Professional Documents
Culture Documents
BKB Fi17099 Ketabpedia
BKB Fi17099 Ketabpedia
BKB Fi17099 Ketabpedia
إعداد
علي بن عدالن بن غازي الشمراني
إشراف
فضيلة الشيخ الدكتور /رضا بن متولي وهدان
1426/1427هـ
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
المقدمة
1
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
الحمد هلل رب العالمين ،والصالة والسالم على أشرف األنبياء وخاتم المرسلين ،نبين&&ا
فقد كانت التجارة وما زالت أمرا ً أساسيا ً في حي&اة الش&عوب ،ومص&درا ً رئيس&ا ً في
نماء اقتصادياتها ،فنجد أن اهلل عز وجل وصف قريشا ً باعتمادهم على التج&&ارة فق&&ال
: تعالى
وفي العص &&ر الحاض &&ر ازداد االهتم &&ام بالتج &&ارة ،ووض &&عت له &&ا الق &&وانين المنظم &&ة
لس &&يرها ،ولعالق &&ة األط &&راف المتع &&املين به &&ا ،ومن ذل &&ك م &&ا يتعل &&ق بالت &&اجر وش &&روط
ممارسته للتجارة ،ومن هذه الشروط اكتساب التاجر األهلي&ة التجاري&ة ،وال&تي ي&ترتب
وق &&د رغبت أن يك& &&ون موض& &&وع البحث التكميلي لني& &&ل درج &&ة الماجس &&تير ه& &&و
( أحك &&ام األهلي &&ة التجاري &&ة ـ دراس &&ة مقارن &&ة ) ،والواق &&ع أن ه &&ذه الرغب &&ة ج &&اءت بع &&د
البحث في عدة مواضيع سواء فيما يتعلق بالنظام التجاري أو غيره ،وق&د تق&دمت لقس&م
السياسة الشرعية بهذا الموضوع ،وتمت الموافقة عليه من قبل القسم .
2
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
وهنا أشكر اهلل ع&&ز وج&ل ال&&ذي من علَّي بااللتح&اق به&&ذا القس&م المتم&&يز في ه&&ذا الص&&رح
الشامخ ( المعهد العالي للقض&اء ) وال&ذي أتممت في&ه ع&امين دراس&يين ،ك&ان فيهم&ا وهلل
الحم &&د فائ &&دة كب &&يرة بالنس &&بة لي ،ش &&اكرا ً لمش &&ايخي وألعض &&اء الت &&دريس بالمعه &&د م &&ا
إن موض & &&وع األهلي & &&ة التجاري & &&ة موض & &&وع مهم ؛ إذ إن األهلي & &&ة تح & &&دد مرك & &&ز
الش&&خص بالنس&&بة للحق&&وق والواجب&&ات س&&واء ك&&ان ذل&&ك فيم&&ا يتعل&&ق بعالق&&ة المخل&&وق م&&ع
الخ& &&الق ،إذ نج& &&د أن الش& &&ريعة اإلس& &&المية أولت األهلي& &&ة اهتمام& &&ا بالغ& &&ا ً ف& &&رتبت عليه& &&ا
التك &&اليف والواجب &&ات ،أو ك &&ان ذل &&ك فيم &&ا يتعل &&ق بعالق &&ات البش &&ر فيم &&ا بينهم في جمي &&ع
وقد جاءت ق&وانين ال&&دول وأنظمته&&ا بتحدي&&د أهلي&&ة االتج&ار المطل&&وب توفره&&ا في
حتى يسهل وضع اآلثار وااللتزامات على اكتساب الصفة التجارية ،كما يسهل تحدي&&د
االختصاص القضائي بالنظر إلى توفر األهلية التجارية للمتعامل أو عدم توفرها .
ل & &&ذلك ك & &&انت األهلي & &&ة التجاري & &&ة ال & &&ركن األس & &&اس الكتس & &&اب وص & &&ف الت & &&اجر ،
وممارسة الشخص للتجارة ،ومن ثم ترتب االلتزامات على اكتساب ذلك الوصف.
)2ندرة وجود المراجع المستقلة في هذا الموضوع ،فلم أجد بعد البحث من أف&رد
)3ص &&لة ه &&ذا الموض &&وع الوثيق &&ة باكتس &&اب الص &&فة التجاري &&ة ،وال يخفى أن ذل &&ك
)4الحاج& &&ة إلى توض & &&يح الموق& &&ف الفقهي في رأي النظ & &&ام من األهلي & &&ة المطلوب & &&ة
)5إبراز األحكام المتعلقة باألهلية التجارية بحيث يسهل للمهتمين الرجوع إليها.
بع& & &&د البحث في مكتب& & &&ة المعه& & &&د ،واالطالع على البح& & &&وث المس& & &&جلة في قس& & &&م
السياسة الشرعية ،لم أجد من أفرد هذا الموضوع ببحث مس&تقل ،غ&ير أن&ه يوج&د بحث
بعن&&وان ( :اكتس&&اب ص&&فة الت&&اجر في الفق&&ه والنظ&&ام ) ،وه&&و بحث تكميلي لني&&ل درج&&ة
الماجس&&تير من إع&&داد الط&&الب :مش&&عان بن مب&&ارك الحام&&د ،وق&&د قدم&&ه لقس&&م السياس&&ة
وفي هذا البحث وضع الب&احث مبحث&ًا في ( األهلي&ة التجاري&ة ) في ح&والي عش&رين
صفحة .
4
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
ومن خالل اطالعي على ذاك البحث ،وما أود كتابته في هذا البحث أجد الفروق
التالية :
)1أن موض &&وع ( اكتس &&اب ص &&فة الت &&اجر ) ه &&و في األص &&ل منص &&ب على الت &&اجر
والتزامات &&ه ،بينم &&ا موض &&وع ( أحك &&ام األهلي &&ة التجاري &&ة ) منص &&ب في األص &&ل
)2أن األهلي&&ة التجاري&&ة في موض&&وع ( اكتس&اب ص&&فة الت&&اجر ) ذك&&رت كش&رط من
شروط هذا االكتساب مما كان سببا ً في عدم إعطائها حقها من البحث الوافي.
)3اقتص &&ار الكالم عن األهلي &&ة التجاري &&ة في موض &&وع ( اكتس &&اب ص &&فة الت &&اجر )
وموانع اكتسابها ،وآثارها ،وغير ذلك كما هو مبين في خطة البحث .
على موق&&ف الفق&&ه بش&&كل ع&&ام من اش&&تراط األهلي&&ة في الت&&اجر ،ولم يتم التط&&رق
للحديث عن رأي الفقه بالتفصيل في ك&ل ش&خص ،كم&ا لم يتم الح&ديث عن رأي
5
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
األول :المنهج المتبع في الكتابة في الموضوع ،سيكون على النحو التالي :
)2التمهيد لكل مسألة بما يوضحها ،إن استدعى األمر ذلك .
إن ك& &&انت تعريف& &&ا ً ،فس& &&أبدأ بتعريفه& &&ا في اللغ& &&ة ،ثم في النظ& &&ام ،ثم في الفق& &&ه
إن كانت المسألة من مواضع االتفاق ف&أذكر حكمه&&ا ب&&دليلها ،م&&ع توثي&&ق االتف&&اق
بينها .
6
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
العربية السعودية ،وكتب النطم المقارنة ،مع مقارنتها بالفقه اإلسالمي من
الثاني :المنهج المتبع في التعليق والتهميش ،سيكون على النحو التالي :
1ـ اإلحالة إلى مصدر الحديث أو األثر ،وذلك بذكر اسم الكتاب والباب ،ثم
)5تبيين األلفاظ الغريبة ،والمصطلحات التي تحتاج إلى بيان ،مع توثيق كل
7
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
)6أترجم األعالم الواردين في المتن ،باسم العلم ونسبه مع ضبط ما ُيشكل ،
)7تكون اإلحالة إلى المصدر في حالة النقل منه بالنص :بذكر اسمه والجزء
والصفحة ،وفي حالة النقل بالمعنى ُيذكر ذلك مسبوقا ً بكلمة ُ :ينظر .
)2العناية بضبط األلفاظ ،خاصة األلفاظ المشكلة ،أو التي يترتب على عدم
8
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
2ـ أضع األحاديث النبوية بين قوسين مميزين بهذا الشكل (. )..........
3ـ أضع نصوص العلماء التي أنقلها بنصها بين قوسين مميزين بهذا الشكل
". "............
4ـ أضع النصوص النظامية التي أنقلها بنصها بين قوسين مميزين بهذا الشكل
{. }............
9
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
المبحث الثالث :الفرق بين األهلية واأللفاظ ذات الصلة ،وفيه مطلبان :
المطلب الرابع :أهلية القاصر غير المأذون له بالتجارة ،وفيه فرعان :
المطلب الخامس :سلطة الولي في اإلذن للقاصر بالتجارة ،وفيه فرعان :
المطلب األول :موانع اكتساب األهلية التجارية في النظام ،وفيه ثالثة فروع:
المطلب الثاني :موانع اكتساب األهلية التجارية في الفقه ،وفيه فرعان :
الفصل الثاني :آثار األهلية التجارية وتطبيقاتها ،وفيه المباحث التالية :
المبحث األول :اآلثار المترتبة على وجود األهلية التجارية ،وفيه مطلبان :
المطلب األول :اآلثار المترتبة على وجود األهلية التجارية في النظام ،وفيه
المطلب الثاني :اآلثار المترتبة على وجود األهلية التجارية في الفقه .
المبحث الثاني :اآلثار المترتبة على انعدام األهلية التجارية ،وفيه مطلبان :
المطلب األول :اآلثار المترتبة على انعدام األهلية التجارية في النظام ،وفيه
فرعان :
المطلب الثاني :اآلثار المترتبة على انعدام األهلية التجارية في الفقه ،وفيه
فرعان:
الفرع الثاني :الحجر على التصرفات المالية لفاقد األهلية التجارية .
المطلب األول :األهلية التجارية في بعض األعمال التجارية ،وفيه أربعة فروع :
المطلب الثاني :األهلية التجارية في بعض العمليات البنكية ،وفيه ثالثة فروع:
وفي الختام يطيب لي أن أشكر كل من قام بمساعدتي في هذا البحث ابتداء من
فضيلة الشيخ الدكتور :رضا بن متولي وهدان المشرف على هذا البحث ،وذلك
على توجيهه ونصحه لي أثناء كتابة هذا البحث ،وما لمسته منه تواضع وصبر
إلتمام هذا البحث ،فله مني الشكر والتقدير والدعاء بأن يجعل اهلل ذلك في ميزان
حسناته .
14
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
كما أخص بالشكر والدي العزي&&ز وش&&يخي ال&&دكتور ع&&دالن الش&&مراني ووال&&دتي
العزيزة على حسن التربية ،وجميل الرعاية ،وتوفيرهما لي م&&ا أع&&انني إلى الوص&&ول
إلى هذه المرحل&ة التعليمي&ة ،فل&وال اهلل ثم إياهم&ا لم&ا بلغت ه&ذه المرحل&ة ،فأس&أل اهلل أن
يجزيهما ع&ني خ&ير م&ا ج&ازى وال&دا ً عن ول&ده ،وأن يطي&ل في عمرهم&ا على طاعت&ه ،
وصلى اهلل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
15
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
التمهيد
16
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
المبحث األول
تعريف األهلية
17
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
الهمزة والهاء والالم أصالن متباعدان ،أحدهما :األهل ،ومنه أهل الرجل
أي عشيرته وذو ُقرباه ،وأهل البيت أي ُس َّك انه ،وأهل اإلسالم ،أي من يدين به.
()2
واألصل اآلخر :اإلهالة ،وهي الشحم أو ما ُأذيب منه .
()3
.
وجاء في تفسيرها :أن المراد بأهل الذكر أهل التوراة واإلنجيل الذين آمنوا
بالنبي صلى اهلل عليه وسلم ،وسماهم أهل الذكر ؛ ألنهم كانوا يذكرون خبر األنبياء
مما لم تعرفه العرب ،وقيل :أراد بالذكر القرآن أي فاسألوا المؤمنين العالمين من
()4
أهل القرآن .
) ?(1أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا بن حبيب الرازي ،األديب ،اللغوي ،الشاعر ،
األصولي ،الفقيه .له العديد من المصنفات أشهرها :مقاييس اللغة ،مجمل اللغة .توفي سنة
390هـ في الري .
ينظر :وفيات األعيان البن خلكان ، 1/118البداية والنهاية البن كثير .11/335
)?(2ينظر :معجم مقاييس اللغة البن فارس ، 1/150لسان العرب البن منظور ، 11/29
القاموس المحيط للفيروز آبادي . 3/486
)?(3سورة األنبياء :اآلية . 7
)?(4ينظر :الجامع ألحكام القرآن للقرطبي . 11/272
18
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
ومن األحاديث :قوله صلى اهلل عليه وسلم ( :إن هلل أهلين من الناس قالوا:
()5
من هم يا رسول اهلل قال :أهل القرآن هم أهل اهلل وخاصته ) .
واستنتاجًا مما سبق :يقترب معنى األهلية في هذا البحث بالمعنى اللغوي
األول ،فالمراد هنا تحديد أهل التجارة الذين يحق لهم مزاولة األعمال التجارية.
)?(5أخرجه النسائي في السنن الكبرى برقم ( ، 5/17 )8031في باب فضل من تعلم القرآن
وعلمه .وأخرجه ابن ماجه في سننه برقم ( ، 1/78 )215وأخرجه الحاكم في المستدرك على
الصحيحين في كتاب فضائل القرآن ،باب فضائل القرآن جملة ،برقم ( 1/743 )2046وقال :
"روي هذا الحديث من ثالثة أوجه عن أنس هذا أمثلها ".
19
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
بها (الصالحية) ويعدونها إحدى خصائص الشخصية سواء كانت هذه الشخصية
()1
طبيعية أو معنوية .
ويقسم القانونيون األهلية إلى قسمين هما :أهلية وجوب ،وأهلية أداء .
()2
" صالحية الشخص الكتساب الحقوق والتحمل بااللتزامات " .
وهذه األهلية ثابتة لكل إنسان ،فهي تثبت للشخص بثبوت الشخصية
()3
القانونية له وذلك منذ والدته وتظل مالزمة له ،وال تزول عنه إال بموته.
ويرتبط ثبوت أهلية األداء بوجود التمييز ،فهي ال تثبت إال إذا كان للشخص
نصيب من التمييز ،خالفًا ألهلية الوجوب التي تثبت لكل شخص بصرف النظر عن
ونظرًا الرتباط أهلية األداء بالتمييز نجد أن درجة هذه األهلية تختلف
باختالف كمال التمييز أو نقصه .فمن كان كامل التمييز كان كامل األهلية ،ومن
كان ناقص التمييز كان ناقص األهلية ،ومن انعدم التمييز لديه كان عديم األهلية .
وهذا االختالف في درجة أهلية األداء يؤدي إلى االختالف في الحكم على
()1
يتأثر بسن الشخص ،وقدرته العقلية ،وحالة الحواس من السالمة أو المرض .
وبالعودة إلى األهلية التجارية ،فال نجد ما يخصها بتعريف مستقل عن األهلية
المدنية ذلك أن قواعد أحكام األهلية التجارية واألهلية المدنية متقاربة إلى حد كبير ،
ومع ذلك فهناك بعض االختالف بين األهلية المدنية واألهلية التجارية ؛ نظرًا
األهلية من ناحية أخرى ،فللحكم بوجود األهلية التجارية ،فال بد من ثبوت سن
)?(1ينظر :الوسيط في شرح القانون المدني الجديد للسنهوري ، 1/285المدخل إلى القانون
لحسن كيره ص ، 572المقدمة في دراسة األنظمة لمجموعة من المؤلفين ص . 332
21
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
22
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
ومناط هذه األهلية حياة اإلنسان ،فهي تثبت لكل إنسان بمجرد وجوده بغض النظر
عن أي وصف آخر ،فأهلية الوجوب تتحقق في أي إنسان سواء كان جنينًا في بطن
أمه ،أو كان صبيًا ،أو كان بالغًا .وسواء كان عاقًال أو مجنونًا ،وسواء كان حرًا
()1
أو عبدًا .
ويطلق على هذه األهلية في كتب أصول الفقه ( أهلية ثبوت األحكام ).
()2
ـ رحمه اهلل ـ في كتابه روضة الناظر : يقول ابن قدامة
" وإ نما أهلية ثبوت األحكام في الذمة باإلنسانية التي بها يستعد لقبول قوة العقل
الذي به يفهم التكليف في ثاني الحال ،والبهيمة ليس لها أهلية فهم الخطاب ال بالقوة
والشرط البد أن يكون حاصًال أو ممكن الحصول على القرب فتقول :هو
()1
يثبت لها الملك مع عدم الحياة التي هي شرط اإلنسانية؛ لوجودها بالقوة. ".
فهذا النوع يثبت للجنين في بطن أمه قبل والدته حيًا ،وال يثبت لغيره .
فالجنين قبل االنفصال عن أمه تثبت له بعض الحقوق :كالنسب ،واإلرث ،
والوصية .وال تثبت عليه االلتزامات أو الواجبات لغيره فال تلزمه ،كالحقوق التي
تحتاج إلى قبول كالشراء والهبة فال تثبت له ؛ ألنه ليس له عبارة ،وألن الشراء له
وعلة نقص أهلية الوجوب لدى الجنين هي احتمال حياته أو موته ،إذ يمكن
أن يولد ميتًا فال يكون لوجوده السابق أي اعتبار وال يعترف له بأي حق ،ويمكن أن
يولد حيًا فتكتمل بذلك أهلية الوجوب ويستقر له ما ثبت له من حقوق ،فمن أجل هذا
()1
االحتمال روعي في إثبات الحقوق له أو عليه .
وهذا النوع يثبت للشخص منذ والدته حيًا ،ويستمر معه في جميع أدوار
حياته ،وال يوجد إنسان فاقد لهذه األهلية ،حتى الصبي غير المميز ،والمجنون ،
والمعتوه ،تثبت لهم هذه األهلية ،فتجب لهم حقوقهم لكن يقبلها عنهم أولياؤهم ،
كتملك ما يشترى لهم أو يوهب لهم ،وعليهم تحتمل االلتزامات ،كثمن المشتريات
()2
ودفع األجرة ،وتعويض ما يتلفونه من مال غيرهم.
ومناط هذه األهلية هو التمييز ،فال وجود لهذه األهلية قبل أن يصير اإلنسان
مميزًا ،فهي منعدمة في حق الصغير الذي لم يبلغ سن التمييز ،وكذا منعدمة في
المجنون .
()1
وهذه األهلية تثبت للمكلف البالغ العاقل الرشيد غير المحجور عليه .
ُ )?(1ينظر :الفقه اإلسالمي وأدلته لوهبة الزحيلي ، 4/121المدخل الفقهي العام لمصطفى
الزرقاء ، 2/742الوجيز في أصول الفقه لعبد الكريم زيدان ص ، 93االلتزامات في الشرع
اإلسالمي ألحمد إبراهيم ص . 111
26
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
المبحث الثاني
تعريف التجارة
27
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
ورجل تاجر :والجمع ِتجار بالكسر والتخفيف كرجال ،وُتَّج ار كُعَّم ال ،وُتُج ر كُك تب
()1
. ،وَتْج ر مثل صاحب وصْح ب
وفي الحديث :أن النبي ـ صلى اهلل عليه وسلم ـ خرج إلى المصلى بالمدينة ،فوجد
الناس يتبايعون ،فنادى " يا معشر التجار " فاستجابوا له ورفعوا أبصارهم وأعناقهم
،فقال ( :إن التجار يبعثون يوم القيام ُفَّج ارا إال من اتقى وبَّر
()2
. وصدق )
()3
وقال ابن االثير معلقًا على الحديث :
)?(1ينظر :معجم مقاييس اللغة البن فارس ، 1/341لسان العرب البن منظور ، 4/89القاموس
المحيط للفيروز آبادي . 1/709
) ?(2أخرجه الترمذي في سننه في كتاب البيوع ،باب ما جاء في التجار ،برقم (3/515 )1210
وأخرجه ابن ماجه في سننه في كتاب التجارات ،باب التوقي في التجارات ،برقم ()2146
، 2/726وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى في كتاب البيوع ،باب كراهة اليمين في البيع ،برقم
( ، 5/266 )10194وأخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين في كتاب البيوع ،برقم (
2/8 )2144وقال " :هذا حدث صحيح اإلسناد ولم يخرجاه " .
) ?(3مجد الدين أبو السعادات المبارك محمد بن محمد الشيباني ،المعروف بابن األثير الجزري ،
الفقيه ،المحدث ،اللغوي .من أشهر مصنفاته :جامع األصول في أحاديث الرسول ،النهاية في
غريب الحديث واألثر ،الشافي في شرح مسند اإلمام الشافعي .توفي سنة 606هـ بالموصل .
