Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 6

‫سادسا‪ :‬كتاب الجهاد‬ ‫‪٨‬‬

‫سادسا‪ :‬كتاب الجهاد‬ ‫‪٨‬‬


‫الباب الأول‪ :‬تعر يف الجهاد وفضله وحكمه وشروطه ومسقطاته‪ ،‬وفيه مسائل‬ ‫‪٨.١‬‬
‫‪ ٨.١.١‬المسألة الأولى‪ :‬تعر يفه‪ ،‬وفضله‪ ،‬والحكمة منه‪ ،‬وحكمه‪ ،‬ومتى يتعين؟‬

‫سادساً‪ :‬كتاب الجهاد‬


‫ويشتمل على ثلاثة أبواب‪:‬‬
‫الباب الأول‪ :‬تعر يف الجهاد وفضله وحكمه وشروطه ومسقطاته‪ ،‬وفيه مسائل‪:‬‬
‫المسألة الأولى‪ :‬تعر يفه‪ ،‬وفضله‪ ،‬والحكمة منه‪ ،‬وحكمه‪ ،‬ومتى يتعين؟‬
‫أ‪ -‬تعر يفه‪:‬‬
‫الجهاد لغة‪ :‬بذل الجهد والطاقة والوسع‪.‬‬
‫وفي الاصطلاح‪ :‬بذل الجهد والوسع في قتال الأعداء من الـكفار ومدافعتهم‪.‬‬
‫ب‪ -‬فضله والحكمة منه‪:‬‬
‫س َل ّم َ ‪ ،(١) -‬أي‪ :‬أعلاه‪ ،‬وسمي بذلك؛ لأنه يعلو به الإسلام ويرتفع و يظهر‪،‬‬ ‫الجهاد ذروة سنام الإسلام‪ ،‬كما سماه النبي ‪ -‬صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫وقد فضّ ل الل ّٰه المجاهدين في سبيله بأموالهم وأنفسهم‪ ،‬ووعدهم الجنة‪ ،‬كما سيأتي في آية سورة النساء بعد قليل‪ ،‬والآيات والأحاديث في‬
‫فضل الجهاد والمجاهدين كثيرة‪.‬‬
‫أما الحكمة من مشروعية الجهاد‪ :‬فقد شرعه الل ّٰه سبحانه لأهداف سامية وغايات نبيلة‪ ،‬من ذلك‪:‬‬
‫‪ - ١‬شرع الجهاد لتخليص الناس من عبادة الأوثان والطواغيت وإخراجهم إلى عبادة الل ّٰه وحده لا شر يك له‪ ،‬قال تعالى‪) :‬و َقَاتِلُوه ُ ْم‬
‫ن ك ُل ّه ُ ل َِل ّهِ( ]الأنفال‪.[٣٩ :‬‬
‫ح ََت ّى ل َا تَكُونَ فِت ْن َة ٌ و َيَكُونَ الد ِّي ُ‬
‫الل ّه َ عَلَى نَصْرِه ِ ْم لَقَدِير ٌ( ]الحج‪:‬‬
‫ن َ‬ ‫‪ - ٢‬كما شرع لإزالة الظلم وإعادة الحقوق إلى أهلها‪ ،‬قال تعالى‪ُ ) :‬أذِنَ ل َِل ّذ ِي َ‬
‫ن يُق َاتَلُونَ ب ِأَ َ ّنه ُ ْم ظُل ِم ُوا و َِإ َ ّ‬
‫‪.[٣٩‬‬
‫__________‬
‫)‪ (١‬أخرجه الترمذي برقم )‪ ،(٢٦١٦‬وقال‪ :‬حسن صحيح‪ .‬وأحمد في مسنده )‪ ،(٢٣١ /٥‬وصححه الألباني )صحيح سنن الترمذي‬
‫رقم ‪ (٢١١٠‬وهو جزء من حديث طو يل‪.‬‬
‫يخْزِه ِ ْم و َيَن ْصُرْك ُ ْم‬
‫الل ّه ُ ب ِأَ يْدِيك ُ ْم و َ ُ‬
‫‪ - ٣‬كما شرع الجهاد؛ لإذلال الـكفار‪ ،‬وإرغام أنوفهم‪ ،‬والانتقام منهم‪ ،‬قال سبحانه‪) :‬قَاتِلُوه ُ ْم يُع َ ّذِبْهُم ُ َ‬
‫صد ُور َ قَو ْ ٍم مُؤْم ِنِينَ( ]التوبة‪.[١٤ :‬‬
‫ْف ُ‬
‫عَلَيْه ِ ْم و َيَش ِ‬
‫ج‪ -‬حكمه ودليل ذلك‪:‬‬
‫الجهاد بمعناه الخاص ‪-‬وهو جهاد الـكفار فرض كفاية‪ ،‬إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين وصار في حقهم سنة؛ لقوله تعالى‪:‬‬

