رأى لٌب ٌد النّسو َر تَطَايَ َر ْ‬
‫ت‬

‫وال بد من اإلشارة إلى أنه كان للتطير صلة بعقي دة اس تحالة األرواح طي وراً بع د مفارقتھ ا‬

‫ائر‪ ،‬يظ لﱡ ھائم ا ً ب ين األحي ا ِء‪ ،‬متّ ِخ ذاً أس ما ًء ع دة‪،‬‬


‫‪ ،‬إذ أن روح الميت تتحول إل ى ط ٍ‬
‫)‪(1054‬‬
‫األجساد‬
‫حس ب طبيع ة تل ك المعتق دات الت ي يظھ ر فيھ ا‪ ،‬فكان ت الع رب تس ّميه )البوم ة‪ ،‬وال ّ‬
‫ص دى‪،‬‬
‫والھام ة()‪ ،(1055‬وكان ت تق ول ّ‬
‫إن عظ ام الم وتى‪ ،‬تص ير ھام ة فتطي ر‪ ،‬ث م تت وحش‪ ،‬وتص دح‪،‬‬

‫فيشعرون أنھا تتتبع أخبارھم‪ ،‬وتلقيھا إلى قبر المت وفى‪ ،‬ل يعلم ح الھم م ن بع ده)‪ ،(1056‬وف ي ذل ك م ا‬
‫يش ير إل ى العالق ة ب ين ال روح والج ن‪ ،‬إذ أن األرواح ن و ٌ‬
‫ع م ن الج ن‪ ،‬وھ ي الت ي تتع رض‬
‫)‪(1057‬‬
‫للصبيان‪.‬‬

‫‪ -‬ﺭﺒﻴﻌﺔ ﺒﻥ ﻤﻘﺭﻭﻡ ﺍﻟﻀﺒﻲ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺠﻤﻊ ﻭﺘﺤﻘﻴﻕ ﺘﻤﺎﻀﺭ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻓﻴﺎﺽ ﺤﺭﻓﻭﺵ‪-‬ﻁ‪ -1‬ﺩﺍﺭ ﺼﺎﺩﺭ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪،‬‬ ‫‪1050‬‬

‫‪ ،1990‬ﺹ‪ ،22‬ﺍﻟﺒﺤﺘﺭﻱ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻥ ﺍﻟﺤﻤﺎﺴﺔ‪ ،‬ﺹ‪.197‬‬


‫‪ -‬ﻀﻴﻑ‪ ،‬ﺸﻭﻗﻲ‪ :‬ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪ ،‬ﺹ‪ ،403‬ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪ ،‬ﺹ‪.207‬‬ ‫‪1051‬‬

‫‪ -‬ﻟﺒﻴﺩ ﺒﻥ ﺭﺒﻴﻌﺔ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.171‬‬ ‫‪1052‬‬

‫‪ -‬ﻏﻴﺭ ﻤﺜﻘل‪ :‬ﻏﻴﺭ ﺜﻘﻴل ﻟﺨﻘﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻁﻴﺭﺍﻥ‪ ،‬ﺍﻟﻔﻘﻴﺭ‪ :‬ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺴﺭﺕ ﻓﻘﺭﺍﺕ ﻅﻬﺭﻩ‪ ،‬ﺍﻷﻋﺯل‪ :‬ﺍﻟﻤﺎﺌل ﺍﻟﺫﻨﺏ‪.‬‬ ‫‪1053‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ ‪.788/6 ،‬‬ ‫‪1054‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪.298/2 ،‬‬ ‫‪1055‬‬

‫‪ -‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪.311/2 ،‬‬ ‫‪1056‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺸﺒﻠﻲ‪ :‬ﻏﺭﺍﺌﺏ ﻭﻋﺠﺎﺌﺏ ﺍﻟﺠﻥ‪ ،‬ﺹ‪.25‬‬ ‫‪1057‬‬

‫‪194‬‬
‫ويتفق ھذا مع ما جاء ف ي قص ة الحض ارة م ن "أن عب ادة األش باح تط ورت حت ى أص بحت عب ادة‬

‫لألس الف‪ ،‬وب ات الن اس يخ افون موت اھم جميع اً‪ ،‬ويعمل ون عل ى استرض ائھم؛ خش ية أن ينزل وا‬

‫لعناتھم على األحياء‪ ،‬فيجلبوا لھم الشقاء")‪ ،(1058‬ويجسد أمي ة ب ن أب ي الص لت ذل ك بقول ه ألبنائ ه‪:‬‬
‫)‪(1059‬‬
‫فتجنبّوا الشنعا َء والمكروھا )الكامل(‬ ‫ھامي تُخبّرني بما تستشعروا‬

‫كما يشعرون أن بإمكانھا إلح اق الخي ر والش ر بھ م‪ ،‬كم ا ف ي طق س رم ي الب ْع رة‪ ،‬وق د يك ون ل ذلك‬
‫عالقة بارتباط الطير بالمطر‪ ،‬والرعد الذي يعتبره البعض ناجما ً ع ن حرك ة أجنحت ه المدويّ ة‪ ،‬م ن‬
‫)‪(1060‬‬
‫)الطويل(‬ ‫ذلك قول علقمة‪:‬‬

‫ص َوا ِعقُھا لطَيْر ِھ ﱠن دَبيبُ‬


‫َ‬ ‫ت َعلَ ْيھُم َس َحابةٌ‬
‫صابَ ْ‬
‫َكأنﱠھم َ‬

‫وذلك ألن الجاھليين كانوا يربطون المطر بتلك القوى الخفية‪ ،‬ويح اولون إرض اءھا‪ ،‬والت ذلل إليھ ا‬

‫بالتعاويذ السحرية؛ كي تزيل عنھم شبح الموت المرتبط بالمطر‪.‬‬

‫أما الصدى‪ ،‬فإنه وإن ارتبط بالھامة ارتباطا ً وثيقاً‪ ،‬وتبادل المواق ع معھ ا‪ ،‬ف ي الدالل ة‪ ،‬إال أن ھن اك‬

‫من يقول إنّه الذكر من البوم‪ ،‬وھو طائ ٌر يُصرﱡ بالليل ويطير‪ ،‬وھو ط ائ ٌر يخ رج م ن رأس المقت ول‬

‫إذا بل ي )‪ ،(1061‬وكالھم ا ي رتبط ف ي الدالل ة عل ى "الص وت‪ ،‬والم وت‪ ،‬واللي ل‪ ،‬واالخ تالط‪،‬‬
‫)‪(1063‬‬
‫والجن")‪ ،(1062‬بدليل ما ورد على لسان أسماء بن خارجة‪ ،‬وھو‪:‬‬

‫)الكامل(‬ ‫القيان عَزفنَ لل ﱡشر ِ‬


‫ب‬ ‫ِ‬ ‫صد َح‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫والعزف تَحسبُهُ‬ ‫وبِه الصّدى‬

‫‪ -‬ﻗﺼﺔ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ‪.109/1 ،‬‬ ‫‪1058‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺴﻌﻭﺩﻱ‪ :‬ﻤﺭﻭﺝ ﺍﻟﺫﻫﺏ‪.133/2 ،‬‬ ‫‪1059‬‬

‫‪ -‬ﻋﻠﻘﻤﺔ ﺒﻥ ﻋﺒﺩﺓ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.29‬‬ ‫‪1060‬‬

‫‪ -‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪.311/2 ،‬‬ ‫‪1061‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺩﻴﻙ‪ ،‬ﺇﺤﺴﺎﻥ‪ :‬ﺍﻟﻬﺎﻤﺔ ﻭﺍﻟﺼﺩﻯ‪ ،‬ﺼﺩﻯ ﺍﻟﺭﻭﺡ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﻤﺠﻠﺔ ﺠﺎﻤﻌﺔ ﺍﻟﻨﺠﺎﺡ ﻟﻸﺒﺤﺎﺙ ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ‪ ،‬ﻡ‪،13‬‬ ‫‪1062‬‬

‫ﻉ‪1999 ،2‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪.634‬‬


‫‪ -‬ﺍﻷﺼﻤﻌﻴﺎﺕ‪ ،‬ﺹ‪.50‬‬ ‫‪1063‬‬

‫‪195‬‬
‫فق د جم ع الش اعر ب ين الص دى وع زف الج ن ف ي وص فه األرض المقف رة النائي ة‪،‬مما يؤك د عالق ة‬

‫الصدى به‪ ،‬وقد أكثر الش عراء م ن ذل ك )‪ ،(1064‬كم ا أك د محم د عب د المعي د خ ان‪" ،‬أن ال نفس الت ي‬

‫كانت طائراً‪ ،‬أصبحت جنا ً من الجن الخيالية‪ ،‬وصارت من شياطين الشعراء")‪.(1065‬‬

‫ويبدو أن للبوم صفات سحرية وغيبية‪ ،‬بدليل ما قاله عبيد السلولي الذي جعلھ ا تھت ف‪ ،‬كم ا تھت ف‬
‫)‪(1066‬‬
‫)الطويل(‬ ‫الجن وذلك‪:‬‬

‫ُ‬
‫تھتف‬ ‫الھام والبو ُم‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫صارخات‬ ‫بھا‬ ‫وداوي ٍة ال ُ‬
‫يأمن الركبُ جوزَھا‬

‫نالحظ من الشواھد المتقدمة‪ ،‬أن ھذه الكائنات ما ھي إالّ طيور‪ ،‬تتعامل م ع الغيبي ات الت ي‬

‫تختفي خلف انسدال الليل‪ ،‬وفي الصحراء الموحشة التي تؤطر الخوف من المجھول‪ ،‬وھ ي طي ور‬

‫مرھوبة‪ ،‬تأتي مع الليل والمجھول الذي يخفي وراءه الشر‪.‬‬

‫‪ -‬ﻴﻨﻅﺭ‪ ،‬ﻋﺒﻴﺩ ﺒﻥ ﺍﻷﺒﺭﺹ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.51‬‬ ‫‪1064‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪ ،‬ﺹ‪.74‬‬ ‫‪1065‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻐﻨﺎﻀﻲ‪ ،‬ﺤﺎﺘﻡ ﺼﺎﻟﺢ‪ :‬ﻗﺼﺎﺌﺩ ﻨﺎﺩﺭﺓ )ﻤﻨﺘﻬﻰ ﺍﻟﻁﻠﺏ ﻤﻥ ﺃﺸﻌﺎﺭ ﺍﻟﻌﺭﺏ(‪ ،‬ﻤﺅﺴﺴﺔ ﺍﻟﺭﺴﺎﻟﺔ‪ ،‬ﺠﺎﻤﻌﺔ ﺒﻐﺩﺍﺩ‪،‬‬ ‫‪1066‬‬

‫ﺹ‪.127‬‬

‫‪196‬‬
‫المبحث السادس‬

‫الجن والحية‬

‫ارتبط مفھوم الجن بالحية‪ ،‬فقد اعتبر القدماء الحية بنت الجن‪ ،‬وجعلوھا فصيلة مھمة م ن فص ائله‪،‬‬

‫ونوعا ً بارزاً من أنواعه)‪ ،(1067‬وقال الدميري‪ ":‬الجان حية بيضاء‪ ،‬وكذلك الحية الص غيرة")‪،(1068‬‬

‫وقال آخرون‪" :‬الجان‪ :‬حية دقيقة ملساء‪ ،‬ال تضر أحداً‪ ،‬يضرب لونھا إلى الصفرة‪ ،‬وأھ ل الحج از‬
‫ت جاناً‪ ،‬وبنو تميم تُسمي األي نَ جان ا ً")‪ ،(1069‬وق د وردت ف ي ق ول أب ي كبي ر‬
‫يسمون األي ﱠم من الحيّا ِ‬
‫)‪(1070‬‬
‫)الكامل(‬ ‫الھذلي‪:‬‬

‫ﱠف‬ ‫بَ ين الرﱠبي ِع إل ى ُش ھور ال ﱠ‬


‫صي ِ‬ ‫دت الما َء لَ ْم يَش َربْ بِ ه‬
‫َولَقَد َو َر ُ‬

‫بِاللي ِﱠل َموْ ِر َد أَيﱠم ُمتغض ِ‬


‫ﱠف‬ ‫راط ُم ِعيْدةٌ‬
‫إال عواس ُل كال ِم ِ‬

‫)‪(1071‬‬
‫)البسيط(‬ ‫وقول تأبط شرا‪:‬‬

‫ق‬ ‫نَ ْفسي فدا ُؤك ِم ْن ٍ‬


‫سار على سا ٍ‬ ‫يَسْري عَلى األَ ْي ِن والحيّات ُمحْ تفِيا ً‬

‫ويؤكد ارتباط الجن بالحية‪ ،‬بعض الدالالت والرموز واألسماء المشتركة‪ ،‬منھا‪ :‬الحب اب ال ذي يع د‬

‫اس ما ً م ن أس ماء الش يطان‪ ،‬ويطل ق عل ى الحي ة‪ ،‬ب دليل م ا ورد ع ن الرس ول "علي ه الس الم"‪" :‬ال‬

‫شيطان")‪(1072‬؛ ولما بينھما من تشابه في السرعة‪ ،‬وخف ة الحرك ة‪ ،‬كم ا‬


‫ُ‬ ‫تسموا الحبّاب‪ ،‬فإن الحبّاب‬
‫إبليس‪،‬والسف نوع من الحيّات يطير ف ي الھ واء" )‪ ،(1073‬فھ ذا المعط ل‬
‫ﱡ‬ ‫"أن السفيف اسم من أسماء‬

‫الھذلي‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪27/5 ،‬‬ ‫‪1067‬‬

‫‪ -‬ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ‪.168/1 ،‬‬ ‫‪1068‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ﻓﻲ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪.371-370/1 ،‬‬ ‫‪1069‬‬

‫ﺍﻟﻬﺫﻟﻴﻭﻥ‪ :‬ﺍﻟﺩﻴﻭﺍﻥ‪.105/2 ،‬‬ ‫‪1070‬‬

‫‪ -‬ﺘﺄﺒﻁ ﺸﺭﹰﺍ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.48‬‬ ‫‪1071‬‬

‫ﺴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ‪ ،‬ﺹ‪.179‬‬


‫‪ -‬ﺼﺤﻴﺢ ﻤﺴﻠﻡ‪ ،276/3 ،‬ﻓﻘﻪ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭ َّ‬ ‫‪1072‬‬

‫‪ -‬ﺘﺎﺝ ﺍﻟﻌﺭﻭﺱ‪ ،‬ﻤﺎﺩﺓ )ﺴﻔﻑ(‪،‬ﻓﻘﺔ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ‪،‬ﺹ‪.180‬‬ ‫‪1073‬‬

‫‪197‬‬
‫)‪(1074‬‬
‫)الطويل(‬ ‫يقول في رثاء عمرو بن خويلد‪:‬‬

‫)‪(1075‬‬
‫الموت أ ْق َرعَا‬
‫ُ‬ ‫َو ُسفّا ً إذا ما َ‬
‫صرﱠح‬ ‫َجواداً إذا ما النﱠاسُ قَ ﱠل َجوا ُدھُ ْم‬

‫كم ا وح د الع رب الج اھليون األفع ى بالش يطان‪ ،‬أو إبل يس‪ ،‬حي ث َس ﱡموا الثعب ان العظ يم ش يطاناً‪،‬‬

‫واعتبروه من الج ن )‪ .(1076‬ويتجل ى ارتب اط الش يطان "إبل يس" بالحي ة م ن خ الل قص ة خ روج آدم‬

‫وحواء من الجنة‪ ،‬إذ يرجع سبب خروجھما من الجنة إلى الحية‪ ،‬التي لعب ت دوراً رئيس ا ً ف ي ذل ك‪،‬‬
‫وكانت حارسة الجنة وسيّدتھا‪ ،‬فاس تأذنھا إبل يس ف ي ال دخول إل ى الجن ة‪ ،‬فك ان ل ه م ا أراد‪ ،‬وكان ت‬
‫حينئذ كاسية تمشي على أربع على شكل جمل‪ ،‬فعاقبھا ﷲ ْ‬
‫بأن أعراھا‪ ،‬وجعلھا تمشي على بطنھ ا‪،‬‬

‫وجعل رزقھا في التراب‪ ،‬فقطع أرجلھا‪ ،‬وقص سنامھا‪ (1077).‬وقد سجل عدي بن زيد ھذه الحادثة‪،‬‬
‫)‪(1078‬‬
‫)البسيط(‬ ‫وما ترتب عليھا في شعره‪ ،‬فقال‪:‬‬

‫كم ا تَ رى ناق ةً ف ي الخ َْل ق أو َج َم ال‬ ‫ت الحيﱠ ةُ ال ﱠر ْق َش ا ُء ْإذ ُخلقَ ْ‬


‫ت‬ ‫فكان ِ‬
‫ب أ ْمر َح ّواء ل م تأخ ْذ ل هُ ال ﱠدغال‬ ‫فَ َع َم دا للتﱠ ي َع ْن أ ْكلھ ا نُ ِھيَ ا‬

‫م ْن َو َرق التﱠ ين ثوب ا ً ل م ي ُك ن ُغ ِزال‬ ‫كالھم ا خ اطَ إذ بُ ﱠزا لب ُو َس ھما‬

‫طُ و َل الليّ الي َولَ ْم يَجْ َع ل لھ ا أ َج ال‬ ‫هُ‬ ‫َو ْ‬


‫ت خَليفَتَ‬ ‫ا ﷲُ إذ أ ْغ‬ ‫فالطھَ‬
‫والتﱡرْ بُ تَأْكلُهُ َح ْزنَا ً ْ‬
‫وإن َسھُال‬ ‫◌َ ت ِمش ي عل ى بَ ْ‬
‫طنِھ ا ف ي ال ﱠد ْھ ِر َم ا‬
‫َع َم ْ‬
‫رت‬

‫وما يلفت النظر‪ ،‬ھو أن الشعر وقص ص األنبي اء‪ ،‬تتح دث ع ن الحي ة‪ ،‬باعتبارھ ا عنص راً‬

‫فاعالً في األحداث‪ ،‬في حين أن القرآن الكريم لم يش ر إل ى ذل ك‪ ،‬وإنم ا ع زا الس بب إل ى الش يطان‪.‬‬
‫ق ال تع الى) ﻓﺄزﻟﻬﻤﺎ اﻟﺸﻴﻄﺎن ﻓﺄﺧﺮﺟﻬﻤﺎ ﻣﻤﺎ آﺎﻧﺎ ﻓﻴﻪ()‪ ،(1079‬مم ا‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻬﺫﻟﻴﻭﻥ‪ :‬ﺍﻟﺩﻴﻭﺍﻥ‪.41/3،‬‬ ‫‪1074‬‬

‫‪ -‬ﺃﻗﺭﻉ‪ :‬ﺼﻔﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﻑ‪ ،‬ﻭﻫﻭ ﺃﺨﺒﺙ ﻤﺎ ﻴﻜﻭﻥ‪ ،‬ﻭﺍﻟﺴﻑ‪ :‬ﻀﺭﺏٌ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﻴﺎﺕ ﺨﺒﻴﺙ ﻴﻘﺎل ﻫﻭ ﺍﻟﺸﺠﺎﻉ‪ ،‬ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‬ ‫‪1075‬‬

‫ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ‪.183/1 ،‬‬
‫‪ -‬ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ‪.183/1 ،‬‬ ‫‪1076‬‬

‫‪ -‬ﺍﺒﻥ ﻗﺘﻴﺒﺔ‪ :‬ﺃﺒﻭ ﻤﺤﻤﺩ ﻋﺒﺩ ﺍﷲ ﺒﻥ ﻤﺴﻠﻡ‪ :‬ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ‪ -‬ﻁ‪ -4‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ‪ ،‬ﻜﻭﺭﻨﻴﺵ ﺍﻟﻨﻴل‪1981 ،‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪.15‬‬ ‫‪1077‬‬

‫‪ -‬ﻋﺩﻱ ﺒﻥ ﺯﻴﺩ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.159‬‬ ‫‪1078‬‬

‫‪ -‬ﺴﻭﺭﺓ ﺍﻟﺒﻘﺭﺓ‪ :‬ﺁﻴﺔ ‪.37-36‬‬ ‫‪1079‬‬

‫‪198‬‬
‫يقودنا إلى القول ّ‬
‫بأن ص ورة إبل يس غي ر مس تقلة ع ن الحي ة‪ ،‬وأن قص ة الخليق ة ف ي الق رآن الك ريم‬

‫استعاض ت ع ن الحي ة بالش يطان‪ ،‬ألن م ن مع اني الش يطان عن د الع رب الحي ة‪ ،‬أو إبل يس ال ذي‬

‫اضطلع بوظيفتھا)‪ ،(1080‬وھذا يؤك د العالق ة ب ين الش يطان"إبل يس" والحي ة‪ ،‬ويتح دث أمي ة ب ن أب ي‬

‫الص لت ع ن الحي ة وإبل يس‪ ،‬ويب ين أن الحيﱠ ة رم ز الش ر واإلغ واء‪َ ،‬ويُحﱠم ُل ال ِج ن مس ؤولية ت رك‬
‫)‪(1081‬‬
‫الحية تسعى في األرض؛ لتبث الشر والفساد‪ ،‬بقوله‪:‬‬

‫)الوافر(‬

‫وذي الجﱠن ّي أَرْ َس لهُ يُس ابُ‬ ‫ك ذي األ ْفع ى يُربﱠبھُ ا لد ْي ِه‬
‫)‪(1082‬‬
‫الجنﱠ ﱡي أَصْ بَ َح يُستَتابُ‬
‫وال ِ‬ ‫فال ربﱡ ال َمنيﱢ ِة يأ َمنَ ْنھا‬

‫وتتضح العالقة بين الش يطان والحي ة م ن خ الل "ش يطان الحماط ة"‪ ،‬فالحماط ة ش جرة الت ين الت ي‬

‫أكل منھا آدم‪ ،‬وجلس عليھا نادما على فعلته‪ ،‬وجلست الحي ة عليھ ا ترقب ه‪ ،‬والمع روف أنھ ا ش جرة‬

‫تألفھا الحيات‪ ،‬وال بد أن تكون الحية التي كانت تسكنھا رمزا للشيطان)‪ ،(1083‬وفي ذلك يقول حمي د‬

‫)الطويل(‬ ‫بن ثور الھاللي‪:‬‬

‫ِة‬ ‫ان ال َح َماط‬


‫ِ‬ ‫ا ً َكثُعبَ‬ ‫ِز َمام‬ ‫خ ِ◌ ِ◌ َش ِ‬
‫اش ِه‬ ‫فَلَ ﱠما أَتتّهُ أَ ْن َشبَ ْ‬
‫ت في ِ‬
‫)‪(1084‬‬
‫ُم َح َك َما‬

‫وقد تحولت الحية إلى رمز حي‪ ،‬ودائم لأللم والن دم‪ ،‬إذ تعن ي كلم ة الثعب ان "الحي ة الخبيث ة"؛ ألنھ ا‬

‫توحدت مع الشيطان‪ ،‬وكانت سببا ً في إغراء آدم وحواء لألكل من الشجرة ‪ ،‬وم ا ترت ب عل ى ذل ك‬

‫م ن الش قاء واألل م والن دم)‪ ،(1085‬ويتماث ل ھ ذا م ع م ا ج اء ف ي ملحم ة جلج امش" حي ث توح دت‬
‫الشيطانة "ليليث" مع الحية‪ ،‬واتخذتا مسكنا ً لھم ا عن د قاع دة ش جرة اإللھ ة "إنان ا"‪ ،‬رم ز الخص ب‬

‫‪ -‬ﻤﻭﺴﻭﻋﺔ ﺃﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻋﻥ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﻭﺩﻻﻻﺘﻬﺎ‪319-316/1 ،‬‬ ‫‪1080‬‬

‫‪ -‬ﺃﻤﻴﺔ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.25‬‬ ‫‪1081‬‬

‫‪ -1082‬ﺫﻭ ﺍﻟﺠﻨﻲ ‪:‬ﺇﺒﻠﻴﺱ‪،‬ﺍﻷﻓﻌﻰ‪ :‬ﻫﻲ ﺍﻟﺤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﻠﹼﻡ ﺍﺒﻠﻴﺱ ﺍﹼﺩﻡ ﻤﻥ ﺠﻭﻓﻬﺎ‪.‬‬
‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،733-732/6 ،‬ﺃﺤﻤﺩ‪ ،‬ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻔﺘﺎﺡ ﻤﺤﻤﺩ‪ ،‬ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﻱ ﻓﻲ ﺘﻔﺴﻴﺭ ﺍﻟﺸﻌﺭ‬ ‫‪1083‬‬

‫ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪-‬ﻁ‪ -1‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﻨﺎﻫﺞ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪1987 ،‬ﻡ‪ ،‬ﺹ ‪198‬‬


‫‪ -‬ﺤﻤﻴﺩ ﺒﻥ ﺜﻭﺍﻟﻬﻼﻟﻲ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺘﺤﻘﻴﻕ ﻤﺤﻤﺩ ﻴﻭﺴﻑ ﻨﺠﻡ‪ -‬ﻁ‪ -1‬ﺩﺍﺭ ﺼﺎﺩﺭ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ ‪ ،1995‬ﺹ ‪93‬‬ ‫‪1084‬‬

‫‪ -‬ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺤﻜﻴﻡ‪ ،‬ﺸﻭﻗﻲ‪:‬ﻤﻭﺴﻭﻋﺔ ﺍﻟﻔﻭﻟﻜﻠﻭﺭ ﻭﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ‪-‬ﻁ‪ -1‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻌﻭﺩﺓ‪ ،1982 ،‬ﺹ‪.187‬‬ ‫‪1085‬‬

‫‪199‬‬
‫والحياة‪ ،‬وكان ھدفھما القضاء عليھ ا)‪ ،(1086‬وھ ذا يؤك د ع داء الحي ة والش يطان للحي اة والخص وبة‪،‬‬

‫وعشقھما ألماكن المياه‪ ،‬فق د ج اء ف ي المعتق د العرب ي "أن المي اه مس كونة ب أرواح الج ن‪ ،‬وأن تل ك‬

‫األرواح اتخ ذت ھيئ ة األف اعي‪ ،‬وأن البق ع الكثيف ة بالنب ات واألح راش‪ ،‬كان ت مس كونة ب األرواح‬

‫الموجودة‪ ،‬على شكل حيات")‪ .(1087‬وقد سجل الشعر الجاھلي ذل ك االعتق اد‪ ،‬فھ ذا طرف ة ب ن العب د‬
‫)‪(1088‬‬
‫يقول‪:‬‬

‫ان بِذي ِخرْ وع قَ ْف ِر)الطويل(‬


‫تَع ﱡم ُج َش ْيطَ ٍ‬ ‫تُالَ ِعبُ َم ْثن ًى َحضْ رم ًّي َكأنﱠهُ‬

‫ويؤيد ذلك ما جاء في تفسير اآلية القرآنية الكريمة ) إﻧﻬﺎ ﺷﺠﺮة ﺗﺨﺮج ﻓـﻲ أﺻـﻞ‬

‫ـﻴﺎﻃﻴﻦ()‪ ،(1089‬فالمقص ود ب رؤوس‬


‫ـﻪ رؤوس اﻟﺸـ‬
‫ـﺎ آﺄﻧـ‬
‫ـﻴﻢ ﻃﻠﻌﻬـ‬
‫اﻟﺠﺤـ‬
‫الش ياطين‪ ،‬رأس حي ة معروف ة عن د الع رب تس مى ش يطانا‪ ،‬وھ ي حي ة لھ ا ع رف قب يح الوج ه‬
‫)‪(1091‬‬
‫والمنظر)‪ ،(1090‬وقد يكون ھذا ما عناه الشاعر في قوله يذم امرأة ‪:‬‬

‫)الرجز(‬

‫اط أَ ْع َرف‬
‫◌ُ‬ ‫َك ْ‬
‫مثل َشي ِ‬
‫ْطان ال َح َم ِ‬ ‫لف َح ْينَ أَحْ ُ‬
‫لف‬ ‫َع ْن َج ِر ٌد تَحْ ُ‬

‫وال يبتعد عن ذلك ما قاله بعض ھم" أن للع رب ش جراً يطلق ون علي ه "الص وم" كري ه المنظ ر ج دا‪،‬‬
‫يقال لثمره‪ ،‬رؤوس الشياطين‪ ،‬أي الحيات)‪ ،"(1092‬فالشاعر يربط ب ين الم رأة والش يطان والش جرة؛‬
‫ليؤكد اعتقاد الجاھليين بوجود قوى كامنة في األشجار‪ ،‬لھا دور خطير في حياتھم‪.‬‬

‫ويبدو تش ابه ب ين الج ن والحي ات ف ي الطب اع‪ ،‬م ن ذل ك األص لة الت ي تش به الج ن ف ي كونھ ا ش ديدة‬
‫الفساد‪ (1093) .‬ولعل ما قيل عن الش يطان والحي ة والغ ول‪ ،‬ال يختل ف عم ا يق ال ع ن الش جاع‪ ،‬وھ و‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺴﻭﺍﺡ‪،‬ﻓﺭﺍﺱ‪ :‬ﺠﻠﺠﺎﻤﺵ‪ ،‬ﻤﻠﺤﻤﺔ ﺍﻟﺭﺍﻓﺩﻴﻥ‪-‬ﻁ‪ -1‬ﺩﺍﺭ ﻋﻼﺀ ﺍﻟﺩﻴﻥ‪،‬ﺩﻤﺸﻕ‪ ،1996،‬ﺹ‪.53‬‬ ‫‪1086‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،133/2 ،‬ﺍﻟﻨﻭﺭﻱ‪ :‬ﻗﻴﺱ‪ ،‬ﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ ﻭﻋﻠﻡ ﺍﻷﺠﻨﺎﺱ‪ ،‬ﺹ‪.149‬‬ ‫‪1087‬‬

‫‪ -‬ﻁﺭﻓﺔ ﺒﻥ ﺍﻟﻌﺒﺩ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺭﺤﺎﺏ ﺨﻀﺭ ﻋﻜﺎﻭﻱ‪ ،‬ﺹ‪.156‬‬ ‫‪1088‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺼﺎﻓﺎﺕ‪ ،‬ﺁﻴﺔ ‪.65-64‬‬ ‫‪1089‬‬

‫‪ -‬ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﻤﺎﺩﺓ "ﺸﻁﻥ"‪.‬‬ ‫‪1090‬‬

‫‪ - 1091‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﻤﺎﺩﺓ)ﺸﻁﻥ(‪ ،‬ﺘﺎﺝ ﺍﻟﻌﺭﻭﺱ‪)،‬ﺸﻁﻥ( ﺍﻟﺠﺎﻤﻊ ﻷﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﻘﺭﺁﻥ‪.87/15 ،‬‬


‫‪ -‬ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ‪.35-34/1 ،‬‬ ‫‪1092‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ ﻨﻔﺴﻬﺎ‪.‬‬ ‫‪1093‬‬

‫‪200‬‬
‫األسود العظيم من الحيات‪ ،‬والداھية‪ ،‬وھ و أيض ا ً م ن ب ه جن ون م ن اإلن س أو غي ره )‪ ،(1094‬ويزي د‬
‫من تأكيد تلك العالقة‪ ،‬ما ورد عن العرب من قول‪" :‬إنه إذا طال جوع المرء‪ ،‬تع رض ل ه حي ة ف ي‬
‫)‪(1096‬‬
‫بطن ه‪ ،‬يق ال لھ ا الش جاع‪ ،‬فتعض ه")‪ ،(1095‬وف ي ذل ك يق ول أب و خ راش الھ ذلي‪:‬‬
‫)الطويل(‬

‫َوأُوْ ثر ُِ◌ َغيْري ِم ْن ِع ِ‬


‫يالك بِ ﱡ‬
‫الطعم‬ ‫أَ ُر ﱡد ُشجا َع البَ ْ‬
‫ط ِن قَ ْد تَ ْعلَمينَهُ‬

‫ويتضح ذلك من خالل نوع من الحيات‪ ،‬يقال ل ه "األرق م"‪ ،‬وھ و يش به الج ان ف ي اتق اء الن اس م ن‬
‫قتله‪ ،‬واألرقم والجان يُتقي في قتلھما عقوبة الجن لمن قتلھما‪ ،‬وھي أخب ث أن واع الحي ات‪ ،‬وأطلبھ ا‬

‫للناس‪ ،‬وربم ا م ات قاتلھ ا أو أص ابه َخبَ لٌ‪ ،‬وھ ي كالقائ ل‪" ،‬أن ا ك األرقم إن تقتل ه ي نقم‪ ،‬وإن تترك ه‬

‫يلقم")‪ ،(1097‬لذلك اعتقد الجاھليون أن من تعرض للحية‪ ،‬بأذى سيص يبه الم رض‪ ،‬أو الجن ون‪ ،‬مم ا‬

‫يثبت أن الحية تصيبُ بالخبل والجنون‪ ،‬كالجن تماما ً‪.‬‬

‫وبن اء عل ى ھ ذه المعتق دات ك ان الج اھليون‪ ،‬إذا قتل وا الثعب ان خ افوا م ن الج ن أن يأخ ذ بث أره‪،‬‬
‫)‪(1098‬‬
‫فيأخذون روثة ويفنونھا على رأسه‪ ،‬ويقولون‪ :‬روثة راث ثائرك‪ ،‬وفي ذلك يقول بعضھم‪:‬‬

‫اث عَلينا ثارهُ والطﱠوائ ُل )الطويل(‬


‫فَ َر َ‬ ‫طَ َرحنا علي ِه ال ّر َ‬
‫وث والزج ُر صاد ٌ‬
‫ق‬

‫وقد جاء في قصص العرب‪ ،‬ما يثبت ثأر الجن للحية‪ ،‬من ذلك ما جاء في قصة أمية بن أبي‬
‫الصلت‪ ،‬التي تثبت أن الجن أخذت بثأر الحية من اإلنسان‪ ،‬فقتلت حرب بن أمية‪ ،‬وقالت فيه‬
‫ً )‪(1099‬‬
‫شعرا‪.‬‬

‫كما ربط الجاھليون بين مرضھم ومس الجن والحية‪ ،‬فكانوا إذا اعتل أحدھم‪ ،‬واعتقدوا أن به‬
‫ّمسا ً من الجن؛ ألنه قتل الحية‪ ،‬يقدمون لھا القرابين أمام الجحور)‪.(1100‬‬

‫‪-‬ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﻤﺎﺩﺓ )ﺸﺠﻊ(‪.‬‬ ‫‪1094‬‬

‫‪ -‬ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ‪.44/2 ،‬‬ ‫‪1095‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻬﺫﻟﻴﻭﻥ‪ :‬ﺍﻟﺩﻴﻭﺍﻥ‪.128/2 ،‬‬ ‫‪1096‬‬

‫‪ -‬ﻤﺠﻤﻊ ﺍﻷﻤﺜﺎل ‪ ،170-169/2‬ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ‪.19/1،‬‬ ‫‪1097‬‬

‫‪-‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪ ،358/2،‬ﺍﻟﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪.812/6 ،‬‬ ‫‪1098‬‬

‫‪ -‬ﻤﺭﻭﺝ ﺍﻟﺫﻫﺏ‪.141/2 ،‬‬ ‫‪1099‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪.359/2 ،‬‬ ‫‪1100‬‬

‫‪201‬‬
‫وآمنوا برق ى الحي ات‪ ،‬ودع وا مم ارس ھ ذه الرق ى ب الحواء‪ ،‬مم ا يؤك د العالق ة ب ين الحي ة‬

‫وحواء في الفكر الجاھلي‪ ،‬من حيث قيمة الخلود والحياة‪ ،‬وارتباطھم ا بالبع د اإلغرائ ي الش يطاني‪،‬‬

‫كما خلدته التوراة‪ (1101).‬وخلده الشعر الجاھلي‪ ،‬في حديثه عن الحية الصماء التي ال تجيب الرق اة‪،‬‬
‫)‪(1102‬‬
‫)البسيط(‬ ‫وال تسمع لھم‪ ،‬بقول عمرو بن شأس‪:‬‬

‫ولو تكنّفھا الحاوونَ ما قدروا‬ ‫لو ُشرﱢ َح ْ‬


‫ت بال ُمدى ما مسﱠھا بَلَ ٌل‬

‫وخاتلوھا فما نالوا وال ظفروا‬ ‫قد جاھدوھا فما قام الرّقاةُ لھا‬

‫ومم ا يثب ت الص لة ب ين الج ن والحي ة‪ ،‬أن الع رب اعتق دوا‪ ،‬ف ي تعلي ق الحل ي عل ى الرج ل الل ديغ‬

‫"السليم "سبعة أيام )‪ ،(1103‬ليبقى السليم مسھ ّداً‪ ،‬حتى ال يس ري ال ﱡس م ف ي جس مه‪ ،‬ويب دو أن تعليقھ ا‬

‫لم يكن للسھر‪ ،‬وإنما التماسا ً لطرد األرواح الش ريرة م ن الج ن والش ياطين؛ ألن ال رأي الش ائع م ن‬

‫العص ور القديم ة "أن الش ياطين تَ ْھ ربُ عن د س ماع ص وت م ن مع دن‪ ،‬س واء أك ان ھ ذا الص وت‪،‬‬

‫ص وت ص ليل م ن األج راس الص غيرة‪ ،‬أو قعقع ة متواص لة")‪ ،(1104‬فع ن طري ق الض جيج تبتع د‬

‫األرواح الشريرة التي دخلت جسم اللديغ‪.‬‬

‫وق د س جل الش عراء ذل ك‪ ،‬وخاص ة النابغ ة ال ذبياني ال ذي ب ات ليل ه ف ي ھَ ًّم و َغ ًّم وش ؤم‪ ،‬وداخلت ه‬
‫)‪(1105‬‬
‫)الطويل(‬ ‫المخاوف من تھديد النعمان له‪ ،‬فأخذ يصور إحساسه باأللم والحيرة‪ ،‬بقوله‪:‬‬

‫قش‪ ،‬ف ي أَ ْنيابِھ ا ال ﱡس ﱡم ن اقِ ُع‬


‫ِمنَ الرﱡ ِ‬ ‫ت ك أنّي س اورتني ض ئيلةٌ‬
‫فب ﱡ‬
‫لِ ْ‬
‫حل ي النس اء‪ ،‬ف ي يدي ه‪ ،‬قع اق ُع‬ ‫يُ َس ھّد م ن ل ْي ِل التّم ام َس لي ُمھا‪،‬‬

‫تراجع‬
‫ِ‬ ‫تُطَلّقَه طوراً‪ ،‬وطوراً‬ ‫تناذرھا الراقون ِمن سُوء ُس ﱠمھا‪،‬‬

‫‪ -‬ﺜﻤﺎﺭ ﺍﻟﻘﻠﻭﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻀﺎﻑ ﻭﺍﻟﻤﻨﺴﻭﺏ‪ ،‬ﺹ‪.426‬‬ ‫‪1101‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻤﺎﺴﺔ ﺍﻟﺒﺼﺭﻴﺔ‪.1521/3 ،‬‬ ‫‪1102‬‬

‫‪ -‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ ﻓﻲ ﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﺤﻭﺍل ﺍﻟﻌﺭﺏ‪358/2 ،‬‬ ‫‪1103‬‬

‫‪ -‬ﻓﺭﻴﺯﺭ‪ ،‬ﺠﻴﻤﺱ‪ :‬ﺍﻟﻔﻭﻟﻜﻭﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻬﺩ ﺍﻟﻘﺩﻴﻡ‪.228/2 ،‬‬ ‫‪1104‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻨﺎﺒﻐﺔ ﺍﻟﺫﺒﻴﺎﻨﻲ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ ‪ ،123-122‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪.248/4 ،‬‬ ‫‪1105‬‬

‫‪202‬‬
‫ومن معتقدات العرب الدال ة عل ى الص لة ب ين الج ن والحي ة‪ ،‬اس تخدام الرق ى والع زائم ف ي‬

‫التعامل مع الحي ة‪ ،‬محاول ة التق اء ش رھا‪ ،‬وإبع اد خطرھ ا‪ ،‬خاص ة الحي ات الت ي تمتن ع عل يھم‪ ،‬وال‬

‫تخرج من جحرھا‪ ،‬ويرون فيھ ا أم راً غريب ا ً وق وة ال تجاب ه إال بالرقي ة‪ ،‬ف آمنوا بق درة الرقي ة عل ى‬

‫إخراج الحية م ن الص خر وق درتھا عل ى ش فاء الل ديغ)‪ ،(1106‬فنس بة إخ راج الحي ة م ن جحرھ ا إل ى‬

‫الراقي‪ ،‬إنما يكون للعزيمة‪ ،‬واإلقسام عليھ ا؛ ألنھ ا إذا فھم ت أجاب ت ول م تمتن ع)‪ ،(1107‬وھن ا تظھ ر‬

‫عالقة الجن بالحية؛ ألن الراقي ال بد أن يكون على اتصال مباشر بالجن كالكاھن؛ ألن م ا يق وم ب ه‬

‫من أعمال‪ ،‬تفوق قدرة البشر‪ ،‬لذلك رأوا أن الحية ك الجن‪ ،‬ال تجي ب ص احب العزيم ة‪ ،‬حت ى يلت زم‬

‫بمظاھر خاصة‪ ،‬توحي باالستعداد النفس ي والحس ي "فيت وحش‪ ،‬ويس كن الب راري‪ ،‬ويتش به ب الجن‪،‬‬
‫ويغتس ل بالم اء الق راح‪ ،‬ويتبخ ر باللب ان ال ذكر‪ ،‬ويراع ي المش تري‪ ،‬ف إذا دق‪ ،‬ولط ف‪ ،‬وت وحش‪،‬‬

‫وعزم‪ ،‬أجابته الجن‪ ،‬وذل ك بع د أن يك ون بدن ه يص لح ھ يكال لھ ا‪ ،‬حت ى يل ذ دخول ه وادي منازلھ ا‪،‬‬

‫وإالّ يكره مالبسته والكون فيه‪ ،‬فإن ھ و أل ﱠح عليھ ا ب العزائم‪ ،‬ول م يأخ ذ ل ذلك أھبت ه‪ ،‬خبلت ه‪ ،‬وربّم ا‬
‫قتلته‪ ،‬ألنھا تظن أنه متى توحش لھا‪ ،‬واحتمى‪ ،‬وتنظف‪ ،‬فقد فَ ِرغ‪ ،‬وھ ي ال تجي ب ب ذلك ق ط‪ ،‬حت ى‬

‫يكون المع ﱠزم مشاكالً لھا في الطباع")‪.(1108‬‬

‫نتبين مما سبق تشابه معتقدات العرب بالجن والحية‪ ،‬وعالقتھ ا ببعض ھا‪ ،‬فق د ارت بط الج ن‬

‫بالحية ارتباطا ً وثيقا ً‪.‬‬

‫‪ -‬ﺜﻤﺎﺭ ﺍﻟﻘﻠﻭﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻀﺎﻑ ﻭﺍﻟﻤﻨﺴﻭﺏ‪ ،‬ﺹ‪426‬‬ ‫‪1106‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪.186-185/4 ،‬‬ ‫‪1107‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪.185/4 ،‬‬ ‫‪1108‬‬

‫‪203‬‬
‫المبحث السابع‬

‫الجن والغزال‬

‫يعد الغ زال م ن الحيوان ات الت ي ح رص الج اھليون عل ى ع دم قتلھ ا ف ي قص ائدھم‪ ،‬وع دم‬

‫إصابتھا بأذى‪ ،‬إذ لم يمكنوا الصائد منھا‪ ،‬مما يدلل عل ى قدس ية ھ ذا الحي وان‪ ،‬ويؤك د ذل ك م ا رواه‬

‫اب ن ھش ام بش أن حف ر "عب د المطل ب" ج د رس ول ﷲ " علي ه الس الم" بئ ر زم زم ال ذي وج د في ه‬


‫غزالين من ذھب‪ ،‬وھما الغ زاالن الل ذان دفنتھم ا ج رھم فيھ ا‪ ،‬ح ين خرج ت م ن مك ة‪ ،‬ووج د فيھ ا‬

‫أسيافا ً قلعية وأدراع ا ً)‪ ،(1109‬وق د س جل الش عر الج اھلي م ا ي دل عل ى ألوھي ة وقدس ية الغ زال‪ ،‬كم ا‬

‫وج د ف ي الكتاب ات المقدس ة‪ ،‬والنق وش القديم ة م ا يثب ت ذل ك)‪ ،(1110‬وم ن ذل ك ق ول ام رئ الق يس‪:‬‬
‫)‪(1111‬‬

‫)الطويل(‬ ‫)‪(1112‬‬
‫ب أقيال‬ ‫َك ُغ ْز ِ‬
‫الن ِر ْم ٍل في َم َحار ِي ِ‬ ‫ذكرت أوانسا ً‬
‫ُ‬ ‫وماذا عليه لو‬

‫وصورت الغزالة بامرأة حسناء‪ ،‬كما كانت رم زاً لإللھ ة الش مس‪ ،‬فوض عت ف ي محاري ب‬

‫الملوك‪ ،‬وحرم أكلھا على عابدي اآللھ ة‪ ،‬ف ي ح ين ل م يح رّم ذبحھ ا قربان ا لھ ا)‪ ،(1113‬وم ن مظ اھر‬

‫تق ديس الع رب للغ زال‪ ،‬أنھ م ك انوا إذا وج دوا غ زاالً ميت ا غطّ وه‪ ،‬وكفن وه ودفن وه‪ ،‬وكان ت القبيل ة‬

‫تحزن عليه سنة)‪.(1114‬‬

‫وقد ورد في قصص الجاھليين ما يش ير إل ى اعتق ادھم بقدس ية الغ زال‪ ،‬وب أن قاتل ه يعاق ب‬

‫عقابا ساحقا‪ ،‬فقد أورد األزرقي القصة التالية "أقب ل عتب ة وش يبة‪ ،‬ابن ا ربيع ة ب ن عب د ش مس وأب و‬

‫س فيان ب ن ح رب‪ ،‬فتح ّدثوا وذك روا الغ زال‪ ،‬فق ال أحيح ة‪ :‬أطيع وني‪ ،‬وال تخوض وا ف ي أم ر ھ ذا‬

‫‪ -‬ﺃﺨﺒﺎﺭ ﻤﻜﺔ‪ ،92/1 ،‬ﺍﻟﺴﻴﺭﺓ ﺍﻟﻨﺒﻭﻴﺔ‪ -‬ﻁ‪.112/1-2‬‬ ‫‪1109‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺒﻁل‪ ،‬ﻋﻠﻲ‪ :‬ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪ ،‬ﺤﺎﺸﻴﺔ‪ ،‬ﺹ ‪.65‬‬ ‫‪1110‬‬

‫‪ -‬ﺍﻤﺭﺅ ﺍﻟﻘﻴﺱ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.126‬‬ ‫‪1111‬‬

‫‪ -‬ﻤﺤﺎﺭﻴﺏ ﺃﻗﻴﺎل‪ :‬ﻏﺭﻑ ﻤﻠﻭﻙ ﺤﻤﻴﺭ‪ ،‬ﺍﻷﻭﺍﻨﺱ‪ :‬ﺍﻟﻔﺘﻴﺎﺕ‪.‬‬ ‫‪1112‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﻭﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺸﻌﺭ ﺃﺒﻲ ﺫﺅﻴﺏ‪ ،‬ﺹ‪.63‬‬ ‫‪1113‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺹ‪.111‬‬ ‫‪1114‬‬

‫‪204‬‬
‫الغزال‪ ،‬فإن عندي من ه علم ا‪ ،‬فق الوا‪ :‬م ا علم ك؟ ق ال‪ :‬ح دثني أب ي ع ن أبي ه‪ّ ،‬‬
‫أن قبيل ة م ن الع رب‬

‫نزلوا بمكة‪ ،‬فأھلكوا في شأن ظبي‪ ،‬قتله رجل منھم‪ ،‬واستؤصل أحرارھم ورقيقھم‪ ،‬قالوا‪ :‬ما‬

‫)الرمل(‬ ‫سمعنا بھذا‪ ،‬فأنشدھم‪:‬‬

‫ت ﱡ‬
‫الظ ً◌ل م‬ ‫َم ْن يُ ِرد في ِه مل ﱠذا ِ‬ ‫ت قُص ّي بَلَ د‬
‫يَ ا رج اال ِ‬
‫ي ِم ْن عج ْم‬
‫عَطبُ وا في ه َوح ﱠ‬ ‫ب‬
‫معتم ببقاي ا َع ر ٍ‬
‫ِ‬ ‫ھ لْ َس‬
‫ف أَ َح ْم‬
‫ادن أَح وى لَ هُ طَ رْ ُ‬
‫ش ٌ‬ ‫ھَل ُك وا ف ي ِظ ْبيَ ٍة يَ ْتبعھُ ا‬

‫ب ال َحر ْم‬ ‫ُ‬


‫حيث آوته إلى َج ْن ِ‬ ‫عَافَهُ عَنھا فَمــا يَتبعـھُا‬

‫فق الوا‪ :‬كي ف ك ان ھالكھ م؟ ق ال‪ :‬أقبل ت حي ة م ن الجب ل‪ ،‬فجعل ت ت نفخ عل يھم م ن جوفھ ا‪،‬‬

‫أمث ال الرم اح م ن الن ار‪ ،‬فجعل وا يحترق ون‪ ،‬حت ى ھلك وا جميع ا‪ ،‬ق الوا‪ :‬أنّ ى يك ون ھ ذا؟ ق ال‪ :‬أم ا‬

‫)الرمل(‬ ‫سمعتم بقول عبد شمس‪:‬‬

‫أَحج ُن النّ ابين ُذو ن ا ِ‬


‫ب خض ْم‬ ‫فأت اهُ حيﱠ ةٌ ِم ْن خَلف ِه‬
‫)‪(1115‬‬
‫ِم ْث َل ما أوري َ‬
‫ْت بالرﱡمح ال ﱠ‬
‫ض َر ْم‬ ‫ب‬ ‫فَ َرماهُ بِ ِشھــا ٍ‬
‫ب ثاقــ ٍ‬

‫الجبل ھي أحد أفراد الج ن ال ذي تص ور بص ورة الحي ة‪ ،‬ويب ين‬


‫ِ‬ ‫فھذا يؤكد أن الحية التي جاءت من‬

‫العالق ة ب ين الج ن والظب ي‪ ،‬ف الجن يظھ ر بش كل الظب ي‪ ،‬عوق ب ق اتلوه‪ ،‬ويؤك د قداس ة الغ زال‪،‬‬
‫وتحريم قتله‪ ،‬وتحريم صيد الظباء‪ .‬ويبين أنھا من ماشية الجن م ا ج اء ف ي األس اطير المخوف ة م ن‬

‫انتھاك تلك الحرم ة " أن ه دخ ل ق وم مك ة تج اراً م ن الش ام ف ي الجاھلي ة‪ ،‬فنزل وا ب ذي ط وى تح ت‬

‫السمرات‪ ،‬يستظلون بھا‪ ،‬فاصطادوا ظبية من ظباء الحرم‪ ،‬وطبخوا لحمھا‪ ،‬فبينما ھي عل ى الن ار‪،‬‬
‫إذ خرجت من تحت القدر عن ٌ‬
‫ق من النار عظيمة‪ ،‬فأحرقت الق وم‪ ،‬ول م تح رق ثي ابھم‪ ،‬وال أمتع تھم‪،‬‬

‫وال السمرات التي كانوا تحتھا")‪ ،(1116‬فيبدو العجب في العقاب الذي أنزل بواسطة النار‪ ،‬وق درتھا‬

‫‪ -1115‬ﺃﺨﺒﺎﺭ ﻤﻜﺔ‪ ،147-146/2 ،‬ﺤﺴﺎﻥ ﺒﻥ ﺜﺎﺒﺕ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺤﺎﺸﻴﺔ ﺹ ‪.68-65‬‬


‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،146/2 ،‬ﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪ ،‬ﺹ‪.103‬‬ ‫‪1116‬‬

‫‪205‬‬
‫على التمييز والتخصيص‪ ،‬إذ لم تنل النار من ثيابھم وأمتعتھم‪ ،‬مما يؤك د أن الفاع ل ال ب د أن يك ون‬

‫من الجن؛ ألن الظباء في معتقداتھم من ماشية الجن‪ ،‬وقد عبر النابغة عن حرمة الظباء‬

‫)‪(1117‬‬
‫)البسيط(‬ ‫بقوله‪:‬‬
‫)‪(1118‬‬
‫ﻥ ﺍﻟﻐِﻴل ﻭﺍﻟﺴﱠﻌﺩ‪.‬‬
‫ﻥ ﻤﻜ ﹶﺔ ﺒﻴ َ‬
‫ُﺭﻜﹾﺒﺎ ُ‬ ‫ﺕ ﺍﻟﻁﻴﺭ‪ ،‬ﺘﻤﺴﺤُﻬﺎ‬
‫ﻥ ﺍﻟﻌﺎﺌﺫﺍ ﹸ‬
‫ﻭﺍﻟﻤﺅﻤ ُ‬

‫ومن الحكايات التي تدل على أن الظباء من مطايا الج ن‪ ،‬م ا أورده الش بلي ع ن حمي د اب ن‬
‫ث ور الھالل ي‪ ،‬ق ال‪" :‬كن ا نتح دث أن الظب اء ماش ية الج ن‪ ،‬فأقب ل غ الم ومع ه ق وس ونب ل‪ ،‬فاس تتر‬
‫)‪(1119‬‬
‫بأرطاة‪ ،‬وبين يديه قطيع من ظبي‪ ،‬ويريد أن يرمي بعضه فھتف ھاتف ال يرى‪ ،‬وقال‪:‬‬

‫يس عى بِ َك ْي ٍد أو لِھ يْن َم يْن‬ ‫دين‬


‫ِ‬ ‫إن ُغالم ا ً َع ْس َر الي‬
‫ّ‬
‫)‪(1120‬‬
‫ليقتُل التَيْس مع ال َع ْنزين‬ ‫ُمتﱠ ِخــذ األرطأةَ ُجنّتَيــْ ِن‬

‫فسمعت الظباء‪ ،‬فتفرقت‪ ،‬ألن الھاتف ينبه الظباء من الصياد‪ ،‬كي تنجو من الموت‪.‬‬

‫كما ر ْ‬
‫ُويت رواية عن النعمان بن سھل الحراني‪ ،‬ق ال‪ :‬بع ث عم ر ب ن الخط اب رج ال إل ى‬
‫)‪(1121‬‬
‫البادية‪ ،‬فرأى ظبية مصرورة‪ ،‬فطاردھا حتى أخذھا‪ ،‬فإذا رجل من الجن يقول‪:‬‬

‫)الرجز(‬

‫َخ ﱠل َس بي َل الظّبي ِة ال َمصْ رو َر ْه‬ ‫ب الَ َكنان ِة ال َمك ُس ور ْه‬


‫ص ا ِح َ‬
‫يا َ‬
‫غَاب أبوھُ ْم َغيْبةً َم ْذ ُكو َر ْه‬ ‫فإنﱠھا لَصبيﱠةٌ َمضْ َر َور ْه‬
‫ركت ِم ْن ُكور ْة‬
‫في ُكور ٍة ال ب ُْو ْ‬

‫والھاتف ھنا يدعو الصياد إلى إطالق الظبية‪ ،‬وإخالء سبيلھا‪ ،‬ويبين له حالھا‪ .‬وق د ج اء ف ي الش عر‬
‫)‪(1122‬‬
‫ما يبين أن الظباء من مطايا الجن‪ ،‬وذلك قول أحدھم‪:‬‬

‫‪-‬ﺍﻟﻨﺎﺒﻐﺔ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.56‬‬ ‫‪1117‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻐﻴل ﻭﺍﻟﺴﻌﺩ‪ :‬ﺠﻤﺘﺎﻥ ﺒﻴﻥ ﻤﻜﺔ ﻭﻤﻨﻰ‪.‬‬ ‫‪1118‬‬

‫‪ -‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪.361/2 ،‬‬ ‫‪1119‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﺭﻁﺎﺓ‪ :‬ﻭﺍﺤﺩﺓ ﺍﻷﺭﻁﻰ ‪ ،‬ﻭﻫﻭ ﺸﺠﺭ ﻨﻭﺭﻩ ﻜﻨﻭﺭ ﺍﻟﺨﻼﻑ ﻭﺜﻤﺭﻩ ﻜﺎﻟﻌﻨﺎﺏ‪ ،‬ﻋَﺴﺭ ﺍﻟﻴﺩﻴﻥ‪ :‬ﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﻴﻌﻤل ﺇﻻ ﺒﻴﺩﻩ‬ ‫‪1120‬‬

‫ل ﻤﺎ ﻭﻗﻰ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﻼﺡ‪.‬‬
‫ﺍﻟﻴﺴﺭﻯ‪.‬ﺍﻟﻠﻬﺯﻤﺔ‪ :‬ﻋﻅﻡ ﻨﺎﺘﺊ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﺤﻰ ﺘﺤﺕ ﺍﻟﺤﻨﻙ‪ ،‬ﺍﻟﺠﻨﺔ‪ :‬ﺍﻟﺩﺭﻉ ﻭﻜ ّ‬
‫‪ -‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪.36/2 ،‬‬ ‫‪1121‬‬

‫‪206‬‬
‫ك س نﱡهُ كثي ُر الت ﱢم رى )الخفي ف(‬
‫اح ٌ‬
‫ض ِ‬‫َ‬ ‫وأَ ُج وبُ ال بال َد تَح ْت ي ظَ ْب ي‬

‫َوھُ َو باللّيل في العفاري ِ‬


‫ت يَسْرى‬ ‫ُمول ٌج ُدبْره َخ َوايَة َم ْك ٍو‬

‫وتبدو العالقة بين الغزال والجن‪ ،‬في ارتباط كل منھا بشجرة الس ُمرة‪ ،‬التي تع ﱡد شجرة‬
‫)‪(1124‬‬
‫)الطويل(‬ ‫العزى‪ (1123)،‬وقد سجل صخر الغ ّي ذلك بقوله‪:‬‬

‫لَدَى َس ُمرا ٍ‬
‫ت عند أ ْدما ِء سارب‬ ‫فخانت َغ َزاالً جاثما ً بَص ْ‬
‫ُرت بِ ِه‬ ‫ْ‬

‫وق د تح دث كع ب ب ن زھي ر ع ن تل ك العالق ة ف ي أثن اء حديث ه ع ن ص يد الظب اء‪ ،‬بقول ه‪:‬‬

‫)‪)(1125‬الطويل(‬

‫الج ﱠن حارم)‪.(1126‬‬
‫زَوى َسھْمهُ عا ٍو من ِ‬ ‫فلما أراد الصيد يوما ً وأش َر ْ‬
‫عت‬

‫فالشاعر ينسب ارتداد السھم إلى ما يركب الظباء من الجن‪ ،‬وھذا يؤك د م ا ذھ ب إلي ه الج احظ "م ا‬
‫)‪(1127‬‬
‫من وحشية إال وعليھا جني يْركبھا"‬

‫وإذا علمنا عالقة الزجر بالجن‪ ،‬فإننا نجد في زجرھم للظباء‪ ،‬ما يبين عالقتھا بتلك الكائنات‪ ،‬وھذا‬
‫)‪(1128‬‬
‫)الطويل(‬ ‫ما أشار إليه عنترة بن شداد بقوله‪:‬‬

‫َت ِم ْنھا سني ُح وبار ٌح‬


‫َغداةَ َغد ْ‬ ‫طَ َ‬
‫ربت وھاجتَك الظبا ُء السوار ُح‬

‫)‪(1129‬‬
‫)المتقارب(‬ ‫ويقول كعب بن زھير‪:‬‬

‫ظَبِا ٌء َج َر ْ‬
‫ت فيھا سني ٌح وبار ُح‬ ‫عال حاجب ّي ال ّشيبُ حتى كأنّه‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪237/6 ،‬‬ ‫‪1122‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﺼﻨﺎﻡ‪ ،‬ﺹ‪.25‬‬ ‫‪1123‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻬﺫﻟﻴﻭﻥ‪ :‬ﺍﻟﺩﻴﻭﺍﻥ‪.56/2 ،‬‬ ‫‪1124‬‬

‫‪ -‬ﻜﻌﺏ ﺒﻥ ﺯﻫﻴﺭ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.89‬‬ ‫‪1125‬‬

‫‪ -‬ﺃﺸﺭﻋﺕ‪ :‬ﻤﺩﺕ ﺃﻴﺩﻴﻬﺎ‪ ،‬ﺯﻭﻯ‪ :‬ﻋﺩل‪ ،‬ﺍﻟﺤﺎﺭﻡ‪ :‬ﺍﻟﺫﻱ ﺤﺭﻤﻪ ﺍﻟﺴﻬﻡ‪.‬‬ ‫‪1126‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪.237/6 ،‬‬ ‫‪1127‬‬

‫‪ -‬ﻋﻨﺘﺭﺓ ﺒﻥ ﺸﺩﺍﺩ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.65‬‬ ‫‪1128‬‬

‫‪ -‬ﻜﻌﺏ ﺒﻥ ﺯﻫﻴﺭ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.59‬‬ ‫‪1129‬‬

‫‪207‬‬
‫وقد يكون في تسمية البيت الذي قدسه عرب اليمن" رئام" الذي كان فيه شيطان‪ ،‬وخ رج من ه كل ب‬

‫أسود‪ ،‬ما يدل على عالقة مقدسة بين البي ت والظب اء‪ ،‬وب ين الج ن والظب ي )‪ ،(1130‬فالعالق ة اللغوي ة‬

‫ت وحي برم ز أس طوري إل ى ح د م ا‪ .‬ويؤك د م ا قالت ه الع رب "آم ن م ن حم ام مك ة‪ ،‬وم ن غ زالن‬

‫مكة")‪ ،(1131‬فكانوا حريصين على عدم قتلھا‪ ،‬حتّى تخيلوا أن الجن تنبه الصيادين إلى ذلك‪....‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺴﻴﺭﺓ ﺍﻟﻨﺒﻭﻴﺔ‪ ،22/1 ،‬ﻤﻭﺴﻭﻋﺔ ﺃﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪.298/1 ،‬‬ ‫‪1130‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪3 ،‬ﺍ‪ ،162،163/‬ﻤﻭﺴﻭﻋﺔ ﺃﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻋﻥ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﻭﺩﻻﻻﺘﻬﺎ‪.308/1 ،‬‬ ‫‪1131‬‬

‫‪208‬‬
‫المبحث الثامن‬

‫الـجن والثـور‬

‫ربط الج اھليون ب ين الج ن والث ور والبق ر عام ة‪ ،‬وربم ا ك ان القرن ان ھم ا الص لة الش كلية‬