ينظر :وفيات األعيان البن خلكان . 4/188
28
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
" سماهم فجارا لما في البيع والشراء من األيمان الكاذبة ،والغبن ،والتدليس ،والربا
الذي ال يتحاشاه أكثرهم وال يفطنون له ،ولهذا قال في تمامه :إال من اتقى وبَّر
()4
وصدق " .
15/1/1350هـ التجارة بتعداد األعمال التي تعد أعماًال تجارية ،وذلك في المادة
ا -كل شراء بضاعة أو أغالل من مأكوالت وغيرها ألجل بيعها بحالها
ب -كل مقاولة أو تعهد بتوريد أشياء أو عمل يتعلق بالتجارة بالعمولة أو
(السمسرة).
ونحوها متى كان المقاول متعهدًا بتوريد المؤن واألدوات الالزمة لها.
هـ -كل عمل يتعلق بإنشاء سفن تجارية أو شراعية وإ صالحها أو بيعها
30
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
أو ابتياع آالتها وأدواتها ولوازمها وأجرة عمالها ورواتب مالحيها وخدمها
البحرية } .
العمل التجاري .وهي ما يأخذ بها النظام التجاري الفرنسي ،والنظام المصري.
وفكرة هذه النظرية :أن األعمال التجارية هي تلك األعمال التي ينص القانون
فتحديد العمل التجاري بناء على هذه النظرية يكون بالنظر إلى العمل ذاته ال
ولكن بالرجوع إلى نص المادة األولى من نظام المحكمة التجارية نجد أنها
وتقوم فكرة هذه النظرية :على أن تحديد العمل التجاري يكون بالنظر إلى
صفة من يقوم بهذا العمل ،فالعمل التجاري هو الذي يقوم به من مارس المهن
31
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
والشخصية في تحديده لمفهوم العمل التجاري .حيث حدد أعماًال معينة أسبغ عليها
الصفة التجارية بصرف النظر عن القائم بها كما عرف التاجر وذكر أوصافه
()1
بصرف النظر عن طبيعة العمل الذي يقوم به .
بطريقتين :
الثانية :بيان وصف التاجر وأنه من اشتغل بالمعامالت التجارية على وجه
الصحابة رضوان اهلل عليهم .وإ ذا نظرنا إلى كالم العلماء في تعريف التجارة نجد أن
أكثر من عرفها هم علماء التفسير ،وذلك عند ورود لفظ (تجارة) في القرآن الكريم ،
()1
.
()2
وقوله . :
وقوله :
()3
.
ولعل السبب في ذلك:
أن التجارة عمل معروف ،واشتغل بها الناس منذ قديم الزمن ،فلم يكن العلماء
()4
" -1التجارة هي البيع والشراء " .
()5
" -2طلب الربح بالبيع والشراء" .
()1
لطلب الربح " .
()2
" -4التجارة صناعة التاجر ،وهو الذي يبيع ويشتري للربح " .
()3
" -5شراء شيء لُيباع بالربح " .
()4
" -6محاولة الكسب بتنمية المال بشراء السلع بالرخص ،وبيعها بالغالء" .
()5
" -7هي االسترباح بالبيع والشراء" .
وبالنظر إلى هذه التعاريف نجد أنها تتفق على نقطتين -:
ومن خالل كالم العلماء حول التجارة نجد أنهم لم يشترطوا أن تكون على
منقول ،ولهذا تقع التجارة عندهم على غير المنقول كالعقار ،فشراء العقار ألجل
وهذا بخالف النظرة القانونية الحديثة للتجارة ،والتي تشترط لكي يكون العمل
والخاصة بتعداد األعمال التجارية ،إذ تقول الفقرة ( أ ) من هذه المادة :
فهذه الفقرة تدل على أن العمل التجاري هو ما يقع على منقول .وبناء على
ذلك :فإن العقار والعمليات المتعلقة به تخرج عن الصفة التجارية ،ويؤكد هذا األمر
وبهذا نخلص إلى أن مفهوم التجارة في الفقه اإلسالمي أوسع مما هو في
القوانين التجارية الحديثة ،وأكثر واقعية منها ؛ إذ أن عمليات البيع والشراء في مجال
العقارات تحقق أرباحًا ضخمة في العصر الحاضر تدخلها بال شك في نطاق األعمال
التجارية ،لذلك فإن المنظم في بعض األنظمة الصادرة مؤخرًا عَّد االتجار في
العقارات داخًال في مفهوم التجارة بوجه عام كنظام ملكية الوحدات العقارية وفرزها
ومن خالل هذا البحث نطالب بتغيير نظام المحكمة التجارية الذي مّر عليه
أكثر من خمسة وسبعين عامًا تغيرت فيها األعمال التجارية من حيث طبيعتها
35
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
ال سيما إذا عرفنا أن المصدر التاريخي لهذا النظام وهو التقنين التجاري
الفرنسي وإ ن كان ال يزال قائمًا إال أنه كان محًال للتغيير والتطوير حتى تغيرت
الغالبية العظمى من نصوصه ،وذلك من خالل نظام المحكمة التجارية الذي ظل
على الحالة التي ُو ضع بها ،باستثناء األوراق التجارية والشركات والتي صدر لكل
لذا فمن المصلحة وضع نظام تجاري جديد وشامل يستجيب لمتطلبات العصر
وبخالف هذا األمر نجد أن الفقه والنظام اتفقا على أن التجارة يشترط أن يوجد
فيها شراء ألجل البيع ،وأن يكون الهدف من ورائها هو تحقيق الربح.
36
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
المبحث الثالث
الفرق بيـن األهلية واأللفاظ ذات الصلة
37
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
ذهب آخرون إلى إنكار وجود الذمة وأنه ال معنى لها .
والذمة في اللغة :العهد واألمان ؛ ألن نقضهما يوجب الَّذ م ،وُس مي أهل الذمة بذلك
()2
لدخولهم في عهد المسلمين وأمانهم .
وأما في االصطالح فقد اختلف القائلون بإثبات الذمة في تعريفها على آراء منها-:
()4 ()3
في كشف األسرار . وهذا تعريف الشيخ عبد العزيز البخاري
-2أنها" معنى شرعي مقدر في المكلف قابل لإللزام وااللتزام " .
()6 ()5
في الفروق . وهذا تعريف القرافي
()2 ()1
في كشاف القناع . وهذا تعريف البهوتي
-4أنها " وصٌف قائم باإلنسان صالح لإللزام وااللتزام " وهذا تعريف
()4 ()3
في حاشيته . البجيرمي
وبالنظر إلى هذه التعاريف تكون الذمة بمعنى أهلية الوجوب فال فرق بينهما ؛ ألن
()5
في أصوله حيث قال : -5أنها :ذات اإلنسان أو نفسه ،وبهذا عرفها البزدوي
()6
" والذمة العهد وإ نما يراد به نفس ورقبة لها ذمة وعهد " .
وعلى هذا التعريف تكون الذمة أمرًا ماديًا وليست وصفًا مقدرًا.
) ?(1هو منصور بن يونس بن إدريس البهوتي الحنبلي ،شيخ الحنابلة بمصر في عصره ،برع
في الفقه واألصول والتفسير .من مصنفاته :كشاف القناع عن متن اإلقناع للحجاوي ،الروض
المربع في شرح زاد المستقنع ،عمدة الطالب لنيل المآرب .توفي سنة 1051هـ .ينظر :مقدمة
الروض المربع تحقيق يوسف الشيخ محمد .
. 3/289 )?(2
) ?(3هو سليمان بن عمر البجيرمي ،فقه شافعي ،اشتغل بعلوم الحديث .من أشهر مصنفاته :
التجريد لنفع العبيد ،تحفة الحبيب على شرح الخطيب .توفي سنة 1221هـ في ُبجْيرم بمصر.
. 2/406 )?(4
) ?(5هو فخر اإلسالم علي بن محمد بن الحسين البزدوي ،فقيه أصولي حنفي .من مصنفاته :
كنز الوصول إلى معرفة األصول ،شرح الجامع الصغير والكبير ،تفسير للقرآن الكريم .توفي
سنة 482هـ ودفن في سمرقند .ينظر :أصول الفقه تاريخه ورجاله .لشعبان محمد ص .182
)?(6أصول البزدوي ،ص . 324
39
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
()1
-6وعرف الشيخ مصطفى الزرقاء الذمة بأنها " محل اعتباري في الشخص
()2
تشغله الحقوق التي تتحقق عليه " .
وقد نقد الشيخ ـ رحمه اهلل ـ تعريف الذمة بأنها وصف أو افتراض شرعي يجعل
" وهذه التعاريف وأمثالها للذمة إنما تجنح بها كما نرى إلى شاطئ األهلية ،
أهلية الوجوب ..وأما الذمة في الحقيقة فإنما تدل على معنى الظرفية المقدرة في
وإ يضاح ذلك :أن أهلية الوجوب في اإلنسان ذات عنصرين ،وهما :
أ ـ فناحية ثبوت الحق لإلنسان تتوقف على أهلية فيه ألن تجب له حقوق ،أي على
العنصر األول من أهلية الوجوب ،وهذا العنصر يثبت له منذ كونه جنينًا في بطن أمه
بإجماع الفقهاء ،وال يستدعي وجوب ذمة مقدرة في شخصه ،ألن الحق له ال عليه .
) ?(1هو مصطفى أحمد محمد الزرقاء ،عالم سوري ،من أئمة الفقه في هذا العصر ،نشأ في
أسرة علمية ،فكان والده عالم فقيه صاحب كتاب شرح القواعد الفقهية ،وكذلك كان جده عالمة
حلب في عصره .نال الشيخ مصطفى جائزة الملك فيصل عام 1984م .من مؤلفاته :المدخل
الفقهي العام ،شرح القانون المدني األردني ،االستصطالح والمصالح المرسلة .له عدد كبير من
الفتاوى .توفي سنة 1420هـ بمدينة الرياض .
) ?(2المدخل إلى نظرية االلتزام العامة في الفقه اإلسالمي لمصطفى الزرقاء ،ص . 190
40
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
ب ـ وأما من ناحية ثبوت الحق على الشخص ،أي ناحية االلتزام فإنها تتوقف على
أحدهما :أهلية في الشخص ألن تجب عليه الحقوق أي قابلية التحمل ،وهو
العنصر الثاني من أهلية الوجوب ،وهذا يثبت له منذ والدته حيًا .
وثانيهما :محل مقدر يتسع الستقرار تلك الحقوق فيه ،أي ظرف اعتباري
منتزع من شخص اإلنسان تشغله تلك الحقوق في حال ثبوتها ،ويفرغ منها
بسقوطها.
()1
وهذا األمر الثاني ،أي المحل هو المعنى الحقيقي لكلمة ( الذمة ) فقهيًا " ا هـ .
كما نقد الشيخ مصطفى الزرقاء ـ رحمه اهلل ـ جعل الذمة هي النفس ،وذكر أن
هذا من قبيل المجاز وذلك بإطالق اسم الحال وهو العهد ،على المحل وهو نفس
اإلنسان .
وقال أيضا " :والمقصود بهذا الرأي جعل الذمة أمرًا ذا وجود مادي ،حتى ال تكون
األحكام الشرعية مبنية على شيء افتراضي ال وجود له .والواقع أن هذا التأويل لم
يخرج أصحابه عن االفتراض ألن تعلق الديون بنفس اإلنسان ليس إال تعلقًا اعتباريًا
()2
وإ نما تحولوا به من افتراض المحل إلى افتراض التعلق " ا هـ .
) ?(1المدخل إلى نظرية االلتزام العامة في الفقه اإلسالمي لمصطفى الزرقاء ،ص . 183
)?(2المرجع السابق ،ص . 188
41
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
وبهذا يترجح تعريف الشيخ مصطفى الزرقاء للذمة بأنها " محل اعتباري في
وعليه فإن الذمة ليست هي األهلية ،بل أمر مستقل عنها ،فالذمة بمعنى
الوعاء االعتباري الذي يعي الديون الثابتة على اإلنسان .ولكن الذمة ال تتوفر في
الشخص إال إذا ثبتت له أهلية الوجوب ،فالذمة الزمة ألهلية الوجوب وليست عينها.
وهذا االتجاه الذي ذهب إليه جمهور العلماء إلى اعتبار الذمة وإ ثباتها ،
يناقضه اتجاه آخر ذهب إليه بعض العلماء وهو إنكار الذمة وأن تقديرها من األوهام
()1
في المحصول : يقول الرازي
" وأما تقدير المال في الذمة فهو ساقط جدا بل ال معنى له إال أن الشرع مكنه
إما في الحال أو في االستقبال من أن يطالبه بذلك القدر من المال فهذا معقول شرعًا
وعرفًا ،فأما التقدير في الذمة فهو من الترهات التي ال حاجة في العقل والشرع إليها
()2
" ا هـ
) ?(1فخر الدين أبو عبد هللا محمد بن عمر بن الحسين التيمي البكري ،المعروف بابن الخطيب ،
الفقيه الشافعي ،األصولي ،برع في علم الكالم والمعقوالت .من أشهر مصنفاته :المطالب
العالية ،نهاية العقول ،المحصول ،المعالم ،توفي سنة 606هـ بمدينة هراة ،ينظر :وفيات
األعيان . 4/248
)?(2المحصول للرازي . 5/434
42
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
وقد رد على هذا الرأي الشيخ عبد العزيز البخاري بقوله " :إن الذمة ثابتة
()3
باإلجماع ،فمن أنكرها فهو مخالف لإلجماع " .
" أما أهلية الوجوب فبناء على قيام الذمة ،وأن اآلدمي يولد وله ذمة صالحة للوجوب
بإجماع الفقهاء رحمهم اهلل بناء على العهد الماضي .قال تعالى
()2
اآلية .وقال
تعالى :
()4( )3
"
ومن خالل ما سبق يترجح ـ واهلل أعلم ـ ثبوت الذمة لإلنسان ،وهو ما ذهب
()1
وَو اليًة .وهي تشعر بالتدبير والقدرة والفعل .
والوالية شرعًا " :سلطة شرعية يتمكن بها صاحُبها من إنشاء العقود والتصرفات
()2
وتنفيذها أي ترتيب اآلثار الشرعية عليها " .
ويعرفها شراح القانون بأنها " :سلطة قانونية لشخص معين في مباشرة التصرفات
()3
القانونية باسم غيره ولحساب هذا الغير ،بما ينتج أثره في حقهم " .
ـ والية أصلية :وهي قيام الشخص بمباشرة العقود أو التصرفات لصالح نفسه.
ـ والية نيابية :وهي قيام الشخص بمباشرة العقود أو التصرفات لصالح غيره.
والوالية النيابية إما أن تكون اختيارية أو جبرية ،واالختيارية تتمثل في الوكالة أي
وبالنظر في العالقة بين األهلية والوالية ،نجد أن أهلية األداء هي شرط لصحة العقد
،وأما الوالية فهي شرط لنفاذه ،ذلك أن انعقاد العقد ووجوده يشترط فيه توفر أهلية
)?(1ينظر :لسان العرب البن منظور ، 15/407القاموس المحيط للفيروز آبادي . 4/583
)?(2الفقه اإلسالمي وأدلته لوهبة الزحيلي . 4/139
)?(3النظرية العامة للقانون لمصطفى الجمال وعبد الحميد الجمال ،ص . 459
44
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
األداء في العاقد وإ ال كان العقد باطًال ،وأما الوالية فهي شرط لنفاذ العقد وترتب
()1
اآلثار الشرعية عليه.
وعلى ذلك فيكون للعقد من حيث توفر األهلية والوالية في العاقد ثالث حاالت:
األولى :أن يكون العاقد كامل األهلية وصاحب والية ،وفي هذه الحالة يكون العقد
صحيحا نافذًا ،إال إذا كان فيه ضرر بآخر فيصبح موقوفًا على إجازته .ومثال ما
فيه ضرر :تصرف المدين الذي يضر الدائنين ،وتصرف المريض مرض الموت.
الثانية :أن يكون العاقد عديم األهلية وفاقد الوالية ،فيكون العقد في هذه الحالة باطًال
وأما العاقد ناقص األهلية كالصبي المميز ،فيكون عقده المتردد بين النفع والضرر
الثالثة :أن يكون العاقد كامل األهلية ،ولكنه فاقد الوالية ،وهذه الحالة هي حالة
()2
الفضولي .
)?(1ينظر :الفقه اإلسالمي وأدلته لوهبة الزحيلي ، 4/139األموال ونظرية العقد في الفقه
اإلسالمي لمحمد يوسف موسى ،ص . 319
)?(2ينظر :الفقه اإلسالمي وأدلته لوهبة الزحيلي ، 4/140األموال ونظرية العقد في الفقه
اإلسالمي لمحمد يوسف موسى ،ص . 322
45
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
فمنهم من يرى أن تصرفه صحيح بشرط أن يجيزه صاحب الشأن الذي صدر
()1
التصرف ألجله ،وإ ال فهو باطل .ومنهم من يرى أن تصرفه باطل وال يصح حتى
()2
ولو أجازه صاحب الشأن .
)?(1وهذا مذهب الحنفية والمالكية ،ينظر :بدائع الصنائع للكاساني ، 5/148الشرح الكبير
للدردير . 3/12
)?(2وهذا مذهب الشافعية والحنابلة ،ينظر :مغني المحتاج للشربيني ، 2/15كشاف القناع
للبهوتي . 3/157
46
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
الفصل األول
أهلية األشخاص التجارية
المبحث األول
األهلية التجارية للوطنييـن
47
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
48
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
ذلك أنه يشترط الكتساب صفة التاجر شروط أربعة وهي :
-2احتراف التجارة.
-4األهلية التجارية.
التجارية باسمه ولحسابه وإ نما البد أن تتوفر فيه األهلية التجارية التي تؤهله لممارسة
وُيالحظ أن أحكام األهلية التجارية لها ارتباط بموضوع جنسية الشخص الذي
يباشر األعمال التجارية ،إذ تختلف أحكام األهلية التجارية للوطنيين عن أحكام
()1
األهلية التجارية لألجانب .
فبالنظر إلى أحكام األهلية التجارية للوطنيين أي السعوديين ،نجد أنه ال يوجد
15/1/1350هـ تحديد لسن معينة من يبلغها يكون قد اكتسب األهلية الالزمة للتجارة
،بل نجد وصفًا يدل على األهلية التجارية المطلوبة في الشخص ،وهذا الوصف هو
( الرشد ) فمن اتصف بهذا الوصف فقد توفرت فيه األهلية التجارية.
ففي المادة الرابعة من نظام المحكمة التجارية نجد النص التالي { :كل من
كان رشيدًا أو بلغ سن الرشد فله الحق أن يتعاطى مهنة التجارة بأنواعها }.
فهذا النص حدد شرطًا الكتساب األهلية التجارية وهو الرشد ،ولم يتم تحديد
المقصود بالرشد في النظام ،وإ نما ترك ذلك للفقه اإلسالمي ؛ نظرًا لكون الشريعة
اإلسالمية هي المصدر الرئيس والحاكم لكل األنظمة المعمول بها في المملكة .
وبما أن تحديد الرشد قد اختلف االجتهاد الفقهي حوله ،وحسمًا لهذا االختالف
فقد تم تحديد الرشد في المملكة بموجب قرار مجلس الشورى رقم 114وتاريخ
5/11/1374هـ ،والذي اشترط لثبوت صفة الرشد في المملكة بلوغ الشخص ثماني
عشرة سنة هجرية ،وذلك حمًال للناس على رأي واحد حتى ال تضطرب األحكام .
ولكن ُيالحظ أن نص المادة الرابعة السابقة قد فرق بين من كان رشيدًا ،ومن
بلغ سن الرشد ،وهذه التفرقة أدت إلى اختالف الشراح في تفسيره :
ـ فمنهم من يرى أن النص قصد التفرقة بين الرشيد ومن بلغ سن الرشد .فالمراد
بالرشيد هو من اكتملت أهليته طبقًا ألحكام الشريعة اإلسالمية ،وأما من بلغ سن
()1
الرشد فهو من بلغ ثمانية عشر عامًا طبقًا لقرار مجلس الشورى .
وعلى هذا الرأي يكون الرشيد أهًال لالتجار ولو لم يبلغ سن الرشد في المملكة
ثمانية عشر عامًا .ويكون من بلغ سن الرشد ثمانية عشر عامًا أهًال لالتجار ولو لم
ـ بينما يرى آخرون أن النص لم يقصد التفرقة بين الرشيد ومن بلغ سن الرشد ،وأن
المادة الرابعة هي صياغة معيبة للمادة األولى من نظام المجلس التجاري ،والتي
كانت تنص صراحة على أن كل من بلغ ثماني عشرة سنة وكان رشيدًا فله الحق في
-1أن قرار مجلس الشورى قد حدد لثبوت صفة الرشد بلوغ ثمانية عشر عامًا ،
ومن ثم فالتفرقة بين الرشيد ومن بلغ سن الرشد غير صحيحة ؛ ألن الرشيد
قد يكون كذلك وهو لم يبلغ الثامنة عشرة .وكذا من بلغ ثماني عشرة سنة قد
()1
الشرعية .
