Professional Documents
Culture Documents
سادسا كتاب الجهاد
سادسا كتاب الجهاد
Shamela.org ١٤٢
سادسا :كتاب الجهاد ٨
الحالة الأولى :إذا هاجم الأعداء بلاد المسلمين ،ونزلوا بها ،أو حصروها ،تعين قتالهم ،ودفع ضررهم ،على جميع أفراد المسلمين.
الحالة الثانية :إذا حضر القتال ،وذلك إذا التقى الزحفان ،وتقابل الص َ ّفان ،تعين الجهاد ،وحرم على من حضر القتال الانصراف،
كف َر ُوا ز َحْ ف ًا فَلَا تُو َُل ّوهُم ُ الْأَ دْب َار َ( والتولي من أمام العدو؛ لقوله تعالى) :ي َا أَ ُ ّيهَا ال َ ّذ ِي َ
ن آم َن ُوا ِإذ َا لَق ِيتُم ُ ال َ ّذ ِي َ
ن َ
س َل ّم َ -التولي يوم الزحف من الكبائر الموبقات ) .(١ولـكن يستثنى من التولي المتوعد عليه ]الأنفال ،[١٥ :ولع ّدِه -صَلَ ّى َ
الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ
حالتان :الأولى :إذا كان المتولي متحرفا ًلقتال ،أي :يذهب لـكي يأتي بقوة أكثر .والثانية :أن يكون متحيزا ً إلى فئة من المسلمين تقو ية
ونصرة لها.
الل ّه ِ ا َث ّاقَل ْتُم ْ ِإلَى
ل َ ل لـَكُم ُ انْف ِر ُوا فِي سَب ِي ِ الحالة الثالثة :إذا عينهم الإمام واستنفرهم للجهاد؛ لقوله تعالى) :ي َا أَ ُ ّيهَا ال َ ّذ ِي َ
ن آم َن ُوا م َا لـَك ُ ْم ِإذ َا ق ِي َ
ل )ِ (٣٨إ َلّا تَنْف ِر ُوا يُع َ ّذِبْك ُ ْم عَذ َاب ًا أَ لِيمًا( ]التوبة٣٨ : خرَة ِ فَمَا م َتَاع ُ الْحيََاة ِ ال ُد ّن ْيَا فِي الْآ ِ
خرَة ِ ِإ َلّا قَلِي ٌ ض أَ رَضِيتُم ْ ب ِالْحيََاة ِ ال ُد ّن ْيَا م ِ َ
ن الْآ ِ الْأَ ْر ِ
س َل ّم َ ) :-وإذا استنفرتم فانفروا( ).(٢ ،[٣٩ -وقوله -صَلَ ّى َ
الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ
الحالة الرابعة :إذا احتيج إليه ،فإنه يتعيَ ّن عليه الجهاد.
المسألة الثانية :شروط الجهاد:
يشترط لوجوب الجهاد سبعة شروط ،وهي :الإسلام ،والبلوغ ،والعقل ،والذكور ية ،والحر ية ،والاستطاعة المالية والبدنية ،والسلامة
من الأمراض والأضرار.
-فلا يجب الجهاد على الكافر؛ لأنه عبادة والعبادة لا تجب عليه ،ولا تصح منه ،ولأنه لا يتوافر فيه الإخلاص والأمانة والطاعة ،فلا
س َل ّم َ -للرجل المشرك الذي تبعه في بدر) :تؤمن بالل ّٰه ورسوله؟( قال :لا، يؤذن له بالخروج مع جيش المسلمين؛ لقوله -صَلَ ّى َ
الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ
قال) :فارجع فلن أستعين بمشرك( ).(٣
-وكذلك لا يجب على الصبي غير البالغ؛ لأنه غير مكلف ،ولحديث ابن عمر رضي الل ّٰه عنهما :أنه عرض نفسه على رسول الل ّٰه -صَلَ ّى
س َل ّم َ -يوم أحد ،وهو ابن أربع عشرة سنة ،فلم يجزه في المقاتلة ).(٤
الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ
َ
__________
) (١أخرجه البخاري برقم ) ،(٢٧٦٦ومسلم برقم ).(١٤٥
) (٢متفق عليه :رواه البخاري برقم ) ،(١٨٣٤ومسلم برقم ) (١٣٥٣من حديث ابن عباس رضي الل ّٰه عنهما.