‫بينھا)‪" ،(1132‬فنظر القدماء بشكل عام إلى الثور نظرة قداسة وتبجيل‪ ،‬وعدوه إل ه الخص ب والق وة‪،‬‬

‫وإله العواصف‪ ،‬وعدت عبادته تجسيدا أرضيا ً لعبادة القمر السماوي‪ ،‬فرأوا الھالل كق رون الث ور‪،‬‬
‫والثور فيه قوة اإلخصاب)‪ ،(1133‬فكان ھ ذا دافع اً‪ ،‬ك ي ينس جوا حول ه أس اطيرھم‪ ،‬م ن ذل ك ض رب‬

‫الثور لتشرب البقر‪ ،‬فكانوا إذا أوردوا البقر‪ ،‬ولم تشرب‪ ،‬إما لكدر الماء‪ ،‬أو لقل ة العط ش‪ ،‬ض ربوا‬

‫الثور ليقتحم الماء؛ ألن البقر تتبعه كما تتبع الشول الفحل‪ ،‬وكم ا تتب ع أنث ى ال وحش الحم ار )‪،(1134‬‬
‫)‪(1135‬‬
‫)الوافر(‬ ‫وقد ُس ﱠجلَت ھذه المعتقدات في أشعارھم‪ ،‬فقال عوف بن الخرع‪:‬‬

‫َوقَ ْد َخ اليْتھم فَ أبوا خالئ ي‬ ‫ت طَ ْي ئ َج ْھ الً َو ُجبْن ا ً‬


‫تَ َم ّن ّ◌ ْ‬
‫)‪(1136‬‬
‫للبقر الظﱠماء‬
‫ِ‬ ‫كضرب الثﱠ ْور‬ ‫ُ‬
‫ھجوت ِجبَا َل َسلمى‬ ‫ھجوني أن‬

‫وق د عك س الش عراء ھ ذه المعتق دات‪ ،‬ف ي التعبي ر عم ا يلح ق بھ م م ن مظ الم اجتماعي ة‪ ،‬فاألعش ى‬

‫يك رر المعن ى نفس ه‪ ،‬متح دثا ً عم ا ألحق ه ب ه بن و س عد ب ن ق يس م ن ظل ٍم‪ ،‬م ن غي ر إث ٍم اقترف ه‪،‬‬
‫)‪(1137‬‬
‫)الطويل(‬ ‫فيقول‪:‬‬

‫لِ يَعل َم َم ْن أمس ى أع ﱠ‬


‫ق وأحربَ ا‬ ‫وإنّ ي‪ ،‬وم ا كلفتم وني وربّك م‬

‫ت ِالم ا َء مش َربا‬ ‫وم ا ذنبُ هُ ْ‬


‫أن عاف ِ‬ ‫الثور والجنﱠ ﱡي يض ربُ ظھ َره‪،‬‬
‫ِ‬ ‫لك‬

‫تعاف الما َء إالّ ليُضْ َربا‬


‫ُ‬ ‫وما إن‬ ‫ت ِ◌ ِ◌ ال َماء باقِرٌ‪،‬‬
‫وما ذنبُهُ إن عاف ِ‬

‫‪ -‬ﻤﻭﺴﻭﻋﺔ ﺃﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻋﻥ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﻭﺩﻻﻻﺘﻬﺎ‪25/2 ،‬‬ ‫‪1132‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ ﺘﻔﺴﻴﺭ ﺃﺴﻁﻭﺭﻱ‪ ،‬ﺹ ‪.120‬‬ ‫‪1133‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺹ ‪.404‬‬ ‫‪1134‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺭﺯﺒﺎﻨﻲ‪ ،‬ﺃﺒﻭ ﻋﺒﻴﺩ ﺍﷲ‪ ،‬ﻤﺤﻤﺩ ﺒﻥ ﻋﻤﺭﺍﻥ‪ :‬ﻤﻌﺠﻡ ﺍﻟﺸﻌﺭﺍﺀ‪ ،‬ﺘﺤﻘﻴﻕ ﻑ ﻜﺭﻨﻜﻭ‪ -‬ﻁ‪ -1‬ﺩﺍﺭ ﺍﻹﺠﻴل ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪،‬‬ ‫‪1135‬‬

‫‪1411‬ﻫـ ‪1991 -‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪.125‬‬


‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪.18/1 ،‬‬ ‫‪1136‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﻋﺸﻰ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪ ،9‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،19/1 ،‬ﺸﻌﺭﺍﺀ ﺍﻟﻨﺼﺭﺍﻨﻴﺔ‪ ،396/3 ،‬ﺭﻭﺍﻴﺔ "ﻴﻀﺭﺏ ﻅﹶﻬﺭﻩ"‪.‬‬ ‫‪1137‬‬

‫‪209‬‬
‫)‪(1138‬‬
‫وتتماثل ھذه الصورة‪ ،‬مع الصورة التي رسمھا نھشل بن حري‪ ،‬بقوله‪:‬‬

‫ت البَق ُر الظﱠما ُء )الوافر(‬


‫إذا ما عافَ ِ‬ ‫كدأب الثﱠ ِ‬
‫ور يُضْ َربُ بالھراو َ‬
‫ى‬

‫)‪(1139‬‬
‫)الطويل(‬ ‫ومع قول يحيى بن منصور الذھلي‪:‬‬

‫الج ﱡن ظَالِ َمهَ‬


‫ت ِ‬ ‫َو َما َذ ْنبهُ ْ‬
‫إن َكانَ ِ‬ ‫لكالثّور وال ِجنّ ﱡي يَضْ ِربُ َوجھَهُ‬

‫)‪(1140‬‬
‫ويتضح انعكاس ھذه المعتقدات‪ ،‬من خالل قول أنس بن مدرك في قتله سليك بن السلكة‪:‬‬

‫كالثﱠ ِ‬
‫ور يُضْ ربُ لَ ّما عاف ِ‬
‫ت البقَ ُر)البسيط(‬ ‫إنّي َوقتلي ُسلَيكا ثُ ّم أَ ْعقل ُِ◌هُ‬

‫)‪(1141‬‬
‫)الطويل(‬ ‫ومنھا قول الھيبان الفھمي‪:‬‬

‫ت ال َما َء باق ُر‬ ‫وما ذنبُهُ ْ‬


‫أن عاف ِ‬ ‫ُرب اليعسوب ْ‬
‫أن عافَ باق ٌر‬ ‫كما ض َ‬

‫ويتعجب النابغة الجعدي من أن تلق ى علي ه جري رة‪ ،‬ل م يقترفھ ا‪ ،‬ويش به حال ه بح ال الث ور المظل وم‬
‫)‪(1142‬‬
‫)الوافر(‬ ‫يضرب؛ ألن البقر ال ترد الماء‪ ،‬فيقول‪:‬‬

‫َوتُو ِع دني ب ْقتل ي ِم ْن ُج ذام ؟‬ ‫أَتَ ْت ُر ُ‬


‫ك معش راً قتل وا ھُ ذيالً‬
‫)‪(1143‬‬
‫العيام‬
‫ِ‬ ‫وار ُد البقر‬
‫شرب ِ‬
‫َ‬ ‫لِيَ‬ ‫ك يُضْ َربُ الثو ُر ال ُمعنّى‬
‫كذل َ‬

‫فالشعراء يلتقون عند فكرة واحدة‪ ،‬ھي اس تغرابھم م ن ض رب الث ور‪ ،‬إذا امتنع ت البق ر ع ن ورود‬

‫الماء‪ ،‬على الرغم من أن الثور يرد الماء‪ ،‬ويختلفون في تفسيرھم لذلك‪ ،‬ولكن التعليل ال ذي أعتق ُد‬
‫أن ه يقت رب م ن الص واب‪ ،‬ھ و أن الع رب يعتق دون بحل ول أرواح ش ريرة ف ي الث ور‪ ،‬فك أن ھ ذا‬

‫الضرب الواقع على ظھر الثور‪ ،‬ھو بمثابة طرد لألرواح التي حل ت في ه‪ ،‬إال أن المتع ارف علي ه‪،‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،19/1 ،‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪ ،303/2 ،‬ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ ﺘﻔﺴﻴﺭ ﺃﺴﻁﻭﺭﻱ‪ ،‬ﺹ‪.124‬‬ ‫‪1138‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،19/1 ،‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪.303/2 ،‬‬ ‫‪1139‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪.18/1 ،‬‬ ‫‪1140‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،19/1 ،‬ﺍﻟﻤﺭﺯﺒﺎﻨﻲ‪ :‬ﻤﻌﺠﻡ ﺍﻟﺸﻌﺭﺍﺀ‪ ،‬ﺹ‪.417‬‬ ‫‪1141‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻨﺎﺒﻐﺔ ﺍﻟﺠﻌﺩﻱ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪ ،156-154‬ﺍﻟﺒﺤﺘﺭﻱ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻥ ﺍﻟﺤﻤﺎﺴﺔ‪ ،‬ﺹ‪.260‬‬ ‫‪1142‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻌﻨﱡﻰ‪ :‬ﺍﻟﺫﻱ ﻭﻗﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻷﺫﻯ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﻨﺎﺓ‪ .‬ﺍﻟﻌﻴﺎﻡ‪ :‬ﺍﻟﻌﻁﺎﺵ‪.‬‬ ‫‪1143‬‬

‫‪210‬‬
‫أن الض رب والك ي وإح داث األص وات كلھ ا أدوات‪ ،‬يس تعين بھ ا الع رب لط رد الش ياطين)‪،(1144‬‬

‫ويقترب من ذلك ما أورده الح وفي" زعم وا أن الج ن تص ّد البق ر ع ن الم اء‪ ،‬وأن الش يطان يرك ب‬

‫قرني الثور‪ ،‬فكأنھم بضرب الثور‪ ،‬يطردون الجن")‪.(1145‬‬

‫وال بد من اإلشارة‪ ،‬إلى ما يمتلكه الثور من ق وة خفي ة س حرية‪ ،‬يس تطيع بواس طتھا الت أثير‬

‫عل ى البق ر‪ ،‬ودفعھ ا إل ى الش راب‪ ،‬كم ا أن الش يطان ال ذي يح ل ف ي الث ور‪ ،‬يرم ز للفن اء وال دمار‪،‬‬
‫ويريد القض اء عل ى البق ر‪ ،‬ومنعھ ا م ن الش رب‪ ،‬وھ ي رم ز الخص وبة والحي اة‪ ،‬والث ور ھ و الق وة‬
‫)‪(1146‬‬
‫المقابلة للشيطان‪ ،‬فھو الحياة‪.‬‬

‫ويتفق ھذا مع ما ورد عن البابليين" أن العفاريت م ن الج ن‪ ،‬تھ وى االص طبالت الخاص ة‬
‫بالحيوانات‪ ،‬فتؤثر فيھا")‪ ،(1147‬واآلش وريين ال ذين اعتق دوا بحل ول أرواح ش ريرة ف ي البق ر؛ ل ذلك‬

‫اتخ ذوھا وس يلة لحراس ة قص ورھم‪ ،‬وأخ ذوا يلتمس ون عن دھا النص ر والحماي ة)‪ ،(1148‬وال ننس ى‬

‫الدور الذي قام به الثور في ملحمة جلجامش‪.‬‬

‫وقد تكون ھذه المعتقدات ھي التي دفعت الجاھليين إلى اس تخدام الث ور‪ ،‬والبق ر ف ي عملي ة‬

‫االستس قاء‪" ،‬فق د ك ان الع رب ف ي الجاھلي ة األول ى‪ ،‬إذا تتابع ت عل يھم األزم ات‪ ،‬واش تد الج دب‪،‬‬

‫واحتبس عنھم المطر‪ ،‬ويئسوا من نزوله‪ ،‬يجمع ون البق ر‪ ،‬ويعق دون ف ي أذنابھ ا‪ ،‬وعراقيبھ ا الس لع‬

‫والعشر‪ ،‬ويصعدون بھا في جبل وعر‪ ،‬ويشعلون بھا النار‪ ،‬ويزعمون أن ذلك م ن أس باب المط ر؛‬

‫ألنھم يعتقدون أن القوى الخفية الت ي ت تحكم ف ي س قوط المط ر؛ تس توطن الجب ال")‪ ،(1149‬ويؤمن ون‬

‫‪ -‬ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪ ،‬ﺹ ‪193،194‬‬ ‫‪1144‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺹ ‪406‬‬ ‫‪1145‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ ﺘﻔﺴﻴﺭ ﺃﺴﻁﻭﺭﻱ‪ ،‬ﺹ ‪ 123 ،120‬ﻭﻤﺎ ﺒﻌﺩﻫﺎ‪.‬‬ ‫‪1146‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪ ،‬ﺹ‪.193‬‬ ‫‪1147‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ ﺘﻔﺴﻴﺭ ﺃﺴﻁﻭﺭﻱ‪ ،‬ﺹ ‪73‬‬ ‫‪1148‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،466/4 ،‬ﺼﺒﺢ ﺍﻷﻋﺸﻰ ﻓﻲ ﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﻹﻨﺸﺎ‪ ،409/1 ،‬ﺍﻟﻤﺭﺯﻭﻗﻲ‪ ،‬ﺃﺒﻭ ﻋﻠﻲ‪ :‬ﻜﺘﺎﺏ ﺍﻷﺯﻤﻨﺔ ﻭﺍﻷﻤﻜﻨﺔ‪،‬‬ ‫‪1149‬‬

‫‪.124-123/2‬‬

‫‪211‬‬
‫بقدرتھا على االستجابة لدعواتھم واستغاثتھم‪ ،‬وبالتالي إنزال المطر‪ ،‬ويؤكد ذلك أما ذكرناه م ن أن‬

‫البقرة بدت شيطاناً‪ ،‬أخذت تھتف شياطين األصنام من داخله)‪.(1150‬‬

‫)‪(1151‬‬
‫)الخفيف(‬ ‫ويشير أمية بن أبي الصلت إلى ھذا المعنى‪ ،‬بقوله‪:‬‬

‫ص ريرا‬ ‫س تَ َرى لل َع َ‬
‫ض اه فيھ ا َ‬ ‫*س نَةٌ أزم ةٌ تُخيّ ُل بالنّ ا‬

‫ِد َمھازي َل خش يةً أن تَبُ ورا‬ ‫* َويَ ُس وقون بَ اق َر السّھ ـل للطّ و‬


‫ي َج‬ ‫ا تھ‬ ‫داً كيم‬ ‫ب ع ْم‬
‫ا ِ‬ ‫ن‬ ‫كر األَ ْذ‬
‫عاق دينَ الني رانَ ف ي ش ِ‬
‫)‪(1152‬‬
‫ورا‬ ‫الب ُح‬ ‫* َسلَ ٌع وما ِمثلــه ُع َشــ ٌر ما‬

‫ت الب ْيقُــورا‬
‫عائ ٌل مــا وعالَ ْ‬

‫)‪(1153‬‬
‫)البسيط(‬ ‫وقال الورل الطائي‪:‬‬

‫ت بالعُش ر‬
‫ي َستمطرونَ لدى األزم ا ِ‬ ‫ال د ﱠر درﱡ رج ال خ اب َس ْعيُھم‬

‫ذريعةً◌َ ل َ‬
‫ك بينَ ﷲِ وال َمطَــر‬ ‫أجاع ٌل أنتَ بيقُوراً مسلّعــةً‬

‫فكل من الشاعرين‪ ،‬يشير إلى دور البقر‪،‬وأثرھا في معتق دات الج اھليين وطقوس ھم‪ .‬وق د ذكرن ا أن‬

‫العرب الجاھليين اتخ ذوا الث ور تعوي ذة س حرية ف ي طق وس االستس قاء‪ ،‬فك انوا يحش ون جل د الث ور‬

‫بالب ذور الزراعي ة‪ ،‬ويحرق ون الجل د؛ ليت دفق من ه الح ب فيمط رون)‪ ،(1154‬وكان ت بع ض القبائ ل‬
‫تح رق مع دة أح د الثي ران عن د حل ول المس اء؛ ألن ال دخان األس ود يج ّم ع الس حب‪ ،‬ويس بب س قوط‬

‫المطر)‪ ،(1155‬ومما يؤكد ام تالك الث ور ق وة خاص ة‪ ،‬أنھ م ك انوا يعلق ون جمجم ة أح د الثي ران عل ى‬

‫مداخل بيوتھم أو الجدران المحيطة ببساتين النخي ل‪ ،‬لحمايتھ ا م ن الحس د‪ ،‬مم ا ي دلل عل ى عب ادتھم‬

‫‪ -‬ﻤﻭﺴﻭﻋﺔ ﺃﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻋﻥ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﻭﺩﻻﻻﺘﻬﺎ‪25/2 ،‬‬ ‫‪1150‬‬

‫‪ -‬ﺃﻤﻴﺔ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪ ،75-73‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪.467-466/4 ،‬‬ ‫‪1151‬‬

‫‪ -‬ﺸﻜﺭ ﺍﻷﺫﻨﺎﺏ‪ :‬ﺸﻌﺭ ﺍﻻﺫﻨﺎﺏ‪ ،‬ﺍﻟﻌﻀﺎﻩ‪ :‬ﻀﺭﺏ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﺠﺭ‪.‬‬ ‫‪1152‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،468 /4 ،‬ﺼﺒﺢ ﺍﻷﻋﺸﻰ‪.409/1 ،‬‬ ‫‪1153‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ ﺘﻔﺴﻴﺭ ﺃﺴﻁﻭﺭﻱ‪ ،‬ﺹ ‪122‬‬ ‫‪1154‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.122‬‬ ‫‪1155‬‬

‫‪212‬‬
‫لھا‪ ،‬واستخدامھا في السحر)‪ ،(1156‬وقد يكون تساقط البقر م ن أع الي الجب ال م ن التعاوي ذ الس حرية‬

‫الجاھلية المھمة في االستسقاء‪ ،‬وذلك ما كان يقوم به الشعراء والسحرة والمتنبئون)‪.(1157‬‬

‫وھذا ما أشار إليه بشر بن أبي خازم في شعره‪ ،‬حيث زعموا أنه خرج في سنة‪ ،‬أسنت فيھا قومه‪،‬‬

‫بصوار من البقر‪ ،‬وأجل من األروى‪ ،‬فذعرت منه‪ ،‬فركب جبالً وعراً‪ ،‬ليس له‬
‫ٍ‬ ‫وجھدوا‪ ،‬فمروا‬

‫منفذ‪ ،‬فلما نظر إليھا‪ ،‬قام على ِش ْع ِ‬


‫ب من الجبل‪ ،‬وأخرج قوسه‪ ،‬وجعل يشير إليھا‪ ،‬كأنه يرميھا‬
‫)مشطور الرجز(‬ ‫فجعلت تلقي نفسھا فتتكسر‪ (1158).‬وھو يقول‪:‬‬

‫تتابعي بقر‬ ‫تتابعي بقر‬

‫حتى تكس ْ‬
‫ّرت ثم قال‪:‬‬

‫أنت الذي تَصْ ن ُع ما لم يُصْ نَع‬

‫ى ُمقنﱠع‬
‫أنت حططتَ من ذر ً‬

‫)‪(1159‬‬
‫ب لَ ِھ ٍ‬
‫ق ُم َول ﱠع‬ ‫ك ﱠل ُشبُو ٍ‬

‫فھم يصعدون إلى الجبال؛ ك ي تس مع اآللھ ة ش كواھم وتض رعاتھم‪ .‬وأرى فيم ا أورده الن ويري م ا‬

‫يناسب ما ذھبنا إلي ه‪ ،‬فھ و يق ول إنھ م يخت ارون جھ ة الغ رب دون الجھ ات؛ ألن الس حب تث ور م ن‬

‫تل ك الجھ ة‪ ،‬ف إذا ل م تس تجب اآللھ ة لتوس التھم‪ ،‬أش علوا ب ين عراقيبھ ا الني ران‪ ،‬ك ي ت أتي ب المطر‬

‫فتطفئ النيران‪ ،‬ويذھب الجفاف والقحط‪ ،‬وإن لن تأت به‪ ،‬فھي تستحق ذلك المصير البشع)‪.(1160‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ ﺘﻔﺴﻴﺭ ﺃﺴﻁﻭﺭﻱ‪ ،‬ﺹ ‪122‬‬ ‫‪1156‬‬

‫‪ -‬ﺃﺒﻭ ﺴﻭﻴﻠﻡ‪ ،‬ﺃﻨﻭﺭ‪ :‬ﺍﻟﻤﻁﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺹ‪.160‬‬ ‫‪1157‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ ﺘﻔﺴﻴﺭ ﺃﺴﻁﻭﺭﻱ‪ ،‬ﺹ ‪123‬‬ ‫‪1158‬‬

‫‪ -‬ﺒﺸﺭ ﺒﻥ ﺃﺒﻲ ﺨﺎﺯﻡ ﺍﻷﺴﺩﻱ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺍﻟﻤﻠﺤﻕ‪ ،‬ﺹ‪.231‬‬ ‫‪1159‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ ﺘﻔﺴﻴﺭ ﺃﺴﻁﻭﺭﻱ‪ ،‬ﺹ ‪123‬‬ ‫‪1160‬‬

‫‪213‬‬
‫الفصل الخامس‬

‫الجن والطبيعة في الشعر الجاھلي‬

‫المبحث األول‪ :‬الجن والصحاري‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الجن والشجر‬

‫المبحث الثالث‪ :‬الجن والجبال‬

‫الميحث الرابع‪ :‬الجن واآلبار واألودية‬

‫‪214‬‬
‫المبحث األول‬

‫الجن والصحاري‬

‫ع اش العرب ي ف ي جزي رة واس عة‪ ،‬تختل ف علي ه الرم ال واألن واء‪ ،‬وتش تد علي ه الطبيع ة‪،‬‬

‫فينتق ل ف ي س بيل الع يش‪ ،‬يض رب ف ي األرض وراء اللقم ة‪ ،‬فيجت از مس افات كبي رة‪ ،‬ويخت رق‬

‫ص حاري شاس عة‪ ،‬كأن ه ف ي رك ب الحي اة عل ى س فينة‪ ،‬تتقاذفھ ا األم واج‪ ،‬تعل و ب ه وتھ بط‪ ،‬فيلق ى‬
‫مص اعبھا ومتاعبھ ا‪ ،‬إل ى أن يرس و ب ه الق در عن د مرف أ‪ ،‬يح ط ب ه رحال ه‪ ،‬وف ي أثن اء ذل ك‪ ،‬وح ين‬

‫يستبد به التعب‪ ،‬كما يستبد برفاقه‪ ،‬ويملﱡ الجمي ع الك الم‪ ،‬ول م يع د يس مع ص وتا ً وال حرك ة‪ ،‬عن دھا‬
‫يبني اإلنسان صوراً اعتاد على مسخھا‪ ،‬وتشويھھا‪ ،‬صوراً من ش ظايا م ا س مع‪ ،‬وآم ن ب ه‪ ،‬ص وراً‬

‫مخيف ة مھول ة‪ ،‬ث م يس مع نعي ب ب وم‪ ،‬أو ص دى الري اح‪ ،‬ت ردده األص داء غامض اً‪ ،‬فيخي ل إلي ه أن‬

‫صورة الخيال قد تجسدت‪ ،‬وأن األطياف راحت تھاجمه‪ ،‬وأن الج ن تلح ق ب ه؛ لتؤذي ه عل ى غ زوه‬

‫أرض ھا‪ ،‬فق د اعت اد أن يص ف ك ل خ رق ومھم ة‪ ،‬ال يص ل إليھ ا موطن ا ً للج ن؛ ألنھ ا تص لح ل ذلك؛‬
‫)‪(1161‬‬
‫نتيجة لطبيعة سطحھا‪ ،‬وما يحيط بھا‪ ،‬ويشرف عليھا من صخور‪ ،‬وآكام وجبال أو وديان‪.‬‬

‫فارتبط اس مھا بعزي ف الج ن‪ ،‬واعتق د الج اھلي أنھ ا س بقته إليھ ا؛ فس كنتھا من ذ عھ ود س حيقة‪ ،‬فھ ذا‬
‫)‪(1162‬‬
‫طرفة بن العبد‪ ،‬يقول‪:‬‬

‫قَ ْب َل ھَذا الجي ِل‪ِ ،‬م ْن َع ْھ ِد أَب ْد )الرمل(‬ ‫الج ﱡن ِبه‬


‫ف ِ‬ ‫ْز ُ‬ ‫َو َر ُك َو ٍ‬
‫ب‪ ،‬تَع ِ‬

‫فھ و ي ذكر طريق ا مجھول ة‪ ،‬س يطرت الج ن عليھ ا‪ ،‬من ذ أق دم األزمن ة‪ ،‬مم ا يع زز مقول ة أن الج ن‬
‫س كنوا األرض‪ ،‬قب ل أن يس كنھا اإلن س‪ ،‬وأنھ ا ت ألف القف ار‪ ،‬والمواض ع الموحش ة الت ي ال يعرفھ ا‬
‫أح د‪ ،‬إال ن ادراً‪ ،‬ويؤك د اعتق ادات الع رب قب ل اإلس الم أن الج ن تس كن المواض ع الت ي تص يبھا‬
‫الكوارث بعد ھالك أصحابھا‪ ،‬وھذا ما نج ده عن د العب رانيين وغي رھم )‪ ،(1163‬ويؤك د ھ ذا م ا ورد‪،‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻀﻨﺎﻭﻱ‪ ،‬ﺴﻌﺩﻱ‪:‬ﺃﺜﺭ ﺍﻟﺼﺤﺭﺍﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪-‬ﻁ‪ -1‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻨﻲ ﻟﻠﻁﺒﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻨﺸﺭ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪1993 ،‬ﻡ‪،‬‬ ‫‪1161‬‬

‫ﺹ ‪.191-190‬‬
‫‪ -‬ﻁﺭﻓﺔ ﺒﻥ ﺍﻟﻌﺒﺩ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺼﺎﺩﺭ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪ ،‬ﺹ‪42‬‬ ‫‪1162‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪.719/6 ،‬‬ ‫‪1163‬‬

‫‪215‬‬
‫م ن أن الج ن عن دما حش رت لس ليمان‪ ،‬خرج ت م ن اآلك ام والقف ار والجب ال )‪،(1164‬ويجس د ھ ذا م ا‬
‫وجدناه في أشعار الجاھليين‪ ،‬فالنابغ ة الش يباني ي رى ف ي الص حاري مج االً م ن التي ه البعي د‪ ،‬ال ذي‬
‫)الخفيف(‬ ‫)‪(1165‬‬
‫ّ‬
‫الجن‪ ،‬ويقول‪:‬‬ ‫يحا ُر به الركب‪َ ،‬ويُعاني من أھواله؛ ألنه ال يقطنھا إالّ‬
‫األھوال‬
‫ِ‬ ‫بُ تنُ ٍ‬
‫وف كثير ِة‬ ‫َح ْوم ٍة ِ◌ َسرْ بَ ٍ‬
‫خ يَحا ُر بھا الرّكـ‬

‫ب ذي األَ ْميَا ِل‬


‫ُن َو ْعق ُد ال َكثي ِ‬ ‫ْت َمجھُولَھا‪ ،‬وأَرْ ٍ‬
‫ض بھا ال ِج ْن‬ ‫ُجب ُ‬

‫)‪(1166‬‬
‫)الكامل(‬ ‫ويؤكد ھذا المعنى وصفه لھا‪:‬‬

‫تزقو وغرّد بَع َد بُوْ ٍم ھا ُمھا‬ ‫واجتبت تِيْھا ً َما تَني أَصْ دَا ُؤه‬
‫ُ‬

‫ضلّةُ ال تُ َرى أ ْعالَ ُمھا‪.‬‬


‫َو ِھي ال َم َ‬ ‫عذرا ُء ال إنسٌ وال ِج ﱞن بِھا‬

‫فالشاعر يعتبر الصحراء عذراء‪ ،‬لم يعبرھا أح ٌد قبل ه‪ ،‬تقت َل الس الكين فيھ ا؛ الختف اء معالمھ ا‪ ،‬وف ي‬

‫تلك القفار‪ ،‬تتن ادى الج ن ل يالً‪ ،‬ويُ ْس َمع لھ ا عزي ف رھي ب‪ ،‬يت ردد عل ى الرم ال‪ ،‬ويغ وص ف ي ك ل‬
‫)‪(1167‬‬
‫جوف سحيق من األرض‪ ،‬فھذا المتن ِخل بن عويمر الھذلي‪ ،‬يقول‪:‬‬

‫)الوافر(‬ ‫)‪(1168‬‬
‫انخراط‬
‫ِ‬ ‫وف‪ ،‬أَغبَ َر ذي‬
‫بَ ِعي ِد ال َج ِ‬ ‫الجنﱠ ُ‬
‫ان فيه‪،‬‬ ‫ف ِ‬ ‫َعز ُ‬
‫قت ِ‬‫َوخَر ٍ‬

‫)الكامل(‬ ‫و يتضح ذلك من قول أسماء بن خارجة)‪:(1169‬‬

‫)‪(1170‬‬
‫نَــا ِبي الصﱡ َوى ُمتَ َما ِح ٍل َس ْھ ِ‬
‫ب‬ ‫أنيس بِـه‬
‫َ‬ ‫بَل رُبﱠ خَرْ ٍ‬
‫ق ال‬

‫ِمن ھَو ِل َمـا يَ ْلقَى ِمن الرﱡ ْع ِ‬


‫ب‬ ‫يَن َسى ال ﱠدلي ُل ِبه ِھدَايـَـتَهُ‬

‫ـان َع َز ْفنَ لل ﱠشرْ ِ‬


‫)‪(1171‬‬
‫ب‬ ‫ص ْد َح القِيَ ِ‬
‫َ‬ ‫َوبِه الصﱠدى وال َع ْز ُ‬
‫ف تَحْ ِسبُه‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻘﺭﻭﻴﻨﻰ‪:‬ﻋﺠﺎﺌﺏ ﺍﻟﻤﺨﻠﻭﻗﺎﺕ ﻭﻏﺭﺍﺌﺏ ﺍﻟﻤﻭﺠﻭﺩﺍﺕ‪ ،‬ﺹ‪.393‬‬ ‫‪1164‬‬

‫‪ -‬ﻨﺎﺒﻐﺔ ﺒﻨﻲ ﺸﻴﺒﺎﻥ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.154‬‬ ‫‪1165‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.167‬‬ ‫‪1166‬‬

‫‪-‬ﺠﻤﻬﺭﺓ ﺃﺸﻌﺎﺭ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﺹ ‪217‬‬ ‫‪1167‬‬

‫‪ -‬ﺃﻏﺒﺭ‪ :‬ﻤﻜﻔﻬﺭ‪ ،‬ﺍﻻﻨﺨﺭﺍﻁ‪ :‬ﺍﻟﻁﻭل‪.‬‬ ‫‪1168‬‬

‫‪-‬ﺍﻷﺼﻤﻌﻴﺎﺕ‪ ،‬ﺹ ‪50-49‬‬ ‫‪1169‬‬

‫ل ﺒﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻁﺭﻴﻕ‪ ،‬ﻭﺍﺤﺩﺘﻬﺎ "ﺼﻭﺓ"‪ .‬ﻤﺘﻤﺎﺤل‪ :‬ﺒﻌﻴﺩ ﻤﺎﺒﻴﻥ‬


‫‪-‬ﺍﻟﺼﱠﻭﻯ‪ :‬ﺃﻋﻼﻡ ﻤﻥ ﺤﺠﺎﺭﺓ ﻤﻨﺼﻭﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻴﺎﻓﻲ‪ ،‬ﻴﺴﺘﺩ ﱡ‬ ‫‪1170‬‬

‫ﺴﻬْﺏ‪ :‬ﻤﺎ ﺒﻌﺩ ﻤﻥ ﺍﻻﺭﺽ ﻭﺍﺴﺘﻭﻯ‪.‬‬


‫ﺍﻟﻁﺭﻓﻴﻥ‪ .‬ﻨﺒﻭﻫﺎ‪ :‬ﺍﺭﺘﻔﺎﻋﻬﺎ‪ .‬ﺍﻟ َ‬

‫‪216‬‬
‫في ظُ ْل َم ٍة بِ َسـوا ِھ ٍم حُـــ ْد ِ‬ ‫يـل أَ ِ‬
‫عسـفُـهُ‬ ‫َكابَ ْدتُـهُ باللﱠ ِ‬
‫)‪(1172‬‬
‫ب‬

‫ويصور الشاعر ما يحس به في الصحراء من الضالل والضياع‪ ،‬كما يصور الھلع ال ذي ي دبﱡ ف ي‬
‫)‪(1173‬‬
‫)البسيط(‬ ‫نفسه‪ ،‬ويكرر كعب بن زھير ذلك المعنى‪ ،‬بقوله‪:‬‬

‫ف ِ◌ ِم ْن ِجنﱠانِھا َعزَفا‬
‫اربُ ال ﱡد ﱠ‬
‫ض ِ‬‫ما َ‬ ‫ْت و َم ْوما ٍة َس َري ُ‬
‫ْت إذا‬ ‫يوما ً قَ َ‬
‫طع ُ‬

‫)‪(1174‬‬
‫ويقول أيضا‪:‬‬
‫)الكامل(‬

‫ف ِج ﱡنھا ِم ْذ َك ِ‬
‫)‪(1175‬‬
‫ار‬ ‫َعز ُ‬
‫غَب َرا َء ت ِ‬ ‫مت أنّي ُمصْ ب ٌح بِ َم ِ‬
‫ضي َع ٍة‬ ‫َو َعلِ ُ‬

‫ويشير حسان بن ثابت إلى فالة‪ ،‬تغدو وتروح فيھا الجن‪ ،‬حتى أصبح لھا فيھا أثار‪ ،‬وذلك‬
‫)‪(1176‬‬
‫بقوله‬

‫)الخفيف(‬ ‫)‪(1177‬‬
‫صار ُم الحدي ِد إبَاطي‬
‫ِ‬ ‫َو َمعي‬ ‫ق أَ َج ْز ُ‬
‫ت َم ْعلَبةَ ِ‬
‫الج ﱠن‬ ‫رُبﱠ خَرْ ٍ‬

‫وھذا أمية بن أبي عائد‪ ،‬يجعل الصحراء‪ ،‬بما فيھا من مخاوف‪ ،‬تزيد من قوة الجن‪ ،‬وتحولھا إلى‬
‫)‪(1178‬‬
‫غول مخيفة‪ ،‬بقوله‪:‬‬

‫)المتقارب(‬ ‫ال‬ ‫وأحرابُ طَ ْو ٍد رفي ُع ِ‬


‫الجبَ ِ‬ ‫صحاري تَغ ﱠو ُل ِجنﱠانﱡھا‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺼّﺩﻯ‪ :‬ﺍﻟﻬﺎﻤﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺯﻑ‪:‬ﺼﻭﺕ ﺍﻟﺠﻥ‪ ،‬ﻭﻫﻭ ﺼﻭﺕ ﺍﻟﺭﻴﺎﺡ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻭ‪ ،‬ﻓﺘﻭﻫّﻤﻪ ﺃﻫل ﺍﻟﺒﺎﺩﻴﺔ ﺼﻭﺕ ﺍﻟﺠﻥ‪.‬‬ ‫‪1171‬‬

‫ﺤﺩﺏ‪ :‬ﺠﻤﻊ ﺤﺩﺒﺎﺀ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺒﺩﺕ ﻤﺭﺍﻓﻘﻬﺎ ﻭﻋﻅﻡ ﻅﻬﺭﻫﺎ‪.‬‬


‫‪-‬ﺍﻟ ُ‬ ‫‪1172‬‬

‫‪ -‬ﻜﻌﺏ ﺒﻥ ﺯﻫﻴﺭ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻥﻩ‪ ،‬ﺹ‪.47‬‬ ‫‪1173‬‬

‫‪-‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.22‬‬ ‫‪1174‬‬

‫ﻻ ﺍﻟﺫﻜﻭﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺭﺠﺎل‪ ،‬ﻏﺒﺭﺍﺀ‪ :‬ﻋﻠﺘﻬﺎ‬


‫‪-‬ﺍﻟﻤﻀﻴﻌﺔ‪ :‬ﺍﻟﻘﻔﺭ ﺍﻟﺨﺎﻟﻲ‪ ،‬ﺍﻟﻤﺫﻜﺎﺭ‪ :‬ﺫﺍﺕ ﻫﻭل ﻭﻓﺯﻉ‪ ،‬ﻭﻗﻴل‪ :‬ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻴﺴﻠﻜﻬﺎ ﺍ ﹼ‬ ‫‪1175‬‬

‫ﻫﺒﻭﺓ ﻤﻥ ﺠﺩﻭﺒﻬﺎ‪ ،‬ﻭﻗﻠﺔ ﺨﻴﺭﺍﺘﻬﺎ‪.‬‬


‫‪ -‬ﺤﺴﺎﻥ ﺒﻥ ﺜﺎﺒﺕ‪ :‬ﺸﺭﺡ ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.181‬‬ ‫‪1176‬‬

‫ﺴﹶﻠﻜﹾ ﹸﺘﻪ‪ ،‬ﺘﺄﺒﱠﻁﺔ‪ :‬ﺍﺤﺘﻀﻨﻪ‪.‬‬


‫‪ -‬ﻁﺭﻴﻕ ﻤﻠﻌﻭﺏ‪ :‬ﺃﻱ ﻤﻁﺭﻭﻕ‪ ،‬ﺼﺎﺭﻡ ﺍﻟﺤﺩﻴﺩ‪ :‬ﺴﻴﻔﻪ؛ ﺃﺠﺯﺕ‪َ :‬‬ ‫‪1177‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻬﺫﻟﻴﻭﻥ‪ :‬ﺍﻟﺩﻴﻭﺍﻥ‪.173/2 ،‬‬ ‫‪1178‬‬

‫‪217‬‬
‫ويرسم بشر بن أبي خازم لوح ة للص حراء‪ ،‬وق د جمع ت ف ي ثناياھ ا الجن ان ومطاياھ ا الظب اء‪ ،‬ف ي‬
‫وقت الظھيرة‪ ،‬إذ ترسل الشمس لھبھا وش واظھا‪ ،‬عل ى الرم ال الص فراء‪ ،‬فتك اد تنقل ب حباتھ ا إل ى‬
‫جمرات‪ ،‬ھذه األرض ال يؤنس بھا‪ ،‬إالّ لعزيف الجن‪ ،‬ويا له من ونس موحش‪ ،‬فيقول)‪:(1179‬‬

‫)‪(1180‬‬
‫)الوافر(‬ ‫فَيَافِي ِه تَطي ُر بِھا السﱠھام‬ ‫الجنﱠ ُ‬
‫ان فيه‬ ‫ف ِ‬ ‫ْز ُ‬
‫ق تَع ِ‬
‫َوخَرْ ٍ‬

‫إِذا ا ﱠد َرع ْ‬
‫َت لَوا ِم َعھَا اإل َكا ُم‬ ‫َذع ُ‬
‫َرت ِظبا َءه ُمتَ َغ ِورّا ٍ‬
‫ت‬

‫ويوغل األعشى في تصوير رھبة البادية‪ ،‬التي تنبعث في أرجائھا صيحات الجن المختلفة‪،‬‬
‫)‪(1181‬‬
‫)المتقارب(‬ ‫فيقول‪:‬‬

‫)‪(1182‬‬
‫َمنَاھلُھَا آ ِجن ٌ‬
‫َات سُد ُم‬ ‫ف ِجنﱠانُھا‬
‫َعز ُ‬
‫َويَھما َء ت ِ‬

‫ويصف زھير بلدة نائية عن العمران‪ ،‬وقد توطنت الجن فيھا‪ ،‬فأصبحت تمتلئ بأصواتھم‪ ،‬وأخ ذت‬
‫)‪(1183‬‬
‫)المنُسْرح(‬ ‫الثعالب‪ ،‬تصرخ مذعورة منھا‪ ،‬بقوله‪:‬‬

‫َز َورا َء ُم ْغبﱠر ٍة جوانبُھا‬ ‫َوبَ ْلد ٍة ال تُرا ُم َخائِف ٍة‬

‫تَضْ بَ ُح ِم ْن َر ْھب ٍة ثَ َعالِبھُا‬ ‫تَ ْس َم ُع للِ ِج ﱠن ِ‬


‫عازفينَ ِبھا‬

‫)السريع(‬ ‫)‪(1184‬‬
‫وممن أشار إلى وجود الجن في القفار‪ ،‬ال ُمثقﱠب العبدي‪ ،‬وذلك بقوله‪:‬‬

‫)‪(1185‬‬
‫ھق القَ ْف َر ِة كالبُرْ ُج ِد‬
‫ُم ْنفَ ِ‬ ‫ف ِج ّن ّ◌انُهُ‬
‫ْز ُ‬
‫ب تَع ِ‬
‫في الح ٍ‬

‫)السريع(‬ ‫)‪(1186‬‬
‫ويشير أيضاً‪ ،‬إلى أنّه اجتاز بناقته موماة تعزف جنﱡھا‪ ،‬بقوله‪:‬‬

‫‪ -‬ﺒﺸﺭ ﺒﻥ ﺃﺒﻲ ﺨﺎﺯﻡ ﺍﻷﺴﺩﻱ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.204-203‬‬ ‫‪1179‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺴﱠﻬﺎﻡ‪ :‬ﻟﻌﺎﺏ ﺍﻟﺸﻤﺱ‪ ،‬ﺃﻱ ﺨﻴﻭﻁﻬﺎ‪.‬‬ ‫‪1180‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﻋﺸﻰ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ ‪197‬‬ ‫‪1181‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻴﻬﻤﺎﺀ‪ :‬ﺍﻟﻤﻔﺎﺯﺓ‪ ،‬ﺴُﺩﻡ‪ :‬ﻤﺘﻐﻴﺭﺓ‪ ،‬ﺍﻟﻁﺎﻤﺴﺔ ﻤﻌﺎﻟﻤﻬﺎ‪.‬‬ ‫‪1182‬‬

‫‪ -‬ﺯﻫﻴﺭ ﺒﻥ ﺃﺒﻲ ﺴﻠﻤﻰ‪ :‬ﺸﺭﺡ ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺼﻨﻌﺔ ﺍﻟﺸﻨﺘﻤﺭﻱ‪ ،‬ﺹ‪ ،213-212‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪.308/6 ،‬‬ ‫‪1183‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺜﻘﺏ ﺍﻟﻌﺒﺩﻱ‪ :‬ﺸﺭﺡ ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.29‬‬ ‫‪1184‬‬

‫ﺏ‪ :‬ﺍﻟﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﺒﻴّﻥ‪ ،‬ﻤﻨﻔﻬﻕ‪ :‬ﻭﺍﺴﻊ‪ ،‬ﺍﻟﺒُﺭﺠُﺩ‪ :‬ﻜﺴﺎﺀ ﻓﻴﻪ ﺨﻁﻭﻁ‪.‬‬


‫‪ -‬ﻻﺤ ﹺ‬ ‫‪1185‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺜﻘﺏ ﺍﻟﻌﺒﺩﻱ‪ :‬ﺸﺭﺡ ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪ ،33‬ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻭﺍﻟﺘﺒﻴﻴﻥ‪.128/1 ،‬‬ ‫‪1186‬‬

‫‪218‬‬
‫)‪(1187‬‬
‫فيھا َخنَ ِ‬
‫اطي ٌل ِمنَ الرﱡ ﱠو ِد‬ ‫ف جنﱠانُھا‬
‫ْز ُ‬
‫في بَلد ٍة تَع ِ‬

‫)الطويل(‬ ‫ويقول الحطيئة)‪:(1188‬‬


‫)‪(1189‬‬
‫ساري ال ﱠد ﱢو باللّي ِل يَ ْھتَدي‬
‫ِ‬ ‫َو َما كانَ‬ ‫َوأنﱠى ا ْھتَد ْ‬
‫َت‪ ،‬وال ﱠد ﱡو بَيْني َوبَ ْينَھا‬

‫فھو يشير إلى أرض ال ﱠدو التي ال َرجُل فيھا‪ ،‬وال شيء االّ الجنان‪ ،‬وال يمكن لإلنسان المارّ فيھا أن‬

‫يھتدي؛ ألنھا تدوي بمن صار فيھا؛ أي تذھب به‪.‬‬

‫فانعكست ھذه المعتقدات على تصرفاتھم‪ ،‬فكان البدوي يخاف أن يدوس أرضھا‪ ،‬دون معرفة من ه‪،‬‬

‫وإذن منھا‪ ،‬فإذا جاء موضعا ً عرف أنه موطن لھا‪ ،‬بدأ بالسالم على س يّد ذل ك المك ان‪ ،‬طالب ا ً اإلذن‬

‫ب المرور‪ ،‬أو الن زول ف ي ج واره‪ ،‬حت ى إذا س مع ص وتاً‪ ،‬أو رأى إش ارة‪ ،‬يفس رھا قب والً وترحيب اً‪،‬‬

‫ويطمئن ويرتاح‪ ،‬أما في الحاالت األخرى‪ ،‬فإنه يستشعر خوفا ً ال يوصف‪ ،‬ويتھيأ له س ماع ص وت‬

‫تطير نفسه ِمنه‪ ،‬ويخال الجن غضبى علي ه؛ ألن ه اق تحم ديارھ ا‪ ،‬وربّم ا لج أ إل ى طق وس وش عائر؛‬

‫لي ُْذھب ما في نفسه من الروع)‪ ،(1190‬ومن الطقوس التي سجلھا الشعراء‪ ،‬ما كان يمارس ھا الرج ل‪،‬‬
‫)‪(1191‬‬
‫إذا ضل في الصحراء‪ ،‬من ذلك ما قاله أحد األعراب‪:‬‬

‫َوتَرْ مي بِ ِرجْ لي نح َو كلﱢ َس ِ‬


‫بيل )الطويل(‬ ‫نون تَجُو ُل بِي‬ ‫ﱡ‬
‫والظ ُ‬ ‫قَلب ُ‬
‫ْت ثيابي‬

‫ت قَصْ داً لم يُصبْ بِد ِ‬ ‫َوأَ ْب َ‬ ‫فأليا ً بأل ًّ‬


‫ي ما َع َر ْف ُ‬
‫)‪(1192‬‬
‫َليل‬ ‫صرْ ُ‬ ‫ت َحلِيْلتَي‬

‫)الوافر(‬ ‫)‪(1193‬‬
‫وقول أبي العملّس الطائي‪:‬‬

‫ق بالِبَنَ ِ‬
‫ان على الِبَنا ِن‬ ‫أُ َ‬
‫صف ﱠ ُ‬ ‫فَلَو أَ ْب َ‬
‫صرْ تَني بِلَوى بِطَ ِ‬
‫ان‬

‫‪ -‬ﺇﺒل ﺨﻨﺎﻁﻴل‪ :‬ﻤﺘﻔﺭﻗﺔ‪ ،‬ﺍﻟﺭﻭﱠﺩ‪ :‬ﺍﻟﺩﻭﺍﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺭﻋﻰ‪.‬‬ ‫‪1187‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻁﻴﺌﺔ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺼﺎﺩﺭ‪ ،‬ﺹ ‪.47‬‬ ‫‪1188‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺩ ّﻭ‪ :‬ﺼﺤﺭﺍﺀ ﻤﻠﺴﺎﺀ ﻻ ﻋﻠﻡ ﻓﻴﻬﺎ‪ ،‬ﻭﻗﻴل ﺼﺤﺭﺍﺀ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺒﺼﺭﺓ ﻭﺍﻟﻴﻤﺎﻤﺔ‪.‬‬ ‫‪1189‬‬

‫‪ -‬ﺃﺜﺭ ﺍﻟﺼﺤﺭﺍﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺹ ‪192‬‬ ‫‪1190‬‬

‫‪ -‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪.316/2 ،‬‬ ‫‪1191‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻸﻯ ﻜﺎﻟﺴﻌﻰ‪ :‬ﺍﻹﺒﻁﺎﺀ ﻭﺍﻻﺤﺘﺒﺎﺱ ﻭﺍﻟﺠﻬﺩ ﻭﺍﻟﻤﺸﻘﺔ‪.‬‬ ‫‪1192‬‬

‫‪ -‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪.316/2 ،‬‬ ‫‪1193‬‬

‫‪219‬‬
‫َوأَصْ َر ُخ تارةً بِأَبي فُال ِن!‬ ‫فَأ َ ْقلِبُ تارةً خَوفا ً ِردائي‬

‫ان خالعةُ ال َعن ِ‬


‫َان!‬ ‫الجنﱠ ِ‬
‫منَ ِ‬ ‫لقلُتَ أبو ال ْع ِملَ ِ‬
‫س قَ ْد دَھاهُ‬

‫يتضح من ذلك أثر الجن في نفوس العرب‪ ،‬وأن معارضات الجن لألعراب تكثر في القفار والبي د‪،‬‬

‫فتحاك الخرافات المخيفة‪ ،‬واألساطير التي تحذر الناس من االقتراب منھا‪...‬‬

‫وقد يكثر الجن في بعض المناطق الصحراوية‪ ،‬من ذلك ما ورد ذكره ف ي الش عر الج اھلي‬
‫ع ن أرض إِص مت‪ ،‬وھ ي أرض يب دو م ن لفظھ ا أنھ ا بري ة؛ ب دليل ق ول الع رب ب وحش اص مت‪،‬‬

‫ولقيته بوحش أصمت‪ ،‬أي بمكان مقفر )‪ ،(1194‬وربما كانت تسمية ھذه الصحراء بھذا الفعل؛ للغلب ة‬

‫ولكثرة ما يق ول الرج ل لص احبه‪ ،‬إذا س لكھا‪ ،‬اص مت ل ئال تُ ْس مع‪ ،‬فتھل ك؛ إم ا لِ َش ّدة الخ وف؛ وإم ا‬
‫)‪(1195‬‬
‫إلثارة الجن‪ ،‬يقول أحد الشعراء ذاكراً تلك الصحراء‪:‬‬
‫ش أصْ ْ‬
‫مت ف ي أصْ البِھا‬ ‫بِ َوحْ ِ‬ ‫أَ َشلى ُسلُ ِوقﱠي ٍة بات ْ‬
‫َت َوباتَ لھا‬ ‫)البسيط(‬

‫أَ َو ُد‬

‫ويبدو البدي موضعا ً تنسب إليه كثرة الجنان‪ ،‬إذ يقال‪ :‬ﱡ‬
‫جن البديﱠ‪ ،‬كما يقال‪ :‬جن ذي شمار‪ ،‬وغ ول‬
‫)‪(1196‬‬
‫القفرة‪ ،‬وغول الربضات‪...‬وكلھا أماكن تسكنھا الجان وتسمى باسمھا‬

‫ويرثي أعشى باھل ة أخ اه المنتش ر‪ ،‬ويص فه ب الجرأة م ن خ الل اقتحام ه‪ ،‬وس يره ف ي البي د الت ي ل م‬
‫)‪(1197‬‬
‫)البسيط(‬ ‫تطأھا قدم‪ ،‬فال أثر فيھا لغير الجن‪ ،‬فيقول‪:‬‬

‫)‪(1198‬‬
‫َوالَ يَ ِحسﱡ ‪ ،‬خَال الخَافي بھا أثر‬ ‫شي بَبيْدا َء ال يَ ْم ِشي بِھا أَ َح ٌد‬
‫يَ ْم ِ‬

‫يؤكد قول الشاعر تواجد الجن في األماكن الخالية الموحشة المقفرة‪ ،‬ويبدو أنه يعبر ع ن ذل ك‪ ،‬م ن‬

‫خ الل تعبي ره ع ن قض اياه وأحاسيس ه‪ ،‬ومواقف ه م ن الحي اة والن اس‪ ،‬فھ و يعك س رؤيت ه للواق ع‪،‬‬

‫ويصور ناقته‪ ،‬وسرعتھا التي ينفذ م ن خاللھ ا إل ى تجس يد قدرت ه‪ ،‬ونش اطه‪ ،‬وجرأت ه عل ى اجتي از‬

‫‪ -‬ﻤﻌﺠﻡ ﺍﻟﺒﻠﺩﺍﻥ‪.357/5 ،‬‬ ‫‪1194‬‬

‫‪-‬ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﻤﺎﺩﺓ "ﺼﻤﺕ"‪.‬‬ ‫‪1195‬‬

‫‪-‬ﺃﺩﻴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ)ﻭﻭﺠﻬﻬﺎ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻱ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ(‪ ،‬ﺹ‪.355‬‬ ‫‪1196‬‬

‫‪-‬ﺠﻤﻬﺭﺓ ﺃﺸﻌﺎﺭ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﺹ‪ ،255‬ﺍﻷﺼﻤﻌﻴﺎﺕ‪ ،‬ﺹ‪.90‬‬ ‫‪1197‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺨﺎﻓﻲ‪ :‬ﺍﻟﺠﻨﹼﻲ‪.‬‬ ‫‪1198‬‬

‫‪220‬‬
‫ي )‪،(1199‬كما ذكر النابغة الذبياني ج ن البق ار‬
‫تلك المناطق المھلكة والمفزعة‪ ،‬وقد ذكر لبيد جن البد ﱢ‬
‫)‪(1200‬‬
‫)الكامل(‬ ‫بقوله‪:‬‬

‫ﱠنور جنّةُ البقﱠ ِ‬


‫)‪(1201‬‬
‫ار‬ ‫تحت الس ِ‬ ‫صدإ الحديد كأنﱠھم‬
‫َسھَ ِكينَ من َ‬

‫)الوافر(‬ ‫كما ذكر ذلك عمرو بن معد يكرب‪ ،‬بقوله)‪:(1202‬‬

‫)‪(1203‬‬
‫الجنﱠا ِن َسرْ بخ ُ‬
‫َ◌ـھُا ملَيع‬ ‫من ِ‬ ‫وأرض قَ ْد قَطَع ُ‬
‫ْت‪ ،‬بِھَا الھَواھى‬ ‫ٍ‬

‫كأن عظا َمھا الر ّْخ ُم ال ُوقُو ُ‬


‫ع‬ ‫ّ‬ ‫ي بِ َحاف ْتيـــ ِه‬
‫تَ َرى ِجيفَ ال َمط ﱠ‬

‫فتبدو ھذه القفرة‪ ،‬لخلوھا من البشر مأھولة بالجن‪ ،‬فال يسمع بھا إالّ عزيفھا‪ .‬ويتماث ل ھ ذا م ع ق ول‬

‫كع ب ب ن زھي ر‪ ،‬ال ذي يجع ل الص حاري َمس رحا ً للج ن وال ذئاب؛ وم ا ذاك إالّ ليفتخ ر بش جاعته‬
‫)‪(1204‬‬
‫)الطويل(‬ ‫وناقته‪ ،‬التي استطاعت أن تخترقھا‪ ،‬فيقول‪:‬‬

‫يَعُضﱡ ونَ ِم ْن أَ◌َ ْھوالِ ِه باألنامل‬ ‫خاف ال ّر ْكبُ أَ ْن يُ ْدلجُوا به‬


‫ق يَ ُ‬
‫َوخَرْ ٍ‬

‫)‪(1205‬‬
‫باز ِل‬ ‫ب ِ◌فَ ْتال ِء ّ‬
‫الذرا َعي ِْن ِ‬ ‫ط ُ‬
‫عت ِ‬ ‫قَ ْ‬ ‫الجنﱠ ُ‬
‫ان تَعْوي ِذئابُهُ‬ ‫َم ُخ ٍ‬
‫وف بِ ِه ِ‬

‫ويبالغ نابغة بني شيبان‪ ،‬في تصوير األثر الذي تركته رؤية الجن‪ ،‬ف ي األم اكن المقف رة ف ي نفس ه‪،‬‬
‫)‪(1206‬‬
‫)البسيط(‬ ‫ويقول‪:‬‬

‫)‪(1207‬‬
‫يَكا ُد يَشــ ِمطُ ِم ْن أَ ْھوا ِلھا الرﱠج ُل‬ ‫َو ْبلد ٍة ُم ْقفـ ِ َر ٍة أَصـوا ُء ِ‬
‫الحبھا‬

‫‪ -‬ﻴﻨﻅﺭ‪ ،‬ﻟﺒﻴﺩ ﺒﻥ ﺭﺒﻴﻌﺔ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.234‬‬ ‫‪1199‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻨﺎﺒﻐﺔ ﺍﻟﺫﺒﻴﺎﻨﻲ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.104‬‬ ‫‪1200‬‬

‫‪ -‬ﺴَﻬﻜﻴﻥ‪ :‬ﺭﺍﺌﺤﺔ ﻜﺭﻴﻬﺔ ﻤﻥ ﺤﻤل ﺍﻷﺴﻠﺤﺔ‪ ،‬ﺍﻟﺴﻨﹼﻭﺭ‪ :‬ﺍﻷﺴﻠﺤﺔ‪.‬‬ ‫‪1201‬‬

‫‪-‬ﺍﻷﺼﻤﻌﻴﺎﺕ‪ ،‬ﺹ‪176‬‬ ‫‪1202‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻬﻭﺍﻫﻰ‪ :‬ﻀﻭﻀﺎﺓ ﺍﻟﺠﻥ‪ ،‬ﻤﻔﺭﺩﻫﺎ )ﻫﻭﻫﺎﺓ(‪ ،‬ﺍﻟﺴﺭﺒﺦ‪ :‬ﻤﺎ ﺒﻴﻨﻬﺎ ﻭﺒﻴﻥ ﺃﺭﺽ ﺃﺨﺭﻯ‪ ،‬ﺍﻟﻤﻠﻴﻊ‪ :‬ﺍﻟﻭﺍﺴﻊ ﻤﻥ ﺍﻷﺭﺽ‪.‬‬ ‫‪1203‬‬

‫‪ -‬ﻜﻌﺏ ﺒﻥ ﺯﻫﻴﺭ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.76‬‬ ‫‪1204‬‬

‫‪ -‬ﺒﺎﺯل‪ :‬ﺍﻟﺒﻌﻴﺭ ﺇﺫﺍ ﺍﺴﺘﻜﻤل ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺜﺎﻤﻨﺔ ﻭﻓﻁﺭ ﻨﺎﺒﻪ‪ ،‬ﺍﻟﻔﺘﻼﺀ‪ :‬ﺍﻟﻨﺎﻗﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻤﺎل ﺫﺭﺍﻋﺎﻫﺎ ﻋﻥ ﺯﻭﺭﻫﺎ ﻭﻫﻭ ﺃﻜﺭﻡ ﻟﻬﺎ‪.‬‬ ‫‪1205‬‬

‫‪-‬ﻨﺎﺒﻐﺔ ﺒﻨﻲ ﺸﻴﺒﺎﻥ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ ‪144‬‬ ‫‪1206‬‬

‫ل ﺒﻬﺎ‪ ،‬ﺍﻟﻼﺤﺏ‪ :‬ﺍﻟﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﻭﺍﻀﺢ‪ ،‬ﻴﺸﻤﻁ‪ :‬ﻴﺸﻴﺏ ﺸﻌﺭﻩ‪ ،‬ﻓﻴﻐﺩﻭ ﺃﺸﻤﻁ‪.‬‬


‫‪ -‬ﺃﺼﻭﺍﺀ‪ :‬ﺍﻟﻌﻼﻤﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻁﺭﻴﻕ ﻴﺴﺘﺩ ﱡ‬ ‫‪1207‬‬

‫‪221‬‬
‫وقد َع َراني ِم ْن َْل ِ‬
‫)‪(1208‬‬
‫ون ال ﱡدجى طَفَ ُل‬ ‫معت ِم ْنھا عزيفَ ِ‬
‫الج ﱠن سا ِكن ِھا‬ ‫َس ُ‬

‫فقد اصفر وجھه‪ ،‬وكلح لونه‪ ،‬عندما سمع عزيف الجن‪ ،‬ودويھا وقت الغروب‪ .‬وتتضح العالقة‬
‫)‪(1209‬‬
‫)البسيط(‬ ‫بين الجن والفيافي‪ ،‬من خالل قصة عبيد بن األبرص والشجاع‪ ،‬إذ يقول‪:‬‬

‫ب البَ ْك ِر قَد أنقذتَ من بَلَ ٍد يحا ُر في حافتَيْھا ال ُمدلِ ُج الھادي‬


‫اح َ‬
‫ص ِ‬‫يا َ‬

‫فقد جعل الصحراء سببا ً للضالل‪ ،‬والبع د ع ن الھداي ة؛ لم ا فيھ ا م ن الج ن‪ .‬وال ننس ى خب ر جماع ة‬

‫أمية بن أبي الصلت‪ ،‬وما فعلته بھم المرأة الجنية‪ ،‬التي كانت تقيم في األودية والقفار)‪.(1210‬‬

‫وفي ھذا المجال ال بد من الحديث عن أرض وبار التي جعلوھا مثالً في الض الل‪ ،‬يتح دثون عنھ ا‪،‬‬
‫كم ا يتح دثون ع ن ال ّدھناء‪ ،‬وال د ّو‪ ،‬والص ّماء‪ ،‬ورم ل يب رين)‪ ،(1211‬ويؤك د األعش ى ذل ك‪ ،‬معتبَ راً‬
‫)‪(1212‬‬
‫)المنسرح(‬ ‫أرض وبار مثالً في بٌعد االھتداء والضالل‪ ،‬فيقول‪:‬‬

‫أودَى بَھا اللّي ُل والنھا ُر‪.‬‬


‫ْ‬ ‫ألم تَروا إ َرما ً وعاداً‪،‬‬

‫طسْما ً َول ْم ي ِ‬
‫ُنجھا ال َح َذا ُر‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َوقَ ْبلَھ ُم غا َ ْ‬
‫لت المنايا‬

‫فَھَلَ َك ْ‬
‫ت جھَرةً َوبا ُر‪.‬‬ ‫َو َم ّر َح ﱞد على َوبار‬

‫)‪(1213‬‬
‫)الطويل(‬ ‫ُوينَ ِشد شا ِع ُر آخر في ذلك‪:‬‬

‫َرجاء القِ َرى يا ُم ْسلِم بَنَ ِح َمار‬ ‫وداع دَعا والﱠلي ُل ُمرْ ٍ‬
‫خ سُدولهُ‬ ‫ٍ‬

‫ِمن اللﱡ ْؤم حتّى يُھتدي لوبــار‪.‬‬ ‫دَعا ُج ْعالً ال يَھْتدَي لِمقِ ْيلَ ٍة‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻁﻔل‪ :‬ﺼﻔﺭﺓ ﺍﻷﻓﻕ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﻐﺭﻭﺏ‪.‬‬ ‫‪1208‬‬

‫‪-‬ﺠﻤﻬﺭﺓ ﺃﺸﻌﺎﺭ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﺹ‪.50‬‬ ‫‪1209‬‬