-2أن المادة السابعة من نظام األوراق التجارية الصادر بالمرسوم الملكي رقم
بقولها { :تتحدد أهلية الملتزم بالكمبيالة وفقًا لنظام موطنه ،ومع ذلك ال
يعتبر السعودي أهًال لاللتزام بالكمبيالة إال إذا بلغ ثماني عشرة سنة} فهذه
فالرشيد هو من بلغ ثمانية عشر عامًا ولم يصب بعارض من عوارض األهلية
الشرعية.
-3أن األخذ بالرأي األول يجعل قرار مجلس الشورى ال فائدة منه ؛ إذ إن
الرشيد الذي لم يبلغ ثمانية عشر عامًا فإنه يكون أهًال للتجارة ،وهذا مخالف
لقرار المجلس الذي حدد لثبوت صفة الرشد بلوغ ثماني عشرة سنة.
-4أن العمل بالرأي األول يؤدي إلى االختالف في األحكام في بلد واحد ،وهذا
ولهذا أرى أن سبب اإلشكال هو ورود حرف ( أو ) الذي جاء في المادة الرابعة من
نظام المحكمة التجارية بدًال عن الحرف الصحيح وهو حرف الواو .ورفعًا لهذا
{ كل من كان رشيدًا طبقًا للنظام فله الحق أن يتعاطى مهنة التجارة بأنواعها } .
ـ كل من كان رشيدًا :أي سالمًا من عوارض األهلية التي تقدح حسب الشريعة
اإلسالمية .
ـ طبقًا للنظام :أي بلغ السن المحددة في المملكة وهي ثماني عشرة سنة .
52
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
وعليه فإنه لتوفر صفة الرشد الالزمة الكتساب األهلية التجارية البد من وجود
فإذا اختل شرط من هذين الشرطين انعدم اكتساب الشخص لألهلية التجارية .
ولهذا فإن كل من لم يبلغ ثمانية عشر عامًا ُيعد قاصرًا لم تتوفر فيه األهلية التجارية ،
53
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
المطلوبة في العاقد التي تؤهله لممارسة التجارة حتى يكون عقده جائزًا .
()1
،خالفًا للحنفية الذين ال يشترطون في جائز التصرف ،أي بالغًا عاقًال رشيدًا
()2
العاقد البلوغ .
وعليه فإن سن األهلية التجارية هي سن البلوغ عند جمهور الفقهاء ،فمتى بلغ
الشخص ولم يصب بعارض من عوارض األهلية فإنه يكون أهًال لممارسة التجارة.
ومن ثم فإنه ال أهلية تجارية للصبي غير المميز باتفاق العلماء ،وأما الصبي
المميز فإن تصرفه يتوقف على اإلذن عند الجمهور وهم الحنفية والمالكية والحنابلة .
)?(1ينظر :حاشية الدسوقي البن عرفة الدسوقي ، 3/5مواهب الجليل للحطاب ، 4/244
روضة الطالبين للنووي ، 3/341مغني المحتاج للخطيب الشربيني ، 2/7المبدع البن مفلح 4/8
،اإلنصاف للمرداوي . 4/267
)?(2ينظر :البحر الرائق البن نجيم . 5/279
54
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
" وليس من شرائط العاقد البلوغ فينعقد بيع الصبي وشراؤه موقوفًا على إجازة
()3
وليه إن كان شراؤه لنفسه ونافذًا بال عهدة إن كان لغيره " .
" إذا أمر الولي للصبي أن يتجر جاز ،ومن الذخيرة قال منع مالك من يبيع
()2
للصبيان ألنه ال يدري هل أذن في ذلك أولياؤهم أم ال " .
" والشرط الثاني ـ أي من شروط البيع ـ أن يكون العاقد جائز التصرف أي حرًا مكلفًا
()3
رشيدًا ،فال يصح تصرف صبي وسفيه بغير إذن ولي فإن أذن صح" .
وأما الشافعية فإنهم يمنعون بيع الصبي وشراؤه مطلقًا مميزًا كان أو غير
" األمر الثاني أهلية البائع والمشتري ويشترط فيهما لصحة البيع التكليف ،فال
ينعقد بعبارة الصبي والمجنون ال ألنفسهما وال لغيرهما ،سواء كان الصبي مميزًا
()4
باشر بإذن الولي أو بغير إذنه ،وسواء بيع االختبار وغيره " .
والخالصة :
مصاب بأحد عوارض األهلية فإنه يكتسب األهلية التجارية الكاملة ،فيكون أهًال
وأما الصبي المميز فإن له أهلية تجارية ناقصة ؛ لتوقف ممارسته للتجارة
56
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
لألهلية التجارية ،وقد سلك النظام في عدم التفرقة بين الرجل والمرأة في األهلية
كما لم يفرق النظام السعودي بين المرأة المتزوجة وغير المتزوجة .
وعليه فإنه ينطبق على المرأة السعودية ما ينطبق على الرجل من الشروط أو
القيود ،فإذا بلغت المرأة ثماني عشرة سنة غير مصابة بعارض من عوارض
األهلية ،اكتسبت األهلية التجارية الكاملة ،فلها الحق في أن تحترف التجارة وأن
تكتسب صفة التاجر دون حاجة إلى إذن زوجها إن كانت متزوجة .
()1
تضامن ،وقد نص على ذلك التعميم الصادر من اإلدارة العامة للشركات بوزارة
" يحق للمرأة السعودية الرشيدة أن تكون شريكة في أي شركة تضامن أو غيرها".
)?(1شركة التضامن عرفتها المادة السادسة عشرة من نظام الشركات السعودي الصادر عام
1385هـ بأنها " :الشركة التي تتكون من شريكين أو أكثر مسؤولين بالتضامن في جميع أموالهم
عن ديون الشركة " .
57
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
ومن المعلوم أن الشريك في شركة التضامن يعد تاجرًا دائمًا إذا كان الغرض الذي
تقوم عليه الشركة تجاريًا ،كما أنه يكون مسؤوًال مسؤولية مطلقة وتضامنية عن
ديون الشركة ،ولذلك فإنه يجب أن تتوفر في الشريك المتضامن األهلية الالزمة
الحتراف التجارة .وهذه األهلية التجارية ال فرق في اكتسابها بين الرجل والمرأة في
()1
النظام السعودي .
وجوب من حين والدتها وال تفارقها إال حين موتها ،كما أن المرأة مكلفة بالتكاليف
الشرعية من صالة وصيام وزكاة وحج وغيرها ،فلها أهلية أداء على أساسها تطاَلب
بالتكاليف الشرعية ،وتطاِلب هي الغير بحقوقها ،كما جعل اإلسالم للمرأة ذمة مالية
وعلى ذلك فإذا بلغت المرأة رشيدة غير مصابة بعارض من عوارض األهلية
كانت أهًال لممارسة التجارة ،وإ جراء التصرفات المالية التي تكتسب بها الحقوق
()1
لنفسها ،وتتحمل االلتزامات والواجبات لغيرها .
ومن األدلة على أهلية المرأة إلجراء التصرفات التجارية والمالية ما يلي:
أن اآلية عامة في وجوب دفع المال لليتيم إذا رشد دون أن تفرق بين الذكر واألنثى .
مما يدل على أن للمرأة ذمة مالية مستقلة بها ومن ثم تكون أهًال للتصرف في مالها
()3
ومن ذلك ممارستها للتجارة .
)?(1ينظر :المفصل في أحكام المرأة لعبد الكريم زيدان ، 10/336مبدأ الرضا في العقود لعلي
محي الدين القره داغي . 1/297
)?(2سورة النساء ،اآلية . 6
)?(3ينظر :مبدأ الرضا في العقود .لعلي القره داغي . 1/301
59
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
أن اآلية نصت على أن المهر يعطى للمرأة ،وأن لها الحق في التصدق به ،مما يدل
على أن المرأة لها أهلية مالية مستقلة بها ،وتستطيع إجراء التصرفات المالية ومنها
()2
دخولها في التجارة .
– 3قوله تعالى :
()3
.
وجه الداللة :
أن اآلية صريحة في جواز الوصية من المرأة ،وأن تنفيذ وصيتها يسبق قسمة التركة
وهذا يدل على أهلية المرأة في إجراء التصرفات المالية ،ومنها دخولها في
()4
التجارة .
()3 ()2
رضي اهلل عنها ،وذكر مع أم المؤمنين عائشة وذكر في هذا الباب قصة بريرة
" قالت عائشة رضي اهلل عنها :دخل علّي رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم فذكرُت له
،فقال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ( :اشتري وأعتقي ،فإن الوالء لمن أعتق )
()4
.
أن الحديث واضح في إثبات حق النساء في الشراء أو العتق ،مما يدل على حقهن في
التصرف في أموالهن وهذا يدل على أهليتهن للدخول في التجارة .وقد ذكر ابن
)?(1أبو عبد هللا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري ،اإلمام الحافظ ،برع في
علم الحديث ،من أئمة السنة في عصره ،صاحب الجامع الصحيح ،أصح كتاب بعد القرآن
الكريم ،قال عن كتابه :صنفت كتابي الصحيح لست عشرة سنة ،خرجته من ستمائة ألف
حديث ،وجعلته حجة فيما بيني وبين هللا عز وجل .توفي سنة 256هـ بخرَتْنك .ينظر :وفيات
األعيان البن خلكان . 4/188
) ?(2بريرة موالة عائشة رضي هللا عنها ،اشترتها عائشة وأعتقتها ،خيرها رسول هللا صلى هللا
عليه وسلم في البقاء مع زوجها بعد عتقها ،وكان زوجها عبدًا يسمى مغيثًا ،فاختارت نفسها.
ينظر :سير أعالم النبالء للذهبي .2/297
)?(3أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي هللا عنها وعن أبيها ،تزوجها رسول هللا
وهي بنت ست سنين ،وما تزوج بكرا سواها ،وقبض رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وهي بنت
ثماني عشرة سنة ،وماتت في خالفة معاوية سنة 58هـ ولها سبع وستون سنة ،ودفنت بالبقيع .
ينظر :وفيات األعيان البن خلكان . 3/16
) ?(4الحديث أخرجه البخاري في صحيحه ،وهذا لفظه في كتاب البيوع والشراء مع النساء برقم
( ، 2/756 )2047وأخرجه مسلم في صحيحه في كتاب العتق ،باب إنماء الوالء لمن أعتق برقم
(. 2/1141 )1504
61
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
()1
رحمه اهلل من فوائد الحديث " :أن المرأة الرشيدة تتصرف لنفسها حجر العسقالني
()2
في البيع وغيرها ولو كانت مزوجة " .
وقال أيضًا " :وجواز تصرف المرأة الرشيدة بغير إذن زوجها ومراسلتها األجانب
()3
في أمر البيع والشراء كذلك " .
()4
– 2قوله صلى اهلل عليه وسلم ( :تصدقن يا معشر النساء ولو من حليكن ) .
أن النبي صلى اهلل عليه وسلم أمر النساء بالصدقة من أموالهن ،مما يدل على أن لهن
الحق في التصرف بها ،ومن أنواع التصرف المتاجرة بها ،وهذا يثبت أن للنساء
()5
مولى ابن عباس أن ميمونة بنت – 3أخرج البخاري في صحيحه عن كريب
()6
زوج رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أخبرته أنها أعتقت وليدة الحارث
) ?(1شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد الكناني العسقالني الشافعي ،شيخ اإلسالم
وإمام الحفاظ في زمانه ،وصنف التصانيف التي عم النفع بها وأشهرها :فتح الباري بشرح
صحيح البخاري ،تهذيب التهذيب ،تقريب التهذيب ،لسان الميزان ،اإلصابة في تمييز
الصحابة .توفي سنة 852هـ .ينظر :طبقات الحفاظ للسيوطي ص . 552
)?(2فتح الباري البن حجر . 5/192
)?(3المصدر السابق . 5/194
) ?(4أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الزكاة ،باب الزكاة على الزوج واأليتام برقم (
، 2/533 )1397وأخرجه مسلم في صحيحه وهذا لفظه في كتاب الزكاة ،باب فضل النفقة
والصدقة على األقربين برقم (. 2/694 )1000
)?(5هو كريب بن أبي مسلم الهاشمي مولى ابن عباس كنيته أبو رشدين ،يروي عن ابن عباس
ومعاوية ،روى عنه عمرو بن دينار وسلمة بن كهيل وسالم ابن أبي الجعد وابناه رشدين ومحمد
مات سنة 98هـ بالمدينة .ينظر :الثقات لمحمد بن حبان . 5/339
)?(6أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث بن حزن الهاللية ،كان اسمها برة فسماها رسول هللا
ميمونة ،قيل إنها التي وهبت نفسها للنبي صلى هللا عليه وسلم وقيل الواهبة غيرها ،توفيت على
62
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
ـ جارية لها ـ ولم تستأذن النبي صلى اهلل عليه وسلم فلما كان يومها الذي يدور عليها
فيه قال :أشعرت يا رسول اهلل أني أعتقت وليدتي ؟ قال :أو فعلت ؟ قالت :نعم .
أن أم المؤمنين ميمونة ـ رضي اهلل عنها ـ أعتقت جاريتها من غير استئذان النبي ـ
صلى اهلل عليه وسلم ـ ولو كان االستئذان شرطًا ألبطل تصرفها النبي
()2
ـ صلى اهلل عليه وسلم ـ .
والخالصة :
أن الشريعة اإلسالمية أثبتت للمرأة الرشيدة أهلية التملك ،والتصرف في مالها ،
والدخول في التجارة ،وجعلت لها ذمة مالية مستقلة بها .مما يدل على تكريم
اإلسالم للمرأة ورفع قدرها عما كانت عليه في الجاهلية ،حيث كانت تابعة للرجل في
كل شيء ال يد لها وال حيلة ،وكانت محرومة من مهرها ،وأشد من ذلك أنها كانت
األرجح سنة 59هـ .ينظر :اإلصابة في تمييز الصحابة البن حجر .8/126
) ?(1أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الهبة وفضلها ،باب هبة المرأة لغير زوجها وعتقها
إذا كان لها زوج فهو جائز برقم (. 2/915 )2452
)?(2ينظر :فتح الباري البن حجر . 5/219
63
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
فإذا توفر هذا الشرطان في القاصر كان أهًال لممارسة التجارة ،والتزم بااللتزامات
المفروضة على التاجر .فيجب عليه االلتزام بمسك الدفاتر التجارية ،والقيد في
()1
كما أنه في حالة إفالسه فإنه يجوز إعالن هذا اإلفالس .
التجارية بإرادته ،ولكن إذا أذن له وليه بالبيع والشراء اكتسب األهلية التجارية التي
()1
تؤهله لممارسة األعمال التجارية .وهذا هو مذهب الجمهور .
ومن ثم فإنه يكتسب صفة التاجر ،وتكون تصرفاته وعقوده صحيحة ما دام أنه
حصل على اإلذن من وليه ؛ ألنه بإذن الولي تحصل المصلحة للقاصر وحفظ أمواله
،كما أنه باإلذن يحصل االختبار الذي هو شرط لدفع المال إليه ؛ لقوله تعالى :
()2
.وهذا االختبار يتحقق بتفويض البيع والشراء إليه .
وذهب الشافعية إلى أن القاصر ليس أهًال للتجارة ،حتى وإ ن حصل على اإلذن من
وليه بممارستها .فال ينعقد بيعه أو شراؤه ؛ ألن شرط العاقد عندهم هو البلوغ.
" وشرط العاقد بائعًا أو مشتريًا الرشد ،وهو أن يتصف بالبلوغ والصالح لدينه وماله
()3
،فال يصح من صبي وإ ن قصد اختباره" .
)?(1ينظر :البحر الرائق البن نجيم ، 5/279مواهب الجليل للحطاب ، 4/245المبدع البن
مفلح . 4/8
)?(2سورة النساء ،اآلية . 6
)?(3مغني المحتاج للخطيب الشربيني . 2/7
65
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
والخالصة :
أن جمهور الفقهاء يرى أن القاصر يكتسب األهلية التجارية بشرط حصوله على
66
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
بالتجارة ،فإنه في هذه الحالة ال يكون أهًال لالتجار ،وال يكتسب صفة التاجر .وإ ذا
مارس هذا القاصر التجارة مع عدم حصوله على اإلذن فإن األعمال التجارية التي
وهذا ما نصت عليه المادة الثامنة من نظام األوراق التجارية الصادر بالمرسوم
{ التزامات القَّصر الذين ليسوا تجار والتزامات عديمي األهلية تكون باطلة بالنسبة
إليهم فقط .ويجوز لهم التمسك بهذا البطالن في مواجهة كل حامل للكمبيالة ولو كان
كما أن اآلثار التي تترتب على التاجر ال تسري على القاصر في حالة ممارسته
التجارة من غير إذن ،فال يشهر إفالسه عند توقفه عند دفع ديونه التجارية .
67
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
وبهذا يتبين أن القاصر غير المأذون له بالتجارة ليس له أهلية تجارية ،وال يجري
عليه ما يجري على التاجر المتمتع باألهلية التجارية ،كما أن االلتزامات التي يلتزم
()1
بها تكون باطلة حفظًا لمصلحته .
وإ ذا ما قام الصبي المميز بالتصرف بغير إذن وليه فإن تصرفه يتوقف على
()1
،فإذا أجازه الولي صح تصرف القاصر ،وإ ن لم يجزه إجازة وليه عند الجمهور
الولي بطل تصرفه ،واستثنى الحنابلة تصرف القاصر في الشيء اليسير فذهبوا إلى
()2
صحته مطلقًا .
كما فرق الحنفية بين تصرف القاصر لنفسه وتصرفه لغيره ،فإن كان تصرفه
لنفسه فإنه يتوقف على إجازة وليه ،وإ ن كان لغيره فإنه ينفذ من غير توقف على
()3
إجازة الولي .
()4
وُيالحظ أن الشافعية منعوا تصرف الصبي مطلقًا .
والخالصة :
أن القاصر في الفقه اإلسالمي ال يكتسب األهلية التجارية إال بحصوله على
اإلذن من وليه ،وإ ن تصرف بغير إذن وليه توقف صحة تصرفه على إجازة الولي.
وبهذا فإن الفقه والنظام يذهبان إلى أنه ال أهلية تجارية للقاصر إال بحصوله على
اإلذن .ولكن الفرق بينهما أنه في حالة تصرف القاصر من غير إذن ،فإن النظام
وأما الفقه فإنه يوقف نفاذ هذا التصرف على إجازة الولي ،فإن أجازه نفذ وإ ال
70
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
القاصر ليس أهًال لالتجار ،فليس له أهلية تجارية كما سبق .
ولكن هذا المنع من مزاولة األعمال التجارية بالنسبة للقاصر ليس مطلقًا ،فقد أجاز
النظام تبعًا ألحكام الشريعة أن يمارس القاصر األعمال التجارية بشرط حصوله على
اإلذن من وليه ،وعليه فقد أعطى النظام الولَّي الحق في أن يأذن للقاصر باالتجار إذا
رأى في ذلك مصلحة له ،كما لو كان ذلك تدريبًا له على ممارسة التجارة في
المستقبل.
واإلذن للقاصر باالتجار قد يكون مطلقًا وقد يكون مقيدًا ،فإذا أذن الولي
للقاصر باالتجار من غير تحديد لعمل تجاري معين ،أو من غير تحديد لقدٍر معين
وأما إذا حدد الولي في إذنه للقاصر نوعًا معينًا من التجارة ،أو مقدارًا معينًا
من المال ،كان هذا اإلذن مقيدًا .فالتقييد في اإلذن قد يكون في نوع التجارة ،وقد
71
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
فإذا صدر اإلذُن للقاصر مطلقًا شامًال كَّال أمواله جاز له أن يدخل شريكًا في
شركة تضامن ومن باب أولى أي نوع آخر من الشركات ،ويترتب على دخوله
وال يجوز للولي أن يقوم بإنشاء تجارة جديدة لحساب القاصر ؛ والسبب في
ذلك هو حماية القاصر من مخاطر التجارة .ولكن إذا آلت للقاصر تجارة قائمة فإنه
ال ُيمنع القاصر منها ،ويجوز للولي االستمرار فيها ؛ وذلك رعاية لمصلحة القاصر
حتى ال ُيحرم من تجارة قائمة له فيها حق لمجرد كونه قاصرًا .وفي هذه الحالة
يشترط للولي لكي يستمر في هذه التجارة أن يحصل على اإلذن من المحكمة وأن
()1
يتصرف وفقًا لهذا اإلذن مراعيًا في ذلك مصلحة القاصر .
