(دور مادة الفلسفة في تنمية التفكير الناقد)

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 8

‫العدد السادس‬ ‫مجلة حق ائق للدراسات النفسية واالجتماعية‬

‫(دور مادة الفلسفة في تنمية التفكير الناقد)‬

‫أ‪.‬جمال بلبكاي‪/‬املدرسة العليا ألساتذة التعليم التكنولوجي‪،‬سكيكدة‪،‬‬

‫أ‪.‬محمد نور الدين بوطي‪/‬املدرسة العليا لألساتذة‪،‬القبة‪،‬العاصمة‬

‫ملخص ‪:‬‬

‫لقد صار لزاما على الخبراء في مجال تعليمية املواد عامة و تعليمية املواد الخاصة أن يبرزوا أهمية تعليم التفكير في وقت‬
‫ننادي فيه بجودة التعليم بعيدا عن األهداف الضيقة واملنحصرة في التحصيل الدراس ي فقط مهملين بذلك القدرة على التفكير‬
‫بأنواعه إبداعي‪،‬تحليلي‪،‬رياض ي‪ ،‬ناقد‪..‬الخ‪،‬يأتي هذا املقال بصدد ضرورة لفت انتباه املهتمين بشأن التربية التعليم إلى اعتبار املواد‬
‫الدراسية مدخال هاما في تعليم التفكير والتفكير الناقد الناقد على وجه الخصوص‪،‬نحن سعيا من إلبراز هذه األهمية حاولنا عرض‬
‫الدور الذي تلعبه مادة الفلسفة في التفكير بوجه عام و التفكير الناقد على وجه الخصوص وهذا ما سنسلط الضوء عليه في هذا‬
‫املقال ‪.‬‬

‫الكلمات املفتاحية ‪:‬التفكير‪،‬التفكير الناقد‪،‬الفلسفة‪.‬‬

‫‪Résumé :‬‬

‫‪Il est devenu impératif que les spécialistes dans le domaine de l’enseignement des matières générales et‬‬
‫‪spéciales, qu’ils mettent en valeur l’enseignement de la pensée, ou moment où nous revendiquons un enseignement‬‬
‫‪de qualité, loin des objectifs restreints qui sont limités uniquement dans la réussite scolaire en ignorant tout de‬‬
‫‪même la faculté de pensée sous ces différentes formes ; innovatrice, analytique et mathématique et Critique etc. ce‬‬
‫‪présent article veut attirer l’attention de ceux qui s’intéressent au sujet de l’éducation et de l’enseignement en‬‬
‫‪considérant les matières scolaires comme une importante introduction dans l’éducation de la pensée et la pensée‬‬
‫‪critique en particulier, pour mette en exergue cette importance, nous avons essayés d’exposer le rôle que joue la‬‬
‫‪matière de la philosophie dans la pensée en générale et dans la pensée critique en particulier et c’est pour cela que‬‬
‫‪nous mettons en évidence cet article.‬‬

‫‪Mots clés : la pensée, la pensée critique, la philosophie.‬‬

‫مقدمة‪:‬‬

‫يعرف عالم اليوم تغيرات وتحوالت في شتى مناحي الحياة‪ ،‬ولن نستثني هنا املدرسة‪ ،‬هذا األمر الذي جعل التربويين يطرحون‬
‫إشكالية املتعلم النوعي‪،‬الذي يمكنه التكيف مع هذه التحوالت ومع الزخم املعلوماتي الهائل‪ ،‬حيث يكون متعلما ايجابيا ال يستقبل‬
‫املعلومات فقط ويحفظها‪ ،‬بل يدقق في مصادرها ويمحصها حتى يتسنى له استيعابها وتوظيفها في فضائها الرحب خارج أسوار‬

‫‪29‬‬
‫العدد السادس‬ ‫مجلة حق ائق للدراسات النفسية واالجتماعية‬

‫املدرسة‪،‬كذلك ينشد التربويون متعلما قادرا على اتخاذ القرار املناسب في الوقت املناسب‪ ،‬فمتعلم اليوم تواجهه أفكار وقضايا‬
‫متباينة‪ ،‬لذا فاملتعلم يحتاج إلى ما يقدم إليه‪ ،‬ومن هنا كانت الحاجة ماسة إلى البحث عن األساليب والطرق واالستراتيجيات املفضية‬
‫إلى تنمية التفكير والتفكير الناقد بوجه خاص و إبراز الدور الهام ملادة الفلسفة في إذكاء التفكير العام والتفكير بوجه خاص‪ ،‬ولكي‬
‫نفهم عن كثب ماذا يعني التفكير الناقد يحاول الباحثان بداية التطرق إلى مفهوم التفكير وما يتعلق بالتفكير الناقد وأهميته مكوناته‬
‫معاييره‪،‬خطواته اإلجرائية‪ ،‬و أهم االستراتيجيات لتنميته ‪،‬وكذا عالقته بأنواع التفكير األخرى و بالقدرات العليا‪ ،‬وأهم العقبات التي‬
‫تعترضه‪.‬وكعنصر أخير التفكير الناقد كأساس لوضع مناهج مادة الفلسفة ‪.‬‬