‫ن ب ِأَ مْوَالِه ِ ْم و َأَ نْفُسِه ِ ْم‬


‫الل ّه ُ ال ْم ُج َاهِدِي َ‬
‫ل َ‬ ‫الل ّه ِ ب ِأَ مْوَالِه ِ ْم و َأَ نْفُسِه ِ ْم ف ََضّ َ‬
‫ل َ‬ ‫ن ال ْمُؤْم ِنِينَ غَي ْر ُ ُأول ِي ال َض ّرَرِ و َال ْم ُج َاهِد ُونَ فِي سَب ِي ِ‬
‫)ل َا يَسْتَوِي الْق َاعِد ُونَ م ِ َ‬
‫جر ًا عَظ ِيم ًا( ]النساء‪ .[٩٥ :‬فقد دلت هذه الآية على‬
‫ن أَ ْ‬
‫ن عَلَى الْق َاعِدِي َ‬
‫الل ّه ُ ال ْم ُج َاهِدِي َ‬
‫ل َ‬ ‫الل ّه ُ الْحُسْن َى و َف ََضّ َ‬
‫ن دَرَج َة ً وَك ُلً ّا و َعَد َ َ‬
‫عَلَى الْق َاعِدِي َ‬
‫أن الجهاد فرض كفاية‪ ،‬لا فرض عين؛ لأن الل ّٰه فاضل بين المجاهدين والقاعدين عن الجهاد بدون عذر‪ ،‬وكلا ًوعد الحسنى وهي الجنة‪.‬‬
‫ولو كان الجهاد فرض عين لاستحق القاعدون الوعيد لا الوعد‪.‬‬
‫ل فِر ْقَة ٍ مِنْه ُ ْم طَائِف َة ٌ لِيَتَف َ َ ّقه ُوا فِي الد ِّينِ( ]التوبة‪ .[١٢٢ :‬وهذا مشروط‬
‫ولقوله تعالى‪) :‬وَم َا ك َانَ ال ْمُؤْم ِن ُونَ لِيَنْف ِر ُوا ك ََاف ّة ً فَلَوْل َا نَف َر َ م ِنْ ك ُ ّ ِ‬
‫بما إذا كان للمسلمين قوة وقدرة على قتال أعدائهم‪ ،‬فإن لم يكن لديهم قوة ولا قدرة سقط عنهم كسائر الواجبات‪ ،‬وأصبح قتالهم‬
‫لعدوهم ‪-‬والحالة هذه‪ -‬إلقاء ً بأنفسهم إلى التهلـكة‪.‬‬
‫د‪ -‬متى يتعين؟‬
‫لـكن هناك حالات يتعين فيها الجهاد فيصير فرض عين على المسلم وهي‪:‬‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٤٢‬‬
‫سادسا‪ :‬كتاب الجهاد‬ ‫‪٨‬‬

‫الحالة الأولى‪ :‬إذا هاجم الأعداء بلاد المسلمين‪ ،‬ونزلوا بها‪ ،‬أو حصروها‪ ،‬تعين قتالهم‪ ،‬ودفع ضررهم‪ ،‬على جميع أفراد المسلمين‪.‬‬
‫الحالة الثانية‪ :‬إذا حضر القتال‪ ،‬وذلك إذا التقى الزحفان‪ ،‬وتقابل الص َ ّفان‪ ،‬تعين الجهاد‪ ،‬وحرم على من حضر القتال الانصراف‪،‬‬
‫كف َر ُوا ز َحْ ف ًا فَلَا تُو َُل ّوهُم ُ الْأَ دْب َار َ(‬ ‫والتولي من أمام العدو؛ لقوله تعالى‪) :‬ي َا أَ ُ ّيهَا ال َ ّذ ِي َ‬
‫ن آم َن ُوا ِإذ َا لَق ِيتُم ُ ال َ ّذ ِي َ‬
‫ن َ‬