ولكن " يجوز لولي القاصر أن يستثمر أموال القاصر باالكتتاب في أسهم
()2
شركات المساهمة أو التوصية باألسهم ؛ ألن هذا االستثمار ال يؤدي إلى اكتساب
القاصر صفة التاجر ،وال إلى تحمل المسؤولية التضامنية والمطلقة عن ديون
الشركة ،فالقاصر في هذه الحالة ال يسأل عن ديون الشركة إال في حدود قيمة األسهم
()3
التي يمتلكها" .
)?(1ينظر :القانون التجاري السعودي لمحمد حسن الجبر ص ، 109قانون المعامالت التجارية
السعودية محمود مختار بريري ، 1/87النظام التجاري السعودي لرضا السيد عبد الحميد
والدكتور صفوت بهنساوي ، 1/91الوجيز في النظام التجاري السعودي لسعيد يحيى ص .85
)?(2القانون التجاري السعودي لمحمد حسن الجبر ص . 178
)?(3القانون التجاري السعودي لمحمد حسن الجبر ص . 178
72
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
وال يجوز للولي أيضًا أن يسحب ،أو يحرر ،أو ُيظِّهر ،أو يقبل أي ورقة
()1
نيابة عن القاصر؛ وذلك حتى ال يتعرض القاصر لقسوة أحكام قانون تجارية
الصرف ،ولكن يجوز للولي أن يوقع على الورقة التجارية بصفته الحقيقية وليس
بكونه نائبا عن القاصر ،حيث يكون الولي في هذه الحالة هو الملتزم الشخصي وليس
()2
القاصر .
) ?(1األوراق التجارية ( :هي محررات شكلية تتطلب لصحتها بيانات معينة حددها القانون ،
قابلة للتداول بالطرق التجارية ،تمثل حقًا شخصيًا موضوعه مبلغ من النقود واجب الدفع في وقت
معين أو قابل للتعيين ،ويسهل تحويلها فورًا إلى نقود بخصمها لدى البنوك وباستعمالها في تسوية
الديون ) .واألوراق المالية في النظام السعودي هي :الكمبيالة ،والسند ألمر ،والشيك .ينظر :
القانون التجاري السعودي لمحمد حسن الجبر ص ، 64األوراق التجارية في النظام السعودي
للدكتورة لزينب السيد سالمة ص . 9
)?(2ينظر :األوراق التجارية في النظام السعودي زينب سالمة ص . 39
73
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
ويترتب عليها نفاذ التصرفات غالبًا .ولهذا اشترط الفقهاء في الولي شروطًا البد أن
تتوافر فيه ؛ وذلك ضمانًا لمصلحة المولى عليه ،حتى ال يولى إال من هو أهل لهذه
كما قيد الفقه اإلسالمي سلطة الولي بتحقيق مصلحة الموَّلى عليه ،ورعايتها
فليس للولي مباشرة أي تصرف يلحق ضررًا محضًا بالمولى عليه كالتبرع
من ماله ،أو البيع والشراء له بغبن فاحش .ومن تصرفات الولي اإلذن للقاصر
بالتجارة ،فإذا رأى الولي في ذلك مصلحة للقاصر جاز له أن يأذن للقاصر بمزاولة
التجارة .
وهذا اإلذن للقاصر إما أن يكون صريحًا كقوله :أذنت لك بالتجارة ،أو قوله
:اذهب إلى السوق فبع واشتِر ،وإ ما أن يكون اإلذن ضمنيًا كأن يرى الولُي القاصَر
يقوم بالبيع والشراء فيسكت عنه وال يمنعه من ذلك .فهذا السكوت إذن ضمني
وإ قرار للقاصر بصحة فعله ،فمن ثم يصبح القاصر مأذونًا له لداللة الحال وإ ال
تغرر الناس بداللة حال الولي وتورطوا في التعامل مع القاصر وهو غير مأذون له
()1
بالتجارة.
)?(1ينظر :الفقه اإلسالمي وأدلته لوهبة الزحيلي ، 4/147المدخل الفقهي العام لمصطفى
الزرقاء . 2/772
74
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
إذا أذن الولي للصغير بالتجارة فهل يجوز للولي أن يخصص هذا اإلذن بنوع معين
من التجارة ،أو زمان معين ،أو سوق محدد ،أو مقدار معين من المال ،أو أنه ليس
ـ ذهب الحنفية :إلى أن اإلذن للقاصر بالتجارة ال يقبل التخصيص ،فإذا أذن الولي
بالتجارة ،وقيده بنوع معين ،أو وقت محدد ،أو سوق مخصوص .
فإن القاصر يصبح مأذونًا إذنًا عامًا بالتعاطي بالتجارة في جميع األنواع ،ومع جميع
جاء في المجلة " :مادة : 970ال يتقيد وال يتخصص إذن الولي بزمان
ومكان ،وال بنوع من البيع والشراء ،مثًال لو أذن الولي للصغير المميز يومًا أو
شهرًا يكون مأذونًا على اإلطالق ويبقى مستمرًا على ذلك اإلذن ما لم يحجره الولي،
وكذا لو قال له بع واشتِر في السوق الفالني يكون مأذونًا في كل مكان ،كذلك لو قال
()1
المال " .
وحجة الحنفية في كون اإلذن ال يقبل التخصيص :أن اإلذن رفع وإ سقاط لقيد الحجر
األصلي ،وهذا اإلسقاط ال يقبل التقييد ،فالحجر ال يتجزأ ،فإذا زال بعضه زال
()2( )1
كله .
ـ وذهب الحنابلة :إلى أن اإلذن بالتجارة يقبل التخصيص ويصح تقييده نوعًا ،
وحجة الحنابلة :أن اإلذن كالتوكيل ،والتوكيل يقبل التقييد ،فللموكل تقييد سلطة
الوكيل بنوع ،أو بوقت ،أو بمكان ،وليس للوكيل أن يمتد تصرفه لغير ما وكل
()4( )3
فيه .
" فينفك عنهما أي عن المميز والعبد الحجُر فيما أذن الولي أو السيد لهما فيه فقط فإذا
أذنا لهما في التجارة في مائة لم يصح تصرفهما فيما زاد عليهما ،وينفك عنهما
الحجر أيضًا في النوع الذي أمرا به أي بأن يتجرا فيه فقط ؛ ألنهما يتصرفان باإلذن
من جهة آدمي فوجب أن يتقيدا بما أذن لهما فيه كوكيل ووصي في نوع من
()5
التصرفات " .
)?(1ينظر :البحر الرائق ، 8/98المبسوط . 25/19
) ?(2مذهب المالكية كمذهب الحنفية في أن اإلذن بالتجارة ال يقبل التخصيص ،ولكنهم يذكرون
ذلك في إذن السيد لعبده بالتجارة ،ويرون أن العبد إذا أذن له سيده بالتجارة يكون كالوكيل
المفَّو ض فال يتقيد بأي نوع من التقييد .ينظر :الشرح الكبير . 3/304
)?(3ينظر :المبدع ، 4/348كشاف القناع . 3/457
) ?(4يالحظ أن الشافعية ال يجوزون اإلذن للقاصر بالتجارة ،فتصرفات المميز عندهم باطلة ،
وال أثر لإلذن في تصحيحها .ينظر :مغني المحتاج . 2/170
)?(5كشاف القناع . 3/457
76
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
يختلفون في تعاطي األمور التجارية ،فمنهم من يبرع في نوع دون آخر ،حيث نجد
أن بعضهم يجيد العمل في المقاوالت ،والبعض يجيد العمل في السمسمرة ،إلى غير
ذلك من أنواع التجارة والتي غالبًا ما يتميز التاجر في نوع واحد منها ونادرًا ما نجد
تاجرًا يكون ناجحًا في أنواع عديدة منها .كما أن البعض قد ينجح في بلد ويفشل في
آخر .
ومن هنا كانت المصلحة في تطبيق ذلك على إذن الولي للقاصر ،فإذا رأى
الولي تميز القاصر في تجارة معينة وإ لمامه بها كان له أن يأذن للقاصر في هذا النوع
فقط حفاظًا على مال القاصر حتى ال يدخل في غيره ويفشل فيه.
بالتجارة بمقدار معين من المال ال يتجاوزه حفاظًا على بقية أمواله من الهالك .وال
وفي هذا يقول الشيخ مصطفى الزرقاء ـ رحمه اهلل ـ معلقًا على القول بأن اإلذن
" وال يخفى أن هذا النظر أوجه وأجرى مع المصلحة ،فإن اإلذن للصغير
بمباشرة التجارة والتعامل إنما شرع لتمرينه واختباره ،وقد يكون له بصيرة في نوع
دون نوع ،وقد ُيؤمن عليه التعامل مع شخص دون غيره ،فيجب أن يصح تخصيص
77
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
اإلذن ،وإ ال ضاعت الحكمة منه ،على أن كون اإلذن إسقاطًا لقيد الحجر ال يستلزم
عدم إمكان تخصيصه ؛ ألن المقيد يمكن أن تطلق منه ناحية فقط ويبقى غيرها على
()1
قيده " .
المبحث الثاني
األهلية التجارية لألجانب
79
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
" كل شخص ال يحمل جنسية الدولة التي يقيم فيها سواء كان يحمل جنسية دولة أو
()1
دول أخرى ،أم كان ال يحمل أية جنسية على اإلطالق " .
ومن هنا يتضح أن المعيار المميز لألجنبي عن المواطن هو معيار الجنسية .فال
عبرة في تحديد األجنبي بالموطن الذي استوطنه أو بمحل اإلقامة الدائمة .
وعليه فإن من ال يحمل جنسية الدولة يظل أجنبيًا عنها مهما طالت مدة إقامته على
إقليمها .كما أن من يحمل جنسية الدولة وال يقيم فيها ويقيم بصفة دائمة خارج إقليمها
عرفت المادة الثالثة الفقرة (جـ) من نظام ( الجنسية العربية السعودية ) الصادر عام
فيتضح من هذا أن النظام السعودي أخذ في تعريفه لألجنبي بمعيار الجنسية ،فمن ال
يحمل الجنسية العربية السعودية يعد أجنبيًا وإ ن كان مقيمًا في اإلقليم السعودي.
)?(1القانون الدولي الخاص للمملكة العربية السعودية لمحمد السيد عرفة ص . 150
80
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
وكما ينطبق هذا التعريف على الشخص الطبيعي فإنه يسري أيضًا على
الشخص المعنوي أو االعتباري ،فالشركة أو المؤسسة التي تمارس نشاطًا معينًا تعد
()2
شركة أجنبية طالما أنها ال تحمل الجنسية السعودية .
وقد أكد هذا أيضًا نظام ( االستثمار األجنبي ) الصادر بالمرسوم الملكي رقم
م 1/وتاريخ 5/1/1421هـ ،حيث عرفت المادة األولى الفقرة (هـ) من هذا النظام
{ المستثمر األجنبي :الشخص الطبيعي الذي ال يتمتع بالجنسية العربية السعودية أو
السعودية } .
والخالصة :
أن األجنبي في النظام يتحدد بالجنسية ،فالذي يحمل الجنسية ُيعد مواطنًا في البلد
الذي يحمل جنسيته وإ ن كان يقيم خارجه إقامة دائمة ،والذي ال يحمل جنسية هذا
البلد يعد أجنبيًا عنه وإ ن كان يقيم فيه إقامة دائمة .
)?(2تنص المادة 14من نظام الشركات السعودي الصادر عام 1385هـ على أن الشركة لكي
تحصل على الجنسية السعودية يجب أن تتخذ مركزها الرئيسي في المملكة .وعليه فإن الشركة
تظل أجنبية طالما أن مركزها الرئيسي خارج المملكة وإن كان نشاطها أو مصلحتها األساسية
داخل المملكة .
81
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
قائمة وقت ظهوره ،أما الروابط التي كانت معلومة وقت ظهور اإلسالم فكانت
الروابط الِع رقية ،كرابطة العشيرة والقبيلة ،وبعد ظهور اإلسالم نشأت رابطة جديد
هي ( األخوة اإلسالمية ) وهي رابطة دينية كانت توحد بين األشخاص الذين
يشتركون في العقيدة اإلسالمية فاالنتماء إلى اإلسالم هو الرباط الذي يربط بين المسلم
التكاليف اإلسالمية العامة .أما األجانب في الدولة اإلسالمية أو في دار اإلسالم فهم
غير المسلمين الذين يقيمون داخل حدودها .وغير المسلمين الذين يقيمون في دار
– 1الذميون :هم الذين يقيمون في دار اإلسالم إقامة دائمة ،وذلك بمقتضى العقد
" عقد بمقتضاه يصير غير المسلم في ذمة المسلمين أي في عهدهم وأمانهم على وجه
()1
التأبيد ،وله اإلقامة في دار اإلسالم على وجه الدوام " .
)?(1أحكام الذميين والمستأمنين في دار اإلسالم لعبد الكريم زيدان ،ص . 22
82
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
وعقد الذمة ال يصدر إال من اإلمام ؛ ألنه يفرض واجبات يتوالها اإلمام
بالتنفيذ ،ويفرض حقوقًا يرعاها اإلمام حق رعايتها ،وهو بطبيعته عقد دائم؛ ألن من
وهو عقد ينفذ على الشخص ثم ينفذ من بعده على ذريته .ويشترط في عقد الذمة أن
يلتزم الذميون إعطاء التكاليف المالية على القادرين منهم ،وهي ما تسمى في اإلسالم
بـ (الجزية) وال تجب إال على الرجال األحرار العقالء .كما يشترط فيه أن يلتزم
فيما يتعلق بحياتهم الخاصة أو ما يسمى باألحوال الشخصية كقوانين األسرة ،فإن
– 2المستأمنون :وهم الحربيون الذين يقيمون في دار اإلسالم إقامة مؤقتة ،
بمقتضى عهد األمان .وهذا األمان أمان مؤقت بخالف األمان بعقد الذمة فهو مؤبد ؛
ومتى انعقد األمان فقد تم وأمكن تنفيذه حاًال ،وللحربي المستأمن أن يعمل
بمقتضاه ،فيدخل في دار اإلسالم آمنًا وال يجوز له التعرض بسوء ويجب على
()1
المسلمين رعاية هذا األمان ومقتضاه ما دام قائمًا .
)?(1ينظر :أحكام الذميين والمستأمنين في دار اإلسالم لعبد الكريم زيدان ص ، 61النظرية
اإلسالمية في الدولة مع المقارنة بنظرية الدولة في الفقه الدستوري الحديث لحازم الصعيدي ص
، 197األحكام السلطانية والواليات الدينية للماوردي ص . 161
83
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
) الصادر بالمرسوم الملكي رقم م 1/وتاريخ 5/1/1421هـ ،وقد ألغى هذا النظام
الحصوَل على ترخيص من الهيئة العامة لالستثمار في المملكة ،سواء كان هذا
()1
النشاط االستثماري بصفة دائمة أو بصفة مؤقتة .
كما أجاز النظام للمستثمر األجنبي التظلم لدى ديوان المظالم في حال رفض
()2
الهيئة العامة لالستثمار منحه الترخيص المطلوب .
وقد وضع النظام ضمانات لالستثمار األجنبي في المملكة ،تشجع األجانب على
-1تمتع المشروع األجنبي بجميع المزايا والحوافز والضمانات التي يتمتع بها
()3
المشروع الوطني حسب األنظمة والتعليمات .
)?(1ينظر :المادة الثانية من نظام االستثمار األجنبي الصادر عام 1421هـ .
)?(2ينظر :المادة الثانية من نظام االستثمار األجنبي الصادر عام 1421هـ .
)?(3ينظر :المادة 6من نظام االستثمار األجنبي الصادر عام 1421هـ .
84
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
-2حق المستثمر األجنبي في إعادة تحويل نصيبه من بيع حصته ،أو من فائض
التصفية ،أو األرباح التي حققتها منشأته للخارج أو التصرف فيها بأية وسيلة
()1
مشروعة .
-3عدم جواز مصادرة االستثمارات التابعة للمستثمر األجنبي كلها أو بعضها إال
()2
بحكم قضائي .
()3
عليه .
أما بالنسبة للشركات األجنبية فإنها ال تستطيع أن تنشيء فروعًا ،أو وكاالت ،أو
مكاتب تمثلها في المملكة إال بعد حصولها على ترخيص بذلك من وزير التجارة
()4
والصناعة .ولكن األجانب يجوز لهم أن يدخلوا كشركاء في الشركات السعودية أيًا
()5
كان نوع الشركة .
ينظر :المادة 7من نظام االستثمار األجنبي الصادر عام 1421هـ . )?(1
ينظر :المادة 11من نظام االستثمار األجنبي الصادر عام 1421هـ . )?(2
ينظر :المادة 12من نظام االستثمار األجنبي الصادر عام 1421هـ . )?(3
ينظر :المادة 228من نظام الشركات الصادر عام 1385هـ . )?(4
ينظر :مبادئ القانون لرجال األعمال في المملكة للدكتور محمد أبو العينين ص .202 )?(5
85
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
ـ فأما الذميون :فالقاعدة العامة فيهم أنهم كالمسلمين في الحقوق والواجبات ،ولهذا
شاع عند الفقهاء قولهم عن الذميين " :لهم ما لنا وعليهم ما علينا " .فكان للذميين
حرية العمل في دار اإلسالم ،ومباشرة النشاط االقتصادي الذي يريدونه ،فكان لهم
وسائر التصرفات كالمسلمين ؛ إال أنهم يمنعون من الربا فهو محظور عليهم
كالمسلمين ،كما يمنع الذميون من بيع الخمور والخنازير في أمصار المسلمين وكذا
إدخالها في األمصار على وجه الشهرة والظهور ،إال أن لهم بيعها في قراهم
وأمصارهم ،أو في موضع ليس من أمصار المسلمين ولو كان فيه مسلمون .
ـ وأما المستأمنون :فكان لهم الحرية المطلقة في مزاولة األعمال التجارية ؛ ألنهم ما
داموا في دارنا فهم بمنزلة الذميين كما ذكر ذلك الفقهاء ،إال أنهم يمنعون من
اإلضرار بالمصالح اإلسالمية ،فال يمكنون من شراء ما فيه تقوية ألصل دار الحرب
من سالح ونحوه ،كما أنه ال يجوز للمواطنين في دار اإلسالم أن يبيعوهم شيئًا من
()1
ذلك .
)?(1ينظر :أحكام الذميين والمستأمنين في دار اإلسالم لعبد الكريم زيدان ،ص ، 70ص
.110
86
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
" وهذا بخالف ما لو دخلوا بهذه األشياء فإنهم ال يمنعون من الخروج بها؛ ألنهم
باألمان استفادوا من العصمة ألنفسهم وأموالهم ،فال تملك الدولة اإلسالمية منعهم من
()2
العودة بها رعاية لمقتضى األمان وهذا منتهى العدل واإلنصاف " .
الخالصة :
أن اإلسالم منح األجانب الحرية المطلقة في مزاولة ما يرغبون من األعمال التجارية
وغيرها ،وهذا يرجع إلى مبدأ حث اإلسالم على العمل واكتساب المرء نفقته ونفقة
عياله ،ولكن يالحظ منعهم مما فيه مساس بالسيادة الوطنية لدار اإلسالم .
)?(2أحكام الذميين والمستأمنين في دار اإلسالم لعبد الكريم زيدان ،ص ، 70ص .111
87
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
لألجنبي وفقًا لقوانين الدولة المضيفة الحق في ممارسة التجارة فعندئذ ُيطرح التساؤل
عن القانون ،أو النظام الذي يخضع له األجنبي في تحديد أهليته للتجارة؟
فإذا نظرنا إلى المملكة نجد أن نظام المحكمة التجارية لم يتعرض لتحديد أهلية
األجنبي لالتجار ،وهذا األمر أدى إلى اختالف الشراح في القانون الذي يحدد أهلية
األجنبي التجارية.
بالرجوع إلى قانون جنسيته ،وأن هذا هو ما تقضي به القواعد العامة في القانون
()1
الدولي الخاص .
ولكن هؤالء الشراح ُيسِّلمون بأن الرجوع إلى قانون جنسية األجنبي يهدد استقرار
المعامالت التي تتم بين األجانب والوطنيين ؛ ألنه يصعب على الوطنيين الرجوع قبل
كل تعامل مع األجنبي إلى قانون جنسيته والتحقق من كونه أهًال للتجارة وفقًا ألحكامه
.
)?(1ينظر :قانون المعامالت التجارية السعودي لمحمود مختار بريري ، 1/88مبادئ القانون
لرجال األعمال في المملكة العربية السعودية لمحمد أبو العينين ص . 200
88
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
ولهذا السبب يرى فريق من الشراح أن تحديد أهلية األجنبي للتجارة في
المملكة يكون بالرجوع إلى أحكام القانون السعودي وليس ألحكام قانون جنسية
()1
األجنبي .