) (٣رواه مسلم برقم ) (١٨١٧من حديث عائشة رضي الل ّٰه عنها.
) (٤متفق عليه :رواه البخاري برقم ) ،(٢٦٦٤ومسلم برقم ).(١٨٦٨
Shamela.org ١٤٣
سادسا :كتاب الجهاد ٨
ْس عَلَى
وكذلك من به ضرر أو مرض أو غير ذلك من الأعذار لا يجب عليه الجهاد؛ لأن العجز ينفي الوجوب ،ولقوله تعالى) :لَي َ
الضّ عَف َاء ِ وَل َا عَلَى ال ْمَر ْض َى وَل َا
ْس عَلَى ُ
ض حَرَجٌ( ]الفتح .[١٧ :وقؤله تعالى) :لَي َ ج وَل َا عَلَى ال ْمَرِ ي ِ ج حَر َ ٌ ج وَل َا عَلَى الْأَ عْرَ ِالْأَ عْم َى حَر َ ٌ
Shamela.org ١٤٤
سادسا :كتاب الجهاد ٨
س َل ّم َ -عن ذلك. و يصيرون كجملة المال يضمون إلى الغنيمة ،ولا يخـير فيهم الإمام ،ولا يجوز قتلهم ،لنهيه -صَلَ ّى َ
الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ
حي ْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ( ]التوبة .[٥ :وقوله تعالى) :م َا ك َانَ لِنَب ِ ٍيّ أَ ْن يَكُونَ لَه ُ أَ سْر َى
-والدليل على القتل :قوله تعالى) :فَاق ْتُلُوا ال ْمُشْرِكِينَ َ
ح ََت ّى ي ُ ْثخ ِ َ
ن فِي الْأَ ْرضِ( ]الأنفال .[٦٧ :فأخبر الل ّٰه سبحانه أن قتل المشركين يوم بدر كان أولى من أسرهم وفدائهم.
س َل ّم َ -دخل عام الفتح وعلى رأسه المغفر ،فلما نزعه جاء ولحديث أنس بن مالك -رضي الل ّٰه عنه -أن رسول الل ّٰه -صَلَ ّى َ
الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ
س َل ّم َ -رجال بني قر يظة. رجل فقال :إن ابن خطل متعلق بأستار الـكعبة فقال) :اقتلوه( ) ،(١وقتل -صَلَ ّى َ
الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ
-والدليل على الاسترقاق :حديث أبي سعيد الخدري -رضي الل ّٰه عنه -في قصة بني قر يظة لما نزلوا على حكم سعد بن معاذ -رضي
الل ّٰه عنه ،-فحـكم أن تقتل المقاتلة ،وتسبى الذر ية ).(٢
اب ح ََت ّى ِإذ َا أَ ْثخَن ْتُم ُوه ُ ْم فَش ُ ُ ّدوا ال ْو َث َاقَ ف َِإ َمّا م ًَن ّا بَعْد ُ و َِإ َمّا
كف َر ُوا ف َضَرْبَ الر ِّق َ ِ -والدليل على المنّ والفداء قوله تعالى) :ف َِإذ َا لَق ِيتُم ُ ال َ ّذ ِي َ
ن َ
فِد َاء ً ح ََت ّى ت َ َ
ض َع الْحَر ْبُ أَ ْوز َار َه َا( ]محمد .[٤ :وينبغي للإمام أن يفعل الأصلح للمسلمين من هذه الخصال؛ لأن تصرفه لغيره ،فلزم أن
يكون تخييره للمصلحة.