‫المسألة الثانية‪ :‬شروط الجهاد‬ ‫‪٨.١.٢‬‬

‫س َل ّم َ ‪ -‬التولي يوم الزحف من الكبائر الموبقات )‪ .(١‬ولـكن يستثنى من التولي المتوعد عليه‬ ‫]الأنفال‪ ،[١٥ :‬ولع ّدِه ‪ -‬صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫حالتان‪ :‬الأولى‪ :‬إذا كان المتولي متحرفا ًلقتال‪ ،‬أي‪ :‬يذهب لـكي يأتي بقوة أكثر‪ .‬والثانية‪ :‬أن يكون متحيزا ً إلى فئة من المسلمين تقو ية‬
‫ونصرة لها‪.‬‬
‫الل ّه ِ ا َث ّاقَل ْتُم ْ ِإلَى‬
‫ل َ‬ ‫ل لـَكُم ُ انْف ِر ُوا فِي سَب ِي ِ‬ ‫الحالة الثالثة‪ :‬إذا عينهم الإمام واستنفرهم للجهاد؛ لقوله تعالى‪) :‬ي َا أَ ُ ّيهَا ال َ ّذ ِي َ‬
‫ن آم َن ُوا م َا لـَك ُ ْم ِإذ َا ق ِي َ‬
‫ل )‪ِ (٣٨‬إ َلّا تَنْف ِر ُوا يُع َ ّذِبْك ُ ْم عَذ َاب ًا أَ لِيمًا( ]التوبة‪٣٨ :‬‬ ‫خرَة ِ فَمَا م َتَاع ُ الْحيََاة ِ ال ُد ّن ْيَا فِي الْآ ِ‬
‫خرَة ِ ِإ َلّا قَلِي ٌ‬ ‫ض أَ رَضِيتُم ْ ب ِالْحيََاة ِ ال ُد ّن ْيَا م ِ َ‬
‫ن الْآ ِ‬ ‫الْأَ ْر ِ‬
‫س َل ّم َ ‪) :-‬وإذا استنفرتم فانفروا( )‪.(٢‬‬ ‫‪ ،[٣٩ -‬وقوله ‪ -‬صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫الحالة الرابعة‪ :‬إذا احتيج إليه‪ ،‬فإنه يتعيَ ّن عليه الجهاد‪.‬‬
‫المسألة الثانية‪ :‬شروط الجهاد‪:‬‬
‫يشترط لوجوب الجهاد سبعة شروط‪ ،‬وهي‪ :‬الإسلام‪ ،‬والبلوغ‪ ،‬والعقل‪ ،‬والذكور ية‪ ،‬والحر ية‪ ،‬والاستطاعة المالية والبدنية‪ ،‬والسلامة‬
‫من الأمراض والأضرار‪.‬‬
‫‪ -‬فلا يجب الجهاد على الكافر؛ لأنه عبادة والعبادة لا تجب عليه‪ ،‬ولا تصح منه‪ ،‬ولأنه لا يتوافر فيه الإخلاص والأمانة والطاعة‪ ،‬فلا‬
‫س َل ّم َ ‪ -‬للرجل المشرك الذي تبعه في بدر‪) :‬تؤمن بالل ّٰه ورسوله؟( قال‪ :‬لا‪،‬‬ ‫يؤذن له بالخروج مع جيش المسلمين؛ لقوله ‪ -‬صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫قال‪) :‬فارجع فلن أستعين بمشرك( )‪.(٣‬‬
‫‪ -‬وكذلك لا يجب على الصبي غير البالغ؛ لأنه غير مكلف‪ ،‬ولحديث ابن عمر رضي الل ّٰه عنهما‪ :‬أنه عرض نفسه على رسول الل ّٰه ‪ -‬صَلَ ّى‬
‫س َل ّم َ ‪ -‬يوم أحد‪ ،‬وهو ابن أربع عشرة سنة‪ ،‬فلم يجزه في المقاتلة )‪.(٤‬‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫َ‬
‫__________‬
‫)‪ (١‬أخرجه البخاري برقم )‪ ،(٢٧٦٦‬ومسلم برقم )‪.(١٤٥‬‬
‫)‪ (٢‬متفق عليه‪ :‬رواه البخاري برقم )‪ ،(١٨٣٤‬ومسلم برقم )‪ (١٣٥٣‬من حديث ابن عباس رضي الل ّٰه عنهما‪.‬‬
‫)‪ (٣‬رواه مسلم برقم )‪ (١٨١٧‬من حديث عائشة رضي الل ّٰه عنها‪.‬‬
‫)‪ (٤‬متفق عليه‪ :‬رواه البخاري برقم )‪ ،(٢٦٦٤‬ومسلم برقم )‪.(١٨٦٨‬‬

‫‪ ٨.١.٣‬المسألة الثالثة‪ :‬مسقطات الجهاد‬


‫‪ -‬وكذلك المجنون لا يجب عليه الجهاد؛ لأنه مرفوع عنه القلم‪ ،‬وليس من أهل التكليف‪.‬‬
‫‪ -‬ولا يجب على العبد؛ لأنه مملوك لسيده‪ ،‬ولا المرأة لحديث عائشة رضي الل ّٰه عنها قالت‪ :‬يا رسول الل ّٰه هل على النساء جهاد؟ فقال‪:‬‬
‫)جهاد لا قتال فيه‪ :‬الحج والعمرة( )‪ .(١‬وفي لفظ‪ :‬نرى الجهاد أفضل العمل‪ ،‬أفلا نجاهد؟ فقال‪) :‬لـكن أفضل الجهاد حج مبرور(‬
‫)‪.(٢‬‬
‫‪ -‬وغير المستطيع‪ ،‬وهو الذي لا يستطيع حمل السلاح لضعف أو كبر‪ ،‬وكذلك الفقير الذي لا يجد ما ينفق في طر يقه فاضلا ًعن نفقة‬
‫يجِد ُونَ م َا يُنْفِق ُونَ حَرَجٌ( ]التوبة‪.[٩١ :‬‬ ‫عياله لا يجب عليهم الجهاد؛ لقوله تعالى‪) :‬وَل َا عَلَى ال َ ّذ ِي َ‬
‫ن ل َا َ‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٤٣‬‬
‫سادسا‪ :‬كتاب الجهاد‬ ‫‪٨‬‬

‫ْس عَلَى‬
‫وكذلك من به ضرر أو مرض أو غير ذلك من الأعذار لا يجب عليه الجهاد؛ لأن العجز ينفي الوجوب‪ ،‬ولقوله تعالى‪) :‬لَي َ‬
‫الضّ عَف َاء ِ وَل َا عَلَى ال ْمَر ْض َى وَل َا‬
‫ْس عَلَى ُ‬
‫ض حَرَجٌ( ]الفتح‪ .[١٧ :‬وقؤله تعالى‪) :‬لَي َ‬ ‫ج وَل َا عَلَى ال ْمَرِ ي ِ‬ ‫ج حَر َ ٌ‬ ‫ج وَل َا عَلَى الْأَ عْرَ ِ‬‫الْأَ عْم َى حَر َ ٌ‬