وعلى ذلك :لو قام شخص كويتي أو مصري بالتعامل التجاري في المملكة
وعمره عشرون عامًا ،فإنه يعد على هذا الرأي كامل األهلية التجارية ؛ إذ إن سن
بنقص أهليته وفقًا لقانون بلده ،حيث يعتبر في الكويت ومصر ناقص األهلية التجارية
()2
؛ ألن سن األهلية التجارية فيهما هو إحدى وعشرون عامًا .
وأما على القول بالرجوع إلى قانون جنسية األجنبي ،فيكون هذا الشخص قاصرًا،
ويحق له إبطال هذا التعامل ،ويرى أصحاب هذا الرأي أنه يمكن عالج األمر عن
طريق تصحيح معامالت األجنبي القاصر وفقًا لقانون جنسيته على أساس خفاء سبب
()3
البطالن ،وعدم علم الوطنيين به .
وفي نظري أن القول بتحديد أهلية األجنبي لالتجار في المملكة يكون وفقًا
ألحكام القانون السعودي ،وليس بالرجوع إلى قانون جنسية األجنبي هو الراجح ؛
)?(1ينظر :القانون التجاري السعودي لمحمد حسن الجبر ص ، 111األوراق التجارية في
النظام السعودي لزينب السيد سالمة ص .36
)?(2ينظر :المادة 18من قانون التجارة الكويتي الجديد لعام 1980م ،والمادة 11من قانون
التجارة المصري رقم 17لسنة 1999م .
)?(3ينظر :قانون المعامالت التجارية السعودي لمحمود مختار بريري . 1/88
89
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
أوًال :أن هذا القول يعد تطبيقًا لمبدأ حماية الموقف الظاهر ،وحفاظًا بالتالي على
مصالح المواطنين الذين يتعاملون مع األجانب وهم يجهلون قوانين األهلية التي
ثانيًا :أن القول بالرجوع إلى قانون جنسية األجنبي سيؤدي إلى اضطراب
وعشرين سنة ،وتعتبر من أكمل الثامنة عشرة من عمره قاصرًا ال يجوز له
()1
احتراف التجارة إال بشروط معينة .
ثالثًا :أن القول باألخذ بقانون جنسية األجنبي ،مع تصحيح معامالت القاصر وفقًا
لقانون جنسيته بدعوى خفاء سبب البطالن .يؤدي إلى إعمال قانون بلد آخر
في بلد النزاع وهذا يناقض فكرة السيادة ،ثم إنه ال يؤدي إلى حكم جازم في
الموضوع فقد يعتبر القاضي عدم علم الوطنيين بحال األجنبي تقصير منهم
مما يجعله يحكم بإبطال معاملتهم معه األمر الذي قد يلحق بهم الضرر ،ثم إن
االعتراف بأنه قاصر والقول بتصحيح معاملته فيه تناقض ،فالقاصر في
وهذا كله ينعدم بإعمال قانون البلد الذي تم فيه التعامل .
)?(1ينظر :القانون التجاري السعودي لمحمد حسن الجبر ص ، 111األوراق التجارية في
النظام السعودي لزينب السيد سالمة ص . 37
90
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
رابعًا :إن إعمال قانون جنسية األجنبي في تحديد أهليته ،قد يغري ضعاف النفوس
باالحتيال على الوطنيين ،ثم يحتمون بكونهم قصرا في بالدهم ،مما يضر
خامسًا :إن إعمال القانون السعودي في تحديد أهلية األجنبي في المملكة ،يؤيده
نص المادة السابعة من نظام األوراق التجارية الصادر بالمرسوم الملكي رقم
{ تتحدد أهلية الملتزم بالكمبيالة وفقًا لنظام موطنه ،ومع ذلك ال يعتبر السعودي
أهًال لاللتزام بالكمبيالة إال إذا بلغ من العمر ثماني عشرة سنة ،وإ ذا كان الشخص
ناقص األهلية وفقًا لنظامه الوطني فإن التزامه يظل مع ذلك صحيحًا إذا وضع
فهذا النص أخذ بقانون الموطن في تحديد أهلية األجنبي ،والموطن هو المكان
الذي يتخذه الشخص عادة مقرًا ألعماله الرئيسية ،والذي قد يكون في غير البلد الذي
يحمل جنسيته .فالموطن هو محل العمل أو اإلقامة المؤقتة ،وهو يختلف عن الوطن
الذي يحمل الشخص جنسيته .وهذا الحكم رغم أنه ورد بخصوص أهلية االلتزام
الصرفي ،فإن المنظم السعودي لم يفرق بين أهلية االتجار وأهلية االلتزام
()1
،فكالهما عمل تجاري أصلي . الصرفي
)?(1ينظر :القانون التجاري السعودي لمحمد حسن الجبر ص ، 111األوراق التجارية في
النظام السعودي لزينب السيد سالمة ص . 36
91
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
ومن ثم فإن ما ينطبق على األجانب في االلتزام الصرفي ينطبق عليهم فيما يتعلق
باالتجار بصفة عامة ،خاصة وأن المنظم يتشدد عادة فيما يتعلق بااللتزام الصرفي
()2
مما ال يدع مجاًال لالعتراض بخطورة التعميم على المصلحة الوطنية .
الخالصة :
أّن تحديد األهلية التجارية في المملكة يكون وفقًا للنظام السعودي ،والذي يحدد
األهلية التجارية ببلوغ سن الرشد وهو ثمانية عشر عامًا ،وينطبق هذا على السعودي
رجًال كان أو امرأة ،وعلى األجنبي متى كانت المملكة هي بلد التعامل التجاري .
األهلية لدى المسلم .وعليه فإن األهلية التجارية لألجنبي هي ذاتها األهلية التجارية
للمسلم ،وهي كما ذكر الفقهاء تتحدد بالبلوغ مع الرشد ،فمن بلغ غير مصاب
وأما قبل البلوغ فهو يكون ناقص األهلية ،تتوقف صحة تصرفاته على إجازة
()1
وليه لتصرفاته السابقة ،أو حصوله على اإلذن منه لتصرفاته الالحقة .
المبحث الثالث
األهلية التجارية للشخصية المعنوية
94
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
المتميز المتمتع بالعقل واإلرادة والوعي بطبيعته ،وهذا ما ال يتوافر إال في اإلنسان
يقتصر على اإلنسان الفرد .وإ نما تشمل جماعات من األفراد كالشركات والجمعيات
،أو مجموعات من األموال كاألوقاف والمؤسسات حيث تعتبر هذه األمور أشخاصًا
()1
في نظر القانون .
)?(1ينظر :المدخل إلى القانون لحسن كيره ص ، 514النظرية العامة للقانون لمصطفى
الجمال وعبد الحميد الجمال ص . 419
95
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
()1
في القانون هو : فالشخص المعنوي
" جماعة من األشخاص ،أو مجموعة من األموال ،تهدف إلى تحقيق غرض معين ،
ويعترف لها القانون بالشخصية القانونية بالقدر الالزم لتحقيق غرضها ،ويكون لها
()2
منها" .
تفرض هذه الحياة ضرورة االعتراف بالشخصية القانونية لبعض الجماعات التي
تقوم بغرض تحقيق أهداف ومصالح إنسانية .فهناك من المشروعات التي تحتاج إلى
أموال كثيرة ال يقوى الفرد على توفيرها بمفرده ،األمر الذي يقتضي ضم رؤوس
األموال الالزمة من عدد كبير من األفراد للقيام بهذا المشروع ،ولكي يتحقق الغرض
وأيضا قد يرغب شخص في تحقيق هدف معين ،وقد يحتاج هذا الهدف إلى
فترة من الوقت تتجاوز عمر اإلنسان الواحد ،فكان من الضروري أن يلتقي عدد من
األفراد لتحقيق هذا الغرض ،ويتكون بالتالي من مجموعهم شخص قانوني مستقل
)?(1يطلق على الشخص المعنوي اصطالحات أخرى أيضًا مثل :الشخص االعتباري ،
والشخص الُح ْك مي ،والشخص االفتراضي .ينظر :المدخل إلى القانون لحسن كيره ص ، 630
الشخصية الحكمية للشركات المعاصرة ألحمد الرزين ص . 124
) ?(2مبادئ القانون في ظل األنظمة المعمول بها في المملكة العربية السعودية لعبد الفضيل محمد
أحمد ص . 187
96
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
عن كل منهم ،يكون له حياة مستقلة بحيث ال يؤثر انقضاء حياة بعض هؤالء األفراد
()1
أو كلهم على بقائه يماِر س نشاطه لتحقيق الهدف المطلوب" .
()2
؛ لكونها اعترف لجميع أنواع الشركات بالشخصية المعنوية عدا شركة المحاَّصة
وقد نصت على ذلك المادة الثالثة عشرة من نظام الشركات الصادر بالمرسوم الملكي
رقم م 6/وتاريخ 22/3/1385هـ بقولها { :فيما عدا شركة المحاَّصة تعتبر الشركة
اجتماعية إال أن وجوده القانوني ال يكون ثمرة إلرادة األفراد ،بل يكون رهنًا إلرادة
المنظم ،واعتراف المنظم أو الدولة بالشخص المعنوي يكون بأحد طريقين :
)?(1ينظر :المدخل إلى القانون لحسن كيره ص ، 617المقدمة في دراسة األنظمة لمجموعة
من المؤلفين ص . 357
) ?(2شركة المحاصة :هي الشركة التي تستتر عن الغير وال تتمتع بشخصية اعتبارية وال
تخضع إلجراءات الشهر .ينظر :المادة 40من نظام الشركات .
97
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
المجموعة اكتسبت الشخصية المعنوية بقوة القانون ،دون حاجة إلى اعتراف خاص
وهذا االعتراف اعتراف غير مباشر ينشأ عن تنظيم سابق ،وهذا مثل
وهذا ما نصت عليه المادة الثالثة عشرة من نظام الشركات بقولها :
{ فيما عدا شركة المحاصة تعتبر الشركة من وقت تأسيسها شخصًا اعتباريًا}.
" وعلى ذلك فإن اكتساب الشخصية المعنوية ال يتوقف في المملكة على القيام
بإجراءات الشهر التي نص عليها النظام ،فالشركة تكتسب الشخصية المعنوية ولو
()1
كانت غير مشَّهرة " .
الرفض في كل حالة على حدة ،إذ تملك هذه الجهة سلطة تقديرية تقرر بمقتضاها ما
إذا كانت الشروط الالزمة لالعتراف لهذه المجموعة بالشخصية المعنوية قد تحققت
ويحدث هذا االعتراف غالبًا عندما تنشيء الدولة مؤسسة عامة تصدرها بقانون
جاء في المادة األولى من نظامها الصادر بالمرسوم الملكي رقم أ 36 /
{ ُتنشأ مؤسسة خيرية تسمى مكتبة الملك عبد العزيز العامة ،وتكون لها
10/8/1400هـ :
{ ُتنشأ بموجب هذا النظام مؤسسة عامة تسمى المؤسسة العامة للتعليم الفني
والتدريب المهني ولها شخصية اعتبارية مستقلة ،وتتمتع باستقالل مالي وإ داري }
99
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
وأما انقضاء الشخصية المعنوية وانتهاؤها فله أسباب متعددة تختلف باختالف
األشخاص المعنوية .وبوجه عام تنقضي الشخصية المعنوية بأحد األسباب التالية :
-2تحقيق الغرض الذي قامت من أجله ،أو التأكد من استحالة تحققه .
-3الحّل ،سواء كان هذا الحل اختياريًا ،أو جبريًا بصدور حكم من القضاء أو
()1
السلطة التنفيذية .
ولكن يالحظ هنا أن " انقضاء الشركة ال يعني زوال شخصيتها في الحال بل تظل
الشركة طبقًا لما تقضي به المادة ( )216من نظام الشركات محتفظة بشخصيتها
المعنوية في فترة التصفية ،ومن ثم يكون للشركة في هذه الفترة الحق في استيفاء
حقوقها لدى الغير ،وعليها الوفاء بالتزاماتها ِق بل الغير ،كما يجوز إشهار إفالسها
()2
متى توقفت عن دفع ديونها التجارية " .
كيان قانوني مستقل عن كيان األشخاص المكونين لها ،أو المنتفعين بها .وهذا
االستقالل يقتضي أن يكون للشخص المعنوي عالمات تميزه عن غيره وتحدد ذاتيته
ولكن ذلك ال يعني التطابق والتماثل بينهما في مدلول هذه المميزات ،أو في
الضوابط والعناصر التي تتحدد بها ؛ ألن لكل منها طبيعة تكوين وغرض يختلف عن
اآلخر .
المعنوية األخرى ،وتختلف طريقة تكوين االسم حسب نوع الشخص المعنوي .فمثًال
شركات األشخاص يجب أن يتضمن اسم الشركة اسم شريك أو أكثر مقرونًا بما
يوضح وجود الشركة مثل عبارة " وشريكه " أو " وشركاه " .وأما شركة المساهمة
ويتحدد الموطن عادة بالمكان الذي يوجد فيه مركز إدارة الشخص المعنوي .وتظهر
أهمية تحديد الموطن للشخصية المعنوية في أن الدعوى التي ُترفع عليها تكون أمام
كما أن تبليغها بأي ورقة رسمية يكون بناء على تحديد موطنها .
– 3الجنسية :وهي العالقة التي تربط الشخص المعنوي بدولة معينة ،والتي
تجعله يخضع لقانونها من حيث قيامه واستمراره وانقضائه .وتختلف آراء الفقه في
101
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
المعيار الذي يتم به تحديد جنسية الشركة ،هل هو محل التكوين ،أو محل مركز
وقد أخذ المنظم السعودي في نظام الشركات بالمحل الذي يقع فيه مركز
الشركة الجنسية السعودية أن يكون مركزها الرئيسي في المملكة ،وأن تؤسس وفق
نظامها.
األشخاص الذين يتولون إدارته .وعلى ذلك :األموال التي يقدمها مؤسسو الشخص
فيها ،ما دامت هذه األموال قدمت للشخص المعنوي على سبيل التمليك .كما أن
الحقوق وااللتزامات الناتجة عن تعامل الشخص المعنوي مع الغير تنصب في ذمته ،
()1
وليس في ذمم أعضائه أو مؤسسيه .
)?(1ينظر :المدخل إلى القانون لحسن كيره ص ، 647مبادئ القانون في ظل األنظمة المعمول
بها في المملكة ،لعبد الفضيل محمد ص ، 190المقدمة في دراسة األنظمة لمجموعة من
المؤلفين ص ، 361القانون التجاري السعودي لمحمد الجبر ص . 206
102
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
الشريعة ،وإ ن كان مصطلح ( الشخصية المعنوية ) غير معروف في الفقه اإلسالمي
أ ـ فبالنظر إلى الدولة :نجد أن الفقهاء أثبتوا للدولة شخصية معنوية مستقلة بها ،
فالتصرفات العامة للسلطات ،وعمال الدولة ،وموظفيها ،تنصرف إلى الدولة في
الحقوق وااللتزامات ،مما يدل على أن للدولة شخصية مستقلة بها .
فمثًال :ما يعقده اإلمام من صلح أو معاهدات هو في الفقه اإلسالمي محترم ،وملزم
ومعنى هذا اعتبار الدولة شخصًا معنويًا يمثله اإلمام ويتعاقد باسمه .
أعمالهم هو نيابة عن الدولة ؛ فإذا وقع من أحدهم خطأ عن غير قصد أو تقصير فيقع
فهذا دليل على أن الفقه اإلسالمي جعل للدولة شخصية معنوية مستقلة عمن يمثلها
ب ـ أما الوقف :فواضح من كالم الفقهاء أنهم أثبتوا له شخصية معنوية مستقلة به .
ويظهر ذلك من تجويزهم الوقف على المساجد ،والوصية لها ،بل صَّر ح المالكية
()1
. والشافعية بأنها أهل للتملك
" يشترط في الموقوف عليه أن يكون أهًال للتملك الُح ْك مي كالمسجد ،أو حسًا كاآلدمي
()2
" .
" وتصح الوصية لعمارة نحو مسجد ورباط ومدرسة ،وكذا وإ ن أطلق في األصح
()3
بأن قال أوصيت به للمسجد ،وإ ن أراد تمليكه لما مر في الوقف أنه حر يملك" .
الواقف نفسه ،فجوز الفقهاء عزل الواقف لمصلحة الوقف ،كما جوزوا االستدانة له
)?(1عرف الفقهاء الوقَف بتعريفات متعددة ،متخلفة في اللفظ متقاربة في المعنى ،ومن هذه
التعريفات :
-1حبس العين على ملك الواقف والتصدق بالمنفعة .ينظر :البحر الرائق البن نجيم .5/202
-2حبس عين لمن يستوفي منافعها أبدًا .ينظر :منح الجليل لمحمد عليش . 4/34
-3حبس مال يمكن االنتفاع به مع بقاء عينه بقطع التصرف في رقبته على مصرف مباح
موجود .ينظر :مغني المحتاج للخطيب الشربيني . 2/376
-4تحبيس األصل وتسبيل المنفعة .ينظر :زاد المستقنع للحجاوي ص . 144
)?(2الخرشي على متن الخليل . 7/80
)?(3نهاية المحتاج للرملي . 6/47
104
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
كل ذلك يثبت أن الفقه اإلسالمي أثبت للوقف شخصية معنوية مستقلة ،فيكسب
ج ـ وأما بيت المال :وهو خزينة الدولة العامة ،والجهة التي تختص بكل مال
()1
يستحقه المسلمون ولم يتعين مالُك ه .
وقد أثبت الفقه اإلسالمي لبيت المال شخصية معنوية مستقلة به ،فنجد أن
الفقهاء نصوا على أنه يملك ،ويستحق التركات الخالية عن إرث أو وصية .
كما أن على بيت المال واجبات تفرض عليه ،فيجب عليه نفقة الفقير العاجز عن
الكسب والذي ال عائل له ،وكذلك تكفين موتى المسلمين الذين ال مال لهم ،وغير
بل إنه في حال الضرورة يجوز االقتراض لبيت المال ،ويثبت ذلك في ذمته ،
جاء في األحكام السلطانية قوله " :لو اجتمع على بيت المال حقان ،فضاق عن كل
واحد منهما ،جاز لولي األمر إذا خاف الفساد أن يقترض على بيت المال ما يصرفه
في الديون دون االرتفاق ،وكان من حدث بعده من الوالة مأخوذًا بقضائه إذا اتسع له
()2
بيت المال" .
وعلى ذلك فإن ثبوت الحق لبيت المال ،وكذا ثبوت االلتزام عليه ،يستلزم
()3
القول بثبوت الشخصية المعنوية المستقلة به في الفقه اإلسالمي .
)?(3ينظر :المدخل الفقهي العام لمصطفى الزرقاء ، 3/256الذمة والحق وااللتزام وتأثيرها
بالموت في الفقه اإلسالمي للمكاشفي طه الكباشي ص ، 31الشخصية الحكمية للشركات
المعاصرة ألحمد الرزين ص . 171
106
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
األهلية أضيق نطاقًا من أهلية الشخص الطبيعي ؛ ذلك أن الحقوق التي تثبت لإلنسان
بحكم كونه إنسانًا ال تثبت للشخص المعنوي ،فال تثبت له مثًال حقوق األسرة الناشئة
بااللتزامات ،إال أنه ال يستطيع بذاته إجراء التصرفات القانونية التي يمكن أن ترتب
ولهذا كان من الالزم أن يكون هناك من يمثل الشخص المعنوي ليجري باسمه
ولحسابه هذه التصرفات ،وهذا الممثل قد يكون فردًا ،وقد يكون هيئة أو مجموعة
من الهيئات ،فالدولة مثًال يمثلها رئيس الوزراء أو الوزير ،والمحافظة يمثلها
وأما األهلية التجارية للشخصية المعنوية فإنها تتحدد وتكتسب وفقًا للغرض
من إنشائها ،والذي يعينه سند إنشائها ،أو يقرره القانون ،ويسمى هذا بـ (مبدأ
التخصص ) .
107
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
وتطبيقًا لذلك ال يجوز للجمعية التي أنشئت لتحقيق أغراض علمية أو إنسانية أن
تباشر نشاطًا تجاريًا .وهي إن فعلت ذلك تعتبر قد تجاوزت مبدأ التخصص الذي
ولكن الشركة التي يكون غرضها القيام بأعمال تجارية ،فإنها تكتسب صفة التاجر
وتتحمل بالتزامات التجار ،كإمساك الدفاتر التجارية والقيد في السجل التجاري .
ويالحظ أنه إذ نص عقد الشركة أو نظامها على قيامها بنوع معين من التجارة
فال يجوز لها مباشرة نوع آخر إال بعد تعديل العقد أو النظام .وأما في حدود الغرض
الذي قامت الشركة لتحقيقه فيجوز لها نظامًا أن تبرم كافة التصرفات القانونية من بيع
وشراء ،وإ يجار واستئجار ،وقرض واستقراض ،ورهن وارتهان ،وأن تصالح أو
تقاِض ي .