‫‪ -‬ﻤﺭﻭﺝ ﺍﻟﺫﻫﺏ‪.141/2 ،‬‬ ‫‪1210‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪.216/6 ،‬‬ ‫‪1211‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﻋﺸﻰ‪ ،‬ﺩﻴﻭﺍﻥﻩ‪ ،‬ﺹ‪.71‬‬ ‫‪1212‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،216/6 ،‬ﻤﺭﻭﺝ ﺍﻟﺫﻫﺏ‪)،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺏ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ(‪.154-153/2 ،‬‬ ‫‪1213‬‬

‫‪222‬‬
‫وقالوا "وبار أرض‪ ،‬كانت فحال عا ٍد تس كنھا ب ين ال يمن ورم ال يب رين‪ ،‬فلم ا ھلك ت ع اد‪،‬‬
‫أورث ﷲ ديارھم الجن‪ ،‬فال يتقاربھا أح ُد م ن الن اس‪ ،‬وأنش د "مث ل م ا ك ان بَ د ُء أھ ِل وب ار")‪،(1214‬‬
‫وقيل "إنھا بلدة يسكنھا النسناس")‪ ،(1215‬وتؤكد الروايات القديمة ذلك بقولھا "إ ّن وبار أقف رت‪ ،‬ول م‬
‫يَعُد فيھا إالّ اإلبل الوحشية التي ضربت فيھا فح ول الج ن‪ ،‬كالعماني ة والعس جدية")‪ ،(1216‬وق د ج اء‬
‫ف ي األمث ال م ا يؤك د ك ون وب ار أرض الج ن‪،‬إذ يق ال )أھ دى م ن ُدعيم يص الرم ل( وال دعيميص‬
‫دويبة صغيرة‪ ،‬س مي بھ ا عب ٌد أس ود ك ان خريت اً‪ ،‬ي زعم أن ه ل م ي دخل أرض وب ار غي ره‪ ،‬فق ام ف ي‬
‫الموسم‪ ،‬وقال‪:‬‬

‫) الطويل(‬ ‫ِھ َجانا ً وأدما ً أھ ِد ِه لِ ِ‬


‫وبار‬ ‫ْطني تِسعا ً وتسعينَ بَ ْك َرةً‬
‫فَ َمن يُع ِ‬

‫فقام رجل من مھرة‪ ،‬وأعطاه ما سأل‪ ،‬فلما توسطوا الرمل‪ ،‬طمست الجن عين دعيميص‪ ،‬فتحير‪،‬‬
‫وھلك ھو ومن معه‪ ،‬في تلك الرمال" )‪.(1217‬‬

‫ومن األدلة على تواجد الجن في المناطق المنخفضة‪ ،‬ما قاله النابغة الجعدي يصف حماراً وحشيا ً‬
‫)‪(1218‬‬
‫)الطويل(‬ ‫أثار بقرة‪:‬‬

‫)‪(1219‬‬
‫ﱠيف أ ْشھُرا‬
‫الج ﱠن بالص ِ‬
‫َرعَى ِب ِجوا ِء ِ‬ ‫القوائم َسا ِب ٌح‬
‫ِ‬ ‫فَھَايَ َجھا ُح ْمشُ‬

‫ومن األماكن الصحراوية التي ذك ر فيھ ا الج ن منطق ه يق ال لھ ا " َر ْم ِل ع الج"‪ ،‬وقي ل إنھ ا‬
‫متصلة بوبار‪ ،‬وھي رملة بالبادية )‪ (1220‬وقد انعكس ذلك ف ي تص رفاتھم؛ إذ ورد أن أح د األع راب‬
‫)‪(1221‬‬
‫مر بھذا الموضع‪ ،‬وخاف جنﱠهُ‪ ،‬فأخذ يتوسل إليھم أالّ يُرْ ِھقُوه‪ ،‬ويستجير بِ ِج ّن عالج‪ ،‬ويقول‪:‬‬

‫عا َذ بِ ُك ْم ساري الظﱠ ِ‬


‫الم ال ّدالِ ِ‬
‫ج )الرجز(‬ ‫يا ِج ّن أجزا ِء اللﱠوى ِم ْن عَالِج ِ‬

‫َائج‬
‫يھ ٍ‬ ‫ال تُرْ ھقُوهُ بِ َغو ﱢ‬

‫‪ -‬ﺘﺎﺝ ﺍﻟﻌﺭﻭﺱ‪ ،‬ﻤﺎﺩﺓ)ﻭﺒﺭ(‪.‬‬ ‫‪1214‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻤﻭﻱ‪ :‬ﻤﻌﺠﻡ ﺍﻟﺒﻠﺩﺍﻥ‪.357-356/5 ،‬‬ ‫‪1215‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،216/6 ،‬ﻤﻌﺠﻡ ﺍﻟﺒﻠﺩﺍﻥ‪.357/5 ،‬‬ ‫‪1216‬‬

‫‪ -‬ﻤﺠﻤﻊ ﺍﻷﻤﺜﺎل‪ ،409/2 ،‬ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ‪ ،337/1 ،‬ﻤﻭﺴﻭﻋﺔ ﺃﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻋﻥ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ‪.36/2،‬‬ ‫‪1217‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻨﺎﺒﻐﺔ ﺍﻟﺠﻌﺩﻱ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.62‬‬ ‫‪1218‬‬

‫‪ - 1219‬ﺍﻟﺠﻭﺍﺀ‪ :‬ﺍﻟﻤﻨﺨﻔﺽ ﻤﻥ ﺍﻷﺭﺽ‪ ،‬ﺤﻤﺵ ﺍﻟﻘﻭﺍﺌﻡ‪ :‬ﺩﻗﻴﻘﻬﺎ‪ ،‬ﺍﻟﺴﺎﺒﺢ‪ :‬ﺍﻟﺴﺭﻴﻊ‪.‬‬


‫‪ -‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ ‪.326/2 ،‬‬ ‫‪1220‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪.721/6 ،‬‬ ‫‪1221‬‬

‫‪223‬‬
‫نالح ظ اقت ران ورود الج ن بعزيفھ ا‪ ،‬وھ ذا أم ر طبيع ي‪ ،‬ف ال يمك ن فص ل الج ن ع ن‬

‫أصواتھا‪ ،‬فأينما تحل ال بد أن تصدر أصواتا‪ ،‬وكذلك اقترانھا بذكر ناقة الشاعر وج واده‪ ،‬وم ا ذاك‬

‫إال ألنه يعبر عن شجاعته وجرأته‪ ،‬وقدرته التي تميزه عن غيره‪ ،‬باستطاعته اجتي از ھ ذه الفي افي‪،‬‬

‫وأكثر مواطن الجن في نظر الجاھليين‪ ،‬ھي الموحشة المظلمة ولقف ار‪ ،‬وكلّھ ا أم اكن رھيب ة‪ ،‬تلق ي‬

‫الرعب في قلوب الناس‪.‬‬

‫‪224‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫الجن والشجر‬

‫أثارت األشجار العظيمة خياالت اإلنسان القديم‪ ،‬ودخلت في وھمه‪ ،‬فأعجب بھ ا‪ ،‬وأعزھ ا‬

‫وق ّدسھا؛ إما خوفا ً من ضخامتھا‪ ،‬أو نتيجة لنفعھ ا‪ ،‬وم ا يص احب حياتھ ا م ن غم وض‪ ،‬ل م يتوص ل‬

‫إل ى س ره‪ ،‬وترك ت عزل ة األش جار العظيم ة‪ ،‬وس كونھا‪ ،‬وحقيقتھ ا آث اراً عميق ة ف ي طبيع ة البش ر‬
‫الحساسة‪ ،‬فآمنوا بوجود قوى روحي ة كامن ة فيھ ا؛ معتق دين بآثارھ ا الخطي رة ف ي حي اتھم‪ ،‬فاتخ ذوا‬

‫مواض عھا حرم ا ً آمن اً‪ ،‬يتبرك ون بھ ا‪ ،‬ويتقرب ون إليھ ا بالن ِ‬


‫ذور‪ ،‬والق رابين مخاف ة األذى)‪،(1222‬‬

‫العتقادھم أن أرواح الموتى من األسالف تحل بھا‪ ،‬وقد كانت العادة الشائعة ف ي الص ين‪ ،‬أن ت زين‬
‫األشجار التي تنمو فوق المقابر؛ ألنھا ترتبط ارتباطا وثيقا ً ب أرواح الم وتى‪ ،‬وم ن ث م س اد االعتق اد‬

‫"أن قطع األشجار المسكونة سيؤدي إلى غضب األرواح‪ ،‬بخروجھا من مساكنھا")‪.(1223‬‬

‫ومم ا ي دل عل ى ّ‬
‫أن األش جار م أوى الج ن واألرواح الش ريرة‪ ،‬م ا ح دث م ع م رداس وال د عب اس‬

‫وحرب بن أمية‪" ،‬إذ اتفق ا عل ى أن يص لحا غيض ة مش جرة‪ ،‬فأض رما الن ار فيھ ا‪ ،‬فلم ا اس تطارت‪،‬‬
‫وعال لھبھا‪ُ ،‬س مع م ن الغيض ة أن ين‪ ،‬وض جيج كبي ر‪ ،‬ث م ظھ رت منھ ا حيّ ٌ‬
‫ات بِ يْضٌ تطي ر‪ ،‬وقي ل‬

‫أفاع بيض اء" )‪ ،(1224‬ول م يلب ث ح رب وم رداس أن مات ا‪،‬‬


‫ھربت تلك الكائنات الروحية‪ ،‬على شكل ٍ‬
‫وينسب إلى الجن‪ ،‬أنھا قتلتھما‪ ،‬وقالت فيھما شعراً )‪ ، (1225‬ومم ا يع زز ك ون األش جار م أوى للج ن‬
‫والشياطين‪ ،‬ويؤكد اعتقاد العرب أن الج ن والق وى الغيبي ة تح ل باألش جار‪ّ ،‬‬
‫وأن بإمكانھ ا أن تلح ق‬

‫الضرر واألذى بھم‪ ،‬أنھم كانوا إذا ركب أحدھم مفازة‪ ،‬وخاف على نفسه م ن ط وارق اللي ل‪ ،‬عم د‬
‫)‪(1226‬‬
‫إلى واد ذي شجر‪ ،‬فأناخ راحلته في قرارته‪ ،‬وعقلھا‪ ،‬وخَطّ عليھا خطاً‪ ،‬ثم قال‪:‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻘﻴﺴﻲ‪ :‬ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺹ‪ ،69‬ﻤﻅﺎﻫﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﻭﺍﻟﻤﻌﺘﻘﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺹ‪. 58‬‬ ‫‪1222‬‬

‫‪-‬ﻤﻅﺎﻫﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﻭﺍﻟﻤﻌﺘﻘﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺹ‪.58‬‬ ‫‪1223‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻨﻭﺭﻱ‪ ،‬ﻗﻴﺱ‪ :‬ﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ ﻭﻋﻠﻡ ﺍﻷﺠﻨﺎﺱ‪ ،‬ﺹ‪.149‬‬ ‫‪1224‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،207/6 ،‬ﻤﺭﻭﺝ ﺍﻟﺫﻫﺏ‪.141/2 ،‬‬ ‫‪1225‬‬

‫‪ -‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪ ،326/2 ،‬ﺍﻟﻭﺜﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺹ‪.170‬‬ ‫‪1226‬‬

‫‪225‬‬
‫)‪(1227‬‬
‫)الطوي ل(‬ ‫ف إنﱠي َ‬
‫ضي ٌ‬
‫ْف ن از ٌل بِفنائك ا‬ ‫ب ال ﱠش جْ را ِء ھَ لْ أن تَ َم انعي‬
‫اح َ‬
‫ص ِ‬‫ھَي ا َ‬
‫الظالم ال ﱠ‬
‫ص َعالِكا‬ ‫ِ‬ ‫ك آوى في‬
‫َو ْمثل ُِ◌ َ‬ ‫األرض َسيﱠــ ٌد‬
‫ِ‬ ‫ك للِ ِجنّ ِ‬
‫ـان فـي‬ ‫وإنّ َ‬

‫فالشاعر يستعطف سيّد الجن الذي يقيم في داخل األشجار‪.‬‬

‫ومن األشجار التي قدس ھا الع رب‪ ،‬واعتق دوا أنھ ا مس كونة م ن الج ن‪ ،‬والمالئك ة تنزلھ ا‪،‬‬

‫حيث تسمع فيھا راقصة أو مغنية‪ ،‬تلك الت ي تس مى )المناھ ل( وق د حرّم وا قط ع أغص انھا‪ ،‬وك انوا‬
‫يحجون إليھا‪ ،‬ويتقربون إليھا بالضحايا‪ ،‬ويعتقدون بقدرتھا على شفائھم من األمراض )‪.(1228‬‬

‫وقد سجل الشعراء الج اھليون ھ ذه المعتق دات ف ي أش عارھم‪ ،‬فھ ذا عنت رة ب ن ش داد‪ ،‬يؤك د‬

‫)الكامل(‬ ‫إقامة تلك الكائنات في غابات الشجر‪ ،‬بقوله)‪:(1229‬‬

‫بِھ َما ِھ ٍم َو َد َما ِد ٍم لَ ْم تُ ْغفلْ‬ ‫ت الفَال‬ ‫وال ِج ﱡن تَ ْف ُر ُ‬


‫ق بَينَ غابا ِ‬

‫وليس أدلﱡ على ذلك من شجرة )العُشر( التي حظيت بنظرة خاصة‪ ،‬وھي التي ظن ت الع رب "أنھ ا‬
‫مس كن الش ياطين")‪ ،(1230‬إذ اعتق دوا ّ‬
‫أن األرواح الش ريرة‪ ،‬تس تقر ف ي بع ض أن واع الش جر‪،‬‬
‫"كالعش رة الت ي تس توطنھا")‪ ،(1231‬ونَ َس َجت حولھ ا األس اطير‪ ،‬وبل ورت المعتق دات‪ ،‬فق د "جعلھ ا‬

‫حارسا ً على زوجته" )‪ ،(1232‬و ُذ ِك َر أن رجالً من العرب أراد س فراً‪ ،‬فأخ ذ يوص ي‬
‫العربي رقيبا ً أو ِ‬
‫ت َح دَثا ً انحلّ ت‪ ،‬وق د‬
‫امرأته‪ ،‬ويقول‪ :‬إياك أن تفعلي‪ ،‬وإياك‪ ،‬فإني عاق ٌد لك رتمة بشجرة‪ ،‬فإن أح دث ِ‬
‫)‪(1233‬‬
‫سجل الشاعر ذلك بقوله‪:‬‬

‫)البسيط(‬

‫َوغرﱠه َحلفُھا وال َع ْق ُد للر ِ‬


‫ﱠتم ِ◌ ِ◌‬ ‫رأت َشيْبا ً بِ َم ْفرقه‬
‫َخاَن ْته لَ ّما ْ‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺹ‪ ،371‬ﻭﺭﺩﺕ ﺒﺭﻭﺍﻴﺔ )ﻀﻌﻴﻑﹲ(‪.‬‬ ‫‪1227‬‬

‫‪ -1228‬ﻓﻲ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﻤﻴﺜﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﺹ‪.111‬‬


‫‪ -‬ﻋﻨﺘﺭﺓ ﺒﻥ ﺸﺩّﺍﺩ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.134‬‬ ‫‪1229‬‬

‫‪ -1230‬ﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪ ،‬ﺹ ‪.52‬‬


‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪.60/6 ،‬‬ ‫‪1231‬‬

‫‪ -1232‬ﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪ ،‬ﺹ‪.54‬‬


‫‪ -‬ﺼﺒﺢ ﺍﻷﻋﺸﻰ ﻓﻲ ﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﻹﻨﺸﺎ‪ ،465/1 ،‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪.317-316/2 ،‬‬ ‫‪1233‬‬

‫‪226‬‬
‫وھذا يعكس اعتقاد العرب بقدرة ھ ذه الش جرة‪ ،‬م ن خ الل الش ياطين الت ي تس كنھا‪ ،‬عل ى المحافظ ة‬

‫على زوجته أثناء غيابه‪ ،‬ويستد ّل على تلك العالقة‪ ،‬من خالل قول أحد الشعراء‪) (1234) :‬الرجز(‬

‫ترو ُح بالوْ يِ ِل وتَ ْغ ِ‬


‫دو بال ِغيَرْ‬ ‫تت ْ◌ لِ ْي ِمث َل ِسعال ِة ال ُع ُشرْ‬ ‫فا ْن َ‬
‫صلَ َ‬

‫فالشاعر ينسب السعالة إلى ذلك النوع من الشجر‪ .‬ونلم ُح عالقة لغوية ومعنوي ة ب ين ش جرة العش ر‬
‫)‪(1235‬‬
‫)الطويل(‬ ‫والرابطة الزوجية؛ ألن العشير ھو الزوج‪ ،‬كما في قول ساعد بن جؤبة‪:‬‬

‫وحينَ تص ّدى للھوان عشيرھا‬ ‫شاب رأسُھا‬


‫َ‬ ‫س وق ْد‬
‫َرأته على يأ ٍ‬

‫ونجد في تسمية الن وق العش ار‪ ،‬م ا يش ير إل ى تل ك العالق ة‪ ،‬وبي ان أث ر ھ ذه األش جار ف ي الخص ب‬

‫والحياة)‪ ،(1236‬كما آمن العرب ب أن حيوي ة الش جر والحج ر‪ ،‬تط ورت إل ى ص ورة الج ن واألرواح‬

‫الت ي تس كنھا‪ ،‬فأص بحت األش جار واألحج ار م ن بقاي ة تبرك ات تل ك األرواح)‪ ،(1237‬ويؤك د تل ك‬

‫العالقة أن بعض الع رب تس مى باس م ش جرة العش ر‪ ،‬فبن و العش راء ق و ٌم م ن الع رب‪،‬وذو العش يرة‬

‫موض ع بالص ما ٍن‪ ،‬ينس ب إل ى عش رة نابت ة في ه)‪ ،(1238‬وھ ذا ي دل عل ى إيم ان بع ض الم ؤلفين‬

‫بطوطمية كل من الشجر‪ ،‬والحيوان والجن‪.‬‬

‫وق د أو َرد الج احظ قص ة عل ى لس ان اب ن األعراب ي‪ ،‬تؤك د عالق ة ھ ذه الش جرة ب الجن‪،‬‬
‫أن أعرابية واعدت أعرابيا ً أن يأتيھا‪ ،‬فكمن في عشرة كانت بقربھم‪ ،‬فنظر الزوج‪ ،‬ف رأى‬
‫فحواھا " ّ‬
‫شبحا ً في العُشرة‪ ،‬وقال )المرأته( "يا ھنت اه"‪ّ ،‬‬
‫إن إنس انا ً ليطالعن ا ِم ن العُش رة‪ ،‬قال ت‪ :‬م ه ي ا ش يخ‪،‬‬
‫ذاك جان العُشرة‪ ،‬إليك عني‪ ،‬وعن ولدي‪ ،‬ق ال الش يخ‪ :‬وعن ي ‪ -‬يرحم ك ﷲ‪ -‬قال ت‪" :‬و َع ْن أب يھم‪،‬‬
‫إن ھو غطّى رأسه َورقد")‪.(1239‬وكانوا يعتقدون أن شجرة الحماطة‪ ،‬ھي الش جرة الت ي ت أوي إليھ ا‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪.171/6 ،‬‬ ‫‪1234‬‬

‫‪ -‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪.204/2 ،‬‬ ‫‪1235‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪ ،‬ﺹ‪ ،72‬ﻤﻭﺴﻭﻋﺔ ﺍﻟﻔﻭﻟﻜﻭﺭ ﻭﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ‪ ،‬ﺹ‪.67-66‬‬ ‫‪1236‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.52‬‬ ‫‪1237‬‬

‫‪ -‬ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﻤﺎﺩﺓ )ﻋﺸﺭ(‪.‬‬ ‫‪1238‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪.169-168/6 ،‬‬ ‫‪1239‬‬

‫‪227‬‬
‫الش ياطين والحي ات‪ ،‬إذ ج اء ف ي المث ل العرب ي "م ا ھ و إالّ ش يطان الحماط ة" )‪ ،(1240‬ويؤك د تل ك‬
‫)‪(1241‬‬
‫)الرجز(‬ ‫العالقة قول الشاعر‪:‬‬

‫ُ‬
‫أعرف‬ ‫اط‬ ‫َك ِم ْث ِل َش ْيطَ ِ‬
‫ان ال َح َم ِ‬ ‫ف حينَ أَحْ ِ◌ ُ‬
‫لف‬ ‫َع ْن ِجر ٌد تَحلِ ُ‬

‫)الطويل(‬ ‫)‪(1242‬‬
‫ويقول طرفة بن العبد موضحا ً تلك العالقة‪:‬‬

‫ع قَ ْف ِر‬ ‫تَع ﱡم ُج َش ْيطَا ٍن بذي ِ‬


‫خ ْ◌ر َو ٍ‬ ‫تُالَ ِعبُ َم ْثن ًى َحضْ ◌َ رم ﱢي كأنﱠهُ‬

‫وم ن األش جار الت ي لھ ا عالق ة بتل ك الكائن ات‪ ،‬ش جرة الس مرة الت ي "أطلق وا عليھ ا أم‬

‫غيالن")‪"،(1243‬تلك الشجرة التي تعد شجرة الع زى‪ ،‬والت ي خرج ت منھ ا ش يطانة بص ورة منف رة"‬
‫)‪(1244‬‬

‫ويؤك د عالق ة الج ن باألش جار‪ ،‬م ا ذك روه ع ن )وب ار(‪" ،‬أنھ ا أخص ب ب الد ﷲ‪ ،‬وأكثرھ ا‬

‫شجراً‪ ،‬وأطيبھا ثمراً‪ ،‬وأكثرھا حبّا ً َو ِعنباً‪ ،‬وأكثرھا نخ الً وم وزاً‪ ،‬ف إذا دن ا منھ ا إنس ان متعم داً‪ ،‬أو‬

‫غالطا ً حثوا في وجھة التراب‪ ،‬فإن أبى الرجوعَ‪ ،‬خبلوه‪ ،‬وربّما قتلوه")‪.(1245‬‬

‫نخلص م ن ذل ك إل ى أن اإلنس ان الج اھلي ك ان متف اعالً م ع الطبيع ة تف اعالً قس رﱠياً‪ ،‬ي رى‬
‫الظ واھر الطبيعي ة‪ ،‬والمخلوق ات المختلف ة‪ ،‬فيتأملھ ا م ن خ الل حركاتھ ا وتكويناتھ ا‪ ،‬مح اوالً‬

‫الوصول إلى تفسير‪ ،‬وإجابات يقتنع بھا‪ ،‬مم ا دفع ه إل ى اس تخدام عقل ه ف ي نس ج األس اطير‪ ،‬ف أملى‬
‫عليه ذلك أن يزعم أن كل حركة تصدر مما حوله‪ ،‬ال ب د أن يك ون وراءھ ا أي ا ٍد خفي ة‪ ،‬فنس بھا إل ى‬

‫الجن واألرواح‪ ،‬وأن الشجرة من األشياء المقدسة‪.‬‬

‫‪ -‬ﻤﺠﻤﻊ ﺍﻷﻤﺜﺎل‪ ،446/1 ،‬ﺜﻤﺎﺭ ﺍﻟﻘﻠﻭﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻀﺎﻑ ﻭﺍﻟﻤﻨﺴﻭﺏ‪ ،‬ﺹ‪.422‬‬ ‫‪1240‬‬

‫‪ -‬ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﻤﺎﺩﺓ )ﺸﻁﻥ(‪ ،‬ﺜﻤﺎﺭ ﺍﻟﻘﻠﻭﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻀﺎﻑ ﻭﺍﻟﻤﻨﺴﻭﺏ‪ ،‬ﺹ‪.422‬‬ ‫‪1241‬‬

‫‪ -‬ﻁﺭﻓﺔ ﺒﻥ ﺍﻟﻌﺒﺩ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.156‬‬ ‫‪1242‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺹ‪.87‬‬ ‫‪1243‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﺼﻨﺎﻡ‪ ،‬ﺹ‪ ،25‬ﺍﻟﻭﺜﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺹ‪.48‬‬ ‫‪1244‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ‪ ،215/6‬ﻤﻌﺠﻡ ﺍﻟﺒﻠﺩﺍﻥ‪.357-356/5 ،‬‬ ‫‪1245‬‬

‫‪228‬‬
‫المبحث الثالث‬

‫الجن والجبال‬

‫تع ّد الجبال من األماكن التي ارتبطت بالجن ارتباطا ً وثيقاً‪ ،‬إذ أن الجن في اعتق ادھم‪ ،‬تتخ ذ‬

‫مس اكنھا ف ي األم اكن المھج ورة‪ ،‬والبعي دة الت ي ال تطأھ ا ق دم إنس ان‪ ،‬والت ي تش كل م وطنَ خط ر‬

‫ب؛ لذلك نالت الجبال تقديس الجاھليين‪ ،‬ال لذاتھا؛ وإنّما لم ا يَ ِح لﱡ فيھ ا م ن تل ك الكائن ات الت ي‬
‫و َرع ٍ‬
‫َعبَ دھا نف ر م ن الع رب‪ ،‬واس تعانوا بھ ا‪َ ،‬و َرفعوھ ا إل ى مرتب ة اآللھ ة‪ ،‬و بالت الي ف إن خ وفھم م ن‬
‫)‪(1246‬‬
‫الجبال‪ ،‬وتقديسھم لھا‪ ،‬يرجع إلى خوفھم من الجن‪ ،‬وعبادتھم لھا‬

‫وقد سّجل الشعراء الجاھليون العالقة التي ب ين الج ن والجب ال‪ ،‬فھ ذا الش اعر َج ران الع ود‬
‫)‪(1247‬‬
‫)الطويل(‬ ‫يشير في حديثه عن زوجته إلى تلك العالقة‪ ،‬بقوله‪:‬‬

‫ف‬ ‫عليَا َء في أَرْ َجائھا ِ‬


‫الج ِ◌ ﱡن ت ِ‬
‫َعز ُ‬ ‫ِب ْ‬ ‫َح َم ْلنَ َج َرانَ العو ِد حتﱠى َو َ‬
‫ض ْعنَهُ‬

‫وذكر الجاحظ "أن جبل سُواج من األماكن التي تتواجد فيھا الجن" )‪،(1248‬وقد قال ابن‬
‫)‪(1249‬‬
‫ال ُمعلي األزدي في قول تميم بن مقبل‪:‬‬

‫)الطويل(‬

‫)‪(1250‬‬
‫ﱠح‬ ‫ِب َح ْز ِم ِس ٍ‬
‫واج َوش ُم كفً ُ◌ ٌمقر ٍ‬ ‫س ُ◌وا ّجا ً ِحلّةً فكأنّما‬ ‫َو َحلّ ْ‬
‫ت ِ‬

‫)‪(1251‬‬
‫ويُ َع ﱡد جبل ) َعيْھم( من مساكن الجن‪ ،‬ويتضح ذلك‪ ،‬في قول حميد بن ثور الھاللي‪:‬‬

‫)الطويل(‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻘﻴﺴﻲ‪ ،‬ﻨﻭﺭﻱ ﺤ ﱠﻤﻭﺩﻱ‪ :‬ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺹ‪.69‬‬ ‫‪1246‬‬

‫‪ -‬ﺠﺭﺍﻥ ﺍﻟﻌﻭﺩ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪ ،19‬ﺍﻟﺤﻤﺎﺴﺔ ﺍﻟﺒﺼﺭﻴﺔ‪1194/3 ،‬ﻡ‪ ،‬ﺍﻟﺸﻌﺭ ﻭﺍﻟﺸﻌﺭﺍﺀ‪.608-605/2 ،‬‬ ‫‪1247‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،182/6 ،‬ﻤﻌﺠﻡ ﺍﻟﺒﻠﺩﺍﻥ‪.271/3 ،‬‬ ‫‪1248‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻤﻭﻱ‪ :‬ﻤﻌﺠﻡ ﺍﻟﺒﻠﺩﺍﻥ‪.271/3 ،‬‬ ‫‪1249‬‬

‫‪ -‬ﺴﻭﺍﺝ‪ :‬ﺠﺒل ﺘﺄﻭﻱ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺠﻥ‪.‬‬ ‫‪1250‬‬

‫ﺠﻴْﻬَﻤﺎ(‪،‬‬
‫ﻥ ﺠﻨ ﹰﺎ ﹺﺒ َ‬
‫‪ -‬ﺤﻤﻴﺩ ﺒﻥ ﺜﻭﺭ ﺍﻟﻬﻼﻟﻲ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪ ،95‬ﻭﺭﺩ ﺍﻟﺒﻴﺕ ﻓﻲ ﺩﻴﻭﺍﻥ ﺍﻟﺸﻤﺎﺥ ﺒﻥ ﻀﺭﺍﺭ ﺒﺭﻭﺍﻴﺔ )ﺯﺭ َ‬ ‫‪1251‬‬

‫ﺍﻟﺸﻤﺎﺥ ﺍﺒﻥ ﻀﺭﺍﺭ‪ ،‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ :‬ﺤﻘﻘﻪ ﻭﺸﺭﺤﻪ ﺼﻼﺡ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﺍﻟﻬﺎﺩﻱ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ‪ ،‬ﻤﺼﺭ‪ 1968 ،‬ﺍﻟﻤﻠﺤﻕ‪ ،‬ﺹ ‪.461‬‬

‫‪229‬‬
‫ف جنًّ ُزرْ نَ َحيّا ً بِ َعيْھما‬
‫از ُ‬
‫َع َو ِ‬ ‫ﱠيح بَ ْينَ فُ ِ‬
‫روج ِه‬ ‫َزير الر ِ‬ ‫ّ‬
‫كأن ھ َ‬

‫ويؤكد عالقة الجن بالجبال‪ ،‬ما َو َر َد عن جبلي "سيالن وكوكبان"‪" ،‬حيث كان ت الج ن ف ي‬

‫األول تقوم بحماية البيئة‪ ،‬أ ّما الثاني ففيه قصران محكما الصنع‪ ،‬قواعدھما م ن الص خر المنح وت‪،‬‬

‫م ن أروع م ا يك ون‪ ،‬م ن بن اء الج ن‪ ،‬أي أن الجبل ين مس كونان ب الجن")‪ ،(1252‬وق د أش ار كع ب ب ن‬


‫)‪(1253‬‬
‫)البس يط(‬ ‫زھير إلى تلك العالقة‪ ،‬بقوله ‪:‬‬

‫)‪(1254‬‬
‫في جوز ِه إذا َد َجا اآلكا ُم والقُو ُر‬ ‫ﱠ‬
‫الجن فانغمست‬ ‫حتّى َسقَى اللﱠي ُل َس ْقي‬

‫ِكالھُما في سوا ِد اللﱠ ِ‬


‫يل َم ْغ َمو ُر‬ ‫اآلكام فا ْشتَبَھــا‬
‫ِ‬ ‫غطﱠ◌َ ى النﱠشا َز َم َع‬

‫فكل ما في األبيات‪ ،‬يؤكد إقامة الجن في الجب ال والمرتفع ات‪ ،‬وھ ذا م ا دف ع اإلنس ان الج اھلي إل ى‬

‫النظر إلى الجبال نظ رة خ وف َو َرھب ة‪ ،‬وال س يّما أنّھ ا تع ّد واس طة‪ ،‬ت ربط الع الم العل وي‪ ،‬بم ا في ه‬

‫الجن واآللھة والشياطين بالعالم السفلي‪ ،‬كما رأوا فيھ ا مك انَ اس تراق الس مع‪ ،‬وإلقائ ه عل ى مس امع‬
‫)‪(1255‬‬
‫الكھنة؛ لقربھا من العرش السماوي‪.‬‬

‫ومن أشھر الجبال التي ُع ّدت مق ّراً لشياطين الشعراء‪ ،‬جبل عبقر ذل ك الجب ل ال ذي اختل ف‬

‫الرواة في تحديد موقعه‪ ،‬فقالوا‪ :‬موض ٌع بالبادي ة كثي ر الج ن‪ ،‬ويق ال ف ي المث ل "ك أنھم جنّ ة عَبقَ ر"‬
‫)‪.(1256‬‬

‫وزع م بع ض الع رب أن ه بل د الج ن‪ ،‬ونس بوا إلي ه ك ّل ش يء عجي ب)‪ ،(1257‬وقي ل إن ه اس م جب ل‬

‫بالجزيرة‪ ،‬كان يصنع به الوشي‪ُ ،‬وي ْنسب إليه ك ّل شيء جديّد")‪ ،(1258‬وق د جعل ه ي اقوت موض عين‪،‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻘﺯﻭﻴﻨﻲ‪ :‬ﺁﺜﺎﺭ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻭﺃﺨﺒﺎﺭ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ‪ ،‬ﺹ‪ ،115‬ﻤﻌﺠﻡ ﺍﻟﺒﻠﺩﺍﻥ‪.494/4 ،‬‬ ‫‪1252‬‬

‫‪ -‬ﻜﻌﺏ ﺒﻥ ﺯﻫﻴﺭ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪ ،41‬ﺠﻭﺯ ﺍﻟﻠﻴل‪.‬‬ ‫‪1253‬‬

‫‪ -‬ﺠﻭﺯ ﺍﻟﻠﻴل‪ :‬ﻭﺴﻁﻪ ﻭﻤﻌﻅﻤﻪ‪ ،‬ﻭﺠﺎﺯ‪ :‬ﺃﻅﻠﻡ‪ ،‬ﺍﻟﻘﻭﺭ‪ :‬ﺠﺒل ﻁﻭﻴل ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ‪ ،‬ﺍﻟﻨﱠﺸﺎﺭ‪ :‬ﻤﺎ ﺍﺭﺘﻔﻊ ﻤﻥ ﺍﻷﺭﺽ‪.‬‬ ‫‪1254‬‬

‫‪ -‬ﺼﺎﻟﺢ‪ ،‬ﻤﺤﻤﻭﺩ ﺴﻤﺎﺭﺓ ﻤﺤﻤﺩ‪ :‬ﺍﻟﺠﺒل ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺭﺴﺎﻟﺔ ﻤﺎﺠﺴﺘﻴﺭ‪ ،‬ﺠﺎﻤﻌﺔ ﺍﻟﻨﺠﺎﺡ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ‪1999 ،‬ﻡ‪،‬‬ ‫‪1255‬‬

‫ﺹ‪.36‬‬
‫‪ -‬ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﻤﺎﺩﺓ)ﻋﺒﻘﺭ(‪ ،‬ﺘﺎﺝ ﺍﻟﻌﺭﻭﺱ‪ ،‬ﻤﺎﺩﺓ)ﻋﺒﻘﺭ(‪.‬‬ ‫‪1256‬‬

‫‪ -‬ﺸﻴﺎﻁﻴﻥ ﺍﻟﺸﻌﺭﺍﺀ‪ ،‬ﺹ‪.56‬‬ ‫‪1257‬‬

‫‪230‬‬
‫"أحدھما بنواحي اليمامة‪ ،‬واألخر كان يسكنه الجن‪ ،‬ول م ي ُع ين موض عه")‪ ،(1259‬وھ ذا االض طراب‬

‫في محاولة معرفة أصول كلمة عبقر‪ ،‬مردود إلى تلك القوة الت ي أحيط ت بھ ا الكلم ة‪ ،‬حت ى دخل ت‬

‫اإلطار الكوني )‪ ،(1260‬وھذا ما نلمحه ف ي أش عار الج اھليين‪ ،‬فھ ذا زھي ر ب ن أب ي س لمى ي ذكر ج ن‬
‫)‪(1261‬‬
‫عبقر مشبّھا بھم في مجال فخره بعشيرته وشجاعتھم‪ ،‬يقول ‪:‬‬

‫اف وال ُع ْز ُل )الطويل(‬


‫ض َع ٌ‬
‫الرﱢماح ِال ِ‬
‫ِ‬ ‫طارُوا إلى ُم ْستَغ ِيثِھم طُ َوا َل‬
‫إذا فَ ِز ُعوا َ‬

‫َجـديرونَ يوما ً أن يَنَالُوا فَيَ ْستَعلُوا‬ ‫يـل َعلَيْھـا ِجنـّةٌ َع ْبقَ ِريّةٌ‬
‫ِب ْخ ٍ‬

‫)‪(1262‬‬
‫َويُكرر حاتم الطائي الصورة إيّاھا؛ فيشبه الفتيان األقوياء على الخيل بجن عبقر‪ ،‬ويقول‪:‬‬

‫)الطويل(‬ ‫ھزونَ باأليدي الوشي َج ال ُم◌َ قّ ﱠوما‬


‫يَ ﱡ‬ ‫جن ِ◌ ّ◌ة َعب ٍ‬
‫ْقـر‬ ‫تيان َك ِ‬ ‫َعلَ ْي ِھ ّ‬
‫ـن ْ‬
‫ف ِ◌ ٌ‬

‫)‪(1263‬‬
‫)الطويل(‬ ‫ويماثلھم لبيد بن ربيعة‪ ،‬بقوله‪:‬‬

‫ّان َك ِجنَ ◌َ ّ◌ ِة َع ْبقَ ِر‬ ‫ُكھُول ُ‬


‫ٌ◌ َو ُشب ٌ‬ ‫َو َم ْن قـا َد ِم ْن إخوانِھم َوبَنيﱠھم‬

‫وتلتقي داللة الكلمة في ھذه المواضع‪ ،‬مع ما قاله أبو البقاء "كل ّ‬
‫ّ◌ ُ◌ جليل نفيس ف اخر م ن‬
‫ي" )‪ ،(1264‬وذك رت الكلم ة وص فا ً للنفاس ة ف ي الق رآن‬
‫الرجال‪ ،‬والنساء وغيرھم عند الع رب عبق ر ّ‬

‫ْـﺮفِ ﺧُﻀ‬
‫ُـﺮ‬ ‫َﻓ‬‫الكريم؛ إذ يقول ربﱡ الع ّزة في وصف نع يم أھ ل الجنّ ة "ﻣﺘﻜﺌﻴﻦ ﻋﻠﻰ ر‬

‫َﺒْﻘﺮيّ ﺣِﺴـﺎن")‪ ،(1265‬وھك ذا توافق ت بداھ ة البش ر‪ ،‬عل ى عالق ة ك ّل ب الغ م ن األق وال‪،‬‬
‫َﻋ‬‫و‬

‫واألعمال‪ ،‬بتلك الخالئ ق المس تترة‪ ،‬الت ي ال تح ّدھا نق ائص اللح م وال دم‪ ،‬فكان ت الص ناعات الفائق ة‬

‫‪ -‬ﻤﻌﺠﻡ ﺍﻟﺒﻠﺩﺍﻥ‪.80/7 ،‬‬ ‫‪1258‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪.79/7 ،‬‬ ‫‪1259‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻭﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪ ،‬ﻤﺠﻠﺔ ﻓﺼﻭل‪ ،‬ﻡ‪ ،4‬ﻉ‪ ،2‬ﺹ‪.47‬‬ ‫‪1260‬‬

‫‪ -‬ﺯﻫﻴﺭ ﺒﻥ ﺃﺒﻲ ﺴﻠﻤﻰ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪ ،59‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪.189/6 ،‬‬ ‫‪1261‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،189/6 ،‬ﻟﻡ ﻴﺭﺩ ﺍﻟﺒﻴﺕ ﻓﻲ ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪.‬‬ ‫‪1262‬‬

‫‪ -‬ﻟﺒﻴﺩ ﺒﻥ ﺭﺒﻴﻌﺔ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.102‬‬ ‫‪1263‬‬

‫‪ -‬ﻋﺒﻘﺭ‪ ،‬ﺹ‪.42‬‬ ‫‪1264‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺭﺤﻤﻥ‪ ،‬ﺁﻴﺔ ‪.76‬‬ ‫‪1265‬‬

‫‪231‬‬
‫تنسب إلى عبقر إذ نسب امرؤ الق يس إليھ ا ص ناعة الس يوف )‪ ،(1266‬وتماث ل قول ه م ع م ا ورد ع ن‬
‫)‪(1267‬‬
‫طرفة بن العبد إذ يقول‪:‬‬

‫بيح )الخفــيف(‬ ‫كنجيع ﱠ‬


‫الذ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِم ْن َعبْقريﱟ ‪،‬‬ ‫فاخراً لَونُهُ‪،‬‬
‫عالَ ْينَ َر ْقما ً ِ‬

‫)‪(1268‬‬
‫ومع قول عبيد بن األبرص‪:‬‬

‫ي عَليْھا ْإذ َغدَوا َ‬


‫لِ ْل َع ْبقَر ﱢ‬
‫)‪(1269‬‬
‫) البسيط (‪.‬‬ ‫ف َم ْد َمو َم ْه‬ ‫كأنﱠھا ِم ْن ن َِج ِ‬
‫يع ال َجوْ ِ‬ ‫صبَحٌ‪،‬‬

‫ولم يقتصر األمر على نسبة ھ ذه األم ور إل ى الج ن؛ فالنابع ة الجع دي ينبھ ر بجم ال الطبيع ة ال ذي‬
‫)‪(1270‬‬
‫يقوده إلى وصف جمال الروض‪ ،‬وتشبيھه ببساط ُم ْخ َمل ّي مل ّون ِمن صنع الجن‪ ،‬فيقول‪:‬‬

‫)‪(1271‬‬
‫ّاص أَحْ وى وأصفَرا‬
‫ِج َساداً من القُر ِ‬ ‫لي ْ◌ َ‬
‫ط ِ◌ھا‬ ‫ج َك َسا القُريَ ُ‬
‫ان ظا ِھ َر ِ‬ ‫ِب َمرْ ٍ‬
‫)الطويل(‬

‫زرابي عَــْـــبقَـ َرا‬


‫ﱡ‬ ‫ُم َجلَلّةً ِم ْنھا‬ ‫إذا ھَبَطا غيْثا ً ﱠ‬
‫كأن ِجمـَــا َدهُ‬

‫فتكرار الصورة وتماثلھا‪ ،‬ي ُْث ُ‬


‫بت ّ‬
‫أن الجن الذين ينتمون إلى ھذا المكان مت ّميزون‪.‬‬

‫ول م يختل ف معن ى كلم ة عبق ريّ‪ ،‬عن د غي ر الع رب‪ ،‬فھ ي عن د األوروبي ين منس وبة إل ى‬

‫بالجنّة في القدرة‪ ،‬والتفوق كائنا ً ما كان العم ل ال ذي يتف ّوق‬


‫صاحبُ الجنﱢة أو الشبيه ِ‬
‫ِ‬ ‫ال ِج ّن‪ ،‬ومعناھا‬
‫في ه)‪ ،(1272‬كم ا عبّ ر اإلنجلي ز ع ن العبقري ة بكلم ة "‪ "Genius‬ومعناھ ا ج ن)‪ ،(1273‬مم ا يؤك د ّ‬
‫أن‬

‫العالقة بين العبقرية والجن في اللغة اإلنجليزية‪ ،‬كالعالقة بين عبقر والعبقرية في اللغة العربية‪.‬‬

‫‪ -‬ﺍﻤﺭﺅ ﺍﻟﻘﻴﺱ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.63‬‬ ‫‪1266‬‬

‫‪ -‬ﻁﺭﻓﺔ ﺒﻥ ﺍﻟﻌﺒﺩ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺼﺎﺩﺭ‪ ،‬ﺹ‪.16‬‬ ‫‪1267‬‬

‫‪ -‬ﻋﺒﻴﺩ ﺒﻥ ﺍﻷﺒﺭﺹ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺼﺎﺩﺭ‪ ،‬ﺹ‪.134‬‬ ‫‪1268‬‬

‫ﺢ‪ :‬ﺍﻟﻭﻀﻭﺀ ﻭﺍﻟﻠﻤﻌﺎﻥ‪ ،‬ﺍﻟﻤﺩﻤﻭﻤﺔ‪ :‬ﻤﻥ ﺍﻟﺩﻡ‪.‬‬


‫‪ -‬ﺍﻟﺼَﺒ َ‬ ‫‪1269‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻨﺎﺒﻐﺔ ﺍﻟﺠﻌﺩﻯ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.64‬‬ ‫‪1270‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺠُﺴﺎﺩ‪ :‬ﺍﻟﺯﻋﻔﺭﺍﻥ ﺍﻷﺼﻔﺭ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺭﻴﺎﻥ‪ :‬ﻤﺠﺭﻯ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺭﻭﺽ‪ ،‬ﺍﻟﻠﻴﻁ‪ :‬ﻗﺸﺭ ﺍﻟﻘﺼﺏ‪ ،‬ﺍﻷﺤﻭﻯ‪ :‬ﺍﻟﺤُﻤﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻤﻴل‬ ‫‪1271‬‬

‫ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻭﺍﺩ‪،‬ﺍﻟﺯﺭﺍﺒﻲ‪ :‬ﺍﻟﺒﺴﻁ ﺍﻟﻤﺨﻤﻠﻴﺔ‪.‬‬


‫‪ -‬ﺸﻴﺎﻁﻴﻥ ﺍﻟﺸﻌﺭﺍﺀ‪ ،‬ﺹ‪.110‬‬ ‫‪1272‬‬

‫‪232‬‬
‫ونج د ف ي طق وس االستس قاء م ا يش ير إل ى العالق ة ب ين الج ّن والجب ال "إذ ك ان االعتق اد‬
‫الش ائع ّ‬
‫أن الق وى الغيبي ة‪ ،‬ھ ي المس يطرة عل ى ُمجري ات الحي اة‪ ،‬بم ا ف ي ذل ك المط ر‪ ،‬وف ي س بيل‬
‫الحص ول علي ه‪ ،‬يج ب إرض اء تل ك الق وى‪ ،‬ع ن طري ق التو ّس ل والتض رّع والت ذلُل‪ ،‬والتعاوي ذ‬
‫والسحر‪ ،‬وتقديم القرابين‪ ،‬والصلوات لھ ا" )‪" ،(1274‬فق د ك انوا يص عدون بق رابينھم ف ي جب ل و ْع ٍر‪،‬‬
‫ويشعلون فيھا النار )‪ ،(1275‬فلماذا الجبال بالذات؟ وما عالقتھا؟ لوال اعتقادھم ّ‬
‫أن فيھا الق وى الخفيّ ة‬
‫الق ادرة عل ى جل ب الخي ر لھ م وإلح اق األذى بھ م‪ ،‬والت ي ت تحكم ف ي س قوط المط ر‪ ،‬فق د ذك رت‬
‫المص ادر أن الع رب ك انوا "إذا أص ابَھُم قح ط‪ ،‬ص عدوا إل ى أب ي قب يس لالستس قاء" )‪ ،(1276‬ذل ك‬
‫الجبل الذي "يَ َروْ ن فيه قوة سحريّة‪ ،‬ق ادرة عل ى إزال ة أوج اع ال رأس")‪ ،(1277‬وق د ج اء ف ي تفس ير‬
‫تس مية أب ي قب يس بھ ذا االس م‪ ،‬م ا يش ير إل ى أن الجب ال‪ ،‬م أوى للج ّن واألرواح‪ .‬وذل ك يع ود "إل ى‬
‫اختف اء َرج ل أس مه )قب يس ب ن س راج( وانقط اع ذك ره‪ ،‬ھن اك‪ ،‬وقي ل إن ه‪ -‬اس تق ّر ف ي الجب ل‪ّ ،‬‬
‫وأن‬
‫وأطياف تجول ھناك" )‪ ،(1278‬وقد نظرو إلى الجبال على أنھ ا ترم ز إل ى‬
‫ٍ‬ ‫روحه تحولت إلى أشباح‬
‫األم الكبرى عشتار التي تمنح القلوب الحياة‪ ،‬فحاول اإلنس ان الھ روب إليھ ا؛كي ت رد الم وت عن ه‪،‬‬
‫ويتجسد ذلك ف ي حكاي ة لقم ان ونس وره الت ي اتخ ذت الجب ال مق راً لھ ا؛ فھ ذا أمي ة ب ن أب ي الص لت‬
‫)‪(1279‬‬
‫)‬ ‫يتمنى لو كان يرعى الوعول في الجبال؛ لينال الخلود‪ ،‬بقوله‪:‬‬
‫ال أرْ َع ى‬
‫نان ال ِجبَ ِ‬
‫فِي قِ ِ‬ ‫لَ ْيتَني ُك ْن ُ‬
‫ت قَب َل َما قَد بَدَا لي‬ ‫الخفيف(‬
‫ال ُو ُعوال‬

‫ھر ُغوال‬ ‫ُغولةَ ال ﱠد ْھ ِر ّ‬


‫إن للِ ﱠد ِ‬ ‫ك واح َذرْ‬ ‫فاجْ َعلْ ال َم ْوتَ نَصْ َ‬
‫ب عيني َ‬

‫فھو يؤمن بأن في الجبال قوة خفية تمن ُح الحياة‪ ،‬إالّ أن ذلك ال يستطيع رد الموت عنه‪.‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ‪ ،‬ﺹ‪.66‬‬ ‫‪1273‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺯﻤﻥ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﺸﻌﺭﺍﺀ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪ ،‬ﺹ‪.41‬‬ ‫‪1274‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،466/4 ،‬ﺼﺒﺢ ﺍﻷﻋﺸﻰ ﻓﻲ ﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﻹﻨﺸﺎ‪ ،409/1 ،‬ﺍﻟﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪.815/6 ،‬‬ ‫‪1275‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺴﻴﺭﺓ ﺍﻟﻨﺒﻭﻴﺔ‪ ،‬ﺤﺎﺸﻴﺔ‪.225/1 ،‬‬ ‫‪1276‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ ﺩﺭﺍﺴﺔ ﺤﻀﺎﺭﻴﺔ ﻤﻘﺎﺭﻨﺔ‪ ،‬ﺹ‪.97-96‬‬ ‫‪1277‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪ ،‬ﺹ‪.167‬‬ ‫‪1278‬‬

‫‪ -‬ﺃﻤﻴﺔ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.96‬‬ ‫‪1279‬‬

‫‪233‬‬
‫ومن الجبال التي لھا عالقة باالستسقاء‪ ،‬جبل في المزدلفة يُسمى قُزحاً‪ ،‬وھو اس م ش يطان‪،‬‬

‫وقيل َملَك مو ّك ٌل بال ُسحٌب‪ ،‬وقد نھى اإلسالم عن إضافة قوس إلى قُ َزح‪ ،‬كما أور َد ياقوت‪ ،‬قول اب ن‬

‫عبّاس‪" :‬ال تقول وا ق وس ق زح‪ ،‬ف إن ق زح‪ ،‬اس م ش يطان‪ ،‬ولك ن قول وا ق وس ﷲ")‪ ،(1280‬وك ان لھ ذا‬

‫المكان عالق ة باالستس قاء؛ ألن ھن اك ارتباط ا ً وعالق ة ف ي االس م ب ين قُ زَح وق وس ق زح وال ُس حب‬

‫أن "قُزاح" اسم صنم‪ ،‬قد يكون له صلة بھذا الموضع)‪.(1281‬‬


‫الناجم عنھا المطر‪ .‬كما ّ‬

‫وتعكس قصص وأخبار الشعراء‪ ،‬واستلھام الش عر م ن ق وى خفي ة‪ ،‬نظ رة الج اھليين إل ى‬

‫ص عُب‬
‫أن الش اعر ك ان إذا خانت ه قريحت ه‪ ،‬و َ‬ ‫الجبال‪ ،‬على أنّھ ا م أو ً‬
‫ى للج ن والش ياطين‪ .‬إذ ذك روا ّ‬

‫علي ه الش عر‪ ،‬يرك ب ناقت ه‪ ،‬ويط وف خالي ا ً منف رداً وح ده ف ي ش عاب الجب ال‪ ،‬وبط ون األودي ة‪،‬‬
‫واألماكن الخربة الخالية فيعطيه‪ ،‬الكالم قياده)‪.(1282‬‬

‫وال عجب في ذل ك‪ ،‬فق د لج أ كثي ر م ن األنبي اء والكھن ة والع رافين إل ى الجب ال‪ ،‬واعتكف وا‬

‫فيھا‪ ،‬وما ذاك‪ ،‬إالّ ألنھا تمثل مصدر الوحي واإللھام)‪ ،(1283‬وقد أطلق بعض الش عراء لفظ ة)ك ور(‬

‫التي "تعني الع الم األس فل عن د الس ومريين عل ى الجب ال")‪ ،(1284‬مم ا يؤك د عالقتھ ا بتل ك األرواح‪،‬‬
‫)‪(1285‬‬
‫)الطويل(‬ ‫ويبدو ذلك في قول عامر بن الطفيل‪:‬‬

‫)‪(1286‬‬
‫وجاءت خَث ْع ٌم للﱠت َحا ُش ِد‬
‫ْ‬ ‫إَل ْي ُك ْم‬ ‫ور ْإذ ثابَ ْ‬
‫ت َحالئبُ َج ْعفَ ِر‬ ‫َوبِال ُك ِ‬

‫فھو يُقي ُم بھا؛ لما لھا من مكانة في نفسه؛ وما ذاك إالّ لما تشتمل عليه من أرواح‪.‬‬

‫‪ -‬ﻤﻌﺠﻡ ﺍﻟﺒﻠﺩﺍﻥ‪.341/4 ،‬‬ ‫‪1280‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻔﺼّل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪.384/6 ،‬‬ ‫‪1281‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻨﺎﻋﻲ‪ :‬ﻓﻲ ﺼﻠﺔ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺒﺎﻟﺴﺤﺭ‪ ،‬ﺹ‪29‬‬ ‫‪1282‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺩﻴﻙ‪ ،‬ﺇﺤﺴﺎﻥ‪ :‬ﺍﻟﻭﻋل ﺼﺩﻯ ﺘﻤﻭﺯ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺹ‪.47‬‬ ‫‪1283‬‬

‫‪ -‬ﻤﻐﺎﻤﺭﺓ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻻﻭﻟﻰ‪ ،‬ﺹ‪.28‬‬ ‫‪1284‬‬

‫‪ -‬ﻋﺎﻤﺭ ﺒﻥ ﺍﻟﻁﻔﻴل‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺼﺎﺩﺭ‪ ،‬ﺹ ‪.53‬‬ ‫‪1285‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻼﺌﺏ‪ :‬ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﻭﺃﻨﺼﺎﺭ ﺍﻟﺭﺠل ﻤﻥ ﺃﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﻌ ّﻡ ﺨﺎﺼﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻜﻭﺭ‪ :‬ﺠﺒل ﺒﺒﻼﺩ ﺍﻟﺤﺎﺭﺙ‪ ،‬ﻭﺃﺭﺽ ﺒﺎﻟﻴﻤﺎﻤﺔ‪.‬‬ ‫‪1286‬‬

‫‪234‬‬
‫المبحث الرابع‬

‫الجن واآلبار واألودية‬

‫رغم تكامل الصورة اإللھية في مخيلة الج اھلي‪ ،‬إال أن المحسوس ات الطبيعي ة‪ ،‬كاألش جار‬

‫واآلبار والكھوف والحجارة‪ ،‬بقيت مقدسة‪ ،‬وما ذاك‪ ،‬إالّ ألنھا تعتبر وس ائط يتق رب بھ ا العاب د إل ى‬
‫المعبود)‪ ،(1287‬وألن ھناك قوى خفية تح ّل فيھا‪ ،‬وتسيطر عليھ ا‪ ،‬فأخ ذوا يمارس ون إزاءھ ا طقوس ا ً‬

‫م ن الت ذل ّل والخض وع واالس تعطاف‪ ،‬والس حر والش عوذة‪ ،‬م ن أج ل الس يطرة عليھ ا‪ ،‬وم ن ث م‬

‫إخض اعھا ل إلرادة اإلنس انية؛ ألنھ م نظ روا إل ى الظ واھر الكوني ة‪ ،‬وكأنھ ا تج ارب إنس انية‪ ،‬يمك ن‬

‫تغييرھا والسيطرة عليھا‪ ،‬خاصة وأن أرواح األجداد‪ ،‬قد حل ت ف ي مظاھرھ ا الطبيعي ة‪ ،‬واس تقرّت‬
‫فيھا‪ ،‬ومن ثم يمكن أن تستجيب للدعاء‪ ،‬والتوسل والسحر)‪.(1288‬‬

‫وھكذا تصور القدماء "أن لبعض اآلبار رّبا ً يحميھا‪ ،‬مم ا ق ادھم إل ى تق ديس م واطن الم اء‬

‫القديمة‪ ،‬فأضفوا عليھا من القوى الخفية‪ ،‬مالم يضفوه على غيرھا من األم اكن ‪ ،‬واعتق دوا أن فيھ ا‬

‫أس راراً غامض ة")‪ ،(1289‬وق د يك ون ھ ذا ھ و الس بب ال ذي دف ع الج اھليين "إل ى نص ب بع ض‬

‫ب )ھُب ل( عل ى بئ ر ف ي ج وف الكعب ة و )إس ٍ‬


‫اف ونائل ة( عل ى‬ ‫أنص ابھم‪ ،‬عل ى أم اكن المي اه‪ ،‬كنص ِ‬
‫موضع زمزم")‪.(1290‬‬

‫وقد مارس الجاھليون عدة طقوس‪ ،‬تؤكد ھذه المعتقدات‪ ،‬أشھرھا "أنھ م ك انوا إذا غ ّم أم ر‬

‫الغائب‪ ،‬جاءوا إلى بئر قديم ة‪ ،‬بعي دة الغ ور‪ ،‬ون ادوا ي ا ف الن‪ ،‬أو أب ا ف الن ث الث م رات‪ ،‬ف إن ك ان‬
‫)‪(1292‬‬
‫ميتاً‪ ،‬لم يسمعوا ‪ -‬في اعتقادھم ‪ -‬صوتا ً")‪ ،(1291‬وھذا ما نلمحه في قول أحد الشعراء‪:‬‬

‫)الطويل(‬ ‫ف◌َ ـ َما أجابا‬


‫ئار ِ‬
‫بعـادي البـِ ِ◌ ِ‬ ‫اج‬ ‫َوت أَبا ال ِم ْغ ِ‬
‫وار في قَعْر َس ٍ‬ ‫َدع ُ‬

‫‪ -‬ﺤﺘﻲّ‪ ،‬ﻓﻴﻠﻴﺏ‪ ،‬ﻭﺁﺨﺭﻭﻥ‪ :‬ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪-‬ﻁ‪ -7‬ﺩﺍﺭ ﻏﻨﺩﻭﺭ ﻟﻠﻁﺒﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻨﺸﺭ ﻭﺍﻟﺘﻭﺯﻴﻊ‪1986 ،‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪.143‬‬ ‫‪1287‬‬

‫‪ -1288‬ﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺹ‪ ،85 -84‬ﺍﻟﺯﻤﻥ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﺸﻌﺭﺍﺀ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪ ،‬ﺹ‪.41‬‬
‫‪ -1289‬ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪ ،‬ﺹ‪ ،169‬ﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺹ‪.84‬‬
‫‪ -1290‬ﺃﺨﺒﺎﺭ ﻤﻜﺔ‪117/1 ،‬‬
‫‪ -1291‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪.3/3 :‬‬
‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪.3/3 ،‬‬ ‫‪1292‬‬

‫‪235‬‬
‫ُ‬
‫اريات السﱠواقيا‬‫تَجُرﱡ َعلَ ْي ِه ال َذ‬ ‫عر ُم ْ‬
‫ظ ٍلم‬ ‫أظُ ﱡن أبا ال ِم ْغ ِ‬
‫وار في قَ ِ‬

‫)الوافر(‬ ‫وقول آخر)‪:(1293‬‬

‫بعا ٍد في البـئار فـما أجـابا‬ ‫اج‬ ‫َو َك ْم نادَيتُـــهُ في قَع ِ‬


‫ْر َس ٍ‬

‫مما يؤكد قدرة الشاعر الجاھلي على عكس الالوعي الجمعي‪.‬‬

‫ونجد في قصص وحكايات الجاھليين ما يؤكد وجود عالق ة ب ين الم اء والج ن‪ ،‬وم ن ذل ك‬
‫ما حدث مع مالك بن حريم الدالني وجماعته والشجاع‪ ،‬حين خرج للصيد‪ ،‬فأرشدھم إلى ع ين م اء‬

‫غزيرة‪ ،‬سقوا منھا إبلھم‪ ،‬وتزودوا‪ ،‬ولم يروا أثراً للعين‪ ،‬بعد قضاء حاجتھم)‪.(1294‬‬

‫ت يُ َحدثّه ف ي ص يغة‪ ،‬أش به م ا تك ون‬


‫ومن تلك الحوادث ما حدث مع عبد المطلب‪ ،‬إذ أتاه آ ٍ‬
‫بك الم الكھ ان‪ ،‬ي أمر ِه بح ْف ر َزم َزم‪ ،‬ويس ميھا بع دة أس ماء‪ ،‬ويرش ده إل ى موض عھا‪ ،‬واآلي ات الدال ة‬
‫)‪(1295‬‬
‫عليھا‪ ،‬فيقول‪:‬‬

‫إنﱠك إِ ْن حفرْ تَھا لَ ْم تَ ْن َد ْم )الرجز(‬ ‫يا أَيﱡھا ال ُم ْدلِ ُج احفر َز ْم َز ْم‬

‫فتماثل الصورة في أذھان الج اھليين‪ ،‬وتك رارھم لعب ارة "نع وذ بس يّد ال وادي"‪ ،‬تش ير إل ى‬

‫أنھم‪ ،‬كانوا يخافون من الوديان خاص ة؛ لم ا ق د تلح ق ف يھم م ن المھال ك‪ ،‬فق د نس بوا ذل ك إل ى فع ل‬
‫)‪(1296‬‬
‫الجن‪ ،‬وقيل "إن رجالً استعاذ منھم‪ ،‬ومعه ولد‪ ،‬فأكله األسد‪ ،‬فقال معبّراً عن ذلك في شعره"‬

‫وبناء على ھذا حّرم العرب القدماء السير والعمل في أماكن شاسعة؛ اعتقاداً منھم ّ‬
‫أن ھذه‬

‫األماكن ھي موطن األسالف من الجن "أھمھا وادي برھوت‪ ،‬ويبرين وصھين‪ ،‬وھي أماكن‬

‫تواجد قبائل عاد وطسم وجديس وجرھم والعماليق")‪ ،(1297‬ومن األودية التي َو َرد ذكرھا وادي‬

‫‪ -1293‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪.3/3 ،‬‬


‫‪ -1294‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪.362/2 ،‬‬
‫‪ -1295‬ﻋﺠﻴﻨﺔ‪ ،‬ﻤﻭﺴﻭﻋﺔ ﺃﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻋﻥ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﻭﺩﻻﻻﺘﻬﺎ‪.258/1 ،‬‬
‫‪ -1296‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪ ،326/2 ،‬ﺍﻟﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪.721/6 ،‬‬
‫‪ -‬ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺤﻜﻴﻡ‪ ،‬ﺸﻭﻗﻲ‪ :‬ﻤﺩﺨل ﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ﺍﻟﻔﻭﻟﻜﻠﻭﺭ ﻭﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ‪ ،‬ﺹ‪.131‬‬ ‫‪1297‬‬