‫صحُوا ل َِل ّه ِ وَرَسُولِه ِ( ]التوبة‪.[٩١ :‬‬


‫ج ِإذ َا ن َ َ‬‫يجِد ُونَ م َا يُنْفِق ُونَ حَر َ ٌ‬
‫ن ل َا َ‬‫عَلَى ال َ ّذ ِي َ‬
‫المسألة الثالثة‪ :‬مسقطات الجهاد‪:‬‬
‫هناك أعذار تسقط عن صاحبها الجهاد إذا كان فرض عين أو فرض كفاية وهي‪:‬‬
‫س َل ّم َ ‪) :-‬رفع القلم عن ثلاثة‪ :‬عن المجنون حتى يفيق‪ ،‬وعن النائم حتى يستيقظ‪ ،‬وعن‬ ‫والصبا‪ :‬لقوله ‪ -‬صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫ِّ‬ ‫‪ - ٢ - ١‬الجنون‬
‫الصبي حتى يحتلم( )‪.(٣‬‬
‫‪ - ٣‬الأنوثة‪ :‬فلا يجب الجهاد على الأنثى‪ .‬وقد سبق ذكره‪.‬‬
‫س َل ّم َ ‪) :-‬للعبد المملوك الصالح أجران‪ .‬والذي نفسي بيده لولا‬ ‫‪ - ٤‬الرق‪ :‬لما روى أبو هريرة قال‪ :‬قال رسول الل ّٰه ‪ -‬صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫الجهاد في سبيل الل ّٰه والحج وبر ّ أمي‪،‬‬
‫__________‬
‫)‪ (١‬رواه ابن ماجه برقم )‪ ،(٢٩٠١‬والبيهقي )‪ (٣٥٠ /٤‬وغيرهما‪ ،‬وصححه الألباني )الإرواء برقم ‪.(١١٨٥‬‬
‫)‪ (٢‬رواه البخاري برقم )‪.(٢٧٩٤‬‬
‫)‪ (٣‬رواه أبو داود برقم )‪ ،(٤٤٠١‬والنسائي )‪ ،(١٥٦ /٦‬وصححه الألباني )الإرواء برقم ‪.(٢٩٧‬‬
‫لأحببت أن أموت وأنا مملوك( )‪.(١‬‬
‫‪ - ٦ - ٥‬الضعف البدني‪ ،‬والعجز المالي‪ ،‬والمرض‪ ،‬وعدم سلامة بعض الأعضاء كالعمى والعرج الشديد‪ ،‬وقد سبق ذكرها‪.‬‬
‫‪ - ٧‬عدم إذن الأبوين أو أحدهما‪ ،‬إذا كان الجهاد تطوعاً؛ لحديث ابن عمرو رضي الل ّٰه عنهما قال‪ :‬جاء رجل إلى النبي ‪ -‬صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ‬
‫س َل ّم َ ‪ -‬فاستأذنه في الجهاد‪ ،‬فقال‪) :‬أح ُيّ والداك؟( قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪) :‬ففيهما فجاهد( )‪ ،(٢‬فبر الوالدين فرض عين‪ ،‬والجهاد فرض‬
‫وَ َ‬
‫كفاية في هذه الحالة‪ ،‬فيق َ ّدم فرض العين‪ .‬فإذا تعيَ ّن الجهاد فليس لهما منعه‪ ،‬ولا إذن لهما‪.‬‬
‫س َل ّم َ ‪) :-‬القتل في سبيل الل ّٰه يكفر‬ ‫‪ - ٨‬ال َد ّي ْن الذي لا يجد له وفاء ً إذا لم يأذن صاحبه‪ ،‬وكان الجهاد تطوعاً‪ ،‬لقوله ‪ -‬صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫كل شيء إلا الدين( )‪ ،(٣‬فإذا تعيَ ّن الجهاد فلا إذن لغريمه‪.‬‬
‫‪ - ٩‬الع َالِم الذي لا يوجد غيره في البلد؛ لأنه لو قتل لافتقر الناس إليه؛ إذ لا يمكن لأحد أن يحل محله‪ ،‬فإذا كان لا يوجد من هو‬
‫أفقه منه يسقط عنه الخروج للجهاد نظرا ً لحاجة المسلمين له‪.‬‬
‫__________‬
‫)‪ (١‬رواه البخاري برقم )‪ ،(٢٥٤٨‬وقوله‪) :‬والذي نفسي بيده( الصحيح أنه مدرج من كلام أبي هريرة‪.‬‬
‫)‪ (٢‬رواه البخاري برقم )‪ ،(٣٠٠٤‬ومسلم برقم )‪.(٢٥٤٩‬‬
‫)‪ (٣‬رواه مسلم برقم )‪ (١٨٨٦‬من حديث عبد الل ّٰه بن عمرو بن العاص رضي الل ّٰه عنهما‪.‬‬

‫الباب الثاني‪ :‬في الأسرى والغنائم‪ ،‬وفيه مسائل‬ ‫‪٨.٢‬‬


‫‪ ٨.٢.١‬المسألة الأولى‪ :‬حكم أسرى الـكفار‬

‫الباب الثاني‪ :‬في الأسرى والغنائم‪ ،‬وفيه مسائل‪:‬‬


‫المسألة الأولى‪ :‬حكم أسرى الـكفار‪:‬‬
‫ذهب أكثر أهل العلم ‪-‬وهو الصحيح‪ :-‬أن أسرى الـكفار من الرجال أمرهم إلى الإمام‪ ،‬فَي ُخ َي ّر ُ فيهم بما فيه مصلحة الإسلام والمسلمين‬
‫بين‪ :‬القتل‪ ،‬والاسترقاق‪ ،‬والمنّ بغير عوض‪ ،‬والفداء إما بمال أو منفعة أو أسير مسلم‪ ،‬أما النساء والصبيان فإنهم يسترقون بمجرد السبي‪،‬‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٤٤‬‬
‫سادسا‪ :‬كتاب الجهاد‬ ‫‪٨‬‬