هذا وتعتبر بعض الشركات ذات أهلية تجارية قاصرة تمنعها من ممارسة
بعض األنشطة ،وذلك مثل الشركة ذات المسؤولية المحدودة ،إذ يحظر عليها نظام
()1
الشركات السعودي القيام بأعمال التأمين أو االدخار أو البنوك .بخالف أنواع
الشركات األخرى والتي لها الحق أن يكون غرضها ممارسة أي نشاط تجاري ما دام
()2
هذا النشاط مشروعا .
)?(1ينظر :المادة 169من نظام الشركات السعودي الصادر عام 1385هـ .
)?(2ينظر :النظرية العامة للقانون لمصطفى الجمال وعبد الحميد الجمال ص ، 496القانون
التجاري السعودي لمحمد حسن الجبر ص ، 208النظام التجاري السعودي لرضا السيد عبد
الحميد وصفوت البهنساوي . 1/93
108
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
هذا وقد يتم التساؤل عن سبب تحديد األهلية التجارية للشخصية المعنوية
بغرض اإلنشاء ،وعن األسس التي يرتكز عليها مبدأ تخصص الشخص المعنوي؟
والسبب في هذا التساؤل :هو أن الشخصية المعنوية ما دام أنها تمتعت بوصف
(الشخص القانوني) فما الذي يبرر النيل من أهليتها لمباشرة ما تشاء من أنشطة ،وما
يجيب عن هذا التساؤل شراح القانون ،وخالصة جوابهم :أن مبدأ تخصص
االقتصادية .
ـ فمن الناحية القانونية :نجد أن إرادة مؤسسي هذا الكيان اتجهت إلى إنشاء كيان
المشترك الذي انعقدت عليه إرادة الشركاء يمثل محل العقد الذي انصرفت إليه هذه
اإلرادة ،والذي من أجله ساهم كل شريك أو مؤسس بماله أو عمله أو باألمرين معًا
بغية مباشرته في هدف تحقيق الربح .ولهذا فإن تجاوز الشخص المعنوي للغرض
الذي تضمنه عقد تأسيسه يعد إخالًال بأحد أركان العقد الذي تالقت عليه إرادة أصحابه
ـ ومن الناحية االقتصادية :يتحقق تقييد أهلية الشخص المعنوي بدائرة الغرض الذي
تأسست من أجله حماية االدخار العام ،وذلك عن طريق حماية جمهور الشركاء أو
109
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
نجاح أو فشل المشروع ،وهذا التقدير يتوقف على معرفتهم بطبيعة النشاط
التحول من نشاط إلى آخر وإ طالق ذلك يصبح أمرًا خطيرًا ؛ ألنه قد يؤدي إلى
إطالق سلطات أجهزة اإلدارة على نحو تحكمي ال تؤمن عواقبه .
وأيضًا فإن مبدأ التخصص يقوم على حماية المنافسة ودعم تكافؤ الفرص بين
منافسيه ،فالجميع يعملون وهم في مراكز قانونية واحدة ،تسري عليهم القوانين
واللوائح نفسها سواء من حيث شروط مباشرة النشاط ،أو ما يرتبط به من
()1
التزامات .
والوقف ،وبيت المال .والمالحظ أن هذه الجهات هي جهات مدنية لها وظائف
اجتماعية معينة ،وليس الغرض من إنشائها مادي فهي ال تهدف إلى مزاولة التجارة
اإلسالمية " فإن الفقهاء ال يجعلون لها وجودًا مستقًال عن وجود أعضائها ،وال يرون
أن لها شخصية معنوية في حين أن ذلك أصبح أمرًا جوهرًا يقوم عليه تأسيس
()1
الشركات ونظامها في الزمن الحاضر" .
ولكن هذا الرأي بالنسبة للشركة ،يختلف مع ما سبق ذكره من أن الفقه اإلسالمي
قرر للوقف ولبيت المال حق التملك ،واالقتراض لمصلحتهما وإ ثبات الَّد ين عليهما
()2
" أن بعض فقهاء اإلسالم يفرقون في الجملة ولهذا يرى الشيخ علي الخفيف
بين ما هو مملوك لشخص معين أو أشخاص معينين كالدواب والشركات ،وبين ما
هو غير مملوك ألحد من الناس كالمساجد والقناطر ونحوها مما هو مخصص لمنفعة
عامة ،فجوزوا فيما ليس مملوكًا ألحد أن يكون مالكًا ..ولم يجوزوا أن يكون ما هو
مملوك ألحد مالكًا ،وعلى ذلك أثبتوا للمسجد والوقف ُم لكًا ولم يثبتوا للدابة ونحوها
ملكًا ؛ ولعل مرد ذلك إلى أن ما هو مملوك ال يتصور أن يكون مالكًا مستقًال ألن ما
يكون له يصير ُم لكًا لمالكه ..وعلى الجملة فغير اإلنسان ال يتصور أن يكون له ذمة
في نظرهم ،وعن هذا لم نجد من فقهاء اإلسالم من يرى أن للشركات ذمة مستقلة ؛
ألنها مملوكة ألشخاص معينين فهي وما يترتب عليها من حقوق ألربابها وهم
()1
الشركاء فيها " .
وفي نظري أن فقهاء اإلسالم لم يقصدوا التفريق بين ما هو مملوك لمعين وما
هو غير مملوك ألحد وإ نما أثبتوا للوقف والمسجد ُم لكًا خاصًا بهما ؛ ألن الحاجة
وواقع الحياة في ذلك الوقت يدعو العتبار الوقف أو بيت المال شخصًا معنويًا له ذمة
خاصة به حتى يستطيع القيام بشؤونه ،مع أن الوقف وبيت المال ليسا إنسانًا .
وأما عدم اعتبار الفقهاء للشركة شخصًا معنويًا ،فيرجع ذلك إلى أن الشركات
في عصرهم قامت على اعتبار أشخاص الشركاء الطبيعية ،فكل شريك في تلك
الشركات مسؤول بشخصه تجاه من يتعاقد معهم ،وفي ذلك يقول الشيخ مصطفى
" دَّو ن فقهاء الشريعة األولون ما كان معروفًا في زمنهم من أساليب االشتراك
إلى الشركات القانونية الحديثة ،ولم يكن في تلك األساليب ما يقتضي اعتبار شخصية
()1
حكمية مجردة لتلك الشركات" .
وعلى ذلك فإن األهلية التجارية للشركة في الفقه اإلسالمي كانت تتحدد وفقًا
ألهلية الشركاء فيها فقط ،وليس وفقًا للغرض من إنشائها ،فإذا كان الشريك فيها
بالغًا عاقًال رشيدًا كان له الحق في ممارسة أي عمل مشروع تراه ،ويحق لها تعاطي
األعمال التجارية بأنواعها ،دون اقتصار على عمل معين إال وفقًا إلرادة الشركاء .
وأما تحديد األهلية التجارية للشركات المعاصرة وفقًا للغرض الذي تم إنشاؤها
من أجله والذي ينص عليه عقدها فهو " تحديد يتمشى مع القواعد المرعية في
()2
الشريعة " .
المبحث الرابع
موانع اكتساب األهلية التجارية
114
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
سن األهلية التجارية في المملكة ـ كما سبق الحديث في المطلب األول ـ هو سن
وعليه فإنه الكتساب األهلية التجارية البد من بلوغ الشخص رجًال كان أو امرأة لهذه
السن النظامية ،فإذا بلغها رشيدًا كان له الحق في تعاطي مهنة التجارة بأنواعها .
وأما إذا نقصت سن الشخص عن ثماني عشرة سنة فإما أن يكون عديم األهلية ،أو
يكون ناقص األهلية .فانعدام األهلية يكون في المرحلة التي تبدأ من الميالد وتمتد
إلى ما قبل سن السابعة ،فاإلنسان في هذه المرحلة يكون عديم التمييز فال يستطيع أن
يجري التصرفات القانونية بنفسه ،وإ ذا حدث أن أبرم عديم األهلية تصرفًا قانونيًا
كان هذا التصرف باطًال بطالنًا مطلقًا ،فال يرتب أثرًا قانونيًا ،والبد أن ينوب عنه
في ذلك وليه أو وصيه .وعلى ذلك فليس للشخص في هذه المرحلة أهلية تجارية.
وأما ناقص األهلية فيعتبر كل من بلغ سن التمييز ولم يبلغ سن الرشد ،أي أن هذه
المرحلة تبدأ من سن السابعة إلى ما قبل الثامنة عشرة ،ويطلق على الشخص في هذه
المرحلة اصطالح ( قاصر ) .وفي هذه المرحلة يكتسب اإلنسان قدرًا من اإلدراك
115
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
والتمييز يجعل له إرادة وإ ن كانت ناقصة .وفي النظام ال يجوز لناقص األهلية أن
()1
يمارس التجارة بإرادته ،بل البد من حصوله على اإلذن من وليه .
إذا بلغ الشخص سن الرشد وهو مصاب بعارض من عوارض األهلية ،فإنه
حينئذ ال يكون أهًال لالتجار ويستمر الحجر عليه ،وكذا إذا أصيب الشخص بعارض
من عوارض األهلية بعد بلوغه سن الرشد فيحجر عليه أيضًا .
وعوارض األهلية التي تؤثر على الرشد هي إما عاهات تصيب العقل وهي الجنون
()2
والعته ،وإ ما عاهات تفسد التدبير وهي السفه والغفلة .
بإرادته ،بل البد من حصوله على اإلذن من وليه ليكتسب األهلية التجارية .فإذا
مارس القاصر التجارة من غير حصوله على اإلذن ،فال يكون له أهلية تجارية ،وال
يكتسب صفة التاجر ،وال يجوز شهر إفالسه ،وتعتبر األعمال التجارية التي يقوم
بها باطلة بطالنًا نسبيًا لمصلحته ،حيث تكون تصرفاته قابلة لإلبطال بناء على طلبه
()3
عند بلوغه سن الرشد ،أو بناء على طلب وليه .
)?(1ينظر :القانون التجاري السعودي لمحمد حسن الجبر ص ، 107النظام التجاري السعودي
لرضا السيد عبد الحميد ،وصفوت بهنساوي ، 1/90مبادئ القانون في ظل األنظمة المعمول
بها في المملكة لعبد الفضيل محمد أحمد ص . 180
)?(2ينظر :القانون التجاري السعودي لمحمد حسن الجبر ص ، 109مبادئ القانون في ظل
األنظمة المعمول بها في المملكة لعبد الفضيل محمد ص .182
)?(3ينظر :القانون التجاري السعودي لمحمد حسن الجبر ص ، 109قانون المعامالت التجارية
السعودي لمحمود مختار بريري . 1/87
116
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
إيجادها اختيار واكتساب .ونسبت إلى السماء ؛ ألن ما ال اختيار فيه ينسب إلى
وأهم هذه العوارض السماوية التي تؤثر على األهلية التجارية للشخص هي:
– 1الجنون " :وهو اختالف العقل ،بحيث يمنع جريان األفعال واألقوال على نهج
()1
العقل إال نادرًا " .
– 2العته :وهو اختالل العقل ،يجعل صاحبه قليل الفهم ،مختلط الكالم ،فاسد
التدبير .
أحدهما :عته ال يبقي معه إدراك وال تمييز ،فصاحبه كالمجنون في األحكام ،فليس
والثاني :عته يبقى معه إدراك وتمييز ،ولكن ليس كإدراك العقالء ،فصاحبه
كالصبي المميز في األحكام ،فله أهلية تجارية ناقصة ،فتصرفاته موقوفة على إجازة
وليه .
– 3مرض الموت :وهو المرض الذي يكون اإلنسان به عاجزًا عن القيام بمصالحه
وحكم التصرف المالي للمريض مرض الموت :أن له أهلية كاملة ؛ ألنه ال يخل
بالعقل ،إال أنه يحجر عليه ويمنع من بعض التصرفات ؛ حماية لحق الدائنين إن كان
فبالنسبة للدائنين :يثبت الحجر عليه في جميع المال إن كان الدين مستغرقًا للتركة
وأما بالنسبة للورثة :فيثبت الحجر عليه في مقدار الثلثين من تركته ؛ ألن الشرع
ولكن أثر هذا الحجر ال يظهر إال بعد الموت ،وأما قبل الموت فتصح
تصرفات المريض مرض الموت دون أن يكون للدائن أو الوارث حق االعتراض في
()1
حياته ،وإ نما يثبت لهم هذا الحق بعد وفاته إذا كان التصرف مضرًا بحقوقهما .
)?(1ينظر :الوجيز في أصول الفقه لعبد الكريم زيدان ص ، 102الفقه اإلسالمي وأدلته لوهبة
الزحيلي ، 4/127المدخل الفقهي العام لمصطفى الزرقاء . 2/799
118
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
وأهم الموانع المكتسبة التي تؤثر على األهلية التجارية للشخص هي :الَّس َفه والَّد ين.
– 1الَّسَفه :هو ِخ فة تعتري اإلنسان تحمله على التصرف في المال على خالف
مقتضى الشرع والعقل مع قيام العقل .والسفه ال ينافي األهلية ،فيظل السفيه كامل
األهلية لكنه يمنع من بعض التصرفات ،ويظهر أثر السفه في منع المال عن الصبي
إذا بلغ سفيهًا ،وفي الحجر على البالغ العاقل بسبب السفه .
فأما دفع المال لمن بلغ سفيهًا :فقد اتفق الفقهاء على أن الصبي إذا بلغ سفيهًا ال يدفع
إليه ماله ؛ لقوله تعالى
()1
. ويستمر هذا المنع إلى أن يتحقق رشده لقوله
تعالى :
()2
.
واختلفوا بم يكون الرشد ،هل يكون بوجوده حقيقة ،أم ببلوغ سن معينة ؟
ذهب الجمهور إلى األول ،فال بد من وجود الرشد ومعرفته حقيقة ،فال ينفك الحجر
عن السفيه مهما بلغ من سن .وهو الراجح ؛ لآلية السابقة ،فدفع المال بعد البلوغ
معلق بإيناس الرشد ،فإذا لم يوجد فال يجوز دفع المال للبالغ .
وأما الحجر على السفيه :فهل يصح أن يكون السفه سببًا للحجر أم ال ؟
ذهب الجمهور إلى أنه يحجر على السفيه ؛ ألن السفه سبب للحجر ،فإذا وجد السفه
وجب الحجر .وهو الراجح ؛ لقوله تعالى
()1
.
فاآلية أثبتت الوالية على السفيه وذلك ال يتصور إال بعد الحجر عليه.
وعلى ذلك تكون أهلية السفيه التجارية هي أهلية قاصرة ؛ ألنها موقوفة على اإلذن
– 2الَّدين :وقد وقع فيه خالف فهل يصح أن يكون سببًا للحجر على المدين ؟
في المسألة قوالن ،وعلى القول بالحجر على المدين ،تكون تصرفات المدين
المالية باطلة إال إذا أجازها الدائنون .وعليه فإن أهلية المدين التجارية هي أهلية
قاصرة ،وإ ن كان رشيدًا ؛ ألنه محجور عليه لحق غيره فتصرفاته متوقفة على إذن
()2
غيره ،فكانت أهليته التجارية كاألهلية التجارية للصبي المميز .
الفصل الثاني
آثار األهلية التجارية وتطبيقاتها
121
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
المبحث األول
اآلثار المترتبة على وجود األهلية التجارية
122
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
عمره رشيدًا سالمًا مما يقدح في أهليته من عوارض األهلية ،أمكنه حينئذ اكتساب
صفة التاجر ،ولكي يتحول هذا اإلمكان إلى حقيقة فعلية البد من توفر شروط أخرى
وهي :
()1
بالمعامالت التجارية واتخذها مهنة له } .
ثالثًا :أن تكون التجارة باسم الشخص ولحسابه الخاص :وهذا الشرط لم ينص
فإذا وجدت هذه الشروط الثالثة باإلضافة إلى األهلية التجارية اكتسب
استطاعته اكتساب صفة التاجر ؛ ذلك أنه قد يحظر االتجار على بعض األشخاص
تحقيقًا ألهداف تتعلق بالمصالح العامة كحماية الجمهور ،أو الحرص على حسن سير
المرافق العامة ،أو غير ذلك ،فهناك حاالت متعددة يحظر النظام فيها على بعض
األشخاص أو الفئات ممارسة أو احتراف التجارة ،وذلك مثل :حظر االتجار على
موظفي الدولة ،فقد نصت المادة الثالثة عشر من نظام الخدمة المدنية الصادر
والسبب في ذلك هو تحقيق استقالل الموظفين في أداء أعمالهم وتفرغهم لها وقيامهم
()1
بها على نحو يتفق وكرامتها .
صفة التاجر ،فال تثبت صفة التاجر لمجرد أن يصف الشخص نفسه بأنه تاجر ،أو
يشتهر بين الناس بهذه الصفة ؛ إذ الشخص ال يستطيع أن يضع نفسه في مركز
()2
قانوني معين دون أن تتوفر فيه الشروط القانونية الالزمة لذلك .
)?(1ينظر :القانون التجاري السعودي .لمحمد حسن الجبر ص ، 99مبادئ القانون لرجال
األعمال في المملكة .لمحمد أبو العينين ص . 197
)?(2ينظر :النظام التجاري السعودي لرضا السيد وصفوت بهنساوي . 1/92
124
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
()1
التجارية" .ويحكم هذا االلتزام قانون الصرف وهو " مجموعة القواعد التي تحكم
األوراق التجارية ،وينصرف هذا االصطالح في المملكة العربية السعودية إلى نظام
()2
األوراق التجارية الصادر بالمرسوم الملكي رقم 37بتاريخ 11/10/1382هـ" .
ويشترط لصحة هذا االلتزام شروط أهمها توفر األهلية التجارية في الملتزم؛
ذلك أن األوراق التجارية تعد من األعمال التجارية األصلية في النظام السعودي .
ولهذا تتحدد أهلية الملتزم بالورقة التجارية باألهلية التجارية في المملكة وهي بلوغه
سن الرشد وهو في المملكة ثماني عشرة سنة ،ال فرق في ذلك بين المواطن
السعودي رجًال كان أو امرأة ،وبين األجنبي متى كانت المملكة هي بلد التوقيع على
الورقة التجارية .ويدل هذا على ما نصت عليه المادة السابعة من نظام األوراق
{ تتحدد أهلية الملتزم بالكمبيالة وفقًا لنظام موطنه ،ومع ذلك ال يعتبر السعودي أهًال
لاللتزام بالكمبيالة إال إذا بلغ من العمر ثماني عشرة سنة ،وإ ذا كان الشخص ناقص
األهلية وفقًا لنظامه الوطني فإن التزامه يظل مع ذلك صحيحًا إذا وضع توقيعه في
ويالحظ أن البعض ذهب إلى أن كلمة (موطنه) في المادة السابقة وردت خطأ
بدًال من الكلمة الصحيحة وهي (وطنه) ،وعلى هذا الرأي تتحدد أهلية الملتزم
()1
األجنبي بقانون وطنه أي طبقًا لقانون جنسيته .
لكن الراجح أن المنظم حدد أهلية األجنبي بقانون الموطن .بمعنى أن البالغ من
العمر ثماني عشرة سنة يعّد التزامه بالورقة التجارية صحيحًا في المملكة وإ ن كان
قاصرًا وفقًا لقانون جنسيته ؛ وذلك محافظة على حقوق الوطنيين المتعاملين مع
()2
األجانب ،والذين يجهلون قواعد األهلية في القوانين األجنبية .
يؤكد هذا أن آخر المادة السابقة أوجب األخذ بقانون الموطن وعدم اعتبار
قانون الوطن بالنسبة لألجنبي بقولها { :وإ ذا كان الشخص ناقص األهلية وفقًا لنظامه
الوطني فإن التزامه يظل مع ذلك صحيحًا إذا وضع توقيعه في إقليم دولة يعتبره
نظامها كامل األهلية } .وما يسري على الكمبيالة في أهلية االلتزام يسري كذلك على
السند ألمر ،وعلى الشيك ،كما دلت على ذلك المادة ( )89والمادة ( )117من نظام
األوراق التجارية.
العاشر من الباب األول في اإلفالس .وكذلك من خالل نظام التسوية الواقية من
()1
والمفلس هو { :من استغرقت الديون جميع أمواله فعجز عن تأديتها } .
واإلفالس نظام ال يسري إال على التجار وحدهم ،أما غير التجار فال يخضعون لهذا
النظام بل يخضعون لنظام اإلعسار المدني الذي يستلزم أن تصبح مجموع أموال
األهلية التجارية الالزمة الحتراف التجارة ؛ وذلك ألن اإلفالس نظام خاص بالتجار
وحدهم فال ينطبق على غير التجار ،ومن المعلوم أنه يشترط الكتساب صفة التاجر
توفر األهلية التجارية الالزمة لمزاولة األعمال التجارية .وعلى ذلك ال يجوز
خضوع القاصر ألحكام اإلفالس ،إال إذا كان مأذونًا له بمزاولة التجارة ؛ ألنه يعتبر
وأما القاصر غير المأذون له بالتجارة فيمتنع إعالن إفالسه حتى ولو كان يقوم
بأعمال تجارية ؛ وذلك لعدم توفر األهلية التجارية فيه .ولكن يستثنى القاصر الذي
يرث تجارة في شركة تضامن ،ذلك أنه يجوز النص في عقد شركة التضامن على
()1
أنه إذا توفي أحد الشركاء فإن الشركة تستمر مع ورثته ولو كانوا قصرًا .