‫‪236‬‬
‫الجن‪ ،‬بدليل ما حدث مع عبيد بن الحمارس والقنفذ)‪،(1298‬‬
‫ّ‬ ‫"تُبل" وھو من األماكن التي يكثر فيھا‬
‫)‪(1299‬‬
‫ويتضح ذلك من خالل قول الشنفرى ‪:‬‬

‫)الطويل(‬ ‫للجنﱢ واألُ ْس ِد ِمأْلَ ُ‬


‫ف‬ ‫اطنُهَ ِ‬
‫بَ َو ِ‬ ‫ض ْن ٍ‬
‫ك جُما ُع ْه‬ ‫ق َ‬
‫َو َوا ٍد بعي ِد ال ُع ْم ِ‬

‫)‪(1300‬‬
‫ونالحظ ذلك في قول جذع بن سنان‪:‬‬

‫)الوافر(‪.‬‬ ‫َاح‬ ‫رأيت اللﱠي َل ُم ْن ِ‬


‫تش َر ال َجن ِ‬ ‫ُ‬ ‫الجنﱢ لَما‬ ‫شع ْ◌ ِ‬
‫ب ِوادي ِ‬ ‫ن َِز ْل ُ‬
‫ت بِ ِ‬

‫فھو يتح ّدث ع َْن جرأته وشجاعته التي دفعته إل ى اقتح ام وادي الج ن‪ ،‬المك ان ال ذي ي وحي‬

‫بالرھب ة‪ ،‬وق د َورد "أ ّن واد النم ل واد ت ْس كنه الج ّن‪ ،‬وأن النم ل م ن مطاي ا الج ن‪ ،‬ولك ن ال أث ر‬

‫ل ه")‪ ،(1301‬ويق ول الجزائ ري"إن النمل ة الت ي كلّم ت س يدنا س ليمان‪ ،‬كان ت م ن قبيل ة‪ ،‬يق ال لھ ا بن و‬

‫الشيطان‪ ،‬وكانت عرجاء بقدر حجم الذئب")‪.(1302‬‬

‫وتعكس قصة إخبار الجن بموت ابن جُدعان ھ ذه المعتق دات‪ ،‬إذ َو َرد ف ي بع ض القص ص‬
‫"أن "أباھالة" كان قد خرج ف ي عي ر لق ريش‪ ،‬يري د الش ام‪ ،‬فن زل وادي ا ً يق ال ل ه )غ ز( وانتب ه أخ ِر‬
‫الليل‪ ،‬فإذا شي ُخ ٌ◌ قائم على صخرة‪ ،‬ينشد شعراً في رث اء اب ن ُج دعان‪ ،‬وك ان ذل ك الش يخ جانّ ا ً ِم ن‬
‫الجن‪ ،‬وجرت محاورة شعرية بينھما")‪.(1303‬‬

‫أن الحيّة باعتبارھ ا ش يطاناً‪ ،‬وج دت حي ث وج د الم اء‪،‬‬


‫وإذا ُع ْدنا إلى أساطير األمم القديمة‪ ،‬وجدنا ّ‬
‫فھي حارسة الين ابيع‪ ،‬وعي ون الم اء)‪ ،(1304‬كم ا "ك ان مس كنھا ف ي جنّ ة الم أوى‪ ،‬عل ى ش اطئ نھ ر‬
‫الكوثر")‪.(1305‬‬

‫‪ -‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪.357 /2 ،‬‬ ‫‪1298‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺸﻨﻔﺭﻯ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.52‬‬ ‫‪1299‬‬

‫‪ -‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪.336/2 :‬‬ ‫‪1300‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻨﺠﺎﺭ‪ ،‬ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻭﻫﺎﺏ‪ :‬ﻗﺼﺹ ﺍﻷﻨﺒﻴﺎﺀ‪ ،‬ﻁ‪ ،3‬ﺩﺍﺭ ﺇﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﺘﺭﺍﺙ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪ ،‬ﺹ‪.336‬‬ ‫‪1301‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻭﺍﻟﺘﺭﺍﺙ‪ ،‬ﺹ‪.207‬‬ ‫‪1302‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺸﺒﻠﻲ‪ :‬ﻏﺭﺍﺌﺏ ﻭﻋﺠﺎﺌﺏ ﺍﻟﺠﻥ ‪ ،‬ﺹ‪ ،195-194‬ﺍﻟﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪.714/6 ،‬‬ ‫‪1303‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﺤﻤﺩ‪ ،‬ﺴﺎﻤﻲ ﺴﻌﻴﺩ‪ :‬ﻤﻠﺤﻤﺔ ﺠﻠﺠﺎﻤﺵ‪ ،‬ﺘﺭﺠﻤﺔ ﺴﺎﻤﻲ ﺴﻌﻴﺩ ﺍﻷﺤﻤﺩ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺠﻴل‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪1404 ،‬ﻫـ‪1984-‬ﻡ‪،‬‬ ‫‪1304‬‬

‫ﺹ‪.532‬‬
‫‪ -‬ﺍﻟﻜﺴﺎﺌﻲ‪ ،‬ﻤﺤﻤﺩ ﺒﻥ ﻋﺒﺩ ﺍﷲ‪ :‬ﻗﺼﺹ ﺍﻷﻨﺒﻴﺎﺀ‪ ،‬ﻁﺒﻌﺔ ﺍﻴﺯﻥ ﺒﻴﺭﻙ‪ ،‬ﺒﺭﻴل‪ ،‬ﻟﻨﺩﻥ‪ ،1994 ،‬ﺹ‪.37-36‬‬ ‫‪1305‬‬

‫‪237‬‬
‫ونخلص من ذلك إلى أن الجن كائنات كانت تع يش ف ي خي ال اإلنس ان‪ ،‬تھ دده أينم ا ذھ ب‪،‬‬
‫ويتھيأ ل ه أنھ ا تعاكس ه وتالحق ه‪ ،‬وأنھ ا تف ّ‬
‫ض ل األم اكن المھج ورة‪ ،‬وت رتبط بالرھب ة والخ وف ف ي‬

‫الذھن العربي‪ ،‬و أن مساكنھا تشبه مساكن السباع التي كانت العرب تخافھ ا‪ ،‬فك ل ش يء مخي ف أو‬

‫صوت غريب كان متعلقا ً بالجن في بادية العرب"‪.‬‬

‫‪238‬‬
‫الفصل السادس‬

‫أبعاد صورة الجن ودالالتھا في الشعر الجاھلي‬

‫المبحث األول‪ :‬البعد الميثولوجي‬

‫المبحث الثاني‪ :‬البعد االجتماعي‬

‫المبحث الثالث‪:‬البعد النفسي‬

‫‪239‬‬
‫تمھيد‬

‫تعتبر الصورة الشعرية عنصراً أساس يا ً ف ي بن اء الش عر‪ ،‬إذ ال يمك ن أن يك ون ھن اك ش عر بمع زل‬

‫عنھا " فالصورة ليست ش يئا ً جدي دا‪ ً،‬والش عر العرب ﱡي ق ائم عل ى الص ورة من ذ أن وج د")‪ ،(1306‬وال‬

‫نستطيع تصورالعمل الفني مجرداً من ھذا العنصر‪ ،‬أو قائما ً على غير ھذا إالساس‪.‬‬

‫وج نسٌ م ن‬
‫ويؤكد الجاحظ تلك العالقة بقوله‪ " :‬إنما الشعر صناعة‪ ،‬وض ربٌ م ن النس ج‪ِ ،‬‬
‫التصوير")‪.(1307‬‬

‫نالحظ أن الصورة أساس الشعر‪ ،‬بل ھي الشعر نفسه‪ ،‬ورغ م مكانتھ ا وأھميتھ ا إال أنھ ا "‬

‫تُ َع ﱡد م ن أكث ر المص طلحات غموض ا ً ف ي الش عر العرب ي‪ ،‬وذل ك بس بب الخل ط ب ين األدب العرب ي‬

‫الموروث‪ ،‬والنق د األدب ي ال ذي ي دين ف ي الغال ب إل ى الفك ر واألدب الغ ربيين ")‪ ،(1308‬فق د تع ددت‬

‫دالالت الصورة الشعرية‪ ،‬ومصطلحاتھا وأنواعھا‪ ،‬وكان لكل باحث أو دارس تقسيمه الخاص ب ه‪،‬‬

‫حسب انتمائه الفكري‪ ،‬أو حتى لَيَ ِحسّ القارئُ‪ ،‬وھو يج ول ب ين ھ ذه الدراس ات والمباح ث‪ ،‬أن أم ر‬

‫التس ميات ق د أفل ت م ن قبض ة الض وابط والمق اييس‪ ،‬فھن اك الص ورة الح ّس ية‪ ،‬والص ورة الذھني ة‬

‫والجزئية والكلية )‪.(1309‬‬

‫وق د تمي ز ف ي ت اريخ تط ور مص طلح الص ورة الفني ة مفھوم ان‪" :‬ق ديم يق ف عن د ح دود‬
‫ض ﱡم إلى الص ورة البالغي ة‪ ،‬ن وعين آخ رين‪ ،‬ھم ا‪:‬‬
‫الصورة البالغية في التشبيه والمجاز‪ ،‬وحديث يَ ُ‬
‫الص ورة الذھني ة‪ ،‬والص ورة باعتبارھ ا رم زاً" )‪ ،(1310‬فل م تَ ُع د الص ورة البالغي ة ھ ي وح دھا‬

‫المقصودة بالمصطلح‪.‬‬

‫إال أن الصورة الفنية في رأي خليل عودة "تجمع بين ھذين المفھومين‪ ،‬فھو ال يرى‬

‫‪ -‬ﻋﺒﺎﺱ‪ ،‬ﺇﺤﺴﺎﻥ‪ :‬ﻓﻥ ﺍﻟﺸﻌﺭ‪ -‬ﻁ‪ -3‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪) ،‬ﺩ‪.‬ﺕ( ﺹ ‪.23‬‬ ‫‪1306‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪.132/3 ،‬‬ ‫‪1307‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺭﺒﺎﻋﻲ‪،‬ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ‪:‬ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻘﺩ ﺍﻟﺸﻌﺭﻱ‪ -‬ﻁ‪ -1‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻌﻠﻭﻡ ﻟﻠﻁﺒﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻨﺸﺭ‪،‬ﺍﻟﺭﻴﺎﺽ‪1984،‬ﻡ‬ ‫‪1308‬‬

‫ﺹ‪.53–42‬‬
‫‪ -‬ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺤﻤﻥ‪ ،‬ﻨﺼﺭﺕ‪ :‬ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺹ ‪.14 – 8‬‬ ‫‪1309‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺒﻁل‪ ،‬ﻋﻠﻲ‪ :‬ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪ ،‬ﺹ ‪.15‬‬ ‫‪1310‬‬

‫‪240‬‬
‫فاصالً‪ ،‬يفصل التشبيه والمجاز عن الصورة الذھني ة‪ ،‬أو ذات المش اعر‪ ،‬وال يق يس الص ورة قياس ا ً‬

‫حرفيا‪ ،‬كما فعل القدماء؛ ألن ذلك يقضي على طاقاتھا اإلبداعية‪ ،‬ويَضُرﱡ بھا")‪.(1311‬‬

‫ويرى علي البطل في حديثه عن الصورة الفنية‪ّ ،‬‬


‫أن المفھ وم الح ديث لمص طلح الص ورة‪،‬‬

‫تأثر بالدراسات السيكولوجية التي فتح فرويد آفاقھا‪ ،‬بمباحثة عن العقل الباطني‪ ،‬وذلك المنبع ال ذي‬

‫جعله السرياليون مصدر فيض صورھم الشعرية‪ ،‬ويعتبر تحدي د الص ورة الش عرية رم زاً مص دره‬
‫الالشعور‪ ،‬انعطافا ً مھم ا ً ف ي فھمھ ا‪ ،‬أض يف إلي ه فيم ا بع د فك رة ي ونج ع ن النم اذج العلي ا‪ ،‬فتوج ه‬

‫اھتما ُم الدارسين نحو التشكيل اللغوي للصورة‪ ،‬ومنابعھا الموغل ة ف ي أعم اق المي راث الحض اري‬

‫للذھن اإلنساني)‪.(1312‬‬

‫فالق دماء وقف وا عن د قض ايا ش كلية‪ ،‬وعالق ات حرفي ة‪ ،‬تخ صﱡ الص ورة دون االلتف ات إل ى‬

‫جوھرھ ا‪ ،‬وم ا تعكس ه م ن تج ارب وخب رات‪ ،‬تخ ص ذات مب دعھا‪ ،‬فق د عي ب عل ى الق دماء "أَ ّن‬

‫حرصھم على التشابه الخارجي في بعض صفات الصورة‪ ،‬ل م يك ن يواكب ه إحس اس ب نفس الدرج ة‬

‫من الحرص على داللتھا النفسية‪ ،‬مع إنھا األھم في مضمون الصورة بوجه عام")‪.(1313‬‬

‫"وتعتبر اللغة إحدى الوسائل التي يملكھا الشاعر‪ ،‬إذ يحاول الش اعر أن يقت رب باللغ ة م ن‬

‫روحھ ا البدائي ة‪ ،‬وكلم ا قَرُب ت اللغ ة م ن وض عھا الب دائي‪ ،‬كان ت تص ويرية")‪ ،(1314‬ف األدب يق دم‬

‫المعرفة‪ ،‬والتجربة اإلنسانية‪ ،‬بوسيلة خاص ة "ھ ي اللغ ة بع د أن ينقلھ ا الفن ان م ن بع دھا اإلش اري‬

‫التقري ري‪ ،‬إل ى بع د أعم ق؛ لتعب ر بالص ورة والرم ز")‪" ،(1315‬والكلم ة الش عرية‪ ،‬قط اع ف ي بن اء‬

‫القصيدة الشعرية‪ ،‬ألن عملية اإلبداع الشعري‪ ،‬تتمثل أقوى ما تتمثل في إبداع اللغة" )‪.(1316‬‬

‫‪ -‬ﻋﻭﺩﺓ‪ ،‬ﺨﻠﻴل ﻤﺤﻤﺩ ﺤﺴﻴﻥ‪ :‬ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺸﻌﺭ ﺫﻱ ﺍﻟﺭﻤﺔ‪ ،‬ﺭﺴﺎﻟﺔ ﺩﻜﺘﻭﺭﺍﻩ‪ ،‬ﻏﻴﺭ ﻤﻨﺸﻭﺭﺓ‪ ،‬ﻤﺼﺭ‪1987 ،‬ﻡ‪،‬‬ ‫‪1311‬‬

‫ﺹ‪.14،‬‬
‫‪ -‬ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪ ،‬ﺹ ‪.28‬‬ ‫‪1312‬‬

‫‪ -‬ﻋﺒﺩ ﺍﷲ‪ ،‬ﻤﺤﻤﺩ ﺤﺴﻴﻥ‪ :‬ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﻭﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﺸﻌﺭﻱ‪ -‬ﻁ‪ -1‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ‪1981 ،‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪.148‬‬ ‫‪1313‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪ ،‬ﺹ‪.26‬‬ ‫‪1314‬‬

‫‪ -‬ﻭﺍﺩﻱ‪ ،‬ﻁﻪ‪ :‬ﺠﻤﺎﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﻘﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭﺓ ‪-‬ﻁ‪ -2‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ‪ ،‬ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ‪ ،1989 ،‬ﺹ‪.14‬‬ ‫‪1315‬‬

‫‪ -‬ﺇﺴﻤﺎﻋﻴل‪ ،‬ﻋﺯ ﺍﻟﺩﻴﻥ‪ :‬ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭ ﻭﻗﻀﺎﻴﺎﻩ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻌﻭﺩﺓ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪) ،‬ﺩ‪.‬ﺕ(‪ ،‬ﺹ ‪.78‬‬ ‫‪1316‬‬

‫‪241‬‬
‫والدارس للشعر الجاھلي‪ ،‬يالحظ غلبة الصورة على وسائل التعبي ر اللغ وي‪ ،‬والفن ي في ه‪،‬‬

‫فرغم عدم فھم القدماء للصورة‪ ،‬إال أنھم استخدموھا ف ي أش عارھم‪ ،‬فم ا ينبغ ي علين ا إال أن ن درس‬

‫أشعارھم دراسة نقدية جديدة‪ ،‬وفق أسس ومعايير جديدة؛ لنبعث الحياة في ثناياھا‪ ،‬ونكشف ما فيھ ا‬

‫من طاقات إبداعية‪.‬‬

‫والحديث عن الصورة في الشعر الجاھلي "ھ و دراس ة موض وعية وفني ة‪ ،‬غايتھ ا الكش ف‬
‫عن أصول ھذه الصور‪ ،‬وفھمھا فھما ً صحيحاً‪ ،‬وبيان وسائل الشعراء الفنية في مالحظ ة العالق ات‬

‫المختلفة‪ ،‬الت ي ت ربط ب ين أطرافھ ا المتناقض ة‪ ،‬وخل ق ھ ذه العالق ات أحيان اً‪ ،‬وتحويرھ ا بم ا يجع ل‬

‫فيھا على الرغم من النمطية‪ ،‬والتكرار صوراً فنية متجددة‪ ،‬ومتنوعة الرموز واإلشارات")‪.(1317‬‬

‫وقد ربط )نصرت عب د ال رحمن( ب ين معتق د الج اھلي وش عره‪ ،‬إذ ي رى أن معرف ة معتق د الش اعر‪،‬‬

‫ھ ي الس بيل لكش ف ش عره؛ "ألن الش عر رم ز يلتق ي في ه الب اطن بالخ ارج‪ ،‬فيل ون الب اطن الخ ارج‬

‫بألوان ه‪ ،‬والش اعر الج اھلي‪ ،‬وثن ي ينظ ر إل ى األش ياء نظ رة تس اوق معتق ده‪ ،‬فيعكس ھا ف ي‬

‫ص وره")‪ ،(1318‬وق د رس م ص وره" م ن خ الل ت أثره ب الموروث الق ديم‪ ،‬ذل ك الم وروث ال ذي يع ج‬

‫بالقص ص واألس اطير‪ ،‬فوظ ف ھ ذا الم وروث ف ي قص ائده؛ وال ب د لفھ م ھ ذا الش عر م ن معرف ة‬

‫األساس الذي يرتكز عليه الشاعر الجاھلي‪ ،‬والخلفية التي ينطلق منھا‪.‬‬

‫وسنحاول في الصفحات القادمة التعرف على عناصر الصورة الفني ة وأھميتھ ا‪ ،‬فيم ا ورد‬

‫في األشعار التي تتعلق بالجن‪ ،‬ونتبين عالقة ذلك بقض ايا الش اعر وأحاسيس ه‪ ،‬ومواقف ه م ن الحي اة‬

‫والناس من حوله‪ ،‬ومدى اھتمام الشاعر الجاھلي بالتعبير الرمزي‪.‬‬

‫‪ -‬ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺤﻤﻥ‪ ،‬ﺇﺒﺭﺍﻫﻴﻡ‪ :‬ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﻗﻀﺎﻴﺎﻩ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻋﻴﺔ‪ ،‬ﺹ ‪.196‬‬ ‫‪1317‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺹ‪187‬‬ ‫‪1318‬‬

‫‪242‬‬
‫المبحث األول‬

‫البعد الميثولوجي‬

‫التراث الجاھلي عالم خصب وثريﱞ‪ ،‬وھو جزء من عالقة الجاھليين بعالم الغيب‪ ،‬نس تطيع‬

‫أن نجد فيه من الرموز إلى ق وى الطبيع ة‪ ،‬ون وازع ال نفس اإلنس انية‪ ،‬م ا نج ده ف ي بع ض أس اطير‬

‫األمم األخرى‪ ،‬والش عر العرب ي وثي ق الص لّة باألس طورة )‪ ،(1319‬والش اعر رج ل يب دع األس اطير‪،‬‬
‫ألنه ُملھَم أو َم ْمسُوس؛ أي أن ه ل يس ف ي حالت ه الذھني ة الطبيعي ة‪ ،‬وإنم ا يتلق ى أص واتاً‪ ،‬كان ت تب دو‬

‫لألولين ُمنَ ﱠزلَةً م ن الس ماء )‪ ،(1320‬والش عر الج اھلي ِس ج ًّل ُ◌ دقي ق حاف ل بت اريخ الع رب السياس ي‪،‬‬

‫والديني واالجتماعي‪ ،‬فھو يقوم مق ام األث ار عن د ق دماء المص ريين واليون انيين وغي رھم م ن األم م‬
‫القديمة‪ ،‬في أعطائنا صوراً مفصلة‪ ،‬أللوان الحياة العربية الجاھلية)‪.(1321‬‬

‫ص َو َره‬
‫وإذا حاولن ا اس تقراء ص ورة الج ن ف ي الش عر الج اھلي‪ ،‬فإنن ا ب ال ش ك‪ ،‬نج د أن ُ‬
‫المتعددة جاءت مستم ّدة من بيئة الشاعر‪ ،‬مرتبطة بحي اتھم ف ي ح التي الس لم والح رب‪ ،‬تكش ف ع ن‬

‫كثير م ن القض ايا الديني ة واألس طورية الموغل ة ف ي الق دم‪ ،‬والت ي تف ّس رھا الطق وس الش عائرية ف ي‬

‫العقلية القديمة‪(1322)،‬وقد كان اإلنس ان الب دائي يتص رف لح ّل قض اياه الوجودي ة‪ ،‬بدوافع ه الروحي ة‬

‫أكث ر م ن وعي ه العقل ي المج رد‪" ،‬والعقلي ة الجاھلي ة ذات الط ابع الب دائي‪ ،‬ف ي مواجھتھ ا لظ واھر‬

‫الكون‪ ،‬ومشكالت الحياة‪ ،‬كانت تحقق النظرة األسطورية الت ي ت رى األرواح حالّ ة ف ي ك ل مك ان‪،‬‬

‫ومتلبﱢسة في كل جماد")‪ ،(1323‬إذ كان إحساس اإلنسان بالمجھول حوله‪ ،‬يعطيه وعي ا ً غي ر واض ح‪،‬‬

‫ويجعله يجسّم أخطار ھذا المجھول‪ ،‬عن طريق خل ق فك رة الوح وش الخرافي ة‪ ،‬واآللھ ة الش ريرة‪،‬‬
‫والشياطين والجان؛ فإن ذلك يقوده إل ى ترجم ة ش عوره ب المجھول المھ دد‪ ،‬إل ى مث ل ھ ذه الكائن ات‬

‫الخرافية؛ لتأخذ به عبر الشعر إلى ميثولوجيا الس لوك الفردوس ي نفس ه‪ ،‬حتّ ى ي ت ﱠم التط ابق الحتم ي‬

‫‪ -‬ﺩﺍﻭﺩ‪ ،‬ﺃﻨﺱ‪ :‬ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ‪ ،‬ﺹ‪.68‬‬ ‫‪1319‬‬

‫‪ -‬ﺭﻴﺩ‪ ،‬ﻫﺭﺒﺭﺕ‪ :‬ﺍﻟﺸﻌﺭ ﻭﺍﻟﺤﻠﻡ ﻭﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ‪ ،‬ﺘﺭﺠﻤﺔ ﻗﺎﺴﻡ ﻋﻴﺩﻭ‪ ،‬ﻤﺠﻠﺔ ﺁﺩﺍﺏ ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ‪.33/12 ،1916،‬‬ ‫‪1320‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺨﻔﺎﺠﻲ‪ ،‬ﻤﺤﻤﺩ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻤﻨﻌﻡ‪ :‬ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻨﻲ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪) ،‬ﺩ‪.‬ﺕ(‪ ،‬ﺹ‪.355‬‬ ‫‪1321‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺒﻁل‪ ،‬ﻋﻠﻲ‪ :‬ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪ ،‬ﺹ‪.38‬‬ ‫‪1322‬‬

‫‪ -‬ﺭﻭﺍﺱ‪ ،‬ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻔﺘﺎﺡ‪ :‬ﺭﻤﻭﺯ ﻭﺃﺴﺎﻁﻴﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻭﺭﻭﺜﺎﺕ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ‪ ،‬ﻤﺠﻠﺔ ﺍﻟﺘﺭﺍﺙ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪1418 ،‬ﻫـ‪1997 ،‬ﻡ‪ ،‬ﻉ ‪،68‬‬ ‫‪1323‬‬

‫ﺹ‪.59‬‬

‫‪243‬‬
‫ب ين مس توى الح سﱢ البط ولي عل ى أرض ية الواق ع‪ ،‬ومس توى الميثولوج ات ذات النزع ة‬

‫التراجيدية)‪.(1324‬‬

‫وق د تع ددت الص ور الت ي اس تقاھا الش اعر الج اھلي م ن ذل ك الع الم الخف ّي والمجھ ول‪،‬‬

‫فج اءت تعك س رؤي ة اإلنس ان الج اھلي بش كل ع ام إل ى تل ك الكائن ات‪ ،‬وم ا اختزن ه ف ي الالش عور‬

‫الجمع ي م ن م وروث فك ري ق ديم؛ ألن ه إذا أراد أن يص ف طبيع ة الم رأة‪ ،‬وتقلبھ ا ف ي تص رفاتھا‬
‫ومشاعرھا‪ ،‬يعمد إلى الغول؛ لما عَرفه عنه من التلّون والتقلّب)‪.(1325‬‬

‫كما عمد معظم الشعراء الجاھليين إل ى تش بيه الم رأة ب الغول؛ ليق رّب ص ورة الم رأة‪ ،‬وم ا‬

‫ُع رف عنھ ا م ن ال ّدھاء والمك ر‪ ،‬و ربّم ا م ن النف اق‪ ،‬ألن الخيتع ور ال ذي ش بھت ب ه الم رأة ھ و‬
‫الغول)‪ ،(1326‬وامرأة خيتعور ال يدوم حبﱡھا‪ ،‬وقي ل إنّ ه "الس راب ال ذي ال يلب ث أن يض محل")‪،(1327‬‬

‫وكالھم ا يعك س ص ورة األم الكب رى الت ي ظھ رت بص ورة ش يطانة‪ ،‬تمتل ك وجھ ين متناقض ين‪،‬‬

‫أح دھما يش ير إل ى الح ب والجم ال‪ ،‬واألخ ر يش يرإلى الم وت وال دمار)‪ ،(1328‬وربّم ا ك ان ھ ذا ھ و‬

‫الدافع الذي دفع الشاعر إلى الجمع بين المرأة والحب والغول ف ي بي ت واح د )‪ ،(1329‬وكأن ه يس تعيد‬

‫أيضا ً صورة الع زى الت ي ب دت بع دة أش كال‪ ،‬تك اد تك ون متناقض ة‪ ،‬وص ورة "الليلي ث" الس ومرية‬

‫الت ي تج ّس دت بص ور مختلف ة‪ ،‬وھ ي الجنيّ ة أو الغول ة أو الس احرة العج وز‪ ،‬كم ا أنھ ا رب ة الحكم ة‬

‫ومصدر اإللھام؛ فكلﱡ ھذه الصور تلتقي مع طبيعة المرأة والغول‪.‬‬

‫أ ّم ا بالنس بة لل دور ال ذي تلعب ه الم رأة‪ ،‬وتب دو في ه ك الغول‪ ،‬وتظھ ر في ه الرم وز الديني ة و‬

‫األسطورية‪ ،‬فقد ترتد تلك العالق ة إل ى العھ د الفردوس ي األول‪ ،‬ال ذي بَ دت في ه ح واء‪ ،‬وھ ي رم ز‬
‫الشيطانة "ليليث"‪ ،‬كما مثّلت "نموذجا ً إنسانيا ً مصغراً لـ عشتار‪ ،‬س يدة الحي اة‪ ،‬األم المتغي رّة‪ ،‬آلھ ة‬

‫الشر والموت التي تلد توأمين وھما في صراع دائ م ال ينتھ ى االب ن األب يض واألس ود‪ ،‬األول س يد‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﺴﻴﻥ‪ ،‬ﻗﺼﻲ‪ :‬ﺃﻨﺘﺭﺒﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ‪ ،‬ﺹ‪.210‬‬ ‫‪1324‬‬

‫‪ -‬ﻜﻌﺏ ﺒﻥ ﺯﻫﻴﺭ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪ ،61‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪.206/6 ،‬‬ ‫‪1325‬‬

‫‪ -‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪ ، 347/2 ،‬ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ‪.170/2 ،‬‬ ‫‪1326‬‬

‫‪ -‬ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ‪.170/2 ،‬‬ ‫‪1327‬‬

‫‪ -‬ﻟﻐﺯ ﻋﺸﺘﺎﺭ‪ ،‬ﺹ‪-207‬ﺹ‪234‬‬ ‫‪1328‬‬

‫‪ -‬ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ‪.170/2 ،‬‬ ‫‪1329‬‬

‫‪244‬‬
‫الحياة‪ ،‬والثاني سيد الموت )‪ ،(1330‬فقد ولدت ھابيل وقابيل‪ ،‬فكان أحدھما إلھا ً لل ّش ر ّ‬
‫ّ◌‪ ،‬واألخ ر إلھ ا‬

‫للخير‪.‬‬

‫وھك ذا فع ل الش اعر الج اھلي‪ ،‬إذ رب ط الم رأة بالح بّ ال ذي يُع ﱡد س َ‬
‫بب الحي اة والخص ب‪،‬‬

‫وبالشيطان الذي يع ﱡد ع د َو الحي اة‪ ،‬وإل ه الم وت وال دمار‪ ،‬مس تمداً ص وره م ن موروث ه ومعتقدات ه‪،‬‬

‫متذكراً ما لَ ِحق بآدم وذريته من متاعب واآلم بس ببھا‪ ،‬إذ كان ت ح ّواء "ليلي ث" الت ي اتخ ذھا إبل يس‬
‫ْ‬
‫تطاعت إغ را َء آدم "علي ه الس الم"‪ ،‬فمعظ م الرواي ات‬ ‫وسيلة لتحقي ق مآرب ه‪ ،‬فوس وس إليھ ا‪ ،‬ث م اس‬

‫واألس اطير تلتق ي ح ول تحمي ل الم رأة مس ؤولية الس قوط المتمثل ة بعص يان األم ر اإللھ ي‪ ،‬ح ين‬

‫خدعتھا الحيّة أو إبليس متنكراً بھا‪ ،‬فھي السبب في ك ل م ا حص ل ل ه‪ ،‬وھ ذا م ا أش ار إلي ه الش اعر‬
‫ب الحي اة‪ ،‬والخص وبة الت ي‬
‫الج اھلي ع دي ب ن زي د‪ ،‬إذ ب ين أن ح واء كان ت س بَب الش قاء‪ ،‬وس بَ َ‬
‫تجسّدت بعد ھبوطھا)‪.(1331‬‬

‫وتتكرر ھذه األسطورة‪ ،‬وتلعب ح واء ال دو َر نفس ه‪ ،‬تح ت اس م "الزَھ رة" الت ي وص فت بالجم ال‪،‬‬

‫وبالحسن والبھجة‪ ،‬ونسب إليھ ا اللھ و والط رب والس رور‪ ،‬إال أنھ ا تس حر الرﱢج ال‪ ،‬بم ا تملك ه م ن‬

‫جمال‪ ،‬وتسبب الفرقة بين المحب ين ف ي الوق ت نفس ه‪ ،‬فھ ي عش تار الثاني ة‪ ،‬وھ ي ح واء األول ى‪ ،‬إذ‬

‫ظھ رت بص ورة مغ ايرة م ن حي ث الزم ان والمك ان‪ ،‬والس بب ف ي اإلغ راء‪ ،‬أغ َرت الملك ين‪ ..‬ث م‬

‫عوقبت على فعلتِھا‪ ،‬كما عوقبت ح ّواء بمتاعب الوالدة والحمل‪ ...‬و يتجسّد ذل ك أيض ا ً ف ي محاول ة‬

‫عشتار إغراء جلجامش‪ ،‬فكانت النتيجة واحدة؛ وھي صعود عشتار إلى السماء‪ ،‬وارتقاؤھ ا ع رش‬

‫الملوكية ممثلة في الزھرة)‪ ،(1332‬فالزمان يعيد نفسه‪ ،‬وجلج امش ھ و آدم "علي ه الس الم"‪ ،‬وعش تار‬
‫ھي حواء والزھرة بصورة معاكسة‪ ،‬ألنھا التي َغيّ َر◌َ ْ‬
‫ت مجرى حياة البشرية جمعاء‪.‬‬

‫وھا ھو الش اعر الج اھلي )ج ران الع ود( يعك س تل ك النظ رة‪ ،‬ويص ّور ح ذر اإلنس ان م ن‬

‫إغراء المرأة وسحرھا‪ ،‬م ّما يد ّل على وعيه الثقافي والفكري‪ ،‬لما يختزنه في ال شعوره‪..‬‬

‫‪ -‬ﻟﻐﺯ ﻋﺸﺘﺎﺭ‪ ،‬ﺹ‪ ،211‬ﻤﻭﺴﻭﻋﺔ ﺍﻟﻔﻭﻟﻜﻠﻭﺭ ﻭﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ‪ ،‬ﺹ‪186‬‬ ‫‪1330‬‬

‫‪ -‬ﻴﻨﻅﺭ‪ :‬ﻋﺩﻱ ﺒﻥ ﺯﻴﺩ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪ -159‬ﺹ‪.160‬‬ ‫‪1331‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻁﺒﺭﻱ‪ ،‬ﺠﺎﻤﻊ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻋﻥ ﺘﺄﻭﻴل ﺁﻱ ﺍﻟﻘﺭﺁﻥ‪ ،456-4 55/1 ،‬ﺯﻜﻲ‪ ،‬ﺃﺤﻤﺩ ﻜﻤﺎل‪:‬ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺭ ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﻱ ﻟﻠﺸﻌﺭ‬ ‫‪1332‬‬

‫ﺍﻟﻘﺩﻴﻡ‪ ،‬ﻤﺠﻠﺔ ﻓﺼﻭل‪ ،‬ﺇﺒﺭﻴل‪ ،‬ﻡ‪ ،1‬ﻉ ‪ ،1981 ،3‬ﺹ‪.125‬‬

‫‪245‬‬
‫ص َور ذل ك جامع ا ً ب ين الغ ول والس عالة‪ ،‬مش بّھا ً بھم ا زوجتي ه‪ (1333)،‬وعم د إل ى ذل ك‬
‫إذ ّ‬

‫معتمداً عل ى التش بيه ال وھمي والمعن وي‪ ،‬ل يعكس األث ر الم ادي والمعن وي ال ذي يتركان ه ف ي نفس ه‬

‫وجسده‪ ،‬حتى يضطر أن يتركھما مفضالً الحي اة م ع الج ن عل ى الحي اة معھم ا)‪،(1334‬مس تعيداً ب ذلك‬

‫القصة إيّاھا‪.‬‬

‫فھو يبني ص وره عل ى أص ول عقدي ة فكري ة قديم ة‪ ،‬مم ا يؤك د اعتم اد الش عراء عل ى ق وة‬
‫َمت َخيَلَ ة مس تمدة م ن م وروث فك ري ق ديم‪ ،‬ألن الحي اة الجاھلي ة‪ ،‬تعب ر ع ن المعتق دات األس طورية‬

‫والخرافية‪ ،‬وعالم الصحراء كان يع ّج بھذه الكائنات‪ ،‬وتلك القوى الخفية الت ي دخل ت ف ي أوھ امھم‪،‬‬

‫وش كلت أخيل تھم‪ ،‬حت ى كان ت ج زءاً م ن حي اتھم اليومي ة‪ ،‬ف الغول ف ي الفك ر الج اھلي‪ ،‬ھ و س بب‬
‫الھالك والدمار والفناء‪ ،‬وھو رم ز التل ّون‪ ،‬وج ران الع ود يعك س الوج ه األس ود للم رأة‪ ،‬ويب ين م ا‬

‫لحق به من المرض واألذى بقوله " َح ْلقي ُم َخ ّدش ما بين التراقي ُمجرّح")‪ ،(1335‬ويعك س م ا اس تق ّر‬

‫في أذھان الجاھليين‪ ،‬م ن أن ص ورة الغ ول ص ورة مثي رة للرع ب والف زع‪ ،‬تعت رض المس افر ف ي‬
‫طريقه فتص ّده عنھا‪ ،‬وتؤدي به إلى الھالك‪ ،‬وقد يؤكد خطورتھا بجمع ه ب ين الغ ول والس عالة الت ي‬

‫تع ﱡد من نساء الجن‪ ،‬وھي أخبث أنواع الجن‪ ،‬ويرتد ذلك إلى بُعد اس طوري آخ ر‪ ،‬إذ تب دو "ص ورة‬

‫"ارتم يس" ھيق ات س يّدة الم وت والظ الم‪ ،‬وھ ي "القھ ارة" و"بريتاني ا" الت ي ترس ل عفاريتھ ا إل ى‬

‫لتعذب الرجال" )‪ ،(1336‬كما تبدو فيھا صورة الع ّزى التي تُ ْلح ق الم رض‪ ،‬وتَس بب الخب ل‬
‫األرض؛ ّ‬

‫والجنون‪ ،‬والتي استنجد بھا سادنھا لكي؛ تقتل خالد بن الوليد‪ ،‬وھي ليلي ث ع دوة الحي اة واألطف ال‪،‬‬

‫وھ ي األم العربي ة الت ي تح ّول ت إل ى ذل ك الكوك ب األحم ر ال ذي لعن ه رس ول ﷲ"علي ه الس الم"‪،‬‬

‫وتش اءم ب ه‪ ،‬وال تبتع د ص ورتھا ع ن عش تار الت ي ت أمر بخل ق الث ور الس ماوي؛ لتھل ك جلج امش‬

‫والبشر‪ ،‬فك ّل ھذه الصور‪ ،‬تعك س نظ رة اإلنس ان الج اھلي‪ ،‬بش كل ع ام إل ى الغ ول والس عالة وإل ى‬

‫الم رأة‪ ،‬إذ َكثُ ر تش بيه الش عراء للم رأة بھ ذه الكائن ات‪ ،‬فھ ي ح ّواء الت ي دفع ت ب آدم إل ى مھ اوي‬

‫‪ -‬ﺠَﺭﺍﻥ ﺍﻟﻌﻭﺩ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪ ،4‬ﺍﻟﺤﻤﺎﺴﺔ ﺍﻟﺒﺼﺭﻴﺔ‪ ، 1194/3 ،‬ﺨﺯﺍﻨﺔ ﺍﻷﺩﺏ‪. 18/10 ،‬‬ ‫‪1333‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ ‪ ،19‬ﺍﻟﺤﻤﺎﺴﺔ ﺍﻟﻴﺼﺭﻴﺔ ‪.1194/3‬‬ ‫‪1334‬‬

‫‪ -‬ﺠﺭﺍﻥ ﺍﻟﻌﻭﺩ‪ ،‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪ ،4‬ﺨﺯﺍﻨﺔ ﺍﻷﺩﺏ‪.18/10 ،‬‬ ‫‪1335‬‬

‫‪ -‬ﻟﻐﺯ ﻋﺸﺘﺎﺭ‪ ،‬ﺹ‪.223‬‬ ‫‪1336‬‬

‫‪246‬‬
‫ّ‬
‫ولكن الشاعر َج َران العود دفعته إلى الھروب‪ ،‬برحلة عكسية إلى الجب ال حي ث تق يم الج ن‬ ‫الرذيلة‪،‬‬
‫)‪(1337‬‬
‫)الطويل(‬ ‫فيقول‪:‬‬

‫ْز ُ‬
‫ف‬ ‫بِ َع ْليَا َء في أَرْ َجائِھا ِ‬
‫الج ُن تَع ِ‬ ‫َح َم ْلن َج َران العُو ِد َحتّى َو َ‬
‫ض ْعنَه‬

‫فالشاعر يجمع بين عنص ري الحرك ة والص وت‪ ،‬ليق رّب المعن ى ويؤك ده‪ ،‬وتعك س نظرتُ ه أُص والً‬

‫أسطورية‪ ،‬تمثلت في رحلة جلجامش إلى أعالي الشمس‪ ،‬من أجل الحص ول عل ى نبت ة الحي اة الت ي‬
‫تمنح الخلود لمن يأكلھا‪ ،‬فكأن الشاعر يَ ْھ رُب إل ى ھن اك طالب ا ً الحي اة المس تقرة الھانئ ة البعي دة ع ن‬

‫أذى زوجتي ه‪ ،‬وكأن ه يفص ل ب ين الغ ول والج ن م ن حي ث الت أثير‪ ،‬ويؤك د قَدا َس ة الجب ال الت ي تُ َع ّد‬

‫موطن اآللھة‪ ،‬وواسطة بين السماء واألرض‪.‬‬

‫أما الجانب الثاني والوجه الجميل‪ ،‬فينعكس ف ي تش بيه ح ّس ان ب ن ثاب ت النس اء الحس ناوات‬

‫بالجنﱢيات‪ ،‬واصفا ً جمالھن وحسنھن‪ ،‬واألث ر المعن وي ف ي نفس ه)‪ .(1338‬فق د جع ل ح ّس ان الم رأة ف ي‬

‫صورة الجنيّة‪ ،‬صورة تعكس أعتقاد العرب بتلبﱡس الجن لإلنسان‪ ،‬ومالزمتھا ل ه‪ ،‬ويجعلھ ا الﱡزھ رة‬

‫نفسھا‪ ،‬إذ تزوره ليالً‪ ،‬ثم تتركه صباحاً‪ ،‬ويعكس عالقتھا بالناحية الجنس ية‪ ،‬وبالخص ب‪ ،‬بقول ه ف ي‬

‫المنام‪ ،‬ويؤكد ذلك بقوله "أرّقني" الدال على القلق‪ ،‬وعدم االطمئنان‪.‬‬

‫وھو بھذا يعكس الدور الذي تلعبه "عش تار" األول ى الت ي كان ت تم ارس الس حر‪ ،‬وتح اول‬
‫السيطرة على الرجال‪ ،‬بأسلحتھا وشباكھا المعنوية‪ ،‬التي لم يكن يقوى عليھ ا الرج ال‪ ،‬رغ م م ا ف ي‬
‫)‪(1339‬‬
‫‪ ،‬وإل ى الس يرينيات الل واتي ُك ﱠن يَ ِ‬
‫ص ّدن الرج ال‬ ‫ح وزتھم م ن األق واس والس ھام والرم اح‬

‫بِ ِش بَا ِك ِھ ﱠن الليلي ة‪ ،‬بجم ال وعذوب ة أص واتھن‪ ،‬وص ورة اإللھ ة "أفرودي ت" الت ي احتفظ ت لنفس ھا‬
‫بمعظم الخصائص الليلية لألم الكبرى‪ ،‬وبوجھھا األسود أيضاً‪ ،‬فھي تزرع الحبﱠ في قلوب البش ر‪،‬‬

‫بنفس األداة والسھام التي تودي بھا إل ى التھلك ة‪ ،‬فھ ي األم الكوني ة عش تار‪ (1340)،‬فالش اعر يتح ّدث‬

‫في مجال الغ زل‪ ،‬ويص و ّر الم رأة بالجنيّ ة م ن خ الل َس حْ ِرھا ل ه‪ ،‬وتأثيرھ ا ف ي نفس ه‪ ،‬ويعك س م ا‬

‫‪ -‬ﺠﺭﺍﻥ ﺍﻟﻌﻭﺩ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ ‪ ،19‬ﺍﻟﺤﻤﺎﺴﺔ ﺍﻟﺒﺼﺭﻴﺔ‪ ،1194/3 ،‬ﺍﻟﺸﻌﺭ ﻭﺍﻟﺸﻌﺭﺍﺀ‪. 608-605/2 ،‬‬ ‫‪1337‬‬

‫‪ -‬ﺤﺴﺎﻥ ﺒﻥ ﺜﺎﺒﺕ‪ :‬ﺸﺭﺡ ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.271‬‬ ‫‪1338‬‬

‫‪-‬ﻟﻐﺯﻋﺸﺘﺎﺭ‪ ،‬ﺹ ‪.257‬‬ ‫‪1339‬‬

‫‪ -‬ﻟﻐﺯﻋﺸﺘﺎﺭ‪ ،‬ﺹ‪.224‬‬ ‫‪1340‬‬

‫‪247‬‬
‫َو َرد ف ي المعتق دات الفارس ية الت ي "كان ت تتص ّور اإلن اث م ن الج ن بش كل حوري ات حس ناوات‪،‬‬

‫س احرات يأ ُخ ْذن بِلُ بّ الرج ال")‪ ،(1341‬فھ ن ج ﱞن خيّ رة وطيّب ة‪ ،‬وھ ذا يمث ل الوج ه األب يض ل ألم‬

‫والخصب والحياة‪.‬‬
‫ِ‬ ‫العشتارية؛ بما يوحي إليه من الحب والجنس‪،‬‬

‫وتب دو قداس ة الج ن‪ ،‬وعالقتھ ا ب األم الكب رى ف ي تص وير األعش ى ال ذي جعلھ ا تلع ب ف ي‬

‫محراب المرأة كال ُحبْش‪ ،‬إذ بنى صورته بمھارة فنية؛ إذ تجاوز الصورة الجامدة إلى ص ورة حيّ ة‪،‬‬
‫يتضافر ف ي بنائھ ا ك ل م ن النظ ر‪ ،‬والس مع والحرك ة‪ ،‬ج اعالً أص وات الح روف تأخ ذ دورھ ا ف ي‬

‫التشكيل الفني‪ ،‬حتى ج اءت غني ة بالعناص ر البص رية والس معية‪ ،‬ب دليل الح ديث الع ذب‪ ،‬والح وار‬

‫الذي دار بينھما‪ ،‬بقوله‪ :‬والج ن تع زف‪ ،‬ويلع بن ك ال ُحبْش‪ ،(1342) ....‬ويش به الج ن ف ي ش ّدة س وادھا‬
‫بال ُحبْش‪ ،‬ويجعلھا تلعب‪ ،‬وتُصْ د ُر صوتا ً يعبّر ع ن الفَ َرح‪ ،‬وي وحي بال ِخصْ ب والحي اة‪ ،‬فكأنّ ه يش ير‬

‫إل ى م ا تحمل ه األم الكب رى "عش تار" م ن مع ا ٍن‪ ،‬إذ ظھ رت عش تار "س يدة الم وت وال دمار وإلھ ة‬

‫العالم‪ :‬بوجھھا األسود‪ ،‬وصورتھا البشعة )‪ ،(1343‬ويزداد األسود قتامة في النفوس حتى يتحول إل ى‬
‫شيطان )‪ ،(1344‬وقد ارتبط ھذا اللون بكثير من اآللھة )‪ ،(1345‬األمر الذي يفس ر لن ا قداس ته ووق اره‪،‬‬

‫وق د أك د األعش ى قداس ة الج ن‪ ،‬وعالقت ه باآللھ ة ف ي قص يدة أخ رى‪ ،‬إذ ص ورھا بالم ارد الق وي‬

‫الحارس لتلك المرأة‪ ،‬ال يفتأ يطوف حولھا‪ ،‬بقوله‪" :‬من نالھا نال ُخل داً ال انقط اع ل ه")‪ ..(1346‬إذ أن‬

‫كل ما جاء في القصيدة من أفعال‪ ،‬يؤكد حرص الغواص على نيل تلك المرأة التي ي رى أنھ ا س بب‬

‫الخل ود‪ ،‬ومعارض ة الجنّ ّي ل ه‪ ،‬و ِحرص ه عل ى تل ك الم رأة أيض اً؛ وم ا ذاك إال ليؤك د ع دم ق درة‬

‫اإلنسان على نيل الخلود‪ ،‬وطموحه المستمر‪ ،‬وسعيه ال دائم للوص ول إلي ه‪ ،‬ف الجن كأن ه الحيّ ة الت ي‬

‫س لبت نبت ة الخل ود م ن جلج امش‪ ،‬وإبل يس ال ذي وس وس لح واء لألك ل م ن الش جرةَ؛ فَ َحرمھ ا م ن‬

‫الخلود‪.‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺠﻭﻫﺭﻱ‪ :‬ﻋﻠﻡ ﺍﻟﻔﻭﻜﻠﻭﺭ‪.387/2 ،‬‬ ‫‪1341‬‬

‫‪ -‬ﻴُﻨﻅﺭ‪ ،‬ﺍﻷﻋﺸﻰ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.16‬‬ ‫‪1342‬‬

‫‪ -‬ﻟﻐﺯ ﻋﺸﺘﺎﺭ‪ ،‬ﺹ‪.234-207‬‬ ‫‪1343‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.211‬‬ ‫‪1344‬‬

‫‪ -‬ﻴﻨﻅﺭ‪ ،‬ﻟﻐﺯ ﻋﺸﺘﺎﺭ‪ ،‬ﺹ ‪.223‬‬ ‫‪1345‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﻋﺸﻰ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.124‬‬ ‫‪1346‬‬

‫‪248‬‬
‫وم ن الص ور الت ي تحم ل أبع اداً أس طورية وميثولوجي ة‪ ،‬م ا قال ه أمي ة ب ن أب ي الص لت‬

‫خ◌َ ّ◌صُ في ه ال دھ َر‪ ،‬وينعت ه بص فات غي ر مس تحبة‪ ،‬إذ جعل ه غ والً‪ ،‬معتب راً الم وت عم الً م ن‬
‫يُ َش ِ‬
‫أعمال الشيطان )‪ ،(1347‬كما استحضر ما كان للغول من خصوصية في أذھ انھم‪ ،‬وعالق ة ب الموت‪،‬‬
‫فج اء التش بيه انعكاس ا ً للتص ور الق ديم‪ ،‬وجعل ه رم زاً للفن اء وال زوال ال ذي ش ﱠكل ھاجس ا ً مرعب ا ً‬

‫لإلنسان الجاھلي‪ ،‬وأدرك أن نيل الخلود قضية بعيدة المن ال‪ ،‬ف راح يعك س أفك اره ومخاوف ه‪ ،‬عل ى‬

‫ما حوله من مظاھر الطبيعة‪ ،‬باحثا ً عن الخلود في كل مك ان‪ .‬وتتك رر الص ورة نفس ھا عن د أحيح ة‬

‫ابن الجالّح‪ ،‬الذي يصور الزمن َوحشاأو غوالً ً‪ ،‬يلتھ ُم كل منابع الخير‪ ،‬فال يك اد الم رء يع يش ف ي‬
‫)‪(1348‬‬
‫صفاء‪ ،‬حتى يبتلع كل الصفاء والخير‪ ،‬ويتركه فريسة للصراع النفسي‪ ،‬بقوله‪:‬‬

‫َونَ ْفسُ ال َمرْ ِء‪ِ ،‬‬


‫آونَةٌ‪ ،‬قتو ُل )الوافر(‬ ‫ت عن الصﱢ ِ◌با‪ ،‬وال ّدھ ُر ُغو ٌل‬
‫ص َح ْو ُ‬
‫َ‬

‫ويتكرر المعنى ذاته عند امرئ القيس‪ ،‬بقوله‪" :‬غو ٌل ختو ُر يلتھم الرج ال")‪ ،(1349‬وت نعكس النظ رة‬

‫الميثولوجية في تشبيه كثير من الش عراء المني ة والح وادث ب الغول‪ ،‬م ن ذل ك ق ول ربي ع اب ن ض بع‬
‫)‪(1350‬‬
‫الفزاري‪:‬‬

‫)الطويل (‬ ‫َويَ ْغتَالني ما ا ْغتا َل أَ ْن ُس َر لُ ْقمان‬ ‫َسيُ ْد ِر ُكني َما أَدر َ‬


‫ك المر َء تُبّعا‬

‫وھكذا يصور الشعراء حوادث الدھر بالغول التي ال يقف أح ٌد أمامهُ‪ ،‬مھما حاول الف رار من ه‪ ،‬كم ا‬
‫)‪(1351‬‬
‫يقول المرقش األكبر‪:‬‬

‫عن أَرْ ِياد ِه فح ِ‬


‫)‪(1352‬‬
‫)السريع(‬ ‫ُط ْم‬ ‫تﱠى َز ﱠل ْ‬ ‫فَغَالَهُ َريْبُ الحواد ِ‬
‫ث حـَتـْ‬

‫وھك ذا ف ّ‬
‫إن ال دھر ك المرأة يمث ل الحي اة واالس تمرار‪ ،‬مقاب ل الم وت و الفن اء‪ ،‬يحم ل ص ورتين‬

‫متناقض تين تمام ا ً ك المرأة "عش تار" الت ي تس يطر عل ى األق دار والمص ائر والنھاي ات‪ ،‬وھ ي ف ي‬

‫‪ -1347‬ﻴﻨﻅﺭ‪ :‬ﺃﻤﻴﺔ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.96‬‬


‫‪ -‬ﺠﻤﻬﺭﺓ ﺃﺸﻌﺎﺭ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﺹ‪.231‬‬ ‫‪1348‬‬

‫‪ -‬ﺍﻤﺭﺅ ﺍﻟﻘﻴﺱ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.150‬‬ ‫‪1349‬‬

‫‪ -‬ﻋﺒﻘﺭ‪ ،‬ﺹ‪ ،110‬ﻟﻡ ﺃﻋﺜﺭ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﺭ ﺍﻟﻘﺩﻴﻤﺔ‪.‬‬ ‫‪1350‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻔﻀﻠﻴﺎﺕ‪.239 ،‬‬ ‫‪1351‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﺭﻴﺎﺩ‪ :‬ﺠﻤﻊ ﺭﻴﺩ‪ ،‬ﻭﻫﻭ ﺍﻟﺸﻤﺭﺍﺥ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﻤﻥ ﺍﻟﺠﺒل‪.‬‬ ‫‪1352‬‬

‫‪249‬‬
‫الوق ت ذات ه ناس جة الحي اة)‪ ،(1353‬ويؤك د ذل ك م ا تحمل ه م ن أس ماء‪ ،‬فھ ي األم الكب رى الت ي تتمث ل‬

‫بص ورة ال الت وال ُع ّزى ومن اة؛ إذ تُظھ ر المع اني اللغوي ة لھ ذه المف ردات ص لتھا الوثيق ة بالط ابع‬

‫األنثوي؛ نتيجة ارتباطھ ا بح روف التأني ث األص لية ف ي العربي ة‪ ،‬وتمث ل أوج ه ألوھيتھ ا ف ي الفك ر‬

‫الجاھلي؛ فھي الالت اآللھ ة‪ ،‬وال ُع زى ال َعزي زة‪ ،‬ومن اة رب ة الم وت والق در‪ ،‬وال ت َْخف ى عالق ة من اة‬

‫بالمنية‪ ،‬وھ و الم وت والق در‪ ،‬إذ رج ح بع ض الب احثين أن من اة البابلي ة ھ ي الت ي كان ت تعن ي آلھ ة‬

‫الموت والقدر)‪ ،(1354‬كما أعطيت عشتار في جمي ع الحض ارات اس م النس اجة والغ ّزال ة؛ فھ ي الت ي‬

‫تحيك نسيج الحياة‪ ،‬وتغ زل خ يط الق در‪ ،‬وال ي زال "المغ زل مرتبط ا ً ب الموت وب الغول")‪ ،(1355‬فق د‬

‫جعل الجاھليون مناة إلھا ً للموت‪ ،‬وأخذوا يخاطبون ما فيھا م ن أرواح‪ ،‬متمثل ة بالش يطانة‪ ،‬أو ب األم‬
‫الكبرى ال ُم ﱠمثِلَة لھا؛ كي تبعد ش بح الم وت‪ ،‬أو تخف ّ‬
‫ف ّ◌ م ن وطأت ه‪ ،‬فك انوا يخاطبونھ ا "مامن اتو"‪،‬‬
‫)‪(1356‬‬
‫فيقولون‪:‬‬

‫يا مناة ‪ .....‬يا إلھة القدر والموت ‪ .....‬يا أيھا الروح‪ ،‬و َملَ ُ‬
‫ك الموت‬

‫ويبدو أن ھذا الكائن الخرافي" الغول"‪َ ،‬س ْيطَ َر على ذھ ن الش اعر ال ذي يُص ﱢور الالش عور‬

‫الجمع ي‪ ،‬ويعك س أفك ار مجتمع ه؛ فيُ َج ﱢس د ال دھر والمني ة‪ ،‬ف ي ص ورة ُم ِخيف ة ُم ْف ِز َع ة‪ ،‬تتص ل‬

‫باألس اطير‪ ،‬والحكاي ات الت ي ت دور حولھ ا‪ ،‬أو القص ص الت ي ترم ز إليھ ا‪ ،‬إذ اس تخدموا األس اطير‬

‫استخداما ً رمزياً؛ ألن العالم الشعري عالم رمزي في إالساس‪.‬‬

‫وبناء على ھذا نستطيع القول‪ :‬إن موقف الرجل من المرأة‪ ،‬ال يعكس كراھية حقيقي ة للم رأة‪ ،‬بق در‬

‫ما يعكس م ا ف ي ال وع ي الش اعر الج اھلي‪ ،‬م ن اقت ران ص ورة الم رأة بص ورة ال زمن‪ ،‬وإذا ك ان‬
‫الزمن قاسياً؛ ألنه يُ ِشيِ ُخ ال ﱡشبانَ ويفتك بالناس‪ ،‬فإن قسوة الزمن تجعل ر ّدة فعل الرجل تنقل ب قس وة‬

‫‪ -‬ﻟﻐﺯ ﻋﺸﺘﺎﺭ‪ ،‬ﺹ ‪.96‬‬ ‫‪1353‬‬

‫‪ -‬ﺩﻏﻴﻡ‪ ،‬ﺴﻤﻴﺢ‪ :‬ﺃﺩﻴﺎﻥ ﻭﻤﻌﺘﻘﺩﺍﺕ ﺍﺍﻟﻌﺭﺏ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪ ،‬ﺹ‪ ،102-101‬ﺍﻟﺩﻴﻙ‪ ،‬ﺇﺤﺴﺎﻥ‪ :‬ﺼﺩﻯ ﻋﺸﺘﺎﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ‬ ‫‪1354‬‬

‫ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﻤﺠﻠﺔ ﺠﺎﻤﻌﺔ ﺍﻟﻨﺠﺎﺡ ﻟﻸﺒﺤﺎﺙ‪،‬ﺤﺯﻴﺭﺍﻥ‪ ،‬ﻡ ‪ ، 2001 ،15‬ﺹ‪.172‬‬


‫‪ -‬ﻟﻐﺯ ﻋﺸﺘﺎﺭ‪ ،‬ﺹ ‪96‬‬ ‫‪1355‬‬

‫‪ -‬ﺨﺎﻥ‪ ،‬ﻤﺤﻤﺩ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻤﻌﻴﺩ‪:‬ﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ ﻭﺍﻟﺨﺭﺍﻓﺎﺕ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪-‬ﻁ‪ -3‬ﺩﺍﺭﺍﻟﺤﺩﺍﺜﺔ ﻟﻠﻁﺒﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻨﺸﺭ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪1981،‬ﻡ‪،‬ﺹ‬ ‫‪1356‬‬

‫‪138‬‬

‫‪250‬‬
‫مقابل ة تلق ي ظ الً عل ى الم رأة؛ فك ان جلج امش يعل م ّ‬
‫أن عش تار كال دھر ال ذي ي تحطم ف ي داخل ه‬
‫)‪(1357‬‬
‫األبطال‪ ،‬فلذلك حاولت عشتار إغراءه بحبھا‪ ،‬ووعدته قائلة‪:‬‬

‫إذا ما دخلت بيتنا فَ َستُقبﱠل قدميـك العتبةُ وال ّدكة‬

‫وسينحني خضوعا ً لك الملو ُ‬


‫ك والحكا ُم واألمرا ُء‬

‫َو َستلِ ُد عَنزاتُك ثالثا ً ثالثاً‪َ ،‬وتلِ َد نِعاجـك التوائم‬

‫فاألم "عشتار" كانت إلھة الحب والحرب معاً‪ ،‬وكذلك النساء‪ ،‬فھن اللواتي يغرين الرج ال‬
‫ب الحرب‪ ،‬فھ ن مص نع للحي اة؛ يُ ْن ِج ْ‬
‫بن َالرج ال‪ ،‬وھُ ﱠن س بَبُ م وتھم؛ فيج ّس دن ال دھر بجمي ع‬

‫أحواله)‪.(1358‬‬

‫ويبرز الفكر األسطوري الميثول وجي بص ورة مماثل ة‪ ،‬وذل ك ف ي تش بيه الح رب ب الغول‪ ،‬فھ ذا أب و‬
‫)‪(1360‬‬
‫قيس بن األسلت)‪ ،(1359‬يقول‪:‬‬

‫ذات أَوْ َج ِ‬ ‫أَ ْنكَرْ تِ ِه ِحيــنَ تَـ َو ّس ْم ِ◌ت ِه‬


‫)‪(1361‬‬
‫) السريع (‬ ‫اع‬ ‫وال َحرْ بُ ُغو ٌل ُ‬

‫ُمـ ّراً َوتَـحْ ِ‬ ‫َمن يَ ُذ ْق ال َح َ‬


‫)‪(1362‬‬
‫ب ْ◌سُه بِ َج ْع َج ِ‬
‫ـاع‬ ‫رب يَ ِج ْد طَ ْع َمھا‬

‫فالشاعر يعمد إلى التش بيه ال وھمي‪ ،‬وق د يع ود ذل ك إل ى طبيع ة العم ل الفن ي الت ي تقتض ي‬

‫مث ل ھ ذه التش بيھات؛ لجع ل األم ور المعنوي ة أم وراً حس ية والعك س‪ ،‬فوظيف ة الش اعر تكس ير‬

‫الح واجز ب ين الم ادة والعق ل‪ ،‬وب ين الع الم الخ ارجي وال داخلي؛ فھ و يص ور م ا تلحق ه الح رب‬

‫‪ -‬ﺒﺎﻗﺭ‪ ،‬ﻁﻪ‪ :‬ﻤﻠﺤﻤﺔ ﺤﻠﺠﺎﻤﺵ‪ ،‬ﻤﻨﺸﻭﺭﺍﺕ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻹﻋﻼﻡ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻴﺔ‪ ،‬ﺒﻐﺩﺍﺩ‪1980 ،‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪ ،109 -108‬ﺍﻟﺯﻤﻥ ﻋﻨﺩ‬ ‫‪1357‬‬

‫ﺍﻟﺸﻌﺭﺍﺀ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ ‪ ،‬ﺹ ‪.236‬‬


‫‪ -‬ﺍﻟﺯﻤﻥ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﺸﻌﺭﺍﺀ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪ ،‬ﺹ ‪.236-235‬‬ ‫‪1358‬‬