‫س َل ّم َ ‪ -‬عن ذلك‪.‬‬ ‫و يصيرون كجملة المال يضمون إلى الغنيمة‪ ،‬ولا يخـير فيهم الإمام‪ ،‬ولا يجوز قتلهم‪ ،‬لنهيه ‪ -‬صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫حي ْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ( ]التوبة‪ .[٥ :‬وقوله تعالى‪) :‬م َا ك َانَ لِنَب ِ ٍيّ أَ ْن يَكُونَ لَه ُ أَ سْر َى‬
‫‪ -‬والدليل على القتل‪ :‬قوله تعالى‪) :‬فَاق ْتُلُوا ال ْمُشْرِكِينَ َ‬

‫ح ََت ّى ي ُ ْثخ ِ َ‬
‫ن فِي الْأَ ْرضِ( ]الأنفال‪ .[٦٧ :‬فأخبر الل ّٰه سبحانه أن قتل المشركين يوم بدر كان أولى من أسرهم وفدائهم‪.‬‬
‫س َل ّم َ ‪ -‬دخل عام الفتح وعلى رأسه المغفر‪ ،‬فلما نزعه جاء‬ ‫ولحديث أنس بن مالك ‪ -‬رضي الل ّٰه عنه ‪ -‬أن رسول الل ّٰه ‪ -‬صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫س َل ّم َ ‪ -‬رجال بني قر يظة‪.‬‬ ‫رجل فقال‪ :‬إن ابن خطل متعلق بأستار الـكعبة فقال‪) :‬اقتلوه( )‪ ،(١‬وقتل ‪ -‬صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫‪ -‬والدليل على الاسترقاق‪ :‬حديث أبي سعيد الخدري ‪ -‬رضي الل ّٰه عنه ‪ -‬في قصة بني قر يظة لما نزلوا على حكم سعد بن معاذ ‪ -‬رضي‬
‫الل ّٰه عنه ‪ ،-‬فحـكم أن تقتل المقاتلة‪ ،‬وتسبى الذر ية )‪.(٢‬‬
‫اب ح ََت ّى ِإذ َا أَ ْثخَن ْتُم ُوه ُ ْم فَش ُ ُ ّدوا ال ْو َث َاقَ ف َِإ َمّا م ًَن ّا بَعْد ُ و َِإ َمّا‬
‫كف َر ُوا ف َضَرْبَ الر ِّق َ ِ‬ ‫‪ -‬والدليل على المنّ والفداء قوله تعالى‪) :‬ف َِإذ َا لَق ِيتُم ُ ال َ ّذ ِي َ‬
‫ن َ‬
‫فِد َاء ً ح ََت ّى ت َ َ‬
‫ض َع الْحَر ْبُ أَ ْوز َار َه َا( ]محمد‪ .[٤ :‬وينبغي للإمام أن يفعل الأصلح للمسلمين من هذه الخصال؛ لأن تصرفه لغيره‪ ،‬فلزم أن‬
‫يكون تخييره للمصلحة‪.‬‬
‫__________‬
‫)‪ (١‬رواه البخاري برقم )‪ ،(١٨٤٦‬ومسلم برقم )‪.(١٣٥٧‬‬
‫)‪ (٢‬رواه البخاري برقم )‪.(٣٠٤٣‬‬