‫‪-1‬تحديد مفهوم التفكير‪:‬‬

‫“يعرض سولسو التفكير بأنه مفهوم يتضمن ثالثة جوانب أساسية‪ ،‬يشير الجانب األول إلى أن التفكير عملية عقلية معرفية تتضمن‬
‫مجموعة من عمليات املعالجة والتجهيز داخل الجهاز املعرفي للفرد وتحدث هذه العمليات في الدماغ ‪ ،‬أما الجانب الثاني فيشير إلى‬
‫أنه يستدل على هذه العمليات من خالل سلوك أو مجموعة من السلوكات فيما يشير الجانب الثالث إلى أن التفكير موجه‪،‬أي أنه‬
‫عملية هادفة نحو حل املشكالت أو توليد البدائل "‪ (.‬صالح محمد أبو جادو ‪،‬محمد بكر نوفل ‪ ، 2007 ،‬ص ‪.) 28‬‬

‫ويذهب الخليلي (‪ )2005‬في تحديد التفكير في كونه " التقص ي املدروس للخبرة من أجل غرض ما فيكون هذا الغرض هو الفهم‪،‬أو‬
‫اتخاذ القرار‪،‬أو التخطيط ‪،‬أو حل املشكالت أو الحكم على األشياء أو القيام بعمل ما أو اإلحساس بالبهجة أو الخيال الجامح او‬
‫االنغماس في أحالم اليقظة "‪ ( .‬الخليلي أمل عبد السالم‪، 2005،‬ص ‪.) 133‬‬

‫م ن خالل التعريفات التي سبق عرضها يتضح للباحث أن التفكير يمثل سلوكا داخليا معقدا يمكن اإلنسان من التعامل مع املواقف‬
‫واملشكالت التي تواجهه أثناء تفاعالته الحياتية‪،‬ألنه من خالله يتمكن من فهم طبيعة األشياء والسيطرة عليها‪،‬باإلضافة إلى تمكينه‬
‫من اتخاذ القرارات وإصدار األحكام وحل املشكالت ‪ ،‬وابتكار أشياء جديدة ذات قيمة ومعنى‪.‬‬

‫‪ – 2‬أنواع التفكير‪:‬‬

‫للتفكير أنواع متعددة وهناك تصنيفات عديدة اختار الباحثان منها التصنيف الذي يتماش ى مع هذه الدراسة والتصنيف الذي يجمع‬
‫عليه معظم الخبراء ‪.‬‬

‫‪ -1‬التفكير البصري‪.‬‬

‫‪ -2‬التفكير االستداللي ‪.‬‬

‫‪ -3‬التفكير التأملي ‪.‬‬

‫‪ -4‬التفكير الناقد ‪.‬‬

‫‪ -5‬التفكير اإلبداعي‪.‬‬

‫‪ -6‬التفكير املنظومي‪ ( “.‬عبيد وليام ‪ ،‬عفانة عزو ‪، 2003 ،‬ص ‪.) 39‬‬

‫‪ – 3‬تحديد مفهوم التفكير الناقد ‪:‬‬

‫‪30‬‬
‫العدد السادس‬ ‫مجلة حق ائق للدراسات النفسية واالجتماعية‬

‫يحدد مارزانو وروبرت (‪)2004‬التفكير الناقد على أنه “تفكير تأملي ومعقول مركز على اتخاذ قرار بشأن ما نصدقه وما نؤمن به ‪ ،‬أو‬
‫ما نفعله وما يتطلب ذلك من وضع فرضيات وأسئلة وبدائل وخطط للتجريب “‪ ( .‬مارزانو ‪ ،‬روبرت دافردن ‪ ، 2004 ،‬ص‪.) 15‬‬

‫ويرى العتوم(‪ )2009‬أنه “ تفكير محكوم بقواعد املنطق والتحليل ‪ ،‬يمارس فيه الفرد االفتراضات والتفسير وتقويم املناقشات‬
‫واالستنباط ‪( “.‬عدنان يوسف العتوم وآخرون ‪ ، 2009 ،‬ص ‪.) 73‬‬

‫من خالل التعريفات السابقة التي تناولت التفكير الناقد يمكن استخالص بعض الجوانب التي تميز التفكير الناقد عن غيره من‬
‫أنواع التفكير األخرى ومنها ‪:‬‬