‫‪ -‬ﺸﺎﻋﺭ ﻤﺨﻀﺭﻡ‪ ،‬ﺍﻟﺤﻤﺎﺴﻪ ﺍﻟﺒﺼﺭﻴﻪ ‪.170/1‬‬ ‫‪1359‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻤﺎﺴﻪ ﺍﻟﺒﺼﺭﻴﻪ‪ ،171/1 ،‬ﺍﻟﻤﻔﻀﻠﻴﺎﺕ‪ ،‬ﺹ‪.284‬‬ ‫‪1360‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺘﻭﺴﻡ‪ :‬ﺍﻟﺘﺜﺒﺕ ﻓﻲ ﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻟﺸﻲﺀ‪.‬‬ ‫‪1361‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺠﻌﺠﺎﻉ‪ :‬ﺍﻟﻤﺤﺒﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺍﻟﻐﻠﻴﻅ ﺃﻭ ﺍﻟﻀﻴﻕ‪.‬‬ ‫‪1362‬‬

‫‪251‬‬
‫باإلنس ان م ن آالم ومص ائب ب الغول‪ ،‬ويعم د إل ى كلم ة "أوج اع" و"جعج اع"؛ ليك ون لھ ا ق وة‬

‫التأثير)‪ ،(1363‬كما اعتمد على حاستي الذوق والبصر‪ ،‬ألنھما مرتبطتان معا ً‪.‬‬

‫ويب دو تش بيه الح رب ب الغول والش يطان ف ي إط الق الش عراء لفظ ة ع وان عل ى الح رب‪،‬‬

‫وھ ي ص فة بغيض ة تحرّف ت م ن اس م إلھ ة الح رب الكنعاني ة )عنَ ات(؛ ألنھ م جعل وا خص وبتھا‬

‫مش ؤومة منف رة‪ ،‬تحم ل ِغل َم ان بَ ِش ِعينَ ‪ ،‬ك أحمر ع اد‪ ،‬بط ل أس طورة ق دار ثم ود)‪ ،(1364‬كم ا يق ول‬
‫)‪(1365‬‬
‫)الطويل(‬ ‫زھير‪:‬‬

‫)‪(1366‬‬
‫اس أَ ْنيَابُھَا ُع ُ‬
‫ص ُل‬ ‫ضُروسٌ تُ ِھ ُر النَ َ‬ ‫ض ّرةٌ‬ ‫إذا لَقِ َح ْ‬
‫ت َحرْ بٌ ع ََو ٌ‬
‫ان ُم ِ‬

‫فقد جعل زھير الحرب امرأة ش يطانة قوي ة‪ ،‬لھ ا أني اب تواج ه بھ ا الن اس‪ ،‬وتلح ق الھ زائم‬

‫بھم‪ ،‬ويتماثل مع ھذا تصوير امرئ القيس لھا‪ ،‬إذ صورھا امرأة‪ ،‬تمرﱡ بمراحل مختلف ة؛ تحم ل ك ل‬

‫)الكامل(‬ ‫)‪(1367‬‬
‫مرحلة منھا شعوراً خاصاً‪ ،‬فيقول‪:‬‬

‫تَ ْس َعى بِزينَتِھَا لِ ُك ﱢل َجــھ ِ‬


‫ُول‬ ‫ال َحرْ بُ أَ ّو ُل َما تَ ُك ُ‬
‫ـــون فَتِيﱠةً‬

‫َت َعجُو َزاً غَي َر َذا ِ‬


‫ت َخلِ ْي ِل‬ ‫عَاد ْ‬ ‫َحتَى إِ َذا ا ْستَ َع َر ْ‬
‫ت َو َشبﱠ ِ‬
‫ض َرا ُمھا‬

‫َمـ ْكـرُوھَةً لـ ِ ْل ﱠش ِم والتَقبِ ِ‬


‫يل‬ ‫ت َرأَ َسھَا َوتَنَ َكـ َرت ْ◌‬
‫َش ْمطَا َء‪َ ،‬ج ﱠز ْ‬

‫ويب دو ّ‬
‫أن الص ورة مس تمدة م ن تقلب ات ال ُع زى ربﱠ ة الح رب؛ ول ذلك اختلط ت ص ورتھا‬

‫بصورة عشتار التي ظھرت تحت اسم )دورجا( إلھة للح رب‪ ،‬عل ى ھيئ ة ام رأة ذات وج ه ھ ادئ‪،‬‬

‫تحمل أسلحة فتاكة‪ ،‬وقد تَصدﱠتَ تَحتَ اسم " كالي‪ -‬م ا " لج يش العفاري ت وأبادت ه‪ ،‬ث م م ا لبث ت أن‬

‫قامت بزرع بذور الحياة من جديد؛ فھي مصدر الخوف والرعب‪ ،‬وھ ي اإللھ ة الحامي ة م ن زم ان‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻨﻌﻴﻤﻲ‪ :‬ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪ ،‬ﺹ ‪.254‬‬ ‫‪1363‬‬

‫‪ -‬ﺍﻨﺘﺭﺒﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ‪ ،‬ﺹ ‪.199‬‬ ‫‪1364‬‬

‫‪ -‬ﺯﻫﻴﺭ ﺒﻥ ﺃﺒﻲ ﺴﻠﻤﻰ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻥﻩ‪ ،‬ﺹ‪.60‬‬ ‫‪1365‬‬

‫ﻼ ﻟﻘﻭﺘﻬﺎ‪.‬‬
‫‪ -‬ﺍﻟﻌﻭﺍﻥ‪ :‬ﺍﻟﺤﺭﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﻭﺘل ﻓﻴﻬﺎ ﻤﺭﺓ ﺒﻌﺩ ﻤﺭﺓ‪ ،‬ﺍﻟﻌُﺼل‪ :‬ﺍﻟﻤﻌﻭﺠﺔ‪ ،‬ﺍﻷﻨﻴﺎﺏ ﺍﻟﻌﺼل‪ :‬ﻤﺜ ﹰ‬ ‫‪1366‬‬

‫‪ -‬ﺍﻤﺭﺅ ﺍﻟﻘﻴﺱ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺘﺤﻘﻴﻕ‪ ،‬ﻤﺤﻤﺩ ﺃﺒﻲ ﺍﻟﻔﻀل‪ ،‬ﺹ‪ ،353‬ﻭﻗﺩ ﻭﺭﺩﺕ ﺍﻷﺒﻴﺎﺕ ﻟﻌﻤﺭﻭ ﺒﻥ ﻤﻌﺩ ﻴﻜﺭﺏ ﺍﻟﺯﺒﻴﺩﻱ‪،‬‬ ‫‪1367‬‬

‫ﺍﻟﺸﻌﺭ ﻭﺍﻟﺸﻌﺭﺍﺀ‪ ،290/1 ،‬ﺍﻟﺤﻤﺎﺴﺔ ﺍﻟﺒﺼﺭﻴﺔ‪.66/1 ،‬‬

‫‪252‬‬
‫الش دائد والمص ائب‪ ،‬وك وارث ال زالزل واألوبئ ة‪ ،‬وھ ي القوي ة ذات الب أس‪ ،‬س يدة ال دمار)‪،(1368‬‬

‫فالحربُ تبدو قويةً شابﱠةً‪ ،‬تتباھى بجمالھا ثم تُصْ بِ ُح عج وزاً ش مطا َء‪ ،‬تَ ْمتَلِ ئْ بال َكراھي ة وال ﱡس م‪ ،‬فھ ي‬

‫سبب الموت‪ ،‬وھي رمز البقاء والوجود‪ ،‬فكأن المقص ود ب الموت‪ ،‬ھ و الم وت م ن أج ل الحي اة‪ ،‬أو‬

‫الحياة بعد الموت‪ ،‬ألن الموت عندھم مرحلة انتقالية‪ ،‬وليس نھاية‪.‬‬

‫وينعكس البعد األسطوري من خالل العالقة بين الشيطان واألفعى‪ ،‬ويبدو ذلك في وص ف‬
‫طرفة بن العبد للم رأة‪ ،‬ح ين جعلھ ا تتل وى‪ ،‬كم ا يتل وى الش يطان ف ي أرض مقف رة "تع ﱡم ج ش يطان‬
‫ب ذي خ روع قف ر")‪ ،(1369‬ويتك رر المعن ى نفس ه عن د حمي د ب ن ث ور الھالل ي إذ يش ير إل ى عالق ة‬
‫الشيطان بشجرة الحماطة والمرأة‪ ،‬بقوله ) كشيطان الحماط محكما()‪.(1370‬‬

‫وال ش ك أن ھ ذا الش عر يعك س فك راً أس طوريا ً متعلق ا ً بأذھ ان الج اھليين‪ ،‬ألن ه يجم ع ب ين‬
‫الش يطان والحي ة‪ ،‬والم رأة والش جرة‪ ،‬مس تعيداً ب ذلك قض ية خ روج آدم وح واء م ن الجن ة؛ إذ أق ﱠر‬
‫بعض الشعراء الجاھليين متأثرين بما ورد ف ي الت وراة‪ ،‬أن المس ؤول الوحي د ع ن تل ك الحادث ة ھ و‬
‫الحية‪ ،‬وأنھا ھي صاحبة الغواية‪ ،‬وما لبثت تلك الحية أن أصبحت رمزاً للشيطان " فالمش ابھة ب ين‬
‫الحية والشيطان‪ ،‬تأتي من توحيدھم بين الضرر الحسي والخطيئة األخالقية‪ ،‬ومن تشابه نفث الس م‬
‫ونفث الشر‪ ،‬على سبيل المجاز ")‪ ،(1371‬ويرون أن الحية اس تھدفت آدم بطريق ة غي ر مباش رة عب ر‬
‫زوجت ه الت ي أص غت لھ ا‪ ،‬وتب دو الحي ة بص ورة عدائي ة؛ تھ دف إل ى إلح اق الض رر واألذى ب آدم؛‬
‫رم ز الحي اة والخل ود‪ ،‬ويس جل الش اعر الج اھلي ذل ك‪ ،‬مم ا ي دل عل ى وعي ه للم وروث الثق افي‬
‫والفكري‪ ،‬وانشغاله بقضايا الخلق‪ ،‬وتتجلى تل ك العالق ة ف ي ش يطان الحماط ة الت ي ت ذكرنا بش جرة‬
‫التين‪ ،‬وشجرة الجنة الت ي كان ت نقط ة تح ول ف ي حي اة آدم وح واء‪ ،‬وانتقالھم ا م ن الع الم الس ماوي‬
‫إلى األرضي بتدخل الحيّة‪ ،‬وتب دو فيھ ا ش جرة ال َس َمرة الت ي مثل ت الع زى‪ ،‬فكان ت ش يطانة‪ ،‬وإلھ ة‬
‫مسؤولة عن المطر والخصب‪ ،‬وال أدلﱡ على ذلك من "شجرة النخلة تلك الشجرة المقدسة التي تع د‬
‫شجرة الحياة‪ ،‬ورمز النصر عند البابليين واألشوريين")‪ ،(1372‬أو تعكس صورة شجرة العشر الت ي‬
‫كان ت م أوى للش ياطين‪ ،‬والت ي تش ير إل ى الرابط ة الزوجي ة‪ ،‬والممارس ة الجنس ية والخص وبة‬

‫‪ -‬ﻟﻐﺯ ﻋﺸﺘﺎﺭ‪ ،‬ﺹ‪.225 - 229‬‬ ‫‪1368‬‬

‫‪ -‬ﻁﺭﻓﺔ ﺒﻥ ﺍﻟﻌﺒﺩ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺭﺤﺎﺏ ﺨﻀﺭ‪ ،‬ﺹ‪.156‬‬ ‫‪1369‬‬

‫‪ - 1370‬ﺤﻤﻴﺩ ﺒﻥ ﺜﻭﺭ ﺍﻟﻬﻼﻟﻲ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.93‬‬


‫‪ -‬ﺇﺒﻠﻴﺱ‪ ،‬ﺹ ‪.94‬‬ ‫‪1371‬‬

‫‪ -‬ﻜﻨﻌﺎﻥ‪ ،‬ﺘﻭﻓﻴﻕ‪:‬ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺎﺕ ﺍﻟﻔﻠﻜﻠﻭﺭﻴﺔ‪ ،‬ﺘﺭﺠﻤﺔ‪،‬ﻤﻭﺴﻰ ﻋﻠﻭﺵ‪ -‬ﻁ‪ -1‬ﺩﺍﺭ ﻋﻠﻭﺵ ﻟﻠﻁﺒﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻨﺸﺭ‪1998 ،‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪–99‬‬ ‫‪1372‬‬

‫‪.100‬‬

‫‪253‬‬
‫والتك اثر‪ ،‬وم ا ي نجم عنھ ا م ن حي اة وإنج اب)‪ ،(1373‬وھ ذا يقربھ ا م ن الن وق العش ار‪ ،‬وم ن األم‬
‫الكبرى؛ فھي رغم أنھا السبب في الھ الك وال دمار ال ذي حص ل آلدم وح واء‪ ،‬إال أنھ ا تمث ل الحي اة‬
‫والخصوبة‪ ،‬كما أن الربط بين كل ھذه المتناقضات ھ و رب ط أس طوري‪ ،‬تع ود أص وله إل ى ج ذور‬
‫قديمة‪ ،‬ألن الم رأة كان ت مقدس ة‪ ،‬وارتبط ت األم اكن المرتفع ة بالعب ادة والتق ديس‪ ،‬إذ كان ت اآللھ ة‬
‫الكنعانية تقيم في قمم الجبال)‪.(1374‬‬

‫وتعيدنا ھذه العناصر مجتمع ة إل ى الش يطانة ليلي ث والحي ة‪ ،‬اللت ين اتخ ذتا ش جرة اإللھ ة "‬

‫إنان ا " الحلب و مق راً لھم ا‪ ،‬وم ا فعل ه جلج امش ال ذي اس تطاع قت ل الحي ة‪ ،‬فف رت الش يطانة إل ى‬

‫الب راري)‪ ،(1375‬وتب دو ش جرة اإللھ ة ھ ي ش جرة المعرف ة الت ي كان ت مح ور الص راع ب ين الخي ر‬

‫والش ر‪ ،‬وس بب المعص ية‪ ،‬وق د اس تطاع عنص را الش ر "الحي ة وإبل يس" أن ينتص را عل ى عنص ر‬

‫الخير‪ ،‬على عكس ما حصل مع جلجامش‪.‬‬

‫وتعد الناقة من الكائنات الحية التي ارتبطت بالجن ارتباطا ً له بعد أسطوري‪ ،‬إذ جم ع اب ن‬

‫ھ ريم ب ين اإلب ل الحوش ية والنعام ة والطي ر )‪ ،(1376‬وص ّور ناقت ه بالنعام ة الت ي تس ير ف ي الھ واء‪،‬‬

‫ونسبھا إلى الجن‪ ،‬ويبدو أن الج امع ب ين الناق ة والنعام ة ھ و ص فة األنوث ة‪ ،‬والناق ة تس ير بالش اعر‬
‫إلى حياة ومستقبل أفضل في متاھات الصحراء‪ ،‬فھ ي الملج أ الوحي د ال ذي يحم ي الش اعر‪ ،‬ويبع ده‬

‫ع ن ك ل م ا يخ اف أن يغول ه‪ ،‬حت ى يص ل إل ى الحي اة الدائم ة الت ي يطم ح إليھ ا‪ ،‬وق د ب دا ذل ك ف ي‬

‫وصف زھير لناقته )‪ ،(1377‬إذ جعلھ ا رم ز اإلرادة اإلنس انية الت ي تق تحم األھ وال‪ ،‬م ن أج ل تحقي ق‬
‫اآلمال‪ ،‬فوجد في ناقته القوية ما يعينه عل ى مواص لة حيات ه‪ ،‬باالرتح ال عليھ ا م ن مك ان إل ى آخ ر‬

‫بحث ا ً ع ن الم اء والك أل)‪ ،(1378‬فكأنّ ه ف ي رحلت ه جلج امش ال ذي يبغ ي الخل ود‪ ،‬فق د ش اركت الناق ة‬

‫الش اعر الج اھلي بطول ة االرتح ال اإلخص ابي‪ ،‬ف ي القس م البن ائي الملت زم م ن القص يدة؛ لغاي ة‬
‫اس تجالب الخص وبة األمومي ة الغائب ة‪ ،‬والمظ اھر الحياتي ة الذاھب ة‪ ،‬فق د أح س الش اعر الك اھن‬

‫‪ -‬ﻤﻭﺴﻭﻋﺔ ﺍﻟﻔﻠﻜﻠﻭﺭ ﻭﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ‪ ،‬ﺹ ‪.67 – 66‬‬ ‫‪1373‬‬

‫‪ -‬ﻓﻬﻤﻲ‪ ،‬ﻤﺤﻤﻭﺩ‪ :‬ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻴﻭﻨﺎﻥ‪ ،‬ﺍﻟﻭﻋﻅ‪ ،‬ﻤﺼﺭ‪ ،‬ﻁ‪ ،1910 ،1‬ﺹ ‪.46‬‬ ‫‪1374‬‬

‫‪ -‬ﺇﻨﺠﻴل ﺴﻭﻤﺭ‪ ،‬ﺹ ‪.223‬‬ ‫‪1375‬‬

‫‪ -‬ﻴﻨﻅﺭ‪،‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪.217/6 ،‬‬ ‫‪1376‬‬

‫‪ -‬ﺯﻫﻴﺭ ﺒﻥ ﺃﺒﻲ ﺴﻠﻤﻰ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.20‬‬ ‫‪1377‬‬

‫‪ -‬ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺤﻤﻥ‪ ،‬ﻨﺼﺭﺕ‪ :‬ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺹ‪.168‬‬ ‫‪1378‬‬

‫‪254‬‬
‫بالضعف أمام ھذه الطبيعة‪ ،‬وما يتھدده فيھا من أخطار‪ ،‬فكان بحثه الدائم عن الق وة الت ي ت دفع عن ه‬

‫غائلة ھذه األخطار‪.‬‬

‫كما استحضر زھير ص ورة الناق ة عن د حديث ه ع ن الح رب‪ ،‬ال س يﱠما ناق ة ثم ود الت ي ك ان‬

‫عقرھ ا إي ذانا ً بال ﱠدمار والھ الك‪ ،‬وتل ك الت ي كان ت مفت اح الرحم ة والمغف رة‪ ،‬ووس يلة الحماي ة‬

‫والوصول إلى الحياة األبدية)‪.(1379‬‬

‫يبدو ّ‬
‫أن الشاعر يؤكد إمكانية التقاء شخص ية الش يطان واآللھ ة ف ي األس اطير‪ ،‬وم ا ذھب ت‬

‫إليه كثير من األمم السابقة‪ ،‬من أن شخصية اإلله تجس دت ف ي الش يطان‪ ،‬وھ ذه ھ ي نظ رة اإلنس ان‬
‫)‪(1380‬‬
‫الجاھلي إلى آلھته‪ ،‬إذ قدسھا حينا ثم ما لبث أن احتقرھا وكسرھا‪.‬‬

‫ويتجلى ذلك في صورة الناقة التي ربطوھا بكائنات وھمية‪ ،‬فكان ذلك إيذانا ً بكونھ ا تجس د‬

‫صورة الربة المعشوقة عشتار ربة الخصوبة؛ إذ أن خير النياق الـ "عشار"‪ ،‬وقد ص ورت الس ماء‬

‫ناقة‪ ،‬كما" صورھا الفراعنة على ھيئة أنثى‪ ،‬يتحلب المطر من ث دييھا‪ ،‬وص ورھا عل ى ھيئ ة بق رة‬

‫كبيرة الضرع" )‪ (1381‬كل ذلك يعود إلى صورة األم الكبرى )عشتار( التي ظھرت على ھيئة بق رة‬

‫كامل ة برأس ھا وقرنيھ ا‪ ،‬واإللھ ة )ن وت( المص رية‪ ،‬واألم)ني ت( الت ي كان ت ت دعى ب البقرة‬
‫)‪(1383‬‬
‫السماوية)‪ ،(1382‬ويؤكد ذلك عالقة كل منھا باإلبداع الفني وبآلھة الشعر‪.‬‬

‫ويبدو في وصف علقمة لفرسه بع ٌد أسطوري آخر)‪ ،(1384‬إذ يشبھه بالشيطان وبالحي ة‪ ،‬ف ي‬

‫القدرة على المراوغة للعدو وللفريسة؛ فقد أقام صورته على التشبيه المعتمد على الحرك ة المنبعث ة‬

‫من لفظتي )راح‪ ،‬ويباري(‪ ،‬وقد يكون في تلك الص ورة م ا يعي دنا إل ى أص ول ميثولوجي ة قديم ة‪":‬‬
‫تلك التي ربطت الفرس بصفة )ذات بعدن( التي تتص ف بھ ا ش مس الش تاء بال ذات‪ ،‬والت ي قرنوھ ا‬

‫‪ -‬ﺯﻫﻴﺭ ﺒﻥ ﺃﺒﻲ ﺴﻠﻤﻰ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ ‪ ،85-84‬ﻗﺭﺍﺀﺓ ﺜﺎﻨﻴﺔ ﻟﺸﻌﺭﻨﺎ ﺍﻟﻘﺩﻴﻡ‪ ،‬ﺹ‪.111-110‬‬ ‫‪1379‬‬

‫‪ -‬ﻗﺭﺍﺀﺓ ﺜﺎﻨﻴﺔ ﻟﺸﻌﺭﻨﺎ ﺍﻟﻘﺩﻴﻡ‪ ،‬ﺹ‪.112‬‬ ‫‪1380‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺹ‪.157‬‬ ‫‪1381‬‬

‫‪ -‬ﻴﻨﻅﺭ‪ :‬ﻟﻐﺯ ﻋﺸﺘﺎﺭ‪ ،‬ﺹ‪.249‬‬ ‫‪1382‬‬

‫‪ -‬ﻴﻨﻅﺭ‪ :‬ﺒﺭﻭﻜﻠﻤﺎﻥ‪ ،‬ﻜﺎﺭل‪ :‬ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪.56/1 ،‬‬ ‫‪1383‬‬

‫‪ -‬ﻋﻠﻘﻤﺔ ﺒﻥ ﻋﺒﺩﺓ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.20‬‬ ‫‪1384‬‬

‫‪255‬‬
‫بالمطر")‪ ،(1385‬وصوروا الكواك ب المس ؤولة ع ن المط ر عل ى ھيئ ة الف رس‪ ،‬وس موھا أس ماء لھ ا‬

‫عالق ة ب المطر كال دلو‪ ،‬وس عد الم اطر‪ ،‬فاتخ ذت رم زاً للغي ث والخي ر‪ ،‬وأم الً ف ي المس تقبل‪ ،‬حت ى‬

‫أصبحت مظھراً من مظاھر اإلرادة اإللھية لتحقيق الحياة اإلنسانية عل ى األرض)‪ ،(1386‬فھ ي تمث ل‬

‫الع زى بوجھيھ ا؛ فھ ي المس ؤولة ع ن المط ر ال ذي يس بب الحي اة والخص ب‪ ،‬ويك ون س بب الفن اء‬

‫والدمار‪ ،‬ألن الشاعر أراد أن يفتخر بقوة فرسه‪ ،‬وقدرت ه عل ى المباغت ة‪ ،‬فل م يج د ش يئا ً يق رب تل ك‬

‫الصورة أكثر م ن الش يطان‪" ،‬فق د ش كلت الف رس الرم ز‪ ،‬وس يلة مھم ة م ن وس ائل القت ل وال دمار‪،‬‬

‫وحماي ة جن ان رب ة األق دار بتمظھراتھ ا العالمي ة‪ ،‬وأس رارھا الكوني ة‪ ،‬وال غراب ة ف ي ذل ك؛ ألنھ ا‬

‫تجسيد حيواني رم زي للرب ة المحارب ة‪ ،‬وألنھ ا تمت از بالس رعة القتالي ة الت ي توص لھا لالنقض اض‬
‫على األعداء في جميع االتجاھات؛ لتلبية الحاجة الروحية الملح ة ل دى العب اد المق اتلين عل ى أرض‬

‫المعركة‪ ،‬الطامحين إلى تطھير األرض األم من الخطايا البشرية)‪.(1387‬‬

‫ومما يعزز صلة الفرس باإللھة )ديانا ً( أو )عن ات( أو)ليلي ث( والع زى م ا ج اء ف ي تش بيه‬
‫الخي ول بالس عالي‪ ،‬فق د رس م عم رو ب ن األيھ م التغلب ي لخي ول قبيلت ه ص ورة وھمي ة‪ ،‬تثي ر حاس ة‬

‫البصر‪ ،‬ويعتمد فيھا على الحوار مع المخاطب‪ ،‬ويضفي عليھا طابع القداس ة‪ ،‬فق د جعلھ ن بص ورة‬

‫نساء في طق س ش عائري‪ ،‬تج ري وقائع ه ف ي معب د األموم ة الجاھلي ة؛ بھ دف اس تجالب الخص وبة‬

‫العش تارية‪ ،‬ويتض ح ذل ك م ن كلم ة ) ُش ّزبا()‪ ،(1388‬فك أنھن ي ؤدين طق س الزھ رة المتمث ل بش راب‬

‫الخم رة‪ ،‬الش راب المق دس‪ ،‬وق د أض فى عل يھن ص فة األم الكب رى عش تار‪ ،‬إذ يرت دين النق اب‪،‬‬

‫وينظرن من خالله‪ ،‬فقد ورد عنھا "أنھا لم تكن تلقي النقاب إال ل ُعبﱠادھا" )‪ ،(1389‬وھذا يضفي عليھ ا‬
‫)‪(1390‬‬
‫القداسة الدينية والعظمة‪ .‬وتتكرر الصورة نفسھا عند األشتر النخعي‪ ،‬فيقول‪:‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪ ،169/6 ،‬ﺍﻟﺤﺴﻴﻥ‪ ،‬ﻗﺼﻲ‪ :‬ﺍﻨﺘﺭﺒﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ‪ ،‬ﺹ‪.260‬‬ ‫‪1385‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺸﻭﺭﻱ‪ :‬ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ ﺘﻔﺴﻴﺭ ﺃﺴﻁﻭﺭﻱ‪ ،‬ﺹ ‪.145‬‬ ‫‪1386‬‬

‫‪ -‬ﻁﻪ‪ ،‬ﻁﻪ ﻏﺎﻟﺏ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺤﻴﻡ‪ :‬ﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ ﺍﻟﻤﺜﺎل ﻭﺭﻤﻭﺯﻫﺎ ﺍﻟﺩﻴﻨﻴﺔ ﻋﻨﺩ ﺸﻌﺭﺍﺀ ﺍﻟﻤﻌﻠﻘﺎﺕ‪ ،‬ﺭﺴﺎﻟﺔ ﻤﺎﺠﺴﺘﻴﺭ‪،‬‬ ‫‪1387‬‬

‫ﺠﺎﻤﻌﺔ ﺍﻟﻨﺠﺎﺡ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ‪1424 ،‬ﻫـ‪2003 -‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪.340‬‬


‫‪ -‬ﺍﻟﻘﺎﻟﻲ‪ :‬ﻜﺘﺎﺏ ﺍﻷﻤﺎﻟﻲ‪.44/1 ،‬‬ ‫‪1388‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪ ،‬ﺹ‪ ،123‬ﺼﺩﻯ ﻋﺸﺘﺎﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺹ‪.174‬‬ ‫‪1389‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻁﺎﺌﻲ‪ ،‬ﺤﺒﻴﺏ ﺒﻥ ﺃﻭﺱ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻥ ﺍﻟﺤﻤﺎﺴﺔ‪ ،‬ﻁ‪ ،2‬ﻤﺨﺘﺼﺭ ﻋﻥ ﺸﺭﺡ ﺍﻟﺒﺘﺭﻴﺯﻱ‪،‬ﻤﺼﺭ‪ ،‬ﺹ‪ ،49‬ﺍﻟﺤﻤﺎﺴﺔ ﺍﻟﺒﺼﺭﻴﺔ‪،‬‬ ‫‪1390‬‬

‫‪.48/1‬‬

‫‪256‬‬
‫فوس )الكامل(‬ ‫لَ ْم ت َْخ ُل يَوْ ما ً ِم ْن نِھَا ِ‬
‫ب نُ ِ‬ ‫إن لَ ْم أَ ُش ﱠن علِى اب ِن َحرْ ٍ‬
‫ب غَا َرةً‬ ‫ْ‬

‫ْض في ال َكريْھ ِة ُش ّوس‬


‫تَعْد ُو بِبي ٍ‬ ‫كأمثال السﱠعالـي ُش ﱠزبـا‬
‫ِ‬ ‫خيالً‬

‫فھو يعكس اضطالع الفرس األسطورية‪ ،‬بأداء وظائف عشتار الحربية في األرض العربي ة؛ ل ذلك‬

‫قرنھا معظم الشعراء بالحرب‪ ،‬وتبدو وظيفة الخيل التدميرية‪ ،‬وھ ي تحم ل الفرس ان ف ي المعرك ة؛‬

‫ليشبعوا األعداء طعنا ً وتقتيالً‪ ،‬فالشاعر يقرن الخيل بصورة الحرب‪ ،‬ويجعلھا كالسّعالي الت ي تب دو‬
‫بصورة اإلنسان الغضبان‪ ،‬المتكبر المغرور بكرمه‪ ،‬ثم م ا يلب ث أن يقرنھ ا بمص در خص ب‪ ،‬وھ و‬

‫صورة األم الكونية المحارب ة‪ ،‬ص احبة الي د الس وداء الت ي ت بطش بس ائر األع داء‪ ،‬وتش ن الغ ارت‪،‬‬

‫التي تسبب الحياة الجديدة التي تنطلق من الموت‪.‬‬

‫سعال يحملن الفرسان من أبناء قبيلته‪ ،‬ورس م لھ ا‬


‫ٍ‬ ‫وقد تحولت خيول المھلھل بن ربيعة إلى‬

‫صورة تثير الفزع والخوف في نفوس خصومھم )‪ ،(1391‬إذ تؤك د تل ك الص ورة أس طورية الف رس‪،‬‬

‫وعالقتھ ا بالحيوان ات العلّوي ة الت ي ص ورت بھ ا الكواك ب‪ ،‬فيش به ام رؤ الق يس ب ن عم رو الكن دي‬

‫الجاھلي فعلھا التدميري‪ ،‬المتمثل في سرعة عدوھا‪ ،‬وانقضاضھا على األع داء ب الطيور الكاس رة‪،‬‬

‫حين تصيب فريستھا )‪(1392‬؛ وھو بذلك يحيلنا إلى رمزية الطير الكاسرة لألم الكوني ة الكب رى‪ ،‬ف ي‬

‫األساطير السامية القديمة‪ ،‬إذ دلت الكشوفات‪ ،‬عل ى أن النس ر م ا ھ و إال رم ز تمثيل ي ل ألم الكوني ة‬

‫الكب رى‪ ،‬باعتبارھ ا س يدة الم وت واألق دار‪ ،‬ويؤك د أس طورية الخي ل‪ ،‬وعالقتھ ا ب الحرب وب القوى‬

‫الخفية ما جاء في معتقداتھم المتعلقة بالحرب‪ ،‬فقد كانوا إذا اشتدت الحرب بحيث تصبح الخي ل ف ي‬

‫قوة جنوني ة عمي اء‪ ،‬ال تف رق ب ين إنس ان وآخ ر‪ ،‬يخرج ون النس اء‪ ،‬في بلن ف ي س احة المعرك ة؛ ك ي‬
‫)‪(1393‬‬
‫)الكامل(‬ ‫يخفف ذلك من وطاتھا‪ ،‬فقد أشار إلى ذلك الشاعر بقوله‪:‬‬

‫ص َو ِر السﱠعالي‬ ‫إذا َغ ْ‬
‫دت في ُ‬ ‫بإالبوال‬
‫ِ‬ ‫ْھات ر ﱡد َ‬
‫الخي ِل‬ ‫ھَي َ‬

‫‪ -‬ﺠﻤﻬﺭﺓ ﺃﺸﻌﺎﺭ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﺹ‪ ،210‬ﺍﻟﻨﻌﻴﻤﻲ‪ :‬ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪ ،‬ﺹ ‪ ،254‬ﺍﻤﺭﺅ ﺍﻟﻘﻴﺱ‪:‬‬ ‫‪1391‬‬

‫ﺸﺭﺡ ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﻤﻁﺒﻌﺔ ﺍﻻﺴﺘﻘﺎﻤﺔ‪ ،‬ﺹ‪.285‬‬


‫‪ -‬ﺍﻵﻤﺩﻱ‪ :‬ﺍﻟﻤﺅﺘﻠﻑ ﻭﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻑ‪ ،‬ﺹ‪ ،7‬ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪ ،‬ﺹ‪.255‬‬ ‫‪1392‬‬

‫‪ -‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪ ،5/3 :‬ﺼﺩﻯ ﻋﺸﺘﺎﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺹ‪.157‬‬ ‫‪1393‬‬

‫‪257‬‬
‫فرغم أن الشاعر يستبعد قدرتھا على التخفي ف م ن وط أة الح رب‪ ،‬فإنّ ه ي ذكرنا ) بعن ات (‬

‫والمش اھد الدموي ة الت ي خاض تھا وب دت منتش ية بھ ا‪ ،‬ويعك س معتق داً‪ ،‬ي دل عل ى أن الم رأة ھ ي‬

‫الزھرة‪ ،‬المرأة المثال التي تمتلك قوة سحرية‪ ،‬تستطيع بھا التأثير على تلك الخيول المماثلة لھا ف ي‬

‫البطش‪.‬‬

‫ومن الصور التي تتكرر بكثرة في الشعر الجاھلي‪ ،‬وتعكس بعداً أسطوريا ً ق ديماً‪ ،‬تص وير‬
‫ى فائقة بالجن‪ ،‬من ذل ك م ا قال ه زھي ر ب ن أب ي س لمى ف ي‬
‫الرجال‪ ،‬وخاصة إذا امتلكوا قدرات وقو ً‬
‫)‪(1394‬‬
‫مدح ھرم بن سنان وإِخوته‪:‬‬

‫)‪(1395‬‬
‫)البسيط(‬ ‫ُم َمرﱠدون بھا لي ٌل إذا َجھَ ُدوا‬ ‫ِج ﱡن إذا فزعوا‪ ،‬إنسٌ إذا أمنوا‬

‫)‪(1396‬‬
‫ويقول الشاعر نفسه في مدح سنان بن أبي حارثة المري‪:‬‬

‫)الطويل(‬ ‫رون يَوما ً أن يَنَالوا فَيَستَعلُوا‬


‫َجديِ ُ‬ ‫ْقريﱠةٌ‬
‫يل َعلَيْھا ِجنﱠةٌ َعب ِ‬
‫بِ ْخ ٍ‬

‫)‪(1397‬‬
‫ومنھا قول تميم بن نويرة‪:‬‬

‫ق ِع ْن َد الطّ ِ‬
‫عان يَصْ َد ُ‬
‫ق )الطويل(‬ ‫لَھم َريّ ٌ‬ ‫فأسْم ُع ف ْتيانا ً َك ِجنﱠة َعبْقر‬

‫وقد أكثر الش عراء م ن ذل ك‪ ،‬فعنت رة اب ن ش داد يق ول عل ى أث ر ح رب وقع ت ب ين الع رب والعج م‪،‬‬
‫)‪(1398‬‬
‫مصوراً شجاعة أبناء قبيلته التي كانت وطنا ً له ودولة‪ ،‬مفتخراً بما ألحقه بھم من الھزائم‪:‬‬

‫تَ ْمو ُج َموا ِكبٌ إ ْنسا ً َو ِجنّا ً )الوافر(‬ ‫أَبَ ْدنا َج ْم َعھُم لَما ّ أَ◌َ تونا‬

‫)‪(1399‬‬
‫ويشير النابغة الذبياني إلى ذلك بقوله‪:‬‬

‫‪ -‬ﺯﻫﻴﺭ ﺒﻥ ﺃﺒﻲ ﺴﻠﻤﻰ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.26‬‬ ‫‪1394‬‬

‫‪ -‬ﻤﻤﺭّﺩﻭﻥ‪ :‬ﻤﺴﺘﻜﺒﺭﻭﻥ‪.‬‬ ‫‪1395‬‬

‫‪ -‬ﺯﻫﻴﺭ ﺒﻥ ﺃﺒﻲ ﺴﻠﻤﻰ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.59‬‬ ‫‪1396‬‬

‫‪ -‬ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺤﻤﻥ‪ ،‬ﻋﻔﻴﻑ‪ :‬ﺍﻟﺸﻌﺭ ﻭﺃﻴﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺼﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ –ﻁ‪ -1‬ﺩﺍﺭ ﺍﻷﻨﺩﻟﺱ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪ ،‬ﻟﺒﻨﺎﻥ‪1404 ،‬ﻫـ‪،‬‬ ‫‪1397‬‬

‫‪1984‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪.311‬‬
‫‪ -‬ﻋﻨﺘﺭﺓ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.205‬‬ ‫‪1398‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻨﺎﺒﻐﺔ ﺍﻟﺫﺒﻴﺎﻨﻲ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.196‬‬ ‫‪1399‬‬

‫‪258‬‬
‫)الوافر(‬ ‫عليھا َم ْع َش ٌر أشباهُ ِج ﱟن‬ ‫ت‬
‫داح ُمسﱠوما ٍ‬
‫ُمر كالقِ ِ‬
‫َوض ٍ‬

‫)‪(1400‬‬
‫ويأتي ضمن ھذا المعنى ما قاله لبيد‪:‬‬
‫ُروع)‪) (1401‬الطويل(‬ ‫بِ ُم ْستَحْ ِ‬ ‫ت شأ َوھُ ْم‬ ‫ْ‬
‫أسقط ُ‬ ‫ﱠ‬ ‫َوخَصْ ٍم كنادي‬
‫ص ٍد ذي ِمرﱠة ص ِ‬ ‫الجن‬

‫شبھوه بتلك الكائنات‪ .‬كم ا اس تعار‬


‫ْ‬ ‫نالحظ أن الشعراء كانوا إذا أرادوا أن يبالغوا في وصف شيء‪،‬‬

‫النابغة قصةَ ِج ّن سليمان‪ ،‬وبنائه مدين ة ت دمر بالحج ارة ف ي حديث ه ع ن المل ك س ليمان؛ لي دلل عل ى‬
‫قوة الجن‪ ،‬فھو النابغة ينتقل من الواقع إلى الملحمة‪ ،‬فيش رك الج ن بأعم ال النب ي س ليمان؛ متوس الً‬

‫بھا للمبالغة اللص يقة‪ ،‬بإس لوب تُمح ى عن ده الح دود ب ين الواق ع والمس تحيل‪ ،‬فيغ دو ش عره الم دحي‬

‫شعراً ً◌ ملحميا ً يشترك فيه الوھم والحقيقة‪ ،‬وليعيدنا إلى نظ رة األق دمين ال ذين و ﱠح دوا ب ين قابي ل و‬
‫الشيطان )شمودي( الذي ينسب إلي ه تش ييد مدين ة )بعلب ك( أول مدين ة ف ي الع الم)‪(1402‬؛ إذ أَ ّن قابي ل‬

‫بن آدم بعد ما اعتراه االرتعاش أمر ببنائھا‪.‬‬

‫ويؤك د عالق ة األبط ال ب الجن‪ ،‬ويعك س الھ دف م ن ھ ذا التش بيه‪ ،‬ويب ين م ا يمتلكون ه م ن‬
‫)‪(1403‬‬
‫الشجاعة‪ ،‬قول نابغة بني شيبان‪:‬‬

‫)البسيط(‬ ‫)‪(1404‬‬
‫ضا ً َز َمانا ً ثم يَ ْن َك ُ‬
‫شف‬ ‫يُقيِ ُم َغ ّ‬ ‫باطلُه‬
‫ون شَرْ ٌخ ِ‬
‫الشباب ُجنُ ٌ‬
‫َ‬ ‫إن‬

‫)‪(1405‬‬
‫ونلمحه في قول الشنفرى‪ ،‬الذي يرد فيه سبب الجنون إلى االنبھار بالجمال والحسن‪ ،‬وھو‪:‬‬

‫)الطويل(‬ ‫إنسان من الحس ِن جنّت‬


‫ٌ‬ ‫ولو ج ﱠُن‬ ‫ت واسبكرّت وأُكملت‬
‫فدقّت وجلّ ْ‬

‫إذ جعل الشاعر الشباب مرحل ة م ن الجن ون‪ ،‬يبل غ في ه الباط ل أوج ه‪ ،‬ث م ي ذبل؛ ألنھ ا كم ا يقول ون‬

‫جنون النشاط وھذا قريبٌ من اإللھام)‪(1406‬؛ فالجن والجنون والشجاعة أسرة واحدة‪ ،‬وكذلك الكرم؛‬

‫‪ -‬ﻟﺒﻴﺩ ﺒﻥ ﺭﺒﻴﻌﺔ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.114‬‬ ‫‪1400‬‬

‫ﺡ‪.‬‬
‫ﻁﻠﹾﻘﻬﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺩﻭ‪ ،‬ﺼُﺭﻭﻉ‪ :‬ﻨﻭﺍ ﹴ‬
‫‪ -‬ﻨﺎﺩﻱ ﺍﻟﺠﻥ‪ :‬ﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﺠﻥ‪ ،‬ﺃﺴﻘﻁﺕ ﺸﺄﻭﻫﻡ‪ :‬ﹶ‬ ‫‪1401‬‬

‫‪ -‬ﻤﺩﺨل ﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ﺍﻟﻔﻠﻜﻠﻭﺭ ﻭﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ‪ ،‬ﺹ ‪.67‬‬ ‫‪1402‬‬

‫‪ -‬ﻨﺎﺒﻐﺔ ﺒﻨﻲ ﺸﺒﺎﻥ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.113‬‬ ‫‪1403‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺸﺭﺥ‪ :‬ﻋﻨﻔﻭﺍﻥ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻭﺸ ّﺩﺘﹸﻪ‪.‬‬ ‫‪1404‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺸﻨﻔﺭﻯ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.86‬‬ ‫‪1405‬‬

‫‪ -‬ﻗﺭﺍﺀﺓ ﺜﺎﻨﻴﺔ ﻟﺸﻌﺭﻨﺎ ﺍﻟﻘﺩﻴﻡ‪ ،‬ﺹ‪.89‬‬ ‫‪1406‬‬

‫‪259‬‬
‫ألن الكريم من يتجاوز حجب المجتمع اإلنساني لكي يتصل بالطبيع ة‪ ،‬ويأخ ذ إلھام ه م ن الس حاب‪،‬‬

‫فھ و إنس ان موھ وب كم ا يوھ ب الش عراء )‪ ،(1407‬وھ ذا م ا أورده المطلب ي ع ن شكس بير "إنّم ا‬

‫المجن ون والعاش ق‪ ،‬والش اعر م ن نس ج خي ا ٍل واح د")‪ ،(1408‬وق د جع ل النابغ ة ال ذبياني ممدوح ه‬

‫يف أس طوريّ‪ ،‬ويف يض كرم ا ً كف يض‬


‫كسليمان بن داود ال ذي ي أمر الج ّن فتطيع ه‪ ،‬ويق ود جن داً بس ٍ‬
‫الفرات إذ تزعزعه رياح الصيف)‪ .(1409‬وقد ذكر ّ‬
‫أن المجنون القشيري اسمه ُكھبل بن مال ك س م ّي‬
‫ب المجنون؛ ألن ه ف رّق مال ه ف ي موس م الح ج‪ ،‬غض بت علي ه ق ريش‪ ،‬وك ان يق ول لس ُ‬
‫ت ب المجنون‪،‬‬
‫)‪(1410‬‬
‫ولكني سم ٌح"‪.‬‬

‫وھكذا نخلص مما سبق إلى أن الغول ك ائن ج دلي ُم َعقﱠ د‪ ،‬ألن ه الم وت والعبقري ة وال زمن‪،‬‬
‫أي أنّ ه عالم ة )×(‪ ،‬تطل ق عل ى المجھ ول الس ر ﱠ‬
‫ي العمي ق‪ ،‬وعل ى ك ل م ا يقل ق ويحيّ ر‪ ،‬ويغ ري‬

‫ويخيف‪ ،‬عالمة على الغيب الذي يضرب بجذوره في أعماق الخيال الج اھلي‪ ،‬ويتجلّ ى ب ين الح ين‬

‫واألخر في الخطاب الش عري‪ ،‬وھ ي بھ ذا الحش د الت أثيري ألفعالھ ا‪ ،‬ذات ق وة تدميري ة‪ ،‬تف وق ق وة‬
‫الليزر في عصرنا الحاضر‪.‬‬

‫الجن‪ ،‬إذ وقر في أذھانھم أنھا تُجسﱠد ثنائية الخير والشر‪ ،‬وتظھر بمظھر اآلل ه‪ ،‬كم ا خلط وا‬
‫ّ‬ ‫وكذلك‬

‫بينھا وب ين الش ياطين‪ ،‬م ن حي ث دور ك ل منھ ا‪ ،‬وھ ي تمث ل الحي اة والم وت‪ ،‬والخص ب والج دب‪،‬‬

‫وك ل م ا ص وره الش عراء بھ ا‪ ،‬احت ّل القيم ة نفس ھا‪ ،‬مم ا يؤك د نظ رة اإلنس ان األول إل ى الحي اة‬

‫والموت‪ ،‬وبحثه عن الخلود؛ ليھرب من الموت‪ ،‬واعتقاده أن الموت سبب الحياة‪.‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺭﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.89‬‬ ‫‪1407‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻁﻠﺒﻲ‪ :‬ﻤﻭﺍﻗﻑ ﻓﻲ ﺍﻷﺩﺏ ﻭﺍﻟﻨﻘﺩ‪ ،‬ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﺍﻹﻋﻼﻡ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻴﺔ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺭﺸﻴﺩ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ‪1980 ،‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪.136‬‬ ‫‪1408‬‬

‫‪ -‬ﻴﻨﻅﺭ‪ ،‬ﺍﻟﻨﺎﺒﻐﺔ ﺍﻟﺫﺒﻴﺎﻨﻲ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪ ،58‬ﻗﺭﺍﺀﺓ ﺜﺎﻨﻴﺔ ﻟﺸﻌﺭﻨﺎ ﺍﻟﻘﺩﻴﻡ‪ ،‬ﺹ‪.69‬‬ ‫‪1409‬‬

‫‪ -‬ﺒﺎﺒﺘﻲ‪ ،‬ﻋﺯﻴﺯﺓ ﻓﻭّﺍل‪ :،‬ﻤﻌﺠﻡ ﺍﻟﺸﻌﺭﺍﺀ‪ ،‬ﺹ‪.325‬‬ ‫‪1410‬‬

‫‪260‬‬
‫ال َمبحث الثاني‬

‫البُعد االجتماعي‬

‫نتبين من خالل استعراضنا عالم الجن والغيالن‪ ،‬وال ﱠسعالي في الشعر الج اھلي‪ ،‬أن الش عر‬

‫الجاھلي كان سجالً للحياة العربية في ذلك العصر‪ ،‬فجاء حافالً بالعديد من المؤشرات االجتماعي ة‪،‬‬
‫ومن خالل اس تقرائنا للج ن ف ي الش عر الج اھلي‪ ،‬الحظن ا ّ‬
‫أن الش اعر الج اھلي‪ ،‬ك ان يعك س رؤيت ه‬
‫للحي اة والمجتم ع عل ى ذل ك الع الم الخي الي‪ ،‬وأول م ا يطالعن ا م ن ذل ك‪ ،‬م ا يتعل ق بالعالق ات‬

‫االجتماعي ة‪ ،‬فق د ص ور الش عر الج اھلي ع الم الج ّن‪ ،‬عالم ا ً ل ه مالمح ه ونم ط حيات ه الخاص ة ب ه؛‬

‫يسوده النظام األسري واالجتماعي‪ ،‬له أنس ابٌ وص الت قراب ة‪ ،‬ورواب ط أس رية‪ ،‬ويظھ ر ذل ك ف ي‬
‫قول جذع بن ِسنان الغسﱠاني‪ ،‬واصفا ً الضيوف الذين حلّوا علي ه "أت اني قاش ٌر وبن و أبي ه ‪،(1411)"...‬‬
‫فالشاعر يبين رابطة الدم والنسب التي تربط بي نھم‪ ،‬ويعك س الوح دة والتع اون؛ ب دليل أن لھ م قائ داً‬

‫يأتمرون بأمره‪ ،‬فھم جماعة منظمة حتى عل ى مس توى األس رة‪ ،‬وم ن المؤش رات االجتماعي ة الت ي‬
‫تبدو فيھا اإلش ارة إل ى النظ ام القبل ي‪ ،‬والعش ائري ف ي مجتمع ات الج ن‪ّ ،‬‬
‫أن القبيل ة كان ت تمث ل ف ي‬

‫الشعر الجاھلي وحدة اجتماعية‪ ،‬وسياسية واقتصادية مستقلة‪ ،‬يخضع الف رد لتنظيماتھ ا االجتماعي ة‬
‫)‪(1412‬‬
‫أكثر من خضوعه ألسرته‪.‬‬

‫وفي ھذا يق ول حس ان ب ن ثاب ت‪ " :‬ول ي ص احب م ن بن ي الشيص بان ")‪ ،(1413‬ونلم ح تل ك‬
‫العصبية القبلية في قول ھبيد شيطان عبيد بن إالبرص‪ ،‬الذي يقول‪ " :‬أنا اب ن الص الدم ")‪ ،(1414‬إذ‬
‫تتجلى فيه روح التعالي والتفاخر‪ ،‬فكأن كالً منھما يقول أنا من بني ھاشم‪.‬‬

‫ويش ير الش عراء إل ى أن العالق ة ب ين أبن اء القبيل ة ل م تك ن عش وائية؛ وإنم ا كان ت منظم ة‪،‬‬
‫منوط ة بشخص ية علي ا‪ ،‬تكفل ت بك ل مھماتھ ا)‪ ،(1415‬ويعك س ھ ذا م ا أورده الج احظ " أن الن اس ال‬

‫‪ -‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪.352/2 ،‬‬ ‫‪1411‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻨﺹ‪ :‬ﺇﺤﺴﺎﻥ‪ :‬ﺍﻟﻌﺼﺒﻴﺔ ﺍﻟﻘﺒﻠﻴﺔ ﻭﺃﺜﺭﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻷﻤﻭﻱ‪ -‬ﻁ‪ -2‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﻜﺭ‪1973 ،‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪ ،75‬ﻭﻤﺎ ﺒﻌﺩﻫﺎ‪،‬‬ ‫‪1412‬‬

‫ﺍﻟﻔﺎﺨﻭﺭﻱ‪ ،‬ﺤﻨﺎ‪:‬ﺍﻟﺠﺎﻤﻊ ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ )ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻘﺩﻴﻡ( ‪-‬ﻁ‪ -2‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺠﻴل‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪ ،‬ﻟﺒﻨﺎﻥ‪1995 ،‬ﻡ‪.88/1 ،‬‬
‫‪ -‬ﺤﺴﺎﻥ ﺒﻥ ﺜﺎﺒﺕ‪ :‬ﺸﺭﺡ ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.69‬‬ ‫‪1413‬‬

‫‪ -‬ﺠﻤﻬﺭﺓ ﺃﺸﻌﺎﺭ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﺹ ‪.41‬‬ ‫‪1414‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺠﺎﻤﻊ ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪.78/1 ،‬‬ ‫‪1415‬‬

‫‪261‬‬
‫يص لحھم إالّ رئ يس‪ ،‬واح د يجم ع ش ملھم‪ ،‬ويكف يھم‪ ،‬ويحم يھم م ن ع دوھم‪ ،‬ويمن ع ق ويھم ع ن‬
‫ضعيفھم")‪ ،(1416‬ويتضح ذلك من خالل الطقوس التي كانوا يمارسونھا؛ فقد ك انوا يس تعيذون بس يّد‬
‫الوادي‪ ،‬أو بعظيم الوادي‪ ،‬فيتولى حمايتھم‪ ،‬ويتعھد لھم بھا من أبناء قومه‪.‬‬

‫وقد أشار الشعراء إلى الوحدة والتضامن اللتين كانت ا ب ين أبن اء القبيل ة‪ ،‬واللت ين ك ان ال ب د‬

‫م ن وجودھم ا ف ي المجتمع ات الص حراوية؛ ألن اإلنس ان ل م يك ن يس تطيع أن يع يش إال إذا ض من‬
‫مساعدة أقرانه‪ ،‬وبني جلدته؛ للوقوف في وجه عوامل الطبيعة‪ ،‬وخصومة البشر‪ ،‬فق د أش ار معظ م‬

‫الشعراء إلى خروج الجن بشكل جماعات‪ ،‬وھذا ما وجدناه في قول جذع بن س نان الغس اني‪" ،‬أت وا‬
‫ناري" وبقوله "قاش ر وبن و أبي ه")‪ (1417‬وش مير ب ن الح ارث الض بي يك رر نف س العب ارة مس تخدما ً‬

‫ضمير الجماعة)‪ ،(1418‬األمر ال ذي يعك س طبيع ة الحي اة الجاھلي ة‪ ،‬وم ا يعت رض المس افر فيھ ا م ن‬

‫مخاوف اللصوص‪ ،‬والحيوانات الوحشية‪ ،‬وعادة اجتماعية أخرى‪ ،‬وھي أن الرجل ل م يك ن يرح ل‬

‫وح ده‪ ،‬فك انوا يقول ون‪ " ،‬أق ل الرفق ة ف ي الص حراء ثالث ة ")‪ ،(1419‬وذل ك م ا نلحظ ه ف ي مق دمات‬
‫القص ائد الجاھلي ة‪ ،‬إذ تب دأ بخط اب المثن ى مث ل خَليل ّي‪ ،‬قف ا؛ وم ا ذاك إال لت وفير ش يء م ن األم ن‬

‫والطمأنينة‪.‬‬

‫وربّما نلمح في قول الخنساء في رثاء أخيھا صخر‪ ،‬ما يش ير إل ى ت أثر الج ن‪ ،‬ومحاولتھ ا مش اركة‬
‫)‪(1420‬‬
‫اإلنسان الجاھلي مشا ِعره وأحاسيسه‪ ،‬فھي تقول‪:‬‬

‫)مجزوء الكامل(‬ ‫وال ِج ﱡن تُ ْس َع ُد َم ْن َس َم َر‬ ‫واإلنس تَبْكي ُولّھا‬

‫ويش ير حس ان ب ن ثاب ت إل ى س ماع الج ن لإلنس ان‪ ،‬وإعجابھ ا بش جاعته ف ي س احة المعرك ة‪،‬‬
‫)‪(1421‬‬
‫بقوله‪:‬‬

‫َو ِطعا ٍن ِم ْث ِل أ ْفوا ِه الفُقُرْ‬ ‫ب تَأْ َذ ُن ِ‬


‫)‪(1422‬‬
‫)الرمل(‬ ‫الج ﱡن لَهُ‬ ‫ض َرا ٍ‬
‫ِب ِ‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺠﺎﺤﻅ‪:‬ﺭﺴﺎﺌﻠﻪ‪ -‬ﻁ‪ " -1‬ﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ"‪ ،‬ﺠﻤﻌﻬﺎ ﻭﻨﺸﺭﻫﺎ‪ ،‬ﺤﺴﻥ ﺍﻟﺴﻨﺩﻭﺒﻲ‪ ،‬ﺍﻟﻤﻁﺒﻌﻪ ﺍﻟﺭﺤﻤﺎﻨﻴﻪ‪ ،‬ﺒﻤﺼﺭ‪،‬‬ ‫‪1416‬‬

‫‪1352‬ﻫـ‪1932-‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪.271‬‬
‫‪ -‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪.352/2 :‬‬ ‫‪1417‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪.350/2 ،‬‬ ‫‪1418‬‬

‫‪ -‬ﺭﻭﻤﻴﺔ‪ ،‬ﻭﻫﺏ‪ :‬ﺍﻟﺭﺤﻠﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ‪ -‬ﻁ‪ -3‬ﻤﺅﺴﺴﺔ ﺍﻟﺭﺴﺎﻟﺔ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪ ،1982 ،‬ﺹ‪.216‬‬ ‫‪1419‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺨﻨﺴﺎﺀ‪ ،‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻬﺎ‪ ،‬ﺹ‪.45‬‬ ‫‪1420‬‬

‫‪ -‬ﺤﺴﺎﻥ ﺒﻥ ﺜﺎﺒﺕ‪ :‬ﺸﺭﺡ ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.162‬‬ ‫‪1421‬‬

‫‪262‬‬
‫ويؤكد المھلھ ل ب ن ربيع ة أن الج ن تش ّكل عالم ا ً مق ابالً لع الم البش ر‪ ،‬تت أثر بأفع الھم‪ ،‬وذل ك بقول ه‬
‫)‪(1423‬‬
‫مصوراً فساد األمر بعد ُكليب‪:‬‬

‫)الكامل(‬ ‫والجن ِم ْن َو ْق ِع الِ َحدي ِد الِ ُم ْلبَ ِ‬


‫س‬ ‫ﱡ‬ ‫ص َر ْ‬
‫ت‬ ‫فاإلنس قَ ْد ُذلّ ْ‬
‫ت لَنا وتَنَا َ‬

‫)‪(1424‬‬
‫ويبالغ في تصوير الھزائم التي ألحقھا بقبيلة بكر‪ ،‬بقوله‪:‬‬

‫الجن قَد نَفِدا )البسيط(‬


‫ﱡ‬ ‫ت بَ ْكراً ألَضْ ح َى‬
‫قَتﱠ ْل ُ‬ ‫ت ﱠ‬
‫قت◌َ ُ‬
‫لت ِج ﱠن ال َخابلينَ كما‬ ‫لَوْ ُك ْن ُ‬

‫فالجن في رأيه تشكل عالما ً متمنعا ً كثير العدد‪.‬‬

‫ويشير بعض الشعراء إلى دور السيد وموقع ه ف ي القبيل ة‪ ،‬إذ تق ع علي ه مس ؤولية الحماي ة‪ ،‬وإج ارة‬
‫المستجير‪ ،‬وإغاثة الملھوف‪ ،‬فقد توجه أحد األعراب إلى عامر ال وادي؛ ك ي ي رد علي ه غنم ه الت ي‬
‫استولى عليھا أحد أفراد الجن‪ ،‬فأشار عليه‪ ،‬فر ّدھا مسرعا ً)‪ ،(1425‬وھذا يجسد نظ رة الج اھليين إل ى‬
‫السيد‪ ،‬فالسيادة أم ٌر عظيم؛ وھذا ما دفعھم إلى القول‪ ،‬بأن الملك غير منتسب إلى اإلنس‪ ،‬وإنم ا ھ و‬
‫َملَك نزل من السماء‪ ،‬وصفاته عظيمة‪ ،‬ال يقدر عليھا أحد‪ ،‬فھذا علقم ة يخاط ب الح ارث الغس اني‪،‬‬
‫)‪(1426‬‬
‫قائالً‪:‬‬

‫)الطويل(‬ ‫تَنَ ﱠز َل ِم ْن َج ﱢو ال َسما ِء يَص ُوبُ‬ ‫نسي ولَ َك ْن ل ِمألَ ٍ‬


‫ك‬ ‫إل ﱟ‬‫ولَستَ ْ‬

‫لذلك ع ّدوا تمكن الموت من سادة القبائل‪ ،‬نذير شؤم عل ى الن اس وأرزاقھ م‪ .‬وم ن ھ ذا الب اب أيض ا ً‬
‫النظام الطبقي "وجود السادة والعبيد" الذي أش ار إلي ه )ش مير ب ن الح ارث الض بي( بقول ه‪ :‬وقل ت‪:‬‬

‫‪ - 1422‬ﺘﺄﺫﻥ‪ :‬ﺘﺴﺘﻤﻊ‪ ،‬ﺍﻟﻔﹸﻘﺭﺓ‪ :‬ﻤﺨﺭﺝ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻤﻥ ﺍﻟﺒﺌﺭ‪.‬‬


‫‪ -‬ﺍﻤﺭﺅ ﺍﻟﻘﻴﺱ‪ :‬ﺸﺭﺡ ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.280‬‬ ‫‪1423‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.270‬‬ ‫‪1424‬‬

‫‪ -‬ﻋﺠﺎﺌﺏ ﺍﻟﻤﺨﻠﻭﻗﺎﺕ ﻭﻏﺭﺍﺌﺏ ﺍﻟﻤﻭﺠﻭﺩﺍﺕ‪ ،‬ﺹ‪ ،398‬ﻤﻭﺴﻭﻋﺔ ﺃﺴﺎﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻋﻥ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﻭﺩﻻﻻﺘﻬﺎ‪-45/2 ،‬‬ ‫‪1425‬‬

‫‪.46‬‬
‫‪ -‬ﻋﻠﻘﻤﺔ ﺒﻥ ﻋﺒﺩﺓ ﺍﻟﻔﺤل‪ :‬ﺸﺭﺡ ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ -‬ﻁ‪ -1‬ﺸﺭﺤﻪ ﺤﻨﹼﺎ ﻨﺼﺭ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﺍﻟﺤﺘﹼﻲ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪1414 ،‬ﻫـ‪-‬‬ ‫‪1426‬‬

‫‪1993‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪.83‬‬

‫‪263‬‬
‫َمنُونَ أَ ْنتُم ؟ قالوا‪ُ :‬س َراةُ ِ‬
‫الجنﱢ ")‪ ،(1427‬وتبدو ھذه النظرة عند شاعر إسالمي‪ ،‬يرى أن ش يطانه م ن‬
‫أمراء الجن‪ ،‬فيقول‪ " :‬فإن شيطاني أمير الجن ")‪.(1428‬‬

‫وربما نلم ح ف ي وص ف عنت رة للغ ول‪ " :‬ووج ه أس ود ")‪ ،(1429‬م ا يردن ا إل ى أن إحساس ه‬

‫بالدونيﱠ ة حقيق ة ال م راء فيھ ا‪ ،‬فك أن حديث ه ع ن بطوالت ه ومف اخره‪ ،‬ل ون م ن أل وان تولي د ال ذات‪،‬‬

‫والتعالي على صور العبد في داخله؛ فكأنھا حيلة من الحيل الدفاعية التي يلجأ إليھ ا؛ إلزاح ة القل ق‬
‫والتخلص منه‪ ،‬بعدم مواجھة المشكلة األصلية‪ ،‬فقد ثار على واقعه‪ ،‬وتم رد عل ى تقالي د الج اھليين‪،‬‬

‫حت ى اس تطاع تغيي ره‪ ،‬وانت زع حريت ه انتزاع اً‪ُ ،‬مر ِغم ا ً الجمي ع عل ى االعت راف ب ه‪ ،‬واحترام ه‬