وقد استقر الرأي الراجح على أن القاصر في هذه الحالة يعتبر تاجرًا ،ولذلك
يشهر إفالسه إذا توقف عن دفع ديونه التجارية ؛ ألن التجارة تتم باسمه ولحسابه ،
غير أن آثار اإلفالس تقتصر على أموال القاصر دون شخصه ،وعلى أال تمتد إلى
أمواله المخصصة للتجارة دون غيرها من األموال ؛ ألن حماية القاصر ورعايته
()2
تقتضيان عدم اإلضرار به أو اإلساءة إلى شخصه .
كما يشترط أيضًا توفر األهلية التجارية في الشخصية المعنوية لكي تخضع
ألحكام اإلفالس .ويتم تحديد األهلية التجارية للشركة وفقًا للغرض من إنشائها والذي
وعلى ذلك يجوز إعالن إفالس الشركات التجارية دون الشركات المدنية ،
ولو اتخذت الشركة المدنية الشكل التجاري ؛ ألن اتخاذ الشركة المدنية ألحد األشكال
()3
التجارية ال يغير من طبيعتها وال يكسبها صفة التاجر .
فالعقد النافذ " هو الذي صدر عن مالك تام األهلية ،غير محجور عليه ،أو صدر
عن ولي على المال كاألب والجد والوصي ،أو عن وكيل عن المالك ،وكان العقد
()2
مستوفيًا كل شروطه الشرعية " .
فمثًال :نفاذ البيع معناه أنه بمجرد انعقاده صحيحًا قد نقل ملكية المبيع إلى المشتري ،
وملكية الثمن إلى البائع ،وأوجب بين الطرفين سائر االلتزامات األخرى التي أنشأها
وهذا ما يسمى بمبدأ ( سلطان اإلرادة العقدية ) ،وقد ذكر الشيخ مصطفى
-2حريته في إنشاء العقود وااللتزامات بمجرد التراضي دون تقييده بقيود شكلية
-4حريته في تحديد آثار العقد المسمى وتعديل نتائجه األصلية بين الطرفين
()1
المتعاقدين باشتراط ما يشاء من شروط بحسب إرادتهما .
ولكن يالحظ أن هذه اإلرادة تتقيد بعدم مخالفة الشرع ،فال يجوز أن تتجه إرادة
العاقدين إلى أمر محرم وإ ن رضيا به ،فال يجوز لهما مثال التعاقد على إقراض
للزوجين إنشاء عقد الزواج بمجرد رضاهما فقط إذ البد من توفر الشكلية التي
االلتزامات الناشئة عن العقد هي " :كل تكليف بفعل أو بامتناع عن فعل يجب
()1
بمقتضى العقد من أحد العاقدين لمصلحة العاقد اآلخر " .
وهذه االلتزامات تختلف عن الحكم األصلي للعقد ،فالحكم األصلي يتحقق وينفذ
فبمجرد انعقاد عقد البيع صحيحًا تنتقل الملكية إلى المشتري ،أما االلتزام فألنه
تكليف على شخص لمصلحة آخر ،وكل تكليف يحتاج إلى تنفيذ ؛ لذلك ال يتحقق
مقتضاه بمجرد انعقاد العقد صحيحًا ،بل البد لتحقق مقتضاه من أن يقوم بتنفيذه بعد
األول :التزامات يستلزمها العقد في ذاته ،فيعتبر العاقد مكلفًا بها دون حاجة إلى
اشتراطها عليه صراحة من قبل العاقد اآلخر وهي التي نظم الشرع آثارًا للعقد
المنشيء لها ،فعقد البيع يتضمن التزام البائع تسليم المبيع وضمان العيب ،والتزام
المشتري بدفع الثمن .وهذا النوع يسمى في اصطالح الفقهاء ( مقتضى العقد ) .
الثاني :ما سوى ذلك من االلتزامات العقدية ال يجب على أحد العاقدين إال باشتراط
العاقد اآلخر عليه في العقد .وهذا مثل اشتراط المشتري على البائع إيصال المبيع
()2
إلى بيته .
132
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
المبحث الثاني
اآلثار المترتبة على انعدام األهلية التجارية
وفيه مطلبان
133
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
التاجر ؛ ذلك أنه ال يكفي الكتساب صفة التاجر أن يحترف الشخص األعمال
التجارية باسمه ولحسابه ،وإ نما ال بد أن تتوافر فيه أيضًا أهلية احتراف التجارة.
وإ ذا حدث ومارس القاصر الذي لم تتوفر فيه األهلية التجارية أعماًال تجارية ،فال
باآلثار المترتبة على اكتسابها ؛ وذلك ألنه يعد كامل األهلية في حدود اإلذن الممنوح
()1
له .
يكون باطًال بالنسبة له فقط ،ويجوز له التمسك بهذا البطالن في مواجهة كل حامل
وهذا ما نصت عليه المادة الثامنة من نظام األوراق التجارية وذلك بقولها :
{ التزامات القَّصر الذين ليسوا تجار وعديمي األهلية الناشئة عن توقيعاتهم على
الكمبيالة تكون باطلة بالنسبة إليهم فقط ،ويجوز لهم التمسك بهذا البطالن في مواجهة
قصر حكم البطالن على التزامات القاصر غير التاجر ،أي غير المأذون له باالتجار
؛ وذلك ألن القاصر المأذون له باالتجار يكون في حدود اإلذن الصادر له مكتمل
والسبب في بطالن االلتزام الصرفي بالنسبة لفاقد األهلية التجارية يرجع إلى
أن أحكام قانون الصرف تتسم بالشدة في معاملة المدين ،فأراد المنظم حماية فاقد
األهلية التجارية من قسوة أحكام الصرف ،ولهذا اقتصر البطالن على التزام فاقد
األهلية التجارية وحده ،فال يحق التمسك بهذا البطالن من قبل األشخاص الموقعين
على الورقة التجارية ممن تتوفر فيهم األهلية التجارية ؛ وذلك تطبيقًا ألحد األسس
التي يقوم عليها قانون الصرف وهو مبدأ استقالل التوقيعات على األوراق
()1
التجارية .
صيغة العقد ،ومنها ما يرجع إلى المعقود عليه ،ومنها ما يرجع إلى اقتران العقد
بوصف أو شرط أو نهي شرعي ،ومنها ما يرجع إلى أهلية العاقد .
فالبيوع الممنوعة النعدام األهلية التجارية للعاقد أهمها :بيع المجنون ،وبيع الصبي
– 1بيع المجنون :ال يصح بيعه باالتفاق ،النعدام األهلية لديه ،فالجنون أحد
-2بيع الصبي :إذا كان غير مميز فال يصح بيعه باالتفاق إال في الشيء اليسير؛
ألن األهلية التجارية في الفقه تحصل بالبلوغ مع الرشد ،وإ ذا كان الصبي مميزًا فإن
()1
بيعه يصح بحصوله على اإلذن عند الجمهور .
– 3بيع المعتوه :العته اختالل يصيب العقل ،فإن كان المعتوه ليس له إدراك وال
تمييز فهذا حكمه حكم المجنون ،فال يصح بيعه النعدام أهليته ،وإ ذا كان المعتوه له
)?(1وهم الحنفية والمالكية والحنابلة .ينظر :البحر الرائق .البن نجيم ، 5/279مواهب الجليل
للحطاب الرعيني ، 4/245المبدع البن مفلح . 4/8
136
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
إدراك وتمييز ولكن ليس كإدراك العقالء فهذا يأخذ حكم الصبي المميز ،فيصح بيعه
– 4بيع السفيه :ال يصح بيعه إال بعد حصوله على اإلذن من وليه ؛ ألن السفيه
ليس له أهلية تجارية ،وذلك ألن األهلية التجارية في الفقه تحصل بالبلوغ مع الرشد
()1
،والسفيه ليس رشيدًا إذ الرشد هو ( الصالح في العقل والقدرة على حفظ المال ) .
()2
()3
والحجر في الفقه هو " :منع اإلنسان من التصرف في ماله" .وللحجر أسباب
وهذا مثل الحجر على الصغير ،والمجنون ،والسفيه ،ففي الحجر على هؤالء
ولهذا فإن هؤالء يمنعون من التصرفات المالية كالبيع ،والشراء ،واإليجار ،
واالستئجار ،والرهن ,والتجارة وغيرها .ويتولى القيام بهذه التصرفات عنهم الولي
وهذا كالحجر على المدين المفلس لحق الغرماء ،والحجر على المريض مرض
الموت لحق الورثة ،فالحجر على هؤالء يعود لمصلحة غيرهم .وهؤالء وإ ن
توفرت فيهم األهلية التجارية وهي البلوغ مع الرشد ،إال أنه وجد بهم مانع يمنع عنهم
األهلية التجارية وهو الدين ومرض الموت ـ كما سبق بيان ذلك ـ فكانا في حكم فاقد
األهلية التجارية .ولهذا يمنع هؤالء من التصرفات المالية المؤثرة على حق الغير .
فالمفلس :وهو من ال يفي ماله بدينه ،وكان دينه أكثر من ماله الموجود ،يحجر
على تصرفاته المالية حفاظًا على حقوق الدائنين وأموالهم من الضياع .
وأما المريض مرض الموت :فيحجر على تصرفاته المالية فيما زاد عن ثلث ماله
حفاظًا على حق الورثة حيث تكون هذه التصرفات موقوفة على إجازة الورثة ،وأما
في حدود الثلث فتنفذ تصرفاته بدون توقف على إجازة الورثة ،وهذا في حالة موت
()1
المريض ،وأما إن عاش المريض فإن تصرفاته تنفذ في جميع ماله .
)?(1ينظر :الفقه اإلسالمي وأدلته لوهبة الزحيلي ، 5/416فقه السنة للسيد سابق ، 3/566
الوجيز في أصول الفقه لعبد الكريم زيدان ص . 107
138
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
المبحث الثالث
تطبيقات على األهلية التجارية
وفيه مطلبان :
139
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
والسمسرة هي " :عقد من عقود التوسط يتعهد بمقتضاه السمسار نظير عمولة معينة
()1
بالبحث عن متعاقد يرتضي التعاقد بالشروط التي يحددها من يكلفه بهذه الوساطة " .
وقد عّر فت المادة 30من نظام المحكمة التجارية السمسار بقولها { :الدالل هو من
يتوسط بين البائع والمشتري إلتمام البيع بأجرة } .وبما أن السمسرة من األعمال
التجارية فيشترط في السمسار الذي يمارسها أن تتوفر فيه األهلية التجارية الالزمة
لمزاولة األعمال التجارية ،سواء كان السمسار محترفًا أو غير محترف ،وسواء
ولما كانت السمسرة عمًال تجاريًا فإن السمسار يعتبر تاجرًا ويلتزم التالي بالتزامات
()2
التجار ،ويشهر إفالسه متى توقف عن دفع ديونه التجارية .
– 1الوكالة بالعمولة " :عقد من عقود التوسط التجاري يلتزم بمقتضاه شخص
يسمى ( الوكيل بالعمولة ) بأن يقوم بتصرف قانون باسمه الخاص لحساب موكله
()1
نظير أجر يسمى العمولة " .
والوكالة بالعمولة أحد األعمال التجارية التي نصت على تجاريتها المادة
الثانية من نظام المحكمة التجارية ،وسمتها ( التجارة بالعمولة ) .ولكن يالحظ أن
الوكالة بالعمولة ال تعتبر عمًال تجاريًا إال إذا كانت بطريق االحتراف ؛ ألن نظام
()2
الوكالة بالعمولة. المحكمة التجارية ال يضفي الصفة التجارية إال على ( مقاولة )
ومن ثم فإن الوكيل بالعمولة هو تاجر محترف ،ولذلك يشترط أن تتوفر فيه
– 2وكالة العقود :هي من عقود التوسط التجاري أيضًا ،ولكن نظام المحكمة
التجارية لم يتحدث عنها خالفًا لكثير من القوانين ،وإ نما ُأفِر د لها نظام مستقل سمي بـ
()3
.
)?(1القانون التجاري السعودي لمحمد الجبر ص . 77
) ?(2لم تتعرض القوانين لتعريف المقاولة ،ولكن استقر الرأي في الفقه والقضاء على أن
المقاولة هي تكرار القيام بالعمل على نحو متصل ومعتاد ،وهي تستلزم توفر الوسائل المادية
لتحقيق الغرض المقصود .والمقاوالت التجارية في النظام السعودي هي :
مقاولة الصناعة ،والتوريد ،والوكالة بالعمولة ،والنقل ،والبيع بالمزاد ،ومحالت ومكاتب
األعمال ،وإنشاء المباني .ينظر :القانون التجاري السعودي .لمحمد حسن الجبر ص .72
)?(3ينظر القانون التجاري السعودي .لمحمد الجبر ص ، 78العقود التجارية وعمليات البنوك
في المملكة لمحمد الجبر ص . 86
141
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
وقد اقتصر هذا النظام على تنظيم احتراف هذه المهنة ولم يتناول بالتنظيم
وكالة العقود ذاتها .وقد حاولت الالئحة التنفيذية لهذا النظام توضيح بعض إجراءات
وتعرف وكالة العقود بأنها " :عقد يلتزم بموجبه شخص بأن يتولى على وجه
االستمرار في منطقة نشاٍط معين ،الحَض والتفاوض على إبرام الصفقات لمصلحة
الموكل مقابل أجر ،ويجوز أن تشتمل مهمته إبرام هذه الصفقات وتنفيذها باسم
()1
الموكل ولحسابه" .ويعتبر وكيل العقود أو الوكيل التجاري تاجرًا رغم أنه ال يقوم
بالعمل باسمه الشخصي ،وإ نما باسم موكله ولحسابه والذي يكون تاجرًا .
ولهذا اختلف الشراح حول إضفاء الصفة التجارية على عمل وكيل العقود ؛
ألنه ال يقوم باألعمال التجارية باسمه الشخصي ولحسابه ،وإ نما يفعل ذلك باسم
والرأي الراجح :أن وكيل العقود يعتبر تاجرًا متى قام بهذا العمل على وجه المقاولة
أو االحتراف ،وعلى ذلك يشترك في وكيل العقود أن تتوفر فيه األهلية التجارية
()2
الالزمة لممارسة األعمال التجارية .
ويؤيد هذا أن المادة الثالثة من نظام الوكاالت التجارية نصت على أنه ال يجوز رفض
القيد للوكيل التجاري إذا كان سعوديًا إال في حال كونه ممنوعًا من مزاولة التجارة ،
وهذا واضح في أن النظام السعودي اعتبر وكيل العقود تاجرًا ،واشترط أن تتوفر فيه
الحتراف التجارة ؛ ذلك أن نظام السجل التجاري الصادر بالمرسوم الملكي رقم م1/
-1أن تتوفر فيه شروط اكتساب صفة التاجر التي حددتها األنظمة ،ومنها
-2أن يكون له محل ثابت في المملكة ،سواء أكان هذا المحل مركزًا رئيسيًا ،أم
()1
فرعًا ،أم وكالة .
()3( )2
-3أن يبلغ رأس مال التاجر مائة ألف لاير .
األعمال التجارية ،سواء كان الشريك المتضامن شريكًا في شركة أشخاص كشركة
()1
تضامن ،أو شركة توصية بسيطة ،أو كان شريكًا في شركة مختلطة كشركة
والسبب في ذلك أن الشريك المتضامن يكتسب صفة التاجر بمجرد دخوله في الشركة
،ولو لم تكن له هذه الصفة من قبل ،وعليه فإنه يجب أن تتوافر في الشريك
باألسهم ،وكذلك الشريك المساهم .فال يشترط أن تتوفر فيه األهلية التجارية ؛ وذلك
ألن الشريك الموصي والمساهم ،ال يكتسب صفة التاجر لمجرد انضمامه إلى
االشتغال بالتجارة الدخول كشركاء موصين أو مساهمين في شركة توصية بسيطة أو
()2
في شركة مساهمة .
)?(1عرفت المادة 36من نظام الشركات شركة التوصية البسيطة بأنها { :الشركة التي تتكون
من فريقين من الشركاء :فريق يضم على األقل شريكًا متضامنًا مسئوًال في جميع أمواله عن
ديون الشركة ،وفريق آخر يضم على األقل شريكًا موصيًا مسؤوًال عن ديون الشركة بقدر
حصته في رأس المال }.
)?(2ينظر :القانون التجاري السعودي لمحمد الجبر ص . 266 ، 247
144
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
145
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
،إذ يشترط أن تتوفر في العميل األهلية التجارية ،فال يجوز للبنك أن يفتح حسابًا إال
وأما القاصر فال يجوز فتح حساب باسمه إال في حالتين :
األولى :إذا كان مأذونًا له بتسلم أمواله وإ دارتها ،فيجوز فتح حساب له عندئذ ؛ ألنه
وأما المرأة فيشترط أيضا أن تتوفر فيها األهلية التجارية لكي تفتح الحساب
وحينئذ يمكنها أن تفتح حسابًا باسمها سواء كانت متزوجة أو غير متزوجة ،وذلك
للعميل يعد عمًال تجاريًا دائمًا ؛ ألن عمليات البنوك تعد تجارية بالنسبة للبنك ،وأما
بالنسبة للعميل فال تكتسب الصفة التجارية إال إذا كان العميل تاجرًا قام بالعملية لخدمة
كما أن اشتراط وجود األهلية التجارية في الشخص ال يؤدي إلى إكسابه صفة التاجر
()1
؛ ألن هذه الصفة يتم اكتسابها بعد توفر شروط أخرى .
واالعتماد البسيط هو " :عقد يتعهد بمقتضاه البنك أن يضع تحت تصرف عميله
()2
وسائل للدفع في حدود مبلغ معين " .
وبحصول العميل على هذا االعتماد يحق له االستفادة منه عن طريق قبض المبلغ نقدًا
،أو بسحب أوراق تجارية على البنك ،أو بإصدار أوامر التحويل المصرفي أو
حسب الكيفية التي يتم االتفاق عليها بين البنك والعميل .
وأما االعتماد المستندي فهو " :عقد يتعهد البنك بمقتضاه بفتح اعتماد بناء على طلب
أحد عمالئه يسمى اآلمر لصالح شخص آخر يسمى المستفيد بضمان مستندات تمثل
()3
بضاعة منقولة أو معدة للنقل " .
فالفرق بين االعتماد البسيط واالعتماد المستندي ،أن البنك في االعتماد البسيط يلتزم
بوضع المبلغ المفتوح به االعتماد تحت تصرف العميل مباشرة وال عالقة له بالغير.
)?(1ينظر :العقود التجارية وعمليات البنوك في المملكة .لمحمد الجبر ص ، 215 ، 226
النظام البنكي في المملكة .لعبد المجيد عبوده ص ، 130عمليات البنوك من الوجهة القانونية
لعلي عوض ص . 288
)?(2النظام البنكي في المملكة ،لعبد المجيد عبوده ص . 193
)?(3العقود التجارية وعمليات البنوك في المملكة ،لمحمد الجبر ص . 307
147
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
وأما في االعتماد المستندي فيلتزم البنك بوضع المبلغ المفتوح به االعتماد تحت
تصرف الغير وهو المستفيد في العقد مقابل تسلمه لمستندات البضاعة ،ففائدة
وُيعد فتح االعتماد عمًال تجاريًا دائمًا بالنسبة للبنك ؛ ألن جميع أعمال البنوك تعد
وأما بالنسبة للعميل فإن هذا العقد ال يعتبر تجاريًا إال إذا كان العميل تاجرًا قام بفتح
ولكن لما كان المعتاد هو فتح االعتماد لصالح التجار ورجال األعمال لتمكينهم من
الحصول على المبالغ الالزمة لهم ألداء أثمان السلع التي يتاجرون بها ،أو لتمويل
مشروعاتهم ،فإن عددًا من الشراح يعتبر أن العقد عقد تجاري بالنسبة للطرفين.
ولذلك فإن محكمة النقض المصرية ترى أن القروض التي تمنحها البنوك لعمالئها
عمًال تجاريًا دائمًا بالنسبة لطرفي العقد أيًا كانت صفة المقترض ،وأيًا كان الغرض
الذي من أجله عقد القرض ،فإذا كان فاتح االعتماد مصرف وكان موضوعه تقديم
ولذلك فإنه يشترط لفتح االعتماد المصرفي أن تتوفر في طالب فتح االعتماد األهلية
()1
التجارية الالزمة لمزاولة األعمال التجارية .