‫المسألة الثانية‪ :‬تقسيم الغنيمة بين الغانمين‬ ‫‪٨.٢.٢‬‬

‫المسألة الثانية‪ :‬تقسيم الغنيمة بين الغانمين‪:‬‬


‫الغنيمة‪ :‬اسم لما يؤخذ من أموال الـكفرة قهرا ً بقتال‪ ،‬على وجه يكون فيه إعلاء كلمة الل ّٰه تعالى‪ ،‬وتسمى أيضاً‪ :‬الأنفال ‪-‬جمع نفل‪ -‬لأنها‬
‫ز يادة في أموال المسلمين‪.‬‬
‫الل ّه َ غَف ُور ٌ رَحِيم ٌ( ]الأنفال‪ .[٦٩ :‬وقد أحل الل ّٰه الغنائم‬
‫ن َ‬ ‫الل ّه َ ِإ َ ّ‬
‫والأصل في مشروعيتها قوله تعالى‪) :‬فَك ُلُوا م َِم ّا غ َنِمْتُم ْ ح َلَال ًا طَي ِّبًا و ََات ّق ُوا َ‬
‫س َل ّم َ ‪) :-‬وأحلت لي الغنائم‪ ،‬ولم تح َ ّ‬
‫ل لأحد قبلي( )‪.(١‬‬ ‫س َل ّم َ ‪ -‬دون الأمم السابقة‪ ،‬قال ‪ -‬صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫لأمة محمد ‪ -‬صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫وتشمل الغنائم‪ :‬الأموال المنقولة‪ ،‬والأسرى‪ ،‬والأرض‪.‬‬
‫وذهب جمهور العلماء إلى أن الغنيمة تقسم على خمسة أسهم‪:‬‬
‫السهم الأول‪ :‬سهم الإمام‪ ،‬وهو خمس الغنيمة يخرجه الإمام أو نائبه‪.‬‬
‫و يقسم هذا الخمس على ما بيَ ّن الل ّٰه في قوله‪) :‬و َاع ْلَم ُوا أَ َن ّمَا غ َنِمْتُم ْ م ِنْ شَيْء ٍ ف َأَ َ ّ‬
‫ن ل َِل ّه ِ خُمُسَه ُ وَل ِ َلر ّسُو ِ‬
‫ل وَلِذ ِي الْقُر ْبَى و َال ْيَتَام َى و َال ْمَسَاكِينِ و َاب ْ ِن‬
‫ل( ]الأنفال‪ [٤١ :‬فيقسم هذا الخمس خمسة أقسام‪:‬‬ ‫ال َ ّ‬
‫سب ِي ِ‬
‫س َل ّم َ ‪) :-‬والذي نفسي‬ ‫‪ - ١‬الل ّٰه ورسوله‪ :‬و يكون هذا القسم فيئا ًيدخل في بيت المال وينفق في مصالح المسلمين‪ ،‬لقوله ‪ -‬صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫س َل ّم َ ‪ -‬لجميع المسلمين‪.‬‬ ‫بيده‪ ،‬مالي مما أفاء الل ّٰه إلا الخمس‪ ،‬والخمس مردود عليكم( )‪ .(٢‬فجعله ‪ -‬صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫س َل ّم َ ‪ ،-‬وهم‪ :‬بنو هاشم وبنو المطلب‪ ،‬و يقسم هذا الخمس بينهم حسب الحاجة‪.‬‬ ‫‪ - ٢‬ذوي القربى‪ :‬وهم قرابة الرسول ‪ -‬صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫‪ - ٣‬اليتامى‪ :‬وهو من مات أبوه قبل أن يبلغ‪ ،‬ذكرا ً كان أم أنثى‪ ،‬و يعم ذلك الغني منهم والفقير‪.‬‬
‫‪ - ٤‬المساكين‪ :‬ويدخل فيهم الفقراء هنا‪.‬‬
‫__________‬
‫)‪ (١‬أخرجه مسلم برقم )‪.(٥٢١‬‬
‫)‪ (٢‬أخرجه أبو داود برقم )‪ ،(٢٦٩٤‬والنسائي برقم )‪ (٤١٣٨‬في حديث طو يل‪ ،‬وصححه الألباني )إرواء الغليل برقم ‪.(١٢٤٠‬‬
‫‪ - ٥‬ابن السبيل‪ :‬وهو المسافر الذي انقطعت به السبيل‪ ،‬فيعطى ما يبلغه إلى مقصده‪.‬‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٤٥‬‬
‫سادسا‪ :‬كتاب الجهاد‬ ‫‪٨‬‬

‫وأما باقي السهام الأربعة ‪-‬أربعة أخماس‪ -‬فتكون لكل من شهد الوقعة‪ :‬من الرجال البالغين‪ ،‬الأحرار‪ ،‬العقلاء‪ ،‬ممن استعد للقتال سواء‬
‫باشر القتال أو لم يباشر‪ ،‬قو يا ًكان أو ضعيفاً‪ ،‬لقول عمر ‪ -‬رضي الل ّٰه عنه ‪) :-‬الغنيمة لمن شهد الوقعة( )‪.(١‬‬
‫وكيفية التقسيم‪ :‬أن يعطى الراجل ‪-‬الذي يقاتل على رجله‪ -‬سهما ً واحداً‪ ،‬و يعطى الفارس ‪-‬الذي يقاتل على فرسه‪ -‬ثلاثة أسهم‪ ،‬سهم‬
‫س َل ّم َ ‪ -‬قسم في النفل‪ :‬للفرس سهمين‪ ،‬وللراجل‬ ‫له وسهمان لفرسه؛ لحديث ابن عمر رضي الل ّٰه عنهما‪ :‬أن رسول الل ّٰه ‪ -‬صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫س َل ّم َ ‪ -‬فعل ذلك في خيبر )جعل للراجل سهما ًواحداً‪ ،‬وللفارس ثلاثة أسهم( )‪(٣‬؛ وذلك‬ ‫سهما ً)‪ ،(٢‬ولأن النبي ‪ -‬صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫لأن غناء الفارس ونفعه أكثر من غناء الراجل‪.‬‬
‫وأما النساء والعبيد والصبيان إذا حضروا الوقعة‪ ،‬فالصحيح أنه يُرْضَ خ )‪ (٤‬لهم ولا يقسم لهم؛ لقول ابن عباس رضي الل ّٰه عنهما لمن‬
‫يحْذ َيا )‪.(٥‬‬
‫سأله‪ :‬إنك كتبت تسألني عن المرأة والعبد يحضران المغنم‪ ،‬هل يقسم لهما شيء؟ وإنه ليس لهما شيء إلا أن ُ‬
‫وفي لفظ‪ :‬وأما المملوك فكان يُحذى )‪.(٦‬‬
‫وإذا كانت الغنيمة أرضا ً خُي ِّر الإمام بين قسمتها بين الغانمين‪ ،‬ووقفها لمصالح المسلمين و يضرب عليها خراجا ًمستمرا ً يؤخذ ممن هي بيده‪،‬‬
‫سواء أكان مسلما ًأم ذمي ّاً‪ ،‬فيؤخذ منه ذلك كل عام‪ ،‬وهذا التخيير يكون تخيير مصلحة‪.‬‬
‫__________‬
‫)‪ (١‬رواه البيهقي بإسناد صحيح )‪ (٥٠ /٩‬كتاب الجهاد باب الغنيمة‪ ،‬وعبد الرزاق في مصنفه )‪.(٣٠٢ /٥‬‬
‫)‪ (٢‬رواه البخاري برقم )‪ ،(٤٢٢٨‬ومسلم برقم )‪.(١٧٦٢‬‬
‫)‪ (٣‬أخرجه البخاري برقم )‪.(٢٨٧٣‬‬
‫ضخ‪ :‬إعطاء الشيء ليس بالـكثير‪.‬‬ ‫)‪َ (٤‬‬
‫الر ّ ْ‬
‫)‪ (٥‬رواه مسلم برقم )‪ .(١٨١٢‬و يُحذيا‪ :‬يعني يُعطيا‪.‬‬
‫)‪ (٦‬رواه أبو داود برقم )‪.(٢٧٢٧‬‬