‫وتقديره)‪.(1430‬‬

‫وينعكس التضامن القبلي في قضية األخذ بالثأر‪ ،‬حين خرجت قبائ ل الج ن بأفرادھ ا كاف ةً؛‬

‫طلبا ً لثأر أحد أبنائھا من "بني سھم"‪ ،‬فحدثت مقتلة عظيم ة بينھم ا‪ ،‬اس تمرت حت ى ت دخلت ق ريش؛‬

‫بطلب منھم‪ ،‬وأصلحت بينھما‪ ،‬ووقع كل منھما على عقد)‪ ،(1431‬وتتجلى ف ي ذل ك السياس ة الداخلي ة‬

‫للقبيلة التي ترى أن أفرادھا جميعا ً متض امنون فيم ا يجني ه أح دھم‪ ،‬كم ا يق ول المث ل "ف ي الجري رة‬

‫تشترك العشيرة")‪(1432‬فھو عقد اجتماعي قائم بين الفرد وقبيلت ه عل ى أس اس ع اطفي مح ض‪ ،‬فھ ي‬

‫النخوة التي تجيب دون أن تُسأل)‪ ،(1433‬ويشير أمية بن أبي الصلت إلى محاولة اإلنس الثأر لح رب‬

‫بن أمية الذي قتلته الجن‪ ،‬معلنا ً أنھم لو قتل وا أل ف أل ف م ن الج ن‪ ،‬ال يعادلون ه‪ ،‬بقول ه‪ " :‬فل و قتل وا‬

‫بحرب ألف ألف ")‪ ،(1434‬وھذا يعكس العادة الجاھلية التي تدعي أن ه يخ رج م ن رأس القتي ل ال ذي‬

‫‪ -‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪.250/2 ،‬‬ ‫‪1427‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،229/6 ،‬ﺜﻤﺎﺭ ﺍﻟﻘﻠﻭﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻀﺎﻑ ﺍﻟﻤﻨﺴﻭﺏ‪ ،‬ﺹ‪ ،72‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪ ،365/2 ،‬ﻋﺒﻘﺭ‪ ،‬ﺹ‪.49‬‬ ‫‪1428‬‬

‫‪ -‬ﻋﻨﺘﺭﺓ ﺒﻥ ﺸﺩﺍﺩ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.34‬‬ ‫‪1429‬‬

‫‪ -‬ﺃﻤﻴﻥ‪ ،‬ﻓﻭﺯﻱ ﻤﺤﻤﺩ‪ :‬ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﻭﻨﺼﻭﺹ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻹﺴﻜﻨﺩﺭﻴﺔ ‪ ،2004‬ﺹ ‪.124‬‬ ‫‪1430‬‬

‫‪ -‬ﺃﺨﺒﺎﺭ ﻤﻜﺔ‪.16-15/2 ،‬‬ ‫‪1431‬‬

‫‪ -‬ﻤﺠﻤﻊ ﺍﻷﻤﺜﺎل‪.86/2 :‬‬ ‫‪1432‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻔﺎﺨﻭﺭﻱ‪ :‬ﺍﻟﺠﺎﻤﻊ ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻷﺭﺏ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪.88/1 ،‬‬ ‫‪1433‬‬

‫‪ -‬ﺃﻤﻴﺔ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ ‪.132‬‬ ‫‪1434‬‬

‫‪264‬‬
‫لم يؤخذ بثأره طائر يزقو عند قبره‪ ،‬طالبا ً السقية من دم قاتله)‪ ،(1435‬ويعك س ع ادة جاھلي ة وأخ رى‬

‫وھي الثأر للقتيل من قاتله‪ ،‬والتي كانت سببا ً في حروب ونزاعات استمرت مدة طويلة‪.‬‬

‫ومن اإلشارات االجتماعية التي تبدو في الشعر الجاھلي ظاھرة التحالف‪ ،‬فق د رأى بع ض‬

‫الش عراء ف ي ھ ذه السياس ة متنفس ا ً يتج اوز ب ه تح دي المتناقض ات؛ لم ا لھ ا م ن ت أثير ف ي‬

‫توطيدالعالقات اإليجابية بين القبائل‪ ،‬وتأكيد مبدأ األخوة‪ ،‬وصلة الرحم )‪.(1436‬‬

‫والحص ن األم ين ب ين جماع ة اإلن س‪ ،‬ف ذھب ك لﱞ‬


‫ِ‬ ‫فلم يج د ھ ؤالء الش عراء الملج أ ال دافئ‪،‬‬

‫منھم باحثا ً عنه في عالم آخر‪ ،‬ويؤكد عالقته بذلك العالم باندماجه ب ه‪ ،‬وھ ذا م ا فعل ه َج َران الع ود‪،‬‬
‫وتأبط شراً وغيرھم ِم ﱠم ن ف ﱠ‬
‫ض لوا اإلنتم اء إل ى الج ن عل ى اإلن س)‪(1437‬؛ فق د رس م الش نفرى لنفس ه‬
‫ص ورة خارق ة‪ ،‬تلحق ه بع الم غي ر مرئ ي‪ -‬ع الم الج ن‪ -‬ف ي ليل ة أف زع فيھ ا الق وم؛ مم ا دفعھ م إل ى‬

‫التس اؤل‪ ،‬أت راه جنيّ ا ً عظيم اً؟! أيك ون إنس اناً؟! م ا ھك ذا يفع ل اإلن س‪ ،‬ص ورة مدھش ة تقت رن فيھ ا‬
‫)‪(1438‬‬
‫الحركة المادية بالحركة النفسية‪ ،‬فتجسدان الذھول والحيرة واالضطراب‪ ،‬إذ يقول‪:‬‬

‫ك إنسا ً َما َكھا اإلنس تَ ْف َع ُل‬ ‫ك ِم ْن ِجنﱢ ألَبْر َح طَ ِ‬


‫ارقا ً‬
‫)‪(1439‬‬
‫)الطويل(‬ ‫ْ‬
‫وإن ي ُ‬ ‫ّ‬
‫فإن يَ ُ‬

‫لم يجد الشاعر مكافئا ً له إال من الجن‪ ،‬أليست ھ ذه قض ية تخلّ ي اإلنس ان ع ن مجتمع ه؛ ودفع ه إل ى‬

‫تأسيس انتماء جديد‪ ،‬انتماء إلى عالم الجن؟! ويقترب من ذلك توسل اإلنس بالجن‪ ،‬وطلبھ ا الحماي ة‬
‫منھ ا‪ ،‬إذ يص ور الش اعر نفس ه بص ورة الالج ئ السياس ي المھ زوم‪ ،‬الض عيف ال ذي فق د الناص ر‬
‫)‪(1440‬‬
‫والمعين؛ فلجأ إلى دولة قوية لتحميه‪ ،‬ويبدو ذلك بقول أحدھم‪:‬‬

‫ْـف نـاز ٌل بِفَنائكا )الطويل(‬


‫ضي ٌ‬‫فـإني َ‬ ‫احب ال ﱠشجْ ◌َ را ِء ھَلْ أ ْنتَ مانعي‬
‫ص َ‬ ‫ھيا َ‬

‫‪ -‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ ‪.311/2‬‬ ‫‪1435‬‬

‫‪ -‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪ ،‬ﺹ‪.321‬‬ ‫‪1436‬‬

‫‪ -‬ﺘﺄﺒﻁ ﺸﺭﹰﺍ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪ ،60‬ﺍﻟﺤﻤﺎﺴﺔ ﺍﻟﺒﺼﺭﻴﺔ‪ ،1994/3 ،‬ﺍﻟﺸﻌﺭ ﻭﺍﻟﺸﻌﺭﺍﺀ‪.608-605/2 ،‬‬ ‫‪1437‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺸﻨﻔﺭﻯ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.64‬‬ ‫‪1438‬‬

‫‪ -‬ﻷﺒﺭﺡ ﻁﺎﺭﻗ ﹰﺎ‪ :‬ﻷﻋﻅﻡ ﻭﺃﻜﺭﻡ ﻁﺎﺭﻗﺎﹰ‪ ،‬ﺍﻟﺒﺭﺡ‪ :‬ﺍﻟﺸﺩّﺓ‪ ،‬ﻤﺎﻜﻬﺎ‪ :‬ﻤﺎ ﻜﻬﺫﺍ ﺃﻭ ﻜﻤﺜل ﻫﺫﺍ‪.‬‬ ‫‪1439‬‬

‫‪ -‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ ‪ ،326/2‬ﻭﻫﻨﺎﻙ ﺭﻭﺍﻴﺔ )ﻀﻌﻴﻑ(‪.‬‬ ‫‪1440‬‬

‫‪265‬‬
‫يعترف الشاعر بضعفه‪ ،‬ويعلي من قيم ة الج ن‪ ،‬ويخاطب ه بص ورة الس يد الق وي ويمدح ه؛‬

‫وما ذاك إال من قبيل االعتراف بقدرته‪ ،‬والتذلل إليه‪ ،‬كي يلب ي دعوت ه‪ ،‬وي وفر ل ه الحماي ة‪ ،‬ويش ير‬

‫بذلك إلى حياة الصعاليك الذين فقدوا اإلحساس باألمان‪ ،‬وأحسّوا بالغربة والوحشة ف ي مجتمع اتھم‪،‬‬

‫فلجأوا إلى الكائنات الغيبية‪ ،‬من ذلك تأبط شراً الذي يقول‪ " :‬فأص بحت والغ ول ل ي ج ارة ")‪،(1441‬‬

‫تلك العبارة التي تقودنا إلى الحديث عن عالقة حسن الجوار‪ ،‬وضرورة الحفاظ على حق وق الج ار‬

‫الجني لعبيد بن الحمارس‪ ،‬عندما نزل في ج واره‪ ،‬واعت دى عل ى حقوق ه‪ ،‬فق د اتھم ه‬
‫ﱡ‬ ‫التي أوضحھا‬

‫بإساءة الجوار‪ ،‬وركوب مطيته ظلماً‪ ،‬وتوعده بأن يأخذ بحقه منه‪ ،‬مشيراً إلى أن ذل ك ل يس اعت دا ًء‬

‫ع عن حقوقه‪ ،‬وحفاظٌ عليھا‪ ،‬فالجوار قيمة عربية أص يلة‪ ،‬ارتف ع ص وت اإلنس ان‬
‫منه عليه‪ ،‬ھو دفا ٌ‬

‫العرب ي معلن ا التمس ك بھ ا‪ ،‬مس تعداً للتض حية ب النفس ف ي س بيل الحف اظ عليھ ا)‪ ،(1442‬وق د قَ ّدس‬

‫المجتمع الجاھلي ھذا القانون تقديساً‪ ،‬فكان العربي يفخر بأن يكون مالذاً لكل خائف )‪.(1443‬‬

‫والجوار ال يحمل دوما ً معنى التعاطف وال يوحي باأللف ة‪ ،‬فق د كان ت ج ارة ت أبط ش راً م ن‬
‫نوع أخر؛ فلم تستطع أن تمأل فراغ ا ً ف ي نفس يته‪ ،‬وإنم ا كش فت ع ن ع الم جدي د يجم ع ب ين وحش ية‬

‫اإلنسان وإنسانية الوحش‪ ،‬وقد أعطى ھذه الحيوانات كثيراً من الس مات اإلنس انية)‪ ،(1444‬وھ و بھ ذا‬

‫يعك س المجتم ع بإيجابيات ه وس لبياته؛ إذ ل م يك ن ك ل أف راده يعرف ون ح ق الج ار‪ ،‬أو ح ق اللج وء‬

‫السياسي واالستجارة‪ ،‬فلم يجد ما كان يبحث عنه‪ ،‬ومھما يكن‪ ،‬فإن ھروبه يشير إل ى ص ورة الظل م‬

‫الواقع على فئة الصعاليك في المجتمع‪ ،‬وأراد أن يثبت شجاعته‪ ،‬وقوته لقومه الذين ظلموه‪ ،‬وربم ا‬

‫لزوجته‪ ،‬ويدحض ادعاءاتھا من خالل قصته مع الغول‪ ،‬وربما لبني أمه )بن ي فھ م(‪ ،‬كم ا ورد ف ي‬

‫قصة أخرى‪ ،‬سّجل فيھا ملحمة تاريخي ة خيالي ة بس يطة‪ ،‬ت دل عل ى جرأت ه وحنكت ه وذكائ ه‪ ،‬إذ أخ ذ‬

‫يبحث عن إنسان يحّمله رسالة الع ﱠز إلى )بني فھم( ق وم أم ه‪ ،‬مض مونھا انتص اره عل ى الغ ول بك ّل‬

‫‪ -‬ﺘﺄﺒﻁ ﺸﺭﹰﺍ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.60‬‬ ‫‪1441‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺭﺍﻭﻱ‪ ،‬ﻤﺼﻌﺏ ﺤﺴﻭﻥ‪ :‬ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ ‪ -‬ﻁ‪ -1‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺸﺅﻭﻥ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ‪ ،‬ﺒﻐﺩﺍﺩ‪ ،1989 ،‬ﺹ‬ ‫‪1442‬‬

‫‪.79‬‬
‫‪ -‬ﺍﻟﺠﺎﻤﻊ ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪.89/1 ،‬‬ ‫‪1443‬‬

‫‪ -‬ﺯﻴﺩﺍﻥ‪ ،‬ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺤﻤﻴﺩ‪ :‬ﺍﻟﺘﻤﺭﺩ ﻭﺍﻟﻐﺭﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻭﻓﺎﺀ ﻟﺩﻨﻴﺎ ﺍﻟﻁﺒﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻨﺸﺭ‪،‬‬ ‫‪1444‬‬

‫ﺍﻹﺴﻜﻨﺩﺭﻴﺔ ‪196‬ﻡ ﺹ ‪.128 – 127‬‬

‫‪266‬‬
‫ما تحمله من خوف‪ ،‬ويقول فيھا‪) :‬أال من مبلغ فتيان فھم()‪ ،(1445‬ونلمح في ھذا ما يشير إلى عملي ة‬

‫الخلع‪ ،‬والتشريد التي كانت القبيلة تمارسھا بحق من يحاول التمرد عليھا؛ فيضطر الخليع إل ى أح د‬

‫أم رين‪ ،‬إم ا أن يف ر إل ى الص حراء؛ ليالق ي مص يره‪ ،‬وإم ا أن يلج أ إل ى م ن يحمي ه ويع يش ف ي‬

‫جواره)‪.(1446‬‬

‫وتبدو في أبياته مغامرات ه وأمثال ه م ن الش عراء م ع األع داء م ن جھ ة‪ ،‬وم ع آل قوم ه م ن‬
‫جھة أخرى‪ ،‬ومع المرأة التي أخذ يفتخ ر أمامھ ا بنفس ه؛ ليثب ت لھ ا جرأت ه‪ ،‬بقول ه‪ " :‬أن ا ال ذي نك ح‬

‫الغيالن ")‪ ،(1447‬ويعلن شجاعته للمرأة التي أشارت على صاحبتھا عدم قبوله زوجا ً عن دما طلبھ ا‪،‬‬

‫لذا فر طالبا ً النسب والقرب من الغول‪ ،‬مستعداً لدفع المھر الذي تطلبه‪ ،‬مفاوضا ً إياھ ا‪ ،‬مؤك داً ح ق‬
‫الم رأة ف ي رف ض المتق دم لھ ا‪ ،‬وس اعيا ً السترض ائھا‪ ،‬ومش اركتھا ف ي ال رأي بقول ه‪ " :‬وطالبتھ ا‬
‫بضعھا فالتوت ")‪ ،(1448‬إالّ أنّھا أصرّت على الرفض‪ ،‬فما ك ان من ه إالّ ْ‬
‫أن عاقبھ ا بالقت ل‪ ،‬والقص ة‬

‫وإن كان ت م ن ب اب الخراف ات واألكاذي ب فأنھ ا تش ير إل ى اعتق اد الج اھليين بإمكاني ة ال زواج م ن‬
‫الجن‪ ،‬كما حصل مع عمرو ب ن يرب وع والس عالة‪ ،‬والقص ة ليس ت جدي دة؛ وإنّم ا تُعي د قص ة ح واء‬

‫التي كانت سببا ً في ھبوط آدم من الجنة‪ ،‬وفي كل م ا لح ق ب ه م ن التح ول والتغي ر‪ ،‬كم ا أش ار إل ى‬

‫ذلك عدي بن زي د)‪ ،(1449‬ويب دو وج ه الش به ف ي أن الم رأة كان ت ص احبة الس يادة‪ ،‬والمتفوق ة عل ى‬

‫الرجل تمسك بزمام المبادرة‪ ،‬تأكل من الثمرة المحرمة وال تستش ير آدم قب ل ذل ك‪ ،‬ب ل تعطي ه منھ ا‬

‫وال يرفض‪ ،‬حتى كانت النتيجة‪ ،‬واستعاد آدم مكانته )‪ ،(1450‬وھذا م ا حص ل م ع ج ران الع ود ال ذي‬
‫دفعته أوضاعه االجتماعية‪ ،‬بما فيھا المرأة إلى البحث عن عالم آخر؛ ليثبت وجوده‪ ،‬ويك ّ‬
‫ون لنفس ه‬

‫السيادة‪ ،‬فنظرة المجتمع الجاھلي إلى المرأة لم تأت من فراغ‪ ،‬وإنما كونھ ا المس ؤولة ع ن الخطيئ ة‬

‫‪ -‬ﺘﺄﺒﻁ ﺸﺭﹰﺍ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪ ،106‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪.342/2 ،‬‬ ‫‪1445‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺠﺎﻤﻊ ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪.89/1 ،‬‬ ‫‪1446‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ ﻭﺃﺜﺭﻩ ﻓﻲ ﺘﻐﻴﻴﺭ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ‪ ،‬ﺹ‪.259‬‬ ‫‪1447‬‬

‫‪ -‬ﺘﺄﺒﻁ ﺸﺭﹰﺍ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.60‬‬ ‫‪1448‬‬

‫‪ -‬ﻋﺩﻱ ﺒﻥ ﺯﻴﺩ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.159‬‬ ‫‪1449‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺭﺒﺎﻋﻲ‪ ،‬ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ‪ :‬ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻘﺩ ﺍﻟﺸﻌﺭﻱ‪-‬ﻁ‪ -1‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻌﻠﻭﻡ ﻟﻠﻁﺒﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻨﺸـﺭ ﺍﻟﺭﻴـﺎﺽ‪1984 ،‬ﻡ‪،‬‬ ‫‪1450‬‬

‫ﺹ ‪124‬ﻭﻤﺎ ﺒﻌﺩﻫﺎ‪ ،‬ﻋﺒﺩ ﺍﷲ‪ ،‬ﻤﺤﻤﻭﺩ ﺼﺒﺭﻱ ﻋﻠﻲ‪ :‬ﺍﻟﺤﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺭﺴﺎﻟﺔ ﻤﺎﺠﺴﺘﻴﺭ‪ ،‬ﺠﺎﻤﻌـﺔ ﺍﻟﻨﺠـﺎﺡ‬
‫ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ‪2003 ،‬ﻡ‪ ،‬ﺹ‪.150-148‬‬

‫‪267‬‬
‫األولى والثانية‪ ،‬مما يدفعنا إلى التفكير ف ي فلس فة الق وة والض عف ف ي الوج ود كل ه؛ إذ ل م تك ن ف ي‬

‫المظھر فقط‪ ،‬وإنما قد تكون في الخداع الذكي‪ ،‬والخبث الواعي)‪ ،(1451‬وھكذا لم يكن للرج ل مكان ة‬

‫إال بعد الخطيئة‪.‬‬

‫ومع ذلك نجد صورة أخرى للمرأة‪ ،‬وھي الحريصة على زوجھا س ليما ً مع اف ًى‪ ،‬م ن خ الل‬

‫ما ورد على لسان أبي قيس بن األسلت معتذراً ع ن الح رب الت ي ُو ﱠك ل بھ ا‪ ،‬مص وراً إيّاھ ا ب الغول‬
‫الت ي توج ع الرج ال‪ ،‬وتغيّ ر أل وانھم)‪ ،(1452‬األم ر ال ذي يقودن ا إل ى الق ول‪ :‬إن الم رأة الت ي اقترن ت‬

‫صورتھا ب الغول والس عالة‪ ،‬والت ي تس بب المش اكل‪ ،‬ويع زى إليھ ا التفك ك األس ري ت ارة‪ ،‬وبالجني ة‬

‫الساحرة القادرة على التأثير في الرجال‪ ،‬والتي تكون س ببا ً ف ي اإلب داع الش عري ت ارة أخ رى‪ ،‬ھ ي‬
‫سبب التكوين األسري‪ ،‬وأساسه تارة ثالثة‪ ،‬ويرجح "أن تكون رمزاً جماعيا ً لوجدان جم اعي دين ي‬

‫للشمس ")‪ (1453‬وتصويراً للواقع‪ ،‬لذلك اضطربت النظرة إليھا كما يضطرب الواقع‪.‬‬

‫ول م تقتص ر األنظم ة األس رية والقبلي ة عل ى أبن اء الج ن أنفس ھم‪ ،‬وإنم ا ح رص الش اعر‬

‫الجاھلي على إقامة عالقات ودية مع أفراد من الجن يكتنفھا اإلخ الص والوف اء األب دي؛ فق د لعب ت‬

‫دور األخ والصديق الكريم الشجاع‪ ،‬فكل ھذه النظم والقيم جاھلي ة محض ة‪ ،‬ح اول الش اعر عكس ھا‬

‫على عالم الخيال‪ ،‬وأشار األعشى إلى ذلك عندما استنجد بص ديقه الجن ي؛ لي رد عل ى أعدائ ه ال ذين‬

‫ھج وه‪ ،‬بقول ه‪ " :‬دع وت خليل ي مس حالً)‪ ،(1454‬يق ول‪ " :‬حب اني أخ ي الجن ي)‪ ،(1455‬فھ و يس تخدم‬

‫كلمات مجسّدة للعالقة بينھا‪ ) ،‬األخوة والصداقة( التي قد تفوق صلة النس ب والقراب ة‪ .‬وتب دو روح‬

‫اإليثار الجاھلي بقوله‪ " :‬نفسي ف داؤه‪ " ..‬ويظھ ر التق دير واالعت راف بالفض ل والمع روف‪ ،‬وع دم‬

‫نك ران الجمي ل‪ ،‬بق ول الش اعر واعتراف ه بأن ه ل م يك ن ش اعراً ل وال ش يطانه "وم ا كن ت ش احرداً"‬

‫)‪ ،(1456‬وھ ذا م ا يؤك د الوح دة القومي ة؛ فكالھم ا يتح دث بلغ ة واح دة‪ .‬ويعك س األعش ى نظ رة‬

‫‪ -‬ﻓﺭﻭﻡ‪ ،‬ﺇﺭﻴﺵ‪ :‬ﺍﻟﺤﻜﺎﻴﺎﺕ ﻭﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ ﻭﺍﻷﺤﻼﻡ‪ ،‬ﻤﺩﺨل ﺇﻟﻰ ﻟﻐﺔ ﻤﻨﺴﻴﺔ‪ ،‬ﺘﺭﺠﻤﺔ‪ ،‬ﺼﻼﺡ ﺤـﺎﺘﻡ‪-،‬ﻁ‪ -1‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺤـﻭﺍﺭ‬ ‫‪1451‬‬

‫ﻟﻠﻨﺸﺭ ﻭﺍﻟﺘﻭﺯﻴﻊ‪ ،‬ﺴﻭﺭﻴﺎ‪1990 ،‬ﻡ‪ ،‬ﺹ ‪ 175‬ﻭﻤﺎ ﺒﻌﺩﻫﺎ‪.‬‬


‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻔﻀﻠﻴﺎﺕ‪ ،‬ﺹ‪.284‬‬ ‫‪1452‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺹ ‪.123‬‬ ‫‪1453‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﻋﺸﻰ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.183‬‬ ‫‪1454‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.184‬‬ ‫‪1455‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﻋﺸﻰ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.119‬‬ ‫‪1456‬‬

‫‪268‬‬
‫الجاھليين إلى الشعر‪ ،‬وخاصة الھجاء ال ذي ل م يك ن يق ل ع ن أث ر الس حر‪ ،‬وم ا ذاك إال لعالق ة ك ل‬

‫منھما بالجن؛ إذ ك ان ت أثيره أش د م ن ت أثير الس يف وال رمح‪ .‬ويب دو أن الج ن ك اإلنس ل م تك ن عل ى‬

‫مس توى واح د م ن اإلخ الص والوف اء ف ي عالقتھ ا م ع البش ر‪ ،‬فق د ص ّور س ويد ب ن أب ي كاھ ل‬
‫اليش كري ش يطان خص مه بأن ه ف رّار ھ رب‪ ،‬ول م ي دافع ع ن ص احبه‪ ،‬فيق ول‪ " :‬ف ّر من ي ھارب ا ً‬

‫شيطانه‪ (1457)"..‬ويعكس ذلك طبيعة الحياة الجاھلية التي كانت قائمة عل ى الص راعات والنزاع ات‬

‫الكالمية والفعلية‪.‬‬

‫وينظرون إلى الشعر على أنه شر في باطنه؛ يوقع الخص ومة ب ين الن اس؛ ألن األعش ى‬

‫يقول‪ " :‬فلم ا رأي ت الن اس للش ر أقبل وا ")‪ ،(1458‬ل ذلك نظ ر الج اھليون إل ى الش عراء نظ رة تق ديس‬
‫ورھبة؛ كما نظروا إلى الكاھن؛ ألنه يمتلك القدرة على التعامل مع تلك المخلوق ات الخفي ة الت ي ق د‬

‫تكون نافعة أو ضارة‪ ،‬فكأنھم يمتلكون زمام األمور‪.‬‬

‫ويشير عمرو بن كلث وم إل ى أن الج ن طبق ات كبن ي البش ر‪ ،‬فيس مي الش عراء )ك الب الج ن()‪(1459‬؛‬

‫ألنھم تابعون لھم‪ ،‬مسيّرون ب أمرھم‪ ،‬ف ي ح ين ي رى ش اع ٌر آخ ر أن ش يطانه ) أمي ر الج ن ()‪،(1460‬‬

‫ويفتخر بذلك‪.‬‬

‫وھك ذا عك س الش عراء الج اھليون نظ رة المجتم ع إل ى الج ن‪ ،‬وأض فوا عليھ ا مالم ح‬

‫المجتمعات البشرية‪ ،‬من حيث التكوين‪ .‬أما من حي ث الق يم والع ادات فإنن ا نج د م ن خ الل دراس تنا‬

‫ألش عارھم أن الش اعر الج اھلي أراد أن يعززھ ا‪ ،‬م ن خ الل تعامل ه م ع الج ن‪ ،‬وخاص ة )إق راء‬

‫الضيف( الذي يتمثل بإيقاد )نار الق رى( أو )ن ار الض يافة(‪ ،‬الت ي تب دو ف ي ق ول "ج ذع ب ن س نان"‬
‫)أتوا ناري()‪ ،(1461‬وفي قول شمير بن الحارث الضبي )‪ ،(1462‬فكأن كالً منھما يفتخ ر بإيق اد الن ار؛‬

‫إلرش اد المحت اجين والس ائلين‪ ،‬ول م ي َج د الش عراء وس يلة إلب راز ش مائلھم أفض ل م ن إش عال تل ك‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻔﻀﻠﻴﺎﺕ ‪،‬ﺹ‪.101‬‬ ‫‪1457‬‬

‫ﺍﻷﻋﺸﻰ‪ ،‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.183‬‬ ‫‪1458‬‬

‫‪ -‬ﻋﻤﺭﻭ ﺒﻥ ﻜﻠﺜﻭﻡ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪ ،72‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪.351/1 ،229/6 ،‬‬ ‫‪1459‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪.229/6 :‬‬ ‫‪1460‬‬

‫‪ -‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪.352/2 ،‬‬ ‫‪1461‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪.350/2 ،‬‬ ‫‪1462‬‬

‫‪269‬‬
‫النيران‪ ،‬التي يستد ّل منھا على كرم اإلنسان‪ ،‬إال ّ‬
‫أن القارئ يُفاج أ عن دما يعل م أن ض يوف الش اعر‪،‬‬

‫كانوا من نوع آخر )من الج ن(‪ ،‬وم ع ذل ك ل م ي أ ُل جھ داً ف ي تق ديم م ا يحت اجون إلي ه م ن الترحي ب‬

‫واإلك رام؛ فيس تقبلھم فَ ِرح اً‪ ،‬مق دﱢما ً لھ م التحي ة الممزوج ة بالبشاش ة‪ ،‬وي دخل األم ل والرّاح ة ف ي‬
‫)‪(1463‬‬
‫نفوسھم‪ ،‬كما اعتاد‪ ،‬ويتولى خدمتھم بنفسه وذلك بقوله‪:‬‬

‫)الوافر(‬ ‫صبَاحا‬ ‫َرأَ ُ‬


‫يت ُوجُوھَھم َوسْما ً َ‬ ‫أَتَوْ ني سافرينَ ‪ ،‬فَقُ ْل ُ‬
‫ت‪ :‬أھالً‬

‫ْت ل ُك ْم سماحا‬
‫كلوا ِم ّما طَھي ُ‬ ‫لت‪ :‬أَالَ ھَلموا‬
‫َحرت لھم‪َ ،‬وقُ ُ‬
‫ُ‬ ‫ن‬

‫ويعكس الشاعر نفسه عادة العتيرة التي كانت تق دم كذبيح ة لألص نام‪ ،‬ث م تقس م للمع وزين‪،‬‬

‫من أجل كسب الرضا والبركة‪ ،‬وحسن الثناء‪ ،‬وكذلك الج زور)‪ ،(1464‬الت ي يعك س م ن خاللھ ا قم ة‬

‫الكرم العربي‪ ،‬الذي بدا في القرآن الكريم‪ ،‬كم ا فع ل س يدنا إب راھيم لض يوفه "ﻓـﺮاغ إﻟـﻰ‬

‫ـﺔ فج اء بعج ل َس مين")‪ ،(1465‬ويب الغ الش اعر ف ي إك رام ض يوفه‪ ،‬ب أن يق دم لھ م الخم رة‬
‫أهﻠـ‬

‫الممزوجة بالعس ل؛ وذل ك إلظھ ار ك رم المض يف‪ ،‬وإلع الء ق در الض يوف‪ ،‬ك ل ذل ك يع زز ع ادة‬

‫اجتماعية‪ ،‬وھي أن تقديم الخمرة كان َم ْعلَما ً من َم َعاِلم الكرم‪ ،‬ال يستقيم القرى م ن غي ره‪ ،‬ويب ين م ا‬

‫للخمرة من قداسة‪ ،‬إذ شاعت عادة ممارسة تق ديم الق رابين م ن النبي ذ إل ى اآللھ ة يومي ا ً‪ " :‬ويص ور‬

‫إقب ال الج ن عليھ ا بش غف ونَھَ ٍم◌ٍ ‪ ،‬ف ي ح ين يرفض ون تن اول الطع ام‪ ،‬ويب دو ذل ك‪ ،‬ف ي قول ه‪:‬‬

‫"فن ا َزعني الزجاج ةَ بع د وھ ٍن" )‪ ،(1466‬فك أن اإلنس ان الج اھلي ك ان يھ دف م ن ذل ك إل ى تحقي ق‬

‫الخل ود‪ ،‬م ع أن ه م وقن أن الم وت واق ع ال مھ رب من ه‪ ،‬فق د أخ ذ يس عى لتحقي ق ھدف ه‪ ،‬ع ن طري ق‬

‫ممارسة بعض القيم األخالقية الموروثة في العرف الجماعي‪ ،‬فھي س بيل إل ى خل ود ال ذكر‪ ،‬م ا دام‬
‫خلود الجسد مستحيالً")‪.(1467‬‬

‫‪ -‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪.352/2 ،‬‬ ‫‪1463‬‬

‫ﺍﻟﻭﺜﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺹ‪.369‬‬ ‫‪1464‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺫﺍﺭﻴﺎﺕ‪ ،‬ﺁﻴﺔ ‪.26‬‬ ‫‪1465‬‬

‫‪ -‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪.353/2 ،‬‬ ‫‪1466‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪ ،‬ﺹ‪.226‬‬ ‫‪1467‬‬

‫‪270‬‬
‫ومن اإلش ارات االجتماعي ة الت ي أش ار إليھ ا الش اعر ج ذع ب ن س نان الغ ّس اني "ض رب‬

‫القداح")‪(1468‬؛ فقد كان الجاھلي إذا أراد فعل أمر‪ ،‬ضرب بالقداح‪ ،‬فإن خرج الق دح المكت وب علي ه‬

‫افعل‪ ،‬فعل األمر‪ ،‬وإن خرج القدح المكتوب عليه ال تفعل‪ ،‬تراج ع ول م يفع ل)‪ ،(1469‬إال أن ش اعرنا‬

‫ي وحي ال ى أن اعتق اد الع رب بتل ك الوس ائل الت ي مارس وھا لمعرف ة المجھ ول‪ ،‬ك ان عل ى درج ات‬

‫متفاوتة من التصديق‪ ،‬وعلى مستويات متباينة من االعتقاد‪ ،‬وأن االعتق اد بق درة الج ن عل ى كش ف‬

‫المجھول كان األكثر صدقا ً من الق داح‪ ،‬والتطي ر‪ ،‬والعياف ة‪ .‬و ب دا ض يفه ف ي ص ورة إنس ان حك يم‬

‫مج رب‪ ،‬حريص ا ً عل ى مص لحته‪ ،‬أخ ذ يب دي ل ه نص ائحه‪ ،‬وھ ذا ي دل عل ى الثق ة المتبادل ة ب ين‬

‫الطرفين‪.‬‬

‫إضافة إلى ما سبق‪ ،‬فإننا نلمح في أبياته قيمة أخرى من القيم الجاھلية‪ ،‬ال شك أنھا الج رأة‬

‫والش جاعة الت ي تمثل ت بالمخ اطرة والمجازف ة‪ ،‬وع دم االس تھانة ب الموت‪ ،‬وتعك س طبيع ة الحي اة‬

‫الجاھلية القائم ة عل ى الع دوان‪ ،‬والص راع ال دائم؛ والت ي ال يص لح لھ ا إالّ الرج ل الش جاع ال ذي ال‬
‫يبالي بالنتائج؛ فالشاعر يتخذ من نزوله في أماكن تواجد الجن مجاال للفخر بنفسه‪ ،‬فقد ن زل ض امنا ً‬

‫)الوافر(‬ ‫الموت‪ ،‬مستعداً له‪ ،‬بقوله)‪:(1470‬‬

‫صبْحا ً أو ُر َواحا‬
‫تُالقي ال َمرْ َء ُ‬ ‫أَتــَيتھُ ُم ولألقدار َح ْت ٌم‬

‫َرأَوْ ا قَتلي إذا فَعـَلوا ُمباحـا‬ ‫أت ِ◌ ْ◌يتُھُ ْم َغ ِريبا ً ُمستَفيضا ً‬


‫َ‬

‫وتبدو الفوضى أو شبه الفوضى التي شاعت بين بعض القبائ ل‪ ،‬والت ي تجل ت بع دم وج ود‬

‫ق انون اجتم اعي‪ ،‬يُ نَظّم عالق ات البش ر‪ ،‬فك أن الحي اة قائم ة عل ى )ش ريعة الغ اب( الت ي يفت ك فيھ ا‬
‫القوي بكل من ھو أضعف منه‪ ،‬دون رحمة أو رعاي ة لعھ د أو ميث اق )‪ ،(1471‬فل م يك ن ھن اك ق انون‬

‫ي ردعھم ع ن قتل ه‪ ،‬إال أن الض مير األخالق ي النفس ي‪ ،‬ھ و ال ذي م نعھم‪ ،‬وربّم ا اس تقبال الش اعر‬

‫‪ -‬ﻴﻨﻅﺭ‪ ،‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪.353/2 ،‬‬ ‫‪1468‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺴﻴﺭﺓ ﺍﻟﻨﺒﻭﻴﺔ ‪ ،115/1،‬ﻤﻀﻤﻭﻥ ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺹ‪ ،46‬ﻋﺒﻘﺭ‪،‬ﺹ‪.124-123‬‬ ‫‪1469‬‬

‫‪ -‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪.352 /2 ،‬‬ ‫‪1470‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻔﺎﺨﻭﺭﻱ‪ :‬ﺍﻟﺠﺎﻤﻊ ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ‪ 164/1 ،‬ﻭﻤﺎ ﺒﻌﺩﻫﺎ‪.‬‬ ‫‪1471‬‬

‫‪271‬‬
‫الحس ن لھ م‪ ،‬ھ و ال ذي غيّ ر م ن طب اعھم‪ ،‬وتعك س األبي ات نظ رة اإلنس ان إل ى الغ ول‪ ،‬أن ه س بب‬

‫الھالك والموت‪.‬‬

‫وھكذا نستطيع القول ّ‬


‫إن قصيدة جذع بن سنان الغساني‪ ،‬تمث ل مع الم الحي اة الجاھلي ة‪ ،‬وم ا‬

‫ينظمھا من عالقات اجتماعية‪ ،‬بكل معنى الكلمة‪ ،‬ونتبين منھا‪ ،‬أن الشاعر إنما يعبر ع ن الالش عور‬

‫الجمعي‪ ،‬فما تجاربه إال تجارب عامة عاشھا شعبه‪ ،‬مستمدة من الممارس ات اليومي ة‪ ،‬بم ا تتض منه‬
‫م ن نزاع ات ومغ امرات ومخ اطر‪ ،‬وق د عك س الش اعر العالق ات االجتماعي ة الت ي كان ت ت ت ُم ب ين‬

‫البشر‪ ،‬من تبادل الزيارات وغيرھا على عالم الجن المتخيّل‪.‬‬

‫وي رى ص الح ب ن حم ادي أن التوس الت والق رابين والن ذور الت ي ك ان يق دمھا الج اھليّون لتل ك‬
‫الكائن ات‪ ،‬م ا ھ ي إال إج راءات وت دابير اجتماعي ة‪ ،‬كان ت تق دم ف ي األص ل لتنظ يم عالق ات البش ر‬

‫بعضھم ببعض‪ ،‬في العصور القديم ة‪ ،‬فھ ي كالض رائب العيني ة الت ي تش به الجزي ة والخ راج‪ ،‬ك ان‬

‫صنف من البشر يؤديھا كفريض ة لص نف آخ ر‪ ،‬بموج ب بع ض الق وانين الطبيعي ة‪ ،‬كق انون الق وة‪،‬‬

‫وحق األباء على األبناء‪ ،‬أو اجتماعية‪ ،‬كواجب الفرد نحو المجتمع‪ ،‬وحق الحاكم عل ى المحك وم أو‬

‫ھ ي كالعطاي ا الت ي يق دمھا البش ر اآلدم ي إل ى األخ ر؛ ك ي يقض ي مص الحه أو يحيط ه بالعناي ة‬

‫والعطف)‪ ،(1472‬ويتمثل ذلك في الجوالق التي كانوا يضعونھا أم ام جُحْ ر الحي ة‪ ،‬ويزي دون فيھ ا إذا‬

‫لم تستجب لھم )‪ ،(1473‬وقد يكون في ذلك ما يشير إل ى الدي ة الت ي ك ان وم ا زال يق دمھا أھ ل القات ل‬

‫للمقتول؛ دفعا ً للشر واألذى‪ ،‬وف ي ھ ذا م ا يص ور جھ ل اإلنس ان الج اھلي‪ ،‬وإيمان ه بالخراف ات ف ي‬

‫وق ت غ اب في ه التفكي ر العقل ي والعلم ي‪ ،‬وأص بحت األوھ ام والخراف ات ھ ي الت ي تس يطر عل ى‬

‫اإلنسان‪ .‬ونجد في لج وء الش اعر إل ى الرﱡ ق ى‪ ،‬وم ا يُقﱠدم ه م ن الكلم ات‪ ،‬والتم ائم‪ ،‬والخ َرزات الت ي‬

‫تعلّ ق؛ التق اء أذى تل ك األرواح م ا يش ير إل ى أنھ ا ج وازات الس فر والم رور الت ي ك ان الف رد‬

‫يستظھرھا؛ ليعرف األخرين بنفسه وبقومه‪ ،‬فيحدد اآلخرون عل ى أساس ھا م وقفھم من ه)‪ ،(1474‬ف إن‬

‫‪ -‬ﺍﺒﻥ ﺤﻤﺎﺩﻱ‪ ،‬ﺼﺎﻟﺢ‪ :‬ﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ ﻭﺍﻟﻤﻌﺘﻘﺩﺍﺕ ﺍﻟﻐﻴﺒﻴﺔ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺒﻭ ﺴﻼﻤﺔ ﻟﻠﻁﺒﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻨﺸﺭ ﻭﺍﻟﺘﻭﺯﻴﻊ‪ ،‬ﺘﻭﻨﺱ‪،‬‬ ‫‪1472‬‬

‫‪1983‬ﻡ‪ -‬ﺹ‪.98-97‬‬
‫‪ -1473‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪ ،359/2 ،‬ﺍﻟﻤﻔﺼّل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪.812/6 ،‬‬
‫‪ -‬ﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ ﻭﺍﻟﻤﻌﺘﻘﺩﺍﺕ ﺍﻟﻐﻴﺒﻴﺔ‪ ،‬ﺹ‪.100-97‬‬ ‫‪1474‬‬

‫‪272‬‬
‫كان من قوم بينھم معاھدة أو صلة م ّر بأمان‪ ،‬وذلك كما فعل أحد أفراد الج ن م ع بن ي س ھم‪ ،‬عن دما‬

‫ق ال‪ " :‬أن ا رج ل م ن بن ي س ھم‪ ،‬بينن ا وبي نكم ميث اق ")‪ ،(1475‬وإن ك ان غي ر ذل ك قتل وه أو أع ادوه‪.‬‬

‫نعتقد أن ھذه األفكار وليدة العجز الذي يشعر به إنسان األس اطير أم ام الص عوبات الت ي تعترض ه‪،‬‬

‫وتشير إلى مجال يتعدى حدود التصور المنطقي الواقعي إلى المجاالت المجھولة‪.‬‬

‫وتبدو بعض اإلشارات االجتماعية‪ ،‬في محاولة بع ض الش عراء تس جيل الظل م االجتم اعي‬
‫الواق ع عل يھم‪ ،‬أو عل ى قب ائلھم‪ ،‬م ن خ الل األس اطير الت ي تتعل ق ب الجن‪ ،‬إذ نج دھم ي دعون إل ى‬

‫العدالة‪ ،‬وإحقاق الحقوق‪ ،‬فھذا األعشى يُعّبر عن غربته عن قوم‪ ،‬ال يعرفون الود بينھم‪ ،‬وال ي رون‬

‫النس ب والقراب ة إال أم راً متكلف ا ً ال قيم ة ل ه‪ ،‬وال أھمي ة‪ ،‬ويكش ف ع ن ظلمھ م ل ه دون مب رر‪ ،‬م ن‬
‫خ الل أس طورة ض رب الث ور لتش رب البق ر م ع ش ربه‪ ،‬ف ال ذن ب ل ه؛ وإنّم ا يعاق ب عل ى جريم ة‬

‫ي‪ ،(1476) ...‬وإن ك ان الھ دف واض حاً‪ ،‬إال أن الش عراء‬


‫ارتكبھا غيره‪ ،‬وذلك بقوله " لك الثور والجنﱠ ﱠ‬
‫استغلوا ھذه الحادثة للتعبير عن مثل ھذه المواقف‪.‬‬

‫ويسجل النابغة تعجبه من تصرف النعم ان وتقريب ه لبن ي قري ع‪ ،‬وإص غائه إل يھم م ع أنھ م‬

‫األج در بالعق اب‪ ،‬ومعاقبت ه ل ه‪ ،‬م ع أن ه ل م ي ذنب‪ ،‬ول م يَ ُخ ن أمانت ه)‪ ،(1477‬بقول ه " لكلفتن ي ذن ب‬

‫‪ ،(1478)"....‬مس تغالً المث ل القات ل "ك ذي الع ﱠر يك وى غي ره وھ و رات ُع")‪ ،(1479‬وھ ذا أيض ا ً يعك س‬

‫الظلم االجتم اعي ال ذي ك ان ش ائعاً‪ ،‬واالفتق ار إل ى العدال ة الت ي يطال ب بھ ا ك ال الش اعرين‪ .‬ويب دو‬

‫نكران الجميل؛ ومقابلة اإلحسان باإلساءة‪ ،‬ف ي أبي ات أمي ة ب ن أب ي الص لت الت ي يق ول فيھ ا "ك ذي‬

‫األفعى تربﱠبُھا"‪(1480) ،‬متذكراً قصة آدم عليه السالم وإحسانه إليھا‪ ،‬وما فعلته به وبالبش رية جمع اء‬

‫بالتعاون م ع الش يطان‪ .‬وربم ا نلم ح ف ي أبي ات ام رئ الق يس‪ ،‬ف ي قض ية تعلي ق كع ب األرن ب‪ ،‬م ا‬

‫‪ -‬ﻴﻨﻅﺭ‪ ،‬ﺃﺤﺩﺍﺙ ﺍﻟﻘﺼﺔ‪ ،‬ﺃﺨﺒﺎﺭ ﻤﻜﺔ‪.183/2 ،‬‬ ‫‪1475‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﻋﺸﻰ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪،‬ﺹ‪.9‬‬ ‫‪1476‬‬

‫‪ -‬ﺃﻤﻴﻥ‪ ،‬ﻓﻭﺯﻱ ﻤﺤﻤﺩ‪ :‬ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ ﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﻭﻨﺼﻭﺹ‪ ،‬ﺹ ‪.182‬‬ ‫‪1477‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻨﺎﺒﻐﺔ ﺍﻟﺫﺒﻴﺎﻨﻲ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.126‬‬ ‫‪1478‬‬

‫‪ -‬ﻤﺠﻤﻊ ﺍﻷﻤﺜﺎل‪.184/2 ،‬‬ ‫‪1479‬‬

‫‪ -‬ﺃﻤﻴﺔ ﺒﻥ ﺃﺒﻲ ﺍﻟﺼﻠﺕ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.25‬‬ ‫‪1480‬‬

‫‪273‬‬
‫يشير إلى روح المف اخرة‪ ،‬والتع الي ب القوة والص حة‪ ،‬إذ يَ ْس خَر م ن الرج ل الض عيف‪ ،‬ويطل ب م ن‬

‫ھند أالّ تتزوجه)‪.(1481‬‬

‫ونخلص من ذل ك إل ى أن ع الم الج ن ج زء م ن ع الم خي الي‪ ،‬اس تطاع الع رب أن يج ّس موا‬

‫الرؤى‪ ،‬ويشخصوا الطبيعة‪ ،‬ويصوروا نوازع النفس اإلنسانية من خالله‪ ،‬ويؤكد ما ذھبنا إلي ه م ن‬

‫أنه إسقاط لعالم اإلنسان الجاھلي عليه بكل م ا يش تمل علي ه‪ ،‬م ن أنظم ة وع ادات وتقالي د‪ ،‬ول م يَش ّذ‬
‫عن طبيعة الحياة الجاھلية أو يختلف عنھا‪.‬‬

‫‪ -‬ﺍﻤﺭﺅ ﺍﻟﻘﻴﺱ‪ :‬ﺸﺭﺡ ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.358-357/6 ،350‬‬ ‫‪1481‬‬

‫‪274‬‬
‫المبحث الثالث‬

‫البعد النفسي‬

‫انبعثت الرمزية األسطورية وأبعادھا النفسية‪ ،‬من طم وح اإلنس ان وآمال ه‪ ،‬ومخاوف ه الت ي‬

‫بنى عليھا فلسفته المضادة للعقل؛ فقد بدا من خالل استعراض م ا َو َرد ع ن ع الم الج ن‪ ،‬أن ه – كم ا‬

‫ذكرنا‪ -‬عالم خيالي‪ ،‬تصنعه الوحدة والتفّرد؛ في الخالء‪ ،‬والوھم والخوف م ن المجھ ول‪ ،‬ف ي ع الم‬
‫ك ان وال ي زال مناوئ ا ً لإلنس ان‪ ،‬وال س يّما المتفّ رد‪ .‬فھ و عن وان الخط ر ف ي وق ت ك ان اإلنس ان‬

‫الج اھلي يحل م في ه بنھ ر الحي اة ص افياً‪ ،‬ويغلب ه واق ع أق وى من ه؛ فالص راع ب ين الواق ع والحل م ھ و‬

‫الشرط األول للحياة‪ ،‬ومن العسير أو المستحيل أن تكون ثّمة حياة بال ص راع)‪ ،(1482‬ذل ك الص راع‬
‫الذي انطلقت شرارته األولى بين إبليس واإلنسان‪.‬‬

‫وق د ش كل ع الم الج ن عنص ر القل ق‪ ،‬واالض طراب النفس ي لإلنس ان الج اھلي‪ ،‬وھ ذا م ا‬

‫وجدناه في تصوير َج َران الع ود لزوجتي ه‪ ،‬وبي ان م ا ألحقت اه ب ه م ن األذى‪ ،‬و َس بّبَتاه ل ه م ن القل ق‪،‬‬

‫وع دم االطمئن ان‪ ،‬إذ أنھم ا الھ ُم الم الزم ل ه‪ ،‬ال ذي اض طره إل ى التفكي ر ف ي الرحي ل إل ى الجب ال‪،‬‬

‫للحي اة م ع الج ن الت ي ربّم ا وج د عن دھا االطمئن ان والراح ة‪ ،‬إذ يش به زوجتي ه ب الغول‬
‫)‪(1483‬‬
‫والسﱠعالة‪،‬بقوله‪:‬‬

‫ُمخ ﱠدشٌ ما بَ ْينَ التﱠراقي ُمج ّر ُح )الطويل(‬ ‫ھما الغو ُل والسﱢعالةُ َحلقِي ِم ْنھُما‬

‫يكتف باألثر النفسي‪ ،‬وإنما تجاوزه إلى الجسدي؛ فقد تخ ّدش َحلقهُ م ن س وء معاملتھم ا‬
‫ِ‬ ‫ولم‬

‫له‪ .‬ويبين في موقع أخر اضطراره إلى الھروب منھما إلى الجبال‪ ،‬حي ث ف رق ب ين الغ ول والج ن‪،‬‬
‫فھو إذ يعكس قلقه وحذره من الغول والسعالة‪ ،‬يشير إلى راحته واطمئنانه إلى الج ن الت ي تق يم ف ي‬

‫الجبال)‪ ،(1484‬فكأنھا مخلوقات طيبة‪ ،‬تريد الخير لإلنسان‪ ،‬بعكس الغول‪ ،‬وربما قصد ب ذلك اللج وء‬

‫‪ -‬ﻗﺭﺍﺀﺓ ﺜﺎﻨﻴﺔ ﻟﺸﻌﺭﻨﺎ ﺍﻟﻘﺩﻴﻡ‪ ،‬ﺹ‪.130‬‬ ‫‪1482‬‬

‫‪ -‬ﺠﺭﺍﻥ ﺍﻟﻌﻭﺩ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪ ،4‬ﺨﺯﺍﻨﺔ ﺍﻷﺩﺏ‪.18/10 ،‬‬ ‫‪1483‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.19‬‬ ‫‪1484‬‬

‫‪275‬‬
‫إلى اآللھة ممثلة في الجن؛ لكي يشكو إليھا ما به‪ .‬ولم يبتعد عن ھ ذا األث ر م ا ذك ره الش اعر نفس ه؛‬
‫)‪(1485‬‬
‫يعكس من خالله أثر المرأة في نفسه‪ ،‬حيث جمع بينھا وبين الغول مرة أخرى‪ ،‬بقوله‪:‬‬

‫فإني غي ُر مسْرور )البسيط(‬


‫ِمنَ األنام ﱢ‬ ‫َمن كان أصب َح مسروراً بِ ْزوجت ِه‬

‫ُغوالً تُص ّو ُر لي في ك ﱠل التصاوير‬ ‫كأن في البيت بَ ْع َد الھَ ْد ِء راصدةً‬


‫ّ‬

‫أھوي إلى اللﱠيِل يَ ْومي ذا َ‬


‫ك في بِيْر‬ ‫كأنني حينَ أَل ْق َى َوجْ ھَھَا نَ ِكراً‬

‫فالشاعر يعكس األثر النفسي الذي تسببه له‪ ،‬من خالل تشبيھه لھا ب الغول الت ي تُالحق ه‪ ،‬وتلح ق ب ه‬

‫األذى‪ ،‬وال نج د ش اعراً يُج ﱠس د ذل ك المعن ى‪ ،‬أكث ر م ن عاص م ب ن خروع ة النھش لي ال ذي ق ال ف ي‬


‫)‪(1486‬‬
‫)الطويل(‬ ‫وصف زوجته‪:‬‬

‫َو َمن يَصْ حب ال ﱠش ْيطانَ وال ُغو َل يَ ْكمد‬ ‫ُ‬


‫والشيطان الغو ُل َغ ْيرُھا‬ ‫ھي الغو ُل‬

‫َويُطر ُ‬
‫ق منھا كلﱡ أفعى وأسو ِد‬ ‫رونَھا‬ ‫ﱡ‬
‫الجن حينَ يَ ْ‬ ‫تَع ّو َذ ِم ْنھا‬

‫ف ال يخف ي م ا ت وحي إلي ه األبي ات م ن اش مئزازه‪ ،‬وش دة نف وره منھ ا‪ .‬وتب دو الس عالي بش كل مثي ر‬
‫للرع ب والف زع‪ ،‬م ن خ الل تش بيه الش عراء الم رأة الذميم ة القبيح ة بھ ن‪ ،‬ويتض ح ذل ك ف ي ق ول‬

‫األعشى "ونِسا ٍء كأنھن السﱠعالي")‪ ،(1487‬وتبدو السعالي بصورة مماثلة‪ ،‬في تص وير لبي د ب ن ربيع ة‬
‫)‪(1488‬‬
‫للسائالت والمحتاجات بصورة السعالي الجياع‪ ،‬وذلك في قوله‪:‬‬

‫)الطويل(‬ ‫ط ٌ‬
‫ات كالسﱠعالي أرا ِم ُل‬ ‫َو ُم ْختبِ َ‬ ‫ْمان شَرْ بٌ َوقَي ْنةٌ‬
‫ك على ال ﱡنع ِ‬
‫ِليَ ْب ِ‬

‫أراد الشاعر أن يبين كرم النعمان‪ ،‬وم ا لح ق بالنس اء م ن تغيي ر بع ده‪ ،‬حت ى أص بحن ف ي‬

‫حالة من السوء تشبه السعالي‪ ،‬لذلك طلب منھن أن يبكين على النعمان‪.‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻤﺎﺴﺔ ﺍﻟﺒﺼﺭﻴﺔ ‪ ،1450/3‬ﻭﻟﻡ ﺘﺭﺩ ﺇﻷﺒﻴﺎﺕ ﻓﻲ ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪.‬‬ ‫‪1485‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪.1415/3 ،‬‬ ‫‪1486‬‬

‫‪ -‬ﺍﻷﻋﺸﻰ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪ ،169‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪.49/6 ،‬‬ ‫‪1487‬‬

‫‪ -‬ﻟﺒﻴﺩ ﺒﻥ ﺭﺒﻴﻌﺔ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.145‬‬ ‫‪1488‬‬

‫‪276‬‬
‫ومن شدة تشاؤم الجاھلي ب المرأة اإلنس انة‪ ،‬فق د أخرجھ ا إل ى ع الم المخلوق ات المش ؤومة‬
‫الشريرة وجعلھا كالسّعالة حيناً‪ ،‬وكالغول حينا ً آخ ر؛ م ن ذل ك م ا فعل ه األعش ى‪ ،‬ح ين حش د موقف ا ً‬

‫لألسرى من األعداء‪ ،‬وبين ھؤالء األسرى نس ا ٌء مث ُل ال ﱠس عالي ف ي الھيئ ة والش كل‪(1489) ،‬وم ا ھ ذا‬

‫إالّ ليبين م ا لح ق بھ ن م ن ج راء األس ر‪ ،‬وھ و بھ ذا يش به َج َران الع ود ال ذي تش اءم م ن زوجتي ه‪،‬‬

‫وشبّھھما بالغول والسّ ّ◌عالة‪ ،‬فالشاعر الجاھلي بھذا التصوير يعكس ما ف ي مخزون ه الفك ري م ن‬

‫قبح السعالة على تلك النساء‪ ،‬ول يس أدلﱡ عل ى تش اؤم الش اعر م ن ھ ذه الكائن ات م ن تل ك الص ورة‬

‫المرعبة المنفّرة البشعة التي رسمھا عنترة بن ش داد‪ (1490)،‬إذ جم ع عنت رة ف ي ص ورته العدي د م ن‬

‫عناصر الرعب في ذلك الكائن‪ ،‬أولھا وأھمھا الخفاء والتجل ي ال ذي يحيّ ر اإلنس ان ويربك ه كثي راً؛‬
‫ث م ُزرقَ ة العي ون الت ي تش به زرق ة عي ون األع داء؛ وف ي ذل ك م ا ي د ّل عل ى المك ر والع داوة؛ ألن‬
‫)‪(1491‬‬
‫بالزرقة؛ فالشاعر يقول معبّراً عن ِذلك‪ ،‬ذاكراً ُزرقة الجان‪:‬‬
‫العرب وصفت الجان الخبيث ﱡ‬

‫)الطويل(‬ ‫ق‬ ‫كذا كلﱡ ِجنﱠ ﱟي ِمن اللﱡ ِ‬


‫ؤم أزر ُ‬ ‫ك يا ابنَ ُم َكع ٍ‬
‫ْبر‬ ‫لَقَد َز ُرقَ ْ‬
‫ت عينا َ‬

‫وال يخفى أن األزرق ل ون مك روه‪ ،‬ي ؤدي إل ى الت وتر والش ك والخ وف‪ ،‬وال ي ذكر إال ف ي‬

‫مجال الموت‪ ،‬مما يد ّل على نفور اإلنس ان م ن ھ ذه الكائن ات‪ ،‬وربطھ ا بالقت ل والفَن اء‪ ،‬ويش ير إل ى‬

‫عداء ھذه الكائنات لإلنسان؛ ألن ھذا اللون ھ و ل ون الع دو والحيوان ات المفترس ة الت ي توق ع الش ر‬

‫وتلحقه باإلنسان)‪ ،(1492‬ويحمل اللون األزرق رمز الشؤم بدليل أن الع رب تش اءمت م ن البس وس‪،‬‬

‫وھي زرقاء العينين )‪ ،(1493‬مما يؤكد تشاؤم اإلنسان بھذه الكائنات‪.‬‬

‫وتبدو حالة الشاعر النفسية القلقة المضطربة‪ ،‬حين يجمع إلى ُزرْ قَ ِة العي ون س واد الوج ه‪،‬‬
‫َو ِح ّدة األظافر‪ ،‬وھما صفتان مكروھتان‪ ،‬وال يخفى ما لألسود أيضا ً من ارتباط بالموت والدمار‪،‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻨﻭﺘﻲ‪ ،‬ﺃﺤﻤﺩ ﻤﻭﺴﻰ‪ :‬ﺍﻟﺘﺸﺎﺅﻡ ﻭﻤﻅﺎﻫﺭﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺹ‪.29‬‬ ‫‪1489‬‬

‫‪ -‬ﻋﻨﺘﺭﺓ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.133‬‬ ‫‪1490‬‬

‫‪ -‬ﺍﺒﻥ ﺴﻴﺩﺓ‪ ،‬ﺃﺒﻭ ﺍﻟﺤﺴﻥ ﻋﻠﻲ ﺒﻥ ﺍﺴﻤﺎﻋﻴل‪ :‬ﺍﻟﻤﺨﺼﺹ‪ ،‬ﺒﻴﺭﻭﺕ‪ ،‬ﺍﻟﻤﻜﺘﺏ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻱ ﻟﻠﻁﺒﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻨﺸﺭ ﻭﺍﻟﺘﻭﺯﻴﻊ‪ ،‬ﺍﻟﺴﻔﺭ‬ ‫‪1491‬‬

‫ﺍﻷﻭل‪ ،‬ﺹ‪ ،100‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪.332/5‬‬


‫‪ -‬ﻴﻨﻅﺭ‪ :‬ﺃﺒﻭ ﻋﻭﻥ‪ ،‬ﺃﻤل ﻤﺤﻤﺩ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ‪ :‬ﺍﻟﻠﻭﻥ ﻭﺃﺒﻌﺎﺩﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ ‪ ،‬ﺭﺴﺎﻟﺔ ﻤﺎﺠﺴﺘﻴﺭ‪ ،‬ﺠﺎﻤﻌﺔ ﺍﻟﻨﺠﺎﺡ‬ ‫‪1492‬‬

‫ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ‪2003 ،‬ﻡ‪،‬ﺹ‪.171‬‬
‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪.331/5 :‬‬ ‫‪1493‬‬

‫‪277‬‬
‫وإثارة للخوف والتشاؤم )‪.(1494‬‬

‫وقد جمع عنترة بين عنصري الل ون والحرك ة‪ ،‬إذ أس ھمت الحرك ة المتمثل ة بالتن اوب ب ين‬

‫ث ج ﱟو م ن الرﱡع ب والترقّ ب المل يء بالريب ة والش ك‪ ،‬ونالح ظ أن الش اعر‬


‫الخف اء والتجل ي ف ي بَ ّ‬

‫يحاول التخلّص من ال وھم والخ وف الل ذين س يطرا علي ه بَع ِك س الموق ف؛ ك ي يثب ت الش جاعة ف ي‬

‫نفسه‪ ،‬فما يلبث أن يُحْ دث تبادالً في األدوار‪ ،‬ويجعل الجن تض ّج عن د َس ماع ص وته؛ وربّم ا عك س‬
‫تشاؤمه من سواد لونه وبشاعة منظره عل ى ھ ذه الكائن ات الت ي تحم ل ثنائي ة متناقض ة مثل ه‪ ،‬وھ ي‬

‫بشاعة المنظر‪ ،‬والقدرة الخارقة‪.‬‬

‫ف الموقف النفس ي ك ان وراء المش اھد التص ويرية‪ ،‬واألوص اف الحس يّة والمعنوي ة‬
‫والجسدية‪ ،‬فكان ت ك ل كلم ة تت رجم وض عا ً نفس يا ً خاص اً‪ ،‬يفص ح ع ن إحس اس مع ين‪ ،‬فق د اس تخدم‬
‫حروف التفخيم في كلمتي "ضجيج‪ ،‬وتُض ًّج" )‪(1495‬؛ ليد ّل على عمق ال َخ ْ‬
‫طب الذي أل ّم ب الجنﱢ ‪ ،‬م ن‬