‫‪ -‬يوظف التفكير الناقد املهارات العقلية بفعالية كبيرة للوصول إلى نتائج قائمة على األدلة والبراهين الواضحة‪.‬‬

‫‪ -‬التفكير الناقد عملية تقويمية لكافة العناصر والجوانب السلبية و اإليجابية‪.‬‬

‫‪-‬يستعمل املهارات املشتقة من تصنيف “ بلوم “ ‪ Bloom‬في املستوى السادس من مستويات املجال املعرفي‪.‬‬

‫‪ -‬يستخدم التفكير الناقد األساليب املوضوعية للوصول للنتائج والحلول املناسبة‪.‬‬

‫‪ -‬يبتعد عن الذاتية والتحيز ويقترب كثيرا من املوضوعية ‪.‬‬

‫‪ -4‬أهمية التفكيرالناقد‪:‬‬

‫لقد ازدادت الحاجة إلى االهتمام بمهارات التفكير الناقد نظرا لنوعية املتعلم الذي تسعى املناهج الحديثة وكذلك حاجة املتعلم‬
‫ملهارات التفكير الناقد لكي يكون أكثر فعالية في اتخاذ القرارات التي تخص حياته املستقبلية وكذلك لتع ـ ـ ــزيز دور املتعلم كمتغير ال‬
‫من بين املعطيات ضمن العملية التعليميـة‪ ،‬حيث تبرز أهمية التفكير الناقد في ما يلي ‪:‬‬

‫‪ “-1‬يـؤدي التفكير الناقد إلى مراقبة املتعلمين ملهارات تفكي ــرهم وضبطها وبذلك تكون أكثر دقة وصحة األمر الذي يساعدهم في‬
‫صنع القرار والبعد عن التطرف في الرأي واالنقياد العاطفي ‪( “.‬الخضراء فادية عادل ‪ ،2005 ،‬ص‪.) 115‬‬

‫‪ “- 2‬العوملة الثقافية وسهولة تعرض بعض األفراد لالنبهار‪ ،‬وقد يكون بالتالي االنسياق الالعقالني وراء أفكار وثقافات وأساليب‬
‫مختلفة‪ ،‬وهنا يبرز دور التفكير الناقد في مساعدة الفرد في تنقيح األفكار واالتجاهات واآلراء التي يعترض لها الفرد ‪ ،‬ويبني تصرفاته‬
‫على أسس واضحة ومتينة ‪ ( “ .‬عبد الحميد شاكر وآخرون ‪، 2005 ،‬ص ‪.) 49‬‬

‫‪“- 3‬يشهد مجال التربية أمريكا تغييرا ملحوظا في الجامعة فعلى مستوى الجامعات اشترطت “ جامعة كاليفورنيا “ على كل متعلم‬
‫مقررا للتفكير الناقد انتظامه في الدراسة ‪ ( “.‬عزيزة السيد ‪، 1995،‬ص‪.) 8‬‬

‫‪ “-4‬احتياج سوق العمل إلى نوعيات جديدة من األفراد الذين يتسمون بالقدرة على تحليل املواقف الحياتية بصورة نقدية والقدرة‬
‫على حل املشكالت املتعددة الناتجة عن تعقد الحياة املعاصرة ‪ ( “.‬عبد الحميد شاكر وآخرون ‪ ، 2005،‬ص‪.) 48‬‬

‫‪ “-5‬التفكير الناقد يحول عملية اكتساب املعرفة من عملية خاملة إلى تشاط عقلي يؤدي إلى إتقان أفضل للمحتوى املعرفي وفهم‬
‫أعمق له على اعتبار أن التعليم في األساس عملية تفكير ‪.‬‬

‫يتضح للباحث أن تعليم التفكير الناقد على الخصوص أصبح ضرورة ملحة وجب تعليمه في املدرسة الجزائرية على الخصوص نظرا‬
‫لتحديات العوملة ومتطلبات السوق العاملية‪ ،‬لذا يتعين الباحثين واملختصين في مجال إعداد املناهج التعليمية البحث عن السبل‬

‫‪31‬‬
‫العدد السادس‬ ‫مجلة حق ائق للدراسات النفسية واالجتماعية‬

‫واالستراتيجيات املساعدة على تعليم وتنمية مهارات التفكير الناقد الكفيلة بالنهوض بقطاع التربية والتعليم إلى مصاف الدول‬
‫املتقدمة‪ ،‬وتوفير جهد وعناء جلب خبراء أجانب الذي تكلف ميزانية جلبهم أمواال طائلة ‪.‬‬