‫المسألة الثالثة‪ :‬مصرف الفيء‬ ‫‪٨.٢.٣‬‬

‫المسألة الثالثة‪ :‬مصرف الفيء‪:‬‬


‫الفيء‪ :‬ما أخذ من أموال أهل الحرب بحق من غير قتال‪ ،‬كالأموال التي يهرب الـكفار و يتركونها فزعا ًعند علمهم بقدوم المسلمين‪.‬‬
‫أما مصرفه‪ :‬فهو في مصالح المسلمين بحسب ما يراه الإمام كرزق القضاة‪ ،‬والمؤذنين‪ ،‬والأئمة‪ ،‬والفقهاء‪ ،‬والمعلمين وغير ذلك من مصالح‬
‫س َل ّم َ ‪ -‬مما لم‬ ‫المسلمين؛ لما ثبت عن عمر ‪ -‬رضي الل ّٰه عنه ‪ -‬قال‪ :‬كانت أموال بني النضير مما أفاء الل ّٰه على رسول الل ّٰه ‪ -‬صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫س َل ّم َ ‪ -‬خاصة‪ ،‬وكان ينفق على أهله نفقة سنته‪ ،‬ثم‬ ‫يُوجِف )‪ (١‬المسلمون عليه بخيل ولا ركاب‪ ،‬فكانت لرسول الل ّٰه ‪ -‬صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬
‫يجعل ما بقي في الـك ُرَاع والسلاح عدة في سبيل الل ّٰه عز وجل‪(٢) .‬‬
‫ل الْق ُر َى‬
‫الل ّه ُ عَلَى رَسُولِه ِ م ِنْ أَ ه ْ ِ‬
‫ولهذا ذكر الل ّٰه تعالى كل فئات المسلمين في معرض بيان مصارف الفيء فقال سبحانه وتعالى‪) :‬م َا أَ فَاء َ َ‬
‫ل ك َ ْي ل َا يَكُونَ د ُولَة ً بَيْنَ الْأَ غْن ِيَاء ِ مِنْكُمْ( ]الحشر‪ ،[٧ :‬فيأخذ منه الإمام‬ ‫فَل َِل ّه ِ وَل ِ َلر ّسُو ِ‬
‫ل وَلِذ ِي الْقُر ْبَى و َال ْيَتَام َى و َال ْمَسَاكِينِ و َاب ْ ِن ال َ ّ‬
‫سب ِي ِ‬
‫من غير تقدير‪ ،‬و يعطي القرابة باجتهاد‪ ،‬و يصرف الباقي في مصالح المسلمين‪.‬‬
‫__________‬
‫)‪ (١‬الإ يجاف‪ :‬الإسراع‪ ،‬أي‪ :‬لم يعدوا في تحصيله خيلا ًولا إبلاً‪ ،‬وانما حصل بغير قتال‪.‬‬
‫)‪ (٢‬رواه البخاري برقم )‪ ،(٢٩٠٤‬ومسلم برقم )‪ .(١٧٥٧‬والـك ُرَاع‪ :‬الخيل‪.‬‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٤٦‬‬
‫سادسا‪ :‬كتاب الجهاد‬ ‫‪٨‬‬