‫جّراء ما أوقعه الشاعر فيھا‪ ،‬وما ذاك إالّ لتدعيم صورته‪ ،‬وتوضيحھا وإبرازھا‪.‬‬

‫رﱢ◌ ف ي‬
‫ونلمح الصورة إيّاھا بما تحمله من بشاعة المنظر‪ ،‬وما تشير إليه من العداوة والش ِ‬
‫ق ّ◌ ّ◌ ّ◌ ّ◌ ّ◌ ّ◌ ّ◌ ّ◌ ّ◌ ّ◌ ّ◌ول تأبط شراً)‪ ،(1496‬عند حديثه عن لقائه الغ ول إذ وص فھا )ب القبح(؛ وھ ي‬
‫ّ‬

‫كلمة كافية ألن تت رجم نفس ية الش اعر‪ ،‬فعام ة الن اس إذا رأواً منظ راً قبيح ا ً ق الوا ش يطان أو غ ول‪،‬‬

‫واآلية القرآنية كافية لتدعيم ھذه الفك رة "طَلعُھ ا كأنﱠ ه رؤوس الش ياطين")‪ ،(1497‬فيب دو ع دم ارتي اح‬

‫الشاعر لھا‪ ،‬وعدم اطمئنانه لرؤيتھا‪.‬‬

‫ويُضيف الشاعر إلى ذلك المنظر القبيح صفة الغدر والخ داع والمك ر‪ُ ،‬م َذ ﱠكراً إيان ا بالحي ة‬
‫وحواء؛ فھي تحاول إغراءه؛ كي يَضْ ِربھا َمرةً أخرى‪ ،‬بقوله‪" ،‬فقالت‪ُ :‬ع ْد‪" ......‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻠﻭﻥ ﻭﺃﺒﻌﺎﺩﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺹ‪.176‬‬ ‫‪1494‬‬

‫‪ -‬ﻋﻨﺘﺭﺓ ﺒﻥ ﺸﺩﺍﺩ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.134‬‬ ‫‪1495‬‬

‫‪ -‬ﺘﺄﺒﻁ ﺸﺭﹰﺍ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪،‬ﺹ‪.107-106‬‬ ‫‪1496‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺼﺎﻓﺎﺕ‪ ،‬ﺁﻴﺔ ‪.65‬‬ ‫‪1497‬‬

‫‪278‬‬
‫إال أن الشاعر يبرز حنكته‪ ،‬ويكتشف حيلتھا رافضا ً ذلك؛ لمعرفته ماذا تريد‪ ،‬ويُص رﱡ عل ى‬

‫االنتصار عليھ ا‪ُ ،‬معلنِ ا ً ع ن ذل ك‪ ،‬مفتخ راً بنفس ه‪ ،‬فكأن ه حق ق انتص اراً عل ى المجھ ول والتح ديات‬

‫التي واجھته‪ ،‬مما يؤكد أن الغول كان ت بالنس بة للش اعر الج اھلي بمنزل ة العنص ر الع دائي المقاب ل‬

‫لإلنسان والحياة‪ ،‬فھي الموت والمنيّة‪ ،‬وھي الداھية والمصيبة‪ ،‬ويكشف ع ن ديموم ة الص راع ب ين‬

‫اإلنسان وعوادي الطبيعة‪ ،‬وثنائية الض رب والس قوط‪ ،‬كم ا تجس د ثنائي ة اللي ل والنھ ار‪ ،‬حي ث يمت د‬

‫صراع اإلنسان فيھما‪ ،‬ونجد في الليل وحشة ورھب ةً‪ ،‬قلي ٌل م ن الرج ال م ن تغل ب عليھ ا‪ ،‬وھ ذا م ا‬

‫أش ار إلي ه ام رؤ الق يس ال ذي جعلھ ا "غ والً خت وراً يل تھم الرج ال")‪ .(1498‬ل يعكس حق ده وكراھيت ه‬

‫للدھر من خالل كلم ة "يل تھم" الت ي ت وحي ب البطش والفت ك‪ ،‬وت وحي ب القلق واالض طراب النفس ي‬
‫ال ذي يكنّ ه الش اعر لتل ك الكائن ات‪ ،‬مم ا يؤك د غلب ة التعبي ر الرم زي عل ى التعبي ر المباش ر عن د‬

‫الشعراء الجاھليين‪ ،‬إذ لم يكن الشاعر يقصد بناء الصورة لذاتھا؛ وإنما إلى التعبير من خاللھ ا ع ن‬

‫قضاياه وأحاسيسه‪ ،‬ومواقفه من الحياة والناس من حوله‪.‬‬

‫وتبقى مشاعر القلق تسيطر على الشاعر الجاھلي تج اه تل ك الكائن ات‪ ،‬وخاص ة لم ا تمت از‬

‫به من تل ّون وتقلّب‪ ،‬فھي ال تثبت على حال؛ وم ا تلب ث أن تتح ول م ن طيبّ ة إل ى ش ريرة‪ ،‬وھ ذا م ا‬

‫قاد الشعراء إلى تصوير الحرب بما تلحقه باإلنسان من ويالت بالغول‪ ،‬وذلك لتقلّب نتائجھا‪ .‬وذل ك‬
‫)‪(1499‬‬
‫بقول الراجز‪:‬‬

‫)الرجز(‬ ‫ت والطُ ِ‬
‫بول‬ ‫تَ ُد ﱡ‬
‫ق بالرﱠايا ِ‬ ‫والحربُ ُغو ٌل أو َكش ْب ِه ال ُغو ِل‬

‫فالحرب من غير شك مذمومة مكروھة‪ ،‬توحي بالرھب ة والريب ة‪ ،‬تحم ل ثنائي ة الخي ر والش ر‪ ،‬كم ا‬
‫تحمل المرأة الحسناء التي تراود الرجال عن نفسھا؛ فھي تغدر بالفرسان‪ ،‬وم ا تلب ث أن تفت ك بھ م‪،‬‬

‫كالن ار الت ي ال تبق ي ش يئا ً‪ .‬وھ ذا م ا كش فه كع ب ب ن زھي ر بتص وير الم رأة ب الغول ف ي تقلبھ ا‬

‫وتل ّونھا)‪ ،(1500‬ولم يجد الشعراء أفضل من قرن الحرب والمرأة بالغول؛ بھدف التعبير عما تحمله‬

‫‪ -‬ﺍﻤﺭﺅ ﺍﻟﻘﻴﺱ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.150‬‬ ‫‪1498‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪.195/6 ،‬‬ ‫‪1499‬‬

‫‪ -‬ﻜﻌﺏ ﺒﻥ ﺯﻫﻴﺭ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪ ،61‬ﺠﻤﻬﺭﺓ ﺃﺸﻌﺎﺭ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﺹ‪.283‬‬ ‫‪1500‬‬

‫‪279‬‬
‫نفوسھم من مشاعر االشمئزاز والنفور من ھذه األمور‪.‬‬

‫ويجمع أبو قيس بن األسلت بين الصورة البصرية والذوقية‪ ،‬بقوله واصفا ً اَلح رب "غ و ٌل‬
‫ذات أوجاع‪ ،‬وطعمھا ُم ٌر")‪ ،(1501‬وما ذاك إالّ ليؤكد حقده عليھا‪ ،‬وكراھيته لھا‪ ،‬فقد وقر في أذھ ان‬
‫ُ‬
‫الجاھليين الخوف والقلق‪ ،‬وعدم الراحة لذكر ھذه الكائنات حتى أص بحت الح وادث غ والً‪ ،‬واألي ام‬
‫غوالً‪ ،‬والح رب غ والً؛ والس يوف ح ا ّدة كأني اب الغ ول)‪ ،(1502‬فك أن الش اعر ف ي قص يدته ينھ ل م ن‬
‫األنماط العليا الكامنة في مجال الالشعور‪ ،‬فيبدو ذلك الحي وان األس طوري رم زاً للش ّر ف ي ص ورة‬
‫مخرج ا ً الغ ول م ن ع الم المخلوق ات الالمرئي ة إل ى مخلوق ات مرئي ة‪،‬‬
‫ِ‬ ‫رس م أبعادھ ا ام رؤ الق يس‪،‬‬
‫ُم َشبّھا ً سيفه بأنياب الغول‪ ،‬وما ذاك التش بيه ال وھمي إالّ كناي ة عم ا يوحي ه ذل ك الك ائن م ن مش اعر‬
‫الخوف و الرعب في قلوب األعداء‪.‬‬

‫)‪(1503‬‬
‫ومما جاء في ھذه المعاني قول أعشى بني قيس الذي يعتبر المنية غوالً‪:‬‬

‫س ُغولُھا )الطويل(‬
‫ت النّ ْف َ‬
‫عار إذا ما َغالَ ِ‬
‫بِ ٍ‬ ‫فَما ِميْتةٌ ْ‬
‫إن ِمتﱡھا غي َر عَا ِج ٍز‬

‫)‪(1504‬‬
‫وقول عدي بن زيد في رسالة أرسلھا من سجن النعمان إلى ابنه عمرو بن عدي‪:‬‬

‫)‪(1505‬‬
‫)الوافر(‬ ‫وأنت َمغيبٌ َغال ْت َ‬
‫ك ُغو ُل‬ ‫َ‬ ‫ك عَا ٍن‬ ‫ك ﱠ‬
‫أن أبا َ‬ ‫أل ْم يَحْ ُز ْن َ‬

‫)‪(1506‬‬
‫ويقول جران العود ما يؤكد تلك العالقة‪:‬‬

‫أَ َك ﱠل طَرْ في أَ ْم غالَ ْتھُم ال ُغولُ؟ )البسيط(‬ ‫حمول الح ﱢي قَ ْد ِخفَ ْ‬


‫يت‬ ‫ِ‬ ‫فَقُ ُ‬
‫لت َما ِل‬

‫ونس تد ّل م ن خ الل تماث ل الص ور عل ى م ا َوق ر ف ي نف وس الج اھليين م ن ص ور ت وحي ب النفور‪،‬‬


‫والخوف واالشمئزاز من تلك الكائنات‪ .‬ويشبه أبو دؤاد اإلي ادي ال دھر ب المجنون‪ ،‬ويعتب ر اإلنس ان‬
‫)‪(1507‬‬
‫طعاما ً آلكل يدور كالمجنون‪ ،‬ويقول‪:‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻔﻀﻠﻴﺎﺕ‪ ،‬ﺹ‪ ،284‬ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻁﺒﺭﻱ‪241/1 ،‬‬ ‫‪1501‬‬

‫‪ -‬ﺍﻤﺭﺅ ﺍﻟﻘﻴﺱ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪125‬‬ ‫‪1502‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺒﺤﺘﺭﻱ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻥ ﺍﻟﺤﻤﺎﺴﺔ‪ ،‬ﺹ‪.36‬‬ ‫‪1503‬‬

‫‪ -‬ﻋﺩﻱ ﺒﻥ ﺯﻴﺩ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.34‬‬ ‫‪1504‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻌﺎﻨﻲ‪ :‬ﺍﻷﺴﻴﺭ ﺍﻟﻐﻭل‪ :‬ﺍﻟﺒﻌﺩ؛ ﻭﺴﻤﻲ ﺒﺫﻟﻙ ﻷﻥ ﺍﻟﻤﺘﺨﺒﻁ ﺒﻬﺎ ﻴﻬﻴﻡ ﻋﻠﻰ ﻭﺠﻬﻪ‪ ،‬ﻓﻴﺒﻌﺩﻩ ﻋﻥ ﺃﻫﻠﻪ‪ ،‬ﻴﻘﺎل ﻏﺎﻟﺘﻪ ﻏﻭل‪.‬‬ ‫‪1505‬‬

‫‪ -‬ﺠﺭﺍﻥ ﺍﻟﻌﻭﺩ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.36‬‬ ‫‪1506‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﺒﺤﺘﺭﻱ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻥ ﺍﻟﺤﻤﺎﺴﺔ‪ ،‬ﺹ‪.107‬‬ ‫‪1507‬‬

‫‪280‬‬
‫)الخفيف(‬ ‫َخبَ ٌل َخاب ٌل لِر ْي ِ‬
‫ب ال َمنو ِن‬ ‫إنّما الناسُ فا ْعلَ ﱠ‬
‫من طعا ٌم‬

‫)‪(1508‬‬
‫ت َعلَ ْي ِ◌ھم يدو ُر كال َمنجْ نُو ِن‬
‫ِ‬ ‫َعطَفَ ال ﱠدھ ُر بالفَنَا ِء َوبالَ ْ‬
‫مو‬

‫)‪(1509‬‬
‫َويرد المعنى نفسه عند أحيحة بن الجالّح قي قوله‪:‬‬

‫)الوافر(‬ ‫َونَ ْفسُ المرْ ِء آونةً‪ ،‬قتُ ُو ٌل‬ ‫ت عن الصﱠبا‪ ،‬وال ﱠدھ ُر ُغ ِ‬
‫ول‪،‬‬ ‫ص َح ْو ُ‬
‫َ‬

‫كما يعكس الشعر الج اھلي نظ رة الج اھليين بش كل ع ام إل ى الش يطان‪ ،‬وخ وفھم من ه ح ين‬

‫يربطونه بالحية‪ ،‬إذ يسّمون الحية الداھية شيطانا ً)‪ ،(1510‬ويصورون المرأة بالشيطان الشرير البعي د‬

‫عن الحق‪ ،‬فقد جمع طرفة بن العبد بين ھذه العناصر مض يفا ً إليھ ا الش جرة‪ ،‬ف ي ص ورة تعك س م ا‬
‫في داخله من الرعب والفزع تجاه ھذه العناصر‪ ،‬و تشير إلى ما تحمله من الخب ث والمك ر‪ ،‬ت وحي‬

‫باأللم والندم الذي س بّبته آلدم وح واء‪ ،‬بقول ه "ت ّع ُم ج ش يطان ب ذي خ روع قف ر")‪ (1511‬فكأن ه يعك س‬

‫القصة ذاتھا‪.‬‬

‫وتتضح مشاعر الخوف والرھبة من ھ ذه الكائن ات‪ ،‬م ن خ الل ق ول أمي ة ب ن أب ي الص لت‬

‫الج ﱠن مس ؤولية ت رك األفع ى تنش ر األذى والش ر‪ ،‬والفس اد‪ُ ،‬م َح ﱢذراً م ن التعام ل معھ ا؛ لم ا‬
‫ُم َح ّم الً ِ‬
‫تتصف به من المكر والخديعة‪ ،‬فھي رمز الغدر والخيانة)‪.(1512‬‬

‫ويؤكد خوف الجاھليين من الجن ونف ورھم منھ ا‪ ،‬أنّھ م ربط وا ظھورھ ا باللي ل‪ ،‬واعتب روا‬

‫اللون األسود لون المجھول من الجن والغيالن‪ .‬وتب دو مش اعر الت وجس والخ وف والقل ق ف ي ق ول‬

‫عنترة‪ ،‬واصفا ً الليلة التي التقى فيھا بتلك الكائنات‪ ،‬وما فيھا من أخطار ومواقف بطولية‪ ،‬سببّت ل ه‬

‫الشيب الذي ر ّده إلى الخوف والرﱡعب‪ ،‬كما في أذھان عامة الناس)‪.(1513‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﻨﺠﻨﻭﻥ‪ :‬ﺍﻟﺩﻭﻻﺏ‪.‬‬ ‫‪1508‬‬

‫‪ -‬ﺠﻤﻬﺭﺓ ﺃﺸﻌﺎﺭ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﺹ‪.231‬‬ ‫‪1509‬‬

‫‪ -‬ﻴﻨﻅﺭ‪ :‬ﻁﺭﻓﺔ ﺒﻥ ﺍﻟﻌﺒﺩ‪ :‬ﺸﺭﺡ ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺘﺤﻘﺒﻕ ﺭﺤﺎﺏ ﺨﻀﺭ‪ ،‬ﺹ‪ ،156‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪.133/4 ،‬‬ ‫‪1510‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪ ،‬ﺹ‪.156‬‬ ‫‪1511‬‬

‫‪ -‬ﻴﻨﻅﺭ‪ ،‬ﺃﻤﻴﺔ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.25‬‬ ‫‪1512‬‬

‫‪ -‬ﻴﻨﻅﺭ‪ :‬ﻋﻨﺘﺭﺓ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.134‬‬ ‫‪1513‬‬

‫‪281‬‬
‫ونلم ح ذل ك فيم ا قال ه نابغ ة بن ي ش يبان‪ ،‬ح ين اس تخدم حاس تي الس مع والبص ر‪ ،‬ف ي قول ه‬

‫ف‪ ،‬ويجم ع ب ين اللي ل‬ ‫أصوات ِج ﱟن إذا ما أُعتموا عزفوا")‪(1514‬؛ وما ذا َ‬


‫ك إال ليزي د خط ورة الموق ِ‬ ‫ُ‬ ‫"‬

‫والصحراء المقفرة إالّ من الجن‪.‬‬

‫وتعكس الصورة عند زھير بن أبي سلمى مشاعر الخوف والحذر‪ ،‬وھواجسه النفس ية م ن‬

‫َخالل إلقائه إياھا عل ى الثعال ب الت ي يجعلھ ا تض جﱡ مخاف ة‪ ،‬كم ا جع ل الف ؤاد يرتف ع ويرتج ف‪ ،‬م ن‬
‫ش ّدة الخوف‪ ،‬وما سببّه له من القلق واالضطراب‪ .‬ونلمح في أبياته ما يزيد خط ورة الموق ف؛ إذ ال‬

‫يكتفي بالصورة السمعية المباشرة‪ ،‬ب ل يعم د الس تخدام األل وان المثي رة للرع ب والف زع‪ ،‬وبخاص ة‬
‫)‪(1515‬‬
‫)المنسرح(‬ ‫لون الغبار الذي يُنذر بالشؤم‪ ،‬وذلك بقوله‪:‬‬

‫زَو َرا ُء ُم ْغب ّرةٌ َجوانِبُھا‬ ‫َوبَلد ٍة ال تُرا ُم خَائِفةٌ‬

‫فالغبرةُ ال تثور إالّ عند مقتل زعيم من الجن‪ ،‬وغضب الجن لذلك‪ ،‬وتجمعھم لالنتقام‪ ،‬فھ و‬

‫ين ذر بالش ّر والفس اد‪ ،‬لرغب ة الج ن باالنتق ام والث أر لھ ا)‪(1516‬؛ وھ ذا م ا دف ع الش عراء إل ى قرنھ ا‬

‫بالمع ارك‪ ،‬وب المواقف البطولي ة‪ ،‬فق د ترك ت ف ي نفوس ھم ش عوراً ب الخوف والرھب ة‪ ،‬وأص بحوا‬

‫يتش اءمون بھ ا‪ ،‬ويعك س ذل ك طبيع ة الحي اة الجاھلي ة‪ ،‬ومحاول ة رب ط الس بب بالمس بب‪ ،‬فعن دما‬

‫الحظوا أن الغبار يثور‪ ،‬دون أن يح دث حرك ة فوق ه‪ ،‬ظن وا أن ھ ذا الغب ار لجلب ة الج ن‪ ،‬ث م مالب ث‬

‫ھذا اللون أن أصبح عنوان الشجاعة والبطولة‪ ،‬والثبات في المعارك)‪ ،(1517‬وقد أ ّك د الق رآن الك ريم‬

‫ومئ◌َ ٍذ َعلَيھَ ا َغبَ َرةٌ ")‪ ،(1518‬ويب دو ھ اجس الخ وف والرھب ة م ن‬


‫تل ك الدالل ة‪ ،‬بقول ه " َو ُو ُج وهٌ يَ ِ‬
‫الجن‪ ،‬حت ّى في معاملتھم معھا‪ ،‬فھذا جذع ب ن س نان الغ ّس اني‪ ،‬يس تقبلھم عن دما حلﱡ وا ض يوفا ً علي ه‪،‬‬
‫بقوله " َمنُونَ أن تم" عب ارة ت وحي ب الفزع‪ ،‬تنس جم م ع حالت ه النفس ية‪ ،‬مح اوالً تجاوزھ ا بتھيئ ة ج و‬

‫‪ -‬ﻴﻨﻅﺭ‪ ،‬ﻨﺎﺒﻐﺔ ﺒﻥ ﺸﻴﺒﺎﻥ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪119‬‬ ‫‪1514‬‬

‫‪ -‬ﺯﻫﻴﺭ ﺒﻥ ﺃﺒﻲ ﺴﻠﻤﻰ‪ :‬ﺸﺭﺡ ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪ ،213-212‬ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪ ،‬ﺹ‪.307‬‬ ‫‪1515‬‬

‫‪ -1516‬ﺃﺨﺒﺎﺭ ﻤﻜﺔ‪.16-15/2 ،‬‬


‫‪ -‬ﺍﻟﻠﻭﻥ ﻭﺃﺒﻌﺎﺩﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺹ ‪.77-76‬‬ ‫‪1517‬‬

‫‪ -‬ﺴﻭﺭﺓ ﻋﺒﺱ‪ ،‬ﺁﻴﺔ ‪.39‬‬ ‫‪1518‬‬

‫‪282‬‬
‫الضيافة‪ ،‬بقوله‪" :‬فقلت ‪ِ " :‬عموا صباحا ً )‪ "..(1519‬ك ي يتف ادى ش رھم‪ ،‬وق د ع زا ش اع ٌر آخ ر خوف ه‬

‫منھم إلى اختفائھم عن األعين؛ ورأى أنھم لو ظھروا‪ ،‬لذھب الخوف من قلبه )‪.(1520‬‬

‫وھذا يتناسب مع الطبيعة اإلنسانية التي تخاف من المجھول‪ ،‬وتأنَسُ بالظاھر من األن وار‪،‬‬

‫وھ ذا م ا يزي د م ن خ وف اإلنس ان م نھم‪ ،‬ويدفع ه إل ى محاول ة ال تخلص م ن الش عور ب القلق‪،‬‬

‫واالض طراب النفس ي بالش عائر والطق وس والق رابين‪ ،‬ويعك س األس دي ف ي قول ه للح ارث المل ك‬
‫ال ّغس اني م ا توحي ه تل ك الكائن ات‪ ،‬فھ ي ف ي نظ ره أش ﱡد ت أثيراً م ن ال َرم اح؛ ألنھ ا تس بب الم رض‪،‬‬

‫ْت رماح الجن" )‪ ،(1521‬فكلمة الخشية تعك س‬


‫وتقتل اإلنسان‪ ،‬وتفتك بحياته‪ ،‬ويظھر ذلك بقوله"خَشي ُ‬

‫الحالة النفسية القلقة المتوترة؛ كل ذلك يؤكد أن الجن في نظر الجاھليين رمز الفناء والموت؛ وھ ذا‬
‫م ا ق ادھم إل ى تق ديم الق رابين لھ ا؛ للتخفي ف م ن معان اتھم‪ ،‬ممثّل ة بجم ال م ن الط ين حين ا ً )‪،(1522‬‬

‫وبال ذبائح حين ا ً آخ ر)‪ ،(1523‬وم ا ذاك إال حال ة نفس ية تس بب لھ م االطمئن ان‪ ،‬وتعك س القل ق وال وھم‬

‫الل ذين يس يطران عل يھم؛ وال عج ب ف ي ذل ك‪ ،‬فم ا زال كثي ر م ن الن اس يلج أون إل ى الس حرة‬
‫والمشعوذين‪ ،‬في مثل ھذه الحاالت‪ ،‬ويؤمنون بصدقھم‪.‬‬

‫ان عل ى البَنَ ان " " َوأ ْقلِ بُ ت ارةً خوف ا ً‬ ‫ويبدو ذلك في قول أبي ال َع ْملس الطائي "أُ َ‬
‫ص فﱠ ُ‬
‫ق بالبَنَ ِ‬
‫ردائي‪ (1524 )...‬إلى غير ذلك مما يُعبّر به‪ ،‬عن أن ھذه الكائنات تش كل الش بح ال ُمرع ب‪ ،‬والمش جب‬

‫الذي تعلق عليه مخاوفھم‪.‬‬

‫ونلمح في الطيرة ما يشير إلى مشاعر التوتر والقلق التي كان يعيشھا الج اھلي‪ ،‬ومحاولت ه‬

‫التخلص منھا بأي ة وس يلة‪ ،‬فم ا بعث ه للطي ر م ثالً إال تعبي ٌر ّعم ا يَح سﱡ ب ه م ن مخ اوف كامن ة تج اه‬
‫الحدث قب ل وقوع ه‪ ،‬فلج أ إل ى إس قاط مش اعره ومخاوف ه عل ى م ا يش اھده ف ي الطبيع ة؛ ل ذلك ج اء‬

‫الطير نذي َر شؤم وش ّر أو حام َل فأ ٍل وخير‪ ،‬فما ھذه الشعائر والتصرفات إالّ ن وع م ن تھدئ ة ال نفس‬

‫‪ -‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪.352/2 ،‬‬ ‫‪1519‬‬

‫‪ -1520‬ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﻨﻔﺴﻪ‪.359/2 ،‬‬


‫‪ -‬ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ‪ ،219 /6 ،‬ﺜﻤﺎﺭ ﺍﻟﻘﻠﻭﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻀﺎﻑ ﻭﺍﻟﻤﻨﺴﻭﺏ‪ ،‬ﺹ‪.53‬‬ ‫‪1521‬‬

‫‪ -‬ﺃﺤﺩﺍﺙ ﺍﻟﻘﺼﺔ‪ ,‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ‪359/2 ,‬‬ ‫‪1522‬‬

‫‪ -‬ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﻤﺎﺩﺓ )ﺫﺒﺢ( ﺜﻤﺎﺭ ﺍﻟﻘﻠﻭﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻀﺎﻑ ﻭﺍﻟﻤﻨﺴﻭﺏ‪ ،‬ﺹ‪ ،69‬ﺍﻟﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪.808/6 ،‬‬ ‫‪1523‬‬

‫‪ -‬ﻴﻨﻅﺭ‪ ،‬ﺼﺒﺢ ﺍﻷﻋﺸﻰ ﻓﻲ ﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﻹﻨﺸﺎ‪ ،462-461/1 ،‬ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻷﺭﺏ ‪..316/2‬‬ ‫‪1524‬‬

‫‪283‬‬
‫واطمئنانھا‪ ،‬وإزالة ما فيھا من ھواجس تجاه ھذه الكائن ات)‪ ،(1525‬وبمنزل ة ج وازات الس فر الت ي ال‬

‫يُسمح باجتياز المناطق بدونھا‪ ،‬والقرابين التي تق ّدم لآللھة من أجل نيل رض اھا‪ ،‬ودف ع ش رّھا‪ .‬وإن‬

‫كنّا نلمح في ذلك ما يد ّل على قداسة الجن وعبادتھم لھا‪ ،‬وش عورھم بق درتھا وتفوقھ ا‪ ،‬إذ ال يس تعيذ‬

‫بمصدر قوي قادراً على توفير الحماية له‪.‬‬


‫ٍ‬ ‫اإلنسان إال‬

‫ونج د م ا يؤك د قل ق اإلنس ان وت وتره‪ ،‬وس عيه إل ى إيج اد وس يلة‪ ،‬ي تخلص بھ ا م ن ھموم ه‬
‫وھوجسه‪ ،‬في تعويذة الوشم التي اس تخدمت ف ي الحض ارات الس امية القديم ة للس المة م ن الغ يالن‬

‫التي تع ّد وسيلة من وسائل سطوة الدھر على البشر‪ ،‬وانتزاع أرواحھم‪ ،‬واستالب حياتھم)‪ ،(1526‬م ا‬

‫يؤكد قلق اإلنسان وتوتره‪ ،‬و َسعيه إلى إيجاد وسيلة يتخلص بھا من ھذه الھموم والھ واجس‪ .‬ويثب ت‬
‫ذلك استخدام الشعراء الوشم في َمعرض حديثھم عن األطالل التي تع ّد في نظرھم )قرين ةُ األرواح‬

‫الش ريرة()‪ ،(1527‬أو أنھ ا " تخب ىء عروس ا ً م ن الج ن" )‪ ،(1528‬فھ م ي رون ف ي الوش م م ا يحق ق لھ م‬

‫الحف ظ والص ّون؛ بوص فه تعوي ذة الش اعر الس احر ض د الم وت والفن اء‪ ،‬وھ ذا الس حر ال ذي يبط ل‬
‫سلطان الحيوان أو الطي ر المس خر ض د اإلنس ان‪ ،‬م ا ھ و إال وس يلة ل ر ّد ش ﱠر ھ ذه الكائن ات )‪(1529‬؛‬
‫فكأنھم يلتمسون الحماية منھ ا بتق ديم التعاوي ذ واألدعي ة إليھ ا‪ ،‬وخاص ة ّ‬
‫أن الش عر ك ان ف ي البداي ة‪،‬‬

‫كم ا يظ ن ش وقي ض يف "عب ارة ع ن أناش يد ديني ة يتّجھ ون بھ ا إل ى آلھ تھم‪ ،‬يس تعينون بھ ا عل ى‬

‫حي اتھم‪ ،‬فيطلب ون نص رتھم‪ ،‬ونص رة أبط الھم‪ ،‬أو القض اء عل ى خص ومھم")‪ ،(1530‬وي رى ال بعض‬

‫"أن استخدام الشاعر لصيغة المثنى ك ان يَھ ِدف إل ى تض ليل األرواح الش ريرة المقيم ة ف ي الطل ل؛‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻨﻭﺘﻲ‪ :‬ﺍﻟﺘﺸﺎﺅﻡ ﻭﻤﻅﺎﻫﺭﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺹ‪.95-93‬‬ ‫‪1525‬‬

‫‪ -‬ﺴﻨﺠﻼﻭﻱ‪ ،‬ﺇﺒﺭﺍﻫﻴﻡ ﻤﻭﺴﻰ‪ :‬ﺍﻟﻐﻭل ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺭﺍﺙ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﻘﺩﻴﻡ‪ ،‬ﻤﺠﻠﺔ ﺃﺒﺤﺎﺙ ﺍﻟﻴﺭﻤﻭﻙ‪:،‬ﻡ‪ ،6‬ﻉ‪1988 ،1‬ﻡ‪،‬‬ ‫‪1526‬‬

‫ﺹ‪58-25‬‬
‫‪ -‬ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ‪ :‬ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ ﺘﻔﺴﻴﺭ ﺃﺴﻁﻭﺭﻱ‪ ،‬ﺹ‪.159‬‬ ‫‪1527‬‬

‫‪ -‬ﺃﻨﺘﺭﺒﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ‪ ،‬ﺹ‪ ،163‬ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ :‬ﻤﺎﺩﺓ )ﻁﻴﻑ(‪.‬‬ ‫‪1528‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻘﺭﻋﺎﻥ‪ :‬ﺍﻟﻭﺸﻡ ﻭﺍﻟﻭﺸﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ‪ ،‬ﺹ‪.28‬‬ ‫‪1529‬‬

‫‪ -‬ﺸﻭﻗﻲ ﻀﻴﻑ‪ :‬ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ )ﺍﻟﻌﺼﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻲ( ‪ ،‬ﺹ ‪.196‬‬ ‫‪1530‬‬

‫‪284‬‬
‫أن كثيراً م ن الع ادات والطق وس الت ي أوردھ ا الش اعر‬
‫كي ال تُصيب الفرد بأذى")‪ ،(1531‬مما يؤكد ّ‬

‫اليوناني القديم ھوميروس في اإللياذة أو األودسا ما تزال موجودة في حياة األفراد والجماعات‪.‬‬

‫فك ّ‬
‫أن الش اعر ك ان يح اول أن يتج اوز تص وير معانات ه‪ ،‬إل ى ت وفير ج و نفس ي يس تمد من ه‬

‫الھدوء والراح ة النفس ية‪ ،‬ويل تمس المعون ة مم ن يحلّ ون بھ ذه األم اكن؛ للف رار م ن الم وت والفن اء‬

‫الذي يوحي به الطلل؛ لما فيه من أرواح شريرة‪.‬‬

‫ورب ّما نلمح في ھذه التصرفات‪ ،‬ما يشير إلى أنھم يَرون فيھ ا وس يلة‪ ،‬يحقق ون م ن خاللھ ا‬

‫ما يطمحون إليه من الخصب‪ ،‬فتوحي لھم باألمل والتفاؤل؛ ألنھم ربطوا ب ين العزي ف ال ذي يحم ل‬

‫معاني الخصوبة والحياة‪ ،‬والطلل والديار المقفرة‪ ،‬فكأن العزف والشعر المرتّل المصاحب له‪ ،‬ھ و‬
‫التمثيل الطقس ي ال ذي يق ّدم عب ادةً لَربّ ة الخص ب والجم ال‪ ،‬طلب ا ً للحي اة وقوامھ ا الرئيس ي )الم اء(‬
‫)‪(1533‬‬
‫ل(‬ ‫)الكام‬ ‫)‪ ،(1532‬ونجد ذلك في قول أسماء بن خارجة في حديثه عن الصحراء‪:‬‬

‫ب‬
‫القيان عزفنَ للشر ِ‬
‫ِ‬ ‫صد َح‬ ‫ُ‬
‫والعزف تَحْ ِسبهُ‬ ‫وب ِه الصّدى‬

‫وھذا يشير إلى ما تمثّله ھذه الكائنات؛ إذ تمثل ثنائية متناقضة‪ ،‬فھي الموت والحي اة‪ ،‬وھ ي‬

‫رم ز الق وة الخارق ة وال ذكاء‪ ،‬نال ت إعج اب الش عراء؛ فراح وا يلتمس ون ص ورھم األدبي ة منھ ا‪،‬‬

‫خاصة في مجال الفخر والمدح؛ فالشاعر لبيد بن ربيعة يلجأ إلى التشبيه ال وھمي‪ ،‬فينع ت بن ي م اء‬

‫بالجن‪ ،‬بقوله "جنّ ة عبق ر")‪ ،(1534‬والنابغ ة يص ّور أبن اء قبيل ة النعم ان "أش باه‬
‫ّ‬ ‫السماء‪ ،‬مشبّھا إياھم‬

‫ج ّن")‪ ،(1535‬وم ا َذاك إالّ إلعج ابھم الش ديد بش جاعتھا وق درتھا؛ وك ي يثي روا الف زع والرع ب ف ي‬

‫قلوب أعدائھم‪ ،‬وھذا يعكس الالشعور الجمعي‪ ،‬وما َوقَ◌َ ر في أذھان عام ة الن اس‪ ،‬فك لﱡ م ن ي أتي‬

‫‪-‬ﺍﻟﺭﺨﺎﻭﻱ‪ ،‬ﻨﺫﻴﺭ‪ :‬ﺠﺩﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﻨﻭﻥ ﻭﺍﻹﺒﺩﺍﻉ‪ ،‬ﻤﻴﺭﺍﺙ ﺍﻹﻟﻬﺎﻡ ﻭﺇﻟﻬﺎﻡ ﺍﻟﻤﻴﺭﺍﺙ‪،‬ﻤﺠﻠﺔ ﻓﺼﻭل‪ ،‬ﻡ‪ ،6‬ﻉ‪1986 ،4‬ﻡ‪،‬‬ ‫‪1531‬‬

‫ﺹ‪.22‬‬
‫‪ -‬ﺍﻟﺠﺒﻭﺭﻱ‪ ،‬ﺤﺴﻴﻥ‪ :‬ﺍﻟﻤﻁﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﺍﻟﻤﻴﺜﻭﻟﻭﺠﻲ‪ ،‬ﻤﺠﻠﺔ ﺍﻟﺘﺭﺍﺙ ﺍﻟﺸﻌﺒﻲ‪ ،‬ﺍﻟﻤﺭﻜﺯ ﺍﻟﻔﻠﻜﻠﻭﺭﻱ ﻓﻲ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻹﻋﻼﻡ‬ ‫‪1532‬‬

‫ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻴﺔ‪ ،‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﻟﻠﻁﺒﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻨﺸﺭ ﺒﻐﺩﺍﺩ‪-‬ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ‪ ،1976/1 ،‬ﺹ‪.36‬‬


‫‪ -‬ﺍﻷﺼﻤﻌﻴﺎﺕ‪ :‬ﺹ‪.50-49‬‬ ‫‪1533‬‬

‫‪ -‬ﻴﻨﻅﺭ‪ ،‬ﻟﺒﻴﺩ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.102‬‬ ‫‪1534‬‬

‫‪ -‬ﻴﻨﻅﺭ‪ ،‬ﺍﻟﻨﺎﺒﻐﺔ ﺍﻟﺫﺒﻴﺎﻨﻲ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪،‬ﺹ‪196‬‬ ‫‪1535‬‬

‫‪285‬‬
‫بش يء غري ب عجي ب يَ ن ﱡم ع ن ذك اء‪ ،‬يق ال ل ه م ن ب اب اإلعج اب والتش جيع ش يطان أو ج ّن أو‬

‫عبقري‪ ،‬وإذا‬

‫)الطويل(‬ ‫)‪(1536‬‬
‫حققوا نصراً مؤزراً نسبوه إلى الجن‪ ،‬فھذا عد ّ‬
‫ي بن زيد‪ ،‬يقول‪:‬‬

‫ِب َحرْ ب ِة ِجنﱢ ًّي ِمنَ ال ُحب ِ‬


‫ْش مار ٍد‬ ‫مير‬ ‫َوأَ ْخ َرجْ نَ يو َم ال َح ْو ِ‬
‫ص سيﱠ َد ِح ٍ‬

‫ويفتخ ر النابغ ة ال ذبياني ُم َش بِھا ً نفس ه عل ى ظھ ر ناقت ه ب الجن ﱠ‬


‫ي ال ذي أخ ذ يخاط ب ك الب الص يد‬
‫)‪(1537‬‬
‫)البسيط(‬ ‫ويحذرھا من االقتراب من شياھه‪ ،‬بقوله‪:‬‬

‫ھذا لَ ُك ﱠن‪َ ،‬ولحْ ُم ال ﱠشا ِة َمحْ جُو ُر‬ ‫الجنﱠ ﱡي‪ُ ،‬مرْ تفقا ً‬
‫يقو ُل ِرا ِكبُھا ِ‬

‫وقد رأوا فيھا مصدر السرعة والنشاط‪ ،‬والقوة وخفّة الحركة‪ ،‬مما يؤكد إعجابھم بھ ا؛ فَھ م‬

‫يردون سُرْ عة الناقة‪ ،‬أو الفرس إلى ما فيھا من شياطين تتملكھا‪ ،‬وھذا ما قاله ضابىء ب ن الح ارث‬
‫"كأن بھا شيطانة‪ "(1538)...‬وذلك ليد ُل على ّ‬
‫أن الصورة الش عرية ف ي الش عر الج اھلي‪ ،‬تكش ف ع ن‬

‫روح اإلنسان الجاھلي بعامة‪ ،‬ويُثب ت إعج ابھم بتل ك الكائن ات‪ ،‬وم ا تمتلك ه م ن ق وة خيالي ة‪ ،‬بحي ث‬
‫عال )‪ ،(1539‬ف امرؤ الق يس يلج أ إل ى التش بيه المف رد "كأنھ ا َس عال"‬
‫أخ ذوا يحول ون خي ولھم إل ى س ٍ‬
‫)‪ ،(1540‬ويت رك المج ال أم ام الق ارئ؛ ك ي يتخي ل ص ورة الس عالي‪ ،‬وم ا تتص ف ب ه؛ ألنھ ا كائن ات‬

‫وھمية‪ ،‬ويفكر في الدافع الذي دفع الشعراء إلى اختي ار ھ ذه الكائن ات بال ذات‪ ،‬ويح دد وج ه الش به‪،‬‬
‫وما ذاك إالّ ليزيد خطورة الموقف‪.‬‬

‫‪ -‬ﻋﺩﻱ ﺒﻥ ﺯﻴﺩ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.124‬‬ ‫‪1536‬‬

‫‪ -‬ﺍﻟﻨﺎﺒﻐﺔ ﺍﻟﺫﺒﻴﺎﻨﻲ‪ :‬ﺩﻴﻭﺍﻨﻪ‪ ،‬ﺹ‪.88‬‬ ‫‪1537‬‬

‫‪ -‬ﻴﻨﻅﺭ‪ ،‬ﺍﻷﺼﻤﻌﻴﺎﺕ‪ ،‬ﺹ‪.181‬‬ ‫‪1538‬‬

‫‪ -‬ﻴﻨﻅﺭ‪ ،‬ﺠﻤﻬﺭﺓ ﺃﺸﻌﺎﺭ ﺍﻟﻌﺭﺏ‪ ،‬ﺹ‪.210‬‬ ‫‪1539‬‬

‫‪ -‬ﻴﻨﻅﺭ‪ ،‬ﺍﻟﻤﺅﺘﻠﻑ ﻭﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻑ ﺹ‪ ،7‬ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻗﺒل ﺍﻹﺴﻼﻡ‪ ،‬ﺹ‪ ،255‬ﺸﺭﺡ ﺩﻴﻭﺍﻥ ﺍﻤﺭﺅ ﺍﻟﻘﻴﺱ‬ ‫‪1540‬‬

‫ﺹ‪285‬‬

‫‪286‬‬
‫وھكذا ارتبط الجن في الشعر الجاھلي بمجموعة من القضايا‪ ،‬ذات األثر المباشر ف ي حي اة‬

‫الج اھليين‪ ،‬ويب دو أن ھ ذا االرتب اط ل يس مج رد عالق ة ب ين ظ واھر مختلف ة‪ ،‬وإنم ا يحم ل دالالت‬

‫وأبعاداً غير العالقة الظاھرة المباشرة‪.‬‬

‫‪287‬‬
‫الخاتمة‬

‫بعد استعراض مادة البحث‪ ،‬واستقراء ما أكدھا من أش عار‪ ،‬الب د م ن الوق وف عل ى بع ض‬


‫النتائج التي خلص إليھا البحث‪ ،‬وأھمھا‪:‬‬

‫ى خفي ة ت تحكم في ه وب الكون‪ ،‬تص ورھا مجموع ة م ن اآللھ ة‬ ‫‪ .1‬آم ن اإلنس ان الق ديم بوج ود ق و ً‬
‫متفاوت ة المكان ة‪ ،‬ض من أط ر الطبيع ة الكوني ة‪ ،‬ترس ل أس لحتھا الم دمرة الت ي تج اوزت‬
‫المحسوس ات إل ى المج ردات‪ ،‬فأخ ذ يفك ر ويتأم ل‪ ،‬م ع غي اب الق وانين اإللھي ة والعلمي ة؛ ك ي‬
‫يتوصل إلى حقيقتھا‪ ،‬فوجد ف ي األس اطير مخ َر َج ا ً م ن الحال ة العاطفي ة القلق ة الت ي عاش ھا م ن‬
‫جرّاء صراعه معھا‪ ،‬وتحديّھا له‪.‬‬

‫‪ .2‬كان لألساطير المتعلقة بتلك الكائنات أھمية كبيرة في دراسة ت اريخ الفك ر اإلنس اني؛ فھ ي أول‬
‫محاولة لوض ع مف اھيم فلس فية‪ ،‬ترم ي إل ى إنق اذ اإلنس ان م ن متاھ ات الجھ ل بأس رار الطبيع ة‬
‫وظواھرھا‪ ،‬فقد منحت الطمأنينة لإلنسان القديم‪ ،‬وأنارت جوانب نفسه المظلمة‪.‬‬

‫‪ .3‬لم يكن اإلنسان الجاھلي‪ ،‬بمعزل ع ن ھ ذه المعتق دات واألفك ار الت ي أقرّھ ا اإلس الم‪ ،‬وم ا زلن ا‬
‫نؤمن بھا‪ ،‬ونصدق بتأثيرھا علينا؛ األمر الذي يؤكد الصلة بين األجيال المتعاقبة‪ ،‬ويدعم فك رة‬
‫الالوعي الجمعي لإلنسان‪ ،‬ويؤكد حلقة التواصل الفكري والثقافي واإلنساني بين البشر‪.‬‬

‫‪ .4‬للجن حضو ٌر بار ٌز في القصيدة الجاھلي ة؛ مم ا يؤك د ق درة الش اعر الج اھلي عل ى التعبي ر ع ن‬
‫ھمومه‪ ،‬وھموم جماعته‪ ،‬ويثبت أن الشاعر الجاھلي كان جاھلي ا ً حق اً‪ ،‬فك راً وفن اً؛ أي اس تطاع‬
‫أن يجعل من شعره مرآة‪ ،‬تعكس ما في عصره من أفكار ومعتقدات وقيم‪.‬‬

‫‪ .5‬معظم األشعار الجاھلية استم ّدت مادتھ ا م ن العالق ات االجتماعي ة؛ إذ أثبت ت تل ك األش عار‪ ،‬أن‬
‫الفك ر العرب ي ك ان فك راً متط وراً‪ ،‬ينض وي عل ى خي ال مب دع‪ ،‬اس تطاع أن ينش ئ األس اطير‬
‫والخراف ات؛ ك ي يعل ل كثي راً م ن الظ واھر المحيط ة ب ه‪ ،‬مم ا يجع ل أيﱡ حك ِم علي ه بالبدائي ة‬
‫وحسية الخيال‪ ،‬حكما ً ضاالً بعيداً عن الحق والصواب‪.‬‬

‫‪ .6‬وظف الشاعر الجاھلي ھواجس ه وخياالت ه‪ ،‬م ن أج ل توض يح بع ض المواق ف‪ ،‬وتقوي ة بع ض‬


‫الصور‪ ،‬وتدعيمھا وإبرازھا؛ وإن لم يتحدث عن الجن بشكل مستقل‪ ،‬ولم يخصص لھا قص ائد‬
‫قائمة بذاتھا‪.‬‬

‫‪ .7‬عبّر الشاعر الجاھلي بصوره وكلماته وموسيقاه‪ ،‬عن صراع اإلنسان ضد وحش الحياة‪ ،‬وھ و‬
‫الموت؛ إذ أن الصراع من أجْ ل البقاء سمة الشعر الجاھلي كلﱠه‪.‬‬

‫‪ .8‬عبد العرب الجن‪ ،‬وربما جاء ذلك تتويجا ً العتقادھم ب ّ‬


‫أن الج ﱠن ھ ي الق وة الخفي ة الوحي دة الت ي‬
‫تتحكمم بحياتھم ومصيرھم‪ ،‬فأوجدوا لھا عالقة بكل م ا يح يط بھ م م ن مكون ات بيئي ة‪ ،‬واس تقّر‬
‫في أذھ انھم‪ ،‬أن لھ ا عالق ة ب الموت والحي اة‪ ،‬والم رض والش فاء؛ لھ ذا كلﱠ ه تقرب وا منھ ا رغب ة‬
‫ورھبة‪ ،‬وق ّدسوا ك ﱠل ما يتعلق بھم‪.‬‬

‫‪288‬‬
‫‪ .9‬نظر الجاھلي إلى الجن نظرة تتعدى كونه حيواناً‪ ،‬نظرة تقوم على أساس من الطوطمية‪.‬‬

‫‪.10‬تتحد الداللة اللغوية للجن مع المفھوم االص طالحي؛ إذ كالھم ا ي دور ح ول التس تر واإلختف اء‪،‬‬
‫وصنﱠف العرب الجن إلى أنواع‪ ،‬وجعلوه مراتب‪ ،‬فا ّدعوا أنھم عرف وا الغ ول ورأوھ ا‪ ،‬وأق اموا‬
‫والش ّ‬
‫ق ‪...‬الخ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ب معھا‪ ،‬وعرفوا منھا أيضا ً الخابل‪ ،‬والغ ﱠدار‪ ،‬والدلھاب‪،‬‬
‫زواج َونَس ٍ‬
‫ٍ‬ ‫ت‬
‫عالقا ِ‬
‫‪.11‬ارتبط ت قض ية اإلب داع الش عري عن د الع رب باألس طورة‪ ،‬وبخاص ة م ا يُ ْس مى بش ياطين‬
‫الشعراء‪ ،‬فكانت الجن ھي القوة المؤثرة ف ي عملي ة خل ق الش عر؛ إذ ال يتع دى دور الش اعر أن‬
‫يكون وسيطا ً في ھذه العملية‪.‬‬

‫‪.12‬ارتبط الشعر بالسحر والكھانة‪ ،‬وغدا دور الشاعر أخط َر من دور الكاھن والساحر‪ ،‬وانتش رت‬
‫نصوص السحر‪ ،‬والكھانة والتعويذات انتشاراً واسعا ً‪.‬‬

‫‪.13‬اعتقد العرب بوجود عالقة بين الجن والحيوان؛ فجعل وا للج ن مطاي ا م ن الحيوان ات‪ ،‬ونظ روا‬
‫إلى ھذه الحيوانات نظرة تقديس وخوف ورھبة‪ ،‬ف أحجموا ع ن ص يدھا أو قتلھ ا‪ ،‬واتخ ذوا م ن‬
‫بعض أعضائھا تعاوي ذ وتم ائم؛ ل دفع األذى والش ر‪ ،‬وآمن وا بق درة الج ن عل ى التش كل بأش كال‬
‫الحيوانات المختلفة‪ ،‬كالكلب والقط والحيّة‪..‬الخ‪.‬‬

‫‪.14‬اقترن الجن بالحية في كثير من أخبار العرب وأشعارھم‪ ،‬وتوزعت رمزيتھا م ن خ الل الخي ر‬
‫والش ر؛ فھ ي إذ تمث ل الش يطان واألرواح الش ريرة ت ارة‪ ،‬تمث ل الق وة الخارق ة والق درة ت ارة‬
‫أخرى‪.‬‬

‫‪.15‬يُع ﱡد دور الحية في خروج حواء م ن الجن ة ھ و المح ور ال ذي بن ى علي ه الع رب اعتق ادھم بھ ا‪،‬‬
‫وربط العرب بين الجن واإلبل‪ ،‬ورأوا بينھما صلة قراب ة ونس ب‪ ،‬وك ذلك ب ين الج ن والف رس‪،‬‬
‫والثور الذي أدخلوه في كثير من طقوس االستسقاء خاصة‪.‬‬

‫‪.16‬ق دس الع رب بع ض الظ واھر الطبيعي ة بم ا فيھ ا الجب ال واألش جار والودي ان؛ وم ا ذاك إال‬
‫العتق ادھم بأنھ ا م أوى الج ن واألرواح الش ريرة؛ فلج أوا إل ى بعض ھا ملتمس ين الحماي ة أو‬
‫الخصب والحياة‪ ،‬فع ّدت الجبا ُل المق ﱠر الرئيسﱠ الذي يصلھم باآللھة العلوية المقدسة‪.‬‬

‫‪.17‬عك س الش اعر الج اھلي أفك اره ومعتقدات ه‪ ،‬ونظم ه االجتماعي ة والنفس ية عل ى تل ك الكائن ات‪،‬‬
‫واستم ّد منھا صوره ومعانيه‪ ،‬وال سيما في مجال الفخر والوصف والمدح‪ ،‬فضربوا بھ ا المث ل‬
‫في القوة والنشاط‪ ،‬والخبث والمكر والسحر‪.‬‬

‫‪289‬‬
‫المصادر والمراجع‬

‫القرآن الكريم‬

‫الكتاب المقدس‪ ،‬العھد القديم والعھد الجديد‪.‬‬

‫اآللوسي‪ ،‬محمود شكري‪ :‬بلوغ األرب في معرفة أح وال الع رب‪ ،‬ش رح محم د بھج ة األث ري‪ ،‬دار‬
‫الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬د ‪ .‬ت‪.‬‬

‫اآلمدي‪ :‬أبو القاسم‪ ،‬الحسن بن بشر بن يحيى‪ :‬المؤتلف والمختلف‪ ،‬تحقيق عبد الستار أحم د ف رح‪،‬‬
‫دار إحياء الكتب العربية‪ ،‬القاھرة‪1381 ،‬ھـ ‪1961 -‬م‪.‬‬

‫األبش يھي‪ ،‬ش ھاب ال دين محم د ب ن أحم د‪ :‬المس تطرف ف ي ك ل ف ن مس تظرف‪ ،‬المكت ب الع المي‬
‫للبحوث‪ ،‬طبعة جديدة ومنقحة‪ ،‬دار مكتبة الحياة‪ ،‬بيروت – لبنان‪)،‬د‪.‬ت(‪.‬‬

‫ابن األثي ر‪ ،‬مج د ال دين أب ي الس عادات‪ :‬النھاي ة ف ي غري ب الح ديث واألث ر‪ ،‬تحقي ق محم ود محم د‬
‫الطناحي وغيره –ط‪ -1‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪1383 ،‬ھـ‪1963 -‬م‪.‬‬

‫األحمد‪ ،‬سامي سعيد‪:‬‬

‫ملحمة جلجامش‪ ،‬دار الجليل‪ ،‬بيروت‪ ،‬د‪ .‬ت‪.‬‬

‫المعتقدات الدينية في العراق القديم‪ ،‬مطابع دار الشؤون الثقافية العامة‪ ،‬بغداد‪1988 ،‬م‪.‬‬

‫أحمد‪ ،‬عبد الفتاح محمد‪ :‬المنھج األسطوري في تفسير الشعر الجاھلي‪-‬ط‪ -1‬دار المناھل‪ ،‬بي روت‬
‫‪1987‬م‪.‬‬

‫أحمد‪ ،‬محم د خليف ة حس ن‪ :‬األس طورة والت اريخ ف ي الت راث الش رقي الق ديم‪ ) ،‬دراس ة ف ي ملحم ة‬
‫جلجامش ( ‪-‬ط‪ -1‬دار الشؤون الثقافية العامة‪ ،‬بغداد‪1988 ،‬م‪.‬‬

‫أدزارد‪ :‬قاموس اآللھة واألساطير‪ ،‬ترجمة‪ ،‬محم د وحي د خياط ة‪ -‬ط‪ -1‬دار مكتب ة س ومر‪ ،‬حل ب‪،‬‬
‫‪1987‬م‪.‬‬

‫أدونيس‪ :‬مقدمة للشعر العربي‪-‬ط‪ -4‬دار العودة‪ ،‬بيروت‪1983 ،‬م‪.‬‬

‫‪290‬‬
‫أرمان‪ ،‬أدولف‪ :‬ديانة مص ر القديم ة‪ ،‬ترجم ة‪ ،‬عب د الم نعم أب و بك ر‪ ،‬ومحم د أن ور ش كري‪-‬ط‪-1‬‬
‫القاھرة‪ ،‬مكتبة مدبولي‪1995 ،‬م‪.‬‬

‫األزرقي‪ ،‬أب و الولي د‪ ،‬محم د ب ن عب د ﷲ ب ن أحم د‪ :‬أخب ار مك ة‪ ،‬تحقي ق رش دي الص الح ملح س‪-‬‬
‫ط‪ -3‬دار إالندلس‪ ،‬بيروت‪1983 ،‬م‪.‬‬

‫إسماعيل‪ ،‬عز الدين‪ :‬الشعر العربي المعاصر وقضاياه‪ ،‬دار العودة‪ ،‬بيروت‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬

‫األسمر‪ ،‬راجي‪ :‬الشياطين حقيقتھا‪ ،‬التحصن منھا‪-‬ط‪ -1‬جروس برس‪ ،‬طرابلس‪ ،‬لبنان ‪1991‬م‪.‬‬

‫األش قر‪ ،‬عم ر س ليمان‪ :‬ع الم الج ن والش يطان‪-‬ط‪ -1‬مكتب ة الف الح للنش ر والتوزي ع‪ ،‬الكوي ت‪،‬‬
‫‪1409‬ھـ‪1989 -‬م‪.‬‬

‫األص بھاني‪ ،‬أب و القاس م حس ين ب ن محم د الراغ ب‪ :‬محاض رات األدب اء ومح اورات الش عراء‬
‫والبلغاء‪-‬ط‪ -1‬منشورات المكتبة الحيدرية ‪1416‬ھـ ‪1974 -‬م‪.‬‬

‫األصفھاني‪ ،‬أبو الفرج‪ :‬األغاني‪ ،‬عن طبعة بوالق األصلية‪ ،‬بيروت‪1390 ،‬ھـ‪1970 -‬م‪.‬‬

‫األصمعي‪ ،‬أبو سعيد‪ ،‬عبد الملك بن قريب‪ :‬األص معيات‪ -‬ط‪ -5‬تحقي ق‪ ،‬أحم د محم ود ش اكر‪ ،‬عب د‬
‫السالم محمد ھارون‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬مصر‪1979 ،‬م‪.‬‬

‫األعشى‪ ،‬ميمون بن قيس‪ :‬ديوانه‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪)،‬د‪،‬ت(‪.‬‬

‫األفوه األودي‪ :‬ديوانه‪ ،‬تحقيق محمد التونجي ‪-‬ط‪ -1‬دار صادر بيروت‪1998 ،‬م‪.‬‬

‫األلب اني‪ ،‬محم د ناص ر ال دين‪ :‬ص حيح الج امع الص غير وزيادت ه " الف تح الكبي ر " ‪-‬ط‪- 3‬المكت ب‬
‫اإلسالمي‪ ،‬بيروت‪1988 ،‬م‪.‬‬

‫امرؤ القيس‪:‬‬

‫*‪ -‬ديوانه‪ ،‬تحقيق مصطفى عبد الشافي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪2002-1423 ،‬م‪.‬‬

‫*‪ -‬ديوانه‪ ،‬تحقيق محمد أبو الفضل إبراھيم‪-‬ط‪ -4‬دار المعارف‪ ،‬القاھرة‪1984 ،‬م‪.‬‬

‫‪ -‬شرح ديوانه‪ ،‬تأليف حسن السندوبي‪-‬ط‪ -5‬مطبعة إالستقامة‪ ،‬القاھرة)د‪.‬ت(‪.‬‬

‫أمية بن أبي الصلت‪ :‬ديوانه‪ ،‬تحقيق سجيع جميل الجبيلي‪-‬ط‪ -1‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪1998 ،‬م‪.‬‬

‫‪291‬‬
‫أمين‪ ،‬أحمد‪ :‬فجر اإلسالم ‪-‬ط‪ -11‬مكتبة النھضة المصرية‪ ،‬القاھرة‪) ،‬د‪.‬ت(‪.‬‬

‫أمين‪ ،‬فوزي محمد‪:‬‬

‫*‪ -‬الشعر الجاھلي‪ ،‬دراسات ونصوص‪-‬ط‪ -1‬دار المعرفة الجامعية اإلسكندرية ‪2004‬م‪.‬‬

‫*‪ -‬عنترة بن شداد العبسي‪ -‬ط‪ -1‬دار المعرفة الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪2004 ،‬م‪.‬‬

‫أوس بن حجر‪ :‬ديوانه‪ ،‬تحقيق‪ ،‬محمد يوسف نجم‪-‬ط‪ -3‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪1399 ،‬ھـ‪1979 ،‬م‪.‬‬

‫ب ابتي‪ ،‬عزي زة ف ّوال‪ :‬معج م الش عراء الج اھليين –ط‪ -1‬دار ص ادر للطباع ة والنش ر‪ ،‬ج روس‬
‫برس‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪1998 ،‬م‪.‬‬

‫بارند‪ ،‬جف ري‪ :‬المعتق دات الديني ة ل دى الش عوب‪ ،‬ترجم ة‪ ،‬إم ام عب د الفت اح‪ ،‬ط‪ ،2‬مكتب ة م دبولي‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،‬القاھرة‪1996 ،‬م‪.‬‬

‫الباش‪ ،‬حسن‪:‬‬

‫*‪-‬المعتق دات الش عبية ف ي الت راث العرب ي )دراس ة ف ي الج ذور األس طورية والديني ة والمس لكية‬
‫واالجتماعية(‪ ،‬دار الجليل‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬

‫*‪-‬الميثولوجي ا الكنعاني ة واإلغتص اب الت وراتي‪ -‬ط‪ -1‬دار الجلي ل للطباع ة والنش ر‪ ،‬دمش ق‬
‫‪.1988‬‬

‫باقر‪ ،‬طه‪ :‬ملحمة جلجامش‪ -‬ط‪ -4‬منشورات وزارة اإلعالم العراقية‪ ،‬بغداد‪1980 ،‬م‪.‬‬

‫البحت ري‪ :‬أب و عب ادة‪ ،‬الولي د ب ن عبي د‪ :‬دي وان الحماس ة‪ -‬ط‪ - 1‬وض ع حواش يه محم ود رض وان‬
‫ديّوب‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت لبنان‪1420‬ھـ‪1999 -‬م‪.‬‬

‫البخاري‪ ،‬أبو عبد ﷲ محمد بن إسماعيل بن إبراھيم‪ ،‬بن المغيرة‪ ،‬بن بردزيه‪ :‬ص حيح البخ اري‪،‬‬
‫دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان)د‪.‬ت(‪.‬‬

‫بدوي‪ ،‬عب د ال رحمن‪ :‬دراس ات المستش رقين ح ول ص حة الش عر الج اھلي‪ ،‬ترجم ة عب د ال رحمن‬
‫بدوي‪ ،‬دار العلم للماليين‪ ،‬بيروت‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬

‫‪292‬‬
‫بروكلمان‪ ،‬كارل‪ :‬تاريخ األدب العربي‪ ،‬ترجم ة‪ ،‬عب د الحل يم النج ار‪-‬ط‪ -4‬دار المع ارف‪ ،‬مص ر‪،‬‬
‫‪1977‬م‪.‬‬

‫بش ر ب ن أب ي خ ازم األس دي‪ :‬ديوان ه‪ ،‬تحقي ق ع زة حس ن‪ ،‬مديري ة إحي اء الت راث الق ديم‪ ،‬دمش ق‪،‬‬
‫‪1960‬م‪.‬‬

‫البصري‪ ،‬صدر الدين علي بن أبي الفرج بن الحسن‪ :‬الحماس ة البص رية‪ ،‬تحقي ق‪ ،‬ع ادل س ليمان‬
‫جمال‪ -‬ط‪ -1‬مكتبة الخانجي‪ ،‬القاھرة‪1420 ،‬ھـ‪ 1999 -‬م‪.‬‬

‫البطل‪ ،‬علي‪ :‬الصورة في الشعر العربي حتى آخ ر الق رن الث اني الھج ري‪) ،‬دراس ة ف ي أص ولھا‬
‫وتطوره(‪ -‬ط‪ -3‬دار إالندلس للطباعة والنشر‪ ،‬بيروت‪1983 ،‬م‪.‬‬

‫البغدادي‪ ،‬عبد القادر بن عمر‪ :‬خزان ة األدب ول ب لُب اب لس ان الع رب‪ ،‬تحقي ق عب د الس الم محم د‬
‫ھارون‪-‬ط‪ -4‬مكتبة الخانجي‪ ،‬القاھرة‪1420 ،‬ھـ‪2000 -‬م‪.‬‬