‫‪ -5‬مكونات التفكيرالناقد ‪:‬‬

‫ينطوي التفكير الناقد على خمس مكونات‪ ،‬تذكرها ( السيد عزيزة ) في ما يلي ‪:‬‬

‫‪-1 – 5‬القاعدة املعرفية ‪ :‬وتتمثل فيما يعرفه الفرد ويعتقده تجاه موقف معين‪ ،‬وهي ضرورية لحدوث الشعور بالتناقض عند الفرد ‪.‬‬

‫‪-2 –5‬األحداث الخارجية ‪ :‬وتمثل املثيرات التي تستثير اإلحساس بالتناقض ‪.‬‬

‫‪ - 3 – 5‬النظرية الشخصية ‪ :‬وهي الصبغة الشخصية التي استمدها الفرد من القاعدة املعرفية‪ ،‬بحيث تكون طابعا مميزا له ً وجهة‬
‫نظر شخصية ً وتمثل اإلطار الذي يتم في ضوئه محاولة تفسير األحداث الخارجية ‪ ،‬فيكون الشعور بالتباعد أو التناقض من عدمه ‪.‬‬

‫‪ -4 –5‬الشعور بالتناقض أو التباعد ‪ :‬فمجرد الشعور بذلك يمثل دافعا‪ ،‬تترتب عليه بقية خطوات التفكير الناقد ‪.‬‬

‫‪-5 – 5‬حل التناقض ‪ :‬وهي مرحلة تضم كافة الجوانب املكونة للتفكير الناقد‪ ،‬حيث يسعى الفرد إلى حل التناقض بما يشمل من‬
‫خطوات متعددة وهكذا ‪.‬فهذه هي األساس في بنية التفكير الناقد ‪ ( .‬عزيزة السيد‪ ، 1995 ،‬ص ‪.) 79، 71‬‬

‫من خالل ما سبق ذكره أستخلص اآلتي ‪:‬‬

‫‪ -‬أن هذه املكونات منها ما هو ذاتي متعلق بالفرد بحد ذاته‪.‬‬

‫‪ -‬هذه املكونات منها ما هو موضوعي أي خارجي متعلق بموضوعات العالم الخارجي التي تستثير تفكير الفرد وانتباهه ‪.‬‬

‫‪ -‬لن يحصل تفكير ناقد إال بحضور هذه املكونات مجتمعة غير منقوصة‪.‬‬

‫لذا كان لزاما على املدرسة توفير كل السبل الكفيلة باستثارة انتباه وتفكير املتعلمين ‪ ،‬وهنا الحديث عن تحديث املناهج ‪ ،‬وإعادة‬
‫النظر في االستراتيجيات والبرامج املوجودة في املدرسة الجزائرية بوجه خاص كذلك تكثيف البرامج التكوينية الخاصة باألساتذة‬
‫واملعلمين واملشرفين التربويين‪ ،‬وعلى صعيد البحث العلمي توفير كل الظروف املساعدة للباحثين واملختصين في مجال التربية‬
‫والتعليم‪ ،‬واستغالل هذه البحوث في مجال تطوير املناهج والبرامج التعليمية‪ ،‬بدل أن تبقى هذه البحوث في الرفوف تراوح نفسها ‪.‬‬

‫‪ -6‬سمات املفكرالناقد ‪:‬‬

‫هنالك مجموعة معتبرة من السمات أو الخصائص التي نستطيع من خاللها االستدالل على أن هذا الشخص يمتلك سمات املفكر‬
‫الناقد‪ ،‬يورد الباحثان منها ما يلي ‪:‬‬

‫‪ -‬يأخذ جميع جوانب املوقف بنفس القدر من األهمية ‪.‬‬

‫‪ -‬يتعامل مع مكونات املوقف بطريقة منظمة ‪.‬‬

‫‪ -‬يحاول تجنب األخطاء عند استدالله في األمور ‪.‬‬

‫‪ -‬يتساءل عما يبدوا غير معقول أو غير مفهوم له ‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫العدد السادس‬ ‫مجلة حق ائق للدراسات النفسية واالجتماعية‬

‫‪ -‬ال يجادل في أمر ال يعرف عنه ش يء ‪.‬‬

‫‪ -‬يعرف متى يحتاج ملعلومات أكثر ‪.‬‬

‫‪ -‬يعرف اختالف اآلخرين في اآلراء ‪.‬‬

‫‪ -‬يبحث عن األسباب والبدائل ‪.‬‬

‫‪ -‬يبني مفرداته اللغوية بحيث يكون قادرا على فهم ما يقوله اآلخرون وعلى نقل أفكاره بوضوح ‪.‬‬

‫‪ -‬متفتح على األفكار الجديدة ‪ ( .‬برانز دون وآخرون ‪ ، 2006 ،‬ص ‪.) 17، 16‬‬

‫كما يرى باير (‪ )bayer‬أن املفكر الناقد يتميز بمجموعة من الخصائص األساسية املهمة فيما يلي تفصيل لها ‪:‬‬