‫الباب الثالث‪ :‬في الهدنة والذمة والأمان‪ ،‬وفيه مسائل‬ ‫‪٨.٣‬‬


‫‪ ٨.٣.١‬المسألة الأولى‪ :‬عقد الهدنة مع الـكفار‬

‫الباب الثالث‪ :‬في الهدنة والذمة والأمان‪ ،‬وفيه مسائل‪:‬‬


‫المسألة الأولى‪ :‬عقد الهدنة مع الـكفار‪:‬‬
‫‪ - ١‬تعر يفها‪ :‬الهدنة لغة‪ :‬السكون‪ .‬وشرعاً‪ :‬عقد الإمام أو نائبه لأهل الحرب على ترك القتال مدة معلومة بقدر الحاجة وإن طالت‪،‬‬
‫وتسمى‪ :‬مهادنة‪ ،‬وموادعة‪ ،‬ومعاهدة‪.‬‬
‫‪ - ٢‬مشروعيتها ودليل ذلك‪ :‬يجوز لإمام السلمين عقد الهدنة مع الـكفار على ترك القتال مدة معلومة بقدر الحاجة‪ ،‬إذا كان في عقدها‬
‫مصلحة للمسلمين‪ ،‬كضعفهم أو عدم استعدادهم‪ ،‬أو غير ذلك من المصالح‪ ،‬كطمع في إسلام الـكفار ونحوه‪ ،‬لقوله تعالى‪) :‬و َِإ ْن جَنَحُوا‬
‫س َل ّم َ ‪ -‬الهدنة مع الـكفار في صلح الحديبية عشر سنين‪ ،‬وصالح‬ ‫سلْم ِ فَاجْ ن َحْ لَهَا( ]الأنفال‪ .[٦١ :‬وقد عقد النبي ‪ -‬صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ و َ َ‬ ‫لِل َ ّ‬
‫اليهود في المدينة‪.‬‬
‫‪ - ٣‬لزوم الهدنة‪:‬‬
‫‪ -‬تكون الهدنة التي عقدها الإمام أو نائبه لازمة‪ ،‬لا يجوز نقضها ولا إبطالها‪ ،‬ما‬
‫استقاموا لنا‪ ،‬ولم يخونوا‪ ،‬ولم نخش منهم خيانة؛ لقوله تعالى‪) :‬فَمَا اسْ تَق َام ُوا لـَك ُ ْم فَاسْ تَق ِيم ُوا لَهُمْ( ]التوبة‪ [٧ :‬وقوله تعالى‪) :‬ي َا أَ ُ ّيهَا ال َ ّذ ِي َ‬
‫ن‬
‫آم َن ُوا أَ وْف ُوا ب ِال ْعُق ُودِ( ]المائدة‪.[١ :‬‬
‫‪ -‬فإن نقضوا العهد‪ :‬بقتال‪ ،‬أو مظاهرة عدونا علينا‪ ،‬أو قتل مسلم‪ ،‬أو أخذ مال‪ ،‬انتقض العهد الذي بيننا وبينهم وجاز قتالهم؛ لقوله‬
‫تعالى‪) :‬و َِإ ْن نَكَث ُوا أَ يْمَانَه ُ ْم م ِنْ بَعْدِ ع َ ْهدِه ِ ْم و َ َطع َن ُوا فِي دِينِك ُ ْم فَق َاتِلُوا أَ ئ َِم ّة َ ال ْـكُ ْفرِ ِإ َ ّنه ُ ْم ل َا أَ يْمَانَ لَه ُ ْم لَع َل ّه ُ ْم يَنْتَه ُونَ( ]التوبة‪.[١٢ :‬‬
‫‪ -‬وإن خيف منهم نقض العهد بأمارة تدل على ذلك‪ ،‬جاز أن ننبذ إليهم عهدهم ولا يلزم البقاء على عهدهم‪ ،‬قال تعالى‪) :‬و َِإ َمّا تَخَاف ََنّ‬
‫م ِنْ قَو ْ ٍم خِيَانَة ً فَان ْب ِ ْذ ِإلَيْه ِ ْم عَلَى سَوَاءٍ( ]الأنفال‪ .[٥٨ :‬أي‪ :‬أعلمهم بنقض عهدهم‪ ،‬حتى تكون أنت وهم سواء في العلم‪ ،‬ولا يجوز‬
‫قتالهم قبل إعلامهم بنقض العهد‪.‬‬

‫المسألة الثانية‪ :‬عقد الذمة‪ ،‬ودفع الجز ية‬ ‫‪٨.٣.٢‬‬

‫المسألة الثالثة‪ :‬عقد الأمان‬ ‫‪٨.٣.٣‬‬


‫المسألة الثانية‪ :‬عقد الذمة‪ ،‬ودفع الجز ية‪:‬‬
‫‪ - ١‬تعر يفه‪ :‬الذمة لغة‪ :‬العهد‪ ،‬وهو الأمان والضمان‪.‬‬
‫وعقد الذمة اصطلاحاً‪ :‬هو إقرار بعض الـكفار على كفرهم‪ ،‬بشرط بذل الجز ية‪ ،‬والتزام أحكام الملة التي حكمت بها الشر يعة الإسلامية‬
‫عليهم‪.‬‬

‫الل ّه ُ‬ ‫ن ل َا يُؤْم ِن ُونَ ب َِالل ّه ِ وَل َا ب ِال ْيَو ْ ِم الْآ ِ‬


‫خر ِ وَل َا يُح َرِ ّم ُونَ م َا ح َرّم َ َ‬ ‫‪ - ٢‬مشروعيته‪ :‬الأصل في مشروعية عقد الذمة قوله تعالى‪) :‬قَاتِلُوا ال َ ّذ ِي َ‬

‫ن ُأوتُوا الْكِتَابَ ح ََت ّى يُعْط ُوا الْجِز ْيَة َ ع َنْ يَدٍ و َه ُ ْم صَاغِرُونَ( ]التوبة‪ [٢٩ :‬وقوله ‪ -‬صَلَ ّى َ‬
‫الل ّه ُ عَلَيْه ِ‬ ‫ن ال َ ّذ ِي َ‬
‫ن الْحَقّ ِ م ِ َ‬
‫وَرَسُولُه ُ وَل َا يَدِين ُونَ دِي َ‬
‫س َل ّم َ ‪ -‬في حديث بريدة‪) :‬ثم ادعهم إلى الإسلام‪ ،‬فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ‪ ...‬فإن هم أبوا فسلهم الجز ية( )‪.(١‬‬ ‫وَ َ‬
‫‪ - ٣‬من تؤخذ منه الجز ية؟ تؤخذ الجز ية من الرجال‪ ،‬المكلفين‪ ،‬الأحرار‪ ،‬الأغنياء القادرين على الأداء‪ ،‬فلا تؤخذ من العبد؛ لأنه لا‬
‫يملك فكان بمنزلة الفقير‪ ،‬ولا تؤخذ من المرأة والصبي والمجنون؛ لأنهم ليسوا من أهل القتال‪ ،‬ولا تؤخذ من المر يض المزمن‪ ،‬والشيخ‬
‫الـكبير؛ لأن دماءهم محقونة‪ ،‬فأشبهوا النساء‪.‬‬

‫‪Shamela.org‬‬ ‫‪١٤٧‬‬

You might also like