__________
) (١رواه البخاري برقم ) ،(١٨٤٦ومسلم برقم ).(١٣٥٧
) (٢رواه البخاري برقم ).(٣٠٤٣
Shamela.org ١٤٥
سادسا :كتاب الجهاد ٨
وأما باقي السهام الأربعة -أربعة أخماس -فتكون لكل من شهد الوقعة :من الرجال البالغين ،الأحرار ،العقلاء ،ممن استعد للقتال سواء
باشر القتال أو لم يباشر ،قو يا ًكان أو ضعيفاً ،لقول عمر -رضي الل ّٰه عنه ) :-الغنيمة لمن شهد الوقعة( ).(١
وكيفية التقسيم :أن يعطى الراجل -الذي يقاتل على رجله -سهما ً واحداً ،و يعطى الفارس -الذي يقاتل على فرسه -ثلاثة أسهم ،سهم
س َل ّم َ -قسم في النفل :للفرس سهمين ،وللراجل له وسهمان لفرسه؛ لحديث ابن عمر رضي الل ّٰه عنهما :أن رسول الل ّٰه -صَلَ ّى َ
الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ
س َل ّم َ -فعل ذلك في خيبر )جعل للراجل سهما ًواحداً ،وللفارس ثلاثة أسهم( )(٣؛ وذلك سهما ً) ،(٢ولأن النبي -صَلَ ّى َ
الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ
لأن غناء الفارس ونفعه أكثر من غناء الراجل.
وأما النساء والعبيد والصبيان إذا حضروا الوقعة ،فالصحيح أنه يُرْضَ خ ) (٤لهم ولا يقسم لهم؛ لقول ابن عباس رضي الل ّٰه عنهما لمن
يحْذ َيا ).(٥
سأله :إنك كتبت تسألني عن المرأة والعبد يحضران المغنم ،هل يقسم لهما شيء؟ وإنه ليس لهما شيء إلا أن ُ
وفي لفظ :وأما المملوك فكان يُحذى ).(٦
وإذا كانت الغنيمة أرضا ً خُي ِّر الإمام بين قسمتها بين الغانمين ،ووقفها لمصالح المسلمين و يضرب عليها خراجا ًمستمرا ً يؤخذ ممن هي بيده،
سواء أكان مسلما ًأم ذمي ّاً ،فيؤخذ منه ذلك كل عام ،وهذا التخيير يكون تخيير مصلحة.
__________
) (١رواه البيهقي بإسناد صحيح ) (٥٠ /٩كتاب الجهاد باب الغنيمة ،وعبد الرزاق في مصنفه ).(٣٠٢ /٥
) (٢رواه البخاري برقم ) ،(٤٢٢٨ومسلم برقم ).(١٧٦٢
) (٣أخرجه البخاري برقم ).(٢٨٧٣
ضخ :إعطاء الشيء ليس بالـكثير. )َ (٤
الر ّ ْ
) (٥رواه مسلم برقم ) .(١٨١٢و يُحذيا :يعني يُعطيا.
) (٦رواه أبو داود برقم ).(٢٧٢٧
Shamela.org ١٤٦
سادسا :كتاب الجهاد ٨
ن ُأوتُوا الْكِتَابَ ح ََت ّى يُعْط ُوا الْجِز ْيَة َ ع َنْ يَدٍ و َه ُ ْم صَاغِرُونَ( ]التوبة [٢٩ :وقوله -صَلَ ّى َ
الل ّه ُ عَلَيْه ِ ن ال َ ّذ ِي َ
ن الْحَقّ ِ م ِ َ
وَرَسُولُه ُ وَل َا يَدِين ُونَ دِي َ
س َل ّم َ -في حديث بريدة) :ثم ادعهم إلى الإسلام ،فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ...فإن هم أبوا فسلهم الجز ية( ).(١ وَ َ
- ٣من تؤخذ منه الجز ية؟ تؤخذ الجز ية من الرجال ،المكلفين ،الأحرار ،الأغنياء القادرين على الأداء ،فلا تؤخذ من العبد؛ لأنه لا
يملك فكان بمنزلة الفقير ،ولا تؤخذ من المرأة والصبي والمجنون؛ لأنهم ليسوا من أهل القتال ،ولا تؤخذ من المر يض المزمن ،والشيخ
الـكبير؛ لأن دماءهم محقونة ،فأشبهوا النساء.
Shamela.org ١٤٧