‫‪ -‬توافر القابليات وامليول ‪ ،‬أو النزعات‪ ،‬أو العادات العقلية املهمة ‪.‬‬

‫‪ -‬توافر املحكات املناسبة ‪.‬‬

‫‪ -‬القدرة على املجادلة ‪.‬‬

‫‪ -‬االهتمام باالستدالل ‪.‬‬

‫‪ -‬االهتمام بوجهات النظر األخرى ‪.‬‬

‫‪ -‬توافر إجراءات تعمل على تطبيق املحكات‪( .‬صالح محمد أبو جادو ‪،‬محمد بكر نوفل ‪، 2007 ،‬ص ‪.) 231‬‬

‫وهنا يورد الباحثان مثاال توضيحيا نقال عن (فتحي جروان ) لتوضيح صفات املفكر الناقد ‪:‬‬

‫‪ -‬سأل أحدهم زميله ‪ :‬هل تعتقد أنه من املمكن صناعة طائرة تتسع لعشرة آالف راكب ؟‬

‫‪ -‬أجابه زميله ‪ :‬ما هذا السؤال السخيف ؟ كيف يمكن لطائرة ثقيلة كهذه أن ترتفع عن األرض ؟‬

‫إن إجابة كهذه تشير إلى أن صاحبها ال يتصف بصفات من يفكر تفكيرا ناقدا ‪ ،‬ألنه غير منفتح على األفكار الجديدة ‪ ،‬وألنه غير خبير‬
‫بهندسة الطيران حتى يدعم رأيه ‪ ،‬وأنه بحاجة إلى معلومات أكثر حول املوضوع ‪ ( .‬فتحي عبد الرحمان جروان ‪ ، 1999 ،‬ص ‪. ) 64‬‬

‫كما أن الحارثي (‪ )2003‬يشير إلى أنه ال يمكن للطلبة أن يكتسبوا سمات املفكر الناقد دون تطبيق عملي وممارسة فعلية للنقد‬
‫والتوصل إلى قرارات إلصدار األحكام في ضوء معايير لذلك ينبغي أن يكون للمدرس دور ‪ ،‬في تمرين الطلبة على تقويم األفكار واألشياء‬
‫و األحداث من خالل سلسلة مفتوحة من التساؤالت ‪ ( .‬الحارثي إبراهيم أحمد ‪ ، 2003 ،‬ص ‪.) 95‬‬

‫من خالل ما سبق ذكره يجمل الباحثان ما تم عرضه من جملة سمات املفكر الناقد كالتالي ‪:‬‬

‫أ‪ -‬خصائص معرفية ‪ :‬كالبحث عن النتائج واألسباب ‪.‬‬

‫ب‪ -‬خصائص وجدانية اجتماعية ‪ :‬كعدم التسرع باإلجابة واملرونة والبعد عن أحادية الرأي ‪ ،‬وتقبل اآلخرين ‪.‬‬

‫ج‪ -‬خصائص حدسية ‪ :‬كالتفريق بين املتشابهات‪ ،‬والتفريق بين الخطأ والصواب ‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫العدد السادس‬ ‫مجلة حق ائق للدراسات النفسية واالجتماعية‬

‫‪ - 7‬عقبات التفكيرالناقد ‪:‬‬

‫إن عملية تنمية التفكير وتعليمه ذات أهمية كبيرة ‪ ،‬خاصة إذا كنا نبحث تجويد مخرجات التعليم و مدخالته ‪ ،‬ففي األخير ال يهمنا‬
‫كم املعلومات التي سيتحصل عليها املتعلم‪ ،‬بقدر ما يهمنا جوانب أخرى أكثر أهمية في املتعلم ‪،‬كتنمية التفكير والتفكير النقدي على‬
‫الخصوص‪ ،‬فال يعقل أن يتقبل املتعلم املعلومة دون أن يمحصها ويتأكد من مصدرها حتى يسهل له استيعابها‪ ،‬خاصة وأن مدارسنا‬
‫اليوم في طور التدريس بالكفاءات ‪ ،‬حيث أن دور املدرس في هذه املقاربة هو دور موجه ال ملقن‪ ،‬فعلى املتعلم البحث عن املعلومة‬
‫والتأكد منها ومن مصداقيتها إضافة إلى توظيفها في نطاقها الواسع ‪ ،‬لكن املشكلة ال تكمـ ـ ــن في ه ــذا‪ ،‬بل إن املشكلة تكمــن في أن‬
‫أساليب التدري ـ ــس القديمة هي التي مازالت هي السائ ــدة هذه األخيرة ال تشجع على التفكير باملعنى الذي نبحث عنه‪ ،‬ألن هذه‬
‫األساليب مازالت تتعامل مع املتعلم على أنه من املعطيات ال من املتغيرات ‪ ،‬طبيعة التعليم فيها بنكي تخزيني‪ ،‬وهذا ما يشكل عائقا‬
‫كبيرا وعقبة أمام التفكير الناقد‪ ،‬لكن لو دققنا النظر لوجدنا أن هناك عقبات أخرى تحول دون تعليم التفكير الناقد‪ ،‬أذكر من‬
‫بينها ما أشار إليه بعض املختصين في حقل علم النفس والعلوم التربوية ولعل من أهمها ‪:‬‬