‫البنعلي‪ ،‬يوسف‪ُ :‬عبّاد الشيطان‪ ،‬أخطر الفرق المعاصرة‪ -‬ط‪ -1‬ط‪1997 ،2‬م‪.‬‬

‫تأبط شراً‪ :‬ديوانه‪ ،‬إعداد‪ ،‬طالل حرب‪-‬ط‪ -1‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪1996 ،‬م‪.‬‬

‫الثعالبي‪ ،‬أبو منصور‪ ،‬محمد بن إسماعيل النيسابوري‪:‬‬

‫*‪ -‬ثمار القلوب في المضاف والمنسوب‪ ،‬تحقيق محمد أبو الفض ل إب راھيم‪ -‬ط‪ -1‬دار المع ارف‪،‬‬
‫القاھرة‪1965 ،‬م‪.‬‬

‫*‪ -‬فقه اللغة وس ّر العربية‪- ،‬ط األخيرة‪ -‬تحقيق مصطفى السقا وآخرون‪1972 ،‬م‪.‬‬

‫الثعلبي‪ ،‬أبو إسحاق‪ ،‬أحمد بن محمد بن إبراھيم النيس ابوري‪ :‬قص ص األنبي اء المس ّمى )ع رائس‬
‫المجالس(‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت لبنان‪1414 ،‬ھـ ‪1994 -‬م‪.‬‬

‫الجاحظ‪ ،‬أبو عثمان عمرو بن بحر‪:‬‬

‫*‪ -‬البيان والتبيين‪ ،‬تحقيق عبد السالم محمد ھاون‪-‬ط‪ -4‬دار الفكر‪)،‬د‪.‬ت(‪.‬‬

‫*‪ -‬الحيوان‪ ،‬تحقيق عبد السالم محمد ھارون ‪-‬ط‪ -3‬المجمع العلمي العربي اإلسالمي‪ ،‬دار إحي اء‬
‫التراث العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪1388 ،‬ھـ‪1969 ،‬م‪.‬‬

‫‪293‬‬
‫*‪ -‬رس ائله‪ -‬ط‪) -1‬كت اب النس اء( جمعھ ا وش رحھا حس ن الس ندوبي‪ ،‬المطبع ة الرحماني ة‬
‫بمصر‪1352،‬ھـ‪ -‬م‪.1932‬‬

‫الجب وري‪ ،‬يحي ى‪ :‬الش عر الج اھلي‪) ،‬خصائص ة وفنون ه(‪ -‬ط‪ -8‬مؤسس ة الرس الة‪ ،‬بي روت‪،‬‬
‫‪1418‬ھـ ‪1997 -‬م‪.‬‬

‫جران العود‪ :‬ديوانه‪ ،‬رواية أبي سعيد السكري‪ -‬ط‪ -3‬دار الكتب المصرية‪ ،‬القاھرة‪2000 ،‬م‪.‬‬

‫الجوزو‪ ،‬مصطفى‪ :‬من األساطير العربية والخرافات‪ -‬ط‪ -2‬دار الطليعة‪ ،‬بيروت‪1998 ،‬م‪.‬‬

‫الج وھري‪ ،‬محم د‪ :‬عل م الفولكل ور‪) ،‬دراس ة المعتق دات الش عبية(‪ ،‬دار المعرف ة الجامعي ة‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪1988،‬م‪.‬‬

‫حاتم الط ائي‪ :‬ديوان ه‪ :‬تحقي ق مفي د محم د قمحي ة‪ ،‬دار المطبوع ات الحديث ة‪ .‬الس عودية‪ 1408‬ھ ـ‪-‬‬
‫‪ 1987‬م‪.‬‬

‫الح ارث ب ن حل زة‪ :‬ديوان ه‪ ،‬تحقي ق إمي ل ب ديع يعق وب‪ ،‬دار الكت اب العرب ي‪ ،‬بي روت‪ ،‬لبن ان‪،‬‬
‫‪1424‬ھـ ‪2004 -‬م‪.‬‬

‫حتّي‪،‬فيليب‪ :‬تاريخ العرب – ط‪ -7‬دار غندور للطباعة والنشر والتوزيع‪1986 ،‬م‪،‬‬

‫حس ان ب ن ثاب ت‪ :‬ش رح ديوان ه‪-‬ط‪ -1‬ض بطه وش رحه‪ ،‬عب د ال رحمن البرق وقي‪ ،‬راجع ه يوس ف‬
‫الشيخ‪ ،‬محمد البقاعي‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬بيروت – لبنان‪1424 ،‬ھـ‪2004 -‬م‪.‬‬

‫الحس ين‪ ،‬قص ي‪ :‬انتربولوجي ة الص ورة والش عر العرب ي قب ل اإلس الم‪- ،‬ط‪-1‬األھلي ة للنش ر‬
‫والتوزيع‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‪1413 ،1‬ھـ ‪1993 -‬م‪.‬‬

‫الحطيئة‪ :‬ديوانه‪ ،‬شرح أبي سعيد السكري‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪1401 ،‬ھـ‪1981 -‬م‪.‬‬

‫حفني‪ ،‬عبد الحليم‪ :‬شعر الصعاليك‪ ،‬منھجه وخصائصه‪ ،‬الھيئة المصرية العامة للكتاب‪1979 ،‬م‪.‬‬

‫الحلبي‪ ،‬حسن علي وآخ رون‪ :‬موس وعة األحادي ث الض عيفة والموض وعة‪-‬ط‪ -1‬مكتب ة المع ارف‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،‬الرياض‪1416 ،‬ھـ‪1999 -‬م‪.‬‬

‫ابن حمادي‪ ،‬صالح‪ :‬دراسات في األس اطير والمعتق دات الغيبي ة‪ ،‬دار ب و س المة للطباع ة والنش ر‬
‫والتوزيع‪ ،‬تونس‪1988،‬م‪.‬‬

‫‪294‬‬
‫الحموي‪ ،‬شھاب الدين‪ ،‬أبو عبد ﷲ‪ ،‬ياقوت بن عبد ﷲ البغدادي‪ :‬معج م البل دان‪ -‬ط‪ -2‬دار ص ادر‬
‫للطباعة والنشر‪ ،‬دار بيروت للطباعة‪1376 ،‬ھـ‪ 1957-‬م‪.‬‬

‫حميد بن ثور الھاللي‪ :‬ديوانه‪ ،‬تحقيق محمد يوسف نجم‪ -‬ط‪ -1‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪1995 ،‬م‪.‬‬

‫حميدة‪ ،‬عبد الرزاق‪ :‬شياطين الشعراء‪ ،‬مكتبة اإلنجلو المصرية‪) ،‬د‪.‬ت(‪.‬‬

‫الح وت‪ ،‬محم ود س ليم‪ :‬ف ي طري ق المثيولوجي ا عن د الع رب‪ -‬ط‪ -3‬دار النھ ار للنش ر‪ ،‬بي روت‪،‬‬
‫‪1983‬م‪.‬‬

‫الحوفي‪ ،‬أحمد محمد‪:‬‬

‫*‪ -‬الحي اة العربي ة م ن الش عر الج اھلي‪-‬ط‪ -3‬مكتب ة نھض ة مص ر ومطبعتھ ا‪ ،‬الفجال ة‪ ،‬الق اھرة‪،‬‬
‫)د‪.‬ت(‪.‬‬

‫*‪ -‬الم رأة ف ي الش عر الج اھلي‪-‬ط‪ -1‬دار نھض ة مص ر للطباع ة والنش ر‪ ،‬الق اھرة‪1409 ،‬ھ ـ‪-‬‬
‫‪1980‬م‪.‬‬

‫خان‪ ،‬محمد عبد المعيد‪:‬‬

‫*‪ -‬األساطير العربية قبل اإلسالم‪-‬ط‪ -1‬لجنة التأليف والترجمة والنشر‪ ،‬القاھرة‪.1937 ،‬‬

‫*‪-‬األساطير والخرافات عند العرب ‪-‬ط‪ -3‬دار الحداثة للطباعة والنشر‪ ،‬بيروت‪.1981 ،‬‬

‫الخفاجي‪ ،‬محمد عبد المنعم‪ :‬الشعر الجاھلي – ط‪ -1‬دار الكتاب اللبناني‪ ،‬بيروت‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬

‫ابن خلدون‪ :‬مقدمة ابن خلدون‪-‬ط‪ -3‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪،‬لبنان‪) ،‬د‪.‬ت(‪.‬‬

‫خلي ف‪ ،‬يوس ف‪ :‬الش عراء الص عاليك ف ي العص ر الج اھلي ‪-‬ط‪ -2‬دار المع ارف‪ ،‬مص ر‪،‬مكتبة‬
‫الدراسات األدبية ‪1959‬م‪.‬‬

‫خلي ل‪ ،‬أحم د خلي ل‪ :‬مض مون األس طورة ف ي الفك ر العرب ي‪-‬ط‪ -2‬دار الطليع ة للطباع ة والنش ر‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬لبنان‪1980 ،‬م‪.‬‬

‫الخنساء‪ :‬ديوانھا‪ ،‬المكتبة الثقافية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان)د‪.‬ت(‪.‬‬

‫خورشيد‪ ،‬فاروق‪ :‬عالم األدب الشعبي العجيب‪ -‬ط‪ -1‬دار الشروق‪1991 ،‬م‪.‬‬

‫‪295‬‬
‫داود‪ ،‬أنس‪ :‬األسطورة في الشعر العربي الحديث‪-‬ط‪ -3‬دار المعارف‪1992 ،‬م‪.‬‬

‫داود‪ ،‬جرجس داود‪ :‬أدي ان الع رب قب ل اإلس الم وجھھ ا الحض اري واالجتم اعي‪ -‬ط‪ -1‬المؤسس ة‬
‫الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪1402 ،‬ھـ ‪1981 -‬م‪.‬‬

‫ابن دريد‪ ،‬أبو بكر محمد ب ن الحس ن‪ :‬االش تقاق‪ ،‬تحقي ق وش رح عب د الس الم محم د ھ ارون‪ -‬ط‪-1‬‬
‫دار الجيل‪ ،‬بيروت‪1411 ،‬ھـ‪1991-‬م‪.‬‬

‫دغيم‪ ،‬سميح‪ :‬موسوعة األديان الس ماوية والوض عية والوص فية‪) ،‬أدي ان ومعتق دات الع رب قب ل‬
‫اإلسالم(‪ -‬ط‪ -1‬دار الفكر اللبناني‪ ،‬بيروت‪1995 ،‬م‪.‬‬

‫ال دميري‪ ،‬كم ال ال دين محم د ب ن موس ى‪ :‬حي اة الحي وان الكب رى‪ ،‬دار الق اموس الح ديث للطباع ة‬
‫والنشر‪ ،‬مكتبة البيان‪ ،‬بيروت‪) ،‬د‪.‬ت(‪.‬‬

‫ول‪ ،‬وايزي ل‪ ،‬ديوران ت‪ :‬قص ة الحض ارة )نش أة الحض ار ف ي الش رق إالدن ى(‪ ،‬تق ديم مح ي ال دين‬
‫صابر‪ ،‬ترجمة نجيب محمود ‪،‬بيروت‪ ،‬تونس‪.‬‬

‫الرافع ي‪ ،‬مص طفى ص ادق‪ :‬ت اريخ آداب الع رب‪ -‬ط‪ -2‬دار الكت اب العرب ي‪ ،‬بي روت‪ ،‬لبن ان‪،‬‬
‫‪1394‬ھـ‪1974 -‬م‪.‬‬

‫الراوي‪ ،‬مصعب حسون‪ :‬الش عر العرب ي قب ل اإلس الم‪ -‬ط‪ -1‬دار الش ؤون الثقافي ة العام ة‪ ،‬بغ داد‪،‬‬
‫‪1979‬م‪.‬‬

‫الرب اعي‪ ،‬عب د الق ادر‪ :‬الص ورة الفني ة ف ي النق د الش عري‪-‬ط‪ -1‬دار العل وم للطباع ة والنش ر‪،‬‬
‫الرياض‪1984 ،‬م‪.‬‬

‫ربيعة بن مقروم الض بي‪ :‬ديوان ه‪ ،‬جم ع وتحقي ق‪ ،‬تماض ر عب د الق ادر في اض حرف وش‪-‬ط‪ -1‬دار‬
‫صادر‪ ،‬بيروت‪1999 ،‬م‪.‬‬

‫رومية‪ ،‬وھب‪ :‬الرحلة في القصيدة الجاھلية‪ -‬ط‪ -3‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪1982 ،‬م‪.‬‬

‫الزبيدي‪ ،‬محي الدين‪ ،‬محمد مرتضى‪ ،‬الحسين‪ :‬تاج العروس من جواھر الق اموس‪ ،‬تحقي ق عل ي‬
‫شيري‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت‪) ،‬د‪.‬ت(‪.‬‬

‫زكي‪ ،‬أحمد كمال‪:‬‬

‫‪296‬‬
‫*‪ -‬األساطير دراسة حضارية مقارنة‪ -‬ط‪ -2‬دار العودة‪ ،‬بيروت‪1979 ،‬م‪.‬‬

‫*‪ -‬درس ات ف ي النق د األدب ي‪-‬ط‪ -1‬مكتب ة لبن ان‪ ،‬الش ركة المص رية العالمي ة للنش ر‪ ،‬لونجم ان‪،‬‬
‫‪1997‬م‪.‬‬

‫زن اتي‪ ،‬محم د س الم‪ :‬اإلس الم والتقالي د القبلي ة ف ي إفريقي ة‪ ،‬دار النھض ة العربي ة للطباع ة‬
‫والنشر‪)،‬د‪.‬ت(‪.‬‬

‫زھير بن أبي سلمى‪:‬‬

‫*‪ -‬ديوانه‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪.‬‬

‫*‪ -‬شرح ديوان ه‪ ،‬ص نعة الش نتمري‪.‬تحقي ق فخ ر ال دين قب اوة‪ -‬ط‪ -1‬دار الكت ب العلمي ة‪ ،‬بي روت‪،‬‬
‫لبنان‪1413 ،‬ھـ ‪1992 -‬م‪.‬‬

‫زھي ر ب ن جن اب الكلب ي‪ :‬ديوان ه‪ -‬ط‪ -1‬ص نعة محم د ش فيق البيط ار‪ ،‬دار ص ادر‪ ،‬بي روت‪،‬‬
‫‪1999‬م‪.‬‬

‫زيت وني‪ ،‬عب د الغن ي‪ :‬الوثني ة ف ي األدب الج اھلي‪ ،‬وزارة الثقاف ة واإلرش اد الق ومي‪ ،‬دمش ق‪،‬‬
‫‪1987‬م‪.‬‬

‫زيدان‪ ،‬جرجي‪:‬‬

‫*‪ -‬تاريخ آداب اللغة العربية‪ -‬ط‪ -2‬مطبعة الھالل‪ ،‬مصر‪1924 ،‬م‪.‬‬

‫*‪ -‬تاريخ آداب اللغة العربية‪ ،‬دار مكتبة الحياة‪ ،‬بيروت‪) ،‬د‪.‬ت(‬

‫زيدان‪ ،‬عبد القادر عبد الحمي د‪ :‬التم رد والغرب ة ف ي الش عر الج اھلي‪ ،‬دار الوف اء‪ ،‬ل دنيا الطباع ة‬
‫والنشر‪ ،‬إالسكندرية‪1969 ،‬م‪.‬‬

‫س عفان‪ ،‬كام ل‪ :‬معتق دات آس يوية ) الع راق‪ ،‬ف ارس‪ ،‬الھن د‪ ،‬الص ين‪ ،‬الياب ان ( ‪-‬ط‪ -1‬دار الن دى‪،‬‬
‫‪ 1419‬ھـ ‪1999‬م‪.‬‬

‫س ليمان‪ ،‬عل ي‪ :‬الش عر الج اھلي وأث ره ف ي تغيي ر الواق ع‪ ،‬ق راءة ف ي اتجاھ ات الش عر المعاص ر‪،‬‬
‫منشورات وزارة الثقافة‪ ،‬دمشق‪2000 ،‬م‪.‬‬

‫‪297‬‬
‫السواح‪ ،‬فراس‪:‬‬

‫*‪ -‬األس طورة والمعن ى ) دراس ات ف ي المثيولوجي ا وال ديانات المش رقية‪ -‬ط‪ -1‬دار ع الء ال دين‪،‬‬
‫دمشق ‪.1997‬‬

‫*‪ -‬جلجامش‪ ،‬ملحمة الرافدين‪ -‬ط‪ -1‬دار عالء الدين‪ ،‬دمشق‪1996 ،‬م‪.‬‬

‫*‪ -‬لغ ز عش تار ) األلوھ ة المؤنث ة‪ ،‬وأص ل ال دين واألس طورة(‪-‬ط‪ -6‬دار ع الء ال دين‪ ،‬دمش ق‬
‫‪1996‬م‪.‬‬

‫*‪ -‬مغامرة العقل األولى‪ -‬ط‪ -1‬دار عالء الدين‪ ،‬دمشق‪1996 ،‬م‪.‬‬

‫سويلم‪ ،‬أنور‪:‬‬

‫*‪-‬اإلبل في الشعر الجاھلي‪ )،‬دراسة في ضوء عل م الميثولوجي ا والنق د الح ديث‪-‬ط‪ -1‬دار العل وم‬
‫للطباعة والنشر ‪1403‬ھـ ‪1983 -‬م‪.‬‬

‫*‪-‬دراسات في الشعر الجاھلي‪ ،‬دار عمار‪ ،‬عمان‪ ،‬دار الجيل‪ ،‬بيروت‪1407 ،‬ھـ ‪1987 -‬م‪.‬‬

‫*‪-‬المطر في الشعر الجاھلي‪-‬ط‪ -1‬دار عمار‪ ،‬عمان‪ ،‬دار الجيل بيروت‪1987 ،‬م‪.‬‬

‫*‪ -‬مظاھر من الحضارة والمعتقد في الشعر الجاھلي‪ ،‬دار عمار‪،‬عمان‪1410 ،‬ھـ ‪1991 -‬م‪.‬‬

‫اب ن س يدة األندلس ي‪ :‬أب و الحس ن عل ي ب ن إس ماعيل‪ :‬المخص ص‪ ،‬المكت ب التج اري للطباع ة‬
‫والنشر‪ ،‬بيروت‪ ،‬د‪ .‬ت‪.‬‬

‫ش ابيرو‪ ،‬م اكس‪ ،‬رودا ھن درلكس‪ :‬معج م األس اطير‪ ،‬ترجم ة حن ا عب ود‪ ،‬منش ورات دار ع الء‬
‫الدين‪ ،‬دمشق‪1999 ،‬م‪.‬‬

‫شاطر‪ ،‬إحس ان ب اير‪ :‬األس اطير اإليراني ة القديم ة‪ ،‬ترجم ة حن ا عب ود‪ -‬ط‪ -1‬دار الجي ل للطباع ة‪،‬‬
‫‪1965‬م‪.‬‬

‫ش اكر‪ ،‬ش اكر ھ ادي‪ :‬الحي وان ف ي األدب العرب ي‪ -‬ط‪ -1‬مكتب ة النھض ة العربي ة‪ ،‬ع الم الكت ب‪،‬‬
‫بيروت‪1405 ،‬ھـ‪1985-‬م‪.‬‬

‫الشبلي‪ ،‬بدر الدين ابو عبد ﷲ محمد بن عبد ﷲ‪.‬‬

‫‪298‬‬
‫*‪ -‬آكام المرجان في غرائب األخبار وأحكام الجان‪ ،‬تحقي ق أيم ن البحي ري‪ -‬ط‪ -1‬مؤسس ة الكت ب‬
‫الثقافية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪1995 ،‬م‪.‬‬

‫*‪ -‬غرائب وعجائب الج ن‪ ،‬كم ا يص ورھا الق رآن والس نة‪ ،‬تحقي ق‪ ،‬إب راھيم محم د الجم ل‪ ،‬مكتب ة‬
‫القرآن‪ ،‬القاھرة‪)،‬د‪.‬ت(‪.‬‬

‫الشماخ بن ضرار الذبياني‪ :‬ديوانه‪ ،‬حقق ه وش رحه ص الح ال دين الھ ادي‪ ،‬دار المع ارف‪ ،‬مص ر‪،‬‬
‫‪1968‬م‪.‬‬

‫الشنفرى‪ :‬ديوانه‪ ،‬إعداد‪ ،‬طالل حرب‪ ،‬ط‪ ،1‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪1996 ،‬م‪.‬‬

‫الشھرس تاني‪ ،‬أب و الف تح محم د ب ن عب د الك ريم‪ :‬المل ل والنح ل‪ ،‬ص ححه وعل ق علي ه أحم د فھم ي‬
‫محمد‪-‬ط‪-2‬دار الكتب العلمية‪،‬بيروت‪،‬لبنان‪1413 ،‬ھـ‪1992-‬م‪.‬‬

‫الش ورى‪ ،‬مص طفى عب د الش افي‪ :‬الش عر الج اھلي تفس ير أس طوري‪ ،‬الش ركة المص رية العالمي ة‬
‫للنشر‪ ،‬لونجمان‪1996 ،‬م‪.‬‬

‫ش يخو‪ ،‬ل ويس‪ :‬ش عراء النص رانية ف ي الجاھلي ة‪ ،‬مطبع ة األب اء المرس لين اليس وعيين‪ ،‬بي روت‪،‬‬
‫د‪.‬ت‪.‬‬

‫الصائغ‪ ،‬عبد اإلله‪:‬الزمن عند الشعراء العرب قبل اإلسالم‪ ،‬دار الرشيد للنشر‪،‬العراق ‪1982‬م‪.‬‬

‫ص فوت‪ ،‬أحم د زك ي‪ :‬جمھ رة خط ب الع رب ف ي عص ور العربي ة الزاھ رة )العص ر الج اھلي‬


‫وعصر صدر اإلسالم( المكتبة العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬القاھرة‪1352 ،‬ھـ‪1933 -‬م‪.‬‬

‫الضبي‪ ،‬المفضل بن محمد بن يعلي‪ :‬المفضليات‪ ،‬تحقيق وشرح‪ ،‬أحمد محمد شاكر و عب د الس الم‬
‫محمد ھارون‪ -‬ط‪ -10‬دار المعارف‪ ،‬القاھرة‪1994 ،‬م‪.‬‬

‫الضناوي‪ ،‬سعدي‪ :‬أثر الصحراء ف ي الش عر الج اھلي‪-‬ط‪ -1‬دار الفك ر اللبن اني لللطباع ة والنش ر‪،‬‬
‫بيروت‪1993 ،‬م‬

‫ض يف‪ ،‬ش وقي‪ :‬ت اريخ األدب العرب ي ) العص ر الج اھلي (‪ -‬ط‪ -7‬دار المع ارف‪ ،‬مص ر‪ ،‬الق اھرة‬
‫‪1960‬م‪.‬‬

‫الطائي‪ ،‬أبو تمام‪ ،‬حبيب بن أوس‪ :‬ديوان الحماسة‪ -‬ط‪ -2‬مختصر عن شرح التبريزي‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬

‫‪299‬‬
‫الطبري‪ ،‬أبو جعفر‪ ،‬محمد بن جرير‪:‬‬

‫*‪ -‬جامع البيان عن تأويل آي القرآن‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬

‫*‪ -‬تاريخ األمم والملوك‪ ،‬دار القلم‪ ،‬بيروت – لبنان‪) ،‬د‪.‬ت(‪.‬‬

‫طرفة بن العبد‪:‬‬

‫*‪ -‬ديوانه‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪) ،‬د‪.‬ت(‪.‬‬

‫*‪ -‬ديوانه‪ ،‬تحقيق رحاب خضر عكاوي‪-‬ط‪ -1‬دار الفكر العربي‪ ،‬بيروت‪1993 ،‬م‪.‬‬

‫الطفيل الغنوي‪ :‬ديوانه‪ ،‬رواية األنباري‪ ،‬تحقيق محمد عب د الق ادر أحم د‪ -‬ط دار الكت اب الجدي دة‪-‬‬
‫‪1968‬م‪.‬‬

‫عامر بن الطفيل‪ :‬ديوانه‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪1399 ،‬ھـ ‪1979 -‬م‪.‬‬

‫عباس‪ ،‬إحسان‪ :‬فن الشعر‪-‬ط‪ -3‬دار الثقافة‪ ،‬بيروت‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬

‫عبد الحكيم‪ ،‬شوقي‪:‬‬

‫*‪ -‬مدخل لدراسة الفولكور واألساطير العربية‪ -‬ط‪ -1‬دار ابن خلدون‪.‬‬

‫*‪ -‬موسوعة الفولكور واألساطير العربية‪ -‬ط‪ -1‬دار العودة‪1982 ،‬م‪.‬‬

‫عبد الحميد‪ ،‬يونس‪ :‬معجم الفولكور‪ -‬ط‪ -1‬مكتبة لبنان‪1983 ،‬م‪.‬‬

‫عب د ال رحمن‪ ،‬إب راھيم‪ :‬الش عر الج اھلي‪ ،‬قض اياه الفني ة والموض وعية‪ ،‬مكتب ة الش باب‪ ،‬الق اھرة‬
‫‪.1979‬‬

‫عب د ال رحمن‪ ،‬عفي ف‪ :‬الش عر وأي ام الع رب ف ي العص ر الج اھلي‪ -‬ط‪ -1‬دار اإلن دلس للطباع ة‬
‫والنشر والتوزيع‪ ،‬األردن‪ 1981 ،‬م‪.‬‬

‫عبد الرحمن‪ ،‬نصرت‪:‬‬

‫*‪ -‬الصورة الفني ة ف ي الش عر الج اھلي ) ف ي ض وء النق د الح ديث(‪ ،‬وزراة األوق اف والمقدس ات‬
‫اإلسالمية‪ ،‬مكتبة األقصى‪ ،‬عمان‪1976 ،‬م‪.‬‬

‫‪300‬‬
‫*‪ -‬الواقع واألسطورة في شعر أبي ذؤيب الھ ذلي الج اھلي‪ ،‬دار الفك ر للنش ر والتوزي ع‪ ،‬عم ان‪،‬‬
‫األردن‪1985،‬م‪.‬‬

‫عبد الفتاح‪ ،‬فاطمة‪ :‬الحياة االجتماعية في الش عر الج اھلي‪ ،‬دار الفك ر للنش ر والتوزي ع‪ ،‬بي روت‪،‬‬
‫لبنان‪1414 ،‬ھـ‪1994 -‬م‪.‬‬

‫عبد ﷲ‪ ،‬محمد حس ين‪ :‬الص ورة والبن اء الش عري‪-‬ط‪ -1‬دار المع ارف‪ ،‬مكتب ة الدراس ات األدبي ة‪،‬‬
‫القاھرة‪1981 ،‬م‪.‬‬

‫عب د ﷲ‪ ،‬محم د ص ادق حس ن‪ :‬خص وبة القص يدة الجاھلي ة ومعانيھ ا المتج ددة‪-‬ط‪ -2‬دار إحي اء‬
‫الكتب العربية‪ ،‬القاھرة‪1977 ،‬م‪.‬‬

‫عبود‪ ،‬محمد سليمان‪ :‬اإلنسان والحيوانات م ن األس طورة وطق وس تق ديس الحيوان ات وعبادتھ ا‬
‫إل ى داروي ن وحماي ة البيئ ة‪ ،‬ترجم ة محم د س ليمان‪-‬ط‪ -1‬دار المني ر‪ ،‬للطباع ة والنش ر‬
‫والتوزيع‪ ،‬دمشق‪1413 ،‬ھـ ‪1993 -‬م‪.‬‬

‫عبيد بن األبرص‪ :‬ديوانه‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت ‪1418‬ھـ ‪1998 -‬م‪.‬‬

‫عجينة‪ ،‬محمد‪ :‬موسوعة أساطير العرب عن الجاھلية ودالالتھ ا‪ -‬ط‪ -1‬العربي ة للنش ر والتوزي ع‪،‬‬
‫تونس ‪1994‬م‪.‬‬

‫عدي بن زيد العبادي‪ :‬ديوانه‪ ،‬تحقيق محمد جبار المعيبد‪ ،‬دار الجمھوري ة للنش ر والطب ع‪ ،‬بغ داد‪،‬‬
‫د‪.‬ت‪.‬‬

‫عروة بن الورد‪ :‬ديوانه‪ -‬ط‪ -1‬شرح سعدي ضناوي‪ ،‬دار الجيل‪ ،‬بيروت‪1416 ،‬ھـ ‪1996‬م‪.‬‬

‫عزي ز‪ ،‬ك ارم محم ود‪ :‬أس اطير الت وارة الكب رى وت راث الش رق األدن ى الق ديم‪-‬ط‪ -1‬دار الحص اد‬
‫للنشر والتوزيع والطباعة‪ ،‬دار الكلمة للنشر‪ ،‬دمشق‪1999 ،‬م‪.‬‬

‫العقاد‪ ،‬محمود عباس‪ :‬إبليس‪ ،‬القاھرة‪1955 ،‬م‪.‬‬

‫علقمة بن عبدة‪:‬‬

‫*‪-‬ديوانه‪ ،‬شرح‪ ،‬سعيد نسيب مكارم‪ -‬ط‪ -1‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪1996 ،‬م‪.‬‬

‫*‪ -‬شرح ديوانه‪ -‬ط‪ -2‬قدم له حنا نصر الحتي‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬بيروت‪1414 ،‬ھـ‪1993-‬م‪.‬‬

‫‪301‬‬
‫عل ي‪ ،‬ج واد‪ :‬المفص ل ف ي ت اريخ الع رب قب ل اإلس الم‪ -‬ط‪ -2‬دار العل م للمالي ين‪ ،‬بي روت‪ ،‬مكتب ة‬
‫النھضة‪ ،‬بغداد‪1976 ،‬م‪.‬‬

‫عمر‪ ،‬أحمد مختار‪ :‬اللغة واللون‪ -‬ط‪ -2‬عالم الكتب القاھرة‪1997،‬م‪.‬‬

‫عمرو بن شأس‪ :‬شعره‪ ،‬تحقيق يحي الجبوري‪ ،‬ط‪ ،2‬دار القلم‪ ،‬الكويت‪1403 ،‬ھـ‪1983-‬م‪.‬‬

‫عمرو بن كلثوم‪ :‬ديوانه‪ ،‬تحقيق إميل بديع يعقوب‪ ،‬دار الكتاب العرب ي‪ ،‬بي روت‪ ،‬لبن ان ‪1424‬ھ ـ‬
‫‪2004 -‬م‪.‬‬

‫عنترة بن شداد‪ :‬ديوانه‪ ،‬شرح‪ ،‬يوسف عيد‪ ،‬دار الجيل‪ ،‬بيروت‪1422 ،‬ھـ ‪2001 -‬ھـ‪.‬‬

‫العنتيل‪ ،‬فوزي‪ :‬الفولكلور ما ھو؟ مكتبة مدبولي‪ ،‬القاھرة‪ ،‬دار المسيرة‪ ،‬بيروت‪.‬‬

‫عياش‪ ،‬عبد القادر‪ :‬الحية في حياتنا وتراثنا‪ ،‬دير الزور‪ ،‬سوريا‪1968 ،‬م‪.‬‬

‫الغناضي‪ ،‬حاتم صالح‪ :‬قصائد نادرة )منتھ ى الطل ب م ن أش عار الع رب(‪ ،‬جامع ة بغ داد‪ ،‬مؤسس ة‬
‫الرسالة‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬

‫الف اخوري‪ ،‬حّن ا‪ :‬الج امع ف ي ت اريخ األدب العرب ي الق ديم‪ -‬ط‪ -2‬دار الجي ل‪ ،‬بي روت‪ ،‬لبن ان‪،‬‬
‫‪1995‬م‪.‬‬

‫ف ادمر‪ ،‬ھن ري ج ورج‪ :‬ت اريخ الموس يقى العربي ة حت ى الق رن الثال ث عش ر م يالدي‪ ،‬تعري ف‬
‫جرجس فتح ﷲ‪ ،‬دار مكتبة الحياة‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪) ،‬د‪.‬ت(‪.‬‬

‫فروم‪ ،‬إري ش‪ :‬الحكاي ات واألس اطير واألح الم م دخل إل ى فھ م لغ ة منس ية‪ ،‬ترجم ة ص الح ح اتم‪-‬‬
‫ط‪ -1‬دار الحوار للنشر والتوزيع‪ ،‬سوريا‪1990 ،‬م‪.‬‬

‫فروي د‪ ،‬س يغموند‪ :‬الط وطم والت ابو‪ ،‬ترجم ة ب و عل ي ياس ين‪ -‬ط‪ -1‬دار الح وار للنش ر والتوزي ع‪،‬‬
‫سوريا‪1983 ،‬م‪.‬‬

‫فريزر‪ ،‬جيمس‪:‬‬

‫*‪ -‬أدونيس أوتموز‪ ،‬ترجم ة جب را إب راھيم جب را‪ ،‬المؤسس ة العربي ة للدراس ات وال نش‪ ،‬بي روت‪،‬‬
‫‪1979‬م‪،‬‬

‫‪302‬‬
‫*‪ -‬الغصن الذھبي ) دراسة في السحر وال دين ( ترجم ة أحم د أب و زي د‪ ،‬الھيئ ة المص رية العام ة‬
‫للكتاب‪ ،‬القاھرة‪1971 ،‬م‪.‬‬

‫*‪ -‬الفولكل ور ف ي العھ د الق ديم‪ ،‬ترجم ة‪ ،‬نبيل ة إب راھيم‪ ،‬مراجع ة حس ن ظاظ ا‪ ،‬الھيئ ة المص رية‬
‫العامة للكتاب‪ ،‬القاھرة‪1974 ،‬م‪.‬‬

‫فھمي‪ ،‬محمود‪ :‬تاريخ اليونان‪-‬ط الواعظ‪ -‬مصر‪-‬ط‪1910 -1‬م‪.‬‬

‫فريشادو‪ :‬الجنس في العالم القديم‪ ،‬ترجمة فائق دحدوح‪ ،‬دار الكندي للترجمة والنشر‪.1988 ،‬‬

‫الفيومي‪ ،‬محمد إبراھيم‪ :‬في الفكر الديني الجاھلي قبل اإلسالم‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬القاھرة‪1979 ،‬م‪.‬‬

‫القالي‪ ،‬أبو علي إسماعيل بن القاسم‪ :‬كتاب األم الي –ط‪ -2‬مطبع ة دار الكت ب المص رية‪ ،‬الق اھرة‪،‬‬
‫‪1344‬ھـ‪1926 -‬م‪.‬‬

‫ابن قتيبة‪ ،‬أبو محمد عبد ﷲ بن مسلم‪:‬‬

‫*‪ -‬الشعر والشعراء‪-‬ط‪ -2‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان ‪.1964‬‬

‫*‪ -‬المعارف‪ -‬ط‪ -4‬دار المعارف‪ ،‬كورنيش النيل‪1981 ،‬م‪.‬‬

‫القرشي‪ ،‬أبو زيد محمد بن أبي الخطاب‪ :‬جمھرة أشعار العرب‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪) ،‬د‪.‬ت(‪.‬‬

‫القرطب ي‪ ،‬أب و عب د ﷲ محم د ب ن أحم د األنص اري‪ :‬الج امع ألحك ام الق رآن ‪ -‬ط دار الكت ب‪ -‬دار‬
‫الكتب العربية للطباعة والنشر‪ ،‬القاھرة‪1387 ،‬ھـ ‪1967 -‬م‪.‬‬

‫القزويني‪ ،‬زكريا بن محمد بن محمود‪:‬‬

‫*‪ -‬آثار البالد وأخبار العباد‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪1960 ،‬م‪.‬‬

‫عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات‪ ،‬تحقيق‪ :‬فاروق سعد‪-‬ط‪ -4‬دار اآلفاق الجديدة‪ ،‬بي روت‪،‬‬
‫‪1981‬م‪.‬‬

‫قط ب‪ ،‬س يد‪ :‬ف ي ظ الل الق رآن –ط‪ -7‬دار إحي اء الت راث العرب ي‪ ،‬بي روت‪ ،‬لبن ان‪1391 ،‬ھ ـ‪-‬‬
‫‪1971‬م‪.‬‬

‫‪303‬‬
‫القلقشندي‪ ،‬أبو العباس أحمد بن علي‪ :‬صبح األعشى في صناعة اإلنش ا‪-‬ط‪ -1‬ش رحه وعل ق علي ه‬
‫محمد حسين شمس الدين‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪1407 ،‬ھـ‪1987 -‬م‪.‬‬

‫القمني‪ ،‬سيد‪ :‬األسطورة اس طورة والت راث‪ -‬ط‪ -3‬المرك ز المص ري لبح وث الحض ارة‪ ،‬الق اھرة‪،‬‬
‫‪1999‬م‪.‬‬

‫أبو قيس بن األسلت‪ :‬ديوانه‪ ،‬جمع وتحقيق‪ ،‬حسن محمد باجودة‪ ،‬دار التراث‪ ،‬القاھرة‪1973 ،‬م‪.‬‬

‫القيسي‪ ،‬نوري حمودي‪:‬‬

‫*‪ -‬الطبيعة في الشعر الجاھلي‪ -‬ط‪ -1‬دار اإلرشاد‪ ،‬بيروت‪1970 ،‬م‪.‬‬

‫*‪ -‬تاريخ األدب العربي قبل اإلسالم‪ ،‬دار الحرية للطباعة‪ ،‬بغداد‪1399،‬ھـ‪1979 -‬م‪.‬‬

‫كريمر‪ ،‬صموئيل نوح‪ :‬أساطير العالم القديم‪ ،‬ترجم ة أحم د عب د الحمي د يوس ف‪ ،‬الھيئ ة المص رية‬
‫العامة للكتاب‪ ،‬القاھرة‪1973 ،‬م‪.‬‬

‫الكسائي‪ ،‬محمد بن عبد ﷲ‪ :‬قصص األنبياء‪ ،‬طبعة ايزين بيرل‪ ،‬بريل‪ ،‬لندن‪1994 ،‬م‪.‬‬

‫كعب بن زھير‪ :‬ديوانه‪ ،‬حققه وشرحه وقدم له‪ ،‬عل ي ف اعور‪ ،‬دار الكت ب العلمي ة بي روت‪ ،‬لبن ان‪،‬‬
‫‪1407‬ھـ ‪1987 -‬م‪.‬‬

‫الكلبي‪ ،‬أبو المنذر ھشام بن محمد بن الس ائب‪ :‬كت اب األص نام‪ ،‬تحقي ق أحم د زك ي‪ ،‬ال دار القومي ة‬
‫للطباعة والنشر‪ ،‬القاھرة‪1384 ،‬ھـ ‪1965 -‬م‪.‬‬

‫كنعان‪ ،‬توفيق‪ :‬الكتابات الفولكوري ة‪ ،‬ترجم ة موس ى عل وش‪ -‬ط‪ -1‬دار عل وش للطباع ة والنش ر‪،‬‬
‫‪1998‬م‪.‬‬

‫لبي د ب ن ربيع ة‪ :‬ديوان ه‪ ،‬ش رح الطوس ي‪ ،‬دار الكت اب العرب ي‪ ،‬بي روت – لبن ان‪1424 ،‬ھ ـ ‪-‬‬
‫‪2004‬م‪.‬‬

‫لقيط بن يعمر األيادي‪ :‬الديوان‪ ،‬تحقيق محمد التنوجي‪ -‬ط‪ -1‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪1998 ،‬م‪.‬‬

‫الماجدي‪ ،‬خزعل‪:‬‬

‫*‪ -‬أديان ومعتقدات ما قبل التاريخ‪ -‬ط‪ -1‬عمان‪ ،‬دار الشروق‪.‬‬

‫‪304‬‬
‫*‪ -‬إنجيل بابل‪ -‬ط‪ -1‬منشورات األھلية‪ ،‬عمان ‪1998‬م‪.‬‬

‫*‪ -‬إنجيل سومر‪ -‬ط‪ -1‬منشورات األھلية‪ ،‬عمان ‪1998‬م‪.‬‬

‫*‪ -‬بخ ور اآللھ ة‪ )،‬دراس ة ف ي الط ب والس حر واألس طورة وال دين(‪ -‬ط‪ -1‬منش ورات األھلي ة‪،‬‬
‫عمان‪1998 ،‬م‪.‬‬

‫*‪ -‬الدين المصري‪ -‬ط‪ -1‬دار الشروق للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان ‪1999 ،‬م‪.‬‬

‫*‪ -‬مت ون س ومر ) الكت اب األول‪ ،‬ت اريخ‪ ،‬المثيولوجي ا‪ ،‬الالھ وت‪ ،‬الطق وس ( ‪-‬ط‪ -1‬منش ورات‬
‫األھلية‪ ،‬عمان‪1998 ،‬م‬

‫*‪-‬المعتقدات األمورية‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الشروق للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان – األردن‪2002 ،‬م‪.‬‬

‫*‪-‬المعتقدات اآلرامية‪ -‬ط‪ -1‬دار الشروق للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪2000 ،‬م‪.‬‬

‫*‪-‬المعتقدات الكنعانية‪ ،‬دار الشروق للنشر والتوزيع عمان‪2001 ،‬م‪.‬‬

‫المتلمس الضبعي‪ :‬ديوانه‪ ،‬شرح وتحقيق محمد التونجي‪ -‬ط‪ -1‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪1998 ،‬م‪.‬‬

‫المثقب العبدي‪:‬شرح ديوانه‪ ،‬تحقيق حسن حمد‪ -‬ط‪ -1‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪.1996 ،‬‬

‫محمود‪ :‬عزيز كارم‪ :‬أساطير التوراة الكبرى وتراث الشرق األدنى‪ ،‬دمشق‪1999 ،‬م‪.‬‬

‫المرتض ى‪ ،‬آم الي المرتض ى‪ ،‬تحقي ق أب ي الفض ل إب راھيم‪ -‬ط‪ -1‬دار إحي اء الكت ب العربي ة‪،‬‬
‫‪1954‬م‪.‬‬

‫المرزباني‪ ،‬أبو عبيد ﷲ محمد بن عم ران‪ :‬معج م الش عراء‪ ،‬تحقي ق ف كرنك و‪ -‬ط‪ -1‬دار الجي ل‪،‬‬
‫بيروت‪1411،‬ھـ‪1991-‬م‪.‬‬

‫المرزوقي‪ ،‬أبو علي‪ :‬كتاب األزمنة واألمكنة‪ -‬ط دار المعارف‪ -‬الھند‪1332 ،‬ھـ‬

‫المسعودي‪ ،‬أبو الحسن علي بن الحسين بن علي‪:‬‬

‫*‪ -‬م روج ال ذھب ومع ادن الج وھر‪ ،‬تحقي ق يوس ف أس عد داع ر‪ -‬ط‪ -1‬دار األن دلس للطباع ة‪،‬‬
‫بيروت‪.1965 ،‬‬

‫‪305‬‬
‫*‪ -‬مروج الذھب ومعادن الجوھر‪ ،‬قدم له مفيد محم د قمحي ة‪ ،‬دار الكت ب العلمي ة بي روت‪ -‬لبن ان‪،‬‬
‫)د‪.‬ت(‪.‬‬

‫المصري‪ ،‬حسين مجيب‪ :‬األس طورة ب ين الع رب والف رس والت رك‪ -‬ط‪ -1‬المكتب ة الثقافي ة للنش ر‪،‬‬
‫القاھرة‪.‬‬

‫المطلبي‪ ،‬عب د الجب ار‪ :‬مواق ف ف ي األدب والنق د‪ ،‬وزارة الثقاف ة واإلع الم العراقي ة‪ ،‬دار الرش يد‪،‬‬
‫العراق ‪.1980‬‬

‫المعري‪ ،‬أب و الع الء‪ :‬رس الة الغف ران‪ ،‬حققھ ا محم د ع زت نص ر ﷲ‪ ،‬المكتب ة الثقافي ة‪ ،‬بي روت‪،‬‬
‫لبنان‪1968 ،‬م‪.‬‬

‫معلوف شفيق‪ :‬عبقر‪ -‬ط‪ -3‬منشورات العصبة األندلسية‪ ،‬دار الطباعة والنشر العربية‪1949 ،‬م‪.‬‬

‫ابن منظور‪ ،‬أبو الفضل‪ ،‬جمال الدين محمد بن مكرم‪ :‬لسان الع رب‪ ،‬تحقي ق عب د ﷲ عل ي الكبي ر‪،‬‬
‫ومحمد أحمد حسب ﷲ‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬القاھرة‪) ،‬د‪.‬ت(‪.‬‬

‫ميت امورفوزس‪ :‬مس خ الكائن ات‪ ،‬ترجم ة ث روت عكاش ة ‪-‬ط‪ -2‬الھيئ ة المص رية العام ة للكت اب‪،‬‬
‫القاھرة‪1984 ،‬م‪.‬‬

‫الميداني‪ ،‬أبو الفضل أحمد بن محمد بن إبراھيم النيس ابوري‪ :‬مجم ع األمث ال‪ ،‬تحقي ق س عيد محم د‬
‫اللحام ‪ -‬ط‪ -1‬دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع‪1422 ،‬ھـ ‪2002‬م‪.‬‬

‫النابغة الجعدي‪ :‬ديوانه‪ ،‬حققه وشرحه‪ ،‬واضح الصمد ‪ -‬ط‪ -1‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪1998 ،‬م‪.‬‬

‫النابغة ال ذيباني‪ :‬ديوان ه‪ ،‬ش رح وتعلي ق حن ا نص ر الحت ي‪ -‬ط‪ -2‬دار الكت اب العرب ي‪1416 ،‬ھ ـ ‪-‬‬
‫‪1996‬م‪.‬‬

‫نابغة بني شيبان‪ :‬ديوانه‪ ،‬شرح عبد ﷲ بن مخارق بن سليم‪ ،‬تق ديم ق دري م ايو‪ -‬ط‪ -1‬دار الكت اب‬
‫العربي‪ ،‬بيروت‪1415 ،‬ھـ‪1995-‬م‪.‬‬

‫ناص ف‪ ،‬مص طفى‪ :‬ق راءة ثاني ة لش عرنا الق ديم‪ ،‬دار األن دلس للطباع ة والنش ر‪ ،‬بي روت‪ ،‬لبن ان‪،‬‬
‫)د‪.‬ت(‪.‬‬

‫‪306‬‬
‫النج ار‪ ،‬عب د الوھ اب‪ :‬قص ص األنبي اء‪ -‬ط‪ -3‬دار إحي اء الت راث العرب ي‪ ،‬س وريا – بي روت‪،‬‬
‫)د‪.‬ت(‪.‬‬

‫ابن النديم‪ :‬أبو الفرج محمد ابن اسحاق بن يعقوب‪:‬الفھرست‪ ،‬مطبعة االستقامة‪ ،‬القاھرة‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬

‫النص‪ ،‬إحسان‪ :‬العصبية القبلية وأثرھا في الشعر األموي‪ -‬ط‪ -2‬دار الفكر‪1973 ،‬م‪.‬‬

‫نعمة‪ ،‬حسن‪ :‬موسوعة األديان الس ماوية والوض عية ) مثيولوجي ا وأس اطير الش عوب القديم ة ( ‪-‬‬
‫ط‪ -1‬دار الفكر اللبناني‪ ،‬بيروت‪.1994 ،‬‬

‫النعيمي‪ ،‬أحمد إس ماعيل‪ :‬األس طورة ف ي الش عر العرب ي قب ل اإلس الم‪ -‬ط‪ -1‬س ينا للنش ر‪ ،‬الق اھرة‬
‫‪1995‬م‪.‬‬

‫النوري‪ ،‬قيس‪ :‬األساطير وعلم األجناس‪ ،‬جامعة بغداد‪ ،‬بغداد‪1981 ،‬م‪.‬‬

‫الن ويري‪ ،‬ش ھاب ال دين‪ ،‬أحم د ب ن عب د الوھ اب‪ :‬نھاي ة األرب ف ي فن ون األدب‪ -‬ط مص ورة‬
‫باألوفست عن دار الكتب المصرية‪ -‬القاھرة‪1983 ،‬م‪) ،‬د‪.‬ت(‪.‬‬

‫النيسابوري‪ ،‬أبو الحسين‪ ،‬مسلم ب ن الحج اج القش يري‪ :‬ص حيح مس لم‪ ،‬دار إحي اء الكت ب العربي ة‪،‬‬
‫بيروت‪ -‬لبنان )د‪.‬ت(‪.‬‬

‫◌ٍ الھذليون‪ :‬الديوان‪ ،‬الدار القومية للطباعة والنشر‪ ،‬القاھرة‪1965 ،‬م‪.‬‬

‫اب ن ھش ام‪ ،‬أب و محم د عب د المل ك‪ :‬الس يرة النبوي ة المعروف ة بس يرة اب ن ھش ام‪-،‬ط‪ -2‬المكتب ة‬
‫العصرية‪ ،‬صيدا‪ ،‬بيروت ‪1419‬ھـ ‪1999 -‬م‪.‬‬

‫ھوراس‪ :‬فن الشعر‪ ،‬ترجمة لويس عوض‪.‬‬

‫ھوك‪ ،‬صموئيل ھنري‪ :‬منعطف المخيلة البشرية‪) ،‬بحث في األساطير(‪ -‬ط‪ -2‬دار الحوار للنش ر‬
‫والتوزيع‪ ،‬الالذقية ‪1995‬م‪.‬‬

‫ھوميروس‪ :‬اإللياذة‪ّ ،‬عربھا نظما ً سليمان البستاني‪ ،‬مطبعة الھالل‪ ،‬مصر‪1904 ،‬م‪.‬‬

‫وادي‪ ،‬طه‪ :‬جماليات القصيدة المعاصرة‪ -‬ط‪ -2‬دار المعارف‪ ،‬القاھرة‪1989 ،‬م‪.‬‬

‫‪307‬‬
‫أب و يحي ى‪ ،‬أحم د إس ماعيل‪ :‬الخي ل ف ي قص ائد الج اھليين واإلس الميين‪ -‬ط‪ -1‬راجع ه ياس ين‬
‫األيوبي‪ ،‬المكتبة العصرية‪ ،‬صيدا‪1417 ،‬ھـ ‪1997 -‬م‪.‬‬

‫يوسف عمرو‪ :‬حقائق مثيرة عن السحر‪ ،‬المركز العربي للنشر والتوزيع‪ ،‬مصر‪ ،‬د‪.‬ت‪.‬‬

‫‪308‬‬
‫الدوريات‬

‫األحم د‪ ،‬س امي س عيد‪ :‬معتق دات الع راقيين الق دماء ف ي الس حر والعراف ة واألح الم والش رور‪،‬‬
‫مجلة المؤرخ العربي‪ ،‬ع‪ ،3‬بغداد‪1975 ،‬م‪.‬‬

‫الجبوري‪ ،‬حسين‪ :‬المطر في التفكير الميثولوجي‪ ،‬مجل ة الت راث الش عبي‪ ،‬المرك ز الفولك وري‬
‫في وزارة اإلعالم العراقية‪ ،‬دار الحرية للطباعة والنشر‪ ،‬بغداد – العراق‪ ،‬ع‪.4،1960‬‬

‫الحج اجي‪ ،‬أحم د ش مس ال دين‪ :‬األس طورة والش عر العرب ي المكون ات األول ى‪ ،‬مجل ة فص ول‪،‬‬
‫‪1984‬م‪ ،‬م‪،4‬ع‪.2‬‬

‫الديك‪ ،‬إحسان‪:‬‬

‫ص دى عش تار ف ي الش عر الج اھلي‪ ،‬مجل ة جامع ة النج اح لألبح اث‪ ،‬عم ادة البح ث العلم ي‪،‬‬
‫حزيران‪ ،‬م‪.2001 ،5‬‬

‫الھامة والصدى‪ ،‬صدى الروح في الش عر الج اھلي‪ ،‬مجل ة جامع ة النج اح لألبح اث اإلنس انية‪،‬‬
‫م‪ ،13‬ع‪ 1999 ،2‬م‪.‬‬

‫الوعل‪ ،‬صدى تموز في الشعر الجاھلي‪ :‬محلة جامعة القدس المفتوحة لألبحاث والدراس ات‪،‬‬
‫ع‪2003 ،2‬م‪.‬‬

‫الرخاوي‪ ،‬نذير‪ :‬جدلية الجنون واإلبداع‪ ،‬مي راث اإللھ ام وإلھ ام المي راث‪ ،‬مجل ة فص ول‪،‬م‪،6‬‬
‫ع‪1986 ،4‬م‪.‬‬

‫رواس‪ ،‬عبد الفتاح‪ :‬رم وز وأس اطير ف ي المورث ات الش عبية‪ ،‬مجل ة الت راث العرب ي‪ ،‬دمش ق‪،‬‬
‫السنة ‪ ،17‬ع‪.،1968 - 1967 ،68‬‬

‫ري د‪ ،‬ھرب رت‪ :‬الش عر والحل م واألس طورة‪ ،‬ترجم ة قاس م عب دو‪ ،‬مجل ة آداب الق اھرة‪ ،‬م‪،12‬‬
‫‪1961‬م ‪.‬‬

‫زكي‪ ،‬أحمد كمال‪:‬‬

‫التفسير األسطوري للشعر القديم‪ ،‬مجلة فصول‪ ،‬م‪ ،1‬ع‪ ،3‬إبريل‪1981 ،‬م‪.‬‬

‫‪309‬‬
‫التش كيل الخراف ي ف ي ش عرنا الق ديم‪ ،‬مجل ة كلي ة اآلداب‪ ،‬جامع ة الري اض‪ ،‬المملك ة العربي ة‬
‫السعودية‪ ،‬م‪1978 – 1977 ،5‬م‪.‬‬

‫الزيتوني‪ ،‬عبد الغني‪ :‬الجن أحوالھم في الشعر الج اھلي‪ ،‬مجل ة الت راث العرب ي‪ ،‬اتح اد الكت اب‬
‫العرب‪ ،‬دمشق‪ ،‬سوريا‪ ،‬ع ‪44،1991‬م‪.‬‬

‫الساعاتي‪ ،‬سامية حسن‪ :‬السحر والمجتم ع‪ ،‬دراس ة نظري ة‪-‬ط‪ -1‬بح ث مي داني‪ ،‬مكتب ة اإلنجل و‬
‫المصرية‪1998 ،‬م‪.‬‬

‫سنجالوي‪ ،‬إبراھيم موسى‪ :‬الغ ول ف ي الت راث العرب ي الق ديم‪ ،‬مجل ة أبح اث اليرم وك‪ ،‬المجل د‬
‫السادس‪ ،‬ع‪1988 ،1‬م‪.‬‬

‫السيد‪ :‬عبد الحليم محمود‪ ،‬الثنوية في التفكير‪ ،‬مجلة عالم الفكر‪ ،‬م‪ ،3‬ع‪.1973-1972 ،2‬‬

‫سيد كريم‪ :‬تفسير األحالم عند المصريين القدماء‪ ،‬مجلة الھالل‪ ،‬ع‪.1975 ،10‬‬

‫عبد الرحمن‪ ،‬إبراھيم‪ :‬التفس ير األس طوري للش عر الج اھلي‪ ،‬مجل ة فص ول‪ ،‬م‪ ،1‬ع‪ ،3‬إبري ل‪،‬‬
‫القاھرة‪1981 ،‬م‪.‬‬

‫كاثمان‪ ،‬تسيبورا‪ :‬التزاوج بين اإلنس والجن ف ي األس طورة والقص ة الش عبية‪ ،‬ترجم ة محم ود‬
‫عباس‪ ،‬مجلة الشرق‪ ،‬األعداد ‪ ،4-1‬السنة السادسة‪ ،‬حزيران – أيلول‪ 1975 ،‬م ‪1978‬م‪.‬‬

‫المخب ل الس عدي‪ ،‬حيات ه وم ا تبق ى م ن ش عره‪ ،‬دراس ة وتحقي ق‪ ،‬ح اتم الض امن‪ ،‬مجل ة‬
‫المورد‪ ،‬م‪ ،2‬ع‪1973 ،1‬م‪.‬‬

‫المعط اني‪ ،‬عب د ﷲ س الم‪ :‬قض ايا اإلب داع‪ ،‬قض ية ش ياطين الش عراء وأثرھ ا ف ي النق د العرب ي‪،‬‬
‫مجلة فصول م‪ ،4‬ع‪1984 ،2‬م‪.‬‬

‫المناعي‪ ،‬مبروك‪ :‬في صلة السحر بالشعر‪ ،‬مجلة فصول ع‪ ،2 + 1‬م‪1991 ،1‬م‬

‫يوسف‪ ،‬شريف‪ :‬السحر عند البابليين والمصريين والعرب قبل اإلسالم‪ ،‬مجلة الت راث الش عبي‬
‫وزارة الثقافة والفنون في العراق السنة‪1971 ،9‬م‪.‬‬

‫‪310‬‬
‫الرسائل الجامعية‬

‫صالح‪ ،‬محمود سمارة محمد‪ :‬الجبل في الشعر الجاھلي‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة النج اح الوطني ة‪،‬‬
‫‪1999‬م‪.‬‬

‫طه‪ ،‬طه غالب عبد الرحيم‪ :‬صورة الم رأة المث ال ورموزھ ا الديني ة عن د ش عراء المعلق ات رس الة‬
‫ماجستير‪ ،‬جامعة النجاح الوطنية‪1424 ،‬ھـ‪2003-‬م‪.‬‬

‫عودة‪ ،‬خليل محم د حس ين‪ :‬الص ورة الفني ة ف ي ش عر ذي الرم ة‪ ،‬رس الة دكت وراه غي ر منش ورة‪،‬‬
‫مصر‪1987 ،‬م‪.‬‬

‫أبو عون‪ ،‬أمل محمد عبد القادر‪ :‬اللون وأبعاده في الشعر الجاھلي‪ ،‬ش عراء المعلق ات نموذج اً‪،‬‬
‫رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة النجاح الوطنية‪2003 ،‬م‪.‬‬

‫القرع ان‪ ،‬ف ايز ع ارف س ليمان‪ :‬الوش م والوش ي ف ي الش عر الج اھلي‪ ،‬رس الة ماجس تير‪ ،‬جامع ة‬
‫اليرموك‪1984 ،‬م‬

‫قلعي ة‪ ،‬م ي غالي ة‪ :‬أس طورة التك وين البابلي ة دراس ة مقارن ة عل ى ض وء اللغ ات الس امية‪ ،‬رس الة‬
‫ماجستير غير منشورة‪ ،‬جامعة حلب‪ ،‬كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‪.2003 ،‬‬

‫النوتي‪ ،‬أحمد موس ى‪ :‬التش اؤم ومظ اھره ف ي الش عر الج اھلي‪ ،‬رس الة دكت وراه‪ ،‬جامع ة اليرم وك‪،‬‬
‫‪1991‬م‪.‬‬

‫‪311‬‬
An-Najah National University
Faculty of Graduate Studies

THE JINN IN THE IGNORANTPOETRY

Prepared by
Haleemah Khaled Rasheed Saleh

Supervised by
Dr. Ihsan Al-Deek

Submitted in Partial Fulfillment of the Requirements for the Degree of


Master of Arts in Arabic Language, Faculty of Graduate Studies, at
An-Najah National University, Nablus, Palestine
2005

a
THE JINN IN THE IGNORANTPOETRY
Prepared by
Haleemah Khaled Rasheed Saleh
Supervised by
Dr. Ihsan Al-Deek

Abstract
THIS research talks about the Jinn in the ignorant poetry. The
significance of studying this research is clear in reveling some sides from
the thought of the ignorant human who is considered a part from the
thought of the old and modern Arabic human and about the similarity of
basic legends for the people of the old world and its overlap in literature.
In addition, it clarifies and illustrates the origin of these legends and
fables and the ability of the ignorant poet in employing his imaginations
and obsessions in his poetry. The nature of the research necessitated to
divide it into introduction, six chapters and a conclusion.

In the FIRST CHAPTER, I talked about the Jinn in the old human and
Arabic tradition. I reached that the Jinn has a high position and
importance for these nations because they looked to it a look full with
holiness, fear and desire, they attributed to it all things they noticed from
natural phenomena, and what follow them from illness and other things in
the absence of the divine and scientific law. The Jinn occupied a vital
position on the levels of the Christian and Jewish religions; they
attributed to it the fall affair and the results resulted from it as evils and
discomforts.

In the second theme, I presented the ignorant Arabs' look for the
Jinn and the things which they were practicing as slogans and rituals to
get its consent and acceptance to be near to it and prevent its hurt. I

b
proved through it the link of intellectual, cultural and human
communication among the different nations.

As regards to the SECOND CHAPTER, I specialized it to talk about


the linguistic and conventional concept. On the other hand, I illustrated
what they carry from the meanings of hiding which are supported with
the opinions of many historians. Then I talked about the types of the Jinn
and its levels. I noticed that its world is similar to the world of the human
from its class and varied construction, and I talked about its forms and
shapes which reflected that primitive naive mentality which made these
illusions and claims.

As regards to CHAPTER THREE, I began it by talking about the


relation of the Jinn with the human through what has mentioned in the
ignorant poetry beginning with the conflict of the Jinn with the human
and passing with utilizing the Jinn for the benefit of the human and the
attempt of the ignorant human to be near from it by all means. Then I
displayed the possibility of coupling between the Jinn and the human and
the things which resulted from these relations from compound product.
Then I moved to the role of the evils in the process of poetic innovation,
in the magic and clergy.

In the FOURTH CHAPTER, I talked about the relation of the Jinn


with the animal, and its taking for some animals as means to ride on
them, then the possibility of forming the Jinn and its reincamation to the
forms of some animals and what follow that from slogans and rituals such
as startling and hanging the heel of the rabbit…etc.

c
Then I moved to talk in the FIFTH CHAPTER about the places in
which the Jinn and ghouls are found, then I presented the desert effect in
the self of the ignorant human and his mentality and the extent of
reflecting this effect on his imaginations and obsessions which
encouraged him to create these illusions and imagination these creatures.

I stood with its relation with dams, mountains and valleys, and the
look of the Arabs for these places and what followed that from its
holiness and fear from its penetrating, besides I illustrated the effect of
the fables, legends, beliefs and the old religions in them.

With regards to CHAPTER SIX, I stood with the poetic image


concept, then I moved to talk about the significance of the Jinn image in
the ignorant poetry beginning with the mythology side and what follows
it from religious affairs and proved the ability of the ignorant poet to get
his subject from mythological, historian and religious origins. Then the
social side through which I reached to the attempt of the ignorant poet to
make varied and social relations with these creatures. Besides, I talked in
the psychological side about the effect which the Jinn excited in the
selves of the ignorant persons as fear, holiness and admiration. Then I
presented in the conclusion the most important results to which the
research reached.

You might also like