المادة الثانية من نظام المحكمة التجارية في الفقرة (جـ) على تجارية { كل ما يتعلق
بسندات الحوالة بأنواعها } وسندات الحوالة هي الكمبيالة ،حيث يطلق نظام المحكمة
التجارية على الكمبيالة اسم سند الحوالة ،ويطلق عليها أيضًا السفتجة .فهذا النص
يضفي الصفة التجارية على جميع األعمال المتعلقة بالكمبيالة كسحبها وتظهيرها
وضمانها ضمانًا احتياطيًا وقبولها ،كما أن هذه الصفة مالزمة للكمبيالة حتى ولو
حررت بمناسبة عمل مدني ومن جانب شخص غير تاجر .وهذا ما نص عليه قانون
التجارة الموحد الذي أقره مؤتمر جنيف في العام 1931م ،والذي استمد منه نظام
األوراق التجارية السعودية فيما عدا بعض األحكام المخالفة للشريعة اإلسالمية .
{ تعتبر أعماًال تجارية جميع األعمال المتعلقة بالكمبياالت ،وأيًا كان أولي الشأن فيها
ولذلك فإن خصم الورقة التجارية ُيعد عمًال تجاريًا ،وخصم الورقة التجارية هو " :
تظهير الورقة التجارية التي لم يحل أجلها بعد تظهيرًا ناقًال للملكية ألمر بنك يقوم
بدفع قيمتها للمظهر ،أو بقيدها في حسابه لديه بعد خصم األجر الذي يستحقه عن
()1
العملية " .
ومن ثم فيشترط أن تتوفر في دافع الورقة التجارية للبنك لكي يخصمها األهلية
التجارية الالزمة لمزاولة األعمال التجارية ؛ ألن الخصم عمل تجاري بطبيعته
()2
لوروده على ورقة تجارية وألنه يتطلب عادة تظهير الورقة التجارية .
الخــاتــمـــــة
151
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
الحمد هلل الذي بنعمته تتم الصالحات ،والشكر له سبحانه على توفيقه وامتنانه
.ثم الصالة والسالم على خير الخلق سيد ولد آدم نبينا محمد وعلى آله وصحبه
أشكر اهلل سبحانه على ما مَّن علّي به من إكمال ما بدأت به من عمل في هذا
وهنا يطيب لي أن أوجز أبرز المسائل التي تناولها البحث والنتائج التي توصل إليها:
– 1األهلية في اللغة أصلها ( أهل ) ولها معنيان متباعدان أحدهما األهل ،واآلخر
اإلهالة وهي الشحم .ويقترب المقصود منها في البحث بالمعنى األول .
أ .أهلية وجوب ،وهي :صالحية الشخص وقدرته على مباشرة التصرفات
بااللتزامات.
أ .أهلية وجوب ،وهي :صالحية اإلنسان لثبوت الحقوق المشروعة له أو
عليه .وهذه تثبت لكل إنسان ،وهي إما ناقصة وتكون للجنين فقط ،وإ ما
كاملة وهذه تثبت لإلنسان منذ والدته ،وتستمر معه في جميع أدوار حياته.
152
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
ب .أهلية أداء ،وهي :صالحية اإلنسان لصدور التصرفات منه على وجه
يعتد به شرعًا .وهذه األهلية أيضًا إما ناقصة وهذه تثبت للصبي المميز ،
وإ ما كاملة وهذه تثبت للبالغ العاقل الرشيد غير المحجور عليه .
األولى :تحديد أعمال معينة هي أعمال تجارية ،كما جاءت بذلك المادة الثانية من
الثانية :بيان وصف التاجر وتعريفه بأنه :من اشتغل بالمعامالت التجارية
واتخذها مهنة له .كما نصت على ذلك المادة األولى من نظام المحكمة
– 6التجارة في الفقه عرفها العلماء بتعاريف متقاربة اتفقت على أمرين :
– 7أن مفهوم التجارة في الفقه اإلسالمي أوسع مما هو في القوانين التجارية الحديثة
،وأكثر واقعية منها ،ذلك أن فقهاء اإلسالم لم يشترطوا أن تكون التجارة على
153
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
طلبا للربح .وهذا خالف النظرة القانونية والتي تشترط لكي يكون العمل
تجاريًا أن يكون محل الشراء منقوًال ،ومن ثم تخرج العمليات المتعلقة بالعقار
– 8أن األهلية تختلف عن الذمة ،فالذمة ليست األهلية بل أمر مستقل عنها ،حيث
تعرف الذمة بأنها :محل اعتباري في الشخص تشغله الحقوق التي تتحقق
عليه .والراجح اعتبار الذمة وإ ثباتها وهو مذهب جمهور العلماء ،وذلك خالفًا
– 9أن األهلية تختلف عن الوالية ،فالوالية شرعًا هي :سلطة شرعية يتمكن بها
وبهذا تكون األهلية شرط لمباشرة العقود ،وأما الوالية فهي شرط لنفاذ العقود
– 10حدد نظام المحكمة التجارية سن األهلية التجارية بتوفر صفة الُر ْش د في
154
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
– 11أن الراجح أن نص المادة الرابعة من نظام المحكمة التجارية والتي تقول :
بأنواعها } لم تقصد التفرقة بين الرشيد ومن بلغ سن الرشد ،وأن صياغة المادة
صياغة معيبة ،لذلك يجب تعديلها وُيقترح أن تكون بالصيغة التالية { :كل من
كان رشيدًا طبقًا للنظام فله الحق أن يتعاطى مهنة التجارة بأنواعها}.
– 12يشترط لتوفر صفة الرشد الالزمة الكتساب األهلية التجارية شرطان هما:
– 13أن سن األهلية التجارية في الفقه هي سن البلوغ ،فمن بلغ غير مصاب بأحد
– 14أن النظام السعودي لم يفرق بين الرجل والمرأة من حيث اكتساب كل منهما
لألهلية التجارية ،كما لم يفرق بين المرأة المتزوجة وغير المتزوجة .ومن ثم
– 15أن اإلسالم أثبت للمرأة أهلية تجارية كالرجل فلم يفرق بينهما ،فإذا بلغت
المرأة رشيدة غير مصابة بعارض من عوارض األهلية كانت أهًال لممارسة
التجارة.
155
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
– 17أنه يشترط في القاصر لكي تتوفر فيه األهلية التجارية ليمارس األعمال
حصوله على اإلذن من وليه بممارسة التجارة ،وهذا مذهب الجمهور وهو
الراجح.
– 19أن القاصر في النظام إذا مارس التجارة مع عدم حصوله على اإلذن فإنه ال
يكون أهًال لالتجار وال يكتسب صفة التاجر ،وإ ذا مارس األعمال التجارية فإنها
– 20أن القاصر في الفقه وهو الصبي المميز إذا مارس التجارة من غير حصوله
على اإلذن من وليه فإن تصرفه يتوقف على إجازة وليه عند الجمهور.
– 21أجاز النظام للولي أن يأذن للقاصر باالتجار إذا رأى في ذلك مصلحة للقاصر
– 22يجوز للولي في الفقه أن يأذن للقاصر بالتجارة إذا رأى في ذلك مصلحة له
156
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
هو كل شخص ال يحمل جنسية الدولة التي يقيم فيها ،وال فرق في هذا المعيار
السعودي.
– 25أن األجانب في الدولة اإلسالمية قبل ظهور رابطة الجنسية هم غير المسلمين
– 27أن اإلسالم كفل لألجانب الحرية الكاملة في ممارسة التجارة بأنواعها ،إال أنه
منعهم من التعامل بالربا أو بيع المحرمات على وجه الشهرة ،وكذا منعهم من
– 28أن نظام المحكمة التجارية لم يتعرض لتحديد أهلية األجنبي لالتجار ،ونتج
عن ذلك اختالف الشراح حول تحديد القانون الذي يخضع له األجنبي في تحديد
األول :أن تحديد أهلية األجنبي لالتجار يكون وفقا لقانون جنسيته.
157
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
الثاني :أن تحديد أهلية األجنبي لالتجار يكون وفقًا ألحكام القانون السعودي.
التجارية في الفقه تحصل بالبلوغ مع الرشد ،سواء عند المسلم أو غير المسلم.
األموال تهدف إلى تحقيق غرض معين ،ويعترف لها القانون بالشخصية
القانونية بالقدر الالزمة لتحقيق غرضها ،ويكون لها وجود مستقل ومتميز عن
– 32أن ابتداء الشخصية المعنوية يتم باعتراف المنظم بهذا الشخص المعنوي ،
األول :االعتراف العام ،وهذا اعتراف غير مباشر ينشأ عن تنظيم سابق.
– 33أن انقضاء الشخصية المعنوية يحصل إما بانتهاء أجلها المحدد لها ،أو
بتحقيق غرضها الذي قامت من أجله ،أو بحّلها حًال اختياريًا أو جبريًا .
158
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
– 34أن الشخصية المعنوية لها مميزات تقابل المميزات لدى الشخصية الطبيعية
الدولة ،والوقف ،وبيت المال .حيث أثبت الفقهاء لهذه الجهات شخصية معنوية
– 36أن األهلية التجارية للشخصية المعنوية تتحدد وُتكتَس ب وفقًا للغرض من
إنشائها ،والذي يبينه سند اإلنشاء ،أو يقرره القانون الذي نص على إنشائها.
فإذا كان الغرض من الشخصية المعنوية القيام بأعمال تجارية فإنها تكتسب صفة
المعنوي) وأن هذا المبدأ له ما يبرره من الناحية القانونية ومن الناحية االقتصادية
.
– 37أن األهلية التجارية للشركة في الفقه اإلسالمي كانت تتحدد وفقًا ألهلية
الشركاء فيها وليس وفقًا للغرض من إنشائها ؛ ألن الشركة قديمًا كانت تقوم على
وأما تحديد األهلية التجارية للشركات المعاصرة وفقًا للغرض الذي تم إنشاؤها
159
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
-1نقص السن النظامية :فإذا نقصت سن الشخص عن ثماني عشرة سنة ،
وأما ناقص األهلية :وهو من بلغ سن التمييز ولم يبلغ سن الرشد نظامًا ،فهذا
ليس له أهلية تجارية إال إذا حصل على اإلذن من وليه .
– 2انعدام الرشد :إذا كان الشخص مصابًا بعارض من عوارض األهلية فإنه
– 3انعدام اإلذن للقاصر :إذا لم يحصل القاصر على اإلذن بالتجارة من وليه
– 40اآلثار المترتبة على وجود األهلية التجارية لدى الشخص في النظام هي:
– 41اآلثار المترتبة على وجود األهلية التجارية لدى الشخص في الفقه هي:
160
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
– 44يشترط في السمسار وهو الذي يتوسط بين البائع والمشتري إلتمام البيع بأجرة
،أن تتوفر فيه األهلية التجارية سواء كان السمسار محترفا أو غير محترف،
– 45يشترط في الوكيل بالعمولة وهو من يلتزم بموجب عقد بأن يقوم بتصرف
قانوني باسمه الخاص لحساب موكله نظير أجر ،أن تتوفر فيه األهلية التجارية
161
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
– 46أن الراجح عن الشراح أن وكيل العقود تاجر محترف ،ووكيل العقود هو من
يلتزم بموجب عقد بأن يتولى على وجه االستمرار إبرام الصفقات لمصلحة
موكله مقابل أجر ،لذلك يشترط أن تتوفر فيه األهلية التجارية الالزمة لمزاولة
– 47أن توفر األهلية التجارية في الشخص شرط للقيد في السجل التجاري ؛ ذلك
أنه يشترط فيمن يقيد في السجل التجاري أن تتوفر فيه شروط اكتساب صفة
التاجر ،ومنها توفر األهلية التجارية الالزمة لمزاولة األعمال التجارية .
شريكًا فيها ،وأما الشريك الموصي أو المساهم فال يشترط أن تتوفر فيه األهلية
التجارية .
– 49يشترط توفر األهلية التجارية في العميل عند فتحه حسابًا مصرفيًا ،وأن
اشتراط توفر األهلية التجارية ال يؤدي إلى اكتساب العميل صفة التاجر إذا لم
تكن له هذه الصفة من قبل ،وذلك ألن صفة التاجر يتم اكتسابها بعد توفر عدة
التجارية ،سواء كان هذا االعتماد اعتمادًا بسيطًا أو اعتمادًا مستنديًا .
162
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
الخصم عمل تجاري بطبيعته لوقوعه على األوراق التجارية التي هي أحد
األعمال التجارية.
وبعد هذا يتبين أهمية األهلية التجارية وأنها شرط رئيس لمزاولة األعمال
التجارية ،وأن توفرها في الشخص يؤدي إلى اكتسابه صفة التاجر إذا مارس
وختامًا فإني حاولت في هذا البحث أن أبذل قدر ما أستطيع من جهد ،ولكن
يبقى هذا الجهد عمل بشري قابل للصواب والخطأ ،فما كان فيه من صواب فمن اهلل
وحده ،وما كان خطأ أو نسيان فمني ومن الشيطان واهلل ورسوله منه بريئان .
وصلى اهلل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
163
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
الفهارس
164
) أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة
فهرس اآليات
120 282 البقرة
165
) أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة
166
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
فهرس األحاديث
167
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
39 البجيرمي
61 البخاري
61 بريرة
39 البزدوي
39 البهوتي
42 الرازي
38 القرافي
62 كريب
168
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
169
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
)11اإلنصاف في معرفة الراجح من الخالف على مذهب اإلمام أحمد .ألبي الحسن
علي بن سليمان المرداوي ،تحقيق :محمد حامد الفقي ،الناشر :دار إحياء
التراث العربي ،بيروت .
)12األنظمة التجارية والبحرية السعودية .للدكتور :عبد العزيز خليل إبراهيم
بديوي ،الناشر :دار الفكر العربي .
)13أنوار التنزيل وأسرار التأويل .لناصر الدين البيضاوي ،الناشر :المطبعة
الميمنية ،مصر .
)14أهل الذمة والواليات العامة في الفقه اإلسالمي .للشيخ نمر محمد النمر ،
الناشر :المكتبة اإلسالمية ،عـَّم ان ،الطبعة األولى 1409هـ .
)15األوراق التجارية في النظام التجاري السعودي .للدكتور :إلياس حداد ،
الناشر :مطابع معهد اإلدارة العامة 1407 ،هـ .
)16األوراق التجارية في النظام السعودي .للدكتورة :زينب السيد سالمة ،
الناشر :مطابع جامعة الملك سعود 1419هـ1998/م .
)17األوراق التجارية في النظام السعودي .للدكتور :عبد الله محمد العمران ،
الناشر :مطابع معهد اإلدارة العامة ،الطبعة الثانية 1416هـ1995/م .
)18البحر الرائق شرح كنز الدقائق .لزين الدين بن إبراهيم الشهير بـ(ابن نجيم
) الناشر :دار المعرفة ،بيروت .
)19بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع .لعالء الدين أبي بكر الكاساني ،الناشر:
دار الكتاب العربي ،بيروت ،الطبعة الثانية 1982م .
)20البداية والنهاية .لعماد الدين إسماعيل بن كثير ،الناشر :مكتبة المعارف،
بيروت .
)21التعريفات .لعلي بن محمد الجرجاني ،تحقيق :إبراهيم األبياري ،الناشر :
دار الكتاب العربي ،بيروت ،الطبعة الثانية 1413هـ1992/م .
170
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
)22الثقات .ألبي حاتم محمد بن حبان البستي ،تحقيق :شرف الدين أحمد ن
الناشر :دار الفكر ،الطبعة األولى 1395هـ1975/م .
)23الجامع ألحكام القرآن .ألبي عبد اهلل محمد بن أحمد القرطبي ،تحقيق :
أحمد عبد العليم البردوني ،الناشر :دار الشعب ،القاهرة ،الطبعة الثانية
1372هـ .
)24حاشية البجيرمي على منهج الطالب المسماة ( التجريد لنفع العبيد ) للشيخ
سليمان بن عمر البجيرمي ،الناشر :مطبعة مصطفى محمد ،القاهرة .
)25حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير ،للشيخ محمد بن أحمد بن عرفة
الدسوقي ،تحقيق :محمد عليش ،الناشر :دار الفكر ،بيروت .
)26شرح الخرشي على مختصر خليل .ألبي عبد اهلل محمد بن عبد اهلل الخرشي
الناشر :دار الفكر ،بيروت .
)27دروس في القانون التجاري السعودي .للدكتور :أكثم الخولي ،مطابع معهد
اإلدارة العامة ،الرياض 1973م .
)28الذمة والحق وااللتزام وتأثيرها بالموت في الفقه اإلسالمي .للدكتور :
المكاشفي طه الكباشي ،الناشر :مكتبة الحرمين ،الرياض الطبعة األولى
1409هـ1989/م .
)29الروض المربع في شرح زاد المستقنع .للشيخ منصور بن يونس البهوتي ،
الناشر :مكتبة الرياض الحديثة ،الرياض 1390هـ .
)30روضة الطالبين وعمدة المفتين .ألبي زكريا يحيى بن شرف النووي
،الناشر :المكتب اإلسالمي ،بيروت ،الطبعة الثانية 1405هـ .
)31روضة الناظر وجنة المناظر .ألبي محمد عبد اهلل بن أحمد بن قدامة
المقدسي ،تحقيق :الدكتور :عبد الكريم النملة ،الناشر :دار العاصمة ،
الرياض الطبعة السادسة 1419هـ1998/م .
171
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
172
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
173
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
174
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
175
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
)72مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج .لمحمد الخطيب الشربيني ،الناشر
:دار الفكر ،بيروت .
)73مفاتيح الغيب الشهير بـ(التفسير الكبير) .لفخر الدين محمد بن عمر
الرازي ،الناشر :المطبعة الخيرية .
)74المفصل في أحكام المرأة .للدكتور عبد الكريم زيدان ،الناشر :مؤسسة
الرسالة ،بيروت ،الطبعة األولى 1413هـ1993/م .
)75مقدمة ابن خلدون .لعبد الرحمن بن محمد بن خلدون الحضرمي ،الناشر:
دار القلم ،بيروت ،الطبعة الخامسة 1984م .
)76المقدمة في دراسة األنظمة .تأليف :الدكتور :محمد عمران ،عمر باخشب
،محمود المظفر ،طلعت دويدار ،محمد خليفة ،محمد علي كومان الناشر :
دار حافظ ،جدة ،الطبعة الثانية 1421 ،هـ 2000م .
)77الملكية ونظرية العقد في الشريعة اإلسالمية .للشيخ محمد أبو زهرة ،
الناشر :دار الفكر العربي .
منح الجليل شرح مختصر خليل .للشيخ محمد عبد اهلل عليش ،الناشر :دار )78
الفكر ،بيروت ،الطبعة األولى 1404هـ1984/م .
)79مواهب الجليل .ألبي عبد اهلل محمد بن عبد الرحمن المغربي ،الناشر :دار
الفكر ،بيروت ،الطبعة الثانية 1398هـ .
)80نظام االستثمار األجنبي .الصادر بالمرسوم الملكي رقم م 1/وتاريخ
5/1/1421هـ .
)81نظام األوراق التجارية .الصادر بالرسوم الملكي رقم 37وتاريخ
11/10/1383هـ .
)82النظام البنكي في المملكة العربية السعودية .للدكتور :عبد المجيد محمد
عبوده ،الناشر :مطابع معهد اإلدارة العامة 1410 ،هـ .
176
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
178
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
فهرس الموضوعات
رقم الصفحة الموضوع
1 المقدمة .
16 التمهيد .
17 المبحث األول :تعريف األهلية .
18 المطلب األول :تعريف األهلية في اللغة .
20 المطلب الثاني :تعريف األهلية في النظام .
23 المطلب الثالث :تعريف األهلية في الفقه .
27 المبحث الثاني :تعريف التجارة .
28 المطلب األول :تعريف التجارة في اللغة .
30 المطلب الثاني :تعريف التجارة في النظام .
33 المطلب الثالث :تعريف التجارة في الفقه.
37 المبحث الثالث :الفرق بيـن األهلية واأللفاظ ذات الصلة
38 المطلب األول :الفرق بين األهلية والذمة .
44 المطلب الثاني :الفرق بين األهلية والوالية .
47 الفصل األول :أهلية األشخاص التجارية .
48 المبحث األول :األهلية التجارية للوطنييـن .
49 المطلب األول :تحديد سن األهلية التجارية .
49 الفرع األول :تحديد سن األهلية التجارية في النظام .
54 الفرع الثاني :تحديد سن األهلية التجارية في الفقه .
57 المطلب الثاني :األهلية التجارية للمرأة في النظام .
57 الفرع األول :األهلية التجارية للمرأة في النظام .
59 الفرع الثاني :األهلية التجارية للمرأة في الفقه .
64 المطلب الثالث :أهلية القاصر المأذون له بالتجارة .
179
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
181
أحكام األهلية التجارية ( دراسة مقارنة )
182