‫‪ -1‬اعتقاد الكثيرين أن الكتاب املدرس ي املقرر هو املرجع الوحيد للطالب واملعلم في آن واحد‪ ،‬مما يضعف من االستفادة الالزمة من‬
‫االنفجار املعرفي املذهل الذي ال يمكن لكتاب أو مرجع واحد تغطية جوانب املوضوعات التي تطرق إليها مهما كانت مختصرة أو‬
‫موسعة ‪.‬‬

‫‪-2‬اعتماد الكثير من املعلمين على السبورة فقط في غالب األحيان لتوضيح جوانب الدرس وندرة استعمال الوسائل التعليمية‬
‫الحديثة الكثيرة واملتنوعة التي تشجع على تبادل األفكار واآلراء وإثارة كثير من النقاط للنقاش والحوار املثمر في عصر الحاسوب ‪.‬‬

‫‪ -3‬تركيز العديد من املعلمين على األسئلة التي ال تقيس سوى مهارات التفكير الدنيا وال سيما الحفظ منه مما يجعل االستظهار‬
‫وسيلة للطلبة من أجل الحصول على درجات أو عالمات مرتفعة في ظل تشجيع املعلم لذلك‪ ،‬وهذا ما يعطل في الغالب من عملية‬
‫التفكير لديهم ‪.‬‬

‫‪-4‬ندرة تقبل املعلم ملعلومات أو أفكار أو أسئلة تخرج عن موضوع الدرس أو عناصره املختلفة‪،‬مما يحد من التفكير لدى التالميذ‪،‬‬
‫بل ولدى املعلم ذاته ‪.‬‬

‫‪-5‬تجنب العديد من املعلمين طرح األسئلة التي تثير التفكير الحقيقي ‪ ،‬مثل األسئلة العميقة ‪ ،‬ما رأيك فيما حدث ؟‪ ،‬هل أنت مع هذا‬
‫الرأي أو ذاك وملاذا ؟‪ ،‬ما هي الحلول التي تقترحها ملشكلة حوادث املرور القاتلة ؟‪ ،‬كيف تعالج القضية ؟ ‪( .‬جودت أحمد سعادة ‪،‬‬
‫‪ ، 2003‬ص ‪.) 71‬‬

‫وهنا نورد أيضا ما نقله مفلح (‪ )2007‬عن مجموعة مختصين في علم النفس املعرفي وعلوم التربية فيما يخص معوقات التفكير‬
‫الناقد والتي صنفوها كاآلتي‪:‬‬

‫أ – معوقات شخصية ‪ :‬ومنها التمحور حول الذات ‪ ،‬التعب الجسدي ‪ ،‬اإلرهاق العصبي ‪ ،‬األحكام املسبقة ‪ ،‬االنطباع الخطأ ‪،‬‬
‫التصلب في الرأي ‪ ،‬الحماس املفرط ‪ ،‬الخضوع للعادات والتقاليد ‪ ،‬االنغماس في الشهوات ‪ ،‬عدم تقبل األفكار الجديدة ‪.‬‬

‫ب –املعوقات األسرية ‪ :‬ومنها تدني املستوى االقتصادي لألسرة ‪ ،‬ارتفاع نسبة األمية ‪ ،‬أحادية املسؤولية في تربية األبناء ‪.‬‬

‫ج – املعوقات املدرسية ‪ :‬ومنها املنهج املدرس ي ومشكالته ‪ ،‬عدم وجود إستراتيجية وطنية واضحة لتعليم التفكير أو الكشف عن‬
‫املوهوبين واملبدعين ورعايتهم في مراحل التعليم ‪ ،‬عدم وجود برامج خاصة أو برامج إرشادية أو خطط للمتابعة‪ ،‬كذلك االهتمام‬
‫بالتحصيل على حساب مهارات التفكير‪ ،‬قلة الحوافز والتشجيع املعنوي للمبدعين ‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫العدد السادس‬ ‫مجلة حق ائق للدراسات النفسية واالجتماعية‬

‫د – املعوقات املجتمعية ‪ :‬ومنها قتل روح االبتكار عند أفراد املجتمع‪ ،‬هيمنة األنشطة الجماعية على األنشطة الفردية ‪.‬‬

‫ه – املعوقات التنظيمية ‪ :‬ومن ذلك األنظمة املؤسسية‪ ،‬والفلسفة اإلدارية ‪ ،‬ونمط القيادة ‪( .‬مفلح بن دخيل بن مفلح السعدي‬
‫األكلبي )‪.)http//www.almaktabah.net‬‬

‫‪ -8‬التفكير الناقد كأساس لواضعي مناهج مادة الفلسفة ‪:‬‬

‫إن تعليم التفكير كهدف تربوي ال يتم تلقائيا من مجرد تعليم أي مادة دراسية ‪ ،‬فتحقيق الهدف يظل رهنا بالجهود املقصودة‬
‫املوجهة إليه‪ ،‬فالتفكير الناقد ال ينشأ أو ينمو من فراغ فالبد له من املناخ الذي يؤدي إلى اكتسابه وتنميته ومن ثم ممارسته ‪(.‬سعاد‬
‫فتحي محمود ‪)21.19.2004،‬‬

‫هذا والتفكير الناقد كأساس لوضع مناهج الفلسفة فضال عن قيمته في تسليح الطالب بعقلية ناقدة‪ ،‬فهو مطلب ملح وضروري في‬
‫عصرنا هذا‪ ،‬والفلسفة هي الفرع الوحيد من املعرفة الذي يتخذ من التفكير منهجا وموضوعا في آن واحد‪ ،‬ومن ثم فليس هناك فرع‬
‫من فروع املعرفة أكثر تعلقا بالتفكير من الفلسفة والفلسفة تقوم على االستدالل الذي هو االستنتاج املنظم للمعلومات وفقا‬
‫لقواعد املنطق وذلك في شكل حجج وبراهين أو سالسل من القضايا التي تقدم للبرهنة على صدق ادعاء معين‪ ،‬والفلسفة تفكير ناقد‬
‫فعند فحص األفكار الفلسفية يرى األفراد املختلفين عناصر مختلفة عن املوضوع اعتمادا على موضعهم اآلن والفلسفة حوار يهدف‬
‫إلى الوصول إلى الحقيقة ويتضمن تقديم األدلة وتحليلها واالستدالل املنطقي وتحديد املسلمات و املترتبات ‪ ،‬وكل ما سبق لن يتم ما‬
‫لم يقم الفرد بالتفكير الناقد ‪.‬‬

‫هذا ويمكن تحديد الغايات العامة للمناهج القائمة على التفكير الناقد في الفلسفة في اآلتي‪:‬‬

‫إكساب الطالب املهارات الحقيقية الفعالة في التفكير والقدرة على املشاركة الناقدة في املناقشات الفلسفية وتوجيه الطالب إلى أن‬
‫يعبروا عن وجهات نظرهم ويدافعوا عنها بحجج قوية واضحة‪ ،‬وإكساب الطالب السمات الوجدانية املصاحبة للتفكير الناقد ‪.‬‬
‫(سعاد فتحي محمود ‪)25/24/2004،‬‬

‫خاتمة ‪:‬‬

‫بناء على ما تم تناوله في اإلطار النظري للدراسة ‪ ،‬واملتعلق بالتفكير الناقد‪ ،‬خلصنا إلى حقيقة مفادها أن تعليم التفكير‬
‫والتفكير الناقد بخاصة أصبح ضرورة يفرضها عصرنا الراهن بما يحمله من تجليات العوملة وتحول العالم إلى قرية كونية صغيرة‪،‬‬
‫وتفجر املعلومات‪ ،‬والتطور املتسارع في مجال العلم والتكنولوجيا لذا على املختصين في مجال إعداد املناهج والبرامج التعليمية‪ ،‬أن‬
‫يسعوا إلى جعل تعليم التفكير ‪،‬والتفكير الناقد خاصة من بين األولويات ‪ ،‬وأن يجعلوه في طليعة انشغاالتهم‪ ،‬ألن عصر التلقين قد‬
‫ولى وانتهى عهده‪ ،‬واملطلوب اليوم هو خلق كل الظروف املالئمة ملساعدة املدرسة واملدرسين على تجويد املخرجات التعليمية‪ ،‬ولن‬
‫يتأتى لهم ذلك إال بجعل اهتماماتهم منصبة حول إيجاد السبل الكفيلة بتنمية التفكير والتفكير الناقد‪ ،‬من خالل إدراج‬
‫استراتيجيات تعليمية تستثير تفكير املتعلمين وتنقل دور املتعلم من الدور التقليدي السلبي إلى الدور الحديث االيجابي الذي يكفل‬
‫له املشاركة في أخذ القرار والبحث عن الحقائق‪ ،‬بعيدا عن االعتماد السلبي على غيره‪ ،‬ودليله في هذا تفكيره النقدي ‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫العدد السادس‬ ‫مجلة حق ائق للدراسات النفسية واالجتماعية‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫قائمة املراجع‪:‬‬

‫‪ .1‬الحارثي ابراهيم أحمد ‪ ، )2003( ،‬تعليم التفكير ‪ ،‬الرياض ‪ ،‬مكتبة الشقري ‪ ،‬ط‪. 3‬‬

‫‪ .2‬الخضراء فادية عادل ‪ ، )2005( ،‬تعليم التفكير االبتكاري والناقد دراسة تجريبية ‪ ،‬عمان ‪ ،‬األردن ديبونو للطباعة والنشر‬
‫والتوزيع ‪ ،‬ط‪. 1‬‬

‫‪ .3‬برانز دون وآخرون ‪ ، )2006( ،‬التفكير النقدي مهارة القراءة والتفكير املنطقي ‪ ،‬ترجمة العاني سناء ‪ ،‬العين ‪ ،‬دار الكتاب‬
‫الجامعي ‪.‬‬

‫‪ .4‬جودت أحمد سعادة ‪ ، )2003( ،‬تدريس مهارات التفكير ‪ ،‬عمان ‪ ،‬دار الشروق للنشر ‪ ،‬ط‪.1‬‬

‫‪ .5‬حسني عبد الباري عصر ‪ ، )2001( ،‬التفكير ومهارته واستراتيجيات تدريسه ‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬مركز االسكندرية للكتاب ‪ ،‬ط‪.1‬‬

‫‪ .6‬صالح محمد أبو جادو ‪ ،‬محمد بكر نوفل ‪ ،)2007(،‬تعليم التفكير النظرية والتطبيق ‪،‬عمان ‪ ،‬دار املسيرة للنشر والتوزيع‬
‫والطباعة ‪،‬ط‪.1‬‬

‫‪ .7‬عبد الحميد شاكر ‪ ،‬أحمد أنور خليفة سويدي ‪ ، )2005( ،‬مقدمة عربية في مهارات التفكير ‪ ،‬دبي االمارات العربية املتحدة‬
‫‪ ،‬دار القلم للنشر والتوزيع ‪ ،‬ط‪.1‬‬

‫‪ .8‬عدنان يوسف العتوم ‪ ،‬موفق بشارة ‪ ، )2009( ،‬تنمية مهارات التفكير ‪ ،‬نماذج نظرية وتطبيقات عملية ‪ ،‬عمان ‪،‬دار‬
‫املسيرة للنشر والتوزيع ‪ ،‬ط‪.2‬‬

‫‪ .9‬عزيزة السيد ‪ ، )1995( ،‬التفكير الناقد دراسة في علم النفس املعرفي ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬دار املعرفة الجامعية ‪.‬‬

‫‪ .10‬فتحي عبد الرحمن جروان ‪ ، )1999( ،‬تعليم التفكير مفاهيم وتطبيقات ‪ ،‬عمان ‪ ،‬األردن ‪ ،‬دار الكتاب الجامعي ‪ ،‬ط‪.1‬‬

‫‪ .11‬مارزانو ‪ ،‬روبرت دافرادن ‪ ، )2004( ،‬أبعاد التفكير ‪ ،‬ترجمة يعقوب حسين نشوان ومحمد خطاب عمان ‪ ،‬دار الفرقان ‪،‬‬
‫ط‪.2‬‬

‫‪ .12‬مفلح بن سعيد األكلبي ‪ ،‬فعالية استراتيجية التعلم التعاوني في تدريس مادة الحديث والثقافة اإلسالمية في التحصيل‬
‫الدراس ي ومهارات التفكير الناقد لدى طالب الصف األول ثانوي ‪ ،‬منتدى مكتبتنا العربية ‪ ،‬املوقع‬
‫‪ http//www.almaktabah.net‬تاريخ السحب ‪ 01 :‬فيفيري ‪.2011‬‬

‫‪ .13‬نايفة قطامي ‪ ، )2004( ،‬تعليم التفكير للمرحلة األساسية ‪ ،‬عمان ‪ ،‬األردن ‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ‪ ،‬ط‪.2‬‬

‫‪ .14‬الخليلي أمل عبد السالم ‪ ،)2005( ،‬الطفل ومهارات التفكير ‪،‬عمان ‪ ،‬دار الصفاء للنشر ‪،‬ط‪.1‬‬

‫‪ .15‬سعاد محمد فتحي محمود ‪ ،)2004(،‬اتجاهات حديثة في تطوير مناهج الفلسفة وتدريس الفلسفة لألطفال ‪ ،‬القاهرة ‪،‬‬
‫ط‪.1‬‬

‫‪36‬‬

You might also like